Alsaieda magazine 4

Page 1

‫شـهرية مستقلـة تعنى بـاملرأة السـورية‬ ‫تصدر عن املركز السوري للصحافة والنشر‬ ‫نيسان ‪ / 2014‬العدد (‪)4‬‬

‫بسمة قضماني‬ ‫ضاقت مساحات التحرك أمام الشعب السوري‬ ‫سالم كواكبي‬ ‫المرأة في النزاعات المسلحة سياسيًا واقتصاديًا‬ ‫لقاء‪:‬‬ ‫الدكتورة تغريد الحجلي وزيرة الثقافة وشؤون‬‫األسرة في الحكومة المؤقتة‬ ‫ يـاسمين بنـشي بــعد ظلم النـظام تنــصفها‬‫محكمة شرعية وتبرئ ساحتها‬ ‫تحقيق‪:‬‬ ‫حـمص مـجددًا‪ ..‬كيف لهذه األرض الصـغيـرة أن‬ ‫تحملكم‬


‫العناوين‪:‬‬ ‫افتتاحية‬

‫‪36‬‬

‫محص جمدداً‪ ،‬كيف هلذه األرض الصغرية أن‬ ‫حتملكم‬ ‫بهزاد محو‬ ‫غازي عنتاب‪ ،‬حمطة سورية أخرى‬ ‫سلطان جليب‬

‫تطور دور املرأة يف القرن العشرين‬ ‫ج‪ :2/1‬يف السياسة وحق االقرتاع‬ ‫ترمجة‪ :‬د‪ .‬إنعام شرف‬

‫وزيرة الثقافة وشؤون األسرة يف حوار مع سيدة‬ ‫سوريا‬

‫قراءة سورية لكتاب «اللغز األنثوي»‬ ‫ضحى العاشور‬

‫معركة األنفال‪ ..‬صامدون هنا‬ ‫نور مارتيين‬

‫السوريون ‪ ....‬من الطفولة إىل الرجولة‬ ‫زياد إبراهيم‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫واقتصاديا‬ ‫سياسيا‬ ‫املرأة يف النزاعات املسلحة‬ ‫سالم كواكيب‬

‫آذار واألسئلة (الكرد ّية) املزمنة‬ ‫بريوز بريك‬

‫‪18‬‬

‫رئيس التحرير‪:‬‬ ‫حممد اّ‬ ‫ملك‬

‫السيداو‬ ‫بورتريهات السجن‬ ‫مسر يزبك‬

‫مدير التحرير‪:‬‬ ‫يامسني مرعي‬

‫عندما كان االعتقال ً‬ ‫ترفا‬ ‫تهامة معروف‬

‫مدير عالقات عامة وترمجة‪:‬‬ ‫د‪ .‬إنعام شرف‬

‫نوال السعداوي‬ ‫بعد ظلم النظام يامسني بنشي تنصفها حمكمة‬ ‫شرعية وتربئ ساحتها‬ ‫حاورتها سيدة سوريا‬ ‫نساء سوريا‪ ..‬ال جنسية ألبنائكن‬ ‫دميا موسى‬

‫تسالي‬ ‫صالون «صبا بردى السياسي الثقايف» القاهرة‬ ‫جناح سفر‬ ‫ً‬ ‫موظفا وحرمانهم من وظائفهم‬ ‫فصل ثالثة وثالثني‬ ‫ومستحقاتهم التقاعدية يف السويداء‬

‫أثر السياسة يف قوانني األحوال الشخصية‬ ‫سحر حوجية‬

‫‪ 3‬أيار اليوم العاملي حلرية الصحافة‬

‫صفحة طبية‬ ‫هادية اخلطيب‬

‫سطور‪..‬‬ ‫مها بكر‬

‫اضطراب مابعد الصدمة‬ ‫رشا غيبور‬

‫سكرتري حترير‪:‬‬ ‫مراد عيد‬

‫‪10‬‬

‫اجملتمع العربي مثن مستحق للحرية‬ ‫أم استعمار جديد؟؟‬ ‫مسر علوش‬ ‫الالجئات السوريات «شقاء بسبب األمراض‬ ‫النسائية والتوتر‬ ‫ترمجة‪ :‬مراد عيد‬ ‫‪2‬‬

‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬

‫الفيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/‬‬ ‫‪saiedetsouria‬‬ ‫املكتب الرئيسي‪:‬‬ ‫تركيا ‪ -‬غازي عينتاب‬ ‫ت‪00905533679528 :‬‬ ‫‪00905435322971‬‬ ‫‪00905347362458‬‬

‫احملرقة السورية‬ ‫ابتسام تريسي‬ ‫وحيداً رحلت‬ ‫د‪ .‬منذر عياشي‬

‫ضاقت مساحات التحرك أمام الشعب السوري‬ ‫بسمة قضماني‬

‫اإلمييل‪:‬‬

‫اليوم والبارحة وغداً‬ ‫عالء الدين زيات‬ ‫الصفحة األخرية‪ :‬عمل للفنانة رزان صباغ‬

‫‪19‬‬

‫السعر خارج سوريا‪ )5( :‬يورو‬ ‫توزع ً‬ ‫جمانا داخل األراضي السورية‬


‫افتتاحية‬

‫قبل عدة أايم نشر الدكتور انصر النقري‪ ،‬وهو أحد أبناء مدينة محص‪ ،‬عارف أبهلها وبتارخيها القريب كما يتبدى من البوست املطول الذي نشره‪،‬‬ ‫ونبدأ بشيء منه‪ :‬حيث يتساءل «هل هي مدينتكم؟ هل محص لكم؟ أنسيتم فضل محص وأهلها عليكم؟ مىت كان األسد لكم ومنكم؟ منذ مىت‬ ‫احرتمكم؟ منذ مىت أص ً‬ ‫وقطاع طرق‪.‬‬ ‫ال عاملكم الساحل على أنكم علويون أو حىت بشر؟ اآلن أوالدكم ابتوا قتلة حمرتفني ولصوصاً َ‬ ‫هل تعلمون ما جيري يف محص اآلن؟ هل تعلمون أين أهل محص اآلن؟ مث يتابع ليقول «لن يغفر التاريخ لكم‪ ،‬لن تغفر محص وأهلها غدركم‪،‬‬ ‫ستدفعون من أرواحكم وأمالككم ال حمالة ال حمالة‪.‬‬ ‫أعلم ليس كلكم حيارب‪ ،‬وال كلكم مؤيد‪ ،‬وأعلم أنكم فقراء‪ ،‬وأصال لوال محص وأهلها ملا استطعتم حىت البقاء يف محص‪.‬‬ ‫أال فاعلموا أن أية جناسة تلغي الطهارة!‬ ‫سخيف اتفه يتمثل يف كلمة مل‬ ‫أال فاعلموا أنكم ستتحملون وزر جرائم رمبا استنكرمتوها‪ ،‬وأهوال شعب محص أبكمله‪ ،‬ولن يكون مقبوالً تعبري‬ ‫ٌ‬ ‫أشارك‪ ،‬كلكم مشرتكون اآلن يف جرمية مل ير التاريخ نظرياً هلا‪ ،‬كلكم بدون استثناء‪ ،‬الصامت كاملشارك يف اجلرمية بعد اآلن‪ ،‬يف اإلابدة اجلماعية‬ ‫ال مكان للحياد األخالقي‪.‬‬ ‫«اخرجوا وانتفضوا واصرخوا‪ ،‬تباً للقتلة واجملرمني‪ ،‬لألسد واللصوص وللحاملني!»‬ ‫يلفتنا يف اخلطاب القاسي للدكتور النقري نقاط تستند إىل املنطق واالستدالل‪ ،‬ومعرفة الرجل ألانس عاش بينهم وخربهم‪ ،‬ومعرفته لبنية اجملتمع‬ ‫السوري ومتناقضاته حني يرى أن التاريخ لن يغفر وأن أهل محص لن يغفروا وأن القتلة «عبيد آل األسد» كما يصفهم‪ ،‬سيدفعون من أرواحهم‬ ‫حترض هؤالء على استعداء‬ ‫وأمالكهم ال حمالة مثن ما فعلوا‪ ،‬ونسأل هنا ما هو مقدار الرعونة واالرجتال واجلهل‪ ،‬ورمبا البساطة حد السذاجة‪ ،‬اليت ّ‬ ‫قرى ومدانً‪ ،‬واألوسع بلداانً ودوالً‪ ،‬واضعني أنفسهم حتت محأة سكني احلساب واالنتقام‪.‬‬ ‫جرياهنم وحميطهم الضيق ً‬ ‫يف التاسع من هذا الشهر نيس ان ‪ ،2014‬يف حي كرم اللوز الواقع حتت سيطرة النظام‪ ،‬الذي تسكنه غالبية علوية‪ ،‬انفجرت سياراتن‬ ‫مفخختان قتلتا وجرحتا العشرات‪ ،‬مث بعد عشرة أايم يف التاسع عشر منه‪ ،‬انفجرت سيارة مفخخة يف حي جب اجلنديل اليت تسيطر عليه قوات‬ ‫النظام أسفرت عن مقتل مخسني شخصاً من عناصره وجرحت عشر ٍ‬ ‫ات آخرين‪ ،‬مث قتل حوايل مخس وأربعني شخصاً وأصيب مئة جبروح‪ ،‬ابنفجار‬ ‫سيارة مفخخة تاله قصف بصواريخ حملية الصنع‪ ،‬يف حي الزهراء ذي الغالبية العلوية الواقع حتت سيطرة النظام‪ .‬ما هي احلجج والرباهني اليت‬ ‫ساقها غاسلوا االدمغة‪ ،‬حىت أقنعوا من َه َّجروا أهل محص‪ ،‬أهنم سينجون بفعلتهم‪ ،‬أهنم سيعيشون برغد وسالم مستحوذين على بيوت وأموال‬ ‫إخوة األمس‪.‬‬ ‫لصوص وقطاع طرق‪ ،‬وقد رأيناهم دخلوا مع قوات األمن‪ ،‬وعناصر جيش نظام آل‬ ‫كيف مت حشد وحتويل شبان الطائفة‪ ،‬إىل قتل ٍة حمرتفني و ٍ‬ ‫األسد‪ ،‬فنهبوا البيوت واحملال التجارية والشركات واألسواق‪ ،‬حىت مل تسلم منهم دوائر ومؤسسات القطاع العام‪ ،‬ورأيناهم كيف نصبوا احلواجز‬ ‫للقتل واالغتصاب واالنتقام من مواطنيهم جريان األمس‪.‬‬ ‫مث يشري النقري يف رسالته إىل الفقراء منهم‪ ،‬من مل حياربوا وال أيّدوا النظام وقتلته‪ ،‬فيدعوهم للخروج واالنتفاض والصراخ‪ ،‬أبن تباً للقتلة واجملرمني‪،‬‬ ‫لألسد ولصوصه‪.‬‬ ‫شاهدانهم ونعرفهم‪ ،‬ومن عاش يف سوراي ابلتأكيد شاهدهم‪ ،‬أولئك البسطاء مغسلوا الدماغ‪ ،‬الذين أُفرغوا من كل شيء إال ما كرر أمامهم وما‬ ‫ِ‬ ‫أحيطوا به (شعارات للصباح واملساء واملشي والركض واألكل والنوم‪ ،‬وعديد اللاّ ِ‬ ‫الصور‪ ،‬وكلها‬ ‫فتات و‬ ‫املخطوطات اليت متأل اجلدرا َن والساحات و ُ‬ ‫يعرب عن صيغة واحدة ومنطق واحد‪ ،‬يف عبارات ال تتعدى بض َع مجل‪ ،‬نعرفهم ونعرف آاثرهم كلما وقفوا أو طال انتظارهم حتت أحد اجلسور‪،‬‬ ‫قلم أو آداةٌ حادةٌ‪ّ ،‬‬ ‫خط أو حفر هبا (قائدان إىل األبد حافظ األسد‪،‬‬ ‫أو على زاوية طريق‪ ،‬أو ركبوا ابصاً‪ ،‬وتسنت ألحدهم فرشاة دهان‪ ،‬أو ٌ‬ ‫ابلروح ابلدم نفديك اي حافظ‪ ،‬مث اي بشار‪ ،‬واآلن يكتبون (األسد أو حنرق البلد) غري مفكرين أن يف البلد بيوهتم أمهاهتم آابءهم إخوهتم زوجاهتم‬ ‫وأبناءهم‪.‬‬ ‫ص احليا َة‪ ،‬وكأهنم يعيشون‬ ‫ويف اجلهة املقابلة‪ ،‬أنتج العنف‬ ‫بسطاء استغرقهم غسل الدماغ ابلتطرف‪ ،‬والتشدد‪ ،‬فلم يعودوا يسمعون من نغم ٍة ختّ ُ‬ ‫َ‬ ‫يف اآلخرة حسب زعمهم‪ ،‬أولئك الذين عادوا إىل شكل حيا ٍة مندث ٍر منذ مئات السنني‪ ،‬مستورد من املاضي‪ ،‬حياة ال حتتاج ذرًة من تفكري‪ ،‬بل‬ ‫تكرر بضع مجل موجهة لآلخرين‪ ،‬كسيف مسلط على األعناق‪ ،‬فهم كلما أطلقوا النار‪ ،‬عليهم أن يكرروا أبشكال عديد ٍة خاطئ ٍة مجلة تدل على‬ ‫أن (هللا سبحانه وتعاىل) يؤيدهم يف رميهم‪ ،‬وإن تكلموا حاولوا الكالم ابلعربية الفصحى‪ ،‬على أهنا رابط بينهم وبني الدين الصحيح‪ ،‬وإن بطريقة‬ ‫مضحكة‪ .‬أطلقوا اللحى‪ ،‬خاطبوا بعضهم بكلمة الشيخ‪ ،‬وما كانوا شيوخاً قبل ساعات رمبا‪.‬‬ ‫الناس إىل ٍ‬ ‫حج ُجه‪ ،‬جهلة نظام آل األسد على حواجز‬ ‫آالت للقتل ولكل ُ‬ ‫وحول خطاب التشدد الديين واملذهيب َ‬ ‫فرغت الرؤوس يف كلتا احلالتني‪ّ ،‬‬ ‫القتل والسرقة وهتك األعراض‪ ،‬ال بد أن يسألوك (هل حتب سيادة الرئيس‪ ،‬أو قل ال إله إال بشار) ال يسلم من ذلك عاقل وال جمنون كما ترينا‬ ‫شفهي‪ ،‬عن عدد ركعات صالة‬ ‫مقاطع الفيديو اليت متأل الفضاء االفرتاضي‪ .‬فيما تحُ شد حلواجز اجلهلة مدعي التدين‪ ،‬أسئلة على شكل امتحان‬ ‫ٍ‬ ‫الصبح والظهر‪ ،‬وقراءة الفاحتة حمفوظة عن ظهر قلب‪.‬‬ ‫وي ٌل لك أيها السوري إن فشلت يف أحد االمتحانني‪ ،‬فإنك هالك‪ ،‬مقتول على يد مغسول دماغ يعرف فقط ما سألك عنه‪ ،‬وال شيء آخر‪.‬‬ ‫ُرَِر أبهله‪ ،‬أببنائه‪،‬‬ ‫يبقى أن نقول حتتاج سوراي الوطن إىل تضافر أصوات العقل‪ ،‬أصوات التوازن‪ ،‬أصوااتً تتجرأ على غاسلي األدمغة‪ ،‬جتم ُع كل من غ ّ‬ ‫كي خيرَج وينتفض ويصرخ َّ‬ ‫املنومني‪.‬‬ ‫عل صراخه يوقظ ّ‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪3 2014‬‬


‫األرض الصغيرة‬ ‫مجددًا‪ ،‬كيف لهذه‬ ‫حمص‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫أن تحملكم؟‬

‫• بهزاد محو‬

‫ُ‬ ‫يحمل قلبًا صغيرًا ويركض‪ ،‬فـتوقع رصاصة غـادرة أخوه من خلفه‪..‬‬ ‫‪-‬‬

‫لكنه‪ ،‬يبكي ويركض‪.‬‬ ‫ النازحون الحماصنة في األحياء الحمصية ذات الغالبية العلوية‪ ،‬غير‬‫مرغوب بهم‪ ،‬والسنة الحلبيين‪ ،‬مصدر رزق فقط !‬ ‫تكبت قوات اتبعة للنظام‪ ،‬مدعومة بعناصر‬ ‫آواخر العام الفائت‪ ،‬ار ْ‬ ‫من «لواء ذو الفقار» العراقي‪ ،‬جمزرة حبق مخسون انزحاً محصياً‪ .‬بعد‬ ‫اقتحامهم لـ «الفيال» اليت كان يتواجد فيها النازحون‪ ،‬يف بلدة النبك‬ ‫بريف دمشق‪ .‬مث قامت هذه العناصر حبرق جثث الشهداء‪ ،‬بعد أن‬ ‫َّ‬ ‫نكلوا هبا ابلسكاكني‪.‬‬ ‫مما دف َع «املركز اإلعالمي يف القلمون» أن يسمي هذه املنطقة اليت‬ ‫وقعت فيها اجملزرة‪ ،‬بـ «أرض اجملازر»‪ .‬بسبب االنتهاكات الكبرية اليت‬ ‫وقعت فيها‪ ،‬أبدي املليشيات العراقية والسورية‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫هدوء من بني خيارات‬ ‫قدر احلمصي األوحد‪ ..‬هو اخليار األكثر ً‬ ‫املوت ُ‬ ‫صاخبة أخرى‪ .‬ترتاوح بني اجلوع واحلصار والرتحيل‪ ..‬جهات الوطن‪،‬‬ ‫وأصقاع األرض خشبة ردئية ملسرِح اغتياله أينما َّ‬ ‫حل‪.‬‬ ‫انزحون «هتريب»!‬ ‫يتحدث «أبو حممد اجلنديل» وهو أحد النازحني من محص يف مدينة‬ ‫القامشلي‪/‬مشال شرق سوراي‪« :‬أعتق ُد أبين من األانس احملظوظني‪،‬‬ ‫ابلنسبة ألقراين النازحني يف أماكن أخرى‪ .‬أان أسكن منزالً ومل يطاردين‬

‫‪4‬‬

‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬

‫املوت‪ ,‬أو أفراد عائليت بشكل مباشر»‪ .‬لكنه ُ‬ ‫يردف قائالً‪« :‬على الرغم من‬ ‫االحرتام الذي يبديه األهايل هنا‪ ،‬إال أننا نتعرض لكثري من املضايقات على‬ ‫املستوى الرمسي»‪ .‬وكانت األساييش التابعة حلزب االحتاد الدميقراطي ‪pyd‬‬ ‫والذي يسيطر على الكثري من أحياء مدينة القامشلي‪ ،‬ابإلضافة إىل مدن‬ ‫أصدرت قرارات خبصوص النازحني‬ ‫وبلدات مشال شرق سوراي‪ .‬كانت قد‬ ‫ْ‬ ‫تضمن القرار‪ :‬منع النازحني من اخلصول على‬ ‫يف هذه املناطق‪ .‬حيث َّ‬ ‫مسكن دون وجود كفيل من ابناء املدينة اليت ينوي السكن فيها‪ .‬اإلجراء‬ ‫الذي يراه أبو حممد اجلنديل «تقطيعاً ألواصر البلد»‪ .‬مث يردف متساءالً‪:‬‬ ‫«على هذه القوات أن تعلم أننا لسنا سواحاً هنا وال زائرين‪ ،‬هناك ظروف‬ ‫صعبة أجربتنا على قطع هذه املسافات هرابً من املوت واملضايقات»‪.‬‬ ‫ويضيف‪« :‬شخصيَّاً‪ ،‬مل أستطع احلصول على كفالة من أحد‪ ،‬وأعيش‬ ‫حالياً فيما يشبه النزوح غري الشرعي‪ .‬اي لسرخية القدر!!»‪.‬‬ ‫النزوح من محص ‪ ..‬إىل محص!‬ ‫أكثر من ‪ 1500‬عائلة محصية من األحياء القدمية واحملاصرة‪ ،‬اختارت‬ ‫محص نفسها وجه ًة لرحلتها فسكنت هذه العائالت بلدات الريف‬


‫الشمايل احملررة منها (نري معلة‪ ،‬الغنطو‪ ،‬هبوب‬ ‫الريح‪ ،‬املركمية الغاصبية‪ ،‬دير فول‪ ،‬الرسنت)‬ ‫وغريها من مناطق الريف الشمايل للمحافظة‪.‬‬ ‫وحبسب هذه االحصائيات التقديرية اليت أفادتنا‬ ‫هبا نقطة اتبعة للهالل األمحر يف تري معلة‪ ،‬فإن‬ ‫ما يقارب الـ ‪ 600‬عائلة نزحوا من دير بعلبة‬ ‫وحدها‪ .‬وأكثر من ‪ 200‬عائلة نزوحوا من حي‬ ‫اباب عمرو بعد اقتحامه من قبل قوات النظام‬ ‫أوائل عام ‪ 2012‬بعد حصار احلي ومعركة‬ ‫دامية مع الثوار دامت ما يقارب الشهر‪.‬‬

‫أكثر من ‪ 1500‬عائلة محصية من‬ ‫األحياء القدمية واحملاصرة‪ ،‬اختارت‬ ‫محص نفسها وجه ًة لرحلتها فسكنت‬ ‫هذه العائالت بلدات الريف الشمايل‬ ‫احملررة منها (نري معلة‪ ،‬الغنطو‪ ،‬هبوب‬ ‫الريح‪ ،‬املركمية الغاصبية‪ ،‬دير فول‪،‬‬ ‫الرسنت) وغريها من مناطق الريف‬ ‫الشمايل للمحافظة‪.‬‬ ‫«تعيش هذه العائالت حالة صحية وخدمية‬ ‫مزرية‪ ،‬بسبب حصار قوات النظام وقطعه للمياه‬ ‫عن املنطقة»‪ .‬حبسب أبو عبد احلمصي من‬ ‫«املكتب اإلعالمي حلي دير بعلبة»‪ .‬ويضيف‬ ‫أبو عبدو نق ً‬ ‫ال عن املكتب الطيب للحي‪« :‬املياة‬ ‫هنا غري صاحلة للشرب‪ ،‬تتزايد يومياً حاالت‬ ‫االصابة أبمراض وجراثيم خطرية‪ ،‬بني النازحني‬ ‫وحىت السكان األصليني هلذه املناطق اليت‬ ‫قطع عنها النظام مياه الشرب‪ ،‬فاضطروا إىل‬ ‫استخدام اآلابر السطحية الكلسية»‪.‬‬ ‫ويتحدث الناشط أبو عبدو‪ ،‬الذي يسكن‬ ‫تري معلة‪ ،‬بعد سقوط حيه دير بعلبة‬ ‫بيد قوات النظام‪ ،‬عن طريقة إدخال‬ ‫املواد اإلغاثية واخلبز إىل الريف الشمايل‬ ‫قائالً‪« :‬هناك أشخاص َّ‬ ‫حمددون ابالسم‪،‬‬ ‫مبكاهنم جلب املواد والعبور من حواجز‬ ‫النظام‪ ،‬وذلك مقابل مبالغ ضخمة‬ ‫يدفوهنا لتلك احلواجز كأاتوات انهيك‬ ‫عن مصادة كميات كبرية من املواد لصاحل‬ ‫ذات العناصر والضباط»‪« .‬لقد أخذوان‬

‫رهينة حلصارهم‪ ،‬مقابل صفقات جتارية تفاوض‬ ‫على جوعنا»‪.‬‬ ‫بعض ممن اختار األحياء «املوالية»‪ ،‬أو اخلاضعة‬ ‫ٌ‬ ‫يتعرض من قبل‬ ‫لسيطرة النظام‪ ،‬وجه ًة لنزوحه‪َّ ،‬‬ ‫السكان هناك لتميي ٍز على خلفية انتمائهم‬ ‫الطائفي واملناطقي أيضاً‪ .‬فالنازحون السنة‬ ‫من حلب مثالً‪ ،‬ال يتعرضون لذات االجرءات‬ ‫اليت يتعرض هلا السين احلمصي‪ .‬ويُرجع «أبو‬ ‫خلدون» أحد النازحني يف حي الزاهرة «املوايل»‬ ‫السبب إىل‪« :‬خشية هؤالء من تغيري دميوغرايف‬ ‫يف بنية هذه األحياء أوالً‪ ،‬واعتبار السنة يف‬ ‫األحياء الثائرة مصدراً ملا وصلت إليه البالد من‬ ‫مآسي اثنياً‪ ،‬انهيك عن نظرهتم إىل النازحني‬ ‫احللبني مصدراً للرزق واالبتزاز االقتصادي»‪.‬‬ ‫رهائن االنتصارات!‬ ‫كانت طرطوس‪« ،‬اهلادئة» إحدى خيارات‬ ‫احلماصنة اهلاربني من املوت‪ .‬يقول «سعيد‬ ‫احلصين»‪ ،‬وهو أحد النشطاء اإلعالميني يف‬ ‫محص‪« :‬عندما صعَّد النظام السوري قصفه على‬

‫قلعة احلصن‪ ،‬خالل شهر آذار ‪ 2012‬بدأت‬ ‫موجة نزوح كبرية ابجتاه مدينة طرطوس‪ ،‬اليت‬ ‫كان أيمل النازحون من محص‪ ،‬أن جيدوا فيها‬ ‫القليل من األمان الذي افتقدوُه يف دايرهم»‪ .‬مث‬ ‫ُ‬ ‫يستدرك سعيد حديثه قائالً‪« :‬لكن امليليشيات‬ ‫الطائفية داخل مدينة طرطوس‪ ،‬كانت تعتقل‬ ‫هؤالء النازحني على وقع االنتصارات اليت كان‬ ‫حيققها الثوار يف أحياء محص حينها»‪.‬‬ ‫مل تكن التهمة واضحة‪ ،‬سوى «أهنم رهائن‬ ‫هلزائم جيش األسد‪ ،‬وانتصارات الثوار»‪ .‬بتعبري‬ ‫الناشط سعيد احلصين‪.‬‬ ‫مسرية النزوح‪ ،‬بني لعبة املوت واحلياة‬ ‫اختار الكثري من ابناء قلعة احلصن‪ ،‬لبنان وجه ًة‬ ‫لشتاهتم‪ ،‬على آخذين يف االعتبار التداخالت‬ ‫الثقافية واجلغرافية بني هذه املناطق احلدودية‪.‬‬ ‫وكانت «قوافلٌ» من أبناء قلعة احلصن‪ ،‬يف‬ ‫العام ‪ 2014‬قد بدأت حبملة نزوح مجاعية‬ ‫صرح لنا أحد‬ ‫ابجتاه األراضي اللبنانية‪ ،‬كما َّ‬ ‫العسكريني من أبناء املنطقة (طلب عدم‬ ‫الكشف عن امسه) حيث كان مرافقاً‬ ‫هلذه «امللحمة البطولية» كما يصفها‪.‬‬ ‫ويسرُد املقاتل تفاصيل الرحلة قائالً‪:‬‬ ‫عجزت اهليئات الدولية واحمللية‬ ‫«بعد أن‬ ‫ْ‬ ‫يف إقناع النظام ِّ‬ ‫بفك احلصار عن املدينة‪،‬‬ ‫الثوار كسر احلصار‬ ‫قرر األهايل‪ ،‬ومعهم َّ‬ ‫َّ‬ ‫والفرار ابجتاه األراضي اللبنانية‪ .‬فاجتمعوا‬ ‫مجيعاً يف ساحة املدينة‪ ،‬وبدأوا ابملسري»‪.‬‬ ‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪5 2014‬‬


‫كانت املسافة اليت على هذه‬ ‫القلوب النازحة أن تقطعها تبلغ‬ ‫‪ 14‬كم من األراضي الوعرة حىت‬ ‫بلوغ احلدود اللبنانية‪ .‬وتنتشر على‬ ‫هذه املسافة حواجز للشبيحة على‬ ‫قرى ذات غالبية علوية‬ ‫مداخل ً‬ ‫وأخرى مسيحية‪.‬‬ ‫ويف تفاصيل «يوم احلشر» بتعبري‬ ‫املقاتل املرافق هلذه الرحلة‪ُ ،‬‬ ‫يردف‬ ‫قائالً‪« :‬مسافات طويلة قطعناها‬ ‫زحفاً‪ ،‬وركضاً‪ ..‬وعلى اعتبار أن‬ ‫املـتأخر عن الركب سيكون هدفاً‬ ‫لرصاص قوات النظام‪ ،‬كان علينا‬ ‫أن نسرع وحنمل املتأخرين على أكتافنا»‪.‬‬ ‫الكثري من الشهداء سقطوا خالل هذه الرحلة‪،‬‬ ‫وأبت قلوهبم الصغرية إال أن تنبض آخر نبضاهتا‬ ‫على تراب سوراي‪ .‬اإلعالمي خالد احلصين‪،‬‬ ‫كان يراقب أخوه يفارق احلياة بينما يواصل‬ ‫خالد الركض ابكياً‪« :‬مل أستطع أن أفعل له‬ ‫شيئاً‪ ،‬فإما أن أعود وأمتدد جبانبه شهيداً أيضاً‪،‬‬ ‫أو أاتبع الركض إلخراج املزيد من النازحني من‬ ‫سعري اجلحيم األسدي»‪.‬‬ ‫ويروي أحد الشهود حادثة مقتل أحد أبناء‬ ‫أم خالد برصاص قناص اتبع مليليشيا‪ ،‬يُعتقد‬ ‫أنه من حزب هللا اللبناين‪« :‬فجأة سقط االبن‬ ‫فرتددت األم فيما عساها تفعل‪،‬‬ ‫على األرض‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫إال أهنا قررت إكمال فرارها ابلرغم من نداءات‬ ‫االبن اجلريح‪ ،‬أمي أمي وسط وابل من الرصاص‬ ‫الذي كان يالحق اجلمع»‪.‬‬ ‫محل النساء‬ ‫كان الشبان يتناوبون على ِ‬ ‫والعجائز‪ ،‬فيذكر الشاهد حادثة يصفها‬ ‫بـ«الطريفة» أثناء هذه الرحلة‪« :‬محلنا‬ ‫أحد العجائز مسافة طويلة‪ ،‬إىل أن‬ ‫أدخلوُه األراضي اللبنانية‪ ،‬إال أن رصاصة‬ ‫اخرتقت ظهره من اخللف‪ ،‬فسقط شهيداً‬ ‫داخل لبنان»‪ .‬ويضيف مبتسماً‪« :‬لو‬ ‫أهنم اغتالوُه يف بدء املسري لكنا محلنا‬ ‫أحد الضحااي بدالً عنه»‪ .‬هكذا تكون‬ ‫‪6‬‬

‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬

‫خيارات الفارين من املوت‪ ،‬بني اجلثة ومشاريع‬ ‫اجلثث‪ .‬وتستدل هذه احلادثة بشكل واضح‬ ‫على استخفاف جيش النظام ابحلدود اللبنانية‬ ‫أو سيادة الدولة‪ ،‬وتعين ابملقابل انبطاح اجليش‬ ‫اللبناين أمام عربدة ميليشا حزب هللا‪ ،‬وقوات‬ ‫األسد واستباحتهما لتلك املناطق‪.‬‬

‫اإلعالمي خالد احلصين‪ ،‬كان يراقب‬ ‫أخوه يفارق احلياة بينما يواصل خالد‬ ‫الركض ابكياً‪« :‬مل أستطع أن أفعل‬ ‫له شيئاً‪ ،‬فإما أن أعود وأمتدد جبانبه‬ ‫شهيداً أيضاً‪ ،‬أو أاتبع الركض إلخراج‬ ‫املزيد من النازحني من سعري اجلحيم‬ ‫األسدي»‪.‬‬ ‫وال تنتهي حكاية النازحني احلماصنة مبجرد‬ ‫وصوهلم إىل لبنان‪ ،‬فقد تكون لبنان حمطة أخرى‬ ‫للقاء املوت‪ ،‬أو الوقوف على عتبته حرقاً‪ .‬كما‬ ‫حدث مع النازحة احلمصية مرمي‪-‬وهي إحدى‬

‫بطاالت مسرية النزوح السابقة‬ ‫أضرمت مرمي النريان‬ ‫الذكر‪ -‬حيث‬ ‫ْ‬ ‫يف جسدها أمام مكتب مفوضية‬ ‫الالجئني يف طرابلس‪/‬مشال لبنان‪.‬‬ ‫فقدت األمل بقدرة‪ ،‬أو‬ ‫بعد أن‬ ‫ْ‬ ‫رغبة املنظمات االنسانية على‬ ‫وضع ٍّ‬ ‫حل ملآسي السوريني يف‬ ‫لبنان‪ .‬والذين يتعرضون لشىت‬ ‫صنوف العنصرية‪ ،‬انطالقاً من‬ ‫اعتبارات سياسية أوهلا والء قس ٍم‬ ‫من اللبنانيني لسياسيات حزب هللا‬ ‫يف سوراي ونظام األسد‪.‬‬ ‫انزح حمظوظ!‬ ‫َّ‬ ‫أعدا ٌد ليست ابلقليلة من أبناء محص‪ ،‬متكن‬ ‫أهاليهم الذين يعملون يف اخلليج‪ ،‬من أخذهم‬ ‫إىل هناك‪ .‬لتكتمل لوحة الشتات احلمصي‪ ،‬أو‬ ‫تقرتب من االكتمال‪ .‬كذلك أعداد كبرية من‬ ‫احلمصيني نزوحوا ابجتاه احلدود الرتكية‪ ،‬قبل‬ ‫أن يُقطع الطريق بني املناطق احملررة يف احملاغظة‬ ‫وتركيا‪ .‬ابإلضافة إىل من َّفر من شبح املوت‬ ‫ولزوجة الدم إىل اململكة األردنية‪ .‬ويصف أحد‬ ‫النازحني يف «الغنطو» من َّ‬ ‫متكن من اخلروج من‬ ‫سوراي أبنه «انزٌح حمظوظ»‪.‬‬ ‫حماولة اإلحاطة هبذه اخلارطة َّ‬ ‫املعقدة لنزوح‬ ‫سكان محص‪ ،‬جتعلك ملطخاً ابلدم والدمع‬ ‫وآهات اجلياع‪ ..‬محص ُّ‬ ‫تزف أبناءها والعامل‬ ‫يتبجح يف اجرتاح حلول ملأساهتم‪ ،‬ترتاوح بني‬ ‫َّ‬ ‫املوت والنزوح واالعتقال‪ .‬فبالتزامن مع عقد‬ ‫مؤمتر جنيف‪ 2‬توصل اجملتمع الدويل إىل ٍّ‬ ‫حل‬ ‫يضمن إخراج احملاصرين يف محص القدمية‪ ،‬بعد‬ ‫قضائهم ألكثر من عشرين شهراً يف ظل‬ ‫وخرجت مجوع رهيبة‪ ،‬بوجوه‬ ‫هذا احلصار‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫وحمملة أبنقاض بشريتها‪ ،‬بينما اكتفى‬ ‫متعبة َّ‬ ‫العامل ابملشاهدة‪ ،‬ورمبا بذرف الدموع‪ .‬إال‬ ‫أن النظام وكدأبه اخرتق العهد وقام ابعتقال‬ ‫املئات من هؤالء التعساء‪.‬‬ ‫«ال رائحة أقسى من رائحة احلمصي أينما‬ ‫حل‪ ،‬مزيج من الدمع واالبتسامة‪ ..‬إهنم‬ ‫الثورة»‪.‬‬


‫غازي عنتاب محطة سورية ُأخرى‬ ‫على الشاشة الرقمية املستطيلة يف مقطور الرتام بعنتاب‪ ،‬حتاول طفلة‬ ‫سورية أن تتهجى تلك احلروف الغريبة الظاهرة‪ ،‬حتاول أن تدرك أين‬ ‫أصبحوا اآلن‪ ...‬تتلعثم‪ ،‬مث تنطق كلمة قد ال تشبه ما ظهر على الشاشة‪،‬‬ ‫لكن ذلك ال مينع أمها من أن تبتسم هلا مشجع ًة ومهنئة‪ .‬حىت األم‬ ‫ال تدرك أين هم اآلن‪ ،‬هي فقط حتفظ اسم احملطة اليت سيرتجلون فيها‪،‬‬ ‫حيث يقيم سوريون آخرون‪ ،‬تلك فقط احملطة اليت هتمها‪ ،‬وهي ال تكرتث‬ ‫حملطات ال يقيم قرهبا سوريون‪.‬‬ ‫ليس هذا مشهداً مبالغاً فيه‪ ،‬بل إنه تصغري مكثف حلال مئات اآلالف‬ ‫من السوريني املبعثرين يف مدن تركيا‪ ،‬معظم هؤالء تركوا كل شيء خلفهم‪،‬‬ ‫وعربوا احلدود انجني أبرواحهم‪ .‬ليست البيوت واملمتلكات فقط هي ما‬ ‫تركوه‪ ،‬بل إهنم تركوا خلفهم منط احلياة الذي كانوا يعيشون‪ ،‬املمارسات‬ ‫اليومية‪ ،‬اهلواايت‪ ،‬األحالم‪ ،‬وكل ما كان له معىن يف وطنهم‪ ،‬بينما هم‬ ‫اآلن يقفون يف مواجهة جمتمع جديد بلغته وثقافته وأمناط حياته‪ ،‬جمتمع‬ ‫يرفض معظم السوريون االندماج فيه ضمنياً‪ ،‬وحىت ما يبدو عند البعض‬ ‫من مرونة وقدرة عالية على التكيف‪ ،‬ال يتجاوز تكيفهم هذا حدود‬ ‫االستجابة للمتطلبات املهنية واحلياتية‪ ،‬بينما تبقى حياهتم االجتماعية‬ ‫سوري ًة أبطرافها وأحاديثها وعاداهتا‪.‬‬ ‫فاروق‪ ،‬الشاب العشريين‪ ،‬يقضي عامه الثاين يف غازي عنتاب‪ ،‬ورصيده‬ ‫من مفردات اللغة الرتكية ال يتجاوز بضعة كلمات سقطت يف أذنه عنوة‪،‬‬ ‫كما يقول‪« :‬لست مهتماً بتعلم الرتكية‪ ،‬ولست حباجة لذلك‪ ،‬الوسط‬ ‫االجتماعي الذي حييط يب مؤلف كله من السوريني‪ ،‬ما الداعي إذاً هلذا‬ ‫العناء؟»‪ .‬ال داعي للعناء إذاً كما يرى فاروق‪ ،‬وهو خيتلف يف قراره هذا‬ ‫عن أبو فادي‪ ،‬احلليب بشعره األشيب وصوته اجلهور الذي ميأل املكان يف‬ ‫كل مرة يرد التحية ألحد زابئنه‪ ،‬فهو يبدو أكثر قدرة على بناء العالقات‬ ‫مع أصحاب األرض‪ ،‬خاصة أولئك الذين اعتادوا شراء السجائر من‬ ‫بسطته الصغرية‪ .‬يبيع أبو فادي السجائر املهربة من سوراي‪ ،‬ما جعله‬ ‫معروفاً من معظم السوريني القاطنني يف منطقته‪ ،‬والذين يرتددون على‬ ‫بسطته بشكل دائم‪ ،‬يقول أبو فادي‪« :‬السجائر اليت أنيت هبا من البلد‬ ‫أجود مما يباع يف تركيا‪ ،‬لذلك فإن زابئين ليسوا فقط من السوريني‪ ،‬بل إن‬ ‫الكثري من األتراك ابتوا يفضلون الشراء مما أبيع‪ ،‬إهنم أانس لطفاء وأحاول‬ ‫تعلم لغتهم ألمتكن من التواصل معهم بشكل أفضل»‪.‬‬ ‫أما الطفل أمحد‪ ،‬ابن االثين عشر عاماً‪ ،‬فهو املرتجم الرمسي للسوريني يف‬ ‫الدكان الرتكي الذي يعمل فيه‪ ،‬فبعد حوايل عام من اإلقامة يف عنتاب‪،‬‬

‫• سلطان جليب‬

‫ابت أمحد يتقن الرتكية تقريباً بفضل عمله واحتكاكه الكثيف ابجملتمع الرتكي‪.‬‬ ‫يبدو أمحد غري آبه كثرياً مبا حيدث حوله‪ .‬يهتم بعمله‪ ،‬ويتنقل من زبون آلخر‬ ‫سوريني كانوا أم أتراكاً‪ ،‬ابت يتقن التعامل مع املكان‪ ،‬يقول أمحد‪« :‬حني‬ ‫أحتدث مثلهم‪ ،‬ال أشعر أبنين غريب‪ ،‬أريد أن أشعر أبين أشبه من حويل»‪.‬‬ ‫احملطة التالية‪:‬‬ ‫يتحرق أبو فادي للعودة إىل حلب «هناك مكاين الصحيح» يقول‪ ،‬لكن‬ ‫استمرار هتاوي براميل املوت العشوائي على مدينته مينعه من ذلك‪ .‬واألمر‬ ‫كذلك ابلنسبة ألقرانه‪ ،‬هو استمرار العنف والعنف املضاد يف الداخل‬ ‫السوري‪ ،‬وانسداد اآلفاق عن حلول قريبة تعيد املهجرين إىل بيوهتم (أو‬ ‫لنقل ما تبقى منها) يرتك السوريني يف تركيا وابقي دول اللجوء أمام خيارين‬ ‫وحيدين‪ ،‬مامل يفكروا يف انتحار احتمايل ابلطبع‪ ،‬فإما االبتعاد عن القارة‬ ‫أبكملها واهلجرة إىل بلد أورويب غالباً‪ ،‬وهو أمر شديد الصعوبة بداللة أجساد‬ ‫السوريني اليت ابتلعتها أمواج املتوسط يف حماوالهتم العبور إىل اجلانب اآلخر‬ ‫من العامل‪ ،‬لكن ابلرغم من ذلك‪ ،‬نسبة كبرية من السوريني‪ ،‬والشباب بشكل‬ ‫خاص‪ ،‬ابتت فرصة الوصول إىل بلد اورويب ما‪ ،‬أحد أقصى أحالمها‪ ،‬وهم‬ ‫يف تركيا اليوم ينطبق عليهم وصف من «يعيشون مع وقف التنفيذ»‪ ،‬حيصون‬ ‫أايماً وشهوراً وحىت سنوات يف انتظار فرصة اخلالص‪ .‬فاروق هو أحد هؤالء‪،‬‬ ‫ويصف موقفه ابلقول‪« :‬ليس لدي ما يربطين هبذه املدينة «عنتاب»‪ ،‬قريباً‬ ‫سأكون يف السويد أاتبع دراسيت‪ ،‬سأجد طريقة ما للخروج‪ ،‬فالبقاء هنا هو‬ ‫ضرب من العبث‪ ،‬والعودة إىل سوراي حىت لو كانت ممكنة‪ ،‬فأي مستقبل‬ ‫سينتظرين يف تلك البالد املدمرة؟»‪.‬‬ ‫ابلعودة إىل أمحد‪ ،‬مرتجم السوريني يف الدكان الرتكي‪ ،‬فبعد أن اجتاحت مهوم‬ ‫الكبار رأسه الصغري‪ ،‬ال ميلك خياراً سوى متابعة عمله واملساعدة يف إعالة‬ ‫أسرته العالقة هناك‪« ،‬لقد أصبحت رجالً‪ ،‬وعلي أن أعمل وأساعد أهلي‬ ‫من اآلن فصاعداً»‪ ،‬يقول الصغري أمحد‪.‬‬ ‫فاروق‪ ،‬أبو فادي‪ ،‬وأمحد‪ ،‬صور وجتارب فردية بني ماليني السوريني الذين‬ ‫ضاقت عليهم األرض على رحابتها‪ ،‬تنتظرهم مصائر جمهولة حمكومة بشبكة‬ ‫معقدة من املتغريات غري املنضبطة‪ ،‬ومعظمهم يتنقلون من حمطة ألخرى‬ ‫حبثاً عن شيء من االطمئنان واالستقرار لكن دون جدوى‪ ،‬فال املساعدات‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬وال قوائم قبوالت اللجوء يف الدول املستقبلة للهجرة‪ ،‬وال حىت‬ ‫حماوالت اإلدماج يف جمتمعات دول اجلوار جتدي نفعاً مع هذا الفيضان‬ ‫البشري املستمر‪ ،‬ولن تطمئن روح السوري إال على أرض سوراي حرة‬ ‫وكرمية‪.‬‬

‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪7 2014‬‬


‫ابنة المنافي منذ طفولتها‪ ،‬أخيرًا تجد في الثورة وطنًا‬ ‫الدكتورة تغريد الحجلي وزيرة الثقافة وشؤون األسرة‬

‫حاورهتا سيدة سوراي‬

‫يف لقاء خاص بسيدة سوراي‪ ،‬الدكتورة تغريد احلجلي وزيرة الثقافة وشؤون األسرة يف احلكومة السورية املؤقتة‪ ،‬تتكلم عن‬ ‫جتربتها قبل الثورة السورية وخالهلا‪ ،‬وتتحدث عن دور الوزارة ومهامها‪.‬‬ ‫ ِ‬‫أنت من السوريني الذين اختربوا بطش النظام بشكل شخصي‪،‬‬ ‫وكانوا ضحااي إجراءاته التعسفية‪ .‬ح ِّدثينا عن تغريد احلجلي‪ ،‬وجتربتها‬ ‫مع نظام األسد‪.‬‬ ‫ترعرعت يف ِ‬ ‫كنف عائل ٍة‬ ‫أان من مواليد حمافظة السويداء (جبل العرب)‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فقدت والدي بعد سنوات من السجن‬ ‫ُ‬ ‫تعارض احلكم السوري القسري‪ُ ،‬‬ ‫والتعذيب‪ .‬فكان املنفى والتشرد مع عائليت خياري األوحد منذ العام‬ ‫‪.1977‬‬ ‫وهبتين احلياة ثالثة أطفال‪ ،‬يعينونين‪ ،‬خيففون وطأة الغربة ويتشاركون‬ ‫معي طقوسها‪.‬‬ ‫حصلت على شهادة دكتواره يف علم االجتماع من‬ ‫يف العام ‪2001‬‬ ‫ُ‬ ‫جامعة تونس‪ ،‬بعد رساليت اليت قدمتُها عن (دور املرأة يف التلفزيوانت‬ ‫العربية)‪.‬‬ ‫ مسري ِ‬‫تك السياسية‪ ،‬يف الثورة السورية‪ ،‬من انشطة يف احلراك الثوري‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫رت الثورة‬ ‫إىل وزيرة للثقافة واملرأة يف احلكومة السورية املؤقتة‪ ..‬كيف أث ْ‬ ‫على إحداث هذا التدرج يف مسري ِ‬ ‫تك السياسية؟‬ ‫شاركت منذ بداية الثورة السورية من خالل موقعي الفكري والعلمي‬ ‫انتقلت إىل العمل‬ ‫وتواجدي خارج سوراي‪ ،‬يف كثري من التظاهرات‪ .‬مث‬ ‫ُ‬

‫‪8‬‬

‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬

‫فأسست مع جمموعة من الناشطني واملعارضني السوريني‬ ‫السياسي املنظم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أصبحت عضواً يف األمانة العامة للمجلس‬ ‫«جتمع أحرار سوراي»‪ .‬مث‬ ‫ُ‬ ‫الوطين السوري‪ ،‬حاولت ممارسة التأثري يف إدارة مكتب املرأة والطفل‪ .‬مت‬ ‫اختياري بعدها انئباً لرئيس «اجمللس األعلى للسلم األهلي» يف حمافظة‬ ‫السويداء التابع لالئتالف الوطين لقوى الثورة واملعارضة السورية‪ .‬بعد‬ ‫تشكيل احلكومة السورية املؤقتة هناية العام ‪ 2013‬مت اختياري وزيرة للثقافة‬ ‫وشؤون املرأة يف هذه احلكومة‪.‬‬ ‫أحاول من خالل منصيب اجلديد‪ ،‬التأثري يف الرأي العام الدويل وتوجيهه إىل‬ ‫محاية الرتاث السوري‪ ..‬أعمل جاهدة إلعادة االعتبار للثقافة يف الوسط‬ ‫السوري من خالل تنشيط املراكز واملكتبات الثقافية‪.‬‬ ‫شغلي الشاغل اليوم‪ ،‬هو تكريس قيم املواطنة يف املعادلة السورية املعقدة‪.‬‬ ‫ ماهي املهام املنوطة بوزارة الثقافة واألسرة يف احلكومة الؤقتة‪ ،‬وما هي‬‫األدوار املوكلة إليها يف ِّ‬ ‫ظل هذا السحق للمجتمع السوري؟‬ ‫َّ‬ ‫ابعتقادي أن الثقافة هي اجملتمع ومكوانته‪ ،‬لذا فقد مت إحلاق األسرة‬ ‫هبا‪ .‬واليت تشمل املرأة والطفل والشاب‪ .‬وبعد ثورة الشعب السوري على‬ ‫حيوِل املواطن السوري صاحب احلضارات‬ ‫طاغوت الفكر الذي أراد أن ّ‬ ‫يف العامل إىل عبد للقائد األوحد‪ ،‬وجب أن حتمل وزارة الثقافة األمانة يف‬


‫إعادة ثقافة احلضارة والرقي والتمدن والتطور‪.‬‬ ‫بكل أتكيد حنن حنتاج إىل ثقافة جديدة تنتمي‬ ‫إىل اإلنسان وحقوقه من العلم والثقافة والتطور‬ ‫والتنمية الشاملة لكل مناحي حياته‪ ،‬فنحن‬ ‫حنتاج اليوم للرتكيز على الثقافة والقيم اجملتمعية‬ ‫وعلى ثقافة اجملتمع املدين وعلى فهم املؤسسات‬ ‫احلديثة اليت تُبىن هبا الدول املتمدنة واملتطورة‪،‬‬ ‫وبكل أتكيد ضمن احلفاظ على أعرافنا وقيمنا‬ ‫وإرثنا احلضاري الرائع‪.‬‬ ‫ كيف متارس احلكومة املؤقتة مهمامها على‬‫األرض‪ ،‬وما هو شكل العالقة بينها كهيئة‬ ‫تنفيذية‪ ،‬وبني االئتالف على اعتباره املرجعية‬ ‫السياسية؟‬ ‫حنن نعمل يف ِّ‬ ‫شح كبري يف اإلمكانيات‬ ‫ظل ٍّ‬ ‫والدعم‪ ،‬إال أن احلكومة املؤقتة‪ ،‬متمثلة ابلرائسة‬ ‫والوزراء ومجيع العاملني فيها‪ ،‬تعمل على ترك‬ ‫بصمتها يف األراضي احملررة‪ .‬ومن هنا جاء قرار‬ ‫احلكومة ابلعمل يف الداخل السوري بشكل‬ ‫مباشر‪ ،‬ويف خميمات اللجوء يف دول اجلوار‪،‬‬ ‫فقامت مؤخراً بعدة أعمال منها‪:‬‬ ‫ مت ترميم أكثر من ‪ ٤٠٠‬مدرسة‪.‬‬‫ ترسيم ودفع مرتبات ملدرسني ابملئات‪.‬‬‫ إصالح عدد من شبكات الكهرابء يف عدد‬‫من املدن‪.‬‬ ‫ البدء بتنفيذ مشروع الطاقة البديلة‪.‬‬‫ فتح عدد من املراكز الثقافية‪.‬‬‫ طباعة مليوين كتاب حىت اآلن‪ .‬ابإلضافة‬‫املوجهة إىل القلمون‬ ‫إىل العديد من املشاريع َّ‬ ‫واملناطق احملررة األخرى‪ ..‬انهيك عن استيعاب‬ ‫املوظفني املفصولني من الدوائر التابعة للنظام‪.‬‬

‫من خالل األسئلة السابقة أسسنا للقراء‬ ‫ليتمكنوا من فهم وتقييم األسئلة اليت‬ ‫سنطرحها يف التايل‪:‬‬ ‫ ما هو شكل التقسيم اإلداري داخل الوزراة‪،‬‬‫وهل مثة تنسيق بني هذا التقسيم واملهام املوكلة‬ ‫إليها؟‬ ‫ وضعت الوزارة املهام اليت كلفت هبا وهي‬‫تنقسم إىل سبع إدارات‪:‬‬ ‫ إدارة املراكز الثقافية‪.‬‬‫ إدارة األسرة (املرأة‪ ،‬الطفل)‪.‬‬‫ إدارة الشباب والرايضة‪.‬‬‫ إدارة اآلاثر واملتاحف‪.‬‬‫ إدارة الفنانني واألدابء والفنون التشكيلية‪.‬‬‫ إدارة منظمات اجملتمع املدين‪.‬‬‫‪ -‬إدارة اإلعالم اجملتمعي‪.‬‬

‫صوت االئتالف مؤخراً‪ ،‬على قرا ٍر بضم‬ ‫ َّ‬‫وحدة تنسيق الدعم إىل احلكومة‪ ،‬برأيكم ما‬ ‫تبعات مثل هذه اخلطوة على قيام احلكومة‬ ‫مبهامها؟‬ ‫امسحوا يل أن أكتفي بنقل نص القرار الذي‬ ‫مت التصويت عليه يف االئتالف جبلسته اليت‬ ‫انعقدت مؤخراً‪:‬‬ ‫«تقوم احلكومة املؤقتة ابإلشراف املباشر على‬ ‫وحدة الدعم وابلتعاون املشرتك يف دعم وتنفيذ‬ ‫املشاريع يف الداخل السوري»‪.‬‬

‫ كون جهد احلكومة وعملها لن يظهرا إال‬‫على األرض‪ ،‬كيف تظنني أن احلكومة ستتمكن‬ ‫من متثيل شرعية الثورة لدى الناس من خالل‬ ‫تقدمي اخلدمات هلم‪ ،‬هل هذا الكالم متاح؟ أم‬ ‫إنه ما زال بعيداً عن إمكانية التطبيق؟‬ ‫القراء انطالقاً من‬ ‫ هل متتلك الوزارة أية خطط لدعم اإلعالم‪ ،‬أؤكد لك ولكل السادة َّ‬‫وما هي مكانة «اإلعالم األسري» يف هذه مسؤولييت يف وزارة الثقافة‪ ،‬أن أكثر من ‪٪٩٠‬‬ ‫من مشاريع الوزارة َّ‬ ‫ستنفذ داخل األراضي‬ ‫اخلطط؟‬ ‫كما حدثتكم سابقاً‪ ،‬لألسف فإن شح املوارد السورية احملررة‪ ،‬ابإلضافة إىل أن برامج الوزارة‬ ‫ إىل أي درجة تبلورت الوزارة‪ ،‬وما هو والتدرج املعتمد يف الوزارة جيعل إمكانياتنا ضعيفة تستهدف أيضاً املواطنني السوريني املظلومني‬‫يف دعم اإلعالم بشكل جيد ولكننا بدأان بدعم حتت سيطرة النظام الغاشم‪.‬‬ ‫تقييمكم لعملها اليوم؟‬ ‫كما ذكرت آنفاً‪ ،‬فإن قلة اإلمكانيات جتعل اإلعالم األسري ابألخص فيما يتعلق ابملرأة وقريباً‪ ،‬ستظهر آاثر هذه املشاريع على األرض‪،‬‬ ‫حتقيق مجيع أهداف الوزارة مرة واحدة صعباً والطفل ويوجد أدى الوزارة دائرة خاصة ابلعمل ويبقى احلكم للمواطن حينها‪.‬‬ ‫جداً‪ .‬ولكن وضعت الوزارة أهدافاً قريبة املدى اإلعالمي اجملتمعي‪ ،‬حيث سنطلق قريباً جداً مثَّة تفاعل من قبل املواطنني مع مشاريع الوزارة‪،‬‬ ‫وأخرى متوسطة وبعيدة املدى‪ .‬أعتقد أبن منظومة إعالمية حتمل الفكر والثقافة السورية وهذا ملسناه من خالل رصد عمليات التصفح‬ ‫للربامج اليت نطرحها على شبكات التواصل‬ ‫التقرير األول الذي صدر ضمن ُكتيِّب يتضمن األصيلة‪.‬‬ ‫(وبشفافية عالية) مجيع األعمال اليت حتققت‪ ،‬كما بدأان بتنظيم ندوات حوارية حول مواضيع االجتماعي‪.‬‬ ‫ومن منظور تقيمي‪ ،‬فإن الوزارة حققت أكثر املرأة وابألخص يف الداخل السوري ضمن حنن نعتمد على هللا ومن مث الشفافية والصرب يف‬ ‫عملنا‪ ،‬حىت بلوغ األهداف والنصر إبذن هللا‪.‬‬ ‫فعاليات املراكز الثقافية‪.‬‬ ‫من ‪ ٪٦٥‬من أهدافها يف املرحلة األوىل‪.‬‬ ‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪9 2014‬‬


‫معركة األنفال‪ ..‬صامدون هنا‬

‫إصرار المعارضة للحفاظ على مكتسباتها‪ ،‬وإصرار النظام‬ ‫على سياسته الدائمة في األرض المحروقة‬

‫• نور مارتيين‬

‫منذ قرابة الشهر أعلنت املعارضة السورية عن إطالق معركة األنفال الرامية إىل دحر قوات األسد وحزب هللا من مناطق الساحل السوري والسيطرة‬ ‫عليها‪ ،‬بدأت املعركة بزخم شديد جتلى بتحرير معرب كسب احلدودي مع تركيا‪ ،‬والذي يقابله معرب اييالداغ من اجلانب الرتكي‪ ،‬وهو املعرب الوحيد‬ ‫على احلدود الرتكية الذي كان ال يزال حتت سيطرة قوات النظام السوري‪ ،‬بعد أن فقدت تباعاً مجيع املعابر احلدودية مع تركيا‪.‬‬ ‫تباينت اآلراء حول هذه املعركة‪ ،‬غري أن ما ال يرقى إليه شك أن هذه‬ ‫املعركة أاثرت قلقاً عظيماً لدى الدول العظمى‪ ،‬ذلك أن هذه املنطقة‬ ‫غنية ابلتنوع العرقي والطائفي‪ ،‬وبدأ اجملتمع الدويل ابلتباكي على األرمن‬ ‫يف كسب‪ ،‬وأطلقت محلة إعالمية بعنوان «أنقذوا كسب»‪.‬‬ ‫ابملقابل أطلق انشطو الثورة محلة أمسوها «أنقذوا حلب» فراحت الرباميل‬ ‫تنهال على حلب دون هوادة‪ ،‬مع جتاهل كبري من قبل اجملتمع الدويل‪،‬‬ ‫وتعا ٍم من قبل اإلعالم عن اإلجرام واإلابدة املمنهجة اليت ترتكب يف‬ ‫حلب!‬ ‫مجيع األنباء اليت وردت أكدت مشاركة عدد من األلوية والكتائب يف‬ ‫العملية العسكرية الكربى املسماة «معركة األنفال»‪ ،‬وأهنا انطلقت من‬ ‫مناطق جبل الرتكمان‪ ،‬اليت ابتت حمررة اليوم‪ .‬وكعادة النظام السوري‪،‬‬ ‫فهو اتبع معها سياسة األرض احملروقة‪ ،‬من خالل القصف املمنهج‬ ‫وهتجري سكان املناطق اليت خترج عن سيطرته‪ ،‬يف خطوة ال ميكن وصفها‬ ‫إال أبهنا انتقامية‪.‬‬ ‫عن الكتائب املشاركة يقول معتز‪ .‬ح إن الفصائل املشاركة هي «حركة‬ ‫شام‪ ،‬حركة أحرار الشام اإلسالمية‪ ،‬أنصار الشام‪ ،‬جبهة النصرة وجتمع‬ ‫نصرة املظلوم»‪ ،‬ويقول‪« :‬لقد عزمت هذه الفصائل على حترير الساحل‬ ‫السوري مهما كلفها ذلك‪ ،‬وابلرغم من عدد الضحااي الكبري الناجم عن‬ ‫االشتباكات اليومية اليت مضى عليها قرابة الشهر‪ ،‬حيث يقدر عدد‬ ‫الشهداء بـ (‪ 250‬شهيد تقريباً وأكثر من ‪ )850‬جريح معظم إصاابهتم‬ ‫‪ 10‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬

‫متوسطة فما فوق»‪.‬‬ ‫وعن االحتياجات األساسية اليت حتتاجها هذه الفصائل‪ ،‬يقول معتز‪:‬‬ ‫«احلقيقة أن املقاتلني يعيشون ظروفاً قتالية صعبة للغاية‪ ،‬فهم ال ميلكون إال‬ ‫النزر اليسري من املواد التموينية البسيطة من أرز وسكر ومعلبات شارفت‬ ‫على النفاذ‪ ،‬وغالبيتهم يبيتون يف العراء ابلرغم من الربودة الشديدة يف الليل‬ ‫نظراً لتواجدهم يف مناطق جبلية‪ ،‬ذلك أن الفرشات امليدانية املتوافرة واخليم‬ ‫ال تكفي العدد الكبري من املقاتلني الذين احتشدوا للمشاركة يف هذه‬ ‫املعركة‪ ،‬وابلرغم من ذلك هم ماضون يف معركتهم حىت الرمق األخري»‪.‬‬ ‫فيما يقول حممود‪ ،‬وهو أحد املواطنني الصحفيني العاملني مع الكتائب‬ ‫املقاتلة إن «الفصائل املشاركة (مبا فيها لواء جبل الرتكمان التابع للجيش‬


‫احلر) قد متكنت من بسط سيطرهتا على عدد التوجه إىل الالذقية‪ ،‬وقد مت أتمينهم من قبل‬ ‫كبري من املناطق احملاذية للحدود الرتكية وهي الثوار»‪.‬‬ ‫معرب كسب‪ ،‬مدينة كسب‪ ،‬مدينة النبعني‪ ،‬تلة وجيري ذلك وسط تباين يف اإلحصاءات حول‬ ‫النسر‪ ،‬قرية السمرا‪ ،‬قمة تشاملا‪ ،‬قمة ‪ »)٤٥‬عدد اجلرحى والشهداء الذين قدر البعض‬ ‫وأشار حممود أن «النظام السوري مدعوماً عددهم خبمسني شهيداً‪ ،‬فيما وصل البعض إىل‬ ‫من عناصر حزب هللا حاول استعادة السيطرة جتاوز عددهم املائتني واخلمسني‪ ،‬ويعزو حممود‬ ‫على القمة اليت حتوي مرصداً استطالعياً‪ ،‬إال ذلك إىل وجود شهداء غري موثقني ابالسم‬ ‫أن حماوالته ابءت ابلفشل‪ ،‬وخسر الكثري الثالثي أو جمهويل االسم‪ ،‬هذا من انحية‬ ‫من اجلنود والعتاد‪ ،‬إىل أن استعادها‪ ،‬لكن الشهداء‪ ،‬أما اجلرحى فالعدد ‪ 850‬هو عدد‬ ‫ألايم فقط‪ ،‬لتعود إىل أيدي مقاتلي الكتائب اجلرحى الذين وصلوا إىل املشايف الرتكية‪ ،‬غري أن‬ ‫اإلسالمية اثني ًة ومل يتمكنوا حىت اللحظة من هنالك عدد كبري من اجلرحى تتم معاجلته داخل‬ ‫األراضي السورية يف املشايف امليدانية‪ ،‬واألعداد‬ ‫استعادهتا»‪.‬‬ ‫مرشحة للزايدة‪.‬‬ ‫وعن موضوع األرمن يف كسب وظروفهم‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬يقول حممود‪« :‬لقد توزع األرمن أما عن الوضع امليداين فيقول ع‪.‬ح‪ ،‬وهو أحد‬ ‫املوجودون داخل كسب إىل جهتني‪ ،‬قسم دخل املقاتلني على جبهة جبل الرتكمان‪« :‬املعارك مل‬ ‫األراضي الرتكية مبساعدة الثوار والسلطات تتوقف واالشتباكات مستمرة على حمور ‪٤٥‬‬ ‫الرتكية (وتوجد فيديوهات عدة منتشرة على وقمة تشاملا‪ ،‬حيث يقوم الثوار يومياً بقصف‬ ‫اليوتيوب تثبت هذه املقولة)‪ ،‬وقسم آخر بقي مناطق النظام بصواريخ الغراد‪ ،‬ومن املناطق اليت‬ ‫داخل كسب‪ ،‬فيما طلب عدد بسيط منهم يستهدفها الثوار‪ :‬البدروسية‪ ،‬قسطل معاف‪،‬‬

‫األحياء املوالية واملربع األمين داخل مدينة‬ ‫الالذقية ومعسكر رأس البسيط»‪.‬‬ ‫وعن استمرار املعارك ابلزخم نفسه يقول ع‪.‬ح‪:‬‬ ‫«جيري احلديث عن إمدادات جديدة جلبهة‬ ‫جبل األكراد‪ ،‬األمر الذي يعطي زمخاً للمعركة‬ ‫ويرفع معنوايت املقاتلني على اجلبهات كافة»‪.‬‬ ‫وكان السيد أمحد عاصي اجلراب‪ ،‬رئيس االئتالف‬ ‫قد زار جبل الرتكمان‪ ،‬ابير بوجاق‪ ،‬وجبل‬ ‫األكراد يف ريف الالذقية‪ ،‬وذلك يف مطلع شهر‬ ‫نيسان‪ ،‬حيث تفقد سري املعركة‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن‬ ‫رصد االئتالف مبلغاً وقدره ‪ 500‬ألف دوالر‬ ‫أمريكي لدعم معركة الساحل‪.‬‬

‫مجيع األنباء اليت وردت أكدت على‬ ‫مشاركة عدد من األلوية والكتائب‬ ‫يف العملية العسكرية الكربى املسماة‬ ‫«معركة األنفال»‪ ،‬وعلى أهنا انطلقت‬ ‫من مناطق جبل الرتكمان‪ ،‬اليت ابتت‬ ‫حمررة اليوم‪.‬‬ ‫ويشار إىل أنه جيري احلديث عن أسر أربعة‬ ‫أشخاص حيملون اجلنسية الروسية‪ ،‬غري أنه مل‬ ‫يتم التأكد من اخلرب‪ ،‬كما يقول املقاتلون إهنم‬ ‫أتكدوا من مشاركة حزب هللا إىل جانب جيش‬ ‫النظام من خالل رصد اتصاالت فيما بينهم‬ ‫على القبضات الالسلكية‪ ،‬وهو ما يدل على‬ ‫أمهية هذه املعركة ابلنسبة للنظام وذلك أهنا أوالً‬ ‫تقطع آخر خطوط التماس الربية بني األراضي‬ ‫الرتكية واألراضي اخلاضعة لسيطرة النظام‪،‬‬ ‫ومن انحية أخرى ألهنا املرة األوىل اليت يتاح‬ ‫من خالهلا ملقاتلي املعارضة الوصول إىل البحر‬ ‫املتوسط منذ بدء الثورة قبل ثالثة أعوام‪.‬‬ ‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪11 2014‬‬


‫المرأة في النزاعات المسلحة سياسيًا واقتصاديًا‬ ‫يف الصراعات احلديثة‪ ،‬التمييز بني العسكري واملدين مل يعد متبعاً‪،‬‬ ‫وإمنا تصيب احلرب الرجال والنساء‪ .‬ونستطيع أن نطلق تسمية‬ ‫(اخلصوصية اجلنسية) على األدوار احملددة من قبل اجملتمع والثقافة‬ ‫اليت تسجل العالقات بني الرجال والنساء‪ ،‬مما يؤدي أن تكون‬ ‫للصراعات املسلحة أتثريات خمتلفة على اجلنسني ابلرغم من أن‬ ‫النساء‪ ،‬ابإلضافة لألطفال‪ ،‬يشكلن ضحااي احلروب األكثر عدداً‪،‬‬ ‫ولكن نستطيع أن نتلمس أهنن يشاركن أيضاً يف الصراعات املسلحة‪،‬‬ ‫كمقاتالت‪ ،‬مشاركات يف املعركة‪ ،‬قائدات‪ ،‬مفاوضات‪ ،‬عناصر سلم‬ ‫وانشطات‪.‬‬ ‫كمدنيات‪ ،‬تتعرض النساء والفتيات مثلما يتعرض الرجال واألطفال‬ ‫ألعمال العنف خالل حاالت الصراع املسلح‪ ،‬حيث يعانني بشكل‬ ‫مباشر أو غري مباشر من آاثر االقتتال‪ ،‬ابإلضافة إىل نقص الغذاء واملواد‬ ‫األساسية األخرى اليت حيتجنها من أجل بقائهن‪ .‬ويتحتم على النساء‬ ‫حتمل مسؤولية أكرب يف رعاية أطفاهلن وأقارهبن‪ ،‬وتزداد هذه املسؤولية‬ ‫عندما يرتك الرجال عائالهتم للمشاركة يف األعمال القتالية‪ ،‬أو عندما يتم‬ ‫اعتقاهلم أو قتلهم أو خطفهم أو هتجريهم أو نفيهم‪.‬‬ ‫إن غياب الرجال يفاقم الوضع‪ ،‬ويزيد شعور النساء واألطفال بعدم‬ ‫األمان واخلطر‪ ،‬واختالل آليات الدعم التقليدية‪ ،‬واليت يعتمد عليها‬ ‫اجملتمع وخصوصاً النساء‪ ،‬حيث يؤدي هذا الشعور إىل دفعهن لرتك‬ ‫منازهلن وقراهن‪ ،‬والفرار إىل مناطق أكثر أمناً‪ ،‬لذلك من الطبيعي أن‬

‫‪ 12‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬

‫• سالم كواكيب‬

‫تشكل النساء واألطفال األغلبية الساحقة من الالجئني يف العامل‪ .‬ولكن‬ ‫السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو‪ :‬ما هو وضع النساء الاليت ال يعمدن‬ ‫إىل ترك منازهلن وقراهن والفرار إىل مناطق أكثر أمناً؟‬ ‫يسود اعتقاد لدى البعض أبن ال دا ٍعي هلروب النساء من االقتتال أو‬ ‫هتديدات األعمال احلربية جملرد كوهنن نساء‪ ،‬وأن األطراف املتحاربة ستقوم‬ ‫بتوفري قدر أكرب من احلماية‪ ،‬ويعتقدن أن دورهن اجلندري الذي مت‬ ‫أتسيسه جمتمعياً سيقدم هلن احلماية‪ ،‬وهلذا السبب تبقى النساء حلماية‬ ‫ممتلكات ومورد رزق العائلة‪ ،‬واالهتمام ابملسنني والشباب وأفراد العائلة‬ ‫املرضى‪ ،‬الذين ال يستطيعون اهلرب‪ ،‬وملتابعة تعليم أطفاهلن‪ ،‬ولزايرة ودعم‬ ‫أفراد العائلة املعتقلني والبحث عن املفقودين‪ .‬إن هذا االعتقاد وشعور‬ ‫األمان املفرتض بعيد كل البعد عن الواقع‪ ،‬وعلى النقيض من ذلك‪ ،‬فإنه‬ ‫يتم استهداف النساء ابلتحديد لكوهنن نساء‪.‬‬ ‫وبسبب قرهبن من مراكز االقتتال أو متركز القوات املسلحة ابلقرب من‬ ‫املناطق السكنية‪ ،‬تقيد حركة النساء‪ ،‬ابلتايل يقيد حصوهلن على الغذاء‬ ‫واملياه واملساعدة الطبية‪ ،‬وقدرهتن على تربية احليواانت وزراعة احملاصيل‪،‬‬ ‫وتبادل املعلومات واألخبار واحلصول على الدعم األسري أو اجملتمعي‪.‬‬ ‫ميكن أن تؤدي الفرص احملدودة يف احلصول على املساعدة الطبية إىل‬ ‫التأثري على النساء وخصوصاً على صحتهن اجلسدية واإلجنابية‪ ،‬حيث‬ ‫تؤدي مضاعفات الوالدة واليت تزداد احتماالهتا يف ظروف احلرب إىل تزايد‬ ‫الوفيات واألمراض بني األمهات واألطفال‪.‬‬


‫ومل أتت اخلطوات اإلجيابية فيما يتعلق بدور‬ ‫املرأة يف اجملال السياسي إال من خالل املواثيق‬ ‫الدولية‪ ،‬واليت دفعت ابلدول العربية‪ ،‬مع ما‬ ‫سجلته من حتفظات‪ ،‬إىل أن تنصاع لتطبيقها‬ ‫جمتزأة يف قوانينها الوضعية‪ .‬ويف هذا اجملال نشري‬ ‫إىل نصوص دولية مهمة‪ ،‬وهي اتفاقية األمم‬ ‫املتحدة للقضاء على كافة أشكال التمييز‬ ‫ضد املرأة سنة ‪ ،1979‬ومؤمتر بيكني سنة‬ ‫‪.1995‬‬

‫وعادة تتعرض النساء للمضايقة والرتهيب‬ ‫واالعتداء يف منازهلن‪ ،‬وعند االنتقال يف مناطق‬ ‫سكنهن‪ ،‬أو عند عبور نقاط التفتيش‪.‬‬ ‫تظهر معاانة النساء يف النزاعات بطرق متعددة‪،‬‬ ‫ترتاوح بني املشاركة بشكل فعلي يف االقتتال‪،‬‬ ‫إىل استهدافهن كمدنيات أو لكوهنن نساء‪،‬‬ ‫حيث تعترب جتربة النساء يف احلروب متعددة‬ ‫األوجه‪ ،‬مثل االنفصال‪ ،‬وفقدان أحد أفراد‬ ‫العائلة ومورد الرزق‪ ،‬وتزايد املخاطر ابلتعرض‬ ‫للعنف اجلنسي واإلصاابت واحلرمان واملوت‪،‬‬ ‫حيث تدفع احلروب النساء إىل لعب أدوار غري ويعترب القرار رقم ‪ ،1325‬الصادر يف ‪31‬‬ ‫طبيعية‪ ،‬تفرض تعزيز مهارات التكيف املوجودة تشرين األول ‪ 2000‬عن جملس األمن‪ ،‬مثرة‬ ‫تضافر جهود بني منظمات اجملتمع املدين‬ ‫وتطوير مهارات جديدة‪.‬‬ ‫واملنظمات الدولية‪ ،‬إضافة للحكومات‪.‬‬ ‫إن هذا القرار األول فيما يتعلق ابلنساء يف‬ ‫اجملال السياسي‪:‬‬ ‫جند أن السلطة كانت دائماً بيد الذكور‪ ،‬يف النزاعات املسلحة‪ ،‬يضع برانجماً كامالً‪ ،‬ويؤمن‬ ‫العائلة‪ ،‬يف اجملتمع املدين والدولة‪ .‬وتبني لنا للنساء املشاركة الكاملة ابلتساوي يف مسرية‬ ‫التجارب منذ ما يقارب األربعة عقود‪ ،‬خروج السالم‪ ،‬ويف األنشطة املؤدية لتعزيز السالم‪.‬‬ ‫املرأة التدرجيي من النطاق العائلي إىل نطاق حتمل وأيضاً‪ ،‬فإنه يعطي لدور املرأة مكانة هامة يف‬ ‫املسؤولية يف اجملال املهين واجلمعيايت والرتبوي‪ .‬املشاركة يف عمليات حفظ السالم‪ .‬وابملقابل‪،‬‬ ‫رغم ذلك‪ ،‬يبقى واضحاً ثقل التدرج غري العادل فبالرغم من اهتمام املنظمات والنصوص الدولية‬ ‫بني مسؤوليات املرأة‪ ،‬وتلكم اليت ختصص ابلدفاع عن حقوق النساء‪ ،‬وابلوقوف أمام‬ ‫للرجل‪ .‬أما فيما خيص اجملال السياسي‪ ،‬فإنه العنف املمارس حبقهن مبختلف أشكاله‪ ،‬تبقى‬ ‫يبقى جماالً حمتكراً من قبل الرجال‪ .‬إن السياسة العملية قاصرة‪ .‬ويف جمال احرتام حقوق املرأة‬ ‫تكون لنفسها نوعاً من املناعة اخلاصة‬ ‫ّ‬ ‫وشديدة العزل فيما يتعلق بوصول املرأة إىل‬ ‫حتمل املسؤوليات‪ .‬وكل ما مت‪ ،‬إن مت شيء‪،‬‬ ‫ما هو إال تدخل إرادي من األعلى من قبل‬ ‫السلطات احلاكمة‪ ،‬األحزاب واملؤسسات‪،‬‬ ‫هبدف إشراك املرأة يف احلياة السياسية‪،‬‬ ‫دون أن يتأتى هذا الدور من خالل عملية‬ ‫تطور طبيعي‪ ،‬حيمل يف طياته منواً منطقياً‬ ‫للمجتمعات سياسياً وثقافياً‪.‬‬

‫يف النزاعات‪ ،‬تقف النصوص عاجزة‪ ،‬وهناك‬ ‫قصور شامل يف تطبيقها‪ ،‬وينعكس ذلك‬ ‫بشدة يف الغياب شبه الكامل للمرأة عن جلان‬ ‫التحقيق يف جرائم احلرب‪ .‬وبغياهبن‪ ،‬تعجز هذه‬ ‫اللجان عن التحقيق بشكل كامل ومعمق يف‬ ‫االنتهاكات املمارسة حبق النساء‪ .‬وينعكس‬ ‫كذلك يف إقصاء املرأة عن املشاركة واملسامهة يف‬ ‫املفاوضات املؤدية إليقاف النزاعات املسلحة‪،‬‬ ‫رغم دور النساء اهلام يف احلركات السلمية يف‬ ‫اجملتمعات‪ .‬ويعترب إقصاء النساء عن لعب‬ ‫دور تفاوضي يف جمال إهناء املنازعات احلربية‬ ‫وإحالل السالم هو نتيجة إلقصائهن من مراكز‬ ‫اختاذ القرار السياسي بشكل عام‪.‬‬ ‫إن الصورة النمطية املعربة عن احلرب يف كون‬ ‫الرجل يذهب إىل اجلبهة‪ ،‬وتبقى املرأة يف املنزل‬ ‫خلف أدوات الطبخ تعد احلساء لألطفال‪،‬‬ ‫يف حاجة ماسة إلعادة النظر‪ .‬فالرجل واملرأة‬ ‫ضحااي للحروب والنزاعات بشكل مباشر أو‬ ‫غري مباشر‪ .‬ويف اآلن ذاته‪ ،‬فهما ليسا ابلضحااي‬ ‫السلبية لتلكم النزاعات فحسب‪ ،‬بل يعتربان‬ ‫أيضاً عناصر تدعم أحياانً جهود النزاع وحتاول‬ ‫يف أحيان أخرى الوقوف أمام مسبباته ونتائجه‪.‬‬ ‫وحىت عندما تغيب املعارك ابملعىن املباشر‬ ‫للكلمة‪ ،‬تواجه النساء سلبيات تكوينية يف‬ ‫اجملال االقتصادي والسياسي واالجتماعي‬ ‫أيضاً‪ ،‬فالنساء يتعرضن للعنف الشديد‬ ‫واملتجاهل‪ ،‬ألنه يقع يف اجملال اخلاص‬ ‫داخل اخللية األسرية‪ ،‬ويف ذلك يقول عامل‬ ‫االجتماع الفرنسي بيري بورديو‪« :‬وجدت‬ ‫دائماً يف السيطرة الذكورية مثاالً للخضوع‬ ‫أمسيه العنف الرمزي‪ ،‬العنف الرقيق غري‬ ‫احملسوس وغري املرئي حىت لضحاايه»‪.‬‬ ‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪13 2014‬‬


‫تصرف املرأة مرتبط‬ ‫يف غالبية اجملتمعات‪ّ ،‬‬ ‫حمرمات‪،‬‬ ‫ابلرتبية اليت تلقتها‪ ،‬واملكونة من ّ‬ ‫واجبات وممنوعات‪ ،‬وهذا يؤثر مباشرة على‬ ‫إمكانية أن تلعب دوراً هاماً يف اجملال السياسي‪.‬‬ ‫ويف النزاعات املسلحة يعترب ضعف املرأة يف‬ ‫جزء منه عائداً حلرماهنا من التمكن من املوارد‬ ‫االقتصادية‪ ،‬ومن املسامهة الفاعلة يف احلياة‬ ‫املؤسساتية والسياسية‪ .‬والتمييز يظهر واضحاً وتدهور األوضاع االجتماعية اليت تفرضها‬ ‫من حيث الوصول إىل املوارد واختاذ القرار النزاعات املسلحة‪ ،‬واليت تفرز ُحكماً تفاقماً‬ ‫يف حجم البطالة‪ ،‬مما يعين ابلنتيجة ازدايد حالة‬ ‫والتحكم ابلقيادة‪.‬‬ ‫الفقر‪ .‬ويؤثّر ليس فقط على الفقراء‪ ،‬بل كذلك‬ ‫على الطبقة الوسطى‪ ،‬ويف كال احلالتني تعاين‬ ‫اجملال االقتصادي ‪:‬‬ ‫ملا كان النزاع املسلح يؤدي غالباً إىل غياب املرأة أكثر من غريها‪.‬‬ ‫الرجال أو حيد من تنقلهم‪ ،‬فإن هذا يقتضي‬ ‫تصرف املرأة مرتبط‬ ‫أن تضطلع النساء بشكل خاص بدور رأس يف غالبية اجملتمعات‪ّ ،‬‬ ‫حمرمات‪،‬‬ ‫العائلة‪ ،‬مما يؤدي إىل إحداث تغيري يف املهام ابلرتبية اليت تلقتها‪ ،‬واملكونة من ّ‬ ‫التقليدية للمرأة‪ ،‬وهو ما تكون هي وجمتمعها واجبــات وممنوعـ ــات‪ ،‬وهــذا يؤثر مبــاشرة‬ ‫غري مهيئني له‪ .‬يدفعها ذلك إىل العمل خارج على إمكانية أن تلعب دوراً هاماً يف اجملال‬ ‫السياسي‪.‬‬ ‫البيت أبنشطة عادة ما يتوالها الرجال حبكم‬ ‫التقليد والتقسيم لألدوار داخل األسرة حسب‬ ‫شح يف الدخل‪ ،‬فاالستثناء‬ ‫اجلنس‪ .‬ويفرتض هذا التغري أن تصبح النساء إن الفقر ليس جمرد ّ‬ ‫املصدر األساسي للدخل‪ ،‬وصانعات القرار‪ ،‬االجتماعي يضيف بعداً آخر للفقر‪ ،‬ويربطه‬ ‫ابحلرمان االجتماعي وسوء احلال وضعف‬ ‫ورؤساء األسر‪.‬‬ ‫القدرات‪ .‬وتعاين النساء من ضعف القدرة‬ ‫لكن هذه احلاجة إىل «اخلروج» شبه القسري على الوصول لألصول اإلنتاجية‪ ،‬ومن غياب‬ ‫تصطدم بعدة حواجز تشمل بداي ًة حالة أشكال متنوعة من التعليم والتدريب املهين‪،‬‬ ‫التقلبات االقتصادية‪ ،‬وقلة األمن والتشريد ومن متييز واضح يف سوق العمل الرمسي ويف‬

‫األجور وغريها‪ .‬وهكذا فإن احلديث عن‬ ‫«أتنيث الفقر» ليس مستغرابً‪ ،‬فاحلديث ليس‬ ‫فقط عن جمموعات الفقراء من النساء وهي‬ ‫كثرية‪ ،‬بل عن ضعف إمكانيات أغلب النساء‪،‬‬ ‫تعرضهن للفقر‪.‬‬ ‫وابلتايل سهولة إمكانية‬ ‫ّ‬ ‫ابملقاربة السريعة لثنائية املرأة والفقر‪ ،‬ميكننا‬ ‫أن نعكس ذلك على وضع املرأة وعالقتها‬ ‫ابلفقر يف ظل النزاعات املسلحة‪ .‬وحيث‬ ‫النساء واألطفال هم أكثر الفئات أتثراً يف‬ ‫أوضاع النزاع أو األزمات‪ ،‬يشيع التشرد والسرقة‬ ‫والنهب وتدمري املمتلكات والبنية األساسية‪،‬‬ ‫وابلتايل ال يعود لدى األسر الوسائل الضرورية‬ ‫لإلنتاج‪ .‬يفرتض هذا أن يؤثر األمر على كمية‬ ‫الغذاء املتاحة لكل أسرة‪ ،‬واليت قد تكون يف‬ ‫أحيان كثرية قريبة أص ً‬ ‫ال من احلد األدىن الالزم‬ ‫إلطعام األسرة‪ ،‬مما قد يؤدي إىل مشاكل‬ ‫سوء تغذية وتفشي األمراض‪ .‬ومبا أن النساء‬ ‫يتحملن وحدهن تقريباً مسؤولية توفري الطعام‬ ‫داخل األسرة‪ ،‬تلجأ األسر اليت فقدت مصدرها‬ ‫الرئيسي لكسب العيش إىل االعتماد على‬ ‫املعوانت واملساعدات‪ ،‬اليت تقدمها املنظمات‬ ‫اإلنسانية حىت تستطيع التغلب على وضعها‪.‬‬ ‫يقول ديفد هارتشارك انئب املدير العام ملنظمة‬ ‫األغذية والزراعة ‪« :FAO‬يقول املثل الصيين‬ ‫القدمي إن النساء يسندن نصف السماء‪ ،‬لكنهن‬ ‫يف املعركة الدائرة ضد اجلوع والفقر يسندن بكل‬ ‫أتكيد النصف األثقل»‪ .‬وتبقى من مفارقات‬ ‫األمور أن تكون النزاعات املسلحة هي إحدى‬ ‫احلاالت اليت تَسمح للمرأة أن تضطلع أبدوار‬ ‫رئيسية يف أسرهتا وجمتمعاهتا‪ ،‬وتستنفر بسببها‬ ‫طاقاهتا الكامنة‪ ،‬متجاوزًة حتجيم تقليد جمتمعاهتا‬ ‫احمللية‪.‬‬

‫‪ 14‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬


‫ياسمين بنشي‪..‬بعد ظلم النظام تنصفها‬ ‫محكمة شرعية وتبرئ ساحتها‬ ‫جزٌء من الثورة‪َّ ،‬‬ ‫لت يف ميادين َّ‬ ‫عدة دعماً للحراك الثوري‪ ..‬من‬ ‫تنق ْ‬ ‫انشطة على مواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬إىل حقل العمل اإلغاثي‪،‬‬ ‫التجسس على ضباط األمنيني‬ ‫ومن مث العمل األكثر خطورة يف‬ ‫ُّ‬ ‫لدى للنظام‪ ،‬لصاحل الثوار‪« .‬كان الثمن احلقيقي حليايت حينها‪،‬‬ ‫ختتصر ايمسني خطورة عملها األخري‪.‬‬ ‫هو رصاصة فقط»‪ .‬هكذا‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ يُثري ذكر ِ‬‫نشاطك الثوري‬ ‫امسك الكثري من «الصخب» على خلفية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫توقيفك من قبل «حركة‬ ‫اعتقالك من قبل قوات النظام‪ ،‬ومن مث‬ ‫اجلريء و‬ ‫أحرار الشام» َّ‬ ‫مؤخراً‪ ..‬ايمسني بنشي‪ ،‬من أين نبدأ ِ‬ ‫معك؟‬ ‫رمبا هو ُ‬ ‫منط حياة الكثري من السوريني اليوم‪ ،‬إن مل نقل غالبيتهم‪ ..‬رغبة‬ ‫بدأت االخنراط‬ ‫يف التغيري وابلتايل النشاط والعمل يف سبيله‪ .‬هبذه الروح ُ‬ ‫يف العمل الثوري والنشاط السلمي يف مدينة الالذقية‪ .‬فأان ابنة عائلة سنيَّة‬ ‫األمرين من هذا النظام املستبد‪ .‬والدي ُمعتقل سابق‪ ،‬خايل خمت ٌل‬ ‫عانت َّ‬ ‫أخت‬ ‫عقلياً اليوم‪ ،‬بعد أن قضى سنوات طويلة يف سجون األسد‪ ،‬وأان ٌ‬ ‫وحيدة لشابني‪ ،‬أحدمها ممنوع من العودة إىل الوطن بتهمة إحراق السفارة‬ ‫السورية يف قربص‪ ،‬واآلخر معتق ٌل يف أقبية النظام منذ سنتني‪ .‬هنا أذكر‬ ‫أبن الالذقية عانت ما مل تعانِه أية حمافظة أخرى على ي ِد هذا النظام‪ ،‬من‬ ‫تكبت وقتها مل‬ ‫أحداث محاه وطرابلس مشال لبنان‪ ..‬لكن اجملازر اليت ار ْ‬ ‫تستطع الوصول إىل الساحة اإلعالمية والرأي العام كما حيدث اليوم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ورصدت‬ ‫اعتبارك انشطة يف احلراك الشبايب داخل مدينة الالذقية‪،‬‬ ‫ على‬‫غن كثب حال هذا احلراك‪ ،‬كيف تقيمني أداء الشباب السوري يف تلك‬ ‫املناطق؟‬

‫• حاورهتا سيدة سوراي‬

‫لنكن واقعيني‪ ،‬لن أجامل ولن أخوض يف الشعارات‪ ..‬ص ِّدقين‪ ،‬أان ال‬ ‫أابلغ حني أقول لك إن ‪ % 1.5‬فقط من أبناء مدينة الالذقية يتجاوبون مع‬ ‫حالة احلراك الثوري العام‪ .‬رمبا أكثرية األهايل هناك متضامنون ومؤيدون‬ ‫للثورة ضمنيَّاً‪ ،‬لكن القليل منهم ميلك اجلرأة على العمل والنشاط الثوري‬ ‫يف ظل القبضة األمنية والتشبيحية‪ ،‬خاصة يف تلك املناطق‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫استطعت إذاً كفتاة اإلفالت من هذه القيود األمنية ومزاولة‬ ‫ كيف‬‫نشاطك الثوري؟‬ ‫استفدت من هيئيت اليت مل تكن توحي لعناصر األمن‬ ‫بكل صراحة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫والشبيحة داخل املدينة وعلى احلواجز ابخنراطي يف العمل الثوري‪ .‬منط‬ ‫مالبسي خدعهم‪ ،‬وهؤالء ابتوا يرِّكزون كثرياً على اهليئة اخلارجية‪ ،‬بعد‬ ‫أن َّ‬ ‫صدقوا كذبتهم أن ما جيري هو جمرد أعمال إرهبية‪ ،‬وابلتايل من غري‬ ‫املمكن أن تتفاعل معه مناذج ترتدي الـ «سبور» على شاكليت مث ً‬ ‫ال ‪..‬‬ ‫وتدر ِ‬ ‫ِ‬ ‫جك يف ميادين هذا‬ ‫ ح ِّدثينا عن طبيعة‬‫نشاطك يف الثورة‪ّ ،‬‬ ‫النشاط؟‬ ‫كنت أكتفي مبتابعة جمرايت األحداث يف سوراي‪ ،‬وأغوص يف‬ ‫بداي ًة ُ‬ ‫عملت على توثيق جرائم النظام‬ ‫تفاصيل الدماء اليت يضحي هبا السوريون‪ُ .‬‬ ‫قدر استطاعيت وأرشفتها مبقاطع فيديو وصور‪ ،‬إضافة إىل األمساء ومجيع‬ ‫كنت‬ ‫البياانت اليت كنت أستطيع احلصول عليها خبصوص كل جمزرة‪ُ .‬‬ ‫ذكرت لك سابقاً‪ ،‬كانت لطريقة لبسي الـ‬ ‫أعمل لوحدي يف هذا‪ .‬وكما ُ‬ ‫انتقلت للعمل يف‬ ‫«سبور» فائدة كبرية للعمل مبساحة من احلرية‪ ،‬وهكذا‬ ‫ُ‬ ‫محل سياريت اليت أقودها بنفسي مبواد طبية وأعرب‬ ‫كنت أُ ِّ‬ ‫احلقل اإلغاثي‪ُ .‬‬ ‫حواجز النظام دون أن أتعرض للتفتيش‪ ،‬وصوالً إىل إحدى النقاط اليت‬

‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪15 2014‬‬


‫تفصل بني املناطق اخلاضعة لسيطرة النظام يف‬ ‫محص وحي اباب عمرو الثائر وقتها‪.‬‬ ‫هناية العام ‪ 2012‬ازداد التشديد على احلراك‬ ‫قررت البدء مبرحل ٍة‬ ‫الثوري والنشاط اإلغاثي‪ُ ،‬‬ ‫أخرى من العمل وهي األكثر خطورة رمبا‪،‬‬ ‫أعلم أبن رصاصة واحدة هي مثن‬ ‫ُ‬ ‫كنت ُ‬ ‫قررت العمل‬ ‫حيايت‪ ،‬يف حال انكشف أمري‪ُ .‬‬ ‫يف التجسس على رجاالت َّ‬ ‫حمددين من األمن‬ ‫والشبيحة لصاحل الثوار‪ .‬مستفيد ًة ابلطبع من‬ ‫شبكة عالقات نسجتُها مع املؤيدين القريبني‬ ‫وقررت املضي يف هذا العمل‬ ‫من هذه الفئة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫اجلديد واخلطري‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تعرضت لالعتقال بتهمة‬ ‫ يف هذه الفرتة‬‫ِ‬ ‫قادتك إىل حماكم «اإلرهاب»‪،‬‬ ‫«جنائية»‬ ‫ح ِّدثينا عن هذه التجربة؟‬ ‫ٍ‬ ‫حديث ودي مع جمموعة من الشباب‬ ‫كنت يف‬ ‫ُ‬ ‫عن أسعار العقارات يف مدينة الالذقية‪ ،‬ومن‬ ‫تطرقنا إليها كانت قصة‬ ‫بني القصص اليت َّ‬ ‫شاب يدعى (ع‪.‬ج) اليت مسعتُها من خطيبته‪،‬‬ ‫حيث قالت يل أبن خطيبها ابع إحدى حملاَّ ته‬ ‫ُ‬ ‫يف املدينة مببلغ ‪ 35‬مليون لرية سورية‪ ،‬بعدها‬ ‫تعرض الشاب املذكور لعملية اختطاف‪،‬‬ ‫أبايم َّ‬ ‫فاقتحمت جمموعة أمنية منزيل واقتادتين إىل‬ ‫ْ‬ ‫إحدى الفروع‪ ،‬هناك مت التحقيق معي بشأن‬ ‫هذه احلادثة‪ ،‬اليت مل أكن أعلم عنها شيئاً‪،‬‬ ‫وبعد ساعات من التحقيق تبينَّ يل وعلى ضوء‬ ‫الكالم الذي قاله يل احملقق ابحلرف‪« :‬روحي‬ ‫اراتحي ابلغرفة‪ ،‬مايف شي عليك‪ ،‬شغلتلك‬ ‫كلها عالك»‪ .‬وأثناء تواجدي يف الغرفة‪،‬‬ ‫سألت إحدى الفتيات املتوجدات هناك عن‬ ‫ُ‬ ‫احتمال مدامهة منزيل وتفتيشه‪ ..‬بعد احلديث‬ ‫الذي دار بيين وبني هذه الفتاة يف الغرفة‪ ،‬طلبين‬ ‫مدير مكتب العميد يف الفرع‪ ،‬واصطحبوين‬ ‫إىل منزيل للتفتيش‪ ،‬لألسف كان ذلك بسبب‬ ‫وشاية من الفتاة ذاهتا‪ ،‬وهذا ما أكدته يل الفتاة‬ ‫بعثت يل ابعتذار أثناء تواجدي يف سجن‬ ‫اليت ْ‬ ‫درعا فيما بعد‪ .‬قامت جمموعة أمنية بتفتيش‬ ‫حمتوايت املنزل وفتح حسايب الشخصي على‬ ‫تعرض‬ ‫الفيسبوك‪ ،‬حيث كان احلساب قد َّ‬ ‫للكثري من اإلبالغات مما أدى إىل إغالقه بعد‬ ‫أن قام االصدقاء هبذه العملية حني علموا أبمر‬ ‫‪ 16‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬

‫اعتقايل‪ .‬إال أهنم عثروا على بطاقات ذاكرة‬ ‫حتوي أغلب نشاطايت من تقارير إعالمية وأرقام‬ ‫توثيق جرائم النظام‪ ،‬ابإلضافة إىل عثورهم على‬ ‫مكاملايت احملفوظة عرب السكايب مع الثوار‬ ‫والنشطاء‪ ،‬وهنا تبينَّ هلم أبين فاعلة يف النشاط‬ ‫الثوري وتفاجأ الضابط الذي قال يل وقتها‪:‬‬ ‫«لك انيت ما طلعيت عرعورية بس‪ ،‬انيت عرعورية‬ ‫و و و»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫قضيتك بعدها‪ ،‬وهل‬ ‫ كيف مت التعامل مع‬‫ِ‬ ‫اعتقلوك أول األمر‬ ‫جتاوزوا اجلرمية اجلنائية اليت‬ ‫بسببها؟‬ ‫على اإلطالق‪ ،‬استمروا يف التحقيق معي‬ ‫بذات اجلرمية اجلنائية‪ ،‬وأجربوين على توقيع‬ ‫يتضمن هتماً بتحريضي على‬ ‫ضبط جنائي‬ ‫َّ‬ ‫اخلطف‪ ،‬ابإلضافة إىل التحقيق يف املواضيع‬ ‫األخرى املتعلقة بنشاطي الثوري‪ ،‬الذي يرون ُه‬ ‫من صالحيات حمكمة اإلرهاب‪ .‬مت ترحيلي إىل‬ ‫دمشق‪ ،‬وإيداعي سجن عدرا الذي ابت يضم‬ ‫قسماً خاصاً للمحكومني جبرائم اإلرهاب‪.‬‬ ‫كانت معي يف سجن عدرا الناشطة االعالمية‬ ‫(ر‪ .‬ك)‪ ،‬قضينا سويَّة ما يقارب الستة أشهر‪،‬‬

‫ننتظر مبادل ًة أو تسوي ًة ما يعقدها الثوار مع‬ ‫ُ‬ ‫النظام‪ ،‬ألننا كنَّا نعلم استحالة تربئتنا من هتم‬ ‫هت إلينا من قبل احملكمة‬ ‫وج ْ‬ ‫االرهاب اليت ِّ‬ ‫املختصة‪.‬‬ ‫ كيف كان يتم التعامل ِ‬‫معك من قبل‬ ‫النظام؟‬ ‫الضغط النفسي هناك يفوق كل العذاابت‬ ‫اجلسدية‪ ،‬التحقيق يبدأ يف الساعات اليت‬ ‫حتاول االسرتاحة فيها‪ ،‬الثانية‪ ،‬الثالثة أو الرابعة‬ ‫صباحاً‪ ..‬عدا اإلجراءات االستثنائية من قبيل‬ ‫بقائي ليلتني يف ابحة السجن كعقوبة إضافية‪،‬‬ ‫والتهديدات املتكررة ابالغتصاب‪ ،‬األمر الذي‬ ‫كنت ُّ‬ ‫أرد عليه ابلقول‪« :‬خذوا ما تشاؤون من‬ ‫ُ‬ ‫اعرتافات لكن ال تقرتبوا مين‪ ،‬أان مع أسامة بن‬ ‫الدن‪ ،‬أان إرهابية أدعو لتخريب البلد وكل ما‬ ‫تريدونه‪ ،‬لكن ال تقرتبوا مين»‪.‬‬ ‫ كيف متت عملية إخالء سبيلكن بعدها؟‬‫كنت وصديقيت الناشطة‬ ‫‪ُ 2013-3-10‬‬ ‫العالمية (ر‪ .‬ك) من بني األمساء اليت ابدلت‬ ‫هبا جبهة النصرة راهبات معلوال مع النظام‪،‬‬ ‫مكثت ألايم يف منزل صديقيت‬ ‫خرجت مث‬ ‫ُ‬ ‫املفرج عنها أيضاً‪ ،‬وحينها بدأت تصلنا رسائل‬ ‫من النظام عن ضرورة مراجعتنا لألمن الستالم‬ ‫نعلم أبهنم خيططون إلعادة‬ ‫أمانة هناك‪ ..‬كنا ُ‬ ‫اعتقالنا‪ ،‬لكنهم خيشون من تنفيذ ذلك بشكل‬ ‫مباشر خوفاً من الفضائح اإلعالمية بعد أن‬ ‫ُسلِّطلت األضواء على قضية املبادلة الشهرية‪،‬‬ ‫هلذا قرران وصديقيت (ر‪.‬ك) ترك البالد‪ ،‬كنا‬ ‫حنمل معنا أوراقاً من بيان دعوى للمثول أمام‬ ‫حمكمة االرهاب‪ ،‬ابإلضافة إىل أم ٍر بتسهيل‬ ‫مروري من احلواجز العسكرية كوين من حمافظة‬ ‫أخرى‪ ،‬وهي ورقة حيصل عليها كل معتقل لدى‬ ‫النظام‪ ،‬توجهنا إىل ريف إدلب احملرر وابلتحديد‬ ‫البوابة احلدودية مع تركيا‪/‬معرب ابب اهلوى‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫حكايتك مع «حركة أحرار الشام»‬ ‫ نعتقد أبن‬‫ِ‬ ‫احتجازك؟‬ ‫بدأت هنا‪ ،‬كيف‪ ،‬وملاذا مت‬ ‫ْ‬ ‫وصلنا إىل البوابة احلدودية قبيل انتهاء ساعات‬ ‫الدوام الرمسي يف الرابعة عصراً‪ ،‬وكدان نعرب إىل‬ ‫أن رأى العنصر التابع ألحرار الشام على املعرب‬ ‫ورقة تسهيل العبور على احلواجز‪ ،‬وكنت تركتها‬ ‫ضمن جواز سفري كورقة عادية أمحلها‪ ،‬قرأها‬


‫ومل يفهم ما هبا حاولنا الشرح‪ ،‬لكنه فضل‬ ‫االتصال ابلضابط‪ ،‬وحاولنا إفهام الضابط‬ ‫لكنه قام ابلتحقيق معنا (وكنا ثالث فتيات‬ ‫معاً) جمموعة من األسئلة‪ ،‬مث قال إننا نستطيع‬ ‫السفر‪ ،‬لكن املعرب كان قد أقفل‪ ،‬وهكذا خريان‬ ‫بني البقاء فيما يؤمن لنا النوم يف املعرب‪ ،‬أو‬ ‫العودة من حيث أتينا والرجوع يف اليوم التايل‬ ‫للعبور‪ ،‬وكان األمر حمفوفاً ابلكثري من املخاطر‪،‬‬ ‫تبدأ بقاطعي الطرق وال تنتهي ابلقصف‪ ،‬فال‬ ‫ميكن إضاءة أنوار السيارة لي ً‬ ‫ال ألن اإلضاءة‬ ‫تستجلب قصف النظام‪ .‬مكثنا يف غرفة القائد‬ ‫العسكري للمعرب حيث قدمها لنا مشكوراً‪ ،‬يف‬ ‫الليل استدعاين ضابط أمن املعرب (وهو اتبع‬ ‫ألحرار الشام) للتحقيق‪ ،‬رمبا كان يريد تربير‬ ‫مكوثنا كنساء يف املعرب بداعي التحقيق‪.‬‬ ‫ رمبا تُعتربين من احلاالت القليلة‪ ،‬اليت خربت‬‫سجون النظام وأساليب التحقيق هناك‪ ،‬ومن‬ ‫مث مت توقيفك يف إحدى «اجلهات األمنية»‬ ‫احملسوبة على الثورة‪ ،‬كيف تقيمني أداءهم‬ ‫عن طريق إجراء مقارنة بسيطة بني التجربتني‬ ‫الشخصيتني ِ‬ ‫لك؟‬ ‫بكلمة واحدة أستطيع القول‪ ،‬وبكل صراحة‪،‬‬ ‫إن ذاك احملقق فاق يف طغيانه حمققي أمن‬ ‫فجة يف تعاملها‪ ،‬حىت‬ ‫النظام‪ ،‬شخصية متزمتة َّ‬ ‫إنه كان يرى يف رضى جبهة النصرة مبادليت‬ ‫براهبات معلوال غبناً للمجاهدين! فكيف‬ ‫يرضى اجملاهدون اإلفراج عن سافرة مثلي‪ ،‬بينما‬ ‫احلرائر يف السجون‪ .‬كان يكرر على مسمعي‬ ‫ُّ‬ ‫تستخف بعملي الثوري من قبيل‪:‬‬ ‫أحاديث‬ ‫«أنتو النسوان شو بدكون ابلثورة»‪« .‬أص ً‬ ‫ال‬ ‫الثورة خربت من وراكون»‪.‬‬ ‫لكن املفارقة يف املوضوع أن هذا احملقق‪ ،‬استند‬ ‫يف اهتامه يل‪ ،‬جبرمية مقتل أحد املواطنني‪ ،‬على‬ ‫مطوالً‬ ‫ضبط أحد فروع أمن النظام!‬ ‫شرحت له َّ‬ ‫ُ‬ ‫كيفية اهتامهم يل وخلفياته‪ ،‬ابإلضافة إىل دواعي‬ ‫محل هذه الورقة اليت تتضمن أمراً ابلسماح يل‬ ‫املرور عرب حواجز النظام‪ ،‬لكن كل ذلك مل جي ِد‬ ‫نفعاً‪ ،‬واستمر احملقق يف تعنّته‪.‬‬ ‫يف اليوم التايل‪ ،‬مت اإلفراج عن صديقيت‪،‬‬ ‫واالحتفاظ يب لدواع التحقيق‪ ..‬حاولنا بشىت‬ ‫السبل إقناعه للعدول عن رأيه‪ ،‬األمر الذي زاده‬

‫تعنتاً‪.‬‬ ‫ أثناء فرتة تو ِ‬‫اجدك يف احلجز لدى «أحرار‬ ‫ِ‬ ‫مقتلك‪ ،‬وروَّجت‬ ‫اردت أنباء عن‬ ‫الشام» تو ْ‬ ‫لذلك منابر إعالمية قريبة من النظام السوري‪،‬‬ ‫أمل تتمكين من التواصل مع قيادات أخرى‪ ،‬أو‬ ‫جهات قضائية يف الثورة؟‬ ‫مسعت أبمر مقتلي فيما بعد (ضاحكة)‪..‬‬ ‫نعم‪ُ ،‬‬ ‫ال أري ُد أن يُفهم حديثي السابق على أنه مقارنة‬ ‫بني معاملة أمن الثورة وأمن النظام‪ ،‬ابعتقادي‪،‬‬ ‫أبو حممد «احملقق الثورجي» هو فرٌد من بني‬ ‫عشرات بل ومئات األصوات الثورية احلقيقية‪،‬‬ ‫وهذا ما أثبته يل أحد قضاة احملكمة الشرعية‬ ‫أثناء عرض قضييت عليه ألول مرة‪ ،‬حيث استمع‬ ‫الرجل إىل قصيت ابلكثري من رحابة الصدر‪،‬‬ ‫كنت أشارك يف احلراك الثوري‬ ‫وحني علم أبين ُ‬ ‫بدأ بتشجيعي والثناء على عملي‪ ،‬مث طالب‬ ‫احملقق بتقدمي أدلته على التهم اليت يوجهها يل‬ ‫سواء اجلنائية‪ ،‬أو تلك اليت تتحدث جزافاً عن‬ ‫عالقيت ابلنظام‪.‬‬ ‫وأخذين القاضي معه إىل منزله‪ ،‬مع اإلحلاح‬ ‫على مساع الشهود يف اليوم التايل حلسم القضية‪،‬‬ ‫فمكثت مع زوجة القاضي وعائلته تلك الليلة‬ ‫ُ‬

‫يف إحدى بلدات ريف إدلب احملرر‪ ،‬يف اليوم‬ ‫التايل (وكان قد مر ثالثة عشر يوماً على‬ ‫تواجدي يف احلجز لدى أحرار الشام)‪ ،‬طلبت‬ ‫احملكمة الشرعية تقدمي االدعاء‪ ،‬الذي كان قد‬ ‫قُ ِّدم عن طريق حما ٍم عيَّنه أخ الشاب املقتول‪،‬‬ ‫حيث يتهمين فيه ابلضلوع يف القتل‪ ،‬األمر‬ ‫الذي كان ينطوي على الكثري من التناقض مع‬ ‫ضبط األمن العسكري نفسه الذي يعتمدون‬ ‫عليه‪ ،‬والذي وصفين بـ «احملرض على اخلطف»‬ ‫فقط لكن دون دليل‪.‬‬ ‫بعد مساع الشهود قررت احملكمة الشرعية‬ ‫(مكونة من قاضي قضاة ومستشار) تربئيت من‬ ‫التهمة اجلنائية‪ ،‬إضافة إىل هتمة العمالة للنظام‪،‬‬ ‫بعد أن فشل أبو حممد واالدعاء بتقدمي األدلة‬ ‫أو الشهود الذين طالبت هبم احملكمة الشرعية‪،‬‬ ‫ومت تصوير البيان الذي ُح ّرِر هبذا اخلصوص‬ ‫ونشر على شبكة اإلنرتنت كتربئة لساحيت‪.‬‬ ‫أيك مت اإلفراج ِ‬ ‫ مل بر ِ‬‫عنك ؟‬ ‫أعتق ُد أبن العدالة أتخذ جمراها يف هناية املطاف‪،‬‬ ‫أرجح أبن األسباب املباشرة كانت تكمن‬ ‫لكن ِّ‬ ‫حس املسؤولية الذي اتصفت‬ ‫يف أمرين‪ :‬أوهلما ُ‬ ‫به احملكمة الشرعية‪ ،‬والذي ظهر يف اتزان القضاة‬ ‫وسعيهم إلحقاق احلق وإنصاف املظلومني‪،‬‬ ‫وهو سعي تلمسه يف تعاملهم ومساحتهم‪ ،‬على‬ ‫وجتن وهو‬ ‫عكس ما بدر من احملقق من قسوة ٍّ‬ ‫ما أعتربه هنا تصرفاً فردايً‪.‬‬ ‫والثاين الضغط اإلعالمي الذي فُرض على‬ ‫حركة أحرار الشام ‪ ،‬خاصة بعد ترويج النظام‬ ‫لدعاية مقتلي على أيديهم‪ ..‬انهيك طبعاً عن‬ ‫متابعة أصدقائي والنشطاء اإلعالميني‪ ،‬وحضور‬ ‫عدد منهم جلسة احملاكمة النهائية‪.‬‬ ‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪17 2014‬‬


‫نساء سوريا‪ ..‬ال جنسية ألبنائكن‬

‫‪ 18‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬

‫• كتبتها ابإلنكليزية‪ :‬دميا موسى‬ ‫• نقلها إىل العربية‪ :‬مراد عيد‬


‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪19 2014‬‬


‫أثر السياسة في قوانين األحوال الشخصية‬ ‫في الصراع بين الحداثة والتقليد‬ ‫شاركت املرأة العربية يف كافة دول الربيع العريب يف حركة التغيري‪ ،‬على أمل حتقيق عدالة‬ ‫أفضل‪ ،‬تلغي التمييز على أساس اجلنس يف احلياة والقوانني‪ ،‬لتليب حاجات املرأة متاشياً مع‬ ‫تطور اجملتمع على طريق املساواة‪ ،‬اللبنة األساس يف بناء جمتمعات املواطنة ضد أي متييز يف‬ ‫احلقوق والواجبات على أساس اجلنس أو الدين أو العرق‪ ،‬بني أبناء اجملتمع الواحد‪.‬‬ ‫يف مصر كان للمرأة ثقل متميز يف احلراك الثوري‬ ‫اجلماهريي ضد سياسات مجاعة اإلخوان‬ ‫املسلمني وإفشال حماوالهتم يف استغالل‬ ‫السلطة‪ ،‬ومترير قوانني تنال من مكتسبات‬ ‫املرأة ابسم املقدس الشرعي والشرعية‪ ،‬أخذت‬ ‫السلطة االنتقالية اجلديدة ختاطب النساء‪ ،‬وتثين‬ ‫على دورهن يف ثورة التغيري الثانية‪ .‬يف خطوة‬ ‫إىل الوراء حدث يف العراق أن احلكومة العراقية‬ ‫أحالت قانون األحوال الشخصية إىل الربملان‬ ‫على أساس املذهب اجلعفري إلقراره بدالً من‬ ‫القانون العراقي القائم‪ ،‬لغاايت سياسية أمهها‬ ‫تكريس االنقسام الطائفي‪ ،‬وحماولة حكومة‬ ‫املالكي تعزيز حضورها يف االنتخاابت القادمة‪،‬‬ ‫على أساس طائفي يف مواجهة القوى الوطنية‬ ‫اجلامعة‪ ،‬وخلطب ود ودعم رجال الدين‬ ‫الشيعة ‪ ،‬كان هلذا القرار أن يساهم يف أتجيج‬ ‫االقتتال القائم يف األنبار‪ ،‬واالستقطاب على‬ ‫أسس طائفية بني مكوانت الشعب العراقي‪،‬‬ ‫مت االحتجاج على مشروع القانون من النساء‬ ‫والقوى الوطنية العراقية اليت تنادي ابملساواة‬ ‫واحلداثة‪ ،‬خوفاً من مترير هذا القانون الذي جييز‬

‫‪ 20‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬

‫زواج القاصرات منذ سن الثامنة‪ ،‬مع العلم أن‬ ‫القانون يف العراق يعتمد على املذهب الشيعي‬ ‫بقضااي اإلرث اليت تبدو أكثر حترراً من بقية‬ ‫املذاهب‪.‬‬ ‫يف سوراي تعاين املرأة األمرين يف مناطق سيطرة‬ ‫القوى املتشددة (وخاصة تنظيم دولة اإلسالم‬ ‫يف العراق والشام)‪ ،‬حيث تتم مالحقة املرأة‬ ‫يف لباسها وحتركها‪ ،‬وتعاقب ابلقتل والرجم‪،‬‬ ‫والسجن‪ .‬النظام السوري الذي فشل يف تعديل‬ ‫قانون األحوال الشخصية إلزالة التناقض بني‬ ‫القانون والدستور وفق قاعدة عدم دستورية‬ ‫القوانني التمييزية‪ ،‬على الرغم من أنه قادر على‬ ‫فرض أي قانون دون أن يواجه أبي اعرتاضات‪،‬‬ ‫غري أن االستبداد يقوم على هتميش دور اجملتمع‬ ‫خاصة النساء‪ .‬أخذ النظام يستغل هذه القوانني‬ ‫يف سعيه لكسب والء رجال الدين لصفه‪ ،‬لكن‬ ‫للشهادة النظام حيقق املساواة التامة بني الرجال‬ ‫والنساء يف السجون‪ ،‬واحلرمان من احلقوق‪ .‬يف‬ ‫سوراي مت إجراء تعديالت خمتلفة على قانون‬ ‫األحوال الشخصية ابلرجوع إىل مذاهب فقهية‬

‫• سحر حوجية‬

‫أخرى مع أن املذهب املعتمد بشكل رمسي‬ ‫هو املذهب احلنفي يف حال غياب النص أو‬ ‫غموضه‪ .‬إذن القوى الطائفية املتشددة بدأت‬ ‫تعرب عن نفسها يف سياستها ضد املرأة على‬ ‫أساس الشريعة‪ ،‬وهذا يشري إىل نكوص يف‬ ‫اجملتمع كلما قويت شوكة هذه القوى‪ ،‬يف‬ ‫تقييد حرية نصف اجملتمع‪ ،‬والسيطرة عليه من‬ ‫أجل إضعاف اجملتمع برمته‪ .‬إن قضية الصراع‬ ‫بني الوحي والعقل بني احلداثة والتقليد‪ ،‬متتد‬ ‫جذورها يف التاريخ العريب واإلسالمي‪ ،‬بدأ‬ ‫الصراع بني القدرية واجلربية‪ ،‬واستمرت بني‬ ‫املعتزلة واألشاعرة‪ ،‬وأصبحت فيما بعد نزاعاً‬ ‫بني الوحي وبني أنصار العقل‪ ،‬حيث يكون‬ ‫مصدر العدالة إهلي ابلدليل الذي قدمه الوحي‪،‬‬ ‫أصر آخرون على ضرورة إعمال العقل لفهمه‪.‬‬ ‫عامل االجتماع ابن خلدون أكد على أن العدل‬ ‫اإلهلي مفهوم جمرد‪ ،‬واقرتح مفهوماً دنيوايً للعدل‬ ‫وأوضح أن معيار العدل على املستوى العملي‬ ‫نتاج للعادات االجتماعية واألعراف والتقاليد‬ ‫احمللية‪ ،‬اليت ال تتفق دائماً مع الوحي والعقل‪.‬‬ ‫يف العصر احلديث‪ ،‬متت إعادة النظر يف العدل‬ ‫اإلهلي على يد مفكرين من املسلمني‪ ،‬بعد أن‬ ‫أدركوا أنه مل يعد يالئم الواقع‪ ،‬حيث انقسم‬ ‫العلماء املسلمون حول مسألة تبين مقاييس‬ ‫العدل الغربية إىل مدرستني‪ :‬األوىل النهضوية‬ ‫يدعى أتباعها ابألصوليني‪ ،‬تتألف من العلماء‬ ‫الذين رفضوا املعايري األجنبية ألهنا تتناقض مع‬ ‫املعايري اإلسالمية حبجة كوهنا علمانية‪ .‬أما‬ ‫املدرسة التحديثية فهي تضم علماء تلقوا تعلميهم‬ ‫يف الغرب أو يف مؤسسات أنشئت على النمط‬ ‫الغريب‪ ،‬طالبوا بتبين املعايري العلمانية الغربية‬ ‫بصرف النظر عما إذا كانت تالئم األعراف‬ ‫اإلسالمية أم ال‪ .‬قسم من العلماء وافق على‬ ‫األخذ ببعض املعايري الغربية يف العدالة‪ ،‬غري أن‬ ‫معظم العلماء رفضوا تبين شامل للمفاهيم الغربية‬ ‫اليت جاءت حتت أتثري املوجات األيديولوجية‬ ‫احلديثة‪ :‬القومية واالشرتاكية والليربالية وغريها‪،‬‬


‫حيث جند أنه يف أوائل القرن التاسع عشر وافقوا‬ ‫على قوانني وإجراءات قضائية حديثة‪ .‬مجال‬ ‫الدين األفغاين وتلميذه حممد عبده يف القرن‬ ‫الثامن عشر حاوال التوفيق بني املدرستني‪ .‬شهد‬ ‫العامل اإلسالمي بعد احلرب العاملية األوىل حتوالً‬ ‫كبرياً من دولة عاملية إمرباطورية إىل دول قومية‬ ‫حيث اختذ أنصار حركة احلداثة واإلصالح‬ ‫األتراك الذين ميثلون حركة ثورية ذات نفوذ كبري‬ ‫يف أواخر العهد العثماين خطوة حامسة‪ ،‬عندما‬ ‫قاموا ابستبدال معايري غربية ابملعايري اإلسالمية‬ ‫استبداالً اتماً‪ ،‬وأقدمت تركيا احلديثة على سحب‬ ‫اعرتافها ابلدولة اإلسالمية والشريعة اإلسالمية‪،‬‬ ‫ابستثناء أبواب الشريعة اليت تقتصر على معاجلة‬ ‫الشعائر الدينية والعبادات‪ .‬عندما ألغت تركيا‬ ‫دور الشريعة يف احلكم والتشريع‪ ،‬بقيت الدول‬ ‫اليت انفصلت عنها تراعيها أو تعتمدها‪ ،‬برز‬ ‫ذلك على وجه اخلصوص يف قوانني األحوال‬ ‫الشخصية‪ ،‬حيث ساهم أنصار النهضة يف‬ ‫الضغط من أجل صياغة هذه القوانني يف‬ ‫ظل ضعف نشاط وفعالية املرأة وجتاهل القوى‬ ‫السياسية حلقوق املرأة‪ ،‬غري أنه يف السنوات اليت‬ ‫تلت احلرب العاملية الثانية قامت عدة دول يف‬ ‫إحداث تغيريات كبرية يف أوضاع النساء نتيجة‬ ‫ضغوط شعبية‪ ،‬على سبيل املثال‪ :‬مت إلغاء عدد‬ ‫الزوجات تونس والعراق‪ ،‬يف مصر وسوراي مت‬ ‫وضع قيود على تعدد الزوجات‪ ،‬ولكن الطالق‬ ‫بقي من حق الرجل‪ ،‬لقد عدل القانون العراقي‬ ‫سنة ‪ 1963‬حتت ضغط رجال النهضة‪،‬‬

‫القوى اليت متثل النهضة يف تونس مل تقل كلمتها‬ ‫فيما إن كانت هذه املبادئ تتعارض مع املعايري‬ ‫اإلسالمية أم ال‪ ،‬غري أن حزب النهضة يف تونس‬ ‫بعد أن وصل إىل السلطة مل يستطع أن ميس‬ ‫مكتسبات املرأة التونسية يف القانون‪ ،‬على الرغم‬ ‫من جدل تعارضها مع الشريعة‪ ،‬بسبب الدور‬ ‫الفاعل للمرأة التونسية وقوة تيارات احلداثة اليت‬ ‫تفرض نفسها على اجملتمع برمته خالل نصف‬ ‫قرن من سيطرة قوى قومية تدعي العلمانية‬ ‫على احلكم يف أكثر من بلد عريب‪ .‬لكن قوانني‬ ‫األحوال الشخصية متيزت ابجلمود أو تطورت‬ ‫ببطء‪ ،‬وحتت ضغط احلاجة مت إجراء تعديالت‬ ‫طفيفة مثل تعديل سن احلضانة‪ .‬كما انلت‬ ‫املرأة حقوقاً يف كثري من الدول نتيجة نضاالت‬ ‫ومطالب املرأة واألحزاب كما يف املغرب العريب‪.‬‬ ‫مبوجب التعديل مت إقرار تعدد الزوجات لكن‬ ‫بقيود‪ ،‬كما بقي قانون العائلة التونسي األكثر‬ ‫تطوراً يف مواجهة العدل الكالسيكي بعد أن‬ ‫أجري عليه تعديل جذري لصاحل النساء‪ ،‬يقوم‬ ‫التعديل على ثالثة مبادئ أساسية‪ :‬إلغاء تعدد‬ ‫الزوجات على أساس استحالة العدل بني‬ ‫الزوجات وفقاً لآلية الكرمية النساء ‪،129‬‬ ‫ومنح القانون املرأة حق الطالق أسوة ابلرجل‬ ‫على أن حيصل يف احلالتني بعد جلسة قضائية‬ ‫تعرض فيها أسباب الطالق‪ ،‬إضافة إىل منح‬ ‫النساء حقوقاً متساوية مع الرجال يف اإلرث‪.‬‬

‫يف سوراي مت إجراء تعديالت خمتلفة على‬ ‫قانون األحوال الشخصية ابلرجوع إىل‬ ‫مذاهب فقهية أخرى مع أن املذهب‬ ‫املعتمد بشكل رمسي هو املذهب احلنفي‬ ‫يف حال غياب النص أو غموضه‪ .‬إذن‬ ‫القوى الطائفية املتشددة بدأت تعرب عن‬ ‫نفسها يف سياستها ضد املرأة على أساس‬ ‫الشريعة‪ ،‬وهذا يشري إىل نكوص يف اجملتمع‬ ‫كلما قويت شوكة هذه القوى‪ ،‬يف تقييد‬ ‫حرية نصف اجملتمع‪ ،‬والسيطرة عليه من‬ ‫أجل إضعاف اجملتمع برمته‪.‬‬ ‫جند يف ساحة الفعل السياسي يف مرحلة التغيري‬ ‫ظاهرة األحزاب الدينية اليت تعتمد الشريعة‬ ‫مرجعاً ممثلة ابإلخوان املسلمني‪ ،‬قوى اعرتفت‬ ‫ابلعدل السياسي احلديث وانتمائها للعصر من‬ ‫انتخاابت ودميقراطية وجمتمع مدين ومواطنة‪،‬‬ ‫استطاعت الوصول للحكم‪ ،‬لكن يف الواقع‬ ‫العملي‪ ،‬عانت من تناقضات اصطدمت مع‬ ‫حقوق املواطنني فابتعدوا عنها خاصة النساء‪،‬‬ ‫بعد أن عملوا على تفسري الشريعة وفق نسق‬ ‫تقليــد إسالمي ب ــطريركي‪ ،‬حي ــث إن القوانني‬ ‫املعادية للنساء وضعت حتت غطاء األسلمة‬ ‫عندما عزوا إىل أنفسهم‪ ،‬بغري حق‪ ،‬حتديد‬ ‫احلاالت االجتماعية والقدرية للنساء‪.‬‬ ‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪21 2014‬‬


‫هل يمكن أن يؤدي جفاف‬ ‫الجلد إلى مضاعفات أخرى !!‬

‫• هادية اخلطيب‬

‫اجللد وفقدانه مرونته‪.‬‬ ‫ماهو جفاف اجللد‪:‬‬ ‫هو نقصان املاء من طبقات اجللد وخاصة الطبقة السطحية‪ ،‬حيث ‪ -‬أمراض الغدة الدرقية‪ :‬تؤدي أيضاً إىل جفاف اجللد‪.‬‬ ‫تفقد خالاي اجللد احليوية‪ ،‬ما يتسبب يف ظهور التجاعيد وتشقق ومن املمكن أن تكون مشكلة جفاف اجللد مشكلة مؤقتة‪ ،‬فإن أكثر‬ ‫اجللد‪ ،‬وميكن (يف حاالته احلادة) أن يكون سبباً من أسباب املؤثرات األماكن اليت تصاب ابجلفاف هي الذراع واجلزء األسفل من الساق وعلى‬ ‫جانيب البطن‪ ،‬حيث يعاين املصاب جبفاف اجللد من األعراض التالية‪:‬‬ ‫اخلارجية لإلكزميا اليت تصيب اجللد‪.‬‬ ‫يصيب اجلفاف الذكور واإلانث‪ ،‬الكبار والصغار‪ ،‬ولكن األكثر عرضة ‪ -‬وجود بقع محراء على سطح اجللد‪.‬‬ ‫قاس وخشن‪ ،‬وخاصة بعد االستحمام أو‬ ‫جلفاف اجللد هم‪:‬‬ ‫ إحساس أبن اجللد مشدود‪ٍ ،‬‬‫كبار السن‪ ،‬ومن يعيشون يف املناطق الباردة اجلافة‪ ،‬ومن يستحمون السباحة‪ ،‬وذلك بسبب فقدان الطبقة الدهنية اليت تكون موجودة على‬ ‫سطح اجللد واليت تعطيه امللمس الناعم‪.‬‬ ‫بكثرة معرضون أكثر من غريهم للجفاف‪.‬‬ ‫ومن حسن احلظ أن مجيع العوامل اليت يعود إليها جفاف البشرة ميكن ‪ -‬احلكة‪ ،‬ومن املمكن أن تكون شديدة حسب احلالة‪.‬‬ ‫ وجود خطوط وتشققات وجتاعيد ظاهرة على سطح اجللد‪ ،‬ومن املمكن‬‫السيطرة عليها‪ ،‬فمن أهم هذه العوامل‪:‬‬ ‫ العوامل اجلوية والبيئة‪ :‬حيث إن جفاف اجللد يبلغ أشده يف فصل أن تنزف هذه التشققات يف احلاالت احلادة‪.‬‬‫ويستجيب جفاف اجللد البسيط غري املصحوب مبضاعفات إىل الوقاية‬ ‫الشتاء‪ ،‬عندما تبلغ درجة احلرارة والرطوبة أدىن مستوايهتا‪.‬‬ ‫ التكييف والتدفئة‪ :‬واليت تؤدي إىل اخنفاض مستوى الرطوبة يف اجلو‪ ..‬املنزلية والعناية ابلبشرة‪ ،‬وذلك من خالل‪:‬‬‫ جتنب االستحمام املتكرر وغمر اجلسم لفرتات طويلة يف املياه‬‫مما يؤدي أيضاً إىل اجلفاف‪.‬‬ ‫ اإلفراط يف استخدام املاء‪ :‬من استحمام وسباحة‪ ،‬والغيسل ابلصابون الساخنة‪.‬‬‫واملطهرات اليت حتتوي على الكحول‪ ،‬ابإلضافة إىل ترك اجللد معرضاً ‪ -‬االهتمام برتطيب اجللد املستمر ابستخدام الكرميات والزيوت‪.‬‬ ‫للماء فرتة طويلة‪ ،‬مما يذيب الطبقة الدهنية الواقية املوجودة على سطح ‪ -‬االهتمام ابرتداء املالبس القطنية واالبتعاد عن املالبس الصوفية‪.‬‬ ‫ جتنب أنواع الصابون واملنظفات الكيميائية املركزة‪.‬‬‫اجللد‪.‬‬ ‫ التعرض مطوالً للشمس‪ :‬واألشعة فوق البنفسجية‪ ،‬اليت تفقد اجللد ويف بعض احلاالت اليت ال يتم فيها ابتاع خطوات الوقاية للمنزلية‪ ،‬أوعالج‬‫جفاف اجللد‪ ،‬ميكن أن حتدث بعض املضاعفات‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫رونقه‪ ،‬وتسبب جفافه‪.‬‬ ‫ اجلفاف‪ :‬اإلسهال أو القيء‪ ،‬ارتفاع درجة حرارة اجلسم‪ ،‬التعرق ‪ -‬العدوى البكتريية‪.‬‬‫الشديد وعدم شرب املياه بكمية كافية‪ ،‬كل ما سبق يؤدي إىل جفاف ‪ -‬جروح انجتة عن احلكة الشديدة‪.‬‬ ‫ وميكن أن تتطور احلالة‪ ،‬لتتحول إىل تقرحات جلدية وجفاف وتشقق‬‫ابجللد‪ ،‬وإصابة ابإلكزميا‪.‬‬ ‫ماهي اإلكزميا ‪:‬‬ ‫هي مرض جلدي‪ ،‬ووصف للبشرة امللتهبة املتهيجة‪ ،‬تؤدي إىل طفح‬ ‫جلدي على شكل بقع محراء جافة تسبب حكة وتورماً يف اجللد‪،‬‬ ‫مصحوابً بفقاعات خمتلفة احلجم مليئة ابلسوائل‪ .‬وهي من األمراض‬ ‫اجللدية غري املعدية‪ ،‬واليت ال تسبب تشوهات أو ندابت على اجللد‪.‬‬ ‫‪ 22‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬


‫وغالباً ما تصيب الرضع واألطفال الذين‬ ‫ترتاوح أعمارهم بني سنتني وست سنوات‪،‬‬ ‫إذ تظهر على شكل طفح جلدي يشمل‬ ‫طيات اجللد وابطن الركبة وفروة الرأس‪،‬‬ ‫واخلدين واليدين والوجه‪ ،‬ويتمثل جبفاف‬ ‫شديد للجلد‪ ،‬ويسبب احلكة‪ ،‬ومع الوقت‬ ‫تزيد مساكة اجللد وخشونته إىل أن يتشقق‪.‬‬ ‫كما أهنا تصيب البالغني‪ ،‬فتظهر على شكل‬ ‫إكزميا اليدين‪ ،‬ومن أهم أشكال اإلكزميا‬ ‫التهاب اجللد التخريشي‪ ،‬الذي يصيب رابت‬ ‫البيوت‪ ،‬وينتج عن جفاف راحة اليد بتأثري‬ ‫املواد الكيميائية والسيما املنظفات‪ ،‬وغالباً ما‬ ‫تظهر شقوق مؤملة وعميقة‪.‬‬ ‫ومبا أنه مل يتم حىت اآلن حتديد مسبب أساسي‬ ‫لإلكزميا‪ ،‬فقد أمجع األطباء على بعض العوامل‬ ‫املشرتكة اليت تؤدي إىل اإلصابة ابإلكزميا‬ ‫وهي‪:‬‬ ‫ العامل الوراثي‪ :‬وهو خلل يف بناء اجللد‪،‬‬‫ميكن أن يتوارثه أفراد األسرة املصابة‪.‬‬ ‫ جفاف اجللد‪ :‬ميكن أن يتطور جفاف اجللد‬‫يف حاالته املزمنة ليؤدي إىل خلل يف طبقات‬ ‫اجللد السطحية ومن مث تقرحات‪.‬‬ ‫ العوامل املناعية‪ :‬ميتاز اجلهاز املناعي للمصابني‬‫ابستجابته السريعة للمؤثرات البيئية‪ ،‬اليت ميكن‬ ‫أن تزيد من شدة احلالة‪ ،‬وجتنب هذه املثريات‬ ‫اخلارجية يساعد يف التحكم ابملشكلة اجللدية‬ ‫ومنع انتكاسها‪ ،‬ومن أهم هذه املثريات البيئية‬

‫اليت البد من الوقاية منها‪:‬‬ ‫‪ -1‬جتنب جفاف اجللد‪ ،‬خاصة لألشخاص‬ ‫الذين يعيشون يف املناطق اجلافة‪.‬‬ ‫‪ -2‬جتنب املواد الكيميائية مثل املنظفات‬ ‫والعطور‪.‬‬ ‫‪ -3‬جتنب التعرض املتكرر والطويل للماء‪،‬‬ ‫والذي يؤدي إىل فقدان الطبقة الدهنية اليت‬ ‫حتمي سطح اجللد‪ ،‬ويف حال التعرض للماء‬ ‫جيب التجفيف جيداً عند االنتهاء‪ ،‬واستخدام‬ ‫املرطبات اجللدية اليت تساعد على حفظ املاء‬ ‫داخل اجللد ومنعه من التبخر‪.‬‬ ‫‪ -4‬احلرص على استخدام املالبس القطنية‬ ‫وجتنب املالبس الصوفية هنائياً‪.‬‬ ‫‪ -5‬جتنب التعرق‪.‬‬ ‫‪ -6‬جتنب تقلبات الطقس احلادة والتغري السريع‬ ‫يف درجات احلرارة‪.‬‬ ‫‪ -7‬احلرص على استخدام املرطبات والزيت‬ ‫بشكل دائم على اجللد‪ ،‬لضمان ترطيب البشرة‬ ‫بشكل مستمر‪.‬‬

‫‪ -8‬جتنب املشكالت النفسية واالبتعاد عن‬ ‫التقلبات العاطفية‪.‬‬ ‫ويف حال اتباع الوقاية من هذه املثريات دون‬ ‫وجود أي حتسن ملحوظ‪ ،‬جيب زايرة الطبيب‬ ‫مباشرة‪ ،‬ألن بعض احلاالت املزمنة لإلكزميا‬ ‫وجفاف والبشرة حباجة إىل التدخل الدوائي‪،‬‬ ‫واستخدام بعض املراهم برتاكيز خمتلفة حلل‬ ‫املشكلة‪ ،‬ليعود اجللد إىل حالته الطبيعية‪.‬‬

‫لالطالع نورد الروابط التالية‪:‬‬ ‫ اجلمعية السعودية لطب األسرة واجملتمع‪ ،‬إشراف‬‫الدكتور حممد الغامدي‪ ،‬جفاف اجللد‪-03-29 ،‬‬ ‫‪.2008‬‬ ‫ القاموس الطيب‪ ،‬جفاف اجللد‪.‬‬‫‪www.medicinenet.com/dry_skin/‬‬ ‫‪.article.htm‬‬ ‫ كل يوم معلومة طبية‪ ،‬الدكتورة ندى‪.‬‬‫‪www.dailymedicalinfo.com/‬‬ ‫‪819-index.php/articles/a‬‬ ‫ اجلمعية السعودية لطب األسرة‪ ،‬الدكتورة منال‬‫خورشيد‪ ،‬إكزميا األطفال‪.‬‬ ‫‪www.ssfcm.org/public/article/‬‬ ‫‪14337/artid/160/index/secid‬‬ ‫ اجلمعية الفلسطينية لألمراض اجللدية والتناسلية‪،‬‬‫الدكتورة رايض عبد اهلادي مشعل‪ ،‬إكزميا األطفال‬ ‫(اإلكزميا التأتبية)‪.‬‬ ‫‪-2012-96/www.panarabderm.org‬‬ ‫‪tmpl=componen?32-17-11-26-08‬‬ ‫‪=layout=default&page&1=t&print‬‬

‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪23 2014‬‬


‫اضطراب مابعد الصدمة‬ ‫زملة قلب اجلندي‪ ،‬عصاب املعارك‪ ،‬صدمة القصف‪ ،‬زملة صدمة‬ ‫االغتصاب‪ ،‬واضطراب الكرب النفسي بعد الرض‪ ،‬تع ّددت‬ ‫التّسميات التيّ متثّل يف هناية املطاف أشكا ًال ملا يدعى ابضطراب‬ ‫الضغوط التالية للصدمة‪ ،‬أو ‪ ،))PTSD‬وهي اختصار لـ«‪Post‬‬ ‫‪ ،»traumati stress disorder‬الذي مت تصنيفه‬ ‫كفئة مرضية مستقلة يف الدليل التشخيصي واإلحصائي الثالث‬ ‫لالضطراابت النفسية ‪ ،DSM) (III‬وقد جاء ذلك نتيجة ملا آلت‬ ‫إليه احلرب الفيتنامية من نتائج يف غاية السوء من الناحية النفسية‪.‬‬ ‫يعترب اضطراب ما بعد الصدمة من االضطراابت ذات األثر الشديد على‬ ‫األشخاص الذين يتعرضون للصدمة وعلى حياهتم املستقبلية‪ ،‬ونظراً النتشاره‬ ‫الواسع الذي يتبع احلروب‪ ،‬وما أتيت به من قتال مسلح وأعمال وحشية‬ ‫ورؤية للقتلى واألشالء والتعذيب يف املعتقالت واالغتصاب واالنفجارات‬ ‫والقصف وكل ما ليس له عالقة ابإلنسانية ويرتك آاثراً مدمرة يف النفس‬ ‫البشرية‪ ،‬كما يف احلرب العاملية الثانية وحرب فيتنام واخلليج ولبنان والعراق‬ ‫وسورية حالياً‪ ،‬لذا انشغلت الكثري من اجلامعات واملراكز ذات التخصص‬ ‫النفسي بدراسته وتفسريه والبحث يف سبل عالجه وكيفية تطويرها‪ ،‬حيث‬ ‫إن هذا االضطراب يطال مجيع الفئات املتصارعة‪ ،‬فحىت الفئة الغالبة منها‬ ‫التسلم من آاثره‪ ،‬جنوداً ومدنيني‪ ،‬كباراً وصغاراً‪ ،‬مجيع أولئك معرضون‬ ‫يعرف أبنه‪« :‬اضطراب‬ ‫ليكونوا ضحية الضطراب ما بعد الصدمة الذي ّ‬ ‫ينجم عن تعرض الشخص حلدث مؤمل جداً يتخطى حدود التجربة‬ ‫اإلنسانية املألوفة (حروب‪ ،‬أعمال العنف‪ ،‬التعرض للتعذيب واالعتداء‬ ‫اجلسدي اخلطري واالغتصاب‪ ،‬كارثة طبيعية‪ ،‬فقدان أحد أفراد العائلة)‪،‬‬ ‫حبيث تظهر الحقاً عدة أعراض جسدية ونفسية (التجنب والتبلد‪،‬‬ ‫والتعرق واإلجفال واخلوف‪،‬‬ ‫واألفكار والصور املتخيلة‪ ،‬اضطراب النوم ّ‬ ‫وضعف الذاكرة والرتكيز‪ ،»)...‬وبذلك يكون حدوث الصدمة أمراً‬ ‫ضرورايً لإلصابة ابالضطراب‪ ،‬لتأيت االستجاابت الذاتية فيما بعد متباينة‬ ‫جتاهها‪ ،‬فلكل شخص استجابة معينة للحدث ختتلف عن غريه‪ ،‬فإما أن‬ ‫ّ‬ ‫متكنه من مواجهة الصدمة وجتاوزها‪ ،‬أو الوقوع ضحية هلا‪ ،‬وتلعب عوامل‬ ‫عدة دوراً يف استجابة الشخص‪ ،‬كمدى توازنه النفسي وغياب األمراض‬ ‫العضوية والنفسية وأدائه الوظيفي واملساندة االجتماعية اليت يتلقاها من‬

‫‪ 24‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬

‫• رشا غيبور‬ ‫احمليط‪ ،‬ولكي يتم تشخيص هذا االضطراب البد من ظهور عدة أعراض‬ ‫مع استمرارها ألكثر من شهر مثل‪-1 :‬استعادة اخلربة املؤملة سواء كان ذلك‬ ‫من خالل األفكار والذكرايت اليت اليقوى املصاب على دفعها أو األحالم‬ ‫املزعجة والكوابيس أو الشعور إبمكانية تكرار وقوع احلادث‪-2 ،‬جتنب‬ ‫املصاب لكل ما قد يرتبط ابحلادث الصادم كتجنب األشخاص أو األماكن‬ ‫اليت تذكره ابحلادث مع حماولة التهرب من األفكار واألحاديث املتعلقة‬ ‫بذلك املوقف واالنطواء على الذات‪-3 ،‬وقد تظهر لدى املريض استثارة‬ ‫زائدة تتجلى يف نوابت الغضب والسلوك العدواين والتشنج واملبالغة يف رد‬ ‫فعله جتاه اآلخرين مع صعوابت يف النوم‪ ،‬إضافة لوجود أعراض ومشكالت‬ ‫أخرى مرافقة‪ ،‬كاالكتئاب أو القلق أو األمراض اجلسدية والسلوك العدواين‬ ‫واإلدمان الكحويل‪ ،‬ويعترب العامل الزمين مهماً يف تشخيص االضطراب‪،‬‬ ‫فتشخص الصدمة أبهنا شديدة يف حال مل يستمر ظهور األعراض ألكثر‬ ‫ّ‬ ‫من ثالثة أشهر‪ ،‬وإن جتاوزت املدة املذكورة تكون الصدمة مزمنة ويف حال‬ ‫عدم ظهور األعراض إال بعد ستة أشهر‪ ،‬فهي بذلك أتخذ الشكل املتأخر‬ ‫للصدمة حيث يكون املريض يف حالة كمون‪ ،‬وكلّما كان ظهور األعراض‬ ‫سريعاً ومرتافقاً مع الدعم االجتماعي والنفسي‪ ،‬كان ذلك أفضل يف عالج‬ ‫الصدمة‪ ،‬بينما يعترب أتخر األعراض مؤشراً سلبياً يدل على إزمان املرض‪.‬‬ ‫حاولت العديد من النظرايت إجياد تفسري حلدوث هذا االضطراب فكان‬ ‫منها‪:‬‬ ‫‪1‬ـ منوذج التحليل النفسي‪ :‬والذي أُخذ عليه إمهاله لواقع احلرب والتأثريات‬ ‫اليت ترتكها على املصاب‪ ،‬معترباً الشخصية عام ً‬ ‫ال أساسياً يف حتديد مسار‬ ‫االضطراب‪ ،‬فقد أكد فرويد (من خالل الدراسات اليت أجراها على‬ ‫أشخاص عايشوا خربات يف معسكرات التدريب النازي) على وجود صراع‬ ‫نفسي قدمي‪ ،‬يقوم احلدث الصادم إبعادة تنشيطه‪ ،‬إضافة للدور الذي يلعبه‬ ‫االهتمام املتزايد من قبل احمليط ابلشخص املصاب والذي يعمل على استمرار‬ ‫االضطراب‪.‬‬ ‫‪2‬ـ منوذج معاجلة املعلومات‪ :‬ترى هذه النظرية أن الدور األساسي يف كل‬ ‫ما حيدث يعود للدماغ الذي حياول استيعاب الصدمة ومعاجلتها من خالل‬ ‫ترميزها بصورة معينة لتظهر فيما بعد على شكل سلوك‪ ،‬إال أنه يتمكن‬


‫من معاجلة قسم منها ليبقى القسم اآلخر دون‬ ‫معاجلة فتبقى املنبهات الصادمة نشطة مؤثرة يف‬ ‫الشخص املصاب الذي يلجأ إىل بعض الوسائل‬ ‫الدفاعية‪ ،‬كالنكران والتبلد والتجنب للتخلص‬ ‫منها‪ ،‬وتستمر هذه املنبهات يف غزو املصاب من‬ ‫وقت آلخر إىل أن تتم معاجلتها بشكل كامل وهو‬ ‫ليس ابألمر السهل ويف حال عدم حدوثه يستمر‬ ‫وجود اخلربة الصادمة وأتثريها على املصاب‪.‬‬ ‫‪3‬ـ النموذج السلوكي‪ :‬الذي يركز على اقرتان‬ ‫املثري غري الشرطي مبثري شرطي‪ ،‬فيكتسب ابلتايل‬ ‫قدرته على التسبب ابألمل للمصاب من خالل‬ ‫تذكريه ابحلادث‪ ،‬فيبدأ املصاب ابهلروب وجتنب‬ ‫كل ما يعيد إليه ذكرايت الصدمة‪ ،‬وقد جيري‬ ‫تعميم االستجابة على املثريات األخرى اليت‬ ‫تتشابه مع مثري الصدمة‪ ،‬فمث ً‬ ‫ال وقوع احلدث يف‬ ‫جو ماطر يعطي املطر صبغة سلبية‪ ،‬حيث يصبح‬ ‫قادراً على إعادة صورة هذا احلدث للمصاب‬ ‫فيما بعد‪.‬‬ ‫‪4‬ـ النموذج العصيب احليوي الفيزيولوجي‪:‬‬ ‫الذي يركز على االستجاابت الفيزيولوجية املرافقة‬ ‫للموقف الضاغط‪ ،‬كارتفاع ضغط الدم وازدايد‬ ‫معدل ضرابت القلب والتنفس واالستجاابت‬ ‫احلسية والنشاط العضلي‪ ،‬مع نشاط يف إفراز‬ ‫هرموانت الضغوط‪ ،‬واليت تساعد يف مواجهة‬ ‫الصدمة بطريقة تكيّفية‪.‬‬ ‫‪5‬ـ النموذج املعريف‪ :‬ويُعزي حدوث االضطراب‬ ‫إىل تفكري املصاب بطريقة غري عقالنية جتاه ذاته‬ ‫وجتاه العامل‪.‬‬ ‫‪6‬ـ النموذج االجتماعي‪ :‬ويرى أن للمساندة‬ ‫االجتماعية دور كبري يف مساعدة املصاب على‬

‫ختطي صدمته اليت قد تستمر يف حال عدم توفر‬ ‫تلك املساندة‪.‬‬ ‫مل تكن أساليب العالج كافية ملواجهة اضطراب‬ ‫الصدمة وعالجه‪ ،‬إال أنه (ومع اجلهود احلثيثة‬ ‫اليت تبذل ابستمرار) مت تطوير تلك األساليب‪،‬‬ ‫واكتشاف سبل جديدة أكثر فاعلية يف عالج‬ ‫الصدمة‪ ،‬هبدف العمل على مساعدة املصابني‬ ‫من خالل تعريفهم ابلصدمة وما يرتبط هبا من‬ ‫أعراض‪ ،‬وتعليمهم مهارات مواجهتها لتحقيق‬ ‫جو من األمان هلم‪ ،‬ومؤازرهتم ليتمكنوا من‬ ‫التحكم حبياهتم وبعالقاهتم مع اآلخرين بشكل‬ ‫أفضل‪ .‬مع العلم أبن أشكال العالج ختتلف‬ ‫ابختالف احلدث الصادم‪ ،‬فصدمة احلرب‬ ‫تستلزم أنواعاً من العالج خمتلفة عن غريها‪،‬‬ ‫إضافة لضرورة تكامل أنواع عديدة من‬ ‫العالج لتحقيق النتيجة املطلوبة‪ ،‬ومن األنواع‬ ‫املستخدمة‪:‬‬ ‫‪1‬ـ العالج الدوائي‪ :‬وذلك من خالل استخدام‬ ‫مضادات االكتئاب‪ ،‬وأنواع أخرى من املثبطات‬ ‫واألدوية اليت تلعب دوراً يف كبح النشاط‬ ‫الفيزيولوجي الزائد‪ ،‬وحتسني دورة النوم واألحالم‬ ‫املضطربة وخفض القلق‪ ،‬ابإلضافة إىل مضادات‬ ‫الصرع‪ ،‬ومضادات الذّهان اليت تساعد يف‬ ‫السيطرة على العدوانية الشديدة‪ ،‬مع العلم أن‬ ‫هذا النوع من العالج يتخذ كإجراء أويل يف بدء‬ ‫العالج الكلي‪.‬‬ ‫‪2‬ـ العالج النفسي‪ :‬ويعتمد هذا النوع من العالج‬ ‫على عدة تقنيات‪ ،‬كتقنية الغمر (اإلغراق)‬ ‫وذلك إبعادة تعريض املصاب للحدث الصادم‬ ‫عن طريق التخيل‪ ،‬ولكن يف مكان آمن‪ ،‬من‬ ‫أجل مساعدته على مواجهة احلدث والتعامل‬ ‫معه‪ .‬وتقنية خفض احلساسية املنظم وتتم أيضاً‬ ‫بتعريض املصاب للحدث الصادم‪ ،‬ولكن هذه‬

‫املرة بصورة تدرجيية ليس كما يف اإلغراق‪ ،‬مع‬ ‫استخدام تقنية االسرتخاء اليت تعترب ضرورية‬ ‫يف كلتا التقنيتني السابقتني‪ ،‬حيث تلعب دوراً‬ ‫هاماً يف ختيل الشخص للمواقف وانتقاله من‬ ‫مسرتخ‪ ،‬كما أنه‬ ‫موقف صادم ألقوى منه وهو‬ ‫ٍ‬ ‫ميكن استخدام أسلوب إعادة البناء املعريف‪،‬‬ ‫والذي يرجع إىل التفسري القائل بوجود أفكار‬ ‫سلبية وغري منطقية مرتبطة حبدوث االضطراب‪،‬‬ ‫فيتم العمل على توضيحها للمصاب‪ ،‬وختليصه‬ ‫منها‪ ،‬واستبداهلا أبفكار ومهارات تساعده على‬ ‫التكيف‪.‬‬ ‫‪3‬ـ العالج ابلتنومي املغناطيسي‪ :‬وال يعترب هذا‬ ‫النوع عالجاً حبد ذاته‪ ،‬فهو يستخدم مرتافقاً مع‬ ‫تقنيات االسرتخاء والتخيل من أجل مساعدة‬ ‫املريض على تفريغ الشحنات االنفعالية والتعبري‬ ‫عن املشاعر املكبوتة‪.‬‬ ‫وهناك أيضاً ما يسمى ابلعالج الوقائي‪ ،‬ويهدف‬ ‫إىل أتهيل األفراد وتقوية شخصياهتم ودعمهم‬ ‫نفسياً استعداداً ألي صدمات ممكنة احلدوث‪،‬‬ ‫حبيث يصبحون أكثر قدرة على مواجهتها وقد‬ ‫تقوم بذلك مؤسسات اجملتمع املدين أو أي‬ ‫جهات أجرى يف اجملتمع‪ ،‬إضافة للعالج ابلرسم‬ ‫واملوسيقى والدراما والرايضة‪.‬‬ ‫جتدر اإلشارة هنا إىل أن استمرار احلرب والتوتر‬ ‫وحاالت الرعب وغري ذلك جيعل من الصعب‬ ‫تقدمي الدعم النفسي والعالج املطلوب‪ ،‬خاصة‬ ‫يف وضع األحياء املنكوبة والقصف املستمر‬ ‫عليها‪ ،‬األمر الذي أصبح مشهداً اعتيادايً يف‬ ‫سوراي‪ ،‬وابلرغم من ذلك البد من التنويه إىل‬ ‫بعض إجراءات الدعم اليت جيب اختاذها يف حال‬ ‫تسىن ذلك فور وقوع الصدمة‪ ،‬اليت قد ال تقتصر‬ ‫على صدمة القصف‪ ،‬بل تظهر أبشكال خمتلفة‬ ‫وكثرية أضحت معروفة للجميع‪ .‬وهنا ميكن أن‬ ‫يقوم الشخص أو الفريق الداعم بنقل املصاب إىل‬ ‫مكان آمن واالستماع له‪ ،‬وهو يصف ما حدث‬ ‫معه ويعرب عن مشاعره أثناء مروره ابحلدث‪ ،‬ومن‬ ‫مثّ حماولة تطبيق تقنية االسرتخاء‪ ،‬وتقدمي الدعم‬ ‫الالزم حسب احلالة والعمر وشدة الصدمة‪،‬‬ ‫وطبعاً كلما متّ القيام بذلك بعد حدوث الصدمة‬ ‫مباشرة‪ ،‬ولو كان ذلك إبمكانيات ضعيفة كان‬ ‫أفضل من أجل حتقيق الغاية املنشودة‪.‬‬ ‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪25 2014‬‬


‫ضاقت مساحات التحرك أمــام الــشعـب الــسوري ‪..‬‬ ‫الرأي العام الدويل تعب‪ ،‬كان اهتمام اإلعالم‬ ‫الدويل ابلثورة وتغطيته لألحداث جزء أساسي‬ ‫من اسرتاتيجية الثورة‪ ،‬وخاصة ابلنسبة للثوار‬ ‫ذوي امليول الدميقراطية‪ ،‬فقد اعتمدوا يف البداية‬ ‫على الوسائل السلمية‪ ،‬وبعد فرتة محلوا أسلحة‬ ‫خفيفة للدفاع عن مناطقهم وأهلهم‪ ،‬لكنهم‬ ‫مل خيططوا يوماً هلزم النظام عسكرايً‪ .‬كانوا‬ ‫يعتمدون على شجاعتهم أوالً‪ ،‬وأيملون يف‬ ‫حتريك الضمري العاملي‪ ،‬احلل العسكري مل يكن‬ ‫يوماً خياراً حلسم الصراع‪.‬‬ ‫احلكومات الصديقة يف الغرب مشغولة‪ ،‬وخاصة‬ ‫منذ اندالع األزمة يف أوكرانيا‪ ،‬إذ شعرت أبن‬ ‫التحدي الروسي وصل إىل عقر دارها يف القارة‬ ‫األوروبية حيث تقيم الشعوب اليت مات املاليني‬ ‫من أبنائها من أجل رسم حدود دوهلا‪ .‬توجه‬ ‫اإلعالم لتغطية األحداث اآلتية من شرق‬ ‫أورواب‪.‬‬ ‫األخطر من ذلك هو أن الثورة بدأت تفقد‬

‫‪ 26‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬

‫التعاطف عند فئات واسعة من الرأي العام يف‬ ‫الدول اليت متتلك القدرة على التأثري‪ .‬اإلنسان‬ ‫يتعب من املآسي‪ ،‬ويبتعد تلقائياً عن أي قضية‬ ‫عندما ال يرى أي أفق حلل فيها‪ .‬مث خرج‬ ‫النظام بربوابغاندا جديدة‪ ،‬وزج داعش يف‬ ‫املعركة ليصور الثورة على أهنا حرب بينه وبني‬ ‫عصاابت من اجلهاديني املتشددين‪ .‬ويكفي أن‬ ‫يشري اإلعالم إىل بضعة عشرات من الشبان‬ ‫املسلمني الذين توجهوا من أورواب إىل سوراي‬ ‫كي يلتحقوا ابجلهاد‪ ،‬حىت ينتهي احلال برسم‬ ‫الوضع يف سوراي أبكمله على أهنا أصبحت‬ ‫املعقل الدويل للجهاد‪ ،‬وأن على العامل وضع‬ ‫كل اإلمكانيات ملواجهته‪ .‬وكأن من املنطق‬ ‫أن يلغي جمموعة من املتشددين شرعية قضيتنا‬ ‫اإلنسانية والسياسية‪ .‬تبقى خطوة واحدة فقط‬ ‫قبل أن يستنتج املواطن العادي أو حىت املثقف‬ ‫أبنه يفضل التعامل مع «ديكتاتور علماين كما‬ ‫يصفون الرئيس اجملرم» على مواجهة هؤالء‬ ‫اجملانني‪ ،‬وعدد الذين جيتازون هذا اخلط أكرب‬

‫• بسمة قضماين‬

‫مما نتصور‪.‬‬ ‫النظام يسجل بعض االنتصارات على األرض‪،‬‬ ‫وحجم الدعاية اليت حييط هبا إجنازات شبيحته‬ ‫يوحي أبن املعركة شارفت على االنتهاء‪ ،‬وأن‬ ‫انتصار مقاتليه أصبح مسألة وقت ال أكثر‪.‬‬ ‫صمت العامل أمام الرباميل واحلصار والتجويع‬ ‫مد ّوٍ‪ ،‬إنه مميت ويوحي للسوريني (نشطاء كانوا‬ ‫أم انزحني أو الجئني) أبن العامل اختار أن يرتك‬ ‫النظام ليحسم الوضع ابلوسائل العسكرية‪،‬‬ ‫بينما يستمر الدبلوماسيون يف تكرار عبارات‬ ‫فارغة عن ضرورة احلل السياسي كمخرج وحيد‬


‫لألزمة‪ .‬الغالبية العظمى من الشعب وقوى الثورة كانت وال تزال تتمىن ‪ 11000‬سجني قضوا حتت التعذيب يف ثالث معتقالت يف سوراي‪.‬‬ ‫جناح املسار السياسي‪ ،‬أمل تذهب املعارضة إىل جينيف لدورتني من جيب مهامجة النظام من أبسط املداخل وأكثرها بديهية‪ ،‬وأقصد ارتكابه‬ ‫املفاوضات؟ وهل ننسى كم بذلت قيادة املعارضة والدول الداعمة للجرائم‪ ،‬ومعاملته ملواطنيه بوحشية ال ميكن وصفها ابلكالم‪ ،‬بل‬ ‫من جهود إلقناع قوى اجليش احلر بضرورة أتييد املسار التفاوضي؟ تتحدث عنها الصور لتوصل الرسالة‪.‬‬ ‫انتهت اجلولتان وظهر بوضوح انسداد األفق بشكل اتم ابلنسبة للحل فنّياً فإن «ملف قيصر» هو أحد أهم ما قدم من براهني يف اتريخ توثيق‬ ‫السياسي‪.‬‬ ‫اجلرائم‪ ،‬إذ صرح أحد املدعني عندما حتدث يف مؤمتر صحفي يف ابريس‬ ‫مسارات ومهية وطرق انسدت واحداً تلو اآلخر‪ ،‬ال يوجد أفق للمسار مث يف جملس األمن أن احملاكمات اليت خرجت حبكم ‪condamner‬‬ ‫العسكري‪ ،‬وال مبادرة جدية إلنقاذ الشعب من املأساة اإلنسانية‪ .‬لقد جمرمني حرب يف السنوات املاضية مل تستند إىل دالئل هبذه األمهية‪.‬‬ ‫خسرت الثورة املعركة اإلعالمية‪ ،‬واألمل يف العودة إىل املسار السياسي علينا أن نقرع ابب حمكمة اجلناايت الدولية ابستمرار‪ ،‬وجنعل االهتمام‬ ‫شبه معدوم‪ .‬هذا هو الواقع القامت‪ ،‬ويف هذه األثناء خيطط النظام ملهزلة ابمللف دائماً كي يبقى حياً ويستحيل جتاهله‪ .‬ومبا أن امللف يوفر املادة‬ ‫انتخابية تثبّت بشار األسد يف منصب الرئيس‪.‬‬ ‫الفنية أبفضل ما ميكن تقدميه‪ ،‬فالعمل ذو طبيعة سياسية‪ ،‬ويتعلق بوضع‬ ‫اسرتاتيجية خبطوات منظمة حلمل امللف من عاصمة إىل أخرى‪ ،‬مبا يف‬ ‫يف املقابل ما هو خمطط قوى الثورة واملعارضة؟ يف الواقع كان هناك دوماً ذلك إىل موسكو وطهران وبكني‪ ،‬لنسأل إذا ما كانت لديهم سجون‬ ‫خيار مل تعمل عليه املعارضة ابملثابرة الكافية‪ ،‬ويبدو أنه الوحيد املتاح من هذا الشكل‪ ،‬وإذا كانوا يقبلون هبذا املستوى من اإلجرام وينوون‬ ‫ومتعرجاً‪ ،‬وهو املسار القضائي‪.‬‬ ‫االستمرار يف دعمه‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬حىت وإن كان طريقه ضيقاً ّ‬ ‫لقد اكتفينا بقبول مقوالت عدد من الدول الصديقة أبن ابب احملكمة‬ ‫اجلنائية الدولية مغلق طاملا بقيت روسيا تعارض تبنيّ قرار يف جملس األمن إنه املسار الذي يستحق أن نكرس له قصارى جهودان‪ ،‬ألنه يتيح لنا‬ ‫حملاكمة كبار املسؤولني عن جرائم احلرب واجلرائم ضد اإلنسانية دون تذكري العامل بطبيعة النظام الوحشية‪ ،‬ويعيد التذكري ابلسبب اجلوهري‬ ‫سعي منا لسلوك طرق أخرى‪ .‬أما اليوم فقد أصبح هناك ملف يشكل الذي قامت الثورة من أجله‪ ،‬ويشكل أقوى وسيلة لقطع الطريق عليه‬ ‫قنبلة ال يستطيع أحد أن يتجاهلها وهي من صنع أبطال سوريني‪ .‬إن يف حماوالته الستعادة شرعيته أمام دول أغلبها جبانة‪ ،‬ولن تتحرك إال‬ ‫الشرطي العسكري امللقب بقيصر عمل من داخل أجهزة النظام ملدة إذا حركنا ضمري الرأي العام واملسؤولني لديها‪ ،‬وتفتح مساحة من جديد‬ ‫عامني وخاطر يومياً حبياته لكي خيرج نسخ عن دالئل ملا يزيد عن أمام النشطاء املدنيني‪.‬‬

‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪27 2014‬‬


‫المجتمع العربي‪ ،‬ثمن مستحق للحرية أم استعمار جديد؟؟‬ ‫لن ينسى التاريخ مطلقاً ما مرت به منطقتنا العربية‬ ‫كفرتة زمنية خاصة حمصورة بني بداية االستعمار‬ ‫املباشر وبعدها االنتداابت‪ ،‬وبني زمننا احلايل‪.‬‬ ‫وحىت نكون منصفني وأقرب إىل الدقة‪ ،‬فقد‬ ‫أثبتت اآلونة األخرية أن جمتمعنا العريب‪ ،‬أبكمله‬ ‫على ما يبدو‪ ،‬مل حيصل على استقالله حىت اآلن‪،‬‬ ‫فقد كرست األايم الراهنة وهم االستقالالت اليت‬ ‫كنا نشيد هبا‪ ،‬وأهنا كانت جمرد شكل خيلو من‬ ‫مضمونه الوحيد املؤكد‪ ،‬وهو حرية الشعوب يف‬ ‫اختاذ قراراهتا ورسم مصريها دون أية وصاية‪.‬‬ ‫ومبطالعة بسيطة وسريعة لواقع احلال‪ ،‬جند أن أايً‬ ‫من جمتمعاتنا مل حيقق هذه الغاية حىت اللحظة‪،‬‬ ‫وأن ما حصل حني دخل وهم االستقالل إىل‬ ‫عقليتنا العربية اجلمعية هو أن االستعمار املباشر‬ ‫غادر أراضينا حقاً‪ ،‬ال لشيء سوى ألنه وجد‬ ‫وسيلته املباشرة السابقة قد أضحت أداة قدمية‬ ‫غري صاحلة للزمن اجلديد‪ ،‬فاستبدل وجوده‬ ‫أبدوات حداثية أشد فتكاً وأقوى نتيجة‪ ،‬بل‬ ‫وتتمتع بكامل الشرعية اليت تتطلبها مستوايت‬ ‫القوننة اإلنسانية اجلديدة‪ ،‬كان ذلك عرب خلق‬ ‫الطغاة‪ .‬وال شك أن هذه العقلية العاملية يف‬ ‫التعامل مع هذه اجملتمعات كانت حينها األكثر‬ ‫ذكاء‪ ،‬إذ حصلت على األهداف املرجوة من‬ ‫أي استعمار ملنطقتنا العربية كاملة غري منقوصة‪،‬‬ ‫ابإلضافة إىل ختلصها طبعاً من فكرة القلق‬ ‫الوجودي النابع من اهتامها بعدم الشرعية‪،‬‬ ‫فالشعوب هنا عاشت يف وهم االستقالل‬ ‫والسيادة لزمن ال ميكننا القول أبنه قصري‪ ،‬ألن‬ ‫آاثره السلبية املرتكزة على حالة الوعي اجلمعي‬ ‫والفردي املرتدي قد تدوم لقرن آخر‪ .‬مث إهنا‬ ‫مارست وبكل ثقلها حالة الوصاية الكاملة‬ ‫سيادايً واقتصادايً بواسطة طاغية راسخ احلكم‪،‬‬ ‫دون أن تظهر يف الصورة جلية للعيان‪ .‬لكن هذه‬ ‫املعادلة املثالية اليت دامت أكثر من نصف قرن‪،‬‬ ‫واليت سنعاين من آاثرها لقرن قادم على األقل‪،‬‬ ‫مت اخرتاقها بواسطة ظرف استثنائي تراكمي قائم‬ ‫على جرعات القهر والالجدوى اليت فاضت عن‬ ‫‪ 28‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬

‫اإلدراك لدى اإلنسان الفرد‪ ،‬لتتحول يف حلظة‬ ‫اترخيية فارقة إىل ظاهرة مجعية من القهر املكبوت‬ ‫والرتاكمي أيضاً‪ ،‬وهذا ما كانه البوعزيزي‪ ،‬وما‬ ‫خلق فيما بعد حالة التحطيم ألسوار هذه‬ ‫اجملتمعات بطريقة مجاعية غري منظمة أو مؤدجلة‪،‬‬ ‫من تونس إىل مصر‪ ،‬مث اليمن وليبيا‪ ،‬وأخرياً وليس‬ ‫آخراً سوراي‪.‬‬ ‫وإن افرتضنا جدالً صحة ما يقال أبن ما حصل‬ ‫يف هذه احلقبة جملتمعاتنا العربية كان خمططاً‬ ‫جديداً يصاغ للمنطقة‪ ،‬فإن هذا االفرتاض حيمل‬ ‫نقيضه الراسخ ضمن حدود فكرته‪ ،‬إذ إن القوى‬ ‫العاملية والدولية بصيغة واحدة مل تكن جاهزة‬ ‫على اإلطالق ملثل هكذا تغيري جذري يف هذه‬ ‫اجملتمعات‪ ،‬بل إهنا مل تكن متتلك البدائل‪ ،‬ومما‬ ‫يثبت ذلك يف أدىن صوره‪ ،‬االرتباك الواضح‬ ‫احلاصل يف التعامل مع هذه األزمات ابلنسبة هلا‪،‬‬ ‫وحماوالهتا الشرسة لالحتيال على هذه الشعوب‬ ‫إلعادة الوضع إىل ما كان عليه قبل البوعزيزي‬ ‫بطرق تكاد تكون كالسيكية‪ ،‬نسبة حلدود العقل‬ ‫اجلمعي اجلديد‪ ،‬ككبح اإلسالم السياسي الذي‬ ‫لطاملا مت استخدامه خالل النصف قرن املاضي‬ ‫مثالً‪ ،‬وحماولة إسقاط شخص احلاكم يف مصر‪،‬‬ ‫مع اإلبقاء على نظامه كامالً‪ ،‬كمحاولة إلسقاط‬ ‫ما حصل من تغيري مبرور الزمن منذ ‪ 25‬يناير‪.‬‬ ‫واليوم جند مصر كدولة عربية هلا وقعها التارخيي‬ ‫واالسرتاتيجي تتجه اثنية لرتزح حتت ديكتاتورية‬

‫• مسر علوش‬

‫عسكرية ال ندري كم ستستمر‪ ،‬وإن كانت‬ ‫أبسط القواعد املنطقية تقول إن الزمن ال ميكن‬ ‫أن يعود أدراجه مطلقاً‪ ،‬وتونس حتاول االجتهاد‬ ‫كي ال تقع يف ذات الشرك الذي نصب لقرينتها‬ ‫األوىل (مصر) يف الربيع العريب‪ .‬أما اليمن وليبيا‬ ‫فما زالتا‪ ،‬حىت اللحظة‪ ،‬غارقتني يف مي الفوضى‬ ‫العارمة اليت مل تتلمس بعد طريقاً واحداً حنو هناية‬ ‫النفق‪ .‬وبني هذا الشعب وذاك قواسم كربى تنبئ‬ ‫صراحة حبالة التدين العظمى يف الوعي اجلمعي‬ ‫الذي وقع اإلنسان العريب عموماً يف قبضته‪.‬‬ ‫ولألمانة التارخيية‪ ،‬ورغم كل ما حيصل من خراب‬ ‫حقيقي وممنهج يف بلد ما زال خيط طريق التغيري‬ ‫كسوراي‪ ،‬جند أن التاريخ يقف هنا ليربهن أن‬ ‫األمثان مستحقة وال مفر من أدائها‪ ،‬فاجلهل‬ ‫والعبودية والفساد املرتاكم ال ميكن النهوض منه‬ ‫دون عملية احرتاق كاملة جملتمعات تنتظر والدة‬ ‫جديدة بعد القضاء آاثر النشوء السابقة مجلة‬ ‫وتفصيالً‪ .‬الزمن هنا يقر بذلك حتماً ويثبته‪ ،‬يف‬ ‫الوقت الذي نتلمس فيه حنن الشعوب اآلمثة مغبة‬ ‫االستلقاء بال مباالة لنصف قرن على األقل‪،‬‬ ‫ال بد أن الفوضى ستدوم طوي ً‬ ‫ال دون ظهور يد‬ ‫تستطيع إيقافها‪ ،‬فهل نصل يف هناية املطاف إىل‬ ‫جتسيد واقعي لوطن قرأان عنه يف النظرايت؟ أم‬ ‫أننا سنجد اخلراب وشك ً‬ ‫ال آخر من االستعمار ما‬ ‫زالت الوصاية العاملية تبحث عنه مبنتهى اجلدية‬ ‫لتواكب التغيري اجلديد الذي بدأان طريقه وأضعنا‬ ‫البوصلة؟‬


‫الالجئات السوريات‬ ‫«شقاء بسبب األمراض النسائية والتوتر»‬ ‫تعاين النساء السورايت اهلارابت إىل لبنان من توتر شديد ومشاكل صحية‪،‬‬ ‫مبا يف ذلك ارتفاع معدل الوالدات املبكرة ومضاعفات بني من هن حوامل‬ ‫وفقاً للدراسة‪.‬‬ ‫يقول ابحثون من جامعة «ييل» أن النساء اللوايت يعشن يف مشال لبنان ووادي‬ ‫البقاع‪ ،‬ال يتمكن من احلصول على الرعاية الصحية األساسية لإلجناب اليت‬ ‫حيتجن إليها‪ ،‬ال حتصل احلوامل على أي فحوصات قبل الوالدة‪ ،‬فيما تعاين‬ ‫أخرايت من التهاابت ال تتم معاجلتها‪.‬‬ ‫بعض مشاكلهن الصحية مرتبطة ابإلجهاد املتعلق ابلنزاع‪ ،‬والذي يتجلى‬ ‫أيضاً بتفشي العنف املنزيل‪ ،‬بعض النساء ذكرن أهنن تعرضن للضرب من قبل‬ ‫أزواجهن‪ ،‬وعاقنب أطفاهلن‪ ،‬وندمن كثرياً لفعلهن ذلك‪.‬‬ ‫تقول إحدى النساء للباحثني‪« :‬انتشر الغضب‪ ....‬إن حترك طفل من مكانه‬ ‫نصفعه على وجهه‪ ،‬وذلك بسبب اخنفاض مستوى التسامح لدينا‪ ،‬مث نشعر‬ ‫ابلندم على ما فعلنا‪ ،‬ونسأل أنفسنا ملاذا ضربناهم؟ بعدها نشعر أن ال طاقة‬ ‫لدينا لنجري خلفهم‪ ،‬مث نقوم بضرهبم جمدداً‪ ،‬وال نستطيع السيطرة على‬ ‫أنفسنا»‪.‬‬ ‫تقول امرأة أخرى‪« :‬أشعر أين حباجة لطبيب نفسي‪ .‬أضرب طفلي بطريقة‬ ‫غري طبيعية‪ ،‬وعندما ينام أشعر ابلندم وأبدأ ابلبكاء‪ ،‬مث يف اليوم التايل أتوتر‬ ‫وأضربه جمدداً»‪.‬‬ ‫وتقول اثلثة‪« :‬زوجي يعمل لي ً‬ ‫ال هناراً ويتقاضى ‪ 5000‬لرية لبنانية (‪ )2‬جنيه‬ ‫اسرتليين‪ .‬ال نستطيع دفع أجرة البيت‪ ،‬نتفهم أن ذلك جيعلهم متوترين‪ ،‬مما‬ ‫يدفعهم لتفريغ غضبهم بنا (من خالل العنف)‪ ،‬ألن عليهم أن يعيلوان»‪.‬‬ ‫وتضيف امرأة رابعة‪« :‬حنن مضطرات لتحمل توتران‪ ،‬توتر أزواجنا وأطفالنا‬ ‫أيضاً‪ ،‬ألننا املسؤوالت عن عائالتنا‪ .‬وهكذا جين جنوننا ونصرخ‪ ،‬أنخذ حبيت‬ ‫اباندول وننام‪ ،‬وننتظر حلول يوم جديد»‪.‬‬ ‫تقول إميليا ماسرتسون صاحبة الدراسة األصلية لصحة املرأة يف جريدة‬ ‫‪« :BMC BioMed Central‬يف حني أن أوضاعهن غري مستقرة‬ ‫فإن النساء يساندن بعضهن البعض يف الشدائد»‪.‬‬ ‫وصرحت ماسرتسون للغارداين‪ :‬رغم أن معظم القصص اليت مسعناها من النساء‬ ‫كن يواجهن املصاعب مبرونة‬ ‫السورايت كانت كئيبة‪ ،‬فإن العديد من النساء ّ‬ ‫كبرية وقوة‪« .‬حتدثت النساء عن مساعدة بعضهن يف احلاجات األساسية‪،‬‬ ‫واالعتناء ابألطفال بينما يكون أزواجهن بعيدين يف سوراي‪ ،‬وحيصلن على‬ ‫مساعدة أو حىت مكان لإلقامة من السكان اللبنانيني احملليني»‪.‬‬ ‫إحدى النساء حتدثت عن عرفاهنا ابجلميل للشعب اللبناين‪« :‬هنا يقدمون لنا‬ ‫احلمص واملعكرونة واحلبوب والرز واملعلبات‪ ،‬حنن شاكرون لكل من ساعدان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مبا يف ذلك سكان وادي خالد‪ ،‬فنحن نعلم أهنم ليسوا مسؤولني عنا»‪.‬‬ ‫بناء على طلب من صندوق األمم‬ ‫قيّمت ماسرتسون وزمالؤها االحتياجات ً‬

‫• ترمجة‪ :‬مراد عيد‬ ‫فريق ترمجة سيدة سوراي‬

‫املتحدة للسكان (‪ ،)UNFPA‬حيث قابلوا ‪ 452‬امرأة ترتاوح أعمارهن بني‬ ‫‪ 45-18‬عاماً من اللوايت أقمن يف لبنان ملدة مخسة أشهر وسطياً‪ .‬وأجريت‬ ‫املقابالت يف ثالث عيادات للرعاية الصحية األولية بني شهري حزيران وآب من‬ ‫عام ‪ ،2012‬عندما كان عدد الالجئني يف لبنان ‪ 48000‬الجئ تقريباً‪ ،‬من‬ ‫املرجح أن يكون الوضع اآلن أصعب مما رأوه حينها‪ ،‬فاألعداد تضخمت اآلن‪،‬‬ ‫وهناك ما يقارب مليون الجئ‪ ،‬ربعهم تقريباً من النساء‪.‬‬ ‫مل تعش النساء يف املخيمات‪ ،‬بل يف املناطق املدنية‪ ،‬حيث كانت اخلدمات هناك‬ ‫سيئة جداً مسبقاً‪ ،‬وعلى عكس سوراي فاملرضى يف لبنان عليهم أن يدفعوا مقدماً‬ ‫من أجل أي استشارة طبية‪.‬‬ ‫ما يقارب ثلث النساء اللوايت التقاهن الفريق (‪ )139‬امرأة قلن إهنن تعرضن للعنف‬ ‫يف الصراع السوري وكلهن تقريباً (‪ )%95.7‬قلن إن الفاعل كان مسلحاً‪.‬‬ ‫أربع عشرة امرأة قلن إهنن تعرضن للعنف اجلنسي يف سوراي من قبل رجل مسلح‪.‬‬ ‫تبني األوراق أن األرقام قد تكون أكرب‪ ،‬فبعض النساء مل يتحدثن عن العنف‬ ‫الذي تعرضن له‪ ،‬بسبب اخلجل واخلوف من العار‪ .‬أكثر من ربع عدد أولئك‬ ‫اللوايت تعرضن ألنواع خمتلفة من العنف عانني من إصاابت جسدية‪ ،‬و‪%67.7‬‬ ‫منهن عانني من مشاكل نفسية‪ ،‬لطاملا أبلغت تلك النساء عن إصابتهن أمراض‬ ‫نسائية‪ ،‬مبا يف ذلك آالم شديدة يف احلوض‪ ،‬وعدم انتظام الدورة الشهرية تعاين‬ ‫منه غري احلوامل‪.‬‬ ‫نصف النساء مل يتحدثن ألحد عما حدث هلن‪ ،‬أكثر من ربعهن أخربن أزواجهن‪،‬‬ ‫والباقيات حتدثن للناس يف جمتمعهن‪ ،‬لكن معظم من تعرضن للعنف (‪ )%64.6‬مل‬ ‫حيصلن على رعاية طبية بعد ذلك‪ ،‬كانت األسباب اليت قدمنها تشمل عدم توافر‬ ‫املال وقلة املعرفة والفرص للقيام بذلك‪ ،‬إضافة إىل احلرج‪ .‬قلة تواجد الطبيبات‬ ‫كانت مشكلة ابلنسبة هلن‪ ،‬أقل من واحدة من بني كل عشرة نساء (‪)%9.2‬‬ ‫حصلت على نوع من االستشارة أو املساعدة النفسية‪.‬‬ ‫تبني الدراسة أن ثالاثً وسبعني امرأة كن حوامل يف وقت ما خالل الصراع‪ ،‬وأقل‬ ‫من نصفهن أجننب‪ ،‬من ضمن من أتتمن محلهن‪ ،‬أقل من ربعهن (‪ )%23.7‬أجننب‬ ‫قبل املوعد‪ ،‬وأربعة أجهضن أو أجهضن عمداً (‪ )%10.5‬وتويف طفل واحد‪.‬‬ ‫تعرض أكثر من الثلث (‪ )%36.8‬ملضاعفات كان أكثرها شيوعاً النزف‪ .‬أكثر‬ ‫من ثلث احلوامل اآلن (‪ )%39.5‬أبلغن عن مشاكل مثل ضعف وتعب غري‬ ‫طبيعيني‪ ،‬وآالم شديدة يف البطن ونزيف ومحى‪ ،‬معظمهن مل يتلقني رعاية ما قبل‬ ‫الوالدة منذ وصوهلن إىل لبنان‪.‬‬ ‫تقول ماسرتسون وزمالؤها أن نتائجهن تظهر حاجة ملزيد من رعاية احلمل‬ ‫والرعاية النفسية لالجئات يف الشرق األوسط‪.‬‬

‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪29 2014‬‬


‫تطـور دور الـمرأة فـي القـرن العـشريــن‬ ‫(ج‪ : )2/1‬في السياسة وحق االقتراع‬

‫• ترمجة‪:‬د‪ .‬إنعام شرف‬ ‫فريق ترمجة سيدة سوراي‬

‫يف عام ‪ 1900‬كانت النساء ما زلن يعملن يف الزراعة‪ ،‬ويف املعامل والغسيل والكوي‪ ،‬واخلياطة وتربية األوالد‪ .‬يعشن حيا ًة مليئة‪ ،‬وال‬ ‫يتقاطعن إالّ يف السوق أو عند النافورة جللب املاء أو أثناء غسيل املالبس‪ .‬مدبرات املنازل كن األكثر احرتاماً يف نظر العمال‪ .‬عام‬ ‫‪ ،1898‬ويف حماولة للمطالبة بتوحيد األجور‪ ،‬مسح االحتاد العام للعمال ابلعمل فقط للنساء العازابت واألرامل‪ ،‬أما املتحدرات من‬ ‫املشرف عن املرأة‪ ،‬اليت تدير األعمال املنزلية وتريب أطفاهلا على‬ ‫عائالت بورجوازية‪ ،‬فكان عليهن املكوث يف املنزل وتقدمي النموذج ّ‬ ‫املثل العليا يف األخالق والدين‪.‬‬ ‫يف عام ‪ ،1906‬شكلت املرأة ‪ %38‬من القوة‬ ‫كن متزوجات‬ ‫العاملة‪ ،‬مخس النساء العامالت ّ‬ ‫وتعمل غالبيتهن يف التدبري املنزيل أو من املنزل‪.‬‬ ‫أما التعليم اإللزامي‪ ،‬فقد حول مدبرات املنزل‬ ‫إىل ابئعات وسكرتريات وعامالت يف الربيد‬ ‫وقابالت‪ ،‬أو معلمات يف أحسن األحوال‪.‬‬ ‫ونتيج ًة لألعباء املنزلية وتربية األطفال واالهتمام‬ ‫أبزواجهن‪ُ ،‬حكم على املرأة أبهنا غري كفء‬ ‫للمشاركة يف العمل السياسي‪ ،‬وابلتايل أصبح‬ ‫هذا العمل حكراً على الرجال‪ .‬ومع نشوب‬ ‫احلرب العاملية األوىل‪ ،‬بدأت املرأة تدخل حيز‬ ‫العمل‪ ،‬ال بل أصبح عملها ضرورًة حتمية‬ ‫بسبب التحاق الرجال جببهات احلرب‪.‬‬ ‫أو ًال‪ :‬وضع املرأة يف العمل السياسي‪:‬‬ ‫بصورة عامة ال متتلك املرأة الكثري من احلقوق‪،‬‬ ‫وهنا جيب أن منيز بني امتالك احلق وممارسته‪،‬‬ ‫فاملرأة مث ً‬ ‫ال هلا احلق يف الرايضة‪ ،‬ولكنها يف نظر‬ ‫الرجل غري قادرة على ممارستها‪.‬‬ ‫تذكري اترخيي‪:‬‬ ‫خالل الثورة الفرنسية‪ ،‬وبعد خطاب األب‬ ‫سييّس (‪ )Sieyes‬يف العشرين من متوز‬ ‫‪ ،1789‬القائم على التمييز بني املواطن الفاعل‬ ‫واملواطن غري الفاعل‪ ،‬مت تصنيف النساء‪ ،‬متاماً‬ ‫كاألطفال واألجانب‪ ،‬كفئة ال متتلك احلق يف‬ ‫التصويت‪ .‬ورغم الدعوات املوجهة من قبل‬ ‫املاركيز كوندرسيه (‪ )Condorcet‬ملنح‬ ‫املرأة حق التصويت يف احلكومة اجلديدة‪ ،‬إالّ‬ ‫أن اجلمعية الوطنية‪ ،‬ويف اجتماعها املنعقد‬ ‫يف الثاين والعشرين من شهر كانون األول‬ ‫لعام ‪ ،1789‬أقصت النساء رمسياً وبشكل‬ ‫اتم عن حقهن يف التصويت‪ .‬كما أن‬ ‫‪ 30‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬

‫صوت عليه اجمللس الوطين عام‬ ‫الدستور الذي ّ‬ ‫‪ 1791‬نص أيضاً على حرمان املرأة من حق‬ ‫االنتخاب‪ ،‬ومن مث مت التصويت عليه يف اتفاقية‬ ‫الرابع والعشرين من حزيران‪ /‬يوليو عام ‪،1793‬‬ ‫أشهر قليلة قبل تنفيذ حكم اإلعدام أبوملب‬ ‫دي غوغز (‪)Olympe de Gouges‬‬ ‫الكاتبة املسرحية وصاحبة إعالن حقوق املرأة‬ ‫واملواطنة الذي متت صياغته عام ‪،1791‬‬ ‫والذي طالب ابالستيعاب القانوين الكامل‬ ‫للمرأة ومتكينها سياساً واجتماعياً‪.‬‬ ‫يف القرن التاسع عشر منحت املرأة حبسب‬ ‫القانون مكان ًة اثنوية يف اجملتمع مقارن ًة ابلرجل‪،‬‬ ‫كائن موجود‪ ،‬ولكن مهمش ابلكامل‪ .‬كما أن‬ ‫الواجب الزوجي ينص على منح الرجل حق‬ ‫استخدام العنف ضد زوجته مبا تقتضيه احلاجة‬ ‫ووفقاً للعرف االجتماعي والقانون‪ .‬وعالوًة على‬ ‫ذلك‪ ،‬ولضمان الذرية الصاحلة‪ ،‬فإن املرأة غري‬ ‫الوفية تتم معاقبتها بشدة‪ ،‬وحتاكم وفقاً للقانون‬ ‫اجلنائي الذي تُزج حبسبه يف السجن مدة ترتاوح‬ ‫بني ثالثة أشهر إىل سنتني‪ ،‬يف الوقت الذي‬ ‫حياسب فيه الزوج على نفس الفعل بدفع غرامة‬

‫مالية فقط ال غري‪.‬‬ ‫ابإلضافة إىل ذلك‪ُ ،‬حرمت املرأة من حقها يف‬ ‫الطالق‪ ،‬واستمر هذا احلرمان من عام ‪1816‬‬ ‫حىت عام ‪ ،1884‬ومل تتمكن املرأة املطلقة من‬ ‫استعادة حقوقها املدنية الكاملة إالّ يف عام‬ ‫‪ ،1893‬وذلك عندما سمُ ح ملا يقارب ال ـ ‪%80‬‬ ‫من حاالت االنفصال اجلسدي ابلطالق‪.‬‬ ‫التحول الذي طرأ على القوانني املتعلقة ابملرأة‬ ‫كان بطيئاً‪ ،‬لكن التحول احلقيقي حدث عام‬ ‫‪ 1904‬عندما صدر القانون الذي يُسمح‬ ‫مبوجبه ابلزواج من الزاين أو الزانية‪ ،‬وتبعه عام‬ ‫‪ 1908‬قانون يسمح ابلطالق بعد ثالث‬ ‫سنوات من االنفصال اجلسدي‪.‬‬ ‫يف العام ‪ 1909‬أتسست يف ابريس منظمة‬ ‫االحتاد الفرنسي ملنح املرأة حق االنتخاب‬ ‫(‪ ،)UFSF‬وتبعها بعد ذلك أتسيس منظمة‬ ‫القيادة الفرنسية من أجل حقوق املرأة برائسة‬ ‫ماراي فريوان‪ ،‬وهااتن املنظمتان مها اللتان قادات‬ ‫الكفاح من أجل حقوق املرأة ومتكينها يف احلياة‬ ‫السياسية واالجتماعية‪ ،‬وتتألف كل منهما‬ ‫من الباريسيات الربجوازايت‪ ،‬الاليت تسعني‬ ‫لتوسيع شبكة دعمهن‪ ،‬واستقطاب منظمات‬ ‫العمل السياسي الذكورية‪ ،‬وخاص ًة يف املناطق‬ ‫اليت ال حيظني فيها بنفس األمهية والدعم‪.‬‬ ‫حق االقرتاع‪:‬‬ ‫أحد أهم املبادئ اليت اندت هبا الثورة الفرنسية‬ ‫هو مبدأ املساواة يف كل شيء‪ ،‬لكن‪ ،‬ومع‬ ‫األسف‪ ،‬ال يتم تطبيق هذا املبدأ على النساء‬ ‫أهنن ال حيصلن على حقهن يف االقرتاع‪.‬‬ ‫طاملا ّ‬


‫وبفضل الثورة أصبح احلديث عن املساواة بني‬ ‫الرجل واملرأة مسموحاً به ولكن هذا املوضوع‬ ‫مل خيرج عن اإلطار الكالمي والنقاشات‪،‬‬ ‫ومل يذهب إىل أبعد من ذلك‪ .‬واملؤسف يف‬ ‫املوضوع أن النظام القدمي كان يعرتف على‬ ‫األقل بوجود املرأة وحبقوقها املدنية‪.‬‬ ‫يف هناية القرن التاسع عشر‪ ،‬مل تبق امرأة‬ ‫يف الغرب إالّ وحصلت على حقوقها املدنية‬ ‫وحريتها‪ ،‬ولكنها يف املقابل بقيت حمرومة‬ ‫من حقها يف التصويت‪ .‬أما يف فرنسا‪،‬‬ ‫فاملطالبات األوىل بدأت أثناء ثورة ‪1848‬‬ ‫بعد إصدار قانون االقرتاع العام الذي كان حكراً‬ ‫على الرجال‪ .‬وطوال القرن التاسع عشر بقي‬ ‫حق التصويت مؤج ً‬ ‫ال ابلنسبة للمرأة‪ ،‬واستمر‬ ‫إبعادها عن احلياة العامة والسياسية حتت ضغط‬ ‫هلن‪ .‬أما‬ ‫احملافظني الكارهني للنساء واملعادين ّ‬ ‫اجلمهوريني الواقعني حتت أتثري الكنيسة‪،‬‬ ‫فيخشون من جهتهم أن يتسبب صوت النساء‬ ‫بتأجيج غضب احملافظني ضدهم‪ ،‬وابلتايل إرابك‬ ‫اجلمهورية‪.‬‬ ‫يف شباط عام ‪ ،1914‬مت تقدمي مشروع قانون‬ ‫إىل جملس النواب تمُ نح من خالله املرأة احلق يف‬ ‫التصويت‪ .‬وهذا القانون كان فرصة غري مسبوقة‬ ‫لشن محلة مناصرة كبرية مدعومة مبجموعة من‬ ‫وسائل اإلعالم‪ ،‬مبا يف ذلك صحيفة «اجلريدة»‬ ‫(‪ )Le Journal‬اليت حتظى بشعبية عالية‬ ‫لدى الفرنسيني‪ .‬وإذا كانت املظاهرات الداعمة‬ ‫هلذا احلق قد استقطبت اآلالف من الناس‪ ،‬فإن‬ ‫االستفتاء الذي نظمته هذه الصحيفة من ‪26‬‬ ‫نيسان إىل الثالث من أاير ‪ 1914‬حتت مسمى‬ ‫«االقرتاع األبيض» القى جناحاً كبرياً‪ ،‬ال سيما‬ ‫أن االستفتاء ترافق حينها مع االنتخاابت‬ ‫الربملانية‪ .‬واستطاع هذا االستفتاء أن‬ ‫جيمع ‪ 500‬ألف صوت داعم ومؤيد ملنح‬ ‫املرأة حق االقرتاع‪ .‬لكن زخم احلملة بدأ‬ ‫ابلرتاجع مع اندالع احلرب العاملية األوىل‬ ‫يف صيف ‪ .1914‬وبعد انتهاء احلرب‬ ‫عاد احملافظون املسيطرون على جملس‬ ‫النواب لريفضوا مشروع قانون ينص على‬ ‫حصول املرأة على حقها يف االنتخاب‪،‬‬ ‫ومل حتصل املرأة الفرنسية على هذا احلق‬

‫إالّ يف احلادي والعشرين من شهر نيسان عام‬ ‫‪.1944‬‬ ‫وحىت عشية احلرب العاملية الثانية‪ ،‬كان وضع‬ ‫املرأة ما يزال خيضع لكثري من القيود‪ ،‬وبعض‬ ‫التدابري كانت ال تزال قائمة حبقها يف معظم‬ ‫البلدان األوروبية‪ ،‬كوجوب حصوهلا على إذن‬ ‫الزوج ملمارسة مهنتها‪ ،‬ويف احلالة الفرنسية‬ ‫استمر هذا الوضع حىت عام ‪ .1965‬احلصول‬ ‫على إذن الزوج كان مفروضاً على الكثري من‬ ‫اإلجراءات‪ ،‬وكلها مضمنة يف القانون املدين‪،‬‬ ‫نذكر منها على وجه اخلصوص‪ :‬التقدم‬ ‫لالمتحان‪ ،‬التسجيل يف اجلامعة‪ ،‬فتح حساب‬ ‫مصريف‪ ،‬احلصول على جواز سفر‪ ،‬احلصول‬ ‫على رخصة القيادة‪ ،‬العمل يف منشأة‪ ،‬إخل‪.‬‬

‫الزوجية‪ ،‬واغتصاب الزوج لزوجته مل يتم‬ ‫االعرتاف به يوماً‪ .‬اجمللس التشريعي يعاقب‬ ‫بشدة النساء يف حاالت اخليانة الزوجية‪،‬‬ ‫ألن إدخال رجل غريب إىل بيت الزوجية‬ ‫قد يؤدي إىل التغيري يف حصص املرياث‪،‬‬ ‫وهذا ميس النظام االجتماعي‪ ،‬بينما ال تتم‬ ‫إدانة الرجل الزاين إالّ يف حالة اجلمع بني‬ ‫زوجتني‪.‬‬ ‫شكلت احلرب العاملية األوىل فرص ًة للنساء‬ ‫للهروب من أغالل العائلة ولو بشكل‬ ‫مؤقت‪ .‬الكثريات منهن‪ ،‬وبسبب بعدهن‬ ‫عن أزواجهن‪ ،‬اضطررن المتهان أعمال متكنهن‬ ‫من إدارة شؤون حياهتن والدفاع عن أنفسهن‪،‬‬ ‫كالعمل يف املزارع أو يف أعمال العائلة التجارية‪.‬‬ ‫ويف القرن العشرين‪ ،‬استمر النظر لعمل املرأة‬ ‫على أنه رفاهية مكملة أو هبة‪ ،‬وليس على‬ ‫أنه حق مكتسب‪ .‬واهلجوم على املرأة العاملة‪،‬‬ ‫خاص ًة املتزوجات واألمهات‪ ،‬يزداد غالباً يف‬ ‫فرتات األزمات االقتصادية‪ ،‬كما حدث عام‬ ‫‪ 1919‬عندما متت إعادة النساء العامالت‪،‬‬ ‫كن يدرن شؤون البالد أثناء احلرب‬ ‫الاليت ّ‬ ‫إىل بيوهتن‪ ،‬لينجنب أطفاالً هبدف زايدة عدد‬ ‫السكان يف فرنسا‪.‬‬

‫يف فرتة احلرب‪ ،‬من ‪ 1914‬إىل ‪ ،1918‬اهتز‬ ‫املرأة هي الزوجة واألم واألخت‪ ،‬وقد مت احتكار الرجل للعمل السياسي‪ ،‬واكتسبت‬ ‫االعرتاف هبا طوال القرن التاسع عشر فقط املرأة خالل هذه املرحلة نفوذاً ال يستهان به‪،‬‬ ‫األسري‪ .‬تشكل املرأة حموراً وتعيني مستشارين حمليني من النساء واالعرتاف‬ ‫من خالل دورها‬ ‫ّ‬ ‫أساسياً يف النظام االجتماعي‪ ،‬لكن وهبدف ابخلربات النسائية يف جمال السياسة الصحية‬ ‫أن تبقى خاضع ًة لزوجها‪ ،‬فإن املشرع حيرص واالجتماعية ليس إالّ دلي ً‬ ‫ال على هذا النفوذ‬ ‫ّ‬ ‫على أن يكون متيقظاً حيال هذا املوضوع‪ ،‬ال املكتسب‪ .‬كما مت دمج ثالثة من النساء يف‬ ‫حيق للمرأة أن تتهرب من واجباهتا ومسؤولياهتا وزارة اخلارجية ليعملن كسكرتريات يف حكومة‬ ‫اجلبهة الشعبية‪ .‬لكن هذا كله مل يكن‬ ‫إالّ مظهراً من مظاهر موضة الدميقراطية‬ ‫املزيفة اليت سادت يف مرحلة من العزلة‬ ‫حتمل الكثري من املسؤوليات‪،‬‬ ‫ووجوب ّ‬ ‫وعلينا أن ال ننسى حجم احلزن وثقله يف‬ ‫تلك املرحلة واحملاربني القدماء‪ ،‬وكذلك‬ ‫قوة التفكري السياسي واالجتماعي حول‬ ‫االختالف الضروري بني اجلنسني‪ ،‬وهذا‬ ‫يعين أن التحوالت الكبرية املتعلقة بوضع‬ ‫املرأة سوف أتيت الحقاً‪.‬‬ ‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪31 2014‬‬


‫قراءة سورية لكتاب «اللغز األنثوي»‬ ‫تبدأ (بييت فريدان) مؤلفة كتاب اللغز األنثوي فصلها األول بعنوان‪« :‬املشكلة اليت ال اسم‬ ‫هلا»‪ ،‬إذ من الطبيعي حتديد املشكلة أوالً‪ ،‬ليصار إىل معاجلتها‪ .‬لكن ماذا لو كانت هذه‬ ‫املشكلة عصية على التحديد! متسك الكاتبة أبيدي قرائها ومجهورها (فهي رئيسة املنظمة‬ ‫النسائية الوطنية يف أمريكا)‪ ،‬وأتخذهم معها خطوة خطوة يف طريق حبثها عن ذاهتا كامرأة‪/‬‬ ‫إنسانة‪ ،‬هذه الطريق اليت قادهتا إىل رؤية فضاء الفكر املرتبط بتحرير املرأة واجملتمع ككل‪.‬‬

‫‪ 32‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬

‫• ضحى العاشور‬


‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪33 2014‬‬


‫‪ 34‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬


‫السوريون ‪ ....‬من الطفولة إلى‬ ‫الرجولة‬

‫ابألمس جاء ابن اجلريان مع والدته وتقدموا خلطبة مسر‪...‬هكذا قالت‬ ‫يل والدهتا على اهلاتف حني أردت االطمئنان عنها وعن اطفاهلا‪.‬‬ ‫مسر اليت تركتها بداية الثورة يف ربيعها اخلامس عشر أصبحت اليوم‬ ‫يف الثامنة عشر من عمرها وقد بلغت السن القانونية‪ .‬صورة مسر اليت‬ ‫أرسلتها يل والدهتا ابألمس ال تشبه ابداً صورة مسر اليت مازالت عالقة‬ ‫يف ذاكريت يوم مغادريت! أان أمام صورة لشخص آخر‪.‬‬ ‫ثالث سنوات كفيلة بتغيري مسر ومالحمها ووعيها وفهمها للحياة‪ ،‬هذا‬ ‫إن كانت السنوات جمرد فرتة اعتيادية من الزمن متر على شيء ما‪ ،‬أما‬ ‫إذا كانت السنوات الثالث كالسنوات اليت مرت على سوراي‪ ،‬فإن التغيرّ‬ ‫يكون من نوع آخر‪.‬‬ ‫عندما كان خليل يهتف للحرية والكرامة يف تظاهرات ريف دمشق‬ ‫كانت مالمح الطفولة ال تزال مطبوعة على وجنتيه‪ ،‬فكانت هتافاته‬ ‫متلك من الرباءة ماال ميلكه ايفع يف الرابعة عشر من العمر‪ ،‬أما اليوم‬ ‫فخليل مل يرتك عمال إال وقام به خلدمة أهدافه الربيئة اليت اندى هبا‬ ‫مع بداية الثورة‪ .‬فعندما ترى أسلحة تلك الكتيبة نظيفة‪ ،‬فاعلم أبن‬ ‫خليل قد سهر الليل وهو ينظفها بيديه نفسها اليت كان يشكل هبا‬ ‫القبضة ويدفعها لألعلى ويهتف حني كانت مالمح الرباءة مرتسمة‬ ‫على وجهه‪.‬‬ ‫خليل مل حيمل السالح ومل يقاتل‪ ،‬لكنه كان يذّخر خمازن الرصاص‬ ‫للمقاتلني على اجلبهة‪ ،‬وينقل هلم العتاد يف أرض املعركة‪ ،‬وقضى عامني‬ ‫من عمره وهو خيدم من يسعى إىل حتقيق ما كان يهتف له‪.‬‬ ‫ابألمس أمر الطبيب إبخراج خليل من املشفى امليداين بعد تعافيه من‬ ‫إصابة يف إحدى املعارك وكأنه مكتوب على ابن السابعة عشرة أن يبدأ‬ ‫مراهقته بطريقة خمتلفة عما اعتدان عليه‪.‬‬ ‫ثالث سنوات مرت على الثورة السورية‪ ،‬ومعظمنا الزال ينظر إىل‬ ‫مشاكله اآلنية‪ ،‬ويستفيض يف املراقبة والتحليل ومتابعة أخبار املناطق‪،‬‬ ‫دون أن تلفت انتباهه بنية اجملتمع اليت بدأت ابلتغري بشكل مل خيطر‬ ‫على ابلنا يوم بدأان ثورتنا‪.‬‬ ‫هل ندرك اليوم ان خليل ومسر مها نواة جملتمعنا الذي تنتظره أايم عصيبة‬

‫• زايد إبراهيم‬

‫عندما تضع احلرب أوزارها؟ وهل من الصحيح أن هذا األمر مؤجل‪ ،‬أم‬ ‫ملحاً علينا التفكري جدايً يف وضع حلول للخطر احملدق مبجتمعنا‬ ‫إنه ابت ّ‬ ‫بعد أن فشلنا يف إيقاف األسباب اليت أدت إىل ذلك؟‬ ‫إن الناظر إىل وجه خليل اليوم قد يرى فيه عنفوان الشباب ومقدرته على‬ ‫التعايش مع الظروف اليت فرضت عليه‪ ،‬وقد يغيب عن انظريه شاربه‬ ‫الصغري الذي خط على وجهه‪ ،‬وتغيرّ صوته الذي أصبح َّ‬ ‫أجش بعد مروره‬ ‫يف مرحلة البلوغ اليت ينظر إليها الكثري من األطباء والعارفني على أهنا مرحلة‬ ‫دقيقة من مراحل بناء الشخصية‪ ،‬هذه املرحلة اليت تحُ رق مع مراحل أخرى‬ ‫يف مسرية النمو ألفراد جمتمعنا املتعب‪.‬‬ ‫مسر اليت كنت أنظر إليها كطفلة قبل مغادريت‪ ،‬حرقت مراحل من عمرها قد‬ ‫نَصفها أبمجل املراحل اليت منر هبا يف حياتنا‪ ،‬وتوصف أيضاً أبصعبها‪.‬‬ ‫ابت اجملتمع السوري اليوم مهدداً بتغيري الرتكيبة البنيوية ألفراده‪ ،‬واليت سوف‬ ‫يكون هلا أثر سليب يف املراحل القادمة اليت ينشغل معظمنا يف حتليلها‬ ‫ومقاربتها‪ ،‬انسني أو متناسني التوجه ألنفسنا ابلسؤال املهم الذي يقول‪:‬‬ ‫جمتمعنا اىل أين؟‬ ‫ابن السادسة عشرة يف درعا أصبح مقات ً‬ ‫ال على اجلبهة‪ ،‬وابنة التاسعة يف‬ ‫محص تعمل مع والدهتا بتكفني موتى احلصار‪ ،‬وأخرى يف دير الزور تعمل‬ ‫من أجل البقاء على قيد احلياة‪ ،‬هذا عدا عن السوريني يف املخيمات خارج‬ ‫سوراي‪ ،‬واملصاعب اليت يعيشوهنا‪.‬‬ ‫حنن اليوم مطالبون أكثر من أي وقت مضى ابلنظر ملياً يف جمتمعنا‪،‬‬ ‫واملشاكل االجتماعية اليت نشأت خالل السنوات املاضية‪ ،‬ومطالبون أكثر‬ ‫ابالهتمام أبطفالنا الذين حرقوا مراحل من أعمارهم‪ ،‬وابتوا يقومون أبعمال‬ ‫ال تتناسب أبداً مع أعمارهم لينتقلوا من الطفولة إىل الرجولة خبطوة خطوة‬ ‫قصرية ال أكثر‪.‬‬ ‫كلنا نذكر تلك الطفلة اليت كانت تعيش يف مدرسة يكفن فيها املوتى ويتم‬ ‫جتهيزهم للدفن‪ ،‬واليت كان حلمها أن أتيت إىل املدرسة لي ً‬ ‫ال لرتى ماذا تفعل‬ ‫املدرسات‪.‬‬ ‫اليوم وعند سؤال تلك الطفلة‪ :‬هل ختافني من املوت؟ أجابت بال‪ ،‬فقد‬ ‫كان املوت أمراً أبسط بكثري مما كانت تتوقع‪.‬‬ ‫* الصورة ألطفال من داراي يعملون من أجل لقمة العيش‪ ،‬بعدسة زايد ابراهيم‪.‬‬

‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪35 2014‬‬


‫آذار واألسئلة (الكرد ّية) المزمنة‬ ‫أاثر امللف الكردي يف سوراي عشرات األسئلة لدى املتتبعني ولدى‬ ‫السوريني (معارضة ومواالة ورماديني)‪ ،‬وارتبطت معظم األسئلة مبدى‬ ‫«والء» الكرد لسوراي‪ ،‬وهل حيملون «مشروعاً انفصالياً» أم ال؟‬ ‫وعن «الفتور الكردي» ضمن الثورة‪ ،‬وعن سبب بقاء مناطق الكرد‬ ‫مبعزل عن القصف والتدمري!! وعن أسباب االنسحاابت املتكررة من‬ ‫مؤمترات املعارضة‪ ،‬وأسئلة أخرى عن دور إقليم كردستان العراق وقياداته‬ ‫وأحزابه يف امللف الكردي السوري‪ .‬بينما كان السؤال األبرز عن ماهية‬ ‫األحزاب واهليئات املرتبطة أيدولوجياً حبزب العمال الكردستاين ‪PKK‬‬ ‫واستحواذها على القرار العسكري والسياسي على امتداد خارطة‬ ‫التنظيمات واهلياكل العديدة ضمن املشهد الكردي يف سوراي‪.‬‬ ‫وال تبقى هذه األسئلة‪ ،‬وغريها الكثري‪ ،‬يف نطاق االستفسار والسعي‬ ‫لإلحاطة‪ ،‬بل كثرياً ما تطلق إلاثرة الزوابع أو للتلطي خلفها بينما‬ ‫يسعى البعض (وبشكل حقيقي) ملعرفة ما جيري واالطالع على جمرايت‬ ‫األحداث واملواقف‪.‬‬ ‫ما يقابل هذه األسئلة يف شوارع قامشلو ليلة النوروز هو آالف األعالم‬ ‫وعشرات املشاعل ومراكز عديدة للتجمهر واالحتفال‪ ،‬علوا للتصفيق‬ ‫والغناء‪ ،‬مسريات ليلية ابلسيارات‪ ،‬صور للزعماء والقادة الكرد‪ ،‬دخان‬ ‫كثيف يعلو مساء املدينة األكرب بني مدن الكرد املتلحفة أبغطية خضراء‬ ‫أغدق الربيع عليها هذا العام‪ ،‬إذ بلغ مجال الطبيعة ذروته يف يوم نوروز‬ ‫املرتافق مع االنقالب الربيعي‪.‬‬ ‫نوروز هو العيد القومي الكردي الذي تربز فيه مضامني قصة (كاوا‬ ‫احلداد)‪ ،‬الذي حطم رأس الطاغية (أزدهاك)‪ ،‬القصة اليت تعرب عن‬ ‫حدث اترخيي متمثل يف إسقاط احلكم اآلشوري ودحره على يد امليديّني‬ ‫‪ 612‬ق‪.‬م‪ ،‬وهو التاريخ الذي يعتربه القسم األعظم من الكرد رأساً‬ ‫للسنة الكردية‪ .‬ورمبا كان التعطش الكردي للتحرر واالنعتاق‪ ،‬منذ ذلك‬ ‫الوقت‪ ،‬الدافع وراء إشباع رغبة الظهور واالقتناء لدى طفل حيمل علماً‬

‫‪ 36‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬

‫• بريوز بريك‬

‫كردايً يلوح به بفخر‪ ،‬وهو الذي ال يعرف عن القومية والتمايز واالختالف‬ ‫سوى ما تلقّفته أذانه من أحاديث لآلابء واألخوة واجلريان‪ ،‬أوما استقر يف‬ ‫ذهنه من صور تبثّها القنوات الفضائية الكردية‪.‬‬ ‫امللمح‬ ‫يف ظل‬ ‫ُ‬ ‫مناسبات آذار املتعاقبة ابتت مظاهر توكيد الذات القومية َ‬ ‫األبرز‪ ،‬الذي يبدو حاداً ومتعاظماً يف ظل أجواء احلرب واجلبهات اليت ما‬ ‫تزال مفتوحة يف سري كانييه (رأس العني) وكوابين (عني عرب)‪ ،‬بني وحدات‬ ‫محاية الشعب ‪ YPG‬وداعش‪ ،‬وهي اليت تنقلنا إىل السر وراء تنامي هذه‬ ‫املشاعر واملظاهر القومية الصارخة لدى الكرد يف املنطقة‪ ،‬فاملشهد الكردي‬ ‫املفتوح على عشرات االحتماالت انبىن على تراكم من السنني العجاف‬ ‫وصوالت من العربدة األمنية‪ ،‬اليت أسهمت يف إنتاج فرادة هلذا املكون‬ ‫املشهور خبصلة العناد والصرامة والدخول يف معرتك السياسة‪ ،‬ابلرغم مما انله‬ ‫من إذالل و هتميش وإفقار‪ ،‬فعلى بعد أمتار قليلة من املكان الذي سقط‬ ‫فيه ثالثة شبان مضرجني بدمائهم ليلة النوروز سنة ‪ 2008‬برصاص األمن‬ ‫السوري‪ ،‬وقف صيب كردي وهو يلبس الزي الفلوكلوري رافعاً علماً كردايً‬ ‫زاهياً تتوسطه مشس صفراء يف ‪.2014‬‬ ‫يؤكد متابعون وصحفيون أن ما نعايشه ليس إال بداايت لصعود قومي‬ ‫كردي وشيك‪ ،‬يربز ضمن خرائط الصراع القائمة وصوالً إىل منتهيات‬ ‫«حتمية»‪ ،‬فعلى الرغم من اخلالفات احلادة اليت تظهر بني الكرد‪ ،‬يتفق‬ ‫اجلميع على أن احلق الكردي َّ‬ ‫مقدم على ما سواه‪ ،‬تعزز هذا التوجه مع‬ ‫ما أفرزته الثورة‪/‬األزمة من تناقضات حادة موجودة يف الرتكيبة االجتماعية‬ ‫والدميغرافية السورية اليت عصفت هبا الطائفية والتطرف‪ .‬وليست مهرجاانت‬ ‫اإلعالم واألغاين الطافحة ابملفردات والتعبريات القومية مبعزل عما ذ ُِكر‪ ،‬وعن‬ ‫تراكمات الكبت الناجم عن سياسات الصهر القومي اليت اتبعها النظام عرب‬ ‫ذراعه األيديولوجية املتمثلة حبزب البعث‪ ،‬وكذلك أجهزته األمنية الضاربة‪،‬‬ ‫حبيث يثري هذا اخلليط املعقد من األحداث واملواقف أسئلة معقدة‪ ،‬لكنها‬ ‫راهنية تثار مبجرد التجوال يف شهر آذار ضمن أية مدينة كردية يف سوراي‪.‬‬ ‫من مجلة التناقضات اهلائلة يف هذا الصدد أن ما يتعلق مبصائر الكرد‬


‫السيــداو‬ ‫ألمهيتها‪ ،‬تقوم جملة «سيدة سوراي» بنشر اتفاقية السيداو على أجزاء‪،‬‬ ‫بدءاً من العدد الثاين‪.‬‬

‫وحيواهتم ومسالكهم يف السياسة والتحالفات والعداءات سيبقى حمفوفاً‬ ‫بعشرات األسئلة‪ ،‬كتلك اليت تتضمن «احندارهم من أصالب اجلن»‪،‬‬ ‫أو كوهنم «أتراك اجلبال»‪ ،‬أو «إسرائيل الثانية»‪ ،‬وال يتعدى فهم‬ ‫أغلب «الناشطني» الناشئني يف أجواء الثورة‪/‬األزمة سقف ما سلف‬ ‫من تنميطات عن الكرد‪ ،‬ولطاملا مارس جزء منهم «تقية سياسية» يف‬ ‫حضور انشطني أو سياسيني كرد‪ ،‬وبدؤوا برصف اإلطناابت واملدائح‪،‬‬ ‫وسرعان ما تتزعزع هذه «الثقة» ويكشر امل ّداح عن أنيابه الفئوية مبجرد‬ ‫انسحاب الكرد من مؤمتر للمعارضة أو انكسار لكتائب إسالمية أمام‬ ‫وحدات محاية الشعب ‪ .YPG‬وال أهتم هؤالء الناشطني فقط‪ ،‬فللكرد‬ ‫أيضاً ولناشطيهم مثالب وأخطاء مجة‪ ،‬إذ سرعان ما يقع معظمهم‬ ‫حتت رد الفعل‪ ،‬وهلم قدرة غريبة على ترديد خطاب مكرر مقرون‬ ‫بدعوات األسبقية يف مواجهة النظام ومزاولة العمل السياسي‪ ،‬بينما‬ ‫تكمن املشكلة الكربى يف «النخب» وأدائها‪ ،‬إذ ميتلكون الدور األكرب‬ ‫يف شيطنة األسئلة وجتيريها‪ ،‬سعياً إللباسها لبوساً خبيثاً‪.‬‬ ‫السعي حنو إجياد املشرتكات يف احلوار والتعاطي‪ ،‬والتنبه إىل نزع املستفز‬ ‫من األسئلة ضرورة ال حميد عنها ضمن بيئة يتهددها النزاع األهلي‪ .‬ورمبا‬ ‫أييت تداخل االختصاصات وكثرة انتساابت الشخص الواحد ألكثر من‬ ‫هيئة أو حمفل أو حزب وابالً على احلوارات والتواصل بني املختلفني من‬ ‫أبناء البلد الواحد‪ ،‬إذ ال ميكن أن يكون الصحفي مهنياً وهو عضو‬ ‫يف حزب أو هيئة سياسية‪ ،‬ولن يتسىن ألي انشط أو متتبع أن يلتقط‬ ‫جوهر األجوبة العديدة ضمن سياق التحليل والبحث‪ ،‬دون أن يتحرر‬ ‫من عقده ومن احلواجز النفسية الناشئة عرب الزمن‪ ،‬إذ ال تصح املعادلة‬ ‫عندما يتباكى «انشط» على الثورة وعلى املدنيني يف حلب ومحص‬ ‫وريف دمشق‪ ،‬وهو مؤمن بل موقن أن صدام حسني هو «أسد العرب»‬ ‫و«حامي العروبة»‪ ،‬وينطلق من هذه البوابة ليحاكم الكرد وحياسبهم‬ ‫على خياراهتم وأدائهم!!!!‬ ‫امللف الكردي يف سوراي شائك ومتداخل مع ملفات أخرى كثرية‬ ‫داخلية وإقليمية ورمبا دولية‪ ،‬والتعاطي معه ضمن إطالق صور منطية‬ ‫أو مصادرات على الواقع أو إسباغ أحكام قيمة حمددة فيه غنب كبري‬ ‫وال يساعد‪ ،‬يف املطلق‪ ،‬على بناء مشرتكات‪ ،‬بل يسهم يف نسف ما‬ ‫هو قائم‪.‬‬

‫املادة ‪:10‬‬ ‫تتخذ الدول األطراف مجيع التدابري املناسبة للقضاء على التمييز ضد‬ ‫املرأة‪ ،‬لكي تكفل هلا حقوقاً مساوية حلقوق الرجل يف ميدان الرتبية‪،‬‬ ‫وبوجه خاص لكي تكفل‪ ،‬على أساس املساواة بني الرجل واملرأة‪:‬‬ ‫(أ) شروط متساوية يف التوجيه الوظيفي واملهين‪ ،‬وااللتحاق ابلدراسات‬ ‫واحلصول على الدرجات العلمية يف املؤسسات التعليمية على اختالف‬ ‫فئاهتا‪ ،‬يف املناطق الريفية واحلضرية على السواء‪ ،‬وتكون هذه املساواة‬ ‫مكفولة يف مرحلة احلضانة وىف التعليم العام والتقين واملهين والتعليم‬ ‫التقين العايل‪ ،‬وكذلك يف مجيع أنواع التدريب املهين‪.‬‬ ‫(ب) التساوي يف املناهج الدراسية‪ ،‬ويف االمتحاانت‪ ،‬ويف مستوايت‬ ‫مؤهالت املدرسني‪ ،‬ويف نوعية املرافق واملعدات الدراسية‪.‬‬ ‫(ج) القضاء على أي مفهوم منطي عن دور الرجل ودور املرأة‬ ‫يف مجيع مراحل التعليم جبميع أشكاله‪ ،‬عن طريق تشجيع التعليم‬ ‫املختلط‪ ،‬وغريه من أنواع التعليم اليت تساعد يف حتقيق هذا اهلدف‪،‬‬ ‫وال سيما عن طريق تنقيح كتب الدراسة والربامج املدرسية وتكييف‬ ‫أساليب التعليم‪.‬‬ ‫(د) التساوي يف فرص احلصول على املنح واإلعاانت الدراسية‬ ‫األخرى‪.‬‬ ‫(هـ) التساوي يف فرص اإلفادة من برامج مواصلة التعليم‪ ،‬مبا يف ذلك‬ ‫برامج تعليم الكبار وحمو األمية الوظيفي‪ ،‬وال سيما الربامج اليت هتدف‬ ‫إىل التعجيل بقدر اإلمكان بتضييق أي فجوة يف التعليم قائمة بني‬ ‫الرجل واملرأة‪.‬‬ ‫(و) خفض معدالت ترك الطالبات الدراسة‪ ،‬وتنظيم برامج للفتيات‬ ‫والنساء الاليت تركن املدرسة قبل األوان‪.‬‬ ‫(ز) التساوي يف فرص املشاركة النشطة يف األلعاب الرايضية والرتبية‬ ‫البدنية‪.‬‬ ‫(ح) إمكانية احلصول على معلومات تربوية حمددة تساعد على كفالة‬ ‫صحة األسر ورفاهها‪ ،‬مبا يف ذلك املعلومات واإلرشادات اليت تتناول‬ ‫تنظيم األسرة‪.‬‬ ‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪37 2014‬‬


‫بورتريهات السجن‬ ‫دمشق*‬

‫• مسر يزبك‬

‫األايم األربعة تلك ليست ابألمر السهل‪ ،‬ورمبا لن جتد (ع‪.‬م) الوقت الكايف يف الشهور‬ ‫اليت تلتها للتفكري فيها‪ .‬الوقت مل يسمح بذلك‪ ،‬لكنها الحقاً ستكتفي ابلليايل الطويلة‬ ‫حملاولة استعادة ماحصل‪ ،‬وسوف تفكر‪ ،‬وهي تنتظر منو شعرها‪ ،‬لتعيد حالقته من جديد‪،‬‬ ‫غض البصر عن تساقطه‪ .‬يف املرة األوىل وجدت على البطانية‪ ،‬اليت انمت‬ ‫وتتذكر أن عليها ّ‬ ‫علهيا خصل ًة كثيفة‪ ،‬وأصيبت ابلذعر‪ ،‬مث مل تعد حتتمل‪ ،‬وطلبت من السجان حالقة شعرها‬ ‫على الصفر‪ .‬قالت ابحلرف الواحد‪« :‬عالصفر‪ ..‬وال حىت سنتيمرت واحد»‪ .‬حدث هذا يف‬ ‫فرع املخابرات اجلويّة‪ ،‬ولكن القصة كانت قد بدأت قبل ذلك بكثري‪ ،‬يف فرع فلسطني‪.‬‬ ‫كانت (م‪.‬ع) يف الثانية والعشرين من عمرها‪،‬‬ ‫تدرس الطب يف مدينة دمشق‪ ،‬ذات مجال‬ ‫الفت‪ ،‬بيضاء بشع ٍر أسود‪ ،‬طويل وغزير‪،‬‬ ‫وعينني حوراوين‪ .‬تغين وتدندن دائماً‪ ،‬وهي‬ ‫تقوم أبداء واجباهتا‪ ،‬أو حىت وهي متشي لوحدها‬ ‫يف الشارع‪ ،‬وأثناء املظاهرات‪ ،‬أثناء املالحقة‪،‬‬ ‫وعندما صارت جتمع حوهلا النساء يف املهجع‪،‬‬ ‫بعد أشهر طويلة‪ ،‬كانت تغين‪.‬‬ ‫عندما بدأت املظاهرات‪ ،‬مل ترتك مظاهرة يف‬ ‫حي امليدان وكفرسوسة‪ ،‬إال وشاركت فيها‪.‬‬ ‫شاركت يف كافة أشكال احلراك الشعيب ضد‬ ‫نظام األسد‪ .‬كانت ذكية ومتوهجة‪ ،‬والتتوقف‬ ‫عن العمل‪ ،‬ويعتمد عليها‪ .‬كان حرصها على‬ ‫البقاء خارج السجن مدعاة الشتباه اهلوس يف‬ ‫تصرفاهتا اليومية‪ ،‬ومل تكن لتعتقل‪ ،‬على الرغم‬ ‫من املراقبة واملالحقة الشديدة من قبل أجهزة‬ ‫املخابرات‪ ،‬لوال أن مت ضبطها عرب جهاز‬ ‫«الراشدة»‪ ،‬وهذا اجلهاز يتم استخدامه من‬ ‫قبل فرع املخابرات اجلوية‪ ،‬ملراقبة املكاملات‬ ‫اهلاتفية‪ ،‬ومت عربه اعتقال الكثري من النشطاء‪،‬‬ ‫حيث يتم حتديد مكان الشخص عربه‪ .‬استدلوا‬ ‫على مكاهنا‪ ،‬واعتقلوها‪ ،‬حدث ذلك يف الشهر‬ ‫العاشر سنة ‪.2012‬‬ ‫اقتادوها لفرع فلسطني يف دمشق‪ ،‬وهناك بدأ‬ ‫التعذيب‪ ،‬وضعت يف منفردة‪ ،‬مرت مبرت‪ ،‬عبارة‬ ‫عن حفرة سوداء للتغوط‪ ،‬مرحاض على شكل‬ ‫حفرة يف األرض‪ ،‬خترج منه اجلرذان بشكل‬ ‫‪ 38‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬

‫متواصل‪ ،‬واخلراء يطفو منه على بقااي املساحة‬ ‫الصغرية‪ ،‬مل تكن تستطيع النوم‪ ،‬جتلس وتثين‬ ‫قدميها‪ ،‬وكان مجاهلا االستثنائي كارثة إضافية‪،‬‬ ‫مل حتسب حساهبا‪.‬‬ ‫بدأ التعذيب منذ الدقائق األوىل لدخوهلا فرع‬ ‫فلسطني‪ ،‬جروها من شعرها‪ ،‬ركلوها يف كافة‬ ‫أحناء جسدها‪ ،‬داسوا على عنقها وهم يتلفظون‬ ‫ابلكلمات النابية‪ .‬أحدهم كان يصرخ «بدي‬ ‫دعوس هالوجه احللو»‪ ،‬لكنها مل تتفوه حبرف‪،‬‬ ‫كان الضرب يستمر حىت يغمى عليها‪ ،‬مث‬ ‫يعودون هبا إىل زنزانتها‪ ،‬تستيقظ‪ ،‬وتبدأ من‬ ‫جديد حفلة التعذيب‪.‬‬ ‫بقيت يف املنفردة تسعة أايم حتت التعذيب‬ ‫الذي وصل الليل ابلنهار‪ ،‬كان احملقق نقيباً‪،‬‬ ‫امسه حممد‪ ،‬مل تعرف عنه أكثر من ذلك‪ ،‬إضافة‬ ‫إىل أنه كان يطلب من مساعديه تعذيبها أمامه‪،‬‬ ‫كان يراقب فقط‪.‬‬ ‫الغرفة اليت خضعت فيها للتعذيب مل تكن‬ ‫غرفته اليت ستعرفها الحقاً‪ ،‬كانت عبارة عن‬ ‫غرفة سوداء متاماً‪ ،‬واسعة‪ ،‬فيها طاولة وكرسي‪،‬‬ ‫وضوء يف املنتصف‪ .‬املساحة واسعة يف الغرفة‬ ‫جرها على األرض من‬ ‫حبيث يتنسى للمحققني ّ‬ ‫شعرها‪ .‬حىت تلك اللحظة‪ ،‬كانت قد قررت‬ ‫أهنا لن تصرخ ولن تبكي‪ ،‬ولن جتعلهم يسمعون‬ ‫مهسة منها‪.‬‬ ‫يف اليوم التاسع جاء السجان‪ ،‬وهبدوء طلب‬ ‫منها االستحمام‪ ،‬كانت مجلته بوابة مساء‪،‬‬

‫لكنها السماء املؤدية إىل عامل الظلمات‪ ،‬قالت‬ ‫فيما بعد أنه مل خيطر يف ابهلا ما حصل‪ ،‬ومل‬ ‫تستطع تصديق األمر حىت اللحظة‪ .‬استحمت‪،‬‬ ‫تركوها ساعة يف احلمام‪ .‬عندما خرجت من‬ ‫احلمام‪ ،‬مل أيخذها السجان إىل املنفردة القذرة‪،‬‬ ‫قال إن حتقيقاً ينتظرها‪ .‬دخلت غرفة حتقيق‬ ‫النقيب حممد‪ ،‬وكان ذلك يف اليوم التاسع‪.‬‬ ‫ابلكاد دخلت‪ ،‬رأته جيلس وراء مكتبه‪ ،‬وحوهلا‬ ‫اجتمع ثالثة‪ ،‬ابدر أحدهم ابلسؤال األول‪ ،‬وما‬ ‫إن مهت ابإلجابة‪ ،‬حىت تلقت ضربة حادة من‬ ‫اخللف‪ ،‬مث غابت عن الوعي‪ .‬كان هذا بعد‬ ‫الواحدة لي ً‬ ‫ال بقليل‪ ،‬ويف تلك الساعات السوداء‬ ‫املعتمة‪ ،‬كموت مؤقت وحىت استيقاظها على‬ ‫قرصات وجع مؤمل يف بطنها‪ ،‬كانت (ع‪.‬م)‬ ‫يف عامل األسرار واخلفااي‪ ،‬فإىل جانب غرفة‬ ‫النقيب حممد‪ ،‬كان هناك ابب جانيب‪ ،‬لغرفة‬ ‫أخرى‪ ،‬هي غرفة نومه‪ ،‬موضوع فيها سرير‪،‬‬ ‫وكراسي للجلوس وطاولة مستديرة صغرية‪ ،‬تبدو‬ ‫مثل غرفة نوم هادئة وطبيعية وبسيطة‪ .‬بداية‬ ‫استيقاظها اعتقدت أهنا يف حلم‪ ،‬لكنها وما إن‬ ‫فتحت عينيها‪ ،‬ووجدت نفسها بتلك الوضعية‬ ‫الغريبة فوق سرير النقيب حممد‪ ،‬حىت صرخت‬ ‫ألول مرة منذ تسعة أايم‪ ،‬صرختها احلادة تلك‪،‬‬ ‫جعلت السجان يدخل غرفتها مباشرة‪ ،‬وهي‬ ‫انتبهت يف تلك اللحظة‪ ،‬أهنا ممدة وعارية على‬ ‫سرير نظيف‪ .‬وأن رج ً‬ ‫ال خياطبها ابستحياء وهو‬


‫يطلب منها ارتداء مالبسها على عجل‪.‬‬ ‫أطاعت األوامر بطريقة ميكانيكية‪ ،‬نزلت‬ ‫من السرير لتخفي عريها‪ .‬وخرج السجان‬ ‫من الغرفة‪ ،‬مل ينظر إليها ابملطلق‪ .‬ومنذ تلك‬ ‫اللحظة كان حيدثها وهو ينظر إىل مكان‬ ‫آخر‪ ،‬صار صوته ووجوده حيادايً‪ ،‬وبقي‬ ‫هكذا ألكثر من أربعني يوماً قبل أن يتم‬ ‫نقلها لفرع املخابرات اجلوية‪ .‬لكنه مل يعد هبا‬ ‫إىل املنفردة‪ .‬وضعها ضمن زنزانة أكثر اتساعاً‬ ‫وفيها جمموعة من النساء‪ ،‬وخالل األايم‬ ‫الثالثة اليت قضتها قبل أن يتحول أمل أسفل‬ ‫بطنها إىل سكاكني حادة‪ ،‬مل تنبس حبرف‪،‬‬ ‫كانت صامتة‪ ،‬وتنام طوال الوقت‪ ،‬حىت إهنا‬ ‫مل تتناول الطعام‪ .‬كانت تتخيل نفسها انئمة‪،‬‬ ‫ويتناوب على اغتصاهبا عدة رجال‪ .‬مل تعرف‬ ‫إن كان النقيب حممد فع ً‬ ‫ال هو من قام وحده‬ ‫ابغتصاهبا‪ .‬أم تناوب رجال كثر على فعل‬ ‫ذلك‪ .‬من الساعة الواحدة ليالً‪ ،‬وحىت السابعة‬ ‫صباح اليوم التايل‪ ،‬السجينات طلنب طبيباً‬ ‫للفتاة اخلرساء كما َّ‬ ‫مسينها‪ ،‬ومت نقلها إىل غرفة‬ ‫خاصة ابحلاالت اإلسعافية‪ ،‬وهناك مت حقنها‬ ‫إببرة‪ ،‬قالوا هلا إهنا ستكفي ملعاجلتها من آالم‬ ‫البطن‪ ،‬وهي مل تعرتض‪ ،‬ومل تكن قادرة على‬ ‫الكالم‪ ،‬لكن الساعة اليت قضتها بني الغرفة اليت‬ ‫يسعفون فيها السجناء‪ ،‬واملسافة اليت أوصلتها‬ ‫للمنفردة مرت خطفاً‪ .‬مل تعد تذكر بعد سراين‬ ‫السائل احلارق من اإلبرة يف جسدها‪ ،‬ملاذا مل‬ ‫يعودوا هبا إىل غرفة السجينات؟ وجدت نفسها‬ ‫من جديد يف املنفردة‪ ،‬اليت قضت فيها األايم‬ ‫التسعة األوىل‪ .‬كانت تنتظر توقف األمل‪ ،‬لكنها‬ ‫وعوضاً عن ذلك غفت‪ ،‬واستفاقت صباح‬ ‫اليوم التايل‪ ،‬وهي ممددة عارية بنفس الوضعية‬ ‫على السرير يف الغرفة الداخلية ملكتب النقيب‬ ‫حممد يف ف ـ ــرع فلسطني‪ .‬كـ ــان األمل أشد كثافة‬ ‫يف منطقة حوضها ابلكـ ــامل‪ ،‬وشـ ــعرت أن‬ ‫جسدها يؤملها وكأهنا تعرضت لضرب عنيف‪،‬‬ ‫هناك بعض اآلاثر احلمراء على كامل جسدها‪،‬‬ ‫اليت حتولت مع مرور األايم إىل كدمات زرقاء‪.‬‬ ‫صرخت بشدة صرخات متتالية‪ ،‬وقفزت من‬ ‫السرير وهي تصرخ‪ ،‬وتشد شعرها وتلطم‬ ‫وجهها‪ ،‬كانت تصفع نفسها وتصرخ‪ ،‬عندما‬

‫دخل السجان طلب هبدوء واستحياء منها أن‬ ‫تتوقف عن الصراخ‪ ،‬لكنها مل تفعل‪ ،‬فدخل‬ ‫ثالثة من الرجال ورموها فوق السرير وألبسوها‬ ‫ثياهبا‪ ،‬مث عادوا هبا إىل غرفة السجينات‪ ،‬هناك‬ ‫صمتت هنائياً‪.‬‬ ‫مل يعرف أي كائن مبا حصل مع (ع‪.‬م) حىت‬ ‫تلك اللحظة‪ ،‬لكنها حاولت رؤية رئيس الفرع‪،‬‬ ‫ومل يسمح هلا بذلك‪ .‬امتنعت عن الطعام‪،‬‬ ‫وصارت عدوانية‪ ،‬تعض من حوهلا‪ ،‬حىت‬ ‫استطاعت مقابلة رئيس الفرع‪ .‬كانت ختاف‬ ‫النوم‪ ،‬فكرت أن نومها يعين أن تستيقظ‪ ،‬وجتد‬ ‫نفسها مغتصبة من رجال ال تعرفهم‪ ،‬أو من‬ ‫نفس احملقق الذي انتبهت وألول مرة رأته‪،‬‬ ‫أنه ينظر إليها بشهوانية‪ ،‬ومل خترب من حوهلا‬ ‫أبمل بطنها‪ ،‬ألهنا خشيت أيضاً من أن يتم‬ ‫حقنها من جديد أببرة خمدرة‪ ،‬لتصحو وجتد‬ ‫نفسها على السرير‪ .‬لكنها استطاعت رؤية‬ ‫العميد رئيس الفرع‪ ،‬وعندما أخربته مبا حصل‪،‬‬ ‫طلب منها الصمت‪ ،‬وأن توكل أمرها هلل‪ ،‬ألن‬

‫النقيب حممد هو قريب «الرئيس» بشار‪.‬‬ ‫صمتت‪ ،‬ولكن منذ تلك اللحظة‪ ،‬تركوها‬ ‫وشأهنا‪ ،‬ومت نقلها إىل فرع املخابرات اجلوية‪،‬‬ ‫لتبقى هناك حوايل السنة أيضاً‪ ،‬يف حتقيق‬ ‫طويل ومستمر‪ ،‬حيث اتضح هلا أهنم يعرفون‬ ‫عنها كل شيء‪ ،‬ويراقبون حتركاهتا منذ فرتة‬ ‫طويلة‪ ،‬وجعلوها تستمع ملكاملاهتا اهلاتفية‪ ،‬مل‬ ‫تُضرب يف فرع املخابرات اجلوية‪ ،‬قالوا هلا إن‬ ‫التعرض للنساء يف هذا الفرع ممنوع‪.‬‬ ‫مل تعرف اجلميلة‪ ،‬طالبة الطب الذكية‬ ‫واملتفوقة حىت اللحظة‪ ،‬ما الذي حصل هلا‬ ‫يف الغيبوبتني املتتاليتني‪ ،‬لكنها واثقة أنه مت‬ ‫اغتصاهبا وبطريقة متتالية‪ ،‬وهي يف غياب كامل‬ ‫عن الوعي‪ ،‬والتعرف ماذا فعلوا وعبثوا أثناء‬ ‫حفالت االغتصاب تلك‪ ،‬كانت آاثر األمل‬ ‫ال ترتك هلا جماالً للتفكري بشيء‪ ،‬ما عدا أمر‬ ‫واحد‪ ،‬ظهر بشكل حمسوس‪ ،‬بدأ شعرها الغزير‬ ‫األسود يتساقط عندما وصلت فرع املخابرات‬ ‫اجلوية‪ ،‬واستيقظت يف أحد األايم‪ ،‬لرتى خصلة‬ ‫كثيفة من شعرها على البطانية‪ ،‬اعتقدت أهنا‬ ‫حتلم‪ ،‬وأن رأسها مفصول عن جسدها‪ ،‬عندما‬ ‫طلبت أن يتم حلق شعر رأسها على الصفر‪،‬‬ ‫شعرت براحة شديدة‪ ،‬وكانت تراقب ابستمرار‬ ‫السنتيمرتات اليت تسمح فيها لشعرها ابلنمو‪،‬‬ ‫لتطلب منهم وهبوس وإحلاح إبقاء رأسها بدون‬ ‫شعر‪.‬‬ ‫تقول إن هناك حاالت أخرى تشبه حالتها‬ ‫يف فرع فلسطني‪ ،‬مل تذكر األمساء‪ ،‬لكن كل‬ ‫ما مرت به (ع‪ .‬م) موثق‪ ،‬ابألمساء والتاريخ‬ ‫انتهاء‬ ‫واألمكنة‪ .‬بدءاً من حلظة االعتقال‪ ،‬و ً‬ ‫بتفاصيل لون غطاء السرير‪ ،‬الذي ينام فوقه‬ ‫النقيب حممد‪ ،‬قريب «الرئيس»!‬ ‫مل تعد (ع‪.‬م) معنية أبي شيء خيص حياهتا‬ ‫القادمة‪ .‬تقول إهنا ماتت‪ ،‬كل مافعلته أهنا‬ ‫خرجت للتظاهر سلمياً ضد نظام األسد‪،‬‬ ‫وكانت مؤمنة بكل ما تفعله‪ ،‬قبل أن جترفها‬ ‫احلياة إىل هذه اهلاوية‪ ،‬اهلاوية اليت تقول إهنا‬ ‫تشبه حفرة املرحاض يف املنفردة‪.‬‬ ‫* كل الصفات الشخصية املتعلقة ابلفتاة غري حقيقية‪.‬‬ ‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪39 2014‬‬


‫سبانخ سياسية‪..‬‬

‫عندما كان االعتقال ترفًا‬

‫إىل‪ :‬منال‪ ،‬يسرى‪ ،‬مريفت‪ ،‬آالء‪ ،‬آمنة‪ ،‬انداي‪ ،‬هيام‪ ،‬صفاء‪ ،‬زينب‪،‬‬ ‫لطيفة‪ ،‬هيفني‪ ،‬هدية‪ ،‬وإىل ّ‬ ‫طل‪....‬‬ ‫إليكن أيف بوعدي بكتابة حدث من األحداث اليت عشناها سوية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وحنن قابعات بني أربعة جدران وسقف‪ ....‬لوال بدء الثورة السورية ملا‬ ‫أصبح معظمنا خارج القضبان‪ ،‬ولوال أطفال درعا ملا فرح سيزار ودايان‬ ‫(طفلي) بعوديت إليهما‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫«سبانخ لذيذة» عنوان لدرس يف القراءة أُدرج يف منهاج الصف الرابع‬ ‫االبتدائي‪ ،‬عنوان متّسق ومنسجم‪ ،‬أما عنوان «سبانخ سياسية»‪ ،‬فقد‬ ‫يبدو غري متسق وغري منسجم‪ ،‬وحيمل من الغرابة ما حيمل‪ .‬فكيف‬ ‫للسبانخ اللذيذة أن تتحول إىل قضية‪ ،‬وقضية ذات طابع سياسي؟‬ ‫يف سوراي ميكن لذلك أن حيصل‪ ،‬وإليكم القصة‪:‬‬ ‫املكان‪ :‬اجلناح السياسي يف سجن عدرا املركزي‪ -‬غرفة املعتقالت‬ ‫السياسيات‪.‬‬ ‫الزمان‪ :‬آواخر ‪ ،2010‬موسم السبانخ‪ ،‬زمن االعتقال السياسي قبيل‬ ‫بداايت الثورة‪.‬‬ ‫بعد مرور أشهر عديدة على حرمان املعتقالت من شراء أي نوع من‬ ‫أنواع اخلضار اليت تطبخ‪ ،‬مل تجُ ِد فيها ّ‬ ‫كل احملاوالت واملطالبات املوجهة‬ ‫إىل إدارة السجن‪ ،‬وإىل اجلهات األعلى املسؤولة عن إصدار «قوانني»‬ ‫هبذا اخلصوص‪ ،‬وبعد تفاقم سوء األوضاع الصحية ملعتقالت الغرفة‪،‬‬ ‫السيئة أصالً‪ ،‬قررت معظم املعتقالت االحتجاج على هذا احلرمان‪،‬‬ ‫كن قد أوصني عليها‪ ،‬ما‬ ‫واتّفقن على عدم استالم فاتورة املشرتايت اليت ّ‬ ‫مل تكن متضمنة السبانخ‪ .‬وابلفعل مل يتم استالم مواد الفاتورة رغم كل‬ ‫الضغوط والنصائح ابستالمها‪ ،‬وبدأت قصة التحول‪.‬‬

‫• هتامة معروف‬ ‫استمرار العقاب‪ ،‬واحلرمان من استعادة أي غرض مهما كان شخصياً‬ ‫مما متت مصادرته‪ ،‬والتدخل املباشر من قبل إدارة السجن بكل التفاصيل‬ ‫اليومية‪ ،‬مبا يف ذلك اإلشراف املباشر على كل االحتياجات اخلاصة‬ ‫والشخصية‪ ،‬اليت ال ميكن احلصول على أي منها دون موافقة‪ ،‬يف‬ ‫سعي إىل توعية السجني أبنه عنصر انقص األهلية للتصرف أببسط‬ ‫أموره الشخصية‪ ،‬والضغط ابجتاه إشعاره أبن كل شيء ميكن أن حيصل‬ ‫عليه هو مكرمة ال يستحقها هذا العنصر‪ .‬فملعقة اخلشب اليت مسح‬ ‫أن يؤكل هبا طعام السجن بعد طول ألي‪ ،‬تطلّب شراؤها العديد من‬ ‫اإلجراءات املطولة‪ّ ،‬‬ ‫وظل الطعام يؤكل مبلعقة صغرية من البالستيك ملدة‬ ‫تقارب األربعة أشهر‪ ،‬ريثما مت تشكيل وفد خاص وأمني إلمتام عملية‬ ‫شراء املالعق اخلشبية وتسليمها للمعتقالت‪ ،‬وذلك كله حتت اإلشراف‬ ‫املباشر إلدارة السجن‪ .‬ولألمانة والدقة‪ ،‬كان احلصول على ماء ساخن‬ ‫استثناء حصلت عليه املعتقالت يف لفتة مهمة من إدارة السجن‪ ،‬راعت‬ ‫فيها وضع السجينات األنثوي الذي يتطلب يف بعض األحيان سوائل‬ ‫دافئة‪ ،‬ختفف آالماً قد تعاين منها السجينة‪.‬‬ ‫بعد أسبوعني تقريباً‪ ،‬وبعد فشل كل حماوالت اسرتجاع أي من‬ ‫املصادرات اليت متت‪ ،‬قررت املعتقالت تنفيذ إضراب مجاعي عن الطعام‪.‬‬ ‫وما إن أعلن عن اإلضراب حىت بدأت سلسلة جديدة من اإلجراءات‬ ‫واحلرماانت مل تنته‪.‬‬ ‫اليوم التايل‪ :‬فُتح حتقيق حول اإلضراب‪ ،‬ومورست كل أشكال الرتغيب‬ ‫والرتهيب والتهديد ابلعواقب الوخيمة‪ ،‬بغاية فك اإلضراب واالعرتاف‬ ‫على من حرضت على اإلضراب‪ ،‬مع الوعود ابحلصول على كل‬ ‫املطالب‪.‬‬

‫األايم التالية‪ -1 :‬البدء بفتح حتقيق طيب واستجواب خطي حول وضع‬ ‫اليوم األول‪ :‬بدء محلة تفتيش صباحية امتدت حىت املساء‪ ،‬مت خالهلا السجينات الصحي وما يعانني منه‪ ،‬يف حماولة لنفي أي ترٍّد يف األوضاع‬ ‫يتبق لكل الصحية ألي سجينة‪ ،‬يف الوقت الذي تشري فيه الوقائع الطبية من‬ ‫مصادرة كل حمتوايت الغرفة املسموحة وغري املسموحة‪ ،‬ومل ّ‬ ‫معتقلة إالّ األلبسة اخلاصة هبا‪ ،‬واليت عليها أن‬ ‫فحوصات وحتاليل طبية من أطباء السجن‬ ‫تضعها يف أكياس سوداء وزعت خصيصاً‬ ‫نفسه‪ ،‬إىل عكس ذلك‪ .‬وأيضاً يف حماولة‬ ‫هلذا الغرض‪ّ ،‬‬ ‫جبو من الرتهيب‬ ‫إلثبات أن طعام السجن غذاء صحي ومتوازن‬ ‫كل ذلك حماط ّ‬ ‫والوعيد ّ‬ ‫و ٍ‬ ‫املبطن‪ ،‬مع إظهار أن التفتيش‬ ‫كاف‪ ،‬وال حيتاج إىل أي إضافات‪ .‬كل ذلك‬ ‫إجراء روتيين‪ ،‬ال عالقة له برفض استالم‬ ‫مبشاركة جلنة حتقيق طبية من أطباء ضباط‬ ‫فاتورة املشرتايت‪ .‬كان العقاب مجاعياً طال‬ ‫ومشرفني على الربانمج الغذائي املخصص‬ ‫املعنيّات وغري املعنيّات ابملوضوع‪.‬‬ ‫للسجناء‪ ،‬واحتلت السبانخ موقع الصدارة يف‬ ‫اليوم الثاين‪ :‬واألايم اليت تلت‪ ،‬البدء‬ ‫التحقيق‪ .‬وبعده ابت احلديث حول السبانخ‬ ‫بتطبيق تعليمات جديدة انتقامية‪ ،‬فحواها‬ ‫على كل لسان داخل أروقة املمرات والغرف‪،‬‬ ‫‪ 40‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬


‫بني عناصر األمن السياسي يف اجلناح‪ ،‬فأحدهم يسأل الطبيب‬ ‫أثناء التحقيق أن يؤكد له معلوماته العلمية اليت فكر فيها ملياً‪،‬‬ ‫أن ال فرق هناك بني اخلضار النيئة واملطبوخة‪ ،‬يف حماولة إلثبات‬ ‫والء خيدم هدف التحقيق‪ ،‬وآخر يعرتف أبنه ورغم حصوله‬ ‫على شهادة الثانوية العامة‪ ،‬مل يكن يعرف أن السبانخ حتتوي‬ ‫على هذا القدر من األمهية الغذائية‪ ،‬وآخرون يتذكرون مسلسل‬ ‫«ابابي»‪ ،‬ردود األفعال هذه كانت ابلنسبة للمعتقالت‪ ،‬ورغم‬ ‫التوتر والضغط‪ ،‬مادة للتندر‪ ،‬خاصة عندما ختيلت إحداهن‬ ‫مدير السجن وهو يدخل منزله‪ ،‬بعد يوم شاق من التحقيق يف‬ ‫قضية السبانخ‪ ،‬ليجد أن زوجته أع ّدت له وجبة من السبانخ‪،‬‬ ‫وفر خارجاً من املنزل‪.‬‬ ‫فما كان منه إال أن صرخ ّ‬ ‫‪ -2‬يتتابع احلدث إبخضاع املعتقالت الثالث اللوايت واصلن‬ ‫اإلضراب لليوم الثالث إىل حتليل إجباري خلضاب الدم‪ ،‬الذي‬ ‫كانت «نتيجته» ابلطبع أكثر من احلد الطبيعي‪.‬‬ ‫‪ -3‬حماولة إجبار املتهمة ابلتحريض على اإلضراب والتوقيع‬ ‫على تعهد خطي بعدم التدخل أبي شأن صحي أو طيب‪ ،‬أو‬ ‫القيام أبي إسعاف أويل أو أي رعاية صحية ألي من املعتقالت‪،‬‬ ‫وعدم التحدث معهن إالّ يف أمور شخصية ال ختص السجن‬ ‫على اإلطالق‪.‬‬ ‫‪ -4‬حماولة فتح ضبط حتقيق أمين بغاية حتويل املتهمة ابلتحريض‬ ‫على اإلضراب إىل احملكمة‪ ،‬مع فيض من التهم املتضمنة خمالفة‬ ‫أنظمة وقوانني السجن‪ ،‬ليصار إىل إصدار حكم حبقها لسنوات‬ ‫تضاف إىل سنوات حكمها األساسي يف القضية اليت اعتقلت‬ ‫ألجلها‪.‬‬ ‫كل هذا حصل من أجل احلصول على احلق يف احلصول على‬ ‫طعام‪ ،‬حتولت السبانخ مبوجبه إىل قضية‪.‬‬ ‫القصة بدأت ومل تنته بعد‪ ،‬بدأت منذ زمن طويل‪ ،‬منذ بداية‬ ‫التحكم األسدي بكل كبرية وصغرية يف اجملتمع السوري‪ ،‬خارج‬ ‫السجون وداخلها استهدفتكل من قال «ال» استهدافاً مباشراً‪،‬‬ ‫وكذلك من مل يقل‪ ،‬استهدافاً غري مباشر ابلتطويع والرتويض‪.‬‬ ‫يف زمن احلرب على الشعب السوري‪ ،‬زمن الطريان احلريب‬ ‫وصواريخ السكود والسالح الكيماوي‪ ،‬زمن احلصار والتجويع‪،‬‬ ‫زمن تصفية املعتقلني‪ ،‬قد يبدو احلديث عما سبق ترفاً ابلنسبة‬ ‫للسوري بشكل عام‪ ،‬وملا حيصل يف أقبية التعذيب والسجون‬ ‫ّ‬ ‫بشكل خاص‪ .‬لكن مثة ما يربط بني ذاك الزمن وهذا‪ .‬ذاك زمن‬ ‫شرب َخ َد َمه‬ ‫استقرار التحكم‪ ،‬وهذا زمن اهنيار التحكم‪ ،‬من ّ‬ ‫منهجية وآلية جماهبة أبسط احلقوق البشرية‪ ،‬أع ّد عدته كاملة‬ ‫مر السنني‪ ،‬وشن حرابً مل يشهد التاريخ مثيلها‪ ،‬حرابً على‬ ‫وعلى ّ‬ ‫شعب صحا من غفوة العبودية وقرر نيل حريته‪.‬‬

‫نوال السعداوي‬ ‫نوال السعداوي‪ ،‬طبيبة‪ ،‬روائية وانقدة مصرية ومدافعة عن حقوق اإلنسان‬ ‫وخصوصاً حقوق املرأة‪ .‬ولدت يف ‪ 27‬تشرين األول عام ‪ ،1930‬يف‬ ‫مدينة القاهرة‪ ،‬وحصلت على بكالوريوس الطب واجلراحة من جامعة‬ ‫القاهرة عام ‪ ،1954‬وختصصت ابألمراض الصدرية‪.‬‬ ‫عملت عام ‪ 1955‬كطبيبة امتياز ابلقصر العيين‪ ،‬ونتيجة آرائها وكتاابهتا‬ ‫مت فصلها‪ ،‬بستة قرارات أصدرها وزير الصحة املصري آنذاك‪.‬‬ ‫يف السادس من أيلول‪ /‬سبتمرب ‪1981‬م تعرضت نوال السعداوي‬ ‫للسجن‪ ،‬وكان ذلك يف عهد الرئيس السادات‪ ،‬ونفيت السعداوي‬ ‫خارج البالد بسبب آرائها ومؤلفاهتا‪ ،‬ورفعت ضدها قضااي عدة من‬ ‫قبل إسالميني‪ ،‬مثل قضية احلسبة للتفريق بينها وبني زوجها‪ .‬اهتمت‬ ‫السعداوي ابزدرائها لألداين‪ ،‬ووضع امسها على ما مسي بـ «قائمة املوت‬ ‫للجماعات اإلسالمية»‪ ،‬وهددت ابملوت‪.‬‬

‫يف ‪ 12‬أاير‪ /‬مايو ‪ 2008‬م‪ ،‬رفضت حمكمة القضاء اإلداري مبجلس‬ ‫الدولة إسقاط اجلنسية املصرية عنها‪ ،‬بعد قيام أحد احملامني برفع دعوى‬ ‫ضدها استناداً إىل آرائها املدافعة عن حقوق املرأة‪ ،‬وهي اليت أسست‬ ‫عام ‪ 1982‬مجعية تضامن املرأة العربية‪ ،‬اليت هتتم بشؤون املرأة يف العامل‬ ‫العريب‪.‬‬ ‫صدر لنوال السعداوي أربعون كتاابً‪ ،‬وترمجت كتاابهتا ألكثر من مخسة‬ ‫وثالثني لغة‪ .‬بنت السعداوي كتاابهتا على فكرة أساسية متثلت يف الربط‬ ‫بني حترير املرأة واإلنسان من جهة‪ ،‬وحترير الوطن ثقافياً واجتماعياً وسياسياً‬ ‫من جهة أخرى‪.‬‬ ‫يف التاسع عشر من أاير‪ /‬مايو ‪ 2012‬منحت السويد جائزة «ستيغ‬ ‫داغريمان» األدبية لنوال السعداوي ككاتبة وانشطة نسائية‪ ،‬وذلك تقديراً‬ ‫ملشاركتها يف الثورة املصرية اليت أطاحت حبسين مبارك‪ ،‬وأيضاً تقديراً‬ ‫لنتاجاهتا وعملها من أجل الدفاع عن حقوق النساء يف مصر والبلدان‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪41 2014‬‬


‫احلمل (‪ 21‬آذار ‪ 20 -‬نيسان)‬

‫أنت أمام خيارات مصريية قد تغري جمرى حياتك‪ ،‬احلظ حليفك‬ ‫خالل الفرتة القادمة‪ ،‬فرصة لعمل أو منصب جديد‪.‬‬ ‫عاطفياً تتجاوزين االرتباكات واملشاكل يف فرتة قريبة‪ ،‬فرص‬ ‫عاطفية واعدة ابحلب واالرتباط‪.‬‬

‫اجلوزاء (‪ 21‬أاير ‪ 21 -‬حزيران)‬ ‫الفرصة كبرية لتحصيل أموال كنت يف انتظارها‪ ،‬تركة أو تعويض‬ ‫عمل‪ ،‬الفلك يدعمك لتحقيق جناحات يف العمل‪.‬‬ ‫عاطفياً أنت أمام دورة فلكية واعدة وخالية من اخليبات‪،‬‬ ‫لقاء منتظر خالل األايم القادمة قد يثمر وتدخلني يف عالقة‬ ‫جدية‪.‬‬

‫األسد (‪ 23‬متوز ‪ 22 -‬آب)‬ ‫أخبار جيدة تصلك خالل األايم القادمة‪ ،‬وإجنازات‬ ‫كبرية تقلب حياتك املهنية وحتسن ظروفك املالية‪.‬‬ ‫عاطفياً‪ ،‬لقاء استثنائي يف أاير قد يتحول إىل عالقة‬ ‫خالل األشهر الثالثة القادمة‪.‬‬

‫امليزان (‪ 23‬أيلول ‪ 22 -‬تشرين أول)‬ ‫تواجهني ضغوطاً مالية خالل هذه الفرتة‪ ،‬أمامك فرص‬ ‫للتعرف على أشخاص ذوي نفوذ‪ ،‬جتنيب التصرفات العفوية‬ ‫يف الفرتة احلالية كي ال تفهمي بشكل خاطئ‪.‬‬ ‫وعود ابحلب مع حلول منتصف شهر أاير‪ ،‬انتبهي للعالقة‬ ‫مع العائلة واالنفعال يف غري مكانه‪.‬‬

‫القوس (‪ 22‬تشرين اثين ‪ 20 -‬كانون أول)‬ ‫استعدي النتهاء جتربة قاسية مررت هبا خالل الفرتة املاضية‪ ،‬ولدفع‬ ‫احلساابت وتسديد الديون‪ ،‬أنت حباجة للصرب والرتوي‪ ،‬فالفرتة‬ ‫القادمة حتمل الكثري من العروض واخليارات والتغيريات‪.‬‬ ‫احتماالت للسفر البعيد دراسة أو زواج‪.‬‬

‫الدلو (‪ 20‬كانون اثين ‪ 18 -‬شباط)‬

‫مازال املريخ يف مدارك‪ ،‬وما زلت تتمتعني ابلقوة‪ ،‬لذا‬ ‫عليك التأين احلذر من الدفع القوي الذي ميدك به الفلك‪،‬‬ ‫استفيدي من ذلك إن كنت تعملني يف السياسة والشأن‬ ‫العام‪ .‬تظهر مواهبك بقوة خالل الفرتة القادمة‪ ،‬لكن‬ ‫حذار من زايدة الوزن‪.‬‬ ‫عاطفياً‪ ،‬عالقة قدمية تعود ابلصدفة‪.‬‬ ‫‪ 42‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬

‫الثور (‪ 21‬نيسان ‪ 20 -‬أاير)‬

‫تبدو الفرتة احلالية صعبة‪ ،‬متاسكي وحافظي على هدوئك‬ ‫يف كل من العمل والعالقات‪ .‬سيطلب منك بذل جهود‬ ‫مضاعفة يف العمل‪ ،‬لكنك حتصدين نتائج إجيابية‪.‬‬ ‫تغريين مكان إقامتك قريباً‪ .‬أمامك فرصة كبرية الرتباط‬ ‫دائم‪.‬‬

‫السرطان (‪ 22‬حزيران ‪ 22 -‬متوز)‬ ‫ختضعني لتقلبات كثرية ومفاجئة‪ ،‬تروي قبل خوض‬ ‫التجارب اجلديدة وإن فاتتك بعض الفرص فهي ستعوض‬ ‫خالل الشهور القادمة‪.‬‬ ‫املشرتي يف مدارك هذا العام واحلظ إىل جانبك‪ ،‬ركزي على‬ ‫األايم اخلرية من أاير فستحمل لك فرصاً للنجاح والتميز‪.‬‬

‫العذراء (‪ 23‬آب ‪ 22 -‬أيلول)‬ ‫أنت من املوفقني خالل شهر أاير‪ ،‬على مستوى العمل‬ ‫لكن جناحاتك مرتبطة جبهدك‪ ،‬يؤيدك الفلك لنيل ما‬ ‫تستحقني‪ ،‬على الصعيد العاطفي‪ ،‬فراغ وانعزال‪ ،‬حاويل‬ ‫استغالله يف انتظار لقاء قد يقلب املوازين لديك مع هناية‬ ‫شهر أاير‪.‬‬

‫العقرب (‪ 23‬تشرين أول ‪ 21 -‬تشرين اثين)‬

‫ما زلت تواجهني التعب وتتحملني مسؤولية كبرية‪ ،‬حتتاجني اجلرأة‬ ‫الختاذالقرارات‪ .‬رغم وجود زحل يف مدارك ومعاكسته لك إال أنك‬ ‫حتققني إجنازات وأرابحاً مالية غري متوقعة يف الفرتة القادمة‪.‬‬ ‫عاطفياً أنت أمام عالقة متأرجحة قد تنتهي أبن تكوين‬ ‫وحيدة‪ .‬يعدك السفر بفرص جيدة‪.‬‬

‫اجلدي (‪ 20‬كانون أول ‪ 19 -‬كانون اثين)‬

‫مترين يف فرتة حامسة ومصريية‪ ،‬تواجهك مشاكل قضائية‬ ‫لكنك تتجاوزينها‪ ،‬تغريين مكان إقامتك‪ ،‬اهتمي ابلعمل‬ ‫ألن النجاح به يقودك ملوازنة الضغوط‪ .‬استغلي هناايت‬ ‫أاير‪ ،‬فقد ختبئ لك لقاء أو عالقة‪ ،‬احلظ يعدك حبب‬ ‫مفاجئ مع هناية الشهر رمبا يتحول إىل عالقة متينة‪.‬‬

‫احلوت (‪ 19‬شباط ‪ 20 -‬آذار)‬

‫ثقتك بنفسك عالية هذه الفرتة‪ ،‬تتحررين من مشاكلك‬ ‫الصحية واملهنية وتنالني التقدير ينب زمالئك ومن حولك‪.‬‬ ‫الفرتة مناسبة للمصاحلة مع الشريك‪ ،‬حتسن يف العالقات‬ ‫العائلية‪ ،‬جتنيب زايدة الوزن‪ ،‬وهتيئي الحتمال سفر أو هجرة‪.‬‬


‫أفقي‬

‫الكلمات المتقاطعة‬

‫سودوكو‪ :‬هي لعبة منطقية مبنية على وضع األرقام‬ ‫في المكان المناسب‪ .‬الهدف هو ملء ال ‪ 9*9‬مربعات‬ ‫بأرقام بحيث أن كل عمود وصف ومربع من المربعات‬ ‫التسعة (والتي تدعى مناطق) تحتوي على األرقام من‬ ‫واحد إلى التسعة دون تكرار‪.‬‬

‫كـلمـة الســـــــر‬

‫سودوكـــــــو‬

‫‪ -1‬عضو في االئتالف الوطني‬ ‫لقوى المعارضة والثورة‬ ‫‪ -2‬أكثر المعادن انتشاراًا في‬ ‫ً‬ ‫الطبيعة‪-‬‬ ‫وحدة قياس‬ ‫‪ -3‬حيوان بري (معكوسة)‪-‬‬ ‫مطار عسكري في حلب‬ ‫‪ -4‬فراشك –‬ ‫حرف نصب (معكوسة) –‬ ‫جبل‬ ‫‪ -5‬يغير (معكوسة)‪ -‬أرجع‬ ‫(معكوسة)‪ -‬أساس (معكوسة)‬ ‫‪ -6‬ضمير منفصل‪ -‬ابني‪-‬‬ ‫مرتفع‬ ‫‪ -7‬أب بالعامية‪ -‬تحمل‪ -‬يلون‬ ‫‪ -8‬للنهي (معكوسة)‪-‬‬ ‫حب (معكوسة)‪ -‬شجاع‬ ‫‪ -9‬يمل‪ -‬صر‬ ‫‪ -10‬راديو ثوري سوري‪-‬‬ ‫نعم بلغة أجنبية‬ ‫‪ -11‬رئيسة المركز العربي‬ ‫األمريكي للترجمة واألبحاث‬ ‫واإلعالم‬ ‫‪ -12‬رئيس سوري ترأس‬ ‫سورية مرتين‬

‫عامودي‬

‫‪ -1‬حي في حمص(معكوسة)‪-‬‬ ‫أحرف من فراشة‬ ‫‪ -2‬مضيق بحري‪ -‬عكس‬ ‫أحب (معكوسة)‬ ‫‪ -3‬فك (معكوسة)‪ -‬والدي‬ ‫(معكوسة)‪ -‬حوار (مبعثرة)‬ ‫‪ -4‬يغطي ويستر‪ -‬حرف‬ ‫أبجدي (معكوسة)‬ ‫‪ -5‬أحد األعضاء األساسية‬ ‫في جسم اإلنسان (معكوسة)‪-‬‬ ‫اتفاقية دولية للقضاء على‬ ‫جميع أشكال التمييز ضد‬ ‫المرأة‬ ‫‪ -6‬حواضر‪ -‬مدينة محررة‬ ‫في دير الزور‬ ‫‪ -7‬منعني (معكوسة)‪ -‬عراك‬ ‫(معكوسة)‬ ‫‪ -8‬مناخ يسود في شبه‬ ‫الجزيرة العربية‪ -‬قاص‬ ‫‪ -9‬تتمدد (معكوسة)‬ ‫‪ -10‬عكس حامض‪ -‬قواقع‪-‬‬ ‫خاصتي (معكوسة)‬ ‫‪ -11‬ضحك (معكوسة)‬ ‫‪ -12‬ناشطة ومعتقلة سورية‬ ‫سابقة من بداية الثورة‬

‫كلمة السر مؤلفة من ‪ 10‬أحرف‬ ‫مديرة مبادرة اإلصالح العربي‬ ‫أيقظت حواسي النائمة وأنعشت حماسي الممطر‬ ‫ضجرا وأعدت إلي الضحك الذي عدوت خلفه‬ ‫ال في دروب العالم ومنذ عرفتك لم تمر‬ ‫طوي ً‬ ‫لحظة لم أهتف بها باسمك كما أتنفس ولم تمر‬ ‫دقيقة لم أكن فيها ملتهبة حماسا وعمال حتى‬ ‫كدت ال أجد وقتا لك أنت يا نهر الفرح جرفتني‬ ‫خذني إلى قاعك دعني أغرق إليك‪.‬‬

‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪43 2014‬‬


‫انعكاس لفسيفساء سوريا‬

‫صـالــون «صبــا بردى السيـاسي الـثقـافي» القاهرة‬

‫• جناح سفر‬

‫ أول صالون سياسي ثقافي سوري مستقل يتم إطالقه في العاصمة‬‫القاهرة منذ بداية الثورة‪.‬‬ ‫ مشروع يــطمح لتشـكيل مؤسسة مجتمع مدني تـعمل فـي جميع‬‫االتجاهات‪ ،‬لتصبح في المستقبل أساسًا لقضية التعايش السلمي‪ ،‬وتعمل‬ ‫على ترسيخ مبدأ الديمقراطية ثقافة وسلوكًا وممارسة‪.‬‬ ‫ ال يتبع ألي جهة سياسية تشكلت بعد قيـام الثورة فـي الخارج‪،‬‬‫كما ال يحمل أي توجه فكري أو إيديولوجي‪.‬‬ ‫‪ -‬حضور نسائي مهم يكرس توجه الصالـون لـدعم قضايـا المرأة السورية‪.‬‬

‫على الرغم من مغادرة معظم املثقفني السوريني دولة مصر‪ ،‬اليت‬ ‫تضم ما يزيد عن مائيت ألف سوري‪ ،‬بسبب الظروف السياسية‬ ‫املتغرية فيها وعدم قدرهتم على العودة إليها بعد مغادرهتا‪ ،‬بسبب‬ ‫اشرتاط احلصول على أتشرية دخول ابتت حبكم املستحيل هذه‬ ‫األايم‪ ،‬على الرغم من ذلك‪ ،‬قامت جمموعة من املثقفني السوريني‬ ‫(الذين اختاروا اإلقامة شبه اجلربية داخل مصر) إبطالق «صالون‬ ‫صبا بردى»‪ ،‬وهو أول صالون سياسي ثقايف سوري مستقل يتم‬ ‫إطالقه يف العاصمة املصرية «القاهرة» منذ بداية الثورة السورية‪.‬‬ ‫من حنن؟‬ ‫أطلق القائمون على الصالون بياهنم التأسيسي‪ ،‬الذي شارك فيه عدد‬ ‫من املعارضني والكتاب السوريني املقيمني يف القاهرة‪ ،‬مثل جرب الشويف‬ ‫وكمال الطويل‪ ،‬العضوين يف إعالن دمشق للتغيري الوطين الدميقراطي‪،‬‬ ‫املفكر الفلسطيين سالمة كيلة‪ ،‬عضو هيئة التنسيق رايض درار‪ ،‬الروائي‬ ‫مصطفى سعيد واملمثل حممد األمحدية‪.‬‬ ‫أصدر القائمون على صالون «صبا بردى» بياانً أوضحوا فيه تطلعاته‬ ‫وتوجهاته‪ ،‬جاء فيه «أنه مشروع يطمح لتشكيل مؤسسة جمتمع مدين‬ ‫تعمل يف مجيع االجتاهات‪ ،‬لتصبح يف املستقبل أساساً لقضية التعايش‬ ‫السلمي‪ ،‬وتعمل على ترسيخ مبدأ الدميقراطية ثقافة وسلوكاً وممارسة‪،‬‬ ‫وتقدمي اخلدمات واحلماية والتنظيم بشكل واقعي»‪.‬‬ ‫يقول جرب الشويف عضو أمانة إعالن دمشق واملشرف على هذا‬ ‫الصالون‪« :‬إن فكرته جاءت تلبية لضرورة مجع السوريني من مجيع‬ ‫املشارب واألطياف السياسية والثقافية‪ ،‬لتشكيل بنية موحدة لسوراي‬ ‫املستقبل‪ ،‬ضمن دولة املواطنة اليت يطمح إليها اجلميع‪ ،‬والوقوف يف‬ ‫مواجهة مجيع أنوع التطرف اليت جتتاح البالد وتسري هبا جتاه التقسيم»‪.‬‬ ‫ويتم التعويل على الصالون من منطلق اإلميان بقوة الكلمة يف وجه‬ ‫السالح اخلارج عن السيطرة‪ ،‬والعمل على حتقيق معايري املواطنة ضمن‬ ‫‪ 44‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬

‫مفهوم تعدد الثقافات واملعتقدات والشعائر الدينية وصوهنا‪ ،‬لذا يعمل على‬ ‫مد جسور التواصل مع اجلميع بغض النظر عن املذهب أو الطائفة‪ ،‬وذلك‬ ‫بعدما حرم النظام السوريني خالل سنوات طويلة من حرية التفكري والتعبري‪،‬‬ ‫مما أثر على املنظومة الثقافية اليت حاول النظام طبعها بصبغته اخلاصة‪،‬‬ ‫حىت ابت من الصعب على السوري االستقالل يف تفكريه واختاذ قراراته‬ ‫الشخصية بعيداً عن الرقابة اليت مارسها النظام على مجيع مقومات احلياة‬ ‫الثقافية خالل ما يزيد عن أربعني عاماً مضت‪.‬‬ ‫املشروع ليس جبديد‪ ،‬فقد نشأ يف القاهرة قبل عام ونصف من قبل منظمة‬ ‫«زيتون» للمجتمع املدين‪ ،‬لكن التغيريات اليت طرأت على حياة كثري من‬ ‫السوريني‪ ،‬اضطرت تلك املنظمة للتغيب عن الساحة السورية يف مصر‪،‬‬ ‫ليغيب معها هذا املشروع‪ ،‬لكنه عاد للظهور حديثاً‪ ،‬وتطورت األمور‬ ‫لإلعالن عنه إعالمياً عرب جمموعة من األفراد احلريصني واملؤمنني ابلعمل‬ ‫املدين وأتثريه على مستقبل سوراي‪.‬‬ ‫ال للوالءات السياسية‬ ‫يتميز صالون «صبا بردى» ابستقالله السياسي والفكري‪ ،‬فهو ال يتبع‬


‫أي جهة سياسية تشكلت بعد قيام الثورة يف اخلارج‪ ،‬كما ال حيمل‬ ‫أي توجه فكري أو إيديولوجي‪ ،‬انطالقاً من مبدأ مشاركة مجيع أطياف‬ ‫اجملتمع السوري‪ ،‬مما سيفتح الباب واسعاً المتالك القدرة على تقبل اآلخر‬ ‫والتعاون معه لبناء مستقبل متصاحل‪.‬‬ ‫من النشاطات اليت يقوم هبا صالون «صبا بردى» ندوة اإلثنني األسبوعية‬ ‫اليت تناقش ابستمرار احلدث السوري‪ ،‬وحترص على مشاركة اجلميع على‬ ‫اختالف مشارهبم‪ ،‬وتتجنب األشخاص واملؤسسات اإلقصائية والفاسدة‪،‬‬ ‫على أمل خلق شبكة عالقات مدنية نظيفة يف الداخل واخلارج‪ .‬كما‬ ‫يدعم الصالون قضية املرأة السورية ومشاركتها ثقافياً وسياسياً‪ ،‬ابإلضافة‬ ‫إىل تشكيل فرق عمل شبابية تطوعية من اجلنسني يف شىت اجملاالت‪.‬‬ ‫كما يعمل الصالون على التواصل مع اجلهات السورية والعربية والدولية‪،‬‬ ‫واملؤسسات املدنية املعنية اليت تدعم توجهاته وتطلعاته‪.‬‬ ‫ولن تقتصر نشاطات الصالون على مصر‪ ،‬بل ستتعداها إىل حماولة‬ ‫التواصل مع مجيع السوريني يف خمتلف الدول اليت يتواجدون فيها ويف‬ ‫الداخل أيضاً‪ ،‬وذلك من خالل إقامة نشاطات مشاهبة ملا يقومون به‬ ‫يف مصر‪ ،‬حيث تتجاوز مهمتهم اجلانب السياسي‪ ،‬لتشمل اجلوانب‬ ‫االجتماعية والفنية واألدبية والرتفيهية‪ .‬وأهم ما مييز الصالون أنه يضم‬ ‫أفراداً من مشارب وطوائف خمتلفة‪ ،‬تعددية تشبه فسيفساء سوراي وتعتمد‬ ‫على تقبل اآلخر وما جيمعهم بسوراي والتفكري يف مستقبلها‪.‬‬ ‫نشاطات متنوعة‬ ‫طور صالون «صبا بردى» سبل اتصال املشاركني عرب استخدام تقنية‬ ‫السكايب‪ ،‬حيث مت أتسيس غرفة خاصة تضم كل من يود من املثقفني‬ ‫والسياسيني السوريني التواصل عرب األثري يف حال تعذر وصوله إىل مقر‬ ‫الصالون‪ ،‬وكذلك من يعيش خارج القاهرة‪ ،‬كما حدث يف اجللسة األوىل‬ ‫للصالون عرب مشاركة الفنانة التشكيلية السورية «مىن حممود» املقيمة يف‬ ‫ابريس‪ ،‬حيث سامهت برأيها يف مناقشة كتاب املفكر الفلسطيين سالمة‬

‫كيلة «ثورة حقيقية‪ /‬منظور ماركسي للثورة»‪.‬‬ ‫كما قدم األستاذ جرب الشويف ندوة بعنوان «العلمانية والدميقراطية وما‬ ‫بينهما»‪ .‬وكتب األستاذ دارم جرب حول «املشروع التغيريي واملستوايت‬ ‫اخلمسة يف التغيري»‪.‬‬ ‫أما يف هناية السنة الثالثة للثورة‪ ،‬فقد أقام الصالون ندوة جرت فيها مناقشة‬ ‫فكرة‪ :‬كيف ميكننا استعادة ألق الثورة؟ جرى فيها تقييم املرحلة السابقة‬ ‫ومراجعة نقاط الضعف والقوة وإمكانية اخلروج من حالة اإلرابك والتشتت‬ ‫يف فعاليات الثورة السياسية والعسكرية (وهو ما يصبغ املرحلة احلالية اليت‬ ‫تعيشها الثورة)‪ ،‬وإيضاح الدور اهلام الذي يقع على عاتق مؤسسات‬ ‫اجملتمع املدين‪.‬‬ ‫نالحظ حضوراً جيداً للمرأة يف صالون «صبا بردى»‪ ،‬فقد سامهت‬ ‫اإلعالمية سعاد خبية مبحاضرة حتت عنوان «هدانت النظام‪ ...‬ال َعلَم‬ ‫مقابل الطعام»‪ ،‬انقشت خالهلا اهلدانت اليت حدثت بني النظام‬ ‫واملعارضة والظروف اليت اضطرت مناطق اهلدانت للجوء إليها بسبب‬ ‫سياسية التجويع اليت طبقها النظام على تلك املناطق‪ .‬كما شاركت‬ ‫اإلعالمية ميساء حسني بندوة محلت عنوان «اإلعالم البديل‪ ،‬هل هو‬ ‫بديل حقاً؟»‬ ‫بيان سياسي‬ ‫أصدر الصالون أول بيان سياسي له فيما خيص مسألة ترشيح أعضاء‬ ‫من املعارضة أنفسهم لالنتخاابت الرائسية مقابل ترشح بشار األسد‪،‬‬ ‫حيث أعلن األعضاء عن شجبهم واستنكارهم جملرد الرتويج أو التفكري‬ ‫هبذا األمر‪ ،‬بناء على عدة نقاط أمهها اعتبارهم أن هذه احلملة خروج‬ ‫عن الثورة اليت تقوم ابألساس على مسألة إسقاط النظام‪ ،‬فيما متنحه‬ ‫هذه اخلطوة شرعية أسقطت عنه مذ بدأ ابلقتل‪ .‬واعترب قبول الرتشيح‬ ‫من قبل أي شخص يف املعارضة مبثابة منح الشرعية للنظام عرب مبدأ‬ ‫التعددية‪ .‬كما أن هتجري ثلث الشعب السوري يسقط أي معيار من‬ ‫معايري االنتخاابت‪ ،‬وبدالً من القيام هبذه املهزلة‪ ،‬على قوى املعارضة‬ ‫العمل على حتقيق العدالة من خالل تقدمي رؤوس النظام واملسؤولني عن‬ ‫هدر الدم السوري إىل حمكمة العدل الدولية‪.‬‬ ‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪45 2014‬‬


‫فصل ثالثة وثالثين موظفًا وحرمانهم‬ ‫من وظائفهم ومستحقاتهم‬ ‫التقاعدية في السويداء‬ ‫أصدر رئيس وزراء قوات النظام قراراً منتصف نيسان ‪ ،2014‬يقضي‬ ‫بصرف ثالثة وثالثني موظفاً من أبناء حمافظة السويداء‪ ،‬من وظائفهم يف‬ ‫دوائر ومؤسسات اتبعة حلكومة النظام‪.‬‬ ‫وجاء يف القرار الذي حصلت سيدة سوراي على نسخة منه‪ ،‬أ ّن املوظفني‬ ‫الثالثة والثالثني صرفوا من اخلدمة وفقاً للقانون األساسي للعاملني يف‬ ‫الدولة رقم ‪ 50‬لعام ‪ 2004‬وتعديالته‪ ،‬وجاء فيه أيضاً أ ّن القرار صادر‬ ‫عن رائسة جملس الوزراء وفق نص املادة ‪ 137‬من القانون املذكور‪.‬‬ ‫وينص القرار رقم ‪ 1231‬على وقف صرف املستحقات التقاعدية‬ ‫ّ‬ ‫للموظفني املصروفني من وظائفهم‪ ،‬يف حني مل يذكر سبب صرفهم‪.‬‬ ‫يذكر أ ّن املادة ‪ 137‬من القانون األساسي للعاملني يف الدولة رقم‬ ‫تنص على أنّه جيوز بقرار من رئيس الوزراء صرف‬ ‫‪ 50‬لعام ‪ّ ،2004‬‬ ‫العامل يف إحدى مؤسسات الدولة‪ ،‬بناء على اقرتاح جلنة مؤلفة من‬ ‫وزير العدل ووزير الشؤون االجتماعية والعمل‪ ،‬إضافة إىل رئيس اجلهاز‬ ‫املركزي للرقابة املالية‪ ،‬وتصفى حقوق العامل املصروف من اخلدمة «وفقاً‬ ‫نص املادة‪.‬‬ ‫للقوانني النافذة»‪ ،‬حسب ّ‬

‫كذلك ال يُسمح ابستخدام العامل املصروف من اخلدمة مبوجب هذه‬ ‫املادة‪« ،‬مهما كانت صفة االستخدام» إالّ بقرار من رئيس جملس‬ ‫الوزراء‪.‬‬ ‫وأييت هذا القرار بعد حركة احتجاجات شهدهتا حمافظة السويداء‪،‬‬ ‫خالل الشهر املاضي‪ ،‬بدأت بصدا ٍم بني رجال دين وعناصر من قوات‬ ‫األمن و«الشبيحة» التابعني لقوات النظام‪ ،‬وتطور بعد أايم إىل مطالبة‬ ‫إبقالة رئيس فرع األمن العسكري يف احملافظة (وفيق انصر)‪ ،‬على خلفية‬ ‫اعتقال رجل دين‪ ،‬وأسفرت االحتجاجات عن إطالق سراح رجل‬ ‫الدين املعتقل‪ ،‬فيما ال يزال رئيس فرع األمن العسكري يف منصبه حىت‬ ‫اللحظة‪.‬‬ ‫ومن بني املوظفني املصروفني من عملهم‪ ،‬أشخاص ُعرف عنهم‬ ‫معارضتهم للنظام أو اشرتاكهم يف نشاطات احلراك السلمي يف احملافظة‪،‬‬ ‫وفق انشطني‪.‬‬ ‫‪ 46‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬

‫‪ 3‬أيار اليوم العالمي لحرية‬ ‫الصحافة‬ ‫الثالث من آاير‪/‬مايو هو اليوم العاملي حلرية الصحافة‪ ،‬ويعترب مناسبة‬ ‫لتعريف الناس ابالنتهاكات اليت متارسها األنظمة الديكتاتورية‬ ‫على شعوهبا مصا ِدرة حقهم يف التعبري‪ ،‬واالحتفاء أبساسيات‬ ‫حرية الصحافة‪ ،‬وتقييم مدى حتققها يف خمتلف أحناء العامل‪ ،‬وهي‬ ‫كذلك مناسبة تتيح الدفاع عن وسائل اإلعالم والتعبري عن تقدير‬ ‫الصحفيني الذين قضوا حياهتم مثناً لعملهم يف ميدان الصحافة‪.‬‬ ‫وقد اختري هذا التاريخ إحياء لذكرى اعتماد إعالن ويندهوك الذي‬ ‫صدر عن اجتماع للصحفيني األفريقيني ّ‬ ‫نظمته اليونسكو يف يف‬ ‫‪ 3‬أاير‪ /‬مايو ‪ 1991‬يف انميبيا‪ ،‬والذي نص على أ ّن ضمان بيئة‬ ‫حرة ومستقلّة وقائمة على التع ّددية هو الشرط األساسي‬ ‫إعالمية ّ‬ ‫لتحقيق حرية الصجافة‪ ،‬وهو كذلك شرط لضمان أمن الصحفيني‬ ‫خالل قيامهم بعملهم‪ ،‬وضمان إمكانية إجراء حتقيقات يف اجلرائم‬ ‫اليت ترتكب من قبل السلطات يف امليدان الصحفي عرب منع حرية‬ ‫الصحافة‪.‬‬ ‫يذكر أن حرية التعبري هي حق أساسي من حقوق اإلنسان حسب‬ ‫املادة ‪ /19/‬من اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان‪ ،‬واليت تنص على‬ ‫أن «لكل شخص احلق يف حرية الرأي والتعبري‪ ،‬ويشمل هذا احلق‬ ‫حرية اعتناق اآلراء دون أي تدخل‪ ،‬واستقاء األنباء واألفكار‬ ‫وتلقيها وإذاعتها أبية وسيلة كانت دون تقيد ابحلدود اجلغرافية»‪.‬‬ ‫ال بد من تكريس حرية التعبري على أرض الواقع وإخراجها من‬ ‫احليز النظري‪ ،‬عرب هتيئة بيئة تنظيمية وقانونية قابلة الحتضان قطاع‬ ‫إعالمي متوازن ومنفتح‪ ،‬وال بد كذلك من دعم القيادات السياسية‬ ‫هلذا القطاع ومحايته‪ ،‬من خالل سن قوانني تضمن للصحفيني‬ ‫احلصول على املعلومات وخباصة املعلومات يف اجملال العام‪ ،‬لتكون‬ ‫وسائل اإلعالم هيئات رقابية حقيقية‪ ،‬تسهم يف خلق تواصل بني‬ ‫اجملتمع املدين والسلطة وصنّاع القرار‪ ،‬فلوسائل اإلعالم قيمتها‬ ‫حني تكون مرآة للمجتمع‪ ،‬يرى فيها نفسه‪ ،‬فيحدد أهدافه ويضع‬ ‫اسرتاتيجياته استناداً إىل صدق الصورة اليت تعكسها‪.‬‬


‫سطور‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫وينبسط‬ ‫ينقبض‬ ‫ُ‬ ‫املوسلني األزرق يف سوق احلرير‬ ‫يتم ّد ُد ويتم ّد ُد على شواطئ البحر األسود‬ ‫مبتهجاً اترًة يف سوق عكاظ‬ ‫ومطوياًّ اترًة أخرى يف خزائن والّدة بنت املستكفي‬ ‫أغوت اببن زيدون وأشباه اجلزر‬ ‫ُ‬ ‫خياف من اخللجان كثرياً‬ ‫وال ميضي برفق ِة أح ٍد إىل الضباب‬ ‫تربر الوسيلة‬ ‫وال غاي َة لديه ُ‬ ‫زرقته جبوار زهور عباد الشمس ُ‬ ‫متيل إىل األخضر عند املغيب‬ ‫وجبوار األمحر معقوداً كزهور الدانتيل البنفسجيّة‬ ‫يف أعلى عنقها‬ ‫بعزم الفراشات إىل الضوء يُنسج‬ ‫َ‬ ‫وقبل مطلع الفجر على سرير األرض‬ ‫يُطفأ الليل كما لو أنه مشعة‬ ‫تر ُ‬ ‫كل حائكته يدها وسيلفادور دايل‬ ‫يُضيّع الطريق إىل البيت‬ ‫تفتح حائكته كتاابً‬ ‫ُ‬ ‫وال‬ ‫الباب‬ ‫تفتح‬ ‫تنتظر أحداً‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ني أزرق‪ ،‬وكما لو أنه من فصيلة الدم واملاء‬ ‫موسل ٌ‬ ‫يف أصيص ٍواحد يقضيان عطلة الصيف‬ ‫ذاب ً‬ ‫ال كاحلب على شرفايت‬ ‫ؤمن بتشريح اجلثث واألزهار‬ ‫ال يُ ُ‬ ‫‪2‬‬ ‫ألتص جبلدي‬ ‫أرتديه وقد َ‬ ‫بيمنا تزحيه شجرة األمساء‬ ‫من غوتنربغ إىل هري فورد‬ ‫من قامشلو إىل كفر جنة‬ ‫فضفاضاً مرحياً‬ ‫ومغر جداً‬ ‫ضيّ ٌق جداً ّ‬ ‫كتفي‬ ‫هت ّد َل على ّ‬ ‫على ظهري‬ ‫يف‬ ‫على رد ّ‬ ‫ساقي‬ ‫على ّ‬ ‫على األرض‬ ‫ويف الليل قالوا‪ :‬إهنم رفعوا علم الثورة السورية على برج إيفل‪ ،‬ومحا ٌم كثريٌ‬ ‫َّ‬ ‫حط على أصابع احلائكة‪.‬‬ ‫ومثة جنوٌد من البوليس الفرنسي حبثوا‬ ‫ٍ‬ ‫ألمهات‬ ‫عن خوذة اجلنرال غورو اليت خسرها يف حربه على دمشق لتُهدى‬ ‫منفيات‬ ‫يضحكن كما اجلوكندا‬ ‫ني و‬ ‫يهززن هبا ضمري العامل‪ ،‬ومهد السيد املسيح‪ ،‬يبك َ‬ ‫َ‬ ‫ويزحف املوسلني األزرق من القطب الشمايل إىل القارة األفريقية مروراً‬

‫• مها بكر‬ ‫ابلعاصي والفرات دافئاً وحنوانً‪ّ .‬‬ ‫خطته شاعرة كردية‪ ،‬والريح ُ‬ ‫تبسط ذراعيها على‬ ‫سيقان الرحيان من أول املساء‪ ،‬حينما قرأت هلم أمي سورة احلياة‪ ،‬قالت هلا‪:‬‬ ‫سنسقي اي بُنييت اجملاز الكردي و زهورهم‬ ‫نعول على أتويل ابن عريب يف شؤون احلب‪ ،‬ونكون معاً بُناة اللغة والدم‬ ‫ّ‬ ‫والرغيف‬ ‫ُ‬ ‫نرتك املهمة األمجل للسراين األرمن لآلشوريني القدامى‪ ،‬وكل أطياف املوسلني‬ ‫ليخرجوا السنة من سوق الشيعة‪ ،‬والشيعة من سوق السنّة‪ ،‬و نكذب على‬ ‫الصغار يف كتب التاريخ اليت ّ‬ ‫خطها األقوايء حبرب اخلديعة‪ ،‬رمبا احلسني عليه‬ ‫ّب حدس العطش‪،‬‬ ‫اختار هنايته املأساوية‪ ،‬مبحض إرادته‪ ،‬حينما كذ َ‬ ‫السالم قد َ‬ ‫وثق بيزيد ابن معاوية‪ ،‬كما وثقنا بصكوك الغفران‪ ،‬للطاغية وحاشيته‬ ‫عاشت صاحبة اجلاللة‪ ،‬حائكة املوسلني مع أمي‪ ،‬سنة كاملة‪ ،‬ثالمثائة ومخس‬ ‫وستني يوماً‪ ،‬ال ينقصها يوٌم واح ٌد‪ ،‬انموا على الشرفة نفسها‪ ،‬ورمبا السرير نفسه‪،‬‬ ‫شربوا معاً القهوة و قهر األبناء‪.‬‬ ‫رمبا مسكت بيد أمي‪ ،‬و هي تعرب التاريخ‪ ،‬وأوتسرتاد السراين‪ ،‬أمي اخلائفة من‬ ‫كل شئ‪ ،‬من ُذ أن َ‬ ‫اعتقل رجال األمن ابن جاران سردار‪ ،‬مرًة‪ ،‬بتهمة االنتماء‬ ‫إىل األخوان املسلمني‪ ،‬ومرًة أخرى بتهمة االنتماء إىل حزب العمل الشيوعي‪،‬‬ ‫وهجرها احلب‪ ،‬إىل زمهرير احلدائق األسكندانفية‪ ،‬مل يبيعوا‬ ‫هاجروا إىل كندا‪ّ ،‬‬ ‫الباب‬ ‫البيت‪ ،‬وبقي ُ‬ ‫عر ُش كاللبالب‪ ،‬على حيطان اجلريان‬ ‫حىت اآلن‪ ،‬مغلقاً ذكرايهتم‪ ،‬تُ ّ‬ ‫تعبت من عالمات التنقيط أعيدين‬ ‫ساحرةٌ هي فكرة االستطراد يف الكتابة‪ ،‬كلّما ُ‬ ‫من األمل‬ ‫أقضم بعض‬ ‫وأان أزفره غص ًة غصة‪ ،‬فال أبس‪ ،‬ويف ِ‬ ‫كل برهة يشيعو َن شهيداً أن َ‬ ‫النساجة‪ ،‬وهي تستن ُد‬ ‫أنثر هنا وهناك بعضاً من مآثر شقيقيت ّ‬ ‫سيقان البقدونس‪ ،‬و ُ‬ ‫على كتفي‪ ،‬ومسامري النول‬ ‫منعش كاملديح‬ ‫ٌ‬ ‫كأشجار الغريبة وقهوةٌكثرية اهلال‬ ‫ارتدته نفرتييت أيضاً حينما وّدعها أهلها‬ ‫ظنها الفراعنة للوهلة األوىل من كفر جنة‬ ‫صديقة زهر العسل يف الليل‬ ‫صديقة اخلشب الغامض للمصطاب امللولة‬ ‫املتصوفة وهم يُع ّدون علوم الفقه واللغة والنبااتت‬ ‫ارتدته أيضاً زوجات األئمة‬ ‫ّ‬ ‫الشريدة يف أيلول‬ ‫اإليزيدايت األمازيغيات بدوايت الغمر واتجرت به كل القبائل الكردية اليت‬ ‫بقيت عالقة بني اجلهات اليت ُّ‬ ‫تشك ابلشمال حىت اآلن‪ ،‬وتطالب ابحلرية‪ ،‬يف‬ ‫الساحات البيضاء‪ ،‬واملعتمة‪.‬‬ ‫خامتها ذو الفص األسود الكرمي الطيّع كاألبدية‬ ‫حزي ٌن قلي ً‬ ‫ال كاملوسلني‬ ‫ضيف لألزرق رجفة َّ‬ ‫يدي‬ ‫الذي يُ ُ‬ ‫وأان أهديها حدائق اببل‬ ‫ورقّة الوعل اجلريح‬ ‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪47 2014‬‬


‫المحرقة السورية‬ ‫أان ذلك الرضيع يف منتصف الصورة‬ ‫ليست أ ّمي من محلين ووضعين حتت الشجرة‪ ..‬ليست هي اليت تصعد اآلن‬ ‫لتقطف مثار التوت‪..‬‬ ‫ال أعرف إن كانت مسعت صوت صراخي فرّدت مبثله!‪ ..‬إنهّ ا تصرخ يف‬ ‫البعيد‪ ..‬هي أيضاً تبكي!!‬ ‫القمامة حتيط يب‪.‬‬ ‫يد قاسية تنتزع مالبسي‪.‬‬ ‫سكني تنتزع أعضائي‪..‬‬ ‫وانر تلتهم أسفل جسدي‪ ..‬ال أعرف نوع األمل وال تسميته‪ ..‬أريد أ ّمي‪..‬‬ ‫أريد إيقاف هذه النار املخيفة‪ ..‬أريدها أن توقف هذا األمل اببتسامتها‪..‬‬ ‫أحبث عن يدها وال أمسع سوى صدى قهقهاهتم وبكائي!‬ ‫احملرقة السورية ‪ ..‬ابنياس ‪ ..‬البيضا ‪..‬‬ ‫اخلميس ‪ 9 /‬أاير‪2013 /‬‬ ‫أان تلك املرأة النائمة هبدوء على يسار الصورة‪..‬‬ ‫ين‪ ،‬فقد انطفأت عيونكم إىل األبد‪ ..‬لكنيّ ما‬ ‫لن تستطيعوا النظر يف عي ّ‬ ‫أبصر أبع َد من الفضاء الذي ّ‬ ‫تطل عليه شجرة التوت!‬ ‫أزال ُ‬ ‫مل يكن جسدي امل ّدمى يعنيين‪ ..‬وال سكينه احلا ّد الذي سلخ قطعة من‬ ‫جلدي بربود ليضع فيها تبغه املفروم‪ ،‬يلفها‪ ،‬ويشعلها من اللهيب املتصاعد‬ ‫ويدخن هبدوء وهو يتأمل‬ ‫من أجساد عائليت‪ ...‬مثّ يضع سالحه جانباً‪ّ ..‬‬ ‫مساء البلدة الصافية‪ ،‬والسهول املمتدة أسفل اجلبال‪ ..‬ويبتسم لشيء ال‬ ‫أعرفه!‬ ‫ّ‬ ‫ايبس من شجريت‪،‬‬ ‫كل ذلك مل يكن يعنيين‪ ،‬فروحي اليت تعثرت‬ ‫بغصن ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫كانت تدرك أثناء صعودها‪ ،‬أ ّن يده الصغرية املمدودة إىل ثويب طالبة‬ ‫النجدة هي السبب يف أتجيج األمل واستعاره‪ ،‬ورجوع صويت ليصرخ بعد‬ ‫املوت ّ‬ ‫بكل قوته «اتركوا طفلي‪ ..‬فهو ال ذنب له يف أحقادكم!»‪.‬‬ ‫روحي العالقة هناك رأت ّ‬ ‫كل شيء‪ ..‬لكنّها كانت عاجزة عن إدراك يده‬ ‫املمدودة ابستغاثة‪ ،‬ستبقى حمرقيت األزلية‪.‬‬ ‫ال تؤذوا أعينكم ابلنظر إىل بقااي جسدي املتفحم هناك على يسار الصورة‬ ‫ما بعد احملرقة‪..‬‬ ‫ارفعوا رؤوسكم‪ ..‬ح ّدقوا يف الفضاء جيداً‪ ..‬ربمّ ا تدركون صرخيت‪..‬‬ ‫وتساعدونين على إدراكه قبل أن ميتد احلريق إىل حنجرته‪ ،‬وخيتفي صوته‬ ‫إىل األبد!‪.‬‬

‫• ابتسام تريسي‬ ‫أنتم تروين اآلن وشعري منكوش‪ ،‬ومالبسي ملطخة ابلدم! ادخلوا بيتنا‪،‬‬ ‫هناك يف درج اخلزانة يف زاوية غرفة النوم خبّأت أ ّمي صوري اجلميلة‪..‬‬ ‫أبثوايب امللونة وضفائري الطويلة بشرائط نظيفة المعة‪.‬‬ ‫هناك أيضاً خبّأت حقيبيت‪ ..‬وفيها جالئي املدرسي‪ ،‬كلّه عشرات‪ ..‬وفيه‬ ‫مرحى‪ ،‬اآلنسة أعطتين إايها ألنيّ مهذبة و«شاطرة» وال أثري الضوضاء‬ ‫الصف‪.‬‬ ‫يف ّ‬ ‫اآلنسة أخربت أ ّمي أنهّ ا ستنقلين إىل الصف الثاين مباشرة‪ ،‬ألنيّ متفوقة‬ ‫يف مجيع املواد‪ ..‬وقالت هلا أيضاً أين سوف أصبح أمجل رسامة عندما‬ ‫أكرب‪..‬‬ ‫القناص مل ميهلين حتىّ أصل إىل البيت لرتى أ ّمي هدية معلميت‪..‬‬ ‫أرسل حقده إىل قليب‪..‬‬ ‫فأغرق دمي دمييت البيضاء!‬ ‫أان الفىت الوحيد يف الصورة‪..‬‬ ‫هرب اجلميع وتركوين وحدي‪ ،‬التجأت إىل اجلدار‪ ،‬لكنّه مل حيجبين عن‬ ‫عيون قاتلي!‬ ‫حلفت له ّ‬ ‫بكل املقدسات‪ ،‬وأبمساء هللا احلسىن أنيّ مل أقصد الفوز على ابنه‬ ‫يف اللعب‪ ،‬لكنّه مل يتوقف عن التقدم حنوي وهو يرفع سيفه يف وجهي!‪..‬‬ ‫رجوته أن ميهلين قلي ً‬ ‫ال حتىّ أييت أيب‪ ،‬ويشهد أنيّ صادق ولن أعود للعب‬ ‫اثنية‪ ..‬مددت يدي ألخلع قميص «برشلونة»‪ ،‬قلت له إنيّ سأشجع‬ ‫مرة أخرى على‬ ‫أجترأ ّ‬ ‫«رايل مدريد»‪ ..‬وسأبقى العب احتياط‪ ،‬ولن ّ‬ ‫إدخال هدف يف مرمى ابنه‪ ..‬لكنّه اتبع تقدمه ورائحة أنفاسه الكريهة‬ ‫ختنقين‪ ،‬ويده تدفعين إىل األرض وسيفه يعلو يف اهلواء‪ ..‬ويسقط‪...‬‬ ‫هتاوت ّ‬ ‫الشباك متزقت‪ ..‬والكرة‬ ‫كل اجلدران‪ ..‬السماء تص ّدعت‪ِّ ..‬‬ ‫تدحرجت يف اهلاوية!‬ ‫أين؟ مل أعد أرى شيئاً يف تلك اللحظة ‪ ..‬لكنيّ متنيت لو مسعين فقط‪..‬‬ ‫لو انتظر أيب‪ ..‬لو أمهلين حتىّ أب ّدل مالبسي‪ ،‬وأغسل غبار اللعب عن‬ ‫وجهي!‬ ‫لو انتظر حلظات‪ ..‬ربمّ ا مسع صوت ابنه حيلف أيضاً ّ‬ ‫بكل املقدسات‬ ‫أدخلت اهلدف يف مرماه ابلصدفة!‪.‬‬ ‫وأمساء هللا احلسىن‪ ..‬أنيّ‬ ‫ُ‬

‫اجلمعة ‪ /10/‬أاير‬ ‫احملرقة السورية ‪ ..‬ابنياس ‪ ..‬البيضا ‪..‬‬ ‫أان تلك الطفلة الغارقة ابخضرار الزرع من حويل‪ ..‬وحيدة وسط الصورة!‬ ‫اجلمعة ‪ / 10/‬أاير ‪2013 /‬‬ ‫أمي ألبستين املعطف األبيض اجلديد فقط ألجل الصورة! قالت إنّه كبري‬ ‫أان البنت ذات االبتسامة الساحرة‪ ،‬أتوسط إخويت يف عمق الصورة‪..‬‬ ‫قليالً‪ ،‬ستلبسين إايه يف العام القادم‪..‬‬ ‫ملاذا أرى الدهشة على وجوهكم؟ أان ال أكذب‪ُّ ..‬‬ ‫كل َمن يراين كان يقول أخيت أحضرت يل لعبة مجيلة‪ ..‬ومالقط شعر‪..‬‬ ‫أحب أخيت الكبرية اليت تسافر كثرياً وال نراها إالّ‬ ‫أل ّمي‪ :‬أمجل ما ّ‬ ‫أحب أ ّمي جداً‪ ..‬و ّ‬ ‫يف ابتساميت‪ .‬أنتم ال تصدقون؟ أخي سهيل كان يش ّدين من أان ّ‬ ‫ضفرييت كي تبدو تكشرية األمل على مالحمي‪ ،‬فأبدو قبيحة!‬ ‫قليالً!‬ ‫‪ 48‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬


‫أحب احلياة‪..‬‬ ‫أحب اللعب‪ّ ..‬‬ ‫أان ّ‬ ‫أيب قال‪« :‬ابتسمي للصورة»‬ ‫أخي قال‪« :‬قويل يل وداعاً»‬ ‫أان ‪..‬‬ ‫ابتسمت للحياة‪...‬‬ ‫وقلت هلا وداعاً!‬ ‫احملرقة السورية ‪ ..‬رأس النبع‬ ‫الثالاثء ‪ 14/‬أاير ‪2013 /‬‬ ‫أان البنت املشاكسة على يسار الصورة‪..‬‬ ‫تصر دائماً أن أرتدي ثوب العيد‪ ،‬وأضع على شعري مالقط كي‬ ‫أ ّمي ُّ‬ ‫أبدو مجيلة يف الصورة‪ ..‬ولكنيّ أكره أن أظهر خمتلفة عن إخويت بل أريد‬ ‫أن أكون مثلهم متاماً‪..‬‬ ‫أخي الصغري ال حيتاج إىل بذل أي جهد كي يدخل قلوب اآلخرين مثلنا‪..‬‬ ‫فهو ذكي وهادئ‪ ..‬واألهم من ذلك «صيب»‪.‬‬ ‫أخيت الواثقة من نفسها تعرف أنّين مهما شددت جسدي‪ ،‬وتطاولت كي‬ ‫أبدو مثلها فسأبقى أقصر منها!‬ ‫أيب قال لنا‪ :‬من منكم سريفع إشارة النصر عندما تزول العصابة وتعود‬ ‫حرة؟‬ ‫سوراي ّ‬ ‫اعي‪ ،‬وقفت على‬ ‫تسابقنا كلّنا لرفع إشارة النصر‪ ..‬أسرعت يف رفع ذر ّ‬ ‫نظرت إليهم ‪..‬‬ ‫رؤوس أصابعي‪ُ ..‬‬ ‫كلّهم سبقوين إىل اجلنة!‬ ‫األربعاء ‪ 15 /‬أاير ‪2013/‬‬ ‫أان عبود ‪..‬‬ ‫أكيد عرفتموين‪ ..‬أان الذكر الوحيد يف الصورة!‪..‬‬ ‫أ ّمي تفتخر يب دائماً أمام جاراهتا‪ ،‬وتقول‪« :‬عبود أ ّول فرحيت» وعندما‬ ‫ميازحنها متسائالت‪« :‬وغزل ومىن»؟ كانت تغمز بعينها وتقول‪« :‬عبود‬ ‫رجال البيت‪ ،‬هو اللي رح يشيل كربيت‪ ،‬بكرة بيكرب وبيصري‬ ‫غري‪ ،‬عبود ّ‬ ‫دكتور‪ ،‬وبيداويين ملا أمرض‪ ..‬ما ابكل هم السكري وال الضغط‪ ..‬وبشوف‬ ‫والده عم يلعبوا حويل‪ ..‬ايرب تنولين مرادي‪ ،‬وعيش وشوف ها اليوم»‪.‬‬ ‫وهن يقلنب فناجني القهوة‪ ،‬ويقلن أل ّمي‪« :‬هايت قويل‬ ‫كن يضحكن ّ‬ ‫جاراتنا ّ‬ ‫لنا ماذا ترين يف الفنجان؟ فنجان عبود!»‪.‬‬ ‫أ ّمي كانت تشرب القهوة‪ ،‬وتنوي أ ّن الفنجان يل! تقرأ فيه مستقبلي‬ ‫تكرر الكالم نفسه‪« :‬عبود جاء ليضيء ال ّدنيا يل‪ ،‬أراه‬ ‫املشرق‪ ،‬دائما ّ‬ ‫حيمل مصباحاً‪ ..‬أراه حيمل شعلة كبرية‪ ..‬تزيل ّ‬ ‫كل العتمة‪ ..‬عبود يسري يف‬ ‫طريق طويل آخره طاقة نور هائلة»‪..‬‬ ‫أ ّمي‪..‬‬ ‫اي أ ّم عبود ‪ ..‬أراك بعيين روحي تركضني خلفي يف الدرب النوراين املفتوح‬ ‫على اجلنة!‪ ..‬أسرعي اي أ ّم عبود‪ ..‬أسرعي اي أ ّمي‪ ..‬فقد سبقتين غزل‬ ‫ومىن!‬

‫وحيدًا رحلت‬

‫• د‪ .‬منذر عياشي‬

‫وحيداً ‪ ...‬رحلت‬ ‫مثل عصا حارس غابةٍ‬ ‫يهش هبا‬ ‫على أعجاز ذئب‬ ‫عظيم الدهاء‬ ‫***‬ ‫ِ‬ ‫الدروب‬ ‫وحيداً فوق انتثار‬ ‫أسدد خطوي‬ ‫فأردي به ارتباكي وخويف‬ ‫وأتركهما ورائي‬ ‫بقااي زما ٍن يتالشى فوق شطآن‬ ‫السفر املعتق‬ ‫والغربة‬ ‫***‬ ‫وحيداً أسري‬ ‫رامساً جمهويل‪ ،‬وثقيت‬ ‫وصوري‬ ‫على مرااي القدر‬ ‫وصدى رايح الفقر التائه‬ ‫***‬ ‫وحيداً سأمضي‬ ‫مثل معرفيت‪ ،‬وكراميت‬ ‫مثل حرييت‪ ،‬وإراديت‪،‬‬ ‫مثل حيب ودمعيت‬ ‫***‬ ‫وحيداً كنت‬ ‫وحيداً سأبقى‬ ‫كنخلة عز‬ ‫ال أحنين إال لوجنة زه ٍر‬ ‫وبسمة أ ٍم‬ ‫تتألأل يف عيون الصغار‬ ‫ال أحنين إال‬ ‫النسكاب الفرح األمسر‬ ‫ولذيذ التمر العريب‬ ‫يذوب‬ ‫يف شفاه األمل‬ ‫**‬ ‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪49 2014‬‬


‫اليوم والبارحة وغدًا‬ ‫فيما البالد تعيد رسم اخلرائط واألماكن‪ ،‬كنهر يتلوى مييناً ومشا ًال‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ابحتماالت غري االنتظار‪ ،‬جتلس األمهات‪،‬‬ ‫وبينما األفق ضنني ال يشي‬ ‫كل األمهات كجبل اإلسفنج‪ ،‬خيتزن املرارة واخلذالن بشيء من‬ ‫صمت وصرب ولوعة‪.‬‬ ‫على مدى اترخيها الباهر العاثر‪ ،‬أمُّنا سوراي تعصب رأسها مرة بكوفية‬ ‫الرجال‪ ،‬وتفلت شعرها مرات ابنفالت أملها‪ ،‬حتار كيف خترب القصة‪،‬‬ ‫وعرب أية بوابة توصل إلينا الكلمات املعجونة قهراً‪.‬‬ ‫البارحة‪ /‬نيسان‪:‬‬ ‫ذكرايت اجلمهورية األوىل‪ ،‬أمهات بلدي قرنفالهتا األكثر شذى‪ ،‬ماضيات‬ ‫يف شغل كل املهام‪ ،‬بصمت الذي وجد نفسه مطلوابً للنداء األم‪ ،‬للبيت‬ ‫صمامه الذي يرتكز له اجلميع‪ ،‬ويف غياب األحبة من أخ وابن وأب وزوج‬ ‫احتمال الفاجعة‪ ،‬وعدم التهيب من محل املهمتني أم وأب‪ ،‬ويف الدعم‬ ‫انتهاء بتبنيّ احلياة اجلديدة‬ ‫والتدعيم قدمن بال كلل بني رضاعة الصغار و ً‬ ‫املشرقة حيث تنتفي من وجه البالد ظالمات الغزاة‪.‬‬ ‫مل تكن أ ّمنا سوراي وأمهاتنا سيدات سوراي يف تلك اللحظات سوى جبل‬ ‫اإلسفنج ذاته‪ ،‬حيث ترمتي على أقدامهن كل اآلالم‪ ،‬واجلبل ميتص وخيتزن‬ ‫وخيفف من ارتطام اجملتمع بوقائع حماوالته لفك بعض قيوده‪.‬‬ ‫كانت صربان واحتمالنا وبقيت‪ ،‬وحني يعيد اجملتمع جدولة بنيه مع كل‬ ‫منعطف حاد يكون قدرها كل مرة الغياب‪ ،‬لكأمنا من حيرتف اإلجناز‬ ‫بال ضحيج هو األكثر خذالانً‪ ،‬أي ظلم نلنه هناك حيث كان االنعتاق‬ ‫مبضمونه العميق يعين فك االرتباط كلياً بكل األصفاد‪ ،‬ولكنها البارحة مل‬ ‫تبلغ مداها بعد‪ .‬كان ذلك فيما يعنيه أهنا جولتها األوىل‪.‬‬ ‫اليوم‪ /‬نيسان‪:‬‬ ‫وقائع اجلمهورية الثانية‪ ،‬أمهات بلدي وبلسمها ولفائف ضمادها البيضاء‪،‬‬ ‫هذا املغزل الذي ال يكل عن الدوران وصناعة خيوط احلياة‪ ،‬ابقون على‬

‫‪ 50‬العدد (‪ )4‬نيسان ‪2014‬‬

‫• عالء الدين زايت‬ ‫عهدهن يف شغل الدور بصمت وصرب‪ ،‬عاد الظلم ليكون حمرك األقفال‪،‬‬ ‫لكأمنا بربرية كربى تناسلت شوكاً كان وافداً مزنراً جبشعه وتفوقه وخدعة‬ ‫حضارته البارحة‪ ،‬ليصري حملياً خشناً حمموالً على «ظلم ذوي القرىب» اليوم‪.‬‬ ‫وبني أمهات أطفال درعا‪ ،‬وأمهات األم سوراي تفيض الطاقة املختزنة لنساء مل‬ ‫يقفوا على احتمال حدود الفجيعة‪ ،‬بل بقوا جبل اإلسفنج الذي ميتص آالمنا‬ ‫ويكونوا مسند رأسنا ابتكائه وحلمه‪.‬‬ ‫أمهات وزوجات‪ ،‬مناضالت وجمتهدات موثقات وصانعات فرح‪ ،‬صابرات‬ ‫وداعمات ومبتكرات‪ ،‬أبمساء وبال أمساء مل تكن ممكنة مقارعة الظلم بنموذجه‬ ‫اخلشن املر دون زينب ومرمي وأمل ومسرية ورزان‪ ،‬مل تكن ممكنة صناعة قلب‬ ‫آخر لسوراي يضخ تيارات احملبة دونك أنت سيدة العطاء‪ ،‬وحني يعيد اجملتمع‬ ‫جدولة بنيه عليك التأكد من جديد أن ذاكرته خائبة وعليك رفض عقوقه‬ ‫املتكرر كل مرة‪ ،‬ما عاد يليق بنا وال بك أن تكوين مفتاح أقفالنا صباحاً‪،‬‬ ‫وأسرية قيدان الذهين ليالً‪ .‬ورمبا ذلك فيما يعنيه أهنا جولتك الثانية‪.‬‬ ‫غداً‪ /‬نيسان‪:‬‬ ‫وحدهم الساهرون والساهرات السائرون الثائرون والثائرات‪ ،‬رسامو مالحمنا‬ ‫اجلديدة‪ ،‬احلطاابت بفؤوسهن الذكية وهن يشذبن أشجار وعينا أبانة جراحي‬ ‫العني‪ ،‬املسكونون بوفاء االبن واشتياق الزوج ومودة األخ‪ ،‬قادرات بالشك‬ ‫حمج ُه اجلديد‬ ‫على شبك حياة أخرى‪ ،‬حيث جلبل اإلسفنج الغارق ابلعطاء َّ‬ ‫وأفقه املتبدل‪.‬‬ ‫هل مثة حمتوى اجتماعي للحدث السوري واحدة من واجهاته األبرز قضية‬ ‫نساء سوراي؟‬ ‫هل مثة من يشكك بذلك ؟‬ ‫ميكنين أن أورد بثقة أن ال خمارج آمنة غداً دون ذلك‪ ،‬فليس أسوأ من أتجيل‬ ‫احلقوق والتالعب ابألولوايت إال االدعاء أن هذه القضية املؤجلة لعقود‬ ‫ليست ملحة مبا يكفي للدفع هبا إىل الواجهة‪.‬‬ ‫سيدة سوراي‪ ..‬سيدتنا سوراي‪ ..‬بوابتك عتقنا‪ .‬ولنتحضر للجولة الثالثة من‬ ‫اجلمهورية الثالثة‪.‬‬


‫العدد (‪ )4‬نيسان ‪51 2014‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.