مجلة السياحة اليمنية العدد 14 النسخة العربية

Page 1

‫مجلة سياحية شهرية ‪ -‬العدد ‪ - ١٤‬ديسمبر‬


‫إستطالع‬

‫إستطالع‬ ‫تصدير‬

‫دول � ��ة الأ� � �س � �ت� ��اذ‪ /‬خ ��ال ��د ب �ح��اح‬ ‫رئ� � � � �ي� � � � ���� � � ��س ال� � � � � � � � � � � � � ��وزارء‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬


‫إستطالع‬

‫إستطالع‬ ‫االفتتاحية‬

‫العام ‪2014‬‬ ‫قصة سياحة‬ ‫مل يكن العام ‪2014‬م‪ ،‬مقتب�سا من كتاب كليلة‬ ‫ودمنة‪ ،‬وحكايات �ألف ليلة وليلة ‪ ،‬حتى ميكن �أن‬ ‫يدرج يف قائمة اخليال‪ ،‬بل كان عاما واقعيا‪� ،‬شكل‬ ‫قفزة �سياحية نوعية متنوعة الأوج��ه‪ ،‬بف�ضل اهلل‬ ‫�سبحانه وتعاىل ودع��م القيادة ال�سيا�سية ممثلة‬ ‫بفخامة الأخ امل�شري عبدربه من�صور ه��ادي –‬ ‫رئي�س اجل�م�ه��وري��ة‪ ،-‬وق �ي��ادة وزارة ال�سياحة‪،‬‬ ‫ممثلة مب�ع��ايل ال��وزي��ر ال��دك �ت��ور ق��ا��س��م ��س�لام‪،‬‬ ‫واملهند�سة فاطمة احل��ري�ب��ي وال�ع��زمي��ة القوية‬ ‫لدى كل منهم ل�صناعة حراك �سياحي واخلروج‬ ‫من دائ��رة اال�ست�سالم واخلنوع يف ظل املخاوف‬ ‫حينا‪ ،‬وره��ن ال�صدمات النف�سية الناجتة عن‬ ‫بع�ض الأع�م��ال املنفية دينيا وقانونيا و�أخالقيا‬ ‫�أح��اي�ين �أخ ��رى‪ ،‬جلماعات م��ارق��ة وخ��ارج��ة عن‬ ‫القانون حت��اول النيل من مكانة اليمن وقيمتها‬ ‫ال�سياحية وال�ت��اري�خ�ي��ة والإن �� �س��ان �ي��ة‪ ،‬ليتحول‬ ‫العام ‪2014‬م �إىل �شعلة من الزيارات الداخلية‬ ‫للمحافظات‪ ،‬واللقاءات والفعاليات واملهرجانات‬ ‫وامل�����ش��ارك��ات ال���س�ي��اح�ي��ة امل �ح �ل �ي��ة وال��دول �ي��ة‪.‬‬ ‫�إن العام ‪2014‬م عام ال�سياحة بامتياز وا�ستطاع‬ ‫�أن يثبت للجميع �أن العزمية حينما تتفجر يف‬ ‫داخل الإن�سان مبقدورها �أن تزيل كل ما يعيقها‪،‬‬ ‫لتحقق �أه��داف��ه��ا‪ ،‬وه �ن��ا ك��ان��ت ت�ل��ك ال�ع��زمي��ة‬ ‫النادرة املتدفقة من �أعماق قيادة وزارة ال�سياحة‬ ‫وجمل�س ال�تروي��ج ق ��ادرة على �إزال ��ة الكثري من‬ ‫العقبات والعديد من املعوقات‪ ،‬م�ضافا �إىل ذلك‬ ‫‪4‬‬

‫ال�ع��زمي��ة ال�ق��وي��ة وال �ف��والذي��ة ل��دى ه��ذه القيادة‬ ‫ال�سياحية التي �أثبتت قدرتها على �إدارة الأزمات‬ ‫ال�سياحية‪ ،‬و�صناعة تظاهرة �سياحية �صارخة يف‬ ‫�أوج��ه املنغ�صات‪ ،‬لرت�سم وج��ه اليمن احلقيقي‬ ‫ال�ضاحك ال�ك��رمي‪ ،‬يف كل املعار�ض وامل�شاركات‬ ‫اخل��ارج�ي��ة‪ ،‬وحم��اك��اة �شعوب ال�ع��امل ب ��أن اليمن‬ ‫هو بلد احلكمة واحلفاوة والرتحاب‪ ،‬وما مير به‬ ‫ما هو �إال جمرد وعكة تعر�ض لها نتيجة فريو�س‬ ‫�ضعيف بالإمكان الق�ضاء عليه متاما من خالل‬ ‫ال�ل�ق��اح��ات ال�ف�ك��ري��ة امل�ع�ت��دل��ة وال��و��س�ط�ي��ة التي‬ ‫عرفت بها اليمن يف م�شارق الأر���ض ومغاربها‪،‬‬ ‫بعك�س ما يحاول ثلة من االنتقاميني ت�صويرها‪،‬‬ ‫لي�س هذا فح�سب‪ ،‬بل لليمن �صدر وا�سع مبقدوره‬ ‫ا�ست�ضافه �شعوب العامل قاطبة‪ ،‬وال�شعب اليمني‬ ‫والكرم �صنوان‪ ،‬وكانت ر�سالته يف مهرجان �صيف‬ ‫�صنعاء ال�سياحي ال�سابع الذي �أقيم يف العا�صمة‬ ‫�صنعاء �أواخر �أغ�سط�س املن�صرم‪ ،‬ويف ظروف هي‬ ‫من �أ�صعب الظروف التي مرت ومتر بها بالدنا‪.‬‬ ‫الظاهرة ال�سياحية التي �صنعتها قيادة وزارة‬ ‫ال�سياحة وجمل�س الرتويج ال�سياحي للعام ‪2014‬م‬ ‫مل تكن حم�صورة يف زاوية بعينها‪ ،‬بقدر ما امتدت‬ ‫�أذرعها داخليا وخارجيا‪� ،‬إنتاجا و�صناعة‪ ،‬وكانت‬ ‫جملة ال�سياحة التي بني �أيديكم الآن وغريها من‬ ‫الإ�صدارات املطبوعة‪� ،‬أحد تلك الإنتاجات‪ ،‬ويف‬ ‫هذا العدد من جملة ال�سياحة التي �سعينا كل عدد‬ ‫من خاللها على تذكري الداخل واخل��ارج‪ ،‬ولي�س‬

‫‪info@akramalgaolahi.com‬‬ ‫‪algaolahi@gmail.com‬‬

‫�أك � � � � � � � � � � � � � � � ��رم اجل� � � � ��وحل� � � � ��ي‬ ‫رئ� � � � �ي� � � � �� � � � ��س ال� � � �ت� � � �ح � � ��ري � � ��ر‬

‫تعريفه‪ ،‬مبا تختزنه اليمن من ث��روة �سياحية‪،‬‬ ‫وباللغتني العربية والإنكليزية‪ ،‬تت�ضمن العديد‬ ‫م��ن امللفات ال�سياحية التي ن�ستهلها بت�صدير‬ ‫معايل الدكتور قا�سم �سالم ويليها ملف �إخباري‬ ‫تف�صيلي عن الفعاليات وامل�شاركات ال�سياحية‬ ‫داخ �ل �ي��ا وخ��ارج��ي��ا‪ ,‬ب��ادئ�ي�ن م��ع ه ��ذه ال��رح�ل��ة‬ ‫ال�سياحية �سويا على ب�ساط جملة ال�سياحة من‬ ‫البوابة ال�شرقية للجمهورية اليمنية مبحافظة‬ ‫امل �ه��رة‪ ،‬وامل��دي �ن��ة الغام�ضة ال�ت��ي �أط �ل��ق عليها‬ ‫�أهلها (ي��روب) �أو مدينة ال�سبع امل�ساجد‪ ،‬والتي‬ ‫ظلت تفا�صيلها غام�ضة بالن�سبة لأهلها والكثري‬ ‫م��ن ال �ق��راء‪ ،‬حتى ك�شفت جملة ال�سياحة ذلك‬ ‫الغمو�ض بالك�شف عن م�آثر املدينة ال�سياحية‬ ‫والتاريخية‪ ،‬وت�ستمر رحلتنا ال�سياحية التنقيبية‬ ‫باجتاه حمافظة ح�ضرموت‪ ،‬والبداية كانت يف‬ ‫(موطن ال�سالحف)‪ ،‬وبعدها يف املحافظة نف�سها‬ ‫انتقل بنا الب�ساط �إىل (حيد اجلزيل)‪ ،‬ومنتجعها‬ ‫ال�سياحي ال��ذي م��زج ب�ين الأ��ص��ال��ة واملعا�صرة‪.‬‬ ‫م �ت �ع��ة ال �� �س �ف��ر وال �ت �ح �ل �ي��ق ع �ل��ى ب �� �س��اط جملة‬ ‫ال�سياحة ال مي��ل‪ ،‬م��ا جعلنا ننتقل �إىل عرو�س‬ ‫البحر الأح�م��ر‪ ،‬حمافظة احل��دي��دة‪ ،‬واال�ستمتاع‬ ‫مبفاتنها ال�سياحية‪ ،‬متجهني �إىل ب�لاد املعافر وهنا نحط الرحال يف هذا العدد ال�سرتاحة ق�صرية‬ ‫يف درا� �س��ة �أك��ادمي �ي��ة �أظ �ه��رت جدلية تاريخية نعاود بعدها رحلة العدد ال�ق��ادم �إن �شاء اهلل‪.‬‬ ‫غ��ائ �ب��ة ب�ي�ن ح��ا� �ض��ر م �ع��ا���ش و م��ا��ٍ�ض ع��ري��ق‪ .‬وف� � � � � ��ا� � � � � � �ص� � � � � ��ل ون� � � � � � ��وا� � � � � � � �ص� � � � � � ��ل ‪..‬‬ ‫ال�ل��واء الأخ�ضر‪ ،‬مدينة �إب‪ ،‬عا�صمة ال�سياحة‬ ‫اليمنية‪ ،‬ك��ان��ت �ضمن حم�ط��ات �سفرنا معكم‪،‬‬

‫حيث �أجربتنا على ق�ضاء ليلة �ساحرة يف اجلزء‬ ‫ال �ق��دمي منها وال ��ذي ي�ع��رف ب"�إب القدمية"‬ ‫�وب من ال�بن اليمني ال��ذي يعد من‬ ‫وارت�شاف ك� ٍ‬ ‫�أ�شهر م��ا متتاز ب��ه املدينة ال�ق��دمي��ة‪ ،‬بعد ذلك‬ ‫اجتهنا نحو العا�صمة �صنعاء التي لنتوقف يف‬ ‫�أح��د مداخلها م��ن �أج��ل زي��ارة حديقة احليوان‬ ‫التي تعد �أبرز و�أهم املتنف�سات ال�سياحية املوجودة‬ ‫يف العا�صمة‪ ,‬الحت�ضانها العديد من احليوانات‬ ‫الأليفة واملفرت�سة والطيور وال��زواح��ف النادرة‪،‬‬ ‫لنعرج بعد ذلك �إىل �صنعاء القدمية ونتجول يف‬ ‫�أ�سواقها التي ا�ستوقفتنا فيها‪ ,‬مهنة قدمية ا�شتهر‬ ‫بها اليمنيون‪� ,‬أال وهي "�صناعة اجلنابي" ليكن‬ ‫لنا معها ق�صة تروي تفا�صيلها جملة ال�سياحة‪.‬‬ ‫رحلة ال�سفر لهذا العدد �أو�شكت على النهاية‪،‬‬ ‫لنتجه �إىل م�ب�ن��ى جم�ل����س ال�ت�روي��ج ال�سياحي‬ ‫وت�ستقبلنا املهند�سة فاطمة احل��ري�ب��ي املدير‬ ‫التنفيذي يف مكتبها‪ ,‬حيث قمنا بعمل ح��وار‬ ‫م �ه��م م�ع�ه��ا ح ��ول ال��و� �ض��ع ال���س�ي��اح��ي ال�ي�م�ن��ي‪،‬‬ ‫وم ��ا يكتنف ال���س�ي��اح��ة م��ن م �ع��وق��ات واخل�ط��ط‬ ‫امل�ستقبلية للرتويج ال�سياحي داخليا وخارجيا‪..‬‬

‫‪5‬‬


‫إستطالع‬

‫إستطالع‬

‫المحتويات‬

‫‪2‬‬

‫‪10‬‬

‫‪6‬‬ ‫رئيس مجلس اإلدارة‬

‫‪16‬‬

‫‪22‬‬

‫‪18‬‬

‫أ‪ .‬معمر االرياني‬ ‫االشراف العام‬

‫م‪ /‬فاطمه الحريبي‬

‫د‪ /‬عصام السنيني‬

‫اﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ‪:‬‬

‫رئيس التحرير‬

‫اﻟﺨﺘﻢ‪:‬‬

‫أكرم محمد الجولحي‬

‫نائب رئيس التحرير‬

‫سيف الشرجبي‬ ‫مدير المراجعة والتدقيق‬

‫محمد إبراهيم الهندي‬

‫مدير التحرير‬

‫ماجد التميمي‬ ‫سكرتيرا التحرير‬

‫داليا السندي ‪ -‬أمل الصيادي‬

‫مستشار التحرير‬

‫معين الصيادي‬ ‫مختص اإلعالن والتسويق‬

‫فضل الرعيني‬

‫تصميم وإخراج‬

‫نجيب محمد النجار‬

‫تصدر عن مجلس الترويح السياحي وزارة السياحة ‪ -‬الجمهورية اليمنية‬

‫‪Republic of Yemen Ministry of Tourism Yemen Tourism Promotion Board P.OBox 5607 Tel: +967 1 570824 Fax: +967 1 570823‬‬ ‫‪magazine@yementourism.com www.yementourism.com‬‬

‫‪6‬‬

‫‪7‬‬


‫أخبار‬

‫أخبار‬

‫اليمن يشارك في اجتماعات الدورة الـ ‪ 17‬للمجلس الوزاري العربي للسياحة‬ ‫وزير السياحة يلتقي االمين العام للجامعه العربيه نبيل العربي‬

‫ال�تروي��ج ال�سياحي فاطمة احلريبي �إىل �أهمية‬ ‫تفعيل الكثري م��ن ال��ق��رارات املتعلقة بال�ش�أن‬ ‫ال�سياحي وم��ن �أه�م�ه��ا الإ�سرتاتيجية العربية‬ ‫ال�سياحية‪ ,‬بهدف تنمية القطاع ال�سياحي وجذب‬ ‫املزيد من الن�شاط ال�سياحي �إىل املنطقة العربية‪،‬‬ ‫وزيادة ن�سبة ال�سياحة البينية بني الدول العربية‪.‬‬

‫ع �ق��د يف ال �ع��ا� �ص �م��ة امل �� �ص��ري��ة ال �ق��اه��رة‬ ‫العربي‬ ‫الوزاري‬ ‫اجتماعات الدورة الـ ‪ 17‬للمجل�س‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لل�سياحة‪ ،‬وتر�أ�س وفد بالدنا فيه معايل الأ�ستاذ‬ ‫معمر الإرياين وزير ال�سياحة‪ ,‬وقد �ضم االجتماع‬ ‫عددا من ممثلي الدول العربية الأع�ضاء‪ ,‬وعددا‬ ‫م��ن امل��ؤ��س���س��ات الإع�لام � ّي��ة امل�ح�ل� ّي��ة وال�ع��رب� ّي��ة‬ ‫والعامل ّية‪ .‬و�أ�شار الوزير الإرياين �إىل �أهمية ودور‬ ‫جدير بالذكر �أن االجتماع ناق�ش جملة من‬ ‫هذه االجتماعات يف تفعيل العمل ال�سياحي مبا‬ ‫يحقق التكامل ب�ين ال��دول العربية يف القطاع املوا�ضيع املطروحة على ج��دول �أعمال املجل�س‬ ‫ال�سياحي‪ ،‬و�إىل �أهمية مراجعة تب�سيط خمتلف ال��وزاري العربي لل�سياحة والتي كان من �أهمها‬ ‫الإج� ��راءات ذات الأب �ع��اد االقت�صادية م��ن �أج��ل تعزيز الأم��ن ال�سياحي‪،‬عن طريق و�ضع ت�صور‬ ‫دعم ال�سياحة العربية من خالل �إيجاد القدرة �أويل لآلية ت�سمح بتعزيز التعاون بني الأجهزة‬ ‫التناف�سية للن�شاط ال�سياحي‪ ،‬و��ش��دد على �أن الأمنية ال�سياحية والهيئات املعنية بال�سياحة‪،‬‬ ‫ت�أتي الإ�سرتاتيجية العربية موائمة بني اجتاهي وتدار�س ال�سبل الكفيلة بتعزيز ت�أمني ال�سياحة‬ ‫التناف�س والتكامل ب�ين ال��دول العربية‪ ،‬بحيث العربية‪ ،‬و�إن �ت��اج م��واد وب��رام��ج توعوية متعلقة‬ ‫يتم الرتكيز على جم��االت ال�ت�ع��اون والتكامل‪ ،‬بال�سياحة ت�ساهم يف حمايتها م��ن املخاطر‪.‬‬ ‫م��ع �إت��اح��ة م�ساحة وا��س�ع��ة للتناف�س الإيجابي‬ ‫وعلى هام�ش االجتماع بحث وزي��ر ال�سياحة‬ ‫ال��ذي ي ��ؤدي �إىل رف��ع م�ستوى اجل��ودة‪ ،‬وحت�سني‬ ‫الآداء يف القطاع ال�سياحي العربي يف جممله‪ .‬الأ�ستاذ معمر الإرياين مع �أمني عام جامعة الدول‬ ‫العربية الدكتور نبيل العربي جهود تفعيل العمل‬ ‫و�أك��د ال��وزي��ر الإري ��اين على �أهمية ال�سياحة العربي امل�شرتك يف جم��االت ال�سياحة العربية‪،‬‬ ‫يف دع � ��م اق� �ت� ��� �ص ��ادي ��ات ال�� � ��دول ال��ع��رب��ي��ة‪ ،‬وخالل اللقاء �أكد الدكتور العربي على ا�ستمرار‬ ‫وال�ت�روي���ج وال �ت �ع��ري��ف ب��امل �ق��ا� �ص��د ال���س�ي��اح�ي��ة دع��م اجلامعة لليمن خ�لال املرحلة االنتقالية‪،‬‬ ‫ال �ع��رب �ي��ة‪ ،‬ودع���م ت �ب��ادل ال �ت �ج��ارب ال�سياحية وجدد ترحيبه بت�شكيل احلكومة اليمنية اجلديدة‬ ‫ون���ش��ره��ا يف خم�ت�ل��ف ب �ل��دان ال��وط��ن ال�ع��رب��ي‪ .‬برئا�سة املهند�س خالد بحاح‪ ،‬متمنيا �أن تتمكن‬ ‫من جانبها �أ��ش��ارت املدير التنفيذي ملجل�س م��ن �إر� �س��اء دع��ائ��م الأم ��ن واال��س�ت�ق��رار‪ ،‬و�أ��ش��اد‬ ‫‪8‬‬

‫باجلهود الوطنية للرئي�س عبد ربه من�صور هادي‬ ‫رئي�س اجلمهورية ورئي�س جمل�س ال��وزراء خالد‬ ‫حمفوظ بحاح وكافة القوى ال�سيا�سية اليمنية‬ ‫املُخل�صة‪ ,‬للخروج م��ن الأزم���ات التي مت��ر بها‬ ‫البالد تلبية لتطلعات ال�شعب اليمني ال�شقيق‪.‬‬ ‫م��ن جهته اط �ل��ع وزي ��ر ال�سياحة �أم�ي�ن ع��ام‬ ‫جامعة ال��دول العربية على تطورات الأو�ضاع يف‬ ‫اليمن واجلهود التي تبذلها القيادة ال�سيا�سية‬ ‫لتتجاوز التحديات وال�صعوبات التي تواجهها‬ ‫اليمن وا�ستكمال امل��رح�ل��ة االنتقالية للو�صول‬ ‫بالبلد �إىل بر الأمان وا�ستكمال �صياغة الد�ستور‬ ‫واال�ستفتاء عليه و�إج��راء االنتخابات‪ ،‬بالإ�ضافة‬ ‫�إىل ال�ق���ض��اي��ا امل�ت���ص�ل��ة ب���ش�ئ��ون ال���س�ي��اح�ي��ة‪.‬‬ ‫و�أو�� �ض ��ح وزي ��ر ال���س�ي��اح��ة �أن ال�ي�م��ن ت��واج��ه‬ ‫حربا على الإره��اب‪ ،‬ال��ذي ي�ستنزف الكثري من‬ ‫ال�ط��اق��ات والإم�ك��ان�ي��ات االقت�صادية والأم�ن�ي��ة‪.‬‬ ‫ويف خ �ت��ام ال �ل �ق��اء ع�بر وزي ��ر ال���س�ي��اح��ة عن‬ ‫�شكره وتقديره للجهود املبذولة من قبل اجلامعة‬ ‫ال�ع��رب�ي��ة ل �ل��وق��وف م��ع ال�ي�م��ن ودع �م��ه وحتقيق‬ ‫تطلعات اليمنيني وحتقيق الأم��ن واال�ستقرار‪.‬‬ ‫ح���ض��ر ال �ل �ق��اء م �ن��دوب ال�ي�م��ن ال��دائ��م ل��دى‬ ‫جامعة ال��دول العربية ال�سفري حممد الهي�صمي‬ ‫ووك� �ي ��ل وزارة ال �� �س �ي��اح��ة ع �� �ص��ام ال���س�ن�ي�ن��ي‪.‬‬

‫خالل لقائه السفير األمريكي بصنعاء‬

‫الوزير اإلرياني‪ :‬نطمح إليجاد شراكة حقيقية من أجل النهوض بالقطاع السياحي‬ ‫ن��اق����ش وزي���ر ال���س�ي��اح��ة م�ع�م��ر الإري � ��اين مع‬ ‫ال�سفري الأم��ري�ك��ي ب�صنعاء ماثيو تويلر �آف��اق‬ ‫ال�ت�ع��اون ب�ين البلدين يف امل�ج��ال ال�سياحي‪،‬ويف‬ ‫اللقاء ثمن ال��وزي��ر الإري���اين ال��دع��م الأمريكي‬ ‫لليمن خالل املرحلة االنتقالية‪ ،‬م�ؤكدا �أن اليمن‬ ‫م��ا��ض�ي��ة ن�ح��و ا��س�ت�ك�م��ال ه ��ذه امل��رح �ل��ة ال�ه��ام��ة‬ ‫يف ت��اري��خ ال���ش�ع��ب ال�ي�م�ن��ي ل�ل��و��ص��ول �إىل بناء‬ ‫ال��دول��ة املدنية التي ين�شدها ك��ل �أب�ن��اء اليمن‪.‬‬ ‫ت �ط��رق ال�ل�ق��اء �إىل ال��وج �ه��ات ال�ه��ام��ة التي‬

‫�ستتبناها وزارة ال�سياحة خالل املرحلة القادمة‬ ‫ل�ل�ن�ه��و���ض ب��ال �ق �ط��اع ال �� �س �ي��اح��ي‪ ،‬ح �ي��ث تطمح‬ ‫ال��وزارة �إىل تفعيل العمل ال�سياحي والرتويجي‬ ‫يف امل �ن��اط��ق الآم��ن��ة م��ن خ�ل�ال ت��وف�ير البنية‬ ‫التحتية ال�لازم��ة التي تتنا�سب م��ع طبيعة هذه‬ ‫املناطق وك��ذل��ك االه�ت�م��ام بال�سياحة الدينية‬ ‫و�سياحة الغو�ص واملغامرات وال�سياحة الداخلية‪.‬‬ ‫م��ن جهته �أك��د ال�سفري الأم��ري �ك��ي ا�ستعداد‬ ‫ب�ل�اده ل��دع��م خطط احلكومة اليمنية الرامية‬

‫�إيل النهو�ض بقطاع ال�سياحة‪ ،‬كما جدد ت�أكيده‬ ‫دعم احلكومة اليمنية والقيادة ال�سيا�سية ممثلة‬ ‫بالرئي�س عبد ربه من�صور ه��ادي خالل املرحلة‬ ‫الراهنة‪ ,‬م�شيدا يف الوقت ذاته مبا حققه اليمن‬ ‫من تقدم ملحوظ يف العملية االنتقالية الراهنة‪,‬‬ ‫الأم��ر ال��ذي جعل منه ميثل �أمن��وذج��ا يحتذى به‬ ‫يف االن�ت�ق��ال ع�بر احل��وار وان�ت�ه��اج ثقافة ال�سلم‬ ‫وال���ش��راك��ة ال�ت��ي ت�ع��د ق��اع��دة ال�ب�ن��اء احلقيقية‬ ‫لليمن اجل��دي��د ال���ذي ت�ط�م��ح �إل �ي��ه الأج� �ي ��ال ‪.‬‬ ‫‪9‬‬


‫أخبار‬

‫أخبار‬

‫خالل حفل التوديع الذي أقامته وزارة السياحة للدكتور قاسم سالم وزير السياحة السابق‬

‫مجلس الترويج السياحي في اجتماعه برئاسة اإلرياني‬

‫يجب تضمين خطة برامج التطوير السياحي في المناهج الدراسية لترسيخ قاعدة الوعي المجتمعي‬

‫ا�ستعر�ض جمل�س الرتويج ال�سياحي يف اجتماعه‬ ‫برئا�سة معمر الإري��اين وزير ال�سياحة جملة من‬ ‫املوا�ضيع ال�سياحية‪ ،‬حيث ناق�ش االجتماع مالمح‬ ‫خطة تنمية القطاع ال�سياحي يف اليمن‪ ،‬وبحث‬ ‫االجتماع �أهمية تطوير وحت�سني املناخات املنا�سبة‬ ‫لتح�سني اجلودة ال�سياحية جلزيرة �سقطرى‪ ،‬ملا‬ ‫لها من خ�صو�صية بيئية‪ ،‬حيث �أك��د املجتمعون‬ ‫على �أهمية �أن حتظى اجلزيرة باهتمام كبري من‬ ‫خالل تفعيل خطة التطوير والتح�سني الهادفة �إىل‬ ‫�إظهار خ�صو�صيتها كوجهة �سياحية نادرة‪ ،‬كما نوه‬ ‫اجلميع على �أهمية الدور الذي متثله �إب كوجهة‬ ‫متميزة وعا�صمة لل�سياحة يف اليمن بالنظر اىل ما‬ ‫متتلكه من مقومات �سياحية على ال�صعيد البيئي‪.‬‬ ‫ويف ال�ل�ق��اء �أ� �ش��ار ال��وزي��ر الإري � ��اين �إىل �أن‬ ‫الطلب ال�سياحي م�شروط بتوفري بيئية �سياحية‬ ‫منا�سبة‪ ،‬م��ؤك��دا �أن االرت �ق��اء ب�ج��ودة اخلدمات‬ ‫‪10‬‬

‫املنا�سبة للمناخ اال�ستثماري ال�سياحي الآمن رغبة‬ ‫يف ا�ستقطاب اال�ستثمارات العربية والأجنبية‪.‬‬

‫ال�سياحية من بنى حتتية ومواقع �سياحية يوفر‬ ‫خ���ص��و��ص�ي��ة ا��س�ت�ث�ن��ائ�ي��ة ع �ل��ى ��ص�ع�ي��د اجل��ذب‬ ‫ال�سياحي الذي نن�شده يف الفرتة القادمة‪ ،‬م�شريا‬ ‫�أك ��د االج �ت �م��اع ع�ل��ى ���ض��رورة ال�ترك �ي��ز على‬ ‫يف الوقت ذات��ه �إىل العمل وف��ق املعايري الدولية‬ ‫الأم��ر ال��ذي من �ش�أنه �أن يك�سبنا موقعا متميزا تطوير �سياحة الغو�ص واملغامرات واال�ستفادة من‬ ‫يف خارطة ال�سياحة الدولية نظرا للخ�صو�صية اخل�صائ�ص واملزايا التي توفرها بيئة اليمن يف‬ ‫التاريخية واحل�ضارية التي تتمتع بها اليمن‪ .‬هذا اخل�صو�ص م�ؤكدين على �أهمية احلفاظ علي‬ ‫الهوية ال�سياحية النادرة لليمن كمق�صد �سياحي‬ ‫و�شدد وزي��ر ال�سياحة‪ ,‬رئي�س جمل�س الرتويج موجود على خارطة الطلب ال�سياحية الدولية‪.‬‬ ‫ال�سياحي على �أن يتم ت�ضمني خطة برامج التطوير‬ ‫ح���ض��ر االج �ت �م��اع امل��دي��ر ال�ت�ن�ف�ي��ذي ملجل�س‬ ‫ال�سياحي يف التعليم واملناهج الدرا�سية‪ ،‬نظرا‬ ‫للأبعاد التي يحملها هذا التوجه من خالل �إر�ساء ال�ت�روي��ج ال���س�ي��اح��ي ف��اط�م��ة احل��ري �ب��ي وع �ل��وان‬ ‫قاعدة الوعي املجتمعي وخلق ثقافة �سياحية لدى ال�شيباين نائب رئي�س جمل�س الإدارة‪ ,‬و�أع�ضاء‬ ‫اجليل النا�شئ‪ ،‬ولفت الإري��اين �إىل �أهمية ت�أهيل جمل�س الإدارة الدكتور ع�صام ال�سنيني‪ ،‬حممد‬ ‫الكوادر ال�سياحية يف خمتلف القطاعات بال�شراكة النزيلي‪ ،‬مهند ال�سياين‪ ،‬حممد ب ��ازع‪ ،‬حممد‬ ‫مع املعهد الفندقي ووزارة التعليم الفني والتدريب �أب��و ط��ال��ب‪ ،‬زغ�ل��ول ب��ازرع��ة‪ ،‬ح�سني ال�صباحي‪.‬‬ ‫املهني‪ ,‬بالإ�ضافة �إىل الت�أكيد على توفري البيئة‬

‫اإلرياني‪ :‬التكريم هو أقل واجب نقدمه لشخصية وطنية وهامة كبيرة بحجم الدكتور قاسم سالم‬

‫نظمت وزارة ال�سياحة حفل ت�ك��رمي وت��ودي��ع‬ ‫كبري ملعايل وزير ال�سياحة ال�سابق الدكتور قا�سم‬ ‫�سالم بح�ضور وكالء وقيادات الوزارة واملوظفني‬ ‫ور�ؤ�ساء وممثلي االحت��ادات ال�سياحية والفندقية‬ ‫وال ��وك ��االت وال �� �ش��رك��ات ال�سياحية واملهتمني‪.‬‬ ‫ويف احلفل �أو�ضح وزير ال�سياحة معمر الإرياين‬ ‫�أن حفل ال�ت��ودي��ع ي��أت��ي تكرميا وت�ق��دي��را للدور‬ ‫الذي قام به الدكتور قا�سم �سالم خالل املرحلة‬ ‫املا�ضية‪ ,‬وملا تركه من ب�صمات على �صعيد العمل‬ ‫ال�سياحي يف ظل ظروف �صعبة من تاريخ اليمن‪,‬‬ ‫وقيادته مرحلة حافلة بالتميز واالزده ��ار على‬ ‫�صعيد تطوير ال�سياحة الداخلية وتقدمي اليمن‬ ‫ب�صورة الئقة يف املعار�ض واملحافل الدولية‪ ،‬معرب ًا‬ ‫�أن هذا التكرمي هو �أقل واجب ل�شخ�صية وطنية‪,‬‬ ‫وهامة كبرية بحجم الدكتور قا�سم �سالم ‪ ،‬متمنيا‬ ‫له التوفيق يف �أعماله ومهامه الوطنية املقبلة‪.‬‬ ‫ويف كلمته �أك��د ال��وزي��ر الإري���اين ع��زم��ه على‬ ‫موا�صلة ما بد�أه �سلفه باجتاه االنت�صار لل�سياحة‬ ‫يف اليمن ب�شكل يجعل منها واحدا من �أهم املوارد‬ ‫االقت�صادية للبالد باعتبارها متثل م��وردا ماليا‬

‫ال ين�ضب‪ ،‬م�شريا �إىل �أهمية �أن ي�ضطلع اجلميع‬ ‫مب�سئولياتهم من �أجل �إجناح العمل ال�سياحي مبا‬ ‫يف ذلك �إيجاد قاعدة للوعي املجتمعي بني املواطنني‬ ‫وحتفيزهم على امل�ساهمة بفاعلية يف الدفع بعملية‬ ‫التنمية ال�سياحية داخل البلد‪ ,‬باعتبارهم جزءا‬ ‫ال يتجز�أ من منظومة اجلذب ال�سياحية لليمن‪.‬‬ ‫يف املقابل �أ�شاد الدكتور قا�سم �سالم‪ ،‬وزير‬ ‫ال�سياحة ال�سابق‪ ،‬باجلهود ال��ذي بذلها موظفو‬ ‫وزارة ال���س�ي��اح��ة م��ن ق �ي��ادي�ين وم � ��دراء عموم‬ ‫وخمت�صني وال��ذي��ن ع�م�ل��وا ب�ك��ل ج��د و�إخ�لا���ص‬ ‫خالل الفرتة التي ق�ضاها يف الوزارة ونوه الوزير‬ ‫�سالم �إىل �أن هناك �شبابا متطلعا ميتلك ر�ؤي��ة‬ ‫وخربة كبرية يف جمال العمل ال�سياحي‪ ,‬م�شيدا‬ ‫بطموحاتهم التي متنكهم من القيام مبهامهم بكل‬ ‫ثقة وجن��اح‪ ،‬م�ؤكدا ب�أن وزارة ال�سياحة وجمل�س‬ ‫الرتويج ال�سياحي ا�ستطاعا امل�شاركة يف معظم‬ ‫املعار�ض ال�سياحية العاملية وقدما اليمن ب�شكل‬ ‫م�شرف‪ ،‬ودعا �سالم جميع املوظفني �إىل م�ساندة‬ ‫وزير ال�سياحة معمر الإرياين يف مهامه اجلديدة‪.‬‬ ‫م��ن جهته �أع ��رب ال��دك�ت��ور قا�سم ��س�لام عن‬

‫�شكره للرئي�س عبد رب��ه من�صور ه��ادى رئي�س‬ ‫اجلمهورية ورئي�س جمل�س الوزراء الدكتور خالد‬ ‫حمفوظ بحاح على ح�سن اختياره للوزير معمر‬ ‫الإري ��اين وق��ال‪�( :‬إن��ه �شاب متطلع ميتلك ر�ؤي��ة‬ ‫وخربة كبرية يف جمال العمل بروحه ال�شابة التي‬ ‫جتعله قادرا على القيام مبهامه بكل ثقة وجناح)‬ ‫وف�ي�م��ا ع ��دد وك �ي��ل وزارة ال���س�ي��اح��ة لقطاع‬ ‫اخل��دم��ات والأن�شطة مطهر �أح�م��د تقي مناقب‬ ‫ومزايا الدكتور قا�سم �سالم‪ ,‬جدد ترحيبه بالوزير‬ ‫معمر الإري ��اين‪ ...‬وق��د �أ��ش��ارت املدير التنفيذي‬ ‫ملجل�س الرتويج ال�سياحي فاطمة احلريبي �إىل �أن‬ ‫اجلميع يعلق �آم��ا ًال عري�ضة على الوزير الإري��اين‬ ‫يف موا�صلة عملية البناء والتنمية ال�سياحية ‪.‬‬ ‫تخلل حفل التكرمي منح الدكتور قا�سم �سالم‬ ‫وزي��ر ال�سياحة ال�سابق ع��دد�أ كبري�أ من ال��دروع‬ ‫والأو�سمة من قبل وزارة ال�سياحة وجمل�س الرتويج‬ ‫ال�سياحي واالحت ��اد اليمني لل�سياحة واالحت��اد‬ ‫اليمني للفنادق و�شركة اخلطوط اجلوية اليمنية‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫إستطالع‬ ‫أماكن‬ ‫إستطالع‬

‫أماكن‬

‫إب العتيقة‪...‬‬ ‫لؤلؤة اليمن‬ ‫وفاتنتها‬ ‫‪12‬‬

‫ت�ب��دو م��دي�ن��ة �إب ال�ق��دمي��ة مم�ي��زة ع��ن بقية‬ ‫املدن العتيقة‪ ،‬فهي كرائعة "دافن�شي"‪ ،‬ت�شربت‬ ‫التاريخ وتو�شحت ب��رداء اجل�م��ال‪ ،‬فما �أن تطل‬ ‫عليها وهي متو�سدة على مرتفع ه�ضبة "رميان"‬ ‫ترتفع بك ال�سيارة فريتفع �شوقك‪ ،‬وتت�سارع لهفة‬ ‫ف�ضولك و �أن��ت ت��رى �أم��ام��ك منازلها القدمية‬ ‫واق �ف��ة م�ترا��ص��ة كقطع ��ش�ط��رجن ت�ع��ج بالبهاء‪.‬‬ ‫تدخل �إب فتفتح (بكامريتك) و�أوراقك التاريخ‬ ‫اجل�م�ي��ل وال �ل �ي��ايل ال���س��اح��رة‪ ،‬وت�ق�ل��ب �صفحات‬ ‫الب�ساط الأخ���ض��ر (املخملي) امل��زي��ن بقطرات‬ ‫ال�ن��دى يف �أزق ��ة وح ��ارات "الثجة" ال�ت��ي ير�سم‬ ‫الأط�ف��ال فيها عمر مدينة بابت�سامة مالئكية‪..‬‬ ‫صورة وواقع ُمعاش‪:‬‬

‫ع� �ل ��ي ع��ل��وي‬

‫�صديقي �أني�س ك��ان ق��د عقد ال�ع��زم على �أن‬ ‫يقدم يل هدية غالية وعزيزة عليه‪� ..‬إنها �صورة‬ ‫التقطها وال��ده املغفور له ‪-‬ب ��إذن اهلل‪ -‬العقيد‪/‬‬ ‫�أحمد علي ال�صراري يف عام ‪1960‬م‪ ،‬ملدينة �إب‬ ‫التاريخية و�سورها ال��ذي مت ه��دم��ه‪ ،‬بالإ�ضافة‬ ‫�إىل �صورة �أخرى للمدينة التي كثري ًا ما تعر�ضت‬ ‫مل �ح��اوالت ال���س�ط��و‪ ،‬وح�ي�ن قدمهما يل الحظنا‬

‫�أن ال�ف��رق �شا�سع م��ع االحتفاظ ب��رون��ق اجلمال‬ ‫و��س�ح��ر امل �ك��ان‪ ،‬ف�ه��ي ع�ل��ى ال��رغ��م م��ن ك��ل تلك‬ ‫ال�سنني ال�ت��ي ط��اف��ت على امل��دي�ن��ة ‪� ،‬إال �أن �إب‬ ‫"العتيقة" ما تزال م�شرقة بالتاريخ واحل�ضارة‪،‬‬ ‫ت �ت��و� �ش��ح ب �ث��وب اجل� �م ��ال الأخ�����ض��ر ال�ق���ش�ي��ب‪.‬‬ ‫إب في سطور‪:‬‬

‫تعترب مدينة �إب القدمية من املدن الإ�سالمية‬ ‫التاريخية التي يعود تاريخها �إىل الأمري عبد اهلل‬ ‫ب��ن قحطان ع��ام ‪380‬ه� �ـ‪ .‬و�سميت ب�ه��ذا اال�سم‬ ‫ن�سبة �إىل الأمري �أبيدع احلمريي‪ ،‬وقيل ‪-‬وفقا ملا‬ ‫يراه البع�ض‪ -‬ن�سبة ل�شهر «�آب» �أغ�سط�س لكرثة‬ ‫هطول الأمطار و�سحر جمال الطبيعة فيها‪ ،‬كما‬ ‫كانت قدمي ًا ت�سمى «الثجة» نتيجة لهطول الأمطار‬ ‫الغزيرة واملتوا�صلة عليها‪ ،‬كما يقال �أي�ض ًا �أن‬ ‫ا�سم (�إب) م��أخ��وذ من كلمة حمريية‪ ،‬و�سميت‬ ‫ب��أ��س�م��اء امل �ل��وك كما ذك��ر امل � ��ؤرخ حممد يحيي‬ ‫احل��داد مثل ا�سم (�أب ك��رب �أ��س�ع��د)‪ ،‬وذكرها‬ ‫ي��اق��وت احل�م�يري يف معجم ال�ب�ل��دان ب��أن�ه��ا � َّأب‬ ‫ن�سبة �إىل قوله تعاىل (وفاكهة و�أ ّبا)‪ ..‬ومدينة �إب‬ ‫القدمية يرجع تاريخها �إىل عهد الدولة احلمريية‪،‬‬ ‫‪13‬‬


‫أماكن‬

‫وق��د ك��ان��ت ع �ب��ارة ع��ن ق��ري��ة �صغرية لها �سور‪،‬‬ ‫وتوجد فيها معامل �أثرية مثل ق�صر دار البي�ضاء‬ ‫احلمريي‪ ..‬ثم ازدادت �شهرة بعد القرن الرابع‬ ‫ال�ه�ج��ري‪ ،‬حيث ت�شري كتب ال�ت��اري��خ الإ�سالمي‬ ‫�إىل �أن الأم�ي�ر عبد اهلل ب��ن قحطان احل��وايل‬ ‫هاجمها �سنة ‪380‬هـ‪ ،‬وقد ترك فيها ال�صليحيون‬ ‫كثري ًا من �آثارها التي تعود �إىل �أزمنة قدمية‪..‬‬ ‫ويتفق ب��ن منظور �صاحب ل�سان ال�ع��رب مع‬ ‫احل�م��وي يف �أ��ص��ل كلمة �إب‪ ،‬وه��ي م ��أخ��وذة من‬ ‫الإب "الكلأ"‪ ،‬ويف ق��ام��و���س املنجد معنى �إب‬ ‫"الع�شب والكلأ"‪ ،‬و�إن �إب مدينة يف اليمن‪ ،‬و�أما‬ ‫بالن�سبة ال�سم "الثجة" وال��ذي �أورده الهمداين‬ ‫يف ��ص�ف��ة ج��زي��رة ال��ع��رب‪ ،‬ي ��رى �أن الأ� �س�لاف‬ ‫يطلقون على الثجة ا��س��م �إب‪ ..‬ويبقى ال��ر�أي‬ ‫الأق��وى ب ��أن مدينة �إب حمريية الأ�صل والن�ش�أة‬ ‫وفق ًا ملا ذك��ره نزيه م�ؤيد العظم يف كتابه رحلة‬ ‫يف ب�لاد العرب ال�سعيدة من م�صر �إىل �صنعاء‬ ‫حني زار �إب برحلة ا�ستك�شاف يف العام ‪1937‬م‪.‬‬ ‫تقع مدينة �إب على ال�سفح الغربي جلبل رميان‬ ‫غربي مديرية بعدان على رب��وة مرتفعة مربعة‬ ‫ال�شكل و�صفها امل�ست�شرقون ب�أنها فريوزة بي�ضاء‬ ‫على ب�ساط �أخ�ضر‪ .‬و(� ّإب) بك�سر الهمزة‪ ,‬والباء‬ ‫املوحدة امل�شددة‪ ،‬حتيط بها من الغرب مديرية‬ ‫ال�س َفال‪ ،‬ومن‬ ‫العُدَ ْين‪ ،‬ومن اجلنوب مديرية ذي ُ‬ ‫ال�شرق مديرية ال �ن��ادرة‪ ،‬وم��ن ال�شمال مديرية‬ ‫َي ِريمْ ‪ ،‬وتعترب مدينة � ّإب من املدن اليمنية القدمية‬ ‫ومن �آثارها القدمية "الدار البي�ضاء" وهو مقر‬ ‫و�س ّمي بالبي�ضاء ن�سبة �إىل‬ ‫�ضخم تهدم معظمه ُ‬ ‫"البي�ضاء بنت �ش ّمر يهرع�ش"‪ ،‬كما �أنها برزت‬ ‫يف الع�صر الإ�سالمي كمدينة �إ�سالمية وقد �أ�شار‬ ‫املرحوم القا�ضي "الأكوع" بقوله‪�( :‬إن مدينة � ّإب‬ ‫مل تذكر يف الأخبار والأدب �إ َّال يف �آخر القرن الرابع‬ ‫الهجري‪ /‬العا�شر امليالدي‪ ،‬حينما هاجمها الأمري املكون من ربوة عالية على �سفح جبل‪ ،‬فقد تعذر‬ ‫"عبداهلل بن قحطان احلوايل" ع��ام‪380‬ه�ـ)‪ .‬تخطيط �شوارعها ب�شكل م�ستقيم‪ ،‬فا�ستعا�ض‬ ‫وكانت قبل ذلك قرية م�سورة‪ ،‬لها من الآثار املعمار اليمني ع��ن ذل��ك ب ��أن �أق��ام �سل�سلة من‬ ‫�سـورها وجامعها‪ ،‬فجامعها يعود تاريخه �إىل ال�سالمل ال�صاعدة والتي تبد�أ من �سور و�أب��واب‬ ‫عهد اخلليفة عمر بن اخلطاب ‪ -‬ر�ضي اهلل عنه املدينة‪ ،‬وتُعد مدينة � ّإب من �أجمل املدن اليمنية‬ ‫ و�أ�س�س ب�أمر منه‪ ،‬وم��ا زال ي�سمى �إىل اليوم ملّا حتمله من �صفات ومميزات تاريخية �إ�ضافة‬‫"اجلامع اخلطابي"‪ ،‬ومتتاز مدينة � ّإب القدمية المتالكها ع��ددا من املعامل الأث��ري��ة والتاريخية‬ ‫بنمط معماري مياثل الأمن��اط ال�سائدة يف املدن والتي ما زال العديد منها قائم ًا‪ ،‬من بني تلك املعامل‬ ‫اجلبلية قوامه احلجارة‪ ,‬ومنازلها تتكون من عدة م�ساجدها ومدار�سها الإ�سالمية ومبانيها الأثرية‬ ‫�أدوار ت�تراوح معظمها ما بني (‪ ) 5 - 3‬طوابق‪ ،‬و�أجزاء من �سورها وال�سالمل ال�صاعدة املر�صوفة‬ ‫تزين واجهاتها �أفاريز ونوافذ على �شكل فتحات ب��الأح �ج��ار ع�ل�اوة �إىل م��وق�ع�ه��ا الإ��س�ترات�ي�ج��ي‬ ‫دائرية يغطيها الرخام‪ ،‬ونتيجة ملوقعها اجلغرايف املتميز ومنظرها اجل��ذاب البديع املتنا�سق بني‬ ‫‪14‬‬

‫أماكن‬

‫جمال وروع��ة البناء وطبيعة الأر� ��ض اخلالبة‪.‬‬ ‫و�صفها املرحوم القا�ضي علي بن �صالح �أبو‬ ‫ال��رج��ال وه��و م��ن �أع �ي��ان ال �ق��رن احل ��ادي ع�شر‬ ‫الهجري‪/‬ال�سابع ع�شر امليالدي و�صف ًا طوي ًال منه‬ ‫قوله‪ :‬وباملعنى نف�سه و�صفها الرحال العربي �أمني‬ ‫الريحاين عند زيارته لها �سنة ‪1342‬ه �ـ‪1924/‬م‬ ‫ك�أنها "قب�ضة ل�ؤل�ؤ على ب�ساط �أخ�ضر"‪ .‬وذلك‬ ‫لبيا�ض لون دُورها واخ�ضرار حميطها الطبيعي‪.‬‬ ‫ويذكر �أن مو�ضع مدينة �إب القدمية كان ي�سمى‬ ‫با�سم (ال�ث�ج��ة)‪ ،‬و�إن اختلف ه��ذا املو�ضع عند‬ ‫الهمداين يف حوايل بداية القرن الرابع الهجري‪/‬‬ ‫العا�شر امليالدي‪ ،‬عندما حدده �ضمن عدة موا�ضع‬

‫"والثجة من جبل التعكر" و�أنها تقع "بني نخالن‬ ‫وال�سحول"‪ ،‬ومل تذكر مدينة �إب عند الهمداين‬ ‫�إذ كانت تعد – يف ذل��ك احل�ين ‪ -‬من ق��رى ذي‬ ‫جبلة؛ كما ذكرها ابن املجاور ب�أنها كانت عباره‬ ‫عن قلعة‪ .‬و�إن كان الوزير احل�سن بن �سالمة يف‬ ‫نهاية القرن الرابع الهجري‪/‬العا�شر امليالدي قد‬ ‫بنى فيها م�سجد ًا من �ضمن حما�سنه العديدة‪،‬‬ ‫فقد ع��رف��ت كمدينة ب�ه��ذا اال� �س��م (�إب) �إب��ان‬ ‫حكم امللكة ال�صليحية احل��رة املرحومة ال�سيدة‬ ‫بنت �أحمد عندما كانت تقيم يف مدينة جبلة‪،‬‬ ‫وتوفيت ع��ام ‪532‬ه � � �ـ‪1138/‬م‪ ،‬وانتقل م��ا كان‬ ‫حت��ت ي��ده��ا م��ن احل���ص��ون وال��ذخ��ائ��ر والأم���وال‬ ‫�إىل من�صور بن الف�ضل بن �أب��ي ال�برك��ات‪ ،‬فلما‬ ‫ك�ب�ر و� �ض �ع��ف ا���ش�ت�رى ال ��داع ��ي ب��ن حم �م��د بن‬ ‫�سب�أ بن �أب��ي ال�سعود منه احل�صون وامل��دن �سنة‬ ‫‪546‬هـ‪1151‬م‪ ،‬مببلغ وقدره مائة �ألف دينار‪ ،‬قال‬ ‫عمارة‪ :‬وهي ثمانية وع�شرون معق ًال ما بني ح�صن‬ ‫وم��دي�ن��ة‪ ،‬وم��ن ذل��ك جبلة و�إب والتعكر وح��ب‪.‬‬ ‫ب�ع��د ذل ��ك ال �ت��اري��خ ي��ذك��ر ا� �س��م م��دي�ن��ة �إب‬ ‫وال��زل��زال الكبري ال��ذي �أ�صابها ي��وم اجلمعة ‪6‬‬ ‫ربيع الأول �سنة ‪549‬هـ‪21/‬مايو ‪1154‬م‪ ،‬والذي‬ ‫�أ�صاب كثريا من امل��دن اليمنية فدمر كثريا من‬ ‫احل�صون واملدن‪ ،‬وقد نالت مدينة �إب العناية من‬ ‫قبل الدولة الر�سولية‪� ،‬إذ تن�سب عمارة مقدمة‬ ‫اجلامع الكبري �إىل ال�سلطان �أ�سد الدين حممد بن‬ ‫بدر الدين احل�سن بن الأمري الأجل �شم�س الدين‬ ‫بن علي بن ر�سول (ت �سنة ‪677‬ه � �ـ‪1278/‬م)‪،‬‬ ‫وق ��د ذك ��ر يف ك�ت��اب��ة نق�شت ع�ل��ى ع�ت�ب��ة ال�ب��اب‬ ‫املقدم من اجلهة الغربية للجامع‪ .‬كما تن�سب‬ ‫املدر�سة الأ�سدية �إىل نف�س ال�سلطان‪ ،‬ووثق ذلك‬ ‫بكتابة منقو�شة على حجر يف عتبة باب املدخل‬ ‫الرئي�سي للمدر�سة يف اجلهة اجلنوبية‪ ،‬وتعترب‬ ‫�إب من �أخ�صب بقاع اليمن نظر ًا لأن �أمطارها‬ ‫الغزيرة �صيف ًا ت�صل كميتها �إىل ح��وايل ‪1500‬‬ ‫م ‪/‬م يف الأ��ش�ه��ر م��ا ب�ين �شهر م��اي��و‪ ،‬و�سبتمرب‬ ‫من كل ع��ام‪ ،‬مما جعلها الوجهة الأوىل لل�سياح‬ ‫وال��زائ��ري��ن‪ ،‬وخ�صو�ص ًا يف ال�سنوات الأخ�ي�رة‪.‬‬ ‫أسوار وأبواب‪:‬‬

‫ال توجد �أي��ة تفا�صيل �سوى ما ح�صلنا عليه‬ ‫من �صورة (ال���ص��راري)‪ ،‬وح�ين زاره��ا الرحالة‬ ‫ال��دمن��رك��ي (ن �ي �ب��ور) يف ‪1763‬م اه�ت��م بو�صف‬ ‫�ساقيتها التي مت تدمريها‪ ،‬وكذلك �أمني الريحاين‬ ‫ال��ذي زار �إب يف ‪1922‬م ذكرها يف كتابه ملوك‬ ‫‪15‬‬


‫أماكن‬

‫العرب‪ ،‬واملفكر التون�سي عبد العزيز الثعالبي يف‬ ‫كتابه رحلة مينية‪ ،‬و�أحمد و�صفي زكريا يف كتابه‬ ‫رحلتي �إىل اليمن ‪1936‬م‪ ،‬جميعهم ذكروا �أن �إب‬ ‫تقع على مرتفع ويحيط بها �سور و�أب��راج‪ ،‬وتقول‬ ‫املعلومات ان �سور مدينة �إب القدمية ميتد بنحو‬ ‫كيلو مرت ون�صف حميط باملدينة‪ ،‬وقد �شهد تو�سع ًا‪،‬‬ ‫حيث بنى من احلجر املنحوت ‪ ،‬وهناك �آثار تدل‬ ‫على �آخ��ر �سور �أق�ي��م وال��ذي عمل على جتديده‬ ‫ال��وزي��ران حم�سن بن علي احلبي�شي احلريبي‪،‬‬ ‫و�أخ��وه الوزير �صالح يف �سنة ‪ 1120‬هـ يف القرن‬ ‫الـ ‪ 18‬امليالدي ‪ .‬ومدينة �إب القدمية كغريها من‬ ‫املدن الإ�سالمية الهامة تتميز ب�أن لها �سور ًا مبني ًا‬ ‫من احلجارة يدور حولها من اجلهات الأربع‪ ،‬كما‬ ‫تتوزع على طول ال�سور الأبراج الدائرية املرتفعة‬ ‫ذات فتحات �صغرية هي �أقرب �إىل الثقوب‪ ،‬وكانت‬ ‫ت�ستعمل من �أجل احلرا�سة و�إتاحة الفر�صة للنظر‬ ‫واال�ستطالع خارج ال�سور‪ ،‬وال يزال �أغلبها قائم ًا‪.‬‬ ‫كما �أن ال�سور كان ي�ساعد يف بع�ض �أجزائه‪ ،‬كما يف‬ ‫باب الن�صر‪ ،‬على مرور املاء يف القنوات التي تعلوه‪،‬‬ ‫�أما ما تبقى من ال�سور فيظهر يف �أماكن متفرقة‬ ‫�أف�ضلها ح��ا ًال ذل��ك اجل��زء القائم عند مقدمة‬ ‫دار احلكومة ومكاتبها �سابق ًا يف اجلهة الغربية‪،‬‬ ‫ويتميز ب ��أن��ه مرتفع ت�سنده دع��ام��ات �ضخمة‪.‬‬ ‫�أما �أبواب املدينة القدمية فهي‪ :‬باب الن�صر‪،‬‬ ‫يف ال�ضلع ال�شرقي‪ ،‬وطول ال�سور‪429‬مرت ًا‪ ،‬الباب‬ ‫الكبري‪ ،‬يف ال�ضلع الغربي‪ ،‬وطول ال�سور‪ 425‬مرت ًا‬ ‫ال�ضلع اجلنوبي‪ ،‬وط��ول ال�سور ‪ 313‬م�تر ًا‪ ،‬باب‬ ‫�سنبل مل يتبق منه �سوى النوبتني‪ ،‬باب الراكزة‪،‬‬ ‫وال�ضلع ال�شمايل‪ ،‬طول ال�سور ‪ 283‬مرت ًا ومل يتبق‬ ‫من بوابات مدينة �إب القدمية �إال باب الراكزة‪،‬‬ ‫وقد ا�ستحدث الباب اجلديد من اجلهة اجلنوبية‬ ‫الغربية‪ .‬وبقي منها مداخل ب��اب الن�صر وباب‬ ‫�سنبل وباب الراكزة (الذي بقيت بوابته ال�صغرية‬ ‫كما ه��ي حتى الآن)‪ ،‬و�أزي ��ل ال�ب��اب��ان الآخ ��ران‪.‬‬ ‫ويعزى �إىل املرحوم يحيى بن حممد بن عبا�س‬ ‫ال�شهاري املتويف �سنة ‪1382‬ه� �ـ‪1962/‬م �إ�ضافة‬ ‫باب خام�س يعرف با�سم الباب اجلديد وقد �أعيد‬ ‫بنا�ؤه‪ ،‬ولكن على هيئة جم�سمات‪ ،‬وذلك يف العام‬ ‫‪2007‬م ال�ستقبال مهرجان �إب اخلام�س ال�سياحي‪،‬‬ ‫غ�ير �أن ��ه مل ي�ع��د ك�م��ا ك ��ان عليه يف ال���س��اب��ق ‪.‬‬

‫أماكن‬

‫و�أبراج احلرا�سة امل�سماة بالنوب‪ .‬وكذلك الأنفاق‬ ‫وهي عبارة عن طرق ذات عقود تقبع حتت املدينة‪،‬‬ ‫وفيها ممرات جللب املاء والغذاء يف فرتة احل�صار‪.‬‬ ‫وال تزال مدينة �إب بحاجة جلهود بحث لدرا�سة‬ ‫تاريخها‪ ،‬فقد القت يف الآونة الأخرية �إقباال �سياحي ًا‬ ‫كبري ًا وكثيف ًا‪ ،‬خ�صو�ص ًا يف �شهر �أغ�سط�س من كل‬ ‫عام وزوارها �أغلبهم من دول اخلليج‪� ،‬إذ �إن مدينة‬ ‫�إب تبقى ل�ؤل�ؤة جميلة يف �صدفة ال�سحر الرباين‬ ‫وكتابا عريقا يحتاج لفك طال�سم تاريخه القدمي‪.‬‬

‫لؤلؤة اليمن‬ ‫وفاتنتها‬ ‫النائمة‬ ‫على مآقي‬ ‫الجمال‬ ‫والحضارة‬ ‫معالم تاريخية وأثرية‪:‬‬ ‫الجامع الكبير‪:‬‬

‫التي قام بها وزير الدولة الزيادية "احل�سني بن‬ ‫�سالمة"‪� ،‬ضمن �أعماله التي �شملت بناء العديد‬ ‫من امل�ساجد واجلوامع الإ�سالمية اليمنية املنت�شرة‬ ‫من ح�ضرموت حتى مكة املكرمة‪� .‬إ َّال �أننا جند �أن‬ ‫بناء اجلامع احلايل يعود �إىل الأمري �أ�سد الدين‬ ‫"حممد بن احل�سن ابن �أخ نور الدين عمر بن‬ ‫علي بن ر�سول" يف بداية ع�صر الدولة الر�سولية‬ ‫كما ُجدد �أي�ض ًا يف ع�صر الدولة الطاهرية �أيام‬ ‫ال�سلطان "عامر ب��ن عبد الوهاب" ( ‪– 894‬‬ ‫‪ 923‬هجرية)‪� ،‬إىل جانب ذل��ك ف�إنه قد ح�صل‬ ‫جتديد �آخر �أيام احلكم الأول للعثمانيني قام به‬ ‫الوزير "ح�سن با�شا" عام ( ‪ 996‬هجرية) وذلك‬ ‫ح�سبما وجد يف الن�ص املدون على جدار القبلة‪.‬‬ ‫مدرسة الجاللية العليا‪:‬‬

‫تقع يف منت�صف املدينة القدمية‪ ،‬ويتم الو�صول‬ ‫�إليها عن طريق �سالمل �صاعدة‪ .‬يعود تاريخ بناء‬ ‫املدر�سة �إىل بداية (ال�ق��رن التا�سع الهجري)‪،‬‬ ‫وق��د بناها ال�شيخ ج�لال الدين "حممد بن �أبي‬ ‫بكر ال�سريي"‪ ،‬وذل��ك ح�سبما �أث�ب��ت على ن�ص‬ ‫ال�شريط الكتابي الذي يعلو مدخل بيت ال�صالة‬ ‫وكذلك مئذنتها التي تقع يف الناحية ال�شرقية‬ ‫ل�ل���ص�ح��ن‪ ،‬و ُت �ع��د م��ن �أج �م��ل امل� � ��آذن اليمنية‪،‬‬ ‫تتكون من قاعدة مربعة يعلوها بدن م�ضلع زين‬ ‫ب��زخ��ارف هند�سيـة عملت من اجل�ص والآج��ر‪،‬‬ ‫وينتهي بدنها ب�شرفة يعلوها ب��دن م�ضلع �صغري‬ ‫ي�ف�ت��ح م�ن��ه م��دخ��ل ��ص�غ�ير‪ ،‬وي �ت��وج امل �ئ��ذن��ة من‬ ‫الأعلى قبة م�ضلعة‪ ،‬مما جعلها �شاخمة البنيان‬ ‫وجميلة الت�صميم املعماري التقليدي ف�أ�صبحت‬ ‫معلم ًا معماري ًا ي�ستحق امل�شاهدة‪ ،‬وت�ضم �إب‬ ‫القدمية م��زارات دينية منها مدر�سة النظارية‬ ‫التي تعد حتفة �أثرية تعود �إىل منت�صف القرن‬ ‫الثامن الهجري ‪ -‬الرابع ع�شر امل�ي�لادي‪ ،‬حيث‬ ‫ق ��ام ب�ب�ن��ائ�ه��ا الأم�ي��ر ج�ل�ال ال��دي��ن ال �ن �ظ��اري‬ ‫واتخذها مركز ًا ل��ه‪ ،‬وكذلك مدر�سة اجلاللية‬ ‫العليا ‪ -‬مدر�سة اجلاللية ال�سفلى ‪ -‬مدر�سة‬ ‫امل�شنة ‪ -‬مدر�سة ال�صبان ‪ -‬مدر�سة الأ�سدية‪.‬‬

‫يقع اجلامع الكبري و�سط املدينة تقريب ًا على‬ ‫ربوة مرتفعة‪ ،‬ويتم الو�صول �إليه عن طريق �سالمل‬ ‫�صاعدة‪ .‬يرجع تاريخ بناء اجلامع الكبري ح�سب‬ ‫الروايات الإخبارية املتداولة �إىل ع�صر اخلليفة‬ ‫ال�ث��اين "عمر ب��ن اخل�ط��اب – ر�ضي اهلل عنه"‬ ‫وق��د �سمي باجلامع ال ُعمري ن�سبة �إليه‪� ،‬أي �إىل‬ ‫(العقد الثاين من القرن الأول للهجرة)‪ ،‬وخالل‬ ‫الع�صور الإ�سالمية املتتابعة توالت عليه �إ�ضافات‬ ‫وجتديدات جعلت منه اجلامع الرابع يف اليمن من الدور (القصور)‪:‬‬ ‫دار امل �ل��ك ـ دار ال��ف��رن��اج ـ دار احل �م��ام‬ ‫حيث احلجم وال�سعة واجلمال وذل��ك بعد جامع‬ ‫اجلند يف تعز‪ ،‬واجلامع الكبري يف العا�صمة �صنعاء‪ ،‬ـ دار ال�ب�ي���ض��اء ـ دار خ ��ان ـ دار ع�ق�ي��ل ـ دار‬ ‫الساقية المشهورة‪:‬‬ ‫وجامع الأ�شاعر يف مدينة زبيد‪ ،‬وبات م�ستحي ًال ال���دي���دب���ان ـ دار م��ن�ي�ر ‪ -‬دار ال��وا���س��ط��ة‪.‬‬ ‫كان �آخر وجود لل�ساقية امل�شهورة مبدينة �إب ال �ت �ع��رف ع�ل��ى اجل��ام��ع ال ��ذي �أن �� �ش��ئ يف ع�صر‬ ‫القدمية يف العام ‪ 1963‬م‪ ،‬بينما مل يبق منها اخلليفة عمر بن اخلطاب ‪-‬ر�ضي اهلل عنه‪ -‬بينما األسواق‪:‬‬ ‫�سوق امللح ـ �سوق اجلنابي ـ �سوق الطعام ـ �سوق‬ ‫�إال �سورها اجلميل الذي يتخلله عدد من الأبواب جند �أن �أكرب تو�سعة ح�صلت للجامع هي التو�سعة‬ ‫‪16‬‬

‫املعطارة ـ �سوق اللحمة ـ �سوق املزاينة‪.‬‬ ‫بجامعة �إب �إىل �إع��ادة ا�ستخدام املباين الأثرية‬ ‫التي توقف ا�ستخدامها يف مدينة �إب القدمية‬ ‫السماسر‪:‬‬ ‫وترميمها حفاظا على قيمتها الفنية واملعمارية‬ ‫�سم�سرة اخل��ان الأعلى ـ �سم�سرة ال�صنعاين وتوظيفها مب��ا ي�خ��دم ح��اج��ة امل��دي�ن��ة � �س��واء يف‬ ‫ـ ��س�م���س��رة اخل� ��ان الأ���س��ف��ل ـ ��س�م���س��رة خ��ان ط��اب�ع�ه��ا احل �� �ض��اري �أو ح��اج��ة امل�ج�ت�م��ع ل�ه��ا‪.‬‬ ‫ف��ار���س ـ �سم�سرة ال�شونة ـ �سم�سرة اجلاللية‪.‬‬ ‫و�أ�شار الدكتور حممد احل��د�أ �إىل العديد من‬ ‫ك �م��ا ت �� �ض��م م��دي �ن��ة �إب ال �ق��دمي��ة ال �ع��دي��د التجارب التي نفذتها بع�ض املدن اليمنية والعربية‪،‬‬ ‫م��ن امل �ن �� �ش ��آت الأث ��ري ��ة الأخ � ��رى م �ث��ل احل �م��ام فقد حظيت كثري من املباين الأث��ري��ة يف مدينة‬ ‫ال � �ع� ��ام‪ ،‬وم��در���س��ت��ي ب ��ن � �ش �ق��ر وغ�ي�ره ��ا من �صنعاء القدمية برتميمها و�إ�صالحها‪ ،‬ثم �إعادة‬ ‫امل� ��آث ��ر ال��دي �ن �ي��ة امل ��وزع ��ة يف ح� ��ارات امل��دي �ن��ة‪ .‬ا�ستخدامها‪ ،‬وبالن�سبة للطرق والأ�ساليب التي‬ ‫تت�ضمنها خطة �إع��ادة توظيف مباين مدينة �إب‬ ‫أهمية تاريخية‪:‬‬ ‫القدمية ف�إنها عملية �إحيائية تت�ضمن عن�صرين‬ ‫وم���ن م�ن�ط�ل��ق �إدراك ال �ق �ي �م��ة ال�ت��اري�خ�ي��ة �أ�سا�سيني هما‪ :‬عمليات الرتميم املطلوب �إجراءها‬ ‫واالقت�صادية للفن املعماري ملدينة �إب القدمية‪ ،‬ب�ه��دف احل�ف��اظ على ال�شكل امل�ع�م��اري والفني‬ ‫فقد ح��ذرت درا��س��ة علمية من ا�ستمرار �إهمال للمباين الأث��ري��ة يف مدينة �إب القدمية‪ ،‬والآخ��ر‬ ‫ال�ت�راث امل ��ادي للمدينة‪ ،‬ودع��ت ال��درا��س��ة التي توظيف املباين الأثرية يف مدينة �إب القدمية �إما‬ ‫�أع��ده��ا ال��دك�ت��ور حممد �أح �م��د احل ��د�أ ـ �أ�ستاذ يف وظيفتها الأ�صلية �أو يف وظيفة م�شابهة �أو يف‬ ‫ال�ع�م��ارة امل�ساعد يف كلية الهند�سة وال�ع�م��ارة وظيفة حديثة حتتاجها املدينة وتخدمها و�أمثلة‬

‫ذلك‪ :‬وظائف م�شابهة للوظائف الأ�صلية وتتمثل‬ ‫بتوظيف املدار�س الإ�سالمية يف مدينة �إب القدمية‬ ‫التي �أغلقت وتوقف ا�ستخدامها‪ ,‬نتيجة الإهمال‬ ‫�أو التي حولت �إىل مباين �سكنية‪� ،‬إىل مدار�س‬ ‫لتحفيظ القر�آن الكرمي للأطفال �ساكني حميط‬ ‫ه��ذه امل��دار���س‪ ،‬وحت��ت �إ��ش��راف ال��دول��ة‪ ،‬وال �شك‬ ‫�أن مثل هذا التوظيف �إذا ما مت �سيخدم املدار�س‬ ‫الأثرية يف مدينة �إب القدمية بالرعاية وال�صيانة‬ ‫الدائمة لها‪ ،‬كما �أنه يف نف�س الوقت �إحياء لوظيفة‬ ‫ومظهر من مظاهر املجتمع الإ�سالمي �أو�شكت على‬ ‫الأفول يف �أغلب بلدان العامل العربي والإ�سالمي‪،‬‬ ‫ومن جهة �أخ��رى ف��إن هذا النوع من اال�ستخدام‬ ‫الديني لهذه املدار�س ي�ضفي قد�سية خا�صة عليها‬ ‫مما يجعلها مبن�أى عن الإهمال �أو االعتداء عليها‪.‬‬ ‫كما ميكن توظيف بع�ض ال��دور الأث��ري��ة التي‬ ‫�أهملت وهجرت مثل دار البي�ضاء‪ ،‬دار الفرناج‪،‬‬ ‫دار امللك‪ ،‬دار منري‪ ،‬وغريها كفنادق ذات طابع‬ ‫خا�ص‪ ،‬لتمثل ن��واة مل�شاريع ا�ستثمارية �سياحية‬ ‫‪17‬‬


‫أماكن‬

‫تخدم التوجهات ال�سياحية للمحافظة‪ ،‬وبذلك‬ ‫ال ي�ت��م ف�ق��ط ت��رم�ي��م ال���دور الأث��ري��ة و�صيانتها‬ ‫ول �ك��ن ي�ت��م �إع � ��ادة ا��س�ت�خ��دام�ه��ا وت��وظ�ي�ف�ه��ا يف‬ ‫وظيفتها الأ��س��ا��س�ي��ة ال�ت��ي �أق�ي�م��ت م��ن �أج�ل�ه��ا‪.‬‬ ‫ب��الإ��ض��اف��ة �إىل ذل��ك‪ ،‬فيمكن توظيف بع�ض‬ ‫امل �ن��ازل وال ��دور الأث��ري��ة يف مدينة �إب القدمية‬ ‫م�ث��ل دار احل �م��ام‪ ،‬دار ال��دي��دب��ان‪ ،‬دار عقيل‪،‬‬ ‫دار ال �غ��در‪ ،‬وغ�يره��ا ك�سكن ب �� �ش��روط ت�ضعها‬ ‫اجلهة املنوط بها الإ� �ش��راف واحلماية للمباين‬ ‫الأث��ري��ة‪ ،‬م��ع � �ض��رورة املتابعة امل�ستمرة وه��ذا‬ ‫ي�سهم يف التخفيف م��ن م�شكلة ال�سكن التي‬ ‫تعاين منها مدينة �إب ب�سبب الزيادة ال�سكانية‪.‬‬ ‫وهناك وفق ًا للدرا�سة املذكورة طريقة �إحياء‬ ‫�أخ� ��رى تتمثل يف حت��وي��ل امل �ب��اين الأث ��ري ��ة �إىل‬ ‫وظائف حديثة تتفق مع طابع مدينة �إب القدمية‬ ‫وتخدمها‪ ،‬وم��ن �أمثلة ذل��ك؛ توظيف ال�سما�سر‬ ‫الأث��ري��ة التي �أغلقت نتيجة لفقدانها لوظيفتها‬ ‫ب�سبب ا�ستخدام و�سائل حديثة يف النقل وتوفر‬ ‫�أم��اك��ن �إق��ام��ة حديثة‪ .‬وك��ذل��ك توظيف ال�سوق‬ ‫يف مدينة �إب ال�ق��دمي��ة كمعر�ض دائ��م لعر�ض‬ ‫منتجات ال�شركات وامل�صانع‪ ,‬معر�ض ًا للحرف‬ ‫التقليدية القدمية ـ توكيالت �سياحية ـ معار�ض‬ ‫للفنانني الت�شكيليني اليمنيني وغري اليمنيني وهذا‬ ‫التوظيف ي�ساعد على �إحياء ال�سوق الذي يعترب‬ ‫�أحد املعامل الأثرية البارزة يف مدينة �إب القدمية‬ ‫ليكون م�صدر جذب جلميع الزائرين بعد �أن كان‬ ‫مهجور ًا ب�سبب ن��زوح التجار و�أ�صحاب احلرف‬ ‫التقليدية �إىل خارج �أ�سوار مدينة �إب القدمية‪� ،‬أما‬ ‫معايري وقواعد �إعادة ا�ستخدام وتوظيف املباين‬ ‫الأثرية يف مدينة �إب القدمية فيوجزها الدكتور‬ ‫احل ��د�أ بقوله‪�( :‬إن �إع ��ادة ا�ستخدام وتوظيف‬ ‫املباين الأثرية التي توقف ا�ستخدامها يف مدينة‬ ‫�إب القدمية غالب ًا ما يحتاج �إىل �إح��داث بع�ض‬ ‫التعديالت والتغيريات �أو قد حتتاج �إىل ت�صميمات‬ ‫�إ�ضافية ق��د حت��دث ت�شوه ًا �أو �أ� �ض��رار ًا باملبنى‬ ‫الأث��ري امل��راد �إع��ادة ا�ستخدامه وتوظيفه‪ ،‬لهذا‬ ‫ومن خالل ما �أعطته الدرا�سات امليدانية لتجارب‬ ‫�سابقة ملبان �أثرية �أعيد ا�ستخدامها وتوظيفها‬ ‫يف �إط��ار املدن العربية والإ�سالمية وخ��ارج �إطار‬ ‫هذه امل��دن‪ ،‬وكذلك ما �أ�شار �إليه ميثاق فين�سيا‬ ‫�سنة ‪ 1964‬يف فقرته رقم (‪ )5‬ف�إنه ميكن و�ضع‬ ‫بع�ض املعايري والقواعد التي تنظم وتخدم عملية‬ ‫�إع� ��ادة ا��س�ت�خ��دام وت��وظ�ي��ف امل �ب��اين الأث��ري��ة يف‬ ‫مدينة �إب القدمية من خ�لال �إع��ادة ا�ستخدام‬ ‫‪18‬‬

‫إستطالع‬

‫املباين الأث��ري��ة وتوظيفها بحيث تكون متوافقة‬ ‫م��ع طبيعة املبنى الأث���ري واح�ت�ي��اج��ات املدينة‬ ‫القدمية بقدر الإمكان‪ ,‬وتخدم يف جمال �صيانتها‪.‬‬ ‫كما �إن عملية �إحياء املباين الأثرية يف مدينة‬ ‫�إب القدمية يجب �أن تكون مرتبطة �إىل حد كبري‬ ‫بنوع الوظيفة امل��زم��ع �إع ��داد املبنى الأث ��ري من‬ ‫�أجلها‪ ،‬وبالتايل ف�إن �إحداث �أي تغيري باملبنى �سواء‬ ‫�إزالة �أو �إ�ضافة يكون �أمر ًا مقبو ًال �شريطة �أن يتم‬ ‫يف �إطار املحافظة على املالمح الطبيعية ملدينة �إب‬

‫القدمية‪ ,‬ولو مثل يف الوقت نف�سه طابع ًا معا�صر َا‪.‬‬ ‫وتبقى فيني�سيا اليمن‪ ,‬مدينة �إب العتيقة‬ ‫�أج�م��ل مناطق اليمن م��ن حيث جمال الطبيعة‬ ‫وال �ت��اري��خ ال�غ��ائ��ر يف عمق ال �ق��دم لتكون الثجة‬ ‫مدينة الأمطار ومدينة �آب التي ا�شتهرت ب�سحرها‬ ‫وفتنتها وه��وائ �ه��ا العليل ال ��ذي ي�ه��ب م��ن عبق‬ ‫اال�صالة اليمنية بنكهة النب اليماين كونها مدينة‬ ‫ال�سياحة والأمطار واجلمال الذي يفنت كل زوارها‬ ‫وي�أ�سره ليتغنى ب�سمفونية ال�سحر وقت الغروب‪.‬‬ ‫‪19‬‬


‫إستطالع‬ ‫مدن‬

‫الح َد ْي َدة‬ ‫ُ‬

‫جوهرة الشاطئ الغربي‬ ‫عبيد احلظاء‬

‫‪20‬‬

‫إستطالع‬ ‫مدن‬

‫ُ َ ْ َ‬ ‫تمثل مدينة الحديدة أهم‬ ‫وأكبر مدينة يمنية على ساحل‬ ‫البحر األحمر‪ ،‬وهي ثغر البالد‪،‬‬ ‫باحتضانها ثاني أهم ميناء‬ ‫رئيسي‪ ،‬بعد ميناء عدن‪ ،‬وأكبر‬ ‫ميناء على البحر األحمر‪،‬‬ ‫وتحتضن أحد أهم مراكز‬ ‫الصناعة التحويلية في البالد‪.‬‬ ‫بعمق‬ ‫وهي ‪ -‬كمدينة‪ -‬تتميز‬ ‫ً‬ ‫تاريخي نسبي‪ ،‬إذ تشكل إرثا‬ ‫تاريخيا ال تزال صفحاته مفتوحة‬ ‫حتى اآلن‪ ،‬فهي أشبه بكتاب‬ ‫تاريخي مفتوح على الدوام‪،‬‬ ‫ذلك البعد التاريخي العميق‬ ‫يكاد أن يتالشى اآلن بعد أن‬ ‫تالقحت تلك الحضارة المهيبة‬ ‫وامتزجت بما قدمته حضارة‬ ‫العصر من تشكالت عميقة‬ ‫على صعيد بنائها الحضري‬ ‫المتسارع‪ ،‬لقد قدمتها حضارة‬ ‫اليوم باعتبارها واحدة من‬ ‫مدن المرافئ والتجارة حيث‬ ‫أصبح لها بعد زمني ومكاني‬ ‫خاصة وهي تسكن بجغرافيتها‬ ‫المترامية في أحضان ذلك‬ ‫الجسم المائي الهائل‪.‬‬

‫متيزت احلديدة ‪ -‬كمحافظة‪ -‬بقيمة م�ضافة‬ ‫تتمثل يف ح��ال��ة ال �ت �ن��وع ال��دمي��وغ��رايف ل�سكان‬ ‫املدينة‪ ،‬وتعد من �أ�سرع مدن البالد منو ًا وتطور ًا‬ ‫خالل العقود الأربعة والن�صف التي �أعقبت قيام‬ ‫ال�ث��ورة اليمنية‪ ،‬وق��د ام�ت��ازت ‪-‬خ�لال م�شوارها‬ ‫احل�ضري الباذخ ‪ -‬بنمو ح�ضري من�ضبط‪ ،‬وكان‬ ‫ل�شاطئها ن�صيب كبري يف ال َّت َم ُ‬ ‫و�ضع ك�أكرب و�أجمل‬ ‫�شاطئ على م�ستوى م��دن ال�ساحل يف البالد‪...‬‬ ‫الموقع وطرق المواصالت‪:‬‬

‫تقع مدينة احلديدة يف منت�صف �ساحل البحر‬ ‫الأحمر تقريب ًا‪ ،‬وت�شغل م�ساحة متتد من ر�أ���س‬ ‫الكثيب �شما ًال حتى قرية منظر جنوب ًا‪ ،‬وت�صل‬ ‫امتداداتها من جهة ال�شرق �إىل �صحراء الزعفران‪،‬‬ ‫وتبعد عن العا�صمة �صنعاء م�سافة ‪ 226‬كم غرب ًا‪.‬‬ ‫ي�سود مدينة احلديدة مناخ حار خالل ف�صل‬ ‫ال�صيف يرتافق مع رطوبة عالية ترتاوح ما بني ‪70‬‬ ‫�إىل ‪ 85‬م ب�سبب ارتفاع معدالت التبخر‪ ،‬وي�صل‬ ‫املتو�سط ال�شهري لدرجة احل��رارة العظمى يف‬ ‫ال�صيف �إىل (ْ‪ )37.5‬ومتو�سط درجة احلرارة‬ ‫ال�صغرى �إىل (ْ‪ )19.6‬درجة مئوية‪ .‬يف حني مييل‬

‫مناخ املدينة خ�لال ف�صل ال�شتاء �إىل االعتدال‬ ‫مبتو�سط �شهري لدرجة احل��رارة العظمى ت�صل‬ ‫�إىل (ْ‪ )24‬درجة مئوية‪ ،‬ومتو�سط لدرجة احلرارة‬ ‫ال�صغرى ي�صل �إىل (ْ‪ )14‬درجة مئوية‪ ،‬وتخفف‬ ‫من حرارة ال�صيف �أمطار الرياح املو�سمية القادمة‬ ‫من املحيط الهندي‪ ،‬رغم كونها غري منتظمة‪� ،‬إذ‬ ‫ت�تراوح كمياتها ما بني ‪�60‬إىل ‪ 150‬ملم �سنوي ًا‪.‬‬ ‫حتت�ضن احل��دي��دة ميناءين دوليني حديثني‪،‬‬ ‫هما‪ :‬مطار ا ُ‬ ‫حلدَ ْيدَ ة الدويل الذي يربط املدينة‬ ‫ب��دول العامل ج��و ًا‪ ،‬وميناء احلديدة ال��ذي يربط‬ ‫امل��دي�ن��ة وال�ي�م��ن ب ��دول ال �ع��امل ب �ح��ر ًا وي �ع��د من‬ ‫املوانئ احلديثة الهامة‪ .‬وهناك طريق بري دويل‬ ‫ي�صل احلديدة باملدن ال�ساحلية للمملكة العربية‬ ‫ال�سعودية و�أه�م�ه��ا ج ��ازان ع�بر منفذ ال�ط��وال‬ ‫احل��دودي ال�بري‪ ،‬وترتبط ا ُ‬ ‫حل��دَ ْي��دَ ة ببقية مدن‬ ‫وحم��اف�ظ��ات ال�ب�لاد ب�شبكة م��وا��ص�لات حديثة‪،‬‬ ‫ت�ضم الطريق الربي الرئي�س‪ :‬ا ُ‬ ‫حلدَ ْيدَ ة‪�-‬صنعاء‪،‬‬ ‫وال �ط��ري��ق ال�ب�ري ال��رئ�ي����س‪ :‬ا ُ‬ ‫حل ��دَ ْي ��دَ ة ‪ -‬تعز‪،‬‬ ‫والطريق ال�بري ال�ساحلي ال��دويل‪ :‬ا ُ‬ ‫حل��دَ ْي��دَ ة ‪-‬‬ ‫عدن‪ ،‬والذي يعترب �أول طريق �إ�سرتاتيجي يربط‬ ‫بني امل��دن ال�ساحلية اليمنية حتى املنفذ الربي‬ ‫‪21‬‬


‫إستطالع‬ ‫مدن‬

‫احل � ��دودي م��رك��ز ��ص��رف�ي��ت مب�ح��اف�ظ��ة امل �ه��رة‪ُ .‬اع� �ت�ب�رت يف �أوائ�� ��ل ال �ع �� �ص��ر احل��دي��ث حمطة‬ ‫ه��ام��ة لإر�� �ش ��اد ال �� �س �ف��ن‪ ،‬ث��م ات �� �س �ع��ت وك�ب�رت‬ ‫ف���ص��ارت ب�ل��دة وم�ي�ن��اء م��ن م��وان��ئ م��دي�ن��ة بيت‬ ‫النشأة وأصل التسمية‪:‬‬ ‫الفقيه التي تقع ال�ي��وم �إىل اجل�ن��وب م��ن مدينة‬ ‫مدينة‬ ‫�خ‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫�ار‬ ‫�‬ ‫ت‬ ‫أن‬ ‫�‬ ‫إىل‬ ‫ت�شري �أرج ��ح امل��راج��ع �‬ ‫احل��دي��دة‪ ،‬ث��م ك�برت وت �ط��ورت و�أ��ص�ب�ح��ت �أح��د‬ ‫احلديدة يعود �إىل حوايل عام ‪700‬هـ‪� ،‬أي بداية امل ��وان ��ئ ال��رئ�ي���س�ي��ة �إب� ��ان ال ��دول ��ة ال �ط��اه��ري��ة‪.‬‬ ‫القرن الثامن الهجري ‪ -‬الرابع ع�شر امليالدي‪،‬‬ ‫�أما ب�ش�أن �أ�صل ت�سمية املدينة بهذا اال�سم‪ ،‬فهناك‬ ‫لعب ميناء احل��دي��دة دورا حم��وري��ا ه��ام��ا يف‬ ‫ر�أي ��ان ت�ضمنتهما امل��راج��ع ال�ت��ي تناولت تاريخ ت�صدير ال�بن اليمني‪� ،‬إىل جانب ميناء املخاء‬ ‫املدينة‪ ،‬ال ��ر�أي الأول ين�سب املدينة �إىل قبيلة الذي يقع يف اجلنوب من ا ُ‬ ‫حلدَ ْيدَ ة وميناء اللحية‬ ‫ُح��دَ ي��د‪ ،‬وه��ي �إح��دى قبائل امل�ع��ازب��ة‪� ،‬أم��ا ال��ر�أي الذي يقع يف ال�شمال منها‪ ،‬وقد تعاظمت �أهمية‬ ‫الثاين فيعيد �أ�صل الت�سمية �إىل ام��ر�أة ا�سمها احل��دي��دة كميناء جت ��اري و� �س��وق ك �ب�ير‪ ،‬خ�لال‬ ‫ح ُديّدَ ة‪ ،‬تقول املراجع التي ترجح هذا الر�أي �إنه القرنني الثامن ع�شر والتا�سع ع�شر وحتى �أوائل‬ ‫ك��ان لهذه امل��ر�أة حمل ق��رب �ساحل البحر ينزل القرن الع�شرين‪ ،‬وتقا�سمت النفوذ التجاري مع‬ ‫فيه الغرباء وامل�سافرون لأج��ل املبيت والراحة‪ ،‬بقية مدن ال�ساحل التهامي وحتى مع مدينة عدن‪.‬‬ ‫ثم �أوى بالقرب منه ال�صيادون �أ�صحاب الزوارق‬ ‫(ال� �ق ��وارب) وباللهجة املحلية (ال�صنابيق)‪،‬‬ ‫ل �ق��د ك ��ان م��ن �أب� ��رز امل���ؤ���ش��رات ع �ل��ى ذل��ك‬ ‫ُ‬ ‫ف�صارت قرية �صغرية ن�سبت �إىل املر�أة املذكورة‪ .‬التوجه التجاري الدويل وجود املمثليات التجارية‬

‫إستطالع‬ ‫مدن‬

‫تقوم مبهمة رعاية م�صالح تلك ال��دول ورعاية‬ ‫�أبنائها املقيمني يف احلديدة‪ .‬ومن �أبرز امل�ؤ�شرات‬ ‫�أي�ض ًا التنوع الدميغرايف ملجتمع املدينة‪ ،‬نتيجة‬ ‫ا�ستقرار جاليات م��ن تركيا والهند‪ ،‬كانت قد‬ ‫ارتبطت مب�صالح جتارية واقت�صادية يف املدينة‪،‬‬ ‫ف� ً‬ ‫ضال عن كونها ممر ًا رئي�سي ًا للحجاج من الهند‬ ‫و��ش��رق �آ��س�ي��ا‪ ،‬وال��ذي��ن ك��ان البع�ض منهم ي�ؤثر‬ ‫البقاء فيها بعد �أداء الفري�ضة لأ�سباب بع�ضها‬ ‫قهرية و�أك�ثره��ا ترتبط باملنافع االقت�صادية‪.‬‬ ‫محفزات الموقع السياحي‪:‬‬

‫احلديدة هي عا�صمة حمافظة حتمل اال�سم‬ ‫ذات ��ه‪ ،‬وق��د وف��رت ه��ذه امل�ك��ان��ة الإداري� ��ة ملدينة‬ ‫احل��دي��دة جملة م��ن امل �م �ي��زات ال �ت��ي ت �ع��زز من‬ ‫امل��وق��ع وامل�ك��ان��ة ال�سياحية للمدينة‪ ،‬فمحافظة‬ ‫احل��دي��دة ت�ست�أثر ب��اجل��زء الأك�ب�ر م��ن م�ساحة‬ ‫ال�سهل التهامي‪ ،‬ال��ذي يعترب �أح��د �سالل الغذاء‬ ‫الأ�سا�سية للبالد‪ ،‬بالنظر �إىل وج��ود ع�شرات‬ ‫لل�شركات ال��دول�ي��ة ال�ك�ب�يرة‪� ،‬إىل ج��ان��ب وج��ود الأودي��ة و�أك�بره��ا و�أخ�صبها‪ .‬وف� ً‬ ‫ضال عن ذلك‪،‬‬ ‫لكنها �سرعان ما تطورت وب��رز دوره��ا‪ ،‬حيث القن�صليات التابعة للدول الكربى‪ ،‬والتي كانت‬

‫‪22‬‬

‫حت�ت��وي حمافظة احل��دي��دة على ت�ن��وع يف املنتج‬ ‫ال�سياحي‪ ،‬مبا متتلكه من �شاطئ طويل يتمتع‬ ‫برمال ناعمة تقطعه دل�ت��اوات الأودي��ة الكبرية‪،‬‬ ‫حيث تت�شكل بيئات طبيعة ف��ري��دة يف تنوعها‬ ‫الأحيائي وخ�صو�ص ًا بيئات �أ�شجار املنجروف‪.‬‬ ‫ل�ل�ح��دي��دة خ�صو�صية م��ن خ�ل�ال امتالكها‬ ‫ملجموعه من اجل��زر الرائعة التي تخفي بيئات‬ ‫غنية بال�شعاب املرجانيه حيث تزخر بها املياه‬ ‫ال��داف �ئ��ة ل�ساحل امل�ح��اف�ظ��ة واجل� ��زر‪ ،‬و�أه�م�ه��ا‬ ‫جمموعة جزر حني�ش وجزيرة كمران وغريها من‬ ‫اجلزر‪ .‬تلك اخل�صو�صية متتد لت�شمل منط جديد‬ ‫من ال�سياحة هو ال�سياحة الريفية �أو ال�سياحة‬ ‫البيئية‪ ،‬الحت�ضانها حمميات ب��ري��ة وبحرية‪،‬‬ ‫�أهمها حممية برع‪ ،‬وحممية للرتاث الثقايف املادي‬ ‫املعلنة يف مدينة زبيد‪ ،‬وحممية تراث ثقايف مادي‬ ‫مر�شحة هي مدينة اللحية‪ ،‬وحممية طبيعية بحرية‬ ‫مر�شحة هي بيئة املنجروف يف ال�شاطئ املمتد من‬ ‫ميدي حتى اللحية‪ ،‬ف� ً‬ ‫ضال عن املنطقة الرطبة‬ ‫يف حميط امل�ي�ن��اء وال �ت��ي ت�شكل �أح ��د املحطات‬

‫املهمة للطيور املائية املهاجرة‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل‬ ‫جزيرة كمران التي تعد �صورة م�صغرة جلزيرة‬ ‫�سقطرى اليمنية الواقعة يف املحيط الهندي ‪.‬‬ ‫متيزت مدينة ا ُ‬ ‫حلدَ ْيدَ ة‪� ،‬أي�ض ًا‪ ،‬برتكيب �سكاين‬ ‫متنوع الثقافات ومنفتح على دول العامل‪ ،‬نتيجة‬ ‫ما ط��ر�أ عليه من تغيريات خ�لال مراحل تطور‬ ‫امل��دي�ن��ة‪ ،‬ففي التكوين الأول للمدينة اعتمدت‬ ‫على القبائل التهامية القاطنة حولها والذين‬ ‫يعود ن�سبهم �إىل قبيلة َع َّ‬ ‫ــك التهامية امل�شهورة‬ ‫وال�ت��ي ان �ح��درت عنها القبائل التهامية ذ�ؤال‪،‬‬ ‫ف�شال‪ ،‬لع�سان‪ ،‬املعازبة‪ ،‬الزرانيق‪ ،‬والأ�شاعرة‪،‬‬ ‫الأ�شاعرة هم من �أوائل ال�سابقني �إىل الإ�سالم‬‫وب �ع��د ق �ي��ام ال �ث��ورة اليمنية يف ‪� 26‬سبتمرب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ومنهم ال�صحابي اجلليل "عبداهلل ب��ن قي�س" ‪1962‬م‪� ،‬شهدت املدينة منوا مت�سارعا‪ ،‬حيث مت‬ ‫املكنى "�أبو مو�سى الأ�شعري"‪ ،-‬وغافق ‪-‬غافق تنفيذ العديد من امل�شاريع التنموية واخلدمية‪،‬‬ ‫منها �أم�ير الأندل�س "عبد الرحمن الغافقي"‪ -‬وت�ع��زز م��وق��ع امليناء كمنفذ رئي�س على �ساحل‬ ‫القحرة‪ ،‬احل�شابرة‪ ،‬الواعظات‪� ،‬صليل‪...،‬الخ‪ .‬البحر الأحمر‪ ،‬و�أقيمت فيها من�ش�آت �صناعية‪،‬‬ ‫�أ�صبحت معها �أه��م مراكز ال�صناعة التحويلية‬ ‫ويف مراحل تطورها احت�ضنت املدينة بع�ض يف البالد‪ ،‬مما عزز من فر�ص منو حركة جتارية‬ ‫الأقليات الذين ف�ضلوا اال�ستقرار فيها عن العودة ن�شطة يف املدينة‪ .‬وهناك العديد من الأ��س��واق‬ ‫�إىل موطنهم الأ�صل‪ ،‬فقد ا�ستقر فيها من تبقى ال�شعبية الأ�سبوعية‪ ،‬واملهرجانات ال�سنوية‪ ،‬التي‬

‫من الأتراك العثمانيني‪ ،‬و�سمي �أحد �أحياء املدينة‬ ‫بحي ال�ترك ن�سب ًة �إليهم‪ ،‬كما ا�ستقر‬ ‫القدمية َّ‬ ‫فيها بع�ض البينيان من التجار الهنود و�سميت‬ ‫�سكة البينيان يف املدينة التاريخية القدمية ن�سب ًة‬ ‫�إليهم‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل بع�ض الهنود الذين كانوا‬ ‫ي��أت��ون للحج �إىل بيت اهلل احل��رام‪ ،‬فتعرت�ضهم‬ ‫بع�ض ال�صعوبات مثل ع��دم كفاية م��ا يحملون‬ ‫م��ن �أم ��وال لعودتهم‪� ،‬أو م��ن مي��وت ل��ه قريب �أو‬ ‫حبيب فيف�ضل البقاء �إىل ج ��واره‪ ،‬ف�سمي �أح��د‬ ‫بحي الهنود ن�سبة �إليهم‪.‬‬ ‫�أحياء املدينة القدمية َّ‬

‫‪23‬‬


‫مدن‬

‫مدن‬ ‫تقام يف حميط مدينة احل��دي��دة‪ ،‬وه��ي �أن�شطة‬ ‫وفعاليات ج��اذب��ة‪ ،‬ت�شكل �إىل ج��ان��ب التنوع يف‬ ‫مفردات املنتج ال�سياحي‪ ،‬ظهري ًا مهم ًا يعزز من‬ ‫موقع مدينة احل��دي��دة كوجهة �سياحية جاذبة‪.‬‬ ‫معالم المشهد السياحي للحديدة‪:‬‬

‫حتفل مدينة احلديدة بالعديد من املفردات‬ ‫ال �ت��ي ت���ش�ك��ل ق� ��وام امل �ن �ت��ج ال���س�ي��اح��ي للمدينة‬ ‫باعتبارها مدينة �شاطئ وميناء‪ ،‬وتت�ضافر تلك‬ ‫العنا�صر لتجعل منها وج�ه��ة �سياحية مثالية‬ ‫وبعنا�صر جذب متعددة‪ ،‬تفا�صيلها �أ�شبه ب�أحداث‬ ‫متناغمة ومتكاملة يف ه��ذا ال�سياق الرتاتبي‪:‬‬ ‫املدينة القدمية‪ :‬تُعد من �أقدم املواقع يف مدينة‬ ‫ا ُ‬ ‫حلدَ ْيدَ ة احلديثة؛ وتعود ن�ش�أتها الأوىل �إىل عام‬ ‫‪700‬ه� �ـ‪� ،‬أي م��ع ب��داي��ة التكوين الأول للمدينة‪،‬‬ ‫وحتتوي على عدة مبانِ تاريخية قدمية ومن�ش�آت‬ ‫حكومية تقع قبالة امليناء القدمي‪ .‬و�شيدت معظم‬ ‫مباين املدينة القدمية‪ ،‬بالآجر ‪-‬الطوب الأحمر‬ ‫ال�صغري امل �ح��روق‪ -‬امل �ق��اوم ل�ل�ظ��روف املناخية‬ ‫احل ��ارة‪ ،‬وح�ي��ث ت�شكل ه��ذه امل ��ادة �أب ��رز �سمات‬ ‫النمط املعماري‪ ،‬وحيث يت�شابه الطراز املعماري‬ ‫للمدينة القدمية �إىل حد كبري مع الطراز ال�سائد‬ ‫يف امل��وان��ئ القدمية على �ساحل البحر الأحمر‪.‬‬

‫وتتكون نوبة باب م�شرف من دورين‪ ،‬مبنية بالآجر‬ ‫والطني‪ ،‬ومطلية جدرانها الداخلية واخلارجية‬ ‫بالنورة‪ ،‬وت�ستخدم حالي ًا مقر ًا لق�سم ال�شرطة‪..‬‬ ‫وم��ا ت��زال اجل��وام��ع وال�ب�ن��اي��ات وال���س��وق القدمي‬ ‫ب�أزقته وممراته ال�ضيقة داخل املدينة التاريخية‬ ‫القدمية توحي بطبيعة احلياة يف ظروف خمتلفة‬ ‫جد ًا وكيف كان �سكان املدينة يعي�شون يف املا�ضي‪.‬‬ ‫الميناء‪:‬‬

‫كان موقع امليناء القدمي للحديدة‪ ،‬يف غرب‬ ‫املدينة التاريخية القدمية داخل ال�سور‪� ،‬أمام‬ ‫ُمتحف ا ُ‬ ‫حلدَ ْيدَ ة حالي ًا‪ ،‬وكان يتكون من حاجزين‬ ‫للأمواج ور�صيف �صغري‪ ،‬وعلى بعد ميلني من‬ ‫امليناء كانت تر�سو ال�سفن ال�شراعية التجارية‬ ‫مبختلف الأحجام‪ .‬وكانت القوارب ال�صغرية‬ ‫تتوىل تفريغ حمولة تلك ال�سفن وتنقلها �إىل‬ ‫ر�صيفي امليناء‪ ،‬ثم يتم نقل الب�ضائع �إىل مبنى‬ ‫اجلمرك على �أكتاف العمال‪.‬‬ ‫ويف ع��ام ‪1911‬م‪� ،‬شرع العثمانيون يف بناء‬ ‫ميناء ر�أ�س الكثيب والذي يقع �إىل �شمال امليناء‬ ‫القدمي مب�سافة ‪ 17‬كم‪ ،‬ويف عام ‪1912‬م قامت‬

‫البحرية الإيطالية ب�ضرب امليناء باملدافع فتوقف‬ ‫العمل فيه‪ .‬ويف خ�لال ال�ف�ترة ‪1961-1958‬م‪،‬‬ ‫قام االحتاد ال�سوفيتي ببناء ميناء كبري وحديث‬ ‫يف منطقة تقع �إىل ال�شمال م��ن امليناء القدمي‬ ‫مب�سافة ‪ 5‬ك��م‪ ،‬وه��و امليناء القائم حتى اليوم‪.‬‬ ‫ويقوم امليناء بتقدمي كافة الت�سهيالت الالزمة‬ ‫لل�سفن التجارية‪ ،‬وتعمل يف امليناء عدد من �شركات‬ ‫املالحة املتخ�ص�صة يف �أعمال ال�شحن والتفريغ‬ ‫وخدمات الت�أمني‪ ،‬ويرتبط ميناء ا ُ‬ ‫حلدَ ْيدَ ة مبيناء‬ ‫ر�أ�س الكثيب العائم والذي يتميز بوقوعه بجانب‬ ‫منطقة الغاط�س‪ ،‬انتظار ال�سفن‪ ،‬ول�ه��ذا ف�إنه‬ ‫ب�إمكان ال�سفن التجارية الدخول واخل��روج من‬ ‫و�إىل امليناء لي ًال ونهار ًا بي�سر و�سهولة‪ ،‬ويرتبط‬ ‫امل �ي �ن��اءان ب�ط��ري��ق �إ��س�ف�ل�ت��ي ط��ول��ه (‪ 12‬ك��م)‪.‬‬ ‫ْدة ( الكورنيش)‪:‬‬ ‫الح َدي َ‬ ‫شاطئ ُ‬

‫يبد�أ �شاطئ ا ُ‬ ‫حلدَ ْيدَ ة من ل�سان ر�أ�س الكثيب �شما ًال‬ ‫ً‬ ‫حتى قرية منظر جنوبا‪ ،‬ويطلق عليه الكورني�ش‪،‬‬ ‫وق��د ب��ات م�لاذ ًا لأه��ايل وزوار مدينة ا ُ‬ ‫حل��دَ ْي��دَ ة‬ ‫وخ��ا��ص��ة خ�ل�ال �أ��ش�ه��ر ال���ص�ي��ف‪ ،‬ح�ي��ث يذهب‬ ‫الأه ��ايل وال���زوار للتنزه وال�سري على ال�شاطئ‬

‫للرتويح عن النف�س واال�ستجمام والتمتع بن�سيم‬ ‫البحر النقي العليل‪.‬‬ ‫يعترب الكورني�ش من �أهم امل�شاريع احلديثة يف‬ ‫مدينة ا ُ‬ ‫حلدَ ْيدَ ة‪ ،‬والذي بد�أ العمل فيه ُ‬ ‫منذ بداية‬ ‫عقد الثمانينات من القرن املا�ضي‪ ،‬وهو عبارة عن‬ ‫تعبيد ال�شاطئ ور�صفه بحيث ال يف�صله عن البحر‬ ‫�سوى م�سافة رملية �صغرية‪ ،‬وميتد طوله لأكرث من‬ ‫ع�شرة كيلومرتات‪ .‬وعلى طول ال�شاطئ يوجد عدد‬ ‫من املقاهي وم��دن الأل�ع��اب احلديثة للأطفال‪،‬‬ ‫كما مت �إقامة ظ�لال وكرا�سي للجلو�س والراحة‬ ‫على ط��ول ال�شاطئ‪ ،‬وت��وج��د ب��ه �إن ��ارة مالئمة‪.‬‬ ‫كل ذلك فيما الأعمال ما تزال جارية لتو�سعة‬ ‫ال���ش��اط��ئ ب��اجت��اه ال���ش�م��ال مب��وا��ص�ف��ات حديثة‬ ‫وه�ن��د��س��ة رائ �ع��ة‪ ،‬ح�ي��ث مت �إن �� �ش��اء م�ب��ان حتمل‬ ‫خ�صائ�ص ال�شاليهات‪ ،‬يتم ت�أجريها للراغبني يف‬ ‫اال�ستثمار ويف تقدمي اخلدمات ال�سياحية لزوار‬ ‫ال�شاطئ‪� .‬أم��ا التو�سعة باجتاه اجلنوب ف�أخذت‬ ‫�أ�شكال املتنزهات وال�ساحات الوا�سعة لإقامة‬ ‫ال�ع��رو���ض واالح �ت �ف��االت باملنا�سبات الوطنية ‪.‬‬ ‫اكت�سبت املدينة بهذا ال�شاطئ لقب عرو�س‬ ‫ال �ب �ح��ر الأح� �م ��ر‪ ،‬ف �ه��ذا ال �� �ش��اط��ئ ب��الإ� �ض��اف��ة‬ ‫�إىل ج �م��ال ت���ص�م�ي�م��ه‪ ،‬ي�ع�ت�بر م �ك��ان � ًا م�لائ�م� ًا‬

‫وتتميز مباين املدينة القدمية‪ ،‬ب�أدوارها العالية‬ ‫التي ت�صل �إىل خم�سة �أدوار‪ ،‬كما تتميز ب�سقوفها‬ ‫اخل�شبية املنقو�شة على �أ�شكال هند�سية بديعة‬ ‫و�شرفات خ�شبية جميلة‪ ،‬وما تزال مدينة ا ُ‬ ‫حلدَ ْيدَ ة‬ ‫التاريخية القدمية داخل ال�سور حتتفظ بطابعها‬ ‫املعماري التقليدي القدمي والفريد‪ .‬فبع�ض املباين‬ ‫ما زال بحالة جيدة على الرغم من م��رور �أكرث‬ ‫من (‪� )200‬سنة على �إن�شائها‪ ،‬و�إن ب��دا �شيوع‬ ‫الرتميم الع�شوائي لبع�ض املباين وت�شويه الطابع‬ ‫املعماري التقليدي من خالل هدم بع�ض املباين‬ ‫لإع ��ادة بنائها وفقا للنمط املعماري احلديث‪.‬‬ ‫وكانت املدينة التاريخية القدمية حتى وقت‬ ‫قريب حماطة ب�سور به �أربعة �أبواب هي‪ :‬باب م�شرف‬ ‫وباب النخيل �شرق ًا‪ ،‬باب ال�سرت �شما ًال وباب اليمن‬ ‫جنوب ًا‪� ،‬إال �أن ال�سور تهدم واندثر متام ًا ومل يبق منه‬ ‫اليوم غري باب م�شرف ونوبته التي ت�شرف عليه‪.‬‬ ‫وقام ببناء ال�سور ال�شريف "حمود اخلرياتي"‬ ‫ع��ام ‪1222‬ه��ـ‪ ،‬يف حني عمر ب��اب م�شرف ونوبته‬ ‫التي ت�شرف عليه‪ ،‬ال�شريف"احل�سني اخلرياتي"‬ ‫�أث �ن��اء �سيطرته على امل��دي�ن��ة يف ع��ام ‪1256‬ه� �ـ‪.‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪25‬‬


‫إستطالع‬ ‫مدن‬

‫إستطالع‬ ‫مدن‬

‫ل �ل �ق �ي��ام ب ��رح�ل�ات ب �ح��ري��ة ق �� �ص�يرة ومم�ت�ع��ة‬ ‫ل�ل�ع��ائ�لات‪ ،‬ع�ل��ى ق ��وارب م�ه�ي��أة ل�ه��ذا ال�غ��ر���ض‪.‬‬ ‫وق� ��د ت��ط��ول رح��ل��ة ت �ل��ك ال � �ق� ��وارب لت�صل‬ ‫�إىل اجل ��زر القريبة ال��واق�ع��ة �إىل ال �غ��رب و�إىل‬ ‫ال �� �ش �م��ال ال �غ��رب��ي و�إىل اجل��ن��وب ال �غ��رب��ي من‬ ‫��س��اح��ل ا ُ‬ ‫حل���دَ ْي���دَ ة‪ ،‬ح�ي��ث ت��وج��د م��واق��ع غو�ص‬ ‫م�ث��ال�ي��ة ع �ل��ى م� ��دار ال� �ع ��ام‪ ،‬يف ب�ي�ئ��ة ال���ش�ع��اب‬ ‫املرجانية املزدانة ب�أ�سماك الزينة‪ ،‬وال�سالحف‬ ‫البحرية‪ ،‬و�أن��واع خمتلفة من �أ�سماك الدالفني‪.‬‬

‫الذي قام بتو�سعة اجلامع من جهة ال�شرق‪ ،‬عام‬ ‫‪1255‬ه�ـ‪ ،‬وال�شيخ حممد دحمان بادويالن‪ ،‬الذي‬ ‫قام بعمارة خم�سة �صفوف �إ�ضافية من امل�ؤخرة‬ ‫مرتفعة عن ال�صفوف الأوىل من املقدمة وعمر‬ ‫امل �ن��ارة واحل �م��ام��ات‪ .‬ويف ع��ام ‪1370‬ه � �ـ تولت‬ ‫احلكومة �إ��ص�لاح �سقوفه ورفعها عن م�ستواها‬ ‫ال �ه��اب��ط بحيث ت �� �س��اوت م��ع ��ص�ف��وف امل ��ؤخ��رة‪،‬‬ ‫قبل �أن يهدم كلي ًا بحيث مل يبق �أثر للقدمي منه‬ ‫�سوى اجل��زء اخلا�ص باملرافق‪ ،‬ثم �أعيد بنا�ؤه‪.‬‬

‫الجامع الكبير‪:‬‬

‫قلعة الكورنيش‪:‬‬

‫يقع اجلامع الكبري يف املدينة التاريخية القدمية �أطلق عليها القلعة اجلنوبية �سابقا؛ وقد �أن�شئت‬ ‫القلعة �إبان الوجود العثماين الأول يف اليمن‪،‬‬ ‫داخل ال�سور‪ ،‬ويعترب من امل�ساجد ال�شهرية يف‬ ‫يف الفرتة من (‪946‬هـ ‪1046 -‬هـ) ‪-1538( -‬‬ ‫املدينة‪� ،‬إذ يعود تاريخ عمارة اجلامع �إىل عام‬ ‫‪1635‬م)‪ ،‬من �ضمن عدة قالع وح�صون �أقيمت‬ ‫‪1111‬هـ‪ ،‬عندما قامت بعمارته امر�أة تدعى‬ ‫يف احلديدة‪ ،‬نظر ًا ملوقع املدينة املتميز‪ ،‬والذي‬ ‫"فاطمة بنت �أحمد الزراق" ‪ ،‬وهي ابنة لأحد‬ ‫جتار مدينة ا ُ‬ ‫�أك�سبها �أهمية ا�سرتاتيجية دفاعية باعتبارها‬ ‫حلدَ ْيدَ ة القادم من ُعمان‪.‬‬ ‫وبعد ت�أ�سي�سه �شهد اجلامع‪ ،‬عدة تو�سعات على خط الدفاع الأول عن الأرا�ضي اليمنية‪� ،‬إ ِّال �أن‬ ‫يد مي�سوري املدينة و�أب��رزه��م‪ :‬حمدون اجلويد‪ ،‬معظم هذه القالع واحل�صون تعر�ضت لق�صف‬ ‫‪26‬‬

‫اخل ��ارج ��ش��رف��ات خ�شبية جميلة‪ ،‬وف �ق � ًا لطراز‬ ‫البناء ال�سائد يف املدينة التاريخية القدمية داخل‬ ‫ال�سور‪ ،‬حيث يتكون الطابق الأول من املدخل ثم‬ ‫�أرب��ع غ��رف وخم��زن كبري‪ ،‬فيما يتكون الطابق‬ ‫الثاين من �سبع غ��رف وحمام ومطبخ‪ ،‬والغرفة‬ ‫الو�سطى‪ ،‬ويعلو الطابق الثاين �سقف على هيئة‬ ‫قبة‪ .‬ويتم ال�صعود �إىل الطابق الثاين عرب درج‬ ‫خ�شبي من جهتني‪ ،‬ويحتوي املُتحف على �أق�سام‬ ‫مل��وج��ودات ول�ق��ي �أث��ري��ة ع��دي��دة تنتمي لع�صور‬ ‫تاريخية قدمية و�إ�سالمية ومعا�صرة‪ ،‬بالإ�ضافة‬ ‫�إىل امل��وروث ال�شعبي ال��ذي تتميز به ا ُ‬ ‫حل��دَ ْي��دَ ة‪.‬‬

‫ال�سفن والبوارج الإيطالية والربيطانية ومل يتبق‬ ‫منها �سوى قلعة الكورني�ش‪.‬‬ ‫وتقع القلعة على تلة مرتفعة قبالة البحر‪،‬‬ ‫ع �ل��ى م���س��اف��ة ك�ي�ل��وم�تر واح� ��د ت �ق��ري �ب � ًا ج�ن��وب‬ ‫امل �ي �ن��اء ال��ق��دمي‪ ،‬وه ��ي م��ن امل��واق��ع ال�ت��اري�خ�ي��ة‬ ‫وال �� �ش��واه��د ال �� �س �ي��اح �ي��ة امل �م �ي��زة يف امل��دي �ن��ة‪.‬‬ ‫بنيت القلعة بالآجر امل�شوي والطني والنورة‬ ‫ال �ب �ي �� �ض��اء ومت ��س�ق�ف�ه��ا ب��الأخ�����ش��اب‪ ،‬مت�ي��زت‬ ‫بتح�صيناتها من الداخل واخل��ارج‪ ،‬وا�ستخدمت‬ ‫ك�سجن من قبل العثمانيني ومن بعدهم الأئمة‪،‬‬ ‫وحافظت على طابعها املعماري الع�سكري عدة‬ ‫قرون حتى تعر�ضت �إىل الت�شويه فتم هدمها و�إعادة‬ ‫بنائها بنف�س منط معمارها التقليدي الفريد‪.‬‬

‫صهاريج المياه (المدبات)‪:‬‬

‫هو عبارة عن مبنى مت ت�شييده من الآجر والطني‪،‬‬ ‫كما ه��و ح��ال بقية املن�ش�آت الهامة يف املدينة‪،‬‬ ‫وج��دران��ه الداخلية واخلارجية مطلية بالنورة‪.‬‬ ‫وي �ت �ك��ون املُ �ت �ح��ف م��ن ط��اب �ق�ين ت�غ�ط�ي��ه من‬

‫يعترب امل ��دب معلم ح���ض��اري هند�سي فريد‬ ‫تتميز به مدينة ا ُ‬ ‫حل��دَ ْي��دَ ة‪ ،‬عن غريها من املدن‬ ‫اليمنية‪ ،‬يبلغ ع��دده��ا ع�شرة م��دب��ات تنت�شر يف‬ ‫معظم الأح��ي��اء ال �ق��دمي��ة؛ الأول‪ :‬ب �ج��وار ب��اب‬ ‫بحي‬ ‫بحي ال�صديقية‪ ،‬الثالث‪ّ :‬‬ ‫م�شرف‪ ،‬الثاين‪ّ :‬‬ ‫احل��وك العليا‪ ،‬ال��راب��ع‪ :‬ب�ح� ّ�ي احل��وك ال�سفلى‪،‬‬

‫ُمتحف المدينة‪:‬‬

‫بحي املطراق‪ ،‬ال�ساد�س‪ :‬بامل�ست�شفى‪،‬‬ ‫اخلام�س‪ّ :‬‬ ‫ال �� �س��اب��ع‪ :‬ب��ال�ع��ر��ض��ي‪ ،‬ال �ث��ام��ن‪ :‬ب ��دار الن�صر‪،‬‬ ‫التا�سع‪ :‬باملقام ال�شريف والعا�شر‪ :‬بدار النزهة‪.‬‬ ‫وقد �أن�شئت تلك املدبات �أو ال�صهاريج بهدف‬ ‫خزن وحفظ املياه التي كانت ت�أتي خفيفة امللوحة‬ ‫من منطقة احلايل الواقعة �إىل ال�شمال ال�شرقي‬ ‫م��ن املدينة القدمية مب�سافة ثالثة كيلومرتات‬ ‫‪ ،‬حيث ينزح امل��اء من بئر ت�صب عرب �سراديب‬ ‫حتت الأر���ض ومتتد �إىل املدبات‪ .‬وامل��دب عبارة‬ ‫عن جتويف حمفور حتت الأر�ض يتم النزول �إليه‬ ‫عرب درج مبني من احلجارة ال�صلبة‪ ،‬ويف �أ�سفل‬ ‫التجويف يوجد حو�ض مياه‪ ،‬ويف �أ�سفل احلو�ض‬ ‫توجد �شعاب مرجانية جلبت م��ن البحر ويعلو‬ ‫احلو�ض قبة بنيت من الآجر والطني‪ ،‬ونظر ًا لعوامل‬ ‫التطوير والتحديث التي طر�أت على احلياة العامة‪،‬‬ ‫ومنها ت�أمني خدمات �إي�صال املياه �إىل املنازل عرب‬ ‫م�شاريع املياه احلكومية والأهلية فقدت املدبات‬ ‫�أهميتها وطواها الن�سيان ف�أ�صبحت اليوم مهملة‪.‬‬

‫مرفأ صيد األسماك وسوق الحراج‪:‬‬

‫يقع �إىل جنوب امليناء القدمي مب�سافة ‪1.5‬‬ ‫كم‪ ،‬وتعر�ض فيه �أنواع الأ�سماك التي جتود‬ ‫بها �شواطئ وجزر البحر الأحمر‪ ،‬والتي ي�شكل‬ ‫عر�ضها وحراجها اليومي لوحة مده�شة‪ ،‬حيث‬ ‫تتنوع وتت�شكل تلك العرو�ض بتنوع وت�شكل �أنواع‬ ‫الأ�سماك املختلفة‪� ،‬إ�ضافة �إىل احلركة الن�شطة‬ ‫للداللني و�أزيائهم ال�شعبية اللتني تعك�سان جاذبية‬ ‫خا�صة لل�سوق يتمتع بر�ؤيتها زوار املدينة من‬ ‫املقيمني وغري املقيمني‪.‬‬ ‫إمكانيات العرض السياحي للحديدة‬

‫تزور مدينة ا ُ‬ ‫حلدَ ْيدَ ة �شرائح �سياحية خمتلفة‬ ‫من داخ��ل اليمن ومن اململكة العربية ال�سعودية‬ ‫وال�ب�ل��دان امل �ج��اورة‪ ،‬و��س��وق ال�سياح الأورب �ي�ين‪،‬‬ ‫والذين تتوقف �سفن رحالتهم البحرية يف موانئ‬ ‫ا ُ‬ ‫حل���دَ ْي���دَ ة‪ ،‬وت �ق��وم جم�م��وع��ات منهم ب��رح�لات‬ ‫�سياحية ل�ي��وم واح��د ف�ق��ط‪� ،‬أو مل��دة ث�لاث��ة �أي��ام‬ ‫وال��ع��ودة م���س��ا ًء للمبيت ع�ل��ى ال�سفينة‪ ،‬حيث‬ ‫‪27‬‬


‫مدن‬

‫ي� ��زورون مدينة ا ُ‬ ‫حل ��دَ ْي ��دَ ة التاريخية القدمية‬ ‫و�سوق ح��راج ال�سمك‪� ،‬أو ينطلقون �إىل �ضواحي‬ ‫ا ُ‬ ‫حل� ��دَ ْي� ��دَ ة ل ��زي ��ارة م��دي �ن��ة زب �ي��د ال�ت��اري�خ�ي��ة‪.‬‬ ‫وعند العودة يعرجون على �سوق ومدينة بيت‬ ‫الفقيه ال�شهرية‪ ،‬و�سوق املعر�ص يف الزهرة‪� ،‬أو‬ ‫ين�ضمون زي��ارة �إىل حممية ًب��رع وج�ب��ال ح��راز‪،‬‬ ‫وي�شكل �سوق العائالت �أكرب ال�شرائح ال�سكانية بال‬ ‫منازع‪ ،‬وهو مرتبط بالعطالت حيث تبحث العائالت‬ ‫عن املتعة والت�سلية و�إ�شراك الأطفال ب�شكل خا�ص‬ ‫يف الن�شاطات التي ميكنهم اال�ستمتاع بها مع ًا‪.‬‬ ‫وي� �ق ��وم �أه� � ��ايل ا ُ‬ ‫حل�� ��دَ ْي�� ��دَ ة ال��ع��ام��ل��ون يف‬ ‫مناطق �أخ��رى ب��زي��ارة ا ُ‬ ‫حل��دَ ْي��دَ ة �أث�ن��اء �إج��ازت��ي‬ ‫العيدين‪ ،‬ويف عطلة نهاية الأ�سبوع‪ ،‬والإج��ازات‬ ‫ال�صيفية‪ ،‬ولغر�ض زي��ارة الأ��ص��دق��اء والأق ��ارب‬ ‫ومنا�سبات ال ��زواج‪ ،‬و�سياحة الأع �م��ال الناجتة‬ ‫ع ��ن م �ي �ن��اء ا ُ‬ ‫حل� � ��دَ ْي� � ��دَ ة ال� �ت� �ج ��اري ال �ن �� �ش��ط‪.‬‬ ‫وت���ش�ك��ل ا ُ‬ ‫حل���دَ ْي���دَ ة م �ع�بر ًا للم�سافرين من‬ ‫و�إىل ال�سعودية امل�ج��اورة‪ ،‬كما جت��ذب ا ُ‬ ‫حل��دَ ْي��دَ ة‬ ‫ال���ش��رائ��ح ال�سياحية ال�ت��ي ت��رغ��ب يف ممار�سة‬

‫إستطالع‬

‫مرافق الإي��واء ارتفاع معدالت الإ�شغال يف �أي��ام‬ ‫الأع�ي��اد‪ ،‬و�أي��ام عطل نهاية الأ�سبوع‪ ،‬ويف �أ�شهر‬ ‫ال�شتاء ت�صل ال�سياحة �إىل �أعلى ن�سب الإ�شغال‬ ‫نظر ًا حلالة الطق�س اجليدة يف املدينة‪ ،‬وتكون‬ ‫جميع الفنادق ال�سياحية وال�شقق ممتلئة وبع�ض‬ ‫ال�سياح مي�ضون بع�ض لياليهم يف الكورني�ش �أو‬ ‫يف ال�سيارات ب�سبب ع��دم توفر غ��رف املنامة‪.‬‬

‫الإب� �ح ��ار �إىل اجل� ��زر‪ ،‬وال �� �ش��رائ��ح ال�سياحية‬ ‫م��ن ذوي االه �ت �م��ام��ات اخل��ا� �ص��ة كاال�ستمتاع‬ ‫ب��ال���س�ي��اح��ة ال�ب�ي�ئ�ي��ة امل��رت �ب �ط��ة ب ��ر�ؤي ��ة ال�ط�ي��ور‬ ‫امل�ستوطنة واملهاجرة وال�سالحف ال�ن��ادرة التي‬ ‫تتخذ م��ن بع�ض �شواطئ احل��دي��دة موط ًنا لها‪.‬‬ ‫وجت� ��ذب م��دي �ن��ة ا ُ‬ ‫حل� ��دَ ْي� ��دَ ة � �س��وق ال���ش�ب��اب‬ ‫املحلي واملقيمني الأج��ان��ب لال�ستمتاع ب�سياحة‬ ‫امل �غ��ام��رات وم�ن�ه��ا ال��ري��ا� �ض��ات امل��ائ �ي��ة وب�شكل‬ ‫وي��وج��د يف امل��دي �ن��ة �أك �ث�ر م��ن ‪ 50‬ف �ن��دق � ًا‪،‬‬ ‫خ��ا���ص ري��ا� �ض��ة ال �غ��و���ص وال���س�ب��اح��ة حت��ت امل��اء‬ ‫ورك��وب ال��دراج��ات املائية‪ ،‬والتزلج على املياه‪ ،‬ت�ت��وزع على خمتلف فئات الت�صنيف م��ن �أربعة‬ ‫والإب � �ح� ��ار ب��ال��ق��وارب ال �� �ش��راع �ي��ة‪ ،‬وال���ص�ي��د‪ ،‬جنوم ن��زو ًال �إىل جنمة واح��دة‪ ،‬منها عدد ثالثة‬ ‫وال�ت��ي ُت�ع��د م��ن الريا�ضات النامية يف اليمن‪ .‬فنادق فئة �أربعة جن��وم‪ ،‬منها فندق تاج �أو�سان‬ ‫ال�ك��ائ��ن يف � �ش��ارع �صنعاء‪ ،‬وح ��وايل �أح ��د ع�شر‬ ‫فندقا فئة ث�لاث��ة جن��وم‪ ،‬منها ف�ن��دق الفخامة‬ ‫البنية الفوقية‪:‬‬ ‫حلدَ ْيدَ ة تتجه ب�صورة � �س �ن�تر ال �ك��ائ��ن يف �� �ش ��ارع ال �ك��ورن �ي ����ش‪ ،‬ف�ن��دق‬ ‫�إن ال�سياحة يف مدينة ا ُ‬ ‫عامة نحو ال�سياحة املحلية وال�سياحة الإقليمية �أمبا�سدور وفندق برو�ستول الكائنان يف �شارع‬ ‫املتمثلة بالوافدين من البلدان املجاورة‪ ،‬وتعاين �صنعاء‪ ،‬فندق احلديدة الكائن يف �شارع امليناء‬ ‫املدينة من حدة املو�سمية‪ ،‬وقد ات�ضح من مالكي وفندق الكورني�ش الكائن يف �شارع الكورني�ش‪.‬‬

‫حديـقـة‬ ‫الحيوان‬ ‫في صنعاء‬

‫ثمن االرتقاء الصعب‬ ‫في بيئة تسودها‬ ‫أحياء الطبيعة اآلسرة‬ ‫‪28‬‬

‫ماجد التميمي‬

‫‪29‬‬


‫إستطالع‬ ‫تحقيق‬

‫تب�شر احلديقة مبيالد حقل �سياحي طبيعي واعد‬ ‫�إذا م�ضت خطة الإ�صالحات فيها دون �أية م�صاعب‬ ‫�أده�شني ر�ؤي��ة ذل��ك االنتظام ال��رائ��ع والتن�سيق‬ ‫امل�ت�ك��ام��ل ال ��ذي �آل ��ت �إل �ي��ه ح��دي�ق��ة احل �ي��وان يف‬ ‫�صنعاء‪ ،‬وقد كنت �أح�سب �أن الإهمال ال يزال–‬ ‫ك��ال�ع��ادة ‪ -‬ال��دي��ن الر�سمي ال��ذي ي��ؤم��ن ب��ه كل‬ ‫الذين ع�بروا ه��ذا املكان وا�ستوطنوه لفرتة من‬ ‫الزمن‪ ،‬ثمة رغبة جاحمة جتتاحني لر�ؤية هذا‬ ‫التجمع احل�ي��واين املتنوع‪ ،‬ومبعث تلك الرغبة‬ ‫ه��و يقيني ب���أن الإن���س��ان يظل يهفو ل��ر�ؤي��ة هذه‬ ‫املخلوقات التي ت�شاطرنا حياتنا وكوكبنا‪ ،‬رغم‬ ‫�إن البع�ض ال ي ��زال عالقا ب�ين �أف �ك��ار م�شوهة‬ ‫تدعي احلق املطلق للإن�سان يف الت�صرف كيفما‬ ‫ي���ش��اء‪ ،‬ح�ت��ى و�إن ك��ان ذل��ك ع�ل��ى ح���س��اب ه��ذه‬ ‫الكائنات‪ ،‬تنحدر مثل هذه الأفكار �إىل م�ستويات‬ ‫‪30‬‬

‫تحقيق‬

‫دنيا لأنها ال تقد�س الطبيعة وال حت�ترم �أمزجة‬ ‫و�سلوك �أحيائها وحياتها يف كثري من الأحيان‪.‬‬ ‫بالن�سبة حلديقة احليوان يف �صنعاء – املتنزه‬ ‫الطبيعي والأح�ي��ائ��ي الأول يف اليمن ‪� -‬أ�صبح‬ ‫مبقدور �أي منا التفا�ؤل والإمي��ان ب ��أن اليمن ال‬ ‫تزال �أر�ضا خ�صبة بالكفاءات الوطنية امل�شهودة‪،‬‬ ‫فقد مل�سنا الكثري من اخلطوات البيئية والهند�سية‬ ‫ق��ام بها مدير احلديقة ‪ -‬املعني قريبا – �أزه��ر‬ ‫النفيلي‪ ،‬وه��ي خ�ط��وات ناه�ضة وت�ؤ�س�س لقيمة‬ ‫�سياحية رائ��دة بكل املقايي�س‪ ،‬ر�أينا ذلك عندما‬ ‫تلم�سنا تلك اخلطوات وقر�أنا تفا�صيلها يف وجوه‬ ‫موظفي وع�م��ال احلديقة وزواره���ا‪ ،‬ع�لاوة على‬ ‫ذلك ت�ستطيع �أن تقر�أ مالمح تلك احليوانات التي‬ ‫ت�سكن ذلك املحيط الطبيعي املغلق‪� ،‬إنها تبدو �أكرث‬ ‫حركة وت�ألقا الآن‪ ،‬لقد غادرها الوجوم وال�شحوب‪،‬‬

‫الذي كنا نراه دائما ي�سكن ملوك الغابة والكثري‬ ‫من احليوانات‪ ،‬ف�أ�صبح مبقدورنا الآن التحدث‬ ‫عن مق�صد �سياحي فيه ق��در ع��ال من التنظيم‬ ‫وامل�سئولية والأخ�ل�اق‪،‬ه��ذه ه��ي بيئة احليوانات‬ ‫امل��ده �� �ش��ة‪ ،‬امل�ح�ب��و��س��ة خ�ل��ف �أ�� �س ��وار احل��دي��د ‪.‬‬ ‫البداية الحقيقية‬

‫يف لقائي الأول بالأ�ستاذ �أزه ��ر النفيلي مدير‬ ‫احلديقة �شعرت �أن ثمة �أ�شياء تقلقه وت��ؤرق��ه‪،‬‬ ‫فهو مل يكن �سعيدا رغ ��م �إن ��ه امل��دي��ر وال��رج��ل‬ ‫الأول يف ه��ذا امل �ك��ان‪ ،‬ي�ت�ح��دث النفيلي ب �ت ��أوه‬ ‫ع��ن ال �ظ��روف ال�ت��ي حتيط بعمله يف احلديقة‪،‬‬ ‫وعن ال�صعوبات التي لطاملا �أجه�ضت م�شروعه‬ ‫اجلميل وخطاه التطويرية‪ ،‬وكغريه من امل�سئولني‬ ‫يتطلع النفيلي لإي�ج��اد بيئة عمل وطنيه خالية‬

‫م��ن ك��ل امل �ن �غ �� �ص��ات وال �ع��راق �ي��ل ال �ت��ي حت��اول‬ ‫�إف�شال ك��ل خمطط جميل‪ ،‬يف مكتبه املتوا�ضع‬ ‫ال��ذي متو�ضع ف��وق رب��وة مرتفعة بع�ض ال�شيء‪,‬‬ ‫حتدث عن بداياته يف احلديقة وطريقة �إدارت��ه‬ ‫لها وال�صعوبات التي تقابله دائ�م��ا‪ ،‬وتطلعاته‬ ‫التي ي�سعى لتحقيقها والتي ي��رى �أنها �ضرورية‬ ‫حتى ت��أخ��ذ احلديقة مكانها الطبيعي الالئق‪.‬‬ ‫مل يكن مرتاحا ملا يحدث‪ ،‬رمبا لأنه يدرك مدى‬ ‫�صعوبة التفاعل والعمل اجلاد يف بيئة م�سمومة‪،‬‬ ‫ورغم ذلك فقد ابت�سم لنا وحاول �أن يظهر ب�صورة‬ ‫امل�سئول املتفائل الغري مبال بالعوائق‪ ،‬فقد قدم‬ ‫ر�ؤاه التطويرية للحديقة لكنها �ضلت م�شلولة �أمام‬ ‫روت�ين �إداري �صلب وجم�ح��ف‪ ،‬بالرغم م��ن �أن��ه‬ ‫حتدث عن الدور الإيجابي والتفاعل املتميز الذي‬ ‫يبديه �أم�ين العا�صمة الأ�ستاذ عبدالقادر على‬

‫البديعة واملهيبة والتي انتزعت ق�سرا من بيئاتها‬ ‫الطبيعية الربية‪ ,‬هو الرتفيه والتثقيف والتعليم‪،‬‬ ‫ال �أري��د التحامل على �أح��د ولكن ‪-‬كمتخ�ص�ص‬ ‫يف البيئة‪� -‬أ�شعر بوجود نوع من االهتمام �أمتنى‬ ‫�أن ال يقابل بخطوات مثبطة‪ ،‬وجدير ب��الإدارة‬ ‫اجلديدة للحديقة‪ ,‬وعلى ر�أ�سها الأ�ستاذ النفيلي‬ ‫�أن حتافظ على كل التوازنات �ضمانا لنجاحاتها‪،‬‬ ‫ولأن الطريق – ح�سب النفيلي– ال��ذي ي�سري‬ ‫عليه الآن �شاق ف��إن التحلي بال�شجاعة وال�صرب‬ ‫والإق��دام هي الو�سائل املثلى لتحقيق غاية نبيلة‪،‬‬ ‫وه��ي �إح �ي��اء ه��ذا امل�ت�ن��زه الطبيعي وت�ط��وي��ره‪.‬‬ ‫لقد ك��ان��ت ال�ب��داي��ة �صعبة كما �أخ�ب�رين بذلك‬ ‫الأ�ستاذ �أزهر‪ ،‬و�أت�صور الآن ‪-‬بناء على معرفتي‬ ‫البيئية املتوا�ضعة‪� -‬أن الذين تناوبوا على �إدارة‬ ‫ه��ذا املكان مل يكونوا يفرقوا‪ -‬بنوع من اجلهل‬

‫هالل‪ ،‬ال �شيء مما �سعيت �إليه قد حتقق با�ستثناء‬ ‫بع�ض الإ�صالحات التي ن�أمل �أن ت�ستكمل دون �أن‬ ‫تعرت�ضها �أي معوقات‪ ،‬هكذا يتحدث الأ�ستاذ �أزهر‪،‬‬ ‫ومي�ضي‪ ،‬ثمة خمططات تطويرية بد�أنا بها الآن‬ ‫وهي حتما ت�صب يف جانب االهتمام ب�إيجاد بيئات‬ ‫تتفق مع حاجة هذه الكائنات وط��رق معي�شتها‪،‬‬ ‫وهذا الأمر يحتاج �إىل �صرب ومكابدة‪ ،‬و�إن حتقق‬ ‫ف�سوف ت��رون مظهرا طبيعيا خمتلفا و�ساحرا‪،‬‬ ‫ولعلي �أتفق معه الآن‪ ،‬فاحلديقة مل تكن تعنى مبثل‬ ‫هذا االهتمام الذي حتظى به الآن‪ ،‬ومل يكن مظهر‬ ‫احليوانات فيها الئقا كما هو الآن‪ ،‬جمرد نظرة‬ ‫على تلك احليوانات �سابقا‪ ,‬ت�شعرك وك�أنها تق�ضي‬ ‫عامها ال�ث��اين ب��دون ط�ع��ام‪ ،‬لقد ك��ان منظرها‬ ‫بائ�سا ويوحي ب�أنها تق�ضي فرتة عقوبة يف �سجن‬ ‫ما‪ ،‬مع �أن الق�صد من وجود مثل هذه املخلوقات‬

‫رمبا‪ -‬بني �إدارة حديقة للحيوانات وبني املن�صب‪،‬‬ ‫فقد ت�صوروا يف حلظة ما �أن �إدارتها �أ�شبه مبن�صب‬ ‫�سيا�سي‪ ،‬رمب��ا لهذا ال�سبب ظلت �أ�شبه بحقل‬ ‫مهجور فيه كائنات حمبو�سة‪ ،‬ول�ست �أعيب على‬ ‫�أحد هنا عدم جناحه يف �إدارة حديقة هامة كهذه‪،‬‬ ‫لأن املفرت�ض يف اختيار كادر �إدارتها �أن يكون وفق‬ ‫معايري علمية و�أن يكون الكادر متخ�ص�صا يف هذا‬ ‫اجلانب‪ ،‬والتخ�ص�ص هنا مهم ويجب �أن يكون‬ ‫دافع االختيار الأول لإدارة حديقة كهذه‪ ،‬و�أ�شهد‬ ‫�أن �إدارة احلديقة احلالية على قدر من التخ�ص�ص‬ ‫امل�أمول‪ ،‬وال ريب عندي �أنها �ستفلح يف اختياراتها‬ ‫التطويرية مبا يحقق جانبني مهمني هما البيئة‬ ‫وال�سياحة‪ ،‬و�أظنها الآن ت�ستكمل م�سريتها كواحد‬ ‫من �أهم املن�شئات ال�سياحية الوطنية يف العا�صمة‪.‬‬

‫خطوة أولى‬

‫وعن �أب��رز اخلطوات التي ب��د�أت �إدارة احلديقة‬ ‫بتنفيذها فعليا حتدث الأ�ستاذ �أزهر‪ " :‬لقد �شرعنا‬ ‫يف �إن���ش��اء م��وق��ع �إل �ك�تروين للحديقة مب�ساعدة‬ ‫الأ��س�ت��اذ �أك ��رم اجل��وحل��ي‪ ,‬رئي�س حت��ري��ر جملة‬ ‫ال�سياحة‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل ح�سابات على �شبكات‬ ‫التوا�صل االجتماعي امل�ت�ع��ددة‪ ،‬وه��ذه اخلطوة‬ ‫�ستمنح احلديقة م�ساحة �أكرب للتعريف بنف�سها‪,‬‬ ‫من خالل رفد املوقع الإل�ك�تروين بكل املعلومات‬ ‫�سواء باللغة العربية �أو الإجنليزية‪ ،‬ون�سعى من‬ ‫خ�لال ه��ذه اخلطوة �إىل حماولة اال�ستفادة من‬ ‫ك��ل املالحظات واالن �ت �ق��ادات التي ي�ضعها زوار‬ ‫امل��وق��ع‪ ،‬وه��ذه اخلطوة– يف اع�ت�ق��ادي – �سوف‬ ‫جتعلنا من�ضي ب�شكل �صحيح كما ه��و م��أم��ول‪.‬‬ ‫ومي�ضي �أزه��ر يف حديثه‪" :‬وكخطوة ثانية ن�سعى‬

‫ل�لا��س�ت�ف��ادة م��ن ال��رح�ل�ات امل��در� �س �ي��ة‪ ،‬بحيث‬ ‫ي�ك��ون مب�ق��دورن��ا حتويلها م��ن رح�ل�ات ترفيهية‬ ‫�إىل رح�لات تعليمية‪ ،‬وذل��ك من خالل تعريفهم‬ ‫ب��ال���ص��ورة الإي �ج��اب �ي��ة للتعامل م��ع احل�ي��وان��ات‬ ‫باعتبارها ث��روة وطنية هامة "‪ ,‬ورمب��ا هذه هي‬ ‫ال�صورة املثلى للتعرف على هذا الإرث الطبيعي‬ ‫ال �ن��ادر‪ ،‬وب��ال�ت��ايل امل���س��اع��دة يف ت�شجيع املناخ‬ ‫ال�سياحي ال��داخ�ل��ي‪ ،‬وذل��ك يف تقديري يف�ضي‬ ‫�إىل احل �ف��اظ على ال�ت�ن��وع احل �ي��وي يف ال��وط��ن‪،‬‬ ‫وه��ذه ثمرة �سنجنيها من هذا الت�شكل الأبجدي‬ ‫لثقافة عميقة تنمو من ال�صغر على نحو مبدع‪.‬‬ ‫يذهب اال�ستاذ النفيلي �إىل �أن االهتمام بالن�شء‬ ‫� �س��وف ي�ح�ق��ق وع �ي��ا جمتمعيا ب��أه�م�ي��ة احل�ي��اة‬ ‫الربية و�أهمية هذه احليوانات‪ ،‬وبالتايل �إيجاد‬ ‫عالقة ب�ين الإن���س��ان وبيئته جتعله يحافظ على‬ ‫‪31‬‬


‫تحقيق‬

‫تحقيق‬

‫احل�ي��وان��ات حتى وه��ي طليقة يف ال�بري��ة ولي�ست وب�ضمري وط�ن��ي ن�ق��ي ل��ن يعجز ع��ن مثل ه��ذا‪.‬‬ ‫ف�ق��ط وه��ي حمبو�سة داخ ��ل �أق �ف��ا���ص احل��دي��د‪.‬‬ ‫تقسيمات الحديقة‬

‫بالتجوال داخ��ل احلديقة ال�ت��ي تبلغ م�ساحتها‬ ‫ح� � ��وايل ‪ 3200‬م�ت�ر م���رب���ع‪ ،‬مي �ك �ن �ن��ا ال��ق��ول‬ ‫�إن �ه��ا ت�ت�ك��ون م��ن خم�سة �أق �� �س��ام �أب��رزه��ا ق�سم‬ ‫احل �ي��وان��ات امل�ف�تر��س��ة وت���ض��م الأ� �س��ود وال�ن�م��ور‬ ‫وال �� �ض �ب��اع وال ��ذئ ��اب وال �ف �ه��ود ب��الإ� �ض��اف��ة �إىل‬ ‫ال��و��ش��ق ال ��ذي يعد م��ن ف�صيلة القطط الربية‬ ‫املفرت�سة‪ ،‬ثم ق�سم الزواحف وق�سم احليوانات‬ ‫الأل�ي�ف��ة وق�سم ال�ط�ي��ور ب��الإ��ض��اف��ة �إىل الق�سم‬ ‫امل�شاغب وامل�ضطرب وه��و ق�سم ق��رود البابون‪.‬‬ ‫��ص�ح�ي��ح �أن احل��دي �ق��ة ي�ن�ق���ص�ه��ا ال �ك �ث�ير من‬ ‫احليوانات‪ ,‬كحمار الوح�ش والفيل والزرافة والدب‬ ‫ووحيد القرن والنمر الأ�سيوي املتميز‪� ،‬إال �أن ذلك‬ ‫ال يقلل من �ش�أنها‪ ،‬وقد �س�ألنا مدير احلديقة عما‬ ‫�إذا كانت لديه خطة جللب مثل هذه احليوانات‪،‬‬ ‫وك��ان رده ب��الإي�ج��اب‪ ،‬لكنه يعتقد �أن املو�ضوع‬ ‫يحتاج �إىل وقت ودعم‪ ،‬و�شخ�صيا �س�أكون �سعيدا‬ ‫– ومثلي الكثري – �إذا ما احتوت هذه احلديقة‬ ‫داخ ��ل �أ� �س��واره��ا ك��ل ه��ذا اخل�ل�ي��ط املتميز من‬ ‫الأحياء لأن ذلك �سيجعل منها مق�صدا �سياحيا‬ ‫كبريا وحمطة هامة ال تخطئوها عيون الزائرين‪.‬‬ ‫هناك خ�ط��وات ناه�ضه ب��د�أت يف الظهور ن�أمل‬ ‫ا��س�ت�م��راره��ا وت�ط��وي��ره��ا حتى يت�سنى لنا ر�ؤي��ة‬ ‫دب متوح�ش �أو ف�ي��ل عظيم �أو زراف ��ة ودودة‪,‬‬ ‫ون �ح��ن يف ق�ل��ب م��ا ي���س�م��ون��ه ب�ل�اد ال���ص�ح��راء‪،‬‬ ‫ل�ست واث �ق��ا م��ن حتقق ذل ��ك‪ ،‬لكن ال ��ذي يعمل‬ ‫ب ��د�أب م��ن �أج ��ل قيمة �سياحية راف ��دة وممتعة‬

‫‪32‬‬

‫خطة ترويجية‬

‫اع��ت�ب�ر م��دي��ر احل��دي �ق��ة �أن ث �م��ة ق �� �ص��ورا يف‬ ‫اجل��ان��ب ال�تروي �ج��ي ح�ت��ى الآن‪ ،‬ل�ك��ن خ�ط��وات‬ ‫�إن���ش��اء امل��وق��ع الإل �ك�تروين والت�سويق الإع�لام��ي‬ ‫ع�بر ال���ش��رك��ات اخل��ا��ص��ة م��ن خ�لال املل�صقات‬ ‫ال��دع��ائ �ي��ة‪ ,‬ت ��أخ��ذ ح �ي��زا م��ن االه �ت �م��ام الآن‪،‬‬ ‫وه ��ي خ �ط��وة ت���أخ��رت ك �ث�يرا‪ ،‬لكنه ذه ��ب �إىل‬ ‫الت�أكيد على �أهمية هذا الأم��ر يف ق��ادم الأي��ام ‪.‬‬ ‫خطة للتحسين والتطوير‬

‫ا�ستطرد الأ��س�ت��اذ �أزه ��ر‪ -‬بعد �أن غ�شت وجهه‬ ‫�سحابة حزن ممزوجة بتفائل حذر‪ -‬حينما �س�ألته‬ ‫ع��ن خطة التطوير والتح�سني‪ ،‬لكنه وبكل ثقة‬ ‫راح ي�سرد �أهم املالمح التطويرية التي ت�شهدها‬ ‫حديقة احل �ي��وان يف ال��وق��ت احل��ا� �ض��ر‪" :‬هناك‬ ‫درا�سة متكاملة متت بالتعاون مع مديرية ال�سبعني‬ ‫وهي بخ�صو�ص تطوير وحت�سني احلديقة‪ ،‬والآن‬ ‫نبد�أ بتنفيذ املرحلة الأوىل منها‪ ،‬وهي عبارة عن‬ ‫م�سطحات خ�ضراء ور�سومات و�أ�شكال جمالية‬ ‫للأطفال‪ ،‬وي�أتي تاليا �إزال��ة كل الت�شوهات‪ ،‬وكل‬ ‫ذلك وفق خطة ن�سعى من خاللها �إىل خلق موقع‬ ‫طبيعي يتالءم مع جمالية املكان ونابع من البيئة‬ ‫ذاتها "‪ ،‬لقد مل�ست قيمة فعلية للعمل و�أح�س�ست‬ ‫بوجود درجة كافية من الوعي‪ ،‬ف�إذا غلب اجلانب‬ ‫الطبيعي على ال�صبغة ال�صناعية امل�ستحدثة نكون‬ ‫قد و�ضعنا اللبنات الأوىل لعامل طبيعي تعي�ش فيه‬ ‫هذه الكائنات بنوع من التكيف والكربياء والتكامل‪.‬‬ ‫هذا التفا�ؤل رمبا يكون نابعا من جدوى ما تقدمه‬

‫لنا الطبيعة من مميزات نادرة كال�صخور والرتاب‬ ‫والرمال والكثري من �أدوات الطبيعة التي جتعل‬ ‫مبقدورنا تكيفها مبا يخدم هذا الغر�ض الطبيعي ‪.‬‬ ‫لقد ب��د�أت بالفعل خطة التطوير‪-‬كما �شاهدت‪-‬‬ ‫فامل�سطحات اخل �� �ض��راء الأرب��ع��ة ه��ي اخل�ط��وة‬ ‫الأوىل الآن‪ ،‬لكن الأ��س�ت��اذ النفيلي ي�ج��زم �أن��ه‬ ‫بالرغم م��ن فرحته بهذه البداية �إال �أن هناك‬ ‫من املنغ�صات ما ال يخفى‪ ،‬فامل�سطحات ‪-‬ح�سب‬ ‫اعتقاده‪ -‬حتتاج �إىل طريقة حديثة للري �ضمانا‬ ‫ال�ستدامتها واحل �ف��اظ عليها‪ ،‬ل�ك��ن يف ال��وق��ت‬ ‫احلا�ضر ‪-‬ح�سب النفيلي‪ -‬ال متتلك احلديقة هذه‬ ‫التقنية وتتم عملية ال�سقي بالري التقليدي وهو ما‬ ‫ال ين�سجم مع خطة التطوير التي نحن ب�صددها‪.‬‬ ‫تشجيع مركزي‬

‫يثق م��دي��ر احلديقة ب��الأ��س�ت��اذ ع�ب��دال�ق��ادر على‬ ‫ه�لال �أم�ين العا�صمة والأ��س�ت��اذ ع�صام جمعان‬ ‫وكيل قطاع البلديات ال�سابق ‪-‬بح�سب قوله‪-‬‬ ‫ف �ق��د ك��ان��وا الأك �ث��ر ت���ش�ج�ي�ع��ا ع �ن��دم��ا ط��رح��ت‬ ‫عليهم فكرة تطوير احلديقة‪ ،‬وبالرغم من �أن‬ ‫ع��ائ��دات احلديقة �ضعيفة مقارنة مب��ا حتققه‪،‬‬ ‫ف���إن الن�سبة الأك�ب�ر ت��ذه��ب ل�صندوق النظافة‬ ‫والتح�سني‪ ،‬وه��ذا ق��د ال يتما�شى م��ع �أي خطة‬ ‫تطويرية قد يقدمون عليها يف امل�ستقبل‪� ،‬إال �أن‬ ‫ذل��ك مل يحدث �أي �إرب��اك طاملا �أن هناك �ضوء‬ ‫�أخ�ضر ب�إيجاد متكني �إداري وه��و �أول النجاح ‪.‬‬ ‫محميات مصغرة‬

‫ت�شمل خطة التطوير التي ت�سعى �إليها �إدارة احلديقة‬ ‫�إيجاد حمميات م�صغرة‪ ،‬وهي فكرة جميلة‪ ،‬يعترب‬

‫الأ�ستاذ �أزهر �أن حتويل احلديقة من جمرد غرف‬ ‫و�شبكات م�صغرة �إىل حمميات طبيعية م�صغرة‬ ‫خطوة �ضرورية للنهو�ض مب�ستوى احلديقة‪ ،‬ي�أتي‬ ‫ذلك من خالل خلق بيئات متعددة لأكرث من كائن‬ ‫�ضمن بيئة واحدة‪ ،‬وفكرة املحميات امل�صغرة هي‬ ‫�إعطاء البيئة املنا�سبة لكل حيوان وجعله يعي�ش‬ ‫يف مناخ يتفق ن�سبيا مع بيئته الطبيعية الأ�صلية‪،‬‬ ‫بالإ�ضافة �إىل عمل �شالالت ا�صطناعية لتوفري‬ ‫الرطوبة الكافية وخا�صة يف فرتة ا�شتداد احلرارة‪.‬‬ ‫تشكيل غذائي مناسب‬

‫يف ح��دائ��ق احل�ي��وان��ات ‪-‬كما ه��و املعتاد دائما‪-‬‬ ‫تتلقى �إدارت� �ه ��ا �سيال م��ن االن �ت �ق��ادات احل��ادة‬ ‫حتى م��ن �أب�سط ال���زوار‪� ،‬إن�ه��ا علة اجل��وع التي‬ ‫ق��د ت�سلب احل �ي��وان ق��درت��ه على الظهور ب�شكل‬ ‫الئق‪ ،‬فيبدو هزيال �شاحبا ال يقوى على حتريك‬ ‫نف�سه‪ ،‬مما يفقد ال��زوار متعة م�شاهدتهم لها‪.‬‬ ‫م��ن ال�ب��دي�ه��ي ال �ق��ول �إن م�شكلة ��س��وء التغذية‬ ‫التي تعانيها احل�ي��وان��ات �سببها الأول والأخ�ير‬ ‫ت��دين م�ستوى االه�ت�م��ام ب�ه��ذه الكائنات وع��دم‬ ‫�إعطائها غذاءها الطبيعي الالزم‪ ،‬وقد يكون من‬ ‫البديهي ح�صول مثل هذا الأمر‪ ,‬خا�صة و�أن هذه‬ ‫احليوانات حرة يف معي�شتها وحرة يف اختيار ما‬ ‫تريد من طعام‪ ،‬ويف و�ضع كهذا ف�إنها جترب على‬ ‫ممار�سة حياة ال تتفق مع طبيعتها‪ ،‬ورمب��ا لهذا‬ ‫ال�سبب جتدها �أكرث �ضعفا‪ ،‬فقد طالعت هذا جيدا‬ ‫يف حديقة حيوان تعز ومن قبلها حديقة حيوان‬ ‫�صنعاء‪ ،‬وخالل ذلك مل تكن لتبدو تلك احليوانات‬ ‫��س�ع�ي��دة مب���ص�يره��ا الأب� ��دي وخ��ا� �ص��ة ح�ين يتم‬ ‫حرمانها من ممار�سة حياتها الطبيعية و�إن كان‬

‫ب�شكل م�صغر‪ ،‬وميكن مالحظة هذا الأمر ب�سهولة‬ ‫من خ�لال ا�ضطراب �سلوكها يف ف�ترة الظهرية‬ ‫وتوترها وا�ست�سالمها الأخ�ير مل�صري جمهول ‪.‬‬ ‫لكنني وم ��ن خ�ل�ال زي��ارت��ي الأخ �ي��رة حلديقة‬ ‫احل�ي��وان يف �صنعاء ر�أي��ت حت��وال يف ف�سيولوجيا‬ ‫احل�ي��وان��ات‪ ،‬و�أك ��اد �أج��زم �أن احل��ظ ابت�سم لها‬ ‫�أخ�ي�را‪� ،‬إذ تبدو الئقة يف مظهرها‪ ،‬لقد ب��د�أت‬ ‫الأ�سود ت�ستكمل بناءها الطبيعي‪ ،‬وكنا نراها ‪-‬‬ ‫كعادتها ‪ -‬وقد الت�صقت جلودها على بطونها من‬ ‫�شدة اجلوع وا�ست�سلمت لنوم طويل‪ ،‬وقد حدثت‬ ‫مدير احلديقة عن هذا التحول الرائع‪ ،‬وكان قبلها‬ ‫قد طلب مني مرافقته �إىل �أحد �أقفا�ص الأ�سود‪،‬‬ ‫�أحجمت بادئ الأمر وامتنعت خ�شية �أن ت�ستفيق‬ ‫غ��ري��زة االف�ترا���س فتبا�شرين دون رح�م��ة‪ ،‬لكنه‬ ‫كان لطيفا فقال يل مداعبا‪�" :‬أنا ال �آكل �أي �شيء‬ ‫من م�ستحقاتها الغذائية ولهذا لن ي�ؤذوك" يتابع‬ ‫�أزهر حديثه "لقد عمدنا ‪-‬منذ جئنا �إىل هنا‪� -‬إىل‬ ‫توفري احلمري والأبقار واجلمال حتى �صار لدينا‬ ‫وفرة غذائية‪ ،‬ومع ذلك ف�إننا يف كثري من الأحيان‬ ‫ال ن�سلم من التوبيخ ومن بع�ض املمار�سات ال�سلبية‬ ‫التي حتاول تثبيط هممنا‪ ,‬و�إف�شالنا" وفيما يخ�ص‬ ‫احل�ي��وان��ات الأخ ��رى يتابع �أزه��ر حديثه ‪ ":‬لقد‬ ‫ا�ستطعنا تنظيم عملية ال�شراء للمواد الغذائية‬ ‫التي تتفق م��ع حاجة ك��ل كائن وحر�صنا ب�شكل‬ ‫كبري على �أن تكون كافية‪ ،‬بحيث ال تتعر�ض للتلف‬ ‫�أو التعفن‪ ،‬كما يف الفواكه واخل�ضروات‪ ،‬وحتى‬ ‫الآن ال تزال الأمور مت�ضي كما هو خمطط لها"‪.‬‬ ‫ب�شار من ق�سم الأ�سود اعترب �أن وج��وده يف هذا‬ ‫الق�سم نوعا من املغامرة اجلميلة‪ ،‬فقد توطدت‬ ‫عالقته م��ع الأ� �س��ود و� �ص��ارت ج��زءا م��ن حياته‪،‬‬

‫�إن��ه يداعبها ويالطفها كما ل��و ك��ان��ت غ��زالن��ا‪،‬‬ ‫وعندما �س�ألته عن مدى خوفه مما �إذا تذكرت‬ ‫هذه احليوانات غريزتها الطبيعية يف االفرتا�س‪،‬‬ ‫ب��ادر بالنفي ق��ائ�لا ‪ ":‬لقد ت��رب��ت ه��ذه الأ��س��ود‬ ‫معنا منذ �صغرها وق��د ي�ك��ون اخل��وف م��وج��ودا‬ ‫ولكنه يف ح ��االت ن ��ادرة وخ��ا��ص��ة �إذا ا�ستفحل‬ ‫ب�ه��ا اجل� ��وع‪ ،‬ل�ك��ن يف ال��وق��ت احل ��ايل ك��ل �شيء‬ ‫موجود ومتوفر ورمب��ا هي �أف�ضل ف�ترة ت�شهدها‬ ‫احلديقة فيما يخ�ص جانب االهتمام الغذائي"‪.‬‬ ‫لمسة طبيعية في قسم الزواحف‬

‫ي�شهد ق�سم الزواحف الآن حت�سينات كبرية‪ ،‬فيها‬ ‫الكثري من احل�س الطبيعي‪ ،‬فالثعابني ‪-‬مثال‪-‬‬ ‫خملوقات تع�شق العي�ش يف ال�شقوق والكهوف‬ ‫والأم��اك��ن املظلمة وه��ي بيئاتها الطبيعية‪ ،‬لهذا‬ ‫ت�سعى �إدارة احلديقة الآن �إىل خلق هذه البيئة‬ ‫من خالل التح�سينات التي طالعناها‪ ،‬فالتغريات‬ ‫التي تطر�أ الآن على هذا الق�سم �ستجعل منه مثار‬ ‫اهتمام لكل الزوار م�ستقبال‪ ،‬وبدال من ر�ؤية تلك‬ ‫الثعابني خاملة وملتوية على نف�سها كما لو كانت‬ ‫ميتة‪� ،‬ستكون ‪-‬وفقا خلطة التح�سينات‪ -‬قادرة‬ ‫على الت�سلق وال�ظ�ه��ور ب�شكل طبيعي كما هي‬ ‫حالتها يف الربية ويف حالة يغلب عيها الظالم‪،‬‬ ‫ويف املقابل �ستكون هناك �شا�شة عري�ضة لر�ؤيتها‬ ‫و�سط ذلك الظالم‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل مدخل الق�سم‬ ‫الذي �سيغلب عليه اجلانب الطبيعي كما لو كان‬ ‫ال��زائ��ر بالفعل ي�خ��و���ض م�غ��ام��رة يف ك�ه��ف م��ا‪،‬‬ ‫�إ�ضافة �إىل ذلك �سيتم تعزيز هذا الق�سم مبربع‬ ‫علوي لطائر البوم الليلي ال��ذي �سي�ضيف طابعا‬ ‫جماليا لأح �ي��اء �أدم �ن��ت العي�ش و�سط الظالم‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫استطالع‬ ‫إستطالع‬

‫استطالع‬ ‫إستطالع‬

‫ُ‬ ‫آيات ِّ‬ ‫السحر و سو ُر الجمال‬

‫َح ْيد الجزيل‬ ‫ٌ‬ ‫لوحة ال َتمت لها أزمنة زيتيات‬ ‫لة ‪ ،‬كما أنها‬ ‫ص ٍ‬ ‫(دافنشي) ِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ليست حكرا على ألوان‬ ‫ٌ‬ ‫خليط مزج‬ ‫(بيكاسو) ‪ ...‬هي‬ ‫بين آيات ِّ‬ ‫السحر ال َرّباني وسور‬ ‫الجمال واإلبداع اليمني ‪...‬‬ ‫ٌ‬ ‫قصيدة يترنم على إيقاع‬ ‫الدّان‬ ‫تفعيالتها عبق َ‬ ‫الحضرمي المنساب على‬ ‫الح ْ‬ ‫ضرمي‪،‬‬ ‫مخمليات التفرد َ‬ ‫ً‬ ‫فاستحقت أن تكون تحفة في‬ ‫أعالي الجبال صاغها اإلنسان‬ ‫طين وِتبْن‪.‬‬ ‫من‬ ‫ٍ‬ ‫‪34‬‬

‫م �ع�ين ال �� �ص �ي��ادي‬

‫(ح� ْي��د اجل��زي��ل)‪ ..‬القرية الأع�ج��وب��ة‪ ،‬اجلال�سة‬ ‫َ‬ ‫جرف �صخري‪.‬‬ ‫ب�شموخ وثقة كبريتني على �سطح ٍ‬ ‫(ح� ْي��د) بفتح احل��اء تُطلق يف اليمن على‬ ‫وكلمة َ‬ ‫امل�ن��اط��ق ال��واق�ع��ة على ح��روف اجل �ب��ال‪ ،‬وغالباً‬ ‫مقطوع من ث�لاث جهات‪،‬‬ ‫جبل‬ ‫ما تكون يف قمة ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بينما اجلهة الثالثة متثل الطريق �إل�ي��ه‪ ،‬ومهما‬ ‫كانت وعورته ف�إن الو�صول �إليه لي�س بامل�ستحيل‪.‬‬ ‫�أما كلمة (اجلزيل) فهي من " َجزَ َل " �أي َقوِيَ ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫واجل���زْ ُل م��ا عظم م��ن ال�شيء‪ ،‬ويعتقد �أن هذه‬ ‫الت�سمية ج��اءت من اطمئنان �أه��ل القرية لأمان‬ ‫امل��وق��ع‪� ،‬أو ًال م��ن ن��اح�ي��ة ارت �ف��اع��ه ع��ن جم��اري‬ ‫ال�سيول والأودية‪ ،‬وثاني ًا لقوة �صخر اجلرف الذي‬ ‫جتل�س عليه ال�ق��ري��ة‪ ،‬ناهيك ع��ن الأم ��ان التام‬ ‫واملطلق ال��ذي منحه احليد لأه��ل القرية يف حال‬

‫ال�صراعات واالعتداءات التي تت�ضارب الروايات‬ ‫ح��ول �أ��س�ب��اب ان��دالع�ه��ا ب�ين القبائل ب�ين احلني‬ ‫والآخ��ر‪ ،‬حتى انطلق �أه��ل هذه القرية يف ت�شييد‬ ‫بيوتهم على �سطح هذا اجلرف ال�صخري القابع‬ ‫و�سط رب��و ٍة مرتفع ٍة تتو�سط وادٍ يقف عن ميينه‬ ‫و�شماله جبالن �شاخمان‪ ،‬ويتعانق قبالتها جمريان‬ ‫حقول منب�سط ٍة‬ ‫للمياه فيتكلل حميطها باخ�ضرار ٍ‬ ‫ومبت�سمة يف وجوه �أهلها وزوارها‪� ،‬أما بيوتها تطل‬ ‫بديع وك�أنها �أقرا�ص (ب�سكويت)‬ ‫منت�شي ًة‬ ‫ٍ‬ ‫برتا�ص ٍ‬ ‫ذهبي على طاول ٍة م�ستدير ٍة‬ ‫مر�صو�ص يف‬ ‫ٍ‬ ‫�صحن ٍ‬ ‫و�سط رو�ض ٍة غ َّناء ‪ ...‬احلقول الزراعية تتزاحم‪،‬‬ ‫و�أ�شجار النخيل البا�سقة ترق�ص على نغم خرير‬ ‫املياه املتدفقة يف نهرين ي�أتيانها من وادي َعقْرون‬ ‫ووادي َم��راه‪ ،‬لرتتوي معها حكاية قري ٍة �ساحر ٍة‬

‫و�أنا�س يقطر الطيب منهم كع�سل وادي َد ْو َع��ن‪ .‬يف �أحوا�ض النخيل يف الأودية ويتم جلبها حينذاك‬ ‫�إىل املرتفعات على ظهر احليوانات‪ .‬وكانت تطلى‬ ‫اجلب�س‬ ‫الواجهات اخلارجية لتلك البيوت مبادة ِ‬ ‫ٌ‬ ‫قرية من طين‪:‬‬ ‫تت�ألف قرية َح ْيد اجلزيل ‪ -‬التي تقع يف �أطراف (ال� ُن��و َرة) وهو ما مينح تقا�سيمها بريق ًا وملعاناً‬ ‫وادي َد ْو َعن الأي�سر ‪ -‬من قرابة ع�شرين بيت ًا‪ ،‬قيل يف �آنٍ واحد‪ ،‬بالإ�ضافة اىل القوة والعمر الطويل‪.‬‬ ‫�أن �أهلها ينتمون �إىل عائل ٍة واحد ٍة من �آل العمودي‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫طبيعة خالبة‪:‬‬ ‫وق��د متكن مهند�سوها م��ن ت�شييد بيوتها ذات‬ ‫ال�ساحرة على‬ ‫الطوابق املتعددة والتقا�سيم املعمارية البديعة من امل�شهد ال يمُ َ ��ل و�أن��ت ت�شاهد تلك َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ال�ضفة املقابلة وحتديد ًا من منتجع املنطقة �أو‬ ‫الطني املخلوط بالتنب وجذوع الأ�شجار‪ ،‬وهي مواد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تتوافر بكرث ٍة يف تلك املنطقة خا�ص ًة واملحافظة ما يعرف با�سم (خ ْيلة ُبق�شان) واململوك للتاجر‬ ‫َ‬ ‫احل���ض��رم��ي امل �ع��روف ( ُب �ق �� �ش��ان)‪ ،‬و�سنتحدث‬ ‫عام ًة‪ ،‬ناهيك عن كونها غري مكلفة‪ ،‬وتع ّمر البيوت‬ ‫امل�شيدة منها ل�سنوات طويلة‪ ،‬ومتتاز باملتانة يف ع��ن ج�م��ال طبيعته و� ِ��س�ح��ر م�ع�م��اره ومقتنياته‬ ‫مواجهة الأم�ط��ار والعوا�صف‪ ،‬وحت��دي��د ًا يف ظل ال�شعبية يف م��و��ض��ع �آخ ��ر م��ن ه ��ذا امل��و� �ض��وع‪.‬‬ ‫ا�ستمرار �صيانتها‪ .‬وقيل �إن مواد البناء هذه ت�صنع �أم��ا بالعودة �إىل قرية َح� ْي��د اجل��زي��ل‪ ،‬فالنظرة‬

‫الأوىل منها �أو �إليها كافي ٌة ب�أن ت�أ�سرك وتودعك‬ ‫خلف ق�ضبان زنازين ع�شقها‪ ،‬وك ٌ‬ ‫رث هم من هاموا‬ ‫يف غرامها وتغزّلوا بعينيها الناع�ستني‪� ،‬إنها ج�س ٌد‬ ‫مزج بني �سحر الأنوثة وجمال و�سحر الطبيعة‪.‬‬ ‫أجمل أودية اليمن‪:‬‬

‫ما �إن ت�صل �إىل منتجع املنطقة املقابل لقرية‬ ‫حيد اجلزيل حتى ينزاح عنك كل العناء الذي‬ ‫تكبدته للو�صول �إليه‪ ،‬تلك املنطقة الواقف ًة على‬ ‫م��دار ال�ساعة‪ ،‬فاحت ًة �أح�ضانها لزائريها وهي‬ ‫ت��ردد "مرحيب مرحيب بك يالطيب الأ�صلي‪...‬‬ ‫ال ��دار دارك و�أه �ل��ك ع��ده��م �أهلي"‪ ،‬م�ستمتع ًة‬ ‫بتحية الطبيعة من حولها يف وادٍ هو من �أجمل‬ ‫�أودية اليمن و�أكرث �أودية َح�ضرموت �شهرة ‪� ...‬إنه‬ ‫‪35‬‬


‫استطالع‬

‫استطالع‬

‫وادي ( َد ْو َعن) ذائع ال�صيت بالع�سل اليمني‪ ،‬ويقع‬ ‫يف اجلهة ال�شمالية الغربية ملحافظة َح�ضرموت‪،‬‬ ‫وميكن الو�صول �إليه ب��ر ًا بال�سيارة من (املُ َك َّال)‬ ‫عا�صمة املحافظة يف �أق��ل م��ن �ساعة ون�صف‪.‬‬ ‫وينق�سم ه��ذا ال ��وادي �إىل ق�سمني (الأمي���ن) و‬ ‫(الأي�سر) يتناثر على �ضفافهما ع��د ٌد من املدن‬ ‫وال �ق��رى ال�ت��اري�خ�ي��ة وال���س�ي��اح�ي��ة‪ ،‬وال �ت��ي ت�شكل‬ ‫مبعمارها الطيني وبيئتها ال�ساحرة م�شاهد توحي‬ ‫بخ�صو�صي ٍة الفت ٍة للعمارة الطينية املزينة بالألوان‪،‬‬ ‫وه��و م��ا �أف� ��ردت ل��ه بع�ض ال��درا� �س��ات م�ساح ًة‬ ‫مل ت��ف تلك ال�ع�م��ارة حقها حتى الآن‪ ،‬وخا�ص ًة‬ ‫بال�شقني التاريخي والفني – وفقا للدار�سني‪.‬‬ ‫أغنى مناطق العالم‪:‬‬

‫الذي �شيدت عليه هذه القرية‬ ‫ولأن �سطح اجلرف ٍ‬ ‫ب�شكل‬ ‫غري م�ستو من الو�سط فقد ُ�ش ّيدت املباين‬ ‫ٍ‬ ‫�شبه دائ��ري على �أط��راف ال�صخرة‪ ،‬مرتفع َة يف‬ ‫طوابقها لت�صل يف بع�ضها اىل �أرب �ع��ه ط��واب��ق‪،‬‬ ‫تتحدث تفا�صيلها بلغ ٍة معماري ٍة خا�ص ٍة ت�ؤكد مبا‬ ‫ال يدع جما ًال لل�شك �أن اليمن من �أغنى املناطق‬ ‫يف العامل باملعمار الطيني‪ .‬ووادي َد ْوعن من �أغنى‬ ‫مناطق اليمن بهذا املعمار الذي مبقدوره �أن يعي�ش‬ ‫طوي ًال �إذا ا�ستقر �سكانه ومل يهاجروا وا�ستمروا‬ ‫ب�صيانته الدائمة‪ ،‬وهو ما �أ�سهم يف �إبقاء تراث‬ ‫هذا املعمار يف اليمن دون كثري من البلدان‪ ،‬حيث‬ ‫مايزال اليمن يحتفظ بالكثري ج��د ًا من ال�تراث‬ ‫املعماري الأ�صيل والفريد من خالل تلك البيوت‬ ‫التي حتتفظ بوظائفها وت�صميمها وخ�صو�صيتها‬ ‫ومراعاة املناخ والبيئة املحيطة بها‪ ،‬وفقا للباحثة‬ ‫يف املعمار الدوعني الأ�ستاذة‪ /‬ماجدة الدوملوجي‪.‬‬

‫ال�شهري‪� ,‬أح ��د �أج ��ود �أن� ��واع الع�سل يف ال�ع��امل‪.‬‬ ‫وبجدار ٍة ف�إن َح ْيد اجلزيل جزير ٌة بري ٌة نادرة‪،‬‬ ‫وح�ضرموت هي ع�سل اليمن و�أطيب حمافظاته‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫فردوس مفقود‪:‬‬

‫"ح ْيد" املنتجع الذي يحاط ب�سو ٍر �ش ِّيد من‬ ‫�شرفة َ‬ ‫احلجر والإ�سمنت‪ ،‬ف�شعرت �أنني طائ ٌر حمل ٌق يف‬ ‫الف�ضاء يبحث عن فري�س ٍة ي�سد بها رمق جوعه‪.‬‬ ‫ولأن رم��ق ج��وع��ي ال�سياحي ك��ان �شبه م�سدودٍ‬ ‫ل�ك�ثرة م��ا التهمت �شهية ك��ام�يرات��ي وم��دون��ات��ي‬ ‫املفتوحة منذ ال�ساعة التا�سعة �صباح ًا ‪ -‬حينما‬ ‫غ ��ادرت غرفتي ب ��إح��دى ف�ن��ادق مدينة َ�س ْيئون‬ ‫مبحافظة ح�ضرموت التي تبعد عن القرية ما‬ ‫يقارب ‪ 140‬كيلومرتا ‪ -‬ع�شرات القرى ال�ساحرة‬ ‫وال ��ودي ��ان اخل�ل َّ�اب��ة والأ�� �س ��واق ال�شعبية‪ ،‬لكن‬ ‫حتليقي مل ي�ستمر طوي ًال خ�صو�ص ًا يف حمافظ ٍة‬ ‫كح َ�ضرموت‪ ،‬ملا حتمل يف �أح�شائها من خمزونٍ‬ ‫َ‬ ‫يف‬ ‫�ا‬ ‫�‬ ‫ق‬ ‫ث�‬ ‫�اري ف��ري��د‪ ،‬يتنوع بتنوع‬ ‫ٍ‬ ‫و�سياحي وح���ض� ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ت�ضاري�س الأمكنة والأزمنة‪ ،‬لأجد فردو�س �ضالتي‬ ‫املفقود يف َح ْيد اجلزيل‪ ،‬التي ا�ستطاعت �أن حتجز‬ ‫لها ح�ي��ز ًا يف ج��دول م�ه��ام �أع �م��ايل الإع�لام�ي��ة‪،‬‬ ‫لأخ�ت��ار لها جملة "ال�سياحة" التي بني �أيديكم‬ ‫وجمال ومكانة‪.‬‬ ‫�سحر‬ ‫ٍ‬ ‫ملا تتف ّرد به كلتاهما من ٍ‬

‫لثالث حبا بها‬ ‫رون��ق اجلمال ي��زداد ت�أنق ًا وبها ًء ٍ‬ ‫امل��وىل قرية َح ْيد اجلزيل‪ ،‬وادي�ين ت�صب فيهما‬ ‫امل �ي��اه‪ ،‬و��ش��ري�ط�ين �أخ���ض��ري��ن م �ط��رزي��ن بنخل‬ ‫با�سقات الأفنان على جانبي ال��وادي�ين‪ ،‬وغريها‬ ‫م��ن �أ�شجار الفواكه والأ��ش�ج��ار الطبيعية‪ ،‬هذا‬ ‫بالإ�ضافة �إىل الوجه ال�سياحي والتاريخي احل�سن‪.‬‬ ‫متنف�سات �سياحي ٍة‬ ‫ولأن متعة ال�سياحة تتطلب وفر‬ ‫ٍ‬ ‫مبا يليق ويتالءم مع �أماكن فريدة كتلك‪ ،‬يقابل‬ ‫قرية َح ْيد اجلزيل �سف ٌح �شاه ٌق يطل منه منتجع‬ ‫َح ْيد اجلزيل مبنطقة َ‬ ‫"خ ْيلة ُبقْ�شان"‪ .‬وعلى الرغم‬ ‫من �أن و�صويل �إىل املنتجع كان حلظة ا�ستقرار‬ ‫ال�شم�س يف كبد ال�سماء‪� ،‬إال �أنني ومنذ �أن رمقت‬ ‫عيني ذلك املنتجع بنظر ٍة �سريع ٍة من اخلارج‪ ،‬مع‬ ‫ترحيب موظف اال�ستقبال َ‬ ‫احل ْ�ض َرمي الدَ ْوعني‬ ‫ٌ‬ ‫حضارة وحداثة‪:‬‬ ‫بحل ٍة �سياحي ٍة تراثيةٍ‪ ،‬ن�سيت حرارة ال�شم�س المنتجع ‪...‬‬ ‫وهو ُ‬ ‫واجلوع‪ .‬واكتفيت بان �ألتهم املكان بنظراتي من وبالعودة اىل منتجع َح ْيد اجلزيل‪ ،‬فهو مبثابة حتف ٍة‬ ‫خ�لال جولة �سريعة يف امل�ك��ان‪ ،‬لأج��د نف�سي يف فريد ٍة لها مميزاتٌ وخ�صو�صي ٌة مت فيها مراعاة‬

‫منط املعمار َ‬ ‫احل ْ�ضرمي �أثناء �إن�شائه‪ ،‬حيث بني‬ ‫من مادة الطني (وال ِق ِرف) بك�سر القاف والراء‬ ‫وهي م��اد ٌة ت�ستخرج من نف�س املكان‪ ،‬ال ت�ستطيع‬ ‫التمييز بني لون املبنى وطبيعة الأر�ض‪ .‬و ي�ص َّنف‬ ‫كمنتجع ل�ل�إرث التاريخي ال��ذي يعطيك‬ ‫املنتجع‬ ‫ٍ‬ ‫انطباع ًا َمهيب ًا لر�ؤية تقاليد و�أ�ساليب احلياة ودفء‬ ‫ال�ضيافة العربية بالطراز َ‬ ‫احل ْ�ضرمي القدمي‪،‬‬ ‫يف داخ��ل املبنى‪ ،‬وب��الأث��اث وطريقة اال�ستقبال‪.‬‬ ‫يغطي املنتجع م�ساح ًة وا�سع ًة من الأر�ض املفتوحة‬ ‫يوجد بها �أربع وع�شرون �شاليها ب�أجنح ٍة �ضخمةٍ‪،‬‬ ‫تنت�شر ب�أعلى الوادي على ارتفاع ‪ 185‬قدما‪ ،‬كما‬ ‫توجد بها �صاالت لال�ستقبال والطعام‪ ،‬ومعر�ض‬ ‫للموروثات القدمية واحل��رف اليدوية‪ ،‬وخدمات‬ ‫االت�صاالت احلديثة املحلية والدولية‪ ،‬والقنوات‬ ‫الف�ضائية وخدمة الإنرتنت خالل الأربع والع�شرين‬ ‫ومرفقات‬ ‫�ساعة‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل غ�سيل املالب�س‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫�أخرى تقع على م�ساح ٍة �إجمالي ٍة قدرها ‪� 125‬ألف‬ ‫مرت مربع‪� .‬أم��ا درج��ة ح��رارت��ه ‪ ...‬فحينما تبلغ‬ ‫درجة احلرارة ذروتها فوق الأربعني درج ٍة مئويةٍ‪،‬‬ ‫تبلغ درجة احلرارة يف ه�ضبة وادي َد ْو َعن ومنتجع‬ ‫َح ْيد اجلزيل ع�شرون درج ًة مئوية وبدون رطوبة‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫جزيرة برية‪:‬‬

‫�سحر هذه القرية العجيبة ال ينح�صر �أو يتوقف‬ ‫على موقعها واملياه املتدفقة من واديني عن ميينها‬ ‫وي�سارها‪ ،‬حتى �أ�صبح الكثري يطلق عليها ا�سم‬ ‫(اجل��زي��رة ال�بري��ة)‪ ،‬ك��ون املياه حتا�صر ال�سفح‬ ‫وال���ص�خ��رة ال�ت��ي �شيدت عليها منازلها يف �آنٍ‬ ‫واحد‪� ،‬إذ تبد�أ حكاي ٌة جديد ٌة ملن يغو�ص يف زوايا‬ ‫منازلها النظيفة‪ ،‬ونكهة بيوتها الطينية‪ ،‬ناهيك‬ ‫عن ترحاب �أهلها بكل زائر لها‪ ،‬لتدرك فع ًال ما‬ ‫حباه املوىل لأبناء هذه املحافظة من خ�صو�صيةٍ‪،‬‬ ‫حيث متتاز بوديان النخيل املرتامية الأط��راف‪,‬‬ ‫ك ��وادي دوع��ن ال��ذي يحت�ضن الع�سل الدوعني‬ ‫‪36‬‬

‫‪37‬‬


‫إستطالع‬ ‫محميات‬

‫محميات‬ ‫إستطالع‬

‫محمية شرمة‪..‬‬

‫موطنالسالحف‬ ‫م� ��اج� ��د ال �ت �م �ي �م��ي‬

‫ع��وال��م بيولوجية صنعت المكان‬ ‫ببراعة‪ ،‬كانت السالحف جزءا من هذا‬ ‫المكون‪ ،‬فقد ج��اءت وسط مشهد‬ ‫ج��ي��ول��وج��ي ط��اف��ح ب��ال��ت��غ �ٌي��رات‬ ‫والتحوالت‪ ،‬تلك التي رافقت مسيرة‬ ‫األرض منذ ماليين السنين‪ ،‬تسللت –‬ ‫عبر رحلة الزمن الطويل– إلى قلب‬ ‫المكان وحولته إلى مدينة طبيعية‬ ‫تدب فيها الحياة دون توقف‪.‬‬

‫الإح�سا�س ذاته نراه يقرتب ب�شكل �أكرب ليتج�سد‬ ‫ب�شكل وا�ضح على هذه املحميات ال�شاطئية‬ ‫باعتبارها مناجم موغلة يف التفا�صيل واملعاين‬ ‫الكونية البديعة‪.‬‬ ‫المحمية ‪ ..‬حديث الزمان والمكان‬

‫تقع املحمية �إىل ال�شرق من مديرية الدي�س التابعة‬ ‫ملحافظة ح�ضرموت وترتبع على �شاطئ البحر‬ ‫العربي يف امتداد جغرايف طوله ‪ 55‬كم‪ ,‬تطل من‬ ‫خالله على العديد من املناطق ال�ساحلية �أبرزها "‬ ‫جثمون – ر�أ�س �شرمة – ر�أ�س باغ�شوة – ق�صيعر‬ ‫حت�ضرين الآن مقولة لأحد الفال�سفة قر�أتها ذات – �ش�صر القرن " ‪.‬‬ ‫يوم تقول‪� :‬إنه كلما �أمعن الإن�سان التفكري يف �شيء تبعد املحمية عن مدينة املكال بحوايل ‪ 120‬كم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ف�إن تفكريه يتال�شى متاما‪ ,‬كال�شم�س تت�ضاءل وب�إمكان الزائر الو�صول �إليها عرب ال�شريان‬ ‫حرارتها كلما �أوغلت يف قلب املحيط‪ ،‬هذا‬ ‫‪38‬‬

‫الإ�سفلتي املتفرع من اخلط الرئي�سي الذي يربط‬ ‫املكال مبدينة �سيحوت‪.‬‬ ‫املحمية واقعة على خط طول ما بني ‪ 14 -55‬وبني‬ ‫‪ ,14 – 45‬وخط عر�ض مابني ‪ 50-12‬وبني ‪-55‬‬ ‫‪.49‬‬ ‫ولو حاولنا ا�ستقراء ما�ضي هذه املكان الذي‬ ‫ت�شكلت منه هذه املحمية لوجدنا �أن ثمة كتابات‬ ‫�أوردها جغرافيون من الع�صور الو�سطى‪� ،‬أفردوا‬ ‫خاللها �صفحات عن تاريخ هذا املكان‪ ،‬ولعل من‬ ‫�أبرزها ما ذكره الإدري�سي من �أن "�شرمة ول�سع"‬ ‫كانتا ا�سم ًا قدمي ًا ملدينة ال�شحر‪ ،‬لكن هذه‬ ‫الت�سميات ومع مرور الزمن واختالف ر�ؤية‬ ‫الإن�سان من وقت �إىل �آخر تغريت وتبدلت لت�صبح‬ ‫ما هي عليه اليوم‪.‬‬

‫مملكة السالحف‬

‫من �أراد �أن يعرف �شيئ ًا عن هذا الكائن الذي‬ ‫ي�ضرب به املثل يف البطء فعليه �أن يتوجه مبا�شرة‬ ‫�إىل هذه املحمية‪ ،‬فقد ا�ستوطنتها ال�سالحف منذ‬ ‫�آالف ال�سنني‪ ،‬هذه املحمية هي �أ�شبه ما تكون‬ ‫مبملكة �صغريه �أ�س�ستها هذه املجاميع ال�سلحفية‬ ‫املتوافدة من البحار املحيطة‪.‬‬ ‫ال�سالحف خملوقات عظيمة ظلت ‪-‬على مدى‬ ‫وقت طويل من الزمن‪ -‬لغز ًا يحري علماء الطبيعة‬ ‫والبيولوجيا خا�صة و�أن هذه املخلوقات البحرية‬ ‫العجيبة ال تع�ش�ش �إال يف موطنها الأ�صلي‪ ,‬حتى و�إن‬ ‫كانت قد تخطت جغرافيا املكان ب�آالف الأميال‪،‬‬ ‫وي�ضيف العلماء هنا �أن هذه املخلوقات مهما‬ ‫طالت هجرتها تعود �إىل موطنها الأول‪ ,‬مبا يف‬

‫ذلك �صغارها التي خرجت للمرة الأوىل‪ ,‬معزين‬ ‫�سبب ذلك �إىل امتالكها لتقنيات اال�ست�شعار عن‬ ‫بعد وقدرتها على ا�شتمام رائحة الطحالب وبع�ض‬ ‫الأنواع من الأ�شجار ال�ساحلية‪.‬‬ ‫متتاز حممية �شرمة باحت�ضانها لنوعني من‬ ‫ال�سالحف وهي ال�سالحف اخل�ضراء‬ ‫(‪ )Chelonio Mydas‬وال�سالحف �صقرية‬ ‫املنقار (‪ ،) Eretmochelys Imbricat‬وهذا‬ ‫النوع الأخري من ال�سالحف هو من الأنواع النادرة‬ ‫واملعر�ضة خلطر االنقرا�ض على امل�ستوى العاملي‬ ‫وقد مت �إدراجه يف قوائم االتفاقية الدولية‬ ‫(‪ ) CITES‬التي متنع عملية االجتار بالأنواع‬ ‫املعر�ضة لالنقرا�ض‪.‬‬

‫طريقة انت�شار ال�سالحف وا�ستيطانها يف هذه‬ ‫املحمية تربز من خالل ما ت�شكله بيئات �شواطئ‬ ‫�شرمة من مناجم بحرية لل�شعاب املرجانية‬ ‫ونحن‪ -‬مع�شر البيئيني‪ -‬ندرك بجالء ما متثله‬ ‫ال�شعاب املرجانية لل�سالحف‪ ،‬فبيئة املرجان‬ ‫جاذبة للعديد من الأ�سماك ال�صغرية والق�شريات‬ ‫والكائنات احلية الدقيقة‪ ،‬وبالتايل فهي يف نظر‬ ‫ال�سالحف تعد مكانا خ�صب ًا وغني ًا بالغذاء‪.‬‬ ‫ولأن ما مييز هذه املحمية عن غريها من املحميات‬ ‫البحرية املوجودة يف اليمن هو انفرادها بهذا‬ ‫الكائن‪ ,‬ولذلك ف�إن التعمق يف حميطه وك�شف‬ ‫�أ�سراره هو �شرط �أ�سا�سي ملن �أراد �أن يجعل من‬ ‫زيارته لهذه املحمية علمية و�سياحية يف �آن واحد‪.‬‬ ‫‪39‬‬


‫محميات‬

‫من الناحية العلمية ت�ضع ال�سالحف بي�ضها يف‬ ‫�أح�ضان الرمال الدافئة‪ ،‬حيث ت�ضع الأنثى‬ ‫الواحدة ما بني ‪ 30-20‬بي�ضة وتقفل راجعة �إىل‬ ‫البحر‪� ,‬إذ تتوىل الرمال مهمة �إمتام عملية‬ ‫احل�ضن‪.‬‬

‫محميات‬

‫لقد ر�سمت ال�سالحف مالمح املكان منذ ماليني‬ ‫ال�سنني وهذا يعني �أننا جمربون �إن�ساني ًا و�أخالقي ًا‬ ‫على حفظ بقائها‪ ،‬فالإن�سان كما تعلمون له ن�صيب‬ ‫الأ�سد يف الق�ضاء على مواطنها من خالل نب�ش‬ ‫�أماكن التع�شي�ش‪ ,‬و�سرقة بي�ضها حتت مربرات‬ ‫�شعبية‪ ,‬تقليدية ب�أنها جتلب القوة وال�صحة‬ ‫للج�سم‪.‬‬

‫ت�ستمر فرته احل�ضن ‪ 50‬يوم ًا ليفق�س بعدها‬ ‫البي�ض‪ ,‬وتبد�أ ال�صغار يف نب�ش الرمال واخلروج‪،‬‬ ‫وعادة ما تخرج غالبية ال�صغار �أثناء الليل‪ ،‬فتنجو ُيذكر �أن ال�سالحف قد جاءت �إىل هذا الكون منذ‬ ‫من بط�ش الطيور‪ ,‬وال�سرطان النا�سك‪ ,‬وكالب ماليني ال�سنني ويعتقد العلماء �أنها الكائن الوحيد‬ ‫ال�شواطئ ال�ضالة‪ ,‬والإن�سان نف�سه‪.‬‬ ‫الذي جنا من االنقرا�ض العظيم‪ ،‬وي�صنفها‬ ‫غالبية العلماء �ضمن عائلة الدينا�صورات التي‬ ‫تخرج ال�سالحف ال�صغرية مبجاميع كبرية وتتجه انقر�ضت قبل حوايل ‪ 60‬مليون �سنه (حقب احلياة‬ ‫مبا�شرة �إىل البحر وهي غريزة حريت علماء الو�سطى)‪ ،‬لكن هذا النوع ا�ستطاع احلفاظ على‬ ‫البيولوجيا‪� ،‬إال �أن ‪ %10‬منها فقط هي التي تنجو‪ ,‬بقائه ب�شكل ا�ستثنائي مكنه من البقاء حتى اليوم‪،‬‬ ‫وت�ستطيع احلفاظ على بقاء النوع من خطر وقد تكون لطبيعته الربمائية دور يف هذا ‪� ,‬إذ جنا‬ ‫االنقرا�ض‪ ،‬قبل �أن ت�صبح لقمة �سهلة للأ�سماك من املذبحة الطبيعية بعد �أن متكن من االختفاء يف‬ ‫الكبرية يف البحر‪.‬‬ ‫جوف املاء يف ذلك التاريخ ال�ضارب يف القدم‪.‬‬

‫السياحة الخضراء‬

‫ال�سفر �إىل املناطق اخل�ضراء هي جزء من �سياحة‬ ‫بيئية نطمح لها يف هذا الوطن‪ ،‬حممية �شرمة‬ ‫منوذج لهذا النوع من ال�سياحة‪ ،‬تقر�أ فيها‬ ‫التفا�صيل اخل�ضراء التي تطل فوق جغرافيتها‬ ‫املرتامية‪ ،‬واملنب�سطة على �ضفاف املاء‪.‬‬ ‫�شعور جميل يح�س به الزائر لهذه املحمية‪،‬‬ ‫فال�شعاب املرجانية املنت�شرة بقوة على طول‬ ‫اجلرف القاري للمحمية قد جعلت منها مكان ًا‬ ‫مالئم ًا ل�سياحة الغو�ص‪ ،‬هذا النوع من ال�سياحة‬ ‫الذي لطاملا �أرادت وزارة ال�سياحة توجيه الدعم‬ ‫له‪ ,‬وهو الأمر الذي مل يتحقق �إىل اليوم‪ ,‬ولعل تلك‬ ‫التكوينات ال�صخرية التي ت�شكلت بفعل عوامل‬ ‫النحر البحري لأمواج ال�شاطئ قد �أ�ضفت على‬ ‫املكان ابت�سامة نادرة‪ ،‬فعندما ترى طيور البحر‬ ‫وهي تلتقط فرائ�سها وتعود لتلتهمها فوق تلك‬ ‫النتوءات ال�صخرية ت�شعر ب�سعادة غامرة‪ ,‬بالرغم‬ ‫من كونه م�شهدا للموت‪.‬‬ ‫ ‬

‫املحمية تتمتع ب�شاطئ رملي �أبي�ض وناعم بعر�ض‬ ‫‪ 70‬مرت ًا وطول ‪ 500‬مرت‪ ,‬وهو املكان الذي تع�ش�ش‬ ‫فيه ال�سالحف ‪� ،‬إنه �أ�شبه ما يكون بحديقة حتوي‬ ‫هذا النوع النادر واملهدد باالنقرا�ض‪ ،‬فال�سالحف‬ ‫اخل�ضراء باتت تواجه م�شكله الدخول يف القائمة‬ ‫احلمراء خا�صة بعد �أن ت�أثرت كثري من مناطق‬ ‫تع�شي�شها بفعل التو�سع الب�شري‪ ،‬وهذه املحمية‬ ‫ت�شكل �إرثا متبقيا يحفظ لهذا الكائن بقاءه �إن مل‬ ‫يتدخل الإن�سان يف تغيري مالحمها الطبيعية‪.‬‬ ‫هناك خمزون طبيعي ي�ؤ�س�س ل�سياحة بيئية رائعة‬ ‫لو ُاح�سن ا�ستغالله‪ ،‬ومت قطع كل الأ�سباب التي‬ ‫تنتهك هذا الرافد االقت�صادي املهم‪.‬‬ ‫ثمة خيط �سياحي يربط هذه املحمية مبدينة‬ ‫ال�شحر القريبة‪ ،‬هذه املدينة التي تختلط فيها‬ ‫�ألوان احلياة كما تختلط �ألوان قو�س قزح يف‬ ‫ال�سماء‪� ،‬أ�صناف من الفنون ال�شعبية والثقافية‬ ‫ت�ضيف طابع ًا جمالي ًا ي�ستهوي الكثريين‪ ،‬يف هذه‬ ‫املدينة تتفجر الينابيع احلارة التي ت�ساعد على‬ ‫اال�ست�شفاء من الكثري من الأمرا�ض‪ ,‬وبهذا تكون‬ ‫هدفا ل�سياحة �صحية ين�شدها الكثري‪ .‬ولكن املدينة‬ ‫‪40‬‬

‫بحاجة �إىل بنية حتتية متطورة ت�شمل الفنادق‬ ‫والطرق واملنتزهات‪ ،‬الأمر الذي يعيد لل�سياحة‬ ‫نب�ضها وبريقها‪.‬‬ ‫حممية �شرمة مورد �سياحي يحتاج لتهيئة منا�سبة‬ ‫بعيد ًا عن جرح الطبيعة‪ ،‬حتتاج لأن يعرفها العامل‬ ‫ولي�س نحن فقط‪ ،‬و�إذا كانت منظمة اليون�سكو قد‬ ‫�سعت �إىل احت�ضانها كموقع طبيعي وثقايف نادر‬ ‫ف�إننا يجب �أن نعمل على هذا‪ ,‬ونعد من �أجل‬ ‫�إنعا�ش ال�سياحة فيها و�ضمان دميومتها‪.‬‬ ‫الطيور المهاجرة‬

‫ت�شكل حممية �شرمة مكانا مالئما للطيور‬ ‫املهاجرة‪� ,‬إذ ت�شكل املحمية حمطة هامة يف‬ ‫برنامج رحلتها الطويلة‪ ،‬املكان يف نظر‬ ‫البيولوجيني مهم للغاية‪� ,‬أتدرون ملاذا؟ �أوال‪ :‬لأن‬ ‫املحمية واقعة �ضمن حدود العزل اجلغرايف‪,‬‬ ‫باعتبار �أن موقعها ي�شكل عز ًال جغرافي ًا قاري ًا‬ ‫وحميطي ًا وهذا الأمر يجعل من الطيور املهاجرة‬ ‫ت�ضطر للتوقف يف هذا املكان نظر ًا لأهميته‬

‫البيولوجية والطبيعية‪ ،‬وثاني ًا‪ :‬لأن الت�شكيالت‬ ‫ال�صخرية التي �صنعتها الأمواج بدقة متناهية قد‬ ‫وفرت لها بيئة مهمة لال�ستقرار‪ ,‬وفر�صة �أف�ضل‬ ‫اللتقاط فرائ�سها من الأ�سماك ال�صغرية التي‬ ‫تتقاذفها الأمواج على ال�شاطئ‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل‬ ‫تناثر العديد من اجلزر املرجانية قبالة �شواطئ‬ ‫هذه املحمية‪ ،‬وثالث ًا‪ :‬لأن االمتدادات املرجانية‬ ‫مبحتواها ال�سمكي والتنوع النباتي ال�شاطئي قد‬ ‫وفرا عوامل مهمة لال�ستقرار كالغذاء وامل�سكن ‪.‬‬ ‫ورغم �أن املحمية قد �أعلنت ر�سمي ًا كمحمية‬ ‫طبيعية حملية يف العام ‪2001‬م �إال �أنها مل تنل �أي‬ ‫حظ من الت�صنيف والدرا�سة املتعمقتني‪ ,‬وهو ما‬ ‫يجعلنا عاجزين عن �إظهار �أي تفا�صيل ت�صنيفية‬ ‫للجوانب الأحيائية‪ ،‬و�أح�سب هذا جزءا من‬ ‫الإهمال املتعمد الذي د�أبت علية ال�سلطات‬ ‫امل�سئولة حتى �صار واقعا مزعجا بكل املقايي�س‪.‬‬ ‫يكفي �أن يدرك الزائر �أنها بيئة منا�سبة للطيور‪,‬‬ ‫وهذا يعني �أن العي�ش فيها للحظات يعني‬ ‫اال�ستحواذ على �أكرب قدرمن املتعة‪.‬‬ ‫‪41‬‬


‫اكتشافات‬ ‫إستطالع‬

‫اكتشافات‬ ‫يتبع ميناء ومنطقة "يروب" أو كما‬ ‫تعرف "بالسبع المساجد" مديرية‬ ‫الغيظة بمحافظة المهرة‪ ،‬تلك‬ ‫المنطقة التي كانت تطل على البحر‬ ‫العربي باتت اليوم عبارة عن أطالل‬ ‫من الماضي‪ ،‬جراء التدمير الذي لحق‬ ‫بها في فترة ما من التاريخ يجهلها‬ ‫الكثير‪ ,‬يقع إلى جانب المدينة مقبرة‬ ‫تاريخية قديمة تعرف باسم مقبرة‬ ‫"بن لواكد" تعد مزارا سياحيا يقصدها‬ ‫الكثير لغرض االستمتاع وقضاء‬ ‫األوقات‪.‬‬

‫وب‬ ‫َيُر ْ‬

‫الذهاب �إىل منطقة ال�سبع امل�ساجد يكون عرب‬ ‫"وادي خيهون" ومنطقة (مونغ)‪ ،‬وتبدو هذه‬ ‫الت�سمية م�شتقة �أو م�ستوحاة من اللغة ال�صينية‬

‫كما يبدو‪ ،‬لكن ال�شواهد التاريخية ت�شري �إىل �أن التي انطلقت من �أوروبا بحثا عن الذهب يف‬ ‫ميناء يروب – �أو كما يتداوله الأهايل‪ -‬من مثقفي ال�شرق‪.‬‬ ‫املنطقة قد ذكره الرحالة وامل�ؤرخ (بطليمو�س) يف‬ ‫م�ؤلفاته �أثناء رحالته‪ ,‬ومع اقرتابنا من املكان بداية الغزو البرتغالي‪:‬‬ ‫تبدو قبة عالية تلوح بالأفق بلونها الأبي�ض النا�صع‪ ،‬يتناقل الأهايل عددا من الروايات عن �سبب‬ ‫وتقع على ربوة وعلى �أنقا�ض ما كان ي�سمى مدينة تدمري مدينة يروب (ال�سبع امل�ساجد)‪ ،‬لكن �أيا‬ ‫يروب التاريخية "ال�سبع امل�ساجد"‪ ،‬وقد بحثنا عن منها ال تربهن قطعيا على وجود حقيقة تاريخية‪،‬‬ ‫ال�سبب الذي �أدى �إىل تدمري واختفاء هذه املدينة وحده الركام �سيظل �شاهدا حيا ي�ؤكد مدى ب�شاعة‬ ‫من اخلارطة الكونية لكننا مل نهتد �إىل تفا�صيل ما تعر�ضت له هذه املنطقة من تدمري‪ ..‬منطقة‬ ‫تاريخية واقعية‪ ،‬وكل الروايات التي قدمت تف�سريا يروب (ال�سبع امل�ساجد)‪ ،‬هذه الت�سمية الدينية‬ ‫لهذا‪ ,‬تنحو منحا �أ�سطوريا وا�ضحا‪ .‬ثمة �سر التي انبثقت من تواجد الكثري من امل�آثر ال�سياحية‬ ‫مطمور بني �أنقا�ض هذه املدينة‪ ،‬ال يبدو �أن التاريخ ذات ال�صبغة الدينية انهارت وتال�شت بفعل‬ ‫كان كرميا ليك�شف لنا عن هذا ال�سر العميق‪ ،‬تقول تاريخي �أو طبيعي‪ ،‬فكالهما يف تقديري �أمر‬ ‫بع�ض الروايات �أنها تعر�ضت للغزو الأجنبي يف حمتمل‪ ،‬طاملا �أن هذا امليناء الذي يبعد عن مدينة‬ ‫فرتة تاريخية ال تبدو قريبة‪ ،‬هكذا يتحدث الأهايل الغيظة عا�صمة املحافظة بحوايل ‪20‬كم قد‬ ‫ب�أنها ‪ -‬بح�سب ما يتم تناقله عن الآباء والأجداد تال�شى من الذاكرة التاريخية دون �أن تتج�سد‬ ‫الأوائل‪ -‬تعر�ضت للغزو الربتغايل يف القرن تفا�صيله يف طيات التاريخ‪.‬‬ ‫اخلام�س ع�شر فيما عرف بالرحالت اال�ستك�شافية‬

‫مدينة السبع المساجد‬

‫حم � �م� ��د ال � �ع � �ل� ��وي‬

‫‪42‬‬

‫‪43‬‬


‫اكتشافات‬

‫وبالرجوع �إىل �صفحات التاريخ وما كتب حول اليمنيني كانوا من يتحكمون بطرق التجارة ما بني‬ ‫رحالت اال�ستك�شاف الربتغالية يت�ضح جليا �أن ال�شرق والغرب يف فرتة ما من التاريخ‪.‬‬ ‫اكت�شاف الربتغاليني طريق ر�أ�س الرجاء ال�صالح‬ ‫�سنة ‪1497‬م وو�صولهم �إىل الهند �سنة ‪1498‬م يروب المكانة واألهمية‪:‬‬ ‫كان بداية ع�صر جديد‪ ,‬حني ظهر �أن الربتغاليني يعرف عن مدينة يروب �أو ما يطلق عليها " منطقة‬ ‫منذ و�صولهم �إىل الهند �شرعوا بفر�ض �سيطرتهم ال�سبع امل�ساجد"‪� ,‬أنها كانت ميناء جتاريا مهما‪,‬‬ ‫على املحيط الهندي واحتكارهم للتجارة ال�شرقية‪ ،‬ومدينة عامرة‪ ,‬وتدل الت�سمية الدينية للمدينة كما‬ ‫وعملوا على تدمري ال�سفن العربية التي كانت تقوم يبدو على الدور الديني للمدينة يف ن�شر الإ�سالم‬ ‫بنقل هذه التجارة من الهند �إىل اخلليج العربي �أو يف امل�شرق‪.‬‬ ‫البحر الأحمر‪.‬‬ ‫على مقربة منها ومب�سافة لي�ست ببعيدة �أن�شئت‬ ‫وحتى ُي ِ‬ ‫حكم الربتغاليون �سيطرتهم على هذه قرية يروب احلديثة وهي عامرة وت�سكنها الكثري‬ ‫الطرق املالحية قاموا �سنة ‪1506‬م باحتالل من الأ�سر العريقة‪ ,‬الأدبية والثقافية والعلمية‬ ‫جزيرة �سقطرى اليمنية‪ ،‬وجزر احلالنيات "كوريا والفقهية‪� ،‬إال �أن ما يحز بالنف�س �أن الكثري يجهل‬ ‫موريا" ثم اجتهوا نحو ال�سواحل اجلنوبية للجزيرة تاريخ تلك املنطقة‪.‬‬ ‫العربية فا�ستولوا على "قلهات" و"قريات"‬ ‫و�أحرقوا ال�سفن املوجودة فيهما‪ ،‬حتى �أن م�سقط مدينة السبع المساجد‪:‬‬ ‫ب�سلطنة عمان حاليا خ�ضعت للح�صار الربتغايل ينظر �أبناء منطقة يروب �إىل املنطقة بفخر‪ ،‬كونها‬ ‫و�سقطت بعد مقاومة كبرية‪ ,‬ف�أ�شعلوا فيها النريان قد وقفت �شاخمة ومل تخ�ضع لأي احتالل �أو غزو‪،‬‬ ‫و�أحرقوا ال�سفن الرا�سية يف املوانئ‪.‬‬ ‫و�صور الدمار تدل ب�شكل جازم �أنها قاومت طويال‬ ‫بدافع من الكربياء‪.‬‬ ‫رفض البرتغال‪:‬‬ ‫حممد �أحمد �صالح ‪� -‬أحد �شباب القرية وهو‬ ‫يتبني من ذلك �أن الربتغاليني ا�ستمروا بال�سيطرة خريج دبلوم �إدارة‪ -‬ومهتم بهذا ال�ش�أن ‪ ,‬حاول �أن‬ ‫على ال�سواحل اجلنوبية للجزيرة العربية ‪ -‬بالقوة يجمع كل ما قيل عن تدمري مدينة يروب من‬ ‫ لأكرث من مائة عام ‪ ،‬ويبدو �أن الربتغاليني كانوا روايات و�أخبار‪ ,‬وقد اعترب �أن املوقع بحد ذاته يعد‬‫قد حاولوا فر�ض �سيطرتهم على �سواحل اجلزيرة من �أهم املواقع التاريخية والأثرية ال�سياحية يف‬ ‫العربية مبا فيها منطقة وميناء "يروب" الواقعة حمافظة املهرة الذي يحاكي الدور البطويل‬ ‫على البحر العربي‪ ،‬غري �أن �أهايل املنطقة رف�ضوا لأبنائها وي�ؤرخ للمقاومة والرف�ض امل�ستميت من‬ ‫اخل�ضوع للربتغاليني‪� ،‬أو دفع غرامات �أو �إتاوات �أبناء املنطقة للغزاة كما يقول‪.‬‬ ‫�سنوية وهذا ما يف�سر ما تعر�ضت له املدينة من‬ ‫تدمري ب�أنه كان نتيجة هذا الرف�ض واملقاومة‪ ,‬وفقا روايات متعددة‪:‬‬ ‫لأحاديث وروايات �أبناء املنطقة‪.‬‬ ‫ويورد ال�شاب حممد روايتني متناقلة يذكر يف‬ ‫ويبدو �أن ما ح�صل يف العام ‪1523‬م حني �أغارت �أحدها‪� :‬أن �أحد �أبناء منطقة «يروب» وهو يعمل‬ ‫بع�ض �سفن الأ�سطول الربتغايل على ميناء ال�شحر بتجارة الأ�سماك وحتديدا �أ�سماك اللخم اجته‬ ‫يف ح�ضرموت و�أحرقت خم�س �سفن كانت را�سية بتجارته �إىل الهند‪ ،‬و�أثناء رحلته التجارية �إىل‬ ‫فيه‪ ،‬ودمرت كل ما كان على �أر�صفة امليناء من هناك وجد امر�أة عجوزا طاعنة بال�سن‪ ,‬وتبادل‬ ‫ب�ضائع و�شحنات‪ ,‬كل ذلك كان نتيجة لرغبة احلديث معها بعيدا عن التجارة‪ ,‬ف�س�ألت العجوز‬ ‫الربتغاليني منع �سفن التجار العرب من �أي ن�شاط التاجر ال�شاب عن منطقة يروب‪ ،‬فانده�ش ذلك‬ ‫جتاري‪� ،‬إذ �شدد الربتغاليون على هذا الأمر التاجر كثريا‪ ،‬وتفاج�أ بالعجوز وهي ترحب به كونه‬ ‫و�أحكموا �سيطرتهم على البحر‪ ,‬و�ساعدهم على قادما من هذه املنطقة الأثرية‪ ،‬و�أكدت له �أنها‬ ‫ذلك تطور الأ�سلحة والو�سائل الع�سكرية البحرية رحلت منذ زمن بعيد‪ ,‬منذ �أن كانت طفلة ال‬ ‫لي�شرتطوا على التجار العرب �أخذ املوافقة منهم يتجاوز عمرها �ست �سنوات مع والدها‪ ،‬وو�صفت‬ ‫ملزاولة �أي ن�شاط جتاري‪ ,‬وخ�صو�صا حني ر�أى لهم تلك املنطقة وك�أنها تراها ن�صب عينيها‪ ,‬منذ‬ ‫الربتغال �أن جتار العرب مناف�سون لهم يف التجارة كانت ميناء ومدينة عامرة كبرية وفيها �سبع‬ ‫مع الهند ال�شرقية‪ ,‬وقد كان معروف تاريخ ًيا �أن م�ساجد و�سبع قباب‪ ,‬ومن ثم حدثته عن ق�صة‬ ‫‪44‬‬

‫إستطالع‬ ‫كتابات‬

‫تدمري املدينة‪ ,‬والغزو الذي اجتاحها وقتل الكثري‬ ‫من �أبنائها‪ ,‬يف حني متكن البع�ض من الفرار‬ ‫والهرب‪ ,‬وكانت هي �أحد �أولئك الفارين مع‬ ‫والدها‪ ,‬وا�ستقر بهم احلال يف الهند‪ ,‬ليتناقل هذه‬ ‫الق�صة الكثري من �أبناء املنطقة جيال بعد جيل؛‬ ‫بعد �أن عاد �إليهم التجار وحتدثوا عن تلك الق�صة‪.‬‬ ‫رواية �أخرى حول �أ�سباب تدمري منطقة يروب‬ ‫"ال�سبع امل�ساجد" ويذكرها حممد جباز‪ :‬ب�أن‬ ‫دولة �أو�سان اليمنية و�إزاء رف�ض �أبناء منطقة‬ ‫يروب دفع ال�ضرائب قاموا بتدمري املدينة بكاملها‪,‬‬ ‫وباعتقادي �أن هذا الر�أي �ضعيف جدا‪ ,‬و�أن الر�أي‬ ‫الأول هو الأرجح‪.‬‬ ‫سلحفاة تقذف النار‪:‬‬

‫رواية �أخرى حتاول تقدمي تف�سري مالئم للدمار‬ ‫الذي تعر�ضت له مدينة يروب‪ ,‬ولكن هذه املرة‪,‬‬ ‫ي�سيطر على الرواية البناء الأ�سطوري بالكلية‪,‬‬ ‫فيحكى عند الأهايل والكثري من �أبناء املنطقة‪� ,‬أن‬ ‫كائنا غريبا ظهر على ال�ساحل املقابل ملنطقة‬ ‫يروب �أ�شبه ما يكون بال�سلحفاة‪ ,‬اقرتب �إىل‬ ‫ال�شاطئ وبد�أ يقذف كتال نارية جاءت على املدينة‬ ‫وما فيها؛ ويبدو هنا ال�سرد الأ�سطوري رمزيا‬ ‫ب�شكل كبري‪� ,‬إذ ت�شري "ال�سلحفاة" �إىل الأ�سطول‬ ‫الربتغايل الذي �أغرق املدينة بوابل من النريان‬ ‫املقذوفة من املنجنيقات‪.‬‬

‫من‬ ‫المسئول‬ ‫عن قطاع‬ ‫السياحة؟‬ ‫حم � �م� ��د ع � �ب� ��دال � �ك� ��رمي �أب� ��وط� ��ال� ��ب‬ ‫�إذا �س�ألت �أي �إن�سان من العامة‪ ,‬ما هي اجلهة‬ ‫احلكومية امل�س�ؤولة عن قطاع ال�سياحة ف�سيكون‬ ‫اجل� ��واب ت�ل�ق��ائ�ي� ًا وزارة ال���س�ي��اح��ة ه��ي اجلهة‬ ‫احلكومية امل���س��ؤول��ة ع��ن ق�ط��اع ال�سياحة‪.‬هذه‬ ‫الإجابة هي الإجابة املتوقعة من �أي �شخ�ص يف‬ ‫بلد يكاد قطاع ال�سياحة فيه ال ميثل ج��زء ًا من‬ ‫االقت�صاد الوطني مثل بلدنا الغالية اليمن‪ ,‬وذلك‬ ‫لأن ق�ط��اع ال�سياحة يف ب�لادن��ا ط��امل��ا ك��ان غري‬ ‫مفهوم ومهمل ومل ينظر �إليه مطلقا على �أنه قطاع‬ ‫اقت�صادي مهم ميكن �أن يكون املورد االقت�صادي‬ ‫الأول لليمن‪ .‬هذا الإهمال له �أ�سباب كثرية يطول‬ ‫�شرحها‪ ,‬ول�ست ب�صدد التطرق �إليها‪ .‬لكن لو‬ ‫طرحت ال�س�ؤال ال�سابق على �أي �شخ�ص من �أي بلد‬ ‫يعتمد اقت�صاده يف املقام الأول على قطاع ال�سياحة‬ ‫كفرن�سا �أو �إ�سبانيا �أو بع�ض الدول العربية كم�صر‬ ‫�أو تون�س وغريها من ال��دول ال�سياحية الكبرية‬ ‫فالإجابة �ستكون خمتلفة ومطولة ب�شكل �أك�بر‪.‬‬ ‫الإج��اب��ة �ستكون �أن قطاع ال�سياحة وب�شكل عام‬ ‫من مهام كل ال��وزارات احلكومية دون ا�ستثناء‪,‬‬ ‫�إال �أن بع�ض ال��وزارات �إىل جانب وزارة ال�سياحة‬ ‫تعنى بالقطاع ال�سياحي �أكرث من غريها كوزارة‬ ‫الداخلية‪ ,‬اخل��ارج�ي��ة‪ ,‬النقل‪ ,‬البيئة‪ ,‬الثقافة‬

‫والآثار‪ ,‬الإر�شاد‪ ,‬و�أخريا وزارة الرتبية والتعليم‪.‬‬ ‫وذلك لأن قطاع ال�سياحة مبني على هذه القطاعات‬ ‫الأخرى‪ .‬ولكي نفهم عالقة هذه القطاعات بقطاع‬ ‫ال�سياحة علينا �أن نفهم تركيبة قطاع ال�سياحة‪.‬‬ ‫هناك �أرب�ع��ة ع��وام��ل يجب �أن تتوفر يف �أي بلد‬ ‫لكي ينمو قطاع ال�سياحة وي�صبح �أح��د �أعمدة‬ ‫االقت�صاد الوطني فيه‪ .‬ميكننا �أن نلخ�ص العوامل‬ ‫الأرب �ع��ة يف م�ع��ادل��ة ريا�ضية ب�سيطة كالتايل‪:‬‬ ‫م� � �ق � ��وم � ��ات � � �س � �ي� ��اح � �ي� ��ة ‪+‬ب�� �ن�� �ي� ��ة حت��ت��ي��ة‬ ‫‪+‬وع� � � ��ي اج� �ت� �م���اع���ي ‪+‬ا��� �س�� �ت�� �ق� ��رار �أم � �ن� ��ي‬ ‫ال �ع��ام��ل الأول ه��و امل �ق��وم��ات ال���س�ي��اح�ي��ة وم��ا‬ ‫�أك�ث�ره��ا يف ب�لادن��ا ول ��و �أردن � ��ا ال �ت �ح��دث عنها‬ ‫الح �ت �ج �ن��ا �إىل جم� �ل ��دات ال ت �ع��د وال حت���ص��ى‪.‬‬ ‫العامل الثاين هو البنية التحتية ويتمثل يف الإيواء‬ ‫الفندقي واملطاعم وحركة النقل الربي واجلوي‬ ‫والبحري والت�سييح االحرتايف وغريها من املرافق‬ ‫واخلدمات التي يجب بنا�ؤها والعمل على حت�سينها‪.‬‬ ‫العامل الثالث هو الوعي االجتماعي وهو عامل‬ ‫مهم جدا من الناحية الأخالقية والإن�سانية التي‬ ‫تعك�س �صورة امل��واط��ن �أم��ام ال�سياح الزائرين‪.‬‬ ‫ل �ك��ن ب��ال��رغ��م م ��ن �أه �م �ي��ة ال��ع��وام��ل ال �ث�لاث��ة‬ ‫ال�سابقة يبقى العامل ال��راب��ع هو العامل الأه��م‬ ‫على الإط�ل�اق‪ .‬فاال�ستقرار الأم �ن��ي ه��و املفتاح‬ ‫لبقية ال �ع��وام��ل وه��و الأ� �س��ا���س الزده� ��ار قطاع‬ ‫ال�سياحة وك��ل القطاعات االقت�صادية الأخ��رى‪.‬‬ ‫�إذا ما قارنا حال هذه العوامل يف بالدنا اليوم‬ ‫مبا كانت عليه قبل خم�سة ع�شر �أو ع�شرين عام ًا‬ ‫ف�سنجد �أن��ه قد ط��ر�أ حت�سن كبري على العوامل‬ ‫الثالثة الأوىل‪ .‬فقد مت بناء العديد من الفنادق‬ ‫وامل�ط��اع��م احلديثة والفخمة و�أ��ص�ب��ح الو�صول‬ ‫برا �إىل كل الوجهات ال�سياحية يف اليمن تقريب ًا‬ ‫�سهال ومي�سرا‪ ,‬وباتت حركة الطريان �أف�ضل بكثري‬ ‫داخلي ًا وخارجي ًا‪ .‬لكن �إذا ما قارنا عدد ال�سياح‬ ‫الوافدين �إىل اليمن اليوم ‪�-‬أعني ال�سياح القادمني‬ ‫من �أجل الرتويح عن �أنف�سهم وق�ضاء وقت ممتع‪,‬‬ ‫ولي�س من �أجل العمل �أو زيارة الأقارب‪ -‬ف�سنجد‬ ‫�أن ع��دد ال�سياح الوافدين اليوم ال يقارن بعدد‬ ‫ال�سياح الوافدين قبل �سنوات بالرغم من حت�سن‬ ‫ال �ع��وام��ل ال�ث�لاث��ة الأوىل‪ .‬ب��ل �إن ع��دد ال�سياح‬ ‫ال��واف��دي��ن ال�ي��وم و�صل �إىل ال�صفر مت��ام� ًا‪ .‬فما‬ ‫ه��و ال�سبب؟ م��ا ه��و ال�شيء ال��ذي نفتقده اليوم‬

‫وكان متوافر ًا يف املا�ضي؟ �إنه اال�ستقرار الأمني‬ ‫الذي ميثل الأ�سا�س لكل �شيء‪ ,‬ولكن يبقى قطاع‬ ‫ال�سياحة هو املت�أثر الأول من ع��دم اال�ستقرار‬ ‫الأم �ن��ي وذل��ك لأن��ه املطلب الأول لكل ال�سياح‪.‬‬ ‫ه�ن��ا ن��رى �أن ك��ل ع��وام��ل من��و ق�ط��اع ال�سياحة‬ ‫تقريبا وعلى ر�أ�سها عامل اال�ستقرار الأمني ال‬ ‫تقع على عاتق وزارة ال�سياحة‪ .‬لذلك نقول �إن‬ ‫م�س�ؤولية تطوير قطاع ال�سياحة تقع على عاتق‬ ‫كل م�س�ؤول يف كل القطاعات احلكومية‪ ,‬و�سيظل‬ ‫قطاع ال�سياحة متدهور ًا �إىل �أن تبد�أ احلكومة‬ ‫بالنظر �إىل قطاع ال�سياحة كقطاع اقت�صادي‬ ‫كبري ومهم بكل ما تعنيه الكلمة من معنى فوزارة‬ ‫ال�سياحة وحدها تقف عاجزة �إذا مل تتعاون بقية‬ ‫الوزارات املعنية معها وينطبق عليها املثل ال�شعبي‬ ‫القائل "ما تفعل املرة الكاملة يف البيت العطل"‪.‬‬ ‫ت�غ��ري��دة ط��وي�ل��ة‪ .‬عندما ب ��د�أت العمل يف جمال‬ ‫ال�سياحة قبل �أك�ثر من اثني ع�شر عام ًا كان كل‬ ‫اليمن مفتوح ًا �أم��ام حركة ال�سياحة با�ستثناء‬ ‫حمافظتي �صعدة واجل ��وف‪ .‬وب�ع��د م�ضي فرتة‬ ‫من الزمن وب�سبب االختطافات القبلية وك�إجراء‬ ‫�أمني �أثبت ف�شله مت فر�ض مرافقات �أمنية لل�سياح‬ ‫على بع�ض الطرق يف كل من حمافظات م��أرب‬ ‫و�شبوة و�أب�ين وح�ضرموت‪ .‬وبعد م�ضي فرتة من‬ ‫الزمن وبعد حت��ول ه��ذه االختطافات من جمرد‬ ‫اختطافات قبلية �إىل اع �ت��داءات �إج��رام�ي��ة راح‬ ‫�ضحيتها الع�شرات من ال�سياح يف هذه املحافظات‬ ‫مت حذف هذه املحافظات من الربامج ال�سياحية‬ ‫نهائي ًا‪ .‬وتدريجي ًا �أ�صبحت االختطافات التي تطال‬ ‫ال�سياح حتدث يف كل حمافظة مينية و�أ�صبحت‬ ‫املرافقات الأمنية �ضرورية لكل �سائح يريد �أن‬ ‫ي�غ��ادر العا�صمة �صنعاء‪ .‬ويف ع�شية و�ضحاها‬ ‫مت حذف جميع املحافظات اليمنية من خارطة‬ ‫الربامج ال�سياحية و�أ�صبحت حمافظة �سقطرى‬ ‫ه��ى امل�ك��ان الوحيد الآم ��ن حل��رك��ة ال�سياحة يف‬ ‫اليمن ب��ل �إن زي��ارة ج��زي��رة �سقطرى �أ�صبحت‬ ‫م�شروطة ب�ع��دم ال�ت��وق��ف يف �أي م�ك��ان �آخ ��ر يف‬ ‫اليمن وال حتى م�غ��ادرة مطار �صنعاء ال��دويل‪.‬‬ ‫�أخ� �ي ��را ال ي �� �س �ع �ن��ي �إال �أن �أق � � � ��ول‪ :‬ال �ل �ه��م‬ ‫ع� �ج ��ل ب� ��ال � �ف� ��رج واح� � �ف � ��ظ ال� �ي� �م ��ن و�أه � �ل� ��ه‬ ‫وج��ن��ب��ه ال� �ف�ت�ن م� ��ا ظ��ه��ر م �ن �ه��ا وم � ��ا ب �ط��ن‪.‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪45‬‬


‫لقاء‬

‫لقاء‬

‫عملنا في الترويج تكاملي ومتناسق‪...‬‬ ‫نسعى من خالله إلى تقديم رسالة السياحة بشكل أفضل‪...‬‬ ‫حاورها‪ /‬حممد الهندي‬

‫المهندسة‬ ‫فـــا طـــمة‬ ‫ا لحــر يبــي‬

‫المدير التنفيذي‬ ‫لمجلس الترويج‬ ‫السياحي‬

‫‪46‬‬

‫تبدو متفائلة رغم كل الظروف التي‬ ‫أحاطت بمسيرة اليمن خالل العقد‬ ‫األخير‪ ،‬تواصل حياتها العملية بإصرار‬ ‫وتفاؤل عجيبين دونما اكتراث لكل ما‬ ‫يمكن أن يعيقها عن تحقيق كل‬ ‫طموحاتها‪ ،‬من اإلعالم إلى السياسة‬ ‫ثم السياحة‪ ،‬وفي خضم هذه‬ ‫ً‬ ‫دائما في الصدارة‪.‬‬ ‫التنقالت تجدها‬ ‫لقد عرف الكثير هذه المرأة من خالل‬ ‫إطاللتها البه َيّة على شاشة‬ ‫التلفزيون باعتبارها أحد المذيعين‬ ‫المتخصصين الذين قدموا نشرة‬ ‫األخبار باللغة اإلنجليزية‪ ,‬فقد احترفت‬ ‫اللغة منذ وقت مبكر‪ ،‬ولهذا ليس من‬ ‫المستغرب أن تحتل مكانة الئقة في‬ ‫ً‬ ‫خاصة وأن المرأة اليمنية‬ ‫ذلك الوقت‪،‬‬ ‫ً‬ ‫–آنذاك‪ -‬كانت ال تزال حبيسة لألعراف‬ ‫والتقاليد البالية‪ ...‬شاركت بالعملية‬ ‫السياسية حين رشحت نفسها في‬ ‫انتخابات المجالس المحلية‪ ,‬حيث‬ ‫ً‬ ‫نموذجا رائعا‬ ‫فازت بجدارة وقدمت‬ ‫للمرأة القيادية‪ ،‬وبالرغم من ذلك‬ ‫تظل أقرب إلى العمل السياحي‪,‬‬ ‫ألنها تعتقد بأنه الصورة المثلى‬ ‫لتقديم اليمن للعالم بشكل أجمل‬ ‫وأفضل‪.‬‬ ‫في هذا الحوار تتحدث المهندسة‬ ‫فاطمة الحريبي ‪ -‬المدير التنفيذي‬ ‫لمجلس الترويج السياحي ‪ -‬لمجلة‬ ‫السياحة عن قضايا السياحة والمرحلة‬ ‫الراهنة ومخاضاتها‪ ،‬وانعكاس ما‬ ‫يحدث على الشأن السياحي‪ ،‬وتحاول‬

‫الحريبي في هذا الحوار أن تسلط‬ ‫الضوء على أبرز ما يعيق تقدم العمل‬ ‫السياحي في اليمن‪ ،‬وأبرز النجاحات‬ ‫التي خطاها المجلس خالل هذا‬ ‫المشوار الممتلئ بالمعيقات على‬ ‫الصعيد السياسي ‪.‬‬

‫باعتبارك أحد قادة العمل السياحي في‬ ‫البلد‪ ،‬كيف تقيمين واقع السياحة إذا ما‬ ‫تم النظر إليها من جانب حكومي؟‬

‫السياحي ملزم بتقديم الدعم المادي‬ ‫لوزارة السياحة؟‬

‫نعم لأننا �أداة للرتويج ال�سياحي‪ ،‬ولهذا فمجل�س‬ ‫الرتويج ي�سعى �إىل تقدمي ر�سالته ب�شكل �أف�ضل‬ ‫وهذا يتطلب منا العمل ب�شكل تكاملي ومتنا�سق‪,‬‬ ‫ي�سعى املجل�س لدعم الوزارة لتقوم ب�أداء مهامها‬ ‫املناطة بها على �أكمل وجه‪ ،‬وغايتنا يف النهاية �أن‬ ‫نربز ال�صورة ال�سياحية لليمن بال�شكل املطلوب‬ ‫والالئق‪.‬‬ ‫كلنا نعلم أن السياحة تحتاج إلى تعزيز‬ ‫الجانب األمني بشكل كبير‪ ،‬فالسياحة ال‬ ‫تزدهر في بيئة مضطربة‪ ...‬هل هناك‬ ‫خطة تتناولها وزارة السياحة ومجلس‬ ‫الترويج السياحي بالتعاون مع الجهات‬ ‫األمنية ؟ وكيف تنظرين للعمل السياحي‬ ‫في ظل الظروف األمنية الراهنة؟‬

‫ال�سياحة جزء من االقت�صاد‪ ,‬وركيزة �أ�سا�سية‬ ‫من ركائزه‪ ,‬والكثري من البلدان تويل ال�سياحة‬ ‫اهتماما خا�صا لكننا هنا جن��د �أن احلكومة ال‬ ‫تويل ال�سياحة �أي �أهمية‪ ،‬وهو م�ؤ�شر �سلبي يدل‬ ‫على هام�شية القطاع ل��دى م�سئويل ال�سلطة يف‬ ‫ال�ب�لاد‪ ،‬وي�برز ذل��ك ب�شكل جلي من خ�لال عدم‬ ‫اعتماد ميزانية حكومية ملجل�س الرتويج ال�سياحي‪ ،‬العمل ال�سياحي يف ظل الظروف الأمنية الراهنة‬ ‫�إ�ضافة �إىل �أن ميزانية وزارة ال�سياحة ميزانية �صعب جد ًا‪� ،‬إذ ال ن�ستطيع حتقيق الأهداف التي‬ ‫�ضئيلة ال تكفي لتحقيق ال�ه��دف ال��ذي �أن�ش�أت نطمح �إليها‪ ،‬وهناك �إجراءات عديدة بهذا‬ ‫من �أجله‪ ،‬ولذا فهي دائم ًا يف عجز وبحاجة �إىل اخل�صو�ص قمنا بها يف املا�ضي قبل �أزمة ‪ 2011‬مع‬ ‫الدعم املادي من قبل جمل�س الرتويج ال�سياحي‪ ،‬وزارة الداخلية‪ ،‬وقد مت حينها ت�شكيل جلنة من‬ ‫و�أظن هنا �أن عدم وجود ميزانية حكومية للمجل�س وزارة ال�سياحة وجمل�س الرتويج ال�سياحي‬ ‫ي��دل دالل � ًة وا�ضحة على نق�ص الوعي ال�سياحي بالإ�ضافة �إىل وزارة الداخلية وال�شرطة ال�سياحية‪،‬‬ ‫لدى امل�سئولني ب�أهمية ال�سياحة‪ ،‬رغم �أن الواجب متخ�ضت عن �إن�شاء غرفة عمليات يف وزارة‬ ‫الوطني يحتم ��ض��رورة دعمها ورف��ده��ا باملوارد ال�سياحة قامت عربها هذه اللجنة بحلول �سريعة‬ ‫وامل�ي��زان�ي��ات الكافية باعتبارها �صناعة بحد وجذرية للم�شاكل التي تواجه ال�سياح مثل "م�شكلة‬ ‫ذاتها وموردا هاما من موارد االقت�صاد الوطني‪ .‬االختطافات"‪ ،‬فقد قمنا ب�إلزام الوكاالت‬ ‫ال�سياحية ب�إ�ضافة جهاز التتبع الآيل لل�سيارات‬ ‫التابعة لها‪ ,‬ليتم معرفة م�صري املركبات التي تقل‬ ‫نستنتج من ذلك أن مجلس الترويج‬ ‫‪47‬‬


‫لقاء‬

‫لقاء‬ ‫ستختلف عما كانت عليه في السابق‪...‬‬ ‫ما هي قراءتك لواقع السياحة في ظل‬ ‫الدولة االتحادية؟‬

‫كوجهة �سياحية �آمنة‪ ،‬حيث ال توجد �أي حتذيرات‬ ‫م��ن قبل احل�ك��وم��ات ل��رع��اي��اه��ا ب�ع��دم زي��ارت�ه��ا‪.‬‬

‫=يف ظل الدولة االحتادية‪� ,‬أعتقد �أنه �سيكون‬ ‫هناك ف��رع ل ��وزارة ال�سياحة يف ك��ل �إقليم‪ ،‬كما‬ ‫يجب �أن يكون هناك فرع �أي�ض ًا ملجل�س الرتويج‬ ‫ال�سياحي بحيث يتمكن املجل�س من �أداء واجبه‬ ‫يف كل الأقاليم‪ ،‬و�أن تكون هناك عدالة يف توزيع‬ ‫امل�ي��زان�ي��ة وال��ك��ادر ال��وظ�ي�ف��ي‪ ،‬وب�ح�ي��ث يح�صل‬ ‫ك��ل �إق�ل�ي��م على ن�صيبه م��ن ال�تروي��ج ال�سياحي‬ ‫واخل��دم��ات ال�سياحية التي يجب علينا القيام‬ ‫بها خلدمة ال�سياحة وال�سائح واملواطن اليمني‪.‬‬

‫في سياق حديثكم عن سقطرى‪ ،‬ما‬ ‫هي نظرتكم لمستقبل هذا األرخبيل‬ ‫كوجهة سياحية رائدة في اليمن؟‬

‫ت��رك��ز وزارة ال���س�ي��اح�ي��ة وجم �ل ����س ال�تروي��ج‬ ‫ال�سياحي ح��ال�ي� ًا على ج��زي��رة �سقطرى بهدف‬ ‫حت�سني اخل��دم��ات ال�سياحية فيها‪ ،‬وق��د ب��د�أن��ا‬ ‫ كخطوة �أوىل – يف ت��دري��ب ال�ك��ادر ال�سياحي‬‫باجلزيرة‪ ،‬حيث دربنا �أكرث من �أربعني �شخ�ص ًا‬ ‫يف املعهد الوطني لل�سياحة والفندقة‪ ،‬كانت هناك‬ ‫ث�لاث جم�م��وع��ات مت ت��دري��ب �إح��داه��ا يف جمال‬ ‫التغذية والأخ ��رى يف جم��ال الإر� �ش��اد ال�سياحي‬ ‫هل لدى وزارة السياحة أو مجلس‬ ‫الترويج السياحي خطة لمواجهة مثل‬ ‫والثالثة يف جمال امل��وارد الب�شرية‪ ،‬ون�أمل ‪ -‬بعد‬ ‫هذه التغيرات المحتملة على صعيد‬ ‫عودة هذه املجاميع �إىل �سقطرى ‪� -‬أن تعمل على‬ ‫العمل السياحي في األقاليم؟‬ ‫حت�سني ج��ودة اخلدمات ال�سياحية يف اجلزيرة‪،‬‬ ‫�صيغت‬ ‫قد‬ ‫تكن‬ ‫بالت�أكيد هناك خطة‪ ,‬و�إن مل‬ ‫ويف ال��وق��ت نف�سه ن��أم��ل �أن ت�ق��وم بتدريب بقية‬ ‫ب�شكل نهائي‪ ،‬وقد مت جتهيز ورق��ة عمل من قبل ال��ك��وادر امل��وج��ودة ه �ن��اك وال �ت��ي مل يت�سن لنا‬ ‫رئا�سة الوزراء تت�ضمن خطة الوزارة يف الأقاليم‪ .‬تدريبها‪ ،‬مع العلم �أن خطتنا تت�ضمن ا�ست�ضافة‬ ‫جمموعة من �أبناء �سقطرى لتدريبهم يف كل عام‪.‬‬

‫تركز خطط الترويج السياحي لليمن‬ ‫بشكل أساسي على الخارج وباألخص‬ ‫السوق األوروبية‪ ,‬رغم قلة العائد منها‬ ‫في السنوات األخيرة‪ ...‬لماذا مثل هذا‬ ‫التوجه؟ وهل من ثمرة تم قطفها كجانب‬ ‫ً‬ ‫دعم لقطاع السياحة‬ ‫عموما ؟‬

‫هذا فيما يخص جانب التدريب والتأهيل‬ ‫في مجال العمل السياحي‪ ،‬ماذا عن‬ ‫البنى التحتية في الجزيرة؟‬

‫فيما يخ�ص البنى التحتية‪ ,‬هناك خطة لإن�شاء‬ ‫ا��س�تراح��ات‪ ,‬وح�م��ام��ات يف جميع املناطق التي‬ ‫ي�شتهر الأوروب �ي��ون بحبهم لل�سياحة البيئية يوجد بها حمميات طبيعية يف اجلزيرة‪ ,‬واملقدرة‬ ‫واملناطق الأثرية والطبيعية‪ ،‬واليمن يوجد فيها بثمانية مواقع‪ ،‬وهناك خطة حكومية بالتعاون مع‬ ‫ً‬ ‫كل ما يريده ال�سائح الأجنبي وخ�صو�صا الأوروبي‪ ،‬حمافظة �سقطرى لإع��ادة ت�أهيل املطار وامليناء‪.‬‬ ‫فال بد �إذ ًا من تعريفهم بها لكي يقوموا بزيارتها‪،‬‬ ‫وامل�شكلة ال تكمن يف ال�سياح الأوروب �ي�ين ب��ل يف االهتمام بالسياحة الداخلية يعد قاعدة‬ ‫ً‬ ‫دولهم التي حتذرهم ومتنعهم �أي�ضا من احل�ضور األساس للعمل السياحي بشكل عام‪...‬‬ ‫�إىل اليمن ب�سبب الأو�ضاع الأمنية احلالية التي هل تشعرين أن ثمة قصورا فيما يخص‬ ‫تعي�شها‪ ،‬ولدي �أمل كبري بازدهار ال�سياحة يف اليمن توجه وزارة السياحة ومجلس الترويج‬ ‫ووفود الآالف من ال�سياح �إليها من خمتلف الدول السياحي نحو دعم وتشجيع السياحة‬ ‫�سواء الأوروب �ي��ة �أو الآ�سيوية �أو العربية‪ ,‬عندما الداخلية في اليمن؟‬ ‫ن�ستطيع القول‪� :‬إن هناك بع�ض الق�صور‪ ,‬ولكن‬ ‫�سياحا يف حال مت اختطافها ال �سمح اهلل‪ ،‬ليتم تلتئم اجلراح ويتم الت�صالح بني اجلميع وت�صبح‬ ‫ا�سرتجاعها وحترير املختطفني على متنها ب�أ�سرع اليمن �آم �ن � ًة بكل مقايي�س الأم ��ن واال��س�ت�ق��رار‪ .‬ما يلتم�س لنا العذر‪� ,‬أن الطرقات الرئي�سية ما‬ ‫بني املحافظات غري �آمنة من ناحية "التقطعات"‬ ‫وقت ممكن‪.‬‬ ‫أفهم من هذا أنه ال يوجد أي عائد‬ ‫و"االختطافات"‪ ،‬فال�سياحة الداخلية ال ت�ستطيع‬ ‫ملموس من الترويج السياحي لليمن‬ ‫�أن تزدهر يف ظل هذه الأو�ضاع‪ ،‬ولكننا م�ستقب ًال‪,‬‬ ‫ربما يكون الوطن على أعتاب مرحلة‬ ‫في أوروبا؟‬ ‫جديدة إذا ما مضت خطة المبادرة كما‬ ‫عندما تنتهي مثل ه��ذه الظواهر الغري �صحية‬ ‫هو مخطط لها‪ ،‬وأقصد هنا االتجاه نحو‬ ‫=على العك�س من ذل��ك‪ ,‬يوجد عائد متمثل لل�سياحة‪ ,‬ن�ستطيع �أن جنرب الوكاالت ال�سياحية‬ ‫ً‬ ‫تجربة األقاليم‪ ،‬وأظن أن تجربة السياحة‬ ‫يف قيامنا ح��ال�ي�ا ب��ال�تروي��ج جل��زي��رة �سقطرى و��ش��رك��ات النقل وامل�ط��اع��م وال�ف�ن��ادق �أن تقدم‬ ‫‪48‬‬

‫�أ�سعارا رمزية على خدماتها يف موا�سم الأعياد تختلف عن تلك الأ�سعار التي يدفعها الزائر �أو‬ ‫والعطل الر�سمية‪ ,‬وذل��ك مبنح تخفي�ضات على املقيم الأجنبي‪ ,‬ف�أ�سعار التذاكر الآن �أعلى من‬ ‫من��ط ب��رن��ام��ج �سياحي متكامل لأب �ن��اء ال��وط��ن ال�ق��درة ال�شرائية للمواطن اليمني ذي القدرة‬ ‫الراغبني يف االنتقال م��ن حمافظة �إىل �أخ��رى ال���ش��رائ�ي��ة امل� �ح ��دودة‪ ,‬و��س�ن�ح��اول حتقيق ذل��ك‬ ‫لغر�ض ال�سياحة‪ ,‬لأن ال �ق��درة ال�شرائية لدى حتى بدعم من الدولة "لليمنية" �أو "ال�سعيدة"‬ ‫امل��واط��ن اليمني غ�ير عالية‪ ،‬و�سنفر�ض �أي�ضا من �أجل تخفي�ض �أ�سعارها– كما هو حا�صل يف‬ ‫ع�ل��ى امل��دار���س واجل��ام �ع��ات وال� � ��وزارات �إق��ام��ة الدول الأخرى – فتكون بذلك يف متناول املواطن‬ ‫رح�لات �سياحية داخلية للطالب واملوظفني �إىل اليمني ليتمكن من زيارة �سقطرى يف امل�ستقبل‪.‬‬ ‫املحافظات‪ ،‬و� ً‬ ‫أي�ضا عمل برنامج لكل فئات املجتمع‪.‬‬ ‫برنامج "اعرف وطنك" كان من البرامج‬ ‫التوعوية والتقيمية‪ ,‬لماذا توقف في‬ ‫السنتين األخيرتين؟‬

‫برنامج "اعرف وطنك" ك��ان يقت�صر على‬ ‫ال�صحفيني ف�ق��ط‪ ،‬وق��د �أر��س�ل�ن��ا جم�م��وع��ة من‬ ‫ال�صحفيني �إىل جزيرة �سقطرى‪ ,‬بالإ�ضافة �إىل‬ ‫عدة حمافظات �أخرى‪ ,‬حيث قام ه�ؤالء ال�صحفيون‬ ‫بالكتابة عن املواقع ال�سياحية يف خمتلف �أرجاء‬ ‫اجلمهورية اليمنية‪ ،‬ولكننا الآن نريد �أن يكون‬ ‫برنامج "اعرف وطنك" جلميع الفئات‪ :‬كالأ�سرة‬ ‫وال �ط��ال��ب وامل��وظ��ف‪ ,‬وك��ل ف��رد مي�ن��ي ل��ه احل��ق‬ ‫�أن يعرف وطنه من خ�لال ال�سياحة الداخلية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫دائرا حول جزيرة‬ ‫ما يزال نقاشنا‬ ‫سقطرى ‪ ..‬فكما نعلم أن لجزيرة‬ ‫سقطرى خصوصية بالنسبة لليمن‬ ‫والعالم ككل‪ ،‬وقد تم تتويجها كمحافظة‬ ‫مؤخرا‪ ،‬إال أن حركة السياحة الداخلية‬ ‫ً‬ ‫صعبة بسبب ارتفاع كلفة‬ ‫فيها ما تزال‬ ‫الطيران‪ ...‬لماذا ال يوجد أي توجه من‬ ‫قبل الوزارة ومجلس الترويج السياحي‬ ‫لتبني خطة بهذا الخصوص؟‬

‫للشأن السياسي أهمية في تقرير‬ ‫مصير البلدان‪ ،‬وإن ُ‬ ‫صلح صلحت باقي‬ ‫قطاعات الدولة‪ ،‬ماذا عن وجهة نظركم‬ ‫فيما يخص عالقة السياسة بالسياحة ‪..‬‬ ‫وما مدى تأثير هذا الجانب على قطاع‬ ‫السياحة؟‬

‫ال �ت ��أث�ير ك�ب�ير ط �ب �ع � ًا‪ ،‬وك �م��ا ق�ل��ت �أن���ت ف ��إن‬ ‫الو�ضع ال�سيا�سي ي�صل �إىل كل قطاع يف البلد‪,‬‬ ‫وال�سياحة �إح��دى القطاعات التي تت�أثر بالقرار‬ ‫ال�سيا�سي‪ ،‬ف� ��إذا ك��ان��ت ه�ن��اك ق� ��رارات عاقلة‬ ‫وج��ي��دة لت�شجيع ال���س�ي��اح��ة ف �� �س��وف ت�ستفيد‬ ‫ال�سياحة‪ ،‬ولكن �إن ظل الوعي غائبا عند متخذي‬ ‫القرار فلن ن�ستفيد �شيئ ًا من الو�ضع ال�سيا�سي‪.‬‬ ‫هل تؤمن الحريبي بضرورة عمل توعية‬ ‫سياحية لقادة العمل السياسي في‬ ‫البلد؟‬

‫ن�ع��م ‪ ..‬ن�ستطيع توعيتهم ع�بر الإع�لان��ات‬ ‫التلفزيونية �أو من خالل ال�صحف‪� ،‬أما �أن جنمعهم‬ ‫يف دورة توعية �سياحية فهذا �أمر �صعب‪ ،‬ونرى �أن‬ ‫نقوم ب��إج��راء زي��ارات توعوية �أو ترتيب جوالت‬ ‫�سياحية ملتخذي القرار �إىل �سقطرى واملحافظات‬ ‫الأخ� � ��رى‪ ,‬ب�ح�ي��ث ن�ن�م��ي وع �ي �ه��م واه�ت�م��ام�ه��م‬ ‫امل���ش�ك�ل��ة ت�ت�م�ث��ل يف �أن � �ش��رك��ات ال �ط�يران بقطاع ال�سياحة وال�ع�م��ل ال�سياحي يف البلد‪.‬‬ ‫ه��ي م��ن ق��ام��ت بتحديد �أ� �س �ع��ار ت��ذاك��ر ال�سفر‬ ‫�إىل � �س �ق �ط��رى‪ ،‬وق� ��د وج �ه �ن��ا �إل �ي �ه��م ر� �س��ائ��ل السياحة اليمنية في الوقت الحاضر‪ ،‬هل‬ ‫ر�سمية لإع ��ادة النظر يف �أ�سعار تلك التذاكر‪ .‬تشعرون بالرضا حيالها؟‬ ‫ال ‪ ..‬لأن اليمن تعترب عاملي ًا كنزا �سياحيا مميزا‬ ‫لماذا ال يوجد برنامج مشترك بين‬ ‫وفريدا من نوعه‪ ,‬وي�ستحق �أن يتوافد �إليه �آالف‬ ‫الوزارة والمجلس مع شركات‬ ‫ال�سياح‪ ،‬ولكنها ال ت�أخذ ما ت�ستحقه حالي ًا نظر ًا‬ ‫الطيران‪ ,‬كاليمنية والسعيدة من أجل لتدين عدد ال�سياح الوافدين �إليها وهذا ما يجعلنا‬ ‫تخفيض تلك الكلفة رغبة في تحقيق غري را�ضيني عن الو�ضع احلايل لل�سياحة يف اليمن‪.‬‬ ‫هذا النوع من السياحة؟‬

‫م�ستقب ًال �ستكون هناك خطة م�شرتكة بيننا‬ ‫وبني �إحدى ال�شركتني اليمنية �أو ال�سعيدة بحيث‬ ‫ت�ك��ون ه�ن��اك �أ� �س �ع��ار خ��ا��ص��ة ل�ل�م��واط��ن اليمني‬

‫اللقاءات التشاورية السنوية لقادة‬ ‫العمل السياحي تشكل قاعدة لمراجعة‬ ‫ما تحقق‪ ،‬ومعرفة كل االختالالت‬

‫ومعالجة كل المشاكل‪ ،‬لكن مخرجاتها ال‬ ‫تأخذ طريقها للتنفيذ‪ ..‬ما تعليقكم على‬ ‫هذا األمر؟‬

‫�أعتقد ب�أن مثل هذه اللقاءات مفيدة‪� ,‬إذ ن�ستطيع‬ ‫من خاللها �أن نحدد ما هي امل�شاكل التي تواجه‬ ‫املحافظات ومن هو ال�شخ�ص املتميز يف جهوده‪،‬‬ ‫مث ًال يف هذا العام وجدنا �أن مكتب ال�سياحة يف‬ ‫تعز يقوم بالعديد من الأن�شطة ال�سياحية‪ ,‬بينما‬ ‫‪49‬‬


‫لقاء‬

‫ال ت�ق��وم بقية امل�ك��ات��ب يف امل�ح��اف�ظ��ات الأخ ��رى‬ ‫بن�صف تلك الأن�شطة‪ ،‬وهذا يدفع بقية املحافظات‬ ‫لال�ستفادة من �آداء املكاتب اجليدة والعمل باملثل‪،‬‬ ‫ولذا �أعتقد ب�أن هناك فائدة من مثل تلك اللقاءات‪.‬‬

‫لقاء‬

‫الوزارة والمجلس من أجل مهرجان صيف‬ ‫صنعاء السابع‪ ،‬هل كنتم تتوقعون نجاح‬ ‫هذا المهرجان‪ ,‬خاصة وأن الظروف التي‬ ‫ً‬ ‫مبشرة على‬ ‫أحاطت ترتيباته لم تكن‬ ‫اإلطالق؟‬

‫لقد فوجئنا مب�ستوى الإقبال على املهرجان‪,‬‬ ‫مهرجان صيف صنعاء كان حدثا وطنيا‬ ‫استثنائيا – رغم الظروف المحيطة – وقد وك �ي��ف ح� ��ازت ج�م�ي��ع الأن �� �ش �ط��ة ع �ل��ى �إع �ج��اب‬ ‫ً‬ ‫النا�س‪ ،‬كما تفاج�أنا بتجاوب جميع املحافظات‬ ‫أرضا خصبة‬ ‫برهن على أن اليمن ما تزال‬ ‫بشعبها المحب للحياة والسالم ‪ ..‬كيف‬ ‫معنا‪� ,‬إذ مل تت�أخر �أو ت�تردد �أي منها بامل�شاركة‬ ‫تقرؤون هذا األمر؟‬ ‫يف امل� �ه ��رج ��ان‪ ،‬ف �ك��ان ه �ن��اك ر� �ض��ا ك �ب�ير عن‬ ‫مهرجان �صيف �صنعاء كان بالن�سبة للوزارة م���س�ت��وى امل �ه��رج��ان وامل �� �ش��ارك��ة ف �ي��ه والإق� �ب ��ال‬ ‫وامل �ج �ل ����س ن��وع��ا م��ن ال �ت �ح��دي‪ ,‬ب���س�ب��ب م��ا هو ع �ل �ي��ه ال � ��ذي ف� ��اق ب �ح �م��د اهلل ك ��ل ت��وق �ع��ات �ن��ا‪.‬‬ ‫حا�صل يف �صنعاء‪ ،‬ففي �شمال �صنعاء كانت‬ ‫هناك االعت�صامات وال��دع��وات لال�ضطرابات‪ ،‬كيف تقيمون تجربة مهرجان هذا العام‬ ‫ول��و �أن �ه��ا م��ن وج�ه��ة ن�ظ��ري ك��ان��ت مطالب حق‪ ،‬مقارنة بالمهرجانات السابقة؟ وما هي‬ ‫ويف ال��وق��ت نف�سه �إقامتنا لهذا املهرجان �أت��اح الرسالة األساسية التي أردتم إيصالها‬ ‫للنا�س ن�سيان تخوفهم مما هو حا�صل يف �شمال للشعب والعالم من خالل هذا المهرجان؟‬ ‫ل�ق��د ك��ان��ت ج �ي��دة ج ��د ًا وي �ج��ب ت �ك��راره��ا يف‬ ‫�صنعاء‪ ،‬وق��د قالت يل الكثري م��ن الن�ساء �إننا‬ ‫كنا �سبب ًا يف ن�سيانهم للجرعة (زي ��ادة �أ�سعار ال�سنوات القادمة على نف�س النمط‪ ,‬وهو م�شاركة‬ ‫امل�شتقات النفطية) وامل�شاكل م��ن خ�لال هذا كافة املحافظات يف فعاليات امل�ه��رج��ان‪ ,‬حيث‬ ‫املهرجان‪ ،‬لقد �أوج��دن��ا للنا�س متنف�س ًا يهربون حت�ضر وتغادر بنف�س التوقيت و�إن �شاء اهلل �سوف‬ ‫�إل�ي��ه م��ن ال��واق��ع وامل�شاكل ال�ت��ي يعي�شون فيها‪ .‬ي�ستتب الأم��ن واال�ستقرار يف ال�سنوات القادمة‪،‬‬ ‫كما ن�أمل من جميع الفرق الفنية الأجنبية �أن‬ ‫ال تعتذر عن امل�شاركة كما ح��دث يف ه��ذا العام‬ ‫ترتيبات وتحضيرات مكثفه قامت به‬ ‫‪50‬‬

‫حيث اع�ت��ذرت العديد من الفرق الأوروب �ي��ة عن‬ ‫امل�شاركة ب�سبب الو�ضع الأم �ن��ي‪ ،‬ولكننا ن�أمل‬ ‫�أن ت�شارك معنا مثل ه��ذه ال�ف��رق الفنية لي�س‬ ‫م��ن �أوروب ��ا فقط ب��ل م��ن جميع ال��دول الأخ��رى‪.‬‬ ‫هل ستكتفي وزارة السياحة ومجلس‬ ‫الترويج السياحي بتنظيم مهرجان صيف‬ ‫صنعاء فقط في كل عام‪ ,‬أم أن هناك‬ ‫خطة إلقامة مهرجانات أخرى ضمن‬ ‫خارطة المهرجانات السياحية التي‬ ‫يقومان بتنظيمها؟‬

‫نعم ‪ ..‬هناك خطة لإقامة مثل هذا املهرجان‬ ‫يف ع��دة حم��اف�ظ��ات مثل ع��دن وت�ع��ز واحل��دي��دة‬ ‫وك��ل امل�ح��اف�ظ��ات الأخ� ��رى ال �ت��ي ل��دي�ه��ا ال �ق��درة‬ ‫لأن ت �ق �ي��م م �ث��ل ه� ��ذا امل��ه��رج��ان ومب���س�م�ي��ات‬ ‫خم�ت�ل�ف��ة‪� ،‬أو دجم ��ه �ضمن م�ه��رج��ان��ات �أخ ��رى‬ ‫وعلى �سبيل املثال مهرجان ال�صهاريج مبدينة‬ ‫ع��دن وال��ذي يقام يف �شهر �أكتوبر من كل عام‪.‬‬ ‫هل تنوي الوزارة أو المجلس المشاركة‬ ‫في مهرجان الصهاريج لهذا العام‪...‬‬ ‫وما هو نوع المشاركة؟‬

‫كال ‪� ..‬سوف نكتفي بالدعم املادي فقط على غرار‬ ‫الدعم ال�سنوي املعتمد للمحافظات التي تقام فيها‬

‫مثل هذه املهرجانات‪ ,‬والتي منها � ً‬ ‫أي�ضا مهرجان‬ ‫البلدة يف املكال و�أ�سعد الكامل يف ذمار وغريها‪.‬‬ ‫يمر الوطن في الوقت الحالي بظروف‬ ‫معقدة‪ ,‬هل باعتقادك أنه سيعبر عنق‬ ‫الزجاجة؟‬

‫تعترب الأو� �ض��اع احل��ال�ي��ة غ�ير طبيعية ولكن‬ ‫بحكمة اليمنيني �سيتغلبون عليها وي�صلون‬ ‫�إىل ط��ري��ق الأم � ��ان �إن � �ش��اء اهلل ك�م��ا ت�ع��ودن��ا‬ ‫على ذل��ك يف الأزم� ��ات ال�سابقة وال نن�سى �أن‬ ‫"الإميان مي ��اين واحل �ك �م��ة ميانية" ومهما‬ ‫ع �� �ص �ف��ت ال � �ظ� ��روف وا�� �ش� �ت ��دت امل� � ��ؤام � ��رات‬ ‫�ستبقى اليمن بلد احلكمة على م��ر الع�صور‪.‬‬ ‫العمل السياسي هو مشوار حياة‬ ‫بالنسبة لك‪ ..‬هل باإلمكان أن تطلعينا‬ ‫على هذه التجربة؟‬

‫ك��ان��ت جت��رب�ت��ي ال�سيا�سية الأوىل يف جم��ال‬ ‫امل �ج��ال ����س امل �ح �ل �ي��ة‪ ,‬وذل � ��ك ع �ن��دم��ا ت�ق��دم��ت‬ ‫لالنتخابات وحالفني التوفيق فيها‪ ,‬لأ�صبح‬ ‫رئي�سة للمجل�س املحلي ملديرية التحرير ب�أمانة‬ ‫العا�صمة �صنعاء منذ العام ‪� 2001‬إىل ‪.2006‬‬

‫لألستاذة فاطمة الحريبي بدايات‬ ‫وذكريات ال أظن أن المجال يتسع لسرد‬ ‫تفاصيلها‪ ،‬لكننا في مجلة السياحة‬ ‫نطمح أن نقرأ بعض جوانبها لنستلهم‬ ‫منها تجربة حياة؟‬

‫بل �إىل الأف�ضل �إن �شاء اهلل‪� ،‬أما ما يخ�ص جناحها‬ ‫يف �أداء الر�سالة املناطة بها فقد جنحت يف ذلك‬ ‫ من وجهة نظري ‪ -‬بامتياز ال�سيما و�أن كافة‬‫موا�ضيعها �سياحية وعرب خرباء يف جمال ال�سياحة‪.‬‬

‫لقد بد�أت م�شواري كمهند�سة زراعية يف وزارة‬ ‫ال��زراع��ة ون�ظ��ر ًا لدرا�ستي يف ال��والي��ات املتحدة‬ ‫الأمريكية و�إجادتي للغة الإجنليزية بطالقة مت‬ ‫اال�ستعانة بي يف العام ‪ 1994‬للعمل كمذيعة باللغة‬ ‫يف ال��ب��داي��ة الب���د م ��ن ال �ث �ن��اء ع �ل��ى م�ع��ايل‬ ‫الإجنليزية يف �إذاع ��ة �صنعاء‪ ,‬وبعدها انتقلت الدكتور‪ /‬قا�سم �سالم وزي��ر ال�سياحة – رئي�س‬ ‫للعمل يف التلفزيون �إىل العام ‪ 2011‬حيث ا�ستقلت جمل�س ال�تروي��ج ال�سياحي ال���س��اب��ق ع�ل��ى ذل��ك‬ ‫من العمل يف املجال الإع�لام��ي وتفرغت للعمل الدعم والت�شجيع الدائم لنا خ�لال عمله معنا‪،‬‬ ‫يف جم��ال ال�سياحة ال�سيما و�أن�ن��ي ق��د عملت يف فقد كان م�صدر �إلهام لنا على ال��دوام‪ ،‬ولطاملا‬ ‫هذا املجال كمدير عام ملكتب ال�سياحة يف �أمانة وجدناه متفاع ًال مع كل ما ي�ستجد من مهام �أو‬ ‫العا�صمة ‪ ،‬وذل��ك �إىل جانب العمل الإع�لام��ي‪ .‬التزامات يف ال�سياحة �أو غريها‪ ،‬والآن نطمح‬ ‫�أن ت�شهد ال� ��وزارة وجمل�س ال�تروي��ج ال�سياحي‬ ‫كإعالمية سابقة وأحد قادة العمل‬ ‫خ �ط��وات ناه�ضة يف ظ��ل ق�ي��ادة ال��وزي��ر ال�شاب‬ ‫ً‬ ‫األستاذة‬ ‫حاليا‪ ،‬كيف تق ِيّم‬ ‫السياحي‬ ‫معمر الإري� ��اين‪ ,‬ونتمنى ل��ه التوفيق يف مهامه‬ ‫ومدى‬ ‫السياحة‪,‬‬ ‫مجلة‬ ‫الحريبي‬ ‫فاطمة‬ ‫اجلديدة و�أ�شكر ب��دوري كل العاملني يف احلقل‬ ‫قيامها بأداء الرسالة المناطة بها‬ ‫ال�سياحي‪ ،‬و�أمتنى لطاقم جملة ال�سياحة بقيادة‬ ‫كركيزة من ركائز اإلعالم السياحي؟‬ ‫الأ��س�ت��اذ‪� /‬أك��رم اجل��وحل��ي التوفيق يف مهامهم‬ ‫لي�س هناك �شك ب�أن �أداءه��ا جيد‪ ,‬و�إخراجها ال�صحفية خ��دم��ة ل�ل��وط��ن وال�ع�م��ل ال�سياحي‪.‬‬ ‫رائع ون�أمل �أن ت�ستمر لي�س فقط بنف�س هذه اجلودة‬ ‫كلمة أخيرة تود األستاذة الحريبي قولها‬ ‫لمجلة السياحة وطاقم العمل‬ ‫السياحي؟‬

‫‪51‬‬


‫حرف‬ ‫إستطالع‬

‫حرف‬

‫فالقرن ه��و امل��ادة التي ي�صنع منها مقب�ض‬ ‫"اجلنابي"‪ ،‬ل�ك�ن��ه مل ي�ع��د م �ت��واف��را ب�ك�ثرة‪،‬‬ ‫وك��ان��ت ه��ذه امل�شكلة ق��د ظ�ه��رت م��ع ��ص��دور‬ ‫ق��رار جمل�س ال ��وزراء ع��ام ‪ 2002‬مبنع ا�سترياد‬ ‫احليوانات املهددة باالنقرا�ض‪ ،‬ومنها اخلرتيت‬ ‫�أو ما يعرف بـ"وحيد القرن"‪ ,‬وجت��رمي االجت��ار‬ ‫ب ��ه‪ ،‬ت�ن�ف�ي��ذا ل�ل�ت�ع�ه��دات ال �ت��ي قطعتها اليمن‬ ‫ع�ل��ى نف�سها ب��ان���ض�م��ام�ه��ا الت �ف��اق �ي��ات تنظيم‬ ‫االجت��ار يف الأن��واع املهددة باالنقرا�ض للحفاظ‬ ‫ع�ل��ى احل �ي��وان��ات وال �ن �ب��ات��ات ال�بري��ة‪ ،‬امل�ع��روف��ة‬ ‫اخ�ت���ص��ارا ب��ات�ف��اق�ي��ة (��س��اي�ت����س) ع��ام ‪.1997‬‬ ‫وقد ارتفعت قيمة تداول قرون وحيد القرن عام‬ ‫‪ 2012‬م �إىل نحو ‪� 65‬ألف دوالر للكيلوغرام لت�صبح‬ ‫�أغلى من الذهب‪ ,‬وفقا لوكالة روي�ترز للأنباء ‪.‬‬ ‫وتعد جنوب �إفريقيا موطنا لأكرث من ع�شرين‬ ‫�أل��ف ح�ي��وان م��ن وحيد ال�ق��رن �أو نحو ‪ %90‬من‬ ‫ك��ل ح �ي��وان��ات وح �ي��د ال �ق��رن يف �أف��ري �ق �ي��ا لكنه‬ ‫ي��واج��ه خم��اط��ر االن �ق��را���ض ه �ن��اك‪ ,‬ف��وف��ق بيان‬ ‫�صادر عن وزارة البيئة " �إنه �إذا ا�ستمر ال�صيد‬ ‫غ�ير امل�� �ش��روع وبنف�س ال��وت�يرة فقد ي� ��ؤدي �إىل‬ ‫ان�ق��را��ض��ه يف غ�ضون ع�شر ��س�ن��وات تقريبا" ‪.‬‬ ‫اشتعال األسعار‬

‫لقد �ضاعفت زي��ادة الطلب على ه��ذه امل��ادة‬ ‫اخلام يف اليمن وبع�ض الدول الأخرى من معدالت‬ ‫ال�صيد غ�ير امل���ش��روع ب�صورة ك�ب�يرة منذ عام‬ ‫‪ 2007‬عندما ب��د�أت طبقة الأث��ري��اء يف ال�صني‬

‫وفيتنام وتايلند �إن�ف��اق املزيد على ق��رون وحيد‬ ‫القرن لأغرا�ض طبية تتعلق بالطب التقليدي ‪.‬‬ ‫لكن �صناعة اجلنابي يف اليمن اجتهت �إىل‬ ‫بدائل خمتلفة لقرن اخلرتيت‪ ،‬منها قرن البقر‬ ‫الهندي وال��وع��ل واخل�شب‪ ،‬لكنها لي�ست بنف�س‬ ‫اجل ��ودة‪ ،‬وال تلقى االهتمام ذات��ه‪ ،‬وه��و م��ا �أدى‬ ‫وف�ق��ا للعزيري‪� -‬إىل ارت �ف��اع �أ��س�ع��ار "جنابي‬‫ق ��رن اخلرتيت" لت�صل �إىل م�ب��ال��غ خيالية‪.‬‬ ‫واحل� � ��ل م� ��ن وج� �ه ��ة ن� �ظ ��ره ه� ��و ال �� �س �م��اح‬ ‫ب��دخ��ول كمية ول��و قليلة م�ن��ه‪ ،‬ك�م��ا ه��و حا�صل‬ ‫يف ال��ع��دي��د م ��ن ال� � ��دول‪ ،‬ك��ال �ه �ن��د وال �� �ص�ين‪،‬‬ ‫لإن � �ق� ��اذ ه� ��ذه ال �� �ص �ن��اع��ة م���ن االن� �ق ��را� ��ض‪.‬‬

‫ال��رئ �ي ����س م��ن ال ��زي ��ارة‪ ،‬ف �ت �ك��ون �أف �� �ض��ل ه��دي��ة‬ ‫ميكن تقدميها لذويهم بعد عودتهم لبالدهم‪.‬‬ ‫تتكون اجلنبية من �أربعة �أجزاء‪ ،‬هي املقب�ض‪,‬‬ ‫يقوم احلريف بتقطيعه ونحته من "قرن اخلرتيت"‬ ‫على �شكل حرف (‪ )T‬مع �إ�ضافة اللم�سات الفنية‬ ‫عرب تزيينه وزخرفته بقطع من الذهب �أو الف�ضة‬ ‫والأح �ج��ار الكرمية‪� ،‬أم��ا ج��زء اجلنبية ال�سفلي‬ ‫وامل�سمى بـ"الن�صل" فهو عبارة عن قطعة حديد‬ ‫�شديدة اللمعان واحل��دة‪ ,‬يتم طرقها و�صنفرتها‬ ‫بعناية كبرية‪ ،‬وي�ضاف �إىل الن�صل املب�سم‪ ,‬وهو‬ ‫عبارة عن �إط��ار معدين م�ستطيل ال�شكل يحيط‬ ‫بالن�صل من �أ�سفله‪ ,‬ويحفظ الن�صل يف �صندوق‬ ‫خ�شبي ي�سمى (اجلفل) ومادته الأ�سا�سية خ�شب‬ ‫الطنب املغطى باجللد بعد �إ�ضافة ال��زخ��ارف‪.‬‬ ‫�أم� ��ا احل � ��زام ف�ي�ث�ب��ت ع �ل �ي��ه ع���س�ي��ب اجل�ن�ب�ي��ة‬ ‫(غ�م��ده��ا) وي��دخ��ل يف ت�صنيعه جلد امل��اع��ز مع‬ ‫�إ� �ض��اف��ة نق�شات وزخ� ��ارف بالف�ضة وال��ذه��ب‪.‬‬

‫ي��رج��ع ت��اري��خ ه��ذه ال�صناعة يف اليمن �إىل‬ ‫ح ��وايل ‪� 6000‬سنة �إذ اكت�شفت بع�ض الآث ��ار‬ ‫وال�صور التي �أظ�ه��رت ملوك دول��ة حمري و�سب�أ‬ ‫وه��م ي��رت��دون "اجلنابي"‪ ،‬ال�ت��ي م��ا ت��زال �أح��د‬ ‫مكونات ال��زي التقليدي يف الكثري من املناطق‬ ‫اليمنية‪ ،‬فهي بالن�سبة لليمنيني زي�ن��ة للرجل في انتظار القرار‬ ‫ورم ��ز ل�ل��رج��ول��ة وال �ق��وة وامل �ك��ان��ة االجتماعية‪،‬‬ ‫وت���ش�ت�ه��ر ال �ع��دي��د م��ن م �ن��اط��ق ال �ي �م��ن عرب‬ ‫كما �أنها �سالح للدفاع عن النف�س يف الأوق��ات ال� �ت ��اري ��خ ب �� �ص �ن��اع��ة اجل� �ن ��اب ��ي‪ ،‬وي� �ع ��د � �س��وق‬ ‫احل��رج��ة‪ ،‬وتعترب عن�صرا �أ�سا�سيا يف الرق�ص امل �ل��ح ال��واق��ع يف م��دي�ن��ة �صنعاء ال�ق��دمي��ة �أه��م‬ ‫ال�شعبي اليمني �أو م��ا يطلق علية "الربع"‪ .‬م��راك��ز ال���ص�ن��اع��ة و�أك�ث�ره ��ا ح�ي��وي��ة ون���ش��اط��ا‪.‬‬ ‫وع�ب�ر ال �ت��اري��خ ا��س�ت�ط��اع��ت ه ��ذه ال�صناعة‬ ‫هدايا السياح‬ ‫�أن جت��ذب ع��دي��دا م��ن احل��رف �ي�ين‪ ,‬ح�ت��ى و�صل‬ ‫و�إىل جانب اع �ت��زاز �أه ��ايل اليمن بها‪ ،‬ف��إن ع��دد العاملني بها �إىل ع�شرة �آالف �شخ�ص‪،‬‬ ‫للجنابي م�ك��ان��ة ك �ب�يرة ل ��دى زوار ال �ي �م��ن‪� ,‬إذ ينتظرهم خ�ط��ر ال�ب�ط��ال��ة �إذا مل ُت � ِع��د ال��دول��ة‬ ‫ي�شكل غ��ر���ض ��ش��رائ�ه��ا ل ��دى ال�ب�ع����ض ال�ه��دف التفكري يف ق��رار حظر ا�سترياد ق��رن اخلرتيت‪.‬‬

‫قرن الخرتيت‬

‫سر جنابي اليمن‬ ‫تواجه الصناعات والمهن‬ ‫اليدوية ذات الطبيعة التراثية‬ ‫ف��ي ال��ع��دي��د م��ن ال���دول‬ ‫العربية خطر االنقراض‪ ،‬وإذا‬ ‫كانت األسباب غالبا ما تنحصر‬ ‫‪52‬‬

‫في قلة إقبال المستهلكين‬ ‫عليها أو ن���درة األي���دي‬ ‫ال��ع��ام��ل��ة ال��م��اه��رة‪ ،‬ف��إن‬ ‫صناعة السيوف الصغيرة‬ ‫«الجنابي» في اليمن تواجه‬

‫ع � � �م� � ��ر احل � � �ي� � ��اين‬

‫مشكلة ذات طبيعة خاصة‬ ‫تتمثل ف��ي ن���درة الخامة‬ ‫الالزمة للصناعة‪ ،‬التي تتمثل‬ ‫أساسا في «قرن الخرتيت»‪.‬‬ ‫‪53‬‬


‫دراسة‬

‫دراسة‬

‫المعافر ‪..‬‬

‫تاريخ عريق لحاضر مهمل‬ ‫�سامي �شرف ال�شهاب‬ ‫باحث متخ�ص�ص يف الآثار اليمنية‬ ‫املعافر ‪ ..‬قلب احلجرية الناب�ض وينبوع احلياة‪،‬‬ ‫ذلك �أنها جت�سد قالبا لتاريخ �ضارب يف الأعماق‬ ‫وحا�ضر ي�سري وفق �أبجدية التح�ضر املت�سارع‪ ،‬ال‬ ‫تبدو املعافر اليوم �سعيدة بهذه اخلطوات التي‬ ‫�أخذتها بعيدا عن مكنونها التاريخي احلقيقي‬ ‫بالرغم من ت�شكيلها �إىل جانب باقي مديريات‬ ‫احلجرية الأربع م�صنعا ب�شريا هائال �أنتج كوادر‬ ‫ب�شرية انت�شرت لتملأ �أ�صقاع اجلمهورية‪ ،‬املعافر‬ ‫واحدة من مديريات احلجرية وتقع يف الركن‬ ‫اجلنوبي الغربي من اليمن‪ ،‬تقرتب مبوقعها من‬ ‫باب املندب وال�شريط ال�ساحلي للبحر الأحمر‪،‬‬ ‫وقد وفر لها موقعها هذا ال�شروط الطبيعية‬ ‫الالزمة للحياة واال�ستقرار‪ ،‬فهي واقعة يف مكان‬ ‫متو�سط بني ال�سهل واجلبل ولها من الغرب ات�صال‬ ‫بتهامة و�شريطها املمتد �شما ًال وامل�شرف على‬ ‫البحر الأحمر وامل�ساير له‪ ،‬ولها ات�صال بجبال‬ ‫ال�سراة وهي حلقة منها‪ ،‬لقد جعل منها هذا املوقع‬ ‫الإ�سرتاتيجي حلقة و�صل يف عمليات التو�صيل‬ ‫التجاري الربي بني �سواحل املحيط الهندي وما‬ ‫ي�صل �إليها من �شرق �إفريقيا‪ ،‬وبني �ضفاف الفرات‬ ‫يف العراق و�سواحل البحر املتو�سط يف ال�شام‬ ‫وم�صر‪.‬‬ ‫على الرغم من �أن الإقليم ظل خارج دائرة‬ ‫البحث الأثري والتاريخي لفرتة طويلة من الزمن‪،‬‬ ‫�إال �أن الدرا�سات الأثرية الأخرية التي قام بها عدد‬ ‫من الباحثني وامل�شتغلني بحقل الدرا�سات الأثرية–‬ ‫على قلتها – ت�شري �إىل �أن الإقليم �شهد ن�شاط ًا‬ ‫ب�شري ًا ملحوظ ًا‪ ،‬وازدهار ًا ح�ضاري ًا كبري ًا وكان له‬ ‫دور كبري يف ر�سم ال�صورة احل�ضارية جلنوب‬ ‫اجلزيرة العربية "اليمن القدمي"‪ .‬فقد بينت‬ ‫الدرا�سات التي قام بها كل من ويلن "‪"Whalen‬‬ ‫و �سكوت "‪ "Schatte‬يف مطلع ت�سعينيات القرن‬ ‫‪54‬‬

‫املا�ضي وبارث �شوهان‪ ،‬ورو�س‪ ,‬وغالب‪� ,‬أهمية هذا‬ ‫اجلزء من الأر�ض اليمنية‪ ،‬واحتوائه على �أقدم‬ ‫مواقع اال�ستيطان الب�شري يف اليمن‪ ،‬والتي تعود‬ ‫�إىل الدهر احلجري القدمي الأ�سفل‪ ،‬وكانت املعافر‬ ‫بف�ضل موقعها واحدة من �أهم املحطات التي مت‬ ‫عربها االنتقال بني اليمن و�إفريقيا‪ ،‬ورمبا كانت‬ ‫واحدة من �أقدم املناطق التي وطئتها قدم الإن�سان‬ ‫بعد انتقاله من �إفريقيا �إىل �شبه اجلزيرة العربية‬ ‫عرب باب املندب‪.‬‬ ‫صفحة من تاريخ قديم‬

‫بالن�سبة لدورها يف الع�صور التاريخية فقد‬ ‫بينت الدرا�سات التي قام بها كل من القد�سي ‪,‬‬ ‫والغوري‪ ،‬ب�أن املعافر كان لها ح�ضور قوي يف كث ٍري‬ ‫من الأحداث اجلوهرية التي �أثرت وب�شكل وا�ضح‬ ‫يف ر�سم ال�صورة احل�ضارية لليمن القدمي‪ ،‬وذلك‬ ‫منذ مطلع الألف الأول قبل امليالد على �أقل‬ ‫التقديرات‪ .‬وقد خل�صت تلك الدرا�سات جمتمعة‬ ‫�إىل جملة من احلقائق الهامة احلرية بالبحث‬ ‫والتحقيق من قبل الباحثني واملهتمني يف حقل‬ ‫الدرا�سات الأثرية والتاريخية‪� ،‬إذ تبني ب�أن �إقليم‬ ‫املعافر كانت له حدود مطاطة �شملت كل املنطقة‬ ‫اجلنوبية الغربية من اليمن تقريب ُا مب�سمياتها‬ ‫املختلفة اليوم‪ ,‬ومل يكن مق�صور ًا من الناحية‬ ‫اجلغرافية على ما يعرف اليوم مبحافظة تعز‬ ‫فقط‪ ,‬فقد �أكدت درا�سة قام بها الباحث يف‬ ‫درا�سته‪ ,‬ب�أن الإقليم كان ميتد لي�شمل اجلزء‬ ‫اجلنوبي الغربي من اليمن بكل م�سمياته‬ ‫وتق�سيماته الإدارية اليوم (حمافظة تعز – جزء‬ ‫من حمافظتي حلج وال�ضالع يف ال�شرق ‪ -‬جزء‬ ‫من حمافظة �إب يف ال�شمال‪ -‬جزء من حمافظة‬ ‫احلديدة غرب ًا)‪ .‬وقد �شهد هذا الإقليم ن�شاط ًا‬ ‫ب�شري ًا مبكر ًا خلف العديد من املواقع الأثرية يعود‬

‫�أقدمها �إىل الع�صر احلجري القدمي؛ كما تبني �أن‬ ‫هذا الإقليم قد ت�أثر وب�شكل مبا�شر بالظروف‬ ‫املناخية التي �شهدتها �شبه اجلزيرة العربية يف‬ ‫�أواخر ع�صر البلي�ستو�سني وع�صرالهولو�سني‪ ،‬و�أن‬ ‫ال�سجل الأثري(املواقع) يف �إقليم املعافر قد ت�أثر‬ ‫بتلك الظروف املناخية والبيئية‪ ،‬والتي كانت �سبب ًا‬ ‫يف تدمري وتعرية الكثري من تلك املواقع التي تعود‬ ‫�إىل ع�صور ما قبل التاريخ وخا�صة املبكرة منها‪،‬‬ ‫كما ت�أثرت هذه املواقع ت�أثر ًا �سلبي ًا بالأن�شطة‬ ‫اال�ستيطانية املتعاقبة املتمثلة ببناء امل�ستوطنات‬ ‫الب�شرية املت�أخرة واحلقول واملدرجات الزراعية‬ ‫التي جاءت على ح�ساب مواقع ع�صور ما قبل‬ ‫التاريخ الأثرية‪.‬‬

‫م�شاعل احل�ضارة واملدنية ف�أ�س�سوا بذلك‬ ‫م�ستوطنات جتارية ن�شطة حملت جلها �أ�سماء‬ ‫بلدان ومناطق م�ؤ�س�سيها من �أبناء اليمن‪ ,‬وكانت‬ ‫تلك امل�ستوطنات الزراعية والتجارية مبثابة النواة‬ ‫الأوىل التي ت�شكلت على �إثرها دولة �أك�سوم يف‬ ‫احلب�شة الحق ًا‪ ,‬وقد حمل �أولئك املهاجرون معهم‬ ‫كل معارفهم الفكرية والدينية ونظم حياتهم‬ ‫املع�شية‪ ،‬ونقلوا معهم جتاربهم يف جماالت احلياة‬ ‫املختلفة‪ ،‬ولقد بينت الأعمال الأثرية الأخرية التي‬ ‫�أجراها خرباء �أملان يف احلب�شة وجود ثقافة عربية‬ ‫جنوبية – �سبئية‪� -‬أ�صيلة ن�شطة وعلى قدر كبري‬ ‫من املدنية واحل�ضارة منذ الن�صف الثاين للألف‬ ‫الثاين قبل امليالد على �أقل التقديرات‪ .‬وتعد هذه‬ ‫احلقائق مبثابة حدث علمي هام ّغري كثريا من‬ ‫املفاهيم �إذ كان املتعارف عليه يف �أو�ساط الباحثني‬ ‫حتى وقت قريب �أن الهجرات اليمنية �إىل احلب�شة‬ ‫كانت يف حوايل القرن العا�شر قبل امليالد‪ ,‬فجاءت‬ ‫النتائج الأخرية لتعطي بعد ًا زمني ًا جديد ًا ي�ؤكد‬ ‫قدم الهجرات اليمنية �إىل احلب�شة وت�ؤكد ب�أنها‬ ‫كانت هجرة �أنا�س على قدر كبري من التح�ضر‪,‬‬

‫نقلوا معهم جتاربهم الرائدة يف جمال احل�ضارة �صلى اهلل عليه و�سلم يف ال�سنة الثامنة للهجرة بعد‬ ‫والتمدن و�أ�س�سوا لهم م�ستوطنات وفق ًا للر�ؤى غزوة تبوك‪ ,‬وكان للمعافر و�أهلها مكانة خا�صة‬ ‫الفكرية واحل�ضارية واملعمارية التي كانت �سائدة عند ر�سول الهدى‪ ,‬فقد جاء يف م�سند �أحمد �أن‬ ‫حينها يف موطنهم الأ�صلي ‪ -‬اليمن القدمي ‪ , -‬ومل ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم قال لأبي �سفيان‬ ‫يقت�صر الأمر على وجود املعافريني يف بالد بن حرب الذي لعن �أهل املعافر يف جمل�س ر�سول‬ ‫احلب�شة فقط‪ ,‬بل لقد تعدوها و�صو ًال اىل تنزانيا‪ ,‬الهدى (ال تلعنهم (�أي املعافر) ف�إنهم مني و�أنا‬ ‫فقد �أ�شار �صاحب كتاب الطواف حول البحر منهم) رواه �أحمد والطرباين وقال الهيثمي‬ ‫الإرتريي �إىل وجود نفوذ �سيا�سي حلاكم �إقليم �إ�سناده ح�سن‪.‬‬ ‫املعافر على تنزانيا ‪.‬‬ ‫وخالل مرحلة الفتوح الإ�سالمية خارج جزيرة‬ ‫بداية التنوير‬ ‫العرب كانت املعافر من مناطق اليمن التي جادت‬ ‫يت�ضح من خالل ما طالعتنا به كتب التاريخ �أن بخرية رجاالتها الذين حملوا م�شاعل النور‬ ‫املعافر كانت وال تزال ت�شكل مركز ثقل و�إ�شعاع والهدى �إىل مناطق خمتلفة من العامل فكانوا يف‬ ‫ح�ضاري ومركزا من مراكز املدنية واحل�ضارة مقدمة اجليو�ش التي فتحت بالد ال�شام والعراق‬ ‫منذ الأزل حيث جاب ويجوب �أبنا�ؤها الآفاق فهم وفار�س وبالد م�صر واملغرب العربي وبالد الغال‬ ‫بحق نوار�س مهاجرة حتمل معها م�شاعل النور وبالد الهند وال�سند‪ ,‬والكثري منهم �شارك يف‬ ‫واحل�ضارة منذ قدمي الزمان‪ ,‬ولعل فيما ذكر و�ضع اخلطط لت�أ�سي�س املدن العربية الإ�سالمية‬ ‫�أعاله خري دليل على ذلك‪ ,‬لي�س هذا فقط‪ ,‬بل لقد كالكوفة والب�صرة والف�سطاط والقريوان ‪.‬‬ ‫كانت املعافر عند بزوغ فجر الإ�سالم من �أوائل‬ ‫القبائل اليمنية التي �آمنت بر�سول الهدى حممد‬

‫كما تبني من خالل درا�سة وحتليل امل�صادر‬ ‫التاريخية التي تناولت املعافر بالذكر‪� ,‬أن املعافر‬ ‫كانت ومنذ القدم من املناطق التي ت�سعى �إىل‬ ‫حتقيق اال�ستقالل الذاتي عن ج�سم الدولة‬ ‫املركزية‪ ،‬م�ستغلة بذلك موقعها اجلغرايف يف‬ ‫الطرف اجلنوبي الغربي من اليمن و�إطاللها على‬ ‫ال�ساحل الغربي‪ ،‬ف� ً‬ ‫ضال عن قربها من الرب‬ ‫الإفريقي‪ ،‬و�أن املعافر كانت يف مطلع الألف الأول‬ ‫قبل امليالد‪ ،‬ذات قوة ع�سكرية واقت�صادية كبرية‪،‬‬ ‫وكان فيها الكثري من املدن امل�شار �إليها بالهِ َجر‬ ‫والكثري من القالع واحل�صون الع�سكرية التي‬ ‫�شكلت مواقع ع�سكرية متقدمة كانت تطل على‬ ‫الطرق التجارية ومدن الأ�سواق‪.‬‬ ‫نافذة لحضارة لم تدم طويال‬

‫تعد املعافر من �أقدم مناطق اليمن القدمي التي‬ ‫�أ�س�ست لقيام عالقات جتارية ن�شطة مع‬ ‫الربالإفريقي ومنها انطلق �أقدم املهاجرين‬ ‫اليمنيني اىل �أفريقيا "احلب�شة " حاملني معهم‬ ‫‪55‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.