Alsaieda magazine 2

Page 1

‫شـهرية مستقلـة تعنى بـاملرأة السـورية‬ ‫تصدر عن املركز السوري للصحافة والنشر‬ ‫شباط ‪ / 2014‬العدد (‪)2‬‬

‫مفهوم الجندر‬ ‫الدراما السـورية تبحــث عن هوية جــديدة‬ ‫عن الــجسد في ثقــافة االحتجــاج العربية‬ ‫رسائل من سوريا أو دحض الـرواية اإليـرانية‬ ‫الرسمية‬ ‫لقاءات‬ ‫د‪ .‬أحمد طعمة رئيس الحكــومة المـؤقتة‬ ‫عالية منصور عضو االئتالف‬ ‫تحقيق‪ :‬سوريات يتقن أعما ً‬ ‫ال لم يعرفنهـا‬


‫العناوين‪:‬‬ ‫افتتاحية‬

‫‪29‬‬

‫السوريات يواجهن احلياة اليت فرضت عليهن‬ ‫ً‬ ‫نساء ّ‬ ‫أعماال مل يعرفنها‪.‬‬ ‫يتقن‬ ‫حتقيق حممود الدرويش‬ ‫مدنيو محص احملاصرة بني رحى االعتقال واجلوع‬ ‫ً‬ ‫جمهوال ‪..‬‬ ‫ومصري أكثر من مئيت نازح ال يزال‬ ‫سيدة سوريا تلتقي رئيس احلكومة املؤقتة‬ ‫د‪ .‬أمحد طعمة‬

‫ارتفاع األسعار يف املناطق احملررة‪..‬‬ ‫هل انقلبت الضحية إىل جالد؟‬

‫أثر العنف واحلرب على األطفال‬ ‫كوثر جودت سعيد‬

‫أكيد بكرة أحلى‪..‬‬ ‫د‪ .‬هند قبوات‬

‫من نص اتفاقية حقوق الطفل‬

‫املرأة وامتحان مرحلة التغيري يف سوريا‬ ‫املرأة الكردية كمغي‬ ‫خومشان قادو‬

‫تسالي‬

‫‪10‬‬

‫رئيس التحرير‪:‬‬ ‫حممد مالك‬

‫الدراما السورية تبحث عن هوية جديدة‬ ‫رعد شاهني‬ ‫من مواطنة سورية إىل «أخت » يف «دولة العراق والشام »‬ ‫يوسف شيخو‬

‫مدير عالقات عامة وترمجة‪:‬‬ ‫د‪ .‬إنعام شرف‬

‫عن اجلسد يف ثقافة االحتجاج العربية‬ ‫صوت املستور‪ ،‬صوت املتعري‪..‬‬ ‫علي سفر‬ ‫ً‬ ‫اقتصاديا يف الدول‬ ‫املشاركة السياسية ومتكني املرأة‬ ‫ا خلارجة من صراع ‪)2 /2 ( -‬‬ ‫د‪ .‬إنعام شرف‬ ‫سوريا‬ ‫وطن تساهم املرأة يف حتريره وبنائه‪.‬‬

‫سكرتري حترير‪:‬‬ ‫مراد عيد‬

‫رسائل من سورية ‪...‬‬ ‫بيسان الشيخ‬ ‫على مشارف آذار‪ ..‬غالية قباني‬

‫اإلمييل‪:‬‬

‫الرتب َية َّ‬ ‫البعثية‪ ..‬غسان مرتضى‬

‫الفيس بوك‪:‬‬

‫السيداو‬

‫وجوه‪..‬‬ ‫معرض يف اسطنبول هلبة عيزوق‬

‫ثقلة ب َ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ ٌ‬ ‫احلرب‬ ‫ذاكرة ُم ِ‬ ‫بريوز بريك‬

‫لقاء مع عالية منصور‬ ‫مفهوم اجلندر‪ ..‬مية الرحيب‬ ‫جرائم احلرب واإلبادة اجلماعية‬ ‫انتهاك مليثاق األمم املتحدة والقانون اإلنساني الدولي‬ ‫احملامية‪ :‬أ‪.‬ملك قاسم‬ ‫احملكمة اجلنائية الدولية حمكمة جرائم احلرب‬ ‫األطفال‪ ..‬من شرارة الثورة إىل تقديم الدليـل القـاطع‬ ‫على جرائم حرب يقتـرفهــا النظــام‬ ‫سحر حوجية‬ ‫رزان‪ ...‬ياسني احلاج صاحل‬

‫مدير التحرير‪:‬‬ ‫يامسني مرعي‬

‫‪27‬‬

‫املكتب الرئيسي‪:‬‬ ‫تركيا ‪ -‬غازي عينتاب‬ ‫ت‪00905533679528 :‬‬ ‫‪00905435322971‬‬ ‫‪00905347362458‬‬

‫أدب‬ ‫تفاصيل عابرة‪ ..‬مسر علوش‬ ‫الرتحال‪ ..‬هيفارون شريف‬ ‫خيط الشمعة‪ ..‬أمين األمحد‬ ‫مكتب الرئيس‪ ..‬عالء الدين زيات‬ ‫الصفحة األخرية‪ :‬عمل برونز لروناك أمحد‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫شهادة معتقلة‪ ..‬لبنى زاعور‬ ‫ماري كولفن ورميي أوشليك عامان على التضحية‬ ‫محلة التلقيح ضد شلل األطفال يف املناطق احملررة‬ ‫تبدأ جولتها الثالثة‬ ‫‪2‬‬

‫العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫السعر خارج سوريا‪ )5( :‬يورو‬ ‫توزع ً‬ ‫جمانا داخل األراضي السورية‬


‫افتتاحية‬

‫يف الالذقية يف قرية عني العروس‪ ،‬خرجت مظاهرة يف تشييع عشرة قتلى ضباطاً وجنوداً من أبناء القرية‪ ،‬كانوا قد قتلوا يف غوطة دمشق‪ ،‬وصلت‬ ‫جثامينهم دفع ًة واحدة ما أاثر غضب أهلهم الذين هتفوا يف تظاهرهتم‪( ،‬العلوي ابلقرب وبشار ابلقصر)‪ ،‬ما استدعى من مفرزة األمن العسكري‬ ‫أن تفرق املظاهرة ابلقوة‪.‬‬ ‫رمبا بلغ عدد القتلى السوريني من الطائفة العلوية يف حرب آل األسد على السوريني مجيعاً‪ ،‬أكثر من ستني ألفاً من خرية شبان الطائفة ورجاهلا‬ ‫تنج قري ٌة ورمبا أسرةٌ من خسارة قتلى ومصابني‪ ،‬ما خيلف عشرات آالف األسر اجلرحية‪ ،‬أمهات فقدن أبناءهن‪ ،‬نساء فقدن‬ ‫املعول عليهم‪ ،‬مل ُ‬ ‫ّ‬ ‫أزواجهن‪ ،‬فتيات فقدن أخاً أو أابً‪.‬‬ ‫يف اجلهة األخرى أكثر من ثالث مئة ألف قتيل‪ ،‬مئات آالف اجلرحى واملعتقلني‪ ،‬ماليني النازحني والالجئني بالد مدمرة حد التلف‪ ،‬وحشد إثين‬ ‫عرقي قومي ديين ومذهيب‪ ،‬ينذر ابستمرار الدمار استمرار القتل واستمرار خسارة األبناء واألزواج واآلابء واألخوة‪.‬‬ ‫يتعاىل يف سوراي اليوم صوت البنادق الذي يلجم األلسن‪ ،‬ومشاعر اخلوف والغضب والقهر اليت أتسر العقل‪ ،‬تعمي البصرية‪ ،‬متنعنا من التفكري‬ ‫املتوازن والرؤية الصائبة‪ ،‬إن يكن احلديث حول ّ‬ ‫التفكر والتم ّعن فيما حيصل‪ ،‬ومراجعة القناعات واملواقف مطلوابً من كل سوري‪ ،‬فإن النساء‬ ‫كموا األفواه‪،‬‬ ‫السورايت بظننا ّ‬ ‫هن األكثر قدرًة على مساعه‪ ،‬قبوله‪ ،‬وتبنيه‪ ،‬عانت سوراي استبداد آل األسد ظلمهم واستحواذهم على كل شيء‪ ،‬وقد ّ‬ ‫قيّدوا احلرايت وشردوا كل من ّ‬ ‫فكر يف قول كلمة حق لدى سلطان جائر‪ ،‬ال يستثىن من ذلك رجال علويون كانوا قامات مثال (صالح جديد الذي‬ ‫مات يف سجون حافظ األسد‪ ،‬والشاعر حممد الندمي الذي قطع شبيحة األسد لسانه)‪ ،‬ولن يكون آخرهم (علي حبيب وعارف دليلة وعبد العزيز‬ ‫اخلري ومنذر ماخوس‪ ،‬ومجال سليمان‪ ،‬وخولة دنيا ولويز عبد الكرمي )‪ ،‬وحيث ظل العلويون وقوداً لنار الطمع والتسلط اليت أشعلها آل األسد‪،‬‬ ‫منتجني كل أشكال الشبيحة واملتنمرين املتسلطني على الناس عرب اتريخ حكمهم‪ ،‬من أمثال مجيل األسد‪ ،‬وفواز األسد‪ ،‬وهارون ومنذر ومنري لص‬ ‫املصارف‪ ،‬إىل أن أتى زمن مازن األسد اتجر األعضاء البشرية‪ ،‬وهالل األسد الذي نشط إضافة للقتل والنهب‪ ،‬بتجارته العلنية يف خطف الناس‬ ‫وقبض الفدى‪ ،‬مروراً آبل خملوف الذين ملكوا البشر واحلجر‪ ،‬وقد عاىن العلويون َ‬ ‫أول السوريني من ظلمهم وأذاهم الكثري‪.‬‬ ‫من الذي وضع أرواح أبنائكن إخوانكن وأزواجكن‪ ،‬على محأة سكاكني اخلالفات وانر احلروب‪ ،‬عندما تنافس حافظ األسد وأخيه رفعت على‬ ‫حكم سوراي‪ ،‬فحشدوا أبناء الطائفة وقوداً لنار كانت ستقتل عشرات اآلالف‪ ،‬كما يتابع اليوم أبناء حافظ (بعد طرد عمهم جمرم احلرب)‪ ،‬يف قتل‬ ‫السوريني مجيعاً وأبناؤكن من ضمنهم‪.‬‬ ‫يذكر مصطفى طالس وزير الدفاع األسبق‪ ،‬يف كتابه (ثالثة شهور هزت سوراي)‪ ،‬الذي أصدره يف عهد حافظ األسد‪« ،‬وبلغ الغضب أشده لدى‬ ‫رفعت وحمازبيه‪ ،‬فصمم أن ينتقم من الطائفة املرشدية‪ ،‬وأمر عناصره أن يفتشوا عنهم يف كل مكان ويف أي تشكيل‪ ،‬ومجعهم قرب قلعة (برقش)‬ ‫مشال غرب مدينة قطنا‪ ،‬وقام بتجريدهم من أسلحتهم الفردية‪ ،‬وأركبهم عرابت نقل عسكرية كبرية‪ ،‬وقذفهم على احلدود السورية اللبنانية الفلسطينية‬ ‫يف مواجهة اجليش اإلسرائيلي مباشرة‪ ،‬ومل ترّد إسرائيل على هذا اإلجراء ألن اجلنود املرشديني الذين يف مواجهتهم شبه عراة وكان الوقت ليالً»‪ ،‬مث‬ ‫يسهب طالس يف كتابه كيف حاول رفعت أن يقتل «النور املضيء ابن الرب لدى املرشديني»‪.‬‬ ‫من ينظر إىل البيوت يف حي تشرين وعش الورور و(مزة ‪ )86‬ومساكن احلرس والسومرية وجتمعات قرى النازحني من اجلوالن احملتل يف جتمعات‬ ‫قدسيا‪ ،‬يف أرجاء دمشق وضواحيها‪ ،‬مث ينظر إىل بيوت السواد األعظم من سكان الساحل السوري‪ ،‬يعلم أن نظام آل األسد عامل كل السوريني‬ ‫على صعيد واحد‪ ،‬ابالستغالل واالستحواذ وسرقة األعمار‪ ،‬مل يفرق بني سين وال علوي وال مسيحي وال درزي وال إمساعيلي وال كردي وال سرايين‪،‬‬ ‫بل وظف اجلميع يف معاداة اجلميع‪ ،‬ليتسىن له حكم البالد كمحتل‪ ،‬وكلص‪.‬‬ ‫منذ أايم تواردت أنباء عن سد بشري ّ‬ ‫شكله عدد من أهايل أحياء عكرمة ووادي الذهب والنزهة والزهراء‪ ،‬ليمنعوا وصول معوانت غذائية إىل‬ ‫جرياهنم‪ ،‬إن مل نقل مواطنيهم أو إخوهتم يف أحياء محص احملاصرة‪ ،‬وأخرجوا مظاهرًة هتفت ضد بشار األسد‪ ،‬هبتافات فحواها أننا فعلنا كل ما‬ ‫فعلنا‪ ،‬وقدمنا عشرات آالف القتلى ألجل أن يبقى نظامك‪ ،‬فال تستطيع اليوم أن تتصرف خارج إرادتنا أو خارج ما اتفق عليه‪ ،‬من إخالء محص‬ ‫وتشريد أهلها وإعطائها لنا‪.‬‬ ‫رغم سوء املثال‪ ،‬يلفتنا أن العلويني يف سوراي اليوم بدأوا‪ ،‬ورمبا ألول مرٍة يف اتريخ حكم آل األسد‪ ،‬حيسون بقوهتم‪ ،‬ابحتياج آل األسد ونظامهم‬ ‫هلم‪ ،‬وأن هذا النظام لن يكون بدوهنم وبدون مؤازرهتم‪ ،‬وأهنم بدأوا حيسون أن أكثر من ستني ألف قتيل قُ ّدموا يف خدمة بشار األسد وعائلته‪،‬‬ ‫تعطيهم احلق يف أن يفرضوا ما يريدون وما يظنونه صائباً‪ ،‬فإن توصلوا إىل هذه احلقيقة‪ ،‬رمبا عليهم أن يفكروا خبيارات أن يكونوا جزءاً من سوراي‬ ‫الوطن‪ ،‬أن يكونوا إنسانيني مرة أخرى فيوقفوا هذه املذحبة وتداعياهتا‪ ،‬اليت رمبا تنفتح على مئات آالف الضحااي‪ ،‬من أهلهم وأبنائهم وأخوهتم من‬ ‫كل السوريني‪.‬‬ ‫(يذهب العلوي للقرب كي يبقى بشار وعائلته يف القصر) رمبا كانت من أصدق الكلمات وأكثرها شرحاً حلقيقة الواقع يف سوراي اليوم‪.‬‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫‪3‬‬


‫السوريات يواجهن الحياة التي فرضت عليهن‬ ‫ّ‬ ‫يتقن أعما ً‬ ‫ال لم يعرفنها‪.‬‬ ‫نساء‬

‫يف تلك الصورة‪ ،‬امرأة يف مخسينات العمر من‬ ‫مدينة جسر الشغور يف ريف إدلب‪ ،‬أم لشهيد‪،‬‬ ‫وزوجة لشهيد‪.‬‬ ‫أم حممد‪ ،‬الجئة يف خميم كلس لالجئني‬ ‫السوريني‪ ،‬تركت بيتها يف مدينة جسر الشغور‪،‬‬ ‫بعد أن اقتحمها جيش النظام يف ‪.2011‬‬ ‫تقول أم حممد‪ :‬إهنم غادروا املدينة خوفاً من‬ ‫دخول جيش النظام‪ ،‬فمن املعروف أن أي‬ ‫مدينة يدخلها اجليش‪ ،‬ستقع فيها جمزرة يذهب‬ ‫ضحيتها عشرات من شباهنا ونسائها وأطفاهلا‪.‬‬ ‫مل يكن ترك الدار والبيت الذي عاشت فيه أم‬ ‫حممد سهالً‪ ،‬فهي بقيت مع زوجها تسانده‬ ‫لبناء منزل العمر‪ ،‬الذي استمروا يف بنائه أكثر‬ ‫من عشر سنوات‪ ،‬ولكن كان اخلوف من اجملازر‬ ‫«أكرب من احلرص على أي شيء» على حد‬ ‫تعبريها‪.‬‬ ‫غادروا املدينة خوفاً من دخول جيش‬ ‫النظام‪ ،‬فمن املعروف أن أي مدينة‬ ‫يدخلها اجليش‪ ،‬ستقع فيها جمزرة يذهب‬ ‫ضحيتها عشرات من شباهنا ونسائها‬ ‫وأطفاهلا‪.‬‬ ‫عودة وشهادة‬ ‫مل ينتظر زوج أم حممد كثرياً‪ ،‬قبل العودة‬ ‫وااللتحاق بصفوف اجليش احلر‪ ،‬بعد تشكيله‬ ‫يف العام ‪ 2011‬لقتال قوات النظام‪ ،‬الذي‬

‫‪ 4‬العدد (‪ )4‬شباط ‪2014‬‬

‫شردهم وهدم منزهلم وقتل أبنائهم‪ ،‬وكان‬ ‫من أكرب دوافع العودة لقتال النظام السوري‬ ‫أليب حممد العثور على جثة أكثر من ‪30‬‬ ‫معتق ً‬ ‫ال يف فرع األمن العسكري يف جسر‬ ‫الشغور‪ ،‬قتلوا بدم ابرد ووجدوا يف دورات‬ ‫املياه للفرع‪ ،‬بعد أن اقتحم اجليش احلر فرع‬ ‫األمن العسكري حبسب أم حممد‪.‬‬ ‫بقي أبو حممد قرابة ستة أشهر‪ ،‬ليأيت خرب‬ ‫استشهاده لزوجته‪ ،‬ودفن يف إحدى املناطق‬ ‫يف ريف إدلب‪.‬‬ ‫تصميم وعمل‬ ‫احلياة ليست سهلة يف خميمات اللجوء‪،‬‬ ‫وخاصة ابلنسبة للنساء‪ ،‬حيث أصبحن‬ ‫املعيالت الوحيدات ألسرهن‪ ،‬فمعظم الرجال‬ ‫اختاروا البقاء يف سوراي‪ ،‬إما حملاربة النظام‪ ،‬أو‬ ‫للحفاظ على ما تبقى من رزق العائلة‪.‬‬ ‫أم حممد اآلن هي معيلة لطفليها اللذين‬ ‫مل يبلغا الثالثة عشرة‪ ،‬فهي حتيك القماش‬ ‫املزخرف وغريه من املالبس‪ ،‬ضمن ورشة‬ ‫خياطة افتتحتها السلطات الرتكية يف املخيم‪،‬‬ ‫وتقوم إدارة الورشة ببيع القطع احملاكة‪ ،‬ليعود‬ ‫قسم من مثنها لصاحبة العمل‪.‬‬ ‫غياب ومسؤولية‬ ‫تقوم النساء يف خميم كلس إبجناز كافة املعامالت‬ ‫اليت حيتجنها من إدارة املخيم‪ ،‬من بطاقات‬ ‫صحية أو كروت متوينية‪ ،‬أو حىت زايرات خارج‬

‫حممود الدرويش‬

‫املخيم إىل طلب إذن للسماح ألحد األقارب‬ ‫ابلدخول إىل املخيم‪.‬‬ ‫رندة علوان (‪ )34‬عاماً‪ ،‬من مدينة حلب‪،‬‬ ‫متزوجة ولديها ثالثة أطفال‪ ،‬جاءت إىل املخيم‬ ‫بسبب القصف على املدينة‪ ،‬الذي بدأ يف‬ ‫أواخر الشهر السابع من العام ‪.2012‬‬ ‫تقف رندة يف طابور طويل للحصول على كرت‬ ‫التموين الذي خصصته إدارة املخيم لكل أسرة‪،‬‬ ‫لتحصل على مستلزماهتا اليومية‪.‬‬ ‫زوج رندة يزورها كل حني وآخر‪ ،‬فهو مازال‬ ‫داخل سوراي‪ ،‬يعمل لكي يؤمن حياة كرمية‬ ‫ألسرته‪ ،‬بعد أن ضاع جىن العمر يف حي‬ ‫صالح الدين احلليب‪ ،‬الذي قصفه النظام بشكل‬ ‫مكثف يف بداية املعارك‪.‬‬ ‫تقع اآلن مسؤوليات كبرية على عاتق رندة‪،‬‬ ‫من حيث االعتناء ابألسرة‪ ،‬وأتمني املتطلبات‬ ‫اليومية داخل املخيم‪ ،‬يف ظل غياب الزوج‪.‬‬ ‫مل يكن احلال خمتلفاً كثرياً يف الداخل السوري‬ ‫أيضاً‪ ،‬فالنساء هناك هلن دور كبري يف احلياة‪،‬‬ ‫وعملن الكثري من السنوات الثالث الفائتة من‬ ‫عمر الثورة السورية‪ ،‬فأسر كثرية تبدل مكان‬


‫إقامتها‪ ،‬حيث ينزحون من بيوهتم اليت تتعرض‬ ‫للقصف‪ ،‬إىل مناطق أكثر أمناً‪ ،‬ولكن يف ظل‬ ‫تغريات املكان‪ ،‬كانت هناك تغريات كثرية‬ ‫يقطن‬ ‫ابلنسبة للنساء‪ ،‬فكثري من النساء اللوايت ّ‬ ‫اهلن بعد النزوح‪.‬‬ ‫املدن تبدلت أحو ّ‬ ‫نزوح ومكان جديد‬ ‫سامية ذات األربعني عاماً‪ ،‬كانت تسكن‬ ‫يف مدينة دمشق يف حي التضامن‪ ،‬وبعد أن‬ ‫اندلعت هناك اشتباكات بني اجليش احلر‬ ‫واجليش النظامي‪ ،‬نزحت مع أسرهتا إىل إحدى‬ ‫القرى احملررة من النظام السوري‪ ،‬يف جبل الزاوية‬ ‫بريف إدلب‪.‬‬ ‫تقول سامية‪ :‬إهنا تستطيع اآلن إعداد اخلبز على‬ ‫التنور‪ ،‬بسبب فقدانه يف معظم األحيان‪ ،‬إذ إهنا‬

‫مل تكن تتصور أهنا ستجرب يوماً على الوقوف‬ ‫على التنور إلعداد اخلبز‪ ،‬ولكن الظروف أقوى‬ ‫من اجلميع على حد تعبريها‪.‬‬ ‫مل يكن إنتاج اخلبز العمل الوحيد الذي تعلمته‬ ‫سامية‪ ،‬بل ابتت تتقن أيضاً نوعاً من الزراعة‬ ‫املنزلية‪ ،‬هي زراعة اخلضار واالعتناء هبا‪ ،‬كما‬ ‫أهنا تساعد زوجها يف عمله من خالل جتهيز‬ ‫الفالفل والفول واحلمص‪ ،‬للمطعم الذي افتتحه‬ ‫كي يؤّمن قوت أسرته‪.‬‬ ‫إحصائيات‬ ‫املرأة يف احلال السورية هي األكثر تعرضاً للخطر‪،‬‬ ‫فقد أشارت اإلحصائيات بعد مرور ألف يوم‬ ‫على الثورة‪ ،‬أن عدد النساء اللوايت قُتلن خالهلا‬ ‫على يد قوات النظام جتاوز الـ(‪ )8000‬امرأة‪،‬‬ ‫كما تشكل النساء حوايل ثلث عدد النازحني‬ ‫تستخدم قوات النظام االغتصاب‬ ‫كسالح ملواجهة الثوار‪ ،‬كما أن األمم‬ ‫املتحدة تقدر النساء اللوايت تعرضن‬ ‫لالغتصاب بـ(‪ )6000‬امرأة‪ ،‬وتقول‬ ‫الشبكة السورية حلقوق النساء‪ :‬إن‬ ‫العدد جتاوز الـ(‪ )7500‬امرأة‪.‬‬

‫والالجئني السوريني (حنو‪ 3,5‬مليون انزحة‬ ‫والجئة)‪.‬‬ ‫وتتعرض النساء لالغتصاب بشكل ممنهج‪،‬‬ ‫فحسب الشبكة األورو‪-‬متوسطية حلقوق‬ ‫اإلنسان‪ :‬تستخدم قوات النظام االغتصاب‬ ‫كسالح ملواجهة الثوار‪ ،‬كما أن األمم املتحدة‬ ‫تقدر النساء اللوايت تعرضن لالغتصاب‬ ‫بـ(‪ )6000‬امرأة‪ ،‬وتقول الشبكة السورية حلقوق‬ ‫النساء‪ :‬إن العدد جتاوز الـ(‪ )7500‬امرأة‪ .‬كما‬ ‫أن عدد النساء املعتقالت جتاوز الـ‪ 4000‬امرأة‪،‬‬ ‫حبسب إحصائيات األمم املتحدة‪ ،‬قضت منهن‬ ‫ما يقارب ‪ 30‬معتقلة حتت التعذيب‪.‬‬ ‫ففي ظل هذه الظروف عانت املرأة السورية‬ ‫ماعاانه كل رجل وطفل سوري‪ ،‬كما أهنا وقفت‬ ‫إىل جانب الرجال يف أشد احملن‪ ،‬وساندهتم يف‬ ‫مجيع األزمات‪ ،‬ورمست معهم خطوط احلياة‬ ‫اليومية اليت يعيشها السوريون‪ ،‬فهي تناضل‬ ‫من أجل متاسك أسرهتا‪ ،‬كما تناضل من‬ ‫أجل حريتها‪ ،‬وعلى حد تعبري إحدى النساء‬ ‫الثائرات‪« :‬خرجنا وثران ودفعنا مثناً ابهظاً يف‬ ‫ثورتنا‪ ،‬لكي ال جنعل أبناءان وأحفادان يدفعون‬ ‫هذا الثمن»‪.‬‬

‫العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫‪35‬‬


‫مدنيو حمص المحاصرة بين رحى االعتقال والجوع‬ ‫ومصير أكثــر من مئـتي نـازح ال يــزال مجهو ً‬ ‫ال ‪..‬‬

‫‪ 6‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫خاص سيدة سوراي‬

‫محص‪ -‬وكالة مسارت‪ -‬أرشيف‬


‫ارتفاع األسعار في المناطق المحررة‪..‬‬ ‫هل انقلبت الضحية إلى جالد؟‬ ‫محص‪ -‬وكالة مسارت‪ -‬أرشيف‬

‫محص‪ -‬وكالة مسارت‪ -‬أرشيف‬

‫معاوية عبد القادر اخلالد‬

‫يف ظل تردي األوضاع االقتصادية واإلنسانية‪ ،‬وشح املوارد املالية‪ ،‬فض ً‬ ‫ال‬ ‫عن غياب الرقابة القانونية‪ ،‬هيمن االحتكار على أسواق املناطق احملررة‪،‬‬ ‫معلناً غياب املنافسة التجارية املشروعة‪.‬‬ ‫هذا وتشهد األسواق يف األراضي احملررة ارتفاعاً يف أسعار املواد املعيشية‬ ‫األساسية عموماً‪ ،‬واملواد النفطية خصوصاً‪ ،‬فقد وصل سعر ليرت املازوت‬ ‫إىل أكثر من ‪ 150‬لرية‪ ،‬فيما ختطى سعر أسطوانة الغاز ‪ 3500‬لرية‪.‬‬ ‫أما اخلبز‪ ،‬فقد وصل سعر الربطة وزن ‪ 800‬غرام يف احلولة غريب‬ ‫محص إىل ‪ 300‬ل‪.‬س‪ ،‬أما يف تلبيسة والغنطو مشايل املدينة‪ ،‬فقد كان‬ ‫مثن اخلبز أكثر من ‪ 50‬شهيداً بينهم تسعة أطفال‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن عشرات‬ ‫اجلرحى‪ ،‬وذلك إثر استهداف النظام للمخابز ابلصواريخ‪ ،‬انهيك عن‬ ‫استهدافه للمخبز الرئيسي يف قرية تريمعلة بسيارة مفخخة‪ ،‬مت اكتشافها‬ ‫وتفكيك حمتواها‪..‬‬ ‫أما يف األحياء احملاصرة ملدينة محص فقد انقطعت أبسط سبل احلياة‬ ‫على خلفية احلصار‪ ،‬لتصبح القطط إحدى وجبات احملاصرين‪.‬‬ ‫وعلى صعيد آخر‪ ،‬كاد أغلب السكان جيزمون أنه لن يكون هذا العام‬ ‫كسابقه من أعوام الثورة‪ ،‬يف ظل اشتداد اخلناق االقتصادي‪.‬‬ ‫ففي استطالع للرأي قام به املكتب اإلعالمي لقرية تريمعلة يف ريف‬ ‫محص الشمايل احملرر حول ارتفاع األسعار‪ ،‬تبني أن نسبة ‪ %60‬من‬ ‫السكان يؤكدون أن السبب يعود الحتكار التجار للمواد‪ ،‬و‪%20‬‬ ‫حيملون الناقلني السبب‪ ،‬نظراً للفارق الكبري ابألسعار بني مناطق‬ ‫ّ‬ ‫استريادها واملناطق احملررة‪ ،‬فيما أشار ‪ %10‬إىل أن عدم انضباط سعر‬ ‫صرف الدوالر مقابل اللرية السورية هو أحد أهم األسباب‪ ،‬وامتنع‬ ‫‪ %10‬عن املشاركة‪.‬‬ ‫اجلدير ابلذكر أن األسعار يف األراضي احملررة مهيأة ملزيد من االرتفاع‪،‬‬ ‫مبعدالت أعلى من سابقتها‪ ،‬ال سيما أن نظام األسد مستمر بفرض‬ ‫احلصار على األراضي احملررة‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن التضخم املايل‪ ،‬فقد سجل‬ ‫الدوالر أعلى سعر صرف له مقابل اللرية السورية يف شهر كانون الثاين‬ ‫من العام احلايل‪ ،‬ووصل إىل ‪ 275‬لرية سورية مقابل الدوالر الواحد‪.‬‬ ‫بعض األسئلة تطرح نفسها هنا‪ :‬هل انقلبت الضحية إىل جالد؟ ومن‬ ‫املسؤول عن ارتفاع األسعار وضبط األسواق يف املناطق احملررة‪ ،‬ومن‬ ‫املستفيد من ارتفاعها؟‬ ‫تبقى هذه األسئلة برسم األمل‪ ،‬وال ندري إن كنّا نريد مساع اإلجابة‪.‬‬

‫العدد (‪ )2‬شباط ‪72014‬‬


‫أكيد بكرة أحلى‪..‬‬ ‫بعد أن وصلنا إىل مدينة هيين يف ليلة شتاء‬ ‫ابردة وممطرة يف األانضول‪ ،‬برفقة صديقيت‬ ‫سيما‪ ،‬إحدى صديقايت املقرابت‪ ،‬بدأان‬ ‫طريقنا حبماسة وصرب‪ ،‬ووصلنا إىل صديقاتنا‬ ‫الناشطات يف سرمدا إلمضاء ليلة رأس السنة‬ ‫معهم‪ ،‬متأملني قضاء بعض الوقت داخل‬ ‫األراضي السورية‪ .‬قضينا الوقت هناك يف تعليم‬ ‫ودعم النساء‪ ،‬وتدريبهن على حل النزاعات‪،‬‬ ‫وتوعيتهن حول مفهوم اجملتمع املدين‪ .‬أما‬ ‫األخبار اليت كنا نتلقاها عن األراضي احملررة‬ ‫فلم تكن إجيابية‪ ،‬حيث إن تنظيم دولة العراق‬ ‫والشام ذو السمعة السيئة كان قد فرض سيطرته‬ ‫على كامل القرية‪.‬‬ ‫أما النشطاء السوريون املعروف عنهم انتقادهم‬ ‫ألنشطة هؤالء التنظيمات‪ ،‬فقد كانوا يتعرضون‬ ‫للخطف والقتل على أيدي عناصر هذا‬ ‫التنظيم‪.‬‬ ‫تلقيت اتصاالً من طالبيت العزيزة هبة‪ ،‬أخربتين‬ ‫أن مجيع األراضي احملررة‪ ،‬واليت ابتت ال ختضع‬ ‫لسلطة النظام‪ ،‬أصبحت تشكل خطراً على‬ ‫حياة النشطاء املدنيني‪ ،‬مث حتدثت وكأنه ما‬ ‫من تعقيدات‪« :‬ال تقلقي أمي‪ ،‬إذا مل يستطع‬ ‫موسى الذهاب إىل اجلبل‪ ،‬فسوف حنضر اجلبل‬ ‫ملوسى»‪.‬‬ ‫وهذا ما حدث يف صباح اليوم التايل‪ ،‬حيث‬ ‫جلسنا مجيعاً يلفحنا هواء مدينة الرحيانية البارد‪،‬‬ ‫محُ اطني ابلنساء الناشطات والطالب‪ ،‬الذين منا‬ ‫بيين وبينهم رابط من احملبة واالحرتام وصاروا‬ ‫كأوالدي‪ ،‬كنا حنتسي الشاي الساخن يف‬ ‫الظالم‪ ،‬هبة‪ ،‬فلك‪ ،‬وهدى‪ ،‬مجيهم من‬ ‫النساء الناشطات املميزات اللوايت قررن‬ ‫أن خيرتن مصريهن أبنفسهن‪ ،‬وحتسني‬ ‫وضعهن ودعم النساء واألطفال الذين‬ ‫هم مستقبل سوراي‪.‬‬ ‫شعران وكأننا جزء من مشروع عظيم‪،‬‬ ‫تبادلنا اآلراء ووجهات النظر حول مستقبل‬ ‫سوراي‪ ،‬واالسرتاتيجيات اليت جيب اتباعها‬ ‫لتحقيق هذه التصورات‪ ،‬كيف ميكننا أن‬ ‫‪8‬‬

‫العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫حنسن وضع الالجئني السورين يف جنوب تركيا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واألهم‪ ،‬كيف ميكننا حتقيق وقف فوري إلطالق‬ ‫النار‪ ،‬ومجيع أنواع سفك الدماء‪ ،‬وهي الغاية‬ ‫األهم جلميع السوريني‪.‬‬ ‫قضينا أان وسيما بضعة أايم نزور النساء‬ ‫الالجئات واألمهات واجلدات اللوايت ظهر‬ ‫عليهن التعب‪ ،‬بدين محُ مالت أبعباء املأساة‬ ‫اليت أصابت ما يُقارب الـ‪ ١٠‬ماليني سوري‪.‬‬ ‫لكل واحدة من هؤالء النسوة قصتها ومعاانها‪،‬‬ ‫ورغم اختالفات هذه القصص إال أهنا ال‬ ‫تتفاوت مأساوية وحزانً‪ .‬كان هناك شيء آخر‬ ‫مشرتك بني هوالء النسوة‪ ،‬إشراقة عيوهنن ابحلب‬ ‫والكرامة رغم كل ما حل حبياهتن من أمل‪.‬‬ ‫قررن الوقوف واملطالبة حبقوقهن ودفع مثن‬ ‫هذا النضال من أجل حتقيق احلرية لشعبهن‪،‬‬ ‫الشعب الذي عاىن منذ ثالث سنوات وما يزال‬ ‫يعاين‪ ،‬هذه املعاانة خلقت أمهات وجدات‬ ‫أخربتين هبة أن مجيع االراضي احملررة‪ ،‬واليت‬ ‫ابتت ال ختضع لسلطة النظام‪ ،‬أصبحت‬ ‫تشكل خطراً على حياة النشطاء املدنيني‪،‬‬ ‫مث حتدثت وكأنه ما من تعقيدات‪« :‬ال تقلقي‬ ‫أمي‪ ،‬إذا مل يستطع موسى الذهاب إىل‬ ‫اجلبل‪ ،‬فسوف حنضر اجلبل ملوسى»‪.‬‬

‫هند قبــوات‬ ‫يزرعن احملبة من حوهلن‪ ،‬ويدعمن بعضهن يف‬ ‫مواجهة أي شيء‪ ،‬فحني تنضم عائلة جديدة‬ ‫للمخيم يتم تقاسم البطانيات واملواد الغذائية‬ ‫ابلتساوي بني اجلميع‪ ،‬أم خالد تقول مبحبة‬ ‫وفخر‪« :‬جيب أن نساعد ونساند بعضنا حىت‬ ‫نستطيع النجاة»‪.‬‬ ‫مشهد آخر محلين على التفاؤل‪ ،‬حني حتدثت‬ ‫أم مسري اليت فقدت أحدى يديها‪ ،‬نظرت حنوي‬ ‫أبمل وابتسامة واسعة‪ ،‬وقالت‪« :‬لطاملا أحببت‬ ‫الطيور‪ ،‬ودائماً كنت أمتىن أن أتسلق األشجار‪،‬‬ ‫لقد كنت معلمة‪ ،‬وحني أحتسن سأعود إىل‬ ‫قرييت‪ ،‬وأعيد بناء املدرسة اليت تدمرت‪ ،‬عندها‬ ‫سأعاود تعليم أطفال بلدي من جديد»‪.‬‬ ‫كل النساء اللوايت قابلتهن يف جنوب تركيا كن‬ ‫منشغالت يف العمل مبشاريع خمتلفة‪ ،‬سواء‬ ‫يف مساعدة العائالت اجلديدة يف االستقرار‪،‬‬ ‫أو تعليم األطفال الصغار القراءة والكتابة‪،‬‬ ‫أو التطوع يف املشايف امليدانية‪ ،‬كل واحدة‬ ‫من هؤالء النساء كانت تفعل ما بوسعها‬ ‫للمساعدة يف ختفيف األمل واملعاانة عن مجيع‬ ‫الالجئني السوريني‪.‬‬ ‫ويف حني كانت النساء الناشطات مشغوالت‬ ‫مبشاريعهن يف جنوب تركيا‪ ،‬توجهت جمموعة‬ ‫أخرى من النساء السورايت حنو قرطبة يف‬ ‫إسبانيا‪ ،‬حيث عقد هناك مؤمتر حوار لتوحيد‬ ‫مجيع السوريني واملطالبة بتنفيذ وقف فوري‬ ‫إلطالق النار‪ ،‬جمموعة حيوية أخرى من النساء‬ ‫ضمت امرأة سورية شابة تُدعى ُرفية‪،‬‬ ‫تعمل يف إدلب‪ ،‬ولديها إخوة ُمعتقلون‬ ‫من قبل النظام السوري‪ ،‬اجتهت إىل‬ ‫جنيف إلظهار موقف موحد واإلدالء‬ ‫ببيان يمُ ثل تطلعات الشعب السوري‪،‬‬ ‫البيان تضمن طلب الوقف الفوري‬ ‫إلطالق النار من قبل مجيع األطراف‬ ‫يف سوراي‪.‬‬ ‫امرأة أخرى شجاعة هي نورا األمري من‬ ‫االئتالف الوطين‪ ،‬سجينة سابقة من قبل نظام‬ ‫األسد‪ ،‬هي يف اخلط األمامي لفريق التفاوض‪،‬‬


‫تبادلنا األفكار بصراحة وجدية حول املستقبل‬ ‫الذي نتمناه ألوالدان وألنفسنا‪ ،‬كيف سيكون‬ ‫يوم فخر ليس فقط لنا‪ ،‬بل جلميع السوريني‪.‬‬ ‫يف عمان وحتديداً يف خميم الزعرتي‪ ،‬تتواجد‬ ‫الناشطة نوشا‪ ،‬تستعد لبدء ورشة عمل جديدة‬ ‫حول حل النزاعات‪ ،‬وتستهدف السكان‬ ‫السوريني الشباب يف املخيم‪ ،‬هذه الورشات‬ ‫تقام لزايدة التوعية حول املصاحلة وإعادة‬ ‫البناء بدل الكراهية واالنتقام‪ ،‬نوشا املتحدرة‬ ‫من خلفية ليربالية تنضم للتعاون مع أم عبدو‪،‬‬ ‫من مدينة درعا املُدمرة‪ ،‬مهد الثورة السورية‪،‬‬ ‫من أجل مساعدة األطفال السوريني والشباب‬ ‫للتغلب على غضبهم‪ ،‬ودفعهم يف طريق إعادة‬ ‫إعمار بلدان العظيم‪ ،‬أم عبدو احتضنت نوشا‬ ‫وقالت هلا إهنا تستطيع أن تتنشق رائحة دمشق‬ ‫اليت تفوح منها‪.‬‬ ‫النساء يف عمان مشغوالت بتنظيم املساعدات‬ ‫اإلنسانية لبقية الالجئني السوريني‪ ،‬وسكان‬ ‫منطقة جنوب سوراي‪ ،‬وذلك عن طريق حماولة‬ ‫احلصول على الطعام والدواء‪ ،‬وإيصاله للمناطق‬ ‫احمليطة‪.‬‬ ‫سارة اليت تنتمي جملموعة ميالد التطوعية‪ ،‬تعمل‬ ‫على توفري الدعم النفسي للنساء الالجئات‪.‬‬ ‫رغم انشغاهلا‬ ‫والدهتا أم طالل هتتم أبطفاهلا‪ْ ،‬‬ ‫بطهي الطعام بشكل أسبوعي‪ ،‬ودعمها املستمر‬ ‫للنساء السورايت املوجودات يف مركز بدر‪.‬‬ ‫ندى‪ ،‬مهندسة سورية تعمل على التنسيق بني‬ ‫وظيفتها اجلديدة يف تعليم الشباب السوري يف‬ ‫املخيمات يف إربد‪ ،‬وعملها السياسي يف أعالن‬ ‫دمشق‪.‬‬ ‫ويف كل صباح من صباحات بريوت املشمسة‬ ‫تقود امرأة سورية السيارة ابجتاه وادي البقاع‬

‫من أجل املساعدة يف تعليم‪ ،‬إطعام‪ ،‬كسوة‬ ‫ورعاية الالجئيني السوريني‪ ،‬الذين فروا‬ ‫من أحناء مدينة محص القريبة‪ ،‬ماسا‬ ‫ورنيم اللتني تذهبان إىل هناك‬ ‫بشكل منتظم‪ ،‬تساعدان يف‬ ‫تدريب املتطوعني الشباب‪،‬‬ ‫للتعامل بشكل أفضل وفعال‬ ‫مع األطفال السوريني‪.‬‬ ‫تقوم ماسا ورنيم عادة‬ ‫ابصطحاب أطفاهلما للعب‬ ‫مع هؤالء األطفال‪ .‬يف واحدة‬ ‫من دعوات وجبات الغداء الفاخرة‬ ‫يف العاصمة اللبنانية‪ ،‬انقشت كل من‬ ‫ماسا ونورا احلاجة املاسة إىل الوقف الفوري‬ ‫إلطالق النار‪ ،‬وحاجة املرأة للشعور ابألمان‬ ‫حىت خترج للعمل حبرية‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن دورها‬ ‫األساسي يف مستقبل بلدان احلبيب سوراي‪.‬‬ ‫أستعري كلمات نوزامي وهو وزير يف جنوب‬ ‫أفريقيا يف عهد مانديال‪ ،‬وكنا التقينا به يف‬ ‫األردن‪« :‬سوراي لديها الكثري من النساء‬ ‫العظيمات اللوايت ميكن االعتماد عليهن يف‬ ‫إعادة بناء بلدكم العظيم»‪.‬‬ ‫بطبيعة احلال سوف يتحقق وقف إطالق النار‪،‬‬ ‫كيف مع هذا النظام الدكتاتوري املتوحش؟‬ ‫اجلواب بكل بساطة أن هذا النظام القاتل‬ ‫املتوحش يعرف كيف يتعامل مع التمرد املسلح‪،‬‬ ‫وهو أقوى من امليليشيات‪ ،‬وهذا األمر يسمح‬ ‫للنظام ابالستمرار لعدة سنوات أخرى‪.‬‬ ‫أما يف حالة وجود وقف كامل للعمليات‬ ‫القتالية‪ ،‬فستكون هناك بيئة تمُ كن املرأة من‬

‫العمل حبرية‪ ،‬والبدء حبركة مدنية سلمية تساهم‬ ‫يف حركة اإلصالح والتغيري‪ ،‬وهو ما ال يعرف‬ ‫النظام الوحشي كيف يتعامل معه يف مدينة‬ ‫دمشق‪ ،‬فمن شأن احلركة املدنية السلمية‬ ‫احلقيقية أن تساهم يف إهناء ‪ ٤٠‬سنة من‬ ‫الطغيان‪.‬‬ ‫املرأة السورية انتبهت إىل أمهية هذه الفكرة‪،‬‬ ‫وهي تعمل على أرض الواقع يوماً بعد يوم‬ ‫ملناصرة وحتقيق أفكارها حول عملية وقف‬ ‫إطالق النار‪.‬‬ ‫ويف حني أن العامل أبسرة يشعر ابلقلق إزاء‬ ‫مستقبل البالد وآاثر التطرف على اجملتمع‬ ‫السوري‪ ،‬فنحن نقول هلم ال داعي للقلق‪،‬‬ ‫وسوف أستعري كلمات نوزامي وهو وزير يف‬ ‫جنوب أفريقيا يف عهد مانديال‪ ،‬وكنا التقينا‬ ‫به يف األردن‪« :‬سوراي لديها الكثري من النساء‬ ‫العظيمات اللوايت ميكن االعتماد عليهن يف‬ ‫إعادة بناء بلدكم العظيم»‪.‬‬ ‫إن ما شهدته والحظته من تصرفات وأفعال‬ ‫املرأة السورية كل يوم‪ ،‬جعلين أشعر ابلشجاعة‪.‬‬ ‫لدي إميان أبن املرأة السورية ستلعب الدور‬ ‫األساسي يف حتقيق عملية التغيرياليت نريدها يف‬ ‫بلدان‪ ،‬وعلينا وضع أملنا و ثقتنا هبن‪ .‬جيب أن‬ ‫نكون كلنا أم مسري اليت ما زالت أتمل ابلعودة‬ ‫وبناء قريتها املُدمرة رغم كل ما فقدته‪.‬‬ ‫أعطوان فرصة لنعيش‪ ،‬ولنضع عملية وقف‬ ‫إطالق النار قيد التنفيذ‪ ،‬وكما قالت أم مسري‪:‬‬ ‫«كلنا نعيش يف األمل»‪.‬‬ ‫العدد (‪ )2‬شباط ‪9 2014‬‬


‫المرأة وامتحان مرحلة التغيير في سوريا‬ ‫كمغير‬ ‫المرأة الكردية‬ ‫ّ‬

‫خومشان قادو‬

‫مل تستطع املرأة االرتقاء إىل مستوى إشباع أو‬ ‫إقناع ذاهتا بشخصيتها املستقلة عن الصورة‬ ‫العامة للعائلة‪ ،‬أو األسرة اليت ابتت نتيجة الفكر‬ ‫العشائري مشاعة القمع الذي ميارس على املرأة‪.‬‬

‫‪ 10‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬


‫من الالفت لالنتباه أن نسبة متثيل املرأة‬ ‫يف (‪ )MGRK‬هي أربعون يف املائة‪،‬‬ ‫يف حني ال توجد أرقام قريبة حىت ابلنسبة‬ ‫للمجلس الوطين الكردي يف سوراي‬ ‫(‪.)ENKS‬‬

‫العدد (‪ )2‬شباط ‪11 2014‬‬


‫المشاركة السياسية وتمكين المرأة اقتصاديًا في الدول‬ ‫الخارجة من صراع ‪)2/2( -‬‬ ‫ترمجة‪:‬د‪ .‬إنعام شرف‬ ‫دروس من منطقة البحيرات الكبرى في إفريقيا‬

‫تقرير صادر عن منظمة ‪International‬‬ ‫‪« Alert‬إنرتانشيوانل ألريت» لبناء السالم‬ ‫ابلتعاون مع ‪ EASSI‬مبادرة تطوير املرأة يف‬ ‫منطقة جنوب شرق أفريقيا‪.‬‬ ‫‪http://www.international‬‬‫‪alert.org/sites/default/files/publi‬‬ ‫‪201211FemmeRenforc/cations‬‬ ‫‪ementDuPouvoirFR.pdf‬‬ ‫متت مراجعة هذا التقرير ونشره من قبل بنيديكت‬ ‫دو كاسي‪ ،‬مستشار مستقل وألبريتني تشيبولوندي‪،‬‬ ‫األمني العام ملركز الدراسات والبحوث األفريقية‬ ‫العابر للثقافات‪.‬‬ ‫ترمجة‪ :‬د‪ .‬إنعام شرف‪/‬املركز العريب لألحباث ودراسة‬ ‫السياسات‪.‬‬

‫متثيل املرأة يف العمليات االنتخابية‪:‬‬ ‫شهدت مجهورية الكونغو الدميقراطية عام‬ ‫‪ ،2006‬مشارك ًة نسائية انشطة يف االنتخاابت‬ ‫الرائسية والتشريعية‪ ،‬وهي أول انتخاابت يتم‬ ‫تنظيمها يف البالد منذ ما يقارب الثالثني عاماً‪.‬‬ ‫ووصلت نسبة املشاركة النسائية يف االنتخاابت‬ ‫التشريعية إىل ‪ %64‬والقلّة منهن جنحن يف هذه‬ ‫االنتخاابت‪ %8 :‬يف التجمع الوطين‪ ،‬و‪%8.6‬‬ ‫يف جملس الشيوخ‪ .‬وهذه النسبة الضئيلة جنمت‬ ‫عن النظام االنتخايب املنحرف‪ ،‬والتحيز يف‬ ‫إعداد القوائم االنتخابية لألحزاب السياسية‪.‬‬ ‫عانت املرأة يف الكونغو كذلك من نقص الدعم‬ ‫املايل‪ ،‬ونقص اخلربة السياسية‪ ،‬وعدم القدرة‬ ‫على حشد القوة للحصول على قاعدة انتخابية‬ ‫كبرية‪.‬‬ ‫إن الطبيعة احملافظة واملعادية للدميقراطية‪ ،‬اليت‬ ‫تُعرف هبا األنظمة السياسية واملؤسسات‬ ‫االجتماعية والدينية يف الكونغو‪ ،‬تعيق تطبيق‬ ‫مبدأ التكافؤ يف الفرص‪ ،‬على الرغم من إدراجه‬ ‫يف الدستور‪ .‬كما أنه‪ ،‬وعلى الرغم من اختاذ‬ ‫تدابري لصاحل مشاركة نسائية أوسع‪ ،‬إلاّ أنه‬ ‫ما زال هناك العديد من األحكام التمييزية‬ ‫السياسية والعامة ضد املرأة‪ ،‬وال سيما يف قانون‬ ‫األسرة الذي يضع املرأة حتت وصاية الزوج‪ .‬وال‬ ‫تزال هذه املعايري والقوالب النمطية للعالقات‬ ‫‪ 12‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫االجتماعية بني اجلنسني‪ ،‬تشكل العوائق‬ ‫الرئيسية أمام التمثيل العادل واملتكافئ للمرأة‬ ‫يف احلياة السياسية والعامة‪.‬‬ ‫قوة اقتصادية ومشاركة سياسية‪:‬‬ ‫يعد الفقر وانعدام األمان االقتصادي من العوامل‬ ‫املعيقة ملشاركة املرأة يف احلياة السياسية‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك مل يساهم التقدم الذي حققته املرأة على‬ ‫الصعيد االقتصادي يف مشال أوغندة‪ ،‬يف حتسني‬ ‫وضعها يف الفضاء السياسي‪ .‬وقد لعبت املرأة‬ ‫يف احلقيقة دوراً حمورايً يف االنتعاش االقتصادي‪،‬‬ ‫يف مرحلة ما بعد احلرب‪ ،‬ومتكنت من زايدة‬ ‫دخلها‪ ،‬ولكن ليس إىل املستوى الذي يسمح‬ ‫هلا ابخلروج من دائرة البقاء على قيد احلياة‪،‬‬ ‫وأتمني االحتياجات األساسية‪.‬‬ ‫ابإلضافة إىل ذلك‪ ،‬فإن عملية البناء السياسي‬ ‫والتنموي يف مشال أوغندة مل أتخذ يف حساهبا‬ ‫أمهية دور املرأة يف بناء االقتصاد يف مرحلة‬ ‫السالم‪ ،‬وعلى الرغم من التدابري اليت اختذهتا‬ ‫معظم وكاالت التنمية العاملة على األرض‪،‬‬ ‫من أجل حتقيق املساواة بني اجلنسني‪ ،‬ما تزال‬ ‫املرأة تُعامل على أهنا مستضعفة‪ ،‬وغري قادرة‬ ‫على أن تكون العباً اقتصادايً مهماً‪ .‬كما أنه‬ ‫يتم هتميشها يف خطط التنمية األساسية اليت‬ ‫طورهتا احلكومة املركزية ووكاالت التنمية الدولية‬ ‫بعد احلرب‪ .‬أضف إىل ذلك أن مستوى العنف‬ ‫اجلنسي املتزايد جتاه النساء‪ ،‬وكذلك الطريقة‬ ‫اليت يعا َملن هبا‪ ،‬ال يؤخذان ابحلسبان يف‬ ‫برامج التطوير والتنمية‪ ،‬وهذا ما يفسر تدنيّ‬ ‫نسبة املشاركة النسائية يف احلياة السياسية‪،‬‬ ‫وإن كانت زايدة الدخل اليت حققتها النساء‬ ‫سامهت يف لعب الكثري منهن دوراً هاماً يف‬ ‫عملية اختاذ القرار داخل عائالهتن‪ ،‬واحلصول‬

‫فريق حترير سيدة سوراي‬

‫على دافع قوي للتأثري على بعض القيادات‬ ‫الشعبية احمللية‪.‬‬ ‫التوصيات‪:‬‬ ‫لقد سامهت هذه الدراسات األربع يف حتديد‬ ‫عدد من األولوايت واإلجراءات االسرتاتيجية‪،‬‬ ‫لتعزيز مشاركة املرأة يف احلياة السياسية والعامة‪،‬‬ ‫واالعرتاف بدورها احملوري يف االنتعاش‬ ‫االقتصادي يف املنطقة‪ .‬وفيما يلي نستعرض أهم‬ ‫التوصيات اليت خرجت هبا هذه الدراسات‪:‬‬ ‫أو ًال‪ :‬بوروندي‪:‬‬ ‫ بناء قاعدة بياانت إحصائية عن مشاركة‬‫املرأة يف احلياة السياسية‪ ،‬وتقييم نسبة التقدم‬ ‫يف بوروندي يف تنفيذ التزاماهتا الوطنية والدولية‬ ‫فيما يتعلق ابملساواة بني اجلنسني‪ ،‬خاص ًة فيما‬ ‫يتعلق ابملؤشرات املعرتف عليها دولياً‪ ،‬كمؤشر‬ ‫التنمية وعدم املساواة بني اجلنسني يف إفريقيا‬ ‫(‪ .)IDISA‬كما أن تقييم مؤشر التنمية‬ ‫وعدم املساواة بني اجلنسني يف أفريقيا جيب‬ ‫أن يتم يف إطار تعاوين بني احلكومة ومنظمات‬ ‫األمم املتحدة ومنظمات اجملتمع املدين‪.‬‬ ‫ تبين مشروع قانون يضمن حقوق املرأة يف‬‫االستمالك العقاري‪ :‬وقد اعتمدت احلكومة‬ ‫مع الربملان مشروع قانون اإلصالح الزراعي‪،‬‬ ‫أما التسامح واألنظمة الزوجية فهي قيد النظر‬ ‫منذ العام ‪.2002‬‬


‫ إدماج مبدأ املساواة بني اجلنسني بطريقة‬‫فعالة يف السياسات والربامج التنموية الوطنية‪:‬‬ ‫جيب ضمان حتقيق «الرؤية ‪ »2025‬واإلطار‬ ‫االسرتاتيجي اجلديد من الكفاح ضد الفقر‬ ‫وبناء السالم املتكامل‪ ،‬وهذا يشمل‪:‬‬ ‫‪ .1‬الرتويج لسياسة وطنية قائمة على املساواة‬ ‫بني اجلنسني‪ ،‬كتلك اليت مت تبنيها يف العام‬ ‫‪ ،2002‬ووضعها حيز التنفيذ وذلك من خالل‬ ‫إنشاء هيكليات ينص عليها القانون‪ ،‬اجمللس‬ ‫الوطين مثاالً‪.‬‬ ‫‪ .2‬توفري اهليكليات لتعزيز مبدأ املساواة بني‬ ‫اجلنسني من النواحي املادية واإلنسانية‪ ،‬ومتكني‬ ‫املمولني من أداء مهامهم‪.‬‬ ‫‪ .3‬ضمان الشروط الالزمة الختيار مرشحني‪،‬‬ ‫لتويل املناصب على أساس الكفاءة والتمثيل‬ ‫االجتماعي‪ ،‬وذلك الستبعاد أي حماولة يف عدم‬ ‫حماصصة املرأة‪.‬‬ ‫ وضع آليات تسمح برفع مستوى التعليم‬‫لدى النساء‪ ،‬واحلد من حجم األعباء املنزلية‪،‬‬ ‫وتنظيم محلة واسعة حملو األمية‪ ،‬والعمل يف‬ ‫الوقت ذاته على تثقيف املرأة سياسياً ومدنياً‪،‬‬ ‫كتعليمها القوانني األسرية واإلدارة السياسية‬ ‫واملدنية للموارد‪ ،‬واحلد من الوالدة‪ .‬وهذه احلملة‬ ‫تطال النساء والرجال على حد سواء‪.‬‬ ‫ تطوير وتعزيز اجلمعيات والشبكات النسائية‪،‬‬‫من خالل وضع هيكلية دائمة‪ ،‬تربط ما بني‬ ‫النساء العامالت يف اجملال السياسي‪ ،‬والاليت‬ ‫يعملن يف منظمات اجملتمع املدين‪.‬‬ ‫ التشجيع على املشاركة يف احلياة السياسية‬‫من خالل ممارسات جدية وفاعلة‪.‬‬ ‫ تشجيع احلكومة على احرتام التزاماهتا‬‫الوطنية واإلقليمية والدولية فيما يتعلق ابملساواة‬ ‫بني اجلنسني‪.‬‬ ‫اثنياً‪ :‬راوندا‪:‬‬ ‫توصيات موجهة للحكومة‪:‬‬ ‫ تطوير برانمج لتعزيز القدرات لدى الكياانت‬‫الالمركزية‪ ،‬ووضع خطط مالية تشمل‬ ‫اجلنسني‪.‬‬ ‫ ختصيص خبري معروف يف موضوع املساواة‬‫بني اجلنسني‪ ،‬لإلشراف على وضع السياسات‬ ‫واالسرتاتيجيات املتعلقة ابملساواة بني اجلنسني‪،‬‬ ‫وحتديد األدوار واملسؤوليات والوحدات‬ ‫واجلهات الفاعلة‪.‬‬

‫ تعزيز قدرة مسؤويل الوزارة املعنية بقضااي‬‫املساواة بني اجلنسني على مستوى املنطقة‪،‬‬ ‫لتمكينها من دعم ورصد تعميم مراعاة‬ ‫املنظور اجلنساين يف خطط التنمية وامليزانيات‬ ‫يف الكياانت الالمركزية‪ ،‬وحتليل العقبات اليت‬ ‫تواجه اجملتمعات يف السيطرة على العمل‬ ‫العام‪ ،‬والبدء ابسرتاتيجيات الدعم الالزمة‪.‬‬ ‫ تطوير برانمج للتعليم املستمر‪ ،‬ورفع‬‫مستوى التوعية العامة يف جمال املساواة بني‬ ‫اجلنسني‪ ،‬وذلك من أجل احلد من مقاومة‬ ‫التغيري ودعم التقدم‪ .‬وينبغي أن يتضمن الربانمج‬ ‫أيضاً تثقيف األُسر لتعزيز تعليم الفتيات‪.‬‬ ‫ العمل على تطوير املؤشرات الكمية والنوعية‪،‬‬‫لقياس التغريات يف املساواة بني اجلنسني على‬ ‫املستوايت الفردية واملؤسساتية واجملتمعية‪.‬‬ ‫دعم الدراسات والتحليالت اليت هتدف إىل‬‫وضع اسرتاتيجيات وخطط وبرامج تسمح‬ ‫بتخفيف عبء العمل عن املرأة‪ ،‬وتسمح هلا‬ ‫ابالخنراط أكثر يف هيئات صنع القرار‪ ،‬وتذليل‬ ‫العقبات اليت ميكن أن متنعها من املشاركة يف‬ ‫اختاذ القرارات‪.‬‬ ‫توصيات موجهة للمجلس الوطين وملنظمات‬ ‫اجملتمع املدين‪:‬‬ ‫ دعم النساء وتشجيعهن على وضع‬‫اسرتاتيجيات تتعلق ابملساواة بني اجلنسني‪.‬‬ ‫ التشجيع على إنشاء شبكات من القيادات‬‫النسائية على مستوى الكياانت الالمركزية‪،‬‬ ‫ومساعدهتن يف التعمق يف حتليل العقبات اليت‬ ‫حتول دون مشاركتهن‪ ،‬والتخاطب مع هيئات‬ ‫صنع القرار‪.‬‬ ‫ وضع برامج تدريبية لتعزيز القدرات القيادية‬‫للمرأة يف مواقع صنع القرار‪ ،‬أو املرشحات‬ ‫احملتمالت لشغل هذه املناصب‪.‬‬ ‫توصيات موجهة للرابطة الرواندية للسلطات‬ ‫احمللية (‪:)RALGA‬‬ ‫ االهتمام ابملشاريع الرامية إىل تعزيز املساواة‬‫بني اجلنسني يف احلكم احمللي‪ ،‬واالستفادة من‬ ‫جتارب املناطق األخرى‪.‬‬ ‫اثلثاً‪ :‬مجهورية الكونغو الدميقراطية‪:‬‬ ‫ تعزيز عمل املنظمات النسائية ومنظمات‬‫اجملتمع املدين‪ ،‬وإجراء دراسات متعمقة حول‬ ‫املشاركة السياسية للمرأة يف اجملتمع على‬ ‫الصعيد الوطين‪.‬‬

‫ إنشاء هياكل سياسية شاملة وممثلة‪ ،‬من‬‫خالل تعزيز وجود املرأة يف مؤسسات الدولة‬ ‫واألحزاب السياسية وهياكل اجملتمع‪ ،‬واعتماد‬ ‫قانون التكافؤ وتنفيذه بشكل فعال‪ ،‬لتمكني‬ ‫وصول املرأة إىل اجملال السياسي‪.‬‬ ‫ تشجيع التنشئة السياسية للمرأة‪ ،‬وحتويل‬‫السلوك السياسي للنساء والرجال‪ ،‬من خالل‬ ‫تعميم املساواة بني اجلنسني يف برامج وأنشطة‬ ‫الوكاالت املختلفة‪ ،‬اليت تعمل بصورة خاصة‬ ‫على التنشئة االجتماعية عرب املدرسة ووسائل‬ ‫اإلعالم واملؤسسات الدينية‪.‬‬ ‫ توطيد العالقة بني الداخل واخلارج من‬‫خالل خلق آلية جتمع بني اجلهات احلكومية‪،‬‬ ‫واملنظمات النسائية‪ ،‬واجملتمعات احمللية‪،‬‬ ‫ومنظمات اجملتمع املدين على نطاق أوسع‪،‬‬ ‫والعمل على تغيري وضع املرأة السياسي يف‬ ‫خطط البناء الوطين‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬أوغندا‪:‬‬ ‫ جعل املساواة بني اجلنسني عنصراً حمورايً يف‬‫تصميم وتنفيذ برامج اإلنعاش االقتصادي يف‬ ‫مشال أوغندا‪.‬‬ ‫ توفري التنمية املؤسساتية االسرتاتيجية للنساء‪:‬‬‫وهذا يتطلب تدريب عدد كبري من النساء‪ ،‬على‬ ‫كيفية تقدمي عطاءات يف املناقصات‪ ،‬وإنشاء‬ ‫شركات ومشاريع مشرتكة‬ ‫ تثقيف اجملموعات النسائية يف الشؤون‬‫السياسية‪ ،‬وتدريبهن على املشاركة بفعالية‪،‬‬ ‫يف خمتلف مستوايت صنع القرار‪ ،‬وتشكيل‬ ‫التحالفات واالئتالفات بني األطراف‪.‬‬ ‫ إعادة بناء الذكورة اإلجيابية‪ :‬وذلك من خالل‬‫تعبئة الرجال والفتيان‪ ،‬وحثّهم على االخنراط يف‬ ‫األنشطة الرامية إىل مكافحة العنف ضد املرأة‪.‬‬ ‫ملحة لتعبئة الرجال من‬ ‫وهناك أيضاً حاجة ّ‬ ‫أجل االهتمام واحملافظة على األسرة‪.‬‬ ‫العدد (‪ )2‬شباط ‪13 2014‬‬


‫سوريا‬ ‫وطن تساهم المرأة في تحريره وبنائه‬ ‫خالل حكم آل األسد مل يكن للسورايت عام ًة‬ ‫شأن كبري يف السياسة‪ ،‬ومل تصل إىل السلطة‬ ‫الرمسية السورية إال النساء اللوايت يندرجن يف سياق‬ ‫البنية التسلطية للدولة‪ ،‬أو الراضيات بصورية‬ ‫مناصبهن‪ ،‬فوضعن كظالل يف احلكومات أو‬ ‫مناصب الدولة املدعاة الستكمال هيكل ومهي‪.‬‬ ‫وجاءت الثورة السورية واقرتحت مساحة تتسع‬ ‫للجميع‪ ،‬حضور النساء والفتيات منذ بداية‬ ‫جسد حالة غري مسبوقة‪ ،‬فقد‬ ‫الثورة السورية ّ‬ ‫انتقلن من غريبات عن السياسة إىل قيادايت يف‬ ‫خضم أعظم الثورات املعاصرة‪ ،‬وصعدن خشبة‬ ‫صناعة احلدث بكثافة غري معهودة‪.‬‬ ‫مل تبدأ ثورة السوريني قومية وال دينية‪ ،‬وإمنا طبقية‬ ‫ومنادية ابحلرايت‪ ،‬وشعارات حقوق اإلنسان‬ ‫املنطوية ضمناً على حقوق املرأة‪ ،‬وإن تساوى‬ ‫الرجل واملرأة يف الظلم حتت حكم النظام البعثي‪،‬‬ ‫لكن واقع املرأة اصطبغ ببؤس آخر كوهنا تعيش‬ ‫يف جمتمع ذكوري‪ .‬مل تكن املطالبة حبقوق املرأة‬ ‫وجهاً معلناً يف أهداف الثورة بل كانت ضمنية‪،‬‬ ‫والسبب هو أن إسقاط النظام بقي أولوية الثورة‬ ‫السورية وكان ألي تشعب عن هذا اهلدف أن‬ ‫يشتت اجلهود‪ .‬حبماسة املوعودات بدوٍر أكرب‬ ‫يف سوراي احلرة‪ ،‬حبيا ٍة أفضل بعد انتصار الثورة‪،‬‬ ‫ومبتسع أكرب ليعملن وينجزن‪ ،‬شاركت النساء‬ ‫السورايت يف الثورة السورية منذ صيحة احلرية‬ ‫احتضن الثورة أبفراحها ومآسيها بزخ ٍم‬ ‫األوىل‪ ،‬و ّ‬ ‫مل ينته‪.‬‬

‫السورايت يف الثورة ‪ ..‬صوت الثورة احلق‬

‫مع أن اإلعالم مل يسمح لنا ابلتعرف على أهم‬

‫رزان زيتونة‬ ‫‪ 14‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫املناضالت يف الثورة السورية كأمهات الشهداء‬ ‫واملعتقلني وانشطات اإلغاثة واإلسعاف‬ ‫واملعتقالت وهن قلب الثورة السورية وروحها‪،‬‬ ‫لكنه أاتح لنا التعرف على أبرز الوجوه النسائية‬ ‫من املشاركات والداعمات للثورة السورية‪،‬‬

‫مل تبدأ ثورة السوريني قومية وال‬ ‫دينية‪ ،‬وإمنا طبقية ومنادية ابحلرايت‪،‬‬ ‫وشعارات حقوق اإلنسان املنطوية‬ ‫ضمناً على حقوق املرأة‪.‬‬ ‫وهن صوت الثورة‬ ‫وعلى السياسيات السورايت ّ‬ ‫وصورهتا يف اإلعالم‪ ،‬وإن أغفل بعضهن وابلغ‬ ‫يف إبراز بعضهن اآلخر‪ .‬ومن أوائل السورايت‬ ‫حضوراً يف الثورة السورية‪ :‬منتهى األطرش‬ ‫صحفية وانطقة ابسم «املنظمة السورية حلقوق‬ ‫اإلنسان» من أوائل من جهروا مبوقفهم ضد‬ ‫النظام يف الثورة‪ ،‬فداء حوراين معتقلة سابقة‬ ‫بسبب توليها رائسة إعالن دمشق للتغيري‬ ‫الدميقراطي‪ ،‬سهري األاتسي تعرضت لالعتقال‬ ‫وهي عضو اجمللس الوطين السوري‪ ،‬احملامية رزان‬ ‫زيتونة حازت على جائزة ابن رشد حلرية الفكر‪،‬‬ ‫خولة دنيا كاتبة ومن أهم الناشطات يف اجملال‬ ‫اإلغاثي‪ ،‬الكاتبة مسر يزبك‪ ،‬حازت على جائزة‬ ‫(هارولد بينرت) لكتاابهتا األدبية عن الثورة‪،‬‬ ‫بسمة قضماين أستاذة العالقات الدولية جبامعة‬ ‫ابريس‪ ،‬فدوى سليمان شاركت يف مظاهرات‬ ‫محص وهددت ابلقتل‪ ،‬الباحثة فرح األاتسي‬ ‫مديرة أعمال ومستشارة إعالمية تدعم الثورة‬ ‫بشكل مستقل‪ ،‬لويز عبد الكرمي فنانة هددت‬

‫سمر يزبك‬

‫ران خليل‬ ‫ابلقتل بعد توقيعها بيان احلليب‪ ،‬الدكتورة رفاه‬ ‫الناشد حمللة نفسية اعتقلت وهي تبلغ من‬ ‫العمر ‪ 66‬عاماً‪ ،‬الشاعرة لينا الطييب وهي عضو‬ ‫اجمللس الوطين السوري‪ ،‬تغريد احلجلي عضو‬ ‫اجمللس الوطين السوري‪ ،‬املمثلة مي سكاف‬ ‫اعتقلت وصدر حبقها حكم ابلتحريض على‬ ‫القتل واإلرهاب‪ ،‬ايرا صربي ممثلة كان موقفها‬ ‫صرحياً وحامساً لن ترتاجع عنه‪ ،‬عانت التضييق‬ ‫من النظام لوقت طويل‪ ،‬الناشطة مروة الغميان‬ ‫اعتقلت مع بداية الثورة‪ ،‬املدونة رزان الغزاوي‬ ‫اعتقلت وحازت اجلائزة السنوية للمدافعني عن‬ ‫حقوق اإلنسان من دبلن‪ .‬إن حنن استمرينا‬ ‫يف البحث عن تلك األمساء اليت حفرت‬ ‫عميقاً يف الوجدان السوري‪ ،‬سنحصي الكثري‬ ‫وسيبقى األكثر‪ ،‬آالف الطبيبات واملهندسات‬ ‫واحملاميات واملدرسات أعلني من حضور األنوثة‬ ‫السورية الباهرة‪ ،‬وانتزعن احلضور بال غرور‪.‬‬ ‫ماذا قدمت املرأة السورية للثورة؟‬ ‫شاركت النساء يف التظاهرات السلمية ضد‬ ‫نظام بشار األسد منذ بداية الثورة‪ ،‬جنباً إىل‬ ‫جنب مع الرجال‪ ،‬واخنرطت املرأة يف مجيع‬ ‫النشاطات الثورية وسامهت يف مجيع مراحلها‬ ‫أبدوار متعددة كناشطات وطبيبات وإعالميات‬ ‫ومعتقالت‪ ،‬واآلن مع تراجع النشاطات الثورية‬ ‫السلمية وسيادة لغة السالح‪ ،‬وابلرغم من أن‬ ‫النساء ال يلعنب دوراً ذا أمهية يف القتال‪ ،‬فإهنن‬ ‫قوة الثورة‬ ‫يلعنب دوراً أساسياً يف احلفاظ على ّ‬ ‫وصيانتها‪ ،‬فاملعركة اليوم ال تخُ اض ابألسلوب‬ ‫العسكري التقليدي فحسب‪ ،‬وإمنا ختاض على‬

‫منتهى األطرش‬


‫حماور عدة السيّما عندما يكون خطر اعتداءات‬ ‫النظام يف كل مكان وكل شيء‪ .‬أصبحت املرأة‬ ‫السورية موجودة على كافة اجلبهات‪ ،‬جبهة‬ ‫القتال‪ ،‬يف املدارس واملالجئ‪ ،‬واملستشفيات‬ ‫املتنقلّة يف كافة أحناء سوراي‪.‬‬ ‫تقول سارة‪ ،‬وهي انشط ٌة سورية شابة‪« :‬أن‬ ‫تكون السورية انشطة هو حبد ذاته خطر على‬ ‫حياهتا‪ ،‬فأغلب الناشطات كان مصريهن‬ ‫االعتقال‪ ،‬كالناشطة ّ‬ ‫(طل امللوحي) وغريها من‬ ‫املعتقالت اللوايت ترتاوح أعمارهن بني ‪ 12‬و‪60‬‬ ‫سنة‪ ،‬اعتقلن على احلواجز أو هبدف الضغط‬ ‫على إخواهنن الذين يعملون لصاحل الثورة‪ .‬وال‬ ‫تزال آالف املعتقالت يف سجون النظام حىت‬ ‫هذه اللحظة»‪.‬‬ ‫تقول سلمى‪ ،‬وهي انشطة تعمل يف جمال‬ ‫اإلعالم‪« :‬أصبح لعمل املرأة يف اإلعالم األثر‬ ‫األقوى‪ ،‬فقد يوصل اإلعالمي السوري صوت‬ ‫الشعب ومطالبه وأوجاعه‪ ،‬لكنه لن يستطيع أن‬ ‫يوصل ما خيص املرأة السورية كما تفعل بلساهنا‬ ‫هي»‪.‬‬

‫أن تكون السورية انشطة هو حبد ذاته‬ ‫خطر على حياهتا‪ ،‬فأغلب الناشطات‬ ‫كان مصريهن االعتقال‬

‫أما كنانة‪ ،‬وهي طبيبة فتقول‪« :‬مل يقتصر‬ ‫دوران كطبيبات على وجودان يف املستشفيات‬ ‫فقط‪ ،‬بل أيضاً يف املشايف امليدانية اليت‬ ‫تستقبل اجلرحى واملصابني جراء القصف‪ .‬كنا‬ ‫نرى أشالء اجلثث‪ ،‬ونرى إصاابت وحوادث‬ ‫مل نرها من قبل‪ ،‬وكانت املمرضة وهي غالباً‬ ‫متطوعة هي يدان اليمىن ومساعدتنا يف كل ما‬ ‫حنتاجه»‪.‬‬

‫لويز عبد الكرمي‬

‫املرأة أوىل ضحااي النظام‬ ‫أشارت معظم التقارير الدولية الصادرة عن‬ ‫منظمات حقوق اإلنسان منذ بداية الثورة‪ ،‬إىل‬ ‫أن املرأة السورية أوىل ضحااي هذا النظام‪ ،‬وغالباً‬ ‫ما تكون املرأة الضحية األوىل ألي صراع‪ ،‬ويتم‬ ‫استخدام االغتصاب من قبل الطرف املسيطر‬ ‫كأداة لالنتقام‪ ،‬واستهداف النساء عمداً من‬ ‫ابب التكتيك العسكري الرادع أو الصادم‪.‬‬ ‫يتحدث عالء وهو انشط سوري عن رأيه‬ ‫ٍ‬ ‫كشاب اثئر بدور املرأة يف الثورة السورية‪« :‬لوال‬ ‫مشاركة املرأة السورية يف هذه الثورة املباركة ملا‬ ‫كان هلا أن تستمر‪ ،‬فهي اليت ابركت ألبنائها‬ ‫خروجهم‪ ،‬مل حتبط عزميتهم ومدهتم ابلدعم‬ ‫والدعوات‪ ،‬وهي اليت سامهت برعاية اجلرحى‪،‬‬ ‫ومدت الثوار ابلعزمية‪ ،‬لقد كانت تلك األم‬ ‫اليت وصفها درويش حني قال‪( :‬أمجل األمهات‬

‫أمجل األمهات اليت انتظرت ابنها‬ ‫فعاد مستشهداً‪ ،‬فبكت دمعتني‬ ‫ووردة ‪ ..‬ومل تنزِو يف ثياب احلداد‬

‫رزان غزاوي‬

‫عادة النساء هن حامالت خطاب‬ ‫السالم‪ ،‬وهو ما حيتاجه اجملتمع‬ ‫السوري اآلن‪ ،‬والحقاً بعد كل ما‬ ‫ستخلفه احلرب من احلقد واالحتقان‪.‬‬ ‫اليت انتظرت ابنها فعاد مستشهداً‪ ،‬فبكت‬ ‫دمعتني ووردة ‪ ..‬ومل تنزِو يف ثياب احلداد)‪،‬‬ ‫هي األخت املتحمسة واملعتقلة والشهيدة ‪،‬‬ ‫هي اليت أضفت على كل قسوة الثورة ذلك‬ ‫احلضور البهي املغموس ابألنوثة اجلليلة»‪.‬‬

‫وطننا حيتاج ألنثى‬

‫فرض النظام على الساحة السورية خالل سنني‬ ‫حكمه وعلى األخص خالل الثورة هيمنة ذكورية‬ ‫جتلت بكم العسكرة اليت أنتجها‪ ،‬واملتمثلة‬ ‫ابألب القائد األوحد كطوطم مشوه حشر‬ ‫نفسه يف السياق‪ ،‬واستطاع النظام مستنداً على‬ ‫بنيته هذه جر الثورة إىل حرب ذكورية‪ ،‬وجدت‬ ‫صداها بكم العدوان وما ينتج من انتقام مضاد‪،‬‬ ‫حييلنا املشهد هنا إىل استبعاد الصيغة األنثوية‬

‫سهير األتاسي‬ ‫العدد (‪ )2‬شباط ‪15 2014‬‬


‫تكثيف متصاعد ملشهد‬ ‫املعتدلني‪ ،‬يكون هناك‬ ‫ٌ‬ ‫وتغييب تدرجيي لألنوثة خلف‬ ‫الذكورة احملاربة‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫احلجب السوداء»‪.‬‬

‫«ال أتمل النساء السورايت يف‬ ‫إسقاط النظام فحسب‪ ،‬بل كذلك‬ ‫يف ضمان محاية حقوق النساء يف أية‬ ‫حكومة ستُ ّشكل»‬ ‫ما تتوق له النساء يف سوراي اجلديدة‬

‫يف التعامل مع احلياة‪ ،‬صيغة البناء واالستقرار‬ ‫وإنتاج احلياة‪ .‬عادة النساء هن حامالت‬ ‫خطاب السالم‪ ،‬وهو ما حيتاجه اجملتمع السوري‬ ‫اآلن‪ ،‬والحقاً بعد كل ما ستخلفه احلرب من‬ ‫احلقد واالحتقان‪ .‬يقول األستاذ عاصف‪ ،‬وهو‬ ‫أستاذ يف علم االجتماع‪« :‬املرأة اليت حفظت لنا‬ ‫بعضاً من قيمنا اإلنسانية واألخالقية‪ ،‬حفظت‬ ‫لنا اجلمال وسط شراهة القبح‪ ،‬واالبتسامة‬ ‫النضرة من رحم األوجاع السورية الكثرية وما‬ ‫أمس حاجتنا للفرح واجلمال»‪.‬‬ ‫مكان ٌة سياسي ٌة أنثوية التليق حبضورها الثوري‬ ‫بينما تقود النساء الكثري من احلركات السلمية‬ ‫واملدنية‪ ،‬تصبح الثورة مسلّح ًة أكثر فأكثر‪،‬‬

‫يارا صبري‬ ‫‪ 16‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫وإسالمية الطابع يوماً بعد يوم‪ .‬ومع تزايد العنف‬ ‫تراجع احلراك املدين بشكل كبري‪ ،‬يرتاجع دور‬ ‫النساء البارز فيه‪ ،‬وقد سامهت حماوالت أسلمة‬ ‫الثورة يف تراجع هذا الدور تدرجيياً‪ .‬ومع أن املرأة‬ ‫مل تعد تقف يف اخلطوط السياسية والعسكرية‬ ‫األمامية‪ ،‬فهي تلعب أدواراً مهمة يف املشايف‬ ‫إنعاش إنساني ٍة‬ ‫ومراكز اإلعالم‪ ،‬وتنظيم طرق ٍ‬ ‫للمهجرين‪ ،‬تتحدث السيدة نوال‪ ،‬وهي إعالمية‬ ‫قائلة‪« :‬احلرب مع كوهنا تراجعاً للسياسة‪ ،‬هي‬ ‫أيضاً تراجع لقيم املدنية والدميوقراطية وتراجع‬ ‫ألحالم التحرر‪ ،‬وحني تتصدر املشهد قيم‬ ‫العنف‪ ،‬التبعية والطاعة‪ ،‬التعصب واحلقد‪،‬‬ ‫حضور القوة واخلشونة‪ ،‬الرجال األشداء مقابل‬

‫خولة دنيا‬

‫حضور املرأة األصيل يف الثورة‪ ،‬يعكس توقها‬ ‫إىل بل ٍد حر مدين دميقراطي‪ ،‬هلا فيه من احلقوق‬ ‫بقدر ما عليها من الواجبات كما الرجل‪ ،‬هذا‬ ‫ما عربت عنه بعض الالفتات اليت ُرفعت يف أوىل‬ ‫املظاهرات‪( :‬هل سيتخلص الرجل من العقلية‬ ‫األسدية بسقوط النظام؟) فاملرأة تدرك أبن‬ ‫التغيري اجلذري ال حيدث بسقوط النظام فقط‪،‬‬ ‫وإمنا بتغيري العقلية املسيطرة على اجملتمع‪ ،‬واليت‬ ‫التزال ذكورية إقصائية‪ .‬تقول األستاذة لينا وهي‬ ‫حمامية‪« :‬ال أتمل النساء السورايت يف إسقاط‬ ‫النظام فحسب‪ ،‬بل كذلك يف ضمان محاية‬ ‫حقوق النساء يف أية حكومة ستُ ّشكل‪ .‬ورغم‬ ‫أ ّن السوريني معتادون رؤية حماميات‪ ،‬وطبيبات‪،‬‬ ‫وقضاة من العنصر النسائي‪ ،‬فإ ّن القوانني اليت‬ ‫ترعى الزواج‪ ،‬وإجازة األمومة‪ ،‬والطالق‪ ،‬حتتاج‬ ‫اىل اإلصالح لتكون أكثر عدالً»‪.‬‬ ‫حتلم نساء سوراي وفتياهتا أن يكون ما تعرب به‬ ‫سوراي اليوم من حزن وأمل وخسارات ابابً لدولة‬ ‫قانون ومواطنة يعبرّ فيها اجلميع عن وجودهم‪،‬‬ ‫أفكارهم‪ ،‬أحالمهم‪ ،‬نساء ورجاالً وأطفاالً‪،‬‬ ‫سوريون يعيشون على أمل ميكن أن يتحقق‪.‬‬

‫نوران الغميان‬


‫وجوه‪..‬‬

‫معرض في اسطنبول لهبة عيزوق‬ ‫حتت عنوان «وجوه» افتتح يف اخلامس‬ ‫عشر من كانون الثاين ‪ 2014‬معرض‬ ‫للفنانة السورية هبة عيزوقي‪ ،‬يف غالريي‬ ‫شريبني ‪ Cherrybean‬يف مدينة‬ ‫اسطنبول‪ ،‬ويستمر املعرض حىت هناية‬ ‫شباط اجلاري‪.‬‬ ‫جاء يف بروشور املعرض‪« :‬يف هذه احلياة ال‬ ‫وجه يشابه اآلخر‪ ..‬ووجوهي مستمدة من‬ ‫الواقع بشكل فضويل‪ ،‬هي دواخلنا اليت تضم‬ ‫كل املشاعر اإلنسانية من قلق‪ ،‬انتظار‪ ،‬أمل‪،‬‬ ‫فرح وغريها‪ ..‬فأان ال أقدم عرضاً ذاتياً‪ ،‬بل‬ ‫أحاول الوصول إىل أعماق اآلخر وأجسده‬ ‫يف لوحيت‪ ،‬فالوجه هو مرآة الروح‪ ،‬يعكس‬ ‫ما بداخل النفس من انفعال‪ .‬ولوحيت حتصر‬ ‫القبح واجلمال يف بورتريه للكشف عن حقيقة‬ ‫اإلنسان املخبأة يف دواخله مبتعدة كل البعد‬ ‫عن إظهار تفاصيل الوجه اجملردة‪ ،‬ألجسد‬ ‫املالمح اإلنسانية يف بعدها النفسي‪ ،‬واليت تعرب‬ ‫عن غربتنا الذاتية والنفسية‪.»..‬‬ ‫ يضم املعرض مثانية وأربعني عم ً‬‫ال (تصوير‬ ‫أكريليك على قماش)‪ ،‬ترتاوح أحجامها بني‬ ‫‪ 30*30‬إىل ‪ ،140*120‬وعشرة أعمال‬ ‫(مائية على الكرتون)‪ ،‬وثالثة عشر عم ً‬ ‫ال‬

‫(حفر على احلجر واخلشب واملعدن) أبحجام‬ ‫خمتلفة‪.‬‬ ‫يتجلى يف املعرض جوهر اإلنسان الذي يتجرد‬ ‫بوضوح يف وجهه‪ ،‬فالوجه حسب هبة‪« :‬هو‬ ‫الصندوق الزجاجي الذي مكنين من الدخول‬ ‫إىل أعماق اآلخر ألجسده يف لوحيت»‪.‬‬ ‫وعن عناوين اللوحات تقول هبة‪« :‬كانت‬ ‫مستقاة من االنطباع النهائي الذي ترتكه اللوحة‬ ‫يف داخلي‪ ...‬فبعض اللوحات هي من قالت‬ ‫يل امسها‪ ،»..‬أما توجه اللوحات فواحد حبكم‬ ‫أهنا تتحدث عن موضوع واحد‪.‬‬ ‫يذكر أن «وجوه» هو املعرض‬ ‫الفردي الثاين هلبة واألول يف‬ ‫اسطنبول‪ ،‬بعد معرضها يف أربيل‬ ‫عام ‪. 2012‬‬

‫هبة عيزوق من مواليد مدينة السلمية عام‬ ‫‪ ،1986‬خرجية كلية الفنون اجلميلة جامعة‬ ‫دمشق – قسم احلفر ‪، 2009‬كان هلا العديد‬ ‫من املشاركات يف معارض مجاعية داخل وخارج‬ ‫سوراي‪.‬‬ ‫ختتم هبة ابلقول‪« :‬كانت خطوة مهمة ابلنسبة‬ ‫يل إقامة معرض يف اسطنبول‪ ،‬والتواصل عن‬ ‫طريقه مع الفن والفنانني األتراك وغري األتراك‪،‬‬ ‫فاسطنبول مدينة مفعمة ابلفن واحلياة‪ .‬وأان‬ ‫أشكر جملة (سيدة سوراي) على اهتمامها‬ ‫ابملعرض بشكل خاص‪ ،‬والفن بشكل عام‬ ‫ابلرغم من كل ما حييط بنا»‪.‬‬

‫العدد (‪ )2‬شباط ‪17 2014‬‬


‫عــاليــة منــصور‪ :‬الشــارع الســوري متــقدم عن ممثليــــه‬ ‫السياسيين ومتقبل للمرأة أكثر من المعارضة السياسية‬

‫حاورهتا سيدة سوراي‬

‫على هامش اجتماع اهليئة العامة لالئتالف الوطين لقوى الثورة واملعارضة‪ ،‬عضو االئتالف‬ ‫عالية منصور تتحدث لسيدة سوراي حول وضع املرأة السورية يف الثورة‪ ،‬متثيلها السياسي‪،‬‬ ‫موضوعة الكوات‪ ،‬وحتمل املرأة حصة من املسؤولية‪ ،‬ضعف حضورها ومتثيلها‪.‬‬ ‫بني األم ــانة العـ ــامة للمجلس الـ ــوطين الالحقة‪ .‬هذه ليست الطريقة الصحيحة للعمل‬ ‫واالئتالف‪ ،‬ما الذي تغري يف أداء عالية منصور على قضية املرأة‪ ،‬اليت حتتاج إىل توعية اجتماعية‬ ‫السياسي؟‬ ‫وثقافية‪ ،‬وتعريف للمرأة مبهامها وحقوقها‪.‬‬ ‫لطاملا اهتمت ابلتحيز للموقف السياسي على املرأة التوقف عن الظهور مبظهر الكائن‬ ‫للمجلس‪ ،‬القصة أين أرى أن األداء السياسي الضعيف الذي ال يتعاطى إال الشأن اإلنساين‪،‬‬ ‫كان يتمتع حينها جبدية أكرب‪ ،‬فعلى سبيل يف الوقت الذي تعمل فيه الكثري من النساء‬ ‫املثال كنت أرى جدية يف اجتماعات األمانة يف السياسة واإلغاثة‪ ،‬وحىت يف اجلانب الطيب‬ ‫العامة للمجلس أكثر بكثري من اجتماعات امليداين‪ ،‬العمل السياسي يكون بفرض وجهة‬ ‫االئتالف‪ ،‬حتديداً فيما يتعلق ابلوقت‪ .‬كانت النظر خارج نطاق العواطف واحملاصصة‪.‬‬ ‫الثورة يف بدايتها‪ ،‬وكنا يف كل ما نتناوله أقرب تشغل نورا األمري اليوم منصب انئب رئيس‬ ‫للشارع‪ ،‬مل يكن موجوداً كل هذا االنقسام االئتالف‪ ،‬ملاذا مل ترتشح عالية هلذا املنصب‪ ،‬وما‬ ‫واالستقطاب السياسي احلاد‪ ،‬كنا ثورة ونظام‪ ،‬هو مقدار ثقتكم بنورا واستعدادكم لدعمها؟‬ ‫واليوم حنن ثورة ونظام ومعارضات‪ ،‬وهذا ما مل نورا ممثلة عن احلراك الثوري يف الداخل‪ ،‬وهي‬ ‫نشعر به سابقاً مع أن املعارضة مل تكن موحدة أكثر فئة ظلمت يف التمثيل‪ .‬أان غادرت‬ ‫حينها‪.‬‬ ‫سوراي قبل ست سنوات من اندالع الثورة‪،‬‬ ‫كيف تصفني وضع املرأة يف انتخاابت مارست العمل السياسي كمعارضة ابكراً‪،‬‬ ‫املعارضة؟‬ ‫لكننا حنتاج ملن ينقل واقع املرأة يف الداخل‪،‬‬ ‫اللوم يف ما يتعلق ابملرأة يقع جبزء كبري منه ونورا هي األفضل كوهنا كانت هناك‪ ،‬وتعرضت‬ ‫على املرأة نفسها‪ ،‬فاملرأة تسمح أحياانً أن لالعتقال‪ ،‬لذلك هي أكفأ مين يف متثيل نساء‬ ‫تستخدم كحجة‪ ،‬يف أول توسعة للمجلس كان الداخل‪ .‬أان استطيع نقل وجهة نظر سياسية‬ ‫املفروض أن يكون هناك متثيل نسائي داخل أكرت مما أستطيع متثيل املرأة كمرأة فقط‪ ،‬وأان‬ ‫الكتل السياسية مبوافقة اجلميع‪ ،‬لكن يف حلظة مستعدة لدعم نورا بكل ما أستطيع فعله‪.‬‬ ‫االنتخاب قبلت أن تدخل األمانة العامة فقط عالية ال تقبل الرتشح كامرأة وإمنا كسياسية‪،‬‬ ‫كوهنا امرأة بعيداً عن توجهاهتا السياسية‪ ،‬وهذا هل كنت لتقبلي لو مت ترشيحك من الكتلة‬ ‫ألننا ال منلك ثقافة قدرة املرأة على التواجد اليت تنتمني إليها؟‬ ‫كممثل عن مكون سياسي ال كامرأة‪ .‬شخصياً أوالً‪ ،‬أان مستقلة سياسياً‪ ،‬وكثريون حتدثوا إيل‬ ‫أان ضد احملاصصة الطائفية والعرقية واجلندرية‪ ،‬بشأن الرتشح‪ ،‬الفكرة هي أنين أترشح عن‬ ‫املرأة هي مكون ذو توجه قد يتأرجح بني أقصى مقعد املرأة‪ ،‬ولو كان الرتشح على مقعد اثن‬ ‫اليمني وأقصى اليسار‪ ،‬بني الليربالية‪ ،‬العلمانية تتاح فيه منافسة الرجل لرتشحت‪ ،‬لكننا سبعة‬ ‫أو اخلط اإلسالمي‪ ،‬وعليه ليس من املنطقي أن نساء‪ ،‬وليس من املنطقي أن أانفس األخرايت‬ ‫تكون ممث ً‬ ‫ال عن املرأة‪ ،‬فالنساء لسن مجيعاً على على مقعد واحد‪ ،‬مقابل مخسة مقاعد للرجال‪،‬‬ ‫توجه واحد‪ .‬حنن هنا اليوم ألننا مل حنرتم هذا ملاذا ال تفتح املنافسة دون متييز؟ أيخذ الرجال‬ ‫التفصيل‪ ،‬ومسحنا أن يتم استخدامنا فيما يسمى مخسة مقاعد وحيصروننا يف مقعد! دعوان نفتح‬ ‫كوات نسائية‪ ،‬حنن نرضى مبقعد أو مقعدين مث ابب املنافسة‪ ،‬فقد حنصل كنساء على مقعدين‬ ‫نعود لطرح الكوات كحق لنا يف االستحقاقات أو ثالثة بدالً من مقعد واحد‪.‬‬ ‫‪ 18‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫ملاذا ال حتدد كوات لتمثيلكن يف اهليئة السياسية‬ ‫والرائسة؟‬ ‫طرحت هذه النقطة‪ ،‬وكان الطلب هو أن تشغل‬ ‫النساء نسبة ‪ 30‬ابملائة من اهليئة السياسية‪.‬‬ ‫اهليئة السياسية بدون املكتب الرائسي تضم‬ ‫‪ 14‬عضواً‪ ،‬أي جيب أن نكون ‪ 4‬من أصل‬ ‫‪ 7‬نساء موجودات يف االئتالف‪ ،‬واحدة منهن‬ ‫انئب رئيس‪ ،‬وهذا ليس مقبوالً برأيي الذي‬ ‫قد ال أكون مصيبة فيه‪ ،‬والذي قد ال يعجب‬ ‫النساء األخرايت‪ ،‬لكن أال تكون يل كفاءة‬ ‫سوى كوين امرأة‪ ،‬ملاذا؟ هل سيدخلوننا مجيعاً‬ ‫لتلوين اجللسات؟؟! إبمكاننا كنساء طرح‬ ‫املبادرات ملشاريع سياسية ومشاريع للتمكني‬ ‫االقتصادي‪ ،‬لكن حىت نطالب بـ ‪ 30‬ابملائة‬ ‫للهيئة السياسية‪ ،‬كان علينا املطالبة هبذه النسبة‬ ‫للهيئة العامة لالئتالف‪ ،‬حىت يكون حضوران‬ ‫يف اهليئة السياسية هبذه النسبة حتصي ً‬ ‫ال حاصالً‪.‬‬ ‫حنن أمام استحقاقات أهم من قضية نسبة‬ ‫التمثيل يف هذه املرحلة‪ .‬رمبا لو كنا يف اهليئة‬ ‫السياسية كلنا نساء‪ ،‬كنا اختذان قرارات حامسة‬ ‫ومل نضيع الوقت‪ ،‬لكن أن نطالب بـ ‪ 30‬ابملائة‬ ‫للهيئة‪ ،‬وحنن ‪ 5‬ابملائة يف اهليئة العامة‪ ،‬فهذا‬ ‫ليس منطقياً‪.‬‬ ‫خارج إطار اجمللس الوطين واالئتالف والتكتالت‬ ‫السياسية‪ ،‬كيف تقيّمني دور املرأة منذ بداية‬ ‫الثورة حىت اليوم؟‬ ‫الشارع السوري متقدم عن ممثليه السياسيني‪،‬‬ ‫وهو متقبل للمرأة أكثر من املعارضة السياسية‪.‬‬ ‫املرأة ند يف كل شيء‪ ،‬لقد التقيت بعناصر من‬ ‫اجليش احلر أخربوين مبشاركة النساء هلم‪ .‬يف كل‬


‫اجملاالت كانت املرأة شريكة‪ ،‬وحنن اليوم أمام املواقع اليت جيب أن تشارك‬ ‫فيها ابلقرار السياسي‪ ،‬لكنها ال متلك الدافع الكايف لتقوم بذلك‪ ،‬فض ً‬ ‫ال‬ ‫عن رغبة الكثري من الرجال إبقصائنا‪.‬‬ ‫كيف تقيّمني عمل شبكة املرأة السورية؟‬ ‫مل نلتق كثرياً‪ ،‬ولست على اطالع بتفاصيل عملهن‪ ،‬لكن اللوم ال يقع‬ ‫عليهن ألين لست ميالة لعمل حيصرين بتمثيل جندري‪ ،‬وميثل املرأة‬ ‫كحالة‪ ،‬ولكن إذا كان حيق يل فأان أنصحهم ابلعمل على أرض الواقع‪،‬‬ ‫بعيداً عن آلية العمل التقليدية‪ ،‬وحتديداً مع النساء ضحااي ما حيصل‬ ‫يف سوراي‪ ،‬من انزحات وأرامل وبنات شهداء ومغتصبات‪ .‬ابلنسبة يل‬ ‫ال أحتاج من يعرفين حبقوقي ألين أعرفها وأعرف كيف أحصل عليها‪،‬‬ ‫لكن حنن حباجة لتوعية النساء اللوايت يتعرضن لالنتهاك بشكل يومي‬ ‫حبقوقهن‪ ،‬إن أردان تفعيل دور املرأة يف اجملتمع‪ ،‬فال يكفي أن نتعاطى‬ ‫مع النخب‪ ،‬ألننا سنتحول حينها إىل جمتمع مريض‪.‬‬ ‫ابلنظر إىل واقع النساء السورايت من معتقالت وأرامل‪ ،‬ما الذي تتوقعينه‬ ‫من جنيف كاستحقاق؟‬ ‫ال أدري إن كانت هناك نية حللول يف جنيف‪ ،2‬منذ أكثر من عامني‬ ‫ونصف أطلقت عدة مبادرات تدعو إلطالق سراح املعتقالت‪ ،‬ولكن‬ ‫النظام مل يستجب‪ .‬أرجو أن نصل حلل سياسي‪ ،‬لكن النظام الذي يقتل‬ ‫محزة اخلطيب هبذه الطريقة‪ ،‬ويعترب أنه حيارب اإلرهاب‪ ،‬هو نظام ال‬ ‫يفهم ابلسياسة‪ ،‬وال بد من امتالكنا لورقة قوة يف وجهه‪ .‬إحدى أوراق‬ ‫القوة برأيي هي الرأي العام العريب والدويل‪ ،‬وإيصال صوتنا إىل العامل‪ .‬ال‬ ‫أدري ماذا ستكون إجابة أي مسؤول أوريب لو سألناه‪ :‬ماذا يعرف عن‬ ‫املرأة السورية؟ ال أدري إن كانوا يعلمون عدد معتقالتنا‪ ،‬وما تتعرض له‬ ‫نساؤان يف ظل التقصري اإلعالمي الكبري‪.‬‬ ‫ما هي اآلليات اليت تقرتحينها لتغيري واقع النساء السورايت‪ ،‬وإىل من‬ ‫تتوجهني هبا؟‬ ‫إىل النساء أنفسهن‪ ،‬أقرتح عليهن النزول إىل األرض‪ ،‬األرض ليست‬ ‫فزاعة‪ ،‬أال تستطيعني يف أوقات فراغك زايرة األماكن القريبة من عنتاب‪،‬‬ ‫والعمل مع السوريني يف الشأن الذي تريدينه؟ يف بداية تشكيل اجمللس‬ ‫الوطين كانت يل جتربة مع اجلرحى‪ ،‬ذهبت مببادرة شخصية لزايرة مشفى‬ ‫يضم جرحى سوريني‪ ،‬كان منهم من رفض اجللوس معي‪ ،‬وبعد بفرتة‬

‫اتصلوا يب لطلب الدواء غري املتوفر‪ ،‬وطلبت من اجمللس الوطين تبين‬ ‫املستشفى وفعل‪ ،‬وصرت أزور املشفى ابستمرار‪ ،‬بعد حوايل شهرين‬ ‫تلقيت العديد من الرسائل من نفس اجلرحى الذين رفضوا مقابليت‪ ،‬والذين‬ ‫اعتربوا أن اجمللس أهاهنم يف البداية إبرسال امرأة‪ ،‬شكروين فيها على‬ ‫املساعدة‪ .‬مازلت أحتفظ برسالة أخدهم‪ ،‬وتعين يل الكثري‪ ،‬فهو يقول‪:‬‬ ‫«آمنا أن املرأة هي نصف اجملتمع»‪ .‬الفكرة أنين مل أختذ موقفاً من رفضهم‬ ‫الستقبايل‪ ،‬بل فرضت نفسي‪ ،‬ألن هلم علي حقاً أبهنم قاتلوا من أجل‬ ‫حرييت‪ ،‬وأصيبوا‪ ،‬وبعضهم ابتت لديه إعاقات دائمة‪ ،‬لذا أرى عدم الرتاجع‬ ‫أمام أول صعوبة‪ ،‬بل التقدم بتصميم حنو أي عمل نريده‪.‬‬ ‫العديد من منظمات اجملتمع املدين تدرب جمموعات نسائية اليوم على‬ ‫املفاوضات وفض النزاعات‪ ،‬والعمل السياسي والسلم األهلي‪ ،‬ما مدى‬ ‫فعالية هذه الورشات برأيك مع العلم أن الكثري من الوجوه تتكرر فيها؟‬ ‫من أجل موضوع التكرار غالباً أين مل أقتنع هبذه الورشات‪ ،‬يف بداية الثورة‬ ‫كنا حباجة لدورات إعالمية وتوثيقية للناشطني املوجودين يف الداخل‪،‬‬ ‫حنتاج اليوم ملدربني يف الداخل واملخيمات يعرفون الناس يف هذه املناطق‬ ‫حبقوقهم‪ .‬وما يهم اليوم هو أن تكون هناك جلان يف الداخل‪ ،‬ويف‬ ‫املخيمات‪ ،‬للتوثيق وتقدمي اإلحصاءات الطبية واإلغاثية‪ ،‬أما اخلضوع‬ ‫للدورات بشكل متواتر‪ ،‬حبيث أستفيد وال أفيد‪ ،‬فهذا ليس مقبوالً‪.‬‬ ‫النساء يف الداخل هم الفئة األكرب اليوم‪ ،‬لدينا أكثر من ‪ 150‬ألف‬ ‫زوجة شهيد‪ ،‬هؤالء حباجة ملن حيدثهن ويتحدث عنهن‪ .‬لدينا معتقالت‬ ‫ومغتصبات‪ ،‬وقضيتهن ال بد من طرحها جبرأة‪ ،‬يكفينا االختباء خلف‬ ‫أصابعنا‪ ،‬الكثري من املشكالت على األرض ال ميكن حلها مبجرد اتباع‬ ‫الدورات‪ .‬الظهور على اإلعالم ممكن‪ ،‬الشهرة عرب الفيسبوك ممكنة أيضاً‪،‬‬ ‫لكن العمل احلقيقي ال يكون إال على األرض‪.‬‬ ‫رسالتك للنساء السورايت؟‬ ‫تبعدكن‪،‬‬ ‫ال ختفن وال تسمحن إبرهابكن‪ ،‬ال ترتكن حىت للشائعات أن‬ ‫ّ‬ ‫اب ِدرن مرة بعد مرة‪ ،‬ولن تستمر حماوالت إقصائكن‪ .‬كل من يقصي املرأة‬ ‫عدو للحرية‪ ،‬فال حرية بدوهنا وهي نصف اجملتمع‪ ،‬ال تسمحن بتخويفكن‬ ‫هبذه العقلية املتحجرة‪ .‬إايك والنظرة الدونية لذاتك‪ ،‬فهي وحدها اليت‬ ‫تسمح لآلخر ابلنظر إليك بدونية واستصغار‪ .‬متسكي برأيك وانضلي من‬ ‫أجله‪ ،‬وال بد أن يصل صوتك‪.‬‬

‫العدد (‪ )2‬شباط ‪19 2014‬‬


‫مفهــوم الجنـــدر‬ ‫يقول ابن رشد ( ‪ 1198 – 1126‬م ) يف‬ ‫(جوامع سياسة أفالطون)‪ :‬علينا أن ال خندع‬ ‫أبن املرأة تبدو يف الظاهر صاحلة للحمل‬ ‫واحلضانة فقط‪ ،‬فما ذلك إال ألن حالة العبودية‬ ‫اليت أنشأان عليها نساءان‪ ،‬أتلفت مواهبهن‬ ‫العظيمة‪ .‬جيب على النساء أن يقمن خبدمة‬ ‫اجملتمع والدولة قيام الرجال‪ ،‬فإن الكثري من فقر‬ ‫العصر وشقائه‪ ،‬يرجع إىل أن الرجل ميسك املرأة‬ ‫متاع‬ ‫لنفسه‪ ،‬كأهنا نبات أو حيوان أليف‪ ،‬جملرد ٍ‬ ‫فا ٍن‪ ،‬بدالً من أن ميكنها من املشاركة يف إنتاج‬ ‫الثروة املادية والعقلية ويف حفظها‪.‬‬ ‫وبرأيي أن ابن رشد هو أول من وضع أسس‬ ‫مفهوم اجلندر‪ ،‬والذي مل يتبناه اجملتمع الغريب‬ ‫إال يف الربع األخري من القرن العشرين أي بعد‬ ‫حوايل مثانية قرون من اهتداء ابن رشد إليه‪.‬‬ ‫لقد كان ابن رشد سباقاً يف طرح التأثريات‬ ‫الثقافية واالجتماعية على املرأة‪ ،‬واليت أتيت من‬ ‫الرتبية وليس من طبيعة تكوينها البيولوجي‪،‬‬ ‫إال أن عصور االحنطاط الالحقة اليت خيمت‬ ‫على اجملتمعات العربية دفنت كل تلك األفكار‬ ‫وغريها حتت أكداس من القيم املتخلفة‬ ‫املريضة‪ ،‬ومل نستفد حنن من أفكار مفكرينا‬ ‫املبدعني كابن رشد وتركنا غريان يؤسس عليها‬ ‫فكراً هنضوايً تنويرايً‪ .‬إذ بدأ عدد من الفالسفة‬ ‫وعلماء االنثربولوجيا وعلماء االجتماع‪ ،‬يف‬ ‫عصر النهضة األوربية مبحاولة تطوير نظر ٍ‬ ‫ايت‬ ‫وأفكا ٍر ورؤى للوصول إىل جمتمعات احلق‬ ‫والعدالة ملصلحة اإلنسانية مجعاء‪ ،‬ومن هنا‬ ‫بدأ العلماء يسربون التاريخ ملعرفة كيف انتقل‬ ‫اإلنسان من العصر األمومي الذي سادت فيه‬ ‫املشاعية وامللكية العامة‪ ،‬وانعدمت فيه احلروب‬ ‫وحماولة سيطرة اإلنسان على أخيه اإلنسان‪،‬‬ ‫إىل النظام البطريركي األبوي الذي اقرتن بظهور‬ ‫امللكية اخلاصة وتسلط اإلنسان على اإلنسان‪،‬‬ ‫وسيطرة الرجل على املرأة‪ ،‬وابلتايل حدوث‬ ‫النزاعات واحلروب سعياً للتملك واهليمنة‪.‬‬ ‫وبدأ يتضح من الدراسات األنثربولوجية‬ ‫والسوسيولوجية اختالف األدوار االجتماعية‬ ‫بني الذكر واالنثى ابختالف األزمنة واجملتمعات‪،‬‬ ‫‪ 20‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫وظهر ذلك جليا يف أحباث كثرية كأحباث‬ ‫مورغان‪ ،‬الذي درس السلوك واألمناط واألدوار‬ ‫االجتماعية لدى قبائل اهلنود احلمر سكان‬ ‫أمريكا األصليني‪ ،‬ليالحظ اختالف تلك‬ ‫األدوار حسب تطور العالقات االجتماعية‬ ‫السائدة‪ ،‬بني النظام األمومي أو النظام األبوي‪،‬‬ ‫واألنظمة الوسيطة املتدرجة بينهما‪ ،‬إذ الحظ‬ ‫اختالف األدوار االجتماعية لكل من الذكر‬ ‫واألنثى‪ ،‬حسب درجة تطور اجملتمع‪ ،‬وتبعه‬ ‫يف ذلك عدد كبري من علماء األنثروبولوجيا‬ ‫وعلماء االجتماع‪.‬‬ ‫إن االختالفات البيولوجية بني الذكر واالنثى‬ ‫ال تعين أبي حال من األحوال تفضيل جنس‬ ‫على آخر‪ ،‬وإال وجب اعتبار املرأة أفضل من‬ ‫الرجل لقدرهتا وعدم قدرته على االجناب‪ ،‬أو‬ ‫الرجل أفضل من املرأة بسبب قوته العضلية‬ ‫وكان لكتاب «اجلنس اآلخر» لسيمون دي‬ ‫بوفوار الدور الكبري يف بداية تبلور مفهوم‬ ‫«اجلندر» حيث أشارت إىل أن صفاتنا‬ ‫النفسية واالجتماعية وأدواران ال تولد معنا بل‬ ‫نكتسبها من خالل الرتبية والثقافة احمليطة فدور‬ ‫املرأة والرجل قد خيتلف من مكان إىل مكان‬ ‫ابختالف ثقافة تلك املنطقة‪ ،‬كما أنه خيتلف‬ ‫ابختالف الزمان‪ ،‬وقد خلصت طروحاهتا تلك‬ ‫يف مقولتها الشهرية «ال يولد اإلنسان امرأة‪ ،‬إمنا‬ ‫يُصبح كذلك» ومل تكن تدري آنذاك أن هذا‬ ‫املفهوم سيصبح اخللفية الفلسفية األساسية لدى‬ ‫الكثري من احلركات النسائية اليت تبنته وعملت‬ ‫على إدماجه يف كافة جماالت احلياة والتنمية‪،‬‬

‫مية الرحيب‬ ‫على اعتبار أنه املنطلق األهم لتجريد جنسي‬ ‫الذكورة واألنوثة من كافة الفوارق االجتماعية‬ ‫التارخيية اليت ميكن أن تكون سبباً يف أي متييز‬ ‫بني الرجال والنساء‪.‬‬ ‫بدأ مفهوم اجلندر يتضح يف السبعينات أكثر‬ ‫فأكثر‪ ،‬مث تبلور يف الثمانينات من القرن‬ ‫املاضي‪ ،‬بعد أن ُدرس من قبل العلوم االجتماعية‬ ‫عموماً‪ ،‬والسوسيولوجيا حتديدا‪ ،‬لتحليل األدوار‬ ‫واملسؤوليات واملعوقات ألدوار الرجل واملرأة‬ ‫داخل اجملتمع االنساين‪.‬‬ ‫ما هو اجلندر أو النوع االجتماعي؟‬ ‫اجلندر كلمة التينية يف األصل تشري إىل اجلنس‬ ‫(أي اختالف اجلنس بني الذكر واألنثى)‪ ،‬لكنه‬ ‫أخذ كمصطلح يف علم االجتماع مفهوماً حمدداً‬ ‫يشري إىل األدوار االجتماعية لكل من الذكر‬ ‫واألنثى‪.‬‬ ‫إذ ال خيفى على أحد أن هنالك اختالفاً‬ ‫بيولوجياً بني الذكر واألنثى‪ ،‬ويتجلى هذا‬ ‫االختالف يف األعضاء والوظيفة اجلنسية‪،‬‬ ‫ففي حني يشرتك جسد املرأة والرجل يف‬ ‫بنية مجيع األجهزة (أجهزة الدوران والتنفس‬ ‫واهلضم واإلطراح واجلهاز العصيب‪ )...‬خيتلفان‬ ‫عن بعضهما يف بنية جهاز التكاثر واألعضاء‬ ‫اجلنسية‪ ،‬ما خيص املرأة ابلوظيفة اإلجنابية‪ ،‬اليت‬ ‫اختلف تقييمها ابختالف األزمنة واجملتمعات‪،‬‬ ‫ففي حني كانت هذه الوظيفة مدعاة لتقديس‬ ‫املرأة عند بعض الشعوب يف التاريخ القدمي‪،‬‬ ‫كانت مصدرا لتحقري املرأة وهتميش دورها‬ ‫لدى شعوب أخرى‪ ،‬يف أزمنة أخرى‪.‬‬ ‫لقد أثبت العلم أن االختالف الطبيعي الوحيد‬ ‫بني الذكر واألنثى هو يف تلك الوظيفة‪ ،‬أما‬ ‫االختالفات األخرى من حيث الطباع أو‬ ‫األدوار االجتماعية اليت يقوم هبا كل من الذكر‬ ‫واألنثى‪ ،‬فذلك ليس مرتبطاً ابالختالفات‬ ‫البيولوجية أو الفيزيولوجية املوجودة يف جسد كل‬ ‫من الذكر واألنثى‪ ،‬بل بسبب عوامل اجتماعية‬ ‫صنعها البشر أبيديهم‪ ،‬فمثال عندما نقول أن‬ ‫عدد النساء األميات أكثر من عدد الرجال‬ ‫األميني يف جمتمع ما‪ ،‬فذلك ليس انمجا عن‬


‫كوهنن ينجنب األطفال‪ ،‬بل ألهنن مل يرسلن إىل‬ ‫املدارس للتعلم‪ ،‬والدليل على ذلك أنه يف حال‬ ‫إرسال البنت إىل املدرسة للتعلم‪ ،‬فإهنا تتعلم‬ ‫مثلها مثل الذكر متاماً بل قد تتفوق عليه‪.‬‬ ‫أي أن هنالك عوامل اجتماعية وسياسية‬ ‫وثقافية لعبت دوراً يف حتديد الفروق بني املرأة‬ ‫والرجل ليس على أساس االختالف البيولوجي‬ ‫وإمنا على أساس اختالفات صنعها البشر عرب‬ ‫اترخيهم الطويل‪.‬‬ ‫إن االختالفات البيولوجية بني الذكر واألنثى ال‬ ‫تعين أبي حال من األحوال تفضيل جنس على‬ ‫آخر‪ ،‬وإال وجب اعتبار املرأة أفضل من الرجل‬ ‫لقدرهتا وعدم قدرته على االجناب‪ ،‬أو الرجل‬ ‫أفضل من املرأة بسبب قوته العضلية‪ ،‬وعلى‬ ‫هذا املبدأ ميكن اعتبار أي مصارع ضخم غيب‬ ‫أفضل من أهم عامل أو خمرتع ضئيل احلجم‪.‬‬ ‫فاملشكلة هنا يف اعتبار قدرات املرأة من الناحية‬ ‫االجتماعية والسياسية والثقافية والذهنية أقل‬ ‫من قدرات الرجل بسبب االختالف البيولوجي‬ ‫بينهما‪ ،‬وابلتايل إعطاء الرجل مكانة أفضل من‬ ‫املرأة‪ ،‬وإعطائه احلق يف السيطرة عليها وتقرير‬ ‫مصريها‪ ،‬وهذا هو ما يطلق عليه التمييز على‬ ‫أساس اجلندر أو النوع االجتماعي‪ .‬فاجلندر‬ ‫أو النوع االجتماعي إذا هو وصف خلصائص‬ ‫الرجال والنساء احملددة اجتماعياً‪ ،‬يف مقابل‬ ‫تلك احملددة بيولوجياً‪ ،‬واليت يعرب عنها بلفظ‬ ‫اجلنس‪ .‬لقد صنع البشر على مدى قرون طويلة‬ ‫هذه الفروق يف األدوار االجتماعية وكرسوها‪،‬‬ ‫حىت غدت حقائق مطلقة‪ ،‬صدقتها النساء‬ ‫أنفسهن‪ ،‬وبنت يتصرفن على أساس أن مكانتهن‬ ‫االنسانية أقل من مكانة الرجل‪ ،‬وأعدن إنتاج‬ ‫هذا املفهوم يف عملية الرتبية‪.‬‬ ‫تتغري خصائص النوع االجتماعي بتغري املكان‬ ‫أو الزمان‪ ،‬أو العوامل االجتماعية والثقافية‬ ‫املتغرية واملتنوعة‪ ،‬على عكس الوظائف املتمايزة‬ ‫جنسيا (اإلخصاب‪ ،‬احلمل‪ ،‬اإلرضاع)‪.‬‬ ‫فعملية الرتبية والتعليم هي اليت تلقن الصيب‬ ‫أو البنت مبادئ السلوك اليت حتدد الفروق‬ ‫واألدوار واملواقف والنشاطات وكيفية االتصال‬ ‫مع اآلخرين‪ ،‬وهذا السلوك املكتسب ابلرتبية‬ ‫والتعليم هو الذي يشكل اهلوية اجلندرية لكل‬ ‫من الذكر واألنثى‪ ،‬وحيدد ابلتايل األدوار‬

‫اجلندرية‪.‬‬ ‫إن االعتقاد أبن الصرامة واخلشونة والقدرة‬ ‫على احلسم واختاذ القرار والشهامة واإلابء‬ ‫والكربايء (وكل هذه الصفات ختتصر يف الثقافة‬ ‫العربية بكلمة رجولة) صفات رجولية‪ ،‬والنعومة‬ ‫والتقلب والسلبية وعدم القدرة على اختاذ‬ ‫القرار وعدم احلسم واخلضوع واخلنوع صفات‬ ‫أنثوية‪ ،‬هو اعتقاد من صنع البشر ال الطبيعة‪،‬‬ ‫فاألدوار االجتماعية ختتلف من بلد آلخر‪ ،‬بل‬ ‫ومن جمتمع آلخر يف نفس البلد‪ ،‬أو حىت من‬ ‫حي آلخر ضمن نفس املدينة‪ ،‬حسب الثقافة‬ ‫السائدة والعادات والتقاليد والوضع االقتصادي‪،‬‬ ‫والدليل على ذلك‪ ،‬قدرة أي فالحة يف الريف‬ ‫على عزق األرض حتت الشمس احلارقة‪ ،‬أو‬ ‫محل رزمة من احلطب‪ ،‬والقيام أبعمال زراعية‬ ‫جمهدة ال يستطيع أي رجل مديين القيام هبا‪.‬‬ ‫وتتفاوت نسبة العنف لدى الصبيان مثال‬ ‫حسب البيئة اليت ينشؤون هبا‪ ،‬فالصيب الذي‬ ‫يعيش يف بيئة اجتماعية فقرية ترمي به لينشأ يف‬ ‫األزقة واحلواري‪ ،‬خيتلف يف خشونته وقوته مثال‬ ‫عن صيب نشأ مدلال يف بيئة اجتماعية مراتحة‬ ‫مرفهة‪ ،‬الضطرار األول للدفاع عن نفسه غالباً‪،‬‬ ‫يف حني جيد الثاين من حيميه ويؤمن له مصاحله‬ ‫دائماً‪ ،‬وهنا ال نستغرب أن يصف األطفال‬ ‫الذين نشأوا يف البيئة األوىل‪ ،‬الطفل املدلل من‬ ‫البيئة الثانية أبنه «يشبه البنات»‪ .‬لقد أثبتت‬ ‫الدراسات االجتماعية عدم ثبات الفروق بني‬ ‫املرأة والرجل ابختالف األزمنة‪ ،‬فاألدوار اليت‬ ‫تقوم النساء هبا حالياً‪ ،‬كجلوس امرأة على‬ ‫منصة أمام حشد من الرجال والنساء‪ ،‬وإلقائها‬ ‫حماضرة ما‪ ،‬أو وقوف مهندسة فوق منشأة ما‬ ‫لتوجيه عمال البناء‪ ،‬أو قيام جراحة يف غرفة‬ ‫العمليات بشق بطن مريض‪ ،‬كان يعترب ضرابً‬ ‫من اخليال قبل مائة عام‪.‬‬ ‫فاجلندر إذا هو أداة حتليلية تفسر العالقات‬ ‫بني النساء والرجال وتداعيات هذه العالقات‬ ‫وأتثريها على دور ومكانة املرأة يف اجملتمع‪،‬‬ ‫وهو عملية دراسة العالقة املتداخلة بني املرأة‬ ‫والرجل يف اجملتمع‪ ،‬واليت حتكمها عوامل خمتلفة‬ ‫اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية ودينية‪،‬‬ ‫تؤثر على طبيعة ومردود وتقييم العمل الذي‬ ‫يقوم به كل من املرأة والرجل يف اجملتمع‪.‬‬ ‫العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫‪21‬‬


‫جرائم الحرب واإلبادة الجماعية‬ ‫انتهاك لميثاق األمم المتحدة والقانون اإلنساني الدولي‬ ‫قتل ممنهج‪ ،‬وتدمري وهدم للبيوت وهتجري‬ ‫إ ّن ماحيدث يف سوراي من ٍ‬ ‫للناس ابستخدام خمتلف أسلحة الدمار الشامل منذ مدة طويلة‪ ،‬ورغم‬ ‫استمرار كالم العامل واجملتمع الدويل حوهلا‪ ،‬دون أن يظهر على أرض‬ ‫الواقع شيء ملموس للحل‪ ،‬بل على العكس‪ ،‬مل نشهد إال مزيداً من‬ ‫القتل أببشع صوره‪ ،‬وأكثرها قساوة‪ ،‬مما مل يشهد له التاريخ مثيالً‪،‬‬ ‫وميثل أكثر االنتهاكات خطورة حلقوق اإلنسان‪ ،‬فما موقف القانون‬ ‫الدويل اجلنائي واإلنساين واالتفاقيات الدولية من كل هذه االنتهاكات‬ ‫الصارخة‪ ،‬واخلروقات لكل املواثيق الدولية؟ وهل تشكل جرائم حرب‬ ‫وإابدة مجاعية وجرائم ضد اإلنسانية؟ وماهي هذه اجلرائم‪ ،‬وما أركاهنا؟‬ ‫هذا ما حناول توضيحه‪ ،‬فماهي جرمية احلرب؟‬ ‫«جرمية حرب» تعين اخلروقات اخلطرية التفاقيات جنيف املوقعة عام‬ ‫‪1949‬م‪ ،‬وانتهاكات خطرية لقوانني احلرب‪ ،‬مىت ارتكبت على نطاق‬ ‫واسع يف إطار نزاع مسلح دويل أو داخلي‪ .‬ولقد نظمت اتفاقيات‬ ‫جنيف‪ ،‬اليت عقدت على أربع مراحل من عام‪1846‬م‪ ،‬حىت ‪1949‬م‪،‬‬ ‫َ‬ ‫األعمال اليت تصنف كجرائم حرب‪ ،‬ونصت االتفاقية الرابعة على محاية‬ ‫املدنيني يف حالة احلرب‪ ،‬واحلفاظ على حقوقهم املدنية‪ ،‬واعتربت هذه‬ ‫االتفاقيات مرجعية لتحديد ما إذا كانت األعمال اليت جتري من قبل‬ ‫إحدى القوى اليت تدخل يف حرب قد قامت جبرائم حرب‪ ،‬وتعترب هذه‬ ‫االتفاقية ملزمة مبوجب القانون الدويل‪ ،‬وجرى على أساسها تعقّب‬ ‫العديد من القادة العسكريني والسياسيني‪ ،‬حملاكمتهم إما حملياً أو يف‬ ‫احملكمة اجلنائية الدولية‪ ،‬اليت أتسست عام ‪2002‬م‪ ،‬وختتص مبحاكمة‬ ‫األفراد الذين يرتكبون جرائم حرب‪ ،‬وجرائم إابدة مجاعية‪.‬‬ ‫هل حددت اتفاقيات جنيف أنواع هذه اجلرائم؟ ابلتأكيد فقد حددت‬ ‫أنواع جرائم احلرب بشكل مفصل‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬ ‫‪ .1‬تعذيب األسرى واملعتقلني‪ ،‬أو إساءة معماملتهم‪ ،‬أو إعدامهم‪،‬‬ ‫والنظام السوري ارتكب جرائم تكاد الحتصى من هذه اجلرائم‪ ،‬نذكر‬ ‫منها‪ :‬القتل حتت التعذيب ألحد عشر ألف معتقل‪ ،‬و»جرمية هنر قويق‬ ‫حبلب» والعديد غريها‪.‬‬ ‫‪ .2‬اجلرائم املوجهة ضد املدنيني‪ ،‬كاغتصاب النساء والتعدي على‬ ‫املمتلكات الشخصية‪ ،‬وارتكب النظام السوري جرائم من هذا القبيل‬ ‫أيضاً ابستهدافه ألماكن املدنيني بكل أشكال أسلحة الدمار‪ ،‬والتعدي‬ ‫على املمتلكات وتدمريها‪.‬‬ ‫‪ .3‬التشريد والتهجري القسري‪.‬‬ ‫‪ .4‬التعذيب واإلابدة اجلماعية‪.‬‬ ‫كل هذه اجلرائم ارتكبها النظام السوري حبق شعبه بشكل ممنهج‪،‬‬ ‫ونستخلص من ذلك أن جرمية احلرب هي كل فعل أو امتناع عن فعل‬ ‫صادر عن جهة مدنية أو عسكرية تنتمي ألحد أطراف النزاع‪ ،‬تقع‬ ‫ضد أشخاص أو ممتلكات عامة أو خاصة‪ ،‬إابن النزاع املسلح‪ ،‬مع‬ ‫كون هذه األفعال تشكل انتهاكاً صرحياً لقوانني أو أعراف احلرب‪،‬‬ ‫‪ 22‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫احملامية‪ :‬أ‪.‬ملك قاسم‬

‫وهذه القوانني قد تكون صرحية أو عرفية‪.‬‬ ‫وهناك العديد من النصوص اليت وضعت قواعد احلرب نذكر منها‪:‬‬ ‫اتفاقية ابريس ‪1856‬م‪ ،‬اتفاقية جنيف ‪1864‬م‪ ،‬اتفاقييت الهاي‬ ‫‪1899‬م و‪1907‬م‪ ،‬اتفاقيات جنيف األربعة لعام ‪1949‬م‪،‬‬ ‫الربوتوكولني اإلضافيني التفاقية جنيف ‪1977‬م‪.‬‬ ‫والسؤال الذي يطرح نفسه‪ :‬ماهي أركان جرمية احلرب؟‬ ‫إن أركان هذه اجلرمية الختتلف عن أركان سائر اجلرائم العادية‪ ،‬فالبد‬ ‫من توفر الركن املعنوي‪ ،‬والركن املادي‪ ،‬ويضاف إليهما الركن الدويل‪،‬‬ ‫وهو ما مييزها عن اجلرمية العادية‪.‬‬ ‫أما الركن املادي يف جرمية احلرب‪ ،‬فيتكون من عنصرين مها ‪:‬‬ ‫توفر حالة احلرب‪ ،‬وارتكاب أحد األفعال اليت متنعها قوانني احلرب‬ ‫وأعرافها‪ .‬ومن أهم األفعال املادية اليت تشكل جرمية حرب‪ ،‬االنتهاكات‬ ‫اجلسيمة التفاقيات جنيف‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫ القتل العمد‪.‬‬‫ التعذيب واملعاملة الالإنسانية‪ ،‬مبا يف ذلك إجراء جتارب بيولوجية‪.‬‬‫تعمد إحداث معاانة جسيمة‪ ،‬أو إحلاق أذى خطري ابجلسم أو‬ ‫ ُّ‬‫الصحة‪.‬‬ ‫ جتنيد األطفال دون الـ‪ 15‬سنة‪ ،‬إلزاماً أو طواعية‪.‬‬‫ تدمري ممتلكات العدو‪ ،‬أو االستيالء عليها‪.‬‬‫ أخذ الرهائن‪.‬‬‫وأما الركن املعنوي‪ ،‬فاملقصود به هو أن توفر القصد اجلنائي العام‬ ‫فقط يكفي لقيام اجلرمية‪ ،‬ويتمثل القصد العام يف العلم واإلرادة‪ ،‬وإن‬ ‫مايقوم به نظام األسد من جرائم حبق شعبه هو عن علم‪ ،‬ومبحض إرادة‬ ‫ابرتكاب هذه اجلرائم‪ ،‬مما جيعل هذا الركن والقصد اجلرمي قائماً‪.‬‬ ‫أما ابلنسبة للركن الدويل‪ ،‬فيكون يف حال وجود نزاع مسلح بني دولتني‬ ‫أو أكثر يهدد السلم واألمن الدوليني‪ ،‬وإن ما جيري يف سوراي يشكل‬ ‫هتديداً للسلم واألمن الدوليني‪ ،‬مما جيعل من هذا الركن أيضاً متوفراً يف‬ ‫األعمال اإلجرامية اليت يرتكبها نظام األسد‪.‬‬


‫المحكمة الجنائية الدولية‬ ‫(محكمة جرائم الحرب)‬

‫جرمية احلرب يف ظل احملاكم الدولية املؤقتة واحملكمة‬ ‫اجلنائية الدولية‪:‬‬ ‫جاء النص على جرائم احلرب يف كل من «املادة ‪»4‬‬ ‫من نظام حمكمة رواندا‪ ،‬و«املادة ‪ »2‬من نظام حمكمة‬ ‫يوغسالفيا‪ ،‬وجاء التأكيد على أننا حىت نكون بصدد‬ ‫جرمية حرب‪ ،‬ال بد من وجود نزاع مسلح‪« ،‬ومل توضح‬ ‫احملكمتان طبيعة النزاع»‪ ،‬واملساس حبقوق الفئات احملمية‪،‬‬ ‫واخلروقات املرتكبة أثناء سري األعمال العدائية‪.‬‬ ‫أما فيما خيص «نظام روما األساسي» (النظام األساسي‬ ‫لللمحكمة اجلنائية الدولية)‪ ،‬فقد نصت «املاداتن ‪5‬‬ ‫و‪ »8‬على جرائم احلرب‪ ،‬وجاء يف النص حتديد األفعال‬ ‫اليت تشكل جرمية حرب‪ ،‬وهي تتضمن االنتهاكات لكل‬ ‫من اتفاقيات جنيف األربعة والربوتوكولني اإلضافيني‬ ‫التفاقيات جنيف‪.‬‬ ‫ومن حيث النتيجة‪ ،‬نستخلص مما بيناه من خالل‬ ‫تعريف جرمية احلرب وأنواعها وأركاهنا‪ ،‬أهنا تنطبق‬ ‫بشكل كامل على مايرتكبه النظام األسدي الطاغية‬ ‫حبق الشعب السوري‪ ،‬وعليه‪ ،‬فإننا نضع اجملتمع الدويل‬ ‫أمام مسؤولياته حملاكمة النظام السوري على اجلرائم ضد‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬وجرائم احلرب‪ ،‬وجرائم اإلابدة اليت ارتُكبت‬ ‫وترتكب كل يوم‪ ،‬ويف كل اثنية‪ ،‬على مرأى ومسمع من‬ ‫العامل حبق الشعب السوري‪.‬‬ ‫إن مطالب الشعب السوري اليت تسببت له ابملعاانة‬ ‫املريرة‪ ،‬هي حق يكفله ميثاق األمم املتحدة‪ ،‬واملواثيق‬ ‫واألعراف الدولية‪ ،‬ويتماشى مع مبدأ حق تقرير املصري‪،‬‬ ‫وإن النظام السوري فقد شرعيته ابعتدائه الصارخ على‬ ‫أفراد الشعب السوري‪ ،‬وإعمال آلة القتل والتدمري‬ ‫فيهم‪ .‬إن من حق الشعب السوري تقرير مصريه واختيار‬ ‫حكومته مبحض إرادته‪ ،‬إعماالً لقواعد القانون الدويل‬ ‫وميثاق األمم املتحدة‪ ،‬فهل يتحرك العامل احلر إلهناء‬ ‫اجملازر يف سوراي‪ ،‬ويتحمل اجملتمع الدويل مسؤوليته‪،‬‬ ‫أمام شعوبه وأمام التاريخ؟‬

‫احملكمة اجلنائية الدولية أتسست سنة ‪ 2002‬كأول حمكمة قادرة على حماكمة‬ ‫األفراد املتهمني جبرائم اإلابدة اجلماعية واجلرائم ضد اإلنسانية وجرائم احلرب‬ ‫وجرائم االعتداء‪ .‬تعمل هذه احملكمة على إمتام األجهزة القضائية املوجودة‪ ،‬فهي‬ ‫ال تستطيع أن تقوم بدورها القضائي ما مل تبد احملاكم الوطنية رغبتها أو كانت‬ ‫غري قادرة على التحقيق أو االدعاء ضد تلك القضااي‪ ،‬فهي بذلك متثل املآل‬ ‫األخري‪ .‬فاملسؤولية األولية تتجه إىل الدول نفسها‪ ،‬كما تقتصر قدرة احملكمة على‬ ‫النظر يف اجلرائم املرتكبة بعد ‪ 1‬يوليو‪/‬متوز ‪ ،2002‬اتريخ إنشائها‪ ،‬عندما دخل‬ ‫قانون روما للمحكمة اجلنائية الدولية حيز التنفيذ‪.‬‬ ‫وهي منظمة دولية دائمة‪ ،‬تسعى إىل وضع حد للثقافة العاملية املتمثلة يف اإلفالت‬ ‫من العقوبة – وهي ثقافة قد يكون فيها تقدمي شخص ما إىل العدالة لقتله‬ ‫شخصا واحدا أسهل من تقدميه هلا لقتله مئه ألف شخص مثالً‪ ،‬فاحملكمة‬ ‫اجلنائية الدولية هي أول هيئة قضائية دولية حتظى بوالية عاملية‪ ،‬وبزمن غري حمدد‪،‬‬ ‫حملاكمة جمرمي احلرب ومرتكيب الفضائع حبق اإلنسانية وجرائم إابدة اجلنس‬ ‫البشري‪.‬‬ ‫بلغ عدد الدول املوقعة على قانون إنشاء احملكمة ‪ 121‬دولة حىت ‪ 1‬يوليو‬ ‫‪« 2012‬الذكرى السنوية العاشرة لتأسيس احملكمة»‪ ،‬وقد تعرضت احملكمة‬ ‫النتقادات من عدد من الدول منها الصني واهلند وأمريكا وروسيا‪ ،‬وهي من‬ ‫الدول اليت متتنع عن التوقيع على ميثاق احملكمة‪.‬‬ ‫تعد احملكمة اجلنائية هيئة مستقلة عن األمم املتحدة‪ ،‬من حيث املوظيفني‬ ‫والتمويل‪ ،‬وقد مت وضع اتفاق بني املنظمتني حيكم طريقة تعاطيهما مع بعضهما‬ ‫من الناحية القانونية‪.‬‬ ‫وقد فتحت احملكمة اجلنائية حتقيقات يف أربع قضااي‪ :‬أوغندة الشمالية ومجهورية‬ ‫الكونغو الدميقراطية واجلمهورية األفريقية الوسطى ودارفور‪ .‬كما أهنا أصدرت ‪9‬‬ ‫مذكرات اعتقال وحتتجز اثنني مشتبه هبما ينتظران احملاكمة[‪.]1‬‬ ‫يقع املقر الرئيس للمحكمة يف [[هوالندا لكنها قادرة على تنفيذ إجراءاهتا يف‬ ‫أي مكان‪ .‬وقد خيلط البعض ما بني احملكمة اجلنائية الدولية وحمكمة العدل‬ ‫الدولية واليت تدعى اختصاراً يف بعض األحيان احملكمة الدولية (وهي ذراع اتبع‬ ‫لألمم املتحدة يهدف حلل النزاعات بني الدول)‪ ،‬لذلك البد من التنويه إىل أهنما‬ ‫نظامان قضائيان منفصالن‪.‬‬ ‫املدعي العام للمحكمة هو فاتو بنسودا حاليا[‪ ]2‬وسابقا كان احملامي االرجنتيين‬ ‫لويس مورينو اوكامبو‬ ‫مقر احملكمة مدينة الهاي غرب مملكة هولندا وهي مقر للعديد من املنظمات‬ ‫الدولية‪ ،‬مثل منظمة حظر األسلحة الكيميائية‪ ،‬وتعترب الهاي عاصمة العدالة‬ ‫يف العامل ومقرا ملعظم ما خيص القضاء الدويل‪ ،‬واحملاكم الدولية املؤقتة والدائمة‬ ‫كمحكمة جمرمي احلرب يف يوغسالفيا السابقة‪ ،‬وحمكمة جرائم احلرب يف‬ ‫سرياليون‪ ،‬واحملكمة الدولية اخلاصة بلبنان وقضية اغتيال رفيق احلريري واحملكمة‬ ‫اجلنائية الدولية وحمكمة لوكريب‪ ،‬وقد مت اختيار (سجن إسخيفينن) يف الهاي‬ ‫سجناً الحتجاز املتهمني ليمثلوا أمام تلك احملاكم أو لقضاء فرتة عقوبتهم فيه‬ ‫بعد إدانتهم‪.‬‬ ‫العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫‪23‬‬


‫األطفال‪ ..‬من شرارة الثورة إلى تقديم الدليـل‬ ‫القـاطع على جرائم حرب يقتـرفهــا النظــام‬ ‫جيب أن يكون لكل طفل حمروم من حريته احلق يف احلصول‬ ‫بسرعة على مساعدة قانونية‪ ،‬وغريها من املساعدت الالزمة‪،‬‬ ‫فض ً‬ ‫ال عن احلق يف االدعاء أمام حمكمة أو سلطة حمايدة‬ ‫خمتصة ومستقلة‪ ،‬من أجل البت بسرعة يف حال حرمانه من‬ ‫احلرية‪.‬‬ ‫بدأت شرارة احلراك الثوري يف سوراي بعد تعذيب وحشي تعرض له‬ ‫طالب من مدينة درعا يف أقبية املخابرات السورية‪ ،‬على خلفية ما كتبوه‬ ‫من شعارات ضد النظام تعرب إىل درجة كبرية عن براءهتم‪ ،‬متأثرين مبا‬ ‫جيري من حوهلم يف دول الربيع العريب‪ ،‬فتيان كان من الصعب عليهم‬ ‫تصور ردة فعل النظام االستبدادي نتيجة حداثة سنهم‪ ،‬وعدم إدراكهم‬ ‫للواقع السوري الذي صاغه النظام من أجل محاية نظامه وسلطته إىل‬ ‫األبد‪ ،‬والضرب بيد من حديد إىل كل من تسول له نفسه التطاول على‬ ‫السلطة حىت لو كان مزاحاً‪ ،‬حىت لو كانوا أطفاالً‪ ،‬ال هم هلم ابلسلطة‬ ‫وأهلها‪ ،‬كل مههم احلصول على محاية ورعاية أفضل‪ ،‬ضماانً حلقوقهم‬ ‫واالهتمام هبم على أهنم األمل‪ ،‬وعليهم يبىن مستقبل الوطن‪.‬‬ ‫لكن النظام السوري تعامل مع هؤالء الطالب على أهنم جمرمني‪ ،‬حىت‬ ‫يكونوا عربة لغريهم من كافة فئات اجملتمع‪ ،‬ضارابً عرض احلائط ابلقوانني‬ ‫النافذة يف سوراي‪ ،‬ومنها اتفاقية حقوق الطفل‪ ،‬اليت أقرهتا اجلمعية العامة‬ ‫لألمم املتحدة يف عام ‪ ،1990‬ووقعت عليها الدولة السورية على أساس‬ ‫احرتام املبادئ القانونية اليت تقوم عليها ووجوب تطبيقها‪ ،‬وجاءت املادة‬ ‫الثالثة من االتفاقية لتلخص املبادئ العامة اليت تقوم عليها االتفاقية‪،‬‬ ‫واليت تنص على أنه‪« :‬يف مجيع اإلجراءات اليت تتعلق ابألطفال‪ ،‬سواء‬

‫‪ 24‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫سحر حوجية‬

‫قامت هبا مؤسسات الرعاية االجتماعية العامة أو اخلاصة‪ ،‬أو احملاكم أو‬ ‫السلطات اإلدارية‪ ،‬أو اهليئات التشريعية‪ ،‬جيب أن يوىل االعتبار األول‬ ‫ملصاحل الطفل يف الرتبية واحلضانة والتعليم وحرية الرأي والصحة والغذاء»‬ ‫كما أكدت املادة اخلامسة عشرة من االتفاقية على حق الطفل يف التعبري‬ ‫عن رأيه وعلى حرية تكوين اجلمعيات وحرية االجتماع السلمي‪ ،‬حيث‬ ‫مل خيرج هؤالء الفتية عن حقهم يف التعبري السلمي‪.‬‬ ‫أما املادة ‪ :37‬فقد نصت على أن تكفل الدول األطراف اآليت‪:‬‬ ‫أ ـ أال يتعرض أي طفل للتعذيب‪ ،‬أو لغريه من ضروب املعاملة القاسية‬ ‫والإلنسانية واملهينة‪.‬‬ ‫ب ـ أال حيرم أي طفل من حريته بصورة غري قانونية أو تعسفية‪ ،‬وجيب أن‬ ‫جيري اعتقال الطفل أو احتجازه وفقاً للقانون‪ ،‬وال جيوز ممارسة االعتقال‬ ‫إال كملجأ أخري‪ ،‬وألقصر فرتة زمنية مناسبة‪.‬‬ ‫كما جيب أن يعامل كل حمروم من حريته إبنسانية واحرتام‪ ،‬وبطريقة تراعي‬ ‫احتياجات األشخاص الذين بلغوا سنه‪.‬‬ ‫كما جيب أن يكون لكل طفل حمروم من حريته احلق يف احلصول بسرعة‬ ‫على مساعدة قانونية‪ ،‬وغريها من املساعدت الالزمة‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن احلق‬ ‫يف االدعاء أمام حمكمة أو سلطة حمايدة خمتصة ومستقلة‪ ،‬من أجل البت‬ ‫بسرعة يف حال حرمانه من احلرية‪ .‬‬ ‫لكن النظام رد ابلعنف وأراده خياراً‪ ،‬ألنه ميلك من أسلحة التدمري ما‬ ‫يكفي ليحقق انتصارات حىت لو كانت ومهية‪ ،‬وجلبت له لعنة التاريخ‪،‬‬ ‫نتيجة كل هذه اخلسائر اليت حلقت ابجملتمع وقواه احلية االجتماعية‬ ‫واالقتصادية‪ ،‬بعد ما يقارب ثالثة أعوام‪ ،‬دفع خالهلا املدنيون مثناً غالياً‬ ‫نتيجة القصف الصاروخي املدمر وبراميل املوت اليت ترميها الطائرات‪،‬‬


‫والقنص‪ ،‬والقذائف العشوائية‪ ،‬وصل األمر إىل‬ ‫استخدام الكيماوي‪ ،‬وإذا جاء املوت عشوائياً‬ ‫واختار ضحاايه صدفة‪ ،‬فهي جرائم حرب‬ ‫تدين الفاعل‪ ،‬إذا كان الضحااي من املدنيني‪،‬‬ ‫وال قيمة لكل التصرحيات اليت يطلقها النظام‬ ‫ليربر أفعاله الصرحية أمام مجيع دول العامل‪ ،‬على‬ ‫أنه هبذه الوسائل الفتاكة حيارب اإلرهاب‪،‬‬ ‫ويطلب الدعم بدالً من حماسبته‪ .‬لكن احلقيقة‬ ‫ستبقى ساطعة ألن أهل الشهيد يعرفون من‬ ‫هو قاتله‪ ،‬فمنهم من استشهد نتيجة الرباميل‬ ‫املتفجرة والصواريخ‪ ،‬ومنهم من استشهد نتيجة‬ ‫القصف أو قضى تعذيباً أو قنصاً أو جوعاً أو‬ ‫يف جمزرة أو ابلكيماوي‪.‬‬ ‫إن قتل األطفال سواء ابجملازر أو القصف‬ ‫العشوائي هو الدليل األكرب واألهم على ارتكاب‬ ‫جرائم حرب‪ ،‬يقرتفها النظام حبق املدنيني‬ ‫األبرايء‪ ،‬ألنه مهما ملك النظام حججاً قوية‬ ‫على أكاذيبه‪ ،‬فهو لن يقنع عاق ً‬ ‫ال أبن اآلالف‬ ‫من الشهداء األطفال ميكن أن يكونوا إرهابيني‪،‬‬ ‫بعد أكثر من أحد عشر ألف طفل قتلوا يف‬ ‫سوراي‪.‬‬

‫املعلومات اليت ميلكها األطفال لن‬ ‫تكون إال على سبيل االستئناس‪،‬‬ ‫عندما يكون السؤال حول معلومة‬ ‫وصلتهم بطريقة ما من الكبار‪ ،‬قياساً‬ ‫على الشهادة اليت ال تكون مقبولة‬ ‫قانوانً من الصغار حتت سن اخلامسة‬ ‫عشرة إال على سبيل االستئناس‪.‬‬ ‫وقد أاثرت مستشارة األمن القومي لدى النظام‬ ‫سخرية العامل‪ ،‬عندما صرحت لتربر اعتقال عشرة‬ ‫آالف طفل على أهنم جواسيس لإلرهابيني‪ ،‬مما‬ ‫يشري إىل االنتقام واحلقد على األطفال بسبب‬ ‫انتمائهم إىل مناطق معينة‪ ،‬أو بسبب نسبهم‬ ‫يف حال ربطتهم عالقة قرىب أبحد مقاتلي‬ ‫املعارضة‪ ،‬ضاربة عرض احلائط بكل القوانني‬ ‫الناظمة للتعامل مع األطفال‪ .‬إال أن واقع احلال‬ ‫يف سوراي يشري إىل احلقد الدفني الذي يدفع‬ ‫األطفال ضريبته يف املعتقالت السورية‪ ،‬حيث‬ ‫يعجب املرء كيف أن مسؤوالً يف هذه السلطة‬ ‫يتهم أطفاالً يف عمليات جتسس! وأي عاقل‬

‫هذا الذي يستند على معلومات أتيت من‬ ‫األطفال؟ فالطفل ال تقبل شهادته يف القانون‪.‬‬ ‫ألن املعلومات اليت ميلكها األطفال لن تكون‬ ‫إال على سبيل االستئناس‪ ،‬عندما يكون السؤال‬ ‫حول معلومة وصلتهم بطريقة ما من الكبار‪،‬‬ ‫قياساً على الشهادة اليت ال تكون مقبولة قانوانً‬ ‫من الصغار حتت سن اخلامسة عشرة إال على‬ ‫سبيل االستئناس‪.‬‬ ‫كما أن قانون األحداث رقم ‪ 18‬لعام ‪1974‬‬ ‫ينص على األصول اخلاصة ابلتوقيف‪ ،‬وأماكن‬ ‫التوقيف‪ ،‬وكيفية إجراء حماكمة األحداث‪ ،‬مبا‬ ‫يضمن مصاحل احلدث‪ ،‬وهذا ما نصت عليه‬ ‫املادة الثالثة من قانون األحداث اجلاحنني اليت‬ ‫جاء فيها أنه «إذا ارتكب الذي أمت السابعة‬ ‫ومل يتم الثامنة عشرة أي جرمية من اجلرائم‪ ،‬فال‬ ‫تطبق حبقه سوى التدابري اإلصالحية املنصوص‬ ‫عليها يف هذا القانون‪ ،‬كما جيوز اجلمع بني‬ ‫عدة تدابري اصالحية‪ ،‬ويكون حبس احلدث‬ ‫يف أماكن خاصة»‪ ،‬والواقع يف سوراي أكثر من‬ ‫مخسمائة طفل أعدموا ميدانياً‪.‬‬ ‫أما فيما يتعلق مبحاكمة احلدث وإجراءات‬ ‫احملاكمة‪ ،‬فوفق القانون السوري‪ ،‬جيب أن‬ ‫جتري حماكمة احلدث أمام حماكم تدعى حمكمة‬ ‫األحداث‪.‬‬ ‫إن ظروف االعتقال اليت خيضع هلا السوريون‪،‬‬ ‫سواء كانوا أطفاالً أو كباراً‪ ،‬تفتقد إىل احلد‬ ‫األدىن من الشروط اإلنسانية‪ ،‬حيث إن الكثري‬ ‫من املعتقلني يتمنون املوت من هول التعذيب‬ ‫والتجويع الذي يتعرضون له‪ ،‬ومنهم اآلالف‬ ‫قضوا حتت التعذيب‪ ،‬أو نتيجة التجويع املقصود‬ ‫أن ينتهي ابملوت‪.‬‬ ‫وال خيتلف حال الكثري من األطفال احملاصرين‬ ‫يف املناطق اليت خرجت من حتت سيطرة النظام‬ ‫عن األطفال املعتقلني‪ ،‬وقد مات العشرات منهم‬ ‫من اجلوع‪ ،‬وهذه جرمية نكراء ومقصودة بدافع‬ ‫القتل والتخلص من سكان هذه املناطق‪ ،‬مهما‬ ‫كانت صفتهم كباراً صغاراً‪ ،‬ع ّزالً أم مسلحني‪.‬‬ ‫وأخرياً‪ ،‬فاألطفال السوريون كانوا الشرارة يف‬ ‫الثورة‪ ،‬أوليس من املنطق أن تكون اجلرائم اليت‬ ‫حلقت ابألطفال من قتل وتعذيب وجتويع هي‬ ‫الدليل القاطع على جرائم احلرب وجرائم اإلابدة‬ ‫وجرائم ضد اإلنسانية اقرتفها النظام؟‬ ‫العدد (‪ )2‬شباط ‪25 2014‬‬


‫رزان‪...‬‬

‫الفتاة النحيلة اخلجولة كانت تستند إىل جدار‬ ‫رواق داخلي يف «قصر العدل» يف دمشق‪،‬‬ ‫هذه صورهتا األقدم يف ذاكريت‪ ،‬وأظنها تعود إىل‬ ‫عام ‪ ،2001‬علمت وقتها أهنا حمامية متدربة‪،‬‬ ‫وانشطة يف جمال حقوق اإلنسان‪ .‬جاءت رزان‬ ‫من خارج بيئات املعتقلني السياسيني السابقني‬ ‫واملعارضة التقليدية‪ ،‬لكنها دخلت أجواء العمل‬ ‫العام بسرعة‪ ،‬وحافظت يف الوقت نفسه على‬ ‫استقاللية فكرية وأخالقية كبرية‪.‬‬ ‫بعد حني‪ ،‬بدأت رزان الكتابة؛ كتبت مواد‬ ‫حقوقية وسياسية‪ ،‬جتمع بني روح ابلغة الصفاء‪،‬‬ ‫وبني إحاطة و ّ‬ ‫متكن ال يك ّفان عن التحسن‪.‬‬ ‫مل جتد أية صعوبة يف أن تصري كاتبة مقروءة‬ ‫حسها‬ ‫ومطلوبة للمسامهة يف منابر متنوعة‪ّ ،‬‬ ‫اإلنساين وصدقها وأسلوهبا املباشر‪ ،‬واطالعها‬ ‫الشخصي على القضااي احلقوقية اليت تكتب يف‬ ‫شأهنا‪ ،‬جعلها مرجعاً موثوقاً يف قضااي حقوق‬ ‫اإلنسان يف سوراي‪.‬‬ ‫دون نصب حواجز أمام الغري‪ ،‬تثري رزان مشاعر‬ ‫من االحرتام والتقدير حوهلا‪ ،‬لكنها شغوفة‬ ‫ابحلياة إىل أقصى حد‪ .‬تدربت قبل سنوات على‬ ‫أنواع من الرقص الغريب‪ :‬فالمنغو‪ ،‬اتنغو‪ ...‬وهلا‬ ‫معرفة تبدو طيبة مبوسيقات غربية حديثة‪ ،‬تثابر‬ ‫على مساعها أثناء العمل‪ ،‬أما غرامها ابلقطط‬ ‫فموضع تن ّدر عام من أصدقائها‪ .‬قبل أن يتوفر‬ ‫جهاز إنرتنت فضائي يف مكان عملها‪ ،‬كانت‬ ‫رزان حتب لعب طاولة الزهر معي‪ ،‬تعد اخلاانت‬ ‫على أصابعها‪ ،‬وتلفظ أرقام النرد ابلعربية‪،‬‬ ‫وختسر أغلب املرات‪ ،‬لكنها حتب اللعب‪.‬‬ ‫منذ بداية الثورة توارت رزان عن أعني النظام‪،‬‬ ‫وتفرغت ملتابعة الثورة وتغطيتها وتنظيم األنشطة‬ ‫االحتجاجية وإطالق املبادرات التنظيمية‪.‬‬ ‫دورها مؤسس يف جلان التنسيق احمللية‪ ،‬ومركز‬ ‫توثيق االنتهاكات‪ ،‬ومبادرات متنوعة لإلغاثة‬ ‫وملساعدة اجملتمعات احمللية‪.‬‬ ‫ومل مينعها هذا النشاط اليومي املكثف من‬ ‫املشاركة امليدانية يف العديد من املظاهرات‪،‬‬ ‫‪ 15‬مرة على األقل‪ ،‬يف فرتة النضال السلمي‬ ‫حىت مطلع صيف ‪ .2012‬ومل مينعها احنيازها‬ ‫‪ 26‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫ايسني احلاج صاحل‬ ‫القطعي إىل الثورة من نقد ومقاومة ميول‬ ‫ونزعات فوضوية أو تعصبية عرضت يف مسارها‬ ‫والدفاع عن قيمها املؤسسة‪ .‬عملت رزان من‬ ‫أجل «مدونة سلوك» خاصة ابجليش احلر يف‬ ‫ربيع ‪ ،2012‬وقعت عليها جمموعات مقاتلة‬ ‫(جرفتها حرارة الوقائع فيما جرفت)‪ ،‬وزارت‬ ‫شخصياً بعض اجملموعات املقاتلة يف ذلك‬ ‫الوقت املبكر‪.‬‬ ‫وخالل أكثر من ‪ 25‬شهراً من اإلقامة يف‬ ‫دمشق‪ ،‬مل أتخذ رزان إجازة ليوم واحد أو‬ ‫لبضع ساعات‪ .‬عمل يومي متواصل حىت فجر‬ ‫كل يوم‪ 16 .‬ساعة كل يوم على األقل‪ ،‬مع‬ ‫قليل من الطعام‪ ،‬وكثري من الدخان‪ ،‬بسبب‬ ‫إيقاع العمل هذا‪ ،‬ومصادر اإلحباط والتعطيل‬ ‫املتواترة‪ ،‬كنت أخشى عليها من املرارة‪ ،‬قلت‬ ‫هلا ذلك غري مرة‪ ،‬وأظنها طورت آليات مقاومة‬ ‫نفسية‪ ،‬حتول دون أن تنقلب هازئة شكاكة‬ ‫مريرة‪ ،‬أو غاضبة حمرتفة‪.‬‬ ‫مل تتأخر رزان عن بدء العمل من جديد حني‬ ‫قدمت هتريباً إىل دوما يف األسبوع األخري من‬ ‫نيسان ‪ ،2013‬بدأت فوراً اللقاء ابلناس‬ ‫والعمل على أتمني موارد ملساعدة أسر حمتاجة‪،‬‬ ‫وبعد أقل من شهر كان لديها مكتب وإنرتنت‬ ‫فضائي‪ ،‬وشبكة اتصاالت حملية وخارجية‬ ‫واسعة جداً‪.‬‬ ‫ال تتكاسل أبداً عن أي عمل ميداين أو إعالمي‬ ‫أو توثيقي‪ ،‬ميكن أن جتدها بعد الساعة ‪ 12‬لي ً‬ ‫ال‬ ‫يف مشفى‪ ،‬جتمع شهادات من تعرضوا هلجوم‬ ‫ابلسالح الكيماوي‪ ،‬أو تقابل أطباء‪ ،‬أو تلتقي‬ ‫بقادة تشكيالت مسلحة وحتاورهم (أبو صبحي‬

‫رزان زيتونة‬

‫طه‪ ،‬أبو علي خبية‪ .)...‬ويف جمتمع ذكوري‬ ‫كمجتمعنا‪ ،‬استطاعت رزان دوماً أن جتعل كل‬ ‫من يراها ويتعامل معها يرى عملها ويتعامل مع‬ ‫عملها‪ .‬كانت تبدو ممحوة اجلنس فع ً‬ ‫ال يف كل‬ ‫ما تقوم به‪ ،‬ومن جهيت كنت أتساءل‪ :‬من أين‬ ‫أتيت بكل هذه الطاقة‪ ،‬وكل هذا الوضوح يف‬ ‫الرؤية‪ ،‬يف أوضاع ابلغة التعقيد والعسر؟‬ ‫ليست شخصاً صدامياً‪ ،‬يسعى وراء الظهور‬ ‫أو املغايرة اجملانية‪ ،‬لكن رزان كانت مصرة على‬ ‫أن ال تغري شيئاً من مظهرها كامرأة سافرة يف‬ ‫مدينة حمافظة كدوما‪ ،‬مدينة كانت فوق ذلك‬ ‫تطور ضرابً متشدداً من التدين كوسيلة تكيُّف‬ ‫ومقاومة للعدوان األسدي واحلصار‪ ،‬وكآلية‬ ‫تعايش مع املوت اليومي‪.‬‬ ‫مل تعلّق رزان بكلمة على هجمات مس ّفة أو أشد‬ ‫إسفافاً تعرضت هلا من هواة تسفيه وحمرتفني‪،‬‬ ‫ودون أسباب مفهومة غالباً‪ ،‬كانت تشعر‬ ‫بشيء من األمل بسبب بعض تلك اهلجمات‪،‬‬ ‫لكنها كانت جتتاز األمر دوماً بسهولة‪.‬‬ ‫مع مسرية يف الغوطة‪ ،‬شكلت املرأاتن ثنائياً‬ ‫متغايراً ومتكامالً؛ كانت مسرية تلطف وقع‬ ‫أسلوب رزان الصارم أحياانً‪ ،‬ورزان توفر لسمرية‬ ‫بيئة عمل عام مثمرة‪.‬‬ ‫إن كانت القيم احملركة واملؤسسة للثورة تتمثل‬ ‫يف شخص واحد‪ ،‬فهو يف رأيي بال شك رزان‬ ‫زيتونة‪ ،‬املناضلة واحلقوقية والكاتبة‪ ،‬واملرأة‪.‬‬ ‫لقد مجعت روح الكرامة والعدالة والنزاهة يف‬ ‫شخصها وعملها‪ ،‬وإرادة احلرية واالستقالل‬ ‫الفكري والسياسي‪ ،‬والرتفع الكلي على الطائفية‬ ‫والتعصب‪ ،‬وأخالقية عمل وإيقاع عمل اندرين‬ ‫تعود الرتاخي والتواين واخلمول‪،‬‬ ‫يف جمتمع سوري ّ‬ ‫وهذا مع بعد اتم عن التذمر والشكوى‪ ،‬ومع‬ ‫تواضع وتفا ٍن أصيلني‪.‬‬ ‫لذلك ال ميكن ملن اختطف رزان‪ ،‬ومعها مسرية‬ ‫ووائل وانظم‪ ،‬إال أن ميثل كل ما هو معا ٍد للثورة‬ ‫على مستوى القيم وعلى مستوى املآالت‪ .‬فإذا‬ ‫كانت رزان رمز كرامة الثورة السورية حبق‪ ،‬فإن‬ ‫خمتطفيها هم عار الثورة‪ ،‬وشركاء يف اخلسة لعار‬ ‫سوراي األسدي‪.‬‬


‫شهادة معتقلة‬ ‫بعد االنتهاء من التحقيق والتعذيب‪ ،‬ينتهي‬ ‫شعور الندم‪ ،‬ويتحول إلصرار شرس وفرح مبا‬ ‫فعلناه دون أدىن شعور ابلندم‪.‬‬ ‫لكن للصدق أثناء التحقيق يف أول يوم‪ ،‬وعند‬ ‫إدخالنا إىل مكتب النقيب سهيل‪ ،‬شعرت‬ ‫خبوف وندم ورعب‪ ،‬تالشى بعد االنتهاء من‬ ‫التحقيق‪.‬‬ ‫أان من األشخاص الذين مل يتحملوا شدة‬ ‫التهديد والوعيد والرتهيب يف أول يوم من‬ ‫االعتقال‪ ،‬وأثناءالتحقيق معي تعرضت الهنيار‬ ‫عصيب‪ ،‬مما خفف من وترية التحقيق والتعذيب‬ ‫قليالً‪.‬‬ ‫حيقق مع املعتقلني عدد من احملققني والضباط‪،‬‬ ‫وكل حمقق له طريقته‪ ،‬حقق معنا عدد من‬ ‫احملققني‪ ،‬ضربوان وتعرضنا للشتائم والتهديد‪.‬‬ ‫يف املعتقل أكثر ما يعملون عليه هو اهنيار نفسية‬ ‫املعتقل‪ ،‬عن طريق إدخال هواجس الرعب إىل‬ ‫قلبه‪ ،‬أسوأ أساليب التعذيب وأكثرها استنزاف‬ ‫لنفسيته‪.‬‬ ‫أما عن أساليب التعذيب اجلسدي‪ ،‬فتختلف‬ ‫حسب الفرع والتهمة املوجهة‪ ،‬ولكن إمجاال‬ ‫كانت التهم خفيفة إىل حد ما يف املهجع الذي‬ ‫اعتقلنا فيه‪ ،‬لكن الغالبية تعرضت للضرب‬ ‫واجللد والتعذيب النفسي‪.‬‬ ‫املهجع اجملاور كان حيوي على معتقالت هتمهم‬ ‫أكرب‪ ،‬منهن من تعرضت لالغتصاب فع ً‬ ‫ال ال‬ ‫هتديداً فقط كما فعلوا بنا‪.‬‬

‫لبىن زاعور‬ ‫يف مهجعنا أصغر فتاة كانت بعمر ‪ ١٩‬سنة‪،‬‬ ‫وعند اإلفراج يف قيادة الشرطة أثناء تبادل‬ ‫األسرى اإليرانيني التقينا بكل املعتقالت املفرج‬ ‫عنهن من كل الفروع‪،‬‬ ‫كانت بيننا فتيات دون الثامنة عشرة تعرضن‬ ‫للتعذيب والضرب املربح والشبح‪.‬‬ ‫التقينا أيضاً بنساء كبريات يف السن‪ ،‬منهن أم‬ ‫حممد اليت فقدت ابنها الشاب ومنزهلا‪ ،‬وهي من‬ ‫أصل مغريب متزوجة لرجل سوري‪.‬‬ ‫ﺳﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﻼﻭ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﻲﻓ ﺃﻗﺒﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﺴﺠﻮﻥ‪ ،‬ﺳﻼﻡ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﻘﻤﺮﻱ ﻃﻔﻠﺔ ﻣﻦ‬ ‫ﺟﺒﻞ ﺍﻟﺰﺍﻭﻳﺔ‪ ،‬اﻟﺘﻘﻴﺘﻬﺎ ﻲﻓ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ‪ ،‬ﻋﻴﻨﺎﻫﺎ‬ ‫ﺃﺻﻔﻰ ﻣﻦ ﺯﺭﻗﺔ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ‪ ،‬ﺣﻔﺮﺕ ﻳﺪﺍﻫﺎ ﻭﻛﺄﻥ‬ ‫ﺁﺎﺛﺭ ﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ تعود ليوم ﻭﺍﺣﺪ فقط‪ ،‬لكنها آاثر‬ ‫ﻋﻤﺮها أربعة أشهر‪ ،‬بعضها آاثر ﺸﺒﺢ استمر‬ ‫ﻷﺎﻳﻡ‪ ،‬ﻭبعضها آاثر ﻟﻠﺠﻠﺪ ﻭﺍﻟﻜﻬﺮﺎﺑﺀ‬ ‫ﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻛاﻤﺳﻬﺎ‪ ،‬ﻃﻔﻠﺔ ﻗﻲ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻋﺸﺮة ﻣﻦ‬ ‫ﻋﻤﺮﻫﺎ‪ ،‬ﺍﻬﺗﻤﺖ ﺑاﺧﺘﻄﺎﻑ ﺿﺎﺑﻂ ﻭﺗﻔﺨﻴﺢ‬ ‫ﺳﻴﺎﺭﺓ‪.‬‬ ‫ﻲﻓ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻗﺒﻴﺔ ﻭﺟﻮﻩ ﻛﺜﺮﻴﺓ‪ ،‬ﺍﺠﻟﺪ ﻭﺍﻷﺧﺖ‬ ‫ﻭﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﻭﺍﻟﻄﻔﻠﺔ‪ ..‬ﺍﻷﺏ ﻭﺍﻷﺥ‪..‬‬ ‫ﺗﺴﻤﻊ ﻫﻨﺎﻙ ﺻﻮﺕ ﺑﻜﺎﺀ ﺍﻟﺮﺿﻊ‪ ،‬ﻭﺃﻧﻦﻴ احلوامل‬ ‫اجلائعات‪ ،‬ﺗﺴﻤﻊ أانت ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻤﻟﺴﻦ ﻭﺁﻫﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﺏ‪ ،‬ﻭﺗﺴﻤﻊ ﺻﻮﺕ ﻤﺗﻠﻤﻞ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﺬﻱ‬ ‫ﺍﻗﺘﻴﺪ ﻣﻊ ﺃﻣﻪ‪..‬‬ ‫ﺃﺻﻮﺍﺕ ﻛﺜﺮﻴﺓ ﻣﻦ ﺍﻷﻢﻟ‪ ،‬وﺻﻮﺕ ﻭﺍﺣﺪ ﻳﻘﺎﺑﻠﻬﻢ‬ ‫ﻫﻮ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺴﺠﺎﻥ‪ ،‬ﻻ ﻳﺘﻐﺮﻴ ‪ ...‬ﻻ ﻳﺜﺮﻴﻩ ﺃﻱ‬

‫ﺻﺮﺍﺥ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎً ﺃﻧﻪ (ﻟﻴﺲ كائناً ﻓﻀﺎﺋﻲاً ﺃﺑﺪﺍً)‪،‬‬ ‫فلدﻳﻪ ﺃﺏ ﻭﺃﻡ ﻭﺃﺧوة ﻭﺯﻭﺟﺔ ﻭﺃﻭﻻﺩ‪ ،‬ﻟﺪﻳﻪ ﻗﻠﺐ‬ ‫ﻭﺩﻡ‪ ،‬ﺃﻻ ﺗﺮﻭن ﺃﻥ ﺃﻫﻢ ﻤﻧﻮﺫﺝ ﻤﻟﺮﺽ اﻧﻔﺼﺎﻡ ﻫﻮ‬ ‫ﺍﻟﺴﺠﺎﻥ؟‬ ‫فيما يتعلق ابملغتصبات‪ ،‬ال يصرح اجلميع بتلك‬ ‫احلادثة‪ ،‬نظراً ملوقف اجملتمع‪ ،‬إحدى املعتقالت‬ ‫وتدعى أم تيم‪ ،‬كان النقيب سهيل يغتصبها‬ ‫إبجرام مطلق‪ ،‬اغتصبها ثالث مرات أثناء‬ ‫تواجدان يف املعتقل‪ ،‬وضع املغتصبة أصعب‬ ‫من أن يوصف ألن اجلميع يغتصبها‪ ،‬اجملتمع‬ ‫يغتصبها بنظراته‪ ،‬والرجل يغتصبها بشرقيته‪،‬‬ ‫علماً ان أمل االغتصاب النفسي يتجاوز كثرياً‬ ‫أمل االغتصاب اجلسدي‪ ،‬أول ما تُسأل املعتقلة‬ ‫بعد خروجها‪ :‬هل اغتصبوك؟ هل حترشاو بك؟‬ ‫غري مبالني مبا تتعرض له املعتقلة من اغتصاب‬ ‫لكرامتها‪ ،‬ونفسيتها وكياهنا‪ ،‬االعتقال جتربة‬ ‫التفاصيل املؤملة‪.‬‬ ‫تلك التجربة بكل قساوهتا‪ ،‬كانت صق ً‬ ‫ال‬ ‫لشخصييت‪ ،‬لكنها دفعتين لإلصرار على طلب‬ ‫احلرية والكرامة‪.‬‬ ‫ﺃﺧﻄﺮ ﻣﺎ ﺤﻳﺼﻞ ﺍﻵﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﺘﻭﻳﺞ ﺍﻹﻋﻼﻣﻲ‬ ‫ﻟﺰﻫﻖ ﺃﺭﻭﺍﺡ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ‪ ،‬لقد ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻳﻘﻮﻝ‬ ‫ﻟﻠﻌﺎﻢﻟ ﻋﺮﺒ ﺍﻟﺸﺎﺷﺎﺕ ﻭﺍﻤﻟﻜﺮﺒﺍﺕ ﺍﻟﺼﻮﺗﻴﺔ‪ :‬ﺃﺎﻧ‬ ‫ﻗﺎﺗﻞ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ‪...‬ﺃﺎﻧ ﻗﺎﺗﻞ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ‬ ‫فيما ال يزال ﺍﻟﻌﺎﻢﻟ ﺻﺮﻳﻊ ﺍﻤﻟﺼﺎﺢﻟ‪.‬‬ ‫ﺍﺤﻟﺮﻳﺔ ﻟﺴﺎﺭﺓ ﻭﺳﻼﻡ‬ ‫ﺍﺤﻟﺮﻳﺔ ﻟﻜﻞ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﺓ ﻲﻓ السجون‪.‬‬ ‫العدد (‪ )2‬شباط ‪27 2014‬‬


‫ماري كولفن وريمي أوشليك عامان على التضحية‬ ‫فريق حترير سيدة سوراي‬ ‫جذبت أحداث األزمة السورية‪ ،‬ككل‬ ‫األزمات اليت ختللتها نزاعات مسلحة‪ ،‬عددا‬ ‫كبرياً من الصحفيني واملراسلني‪ ،‬كان املوت‬ ‫مصري الكثريين منهم‪ ،‬جراء عمليات القصف‬ ‫العشوائي‪ ،‬اليت قام هبا النظام السوري خالل‬ ‫ثالث سنوات‪.‬‬ ‫‪ 22‬الشهر اجلاري كان الذكرى الثانية لرحيل‬ ‫الصحفية األمريكية ماري كولفن واملصور‬ ‫الفرنسي رميي أوشليك‪ ،‬اللذين أصيبا مع‬ ‫عدد من الصحفيني يف اباب عمرو حبمص‪،‬‬ ‫بقصف صرح الصحافيان الفرنسيان إديت‬ ‫بوفييه ووليام دانييلز حوله لصحيفة لوفيغارو‬ ‫الفرنسية‪ ،‬عن شعورمها أبن القوات السورية‬ ‫استهدفتهم به «بشكل مباشر» من خالل‬ ‫الغارات اليت شنتها على مدينة محص يف‬ ‫‪ 22‬شباط ‪ 2012‬وأدت إىل مقتل كولفن‬ ‫وأوشليك وجرح آخرين‪..‬‬ ‫ووفق روايتهما حينها فقد «وقعت مخسة‬ ‫انفجارات متتالية على األقل بفاصل زمين‬ ‫قصري بينها‪ ،‬كان لدينا ابلفعل الشعور أبننا‬ ‫مستهدفون بشكل مباشر»‪ ،‬يف إشارة اىل‬ ‫قصف املنزل الذي كان مستخدماً كمركز‬ ‫للصحافيني يف املدينة‪.‬‬ ‫ماري كولفن املولودة يف ‪ 12‬كانون الثاين‬ ‫‪ ،1956‬صحفية أمريكية عملت كمراسلة‬ ‫لصحيفة الصاندي اتميز الربيطانية منذ‬ ‫عام ‪ ،1986‬خالل سنوات عملها غطت‬ ‫العديد من احلروب والنزاعات يف بلدان‬ ‫عدة‪ ،‬كالعراق ويوغسالفيا وتيمور الشرقية‬ ‫والشيشان وسريالنكا‪ ،‬اليت فقدت فيها‬ ‫عينها اليسرى عام ‪ ،2001‬وهي ابنة أحد‬ ‫املقاتلني يف كوراي اجلنوبية‪ ،‬والذي حتول فيما‬

‫‪28‬‬

‫العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫بعد إىل انشط يف جمال الدميقراطية‪ ،‬لتنشأ‬ ‫هي على املشاركة يف تنظيم املظاهرات ضد‬ ‫احلرب على فييتنام‪.‬‬ ‫أما املصور رميي أوشليك‪ ،‬فقد تدرب يف‬ ‫وكالة فوستوك يف ابريس عام ‪ ،2003‬يف‬ ‫أثناء دراسته التصوير يف مدرسة إيكارت‪،‬‬ ‫وأسس وكالة «آي يب ‪ 3‬برس» عام ‪2005‬‬ ‫يف ابريس‪ ،‬هبدف تغطية أخبار النزاعات يف‬ ‫العامل‪.‬‬

‫يف حديث مع «يب يب سي» ليلة‬ ‫وفاهتا‪ ،‬قالت كولفن إن ممارسات‬ ‫نظام بشار األسد ال تستثين حىت‬ ‫األطفال‪ ،‬وإن شظية اخرتقت‬ ‫صدر طفل رضيع‪ ،‬وتركه األطباء‬ ‫حىت فارق احلياة‪.‬‬ ‫حصد اجلائزة األوىل عن فئة املصورين‬ ‫الشباب يف احتفالية «فيزا بور ليماج»‬ ‫للتصوير‪ ،‬وجائزة من منظمة وورلد برس فوتو‬ ‫عام ‪ 2012‬على تقاريره حول ليبيا‪.‬‬ ‫ويف عام ‪ 2011‬غطى الثورات اليت شهدهتا‬ ‫مجيع دول «الربيع العريب»‪ ،‬ونشرت‬ ‫صوره يف العديد من اجملالت كان أمهها‪:‬‬ ‫ابري ماتش‪،‬التامي‪ ،‬وصحيفة وول سرتيت‬ ‫جورانل‪.‬‬ ‫قبل ساعات على مقتلهما أرسلت كولفن‬ ‫تقريرها األخري من محص‪ ،‬حول مقتل طفل‬ ‫أصيب جبروح جراء شظية قذيفة‪.‬‬ ‫ويف حديث مع «يب يب سي» ليلة وفاهتا‪،‬‬

‫قالت كولفني إن ممارسات نظام بشار األسد‬ ‫ال تستثين حىت األطفال‪ ،‬وإن شظية اخرتقت‬ ‫صدر طفل رضيع‪ ،‬وتركه األطباء حىت فارق‬ ‫احلياة‪ ،‬وهو ما وصفته ابألمر املتكرر‪.‬‬ ‫متساءلة خالل احلديث‪« :‬ال أحد هنا يفهم‬ ‫ملاذا يقف اجملتمع الدويل مكتوف األيدي يف‬ ‫ظل حدوث كل هذا؟»‪.‬‬ ‫أما يف حديث مع «سي إن إن»‪ ،‬فقد‬ ‫وصفت املذابح اليت يرتكبها النظام السوري‬ ‫يف مدينة محص قائلة‪« :‬إن اجليش النظامي‬ ‫يقصف املدينة بال رمحة‪ ،‬والناس ميوتون يف‬ ‫داخلها جوعاً»‪ .‬وأشارت أن هناك أعداداً‬ ‫كبرية من القناصة يقفون أعلى املباين احمليطة‬ ‫حبي اباب عمرو‪ ،‬وأهنم إن متكنوا من اكتشاف‬ ‫وجود القناص‪ ،‬فلن يتمكنوا من حتديد املكان‬ ‫الذي ستسقط فيه القذيفة»‪.‬‬ ‫آخر نشاط هلا كان رسالة نشرهتا عرب‬ ‫صفحتها على موقع التواصل االجتماعي‬ ‫«فيس بوك»‪ ،‬قالت فيها‪« :‬إن احلديث عن‬ ‫إمكانية جنايت من هنا قد يكون أمراً مبالغاً‬ ‫فيه‪ ،‬فالوضع يف اباب عمرو مقزز‪ ..‬إنين ال‬ ‫أفهم ملاذا يقف اجملتمع الدويل هكذا‪ ..‬أشعر‬ ‫اآلن أنين بال مساعدة‪ ،‬إال أنين سأحاول‬ ‫أبية وسيلة جلب املعلومات»‪.‬‬ ‫يف ‪ 2012 / 03 / 04‬نقل جثماان ماري‬ ‫ورميي إىل ابريس‪ ،‬علماً أن العديد من‬ ‫الصحفيني العرب واألجانب قضوا يف سوراي‪،‬‬ ‫كان من بينهم الياابنية ميكا ايماموتو‪،‬‬ ‫الفرنسي جيل جاكييه‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن آالف‬ ‫اإلعالميني امليدانيني من الشباب السوري‬ ‫الذين قتلوا جراء القصف‪ ،‬القنص‪ ،‬أو حتت‬ ‫التعذيب يف سجون النظام‪.‬‬


‫حملة التلقيح ضد شلل األطفال في المناطق المحررة‬ ‫تبدأ جولتها الثالثة‬ ‫انطلقت صباح الثالاثء ‪ 25‬شباط‪ /‬فرباير‬ ‫اجلولة الثانية من محلة التلقيح اجلوالة ملكافحة‬ ‫شلل األطفال يف سوراي «من بيت لبيت» واليت‬ ‫يشرف عليها فريق عمل مكافحة شلل األطفال‬ ‫الذي يعمل حتت شعار «لِنُن ِه شلل األطفال يف‬ ‫سوراي»‪.‬‬ ‫وقد أعلن الفريق الفين املسؤول عن احلملة‬ ‫إمتام التجهيزات الفنية واللوجستية اخلاصة‬ ‫إبطالق اجلولة الثالثة‪ ،‬حيث مت نقل وتوزيع‬ ‫اللقاحات املستلمة من قبل احلكومة الرتكية يف‬ ‫‪ 15‬شباط‪/‬فرباير اجلاري إىل املراكز املخصصة‬ ‫داخل احملافظات السورية‪ ،‬كما عمل الفريق‬ ‫الفين على توعية أعضاء الفرق اجلوالة ابلعقبات‬ ‫اليت واجهتهم يف اجلولتني األوىل والثانية‪ ،‬وطرق‬ ‫التغلب عليها‪ ،‬وأمت الفريق املخصص ابلتوعية‬ ‫اجملتمعية عدة جوالت من توعية األطفال‬ ‫واألهايل بضرورة اللقاح وتكراره حلماية األطفال‬ ‫من الشلل واستئصال الوابء من سوراي‪ ،‬حسب‬ ‫الصفحة الرمسية للحملة على موقع التواصل‬ ‫االجتماعي ‪.facebook‬‬ ‫ويف حديث للدكتور بشري اتج الدين مع‬ ‫مراسل «سيدة سوراي» أشار إىل أن فريق عمل‬ ‫مكافحة شلل األطفال يف سوراي أجنز جولتني‬ ‫من التلقيح‪ ،‬كانت األوىل يف هناية كانون‬ ‫األول‪/‬ديسمرب املاضي‪ ،‬استلم الفريق من أجلها‬ ‫مليونني ونصف املليون جرعة من لقاح شلل‬ ‫األطفال‪ ،‬استهدف فيها (‪)1450000‬‬ ‫طفل‪ ،‬متت تغطية (‪ )1250000‬طفل منهم‪.‬‬ ‫أما اجلولة الثانية فكانت يف هناية كانون الثاين‪/‬‬ ‫يناير‪ ،‬ووصل عدد األطفال الذين مت تلقيحهم‬

‫خاص سيدة سوراي‬

‫خالهلا إىل (‪ )1400000‬طفل‪ ،‬و قد استلم‬ ‫الفريق (‪ )1000000‬جرعة خصصت هلا‪.‬‬ ‫أما اجلولة الثالثة فقد استلم الفريق يف منتصف‬ ‫الشهر احلايل (‪ )1500000‬جرعة إلجنازها‬ ‫وذلك عرب احلكومة الرتكية‪.‬‬ ‫الدكتور بشري حتدث عن آلية التأكد من تغطية‬ ‫مجيع األطفال يف املناطق املستهدفة‪ ،‬موضحاً‬ ‫أنه يتم بطرقتني‪« :‬جوالت مسح على املناطق‬ ‫من قبل الفرق‪ ،‬وجوالت من قبل مراقب حمايد‬ ‫ميثل املنظمات الدولية هو اهلالل األمحر القطري‬ ‫الذي يقوم ابملسح بعد فرقنا وأيخذ عينات‬ ‫يقدم تقاريره على أساسها»‪.‬‬ ‫وأكد اتج الدين وجوب حصول الطفل على‬ ‫اللقاح يف كل جولة‪ ،‬وعزا التفاوت يف عدد‬ ‫األطفال بني اجلولتني األوىل والثانية‪ ،‬إىل عدم‬ ‫متكن الفريق من الوصول إىل بعض املناطق يف‬ ‫اجلولة األوىل بسبب االشتباكات يف مناطق‬ ‫مثل مسكنة ودركوش‪ ،‬وأضاف‪« :‬متت تغطية‬ ‫هذه املناطق يف اجلولة الثانية‪ ،‬إضافة ملناطق‬ ‫واقعة حتت سيطرة النظام وصلت فرقنا إليها‪،‬‬ ‫ومتكنت من تلقيح بعض األطفال‪ ،‬ألن هدف‬ ‫احلملة وصول اللقاحات لألطفال بغض النظر‬ ‫عن املنطقة اليت يتواجدون فيها»‪.‬‬ ‫احلملة غطت عدداً كبرياً من املخيمات على‬ ‫احلدود مع تركيا يف جرابلس وابب السالمة‬ ‫وأطمة وابب اهلوا‪ ،‬إضافة إىل املخيمات‬ ‫املوجودة يف محاه وإدلب‪.‬‬ ‫أما املناطق الواقعة حتت سيطرة تنظيم»الدولة‬ ‫اإلسالمية يف العراق والشام»‪ ،‬يف اجلولة األوىل‬ ‫متت تغطية (‪ )191000‬طفل فيها‪ ،‬ويف الثانية‬

‫فريق حترير سيدة سوراي‬

‫خاص سيدة سوراي‬ ‫متت تغطية (‪ )214000‬طفل‪.‬‬ ‫وحسب الدكتور اتج الدين فإن عناصر‬ ‫الدولة ابجململ ال يعيقون عملهم‪ ،‬مشرياً أن‬ ‫هناك نساء يف الفريق‪ ،‬لكنهن منقبات وفق ما‬ ‫يشرتطه «تنظيم الدولة»‪.‬‬ ‫ويواجه الفريق العامل على احلملة حسب‬ ‫الدكتور اتج الدين العديد من العقبات‪ ،‬أييت‬ ‫نقص وسائل االتصال يف مقدمتها‪ ،‬وكذلك‬ ‫القصف املستمر لقوات النظام على العديد من‬ ‫املناطق احملررة سيما حلب وإدلب‪« ،‬حيث‬ ‫سقط شهيدان يف اجلولة الثانية مها حممد قلعه‬ ‫جي يف حي ميسر حبلب‪ ،‬والدكتور حسام‬ ‫جرود مشرف مركز سراقب إبدلب‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن‬ ‫ّ‬ ‫‪ 27‬إصابة يف فريق التلقيح حبلب كان بينهم‬ ‫شابة تسبب القصف ببرت ساقها»‪.‬‬ ‫اجلدير ابلذكر أن فريق عمل مكافحة شلل‬ ‫األطفال نشأ من تضافر جهود وحدة تنسيق‬ ‫الدعم ‪ ACU‬واجملالس احمللية السورية مع‬ ‫جمموعة من املنظمات احمللية والدولية العاملة‬ ‫يف احلقل الطيب‪ ،‬ويتألف من (‪)8,500‬‬ ‫متطوع منهم (‪ )200‬طبيب‪ ،‬وتقوم احلكومة‬ ‫الرتكية عن طريق اهلالل األمحر الرتكي ووزارة‬ ‫الصحة بتأمني اللقاحات الالزمة إلمتام احلملة‬ ‫اليت تستهدف األطفال من عمر يوم إىل مخس‬ ‫سنوات يف األراضي اخلارجة عن سيطرة النظام‬ ‫السوري‪ ،‬ضمن سبع حمافظات هي دير الزور‪،‬‬ ‫احلسكة‪ ،‬الرقة‪ ،‬حلب‪ ،‬إدلب‪ ،‬محاة والالذقية‪.‬‬ ‫العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫‪29‬‬


‫سيدة سوريا تلتقي رئيس الحكومة المؤقتة‬ ‫د‪ .‬أحمد طعمة‬ ‫أمح��د طعمة متحداثً عن حت��دايت تواجه‬ ‫ح��ك��وم��ت��ه ع��ل��ى ص��ع��ي��د ال���وض���ع ال����دويل‬ ‫ال��ق��ل��ق وال������ذي ال زال م��ش��ت��ت ال����رأي‬ ‫مرتدداً ابلنسبة ملوقفه من احلالة السورية‪،‬‬ ‫وع���ل���ى ال��ص��ع��ي��د ال���داخ���ل���ي ف��ي��م��ا خيص‬ ‫تغريات وتناقضات القوى على االرض‪.‬‬ ‫ط��ع��م��ة‪ :‬ق����وة أي ح��ك��وم��ة م���ن م��ق��دار‬ ‫شعبيتها ل���دى ال��ن��اس وه����ذا انج���م عن‬ ‫تقدميها اخل��دم��ات األساسية هل��م واهليبة‬ ‫والقوة وهذا ما تسعى إليه احلكومة‪.‬‬ ‫ما موقع حكومتكم على األرض ومن أين‬ ‫تستمد قوهتا؟‬ ‫قوة أي حكومة تكون من جانبني‪ ،‬مقدار‬ ‫شعبيتها لدى الناس‪ ،‬وهذا انجم عن تقدميها‬ ‫اخلدمات األساسية هلم‪ ،‬واهليبة والقوة‪ ،‬وهذا ما‬ ‫تسعى إليه احلكومة‪ ،‬فبدون هيبة لن تستطيع‬ ‫احلفاظ على مقرراهتا‪ ،‬ولن تستطيع إغاثة أي‬ ‫جهة‪ ،‬لذلك تنشط احلكومة لكسب اهليبة‪،‬‬ ‫وهذا سيكون انجتاً عن تكاتف اجليش احلر من‬ ‫أجل محاية هذه احلكومة‪ ،‬صحيح أنه مل يتم‬ ‫حىت اآلن تكاتف هذا اجليش احلر وتشكيل‬ ‫قوة عسكرية تقوم حبماية احلكومة‪ ،‬ولكن‬ ‫أعتقد أن هذا سيتحقق خالل فرتة قادمة‪.‬‬ ‫أما فيما يتعلق بشعبية احلكومة لدى الناس‪،‬‬ ‫فهذا ما نسعى إليه من خالل التواصل وتقدمي‬ ‫اخلدمات‪ ،‬وأظن أنه بعد االنفراج النسيب يف‬ ‫مسألة التمويل‪ ،‬ستستطيع احلكومة يف الفرتة‬ ‫القصرية القادمة أن تقدم هذه اخلدمات للناس‪،‬‬ ‫وابلتايل سيساهم الناس معنا يف محاية احلكومة‬ ‫ومحاية مقرراهتا ومقراهتا‪.‬‬ ‫لو مت احلوار بني أمريكا واجلبهة اإلسالمية‪ ،‬ماذا‬ ‫سيكون موقفكم كمعارضة أوالً‪ ،‬وكحكومة‬ ‫اثنياً؟‬ ‫كحكومة حنن نؤيد مثل هذا احلوار وندعمه‪،‬‬ ‫وندعو اإلخوة يف اجلبهة اإلسالمية أن يتحاوروا‬ ‫مع األمريكان بغض النظر عن موضوع احلوار‪،‬‬ ‫لسببني جوهريني‪ ،‬السبب األول‪ :‬أن ّ‬ ‫يطلع‬ ‫اإلخوة يف اجلبهة اإلسالمية على ما جيري‬ ‫‪ 30‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫يف هذا العامل‪ ،‬وأن يطلعوا على وجهة نظر‬ ‫اجملتمع الدويل وخصوصاً األمريكان‪ ،‬والسبب‬ ‫الثاين‪ :‬أننا نزعم أبنه من خالل هذه اللقاءات‬ ‫واحلوارات سوف يتكون لدى األمريكان انطباع‬ ‫أن هذه اجملموعات ليست ابلضرورة إرهابية‪ ،‬ما‬ ‫خنشاه أن يبدأ تصنيف املزيد من اجملموعات يف‬ ‫قائمة اإلرهاب‪ ،‬وهذا ما ال نريده‪ ،‬ألنه يؤثر‬ ‫على عمل احلكومة وعلى النسيج االجتماعي‬ ‫للشعب السوري‪ ،‬نريد أن نصل إىل تفامهات مع‬ ‫مجيع األطراف على األرض السورية‪ ،‬وخصوصاً‬ ‫األطراف احملسوبة على املشروع الوطين‪ ،‬من‬ ‫أجل ترسيخ مبادئ املشروع الوطين‪ ،‬وهو الدولة‬ ‫املدنية الدميقراطية التعددية‪.‬‬ ‫كيف تصف عالقة احلكومة ابملوارد الوطنية يف‬ ‫ظل سيطرة تنظيم الدولة اإلسالمية يف العراق‬ ‫والشام على آابر للنفط يف الشمال؟ وما هي‬ ‫مساعيكم يف هذا اخلصوص؟‬ ‫املوارد ملك الشعب‪ ،‬وحنن ابعتباران حكومة‬ ‫تريد أن تقدم اخلدمات للشعب‪ ،‬سنسعى ألن‬ ‫نقدم هذه اخلدمات من خالل احلكومة‪ ،‬لكن‬ ‫احلكومة حتتاج إىل قوة محاية حتميها‪ ،‬وتفرض‬ ‫على الواقع شيئاً جديداً‪ ،‬وهذا ما نسعى إليه‪.‬‬ ‫حتت سيطرة من تقع املعابر يف املناطق احملررة‬ ‫اليوم؟ أي جزء منها هو الذي تعتربه احلكومة‬ ‫املؤقتة حتت سيطرهتا؟ وهل من خطة لعملية‬ ‫مجركية تعود على احلكومة مبردود؟‬ ‫املعابر يف املناطق احملررة حتت سيطرة جهات‬ ‫خمتلفة‪ ،‬جزء منها اتبع للجبهة اإلسالمية واجلزء‬ ‫اآلخر اتبع لزعماء ومشايخ‪ .‬حنن ال منلك أي‬ ‫سلطة على أي معرب حىت اآلن‪ ،‬لكن دخلنا‬ ‫حبوارات ونقاشات مع كل اجلهات املسيطرة‬ ‫على املعابر‪ ،‬وأنمل أن يتحقق شيء إجيايب‬ ‫خالل الفرتة القادمة‪.‬‬ ‫فيما يتعلق ابخلطط‪ ،‬املشكلة ليست يف اخلطط‪،‬‬ ‫لدينا الكثري من اخلطط‪ ،‬ذهبنا إىل قطر ومعنا‬ ‫الكثري من املشاريع‪ ،‬كل هذا ال ينفع إن مل تكن‬ ‫هناك قوة عسكرية على األرض‪ ،‬مبعىن آخر‪ ،‬لو‬ ‫كان هناك قوة عسكرية حتمي احلكومة وحتمي‬ ‫قوافلها اإلغاثية لسارت وبدأت ابلتوزيع للناس‪،‬‬

‫حاوره ايمسني مرعي‬ ‫فريق حترير سيدة سوراي‬

‫سيدة سوراي‪ -‬أرشيف‬ ‫من هنا تبدأ احلكومة بكسب الشعبية وتستطيع‬ ‫امتالك أجهزة طبية حيتاجها الناس اليوم يف‬ ‫الداخل وال نستطيع أن نوصلها إىل املدن‪،‬‬ ‫كجهاز الرنني املغناطيسي وجهاز اإليكو أو ما‬ ‫شابه ذلك‪ ،‬فبمجرد أن تعرب األراضي السورية‬ ‫ستقوم جمموعات بقطع خطوط اإلمداد‪ ،‬أ ّما‬ ‫كيف ننظر إىل هذا النوع من العمل فهذا عمل‬ ‫قطاع طرق‪.‬‬ ‫هل ترى احلكومة أن العمل اإلغاثي ٍ‬ ‫كاف‬ ‫إلقناع الناس بشرعيتها؟‬ ‫ال‪ ،‬ابلتأكيد ال‪ .‬حنن نريد أن نقوم بكل‬ ‫اخلدمات الواجبة واليت ينبغي علينا القيام هبا‪،‬‬ ‫وقلنا يف رؤيتنا للحكومة أهدافنا األساسية‬ ‫أربعة‪ :‬األول هو األمن واالستقرار‪ ،‬ألن الناس‬ ‫أبمس احلاجة إىل األمن وهذا ما نسعى إليه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عندما يطمئن الناس وأيمنون فإهنم يستطيعون‬ ‫أن يستمروا بصمودهم يف مواجهة النظام‪ .‬الثاين‬ ‫حتسني معيشة الناس وحتسني ظروفهم والقيام‬ ‫ابخلدمات األساسية هلم‪ ،‬سواء يف الصحة أو‬ ‫التعليم أو يف اجملالس احمللية‪ ،‬من زواج وطالق‬ ‫وحماكم فكل هذه القضااي منوطة ابحلكومة‪.‬‬ ‫الثالث والذي خيصكم واألخوة من رعيلكم‪،‬‬ ‫هو تنشيط منظمات اجملتمع املدين السورية اليت‬ ‫بدأت مع الثورة‪ ،‬واليت تعمل حالياً على األرض‬ ‫السورية من أجل مشروع الوطنية‪ ،‬نريد منها أن‬ ‫تشارك احلكومة يف تقرير هذا املبدأ‪ ،‬فاجملتمع‬ ‫املدين عليه أن يساهم مسامهة كبرية يف رفعة‬ ‫هذا البلد وتنميته وحتسني قدراته‪.‬‬ ‫الرابع وهو غاية يف األمهية‪ ،‬إرادة احلكومة أن‬ ‫تكون هلا أدوار إجيابية يف املستقبل‪ ،‬من خالل‬


‫أتسيسها لفكرة الدميقراطية يف البلد‪ ،‬وإشاعة املال السياسي علينا؟‬ ‫هذه الروح بني الناس الذين يرون احلل األمثل لو أسفر جنيف عن هيئة حكم انتقايل مشرتكة‪،‬‬ ‫ابلنسبة هلم يف املستقبل‪ ،‬أن يقوم بلدان على فهذا يعين انتهاء أجل احلكومة املؤقتة‪ ،‬ما‬ ‫الدميقراطية‪ ،‬استقالل القضاء‪ ،‬الفصل بني موقفكم حينها‪ ،‬وهل تؤجلون خططكم ابنتظار‬ ‫السلطات‪ ،‬حرية الرأي والرأي اآلخر‪ ،‬حيث ما سيسفر عنه جنيف‪2‬؟‬ ‫يكون لكل صاحب رأي احلق أن يقول رأيه‪ ،‬ثقي متاماً إذا مت التوصل إىل اتفاق خيدم‬ ‫وأن يدافع عنه‪ ،‬وأن تكون له املؤسسات اليت مصلحة الشعب السوري خالل فرتة وجيزة‪،‬‬ ‫تضمن عرض هذه اآلراء على الناس‪ ،‬والناس فنحن على أمت االستعداد ألن نضع أنفسنا‬ ‫هم أصحاب القرار‪.‬‬ ‫حتت سلطة جسم احلكم االنتقايل القادم‪ ،‬نريد‬ ‫ماذا تقول بشأن متويل احلكومة املؤقتة‪ ،‬ومن أن خندم الشعب السوري‪ ،‬وال نريد املكوث‬ ‫هي اجلهة اليت تتبناها‪ ،‬وهل تقلقكم مسألة على الكراسي لفرتة أطول من الالزم‪.‬‬ ‫املال السياسي؟‬ ‫أال يضع هذا اجلو املشاريع قيد االنتظار؟‬ ‫متويل احلكومة خارجي يف جزء منه وداخلي يف ال أبداً‪ ،‬ألننا نعتقد ابإلضافة لذلك أن املسألة‬ ‫جزء آخر‪ ،‬البداية من التمويل اخلارجي املتمثلة طويلة األمد‪ .‬ابملناسبة أان اجتمعت خالل‬ ‫ابملساعدات من الدول الشقيقة والصديقة‪ ،‬الفرتة املاضية مع عدد من اجلهات الدولية‪ ،‬اليت‬ ‫كما تعلمني هناك ثالث أنواع من املساعدات‪ :‬ابتت أكثر اقتناعاً أبنه ال بد من وجود جسم‬ ‫األول مساعدات يف امليزانية‪ ،‬وأنمل أن يتحقق تنفيذي يقوم على مصاحل الناس وخدماهتم‪،‬‬ ‫ذلك قريباً لكي نستطيع أن نوظف أكرب قدر ولذلك بدأت تنظر إىل احلكومة السورية املؤقتة‬ ‫من املوظفني واإلداريني اجليدين الذين سيقومون نظرة أكثر إجيابية من السابق‪.‬‬ ‫على تقدمي اخلدمات لصاحل الشعب السوري‪ .‬ما هي املؤهالت والظروف املوجودة لدى‬ ‫الثاين هو‪ :‬متويل من األشقاء‪ ،‬ويتم بدعم حكومة الدكتور أمحد طعمة‪ ،‬واليت مل متتلكها‬ ‫مشاريع نقدمها هلم‪ ،‬نرسم اخلطة نرسم املشروع حكومة غسان هيتو ما جيعلك تظن أنه سيكون‬ ‫وهم يقومون بتمويله‪ .‬النوع الثالث‪ ،‬متويل من عامل جناح لكم؟‬ ‫قبل األشقاء واألصدقاء من خالل صندوق أعتقد أننا ختلصنا من أكرب املعوقات‪ ،‬وهو‬ ‫االئتمان األملاين اإلمارايت‪.‬‬ ‫التجاذب السياسي‪ ،‬تالحظني أن الوضع‬ ‫هناك وعود ووعود كبرية من معظم الدول اآلن أفضل يف موضوع التجاذابت السياسية‪،‬‬ ‫الشقيقة حنن ابنتظار تنفيذها‪ ،‬وأعتقد إن شاء وأعتقد أن هناك شعور إضايف لدى الكثري‬ ‫هللا وخالل الفرتة القادمة‪ ،‬أننا لن ندع مكاانً من اإلخوة يف االئتالف‪ ،‬أنه ال بد من دعم‬ ‫ميكن من خالله جلب املنفعة والدعم للشعب احلكومة السورية املؤقتة‪ ،‬كي تتمكن من تقدمي‬ ‫السوري‪ ،‬إال وسنذهب إليه‪ ،‬حنن ذهبنا إىل خدمات حقيقية للناس‪.‬‬ ‫ثاللث دول حىت اآلن (فرنسا‪ -‬كوراي اجلنوبية هل تواجه حكومتكم مصاعب يف احليز‬ ‫ وقطر) وسنذهب إىل اإلمارات العربية التنفيذي من عملها؟‬‫املتحدة والسعودية وليبيا وإقليم كردستان العراق نعم‪ ،‬وأشرت أننا كنا نتمىن لو نشأت احلكومة‬ ‫واألردن‪.‬‬ ‫أما عن املال السياسي فنحن يف‬ ‫احلكومة لسنا قلقني من هذه‬ ‫النقطة‪ ،‬ألنه ال عالقة لنا ابملال‬ ‫السياسي‪ ،‬املال السياسي هو يف‬ ‫التجاذابت اليت حتصل‪ ،‬وحنن‬ ‫ابعتباران نركز بشكل أساسي على‬ ‫اخلدمات‪ ،‬فلماذا نسعى حنن إىل‬ ‫املال السياسي؟ وملاذا نسمح بتأثري‬

‫السورية املؤقتة عندما طرحت ألول مرة يف مؤمتر‬ ‫مراكش‪ ،‬كانت األمور أفضل بكثري‪ ،‬ومل تكن‬ ‫األوضاع يف املناطق احملررة على هذا القدر من‬ ‫السوء‪ ،‬وكان ميكن للحكومة السورية املؤقتة أن‬ ‫تبين نفسها لبنة لبنة بشكل أكثر هدوءاً وفعالي ًة‪،‬‬ ‫لكن هذا ال يعين أال نبقى مصممني على‬ ‫استمرار هذا املشروع الطموح‪ ،‬وحنن متفائلون‬ ‫بنجاحه يف النهاية‪ ،‬ابلرغم من املصاعب‪.‬‬ ‫ما هي الوزارات اليت تشعرون بضرورة استحداثها‬ ‫مما هو غري موجود ضمن تشكيلة احلكومة‪،‬‬ ‫وهل تنظرون إليها كحكومة تكنوقراط؟‬ ‫رمبا وزارة اخلارجية‪ ،‬بدأان نشعر أبمهيتها أكثر‬ ‫فأكثر‪ ،‬لكن لن يطرح هذا يف الوقت احلايل‪،‬‬ ‫نريد اآلن أن نرمم ونعوض الوزراء الثالثة الذين‬ ‫مل يوفقوا يف االمتحان‪ ،‬وزارة الصحة‪ ،‬وزارة‬ ‫الرتبية والتعليم‪ ،‬ووزارة الداخلية‪.‬‬ ‫كانت الرغبة لدى رئيس احلكومة أن يكون‬ ‫معظم أفراد هذه احلكومة هم من التكنوقراط‪،‬‬ ‫لكن لن أنكر وجود معوقات سياسية حول‬ ‫هذا املوضوع‪ ،‬وقد كنا واضحني يف التعامل‬ ‫مع اجلهات املوجودة يف االئتالف‪ ،‬ق ّدموا لنا‬ ‫ولو كنتم جهة سياسية‪ ،‬قدموا لنا شخصيات‬ ‫تكنوقراط للدخول يف احلكومة‪.‬‬ ‫يف احلكومة‪ ،‬هل تنظرون إىل االئتالف كهيئة‬ ‫تشريعية؟‬ ‫سأجيب أبن احلكومة خرجت من رحم‬ ‫االئتالف‪ ،‬و مت التصويت علينا يف االئتالف‬ ‫وحناسب أمام االئتالف‪ ،‬وعليه فإن على‬ ‫احلكومة السورية املؤقتة أن تنفذ السياسة العامة‬ ‫لالئتالف‪.‬‬ ‫كما تعلمني احلكومة السورية املؤقتة خرجت‬ ‫بقرار من االئتالف لكي تقوم خبدماهتا جتاه‬ ‫الشعب السوري‪ ،‬وحنن مستمرون بتقدمي هذه‬ ‫اخلدمات ورعاية مصاحل الناس يف‬ ‫الداخل واخلارج‪ ،‬حىت قيام املؤمتر‬ ‫التأسيسي األول الذي سوف يكون‬ ‫بعد سقوط النظام‪ ،‬وما سيتمخض‬ ‫عنه اتفاق جينيف‪ ،2‬قلنا من قبل‬ ‫أنه يف حال الوصول إىل اتفاق‬ ‫يضمن مصاحل الشعب السوري‪ ،‬فإن‬ ‫احلكومة السورية املؤقتة تضع نفسها‬ ‫حتت تصرف هذا اجلسم اجلديد‪...‬‬ ‫العدد (‪ )2‬شباط ‪31 2014‬‬


‫أثر العنف والحرب على األطفال‬ ‫األطفال عادة هم الفئة األكثر أتثراً يف أوقات احلروب والصدمات‪،‬‬ ‫وخيتلف عمق أتثرهم تبعاً لبعدهم عنها أو قرهبم منها‪ ،‬فكلما كانوا أكثر‬ ‫قرابً من احلدث كان أتثرهم أكرب‪ ،‬ابإلضافة إىل عوامل كثرية أخرى‪ ،‬مثل‬ ‫عمر الطفل‪ ،‬وشخصيته‪ ،‬والتجارب اليت مر هبا يف حياته‪ ،‬كما أن ردة فعل‬ ‫األطفال تتأثر بردة فعل األهل (األم‪ ،‬األب) جتاه هذه األحداث‪ ،‬حيث‬ ‫تشكل منوذجاً سواء كان سلبياً أو إجيابياً‪ .‬ومن األعراض اليت تعكس مدى‬ ‫أتثر األطفال هبذه األحداث‪:‬‬ ‫أو ًال ‪ -‬ردود الفعل السلوكية وتتمثل يف‪:‬‬ ‫‪ -1‬كثرة احلركة وعدم االستقرار والعدوانية‪:‬‬ ‫جتاه نفسه (جيرح ويضرب نفسه‪ ،‬يشد شعره)‪ ،‬وجتاه اآلخرين (يضرب‪،‬‬ ‫يشتم‪ ،‬مشاكل مع أخوته واآلخرين)‪ ،‬وجتاه احليواانت (ضرب‪ ،‬شد‪،‬‬ ‫حرق)‪ ،‬وجتاه املمتلكات (تكسري األلعاب‪ ،‬متزيق املالبس)‪ ،‬والسلوك‬ ‫املنحرف واملؤذي كالسرقة‪ ،‬والكذب‪ ،‬والتدخني‪ ،‬واإلدمان‪ ،‬ويكون أكثر‬ ‫اندفاعاً وجمازفة‪ ،‬وال يفكر يف النتائج‪.‬‬ ‫‪ -2‬االنسحاب وعدم املشاركة‪:‬‬ ‫حيث يكون منكمشاً على ذاته‪ ،‬سلبياً‪ ،‬وال خيتلط ابآلخرين‪ ،‬وتقل حركته‪،‬‬ ‫وال يهتم بنفسه‪ ،‬وال مبن حوله‪ ،‬اتكالياً‪ ،‬مستسلماً‪ ،‬ساكناً‪ ،‬مطيعاً‪ ،‬ويفقد‬ ‫االهتمام ابللعب‪.‬‬ ‫اثنياً ‪ -‬ردود الفعل االنفعالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬اخلوف الزائد وظهور خماوف جديدة‪( ،‬خوف من الذهاب للحمام‪،‬‬ ‫أو الذهاب للنوم‪ ،‬أو البقاء وحيداً‪ ،‬خوف من الغرابء ومن الظالم‪ ،‬ومن‬ ‫الوحوش والغيالن واحلشرات)‪.‬‬ ‫‪ -2‬زايدة التعلق وااللتصاق ابلوالدين‪ ،‬وظهور اهتزازات ورعشة يف‬ ‫األطراف وشحوب يف الوجه‪.‬‬ ‫‪ -3‬نوابت من الغضب والبكاء‪ ،‬إذ يصبح متقلب املزاج‪ ،‬عصبياً وسهل‬

‫‪ 32‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫كوثر جودت سعيد‬

‫االستثارة‪ ،‬كثري البكاء‪ ،‬وذاهالً‪.‬‬ ‫اثلثاً‪ -‬ردود فعل نفس جسدية‪:‬‬ ‫يصبح الطفل كثري الشكوى‪ ،‬عدمي الكالم‪ ،‬يكرر كالماً معيناً‪ ،‬يعاين‬ ‫الصداع‪ ،‬وآالماً يف البطن‪ ،‬وفقداانً للشهية‪ ،‬وتظهر لديه تشنجات‬ ‫هستريية‪ ،‬رعشة‪ ،‬ضيق يف التنفس‪ ،‬غثيان‪ ،‬حركة يف الكتفني أو يف‬ ‫العينني‪ ،‬أو هز للرأس‪.‬‬ ‫رابعاً ‪ -‬ظاهرة النكوص والرتاجع‪:‬‬ ‫التبول والتربز الالإرادي‪ ،‬مص األصابع وقضم األظافر‪ ،‬تقليد كالم‬ ‫األطفال األصغر منه سناً‪ ،‬وطلب األشياء اليت يطلبوهنا‪.‬‬ ‫خامساً ‪ -‬أعراض خاصة ابملدرسة‪:‬‬ ‫البكاء يف املدرسة‪ ،‬النوم يف الفصل‪ ،‬التغيب‪ ،‬اهلروب‪ ،‬التأخر‪ ،‬الشرود‪،‬‬ ‫تدهور وتدين مستوى التحصيل‪ ،‬صعوبة الرتكيز واالنتباه‪ ،‬مشاكسات‪،‬‬ ‫فقد األصدقاء‪ ،‬العناد‪ ،‬متزيق الكتب‪.‬‬ ‫كيف نتكلم مع الطفل املصدوم؟‬ ‫قد تستمر أعراض ما بعد الصدمة لعدة أشهر أو رمبا سنوات‪ ،‬ابلطبع‬ ‫أفضل طريقة للتعامل مع هذه املشكلة هو منع الصدمات ومحاية‬ ‫األطفال‪ ،‬لكن إذا حدثت الصدمة فإن التدخل هو تدخل مساند من‬ ‫كل من الوالدين واملدرسة وكل مقدمي الرعاية‪ .‬الرتكيز جيب أن يكون‬ ‫على إشعار الطفل ابألمان‪ ،‬وأن ما حدث لن حيدث مرة أخرى‪ .‬أيضاً‬ ‫قد حيتاج الطفل لعالج نفسي (فردي أو مجاعي أو أسري)‪ ،‬تتاح فيه‬ ‫الفرصة للطفل أن يتكلم‪ ،‬ويعبرّ عن مشاعره وخماوفه‪ ،‬إن كان يستطيع‬ ‫أن يفعل ذلك‪ .‬ميكن مع األطفال الصغار استخدام اللعب أو الرسم‪،‬‬ ‫وقد تستخدم األدوية أيضاً لتقليل القلق والتوتر‪ ،‬أو االكتئاب‪.‬‬ ‫ومن أهم التوصيات للتكلم مع الطفل املصدوم‪:‬‬ ‫‪ -‬عرب عن اهتمامك الصادق ابلتواصل مع األطفال‪ ،‬وذلك عرب‬


‫من نص اتفاقية حقوق الطفل‬

‫اجللوس مع الطفل ابملستوى نفسه‪ ،‬واإلصغاء إليه ابنتباه‪ ،‬واحملافظة‬ ‫على التواصل البصري‪.‬‬ ‫ تكلم بصوت هادئ‪ ،‬وجتنب دفع األطفال إىل اإلجابة‪.‬‬‫ اطرح كل سؤال على حدة‪ ،‬وإال ارتبك‪.‬‬‫ شجع األطفال على التكلم من خالل املشاركة املفتوحة‪ ،‬كيف‪،‬‬‫ملاذا‪ ،‬أين‪ ،‬مىت‪...‬‬ ‫ جيب أن خنرب األطفال أبن كل ردود الفعل اليت اختربوها بعد‬‫احلدث هي طبيعية‪ ،‬وليست ضعف وأن احلديث عن جتارهبم يفيد‬ ‫اجلميع‪.‬‬ ‫ جيب أن خنتم احملادثة بتقدير شجاعة األطفال يف مشاركتنا‬‫انطباعاهتم وأفكارهم‪ ،‬وعلينا تشجيعهم على تقبل مشاعرهم‪ ،‬وأن‬ ‫خماوفهم طبيعية تنتج عن مثل هذه التجربة‪ ،‬كما علينا أن نتيح الفرص‬ ‫لعقد لقاءات أخرى‪ ،‬ألن هذه احملاداثت تريح معظم األطفال‪.‬‬ ‫مىت جيب التحويل إىل خدمات العالج النفسي؟‬ ‫ عندما ال تظهر أي عالمات لتحسن ردود الفعل‪.‬‬‫ عند ازدايد حدة األعراض‪.‬‬‫ عند االنتكاسة‪ ،‬أو ظهور أعراض جديدة عند األطفال‪.‬‬‫قبل تقدمي أية خدمة عالجية لألطفال املصدومني‪ ،‬جيب أن يتقن‬ ‫مقدم اخلدمة فهم الصدمة‪ ،‬وفهم الطفل املصدوم‪ ،‬وفهم اخلدمات‬ ‫املتوفرة‪ ،‬وأساليب العالج جيب أن يقوم هبا اختصاصيون يف العالج‬ ‫النفسي‪ ،‬ملساعدة الطفل يف مواجهة واقع ما حدث‪ ،‬وإعادة بناء‬ ‫تصور الذات لديه‪ ،‬ومن أبرز هذه االساليب العالجية‪:‬‬ ‫‪ -1‬التدخل النفسي الفردي‪.‬‬ ‫‪ -2‬العالج اجلماعي ابللعب‪.‬‬ ‫‪-3‬التدريب اجلماعي للتحصني ضد الضغوط‪.‬‬ ‫‪ -4‬التدخل عن طريق املدرسة‪.‬‬ ‫‪ -5‬املعاجلة ابحلركة الثنائيّة للعني‪ ،‬وقد حقّقت تلك الطريقة جناحاً‬ ‫كبرياً على مستوى العامل رغم حداثة عمرها‪ ،‬حيث ُج ّربت على نطاق‬ ‫واسع يف مناطق احلروب والتعذيب‪ ،‬مثل فلسطني والعراق‪ ،‬وكذلك‬ ‫يف مناطق العامل اليت نكبت ابلزالزل والكوارث الطبيعية‪.‬‬ ‫إن التدخل املناسب والالزم عند حدوث الصدمة عند األطفال‪،‬‬ ‫يساهم بنسبة كبرية يف احلد من ظهور املشكالت النفسية‪ ،‬وهذا‬ ‫يصب يف صاحل األفراد واجملتمع على املدى البعيد‪.‬‬ ‫بدوره ّ‬

‫•أوالً‪ :‬جيب أن يتمتع الطفل جبميع احلقوق املقررة يف هذا اإلعالن‪.‬‬ ‫ولكل طفل بال استثناء احلق يف أن يتمتع هبذه احلقوق دون أي تفريق أو‬ ‫متييز بسبب اللون أو اجلنس أو الدين‪ ،‬أو األصل القومي أو االجتماعي‪،‬‬ ‫أو الثروة‪ ،‬أو النسب أو أي وضع آخر يكون له أو ألسرته‪.‬‬ ‫•اثنياً‪ :‬جيب أن يتمتع الطفل حبماية خاصة‪ ،‬وأن متنح له الفرص‬ ‫والتسهيالت الالزمة لنموه اجلسدي والعقلي واخللقي والروحي واالجتماعي‬ ‫منواً طبيعياً سليماً يف جو من احلرية والكرامة‪.‬‬ ‫•اثلثاً‪ :‬للطفل منذ مولده احلق يف أن يكون له اسم وجنسية‪.‬‬ ‫•رابعاً‪ :‬جيب أن يتمتع الطفل بفوائد الضمان االجتماعي‪ ،‬وأن يكون‬ ‫مؤهال للنمو الصحي السليم‪ .‬وعلى هذه الغاية‪ ،‬جيب أن حياط هو وأمه‬ ‫ابلعناية واحلماية اخلاصتني الالزمتني قبل الوضع وبعده‪ .‬وللطفل حق يف‬ ‫قدر كاف من الغذاء واملأوى واللهو واخلدمات الطبية‪.‬‬ ‫•خامساً‪ :‬جيب أن حياط الطفل املعاق جسدايً أو عقلياً أو املقصي‬ ‫اجتماعياً ابملعاجلة والرتبية والعناية اخلاصة اليت تقتضيها حالته‪.‬‬ ‫•سادساً‪ :‬حيتاج الطفل لكي ينعم بشخصية سليمة إىل احلب والتفهم‪،‬‬ ‫ولذلك جيب أن تتم نشأته برعاية والديه ويف ظل مسؤوليتهما‪ ،‬يف جو‬ ‫يسوده احلنان واألمن املعنوي واملادي‪ ،‬فال جيوز (إال يف بعض الظروف)‬ ‫فصل الطفل الصغري عن أمه‪ .‬وجيب على اجملتمع والسلطات العامة تقدمي‬ ‫عناية خاصة لألطفال احملرومني من األسرة وأولئك املفتقرين إىل كفاف‬ ‫العيش‪.‬‬ ‫•سابعاً‪ :‬للطفل حق يف تلقي التعليم‪ ،‬الذي جيب أن يكون جمانياً وإلزامياً‪،‬‬ ‫يف مرحلته االبتدائية على األقل‪ ،‬وتقع هذه املسؤولية ابلدرجة األوىل على‬ ‫أبويه‪ .‬وجيب أن يكون الطفل‪ ،‬يف مجيع الظروف‪ ،‬بني أوائل املتمتعني‬ ‫ابحلماية واإلغاثة‪.‬‬ ‫•اثمناً‪ :‬جيب أن يتمتع الطفل ابحلماية من مجيع صور اإلمهال والقسوة‬ ‫واالستغالل‪ ،‬وال جيوز استخدام الطفل قبل بلوغه سن الرشد‪ .‬وحيظر يف‬ ‫مجيع األحوال محله على العمل أو تركه يعمل يف أية مهنة أو صنعة تؤذي‬ ‫صحته أو تعليمه أو تعرقل منوه اجلسدي أو العقلي أو اخللقي‪.‬‬ ‫•اتسعاً‪ :‬جيب أن حياط الطفل ابحلماية من مجيع املمارسات اليت قد تضر‬ ‫به كالتمييز العنصري أو الديين أو أي شكل آخر من أشكال التمييز‪،‬‬ ‫وأن يرىب على روح التفهم والتسامح‪ ،‬والصداقة بني الشعوب‪ ،‬واألخوة‬ ‫والسلم العاملي‪.‬‬

‫العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫‪33‬‬


‫احلمل (‪ 21‬آذار ‪ 20 -‬نيسان)‬

‫وجود املشرتي يف السرطان يقدم لك احلظ وفرصة جناح‬ ‫يف العمل‪ ،‬ويف العالقات العائلية اغتنمي الفرصة لتعيدي‬ ‫الصفاء الذي عكرته بعض الصدامات السابقة مع أسرتك‬ ‫بسبب ضيق الظرف‪ ،‬لكن عليك أن حتذري من بدء عالقة‬ ‫عاطفية جديدة‪ ،‬ألن تراجع املريخ لن يتيح لك جناحها‪.‬‬

‫اجلوزاء (‪ 21‬أاير ‪ 21 -‬حزيران)‬

‫لديك فرصة كبرية لكسب املال والنجاح يف مشاريع ِ‬ ‫بدأت‬ ‫هبا سابقاً كاحلصول على قروض أو معوانت أو حتصيل‬ ‫ديون‪ ،‬االحتماالت كبرية يف أن حتصلي على ترتيب قانوين‬ ‫لوضعك ووضع عائلتك خبصوص أوراق ثبوتية‪ .‬لكن عليك‬ ‫احلذر ابلتعامل مع الشريك وزمالء العمل‪ ،‬فانت معرضة‬ ‫الحنسار شعبيتك‪.‬‬

‫األسد (‪ 23‬متوز ‪ 22 -‬آب)‬

‫هذه السنة ستقدم لألسد امتيازات مهمة جداً‪ ،‬يعترب األسد‬ ‫اثين األبراج حظاً بعد السرطان هذا العام‪ ،‬وخاص ًة بعد انتقال‬ ‫كوكب املشرتي إىل برج األسد يف منتصف حزيران‪ .‬لديك فرصة‬ ‫لعقد اتفاقات كبرية خبصوص العمل‪ .‬بداايت جيدة يف احلب واستقرار عاطفي مع‬ ‫الشريك لكن عليك احلذر يف األمور اليت ختص البيع والشراء‪ ،‬وكذلك حوادث‬ ‫السيارات وانتبهي لعالقتك مع األخوة واألخوات داخل األسرة‪.‬‬

‫امليزان (‪ 23‬أيلول ‪ 22 -‬تشرين أول)‬

‫وجود املريخ يف امليزان يف نصف السنة األول‪ ،‬يعطيك الكثري من القوة‬ ‫واالندفاع‪ ،‬لكن ذلك حيمل خماطر اإلنفعاالت غري احملسوبة‬ ‫أيضاً‪ .‬حتصدين جناح على مستوى العمل واملناصب‪،‬‬ ‫حتصلني على مال ال حتتفظني به‪ .‬فرص العاطفة جيدة‬ ‫يف الربع الثاين من السنة‪.‬‬

‫القوس (‪ 22‬تشرين اثين ‪ 20 -‬كانون أول)‬

‫فرص للحصول على املال يف النصف األول من السنة‪،‬‬ ‫تعويض أو ورثة‪ .‬النصف الثاين ينجح فيه السفر البعيد‪،‬‬ ‫اهلجرة والتجارة اخلارجية كالعقرب‪ .‬ضغوط نفسية تسببها‬ ‫إعاقات زحل واندفاعات املريخ‪ .‬عليكي التعامل وااللتفات‬ ‫إىل األشخاص الذين تثقني هبم كثرياً‪ .‬خسارة على مستوى‬ ‫األصدقاء وتعثر يف العاطفة‪.‬‬

‫الدلو (‪ 20‬كانون اثين ‪ 18 -‬شباط)‬

‫يقدم النصف األول من السنة فرصاً جيدة إلجياد عمل أو‬ ‫لتحسني وضع‪ .‬أما النصف الثاين فالنجاح حليفك يف‬ ‫الشراكات كالعمل واخلطبة والزواج‪ .‬عام جيد للدلو‬ ‫عام ًة‪ ،‬لكن النصف الثاين من السنة هو الذي يقدم‬ ‫النتائج املفرحة‪ .‬عليك احلذر فيما خيص السفر‬ ‫والطرقات السريعة بشكل عام‪.‬‬

‫‪ 34‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2013‬‬

‫الثور (‪ 21‬نيسان ‪ 20 -‬أاير)‬

‫عليك االنتباه يف عالقات العمل‪ ،‬وكذلك الصرب والتحمل مع‬ ‫الشريك حبيباً أو زوجاً‪ ،‬ألن زحل يف وضع يتيح‬ ‫تفكيك هذه العالقات وتدمريها‪ ،‬هناك احتمال‬ ‫لنجاح مساعيك يف السفر واهلجرة أو املنح الدراسية‬ ‫والعالج يف اخلارج‪ ،‬وفرصة لتعزيز عالقتك مع‬ ‫األهل‪.‬‬

‫السرطان (‪ 22‬حزيران ‪ 22 -‬متوز)‬

‫ال شك أن هذا العام هو عام مولود السرطان‪ ،‬فاملشرتي‬ ‫موجود يف برجك‪ ،‬لذا فهو عام االجنازات وحتقيق النجاح‬ ‫‪ ،‬فرص كبرية للحصول على املال لكن عليك االنتباه‬ ‫لعالقتك مع أسرتك‪ ،‬واحلذر من أي عالقة عاطفية تبدئينها‬ ‫يف األشهر الثالثة األوىل‪ .‬اعرتافك حببك للشريك اثناءها‬ ‫ستكون له عواقب وخيمة‪.‬‬

‫العذراء (‪ 23‬آب ‪ 22 -‬أيلول)‬

‫أوضاعك جيدة جداً على مستوى العالقات االجتماعية األصدقاء‬ ‫والصديقات‪ ،‬ميكن أن تصبحي جزءاً من جمموعة أو ان ٍد أو منتدى أو هيئة‬ ‫ما‪ ،‬ويف النصف الثاين من السنة لديك فرص ابحلصول‬ ‫على املال‪ ،‬لكن عليكي العمل وليس االعتماد على احلظ‪.‬‬ ‫انتبهي لعالقتك مع اجلريان‪ .‬النصف الثاين من السنة‬ ‫سيقدم لك جناحات على املستوى العاطفي‪.‬‬

‫العقرب (‪ 23‬تشرين أول ‪ 21 -‬تشرين اثين)‬

‫زحل كوكب النحس يف العقرب‪ .‬مواليد العقرب هم األسوأ حظاً بني األبراج‬ ‫هذا العام‪ ،‬يتعرضون المتحاانت كربى خاص ًة يف نصف السنة األول‪ .‬االنتباه‬ ‫واحلذر يف العالقة مع اآلخرين‪ .‬ميكن أن تكون فرص العقرب جيدة يف كل‬ ‫ما خيص اخلارج‪ :‬سفر‪ ،‬هجرة‪ ،‬منح دراسية‪ ،‬كذلك التجارة‬ ‫مع اخلارج‪ .‬االنتباه والتدقيق يف األمور يساعدك يف عبور‬ ‫املصاعب‪ .‬احتمال جناحات يف النصف الثاين من السنة‪.‬‬

‫اجلدي (‪ 20‬كانون أول ‪ 19 -‬كانون اثين)‬

‫فرصك كبرية فيما خيص الشراكات يف النصف األول من‬ ‫السنة‪ ،‬إن كانت شركة عمل أو شراكة عاطفية وزواج‪.‬‬ ‫واحلمل أيضاً‪ ،‬ويف النصف الثاين فرصك كبرية للحصول‬ ‫على مبالغ مالية من تعويض أو قرض أو حصاد نتائج‬ ‫عمل سابق‪ .‬ارتباك يف عالقاتك مع أصدقائك‪ ،‬انتبهي‬ ‫من االصطدام مع رؤسائك يف العمل‪.‬‬

‫احلوت (‪ 19‬شباط ‪ 20 -‬آذار)‬

‫نصف السنة األول حيمل للحوت عقبات ومشاكل فيما خيص‬ ‫السفر واهلجرة والدراسة يف اخلارج وأموال الرتكات فقط‪ .‬لكن على‬ ‫ابقي الصعد تقدم سنة ‪ 2014‬بكاملها فرص كبرية على الصعيد‬ ‫املايل الناتج عن العمل وكذلك الصعيد العاطفي‪ ،‬ميكن أن تكون‬ ‫هذه السنة‪ ،‬فرصة إجياد الشريك أو احلصول على طفل‪.‬‬


‫الكلمات المتقاطعة‬

‫أفقي‪:‬‬

‫‪ -1‬ناشطة يمنية حائزة على‬ ‫جائزة نوبل للسالم‬ ‫‪ -2‬أحد أشهر السنة بالالتينية‬ ‫(معكوسة)‪ -‬بلدة في الغوطة‬ ‫الشرقية (معكوسة)‬ ‫‪ -3‬قادم (معكوسة)‪ -‬نعتوا‬ ‫‪ -4‬نسبة لدولة عربية‪ -‬مشى‬ ‫(معكوسة)‬ ‫‪ -5‬مدينة مغربية محتلة‪-‬‬ ‫تكلم‪ -‬متشابهان‬ ‫‪ -6‬مسنان (معكوسة)‪ -‬أغلق‬ ‫ميّزا‬ ‫متشابهان‪-‬‬ ‫‪-7‬‬ ‫(معكوسة)‪ -‬ذبح‬ ‫‪ -8‬مفكر سوري معارض‬ ‫بالعامية‬ ‫المكاسب‬ ‫‪-9‬‬ ‫(معكوسة)‪ -‬وجهة نظري‬ ‫‪ -10‬مدينة مصرية تطل على‬ ‫البحر األبيض المتوسط‪-‬‬ ‫إحدى الحواس الخمسة‬ ‫(معكوسة)‬ ‫‪ -11‬أص ّفي‪ -‬مرض (معكوسة)‬ ‫‪ -12‬ناشطة حقوقية حاصلة‬ ‫على جائزة حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫عامودي‪:‬‬

‫‪-1‬مدينة سورية تابعة لمحافظة‬ ‫حمص‪ -‬حيوان بحري‬

‫سودوكو‪ :‬هي لعبة منطقية مبنية على وضع األرقام‬ ‫في المكان المناسب‪ .‬الهدف هو ملء ال ‪ 9*9‬مربعات‬ ‫بأرقام بحيث أن كل عمود وصف ومربع من المربعات‬ ‫التسعة (والتي تدعى مناطق) تحتوي على األرقام من‬ ‫واحد إلى التسعة دون تكرار‪.‬‬

‫كلمة السر من عشرة أحرف رئيس سابق للمجلس الوطني السوري‬ ‫خارج الطقس‬ ‫هل تحس الغزالة أني‬ ‫أو داخل الغابة الواسعة‬ ‫لها‬ ‫وطني‬ ‫جسد أو ثمر‬ ‫هل تحس العصافير أني‬ ‫إنني أنتظر‬ ‫لها‬ ‫في المساء الذي يتنزه بين العيون‬ ‫وطن أو سفر‬ ‫أزرقا أخضرا أو ذهب‬ ‫إنني أنتظر‬ ‫بدني‬ ‫في خريف الغصون القصير‬ ‫هل يحس المحبون أني‬ ‫أو ربيع الجذور الطويل‬ ‫لهم‬ ‫زمني‬ ‫شرفة أو قمر‬

‫كـلمـة الســـــــر‬

‫سودوكـــــــو‬

‫‪-2‬نعم بلغة أجنبية‪ -‬من‬ ‫(معكوسة)‪-‬ملكة‬ ‫الحبوب‬ ‫سورية (معكوسة)‬ ‫‪ -3‬دولة أوروبية‪ -‬أطالع‬ ‫(معكوسة)‬ ‫‪ -4‬عقل‪ -‬ضمير منفصل‬ ‫(معكوسة)‪ -‬مدينة على البحر‬ ‫األبيض المتوسط‬ ‫‪ -5‬راسل‪ -‬جمع أعمى‬ ‫(معكوسة)‬ ‫‪ -6‬مدينة في الشمال السوري‬ ‫‪ -7‬اسم موصول‪ -‬السلطات‬ ‫‪ -8‬تمثال لكائن أسطوري‬ ‫اشتهر بأسئلته الثالث‪ -‬حرف‬ ‫عطف‬ ‫‪ -9‬اسم علم مذكر‪ -‬من‬ ‫الثديات العاشبة‬ ‫‪ -10‬ركل‪ -‬اسم استفهام‬ ‫(معكوسة)‬ ‫‪ -1 1‬مدّ( معكو سة ) ‪ -‬ر ئيس‬ ‫فرع المخابرات الجوية في‬ ‫سورية متهم بجرائم حرب‬ ‫(معكوسة)‬ ‫‪ -12‬صحفي وحقوقي سوري‬ ‫حائز على جائزة (برونو‬ ‫كرايسكي) للمدافعين عن‬ ‫حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫العدد (‪ )2‬شباط ‪35 2014‬‬


‫استخدمها النظام ضمن حربه الدموية على الشعب السوري‬ ‫الدراما السورية تبحث عن هوية جديدة‬ ‫رعد شاهني‬ ‫• النُخب االقتصادية ختلت عن الفنان السوري‪،‬‬ ‫واملنايف حرمت الثورة أمجل األسلحة‬ ‫•النظام أدرك أمهية الدراما‪ ،‬واملعارضة استسهلت‬ ‫التعاطي مع الفن واإلعالم‬ ‫رغم كل أجواء القمع واالستبداد اليت عاش فيها‬ ‫ُصنّاع الدراما السورية على مدار نصف قرن من‬ ‫الزمن‪ ،‬إال أهنم ‪-‬وجبهود استثنائية‪ -‬استطاعوا‬ ‫أن يُقدموا اهلوية الفنية السورية على الساحة‬ ‫العربية ويدخلوا يف منافسات كبرية خرجوا منها‬ ‫يف السنوات العشرين املاضية مبكانة مميزة ضمن‬ ‫الدراما العربية‪ .‬ولعله ال بد من اإلشارة إىل أن‬ ‫الدراما السورية دخلت ميدان اإلنتاج الفعلي‬ ‫على يد القطاع اخلاص والتجارب الفردية لعدد‬ ‫من ُ‬ ‫الكتّاب والفنانني‪ ،‬ولكن النظام استطاع‬ ‫بدوره االستفادة من هذا اإلنتاج الوطين حىت‬ ‫أقصاه‪ ،‬وراح يدعم هذه اجلهة اإلنتاجية أو‬ ‫تلك وإن كان قد أهنى جهات إنتاجية أُخرى‬ ‫ال تصب يف النهاية يف مصلحته املباشرة‪..‬‬ ‫ويبدو أن النظام كان خيشى كثرياً اإلنتاج الفين‬ ‫السوري‪ ،‬كيف ال والكاتب والفنان السوري‬ ‫قدم يف ستينيات القرن املاضي جتارب مسرحية‬ ‫وكتابية تُعترب األكثر أمهية يف اتريخ املسرح‬ ‫العريب احلديث‪ ،‬وكان للمسرح (رغم نخُ بوية‬ ‫معظم التجارب) دور كبري يف صنع الثقافة‬ ‫الوطنية املدنية‪ ،‬لذلك مع انقالابت البعث‬ ‫املُتكررة‪ ،‬ومن مث وصول حافظ األسد إىل‬

‫السلطة‪ ،‬قرر أن يُ ّدجن الفن واألدب السوريَّني‪،‬‬ ‫وإن مل يستطع فسالح املنع والقمع حاضر على‬ ‫الدوام‪ ..‬وهنا البد من التوقف عند أمرين يف‬ ‫غاية األمهية‪:‬‬ ‫األول‪ :‬هو قيام النظام إبصدار مراسيم وقوانني‬ ‫متنع إنتاج الدراما يف القطاع اخلاص‪ ،‬وحتصر‬ ‫إنتاجه ابلقطاع العام املُتمثل ابهليئة العامة لإلذاعة‬ ‫والتلفزيون‪ ،‬وعندما بدأت سوق االستهالك‬ ‫العريب ابالنفتاح أمام الدراما السورية‪ ،‬قام‬ ‫عدد من املُنتجني ابلسفر خارج البالد‪ ،‬إلنتاج‬ ‫أعمال بسيطة يف اليوانن واإلمارات العربية‬ ‫املتحدة وقطر والبحرين‪ ،‬مما سيُمهد الطريق‬ ‫الحقاً إىل الطلب املُتزايد على الدراما السورية‪،‬‬ ‫اليت امتلكت خصوصية انبعة من خصوصية‬ ‫اجملتمع السوري جغرافياً ودميغرافياً‪ ،‬ليدخل‬ ‫النظام أو بعض رموزه الحقاً على خط هذا‬ ‫اإلنتاج هبدف رحبي‪ ،‬إضافة إىل اهلدف الرقايب‬ ‫املُباشر‪ ،‬الذي يقوم على أتسيس البنية الدرامية‬ ‫أساساً وفق ما تقتضيه مصلحة النظام‪.‬‬ ‫الثاين‪ :‬هو قيام النظام إبصدار مرسوم حصر‬ ‫استرياد األفالم غري السورية جبهة حكومية‬ ‫واحدة هي املؤسسة العامة للسينما‪ ،‬األمر‬ ‫الذي قضى بشكل شبه هنائي على طقس‬ ‫احلضور السينمائي‪ .‬ويف الوقت الذي كانت‬ ‫سوراي تتباهى فيه بعدد كبري من دور السينما‬ ‫يف دمشق وحلب ومحص ومحاه والالذقية‬

‫والقامشلي وغريها‪ ،‬تقلصت دور السينما إىل‬ ‫عدد أصابع اليدين‪ ،‬مع حتول الكثري من دور‬ ‫السينما القدمية إىل أوكار‪ ،‬تفوح منها رائحة‬ ‫الفساد االجتماعي واستغالل األطفال‪ ،‬وغري‬ ‫ذلك من املواضيع اليت كانت حتت عني الرقيب‬ ‫األمين دون أن يحُ رك ساكناً‪.‬‬

‫النظام ولعبة االستقطاب والعقاب‬

‫أما كيف استغل النظام اإلنتاج الفين يف سوراي‪،‬‬ ‫فكما أشران عمل على خطني متوازيني‪ ،‬األول‬ ‫هو استقطاب ُ‬ ‫الكتّاب والفنانني‪ ،‬أو قمعهم‬ ‫كما حصل مع جتربة مسرح الشوك (دريد‬ ‫حلام‪ ،‬سليم صربي‪ ،‬عمر حجو)‪ ،‬حيث كان‬ ‫دريد حلام جاهزاً ليقدم والءاته الفاقعة حلافظ‬ ‫األسد منذ جناح انقالب هذا األخري‪ ،‬لتتحول‬ ‫فرقة مسرح الشوك إىل فرقة تشرين‪ ،‬تيمناً بنجاح‬ ‫االنقالب البعثي اجلديد‪ ،‬إىل جانب سالح املنع‬ ‫والتعديل‪ ،‬مع األخذ بعني االعتبار أن النظام‬ ‫كان حريصاً على ُمعاقبة الفنانني بصمت‪ ،‬دون‬ ‫أن مينعه ذلك من اعتقال عدد كبري من الفنانني‬ ‫وُ‬ ‫الكتّاب لسنوات طويلة‪ ،‬عندما اقرتبوا من عامل‬ ‫السياسة‪.‬‬

‫الدراما لرتويج دميقراطية نظام املمانعة‬

‫‪ 36‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫وقبيل أن يُسلّم األب املزرعة السورية إىل االبن‪،‬‬ ‫جاءت اإلشارات للعمل على تبييض صفحة‬ ‫النظام‪ ،‬والسماح مبرور إشارات يلتقطها اجلمهور‬ ‫السوري بعناية‪ ،‬كرتويج النفتاح سياسي معقول‬ ‫يُرافقه انفتاح اقتصادي‪ ،‬مع التأكيد أن تبقى‬ ‫هذه اإلشارات حتت اخلطوط احلمراء‪ ،‬واليت‬ ‫تعين عدم االقرتاب من بنية النظام وتركيبته‬ ‫األمنية أو الطائفية‪ .‬ومن هنا أيضاً قفز بعض‬


‫أبناء أركان النظام إىل موكب اإلنتاج الفين‪،‬‬ ‫ولعل البداية كانت على يد ابسم خدام (ابن‬ ‫انئب الرئيس السوري وقتها)‪ ،‬حني أسس شركة‬ ‫الشام الدولية‪ ،‬ليلحق بنفس الركب بعد سنوات‬ ‫مفلح (ابن رئيس الوزراء وقتها)‪ ،‬والذي سرعان‬ ‫ما سيختفي من الساحة بعد إعدام أبيه حممود‬ ‫الزعيب‪ ،‬ضمن املسرحية اهلزلية املعروفة وقتئذ‪.‬‬ ‫ورغم أن كثريين من أبناء أركان النظام سعوا‬ ‫إىل هذا امليدان بغية تبيض امواهلم أوالً‪ ،‬وتلميع‬ ‫أمسائهم حتت عنوان املشاركة يف صنع اهلوية‬ ‫احلضارية السورية‪ ،‬إال أن الشخصية األبرز اليت‬ ‫دخلت هذا امليدان‪ ،‬وبقيت يف اخللفية تحُ رك‬ ‫وتُرشد هو ماهر األسد شقيق الرئيس (وقتها‬ ‫وال يزال)‪ ،‬عرب شريكه حممد محشو صاحب‬ ‫التاريخ املعروف بقضااي الفساد‪ ،‬والذي انتقل‬ ‫من شراكة أوالد عبد احلليم خدام إىل شراكة‬ ‫ماهر األسد‪ ،‬وذلك عرب شركة إنتاج محلت‬ ‫اسم سورية الدولية‪ ،‬واليت قدمت معظم كتّاب‬ ‫وفناين الدراما السورية يف أعمال ُسجلّت على‬ ‫أهنا جريئة للغاية‪ ،‬سيما مع بروز االنتقاد الالذع‬ ‫لرجل األمن‪ ،‬وترافق ذلك مع ظهور إعالمي‬ ‫ُمتكرر لبشار األسد مع الفنانني‪.‬‬ ‫وقد حقق النظام الكثري من وراء ذلك‪ ،‬فهو‬ ‫أوالً ص ّدر ما كان يُسميه الدميقراطية اليت ينعم‬ ‫هبا الشعب السوري من خالل دراما سورية‬ ‫جريئة‪ ،‬تناولت الرقيب األمين واالجتماعي‬ ‫بقوة‪ ،‬وأيضاً رّوجت لرئيس شاب يُريد أن ينتقل‬ ‫ببالده إىل مصاف الدول الراقية‪ ..‬وألن النظام‬ ‫ورموزه يعتربون أهنم هم (وهم فقط) صانعوا‬ ‫الدراما وصانعوا جنومية فنانيها‪ ،‬فقد استخدموا‬ ‫الفنان السوري يف بداية الثورة بشراهة كبرية‪،‬‬ ‫متاماً كما استخدموا الشبيّحة الذين كانوا‬ ‫يُصنعون ملثل هذا اليوم‪ ،‬ومن هنا أيضاً جاء‬ ‫غضب الرموز األمنية يف النظام على الفنانني‪،‬‬ ‫الذي تطاولوا وجتاوزوا احلدود املرسومة ووقفوا‬ ‫مع شعبهم‪ ،‬فقرر النظام بلحظة إهناء اتريخ‬ ‫هؤالء‪ ،‬وسلّط عليهم الشبيّحة (كما حصل مع‬ ‫هتجم عليه‬ ‫سلوم حداد يف مقهى الروضة‪ ،‬حني ّ‬ ‫الشبيّحة وأنقذه الشبيّح املذيع جعفر األمحد‪،‬‬ ‫إثر تدخل أخيه املخرج أمحد إبراهيم األمحد‪،‬‬ ‫وكما حصل للفنانني الذين وقعوا على ما ابت‬ ‫يُعرف ببيان احلليب‪ ،‬إذ وصل هبم األمر إىل‬ ‫حد التهديد بقتل أوالدهم‪ ،‬وأجربوهم على‬

‫الظهور يف لقاءات تلفزيونية مقززة‪ ،‬إىل أن غادر‬ ‫بعضهم البلد بشكل هنائي‪ ،‬وكما حصل مع‬ ‫الفنانني خالد اتجا ومي سكاف وفارس احللو‬ ‫وحممد آل رشي وحممد أوسو‪ ،‬والكاتب عدانن‬ ‫الزراعي وزكي كورديلو وابنه مهيار‪ ،‬وليلى عوض‬ ‫والكاتب فؤاد محرية وآخرين)‪.‬‬

‫وصل هبم األمر إىل حد التهديد بقتل‬ ‫أوالدهم‪ ،‬وأجربوهم على الظهور يف‬ ‫لقاءات تلفزيونية مقززة‪ ،‬إىل أن غادر‬ ‫بعضهم البلد بشكل هنائي‪.‬‬ ‫يف مقابل ذلك ساند النظام وبقوة كل من ّ‬ ‫تنكر‬ ‫وشجع شركات‬ ‫لشعبه‪ ،‬وأسهب يف العطااي‪ّ ،‬‬ ‫اإلنتاج على املضي قُدماً يف إنتاج الدراما‬ ‫السورية‪ ،‬وفتح الدعم املادي الواسع ملؤسسة‬ ‫اإلنتاج الدرامي احلكومية‪ ،‬اليت أنتجت أول‬ ‫ما أنتجت (بعد بداية الثورة) مسلسل فوق‬ ‫السقف‪ ،‬وفق النظرية اليت طاملا سار النظام‬ ‫عليها‪ ،‬وهي نظرية تصدير الدميقراطية اليت‬ ‫يتغىن هبا النظام‪ .‬ورغم مرور حنو ثالث سنوات‪،‬‬ ‫مازالت هذه املؤسسة تُنتج األعمال الدرامية‪،‬‬ ‫ألن استمرار هذه األعمال حيمل رسالة النظام‬ ‫بشكل مباشر وغري مباشر‪ ،‬وهي رسالة مؤثرة‬ ‫أكثر بكثري من كل ا ُخلطب واملؤمترات (استمرار‬ ‫انتاج الدراما يعين أن سوراي خبري كما يُردد‬ ‫إعالم النظام‪ ،‬وأن كل ما تتناقله القنوات هو‬ ‫مبالغات‪ ،‬وأن الشعب السوري كان يعيش يف‬ ‫حببوحة اقتصادية وسياسية‪ ،‬وأن الوقوف يف‬ ‫وجه النظام هو خيانة وأن وأن وأن‪ .)...‬وقد‬ ‫محل النظام كل خطابه اإلعالمي هلذا اإلنتاج‬ ‫ّ‬ ‫الدرامي‪ ،‬يف الوقت الذي مل يُوفر جهداً يف شراء‬

‫املؤسسات اإلعالمية خارج حدود البالد‪،‬‬ ‫ليرُ ّوج لنظرية املؤامرة‪ ،‬واليت سبقتها بسنوات‬ ‫وضمن النظام‬ ‫طويلة نظرية (حنن أو الفوضى)‪ّ ،‬‬ ‫املشروع الفين داخل سوراي كلتا الرسالتني‪ ،‬يف‬ ‫تزامن ال يُنكر أحد أنه حقق عربه الكثري من‬ ‫أهدافه‪.‬‬

‫أعمدة الدراما السورية يف املنايف‬

‫يف هذا الوقت‪ ،‬ومع فرار أهم أعمدة الدراما‬ ‫السورية إىل خارج احلدود‪ ،‬مل نشهد وال حىت‬ ‫عم ً‬ ‫ال درامياً واحداً يرتقي ابخلطاب اإلعالمي‬ ‫من مستوى احليايت واليومي إىل مستوى التأثري‪،‬‬ ‫وإىل مستوى املسامهة يف تدعيم الرأي العام‬ ‫العريب أوالً‪ ،‬والعاملي اثنياً الواقف إىل جانب‬ ‫الثورة السورية‪ ،‬انهيك عن حاجة الثورة إىل‬ ‫خطاب متوازن وعملي للداخل السوري‪،‬‬ ‫فرواية النظام تُفكك البُنية االجتماعية‬ ‫السورية‪ ،‬وتحُ رضها على املزيد من الدم والتدمري‬ ‫والالمباالة‪ ،‬واملناجاة حبمد ويل النعم‪ ،‬لتضع‬ ‫البالد يف كارثة طويلة األمد‪ ،‬دون أن يكون‬ ‫مقابل كل هذه احلرب اإلعالمية الكبرية واملؤثرة‬ ‫اليت خيوضها النظام ضد الشعب السوري أي‬ ‫سالح ُمضاد‪ ..‬فال دراما وال سينما‪ ،‬وال مسرح‬ ‫وال إعالم حقيقي وال هم حيزنون‪..‬‬

‫املعـ ـ ـ ــارضة الس ـ ــوريـ ــة تت ـخـ ـ ــلى عــن أه ــم‬ ‫أسلحتها‬

‫مل تلتفت النُخب السياسية السورية يف اخلارج‬ ‫إىل أمهية اخلطاب اإلعالمي املُتكامل واملؤثر‬ ‫(فن وأدب وإعالم)‪ ،‬واكتفت هذه النُخب‬ ‫مبحاولة نقل ما يمُ كن نقله من صورة الواقع‬ ‫السوري‪ ،‬إىل جانب الكم الكبري من الدموع‬ ‫والتشكي‪ ،‬اليت ملئت شاشات العامل‪ ،‬وكأن‬ ‫ذلك ٍ‬ ‫كاف إليصال الصورة احلقيقية للحدث‬ ‫العدد (‪ )2‬شباط ‪37 2014‬‬


‫السوري!‬ ‫والذي حصل نتيجة هذا الغياب غري املفهوم‬ ‫للفن السوري احلقيقي‪ ،‬هو انقسام يف الرأي‬ ‫العام بني مؤيد لبقاء النظام‪ ،‬ألنه بكل األحوال‬ ‫أفضل من الفوضى أو التعاطي مع القضية‬ ‫السورية كواحدة من كوارث الطبيعة (كالزالزل‬ ‫والرباكني واألعاصري)‪ ،‬وابلتايل حماولة التربع جبزء‬ ‫يسري من املال ضمن محالت اإلغاثة‪ ،‬اليت تُطلق‬ ‫بني احلني واآلخر إلراحة الضمري‪ ،‬مث االستمتاع‬ ‫ابلدراما اليت يُقدمها النظام‪ ،‬سواء عرب ممثلني‬ ‫وخمرجني وُكتّاب‪ ،‬أو بصيغة اخلرب الدموي‬ ‫الذي أصبح مع مرور الوقت خرباً عادايً‪ ،‬ال‬ ‫يستحق الوقوف عنده طويالً‪ ،‬وكأن ما حيدث‬ ‫إمنا حيدث يف كوكب آخر ومع كائنات غريبة‪،‬‬ ‫نستنكر وحشيتها ونستكمل حياتنا‪...‬‬ ‫رمبا راهنت النُخب الثقافية والفنية على‬ ‫سرعة سقوط النظام‪ ،‬ووفرت جهدها ملا بعد‬ ‫سقوطه‪ ،‬وإن كان قد بدا سريعاً أن النظام قرر‬ ‫إدخال البالد يف كارثة طويلة األمد‪ ،‬مل جتد‬ ‫هذه النُخب ما تقوم به‪ ،‬سوى تقدمي الكثري‬ ‫من املشاعر املُنسكبة بغزارة على صفحات‬ ‫التواصل االجتماعي‪ ،‬وابت العمل االقتصادي‬ ‫والسياسي كله ُمنْ َصب على تدارك فعل النظام‬ ‫القوي الوحشي وغري اإلنساين‪ ،‬حبيث يرى‬ ‫البعض اليوم أن الفن والدراما نوع من الرتف‬ ‫الذي ال ميلكه السوريون‪ ..‬أي إن النظام حول‬ ‫الثورة من فعل قام هو برّد فعل عليها‪ ،‬إىل رد‬ ‫فعل ألفعال مستمرة من قبله‪ ،‬واملعادلة املنطقية‬ ‫تقول‪ :‬إن صاحب الفعل يتقدم‪ ،‬وهو من يحُ دد‬ ‫مسارات معاركه حىت وإن خسرها‪.‬‬

‫يفعله هتلر‪ ،‬الذي وضع ميزانيات ضخمة‬ ‫كرس الكثري من وقته للدعاية (السينما بشكل‬ ‫وّ‬ ‫خاص)‪ ،‬لتكون سالحاً فعاالً يف معاركه‪،‬‬

‫القوى اليت متضي ُقدماً يف احلروب‬ ‫والقتل‪ ،‬دون أن تكون صاحبة حق‪،‬‬ ‫حباجة ماسة إىل شرعنة وجودها‬ ‫وأهدافها‪ ،‬وأفضل وسيلة حىت اليوم يف‬ ‫اتريخ البشرية هي الفن واإلعالم‪.‬‬

‫األمر نفسه فعلته إسرائيل منذ نشأهتا وحىت‬ ‫اليوم‪ ..‬والقوى اليت متضي قُدماً يف احلروب‬ ‫والقتل‪ ،‬دون أن تكون صاحبة حق‪ ،‬حباجة‬ ‫ماسة إىل شرعنة وجودها وأهدافها‪ ،‬وأفضل‬ ‫وسيلة حىت اليوم يف اتريخ البشرية هي الفن‬ ‫واإلعالم‪ ..‬وهذا ابلضبط ماختلت عنه الثورة‬ ‫السورية ألسباب كثرية مرران على بعضها‪ ،‬رغم‬ ‫أن الفنان السوري يف املهجر اإلجباري يُعاين‬ ‫األمرين لتأمني لقمة اخلبز‪ ،‬ويف الوقت نفسه‬ ‫يُقدم إضاءات صغرية هنا وهناك علّه يُساهم‬ ‫مفرداً يف إشعال مشعة ليس إال‪!!!..‬‬

‫إمكانيات حقيقية إلنتاج دراما سورية‬ ‫اهلوى واهلوية‬

‫الفن مل يكن يوماً جمرد ترف‬

‫وحقيقة األمر أن الدراما ليست ترفاً‪ ،‬فالدراما‬ ‫هي واحدة من األسلحة اهلامة جداً‪ ،‬واليت‬ ‫استخدمها النظام إىل جانب القوة الوحشية‬ ‫واإلعالم الالأخالقي‪ ،‬وهو سالح أثبت فعاليته‬ ‫خالل عمر الثورة‪ ،‬ولعلنا نُ ّ‬ ‫ذكر هنا مبا كان‬ ‫‪ 38‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫املثلث األساسي ألي إنتاج فين يبدأ ابملُنتج‬ ‫صاحب رأس املال‪ ،‬فالكاتب واملخرج‪ ،‬ومن مث‬ ‫املمثلني وابقي عناصر العملية الفنية‪ ،‬وعدد كبري‬ ‫جداً من هؤالء موجودون خارج احلدود السورية‪،‬‬ ‫ابستثناء املُنتجني او أصحاب رؤوس األموال‪،‬‬ ‫وهنا أييت دور رجال األعمال السوريني الذين‬ ‫ميلكون املال و‪-‬كما يُعلنون‪ -‬الرغبة يف خدمة‬

‫الثورة السورية لتأسيس شركات إنتاج يف دول‬ ‫اجلوار السوري‪( ،‬مع التأكيد على أن القوانني‬ ‫يف تلك الدول تسمح بذلك‪ ،‬وبشكل أكيد يف‬ ‫األردن وتركيا وكوردستان العراق)‪ ،‬وهذه الدول‬ ‫فيها من البيئة مايمُ كن أن يتم فيه إجناز أعمال‬ ‫درامية هامة‪ ،‬خلدمة اهلوية السورية احلقيقية‪،‬‬ ‫انهيك أص ً‬ ‫ال عن أن اجلهات السياسية متتلك‬ ‫اإلمكانية املادية والقانونية‪ ،‬لتُقدم مشاريع فنية‬ ‫يمُ كن هلا أن تُساهم بقوة يف رد احلرب الوحشية‬ ‫على جوهر وهوية الشعب السوري‪.‬‬ ‫نعول كثرياً على التكتالت السياسية‬ ‫ولعلنا ال ّ‬ ‫املعارضة يف اخلارج‪ ،‬فهي مل تنجح يف إدارة‬ ‫ملف اإلعالم‪ ،‬والذي يُشكل حاجة ماسة‬ ‫لعملها اليومي‪ ،‬انهيك عن قدرهتا أو حىت‬ ‫فهمها للدور العميق للفن يف معارك مصريية‬ ‫كمعركة الشعب السوري !!!‬

‫خلي السالح صاحي‬

‫قد يكون كل ماسبق مبثابة دعوة ج ّدية‬ ‫إلقامة مؤسسات إنتاج درامية‪ ،‬تواجه اإلنتاج‬ ‫اإلعالمي الفين الذي يُقدمه النظام بكثري من‬ ‫التزييف‪ ،‬وأحياانً الوقاحة اليت توجع اإلنسان‬ ‫السوري أكثر من أي شيء آخر‪ ،‬فال شيء‬ ‫مؤمل أكثر من أن يكون اإلنسان صاحب حق‪،‬‬ ‫ومظلوماً ويدفع دماً‪ ،‬مث يبدو أمام العامل إرهابياً‬ ‫أو مأجوراً‪ ،‬أو انه ابع شرفه هلذا أو ذاك‪..‬‬ ‫أليس هذا مايقوم به إعالم النظام ودراماه‪..‬؟‬ ‫فلماذا نتخلى عن سالح هام وخطري‪ ،‬ونرتك‬ ‫الساحة للنظام يصول وجيول ويُقدم رواايته‬ ‫املُقززة‪ ،‬حبيث جنح يف كثري من األحيان يف‬ ‫جذب شرائح خمتلفة من اجلمهور العريب إىل‬ ‫رؤيته‪..‬؟ وال يكفي هنا أن نستهجن ونستنكر‬ ‫ونشتم بعض الفنانني العرب‪ ،‬ممن ُعرفوا مبواقفهم‬ ‫(التقدمية) واحنازوا إىل جانب النظام‪ ،‬أو أن‬ ‫مجهوراً عريضاً ابت يقول اليوم للسوري يف‬ ‫املهجر‪( :‬شو كان بدكون هبالثورة وهللا كنتو‬ ‫عايشني!!)‪..‬‬ ‫وخالصة القول من كل ذلك إننا اليوم بتنا‬ ‫حباجة أكثر من أي وقت آخر إىل سالح الفن‪،‬‬ ‫ليكون يف مواجهة اآللة التدمريية للفن واإلعالم‬ ‫السلطوي‪ ،‬وابتت الدعوة مشروعة متاماً لنقول‬ ‫بصوت ٍ‬ ‫عال‪ :‬خلي السالح (سالح الفن)‬ ‫صاحي‪.‬‬


‫من مواطنة سورية إلى «أخت» في«دولة العراق والشام»‬ ‫بعد حنو ثالث سنوات من املشاركة الفعالة على زواج «إجبارية» من قبل «مهاجرين» يف‬ ‫األرض‪ ،‬ال سيما يف احلراك املدين‪ ،‬يبدو جلياً‪ ،‬صفوف التنظيم اجلهادي‪ .‬ويشري مصدر حملي‪،‬‬ ‫أن دور املرأة السورية تراجع ابستمرار‪ ،‬لينحصر رفض الكشف عن هويته‪ ،‬ألسباب أمنية‪ ،‬إىل‬ ‫أتثريها يف نشاطات حمدودة ميدانياً‪ .‬الكثريات من أن قادة التنظيم حياولون التسلل أكثر إىل اجملتمع‬ ‫السورايت اجتهن إىل تكثيف أنشطتهن على مواقع الرقاوي‪ ،‬ومن ضمن األساليب املتبعة‪ ،‬مصاهرة‬ ‫التواصل االجتماعي‪ ،‬مثل «فيسبوك» واملدوانت العائالت واألسر املرتبطة ابلتنظيم‪.‬‬ ‫اإللكرتونية‪ ،‬كمنابر بعيدة عن الواقع األمين‪ ،‬غري ويوضح املصدر أن عدداً ليس بقليل من عناصر‬ ‫املستقر‪ ،‬والذي قد يتهدد سالمتهن‪ ،‬خاصة يف التنظيم تزوجوا بفتيات من ريف الرقة وحلب‬ ‫مناطق سيطرة قوات النظام (إن مل يكن مواليات) وإدلب‪ ،‬رغم رفضهن «االرتباط أبشخاص‬ ‫أو «والايت» اجلماعات اجلهادية‪ ،‬التابعة لتنظيم غرابء»‪ .‬كما يقول األهايل إن زوجات بعض‬ ‫«الدولة اإلسالمية يف العراق والشام»‪.‬‬ ‫«املقاتلني املهاجرين» من السورايت‪ ،‬ما زلن يف‬ ‫ورغم زعم البعض أن وضع املرأة االجتماعي عصمتهم‪ ،‬فيما طلق آخرون بعد فرتات قصرية‪،‬‬ ‫متقدم‪ ،‬نسبياً‪ ،‬على وضعها القانوين يف سوراي‪ ،‬ليتزوجوا أبخرايت‪.‬‬ ‫يبدو أن احلال تغيرّ اليوم‪ ،‬واختلف وضعها هذا الواقع بدأ يثري جدالً يف الشارع السوري‪،‬‬ ‫ابختالف املكان‪ ،‬الذي تتغري قوانينه وفقاً والرقاوي بشكل خاص‪ ،‬كما ابت وضع‬ ‫للتحوالت العسكرية اليت تشهدها البالد من وقت املرأة السورية اليوم‪ ،‬حديث منظمات إنسانية‬ ‫آلخر‪ .‬فهي غالباً ماتقع فريسة مثل هذه التقلبات وحقوقية‪ ،‬شرعت يف الرتكيز على ترّدي حال‬ ‫العسكرية اليت تعيشها مناطق التوتر‪ ،‬وتواجه املرأة‪ .‬وتفيد منظمة «هيومن رايتس ووتش»‪،‬‬ ‫كوابيس احلواجز ونقاط التفتيش العسكرية‪ ،‬يف تقرير نشرته مؤخراً‪ ،‬إىل أن «القواعد‬ ‫انهيك عن التغريات اجلذرية اليت فُرضت عليها املتشددة» اليت تفرضها مجاعات يف مشال‬ ‫مؤخراً‪ ،‬لتتحول من مواطنة سورية إىل «أخت» يف ومشال شرق سوراي «خترق حقوق اإلنسان‬ ‫املناطق اليت تسيطر عليها كتائب تنظيم «الدولة» اخلاصة ابلسيدات والفتيات‪ ،‬وحتد من قدرهتن‬ ‫اجلهادي‪.‬‬ ‫على االضطالع أبنشطتهن احلياتية اليومية اليت‬ ‫يف اخلامس من شباط اجلاري‪ ،‬أقدمت طالبة ال غىن عنها»‪.‬‬ ‫جامعية على االنتحار يف منطقة السلحبية الغربية ومعروف عن حمافظة الرقة‪ ،‬شبه اخلاضعة‬ ‫بريف الرقة‪ .‬سبب انتحار فاطمة العبد هللا العبو‪ ،‬لسيطرة تنظيم «الدولة» أهنا منطقة حمافِظة‪،‬‬ ‫البالغة اثنني وعشرين عاماً‪ ،‬يعود حملاولة والدها ولكنها ليست متدينة إىل درجة تتحمل فيه‬ ‫إجبارها على الزواج مبقاتل تونسي اجلنسية‪ ،‬ينتمي عبء التحول إىل أكرب مدينة يف العامل‪ ،‬يسيطر‬ ‫لتنظيم «الدولة اإلسالمية يف العراق والشام»‪ .‬عليها تنظيم يقول بتبعيته لتنظيم «القاعدة»‪.‬‬ ‫وتفيد معلومات واردة من املنطقة‪ ،‬أبن والد وتنقل «هيومن رايتس» عن انزحات والجئات‬ ‫أتكيدهن أن التنظيم‪ ،‬و«جبهة‬ ‫الضحية وعمها ينتميان لتنظيم «الدولة»‪ ،‬وهو ما سورايت‬ ‫ّ‬ ‫زاد من محاسهما ملصاهرة «املهاجر التونسي»‪ ،‬النصرة» سابقاً‪ ،‬فرضا «تفسرياهتما للشريعة‪،‬‬ ‫الذي مل َ‬ ‫حيظ بعروسه‪ ،‬اليت أهنت حياهتا بعد تناول حيث طالبا السيدات والفتيات ابرتداء احلجاب‬ ‫كمية كبرية من األدوية‪.‬‬ ‫والعباءة‪ ،‬وحىت النقاب‪ ،‬مع التهديد مبعاقبة من‬ ‫حادثة فاطمة ليست الوحيدة يف احملافظة شبه ال تلتزم»‪.‬‬ ‫اخلاضعة لسيطرة تنظيم «الدولة»‪ .‬ويقول انشطون ويف بعض املناطق تفرض هذه اجلماعات‬ ‫حمليون إن فتاة أخرى تزوجت أبحد قياديي التنظيم «إجراءات متييزية حتظر على النساء والفتيات‪،‬‬ ‫يف الرقة أخرياً‪ ،‬لتسعف الحقاً‪ ،‬إىل مستشفى ال سيما من ال يلتزمن بقواعد اللباس‪ ،‬التنقل‬ ‫حملي‪ ،‬بعد تعرضها العتداءات من قبل الزوج‪.‬‬ ‫حبرية يف األماكن العامة‪ ،‬والعمل‪ ،‬والذهاب إىل‬ ‫ّ‬ ‫احلالة تتكرر‪ ،‬وفتيات احملافظة يستقبلن عروض املدارس»‪ .‬ومنذ سيطرته على الرقة يف تشرين‬

‫يوسف شيخو‬

‫األول ‪ ،2013‬وإعالهنا «والية إسالمية»‪ ،‬خلق‬ ‫تنظيم «الدولة اإلسالمية» منط حياة غريب عن‬ ‫سكان املدينة‪ ،‬كما فرض شروطاً و«حدوداً»‬ ‫صارمة‪ ،‬منها فرض ارتداء النقاب‪.‬‬ ‫وسبق أن وضع التنظيم لوحات إعالنية كبرية يف‬ ‫مدينة الرقة‪ ،‬لشرح مواصفات احلجاب الشرعي‪،‬‬ ‫وأنه جيب أال يكون شفافاً‪ ،‬وأن يغطي كافة‬ ‫أجزاء اجلسم حىت الوجه واليدين‪ ،‬وأال يشبه‬ ‫لباس الرجال وأال يكون مميزاً‪ .‬وأصبح «قانون‬ ‫النقاب» وسيلة لبعض الفصائل‪ ،‬املعادية لتنظيم‬ ‫«الدولة» يف الرقة‪ ،‬الستهداف حواجز التنظيم‪،‬‬ ‫حيث ارتدى مهامجو احلواجز النقاب واستطاعوا‬ ‫خالل أايم تنفيذ اغتياالت ممنهجة‪ ،‬استهدفت‬ ‫عناصر ابرزة يف التنظيم‪.‬‬ ‫هذا األمر دفع التنظيم إىل تشكيل كتيبيت نساء‪،‬‬ ‫املارة‪ ،‬والكشف عن هوية رجال يلجأون‬ ‫لتفتيش ّ‬ ‫إىل التنكر أبزايء نسائية لتجنّب االعتقال‪ ،‬وأُطلق‬ ‫على الكتيبتني امسا «اخلنساء» و«أم الراين»‪،‬‬ ‫ونصبتا حواجز لتفتيش املارة من النساء‪ ،‬وسيرّ ات‬ ‫دورايت يف الشوارع‪ .‬وسبق أن ألقت دورية نسائية‬ ‫القبض على فتيات سافرات‪ ،‬ون ّفذت فيهن حكم‬ ‫اجللد يف ساحة الشماس ابملدينة‪ .‬والالفت‪،‬‬ ‫كما تفيد مصادر من الرقة‪ ،‬أن عناصر كتيبة‬ ‫«اخلنساء» غري سورايت‪ ،‬غالبيتهن مهاجرات‬ ‫شيشانيات‪ ،‬والبقية تونسيات ومينيات‪.‬‬ ‫العدد (‪ )2‬شباط ‪39 2014‬‬


‫عن الجسد في ثقافة االحتجاج العربية‬ ‫صوت المستور‪ ،‬صوت المتعري‪..‬‬

‫ثقافة االحتجاج‪ ،‬مفهوم‪ ،‬أضافته إىل تفكري‬ ‫الشعوب العربية‪ ،‬ثورات الربيع العريب‪ ،‬ورغم أنه‬ ‫كان حاضراً يف األدبيات السياسية للقوى اليت‬ ‫كانت تعارض األنظمة السابقة‪ ،‬إال أن جتلياته‬ ‫الواقعية بقيت شبه غائبة تبعاً للعنف الشديد‬ ‫الذي كانت تقابل به أدوات االحتجاج‪،‬‬ ‫والسيما منها التظاهرات‪ ،‬غري أن ارتباط بداية‬ ‫احلراك الثوري العريب مبمارسة اداة احتجاج‬ ‫مستجدة هي حرق البوعزيزي نفسه‪ ،‬قد‬ ‫فتح اجملال حلضور أدوات أخرى من مفردات‬ ‫االحتجاج‪.‬‬ ‫وهكذا مل يعد فعل التظاهر هو الفعل الوحيد‬ ‫املتاح يف البلدان اليت أجنزت تغيري األنظمة اليت‬ ‫وبشكل كبري أن‬ ‫هدفت لتغيريها‪ ،‬وقد بدا الفتاً‬ ‫ٍ‬ ‫يكون حضور املرأة يف سياق االحتجاجات‪،‬‬ ‫أدا ًة من أدوات اهلجوم املضاد الذي أبدته‬ ‫القوى اليت تعارض التغيري‪ ،‬إذ حتولت املرأة إىل‬ ‫ٍ‬ ‫هدف يتوجه إليه البلطجية والشبيحة يف مصر‬ ‫وسوراي‪ ،‬يف حوادث لن يستطيع املتابعون أن‬ ‫ينسوها‪ ،‬فالفتيات الثائرات اللوايت نزلن إىل‬ ‫ميدان التحرير كنا عرض ًة هلجوم من قطعان‬ ‫البلطجية الذين كانوا يتحرشون هبن‪ ،‬يف زمن‬ ‫مبارك‪ ،‬وكذلك من رجال األمن الذي وصل هبم‬ ‫األمر إىل سحل فتاة قادها حظها العائر ألن‬ ‫تقع بني أيديهم‪ ،‬ما أدى إىل كشف جسدها‬ ‫أمام عدسات الكامريات‪ ،‬يف زمن اجمللس‬ ‫العسكري‪ ،‬حادثة فتاة االحتادية (نسبة إىل‬ ‫املكان الذي وقعت فيه احلادثة) أاثرت الكثري‬ ‫من اللغط يف مصر بني التيارات السياسية‪ ،‬فقد‬

‫‪ 40‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫حتولت الفتاة جبسدها املعرى على يد قوات‬ ‫األمن إىل موضوع للنقاش‪ ،‬بدالً من أن يكون‬ ‫فعل التعسف واستخدام القوة املفرطة ضد‬ ‫احملتجني عموماً و النساء منهن خصوصاً هو‬ ‫املوضوع‪!..‬‬ ‫ويف سوراي‪ ،‬كانت حادثة اعتقال الناشطة مروى‬ ‫الغميان أمام كامريا أحد احملتجني الذي قام‬ ‫بنشر الفيديو‪ ،‬فعل سابق على اتريخ حادثة‬ ‫فتاة االحتادية‪ ،‬فقد كان اقرتاب رجل األمن من‬ ‫جسد الناشطة‪ ،‬وامساكه هبا‪ ،‬هو مؤشر إىل‬ ‫اتباع األجهزة األمنية يف كال البلدين سياسة‬ ‫واحدة‪ ،‬جتعل من جسد املرأة أدا ًة ملمارسة‬ ‫العنف ضد احملتجني الثائرين‪.‬‬ ‫وابلتأكيد فإن ما تكشف عنه التقارير احلقوقية‬ ‫عما حيدث يف مراكز االعتقال يف مصر والفروع‬ ‫األمنية يف سوراي‪ ،‬جيعل األنظار تتوجه عن‬

‫علي سفر‬

‫التفاصيل السابقة‪ ،‬حنو اعتبارها جمرد حوادث‬ ‫بسيطة أمام العسف الذي يتم عربه التعاطي‬ ‫مع املرأة‪ .‬وابلتقابل مع قيام االجهزة املصرية‬ ‫ابلكشف على املعتقالت للتأكد من كوهنن‬ ‫عذراوات‪ ،‬ذهبت األجهزة السورية حنو‬ ‫ممارسات غاي ٍة يف امتهان اجلسد اإلنساين‪،‬‬ ‫حيث ال تفريق بني جسد املرأة و جسد الرجل‪،‬‬ ‫فاالغتصاب ابت مفردة رائجة ضمن املدونة‬ ‫السورية اليت توثق أفعال النظام‪..‬‬ ‫وإذا كانت هذه األفعال تتم يف السرت‪ ،‬أي وراء‬ ‫اجلدران السميكة للمقر األمين‪ ،‬فإن االعتداء‬ ‫على جسد املرأة يف العلن‪ ،‬ابت حيمل قيمة‬ ‫مضافة على الفعل ذاته على جسد الرجل‪ ،‬ففي‬ ‫حالة الرجل يكون األمر هو اعتداء عنيف‪،‬‬ ‫بينما يكون يف حالة املرأة أكثر من جمرد كونه‬ ‫عنف‪ ،‬إذ يشكل خرقاً للعرف اجملتمعي‪ ،‬الذي‬


‫مينع مقاربة جسد املرأة من منطلقات متعددة‬ ‫يشكل الدين واجهتها األساسية‪.‬‬ ‫ردة فعل املرأة على هذا االنتهاك‪ ،‬هي ملمح‬ ‫أساسي يف األشكال اليت فرضتها ثقافة‬ ‫االحتجاج‪ ،‬ففي مصر كرست احلركات‬ ‫النسائية مبدأ االحتجاج السلمي‪ ،‬على ما‬ ‫ميارس ضدهن‪ ،‬وهكذا جاءت تظاهرات‬ ‫االحتجاج النسائية اليت أعقبت حادثة فتاة‬ ‫االحتادية‪ ،‬وكذلك ظهرت يف سوراي جتارب‬ ‫املظاهرات النسائية اليت قامت السورايت فيها‬ ‫بوضع احلجاب على وجوههن خشية معرفتهن‬ ‫من قبل األجهزة األمنية مما جيعلهن هدفاً‬ ‫لالعتقال والدخول يف دوامة االنتهاكات‪.‬‬ ‫ويف جهة أخرى‪ ،‬من جهات أدوات‬ ‫االحتجاج‪ ،‬برزت ظاهرة التعري من قبل‬ ‫بعض الناشطات العربيات‪ ،‬لتتماهى مع‬ ‫ظاهرة عاملية تقودها حركة النساء املتعرايت‬ ‫«‪ ،»Femen‬اليت أسستها األوكرانية‬ ‫إينا شافيتشينو‪ ،‬واليت بدأت بتظاهراهتا عام‬ ‫‪.2010‬‬

‫ابلتقابل مع قيام االجهزة املصرية‬ ‫ابلكشف على املعتقالت للتأكد من‬ ‫كوهنن عذراوات‪ ،‬ذهبت األجهزة‬ ‫السورية حنو ممارسات غاي ٍة يف امتهان‬ ‫اجلسد اإلنساين‪ ،‬حيث ال تفريق‬ ‫بني جسد املرأة و جسد الرجل‪،‬‬ ‫فاالغتصاب ابت مفردة رائجة ضمن‬ ‫املدونة السورية اليت توثق أفعال النظام‬ ‫وهكذا برزت علياء املهدي‪ ،‬بوصفها أول‬ ‫عربية تقوم ابلتعري كفعل مكرس لالحتجاج‬ ‫السياسي‪ ،‬فقد عرضت صورها عارية على‬ ‫شبكة األنرتنيت‪ ،‬مفجرة موجة احتجاج على‬ ‫تصرفها‪ ،‬مل يكن حكراً على القوى احملافظة‪،‬‬ ‫بل أمتد إىل القوى السياسية اليت كانت‬ ‫تشاركها األهداف حيث رأى هؤالء بتصرف‬ ‫علياء اسفافاً يف التصرف‪ ،‬ومبا جيعل األخالق‬ ‫اجملتمعية ماد ًة للهجوم السياسي‪ ،‬غري أن‬ ‫علياء املهدي قررت التصعيد مع اجلميع‪،‬‬ ‫لتذهب إىل حيث السفارة املصرية يف أوسلو‪،‬‬

‫ولتقوم بفعل التعري أمام الكامريات‪ ،‬يف حركة‬ ‫احتجاجية على الدستور املصري الذي أقره‬ ‫نظام الرئيس مرسي‪.‬‬ ‫وكما جاء استهجان ضد فعل علياء املهدي‪،‬‬ ‫كان االستهجان يف تونس ضد التونسية أمينة‪،‬‬ ‫اليت نشرت صورة جسدها العاري وقد كتبت‬ ‫عليه‪« :‬جسدي ملكي وليس مدعاة لشرف‬ ‫أحد»‪ ،‬ال بل إن الشيخ املسؤول عن «مجعية‬ ‫األمر ابملعروف و النهي عن املنكر» طالب‬ ‫برجم أمينة حىت املوت‪..‬‬ ‫الفكرة الرئيسة اليت حكمت توجه هاتني‬ ‫الناشطتني‪ ،‬حنو التعري كأسلوب احتجاج‪ ،‬ال‬ ‫تبتعد عن أفكار مؤسسة حركة «‪،»Femen‬‬ ‫اليت ترى أبن «جسد املرأة كان وحىت اآلن‬ ‫بيد الرجل‪ ،‬يستعمله كما هتوى له نفسه ويف‬ ‫خمتلف اجملاالت‪ ،‬وحنن هندف يف هذه احلركة‬ ‫الستعادة جسد النساء لتصبح ملكاً هلن‬ ‫جمدداً‪ ...‬أان سعيدة ألن جسد املرأة مل يعد‬ ‫يستعمل على أغلفة جمالت بالي بوي فقط‪،‬‬ ‫بل أن جسدها أصبح متمكناً من التعبري وإاثرة‬ ‫الغضب من حوله‪».‬‬ ‫«إاثرة الغضب»‪ ،‬أمر خيتلف متاماً عن‬ ‫«التعبري عن الغضب»‪ ،‬هكذا يفكر منتقدو‬ ‫ظاهرة التعري‪ ،‬فبينما ينسجم الثاين مع‬ ‫سياق االحتجاجات املطلبية والسياسية اليت‬ ‫شكلت قوام الربيع العريب‪ ،‬والثورات السلمية‬ ‫يف العديد من بلدان العامل‪ ،‬يصبح األول حرك ًة‬ ‫مبني ًة على مناهشة السائد اجملتمعي‪ ،‬الذي ال‬ ‫خيتلف –على عكس ما يظنه البعض‪ -‬بني‬ ‫اجملتمعات الشرقية والغربية‪ .‬ففعل التعري هو‬ ‫نقض للعرف‪ ،‬ولو مل يكن كذلك ملا حتول إىل‬ ‫أداة احتجاجية‪ ،‬ولكن التعمق يف جوهر الفعل‬ ‫يؤدي يف الواقع حنو رؤيته بوصفه يكرس الفعل‬ ‫األنثوي يف اجملتمع من خالل‪ ،‬وابالستناد إىل‬ ‫اجلسد‪ ،‬ومبا حيوله إىل حال ٍة منطية‪ ،‬تعيد خطاب‬ ‫املساواة إىل دائرته األوىل‪ ،‬فجسد املرأة الذي‬ ‫حولته امليداي إىل سلعة حتوله «‪»Femen‬‬ ‫إىل سلعة ثورية‪ ،‬تنتهي فعاليتها حني يتم سرت‬ ‫تفاصيله‪ ،‬وال يبقى إثر ذلك‪ ،‬سوى الصور‬ ‫اليت تضاف إىل ما سبقها يف ألبومات العري‬ ‫على الشبكة‪.‬‬ ‫العدد (‪ )2‬شباط ‪41 2014‬‬


‫رسائل من سورية»‪...‬‬

‫أو دحض الرواية اإليرانية الرسمية‬ ‫يف إيران شبان يؤيدون الثورة السورية‪ ،‬أو على‬ ‫األقل يعارضون مشاركة بلدهم يف قمعها‪ .‬يف‬ ‫إيران رأي آخر غري ذلك الذي يدفع ابملقاتلني‬ ‫واخلرباء والتقنيني إىل ساحات القتال جبانب‬ ‫نظام بشار األسد‪ .‬هذا ما وصلنا عرب «رسائل‬ ‫من سورية»‪ ،‬املوقع اإللكرتوين الذي يعتزم‬ ‫انشطون إيرانيون معارضون إطالقه قريباً‪ ،‬وبدأوا‬ ‫به على شكل صفحة فايسبوكية‪ ،‬تسعى إىل‬ ‫تعريف الرأي العام اإليراين مبا تقرتفه حكومة‬ ‫بالدهم «الثورية» من قتل وتشريد ابمسهم‪.‬‬ ‫يف إيران أصوات ال نسمعها غالباً‪ ،‬وال تسمعنا‪،‬‬ ‫ألن السلطة جنحت إىل حد بعيد يف إعالء‬ ‫الصوت الواحد والرأي الواحد‪ ،‬ومنعت أي‬ ‫وسائل تتيح املعرفة غري تلك اليت متر عربها‪.‬‬ ‫وإذ وجد اإليرانيون طرقاً للتحايل على القمع‬ ‫واملنع‪ ،‬فرفعوا على سطوحهم الصحون الالقطة‪،‬‬ ‫وهي ممنوعة قانوانً‪ ،‬واخرتعوا برجميات تسمح هلم‬ ‫تصفح مواقع الكرتونية حمظورة‪ ،‬إال أن ذلك بقي‬ ‫حكراً على جمتمع مديين‪ ،‬ينظر أص ً‬ ‫ال بكثري من‬ ‫االنتقاد ملمارسات السلطة‪ .‬هذا‪ ،‬وما َ�ي ْر َشح يف‬ ‫املقابل من إيران إىل العامل اخلارجي‪ ،‬أقل بكثري‬ ‫مما يتيح معرفة دقيقة هبا‪ ،‬وأبطياف احلركات‬ ‫االجتماعية والسياسية فيها‪ ،‬فكما هي احلال يف‬ ‫أي نظام تواتليتاري يقوم على ايديولوجية احلزب‬

‫‪ 42‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫ويسخر اجملتمع برمته خلدمة استمرارية‬ ‫الواحد‪ّ ،‬‬ ‫النظام وبقائه‪ ،‬يعترب بناء رواية واحدة متماسكة‬ ‫وتكرارها جي ً‬ ‫ال بعد جيل‪ ،‬ركيزة أساسية يف‬ ‫صياغة صورة النظام لدى مجهوره‪ ،‬ورسم‬ ‫أشكال اخلطر «اخلارجي» الداهم‪ .‬وعليه‪،‬‬ ‫ومنذ ثورة ‪ 1979‬على حكم الشاه‪ ،‬بُنيت‬ ‫صورة إيران ودورها الـ «ما بعد ثوري» على‬ ‫ما أراد آيه هللا اخلميين‪ ،‬على حساب كل من‬ ‫شارك يف اإلطاحة ابلشاه‪ ،‬بدءاً ابلشيوعيني‪،‬‬ ‫وصوالً إىل أقرب املقربني إليه‪ ،‬فكان القتل‬ ‫واإلعدام والتعذيب يف السجون‪ ،‬واالختفاء‬ ‫القسري والنفي‪ ،‬وكل ما من شأنه أن جيعل‬ ‫البالد كلها على نسق واحد‪.‬‬ ‫وهبذا‪ ،‬تصبح الصحافة بكافة أشكاهلا‪ ،‬تقليدية‬ ‫أو حديثة‪ ،‬حملية أو أجنبية‪ ،‬واحدة من أدهى‬ ‫«املؤامرات» اخلارجية‪ ،‬وأكثرها هتديداً لذلك‬ ‫التجانس القسري‪ .‬هكذا‪ ،‬يسهل إلصاق‬ ‫هتمة التجسس‪ ،‬واخليانة‪ ،‬واإلساءة إىل الذات‬ ‫اإلهلية‪ ،‬والتسبب يف وهن األمة‪ ،‬وغريها من‬ ‫الغرائب بكل من يعبرّ عن رأي خيالف املتعارف‬ ‫عليه‪ .‬والواقع أن تلك املمارسات بقيت هي‬ ‫السائدة‪ ،‬منذ قيام الثورة وحىت األمس القريب‪.‬‬ ‫ختب‪ ،‬بل إن أحدث ضحاايها‬ ‫مل تضعف ومل ُ‬ ‫(أو من علمنا هبم على األقل)‪ ،‬هو الشاعر‬ ‫والناشط هاشم شعباين‪ ،‬الذي أُعدم شنقاً (يف‬ ‫‪ 27‬كانون الثاين‪ /‬يناير الفائت)‪ ،‬مع ‪14‬‬ ‫آخرين‪ ،‬بعد تعرضه لتعذيب ممنهج طوال ثالث‬ ‫سنوات هي عمر اعتقاله‪.‬‬

‫بيسان الشيخ‬ ‫يف هذا السياق املتشابه اىل حد بعيد‪ ،‬أتيت‬ ‫«رسائل من سورية» اليت تنشر ابلفارسية‬ ‫واإلنكليزية‪ ،‬صرخة مدوية يف وجه النظام‬ ‫اإليراين‪ ،‬قبل أن تكون مؤيدة للثورة السورية‬ ‫حبد ذاهتا‪ .‬فهي إذ هتدف اىل تقدمي معلومات‬ ‫دقيقة ومستقلة للرأي العام احمللي‪ ،‬وعرض آراء‬ ‫متنوعة عن تدخل طهران املباشر يف سوراي‪،‬‬ ‫تنقض بذلك الرواية الرمسية املتطابقة مع رواية‬ ‫النظام السوري‪ ،‬أبهنا حرب ضد اإلرهابيني‪،‬‬ ‫وأن مسامهة اجلمهورية اإلسالمية فيها ال تتعدى‬ ‫االستشارة والتقنيات‪ .‬حتاول تلك الرسائل أن‬ ‫تقول للمواطن اإليراين أوالً‪ :‬إن بلده تشارك‬ ‫فعلياً يف حرب تقوض اقتصاده‪ ،‬وهتدر موارده‪،‬‬ ‫وتستنزف شبابه‪ ،‬وأن ضحية القمع كما أداته‪،‬‬ ‫واحدة‪ ..‬سواء يف شوارع طهران‪ ،‬أو ميادين‬ ‫محص وحلب‪ .‬ولعل أمهية تلك «الرسائل» ال‬ ‫تكمن يف أهنا منحازة للثورة السورية فحسب‪،‬‬ ‫وإمنا يف أن أصحاهبا يسعون إىل البحث‬ ‫والتدقيق يف اآللة اإلعالمية والدعائية داخل‬ ‫إيران نفسها‪ ،‬لدحض مزاعمها أبخبار موثقة‪،‬‬ ‫ابالعتماد على شبكة من املراسلني يف سوراي‬ ‫ولبنان وإيران‪ ،‬يعملون كـ «جيش إلكرتوين»‬ ‫مضاد‪ .‬واألهم من هذا وذاك‪ ،‬يبقى طرح أسئلة‬ ‫جوهرية على املواطن اإليراين حول تكلفة تلك‬ ‫احلرب عليه أخالقياً‪ ،‬فباإلضافة إىل الكلف‬ ‫االقتصادية والسياسية‪ ،‬تقول الرسائل إن هناك‬ ‫مسؤولية أخالقية جتاه السكوت عن املشاركة‬ ‫يف قمع شعب‪ ،‬ابلطريقة ذاهتا اليت أجهضت‬


‫على مشارف آذار‬

‫هبا ثورة اإليرانيني أنفسهم يف ‪ ،2009‬قبل‬ ‫فورة «الربيع العريب»‪ .‬كأن هناك من يقول‬ ‫لإليرانيني‪ :‬إن حكومتكم‪ ،‬وإن صدق زعمها‬ ‫أبهنا تكتفي إبرسال خرباء وتقنيني‪ ،‬فهي يف‬ ‫الواقع تنقل خربهتا وجتربتها يف كبح شعب‬ ‫يطالب ابالنعتاق من حكم جائر‪.‬‬ ‫يف إيران أصوات خمتلفة‪ ،‬أصوات كثرية ال‬ ‫نسمعها وال تسمعنا‪ ،‬حنن املختلفني أيضاً‬ ‫عن أنظمتنا ومن ميثلنا يف إعالمها‪ ،‬أصوات‬ ‫علي بعد‬ ‫كمثل تلك املرتمجة اليت‬ ‫ْ‬ ‫أشفقت ّ‬ ‫ترددي لثالثة أايم متتالية إىل وزارة اإلرشاد يف‬ ‫طهران‪ ،‬حيث يعتمد الصحافيون األجانب‪،‬‬ ‫ورفض اجلميع العمل معي‪ .‬مل أفهم حينها‪،‬‬ ‫والبالد على أبواب انتخاابت رائسية فاز فيها‬ ‫حممود أمحدي جناد بوالية اثنية‪ ،‬مل قد حيدث‬ ‫ذلك؟ لكن مرتمجيت قالت يل الحقاً‪ ،‬وقد نشأ‬ ‫شيء من الود بيننا‪« ،‬ال أحد يريد العمل مع‬ ‫لبنانيني‪ ...‬أنتم أصدقاء نظامنا‪ ،‬والناس هنا‬ ‫تعتقد أن مواردان مسخرة خلدمتكم وقتالكم‬ ‫إسرائيل‪ ،‬فيما حنن جنوع»‪ .‬صعقين ما مسعت‪،‬‬ ‫فأان أيضاً كنت أعتقد أن اإليرانيني مجيعهم‪،‬‬ ‫أو أبغلبيتهم اليت بقيت يف الداخل‪ ،‬هم على‬ ‫صورة حكامهم‪ .‬لذا فإن تلك الرسائل اليت أتيت‬ ‫من سوراي إىل إيران‪ ،‬وإن أتخرت بعض الشيء‬ ‫لتبديد سوء الفهم الشخصي واالجتماعي ذاك‪،‬‬ ‫إال أهنا تليب حاجة ملحة لكال الطرفني‪ ،‬بفتح‬ ‫معابر بينهما‪ ،‬مبوازاة تلك اجلسور الرمسية‪ ،‬على‬ ‫أن أييت يوم حيمل فيه ساعي الربيد إلينا أيضاً‪...‬‬ ‫«رسائل من إيران»‪.‬‬

‫غالية قباين‬

‫نُسأل منذ ثالث سنوات عرب اإلعالم ووسائل التواصل االجتماعي‪ :‬ماذا عنت لك‬ ‫الثورة كي تدعمها‪ ،‬وما الذي غريته فيك؟‬ ‫يف احلقيقة لطاملا كنت أان وأصدقائي نرثي حال جمتمعاتنا وحنذر من اخلراب الذي عشش فيها‪،‬‬ ‫ونعتقد أن اإلصالح والتغيري «لن يكون على زماننا»‪ ..‬فهو أبعد من حلم نتخيله‪ .‬وعندما بدأت‬ ‫الثورة يف سوراي على يد أطفال درعا الذين فضحوا عري اإلمرباطور وقالوا له من دون مواربة إنه‬ ‫ال يرتدي الثياب بل وهم الثياب‪ ،‬أدركنا يف اعرتاف متبادل الحقا أننا تشاركنا دهشة احلدث‬ ‫املستحيل‪ ،‬والذي حدث «على زماننا»‪..‬‬ ‫أعيش بعيداً عن سوراي منذ سنوات طويلة‪ ،‬بسبب إيقاع يسيطر على كل مناحي احلياة‪ .‬مل أمتكن‬ ‫من مسايرته يف احلياة اليومية‪ ،‬ويف العالقة مع مؤسسات فاسدة مرتهلة‪ ،‬ومع عدد متزايد من البشر‬ ‫أقلموا أنفسهم مع الفساد واالحنطاط األخالقي وشرعنوه بطريقة ابتت ال تتناقض مع أخالق أو‬ ‫تديّن‪ .‬كنت أراقب كيف يهيمن القرار األمين على القانون‪ ،‬وموظف األمن على موظف القضاء‬ ‫والشرطة واملعلم واألستاذ والصحفي‪ .‬الفساد بكل صوره صار أسلوب حياة يف سوراي‪ ،‬وما عاد‬ ‫«يهج»‪ ،‬يدارون خوفهم بتجاهل ما حيدث‬ ‫كثريون أيهبون مبن يعتقل أو يعذب أو خيتفي أو ّ‬ ‫حوهلم‪ .‬ويف كل زايرة‪ ،‬كنت أرى كيف ينهار القانون لصاحل األمن ورجاله‪ ،‬وتنحدر كرامة الناس‬ ‫إىل أدىن مستوايهتا قياساً بوعي البشر ألنفسهم يف العصر احلديث‪ ،‬حىت فقدت األمل أبن شعيب‬ ‫سيستعيد تلك الكرامة‪ ،‬ويتجاوز حالة اخلوف اليت ملّح لقصور فيها البعض من غري السوريني‬ ‫معرضاً جبنب هذا الشعب‪ ،‬خصوصاً بعد أن سبقته شعوب تونس ومصر وليبيا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لكنه لدهشتنا مجيعاً‪ ..‬فعل ومنذ تلك اللحظة تغريت يف هذا الشعب أشياء كثرية‪ ،‬وبدأ يستعيد‬ ‫مالحمه وقدرته على تغيري مصريه بنفسه‪.‬‬ ‫مل يتغري السوريون فقط‪..‬أان أيضاً تغريت‪ .‬مل أعد اإلنسانة نفسها قبل آذار ‪ .2011‬مثلهم أان‬ ‫استعدت شجاعيت وخلعت عين ثوب اخلوف واملذلة‪ ،‬استعدت خالصة شخصييت بعد أن‬ ‫تضاربت فيها امليول والرغبات واألفكار واملشاعر وهي حمبوسة يف صندوقها الداخلي‪ ،‬تطل برأسها‬ ‫خج ً‬ ‫ال يف مقالة أو قصة أو رواية‪ ،‬مث ترتاجع‪..‬‬ ‫ومع انتفاضة شعيب حسمت خيارايت ومواقفي اليت ما عادت حتت االختبار‪ .‬أشرقت مشس احلرية‬ ‫ابملعىن احلقيقي وليس ترديداً لكليشيهات استخدامناها نفاقاً‪.‬‬ ‫لقد كشفت االحداث عن معدين احلقيقي كما فعلت مع غالبية السوريني‪ُ ،‬حسم األمر وما‬ ‫عاد هناك من سبب لتبقى تلك املعادن خمتبئة حتت أتربة الوقت‪ .‬لكن وقتاً سيمر قبل أن نزيل‬ ‫عنها صدأ علق هبا‪ ،‬مثل سوء الفهم الذي تراكم لسنوات بني مكوانت الشعب السوري‪ ،‬مثل‬ ‫الشعور ابلرغبة ابالنتقام‪ ،‬والشعور ابلغنب‪ ،‬وأبننا ضحااي لن تقتنع بسهولة مبا يعوضها عن ثقل‬ ‫األايم السابقة‪ ،‬وهو ما سيشوش علينا حياتنا قلي ً‬ ‫ال ومينحنا بعض املنغصات لبعض الوقت قبل أن‬ ‫نتصاىف حيال بعضنا البعض وحيال أنفسنا‪ .‬ونقبل مفهوم املواطنة‪.‬‬ ‫إهنا رحلة طويلة أصدقائي لن تنتهي بسقوط النظام‪ ..‬بل رمبا إهنا ابلنسبة للبعض‪ ،‬ستبدأ معه‪.‬‬

‫العدد (‪ )2‬شباط ‪43 2014‬‬


‫التــرب َية البــعثـ َّيــة‬ ‫قلت ألصدقائي يف أحد احلوارات‪ :‬جيب أال تكثروا من لوم اجملتمع‬ ‫الثوار‪ ،‬فقد تربينا مجيعاً يف ِّ‬ ‫ظل النظام البعثي املخابرايت‪ ،‬وتغلغت‬ ‫والناس و َّ‬ ‫ثقافته يف عمق الشعوران‪ ،‬فاعرتض أحدهم ابلقول‪ :‬أان لست بعثيَّاً‪ ،‬ومل‬ ‫أكن‪ ،‬ومل أحضر اجتماعاً من اجتماعات مسح الدماغ والتدجني البعثيَّة‬ ‫لكن ثقافة البعث مل تقتصر يف يوم من‬ ‫اليت كنتم حتضروهنا‪ ،‬فأجبته‪َّ :‬‬ ‫نهَّ‬ ‫األايم على البعثيني‪ ،‬بل اجتاحت شرائح اجملتمع وفئاته كاف ًة‪ ،‬إ ا الثقافة‬ ‫كرس يف االجتماعات احلزبيَّة فقط‪ ،‬بل ُك ّرِست عرب اإلعالم‬ ‫اليت مل تُ َّ‬ ‫املرئي واملسموع واملقروء‪ ،‬وُك ّرِست من خالل الدراما والرايضة وعدانن‬ ‫بوظو‪ ...‬وُك ّرِست يف الشوارع واملقاهي‪ ،‬وحىت يف اجلوامع والكنائس‬ ‫ِست يف املؤسسات التعليميَّة‪،‬‬ ‫واملتاحف‪ ،‬واألهم من هذا وذاك أنهَّ ا ُك ّر ْ‬ ‫والسيَّما املدارس االبتدائيَّة منها‪ُ ،‬ك ّرِست يف كتب اللغة العربيَّة واجلغرافيا‬ ‫والتاريخ والوطنيَّة والقوميَّة‪ ...‬إخل‪.‬‬ ‫مل أكن أتصور عندما كنت أقول هذا الكالم‪ ،‬مباذا سأجيب لو َّأن‬ ‫حمدثي سألين‪ :‬كيف ُك ّرِست يف الكتب املدرسيَّة؟ واليوم وبينما كنت‬ ‫أراجع مع ابنيت مادة االجتماعيات اليت ال تحُ تمل وال تُطاق‪ ،‬أصبح َّ‬ ‫لدي‬ ‫جواب أكثر وضوحاً عن تفاصيل الكيفيَّة اليت اخرتقت هبا السلطات‬ ‫البعثيَّة ثقافة اجملتمع عرب املدارس‪ ،‬سأتوقف عند حالة واحدة مأخوذة‬ ‫من منهاج الصف الرابع‪.‬‬ ‫يف مادة االجتماعيَّات يف الصف الرابع‪ ،‬هناك وحدة تتحدث عن‬ ‫الوطن‪ ،‬تتألف من مخسة دروس‪ ،‬حيمل الدرس الثاين عنوان (نظام‬ ‫احلكم يف سوراي)‪ ،‬وعلى الرغم من حماوالت (هيئة الشام اإلسالميَّة)‬ ‫اليت طبعت هذا الكتاب بعد ْأن أجرت عليه كثرياً من التعديالت‪ ،‬كي‬ ‫ختفف من وطأة ما فيه من خبث ومك ٍر وجتييش أيديولوجي‪ ،‬وعلى‬ ‫الرغم من ِّ‬ ‫كل ما قامت به هذه اهليئة مشكورًة‪ ،‬فقد بقي يف الدرس‬ ‫املعلومات اآلتية‪:‬‬ ‫مثَّة سؤال يف أسفل الصفحة ‪ 122‬صيغ على النحو اآليت‪( :‬ملاذا جيب‬ ‫على املواطنني املشاركة يف االستفتاء على رائسة اجلمهوريَّة؟) وجند حتت‬ ‫السؤال مباشرة مستطي ً‬ ‫ال إيضاحياً ابللون النهدي الفاتح ُكتب فيه‪:‬‬ ‫«االستفتاء الشعيب‪ :‬هو سؤال‬ ‫الشعب عن رأيه يف موضوع من‬ ‫املوضوعات‪ ،‬بناء على ٍ‬ ‫طلب من‬ ‫جملس الشعب (الربملان)‪ ،‬أو رئيس‬ ‫الدولة‪ ،‬أو رئيس الوزارة‪ ،‬أو طلب‬ ‫الشعب نفسه»‪ .‬وحييل الكتاب‬ ‫هذه املعلومة على املوسوعة‬ ‫السياسية ج‪ ،1‬ط‪.1990 ،3‬‬ ‫وبعد هذا التقدمي التنظريي الذي‬ ‫ال يتناسب شك ً‬ ‫ال وال مضموانً مع‬ ‫‪ 44‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫غسان مرتضى‬ ‫مستوى طالب الصف الرابع‪ ،‬أتيت الوجبة الدمسة املُراد زرعها يف عقل‬ ‫التلميذ والشعوره حتت املستطيل مباشرة‪« :‬نظام احلكم يف وطين سوراي‬ ‫يتم اختيار الرئيس فيه عن طريق االستفتاء الشعيب»‪.‬‬ ‫مجهوري‪ُّ ،‬‬ ‫مل َّأطلع بطبيعة احلال على الكتاب األصلي غري املعدل‪ ،‬ألعرف ما فيه‬ ‫من جتاوزات وخماطر فعليَّة ظاهرة أو مضمرة‪ ،‬فقد حذفت اهليئة اليت‬ ‫أصدرت الكتاب كثرياً من تلك الكوارث‪ ،‬لكنَّها مع ذلك مل تنتبه إىل‬ ‫هذه املعلومات اخلطرة‪:‬‬ ‫تتجلى خطورة هذه املعلومات من حيث الشكل أوالً وقبل ِّ‬ ‫كل شيء‪،‬‬ ‫يصغ بطريقة «هل جيب على املواطنني‪»...‬؟‬ ‫يف أنهَّ ا تطرح سؤاالً حمفزاً مل َ‬ ‫بل صيغ أبسلوب «ملاذا جيب على املواطنني‪»...‬؟ و َّ‬ ‫كأن عملية وجوب‬ ‫أمر حتمي أص ً‬ ‫قابل للنقاش‪ ،‬أمَّا ما هو‬ ‫ال وغري ٍ‬ ‫املشاركة يف االستفتاء ٌ‬ ‫قابل للنقاش فهو السؤال «ملاذا»؟ وال جييب الكتاب عن السؤال‪ ،‬بل‬ ‫يرتك للمدرس الذي يعرف ما معىن املخابرات واألجهزة األمنية‪ ،‬أن‬ ‫جييب‪ ،‬كما يرتكه لألهل أيضاً الذين تربوا يف وسط ثقايف سياسي يعتقد‬ ‫ادع‬ ‫َّأن للحيطان آذاانً‪ ،‬وأن اليد اليت ال تستطيع حياهلا شيئاً قبلها و ُ‬ ‫عليها ابلكسر‪.‬‬

‫تتجلى خطورة هذه املعلومات من حيث الشكل أو ًال وقبل‬ ‫ِّ‬ ‫يصغ بطريقة «هل‬ ‫كل شيء‪ ،‬يف هَّأنا تطرح سؤا ًال حمفزاً مل َ‬ ‫جيب على املواطنني‪»...‬؟ بل صيغ أبسلوب «ملاذا جيب على‬ ‫املواطنني‪»...‬؟ و َّ‬ ‫أمر‬ ‫كأن عملية وجوب املشاركة يف االستفتاء ٌ‬ ‫حتمي أص ً‬ ‫قابل للنقاش‬ ‫ال وغري ٍ‬ ‫شوِق ملعرفة املزيد‪ ،‬أتيت املعلومات يف‬ ‫وبعد السؤال الذي يُفرتض أنَّه يُ ّ‬ ‫عرِف‬ ‫تدرٍج منطقي بصورة متتابعة‪ ،‬وتبدأ من املعلومة الثابتة نظرايً اليت تُ ّ‬ ‫االستفتاء اعتماداً على موسوعة علميَّة يُفترَ ض أنهَّ ا ذات مصداقيَّة‬ ‫عالية‪.‬‬ ‫يعرِف املستطيل االستفتاء و َّ‬ ‫كأن الكتاب يتحدث عن استفتاءات سويسرا‬ ‫ّ‬ ‫أو النمسا‪ ،‬فيجعل لرئيس الوزراء أو للربملان‬ ‫أو الشعب سلط ًة يف طلب االستفتاء على‬ ‫شيء ما‪ ،‬و َّ‬ ‫كأن األمر يف سوراي ليس حمصوراً‬ ‫ابلطاغية وأجهزته األمنيَّة‪.‬‬ ‫مثَّ أتيت الطامَّة الكربى مع املعلومة اليت‬ ‫تسوقها هيئة التأليف بعد املستطيل مباشرة‪:‬‬ ‫يتم‬ ‫«نظام احلكم يف وطين سوراي مجهوري‪ُّ ،‬‬ ‫اختيار الرئيس فيه عن طريق االستفتاء‬ ‫الشعيب» لتكريس الفكرة األساسيَّة املرجوة‪:‬‬ ‫يتم عن طريق االستفتاء‪،‬‬ ‫َّإن اختيار الرئيس ُّ‬


‫السيــداو‬

‫واالستفتاء يعين َّأن مثَّة مرشحاً وحيداً فقط‪ ،‬وليس مهماً ْأن‬ ‫يعرف التلميذ الصغري هذه املعلومة املضمرة يف هذه السن‪ ،‬ألنَّه‬ ‫يشب‪ ،‬ويذهب أو يُساق إىل صندوق‬ ‫سيعرفها الحقاً عندما ُّ‬ ‫االقرتاع بصورة احتفاليَّة‪ ،‬وقد تعلَّم جيداً َّأن التساؤل عن وجود‬ ‫عرِضه ويعرض أسرته ملخاطر ال تحُ مد‬ ‫مرشح آخر للرائسة‪ ،‬قد يُ ّ‬ ‫عقباها‪ .‬املهم يف املرحلة االبتدائيَّة (الصف الرابع) ترسيخ كلمة‬ ‫االستفتاء‪ ،‬وترسيخ فكرة أن الرئيس يصل إىل َّ‬ ‫سدة احلكم عن‬ ‫طريق االستفتاء‪ ،‬وهي الطريق الدستوريَّة اليت ال تقبل جداالً‪.‬‬ ‫االستفتاء يف اعتقادي كلمة شديدة الشبه يف مدلوهلا بكلمة‬ ‫املبايعة املعروفة يف موروثنا السياسي‪ ،‬ولذلك َّ‬ ‫فإن النظام‬ ‫اجلمهوري السوري أصبح امتداداً للنظام الذي ال يعتمد‬ ‫الشورى بل يقوم على املبايعة ذات الطرف األحادي‪ ،‬لذا ليس‬ ‫غريباً َّأن وسائل اإلعالم السوريَّة كانت تكرر بكثرة كلميت البيعة‬ ‫واملبايعة‪ ،‬بوصفهما مرادفتني لكلمة االستفتاء‪.‬‬ ‫وهكذا تلغي املناهج الدراسيَّة من ذهن التالميذ فكرة االختيار‬ ‫من بني متعدد‪ ،‬تلغي املفهوم األساسي ملصطلح االنتخاابت‪،‬‬ ‫على اعتبار َّأن هذا املفهوم ليس وارداً يف ثقافتنا السياسيَّة‬ ‫احلديثة‪ ،‬ومل يكن وارداً يف ثقافتنا السياسيَّة القدمية‪.‬‬ ‫ويصبح الرئيس َّ‬ ‫املفدى الرب األعلى الذي نبايعه أو نُستفىت‬ ‫على رائسته‪ ،‬وحنن ال ننتخبه‪َّ ،‬‬ ‫ألن االنتخاب يقتضي اختيار‬ ‫واحد من َّ‬ ‫عدة مرشحني‪ ،‬ومبا أنَّه القائد الرمز الرب‪ ،‬فهو ال‬ ‫لاَّ‬ ‫ميكن أن يكون واحداً من بني َّ‬ ‫عدة‪ ،‬إنَّه ال يكون إ وحده‬ ‫فقط دون منافسة أو منافسني‪.‬‬ ‫ما أحوجنا اآلن إىل تعديل هذه املناهج أو نسفها كلياً‪ ،‬وما‬ ‫أحوجنا إىل مناهج عصريَّة ختاطب أبناءان بلغة القرن احلادي‬ ‫يتم لنا ذلك علينا أن نقول ألوالدان‬ ‫لكن وريثما ُّ‬ ‫والعشرين‪ْ .‬‬ ‫الذين سيسألوننا عن االستفتاء الشعيب‪:‬‬ ‫موضوع ما‪ ،‬دون‬ ‫االستفتاء الشعيب هو سؤال الشعب عن رأيه يف‬ ‫ٍ‬ ‫أن يكون له بدائل أو خيارات‪ ،‬وقد اعتمد املدعو حافظ األسد‬ ‫هذا األسلوب ليعزز يف الوعي اجلمعي فكرة القائد الرمز اخلالد‬ ‫املُ َّ‬ ‫فدى‪ ،‬لذا ال جتوز املشاركة يف هذه االستفتاءات ألنهَّ ا غري‬ ‫قانونيَّة وغري دستوريَّة‪ ،‬وختالف أبسط مبادئ احلريَّة والدميوقرطيَّة‪،‬‬ ‫بل ختالف أبسط مبادئ املنطق السياسي السليم‪.‬‬

‫ألمهيتها‪ ،‬تقوم جملة «سيدة سوراي» بنشر اتفاقية السيداو على أجزاء‪،‬‬ ‫بدءاً من العدد الثاين‪.‬‬ ‫والسيداو ‪ ، CEDAW‬أو اتفاقية القضاء على مجيع أشكال التمييز‬ ‫ضد املرأة معاهدة دولية مت اعتمادها من قبل اجلمعية العامة لألمم املتحدة‪،‬‬ ‫وعرضها للتوقيع والتصديق واالنضمام ابلقرار ‪ 180/34‬يف ‪ 18‬ديسمرب‬ ‫‪ .1979‬وتوصف أبهنا وثيقة حقوق دولية للنساء‪ .‬دخلت حيز التنفيذ‬ ‫يف ‪ 3‬سبتمرب ‪.1981‬‬ ‫اجلزء األول املادة (‪ :)1‬ألغراض هذه االتفاقية‪ ،‬يعين مصطلح «التمييز‬ ‫ضد املرأة» أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس اجلنس‪ ،‬ويكون‬ ‫من آاثره أو أغراضه توهني أو إحباط االعرتاف للمرأة حبقوق اإلنسان‬ ‫واحلرايت األساسية يف امليادين السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‬ ‫واملدنية أو يف أي ميدان آخر‪ ،‬أو توهني أو إحباط متتعها هبذه احلقوق‬ ‫أو ممارستها هلا‪ ،‬بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس املساواة‬ ‫بينها وبني الرجل‪.‬‬ ‫املادة (‪ :)2‬تشجب الدول األطراف مجيع أشكال التمييز ضد املرأة‪ ،‬وتتفق‬ ‫على أن تنتهج‪ ،‬بكل الوسائل املناسبة ودون إبطاء‪ ،‬سياسة تستهدف‬ ‫القضاء على التمييز ضد املرأة‪ ،‬وحتقيقاً لذلك تتعهد ابلقيام مبا يلي‪:‬‬ ‫(أ) إدماج مبدأ املساواة بني الرجل واملرأة يف دساتريها الوطنية أو تشريعاهتا‬ ‫املناسبة األخرى‪ ،‬إذا مل يكن هذا املبدأ قد أدمج فيها حىت اآلن‪،‬‬ ‫وكفالة التحقيق العملي هلذا املبدأ من خالل التشريع وغريه من الوسائل‬ ‫املناسبة‪.‬‬ ‫(ب) اختاذ املناسب من التدابري‪ ،‬تشريعية وغري تشريعية‪ ،‬مبا يف ذلك ما‬ ‫يناسب من عقوابت‪ ،‬حلظر كل متييز ضد املرأة‪.‬‬ ‫(ج) فرض محاية قانونية حلقوق املرأة على قدم املساواة مع الرجل‪ ،‬وضمان‬ ‫احلماية الفعالة للمرأة‪ ،‬عن طريق احملاكم ذات االختصاص واملؤسسات‬ ‫العامة األخرى يف البلد‪ ،‬من أي عمل متييزي‪.‬‬ ‫(د) االمتناع عن مباشرة أي عمل متييزي أو ممارسة متييزية ضد املرأة‪،‬‬ ‫وكفالة تصرف السلطات واملؤسسات العامة مبا يتفق وهذا االلتزام‪.‬‬ ‫(هـ) اختاذ مجيع التدابري املناسبة للقضاء على التمييز ضد املرأة من جانب‬ ‫أي شخص أو منظمة أو مؤسسة‪.‬‬ ‫(و) اختاذ مجيع التدابري املناسبة‪ ،‬مبا يف ذلك التشريعي منها‪ ،‬لتغيري أو‬ ‫إبطال القائم من القوانني واألنظمة واألعراف واملمارسات اليت تشكل‬ ‫متييزاً ضد املرأة‪.‬‬ ‫(ي) إلغاء مجيع األحكام اجلزائية الوطنية اليت تشكل متييزاً ضد املرأة‪.‬‬ ‫املادة (‪ :)3‬تتخذ الدول األطراف يف مجيع امليادين‪ ،‬وال سيما امليادين‬ ‫السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية‪ ،‬كل التدابري املناسبة‪ ،‬مبا‬ ‫يف ذلك التشريعي منها‪ ،‬لكفالة تطور املرأة وتقدمها الكاملني‪ ،‬وذلك‬ ‫لتضمن هلا ممارسة حقوق اإلنسان واحلرايت األساسية‪ ،‬والتمتع هبا على‬ ‫أساس املساواة مع الرجل‪.‬‬ ‫العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫‪45‬‬


‫ٌ‬ ‫ذاك ٌ‬ ‫ثقلــة ِبالحــَرب‬ ‫ــرة ُم‬ ‫ِ‬ ‫مسي «خدمة عسكرية إلزامية» سنة ومتابعاً هنماً لصور األسلحة‬ ‫بقيت يف ما ّ‬ ‫وتسعة أشهر‪ ،‬كان ذلك قبل مثاين سنوات‪ ،‬مل واجلنود بلباسهم امليداين‪،‬‬ ‫أشهد خالهلا أيّة عمليّات قتاليّة‪ ،‬مع أ ّن ّ‬ ‫الطريان واألراتل‪ ،‬واخلنادق‪ ،‬وآاثر‬ ‫مرتني فوق املطار الّذي مكثت القصف‪ ،‬ومشاهد اجلثث‬ ‫ائيلي ُر ِص َد ّ‬ ‫اإلسر ّ‬ ‫عجت‬ ‫فيه‪ ،‬ودخلنا حينها يف استنفار استعراضي‪ ،‬امللقاة يف األزقة اليت ّ‬ ‫بقيت فيه مضادات «فولغا» و«بتشورا» هبا الصحف‪ ،‬واجملالت‪،‬‬ ‫املتهالكة – كعادهتا ‪ -‬خرساء مستكينة‪ ،‬كما والكتب‪ ،‬اليت كان أيب –‬ ‫بقيت ذاكريت معجونة بصور الدمار‪ ،‬واجلثث‪ ،‬رمحه هللا – ميأل هبا رفوف‬ ‫وكل متعلقات احلرب قبل أن أراها‪ ،‬أو أكون مكتبته يف مثانينيات القرن‬ ‫املنصرم وتسعينياته‪.‬‬ ‫– على األقل – قريباً منها !!!‪.‬‬ ‫عاينت احلرب بتفاصيلها احلقيقية‪ ،‬بعد أن كنت أقلّب بتأ ٍّن وشغف ال‬ ‫ُ‬ ‫لاّ‬ ‫بلغت الثالثة والثالثني‪ ،‬خالل تواجدي يف حمدودين صفحات عشرات من نسخ اجمل ت‬ ‫الغوطة الشرقية بريف دمشق‪ ،‬عرب تنقاليت الفلسطينيّة واللبنانيّة إباّ ن حرب لبنان‪ ،‬وكتباً‬ ‫املكثّفة بني دمشق‪ ،‬وحرستا‪ ،‬ودوما‪ ،‬ومناطق حتوي مل ّفات عن فظاعات تشاركت يف‬ ‫دخلت يف أواخر استنساخها أنظمة املنطقة وطغاهتا املتباهني‬ ‫وحمافظات أخرى‪ ،‬إىل أن‬ ‫ْ‬ ‫‪- 2012‬بكل ثقلها‪ -‬ملدينيت الصغرية سري ابلقمع‪ ،‬والقتل‪ ،‬والسحل‪ ،‬والتعذيب‪.‬‬ ‫حتولت ميداانً أمضيت ساعات متواصلة يف القراءة واملعاينة‬ ‫كانييه (رأس العني)‪ ،‬واليت ّ‬ ‫إلرادات دولية وإقليمية‪ ،‬وداخلية متضاربة‪ ،‬إذ والتهجئة أحياانً‪ ،‬يتملكين هوس االكتشاف‬ ‫الضاري ألواصل التحديق فيما حتتويه تلك املطبوعات‬ ‫وعمت جوالت القتال ّ‬ ‫انهلا القصف‪ّ ،‬‬ ‫حواريها‪ ،‬وأزقّتها‪ ،‬واهنالت على سطوح منازهلا من أهوال‪ ،‬رمبا كان أهلي غافلني عما شغفت‬ ‫مفضلني‬ ‫الضحااي‪ .‬به‪ ،‬أو راق هلم هدوئي بني الكتب‪ّ ،‬‬ ‫القذائف‪ ،‬وسقط من أبنائها عديد ّ‬ ‫الصور اليت عاينتها عن ذلك على سباحيت يف غبار ملعب الكرة الرتايب‬ ‫ترهقين اآلن حشود ّ‬ ‫مصورة‪ ،‬أو على شفاه القريب‪.‬‬ ‫قرب‪ ،‬أو وصلت إيل ّ‬ ‫أصدقاء يشاطرونين جتارب مماثلة‪ ،‬بيد أين أعترب مل أكن يف عمر جيعلين أتذكر صربا وشاتيال‬ ‫نفسي خمتلفاً عنهم أو عن معظمهم‪ ،‬إذ كنت اليت جرت فصوهلا يف حزيران ‪ ،1982‬إال‬ ‫مهووساً يف طفوليت ابلتقاط تفاصيل احلروب‪ ،‬أن التذكري هبا وأبحداث أخرى الحقاً‪ ،‬على‬

‫خاص سيدة سوراي‪ -‬بريوز بريك‬ ‫‪ 46‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫بـريوز بريك‬

‫صفحات اجلرائد‪ ،‬واجملالت‪ ،‬وعلى شاشات‬ ‫التلفزيون‪ ،‬وعرض صور اجملزرة املرعبة املتضمنة‬ ‫مئات اجلثث املنتفخة من حر الصيف‪ ،‬جعلها‬ ‫تفصي ً‬ ‫ال مهماً يف ذاكرة طفل تغريه أشكال‬ ‫سبطاانت املدافع أكثر من أفالم الكارتون‪،‬‬ ‫ولعب الدحل‪ ،‬وابقي ألعاب الصبية العنيفة‪.‬‬ ‫أمضيت وقتاً ليس ابلقصري أحدق يف صورة فتاة‬ ‫مقنوصة يف حرب بريوت الطويلة‪ ،‬ضمن جملة‬ ‫ابألبيض واألسود أعيد تتبّع خيط الدم السائل‬ ‫من عنقها املنتهي بربكة متجمعة خلفها قرب‬ ‫الرصيف‪ ،‬أقارهنا ابلطفل فاغر الفم الذي خطفه‬ ‫املوت ابلكيماوي يف حلبجة‪ ،‬دون أن تسيل‬ ‫منه نقطة دم واحدة‪ ،‬وتوصلت إىل استنتاجات‬ ‫صيب صغري يف االبتدائي مازال يذكر جيداً‬ ‫تزامن اغتيال مفيت لبنان مع أتنيب والده له ألنه‬ ‫قصر يف «مذاكرة الرايضيات»‪ ،‬والسبب أنه‬ ‫استعاض عن فتح الكتاب املدرسي بتلقّف جملّة‬ ‫يف غرفة الضيوف استقرت على غالفها صورة‬ ‫شيخ يبدو عليه الوقار امسه صبحي الصاحل ‪.‬‬ ‫أمشاط الرصاص على صدور البيشمركة‪ ،‬وزوبعة‬ ‫القوميني السوريني خلف صورة سناء حميديل‪،‬‬ ‫وبوسرتات خليل الوزير‪ ،‬وشارب معصوم‬ ‫قرقماز‪ ،‬ودابابت ساحة تيامنني‪ ،‬وعمامة أمحد‬ ‫شاه مسعود‪ ،‬وبنادق الفدائيني الفلسطينيني‪،‬‬ ‫ورموز وإشارات وأعالم وأمساء ومتابعات لربامج‬ ‫ما بعد الظهرية على التلفزيون العراقي‪ ،‬الذي‬ ‫كاد أن يلفظ من شاشته اجلثث املتساقطة‬


‫متر القصص حم ِدثة أثراً عميقاً اترة‪ ،‬وقد ال‬ ‫على جبهات احلرب مع إيران اخلميين‪ ،‬لتغدو كنت أتتبّعها وامجاً على نشرة الـثامنة والنصف ّ‬ ‫مشاهدهتا متعة ال تقل عن «السندابد»‪ ،‬على التلفزيون السوري‪ ،‬وفق تصادف يومي مع نكرتث هبا اترة أخرى‪ ،‬بفعل االنشغال‪ ،‬أو‬ ‫و«فلونة»‪ ،‬و«السيارة العجيبة»‪ ،‬كل هذا مل وقت العشاء‪.‬‬ ‫االعتياد‪ ،‬أو بفعل ذواكران املشحونة بتجارب‬ ‫يتح للذّاكرة استظهار جدول الضرب كامالً‪،‬‬ ‫اخلرائط اليت أهنكت التاريخ واجلغرافيا مرهقة أو مستحيلة التوقع ضمن حالة اعتيادية‪،‬‬ ‫أو أن تكتفي أبرشفة أهداف فريق الربازيل‬ ‫إذ إطالق الرصاص علينا أثناء التظاهر‪ ،‬أو‬ ‫هي من تصنع احلروب‪ ،‬ورمبا احلروب‬ ‫وحفظها عن ظهر قلب مع أمساء حمرزيها‪.‬‬ ‫املرور بتجربة اعتقال‪ ،‬كان حوادث هلا وزهنا يف‬ ‫أيضاً تصنع اخلرائط‪ ،‬وحتوم حول‬ ‫بت أكثر دراية ابلتّفاصيل‪،‬‬ ‫موائد القتل‪ ،‬والرصاص والدم‪ ،‬صور‪ ،‬أعرافنا وتقييماتنا‪ ،‬لكنها ابتت اآلن نثاراً من‬ ‫يف مراهقيت ّ‬ ‫وصرت اشرتي اجلرائد بنفسي‪ ،‬وأقرأ عن حرب‬ ‫ذكرى‪ ،‬نستجملها وحتلو يف خميال من لديه‬ ‫وواثئقيات‪ ،‬وتدوينات‪ ،‬تروي قصص‬ ‫البلقان‪ ،‬والتوتسي واهلوتو يف رواندا‪ ،‬وخذالن‬ ‫القدرة على الكتابة والتعبري‪ ،‬نستصغرها أمام‬ ‫وجتارب وتفاصيل عن ماليني البشر‪.‬‬ ‫العامل لـسربرنيتشا‪ ،‬وحصار سراييفو‪ ،‬واملقابر‬ ‫جسامة حوادث أخرى‪ ،‬كإزالة أحياء كاملة‬ ‫اجلماعية‪ ،‬والقصف الروسي املرّكز على غروزين‪ ،‬رمبا ساعدتين هذه الذاكرة املشحونة ابل ّدم من الوجود‪ ،‬أو حماصرة مدن ليقتات سكاهنا‬ ‫حتول مدن‬ ‫واالقتتال بني األحزاب يف كردستان العراق‪ ،‬والدمار واهلوس مبفردات احلرب وصورها‪ ،‬أن على ما تعافه النفس البشرية‪ ،‬أو ّ‬ ‫سبق كل هذا إعدام دكتاتور رومانيا املرعب أبدو متوازانً أكثر يف ظروف عصيبة عشتها‪ ،‬وبلدات وقرى أخرى خرجت من سيطرة‬ ‫تشاوشيسكو على شاشات التلفزيون رمياً كما ال أخفي أن أحاسيسي تبلّدت بعض النظام‪ ،‬إىل وضع تستويل فيه قوى ظالمية على‬ ‫ابلرصاص بعد حماكمة عاجلة‪.‬‬ ‫الشيء جتاه املآسي واحملن‪ ،‬اليت أصبحت زاداً مقاليد األمور فيها‪ ،‬لتعيد إنتاج القمع‪ ،‬والقهر‬ ‫رجال ونساء وأطفال جيلسون على شرفات يومياً‪ ،‬وممراً إجبارايً حليوات البشر‪ ،‬املهدورة العاريني‪ ،‬حتت بواعث كـ«حتكيم شرع هللا يف‬ ‫منازهلم املتدرجة على اجلبل الذي تقبع فوقه على أيدي قناصني عابثني‪ ،‬أو طيارين يفرغون األرض» أو «معاقبة املرتدين»‪.‬‬ ‫أزقة (حي األكراد)‪ ،‬يراقبون احلوامات اليت براميل احلقد السوداء على رؤوس األطفال‪.‬‬ ‫اخلرائط اليت أهنكت التاريخ واجلغرافيا هي‬ ‫تناور يف مساء دمشق اجلنوبية‪ ،‬مطلقة صليات اآلالف من البشر الراغبني يف حياة أفضل‪ ،‬من تصنع احلروب‪ ،‬ورمبا احلروب أيضاً تصنع‬ ‫رشاشاهتا وقذائفها على الضواحي‪ ،‬مشهد والساعني إىل تغيري ما حوهلم‪ ،‬أو الطاحمني اخلرائط‪ ،‬وحتوم حول موائد القتل‪ ،‬والرصاص‬ ‫ذكرين مبا كان يعرض يومياً على نشرات أخبار للهدوء والسكينة‪ ،‬أردهتم احلرب من فوق والدم‪ ،‬صور‪ ،‬وواثئقيات‪ ،‬وتدوينات‪ ،‬تروي‬ ‫التلفزيوانت الرتكية‪ ،‬حني كانت قاذفات اجليش صخورها الصماء‪ ،‬وكنا حنن ممن ال زال حيظى قصص وجتارب وتفاصيل عن ماليني البشر‪،‬‬ ‫الرتكي تقصف بشراسة‪ ،‬وانتظام جبال قنديل بفرصة العيش الفيزيقي– شهوداً على مصائرهم‪ ،‬تلهب الذاكرة اجلمعية والفردية لشعوب ارهتنت‬ ‫ومشزينان طيلة عقد التسعينيات وما بعده‪ ،‬نعاينها واقعاً ملموساً‪ ،‬أو صوراً‪ ،‬وفيديوهات‪ ،‬لقرارات احلكومات والساسة املتنازعني‪،‬‬ ‫ذكرتين أيضاً ابحلمم املصبوبة على قرى اجلنوب أو عرب مشافهات وأحاديث قد ال تعدو كوهنا واحملتكمني لشهوة عمياء تنشب خمالبها الصماء‬ ‫اللبناين من طائرات اجليش اإلسرائيلي‪ ،‬حني مسامرة ترتافق أبكواب النسكافيه‪.‬‬ ‫يف ذواكر البشر قبل مصائرهم‪.‬‬

‫العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫‪47‬‬


‫تفاصيل عابرة‪..‬‬ ‫زمن‬ ‫ني أور ِ‬ ‫اق العمر‪..‬‬ ‫بَ‬ ‫ني متاماً‪..‬‬ ‫يف الساع ِة الثامن ِة والثالث َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫لسعات العقارب‪..‬‬ ‫أتذك ُر اآلن‬ ‫رجف ًة‪ ..‬رجفة‪...‬‬ ‫مث أد ُور َ‬ ‫حول معص ِم َك‪..‬‬ ‫بعض ِ‬ ‫الوقت‪..‬‬ ‫علّي أستعي ُد َ‬ ‫و ُ‬ ‫أوقظ الكثريَ من احلياة‪.....‬‬ ‫حرب‬ ‫وماذا بعد‪...‬‬ ‫يف‪ ..‬ماتبقّى من ذكر ِ‬ ‫اق اخلر ِ‬ ‫ايت‬ ‫مللم ْت أور َ‬ ‫َ‬ ‫الشارِع‪..‬‬ ‫استلقت متعب ًة على أرصفتِ ِه الكهلة‪..‬‬ ‫و ْ‬ ‫وأان هناك‪...‬‬ ‫الشهداء يف هناي ِة اليوم‪...‬‬ ‫أحصي‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الزمن‪ ..‬من‬ ‫أحاول‪ ،‬دو َن جدوى‪،‬‬ ‫تنظيف جدرا ِن ِ‬ ‫َ‬ ‫اليهمه‪...‬‬ ‫دمي الذي ُّ‬ ‫ِ‬ ‫بكامل الكربايء‪...‬‬ ‫ألموت‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ليُ َ‬ ‫قال أيضاً‪:‬‬ ‫كان زمناً عاهراً دو َن أدىن ّ‬ ‫شك‪.......‬‬ ‫وطن‬ ‫الوطن‪...‬‬

‫مسر علوش‬ ‫رسال ُة هللاِ إليك‪..‬‬ ‫تكرُرها على مسام ِع الكو ِن‬ ‫أنشود ُة بيتِ َك احلاين‪ّ ..‬‬ ‫ني ُ‬ ‫يسكنُ َك الصقيع‪...‬‬ ‫حَ‬ ‫الصباح‬ ‫روح َك دوماً لبواب ِة‬ ‫ِ‬ ‫املفتاح الذي حت ِملُه ُ‬ ‫ُ‬ ‫العصيَّة‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫تفاصيل ضحكتِ َك الغائبة‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫وجنو ُن موت َك احلاضر‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫مأساتُك املشرد ُة على َعتَبات األايم‪..‬‬ ‫انتظارُه ألبنائك‪...‬‬ ‫وربي ُع َك الذي ّ‬ ‫تورِث َ‬ ‫السحر تضيء كفّي‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫الوطن‪ ..‬حفن ٌة من ّ‬ ‫ألمسح هبا وج َه احليا ِة القادم‪..‬‬ ‫َ‬ ‫علّها تقوُم َك َمسيح‪.....‬‬

‫أبواب‬ ‫ابء اليتقنون لغ َة األبو ِ‬ ‫اب‪...‬‬ ‫الغر ُ‬ ‫دفء مالمحِ​ِ‬ ‫عبق‬ ‫ها‪..‬الميسون‬ ‫اليصافحون‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫حكاايهتا‪...‬‬ ‫اليرمسون قمراً يف لياليها املوحشة‪..‬‬ ‫بعض ِ‬ ‫روحهم يف‬ ‫أثر مرورِهم عليها‪ ،‬أو َ‬ ‫وال يرتكون َ‬ ‫ودا ِعهم هلا‪...‬‬ ‫طالت زايرتهُ م‪.....‬‬ ‫ابء‪ ...‬يغادرون دوماً مهما ْ‬ ‫الغر ُ‬

‫أعياد‬ ‫على أبو ِ‬ ‫اب األعوا ِم‪..‬‬ ‫يح‪...‬‬ ‫هتزُمين الر ُ‬ ‫وحيد ًة إلاّ من َ‬ ‫عينيك الطيبتني‪،‬‬ ‫بعيد ًة إلاّ عن حنا ِن أصاب ِعك‪..‬‬ ‫شقي ًة إلاّ ك‪...‬‬ ‫التجاعي ُد ّ‬ ‫خط ْت ذكرى مرورِها‬ ‫على املاضي‪ ..‬هناك‪،‬‬ ‫يح‪ ..‬الريح‪،‬‬ ‫والر ُ‬ ‫ِ‬ ‫شبابيك الشتاء‪..‬‬ ‫تكتب امسي على‬ ‫يح وح َدها ُ‬ ‫الر ُ‬ ‫ِ‬ ‫منحتْها‬ ‫شهادات انتصارِها مجيعاً‬ ‫فأان اليت َ‬

‫شهداء‬ ‫تلو اآلخرِ‪..‬‬ ‫ذهبوا واحداً َ‬ ‫مل أيخذوا معهم قطع ًة من الغي ِم‬ ‫الذي حلموا به‪..‬‬ ‫األمحر‬ ‫مل ميسحوا اللو َن‬ ‫َ‬ ‫عن أجسا ِدهم‬ ‫وعيونِنا‪...‬‬ ‫ذهبوا فقط‪..‬‬ ‫اتركني وراءهم قاموساً من املعجز ِ‬ ‫ات‪..‬‬ ‫معجز ٍ‬ ‫ات سيبقى غيابهُ م‬ ‫جرحاً انزفاً فيها‪....‬‬

‫الترحال‬ ‫مل يكن لي ً‬ ‫ال‬ ‫العشق و َ‬ ‫أطياف‬ ‫أسرق‬ ‫لكن ْمه ُت وحدي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫و ْ‬ ‫األماين‬ ‫ني أسر ِ‬ ‫اب احلمام‬ ‫بَ‬ ‫فوق ٍّ‬ ‫تل من رما ِد الذكرايت‬ ‫َ‬ ‫صبااي‬ ‫خيتلس َن‬ ‫الشوق مهساً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫من شفا ِه األمسيات‬ ‫وأمامي‬ ‫راح يشدو اتئهاً بني احلقول‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الصمت احلزين‬ ‫جدول‬ ‫وبقااي من جر ِاح ِ‬ ‫الضيق نشوى‬ ‫ودروب‪...‬‬ ‫ٌ‬ ‫عن مييين‪...‬‬ ‫كجذوع من خنيل‬ ‫تتعرى‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 48‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫ٍ‬ ‫أزرق‬ ‫بقلب َ‬ ‫اتّس َع خلطااي الكو ِن‬ ‫ّ‬ ‫صوت أنينِ ِه ابلغفران‪...‬‬ ‫وغطى َ‬

‫هيفارون شريف‬ ‫اق الشفتني‬ ‫كا َن ميشي‪ ،‬واحرت ُ‬ ‫يرسم القبل َة ومشاً غجرايً‬ ‫ُ‬ ‫ثلج الضفّتني‬ ‫َ‬ ‫فوق ِ‬ ‫صار يهذي‪...‬‬ ‫الشفق‬ ‫ونسيم االفج ِر أغرا ُه ّ‬ ‫ُ‬ ‫هزُه الوج ُد‪ ،‬فصلّى‬ ‫َّ‬ ‫الكأس والنُّدمان لثماً‬ ‫لربي ِع ِ‬ ‫وتر َ‬ ‫اتيل عبق‬ ‫َّ‬ ‫فجر‪ ،‬وحسيب‬ ‫جل هذا‬ ‫السحر اي ُ‬ ‫ُ‬ ‫أعصر مخري جبنو ٍن‬ ‫أنين ُ‬ ‫كانبها ِر احللمتني‬ ‫ذات ٍ‬ ‫شوق‬ ‫الصبح يصحو‬ ‫ضوء‬ ‫ِ‬ ‫راح ُ‬ ‫شهوُة الرما ِن أف ٌق‬ ‫ودموع ّ‬ ‫فوح‬ ‫ُ‬ ‫الفل ٌ‬ ‫ذات ٍ‬ ‫شوق‬

‫أنفاس الندى‬ ‫ملّ َ‬ ‫صمت‬ ‫نرجس العينني ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫بوح‬ ‫د‬ ‫الوج‬ ‫وصهيل‬ ‫ٌ‬ ‫ني الغصون‬ ‫آ ِه ايهذا املدى ب َ‬ ‫كيف أغوتين صباحاً‬ ‫َ‬ ‫حب ُة ِ‬ ‫التوت الشهية‬ ‫كحساس ِ‬ ‫ني الرباري‬ ‫القلب وتصدح‬ ‫تنقر َ‬ ‫ُ‬ ‫اشات حيارى‬ ‫وعلى‬ ‫السفح فر ٌ‬ ‫ِ‬ ‫الس ْك ِر‬ ‫ُ‬ ‫ترشف الشه َد بزه ِو ُّ‬ ‫رياّ ترتنّح‬ ‫رف ٌّ‬ ‫وبقرب ا ُجل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظل‬ ‫يب وصبية‬ ‫لص ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ايقلب‪ ..‬وعنّاين السهر‬ ‫هدين‬ ‫الرتحال ُ‬ ‫الروح عنوا ُن شجوين‬ ‫ونز ُ‬ ‫يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآلهات مو ُال أحرت ٍ‬ ‫اق‬ ‫من صدى‬ ‫الناي‪ ..‬وشرايين وتر‬ ‫أضلعي ُ‬


‫خيط الشمعة‪..‬‬ ‫ترجتف يدي‪ ،‬وحنيب طويل ميد رأسه يف صدري‪ ،‬هو ذا ابب املنزل‬ ‫لتشوه األصابع‪ ،‬أضغط‬ ‫واجلرس ذاته‪ ،‬أرفع يدي ببطء أأتمل آاثراً ُّ‬ ‫اجلرس فري ُّتد الصوت من بعيد ‪..‬‬ ‫إفراج ‪....‬‬ ‫َّ‬ ‫رن الصوت يف ِّ‬ ‫كل أرجاء الرطوبة وكل السواد امللتحف يف العيون‬ ‫بدا كمرج أخضر حىت صرير املفاصل أصبح أكثر ليونة من صدأ‬ ‫السنوات العشر‪.‬‬ ‫مثانية أايم بعد زواجنا وغبت عنها‪ ،‬كانت كفيلة أن تلقي يب هواجس‬ ‫كريهة‪.‬‬ ‫أصوات متخر فجيعة الظالم تتمايل مثل جنيات الكهوف البعيدة‪:‬‬ ‫ امرأة يف مقتبل العمر ‪ ...‬وأكيد أهنا ‪!!....‬‬‫ لكنها حتبين ومل تطلب الطالق مين طيلة تلك السنوات‬‫ لكنها بشر ‪ ....‬مشاعر‬‫ هي لن تفعل ما يقتلين مرتني شاركتين أحالمي ‪ ...‬قصائدي ‪..‬‬‫وأفكاري ‪..‬‬ ‫كنا حنلم حبياة أفضل‪ ،‬نسابق املوسيقى اجلميلة ابلفرح والدهشة‪ُّ ،‬‬ ‫نعد‬ ‫ألايمنا القادمة أوالدان برائحة العصافري ‪..‬نغين لبياض نواايان‪ ،‬ونؤمن‬ ‫بطهارة الشموع وحنن نزين هبا شوارع الظلمة احمليطة بنا‪ ...‬هي أبداً‬ ‫لن تفعل ما يقتلين‪..‬‬ ‫خبار الذاكرة هذا كان مثل أتنيب الوقت الضائع‪ ،‬حيث ال ظل‬ ‫للشمس يف مآقينا‪ ،‬والنهار ما عاد يزور عظامي إال ساعة التنفس‬ ‫العفنة‪ ،‬حىت حلم النافذة مل يعد له نكهة البداايت‪ ،‬عندما أيقنت أن‬ ‫تلك النافذة تطل على ظلمة أوسع ‪..‬‬ ‫ما عاد التصور يتسع البتكار غابة من الشموع على قيد احللم‬ ‫ما عادت تغريك سرية اخلبز وال سهول اجلوع ‪..‬‬ ‫ومكرراً وأنت تنحت له األشكال من حواف‬ ‫صار ابهتاً هذا الفراغ َّ‬ ‫الرغبة‪.‬‬ ‫هل جنحت تلك الظلمة يف حمو ألوان قصائدك ؟‪ ..‬أم أنك استدركت‬ ‫قيمة الزمن املطروح من عمرك الفائت وهذا املخنوق يف داخلك هل‬ ‫كان يشبهك يوماً ما؟‬ ‫عندها بدأت تعد األشياء من حولك دون أن تطرح سؤاالً على قيد‬ ‫اخلالص‪...‬‬ ‫هل فاتك القنديل بدواعي احليطة وامللل؟ أم إن بذرة اجلنب قد‬ ‫زرعتها الظلمة يف رحم هواجسك القلقة؟ أو رمبا هو فوات العمر‬ ‫األمجل ‪...‬‬ ‫لكنك كنت دائماً تفتح من بني ركام الصمت سؤال املعىن ! عناوين‬ ‫اللصوص ذاهتا تستذكر أمساءهم‪ ،‬تقلّب صورهم‪ ،‬تعد أنياهبم‪ ،‬مث‬ ‫تك ِّفن ضحاايهم‪....‬‬ ‫لتجلس مرة أخرى حتت شجرة التوهم تلك ‪:‬‬ ‫بلم فتات الضوء من بني‬ ‫حينها كانت عيناي ‪-‬كالعادة ‪ -‬مشغولتني ِّ‬

‫أمين األمحد‬ ‫أصابع أحد احلراس وقف أمامي بتلك اجلملة ‪:‬‬ ‫ هذا من زوجتك ‪...،‬أعطاين خيطاً أبيض ‪....‬مث غادر!‬‫ظلت تلك اللحظة مشدوهة أمامي طيلة تلك السنوات‪ ....‬فرحت‬ ‫أحتضن اخليط براحيت أايماً طويلة أمشه أداعبه أبصابعي مث أربطه‬ ‫حول معصمي هكذا إىل أن أطبق أجفاين على تلك األايم املزدانة‬ ‫ابلشموع‪:‬‬ ‫كنا عدداً من األصدقاء مجعنا البحر والتوق لسماء مجيلة تتسع‬ ‫ألحالمنا‪.‬‬ ‫اخرتان لعبة األسئلة تلك ‪ ،‬لنسامر وقت البحر الشارد ‪ ،‬كنت أراقب‬ ‫عيوهنا بشغف غريب ‪ ،‬فاجأتين بسؤاهلا عن العيون ‪..‬‬ ‫ ما العيون ؟ ما أمجل ما فيها ؟‬‫ العيون لغة ال تعرف الكذب ‪ ...‬أمجل ما فيها بياضها أو رمبا عندما‬‫حنتوي من حنب أبلواهنا بذلك الدفء‪...‬‬ ‫وعندما ابتسمت عيناها صار لزاماً عليها – حسب قواعد اللعبة – أن‬ ‫حتقق ما تطلب منها ‪..‬‬ ‫عندها اخرتت أن تشعل لك مشعة ‪..‬‬ ‫ابنت غمازاتن مقرتبتان بطفولة من الشفاه املبتسمة وهي تشعل بيديها‬ ‫الصغريتني كبياض القرنفل الشمعة لك‬ ‫ «أحتب الشموع أم البحر» ‪...‬قالت لك‬‫ «أحب الضوء» ‪...‬قلت هلا‬‫فجأة أفتح جفين كامللدوغ‪ ،‬وكأنين تذكرت شيئاً وأان أصرخ ‪:‬‬ ‫ «أيها الصوت الننت مل يعد لك صدى يف صدري هي ذي تبعث‬‫إبشارة هي تنتظرين حىت لوعدت جثة‪ ،‬هيه ‪ ...‬هيه ‪ ،‬هي لن ختونين‪...‬‬ ‫تلك العينان ال ميكن أن يغادرمها الطهر»‬ ‫ينفتح الباب ‪..‬‬ ‫حام ً‬ ‫ال ‪ ..‬ضوء وجهها الدافئ‬ ‫ اي هللا ذات العينان الوحشيتان‪...‬مازال بياضهما كدهشة لقائنا‬‫األول‪.‬‬ ‫تعانقين بـرجفة وشهقة عارمة‪..‬متسك بوجهي بني راحتيها املتعبتني‬ ‫تتأملين بدموعها‪..‬تشمين‪ ، ...‬فيهتز رأسي مث أدفن وجهي يف صدرها‬ ‫كطفل كان غائباً عن أمه‪ ،‬وأنتحب طوي ً‬ ‫ال عن ذلك الضوء املرجتف يف‬ ‫العيون ‪ ...‬حطب االنتظار العفن ‪ ..‬والدمع املكبوت حسرة ‪ ...‬عن‬ ‫كل خطاي العابرة ذلك السجن‪ :‬وهي تلملم أقدامي القتيلة من حواف‬ ‫العمر اخلائب‪...‬‬ ‫ترفع رأسي لتمسح وجعي‪ ،‬ولترتك حلظة الفرح ابلعبور على حلظتنا ‪..‬‬ ‫فأتلمس شعرها الذابل‪ ،‬أحاول مجع شتات حنيين‪ ،‬أبتسم لعينيها وأرفع‬ ‫معصمي أمامهما ‪:‬‬ ‫ أكثر ما كان جيعلين على قيد الضوء عيناك وخيط الشمعة هذا ‪...‬‬‫حتتضنين ‪..‬‬ ‫ خيط الشمعة ‪ ...‬أي خيط !؟‬‫العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫‪49‬‬


‫مكــتب الــرئيس‬ ‫مثة أوراق على الطاولة‪ ،‬خطط خمتلفة وموازانت‪ ،‬أرقام مرتبة يف‬ ‫جداول‪ ،‬فتاحة رسائل على شكل حصان‪ ،‬ونصلها من قرن‬ ‫وعل مشحوذة بعناية ساموراي‪.‬‬ ‫على الطرف اليساري كتاابن اثنان؛ السرية الذاتية للوالد احلنون‬ ‫يف األعلى‪ ،‬ودستور البالد يف األسفل‪ ،‬وأمامهما يف اجلهة‬ ‫ذاهتا دواة حرب مذهبة‪ ،‬جف حربها منذ أن بدأان نستخدم‬ ‫اخلرطوش‪.‬‬ ‫على اجلدار صور خمتلفة األحجام‪ ،‬أكربها صورة صاحب‬ ‫املكان‪ ،‬مث ابلتتابع أب وأخ وصورة للعائلة‪ ،‬ويف الدرج السفلي‬ ‫إىل اليمني صور األعمام واألخوال‪ ،‬وزمالء الدفعة الثانوية‬ ‫والعسكرية واجلامعية‪ ،‬موزعة على ألبومات‪ ،‬وممهورة بعبارة‬ ‫سري جداً‪.‬‬ ‫احلائط اجلانيب فارغ‪ ،‬ورق اجلدران فضي معرق بعروق سوداء‪،‬‬ ‫مما مينح إحساساً مفرطاً ابلرمسية أقرب لدار املسنني‪ ،‬واحلائط‬ ‫الثالث تتوسطه صورة كبرية لسيدة تبتسم ابلكاد‪.‬‬ ‫خلف كرسي املكتب مثة برواز حديدي يؤطر خارطة سوراي‪،‬‬ ‫لكأن اإلطار يشي أبشياء كثرية‪ ،‬لكن الصورة ذاهتا مجيلة‪،‬‬ ‫سوراي اجلغرافيا اهلادئة‪ ،‬حيث ال سكان على الورق يصخبون‬ ‫ويهتفون ويشتكون‪ ،‬سوراي صامتة ساكنة بكل حمافظاهتا‪ ،‬ليتها‬ ‫كذلك!‬ ‫نسيت يف الدرج العلوي األمين ثالثة أشياء هامة‪ :‬مدونة يف‬ ‫سجل العهدة للحاجب املسؤول عن النظافة‪ ،‬مسدس مع‬ ‫خمزنني‪ ،‬وقناع الغازات الواقي وهو أمريكي الصنع‪ ،‬وحقيبة‬ ‫اإلسعاف الفردية مع جمموعة إضافية من األتروبني‪ ،‬سيكون‬ ‫صعباً العيش يف مكان ال تتوافر فيه هذه الثالثية‪.‬‬ ‫اخلزانة اخلشبية أببواهبا الزجاجية املعشقة ابلربونز حتوي عدة‬ ‫بدالت مدنية وعسكرية‪ ،‬وأحذية هي األخرى مدنية وعسكرية‬ ‫مصفوفة ابنتظام اتم‪ ،‬وعلى رأسها حذاء دورة األركان‪ ،‬يبدو‬ ‫كآمر صف لباقي األزواج‪ ،‬فهو الوحيد املوضوع ابالجتاه‬ ‫املغاير‪.‬‬ ‫زجاج الطاولة ممسوح بعناية فائقة‪ ،‬واملخمل األخضر أسفله‬ ‫مينح إحساساً ابلربيع‪ ،‬ما من بطاقات أطباء وال ابئعي الفروج‬ ‫املشوي‪ ،‬وال حىت بطاقات رؤساء آخرين أو الئحة أرقام‬ ‫اهلواتف املهمة‪ ،‬وال العملة الورقية املنسقة‪ ،‬نظافة اتمة للطاولة‬ ‫املصنوعة من خشب بلون الكرز‪ ،‬وكأهنا قدمت منذ ثوان من‬ ‫خمازن الشركة الربيطانية الصانعة‪.‬‬ ‫نسيت شرح نظام اهلواتف؛ هنا كان إراثً ذلك اهلاتف األسود‬ ‫‪ 50‬العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫عالء الدين زايت‬

‫األملاين بقرصه الذي يصدر خشة دافئة‪ ،‬لذا احتفظ مبكانه‬ ‫على الطاولة كسيد للمكان‪ ،‬وإىل جواره عبيده من سوين‬ ‫وسامسونج وسريونيكس اليت ترمقه حبسد كبري‪.‬‬ ‫أسفل الطاولة البد من أنكم الحظتم إغفايل هلذا اجلزء –‬ ‫سأشرح مهساً‪ -‬هناك عدة أزرار‪ ،‬وهي مزودة بنتوءات تكشف‬ ‫دالالهتا‪ ،‬حبيث يدرك السيد ما الذي يضغطه ابللمس‪،‬‬ ‫للحاجب زر‪ ،‬ولرئيس املكتب زر‪ ،‬وللحرس الشخصي زر‪،‬‬ ‫ولإلنذار العام زر‪ ،‬وزر أخري انفر بشكل استثنائي يفتح كوة يف‬ ‫اجلدار إىل مصعد يفضي اىل الطابق الثالث حتت األرض‪.‬‬ ‫كل هذه الفوضى يف اخلارج تغيب مع االقرتاب من حواف‬ ‫السور ‪ ،‬لتصبح األشياء منتقاة بعناية صائغ؛ لون البوابة‬ ‫اخلارجية‪ ،‬شارات التحذير من االقرتاب والتصوير‪ ،‬الشبك‬ ‫املكهرب‪ ،‬األسالك املخفية والواصلة ألجهزة التحسس ابحلركة‬ ‫واحلرارة‪ ،‬وتشغيل مرشات ترطيب النجيل‪ ،‬كل ذلك يشي أن‬ ‫حتالفاً دولياً خملصاً لالحرتاف املهين مكث هنا طوي ً‬ ‫ال وعاين‬ ‫كل تفصيل‪ ،‬كيف لفوضى اإلدارات والعبث والفساد الغارق‬ ‫املغرق أن يضمحل على أعتاب هذه البواابت؟ بقي السؤال‬ ‫احملري معلقاً‪ ،‬وسيبقى كذلك إىل حلظة اكتشاف ثغرة الربجمة‪،‬‬ ‫أو رمبا حلظة تسريبها حني جيد حمرتفو اإلنشاء أن املكتب صار‬ ‫أوسع من صاحبه‪.‬‬ ‫للمكتب ذكرايت بل ذاكرة بلد كاملة‪ ،‬حيث إن هرماً مستدقاً‬ ‫أقرب ملسلة مصرية كانت سوراي وما تزال‪ ،‬كل ثقل احلياة‬ ‫ومصادرها‪ ،‬جنة املوعودين وجحيم دانيت هنا مع ضغطات‬ ‫األزرار املختفية أسفل املكتب‪ ،‬هذه املسلة هي منوذجنا‬ ‫للحكم‪ ،‬وعلى الكل َّ‬ ‫رضعاً ونساء ومسنني ورجاالً‪ ،‬تدعيم‬ ‫قاعدهتا لتبدو أكثر استقراراً‪ .‬وطن بكل جالئه مثقوب مبسلة‬ ‫واحدة‪ ،‬هو أقرب لكعب أخيل ما إن ترميه عليك توقع حجم‬ ‫الكارثة‪.‬‬ ‫وإذن هل من عصر قادم نورث طالب املدارس ذلك الكرنفال‬ ‫األمريكي‪ ،‬حني متر الرحالت املدرسية املختارة عرب البيت‬ ‫األبيض‪ ،‬لتشاهد حلم املكتب البيضاوي‪ ،‬قاب ً‬ ‫ال للمس‬ ‫والتذوق واالنشغال به‪ ،‬هل مثة طالب إعدادية من مدن‬ ‫وأرايف سوراي سيتاح هلم هذا البذخ واالقرتاب دون شارات‬ ‫منع‪ ،‬والتصوير دون زجر‪ ،‬ودون سلك مكهرب‪ ،‬ودون حراس‬ ‫دانيت ودون ضغطات زر أسفل املكتب‪ ،‬وخباصة ذلك النافر‬ ‫املودي إىل القبو الثالث؟‬ ‫ليس من إجابة بنعم‪ ،‬واملسلة تلك ماتزال تثقب قلب البالد‪.‬‬


‫العدد (‪ )2‬شباط ‪2014‬‬

‫‪51‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.