العمةرة القطرية ا لتقليدية تراث الاض والهام ا لسستقبل ت أأمل ت ف كتاب
اسم الكتاب :تاريخ العمارة القطرية )(1950-1800 لغة الكتاب :الجنجليزية المؤلفين :إبراهيم الجيدة و ماليكا بورينان الناشر :سكيرا ،ميلجنو – ايطاليا عدد الصفحات) 336 :القطع الكبير( موضحة بالسكتشات المرسومة
تحليل بقلم :أ.د .علي عبد الرءوف
يمثل العقد اليخير في تاريخ المدن الخليجية حقبة غير مسبوقة في التطور والنمو العمراجننني تغيرت فيه ملمح هذه المدن تغيرا جذريا بل أجنها اجندفعت في إطننار منافسننة محمومننة مننن اجل التحديث وصياغة وجود بارز لها على المسرح العالمي .والواقع أن هذا اليقاع التنموي المتسارع اجنشأ فجوة كبرى بين ماضي تلك المدن بتراثهننا الثقننافي عامننة وتراثهننا المعمنناري والعمراجني بصفة يخاصة وبين مستقبلها الذي بدأت تتضح ملمحننه مننن تبننني جنمننوذج المدينننة المتعولمة الننتي تماثننل المنندن الغربيننة الكننبرى فنني أبراجهننا وجناطحننات السننحاب والمراكننز التجارية الضخمة بل والكننثر يخطننورة تبننني اجنسنناق الحينناة الننواردة المنفصننلة عننن الجننذور والمشجعة على الستهل ك والتي يؤكدها تركيبات سكاجنية تفتقننر الننى التننوازن بيننن الننوطني والقليمي ،والمحلي والمقيم .ان هذا النموذج تبنته بداية مدينة دبي التي تحولت فيما بعنند إلى سنلعة أو بنالحرى ماركنة عمراجنينة ومعماريننة تنافسننت بنناقي دول الخليننج ومنندجنه فنني تقلينندها دون تسنناؤلت او تحليلت ثننم صنندمنا جميعننا معمنناريون ومخططننون ومثقفننون ومفكرون ومستثمرون بتداعيات أزمة اقتصادية عالمية ألقت بظلل كثيفة على منندن الخليننج وقرعت جنواقيس الخطر داعية لتأمل صنادق جناقند فيمننا يتنم اجنجننازه بندعوى النمنو والتطننور والتحديث واللحاق بالعالمية .
الواجهة البحرية لمدينة الدوحة في العقد الول من القرن ) 21تصوير :د .علي عبد الرءوف(
في إطار هذا السياق فان صدور كتاب يوثق للعمننارة والعمننران التقلينندي فنني واحنندة مننن دول الخليج هو فعل شديد اليجابية وتتطلبه الحالة الراهنة لسباب عدة: أول أن المدينننة الخليجيننة فنني أقصننى درجننات الحتينناج لن تننؤمن بنفسننها وتثننق بقنندراتها وتسترجع ماضيها القيم ويخاصة ما جسدته بصورة مبدعة ويخلقة في تراثها التقليدي. ثاجنيا ان الجيال الجديدة في مدن الخليج اجنفصلت بصورة حادة عن ماضننيها وتراثهننا وقيمهننا حتى على مستوى اللغة ولذا يجب ان يتاح لهننا الفرصننة للتعننرف علننى هننذا الماضنني القيننم وفهمه واستيعاب دروسه. ثالثا ان تداعيات الجنسياق وراء النموذج المتعولم او النموذج المقلنند بصننورة سننطحية لمنندن الغرب أصبحت شاهدا على استسل م المدينة الخليجيننة واجنفصننالها عننن تراثهننا وتحولهننا إلننى مختبر تجارب معمارية وعمراجنية تغذيها دائما المنافسننة بيننن الشننقاء لبننناء الكننبر والطننول والعلى والضخم.
رابعا والكثر أهمية ان التراث الخليجي في كل مناحي الحياة والتراث المعماري والعمراجننني يخاصة زايخر بالدروس والقيم التي يمكننن اسننتيعابها وتحويلهننا إلننى مشننروع إبننداعي جدينند يساهم في تحقيق رؤى وتصورات التنمية المعاصرة في مدن الخليج. يهمني هنا أيضا أن اذكر حقيقة المحدودية الشديدة للمؤلفات الننتي وثقننت عمننارة وعمننران الخليج التقليدي والتي ل تزيد على أصابع اليد مما يحمل هذا الجيل مسئولية عظمى فنني أن يكون لكل دولة بل ولكل مدينة من الخليج رصيدا مؤلفا بعنايننة وبرؤيننة توثيقيننة تحليليننة لمننا تملكه من عمارة وعمران بلور في أوقات ماضية مثل يحتذى بها فنني عبقريننة التوافننق بيننن الجنسان والمكان.
المؤلف الرئيسي للكتاب موضوع هذا المقال هو جنفسننه حالننة يخاصننة فهننو واحنند مننن أهننم المعماريين الخليجيين المعاصرين وعندما تبدأ يخطواتك الولى دايخل فراغ مكتب المعمنناري القطري المتميز إبراهيم الجيدة فاجنك في واقع المر تندمج فنني قلننب صننراع إبننداعي يخلق حيث تلمح في تصننميم مكتبننه حننوار جنندلي بيننن اللننوجنين البيننض والسننود ومجموعننة مننن الخطوط المائلة الحادة المفعمة بالحداثة ،وبينما تقترب من تكننوين اجنطبنناع حننداثي غربنني تتوقف عينا ك على مجموعة منتقاة من تماثيل الجياد العربية والجندلسية ،وبين يخطوط فراغ الحجرة وتماثيل الجياد الرشيقة تنبثق أمامك شخصية هذا المعماري المبدع الذي يجمع بيننن عشق للتراث والتقاليد وجنهم جنحو معرفة الجديد واستشراف المستقبل .من يخلل هذا التوجه شبه العقائندي فني الفنن والعمنارة والبنداع أدهشنني أن هنذا المعمناري النذي تجسندت
إبداعاته عمارة وعمراجنا في أجنحاء قطر كلها وكننثير مننن دول الخليننج حمننل جنفسننه مسننئولية عظمى بإصراره على إصنندار كتنناب أو بننالحرى موسننوعة عننن العمننارة التقليديننة القطريننة وتقديرا لهذا الجهد ومن منطلق مسئوليتي الكاديمية والجتماعية كأسننتاذ جننامعي ومننواطن عربي وجدت واجبا علي أن أقد م للقارئ عرضا لهذا الجنجاز الثقافي الكبير الننذي يصنندر فنني جنفس العا م الذي جنحتفل فينه جميعننا بنل جنتشننرف بايختيننار الدوحننة عاصنمة للثقافنة العربينة .2010
عمران قطر في حقبة ما قبل النفط :توافق عمراجني وبيئي واجتماعي.
يبدأ الكاتب بتمهيد يؤكد فيه على أن العمارة التقليديننة القطريننة مثننل بنناقي أجنمنناط العمننارة السلمية هي تعبير عن قيم دينية واجتماعية وبيئية وثقافية فالعمران على مستوى المدينننة أو العمارة على مستوى المبنى تأثرت بمفاهيم الخصوصية والعائلة الممتدة مما جعل البيت القطري يتميز بحيويته واستمراريته حيننث أصننبح منننزل ل ينتهنني يسننتجيب فنني جنمننوه النندائم
لمتطلبات أجيال جديدة ،ثم يركز الكاتب على تميز العمارة الخليجية في عنصرين جوهريين هما المناخ والمواد المستعملة فنني البننناء فقسننوة المننناخ أفننرزت مبنناجني تميننزت بحوائطهننا السميكة وقلة الفتحننات والهتمننا م بالفراغننات الدايخليننة لتحمنني سنناكنيها كمننا كننان النسننيج العمراجني متضا م ومتدايخل ليقاو م كله ككيان عضوي قسوة المناخ المحيط وفي الوقت ذاتننه يستجيب للمتطلبات الجتماعية وللتركيبة القبلية وما تتطلبه من اجنتماء مكاجني.
النسيج العمراجني المميز لمدن الخليج في منتصف القرن العشرين – حالة مدينة الدوحة.
الفصل الثاجني بعنوان استكشاف العمارة القطرية وتاريننخ قطننر المختصننر حيننث يسننتعرض الكاتب التطور التاريخي الجنساجني منذ بنندء التاريننخ وجنشننأة المجتمعننات الزراعيننة المسننتقرة مرورا بالحقبات التاريخية المختلفة حتى ظهور السل م ثم الستعمار البرتغننالي والسننتعمار البريطاجني وصول الى حكم أل ثاجني وجهودهم المتواصلة والنضننالية لسننتقرار ثننم اسننتقلل قطر عا م .1971وفي الفصل الثالث بعنوان العمارة السلمية التقليديننة :المبننادئ والبعنناد
للبيئة المبنية يتناول الكاتب المبادئ الساسية التي جنبعت من العقيدة السلمية وتأثيرها على التشكيل المعماري والعمراجني ويركز على القيننم الجتماعيننة والقتصننادية والثقافيننة وأولهننا الخصوصية في المسكن ويخاصة من حيث الفصل بين الخارج والدايخل ،بين الشننارع وقلننب البيت وبين أجنحة النساء ومجالس الرجال.
لغة العمارة القطرية التقليدية في واجهة بيت الشيخ حمد بن ا ). (1930
وتحت عنوان جوهر العمننارة التقليديننة القطريننة يحلننل الكنناتب فنني الفصننل الرابننع المنننزل القطري التقليدي وأجنمنناطه المعماريننة بادئننا بتأصننيل فكننرة التننأثير القليمنني علننى العمننارة القطرية من يخلل البنائين القادمين من إيران او الذين تأثروا بعمارتها وعمراجنها ويخاصة عند البناء على سواحل قطر ،أما في العمق فكان تأثير العمارة النجدية أكننثر وضننوحا ويخاصننة في مناطق الريان والوجبة حيث بنيت المنازل المحصنننة المتننأثرة بعمننارة القلع .ثننم يركننز الكاتب على تشكيل المسكن واستخدا م فراغاته بما يلء م احتياجات العائلة القطرية وصننول إلى أساليب التزيين والزيخرفة التي ميزت دوايخل ويخوارج العمننارة القطريننة وأبننرزت فنوجنهننا وحرفها التقليدية.
التركيب الفراغي والتشكيل الكتلي لبيت محمد سعيد نصرا )(1920
قطاع في بيت محمد سعيد نصرا ) (1920وتفصيل لملقف الهواء موضحا التأثير الفارسي على العمران القطري.
في الفصل الخامس بعنوان النمو العمراجني للمدن والمستقرات القطرية يحلل الكاتب الربع مراكز الرئيسية للعمران في قطر وهنني الدوحننة والننوكرة والخننور وا م صننلل ويوضننح مننن يخلل استقراء مجموعة من الخرائط والوثائق التاريخية كيفية تطور الكتل العمراجنية في تلك
المراكز الربع وكيفية جنمو النسننيج العمراجننني بهنا ثنم يتننناول المتغيننرات والحنداث التاريخينة والقتصادية التي أدت الى تحولت ملموسننة وواضننحة علننى عمننارة وعمنران تلنك العمندة الفقرية للعمران القطري .أمننا فني الفصننل السننادس فيتفننرغ الكناتب إلننى تحلينل العمننارة القطرية حيث يستخد م ثلث تصنننيفات أساسننية تضننم إبننداعات العمننارة القطريننة التاريخيننة وهي العمارة الدينية وتجسدت في مباجني المساجد التي اجنتشرت بكثرة فنني كننل مسننتقرات قطر بسبب التوجه الديني الكبير لهل البلد ثننم العمننارة المدجنيننة وتجسنندت فنني المسنناكن والسواق ثم العمارة العسكرية لغراض الحمايننة والنندفاع وتجسنندت فنني القلع والبننراج والسوار .ثم يبدأ الكاتب في تقديم توثيق تاريخي ومعماري لكننل التصنننيفات الننتي رصنندها في بداية تحليله للعمارة القطرية حيث يبنندأ بالعمننارة العسنكرية ويحلنل العدينند منن القلع التاريخية مثل قلعة الزبارة التي بنيننت عننا م 1937وقلعننة ا م صننلل الننتي بنيننت فنني جنهايننات القرن التاسع عشر ثم يركز الكاتب على مباجني القصور ويخاصة اجنها لم تكننن مجننرد مسنناكن وإجنما كاجنت مقرا للحكم وملتقى اجتماعي وثقافي ،ثم يحلل الكاتب بالسكتشننات التفصننيلية ثنائيننة وثلثيننة البعنناد مجموعننة مننن المسنناكن التقليديننة ويحلننل عناصننر العمننارة القطريننة الواضننحة فيهننا مننن يخلل التشننريح البنننائي والفراغنني والتشننكيلي لمجموعننة منتقنناة مننن المساكن تعبر عن المراكز العمراجنية المختلفة بقطر ويخاصة الدوحة والوكرة والخور.
وينهي الكاتب توثيق العمارة التقليدية القطرية بجزء كامل عن عمارة المسجد التقليدي في قطر الذي تميز ببساطة تشكيلة وعمارته حيث تكون من قاعة رئيسية للصلة ترتبننط بالفننناء
الدايخلي المفتوح للسماء ثم التميز البصري من المئذجنة في احد الركان والتي لم يبننالغ فنني ارتفاعها لتتلئم مع النسيج العمراجني شبه الفقنني فنني منندن قطننر التاريخيننة ،وقنند شننملت دراسة الكاتب التحليلية التوثيقية 19مسجدا أهمها المسجد ذو المنننارتين بننالوكرة والمسننجد الميري المبني عا م 1939ومسجد بن عبيد بالدوحة المبني عا م .1935
وتحت عنوان مستقبل العمارة القطرية ينهي المعماري إبراهيم الجيدة كتننابه بفصننل سننابع يتضح فيه اجنه على الرغننم مننن ان هنندف الكتنناب هننو التوثيننق التنناريخي التحليلنني للعمننارة التقليدية القطرية في إطارها المحلي والقليمي والتأكيد على المؤثرات التي أفرزتهنا وأثنرت على تشكيلها ويخاصة العقيدة السلمية ثم البعاد الجتماعية والثقافيننة والقتصننادية ،إل أن الكاتب يطرح في هذا الفصل تساؤلت شديدة الهمية عن التحننولت المعاصننرة فنني منندن الخليج عامة وقطر يخاصة مع التوجه جنحو التنوع القتصادي وتجنناوز حقبننة العتمنناد الكامننل على النفط كركيزة اقتصادية جوهرية ،وكان الجيدة محقننا فنني تحننذيره أل يكننون الجننندفاع جنحو التحديث يضعف او ينهي جهود الحفاظ على الننتراث المعمنناري والعمراجننني ،ومننن هنننا تأتي أهمية الكتاب في هذه اللحظة الفارقة في تاريخ دول الخليج فهو ل يقد م فقط توثيقننا تاريخيا لماضي ذو قيمة ولكن والكثر أهميننة اجنننه يطننرح هننذا التاريننخ ليكننون رافنندا إبننداعيا ورصيدا ملهما لممارسة المعمارية والعمراجنية المعاصرة في الخليج ودولة قطننر علننى وجننه الخصوص .وعلى صعيد أيخر يتميز الكتاب بتقنية متميزة في إيخنراج المنادة المصنورة يعتمند على استخدا م مجموعات ثرية من السكتشات المرسومة باليد لكل المباجني التي وثقت فنني
الكتاب مما أعطى إبعادا فنية وأحاسيس دافئننة لمتطلننع الكتنناب تهيئننه للقننتراب مننن الننروح القديمة ومن عبق التاريخ في أهم العلمات المميزة لعمارة وعمران دولة قطر.
واجهة قلب الدوحة الجديد يؤكد التوجه العالمي للمدينة )تصوير :د .علي عبد الرءوف(
إن التحدي الذي يطرحه إبراهيم الجيدة هو إيمنناجنه بقنندرة العمننارة التقليديننة القطريننة عننند فهمها وتحليلها بعمق على تقديم حلول معاصرة ومبدعة تتلئم مع طبيعة المجتمع القطري وتطلعاته وجنمط حياته فهو ببساطة ينندعو الننى حقبننة جدينندة وعصننر جنهضننة جدينند للعمننارة القطرية التقليدية تنبع من فهو جديد وحداثي ومعاصننر للعمننارة والعمننران التقلينندي بهنندف الحفاظ على الهوية المحلية والوطنية ولتحقيق تنمية مسننتدامة للمدينننة وللمجتمننع وبأولويننة قصوى للجنسان .ل يسعني وأجنا اجنهي مقالي إل وان أتوجه بعميق الشكر للمعمنناري المبنندع والمخلص وشديد الوطنية إبراهيم الجيدة على جهده المقدر منا جميعا ليخراج هننذا العمننل التاريخي ،كما يشرفني أن أجناشد كل المعماريين والمثقفين والمؤريخين والباحثين فنني دول الخليج ببدء مشروع توثيق تراثي بحثي وجاد لكننل عمننارة وعمننران المنندن التقليديننة لجنتنناج سلسلة من المراجع التاريخية التي ل توثق فقننط عظمننة الماضنني ولكنهننا تؤسننس لقاعنندة
معرفية تساهم في جنهضة مرجوة لمستقبل عمارة وعمران كل دول الخليج والعالم العربي والسلمي.
المعماريون العالميون يضعون بصماتهم على عمران قطر ،المعماري الفرجنسي جين جنوفل )تصوير :د. علي عبد الرءوف(
بقلم: ا.د .علي عبد الرءوف أستاذ العمارة وجنظريات العمران والتخطيط جامعة قطر