العدد الأول من مجلة سيدة سوريا

Page 1

‫شـهرية مستقلـة تعنى بـاملرأة السـورية‬ ‫تصدر عن املركز السوري للصحافة والنشر‬ ‫‪ 15‬كانون الثاني ‪ / 2014‬العدد (‪)1‬‬

‫المسـار الـسيـاسي ‪ ...‬فرصة بـشروط‪.‬‬ ‫فــيروس غـابر يصيب أطفـال سوريـا‪.‬‬ ‫المشاركة السياسية وتمكين المرأة‪.‬‬ ‫الـــزواج واإلنـجـاب في ظـــل الـوضــع‬ ‫السوري الراهن‪.‬‬


‫العناوين‪:‬‬ ‫‪ 1‬افتتاحية‬ ‫‪ 4‬نساء محافظة الرقة رائدات يف الحياة املدنية‬ ‫ومقارعة االستبداد‬ ‫‪ 7‬سوريون تحت الحصار‬ ‫‪ 8‬العاصفة أليكسا تقتل عرشات السوريني‬ ‫برداً‬

‫‪4‬‬

‫‪ 10‬شلل األطفال‪ ..‬فريوس غابر يصيب‬ ‫أطفال سوريا‬ ‫فريق تحرير سيدة سوريا‬

‫‪8‬‬

‫‪ 14‬شهادة معتقلة‬

‫لينا محمد‬

‫‪ 16‬املسار السيايس‪ ..‬فرصة برشوط‬ ‫بسمة قضامين‬

‫رئيس التحرير‪:‬‬ ‫محمد مالك‬

‫‪ 18‬يف يوم مناهضة العنف ضد املرأة‬ ‫مية الرحبي‬

‫‪ 19‬املجتمع املدين‬

‫مدير التحرير‪:‬‬ ‫ياسمني مرعي‬

‫نغم الغادري‬

‫‪ 20‬حوار مع ملى أحمد‬

‫حاورها فريق مجلة سيدة سوريا‬

‫‪ 23‬إعالن اإلدارة الكردية‪ ..‬مواقف ودالالت‬ ‫واحتامالت النجاح والفشل‬

‫‪10‬‬

‫مدير عالقات عامة وترجمة‪:‬‬ ‫د‪ .‬إنعام رشف‬

‫أحمد شيخو‬

‫سكرتري تحرير‪:‬‬ ‫مراد عيد‬

‫‪ 26‬املشاركة السياسية ومتكني املرأة‬ ‫اقتصادياً يف الدول الخارجة من رصاع‬ ‫ترجمة‪ :‬د‪ .‬إنعام رشف‬

‫اإلمييل‪:‬‬

‫‪ 28‬الحوامل يواجهن مزيداً من التمييز يف‬ ‫العمل‬ ‫‪ 29‬املرأة العاملة ال تزال تقوم باألعامل‬ ‫املنزلية‬

‫الفيس بوك‪:‬‬

‫ترجمة‪ :‬مراد عيد‬

‫‪ 30‬سوريا عىل حافة املوت‪ ،‬السوريون فقدوا‬ ‫ثرواتهم‬ ‫عيل حمرة‬

‫‪ 32‬الزواج واإلنجاب يف ظل الوضع السوري‬ ‫الراهن‬

‫‪16‬‬

‫ياسمني مرعي‬

‫‪ 35‬تسايل‬

‫املكتب الرئييس‪:‬‬ ‫تركيا ‪ -‬غازي عينتاب‬ ‫ت‪00905533679528 :‬‬ ‫‪00905435322971‬‬

‫‪ 36‬املرأة يف السينام اإليرانية‬ ‫عيل سفر‬

‫‪ 38‬اإلبداع الفكري العريب‪ ..‬إىل أين؟‬ ‫عادل رشيد‬

‫‪ 40‬اللوحة‬

‫رشا عمران‬

‫‪ 41‬أنثى املاء‬ ‫أمين األحمد‬

‫‪ 42‬يف ليلتها األلف‬ ‫عالء الدين زيات‬

‫الصفحة األخرية‪ :‬لوحة للراحل لؤي كيايل‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬

‫‪36‬‬

‫السعر خارج سوريا‪ )3( :‬يورو‬ ‫توزع مجاناً داخل األرايض السورية‬


‫افتتاحية‬

‫خارج األجواء اليت فرضها آل األسد لعقود‪ ،‬وخارج الثقب األسود الذي تريد لنا التنظيمات املتطرفة العيش فيه اليوم‪ ،‬يوجد عامل رحب‬ ‫متسع‪ ،‬ارتفعت فيه املرأة إىل مرتبة نالت فيها حقوقها بكفاءهتا‪ ،‬وخلقت مكاناً هلا‪ ،‬عرب تضحيات ماليني الشخصيات النسائية‪ ،‬وإجناز ٍ‬ ‫ات‬ ‫كربى قدمتها نساء كمدام كوري‪ ،‬واألم ترييزا ومجيلة بوحريد وتوكل كرمان‪ ،‬ومئات آالف الباحثات والطبيبات واملمرضات واملعلمات‬ ‫واملوظفات واألمهات‪ ،‬شغلت املرأة كل املناصب‪ ،‬ملكة ورئيس ًة ووزيرة وقائدة‪ ،‬لقد ثبتت حقوقها يف جماالت احلياة‪ ،‬مساواة مع الرجل دون‬ ‫نقصان‪ ،‬كما فعلت مؤخراً أخوات لسن بعيدات يف تونس‪ ،‬استطعن بنضاهلن إرغام الربملان على توقيع املادة (‪ ،)20‬اليت تقر املساواة بني‬ ‫الرجل واملرأة يف القوانني واحلقوق والواجبات‪ ،‬رغم أن الدولة خاضعة لنظام حكم إسالمي حمافظ‪.‬‬ ‫ويف سيدة سوريا لن نبتدع جديداً إن تكلمنا عن أصالة املرأة السورية‪ ،‬عن إجنازاهتا ومسامهتها يف صنع تاريخ هذه البالد‪ ،‬فذاكرة اجملتمع‬ ‫السوري ختزن أمساء سيدات سوريات‪ ،‬إمرباطورات حكمن العامل‪ ،‬كجوليا دومنا ومسرياميس‪ ،‬وملكات كزنوبيا‪ ،‬وختزن أمثلة عن قيم املساواة‬ ‫اليت طاملا محلها السوريون‪ ،‬منذ نظر أبناء سوريا إىل املرأة كمصدر للخري والربكة واحلياة‪.‬‬ ‫واآلن‪ :‬ما ال نشك به أبداً‪ ،‬أن ثورة تعرب تاريخ سوريا‪ ،‬لكن كثرياً من املصاعب والعقبات تعرتيها اليوم‪ ،‬ونظن أن الثورة مل تنب حىت اليوم‪،‬‬ ‫ومل تقدم خطاباً يوازي دور املرأة‪ ،‬يوازي تضحياهتا وأمهية حضورها‪ ،‬وقيمة وجودها‪ ،‬وال زالت املعارضة السياسية تبحث يف خضم تنافسها‪،‬‬ ‫عن وجود صوري للمرأة‪ ،‬تفرضه عليها حماولة الظهور باملظهر الالئق أمام الغرب واجملتمع الدويل واألمم املتحدة‪ ،‬يف متثيل غري حقيقي مكررين‬ ‫غلطة نظام األسد ذاهتا‪ .‬سعياً منهم لتحضر املرأة كشكل دون مضمون‪ ،‬حيث حتضر يف االئتالف مثاين نساء ال يشكلن وزناً حقيقياً‬ ‫يتناسب ودور املرأة‪ ،‬بني مئة وأربعني عضواً‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫حماوالت خجولة ضعيفة‪ ،‬مل تتسع لفهم واقع املرأة وتفنيد اإلعاقات اليت‬ ‫وإن احملاوالت اليت قامت لتعزيز دور املرأة برأينا‪ ،‬ال تعدو أن تكون‬ ‫تعرتيه‪.‬‬ ‫ليست املرأة السورية بعمومها اليوم حباجة ملن يقودها‪ ،‬مبقدار ما حتتاج من يفتح أمامها اخليارات‪ ،‬من خالل املعرفة‪ ،‬وإدراك حقوقها‪ ،‬وحقيقة‬ ‫املهمة املنوطة بدورها للنهوض بسوريا‪.‬‬ ‫من هنا أرادت سيدة سوريا بناء منرب إعالمي حيشد رأي النساء‪ ،‬ليستطعن من خالل تشكيل رأي عام‪ ،‬التعبري عن أنفسهن‪ ،‬حمققات‬ ‫حضوراً يف املشهد السياسي واالجتماعي واالقتصادي السوري‪ .‬ويكون ذلك خطوة للحصول على متثيل قانوين وتشريعي‪ ،‬كلما اتضحت‬ ‫أمهيتهن يف االنتخابات‪ ،‬فهن نصف الناخبني‪.‬‬ ‫يف اجملتمع كلما ُعززت معرفة النساء حبقوقهن وُوضعت أمامهن األمثلة املشرقة‪ ،‬كلما سعني للحصول على ما يردن احلصول عليه‪ ،‬فعندما‬ ‫يعرفن حقوقهن سيذهنب باجتاهها معاً‪.‬‬ ‫وال بد من العمل على وضع املرأة السورية يف صورة كل جديد‪ ،‬يف صورة كل ما يعنيها لتعي أين وصلت املرأة يف العامل املتقدم‪.‬‬ ‫ما هي حقوقها‪ ،‬وكيف حصلت عليها وأمهية أن تكون موجودة‪ ،‬ليس يف خدمة نفسها بل يف خدمة وطنها‪.‬‬ ‫البد من ضم قضية املرأة السورية إىل قضية املرأة يف العامل‪ ،‬للمسامهة يف املنجز اإلنساين واالستفادة منه يف آن معاً‪.‬‬ ‫سيدة سوريا كما نراها‪ ،‬هي كل سيدة سورية محلت راية سوريا عالياً‪ ،‬وبرزت يف ميداهنا على امتداد هذا العامل‪ ،‬سيدة جمتمع أو سيدة أعمال‬ ‫أو أستاذة جامعية أو شهيدة ومعتقلة‪ .‬وخنساوات‪ ،‬أم وأخت وزوجة لشهيد‪ ،‬هي كل سيدة سورية ال تزال صامدة حىت اليوم‪ ،‬يف أي بقعة‬ ‫من سوريا‪ ،‬أمام حصار وعنف نظام األسد‪ ،‬وأمام االستبداد والتطرف‪.‬‬ ‫كن للتأكيد على كل ما يعيد اللحمة‬ ‫نريد أن نفتح األفق ملا ميكن أن تصل إليه املرأة‪ .‬وسنتوجه إىل املرأة السورية‪ ،‬كل السوريات أينما ّ‬ ‫هلذه اجلغرافيا‪ ،‬اليت نراها حباجة إىل قلوب النساء وحمبتهن‪ ،‬حباجة إىل توازهنن‪ ،‬توقهن للبناء‪ ،‬كي نوقف اهلدم واهلدر‪ ،‬نسعى كي ال تكتفي‬ ‫سيدات سوريا بالنحيب وتقبل اخلسارة‪ ،‬بل ليكن مشاركات يف القرار‪ ،‬ويف بناء سوريا والنهوض هبا حنو رسالتها اإلنسانية‪.‬‬ ‫هذا جزء مما تسعى إليه سيدة سوريا من خالل العمل على رفع سوية وعي النساء السوريات‪ ،‬بتقدمي املادة احلقوقية والسياسية‪ ،‬مناقشة‬ ‫القضايا االجتماعية‪ ،‬عرض جتارب املعتقالت‪ ،‬وإفساح اجملال واسعاً أمام كل قلم‪ ،‬وكل ريشة نسائية‪ ،‬الدعم والبحث يف كل مشروع أو‬ ‫فكرة تساهم يف رفع سوية وعيهن وحتسني واقعهن املعاش‪.‬‬ ‫كلنا أمل أن ما يعرب به الوطن ليس إال كبوة ينهض منها‪ ،‬وجرحاً يتعلم منه احلياة‪ ،‬نبحث يف ظل هذا اإلرباك عن إعادة صوت التوازن‬ ‫والعقل‪ ،‬إهناء الفوضى‪ ،‬إهناء القتل والرغبة يف االنتقام‪ ،‬الذي لن ينتج إال مزيداً من املوت‪ ،‬مزيداً من الدماء‪ ،‬مزيداً من املآسي‪.‬‬ ‫نريد للمرأة السورية أن تأخذ دورها الكامل يف هذا السياق‪ ،‬ليس بآلية صورية كما دأب النظام البائد‪ ،‬وكما تفعل املعارضة يف العديد من‬ ‫هياكلها اليوم‪ ،‬وإمنا بفعالية وقدرة على التأثري والتغيري‪ ،‬متكنها من النهوض بسوريا املنشودة‪ ،‬سوريا لكل أبنائها‪.‬‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪3 2014‬‬


‫نساء محافظة الرقة رائدات في الحياة المدنية‬ ‫ومقارعة االستبداد‬ ‫مل تقف املرأة الرقاوية عند حترير مدينتها من وبعد افتتاح املكتب كانت أوىل فعالياته‬ ‫قوات النظام‪ ،‬بل شرعت بتنظيم صفوفها دورة للفتيات يف اإلسعافات األولية‪ .‬ورغم‬ ‫كن الخيرجن كثرياً يف تلك الفرتة‬ ‫ضمن منظمات ومكاتب لتأخذ هلا دوراً رائداً أن النساء ّ‬ ‫يف املرحلة اجلديدة‪ .‬نساء من حمافظة الرقة يف بسبب الظروف والعادات والتقاليد‪ ،‬استطاعت‬ ‫الشمال السوري قارعن نظام األسد مع انطالقة اإلمساعيل استقطاب ‪ 35‬فتاة يدرهبن طبيب‪،‬‬ ‫الثورة السورية يف آذار ‪ 2011‬وبقني َّ‬ ‫يتحدين وليست مصادفة أن الدورة كانت باسم الشهيد‬ ‫السلطات اجلديدة املتمثلة بالدولة اإلسالمية يف حسام زكريا داد‪ ،‬وكان املدرب الدكتور زكريا‬ ‫داد حبسب اإلمساعيل‪.‬‬ ‫الشام والعراق‪.‬‬

‫حمالت وشهداء‬

‫فوزية إمساعيل من مدينة تل أبيض اليت تقع على‬ ‫احلدود مع تركيا أسست مكتباً للشهداء يف‬ ‫املدينة‪ ،‬وجعلت منه منطلقاً لبدء محالت واسعة‬ ‫لتدريب النساء يف املدينة يف عدة جماالت كان‬ ‫أمهها دورات يف اإلسعافات األولية‪.‬‬ ‫تقول فوزية إمساعيل متحدثة عن مكتبها‪« :‬لقد‬ ‫أسسنا املكتب بعد أن استشهد ابن أخيت‬ ‫حسام زكريا داد‪ ،‬يف مواجهة مع قوات النظام‬ ‫يف ناحية عني عيسى التابعة حملافظة الرقة‪ ،‬حيث‬ ‫يوجد هناك اللواء ‪ ،93‬وقد أثر اسشهاده يب‬ ‫كثرياً‪ ،‬فقررت أن أفعل شيئاً له ولزمالئه الذين‬ ‫استشهدوا معه‪ ،‬وخصوصاً أن أغلب الشهداء‬ ‫كانوا من طالب اجلامعات‪ ،‬وتركوها ليلتحقوا‬ ‫بصفوف اجليش احلر»‪.‬‬

‫‪ 4‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬

‫«لقد أسسنا المكتب بعد أن استشهد‬ ‫ابن أختي حسام زكريا داد في مواجهة‬ ‫مع قوات النظام فقررت أن أفعل شيئاً‬ ‫له ولزمالئه الذين استشهدوا معه‪،‬‬ ‫وخصوصاً أن أغلب الشهداء كانوا من‬ ‫طالب الجامعات‪ ،‬وتركوها ليلتحقوا‬ ‫بصفوف الجيش الحر»‬

‫نور الخطيب‬

‫فوزية اإلمساعيل اليت عملت كمحامية قبل حترير‬ ‫مدينة تل أبيض يف أيلول من العام الفائت‬ ‫كانت من أوائل الثوار‪ ،‬على هذا النظام حىت‬ ‫أصبح زمالؤها ينادوهنا «بأيقونة الثورة» يف‬ ‫املدينة‪ .‬كما أهنا شاركت بنشاطات عديدة ضد‬ ‫النظام‪ ،‬تقول اإلمساعيل‪« :‬شاركت يف اعتصام‬ ‫احملاميني يف مدينة الرقة‪ ،‬وكنا خنرج لي ً‬ ‫ال برفقة‬ ‫الشباب الثائر لنقوم حبمالت بخ على اجلدران‪،‬‬ ‫وكنا نساعدهم برفع أعالم الثورة أيضاً على‬ ‫املباين ويف الشوارع»‪.‬‬ ‫مل تكن اإلمساعيل ختفي آراءها بعدائها‬ ‫للنظام وتأييدها للثورة‪ ،‬بل ومشاركتها هبا‪،‬‬ ‫بل كانت تقول ذلك جهراً‪ ،‬وكان األمن‬ ‫السوري يعرف ذلك حىت أوصل هلا هتديداً‬ ‫يتضمن‪« :‬عليك عدم اجلهر بآرئك واحتفظي‬ ‫هبا لنفسك» على حد تعبري اإلمساعيل‪.‬‬

‫مل تكن تلك الدورة هي الوحيدة للمكتب‪ ،‬بل فوزية اإلسماعيل التي عملت محامية قبل‬ ‫تبعه عدة نشاطات أخرى‪ ،‬وكل محلة تطلق تحرير مدينة تل أبيض في أيلول من العام‬ ‫الفائت كانت من أوائل الثوار‬ ‫على اسم شهيد من شهداء املدينة‪.‬‬ ‫تتابع فوزية اإلمساعيل حديثها عن املكتب‪ ،‬إغالق واستبداد جديد‬

‫وتقول‪« :‬كان كادر املكتب أغلبه من النساء‪،‬‬ ‫حيث كان يضم أكثر من ‪ 12‬فتاة‪ ،‬وكان العدد‬ ‫بازدياد حىت أصبح أكرب جتمع نسائي يف املدينة‬ ‫فقد كان األول من نوعه»‪.‬‬

‫مل يكتب للتجربة الرائدة اليت أقدمت عليها‬ ‫احملامية فوزية باالستمرار؛ فمع دخول دولة‬ ‫العراق والشام إىل مدينة تل أبيض‪ ،‬وشروعها‬ ‫مبضايقة احملامية والفتيات اللوايت تعمل معهن‪،‬‬


‫وأثر األحداث اليت جرت مؤخراً من اشتباكات‬ ‫بني الفصائل املسلحة وعناصر الـ‪،ypg‬‬ ‫اضطرت احملامية إلغالق املكتب خوفاً على‬ ‫كادره من االعتقال أو أي إجراء تعسفي‬ ‫قد تنفذه دولة العراق والشام ضدهم‪ ،‬تقول‬ ‫اإلمساعيل‪« :‬اضطررنا إىل إغالق املكتب بعد‬ ‫دخول دولة العراق والشام إىل مدينة تل أبيض‪،‬‬ ‫واليت ترفض عمل املرأة وخصوصاً إذا كانت غري‬ ‫حمجبة‪ ،‬ومعظم كادر املكتب من النساء غري‬ ‫احملجبات فاضطررنا بكل أسف إىل إغالقه»‪.‬‬ ‫تفتخر احملامية فوزية بتجربة تل أبيض املدنية‪،‬‬ ‫واليت هي باعتقادها من أجنح التجارب يف‬ ‫سوريا‪ ،‬حيث كانت متارس احلريات بشكل‬ ‫جيد وتشكلت منظمات ومجعيات عديدة‬ ‫للمجتمع املدين‪ ،‬وأعطت دوراً ال بأس به للمرأة‬ ‫بأن متارس حريتها يف العمل ودوراً فاع ً‬ ‫ال يف‬ ‫اجملتمع‪ ،‬ولكن الظروف القاسية اليت تعيشها‬ ‫الثورة السورية بأكملها أفشلت التجربة املدنية‪،‬‬

‫«اضطررنا إلى إغالق المكتب بعد دخول‬ ‫دولة العراق والشام إلى مدينة تل أبيض‪،‬‬ ‫والتي ترفض عمل المرأة وخصوصاً إذا‬ ‫كانت غير محجبة»‬

‫«حرية التعبري ليست حكراً على الرجال‪ ،‬ومن‬ ‫يتجاهل دور املرأة يف اجملتمع‪ ،‬فإنه يتناسى أهم‬ ‫لبنة يف هذا اجملتمع‪ ،‬فهي األم واألخت والزوجة‬ ‫ومربية األجيال»‪.‬‬ ‫مل تكن فوزية اإلمساعيل املرأة الوحيدة اليت هلا‬ ‫نشاط واسع يف اجملتمع الرقاوي‪ ،‬بل يف مدينة‬ ‫الرقة اليت خرجت من سيطرة قوات النظام يف‬ ‫آذار من العام احلايل‪ ،‬كان للمرأة دور بارز يف‬ ‫احلياة االجتماعية والسياسية‪ ،‬فنساء مدينة الرقة‬ ‫كان هلن تواجد يف كل الفعاليات املدنية اليت‬ ‫تشكلت بعد حترير املدينة‪ ،‬وكان هلن دور هام «أين المؤسسات السورية من دعم المرأة‬ ‫يف تشكيلها‪.‬‬ ‫في مدينة الرقة كونها أول مدينة سورية‬ ‫مع زمالء هلا جمموعات سرية تعمل باجملال‬ ‫اإلغاثي‪ ،‬تساعد من خالله أسر النازحني من‬ ‫املدن السورية‪ ،‬حيث كانت مدينة الرقة قبل‬ ‫حتريرها تضم أكثر من ‪ 650‬ألف نازح من‬ ‫خمتلف املدن على اخلريطة السورية‪ .‬كما كانت‬ ‫ملستها موجودة يف حياكة أعالم الثورة وتوزيعها‬ ‫على املتظاهرين والنشطاء‪ ،‬وكانت تساعد‬ ‫املصابني أثناء املظاهرات وتنقلهم إىل املشايف‬ ‫امليدانية َّ‬ ‫ليتلقوا العالج‪.‬‬

‫محررة؟ المرأة الرقاوية لم َّ‬ ‫رغم إقرارها بأن جتربة املدنية فشلت يف مدينتها‪ ،‬ناشطة بارزة‬ ‫تتلق الدعم من‬ ‫لكنها ال تشعر باليأس‪ ،‬فاحملامية فوزية تقول إهنا سعاد نوفل (‪40‬عاماً)‪ ،‬كانت تعمل معلمة يف أي جهة كانت‪ ،‬بل تركت وحيدة في ظل‬ ‫ستعود إىل نشاطها يف حال كانت الظروف املرحلة االبتدائية‪ ،‬وهي من النساء البارازات يف‬ ‫هذه الظروف»‪.‬‬

‫أفضل‪ .‬وباعتقادها أن احلياة ستعود إىل‬ ‫جماريها‪ ،‬ولذا تدعو املرأة إىل العمل وبذل املزيد‬ ‫من اجلهد يف سبيل حريتها‪ ،‬تقول اإلمساعيل‪:‬‬

‫مدينة الرقة‪ ،‬فهي اليت كانت ال تفوهتا مظاهرة‬ ‫ِ‬ ‫تكتف‬ ‫ضد النظام دون أن تشارك فيها‪ .‬مل‬ ‫سعاد باملشاركة يف املظاهرات‪ ،‬بل شكلت‬

‫بعد حترير املدينة مل جتلس سعاد مكتوفة‬ ‫األيدي‪ ،‬بل شكلت مع زميالهتا جتمعاً نسائياً‬ ‫أطلقن عليه اسم «منظمة جىن النسائية»‪،‬‬ ‫واليت كان دورها األساسي يف توعية املرأة‬ ‫يف الرقة‪ ،‬وإخراجها من «قوقعتها» لتأخذ‬ ‫مكاهنا الصحيح يف اجملتمع حبسب سعاد‪.‬‬

‫نساء دون دعم‬

‫تتحدث سعاد عن منظمتها النسائية وتقول‪:‬‬ ‫«دور املنظمة هو توعية املرأة بشكل رئيسي‪،‬‬ ‫وإشراك املرأة يف بناء اجملتمع وتفعيل دورها يف‬ ‫خمتلف جماالت احلياة»‪.‬‬ ‫وتعتمد املنظمة يف إجناح مشروعها ‪-‬حبسب‬ ‫سعاد‪ -‬على مشاريع صغرية تقوم هبا نساء‬ ‫يؤمن من خالله قوت يومهن‪ ،‬ويشاركن‬ ‫املنظمة‪َّ ،‬‬ ‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪5 2014‬‬


‫الرجل جنباً إىل جنب يف احلياة العملية‪.‬‬ ‫تكشف سعاد أن منظمتهن تلقّت دعماً من‬ ‫منظمة نروجيية مل تذكر امسها‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫مشروعني أحدمها غذائي‪ ،‬واآلخر مشروع‬ ‫خياطة‪ ،‬وكان الدعم باملعدات فقط‪ .‬وهنا تقول‬ ‫سعاد‪« :‬أين املؤسسات السورية من دعم املرأة‬ ‫يف مدينة الرقة كوهنا أول مدينة سورية حمررة؟‬ ‫املرأة الرقاوية مل َّ‬ ‫تتلق الدعم من أي جهة كانت‪،‬‬ ‫بل تركت وحيدة يف ظل هذه الظروف»‪.‬‬ ‫مل تكن مؤسسات املعارضة السورية السبب‬ ‫الوحيد يف احنسار دور املرأة يف احلياة مبدينة‬ ‫الرقة‪ ،‬بل أرجعت أحد األسباب إىل اجلماعات‬ ‫املتأسلمة كما وصفتها‪ ،‬وتقول هبذا الصدد‪:‬‬ ‫«كان للجماعات املتأسلمة دوركبري يف احنسار‬ ‫دور املرأة‪ ،‬فهم يريدون إبقاءها كجارية»‪.‬‬

‫مقارعة االستبداد‬

‫تتحدث سعاد نوفل عن جتربتها يف مقارعة‬ ‫«استبداد» دولة العراق والشام وتقول ‪« :‬بعد‬ ‫اعتقال شباب اجمللس احمللي مبدينة تل أبيض‬ ‫على يد عناصر دولة العراق والشام‪ ،‬قمنا أنا‬ ‫وجمموعة ناشطني بتنظيم مظاهرة يف مدينة‬ ‫الرقة أمام مقر التنظيم‪ ،‬وهتفنا ضدهم‪ ،‬وطالبنا‬ ‫بإطالق سراح املختطفني‪ ،‬وكانت املظاهرة‬ ‫كبرية جداً‪ ،‬وأغلقت الشوراع‪ ،‬ولكن عناصر‬ ‫التنظيم قاموا بتفريقنا بالرصاص وجلبوا أطفاالً‬ ‫لرمينا باحلجارة والزجاج‪.‬‬ ‫تكمل سعاد حديثها وتقول‪« :‬بعد أيام توقفت‬ ‫املظاهرات من خالل بيان وقّع عليه أغلب‬ ‫النشطاء‪ ،‬ومل أوقع عليه أنا‪ .‬مث قام التنظيم‬ ‫خبطف زوج أخيت (فراس احلاج صاحل) فقررت‬ ‫اخلروج وحيدة معتصمة أمام مقر دولة العراق‬ ‫والشام»‪.‬‬ ‫كانت سعاد خترج يومياً أمام املقر‪ ،‬وترفع كرتونة‬ ‫صغرية تن ّدد من خالهلا مبمارسات التنظيم‬ ‫وتطالب بزوج أختها ورفاقها املختطفني‪ ،‬حيث‬ ‫تتابعت سلسلة االختطافات‪ ،‬فتم خطف‬ ‫الناشط (إبراهيم الغازي)‪ ،‬وبعدها مت اختطاف‬ ‫(األب باولو)‪.‬‬ ‫من العبارات اليت كانت تكتبها سعاد على‬ ‫كرتونتها‪( :‬إن كنتم رجاالً فاكشفوا وجوهكم‪،‬‬ ‫وإن كنتم نساء فلدينا أطهر نساء األرض)‪،‬‬ ‫(سجون النظام هي‪ :‬تدمر‪..‬صيدنايا‪..‬فرع‬ ‫‪ 6‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬

‫إن كنتم رجا ًال فاكشفوا وجوهكم‪ ،‬وإن‬ ‫كنتم نساء فلدينا أطهر نساء األرض)‪،‬‬ ‫(سجون النظام هي‪ :‬تدمر‪..‬صيدنايا‪..‬‬ ‫فرع فلسطين‪..‬دولة العراك والشقاق)‪.‬‬ ‫فلسطني‪..‬دولة العراك والشقاق)‪.‬‬ ‫مل تكن سعاد تقف هكذا دون مضايقات‪،‬‬ ‫بل كانت طيلة فرتة وقوفها اليت متتد لساعتني‬ ‫تسمع كالماً كثرياً من عناصر التنظيم‪:‬‬ ‫«زنديقة‪ ،‬كافرة‪ ،‬علمانية»‪ ،‬كما متت حماولة‬ ‫ضرهبا بأمخص البندقية‪ ،‬وتلقيم البندقية بشكل‬ ‫مستمر أمامها‪ ،‬ولكن ذلك مل يكن يثين سعاد‬ ‫عن مواصلة اعتصامها‪ ،‬فكرتونتها كانت هت ّزهم‬ ‫على حد تعبريها‪.‬‬

‫(دولة النظام والشر‪ ..‬الكنائس والمساجد‬ ‫بيوت لعبادة اهلل تعالى)‪ ،‬ورسمت الصليب‬ ‫والهالل معاً‪.‬‬ ‫كانت هناية اعتصام سعاد أمام مقر تنظيم‬ ‫دولة العراق والشام يف مدينة الرقة يوم ‪-26‬‬ ‫‪ ،2013-9‬حيث قام التنظيم حبرق حمتويات‬ ‫الكنيسة فقامت سعاد بكتابة رسالة إىل أهلها‬ ‫فيها كلمة واحدة «ساحموين»‪ .‬وكتبت كرتونة‬ ‫جديدة كان حمتواها (دولة النظام والشر‪..‬‬ ‫الكنائس واملساجد بيوت لعبادة اهلل تعاىل)‪،‬‬ ‫ورمست الصليب واهلالل معاً‪.‬‬ ‫كان وقع تأثري تلك العبارة املوجودة على‬

‫كرتونة سعاد كبرياً على عناصر التنظيم‪ ،‬فقاموا‬ ‫مبهامجتها وحماولة قتلها‪ ،‬حيث أطلقوا النار‬ ‫عليها ولكن مل يصيبوها‪.‬‬

‫مشاركة لم تدم‬

‫سعاد نوفل كانت أيضاً إحدى أعضاء اجمللس‬ ‫احمللي يف مدينة الرقة مع اثنتني من زميالهتا‪،‬‬ ‫حيث شاركت املرأة يف تشكيل هذا اجمللس‬ ‫قبل حترير املدينة عن طريق انتخاب النشطاء‬ ‫لبعض الشخصيات الثورية‪ ،‬لتقوم بإدارة املدينة‬ ‫يف حال حتريرها‪ .‬تقول سعاد‪« :‬لكننا قمنا حبل‬ ‫هذا اجمللس بعد أن ُوجد جملس آخر‪ ،‬وحاولنا‬ ‫دمج اجمللسني ولكن دون جدوى‪ ،‬فقمنا حبل‬ ‫أنفسنا»‪.‬‬ ‫سعاد مل تستسلم لألمر‪ ،‬بل تقول‪« :‬سأعود إىل‬ ‫نشاطي قريباً»‪ ،‬وتدعو املرأة الرقاوية إىل اخلروج‬ ‫من عزلتها لبناء سوريا املضاءة‪ ،‬فهي حتتاج‬ ‫كل أبنائها‪ ،‬ووصفت النساء بأهنن «شقائق‬ ‫الرجال»‪.‬‬ ‫تبقى قضية املرأة السورية ودورها يف بناء سوريا‬ ‫اجلديدة موضوعاً هاماً‪ ،‬حيث يرى الكثريون أن‬ ‫دور املرأة يف الثورة السورية مل يكن أقل من دور‬ ‫الرجل‪ ،‬فهي إىل جانبه يف كل حلظة وتشاركه‬ ‫املعاناة اليت يعانيها كامل الشعب السوري‪.‬‬ ‫ولذلك جيب عدم خبسها حقها يف إعطائها‬ ‫حقوقها كاملة دون نقصان‪ ،‬وكما قالت‬ ‫إحداهن‪ :‬املرأة هي نصف اجملتمع وهي من‬ ‫تريب النصف اآلخر‪.‬‬


‫سوريون تحت الحصار‬ ‫حديث على «سكايب»‪ ،‬بين َ‬ ‫ناشطين إعالميين سوريين في الغوطة الشرقية بريف دمشق‪ ،‬التي يفرض عليها النظام حصاراً منذ قرابة‬ ‫العام‪ ،‬تخلله قصفها بالسالح الكيميائي‪ ،‬ما أدى إلصابة اآلالف‪ ،‬قدمت بلدات الغوطة الشرقية فقط في عام الحصار هذا‪ ،‬حوالي‬ ‫(‪ )5737‬شهيداً‪ ،‬فيما بلغ مجموع ما قدمت خالل الثورة (‪ )11180‬شهيداً‪.‬‬ ‫يجري هذا الحديث قبل يوم من قدوم العاصفة أليكسا‪ ،‬نهاية عام ‪ ،2013‬آثرت سيدة سوريا أن تنقل لقرائها الحديث دون تعديل‪،‬‬ ‫كما هو‪.‬‬ ‫‪ :01:11:00‬ألرصاد اجلوية السورية تقول‬ ‫‪ :‬ستتساقط الثلوج بدأً من مساء األربعاء اىل‬ ‫مساء السبت ‪..‬‬ ‫[‪]01:12:14‬زملكا ريف دمشق‪ :‬اهلل اكرب‬ ‫لنجهز احلطبات معناها (‪)worry‬‬ ‫[‪ ]01:12:52‬زملكا ريف دمشق‪ :‬يا رجل‬ ‫البلد نظفت من كلشي‬ ‫[‪ :]01:13:20‬ههه‬ ‫[‪]01:13:31‬زملكا ريف دمشق‪ :‬بتدور‬ ‫بالشوارع ما بتشوف ال وسخ وال اي شي من‬ ‫نوع البالستيك او حطب او اي شي بيشعل‬ ‫[‪ :]01:13:35‬ايل كزا يوم عم دق هبل‬ ‫احلطبات‬ ‫[‪]01:13:41‬زملكا ريف دمشق‪ :‬النو كلو‬ ‫عم حيطو بالصوبيا‬ ‫[‪ :]01:13:44‬اي و اهلل‬ ‫[‪D: :]01:13:51‬‬ ‫[‪]01:13:53‬زملكا ريف دمشق‪:‬‬ ‫(‪)chuckle‬‬ ‫[‪ :]01:14:08‬يا سدي البلد نضفانة‬ ‫[‪]01:14:57‬زملكا ريف دمشق‪ :‬اليوم حزير‬

‫شو عملت ‪ ...‬يف بوط مشقوق عندي انت‬ ‫اكرب قدر حطيتو بالصوبيا ضليت شي ساعة‬ ‫قالعة لدينها (‪)chuckle‬‬ ‫[‪ :]01:15:19‬هههه فا من كم يوم فتحت‬ ‫الباب‬ ‫[‪ :]01:16:00‬بشان تروح الدخنة ام حزير‬ ‫سشو قلتلي امي‬ ‫[‪ :]01:16:09‬دخان يعمي و ال برد ميوت‬ ‫[‪]01:16:19‬زملكا ريف دمشق‪:‬‬ ‫هههههههههههههه‬ ‫[‪ :]01:16:25‬وعلقت على لسانا كليياتنا‬ ‫بالبيت كل ما واحد بدو يفتح الباب بنقوهلا‬ ‫بشريف اهلل يعينا و ما يف اسعد مننا‬ ‫[‪]01:17:13‬زملكا ريف دمشق‪ :‬بدك‬ ‫ما تددق قلها شوي تانية راح حيطو دواليب‬ ‫السيارات بالصوبيا ‪D:‬‬ ‫[‪)yn( :]01:17:30‬‬ ‫[‪]01:21:13‬زملكا ريف دمشق‪ :‬من يومني‬ ‫‪ :‬كنت عالسطح لك شايف دخان اسود وكتري‬ ‫قوي من جهة بيت قرايبيين الت ويل شو نازلة‬

‫قذيفة عندون اهلل ال يقدر صورهتا ورحت بسرعة‬ ‫لعندون ‪ ..‬طلعو مشغلني الصوبيا وحاطني فيها‬ ‫سحارات بالستيك ومعبني الدنية دخاااان ‪..‬‬ ‫‪D:‬‬ ‫[‪ :]01:21:34‬هههههه‬ ‫[‪ :]01:21:40‬و اهلل هيك صار فيين‬ ‫[‪ :]01:21:48‬نزلت فذيفة الت بعيدة‬ ‫طلعت عل السطح والت اهلل اكرب قصف‬ ‫يستهدف مسرابا‬ ‫[‪ :]01:22:20‬ام طلعت صوبيا معبية الدنية‬ ‫دخنة‬ ‫[‪)chuckle( :]01:22:26‬‬ ‫[‪]01:23:58‬زملكا ريف دمشق‪ :‬اهلل يفرج‬ ‫[‪]01:24:01‬زملكا ريف دمشق‪..... :‬‬ ‫[‪ :]01:24:22‬امني يا رب‬ ‫[‪]02:07:16‬زملكا ريف دمشق‪ :‬خليها‬ ‫لربك‬ ‫[‪]02:07:39‬زملكا ريف دمشق‪ :‬بدنا كم‬ ‫قضيب خشب ‪ )chuckle( ......‬منصري‬ ‫اسكاية‪.‬‬

‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪37 2014‬‬


‫العاصفة أليـكسا تقتل عشرات السوريين بردًا‬

‫وسباق لنــاشطين مع الــزمن‪ ،‬لتدارك توقعــات أسوأ‪.‬‬ ‫«تخيل ما يكون عندك جاكيت‪ ..‬وشباك‬ ‫البيت مكسور‪ ..‬وتيابك كلها مبلولة‪ ..‬وما‬ ‫في تدفئة‪ ..‬حالياً هيك الوضع بسوريا»‪،‬‬

‫هذه العبارة كانت أحد شعارات محل ٍة‪ ،‬أطلقها‬ ‫ناشطون سوريون يف مدينة (غازي عنتاب)‬ ‫الرتكية الشهر املاضي‪ ،‬هبدف مجع تربعات‬ ‫لصاحل أطفال سوريني‪ ،‬ممن يقيمون يف خميم‬ ‫(باب السالمة) على احلدود السورية الرتكية‪،‬‬ ‫بالتزامن مع العاصفة الثلجية (أليكسا)‪ ،‬اليت‬ ‫ضربت سوريا ودول اجلوار‪ ،‬خملفة أعداداً من‬ ‫القتلى بينهم أطفال‪ ،‬وكانت حافزاً هلؤالء‬ ‫الناشطني ومن جتاوب معهم لبذل جمهود كبري‬ ‫خالل وقت قصري‪ ،‬يف حماول ٍة ملساعدة األطفال‬ ‫كي يتغلبوا على الربد القارس للعاصفة‪.‬‬ ‫هدفت احلملة لتأمني جاكيت‪ ،‬مث توسعت‬ ‫الفكرة لتشمل لباساً شتوياً كام ً‬ ‫ال‬ ‫(شال‪ ،‬قبعة‪ ،‬كنزة‪ ،‬بنطلون‪،‬‬ ‫جاكيت ثالث طبقات‬ ‫عازل للماء)‪ ،‬لثالثة آالف‬

‫وصرح أحد الناشطني القائمني‬ ‫طفل سوري‪ّ ،‬‬ ‫عليها لـ«سيدة سوريا»‪ :‬إ ّن االختيار وقع على‬ ‫خميم (باب السالمة)‪ ،‬نتيجة الظروف السيئة‬ ‫اليت يعيشها األطفال وذووهم هناك‪ ،‬واليت‬ ‫عاينها بعض القائمني على احلملة بأنفسهم‪،‬‬ ‫فاستشعروا ضرورة مد يد العون هلم‪ ،‬خاصة مع‬ ‫بدء موجة الربد‪.‬‬ ‫وقال الناشط‪ّ :‬إنم متكنوا من مجع (‪)52546‬‬ ‫لرية تركية‪ ،‬ميكن أن تغطي شراء (‪)3000‬‬ ‫جاكيت فقط‪ ،‬ما اضطر القائمني على احلملة‬ ‫لالقتصار على اجلاكيت‪ ،‬مفضلني تغطية عدد‬ ‫أكرب من األطفال‪ ،‬دون التمكن من تغطية‬ ‫باقي اللباس الشتوي‪.‬‬ ‫أرسل ـ ـ ـ ـ ـ ــت ال ـ ـ ــدفـ ــعة األوىل‬ ‫مـ ـ ـ ــن اجلاكيتــات بـ ـ ـ ــشكل‬ ‫مستعـ ـ ــجل‪ ،‬مبـ ـ ــاشرة من‬

‫تقرير‪ :‬هالة درويش‬

‫التاجر إىل إدارة املخيم‪ ،‬بينما ينتظر وصول‬ ‫الدفعة الثانية قبل هناية األسبوع‪ ،‬ويفرتض أن‬ ‫توزع قريباً‪ ،‬مشرياً أ ّن القائمني على احلملة قرروا‬ ‫شراء بطانيات (حرامات) باملبلغ املتبقي بعد‬ ‫شراء اجلاكيتات‪ ،‬علماً أ ّن توزيع الدفعة األوىل‬ ‫ترافق مع توزيع عدد من البطانيات‪ ،‬تربع هبا‬ ‫أشخاص لصاحل احلملة‪.‬‬

‫ذكرت الشبكة السورية لحقوق‬ ‫اإلنسان أن أربعة أطفال توفوا في مخيم‬ ‫النازحين ببلدة جرابلس قرب الحدود‬ ‫مع تركيا‪،‬كذلك توفيت مسنّة في مخيم‬ ‫الجوالن بإدلب‪.‬‬ ‫ونقل مراسل «سيدة سوريا» عن إدارة احلملة‪،‬‬ ‫أ ّن عدد املتربعني وصل إىل ‪ 93‬فرداً وأربع‬ ‫جهات اعتبارية هي‪( :‬اجمللس الوطين‪ ،‬جتمع‬ ‫والد البلد‪ ،‬مؤسسة ‪ ،4Syria‬تيار سوريون)‪،‬‬


‫وإ ّن معظم املتربعني سوريون‪ ،‬إضافة إىل عدد من‬ ‫األجانب‪ ،‬ومجعت التربعات من خالل التواصل‬ ‫الشخصي وحواالت (الويسرتن يونيون)‪ ،‬كما‬ ‫تربع البعض من خالل (‪ ،)PayPal‬وهي‬ ‫طريقة للدفع عرب شبكة اإلنرتنت تستخدم‬ ‫ألغراض مجع التربعات‪ ،‬حسب إدارة احلملة‪.‬‬ ‫وكانت العاصفة الثلجية (أليكسا)‪ ،‬أودت‬ ‫حبياة عشرات السوريني‪ ،‬أول ضحاياها الطفل‬

‫(حسين الطويل) البالغ من العمر ستة‬ ‫أشهر‪ ،‬الذي سجل كأول حالة وفاة نتيجة‬ ‫البرد في حلب‪ ،‬حسب ما أعلن االئتالف‬ ‫الوطني لقوى الثورة السورية‪.‬‬ ‫مسلسل موت األطفال استمر‪ ،‬حيث بث‬ ‫ناشطون على موقع التواصل االجتماعي‬ ‫(يوتيوب) تسجي ً‬ ‫ال يظهر جثة لطفل في‬ ‫مدينة الرستن بريف حمص‪ ،‬تظهر ندبات‬ ‫على وجهه‪ ،‬ما يرجح تعرضه لحساسية برد‬ ‫قبيل وفاته‪ ،‬كما سجلت حالة وفاة ثالثة‬ ‫لطفلة في حي الوعر بحمص‪.‬‬ ‫وذكرت الشبكة السورية حلقوق اإلنسان‬ ‫إن أربعة أطفال توفوا يف خميم النازحني ببلدة‬ ‫جرابلس قرب احلدود مع تركيا‪ ،‬كذلك توفيت‬ ‫مسنّة يف خميم اجلوالن بإدلب‪ ،‬إثر اهنيار عدد‬

‫من اخليام حتت الثلج‪ ،‬وتوفيت شابة تبلغ من‬ ‫العمر ‪ 25‬عاماً‪ ،‬يف معرة النعمان بريف إدلب‪،‬‬ ‫إثر إصابتها بنزلة صدرية بسبب الربد‪ ،‬حسب‬ ‫طبيب املستشفى امليداين يف املدينة‪ ،‬كما أفاد‬

‫ناشطون عن وفاة طفل في مدينة الميادين‬ ‫بدير الزور‪ ،‬جراء إصابته بنزلة صدرية‪،‬‬

‫وسط نقص حاد يف املواد الطبية ووسائل‬ ‫التدفئة‪.‬‬ ‫يف السياق ذاته‪ ،‬أفادت األنباء عن وفاة ثالثة‬ ‫عشر سجيناً يف سجن حلب املركزي‪ ،‬بسبب‬ ‫منع التدفئة واالغطية واألدوية وسط إمهال‬ ‫من قوات النظام اليت تسيء معاملة كل نزالء‬ ‫السجن‪.‬‬ ‫ومل يكن السوريون يف اخلارج أفضل حاالً‪،‬‬ ‫حيث سجلت وفاة طفلين في مخيم أورفا‬

‫في تركيا‪ ،‬نتيجة البرد واستمرار انقطاع‬ ‫الكهرباء حسب الشبكة السورية‪ ،‬وقال‬ ‫مصطفى إيدوجو املتحدث باسم (هيئة إدارة‬ ‫الطوارئ والكوارث)‪ ،‬التابعة لرئاسة جملس‬ ‫الوزراء يف تركيا‪ ،‬السلطات وزعت أغطية‬ ‫ومالبس شتوية إضافية على كثري من الالجئني‬

‫السوريني البالغ عددهم ‪ 206‬آالف الجئ يف‬ ‫املخيمات احلدودية‪.‬‬ ‫يف لبنان اليت جلأ إليها حنو ‪ 835‬ألف سوري‪،‬‬ ‫يقيمون إما يف خيام أو مبان متضررة أو أماكن‬ ‫أخرى‪ ،‬أطلق آالف الالجئني السوريني يف خميم‬ ‫عرسال اللبناين نداء استغاثة بعد تردي األحوال‬ ‫اجلوية وارتفاع معدل تساقط الثلوج‪ ،‬أما في‬

‫األردن تسببت المياه والعواصف الشديدة‬ ‫واألمطار‪ ،‬في غرقكثير من الخيام في مخيم‬ ‫الزعتري شمال البالد‪.‬‬

‫(عاطف نعنوع) مسؤول العالقات العامة يف‬ ‫فريق ملهم التطوعي‪ ،‬قال‪« :‬إن الشتاء أتى‬ ‫مبكراً هذا العام‪ ،‬لذلك تأخرت اجلمعيات‬ ‫اخلريية حبمالت الشتاء»‪ ،‬ودلل على ذلك‬ ‫بوجود عائالت سورية يف األردن دون بطانيات‬ ‫أو مدافئ‪ ،‬ولفت (نعنوع) ّإل أن وسائل التدفئة‬ ‫يف األردن ليست رخيصة‪ ،‬وأن سعر جرة الغاز‬ ‫يصل إىل ‪ 60‬دوالراً‪ ،‬وسعر تعبئتها ‪ 15‬دوالراً‪،‬‬ ‫ما جيعل سد االحتياجات يف وقت قصري أمراً‬ ‫صعباً‪.‬‬

‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪39 2014‬‬


‫شلل األطفال‬

‫فريق تحرير سيدة سوريا‬

‫فيروس غابر يصيب أطفال سوريا‬ ‫تعترب األمراض القابلة للتفشي الوبائي من أكثر‬ ‫املخاطر اليت حتدق باجملتمعات يف العصر احلايل‪،‬‬ ‫وخاصة يف حاالت األزمات مثل احلروب‬ ‫والكوارث الطبيعية‪ ،‬واليت ينفرط فيها نظام‬ ‫الصحة العامة‪ ،‬وتتحرك اجملموعات السكانية‬ ‫بأعداد كبرية إىل بيئات جديدة‪ ،‬وتصبح عرضة‬ ‫لألمراض الفتاكة وال سيما يف حال ضعف‬ ‫حزمة اخلدمات الوقائية املرتبطة بسالمة املياه‪،‬‬ ‫وإصحاح البيئة‪ ،‬وخدمات الرعاية الصحية‬ ‫األولية مثل التلقيح الروتيين‪.‬‬ ‫وبالنظر إىل الواقع السوري احلايل فإن مراقبة‬ ‫هذه الفئة من األمراض أمر ملح للغاية‪ ،‬يف ظل‬ ‫الغياب الكامل للخدمات الصحية الوقائية‪،‬‬ ‫واستمرار حالة عدم االستقرار األمين‪ ،‬واضطرار‬ ‫السكان يف الداخل للنزوح من مكان آلخر‪،‬‬ ‫وتكدسهم باملخيمات‪ ،‬كل هذه العوامل جتتمع‬ ‫لتعطي ظروفاً مثالية حلدوث وتفشي األمراض‬ ‫الوبائية الفتاكة بشكل سريع‪.‬‬ ‫ثبت مؤخراً انتشار وباء شلل األطفال يف املدن‬ ‫السورية الشمالية‪ ،‬وكان لفريق اإلنذار املبكر‬ ‫من أطباء وحدة تنسيق الدعم مع شركائهم يف‬ ‫الداخل دور بارز يف اكتشاف الوباء‪.‬‬ ‫الدكتور بشري تاج الدين عضو الفريق الطيب يف‬ ‫الوحدة يقول‪« :‬مرض شلل األطفال هو مرض‬ ‫فريوسي مع ٍِد يصيب األطفال‪ ،‬ينتقل بالطريق‬ ‫الفموي الربازي‪ ،‬يسبب الشلل الدائم للطفل‬

‫املصاب‪ ،‬وهو غري قابل للعالج لألسف‪،‬‬ ‫والطريقة الوحيدة للوقاية منه هي تلقي اللقاح‬ ‫جبرعات متعددة‪ .‬ومن أهم أسباب اإلصابة به‪:‬‬ ‫تدين املناعة بسبب انقطاع أو غياب التلقيح‪،‬‬ ‫اختالط مياه الشرب مبياه الصرف الصحي‪،‬‬ ‫وتدن الظروف االقتصادية واالجتماعية»‪.‬‬ ‫ّ‬

‫الحملة اإلعالمية كانت مكثفة‪،‬‬ ‫وركزت على الرد على ادعاءات‬ ‫النظام بأنه يقوم بحملة تلقيح‬ ‫لجميع أطفال سوريا‪ .‬وقد تم‬ ‫تكذيب ادعاءاته عبر إحصاءات‬ ‫رسمية معتمدة‪.‬‬ ‫ويضيف‪« :‬ويف احلالة السورية جند أن مجيع‬ ‫العوامل املذكورة قد اجتمعت‪ ،‬فنسبة التلقيح‬ ‫حسب تقارير منظمة الصحة العاملية قد‬ ‫اخنفضت يف سوريا من ‪ %95‬عام ‪ 2010‬إىل‬ ‫‪ %45‬عام ‪ ،2013‬كما أن معظم مياه الصرف‬ ‫الصحي تصب مباشرة يف النهر‪ ،‬خاصة يف‬ ‫حمافظة دير الزور‪ ،‬إضافة لتعطل حمطات تصفية‬ ‫مياه الشرب‪ .‬وال خيفى على أحد الوضع‬ ‫االقتصادي السيء وظروف النزوح اليومية اليت‬ ‫يتعرض هلا الشعب السوري»‪.‬‬ ‫السيدة سهري األتاسي رئيسة الوحدة تقول‪:‬‬ ‫«استطاع فريق الرصد الوبائي يف املكتب الطيب‬

‫خاص سيدة سوريا‬

‫‪10‬‬

‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬

‫لوحدة تنسيق الدعم‪ ،‬وبالتعاون مع املنظمات‬ ‫الطبية احمللية أن يشكلوا فريقاً واحداً ملكافحة‬ ‫وباء شلل األطفال‪ ،‬وذلك بالتنسيق مع شركائنا‬ ‫احملليني يف سوريا‪ .‬وقد كان هذا الفريق موجوداً‬ ‫يف غرفة عمليات دير الزور يف بداية انتشار‬ ‫وباء شلل األطفال‪ ،‬مث توسع الفريق يف عدة‬ ‫حمافظات لضرورة رصد الوباء‪ ،‬والعمل بشكل‬ ‫متوا ٍز مع الشركاء الدوليني لرسم خطة عمل‬ ‫نستطيع من خالهلا القيام حبملة تلقيح جوالة‬ ‫شاملة‪ ،‬يف كافة املناطق اليت ميكن الوصول إليها‬ ‫يف سوريا»‪ .‬وعن ثقتها بالفريق الطيب املوجود‬ ‫يف الوحدة تقول‪« :‬الفريق الطيب يعمل على‬ ‫مستوى ٍ‬ ‫عال‪ ،‬وجهوده تتكامل مع جهود‬ ‫املتطوعني‪ .‬لقد أثبتت احلملة اليت نقوم هبا‬ ‫أن اجملتمع املدين راغب بالعمل رغم الوجود‬ ‫العسكري‪ ،‬هذا العمل التطوعي جاء كإحياء‬ ‫للعمل املدين الذي نريده يف املناطق احملررة»‪.‬‬ ‫وتضيف‪« :‬هذا الفريق سينجح بالتأكيد‬ ‫يف حال توفرت له اإلمكانيات الالزمة‪ ،‬فلو‬ ‫استطاعت األمم املتحدة أن تق ّدم لقاح شلل‬ ‫لست جوالت‬ ‫األطفال إىل كل طفل سوري‪ ،‬و ّ‬ ‫متتالية عرب محلة ج ّـوالة شاملة‪ ،‬ملا ّكنا نطالب‬ ‫اآلن بتقدمي اللقاح إىل هذه اجملموعة من األطباء‬ ‫املدربني‪ ،‬من أجل إيصال اللقاح عرب‬ ‫واملتطوعني َّ‬ ‫جوالة مدروسة وفقاً للمعايري العاملية»‪.‬‬ ‫محلة ّ‬ ‫يشري األطباء إىل أن انقطاع االتصاالت‬ ‫األرضية واخلليوية بشكل مستمر جيعل منسقيهم‬ ‫يف املناطق يواجهون صعوبة يف التواصل مع‬ ‫املراكز الصحية‪ ،‬وأن اسرتاتيجيتهم احملورية‬ ‫يف مواجهة الوباء (باعتبار أن شلل األطفال‬ ‫مرض مستهدف باالستئصال من العامل منذ‬ ‫هناية مثانينيات القرن املاضي) تنحصر يف إجراء‬ ‫محالت تلقيح تكميلية شاملة لكل األطفال‬ ‫من عمر يوم حىت مخس سنوات‪ ،‬جبانب حماور‬ ‫االحتواء األخرى واليت تركز على تقليل عوامل‬ ‫اخلطورة املهيأة لدوران الفريوس باجملتمع‪ ،‬مثل‬ ‫تعقيم مياه الشرب ومعايري النظافة الشخصية‬ ‫وإصحاح البيئة‪ ،‬مع استمرار املراقبة الدقيقة‬ ‫للحاالت املشتبهة عرب نظام الرصد الوبائي‬


‫خاص سيدة سوريا‬

‫القائم يف الوحدة (‪.)EWARN‬‬

‫تم تسليط الضوء على الوباء في‬ ‫عدد كبير من وسائل اإلعالم‬ ‫العربية والغربية‪ ،‬وكانت أصداء‬ ‫المؤتمر واضحة مما جعل عدداً‬ ‫كبيراً من المنظمات تتصل بفريق‬ ‫مكافحة شلل األطفال‪ ،‬وتعرض‬ ‫تقديم الدعم الالزم إلطالق‬ ‫الحملة‪ .‬وستنطلق حملة التلقيح‬ ‫خالل أيام قليلة بمساعدة ‪7500‬‬ ‫متطوع وستستمر لمدة ‪ 6‬أشهر»‪.‬‬ ‫وإمياناً من الفريق الطيب يف الوحدة بتحرك اجملتمع‬ ‫الدويل بشكل سريع وفعال إلجراء محالت‬ ‫تلقيح‪ ،‬ومتكنه من فرض طريقة فعالة على‬ ‫النظام بدمشق‪ ،‬جيري من خالهلا التعامل معهم‬ ‫خاصة فيما يتعلق بتنفيذ محلة التلقيح الشاملة‬ ‫باملناطق اخلاضعة لسيطرة املعارضة‪ ،‬فقد رأوا أن‬ ‫عليهم فقط مجع بيانات السكان يف املناطق‬ ‫احملررة واالستفادة من الزخم واإلمكانيات اليت‬ ‫ستتوفر من خالل احلمالت املتكررة اليت يزمع‬ ‫تنظيمها‪ ،‬لتأمني سلسلة تربيد مكتملة العناصر‬

‫ما ميهد لتفعيل خدمات التلقيح الروتيين‬ ‫لألطفال‪ ،‬وكذلك إجراء محالت التلقيح‬ ‫التكميلية لكل من احلصبة وشلل األطفال‪،‬‬ ‫إضافة إىل تدريب كوادر بشرية إلجناز أنشطة‬ ‫التلقيح يف احلمالت‪.‬‬ ‫وقد عقد فريق الوحدة مؤمتراً صحفياً خبصوص‬ ‫انتشار الوباء بتاريخ ‪ ،2013 – 11 – 30‬يف‬ ‫مدينة إستنبول برتكيا‪ ،‬ومت متثيل الوحدة بالسيدة‬ ‫سهري األتاسي رئيسة الوحدة وكل من الدكتور‬ ‫خالد امليالجي والدكتور بشري تاج الدين من‬ ‫الفريق الطيب يف الوحدة‪ ،‬إضافة إىل وجود ممثل‬

‫عن احلكومة السورية املؤقتة‪.‬‬ ‫وعن أمهية عقد هذا املؤمتر قالت األتاسي‪:‬‬ ‫«نعقد هذا املؤمتر الصحفي كي نوصل صوت‬ ‫الشعب السوري إىل العامل األصم‪ ،‬ونطالب‬ ‫اجملتمع الدويل بإنقاذ أطفالنا من وباء شلل‬ ‫األطفال‪ ،‬ومن حصا ٍر وأوبئة تفتك بأجساد‬ ‫أطفالنا وأهلنا»‪ .‬فيما قال أمحد الزين رئيس‬ ‫املكتب اإلعالمي‪« :‬املؤمتر الصحفي جاء‬ ‫ضمن محلة إعالمية قادها املكتب االعالمي‬ ‫للتعريف خبطورة املرض وضرورة احلصول على‬ ‫اللقاح قبل تفشيه بني أطفال سوريا‪ ،‬احلملة‬ ‫اإلعالمية كانت مكثفة‪ ،‬وركزت على الرد‬ ‫على ادعاءات النظام بأنه يقوم حبملة تلقيح‬ ‫جلميع أطفال سوريا‪ .‬وقد مت تكذيب ادعاءاته‬ ‫عرب إحصاءات رمسية معتمدة‪ ،‬وكان ال بد من‬ ‫عقد مؤمتر لتوضح املهام اليت قامت هبا وحدة‬ ‫تنسيق الدعم‪ ،‬ودور فريق عمل مكافحة شلل‬ ‫وحث املنظمات الدولية على تقدمي‬ ‫األطفال‪ّ ،‬‬ ‫الدعم الالزم إلهناء معاناة أطفال سوريا»‪.‬‬ ‫مث حتدث عن أصداء املؤمتر قائالً‪« :‬احلمد‬ ‫هلل كانت نتائج املؤمتر إجيابية‪ ،‬وقد مت تسليط‬ ‫الضوء على الوباء يف عدد كبري من وسائل‬ ‫اإلعالم العربية والغربية‪ ،‬وكانت أصداء املؤمتر‬ ‫واضحة مما جعل عدداً كبرياً من املنظمات‬ ‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪11 2014‬‬


‫تتصل بفريق مكافحة شلل األطفال‪ ،‬وتعرض‬ ‫تقدمي الدعم الالزم إلطالق احلملة‪ .‬وستنطلق‬ ‫محلة التلقيح خالل أيام قليلة مبساعدة ‪7500‬‬ ‫متطوع وستستمر ملدة ‪ 6‬أشهر»‪.‬‬

‫توسعت دائرة الفريق الموحد‬ ‫لمكافحة األوبئة الذي يضم وحدة‬ ‫تنسيق الدعم وأطباء عبر القارات‬ ‫ليجمع معه خمس منظمات سورية‬ ‫أخرى (اتحاد المنظمات الطبية‬ ‫اإلغاثية السورية ‪،UOSSM‬‬ ‫الرابطة الطبية السورية األمريكية‬ ‫‪ ،SAMS‬مؤسسة سوريا الخيرية‪،‬‬ ‫الرابطة الطبية للمغتربين السوريين‬ ‫‪ ،SEMA‬مؤسسة وطن)‪.‬‬

‫الفريق الطيب يشري إىل ردود فعل اجلهات الدولية‬ ‫ذات الصلة بالقول‪ :‬إن العديد من املنظمات‬ ‫الدولية ذات اخلربة حاولت إظهار عزمها وقدرهتا‬ ‫على تنفيذ محالت التلقيح بالداخل السوري‪،‬‬ ‫وأجرت الكثري من االتصاالت هبذا اخلصوص‬ ‫مع الصحة العاملية واليونسيف‪ ،‬وبدأت كذلك‬ ‫اجملالس احمللية واملكاتب الطبية بالداخل تتلقى‬ ‫اتصاالت تطلب تعاوهنا ومشاركتها‪ .‬كما‬ ‫مشلت دائرة االتصاالت كل املنظمات السورية‬ ‫ذات البعد الدويل‪ ،‬األمر الذي أحدث ارتباكاً‬

‫وضبابية يف الرؤية لدى املنظمات السورية‬ ‫واملكاتب الطبية ومعها اجملالس احمللية حول‬ ‫كيفية إجراء محالت التلقيح‪ ،‬وكيفية احلصول‬ ‫على اللقاح واملتطلبات اللوجستية وامليزانيات‬ ‫املرتبطة به‪ ،‬يف ظل عدم وجود تأكيد قاطع‬ ‫من قبل املتصرفني الوحيدين باللقاح على‬ ‫مستوى العامل‪ .‬ويشريون إىل املعوقات الواقعية‬ ‫اليت حتد من قدرة املنظمات الدولية موضحني‬ ‫أنه بعد مرور أكثر من أسبوع على تكليف‬ ‫املنظمات املشرفة على مجع البيانات السكانية‬ ‫ومعلومات سلسلة التربيد‪ ،‬أعلنت املنظمات‬ ‫فشلها باألمر‪ .‬وتوسعت دائرة الفريق املوحد‬ ‫ملكافحة األوبئة الذي يضم وحدة تنسيق الدعم‬ ‫وأطباء عرب القارات ليجمع معه مخس منظمات‬ ‫سورية أخرى (احتاد املنظمات الطبية اإلغاثية‬ ‫السورية ‪ ،UOSSM‬الرابطة الطبية السورية‬ ‫األمريكية ‪ ،SAMS‬مؤسسة سوريا اخلريية‪،‬‬ ‫الرابطة الطبية للمغرتبني السوريني ‪،SEMA‬‬

‫مؤسسة وطن) تشكلت منها مجيعاً جمموعة‬ ‫عمل مكافحة وباء شلل األطفال بتاريخ ‪6‬‬ ‫تشرين الثاين‪ ،‬لتنضم إليها اجملالس احمللية‬ ‫بكل املناطق السورية غري اخلاضعة لسيطرة‬ ‫النظام يف اليوم التايل مباشرة‪ .‬وستقوم جمموعة‬ ‫املنظمات ضمن جمموعة عمل مكافحة شلل‬ ‫األطفال بتسخري كل املراكز الصحية املدعومة‬ ‫من قبلها للعمل يف محلة التلقيح اليت يتم‬ ‫التحضري هلا‪ .‬مث يشريون إىل أن منظمة الصحة‬ ‫العاملية واليونيسيف كانتا قد وعدتا بدعم دورة‬ ‫التدريب األساسية ملشريف املناطق والنواحي يف‬ ‫تركيا حيث تعهدوا (شفهياً) بدعم الدورة من‬ ‫حيث املدربني ومواد التدريب والتكلفة املادية‪،‬‬ ‫إال أهنم جمدداً مل يلتزموا مبا وعدوا به‪ ،‬فباشرت‬ ‫جمموعة العمل جبمع تربعات إلقامة التدريب يف‬ ‫موعده كما هو خمطط له‪ ،‬وقد جنحت الدورات‬ ‫التدريبية وكما هو خمطط هلا يف تدريب ‪90‬‬ ‫مشرفاً من خمتلف احملافظات السورية‪ ،‬وحبضور‬ ‫ممثل ملنظمة الصحة العاملية والـ ‪CDC‬‬ ‫تواصلت حلقات التدريب بالداخل لتغطية‬ ‫مشريف املناطق والنواحي‪ ،‬كما مت تشكيل غرف‬ ‫إدارة احلملة على مستويات احملافظات واالتفاق‬ ‫على األدوار واملسؤوليات اخلاصة بطاقم العمل‬ ‫ضمن الغرفة‪ ،‬ومت تأجيل تدريب فرق امللقحني‬ ‫حلني اقرتاب موعد انطالق احلملة بشكل‬ ‫فعلي‪.‬‬

‫بدأت قطع سلسلة التبريد في‬ ‫الوصول إلى داخل سوريا بدعم‬ ‫من منظمة ألمانية‪ ،‬وبوجود الكادر‬ ‫المدرب على كل المستويات‬ ‫وتوفر سلسلة التبريد‪ ،‬تبقّى فقط‬ ‫الحصول على اللقاح والميزانيات‬ ‫التسييرية لحملة تلقيح عبر الفرق‬ ‫الجوالة‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى بدأت قطع سلسلة التربيد‬ ‫يف الوصول إىل داخل سوريا بدعم من منظمة‬ ‫أملانية‪ ،‬وبوجود الكادر املدرب على كل‬ ‫املستويات وتوفر سلسلة التربيد‪ ،‬تبقّى فقط‬ ‫احلصول على اللقاح وامليزانيات التسيريية حلملة‬ ‫تلقيح عرب الفرق اجلوالة‪.‬‬ ‫‪12‬‬

‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬


‫وتتوجياً للجهود اليت بذلت من أجل تامني‬ ‫لقاحات املرض سلّمت احلكومة الرتكية يوم‬ ‫اإلثنني ‪ 2013 - 12 – 30‬جرعات‬ ‫اللقاح لفريق عمل مكافحة شلل األطفال‪،‬‬ ‫اجلوالة اليت‬ ‫وهو الفريق املن ّفذ حلملة التلقيح ّ‬ ‫حتمل اسم (لنن ِه شلل األطفال يف سوريا)‬

‫تتويجاً للجهود التي بذلت من‬ ‫أجل تامين لقاحات المرض‬ ‫س ّلمت الحكومة التركية يوم‬ ‫اإلثنين ‪2013 - 12 – 30‬‬ ‫جرعات اللقاح لفريق عمل‬ ‫مكافحة شلل األطفال‪ ،‬وهو‬ ‫الفريق المنفّذ لحملة التلقيح‬ ‫الج ّوالة التي تحمل اسم (لنن ِه‬ ‫شلل األطفال في سوريا) داخل‬ ‫األراضي السورية المحررة‪ ،‬وقد‬ ‫تم التسليم بعد مؤتمر رسمي ُعقد‬ ‫ّ‬ ‫في مديرية صحة غازي عنتاب‬ ‫التركية‪.‬‬

‫داخل األراضي السورية احملررة‪ ،‬وقد متّ التسليم‬ ‫بعد مؤمتر رمسي ُعقد يف مديرية صحة غازي‬ ‫عنتاب الرتكية‪ ،‬وحضره عن اجلانب السوري‬ ‫الدكتور أمحد طعمة رئيس احلكومة السورية‬ ‫املؤقتة والسيدة سهري األتاسي رئيس وحدة‬ ‫تنسيق الدعم‪ ،‬وأطباء من فريق عمل مكافحة‬ ‫شلل األطفال‪ ،‬أما من اجلانب الرتكي فقد‬ ‫مثله السيد فيصل دملاظ وايل السوريني يف تركيا‬ ‫ومدير الصحة يف غازي عنتاب إضافة إىل‬ ‫ممثلني عن اهلالل األمحر الرتكي واهلالل األمحر‬ ‫القطري الذي يأخذ موقعه يف‬ ‫احلملة كمراقب‪.‬‬ ‫عدد جرعات اللقاح اليت‬ ‫قدمتها احلكومة الرتكية بلغ‬ ‫مليونني ونصف مليون جرعة‬ ‫لقاحية‪ ،‬وحسب اخلطة املقررة‬ ‫فهذه اللقاحات أرسلت لتغطية‬ ‫سبع حمافظات سورية هي‪:‬‬ ‫احلسكة‪ ،‬دير الزور‪ ،‬الرقة‪،‬‬ ‫حلب‪ ،‬إدلب‪ ،‬الالذقية ومحاة‪.‬‬ ‫الدكتور أمحد طعمة تقدم يف‬

‫السوري‪.‬‬ ‫بدورها شكرت األتاسي احلكومة الرتكية‬ ‫على ما تقدمه‪ ،‬ومثنت جهود فريق األطباء‬ ‫الذي ساهم يف كشف املرض‪ .‬فيما أكد‬ ‫الوايل فيصل دملاظ على موقف تركيا الداعم‬ ‫للشعب السوري‪.‬‬ ‫يذكر أ ّن فريق العمل اخلاص باحلملة يضم‬ ‫جوال‪ ،‬ومؤلف بشكل إمجايل‬ ‫‪ 3200‬فريق ّ‬ ‫من ‪ 7500‬متطوع بينهم ‪ 200‬طبيب‬ ‫سوري وعريب‪ ،‬وتؤّمن احلملة اللقاح ألكثر‬ ‫مليون طفل سوري ترتاوح أعمارهم ما‬ ‫من َ‬ ‫بني اليوم واخلمسة أعوام‪.‬‬

‫كلمته بالشكر لرتكيا حكومة وشعباً على ما‬ ‫تقدمه من دعم لقضية الشعب السوري يف‬ ‫خمتلف اجملاالت‪ ،‬حمم ً‬ ‫ال النظام السوري مسؤولية‬ ‫ظهور مرض شلل األطفال جمدداً يف سوريا‪،‬‬ ‫نتيجة احلصار وممارسة العنف على الشعب‬

‫عدد جرعات اللقاح التي قدمتها‬ ‫الحكومة التركية بلغ مليونين‬ ‫ونصف مليون جرعة لقاحية‪،‬‬ ‫وحسب الخطة المقررة فهذه‬ ‫اللقاحات أرسلت لتغطية سبع‬ ‫محافظات سورية هي‪ :‬الحسكة‪،‬‬ ‫دير الزور‪ ،‬الرقة‪ ،‬حلب‪ ،‬إدلب‪،‬‬ ‫الالذقية وحماة‪.‬‬

‫فريق العمل الخاص بالحملة يضم‬ ‫‪ 3200‬فريق ج ّوال‪ ،‬ومؤلف‬ ‫بشكل إجمالي من ‪ 7500‬متطوع‬ ‫بينهم ‪ 200‬طبيب سوري وعربي‪.‬‬ ‫وعن طريق املعابر احلدودية السورية الرتكية‬ ‫وصلت اللقاحات إىل األراضي السورية احملررة‪،‬‬ ‫حيث مت توزيع اللقاحات على احملافظات‬ ‫املستهدفة‪ .‬وقد مت توثيق وصول اللقاحات‬ ‫إىل الكالسة يف حلب وامليادين يف دير الزور‬ ‫وغريمها من املراكز الرئيسية املعتمدة‪ ،‬كما مت‬ ‫توثيق عمليات التلقيح يف كل من حلب وإدلب‬ ‫وريف محاه والرقة‪ .‬احلملة اليت بدأت يوم‬ ‫اخلميس‪ 2014/1/2‬ستستمر حىت الثالثاء‬ ‫‪.2014/1/7‬‬ ‫وال نظلم اهليئات املسؤولة من االئتالف إىل‬ ‫سواه إن حنن محلناه مسؤولية التقصري عن تلقيح‬ ‫األطفال يف املناطق اخلارجة عن سيطرة النظام‪،‬‬ ‫ال نريد تكرار مأساة خسارة‬ ‫األطفال بالكيماوي‪ ،‬واهلرع‬ ‫لتامني مضادات السارين‪،‬‬ ‫فقرابة ثالثة أعوام هي فرتة‬ ‫أكثر من كافية لكي توضع‬ ‫مثل هذه القضايا على قائمة‬ ‫أولويات هيئات املعارضة ال‬ ‫سيما احلكومة‪ ،‬ألن حتميل‬ ‫املسؤولية للنظام وحده يف‬ ‫املناطق احملررة ال يعدو كونه‬ ‫هروباً من املسؤولية‪.‬‬ ‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬

‫‪13‬‬


‫شهــــادة معتقلـة‪..‬‬ ‫كانت صدفة حبتة أ ّن الشخص الذي أوقف‬ ‫ضربنا‪ ،‬وأدخلنا غرفة مكتب الضابط يف فرع‬ ‫األمن‪ ،‬هو ذات الشخص الذي اعتقلين يف‬ ‫املرة األوىل‪..‬‬ ‫كان هذا اعتقايل الثاين (‪،)2012 /4 /12‬كنّا‬ ‫مثاين صبايا ال تعرف أي منّا األخرى‪ ،‬مل نكن‬ ‫يف حالة يرثى هلا‪ ..‬فالتفكري بأننا (معتقالت)‪،‬‬ ‫ألغى الشعور باألمل من الضرب املربح الذي‬ ‫تعرضنا له على مدى ساعتني تقريباً‪..‬‬ ‫صمت رهيب خيّم عندما دخل (املنقذ) وبدأ‬ ‫بتأنيباته األبوية‪« :‬لك أنتو بنات عامل وناس‬ ‫‪ ..‬مني ضحكان عليكن؟؟ يعين حلوة حبقكن‬ ‫هالبهدلة؟؟»‬ ‫بذلت جهداً إرادياً كي‬ ‫هذا الشخص‪ ..‬الذي ُ‬ ‫(ال) أعرف امسه (حىت ال أؤذيه الحقاً)‪َ ،‬‬ ‫بذل‬ ‫جهداً إرادياً حىت ّ‬ ‫يذكرين بنفسه‪« :‬لك أنا يلي‬ ‫سحبتك من ورا النخلة وكنت عم تصوري‬ ‫(بساحة عرنوس ‪ .»)2011 /5 /2‬أجبته وأنا‬ ‫على درجة من االندهاش‪« :‬واهلل ما اتذكرتك»‪.‬‬ ‫فأصر بلغ ٍة حتولت للطراوة‪« :‬لك مبلى‪ ..‬و ِ‬ ‫كنت‬ ‫البسة جزمة‪ ..‬وكنزة بيضا»‪.‬‬ ‫احلقيقة‪ ..‬نسيت أنين حالياً يف فرع األمن‬ ‫للمرة الثانية‪ ..‬وعادت يب الذاكرة إىل ذلك‬ ‫االعتقال‪ ...‬األول‪.‬‬ ‫حينها‪ ..‬كنا حواىل ‪ 30‬ـ ‪ 40‬فتاة‪ ..‬قررنا‬ ‫االعتصام يف ساحة عرنوس‬ ‫رفضاً للحصار الذي فُرض‬ ‫على درعا‪ ..‬ودعماً ألهلنا‬ ‫هناك‪.‬‬ ‫الك ـ ــام ـ ـ ـ ـ ـ ـريا ال ـ ـ ـ ــيت است ـ ــعرهتا‬ ‫من إحـ ـ ــدى صدي ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ــايت‪،‬‬ ‫ك ــانت سبب اعتقايل‪ ،‬ألن‬ ‫عناصر األمن كانوا ي ـ ـريدون‬ ‫الكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامريا‪ ..‬ولـ ـ ـ ـ ــيس أنا‪..‬‬ ‫وإصراري ع ـ ـ ــلى استعـ ـ ـ ــادهتا‬ ‫(ألهن ـ ــا عي ــرة) أودت يب إىل‬ ‫سيارة األمن‪ ،‬وكـ ـ ـ ـ ـ ــان ذلك‬ ‫الـشخص هو من س ــحبين‪،‬‬ ‫وكنت الفتـ ـ ـ ـ ــاة الوحيدة اليت‬ ‫‪ 14‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬

‫اعتقلت من ذلك االعتصام‪.‬‬ ‫أحب أحد العناصر‬ ‫يف الطريق إىل الفرع ّ‬ ‫(جتريب) العصا الكهربائية‪ ..‬وضعها على‬ ‫رقبيت‪ ،‬فاهت ّز جسدي‪ ..‬مل تكن شديدة التأثري‬ ‫مطمشة)‪ .‬ضحكوا على‬ ‫لكنها مفاجئة (ألين ّ‬ ‫وضحكت يف قليب على طريقتهم يف‬ ‫رعشيت‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫اسرتاق لذة التمتع بـ (حلظ ِة) ال أحد يعرفها إال‬ ‫أنا‪ ..‬وُهم‪.‬‬ ‫عندما وصلنا إىل اخلطيب‪ ..‬استقبلين أبو مشلة‬ ‫(اجلالد) على باب الفرع بثالث صفعات على‬ ‫الوجه‪ ..‬أما الشباب الذين اعتُقلوا معي من‬ ‫الساحة فقد أوسعوهم ضرباً ورفساً حىت ال‬ ‫تكاد ترى وجوههم من الدماء‪.‬‬ ‫مل يكن مشهداً جديداً‪ ..‬فالعنف بالنسبة لنا‬ ‫أصبح تراثاً ‪ ..‬ولكين اآلن على موعد مباشر مع‬ ‫اخلوف‪ ..‬إما أن أكسره اآلن هنا‪ ..‬على باب‬ ‫الفرع‪ ..‬أو أن االهنيار الكامل سيكون مصريي‬ ‫ومصري مبدئي وثوريت‪.‬‬ ‫الثاين من أيار من عام ‪ ..2011‬هو اليوم‬ ‫األطول يف حيايت‪ ..‬مخسة حتقيقات‪ ..‬يفصل‬ ‫بينها وقف ًة يف املمر املزدحم باملعتقلني العراة‬ ‫الراكعني على ُركبهم داخل ذلك الفرع املقيت‪..‬‬ ‫مكبّلة اليدين‪ ..‬و(مطمشة العينني) الرابط بيين‬ ‫وبني احلياة هو أصوات الضرب اليت ال هتدأ‪،‬‬ ‫وأم ٌل بأن معجزًة ما ستحصل اآلن ألخرج من‬

‫لينا محمد‬ ‫هذا اجلحيم الصويت‪ ..‬فألول مرة يف حيايت‬ ‫ين مكبلتان‪ ،‬وأن قليب هو‬ ‫أشعر بأنه حىت أذ ّ‬ ‫الذي يسمع‪.‬‬ ‫سحبين أحد العناصر وأدخلين غرف ًة كان فيها‬ ‫مطمشة‪..‬‬ ‫معتقل على األرض يُضرب‪ ،‬وألين ّ‬ ‫َض َربت قدمي به‪ ..‬فاعتذرت له آسف ًة‪ ..‬وتواً‬ ‫جاءتين صفعة على رقبيت مع ضحكة صفراء‪:‬‬ ‫«عم تعتذري لـ هالكر؟؟!!!! شوفوا شوفوا‪..‬‬ ‫كرة عم تعتذر لكر‪»..‬‬ ‫ّ‬ ‫يف تلك الغرفة كان احملقق (الذي مل َأر منه إال‬ ‫الطماشة) يسأل‪..‬‬ ‫احلذاء الرياضي من حتت ّ‬ ‫ويسأل‪ ..‬مل يكن اجلواب يهمه‪ ..‬رمبا كان يتلذذ‬ ‫باملشهد‪ ..‬فتاةٌ مكبل ٌة أمامه‪ ..‬وشاب على‬ ‫األرض مد ّمى‪ ..‬وهو ينفخ دخان سيجارته‬ ‫مع اصطناع واضح للهجة الساحلية‪( ..‬عندما‬ ‫خرجت من املعتقل اكتشفت ممن سبقوين أنه‬ ‫من الرقة)‪..‬‬ ‫ولكن يف التحقيق األخري‪ ..‬وبعد أخ ٍذ ورّد‬ ‫مع احملقق الذي كان يبدو أنه حمرتم‪ ..‬قال يل‬ ‫مبنتهى الثقة‪ :‬أنت شيوعية‪..‬‬ ‫فاجأين باستنتاجه‪ ..‬حيث إنين شيوعية‪..‬‬ ‫ولكين حاولت قدر املستطاع أن أبدو جمرد فتاة‬ ‫ال خلفيات سياسية هلا‪..‬‬ ‫عندما أنكرت‪ ..‬طلب احملقق من أبو مشلة‬ ‫أن يرفع الطماشة‪ ..‬فرفعها‪ ..‬فوضع يل احملقق‬ ‫ين‪..‬‬ ‫بطاقيت احلزبية بني عي ّ‬ ‫وهو يردد مسَتـ َفزاً‪( :‬ليكها‬ ‫بطاقتك احلزبية‪ ..‬ليكها)‪،‬‬ ‫وتلَتْها صفع ًة من أبو مشلة‬ ‫أوقعتين أرضاً‪ ..‬وتالها‬ ‫بأخرى‪ ..‬وأخرى‪..‬‬ ‫بعدها دخلت املنفردة‪ ..‬ومل‬ ‫أخرج منها إال بعد مخس‬ ‫ٍ‬ ‫ليال‪ ،‬خالهلا‪ ..‬ال شيء‬ ‫يصلك باحلياة‪ ،‬ال وقت وال‬ ‫ضوء مشس‪ ..‬وال حىت رغب ٌة‬ ‫يف الطعام الذي ال يؤكل‬ ‫بغالبه‪ ..‬وال أحد تتشاجر‬ ‫معه على الرأي‪..‬‬


‫هناك فقط‪ ..‬صوت التعذيب‪ ..‬وأصوات سباب‬ ‫وحد‪ ،‬وعلى زميلهم الذي‬ ‫العناصر على الثورة َ​َ‬ ‫يأيت هلم بالطعام (يبدو أنه أقل شأناً منهم)‪..‬‬ ‫حدث إنساين واحد‪ ..‬أثّر بوجداين‪..‬‬ ‫يف اليوم األخري يل يف املنفردة (مل أكن أعلم أنه‬ ‫األخري)‪ ..‬أتى عنصر ومهس يل من نافذة باب‬ ‫املنفردة الصغرية‪« :‬يا بنت‪ ..‬يا بنت‪»..‬‬ ‫وقفت بسرعة واقرتبت من النافذة‪ ..‬فقال يل‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫«بَعدي»‪ ..‬ابتعدت قليالً‪ ..‬فرمى يل حبّيت‬ ‫بندورة‪ ..‬وحبّيت خيار‪ ..‬ورغيف خبز‪ ..‬وقال‬ ‫يل‪ُ :‬‬ ‫«كلي‪ُ ..‬كلي بسرعة‪»..‬‬ ‫أسرعت إىل األرض وملمتهم‪ ..‬وإذ به ينادي يل‬ ‫مرة أخرى‪ ..‬اقرتبت فقال يل‪« :‬قريب أكرت»‪..‬‬ ‫فاقرتبت‪ ..‬أدخل يده من النافذة وناولين (كاسة‬ ‫شاي)‪ ...‬وغاب‪.‬‬ ‫لت إىل فرع كفرسوسة‪..‬‬ ‫يف نفس اليوم نُ ِق ُ‬ ‫وهناك‪ ..‬بقيت عشرة أيام داخل الزنزانة مل َأر‬ ‫فيها أحداً‪..‬‬ ‫فرع كفرسوسة كان ميتاز بأنك تستطيع أن‬ ‫متيّز فيه الوقت ألن اجلامع قريب‪ ..‬وصوته‬ ‫مسموع‪..‬‬ ‫يف كفرسوسة‪ ..‬الوقت بطيء‪ ..‬بطيء جداً‪..‬‬ ‫كنت أهلي نفسي بالرياضة والغناء‪ ..‬حاولت‬ ‫ُ‬ ‫قدر املستطاع أن أتعايش مع هذا املكان‬ ‫وأعتربه بييت اجلديد‪ ..‬ولكن‪.............‬‬ ‫يبقى السجن سجناً‪.‬‬ ‫نزعت أحد براغي احلنفية املوجودة يف الزنزانة‪..‬‬ ‫وحفرت على إحدى جدراهنا (كل ما بيمرق‬ ‫يوم بيزيد صربك أكرت وبتقوى أكرت)‬ ‫حفرت امسي وهتميت‪ :‬مظاهرة نسائية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫من‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫حفرت تقومياً كي ال يضي َع الزمن ّ‬ ‫حفرت ذاكريت ألستجمع شجاعيت وأقتل‬ ‫ُ‬ ‫وحديت‪ ..‬ويبدو أن روحي كانت توثّق ذكراها‬ ‫فيما لو غاب اجلسد‪.‬‬ ‫صحوت من تلك الذاكرة‪( ..‬من اعتقايل‬ ‫األول) هبمس ٍة من فتاة منزوعة احلجاب وآثار‬ ‫الدم النافر من أنفها ما تزال واضحة‪« :‬هأل‬ ‫شو رح يعملو فينا؟؟»‪ ..‬قلت هلا هبلجة واثقة‪:‬‬ ‫«وال شي ‪ ..‬شوية حتقيق وتأنيب‪ ..‬وبعدين‬ ‫عاخلطيب»‪.‬‬ ‫اخلطيب‪ ..‬ذلك الفرع املقربة‪ ..‬الذي ُحفر ببذرة‬ ‫زيتون على أحد جدران منفرداته ُ‬ ‫نت هنا)‪.‬‬ ‫(ك ُ‬

‫مما ورد في البيان الصحفي‬ ‫الصادر عن مركز توثيق االنتهاكات في سوريا‬ ‫أمجع كل من قابلهن مركز توثيق االنتهاكات يف سوريا ‪ VDC‬من معتقالت سابقات‪،‬‬ ‫أ ّن سجن عدرا للنساء ال خيتلف كثرياً عن أي فرع أمين آخر‪ ،‬بل إ ّن العديد من املعتقالت‬ ‫حتول إىل فرع أمين حبت‪ ،‬وخاصة قسم «اإليداع»‪ ،‬بعد أ ّن منع العميد (فيصل‬ ‫أك ّدن أنه ّ‬ ‫العقلة) من حمافظة دير الزور‪ ،‬وهو الضابط املسؤول عن السجن‪ ،‬مجيع امليزات اليت تتمتع‬ ‫هبا السجون املركزية عادة‪ ،‬فقد منع التلفاز والراديو والرباد وشراء اخلضار واللحوم‪ ،‬بل إنه‬ ‫منع حىت األعمال اليدوية مثل صناعة «اخلرز والصوف»‪ ،‬ومنع إجراء املكاملات اهلاتفية‬ ‫للمعتقالت مع ذويهم بشكل مطلق‪ ،‬كما متّ منع األهايل من إحضار الكتب للمعتقالت‪،‬‬ ‫أو أي نوع من أنواع األطعمة‪ ،‬وكانت عمليات التفتيش االستفزازية تتم بسبب أو بدونه‪،‬‬ ‫وبأبشع األساليب‪ ،‬حيث كان يتم جلب العديد من السجينات من «قسم الدعارة»‬ ‫ويأمرهن الضابط بتفتيش كافة أغراض املعتقالت الشخصية‪ ،‬وقد بدأت هذه اإلجراءات يف‬ ‫شهر آب ‪ /‬أغسطس ‪.2012‬‬ ‫وختضع النساء املعتقالت يف سجن عدرا لعقوبات خمتلفة‪ ،‬كأن توضع املعتقلة يف املنفردة‬ ‫لفرتات طويلة‪ ،‬أو أن يدخل عناصر السجن إىل املهجع وينهالون بالضرب على النساء‬ ‫باهلراوات ويشدوهنن من شعرهن أو يضربوهنن على أقدامهن «الفلقة»‪ ،‬حيث قالت إحدى‬ ‫املعتقالت ملركز توثيق االنتهاكات يف سوريا‪:‬‬ ‫يف إحدى املرات دخلت عناصر أمنية إىل قسم «املهجع» واهنالت بالضرب على أكثر‬ ‫إحداهن حيث قاموا بنزع حجاهبا وش ّدها من شعرها‪،‬‬ ‫من ‪ 20‬معتقلة باهلراوت‪ ،‬ومتّ أخذ‬ ‫ّ‬ ‫وأخذها إىل غرفة التعذيب وهنالك قاموا بضرهبا على قدميها «الفلقة» بشكل قاسي جداً‪،‬‬ ‫وبعد أ ّن عادت مل تستطع السري على قدميها بشكل جيد لثالثة أيام متتالية‪ ،‬حدث ذلك‬ ‫حتديداً يف شهر أيار ‪.2013‬‬ ‫إحدى املعتقالت وصفت ما حيدث يف سجن عدرا للنساء «باملوت البطيء» وذلك فيما‬ ‫يتعلق بطريقة التعامل مع املعتقالت املريضات يف السجن‪ ،‬حيث إنّه ال يوجد يف سجن‬ ‫عدرا للنساء أطباء خمتصون لعالج املعتقالت‪ ،‬رغم وجود نساء حوامل وأطفال صغار ونساء‬ ‫مسنات ونساء مريضات بأمراض خبيثة‪ ،‬وتقوم إدارة السجن بتربير عدم وجود رعاية صحية‬ ‫للمعتقالت بأن الطريق إىل املستشفى خطر جداً بسبب االشتباكات وأنه جيب رفع برقية‬ ‫جلهة – مل تقم إدراة السجن بتسميتها ‪ -‬واملوافقة عليها لنقل املريضة للعالج‪ ،‬وقد شهد‬ ‫السجن عدة حاالت وفاة كان آخرها ما حدث مع إحدى السجينات حيث كانت مريضة‬ ‫جداً وأصيبت مبا يشبه «اجللطة» أو «ضيق التنفس» توفيت على أثرها مباشرة‪ ،‬تقول‬ ‫إحدى السجينات اليت كانت موجودة يوم احلادث ملركز توثيق االنتهاكات‪:‬‬ ‫مل تدرك السجينات األخريات طبيعة املرض احلقيقي الذي كانت تعاين منه (هدى – ‪39‬‬ ‫عاماً – من حمافظة محص) فقد كانت تعاين ما يشبه «ضيقاً يف التنفس» أو «اجللطة»؛ رغم‬ ‫أن باقي املعتقالت طلبوا من احلراس أخذها إىل العيادة الطبية ولكنهم مل يستجيبوا لنداءاهتم‪،‬‬ ‫وتوفيت على إثرها مباشرة‪ ،‬وكان ذلك يف األسبوع األول من شهر شباط ‪2013‬‬ ‫مركز توثيق االنتهاكات يف سوريا يناشد مجيع املنظمات الدولية احلقوقية منها واإلنسانية‬ ‫وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب األمحر‪ ،‬التدخل فوراً من أجل اإلفراج عن مجيع‬ ‫املعتقالت يف سجون النظام السوري‪ ،‬والوقوف على املمارسات اليت تتعرض هلا املعتقالت‬ ‫يف سجن عدرا للنساء‪.‬‬ ‫أيلول ‪ /‬سبتمرب ‪2013‬‬ ‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪15 2014‬‬


‫المسار السياسي‪ ،‬فرصة بشروط‪....‬‬ ‫صوت أعضاء االئتالف الوطين لقوى الثورة‬ ‫لقد ّ‬ ‫واملعارضة باألغلبية على املشاركة يف مفاوضات‬ ‫سياسية يف جينيف حتت رعاية األمم املتحدة‪.‬‬ ‫تعرض هلا شعبنا يف‬ ‫اليوم‪ ،‬وبعد النكبة اليت ّ‬ ‫مجيع املناطق الثائرة‪ ،‬تصعد أصوات من داخل‬ ‫املدن املنهكة مثل دوما وداريا ومحص وحلب‬ ‫لتقول‪ :‬إهنا مستمرة يف املعركة‪ ،‬لكنها ترى يف‬ ‫املفاوضات وسيلة جديدة إضافية (وليست‬ ‫بديلة) ملواجهة النظام‪.‬‬ ‫ومع كل التحفظات واملخاوف‪ ،‬ال بد أن نكون‬ ‫على أمتّ االستعداد والوعي‪ ،‬كي ال نقع رهينة‬ ‫ألي جهة أقوى منا‪ ،‬أو نساق إىل قرارات ال‬ ‫نريدها‪ .‬إن إطالق مسار تفاوضي قد ّ‬ ‫يشكل‬ ‫فرصة‪ ،‬ال بد من وضع اسرتاتيجية لالستفادة‬ ‫من كل ما ميكننا أن نتسلح به من نصوص‬ ‫وضمانات جتنّبنا خماطر املرحلة‪.‬‬ ‫من حيث املبدأ‪ ،‬فإن رفض املسار التفاوضي‬ ‫ليس يف مصلحة املعارضة‪ ،‬ذلك أ ّن الشعب‬

‫بشار األسد‪ ،‬لذلك ّ‬ ‫تشكل الوثيقة أفضل‬ ‫مرجعية ممكنة من حيث املضمون‪ ،‬ألن الضبابية‬ ‫تسمح جبمع األطراف على طاولة املفاوضات‬ ‫ومن حيث الطابع اإللزامي مبا أن أكرب دولتني‬ ‫صاغتاها‪ ،‬مث وقع عليها وزير اخلارجية الروسي‬ ‫الفروف‪ ،‬إىل جانب هيلري كلينتون‪ .‬يذكر أ ّن‬ ‫الفروف خرج يف وقتها فور انتهاء االجتماع‬ ‫إىل املؤمتر الصحفي‪ ،‬ليؤكد أن الوثيقة ال تعين‬ ‫بأي شكل من األشكال رحيل بشار‪ ،‬ولكن‬ ‫يبقى أن الوثيقة موجودة ومعتمدة من الطرفني‪،‬‬ ‫وقد اتفقت روسيا والواليات املتحدة غداة إبرام‬ ‫اتفاقية نزع األسلحة الكيماوية السورية على‬ ‫الدعوة إىل مؤمتر جينيف‪ 2‬على أساسها‪.‬‬ ‫أما يف حال الذهاب دون أي مرجعية‪ ،‬فهناك‬ ‫ختوف مشروع عند املعارضة من الوقوع يف‬ ‫ّ‬ ‫التجربة الفلسطينية عندما ذهب الطرفان‬ ‫الفلسطيين واإلسرائيلي إىل أوسلو يف ‪1992‬؛‬

‫السوري حاول المستحيل لسنوات طويلة‬ ‫قبل الثورة وبعد اندالعها للتوصل إلى‬ ‫تعرض للقتل يئس‬ ‫تغيير سلمي‪ ،‬وعندما ّ‬ ‫من المسار السلمي‪ ،‬وحمل السالح‪ ،‬لكنه‬ ‫ينجر إلى حرب يقاتل فيها‬ ‫لم يه َو يوماً أن ّ‬ ‫السوري سورياً آخر ليحصل على حقوقه‪،‬‬ ‫ويستعيد كرامته‪ ،‬فكل سوري وطني يتمنى‬ ‫زج النظام‬ ‫أن يتوقف االقتتال الذي ّ‬ ‫الشعب فيه‪.‬‬

‫كيف نتجنّب المخاطر؟‬ ‫أوالً‪ ،‬باإلصرار على أن تكون هناك مرجعية‬ ‫واضحة ملؤمتر جينيف‪ ،2‬وهي وثيقة جينيف‪،1‬‬ ‫وإال فال داعي لتسمية املؤمتر جينيف‪ .2‬البعض‬ ‫يرى أ ّن وثيقة جينيف‪ 1‬تفتقد للعبارات الصرحية‪،‬‬ ‫وال تضمن رحيل النظام وهو املطلب األساسي‬ ‫لقوى الثورة‪ ،‬وال ّ‬ ‫لكن الفريق الذي‬ ‫حل دونه‪ّ ،‬‬ ‫جلس لساعات طويلة إلعداد وثيقة جينيف‪1‬‬ ‫يف حزيران ‪ 2012‬كان يضم كبار املسؤولني‬ ‫الروس واألمريكان‪ ،‬وحرص الطرفان على‬ ‫تضمني صيغة ال تتحدث صراحة عن رحيل‬ ‫لكن كل بنودها تؤكد استحالة بقاء‬ ‫النظام‪ّ ،‬‬ ‫‪ 16‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬

‫ال بد من إشراك ممثلين عن المجتمع‬ ‫المدني‪ ،‬وخاصة عن نساء وشباب‬ ‫سوريا الذين حملوا ‪-‬وما زالوا‪ -‬عبئاً‬ ‫هائ ً‬ ‫ال منذ انطالق الثورة‪ ،‬ويشكلون‬ ‫الحاضنة االجتماعية لها‪.‬‬

‫بسمة قضماني‬ ‫مديرة مبادرة اإلصالح العربي‬ ‫حيث قبلت منظمة التحرير الفلسطينية بالدخول‬ ‫يف مفاوضات غري مشروطة ودون مرجعية‪،‬‬ ‫لتجد نفسها بعد عشرين عاماً مل تطبق سوى‬ ‫نص عليها إعالن املبادئ‪،‬‬ ‫املرحلة األوىل اليت ّ‬ ‫والذي اتضح أنه ال يتضمن أي ضمانات لباقي‬ ‫املراحل‪.‬‬ ‫ثانياً‪ ،‬قد حن ّد من خماطر العملية السياسية‬ ‫بنص وثيقة جينيف‪ 1‬حرفياً؛ فالوثيقة‬ ‫بالتمسك ّ‬ ‫تقول بوضوح‪ :‬إنه من حق املعارضة أن ترفض‬ ‫أمساء يطرحها النظام يف وفده املفاوض يف جينيف‪،‬‬ ‫وهو ما حيق للنظام أن يفعله حيال وفد املعارضة‪.‬‬

‫لذلك لم يخالف رئيس االئتالف أحمد‬ ‫العاصي الجربا نص جينيف‪ 1‬بقوله‪:‬‬ ‫إنه يؤكد التزامه المطلق بأن هيئة الحكم‬ ‫االنتقالية ال يمكن أن يشارك فيها األسد‬ ‫أو أي من المجرمين المسؤولين عن قتل‬ ‫الشعب السوري‪.‬‬

‫ثالثاً‪ ،‬لقد اختار الدبلوماسيون الذين صاغوا‬ ‫وثيقة جينيف‪ 1‬املفردات بعناية‪ ،‬وأشاروا إىل‬ ‫تشكيل جسم حكم انتقايل‪ ،‬واستبعدوا عمداً‬ ‫كلمة احلكومة ليتجنبوا أي التباس حول حتديد‬ ‫من ميتلك السلطة الفعلية‪ ،‬ذلك ألن احلكومة‬ ‫يف نظام سياسي رئاسي هي جزء من السلطة‬ ‫التنفيذية‪ ،‬تعمل بإمرة الرئيس الذي يتمتع‬ ‫بأهم الصالحيات التنفيذية‪ ،‬ومبا أن النظام‬ ‫السوري حسب الدستور السوري هو نظام‬ ‫رئاسي ‪-‬وهذا طبعاً على الورق فقط‪ -‬كان‬ ‫من املتوقع أن يفسر النظام وثيقة جينيف‪1‬‬ ‫قاسم للسلطة التنفيذية بني الرئيس‬ ‫على أهنا تَ ُ‬ ‫واحلكومة‪ ،‬وبذلك يعترب بشار األسد نفسه‬ ‫باقياً يف منصبه ومتمتعاً بصالحيات دستورية‬ ‫واسعة‪ ،‬وتكون احلكومة جهة منفذة لسياساته‪.‬‬ ‫وقد أكد األمني العام لألمم املتحدة بان‬ ‫كي مون مؤخراً ‪-‬يف إعالنه عن ‪ 22‬كانون‬ ‫الثاين موعداً لعقد مؤمتر جينيف‪ -2‬أ ّن هدف‬ ‫املفاوضات هو تشكيل هيئة تنفيذية انتقالية‬ ‫كاملة الصالحيات‪ ،‬مبا فيها القرار مبا خيص‬ ‫اجليش والشرطة واألمن وأجهزة املخابرات‪.‬‬ ‫وهذا ما جيب االستناد عليه كتأكيد ملعىن وثيقة‬


‫جينيف‪.1‬‬ ‫رابعاً‪ ،‬باإلصرار على إلغاء االنتخابات الرئاسية‬ ‫يف ربيع ‪ ،2014‬فإن تشكيل هيئة تنفيذية‬ ‫انتقالية كاملة الصالحيات يعين عملياً خلق‬ ‫واقع سياسي ودستوري جديد يصبح نظام‬

‫األسد مبوجبه نظاماً سابقاً؛ فاهليئة احلاكمة‬ ‫كسلطة ستكون سيدة نفسها‪ ،‬ال ختضع ألي‬ ‫جهة‪ ،‬وهي اليت ستضع إطاراً قانونياً وجدوالً‬ ‫زمنياً ملختلف مراحل الفرتة االنتقالية وهيئاهتا مبا‬ ‫فيها التحوالت يف املنظومتني األمنية والعسكرية‬ ‫لسوريا‪ ،‬وموعد وآلية رحيل األسد‪ ،‬وحتديد‬ ‫مواعيد جديدة النتخابات تشريعية (هيئة‬ ‫تأسيسية للدستور مث برملان)‪ ،‬ورئاسية ال ميكن‬ ‫أن تنظم قبل عام أو عامني بعد تشكيل اهليئة‬ ‫احلاكمة االنتقالية‪ .‬ومبجرد أن يتم تشكيل اجلسم‬ ‫االنتقايل لن يعود هناك مربر للحديث عن‬ ‫موعد االنتخابات الرئاسية‪ ،‬وال إذا كان األسد‬ ‫أو غريه سيرتشح‪ ،‬ألن هذا االستحقاق يسقط‬ ‫بطبيعة احلال‪ ،‬وليس هناك مربر ال للنظام وال‬ ‫للمعارضة للحديث عنه أو عن من يستطيع‬ ‫الرتشح‪ ،‬أو من يراقب هذه االنتخابات‪ ...‬إخل‪.‬‬ ‫جمرد اخلوض يف نقاش حول االنتخابات الرئاسية‬ ‫يصب يف مصلحة النظام‪ ،‬ألنه قد‬ ‫من شأنه أن ّ‬ ‫يرتك اجملال للنظام والدول اليت تسانده يف أي‬ ‫وقت تتعثر فيه املفاوضات ‪-‬وهذا سيحصل‬

‫بطبيعة احلال‪ -‬للتذرع بأن املفاوضات يف‬ ‫مأزق‪ ،‬وبالتايل ال بد من إجراء االنتخابات‪ ،‬أو‬ ‫أن يطرح متديد الفرتة الرئاسية لسنتني كما هو‬ ‫منصوص عليه يف الدستور احلايل لسوريا‪.‬‬ ‫ال بد للمعارضة أن جتهض هذا السيناريو‬

‫مؤمتر جنيف‪1‬‬

‫اخلطري اآلن‪ ،‬وذلك بالعمل فوراً على مطالبة‬ ‫اجلهات الراعية للعملية التفاوضية بأن تعلن‬ ‫االنتخابات الرئاسية ملغاة بطبيعة احلال‪ ،‬ألن‬ ‫املفاوضات نفسها هتدف إىل رسم مسار جديد‬ ‫من خالل تشكيل هيئة حاكمة انتقالية كاملة‬ ‫الصالحيات‪.‬‬

‫أخيراً وليس آخراً‪ ،‬فإن المسار السياسي‬ ‫يتطلب تمثيل قوى الثورة والمعارضة بشكل‬ ‫كامل‪ ،‬فباإلضافة إلى التيارات السياسية‬ ‫الممثلة داخل االئتالف وبعضها من‬ ‫خارجه‪ ،‬ال بد من إشراك ممثلين عن المجتمع‬ ‫المدني‪ ،‬وخاصة عن نساء وشباب سوريا الذين‬

‫محلوا ‪-‬وما زالوا‪ -‬عبئاً هائ ً‬ ‫ال منذ انطالق‬ ‫الثورة‪ ،‬ويشكلون احلاضنة االجتماعية هلا‪ ،‬فهم‬ ‫الشوكة يف حلق النظام‪ ،‬اليت تكذّب ادعاءاته‬ ‫بأنه يواجه عصابات مسلحة‪ .‬باإلصرار على‬ ‫إشراكهم يف املفاوضات ستكتسب املعارضة‬ ‫مزيداً من املصداقية‪ ،‬وتظهر للعامل شرعية الثورة‬ ‫وطابعها الشعيب‪.‬‬

‫مقتطع من نص‬ ‫البيان الختامي في‬ ‫جنيف‬ ‫المبادئ والخطوط التوجيهية المتفق عليها للقيام‬ ‫بعملية انتقالية بقيادة سورية‪:‬‬ ‫ اتفق أعضاء فريق العمل على «المبادئ‬‫والخطوط التوجيهية للقيام بعملية انتقالية بقيادة‬ ‫سورية»‪ ،‬على النحو الوارد أدناه‪:‬‬ ‫ أي تسوية سياسية يجب أن ِّ‬‫تقدم لشعب‬ ‫الجمهورية العربية السورية عملية انتقالية‪:‬‬ ‫(أ) تتيح منظوراً مستقبلياً يمكن أن يتشاطره‬ ‫الجميع في الجمهورية العربية السورية‪.‬‬ ‫(ب) تُ ِّ‬ ‫حدد خطوات واضحة وفق جدول زمني‬ ‫مؤكد نحو تحقيق ذلك المنظور‪.‬‬ ‫(ج) يمكن أن َّ‬ ‫تنفذ في جو يكفل السالمة‬ ‫للجميع ويتسم باالستقرار والهدوء‪.‬‬ ‫(د) يمكن بلوغها بسرعة‪ ،‬دون مزيد من إراقة‬ ‫الدماء‪ ،‬وتكون ذات مصداقية‪.‬‬ ‫ منظور للمستقبل ‪ -‬أعربت الشريحة العريضة‬‫من السوريين الذين استُشيروا عن تطلعات‬ ‫واضحة لشعب الجمهورية العربية السورية‪ .‬وثمة‬ ‫رغبة جامحة في إقامة دولة‪:‬‬ ‫(أ) تكون ديمقراطية وتعددية بحق‪ ،‬وتتيح حي ًزا‬ ‫للجهات الفاعلة السياسية القائمة وتلك التي‬ ‫نشأت منذ عهد قريب لتتنافس بصورة نزيهة‬ ‫ومتساوية في االنتخابات‪ .‬ويعني هذا أيضاً أن‬ ‫االلتزام بديمقراطية متعددة األحزاب يجب أن‬ ‫يكون التزاماً دائماً يتجاوز مرحلة جولة أولى من‬ ‫االنتخابات‪.‬‬ ‫(ب) تمتثل للمعايير الدولية لحقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫واستقالل القضاء‪ ،‬ومساءلة الحاكمين‪ ،‬وسيادة‬ ‫القانون ‪ .‬وليس كافياً أن يقتصر األمر على مجرد‬ ‫صياغة التزام من هذا القبيل‪ ،‬فمن الالزم إتاحة‬ ‫آليات للشعب لكفالة وفاء الحاكمين بتلك‬ ‫االلتزامات‪.‬‬ ‫(ج) تتيح فرصاً وحظوظاً متساوية للجميع‪ ،‬فال‬ ‫مجال للطائفية أو التمييز على أساس عرقي أو‬ ‫ديني أو لغوي أو غير ذلك ‪ .‬ويجب أن تتأكد‬ ‫الطوائف األقل عدداً بأن حقوقها ستحترم‪.‬‬ ‫ خطوات واضحة في العملية االنتقالية ‪ -‬لن‬‫ينتهي النزاع في الجمهورية العربية السورية حتى‬ ‫تتأكد كل األطراف من وجود سبيل سلمي نحو‬ ‫ثم‪ ،‬فمن‬ ‫مستقبل مشترك للجميع في البلد‪ .‬ومن ّ‬ ‫الجوهري أن تتضمن أية تسوية خطوات واضحة‬ ‫ال رجعة فيها تتّبعها العملية االنتقالية وفق‬ ‫جدول زمني محدد‪.‬‬ ‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪17 2014‬‬


‫في يوم منــاهضة العنف ضد المـرأة‬ ‫يمر اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة‪ ،‬والذي يصادف‬ ‫في ‪ 25‬تشرين الثاني‪ /‬نوفمبر‪ ،‬ونساء بلدنا يعانين من وضع إنساني‬ ‫نستطيع أن نصفه بأنه أسوأ وضع مرت به نساء بلد ما في مرحلة ما‬ ‫بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬حسب مراقبين‪ ،‬وصفوا معاناتهن بأنها أسوأ‬ ‫مما مرت به نساء البلقان أو راوندا‪.‬‬ ‫لقد أفرزت األحداث المؤلمة التي تمر بها بالدنا وضعاً بائساً تعجز‬ ‫كن من أوائل النساء في‬ ‫الكلمات عن وصفه؛ فنساء سوريا الالتي ّ‬ ‫المنطقة العربية‪ ،‬والالتي دخلن الجامعات في العشرينات من القرن‬ ‫كن أوائل النساء الالتي انتخبن وترشحن في الخمسينات‬ ‫العشرين‪ ،‬و ّ‬ ‫منه‪ ،‬ب ْتن اآلن مهجرات مشردات‪ ،‬أو محاصرات يتعرضن مع أسرهن‬ ‫للقهر والتهديد بالموت جوعاً أو برداً‪.‬‬ ‫المرأة السورية التي تباهى آباؤنا بتحررها وتعليمها ودخولهاكل مجاالت‬ ‫العمل‪ ،‬في وقت كانت نساء الدول العربية األخرى ترزح تحت وطأة‬ ‫األمية والجهل‪ ،‬بدأت تخسر مكاسبهاكلها في العقود األخيرة‪ ،‬وبدأت‬ ‫تتراجع في كل المجاالت شيئاً بعد شيء‪ ،‬وتلهث وراء تغيير قانوني‬ ‫صغير‪ ،‬في حين بدأت غيرهن من نساء الدول العربية األخريات‬ ‫يحصلن على مكاسب قانونية وتمكينية يوماً بعد آخر‪ ،‬حتى تراجعت‬ ‫سورية في التصنيف العالمي للفجوة بين الجنسين خالل السنوات‬ ‫األخيرة (حسب تقارير المنتدى االقتصادي العالمي) بينماكانت‬ ‫السعودية والدول الخليجية تتقدم في هذا المجال! ناهيك‬ ‫عن دول المغرب العربي‪ ،‬التي حققت فيها النساء‬ ‫تواجداًفعا ًال في برلمانات دولهن‪ ،‬وحصدن بالتالي‬ ‫نتائج تغييرات إيجابية في قانون األحوال‬ ‫وتمكن من‬ ‫الشخصية والجنسية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تأسيس منظمات نسائية‬ ‫مؤثرة‪ ،‬في حين‬ ‫كانت‬

‫‪ 18‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬

‫ميّة الرحبي‬

‫النساء السوريات محرومات من‬ ‫تشكيل أي منظمة نسائية فاعلة‪.‬‬ ‫على الصعيد القانوني ُحكمت‬ ‫النساء السوريات بقوانين أحوال‬ ‫شخصية مميزة ضدهن‪ ،‬وعلى‬ ‫رأسها قانون األحوال الشخصية‬ ‫العام‪ ،‬الذي اليحوي سوى تغييرات‬ ‫طفيفة عن مجلة األحكام الشرعية‬ ‫الموضوعة في عهد اإلدارة العثمانية‬ ‫عام ‪ ،1876‬وقرار حقوق العائلة (أو كتاب األحكام الشرعية في‬ ‫األحوال الشخصية على مذهب اإلمام أبي حنيفة النعمان لقدري‬ ‫باشا) الموضوع عام ‪ 1917‬من قبل اإلدارة نفسها‪.‬‬ ‫وحرمت المرأة السورية من منح جنسيتها ألطفالها‪ ،‬في حين حصلت‬ ‫الكثير من النساء العربيات على هذا الحق‪ ،‬وبقيت المواد المميزة ضد‬ ‫المرأة في قانون العقوبات‪.‬‬ ‫تعرض له أي مواطن تحت وطأة نظام استبدادي‬ ‫تعرضت المرأة لما ّ‬ ‫شمولي‪ ،‬إال أن القهر الذي عانته كان مضاعفاً بحرمانها من حقوقها‪،‬‬ ‫جن‬ ‫امرأة ومواطنة‪ ،‬وكانت هنالك المناضالت الالتي اعتُقلن ُ‬ ‫وس ّ‬ ‫و ُعذبن‪ ،‬و ُطردن من أعمالهن‪ ،‬وُمنعن من السفر‪.‬‬ ‫كل ذلك قاد إلى إحساس بالقهر‪ ،‬دفع النساء للوقوف إلى جانب‬ ‫الرجال في اليوم الذي انتفض فيه شعبنا ضد كل أشكال القمع‬ ‫والقهر واالستبداد‪ ،‬فخرجت النساء مع الرجال في المظاهرات‬ ‫واالعتصامات‪ ،‬وتعرضن لكل أشكال العنف التي تعرض لها الرجل‬ ‫من اعتقال وتعذيب‪ .‬وعندما تحولت الثورة السلمية إلى ثورة مسلحة‪،‬‬ ‫انتقلن إلى العمل في المجال اإلغاثي‪ ،‬وتعرضن أيضاً‪-‬نتيجة لمساعدتهن‬ ‫الناس في المناطق المنكوبة‪ -‬للقتل واالعتقال والتعذيب‪.‬‬ ‫ورغم عدم وجود إحصائيات دقيقة‪ ،‬إال أننا نستطيع القول إن هنالك‬ ‫آالف الشهيدات‪ ،‬وعشرات آالف المعتقالت والمفقودات‪ ،‬وعشرات‬ ‫آالف األرامل والثكالى‪ ،‬ومئات اآلف النازحات والالجئات‪،‬‬ ‫يكن مؤهالت‬ ‫وعشرات آالف من فقدن معيل أسرهن‪ ،‬دون أن ّ‬ ‫سابقًا لممارسة أي عمل يدر عليهن قوتهن وقوت أبنائهن‪.‬‬ ‫تعاني النساء السوريات في مخيمات اللجوء من الظروف‬ ‫المعيشية السيئة‪ ،‬وتُزّوج القاصرات في الدول المجاورة‪،‬‬ ‫ويُبعن بثمن بخس لتجار البشر‪ ،‬ويُمارس عليهن قمع‬ ‫مشابه في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات‬ ‫الجهادية المتطرفة‪.‬‬ ‫فقدت الـ ـ ـ ــكثير من النسـاء السوريات معيـ ـ ـ ـ ــل‬ ‫أسـ ـ ــرهن‪ ،‬وبتن مسـ ــؤوالت عـ ـ ــن أطف ـ ـ ــاله ـ ـ ـ ــن‪،‬‬


‫المجتمع المدني‬ ‫ومضطرات لل ـ ــعمل والبحث عن لقمة العيش‪ ،‬وعمـلت الكثيرات‬ ‫من النساء السوريات الالتي ما زلن يعشن في المناطق اآلمنة نسبياً‪،‬‬ ‫قدر إمكانهن‪ ،‬على مس ـ ــاعدة أخواتهن ومحاولة تدريبهن وتشغيلهن‬ ‫في أعمال يدوية تساعدهن على كسب رزقهن ورزق أطفالهن‪.‬‬ ‫نحن كنساء ناشطات‪ ،‬نرفض العنف بكافة أشكاله‪ ،‬ونسعى إلى‬ ‫إحالل السالم واألمن في ربوع بالدنا‪ ،‬ناضلنا منذ سنوات عدة‬ ‫ضد االستبداد السياسي الذكوري‪ ،‬وما زلنا نناضل من أجل إقامة‬ ‫الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة القائمة على أساس المواطنة‪ ،‬حيث‬ ‫التمييز بين جميع المواطنين‪ ،‬ال على أساس الجنس وال العرق وال‬ ‫الدين‪ ،‬دولة تحمي حقوق النساء كاملة غير منقوصة في ظل قانون‬ ‫وتجرم العنف‬ ‫أسرة عصري عادل‪ ،‬وقوانين التميّز بين مواطن وآخر‪ّ ،‬‬ ‫ضد النساء واألطفال وضد أي إنسان بشكل عام‪ ،‬دولة تتيح المجال‬ ‫في دستورها وقوانينها مشاركة حقيقية فعالة للنساء فيكافة مجاالت‬ ‫الحياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬ ‫نحن لم وال ولن نعارض أي حل سلمي‪ ،‬يحقن دماء السوريين الطاهرة‪،‬‬ ‫ويحفظ لبلدنا استقالله ووحدته وسيادته على كافة أراضيه‪ ،‬وطناً‬ ‫لجميع أبنائه دون تمييز ودون تفرقة ودون تقسيم على أي أساس‬ ‫كان‪ .‬لكننا نسعى في نفس الوقت لعدالة‪ ،‬تضمن تقديم كل من‬ ‫أجرم بحق الشعب السوري إلى محاكمة عادلة نزيهة‪.‬‬ ‫لن نفقد األمل في يوم سيستعيد فيه أبناء شعبنا حريتهم وكرامتهم‬ ‫وحقهم في العيش الكريم‪ ،‬على أرض وطنهم‪ ،‬عندها ستقف النساء‬ ‫جنباً إلى جنب مع الرجال لترميم ما تهدم من البنى‪ ،‬وإعادة اللحمة‬ ‫الوطنية والوجه المشرق لبلدنا الغالي‪.‬‬

‫نغم الغادري‬

‫نشأ مفهوم اجملتمع املدين ألول مرة يف الفكر اليوناين اإلغريقي‪ ،‬واعتربه‬ ‫أرسطو «جمموعة سياسية ختضع للقوانني»‪ ،‬فهو مل مييز بني الدولة‬ ‫واجملتمع املدين‪ .‬كما أشري يف التفكري السياسي األورويب القدمي إىل‬ ‫اجملتمع املدين على أنه عبارة عن جتمع سياسي أعضاؤه مواطنون يعرتفون‬ ‫بقوانني الدولة ويتصرفون وفقاً هلا‪ ،‬ليتطور املفهوم يف القرن الثامن عشر‬ ‫مع نشوء الرأمسالية وبدء التمييز بني الدولة واجملتمع املدين‪.‬‬ ‫ويف هناية القرن الثامن عشر‪ ،‬تأكدت ضرورة تقليص هيمنة الدولة‬ ‫لصاحل اجملتمع املدين‪ ،‬الذي جيب أن يدير بنفسه أموره الذاتية‪.‬‬ ‫ويف القرن التاسع عشر حدث التحول الثاين يف مفهوم اجملتمع املدين‪،‬‬ ‫حيث اعترب كارل ماركس أن اجملتمع املدين هو ساحة الصراع الطبقي‪.‬‬ ‫وىف القرن العشرين طرح جرامشي مسألة اجملتمع املدين يف إطار مفهوم‬ ‫وعب عن فكرته املركزية بأن اجملتمع املدين ساحة للتنافس‬ ‫جديد‪ّ ،‬‬ ‫اإليديولوجي‪ ،‬منطلقاً من التمييز بني السيطرة السياسية واهليمنة‬ ‫األيديولوجية‪.‬‬ ‫ومع انقسام اجملتمع إىل طبقات ذات مصاحل‪ ،‬جنحت الرأمسالية األوروبية‬ ‫ىف أن حتقق أهدافها من خالل آليتني‪ :‬آلية السيطرة املباشرة بواسطة‬ ‫جهاز الدولة‪ ،‬وآلية اهليمنة األيديولوجية والثقافية من خالل منظمات‬ ‫اجتماعية غري حكومية‪ .‬وتأيت أمهية اآللية الثانية من أهنا تؤكد استجابة‬ ‫خمتلف الفئات االجتماعية بقيم النظام الرأمسايل وقبوهلا هلا‪ .‬إذاً حنن هنا‬ ‫أمام ثالثة مفاهيم خمتلفة ولكنها يف نفس الوقت متكاملة‪ :‬اجملتمع‪،‬‬ ‫اجملتمع السياسي‪ ،‬اجملتمع املدين‪.‬‬ ‫والتطور األخري والذي ُيارس اليوم كمفهوم للمجتمع املدين‪ ،‬هو من‬ ‫حيث املبدأ منظمومة من العالقات بني أفراده من جهة‪ ،‬وبينهم وبني‬ ‫الدولة من جهة أخرى‪ .‬وهي عالقات تقوم على تبادل املصاحل واملنافع‪،‬‬ ‫هذا النسيج يتجسد يف مؤسسات طوعية متعددة‪ ،‬تشكل القاعدة‬ ‫األساسية اليت ترتكز عليها مشروعية الدولة من جهة‪ ،‬ووسيلة حماسبتها‬ ‫إذا استدعى األمر من جهة أخرى‪ .‬وتزداد أمهيته بأمهية تنظيم وتفعيل‬ ‫الناس يف تقرير مصائرهم ومواجهة السياسات اليت تؤثر يف معيشتهم‬ ‫وتزيد من إفقارهم‪ ،‬ونشر ثقافة خلق املبادرة الذاتية والعمل التطوعي‪.‬‬ ‫ومع حماوالت هيمنة الطبقة الربجوازية على الثقافة‪ ،‬من مفهوم طبقي‬ ‫حبت‪ ،‬عززت مؤسسات اجملتمع املدين دورها يف محاية الطبقة الكادحة‪،‬‬ ‫ومتايزت بقدرهتا على محاية املواطن العادي من تسلط الدولة‪ ،‬وسطوة‬ ‫فئات معينة على مفاتيح احلياة‪.‬‬ ‫ومن هنا نرى أن اجملتمع املدين جوهر دولة املواطنة‪ ،‬بالرغم من اجلدل‬ ‫احلاصل حالياً يف سوريا بني مفهوم الدولة املدنية والدولة غري املدنية‪.‬‬ ‫وإذا اعتربنا أن الدولة هي القانون واجملتمع هو احلرية‪ ،‬إذاً فهما‬ ‫مشروطان ببعضهما البعض‪ ،‬فال وجود للمجتمع املدين دون سيادة‬ ‫قانون املواطنة‪ ،‬وال وجود لسيادة القانون دون جمتمع مدين مبختلف‬ ‫فئاته‪ ،‬ل ـ ـ ـ ــتكون دول ـ ـ ـ ــة املواطن ـ ـ ـ ــة بعموميــاهتا ض ـ ــامنة حلقوق اجملتـ ـ ـ ــمع‬ ‫املدنـ ـ ـ ــي خبصوصياته‪.‬‬ ‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪19 2014‬‬


‫لقاء العدد‪ :‬السفيرة المنشقة لـمى أحـمد‬ ‫حاورها فريق تحرير سيدة سوريا‬

‫ربما بات لكل منا كسوريين قصة‬ ‫معاناة وألم ليرويها‪ ،‬لكنني أدرك‬ ‫أن قصص نساء سوريا هي األقسى‬ ‫واألكثر التصاقا بالمأساة والحقيقة‪،‬‬ ‫لذا كان البد لثورتنا من أن تحمل‬ ‫في قلبها بذور ثورة أخرى‪ ،‬ثورة‬ ‫نساء سوريا‪ ،‬ثورة المضطهدات‬ ‫والمهمشات‪،‬ثورةالمرأةالحاملةاألكبر‬ ‫لعبء القضية‪ ،‬ومن حريتها ستوقد‬ ‫حرية الجيل السوري بأكمله‪ ..‬وليس‬ ‫لثورة من نجاح ما لم ترتفع بالضمائر‬ ‫الحية والعقول الواعدة ألبناء البلد‪،‬‬ ‫وعلى األخص نسائها‪.‬‬ ‫لمى أحمد قنصل سوريـا في اإلمارات‬ ‫الـ ــعربية المت ـ ــحدة‪ ،‬وسفي ــرة مـ ــوفدة‬ ‫إلى ب ــاكستان‪ ،‬تتكلم ل ــسيدة سوريـا‬ ‫ع ــن رحلـة انشقاقها‪ ،‬عن ه ــم المرأة‬ ‫الـ ــسورية‪ ،‬أم ـ ـ ـ ـاً‪ ،‬زوج ــة‪ ،‬ع ـ ــام ـلـ ـ ــة‪،‬‬ ‫ومثقفة‪.‬‬ ‫أنا من مواليد مدينة دمشق ‪ ،1978‬متزوجة‬ ‫ولدي طفالن مها زينة ست سنوات‪ ،‬وسامل‬ ‫سنتان‪ .‬أمحل شهادة يف االقتصاد من جامعة‬ ‫دمشق‪ ،‬كنت أعمل كدبلوماسية يف وزارة‬ ‫اخلارجية ملدة اثنيت عشرة سنة‪ ،‬تنقلت خالهلا‬ ‫بني عدة مناصب وإدارات‪ ،‬كان آخرها منصب‬ ‫قنصل ثاين يف القنصلية العامة يف ديب ما بني‬ ‫العامني ‪ 2005‬و‪ .2010‬بعدها عدت إىل‬ ‫اإلدارة املركزية يف دمشق‪ ،‬حيث عملت فيها‬ ‫منذ ‪ 2010‬وحىت تاريخ انشقاقي يف حزيران‬ ‫‪ 2013‬يف إدارة اإلعالم اخلارجي‪ ،‬وكمنسق‬ ‫االتصال ملنظمة املرأة العربية يف سورية‪ ،‬ومن مث‬ ‫يف إدارة الدراسات والرتمجة كمسؤولة عن امللف‬ ‫املتعلق بالدراسات الصادرة حول منطقة الوطن‬ ‫العريب‪ .‬وصدر قرار تعييين قنص ً‬ ‫ال يف السفارة‬ ‫‪ 20‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬

‫السورية يف الباكستان متاماً قبيل أيام من إعالن النظام اإلعالمية الذاتية والبدائية كان من شأهنا‬ ‫انشقاقي‪ ،‬إال أنين مل ألتحق بالبعثة‪ ،‬وآثرت أن تقنع أحداً بالروايات الساذجة اليت روج هلا‬ ‫االنشقاق وأنا ما أزال يف دمشق‪.‬‬ ‫عن الثورة‪ .‬إال أنه ال يخفى علينا أن النظام‬ ‫كيف كنت ترين النظام قبل الثورة‪ ،‬كشخص ‪-‬وباالستعانة باآللية االستخباراتية المتطورة‬ ‫لديه‪ّ -‬‬ ‫ضمن السلك الدبلوماسي؟‬ ‫تمكن من إعادة خلق وتكوين ادعاءاته‬ ‫إن العمل الدبلوماسي من منظور العمل اخلدمي على شكل شخوص وأحداث على أرض‬ ‫لكيان الدولة وليس للنظام عمل يف ثناياه الكثري الواقع عبر إعادة إنتاج التنظيمات اإلرهابية‬ ‫من األعباء اهلامة واحليوية‪ ،‬وأحد أهم مكونات المتطرفة‪ ،‬والتي دأب منذ عقود على إنتاجها‬ ‫العمل الدبلوماسي هو متثيل الدولة يف اخلارج وتصديرها لدول الجوار‪ ،‬للتأثير في مجريات‬ ‫عرب رعاية مصاحل املغرتبني‪ ،‬وهذا ما حرصت األحداث المحيطة واالستفادة منها‪ ،‬وهذا‬ ‫منذ بداية تعييينكدبلوماسية على متثيله ورعايته‪ ،‬ما أعطى الدول املرتددة يف دعم الثورة‬ ‫ولكين واجهت الكثري من العقبات يف عملي الذرائع الكافية لتأكيد رواية النظام بأنه يواجه‬ ‫قبل الثورة‪ ،‬فقط جملرد رفضي االنسياق ضمن اجلماعات اإلرهابية «على سبيل املثال ال‬ ‫املنظومة الفاسدة للنظام‪ ،‬وبالتأكيد كان هلذا احلصر‪ :‬إن نسبة تأييد الشعب األملاين للتدخل‬ ‫وقع كبري يف نفسي من حيث تعميق إدراكي يف الشأن السوري كشأن خارجي وإنساين هي‬ ‫للطبيعة املشوهة هلذا النظام ما قبل الثورة‪ ،‬واليت األخفض على اإلطالق‪ ،‬نسبة ملوقفهم من‬ ‫جاءت لتؤكد متاماً ما أخفته السنني خلف هذا القضايا العاملية األخرى»‪.‬‬ ‫الفساد المطلق من تهديم متعمد لمؤسسات لماذا تأخر انشقاقك عاماً؟ هل يمكن شرح‬ ‫الدولة‪ ،‬والحريات السياسية المفقودة‪ ،‬وامتهان الظروف واألسباب؟ مع العلم أن هذا‬ ‫واضح لقيمة اإلنسان السوري‪ ،‬األمر الذي السؤال يشرح من جهة سيكولوجيا الذين ما‬ ‫تكثف جلياً بعد قيام الثورة بما أظهره النظام زالوا مع النظام ولم يفكروا باالنشقاق‪ ،‬ومن‬ ‫من استخفاف واستسهال قتل السوريين‪ ،‬جهة أخرى الظروف والمبررات التي تعيق‬ ‫وتدمير المدن والبنى التحتية للدولة السورية‪ ،‬االنشقاق أمام من يتمنونه‪ ،‬وسواد الناس ال‬ ‫بما يشبه سياسة أي محتل طارئ على الوجود يعرفونها فيظلمونهم؟‬ ‫السوري‪ ،‬غير الحريص على مكان تواجده ما من أحد قادر على حتديد التوقيت املثايل‬ ‫المؤقت‪ ،‬ريثما يسلب المزيد من خيرات هذا الختاذ خطوة االنشقاق‪ ،‬وحتمل تبعاهتا على‬ ‫المكان‪.‬‬ ‫حياة الشخص وحياة الدائرة احمليطة به إال‬ ‫هل كان بإمكان النظام التعمية على الجميع‪ ،‬الشخص نفسه‪ .‬لقد كان انشقاقي مثرة تضافر‬ ‫وهل كانت هذه الثورة مفهومة على أنها جهود حثيثة وتنسيق كبري امتد ألشهر وانتهى‬ ‫ثورة؟‬ ‫برحلة شاقة‪ ..‬بكل األحوال إن االنشقاق أو‬ ‫حبكم تواجدي يف الداخل السوري حتديداً باألحرى قرار الوقوف يف صف الثورة هو ليس‬ ‫والسكن يف ضواحي مدينة دمشق الغربية واليت فقط عملية تغيري املكان والتصريح العلين‪ ،‬فلرمبا‬ ‫نالت نصيبها من اجملازر والدمار واملآسي اليت حيمل أحياناً فائدة أعظم للثورة والثوار التواجد‬ ‫عشناها وخربناها يومياً ألكثر من عامني من القريب من مركز احلدث‪ .‬ومل أكن ألقدم على‬ ‫انطالق الثورة‪ ،‬وككل من آمن بضرورة حدوث هذه اخلطوة لوال استنفاذي كل فرص خدمة‬ ‫هذه الثورة وسعى خللقها ودعمها‪ ،‬كان ال بد الثورة من الداخل‪ ،‬وبالطبع مع وجود قرار‬ ‫يل من أن أكون متابعة ألدق تفاصيل تطوراهتا بمنع كل الدبلوماسيين المتواجدين في سورية‬ ‫وإدراك الطريقة القمعية والدموية اليت ووجهت من السفر وتعميم أسمائنا على المعابر‬ ‫هبا من قبل النظام‪ .‬وال أعتقد أن اسرتتيجيات الحدودية‪ ،‬ووجود احتمال كبير بتعرضي‬


‫لالعتقال وتعريض حياتي وأطفالي وزوجي‬ ‫للخطر‪ .‬مل يكن اخلروج من سورية أبداً بالقرار‬ ‫السهل التطبيق‪ ،‬فكما أخربتك احتاج األمر‬ ‫ألشهر من التخطيط وتعاون عدد ال بأس به‬ ‫من األشخاص واحلكومات‪.‬‬ ‫ماذا عن حالة القلق قبل مغادرة أسرتك‬ ‫لسوريا؟ وما شكل الضغط الذي مارسه‬ ‫عليهم النظام بعد ذلك؟‬ ‫احلديث عن توتر ما قبل إعالن االنشقاق يطول‬ ‫جداً‪ ،‬لكن رمبا كان النصيب األكرب للخوف‬ ‫والقلق هو من نصيب ابنيت زينة ذات الست‬ ‫سنوات‪ ،‬ألننا مل نتمكن أبداً من متهيد ما حدث‬ ‫لنا وهلا إال بعد أن عاشته بكل تفاصيله املؤملة‪..‬‬ ‫زينة وككل أطفال سورية خربت خالل العامني‬ ‫الفائتني رحيل أصدقاء كثر هلا‪ ،‬شاهدت معنا‬ ‫اجلثث امللقاة يف الشارع‪ ،‬وعايشت رعبنا‬ ‫وصراخنا يف وجهها لكي ختتىبء من أعني‬ ‫القناص وحنن يف رحلتنا اليومية من وإىل بيتنا‪..‬‬ ‫زينة مسعت معنا أصوات جمزرة جديدة الفضل‪،‬‬ ‫وسهرت معنا يف ليايل أصوات املوت الدمشقي‬ ‫تكف عن سؤالنا‪ :‬من هو الذي‬ ‫اليومي‪ ،‬ومل ّ‬ ‫يقتل الناس يف الشوارع؟ وكنا نكتفي باجلواب‪:‬‬ ‫إهنم األشرار يا زينة‪ ..‬إهنم األشرار‪.‬‬ ‫لكن ما مل تنسه زينة هو أيام‬ ‫ابتعادي عنها دومنا‬ ‫سبب مقنع يف‬ ‫نظرها ودومنا‬ ‫وداع‪ ،‬زينة إىل‬

‫اآلن ت ــكره خروج ـ ـ ـ ــي من املنـ ــزل بدوهنا‪ ..‬زين ـ ــة‬ ‫اليوم هي طفلة سورية‪..‬‬ ‫بالنسبة لضغط النظام على أسريت ما بعد‬ ‫انشقاقي‪ ،‬فهو مازال إىل اآلن حياول إيذاء كل‬ ‫من ميت يل بصلة حىت من كان مؤيداً للنظام‪،‬‬ ‫فلم يقتصر اإلرهاب على اجليل الشاب بل‬ ‫تعدى ذلك إىل الكهول‪.‬‬ ‫زينة سمعت معنا أصوات مجزرة جديدة‬ ‫الفضل‪ ،‬وسهرت معنا في ليالي أصوات‬ ‫الموت الدمشقي اليومي‪ ،‬ولم ّ‬ ‫تكف عن‬ ‫سؤالنا‪ :‬من هو الذي يقتل الناس في‬ ‫الشوارع؟ وكنا نكتفي بالجواب‪ :‬إنهم األشرار‬ ‫يا زينة‪ ..‬إنهم األشرار‪.‬‬ ‫ماذا عن تواجدك في ألمانيا؟ هل تمارسين‬ ‫أي نشاط ثوري اليوم؟ وهل أنت جزء من‬ ‫التيارات الموجودة على الساحة؟‬ ‫رمبا ما تزال أعباء اللجوء والنفي وعدم االستقرار‬ ‫تثقل علينا كأسرة‪ ،‬لكنين أحاول ما استطعت‬ ‫االتصال بالكثري من الفعاليات املعارضة يف‬ ‫أملانيا‪ ،‬علماً أنين كنت قد انضممت إىل جتمع‬

‫للدبلوماسيني املنشقني واملتواجدين حول العامل‬ ‫حتت اسم «دبلوماسيون سوريون من أجل دولة‬ ‫مدنية دميقراطية»‪.‬‬ ‫كيف تنظرين لدور المرأة في الثورات عامة‬ ‫وفي الثورة السورية خاصة؟‬ ‫لطاملا كان دور املرأة يف رسم وجه احلياة يف‬ ‫أي بلد هو الدور األعمق أثراً‪ ،‬سواء كان يف‬ ‫أكثر اجملتمعات انغالقاً أم يف أكثرها تفهماً‬ ‫وحترراً‪ .‬وقد كانت مشاركة املرأة السورية يف‬ ‫بداية األحداث بيّنة ومفصلية برزت بوجودها‬ ‫يف االحتجاجات السلمية اليت جابت الشوارع‪،‬‬ ‫ال سيما أن النساء اللوايت عرفن التمييز والعنف‬ ‫هبن يف اجملتمع الذكوري للعامل‬ ‫الذي يلحق ّ‬ ‫الثالثي‪ ،‬هن األقرب لوعي التمييز والعنف الواقع‬ ‫على اإلنسان السوري عموماً‪ ،‬لذا فقد مشلت‬ ‫االنتهاكات األوىل للنظام حبق املتظاهرين اعتقال‬ ‫قسم كبري من النساء والشابات اللوايت خضن‬ ‫جتربة االعتقال املتكررة والتعذيب والتهجري إىل‬ ‫املنايف‪ ،‬حيث جند أن نسبة النساء بلغت حوايل‬ ‫‪ %11‬من عدد الشهداء منذ بدء الثورة‪ ،‬وأنه‬ ‫من بني ‪ 215‬ألف معتقل هناك قرابة الـ‪5000‬‬ ‫امرأة معتقلة‪.‬‬ ‫وبقراءة دقيقة هلذه األرقام ندرك االندماج‬ ‫الواضح والتناسب ما بني وضع املرأة السورية‬ ‫والثورة؛ فكلما زادت الشوائب والتشوهات‬ ‫الطارئة على الثورة ازداد معها سوء وضع املرأة‪،‬‬ ‫وهو ما نراه يف بعض املناطق اخلاضعة لسيطرة‬ ‫اجلماعات التكفريية واليت باتت حتيد أي جهد‬ ‫للدفاع عن املناطق االسرتاتيجية يف النزاع مع‬ ‫قوات النظام على حساب فرض االسيطرة على‬

‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪21 2014‬‬


‫بد لنا من الوصول إىل سوريا اإلنسان والشعب‪،‬‬ ‫حياة الناس يف املناطق اخلاضعة هلا‪.‬‬ ‫كيف تنظرين لسوريا القادمة‪ ،‬هل هي نظرة وليس الرعية‪.‬‬ ‫متفائلة شكلت حافزاً النشقاقك؟ وهل ماذا تقولين لنساء سوريا بدءاً من أمهات‬ ‫الشهداء في الداخل‪ ،‬وانتهاء بالسيدات ذوات‬ ‫تظنين أن الثورة ستنتصر؟‬ ‫اإلميان بأحقية الثورة وبالشعب السوري العظيم المناصب والفاعلية السياسية والمدنية؟‬ ‫كان وسيبقى مصدر األمل والثقة مبستقبل رمبا بات لكل منا كسوريني قصة معاناة وأمل‬ ‫سوريا احلرة من كل استبداد وظلم‪ ،‬سوريا الدولة لريويها‪ ،‬لكنين أدرك أن قصص نساء سورية‬ ‫احلقة دولة املؤسسات واملواطنة واملساواة يف ظل هي األقسى واألكثر التصاقا باملأساة واحلقيقة‪،‬‬ ‫قانون يعلو وال يعلى عليه‪ .‬وإذ يتضح متاماً لذا كان البد لثورتنا من أن حتمل يف قلبها بذور‬ ‫أثر العقود األربعة حلكم الساللة األسدية يف ثورة أخرى‪ ،‬ثورة نساء سورية‪ ،‬ثورة املضطهدات‬ ‫صعوبة تشكيل الوعي السياسي الناضج لنخب واملهمشات‪ ،‬ثورة املرأة احلاملة األكرب لعبء‬ ‫املعارضة‪ ،‬إال أنه ‪-‬ومهما يطل أمد الثورة‪ -‬ال القضية‪ ،‬ومن حريتها ستوقد حرية اجليل‬

‫السوري بأكمله‪ ..‬وليس لثورة من جناح ما مل‬ ‫ترتفع بالضمائر احلية والعقول الواعدة ألبناء‬ ‫البلد وعلى األخص نسائها‪.‬‬ ‫هل عرضت عليك مناصب ورفضتها؟ وما‬ ‫رأيك بالمعارضة اليوم من موقعك كسياسية‬ ‫سابقة؟‬ ‫نعم‪ ،‬لقد صدر قرار تعييين كقنصل يف السفارة‬ ‫يف الباكستان فقط قبيل أيام من انشقاقي‪،‬‬ ‫وبالطبع مل ألتحق باملنصب‪ ،‬حيث خرجت يف‬ ‫رحلة االنشقاق من دمشق‪ .‬إال أن ذلك مكنين‬ ‫من احلصول على جواز سفر‪ ،‬وهو ما اعتربته‬ ‫صدفة جيدة حسنت من ظرف الرحلة القاسية‬ ‫ريثما حصلت على حق اللجوء‪.‬‬ ‫أما بالنسبة إىل رأيي يف املعارضة السياسية‬ ‫السورية اليوم‪ ،‬فهي على الرغم من متكنها من‬ ‫بناء كيان سياسي ممثل باالئتالف الوطين لقوى‬ ‫الثورة واملعارضة حاز على االعرتاف الدويل‪،‬‬ ‫واشتماهلا على شخصيات عدة هلا تارخيها‬ ‫يف النضال ضد النظام األسدي‪ ،‬وخربت‬ ‫السجون واملنايف والظلم حىت ما قبل اندالع‬ ‫الثورة بعشرات السنني ومنذ عهد األسد األب‪،‬‬ ‫إال أن هذه النخب السياسية املعارضة‪ ،‬مل‬ ‫تتمكن إىل اآلن من خلق اسرتاتيجية سياسية‬ ‫ناضجة وجامعة ألطيافها‪ ،‬ومعربة عن أهداف‬ ‫الثورة األوىل‪ ،‬وما زالت تدور يف ردات الفعل‬ ‫والتسويات اهلشة فيما بينها‪.‬‬

‫من أرض الموت والحرية أهديكم السالم ‪..‬‬ ‫عامان وثالثة أشهر وبضعة أيام لم تكن كفيلة لنعتاد ضجيج المجزرة اليومية ‪ ..‬عامان ومن قبلها أربعون‪ُ ،‬خبِّئ فينا صوت اإلنسان وعال‬ ‫مكانه ضجيج العسكر والحرب علينا بعيداً عن الحدود المحتلة‪.‬‬ ‫لكن إنساننا الكامن كان البد وأن يستيقظ فينا ويرفع الصوت في وجه ال إنسانية الطغمة الحاكمة عصابة األسد‪ ،‬والتي حوَّلت سوريا عبر‬ ‫منظومة فساد وراثية وعقلية أمنية قمعية‪ ،‬إلى ساحة صراع المصالح ّ‬ ‫اللسورية على حساب الدماء السورية الطاهرة ‪.‬‬ ‫إنَّني وكجزء من أبناء سوريا الحرة ومن إيماني الراسخ باإلنسان السوري‪ ،‬وحقه في العيش ضمن دولة ديمقراطية مدنية حرة‪ ،‬أعلن من هذا‬ ‫المنبر انشقاقي عن نظام األسد الدموي المجرم‪ ،‬وانضمامي إلى صفوف الثورة السورية العظيمة ‪..‬‬ ‫وإني إذ أتبرأ من أي انتماء لتلك العصابة أؤكد على وجودي المستمر في خدمة كيان الدولة السورية والحفاظ عليها‪.‬‬ ‫وأرفع صوتي اليوم ِّ‬ ‫لكل أبناء العالم الحر لينظروا ملياً إلى سوريا‪ ..‬إننا نُقتل في الشوارع‪ ،‬بيوتنا اليوم صارت حطاماً‪ ،‬أوالدنا اليوم باتوا‬ ‫يخافون من لون السماء إذا نظروها‪ ،‬ال فرق فينا بين طفل أو مسلح‪ ،‬أو بين عائلة أو تجمع لمعارضين إذ ترمى علينا ُ‬ ‫كل صنوف آلة‬ ‫اإلرهاب األسدي ‪ ..‬أناشد فيكم حب الحياة الكريمة ألبنائكم ودفاعكم المحق عن تاريخ أممكم الحديثة‪،‬كونوا معنا ساعدونا لنوقف المجزرة‬ ‫في أرضنا ‪ ..‬لندفع عقاب األسد لنداءاتنا األولى منذ عامين بالكرامة والحرية ‪ ..‬لنبني دولة سوريا الجديدة دولة المؤسسات والمواطنة‬ ‫المتساوية ال دولة المزارع والمحاصصة ‪..‬‬ ‫الرحمة لشهدائنا‪ ،‬الحرية لمعتقلينا‪ ،‬الشفاء لجرحانا والعودة لمهجرينا‪..‬عاش اإلنسان‪ ..‬عاشت ثورة الشعب السوري ‪..‬عسى أن يكون‬ ‫لقاؤنا القادم على أرض الدولة السورية الحرة‪.‬‬ ‫برلين ‪2013/06/26‬‬ ‫من بيان انشقاق ملى اسكندر أمحد‬

‫‪ 22‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬


‫إعالن اإلدارة الذاتية الكردية‪..‬‬ ‫مواقف ودالالت واحتمــاالت النجــاح والفشـل‬

‫أحمد شيخو‬

‫بعد يوٍم واحد فقط من إعالن االئتالف الوطني لقوى الثورة والمعارضة‪ ،‬عن تشكيل حكومة مؤقتة إلدارة المناطق الخارجة عن سيطرة‬ ‫النظام السوري‪،‬كما ورد في الخطاب الرسمي (ويطلق عليها صفة «المناطق المحررة»)‪ ،‬أعلن حزب االتحاد الديمقراطي ‪ PYD‬والعديد من األحزاب‬ ‫والقوى القريبة منه‪ ،‬ومن مختلف مكونات المنطقة‪ ،‬ذات الغالبية الكردية‪ ،‬عن إدارة ذاتية ديمقراطية مؤقتة تقوم مقام هيئة تنفيذية إلدارة المناطق‪.‬‬

‫جاء اإلعالن يف ظل غياب غالبية القوى العام‪ ،‬وبالفعل ُعقد االجتماع األول هليئة متابعة مواقف األطراف المناوئة‬

‫املنضوية حتت راية «اجمللس الوطين الكردي»‬ ‫الذي يعد شريكاً سياسياً لالحتاد الدميقراطي‪،‬‬ ‫وفق «اتفاقية أربيل» املربمة بني الطرفني صيف‬ ‫العام الفائت برعاية رئاسة إقليم كردستان‬ ‫طبيعي‪ ،‬واحلال هذه‪ ،‬أن يتمخض عن‬ ‫العراق‪ٌّ ،‬‬ ‫احلدث الكثري من املواقف اليت تراوحت بني‬ ‫القلق واالستياء الشديدين‪ ،‬على صعيد املواقف‬ ‫الكردية املناوئة للمشروع‪ ،‬وكذلك السخط‬ ‫الشديد من جانب «االئتالف» الذي اهتم‬ ‫االحتاد الدميقراطي بـ«معاداة الثورة السورية»‪،‬‬ ‫يضاف إىل ذلك موقف أنقرة املتجلي يف الركون‬ ‫إىل كل ما من شأنه الضغط باجتاه إفشال‬ ‫اإلدارة الكردية‪ ،‬كل ذلك يف ظل صمت النظام‬ ‫السوري املريب‪.‬‬

‫محتوى المشروع ودالالته‬

‫عقد اجتماع يف مدينة القامشلي بتاريخ‬ ‫‪ ،2013/11/12‬حبضور حوايل ‪100‬‬ ‫شخصية ميثلون ‪ 35‬حزباً ومنظمة جمتمع‬ ‫مدين وشخصيات وطنية مستقلة‪ ،‬من خمتلف‬ ‫املكونات‪ :‬الكرد‪ ،‬العرب‪ ،‬اآلشور‪ ،‬السريان‪،‬‬ ‫والشيشان‪ ،‬وذلك ملناقشة مشروع اإلدارة‬ ‫املرحلية‪ ،‬ونتيجة النقاشات اليت أجريت على‬ ‫املشروع الذي تقدم به االحتاد الدميقراطي يف‬ ‫وقت سابق‪ ،‬حيث تمخض عن االجتماع‬

‫إجنار مشروع اإلدارة املرحلية املشرتكة حبضور االئتـ ــالف الوطني لقوى ال ـ ــثورة والمع ـ ـ ــارض ـة ‬ ‫مجيع أعضاء اهليئة يف مدينة القامشلي‪ ،‬ومتخض بعد يوم واحد من إعالن االئتالف‬ ‫عنها تشكيل «جلنة ملتابعة أعمال اجمللس العام حكومته المؤقتة برئاسة أحمد طعمة‪ ،‬أعلن‬ ‫التأسيسي لإلدارة املرحلية املشرتكة»‪ ،‬وذلك االتحاد الديمقراطي (‪ ،)PYD‬وباالتفاق‬ ‫بانتخاب ديوان عام للهيئة‪ ،‬مؤلف من مخسة مع العديد من األحزاب والتنظيمات‬ ‫أشخاص‪ ،‬ميثلون كافة مكونات املنطقة‪ ،‬كما مت األخرى‪ ,‬عن «إدارة ذاتية ديمقراطية في‬ ‫انتخاب ناطق رمسي باسم اهليئة‪.‬‬ ‫غرب كردستان»‪ ،‬األمر الذي أثار حفيظة‬ ‫ومتخض عن االجتماع تشكيل جلنة مصغرة‬ ‫«االئتالف»‪ ،‬فسارع إىل استصدار بيان‬ ‫مؤلفة من ‪ 19‬عضواً‪ ،‬تضم مجيع مكونات‬ ‫شديد اللهجة يندد باخلطوة ومراميها‪ ،‬إذ اعترب‬ ‫املنطقة وشرائح اجملتمع «املرأة – الشبيبة»‪،‬‬ ‫االئتالف االحتاد الدميوقراطي «تنظيماً معادياً‬ ‫حيث مت توزيع مقاعد اللجنة على الشكل‬ ‫للثورة السورية»‪ ،‬بعد إعالن األخري عن تشكيل‬ ‫اآليت‪ 12 :‬مقعداً من عموم مكونات منطقة‬ ‫«اإلدارة»‪ ،‬واليت قال االئتالف إهنا «متثل حتركاً‬ ‫احلسكة ومبشاركة ‪ 6‬من النساء‪ ،‬إىل جانب ‪3‬‬ ‫انفصالياً يفصم أي عالقة للتنظيم بالشعب‬ ‫مقاعد ملنطقة كوباين (عني عرب) و‪ 4‬مقاعد‬ ‫السوري املناضل للوصول إىل دولة سورية‬ ‫ملنطقة عفرين‪ ،‬إضافة إىل مشاركة الناطق الرمسي‬ ‫موحدة ومستقلة وحرة‪ ،‬خالية من االستبداد‬ ‫للهيئة فيها‪ ،‬هذا وستكون مهام هذه اللجنة‪:‬‬ ‫وذات سيادة مطلقة على أراضيها»‪ ،‬واصفاً‬ ‫الوقوف على صياغة املواثيق العامة وطرحها إىل‬ ‫سلوك احلزب بـ«املتعارض مع مبادئ الثورة‬ ‫اهليئة من أجل املصادقة عليها‪ ،‬تلك املواثيق‬ ‫وتطلعاهتا»‪ ،‬و«القريب من أفعال االستبداد‬ ‫هي‪:‬‬ ‫والعصابات اإلجرامية»‪.‬‬ ‫صياغة مشروع اإلدارة املرحلية املشرتكة‪.‬‬‫واعترب «االئتالف» تنظيم الـ(‪ )PYD‬تشكي ً‬ ‫ال‬ ‫إعداد وثيقة العقد االجتماعي‪.‬‬‫داعماً لنظام األسد‪ ،‬وعام ً‬ ‫ال من خالل جناحه‬ ‫‪-‬إعداد نظام انتخايب‪.‬‬

‫تشكيل «مجلس عام تأسيسي لإلدارة‬ ‫المرحلية االنتقالية المشتركة»‪ ،‬والذي يتألف‬ ‫من ‪ 82‬عضواً من مكونات المنطقة‪.‬‬

‫توصل اجملتمعون إىل مجلة من القرارات لعل‬ ‫أمهها‪ :‬تقسيم مناطق مشال ومشال شرق سوريا‬ ‫(ذات الغالبية الكردية)‪ ،‬إىل ثالث مناطق‬ ‫«كانتونات» وهي‪ :‬احلسكة‪ ،‬كوباين (عني‬ ‫العرب) وعفرين‪ ،‬وكل منطقة «كانتون»‬ ‫ستشكل جملسها‪ ،‬والذي سيتمثل يف اجمللس‬

‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬

‫‪23‬‬


‫العسكري املعروف باسم «وحدات محاية‬ ‫الشعب» (‪ ،)YPG‬ضد مصاحل الشعب‬ ‫السوري ومبادئ ثورته‪ ،‬ويف الوقت عينه‪ ،‬أصدر‬ ‫االئتالف بياناً آخر خبصوص انضمام «الوطين‬ ‫الكردي» إليه يثمن فيه عالياً انضمام اجمللس‬ ‫الكردي إىل صفوفه يف مسرية الثورة السورية‪،‬‬ ‫حنو احلرية والكرامة والعدالة اليت تنشدها‬ ‫كل مكونات اجملتمع السوري‪ ،...‬واعترب‬ ‫«االئتالف» أن‪« :‬هذا االنضمام املنتظر إجناز‬ ‫نوعي يعزز بال شك الوحدة الوطنية‪ ،‬ويعطي‬ ‫رسالة أمل للشعب املكافح على طريق بناء‬ ‫سوريا املستقبل‪ ،‬كما يتطلع إليها أبناؤها‪ ،‬ويف‬ ‫ظل دستور حيافظ على وحدة البالد أرضاً‬ ‫وشعباً‪ ،‬ويليب حقوق مكوناهتا ويصون عيشهم‬ ‫املشرتك فيها‪.»...‬‬ ‫جاء اإلعالن عن اإلدارة الذاتية املؤقتة‪ ،‬بالتزامن‬ ‫مع انضمام «الوطين الكردي» إىل االئتالف‬ ‫الوطين لقوى الثورة واملعارضة السورية‪ ،‬وقد‬ ‫يكون له عالقة بذلك‪ ،‬ورمبا لذلك عالقة‬ ‫مباشرة أيضاً باستحقاقات املرحلة املقبلة‪،‬‬ ‫وبشكل خاص الرتتيبات اجلارية لعقد مؤمتر‬ ‫جنيف ‪ .2‬ويف معرض سؤال له حول تزامن‬ ‫إعالن مشروع (‪ )PYD‬وحكومة أمحد طعمة؛‬ ‫‪ 24‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬

‫أجاب رئيس االحتاد الدميقراطي‪ ،‬صاحل مسلم‪،‬‬ ‫أن‪« :‬تشكيل جملس اإلدارة املؤقتة جاء بعد‬ ‫أسابيع من املشاورات بني الكتل السياسية‬ ‫والشخصيات الكردية»‪ ،‬وقال مسلم‪( :‬إن‬

‫االتفاق جرى في لقاء ضم ‪ 82‬ممث ً‬ ‫ال من‬ ‫«الحزب اليساري الكردي» و«حزب‬ ‫اليسار الديموقراطي» و«الديموقراطي‬ ‫الكردي السوري» وشخصيات وطنية‬ ‫كردية و«االتحاد السرياني األشوري»‬ ‫و«المنظمة األشورية الديموقراطية»)‪،‬‬

‫املهرتئة‪ ،‬إلفراغ مشروعنا الوطين من مضمونه‪،‬‬ ‫وحتويل مناطقنا إىل ساحة لصر ٍاع طائفي‬ ‫وقومي»‪ ،‬ودعت أبناء الشعب السوري بكافة‬ ‫أطيافه ومكوناته‪ ،‬إىل التيقظ جتاه أصحاب‬ ‫الفنت وأمراء احلروب وجتارها‪ ،‬وقالت عنهم‪« :‬مل‬ ‫تعد تعنيهم سوريا كشعب ووطن»‪.‬‬

‫إقليمكردستان العراق‪/‬الحزب الديمقراطي‬ ‫الكردستاني‬

‫أعقب بيان «االئتالف» الصادر بتاريخ ‪13‬‬ ‫نوفمرب‪/‬تشرين األول اجلاري‪ ،‬وبيوم واحد‪،‬‬ ‫وينفي صاحل مسلم أية عالقة هبذا اخلصوص رسالة صادرة عن رئاسة إقليم كردستان العراق‪،‬‬ ‫بني إعالن «االئتالف» وإعالن حزبه (االحتاد حتاكي من حيث اللغة والداللة ما ورد يف بيان‬ ‫«االئتالف»‪ ،‬وكذلك موقف أنقرة ورؤيتها‬ ‫الدميقراطي)‪ ،‬التايل إلعالن حكومة طعمة‪.‬‬ ‫ويف ردها على بيان «االئتالف» حول إعالن السياسية مما جرى وجيري على األرض‪ ،‬إذ‬ ‫«اإلدارة املؤقتة»‪ ،‬أصدرت اللجنة التنفيذية يف اهتمت الرسالة بشكل صريح حزب االحتاد‬ ‫حزب االحتاد الدميقراطي (‪ )PYD‬بياناً اعتربت الدميقراطي بــمحاولته بقوة السالح‪ ،‬وباالتفاق‬ ‫فيه أن‪« :‬معاداة الشعب الكردي وحقوقه مسة مع النظام‪ ،‬فرض األمر الواقع‪ ،‬مدعني أهنم‬ ‫من مسات األنظمة االستبدادية وأيتامهم من أشعلوا الثورة يف غرب كوردستان‪ ،‬ولكن أية‬ ‫املنشقني ومدعي املعارضة (يف إشارة واضحة ثورة؟ وضد من؟ فقد سلمهم النظام تلك‬ ‫إىل «االئتالف»)‪ ،‬ويف فقرة أخرى أكثر وضوحاً املناطق‪ ،‬وهذا احلديث يتقاطع مجلة وتفصي ً‬ ‫ال‬ ‫من البيان الصادر‪ ،‬أشارت اللجنة التنفيذية يف مع ما ورد يف بيان «االئتالف»‪ ،‬الذي اهتم‬ ‫احلزب أن‪« :‬األطراف املصطنعة يف االئتالف حزب االحتاد الدميقراطي بـ«معاداة الثورة»‪.‬‬ ‫السوري‪ ،‬حاولت أن جترنا وتضعنا حتت عباءته اعترب حزب االحتاد الدميقراطي بيان رئاسة‬


‫اإلقليم خدمة لسياسات أنقرة اليت استقبلت‬ ‫البارزاين بعد صدور البيان بيومني يف مدينة آمد‬ ‫(ديار بكر)‪ ،‬ذات الداللة التارخيية والسياسية‬ ‫للكرد عموماً‪ ،‬ويف تركيا على وجه اخلصوص‪ ،‬إذ‬ ‫اعترب احلزب أن رسالة السيد البارزاين هي رسالة‬ ‫حزبية (وليست رئاسية)‪ ،‬كوهنا صدرت عنه‬ ‫بصفته رئيس احلزب الدميقراطي الكردستاين‪،‬‬ ‫وليس بصفته رئيساً لإلقليم‪ ،‬زد على ذلك‪،‬‬ ‫صدى لبيان «االئتالف»‪،‬‬ ‫أن الرسالة جاءت ً‬ ‫جلهة التوقيت املزدوج (بُعيد بيان «االئتالف»‪،‬‬ ‫وقبيل زيارة البارزاين املرتقبة لديار بكر بدعوة‬ ‫من أنقرة)‪.‬‬ ‫ويف هذا اإلطار تتعدد تفاسري املفاهيم وفق‬ ‫الرؤى السياسية لألطراف املختلفة؛ فقوى‬ ‫املعارضة يف اخلارج (االئتالف)‪ ،‬لديها‬ ‫مشروعها الذي ترى يف االحتاد الدميقراطي‬ ‫حجر عثرة أمام حتققه‪ ،‬بالنظر لوزن احلزب يف‬ ‫املناطق ذات الغالبية الكردية‪ ،‬واليت تطلق عليها‬ ‫احلركة الكردية يف أدبياهتا «غرب كردستان»‪،‬‬ ‫مساع خمتلفة‬ ‫أما رئاسة إقليم كردستان‪ ،‬فلديها ٍ‬ ‫كلية من حيث املآل‪ ،‬كون الرئاسة متمثلة‬ ‫يف احلزب الدميقراطي الكردستاين (‪)PDK‬‬ ‫بزعامة مسعود بارزاين‪ ،‬تسعى إىل ترسيخ موطئ‬ ‫قدم هلا عرب أحزاب اجمللس الوطين الكردي‪ ،‬ال‬ ‫سيما منها التكتل الرباعي املنضوي حتت سقفه‬ ‫واملعروف باسم «االحتاد السياسي» ويف مقدمة‬ ‫«االحتاد» احلزب الدميقراطي الكردي السوري‬ ‫(الباريت) برئاسة عبداحلكيم بشار‪ ،‬والذي يعترب‬ ‫امتداداً حزبياً لبارزاين يف سوريا‪ ،‬وهذا املسعى‬ ‫بدوره يصطدم جبدار حزب االحتاد الدميقراطي‬ ‫باستمرار‪.‬‬

‫يرى أعضاء وأحزاب المجلس الوطني‬ ‫الكردي‪ ،‬ال سيما األحزاب األربعة المنضوية‬ ‫تحت راية «االتحاد السياسي»‪ ،‬أن «إعالن‬ ‫الحكم الذاتي من قبل الـ‪ ،PYD‬ال يجد‬ ‫أي مبرر على اإلطالق»‪ ،‬يف ظل تواجد‬

‫النظام وسيطرته على معظم املناطق الكوردية‬ ‫واملشرتكة‪ ،‬وأن هذه اإلدارة ال ميكن هلا أن تقوم‬ ‫بعملها مبعزل عن النظام»‪ ،‬فهذا املشروع‪ ،‬وفقاً‬ ‫للمناوئني له‪« ،‬قد يؤدي إىل خلق ردود فعل‬ ‫سلبية لدى باقي مكونات الشعب السوري‬ ‫القومية والدينية والسياسية‪ ،‬ما قد يؤدي إىل‬ ‫اإلساءة لقضية الشعب الكوردي يف سوريا‪،‬‬ ‫واإلضرار هبا يف هذا املنعطف الدقيق‪ ،‬ووضع‬ ‫احللول السياسية املناسبة هلا وتقنني ذلك يف‬ ‫الدستور السوري املستقبلي»‪.‬‬ ‫يف احملصلة‪ ،‬يعترب العديد من أحزاب اجمللس‬ ‫الوطين الكردي‪ ،‬واختصاره ‪ ،ENKS‬أن‬ ‫مشروع اإلدارة الذاتية املؤقتة‪ ،‬يأيت متسرعاً‬ ‫وليس يف الظرف املناسب‪ ،‬وأن اإلعالن عن‬ ‫هذا املشروع جاء بشكل انفرادي من قبل‬ ‫حزب االحتاد الدميقراطي (‪.)PYD‬‬

‫مستقبـ ــل المشروع (احت ـم ـ ــاالت النجاح‬ ‫والفشل)‬

‫يرى مراقبون أن أخطر ما ميكن أن يرتتب على‬ ‫الشكل أو الصيغة اليت حيك هبا املشروع‪،‬‬ ‫وكذلك توقيته املثري للجدل‪ ،‬واستفراد اجلهة‬ ‫القائمة عليه (حزب االحتاد الدميقراطي‬ ‫‪ ،)PYD‬هو ما ميكن أن يرتتب عليه من متزق‬ ‫للجسد السياسي الكردي‪ ،‬يف حلظة تارخيية‬ ‫مصريية بالنسبة للمكون الكردي يف سوريا‪،‬‬

‫ذلك أن حضور المجلس الوطني الكردي‬ ‫أحزاب المج ـ ـ ـ ـ ــلس ال ـ ـ ـ ــوطني الـ ـ ـ ــكردي‬ ‫في حكومة «االئتالف» من جهة‪ ،‬وإعالن‬ ‫‪ENKS‬‬ ‫االتحاد الديمقراطي عن إدارة ذاتية مؤقتة‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬سيضع‬ ‫الحركة الكردية في سوريا‬ ‫أمام امتحان عسير‪ ،‬ربما‬ ‫كان الفرقاء السياسيون‬ ‫ُ‬ ‫بغنى عنه فيما لو‬ ‫الكرد ً‬ ‫وجدوا صيغة اتفاق أكثر‬ ‫واقعية وعملية ولو على‬ ‫سبيل التوقيت‪.‬‬

‫ذاك االمتحان املتوقع حيمل يف طيّاته احتمالني‬

‫اثنني على طريف نقيض من حيث املآل أو‬ ‫النتيجة احملتملة؛ فإما أن يغدو واقع احلال يف ظل‬ ‫االنشطار احلاصل إىل ما يشبه تبادالً لألدوار‬ ‫بني الطرفني الكرديني (‪ PYD‬و‪ )ENKS‬يف‬ ‫املعادلة السورية املعقدة‪ ،‬ما سيحفظ احلقوق‬ ‫على الصعيدين‪ :‬القومي عرب دور حزب االحتاد‬ ‫الدميقراطي‪ ،‬والوطين السوري عرب الدور املأمول‬ ‫للمجلس الوطين الكردي‪ ،‬رغم ضعفه ِّ‬ ‫البي‪،‬‬ ‫باملقابل قد يصبح االنقسام الكردي أسرياً‬ ‫الستقطابات احلالة السورية بدوائرها الثالث‪:‬‬ ‫حملياً‪ ،‬إقليمياً (خاصة أربيل وأنقرة)‪ ،‬ودولياً‬ ‫بفعل االستقطاب األوسط (أي اإلقليمي‬ ‫الذي يضغط باجتاه األدىن واألعلى)‪ ،‬وبالتايل‪،‬‬ ‫سترتاجع احلقوق القومية لصاحل قوى املعارضة‬ ‫السورية املناوئة لتلك احلقوق حىت تارخيه‪.‬‬ ‫لكن املعادلة الثنائية املغلقة ليست دقيقة كما‬ ‫يريد الكثريون سوقها بالشكل الذي أوردناه‪،‬‬ ‫حبسبان الطرف الكردي الفاعل (االحتاد‬ ‫الدميقراطي)‪ ،‬ميتلك الكثري من أدوات القوة‬ ‫على األرض‪ ،‬وإن مل حيصل إىل اآلن على وثيقة‬ ‫سياسية تضمن املتحصل يف مناطق نفوذه‪،‬‬ ‫فاحلالة السورية ككل ‪-‬والكردية جزء منها‪-‬‬ ‫مل ُْي َسم أمرها بعد‪ ،‬رغم كل ما مت احلديث‬ ‫عنه حول مؤمتر دويل مرتقب (جنيف‪ ،)2‬ذاك‬ ‫املؤمتر سيأخذ باحلسبان الوقائع على األرض‬ ‫يف بُعدها السوري العام والكردي اخلاص‪ ،‬ال‬ ‫سيما أن الطرف الكردي الفاعل ينتمي إىل‬ ‫احملور الروسي‪ -‬اإليراين‪ ،‬الذي َّ‬ ‫تبي ثقل دورمها‬ ‫يف األزمة السورية الراهنة واملستمرة‪.‬‬

‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪25 2014‬‬


‫المشاركة السياسية وتمكين المرأة اقتصاديًا في الدول‬ ‫الخارجة من صراع ‪)2/1( -‬‬

‫دروس من منطقة البحيرات الكبرى في إفريقيا‬

‫ترجمة‪:‬د‪ .‬إنعام شرف‬

‫متوز ‪2012‬‬ ‫أن تلعب دوراً قيادياً في تعافي المنطقة‬ ‫تقرير صادر عن منظمة ‪ International‬اقتصادياً‪.‬‬

‫‪« Alert‬إنرتناشيونال ألريت» لبناء السالم‬ ‫بالتعاون مع ‪ EASSI‬مبادرة تطوير املرأة يف‬ ‫منطقة جنوب شرق أفريقيا‪.‬‬ ‫‪http://www.international‬‬‫‪alert.org/sites/default/files/pu‬‬ ‫‪blications/201211FemmeR‬‬ ‫‪enforcementDuPouvoirFR.‬‬ ‫‪pdf‬‬ ‫متت مراجعة هذا التقرير ونشره من قبل‬ ‫بنيديكت دو كاسي‪ ،‬مستشار مستقل وألبريتني‬ ‫تشيبولوندي‪ ،‬األمني العام ملركز الدراسات‬ ‫والبحوث األفريقية العابر للثقافات‪.‬‬ ‫ترمجة‪ :‬د‪.‬إنعام شرف‪/‬املركز العريب لألحباث‬ ‫ودراسة السياسات‪.‬‬ ‫يعد متثيل املرأة وازدياد حجم مشاركتها يف‬ ‫احلياة السياسية والعامة‪ ،‬من اإلجنازات اإلجيابية‬ ‫اليت متخضت عنها عملية السالم والتحوالت‬ ‫السياسية يف منطقة البحريات الكربى يف‬ ‫أفريقيا‪ ،‬خالل السنوات العشر أو اخلمسة عشر‬ ‫األخرية‪.‬‬ ‫لقد حصل هذا التقدم الكبري يف وضع املرأة‪،‬‬ ‫وبصورة رئيسية‪ ،‬نتيجة تبين نظام احملاصصة‬ ‫وعن طريق الرتشح واالنتخاب‪ .‬ففي املراحل‬ ‫االنتقالية لفرتة ما بعد الصراع‪ ،‬مت يف أوغندة‬ ‫وبوروندي ورواندا ومجهورية الكونغو الدميقراطية‪،‬‬ ‫تبن دساتري تستند إىل حصول املرأة على نسبة‬ ‫ّ‬ ‫‪ %30‬من حصص التمثيل يف مؤسسات صنع‬ ‫القرار‪.‬‬ ‫كما أن الدستور الذي مت االستفتاء عليه‬ ‫يف املرحلة االنتقالية يف مجهورية الكونغو‬ ‫الدميقراطية‪ ،‬ذهب إىل أبعد من ذلك يف العام‬ ‫‪ ،2005‬عندما اشتمل على مبدأ التمثيل‬ ‫املتساوي‪ .‬وهكذا‪ ،‬بعد عشرين عاماً من‬

‫الصراع الدامي في شمال أوغندا‪ ،‬حصلت‬ ‫المرأة على فرص استطاعت من خاللها‬ ‫‪ 26‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬

‫يلخص هذا التقرير نتائج الدراسة اإلقليمية‬ ‫حول املشاركة السياسية للمرأة‪ ،‬ومتكينها‬ ‫اقتصادياً يف الدول اخلارجة من الصراع‪ ،‬يف‬ ‫منطقة البحريات الكربى يف أفريقيا‪ .‬أُع ّدت هذه‬ ‫الدراسة يف كل من أوغندة وبوروندي ورواندا‬ ‫ومجهورية الكونغو الدميقراطية‪ ،‬من قبل منظمة‬ ‫‪ International Alert‬لبناء السالم‬ ‫بالتعاون مع ‪ ، EASSI‬مبادرة تطوير املرأة يف‬ ‫منطقة جنوب شرق أفريقيا‪ ،‬وكذلك بالتعاون‬ ‫وعلى نطاق ضيق مع بعض املنظمات النسوية‬ ‫األساسية يف الدول األربع‪ ،‬وأيضاً بالتعاون مع‬ ‫قسم دراسات املرأة واجلندر يف جامعة ماكرييري‬ ‫يف أوغندا‪.‬‬ ‫يسعى هذا البحث من خالل دراسة احلاالت‬ ‫األربع‪ ،‬إىل التحقق من طبيعة ونوعية املشاركة‬ ‫النسائية يف احلياة السياسية يف الدول موضوع‬ ‫الدراسة‪ ،‬والتأكد من أن ازدياد التمثيل النسائي‬ ‫يف صنع القرار على املستوى الوطين‪ ،‬وعلى‬ ‫مستوى احلكم احمللي‪ ،‬أ ّدى إىل تبين سياسة‬ ‫املساواة بني اجلنسني‪ ،‬وإىل رفع سوية وضع املرأة‬ ‫االجتماعي واالقتصادي على مجيع املستويات‬ ‫يف اجملتمع‪ ،‬كما تعمل الدراسة على حتليل البعد‬ ‫االقتصادي ملشاركة املرأة السياسية‪ ،‬وذلك عن‬ ‫طريق ربط موضوع متكينها اقتصادياً مبوضوع‬ ‫التمثيل السياسي‪ ،‬وتركز الدراسات األربع على‬ ‫موضوعات ذات طبيعة خاصة تتمثل بالتايل‪:‬‬ ‫رواندا‪ :‬يعتمد البحث يف رواندا‪ ،‬على دراسة‬ ‫وحتليل إدماج فكرة النوع االجتماعي يف عملية‬ ‫التحول إىل الالمركزية‪ ،‬وتأثريه على املشاركة‬ ‫النسائية على مستوى احلكومة احمللية وعلى‬ ‫املستوى الوطين‪ ،‬وعنوان دراسة احلالة يف رواندا‬ ‫هو‪« :‬تعزيز املساواة بني اجلنسني يف عملية‬ ‫التحول حنو الالمركزية ونظام احلكم احمللي‪:‬‬ ‫دروس من رواندا»‪.‬‬ ‫بوروندي‪ :‬تقوم الدراسة يف بوروندي على‬

‫البحث يف موضوع مشاركة املرأة يف عملية‬ ‫أروشا للسالم‪ ،‬وتقييم اخلطة اخلمسية املعدة‬ ‫لتطبيق نظام احملاصصة بنسبة ‪ %30‬من التمثيل‬ ‫النسائي يف مؤسسات صنع القرار السياسي؛‬ ‫وهذه الدراسة صدرت حتت عنوان‪ « :‬البحث‬ ‫عن اخلطاب واملشاركة النسائية يف التحول‬ ‫الدميقراطي يف بوروندي»‪.‬‬ ‫أوغندة‪ :‬ركزت دراسة احلالة يف أوغندة على دور‬ ‫املرأة يف انتعاش االقتصاد يف مشال البالد‪ ،‬يف‬ ‫فرتة ما بعد احلرب‪ ،‬وعلى فهم التفاعل ما بني‬ ‫تعزيز القوة االقتصادية للمرأة‪ ،‬ومشاركتها يف‬ ‫احلياة السياسية والعامة‪ .‬وعنوان الدراسة هو‪:‬‬ ‫«الفرص االقتصادية يف مرحلة ما بعد احلرب‬ ‫يف مشال أوغندا‪ :‬اآلثار املرتتبة على املشاركة‬ ‫السياسية للمرأة ومتكينها»‪.‬‬ ‫مجهورية الكونغو الدميقراطية‪ :‬تقدم الدراسة‬ ‫عن الكونغو تقييماً ملشاركة املرأة يف املفاوضات‬ ‫واحلوار‪ ،‬بني األطراف الكونغولية‪ ،‬ومشاركتها‬ ‫يف االنتخابات العامة لعام ‪ ،2006‬وهي‬ ‫بعنوان‪« :‬مشاركة النساء يف عملية السالم‪،‬‬ ‫ويف صنع القرار السياسي يف مجهورية الكونغو‬ ‫الدميقراطية»‪.‬‬ ‫النتائج األساسية لهذه الدراسات األربع‬ ‫تتلخص فيما يلي‪:‬‬ ‫النساء على طاولة المفاوضات‪:‬‬ ‫رغم متثيلهن الضعيف يف عمليات أروشا الرمسية‬ ‫للسالم يف بوروندي‪ ،‬ويف احلوار الذي جرى‬ ‫يف صن سييت (‪ )Sun City‬بني األطراف‬ ‫الكونغولية يف جنوب أفريقيا‪ ،‬فإن نساء‬


‫بوروندي والكونغو ما زلن يدرن املفاوضات‪،‬‬ ‫إلدخال أحكام تدعم حقوق املرأة‪ ،‬ومبدأ‬ ‫املساواة بني اجلنسني‪ ،‬يف نص اتفاقية أروشا‬ ‫اخلاصة ببوروندي واملوقعة يف العام ‪،2000‬‬ ‫وكذلك يف نص االتفاقية العاملية اليت مت توقيعها‬ ‫يف العام ‪ 2002‬يف بريتوريا يف مجهورية الكونغو‬ ‫الدميقراطية‪.‬‬ ‫ومع ذلك فقد بقيت صيغة مبدأ املساواة بني‬ ‫اجلنسني‪ ،‬صيغة عامة يف نص االتفاقيتني‪،‬‬ ‫خاص ًة فيما يتعلق بتمثيل املرأة يف مؤسسات‬ ‫صنع القرار السياسي القيادية‪ .‬وهذا يفسر‬ ‫جزئياً الصعوبات وأسباب التأخري يف تنفيذ هذه‬ ‫األحكام‪ ،‬أما يف مجهورية الكونغو‪ ،‬فإن مبدأ‬ ‫احملاصصة الذي ينص على نسبة ‪ %30‬من‬ ‫التمثيل النسائي‪ ،‬والذي ُوعدت به الكونغوليات‬ ‫يف صن سييت‪ ،‬مل يتم تطبيقه على اإلطالق‪.‬‬ ‫لكن نساء الكونغو جنحن فيما بعد بإدراج‬ ‫مبدأ املساواة بني اجلنسني يف دستور املرحلة‬ ‫االنتقالية‪ ،‬الذي مت تبنيه يف العام ‪ ،2006‬إالّ‬ ‫أن آليات التطبيق هي اليت مل يتم تبنيها أبداً‪.‬‬ ‫يف بوروندي‪ ،‬مت أخرياً دمج مبدأ احملاصصة‬ ‫بنسبة ‪ %30‬من التمثيل النسائي يف دستور‬ ‫املرحلة االنتقالية الصادر يف آذار ‪ ،2005‬أي‬ ‫بعد مخس سنوات من توقيع اتفاقية أروشا‪،‬‬ ‫ومبدأ احملاصصة هذا مل يتم تسجيله يف قانون‬ ‫االنتخابات‪ ،‬إالّ عند إعادة صياغة الدستور يف‬ ‫العام ‪.2009‬‬ ‫أثر سياسة المحاصصة‪:‬‬ ‫لقد خلصت الدراسة اليت أُجريت يف بوروندي‪،‬‬ ‫لتقييم مخس سنوات من تنفيذ مبدأ احملاصصة‬ ‫بنسبة ‪ %30‬من التمثيل النسائي يف املؤسسات‬ ‫السياسية‪ ،‬إىل أنه وعلى الرغم من ازدياد عدد‬ ‫النساء بشكل ملحوظ يف مؤسسات صنع‬ ‫القرار‪ ،‬مبا فيها مؤسسات احلكم احمللي‪ ،‬إالّ‬ ‫أن هذا مل يؤّد إىل متثيل حقيقي وفعال للمرأة‪،‬‬

‫كما أنه مل يؤّد إىل احلد من عدم املساواة بني‬ ‫اجلنسني؛ إذ ال تزال املرأة وخاص ًة تلك اليت‬ ‫تعيش يف املناطق الريفية‪ ،‬تواجه معوقات كبرية‬ ‫كالفقر وانعدام فرص احلصول على األراضي‬ ‫أو املمتلكات‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن األمية‪ ،‬وحتملها عبئاً‬ ‫ثقي ً‬ ‫ال من األعمال املنزلية‪.‬‬ ‫كما أن تبني نظام المحاصصة هذا‪ ،‬لم يترافق‬

‫على السياسات اليت تصاغ على مستوى احلكم‬ ‫احمللي‪ .‬وال يزال متثيل املرأة منقوصاً يف املناصب‬ ‫الرئيسية املسؤولة عن صياغة وتطوير السياسات‬ ‫والربامج‪ .‬باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬تفتقر الكيانات‬ ‫الالمركزية إىل الوسائل التقنية‪ ،‬وإىل األدوات‬ ‫واملوارد املالية‪ ،‬لتطبيق سياسة حقيقية يف‬ ‫املساواة بني اجلنسني‪ .‬كما أن هذه الكيانات‬ ‫تفتقر إىل اخلربة يف التحليل اجلندري‪ ،‬ووضع‬ ‫ميزانية خاصة باملوظفني والفنيني واملستشارين‬ ‫احملليني من اجلنسني‪ ،‬وقد حتول هذا النقص‬ ‫يف اخلربات إىل أحد أهم العوائق اليت تقف يف‬ ‫طريق الدمج الفعال‪ ،‬ملبدأ اجلندر يف التخطيط‬ ‫املايل‪.‬‬ ‫يتم أيضاً هتميش النساء‪ ،‬يف أماكن مشاركة‬ ‫املواطنني يف النقاشات اخلاصة بتحديد‬ ‫األولويات يف التنمية‪ ،‬ويف آليات تطبيق‬ ‫الربامج‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يتم يف هذه األماكن تناول‬ ‫قضايا متصلة مبوضوع املساواة بني اجلنسني‪،‬‬ ‫وحتديداً موضوع مكافحة العنف ضد املرأة‪،‬‬ ‫والنظام العقاري‪ ،‬وكذلك موضوع تنظيم‬ ‫األسرة‪ .‬وقد توصلت الدراسة إىل أن إجراءات‬

‫قبل احلكومة الرواندية‪ ،‬اليت مسحت أيضاً بأن‬ ‫حتصل املرأة على متثيل واسع جداً يف إجراءات‬ ‫التحول حنو الالمركزية‪ ،‬واليت التزمت هبا رواندا‬ ‫منذ بداية العام ‪ .2000‬لكن ومع ذلك يبقى‬ ‫مبدأ املساواة بني اجلنسني غري معمول به‪ ،‬على‬ ‫حنو ف ّعال يف هذه اإلجراءات‪ ،‬وهذا ال يسهل‬ ‫خلق فضاء‪ ،‬تستطيع املرأة من خالله التأثري‬

‫صنع القرار‪ ،‬واملكونات احمللية‪ ،‬واهليئات املمثلة‬ ‫للقاعدة الشعبية‪ ،‬السلطة الكافية لتتحكم‬ ‫بعملية التحول حنو الالمركزية‪.‬‬ ‫يف العدد القادم‪:‬‬ ‫متثيل املرأة يف العمليات االنتخابية‪.‬‬ ‫قوة اقتصادية ومشاركة سياسية‪.‬‬ ‫توصيات إىل الدول األربع موضوع الدراسة‪.‬‬

‫مع تحول في النظم السياسية والمؤسساتية‬ ‫ذات الغالبية الذكورية‪ ،‬والتي تشكل بحد‬ ‫ذاتها عقبة أمام تعزيز فكرة المساواة بين‬ ‫الجنسين‪ .‬وقد مت إدخال احلصص العرقية‬ ‫واإلقليمية يف النظام السياسي‪ ،‬باالعتماد على‬ ‫مبدأ اهلوية والوالءات اإليديولوجية داخل الطبقة‬ ‫السياسية برمتها‪ ،‬مبا يف ذلك لدى النساء الاليت‬ ‫متارسن العمل السياسي‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن زيادة‬ ‫متثيل املرأة يف مؤسسات الدولة ترتك وبشكل‬ ‫تدرجيي آثاراً إجيابية يف التحوالت االجتماعية‬ ‫يف بوروندي‪ .‬لقد أصبحت المرأة تتمتع‬

‫بثقة أكبر بالنفس‪ ،‬وهذا سيؤدي من بين‬ ‫أمور أخرى‪ ،‬إلى زيادة فرص حصولها على‬ ‫خطاب يمثلها في الفضاء العام‪ ،‬وإلى تعزيز‬ ‫التحول نحو الالمركزية في رواندا‪ ،‬تقدم‬ ‫مكانتها االجتماعية‪.‬‬ ‫فرصاً للتقليص من الفجوة بين الجنسين‪،‬‬ ‫تحديات دمج مبدأ المساواة بين الجنسين في‬ ‫والوصول إلى مرحلة من المساواة الكاملة‬ ‫إجراءات التحول نحو الالمركزية‪:‬‬ ‫تطبيق سياسة احملاصصة يف بوروندي‪ ،‬مت من بينهما‪ .‬إالّ أن هذا يتطلب أن ُتنح مؤسسات‬

‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪27 2014‬‬


‫الحوامل يواجهن مزيدًا من التمييز في العمل‬ ‫ازداد التمييز تجاه الحوامل العامالت وفقاً لتقرير وكالة «مظالم‬ ‫العمل العادل» األسترالية‪.‬‬ ‫حققت وكالة «مظامل العمل العادل»‬ ‫يف ‪ 235‬شكوى حول‬ ‫التمييز يف أماكن العمل يف‬ ‫العام املاضي‪ ،‬كان احلمل‬ ‫السبب األكثر شيوعاً‬ ‫للتمييز‪ ،‬وشكل ‪ %28‬من‬ ‫الشكاوى يف العام املاضي‬ ‫فقط‪ ،‬أكثر بـ ‪ %7‬من‬ ‫عامي ‪ 2010‬و‪.2011‬‬ ‫وألول مرة يف أسرتاليا‪ ،‬يتجاوز‬ ‫التمييز ضد احلوامل يف العمل‪،‬‬ ‫التمييز ضد األشخاص الذين يعانون من‬ ‫اإلعاقة‪ ،‬باملقارنة اخنفض التمييز ضد‬ ‫األشخاص الذين يعانون من‬ ‫إعاقة عقلية أو جسدية‬ ‫من ‪ %25‬إىل ‪.%21‬‬

‫هيلين ديفيدسون ‪/‬غارديان‪/‬‬ ‫ترجمة‪ :‬مراد عيد‬

‫من حزيران عام ‪ 2009‬إىل حزيران ‪ ،2013‬بدأت وكالة املظامل‬ ‫بالتحقيق يف ‪ 692‬شكوى للتمييز‪ 133 ،‬منها كانت متعلقة‬ ‫بالتمييز ضد احلوامل‪ ،‬الرقم األعلى سجل عامي ‪ 2010‬و‪2011‬‬ ‫وهو ‪ 47‬شكوى‪.‬‬ ‫وقال متحدث لـ(غارديان) أسرتاليا‪« :‬يف بعض قضايا التمييز حيث‬ ‫تكون االنتهاكات خطرية للغاية أو متعمدة‪ ،‬أو عندما يرفض‬ ‫صاحب العمل التعاون واختاذ إجراءات حلل املسألة‪ ،‬تستطيع وكالة‬ ‫مظامل العمل العادل اختاذ إجراءات ملقاضاته»‪.‬‬ ‫أدت مخسة من هذه القضايا على األقل لفرض عقوبات‪ ،‬أو ال تزال‬ ‫القضية أمام احملكمة‪.‬‬ ‫حكم على رب عمل سابق بدفع غرامة قدرها أكثر من ‪20000‬‬ ‫دوالر‪ ،‬إضاف ًة إىل ‪ 2207‬دوالرات لتعويض املوظفة اليت مت ختفيض‬ ‫درجتها يف العمل وإساءة معاملتها‪ ،‬بعد أن أخربت رب عملها أهنا‬ ‫حامل‪.‬‬ ‫أخربت املوظفة الصينية ذات الـ‪ 30‬عاماً‪ ،‬واليت عاشت يف أسرتاليا‬ ‫مدة سبع سنوات رؤساءها أهنا حامل‪ ،‬وأهنا تنوي أخذ إجازة قبل‬ ‫الوالدة‪ ،‬فقالوا هلا‪ :‬إن وظيفتها ميكن أن ال تكون متاحة هلا عند‬ ‫عودهتا‪.‬‬ ‫وفقاً لتقرير وكالة املظامل‪ ،‬يف آب عام ‪ ،2009‬عانت امرأة من‬ ‫اإلجهاض وأخذت إجازة مرضية‪ ،‬وعندما عادت إىل العمل مت‬ ‫ختفيض درجة عملها إىل عمل يعتمد أساساً على اجلهد البدين‪،‬‬ ‫وبعد أن اعرتضت وطالبت بإعادهتا إىل وظيفتها السابقة‪ ،‬قيل‬ ‫هلا‪« :‬إن العديد من املوظفات استقلن بعد احلمل ومن مث لزمن‬ ‫بيوهتن»‪.‬‬ ‫قال أمني وكالة «مظامل العمل العادل» نيكوالس ويلسون‪« :‬ختفيض‬ ‫درجة الوظيفة وخلق بيئة عمل غري مرضية للموظفات احلوامل‪ ،‬هو‬ ‫انتهاك صارخ لقانون العمل وجيب أن حيارب»‪ ،‬وأضاف‪« :‬أي رب‬ ‫عمل غري متأكد من كيفية استيعاب احتياجات عمله مع طاقم‬ ‫يضم حوامل‪ ،‬مرحب به ملناقشة ذلك معنا»‪.‬‬ ‫عمل ّ‬ ‫وكشفت البيانات أيضاً اليت صدرت يف التقرير السنوي لإلدارة‪،‬‬ ‫حتصل على أوامر غرامات من احملكمة‪ ،‬بأكثر من‬ ‫أن أمني املظامل ّ‬ ‫‪ 1.6‬مليون دوالر يف ‪ 45‬قضية بت احلكم فيها يف عامي ‪2012‬‬ ‫و‪.2013‬‬ ‫وقال التقرير إنه مت حل أكثر من ‪ %65‬من أصل ‪ 26574‬شكوى‬ ‫مقدمة‪ ،‬عن طريق تسوية املنازعات‪.‬‬

‫‪http://www.theguardian.com/money/2013/nov/06/pregnant-women-workforce-discrimina‬‬‫‪tion-fair-work-ombudsman‬‬ ‫‪ 28‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬


‫المرأة العاملة ال تزال تقوم باألعمال المنزلية‬ ‫النساء يعملن ثالثة أضعاف أكثر من الرجال‬

‫ال تزال النساء تقمن حبصة األسد من األعمال املنزلية رغم خروجهن‬ ‫إىل العمل بأعداد كبرية مل يسبق هلا مثيل‪ ،‬ووجدت األحباث أن‬ ‫النساء يقضني وقتاً أطول بثالث مرات يف األعمال املنزلية كالطبخ‬ ‫والتنظيف والغسيل من أزواجهن أو شركائهن‪.‬‬ ‫مع ذلك جيب على بعض النساء املعيالت أن حيملن عبء مجيع‬ ‫األعمال املنزلية‪ ،‬بينما واحد من بني كل مخسة رجال اعرتفوا أهنم ال‬ ‫يقومون بأي عمل يف املنزل‪.‬‬ ‫متوسط ساعات العمل كان ‪ 17‬ساعة يف األسبوع للنساء‪ ،‬مقارن ًة‬ ‫بست ساعات يف األسبوع للرجال‪ ،‬لكن أكثر من ربع الزوجات‬ ‫والصديقات يقضني أكثر من ‪ 21‬ساعة يف األسبوع يف األعمال‬ ‫املنزلية‪ ،‬باستثناء أوقات العناية باألطفال‪ ،‬واليت تقع تقليدياً على‬ ‫عاتق املرأة‪.‬‬ ‫جاءت هذه النتائج رغم أفضل النوايا ملعظم الرجال‪ ،‬الذين وافقوا‬ ‫على أنه ينبغي عليهم تقاسم العبء‪ ،‬عن طريق القيام بأعمال منزلية‬ ‫أكثر‪.‬‬

‫عدم المسـ ــاواة بين الجنسين «متأصل»‬

‫قال الباحثون إن نتائج الدراسات‪ ،‬تعين أن النساء ال حيققن‬ ‫تكافؤ الفرص يف العمل‪ ،‬حىت يقوم رجاهلن باملزيد من اجلهود‬ ‫يف رعاية املنزل‪ ،‬قال الربوفسور (جيليان روبينسون) من‬ ‫جامعة ألسرت‪« :‬عدم املساواة بني اجلنسني يف مجيع اجملاالت متأصل‬ ‫يف اهلياكل االجتماعية وأيضاً يف االجتاهات»‪ ،‬وتابع‪« :‬من الصعب‬ ‫رؤية حصول املرأة على الفرص يف سوق األعمال‪ ،‬إن كانت املساواة‬ ‫غري موجودة يف املنزل»‪.‬‬ ‫سئل ‪ 1800‬رجل وامرأة عن األعمال اليومية‪ ،‬مثل الغسيل‬ ‫والتنظيف والطبخ والتسوق الغذائي والعناية باألقرباء املرضى‬ ‫وإجراء اإلصالحات‪ ،‬وكانت املسامهة الكبرية للرجال بإصالح‬ ‫األشياء املعطلة يف املنزل‪ ،‬يف حني تقوم ما ال يقل عن ثلثي النساء‬ ‫باملهام األخرى‪ ،‬وترتفع النسبة إىل ‪ %85‬للقيام بالغسيل‪.‬‬

‫بقلم‪ :‬روبن ياب ‪/‬دايلي مايل‪/‬‬ ‫ترجمة‪ :‬مراد عيد‬

‫على الرجال والنساء العمل لتأمني القوت‪ ،‬لكن فقط ‪ %8‬يعتقدون‬ ‫أن األمهات اللوايت لديهن أطفال حتت اخلمس سنوات عليهن العمل‬ ‫بدوام كامل‪.‬‬ ‫تقريباً النصف يعتقدون أن األطفال ما دون سن املدرسة‬ ‫معرضون لألخطار إن عملت أمهاهتم‪ ،‬وتلك العائلة تعاين إن‬ ‫كان لدى األمهات عمل بدوام كامل‪ ،‬مؤخراً تبني أن األمهات‬ ‫اللوايت يبقني يف املنزل لرعاية األطفال دون سن اخلامسة‬ ‫أصبحن أقلية ألول مرة‪ ،‬حيث أظهرت األرقام أن ‪ %55‬من‬ ‫النساء لديهن عمل بدوام كامل أو جزئي مقارن ًة بعام ‪.1980‬‬

‫ال تنافر‬

‫رغم التقسيم غري العادل للعمل يف البيوت فهذا ال يثري اخلالفات‬ ‫هه‬ ‫بني الزوجني‪ ،‬أكثر من أربعة من أصل‬ ‫عشرة قالوا‪ :‬إهنم مل خيتلفوا حول‬ ‫األعمال املنزلية أبداً‪ ،‬وثالثة‬ ‫من أصل عشرة قالوا أهنم‬ ‫خيتلفون نادراً‪ ،‬وبالسؤال إن‬ ‫كن يستطعن تلبية األعمال‬ ‫املنزلية بنفس إتقان العمل‬ ‫املأجور‪ ،‬وافقت ‪ %43‬من‬ ‫املستجيبات مقابل ‪ %50‬قبل‬ ‫عشر سنوات‪.‬‬ ‫من بني اجلنسني قال ‪ %36‬إن‬ ‫ما تريده معظم النساء‪ ،‬هو بيت‬ ‫وأوالد‪ ،‬وجاءت األرقام موافق ًة األرقام‬ ‫اليت مجعت عام ‪.1994‬‬

‫على الرجال أن يشاركوا أكثر في األعمال‬

‫أكثر من نصف الرجال وحىت أكثر من النساء‪ ،‬سبعة من‬ ‫أصل عشرة‪ ،‬اتفقوا أنه على الرجال املشاركة أكثر يف األعمال‬ ‫املنزلية‪ ،‬نسب مماثلة أيضاً تعتقد أنه على الرجال االخنراط‬ ‫أكثر يف رعاية األطفال‪ ،‬ثالثة بالغني من أصل أربعة قالوا أن‬ ‫‪http://www.dailymail.co.uk/news/article-206381/Working-women-housework.html‬‬ ‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪29 2014‬‬


‫السوريـون فقـدوا ثـرواتـهـم‬ ‫الحرب دمرت االقتصاد والمعيشة‬ ‫فرضت احلرب على السوريني تغرياً كبرياً يف أمناط حياهتم ومعيشتهم‪ ،‬تبدأ‬ ‫بتغيري مكان السكن وال تنتهي بتأمني عمل جديد وبيت جديد وجريان‬ ‫جدد‪ ،‬ومعيشة تبدأ من حتت خط الفقر‪ ،‬ألنه ما من أسرة سورية إال‬ ‫وفقدت أغلب ممتلكاهتا إما بالدمار أو السرقة أو احلريق‪ ،‬وبالتايل حالة‬ ‫اللجوء أو النزوح طالت حوايل ‪%70- 60‬من سكان سوريا‪.‬‬ ‫تغيري السكن زاد العبء االقتصادي على األسرة السورية‪ ،‬والطلب على‬ ‫املساكن يف املناطق اآلمنة‪ ،‬أو يف البالد األخرى اليت جلأ إليها حوايل‬ ‫‪ 4‬ماليني الجئ سوري جعل كلفة املعيشة عالية جداً بالنسبة لألسرة‬ ‫السورية‪ ،‬بسبب أجرة البيوت وحده‪ ،‬ناهيك عن ترك العمل‪ ،‬وفقدان‬ ‫املوارد املالية هلذه األسر‪ ،‬عدا عن فقدان مدخرات األسر السورية طيلة‬ ‫ثالث سنوات‪ ،‬كلها نتائج احلرب اجملنونة اليت جتري على أرض سوريا‪.‬‬ ‫استنزف السوريون خالل ثالث سنوات كل ما ميلكون من موارد مادية‬ ‫وبشرية‪ ،‬واحلرب كانت خسارة بكل املقاييس‪ ،‬لكن املقياس الذي يوضح‬ ‫الصورة للسوريني هو املقياس االقتصادي‪ ،‬كم كان مع السوريني أموال‪،‬‬ ‫وكم كان لديهم ثروات وموارد‪ ،‬وكم فقدوا؟‬ ‫نعم خسر السوريون دماءهم أوالً‪ ،‬مث ممتلكاهتم وأمواهلم‪ ،‬ومدخراهتم يف‬ ‫حرب مفتوحة وآيلة إىل االستعار أكثر فأكثر‪ .‬ومعلوم أن االقتصاد‬ ‫مكمل للسياسة يتأثر فوراً هبا ويسري على وقعها‪.‬‬ ‫اقتصادياً تعطلت السوق السورية فوراً مع بدء أول طلقة جتاه املتظاهرين‬ ‫يف بداية الربع الثاين من عام ‪ ،2011‬فاخنفضت إشغاالت السياحة‬ ‫إىل ‪ %90‬فوراً‪ ،‬وهذا يعين أن االقتصاد خسر مباشرة موارد تقدر حبوايل‬ ‫‪ 7‬مليارات دوالر‪ ،‬مث توقف االستثمار بشكل كامل‪ ،‬ما يعين أن باب‬ ‫اإليرادات مت إغالقه‪ ،‬ولو أنه كان دائماً باباً يفتح ويغلق تبعاً ملصاحل‬ ‫وفرص أشخاص حمددين‪ ،‬وليس ملصلحة كامل الشعب السوري‪.‬‬ ‫اتضح أن النظام بدأ حيصي أمواله‪ ،‬فكان قرار وقف االسترياد الذي‬ ‫أعطى إشارة قوية بأن النظام حيتاج األموال ليضمن استمراره يف التصدي‬ ‫للسوريني عسكرياً‪.‬‬

‫علي حمرة‬ ‫صحفي اقتصادي سوري‬ ‫اهتزاز الليرة‬ ‫مع ارتفاع سعر صرف الدوالر بدأت قيمة اللرية السورية بالتأرجح‪ ،‬وعندما‬ ‫كسر الدوالر حاجز سعر صرف ‪ 120‬لرية بداية عام ‪ 2012‬اخنفضت‬ ‫قيمة اللرية السورية حبدود ‪ ،%50‬هنا كانت ضربة كربى للرية السورية‪،‬‬ ‫وإىل حينها مل يكن االقتصاد السوري بدأ بالتصدع‪.‬‬ ‫عندما أطلقت قوات النظام أول قذيفة هاون على املناطق السكنية‪ ،‬بدأ‬ ‫االقتصاد السوري بالتفكك بسرعة كبرية‪ ،‬ففقدت الناس أعماهلا‪ ،‬انتشرت‬ ‫البطالة وأغلقت املعامل يف املدن الصناعية وأمهها معامل حلب‪ ،‬وبدأت‬ ‫رؤوس األموال باخلروج رويداً رويداً إىل لبنان‪ ،‬أو عرب حواالت إىل البنوك‬ ‫اللبنانية مث إىل بنوك خارجية‪.‬‬ ‫خرج من خرج بأمواله‪ ،‬وهنا فقدت اللرية السورية الكثري من قيمتها‪.‬‬ ‫بالطبع استفاد االقتصاد اللبناين‪ ،‬لكن بصمت من أموال السوريني‬ ‫النازحة‪ ،‬كما نزح املاليني من السوريني‪ ،‬ويستفيد حىت اليوم منها لكنه‬ ‫ينكر ذلك‪ ،‬وحتول السوريون إىل الجئني غري مرغوب هبم‪ ،‬ينالون ما‬ ‫ينالونه من استهتار على األراضي اللبنانية‪ ،‬ويف ظل ظروف معيشية صعبة‬ ‫أنفق السوريني أمواهلم‪.‬‬ ‫خروج الصناعة والزراعة‬ ‫خرجت الصناعة والزراعة من اخلدمة االقتصادية السورية‪ ،‬توقفت‬ ‫الصادرات‪ ،‬تقلصت الواردات‪ ،‬وحصل نقص كبري يف السلع واألغذية‪،‬‬ ‫جنم عنه ارتفاع الطلب على القطع األجنيب لشراء املواد الضرورية والسلع‪،‬‬ ‫ومن الطبيعي أن يؤثر الطلب على الدوالر على سعر صرفه‪ ،‬فريتفع سعر‬ ‫الدوالر وتنخفض قيمة العملة السورية‪.‬‬ ‫التضخم مزق الليرة‬ ‫مل يعد السوريون يشعرون بقيمة اللرية يف جيوهبم مهما كثرت‪ ،‬ومل تكن‬ ‫السوق السورية يف يوم من األيام كما جاءت عليها هذه األيام‪ ،‬ولعل‬ ‫مسة «االنفالت الكامل» و«الفوضى» هي التوصيف األكثر دقة‪ .‬بعد‬ ‫انطالق سعر الدوالر وختطيه حلاجز‪ 300‬لرية‪ ،‬مث االرتفاع إىل ‪330‬‬


‫لرية يف الشهر الثامن من عام ‪ ،2013‬أدى‬ ‫االضطراب الشديد واهلبوط احلاد يف سعر‬ ‫اللرية السورية أمام العمالت األجنبية‪ ،‬وعلى‬ ‫رأسها الدوالر واليورو إىل إرباك مجيع أسواق‬ ‫السلع والذهب‪ ،‬حيث يرتفع‪ ،‬مث ينخفض سعر‬ ‫الدوالر أمام اللرية إىل ‪ 150‬لرية خالل ‪15‬‬ ‫يوماً‪ ،‬وإىل‪ 120‬لرية‪ ،‬ويرتفع جمدداً خالل أقل‬ ‫من شهر اىل‪ 160‬لرية‪ ،‬وهذا يعكس هشاشة‬ ‫العملة‪ ،‬وعدم قدرهتا على الوقوف عند حد‬ ‫معني ثابت‪ ،‬إمنا هو مؤشر يدل على ضعف‬ ‫العملة‪ ،‬وأن هذه العملة فقدت الكثري من قوهتا‪،‬‬ ‫وبالتايل فإن العملة السورية حسب تقديرات‬ ‫اليوم‪ ،‬تعاين حالة متزق‪ ،‬تصل إىل ‪ %66‬من‬ ‫قيمتها عما كانت عليه يف العام‪.2011‬‬ ‫يتجه أحد االقتصاديني إىل توصيف التضخم‬ ‫اليوم‪ ،‬بأن االقتصاد دخل يف مرحلة التضخم‬ ‫اجلامح‪ ،‬وهو التضخم احلاد يف األسعار بل‬ ‫أقسى أنواع التضخم‪.‬‬ ‫وظهر التباين يف أسعار السلع بني مدينة‬ ‫وأخرى‪ ،‬وبني سوق وآخر‪ ،‬وكذلك بني بائع‬ ‫وآخر‪ ،‬ما أدى إىل حالة من عدم استيعاب‬ ‫ما حيدث من قبل املواطنني ومن قبل التجار‬

‫أنفسهم‪ ،‬فاألسعار شهدت حالة جنون مل‬ ‫يستطع إدراكها ال التجار وال املستهلكون‬ ‫منذ أشهر‪ ،‬عندما وصل سعر صرف الدوالر‬ ‫إىل ‪ 330‬لرية سورية‪ ،‬بينما يف األيام األخرية‪،‬‬ ‫هبطت أسعار بعض املواد الغذائية قليالً‪ ،‬لكن‬ ‫ليس باملستوى اليت اخنفض به مستوى سعر‬ ‫صرف الدوالر‪.‬‬ ‫النفط‬ ‫فقد السوريون السيطرة على حقول النفط‪،‬‬ ‫فهناك ‪ % 30‬من حقول النفط السورية حتت‬ ‫سيطرة حزب االحتاد الدميقراطي الكردي‬ ‫«‪ ،»PYD‬ويواجه النظام اليوم صعوبة يف‬ ‫تأمني احتياجاته من املشتقات النفطية يف‬ ‫دمشق لتوليد الكهرباء‪.‬‬ ‫مت ختفيض إنتاج النفط من ‪ 360‬ألف برميل‬ ‫يومياً إىل ‪ 20‬ألف برميل أي إنتاج النفط قد‬ ‫اخنفض بنسبة ‪.%95‬‬ ‫الكهرباء‬ ‫كانت وزارة الكهرباء تعاين من فجوة ما بني‬ ‫الطلب على الطاقة الكهربائية والتوليد تصل‬ ‫من ‪ %20-15‬يف عام ‪ ،2010‬وكان يتم‬ ‫ترميم هذه الفجوة من خطوط النقل املرتبطة مع‬ ‫تركيا واألردن مبوجب اتفاقيات التعاون‪ ،‬إال أن‬

‫الفجوة اليوم اتسعت حبدود ‪ ،%28‬ويزاد عليها‬ ‫نسبة ‪ %15‬اليت كانت تستجرها احلكومة من‬ ‫تركيا لتصل نسبة االخنفاض يف توليد الطاقة‬ ‫إىل ‪ .%43‬يرتافق هذا مع حتديات كثرية أمهها‬ ‫تأمني املوارد املالية‪ ،‬واملوارد النفطية من الفيول‬ ‫والغاز‪ ،‬إضافة إىل حمطات جديدة لزيادة‬ ‫التوليد‪ ،‬فاحلاجة كبرية إىل حمطات ومشاريع‬ ‫توليد لتغطية الطلب على الطاقة‪ .‬يف العام‬ ‫‪ 2006‬كان هناك عشرات املشاريع‪ ،‬ومل يبدأ‬ ‫منها حىت العام ‪ 2010‬سوى مشاريع قليلة مل‬ ‫تستطع تلبية النقص يف الطلب على الطاقة‪،‬‬ ‫فكيف اليوم وسورية تعاين من حالة حرب‬ ‫وتدمري منذ ‪ 3‬سنوات‪.‬‬ ‫هذه القضايا أدت اىل تفكك كبري يف االقتصاد‬ ‫السوري‪ ،‬أدى بدوره إىل ارتفاع خط الفقر إىل‬ ‫مستوى ‪ ،%70‬وارتفاع مؤشر الفقر األدىن إىل‬ ‫حدود ‪ ،%33‬أي ممن ال يستطيعون احلصول‬ ‫على دوالرين يومياً‪.‬‬ ‫وعلى حافة املوت‪ ،‬وحتت احلرب واخلراب‪ ،‬يفقد‬ ‫السوريني كل يوم الكثري من ثرواهتم وأمواهلم‪،‬‬ ‫األمر الذي بدأت تظهر نتائجه الكارثية على‬ ‫حياهتم ووجودهم بانتظار أن تضع احلرب‬ ‫أوزارها‪ ،‬وينقشع غبارها‪ ،‬حملاولة إزالة تلك اآلثار‬ ‫املأساوية على السوريني فقط‪.‬‬ ‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪31 2014‬‬


‫الزواج واإلنجــاب في ظـل الوضع السوري‬ ‫الـراهن‬ ‫جتاوز عمر األزمة السورية ألف يوم‪ ،‬تقامست‬ ‫مصاعب عدة‪ ،‬تبدأ باملوت‬ ‫السوريني خالهلا‬ ‫ُ‬ ‫وال تنتهي عند االعتقال والنزوح‪.‬‬ ‫هذه املصاعب انعكست بكل تفاصيلها‬ ‫على األسرة السورية‪ ،‬بنيتها‪ ،‬طبيعة تشكيلها‪،‬‬ ‫وحضورها كصيغة اجتماعية متثل استمرار‬ ‫الوجود السوري‪ ،‬داخل الوطن ويف املنايف‪.‬‬ ‫وحتول الزواج من آلية اجتماعية دائمة‪ ،‬إىل‬ ‫مالذ حيناً‪ ،‬وإىل مصدر قلق أحياناً أخرى‪،‬‬ ‫كل سوري يراه حسب ظروفه‪ .‬فوسط استمرار‬ ‫املوت والتهجري‪ ،‬وتردي احلال االقتصادي‪،‬‬ ‫فض ً‬ ‫ال عن حاالت اخلوف وأزمات ما بعد‬ ‫االعتقال‪ ،‬يتأرجح الزواج بني كونه حاجة ملحة‬ ‫لالستعاضة عن الكثري من احلرمان النفسي‬ ‫واجلسدي من جهة‪ ،‬وكونه قراراً صعباً ومقلقاً‬ ‫من حيث ربطه بني مصري اثنني قد يظلم أحدمها‬ ‫اآلخر من جهة أخرى‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن كونه أحد‬ ‫وجوه اخليانة يف حاالت املنشقني واملبعدين عن‬ ‫أسرهم‪ ،‬ممن يعانون الوحدة وحيتاجون ملن يربر‬ ‫معاودة زواجهم‪.‬‬ ‫يكفي أن يكون هناك قرابة ‪ 4.5‬مليون نازح‬ ‫سوري داخل احلدود‪ ،‬و‪ 1.5‬مليون خارجها‪،‬‬

‫‪ 32‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬

‫لنعي حجم االضطراب األسري يف اجملتمع‬ ‫السوري‪ ،‬ويكفي ما سقط من أهلها وما خيضع‬ ‫له بعضهم من حصار وقصف مستمرين‪ ،‬ليحيل‬ ‫بعض مناطقها إىل مناطق انفجار سكاين‪،‬‬ ‫وخيفض مؤشر التزايد السكاين يف بعضها اآلخر‬ ‫إىل أقل من املعدالت املعروفة‪.‬‬ ‫في نقاش الدوافع‪:‬‬

‫لم تؤثر الثورة السورية على بناء العــالقات‬ ‫االجتمـ ــاعية فحسب‪ ،‬بل على تفكيكه ــا‬ ‫أيضـ ـ ـاً‪ ،‬ومقابـ ــل إقـ ـ ــدام الـ ــكثيري ــن عـ ــلى‬ ‫االرتبــاط وإنشـ ــاء األســر‪ ،‬شهـ ــد المجتـ ــمع‬ ‫السوري الكثير من االنفصال‪.‬‬ ‫األحداث اجلارية يف سورية خالل األزمة عمقت‬ ‫اخلوف يف نفوس الكثري من الشباب والشابات‬ ‫بإمكانية الفقد نتيجة القصف واالعتقال‪،‬‬ ‫وتوزع املناطق بني سيطرة النظام وقوات املعارضة‬ ‫املسلحة‪ ،‬ما دفع بالبعض الختاذ قرار الزواج‪،‬‬ ‫يقول سومر العبد اهلل‪« :‬قلقت كثرياً من فكرة‬ ‫إمكانية عدم التالقي مع رشا جمدداً‪ ،‬كنت يف‬ ‫اجلزء احملرر من حلب‪ ،‬يف حني كانت يف محاه‪،‬‬ ‫مراقبتنا لألحداث كانت تشري إىل تطورها حنو‬

‫تحقيق‪ :‬يــاسمين مرعي‬

‫األسوأ ففكرنا‪ :‬ملاذا ال نواجهها معاً إن كانت‬ ‫حقاً ستسوء»‪.‬‬ ‫أما ليلى فتقول‪« :‬اعتقال يزن كان سبب‬ ‫زواجنا‪ ،‬اخلوف من خسارته دفعين لالرتباط‬ ‫السريع»‪ ،‬شعور اخلوف هذا نلمسه عند يزن‬ ‫بصيغة التحدي واإلصرار حني يقول‪« :‬من‬ ‫جرائم النظام أنه دخل حىت يف األشياء اجلميلة‬ ‫كعالقة احلبيبني‪ ،‬لو ختليت عن ليلى كان‬ ‫معىن ذلك أنه تغلب علي‪ ،‬ارتباطنا وفرحنا‬ ‫هو انتصار عليه»‪ .‬يف املقابل هناك من دفعه‬ ‫اخلوف لالنفصال‪ ،‬روزانا بدوي انفصلت عن‬ ‫زوجها رغم وجود طفل بينهما‪ ،‬تقول‪« :‬كان‬ ‫من الشبيحة لذلك خفت على نفسي وابين‬ ‫من انتقام الثوار‪ ،‬حنن من طائفتني خمتلفتني‪،‬‬ ‫هو علوي وأنا سنية‪ ،‬ورغم اختالف أفكارنا‬ ‫كزوجني قبل الثورة‪ ،‬لكنين مل أفكر باالنفصال‬ ‫عنه‪ ،‬إال حني ملست الفرق بيين وبينه‪ ،‬عندما‬ ‫كنت أخرج يف املظاهرات بينما كان يقوم‬ ‫بتسليم الناشطني يف حلب لألمن‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن‬ ‫قلقي الدائم من احتمال أن يكون قد قتل‬ ‫أحداً»‪.‬‬ ‫أما هنادي حممد – ثالثون عاماً – خرجية‬


‫آداب‪ ،‬فتقول‪« :‬كان هناك أكثر من سبب ذو حدين‪ ،‬حيد من القدرة على احلركة والعمل‬ ‫لكي أنفصل عن زوجي قبل الثورة‪ ،‬لكن املناخ والدخول يف القضايا اخلطرية‪ ،‬ويزيد القلق حول‬ ‫االجتماعي ألسريت منعين‪ ،‬جاءت الثورة وجاء قضايا أخرى ما كان يل أن أقلق بسببها لو أين‬ ‫انفتاح املصري على اجملهول من حيث إمكانية وحيد ‪ ،‬إال أن وجود شريكة ضروري‪ ،‬فهو مينح‬ ‫عودة هذا املناخ ثانية بسبب النزوح‪ ،‬وصارت إحساساً بالراحة لوجود شخص يفكر معك‪،‬‬ ‫لدي اجلرأة على االنفصال دون التفكري باحمليط يقلق عليك‪ ..‬وخياف على جناحك ويقامسك‬ ‫من حويل‪ ،‬رمبا نستطيع القول إن الثورة قلبت مشاعر الضعف والقوة‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن توجيه الزواج‬ ‫املفاهيم وكسرت طوقاً امسه العرف كان ملفوفاً لتفكرينا حنو العقالنية وترتيب األولويات»‪.‬‬ ‫أثر الثورة على أعراف وتقاليد الزواج‪ :‬زواج‬ ‫على رقابنا»‪.‬‬ ‫العاملون على األرض مع األهايل والنازحني يرون الطوائف‪ ،‬سقوط تكاليف الزواج‬ ‫القضية من منظور خمتلف‪ ،‬رغد محد اهلل‪ ،‬كبرية سهلت الظروف السائدة يف سوريا ارتباط‬ ‫موظفي الرعاية االجتماعية واحلماية يف مفوضية الشباب والشابات وإن كانوا من طوائف‬ ‫شؤون الالجئني‪ ،‬ومديرة مكتب منظمة مرام خمتلفة‪ ،‬خفف من حدة هذه املسألة ‪-‬رغم‬ ‫يف خميم أطمة‪ ،‬تتحدث عن حاالت الطالق وجودها يف سوريا قبل األزمة‪ -‬انشغال الناس‬ ‫يف املخيمات‪ ،‬تقول‪« :‬حاالت الطالق حتدث وجتاوز مهومهم إىل ما هو أكرب‪ ،‬يزن يقول‪:‬‬ ‫اليوم ألن الرجل يتاح له أن يتزوج ممن هن إنه ارتبط بليلى رغم اختالف الطائفتين‪،‬‬ ‫أصغر منه سناً‪ ،‬أيضاً بسبب الضغوط واملشاكل وإنه لم يتوقف إال عند سؤال واحد‪ :‬هل‬ ‫اليت ترفع نسبة العنف األسري وسوء األوضاع هي مؤيدة أم معارضة؟ ويقول‪« :‬لو كانت‬ ‫املعيشية‪ .‬هناك رجال يرتكون نساءهم يف مؤيدة كنت سألغي الموضوع كله»‪.‬‬ ‫املخيمات ويعودون ملالحقة أرزاقهم‪ ،‬وهناك من‬ ‫يعودون للقتال‪ ،‬وهذا ما يرتك النساء يف حالة األحداث الجارية في سورية خالل‬ ‫من الفراغ يدفعهن لطلب االنفصال»‪.‬‬ ‫األزمة عمقت الخوف في نفوس الكثير‬ ‫انعكاسات الثورة على تفاصيل الحياة اليومية‬ ‫مل يتوقف أثر الثورة على تعجيل االرتباط أو فك‬ ‫عراه‪ ،‬مها غرير زوجة الناشط الشهيد مصطفى‬ ‫قرمان تقول‪« :‬الثورة أضفت مزيداً من احليوية‬ ‫على عالقتنا‪ ،‬وزادت األمور املشرتكة بيننا عرب‬ ‫قضائنا أوقات أطول معاً يف العمل بنشاطات‬ ‫ثورية‪ ،‬وهذا ما عزز تقاربنا أكثر بسبب اإلميان‬ ‫بذات القضية‪ ،‬األثر السليب الوحيد كان اخلوف‬ ‫والقلق الدائم على بعضنا»‪.‬‬ ‫وتبقى سلطة اجملتمع قائمة أياً كان الظرف‪،‬‬ ‫تقول مها عن ظرفها بعد استشهاد مصطفى‪:‬‬

‫«الجميع لديهم صورة ثابتة لزوجة‬ ‫الشهيد‪ ،‬صورة مثالية‪ ،‬وإن لم أكن مطابقة‬ ‫لتلك الصورة سأتعرض حتما النتقادهم‪،‬‬ ‫متناسين أني مازلت على قيد الحياة»‪.‬‬

‫من ناحية أخرى يشوب القلق طمأنينة الكثريين‪،‬‬ ‫يقول سومر العبد اهلل‪« :‬القلق زاد أكثر من‬ ‫قبل‪ ،‬فأنا مل أعد مسؤوالً عن نفسي فقط‪ ،‬هناك‬ ‫شريك يتأثر بقرارايت‪ .‬الزواج يف ظروفنا سالح‬

‫من الشباب والشابات بإمكانية الفقد‬ ‫نتيجة القصف واالعتقال‪ ،‬وتوزع‬ ‫المناطق بين سيطرة النظام وقوات‬ ‫المعارضة المسلحة‪ ،‬ما دفع بالبعض‬ ‫التخاذ قرار الزواج‪.‬‬

‫يتغاضون عنها‪ ،‬يقول سومر‪« :‬الثورة ساعدتين‬ ‫من ناحية غض أهلها النظر عن طلبات كثرية‬ ‫ما كانوا ليغفلوها يف الظروف العادية‪ ،‬أشياء‬ ‫كثرية سجلت على الورق‪ ،‬وللعلم فقد تزوجنا‬ ‫من بعيد ومت العقد عرب اهلاتف‪ ،‬وحني وصلت‬ ‫عروساً من سلمية إىل حلب كنت يف الريف‬ ‫الشمايل أعمل مع جمموعات إغاثية انتظرت‬ ‫رشا أسبوعاً كام ً‬ ‫ال قبل أن أراها»‪.‬‬ ‫ليلى أيضاً تروي أهنا مل تُقم حف ً‬ ‫ال لزفافها‪،‬‬ ‫تقول‪« :‬مل نقم عرساً‪ ،‬كنا نريد كتابة العقد‬ ‫والسفر‪ ،‬منزيل يف صحنايا‪ ،‬كان معيباً إقامة‬ ‫عرس والقصف على داريا واملعضمية ال يهدأ‪،‬‬ ‫اكتفيت حبفل بسيط لوداع جارايت‪ ،‬وكانت‬ ‫زوجة احملامي خليل معتوق (الذي عقد زواجنا)‬ ‫بني املدعوات‪ ،‬وكان ذلك قبل اعتقاله بقليل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫عمل زوجها كمحام للمعتقلني كان كافياً ألن‬ ‫يغلب عليها احلزن‪ ،‬وكان ذلك سبباً إضافياً‬ ‫لتواضع احلفل»‪.‬‬ ‫اإلنجاب‪ ..‬بين ارتفاع المؤشر وانخفاضه‪:‬‬

‫تقول هنادي‪ :‬إن الطفل كان هاجسها‬ ‫وفيما يتعلق بطقوس األعراس يف سوريا‪ ،‬فقلة ألربع سنوات زواج قبل الثورة‪ ،‬لكن النزوح‬ ‫هم الذين ما زالوا يلتزموهنا‪ ،‬وكثرة هم الذين باتوا والهرب الدائم تحت القصف‪ ،‬والخوف من‬ ‫االعتقال جعلها تشعر بأن غياب الطفل‬ ‫من حياتها هو أكثر من حظ جيد‪.‬‬ ‫نسرين ‪ 35‬عاماً‪ ،‬وهي أم لطفلني ترى بدورها‬ ‫أن عليها عدم التفكري بطفل ثالث قد تظلمه‬ ‫بقدومه إىل مصري جمهول يف ظل األزمة‬ ‫السورية‪.‬‬ ‫أما سومر فيقول‪« :‬دائماً أفكر مع رشا‬

‫بطفل‪ ،‬لكن هذا مستحيل‪ ،‬إلى أين آتي‬ ‫به؟ سيزيد الالجئون واحداً‪ ،‬طفلي سيولد‬ ‫الجئاً‪ ،‬ال أستطيع أن أنجب طف ً‬ ‫ال أعجز‬ ‫عن منحه األمان»‪.‬‬ ‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪33 2014‬‬


‫القضية ال تقف عند موضوع األمان‪ ،‬بل هناك األهل علي بناتهم فهم ال يستطيعون تأمين‬ ‫مشكلة األوراق الثبوتية‪ ،‬وهذا ما يردع ليلى الحماية لهن‪ ،‬فالسبب اجتماعي وأخالقي‬ ‫ويزن عن التفكري بطفل‪ .‬يقول يزن‪« :‬حنن أكثر من كونه مادياً‪.‬‬

‫االثنان نريد طفالً‪ ،‬لكن يف هذه الظروف نرتدد‬ ‫بسبب وضع البلد وموضوع األوراق الرمسية‪ ،‬رمبا‬ ‫بعد عامني أو ثالثة نستقر»‪ ،‬يف حني أن ليلى‬ ‫تريد طف ً‬ ‫ال اآلن‪ ،‬لكي تتمكن من تربيته وبناء‬ ‫عالقة مجيلة معه قائمة على تقارب األعمار‪.‬‬

‫وترى أن التوصيات باتت شيئاً تقليدياً‪ ،‬وعليه‬ ‫فال بد من نشر الثقافة‪ ،‬من خالل مترير‬ ‫الرسائل‪ ،‬ونشر التوعية يف أماكن التجمع عرب‬ ‫بروشورات أو مواد إعالمية‪ ،‬فالناس على حد‬ ‫قوهلا‪« :‬حباجة للمعرفة»‪.‬‬

‫زواج القاصرات‬ ‫زواج القاصرات هو الزاوية األكثر إيالماً يف‬ ‫املشهد االجتماعي السوري اليوم‪ .‬ليس ظاهرة‬ ‫بدعة يف حياة السوريني‪ ،‬لكنه حيدث اليوم ضمن‬ ‫ظروف أكثر صعوبة‪ ،‬وبطرق تفتح احتماالت‬ ‫الشقاء أمام الفتيات على أوسع أبواهبا‪.‬‬ ‫الدكتورة زهراء بيطار االختصاصية يف أمراض‬ ‫النساء تتحدث عن جتربتها مع القاصرات ممن‬ ‫يرتدن عيادهتا من الالجئات السوريات يف‬ ‫مدينة الرحيانية برتكيا‪ ،‬وتقول‪:‬‬ ‫«‪ 3‬من أصل ‪ 20‬مريضة كن قاصرات ممن‬ ‫راجعنين اليوم‪ ،‬رميا ‪ 15‬عاماً‪ ،‬تعاين اضطرابات‬ ‫هرمونية‪ ،‬ومصرة على احلمل وأخذ الدواء‬ ‫الذي يضرها أكثر مما ينفعها‪ ،‬حتدثين بطفولة‪:‬‬ ‫أحب زوجي لكنين أمتىن لو بقيت مع أمي وأيب‬ ‫وإخويت‪.‬‬ ‫أما فاطمة ‪ 16‬عاماً فهي حامل وجنينها‬ ‫ضعيف‪ ،‬القاصرات ينجنب أطفاالً ضعيفي‬ ‫البنية‪ ،‬ألن عناصر جسم الفتاة ما زالت‬ ‫تستهلك يف النمو‪ ،‬فاطمة تنظر إيل خبوف‬ ‫ورعب من فكرة أن ميوت جنينها بسبب صغر‬ ‫سنها»‪ .‬الدكتورة زهراء ترى أن السبب‬

‫«كانت هناك حاالت زواج قاصرات‪،‬‬ ‫سببها الرئيسي سوء الوضع‬ ‫االقتصادي‪ ،‬يتم تزويجهن ألشخاص‬ ‫أكبر سناً منهن‪ .‬الملفت أنه يتم‬ ‫تزويجهن لرجال في المخيم‪ ،‬الفتاة تكون‬ ‫مضغوطة وبحاجة لرجل‪ ،‬وتتراوح أعمار‬ ‫القاصرات اللواتي تم زواجهن خالل‬ ‫وجودي بين ‪»17 –15‬‬

‫في تزويج القاصرات يتمثل في خوف‬

‫‪ 28‬العدد (‪ )0‬كانون األول ‪2013‬‬

‫أما رغد محد اهلل اليت عملت كمراقبة لنشاط‬ ‫املنظمات اليت تقدم خدمات يف خميم أطمة‪،‬‬ ‫فتتحدث عن واقع زواج القاصرات يف املخيم‬ ‫قائلة‪« :‬كانت هناك حاالت زواج قاصرات‪،‬‬ ‫سببها الرئيسي سوء الوضع االقتصادي‪ ،‬يتم‬ ‫تزوجيهن ألشخاص أكرب سناً منهن‪ .‬امللفت‬ ‫أنه يتم تزوجيهن لرجال يف املخيم‪ ،‬الفتاة‬ ‫تكون مضغوطة وحباجة لرجل‪ ،‬وترتاوح أعمار‬ ‫القاصرات اللوايت مت زواجهن خالل وجودي‬ ‫بني ‪»17 –15‬‬ ‫يف الفرتة األوىل يعتقدن أهنن وجدن االستقرار‪،‬‬ ‫مث يدركن معاناهتن بسبب فرق السن إضافة‬

‫إىل االضطهاد من قبل الزوجة األوىل واألبناء‬ ‫ألهنا غالباً ما تتزوج شخصاً متزوجاً‪ .‬وهناك‬ ‫قضية االستعجال على اإلجناب واملشكلة أهنن‬ ‫دون الثامنة عشرة وجهازهن التناسلي غري‬ ‫مكتمل»‪.‬‬ ‫وتضيف رغد‪« :‬غالباً الفتاة تنتقل من خيمة‬ ‫ألخرى‪ ،‬هناك فتيات ينمن حتت الشجر‬ ‫واالنتقال خليمة هو شيء عظيم جعل نسبة‬ ‫القاصرات اللوايت تزوجن من أصل بنات املخيم‬ ‫ترتاوح بني ‪ 15 – 10‬باملائة»‪.‬‬ ‫وختتم قائلة‪« :‬ال بد من العمل على هذه‬ ‫التجمعات اليت يقتلها الفراغ وضيق العيش‬ ‫الذي يفرض التفكري يف املشاكل فقط ويبعد‬ ‫التفكري اإلجيايب‪ ،‬وال بد كذلك من التوعية عرب‬ ‫يتمكن‬ ‫آليات تقارب مستوى وعيهن‪ ،‬حىت‬ ‫ّ‬ ‫من تقبل أفكاري‪ ،‬علينا إجياد املداخل املناسبة‬ ‫لكسب ثقة الناس‪ ،‬فقد عملت معهن من‬ ‫خالل حتفيظ القرآن مل يكن أمامي خيار آخر‬ ‫يقربين منهن ويساعدين على إقناعهن بفائدة‬ ‫ما نقدمه»‪.‬‬ ‫يبقى الزواج يف هذه املرحلة مصرياً مفتوحاً على‬ ‫أفق غري حمدود من النهايات‪ ،‬يتخلله ضياع‬ ‫للحقوق‪ ،‬وحرق ملراحل من أعمار الكثري من‬ ‫الفتيات‪ ،‬ووالدة أطفال يف مناخ فقري وموبوء ال‬ ‫يوفر هلم أدىن شروط احلياة الكرمية‪.‬‬ ‫قد ال تكون هذه التفاصيل ضمن أولويات‬ ‫السياسيني واملفاوضني‪ ،‬والعاملني على قلب‬ ‫الطاولة يف سوريا‪ ،‬لكنها جيب أن تكون على‬ ‫قائمة أولويات ناشطي اجملتمع املدين واملثقفني‬ ‫لتجنب انزالقات خطرية يف بنية اجملتمع‬ ‫السوري‪.‬‬


‫الكلمات المتقاطعة‬ ‫أفقي‪:‬‬

‫‪ .1‬مخيم لالجئني السوريني ‪-‬‬ ‫بحر‬ ‫‪ .2‬عملة اليابان (معكوسة)‬ ‫االسم الروماين ملدينة سورية‬‫‪ .3‬ممثل سوري راحل‬ ‫‪ .4‬فك (معكوسة) ‪ -‬متشابهان‬ ‫‪ .5‬مدينة فلسطينية (معكوسة)‬ ‫ دين ساموي (معكوسة)‬‫‪ .6‬ذيك ‪ -‬االسم الثاين‬ ‫لحقوقية عربية حصلت عىل‬ ‫جائزة نوبل‬ ‫‪ .7‬مدينة سورية ‪ -‬عكس علني‬ ‫‪ .8‬أعلم ‪ -‬نفقَ‬ ‫‪ .9‬برئ ‪ -‬منظمة سورية للدفاع‬ ‫عن حقوق اإلنسان‬ ‫‪ .10‬وهم‬

‫سودوكو‪ :‬هي لعبة منطقية مبنية عىل وضع األرقام يف‬ ‫املكان املناسب‪ .‬الهدف هو ملء ال ‪ 9*9‬مربعات بأرقام‬ ‫بحيث أن كل عمود وصف ومربع من املربعات التسعة‬ ‫(والتي تدعى مناطق) تحتوي عىل األرقام من واحد إىل‬ ‫التسعة دون تكرار‪.‬‬

‫كـلمـة الســـــــر‬

‫سودوكـــــــو‬

‫عامودي‪:‬‬

‫‪ .1‬شاعر وكاتب لبناين‬ ‫‪ .2‬ما يعقب النهار ‪-‬‬ ‫مدينة لبنانية (معكوسة)‬ ‫‪ .3‬فصل من فصول السنة‬ ‫(معكوسة)‬ ‫‪ .4‬صانع ‪ -‬رشح‬ ‫‪ .5‬اسم علم (معكوسة) ‪-‬‬ ‫حرف عطف (معكوسة)‬ ‫‪ .6‬القطار باللهجة‬ ‫العراقية ‪ -‬خبث ‪ -‬أحد‬ ‫الوالدين‬ ‫‪ .7‬عضو يف االئتالف‬ ‫الوطني (معكوسة)‬ ‫‪ .8‬توىل ‪ -‬أسد‬ ‫‪ .9‬لطافة (مبعرثة)‬ ‫‪ .10‬مجمعان‬

‫شاي ‪ -‬وليد ‪ -‬ثالث ‪ -‬هادي ‪ -‬جهل ‪ -‬وطن ‪ -‬غسق ‪ -‬قفص‬ ‫ أم ‪ -‬رضبة ‪ -‬ولد ‪ -‬سالم ‪ -‬جنون ‪ -‬مجد ‪ -‬لعبة ‪ -‬مريض‬‫ ظالم ‪ -‬فتوى ‪ -‬مليس ‪ -‬رأي ‪ -‬سجن ‪ -‬ناي ‪ -‬زواج عريف ‪-‬‬‫نريوز ‪ -‬لجوء ‪ -‬جورج صربة ‪ -‬قرص ‪ -‬صور ‪ -‬شلل األطفال‬ ‫ نهاد قلعي ‪ -‬كرمة ‪ -‬نقابة ‪ -‬عدل ‪ -‬عنفوان ‪ -‬مين ‪-‬‬‫قلعة ‪ -‬فادي ‪ -‬ميني ‪ -‬نساء ‪ -‬طريق ‪ -‬سودان ‪ -‬نافذة ‪ -‬بن‬ ‫ سعاد ‪ -‬نضال ‪ -‬مخطط ‪ -‬جنيف ‪ -‬جنسية ‪ -‬سورية ‪ -‬أب‬‫ كامريا ‪ -‬كامل لبواين ‪ -‬فضة ‪ -‬جامل سليامن ‪ -‬حالقة‬‫‪ -‬عم ‪ -‬حميد ‪ -‬جحيم ‪ -‬ثروة ‪ -‬ثــــورة‪.‬‬

‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪35 2014‬‬


‫المرأة في السينما اإليرانية‬ ‫الـخروج عن الـصورة المعتـادة‬

‫إنتاج النموذج اخلاص‪ ،‬فكرة تتحكم بعقل السينمائيني اإليرانيني‪ ،‬منذ‬ ‫أن بات على السينما أن متر على مكاتب رقابية يبدو أهنا األشد تطرفاً‬ ‫يف الرتتيب العاملي‪ ،‬فأن تكون خمرجاً سينمائياً يف إيران هذا سيستدعي‬ ‫منك أن تبذل كل طاقاتك العقلية لتجد ملَ َشاهدك احللول املناسبة‪ ،‬كي‬ ‫ال جتد نفسك يف حالة صدام مع الرقيب الديين‪.‬‬ ‫األمر ال يتعلق بتناول السلطة السياسية‪ ،‬فهذا األمر ممنوع باملطلق‪،‬‬ ‫وأيضاً ال يتعلق بالسلطة الدينية‪ ،‬فهذه أشد ضراوة يف الدفاع عن‬ ‫مكتسباهتا‪ ،‬إنه يتعلق بالشأن االجتماعي‪ ،‬حيث ملعب السينما شبه‬ ‫الوحيد‪ ،‬الذي يستطيع املخرج فيه أن يصنع أفالمه‪ ،‬ولكن قد يكون من‬ ‫السذاجة تصور أن العمل يف هذا اجملال مرتوك دون رقابة!‬ ‫وإذا ما كنا نعترب أن االشتغال على سينما يقوم األطفال ببطولة أفالمها‬ ‫هو حماولة لطرح اخلطاب بعيداً عن اشرتاطات القائمة الرقابية‪ ،‬فإننا ال‬ ‫نستطيع القيام باألمر ذاته مع حضور املرأة‪ ،‬ضمن هذا احليث الفين‬ ‫واالجتماعي يف آن معاً‪ ،‬فهي هنا ثيمة ال ميكن صناعة احلكاية دوهنا‪،‬‬ ‫وهي يف الوقت نفسه وحبكم الضرورة أيضاً تشتغل يف هذا احليث‬ ‫كمخرجة‪ ،‬وبالتايل فإن العقدة اليت جتعل املخرجني يبدعون يف إجياد‬ ‫احللول تصبح هنا أشد تركيباً‪ ،‬ورغم هذا فإن عملية صناعة النموذج‬ ‫اخلاص تسري وتبلغ أهدافها‪ ،‬وإن وضع املتشددون يف طريقها كل ما‬ ‫نتخيله من عقبات‪.‬‬ ‫حتضر املرأة يف األفالم السينمائية إذاً وبشكل طبيعي كموضوع‪ ،‬غري‬ ‫أن املمثلة جيب أال تربز مفاتنها ضمن التصور الرقايب املعمول به يف‬ ‫إيران‪ ،‬وجيب أيضاً أال تتم مقاربة موضوعة اجلسد واجلنس‪ ،‬وهلذا وجد‬ ‫املخرجون أنفسهم أمام ضرورة جتعلهم يكرسون حضور املرأة من خالل‬ ‫كوهنا فاعلة يف السياق االجتماعي‪ ،‬ومبا حيفظ هلا كينونتها دون التطرق‬ ‫لألسئلة الصعبة اليت تبىن يف السينمات األخرى على مفهوم احلرية‬ ‫اجلسدية‪ ،‬لكن ورغم كل ما بذل من حماوالت لاللتفاف على األمر‪،‬‬ ‫كان البد من توسيع دائرة املسموح ليشمل معاجلة قضايا النساء‬ ‫اإليرانيات ضمن سياق الوضع اجملتمعي بشكل عام‪ ،‬وهكذا مير معنا‬ ‫فيلم (الدائرة) يف العام ‪ 2000‬للمخرج جعفر بناهي‪ ،‬الذي عرض فيه‬ ‫لواقع املرأة اإليرانية ضمن حالة االنغالق اليت يعيشها اجملتمع‪.‬‬ ‫وقد مثّل فيلم (سجن النساء) للمخرجة منيّه حكمت يف العام ‪،2002‬‬ ‫منوذجاً أشد وضوحاً هلذا األمر‪ ،‬خاصة وأن من صنعته هي امرأة‪،‬‬ ‫فالفيلم حيكي عن ميرتا‪ ،‬الفتاة اليت قتلت زوج أمها‪ ،‬وحكمت بالسجن‬ ‫املؤبد‪ ،‬حني تلتقي بطاهرة السجانة املتشددة‪ ،‬لتصبح العالقة بينهما‬ ‫هي مرآة للحديث عن تطورات اجملتمع اإليراين احملكوم من قبل السلطة‬ ‫الدينية خالل عشرين عاماً‪ ،‬هي زمن احلكاية نفسه‪ ،‬ورغم أن الفيلم قد‬ ‫حاول أال يكون صدامياً مع الرقابة‪ ،‬غري أنه مل يسلم من براثنها‪ ،‬فقد‬ ‫ُهددت املخرجة بالسجن فيما لو قامت بعرض فيلمها ضمن مهرجان‬ ‫‪ 36‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬

‫علي سفر‬ ‫(فجر) اإليراين‪ ،‬وبعد مرور سنتني على إنتاجه‪ ،‬ونيله عدداً من اجلوائز‬ ‫العاملية متت املوافقة على عرضه‪ ،‬بعد أن مت حذف املشاهد اليت حتكي‬ ‫عن اجلرمية والفساد والدعارة واإلدمان والشذوذ‪ ،‬ولكنه رغم ذلك سبب‬


‫مشكلة كبرية يف إيران‪ ،‬حيث مت حرق عدد من صاالت السينما اليت‬ ‫قامت بعرضه‪ ،‬بعد أن قارب عدد من شاهده املليون ونصف مشاهد‬ ‫إيراين‪.‬‬ ‫إظهار السجينة ميرتا صلعاء‪ ،‬ليس جمرد تفصيل صغري مير يف السياق‪ ،‬بل‬ ‫هو حماولة لتجاوز عقدة إظهار الشعر احملرمة على الشاشات يف إيران‪،‬‬ ‫فقضية اجلسد اليت ماتزال عقدة مستحكمة‪ ،‬ولّدت ردود أفعال قاسية‬

‫جتاه السلطة لدى البعض من النساء‪ ،‬وهكذا يصبح أمراً مفهوماً قيام‬ ‫املمثلة جلشيفته فراهاين بتعرية صدرها بعد أن خرجت من بلدها‪،‬‬ ‫كخطوة احتجاجية‪ ،‬بعد أن قال هلا مسؤول يف وزارة ثقافة بالدها بأن‬ ‫إيران ليست حباجة للممثلني‪ ،‬وأن عليها أن تصنع فنها خارج البالد!‬ ‫كذلك يتجلى اهلاجس يف أعمال املخرجة واملصورة الفوتوغرافية شريين‬ ‫نشأت‪ ،‬اليت جعلت من صورة املرأة اإليرانية بزي (التشادور) موضوعها‬ ‫األثري‪ ،‬يف األعمال اليت قدمتها يف الغرب‪ ،‬وأيضاً ظهور الفيلم السينمائي‬ ‫(رجم ثريا) للكاتب اإليراين فريدون شهاب جام‪ ،‬واملخرج األمريكي‬ ‫كرييوس نورستيه يف العام ‪ ،2008‬ليجعل من موضوع عالقة املرأة‬ ‫جبسدها وحريتها الشخصية‪ ،‬أمراً يتجاوز كونه موضوع شائك لدى‬ ‫املسلمني عامة‪ ،‬ليصبح الرتكيز فيه على احلالة اإليرانية دون غريها‪.‬‬ ‫املخرجون واملخرجات اإليرانيات‪ ،‬ال يرون األمر من هذه الزاوية‬ ‫األحادية اجلانب‪ ،‬بل هم يسعون ألن يضعوا قضية املرأة ضمن سياق‬ ‫جمتمعي أكثر قرباً من مواطنهم ذاته‪ ،‬إذ يعتمدون طرقاً متعددة يف‬ ‫االلتفاف على الرقيب‪ ،‬فاملرأة اليت شاركت يف الثورة اخلضراء عام‬ ‫‪ ،2009‬تستحق أن يتم النظر إىل قضيتها بالتناظر مع قضية اإلنسان‬ ‫اإليراين نفسه‪ ،‬الذي يعاين من قمع سياسي ديين‪ ،‬ينعكس على كل‬ ‫جماالت احلياة‪ ،‬وهذا األمر ال يغيب عن عمل املخرجات اإليرانيات‬ ‫أنفسهن فالنساء ينهضن ضمن السينما اإليرانية كصانعات للحياة‪،‬‬ ‫بذات الدرجة‪ ،‬اليت يعمل فيها الرجل على ذلك‪ ،‬واألفالم تتعاطى مع‬ ‫الشأن االجتماعي‪ ،‬ضمن منظور جيعل من مكونيه األساسيني الرجل‬ ‫واملرأة على قدم املساواة يف نيل جرعات القهر‪ ،‬ومبا جيعل من توجيه‬ ‫سهام النقد للسلطات القامعة أسهل وأكثر براعة‪ ،‬ففي فيلم (انفصال)‬ ‫للمخرج أصغر فرهادي‪ ،‬الذي حاز جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنيب‬ ‫يف العام ‪ ،2011‬نعثر على صورة مقاربة هلذه الفكرة‪ ،‬حيث تقوم‬ ‫احلكاية على طلب الزوجة الطالق من زوجها‪ ،‬قبل أن تبدأ معاناهتما‬ ‫مع اهتام الزوج بالتسبب بإجهاض اخلادمة‪ ،‬ضمن سلسلة أحداث‬ ‫تتكرس لكشف معاناة اإلنسان اإليراين يف هذا الزمان‪.‬‬ ‫كما أن الرتكيز على احلالة االستثنائية يف السياق اجملتمعي‪ ،‬يصبح‬ ‫إشارة للفت االنتباه إىل طبيعة النظام القائم‪ ،‬وهنا نتذكر فيلم (تسلل)‬ ‫جلعفر بناهي يف العام ‪ ،2006‬الذي يقدم لنا فتاتني حتاوالن الدخول‬ ‫إىل ملعب كرة قدم حلضور مباراة بعد أن تلثمتا‪ ،‬ضمن وض ٍع غريب‬ ‫ُتنع النساء فيه من دخول مدرجات املشجعني‪.‬‬ ‫السينما هنا يف تعاطيها مع املرأة‪ ،‬تبدو أكثر انسجاماً مع السياق‬ ‫الذي تعمل فيه‪ ،‬فهي ال حتاول أن تتشبه بغريها‪ ،‬وتستعيض عن ذلك‬ ‫باالشتغال على مفردات اجملتمع ذاته‪ ،‬فالسلطة السياسية والدينية ال‬ ‫تستطيع أن تلغي دور املرأة يف اجملتمع‪ ،‬ولكنها حتاول تقنني حرية‬ ‫اجلميع‪ ،‬فإذا كانت املرأة وبشكل طبيعي تعاين من االضطهاد املركب‪،‬‬ ‫فإن السينما تنصرها‪ ،‬عرب حتميل قضيتها أبعاداً تتجاوز املظاهر الشكلية‬ ‫كقضية احلجاب‪ ،‬واليت ما فتئ البعض يعتمدها كمعيار ساذج‪ ،‬لقياس‬ ‫مقدار احلرية يف اجملتمعات الشرقية‪.‬‬ ‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪37 2014‬‬


‫اإلبداع الفكري العربي‪ ...‬إلى أين ؟!‬ ‫مق ّدمة‬

‫اقتصر مفهوم التعددية اصطالحاً على املستوى‬ ‫التنظريي السياسي االجتماعي‪ ،‬يف داللة تفيد‬ ‫إمكانية اشرتاك وضرورة إشراك أكثر من لون أو‬ ‫طيف أو رؤية أو حىت معتقد حيال التعاطي‬ ‫مع موضوع بعينه‪ ،‬نظرياً‪ ،‬أو تطبيقياً سلوكياً‪،‬‬ ‫أو كالمها معاً‪.‬‬ ‫فهل جيوز لنا ومن منطلق املعىن اللغوي للكلمة‬ ‫أو املعىن الداليل للمصطلح أن نقيسه ونسقطه‬ ‫على املوضوعات اإلبداعية املختلفة؟‬ ‫أوليست احلالة اإلبداعية‪ ،‬وخصوصاً وقت‬ ‫األزمات ورغم فضاءاهتا املتباينة ضيقاً أو‬ ‫املقومات احلتميّة‬ ‫اتساعاً‪ ،‬حتمل يف جوهرها ّ‬ ‫للتعددية؟‬ ‫أليس مسرح الواقع املتأ ّزم على األرض‪ ،‬ومبعناه‬ ‫العريض فناً وأدباً هو املنتج اجلامع بالضرورة‬ ‫ملكونات إبداعية متعددة خمتلفة أو حىت‬ ‫متضادة على مستويات ع ّدة؟‬ ‫مسي‬ ‫منذ زمن ليس بالقصري‪ ،‬وقبل اندياح ما ّ‬ ‫بالربيع العريب‪ ،‬شهدت احلركة الفنية واألدبية‬ ‫العربية ظاهرة خاصة من نوعها‪ ،‬جتلت يف‬ ‫إنتاجات محلت صفة الفردية وإن كانت‬ ‫يف شكلها حتتمل صفة الشراكة والتفاعلية‪،‬‬ ‫ما جيعلنا نقف أمام أسئلة حمددة‪ ،‬وعلى‬ ‫أرضية املقولة الشهرية اليت تعترب اإلبداع مرآة‬ ‫للمجتمع‪.‬‬ ‫هل ألقت احلالة السياسية العربية السلطوية‬

‫‪ 38‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬

‫االحتكارية بظالهلا على املشهد اإلبداعي‬ ‫بوجهه العام؟ هل استنسخت آليّة تعاطيها‬ ‫مع مفردات الواقع اجليوسياسي لتشمل‬ ‫احلالة اإلبداعية؟ هل انتقلت عدوى السلوك‬ ‫السياسي إىل تفاصيل العملية اإلبداعية؟ أم إهنا‬ ‫بالعموم تعترب شريكاً أساسياً يف هذه الظاهرة‬ ‫االحتكارية وليست تابعة هلا؟‬

‫هل ألقت الحالة السياسية العربية‬ ‫السلطوية االحتكارية بظاللها على‬ ‫المشهد اإلبداعي بوجهه العام؟ هل‬ ‫استنسخت أليّة تعاطيها مع مفردات‬ ‫الواقع الجيوسياسي لتشمل الحالة‬ ‫اإلبداعية؟ هل انتقلت عدوى السلوك‬ ‫السياسي إلى تفاصيل العملية اإلبداعية؟‬ ‫أم إنها بالعموم تعتبر شريكاً أساسياً في‬ ‫هذه الظاهرة االحتكارية وليست تابعة‬ ‫لها؟‬ ‫من الواضح أن تلك العملية اإلنتاجية لإلبداع‬ ‫الفين العريب قد تقلص إطارها التشاركي اجلماعي‬ ‫إىل حدوده الدنيا‪ ،‬وأصبح مفهوم التعددية غريباً‬ ‫عليها‪ ،‬وميثل احلالة الشاذة عنها إذا ما توفر‬ ‫فيها أصالً‪.‬‬

‫المؤسساتيّة‬ ‫تعددية الحالة اإلبداعية ّ‬

‫عادل رشيد‬ ‫العملية اإلنتاجية من خالهلا ضرورة جافة حتت‬ ‫وطأة الواجب البحت‪ ،‬وتبتعد عن كوهنا حمركاً‬ ‫للعمل اإلبداعي احلي النضر الذي ال ميكن‬ ‫إخضاعه لشروط روتينية‪ ،‬أو لتفاصيل وقوالب‬ ‫مسبقة‪.‬‬ ‫بطبيعة احلال ال ميكن أن نغفل حقيقة كون‬ ‫هذه املؤسسات خضعت بدورها ملقاييس‬ ‫أيديولوجية سياسية ضيقة‪ ،‬وثوابت فكرية رثة‪،‬‬ ‫إضافة لـ«تابوهات» اجتماعية حمددة ومعاير‬ ‫أخالقية صارمة عفى عليها الزمن‪ ،‬األمر الذي‬ ‫طبّق على حركتها عزم عطالة كبري‪ ،‬فقُلص‬ ‫حجمها املفرتض وختلف دورها الوظيفي‪،‬‬ ‫وبالتايل فقدت فاعليتها اإلبداعية‪ ،‬وإالّ كيف‬ ‫نفسر عدم اختالف النتاجات اإلبداعية كماً‬ ‫ّ‬ ‫أو نوعاً باختالف األفراد الذين تعاقبوا على‬ ‫إدارة هكذا مؤسسات‪ ،‬إال بنسب تكاد ال‬ ‫تذكر حيكم اختالفها مبدأ الظرف الشخصي‬ ‫والصدفة الراهنة‪ ،‬ال آليات التعاطي املختلفة مع‬ ‫جوهر الفعل اإلبداعي غري املشروط‪.‬‬

‫عندما تفقد المؤسسة الفنية حالتها‬ ‫التعددية كصفة بنيويّة أساسية فيها‪،‬‬ ‫تأخذ شكل الفراغ األجوف الكتيم‬ ‫معدوم الصدى‪ ،‬ويرتبط إنتاجها ارتباطاً‬ ‫مباشراً بعقلية الفرد وتصبح مركزية القرار‬ ‫فيها عبئاً على وظيفتها الجوهرية‪.‬‬

‫عندما تفقد املؤسسة الفنية حالتها التعددية‬ ‫كصفة بنيويّة أساسية فيها‪ ،‬تأخذ شكل الفراغ إن العملية اإلبداعية املؤسساتية واحلكومية‬ ‫األجوف الكتيم معدوم الصدى‪ ،‬منها على وجه التحديد‪ ،‬دارت يف فلك ضيق‬ ‫ويرتبط إنتاجها ارتباطاً مباشراً بعقلية وضمن مساحة ال فضاءات رحبة هلا‪.‬‬ ‫الفرد وتصبح مركزية القرار فيها عبئاً‬ ‫على وظيفتها اجلوهرية‪ ،‬فتشكل‬


‫التعددية في التجربة الخاصة‬

‫مع احتفاظها بكوهنا جتربة خاصة‪.‬‬

‫املؤسسايت‪ ،‬عزف الكثريون من العاملني يف‬ ‫حقوهلا عن النشاط حتت مظلتها بشكل‬ ‫مباشر‪ ،‬مفضلني العمل اخلاص يف مساحة‬ ‫ال وجود فيها لسلطة املؤسسة املباشرة‪ ،‬أو‬ ‫لشروطها املعوقة الكثرية‪ ،‬الفكرية منها واإلدارية‪،‬‬ ‫يف حماولة للبحث عن فضاءات أوسع وأكثر‬ ‫مرونة‪ ،‬يستطيع املبدع من خالهلا تقدمي مشروعه‬ ‫يف ظروف أكثر حرية‪ ،‬تتيح له إمكانية تقدمي‬ ‫ذاته اخلاصة يف حماكاة واقعه الراهن‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬ويف الكثري من التجارب اليت أنتجت‬ ‫ضمن هذه الصف‪ ،‬لعبت ردة فعل المبدع‬

‫مما ال شك فيه أن العمل اإلبداعي اجلماعي‬ ‫حباجة إىل قيادة صارمة ذات رؤية واضحة‬ ‫وهدف حمدد‪ ،‬ولكن هل تلغي هذه الصفة‬ ‫اهلامة اهلوامش الشاسعة لشركاء العمل؟‬ ‫إن مفهوم العمل اجلماعي ال يقتصر على‬ ‫تقسيم وتوزيع األدوار أو حتديد املهام وحسب‪،‬‬ ‫بل يعين بالضرورة العمل على شحن اإلرادات‬ ‫احلرة وتوظيفها ضمن نسق أو إطار توافقي‬ ‫ّ‬ ‫موحد‪ ،‬يضبط اهلدف العام وحيدده بدقة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وحيرر التفاصيل واألدوات التقليدية‪ ،‬لتنطلق‬ ‫حنو غاياهتا على اختالفها وتنوعها‪ ،‬داخل لوحة‬ ‫واحدة مشكل ًة مشهداً متنوعاً منسجماً متكام ً‬ ‫ال‬ ‫غنياً مبختلف التفاصيل‪ .‬إن إجناز هكذا طريقة‬ ‫يف إدارة الفعل تتطلب بالضرورة إمياناً بعقل‬ ‫اآلخر‪ ،‬واعرتافاً واضحاً بشراكته وقدرته على‬ ‫حماكاة األهداف الفكرية والفنية للعمل‪ ،‬ما‬ ‫يعين اإلميان باالختصاص والتخصص وقدرات‬ ‫اآلخرين‪ ،‬وتسريح العنان لرتمجتها فعلياً على‬ ‫أرض الواقع‪ ،‬واملضي هبا وإطالقها إىل هناياهتا‬ ‫احلرة بعيداً عن األحكام املنقوصة املتعجلة‪.‬‬ ‫إن االجتهاد يف الكشف عن مكمن القوة‪،‬‬ ‫والبحث عن مواطن اجلمال داخل الشريك‬ ‫يف العمل اإلبداعي وتفعيلها وحتفيزها وإتاحة‬ ‫الفرصة للتعبري عنها‪ ،‬وطرحها ضمن النسق‬ ‫مسواً‬ ‫العام املنسجم مع العمل‪ ،‬هدف ال يقل ّ‬ ‫عن أي هدف فكري أو فين يصار إىل طرحه‬ ‫أو تقدميه‪ ،‬وهو ما يرفع من سويته ويغنيه ويرتقي‬ ‫به بطبيعة احلال‪.‬‬

‫أمام هذا الواقع الراهن للعمل اإلبداعي الليبرالية الفكرية في العمل اإلبداعي‬

‫على الواقع المؤسساتي الجامد‪ ،‬وفهمه‬ ‫السطحي لمعوقات عملها‪ ،‬ومخاوفه الذاتية‬ ‫على مشروعه الخاص‪ ،‬دوراً سلبياً آخر‬ ‫في التجربة‪ ،‬إذ غالى البعض في تقييم‬ ‫حيز الحرية المتاح هنا‪ ،‬وإمكانية انفالته‬ ‫من المعوقات الموجودة هناك‪ ،‬ليقع في‬ ‫مطب احتكار الرؤية في عمل جماعي‬ ‫قوامه الرئيسي التعددية والتشاركية‪ ،‬فما‬

‫كان إال أن أعيد إنتاج الذهنيّة املؤسساتية‬ ‫الضيقة املغلقة على منوذج واحد من األفكار‬ ‫والرؤى يف الشكل واملضمون‪ ،‬وذلك حتت‬ ‫مسمى الرؤية اخلاصة والنظرة الذاتية واملشروع‬ ‫ّ‬ ‫ونقر مبشروعيته‬ ‫به‪،‬‬ ‫نعرتف‬ ‫الذي‬ ‫الشخصي‬ ‫ّ‬ ‫وضرورته‪ ،‬ولكن هذا ال يلغي على اإلطالق‬ ‫مبدأ يضيف عليه ويغنيه وال يقلل منه أو يلغيه‪،‬‬ ‫وهو مبدأ التفاعلية يف العمل والتشاركية احلقيقية‬ ‫يف الرؤى الفنية الفكرية واجلمالية على مستوى‬ ‫التطبيق‪ ،‬وبالتايل حتقيق شرط تعددية التجربة‬

‫اإلبداع العربي برسم االنتظار‬

‫من املعروف أن لكل حقبة تارخيية أو مرحلة‬ ‫زمنية معيّنة أدواهتا السياسية واالجتماعية‬ ‫والثقافية اخلاصة هبا يف اإلنتاج أو االستهالك‪،‬‬ ‫تعب عنها وتعطيها صفاهتا املميزة وطابعها‬ ‫واليت ّ‬ ‫اخلاص‪.‬‬

‫إن خصوصية تط ّور المجتمعات اإلنسانية‬ ‫خصوصية كلية متوازية‪ ،‬إما أن تكون‬ ‫متخلفة بكل وسائل إنتاجها واستهالكها‬ ‫معاً‪ ،‬أو متطورة بكليتها معاً‪ ،‬والشاذ في‬ ‫هذا المقام يؤيد القاعدة وال ينفيها‪.‬‬ ‫يبدو واضحاً أن اجملتمعات اإلنسانية حتت‬ ‫أي صفة سياسية انضوت‪ ،‬إمنا ترتقي أدواهتا‬ ‫أو تتخلف وعلى كافة األصعدة بشكل متوا ٍز‬ ‫كلي منسجم‪ ،‬فال ميكننا أن نرى جمتمعاً متطوراً‬ ‫اقتصادياً وهو متخلف سياسياً أو اجتماعياً‬ ‫بنفس الوقت‪ ،‬أو أن جند جمتمعاً متطوراً‬ ‫ثقافياً يف ظل ختلفه االقتصادي الواضح‪ .‬إن‬ ‫تطور اجملتمعات اإلنسانية خصوصية‬ ‫خصوصية ّ‬ ‫كلية متوازية‪ ،‬إما أن تكون متخلفة بكل وسائل‬ ‫إنتاجها واستهالكها معاً‪ ،‬أو متطورة بكليتها‬ ‫معاً‪ ،‬والشاذ يف هذا املقام يؤيد القاعدة وال‬ ‫ينفيها‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬وإذا احتكمنا هلذه النتيجة أو الفكرة‪،‬‬ ‫وقمنا بتطبيقها على موضوعنا زمن ثورات الربيع‬ ‫العريب وما بعدها‪ ،‬يطل علينا سؤال جديد‬ ‫سيبقى جوابه برسم االنتظار‪.‬‬ ‫هل سيشكل الواقع السياسي العريب اجلديد‬ ‫رؤية خمتلفة يف املشهد اإلبداعي العريب؟‬

‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪39 2014‬‬


‫اللـوحــة‪...‬‬ ‫علي أن َ‬ ‫أفعل هذا كل يوم‬ ‫َّ‬ ‫اقب نظراتكم العابرة تلمحين وختتفي‬ ‫أن أر َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫مههمات خافتة‬ ‫أنشغل بصياغة‬ ‫أن‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫أصحاب كل ليل‬ ‫أن أؤلّ َف احلكايات عن‬ ‫أنصت بصربٍ ماحل إىل األصوات املرتاكمة كما الكلس‬ ‫وأن َ‬ ‫أشيح بوجهي عن الشهوات املنحوتة بأظافر الضجر‬ ‫و َ‬ ‫أصو َب نظري حنو الكنيسة القريبة‬ ‫أو ِّ‬ ‫حيث يطلع ذلك الضوء امللتَبس‬ ‫كاشفاً الطريق للوافدين من املوتى اجلدد!!‬ ‫مث يف آخر الليل‬ ‫الصمت على مساحة املكان‬ ‫يستقر‬ ‫ُ‬ ‫بعد أن ّ‬ ‫أنفض عن جسدي بقايا النعاس‬ ‫ورما َد السجائر ِعن ألواين الداكنة‬ ‫قشرتُه‬ ‫َّ‬ ‫أترج ُل عن احلائط الذي يتشبَّث يب كما لو أنّين َ‬ ‫ألفرَغ يف جويف ما تبقّى من رغب ِة اخلم ِر يف ِ‬ ‫كؤوس ُكم‬ ‫ِ‬ ‫الطاوالت أرقا َم هواتف جمهولة‬ ‫أمللم عن‬ ‫و َ‬ ‫دم َع العشاق املهجورين‬ ‫احلب‬ ‫وحش َة الباحثني‪ ،‬بال طائل‪ ،‬عن ّ‬ ‫و عن األرض‬ ‫آثار األقدام اليت استدرجت سواها‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫صوت بشري‬ ‫يل‬ ‫كان‬ ‫لو‬ ‫كما‬ ‫‪،‬‬ ‫مث‬ ‫ٌ‬ ‫أصرُخ يف ّبريّة ذلك الظالم‬ ‫مصرح ًة بأفكاري كلِّها‬ ‫ّ‬ ‫الشريرِة‬ ‫الطيّبة‬ ‫َّ‬ ‫اليت أل ْفتُها‬ ‫أحاديث اعت ْد ُت مسا َعها َّ‬ ‫مجعتها من ِ‬ ‫كل ليلة‬ ‫ظالل‬ ‫َ‬ ‫واليت ّ‬ ‫َّ‬ ‫أصرخ كما لو أن أحداً يسمعين‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫اخلشب أنا‬ ‫جمرِد‬ ‫ُ‬ ‫لست من ّ‬ ‫و ال ذاكرًة لأللوا ِن فقط‬ ‫ختمنوا‬ ‫ُ‬ ‫لست َ‬ ‫صماء وجامد ًة كما حيلو لكم أن ّ‬ ‫ُ‬ ‫يل مثلُكم أوجاعي اليت مل تشعروها‬ ‫وحشيت‬ ‫شهوايت‬ ‫عن‬ ‫رغبيت ِ‬ ‫جتذب اهتما َم ُكم ّ‬ ‫بقتل من ُ‬ ‫تلك الشامت ُة يب‬ ‫وهي تزهو بإعجاب ُ‬ ‫ِكم املصطنع‬ ‫املستند ُة مثلي إىل ٍ‬ ‫ساذج ال يعنيه شيء‬ ‫حائط ٍ‬ ‫‪ 40‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬

‫رشا عمران‬

‫ٍ‬ ‫خشب مثلي‬ ‫اليت هي من‬ ‫نفس مقاسي‬ ‫وهلا ُ‬ ‫ونفس طبيعيت‬ ‫ُ‬ ‫علي أن ال لغ َز يب‬ ‫تأخذون‬ ‫كم‬ ‫لكنّ‬ ‫ّ‬ ‫سر عندي لتفضحوه‬ ‫وال َّ‬ ‫وأ ّن من صنعين مل يعربِ َّ‬ ‫َ‬ ‫الفاصل إىل الطيف!!‬ ‫احلد‬ ‫غريَ أنّكم‬ ‫من غريَ ما َتـ َرونه‬ ‫ال َتـ َرون ّ‬ ‫اياي اليت ال تنا ُظ َر فيها‬ ‫ال تتنبّهون إىل زو َ‬ ‫ِ‬ ‫الظالل اليت متّيـ ُز جسدي‬ ‫و ال إىل‬ ‫ال ترون غريَ ما ِ‬ ‫ميكنُكم أن َتـ َروه‪:‬‬ ‫اللوح ُة اليت أنا هي اآلن‬ ‫املعلّق ُة على ٍ‬ ‫يكرتث لشيء‬ ‫حائط ساذج ال‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫املالصق لكنيس ٍة يطل ُع منها ضوٌء ملتَبِس‬ ‫يف البا ِر‬ ‫يق للوافدين من املوتى اجلدد‬ ‫كاشفاً الطر َ‬


‫أنثى الماء‬ ‫«كل شيء على ذمة الماء افتراض»‬ ‫‪ -1‬أخدود العطش‪:‬‬ ‫ ورأيتين ‪...‬‬‫أقف يف بركة طني‪ ..‬واملاء يتسلّقين كدبيب‬ ‫النمل حىت يغطي َّ‬ ‫كل جسدي‪ ..‬فيشد شعري‬ ‫إىل األعلى وتغوص قدماي يف الطني أكثر‪ ،‬مث‬ ‫تلمع عيناي بضوء أخضر‪ ،‬فأمسع هلاث املاء‬ ‫وهو ميأل كل الفراغات‪ ..‬ليبدأ املاء باالحنسار‬ ‫آخذاً معه ثويب األبيض‪ ،‬فلم أع ْد أراين وأستفيق‬ ‫مبتلة عند الصباح‪.‬‬ ‫تتأمل العرافة تفاصيل وجه األنثى‪ ...‬حتدق هبا‬ ‫طوي ً‬ ‫ال‬ ‫ رؤياك غريبة يا ابنيت ‪ ..‬لكن ال عليك‬‫كوب املاء وقراءة املعوذتني ميحوان حوافر‬ ‫الكابوس‬ ‫احتسي املاء أيتها األنثى!‬ ‫‪ -2‬الجدار‪:‬‬ ‫يقول النهر‪:‬‬ ‫ أنتما جنون واحد‪ ،‬مدينة حمايدة‪ ،‬لون أبيض‪،‬‬‫وبقية التفاصيل ال هتم‪.‬‬ ‫ترد املدينة‪:‬‬ ‫ ضفتان أنتما‪ ...‬ستغيب األنثى‪ ،‬وسريمجك‬‫األصحاب‪ ،‬سريمجك اجلبل البعيد‪ ،‬حىت‬ ‫أشجار التفاح سرتمجك‪ ،‬ومن بعد كل رمجهم‬ ‫سأرمجك‪.‬‬ ‫تقول األنثى‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ الفجر ضيَّع ساعة األذان فإىل ِّ‬‫أي اجلهات‬ ‫نصلِّي‪...‬‬ ‫لكين سأصلِّي املغرب خلسة وسأعرب املاء ليالً‪.‬‬ ‫‪ -3‬حلم الماء‪:‬‬ ‫‪-1‬‬‫ومتضي إىل املاء‪ ...‬بال زعانف‬ ‫ويولد من ضلعها األيسر حلم حممل بالغمام‪ ،‬وإ ْذ‬ ‫تغين الكائنات املائية أغنية التالشي‪ ،‬تفتش هي‬ ‫عن الصوت يف رؤياها‪ ،‬فريتد الصوت ليشكل‬ ‫الوعي املكان‪ ،‬حتبس األنثى أنفاسها‪ ،‬وبرودة‬ ‫املاء تبعث يف نفسها قشعريرة الرؤيا‪ ،‬تتضح‬ ‫تفاصيل اجلسد‪ ،‬يتأوه املاء عميقاً‪ ،‬فيغادرها‬ ‫احللم خلسة‪ ،‬ويسبقه اجلسد إىل الرؤيا وتغيب‬ ‫الروح حنو القاع رمبّا‪ ...‬تبحث اإلشنيات عن‬ ‫أغنيتها املفقودة‪ ،‬حتاول أن تدرك لغة الغريق‪،‬‬ ‫حاملة لوناً بريئاً تتأمله ألوان األمساك متوجسة‬ ‫من أبيض غريق‪!...‬‬

‫‪-2‬‬‫الروح يعزف موسيقى الغارقني‪ ،‬ينساها الوقت‪،‬‬ ‫والضوء ال ميد يده كثرياً يف املاء النتشال األنثى‪،‬‬ ‫يبكي الليل الشتائي طوي ً‬ ‫ال وترتعش األعماق‬ ‫وتنفي الكائنات اخلضر موطنها‪ .‬يصيح طيف‬ ‫األنثى‪:‬‬ ‫ «ليعود الكالم مفردات أعيدوين إىل الرتاب»‬‫فينتفض الصدى إىل كل اجلهات‪ ،‬ويطفو على‬ ‫سطح املاء ثوب أبيض له رائحة الوحل!‬ ‫‪-4‬نزيف البياض (منطقة مكشوفة من‬ ‫النص)‬ ‫ أول املكاتيب صفحة بيضاء‪...‬‬‫قد قلت يل مرة أن األبيض يغويك‪ ...‬فاتين وأنا‬ ‫املتمرس على الصمت أن أرى وجهي هناك‪..‬‬ ‫ال أدري إن كان ما يأخذين هو مشهد اتكائنا‬ ‫على مدينة حمايدة نذرت نفسها –وحنن‬ ‫معها‪ -‬للمطر حلظة لقائنا األول وهي تردد‪:‬‬ ‫«قطرة‪ ......‬قطرة‪ ....‬انسكب احللم‪......‬‬ ‫بدأت هتطل»‬ ‫أهلذا ( كلما أمطرت بللين الغرام)؟‬ ‫ ألنين حزينة أمطرت‪..‬هي أمطرت تواطؤاً‬‫معي!‬ ‫شعرت بابتساميت املبتورة‪ ،‬وأنا كلي‬ ‫عندها‬ ‫َ‬ ‫أنت كلك دهشة‪ ،‬حينها وأنت‬ ‫و‬ ‫اكتشاف‪،‬‬ ‫َ‬ ‫كنت أحبث عن‬ ‫املسروقة‪،‬‬ ‫ابتساميت‬ ‫تبحث عن‬ ‫ُ‬ ‫فرحك املفقود‪...‬‬ ‫ترى هل وجدت أنثاك املفقودة يف النص؟ هل‬ ‫انتهيت من كتابته؟‬ ‫ أنثاي نذرت نفسها للبياض‪ ...‬تشبه املاء‬‫عصي على اإلمساك‪.‬‬ ‫حينما أكتبه‪ ...‬كالمها ٌّ‬ ‫هل حتبني املاء؟‬ ‫ قد أنساب على ضفة املاء اليت تقصد بأمان‬‫فرحك‪ ..‬رمبا نغين‪ ...‬نرقص‪ ...‬لكين أخشاه!‬ ‫‪ -5‬عفن النار‪:‬‬ ‫تلقي العرافة حبجراهتا السبع على قطعة قماش‬ ‫زرقاء قرب موقد النار‪ ..‬وراحت تتأمل طلسم‬ ‫األحجار‪ ،‬تغمض عينيها قليالً‪ ،‬تشحذ نفساً‬ ‫عميقاً‪ ،‬مث تلتفت إىل أم األنثى‪:‬‬ ‫ املاء أعمى لكنه يرى حدس األنثى‪ ....‬هذه‬‫الروح مل تر ِ‬ ‫تق إىل السماء هذه األنثى مل متسسها‬ ‫ذكورة النار! وأردفت‪:‬‬ ‫‪ -‬ناوليين قطعة من ثوهبا‪...‬‬

‫أيمن األحمد‬ ‫فتقص منه بطول ضفائر األنثى وتلقيه يف ألسنة‬ ‫النار‪ ..‬لكن تلك القطعة ال حترتق‪ ،‬جتحظ عينا‬ ‫األم‪ ،‬وتلقي العرافة بالقطعة مرة أخرى لكن‬ ‫البياض رفض االحرتاق‪ ،‬تلقيه للمرة اخلامسة‬ ‫فتنبعث من النار رائحة احلبق!‬ ‫‪ -6‬دموع التراب‪:‬‬ ‫جلس على الضفة يعاتب املاء‪ ،‬متلمساً عينيه‬ ‫املطفأتني‬ ‫ العيون مثل السماء‪ ....‬قالتها لك ذات لقاء‬‫حاول إمساك املاء بيده‪ ،‬لكن األصابع خانته‬ ‫كما فعلتها عندما تردد يف مسح ضفائرها ذات‬ ‫غروب‪ ،‬بدت عيناه مثل مساء موحلة‬ ‫نادت شقوق الروح املاء‪ ،‬فارتد صوت العطش‬ ‫حزيناً لتمطر عيناه حجراً أسود!‬ ‫‪ -7‬تأويل العطش‪:‬‬ ‫يتساقط الضوء عند وضوح الرؤيا‪ ،‬وبراعم العنب‬ ‫تروي انتظار الصيف‪ ...‬ينتشي العطش وميزق‬ ‫رداء املاء مث ميضي إىل ذبول‪ ...‬تصمت القوارب‬ ‫وتتبادل كائنات الضفاف حكاية غياب اجلسد‬ ‫واحرتاق الروح يف املاء تُ ِّ‬ ‫كذب كائنات املاء‬ ‫تأويل كائنات الضفاف‪.‬‬ ‫‪ -8‬موت أول للنص‪:‬‬ ‫حيمل املساء سكينة مخرية‪ ،‬فتداعب الريح‬ ‫ليتموج وينشغل بالتقاط‬ ‫الربيعية جسد املاء َّ‬ ‫حبات الطلع‪ ،‬فتطفو على جسده فقاعات‬ ‫متتالية‪...‬‬ ‫هتتز القوارب‪ ،‬وحتبسكائنات الضفاف أنفاسها‪،‬‬ ‫تتضح الرؤية‪ ،‬ويرتعش املاء بوجل‪..‬‬ ‫يتربعم من حدس األنثى ضوء أخضر يصافح‬ ‫ظل الفجر وينمو!‬ ‫‪ -9‬موت ٍ‬ ‫ثان للنص‪( :‬منطقة مكشوفة من‬ ‫النص)‬ ‫هي‪:‬‬ ‫ أحدس بشيء ما‪ ....‬وال أعرف أي ماء‬‫يبقيين على اشتعايل!!‬ ‫هو‪:‬‬ ‫جاءين رجل يف احللم وقال يل‪:‬ثق‬‫حبدسك‪....‬‬ ‫قلت‪ :‬كيف؟‬ ‫قال يل‪ :‬املاء حيرتق!‬ ‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪41 2014‬‬


‫في ليلتها األلــف‬ ‫يف ليلتها األلف‪ ،‬إىل صديق مل يزل عماد الغايل‬ ‫صديقي ورفيق ربع قرن من األحالم املؤجلة‪،‬‬ ‫صار الوقت الزماً للحديث من جديد‪ ،‬مضت‬ ‫سنتان على آخر حوار ساخن بيننا‪ ،‬مث لقاء‬ ‫وحيد يف مدينتنا املنكوبة‪ ،‬كنا متعبني وهرمني‬ ‫ومجعنا شارع ضيق‪ ،‬فسلّمنا بربود وتابع كل منا‬ ‫طريقه‪ .‬وإىل اآلن أحاول أن أدرك كيف حللمنا‬ ‫املؤجل ربع قرن‪ ،‬أن تناسل طريقني غري متسقني‪،‬‬ ‫وأحاول يف رساليت لك اليوم تقليص الزاوية اليت‬ ‫انفرجت على ح ّدهتا‪ ،‬ومل تشفع هلا سنوات من‬ ‫درب واحد طويل مشيناه بكل ود‪.‬‬ ‫هي ألف يوم على رزنامة األيام قادرون على‬ ‫رصفها كأوراق لتغطي ساحة صغرية‪ ،‬لكن‬ ‫حمتواها من األمل كان وسيبقى طوي ً‬ ‫ال والفتاً‪ .‬منذ‬ ‫عامني كان آخر حوار بيننا‪ ،‬كان حاداً مرعباً‪،‬‬ ‫من ذلك الذي ال يبقي فسحة لكالم‪ ،‬بل كنا‬ ‫صب غضبنا املتبادل على‬ ‫حناول مع كل عبارة َّ‬ ‫اآلخر‪ ،‬مرة جبهيت متهماً النظام‪ ،‬مرًة جبهتك‬ ‫متهما املعارضة‪ ،‬ومرًة بصيغة جمهول‪ ،‬إىل أن‬ ‫صار آخراً أنا وأنت‪ ،‬صرنا نرى يف كل ما جيري‬ ‫انعكاساً ملا نؤمن به من أفكار‪ ،‬وكنا أنت وأنا‬ ‫وسقراط خلفنا بقاعدتني كبريتني متنقاضتني‪،‬‬ ‫وباستنتاجني متناقضني بالتايل‪ ،‬صار حوارنا‬ ‫بقصد التشكيك واإليالم واصطناع العراك‪،‬‬ ‫انتصر العبث والتطرف العام على ربع قرن من‬ ‫العقالنية‪ ،‬انتصر اجلنون بكل تالوينه وقطعنا‬ ‫تذكرة فيه‪ ،‬وقلنا دون أن نقول وداعاً‪ ،‬كل واحد‬ ‫منا يربر أن صديقه القدمي مقابله‪ ،‬ضاع يف‬

‫‪ 42‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬

‫عالء الدين زيات‬ ‫الزحام وماعاد جيدي إنقاذه‪ ،‬اليوم جيب أن‬ ‫أعرتف أننا هزمنا يف تلك اللحظة‪ .‬ألف يوم‪،‬‬ ‫ال تصدق أنه مر أسبوع مل ختطر فيه ببايل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تذكر وأوراق وموسيقى وروايات مستعارة‪،‬‬ ‫ومالحظات على مقاالت‪ ،‬وضحكات ترن يف‬ ‫املكان ودمع‪.‬‬ ‫تدرك أن ربع قرن من زهرة عمرنا األهم‪ ،‬يصعب‬ ‫شطبها مبجرد رغبة‪ ،‬مهما كانت حمفزة‪ ،‬لكن‬ ‫يرق ملستوى إعادة فتح احلوار‪.‬‬ ‫ذلك مل َ‬ ‫وحنن نرى البلد ينهار‪ ،‬وحنن نرى بىن أجيال‬ ‫تودِّع كزورق مثقوب‪ ،‬وحنن خناف ونرتعد كل‬ ‫يوم‪ ،‬بقيت زوايانا أقوى‪ ،‬وهزميتنا أمام لوحة‬ ‫اجلنون مستمرة شهراً إثر آخر‪ ،‬كنا أسرى‬ ‫اخليبة املتزاوجة باجلنون‪ ،‬لتنجب مهزومني‪.‬‬ ‫وفوق فعلتهم النكراء بشطب العقل‪ ،‬ينتاهبم‬ ‫الغرور حول أحقيتهم التارخيية بامتالك احلقيقة‬ ‫الناصعة‪ ،‬وأية حقيقة! وا عماد‪ ،‬إىل اآلن‬ ‫يصعب علي إدراك دوافعي لكتابة هذه الرسالة‪،‬‬ ‫اشتياق لسهراتنا‪ ،‬وتعرف‬ ‫صدقين ليس يف األمر‬ ‫ٌ‬ ‫أن رأس السنة دائماً كان وسيلتنا لتباشري عام‬ ‫جمهول قادم‪ ،‬لكن رمبا غريزة البقاء وحدها نامية‬ ‫تطل برأسها دومنا استحياء‪ ،‬أمحل منقلة القياس‬ ‫ومساطر الرسم املدرجة بالسنتميرت واإلنش‬ ‫وبالبوصة لو شئت‪ ،‬أحاول قراءة كيف صرنا‬ ‫حيث صرنا اليوم‪ ،‬ورمبا بالغريزة املشار هلا‪،‬‬ ‫أفرتض عدم صوابية أي موقف صوابية مطلقة‪،‬‬ ‫بت أكره مطلقات اإلميان السرمدية تلك غري‬ ‫املعرتفة باحتماالت اخلطأ‪ ،‬رمبا هذا واحد مما‬

‫أجنزته ألف ليلة وليلة اليت مضت‪ ،‬وألين لست‬ ‫مهزوماً حىت أفق االنتحار‪ ،‬أو املوت كمداً‪،‬‬ ‫وألنك لست مهزوماً حىت أفق االنتحار أو‬ ‫املوت كمداً أكتب ما أكتب‪ ،‬عرب أية أرصفة‬ ‫يأتيك أنني املعذبني‪ ،‬اجته عرب كل بوابات‬ ‫اهلروب من منزلقات الظلم‪ ،‬فتش عن الفتحات‬ ‫األرحب‪ ،‬وعند كل خيار بني الظامل والضحية‬ ‫اخرت جانب الضحية‪ ،‬ال ختلط بني االثنني‪ ،‬لن‬ ‫أعري لالصطفاف القدمي أية معايري‪ ،‬فقط هزميتنا‬ ‫معيار رئيسي‪ ،‬وهنا عرب «نا» غري الدالة على‬ ‫الفاعلني هذه‪ ،‬أحاول جر ضلعي الزاوية لتبدآ‬ ‫الدوران لنسج حوار جديد كلياً‪.‬‬ ‫اليوم صباحاً‪ ،‬على احلاسب يف ملفايت القدمية‪،‬‬ ‫كنت‬ ‫مثة جملد جديد وجدت فيه ملفاً بامسك‪ُ ،‬‬ ‫نسيتُ​ُه زمناً‪ ،‬فيه جمموعة أغاين طاملا أثرت مللنا‬ ‫لكثرة تكرارها‪ ،‬كان بينها سأحدثكم عن أمين‪،‬‬ ‫كنت ترفع صوتك كل مرة مع مقطع امتشق‬ ‫الطفل فراشته البيضاء‪ ،‬وكأنك كنت تريد أن‬ ‫تكونه أمين‪ ،‬واليوم مازال بوسعك أن تكونه‪،‬‬ ‫فقط إياك يا عماد أن تصوب حنو األرض‪ ،‬فال‬ ‫أريدك أن ترديها وال أن ترديك‪.‬‬ ‫صديقي الغايل‪ :‬شهرزاد اهلاربة من جنون‬ ‫شهريار يف ليلتها األلف‪ ،‬تقول احلكاية‬ ‫إهنا أهنت فزعه وفقدانه الثقة‪ ،‬حنن ما زلنا‬ ‫يف الليلة األوىل بعد األلف‪ ،‬وكل أملنا‬ ‫أن يبقى لشهرزاد الفرصة للكالم املباح‪.‬‬ ‫أي محل ثقيل هو؟‬


‫العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2014‬‬

‫‪43‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.