Issue 34

Page 1

‫العـددالرابع والثالثون | عـدد الصفحات ‪ 12‬صفحة‬ ‫السـعر‪ 15 :‬ليـرة سـورية‬

‫جريدة مستقلة تسلط الضوء على الواقع الميداني وأهم التطورات على التراب السوري‬

‫‪www.facebook.com/alkataebjareda‬‬

‫الكتائب | العـدد الرابع والثالثون االثنين ‪2014/09/01‬‬

‫الـعـلـمـانـيـة‬

‫االفتتاحية‬

‫ردات الفعل‬ ‫(لــكل فعــل رد فعــل‪ ،‬يماثلــه بالقــوة‬ ‫ويعاكسه باالتجاه)‪ ،‬مبدأ معروف في‬ ‫علم الفيزياء‪ ،‬ولكنه في الوقت نفســه‬ ‫ينطبــق على كثير مــن جوانب الحياة‬ ‫والسياسة‪.‬‬ ‫انتقــد كثيــرون إعــدام تنظيــم الدولة‬ ‫اإلســامية (داعــش) لعشــرات مــن‬ ‫جنود النظام‪ ،‬متناســين ما فعله جنود‬ ‫النظام من مجازر‪ ،‬ولو أجرينا مقارنة‬ ‫بين الحالتيــن لوجدنا أن الفعل الثاني‬ ‫هو رد فعــل طبيعي لألول‪ .‬لســنا هنا‬ ‫بصــدد التبريــر لتنظيم داعــش التي‬ ‫تجاوزت جرائمــه جميع الحدود‪ ،‬لكن‬ ‫ال بد من التذكير أن نظام األســد نظام‬ ‫مجــرم أيضاً‪ ،‬وال يجــوز انتقاد إجرام‬ ‫داعش وتناســي إجرام النظام‪ ،‬والبد‬ ‫أن يكون المجرمــون جميعا ً في النقد‬ ‫سواء مهما كان انتماؤهم‪.‬‬ ‫مــن جانــب آخــر ينتقــد الكثيــر من‬ ‫اللبنانييــن المجموعــات المســلحة‬ ‫التــي تحــارب الجيــش اللبنانــي في‬ ‫عرســال‪ ،‬متناســين أيضــا ً أن وجود‬ ‫هــذه المجموعــات في لبنــان هو رد‬ ‫فعل طبيعي لوجود إرهابيي حزب هللا‬ ‫في سوريا ودعمهم لجيش النظام في‬ ‫حربــه ضد شــعبه‪ .‬إن كنــت تريد أن‬ ‫تحمــي بلــدك وتنأى به عــن الصراع‬ ‫فانتقد جميع المتورطين والمتسببين‪،‬‬ ‫فانتقــاد طرف والتغاضــي عن اآلخر‬ ‫أمــر يشــجع علــى التمســك بالــرأي‬ ‫المضــاد‪ ،‬وربما يزيد من التشــبث به‬ ‫إلى درجة التطرف‪.‬‬ ‫كذلك فإن ذلك المبدأ البسيط يفسر لنا‬ ‫الكثيــر مما يجري فــي بلدنا الحبيب‪،‬‬ ‫ردات الفعــل‪ ،‬التي هي نتــاج طبيعي‬ ‫لنظــام القمع األســدي المســتمر منذ‬ ‫عشرات السنين‪.‬‬

‫صفحـة‬

‫أبو عبدو طبية‬ ‫قائد كتائب أبناء‬ ‫الصحابة‬

‫التقسيم باإليحاء‬

‫والزلنا بانتظار دبابة‬ ‫القصير!!!‬

‫هيئة التحرير‬

‫صفحـة ‪6‬‬

‫صفحـة ‪8‬‬

‫‪3‬‬

‫صفحـة ‪9‬‬


‫ملفـات ثورية‬

‫الكتائب العـددالرابع والثالثون ‪2014/09/01‬‬

‫وحدة الصف‬

‫إعداد‪ :‬الشيخ أبو الحسن‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المتتبِّع لحال األُمة عا َّمة‪ ،‬وحال بالدنا ســوريا‬ ‫الحبيبــ ِة خاصــة‪ ،‬ليؤلِمــه مــا آ َل إليــه حــا ُل‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫والتحــزب‪ ،‬والفُرقة‬ ‫التشــرذم‬ ‫المســلمين من‬ ‫واالختــاف مــا يندى لــه الجبين وتشــيب له‬ ‫الولدان‪.‬‬ ‫إنَّ حقــل الدعوة إلى هللا تعالــى والعمل ل ِدينه‪،‬‬ ‫ميدان واسع كبير‪ ،‬ال ينبغي لبعضنا أن يستأثر‬ ‫به دونَ البعض اآلخر‪ ،‬وإنما ينبغي أن نســعى‬ ‫ســ ِّد أي ثغ ٍر قد‬ ‫دائمــا ً لتكميل بعضنا بعضاً‪ ،‬ول َ‬ ‫ْ‬ ‫يؤتَى من قِبَلِه الدِّين‪ ،‬ك ٌّل حسبما يَ ْفقَه ويُحسن‪،‬‬ ‫فهــذا يدعــو إلى التوحيــد الخالص وإلــى نَ ْبذ‬ ‫والخرافــات‪ ،‬وآخر يمتلك ِح ًّ‬ ‫ُ‬ ‫ســا دعويّا ً‬ ‫البــدع‬ ‫وثالث يُحســن تربيةَ‬ ‫ٌ‬ ‫عاليــا ً‬ ‫يجوب به اآلفاق‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫النــاس ومعاملتهــم‪ ،‬وراب ٌع لديــه القدرة على‬ ‫الدخول في معترك السياسة‬ ‫نحســب أنه‬ ‫وخامس‬ ‫دون تقديــم التنــازالت‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫وسادس‬ ‫يُتقن العلم؛ ليتص َّد َر لإلفتاء والتأليف‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫وسابع ‪!........‬‬ ‫ســ ِر َد لكم واقعا ً‬ ‫أيُّها الكرام‪ ،‬ما كتبت لكم هنا ألَ ْ‬ ‫نلمســه وحاضراً نعيشــه ‪ -‬ل ِعلمي أنه ال يخفى‬ ‫علــى أكثركم ‪ -‬ولكني كتبتُ اليوم متناســيا ً كل‬ ‫مــا مضــى‪ ،‬ومتهلالً ببشــائر بــدَتْ من بعض‬ ‫علمائنا الغيوريــن على أُ َّمتهم ودعوتهم‪ ،‬وإنا‬ ‫يوح َد‬ ‫لنســأل هللا تعالى أن يُ َكلِّل جهودهم‪ ،‬وأن ِّ‬ ‫صفوفَهم‪.‬‬

‫آليــات مقترحــة لتوحيد الصف‬ ‫اإلسالمي‪:‬‬

‫‪ْ -1‬‬ ‫ع عَباءة القَداســة التي أ ْلبسها البعض‬ ‫نز ُ‬ ‫ُ‬ ‫حيــث ال يقبــل أن يخطــئ‬ ‫للدُّعــاة والعلمــاء‪،‬‬ ‫شيخه أبداً‪ ،‬ون ْب ُذ العصبيَّة الممقوتة لألسماء‪،‬‬ ‫سنة‪،‬‬ ‫وضرورة االتفاق على منهاج الكتاب وال ُّ‬ ‫ال على منهاج األشخاص واألهواء‪.‬‬ ‫‪ - 2‬تغافــر العلماء والدُّعــاة وأبناء الجماعات‬ ‫ع َّمــا صــدر منهم مــن أخطاء أو شَــحناء‪ ،‬أو‬ ‫قص ٍد أو دون قصد ‪ -‬وف ْتح صفحة‬ ‫غيرها ‪ -‬عن ْ‬ ‫سم الخير‪،‬‬ ‫جديدة قائمة على ُحســن الظنِّ وتو ُّ‬ ‫البر والتقوى‪.‬‬ ‫والتعاون على ِّ‬ ‫‪ - 3‬تعميــق قضية الــ َوالء والبَراء في نفوس‬ ‫األُ َّمة عا َّمة‪.‬‬ ‫‪ - 4‬تكثيف األدبيَّات التي تُعنَى بتوحيد المناهج‬ ‫صة‬ ‫َو ْف َ‬ ‫سنة‪ ،‬وتقليل األدبيَّات الخا َّ‬ ‫ق الكتاب وال ُّ‬

‫بالجماعات‪ ،‬وتعميم الخطاب الدعوي‪ ،‬ليشمل‬ ‫ك َّل أبنــاء االمة اإلســامية‪ ،‬وال يكون قاصراً‬ ‫على أبناء جماع ٍة دون أخرى‪.‬‬ ‫‪ - 5‬تربيــة شــباب األمة على احتــرام اآلخر‪،‬‬ ‫وقَبــول ْ‬ ‫رأيــه ‪ -‬حتــى وإنْ كان مخالفــا ً لِ َمــا‬ ‫صحيح‬ ‫دليل‬ ‫يَنتهجونه‪ ،‬طالَما أنه يســتند إلى ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫سنة‪.‬‬ ‫من الكتاب وال ُّ‬ ‫‪ - 6‬تالقــي القيــادات اإلســاميَّة والدُّعــاة‬ ‫والعلمــاء في المناســبات المختلفة‪ ،‬واألفضل‬ ‫أن تكــون هناك لقــاءات دوريَّــة ومؤتمرات‪،‬‬ ‫لمناقشــة شــؤون الدعــوة‪ ،‬وعلــى الصعيــد‬ ‫الفــردي فإنه من الســهل علــى ك ِّل داعية أن‬ ‫يتع َّهــد إخوانه بالســؤال والزيــارة‪ ،‬والتهنئة‬ ‫والم َواســاة في المناســبات المختلفــة‪ ،‬أو أن‬ ‫يبعث بالرســائل التي ُّ‬ ‫َ‬ ‫تبث الدِّفء في العالقات‬ ‫وتُذيب ك َّل بقايا الشَّــحناء والبغضاء‪ ،‬والنَّ ْزغ‬ ‫الذي يزرعه الشيطان‪.‬‬

‫‪ - 7‬ضــرورة ْ‬ ‫األخذ بمبــدأ المناصحة‪ ،‬وعدم‬ ‫احتــكار الحــقِّ‪ ،‬والتغافُر في قضايــا الخالف‬ ‫السائغ‪.‬‬ ‫‪ - 8‬تكثيف التعاون بين الجماعات في القضايا‬ ‫والتوحد في المواقف التي تستلز ُم‬ ‫المصيريَّة‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫عد َم التنازع والفُرقة أمام األعداء‪.‬‬ ‫الرقي بمســتوى التعــاون بين الجماعات‬ ‫‪ُّ - 9‬‬ ‫العاملــة في ح ْقــل الدعوة‪ ،‬عبــر تكثيف تبادُل‬ ‫الخبرات الدعويَّة؛ لتوســيع مســاحة الدعوة‬ ‫بين شرائح المجتمع‪ ،‬ومن مقاصد هذا االتجاه‬ ‫أن يتــ َّم التنســيق بيــن القيادات فــي األعمال‬ ‫ُ‬ ‫ض‪،‬‬ ‫الدعويَّــة؛‬ ‫حيث ال يجور بعضنــا على بع ٍ‬ ‫فالمجتمع ساحته َرحبة تتَّسع لعمل ك ِّل الدُّعاة‪،‬‬ ‫التناحر والتســابُق إلى احتالل‬ ‫ســلك‬ ‫فلنَ ْه ُج ْر َم ْ‬ ‫ُ‬ ‫ع بيننا وبين‬ ‫المواقــع من بعض‪ ،‬وليَ ُكــن النزا ُ‬ ‫األعداء‪.‬‬

‫‪02‬‬

‫‪ - 10‬تنميــة روح المــودَّة فــي األفــراد عبر‬ ‫هجر َمســلك التحذير وتشــويه الصورة‪ ،‬بأن‬ ‫ْ‬ ‫يكــون حديــث الدُّعــاة عن بعضهــم حديث أخ‬ ‫محب ألخيه‪ ،‬محترم ل َغ ْيبته‪ ،‬فينشــأ الناشئون‬ ‫احتــرام ك ِّل الدُّعاة وتوقيرهم‪،‬‬ ‫فــي األمة على‬ ‫ِ‬ ‫وا ْلتمــاس المعاذيــ ِر لمخ ِّ‬ ‫طئهــم‪ ،‬والدُّعاء لهم‬ ‫جميعا ً بظَ ْهر الغيب‪.‬‬ ‫‪ - 11‬تكويــن مجلس حكماء مــن قادة ودعاة‬ ‫ســم‬ ‫الجماعــات العاملة في الســاحة‪ ،‬يقوم بح ْ‬ ‫ســ ْعي ل َو ْحدة‬ ‫النِّزاعــات بينهــا‪ ،‬والتخطيط وال َّ‬ ‫الصف‪.‬‬ ‫‪ - 12‬إصــدار البيانــات المشــتركة فــي حالة‬ ‫األحــداث الجســيمة التي تلم باألُ َّمــة؛ فإنَّ هذا‬ ‫بتوحد القيادات‪،‬‬ ‫ش ِعر الشــباب‬ ‫من شــأْنه أن يُ ْ‬ ‫ُّ‬ ‫فتنمو روح العزَة اإلسالميَّة في نفوس الشباب‬ ‫ويَزدادوا ثِقَة وطاعةً لقياداتهم‪.‬‬ ‫‪ - 13‬درء ك ِّل خــاف يحــدث بيــن األفــراد‬ ‫والجماعات‪ ،‬ومحاولة منع تفاقمه‪ ،‬أو التقليل‬ ‫من أضراره ومفاسده‪ ،‬وتسوية الخالفات عبر‬ ‫المسؤولين‪ ،‬وعدم اســتخدام المنابر ووسائل‬ ‫اإلعــام للحديث عن الخالفــات بين الدعوات‬ ‫والدُّعاة‪.‬‬ ‫‪ - 14‬ضرورة التخلُّق بآداب العمل الجماعي‪،‬‬ ‫وجه العموم‪،‬‬ ‫وبآداب األخ َّوة اإلســاميَّة على ْ‬ ‫وتطبيــق مواثيــق المــودَّة والمــواالة بيــن‬ ‫المؤمنين‪.‬‬ ‫ســ ْعي وراء حشــد‬ ‫‪ - 15‬الحــد مــن ظاهرة ال َّ‬ ‫الشــباب إلى الفصيــل أو الجماعة التي ينتمي‬ ‫إليها البعض؛ فإنَّ من شــأْن هذا األمر أن يثير‬ ‫الكثير من الخالفات بين الشباب‪.‬‬ ‫‪ - 16‬عدم الحيلولة دون مشــاركة شباب أحد‬ ‫الجماعــات في األعمــال واألنشــطة الدعوية‬ ‫تحــت ِمظَلة جماعة أخــرى‪ ،‬كما ينبغي إِعمال‬ ‫مبدأ تسديد الخير‪ ،‬والعمل هلل مع ك ِّل أحد‪.‬‬ ‫‪ - 17‬تشــكيل مجلــس دعوي فــي ك ِّل مدينة‬ ‫أو منطقــة يضــ ُّم ُممثِّلين عن كافــة الطوائف‬ ‫الدعويَّــة بالمدينــة أو المنطقــة‪ ،‬يعمــل كآليَّة‬ ‫عامة لتنظيم العمل بهذه المنطقة‪.‬‬

‫ق إلى أن‬ ‫أيهــا اإلخوة األعــ َّزاء‪ ،‬إنْ ُكنَّا نشــتا ُ‬ ‫هيب‬ ‫تجتمع أُ َّمتنا يوما ً على كلمة واحدة‪ ،‬فإننا نُ ُ‬

‫ســعوا جاهدين‬ ‫بعلمائنــا ودُعاتنــا وقادتنا أن يَ ْ‬ ‫لتحقيــق هذا األمــر‪ ،‬ولعلِّي ألفــتُ االنتباه إلى‬ ‫أن مجــ َّرد تطبيق بعض هذه اآلليَّات ‪ -‬ولو في‬ ‫ق زخ ًما كبي ًرا‪،‬‬ ‫الوقت الحالــي ‪ -‬هو أم ٌر يحقِّــ ُ‬ ‫تقترب بنا من توحيد الصفِّ ‪.‬‬ ‫ومكاسب هائلة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫الكتائب العـدد الرابع والثالنون ‪2014/09/01‬‬

‫‪03‬‬

‫بقلم‪ :‬فاضل الحمصي‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫العلمانية مــن حيث الترجمــة الحرفية للكلمة‬ ‫هــي الالدينيــة أو الدنيوية‪ ،‬وهــي دعوة إلى‬ ‫إقامــة الحيــاة علــى العلــم الوضعــي والعقل‬ ‫ومراعــاة المصلحــة بعيــداً عــن الديــن‪ ،‬أما‬ ‫معناهــا السياســي بالــذات فهــو الالدينية في‬ ‫الحكم‪ .‬وقد شاع استخدام خاطئ لها في العالم‬ ‫العربــي‪ ،‬حتى أصبح من يريــد دولة علمانية‬ ‫فكأنمــا يقول أريد دولة إلحادية‪ ،‬وهذا شــيء‬ ‫غير صحيح‪.‬‬ ‫اســتطاع الغرب تطبيق العلمانية بنجاح كبير‪،‬‬ ‫فقد طبق الحرية الدينية‪ ،‬حيث ســمح بالتدين‬ ‫وعــدم التديــن فــي آن معــاً‪ ،‬وهذا هــو معنى‬ ‫العلمانيــة وجوهرها‪ .‬وقد جرى هــذا التطور‬ ‫بعد انتشار األفكار العلمية والفلسفية والدينية‬ ‫المتنورة في أوســاط واســعة من الشعب عن‬ ‫طريق المدرسة والصحافة والتعليم‪... ،‬الخ‪.‬‬ ‫نقتصــر فــي حديثنــا هــذا علــى العلمانيــة‬ ‫السياســية‪ ،‬وال نتطــرق أبــداً إلــى العلمانيــة‬ ‫االجتماعيــة أو العلمانيــة الثقافية‪ ،‬التي تؤثر‬ ‫فــي حيــاة األفــراد اليومية وطريقة عيشــهم‬ ‫وتنظم عالقات المجتمع على أسس بعيدة عن‬ ‫العادات والتقاليد في المجتمع السوري‪.‬‬

‫الـعـلمـانـيــة‬

‫العرب والعلمانية تاريخيا ً ‪:‬‬

‫تبنٌــى معظم المفكريــن العرب‪ ،‬والســوريون‬ ‫منهم‪ ،‬في أواســط القرن التاسع عشر وأوائل‬ ‫القــرن العشــرين شــعار (الديــن هلل والوطن‬ ‫للجميع) ذلك الشــعار الذي تبنتــه أيضا ً الكتلة‬ ‫الوطنية في ثورتها ض ٌد االســتعمار الفرنســي‬ ‫فتــرة ثالثينيــات القــرن المنصــرم‪ ،‬وهــو‬ ‫يعنــي حق المواطنة المتســاوية فــي الحقوق‬ ‫والواجبــات دون تمييــز بســبب المذهــب أو‬ ‫المعتقد الذي يعتنقه أي مواطن‪ ،‬وبالتالي فإن‬ ‫مرجعيــة القوانين هي مرجعيــة مدنية تنبثق‬ ‫من العقــد االجتماعي الذي يعقده الشــعب مع‬ ‫ســلطته الحاكمة لتحقيــق المصلحة الجماعية‬ ‫للمواطنين‪ .‬تتأثر تلــك القوانين بتغير ظروف‬ ‫التطــور اإلنســاني اإلجتماعــي والثقافــي‬ ‫واالقتصــادي‪ ،‬التي تنتج المواقف السياســية‬ ‫للــدول وطرائــق حكمها‪ ،‬أما القيــم الوجدانية‬ ‫واألخالقية فهي قيم فردية أو جمعية تُترك حرةً‬ ‫ألصحابها‪ ،‬فمن أراد أن يلتزم بالقيم الموروثة‬ ‫ذات المرجعية الدينية فهو حر فيما أراد‪ ،‬ومن‬ ‫أراد غير ذلك فهو حر أيضا ً باختياره‪.‬‬

‫تاريخ العلمانية في سوريا‬ ‫يعتبــر الشــعب الســوري أن العلمانية شــيء‬ ‫ســلبي لعدة أســباب أهمهــا ممارســات نظام‬ ‫البعث الذي تســتر بالعلمانية إلخفاء تصرفاته‬

‫الطائفية والبعيدة كل البعد عن الشعارات التي‬ ‫يطلقهــا‪ ،‬إضافة لالســتبداد والظلم الذي وقع‪،‬‬ ‫ومحاربــة الدين والمتدينين الذي اعتمده نظام‬ ‫األســد حتــى ارتبط معنــى العلمانيــة في ذهن‬ ‫الشعب السوري بمحاربة الدين‪.‬‬

‫العلمانية والمجتمع السوري‬

‫لــكل مجتمــع خصائصــه‪ ،‬ومجتمعنــا محافظ‬ ‫وملتــزم دينياً‪ ،‬أما السياســة فشــيء مختلف‬ ‫ومــن الممكن تطبيــق العلمانية السياســية أو‬ ‫النظام المدني‪ ،‬ففي تركيا التي ينص دستورها‬ ‫علــى العلمانيــة‪ ،‬لم تمنــع العلمانية (بســبب‬ ‫النظــام الديموقراطــي) وصول حــزب العدالة‬ ‫والتنمية اإلســامي للســلطة‪ ،‬والــذي بدوره‬ ‫احتــرم علمانيــة الدولة فلم يبــدل قوانينها أو‬ ‫يعدلها تبعا ً إلسالميته‪.‬‬

‫اإلسالم والعلمانية‪:‬‬

‫يعتبــر بعــض ممثلــي اإلســام السياســي أن‬ ‫العلمانيــة إقصــاء للدين وللمعتقــدات الدينية‬ ‫عــن أمور الحياة‪ ،‬وهذا أمر غيــر جائز دينياً‪.‬‬ ‫ويعتبــر البعــض اآلخــر أنهــا جــاءت لتنظم‬ ‫العالقــات بيــن السياســي والدينــي‪ ،‬وأصبح‬ ‫وجودها أمــراً واقعا ً ونعيشــها في كل مناحي‬ ‫الحيــاة‪ ،‬حيث فرضتها نشــوء الدولة الحديثة‬ ‫التي باتت تحكمها تشــكيلة مختلفة من الناس‬ ‫فــي الدين والعقيــدة واالنتمــاء اإليديولوجي‪،‬‬ ‫ولم تعد مشــ ّكلة من جماعة من المؤمنين كما‬ ‫في الدولة القديمة‪ .‬ومــن هنا فإن هذا االتجاه‬ ‫العلماني ال يناقض الدين وال يعاديه‪ ،‬والســيما‬

‫ملـف العـدد‬

‫الدين االســامي‪ ،‬الذي هو عند أغلب معتنقيه‬ ‫(المذهــب الســني مثــاً) ال توجد فيه ســلطة‬ ‫لرجال الدين على مؤسسات الدولة‪ ،‬وهو يقبل‬ ‫االجتهاد بقوانينه الدنيوية‪ ،‬حســب اإلشارات‬ ‫المتعددة التي جاءت في الســيرة النبوية وفي‬ ‫سير الخلفاء الراشــدين‪ ،‬ثم باجتهادات األئمة‬ ‫األربعــة وغيرهم من فقهــاء العصور الذهبية‬ ‫للتاريخ اإلسالمي ومفكريه‪.‬‬

‫الفكراإلسالمي ومصطلح العلمانية‪:‬‬

‫يــرى الدكتور حســن حنفــي أن العلمانية هي‬ ‫«فصل الكنيســة عن الدولــة» كنتاج للتجربة‬ ‫التاريخيــة الغربية‪ ،‬ومن جانــب آخر‪ ،‬يتحدث‬ ‫عن الجوهر العلماني لإلسالم الذي يراه دينا ً‬

‫علمانيا ً لألسباب التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬النمــوذج اإلســامي قائــم علــى العلمانية‬ ‫بمعنــى غيــاب الكهنــوت‪ ،‬أي بعبــارة أخرى‬ ‫المؤسسات الدينية الوسيطة‪.‬‬ ‫‪ -2‬األحــكام الشــرعية الخمســة [الواجــب ‪-‬‬ ‫المنــدوب ‪ -‬المحــرم ‪ -‬المكــروه ‪ -‬المبــاح]‬ ‫تعبر عن مســتويات الفعل اإلنساني الطبيعي‪،‬‬ ‫وتصف أفعال اإلنسان الطبيعية‪.‬‬ ‫‪ -3‬الفكر اإلنســاني العلماني الذي ح ّول بؤرة‬ ‫متخف في‬ ‫الوجود من اإلله إلى اإلنســان وجد‬ ‫ٍ‬ ‫تراثنــا القديم عقالً خالصا ً فــي علوم الحكمة‪،‬‬ ‫وتجربة ذوقية في علوم التصوف‪ ،‬وكســلوك‬ ‫عملي في علم أصول الفقه‪.‬‬


‫الكتائب العـددالرابع والثالثون ‪2014/09/01‬‬

‫المشهد الميداني‬

‫‪04‬‬

‫الثوار يسيطرون على كامل الشريط الحدودي مع الجوالن المحتل‬ ‫والرقة أول محافظة سورية تخرج عن سيطرة النظام بالكامل‬ ‫جريدة الكتائب‬

‫‪-----------------------------------------‬‬‫اســتمرت المعــارك العنيفة فــي مختلف أنحاء‬ ‫ســوريا‪ ،‬ففي حلب تســتمر المعارك على عدة‬ ‫جبهــات‪ ،‬حيث يخوض الثــوار حربا ً مع قوات‬ ‫النظام من جهة‪ ،‬ومع تنظيم الدولة اإلســامية‬ ‫مــن جهــة أخرى‪ .‬كمــا اندلعت معــارك عنيفة‬ ‫فــي محافظة القنيطرة اســتطاع الثوار خاللها‬ ‫السيطرة على الشــريط الحدودي مع الجوالن‬ ‫المحتل بالكامل‪ .‬واستمر النظام بقصف المناطق‬ ‫المحررة بالبراميل المتفجرة والصواريخ‪.‬‬ ‫فــي دمشق تجددت االشــتباكات بين الثوار‬ ‫وقوات النظام في بســاتين بلدة المليحة بريف‬ ‫دمشــق‪ ،‬واســتهدف الجيــش الحــر بالهاون‬ ‫مواقع لقوات النظام في مدينة عدرا البلد بريف‬ ‫دمشق الشرقي‪ ،‬كما جرت اشتباكات عنيفة في‬ ‫محيط الفوج ‪ 137‬في خان الشــيح‪ .‬وســيطر‬ ‫الثــوار علــى نقــاط جديدة فــي جــرود فليطة‬ ‫بمنطقة القلمــون بعد اشــتباكات عنيفة دارت‬ ‫هناك تعرضــت المنطقة خاللها لخمس غارات‬ ‫جوية استهدفت بلدتي رأس المعرة وعرسال‪.‬‬ ‫وفجــر الثوار نفقا ً لقوات النظــام بمدينة داريا‬ ‫ّ‬ ‫بريف دمشق‪ ،‬كما اندلعت اشتباكات في مدينة‬ ‫حرســتا‪ ،‬وســيطر مقاتلــو الجيــش الحر على‬ ‫حاجز زعطوط التابع لقوات النظام في أطراف‬ ‫مدينــة الزبداني‪ ،‬ودمروا دبابــة لقوات النظام‬ ‫خــال اشــتباكات في الجبــل الشــرقي لمدينة‬ ‫الزبداني في ريف دمشق الشمالي‪.‬‬ ‫وشــن الطيران الحربي سبع غارات على بلدة‬ ‫دير العصافير ومزارع الركابية‪ ،‬كما شن أربع‬ ‫غارات على األطراف الشمالية لبلدة المليحة‪،‬‬ ‫إضافة لغارات على حرستا وكفر بطنا بالمنطقة‬ ‫نفسها‪ .‬وقصفت قوات النظام بالمدفعية الثقيلة‬ ‫والهــاون بلــدة زبدين ومدن وأحيــاء الغوطة‬ ‫الشرقية وبلدة يلدا جنوبي العاصمة دمشق‪.‬‬ ‫وفــي حلب أعلنت كبرى فصائــل الثوار في‬ ‫وقت ســابق بــدء معركــة أطلقت عليها اســم‬ ‫«نهروان الشام» لطرد تنظيم الدولة اإلسالمية‬ ‫مــن ريفــي حلب الشــمالي والشــرقي‪ ،‬وقالت‬ ‫إنها تمكنت من الســيطرة على قــرى العادلية‬ ‫والظاهرية والســيد علــي والحصية في ريف‬ ‫حلــب الشــمالي‪ ،‬ويحشــد الطرفــان قواتهمــا‬ ‫بالقرب من مدينــة مارع تمهيداً لمعركة كبيرة‬ ‫قادمــة‪ ،‬حيــث يــزداد الضغط العســكري على‬ ‫المدينة نظراً ألهميتها االســتراتيجية الكبيرة‪،‬‬ ‫حيث تعتبــر أحد أهم معاقل الثــوار في الريف‬ ‫الحلبي‪ ،‬وهي طريق إمدادات لألسلحة‪.‬‬

‫وتتواصل االشــتباكات بين الجيش‬ ‫الحــر وقوات النظــام على جبهات‬ ‫البريــج وحيــان ومحيط الســجن‬ ‫المركــزي‪ ،‬في حين ســيطر الثوار‬ ‫على عدة نقاط في حي صالح الدين‬ ‫بعــد تفجير مبنــى كانــت تتحصن‬ ‫داخله عناصر من قوات النظام‪.‬‬ ‫وشــنت طائــرات النظــام غــارات‬ ‫جوية علــى مدن مارع ودارة عزة‬ ‫وتل رفعت وصوران وحريتان في‬ ‫ريف حلب‪ ،‬إضافة إلى محيط مطار‬ ‫كويرس‪ .‬كما تعرضــت أحياء باب‬ ‫الحديــد وجب القبة وبــاب النيرب‬ ‫والفــردوس والســكري وقاضــي‬ ‫عســكر ومســاكن هنانــو لقصــف‬ ‫بالبراميــل المتفجــرة‪ ،‬ممــا خلف‬ ‫عــدداً من الشــهداء والجرحى في‬ ‫صفوف المدنيين‪.‬‬ ‫المروحيات بالبراميل المتفجرة قريتي حبيالت‬ ‫قتل أكثر من ‪ 15‬عنصراً للنظام‬ ‫وفي‬ ‫وحصرايا مما أدى إلى استشــهاد وجرح عدد‬ ‫وتــم تدمير ثالث ســيارات في هجوم على رتل‬ ‫من المدنيين‪.‬‬ ‫عســكري للنظام في حياليــن بريف حماة‪ ،‬كما‬ ‫قتــل عدد من قوات النظام في اشــتباكات على‬ ‫وفــي ادلب نفذ الطيــران الحربــي غارتين‬ ‫النقطة السادسة بمورك بريف حماه‪.‬‬ ‫جويتيــن علــى منطقة الزعالنة شــرقي معرة‬ ‫واســتهدف الثــوار مطــار حمــاة العســكري‬ ‫النعمــان في ريــف إدلب‪ ،‬واســتخدمت إحدى‬ ‫ود ّمــروا مروحيــة كانت رابضة فــي المطار‪،‬‬ ‫الغــارات قذائف عنقودية‪ ،‬كمــا ألقى الطيران‬ ‫كما استهدفوا مراكز أمنية في سلحب ومحردة‬ ‫المروحي حاوية متفجرة على ناحية التمانعة‪.‬‬ ‫وقمحانة بريف حماة بصواريخ غراد‪ ،‬ومعاقل‬ ‫وفي حمص جرت اشــتباكات عنيفــة في بلدة‬ ‫وتجمعــات النظــام قــرب قرية الشــيحة على‬ ‫تلــدو بريف حمص بين الثــوار وقوات النظام‬ ‫أوتســتراد حماة‪-‬محــردة بريــف المدينة‪ ،‬وتم‬ ‫استطاع الثوار خاللها تدمير جرافتين وسيارة‬ ‫مبــان لمراكز أمنيــة تابعة‬ ‫أيضــا ً تدميــر عدة‬ ‫ٍ‬ ‫دفــع رباعــي تابعة لقــوات النظام‪ .‬ويســيطر‬ ‫للنظام في قمحانة‪.‬‬ ‫الثــوار على بلدة تلدو منذ أكثر من عام‪ ،‬بينما‬ ‫وقــد شــهدت مدينــة حلفايــا في ريــف حماة‬ ‫تحاصرهــا قوات النظام التــي تتمركز في عدد‬ ‫نزوحــا ً جماعيــا ً بعــد ورود أنبــاء عــن تقدم‬ ‫من القرى ذات األغلبية الموالية لها‪.‬‬ ‫جيــش النظام تجاه المدينة الســتعادة حاجزي‬ ‫الترابيــع وأبطيش من الثوار الذين ســيطروا‬ ‫وفي درعا واصل الطيــران المروحي إلقاء‬ ‫عليهما في وقت ســابق‪ .‬وشــنّ الثوار هجوما ً‬ ‫البراميل المتفجرة‪ ،‬حيث سقطت البراميل على‬ ‫على مدينة محردة الموالية للنظام بريف حماة‬ ‫اليادودة وإنخــل وداعل وطفس ونوى ودرعا‬ ‫بهدف الســيطرة عليها‪ ،‬وســط معارك عنيفة‬ ‫البلــد‪ .‬كما حدثت حدوث حــاالت اختناق جراء‬ ‫بيــن الثوار وقوات النظــام المدعومة بعناصر‬ ‫اســتهداف قــوات النظام أحــد النقــاط التابعة‬ ‫من جيش الدفاع الوطني (الشــبيحة)‪ .‬وتكمن‬ ‫للجيش الحر في بلدة عتمان بالغازات السامة‪.‬‬ ‫أهمية مدينة محردة في أنها تقع شــمال غرب‬ ‫وشــن الطيــران الحربــي غــارات جوية على‬ ‫حماة على مســافة ‪ 22‬كيلومتــراً‪ ،‬وتقع على‬ ‫بلدات عثمان وإنخل ونوى بريف درعا‪.‬‬ ‫الطريــق الدولــي الواصل بين مركــز محافظة‬ ‫ومن ناحية أخرى ســيطر الثوار بشــكل كامل‬ ‫حمــاة وقرية الســقيلبية الموالية للنظام بريف‬ ‫على الشــريط والمعبر الحــدودي الفاصل بين‬ ‫المحافظة‪ ،‬ال ســيما أن الســيطرة على المدينة‬ ‫مدينة القنيطرة والجوالن المحتل‪ ،‬وذلك خالل‬ ‫تعني قطع إمداد النظام عن قراه الموالية له‪.‬‬ ‫معركــة «الوعد الحق» التي شــارك فيها عدد‬ ‫ويواصل الطيران الحربي شن الغارات الجوية‪،‬‬ ‫مــن كتائب الجيش الحر والكتائب اإلســامية‪.‬‬ ‫حيث استهدفت تلك الغارات اللطامنة وكفر زيتا‬ ‫وتمكــن الثــوار من الســيطرة على تــل كروم‬ ‫ومسعدة وقليب الثور بريف حماة‪ .‬كما قصفت‬

‫حماه‬

‫وقريــة الرواضي القريبة من المعبر في قطاع‬ ‫المحافظة األوســط إثــر اشــتباكات عنيفة مع‬ ‫جيش النظام‪.‬‬ ‫واســتهدفت غارات بالبراميــل المتفجرة بلدة‬ ‫جبــا‪ ،‬كما قامت مقاتالت تابعــة للنظام بقصف‬ ‫مواقــع الثــوار بالقرب من المعبــر‪ ،‬وما تزال‬ ‫المنطقة تشهد معارك عنيفة حتى اآلن‪.‬‬ ‫وفي دير الزور أعلن تنظيم الدولة اإلسالمية‬ ‫مبــان في حــي الحويقة‬ ‫ســيطرته على عــدة‬ ‫ٍ‬ ‫بالمدينــة بعد معارك مع قوات النظام أســفرت‬ ‫عــن مقتل عناصر مــن الطرفيــن‪ ،‬كما وقعت‬ ‫اشــتباكات بينهما بمختلف أنواع األسلحة في‬ ‫محيط مطار دير الزور العسكري‪.‬‬ ‫وفي الرقة أعلن تنظيم الدولة اإلسالمية بأن‬ ‫مقاتليه تمكنوا من السيطرة على مطار الطبقة‬ ‫العسكري بمحافظة الرقة شمال شرق سوريا‪،‬‬ ‫وتأتــي ســيطرة التنظيم بعد معارك اســتمرت‬ ‫أكثر من سبعة أيام استخدم فيها مقاتلو التنظيم‬ ‫أســلحة ثقيلة مكنتهم من الســيطرة على رابع‬ ‫مطارات ســوريا العســكرية من حيــث القوة‪،‬‬ ‫لتصبــح الرقــة أول محافظــة ســورية تخرج‬ ‫بكامل مســاحتها عن ســيطرة النظام‪ .‬وقد نفذ‬ ‫تنظيم الدولة عمليات إعدام جماعية بالعناصر‬ ‫التابعيــن للنظــام الذين تم القبــض عليهم بعد‬ ‫السيطرة على المطار‪.‬‬


‫الكتائب العـدد الرابع والثالنون ‪2014/09/01‬‬

‫الصفحة اإلخبـارية‬

‫‪05‬‬ ‫الشبكة السورية‪ :‬تنظيم الدولة قتل ‪ 3473‬سوري ًا‬ ‫قالت الشــبكة السورية لحقوق اإلنسان إن تنظيم الدولة اإلسالمية‬ ‫قتل ‪ 3473‬في مختلف المدن الســورية التي يسيطر عليها‪ ،‬وذلك‬ ‫منــذ تأســيس التنظيم في أبريل‪/‬نيســان ‪ .2013‬وأفادت الشــبكة‬ ‫بأن نســبة الســوريين من العدد اإلجمالي للقتلــى تبلغ ‪ ،%99‬وقد‬ ‫وصــل عدد أفراد المســلحين منهــم ‪ 2691‬قتيال‪ ،‬بينمــا قتل من‬ ‫المدنييــن ‪( 782‬بينهم ‪ 139‬طفــا و‪ 84‬امرأة)‪ ،‬وقد «تم ذبحهم‬ ‫باعتبارهــم مرتدين وكفاراً وعمالء للغــرب»‪ .‬وذكرت أنها تمتلك‬ ‫قائمة كاملة بأسماء وصور القتلى وكذلك تاريخ وكيفية الوفاة لكل‬ ‫واحــد منهم‪ ،‬معتمدة بذلك أحيانا ً على الصور التي ينشــرها أفراد‬ ‫التنظيم نفســه أثناء تنفيذه عمليات القتل‪ ،‬كما أن الشــبكة ســلمت‬

‫نســخة من القائمة إلى المفوضية السامية لحقوق اإلنسان التابعة‬ ‫لألمــم المتحدة‪ .‬وأوضحت الشــبكة أن التنظيــم كان ينفذ عمليات‬ ‫القتــل مــن خالل مجــازر جماعية أو قتــل فردي باتباعه سياســة‬ ‫«الخطف والتعذيب واالغتياالت لنشــطاء الحراك الثوري بمختلف‬ ‫اختصاصاتهــم‪ ،‬أو بالهجــوم الممنهــج علــى الفصائل المســلحة‬ ‫الصغيرة وطردها من أماكنها‪ ،‬تمهيداً للسيطرة والتمدد التدريجي‬ ‫في المناطق المحررة»‪ .‬ويسيطر التنظيم اليوم على كامل محافظة‬ ‫الرقــة‪ ،‬وعلى معظم محافظة دير الــزور‪ ،‬باإلضافة إلى التقدم في‬ ‫مناطق واســعة مــن بادية حمــص وحماة وريف حلب الشــرقي‪،‬‬ ‫حسب ما أفادت به الشبكة‪.‬‬

‫هيئة إدارية ورئاسة جديدة لرابطة الصحفيين السوريين‬ ‫في ظل ســيطرته على مدينة الرقة شــرقي ســوريا‪ ،‬عمد تنظيم التجارية المســتثمرة بعقود سنوية ثابتة من الحكومة السورية‬ ‫الدولة اإلسالمية في العراق والشام إلى تحصيل فواتير الكهرباء ســابقاً‪ .‬كما فرض التنظيم أيضا ً ما تســمى ضريبة النظافة على‬ ‫والمــاء والهاتف وفــرض الضرائب على المحــال التجارية في أصحــاب المحــال التجاريــة بأســواق الرقة‪ ،‬وأنه هــدد كل من‬ ‫يتخلف عن دفع الفواتير بقطع خدمات الكهرباء والماء عنه‪.‬‬ ‫الرقة وريفها‪.‬‬ ‫ووظف التنظيم ُجباة لتحصيل الفواتير من أهالي الرقة‪ ،‬كما أفاد‬ ‫ناشطون قالوا أيضا ً إنه فرض رسوما ً وضرائب ورفع إيجارات الحــرة بعدرا‪ ،‬وألقي الحجز االحتياطــي ضمانا ً لحقوق الخزينة‬ ‫المحال التجارية إلى ثالثة أضعاف ما كان يدفعه أصحاب المحال العامة من الرسوم والغرامات المترتبة على البضاعة المهربة‪.‬‬

‫إدانة أممية لبراميل النظام وإعدامات الدولة‬ ‫تعتــزم األمم المتحدة حل البعثة المشــتركة للمنظمة الدولية ومنظمة‬ ‫حظر األســلحة الكيميائية التي تشــرف على تدمير مخزونات سوريا‬ ‫مــن الغاز الســام في ‪ 30‬ســبتمبر‪/‬أيلول القادم‪ .‬وبعــث األمين العام‬ ‫لألمم المتحدة بان كي مون رســالة إلى السفير البريطاني مارك ليال‬ ‫غرانت ‪-‬رئيس مجلــس األمن الدولي للدورة الحالية‪ -‬يقول فيها إنه‬ ‫مــع اكتمال الجزء األكبر من مهمة التخلص من األســلحة الكيميائية‬ ‫الســورية فإنه ســيتم حل البعثة المشتركة الشــهر القادم‪ .‬وكتب بان‬

‫في الرســالة أنه «مع اكتمال تدمير كل مواد األسلحة الكيميائية التي‬ ‫أعلن أنها ذات أولوية وما أعقب ذلك من مشاورات مع المدير العام‬ ‫لمنظمة حظر األسلحة الكيميائية فسوف ننهي عمل البعثة المشتركة‬ ‫في ‪ 30‬ســبتمبر‪/‬أيلول ‪ .»2014‬وأضاف بان «سيتم وضع ترتيبات‬ ‫الحقة لذلك الموعد لضمان عملية انتقال سلس»‪.‬‬ ‫ولم يســهب في التفاصيل المتعلقــة بالترتيبات التي ال تزال في طور‬ ‫اإلعداد‪.‬‬

‫دمشق أسوء مدينة للعيش في العالم‬ ‫تصدرت مدينة ملبورن األســترالية قائمة أفضــل مدن العالم التي‬ ‫يمكن االســتمتاع بالعيش فيهــا‪ ،‬وجاءت في آخر القائمة العاصمة‬ ‫السورية دمشق التي مزقتها الحرب‪ ،‬وسبقتها مباشرة في المرتبة‬ ‫داكا فــي بنغالديــش وبورت مورســبي فــي بابوا غينيــا الجديدة‬ ‫والغوس في نيجيريا‪ .‬وشــمل اســتطالع إيكونومست أيضا ً قائمة‬ ‫بالمــدن التي انخفضت درجة «مالءمة العيــش» فيها كثيراً خالل‬ ‫الســنوات الخمس الماضية‪ .‬واعتُبرت دمشــق مرة أخرى األسوأ‬

‫مســجلة تراجعــا ً بلغ ‪ %28‬خالل خمس ســنوات‪ ،‬لكن مدنا ً أخرى‬ ‫على القائمة شــهدت تراجعا ً أيضاً‪ ،‬من بينها المدينتان الروسيتان‬ ‫سان بطرسبرغ وموســكو‪ ،‬فقد تراجعت كل منهما بنسبة ‪،%3.3‬‬ ‫بينما تراجعت صوفيا بنسبة ‪ ،%3.5‬وأثينا بنسبة ‪ ..%3.7‬ويُجري‬ ‫هذا االســتطالع تقييما ً لمدى «مالءمــة العيش بالمدن» بناء على‬ ‫عدد من العوامل الرئيســية‪ ،‬من بينها االستقرار ونوعية الرعاية‬ ‫الصحية والثقافة والبيئة والتعليم والبنية التحتية‪.‬‬

‫ديمبسي‪ :‬سنستهدف تنظيم الدولة بسوريا إذا هدد أمريكا‬ ‫أعلن رئيــس هيئــة األركان األميركية المشــتركة الجنرال مارتن‬ ‫ديمبسي أن القوات األميركية قد تستهدف تنظيم الدولة اإلسالمية‬ ‫في ســوريا إذا شــ ّكل تهديداً مباشــراً للواليات المتحدة أو أوروبا‪،‬‬ ‫فــي وقت يضغط الجمهوريون على الرئيس باراك أوباما لتوســيع‬ ‫الغارات على التنظيم‪ .‬وقال ديمبسي في تصريحات لصحفيين أثناء‬ ‫ســفره بطائرة عســكرية إلى العاصمة األفغانية كابل إنه لم تظهر‬ ‫بعــد أي عالمــة على أن تنظيم الدولة يخطط الســتهداف األراضي‬ ‫األميركيــة‪ ،‬بخالف تنظيم القاعدة في اليمن الذي أوضح أنه خطط‬ ‫وســعى لشــن هجمات على أهداف في الواليات المتحدة وأوروبا‪.‬‬ ‫لكنــه أكد أنه إذا خطط تنظيم الدولة من داخل ســوريا الســتهداف‬

‫الواليــات المتحدة فإنه ســيوصي بالتعامل مع هذا التهديد‪ ،‬مضيفا ً‬ ‫أنه واثق من أن الرئيس أوباما سيتصدى لذلك التهديد‪ .‬وبدأ سالح‬ ‫الجو األميركي في الثامن من هذا الشــهر شن غارات على مواقع‬ ‫لتنظيم الدولة اإلســامية شــمالي العراق لوقف تقدم مقاتليه نحو‬ ‫إقليم كردســتان العراق‪ .‬وزادت وتيرة الضربات الجوية بعد نشــر‬ ‫التنظيم شــريطا مصورا إلعدام الصحفــي األميركي جيمس فولي‬ ‫الــذي اختفى بســوريا منذ العــام ‪ .2012‬وقال الجنرال ديمبســي‬ ‫إنه يعتقــد أن حلفاء الواليات المتحدة في المنطقة‪ ،‬وبينهم األردن‬ ‫والســعودية وتركيا‪ ،‬سينضمون إليها لمواجهة خطر تنظيم الدولة‬ ‫اإلسالمية‪.‬‬

‫أزمة مياه خانقة تشهدها أحياء العاصمة دمشق‬ ‫تعاني أحياء عدة في العاصمة دمشــق منذ أكثر من خمســين يوما ً‬ ‫أزمة نقص في مياه الشرب الرئيسية نظراً للتقنين المتعمد من قبل‬ ‫مؤسســة المياه التابعة لنظام األســد ‪ .‬ذلك التقنين الذي تم فرضه‬ ‫لزيــادة الضغــط والخناق على أحيــاء المدينة تم رصــده في عدة‬ ‫مناطق كانت ثائرة قبل أن يفرض النظام قبضة أمنية شديدة عليها‪،‬‬ ‫حيث تشــهد هذه األحياء عجزاً كبيراً فــي المياه كأحياء «الميدان‬ ‫وكفرسوســة وباب ســريجة والزاهرة» حيث ال تكاد مياه الشرب‬ ‫تصل إلى ســكان تلك األحياء‪ ،‬وفي حال وصولها فإنها تترافق مع‬

‫انقطــاع في التيار الكهربائي كي ال يتمكن ســكان األحياء تلك من‬ ‫تشغيل (المضخات الكهربائية ) لتساعدهم على تأمين حاجتهم من‬ ‫المياه‪ ،‬كما أصدرت المؤسسة المذكورة مرسوما ً يقضي بمصادرة‬ ‫ومعاقبة كل من يملك تلك المضخات بحجة أنها تؤثر على منسوب‬ ‫مياه الشــرب بشكل عام‪ .‬وازدادت شــكاوي المدنيين جراء العجز‬ ‫المائي الذي يعانونه واضطرارهم لنقل المياه بالبدونات وباألواني‬ ‫البالســتيكية من منطقة تشــهد عجز ألخرى ذات وفرة لكي يسدو‬ ‫بها بعضا ً من حاجتهم الكبيرة للماء ‪.‬‬

‫حمص‪ :‬المفاوضات جارية لالتفاق‬ ‫على هدنة في حي الوعر‬ ‫جــرى اجتمــاع منتصــف الشــهر الحالــي بين‬ ‫لجنــة المفاوضات التابعــة للثوار في حي الوعر‬ ‫وممثليــن عن النظام في محاولة إلنهاء الصراع‬ ‫الدائــر في حي الوعر‪ .‬في االجتماع الذي حضره‬ ‫محافــظ حمــص‪ ،‬طالل البــرازي‪ ،‬تنــازل النظام‬ ‫عــن بند يشــترط فيه تســليم الســاح الموجود‬ ‫فــي الحي‪ .‬بنــد كان يرفضه الثــوار دائما ً ويلغي‬ ‫التوصل إلى أي اتفاق‪ .‬واستبدل النظام هذا البند‬ ‫بانســحاب الطرفين مــن الجزيرة الســابعة التي‬ ‫تقــع غربي الحي‪ ،‬والتي تدور فيها االشــتباكات‬ ‫اليومية بين الطرفين‪ ،‬على أن يتم جعلها منطقة‬ ‫منزوعة الســاح‪ ،‬ونشر قوات مراقبة من األمم‬ ‫المتحدة أو مــن الطرفين وإعادة المدنيين إليها‪.‬‬ ‫أما البند الثانــي‪ ،‬فهو فتح الطرقات المؤدية إلى‬ ‫الحــي‪ ،‬ما يعني إنهاء الحصــار المفروض على‬ ‫الحي منذ أكثر من عام بكافة أشــكاله‪ .‬ويتضمن‬ ‫البنــد الثالث تســوية أوضــاع المطلوبين للنظام‬ ‫لمــن يرغب منهم بذلك‪ ،‬فيتم إعطاء تأجيل ثالثة‬ ‫أشــهر للمتخلفين عن الخدمة العســكرية‪ ،‬ويتم‬ ‫تسريح المنشقين العسكريين‪ .‬كما يتم العفو عن‬ ‫المطلوبين المدنيين‪ .‬أما حاملو السالح‪ ،‬فيتوجب‬ ‫عليهم تســليم ســاحهم مقابل العفو عنهم‪ .‬هذه‬ ‫الهدنــة المقترحــة من النظام‪ ،‬تتم دراســتها من‬ ‫ممثلي الحــي من مدنيين وعســكريين‪ ،‬على أن‬ ‫يتم الرد عليها بالقبول أو الرفض قبل بداية شهر‬ ‫سبتمبر‪/‬أيلول‪.‬‬

‫قيادة مشتركة بالغوطة الشرقية‬ ‫اتفقــت الفصائــل المقاتلــة فــي غوطة دمشــق‬ ‫الشــرقية‪ ،‬علــى تشــكيل قيــادة موحــدة لكافــة‬ ‫الفصائــل العســكرية التي تقاتل نظام األســد في‬ ‫المنطقــة بقيــادة «زهران علــوش» قائد جيش‬ ‫اإلســام‪ ،‬وذلك خالل اجتماع حضره قادة معظم‬ ‫فصائل الغوطة الشــرقية‪ .‬وســوف تضم القيادة‬ ‫كالً من جيش اإلســام واالتحاد اإلسالمي ألجناد‬ ‫الشــام‪ ،‬إضافةً لحركة أحرار الشــام اإلســامية‬ ‫وفيلــق الرحمن وألويــة الحبيب المصطفى‪ ،‬وتم‬ ‫التوافــق علــى زهــران علوش علــى رأس هذه‬ ‫القيــادة‪ ،‬ونائبه قائــد االتحاد اإلســامي ألجناد‬ ‫الشــام «أبو محمد الفاتح»‪ .‬كما تم التوافق على‬ ‫االعتراف بالقضاء الموحد للغوطة كقوة تنفيذية‬ ‫قضائية لمحاربة الفساد‪ ،‬وإنشاء غرفة عمليات‬ ‫لقيادة العمليات العسكرية في الغوطة‪.‬‬


‫الكتائب العـددالرابع والثالثون ‪2014/09/01‬‬

‫لقاء العدد‬

‫‪06‬‬

‫أبو عبدو طبية‬

‫قائد كتائب أبناء الصحابة‬ ‫إعداد‪ :‬عبدالرزاق زقزوق‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫كان أبــو عبدو ناشــطا ً مدنيا ً عمــل في المجال‬ ‫الطبــي واإلعالمي أيام المظاهرات الســلمية‪،‬‬ ‫ثم انتقل للعمل المســلح بعد أن اقتنع بعدم فهم‬ ‫النظام للغــة أخرى غير لغة الســاح‪ ،‬وتد ّرج‬ ‫فــي المهــام إلى أن وصــل لقيادة كتيبــة أبناء‬ ‫الصحابة‪ .‬جريــدة الكتائب التقت مع أبو عبدو‬ ‫وكان لنا معه الحوار التالي ‪:‬‬

‫ماهو الوضع العســكري في حلب‬ ‫حا لياً؟‬

‫حلب تعيش أزمة حالياً‪ ،‬الضغط العســكري من‬ ‫قبــل النظام األســدي تجاه األراضــي المحررة‬ ‫ومــن قبل تنظيم «داعش» من جهة الشــمال‬ ‫إلكمال الحصار على حلب‪ ،‬ولكن إن شــاء هللا‬ ‫لن يكون لهما ذلك ‪.‬‬

‫هل يعني هذا أن حلب لن تتعرض‬ ‫لحصار يشــبه حصار حمص أو‬ ‫الغوطة الشرقية؟‬ ‫يســتحيل ذلــك ألن كتائــب الجيــش الحــر‬ ‫والمجاهديــن فــي جميــع المناطــق المحررة‬ ‫اتجهــت إلــى الريــف الشــمالي ونجحــوا في‬ ‫صــد داعش ودحــره من بعــض المناطق‪ ،‬أما‬ ‫من جهة جيــش النظام الذي يحاول اســتثمار‬ ‫الظــرف الحالي فال يمكنــه فرض الحصار ألن‬ ‫لديه خاصرة مكشــوفة لنا‪ ،‬وهي نقطة ضعف‬ ‫كبيــرة ال يمكنــه تداركها‪ ،‬وقد حــاول ذلك من‬ ‫خالل تعريض الجبهة وزيادة نقاط االشــتباك‪،‬‬ ‫ولــم ينجــح بســد الثغــرة الموجــودة وحماية‬ ‫الخاصرة المكشوفة ‪.‬‬

‫أنــت اآلن عضــو في اتحــاد ثوار‬ ‫حلب الذي تم تشكيله من المجالس‬ ‫هــل مــن الممكــن أن تحدثنا عن والهيئات الثورية‪ .‬مــا الهدف من‬ ‫المعارك التــي دارت في المنطقة إنشائه وهل كان له تأثير في مسار‬ ‫مؤخراً‪ ،‬وما هي أبرز نتائجها؟‬ ‫األحداث؟‬ ‫الكثيــر من المعــارك دارت مؤخراً على محور‬ ‫القلعة والسرايا والباب األحمر ومخيم حندرات‬ ‫والشــيخ ســعيد واللــواء ‪ .80‬وفــي الحقيقة‬ ‫الكثير من المعارك التي دارت هي عمليات صد‬ ‫لمحاوالت جيش النظام للتقدم والسيطرة على‬ ‫المناطــق المحــررة‪ ،‬والحمــد هلل كان تأثيرها‬ ‫معاكسا ً تماما ً لمخططاتهم واستطعنا صد قوات‬ ‫النظام وألحقنا بهم خسائر كبيرة إضافة لكسر‬ ‫الطوق الذي حاول جيش النظام فرضه ‪.‬‬

‫الهــدف مــن تأسيســه هــو جمــع الثــوار في‬ ‫محافظــة حلــب ضمن تشــكيل واحــد لتوحيد‬ ‫كلمتهــم ضد النظام وأعوانه ‪ .‬وبالطبع لالتحاد‬ ‫مع باقي الهيئات الثورية والفصائل العسكرية‬ ‫إن شاء هللا سيكون لنا تأثير كبير في التشكيل‬ ‫السياسي القادم‪ .‬والتحاد الثوار تأثير عسكري‬ ‫كبير أيضــاً‪ ،‬ولهم الشــرف أن يقوموا بخدمة‬ ‫إخوانهــم علــى الجبهات ضمن مبادرة ســيف‬ ‫حلــب ألهل الشــام بالتعاون مــع بعض اإلخوة‬ ‫المستقلين‪.‬‬

‫يحــاول تنظيم «داعــش» إكمــال الطوق من‬ ‫الناحية الشــمالية لمحاصرة حلب‪ ،‬ولكن يأبى‬ ‫هللا إال أن يتــم نوره‪ ،‬وتكاتفــت كتائب الجيش‬ ‫الحــر والمجاهديــن مــع بعضها‪ ،‬ليــس لصد‬ ‫التنظيم فحسب‪ ،‬بل لدحره أيضاً‪.‬‬

‫هل تتوقع يوما ً أن تتعامل الكتائب‬ ‫العســكرية بعجرفة مع المدنيين‬ ‫هل تلقيتم أي دعم عسكري أمريكي أنتم في كتائب أبناء الصحابة كيف‬ ‫والنا شطين؟‬ ‫وقفنــا ضــد تنظيم داعــش بســبب تصرفاتهم أم أن الدعــم اقتصــر على كتائب تنظرون إلــى خالفات المعارضة‬ ‫السياسية؟‬ ‫الحمقاء‪ ،‬وألنهم أساؤوا إلى الحاضنة الشعبية معينة ؟‬

‫ماذا عن تقــدم تنظيم داعش في‬ ‫منطقة الريف الشمالي؟‬

‫مارأيكبماسمعناهمؤخراًعن دعوة المعارك في بعض األحيان‪ .‬المشكلة الرئيسية‬ ‫للواليات المتحدة لتنفيذ غارات ضد أن هــذا الدعم متقطع‪ ،‬ولو كان مســتمراً لكان‬ ‫له األثــر الكبير‪ ،‬ولكن نقطة فــي بحر ال تؤثر‬ ‫مواقع تنظيم «داعش» ؟‬ ‫نحــن نرفــض أي تدخل عســكري خارجي في كثيرا ‪ً.‬‬ ‫بالدنــا‪ .‬نحن نتصرف عســكريا ً وسياســيا ً بما‬ ‫تقتضيه المصلحة في بالدنا ‪.‬‬

‫ال لــم نتلقى أي دعم عســكري أمريكي‪ .‬وهناك اختالف الرأي شــيء طبيعــي وصحي‪ ،‬ولكن‬ ‫يلزمنــا أن نتعلــم طريقة االختــاف في الرأي‬ ‫بعض كتائب معينة تلقت الدعم األمريكي‪.‬‬ ‫وعــدم تحويله إلى صراع يســيئ إلــى الثورة‬ ‫من خــال خبرتك العســكرية‪ ،‬ما والثــوار‪ .‬البــد لنا أن نتعلم تقبــل الرأي اآلخر‬ ‫مدى فعالية األسلحة األمريكية التي بدون تشنج أو انفعال‪.‬‬

‫ونتيجــة لذلك فقدنا هــذه الحاضنة‪ .‬طبعا ً هناك‬ ‫هل من الممكن أن يصل التنظيم إلى بعــض المخطئين من الجيــش الحر لكن هذا ال‬ ‫مدينةحلبويحكمسيطرتهعليها؟ يعنــي أن كل عناصر الجيــش الحر مخطئون‪،‬‬ ‫ال يمكن أن يصل التنظيم إلى المدينة أبداً‪ ،‬ذلك وأيضــا ً ليس بالضــرورة أن يكون كل عناصر‬ ‫أمر مســتحيل اســتناداً إلى المعطيــات الحالية الجيــش الحر جيــدون‪ ،‬واإلســاءة للمواطنين‬ ‫والواقع الميداني على األرض ‪.‬‬ ‫عمليــة إجرامية وأظــن أن الكثير من عناصر أخذتهابعضالكتائب؟‬ ‫رأينا النتائج على األرض وأبرزها إسقاط بعض‬ ‫الجيش الحر يستنكرون هذه األعمال ‪.‬‬ ‫الطائرات‪ .‬وقد كان لها أثر كبير في حسم بعض‬


‫الكتائب العـدد الرابع والثالنون ‪2014/09/01‬‬

‫مختارات من الصحافة‬

‫‪07‬‬

‫داعش ومهاوي االنبعاث‬ ‫الياس خوري ‪ -‬القدس العربي‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أريــد ان أعتــرف بــان جميــع محاوالتي لفهم‬ ‫الظاهــرة الداعشــية أصيبــت بالفشــل‪ ،‬ال أحد‬ ‫يعرف‪ ،‬أو ان المعرفة متشــظية بطريقة تجعل‬ ‫مــن عملية جمع «البازل» الداعشــي مســألة‬ ‫شبه مستحيلة‪.‬‬ ‫لكــن هناك أربــع مســائل في ســياق الصعود‬ ‫الداعشي السريع‪:‬‬ ‫األولــى‪ ،‬تتمثــل فــي أن تنظيــم «القاعــدة»‪،‬‬ ‫الذي حارب الواليــات المتحدة والدول الغربية‬ ‫باإلرهاب الوحشي‪ ،‬قد ضمر أو تالشى‪.‬‬ ‫مســرح الحرب انتقل من الغرب إلى الشــرق‪،‬‬ ‫والحــروب تــدور اليــوم فــي بــاد العــرب‪،‬‬ ‫والضحايا هم عراقيون وســوريون ويمنيون‪،‬‬ ‫والغــرب يتفــرج ويقــدم بعــض المســاعدات‬ ‫اإلغاثية‪ ،‬ويقترح الوزير الفرنســي الحصيف‬ ‫لوران فابيوس على مســيحيي العراق الهجرة‬ ‫إلى فرنسا!‬ ‫داعــش أو دولة الخالفــة الممتدة من الموصل‬ ‫إلــى دير الــزور أنهــت الصراع المســلح مع‬ ‫الغرب‪ ،‬وتحولت إلى قتال العرب بهدف فرض‬ ‫تطبيق الشــريعة‪ ،‬أو ما تعتقده شــريعة‪ ،‬على‬ ‫شــعوبنا المنكوبــة‪ ،‬مــن صلــب وجلــد ورجم‬ ‫وانتهاب وسبي‪.‬‬ ‫الثاني‪ ،‬يشــير إلــى أن النظام االســتبدادي في‬ ‫ســورية‪ ،‬الــذي تحاشــى الصدام مــع داعش‪،‬‬ ‫ولم يرســل براميله إلى المناطق التي تســيطر‬ ‫عليها‪ ،‬وجد في داعش مبرر وجود‪.‬‬ ‫فالخطاب األســدي َدعْــ َوش الثورة الشــعبية‬ ‫الســورية قبــل أن تصل قــوات البغــدادي إلى‬ ‫سورية بزمن طويل‪.‬‬ ‫ومــع وصــول داعــش‪ ،‬تكفــل جيــش الخالفة‬ ‫بتحطيم ما تبقى من قوى مســلحة للمعارضات‬ ‫الســورية‪ ،‬وبذا بدأت الحروب السورية تدخل‬ ‫في مرحلــة جديدة عنوانها الصــراع‪ /‬التكامل‬ ‫بين استبدادين‪ :‬البعث وداعش‪.‬‬ ‫الثالثــة هــي أن الــدول النفطية التــي رأت في‬ ‫ثــورات «الربيــع العربــي» تهديــداً ألنظمتها‬ ‫الظالمية واالستبدادية‪ ،‬قامت بامتطاء الثورات‬ ‫مــن خالل أجهزتهــا اإلعالميــة الضخمة‪ ،‬قبل‬ ‫أن تســاهم في تخريبها من الداخل عبر الدعم‬ ‫المالــي والتســليحي للقــوى اإلســامية ومن‬ ‫ضمنها داعش‪ ،‬في سياق إعادة صوغ المنطقة‬ ‫على إيقاع الصراع السني الشيعي‪ ،‬وهنا لعبت‬ ‫تركيا دوراً رئيســياً‪ ،‬في سياق الحلم اإلخواني‬ ‫الذي راودها‪.‬‬ ‫الرابعــة هــي أن إيــران اســتفادت كحليفهــا‬ ‫الســوري مــن الدعــش المتنامــي‪ ،‬كــي تبرر‬ ‫تدخلها في سورية‪ ،‬وتفرض هيمنتها الشاملة‬ ‫على العراق‪.‬‬

‫وفي سياق آخر‪ ،‬كان من الممكن‬ ‫أن نتحدث عن دور إســرائيلي أو‬ ‫طموح إســرائيلي‪ ،‬لكــن مقاومة‬ ‫غزة البطوليــة أعادت هذا الدور‬ ‫إلى حجمه الطبيعي‪.‬‬ ‫اللعبــة أفلتــت مــن أيــدي جميع‬ ‫صغــار الالعبيــن‪ ،‬وحالهم اليوم‬ ‫كحال السيد عزت الدوري وتنظيم‬ ‫البعث‪/‬الطريقة النقشبندية‪ ،‬الذي‬ ‫ســرعان ما تالشى بعدما أحكمت‬ ‫داعش سيطرتها على الموصل‪.‬‬ ‫إذا قرأنــا الواقــع في بالد الشــام‬ ‫والعــراق مــن منظور داعشــي‪،‬‬ ‫نجد أن جميع الالعبين اإلقليميين‬ ‫أفلســوا أمام اإلعصار الداعشي‬ ‫الذي يشــبه اإلعصــار الطالباني‬ ‫الــذي ضــرب أفغانســتان بعــد‬ ‫الهزيمة السوفياتية‪.‬‬ ‫وأن التَ َدعْــوش صار طوفانا ً فــي بالد البعث‪،‬‬ ‫بحســب تعبير السينمائي السوري الكبير عمر‬ ‫أميــراالي‪ ،‬وأن الصراع الداعشــي‪/‬النصروي‬ ‫يشــبه ولو بشــكل موارب الصراع القديم بين‬ ‫البعثين العراقي والسوري‪.‬‬ ‫هذا التــوازي بين البعث والدعــش ليس وليد‬ ‫مصادفة‪ ،‬وال هو نتاج مؤامرة‪ ،‬بل هو محصلة‬ ‫تاريخيــة لالنحدار الذي صنعته أنظمة الحداثة‬ ‫العســكريتارية‪ ،‬التي وجدت في األيديولوجية‬ ‫الفاشــية الرومانســية‪ ،‬التــي صنعــت أحزابا ً‬ ‫كحزب البعــث وأخواته‪ ،‬إطــاراً لتجنيد النخبة‬ ‫في مشــروع «انبعاثي»‪ ،‬هدفه إيقاظ الماضي‬ ‫«المجيد» من سباته‪.‬‬ ‫لم يســأل أحد ما هو هذا الماضي‪ ،‬ولماذا يجب‬ ‫إيقاظه‪.‬‬ ‫ســعيد عقل شــاعر «القومية اللبنانية»‪ ،‬الذي‬ ‫انتهى به الزمن إلى أعتاب شــارون‪ ،‬سبق له‬ ‫وأن مــ ّر في تجربتين انبعاثيتين‪ ،‬فكتب نشــيد‬ ‫«العــروة الوثقــى»‪ ،‬قبــل أن يلتحــق بالحزب‬ ‫القومي ثم يقفز إلى «حراس األرز»‪.‬‬ ‫في نشيد العروة الوثقى نجد التعبير األول عن‬ ‫معنى هــذا االنبعاث الذي يأخذنــا إلى «صهلة‬ ‫الخيل من الهند إلى األندلس»‪.‬‬ ‫تزامنت صيحة ســعيد عقل مع ح ّمى األساطير‬ ‫البابلية والكنعانية التي اجتاحت الشعر العربي‬ ‫الحديث‪ ،‬مح ّولة التجربة الجديدة إلى استدعاء‬ ‫محمــوم للماضي الــذي يمتلك مفاتيــح قراءة‬ ‫الحاضر!‬ ‫هــذا الماضــي الذي لــم تجرؤ ســوى قلة من‬ ‫المفكريــن على وضعــه في ســياقه التاريخي‬ ‫ونقــده‪ ،‬صار كتلة هالمية من المشــاعر التي‬ ‫ســوغت الممارســات الفاشــية‪ ،‬وجعلــت من‬ ‫االستبداد الشرقي عنوانا ً لحداثة المحدثين‪.‬‬

‫وحيــن ارتفعــت أصــوات النقــد مــن علــي‬ ‫عبدالــرازق إلى نصر حامد أبو زيد‪ ،‬أخرســت‬ ‫وهمشــت واضطهــدت‪ ،‬كــي يصيــر العصــر‬ ‫الذهبي هو عصر الدولة العربية االســتبدادية‪،‬‬ ‫من بداية الخالفة إلى نهايتها‪.‬‬ ‫ووصلت قمة االنتهازية الفكرية إلى حد إلباس‬ ‫الذمية أشكاالً مواربة‪ ،‬من إسالم ميشال عفلق‬ ‫المفروض بالجبر الصدامي‪ ،‬إلى قبيســيات آل‬ ‫األسد‪.‬‬ ‫انهيار االستبداد الحديث بحنينه إلى الماضي‪،‬‬ ‫فتح الباب على مصراعيه أمام الماضي‪ ،‬الذي‬ ‫التجأ إلى الوهابية السعودية‪ ،‬قبل أن يسود مع‬ ‫سيادة ثقافة النفط وإعالمه‪.‬‬ ‫داعــش هي المصالحة بيــن الفكر «التقدمي»‬ ‫اإلحيائي الذي لم ينتج سوى نصوص ملتبسة‪،‬‬ ‫وبين الفكر السلفي الوهابي‪ ،‬الذي تحصن في‬ ‫الصحــراء العربيــة‪ ،‬قبــل أن يجد فــي الثروة‬ ‫النفطيــة التــي أفلتت مــن عقالها بعــد هزيمة‬ ‫العرب عام ‪ ،1967‬أداة فعالة للهيمنة‪.‬‬

‫مرضــه هو الماضي‪ ،‬ومســتقبله أنه لن يكون‬ ‫أكثــر من بيدق فــي لعبة التدميــر الذاتي الذي‬ ‫يشجعه عليها ضعف الغرب و‪/‬أو كلبيته‪ ،‬وهو‬ ‫يــرى كيف نجح في خلق فزاعة كبرى ســوف‬ ‫تجعل من حلفائه وأعدائه مجرد دمى تســتغيث‬ ‫به‪.‬‬ ‫شــرط انتصــارات مقاتلي داعش بجنســياتهم‬ ‫المختلفة‪ ،‬هو أن يعرفوا اللعب ضمن الخطوط‬ ‫الحمراء التي وضعتهــا الواليات المتحدة‪ ،‬لذا‬ ‫قصــف الطيــران األمريكــي حيــن اقتربوا من‬ ‫أربيل‪ ،‬لكنه لم يفعل شيئا ً حين سقطت الموصل‬ ‫وســنجار وتعــرض المســيحيون لالضطهــاد‬ ‫واإليزيدون لخطر اإلبادة‪.‬‬ ‫علــى الخليفــة أن يلعب ضمن حــدود الصراع‬ ‫الشــيعي الســني‪ ،‬يخيــف اإليرانييــن علــى‬ ‫وضعهــم في العراق‪ ،‬يزعزع ثقة الســعوديين‬ ‫بنفطهــم وثروتهــم‪ ،‬ويبقى في حــدود تخريب‬ ‫المنطقــة العربية‪ ،‬عندها لــن يواجهه الغرب‪،‬‬ ‫ولن يتعرض لما تعرض له صدام حســين حين‬ ‫اخترق الخطوط الحمراء واجتاح الكويت‪.‬‬

‫الخليفة الداعشــي هو تجسيد لهذه المصالحة‬ ‫«المســألة الشــرقية» لــم تعد تجد فــي حماية‬ ‫الدموية‪ ،‬لكنها مصالحة افتراسية‪.‬‬ ‫فمثلما افترس أبو بكر البغدادي عزت الدوري األقليات بابها للهيمنة‪ ،‬بل صار اســمها اليوم‬ ‫وبقايا البعــث العراقي‪ ،‬فإنه يســتعد الفتراس تدمير المنطقة‪.‬‬ ‫بقايا البعث السوري تمهيداً الفتراس الوهابية‬ ‫وفــي أتون هذا التدمير يلتقي البعث والدعش‬ ‫في جزيرة العرب‪.‬‬ ‫والوهابيــة فــي عمليــة توزيــع أدوار غيــر‬ ‫أزال البغدادي الحدود كما كان يحلم البعثيون‪ ،‬متفق عليهــا‪ ،‬لكنها تجمع علــى ضرورة قتل‬ ‫وأقام الحد كما يريد الوهابيون‪ ،‬وأشعل اللهب المجتمعات العربية كشــرط النبعــاث الماضي‬ ‫الممتد مــن الهند إلى األندلس كما تنبأ ســعيد الــذي لن ينبعث إال كشــبح ال حياة فيه‪ ،‬محوالً‬ ‫عقــل‪ ،‬لكن أغلب الظن أنــه ال يدري أنه يحمل بالدنا إلى مقبرة‪.‬‬ ‫مرض أعدائه الذي يهاجمهم ويقطع رؤوسهم‪.‬‬


‫الكتائب العـددالرابع والثالثون ‪2014/09/01‬‬

‫آراء‬

‫‪08‬‬

‫التقسيم باإليحاء‬ ‫بقلم‪ :‬بشار ادلبي‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫مــن طرق التربية الحديثــة‪ ،‬والتي يُفترض أن‬ ‫يُستعاض بها عن الضرب‪ ،‬إرشاد سلوك الطفل‬ ‫عبر توجيه أســئلة تحتمل عمليا ً إجابة وحيدة‬ ‫توصل إليه الفكرة المطلوبة‪ ،‬فإذا أريد مثالً منع‬ ‫طفل من الشــرب من الزجاجة فيُســأل أتشرب‬ ‫بالــكأس األحمر أم األزرق؟ وهنا لن يختار إال‬ ‫كأساً‪ ،‬وهذا ما يسمى بالتربية باإليحاء‪.‬‬ ‫أمســت جميع األطراف في الــدول التي تعيش‬ ‫صراعا ً في المنطقة العربية تســتغيث بالجحيم‬ ‫هربا ً من النيران المســتعرة فيها منذ ســنين‪،‬‬ ‫فالعــراق فقــد المالييــن من الضحايــا وينتظر‬ ‫المتصارعين فيه مســتقبل قاتم‪ ،‬وكذلك سوريا‬ ‫وليبيــا واليمن غيــر بعيدين عن هــذا الواقع‪،‬‬ ‫والكثيــر في صفــوف المتصارعيــن أصبحوا‬ ‫يرضــون بالتقســيم للخروج مــن معاناتهم لو‬ ‫كان لهــم من أمرهم شــيء‪ ،‬ال ينجو من الدول‬ ‫الخمســة المفترض تقســيمها إلى أربعة عشر‬ ‫دولة حســب مقــال النيويورك تايمز الشــهير‬ ‫قبل حوالــي العام إال الســعودية‪ ،‬لتبقى تعارك‬ ‫مســتقبالً شــاخت فيه كثيراً المملكــة وملوكها‬ ‫ووالة عهدهــا أيضــاً‪ ،‬ال ينقصها فيه التصارع‬ ‫على كرسي العرش‪.‬‬ ‫قبل االنقالب على الرئيس مرســي وفي شهو ٍر‬ ‫تكاثــرت فيهــا مؤتمرات َمنْ يُســ َّمون أصدقاء‬ ‫سوريا‪ ،‬وكذلك التصريحات النارية لمسؤولين‬ ‫غربيين عن نظام األسد‪ ،‬تحدث وقتها الكثير من‬ ‫المحلّليــن عن رغبة الواليات المتحدة بإقصاء‬ ‫الحلــف الشــيعي القوي المتماســك الممتد من‬ ‫طهران إلى بيروت عبر كل من بغداد ودمشــق‬ ‫وذلك بإسقاط نظام األســد واالستبدال به حلفا ً‬ ‫ســنيا ً تملؤه التناقضات وتنهكــه الصراعات‪،‬‬ ‫أبرزهــا الصــراع اإلخوانــي الســلفي‪ ،‬والذي‬ ‫ربمــا كان مــن طرف واحــد‪ ،‬فهو عنــد حكام‬ ‫الخليج اســتراتيجي‪ ،‬ولكن مضت األيام وغاب‬ ‫اإلخوان عن مشــهد الســلطة لتتحــول قواهم‬ ‫تجاه أنظمة قمعية جديدة في الشمال اإلفريقي‬ ‫وبقي الحلف الشــيعي على تماســكه‪ ،‬في وقت‬ ‫ال تــزال تنبعث فيــه إيحاءات التقســيم وتزداد‬ ‫حــدة قبــل أن تتراجــع‪ ،‬فبعد عدة شــهور من‬ ‫محاصــرة انفصاليــي برقة لموانــئ النفط في‬ ‫شــرق ليبيا قاموا بتصدير أول شحنة نفط منه‬ ‫والتي كان من المفترض أن يؤدي إتمامها إلى‬ ‫وضع أولــى الخطى على طريق تقســيم ليبيا‪،‬‬ ‫ولكن اعترضت الســفن األمريكيــة تلك الناقلة‬ ‫وأعادتهــا إلى طرابلس لتعيــد معها إقليم برقة‬ ‫إلى أحضان الحكومة المركزية وتضع ح ّداً ولو‬ ‫مؤقتا ً ألحــام االنفصال قبل أن يتجدّد الصراع‬ ‫الليبي من جديد مؤخراً‪ ،‬ولكن بعد فورة داعش‬ ‫في العراق ومن ثم ســورية وســيطرتها على‬ ‫أغلب مناطق الســنة في العراق باعت حكومة‬ ‫كردســتان أولى شحناتها النفطية إلى إسرائيل‬

‫عبر تركيا لتكون تلك العملية ربما آخر الخطى‬ ‫العملية في اعتالء ســلم التقسيم قبل الوصول‬ ‫إليه نظريا ً واإلعالن الرســمي عن قيام الدولة‬ ‫الكردية العتيدة‪ ،‬هذا دون أن ننســى اســتمرار‬ ‫تصديرهم للنفط والذي بيع جزء منه إلى أمريكا‬ ‫نفسها‪ ،‬ترغب تركيا مدفوعة ال ريب بإمالءات‬ ‫غربية بإقامة دولة كردية على مقاســها ترتبط‬ ‫كليا ً بها وخاصة عبر شريان حياتها النفطي‪.‬‬ ‫إن ســارت األمــور علــى مــا هــي عليــه في‬ ‫المخططات المشاع عنها في النيويورك تايمز‬ ‫وظهــرت الدول الســنية والشــيعية والعلوية‬ ‫علــى أنقاض ســوريا والعــراق فهل ســتعود‬ ‫المنطقــة إلى ما يشــبه تاريخها قبــل أكثر من‬ ‫ألف وخمســمائة عام فتــدور دويالتها في فلك‬ ‫األتــراك واإليرانييــن كمــا كان أجدادهــم تبعا ً‬ ‫للروم والفــرس؟ وتســتأثر إيــران بالدولتين‬ ‫الشــيعية والعلوية ويســتمر وضع لبنان على‬ ‫حاله مشــاعا ً للجميع‪ ،‬لتبقى في نهاية المطاف‬ ‫الحدود اإلسرائيلية على هدوئها‪ ،‬وتترك لتركيا‬ ‫أردوغــان الدولة الســنية‪ ،‬ويتواصل التنافس‬ ‫علــى زعامــة المحور الســني مع الســعودية‬ ‫الغارقة في صراع سرمدي مع إيران‪ ،‬ويستمر‬ ‫ذلك التنافس في تشتيت القوى وإضاعتها‪.‬‬ ‫مــن البديهي أن يُنظر إلى التقســيم من وجهة‬ ‫المصالــح اإلســرائيلية أوالً ومن ثــم الغربية‪،‬‬ ‫فتحويــل المنطقة إلى دويالت طائفية ســيخدم‬ ‫األفكار حــول يهودية إســرائيل وما قد يترتب‬ ‫على ذلك من تبعات في السيطرة على األقصى‬ ‫وتهجير باقي الفلسطينيين‪ ،‬ولكن لماذا تستبعد‬ ‫كل من تركيا وإيران عن مشــاريع التقسيم ؟!‬ ‫فبالنظر إلــى خريطة الــدول المفترض قيامها‬ ‫بعد تقســيم السعودية سنجد أنّ الدولة القائمة‬

‫في الشــرق والمســيطرة على ربع االحتياطي‬ ‫النفطــي العالمــي هــي ذات أغلبيــة ســكانية‬ ‫شــيعية‪ ،‬فهل سيســلّمون وبكل هذه البســاطة‬ ‫أغلــب احتياطــات الخليــج والعالــم النفطيــة‬ ‫إليران؟ الب ّد أنّهم مهما بلغ مســتوى عالقاتهم‬ ‫الســرية والعلنية معها لــن يغامروا بذلك‪ ،‬في‬ ‫النهاية تحوي إيران وتركيا نفس الفسيفســاء‬ ‫العراقية والســورية وبنســبة أكبــر‪ ،‬والدولة‬ ‫الكرديــة كانــت تص ّور علــى الدوام وحســب‬ ‫أدبيات نظاميهما أكبر تهديد لوحدة كل منهما‪،‬‬ ‫فما الذي تغير اآلن لتبدو وكأنّ قيامها سيكون‬ ‫برداً وسالما ً عليهما؟‬ ‫األكــراد المتجاهلــون فــي ســايكس بيكو من‬ ‫غيــر الممكــن أن يبقــوا كذلــك فــي أي خطة‬ ‫تقســيم جديدة للمنطقة‪ ،‬والبــد أنّ أكراد إيران‬ ‫وتركيا ســيطالبون عاجالً أم آجــاً باالنضمام‬ ‫إلى كردســتان‪ ،‬فــإن كان األكراد في العراق ال‬ ‫يتجــاوزون الثالثة مالييــن والنصف في ثالث‬ ‫محافظــات‪ ،‬وكذلك ال يزيدون عــن المليونين‬ ‫على مساحة صغيرة في سوريا‪ ،‬فهم في تركيا‬ ‫أكثر من خمسة وعشرين مليونا ً يقيمون على‬ ‫أكثر من ثلث مســاحة تركيا‪ ،‬وكذلك هم حوالي‬ ‫الثمانية ماليين في إيران على مساحة شاسعة‬ ‫فــي مثلث الحــدود مع العــراق وتركيا‪ ،‬فلماذا‬ ‫يُلّــوح بأهوال التقســيم علــى الــدول العربية‬ ‫في حين تُســتثنى من نفس الخطــر باقي دول‬ ‫المنطقة؟ وعلى الرغم من عدم خشــية النظام‬ ‫القمعي اإليراني الحالــي من ثورة لألكراد في‬ ‫إيــران في ظ ّل التوازنــات الحالية في المنطقة‬ ‫والعالم والضوء األخضر الغربي لممارســاته‬ ‫فيهــا‪ ،‬وكذلــك تحالف أردوغان مــع البرزاني‬ ‫محدود الشــعبية في تركيا وما يعمل عليه من‬

‫مصالحة مع أكرادها ومقايضة حقوقهم الثقافية‬ ‫وتنمية مناطقهم مقابل إنهاء الصراع‪ ،‬ال يمكن‬ ‫أن يحــول كل ذلك دون وصول رياح التقســيم‬ ‫إليهما أيضــاً‪ .‬تركيا التي ال زالت تســتفيد من‬ ‫األزمات فــي الدول حولها وتتطــور اقتصاديا ً‬ ‫ال يمكــن أن تُتــرك على هذه الحــال إلى األبد‪،‬‬ ‫خاصة إن بقي اإلسالميون على رأسها‪ ،‬وكذلك‬ ‫يذ ّكرنا التاريــخ أنّ الغرب دائما ً ما تخلص من‬ ‫حلفائه فكيــف هي الحال مــع أعدائه! وطالما‬ ‫أنّ عالقة إيران معهم ال يمكن أن تحتمل غير‬ ‫هاتين الحالتيــن فإنّها غير بعيدة رفقة جارتها‬ ‫تركيــا عن مقص التقســيم خاصــة إن ظهرت‬ ‫دولة شــيعية على السواحل الشــرقية النفطية‬ ‫للجزيرة العربية بغض النظر عن الطريقة التي‬ ‫ستوصل إلى ذلك السيناريو‪.‬‬ ‫يُستغ ّل اإلعالم عادة إليصال رسائل وإيحاءات‬ ‫عــن أشــياء يخطــط لحدوثهــا‪ ،‬فــإن صدقت‬ ‫نبوءات التقســيم للدول العربيــة فال يمكن أن‬ ‫تكون باقي دول المنطقة بعيدة عنها وإن ظنّوا‬ ‫غيــر ذلك‪ .‬يتطــور إنتاج النفــط الصخري في‬ ‫الواليات المتحدة وســيصل خــال أعوام قليلة‬ ‫إلى ذروته مما يجعل حاجاتها والسوق العالمية‬ ‫منــه مؤمنة على المــدى القريب‪ ،‬فلــن تبالي‬ ‫إذ ذاك ببعــض الفوضــى في الشــرق النفطي‪،‬‬ ‫ولكنها على موعــد ليس ببعيد بنضوب الكثير‬ ‫مــن آبارهــا التقليدية وســتكون بذلك مرغمة‬ ‫على إعادة االســتقرار إلــى المنطقة قبل نهاية‬ ‫الخمس عشــر سنة القادمة كي تضمن بالتالي‬ ‫اســتقرار صادرات النفط منهــا‪ ،‬فليس أمامها‬ ‫أكثر من تلك المــدة لتنفيذ كل مخططاتها حول‬ ‫المنطقة‪.‬‬


‫الكتائب العـدد الرابع والثالنون ‪2014/09/01‬‬

‫مقاالت‬

‫‪09‬‬

‫وال زلنا بانتظار دبابة القصير !!!‬ ‫بقلم‪ :‬محمود عرابي‬

‫ت‪ ،‬فــإن الدبابة‬ ‫الدبابــة العظيمة‪ ،‬مخلّصــة األمة‪ ،‬وعنترة هذا الذين يطلبــون العون من أميركا‪ ،‬وإنما العتب وكمــا أن دبابة القصيــر لم تأ ِ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العصر‪ .‬أشجار السرو فوقها‪ ،‬الطين يصل إلى كل العتب على أولئــك الجيران العصاة‪ ،‬الذين األميركية لن تأتي‪ ،‬وســتبقى مغمورة بالوحل‬ ‫أثناء معركة بابا عمرو في شهر شباط ‪ ،2012‬فوهة المدفع تقريباً‪ ،‬بطاريات المحرك فارغة‪ ،‬لــم يلبوا نــداء إخوتهم ولو مــرة واحدة‪ ،‬ولم والعــار‪ ،‬مثل ما كانت دبابة القصير مخبئةً في‬ ‫يغضبــوا لجيرانهم‪ ،‬ولــم يغضبوا ألعراضهم‪ ،‬بساتينها المحتلة حالياً‪.‬‬ ‫التي استشــهد فيها أكثر من مائة مجاهد‪ ،‬ممن كما أن هناك عطالً فنيا ً بسيطاً‪.‬‬ ‫ض َر حينها أحد المختصين وأصلحها وتمكن‬ ‫خرجــوا فــي ســبيل هللا وأسســوا الكتائب قبل َح َ‬ ‫الدعم الدولي ودعم األحزاب‪ ،‬مر الثوار حينها مــن تشــغيلها‪ ،‬لكننا لــم نتمكن مــن تحريكها‬ ‫بضيــق شــديد ونقص فــي الذخيرة والســاح ألنها مغمــورة بالوحل‪ ،‬ما يــدل على أن النية‬ ‫والغذاء‪ ،‬خصوصا ً في األسبوع األخير من ذلك بفك الحصار عن باباعمرو من خالل اســتخدام‬ ‫الشهر األســود‪ ،‬بعد أن استشهد أحمد دعبول الدبابة لم تكن موجودة‪ ،‬ويدل على أن أحالمنا‬ ‫والمــازم مهند الخطيب‪ ،‬وبعــد إصابة النقيب بقــدوم دبابة تخفــف الضغط عنــا كانت مجرد‬ ‫محمد ادريس والمالزم أول عبد الرزاق طالس خياالت وأوهام‪.‬‬ ‫وكذلــك المــازم أبــو عــرب‪ ،‬في تلــك األثناء بعيــداً عن القصيــر ودبابتها‪ ،‬وبعيــداً عن بابا‬ ‫بدأت األصوات المنادية باالنســحاب باالرتفاع عمــرو وحصارها‪ ،‬فاآلن أصبحت كل ســوريا‬ ‫والظهور‪ ،‬وبالمقابل كانت هناك وعود بمجيء مثــل القصير وبابا عمرو‪ ،‬ال ينتصر أح ٌد ألحد‪،‬‬ ‫ثوار القصير إلى محيط بابا عمرو والقيام بعمل وال يســاعد أحــ ٌد أحداً‪ ،‬كأننا غربــاء‪ ،‬وكأنه ال‬ ‫عســكري يخفف الضغط على حي بابا عمرو‪ ،‬يوجد قضية تجمعنا!!‬ ‫على غرار ما فعل أخوتنا في حمص القديمة‪.‬‬

‫سقطت بابا عمرو ‪ ،‬ولم تتحرك دبابة القصير‪..‬‬

‫وكان ثــوار القصير قد غنمــوا دبابة من طراز ســقطت القصير ولــم تتحرك دبابــات القلمون‬ ‫‪ ، T62‬وهــي الدبابــة األولى التــي تصل إلى بمدنــ ِه‪ ..‬ســقط القلمون ولــم تتحــرك دبابات‬ ‫يد الثــوار‪ ،‬حيث وصلــت إليهم عندما انشــق الغوطة الشــرقية‪ ..‬سقطت حمص ولم تتحرك‬ ‫الرقيب البطل الشــهيد فياض الشيخ صالح من دبابــات الريــف الشــمالي‪ ..‬سيســقط الريــف‬ ‫أحــد حواجز القصير بدبابته‪ ،‬وســلمها للثوار الشمالي ولن يتحرك أي أحد!!‬ ‫مرض‬ ‫وهــذا يعني أن مرض دبابة القصير هو‬ ‫ٌ‬ ‫والتحق بهم‪.‬‬ ‫كانــت دبابــة القصيــر هــي بصيــص األمــل عضــال‪ ،‬ووباء عظيم‪ ،‬تعانــي منه كل مناطق‬ ‫الوحيد لــدى المجاهدين في بابا عمرو‪ ،‬ولدى ســورية الثائرة‪ ،‬ويبدو أن األمر لم يعد مرتبطا ً‬ ‫المدنييــن المحاصريــن أيضاً‪ ،‬ومن بســاطتنا بدبابــة القصير أو دبابة تلبيســة أو غيرها من‬ ‫وضعف خبرتنا حينها ظننا بأن الدبابة ســتفعل الدبابات التي يمتلكها الثوار هذه األيام‪ ،‬والتي‬ ‫المعجــزات‪ ،‬ســيأتي ثوار القصيــر إلى منطقة يتجاوز عددها ال ‪. 200‬‬ ‫تل الشــور كمجيء التتار والمغول‪ ،‬ويحرقون يبــدو أن األمر أصبح مرتبطــا ً بدبابة أمريكية‬ ‫الحواجز العســكرية حرقاً‪ ،‬يقتلون ويدمرون‪ !!! ،‬هذا ما ينتظره الثوار والمدنيون اآلن‪.‬‬ ‫نعــم‪ ،‬تطــورت أحالمهــم وارتفــع منســوب‬ ‫وربما سيحرقون جنود األسد ‪!!!..‬‬ ‫كنا نظن بأن دبابة القصير هي المخرج الوحيد تطلعاتهــم وأحالمهــم الورديــة‪ ،‬فبعــد أن كنا‬ ‫والوســيلة األخيــرة للخــروج من بابــا عمرو نســتنجد بدبابــة الجيــران‪ ،‬أصبحنا نســتنجد‬ ‫بسالم وأمان‪ ،‬فهي طوق النجاة وبها قد تعلقت وننتظــر بفارغ الصبر الدبابــة األمريكية التي‬ ‫اآلمال‪ ،‬وإليهم «ثــوار القصير» تنظر العيون ستخلصنا من حكم األسد وحلفاءه‪ ،‬فهي طوق‬ ‫بشــغف‪ ،‬وترجــو منهــم بعــد هللا الفــرج وفك النجــاة الوحيد‪ ،‬وهي األمل‪ ،‬وهــي المخلّص‪،‬‬ ‫العسرة والضائقة‪.‬‬

‫واآلمــال معقودة عليهــا واألبصار ترنو إليها‪،‬‬

‫ســقطت بابا عمرو‪ ،‬ولم تتحرك دبابة القصير‪ ،‬واآلذان تنتظر صوت مجنزراتها بفارغ الصبر‪.‬‬ ‫كمــا لــم يتم إزالــة أغصان الســرو التي كانت بعد أن كان حلم الثوار والمدنيين مجيء دبابة‬ ‫تخبأهــا فــي أحــد بســاتين القصيــر‪ ،‬فعندمــا المنطقة المجاورة إلنقاذهم‪ ،‬أصبحوا يحلمون‬ ‫انســحبنا من بابا عمرو باتجــاه القصير‪ ،‬أول بمجيء الدبابة األمريكية ‪ !!..‬وبعد أن كان قادة‬ ‫منطقة زرتها هي المنطقة الخضراء‪ ،‬المنطقة الكتائب يســنتصرون بأصدقائهم وإخوتهم في‬ ‫التــي تختبــأ بها دبابــة القصير‪ ،‬وبعــد التعهد المناطــق المجاورة لهم‪ ،‬أصبحوا يســتنجدون‬ ‫بعدم تحديــد موقعها للجيــش‪ ،‬وتدخل وجهاء بالغــرب وال َعــ َرب وأميــركا‪ ،‬ويطلبــون منها‬ ‫القصيــر‪ ،‬تمكنت مــن رؤية األمــل الموعود‪ ،‬العــون‪ ،‬وال يقع العتب على المدنيين أو الثوار‬

‫ولم يغضبوا وينصروا الدين والثورة‪.‬‬


‫الكتائب العـددالرابع والثالثون ‪2014/09/01‬‬

‫إضاءات‬

‫‪10‬‬

‫العشـب‬

‫أصالن أصالن‬

‫الســوري‪ ،‬خصوصا ً بعد أن قال الشعب كلمته الحيــاة‪ ،‬بالمقابل هنالك مجموعة تتكلم باســم المواطــن‪ ،‬باإلضافــة إلــى أوالد الشــوارع‬ ‫بحقهم‪ ،‬ولكن رغم ذلك لم يستجيبوا أبداً‪ ،‬وهنا الجائعيــن‪ ،‬لكنهم متخمــون و(منفزرون) من وحاويات القمامة الذين ارتدوا البزة الرســمية‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الســؤال المنطقي‪ :‬ما الفــرق بين المعارضات الطعــام والمــال‪ ..‬إذن كيــف حدث هــذا؟ كيف وأصبحوا أمراء وأســياد وسياســين مع أنهم‬

‫كلما تأملــت بتفاصيل مراحل الماضي القريب‪ ،‬العربيــة وبيــن األنظمــة إن كانــت ســمات لمجموعة من المخلوقــات الغريبة عن الثورة زبالــة الزبالة‪ ،‬وعلــى رأي المثل مرة أخرى‪:‬‬ ‫الــذي بدا كالحلم وانتهى بســرعة كأنه لم يكن االثنــان واحــدة؟ وفي ظــل امتالكهم للســلطة الســورية أن تتحكم بالناس بهذه الوقاحة؟ هم ( لبس المكنســة بتصير ســت النسا)‪ ،‬هذا هو‬ ‫موجــوداً باألســاس‪ ،‬أجــد أن صــوت الحقيقة يعيــش المواطن في منطقتنا عيشــة أدنى من ليسوا ســوريون حقيقيون أصالً وبعضهم من الواقــع‪ ،‬وليــس باليد حيلة‪ ،‬لقــد أصبحنا أمام‬ ‫تحــول إلــى صدى ذكريــات وبات الفســاد هو الحيوانات‪ ،‬وال يصنف بين معشــر البشر‪ ،‬حقا ً هو جثة على قيد الحياة وجد في الثورة مكسبا ً حالة مــن التراكمات أنتجت هذه األشــكال ولم‬ ‫المنطــق الطاغي على المشــهد‪ ،‬فأجد نفســي إنهــا ســخافة و(تنفيعة) عمل مــن ال عمل له‪ ،‬فبــدأ ينط كالقرد من دول المنفى مع أن الموت تعد تنفــع معها الكلمات‪ ،‬ومهما تكلمنا فهؤالء‬ ‫مرغمــا ً على الكتابة بنفس الماضي‪ ،‬مع أن ما هذه هي معارضات ما نتج عن الربيع العربي‪ ،‬قد (ديّنه) ‪ 500‬سنة وجددت له الحياة كم سنة ملتصقون بالكرســي‪ ،‬الذي بات ســلطة وإفادة‬

‫نعيشــه ليس ذكريات بعيدة كثيراً حتى نشــهد ليســت إال وظيفة قائمة على المحسوبية ولّدت (شــحط) لديها!! لكن المصيبة رغم كبرتهم لم لمن يلتصق به‪.‬‬ ‫هذا التحول الجذري بكل شيء‪ ،‬باستثناء ثابت حالة من التبعية واالنحطاط األخالقي والفكري يعتبروا وال تصرفوا كالبشــر وعلى رأي المثل‬ ‫واحــد‪ ،‬وهو التســلق والســرقة واللصوصية وحتى اإلداري‪.‬‬ ‫واالختالســات وكتابــة التقاريــر مــع اختالف‬

‫الشعبي‪( :‬بعد هالكبرة جبة حمرا)‪.‬‬

‫لمــاذا لم يســتقل أحــد مــن معارضــة الزبالة‬ ‫احتجاجا ً علــى مرور المجازر مــرور الكرام؟‬

‫الوالءات بين كاتب وآخر‪.‬‬ ‫أثبــت هؤالء أنهم غير قادرين حتى على إدارة حقا ً شــيء مثير لالشــمئزاز هذه المعارضات الجواب ألن المعارضة رزقة و(صحتلنا معقول‬ ‫قن دجاج أو حتى استثمار أرنب‪ ،‬فهم ليسوا إال العربيــة‪ ،‬وخصوصــا ً الســورية منهــا‪ ،‬فهي نتركها شو أهبل أنا!)‪ .‬شخص تربى على هكذا‬ ‫هــذا األمر أدخل الوطن فــي معمعة قتلت روح مجموعة من المجتمعين على أشياء ال نعرفها معارضــة كالنظام تماماً‪ ،‬موجــودة لكن ال أحد مفاهيــم لن يكون إال إنســان بهيم‪ ،‬لذلك البهيم‬ ‫الثورة وشلت إرادة الناس‬ ‫ّ‬ ‫وحجمت كل طموح فــي ســبيل قضايــا مجهولــة المعالم ســخيفة يعرف كيف ولماذا ومن أجل ماذا‪ ،‬أما الشــعب اآلن يحكمنــا‪ ،‬فهل نقدم له العشــب حتى يأكل‬ ‫لإلنســان الســوري بغد أفضل من نظام بشــار المضمــون‪ ،‬وكأن اجتماعاتهــم جــاءت بعــد العربي فقــد أكل المقلب وتســلق على جراحه ويجتــر لنا كالمــا ً حفظناه عن ظهــر قلب‪ .‬قلد‬ ‫الخائــن‪ ،‬فالحقيقــة التي نعيشــها رغمــا ً عنا تقشير الخيار وأكل قشره مع البطيخ‪ ،‬فالوضع المنفيــون الهاربــون‪ ،‬واســتفاد مــن وضعــه قرفنا من هذه األشــكال التي تظهر أمامنا على‬

‫قائمة على ســخافات من يدعون تمثيل الشعب باختصار أن الشعب يعاني من أبسط احتياجات الحالــي كل األنظمــة العربيــة التــي يعاديهــا أساس أنها معارضة ‪.....‬تفه‪......‬‬

‫استنشاق الموت‬ ‫جريدة الكتائب‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أطلــق مجموعــة من الناشــطين الســوريين‪،‬‬ ‫حملــة تطوعية بعنوان «استنشــاق الموت»‪،‬‬ ‫بهدف إحياء الذكرى الســنوية األولى لمجرزة‬ ‫«الكيميــاوي»‪ ،‬في الغوطتين بريف دمشــق‪،‬‬ ‫ومخاطبــة الرأي العام العالمــي‪ ،‬للضغط على‬ ‫حكوماتهــم‪ ،‬ومحاكمــة نظــام األســد‪ ،‬والتي‬ ‫صادف يوم الخميــس ‪ 21‬آب ذكراها األولى‪،‬‬ ‫والتــي خلفــت مئــات الشــهداء والجرحى في‬ ‫عدد من بلــدات الغوطتين الشــرقية والغربية‬ ‫بريف دمشــق‪ ،‬حيــث تتهم المعارضــة النظام‬ ‫بارتكاب المجزرة‪ ،‬وقالت الناشــطة اإلعالمية‬ ‫«ســوزان أحمد»‪ ،‬إحدى منظمــي الحملة‪ ،‬أن‬ ‫«نشــاطهم عبــارة عــن حملة تطوعيــة يقوم‬ ‫بها عدد من الناشــطين الســوريين في الداخل‬ ‫والخــارج‪ ،‬وبعضهم ال يزال متواجداً في مكان‬ ‫حدوث المجزرة‪ ،‬وهدفهم مخاطبة الرأي العام‬ ‫العالمــي‪ ،‬للضغــط على حكوماتهــم‪ ،‬لمحاكمة‬ ‫النظــام ‪ ،‬بوصفــه مجــرم حــرب‪ ،‬ومرتكــب‬ ‫المجزرة»‪.‬‬ ‫وأكــدت الناشــطة اإلعالميــة أنــه «مــن غير‬ ‫المعقــول أن ينظــر العالم إلى أطفال ســوريا‪،‬‬ ‫وهم يموتون كل يوم بأبشــع أنواع األســلحة‪،‬‬ ‫ويبقــى صامتــاً‪ ،‬حيــث أن بشــار األســد قتل‬ ‫مئــات األطفال فــي ليلة واحــدة»‪ ،‬ولفتت إلى‬

‫أن «مــن نجا منهــم يتابع حياتــه مع كوابيس‬ ‫فقــدان عائلتــه‪ ،‬ومنهــم من ذهب مــع عائلته‬ ‫إلى الجنة»‪ ،‬مناشــدة العالم بالقــول‪« :‬عندما‬ ‫تضعــون أطفالكــم بالســرير ليناموا بســام‪،‬‬ ‫تذكــروا أطفــال ســوريا الذين ال يعلــم أهلهم‪،‬‬ ‫عندمــا يتركوهم في الفراش ليناموا‪ ،‬إن كانوا‬ ‫سيســتيقظون أم ال»‪ ،‬وأوضحــت «أن الحملة‬ ‫تتضمــن جانبا ً إلكترونيا ً عبر مختلف وســائل‬ ‫التواصــل االجتماعي‪( ،‬فيس بــوك‪ ،‬وتويتر)‪،‬‬ ‫وكان هنــاك حملة تغريــدات مكثفة‪ ،‬فضال عن‬ ‫نشــر معلومــات‪ ،‬وإحصائيات عــن المجزرة‬ ‫بســبع لغات‪ ،‬وجمــع توقيعات علــى عريضة‬ ‫لمحاكمة مرتكبي المجزرة»‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬لفتت الناشطة إلى أن الحملة‬ ‫الميدانيــة على األرض تضمنــت «اعتصامات‬ ‫فــي عــدد مــن المــدن‪ ،‬والعواصــم العالمية‪،‬‬ ‫مثــل فرنســا‪ ،‬وإيطاليــا‪ ،‬وبلجيكا‪ ،‬وإســبانيا‪،‬‬ ‫وبريطانيــا‪ ،‬وأمريــكا‪ ،‬وهولنــدا‪ ،‬وبولنــدا‪،‬‬ ‫إضافة إلى اعتصامين في فلســطين‪ ،‬واألردن‬ ‫أمام الســفارة الســورية في عمان‪ ،‬ومعارض‬ ‫لصور الشــهداء» ‪ ,‬وتابعــت بالقول‪« :‬أما في‬ ‫لبنــان‪ ،‬فــكان هناك فعاليــة في مــكان مغلق‪،‬‬ ‫حيث تــم تعليق صــور عن المجــزرة وقراءة‬ ‫بيانات تخصها‪ ،‬كما كان هناك اعتصام بمدينة‬ ‫إســطنبول‪ ،‬تضمن عدداً من الفعاليات‪ ،‬قدمت‬ ‫للرأي العام تفاصيل ما حدث ليلة المجزرة‪ ،‬وما‬ ‫يعاني منه السوريون من قتل‪ ،‬واضطهاد»‪.‬‬

‫من جانب آخر‪ ،‬كشــفت «ســوزان أحمد»‪ ،‬أن‬ ‫الحملــة نظمــت فعاليات في الداخل الســوري‬ ‫أيضــاً‪ ،‬وهــي «نــدوة إعالميــة فــي مدينــة‬ ‫زملكا‪ ،‬مكان حدوث المجزرة بشــكل رئيسي‪،‬‬ ‫ومظاهــرات في عــدد من المناطــق في ريف‬ ‫دمشــق‪ ،‬وقرب دمشــق‪ ،‬وحلب‪ ،‬وإدلب‪ ،‬كما‬ ‫تم رســم لوحــات على الركام فــي المعضمية‪،‬‬ ‫وبعض اللوحات‪ ،‬والصور في «داريا» كنوع‬ ‫مــن المشــاركة»‬ ‫وشــددت الناشــطة‬ ‫علــى أن «الحملــة‬ ‫اتبعــت هــذه المــرة‬ ‫أســلوبا ً مختلفــا ً‬ ‫لإلعــان‪ ،‬ففــي كل‬ ‫ليلــة عنــد الســاعة‬ ‫(‪ )24:00‬بالتوقيت‬ ‫المحلــي لدمشــق‪،‬‬ ‫تــغ)‪،‬‬ ‫(‪21:00‬‬ ‫يغيــر الناشــطون‬ ‫صــورة البروفايــل‪،‬‬ ‫ليحمــل عــدد األيام‬ ‫التــي مضــت علــى‬ ‫المجــزرة‪ ،‬وصــوالً‬ ‫إلى اليــوم (‪،)365‬‬ ‫وهــو يــوم الذكرى‬ ‫السنوية للمجزرة‪،‬‬

‫وذلــك لجذب أكبر عدد من المتابعين‪ ،‬وإيصال‬ ‫الرسالة ألكبر شريحة ممكنة»‪ ،‬وأسفر قصف‬ ‫قوات النظام للغوطتين بريف دمشــق في ‪21‬‬ ‫آب من العام الماضي‪ ،‬عن استشــهدا أكثر من‬ ‫‪ 1400‬مدنــي‪ ،‬وإصابــة أكثر مــن ‪ 10‬آالف‬ ‫آخرين‪.‬‬


‫الكتائب العـدد الرابع والثالنون ‪2014/09/01‬‬

‫الصفحـة األدبـيـــة‬

‫‪11‬‬

‫يوميات أسرة شهيد‬ ‫بقلم‪ :‬بشار إدلبي‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أيام قضاها في العناية المركزة نقلوه‬ ‫بعد تسعة ٍ‬ ‫إلى حجرة أخرى ونزعوا عنه معظم األجهزة‪،‬‬ ‫تاركين التنفس االصطناعي وقثطرة السيروم‪،‬‬ ‫بدأت تجلدها سياط الواقع‪ ،‬أخبرها المترجم أنّه‬ ‫ما عاد يســمح لها بإبقاء أطفالها بعد الســاعة‬ ‫الخامسة فإما أن تبقى لوحدها أو تغادر معهم‪،‬‬ ‫أجبــرت أطفالها على النوم قبــل موعد الغداء‬ ‫وجلســت تنظر إليــه‪ ،‬أخبروها أنّ الحديث عن‬ ‫ذكريــات جميلــة أو أشــياء يحبّها قد يســاعد‬ ‫علــى إيقاظه مــن غيبوبته‪ ،‬لــم تجف قصص‬ ‫الخطوبــة وما قبلها ولكــنّ األعماق تنبع عادة‬ ‫بما يملؤهــا‪ ،‬بدأت ترميه رماح الشــكوى ولم‬ ‫تكد تكمل كلمتها الرابعة حتى أط ّل عليها شاب‬ ‫التاســعة عشــرة في ليلة صيفية عافها القمر‬ ‫تقوقع على نفســه تحت جدار جيرانهم تبادره‬ ‫سائلة‪ « :‬ليش هيك السنة كمان صار معك؟»‬ ‫«أنا رسبت منشانك‪ ،‬صحيح أبوي ئلعني من‬‫البيــت بس ال تخافي بكرا رايح اشــتغل بلبنان‬ ‫وعلى أول الشتا برجع وبخطبك «‪.‬‬ ‫أضاء قداحته لثانية يتزود من وجهها لرحلته‬ ‫الطويلــة فانبلــج الضــوء على كدمــات لونت‬ ‫بعض تقاســيم وجهه‪ ،‬ابتســم ثــم مضى يعرج‬ ‫ع‬ ‫على عجل‪ ،‬ســالت مــن طرفي عينيهــا دمو ٌ‬ ‫رمادية أعادتها لجحيم الواقع ‪« :‬شو عملنا ما‬ ‫كان بدنا غير نعيش‪ ،‬شــو لقمة وســقف حرام‬ ‫علينا!»‪.‬‬

‫إنّها المرة الخامســة التي يصــاب فيها‪ ،‬كانت‬ ‫تفــرح فــي ســ ّرها بســذاجة لذلــك فتضطــره‬ ‫اإلصابة للبقاء في البيت عدة أيام وألنّها كانت‬ ‫دائمــا ً بطلقات في بعض مواقع جســده وليس‬ ‫بشــظايا ليظ ّل وجهه على وســامته التي تريد‬ ‫وكذلــك كان فــي المــرة األخير لــوال أن نفذت‬ ‫إحداهــا قليالً في صدغــه األيســر‪ ،‬فُتِح الباب‬ ‫ت لم تلحظها وقفت تمســح دموعها‬ ‫بعــد طرقا ٍ‬ ‫وضع شاب طعام الغداء على الطاولة ثم مضى‬ ‫يومــئ برأســه وقد تغيــر لون وجهــه يداري‬ ‫دموعــه بابتســامة مصطنعــة‪ ،‬راحــت تفرغ‬ ‫الصحــن األول تراقب بحذر نوم أطفالها ربطت‬ ‫الكيــس ثم تناولــت اآلخر تفرغــه على عجل‪،‬‬ ‫مــ ّرت عيناهــا على زوجها فــرأت على وجهه‬ ‫زجرة ونظرات غضب شــهقت وسقط الكيس‪،‬‬ ‫أسرعت إليه لتجده على سكونه السابق‪ ،‬ل ّمت‬ ‫الطعــام ووضعته في حقيبتها وجلســت تراقب‬ ‫انســحاب الثواني تهرول تجاه الخامسة‪ ،‬أفاق‬ ‫األوالد و بــدأ يُصخبهــم الجــوع وهــي ال تفتأ‬ ‫تعدهــم بالطعــام‪ ،‬في الرابعــة والنصف حملت‬ ‫حقيبتهــا وبطانية كان قد لُــفّ بها زوجها عند‬ ‫إســعافه لم تكن تدري أنّها ســتكون من أعظم‬ ‫مــا ســتملكه يومــاً‪ ،‬خرجت يتراكــض األوالد‬

‫وراءها أنســاهم الجــوع إلقاء آخــر النظرات‬ ‫على أبيهم‪ ،‬لــم تكن خياراتها كثيرة فإما كراج‬ ‫أو حديقة‪ ،‬لــم يكن الكراج بعيداً لكنّها حرصت‬ ‫علــى إطالة الطريــق إليه وظلّت تمشــي حتى‬ ‫خارت قوى األطفال‪ ،‬يم ّزقها الخجل وتنهشــها‬ ‫النظــرات النادرة تقف في إحدى زوايا ســاحة‬ ‫الكراج تراقب غداء أطفالها المتأخر يتسابقون‬ ‫يلتهمون الطعام بأيديهم من كيسين ويشربون‬ ‫مــن زجاجة صغيرة ضاع غطاؤها حرصت أن‬ ‫يشربوا منها كثيراً ال تريد أن تضع نفسها أمام‬ ‫احتماالت الجوع‪.‬‬ ‫فــي اليومين األوليــن ضاقت ذرعــا ً بالزوار‪،‬‬ ‫تقاطــر عليهم الكثير مــن نازحي بلدتهم وأتى‬ ‫أيضا ً عدد آخر من البلدة نفســها‪ ،‬يتخاصمون‬ ‫على اســتضافة األطفال‪ ،‬ثم راحت األيام تضنّ‬ ‫ســريعا ً بهم حتى أمست تســتجدي من يتحمل‬ ‫عنهــا األطفال ليالً فقط قبل أن تضطر إلبقائهم‬ ‫معها في المشفى‪ ،‬ففي اليوم السابع لم يزرهم‬ ‫أحد‪ ،‬لفّتهم ببطانية وســندت رأسها إلى إحدى‬ ‫زوايا صالة الكراج ال تقوى على فصل شــجار‬ ‫ما قبل النوم‬ ‫ « ب ّعد عني «‬‫ « حاج تشد البطانية»‪،‬‬‫ «بــس إنتــه وإيــاه «‪ ،‬لــم تكــد تكملها حتى‬‫صحــت علــى صخــب المســافرين يمطرونها‬ ‫ســهام نظراتهم‪ ،‬بعد الليلــة الثالثة على النوم‬ ‫في الكــراج أبصرت ألول مرة ألمها في وجهه‬ ‫فرأت ســواداً حول عينيــه وعظمتين قد برزتا‬ ‫لتحتال مرجين لُ ّونا سابقا ً بألوان أزهار وردية‪،‬‬ ‫يــزداد يقينهــا بحقيقــة األمــر تنتظــر قدومها‬

‫الحتمــي‪ ،‬بكلمــات نقصهــا بعــض الحــروف‬ ‫أخبرهــا أحد حراس الكراج أنّ تلك آخر لياليها‬ ‫فيه‪ ،‬لم تكترث ونامت على شــيء من السكينة‬ ‫حملتها لها بضع لقيمات مما يوضع من الخبز‬ ‫على حواف األرصفــة‪ ،‬اقتحمت عفونتها على‬ ‫جوع زاد عمره اآلثم على ثالثة أيام فصرعه‪،‬‬ ‫راعها رؤية ثالثة رجال ينتظرونها باكراً على‬ ‫باب المشفى ركضت نحوهم أشاحوا بوجوههم‬ ‫وعيون أحدهــم تملؤها الدموع‪ ،‬لم تكن تتخيل‬ ‫أنّها ســتحزن إلــى ذلك الحــد بعــد تيقنها من‬ ‫حقيقة إصابته لكن يبقى العلم بالحقيقة شــيء‬ ‫ومواجهتها شيء آخر‪ ،‬طلبت منهم إعادته إلى‬ ‫القرية ليدفن كما الشــهداء لتظــ ّل تعيش على‬ ‫هــذه الذكرى ما بقي لها مــن العمر‪ ،‬أخبروها‬ ‫أنّ الحكومة هنــاك تتكفل بكل مصاريف الدفن‬ ‫ولم تكن لتفرط بخاتم زواجها آخر ما تملكه من‬ ‫كنوز الدنيا‪.‬‬

‫صلــى عليــه كثيــرون ممــن ال يعرفهــم وال‬ ‫يعرفونه‪ ،‬ركبت مــع رجلين موكبها الجنائزي‬ ‫ذو الســيارة الوحيدة وأصــرت على اصطحاب‬ ‫أطفالها‪ ،‬ســكبت عليه كفين مــن التراب تودع‬ ‫ستة وعشرين سنةً لم تمنحه األيام غيرها‪ ،‬لم‬ ‫تغــادر حتى وضعت عالمات علــى القبر وهي‬ ‫تقسم بإعادة رفاته يوما ً ما‪ ،‬وضع أحد الرجلين‬ ‫نفســه في خدمتهــا إن أرادت أن يوصلها إلى‬ ‫الكراج‪ ،‬شكرتهما ومضت‪.‬‬

‫باع مصاغها واســتدان بعض المال ليشــتري‬ ‫بندقيته رافضــا ً بيع خاتم خطبتهما‪ ،‬أســ ّر لها‬ ‫يومــا ً أنّــه ظ ّل يجمــع ثمنه مــن مصروفه منذ‬ ‫كان فــي الصف الســادس ورغب أن يختصره‬ ‫على قدر تلك النقــود ليكون ذكرى نادرة لهما‬ ‫لــم تؤثــر بهــا كلماته تلــك تتذكرهــا في حين‬ ‫تعض ك ّماشــة الصائــغ خاتمها قبــل أن يدفع‬ ‫لهــا النقود‪ ،‬بدأت الحيرة تنهشــها فهل تقتفي‬ ‫أثــر إخوة زوجها ما عادت تعرف أين اســتقر‬ ‫بهــم النزوح يؤرقها فداحة ســوء أحوالهم قد‬ ‫عادت واجتمعت عائلتهم بعد استشــهاد اثنين‬ ‫من أبنائها ال ينقصهم من تبقى منهم مزيد من‬ ‫األفــواه الجائعة‪ ،‬ألول مــرة تحس مرارة اليتم‬ ‫لو منحتها األقدار إخوة ما كان ليتركوها أبداً‪.‬‬ ‫تحتــاج الظــروف الصعبــة لقــرارات أصعب‪،‬‬ ‫دخلــت بوابة الكــراج يحفها موكبهــا المعذب‬ ‫وتالحقها أنظار حراسه‪ ،‬اتجهت إلى كوة إحدى‬ ‫الشركات واقترب منها أحد الحراس لوحت له‬ ‫بتذكرتها ورمته برصاص نظراتها فانســحب‬ ‫مسرعاً‪ ،‬جلست على مقعد االنتظار ثم وزعت‬ ‫فطائراً وعلب عصير على أطفالها وامتشــقت‬ ‫على األيــام إحداهــا تتصنع عدم المبــاالة‪ ،‬لم‬ ‫تتمكــن مــن قضــم لقمتهــا األولــى ال تفارقها‬ ‫ابتســامته قبل أن يخفيها إلى األبد أحد األلواح‬ ‫اإلســمنتية ظلّت تدفعها إلى قمم األعمار‪ ،‬تبني‬ ‫التجاعيد وتلونها باألصفر على سفوح محياها‬ ‫وتزرع الشيب في رأســها تتقاذفها وصغارها‬ ‫مدن غريبة تتنقل بين حدائقها وكراجاتها ليالً‬ ‫وتطوف على مســاجدها تنشــد لقمــة أطفالها‬ ‫نهاراً قبل أن ترغم على مغادرتها‪.‬‬


‫الكتائب العـددالرابع والثالثون ‪2014/09/01‬‬

‫الورقـــة األخيــرة‬

‫‪12‬‬

‫أبو مضر‬ ‫إعداد‪ :‬عبد الرزاق زقزوق‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أبو مضر شــاب حلبي‪ ،‬آمن بالثورة ومبادئها‬ ‫منــذ اللحظــة األولــى النطالقتها‪ ،‬ومــا زالت‬ ‫الروح الثورية فيه مثل سابق عهدها‪ ،‬لم تغيره‬ ‫التطــورات واألحداث على الرغــم من قوتها‪،‬‬ ‫وما زال جنديا ً من جنود الثورة المخلصين‪.‬‬ ‫كغيــره من أبناء ســوريا كان أبــو مضر يكره‬ ‫األجهزة األمنية ويتحســس حتــى من المرور‬ ‫بالقــرب مــن األفــرع المنتشــرة فــي مدينته‪،‬‬ ‫تلــك األجهزة التــي يصفها على أنهــا أجهزة‬ ‫مخصصــة لدعم الفســاد والدفــاع عنه وليس‬ ‫للوقــوف بوجهــه كما فــي كل دول العالم التي‬ ‫تحترم مواطنيها‪.‬‬ ‫كان أبــو مضر يعاني من الفســاد فــي عمله‪،‬‬ ‫ولم يســتطع الوقوف في وجهه على حد قوله‪،‬‬ ‫فالفســاد في الدولة الســورية كان بحماية من‬ ‫الســلطات العليا وال مجــال للوقوف في وجهه‬ ‫أبداً‪.‬‬ ‫لم يفكر أبو مضر يوما ً من منطلق طائفي‪ ،‬فهو‬ ‫يرى النظام على أنه عصابة قائمة على القمع‬ ‫والفســاد‪ ،‬ولم يربط أبداً بيــن النظام والطائفة‬ ‫التي ينتســب لها‪ ،‬ففــي كل األديان والطوائف‬ ‫السورية هناك الصالحين وهناك الفاسدين‪.‬‬ ‫منــذ بدايــة الربيــع العربــي تفــاءل أبو مضر‬ ‫بقدومــه إلى ســوريا‪ ،‬ورغم عــدم توقعه من‬ ‫إمكانيــة نجاح الثورة في بلد كســوريا محكوم‬ ‫بالحديد والنار‪ ،‬إال أن األمل بقي في نفســه من‬

‫إمكانية اندالع الثورة وسقوط النظام‪.‬‬ ‫عندمــا انطلقت الثورة كان أبو مضر من أوائل‬ ‫المشــاركين فيها‪ ،‬حيث بدأ بالتظاهر الســلمي‬ ‫مــن جامــع آمنــة في مدينــة حلب‪ ،‬ثم أســس‬ ‫تنســيقية (أحرار صالح الدين) والتي اندمجت‬ ‫الحقا ً مع التنســيقيات األخــرى في الحي تحت‬ ‫مســمى (مجلس ثــوار صالح الديــن)‪ ،‬والذي‬ ‫كان اختصاصه العمل الســلمي بشــكل خاص‪،‬‬ ‫من خالل تنظيم المظاهرات والحراك الســلمي‬ ‫بشكل دائم‪.‬‬ ‫عنــد دخــول الجيش الحر إلــى مدينة حلب بدأ‬ ‫أبــو مضر بالتعــاون معه ومســاعدته‪ ،‬وعمل‬

‫مع رفاقه علــى تأمين االحتياجات األساســية‬ ‫لعناصــر الجيــش الحــر مــن طعام وشــراب‬ ‫وغيرها‪ .‬وما زال ينسق مع الجيش الحر حتى‬ ‫اآلن‪ ،‬فهو على قناعة تامة أن الحراك السلمي‬ ‫والعمل المســلح أمران مكمالن لبعضهما‪ ،‬وال‬ ‫يمكــن فصلهما أبــداً‪ ،‬وهما الســبيل النتصار‬ ‫الثورة وإضفاء الشرعية عليها‪.‬‬ ‫يعتبر أبو مضر أن اللحظات التي عاشها خالل‬ ‫الثــورة هــي أجمل أيــام عمره‪ ،‬فقبــل الثورة‬ ‫كان المجتمــع يعتبــر أن الجيد هو الشــاذ عن‬ ‫القاعــدة الســائدة فــي المجتمــع التــي تعطي‬ ‫للفاســد األولوية في كل شــيء‪ ،‬وأتت الثورة‬

‫لتصحح المفاهيم وتوضح أن النظام هو ســبب‬ ‫ذلك الفســاد‪ ،‬وأجمل ما في الثورة أنها جمعت‬ ‫الشرفاء الذين ســيكون لهم الكلمة الفصل في‬ ‫المســتقبل بكل تأكيد‪ ،‬وهؤالء‪ ،‬على الرغم من‬ ‫األخطاء التي وقعوا فيها‪ ،‬إال أنهم قادرون على‬ ‫تصحيح مســارهم والعودة إلى جادة الصواب‬ ‫والتعلــم من أخطاء الماضــي‪ ،‬وتجربة الثورة‬ ‫بنظــره تعتبــر مــن أروع التجارب وســيكون‬ ‫نصرها مؤكداً في نهاية المطاف‪.‬‬ ‫أما أسوء لحظة عاشها أبو مضر خالل الثورة‬ ‫فكانت لحظة اعتقــال زوجته‪ ،‬فعلى الرغم من‬ ‫المــدة القصيرة التي قضتها في المعتقل إال أن‬ ‫الدقائق مرت عليه كأنها ســنوات‪ ،‬وكانت من‬ ‫أصعب المواقف التي مــرت عليه خالل حياته‬ ‫كلها‪.‬‬ ‫أبــو مضــر ال يعرف اليأس أبــداً‪ ،‬وهو متفائل‬ ‫بالنصر‪ ،‬ويعتقد أن ســوريا المستقبل ستكون‬ ‫ســوريا المحبــة والتســامح كما كانــت دائماً‪،‬‬ ‫والقصاص من مجرمي الحرب ســيكون شيئا ً‬ ‫حتميــاً‪ ،‬وســيكون كفيــاً بإزالة األحقــاد بين‬ ‫مكونات المجتمع السوري‪.‬‬ ‫يعتقد أبو مضر أن االنتصار لن يكون ســهالً‪،‬‬ ‫وأنه بحاجة إلى الكثير من الجهد والعمل‪ ،‬لكنه‬ ‫ال يشك للحظة أن سوريا ستنتصر وأن النظام‬ ‫سيسقط ولو بعد حين‪.‬‬

‫رئيـس التحـرير‬ ‫فاضــل الحمصــي‬

‫فريـق التحـرير‬

‫أ‪ .‬مصطفـى القاسـم‬ ‫الشيخ أبو الحسن‬ ‫أصالن أصالن‬ ‫بشــــــار إدلبـــــــي‬ ‫عبـد الرزاق زقزوق‬

‫إعـداد وإخـراج‬ ‫أنس أبو ابراهيم‬

‫للمتابعة والتواصل‬

‫‪alktaeb-newspaper@hotmail.com | www.fb.com/alkataebjareda‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.