Alsaieda magazine 3

Page 1

‫شـهرية مستقلـة تعنى بـاملرأة السـورية‬ ‫تصدر عن املركز السوري للصحافة والنشر‬ ‫آذار ‪ / 2014‬العدد (‪)3‬‬

‫معدالت التمثيل النسوي السياسي‬ ‫في العالم‬ ‫األبواب الخلفية للتلفزيون السوري‬ ‫تحقيق‪:‬‬ ‫المرأة السورية وقضية الكوتا‬ ‫لقاءات‪:‬‬ ‫ريم تركماني‬ ‫بروفسور الفيزياء الكونية مؤرخة بالصدفة‬ ‫سهير األتاسي وعال رمضان‬ ‫(ال سالم بال عدالة) وجائزة للسوريات‬


‫العناوين‪:‬‬ ‫افتتاحية‬ ‫املرأة السورية وقضية الكوتا‬ ‫حتقيق‪ :‬يامسني مرعي‬ ‫فريق حترير سيدة سوريا‬

‫‪20‬‬

‫‪ 2000‬شهيد قتلى براميل النظام يف حلب‬ ‫تقرير‪ :‬يزن احلليب‬

‫يف سورية‪ :‬التعليم بني البعث والثورة وتنظيم‬ ‫«الدولة»‬ ‫حممود الدرويش‬

‫«ال سالم بال عدالة» جـــائزة للسوريــات‬ ‫فريق حترير سيدة سوريا‬ ‫حكاية النوروز ‪ ..‬املسري ً‬ ‫دوما إىل األمام‬ ‫خومشان قادو‬

‫جمازر يف قلعة احلصن وسعي النظام لتفريغ محص‬ ‫وريفها من سكانها‬ ‫فريق حترير سيدة سوريا‬

‫بورتريهات السجن‪..‬‬ ‫مسر يزبك‬

‫رئيس التحرير‪:‬‬ ‫حممد اّ‬ ‫ملك‬

‫اإلدمان آفة العصر‬ ‫كوثر سعيد‬

‫نساء يبعثن األمل داخل خميمات النزوح‬ ‫ملى ريان‬

‫تسالي‬

‫‪18‬‬

‫امرأة اجلــوار‪ ،‬الليلــة األمريكيــة‪..‬‬ ‫فـرانسـوا تروفو يصنـع األفكــار اخلــالدة‪..‬‬ ‫علي سفر‬ ‫واقع الثورة السورية واألمل‬ ‫ندى اخلش‬

‫شهادة معتقلة‪ ..‬قصة اعتقالي‬ ‫فاطمة سعد (‪)2/1‬‬ ‫‪ ...‬واملرأة السورية‬ ‫عبد الوكيل بريقدار‬ ‫كوني مجيلة وال تصميت‬ ‫آية أتاسي‬ ‫معدالت التمثيل النسوي السياسي يف العامل‬ ‫ترمجة‪ :‬د‪ .‬إنعام شرف‬ ‫فريق ترمجة سيدة سوريا‬ ‫حملة تارخيية عن حركات حقوق املرأة‬ ‫ترمجة‪ :‬مراد عيد‬ ‫فريق ترمجة سيدة سوريا‬ ‫سوريات ال زلن يصنعن الزهور‬ ‫زياد دعبول‬ ‫ريم تركماني بروفيسور الفيزياء الكونية‬ ‫مؤرخة بالصدفة‬ ‫فريق حترير سيدة سوريا‬ ‫«شبكة املرأة» و«السالم بال عدالة» حتتفالن‬ ‫بيوم املرأة‬ ‫فريق حترير سيدة سوريا‬ ‫‪2‬‬

‫العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫مدير التحرير‪:‬‬ ‫يامسني مرعي‬ ‫مدير عالقات عامة وترمجة‪:‬‬ ‫د‪ .‬إنعام شرف‬ ‫سكرتري حترير‪:‬‬ ‫مراد عيد‬

‫األبواب اخللفية للتلفزيون السوري‬ ‫رعد شاهني‬

‫اإلمييل‪:‬‬

‫يف سجون البعث‪ ..‬شهادة معتقلة مل تعتقل‬ ‫هالة درويش‬

‫الفيس بوك‪:‬‬

‫املرأة كرمز للحرية‬ ‫قراءة يف جمموعة للشاعر فرج بريقدار‬ ‫عبد الكريم بدرخان‬

‫املكتب الرئيسي‪:‬‬ ‫تركيا ‪ -‬غازي عينتاب‬ ‫ت‪00905533679528 :‬‬ ‫‪00905435322971‬‬ ‫‪00905347362458‬‬

‫سافو والشعر الغنائي اإلغريقي‬ ‫د‪ .‬غسان مرتضى‬ ‫أدب‪:‬‬ ‫قصة‪ :‬املخاض‪ ..‬أمين األمحد‬ ‫شعر‪ :‬أسفار‪ ..‬وفا مصطفى‬ ‫جردة حساب الزمة‪ ..‬عالء الدين زيات‬ ‫الصفحة األخرية‪ :‬عمل هلبة األنصاري‬

‫‪24‬‬

‫السعر خارج سوريا‪ )5( :‬يورو‬ ‫توزع ً‬ ‫جمانا داخل األراضي السورية‬


‫افتتاحية‬

‫من ولد مع بداية ستينات القرن املاضي ومن بعدهم‪ ،‬يشمل ذلك جيلنا حنن مواليد بداية السبعينات أجيال عاشت حكم البعث‪ ،‬وحكم نظام آل األسد‪،‬‬ ‫ومن عاش ذاك الزمن يتذكر كيف كان كل شيء ممسوكاً بيد النظام‪ ،‬يتذكر كيف كانت حياة السوريني غارق ًة يف الكذب والرعب والتهديد‪ ،‬غارق ًة ابخلواء‪،‬‬ ‫حمطة تلفزيونية واحدة‪ ،‬تواظب على تقدمي برامج‪ ،‬محاة الداير والشرطة يف خدمة الشعب وعامل األسرة واحتاد شبيبة الثورة واحتاد الطلبة وأرضنا اخلضراء‬ ‫املي)‪ ،‬بينما جيفف النظام ماء اخلابور‪ ،‬يقتل النهر‪ ،‬ويغرم من يزرع شجرة يف قامشلو‬ ‫وبرامج زراعية أخرى‪ ،‬من مثال (يف رحاب اجلزيرة أرض اخلضرة و ّ‬ ‫وعامودا‪ ،‬يلغي تسمية قرى موجودة منذ آالف السنني‪ ،‬ويسميها أبمساء لقيطة من ضمن كذبة آل األسد‪ ،‬فيها‪ :‬البعث وتشرين واألسد والباسل والتصحيح‬ ‫كم ال ينتهي من هذا الزيف والكذب‪ .‬يتذكر السوريون حينها أن ذاك التلفزيون الواحد‪ ،‬إذا ما تكرم على الشعب يف العيد أو يف مناسبة قومية‪،‬‬ ‫وآذار‪ ،‬و ٌ‬ ‫وما أكثرها‪ ،‬أعاد عليهم بث كذابت مل حيتج إىل زايدهتا‪ ،‬حيث يكرس كذبه‪ ،‬كذكرى حرب تشرين واحلركة التصحيحية‪ ،‬ويعرض عليهم متثيلي ًة حتوي‬ ‫مجلة (ألف حبل مشنقة وال يقولوا أبو عمر خاين اي خدجية)‪ ،‬مل يكن عرض تلك الدراما حماولة لرتبيتهم على ما جيب أن يكون‪ ،‬بل كانت أكثر فجاج ًة‬ ‫ومباشرة‪ ،‬كانت هتديداً أبلف حبل مشنقة إن أخطأت ولو خطأً بسيطاً‪ ،‬فألصقت بك صفة عميل أو خائن‪ ،‬مادام نظام آل األسد ميلك صالحية توزيع‬ ‫هذه الصفات لوسم السوريني هبا أىن شاء‪.‬‬ ‫كرر فيها مسرحيتا غربة أو كاسك اي وطن‪ ،‬وفيما بعد ابت‬ ‫يتذكر السوريون حينها أن التلفزيون يف أايم العيد حيمل إمكانية بث مسرحية على جزئني‪ ،‬تُ َّ‬ ‫تبسط عقول السوريني من جهة‪ ،‬وختربان حبكمة مفادها أن القائد جيد‪ ،‬لكن من حوله سيؤون‪ ،‬هكذا عربت‬ ‫يسمح مبرور فيلم كاحلدود أو التقرير‪ ،‬أفالم ّ‬ ‫سنوات وسنوات على شاشة تلقني وحتذير وهتديد السوريني‪.‬‬ ‫يتذكر السوريون كيف مر نظام آل األسد من كوى ضيقة حكمت جوع السوريني وشبعهم‪ ،‬كوى املخابز– األفران اخلاصة والعامة‪( ،‬مربعات إبطار حديدي‬ ‫ال تعدو أن تتسع لرأس شخص واحد‪ ،‬ال زالت تنتشر يف أبنية سوراي‪ ،‬وكوى صغرية لبيع الزيت واألرز والسكر (على البطاقة)‪ ،‬من خالل هذه الكوى‬ ‫ٍ‬ ‫ساعات أمام‬ ‫الضيقة عربت كرامة السوريني‪ ،‬فيما يدخل الناس يف بالد اجلوار والعامل كافة حماالً جتارية‪ ،‬ليختاروا أنواع اخلبز الذي يريدون‪ ،‬وقف السوريون‬ ‫تلك الكوى‪ ،‬بل هدروا أعمارهم ليشرتوا خبزاً مسروق املكوانت‪ ،‬خيضع ألمزجة فرع األمن ومدير الفرن ومدير مستودع اخلمرية‪ ،‬وكلهم أو جلهم اختاره‬ ‫نظام آل األسد من اللصوص عدميي الضمري‪ ،‬هم أتباع النظام أمس‪ ،‬وهم مواالة وشبيحة وشهود الزور اليوم‪ ،‬بنفس الطريقة اصطف السوريون ابملئات‬ ‫حيملون عبواهتم البالستيكية ذات العشرين لرتاً‪ ،‬ووقفوا ساعات وساعات يف األايم الباردة ليحصلوا على تدفئة أبنائهم‪ ،‬وقَبِل جيلنا كل ذلك‪ ،‬قَبِل بكل‬ ‫طيبة‪ ،‬بكل بله‪ ،‬بكل ال مباالة‪ ،‬وبكل جنب‪ ،‬التهام كل ما ألقي له‪.‬‬ ‫هكذا ذهب حافظ األسد إىل روسيا وكوراي الشمالية وأمثاهلا من دول األنظمة الشمولية والديكتاتورايت‪ ،‬جالباً للسوريني جتارب معلبة تلتهم العمر منذ‬ ‫الطفولة‪ ،‬فال ترتكه إالّ فراغاً ذاوايً‪ ،‬هكذا جلب حافظ األسد شوراتً قصرياً وتيشرياتً أصفر‪ ،‬عليه خارطة وطن عريب أخضر‪ ،‬أضيف عليها للقيافة فوالر‬ ‫وجوزة من البالستيك‪ ،‬ال ختتلف بلوهنا عن (شحاط) السوريني البالستيكي‪ ،‬لكن بطبعة عليها شعار البعث‪ ،‬مث قبعة على الرأس ألداء التحية‪ ،‬وإعالن‬ ‫أو متهيد الدخول يف أنك طفل مملوك للقائد‪ ،‬وأنك جندي جل ما أريد له يف هذه احلياة (أن يقدم عمره وروحه على ما تقوله الشعارات اليت حيفظها‬ ‫ويرددها) فداء للقائد الذي يتبدى كرمز بصوره ومتاثيله املوجودة يف كل مكان‪ ،‬ما دفع شاعراً كـ (إايد شاهني) لتوصيف البالد على أهنا (ألبوم صور حلافظ‬ ‫األسد وأبنائه)‪.‬‬ ‫من كوى املخابز الضيقة‪ ،‬كوى املؤسسات االستهالكية‪ ،‬من الشعارات الكاذبة‪ ،‬من االستهتار والالمباالة‪ ،‬من الصمت‪ ،‬تسلل غول نظام البعث‪ ،‬نظام‬ ‫آل األسد‪ ،‬إىل حياة السوريني فحكمها وأحكم عليها‪ ،‬امتص أرواحهم‪ ،‬وأذوى أعمارهم‪.‬‬ ‫هلذا جيب على جيل الثورة‪ ،‬جيل الشباب‪ ،‬أن يهدموا هذه الكوى‪ ،‬حيطموها‪ ،‬وال يقبلوا العبور إىل احلياة عربها‪ ،‬عليهم كي يبنوا بلداً‪ ،‬وليس دكاانً‪ ،‬أالّ‬ ‫يصمتوا عن خطأ أايً من كان قائله وفاعله‪.‬‬ ‫صمت جيلنا واألجيال اليت قبلنا‪ ،‬سبّب دمار سوراي اليوم‪ ،‬سبّب نصف مليون قتيل وجريح‪ ،‬وماليني املشردين‪.‬‬ ‫يفصلون غ َد سوراي‪ ،‬غدكم‪ ،‬على‬ ‫ال تصدقوا منظري اليوم من سياسيي األمس‪ ،‬ال تستثنوا أحداً‪ ،‬جلهم كاذبون يريدون أن يُلبِسوا احلاضر لباس املاضي‪ّ ،‬‬ ‫مقاس أمس الذي ال يعرفون غريه‪ ،‬على الشباب السوري الثائر‪ ،‬أن ينظر اليوم إىل واقعه وحيدد ما يريد‪ ،‬أن يستند إىل طاقاته‪ ،‬أن جيمع نفسه ويفكر عميقاً‬ ‫يف ماهية العامل اليوم‪ ،‬وكيف سيكون بتطوره بعد أعوام‪ ،‬على الشباب أن يفكر حبقوق املواطنة اليت يناهلا مواطن يف السويد وسويسرا والدمنارك وهوالندا‬ ‫وكندا‪ ،‬على الشباب أن يفكر كيف يبين بلداً ال ميلكها األشخاص‪ ،‬بل ميلكها كل أبنائها‪ ،‬لنستطيع أن نبين معها عالقة حب جتعلنا ندافع عنها‪ ،‬فال‬ ‫هندرها ونتخلى عنها عند أول خوف‪ ،‬نشك بوجودها عند أول حرية‪ ،‬وعند أول كلمة‪.‬‬ ‫على الشباب الثائر أن يفكر على أي مقومات تبىن البالد‪ ،‬الدميوقراطية التعددية العدالة املساواة بني اجلميع‪ ،‬حزم يف تطبيق القانون‪ ،‬فمن بني هذه‬ ‫التفاصيل‪ ،‬خيرج الطغاة‪ ،‬جتار الدم‪ ،‬اخلونة‪ ،‬وابئعو البالد‪ ،‬وعلى الشباب االنتباه إىل أن الثورة اليوم تريب على هوامشها أمثال هؤالء‪ ،‬مسلحني خيلقون شرائع‬ ‫كاء هلم‪ ،‬سياسيون وإداريون وأصحاب خطب خادعة‪،‬‬ ‫وقوانني خلدمة مصاحلهم‪ ،‬يسرقون ثروات سوراي برتوالً وآاثراً وغريها‪ ،‬يساعدهم ويسهل عملهم شر ٌ‬ ‫نراهم بكامل كذهبم وزبد أشداقهم‪ ،‬نوحهم وانعدام حيلتهم‪ ،‬وقاحتهم‪ ،‬وهم يقامرون مبستقبل سوراي‪ ،‬مبستقبل ما تبقى من شباهبا وأطفاهلا‪ ،‬يعتاشون على‬ ‫أحزاننا آالمنا‪.‬‬ ‫حاسبوهم‪ ،‬ال تسكتوا عن أخطائهم‪ ،‬وال يردنكم عن سعيكم من يقول (سريوا على اخلطأ كي ال تشقوا الصف)‪ ،‬أخرِسوا هذه األصوات‪ ،‬فهم ال يقصدون‬ ‫إالّ صفوفاً من األتباع تسري خلفهم‪ ،‬ولن يقبل السوريون بعد كل هذا األمل‪ ،‬جتيري تضحياهتم للكاذبني والسارقني واخلونة‪.‬‬ ‫على السوريني أن يشحذوا مهمهم فقد حترروا من اخلوف‪ ،‬من الوهم الذي عاشوه كاملسرمنني طوال مخسني عاماً‪ ،‬وابت قريباً إسقاط آل األسد بنظامه‬ ‫ومنظومته‪ ،‬فال تسمحوا ابستبدال ملقي ٍ‬ ‫كذب آبخر‪.‬‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫العدد (‪ )3‬آذار ‪3 2014‬‬


‫المرأة السورية وقضية الكوتا‬

‫حتقيق‪ :‬ايمسني مرعي‬ ‫• فريق حترير سيدة سوراي‬

‫منذ ظهور املفهوم احلديث للدولة‪ ،‬وإشكالية ضعف مشاركة النساء يف العملية السياسية ووجودها يف مواقع صنع القرار مها أكرب‬ ‫إشكاليات تواجدهن يف اجملال العام‪ ،‬واالعرتاف حبقوقهن يف كافة أحناء العامل‪ .‬واستناداً إىل الطبيعة االجتماعية والثقافية‪ ،‬والقوانني‬ ‫املعتمدة يف كل بلد‪ ،‬ختتلف نسب مشاركتهن‪ .‬ويعترب وجود النساء يف مواقع صنع القرار وسيلة حلث النساء األخرايت على املشاركة‬ ‫يف احلياة العامة والسياسية لبالدهن‪ ،‬على اختالف انتمائهن الطبقي‪ ،‬السياسي‪ ،‬االجتماعي والثقايف‪.‬‬ ‫يف بكني عام ‪ ،1995‬اقرتح نظام «الكوات» أو ما يعرف بتخصيص حصص للنساء‪ ،‬يف املؤمتر العاملي الرابع عن النساء‪ ،‬كآلية مرحلية‬ ‫لعالج ضعف مشاركتهن يف احلياة السياسية ومراكز صنع القرار‪ ،‬نتيجة ما يواجهنه من هتميش وإقصاء‪.‬‬ ‫للكوات ثالثة أشكال‪:‬‬ ‫‪ - 1‬الكوات القانونية أو الدستورية التمثيلية‪ :‬اليت ختصص من خالهلا‬ ‫نسبة حمددة من مقاعد اجملالس التشريعية للنساء‪ ،‬طبقت يف العراق‪،‬‬ ‫حيث ينص الدستور العراقي على ختصيص ‪ %25‬من مقاعد جملس‬ ‫النواب للنساء‪ ،‬ويف األردن حيث خصص القانون ‪ %10‬من املقاعد‬ ‫للنساء‪.‬‬ ‫‪ - 2‬الكوات الرتشيحية اليت قد تكون مقننة‪ ،‬فتجرب األحزاب على‬ ‫ترشيح نسبة حمددة من النساء على قوائمها‪ ،‬واملثال ما نص عليه قانون‬ ‫االنتخاب يف فلسطني عام ‪ ،2005‬أبن تتضمن كل قائمة انتخابية‬ ‫مرشحة‪ ،‬حداً أدىن لتمثيل املرأة‪ ،‬ال يقل عن امرأة واحدة من بني كل‬ ‫من‪:‬‬ ‫‪.1‬األمساء الثالثة األوىل يف القائمة‪.‬‬ ‫‪.2‬األربعة أمساء اليت تلي ذلك‪.‬‬ ‫‪ .3‬كل مخسة أمساء تلي ذلك»‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫‪ - 3‬الكوات الطوعية‪ :‬وتبناها األحزاب يف لوائحها دون وجود نص قانوين‬ ‫ملزم‪ ،‬كما هو احلال يف السويد والنرويج‪.‬‬ ‫السورايت ومسألة الكوات‪ ،‬بني املفهوم واالسرتاتيجية‪:‬‬ ‫نساءالداخل‪:‬‬ ‫لدى توجيه بعض األسئلة عن الكوات جملموعة من سيدات وفتيات‬ ‫الزبداين تبني أن املفهوم غري جلي لدى الغالبية‪ ،‬وأنه إن كان جلياً فهو‬ ‫يف الراهن ليس أولوية‪ ،‬يف ظل احلصار والقصف ومواجهة املوت بشكل‬ ‫يومي‪ ،‬وبعد النقاش والتوضيح‪ ،‬سلمى السقا‪ ،‬مهندسة معمارية‪ ،‬تقول‬ ‫عن النساء السورايت اللوايت كان هلن تواجد يف احلكومة وجملس الشعب‬ ‫يف نظام األسد‪« :‬وجودهم كان شكلياً‪ ،‬واملواضيع اليت كن يشتغلن فيها‬ ‫بعيدة عن متطلباتنا‪ ،‬اليوم أان ال اهتم ابلنسبة اليت تتحقق للنساء بقدر ما‬ ‫أهتم مبؤهالت األشخاص الذين سيمثلونين ومدى حماكاهتم لواقعنا»‪.‬‬ ‫أما ألوان الدوماين فتقول‪« :‬الكوات أمر مهم لكل امرأة معنية بتحسني‬ ‫وضعها ومشاركتها يف صناعة القرار‪ ،‬لكن نسأل أنفسنا أوالً‪ :‬هل هناك‬


‫صناعة قرار اآلن يف سوراي حىت نشارك فيها؟‬ ‫أان امرأة أعمل طول النهار لتأمني الطعام‬ ‫والشراب ألطفايل‪ ،‬زوجي معتقل‪ ،‬أعيش خطراً‬ ‫يومياً جراء القصف املتواصل واملعارك احملتدمة‪،‬‬ ‫فكيف يل أن أفكر ابلكوات؟»‪.‬‬ ‫وتضيف معلقة على املؤمترات النسائية اليت تعقد‬ ‫خارج سوراي‪« :‬هل تطالب هذه املؤمترات أو‬ ‫االجتماعات مبشاركيت؟ النساء اللوايت ميثلنين‬ ‫يف اخلارج هم سورايت‪ ،‬وهلم رأي وكلمة لكن‬ ‫أي حنن من هذا؟ هم منفصالت متاماً عما‬ ‫نريد اآلن وعن أولوايتنا يف هذه املرحلة‪ ،‬حني‬ ‫يسقط النظام ويتوقف العنف أريد أن أكون‬ ‫موجودة ابلتأكيد يف احلكومة والربملان‪ ،‬لكن‬ ‫حىت أكون موجودة جيب أن أبقى على قيد‬ ‫احلياة ويف مأمن‪ ،‬هذه أولواييت وأولوايت كل شاركن بفعالية يف احلراك‪ ،‬وأعادت اخنفاض‬ ‫النسبة إىل ضرورة السرية والتخفي‪ ،‬فيما ترتفع‬ ‫امرأة تعيش حتت احلصار»‪.‬‬ ‫نسبة الفاعالت من النازحات واملهجرات إىل‬ ‫‪ ،%15‬أما غري املتعلمات وخاصة األمهات فلم‬ ‫رغم متثيل النساء السوايت يف ما يعرف‬ ‫تتجاوز نسبتهن ‪ .%1‬على مدى ‪ 3‬سنوات من‬ ‫مبجلس الشعب‪ ،‬ومحل بعضهن حلقائب‬ ‫كن بقوة‬ ‫نسبتهن‬ ‫اخنفاض‬ ‫ورغم‬ ‫لكن‬ ‫اك‪،‬‬ ‫ر‬ ‫احل‬ ‫ّ‬ ‫وزارية يف بنية حكم النظام السوري‪،‬‬ ‫املتعلمات‪ ،‬واستطعن القيادة وحتقيق وجودهن‬ ‫لكنه مل يتجاوز كونه متثي ً‬ ‫ال شكلياً‪ ،‬لكن‬ ‫وهناك أمثلة جيب أن تكتب يف كتاب اتريخ‬ ‫األزمة احلقيقية أن الوضع مل يتغري يف‬ ‫بعضهن»‪.‬‬ ‫سوراي حول‬ ‫ّ‬ ‫هيئات املعارضة وما ميكن أن يسمى‬ ‫ضعف التمثيل النسائي يف احملافل السياسية‬ ‫مؤسسات دولة بدءاً ابجملالس احمللية‬ ‫وقضااي الشأن العام‪:‬‬ ‫وانتهاء ابحلكومة االنتقالية‪.‬‬ ‫رغم متثيل النساء السوايت يف ما يعرف مبجلس‬ ‫الشعب‪ ،‬ومحل بعضهن حلقائب وزارية يف‬ ‫بنية حكم النظام السوري‪ ،‬لكنه مل يتجاوز‬ ‫النساء خارج سوراي‪:‬‬ ‫ختتلف نظرة الناشطات والسياسيات من نساء كونه متثي ً‬ ‫ال شكلياً‪ ،‬لكن األزمة احلقيقية أن‬ ‫سوراي إىل القضية‪ ،‬بسبب االخنراط يف العمل الوضع مل يتغري يف هيئات املعارضة وما ميكن‬ ‫السياسي واحلقوقي من جهة‪ ،‬والطموح حنو أن يسمى مؤسسات دولة بدءاً ابجملالس احمللية‬ ‫تغيري حقيقي يف واقع املرأة السورية من جهة وانتهاء ابحلكومة االنتقالية‪ ،‬تقول ندى اخلش‪:‬‬ ‫أخرى‪ ،‬تقول بسمة قضماين‪« :‬أعتقد أن «الحظنا غياب متثيل املرأة يف ما يسمى جمالس‬ ‫هناك ظلماً اترخيياً‪ ،‬ونقصاً يف موضوع التمثيل حملية ويف غالبية اهليئات السياسية واملدنية اليت‬ ‫والكفاءة ال بد من تعويضه من خالل كوات‪ ،‬انبثقت عن الثورة‪ ،‬ومن هنا أجد أنه البد من‬ ‫لست من أنصار الكوات من حيث املبدأ‪ ،‬لكننا االتفاق على مبدأ الكوات يف أي هيئة أو منظمة‬ ‫مل نر وسيلة أفضل للتسريع بتمثيل املرأة بشكل لتعويد اجملتمع‪ ،‬نساء ورجاالً‪ ،‬على العمل‬ ‫التشاركي الفعلي‪ ،‬مع العمل اجلاد على حتضري‬ ‫أفضل»‪.‬‬ ‫أما هيام التلي فرتى اهتماماً ابدايً من السورايت كوادر نسائية يف كل اجملاالت‪ ،‬حىت ننتقل من‬ ‫مبسألة الكوات‪ ،‬جتلى برأيها‪ ،‬وإن بشكل عفوي‪ ،‬الكوات إىل مبدأ األهلية والكفاءة‪ ،‬واليت هي‬ ‫خالل مشاركتهن ابلثورة السورية رغم صعوبة التعبري الفعلي عن األسلوب الدميقراطي الذي‬ ‫الظروف‪ ،‬ورأت أن ‪ %5‬من نساء الداخل نؤمن به ونعمل لرتسيخ مالحمه»‪.‬‬

‫وتشري بسمة قضماين أن القضية تتوقف عند‬ ‫تعصب اجملتمع أو سوء السياسات اليت حتكم‬ ‫البلد‪ ،‬بل تعود يف عمقها إىل تفاصيل تتعلق‬ ‫ابملرأة نفسها‪ ،‬تقول‪« :‬أعتقد أن هناك ضعفاً يف‬ ‫طاقات املرأة وقدراهتا‪ ،‬واألصعب من الضعف‬ ‫هو قلة الثقة ابلنفس والقناعة أبننا حنتاج الكثري‬ ‫للوصول‪ ،‬عقدة النقص تلعب دوراً كبرياً يف‬ ‫سلوك املرأة حىت حني أتخذ موقع العنجهية‬ ‫وانتقاد الغري‪ ،‬وهذا يعود لظروف اترخيية وهو ما‬ ‫ال نلوم املرأة عليه‪ ،‬لكن املؤكد أن املرأة السورية‬ ‫ليست أقل وعياً من الرجل»‪.‬‬ ‫ماذا يقول الطرف اآلخر؟‬ ‫نعلم أن عمق املشكلة يتجلى يف الذكورة‬ ‫اليت تتجسد يف التعاليم الدينية اترة والتقاليد‬ ‫االجتماعية اترة أخرى‪ ،‬هذه الذكورة اليت مل‬ ‫تقتصر على تفكري الذكور كجزء من اجملتمع‪ ،‬بل‬ ‫تعدته إىل أدمغة الكثريات من أمهاتنا ومعلماتنا‬ ‫اللوايت تربني عليها وتكرست يف أذهان بعضهن‬ ‫أكثر من الرجال أنفسهم‪.‬‬ ‫عضو أحد اجملالس احمللية يف الداخل السوري‪،‬‬ ‫والذي مل يرغب بنشر امسه يقول‪« :‬من الصعب‬ ‫تضمني النساء يف اجملالس احمللية‪ ،‬ففي اجملتمعات‬ ‫احملافظة من غري املقبول أن تنتقل املرأة فجأة‬ ‫من االستتار أمام الضيوف‪ ،‬واالعتماد على‬ ‫األب والزوج واالبن حىت يف شراء حاجاهتا‪ ،‬إىل‬ ‫اجللوس مع الرجال على طاولة واحدة للتشارك‬ ‫يف القرار‪ ،‬ورفض وجهات نظر كانت تفرض‬ ‫العدد (‪ )3‬آذار ‪5 2014‬‬


‫عليها سابقاً‪ ،‬حنتاج الكثري حىت نتقبل‬ ‫الفكرة قبل أن نبدأ بتنفيذها»‪.‬‬ ‫ال نغفل هنا مواقف البعض من املتحررين‬ ‫ودعاة احلرية املساواة واعتماد الكفاءة‬ ‫كمعيار لشغل املناصب‪ ،‬فلهؤالء‬ ‫توجهاهتم الداعمة حلقوق املرأة‪ ،‬وإن‬ ‫كان ذلك على املستوى النظري فقط‪.‬‬ ‫عضو االئتالف الوطين بسام يوسف‬ ‫يقول‪« :‬حنن حباجة ماسة لتمثيل حقيقي‬ ‫للمرأة السورية‪ ،‬لكن آبليات اختيار علمية‬ ‫وموضوعية‪ ،‬ال ابلطريقة اليت تتم غالباً‪،‬‬ ‫واليت تزيد املشكلة سوءاً‪،‬حني يقوم الذكور‬ ‫ابختيار النساء حلساابت ليست موضوعية‪،‬‬ ‫مما ينعكس سلباً على صورة أداء املرأة»‪ .‬لكنه‬ ‫يتفاءل بقبول اجملتمع السوري ملشاركة النسائية‬ ‫استناداً إىل اتريخ املنطقة احلافل حبضور أساسي‬ ‫للنساء‪ ،‬يقول‪« :‬الحيتاج اجملتمع السوري إىل‬ ‫تعب شديد إلقناعه بدور املرأة‪ ،‬فهذا اجملتمع‬ ‫يتقبل وجودها اترخيياً يف جماالت احلياة العامة‪،‬‬ ‫وإن مل يكن ذلك ابملستوى املناسب لدورها‬ ‫احلقيقي»‪.‬‬ ‫علينا تغيري طريقة التفكري هذه وإعطاء‬ ‫املرأة مكانتها اليت تستحقها يف اجملتمع‪.‬‬ ‫املرأة ليست فقط منافسة ولكنها قوة‬ ‫تستطيع خلق فرص عمل وميكنها رفع‬ ‫سوية العمل السياسي‪.‬‬ ‫أما بسام قوتلي مدير جمموعة البحث واإلدارة‬ ‫فريى أن ارتفاع مستوى البطالة يف سوراي وانعدام‬ ‫الفرص أمام الشباب مع اخنفاض مستوى‬ ‫الكفاءة و القدرة التنافسية‪ ،‬جعل الكثريين‬ ‫منهم يرون املرأة كمنافس يف سوق العمل‪ .‬وأن‬ ‫طريقة التفكري هذه انتشرت يف أوساط‬ ‫السياسيني نتيجة أسباب مشاهبة يف‬ ‫جمال العمل السياسي‪ .‬وحسب قوله‬ ‫فإن‪« :‬علينا تغيري طريقة التفكري هذه‬ ‫وإعطاء املرأة مكانتها اليت تستحقها‬ ‫يف اجملتمع‪ .‬املرأة ليست فقط منافسة‬ ‫ولكنها قوة تستطيع خلق فرص عمل‬ ‫وميكنها رفع سوية العمل السياسي»‪.‬‬ ‫مضيفاً‪« :‬علينا أن ننظر للكوات كتمييز‬ ‫‪6‬‬

‫العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫إجيايب لعنصر جمتمعي مت إمهاله رغم الطاقات‬ ‫املوجودة لديه‪ ،‬واليت ميكن أن يساهم هبا يف‬ ‫تطوير اجملتمع مبا سيخدم كل الشرائح‪ ،‬هذا‬ ‫مطلب رئيسي خللق جمتمع عادل وحديث‪.‬‬ ‫حنن كرجال ونساء مهتمني مبصلحة اجملتمع‬ ‫والوطن‪ ،‬جيب أال خنجل أمام هذا املطلب أو‬ ‫نقبل التقليل من أمهيته»‪.‬‬ ‫تطلعات وحلول‪:‬‬ ‫جتمع النساء اللوايت شاركننا الرأي حول موضوع‬ ‫الكوات‪ ،‬على ضرورة توعية النساء حبقوقهن‬ ‫من قبل اجملتمع الدويل واملنظمات احلقوقية‬ ‫واملدنية‪ ،‬وعلى عدم اكتمال التمثيل السياسي‬ ‫والنيايب إال مبشاركة املرأة بنظرهتا املتميزة ملشاكل‬ ‫جمتمعها‪ ،‬وبرؤيتها املختلفة للحلول املطروحة‬ ‫حول قضااي التنمية‪ ،‬ونلمس عند بعضهن‬ ‫تفاؤالً‪ ،‬تقول مية الرحيب‪« :‬صحيح أن تطبيق‬ ‫نظام الكوات سيصاحبه بداية استياء واستنكار‪،‬‬ ‫خاصة داخل صفوف األحزاب‪ ،‬إال أن ذلك‬ ‫طبيعي ويصاحب أي تغيري‪ ،‬يقابل ابلتشجيع‬ ‫والقبول من البعض‪ ،‬ورفض واستياء من آخرين‪،‬‬ ‫إىل أن يصبح أمراً واقعاً‪ ،‬وعندما حيدث التغيري‬

‫وتستقر األمور وتظهر النتائج اإلجيابية‬ ‫لتطبيقه‪ ،‬ستخفت األصوات املعارضة‬ ‫تدرجيياً‪ ،‬ويتحول إىل جزء من آليات‬ ‫العملية السياسية االجتماعية»‪.‬‬ ‫هذا التفاؤل يقابله قلق بعض السياسيات‪،‬‬ ‫كندى اخلش اليت ترى أن هناك ختوفاً من‬ ‫الكوات إبيصال من المتلك رؤية واضحة‬ ‫وقدرة على اختاذ القرار املناسب إىل‬ ‫مواقع القيادة حبيث يصبح وجودهن مطية‬ ‫ألهداف قد تكون انتخابية‪ ،‬لكنها تعقب‬ ‫قائلة‪« :‬كخطوة أوىل أعتقد أن إجيابياهتا‬ ‫ستكون أكثر رغم عدم اقتناعي الشخصي‬ ‫هبا‪ ،‬لكن إىل حني اقتناع النساء أبمهية اخنراطهن‬ ‫ابلعمل العام والسياسي حتديداً‪ ،‬أؤكد أنه المفر‬ ‫من إقرار مبدأ الكوات‪ ،‬ولكن بنسبة التقل عن‬ ‫العشرين ابملئة وصوالً إىل املناصفة‪ ،‬وهي احللم‬ ‫يف دولة مدنية دميقراطية‪ ،‬تتحقق فيها التشاركية‬ ‫والتعددية»‪.‬‬ ‫على مستوى اإلجراءات ترى بسمة قضماين أن‬ ‫احلركة النسوية اترخيياً قامت هبا املرأة وحدها‪،‬‬ ‫لكن اسرتاتيجياً ال بد من إشراك فئات اثنية‬ ‫تتمثل ابلرجال املقتنعني بدورها وهم أقلية‪،‬‬ ‫وكذلك إشراك الشباب وحتديداً الذكور منهم‪،‬‬ ‫ألهنم ما زالوا ليّنني‪ ،‬واجليل اجلديد سيكون أقل‬ ‫حتجراً يف عاداته‪ ،‬فالتحرك ضمن إطار أوسع‬ ‫من إطار النساء مطلوب ألننا حباجة حللفاء من‬ ‫أجل تسريع القضية»‪.‬‬ ‫يضيف بسام يوسف على ذلك‪« :‬ماحنتاجه‬ ‫لكي أتخذ املرأة دورها املناسب هو خلق‬ ‫تنظيمات نسائية فاعلة وقادرة على املبادرة‬ ‫والعمل الفعلي‪ ،‬بعبارة أخرى‪ ،‬حتتاج املرأة إىل‬ ‫تنظيمات نسائية حقيقية تفرض دوراً حقيقياً‬ ‫يف ساحة الفعل‪ ،‬هذا اليعين أبداً التمييز‬ ‫بني اجلنسني‪ ،‬بل يعين ببساطة‬ ‫فرض معادليت اإلمكاانت والتنافس‬ ‫احلقيقي»‪.‬‬ ‫وفق ما ورد من آراء قد مياثلها على‬ ‫اآلرض الكثري‪ ،‬وخيالفها الكثري تبقى‬ ‫قضية تفعيل دور النساء السورايت‬ ‫ضرورة ال تقتضيها املرحلة فقط‪ ،‬بل‬ ‫يتطلبها املستقبل السوري ليكون أكثر‬ ‫توازانً وانفتاحاً‪.‬‬


‫‪ 2000‬شهيد قتلى براميل النظام في حلب‬ ‫شهدت حمافظة حلب وريفها أزمة كبرية مل تشهدها منذ دخول اجليش‬ ‫احلر ملدينة حلب‪ ،‬توزعت بني اهلجمة الرببرية اليت شنَّها النظام ابلطريان‬ ‫املروحي واملـيغ مستهدفاً املدنيـيـن‪ ،‬والضغط الكبري الذي وق َع على الثـوار‬ ‫من اجلهة الشرقية ملدينة حلب‪.‬‬ ‫سقطت العشرات من الرباميل على األحياء الشرقية احملررة داخل املدينة‬ ‫(الشعار‪ ،‬كرم اجلزمايت‪ ،‬امليسر‪ ،‬القاطرجي‪ ،‬املعصرانية‪ ،‬طريق الباب‪،‬‬ ‫مساكن هنـانو)‪ ،‬وكا َن حلي امليسر ومساكن هنانو النصيب األكرب من‬ ‫تلك الرباميل‪ ،‬اليت أحدثت دماراً كبرياً يف أبنية مازال أغلب ضحاايها‬ ‫أعلن اجمللس احمللي ملدينة حلب عجزه عن‬ ‫حتت األنقاض‪ ،‬بعد أن َ‬ ‫استخراج الضحااي‪ ،‬وحاجته إىل معدات‪ .‬وقد قُـ ِّدر عدد البـراميل بـ ‪520‬‬ ‫برميالً‪ .‬وصل عدد الرباميل اليت أُسق ـطت على مساكن هنانو ‪150‬‬ ‫برميالً‪ ،‬وتبعتها قذائف دابابت ومدفعية‪ ،‬مما اضطر هذا احلي الشعيب‬ ‫الفقري الذي َ‬ ‫وصل عدد ساكنيه إىل ‪ 500‬ألف نسمة إلخالئه متاماً‪،‬‬ ‫أكثر من‬ ‫اترك َ‬ ‫ني خلفهم الكثري من املآسي واألحزان‪ .‬وقد خلّـف القصف َ‬ ‫ألفي شهـيد‪ ،‬بينهم ‪ 197‬طفـ ً‬ ‫ال و‪ 135‬رضيعاً‪ ،‬وفاق عـدد النسـاء ‪250‬‬ ‫ْ‬ ‫امـرأة‪ ،‬فيما جتاوز عدد الـرجال األلف ومـئة رجـل‪.‬‬ ‫سببت هذه األوضاع نزوح ما يقارب ‪ % 90‬من سكان تلك األحياء‪.‬‬ ‫رحل جلُّـهم إىل الريف الشمـايل حيث استقطبت أغلب قـرى الريف‬ ‫الشمايل (سد الشهباء – مارع – قرامل – الشيخ عيسى – إم حوش –‬ ‫أغلب النازحني‪ ،‬مما أدى إىل ازدايد الطلب‬ ‫حربل – فافني – احلصيَّـة) َ‬ ‫حيث َ‬ ‫وصل سعر آجار البيت لـعشرة آالف يف‬ ‫على بيوت األجرة‪ُ ،‬‬ ‫الشهر يف بعض املنـاطق‪ .‬وقد قامت بعض اجلمعيات اإلغاثية (مجعية‬ ‫إيثـار) إبقامة خميمات مبعثرة على أطراف بعض القرى‪ ،‬تفتقـر إىل أدىن‬

‫• تقرير‪ :‬يزن احلليب‬ ‫خاص سيدة سوريـا‬

‫حتت‬ ‫مستوى خدمـي‪ .‬أغلب النازحني تركوا كل أبنائهم أو قسماً منهم َ‬ ‫األنقاض‪ ،‬ومن أشد الصور املأساوية اليت رأيتها يف حي كرم اجلزمايت امرأة‬ ‫ُ‬ ‫حتمل بقااي طفليها (رجل طفلها والنصف العلوي من جسد ابنتها)‪ .‬أما‬ ‫النازحون إىل املناطق الواقعة حتت سيطرة النظام‪ ،‬فتلقوا معـاملة سيئة جـداً‬ ‫ختللتهـا رشاوى وابتـزاز وإلقاء القبض على بعضهم بتهم خمتلقة‪َّ .‬أمـا من‬ ‫النـاحية العسكرية فقد انسحب عناصر تنظيم الدولة اإلسالمية يف العراق‬ ‫والشام من أغلب مناطق الريف الشمايل‪ ،‬متجهني إىل مدينة الباب‬ ‫والريف الشرقي‪ ،‬كما شهدت جبهة الشيخ جنار اشتباكات هي األعنف‬ ‫ضمـت جيش اجملـاهدين‬ ‫من نـوعها‪ ،‬ومتّ تشكيل غرفة عمليات أهل الشام َّ‬ ‫وجبهة النصـرة واجلبهـة اإلسالميَّـة لصد تسلل قـوات النظـام‪ ،‬وقد استمات‬ ‫جنود النظام ومن يؤازره من مقاتلي «حزب هللا» يف التقدم كي يفكوا‬ ‫احلصـار عن السجن املركزي فأمطرت طائرات النظام املدينة الصناعية‬ ‫اليت تضم ‪ 1400‬معمل أبكثر من مئة برميل متفجر‪ ،‬فأحرقت مصانع‬ ‫أصبح‬ ‫النسيـج وغريها من املصانع‪َّ ،‬‬ ‫ودمـرت أغلب املعامل تدمرياًكامالً‪ ،‬و َ‬ ‫قرب دوار‬ ‫الطريق الواصل بني الريف الشمايل وحلب من انحية الصناعة َ‬ ‫حيث استخدموا الصواريخ احلرارية‬ ‫الربيج مرصوداً من قبل جنود النظام‪ُ ،‬‬ ‫لضرب شيء متحرك‪ ،‬مما اضطر املدنيني والثوار أن يسلكوا الطريق من‬ ‫اجتاه الكندي وحندرات‪ .‬وبعد املعارك اليت شهدهتا املنطقة متَ حتـريـر‬ ‫َ‬ ‫وبذلك أصبح‬ ‫اجملبـل‪ ،‬وهو أهم نقطة اسرتاتيجية خسرها اجليش احلر‪،‬‬ ‫الطريق بني الريف الشمايل ومدينة حلب سالكاً من الناحية الشرقية‪.‬‬ ‫ومتَ تشكيل غرفة عمليات يف الريف اجلنويب‪ ،‬وحترير أربع قرى أمهها رسم‬ ‫عسان‪ ،‬وإن استمرت العمليات العسـكرية يف الريف اجلنويب سيكون‬ ‫النظام يف ورطة َ‬ ‫وبدل من أن حياصر حلب‪ ،‬سيق ُع هـو يف فخ احلصار‪.‬‬

‫العدد (‪ )3‬آذار ‪7 2014‬‬


‫«ال سالم بال عدالة»‬ ‫جـــائزة للسوريـــــات‬ ‫فازت الناشطتان السوريتان سهري األاتسي وعال رمضان‬ ‫مناصفة جبائزة تقدمها منظمة «ال سالم بال عدالة»‪ ،‬وهي‬ ‫مقرها العاصمة اإليطالية روما‪ ،‬هتدف‬ ‫منظمة حقوقية ّ‬ ‫للتعريف ابألشخاص الذين يعملون على محاية حقوق‬ ‫اإلنسان واحلرايت األساسية والدميقراطية وسيادة القانون‪،‬‬ ‫ويتم تنظيم هذه اجلائزة‬ ‫يف إيطاليا ويف كافة أحناء العامل‪ّ .‬‬ ‫بدعم من جملس الشيوخ اإليطايل‪ ،‬ووزارة اخلارجية اإليطالية‬ ‫واملفوضية األوروبية‪ ،‬وهذه هي السنة األوىل اليت تقدم فيها‬ ‫املنظمة جائزة يف جمال حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫لكل من الناشطتني اترخيها يف العمل احلقوقي واملدين والنضال من‬ ‫أجل حرية سوراي والسوريني‪ ،‬عال رمضان اليت خاضت ميدان العمل‬ ‫احلقوقي مبكراً تتحدث عن دوافعها لذلك رغم بعد اختصاصها عنه‬ ‫قائلة‪« :‬بدأت نشاطي ابلفعل يف عمر مبكر‪ ،‬وهذا يعود ابلدرجة األوىل‬ ‫إىل الوعي السياسي الذي خلقته العائلة َّ‬ ‫يف منذ الطفولة‪ ،‬فقد نشأت‬ ‫يف عائلة كان لألب فيها خطه السياسي املعارض منذ استالم حافظ‬ ‫األسد للسلطة‪ .‬أغلب أصدقاء األسرة كانوا من املعتقلني السياسيني‪،‬‬ ‫شهدت خروج أوهلم من السجن وأان يف عمر الرابعة عشرة‪ ،‬ومن حينها‬ ‫أعي وجود نظام قمعي يعتقل الناس جملرد تعبريهم عن آرائهم السياسية‬ ‫ميض وقت‬ ‫اليت قد هتدد وجوده‪ .‬يف البداية توجهت إىل السياسية‪ ،‬ومل ِ‬ ‫قصري حىت أدركت أهنا ليست ما أريد أن أكونه‪ ،‬ورغم أن النشاط‬ ‫احلقوقي‪ ،‬بشكل أو آبخر‪ ،‬له أبعاده السياسية كونه يقوم ابلدرجة‬ ‫األوىل إللغاء أي نظام سياسي دكتاتوري ينتهك حقوق اإلنسان‪ ،‬إال‬ ‫أن عملي يف هذا اجملال بقي ضمن إطار املناصرة والدفاع عن حقوق‬ ‫اإلنسان ابلدرجة األوىل‪ .‬كالكثري من السوريني مل أدرس ما كنت أرغب‬ ‫به‪ ،‬فلم تساعدين الدرجات اليت نلتها يف الثانوية العامة‪ .‬درست يف‬ ‫معهد إعداد مدرسني مث يف كلية الرتمجة‪ ،‬وقد رغبت يف إعداد أطروحة‬ ‫ماجستري يف القانون الدويل حلقوق اإلنسان‪ ،‬إال أن منعي من السفر‬ ‫منذ عام ‪ 2006‬إىل ‪ 2011‬حال دون السفر إلكمال الدراسة‪ .‬ومنذ‬ ‫بداية الثورة ال أجد الوقت إلكمال دراسيت‪ ،‬فقد قمت فقط ابلتفرغ‬ ‫ثالثة أشهر ألدرس حل وحتويل النزاعات يف أملانيا يف أكادميية حتويل‬ ‫النزاعات هبدف احلصول على شهادة مستشارة يف السالم والنزاع»‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫• فريق حترير سيدة سوراي‬

‫أما سهري األاتسي فتسلط الضوء على جتربتها يف العمل السياسي واملدين‬ ‫قائلة‪« :‬بدأ نشاطي السياسي واملدين من خالل منتدى مجال األاتسي‬ ‫للحوار الدميقراطي أواخر عام ‪ 2000‬بدافع عاطفي‪ ..‬كان ذلك بعد‬ ‫رحيل والدي مجال األاتسي يف حماولة مين إلمتام رسالته حول ضرورة احلوار‬ ‫كمقدمة للعمل الدميقراطي‪ ..‬ولكن مع مرور الوقت‪ ،‬ومع االقرتاب أكثر‬ ‫فأكثر من جتارب ومعاانة معتقلي الرأي والضمري يف سوراي‪ ،‬أصبحت‬ ‫القناعة أبمهية النضال من أجل االنتقال من نظام استبدادي إرهايب إىل‬ ‫نظام دميقراطي تعددي‪ ،‬هي الدافع األساسي الستمراري يف هذا النشاط‬ ‫رغم االستدعاءات األمنية والتهديدات واالعتقال الذي طالين مع جملس‬ ‫إدارة املنتدى عام ‪ ..2005‬بل أصبحت تلك التجارب جتذّر داخلي‬ ‫حر كرمي أن يتعايش مع مافيا حتكمه‪ ..‬وأنه‬ ‫اإلميان أبنه ال ميكن إلنسان ّ‬ ‫ال ب ّد من التمرد لنعلن عن أنفسنا مواطنني ال رعااي‪.»...‬‬ ‫عن جدوى العمل احلقوقي والسعي لتكريس احللول السلمية يف الداخل‬ ‫السوري تقول األاتسي‪« :‬ساهم العمل احلقوقي الذي يقوم به الناشطون‬ ‫احلقوقيون يف الداخل‪ ،‬واملنظمات غري احلكومية السورية والدولية يف‬ ‫اخلارج‪ ،‬بتوثيق العشرات من انتهاكات نظام األسد وجرائمه حبق الشعب‬ ‫السوري‪ ،‬وأصدرت هذه املنظمات عشرات التقارير منذ بداية الثورة‪،‬‬ ‫لتوثيق املئات من جرائم نظام األسد‪ ،‬ومنها جرائم التعذيب يف املعتقالت‬ ‫حىت املوت‪ ،‬وجرائم االغتصاب يف املعتقالت وأثناء االقتحامات‬


‫واملدامهات‪ .‬واليوم أصبحت هذه التقارير أدلة‬ ‫قطعية إلدانة بشار األسد وعصاابته اإلرهابية‬ ‫اجملرمة‪ ،‬أدل ًة جاهزًة لتقدميها أمام احملكمة‬ ‫اجلنائية الدولية عند إحالة امللف السوري إليها‪.‬‬ ‫أما ابلنسبة للحل السلمي‪ ،‬فهو مطلب الثورة‬ ‫املعب عن هدفها‬ ‫السورية منذ انطالقها‪ ،‬وهو رِّ‬ ‫األساسي ابالنتقال من نظام القمع واالستبداد‬ ‫والفساد إىل نظام دميقراطي تع ّددي حيرتم‬ ‫حقوق اإلنسان‪ .‬لقد َ‬ ‫أفشل نظام األسد مجيع‬ ‫احللول السياسية منذ ثالثة أعوام‪ ،‬فهو نظام ال‬ ‫يعرف غري لغة القتل والتدمري واإلرهاب‪ ،‬أفشل‬ ‫مبادرة اجلامعة العربية يف تشرين الثاين ‪،2011‬‬ ‫مث أفشل مبادرة كويف عنان ذات النقاط الست‪،‬‬ ‫وعندما اجتمعنا يف جنيف‪ 2‬هبدف تطبيق‬ ‫بنود جنيف‪ ،1‬وقرار جملس األمن ‪2118‬‬ ‫املتضمن كأولوية األداة التنفيذية لتحقيق بنود‬ ‫ّ‬ ‫جنيف‪ :1‬تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة‬ ‫نلق من وفد األسد سوى‬ ‫الصالحيات‪ ،‬مل َ‬ ‫اللف والدوران»‪.‬‬ ‫املماطلة والتسويف والكذب و ّ‬

‫ساهم العمل احلقوقي الذي يقوم به‬ ‫الناشطون احلقوقيون يف الداخل‪،‬‬ ‫واملنظمات غري احلكومية السورية‬ ‫والدولية يف اخلارج‪ ،‬بتوثيق العشرات‬ ‫من انتهاكات نظام األسد وجرائمه‬ ‫حبق الشعب السوري‪ ،‬وأصدرت هذه‬ ‫املنظمات عشرات التقارير منذ بداية‬ ‫الثورة‪ ،‬لتوثيق املئات من جرائم نظام‬ ‫األسد‬ ‫وتضيف عال‪« :‬ابلنظر إىل اجلدوى اليت حققها‬ ‫العمل احلقوقي بعد ثالث سنوات منذ انطالقة‬ ‫الثورة السورية‪ ،‬أرى أن هذا اإلجناز مازال قاصراً‬ ‫على مستوى توثيق انتهاكات حقوق اإلنسان‬ ‫يف سوراي‪ ،‬أو على صعيد املناصرة‪ ،‬وهلذا‬ ‫أسباب متعددة منها قلة اخلربة لدى السوريني‬ ‫يف هذا اجملال‪ ،‬فقد كان التوجه بشكل أساسي‬ ‫إىل توثيق أمساء الضحااي واملعتقلني على سبيل‬ ‫املثال ال احلصر‪ ،‬ولكننا نعلم أنه يف حال انعدام‬ ‫الواثئق والتحقيقات يف هذا اجملال تبقى امللفات‬

‫منقوصة عندما نريد إيصاهلا إىل احملكمة سواء‬ ‫كانت حماكم وطنية أم دولية يف مرحلة ما‬ ‫بعد النزاع‪ .‬وابلرغم من ذلك فإن الكثرين من‬ ‫النشطاء والناشطات قد ضحوا حبياهتم للوصول‬ ‫إىل مسرح اجلرمية لتوثيق ما حيدث يف سوراي‪،‬‬ ‫والكثري منهم قضوا حنبهم دون أن نعلم الظروف‬ ‫اليت قتلوا فيها‪.‬‬ ‫من وجهة نظري البد من السعي املستمر إىل‬ ‫تكريس احللول السلمية‪ ،‬فاليوم أصبح الوضع‬ ‫معقداً جداً‪ ،‬ويبدو واضحاً أن احلسم العسكري‬ ‫غري ممكن‪ ،‬فهي معركة ال خاسر فيها وال رابح‪،‬‬ ‫واألولوية يف سوراي اليوم لوقف شالل الدم‪،‬‬ ‫دون إمهال العمل املستمر حملاكمة جمرمي احلرب‬ ‫ومرتكيب اجلرائم ضد اإلنسانية‪ ،‬فال ميكننا أبي‬ ‫حال من األحوال حتقيق سالم مستدام يف‬ ‫سوراي دون مساءلة هؤالء اجملرمني»‪.‬‬ ‫عن اجلائزة وما قدمته لكل من عال وسهري‪،‬‬ ‫قالت سهري‪« :‬هذه هي السنة األوىل اليت‬ ‫تطلق فيها منظمة «ال سالم بال عدالة»‬ ‫جائزهتا حلقوق اإلنسان‪ ..‬وقد مت منحها للمرأة‬ ‫السورية تكرمياً وعرفاانً هلا ولدورها الرايدي يف‬ ‫ثورة شعبها‪ ،‬هذه املرأة اجلبّارة اليت تواجه آلة‬ ‫الصخر بيديها لتستخرج‬ ‫القتل األسدي‪ ،‬وحتفر‬ ‫َ‬ ‫منه ماء احلياة»‪ .‬وأضافت عال‪« :‬يبدو أن‬ ‫اجلائزة كانت خمصصة هذا العام للعاملني يف‬ ‫جمال حقوق النساء‪ ،‬فقد ذهبت اجلائزة احمللية‬ ‫جلمعية تعمل على مناهضة العنف‪ ،‬وحتديداً‬ ‫النفسي منه والذي تتعرض له النساء يف‬ ‫إيطاليا‪ ،‬وتزايد بعد األزمة االقتصادية يف البلد‪.‬‬ ‫اجلائزة الدولية كانت من نصيب ابكستاين عمل‬ ‫على موضوع الزواج املبكر للفتيات‪ ،‬أما اجلائزة‬ ‫اخلاصة هلذا العام فقد كانت من نصيب نساء‬ ‫سوراي لشجاعتهن االستثنائية يف النزول إىل‬ ‫الشارع ضد الدكتاتورية‪ ،‬والتعامل مع عواقب‬ ‫عنف احلرب كما أمستها املنظمة‪ .‬وال أرى يف‬ ‫اجلائزة جائزة لعال أو لسهري بقدر ما أرى فيها‬ ‫جائزة لكل النساء السورايت االستثنائيات يف‬ ‫شجاعتهن‪ ،‬فأان اليوم أستطيع أن أعد ‪100‬‬ ‫العدد (‪ )3‬آذار ‪9 2014‬‬


‫امرأة على األقل تستحق كل منهن هذه اجلائزة‪،‬‬ ‫كن استثنائيات‪ ،‬ولكنين ال‬ ‫وهناك الكثريات ممن ّ‬ ‫أعرف عنهن‪.‬‬ ‫اجلائزة رمبا كانت حمفزاً ابلنسبة يل لالستمرار‬ ‫فيما أقوم به‪ ،‬ودافعاً أكرب للعمل على الوصول‬ ‫إىل بلد ٍ‬ ‫خال من االنتهاكات‪ ،‬إىل دولة القانون‬ ‫واملواطنة»‪.‬‬ ‫ورداً على سؤال سيدة سوراي عن نظرة رمضان‬ ‫واألاتسي إىل املوقف الدويل الذي يكرم جهود‬ ‫انشطي السالم وحقوق اإلنسان من جهة‪،‬‬ ‫ويتغافل عن جزء كبري من جرائم النظام من‬ ‫جهة أخرى‪ ،‬أجابت عال‪« :‬أعتقد أننا حباجة‬ ‫هنا إىل التمييز بني املوقف الدويل ككل‪ ،‬وبني‬ ‫بعض املنظمات العاملة يف جمال حقوق اإلنسان‬ ‫يكرم اليوم هي‬ ‫أو غريها من اجملاالت‪ ،‬فمن ّ‬ ‫منظمة هلا اتريخ يف العمل على انتهاكات‬ ‫حقوق اإلنسان‪ ،‬وأعتقد أهنا تنحاز فقط‬ ‫لصاحل الضحية وليس لصاحل أي من املنتهكني‪.‬‬

‫أعتقد أننا حباجة هنا إىل التمييز بني‬ ‫املوقف الدويل ككل‪ ،‬وبني بعض‬ ‫املنظمات العاملة يف جمال حقوق‬ ‫اإلنسان أو غريها من اجملاالت‪ ،‬فمن‬ ‫يكرم اليوم هي منظمة هلا اتريخ يف‬ ‫ّ‬ ‫العمل على انتهاكات حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫وأعتقد أهنا تنحاز فقط لصاحل الضحية‬ ‫وليس لصاحل أي من املنتهكني‪.‬‬ ‫ولكن ابلعودة إىل املوقف الدويل‪ ،‬فهو حىت‬ ‫اليوم أثبت عجزه الكامل يف االستجابة‬ ‫لالنتهاكات اجلسيمة حلقوق اإلنسان وإيقاف‬ ‫احلرب‪ ،‬وللمجتمع الدويل اتريخ يف ذلك وهذا‬ ‫ليس جبديد‪ ،‬فمجزرة راوندا اليت قتل فيها‬ ‫أكثر من ‪ 700‬ألف شخص أمام مرأى األمم‬ ‫املتحدة‪ ،‬وما حدث يف البوسنة من جرائم‪،‬‬ ‫والكثري من األمثلة األخرى‪ ،‬جتعلنا على يقني‬ ‫أبن اجملتمع الدويل حباجة لثورة وليس إلصالح‪،‬‬ ‫وابلدرجة األوىل األمم املتحدة‪ .‬وهناك تيار يف‬ ‫‪ 10‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫اجملتمع الدويل نفسه اليوم يدعو إىل اإلصالح‬ ‫والتعامل مع األزمات واحلروب بطرق خمتلفة‪.‬‬ ‫أما سهري فرأت أنه‪« :‬هنا يكمن الفرق بني‬ ‫املواقف السياسية لدول العامل‪ ،‬وبني مواقف‬ ‫شعوب العامل‪ ،‬فشعوب العامل أبكملها تتعاطف‬ ‫مع الثورة السورية منذ انطالقها‪ ،‬وحىت بعد أن‬ ‫قام اإلعالم العاملي بتشويه صورة الثورة أمام‬ ‫شعوب العامل‪ ،‬وتصويرها على أهنا حرب بني‬ ‫«نظام علماين» و»متطرفني إسالميني»‪ ،‬ما‬ ‫زلت شعوب األرض تتعاطف مع اإلنسان‬ ‫السوري واملأساة السورية‪ .‬وهذه اجلوائز احلقوقية‬ ‫بعض الناشطني السوريني‪ ،‬وأيضاً‬ ‫اليت انهلا ُ‬ ‫اجلوائز األدبية اليت انهلا بعض الكتّاب السوريني‪،‬‬ ‫ق ّدمتها منظمات غري حكومية مستقلة عن‬

‫املوقف السياسي لبلداهنا‪ ،‬منظمات تلتزم احلياد‬ ‫السياسي وتعمل ألجل خري اإلنسان يف كل‬ ‫مكان»‪.‬‬ ‫وختمت األاتسي حول املقصود بـ‪« :‬ال سالم‬ ‫بال عدالة»‪ ،‬وعن مدى إمياهنا ابلعدالة االنتقالية‬ ‫كآلية إلجياد حلول مستقبلية يف سوراي‪ ،‬ابلقول‪:‬‬ ‫«(ال سالم بال عدالة)‪ ..‬وال مصاحلة بدون‬ ‫تتضمن‬ ‫مساءلة‪ ..‬يعين أن حتقيق العدالة اليت ّ‬ ‫املساءلة واحملاسبة‪ ،‬هو الشرط الرئيس لقيام‬ ‫السالم ومعاجلة مشاعر أثر قد تتولّد نتيجة‬ ‫التعرض للعنف‪ ...‬والعدالة تتضمن العدالة‬ ‫ّ‬ ‫اجلنائية والعدالة االنتقالية والعدالة االجتماعية‪،‬‬ ‫ويشمل مفهوم السالم‪ :‬السالم بني الدول‬ ‫والسلم األهلي واجملتمعي‪.‬‬ ‫العدالة االنتقالية هي جمموعة من التدابري‬ ‫القضائية وغري القضائية‪ ،‬تقوم الدول بتطبيقها‬ ‫من أجل معاجلة ما ورثته من انتهاكات‬ ‫وتتضمن هذه التدابري‬ ‫جسيمة حلقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫املالحقات القضائية‪ ،‬وجلان التحقيق‪ ،‬وبرامج‬ ‫متنوعة من إصالح‬ ‫جبرْ الضرر وأشكاالً ّ‬ ‫املؤسسات‪ ،‬أي إهنا مقاربة خاصة لتحقيق‬ ‫العدالة يف فرتات االنتقال من النزاع أو إرهاب‬ ‫الدولة إىل السالم‪ .‬ومن خالل حتقيق احملاسبة‬ ‫والتعويض عن الضحااي‪ ،‬تق ّدم العدالة االنتقالية‬ ‫وتشجع الثقة املدنية‪،‬‬ ‫اعرتافاً حبقوق الضحااي‬ ‫ّ‬ ‫وتع ّزز سيادة القانون‪.‬‬ ‫تتشابه ظروف احلالة السورية مع العديد من‬ ‫التجارب العاملية السابقة اليت طبّقت العدالة‬ ‫االنتقالية‪ ،‬ومن املهم جداً تطبيقها يف سوراي‬ ‫بعد انتصار الثورة‪ ،‬لكي ال يقع ُ‬ ‫الظلم على‬ ‫أحد بسبب انتمائه السياسي أو العرقي أو‬ ‫الطائفي‪ .‬ففي جنوب إفريقيا على سبيل املثال‪،‬‬ ‫متت حماكمة جمرمي احلرب حماكم ًة جنائية‪ ،‬أما‬ ‫األشخاص املؤيدون للمجرمني ابملوقف والرأي‪،‬‬ ‫ومن مثّ‬ ‫فقد ْ‬ ‫متت حماكمتهم أخالقياً وإعالمياً ْ‬ ‫مساحمتهم‪ ،‬وهنا علينا أن نتعلّم هذه الدروس‬ ‫الكبرية من نيلسون مانديال وأمثاله من رموز‬ ‫احلرية يف العامل»‪.‬‬


‫حكاية النوروز‬

‫• خومشان قادو‬

‫المسير دومًا إلى األمام‪..‬‬ ‫بعد التفجري الذي استهدف مركز التنمية وتطوير‬ ‫البيئة والبلدايت يف قامشلو‪ ،‬عشية التحضري‬ ‫لالحتفال ابلذكرى العاشرة النتفاضة الثاين عشر‬ ‫من آذار‪ ،‬حيث راح ضحيته عشرة موظفني‬ ‫منهم مخس نساء بينهم امرأة وجنينها‪ ،‬بدأ الكل‬ ‫ابلتحضريات يف عجالة لالحتفال بعيد النوروز‪،‬‬ ‫رغم املخاوف من قيام اجملموعات اإلسالمية‬ ‫املتطرفة بعمليات انتحارية بني حشود الناس‪.‬‬ ‫هذا الشهر الذي كان دوماً مصدر قلق‪ ،‬ومثاراً‬ ‫للمخاوف يف نفوس الكرد‪ ،‬لكثرة املناسبات‬ ‫واحلوادث املرتبطة هبم من سراء وضراء‪ ،‬حيث ال‬ ‫يكاد خيلو أي يوم من آذار من ذكرى أليمة أو‬ ‫فرحة يف ذاكرة الكرد‪ ،‬فعيد نوروز‪ ،‬عيد احلرية‪،‬‬ ‫عيد العدالة وأخوة الشعوب‪ ،‬هذا العيد الذي‬ ‫اجرت الكرد يف سوراي مرارة النظام البعثي وأجهزة‬ ‫أمنه واستخباراته كلما أرادوا االحتفال به‪ .‬هذا‬ ‫العام ورغم املخاوف من حصول التفجريات إال‬ ‫توجه إىل ساحة االحتفال‬ ‫أن الشعب يف قامشلو ّ‬ ‫كرداً‪ ،‬عرابً‪ ،‬سراين‪ ،‬آشوراً‪ ،‬وأرمن هذه املرة يف‬ ‫ظل اإلدارة الذاتية الدميقراطية املعلنة مؤخراً‪.‬‬ ‫على دراجته امللونة أبلوان العلم الكردي ذي‬ ‫العجالت الثالث املخصصة للمعاقني‪،‬يرتدد هجار‬ ‫على الساحة املخصصة لالحتفال بعيد نوروز يف‬ ‫حي هاللية مبدينة قامشلو‪ ،‬يُراقب العمال الذين‬ ‫يجُ ّهزون املنصة الرئيسية يف الساحة ويقرتب من‬ ‫اآللة اليت تقوم ابحلفر لوضع العواميد‪ ،‬فيهرع إليه‬ ‫أحد العمال ليبعده‪ ،‬خوفاً عليه‪ ،‬يدفعه إىل األمام‬ ‫غري أن هجار يقاوم إصرار العامل ويربكه‪ ،‬يصيح‬ ‫أحدهم‪« :‬دعه‪ ،‬مسريه إىل الوراء‪ ،‬فهو ال يسري‬ ‫إىل األمام أبداً»‪ ،‬يبتسم كالعادة وينظر بعينني‬ ‫اثقبتني إىل الوراء؛ املقود هو للتوجيه فقط‪ ،‬وال‬ ‫يستخدم يديه لتحريك الدراجة مطلقاً‪ ،‬بقدمه‬ ‫اليسرى يستطيع أن جيول شوارع قامشلو كلها‬ ‫رجوعاً‪ ،‬غري آب ٍه أبحد‪.‬‬ ‫حاول بكل جهده أن يقول برغم الصعوبة يف لفظ‬ ‫احلروف بشكل جيد‪« :‬سوف أكون حاضراً يف‬

‫االحتفال بعيد نوروز»‪ ،‬حني سألته‪« :‬هل ستأيت‬ ‫إىل االحتفال؟»‪ .‬هجار ال يدرك ماهية هذا العيد‬ ‫ومل يسمع أبزدهاك‪/‬امللك الظامل‪ ،‬وال بكاوا احلداد‪،‬‬ ‫ال يفهم ملاذا وقف كاوا يف وجه امللك واثر عليه‬ ‫ومن مث قتله‪ ،‬حىت إنه ال يعرف اجلدلية القائمة‬ ‫بني اخلري والشر‪ ،‬رغم فلسفته اخلاصة ابلسري‬ ‫خطفاً إىل اخللف دون أن خيطو خطوة واحدة إىل‬ ‫هتمه الصراعات السياسية بني‬ ‫األمام‪ ،‬كما أنّه ال ّ‬ ‫األحزاب الكردية‪ ،‬وال بتعدد مكان االحتفال‪ ،‬ال‬ ‫يزعجه شكل األعالم‪ ،‬وال طريقة االحتفال هبذا‬ ‫العيد الغريب يف عامله االفرتاضي‪ ،‬ال يعرف من‬ ‫قاموا ابلتفجري قبل عدة أايم‪ ،‬فقط ال يريد من‬ ‫أحد أن يدفعه إىل األمام‪ ،‬يعرف إىل أين يذهب‬ ‫وملاذا!‪.‬‬

‫قبل االحتفال بيومني كان هجار جالساً على‬ ‫املنصة اإلمسنتية يراقب العمل‪ ،‬الكل منهمك‬ ‫بعمله‪ ،‬ال أحد يعريه أي انتباه‪ ،‬رمبا كان يريد أن‬ ‫يقول شيئاً للجمهور املفروض حضوره يف هذا‬ ‫الفراغ املشحون بصوت السيارات على الطريق‬ ‫جير قدميه املشلولتني‬ ‫احملاذي للساحة‪ ،‬فجأ ًة ّ‬ ‫مستخدماً يديه اخلشنتني للحركة ويدنو من‬ ‫الدرج‪ ،‬حياول أحدهم مساعدته يف النزول لكنه‬ ‫يرفض ابنزعاج‪.‬‬ ‫عشية االحتفال كان هجار جيول بدراجته الزاهية‬ ‫مثل سلحفاة يف شارع طريق عامودا ابلقرب من‬ ‫جامع قامسو‪ ،‬ابنتظار إشعال انر نوروز‪ ،‬كي يقوم‬

‫ابلدوران حوهلا مردداً عبارات ال يفهما أحد غريه‪،‬‬ ‫يقف يف منتصف الطريق للحظات يراقب املارة‪،‬‬ ‫يتحرك ببطء على خط مستقيم‬ ‫يبتسم ومن مث ّ‬ ‫يقيس بعدد دوران عجلة الدراجة‬ ‫جيئ ًة وذهاابً‪ُ ،‬‬ ‫عدد الشموع املضيئة على الرصيف يف طريف‬ ‫الشارع‪ ،‬فجأ ًة يصرخ هجار ويرفع يده حماوالً‬ ‫أن يربز إبصبعيه إشارة النصر‪ ،‬يدنو من احلشد‬ ‫اجملتمع يف حلقة دائرية‪ ،‬حياول أن خيرتقهم‪ ،‬إلاّ أن‬ ‫التصفيق واحلماسة مل يدعهم فينتبهوا إليه‪ ،‬لذلك‬ ‫مل يستطع هجار رؤية الشاب الذي كان يربط‬ ‫مشعل كان‬ ‫رأسه بوشاح ملون وهو يشعل النار يف ٍ‬ ‫انصباً يف منتصف الطريق‪.‬‬ ‫يف صبيحة يوم اجلمعة املصادف لعيد نوروز‪ ،‬قوات‬ ‫األسايش موزعة يف نقاط متعددة يف كل قامشلو‪،‬‬ ‫أصوات زمور السيارات والشعارات اليت يرددها‬ ‫الشباب والفتيات ختتلط مع أصوات األغاين يف‬ ‫كل الشوارع‪ ،‬هجار حياول مسرعاً وجاهداً أن‬ ‫يصل إىل ساحة االحتفال‪ ،‬الكل يتوجه إىل‬ ‫الساحة هجار أيضاً بدراجته ذات الطراز القدمي‬ ‫يصعد ببطء طلعة هاللية‪ ،‬حيث مدخل الساحة‬ ‫احملاطة بساتر ترايب‪ ،‬الكل خيض ُع للتفتيش ما‬ ‫عدا هجار الذي أدخله أحد عناصر األسايش‬ ‫املرتبك جراء التفتيش‪ .‬حني كان هجار حياول‬ ‫شخص ما‪ ،‬وأصبح يعرتض طريق‬ ‫أن يسأله عن‬ ‫ٍ‬ ‫عم تبحث؟‬ ‫كل شخص‪ ،‬حىت التقيته‪ ،‬فسألته ّ‬ ‫قال يل‪« :‬وعدين أحد املسؤولني بدراجة جديدة‬ ‫مبناسبة هذا العيد»‪ ،‬توقف للحظات مث قال‪:‬‬ ‫«إن مل حيضر يل دراجة فسيكون هو أيضاً من‬ ‫اجلماعات املرتزقة»‪.‬‬ ‫غادرين هجار منزعجاً وهو يبحث عن ذاك‬ ‫الشخص الذي وعده‪ ،‬دون أن يقف دقيقة‬ ‫صمت على روح الشهداء ودون أن يعري أي انتباه‬ ‫املتكور بني العواميد احلاملة ملضخمات‬ ‫للصخب ّ‬ ‫الصوت‪ ،‬حني سألته وهو يغادر‪« :‬هل أنت فرٌح‬ ‫ابالحتفال؟»‪ ،‬قال يل‪« :‬ليس قبل أن أحصل‬ ‫على دراجيت اجلديدة»‪.‬‬

‫العدد (‪ )3‬آذار ‪11 2014‬‬


‫بورتريهات السجن‬ ‫(أ‪.‬ح) ريف دمشق*‬

‫• مسر يزبك‬

‫ليست انشطة معروفة‪ ،‬هي ابنة بلدهتا وبيئتها الشعبية‪ ،‬فيها ولدت وكربت وتزوجت (أ‪.‬ح) يف‬ ‫األربعني من عمرها‪ ،‬تقول إهنا حاولت جتاوز صف البكالوراي‪ .‬مل تنجح‪ ،‬وتزوجت‪ .‬لن تغادر‬ ‫املكان الذي ولدت فيه‪ ،‬تتحدث وكأهنا على وشك قراءة قصيدة‪ ،‬أو شرب كأس ماء عذب‪،‬‬ ‫كأهنا حماطة بسالم أبدي! تعيش يف منطقة حماصرة‪ ،‬ميوت الناس فيها من اجلوع والقنص‬ ‫والقصف‪ ،‬لديها أربعة أوالد‪ ،‬ابنها الكبري معتقل‪ .‬اختفى زوجها سنة كاملة يف خان الشيح‪،‬‬ ‫مث عاد من جديد بعد هدنة مؤقتة مع النظام‪.‬‬ ‫اعتقلت ألول مرة يف الشهر األول من سنة مع النساء قالوا يل إنه ال توجد نساء يف هذا‬ ‫‪ ،2012‬ألهنا ساعدت الضباط املنشقني الفرع‪ ،‬خفت من هذه الفكرة‪ .‬مث بدأ التحقيق‪،‬‬ ‫على االختباء من جيش النظام‪ ،‬تقول‪ :‬االعتقال األول كان مرحياً‪ ،‬مل يضربوين‪ ،‬كانوا‬ ‫كانوا يقتلوهنم‪ ،‬هل نرتك أوالد البلد للموت؟ يستخدمون معي أسلوابً خمتلفاً‪ ،‬حياولون‬ ‫احلصول على أكرب قدر ممكن من املعلومات‪،‬‬ ‫كانت املظاهرات حينها سلمية‪ ،‬لكن انشق وخاصة عن املنشقني‪ ،‬مل ِ‬ ‫أنف عالقيت‬ ‫بعض الضباط واجلنود‪ ،‬لرفضهم إطالق النار ابلتظاهرات‪ ،‬قلت للمحقق األول إين شاركت‬ ‫علينا وحنن نتظاهر‪ ،‬لقد محوان‪ ،‬وتوجب علينا ابملظاهرات‪ ،‬ومل أعرتف مبساعديت للمنشقني‪،‬‬ ‫محايتهم‪ .‬كنت أقوم مع أربع نساء مبساعدهتم وبقيت مصرة على ذلك‪ ،‬احملقق الثاين كان‬ ‫وأتمني مكان محاية هلم‪ ،‬ا ُعتقلت يف كمني‪ ،‬عميداً يف اجليش‪ ،‬وكان قاسياً‪ ،‬أهانين ابلكالم‬ ‫أثناء مساعدة أحدهم‪ ،‬تتابع بصوت متهدج فقط‪ .‬كنت معصوبة العينني طوال الوقت‪،‬‬ ‫عميق وهادئ‪ :‬كنت أتواصل مع أحد الشباب أشعر أين عمياء‪ ،‬وكان هذا يسبب يل الذعر‪،‬‬ ‫الذين يساعدوننا‪ ،‬قال إن علينا أتمني عبور أحد بعد التحقيق مرتني‪ ،‬حققوا معي للمرة الثالثة‪،‬‬ ‫املنشقني‪ ،‬وحدد لنا املنطقة‪ .‬ذهبنا بسيارة‪ ،‬وهو وكان يهمهم أن يعرفوا أمساء الشباب املنشقني‪،‬‬ ‫اتصل بنا ليحدد لنا املكان الذي علينا التوجه ومن هم‪ ،‬ودائماً كان جوايب أبين ال أعرفهم‪،‬‬ ‫ال بعد اتصاله‪ ،‬حىت قلت هلم إين غري مهتمة ابلسالح‪ ،‬ولكين ال‬ ‫إليه‪ ،‬وصلنا ومل ننتظر طوي ً‬ ‫هجمت علينا دورية أمن‪ ،‬وأخذوان إىل الفرع أريد ألحد أن يهني أوالد بلدي‪ ،‬وقلت هلم أنتم‬ ‫‪ 215‬يف األمن العسكري‪ ،‬بقيت هناك أسبوعاً قتلتم الناس‪ ،‬أان رأيت هذا بعيين‪ ،‬حينها كانوا‬ ‫فقط‪ .‬كنت أول معتقلة لديهم يف الفرع‪ ،‬كانوا يتهمونين ابحلمق‪ ،‬وأان كنت أدخل السجن‬ ‫قد عصبوا رؤوسنا‪ ،‬أخذوا موابيلي‪ ،‬لكين كنت للمرة األوىل‪ ،‬وال أعرف مالذي سيحصل جراء‬ ‫أحتفظ مبواييل آخر يف جييب ألقوم بتصوير هذا الكالم‪ ،‬أضربت عن الطعام منذ دخويل‬ ‫املظاهرات به‪ ،‬انتزعت البطاقة منه وحنن‬ ‫يف السيارة‪ ،‬ورميتها‪ ،‬مث وضعته حتت‬ ‫الكرسي‪ .‬أدخلوان إىل الفرع مع معتقلني‬ ‫آخرين‪ ،‬كان السجناء أيكلون أمام‬ ‫الزنزاانت‪ ،‬وبقينا من ‪ 5‬إىل ‪ 6‬ساعات‬ ‫ورؤسنا على األرض معصويب الرأس‬ ‫واألعني وجاثني‪ ،‬مع الشابني اللذين‬ ‫اعتقلومها معي يف الكمني‪ ،‬أخذوين‬ ‫بعدها إىل زنزانة منفردة‪ ،‬غرفة صغرية‬ ‫فيها بطانيتني على األرض‪ ،‬ال تكفيان‬ ‫يف برودة الشتاء‪ .‬عندما طلبت أن أكون‬ ‫‪ 12‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫سمر يزبك‬

‫السجن‪ ،‬وبدأت أضعف‪ .‬يف التحقيق األخري‪،‬‬ ‫كنت منهكة‪ ،‬وكان احملقق هادائً‪ ،‬مل َأر وجهه‬ ‫ألين كنت معصوبة العينني‪ ،‬قال إنه اليستطيع‬ ‫أن يتخيل أن هناك قائداً جديراً بسوراي أكثر من‬ ‫بشار األسد‪ ،‬قلت له‪( :‬البالد ووالدها كلهون‬ ‫خري خليه يروح!) فأجاب‪( :‬دليين على شخص‬ ‫بديل‪ ).‬قلت‪( :‬يف ألف شخص وأكرت‪ ..‬هو مو‬ ‫رب وال هللا!) صمت‪ ،‬وأان كنت أترنح حينها‪،‬‬ ‫سقطت على األرض من اإلهناك‪ ،‬وأعادوين إىل‬ ‫زنزانيت‪ ،‬بقيت ثالثة أايم بعد ذلك‪ ،‬واستمريت‬ ‫يف إضرايب عن الطعام‪ ،‬ومل أعد أستطيع الوقوف‬ ‫على قدمي‪ ،‬واهنرت متاماً‪ ،‬فأطلقوا سراحي‪.‬‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬كنت مستغربة فعالً‪ ،‬من إطالق‬ ‫سراحي‪ ،‬ولكنهم قالوا يل (إنك بنت بلد كويسة‬ ‫ما كذبيت علينا‪ ،‬ومغرر فيك‪).‬‬ ‫بعد االعتقال األول‪ ،‬عدت للعمل‬ ‫مع نفس اجملموعة‪ ،‬اشتغلنا بشكل‬ ‫مضاعف‪ ،‬كنا ننظم مظاهرات نسائية يف‬ ‫النهار‪ ،‬وللرجال يف الليل‪ ،‬جنتمع ونكتب‬ ‫اللوحات‪ ،‬وننظم حركة املظاهرة وطريقة‬ ‫سريها‪ ،‬وحندد يف كل مجعة املطالب اليت‬ ‫نريدها‪ ،‬ونظمنا العديد من مظاهرات‬ ‫األطفال‪ ،‬ومع جمموعة بنات كنا ندور‬ ‫على بيوت أسر الشهداء واملعتقلني‬ ‫ونؤمن احتياجاهتم من غذاء وحليب‬ ‫ومالبس‪ ،‬وندخل األدوية وخنفي اجلرحى‬


‫لدينا حىت يتعافوا‪ ،‬حينها مل يكن لدينا مقاتلون‪،‬‬ ‫كان جرحاان من املتظاهرين السلميني‪ ،‬ولكن‬ ‫كان لدينا حواجز أمنية كثرية‪ ،‬خاصة حاجز‬ ‫اجلوية عند مطار املزة بعد السومرية‪ ،‬كان‬ ‫مرعباً‪ ،‬وهذا كان يشل حركتنا‪ ،‬جترأان يف إحدى‬ ‫املرات وأخذان أحد اجلرحى إىل مشفى الكمال‬ ‫يف اجلديدة‪ ،‬فاعتقله األمن وهو جريح واختفى‬ ‫من يومها‪ ،‬أظنهم قتلوه‪ ،‬واتفقنا مع األطباء أن‬ ‫أيتوا أبنفسهم ملعاجلة اجلرحى‪ .‬عندما بدأ العمل‬ ‫العسكري بدأان مبساعدة الشباب املقاتلني‬ ‫أيضاً‪ ،‬كنا نساعدهم بعدة طرق‪ ،‬من خمابئ‬ ‫ومالجئ وهتريب سالح‪ ،‬إضافة إىل أعمالنا‬ ‫نفسها اليت مل تتغري منذ بداية الثورة‪ .‬األسوأ هو‬ ‫عندما بدأت أعداد النازحني تتدفق من محص‪،‬‬ ‫كنا نشعر أحياانً ابلعجز عن مساعدهتم‪ ،‬ولكننا‬ ‫كوان فريقاً من أربعة نساء‪ ،‬لتأمني البيوت‬ ‫ّ‬ ‫والطعام‪ ،‬كنت أحب األشياء اليت أقوم هبا‪ ،‬هي‬ ‫التصوير‪ .‬صورت األمن وهو يضرب الشباب‬ ‫ويعتقلهم أيضاً‪ ،‬وكنت أستخدم كامريات على‬ ‫شكل مفتاح وقلم أو زر‪.‬‬ ‫اجليش وآلياته كانوا يدخلون منذ الصباح‪ ،‬وال‬ ‫خيرجون حىت الليل‪ ،‬كنا نراهم بيننا‪ ،‬حتت نوافذ‬ ‫بيوتنا‪ .‬أما سيارات األمن والدورايت‪ ،‬فكانت‬ ‫التفارقنا‪ ،‬كان وجودها بشكل دائم‪ .‬صورهتم‬ ‫مجيعاً‪ ،‬حاولت أن أصور كل ما حيدث أمامي‪.‬‬

‫وعندما هامجوا بنات املدراس صورهتم‪ .‬كانت‬ ‫الوسيلة الوحدية لنرد على أكاذيبهم‪ .‬كنا‬ ‫معزولني عن العامل اخلارجي ويقتلوننا‪ ،‬وكان ال‬ ‫ب ّد من نقل احلقيقة‪.‬‬ ‫االعتقال الثاين كان يف الشهر السادس ‪2012‬‬ ‫أثناء اشتباك مسلح‪ ،‬اتصلت إحدى النساء‬ ‫ألحضر من أجل استالم جريح حيتاج ملخبأ‬ ‫وعناية‪ ،‬أخذت ابنيت وذهبت إىل املوعد‪.‬‬ ‫عندما وصلت كانت هناك سيارات كثرية حتوم‬ ‫يف املنطقة‪ ،‬أعطيت موابيلي البنيت وخبأته‬ ‫معها‪ ،‬وابلكاد فعلت ذلك حىت أحاطت يب‬ ‫سياراتن من األمن‪ ،‬أدركت أين وقعت يف كمني‬ ‫اث ٍن‪ ،‬اخلياانت كثرية وال تتوقف‪ .‬أخذوا هوييت‬ ‫من جزداين‪ ،‬ورموين يف السيارة وهم يضربونين‬ ‫بعنف‪ .‬كانت ابنيت تصرخ وتبكي‪ ،‬وهم‬ ‫يتقاذفونين‪ ،‬حاولت الصراخ ولفت االنتباه‪،‬‬ ‫وأرادوا أخذ ابنيت معي‪ .‬رجل األمن الثاين قال‪:‬‬ ‫(زتوها للبنت ابلشارع‪ ).‬رموا ابنيت يف الشارع‪،‬‬ ‫وأان رموين يف السيارة‪ ،‬بل خبطوين‪ ،‬وفقدت‬ ‫لدقائق وعيي‪ .‬ضربوين بعنف لكماً ورفساً‬ ‫يف كل أحناء جسمي‪ ،‬كانوا يضربون بقوة‪،‬‬ ‫ويشتمون‪ .‬وكنت بينهم مثل الكرة يف املقعد‬ ‫اخللفي‪ ،‬حاولت رفع رأسي والنظر إىل اخللف‬ ‫من زجاج السيارة لرؤية ابنيت‪ ،‬حملتها خطفاً‪،‬‬ ‫كانت تبتعد‪ .‬جمرد ثوا ٍن حملتها تبكي وتركض وراء‬ ‫السيارة‪ ،‬أمسكوين من شعري وضربين أحدهم‬

‫بشدة على رأسي‪ ،‬مث أمسك برقبيت‪ ،‬وصرخ‬ ‫أبن أخفض رأسي‪ ،‬كدت أختنق‪ .‬واهنالت‬ ‫علي اللكمات‪ ،‬ومع اللكمات بدؤوا بتحسس‬ ‫جسمي‪ ،‬مدوا أيديهم إىل أكثر مناطقي‬ ‫حساسية‪ ،‬وضربوين فيها‪ ،‬وكانت لكماهتم مع‬ ‫كلماهتم البذيئة وأايديهم اليت تعبث يب‪ ،‬حتركين‬ ‫مثل دمية! وعندما صار أحدهم يضربين جبنون‪،‬‬ ‫وكدت أفقد وعي صرخ به الثاين‪ :‬اتركها‪..‬‬ ‫بدان ايها عايشة‪ .‬خفت حدة الضرب‪ ،‬لكنهم‬ ‫مل يكفوا عن تلمسي ولكمي حىت نزلنا من‬ ‫السيارة أمام فرع املخابرات اجلوية‪ ،‬وصرخ رجل‬ ‫هبم ليضعوا العصابة على عيين‪ ،‬وأدخلوين إىل‬ ‫غرفة حتقيق‪ ،‬أخذوا كل شي مين‪ ،‬وكانوا يريدون‬ ‫معرفة أمساء األطباء الذي نتعامل معهم لشفاء‬ ‫اجلرحى‪ ،‬كان يف الغرفة معتقلون آخرون‪ ،‬نزعوا‬ ‫العصابة عن عيين وتعرفت على شخص يقف‬ ‫إىل جانب احملقق‪ ،‬كان واحداً من الشبيحة‬ ‫الذين واجهتهم يوماً أثناء مظاهرة‪.‬‬ ‫يف التحقيق األخري‪ ،‬كنت منهكة‪ ،‬وكان‬ ‫احملقق هادائً‪ ،‬مل أ َر وجهه ألين كنت‬ ‫معصوبة العينني‪ ،‬قال إنه اليستطيع أن‬ ‫يتخيل أن هناك قائداً جديراً بسوراي‬ ‫أكثرمن بشار األسد‪.‬‬ ‫مل أُ ِ‬ ‫خف ما فعلته‪ ،‬أعدت ما قلته يف االعتقال‬ ‫األول‪ ،‬حولوين إىل غرفة اثنية‪ ،‬وكانت امرأة‬ ‫تبكي هبستريية‪ ،‬جسمها أزرق من الضرب‪،‬‬ ‫تولول وتصرخ‪ ،‬أظن أهنا فقدت عقلها‪ ،‬ألن‬ ‫عينيها كانتا ال تتوقفان عن الدروان‪ ،‬وعويلها‬ ‫أيضاً‪ .‬جسمها األزرق من الضرب بدا ايبساً‬ ‫متاماً‪ .‬ظنت أين من املخابرات‪ ،‬ودفعتين بقوة‬ ‫عنها‪ ،‬وضربتين‪ ،‬بعد ذلك نقلوين إىل زنزانة مرت‬ ‫مبرتين‪ ،‬قبل الدخول نزعوا مالبسي عين‪ ،‬وفكوا‬ ‫شعري وعبثوا به‪ ،‬وحبجة التفتيش كانوا يدسون‬ ‫أصابعم يف كل مناطق جسمي‪ .‬يف الزنزانة كان‬ ‫الوضع يشبه العيش يف قرب‪ ،‬مثل موتى نتقاسم‬ ‫قرباً صغرياً‪ .‬ابلكاد تكفي الزنزانة للوقوف‪.‬‬ ‫كنا فيها مخسة نساء وأان السادسة‪ .‬من درعا‬ ‫ومحص ومحاة‪ ،‬عندما دخلت بداية وألقيت‬ ‫التحية عليهن‪ ،‬انزعجن‪ ،‬شعرت أبين شكلت‬ ‫عبئاً عليهن‪ ،‬لكنا سرعان ما صران أصدقاء‪.‬‬ ‫العدد (‪ )3‬آذار ‪13 2014‬‬


‫كنا نقف بصعوبة‪ ،‬وننام حمشورين‬ ‫فوق بعضنا واهلواء اليكفينا لنتنفس‪،‬‬ ‫كنت أختنق دائماً هناك‪ ،‬أصحو‬ ‫وأان أختنق‪ ،‬وأسعل! وحنن نقف كنا‬ ‫نتهاوى بني أرجل بعضنا‪ ،‬وتشكل‬ ‫أجسادان مع بعضها عجينة مدورة يف‬ ‫حلقات فوضوية‪ .‬وزنزانتنا مالصقة‬ ‫لزنزانة الرجال‪ ،‬حيث يقومون‬ ‫بتعذيبهم طول الوقت‪ ،‬ونسمع‬ ‫صرخاهتم املرعبة‪ ،‬وأصوات تعذيبهم‪،‬‬ ‫موجع صراخ الرجال وبكاؤهم!‬ ‫تتوقف عن احلديث‪ ،‬تصمت‪ ،‬درجة اهلدوء‬ ‫يف صوهتا ختتلف‪ ،‬بعد دقائق تتابع‪ ،‬على‬ ‫نفس درجة اهلدوء‪ ،‬كانت هناك حبة خمتلفة يف‬ ‫صوهتا‪.‬‬ ‫كنا نبكي معهم‪ ،‬ومع كل صرخة خيرج قليب‬ ‫من أضلعي‪ ،‬نتكوم حول بعضنا ونبكي وخنتنق‬ ‫ونسعل‪ ،‬ال ننام حىت تنتهي حفلة التعذيب‪.‬‬ ‫مسحوا لنا ابالستحمام مرة واحدة يف األسبوع‪،‬‬ ‫واحلمام اخلاص بقضاء حاجتنا كان مشرتكاً بني‬ ‫النساء والرجال‪ ،‬احلمام خيرجوان إليه بعد خروج‬ ‫الرجال مباشرة منه‪ ،‬ملدة عشر دقائق‪ ،‬ولكن مل‬ ‫تكن كافية لنا حنن الستة‪ ،‬وكان مفتوحاً من‬ ‫األعلى واألسفل‪ ،‬أمام أعينهم فنضع مالبسنا‬ ‫كساتر‪ ،‬كان هذا حمرجاً ومهيناً‪ ،‬نتبول بسرعة‪.‬‬ ‫عندما غضب احملقق من إحدى السجينات‬ ‫معنا‪ ،‬منعها من دخول احلمام خلمسة‬ ‫أايم‪ ،‬كانت تتبول يف سطل صغري‪،‬‬ ‫وكان هذا صعباً عليها‪ .‬ألن الغرفة مل‬ ‫تكن تتسع جللوسها‪ ،‬كانت تبكي وهي‬ ‫تتبول بني أرجلنا‪ ،‬وأثناء خروجنا للحمام‪،‬‬ ‫نفرغ السطل من البول‪ .‬ونغسله ونعود‬ ‫به لتستعمله من جديد‪ ،‬كانت حالة‬ ‫االختناق مستمرة‪ .‬ال هواء يف زنزانة‬ ‫حجمها مرتان مبرت‪ ،‬رمبا كانت أصغر من‬ ‫ذلك‪ ،‬مل يكن هلا انفذة أو منور‪ .‬كانت‬ ‫مغلقة مثل صندوق حديد‪ ،‬مرة جاوؤا‬ ‫بشاب وعذبوه أمامنا‪ ،‬علقوه يومني‪ ،‬ومرة‬ ‫أخذوان معاً‪ ،‬حققوا معنا حنن الستة‪ ،‬أمروا‬ ‫األخرايت ابالنصراف‪ ،‬وبقيت وحدي‪،‬‬ ‫أمرين خبلع ثيايب‪ ،‬ورفضت‪ ،‬بكيت‬ ‫‪ 14‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫ورجوته تركي أذهب‪ ،‬فطلب من مساعده أن‬ ‫يعريين‪ ،‬صرخت بصوت عال‪ ،‬مل أعرف كيف‬ ‫أتتين قوة مقاومة مساعده وهو ينزع ثيايب‪ ،‬كان‬ ‫احملقق يردد‪( :‬اعرتيف أنك عم تفويت سالح!)‬ ‫وقلت له ما فوتت سالح‪ ،‬فرد علي بغضب‪:‬‬ ‫(رح خليهون يغتصبوك كلهون إذا ثبت عليك‬ ‫هالشي!) لكن مساعده يقول يل‪ :‬السيد الرئيس‬ ‫منع االقرتاب من النساء‪ ،‬ولوال تساحمه‪...‬‬ ‫كنت أبكي حينها‪ ،‬وشعرت أبين أسحل‬ ‫أسناين وهم يتحدثون عن رئيسهم أمامي‪،‬‬ ‫ويقومون بتعرييت! عرفت من النساء يف الزنزانة‬ ‫أن التحرش يتوقف عند حدود اللمس والعري‬ ‫والعبث ابجلسد‪ ،‬هكذا مسعت‪ ،‬لكن يف محص‬ ‫كان حيدث العكس‪ ،‬األوامر يف دمشق خمتلفة‬ ‫عنها يف محص‪ .‬تقول‪( :‬هللا وحده يعلم ما‬ ‫حصل‪ ،‬ال أحد يعرف ما حيصل‪ ،‬رمبا يكون‬

‫هناك الكثري من القصص اليت متوت‬ ‫يف مكاهنا)‪.‬‬ ‫اعتقلوا أمي‪ ،‬كانت يف اخلامسة‬ ‫والستني‪ ،‬وبقيت شهرين يف السجن‪،‬‬ ‫وأخوايت أيضاً مع أوالدهم‪ ،‬وفاوضوين‬ ‫عليهم‪ .‬لو بقيت يف السجن كان‬ ‫أفضل! عندما اعتقلوا أمي وأخويت‬ ‫شتموين وهددوا بقتلهم أمي‪ ،‬ومل‬ ‫نستطع إخراجهم حىت دفعنا هلم‪.‬‬ ‫كان مبلغاً بسيطاً جداً‪ ،‬وابدلناهم‬ ‫أبسري من شبيحتهم كان عندان‪.‬‬ ‫تغريت أشياء كثرية بني االعتقال األول والثاين‪.‬‬ ‫السجن فسحة‪ ،‬ألين لو كنت يف السجن‪ ،‬ملا‬ ‫اعتقلوا أخي بدالً عين‪ ،‬وهددوين بقتله‪ ،‬مث بعد‬ ‫أايم استلمنا جثته من أحد املشايف‪ ،‬ومل َأر كيف‬ ‫تنفصل رقبة اإلنسان عن جسده! هذه نعمة‬ ‫أيضاً‪ .‬يصري صوهتا عميقاً ومبحوحاً وانعماً‪،‬‬ ‫بعد االعتقال الثاين كنت يف اجملزرة‪ ،‬بدؤوا‬ ‫بقصفنا يف أول أايم العيد‪ .‬حصلت اجملزرة بني‬ ‫اليوم ‪ 28‬و‪ 29‬من الشهر الثامن‪ ،‬كنا نوزع‬ ‫األلعاب على أطفال الشهداء‪ ،‬أان رأيت اجملزرة‬ ‫بعيين‪ ،‬أستطيع وصف كل شي لك‪ ،‬أول يوم‬ ‫كان الشباب يدافعون عن البلدة‪ ،‬سقط الكثري‬ ‫من الشهداء‪ .‬مل يستسلموا‪ ،‬نفدت ذخريهتم‪،‬‬ ‫وانسحبوا‪ ،‬ومنهم من هرب إىل اجلديدة‪،‬‬ ‫فلحقوا هبم وذحبوهم هناك‪ ،‬وكنت حينها أعمل‬ ‫يف املشفى امليداين‪ ،‬حصل هذا يف اليوم الثالث‬ ‫للعيد‪ .‬ودخل جيش بشار األسد‪ ،‬فهربنا‬ ‫إىل درااي‪ ،‬وعندما خرج اجليش‪ ،‬عدان‪.‬‬ ‫كان الشباب وجثثهم مرمية يف الشوراع‪،‬‬ ‫كانوا مذبوحني من الرقبة‪ ،‬مثل اخلراف‬ ‫متاماً‪ ،‬أان رأيتهم بعيين‪ ،‬ابلغالب كانوا شباابً‬ ‫صغار السن‪ .‬هل رأيت رأس خروف ذبيح‬ ‫وعينيه‪ ،‬ال بد أنك رأيتها عند اللحام!‬ ‫هكذا رأيت رؤوس الشباب‪ ،‬مفصولة عن‬ ‫االجساد ومرمية يف الطرقات‪.‬‬ ‫قلت لك‪ ،‬اجملزرة األوىل كنت يف فرع‬ ‫األمن العسكري‪ ،‬السجن رمحة أيضاً‪.‬‬ ‫* مت إغفال اسم البلدة عمداً‪ ،‬وبعض التفاصيل‬ ‫الدقيقة اليت تدل على شخصية السجينة‬


‫نساء يبعثن األمل داخل مخيمات النزوح‬

‫• ملى رياّ ن‬

‫خاص سيدة سوراي‬ ‫العدد (‪ )3‬آذار ‪15 2014‬‬


‫شهادة معتقلة‬ ‫قصة اعتقالي (‪)2/1‬‬

‫رقم ‪1‬‬ ‫اخلميس ‪ 2012/6/28‬الساعة اخلامسة‬ ‫صباحاً‪ ..‬انتهيت من نشر األخبار يف‬ ‫التنسيقيات وعلى غرف السكايب‪ ،‬وتوجهت‬ ‫إىل الفراش ألانم قريرة العني‪ ،‬بعد نصف ساعة‬ ‫فقط استيقظت على صوت أمي وهي تقول‬ ‫يل‪« :‬فاطمة‪ ،‬قومي شويف سيارات األمن‬ ‫واجليش معباية احلارة»‪ ،‬طبعاً هذا كان أحد‬ ‫اهتمامايت‪ ،‬لذلك هبت أمي إليقاظي من‬ ‫النوم‪ ،‬قمت بسرعة من الفراش‪ ،‬وقليب خيفق‬ ‫خوفاً‪ ،‬ذهبت إىل شباك البيت فرأيت ‪3‬‬ ‫سيارات جيش وواحدة «فان» بيضاء وتكسي‬ ‫رمادية وواحدة دفع رابعي‪ ،‬وقفت السيارات‬ ‫أمام البيت وبدأ رجال األمن ابلنزول بسرعة‬ ‫متجهني حنو ابب البيت‪ .‬ال أستطيع نسيان‬ ‫ذلك املشهد أبداً‪ ،‬فقد كانت حلظات أشبه‬ ‫بكابوس مرعب جداً‪ ...‬أدخلت رأسي‪،‬‬ ‫وبدأت أدور حول نفسي‪ ..‬كمن يتخبط وهو‬ ‫يلفظ أنفاسه األخرية‪ ...‬محلت حاسويب وبدأت‬ ‫أركض يف أرجاء البيت‪ ..‬أختبئ هنا!!! ال بل‬ ‫هنا!!! ال هنا ‪...‬؟ أين أذهب بنفسي‪ ..‬أين‬ ‫أختفي‪ ..‬وبينما أحبث عن مكان أختبئ فيه‪،‬‬ ‫هم والدي لفتح ابب البناء يف األسفل‪ ،‬دون‬ ‫ّ‬ ‫أن يعرف ماذا يريدون‪ ،‬وملَ هم قادمون؟؟؟؟؟‬ ‫أمي تتعجب ملَ أتصرف هكذا؟؟؟ وأان أقول‬ ‫هلم‪« :‬خبئوين أرجوكم‪ ..‬خبئوين»‪ .‬هناك ابب‬ ‫يفصل شقتنا عن شقة أخي‪ ،‬بدأت أجر‬ ‫الطاوالت ألمر منه‪ ،‬وأان أقول ألمي‪« :‬أعيدي‬ ‫الطاوالت كما كانت خلفي»‪ ،‬كانت أمي تن ّفذ‬ ‫دون أن تعرف ما املشكلة‪ ،‬وعدت أدور حول‬ ‫نفسي يف أرجاء البيت‪ .‬يف شقة أخي كانت‬ ‫زوجته وأوالده انئمني‪ ،‬جلست يف اخلزانة مث‬ ‫خرجت‪ ،‬جلست وراء الكنبة وخرجت‪ ،‬فكرت‬ ‫يف أن أانم بني األوالد‪ ،‬متنيت حلظتها أن‬ ‫هباء منثوراً‪ ،‬حدث ذلك يف دقائق‪ ،‬ال‬ ‫أكون ً‬ ‫بل يف ثوا ٍن رهيبة‪ .‬يف النهاية محلت حاسويب‬ ‫‪ 16‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫• فاطمة سعد‬ ‫ووقفت يف احلمام‪ ،‬قليب كان يرجتف‪ ،‬وأطرايف العتقايل‪ ،‬وقفت للحظات أنظر يف عيين ذلك‬ ‫ترتعش من اخلوف‪ ،‬لو أين عرفت أن ملك الرجل الذي قال يل تفضلي معنا‪ ...‬مههمت‬ ‫املوت جاء ألخذ روحي‪ ،‬لكان أهون علي من يف قليب وقلت‪ :‬ال حول وال قوة اال ابهلل (راحت‬ ‫حلظات انتظارهم وهم يقومون بتفتيش املنزل علي)‪ ...‬توجهت إىل غرفيت ألبدل مالبسي‪،‬‬ ‫حبثاً عين‪ ،‬هكذا كنت وأان أمسع أصواهتم وقد عندها عم ضجيج يف البيت من البكاء‬ ‫بدؤوا يقرتبون مين ابجتاه احلمام‪ .‬مسعت أمي والصراخ‪ ،‬وأيب يقول هلم‪« :‬شو صار؟؟ ليش‬ ‫تقول هلم إن شخصاً ما يف احلمام‪ ،‬فطلبوا منها بدكم ايها؟؟ بنيت شو عملت؟؟ بنيت ما عملت‬ ‫أن خيرج ألهنم يريدون تفتيش املنزل بكامله‪ ،‬شي‪ ...‬ما عملت شي‪.»...‬‬ ‫قرعت أمي الباب‪ ،‬وطلبت أن أخرج‪ ،‬خرجت وقفوا عند الباب ريثما أبدل املالبس‪ ...‬وبدأت‬ ‫وتركت حاسبويب خلف ابب احلمام‪ ،‬من تلك أقول ألخوايت‪« :‬ال ختَ ْفن‪ ،‬أان لست خائفة‪،‬‬ ‫اللحظة اليت شعرت فيها أنه ال مفر من اخلروج‪ ،‬ال يوجد شيء‪ ..‬ال ختفن»‪ .‬بدأت أخيت‬ ‫أحسست ابلعجز واألسر‪ ،‬مل يعد أمامي خيار الصغرية ابلبكاء‪« ..‬فاطمة ال تروحي معهم‬ ‫آخر‪ ،‬سأرى اآلن وجه ذلك السجان الذي (هللا خيليكي)»‪ ...‬أخيت الكبرية جلست على‬ ‫السرير‪ ،‬كانت مريضة بعضال الزلة التنفسية‪،‬‬ ‫سيقودين ويضع األغالل يف معصمي‪.‬‬ ‫تنظر بدهشة ملا جيري يف البيت وتقول‪« :‬ال‬ ‫ختايف‪ ..‬خليكي قوية‪ ،»...‬فأجيبها‪« :‬ال ال‬ ‫رقم‪2‬‬ ‫بعد أن حاصر األمن واجليش منزلنا‪ ،‬واقتحموه‪ ،‬ماين خايفة‪ ،‬ما يف شي‪ ،»...‬كنت أحاول‬ ‫وبعد أن اختذت من احلمام خمبأ وطرقت أمي أن أومههم أين قوية‪ ،‬ولست خائفة‪ ،‬ويف نفس‬ ‫الباب وهي تنادي وتقول‪« :‬أخرجي اي فاطمة»‪ ،‬الوقت كاد قليب يتوقف من اخلوف‪ ،‬كنت‬ ‫كنت مرتددة ومتوترة جداً‪ ،‬انتظرين األمن حوايل ارجتف من شدة الغضب‪ ...‬اخلوف‪ ...‬ال‬ ‫ثالث دقائق حىت خرجت‪ ،‬كان قليب خيفق من أدري ال أدري‪ ...‬كنت أبدل مالبسي على‬ ‫اخلوف‪ ،‬وكانت أمي وزوجة أخي وأيب وسبعة عجالة قبل أن يدخلوا الغرفة‪ ..‬قلت ألخيت‪:‬‬ ‫عناصر جبانبهم مقابل ابب احلمام ينتظرون «خيب أغراضي الشخصية وال تبكي‪ ..‬ال‬ ‫خروجي‪ ،‬ليفتشوا احلمام‪ ...‬خرجت‪ ،‬وأان أوهم توتريين وتوتري أعصايب أكثر من هيك‪،»..‬‬ ‫نفسي أبين قوية‪ ،‬وأبين سأتكلم معهم جيداً بعد دقائق فتحوا الباب‪ ،‬دخل أربعة عناصر‬ ‫وبقوة‪ ،‬يف داخلي كنت أطلب العون من هللا‪ ،‬إىل الغرفة ليفتشوها مرة أخرى‪ ..‬كل واحد‬ ‫أتذكر املشهد جيداً‪ ،‬لكنين ال أتذكر من بني منهم يفتش يف زاوية‪ ،‬أحدهم فتح خزانة أخي‪،‬‬ ‫تلك الوجوه القبيحة سوى وجه واحد‪ ،‬عندما أمسك النقود‪ ،‬قلت له‪« :‬ال هذه ليست‬ ‫خرجت سألين‪« :‬أنت فاطمة سعد ؟؟؟؟»‪ ،‬يل‪ ،‬اتركها‪ ،‬خذ أغراضي أان»‪ ،‬فضربين على‬ ‫قلت‪« :‬ال‪« ،»...‬شو امسك !!!!»‪ ،‬قلت له وجهي ووضع النقود يف جيبه‪ ،‬كيف ال يضربين‬ ‫وأان أرجتف‪« :‬أان أان‪ ..‬فاطمة سعد‪ ،»...‬قال‪ :‬وهو رئيس الدورية؟! قال ألحد العناصر‪:‬‬ ‫«تفضلي معنا شوي شي ربع ساعة‪ ،‬سؤال «خدها عالسيارة»‪ ،‬فقلت‪« :‬اتركين أان مبشي‬ ‫عم الصمت املريب حلايل‪ .»...‬خرجت من الغرفة‪ ،‬فوجدت حوايل‬ ‫وجواب ومنرجعك‪ّ ،»...‬‬ ‫أرجاء البيت‪ ،‬كان اجلميع يتحدثون ابلنظرات‪ ،‬عشرين عنصر أمن يف البيت‪ ...‬من كل ما‬ ‫مل يعرف أهلي أنين كنت أعمل مع التنسيقيات جرى حينها بقي مشهدان ال يفارقان ذاكريت‪:‬‬ ‫والثوار‪ ،‬لذلك استغربوا اقتحام األمن للبيت األول هو الصمت الذي نزل على أمي‪..‬‬


‫‪ ...‬والمرأة السورية‬

‫خاص سيدة سوراي‬

‫كانت تنظر إيل بصمت‪ ،‬وتتبعين نظراهتا أينما‬ ‫حتركت‪ ...‬عيناها اللتان حل السكون عليهما‪،‬‬ ‫وبريق بكائها الذي حاولت كتمانه بداخلها كي‬ ‫ال تراين أهنار أمام دموعها‪ ...‬وهي تعلم أهنا‬ ‫قد ال تراين بعدها‪ ،‬نظرت يف عينيها فحضنتين‬ ‫وقالت يل‪« :‬ال تبكي‪ ..‬خليكي قوية متل ما‬ ‫بعرفك‪ ،»...‬ومشهد آخر حيز يف قليب‪...‬‬ ‫مسن قليل احليلة‪ ..‬ماذا يفعل‬ ‫أيب ينظر إيل‪ّ ..‬‬ ‫وهو يرى ابنته مقيدة جيرها كالب األمن‪ ..‬فال‬ ‫حول وال قوة له إال ابهلل‪ ..‬خرجت‪ ،‬وبينما أان‬ ‫أنزل على درج البيت صرخ أيب مرة أخرى‪:‬‬ ‫«إىل أين أتخذوهنا؟؟؟»‪ ،‬قال رئيس الدورية‪:‬‬ ‫«سؤال وجواب ومنرجعها»‪ ،‬قال أيب‪« :‬بدي‬ ‫روح معها‪ ...‬بدي روح معها»‪ ،‬ونزل أيب ورائي‬ ‫بسرعة‪ ..‬كان الشارع مزدمحاً بسيارات وعناصر‬ ‫األمن‪ ،‬لقد كانت السادسة صباحاً‪ ..‬الكل‬ ‫انئم والطريق ٍ‬ ‫خال وكأنه ممر أشباح وأموات‪..‬‬ ‫فكرت أن أبدأ ابلركض وأهرب منهم‪ ،‬لكنها‬ ‫فكرة سرعان ما تبددت لكثرة عناصر األمن‬ ‫الذين أحاطوا حينها يب‪ .‬ركبت يف السيارة‬ ‫وركب أيب جبانيب‪ ،‬كانت أمي تنظر إيل وهي‬ ‫تقف أمام ابب البيت‪ ،‬تلك كانت آخر مرة‬ ‫شاهدت فيها أمي عندما غادرت احلي برفقة‬ ‫عناصر األمن‪ ،‬متوجهه إىل مصري جمول ال‬ ‫أعرف ماذا الذي خيبئه يل‪.....‬‬ ‫يتبع‬

‫• عبدالوكيل بريقدار‬

‫لست من أنصار القول أبن الثورة أنثى‪ ،‬ولست ممن يذهبون بتأنيث املعىن واملبىن‪ ،‬رغم أنين‬ ‫يعول عليه)‪ .‬وال يعين ذلك تناقضاً فيما ذكرت‪ ،‬إذ إن للثورة‬ ‫من أتباع (كل شيء ال يؤنث ال ّ‬ ‫ماهيتها اخلاصة وشروطها‪ ،‬ولألنثى‪ ،‬وإن تالقت معها ببعض املفاصل‪ ،‬ماهيتها‪ ،‬فكل شي‬ ‫يكتمل ابآلخر‪ ،‬وال ينتهي إال بنفسه ولنفسه‪.‬‬ ‫آذار واخلصب واأللوهة أسطورايً‪ ،‬األم وطهر حليبها‪ ،‬األطفال ونقاء احلروف اليت كتبت على‬ ‫جدران درعا‪ ،‬شكلت نواة وارتكاز ثالثي اجلوانب لالنتقال من عدمية احلياة يف سوراي‪ ،‬إىل‬ ‫ىن‬ ‫انبعاث استثنائي وحامل‪ .‬منذ آذار ‪ ٢٠١١‬سيكون احلديث عن الثورة ومقاربته لعيد األم مع ً‬ ‫خمتلفاً عما سبق من أعياد لألم‪ ،‬كان النشيج املقهور واحلروف املبحوحة عنوانه وحاضره‪.‬‬ ‫تقول احلكاايت والتاريخ إن نساء الصحابة واخلنساء وووو‪ ...‬ولألمومة أينما وجدت يف‬ ‫عاملنا احملاصر واملعتم إرهاصات‪ ،‬تنتظر فرصة حقيقية للتعبري عن وجدان حقيقي ينتظر شروطه‬ ‫وظروفه‪ ،‬ليتفوق على ذاته وعلى التاريخ‪ .‬ليس مصادف ًة‪ ،‬ولو كانت‪ ،‬أن يكون ميالد الثورة‬ ‫وعيد األم على مسافة أقرب من غصين ايمسني تعانقا يف يوم ريح‪ ،‬وأن تبدأ ملحمة الوجع‬ ‫والتضحيات على قد ٍر تنوء اللغات بوصفه‪ ،‬فاحتة آفاق فرٍح مضمر لألجيال القادمة على‬ ‫حساب الدمع والدم‪.‬‬

‫منديالن من فرح وحزن يتشابكان‪ ،‬وتضيع مالمح األعياد واملآمت‪ ..‬تلكم ثورة األمهات‬ ‫وعيدهن يف آذار القمح‪ ..‬من آذار حوران حىت سهول الفرات‪ ،‬كل األمهات من رحم‬ ‫واحد‪ ..‬من دوارة مشس واحدة‪ ..‬صرخن للحرية كما ينعتق طفل من رحم الظالم‪.‬‬ ‫ما حدث وحيدث يف سوراي من مواقف أمومة بكل حاالهتا (شهيد أو جريح أو معتقل)‬ ‫يطحن التاريخ واألسطورة‪ ،‬ويؤسس لذاكرة مستقبلية ستكون املرأة السورية حمور التكوين من‬ ‫حيث البحث املنهجي خلصوصية املواقف‪ .‬ال ميكن لثورة أن تستمر دون أمهات حيملن لواء‬ ‫الكرامة واالنعتاق من دوائر التاريخ‪ ،‬ال ميكن من دوهنن‪ ،‬وهن ينشدن فوق رأس شهيد هلا‪،‬‬ ‫وحتث ابنها اآلخر على ثقافة العطاء والبناء‪ .‬األمهات اللوايت حياولن بناء احلياة على دم‬ ‫أبنائهن لسن أقل من نبيات الزمان وآهلة القادم‪ .‬يف عيدهن الثورة ميكن لنا أن ننحين وننحين‪،‬‬ ‫وللثورة أن متشي إليهن‪ ،‬للسماوات أن ترخي ما أمكن من ظالل‪ ،‬وللوعد أن يتحقق شقائق‬ ‫النعمان‪ .‬الثورة حق واألم حقيقة‪ ،‬وال بد للحق واحلقيقة أن ينتصرا‪ .‬أمهايت مجيعاً كل عام‬ ‫وأننت خبري وأننت مصدر احلياة‪.‬‬ ‫العدد (‪ )3‬آذار ‪17 2014‬‬


‫كوني جميلة وال تصمتي‬ ‫مساواة‪:‬‬ ‫كل عام مير عيد املرأة وأتساءل عن معىن أن‬ ‫خيصص‬ ‫نساء و»جنساً آخر»‪ ،‬ومعىن أن َّ‬ ‫نكون ً‬ ‫لنا يوم واحد يف السنة لالحتفاء بنا كما حيتفى‬ ‫ابلشجرة وابلعمال وابألطفال‪ ،‬نتذكرهم يف يوم‬ ‫لنعتذر عن سوء معامالهتم ونسياهنم العام كله‪.‬‬ ‫اليوم ابتعدان‪ ،‬حنن جيل األلفية الثانية‪ ،‬كثرياً‬ ‫عن أحالم األجيال السابقة من النساء‪،‬‬ ‫ومطالبتهن خبروج املرأة من البيت‪ ،‬وحقها‬ ‫يف التعلُّم والعمل جنباً إىل جنب مع الرجل‪.‬‬ ‫فرغم أن عمل املرأة صار واقعاً معاشاً‪ ،‬ولكنه‬ ‫مل حيررها‪ ،‬ومل يعفها من عبء العمل املنزيل‬ ‫الذي ظل حكراً عليها وحدها‪ ،‬فنراها تعود‬ ‫ملنزهلا منهكة من العمل‪ ،‬لتجد أكوام الغسيل‪،‬‬ ‫وحتضري الطعام‪ ،‬والواجبات املدرسية يف‬ ‫انتظارها‪ ،‬ومل يعد مستغرابً حتت ثقل كل هذه‬ ‫األعباء أن تعرب الكثري من النساء عن رغبتهن‬ ‫ابلتوقف عن العمل‪ ،‬والتفرغ حلياهتن األسرية‪،‬‬ ‫وعجزهن ابملقابل عن ذلك‪ ،‬بسبب متطلبات‬ ‫احلياة‪ ،‬واحلاجة للراتب الشهري للمرأة والرجل‬ ‫على حد سواء‪.‬‬ ‫يف يومنا هذا مل يعد العمل مقياساً لتحرر املرأة‬ ‫وشعاراً يرفع من أجل «املساواة وحتقيق الذات»‪،‬‬ ‫بل أصبح فرض عني وواجباً‪ ،‬وبسبب احلاجة‬ ‫املادية صار عدد ال أبس به من النساء‪ ،‬يقبلن‬ ‫أبجور زهيدة وأعمال روتينية ال حتقق هلن أي‬ ‫إشباع روحي‪ ،‬أو تطور فكري أو نفسي‪ .‬ورغم‬ ‫هذا يبقى العمل‪ ،‬مبا حيققه للمرأة من استقالل‬

‫‪ 18‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫اقتصادي‪ ،‬خطوة أساسية يف طريق حترر املرأة‬ ‫احملفوف ابملصاعب‪ ،‬ولكنها خطوة غري كافية‪،‬‬ ‫فما زال هناك الكثري من املسائل اليت حتتاج‬ ‫ابتداء من تغيري نظرة اجملتمع هلا كعورة‬ ‫حللول‪ً ،‬‬ ‫وضلع قاصر‪ ،‬مروراً بتحديث قوانني األحوال‬ ‫انتهاء بتحريرها‬ ‫الشخصية اجملحفة حبقها‪ ،‬و ً‬ ‫والرجل معاً‪ ،‬من كل أشكال الظلم واالستبداد‬ ‫السياسي‪ ،‬فما معىن أن تتساوى املرأة مع رجل‬ ‫مهضوم احلقوق‪ ،‬ومضطهد سياسياً من قبل‬ ‫أنظمة تساوي بني اجلنسني يف القمع واحلرمان‬ ‫من احلقوق األساسية يف الكرامة واحلرية‪.‬‬

‫كثرياً ما يتشابه القمع السياسي‬ ‫والديين‪ ،‬وحىت بعض احلركات‬ ‫النسوية‪ ،‬يف حماولة التعتيم على أنوثة‬ ‫املرأة وحتييدها‪ ،‬فتعيش املرأة ابلنهاية‬ ‫حالة فصام‪ ،‬فهي تشبه الرجل شك ً‬ ‫ال‬ ‫ودون أن تتمتع حبقوقه وحريته‪.‬‬ ‫يف ظل نظام استبدادي‪ ،‬كما يف سوراي‪ ،‬كان‬ ‫حمرماً علينا كطالبات‪ ،‬أن نظهر أي شيء من‬ ‫َّ‬ ‫زينتنا وأنوثتنا‪ ،‬ويف حصص الرتبية العسكرية‬ ‫املدرسية كان يتم تفتيش الفتيات‪ ،‬والقبض‬ ‫على كل ما يشي ابنتمائه لعامل األنثى كشريطة‬ ‫ملونة للشعر أو جراابت نسائية شفافة‪ ،‬وكأنه‬ ‫نساء ورجاالً‪ ،‬أن خنفي هويتنا‬ ‫كان لزاماً علينا ً‬ ‫كما خنفي آراءان‪ ،‬وأن ال يكون لنا غري وجه‬

‫• آية أاتسي‬ ‫واحد هو وجه الضحية‪ ،‬فحيث تسود ثقافة‬ ‫القطيع‪ ،‬تتشابه وجوه النساء والرجال يف املظهر‬ ‫واللباس العسكري‪ ،‬ويبدون مجيعاً كاملعتقلني يف‬ ‫السجون‪ ،‬وكاجلنود يف الثكنات العسكرية‪.‬‬ ‫أنوثة ومجال‪:‬‬ ‫كثرياً ما يتشابه القمع السياسي والديين‪ ،‬وحىت‬ ‫بعض احلركات النسوية‪ ،‬يف حماولة التعتيم على‬ ‫أنوثة املرأة وحتييدها‪ ،‬فتعيش املرأة ابلنهاية‬ ‫حالة فصام‪ ،‬فهي تشبه الرجل شك ً‬ ‫ال ودون‬ ‫أن تتمتع حبقوقه وحريته‪ ،‬وهي مل تعد تشبه‬ ‫األنثى ابملظهر‪ ،‬ولكنها مازالت حتمل كل‬ ‫معاانهتا وهواجسها‪ ،‬وحرية املرأة احلقيقية هي‬ ‫يف أن تشبه روحها‪ ،‬دون إمالءات من اجملتمع‬ ‫والسلطة الدينية والسياسية‪.‬‬ ‫األنوثة هي سحر الروح اليت ختتمر ويتعتق‬ ‫مذاقها مع الزمن وال هترم‪ ،‬هي فن وذكاء‬ ‫الطبيعة اللذان جيعالن املرأة يف العشرين ويف‬ ‫اخلمسني قادرة على اجلذب واختطاف العيون‬ ‫والقلوب‪ .‬ابملقابل اجلمال هو قشرة خارجية‬ ‫قد تذبل مع تقدم العمر‪ ،‬ويزول مفعوهلا‪ ،‬إن‬ ‫مل ترتبط ابلذكاء وحالوة الروح‪ ،‬وحىت معايري‬ ‫اجلمال تتغري وختتلف حسب الزمان واملكان‪،‬‬ ‫فما كان مجي ً‬ ‫ال قبل مئة عام جتاوزته املوضة‬ ‫واحلداثة اليوم‪ ،‬ومفهوم اجلمال يف الشرق‬ ‫خيتلف عنه يف الغرب‪ ،‬فما زال الشرق يهوى‬ ‫بياض اآلخر املتفوق عليه حضارايً‪ ،‬وحياول‬ ‫استنساخه عرب القشرة ال اجلوهر‪ .‬وعلى مبدأ‬ ‫الفيلم الشهري «السادة يفضلون الشقراوات»‬ ‫نرى الفتيات يف بالدان العربية يتسابقن إىل‬ ‫صبغ شعورهن ابألشقر‪ ،‬وإخفاء مسرة بالدهن‬ ‫ومشسها‪ ،‬وكأهنن خيرجن من جلدهن ويهاجرن‬ ‫حنو اآلخر األورويب األبيض‪ ،‬دون أن يغادرن‬ ‫مكاهنن وال بالدهن املتخلفة‪.‬‬ ‫وبعيداً عن (كليشيه) «اجلمال ينبع من‬ ‫الداخل»‪ ،‬اجلمال شيء نسيب‪ ،‬وكثرياً ما يضفي‬ ‫احلب على من يسكنون قلوبنا مجاالً وجاذبية‬ ‫خاصة‪ ،‬وما الشكل اخلارجي إال بطاقة التعارف‬ ‫األوىل اليت نقدمها لآلخر‪ ،‬لندعوه لدخول‬ ‫أعماقنا ولسرب عواملنا الداخلية‪ ،‬تلك العوامل هي‬


‫القادرة على التجدد وخلق الدهشة واإلعجاب‬ ‫لدى اآلخرين‪ ،‬أما اجلمال «بطاقة التعارف‬ ‫األوىل»‪ ،‬فتطوى بعد رحلة االكتشاف وترتك‬ ‫بعيداً للذكرى‪ .‬مجال املرأة يكمن يف أهنا نبع‬ ‫احلياة الذي ال ينضب‪ ،‬أبشع النساء يظهرن‬ ‫مجيالت عندما حيتضن أطفاهلن حبنان ورقة‪،‬‬ ‫فغريزة األمومة جتعل من أي امرأة «األنثى‬ ‫األمجل»‪ ،‬وجتعل العامل يدور يف فلكها جباذبية‬ ‫تشبه جاذبية األرض الدائرية كرحم أم حبلى‪.‬‬ ‫«كوين مجيلة واصميت» يقول املثل الفرنسي‬ ‫الشهري‪ ،‬يف دعوة صرحية للمرأة ألن تكون دمية‬ ‫مجيلة ال أكثر‪ .‬وكأن هناك تناقضاً بني أن تكون‬ ‫املرأة مجيلة وذكية‪ ،‬وكأن اجلمال ينفي العقل أو‬ ‫العكس‪ ،‬هي لألسف عقلية سائدة تفرتض يف‬ ‫املرأة اجلميلة التفاهة‪ ،‬ويف املرأة الذكية القباحة‪.‬‬ ‫علمياً ومنطقياً ال يوجد أي عالقة طردية وال‬ ‫عكسية بني اجلمال والعقل بل هي أساليب‬ ‫الرتبية اخلاطئة اليت جتعل الفتاة اجلميلة أحياانً‬ ‫هتمل اجلوانب األخرى يف شخصيتها مقابل‬ ‫االهتمام ابلشكل اخلارجي فقط وكأن اجلمال‬ ‫كاف وو ٍ‬ ‫شرط ٍ‬ ‫اف الكتماهلا وكأهنا جبماهلا‬ ‫امتلكت الدنيا وما فيها‪ ،‬وهو االعتقاد اخلاطئ‬ ‫نفسه الذي يسقط مث ً‬ ‫ال عن املرأة الناجحة‬ ‫أنوثتها وينظر للمرأة املتفوقة دراسياً أو وظيفياً‬ ‫على أهنا امرأة مسرتجلة‪.‬‬ ‫ال شيء حيول بني أن تكون املرأة مجيلة العقل‬ ‫والشكل والروح‪ ،‬فروحها مساء وحبر‪ ،‬وجسدها‬ ‫جبال وسهول وغاابت ‪...‬‬ ‫وليس الكحل وأمحر الشفاه وصبغة الشعر‬ ‫عناوين للمرأة السطحية‪ ،‬وليست الغواية إمثاً‪،‬‬ ‫بل هي غريزة طبيعية منذ جدتنا حواء وتفاحتها‪،‬‬ ‫وهي ما جيعلنا حنن البشر خملوقات تتكاثر‬ ‫جبمال وفن‪ ،‬ال بغريزة حيوانية‪ ،‬السطحية يف‬ ‫أال يكون يف عني املرأة إال الكحل‪ ،‬وال يتلون‬ ‫فمها إال بقلم احلمرة‪ ،‬أال يتجدد يف رأسها إال‬ ‫لون شعرها‪.‬‬ ‫فليست سطوح املرااي مستوية كما تبدو للناظر‪،‬‬ ‫بل خلف املرااي كل احلكااي‪ ....‬اسألوا املرأة عن‬ ‫مرآهتا أو اسألوا املرآة عن امرأهتا‪ ،‬وال تستغربوا‬ ‫إن تزينت املرأة ملرآهتا‪ ،‬ودخلت يف ساعات بوح‬ ‫طويلة‪ ،‬فاملرآة صديقة املرأة احلميمة‪ ،‬فيها ختبئ‬ ‫عيوهبا وفرحها ودموعها‪ ،‬وليس من عبث أن‬

‫خصت اللغة العربية «املرأة» و«املرآة» بنفس‬ ‫األحرف وتسلسلها‪ ،‬وتركت مهزة صغرية بينهما‬ ‫للتمييز بني املرأة ومرآهتا‪ ،‬ألن املرأة هي مرآة‬ ‫اجملتمع وصورته بال رتوش‪...‬‬ ‫قل يل كيف هي املرأة يف بالدك ‪ ....‬أقُل لك‬ ‫أي شعب أنت‪.‬‬ ‫ويف النهاية اجلمال يف التميز واالختالف‪ ،‬ال يف‬ ‫االستنساخ والتقليد‪ ،‬فكوين أيتها املرأة أنت‪،‬‬ ‫بلونك وعطرك اخلاص‪ ...‬زهرة مجيلة يف ابقة‬ ‫من أزهار األنوثة امللونة‪ ...‬كوين مجيلة وال‬ ‫تصميت‪ ،‬فشهرزاد جنت وأنقذت بنات جنسها‬ ‫من املوت‪ ،‬ابلكالم ال ابلصمت‪.‬‬ ‫له يف يوم عيدها‪:‬‬ ‫املرأة االستثنائية جندها يف كل مكان‪ ،‬تناضل‬ ‫من أجل حريتها الشخصية‪ ،‬أو حرية بنات‬ ‫جنسها أو حرية وطنها‪ ،‬ودون أن تيأس وترفع‬ ‫الراية البيضاء أمام كل املصاعب اليت قد تقف‬ ‫بينها وبني حتقيق حلمها‪...‬‬ ‫لكنين اليوم ويف ذكرى عيد املرأة العاملي‪ ،‬أرغب‬ ‫بقلب اآلية‪ ،‬واالحتفاء ابلرجل االستثنائي‪،‬‬ ‫الذي جيعل املرأة حتس يف كل يوم أهنا اجلميلة‬ ‫واحلبيبة والصديقة‪ ،‬وأهنا احلياة كل احلياة‪ ،‬يفرد‬ ‫عباءته عليها دون أن خينقها‪ ،‬ويكسر القيود‬ ‫اليت تكبلها دون أن يؤملها‪ ،‬يتقاسم معها احلرية‪،‬‬ ‫ومينحها األوكسجني عندما خينقها ثقل اهلواء‬ ‫من حوهلا‪...‬‬ ‫هو الرجل الذي يسري قرب امرأته ال خلفها وال‬ ‫أمامها‪ ،‬يرتكها متشي وتعدو وتتدحرج دون أن‬ ‫يسابقها‪...‬ولكنه ال يرتك عينه تغيب عنها‪ ،‬ال‬ ‫لرياقبها ويالحقها‪ ،‬بل ليحملها إن سقطت‪،‬‬ ‫ويسعفها إن جرحت‪ ...‬يرتقرق كنهر ٍ‬ ‫صاف يف‬ ‫حياهتا‪ ،‬ويسقي أايمها‪ ،‬خيرتع احلب معها كل‬ ‫يوم من جديد‪ ،‬ويشكو هلا عنها «كصديقة»‬ ‫عندما يتخاصم معها «كحبيبة»‪...‬‬ ‫هذا الرجل ليس ومهاً خلقته كلمايت‪ ،‬بل هو‬ ‫خملوق بشري من حلم ودم‪ ،‬خمبأ كاإلبرة يف كومة‬ ‫القش الذكورية‪ ،‬به تكتمل األنثى وتزهر‪ ،‬وبه‬ ‫يصبح للحياة معىن‪....‬‬ ‫تكامل وتفاهم وحب بينهما‪ ....‬ال تسلط‬ ‫وصراع وحروب‪ ....‬ذلك هو معىن اجلنة على‬ ‫األرض‪ ،‬واليت ألجلها ترك آدم وحواء جنتهما‬ ‫يف السماء‪.‬‬ ‫العدد (‪ )3‬آذار ‪19 2014‬‬


‫معدالت التمثيل النسوي السياسي‬ ‫في العالم‬ ‫أُعد هذا امللف من قبل دائرة تعزيز املساواة‬ ‫بني اجلنسني‪ /‬قسم األمن والشرطة والبيئة يف‬ ‫كانتون جنيف‬ ‫ترمجة الدكتورة إنعام شرف‬ ‫فقط للتنويه‪ :‬اإلحصائيات الواردة يف هذا‬ ‫امللف تعود للعام ‪.2011‬‬ ‫مقدمة‬ ‫هتدف هذه الدراسة إىل تقدمي حملة عامة عن‬ ‫نسبة النساء الاليت يتم انتخاهبن يف دول العامل‬ ‫واآلليات املستخدمة لتفعيل دورها وزايدة‬ ‫مشاركتها يف احلياة السياسة يف هذه الدول‪.‬‬ ‫وقد مت اعتماد عدد من الدول كعينة للدراسة‬ ‫وهي الدول األكثر مترساً يف هذا اجملال‪ .‬كما‬ ‫أن االختيار مل يقع فقط على الدول األكثر‬ ‫تقدماً يف هذا اجملال‪ ،‬وإمنا أيضاً البلدان اليت‬ ‫لنا حاالت شديدة اخلصوصية يف جتارهبا وأكثر‬ ‫إاثرة‪ ،‬وتستحق أن يتم التعريف هبا‪ .‬سنتكلم‬ ‫أوالً عن وضع املرأة السياسي يف البلدان اليت‬ ‫مت اختيارها‪ ،‬ومن مث سنقوم بوصف التدابري‬ ‫واإلجراءات املطبقة أو املعمول هبا يف هذه‬ ‫البلدان لتعزيز متثيل املرأة يف السياسة‪.‬‬ ‫ما هو الواقع املختبئ وراء األرقام؟‬ ‫من املهم جداً ربط هذه األرقام ابلواقع‪ ،‬فمسألة‬ ‫أن يكون هناك نسبة جيدة من النساء الاليت‬ ‫يشاركن يف احلياة السياسية يف بعض البلدان‬ ‫ال يعين ابلضرورة أن مسألة املساواة بني الرجل‬ ‫واملرأة قد ُحلت يف هذه البلدان‪ .‬واألسئلة‬

‫احلقيقية اليت تفرض نفسها على هذا الصعيد‪،‬‬ ‫ميكننا صياغتها على النحو التايل‪:‬‬ ‫ هل قضية املرأة ستتحسن حقاً مع مشاركة‬‫عدد أكرب من النساء يف احلياة السياسية؟‬ ‫ هل الدفاع عن قضية املرأة سيكون من‬‫أولوايت النساء العامالت يف اجملال السياسي؟‬ ‫مبعىن آخر‪ ،‬هل ستقوم النساء بتغيري السياسة‬ ‫أم أن السياسة هي من ستغري املرأة؟!‬ ‫ هل املرأة النائب يف الربملان‪ ،‬اليت غالباً ما‬‫تكون من الشرائح االجتماعية األكثر ثر ًاء‪،‬‬ ‫قادرة على متثيل نساء من فضاءات خمتلفة؟‬ ‫ هل حقاً ستكون هناك وحدةٌ ما بني النساء‬‫واحتياجاهتن؟‬ ‫ال منلك اليقني لإلجابة على هذه التساؤالت‪،‬‬ ‫لكن إعادة النظر يف الوضع العاملي وقضاايه‬ ‫احملتملة جتعلنا على يقني أبنه كلما ازداد عدد‬ ‫النساء‪ ،‬كلما ازداد عدد األسئلة والقضااي اليت‬ ‫جيب أخذها بعني االعتبار‪ ،‬وذلك بسبب‬ ‫االختالف وتفاوت اخلربات واملهارات بني‬ ‫الرجل واملرأة‪ ،‬واحلساسيات املتعلقة هبذه املسألة‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬يرى البعض‪ ،‬من اجلنسني‪ ،‬أن‬ ‫التمثيل النسوي يف السياسة غري كاف لوحده‪،‬‬ ‫إذ جيب أن يكون هذا التمثيل متثي ً‬ ‫ال فعاالً‪،‬‬ ‫وأن تقوم النساء بدورهن بشكل حقيقي‪ ،‬وأن‬ ‫ال ّ‬ ‫يكن جمرد صورة‪ .‬وهذا يثري ابلطبع قضية‬ ‫عدم التجانس بني النساء‪ ،‬وكذلك التحدايت‬

‫• ترمجة‪:‬د‪ .‬إنعام شرف‬ ‫فريق ترمجة سيدة سوراي‬

‫اليت تفرضها احلياة السياسية النابضة بديناميكية‬ ‫الدميقراطية‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬ال تزال املرأة متتلك على األقل‬ ‫يف الوقت الراهن‪ ،‬خصوصية جتاوز االنتماء‬ ‫السياسي والذهاب أكثر ابجتاه تشكيل‬ ‫جمموعات أو جتمعات نسائية يف الربملاانت‪.‬‬ ‫وحتليل األرقام يظهر أن التمثيل النسوي‬ ‫السياسي يتم يف بيئة جتمع بني انتخاب املرأة‬ ‫و(الرجل) املناصر للمرأة يف الربملاانت‪ ،‬احلركات‬ ‫النسائية املعبئة على صعيد السياسة االنتخابية‬ ‫والربملانية‪ ،‬وكذلك األحزاب السياسية امللتزمة‬ ‫بفتح أبواهبا أمام املرأة‪.‬‬ ‫ هل قضية املرأة ستتحسن حقاً‬‫مع مشاركة عدد أكرب من النساء‬ ‫يف احلياة السياسية؟‬ ‫ هل الدفاع عن قضية املرأة‬‫سيكون من أولوايت النساء‬ ‫العامالت يف اجملال السياسي؟ مبعىن‬ ‫آخر‪ ،‬هل ستقوم النساء بتغيري‬ ‫السياسة أم أن السياسة هي من‬ ‫ستغري املرأة؟!‬ ‫اخلصائص العامة للتمثيل النسوي السياسي‬ ‫يف العامل‬ ‫حىت اتريخ ‪ 31‬تشرين أول ‪ ،2011‬كان‬ ‫املتوسط العاملي للمشاركة النسائية يف احلياة‬ ‫السياسية يبلغ ‪ %19.4‬من النساء الناشطات يف‬

‫‪ 20‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬


‫الربملاانت‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن لكل بل ٍد خصائصه‬ ‫الفريدة اليت تسمح بتفسري نسبة التمثيل‬ ‫السياسي للمرأة فيه (النظام االنتخايب‪ ،‬التقليد‬ ‫السياسي‪ ،‬وضع البالد‪ ،‬التاريخ‪ ،‬العقلية ومنط‬ ‫التفكري‪ ،‬إخل‪ .).‬وبعض الدول متتلك مسارات‬ ‫متماثلة مما يسهل مجعها مع بعضها حتت الفئة‬ ‫ذاهتا‪ ،‬وقد قمنا بتصنيفهم على النحو اآليت‪:‬‬ ‫ دول مشال أورواب‪:‬‬‫متثل دول مشال أورواب البطل احلقيقي يف هذا‬ ‫اجملال منذ ‪ ،1980/1970‬وعلى الرغم من‬ ‫ذلك فقد لوحظ بعض الركود النسائي يف‬ ‫الربملاانت بنسبة تقارب الـ ـ ‪٪ 42.3( ٪ 40‬‬ ‫حىت اتريخ ‪ 31‬تشرين أول ‪.)2011‬‬

‫ دول أورواب الغربية (ابستثناء دول مشال‬‫أورواب) وأمريكا الشمالية ‪:‬‬ ‫األرقام تتغري ببطء وتبقى النساء أقلية‪ .‬ومع‬ ‫ذلك‪ ،‬فإن بعض الدول حتقق نتائج مثرية‬ ‫لالهتمام (هولندا‪ ،‬بلجيكا‪ ،‬النمسا‪ ،‬أملانيا)‪.‬‬ ‫ دول شرق أورواب‪:‬‬‫نسبة املشاركة السياسية النسوية يف هذه الدول‬ ‫منخفضة قليالً‪ ،‬وال سيما بسبب الصعوابت‬ ‫املرتبطة بتغري النظام السياسي يف الدول الشيوعية‬ ‫السابقة‪ .‬إالّ أن التطور الذي شهدته السنوات‬ ‫األخرية يَ ٍع ُد ابلكثري ونسبة املشاركة النسوية يف‬ ‫احلياة السياسية ابزدايد مضطرد وسريع‪.‬‬ ‫‪ -‬الدول العربية‪:‬‬

‫معدل مشاركة املرأة يف احلياة السياسية يف‬ ‫الدول العربية يبلغ ‪ ٪ 8.8‬وهي نسبة منخفضة‪،‬‬ ‫وذلك بسبب التصور ضيق األفق عن دور املرأة‬ ‫وحقوقها يف هذه اجملتمعات‪ .‬وازدايد النسبة‬ ‫يف املشاركة بطيء‪ ،‬وحىت ‪ 31‬تشرين أول‬ ‫‪ ،2011‬مل تتعد هذه النسبة الـ ـ ‪ %10.8‬يف‬ ‫عام ‪ ، 2005‬قامت الكويت أخرياً مبنح املرأة‬ ‫حق التصويت والرتشح‪ .‬فقط اململكة العربية‬ ‫السعودية هي اليت التزال متنع عن املرأة هذه‬ ‫احلقوق‪.‬‬ ‫ الدول اإلفريقية‪:‬‬‫الوضع خيتلف يف إفريقيا من بل ٍد إىل آخر‪ ،‬وقد‬ ‫قامت بعض الدول األفريقية إبجراءات حامسة‬ ‫للنهوض بوضع املرأة‪ ،‬وال سيما من خالل‬ ‫الربامج اليت تعمل على نص قانون للمساواة‬ ‫بني اجلنسني‪ ،‬وتطبيق سياسة احلصص‪ .‬ففي‬ ‫إفريقيا جنوب الصحراء الكربى‪ ،‬على وجه‬ ‫اخلصوص‪ ،‬معدالت املشاركة السياسية النسوية‬ ‫حققت نسبة أعلى من بعض الدول الغربية‪.‬‬ ‫ومع أن هذه الدولة تلقّت العديد من الضرابت‬ ‫القاسية (فريوس نقص املناعة البشرية‪ ،‬الفقر‬ ‫والصراع املسلح)‪ ،‬إالّ أهنا استطاعت أن تويل‬ ‫اهتماماً كبرياً ملسألة املشاركة النسائية يف احلياة‬ ‫السياسية‪ .‬ويف ‪ 31‬تشرين أول ‪ 2011‬بلغت‬ ‫هذه النسبة يف الدول اإلفريقية ‪.%19.8‬‬ ‫ الدول اآلسيوية‪:‬‬‫التمثيل السياسي للمرأة منخفض أيضاً يف‬ ‫الدول اآلسيوية‪ ،‬إذ بلغ حوايل ‪ ٪ 18‬يف ‪31‬‬ ‫أكتوبر ‪ ،2011‬وال سيما يف آسيا اجلنوبية‪.‬‬ ‫والتمييز واالقصاء يطال النساء والفتيات على‬ ‫مستوايت ع ّدة‪.‬‬ ‫ دول أمريكا الالتينية‪:‬‬‫على الرغم من استحداث نظام احلصص يف‬ ‫عشرة بلدان من دول أمريكا الالتينية (األرجنتني‪،‬‬ ‫كوستاريكا‪ ،‬البريو‪ ،‬ومجهورية الدومينيكان‪،‬‬ ‫واملكسيك واالكوادور وبوليفيا وبنما والربازيل‬ ‫والبارغواي)‪ ،‬إالّ أن التمثيل السياسي النسوي‬ ‫مايزال يعاين من ركود‪ ،‬حيث مل تتجاوز النسبة‬ ‫‪ ، %14‬ابستثناء األرجنتني وكوستاريكا اللتني‬ ‫تتجاوز نسبة املشاركة النسائية يف احلياة‬ ‫السياسية فيهما الـ ـ ‪.%30‬‬ ‫العدد (‪ )3‬آذار ‪21 2014‬‬


‫لمحة تاريخية عن حركات حقوق المرأة‬ ‫الشخصيات واألحداث البارزة في حركات حقوق المرأة في أمريكا وخارجها‬

‫هتتم حركات حقوق املرأة يف املقام األول ابملساواة بني املرأة والرجل‬ ‫يف األوضاع السياسية واالجتماعية واالقتصادية‪ ،‬وبتأسيس ضماانت‬ ‫تشريعية ملكافحة التمييز على أساس اجلنس‪ .‬عملت حركات حقوق‬ ‫املرأة على دعم هذه األهداف لقرنني من الزمن على األقل‪ ،‬منذ أول‬ ‫منشور نسائي يف عام ‪ 1792‬بعنوان «دفاعاً عن حقوق املرأة» الذي‬ ‫كتبته (ماري ويبستونكرافت) يف بريطانيا‪.‬‬ ‫بدأت النساء ابلكفاح السياسي يف بريطانيا عام ‪ ،1903‬وذلك مع‬ ‫تشكيل االحتاد النسائي االجتماعي والسياسي (‪ )WSPU‬من أجل‬ ‫حق املرأة ابالنتخاب‪ ،‬حتت قيادة (إمييلني ابنكهورست)‪ .‬تظاهرت‬ ‫النساء من مجيع األعمار والطبقات على نطاق واسع‪ ،‬حيث سجنت‬ ‫املتظاهرات وحرمن من أماكن لقاءاهتن‪ ،‬ورمني من على درجات‬ ‫الربملان‪ .‬انتهى االنقسام الوطين هبدنة عند اندالع احلرب العاملية األوىل‬ ‫عام ‪ 1914‬بقرار االحتاد النسائي االجتماعي والسياسي بدعم اجملهود‬ ‫احلريب‪ .‬وكان احلشد الذي ن ّفذته آالف السيدات يف االحتاد النسائي‬ ‫بعد ذلك للمشاركة التطوعية يف الصناعات احلربية وخدمات الدعم‬ ‫عام ً‬ ‫ال مؤثراً للغاية يف التغلب على مناهضة احلكومة ألهداف االحتاد‪.‬‬ ‫منح حق االنتخاب للنساء يف عام ‪ ،1918‬وكان مقتصراً على اللوايت‬ ‫بلغن الـثالثني وما فوق‪ ،‬ومت ختفيض عمر االنتخاب يف عام ‪1928‬‬ ‫إىل ‪ 21‬عاماً‪.‬‬ ‫كان املوقف األول احملدد جتاه حقوق املرأة يف الوالايت املتحدة –الذي‬ ‫يتداخل مع قضااي العبودية حىت اآلن‪ -‬قد اختذ يف عام ‪ 1848‬حتت‬ ‫قيادة (إليزابيث كادي ستانتون) يف مؤمتر حقوق املرأة يف (سينيكيا‬ ‫فولز) بنيويورك‪ .‬عقد مؤمتر حقوق املرأة عام ‪ ،1850‬وكان بقيادة‬ ‫(لوسي ستون) وهي انشطة قدمية‪ .‬اندجمت اجملموعتان يف تشكيل‬ ‫واحد عام (‪ )1863‬يف اجلامعة الوطنية املناصرة للمرأة حتت قيادة‬ ‫(سوزان يب أنتوين)‪ ،‬اليت كتبت وقدمت يف عام ‪ 1878‬اقرتاح تعديل‬ ‫حق التصويت يف الدستور‪.‬‬ ‫يف عام ‪ 1890‬أصبحت (وايومينغ) أول والية متنح املرأة حق االقرتاع‪،‬‬ ‫وتسارعت احلركة بسبب تشكيل اجلمعية الوطنية األمريكية حلقوق‬ ‫املرأة ابالقرتاع يف عام ‪ 1890‬وابنتخاابت (كاري تشامبان كات)‬ ‫كرئيس يف عام ‪ .1900‬جذبت احلملة التالية العديد من النساء‬ ‫املثقفات والغنيات واملؤثرات لالهتمام ابلقضية مع ما حتقق من احلرفية‬ ‫السياسية‪ ،‬وزايدة التمويل واملسريات واملظاهرات احلاشدة يف املدن‬ ‫الكربى‪ .‬تعديل «أنتوين»‪ ،‬املكتوب بعام ‪ ،1878‬كان قد مت التصديق‬ ‫عليه ابسم «التعديل التاسع عشر» وأصبح قانوانً يف عام ‪.1920‬‬ ‫وبني عامي ‪ 1920‬و ‪ 1960‬انتشر التمرد ابسم قضية واحدة يف عدد‬ ‫من اجملموعات السياسية للمرأة مثل «رابطة الناخبات» عام ‪،1920‬‬

‫• ترمجة‪ :‬مراد عيد‬ ‫فريق ترمجة سيدة سوراي‬

‫و«اجمللس الوطين للزجنيات» عام ‪ .1935‬دعمت هذه اجملموعات‬ ‫أنواعاً خمتلفة من اإلصالحات الليربالية املتعلقة حبقوق كال اجلنسني‪،‬‬ ‫وصيغ تعديل تساوي احلقوق يف ‪ 1923‬من قبل احلزب الوطين‬ ‫للمرأة (الذي أتسس ‪ )1913‬وبقي كامناً لـ‪ 50‬عاماً آخر‪.‬‬ ‫على الصعيد الدويل‪ ،‬ومع التقدم الذي أحرزته حركات حقوق املرأة‪،‬‬ ‫أشري إىل مساواة حقوق املرأة يف ميثاق األمم املتحدة (‪ )UN‬عام‬ ‫‪ ،1945‬ومت أتسيس جملس الوالية للمرأة يف عام ‪ 1948‬وأقامت‬ ‫اجلمعية العامة لألمم املتحدة مؤمتراً يتعلق ابحلقوق السياسية للمرأة‬ ‫عام ‪.1952‬‬ ‫خالل الستينات ظهرت حركة التمرد النسائية يف الوالايت املتحدة‬ ‫األمريكية‪ ،‬حمرضة من قبل دراسات نسائية حمددة‪ ،‬مثل اجلنس الثاين‬ ‫(‪ )1953‬لـ (سيمون دي بوفوار)‪ ،‬والغموض األنثوي (‪)1963‬‬ ‫لـ (بييت فريدان)‪ ،‬ومناخ التشريع العام املتفق مع حقوق األقليات‬ ‫وحركات مناهضة التمييز‪ ،‬وتشكلت جمموعات التمرد النسائية‪ .‬رمبا‬ ‫رفعت حركات حترير املرأة‪ ،‬اليت كانت اجتماعية أكثر منها سياسية‪،‬‬ ‫وجتلت يف األدب واملظاهرات من قبل النساء الراديكاليات‪ ،‬ووعي‬ ‫األمة النتشار املعتقدات واملواقف التمييزية‪ .‬واألهم من ذلك‪ ،‬كان‬ ‫نشوء منظمات سياسية نسائية تطورت إىل حركة نسائية كاملة‬ ‫يف السبعينات‪ ،‬متضمن ًة املنظمة الوطنية للمرأة (‪ )NOW‬اليت‬ ‫أتسست يف عام ‪ 1966‬حتت قيادة (بييت فريدان)‪ ،‬واملؤمتر السياسي‬ ‫النسائي الوطين ‪ ،1971‬والذي ضم شخصيات نسائية معروفة‬ ‫على الصعيد الدويل مثل (بيال أبزوغ) و(شرييل تشيشومل) و(غلوراي‬ ‫ستاينم)‪ ،‬وجملس تصديق تعديل مساواة احلقوق ‪ ،1973‬وجتمع‬ ‫االحتاد العمايل للمرأة ‪.1973‬‬ ‫تركز ضغط حركات حقوق املرأة اليت تقودها املنظمة الوطنية للمرأة‪،‬‬ ‫على القضية الرئيسية وهي التصديق على تعديل مساواة احلقوق‬ ‫(‪ )ERA‬يف الدستور‪ ،‬ومتت املصادقة على تعديل مساواة احلقوق‬ ‫من قبل جملس النواب األمريكي يف عام ‪ 1971‬ومن قبل جملس‬ ‫الشيوخ يف عام ‪ .1972‬ومع ذلك سقط يف ‪ 30‬حزيران ‪1982‬‬ ‫التصديق على تعديل مساوة احلقوق يف ثالث والايت‪ ،‬وهو أقل من‬ ‫(‪ )38‬عدد الوالايت املطلوب‪ .‬وفشلت جهود الكونغرس الحقاً‬ ‫إلعادة التصويت‪ ،‬رغم ذلك أضافت والايت إىل دستورها عدة بنود‬ ‫خاصة مبساواة احلقوق‪.‬‬ ‫منذ الثمانينات ركزت احلركة النسائية على قضااي متنوعة‪ ،‬مبا يف ذلك‬ ‫حقوق اإلجناب (احلفاظ على حق املرأة ابالختيار إلجراء عملية‬ ‫إجهاض‪ ،‬ضد احلركة املؤيدة للحياة)‪ ،‬والتحرش اجلنسي‪ ،‬وما يسمى‬ ‫بـ«السقف الزجاجي» الذي يعيق ترقية النساء يف الشركات‪.‬‬

‫‪http://www.scholastic.com/teachers/article/history-womens-rights-movements‬‬ ‫‪ 22‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬


‫سوريات ال زلن يصنعن الزهور‬ ‫نساء سورايت مل يسرتسلن كثرياً يف اليأس‪ ،‬ومل‬ ‫ٍ‬ ‫كالجئات وضحااي‬ ‫يقعدن ويستسلمن لقدرهن‬ ‫لنظا ٍم جمرٍم‪ .‬فقدن املعيل‪ ،‬لكنهن مل يفقدن‬ ‫األمل وال نبض احلياة‪.‬‬ ‫مشروع (‪ )Jasmine Syria‬يف األردن‬ ‫حي لنضال املرأة السورية‪ ،‬ودليل على‬ ‫أمنوذج ٌّ‬ ‫إرادة احلياة‪ .‬حدثتنا مديرة املشروع (سارة‬ ‫احلمصي) عن آلية العمل‪ ،‬وماقدمه املشروع‬ ‫للعامالت فيه‪:‬‬ ‫من أحد املشاريع الصغرية اليت تقوم على أساس‬ ‫تشغيل اليد العاملة السورية‪ ،‬وخاصة شرحية‬ ‫السيدات السورايت (زوجات الشهداء أو‬ ‫هلن معيل)‪.‬‬ ‫املعتقلني أو املفقودين‪ ،‬أو الاليت ليس ّ‬ ‫نستطيع من خالل مشروعنا أن نقوم مبساعدة‬ ‫ميتهن حرفة معينة‪ ،‬أبن تقوم‬ ‫السورايت الاليت ّ‬ ‫بصناعة مشغوالهتا أوال ً‪ ،‬والقيام بدورات تدريبية‬ ‫ميتهن أي حرفة‪.‬‬ ‫اثنياً لباقي الفتيات الاليت ال ّ‬ ‫نعتمد يف عملنا على تقدمي الفائدة ألكرب عدد‬ ‫ممكن من العائالت السورية‪ ،‬إن كان ضمن‬ ‫وخاصة‬ ‫مركز املشروع (املشغل)‪ ،‬أو يف البيت‪ّ ،‬‬ ‫السيدات اللوايت ال يستطعن اخلروج من بيوهتن‬ ‫من أجل أطفاهلن‪ ..‬نقوم بتوفري املواد األولية‬ ‫لسيدة‪ ،‬لتقوم بصناعة منتجها داخل بيتها‪،‬‬ ‫كصناعة (الصابون‪ ،‬القش‪ ،‬الشمع‪ ،‬احلقائب‪،‬‬ ‫اهلدااي واأللعاب‪ .....‬إخل)‪.‬‬ ‫تسويق املنتجات‪:‬‬ ‫حالياً نعتمد يف تسويق منتجاتنا على الدعاية‬ ‫عرب مواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬وذلك بنشر‬ ‫صور منتجاتنا واحلديث عنها‪ ،‬ومن مثّ نعتمد‬ ‫على البازارات اليت تقام‪ ،‬إما يف اجلامعات أو‬ ‫املدارس‪ ،‬أو يف معارض خاصة للمشغوالت‬ ‫اليدوية‪.‬‬ ‫الصعوابت اليت تواجهنا‪:‬‬ ‫هي نفسها تسويق املنتجات‪ ،‬نواجه صعوبة‬ ‫حقيقية يف بيع منتجاتنا ضمن األردن‪،‬‬ ‫بسبب اعتمادهم األساسي على املنتجات‬ ‫الصينية الرخيصة جداً‪ ،‬ولعدم توفر منتجات‬ ‫أو صناعات حملية أو حىت مواد أولية‪ ،‬تساعد‬ ‫يف انتشار املنتج يف األسواق‪ ،‬ونطمح إليصال‬

‫منتجاتنا لدول اجلوار أيضاً‪.‬‬ ‫حدثتنا أم حممد من درعا‪ ،‬وهي أم ألربعة أوالد‬ ‫وزوجها ال يزال يف سوراي‪ ،‬تقول‪:‬‬ ‫«خرجت من سوراي منذ سنة تقريباً‪ ،‬أسكن‬ ‫اآلن لدى عائلة أردنية يف غرفة واحدة‪ ،‬مل‬ ‫أستطع احلصول على عمل‪ ،‬وتقدمت ألغلب‬ ‫اجلمعيات اخلريية يف األردن‪ ،‬لكين مل أحصل‬ ‫سوى على بعض الكوبوانت الغذائية اليت ال‬ ‫تتجاوز قيمتها ‪ 60‬ديناراً‪ .‬عندما قرأت اإلعالن‬ ‫عن مشروع ‪ Jasmine‬للمشغوالت اليدوية‬ ‫للسوريني‪ ،‬ذهبت إليهم‪ ،‬واآلن أعمل عندهم‪.‬‬ ‫سروري وفرحي ابلعمل هو فقط ألنه يغنيين‬ ‫عن طلب املساعدة‪ ،‬وعن الذهاب للوقوف‬ ‫ساعات طويلة أمام أبواب اجلمعيات‪ ،‬والذل‬ ‫والقهر‪ ،‬ويكفيين أان وأوالدي األربعة قوتنا‬ ‫اليومي ومصاريف الدراسة»‪.‬‬ ‫أم طالل من دمشق‪ ،‬أم لستة أوالد‪ ،‬تويف‬ ‫زوجها يف سوراي‪ ،‬تقول‪« :‬خرجت وأوالدي‬ ‫إىل األردن‪ ،‬طلباً لألمان‪ ،‬وخوفاً على أوالدي‬ ‫من القتل‪ُ .‬صدمت بواقع أليم يعاين منه أغلب‬ ‫السوريني يف األردن‪ ،‬حيث ال فرص عمل‪،‬‬ ‫وليس هناك إعاانت من اجلمعيات وغريها‪ ،‬ال‬ ‫حنصل سوى على القليل القليل‪ ،‬لذلك كان‬ ‫مشروع ‪ Jasmine‬للسيدات السورايت هو‬ ‫الكفاء والعطاء‪ ،‬حيث يق ّدم الفرص ألغلب‬ ‫رابت العائالت السورية للعمل ضمن جمال‬ ‫خربهتن‪ ،‬حيث أقوم بصناعة مادة الصابون‬ ‫املعطر والصابون املعاجل‪ ،‬وهكذا أكون قد‬ ‫أخذت فرصيت‪ ،‬أوالً لكي أستفيد مادياّ ً‪ ،‬واثنياً‬ ‫لصناعة مادة رمبا تكون فريدة من نوعها يف‬

‫• زايد دعبول‬ ‫خاص سيدة سوراي‬

‫األسواق األردنية ويف تركيبتها»‪.‬‬ ‫أما أم عمر من محص‪ ،‬وهي أم لثالثة شبّان‬ ‫وثالثة فتيات‪ ،‬وزوجها مل يستطيع اخلروج من‬ ‫سوراي‪ ،‬تقول‪« :‬خرجت من سوراي بعد قصف‬ ‫لدي مأوى‪ ،‬وخوفاً على أوالدي‬ ‫بييت‪ ،‬ومل يعد ّ‬ ‫يف الداخل‪ ،،‬مل يسمحوا لزوجي ابلدخول معي‬ ‫لذلك اضطررت للعمل واالعتماد على نفسي‪،‬‬ ‫نظراً لصعوبة إجياد فرصة عمل ألوالدي‪ ،‬ورفض‬ ‫احلكومة األردنية إعطائهم تصاريح للعمل‪.‬‬ ‫تقدمت ملشغل ‪ Jasmine‬للمشغوالت‬ ‫اليدوية‪ ،‬الذي أاتحت يل وللكثري من السيدات‬ ‫فرصة العمل‪ .‬حققت االكتفاء‪ ،‬وضمنت أجراً‬ ‫شهرايً يكفيين وأوالدي قوت يومنا ومصاريف‬ ‫دراستهم‪ ،‬استطعت أن أحقق ذايت واعتمد‬ ‫على نفسي‪ ،‬وأسحق ذلك الذل والقهر اللذين‬ ‫كاان يعرتايين يف كل مرة ذهبت فيها إىل مراكز‬ ‫اجلمعيات اخلريية‪ ،‬واليت مل أستفد منها بشيء‪.‬‬ ‫دعم املشروع‪:‬‬ ‫من خالل طرح فكرة املشروع والغاية منها‪،‬‬ ‫تك ّفل بعض املتربعني مبصاريف املشروع لغاية‬ ‫األشهر الثالثة األوىل‪ ،‬بعدها نستطيع االعتماد‬ ‫على أنفسنا من خالل أرابح مبيعاتنا‪ ،‬يف حال‬ ‫متّ تسويقها بشكل جيّد‪ ،‬وخاصة يف األسواق‬ ‫اخلارجية ‪.‬‬ ‫قيل قدمياً‪ :‬أن تشعل مشع ًة خري من أن تلعن‬ ‫مشروع صغري ٌ‪ ،‬لكنه يبعث على األمل‬ ‫الظالم‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫حي الميوت‪،‬‬ ‫ويقدم أمنوذجاً طيباً‬ ‫لشعب ٍّ‬ ‫حر ٍّ‬ ‫احلرة‪.‬‬ ‫بوركت أيديكن سيدات سورية ّ‬ ‫العدد (‪ )3‬آذار ‪23 2014‬‬


‫ريم تركماني بروفيسور الفيزياء الكونية‬ ‫مؤرخة بالصدفة‬

‫• حاورهتا سيدة سوراي‬

‫بصمت تعمل (رمي تركماين)‪ ،‬يف اختصاصها النادر (دكتوراه يف الفيزايء الفلكية)‪ ،‬تشهد هلا‬ ‫إجنازاهتا العلمية‪ ،‬ونشاطاهتا يف جمال العلوم اإلسالمية والتبادل احلضاري بني أورواب والعامل‬ ‫العريب‪ ،‬وأتثري احلضارة العربية اإلسالمية على أورواب‪ ،‬ما وضع امسها على قائمة أهم ‪20‬‬ ‫امرأة عاملة مؤثرة يف العامل اإلسالمي‪.‬‬ ‫(سيدة سوراي) التقت (رمي تركماين)‪ ،‬وحتدثت إليها حول اجلائزة اليت أحرزهتا ومواضيع‬ ‫أخرى راهنة‪.‬‬ ‫كيف ترى رمي تركماين واقع املرأة السورية اليوم املرأة ستكون اجلزء األهم يف عملية الدفع ابجتاه‬ ‫يف ظل متغيريات الثورة‪ ،‬هل هناك فصل بني السالم‪ ،‬أي العودة إىل مرحلة شبيهة ابليت بدأان‬ ‫نساء الريف واملدينة‪ ،‬وهل ميكن اعتبار املرأة هبا‪ ،‬فالسالح كان مصيبة احلراك السوري‪،‬‬ ‫اخلاسر األكرب يف املناطق الواقعة حتت سيطرة واملرأة حىت اللحظة مل تتورط به‪ ،‬حىت السيدات‬ ‫اللوايت أيدن التسليح والعنف ابلقول‪ ،‬أولويتهن‬ ‫النظام؟‬ ‫دور املرأة السورية بشكل عام حتول اليوم عما اليت تتضح يف النقاشات هي احللول السياسية‬ ‫كان عليه يف بداية احلراك الشعيب‪ .‬فقد كانت والسلمية‪ .‬ابلتايل املرأة (كقوة دافعة) مل تتشوه‬ ‫املرأة يف الصفوف القيادية للحراك‪ ،‬أما اآلن صورهتا بعد أبداة القتل‪ ،‬ولديها إمكانيات لكي‬ ‫فهي من أكرب ضحاايه‪ .‬فإذا نظران إىل الشرحية تلعب دوراً ضاغطاً لتحقيق السالم‪ ،‬ابتداءاً من‬ ‫اإلجتماعية املتضررة‪ ،‬جند أغلبهم من النساء قلب للعائلة‪ ،‬وانتهاء أبعلى املستوايت‪ ،‬من‬ ‫واألطفال (املخيمات‪ ،‬النازحني‪ ،‬يف كثري خالل مبادرات جمموعات ومنظمات اجملتمع‬ ‫من احلاالت فقدت األسرة معيلها‪ ،‬وابلتايل املدين وحىت األهلي اليت بدأت تظهر‪ ،‬واليت‬ ‫اضطرت املرأة فجأة ألن تكون املعيل‪ ،‬أوالدها تلعب املرأة دوراً مهماً فيها‪ .‬ففضاء اجملتمع‬ ‫بدون مدارس‪ ،‬ليست لديها أي استقاللية‪ ،‬املدي ضمن الظروف احلالية هو الذي جتد املرأة‬ ‫فهي حىت اآلن تدفع الثمن األكرب)‪ .‬النساء يف السورية نفسها فيه أكثر من غريه‪ ،‬يف حني لو‬ ‫الريف عانني أكثر من نساء املدينة حبكم انتشار نظران إىل الفضاء السياسي السوري‪ ،‬لوجدان‬ ‫رقعة العنف يف الريف بشكل أكرب من املدن‪ ،‬متثيل املرأة فيه ضعيفاً لألسف‪ ،‬وهو شبه معدوم‬ ‫خصوصاً يف الريف الشمايل‪ .‬هذا يعين عملياً يف الفضاء العسكري‪ .‬املرحلة القادمة وبشكل‬ ‫أن بعضاً من جذور األزمة قد تعمقت بدالً من متصاعد ستكون مرحلة اجملتمع املدين السوري‪،‬‬ ‫أن تحُ ل‪ ،‬فقد كان للفوارق التنموية الكبرية بني ابلتايل أتوقع أن نرى بداية ظهور قيادات نسائية‬ ‫الريف واملدينة أحد العوامل اليت أججت الصراع جديدة‪ ،‬علماً أن القيادات النسائية السورية‬ ‫يف سوراي‪ .‬السيدة الريفية اليت كانت سيدة على اليت برزت مع احلراك ظهر معظمها يف األشهر‬ ‫أرضها تشارك أفراد عائلتها يف زراعتها ورعايتها‪ ،‬الست األوىل من احلراك‪ ،‬ومل تظهر إال أمساء‬ ‫وترتبط تفاصيل منط حياهتا بشكل كبري ببيئتها قليلة بعد مرحلة العسكرة‪ ،‬اجملتمع املدين وحده‬ ‫الريفية‪ ،‬أصبحت اآلن الجئة لألسف‪ ،‬تكافح سيفتح اجملال أمام أمساء نسائية قيادية جديدة‪.‬‬ ‫لكي تُبقي عائلتها على قيد الكرامة واحلياة‪ .‬ادعاءات النظام السوري تقول «إن وضع املرأة‬ ‫هذا ال يعين أن الرجل ال يدفع مثناً بدوره‪ ،‬لكن كان أفضل يف ظله»‪ ،‬هل توافقني‪ ،‬أم أن املرأة‬ ‫املرأة دفعت الثمن األكرب‪ ،‬بينماكانت يف البداية يف ظله كانت جمرد «كليشيه»؟‬ ‫أهم حمركات احلراك‪ .‬مع ذلك أعتقد اليوم أن وضع املرأة والرجل كان سيئاً يف ظل النظام‬ ‫‪ 24‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫السوري على حد سواء‪ ،‬ال الرجال وال النساء‬ ‫كانوا قادرين على حتصيل حقوقهم األساسية‪،‬‬ ‫مثل حرية التعبري عن الرأي‪ .‬حىت لو افرتضنا‬ ‫أص ً‬ ‫ال أن الدستور السوري يكفل كل حقوق‬ ‫املرأة‪ ،‬فلم يكن هناك أي ضامن لتحصيلها‬ ‫عملياً‪ ،‬ألن أجهزة األمن تتصرف وكأهنا فوق‬ ‫الدستور والقانون‪ .‬لكن على كل األحول‪ ،‬من‬ ‫غري الصحيح أن النظام السوري أنصف املرأة يف‬ ‫تشريعاته‪ ،‬فهو مث ُ‬ ‫ال مل يسمح لألم السورية مبنح‬ ‫جنسيتها ألبنائها‪ ،‬وهو ال يعطيها حىت حرية السفر‬ ‫بدون موافقة وصي‪ .‬هناك الكثري من القوانني‬ ‫اجلائرة حبق املرأة‪ ،‬والنظام السوري مل يعرتف‬ ‫رمسياً بكل القوانني الدولية اليت تصون حقوقها‪.‬‬ ‫كأحد قادة الرأي النسائي يف سوراي‪ ،‬هل‬ ‫يتناسب دور النساء السورايت يف عملية البناء‬ ‫ونيل احلقوق واحلصول على متثيل حقيقي مع‬ ‫حضورهن اجملتمعي اليوم؟ وإن مل يكن كذلك‬ ‫فما املطلوب منهن؟‬ ‫مطلوب من املرأة أن خترج بشكل أكرب إىل دائرة‬ ‫الشأن العام‪ ،‬ما حدث يف سوراي هو اخرتاق‬ ‫اجملتمع هلذه الدائرة اليت كانت حمرمة علينا من‬ ‫قبل‪ ،‬وهذا هو الفضاء الذي نستطيع ضمنه‬ ‫التعبري عن رأينا ورغبتنا ابسرتجاع حقوقنا‪ ،‬والقيام‬ ‫مبمارسات مدنية وسياسية والسرتجاع هذه‬


‫احلقوق‪ ،‬فعلى املرأة اقتحام ميدان الشأن العام وعدم االكتفاء ابلتفاعل‬ ‫فقط ضمن إطار العائلة واألصدقاء‪ .‬برأيي إذا أرادت املرأة حقوقها‬ ‫فعالً‪ ،‬فعليها التعبري عن ذلك بقوة وبثقة بشكل مرحلي‪ ،‬عرب االنضمام‬ ‫إىل املؤسسات والفعاليات املدنية‪ ،‬أو أتسيس مبادرات خاصة هبا مهما‬ ‫كانت صغرية‪ ،‬املهم أن تكون معنية بكل ما حيدث خارج ابب بيتها‪،‬‬ ‫خالفاً ملا مت تلقينه لنا من أن اهتمامنا جيب أن يقتصر على ما هو داخل‬ ‫البيت‪ ،‬ألن ما خارجه هو ملك للدولة‪ .‬الشباب يف سوراي كسروا هذا‬ ‫التابو‪ ،‬البلد بلدان‪ ،‬والناس انسنا‪ ،‬املال العام مالنا والشوارع شوراعنا‪.‬‬ ‫خبصوص اجلائزة اليت قُدمت لك‪ ،‬ماذا عن اجلهة املاحنة؟ ويف أي صدد‬ ‫متنح امن أجله؟ ومن هي أهم األمساء اليت سبقتك إليها؟‬ ‫هذه اجلائزة قدمتها جملة ‪( muslim science‬العلوم يف العامل‬ ‫اإلسالمي)‪ ،‬اليت هتتم ابلعلوم يف مجيع البلدان املنضوية حتت منظمة‬ ‫املؤمتر اإلسالمي ‪Organization of the Islamic‬‬ ‫‪ .))Conference OIC‬اجلائزة اليت تعطى لقائمة تضم أهم‬ ‫‪ 20‬امرأة عاملة مؤثرة يف العامل اإلسالمي هي جائزة جديدة‪ ،‬ابلتايل‬ ‫مل متنح ألحد من قبل‪ .‬ال أعتقد أن االختيار مت على أساس مدى‬ ‫اإلجناز العلمي فقط‪ ،‬نعم أان أمحل دكتوراه يف الفيزايء الفلكية‪،‬‬ ‫واشتغلت يف هذا اجملال يف عدة جامعات‪ ،‬وأمحل لقب زمالة اجلمعية‬ ‫هن أهم مين بكثري يف اجملال العلمي (على‬ ‫امللكية‪ ،‬لكن هنالك من َّ‬ ‫سبيل املثال األستاذة شادية احلبال الرفاعي)‪ ،‬أعتقد أن التقدير‬ ‫كان مدفوعاً بشكل أكرب بدوري يف تشجيع مشاركة املرأة العربية‬ ‫واملسلمة ابلعلوم‪ ،‬وأيضاً دوري يف جمال اتريخ العلوم اإلسالمية والتبادل‬ ‫احلضاري بني أوراب والعامل العريب وأتثري احلضارة العربية اإلسالمية على‬

‫أورواب‪ ،‬فقد اشتغلت كثرياً على هذا اجملال‪ ،‬فقدمت األحباث والكتب‬ ‫واألفالم الواثئقية واملعارض العاملية‪ .‬هذه األمور جتذب الناس أكثر من‬ ‫القضااي العلمية البحتة وجيدها الكثريين مصدراً ملهماً للجيل اجلديد‪،‬‬ ‫حيفزه على العودة إىل تقدير العلم والعلماء ومقاربة األمور بطريقة علمية‪.‬‬ ‫أقمت أيضاً عدة معارض عن دور العلم والفن وارتباطهما‪ ،‬وكيف أثرت‬ ‫العلوم العربية حىت يف القرن السابع عشر على الثورة العلمية يف أوراب‪،‬‬ ‫هذه األمور سامهت يف إبرازي أكثر وأظنهم اختاروين لذلك‪ ،‬فمما كتبوه‬ ‫عين يف التعريف يف صفحة اجلائزة أنين ‪accidental historian‬‬ ‫أي املؤرخة ابلصدفة‪ ،‬وهذا ألنين لست مؤرخة ومل أدرس التاريخ‪.‬‬ ‫كيف تنظرين اليوم إىل تشتت املعارضة‪ ،‬وأمام كل اجلرائم اليت يرتكبها‬ ‫النظام إىل أي حد ميكن تربير تواجد صيغة للمعارضة ما زالت حتاول تغطية‬ ‫جرائم النظام كهيئة التنسيق و تيار بناء الدولة؟‬ ‫أوالً أان غادرت تيار بناء الدولة‪ ،‬لكن التيار ابلتأكيد مل حياول أن يقوم مبثل‬ ‫هذه األمور‪ .‬ال أحد يستطيع التغطية على اجلرائم اليت يرتكبها النظام وال‬ ‫التربير له‪ ،‬ال أحد ميلك مثل هذه القدرة‪ ،‬النظام نفسه مل يعد قادراً على‬ ‫التغطية على جرائمه وتربير تصرفاته‪ .‬لكن بعض اجلهات ترفض الرواية‬ ‫املبسطة لألحداث‪ ،‬وكما وقفت هذه اجلهات ضد استبداد وعنف النظام‬ ‫تكن العداوة للنظام‪ ،‬فكان على هذه‬ ‫ألسباب مبدئية‪ ،‬وليس ألهنا فقط ّ‬ ‫اجلهات أن تعرب أيضاً عن رأيها عندما كان العنف ميارس بشكل هجومي‬ ‫من جهات غري النظام‪( ،‬وال أقصد هنال الدفاع عن النفس والذي هو حق‬ ‫مشروع)‪ .‬وكان من الطبيعي أن تعرب عن رأيها أبهنا كما ترفض التدخل‬ ‫الروسي اإليراين‪ ،‬فهي أيضاً ترفض التدخل الغريب واخلليجي عندما تصبح‬ ‫كل هذه التدخالت عوامل مهمة يف جر البالد حنو الدمار‪ .‬مثل هذه‬ ‫املواقف جعلت بعض اجلهات تنعتها أبهنا تقوم هبذا لكي تغطي على جرائم‬

‫العدد (‪ )3‬آذار ‪25 2014‬‬


‫النظام‪ ،‬وأهنا تساوي الضحية ابجلالد‪ .‬إن من‬ ‫يقف يف وجه مثل هذا النظام ال ميكن أن يكون‬ ‫ضحية أصالً‪ ،‬لكين أرى أنه من واجبنا أن ال‬ ‫حنميه من بقية اجلالدين أيضاً‪.‬‬ ‫هذه اجلهات السياسية املعارضة ترى أيضاً أن‬ ‫احلل يف سوراي يقتضي مشاركة مجيع األطراف‬ ‫بغض النظر عن ممارساهتا‪ .‬ال ميكن أبداً أن تحُ ل‬ ‫أزمة بدون مشاركة كل األطراف الرئيسية فيها‬ ‫والنظام هو ابلتأكيد طرف رئيسي‪ ،‬وابلتايل‬ ‫جيب النظر ابلقبول ابلتشارك معه على السلطة‬ ‫كخطوة أوىل على طريق احلل‪ ،‬هذا ال يعين‬ ‫أبداً أهنم قبلوا جبرائمه أو أهنم يربروهنا وال أبي‬ ‫شكل‪ ،‬لكن حني بدأ هذا الصراع كان اخلطر‬ ‫الوحيد أمامنا أييت من طرف النظام‪ ،‬اليوم‬ ‫هناك أخطار كثرية تعصف ابلبلد‪ ،‬حنن بدأان‬ ‫نفقد سوراي كلها‪ ،‬أعداد الشهداء والضحااي‬ ‫كل يوم يف ازدايد‪ ،‬واملعاانة اإلنسانية تفوق‬ ‫القدرة على التخيل‪ ،‬أيعقل أن ميوت السوريون‬ ‫أبناء سوراي الغنية من اجلوع والربد؟! يف مرحلة‬ ‫خطرة كهذه قابلة ألن تتدهور بشكل أكرب مما‬ ‫هي عليه اآلن‪ ،‬من العقالنية أن حناول النظر‬ ‫لألمور مرة أخرى وبطريقة جديدة‪ ،‬والبحث‬ ‫عن صيغة تشاركية ختفف املأساة‪ .‬هذا ال‬ ‫يعين مطلقاً أننا قبلنا ابالستبداد‪ ،‬فهذا احلراك‬ ‫إلهناء االستبداد سيستمر لكن رمبا بطريقة‬ ‫خمتلفة‪ .‬حني يتم البدء ابلتأسيس حلالة سالم‪،‬‬ ‫سيكون اجملتمع املدين قادراً على متابعة هذا‬ ‫النضال لكن بطريقة أكثر فاعلية وتنظيماً‪.‬‬ ‫ما يتم تداوله اليوم هو أن دور البناء (منوط)‬ ‫ابلنساء أكثر من الرجال‪ ،‬هل توافقني على هذا‬ ‫التصور أم أنك ترين أن على النساء املسامهة يف‬ ‫كل اجملاالت؟‬ ‫احلقيقة أننا حباجة إلعادة بناء اإلنسان‪ ،‬إعادة‬ ‫بناء اجملتمع‪ ،‬إعادة بناء املدن والقرى نفسها‪،‬‬ ‫بناء مؤسسات مدنية وسياسية‪ ،‬وابلتأكيد جيب‬ ‫أن تكون املرأة جزءاً فاع ً‬ ‫ال جداً يف هذه العملية‪،‬‬ ‫بل أن هذه فرصتها لتعيد بناء جمتمع حيرتمها‬ ‫ويقدر حقوقها وقيمتها احلقيقية‪ .‬فرتات ما بعد‬ ‫احلروب هي وقت املرأة لتعيد احلياة لبالدها‪،‬‬ ‫متاماً كعشتار اليت خترج من عامل املوت حتت‬ ‫‪ 26‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫األرض يف وقت الربيع‪ ،‬لكن لألسف املرأة‬ ‫السورية ستخرج مرهقة بعد كل ما مرت به‪،‬‬ ‫وستعاين كثرياً‪ ،‬لذا على أي هيئة حكم انتقالية‬ ‫أن تضع ضمن خطتها برامج خاصة تراعي وضع‬ ‫النساء والفتيات وما مروا به‪ ،‬لكي يستعدن‬ ‫طاقتهن‪ ،‬ويشاركن يف عملية البناء بشكل فعال‪.‬‬ ‫مبا أننا كنساء نطالب ابملساواة بشكل دائم‪،‬‬ ‫ماذا عن املساواة لو شعرت املرأة ابحلاجة حلمل‬ ‫السالح؟ أليس علينا التزام املساواة اليت نطالب‬ ‫هبا؟‬ ‫للمصادفة قبل أايم كنت أشاهد مع أوالدي‬ ‫صوري القدمية يف سوراي يف «دورة الصاعقة»‪،‬‬ ‫وأان أمحل الكالشنكوف وأتدرب مع الشباب‬ ‫يف نفس املكان على القتال القريب‪ ،‬وأقفز يف‬ ‫حلقة النار فأب َدوا استغراهبم من أنين (كامرأة)‬ ‫كنت أتدرب على محل السالح‪ ،‬جنباً إىل‬ ‫جنب مع الرجال‪ .‬كان من الصعب أن أشرح‬ ‫هلم ملاذا أص ً‬ ‫ال كان علينا هدر كل هذا الوقت‬ ‫والطاقة كشباب يف هذه األمور!‬ ‫إذا شعرت املرأة ابحلاجة إىل محل السالح‬ ‫لتحمي نفسها وأطفاهلا‪ ،‬فمن حقها أن تقوم‬ ‫بذلك ابلتأكيد‪ .‬أما إذا تعدى األمر ذلك‬ ‫وأصبح يف دائرة االعتداء‪ ،‬فهنا جيب أن نتكلم‬ ‫عن حق اآلخرين‪ ،‬رجاالً‬ ‫ونساء ابحلياة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫إلنصاف النساء يف سوراي وتفعيل دورهن‪،‬‬ ‫ما املشاريع اليت جيب التوجه حنوها ودعمها‬ ‫برأيك؟‬

‫األولوية اليوم برأيي هي إليقاف القتل‪.‬‬ ‫دعمنا ألي شيء ميكن أن ينهي حالة القتال‬ ‫سيخدم املرأة واجملتمع أكثر من أي مشروع‬ ‫آخر‪ .‬لذلك أرى أنه من املهم الرتكيز على‬ ‫دور املرأة واجملتمع املدين يف إحالل السالم‬ ‫وسبل حتويل طرق الصراع‪ ،‬لكي يعرب عن‬ ‫نفسه بطرق سلمية ال عنفية‪ .‬بذلك نكون قد‬ ‫خدمنا املرأة والطفل واجملتمع ووقتها سيكون‬ ‫هنالك فضاء يتنامى بشكل متسارع للعديد‬ ‫من املشاريع التنموية‪ .‬يف املناطق األكثر‬ ‫استقراراً وضمن مناطق اللجوء فأعتقد أنه من‬ ‫املهم االهتمام ابلتعليم وابلتمكني االقتصادي‪.‬‬ ‫ماذا تقول رمي تركماين للنساء السورايت يف يوم‬ ‫املرأة العاملي؟‬ ‫ال أحبذ الرتكيز ابليوم حبد ذاته‪ ،‬أعتقد ان هذا‬ ‫العقد كله سيكون عقد املرأة السورية‪ .‬ال أقوهلا‬ ‫من ابب التفاؤل الوردي بل ألنينكلما اجتمعت‬ ‫أكثر بسيدات سورايت خالل السنوات املاضية‬ ‫كلما ازداد إمياين أبمهية دورهن وابمتالكهن‬ ‫خلصال تتطلبها املرحلة القادمة مثل الصرب‬ ‫واجللد واإلميان ابحلياة‪ .‬الحظت أيضاً أنه كلما‬ ‫كان احلضور النسائي أكرب سواء يف جتمعات‬ ‫اجملتمع املدين أو السياسي كل ما كانت النتائج‬ ‫إجيابية أكثر وبناءة أكثر‪ ،‬املرأة تتصف ابهلدوء‬ ‫والعقالنية على عكس ما توصف به من كوهنا‬ ‫عاطفية‪ ،‬انفعالية ونزقة‪ ،‬وابلتايل ما تستطيع‬ ‫القيام به اليوم يؤهلها لتكون العباً مهماً خالل‬ ‫السنوات العشر القادمة‪.‬‬


‫«شبكة المرأة» و«السالم بال عدالة» تحتفالن‬ ‫بيوم المرأة في غازي عنتاب‬ ‫ابلتعاون والتنسيق بني «شبكة املرأة السورية»‬ ‫ومنظمة «السالم بال عدالة» اإليطالية‪،‬‬ ‫وحبضور الدكتورة تغريد حجلي وزيرة الثقافة‬ ‫يف احلكومة السورية املؤقتة‪ ،‬احتفل بيوم املرأة‬ ‫العاملي‪ ،‬يف مدينة غازي عنتاب الرتكية يوم‬ ‫الثامن من آذار اجلاري‪.‬‬ ‫فعاليات االحتفالية بدأت بكلمة للمهندسة‬ ‫دمية درويش عضو منظمة «السالم بال عدالة»‪،‬‬ ‫حتدثت فيها عن واقع النساء السورايت اليوم‪،‬‬ ‫تالها دقيقة صمت وقفها احلضور تكرمياً لشهداء‬ ‫الثورة السورية‪ .‬مث كانت كلمة اإلعالمية زواي‬ ‫بوستان ممثلة شبكة املرأة السورية اليت حتدثت‬ ‫بدورها أيضاً عن واقع النساء السورايت ودورهن‬ ‫البارز خالل السنوات الثالث الفائتة‪.‬‬ ‫وزيرة الثقافة ألقت بدورها كلمة خمتصرة وجهت‬ ‫من خالهلا التحية لنساء السورايت الصدامدات‬ ‫يف مناطق النزوح‪ ،‬وحتت احلصار‪.‬‬ ‫ختلل االحتفالية عرض لثالثة أفالم‪« ،‬حني‬ ‫تشرق الشمس»‪ ،‬الذي يسلط الضوء على‬ ‫واقع املرأة السورية يف املدن احملاصرة‪ ،‬و«قطف‬ ‫الزنبق» الفيلم الذي يسلط الضوء على معاانة‬ ‫الالجئات السورايت يف خميم الزعرتي ويركز على‬ ‫قضية الزواج املبكر‪ ،‬إضافة إىل الفيلم الطويل‬ ‫«صلي لكي يعود الشيطان إىل اجلحيم» الذي‬ ‫يروي جتربة النساء الليبريايت ودورهن يف وضع‬ ‫حد للحرب األهلية الثانية يف ليبرياي‪.‬‬ ‫مت يف االحتفال تكرمي السيدة أمينة عاجول‬ ‫رئيسة منظمة حرائر الفرقان حبلب‪ ،‬والناشطة‬ ‫سعاد نوفل اليت كرمت غيابياً‪.‬‬ ‫البيان الصحفي اخلتامي ُوّزع ابللغات األربع‬ ‫العربية‪ ،‬الكردية‪ ،‬اإلجنليزية والرتكية‪ ،‬ومما جاء‬ ‫فيه‪:‬‬ ‫«اليوم يف عيد املرأة العاملي ترفع املرأة السورية‬ ‫صوهتا عالياً مرة آخرى ّ‬ ‫لتذكر العامل مبطالبها‬ ‫ابحلرية والدميقراطية واملساواة والكرامة وإصرارها‬ ‫عليها‪ ،‬متجلياً ذلك يف مسامهة السورايت‬ ‫وعملهن الدؤوب على أصعدة خمتلفة يف بناء‬ ‫السلم األهلي واخنراطهن يف العمل اإلغاثي‬ ‫داخل وخارج سوراي‪ ،‬وأيضاً حماولتهن االستفادة‬

‫من مؤمتر جنيف‪ 2‬إبطالق مبادرة «نساء‬ ‫سورايت من أجل السالم والدميقراطية»‪،‬‬ ‫مؤكدة بذلك حقها يف املشاركة السياسية يف‬ ‫املفاوضات وصنع مستقبل سوري أفضل‪.‬‬ ‫وحنن‪ ،‬ومبناسبة يوم املرأة العاملي‪ ،‬نؤكد طلبنا‬ ‫اجلاد والعاجل إىل اجملتمع الدويل من أجل‬ ‫تكثيف اجلهود إلهناء الصراع يف سوراي‪ ،‬ودعم‬ ‫النساء يف مساعيهن على الصعيد السياسي‬ ‫واملدين بلعب دور فعال يف بناء سوراي‪ ،‬ابإلضافة‬ ‫لالهتمام مبطالب الالجئات السورايت يف دول‬ ‫اللجوء وأتمني احتياجاهتن ومطالبهن اليومية‬ ‫على أقل تقدير‪.‬‬ ‫حنن شبكة املرأة السورية ومنظمة ال سالم‬ ‫من غري عدالة‪ ...‬من شخصيات مستقلة‬ ‫ومنظمات دميقراطية غري حكومية مؤمنة ابلثورة‬ ‫السورية تعمل على املساواة بني اجلنسني‬ ‫وترسيخ الدميقراطية وحقوق اإلنسان والسلم‬ ‫األهلي والعدالة االنتقالية‪ ،‬ومشاركة املرأة يف‬ ‫صنع القرار يف سوراي املستقبل‪ ،‬وتشكيل قوة‬ ‫التحول الدميقراطي حنو سوراي‬ ‫فاعلة يف عملية ّ‬ ‫حرة موحدة تسودها املواطنة‬ ‫مدنية دميقراطية ّ‬ ‫واملساواة‪ ،‬دون أي متييز على أساس اجلنس‬ ‫أو الدين أو القومية أو اإلثنية‪ ،‬أو االعتقاد أو‬ ‫الثروة أو اجلاه‪ ،‬تكون فيها سلطة القانون هي‬ ‫السلطة العليا اليت تكفل حق املساواة بني أفراد‬

‫• فريق حترير سيدة سوراي‬

‫الشعب الواحد‪ ،‬كما تعمل على التشبيك مع‬ ‫املنظمات واجملموعات ذات األهداف املشرتكة‬ ‫هبدف متكني املرأة على كافة األصعدة»‪.‬‬ ‫رؤى الطويل مسؤولة املشاريع يف شبكة املرأة‬ ‫السورية‪ ،‬ويف تصريح لسيدة سوراي حول الفعالية‬ ‫قالت‪« :‬انطالقاً من إدراك شبكة املرأة السورية‬ ‫ملعاانة النساء يف سوراي ووعيها أبشكال العنف‬ ‫واالنتهاكات املتعددة اليت ترتكب حبقهن‪،‬‬ ‫واليت تصاعدت ابستمرار يف السنوات الثالث‬ ‫املاضية‪ .‬وإمياانً منها ابلدور املهم والف ّعال الذي‬ ‫تقوم به النساء على كافة األصعدة‪ ،‬قامت‬ ‫شبكة املرأة السورية ابلتعاون مع منظمة ال‬ ‫سالم بال عدالة بعقد مؤمتر صحفي يف مدينة‬ ‫غازي عنتاب‪ ،‬كمحاولة إليصال صوت تلك‬ ‫النساء‪ ،‬واملطالبة ابالعرتاف ابملرأة كشريك‬ ‫رئيس يف سوراي املستقبل‪ ،‬ابإلضافة إىل ضمان‬ ‫حقوقها ومحايتها من املزيد من القمع والتهميش‬ ‫والتمييز من قبل مجيع األطراف املسلّحة‬ ‫واملتصارعة على األرض‪ ،‬وتوجيه رسالة شكر‬ ‫وامتنان وتقدير للنساء لشجاعتهن ومشاركتهن‬ ‫يف صناعة السالم واملصاحلة يف سوراي»‪.‬‬ ‫أما دمية درويش ممثلة منظمة «ال سالم بال‬ ‫عدالة» فصرحت لسيدة سوراي بدورها قائلة‪:‬‬ ‫ابالشرتاك مع شبكة املرأة السورية ومبناسبة يوم‬ ‫املرأة العاملي‪ ،‬قمنا بتنظيم مؤمتر صحفي‪ ،‬كان‬ ‫اهلدف منه قراءة بيان ابللغات األربع العربية‬ ‫والكردية والرتكية واإلجنليزية‪ ،‬نطالب فيه العامل‬ ‫ابإلنصات إىل صوت نساء سوراي لسرد كل ما‬ ‫عانينه وما زلن يعانني منه نتيجة حكم جائر‬ ‫ظامل‪ ،‬وكذلك نتيجة سنوات طويلة اضطهدت‬ ‫فيها املرأة نتيجة تقاليد ابلية ما أنزل هللا هبا من‬ ‫سلطان»‪.‬‬ ‫العدد (‪ )3‬آذار ‪27 2014‬‬


‫في سورية‪ :‬التعليم بين البعث والثورة‬ ‫وتنظيم «الدولة»‬ ‫يف صفوف منتظمة‪ ،‬شعارات ابلوحدة واحلرية واالشرتاكية‪ ،‬وقائدان‬ ‫إىل األبد الرفيق املناضل حافظ األسد‪ ،‬الطابور الصباحي يف مدرسة‬ ‫سورية‪.‬‬ ‫تلك كانت شعارات يف زمن حافظ األسد‪ ،‬ابإلضافة لشعارات‬ ‫أخرى‪ ،‬متجد القائد واحلزب الواحد وابين سوراي احلديثة‪.‬‬ ‫طاملا كانت األنظمة‪ ،‬سواء الدكتاتورية أو دميقراطية أو الوسط‬ ‫بينهما‪ ،‬تبدي أمهية ابلغة ابلتعليم‪ ،‬فهي تعلم مدى أتثري األفكار اليت‬ ‫قد تتلقاها األجيال يف املدارس على املدى البعيد‪ ،‬فكل حياول‬ ‫أن يكون له أتثري مباشر على العملية التعليمة‪ ،‬وهذا ما فعله نظام‬ ‫البعث على مدى اخلمسني عاماً الفائتة‪.‬‬ ‫ُدست صور القائد يف كل كتاب‪ ،‬شعارات احلزب يف كل درس‪،‬‬ ‫واألعالم والصور معلقة يف كل صف‪ ،‬ومن خيالف تلك التعليمات‬ ‫الصارمة فالرقيب موجود دائماً متمث ً‬ ‫ال ابألجهزة األمنية كما حدث‬ ‫مع أحد املعلمني يف حمافظة الرقة عندما دخل إىل الصف يف العام‬ ‫‪( 2012‬بعد عام على الثورة السورية) ورأى صورة بشار األسد وقد‬

‫‪ 28‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫• حممود الدرويش‬

‫مزقت‪ ،‬وبعد أن رفع الصورة وتوجه إىل اإلدارة وجد عدد من رجال‬ ‫األمن جالسني ينتظرونه‪!!!...‬‬ ‫بداية جديدة‬ ‫مع حترير أجزاء واسعة من اجلغرافية السورية‪ ،‬استبشر الناس خرياً يف أن‬ ‫تبدأ عملية التعليم ابلتجدد‪ ،‬والتخلص من اآلاثر اليت ترتبت على دس‬ ‫البعث نظامه التعليمي يف املدارس‪ ،‬يقول (غ‪.‬أ) مدير إحدى املدارس‬ ‫يف الريف لشمايل حملافظة الرقة‪:‬‬ ‫«منذ حترير املدينة عام ‪ 2012‬حاولنا عدة مرات افتتاح املدارس‪ ،‬لكن‬ ‫القصف الذي كان يطال املدينة ابلطريان احلريب أو املدفعي قد أبطأ‬ ‫العملية كثرياً»‪.‬‬ ‫يتابع (غ‪.‬أ)‪ :‬رغم ذلك استطعنا افتتاح مدرستني‪ ،‬وبدأان العام الدراسي‬ ‫‪ 2013‬بظروف صعبة‪ ،‬حيث كانت معظم املدارس يف حالة رثة‪،‬‬ ‫ألهنا كانت تستخدم كمراكز إليواء النازحني من احملافظات السورية‬ ‫األخرى‪.‬‬ ‫احلال هو ذاته يف معظم مناطق حمافظة الرقة اليت خرجت عن سيطرة‬ ‫النظام بشكل كامل يف العام ‪ ،2013‬توقف التعليم يف مدارسها‬ ‫بسبب القصف الذي كان يطاهلا‪ ،‬وحدثت عدة عمليات قصف جوي‬


‫طال املدارس‪ ،‬حيث سقط يف إحدى‬ ‫مدارس مدينة الرقة (‪ )13‬شهيداً كانوا قد‬ ‫أتوا ليتلقوا التعليم يف الشهر العاشر من‬ ‫العام الفائت‪ .‬كما حدث قصف أخرعلى‬ ‫مدرسة ابن سينا يف مدينة الطبقة يف ريف‬ ‫الرقة الغريب ابلقنابل العنقودية‪ ،‬ومدارس‬ ‫كثرية تعرضت للقصف اجلوي داخل املدينة‬ ‫كالغافقي والفتاة واملعهد التجاري وعدة‬ ‫مدارس أخرى‪.‬‬ ‫مل تكن تلك العمليات العسكرية لتثين أبناء‬ ‫احملافظة احملررة عن متابعة افتتاح املدارس‪،‬‬ ‫يقول (غ‪.‬أ)‪« :‬بعد شهرين من بداية العام‬ ‫الدراسي‪ ،‬استطعنا افتتاح عدة مدارس‬ ‫من بينها مرحلة للتعليم اإلعدادي وأخرى‬ ‫للثانوي‪ ،‬مدارس خاصة للفتيات يف املرحلة‬ ‫اإلعدادية والثانوية»‪.‬‬ ‫يضيف هنا‪« :‬لقد كانت املرحلة الثانوية‬ ‫خمتلطة‪ ،‬ذكوراً وإاناثً‪،‬ولكن يف ظل الظروف‬ ‫احلالية وضغط بعض الفصائل‪ ،‬جعلنا مدرسة‬ ‫البنات اإلعدادية تضم صفوفاً لفتيات املرحلة‬ ‫الثانوية كي الحيرمن من التعليم بسبب تعنت‬ ‫البعض»‪.‬‬ ‫تشري األرقام اليت أطلعنا عليها (غ‪.‬أ) إىل تواجد‬ ‫نسبة جيدة من التالميذ يف املرحلة االبتدائية‪،‬‬ ‫حيث التحق لغاية اآلن ما يقارب (‪)3000‬‬ ‫تلميذ يف املرحلة االبتدائية‪ ،‬و(‪ )300‬طالب يف‬ ‫املرحلة اإلعدادية‪ ،‬و(‪ )460‬طالبة يف املرحلتني‬ ‫اإلعدادية والثانوية‪ ،‬كان هذا قبل أن تسيطر‬ ‫الدولة اإلسالمية يف العراق والشام على املدينة‬ ‫بكاملها‪ ،‬وخترج الفصائل األخرى منها بعد‬

‫قتال دام ألايم‪ ،‬منتصف شهر كانون الثاين من‬ ‫العام ‪.2014‬‬ ‫تغيري وتشديد‬ ‫بعد سيطرة الدولة اإلسالمية يف العراق والشام‬ ‫على احملافظة‪ ،‬بدأت األمور تتغري تدرجيياً‪ ،‬فعدد‬ ‫الطالب بدأ ابالخنفاض‪ ،‬وبعض املعلمني تركوا‬ ‫املدارس وغادروا املدينة‪ .‬وعن عدد املعلمني‬ ‫واملدرسني يقول (غ‪.‬أ)‪« :‬غادر املدينة ما يقارب‬ ‫مئة معلم ومعلمة‪ ،‬وثالثني مدرس اختصاص يف‬ ‫املرحلة اإلعدادية والثانوية»‪.‬‬ ‫تتعرض العملية التعليمية يف حمافظة الرقة‬ ‫لتدخالت كبرية وخاصة بعد سيطرة تنظيم‬ ‫«الدولة» على احملافظة‪ ،‬فبعد أن كان يرسل‬ ‫مبعوثني له يعملون كناصحني أو مرشدين‬

‫حيث تتلخص إرشادهتم بضرورة وضع‬ ‫احلجاب على الشعر‪ ،‬وضرورة دراسة علوم‬ ‫الدين اإلسالمي‪ ،‬ابت األمر أكثر تطوراً‬ ‫بعد سيطرهتم الكاملة على احملافظة‪ ،‬حيث‬ ‫أصبحت تلك اإلرشادات قوانيناً جيب‬ ‫تطبيقها‪ ،‬ومن خيالفها يعاقب ابجللد أو‬ ‫غريه من العقوابت اليت فرضتها‪.‬‬ ‫يقول أحد النشطاء وقد رفض الكشف‬ ‫عن امسه‪« :‬أصبحوا يتدخلون يف كل‬ ‫شيء‪ ،‬يرسلون من يعلم الدين‪ ،‬ويرسلون‬ ‫نساء يتجهمن على الطالبات وغري ذلك‬ ‫من التصرفات اليت ضاق الطالب هبا‪ ،‬مما‬ ‫جعلهم يكفون عن الذهاب إىل املدارس»‪.‬‬ ‫رغم تلك املضايقات اليت يتعرض هلا‬ ‫املعلمون مع الطالب‪ ،‬إال أهنم مازالوا‬ ‫يتلقون تعليمهم‪ ،‬وعن املناهج اليت تعطى‬ ‫يقول (غ‪.‬أ)‪« :‬استعملنا املناهج القدمية‬ ‫بعد حذف مادة القومية ويقوم املعلمون بتنقيح‬ ‫الدروس عند إعطائها (أي يشطبون الدروس‬ ‫اليت تتحدث عن إجنازات حزب البعث‬ ‫والرئيسني األسد األب واالبن)»‪.‬‬

‫لقد كانت املرحلة الثانوية‬ ‫خمتلطة‪ ،‬ذكوراً وإاناثً‪ ،‬ولكن يف‬ ‫ظل الظروف احلالية وضغط‬ ‫بعض الفصائل‪ ،‬جعلنا مدرسة‬ ‫البنات اإلعدادية تضم صفوفاً‬ ‫لفتيات املرحلة الثانوية كي‬ ‫الحيرمن من التعليم بسبب تعنت‬ ‫البعض‪.‬‬ ‫ويف وقت سابق أعلنت وزارة الرتبية والتعليم يف‬ ‫احلكومة السورية املؤقتة عن االنتهاء من تنقيح‬ ‫وطباعة مليوين كتاب‪ ،‬ستقوم بتوزيعها على‬ ‫املدارس السورية يف املناطق احملررة‪ ،‬وحبسب‬ ‫ما جاء يف بيان املكتب اإلعالمي الئتالف‬ ‫الوطين لقوى الثورة واملعارضة‪ ،‬إن جلنة مؤلفة‬ ‫من خرباء ومدرسني وأكادمييني خمتصني أشرفوا‬ ‫على عملية تنقيح الكتب املدرسية‪ ،‬وقد ابشروا‬ ‫أعماهلم منذ كانون األول من العام ‪،2013‬‬ ‫وانتهوا منها يف شباط من العام ‪.2014‬‬ ‫العدد (‪ )3‬آذار ‪29 2014‬‬


‫وعن تلك الكتب يقول (غ‪.‬أ)‪« :‬مل يصلنا شيء‬ ‫ال من االئتالف أو احلكومة السورية املؤقتة‬ ‫وال من وزارة الرتبية التابعة للنظام» (اليت‬ ‫وعدهتم يف وقت سابق إبرسال ‪ 500‬مقعد‬ ‫ونسخاً جديدة للمناهج) حبسب (غ‪.‬أ)‪.‬‬ ‫تصميم‬ ‫يف حمافظة محص ويف الريف احملرر كان الوضع‬ ‫خمتلفاً‪ ،‬فمعظم املدارس تدمرت بفعل القصف‪،‬‬ ‫وبعضها استخدم كمقرات عسكرية من قبل‬ ‫النظام أثناء محالته املتتابعة على املدينة والريف‬ ‫احلمصي‪ .‬وتشري إحصائيات األمم املتحدة إىل‬ ‫أن (‪ )3000‬مدرسة وأكثر تعرضت للتدمري‬ ‫الكلي وأكثر من (‪ )2000‬مدرسة حتتاج إىل‬ ‫إعادة ترميم‪.‬‬ ‫بسبب تعرض معظم املدارس يف‬ ‫محص للتدمري فقد جلأت اللجان‬ ‫الرتبوية الستئجار بيوت سكنية‪،‬‬ ‫وحولوها إىل مدارس‪ ،‬وبلغ عدد‬ ‫تلك املدارس املسجلة لدى اجمللس‬ ‫(‪ )116‬مدرسة ويراتدها حوايل‬ ‫(‪ )50‬ألف طالب‪.‬‬ ‫يقول األستاذ زكراي مولية عضو مكتب الرتبية يف‬ ‫جملس حمافظة محص عن احللول البديلة للمدارس‬ ‫املتهدمة‪« :‬بسبب تعرض معظم املدارس يف محص‬ ‫للتدمري فقد جلأت اللجان الرتبوية الستئجار‬ ‫بيوت سكنية‪ ،‬وحولوها إىل مدارس‪ ،‬وبلغ عدد‬ ‫تلك املدارس املسجلة لدى اجمللس (‪)116‬‬ ‫مدرسة ويراتدها حوايل (‪ )50‬ألف طالب»‪.‬‬ ‫يضيف املولية‪« :‬إن املناهج اليت تستخدم اآلن‬ ‫هي نفسها القدمية‪ ،‬بعد حذف مادة القومية‪،‬‬ ‫رغم أننا سوف نستلم نسخاً جديدة من‬ ‫‪ 30‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫احلكومة‪ ،‬ولكن وضع الطرقات صعب جداً على تلك املعاهد يف ريف الرقة‪.‬‬ ‫ورمبا لن نستطيع إيصاهلا»‪ .‬وعن الدعم الذي يقول مدير معهد األمام البخاري يف مدينة تل‬ ‫يقدمه اجمللس احمللي حملافظة محص يقول املولية‪ :‬أبيض مشال حمافظة الرقة‪:‬‬ ‫«نقوم ابلدعم ولكن ذلك ليس كافياً‪ ،‬إذ إن «أهداف املعهد هي نشر العلم سواء كان دينياً‬ ‫أم دنيوايً‪ ،‬حيث إن املعهد يعطي دروساً يف‬ ‫الدعم قليل جداً»‪.‬‬ ‫الرايضيات والفيزايء واللغة اإلنكليزية‪ ،‬ابإلضافة‬ ‫رغم تلك الظروف‪ ،‬مازال أهايل الريف احلمصي إىل أمور الدين اليت تشمل القرآن الكرمي‪،‬‬ ‫مصرين على متابعة تعليم أوالدهم‪ ،‬فاألستاذ والفقه الذي يشتمل على تعليم الصالة وابقي‬ ‫ّ‬ ‫أمحد يعمل يف إحدى املدارس يف مدينة الرسنت أحكام الدين اإلسالمي‪ ،‬وأيضاً هناك منهاج‬ ‫يف الريف الشمايل حملافظة محص بشكل عقيدة يتضمن تعليم التوحيد‪ ،‬وأموراً غريها من‬ ‫تطوعي‪ ،‬ويقول‪« :‬مل يعد مهنا الراتب الذي كنا أمور العقيدة اإلسالمية»‪.‬‬ ‫نقتات منه‪ ،‬املهم اليوم أن ننقذ أطفالنا إما من يضيف املدير‪« :‬نريد تعليم األطفال العقيدة‬ ‫املوت‪ ،‬أو من اجلهل الذي يقعون فيه بسبب الصحيحة‪ ،‬ال املتطرفة أو تلك اليت حتتوي على‬ ‫بدع كثرية شوهت الدين احلنيف‪ ،‬ابإلضافة إىل‬ ‫انقطاعهم عن املدارس»‪.‬‬ ‫علوم أخرى»‪.‬‬ ‫معاهد شرعية‬ ‫بعد أن توقفت املدارس يف كثري من املناطق تبدو انطالقة التعليم اجلديد يف سوراي أكثر‬ ‫السورية‪ ،‬اندفع األهايل إلرسال أوالدهم إىل تعقيداً مما يتصوره البعض‪ ،‬فاالجتاهات اليت‬ ‫معاهد شرعية‪ ،‬وخاصة يف ريف الرقة وحلب حتملها الفصائل املختلفة تلعب دوراً هاماً‬ ‫وإدلب‪ .‬بعض تلك املعاهد كان متخصصاً يف حتديد مسار نظام التعليم املتبع يف الوقت‬ ‫فقط ابلعلوم الدينية كتعليم القرآن الكرمي الراهن‪ .‬ولكن مما الشك فيه أن السوريني ال‬ ‫واألحاديث النبوية والتوحيد وجماالت أخرى ينوون العودة إىل ما سبق‪ ،‬فأي قرية أو منطقة‬ ‫يف الدين اإلسالمي‪ ،‬وبعضها أضاف إىل تلك يقوم اجليش احلر بتحريرها‪ ،‬فاخلطوات األوىل‬ ‫العلوم مواد دنيوية‪ ،‬كما وصفها أحد القائمني هي تكسري الصور ومتزيق األعالم‪ ،‬وحذف‬ ‫مادة القومية اليت تتحدث كثرياً عن منجزات‬ ‫البعث وإجنازات القائد اخلالد‪ ،‬ومسرية التطوير‬ ‫والتحديث يف عهد الرئيس بشار األسد‪ .‬كما‬ ‫يقوم الناشطون يف خمتلف أحناء سوراي على بعث‬ ‫روح جديدة يف نظام التعليم السوري‪ ،‬حىت لو‬ ‫اضطروا إىل العمل تطوعاً أو تعليم األطفال يف‬ ‫مغارة (بدأ السوريني ابستخدام املغارات بعد‬ ‫اشتداد القصف وخاصة يف الريف اإلدليب)‪ ،‬أو‬ ‫حىت مدرسة مقصوفة ومهدمة‪.‬‬


‫مجازر في قلعة الحصن‬ ‫وسعي النظام لتفريغ حمص وريفها من سكانها‬

‫• فريق حترير سيدة سوراي‬

‫مل يبق أمام قوات النظام سوى احلولة‪ ،‬لتكون قد فرضت السيطرة كلياً أبنائها‪ ،‬سقطوا بني القصف واحلصار واستهداف من بقي أثناء النزوح‬ ‫على مناطق تواجد اجليش احلر‪ ،‬ومناطق املعارضة املدنية يف ريف محص األخري‪ ،‬وكانت (مرمي عبد القادر خويل)‪ ،‬السيدة اليت أحرقت نفسها يف‬ ‫مدينة طرابلس اللبنانية‪ ،‬أمام مقر األمم املتحدة‪ ،‬آخر شهدائها‪.‬‬ ‫الغريب‪ ،‬بعد سقوط الزارة وقلعة احلصن‪.‬‬ ‫قوات النظام‪ ،‬مستعينة بعناصر ما يسمى «جيش الدفاع الوطين» يف (مرمي خويل)‪ ،‬أحرقت نفسها بعد أن حذف امسها وأمساء أطفاهلا من قوائم‬ ‫منطقة وادي النصارى‪ ،‬بزعامة (بشر اليازجي)‪ ،‬وعناصر مليشيا «حزب املساعدات‪ ،‬وقضت ثالثة أايم يف البحث عن طعام هلا وألطفاهلا‪ ،‬دون‬ ‫هللا» اللبناين‪ ،‬شنّت هجوماً على بلدة الزارة استمر (‪ )54‬يوماً‪ ،‬انتهى جدوى‪.‬‬ ‫بسقوطها‪ ،‬بعد أن أُهنِ َك سكانهُ ا جوعاً وقصفاً‪ ،‬وكانت قوات النظام عمليات االنتقام اليت نفذهتا قوات النظام واملليشيات التابعة هلا‪ ،‬طالت‬ ‫خسرت يف معاركها مع اجليش احلر فيها أكثر من (‪ )700‬عنصر‪ ،‬كذلك عائلة الناشط اإلعالمي (خالد احلصين)‪ ،‬إبطالق النار على والدته‬ ‫واستخدمت القنابل العنقودية‪ ،‬وقصفتها ابلطريان والصواريخ‪ ،‬إضافة وأخواته الثالث‪ ،‬انتقاماً منه على تغطيته األحداث يف املنطقة‪ ،‬علماً‬ ‫أهنا قامت العام املاضي بتصفية الناشط (وليد احلصين) مع جمموعة من‬ ‫إىل ما ألقي على البلدة من براميل متفجرة يوم سقوطها‪.‬‬ ‫أما قلعة احلصن‪ ،‬فظلت حماصرة قرابة عامني‪ ،‬غادرها خالهلما أكثر من املقاتلني‪ ،‬يف املنطقة الزراعية الواقعة بني عناز وقلعة احلصن‪.‬‬ ‫‪ % 80‬من سكاهنا الذين يبلغ عددهم (‪ )33‬ألفاً‪ ،‬لينضم أهايل الزارة «الشبيحة» أرغموا عشرات من أبناء احلصن‪ ،‬ممن غادروها يف وقت مبكر‬ ‫البالغ عددهم ستة آالف إليهم‪ ،‬قبيل إخالء قلعة احلصن من سكاهنا من احلصار‪ ،‬على العودة إىل املدينة‪ ،‬واخلروج يف مسرية مؤيدة للنظام‪ ،‬وبعد‬ ‫تصوير املسرية‪ ،‬تعرض هؤالء لضرب مربح من قبل «الشبيحة»‪ ،‬الذين‬ ‫بشكل كلي‪ ،‬منذ قرابة عشرة أايم‪.‬‬ ‫أكثر من (‪ )300‬عائلة‪ ،‬غالبيتهم نساء وأطفال‪ ،‬خرجوا يوم االقتحام أخذوا منهم بطاقاهتم الشخصية وقاموا بتمزيق صور بشار األسد وأعالم‬ ‫ابجتاه منطقة وادي خالد على احلدود السورية اللبنانية‪ ،‬حماولني اجتياز النظام‪ ،‬طالبني منهم أن ينسوا شيئاً امسه قلعة احلصن‪.‬‬ ‫سهل البقيعة الزراعي لدخول لبنان‪ ،‬ابعتباره الطريق الوحيد الذي أمنهم وقامت جمموعات «الشبيحة» بنهب املنازل الباقية يف احلصن‪ ،‬وتواردت‬ ‫النظام للخروج عربه‪ ،‬لكن القليل منهم فقط متكنوا من الوصول‪ ،‬بعد أنباء عن أهنم أخذوا حىت جرس الكنيسة املوجودة يف املدينة‪.‬‬ ‫بعد سقوط املدينة أصدرت أبرشية عكار والوادي بياانً تستنكر فيه‬ ‫تعرضهم لثالثة كمائن‪.‬‬ ‫أول هذه الكمائن قرب قرية عناز‪ ،‬استشهد فيه ‪ 12‬مدنياً‪ ،‬وجرح أكثر السرقات‪ ،‬وما حدث للمدنيني‪ ،‬لكن هذا البيان ما كان ليربر بنظر أبناء‬ ‫من ‪ 20‬آخرين‪ ،‬والثاين على الطريق املؤدية إىل البقيعة‪ ،‬تعرض املدنيون املدينة‪ ،‬صمت رجال الدين يف الوادي عن متركز آليات النظام يف قرى‬ ‫فيه للقصف ابلرشاشات الثقيلة‪ ،‬استشهد خالله ‪ 14‬مدنياً وجرح ‪ 25‬الوادي وقصفها املدينة على مدى عامني‪ ،‬وحصار احلصن ومنع وصول‬ ‫آخرون‪ ،‬فيما كان الكمني الثالث قرب منطقة البقيعة نفسها‪ ،‬القريبة املواد الغذائية والطبية إليها‪ ،‬والقبول أخرياً بقيام املدعو (بشر اليازجي)‬ ‫من وادي خالد‪ ،‬حيث استهدفت قوات النظام النازحني بقذائف اهلاون ابحتجاز ‪ 25‬عائلة يف دير مار جرجس وقصر مرمريتا أايماً‪ ،‬قبل تسليمهم‬ ‫والرشاشات الثقيلة‪ ،‬ما تسبب ابستشهاد ‪ 24‬مدنياً‪ ،‬وجرح العشرات‪ .‬لعناصر األمن السياسي يف محص‪.‬‬ ‫أسفر االقتحام عن استشهاد أكثر من ‪ 120‬مدنياً‪ ،‬وجرح أكثر من كان من العائالت املعتقلة‪ :‬عائلةكل من (الطبيب حيىي حوير‪ ،‬الطبيب وليد‬ ‫‪ ،200‬سبعة وأربعون منهم إصاابهتم خطرية‪ ،‬فيما ال يزال مصري مثانني حداد‪ ،‬الطبيب حممد وهيب‪ ،‬العقيد مروان حنيلي رئيس اجمللس العسكري‪،‬‬ ‫أكرم مرزة‪ ،‬خالد مرزة‪ ،‬فيصل مرزة‪ ،‬خالد رمضان‪ ،‬عبد الفتاح جنعري‪،‬‬ ‫شخصاً جمهوالً‪.‬‬ ‫خسرت قلعة احلصن خالل احلصار‪ ،‬ما يزيد عن ‪ 500‬شهيد من أمحد أسعد جنعري‪ ،‬فؤاد قندقجي‪ ،‬منصور بيطار وعلي بيطار)‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن‬ ‫عائالت أخرى مل تصلْنا أمساؤها‪.‬‬ ‫هذا وتعترب سيطرة النظام على بلدة الزارة ومدينة قلعة احلصن‪ ،‬بعد تلكلخ‪،‬‬ ‫انتصاراً اسرتاتيجياً مهماً ابعتبار الطريق املار عربمها‪ ،‬صلة الوصل الوحيدة‬ ‫بني الساحل والداخل‪ ،‬فيما لو ثبت مشروع النظام الساعي إىل إقامة‬ ‫الدولة العلوية يف اجلزء الغريب من سوراي مبا فيه مدينة محص‪.‬‬ ‫ما حيدث اليوم على األرض من حماوالت لتفريغ حي الوعر‪ ،‬من سكانه‬ ‫الذين جتاوز عددهم ‪ 600‬ألف‪ ،‬بعد نزوح حوايل نصف سكان مدينة‬ ‫محص إليه‪ ،‬يشري إىل أن النظام مستمر يف التوجه حنو هذا اخليار‪ ،‬يف حال‬ ‫عدم قدرته على االحتفاظ بدمشق وريفها نتيجة تقدم اجليش احلر هناك‪.‬‬ ‫الشبيحة تنهب بيوت قلعة احلصن‬

‫العدد (‪ )3‬آذار ‪31 2014‬‬


‫اإلدمان آفة العصر‬ ‫اتّسعت ظاهرة اإلدمان على املخدرات يف‬ ‫صفوف الشباب السوري خالل الشهور‬ ‫األخرية‪ ،‬بسبب األحداث والصعوابت اليت‬ ‫متر هبا سوراي‪ ،‬لذلك كان البد من دراسة‬ ‫اإلدمان وأسبابه وطرق عالجه‪.‬‬

‫العدواين‪ ،‬اخنفاض مستوى التحمل لإلحباطات‪،‬‬ ‫صعوبة التوافق االجتماعي‪ ،‬واالبتعاد عن أغلبية‬ ‫األصدقاء القدامى‪ ،‬السعي حنو املغامرة والقيام‬ ‫بتجارب مثرية‪ ،‬تراجع مستوى تقدير الفرد‬ ‫لذاته‪ ،‬وظهور مشاعر االكتئاب‪.‬‬

‫املخدرات طريق إىل الضياع‪ ،‬واإلدمان خطر‬ ‫موجه ضد اإلنسان واجملتمع‪:‬‬ ‫احذر البداية سهلة‪ ،‬تتكرر القصة مع كل‬ ‫مدمن‪ :‬إنين أثق بنفسي‪ ،‬لن أسقط بسهولة‬ ‫كاآلخرين‪ ،‬ال ضرر يف خوض التجربة بدافع‬ ‫الفضول وإثبات الذات‪ ،‬ال مانع من قبول‬ ‫ضيافة أثناء سهرة بريئة‪ ،‬هذه املرة هي األخرية‬ ‫مث أتوقف‪ ،‬وهذه املرة األخرى مث أتوقف‪ ،‬لقد‬ ‫حاولت التوقف مراراً وفشلت‪ ،‬لقد ْ‬ ‫سقط ُت يف‬ ‫فخ اإلدمان ‪.‬‬ ‫هذا السلوك اإلدماين يهدر طاقات العديد‬ ‫من األفراد‪ ،‬ويهدم املزيد من األسر‪ ،‬وينخر يف‬ ‫جمتمعات العامل‪.‬‬ ‫مفهوم اإلدمان‪:‬‬ ‫هو التعود على تناول مادة أو مواد‪ ،‬بقصد‬ ‫احلصول على متعة كاذبة‪ ،‬وكأن اإلنسان يعبث‬ ‫بعقله بقصد تغيري أفكاره ومشاعره وقدراته‬ ‫(املدمن هو إنسان كذب على نفسه‪ ،‬صدق‬ ‫الكذبة وعاشها)‪.‬‬ ‫مسات األشخاص املهيّئني لإلدمان ‪:‬‬ ‫احلاجة اىل اإلرضاء اآلين‪ ،‬النقص يف املقدرة‬ ‫على ضبط الدافع‪ ،‬وفقدان الصرب‪ ،‬والتصرف‬

‫مسـ ـ ــات ت ــالحظ ع ــلى أبنائنــا عنــد الـت ــورط‬ ‫ابإلدمان‪:‬‬ ‫الكذب يف األقوال بشكل مفاجئ‪ ،‬االنعزال يف‬ ‫غرفهم‪ ،‬قفل خزائنهم‪ ،‬التغيّب عن املنزل بشكل‬ ‫متزايد على غري عادهتم‪ ،‬احلاجة املستمرة‬ ‫للمال‪ ،‬اختالق األعذار إلخفاء حقيقة جهة‬ ‫اإلنفاق‪ ،‬مع اللجوء أحياانً إىل االستدانة‪،‬‬ ‫وسرقة املال‪ ،‬أوأشياء مثينة من املنزل‪ ،‬تراجع‬ ‫نشاطاهتم وهواايهتم املعتادة‪ ،‬ظهور عالقات مع‬ ‫أصدقاء جدد‪ ،‬هم قطعاً رفاق السوء‪ ،‬االبتعاد‬ ‫عن اجللسات األسرية‪ ،‬تردي املستوى التعليمي‪،‬‬ ‫واهلروب من املدرسة‪ ،‬واخنفاض الشهية للطعام‪،‬‬ ‫واضطراب يف النوم‪.‬‬ ‫الظروف االجتماعية والبيئية اليت تساعد يف‬ ‫حدوث اإلدمان‪:‬‬ ‫السكن السيئ‪ ،‬االزدحام السكاين‪ ،‬البطالة‬ ‫وندرة فرص العمل‪ ،‬مستوايت التعلم املتدنية‪،‬‬ ‫غياب الدعم االجتماعي للفرد يف حال حاجته‬ ‫إىل العون والعناية‪ ،‬العيش يف املدن الكربى‪،‬‬ ‫وخاصة مناطق السكن العشوائي املخالف‪،‬‬ ‫العائلة كبرية العدد‪ ،‬اجملتمع املتفكك‪ ،‬والذي‬

‫• كوثر سعيد‬ ‫يفتقر إىل اإلرشاد والقيادة املعنوية أو القانونية‪،‬‬ ‫مما يؤدي اىل انفالت سلوك األفراد‪ ،‬وفقدان‬ ‫الضوابط‪ ،‬واحنالل مفهوم العائلة‪.‬‬ ‫مىت نقول عن شخص إنه مدمن‪:‬‬ ‫يتناول املادة املخدرة بكميات كبرية‪ ،‬ولفرتة‬ ‫طويلة‪ ،‬وبشكل متزايد‪ ،‬تتملكه الرغبة امللحة يف‬ ‫تناول املادة‪ ،‬ويعمل بكل الوسائل على توفريها‪،‬‬ ‫فشل كل احملاوالت إلنقاص كمية املادة املخدرة‬ ‫املتناولة‪ ،‬صرف أوقات طويلة يف نشاطات‬ ‫هتدف للحصول على املادة‪ ،‬أو يف تناوهلا‪ ،‬أو‬ ‫يف الشفاء من آاثرها‪ ،‬يالحظ عليه مظاهر سكر‬ ‫متكررة‪ ،‬أو أعراض سحب متكررة‪ ،‬ختلّي الفرد‬ ‫عن نشاطاته املهنية واالجتماعية والرتفيهية‪.‬‬ ‫اجلحيم قادم فما هي آاثر االدمان‪:‬‬ ‫عزلة‪ ،‬اكتئاب‪ ،‬هلوسة‪ ،‬تشنجات‪ ،‬اضطراب‬ ‫عقلي بسبب انسمام خالاي الدماغ مث تلفها‪،‬‬ ‫اضطراب احلياة الزوجية يف مجيع نواحيها‪ ،‬مبا‬ ‫فيها الناحية اجلنسية‪ ،‬حدوث تغريات ابلغة‬ ‫يف شخصية الفرد‪ ،‬احنراف حنو اإلجرام حتت‬ ‫أتثري تعاطي املادة‪ ،‬أو هبدف احلصول عليها‪،‬‬ ‫حماوالت االنتحار‪ ،‬املوت نتيجة اجلرعة الزائدة‪،‬‬ ‫تعرض حلوادث سري‪ ،‬بسبب نقص القدرة‬ ‫على اإلدراك والالمباالة‪ ،‬سوء التغذية‪ ،‬وتفاقم‬ ‫احلاالت املرضية‪ ،‬املسامهة الفعالة يف إحداث‬ ‫األمراض السرطانية‪ ،‬تشوه األجنّة عند األم‬ ‫املدمنة‪ ،‬التعرض لإلصابة ابإليدز‪ ،‬والتهاب‬ ‫الكبد‪ ،‬األوعية الدموية‪ ،‬وشغاف القلب‪،‬‬ ‫وجترمث الدم‪.‬‬ ‫أهم املواد اليت يتعطاها املدمنون‪:‬‬ ‫احلشيش واملرجواان‪ ،‬البانغو‪ ،‬مشتقات‬ ‫البنزهكزول (ابلتان‪ ،‬أراتن‪ ،‬هيكزول)‪،‬‬ ‫مشتقات أفيونية‪ :‬املورفني‪ ،‬ابنتاجلينا‪ ،‬بتدين‪،‬‬ ‫اهلريوئني‪ ،‬الربوكسيمول‪ ،‬الرتامادول‪ ،‬سيتا‬ ‫كودئني‪ ،‬سيمو كودئني‪ ،‬إمرجييسك‪ ،‬بريكو‪،‬‬ ‫أوكسيدول ‪ ،...‬املواد الالصقة والطيارة‬ ‫املستخدمة يف الدهان‪ ،‬الصمغ‪ ،‬الغراء‪ ،‬الشعلة‬ ‫والبواي‪ ،..‬املواد البرتولية كالغاز والبنزين‪،‬‬

‫‪ 32‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬


‫األمفيتامينات (كوبتاغون)‪ ،‬والكوكائني‬ ‫والكراك‪ ،‬املواد الكحولية‪ ،‬النيكوتني يف التبغ‪،‬‬ ‫الكافئني يف القهوة والشاي واملتة والكوال‪،‬‬ ‫أخرياً إدمان اإلنرتنت لدى اجليل الشاب‪.‬‬ ‫اإلدمان مشكلة اجملتمع أبكمله‪ ،‬والبد من‬ ‫إطفاء اجلمرة قبل أن تشتعل‪.‬‬ ‫العالج‬ ‫أو ًال ‪ -‬الوقاية‪:‬‬ ‫عرب رفع مستوى التعليم وتثقيف الناس ونشر‬ ‫الوعي وترشيد اإلعالم ومنع الرتويج للمواد أبي‬ ‫وسيلة كانت‪ ،‬مكافحة جتارة املخدرات ابلطرق‬ ‫القانونية والقضائية واألمنية‪ ،‬ضبط طريقة صرف‬ ‫األدوية واملؤثرات العقلية ومراقبة تداوهلا‪.‬‬ ‫اثنياً ‪ -‬معاجلة الذين سقطوا يف اإلدمان‪:‬‬ ‫إذا أفلتت فرصة الفرد من الوقاية‪ ،‬فعلينا أن‬ ‫نتشبث بفرصة العالج لتكون احلل األخري‪،‬‬ ‫سواء للوصول إىل ختليص الفرد من تلك‬ ‫األضرار الصحية املدمرة‪ ،‬أم إلنقاذه من معاانة‬ ‫وآالم مرحلة االنسحاب على حد سواء‪.‬‬ ‫وعالج اإلدمان له مراحل متتالية‪ ،‬ال ميكن‬ ‫جتزئته ابالكتفاء مبرحلة منه دون أخرى‪ ،‬أو‬ ‫تطبيق بعضه دون بعض‪ ،‬ألن ذلك يضعف من‬ ‫نتائجه‪ ،‬فال جيوز مث ً‬ ‫ال االكتفاء ابملرحلة األوىل‬ ‫املتمثلة ىف ختليص اجلسم من السموم اإلدمانية‪،‬‬ ‫دون العالج النفسي واالجتماعي‪ ،‬ألنه حل‬ ‫مؤقت‪ ،‬وال جيوز االكتفاء هبذا‪ ،‬وذلك دون‬ ‫إعادة صياغة عالقة التائب من اإلدمان أبسرته‬ ‫وجمتمعه‪ ،‬مث دون تتبّع احلالة ملنع النكسات‬ ‫احملتملة‪ ،‬الىت متثل خطراً شديداً على مصري‬ ‫العملية العالجية ككل‪.‬‬ ‫ومن الضروري أال يقتصر العالج علىكل ذلك‪،‬‬ ‫بل جيب أن تتكامل التخصصات العالجية‪،‬‬ ‫وتتحدد وصوالً إىل النتيجة املطلوبة‪ ،‬وهي‬ ‫الشفاء التام‪ ،‬وليس الشفاء اجلزئي أو احملدود‪،‬‬ ‫ذلك أن الشفاء احلقيقي ال يكون مقتصراً فقط‬ ‫على عالج أعراض االنسحاب‪ ،‬مث ترك املدمن‬ ‫بعد ذلك لينتكس‪ ،‬إمنا جيب أن نصل معه‬ ‫إىل اسرتداد عافيته الطبيعية من وجوهها الثالثة‪،‬‬ ‫اجلسدية والنفسية واالجتماعية‪ ،‬مع ضمان‬ ‫عودته الفعالة إىل اجملتمع ووقايته من النكسات‬ ‫ىف مدة ال تقل عن ستة أشهر ىف احلاالت‬

‫اجلديدة‪ ،‬و سنة أو سنتني ىف احلاالت الىت سبق‬ ‫هلا أن عانت من نكسات متكررة‪.‬‬ ‫وعلى العموم فإنه كلما ازداد عدد النكسات‪،‬‬ ‫وزادت خطورة املادة اإلدمانية‪ ،‬جيب التشدد ىف‬ ‫معايري الشفاء‪ ،‬حىت ىف احلاالت الىت يصحبها‬ ‫اضطراب جسيم يف الشخصية‪ ،‬أو اليت وقعت‬ ‫يف السلوك اإلجرامي مهما كان حمدداً‪ ،‬وتبدأ‬ ‫مراحل العالج ابملراحل اآلتية‪:‬‬ ‫‪ -1‬مرحلة التخلص من السموم‪:‬‬ ‫وهى مرحلة طبية ىف األساس‪ ،‬ذلك أن جسد‬ ‫اإلنسان ىف األحوال العادية إمنا يتخلص تلقائياً‬ ‫من السموم‪ ،‬ولذلك فإن العالج الذي َّ‬ ‫يقدم‬ ‫للمتعاطي ىف هذه املرحلة هو مساعدة هذا‬ ‫اجلسد على القيام بدوره الطبيعي‪ ،‬وأيضاً‬ ‫التخفيف من آالم االنسحاب مع تعويضه‬ ‫عن السوائل املفقودة‪ ،‬مث عالج األعراض‬ ‫الناجتة واملضاعفة ملرحلة االنسحاب‪ .‬هذا‪ ،‬وقد‬ ‫تتداخل هذه املرحلة مع املرحلة التالية هلا‪ ،‬وهي‬ ‫العالج النفسي واالجتماعي‪ ،‬فمن املفيد البدء‬ ‫مبكراً ابلعالج النفسي االجتماعي‪ ،‬فور حتسن‬ ‫احلالة الصحية للمتعاطي‪.‬‬ ‫‪ -2‬مرحلة العالج النفسي واالجتماعي‪:‬‬ ‫إذا كان اإلدمان ظاهرة اجتماعية ونفسية يف‬ ‫األساس‪ ،‬فإن هذه املرحلة تصبح ضرورة‪ ،‬فهي‬ ‫تنصب على‬ ‫تعترب العالج احلقيقي للمدمن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املشكلة ذاهتا‪ ،‬بغرض القضاء على أسباب‬ ‫اإلدمان‪ ،‬وتتضمن هذه املرحلة العالجية العالج‬ ‫النفسي الفردي للمتعاطي‪ ،‬مث متتد إىل األسرة‬ ‫ذاهتا لعالج االضطراابت الىت أصابت عالقات‬ ‫أفرادها‪ ،‬سواء كانت هذه االضطراابت من‬

‫مسببات التعاطي‪ ،‬أم من مضاعفاته‪،‬‬ ‫كما تتضمن هذه املرحلة تدريبات عملية‬ ‫للمتعاطي على كيفية اختاذ القرارات‪،‬‬ ‫وحل املشكالت‪ ،‬ومواجهة الضغوط‪،‬‬ ‫وكيفية االسرتخاء والتنفس‪ ،‬والتأمل‪ ،‬والنوم‬ ‫الصحي‪ .‬كما تتضمن أيضاً عالج السبب‬ ‫النفسي األصلي حلاالت التعاطي‪ ،‬فيتم‪،‬‬ ‫على سبيل املثال‪ ،‬عالج االكتئاب إن وجد‪،‬‬ ‫أو غريه من املشكالت النفسية‪ ،‬كما يتم‬ ‫تدريب املتعاطي على املهارات االجتماعية‬ ‫ملن يفتقد منهم القدرة واملهارة‪ ،‬وتتضمن أخرياً‬ ‫العالج الرايضي‪ ،‬الستعادة املدمن كفاءته‬ ‫البدنية‪ ،‬وثقته بنفسه‪ ،‬وقيمة احرتام نقاء جسده‬ ‫وفاعليته بعد ذلك‪.‬‬ ‫‪ -3‬مرحلة التأهيل والرعاية الالحقة‪:‬‬ ‫وتنقسم هذه املرحلة إىل ثالثة مكوانت أساسية‬ ‫أوهلا‪:‬‬ ‫أ‪ -‬مرحلة التأهيل العملي‪:‬‬ ‫وتستهدف هذه العملية استعادة املدمن لقدراته‬ ‫وفاعليته ىف جمال عمله‪ ،‬وعالج املشكالت اليت‬ ‫متنع عودته إىل العمل‪ ،‬أما إذا مل يتمكن من‬ ‫العودة‪ ،‬فيجب تدريبه وأتهيله ألي عمل آخر‬ ‫متاح‪ ،‬حىت ميارس احلياة بشكل طبيعي‪.‬‬ ‫ب‪ -‬التأهيل االجتماعي‪:‬‬ ‫وتستهدف هذه العملية إعادة دمج املدمن‬ ‫ىف األسرة واجملتمع‪ ،‬وذلك عالجاً ملا يسمى‬ ‫(بظاهرة اخللع)‪ ،‬حيث يؤدي اإلدمان إىل‬ ‫اخنالع املدمن من شبكة العالقات األسرية‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬ويعتمد العالج هنا على حتسني‬ ‫العالقة بني الطرفني (املدمن من انحية‪ ،‬واألسرة‬ ‫واجملتمع من انحية أخرى)‪ ،‬وتدريبهما على‬ ‫تقبّل وتف ّهم كل منهما لآلخر‪ ،‬ومساعدة‬ ‫املدمن على اسرتداد ثقة أسرته وجمتمعه به‪،‬‬ ‫وإعطائه فرصة جديدة إلثبات جديته‪ ،‬وحرصه‬ ‫على الشفاء واحلياة الطبيعية‪.‬‬ ‫جـ‪ -‬الوقاية من النكسات‪:‬‬ ‫ويُقصد هبا املتابعة العالجية ملن ُشفي‪ ،‬ولفرتات‬ ‫ترتاوح بني ستة أشهر وعامني من بداية‬ ‫العالج‪ ،‬مع تدريبه وأسرته على االكتشاف‬ ‫املبكر للعالمات املنذرة الحتماالت النكسة‪،‬‬ ‫لسرعة التصرف الوقائي جتاهها‪.‬‬ ‫العدد (‪ )3‬آذار ‪33 2014‬‬


‫احلمل (‪ 21‬آذار ‪ 20 -‬نيسان)‬

‫حتصيل مايل من تعويض أو شراكة أو استعادة مبالغ مدفوعة‪.‬‬ ‫عليك االنتباه إىل صحتك‪ .‬حتسن على الصعيد املهين‪ ،‬تزدهر‬ ‫الصداقات والعالقة مع اجلريان خبصوص احلب تصريف حبذر‬ ‫للحفاظ على احلبيب‪ .‬واحتماالت ضعيفة لبداايت جديدة‪ ،‬حيمل‬ ‫لك هذا الشهر حتسن يف وضع السكن‪.‬‬

‫اجلوزاء (‪ 21‬أاير ‪ 21 -‬حزيران)‬

‫جناح على الصعيد املهين‪ ،‬فرصة لبدء عمل جتاري أو‬ ‫نشاط سياسي‪ .‬احلظ حليفك يف العاطفة‪ ،‬رمبا حتمل لك‬ ‫املصادفات لقاء من حبثت عنه طويالً‪ .‬جتنيب الصدامات مع‬ ‫العائلة‪ .‬انتبهي إىل صحتك خاصة مواليد الثلث األول من‬ ‫الربج‪ ،‬ال هتملي األعراض مىت ظهرت‪.‬‬

‫األسد (‪ 23‬متوز ‪ 22 -‬آب)‬

‫حتسن على صعيد العمل‪ ،‬والصعيد االجتماعي‪ ،‬رمبا تشغلني‬ ‫موقع مدير يف عملك‪ ،‬حتصلني على املال‪ ،‬لكنك تنفقني‬ ‫الكثري أيضاً بسبب االلتزامات‪ ،‬فرص العمل جيدة هذا الشهر‬ ‫هيئي نفسك للفرص اليت ستأيت بعد قليل‪ .‬عام ‪ 2014‬هو موعد‬ ‫لتحسني ظروفك وإن أتت النتائج متأخرة حىت هناية العام‪.‬‬

‫امليزان (‪ 23‬أيلول ‪ 22 -‬تشرين أول)‬ ‫تقلبات للفلك يف هذه الفرتة حاويل أن تعديل أثرها بتوازنك وتصميمك‪،‬‬ ‫فاإلجيابيات قادمة‪ ،‬تغريات ومفاجآت‪ ،‬بينها مناصب يف العمل‪،‬‬ ‫لكنها رمبا محلت الطرد من العمل بسبب مؤامرات‪ ،‬وعود‬ ‫جيدة على مستوى العاطفة‪ ،‬ورمبا شغلت فرصة مكان فرصة‪،‬‬ ‫مال يصلك من تعويض أو تركة‪ ،‬الوضع الصحي جيد‪.‬‬

‫القوس (‪ 22‬تشرين اثين ‪ 20 -‬كانون أول)‬

‫حتسن يف وضع العمل لكن عليك عدم الدخول يف‬ ‫مواجهات مع رؤسائك‪ ،‬انتبهي من مكائد الزمالء‪ ،‬خاص ًة‬ ‫ضمان أو كفالة أشخاص يف مال ما‪ ،‬احذري السمنة‪ ،‬تريثي‬ ‫يف االختيارات‪ ،‬احتماالت للسفر ولتأسيس عمل جديد يف‬ ‫اخلارج‪ ،‬فرصة لتغيري مكان اإلقامة‪.‬‬

‫الدلو (‪ 20‬كانون اثين ‪ 18 -‬شباط)‬

‫مفاجآت بعضها قاس على الصعيد االجتماعي واملهين‪ ،‬تغري‬ ‫مسار حياتك لكنك تثبتني أنك قوية ال تستسلمني‬ ‫بسهولة‪ ،‬يدعمك املريخ يف شهري نيسان وأاير‪،‬‬ ‫عاطفياً رمبا عاد املاضي ليظهر يف حاضرك من‬ ‫جديد حباً ورمبا انتقاماً‪ .‬تغري يف مكان اإلقامة ميكن‬ ‫أن يعدك أبرابح‪.‬‬ ‫‪ 34‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫الثور (‪ 21‬نيسان ‪ 20 -‬أاير)‬ ‫فرصة لتوقيع اتفاق أو شراكة‪ .‬فرص جيدة إلمتام خطبة‬ ‫أو زواج‪ ،‬وفرصة جلين مثار مت التأسيس هلا على مستوى‬ ‫العمل‪ ،‬بسبب وجود املريخ يف برج العذراء عليك‬ ‫احلذر يف التعامل مع احلبيب‪ .‬انتبهي إىل وزنك فأنت‬ ‫معرضة لزايدة الوزن‪.‬‬

‫السرطان (‪ 22‬حزيران ‪ 22 -‬متوز)‬

‫فرصة للتعرف على أصدقاء جدد واالنتماء إىل حزب أو هيئة‬ ‫أو مجعية‪ ،‬احذري التعامل ابلعقارات وانتبهي إىل عالقتك‬ ‫مع العائلة وجتنيب الصدامات‪ ،‬احلذر من عالقة عاطفية إن‬ ‫كنت من مواليد الثلث األول‪ .‬راعي عالقتك مع زمالء‬ ‫العمل‪ .‬فرصة جيدة لالستقرار‪.‬‬

‫العذراء (‪ 23‬آب ‪ 22 -‬أيلول)‬

‫وجود املريخ لديك أيتها العذراء جيعلك األكثر حظاً هذا الشهر‪،‬‬ ‫جناحات على كل الصعد‪ ،‬فرصة لتأسيس مشاريع‬ ‫للمستقبل‪ ،‬مهنياً إجنازات وأرابح جتارية‪ .‬رمبا تشكني‬ ‫من العزلة لكن احلظ ميكن أن يضع يف طريقك من‬ ‫ستحبني‪ .‬خسارات يف بعض العالقات بسبب االندفاع‬ ‫واحلماس ورمبا احلسد‪.‬‬

‫العقرب (‪ 23‬تشرين أول ‪ 21 -‬تشرين اثين)‬ ‫عليك اختاذ قرارات جريئة‪ ،‬مرونة يف التعامل مع الظروف فالفلك ضدك‬ ‫يف كثري من األحيان‪ ،‬حتتاجني احلكمة لعبور التجربة‪ .‬رمبا أتتيك أموال‬ ‫من عمل مل تعويل عليه‪ ،‬حتسن الوضع يف هذا الشهر أو‬ ‫الشهر القادم‪ .‬فرص لالرتباط‪ ،‬انتبهي لصحتك وخاصة‬ ‫للحاالت النفسية االكتئاب والقلق‪.‬‬

‫اجلدي (‪ 20‬كانون أول ‪ 19 -‬كانون اثين)‬

‫احلظ حليفك يف احلب ويف حتصيل املال‪ ،‬تغريات كبرية‬ ‫يف احلياة ومواقف جديدة بعد تكشف معلومات وأسرار‪،‬‬ ‫فاحتمال الوقوع يف احلب‪ ،‬واحتمال أن يؤدي اىل ارتباط‪،‬‬ ‫وأيضاً احتمال ملشاكل مع الشريك تؤدي إىل اإلنفصال‪،‬‬ ‫خسارات يف احملاكم أو أتجيل‪ ،‬املعرضات للتعب واخلسارات هن مواليد‬ ‫الثلث الثالث‪.‬‬

‫احلوت (‪ 19‬شباط ‪ 20 -‬آذار)‬

‫فوائد جتنينها يف جمال السفر والدراسة إىل اخلارج‪ ،‬عالقة أفضل‬ ‫مع اجلريان واألقارب‪ .‬االنفعاالت تعرضك ملشاكل يف العمل‬ ‫والعاطفة‪ ،‬يساندك احلظ بقوة‪ ،‬فرصة إلجنازات كربى‪ ،‬فرص قوية‬ ‫يف احلب‪ ،‬ورمبا كان احلبيب قريباً منك لكنك مل تنتبهي له‪ ،‬أفضل‬ ‫احلظوظ ملواليد الثلث الثاين‪.‬‬


‫الكلمات المتقاطعة‬

‫سودوكو‪ :‬هي لعبة منطقية مبنية على وضع األرقام‬ ‫في المكان المناسب‪ .‬الهدف هو ملء ال ‪ 9*9‬مربعات‬ ‫بأرقام بحيث أن كل عمود وصف ومربع من المربعات‬ ‫التسعة (والتي تدعى مناطق) تحتوي على األرقام من‬ ‫واحد إلى التسعة دون تكرار‪.‬‬

‫كـلمـة الســـــــر‬

‫سودوكـــــــو‬

‫ممثلة سورية معتقلة‬ ‫أفقي‬ ‫‪ -1‬ناشطة سورية من الرقة ‪ -12‬شتم معكوسة‪ -‬أحد‬ ‫تحدت األسد وداعش‪ -‬ال أعضاء الجسم‪ -‬عكس الجزر‬ ‫يعرف القراءة والكتابة‬ ‫عامودي‬ ‫‪ -2‬مسرحية لفيروز‪ -‬ندخل ‪ -1‬معارضة وكاتبة سورية‪-‬‬ ‫معكوسة‬ ‫لوم‬ ‫‪ -3‬أعاد‪ -‬جلس‪ -‬اسم علم ‪ -2‬يوم خاص من أيام السنة‪-‬‬ ‫مؤنث‬ ‫نزهة‪ -‬ألمس‬ ‫‪ -4‬أحد األطراف معكوسة‪ -3 -‬أصل‪ -‬مذبحة قام بها‬ ‫مدينة سورية في ريف حماه‬ ‫الصهاينة‬ ‫معكوسة‬ ‫‪ -4‬مدينة في ريف دمشق‪-‬‬ ‫‪ -5‬موسيقي شهير من العصر‬ ‫عدوى‬ ‫العباسي‪ -‬مقر المحكمة ‪ -5‬تكلمن معكوسة‪ -‬حي في‬ ‫الجنائية الدولية معكوسة‬ ‫حمص المحاصرة‬ ‫‪ -6‬يم‪ -‬أحد األنبياء‪ -‬اسم‬ ‫‪ -6‬زهرة‪ -‬مرض‪ -‬دولة‬ ‫موصول‬ ‫‪ -7‬حرف جر‪ -‬متتابع‬ ‫‪ -7‬ملكة مصرية‪ -‬أحد ‪ -8‬اجمعي‪ -‬صفة من صفات‬ ‫الوالدين‬ ‫العربي معكوسة‬ ‫‪ -8‬مستعدات معكوسة‪ -‬أشارت ‪ -9‬أمنياتي معكوسة‪ -‬حرف‬ ‫معكوسة‬ ‫نفي معكوسة‬ ‫‪ -9‬أوس مبعثرة‪ -‬آداة ‪-10‬يقعدها‪ -‬مساعدة معكوسة‬ ‫امتصاص‬ ‫معكوسة‪-‬‬ ‫الوجع‬ ‫‪-11‬‬ ‫‪ -10‬عكس النهايات معكوسة‪-‬‬ ‫المقاتلين‬ ‫واحد بلغة أجنبية‬ ‫‪ -12‬عضو في االئتالف الوطني‬ ‫‪ -11‬كبر وازداد معكوسة ‪-‬‬ ‫لقوى الثورة والمعارضة‬ ‫فنانة سورية اهتمت بملف المعتقلين‬ ‫وشدي على صدري المتعب أريقي على ساعدي‬ ‫الدموع بعيدا إلى ذلك الغيهب فهيهات أال أجوب‬ ‫الظالم‬ ‫ففي الليل أكثر من كوكب فال تهمسي غاب نجم‬ ‫السماء وهل كان لحن بال آخر وهل كان حلم بغير‬ ‫انتهاء‬ ‫أبيد الرؤى خالد الحاضر لكي تحسبي أن هذا الغرام‬ ‫مواعيد في ظله الدائر وأنا سنبقى نعد السنين‬

‫العدد (‪ )3‬آذار ‪35 2014‬‬


‫امرأة الجــوار‪ ،‬الليلــة األمريكيــة‪..‬‬

‫فـرانســوا تروفو يصنـع األفكــار الخــالدة‪..‬‬

‫فيلمان من أفالم املخرج الفرنسي الكبري (فرانسوا تروفو ‪François‬‬ ‫‪ )Truffaut‬يصلحان ألن يتم تثبيتهما يف قائمة األفالم اليت تبث‬ ‫األفكار امللهمة للسينمائيني اآلخرين‪ ،‬ورغم أن كل أفالم املخرج الذي‬ ‫رحل عن عاملنا يف العام ‪ ،1984‬قد سجلت خالد ًة يف قوائم السينما‬ ‫العاملية‪ ،‬إال أن هلذين الفيلمني سحرمها اخلاص من انحية تناوهلما لثيمة‬ ‫احلب من جهة أوىل‪ ،‬ولثيمة احلب والسينما من جهة اثنية‪ .‬وهذان‬ ‫الفيلمان مها فيلم (امرأة اجلوار ‪ ،)La femme d>à côté‬وفيلم‬ ‫(الليلة األمريكية ‪.)La nuit américaine‬‬ ‫حيث اليزال فيلم (امرأة اجلوار ‪، )La femme d>à côté‬‬ ‫حاضراً لدى عشاق السينما‪ ،‬رغم مرور عدة عقود على اتريخ عرضه‬ ‫األول والذي مت يف العام ‪ ،1981‬وهنا ميكن لنا أن نستدعي حضور‬ ‫هذا الفيلم ليكون أمنوذجاً هلواجس احلب والعاطفة‪ ،‬تتم املقارنة به دائماً‬ ‫حينما يستعر النقاش حول واقعية األفالم الرومانسية‪ ،‬ومدى تعبريها عن‬ ‫الواقع‪..‬‬ ‫الفيلم يروي حكاية ماتيلدا (فاين أردان ‪ )Fanny Ardant‬وبرانر‬ ‫(جريار دو ابرديو ‪ ،)Gérard Depardieu‬الذين ارتبطا بعالقة‬ ‫حب يف زمن ما‪ ،‬لكنهما انفصال ومضى كل منهما يف سبيله‪ ،‬فتزوجت‬ ‫ماتيلدا ورحلت إىل مدينة غرونوبل‪ ،‬ولكن احلياة تلعب لعبتها القدرية‬ ‫مع اإلثنني‪ ،‬حيث جيد برانر نفسه وبعد كل الزمن الذي مر على غياهبما‬ ‫عن بعض جاراً لعشيقته السابقة‪ ،‬وهكذا تعود نريان احلب لتشتعل‬ ‫بينهما‪ ،‬وبعد سلسلة من املواقف العاطفية القاسية تنتهي احلكاية مبوهتما‬ ‫انتحاراً‪..‬‬ ‫إن أهم ما يلفت انتباه املشاهد‪ ،‬وهو يبدأ يف متابعة تفاصيل احلكاية عرب‬ ‫الفيلم احلضور املدهش لفكرة الراوي‪ ،‬أن استخدام هذه التقنية يف العمل‬ ‫الدرامي يطرح سؤاالً حول الوظيفة اليت ميكن هلا أن تؤديها يف السياق‬ ‫الدرامي‪ ،‬وهنا يف أفالم تروفو عموماً‪ ،‬ويف هذا الفيلم خصوصاً‪ ،‬ال جيد‬

‫‪ 36‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫• علي سفر‬

‫املشاهد صعوب ًة يف تلمس األجوبة عن أسئلته‪ ،‬حىت تلك األسئلة اليت‬ ‫تتجاوز احلديث عن األفكار واخلطاب‪ ،‬وصوالً للحديث عن التقنيات‬ ‫السردية والبصرية‪ ،‬ولعل هذا يعود إىل طبيعة األفالم اليت صنعها تروفو‬ ‫نفسها‪ ،‬حيث جيد املشاهد أن كل األفكار سهل ًة وغري معقدة‪ ،‬ولكنها‬ ‫ورغم هذه البساطة تنحو يف عمقها حنو التعقيد النفسي الذي ينبعث من‬ ‫خصوصية الثيمة وخصوصية النموذج املقرتح لتمثيلها‪..‬‬ ‫ويف هذا الفيلم ميكن لنا تلمس اإلجابة حول وجود الراوي يف سياق الفيلم‬ ‫عرب قراءة أدوار الشخصيات‪ ،‬فجوف (فريونيك سيلفر ‪Véronique‬‬ ‫‪ )Silver‬مديرة ملعب التنس‪ ،‬أي املكان الذي يلتقي فيه اجلميع‪ ،‬والذي‬ ‫يلجأ الناس إليه يف غرونوبل‪ ،‬تقدم لنا احلكاية عرب تقدميها للمكان‪ ،‬غري‬ ‫أهنا و حال مباشرهتا لرواية احلكاية خترج من إطار احلالة األوىل‪ ،‬وهي‬ ‫حالة الراوي لتنضم إىل جمموعة الشخصيات املوجودة يف السياق‪.‬‬ ‫والسؤال هنا‪ :‬ملاذا اختار املخرج أو املؤلف هذه الشخصية حتديداً كيما‬ ‫يسند إليها موقع الراوي؟ تبدو لنا النقطة األساسية يف الفيلم جلية يف‬ ‫املسار الذي سلكته هذه الشخصية‪ ،‬رغم كوهنا جانبية يف السياق‪،‬‬ ‫فتماثل ما جيري بني برانر وجارته وبني ما جيري بني الرجل القادم من‬ ‫خلقيدونية لزايرة جوف مديرة امللعب‪ ،‬واضح بال شك‪ ،‬وذلك من وجهة‬ ‫نظر تتحرى بنية العمل السردية‪ ،‬حيث نعثر على خطني للفعل يتماسان‬ ‫يف عدة نقاط‪ ،‬لكنهما يظالن خمتلفني يف أفقهما اخلاص والعام‪ ،..‬إذ‬ ‫يظهر لنا أن احلب كأفق قائم ومشرع لإلنسان ال يطلب شك ً‬ ‫ال حمدداً‬ ‫عند اآلخرين سوى احلضور الدائم‪ ،‬وعليه فإن احلب هو سالح للمرء‬ ‫يواجه به عملية اضمحالله الدائم‪ .‬حيث نرى كيف أن جوف حتاول‬ ‫االنتحار‪ ،‬بينما أييت الرجل بعد أعوام عديدة كي يراها‪ ،‬كذلك نرى برانر‬ ‫يفرغ شحنة اجلنون‪ ،‬بينما اجلارة تغين لربانر يف املشفى أغنية (جاك برل‬ ‫‪( )Jacques Brel‬ال ترتكيين ‪!..)ne me quitte pas‬‬ ‫كما أن احلكاية تؤكد على لزومية احلب‪ ،‬وعلى وجوب عدم تعديه إىل‬


‫صغائر اإلنسان‪ ،‬مما يفرض عدم الندم عليه‪ ،‬إذ هو تعبري عن شكل آخر‬ ‫للحياة أرقى وأشد مثالية‪ ،‬فتقول جوف‪« :‬أان مثل ايديث بياف ال أندم‬ ‫على شيء»‬ ‫وهكذا فإن ما يربط بني احلب واحلياة اليت تعيشها الشخصيات ليس ذلك‬ ‫االرتباط الزمين أو املكاين بينهما‪ ،‬بل هي جمموعة العالمات املنطوقة أو‬ ‫املكتوبة واليت ختتصر البعدين السالفني فيما بينهما‪ ،‬وعليه فإن احلديث‬ ‫عن احلب هو انتماء لنسق خمتلف وجديد يرتفع عن املستوى احليايت‪،‬‬ ‫ويصل إىل عالقة شبه فنية ما بني العامل والفاعلني من مثل حكاية املرأة‬ ‫اليت ختاف أن يضمها الرجال‪ ،‬وأيضاً نرى كيف كان برانر يصبح عدائياً‬ ‫إذ كان ال ينادي احلبيبة ‪ /‬اجلارة ابمسها طوال النهار‪ ..‬وكذلك عالقة‬ ‫اجلارة برسومها‪ ،‬وأيضاً حكاية الرجل امللتحي الذي يكره النساء لكنه‬ ‫يتعايش معهن‪..‬‬ ‫احلكايتان يف الفيلم تلتقيان عرب النقاط السابقة‪ ،‬وابلتايل فإن معقولية‬ ‫الواقعة العاطفية اليت يتحدث عنها الفيلم تبدو حقيقية وغري مفتعلة‪،‬‬ ‫وذلك بسبب من االشتغال الكبري على الدعائم النفسية اليت بنيت وفقها‬ ‫احلاالت اليت نراها يف الفيلم‪ ،‬غري أن غرائبية التفاصيل احمليطة هبذه‬ ‫احلاالت جعل منها حاالت فاتنة‪ ،‬ومغرية للمشاهد العادي‪ ،‬فكيف‬ ‫ابملشاهدين الذين ينقبون الثيمات واألفكار‪..‬؟!‬ ‫الفيلم يروي حكاية ماتيلدا وبرانر‪ ،‬الذين ارتبطا بعالقة حب يف‬ ‫زمن ما‪ ،‬لكنهما انفصال ومضى كل منهما يف سبيله‪ ،‬فتزوجت‬ ‫ماتيلدا ورحلت إىل مدينة غرونوبل‪ ،‬ولكن احلياة تلعب لعبتها‬ ‫القدرية مع اإلثنني‪ ،‬حيث جيد برانر نفسه وبعد كل الزمن الذي مر‬ ‫على غياهبما عن بعض جاراً لعشيقته السابقة‪ ،‬وهكذا تعود نريان‬ ‫احلب لتشتعل بينهما‪ ،‬وبعد سلسلة من املواقف العاطفية القاسية‬ ‫تنتهي احلكاية مبوهتما انتحاراً‪..‬‬ ‫هذه الفتنة املبثوثة يف تفاصيل فيلم (امرأة اجلوار) تعيدان مباشرة إىل‬ ‫فيلم سابق لفرانسوا تروفو مت العمل عليه ليكون كوميداي عاطفية‪،‬‬ ‫مثرية للمشاهد إذ جرى االشتغال فيه على دمج ثيميت احلب والسينما‬ ‫مع بعضهما حتت عنوان مثري أيضاً هو (الليلة األمريكية ‪La nuit‬‬ ‫‪ )américaine‬والذي مت انتاجه وعرضه يف العام ‪ 1973‬وانل جائزة‬ ‫األوسكار ألحسن فيلم أجنيب يف ذات العام‪ ،‬والذي حيكي حكاية خمرج‬ ‫يريد أن يقدم قصة أمريكية عن هروب زوجة االبن مع عمها والد زوجها‬ ‫بعد أن اكتشفت أهنا حتبه‪ ،‬ويف سياق تصويره للحكاية يتعثر التصوير‬ ‫بسبب من مشاكل املمثلني الذين يعاين كل واحد منهم من مشاكله‬ ‫العاطفية واإلنسانية‪ ،‬ويف سياق هذا الفيلم حيث نرى حشود العمل‪،‬‬ ‫وازدحام املكان أبدوات التصوير‪ ،‬وأجساد العمال وهي تعرب يف املكان‪،‬‬ ‫بينما نسمع تلك الكلمات املستعجلة واليت تقدم مالمح لبعض التفاصيل‬ ‫يف عمل السينمائيني وهم يقومون ابلتصوير‪ ..‬يف سياق هذا كله يطرح‬ ‫تروفو سؤاالً يبدو عابراً وهامشياً وجييب عليه لنفسه؛ من هو املخرج؟ إنه‬ ‫هو من يطرح االسئلة دائماً‪!..‬‬

‫يؤدي تروفو نفسه دور املخرج فران يف الفيلم‪ ،‬وهو يبدو لنا هنا متما ٍه مع‬ ‫تروفو املخرج احلقيقي‪ ،‬غري أنه ويف سياقه هذا املعتمد على لعبة (السينما‬ ‫داخل السينما) اليت تقارب تقنية (املسرح داخل املسرح) يبقي على خيط‬ ‫يعيدان إىل املنطلق األساسي الذي تتولد منه متعة هذا الفيلم‪ ،‬إنه الربط‬ ‫بني كال العاملني‪ :‬عامل الفيلم الذي يصنع والفيلم الذي يؤطر األول وكأنه‬ ‫ميارس معه عالقة سرية يف زاوي ٍة معتمة‪..‬‬ ‫وسؤال تروفو ليس هامشياً وال عباراً يف بعده اخلطايب‪ ،‬بل هو عالمة‬ ‫أساسية يف الفيلم ترتبط ابملعىن الذي يبدو غامضاً لصيغ ٍة من مثل (الليلة‬ ‫األمريكية) وحنو استجالء هذا املعىن يقول املخرج فران‪ « :‬عندما حتدث‬ ‫احلادثة يف الليل وتعود يف النهار»‪ ،‬ويتوضح األمر يف الفيلم املصنوع على‬ ‫أنه «حكاية شابة اكتشفت أن الشاب الذي تزوجته ليس إال صورة عن‬ ‫والده‪ ،‬فوجدت أهنا حتب الوالد وليس ابنه» كما جاء على لسان جويل‬ ‫(اناتيل ابي ‪ )Nathalie Baye‬املمثلة األمريكية اإلنكليزية األصل‪،‬‬ ‫واليت فهمت األمر كما سبق مما أدى إىل تغيري يف جزء أساسي من‬ ‫السيناريو وهو اخلاص بليلة اهلروب‪ ،‬حيث يرتك الوالد وزوجة االبن اآلاثر‬ ‫الدالة على هروهبما‪ ،‬أو أن الشابة تتعمد ذلك إذ تقول لألب‪ :‬نذهب‬ ‫حاالً وكاللصوص‪..‬‬ ‫إن مالمح احللم الذي ينتاب تروفو‪ /‬املخرج فران‪ ،‬واليت تكتمل يف ثنااي‬ ‫العمل‪ ،‬تبدو لنا مندغمة مع الفعل الالشرعي الذي تكتنفه احلكاية‪،‬‬ ‫طفل يطرق بعفوية يف شارع معتم‪ ،‬وبيده‬ ‫فالتناظر قائم إىل حد ما بني ٍ‬ ‫عصا معقوفة اآلخر متكنه من سحب لوحة الصور يف مدخل صالة‬ ‫العدد (‪ )3‬آذار ‪37 2014‬‬


‫السينما‪ ،‬وبني رجل وامرأة يسدالن الستارة على عالقة طبيعية من حيث‬ ‫العرف البشري‪ ،‬وال طبيعية يف جانبها االجتماعي‪!!..‬‬ ‫يقول ألكسندر (جان بيري أومون ‪)Jean-Pierre Aumont‬‬ ‫الذي ميثل األب العشيق يف الفيلم‪ ،‬معقباً على مشهد القبلة والقطة‪،‬‬ ‫وبعد حديث مع زوج جويل عن انقضاء الوقت ابلتمثيل‪« :‬لقد اخرتعت‬ ‫القبلة لتقول أننا لسنا أشراراً وال حنمل أسلحة وحنن حنب بعضنا»‪،‬‬ ‫ويعقب وراء هذا احلديث‪« :‬أان حباجة هلذه الكلمات‪ ،»!..‬هي حاجة‬ ‫تشبه حاجته ألن يتبىن شاابً حيمل امسه من بعده‪ ..‬وأيضاً تشبه اعتياده‬ ‫على املوت غري طبيعي يف ‪ 180‬فيلماً قام بتمثيلها‪ ،‬ولكنه مات فيها‬ ‫كلها‪ ،‬إما ابخلنجر وإما انتحاراً وإما يف حادث‪ ،‬هذا املوت الذي رمبا‬ ‫أمسى هاجسه دفعه ألن ميوت يف حادث حقيقي قرب املطار‪ ،‬ومل‬ ‫يفعل معه شيئاً اعتذار املخرج املمثل له عن صيغة املوت املتوفرة يف‬

‫الفيلم (القتل على يدي األبن)‪ ..‬إن هذا االعتذار يف البداية ومن حيث‬ ‫قاس مع صور تبدو‬ ‫كونه ينطلق من املخرج املمثل يرتبط بشكل شعري ٍ‬ ‫كأطياف تلتحق ابللقطات سالفة الذكر‪ ،‬فامليتة منطقياً وحبسب املخرج‬ ‫املمثل‪ ،‬جيب أن تكون طبيعية حياتية ‪ ،‬وصورة االبن املتبىن الشاب‬ ‫تلحقها متاما صورة طفل وطفلة يلعبان الورق على طاولة بينما متر عربة‬ ‫متحركة خلفهما‪..‬‬ ‫هذه الفتنة املبثوثة يف تفاصيل فيلم (امرأة اجلوار) تعيدان مباشرة إىل‬ ‫فيلم سابق لفرانسوا تروفو مت العمل عليه ليكون كوميداي عاطفية‪،‬‬ ‫مثرية للمشاهد إذ جرى االشتغال فيه على دمج ثيميت احلب‬ ‫والسينما مع بعضهما حتت عنوان مثري أيضاً هو (الليلة األمريكية)‬ ‫والذي مت انتاجه وعرضه يف العام ‪ 1973‬وانل جائزة األوسكار‬ ‫ألحسن فيلم أجنيب يف ذات العام‪.‬‬ ‫أما ألفونس (جان بيري ليو ‪ )Jean-Pierre Léaud‬الذي ختنقه‬ ‫صورة العنف وتسرق منه ليالن (داين ‪ ،)Dani‬فإنه جيد جواابً كافياً‬ ‫على مستوى الفيلم املصنوع على سؤال‪« :‬هل النساء ساحرات؟»‪،‬‬ ‫فالعالقة املأساوية يف هذا الفيلم جتد ظلها اآلخر يف عالقته مع جويل‬ ‫(جاكلني بيسيه ‪ ،)Jacqueline Bisset‬وما يستتبعها من موقف‬ ‫حيمل من الطفولية أكثر مما حيمل من براثن املأساة ‪ ،‬وكأمنا أراد تروفو‬ ‫هاهنا أن يعمد التناظر اهلندسي القائم أبفق حيايت ذي مفارقة مجيلة‪..‬‬ ‫كما أن جويل اليت حتمل مالمح املمثلة امللكة يف هوليوود‪ ،‬اليت كانت‬ ‫حتب املطر يف الريف‪ ،‬فاستعاضت عنه مبطر مصنوع يف حديقتها تقول‬ ‫أللفونس منذ البداية‪« :‬السينما أهم من احلب» ولكنها ويف جممل فعلها‬ ‫يف عملية صناعة الفيلم‪ ،‬وما ختلله من مشاكل‪ ،‬سعت ألن تطابق بني‬ ‫االثنني يف سياق واحد‪ ،‬ال يسيطر عليه االنضباط بقدر االنفالت حنو‬ ‫العامل‪..‬‬

‫‪ 38‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫إن العالقات اليت نسجتها تقنية (السينما داخل السينما) ليست بذات‬ ‫قيمة أمام تعقد العالقة بني احلكايتني‪ ،‬فإذا كان اجتاه التناظر هو التضاد‬ ‫كما ظهر لدينا يف الفيلم كله‪ ،‬فإن ذلك ال يلغي رؤية املخرج فران‪،‬‬ ‫وال رؤية تروفو يف إمكانية املزج بني هذين العاملني‪ ،‬وأيضاً بل هو يزيد‬ ‫على هذا األمر‪ ،‬ويوضح لنا اجلانب املتعلق بفهم تروفو للسينما وضرورة‬ ‫إبعادها عن فكرة الصراع الرتاجيدي من حيث كون السينما فناً سردايً‬ ‫شعرايً أكثر من كونه انق ً‬ ‫ال للحرب والصراعات‪..‬‬ ‫إن الزمن الذي استهلكه العمل‪ ،‬والذي نعرفه عرب ارتباطه ابرتفاع بطن‬ ‫تلك املمثلة اليت رفضت الظهور ابلبكيين لكوهنا حامل‪ ،‬هو الذي أحاط‬ ‫بصرخات املرأة العجوز امللقبة بـ (احلزن والشفقة) يف إحالة واضحة إىل‬ ‫رؤية أرسطو عن املسرح و احملاكاة‪ ..‬وجعلها جمرد هامش ال معىن له أمام‬ ‫املتعة‪ ..‬واذا كان هذا الزمن هو الليل كما توحي كلمات املخرج فران‬ ‫حني يقول أللفونس‪« :‬السينما تسري كالقطار يف الليل و حنن نسري معها‬ ‫كي نسعد يف عملنا»‪ !!..‬فإن هذا الليل هو ليل للحب وللعشاق كما‬ ‫تريده السينما بوجه عام وسينما تروفو بشكل خاص‪!..‬‬


‫واقع الثورة السورية واألمل‬ ‫تعثرت ثورات الربيع العريب يف إجناز مهامها حبيث استطاعت عرب الفرتة الزمنية اليت حكمت‬ ‫اليت قامت من أجلها‪ ،‬يف مجيع الدول اليت سوراي هبا حتويل اجليش من جيش وطين حيمي‬ ‫اجتاحها هذا اإلعصار‪ ،‬وذلك ألسباب عدة‪ ،‬حدود الوطن‪ ،‬إىل جيش طائفي مهمته محاية‬ ‫النظام‪ ،‬وهذا ما أدى إىل وقوف اجليش جبانب‬ ‫من بينها‪:‬‬ ‫النظام يف مواجهة الشعب‪.‬‬ ‫‪ - 1‬ضعف البنية املدينية هلذه اجملتمعات‪.‬‬ ‫‪ - 2‬طول فرتة احلكم الفردي االستبدادي هلذه اثنياً‪ ،‬األمهية القصوى للجغرافيا السياسية‬ ‫السورية‪ ،‬كوهنا مالصقة حلدود األرض احملتلة‬ ‫اجملتمعات‪.‬‬ ‫‪ - 3‬إفراغها من مجيع أشكال العمل املدين (فلسطني)‪ ،‬واملنفذ البحري الوحيد على‬ ‫املتوسط لكل من إيران وروسيا‪ ،‬وهذا مامحل‬ ‫(أحزاب‪ ،‬هيئات جمتمع مدين‪ ،‬نقاابت‪.)..‬‬ ‫‪ - 4‬نسبة األمية اللغوية والسياسية العالية جداً النظام السوري مهمة وظيفية كان يؤديها على‬ ‫أكمل وجه‪ ،‬وهي احلفاظ على هدوء اجلبهة‬ ‫يف هذه اجملتمعات‪.‬‬ ‫‪ - 5‬أمهية املنطقة العربية ابلنسبة للقوى العاملية السورية مع إسرائيل‪ ،‬ومنع أي عمليات تنطق‬ ‫ضدها‪ ،‬وبنفس الوقت خدمة املشروع التوسعي‬ ‫املؤثرة‪.‬‬ ‫ورغم كل ذلك‪ ،‬فقد خطت مجيع البلدان الفارسي‪ ،‬بلعب دور الرئة اليت تتنفس هبا أداة‬ ‫اليت شهدت الربيع العريب خطوات‪ ،‬قد تكون املشروع الفارسي املتقدمة‪ ،‬وهي حزب هللا‪.‬‬ ‫متواضعة‪ ،‬لكنها على األقل بداية تغيري لن اثلثاً‪ ،‬أمهية اجلغرافيا السياسية لسوراي‪ ،‬دفعت‬ ‫يتوقف‪ ،‬سيما وأن الثمن الذي قدمته مجاهري مجيع القوى املؤثرة عربياً وإقليماً ودولياً للتدخل‬ ‫هذه اجملتمعات يعترب خبساً‪ ،‬إال الثورة السورية ابلشأن السوري كل بطريقته‪ ،‬إما دفاعاً عن‬ ‫اليت تعثرت كثرياً‪ ،‬ودفع شعبها مثناً غري مسبوق مصاحل متحققة (إيران وروسيا وإسرائيل)‪ ،‬أو‬ ‫يف التاريخ‪ ،‬ومع ذلك مل تنجح حىت اآلن يف حبثاً عن موطىء قدم يف سوراي القادمة (أمريكا‬ ‫إجناز اخلطوة األوىل‪ ،‬وهي إسقاط النظام القائم‪ ،‬واالحتاد األورويب ودول اخلليج)‪ ،‬وهذا ما دفع‬ ‫وبناء نظام جديد يعتمد الدميقراطية والتعددية إىل تدويل القضية السورية‪.‬‬ ‫رابعاً‪ ،‬االنفصام شبه الكامل بني الثورة احلقيقية‬ ‫وتدوال السلطة هنجاً له‪ ،‬فلماذا؟؟؟‬ ‫ابدىء ذي بدء أتصور أنه ابإلضافة لألسباب على األرض‪ ،‬بتعبرييها (السلمي والعسكري)‪،‬‬ ‫اآلنفة الذكر املشرتكة‪ ،‬فإن مثة أسباابً خاصة وتعبرياهتا السياسية‪ ،‬سواء ما مسي منها معارضة‬ ‫داخلية أو خارجية أو جمالس عسكرية‪ ،‬وهذا‬ ‫ابجملتمع السوري‪:‬‬ ‫أوالً‪ ،‬أن النظام السوري نظام أمين‪ ،‬متسك أدى إىل تشتت اجلهود‪ ،‬وإىل صراعات نفوذ‪،‬‬ ‫بتالبيبه طغمة عسكرية تنتمي إىل أقلية طائفية‪ ،‬وجلوء الكثري من القوى الثورية إىل االستنجاد‬ ‫وقد عملت هذه الطغمة على التحكم ابجليش‪ ،‬ابملال السياسي‪ ،‬الذي تدفق من دول اخلليج‬

‫• ندى اخلش‬

‫وغريها‪.‬‬ ‫خامساً‪ ،‬جلوء النظام والقوى املؤثرة إىل خلق‬ ‫جمموعات سلفية متطرفة‪ ،‬حلرف مسار الثورة إىل‬ ‫حرب طائفية أهلية‪ ،‬وتسهيل دخول الكثري من‬ ‫هذه اجلماعات إىل سوراي‪ ،‬مما يعطي مصداقية‬ ‫للنظام أبنه حيارب اإلرهاب‪ ،‬وأن هذه الثورة‬ ‫تشن حرابً‬ ‫ماهي إال جمموعة من اإلرهابيني ّ‬ ‫طائفية على النظام العلماين احلامي لألقليات‪.‬‬ ‫ورغم كل ذلك‪ ،‬ما زال الشعب السوري يقاوم‬ ‫ويصمد يف وجه أكرب هجمة مهجية عرفها‬ ‫اتريخ اإلنسان‪ ،‬مما أرغم مجيع القوى املشاركة‬ ‫يف املعركة ضده على إعادة حساابته‪ ،‬وإدراك‬ ‫استحالة استمرار هذا النظام والعودة اىل ما‬ ‫كانت عليه األمور قبل الثورة‪ .‬وأظن أن مجيع‬ ‫القوى الثورية على أرض الواقع أدركت أن النصر‬ ‫حليفها‪ ،‬فيما لو سعت إىل توحيد هذه القوى‬ ‫على األرض‪ ،‬مما يسمح يف نفس الوقت ابنبثاق‬ ‫جناح سياسي معرب بشكل حقيقي عن أهداف‬ ‫الثورة والثوار‪ ،‬يقود العملية السياسية مدعوماً‬ ‫من هذه القوى‪.‬‬ ‫إن خماض الثورة السورية عسري جداً‪ ،‬وحنن أنمل‬ ‫مبولود صحيح معاىف حمصن من كل األمراض‬ ‫اليت عانت منها الثورة‪ ،‬وانعسكت سلبياً على‬ ‫مسارها‪ ،‬أنمل ذلك ونعمل له‪.‬‬ ‫ومع العلم أن احلديث عن كل فقرة مما سبق‬ ‫حتتاج إىل ملف خاص هبا‪ ،‬لكنين آثرت تناول‬ ‫املوضوع بعموميته‪ ،‬وإىل لقاء آخر‪..‬‬ ‫العدد (‪ )3‬آذار ‪39 2014‬‬


‫األبواب الخلفية للتلفزيون السوري‬ ‫رقابة أمنية صارمة وفلتان مالي فاضح ومحسوبيات‬ ‫ُمعلنة في التوظيف‬ ‫• يعرف القاصي والداين أن املواطن السوري ال يستطيع العمل يف أي‬ ‫وزارة من وزارات الدولة ما مل حيصل على موافقة شعبة األمن السياسي‪،‬‬ ‫وأن عليه تعبئة العديد من االستمارات األمنية‪ ،‬حىت إن كان املواطن‬ ‫املثايل ابلنسبة للنظام (أو حيادي إجيايب) حسب تصنيف كتبة التقارير‪،‬‬ ‫فإن العنصر الذي سيزوره أو سيقوم ابلبحث يف ماضيه حىت اجلد العاشر‬ ‫يستطيع أن حيوله مهما كان (ماشي احليط احليط) إىل ألد أعداء النظام‪،‬‬ ‫لذلك بدل أن يسعى هو إىل املواطن‪ ،‬جتد املواطن نفسه يُبادر إليه ليؤكد‬ ‫إميانه ابلقيادة احلكيمة الشجاعة اليت تحُ ارب الفساد واملفسدين‪ ،‬وتُنعم‬ ‫على املواطنني مبكارمها اليت ال تنتهي‪ ،‬ويف ختام احلديث يضع املعلوم‬ ‫يف يده وهذا من أجل راتب مل يُغن عن جوع يوماً‪ ،‬فماذا عن التلفزيون‬ ‫الذي يزيد دخل املوظف فيه ثالث أو أربع مرات عن دخل املوظف يف‬ ‫ابقي وزارات الدولة‪..‬؟‬ ‫• حيتل التلفزيون السوري املرتبة األخرية يف التلفزيوانت الرمسية العربية من‬ ‫حيث أجور العاملني‪ ،‬ومع ذلك فهو قياساً لدخل املواطن السوري يُعترب‬ ‫مكاانً مميزاً‪ ،‬ألنه وحبكم الطبيعة املالية اليت يتبناها التلفزيون السوري فإن‬ ‫العامل فيه إذا ماكان مرضياً عنه حيصل على راتبني يف الشهر‪ ،‬األول‬ ‫هو الراتب التقليدي‪ ،‬والثاين هو ما يُسمى نظام البوانت (اإلنتاج)‪،‬‬ ‫وهناك نظام العقود وهي الربامج اليت تُنتج خارج إطار الربامج الدورية‪،‬‬ ‫وبشكل خاص برامج املناسبات وشهر رمضان‪ ،‬وأخرياً هناك نظام مايل‬ ‫حتت بند الرعاايت (‪ .)Sponsr‬وضمن هذه الرتكيبة املالية حيصل‬ ‫اجملتهد احلقيقي على بعض حقه‪ ،‬وحيصل املنتفعون على معظم الوليمة‪،‬‬ ‫ويتميز توزيع املهام داخل اهليئة بنظام طائفي صارم قلما مت جتاوزه وهو‬ ‫توزيع يُدركه كل من اقرتب من اإلعالم السوري‪ ،‬فكل األقسام ذات‬ ‫الفاعلية واليت تُسيطر فعلياً على العمل على‬ ‫األرض هي من نصيب الطائفة العلوية‪ ،‬يف‬ ‫حني مثة مناصب واضحة تتوزع بني السنة‬ ‫والدروز واإلمساعيلية واملسيحية (مثال‪:‬‬ ‫الوزير علوي‪ ،‬املدير العام سين أو مسيحي‪،‬‬ ‫مدير التلفزيون علوي‪ ،‬مدراء القنوات‪:‬‬ ‫سين‪ ،‬درزي‪ ،‬إمساعيلي وعلوي‪ ،‬رؤساء‬ ‫الدوائر موزعة بنفس الطريقة وكذلك رؤساء‬ ‫الشعب‪ ،‬انهيك عن أقسام التشغيل واملراقبة‬ ‫ُ‬ ‫والديكور واإلنتاج وغري ذلك)‪ ،‬يف حني‬ ‫يمُ نع منعاً اباتً على القوميات غري العربية أي‬ ‫موقع مهما كان صغرياً‪ ،‬ابستئناءات اندرة‬ ‫جداً جاءت كنوع من املكافأة خلدمات‬ ‫‪ 40‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫• رعد شاهني‬

‫أمنية‪.‬‬ ‫• يف داخل هذا املبىن الكبري للهيئة العامة لإلذاعة والتلفزيون مخسة أنواع‬ ‫من املوظفني‪ ،‬أو مبعىن أدق العاملني (ذلك أن كثرياً من العاملني داخل‬ ‫التلفزيون يعملون على نظام البوانت أو نظام اإلنتاج)‪.‬‬ ‫• النوع األول‪ :‬الذي اكتشف أن العمل يف التلفزيون يُعطيه أمهية ووفرة‬ ‫يف املال‪ ،‬وهو ال ميلك أي مؤهالت سوى الواسطة اليت لديه (واملال‬ ‫الذي سيوزعه على العناصر األمنية)‪ ،‬فيدخل رمبا ساعياً أو عامل بوفيه‬ ‫أو حامل حقيبة املدير‪ ،‬ليتحول بعد أشهر قليلة إىل مدير إنتاج (وبعضهم‬ ‫أصبح من كبار املخرجني)‪ ،‬وبعد عدد قليل جداً من السنوات ستجده‬ ‫يركب أحدث سيارة‪ ،‬ويتحدث ابلفم املآلن عن الفساد واحملسوبية يف‬ ‫التلفزيون‪ ،‬ولكن هؤالء غالباً اليسعون إىل املناصب لسببني‪ :‬األول أهنم‬ ‫ال ميلكون سوى االبتدائية أو اإلعدادية يف أحسن األحوال‪ ،‬والثاين إمياهنم‬ ‫ابملثل الشعيب (ساقية جارية وال هنر مقطوع) فما ابلك إذا كانوا على هنر‬ ‫ال ينقطع أبداً!!!‬ ‫وقصة مدراء اإلنتاج واملخرجني يف التلفزيون السوري حكاية من‬ ‫حكاايت ألف ليلة وليلة‪ ،‬سنعود إليها الحقاً بشيء من التفصيل‪.‬‬ ‫• النوع الثاين‪ :‬وهو غالباً مايكون أبن أو أخ أو قريب أحد العاملني يف‬ ‫التلفزيون‪ ،‬فيدخل ُمتسل ً‬ ‫ال بعد موافقة مكتوبة من الوزير (سابقاً كانت‬ ‫موافقة املدير العام كافية‪ ،‬وألن كل مدير عام جلب معه العشرات من‬ ‫أقرابئه احتفظ الوزير ابملوافقة لنفسه لتأيت قرى أبكملها إىل التلفزيون‬ ‫مع كل وزير جديد)‪ .‬وهؤالء أيضاً حيتاجون إىل موافقة شعبة األمن‬ ‫السياسي‪ ،‬والكثري منهم يضطر إىل تقدمي اهلبات واهلدااي لعلية القوم‪،‬‬ ‫والكثري من الصبااي يُقدمن ابلضرورة أشياء أخرى للمدراء والوزراء‪ ،‬وقبل‬ ‫ذلك ضباط األمن‪ ،‬وهن من اللوايت يصلن‬ ‫سريعاً جداً‪ ،‬ال إىل النشرة الرئيسية فقط‬ ‫(كما كان حلم املذيعات يف وقت ما)‪ ،‬بل‬ ‫إىل أكثر من ذلك بكثري‪ ،‬وهذه املالحظة‬ ‫ختص بعضهن فقط‪..‬مع التأكيد على وجود‬ ‫الكثري من الفتيات الاليت حفرن الصخر‪،‬‬ ‫ألهنن مل يرضني بتقدمي ما قدمته غريهن‪.‬‬ ‫• مالحظة على اهلامش‪ :‬بثت اهليئة العامة‬ ‫للتلفزيون السوري بتاريخ‪2013/5/14 :‬‬ ‫بتثبيت (‪ )740‬عام ً‬ ‫ال لديها‪ ،‬ونظرة سريعة‬ ‫على األمساء توضح بشكل قاطع كيف أن‬ ‫أبناء املوظفني يف اهليئة وأشقاءهم وأقارهبم‬ ‫يُشكلون أغلبية املُثبتني‪ُ ،‬مضافاً إليهم عدد‬


‫من الشبيحة‪.‬‬ ‫• النوع الثالث‪ :‬وهو املتخصص‬ ‫غالباً‪ ،‬والذي مل يُبادر فعلياً للعمل‬ ‫يف التلفزيون من تلقاء نفسه‪ ،‬ألنه ال‬ ‫ميلك الواسطة الالزمة‪ ،‬أو ألنه جنح يف‬ ‫جمال اإلعالم املكتوب أو املرئي خارج‬ ‫جدران التلفزيون‪ ،‬فيُطلب (ابعتباره‬ ‫كفاءة وطنية)‪ ،‬وطبعاً هذا الينفي أنه‬ ‫حيتاج إىل الكثري من املوافقات األمنية‪،‬‬ ‫واألهم املتابعات األمنية داخل التلفزيون‪ ،‬وهذا‬ ‫النوع يُشكل فع ً‬ ‫ال كفاءة ولكنه ينكفئ بعد فرتة‬ ‫قصرية على نفسه‪ ،‬أو يدخل يف آلية الفساد‬ ‫جزء منها ومشاركاً هبا‪،‬‬ ‫اليت ابلضرورة سيكون ً‬ ‫وإال فعليه أن يُغادر‪.‬‬ ‫• النوع الرابع‪ :‬موجود يف كل وزارات الدولة‪،‬‬ ‫وهو النوع الذي قدم خدمات أمنية هامة‬ ‫للنظام‪ ،‬ويستمر هبذه املهمة بعالنية إىل جانب‬ ‫عملهم (اإلبداعي)‪ ،‬فمنهم على سبيل املثال‬ ‫شخص(كل مؤهالته الثانوية العامة ودورة ملدة‬ ‫ثالثة أشهر يف املركز اإلعالمي)‪ ،‬كان عام ً‬ ‫ال‬ ‫يف شركة نقليات (يقطع التذاكر)‪ ،‬وهو اليوم‬ ‫(أهم) معد يف التلفزيون السوري وله حصة‬ ‫مالية (دورية وعقود ورعاايت) من كل الربامج‬ ‫اليت كانت تُنتج يف القناة األوىل‪ ،‬مث يف القناة‬ ‫الفضائية‪ ،‬واليوم يف قناة سوراي دراما‪ ،‬ومنذ‬ ‫اليوم األول للثورة حتولت غرفته إىل غرفة أمنية‬ ‫رمسية‪ ،‬حيج إليها الشبيحة من اإلعالميني‬ ‫والفنانني طوال اليوم‪ ،‬وابملناسبة هو ال يعمل‬ ‫لكنه حيصل على املوافقات لربامج من أفكار‬ ‫سواه‪ ،‬وينفذها سواه على أن يوضع امسه يف‬ ‫الشارة أوالً‪ ،‬وحيصل على النصيب األساسي‬ ‫يف القسمة املالية‪.‬‬ ‫ورغم أن القانون يقضي أبن رئيس الدائرة جيب‬ ‫أن يكون من الفئة األوىل‪ ،‬إال أن أبن احلزب‬ ‫البار الذي صعد على أكتاف شقيقته الرفيقة‬ ‫القدمية‪ ،‬ومبعية التقارير األمنية رفيعة املستوى‬ ‫اليت قدمها طوال سنوات خدمته ظل حيتل‬ ‫موقع الفئة األوىل رغم أنه من الفئة الثانية أو‬ ‫الثالثة‪ ...‬ومنهم أيضاً من كان شبيحاً (وعاد‬ ‫اليوم ملهنته األصلية) يتفاخر أبنه قتل أكثر من‬ ‫مائة من األخوان املسلمني أايم كان يف سرااي‬

‫الدفاع‪ ..‬ومنهم كتبة التقارير اليوميني‪ ،‬الذين‬ ‫يُبالغون يف تقدمي والئهم يف كل مناسبة‪ ،‬وهؤالء‬ ‫خيشاهم اجلميع مبا فيهم املدراء‪ ،‬وهؤالء الكتبة‬ ‫اجملتهدون معدون وخمرجون ومونتريية وفنيي‬ ‫صوت وعمال ديكور وسعاة وأذنة وعمال‬ ‫نظافة‪ ،‬ولكل منهم جهته األمنية اخلاصة اليت‬ ‫يتعامل معها‪.‬‬ ‫• النوع اخلامس‪ :‬العامل الومهي على نظام‬ ‫البوانت‪ ،‬وهؤالء يعملون (نظرايً) يف اإلذاعة‬ ‫بثت اهليئة العامة للتلفزيون السوري‬ ‫بتاريخ‪ 2013/5/14 :‬بتثبيت‬ ‫(‪ )740‬عام ً‬ ‫ال لديها‪ ،‬ونظرة سريعة‬ ‫على األمساء توضح بشكل قاطع كيف‬ ‫أن أبناء املوظفني يف اهليئة وأشقاءهم‬ ‫وأقارهبم يُشكلون أغلبية املُثبتني ُمضافاً‬ ‫إليهم عدد من الشبيحة‪.‬‬

‫والتلفزيون‪ ،‬ولكن رمبا مل يدخلوا مبىن‬ ‫اإلذاعة والتلفزيون يوماً‪ ،‬إهنم مدرجون‬ ‫ضمن نظام البوانت (الذي يجُ يز للعامل‬ ‫أن يكون على رأس عمله يف أي وزارة‬ ‫أخرى)‪ ،‬وهذا العدد الكبري كان يقبض‬ ‫كما أكثر العاملني اجتهاداً‪ ،‬وطبعاً‬ ‫هم من احملبني واألصحاب واألقارب‬ ‫لبعض املدراء‪ ،‬وللكثري من ضباط‬ ‫القصر اجلمهوري‪.‬‬ ‫• إذاً يف ظل هذه الرقابة األمنية شديدة الصرامة‪،‬‬ ‫ويف ظل احملسوبية الفاضحة يف التوظيف والعمل‬ ‫داخل هذا اجلهاز‪ ،‬سيكون للفساد طرقه‬ ‫الكثرية اليت تُفضي مجيعاً إىل فكرة واحدة‪،‬‬ ‫وهي غياب االنتماء للبلد‪ ،‬وانعدام اإلحساس‬ ‫ابملال العام‪ ،‬وابلتايل فمال البلد سايب وحالل‬ ‫عالشاطر‪...‬‬ ‫الرقابة‬ ‫• والرقابة هي أهم مرتكزات العمل األمنية‬ ‫داخل التلفزيون‪ ،‬وهي هنا ال تنتمي أبي‬ ‫شكل من األشكال إىل الرقابة الفنية مبعىن‬ ‫االهتمام بسوية الربامج‪ ،‬فاهلم الوحيد أن ال‬ ‫حيتوي الربانمج على ما قد (يوجع الراس) ولو‬ ‫تلميحاً‪ ...‬املفارقة أن معظم رقباء الربامج هم‬ ‫ممن مل يفلحوا يف جمال التحرير أو اإلعداد‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك فـ (أكدع) مع ّد أو خمرج سيحتاج توقيع‬ ‫هؤالء لعرض برانجمه!!!‬ ‫• ولعل احلديث سيكون أكثر إيضاحاً لو‬ ‫ذهبنا إىل رقابة الدراما واألفالم املُنتجة داخل‬ ‫التلفزيون‪ ،‬أو القادمة من شركات اإلنتاج يف‬ ‫سوراي‪ ،‬أو من خارج البالد‪ ..‬هنا البد من‬ ‫بعض الشرح‪ ،‬ولألسف احلديث سيقودان مرة‬ ‫أخرى إىل الطائفية اليت ينتهجها النظام يف‬ ‫كل حركة وسكنة‪ ،‬والفكرة الطائفية هنا أتيت‬ ‫ابلعكس عما هو سائد‪ ،‬مبعىن أن يوكل النظام‬ ‫مهام الرفض واملنع ألشخاص من خارج‬ ‫الطائفة العلوية‪.‬‬ ‫• الرقابة الدرامية تتوزع بني جلنتني‪ :‬جلنة رقابة‬ ‫النصوص‪ ،‬وجلنة رقابة األعمال اجلاهزة‪ ،‬وما‬ ‫قد توافق عليه جلنة النصوص قد ترفضه جلنة‬ ‫مشاهدة األعمال‪( ،‬وهذا ماحصل على سبيل‬ ‫املثال يف اجلزء الثاين من مسلسل خان احلرير‬ ‫العدد (‪ )3‬آذار ‪41 2014‬‬


‫إذ وافقت جلنة القراءة بعد طلب التعديالت‪،‬‬ ‫وعند العرض قامت جلنة املراقبة بقص ساعات‬ ‫من العمل‪ ،‬حبيث حتول العمل إىل مسلسل‬ ‫أغاين لفضة الغجرية)‪ ،‬واهلم األول لكال‬ ‫اللجنتني هو اجلانب األمين‪ ،‬فعندما يشكك‬ ‫رقيب أبي حوار أو لقطة قد يُغضب ضابطاً‬ ‫من الدرجة العاشرة يف أي مكان يف سوراي‪،‬‬ ‫سيُحيل األمر للجهات األعلى منه‪ ،‬وهكذا‬ ‫دواليك‪ ،‬إىل درجة أن بعض النصوص جاءت‬ ‫موافقتها أو قرار منعها من القصر اجلمهوري‪،‬‬ ‫ومثة نوع من الرقباء (وبشكل خاص من غري‬ ‫العلويني الذين يسعون كل الوقت إلثبات‬ ‫أهنم ملكيون أكثر من امللك)‪ ،‬يلجأ أحياانً‬ ‫إىل التهديد والوعيد (كما حدث مع أحد‬ ‫كتاب اللوحات القصرية‪ ،‬إذ قال له الرقيب‬ ‫حرفياً‪ :‬كرم أخالقي خالين اكتفي برفض‬ ‫اللوحة وإال احلقيقة انت الزم تتحول مع‬ ‫لوحتك لألمن)! املفارقة أن هذه اللجان رغم‬ ‫اجتهادها يف اكتشاف ماقد ميس النظام من‬ ‫قريب أو بعيد‪ ،‬مر عليها الكثري من األعمال‬ ‫العميقة‪ ،‬دون أن تنتبه فع ً‬ ‫ال إىل ذلك‪....‬‬ ‫ولكي نكون منصفني فالرشوة يف هذه اللجان‬ ‫بسيطة وغري متاحة كل الوقت‪ ،‬وغالباً ما أتيت‬ ‫كإكراميات غري كبرية‪...‬‬ ‫أما جلان مراقبة األعمال الدرامية املُنجزة فهنا‬ ‫أييت دور (اللهط والشفط) على أصوله‪..‬‬ ‫• بعيداً عن اجلانب األمين الذي اليسمح‬ ‫للرقيب لنفسه أن يكون مرتشياً وال حىت مباليني‬ ‫اللريات‪ ،‬فهناك جوانب كثرية ُمتعلقة بتصنيف‬ ‫جودة العمل‪ ،‬فإن مت رفض العمل‪ ،‬هذا يعين‬ ‫خسارة املُنتج صاحب العمل كل مادفعه يف‬

‫‪ 42‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫صناعة العمل (فهو يف هذه احلالة ال يستطيع‬ ‫أن يبيع العمل ال للتلفزيون السوري وال لغريه من‬ ‫التلفزيوانت العربية ألنه حيتاج إىل هذه املوافقة‬ ‫ليقوم بتصدير العمل وتوزيعه)‪ ..‬ومن أجل‬ ‫ذلك هو على استعداد لدفع مئات اآلالف‬ ‫ليكسب املاليني‪...‬بعد هذه املرحلة هناك‬ ‫وضع التقييم (وسط‪ ،‬جيد‪ ،‬جيد جداً‪ ،‬ممتاز)‪،‬‬ ‫فكل صنف له تسعرية خاصة‪ ،‬وألن الفارق‬ ‫«حمرز» أيضاً ال جيد صاحب العمل غضاضة‬ ‫من دفع مئات من األلوف اإلضافية‪ ،‬وعندما‬ ‫يكون العمل ممتازاُ فنياً فال أبس ببضع عشرات‬ ‫من اآلالف لتسريع عملية املراقبة وضمان تقرير‬ ‫فين يُشيد ابلعمل‪ ..‬ففي كل األحوال الرقباء‬ ‫هنا هلم نصيبهم‪ ،‬وهو كبري جداً قياساً لدخل‬

‫املواطن السوري‪...‬‬ ‫• هل انتهت لعبة املراقبة هنا‪..‬؟ ال ليس‬ ‫بعد‪ ،‬فجزء من هؤالء املراقبني البد وأن‬ ‫يكونوا بلجنة إقرار الدراما يف رمضان‪،‬‬ ‫وألن الدراما يف رمضان هلا سعر خاص‬ ‫(يف السنوات األخرية أصدرت القيادة‬ ‫«احلكيمة» توجيهاً شفوايً بصرف السعر‬ ‫الرمضاين لكل املسلسالت املُنتجة يف‬ ‫العام نفسه)‪ ،‬فباب االنتفاع مستمر‪ ،‬وهنا‬ ‫مثة شركاء أسياسيون يف القسمة ونقصد‬ ‫كل من يكون عضواً يف جلنة إقرار العرض‬ ‫الرمضاين‪( ،‬ولإلنصاف فبعض من كانوا يف‬ ‫هذه اللجان دخلوا وخرجوا دون انتفاع)‪،‬‬ ‫بعضهم لعدم علمهم إبمكانية الرشوة دون‬ ‫ضجيج‪ ،‬وبعضهم العارف ومع ذلك رفض‬ ‫االنتفاع)‪ ..‬بطبيعة احلال يف كل مراحل‬ ‫االنتفاع مثة شركاء يف اخلفاء يستطيعون محاية‬ ‫هذا الرقيب إن طالته ألسنة املتسائلني!!!‬ ‫الرقابة الدرامية تتوزع بني جلنتني‪ :‬جلنة‬ ‫رقابة النصوص‪ ،‬وجلنة رقابة األعمال‬ ‫اجلاهزة‪ ،‬وما قد توافق عليه جلنة‬ ‫النصوص قد ترفضه جلنة مشاهدة‬ ‫األعمال‪( ،‬وهذا ماحصل على سبيل‬ ‫املثال يف اجلزء الثاين من مسلسل خان‬ ‫احلرير‬ ‫• بعد هذا كله تبدأ لعبة الفوز بوقت الذروة‬ ‫لكل مسلسل‪ ،‬ويتحول مكتب املدير العام‬ ‫يف األايم اليت تسبق شهر رمضان املبارك إىل‬ ‫ما يُشبه العصفورية من االتصاالت اليت أتيت‬ ‫من ضباط أمن من خمتلف الرتب‪ ،‬كل يطلب‬ ‫عرض مسلسل بعينه يف فرتة ما بعد اإلفطار أو‬ ‫يف بداية السهرة‪ ،‬ويستقر األمر حسب الرتبة‬ ‫األعلى اليت تتصل‪ ،‬وأحياانً كثرية ال تستقر‬ ‫مواعيد عرض املسلسالت حىت بعد بداية‬ ‫شهر رمضان‪ ،‬والسبب يف االهتمام الكبري‪،‬‬ ‫ليس فقط ضمان الوقت الذهيب للمتابعة‪ ،‬بل‬ ‫لضمان الكرم اإلعالين الذي حتتكره املؤسسة‬ ‫العربية لإلعالن‪ ،‬حيث للفساد أمساء أخرى‬ ‫مع مرور األايم أصبحت حقوقاً ُمعلنة اليتحرج‬ ‫أصحاهبا من التفاخر هبا!!!‬


‫في سجون البعث‬

‫شهادة معتقلة لم تعتقل‬ ‫حيايت تشبه إىل حد كبري حياة سوراي‪ ،‬اشتعلت فيها النريان ملتهمة‬ ‫طفوليت املتأخرة وسنوات شبايب‪ ،‬أحالمي‪ ،‬تعيب‪ ،‬شقائي‪ ،‬وأموميت‪.‬‬ ‫أجلس اليوم على الرماد انظرة إىل ثالثني سنة انقضت‪ ،‬وانتهت إىل ال‬ ‫شيء‪ ،‬ال أشعر ابلندم‪ ،‬ال أشعر ابخلسارة‪ ،‬بل ابالنتصار‪ ،‬وحبرية متكنين‬ ‫من الطريان‪.‬‬ ‫مل أعتقل يوماً يف زانزين النظام‪ ،‬إالّ أنين اعتُقلت ثالثني عاماً يف سجونه‬ ‫الكبرية‪ ،‬يف أحضان البعث والبعثيني الذين تربوا يف كنفه ورضعوا أخالقه‪،‬‬ ‫للقوي أن يُسكت الضعيف‪ ،‬حيث ميكن للرجل‬ ‫عشت حيث ميكن ّ‬ ‫أن يقول ويقول ويقول وال يَسمع‪ ،‬حيث ميكن لرجال األمن أن يغلقوا‬ ‫األفواه ويقفلوا العقول‪ ،‬حيث ال أحد جيرؤ على التمرد أو االحجتاج‪.‬‬ ‫لطاملا شعرت أ ّن بييت نسخة مصغرة عن سوراي‪ ،‬حيكمها ديكتاتور ال‬ ‫يرحم‪ ،‬ال يسمع سوى صوته وال يرى سوى صورته‪ّ ،‬‬ ‫ويظل متأهباً للبطش‬ ‫كلما جترأ أحد على رفع بصره أو صوته‪ ،‬يلبس أمام الغرابء قناع الرجل‬ ‫العصري احلضاري املنفتح‪ ،‬املؤمن حبقوق املرأة واإلنسان‪ ،‬حىت أنين‬ ‫صدقته مرات عدة‪ ،‬وجترأت على خوض نقاشات وجداالت معه‪ ،‬مل أنل‬ ‫منها إالّ مزيداً من القمع‪ ،‬وضرابً وزجراً يف مناسبات كثرية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مترد وصراخ يطالبين‬ ‫ظل اخلوف سيّد األوقات يف حيايت‪ ،‬يف داخلي ّ‬ ‫ويدي تشعران بربودة‬ ‫ين كانتا تراين اجلدران‪ّ ،‬‬ ‫لكن عي ّ‬ ‫إبطالق حنجريت‪ّ ،‬‬ ‫حديد القيد‪ ،‬فأان أ ّم ألربعة أبناء‪ ،‬أدرك جيداً أ ّن بلدان «احلضاري املنفتح‬ ‫كزوجي متاماً» لن يرحم حماوليت ابخلالص‪ ،‬وسيحرمين من احتضان‬ ‫أبنائي أو االحتفاظ ببيت الزوجية كي ال أشردهم‪ ،‬إذا أراد ديكتاتوري‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫كانت األسابيع األوىل من الثورة السورية‪ ،‬وقتاً للرهبة‪ ،‬للدهشة‬ ‫واالكتشاف‪ ،‬جرعة مفاجئة من القمع والعنف واخلوف‪ ،‬تلتها جرعات‬ ‫من الشجاعة واملواجهة‪ ،‬راقبت الشباب والشاابت الذين يواجهون‬ ‫أبناءهن‬ ‫يكفن‬ ‫ّ‬ ‫الرصاص بعزمية وحت ٍّد‪ ،‬أذهلين صمود األمهات بينما ّ‬ ‫الشهداء‪ ،‬برضى‪ ،‬قبل أن خيرج اآلخرون ليحتفوا ابجلثامني ويشيعوها‬ ‫ابألغاين والزغاريد‪.‬‬ ‫تلك األايم شحنتين ابجلرأة وأيقظت توقي إىل احلرية‪ ،‬احلرية أبي مثن‪،‬‬ ‫فمن يدفع فاتورهتا من دمه‪ ،‬وحده يستحقها!‬ ‫ومثلما كانت الثورة وحياً وإهلاماً ابلنسبة يل‪ ،‬وآلالف آخرين أعرف أهنم‬ ‫موجودون‪ ،‬حىت وإن مل ألتق هبم‪ ،‬كانت كابوساً للديكتاتورايت‪ ،‬وعلى‬ ‫رأسها ديكتاتورية زوجي‪.‬‬ ‫ومنذ بداية الثورة‪ ،‬أخذ يضيّق علينا أكثر فأكثر‪ ،‬ممنوع علينا احلديث يف‬ ‫السياسة‪ ،‬متابعة «القنوات املغرضة»‪ ،‬أن نص ّدق أ ّن يف البالد ثورة‪ ،‬ففي‬ ‫البالد «فورة» ميوهلا «املندسون وبندر»‪ ،‬و»احلاكم اإلله» ال يسقط‪،‬‬ ‫وال جيوز أن ميس‪ ،‬والويل ملن يُضبط أمام شاشة التلفاز متابعاً األخبار‬

‫• هالة درويش‬ ‫من «قنوات الفتنة»‪ ،‬كيف واخلرب اليقني أيتينا كل يوم يف وجبة من برامج‬ ‫فضح «الفربكة»؟‪ ،‬وهذا ما جيب أن نصدقه ابلقوة‪ ،‬إضافة إىل جلسات‬ ‫«التوجيه السياسي» املشيدة مبناقب القائد العظيم الرمز‪ ،‬اليت يتوجب علينا‬ ‫أن نستمع إليها صامتني خاشعني على املائدة‪ ،‬ويف اجللسات العائلية‪ ،‬ويف‬ ‫كل املناسبات‪.‬‬ ‫يف هذه الفرتة منا التوتر وتصاعدت ح ّدة الصدامات‪ ،‬ومل أعد أطيق اجلو‬ ‫اخلانق الكثيف الذي فرض علينا‪ ،‬فما كان مين إالّ أن جربت التنفس‬ ‫والتعبري عما يدور يف ذهين‪ ،‬وفجأة انتقل مشهد الشبيحة الشرسني خالل‬ ‫مواجهتهم مع املتظاهرين‪ ،‬من شاشة التلفاز إىل غرف بيتنا‪ ،‬وتعرضت‬ ‫للضرب بقسوة وعنف‪ ،‬مل أتعرض له قبل ذلك‪.‬‬ ‫زادين الضرب والتشبيح إصراراً‪ ،‬فرفعت صويت أخرياً‪ ،‬رافضة االستماع‬ ‫إىل مزيد من الكذب والتزوير‪ ،‬نعم‪ ،‬يف البالد ثورة‪ ،‬ثورة حرية وكرامة‬ ‫وحق ابلتعبري عن النفس‪ ،‬حق امتالك الصوت والرأي‪ ،‬حق اقتالع‬ ‫الديكتاتورايت‪ ،‬وإعادة بناء اجملتمع على أسس جديدة‪ ،‬ال مكان فيها‬ ‫للتسلط والفردية‪ ،‬يف البالد ثورة‪ ،‬ستقتلع قائدك املفدى‪ ،‬وستقتلع منظومة‬ ‫الظلم والقهر وكم األفواه‪ ،‬مل أعد أابيل مبا سأخسر‪ ،‬فغريي خسر أبناءه‬ ‫وأجز ًاء من جسده‪ ،‬وبيته وجىن عمر أبكمله‪ ،‬قررت أالّ أصمت بعد اليوم‪،‬‬ ‫أنضم إىل قائمة الشجعان‪.‬‬ ‫وأن ّ‬ ‫غادرت سجن الديكتاتور‪ ،‬حاملة رماد حياة وبقااي كرامة وشباابً آفالً‪ ،‬مل‬ ‫ألتفت منذ ذاك اليوم إىل الوراء‪ ،‬وكل مهي اليوم م ّد يد العون‪ ،‬للنازحني‬ ‫واملهجرين قسراً‪ ،‬من يبكون مثلي حياة ضاعت‪ ،‬وأبناء تشردوا‪.‬‬ ‫إجراءات الطالق والقوانني املفصلة إبتقان على أيدي الديكتاتورايت‪،‬‬ ‫جعلتين أدرك أيضاً أ ّن ثورة شعبنا ال ب ّد أن تكون مدعومة بثورة اجتماعية‪،‬‬ ‫تقلب األنظمة واملفاهيم والقوانني اليت تكرست يف سنوات حكم نظام‬ ‫األسد‪ ،‬فهذا النظام الذي يدعي كونه عصرايً‪ ،‬ال يزال يطبق قانون األحوال‬ ‫الشخصية املوضوع عام ‪ ،1958‬قبيل بداية حكم البعث‪ ،‬قانون ال يلزم‬ ‫الرجل بتأمني أبسط حقوق الزوجة واألبناء من مسكن وتعليم ونفقة‪ ،‬ويعرب‬ ‫بتعسفه والإنسانيته عن طبيعة هذا النظام‪.‬‬ ‫قيم ال تُنال ابلتمين‪ ،‬بل‬ ‫نعم‪ ،‬تعملت من الثورة السورية أ ّن احلق واحلرية ٌ‬ ‫ابلعمل والصرب والتضحية‪ ،‬يف داخلي اليوم طاقة تكفي لتفجري ثورات‪،‬‬ ‫يقويك»‪ ،‬أليس هذا حال‬ ‫و ّ‬ ‫أحب أن أكرر دوماً مقولة «أ ّن ما ال يكسرك ّ‬ ‫الشباب السوريني؟ أمل يصمدوا يف وجه أقسى الطغاة؟ وأراهم كل يوم أكثر‬ ‫إصراراً على الوصول إىل ما خرجوا من أجله‪ .‬تعلمت من الثورة أيضاً أالّ‬ ‫أقبل ابلصمت ووأد صويت جمدداً‪ ،‬صويت أمثن ما أملك‪ ،‬هو مفتاح حرييت‬ ‫يكم فمي أو يغيّبين‪ ،‬ولن أرضى قانوانً أو‬ ‫وكراميت‪ ،‬لن أمسح ألحد أن ّ‬ ‫دستوراً يتآمر مع الديكتاتورية لتغييب املرأة‪ ،‬فحرية اجملتمع تبدأ من حرية‬ ‫املرأة وتثمر عدالة ومساواة‪.‬‬ ‫العدد (‪ )3‬آذار ‪43 2014‬‬


‫المرأة كرمز للحرية‬

‫قراءة في مجموعة للشاعر فرج بيرقدار‬

‫‪ 44‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫• عبد الكرمي بدرخان‬


‫السيــداو‬ ‫ألمهيتها‪ ،‬تقوم جملة «سيدة سوراي» بنشر اتفاقية السيداو على أجزاء‪،‬‬ ‫بدءاً من العدد الثاين‪.‬‬ ‫املادة ‪ .1 :4‬ال يعترب اختاذ الدول األطراف تدابري خاصة مؤقتة تستهدف‬ ‫التعجيل ابملساواة الفعلية بني الرجل واملرأة متييزاً ابملعىن الذي أتخذ به‬ ‫هذه االتفاقية‪ ،‬ولكنه جيب أال يستتبع‪ ،‬على أي حنو‪ ،‬اإلبقاء على معايري‬ ‫غري متكافئة أو منفصلة‪ ،‬كما جيب وقف العمل هبذه التدابري مىت حتققت‬ ‫أهداف التكافؤ يف الفرص واملعاملة‪.‬‬ ‫‪ .2‬ال يعترب اختاذ الدول األطراف تدابري خاصة تستهدف محاية األمومة‪،‬‬ ‫مبا يف ذلك تلك التدابري الواردة يف هذه االتفاقية‪ ،‬إجراء متييزايً‪.‬‬ ‫املادة ‪ :5‬تتخذ الدول األطراف مجيع التدابري املناسبة لتحقيق ما يلي‪:‬‬ ‫(أ) تغيري األمناط االجتماعية والثقافية لسلوك الرجل واملرأة‪ ،‬هبدف حتقيق‬ ‫القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل املمارسات األخرى القائمة‬ ‫على االعتقاد بكون أي من اجلنسني أدىن أو أعلى من اآلخر‪ ،‬أو على‬ ‫أدوار منطية للرجل واملرأة‪.‬‬ ‫(ب) كفالة تضمني الرتبية العائلية فهماً سليماً لألمومة بوصفها وظيفة‬ ‫اجتماعية‪ ،‬االعرتاف بكون تنشئة األطفال وتربيتهم مسؤولية مشرتكة‬ ‫بني األبوين على أن يكون مفهوماً أن مصلحة األطفال هي االعتبار‬ ‫األساسي يف مجيع احلاالت‪.‬‬ ‫املادة ‪ :6‬تتخذ الدول األطراف مجيع التدابري املناسبة‪ ،‬مبا يف ذلك‬ ‫التشريعي منها‪،‬ملكافحة مجيع أشكال االجتار ابملرأة واستغالل بغاء‬ ‫املرأة‪.‬‬ ‫اجلزء الثاين‪ :‬املادة ‪ :7‬تتخذ الدول األطراف مجيع التدابري املناسبة‬ ‫للقضاء على التمييز ضد املرأة يف احلياة السياسية والعامة للبلد‪ ،‬وبوجه‬ ‫خاص تكفل للمرأة‪ ،‬على قدم املساواة مع الرجل‪ ،‬احلق يف‪:‬‬ ‫(أ) التصويت يف مجيع االنتخاابت واالستفتاءات العامة‪ ،‬واألهلية‬ ‫لالنتخاب جلميع اهليئات اليت ينتخب أعضاؤها ابالقرتاع العام‪.‬‬ ‫(ب) املشاركة يف صياغة سياسة احلكومة وىف تنفيذ هذه السياسة‪ ،‬ويف‬ ‫شغل الوظائف العامة‪ ،‬وأتدية مجيع املهام العامة على مجيع املستوايت‬ ‫احلكومية‪.‬‬ ‫(ج) املشاركة يف أية منظمات ومجعيات غري حكومية هتتم ابحلياة العامة‬ ‫والسياسية للبلد‪.‬‬ ‫املادة ‪ :8‬تتخذ الدول األطراف مجيع التدابري املناسبة لتكفل للمرأة‪،‬‬ ‫على قدم املساواة مع الرجل‪ ،‬ودون أي متييز‪ ،‬فرصة متثيل حكومتها على‬ ‫املستوى الدويل واالشرتاك يف أعمال املنظمات الدولية‪.‬‬ ‫املادة ‪ .1 :9‬متنح الدول األطراف املرأة حقوقاً مساوية حلقوق الرجل يف‬ ‫اكتساب جنسيتها أو تغيريها أو االحتفاظ هبا‪ .‬وتضمن بوجه خاص أال‬ ‫يرتتب على الزواج من أجنيب‪ ،‬أو على تغيري الزوج جلنسيته أثناء الزواج‪،‬‬ ‫أن تتغري تلقائياً جنسية الزوجة‪ ،‬أو أن تصبح بال جنسية‪ ،‬أو أن تفرض‬ ‫عليها جنسية الزوج‪.‬‬ ‫‪ .2‬متنح الدول األطراف املرأة حقا مساواي حلق الرجل فيما يتعلق جبنسية‬ ‫أطفاهلما‪.‬‬ ‫العدد (‪ )3‬آذار ‪45 2014‬‬


‫سافو والشعر الغنائي اإلغريقي‬

‫• د‪ .‬غسان مرتضى‬

‫كانت الفرتة ما بني القرنني احلادي عشر والتاسع قبل امليالد فرتة الفن الشعري القصصي‪ ،‬اليت أُب ِد َعت فيها احلكاايت واملالحم‬ ‫واألشكال الفنيّة لألساطري‪ ،‬أمَّا الفرتة ما بني القرنني الثامن واخلامس قبل امليالد‪ ،‬فقد ازدهر فيها الشعر الغنائي ِّ‬ ‫بكل ما يتفرع عنه من‬ ‫ألوان‪ ،‬وذلك بفضل ازدهار الدميوقراطيَّة السياسيَّة‪ ،‬اليت ترافقت مع منو احلياة العقليّة‪ ،‬ومتكنها يف جوانب خمتلفة يف اجملتمع اليوانين‪،‬‬ ‫ومنو الوعي ابلذات الفرديّة‪.‬‬

‫‪ 46‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬


‫العدد (‪ )3‬آذار ‪47 2014‬‬


‫المخاض‬ ‫ جسد الفكرة يسقط من رحم السماء‪!..‬‬‫جديد ‪ ..‬رجل كبري السن يشبه وجهي‪ ،‬لكنه‬ ‫أمَّا أتويل احتماالهتا‪ ،‬فيمكنك اللجوء إىل كل حمرتق متاماً ‪ ..‬وجه ِّ‬ ‫يذكرين بيباس عشب الذاكرة‪،‬‬ ‫حصة وبوجه املدينة املغروس ابإلقصاء‪.‬‬ ‫ألوان اخلراب‪ ..‬وما أكثرها‪ ،‬خاصة وأ ّن َّ‬ ‫املدينة من الغبار أمس‪ ،‬كانت كفيلة أن تلغي من ‪« -‬أما زلت تبحث عن أحجية الغبار؟» قال‬ ‫قاموسنا كل األلوان‪...‬‬ ‫يل ‪..‬‬ ‫لكن‪...‬‬ ‫تتوسع حدقتاي وتكاد عضالت اجلفن العلوية‬ ‫يؤرٍقين هذا تتمزق‪ ..‬أقرتب من النافذة أكثر‪ ،‬فكتب يل على‬ ‫ليس هذا األمر هو الوحيد الذي ّ‬ ‫الصباح‪ ..‬بل أكثر ما يؤملين أنين تركت ابب ذاكريت زجاجها‪« :‬متهمة هذه الشوارع ابغتيال الضوء»‪.‬‬ ‫خملوعاً‪ ،‬فكلما شردت قليالً‪ ..‬حيصل نزف مروع أحاول َّ‬ ‫شد الرؤية أكثر‪ ،‬فيغيب الكائن من أمامي‪،‬‬ ‫هلا على شكل كائنات متتابعة‪...‬‬ ‫أحاول إعادة قراءة ما كتب‪ ،‬فال أجد إال آاثراً‬ ‫هكذا‪ ،‬وبشرود‪ ،‬اعتدت عليه‪ ،‬أحاول تقليب لغبار قدمي على الزجاج ‪..‬‬ ‫مسم ًى يليق حبالة وأان أدخل دائرة األحوال املدنية‪ ..‬وكأنين أدخل‬ ‫احتماالت الفكرة وإعطاء َّ‬ ‫جنونية اثئرة‪...‬‬ ‫مكان عملي للمرة األوىل‪ ،‬يزحف شيء ما عند‬ ‫إىل أن تدخل زوجيت فضاء الغرفة‪ ،‬فيهرول الشرود عتبة الذاكرة‪ ..‬أحاول أن أتوقع وجه أي كائن‬ ‫مثل محامة كانت تغفو يف خربة‪ ،‬قاطعاً لوانً أخضر سيستلقي أمامي هذه املرة‪.‬‬ ‫يف مراحله األوىل من حلظة املخاض‪..‬‬ ‫لكن مرمساً أنيقاً ارتسم بدل بناء الدائرة‪ ،‬هذا املرسم‬ ‫ّ‬ ‫ الفطور جاهز‪ ..‬حاول أن تستعجل‪ ،‬قبل أن أعرفه جيداً‪ ،‬بقي يسكن غرفة منعزلة يف احللم بكل‬‫تتأخر كعادتك عن عملك‪..‬‬ ‫تفاصيله وألوانه‪..‬‬ ‫تغيب زوجيت بطريقتها الكالسيكية املعتادة‪ ،‬يغيب املشهد بلحظة‪ ،‬وأدخل مكتيب فيستقبلين‬ ‫لتنبثق أمامي امرأة تشبه (ملكة الفادو*) (إمايل سؤال تركه املدير على طاوليت‪..‬‬ ‫ارودركيز**) أيخذين حضورها الساحر ليضفي يلمع صوت يف داخلي‪:‬‬ ‫على املكان رائحة املراكب املستعدة للرحيل‪ - ،‬أمجل ما يف الشرود أالَّ حواجز يف طريقك إليه‪،‬‬ ‫وصوراً لنساء ينتظرن رجاالً أبغنيات حزينة‪...‬‬ ‫وال حىت أبواب‪ ،‬تدخله دون استئذان دومنا تفتيش‬ ‫تقرتب مين (إمايل ارودركيز) ‪ -‬أقصد تلك املرأة‪ -‬احرتازي من فكرتك ‪ ،‬عندها تشعر أنك تتكلم من‬ ‫حترَك ْت كان حلركتها صوت أمواج البحر الالوعي وتكتب يف منطقة خطرة للوعي ‪ ،‬منطقة‬ ‫وكلما َّ‬ ‫وموسيقى النوارس‪...‬‬ ‫غريبة التداول تدهشك للوهلة األوىل‪ ،‬وتزيدك قلقاً‬ ‫متد يدها‪ ...‬أحاول حتريك أصابعي‬ ‫كلما عربت يف فضائها الالمتناهي‪ ...‬هذا الفضاء‬ ‫مث ال تلبث أن تغيب رويداً‪ ..‬رويداً‪..‬‬ ‫غري القابل لالمتالء أبداً مهما حاولت بكل‬ ‫أأتمل أصابعي‪....‬‬ ‫حواسك وكل حدسك‪ ..‬أن متأله‪.‬‬ ‫يتالشى أي أثر هلا بريح موقف الباص‬ ‫ «ال بد أن خترج من إدمانك حلالة الوعي املسبقة‬‫_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ الصنع» ‪ ...‬قال الشرود‪.‬‬ ‫أحدق يف السماء وأحاول تلمس ولو ذرة هواء ‪« -‬احبث لك عن وطن يف رمحي»‬ ‫واحدة تعيد حضور تلك املرأة‪ ،‬لكين أغرق يف‬ ‫مهست اللغة‪.‬‬ ‫اللون األزرق اثنية‪ ،‬وحماوالت الغيوم العابرة انتهاك ‪« -‬املدينة بال نوافذ»‬ ‫صمته الساحر‪..‬‬ ‫متتم الضوء‪.‬‬ ‫ كل ما حتتاجه أنك عندما تنزع من األشياء‬‫ألواهنا ال تنتهك مجاهلا فقط‪ ،‬بل إنك تفقدها ‪« -‬هيه اي أستاذ»!‬ ‫كينونتها ‪- ..‬قلت يف نفسي ‪ ..-‬وأان أوِّدع اللون يرتسم فجأة وجه املدير املصقول ابالمتعاض‪:‬‬ ‫األزرق وأستقبل ألوان الباص‪ ،‬تلك األلوان بفوضاها ‪( -‬متأخر‪ ..‬وشارد كمان‪ ..‬اي أخي إحنا يف دائرة‬ ‫الباردة حيناً واحلارة أحياانً‪ ،‬تبعث يف نفسي انفعاالً للنفوس‪ ،‬كم مرة فهمتك أنو أي خطأ حيصل‬ ‫ما‪ ..‬دفعتين إىل االلتفات إىل النافذة‪ ،‬فينبثق كائن بشرودك هذا معناه روحت إنسان‪ ...‬وصلّح إذا‬ ‫*الفادو‪:‬غناء تراثي برتغايل‪ ،‬ال ختلو أي أغنية للفادو من البحر والشكوى له‪.‬‬ ‫** ملكة الفادو أو(إمايل ارودركيز) أشهر مغنية هلذا الرتاث‪.‬‬ ‫‪ 48‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫• أمين األمحد‬ ‫بتصلّح)‪.‬‬ ‫يغيب وجهه‪ ،‬ويبقى كالمه يتموج يف م ٍّد وجزر‬ ‫أمامي‪ .‬أقتنص حلظة هدوء هاربة‪ ،‬مث أضعها بني‬ ‫راحيتَّ‪ ،‬وأستدعي جسد الفكرة أأتملهما بشغف‬ ‫ُّ‬ ‫فينشق ضوء خصب يف صدري‪ ..‬وكأن كالمه‬ ‫وضع للفكرة أجنحة‪.‬‬ ‫أقلِّب األوراق أمامي أنتقي«بيان الوالدة» هذا‪...‬‬ ‫االسم‪ .... :‬الال لن أضع االسم!‬ ‫سأضع اتريخ الوالدة فقط‪ ،‬وأميز املولود الذكر بلون‬ ‫أخضر‪ ،‬واملولود األنثى بلون وردي‪..‬‬ ‫أضع الورقتني جبانب بعضهما أمامي‪ ...‬أأتملهما‪،‬‬ ‫فتكرب األنثى‪ ،‬وتنضج نوافذ جسدها‪ ،‬وينضج‬ ‫الذكر‪ ،‬وتظهر أغصانه أبوراق ندية‪ ..‬وعندما‬ ‫أطي األوراق‬ ‫تصهل العيون امللونة بقيامة اللحظة‪ ..‬رِّ‬ ‫يف فضاء الغرفة‪ ،‬وآخذ ورقة جديدة‪ ،‬أبتكر كائنات‬ ‫أخرى‪ ،‬فأستبدل األطراف بزعانف بنية‪ ،‬وأخرى‬ ‫أطيمها أيضاً فيحلِّقان يف مياه الفراغ كأمساك‬ ‫محراء‪ ،‬رِّ‬ ‫خرافية تشي ابلرغبة واخلصوبة واحللم‪ ،‬حىت ميتلئ‬ ‫فضاء الغرفة بكائنات أعرفها وكائنات ال أعرفها‪،‬‬ ‫لتتشكل لوحة فراغية‪ ،‬أأتملها «أحرف‪ ...‬أوراق‬ ‫بيضاء ‪ ...‬أقدام مراجعني‪ ..‬مهس موظف لنيل‬ ‫عطية ما‪ ..‬أجنحة أبلوان كثرية‪ ..‬زعانف ملونة ‪..‬‬ ‫أغصان خضراء تتمايل بفوضى تشبه شرودي» إىل‬ ‫أن تظهر تلك املرأة مرة أخرى وحيلق حول ضفائرها‬ ‫سرب من النوارس‪..‬‬ ‫تبدأ ابلغناء‪ ،‬مما جيعل كل الكائنات اليت ابتكرهتا‬ ‫تدور حوهلا كسرب من احلمام‪ ،‬مث تنشد نشيداً‬ ‫هادائً وعميقاً‪ ،‬فيخرج عن السرب كائن بلون‬ ‫أخضر مع أنثى بلون وردي لريقصا عند املدخنة‪.‬‬ ‫وكمخمور بسحر صوهتا أقرتب منها‪ ،‬وما أن أملس‬ ‫وجهها حىت تنفتح انفذة بيضاء يف صدرها تدخلها‬ ‫النوارس وكل الكائنات اليت كانت حتلق يف فضاء‬ ‫الغرفة‪ ...‬تغيب األلوان‪ ...‬يصمت كل شيء‬ ‫فجأة‪ ..‬يتشظى جسدها‪ ...‬ويتحول إىل أوراق‬ ‫تتساقط على أرض الغرفة‪ ،‬فأجدين فوق طاولة‬ ‫مكتيب وأوراق الطلبات واملعامالت منثورة من حويل‬ ‫بطريقة جمنونة‪ ،‬أنتقي ورقة بيضاء من بني الفوضى‪،‬‬ ‫أمسك ابلقلم وأكتب عنوان قصيت اجلديدة‪:‬‬ ‫«سيد اللون»‬ ‫(‪)......‬‬ ‫ربيع ‪2008‬‬


‫أسفار ‪..‬‬

‫• وفا مصطفى‬

‫يف رأسي حفل ٌة تنكريّة ال تنتهي‪..‬‬ ‫ُّ‬ ‫الصوتي ِة‬ ‫كل احلضوِر هنا يرتدي صوتَ َك والرنني‪ ،‬وأان يف زمح ِة حبالِ َك ّ‬ ‫أختنق‪.‬‬ ‫أان ال ألوُم َك أيب‪..‬‬ ‫ُّ‬ ‫كل اللوِم على املساحة‪.‬‬ ‫* * *‬ ‫سأترك شبّاكي مفتوحاً الليل َة‪..‬‬ ‫نصف إغماض ٍة‪ ،‬وأبكي‬ ‫ين َ‬ ‫ُ‬ ‫سأغمض عي ّ‬ ‫ابلشمس واأللوا ِن‬ ‫أحلم ّ‬ ‫قد ُ‬ ‫أموت قلي ً‬ ‫ال‬ ‫أو رمبا ُ‬ ‫ُ‬ ‫يكتمل املشه ُد هنا أيب‪..‬‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫درويش املساء‪.‬‬ ‫لصوت‬ ‫لست يف الغرف ِة اجملاورة‪ ،‬حتزُن‬ ‫ِ‬ ‫أنت َ‬ ‫َ‬ ‫لست ُ‬ ‫تتسلل إىل عتميت خبف ِة غيمة‪..‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫تسألُ‬ ‫وجدت اليوَم فيه؟»‬ ‫قف املرتف ِع‪« ،‬ماذا‬ ‫عن‬ ‫ين‬ ‫ّ‬ ‫شيء يف غياِ َ‬ ‫بك أجده‪..‬‬ ‫ال َ‬ ‫قف ليس يل»‪.‬‬ ‫الس َ‬ ‫فإن «هذا ّ‬ ‫* * *‬ ‫ادس بع َد الثمانني‪:‬‬ ‫الس ِ‬ ‫يف اليوِم ّ‬ ‫ماز َال ير ُ‬ ‫بكين ُ‬ ‫الضوِء والنواف ِذ املفتوحة‬ ‫ترف ّ‬ ‫الصور‪.‬‬ ‫البكاء‪ ،‬وال حزُن ُّ‬ ‫ال الربُد ينقذُين‪ ،‬وال ُ‬ ‫أَ ُ‬ ‫نتشارك العتم َة هذ ِه الليل َة أيضاً؟‬ ‫أَ ُ‬ ‫نتشارك األغني َة أيب؟‬ ‫ّ‬ ‫«بضل عمر الفىت‪ ..‬ندر للحريّة»‬ ‫* * *‬

‫ّ‬ ‫أفكر‪:‬‬ ‫قرب الزنزاانت؟‬ ‫هل يطل ُع‬ ‫العشب يف العتم ِة َ‬ ‫ُ‬ ‫تعرف َ‬ ‫هل ُ‬ ‫تلك اجلدرا ُن دهش َة املطر؟‬ ‫صوت اآلذا ِن َّ‬ ‫الصال َة ابتَ ْت بغريِ ميعاد؟‬ ‫أَ ُ‬ ‫خيرتق ُ‬ ‫كل حدي ِدهم‪ ،‬أم أ ّن ّ‬ ‫خبمس سنو ٍ‬ ‫ات ال تزيد‬ ‫اسم طفل ٍة ِ‬ ‫لو أ ّن يل َ‬ ‫لو أ ّن يل قلبَها‪..‬‬ ‫نت بكيتُ َك‬ ‫ْك ُ‬ ‫شوقاً حىت التعب‪.‬‬ ‫نسيت الصربَ والقوَة واحلياة‪..‬‬ ‫كنت ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫قت أ ّن أغنييت قد تصلُك اآل َن ابكية‪:‬‬ ‫ولرمبا ص ّد ُ‬ ‫«ع كرت ما طلع العشب بيناتنا‪ ..‬بريعى الغزال»‬ ‫* * *‬ ‫يف الليل ِة «الثامن ِة بعد املئتني»‪:‬‬ ‫مساء يف هذ ِه املدين ِة أيب‬ ‫ال َ‬ ‫باب ّ‬ ‫حيتل املساح َة هنا‬ ‫وح َد ُه ّ‬ ‫الض ُ‬ ‫زنزان ٌة ابردةٌ بغريِ جدران‪..‬‬ ‫يتكئ على العتم ِة‬ ‫أبكم‪ُ ،‬‬ ‫وحزٌن ُ‬ ‫علّه ينسى أملِ الشوارِع الغريبة‪.‬‬ ‫* * *‬ ‫ال يتوقف هذا العامل عن ال ّدوران يف رأسي !‬ ‫علي القهر‪.‬‬ ‫يضيق يب صدري‪ ،‬ويكرب ّ‬ ‫بداخلي طفل ٌة حزين ٌة‪ ،‬ختاف الوقت والنّوافذ الواسعة‬ ‫السقف املرتفع ‪..‬‬ ‫حترتف ‪ -‬مثلي‪ -‬أتمُّل ّ‬ ‫وتبكي طوي ً‬ ‫ال صوت ٍ‬ ‫تفهم غيابه‪.‬‬ ‫أب ال ُ‬ ‫السنوات اخلمس اي هللا‪ ،‬وعبثاً أحاول جعلها تنام الليلة‬ ‫تستنزفين ذات ّ‬ ‫أيضاً‪.‬‬

‫العدد (‪ )3‬آذار ‪49 2014‬‬


‫جردة حساب الزمة‬ ‫احملرض الرئيسي لنسق االفكار التايل يعود ملشاهديت فيلماً واثئقياً عن‬ ‫ابسل شحادة‪.‬‬ ‫مدة الفيلم نصف ساعة‪ ،‬نشاهد فيه رحلة ابسل التدرجيية ومقابالته‬ ‫وأعماله‪ ،‬متناوبة مع عرض مواز لتطورات املشهد السوري‪ ،‬يف مشهد‬ ‫يعرض لتنامي االحتجاجات يف البالد‪ ،‬ويؤرخ ملرحلة تقرتب من عصيان‬ ‫مدين لف محاه وتبعتها محص‪.‬‬ ‫هنا يف ساحة الساعة كانت الصورة معربة وذات داللة كافية ألن تكون‬ ‫أحد مفاتيح املشهد‪ .‬تظهر اللقطة مشهداً عريضاً للشارع السوري‬ ‫املنتشي أبغالله احملطمة‪ ،‬وهتافاته اليت غدت منظمة‪ ،‬ومجوعه املصفوفة‬ ‫يف استعراض ملعىن التضامن‪ .‬وعلى سارية شديدة االرتفاع يلوح أحد‬ ‫املتظاهرين حبركة تعبريية نشطة بعلم البالد‪ ،‬الذي أصبح يف تداول‬ ‫املعارضة فيما بعد علم النظام‪ .‬فاتين يف العرض السابق القول إنه‬ ‫وأان مستمتع بنوستاجليا احلراك السلمي الذي جهد الفيلم يف توثيقه‪،‬‬ ‫ابلتزامن مع كلمات ومقابالت ابسل‪ ،‬شكلت رؤية العلم وهو خيفق‬ ‫يف مساء محص كوخزة إبرة على عقدة عصبية انمية‪ ،‬وكان البد من فهم‬ ‫ذلك أو حماولة فهمه‪.‬‬ ‫يف استجداء أقرب للرشوة منه للسياسة برزت «مجعة آزادي» و«صاحل‬ ‫العلي» و«اجلمعة العظيمة»‪ ،‬كانت حمركات الثورة تبحث عن وقود‬ ‫ما‪ ،‬يصنع انطالقات أفضل‪ ،‬وعلى املنحى املقابل كانت الرغبة تذوي‪،‬‬ ‫والسياسة تتجلد‪ ،‬ليصري الصراخ (صمتكم يقتلنا)‪ ،‬مث (احلماية الدولية)‪،‬‬ ‫مث (دعوات التدخل)‪ ،‬وأخرياً الفتة (يسقط العامل) كتعبري عن فراغ‬ ‫املضامني كلها‪.‬‬ ‫من حماولة مجع الشتات الوطين‪ ،‬إىل استقطاب حاد‪ ،‬كان على الثورة‬ ‫أن تعلن عن هوية تكسر اللبس‪.‬‬ ‫هل كان علم الثورة وشعاراهتا يكفي إلعالن ذلك‪ ،‬وزحف العنف‬ ‫العسكري يطل خجوالً هادائ‪ ،‬مث صاخباً؟‬ ‫ستكون اإلجابة اليوم‪ ،‬رغم كل ما جرى‪ ،‬ختمينية متاماً‪ ،‬فثمة مسار‬ ‫مضت فيه األحداث واحلديث عن قوائم خيار متنوعة (وقد سقطنا‬ ‫يف أكثرها سوءاً) يغدو صعباً‪ .‬من يقدر على احلسم إن كان اخليار‬ ‫األسوأ؟‬ ‫ماذا صنع االستقطاب القائم على النفي؟؟‬ ‫كان البد يف البداية من إزالة أي عائق لالستقطاب‪ ،‬العقالنية ودعاة‬ ‫النظر بتعمق‪ ،‬واملبادرون‪ ،‬وأصحاب اخلطوة إىل منتصف اجلسر‪ ،‬مل‬ ‫حيدث إقصاء هذه العناصر على ضفة واحدة بل على ضفتني اثنتني‪،‬‬ ‫وتسيدت املوقف العام شعارات حرق البلد مقابل حرق الرئيس‪ ،‬احلقيقة‬ ‫املؤكدة اليوم هي دالالت احلريق ذاته‪ ،‬بغض النظر عن هوية من سيطلق‬ ‫نداء استغاثته أوالً‪.‬‬ ‫عرب هكذا منحى يصبح التدمري العام ضرورة‪ ،‬إنه حماولة للمقارنة بني‬ ‫سوء الوضع اترخيياً‪ ،‬وبني أن هناك ما هو أسوأ وأسوأ‪.‬‬ ‫‪ 50‬العدد (‪ )3‬آذار ‪2014‬‬

‫• عالء الدين زايت‬ ‫صعد العمل املدين خشبة املسرح السوري‪ ،‬احلبلى ابلرتاكمات والديكور‪،‬‬ ‫حماوالً البحث عن دور‪ .‬مث دارت رحى احلرب‪ ،‬لتلقي يف حضن العمل‬ ‫املدين مهمات اإلغاثة‪ ،‬وبني فوضى املسرح وفوضى احلرب وفوضى احلراك‬ ‫املدين‪ ،‬غادر كثريون دائرة الفعل‪ ،‬فتعزز خطاابن رئيسيان متوعدان‪ :‬األول‬ ‫يف جبهة نصريية (صرباً اي علوية)‪ ،‬والثاين يف (أان وايك فرقة رابعة وما‬ ‫تالمها)‪.‬‬ ‫ويف احلالتني مل يكن التوعد كافياً حلسم املوقف‪ ،‬كان توعداً من نوع رفع‬ ‫املعنوايت الستمرار آلة القتل املتبادل‪ ،‬مع أرجحية ملاكنة النظام الفاعلة‬ ‫اخلشنة‪ ،‬وماكنة املعارضة العاملة برد الفعل‪ .‬ومع وحشية األوىل كان الطرف‬ ‫الثاين يتجرد من هالة املشروع واالسرتاتيجيا‪ ،‬ليصبح صراع السلطات‬ ‫(صغرية ومتوسطة) اجلانب األبرز‪ ،‬وذلك كله خارج مفهوم الشأن السوري‬ ‫واملسألة السورية‪.‬‬ ‫هل يئس العسكر اليوم؟؟‬ ‫ليس بعد‬ ‫هم يرون أن مزيداً من الفعل الزم‪ ،‬ليعطي مزيداً من رد الفعل‪ ،‬وهكذا‪..‬‬ ‫يقصف النظام حلب بقسوة حمتل‪ ،‬فيتناقشون حول فتح جبهة الساحل‪.‬‬ ‫هكذا هي احلال على العموم‪ ،‬حني يفكر أشخاص وهم داخل العربة‬ ‫املصفحة‪.‬‬ ‫وإذن اي ابسل‬ ‫علم البالد املرفوع على سارية خفاقة وسط ساحة الساعة حبمص ذاب‬ ‫وغاب‪ ،‬وكان البد من طوطم واتبو يسمحان حلفارات ساق السلطة أن‬ ‫تنتج ُسلطات جديدة هبوايت جديدة‪ ،‬وليس دولة وال وطن‪.‬‬ ‫وعليه صديقي الغائب‪ ،‬مل تكن وخزة اإلبرة على العقدة العصبية تلك إال‬ ‫تعبرياً عن غمامة الرؤية اليت سكنتين طوال املدة السابقة‪ ،‬غمامة من نوع‬ ‫(أان وحدي ضفيت منهجي ثوريت رؤييت) وأيضاً‪ ،‬وبكل جالء‪ ،‬نفي اآلخر‬ ‫(كل آخر مادام ليس أان)‪ ،‬وهو املنهج األهم الذي حرص النظام على‬ ‫ترسيخه وحصد نتائج عالية من ذلك‪.‬‬ ‫ابسل حرضتين رؤيتك كي أنظر أبعد‪ ..‬عن شيء جتلياته وطن‪...‬‬


‫العدد (‪ )3‬آذار ‪51 2014‬‬


‫كلهن هنا ‪ ...‬هبة األنصاري‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.