Alsaieda magazine 5

Page 1

‫شـهرية مستقلـة تعنى بـاملرأة السـورية‬ ‫تصدر عن املركز السوري للصحافة والنشر‬ ‫أيار ‪ / 2014‬العدد (‪)5‬‬ ‫د‪ .‬زياد ماجد‬ ‫مالحظات حول العنصرية في لبنان‬ ‫د‪ .‬رضوان زيادة‬ ‫ما بين رواندا وسوريا‬ ‫سحر حويجة‬ ‫سوريا وسيطرة القوانين االستثنائية وأحكامها‬ ‫د‪ .‬إنعام شرف‬ ‫تطور دور المرأة في القرن العشرين‬ ‫لقاء‪:‬‬ ‫ هبة األنصاري تشكيلية سورية تعيد ترتيب المجزرة‬‫ سعاد نوفل امرأة في محاربة الظلم والتطرف‬‫تحقيق‪:‬‬ ‫قناع الديمقراطية يكشف مهزلة انتخابات النظام‬

‫الغالف‪ :‬تصوير حسام قطان‬


‫العناوين‪:‬‬

‫‪10‬‬

‫افتتاحية‬ ‫قناع الدميقراطية يكشف مهزلة انتخابات النظام‬ ‫بهزاد محو‬ ‫سوريا وسيطرة القوانني االستثنائية وأحكامها‬ ‫سحر حوجية‬

‫نظام األسد وهاجس الشرعية املفقودة‬ ‫بكر صدقي‬

‫"‪#‬سوا لتوجيه سالح األسد إىل صدره‬ ‫فريق حترير سيدة سوريا‬

‫جني آدمز‬

‫املرأة الكردية‪ ..‬خيارات احلرية والوعي اجملتمعي‬ ‫خومشان قادو‬

‫معتقالت‬ ‫يامسينة بنشي‬

‫وطي صوتك «ســـــوريا تنتحب»‬

‫هل أنت ضحية له؟ العنف اللفظي يدمر الثقة بالنفس‬ ‫جناح سفر‬

‫فيلم (سوا للموت)‬

‫‪9‬‬

‫الطفولة‪ ..‬األداة اليت نرسم بها مستقبلنا‬ ‫رشا غيبور‬

‫رئيس التحرير‪:‬‬ ‫حممد اّ‬ ‫ملك‬

‫آخر ما توصلت غليه الدراسات احلديثة عن سرطان‬ ‫اجللد‬ ‫هادية اخلطيب‬

‫مدير التحرير‪:‬‬ ‫يامسني مرعي‬

‫الطالب السوريون يف تركيا‪ ..‬خطى شريدة ومستقبل‬ ‫جمهول‬ ‫نور مارتيين‬

‫مدير عالقات عامة وترمجة‪:‬‬ ‫د‪ .‬إنعام شرف‬

‫متكني املرأة‬ ‫مية الرحيب‬

‫حكايات عن املرأة بوصفها ضحية للعنف اجملتمعي‬ ‫غسان مرتضى‬

‫سكرتري حترير‪:‬‬ ‫مراد عيد‬

‫تطور دور املرأة يف القرن العشرين (ج‪)2/2‬‬ ‫ترمجة‪ :‬د‪ .‬إنعام شرف‬

‫رشا عمران (بانوراما املوت والوحشة وسريالية الواقع‬ ‫السوري)‬ ‫عبد الكريم بدرخان‬

‫اإلمييل‪:‬‬

‫سعاد نوفل امرأة يف حماربة الظلم والتطرف‬ ‫حاورتها سيدة سوريا‬

‫تسالي‬

‫إىل أين أوصلونا‬ ‫صبا مدور‬

‫هبة األنصاري تشكيلية سورية تعيد ترتيب اجملزرة‬ ‫حاورتها سيدة سوريا‬

‫‪36‬‬

‫إعالم املعارضة وصورة الثورة‬ ‫لبنى زاعور‬ ‫على الرجال قبول مساواة املرأة هلم إذا أرادوا‬ ‫حتقيق التنمية‬ ‫ترمجة‪ :‬مراد عيد‬ ‫مالحظات حول العنصرية يف لبنان‬ ‫د‪ .‬زياد ماجد‬ ‫ما بني روندا وسوريا‬ ‫د‪ .‬رضوان زيادة‬ ‫‪2‬‬

‫العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬

‫أدب‪:‬‬ ‫ نوافذ املعصية اخلمس وبوابات الغفران‬‫عالء الدين زيات‬ ‫ كحل بازليت (كونشريتو أو تلوين صوتي)‬‫أمين األمحد‬

‫الفيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/‬‬ ‫‪saiedetsouria‬‬ ‫املكتب الرئيسي‪:‬‬ ‫تركيا ‪ -‬غازي عينتاب‬ ‫ت‪00905533679528 :‬‬ ‫‪00905435322971‬‬ ‫‪00905347362458‬‬

‫ أدب وفا‬‫الصفحة األخرية‪ :‬عمل للفنانة رزان صباغ‬

‫‪28‬‬

‫السعر خارج سوريا‪ )5( :‬يورو‬ ‫توزع ً‬ ‫جمانا داخل األراضي السورية‬


‫افتتاحية‬

‫رئيس التحرير‬ ‫العدد (‪ )5‬أيار ‪3 2014‬‬


‫قناع الديمقراطية يكشف مهزلة انتخابات النظام‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫براميلك «يا سيد البراميل المتفجرة» سنفكر بانتخابك))‬ ‫سقطت‬ ‫((حيث‬

‫أعلن ما يُسمى بـ «جملس الشعب» يف سوراي‪ ،‬عن فتح ابب‬ ‫الرتشح لالنتخاابت الرائسية «التعددية» اعتباراً من ‪ 22‬نيسان‪/‬‬ ‫أبريل ولغاية ‪ 1‬أاير‪/‬مايو ‪.2014‬‬ ‫وعلى الفور َّ‬ ‫تقدم عدد من السوريني بطلبات الرتشح ملنصب رئيس‬ ‫قبلت احملكمة الدستورية من بينهم ثالثة‬ ‫اجلمهورية «‪ 24‬طلباً»‪ْ .‬‬ ‫طلبات فقط‪« ،‬على اعتبار أن الطلبات األخرى‪ ،‬ال حيقق مق ِّدموها‬ ‫أقر ْت َّ‬ ‫مؤخراً»‪ ،‬على حد تعبري ما يُسمى بـ «احملكمة‬ ‫الشروط اليت َّ‬ ‫الدستورية العليا» اليت تفصل يف طلبات الرتشح هلذا املنصب‪.‬‬ ‫استناداً إىل الدستور اجلديد الذي أُ َّقر يف شباط‪/‬فرباير ‪2012‬‬ ‫تقديرات َّ‬ ‫الدم‪:‬‬ ‫صرحت بثينة شعبان «املستشارة اإلعالمية للقصر الرائسي» يف معرض‬ ‫َّ‬ ‫حديثها عن «االنتصارات» اليت حيققها النظام السوري على األرض أن‬ ‫«هذه االنتصارات كلَّفت سوراي أكثر من مئتني ومخسني ألف شهيد»‪.‬‬ ‫يف حماولة منها لكسر احتكار وسائل اإلعالم اللبنانية التابعة حلزب هللا‬ ‫وأخرى مقربة من النظام اإليراين «لالنتصارات» اليت ترّوِج هلا شعبان‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫وحتدثت تقارير إعالمية وحقوقية حملية وأخرى دولية عن أرقام متضاربة‬ ‫ومتفاوتة‪ ،‬حصرهتم األمم املتحدة هناية العام الفائت بعبارة سياسية «أكثر‬ ‫من مئة ألف قتيل»‪ .‬إال أن عبد الكرمي الرحياوي رئيس «الرابطة السورية‬ ‫حلقوق االنسان»‪ ،‬كشف لـ«عكاظ» أبن «األعداد احلقيقية لضحااي‬ ‫احلرب يف سوراي يتجاوز األرقام الرمسية بعشرات املرات»‪ .‬مضيفاً «أن‬ ‫اعتبارات سياسية متنع األمم املتحدة وجملس حقوق اإلنسان من اإلفصاح‬ ‫عن الرقم احلقيقي‪ ،‬الذي يصل إىل املليون ضحية»‪ .‬حبسب الرحياوي‪.‬‬ ‫وكانت الشبكة السورية حلقوق اإلنسان قد كشفت يف آخر تقرير هلا‬ ‫بداية العام احلايل أن «أكثر من ألف شخص قضوا ضحية الرباميل‬ ‫املتفجرة خالل أقل من شهرين»‪ .‬وأضافت أن «‪ %97‬منهم من املدنيني‬ ‫العزَّل»‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬

‫• هبزاد محو‬

‫بغض النظر عن مدى دقة ومصداقية األرقام السابقة‪ ،‬نتيجة للظروف الصعبة‬ ‫اليت ال تسمح إبجراء إحصاء مهين لعدد الضحااي‪ ،‬مُيكن االعتماد عليه‪ ،‬إال‬ ‫أننا سنذهب مع «الفرضية» اليت تقول‪ :‬إن عدد الضحااي يف سوراي بلغ مئيت‬ ‫ألفاً‪ ،‬ليس ألنه الرقم األدق‪ ،‬بل ألنه الرقم الوسطي والذي قد يلقى قبوالً من‬ ‫أغلب األطراف‪.‬‬ ‫وإذا افرتضنا أن كل ضحية تنتمي إىل عائلة قوامها مخسة أشخاص وسطياً‪،‬‬ ‫هذا يعين أن أكثر من مليون سوري قد تضرروا بشكل مباشر من إجرام‬ ‫النظام‪« .‬فهل مثَّة عاق ٌل سينتخب من قتل أخاه أو فرداً من عائلته‪ ،‬دون وجه‬ ‫حق»‪ .‬وذلك بتعبري الناشط اإلعالمي نداء احلليب‪.‬‬ ‫وإذا قمنا بسحب العملية السابقة على أعداد اجلرحى اليت وصلت‪ ،‬حبسب‬ ‫تقديرات إعالمية وحقوقية‪ ،‬إىل مليون جريح‪ ..‬هذا يعين أنه مثّة مخسة ماليني‬ ‫مواطن سوري جتمعهم أخوة مباشرة مع اجلرحى‪ ،‬لن ينتخبوا بشار األسد‪.‬‬ ‫«هلذا نقول أبن بشار فاقد للشرعية»‪ ،‬حبسب الناشط احلليب أيضاً‪.‬‬ ‫ابإلضافة إىل ما سبق‪ ،‬مثَّة املاليني‪( ،‬تقول تقديرات أبن أعدادهم وصلت‬ ‫لعشرة مليون) ممن نزح داخلياً أو ُه ِّجر إىل دول العامل أو بقي شريداً تتلقفه‬ ‫ليفوِضوا‬ ‫الطرقات وألغام احلدود‪ ..‬أيُعقل أن يعود املهاجرون واملشردون‪ّ ،‬‬ ‫مشرِدهم من جديد‪..‬؟!‬ ‫ّ‬ ‫األسـد الدميقراطي !!‬ ‫بعد أن فقد األسد الشرعية الشعبية‪ ،‬اليت مل يكن ميتلكها أصالً‪ ،‬إال بعصا‬ ‫غليظة ويد ظاملة ُّ‬ ‫تدق رقاب السوريني‪ ،‬مل يكن أمامه إال الرضوخ الشكلي‬ ‫للمطالبات الشعبية والدولية إبجرا ٍء دميقراطي‪ .‬إال أن العقلية اليت حتكم عالقة‬ ‫هذه العصابة مع الفعل الدميقراطي‪ ،‬أنتجت أزم ًة بلغت حدود «املهزلة»‬ ‫احلقيقية‪ ،‬يف سعي األسد احلثيث‪ ،‬ومن خلفه اجلوقة اإلعالمية‪ ،‬إىل الرتويج‬ ‫للحالة الدميقراطية والتعددية اليت تتسم هبا االنتخاابت الرائسية هذه الدورة‪.‬‬ ‫ويف تصريح لـ«سيدة سوراي»‪ ،‬حتدث الكاتب السوري عارف محزة عن «العطالة‬ ‫اليت حتكم احلالة القانونية يف البالد منذ استالم البعث لسدة احلكم»‪ ،‬مؤِّكداً‬ ‫«أن سوراي ومنذ اتريخ انقالب البعث‪ ،‬ليست دولة قانون‪ ،‬وال حتكمها‬


‫القوانني والدساتري‪ .‬وذلك لوجود ((مؤسسات))‬ ‫أخرى أكثر عمقاً والتصاقاً جبسد ((الدولة)) متنع‬ ‫وتفرِغها من مضموهنا»‪.‬‬ ‫تطبيق هذه القوانني ّ‬ ‫وكان محزة يف مقالة له حتت عنوان «حوادث‬ ‫مبهجة من انتخاابت الرائسة يف سوراي»‪ ،‬قد‬ ‫حتدث عن «اآلمال» اليت ما َّ‬ ‫َّ‬ ‫انفك السوريون‬ ‫ينسجوهنا عن بشار األسد‪ ،‬منذ توريثه للحكم يف‬ ‫البالد إىل أتخره عن إعالن ترشحه لالنتخاابت‬ ‫الرائسية هذا العام‪ .‬ويذكر محزة يف املقالة املنشورة‬ ‫يف «نوافذ» املستقبل حكاية من االنتخاابت‬ ‫الرائسية اليت أجريت زمن حافظ األسد‪« :‬يف‬ ‫انتخاابت عام ‪ 1985‬فاز الرئيس السوري السابق‬ ‫حافظ األسد بنسبة مائة يف املائة يف االستفتاء‬ ‫الشعيب املخزي‪ ،‬بعد مرور ثالث سنوات تقريباً‬ ‫ّ‬ ‫وتكررت هذه النسبة يف‬ ‫«محاه»‪،‬‬ ‫أحداث‬ ‫على‬ ‫ّ‬ ‫االستفتاءات الالحقة‪ .‬ومع ذلك أزعج السلطات‬ ‫األمنيّة اكتشاف ورقة اقرتاع واحدة ترفض استمرار‬ ‫توليّ األسد احلكم يف سورياّ يف بلدة «صوران»‬ ‫يف ريف محاه‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬فما كان منهم‬ ‫سوى اعتقال أكثر من مائيت شاب من أبناء تلك‬ ‫البلدة‪ ،‬واقتيادهم إىل مكان جمهول‪ .‬وما زال ذلك‬ ‫املكان جمهوالً منذ عام ‪ ،1985‬ومل يعد أحد من‬ ‫أولئك الشبّان بعد!»‪.‬‬ ‫إعالم النظام جي ِّد ُد العهد!‬ ‫العقلية اليت أنتجتها عقوٌد من «منطق اإلقطاعي»‬ ‫يف التعاطي مع قضية احلكم واحملكومني‪ ،‬لن‬ ‫يكون إبمكاهنا العيش يف بيئة صحية تنظر إىل‬ ‫رئيس اجلمهورية كونه يشغل منصباً عاماً‪ ،‬حتكمه‬ ‫جمموعة من الضوابط وااللتزامات‪ ،‬تفوق‪ ،‬بكل‬ ‫أتكيد‪ ،‬تلك اليت تُلزم مواطناً عادايً‪ .‬لكن املؤمل‬ ‫يف هذه «املهزلة» االنتخابية‪ ،‬حسب تعبري وزير‬ ‫اخلارجية األمريكي الذي َّجدد موقف بالده‬ ‫الرافض إلجراء هذه االنتخاابت‪ ،‬معترباً أن النظام‬ ‫السوري حياول من خالهلا كسب شرعية ال ميلكها‬ ‫للتغطية على فظائعه‪ ،‬فاملؤمل هو وجود أعداد‬ ‫ليست ابلقليلة‪ ،‬من املطبِّلني هلذا «االستحقاق‬ ‫الرائسي»‪ ،‬كما درج إعالم النظام على تسميته‪،‬‬ ‫يف تغطيات إعالمية مثرية للسخرية جيريها على‬ ‫مدار الساعة‪ ،‬تعري اإلعالم السوري أمام جثة‬ ‫يشرِحها إعالميو النظام‪ ،‬يف‬ ‫الدميقراطية اليت ّ‬ ‫غياب املرشحني الذين يروجون لبشار أكثر مما‬ ‫ينافسونه‪ ،‬فصورته تظهر معلقة يف مكتب «ماهر‬ ‫احلجار»‪ ،‬فيما أييت «حسان النوري»على ذكر‬

‫بشار األسد وأبيه‪ ،‬والثناء عليهما مراراً يف لقاءات‬ ‫ال تتجاوز مدهتا دقائق معدودة‪.‬‬ ‫وكانت بعض مواقع التواصل االجتماعي قد‬ ‫نقلت عن ماهر حجار قوله «أبنه سينتخب بشار‬ ‫األسد ابلدم»‪ .‬إال أنه على الفور قوبل ابلكثري‬ ‫من الشتائم من قبل مؤيدين لبشار األسد‪ ،‬كان‬ ‫أكثرها وضوحاً وقبحاً «ابلصرماية رح تنتخبوا اي‬ ‫(‪ )...‬وليس ابلدم»‪.‬‬ ‫انتشرت َّ‬ ‫مؤخراً محالت دعائية لبشار‬ ‫هذا و ْ‬ ‫األسد‪ ،‬مبسميات خمتلفة‪ .‬اختذ بعضها اسم‬ ‫احلملة اليت أطلقها األخري وهي «سوا»‪ .‬وتناقلت‬ ‫مواقع إلكرتونية تعليقات على مواقع التواصل‬ ‫االجتماعي بني مؤيدين ومنظمني هلذه احلمالت‪،‬‬ ‫تدعو بعضها إىل «إجراء استفتاء لتحويل سوراي‬ ‫إىل مملكة»‪.‬‬ ‫هذا وكانت اخلارجية الفرنسية قد أصدرت‬ ‫يف ‪ 11‬أاير‪/‬مايو بياانً قررت فيه «منع إجراء‬ ‫االنتخاابت الرائسية على كامل أراضيها‪ ،‬مبا‬ ‫فيها السفارة السورية يف ابريس»‪ .‬وكانت الدول‬ ‫األساسية اإلحدى عشرة يف جمموعة أصدقاء‬ ‫سوراي قد أدانت االنتخاابت الرائسية‪ ،‬اليت دعا‬ ‫إليها النظام‪ ،‬واعتربهتا «غري شرعية»‪.‬‬ ‫األقليات واالنتخاابت‪:‬‬ ‫يراهن النظام على «أتييد األقليات» لسياساته‬ ‫وهنجه الذي يراه «حامياً» هلذه األقليات‪ ،‬وجيد‬ ‫ِ‬ ‫كدأب أي‬ ‫من بني أفراد كل فئة اجتماعية‪،‬‬

‫دكتاتور‪ ،‬من يرّوج هلذه املقولة اليت ال يفضحها‬ ‫ويعريها أكثر من الواقع‪.‬‬ ‫فاألكراد الذين ابت حيتل امسهم العابر مساحات‬ ‫ضئيلة من اإلعالم الرمسي‪ ،‬ال يقتصر إال على‬ ‫فعل الصهر والطمس‪ ،‬استكماالً لسياسات‬ ‫األسد األب واالبن اليت تكللت يف حمطات كثرية‬ ‫منها بدم األكراد‪ ،‬وابت النظام يرّوِج مؤخراً لفكرة‬ ‫مفادها أبنه صار مقبوالً بني األكراد السوريني‪،‬‬ ‫مستغ ً‬ ‫ال شخصيات «كردية» تعمل يف ظل‬ ‫األسد‪ ،‬من أمثال عمر أوسي رئيس ما يسمى‬ ‫بـ«املبادرة الوطنية لألكراد السوريني» املبادرة‬ ‫اليت يرتأسها أوسي ويشارك يف عضويتها ثلة من‬ ‫األمنيني والتابعني هلم‪ ،‬حيث أعلن مؤخراً عن‬ ‫«تفامهات حصلت بينه وبني القيادات الكردية‬ ‫يف مناطق اإلدارة الذاتية ((مشال ومشال شرق‬ ‫سوراي)) حول وضع صناديق االقرتاع يف تلك‬ ‫املناطق»‪ .‬يضيف أوسي‪« :‬أن األكراد السوريني‬ ‫منوِهاً أن‬ ‫سيشاركون وبكثافة يف االنتخاابت»‪ّ ،‬‬ ‫«قرار األحزاب الكردية مبقاطعة االنتخاابت‬ ‫الرائسية‪ ،‬لن يؤثر على الشارع الكردي البعيد‬ ‫أص ً‬ ‫ال عن هذه األحزاب»‪ ،‬حبسب أوسي أيضاً‪.‬‬ ‫إال أن مراجعة بسيطة حلالة املناطق الكردية‪ ،‬واليت‬ ‫لن تتسع هذه السطور لتغطيتها‪ ،‬يدحض كل ما‬ ‫يتفوه به أوسي هذا‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫والنظام الذي حارب مجيع طوائف الشعب‬ ‫السوري‪ ،‬فزاد يف عزلتها‪ ،‬أفقرها وهجر أبناءها‬ ‫وسجن وقتل منهم الكثري‪ ،‬لن يكون مبقدوره‬ ‫احلصول على والئهم إال ابلعصا الغليظة اليت‬ ‫دأب على استعماهلا منذ انقضاضه على‬ ‫البالد‪.‬‬ ‫يف ِّ‬ ‫ظل غزارة براميل املوت اليت يلقيها األسد‬ ‫على الناخبني يف إطار محلته االنتخابية‪ ،‬لن‬ ‫التوجه إىل صناديق‬ ‫يكون مبقدور السوريني ُّ‬ ‫االقرتاع‪ ،‬فالطريق إليها مكتظة جبثث الشهداء‬ ‫وغارقة بدمائهم‪.‬‬ ‫العدد (‪ )5‬أيار ‪5 2014‬‬


‫سوريا وسيطرة القوانين االستثنائية وأحكامها‬

‫• سحر حوجية‬

‫تقضي القاعدة العامة أنه يف احلالة اليت حتصل فيها تغريات جوهرية يف دولة ما‪ ،‬مثل اقتطاع‬ ‫جزء من سلطاهتا‪ ،‬ستنتقل هذه السلطات إىل أي ٍد أخرى جديدة‪ ،‬تعتمد هذه السلطات‬ ‫يف حتديد سلطاهتا على قوانني قدمية أو استحداث قوانني جديدة‪ .‬إن ثورة الشعب السوري‬ ‫قامت على أمل عودة حقوقه املسلوبة‪ ،‬ودحر االستبداد‪ ،‬كانت تظهر إميان الشعب الثائر‬ ‫حبقوق اإلنسان والعدالة‪ ،‬وإلغاء كل قانون أو إجراء استثنائي يقوض حقوقه‪ ،‬أو خيرجه من‬ ‫العصر احلديث‪ ،‬عرب قوانني ال تالئم حاجات الواقع وال تعطيه حقوقه‪.‬‬ ‫تنقسم سوراي يف هذه املرحلة إىل مدن‬ ‫ومناطق حتت سيطرة النظام‪ ،‬ومناطق حمررة‬ ‫تقع حتت سلطة قوى املعارضة املسلحة‪،‬‬ ‫كل طرف يعرب عن سلطته بقوانني خاصة‬ ‫خمتلفة‪ ،‬وحماكم تقوم على تطبيق هذه القوانني‪.‬‬ ‫السلطة املمثلة ابلنظام تعتمد مجلة من القوانني‬ ‫تنظم العالقة بني األفراد‪ ،‬حيث املعامالت اليت‬ ‫جتري بينهم ينظمها القانون املدين‪ ،‬وتفصل‬ ‫يف املنازعات حماكم خمتصة صلحية وبدائية‪،‬‬ ‫وقوانني تنظم العالقة فيما بني األفراد واحلكومة‪،‬‬ ‫ينظمها قانون إداري يفصل املنازعات فيه‬ ‫قضاء جملس الدولة‪ ،‬وقانون العقوابت الذي‬ ‫يضم كل اجلرائم‪ ،‬اليت تصنف إما جناايت‬ ‫أو جنح حسب نوع اجلرم والعقوبة اليت‬ ‫توجه إىل املتهم‪ .‬اجلناايت تفصل فيها حماكم‬ ‫جنائية‪ ،‬واجلنح تفصل فيها حماكم اجلزاء‪.‬‬

‫أما قضااي األحوال الشخصية اليت تشمل الزواج‬ ‫والطالق والنسب واحلضانة والوصااي واملرياث‪،‬‬ ‫واليت ينظمها قانون األحوال الشخصية‪ ،‬فرتاجع‬ ‫هبا احملاكم الشرعية اليت اختذت امسها من أن‬ ‫مصدر أحكامها الشريعة‪ ،‬كما أن كل طائفة‬ ‫يف سوراي لديها حماكم مذهبية خاصة‪ ،‬وهناك‬ ‫القانون التجاري وغريه من القوانني‪ ،‬أما من‬ ‫حيث الشكل فيوجد أصول حماكمات مدنية‬ ‫وجزائية لتنظيم طرق التقاضي‪.‬‬ ‫اتريخ القوانني سالفة الذكر يعود إىل عهد ما‬ ‫بعد االستقالل‪ ،‬حيث مت إقرار القانون املدين‬ ‫وقانون العقوابت منذ ‪ ،1949‬والتعديالت اليت‬ ‫طرأت على هذه القوانني خالل تعاقب األنظمة‬ ‫املختلفة على السلطة يف سوراي كانت حمدودة‪،‬‬ ‫تشمل هذه املادة أو تلك‪ .‬أما عملية تنظيم‬ ‫السلطة السياسية وأمن ومحاية هذه السلطة‪،‬‬

‫فتتم عرب قوانني استثنائية خضعت للتبديل‬ ‫والتغيري اجلوهري‪ ،‬نتيجة تعاقب السلطات يف‬ ‫سوراي‪ .‬نشري هنا أن االعتداء على أمن الدولة‬ ‫اخلارجي والداخلي هو جزء من قانون العقوابت‬ ‫العام‪ ،‬خيضع للمحاكم العادية املدنية‪ ،‬إال أن‬ ‫سلطة االستبداد أخضعت هذه اجلرائم إىل‬ ‫قانون الطوارئ‪ ،‬وعاقبت من يقرتفها عقوابت‬ ‫قاسية وصلت حد اإلعدام‪ ،‬وأحالت املتهمني‬ ‫إىل احملاكمة أمام حماكم استثنائية ميدانية‬ ‫وعسكرية وحماكم أمن الدولة‪ ،‬اليت تفتقر إىل‬ ‫أدىن ضماانت الدفاع‪ ،‬كما استحدثت قوانني‬ ‫استثنائية للمالحقة‪ ،‬مثل قانون مناهضة‬ ‫االشرتاكية‪ ،‬وغريها من قوانني استثنائية كثرية‪.‬‬ ‫يف املقاب�������ل املناطق احمل�������ررة اليت تقع حتت‬ ‫س�������يطرة املعارضة املس�������لحة‪ ،‬تعمل وفق‬ ‫قوان���ي���ن ميك�������ن وصفها أبهن�������ا اس�������تثنائية‬ ‫وقاصرة‪ ،‬حيث يوجد نوع واحد من احملاكم‬ ‫هي احملاكم الشرعية‪ ،‬اليت تقوم ابلفصل يف‬ ‫مجيع القضااي‪ ،‬املدنية من معامالت األفراد‬ ‫أو قضااي األحوال الش�������خصية‪ ،‬كما حتكم‬ ‫يف القضااي اجلزائية‪ ،‬إضافة إىل قضااي أمن‬ ‫السلطة من أسرى ومعتقلني‪.‬‬ ‫بعد الثورة ألغت السلطة قانون الطوارئ على‬ ‫أساس تلبية مطالب الشعب الثائر‪ ،‬واحلقيقة‬ ‫هي حتلل النظام من أي قانون ابستخدام العنف‬ ‫اخلارج من عقاله ضد املعارضني‪ ،‬بل ضد الشعب‬ ‫األعزل حتت شعار حماربة اإلرهاب‪ .‬كما أصدر‬

‫‪6‬‬

‫العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬


‫النظام قانون مكافحة اإلرهاب بدي ً‬ ‫ال عن‬ ‫قانون الطوارئ‪ ،‬بعد أن أصبح للمعارضة جناح‬ ‫عسكري‪ ،‬على اعتبار أن كل من حيمل السالح‬ ‫ضد السلطة إرهايب‪ ،‬كما أن القانون طال حىت‬ ‫املعارضني السلميني جملرد أهنم يؤمنون ابلتغيري‬ ‫اجلذري‪ ،‬حيث خيضعون هلذه احملاكم على أهنم‬ ‫يدعمون املعارضة املسلحة‪ ،‬أو يتعاونون معها‪،‬‬ ‫يف نسف لقواعد القانون الدويل اإلنساين الذي‬ ‫حيمي املدنيني يف ظروف االقتتال الداخلي‪،‬‬ ‫حىت لو قدموا املساندة والدعم ألحد أطراف‬ ‫القتال‪ ،‬سواء الدعم املادي أو املعنوي‪ .‬هكذا‬ ‫مت التضييق على املعارضة بكافة أطيافها بتقدمي‬ ‫املعارضني للمحاكمة أمام حماكم مكافحة‬ ‫اإلرهاب ألسباب واهية‪ .‬أيضاً الدستور َ‬ ‫شكل‪،‬‬ ‫ومازال‪ ،‬طوق محاية لسلطة االستبداد‪ ،‬حيث‬ ‫مت تفصيل دستور على مقاس السلطة وحاجاهتا‬ ‫منذ عام ‪ ،1973‬والتعديالت األخرية اليت‬ ‫تلب إال حاجة‬ ‫أجريت على أهنا إصالح مل ِّ‬ ‫السلطة إلعادة إنتاج نفسها يف الظروف‬ ‫القائمة‪ ،‬بغية تدعيم جبهة النظام وتطويرها‬ ‫وتوسيعها‪ ،‬واحتواء قوى قد تربز على الساحة‪،‬‬ ‫شرط التزام اخلطوط احلمراء اليت وضعها النظام‪،‬‬ ‫ومنها إعادة انتخاب الرئيس‪ .‬يف هذا السياق‬ ‫مت إلغاء قيادة حزب البعث للسلطة‪ ،‬من‬ ‫حيث اجلوهر كان دوره شكليا ً‪ ،‬جمرد ديكور‬ ‫خيتبئ النظام األمين وراءه‪ .‬أما املواد اليت تتعلق‬ ‫ابحلرايت وحقوق املواطنني اليت لن جتد طريقها‬ ‫للتطبيق يف الظروف القائمة‪ ،‬فتعرقلها وتلغيها‬ ‫القوانني اخلاصة مثل قانون التظاهر الذي ينص‬ ‫على معاقبة املتظاهرين ابلسجن وبغرامات‬ ‫مالية‪ .‬غري أن الدستور اجلديد مل يتضمن أي‬ ‫تعديل على صالحيات الرئيس الشاملة يف‬ ‫قيادته للجيش‪ ،‬وجمللس القضاء األعلى‪ ،‬وجملس‬ ‫الوزراء وتعيينه‪ ،‬ومل ينس الدستور اجلديد التذكري‬ ‫والتأكيد على حق الرئيس القائم ابلرتشح يف‬ ‫االنتخاابت القادمة‪ ،‬كما أصبح ترشيح الرئيس‬ ‫بعد تزكيته من قبل مخسة وثالثني عضواً من‬ ‫أعضاء جملس الشعب بدالً من ترشيح الرئيس‬ ‫من قبل القيادة القطرية حلزب البعث‪ ،‬وجملس‬ ‫الشعب برتكيبته احلالية ميثل السلطة وحلفاءها‪،‬‬ ‫مما يغلق ابب الرتشيح أمام أشخاص معارضني‬

‫للنظام‪ .‬انهيك عن قدرة النظام األمين وسلطته‬ ‫الكاملة على أعضاء جملس الشعب لتزكية من‬ ‫يقبل به النظام حصرايً مرشحاً مع الرئيس‪.‬‬ ‫يف املقابل املناطق احملررة اليت تقع حتت سيطرة‬ ‫املعارضة املسلحة‪ ،‬تعمل وفق قوانني ميكن‬ ‫وصفها أبهنا استثنائية وقاصرة‪ ،‬حيث يوجد‬ ‫نوع واحد من احملاكم هي احملاكم الشرعية‪،‬‬ ‫اليت تقوم ابلفصل يف مجيع القضااي‪ ،‬املدنية من‬ ‫معامالت األفراد أو قضااي األحوال الشخصية‪،‬‬ ‫كما حتكم يف القضااي اجلزائية‪ ،‬إضافة إىل‬ ‫قضااي أمن السلطة من أسرى ومعتقلني‪.‬‬ ‫وال وجود إلجراءات التقاضي وال حملامي الدفاع‬ ‫عن املتهمني‪ ،‬بل تقوم العملية على التشاور‬ ‫يف الرأي بني أفراد اهليئة الشرعية عرب إجراءات‬ ‫بسيطة‪ ،‬تعتمد أحكاماً مصدرها الشريعة‪ ،‬كما‬ ‫أنه يبت ابألحكام على وجه السرعة‪ .‬تنتشر‬ ‫احملاكم الشرعية يف كل منطقة من املناطق احملررة‪،‬‬ ‫يف غياب سلطة مركزية على املناطق احملررة‪،‬‬ ‫والواقع أن هناك سلطات تسيطر من مواقع‬ ‫القوة المتالكها السالح‪ ،‬على ريف أو مناطق‬ ‫أو حىت أجزاء من مدينة‪ ،‬وتتمتع بكثري من‬ ‫االستقاللية يف عملها وأتمني احلماية للقاطنني‬ ‫من السكان‪ .‬ليست هناك سجالت أو مراجع‬ ‫إدارية إال ذات بعد حملي ضيق‪ ،‬كما يسجل‬ ‫عدم توافر كوادر قانونية من قضاة وحمامني يف‬ ‫أغلب هذه املناطق‪ ،‬إضافة إىل عدم توافر األموال‬ ‫الالزمة لتغطية نفقات احملاكم‪ ،‬يف احملصلة ميكن‬ ‫وصف اهليئات الشرعية أبهنا حماكم استثنائية‬ ‫تقوم إبصدار أحكام عاجلة‪ ،‬وهي هيئات غري‬ ‫مستقلة عن القوة النافذة عسكرايً‪ ،‬وهي حالة‬ ‫تعكس الطابع األيديولوجي للقوى العسكرية‬ ‫املسيطرة‪ ،‬ذات املرجعية الدينية احملافظة‪ .‬تعمل‬ ‫هذه اهليئات على تطبيق أحكام الشريعة‬ ‫اإلسالمية على أساس أن الشريعة تقضي‬ ‫ابعتبار الذنوب أفعاالً حمظورة‪ ،‬حتدد عقوابهتا‬ ‫إما بواسطة عقوبة شرعية «احلد» أو بعقوبة‬ ‫حيددها القاضي تسمى التعزير‪ .‬والذنوب هي‪:‬‬ ‫السرقة واحلرابة والزان وشرب اخلمر والقذف‬ ‫والردة‪ ،‬عقوبة السرقة قطع اليد اليمىن‪ ،‬وعقوبة‬ ‫العدد (‪ )5‬أيار ‪7 2014‬‬


‫احلرابة املوت إذا كان الغرض هتديد احلياة والبرت إذا كانت احلرابة بقصد‬ ‫االستيالء على األمالك فقط‪ ،‬أما عقوبة الزان فاجللد مائة جلدة‪ ،‬وعقوبة‬ ‫السفاح رجم املرأة والرجل حىت املوت‪...‬‬ ‫ِّ‬ ‫البد هنا من اإلشارة إىل داعش اليت رفضت االحتكام للهيئة الشرعية‬ ‫يف حل نزاعاهتا مع القوى األخرى‪ ،‬عندما رفضت إحالة املتهمني من‬ ‫معتقلني وأسرى إىل اهليئات الشرعية‪ ،‬حيث جند أهنا حتكم وحتاكم‬ ‫وفق مبدأ سلطتها املطلقة‪ ،‬وأحكام فردية تصدر عن أمرائها لتحقيق‬ ‫الغلبة من أجل احتكار السلطة‪ ،‬ورفض مشاركة اآلخرين هلا‪ ،‬وفق‬ ‫سياسة بث الرعب واخلوف يف نفوس احملكومني لبناء صرح االستبداد‪.‬‬ ‫وهي إن كانت تنفذ أحكاماً تربر على أهنا من مصدر شرعي‪ ،‬فهي‬ ‫كانت تفصل التهم وتنسبها للناس دون أدلة‪ .‬وما إن استفردت حبكم‬ ‫مدينة الرقة حىت عملت على فرض سلطاهنا على اجملتمع إبعادة إحياء‬ ‫مصطلح أهل الذمة (املسيحيني)‪ ،‬عودة إىل عهود سالفة‪ ،‬حيث كان‬ ‫غري املسلمني يعدون من رعااي الدولة اإلسالمية‪ ،‬وكان يطلق على‬ ‫«الذمي» «الشخص حتت احلماية»‪ .‬يف العصر احلديث‪ ،‬وبعد تنظيم‬ ‫الدساتري‪ ،‬متتع املسلمون وغريهم من املواطنني حبقوق متساوية على‬ ‫أساس املواطنة‪ ،‬حيث حلت اهلوية الوطنية حمل اهلوية الدينية‪.‬‬

‫عام‪ .1949‬يف إعداده القوانني املدنية اعتمد السنهوري هنجاً عملياً‪ ،‬فتبىن‬ ‫معياراً للعدل يتألف من مزيج من املبادئ الغربية الفرنسية واألملانية وغريها‪،‬‬ ‫كان يراها موافقة للشريعة اإلسالمية‪ ،‬على سبيل املثال أخذ مبعيار بيع‬ ‫الشفعة اإلسالمي‪ ،‬وعدل قوانني أخرى مل تكن متفقة مع املعيار اإلسالمي‬ ‫ووجد من الصعب تربير الفائدة وجتنبها مع أهنا كانت جزءاً من النظام‬ ‫االقتصادي القائم‪ ،‬ظل يبحث عن مسوغ يربرها‪ ،‬لقد ميز السنهوري بني‬ ‫الفائدة والراب فأقرها‪.‬‬

‫وأخرياً البد من القول إنه منذ عهد أرسطو حىت يومنا هذا مازالت هناك‬ ‫أسئلة تثار حول هوية صاحب السيادة يف دولة ما‪ ،‬هل تسند لسواد‬ ‫ابلعودة إىل اتريخ تطور القوانني الوضعية يف سوراي (مثال على ذلك الشعب‪ ،‬أم للنخب منهم؟ أم لألغنياء فقط‪ ،‬أم لعصابة أشرار‪ ،‬أم لفرد‬ ‫القانون املدين)‪ :‬اتبع الفقهاء أثناء إعدادهم القانون املدين منهجاً جتريبياً واحد؟ وقد أقر أرسطو يف سالف الزمان أن السلطة جيب أن تكون‬ ‫حىت يالئم العصر‪ ،‬كانت اخلطوة األوىل اليت اختذوها تدوين األجزاء للقوانني املؤسسة على العقل‪ ،‬وإن ويُِّل األمر شخص واحد أو أكثر فلن‬ ‫املالئمة من التشريع اإلسالمي‪ ،‬املتصلة ابملعامالت والعقود‪ ،‬مشكلني يكون سيداً إال عند غياب نص القانون‪ ،‬وقال أيضاً إن القوانني املؤسسة‬ ‫بذلك قانوانً مدنياً إسالمياً نشر عام ‪ 1869‬حتت اسم «جملة األحكام على العقل تتبع ابلضرورة احلكومات‪ ،‬فتكون طيبة أو خبيثة‪ ،‬عادلة أو‬ ‫العدلية»‪ ،‬غطت اجمللة العدلية (كما أصدرهتا السلطات العثمانية) كل ظاملة‪ .‬تغري الزمان وأصبح الربملان اليوم ممثل الشعب‪ ،‬وهو صاحب سلطة‬ ‫من العراق سوراي فلسطني األردن وغريها من الدول‪..‬‬ ‫التشريع وسن القوانني‪ ،‬وبقي السؤال‪ :‬كيف تسود هذه الفئة وتلك؟ وكيف‬ ‫بعد احلرب العاملية الثانية واستقالل الدول العربية أعد الفقيه السنهوري تستخدم القوانني املؤسسة على األهواء وليس على العقل لفرض سلطاهنا‬ ‫قانوانً مدنياً ملصر‪ ،‬وأقرته سوراي‪ ،‬وأخذ به العراق‪ ،‬وأصبح انفذ املفعول على الشعب بعد جتريده من إمكانية الفعل؟‬

‫‪8‬‬

‫العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬


‫‪#‬سوا لتوجيه سالح األسد إلى صدره‬

‫• تقرير‪ :‬فريق حترير سيدة سوراي‬

‫منذ انطالقة الثورة السورية منتصف آذار ‪ 2011‬تزايدت نسبة استخدام‬ ‫السوريني ملواقع التواصل االجتماعي كمنابر للتعبري عن آرائهم دون‬ ‫رت مهاراهتم اإلبداعيَّة يف هذا احلقل‪ ،‬وابتوا‬ ‫سلطات أو قيود‪َّ ،‬‬ ‫فتطو ْ‬ ‫يعون أمهيته يف مواجهة آلة القتل اليت يطبقها عليهم النظام‪.‬‬ ‫مكنت هذه املهارات عدداً من الناشطني‪( ،‬ابلتزامن مع إعالن بشار‬ ‫ترشحه لالنتخاابت الرائسية وإطالق مؤيديه حلملة انتخابية حتت‬ ‫األسد ّ‬ ‫عنوان «سوا»)‪ ،‬من إطالق محلة مضادة حتمل االسم ذاته «سوا»‪،‬‬ ‫خصصوا هلا صفحة على اإلنرتنت كتبوا فيها‪« :‬معاً لنشر جرائم األسد‬ ‫عرب استخدام هاشتاغ محلته‪ ،‬ألن املؤيدين سيساعدوننا يف هذه احلالة‬ ‫على االنتشار وسيأخذ اهلاشتاغ تصنيفاً عاملياً‪ ..‬معاً لنشر صور أطفالنا‬ ‫وأمواتنا ودماران مع شعار محلة القاتل ‪#‬سوا»‪.‬‬ ‫الصحفية والناشطة جفرا هباء‪ ،‬صاحبة فكرة هاشتاغ سوا‪ ،‬حتدثت‬ ‫ملوقع «كلنا شركاء» عن احلملة وأهدافها قائلة‪« :‬اهلدف من استخدام‬ ‫اهلاشتاغ هو االستفادة من نشر املؤيدين أبنفسهم للهاشتاغ اخلاص‬ ‫هبم‪ ،‬كتسويق حلملتهم االنتخابية‪ ،‬مما يساعد على دفع اهلاشتاغ إىل‬ ‫مراتب متقدمة على مستوى العامل‪ ،‬مع الرتكيز على نشر الصور وليس‬ ‫البوستات‪ ،‬لكي يطغى عدد الصور اليت ننشرها على صورهم‪ ،‬وستصبح‬ ‫جرائم األسد مرافقة لشعار محلته االنتخابية ذاهتا مستفيدين من متويله‬ ‫الضخم حلملته‪ ،‬اخلطة ابختصار هي توجيه سالح األسد إىل صدره»‪.‬‬ ‫على الفور انلت اخلطوة رضى ومتابعة من النشطاء الذين تلقفوها واهنالوا‬ ‫عليها ابلتعليقات الساخرة‪ ،‬يقول أحدهم معلِّقاً على اهلاشتاغ‪« :‬ال أنت‬ ‫رئيسي وال ربينا ‪#‬سوا»‪ ،‬فيما كتبت «لولو الشام» تعليقاً تستهزئ فيه‬ ‫من عبارة «منحبك اي كبري» الشهرية (اليت رافقت جتديد البيعة لبشار‬ ‫األسد عام ‪ ،)2007‬تقول فيه‪#« :‬سوا منكبك اي صغري»‪.‬‬ ‫وأشارت الصحفية جفرا هباء إىل التفاعل الكبري الذي قوبلت به‬ ‫الفكرة من قبل النشطاء على األرض بقوهلا‪« :‬استقطبت الصفحة‬ ‫عدداً كبرياً من الناشطني امليدانيني‪ ،‬إضافة إىل‬ ‫بعض الصفحات الثورية‪ ،‬مثل صفحة الزبداين‪،‬‬ ‫ومركز داراي اإلعالمي»‪ .‬وأعربت يف املقابل عن‬ ‫استغراهبا «من جتاهل غالبية املثقفني للفكرة‪ ،‬أو‬ ‫التعامل معها بفوقية وعدم اكرتاث‪ ،‬وال حىت‬ ‫بنشر صورة واحدة من صورها على صفحاهتم‬ ‫الشخصية»‪.‬‬ ‫وانطالقاً من تركيز الناشطني والقائمني على إدارة‬ ‫محلة «سوا املضادة» على الصور‪ ،‬إلظهار جرائم‬ ‫النظام وكشفها أمام الرأي العام العاملي‪ ،‬نشر‬

‫أحد الناشطني صورة لطفل حزين جيلس على ركام بيته الذي دمرته‬ ‫براميل النظام‪ ،‬وعلق على الصورة قائالً‪#« :‬سوا ‪ ..‬شاركوا لزايدة اليتامى‬ ‫ابنتخاب األسد»‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من التفاعل الضئيل من قبل املثقفني والفنانني السوريني‪،‬‬ ‫مع هاشتاغ «سوا» املضادة لألسد‪ ،‬كما أشارت صاحبة الفكرة‪ ،‬إال أن‬ ‫بعضهم قاموا ابلتعليق على املنشورات ومشاركتها‪ ،‬الكاتب السوري جنم‬ ‫الدين السمان نشر تعليقاً ضمن احلملة املضادة يقول فيه‪#« :‬سوا ‪..‬‬ ‫لِنهب ما تبقى من بيوت السوريني»‪.‬‬ ‫ويبدو أن مسألة االنتخاابت يف سوراي قد راقت لرسامي الكريكاتور أكثر‬ ‫من غريهم‪ ،‬حيث وجدوا فيها مادة غنية بسخرية سوداء‪ ،‬تعكس حقيقة‬ ‫احلالة السورايلية املؤملة اليت تعيشها البالد‪ ،‬يف ظل قصف األسد للمدنيني‬ ‫(جملرد جترؤهم على رفع أصواهتم يف وجه استبداد دام‬ ‫ابلرباميل املتفجرة َّ‬ ‫نصف قرن) من جهة ‪ ،‬ودعوته السوريني للمشاركة يف «انتخاابت تعددية»‬ ‫حتكمها صناديق االقرتاع من جهة أخرى‪ .‬الرسام السوري «كامريان‬ ‫مشدين» نشر لوحة كاريكاتورية للتعبري عن‬ ‫احلالة الراهنة‪ ،‬تضمنت يداً إبصب ٍع مقطوع‬ ‫تبصم على ورقة انتخابية‪ ،‬وإىل جانب دواة‬ ‫احلرب أصابع كثرية مبتورة تنتظر دورها لتبصم‪.‬‬ ‫هذا ويتلقى القائمون على إدارة محلة «سوا»‬ ‫املضادة رسائل هتديد من قبل «الشبيحة»‪،‬‬ ‫تتخللها تعليقات حتمل كالماً بذيئاً‪ ،‬يقول‬ ‫عنها أحد النشطاء يف احلملة‪ :‬إهنا «تعرب عن‬ ‫سوية أخالق هذه العصابة اليت ادعت مؤخراً‬ ‫الدميقراطية والتعددية»‪.‬‬ ‫العدد (‪ )5‬أيار ‪9 2014‬‬


‫المرأة الكردية‪ ..‬خيارات الحرية والوعي المجتمعي‬

‫• خومشان قادو‬

‫اإلثين والثقايف‪ ،‬إلاّ أن التداخل احلضاري بني‬ ‫دحض ّ‬ ‫كل اآلراء واألفكار اليت كانت تُكال حبق املرأة‪،‬‬ ‫إ ّن ما متتلك ُه املرأة من مزااي وقدرات تَ ُ‬ ‫املكونني يف سوراي جعل منهما متقاربني يف‬ ‫املرأة اليت استطاعت القيام ابلثورة الزراعية وتدجني احليواانت‪ ،‬كذلك تعزي َز مفهوم االستقرار يف‬ ‫مسألة املشاكل والصعوابت اليت تعرتض طريق‬ ‫ذهنية اإلنسان‪ ،‬هذه املرأة ليست بعاجزة عن القيام مبا يرتتب عليها من مهام كعنص ٍر وعض ٍو‬ ‫تعرضت للكثري‬ ‫املرأة إىل ح ٍد كبري‪ ،‬املرأة الكردية ّ‬ ‫لكن النظام السلطوي‪/‬التسلّطي الذكوري سعى جاهداً إىل‬ ‫فاعل يف اجملتمع يف الوقت الراهن‪ّ ،‬‬ ‫من العنف‪ ،‬كذلك كانت تتصدر الئحة جرائم‬ ‫املتأصلة‪.‬‬ ‫السبل القضاء على ثقافة املرأة ّ‬ ‫إفراغ املرأة من ذاتيتها‪ ،‬كذا حاول بشىت ُ‬ ‫الشرف‪ ،‬ابإلضافة إىل حرماهنا من حق التعلّم‪،‬‬ ‫سن مبكر «زواج‬ ‫وإجبارها على الزواج يف ّ‬ ‫مع بداية انتشار الفكر العشائري الذي طغى ظل أنظمة مل تُفكر يوماً يف معاجلة مشكالت القاصرات»‪ .‬رمبا الوضع الكردي العام مل يفسح‬ ‫على شكل اجملتمع الشرق أوسطي‪ ،‬بدأ التمهيد املرأة‪ ،‬بل على العكس كانت تُسهم أكثر يف اجملال أمام الوقوف جبدية على هذه املواضيع‬ ‫لربوز الكثري من اجلوانب السلبية يف مستوى تكريس مفاهيم جمحفة حبق املرأة واجملتمع معاً‪ ،‬اإلشكالية‪ ،‬لكن مع بداية احلراك الثوري يف‬ ‫املفهوم والفكرة‪ ،‬الوعي اجملتمعي مل يكن قادراً لذلك بقيت جمتمعاتنا القابعة حتت سلطة سوراي بدأت تظهر مالمح جديدة يف حياة‬ ‫على إشراك املرأة يف مالمح اجملتمع العامة‪ ،‬األنظمة املنافقة‪ ،‬واليت زرعت النفاق يف نفوس املرأة السورية عموماً‪ ،‬والكردية خصوصاً‪ ،‬ففي‬ ‫فعمد إىل إقصاء املرأة وجتريدها من كامل قادة اجملتمع‪ ،‬عليلة وغري قادرة على إجياد حلول مدينة مثل قامشلو‪ ،‬كانت النساء من مجيع‬ ‫حقوقها‪ ،‬فاقتصرت مهامها على مالمح احلياة حلريتها وذاتيتها قبل حرية وذاتية املرأة‪.‬‬ ‫املكوانت‪ :‬كرد‪ ،‬عرب‪ ،‬سراين‪ ،‬آشور وأرمن‬ ‫األساسية كما يُرسم هلا‪ .‬على أ ّن غياب الطبقة‬ ‫مشاركات يف املظاهرت إىل جانب الرجال‪،‬‬ ‫الربجوازية يف اجملتمع الكردي والعريب على وجه‬ ‫رمبا يشاركن ابلشكل املطلوب (أعداد قليلة)‪،‬‬ ‫مل يكن وضع اجملتمع الكردي يف سوراي‬ ‫بعيداً ُّ‬ ‫اخلصوص‪ ،‬وانقطاع صريورة الوعي والفكر حتت‬ ‫إلاّ أ ّن إمكانية كسر املفاهيم القدمية وتنامي‬ ‫قط عن وضع اجملتمع العريب‪،‬‬ ‫سمى الدين منذ نشوئها حىت مرحلة احلداثة‪،‬‬ ‫رغم االختالف اإلثين والثقايف‪ ،‬إلاّ‬ ‫لديهن‪ ،‬حيث‬ ‫وعي الشخصية بدأت تتبلور‬ ‫ُم ّ‬ ‫ّ‬ ‫أصل للمالءمة بني املرأة ومفهومي السلعة‬ ‫عندهن أ ّن الشعور ابملسؤولية هو إحدى‬ ‫توضح‬ ‫ّ‬ ‫أن التداخل احلضاري بني املكونني يف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫جسدية‬ ‫الب‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫يف‬ ‫ووضعتها‬ ‫األوسع‪،‬‬ ‫بشكله‬ ‫وسائل بناء الشخصية‪ .‬املرأة يف املناطق الكردية‬ ‫سوراي جعل منهما متقاربني يف مسألة‬ ‫مفرغة من الفكر والوعي‪ ،‬حىت املرأة ذاهتا مل‬ ‫(اجلزيرة) كانت حباجة إىل أتكيد ذاتيتها‬ ‫املشاكل والصعوابت اليت تعرتض طريق‬ ‫ّ‬ ‫تعد قادرة على النأي بنفسها عما يُنسب إليها‬ ‫املبدعة والكادحة واملقاتلة أيضاً‪ ،‬مع العلم أنّه‬ ‫املرأة إىل ح ٍد كبري‪.‬‬ ‫من مفاهيم جديدة‪.‬‬ ‫مكوانت‬ ‫ال خيلو اتريخ جمتمع ّ‬ ‫أي مكون من ّ‬ ‫كن على قد ٍر‬ ‫رغم عدم رضاها عن الوضع الذي صارت إليه‪ ،‬مل يكن وضع اجملتمع الكردي يف سوراي بعيداً تلك املنطقة من أمساء نسوة َّ‬ ‫ُّ‬ ‫اجباهتن كأفراد يف جمتمع ُّ‬ ‫تعد‬ ‫إلاّ أهنا مل تستطع أن ّ‬ ‫حترك ساكناً‪ ،‬وخاص ًة يف قط عن وضع اجملتمع العريب‪ ،‬رغم االختالف من املسؤولية يف و ّ‬ ‫كل واحدة منهن النواة فيه‪ ،‬حىت أكثر من‬ ‫لكن أتجيج الصراع بني املعىن‬ ‫الرجال أنفسهم‪ّ ،‬‬ ‫واملفهوم كان حيبط كل حماوالت املرأة يف هذه‬ ‫املنطقة لتجاوز القيود املفروضة عليها من قبل‬ ‫جهات عديدة‪ ،‬كما أ ّن الرتكيز على الشكل‬ ‫دون املضمون (املنهج الشعارايت)‪،‬مل يفلح يف‬ ‫وضع حلول ملشكلة حرية املرأة‪ ،‬بسبب غياب‬ ‫اجلدية يف الطروحات‪ ،‬وكذلك قياس حرية وكنه‬ ‫املرأة ابملساواة مع الرجل‪ ،‬األمر الذي جعل‬ ‫من املرأة تنكفئ على ذاهتا وترضى مبا آل إليها‬ ‫حاهلا!‪.‬‬ ‫ما جيري اآلن على األرض من إشراك املرأة يف‬ ‫كل مفاصل احلياة‪ ،‬يؤكد مدى جديّة تناول‬ ‫‪ 10‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬


‫موضوع حرية املرأة (احلرية الواعية واملسؤولة)‪ .‬إ ّن بتأمني متطلباهتا ومتطلبات منزهلا أيضاً‪ .‬إ ّن‬ ‫العدد املتنامي ملنظمات ومجعيات ومؤسسات هذه املشاريع اليت استطاعت منظمة احتاد ستار‬ ‫أفسح اجملال أمام عثورها على‬ ‫ّ‬ ‫(منظمة فاعلة تعىن ابملرأة) أن تن ّفذها من خالل‬ ‫املرأة الكردية َ‬ ‫شخصيتها املسلوبة واملتبعثرة‬ ‫بشكل أسرع من فتح حمال لصناعة وبيع احللوايت‪ ،‬كذلك ورش‬ ‫ٍ‬ ‫املكوانت األخرى‪ ،‬عقود من الزمن لصناعة األلبسة واحلرف اليدوية‪ ،‬كانت مبثابة‬ ‫مثيالهتا يف ّ‬ ‫واملرأة الكردية هلا مكانتها الفاعلة يف احلركات تصحيح لنظرة املرأة إىل نفسها‪ ،‬ويف نفس‬ ‫والتنظيمات‪ ،‬سياسياً وثقافياً وحىت عسكرايً‪ ،‬الوقت نظرة اجملتمع إليها‪ ،‬يف هذه احملال والورش‬ ‫وليس ابألمر الطارئ ما حيصل اآلن من تغيري تعمل املرأة الكردية والعربية جنباً إىل جنب‪،‬‬ ‫يف بنية الوعي والفكر لدى الفرد واجملتمع معاً حيث إ ّن مفهوم العيب لدعوى ذهاب املرأة إىل‬ ‫يف اجملتمع الكردي‪ ،‬هذا التغيري مل يقتصر على العمل‪ ،‬وكذلك إىل التعليم أو ممارسة أي حق‬ ‫اجملتمع الكردي فقط بل طال ذهنية وبنية من حقوقها يف اجملتمع غاب كقيمة كان حيتذى‬ ‫الوعي لدى املكوانت األخرى أيضاً‪ ،‬لقد هبا يف اجملتمع الذي كان ُّ‬ ‫يعد تلك املواضيع‬ ‫احملرمات والتابوهات‪ ،‬ويصف كل‬ ‫مت إشراك املرأة العربية‪ ،‬وكذلك السراينية إىل ضمن دائرة ّ‬ ‫جانب املرأة الكردية يف احلياة السياسية‪ ،‬ومثة امرأة تقوم بتلك احلقوق مبسميات وأوصاف‬ ‫منهن‪ ،‬وأيضاً احلياة الثقافية بعيدة عن أخالق الفكر والوعي‪.‬‬ ‫من محلَت السالح ّ‬ ‫جسد إ ّن مشاهدة املرأة وهي تعمل‪ ،‬تع ّزز مكانة املرأة‬ ‫والفنية مل تُغيّب أبداً‪ّ .‬‬ ‫لكن األمر الذي ّ‬ ‫قدرة املرأة على اإلبداع وإجياد ما يؤكد كينونتها املبدعة القادرة على بناء اجملتمع‪ ،‬كذلك تُبعدها‬ ‫بتحرر الذهنية الرجولية‬ ‫بعيداً عن السياسة والعسكرة هو أتمني مشاريع عن اإلشكالية املرتبطة ّ‬ ‫صغرية للمرأة‪ ،‬تعمل فيها‪ ،‬وتقوم من خالهلا من جرائم الشرف‪،‬كما تُبعدها عن اجلو امللحمي‬

‫احلب‪ .‬عن طريق هذه الثقافة‬ ‫املرتبط بقصص ّ‬ ‫ستلعب املرأة دوراً رائداً وابرزاً يف تغيري املفاهيم‬ ‫ُ‬ ‫اإلشكالية يف اجملتمع عموماً‪ ،‬ألهنا تُدرك متاماً‬ ‫مدى ضرورة إصالح اإلنسان واجملتمع‪ ،‬كذلك‬ ‫تعي متاماً ضرورة اإلطار اجلمايل العام املتناسق‬ ‫مع اإلطار اجلمايل اخلاص‪ ،‬بعيداً عن الفكر‬ ‫اإليديولوجي والسياسي‪.‬‬ ‫املرأة الكردية ومن خالل ما تقوم به اآلن‪،‬‬ ‫تُثبت يوماً بعد يوم أهنا مل تعد تلك األنثى اليت‬ ‫جتلب العار لعائلتها‪ ،‬بل إنهّ ا غدت قادرة على‬ ‫ممارسة ما يقوم به الرجال وأكثر‪ ،‬فهي تسعى‬ ‫كامرأة كردية إىل أتصيل هذه الثقافة يف اجملتمع‬ ‫عموماً حىت تكون النواة الفكرية واملعرفية لسوراي‬ ‫اجلديدة‪.‬‬ ‫إ ّن حالة الدمار اليت طالت ّ‬ ‫كل شيء‪ ،‬وعلى‬ ‫الرغم من جرحها لذاكرتنا لعقود قادمة‪،‬‬ ‫أسهمت يف تدمري حالة الركود يف نظرتنا إىل‬ ‫تقسيم اجملتمع إىل امرأة قاصر ورجل مدافع‪،‬‬ ‫مثة شيء ما يُبىن ليس بدرجة وعي كاملة‪ ،‬وإمنا‬ ‫إبحساس به بدرجة عالية‪ ،‬اجلميع يحُ س ُ‬ ‫ويدرك‬ ‫ٍ‬ ‫ما تؤول إليه حركة التدمري‪ ،‬وما يرافقها من‬ ‫لكن ما يكتب هو رص ٌد بطريقة ما هلذه‬ ‫بناء‪ّ ،‬‬ ‫الدينامية ختيب يف توثيقها أو تصيب‪.‬‬ ‫إ ّن رصد حركة حرية املرأة ومآالهتا من لدن‬ ‫الرجل‪ ،‬وبدون أن يظهر على شكل وصاايت‪،‬‬ ‫هلو من إحدى هذه النتاجات اليت ترفد حركة‬ ‫البناء اليت تتوازى مع حركة الدمار‪.‬‬

‫العدد (‪ )5‬أيار ‪11 2014‬‬


‫وطي صوتك «ســـــوريا تنتحب»‬ ‫• فريق حترير سيدة سوراي‬ ‫املتفجرة‪ ،‬أبسلحة بسيطة أحياانً‪ ،‬وبصدور‬ ‫يواجه السوريون طريان النظام وبراميله وحاوايته ِّ‬ ‫عارية وأجساد منهكة أحياانً أخرى‪ .‬لكن‪ ،‬مثَّة حرب أخرى‪ ،‬أكثر ضراوة وبعداً عن األخالق‬ ‫من تلك اليت يشنها النظام على السوريني‪ ،‬حرب قوامها النفاق وادعاء الدميقراطية‪ ،‬بتنظيمه‬ ‫انتخاابت رائسية يف سوراي‪ ،‬يف ِّ‬ ‫ظل كل هذا اإلرهاب والقتل الذي ميارسه نظام األسد‪.‬‬ ‫وحي����������اول السوريون أالّ يقفوا مكتويف األيدي حيال ه����������ذه «الربوابغندا» الساذجة‪ ،‬اليت لن‬ ‫تنطلي إال على من فقد بصره وبصريته‪ ،‬وأىب إال أن ميضي يف دروب العبودية مغلق العينني‪،‬‬ ‫منسلخاً عن الواقع‪ ،‬أو توافق معها متحوالً إىل شاهد زور‪.‬‬ ‫بني احلملتني‪ ،‬نقطة واحدة‪ ،‬ومئات آالف اجلثث‬ ‫من بني احلم�����ل����ات الدعائية اليت طرحتها اآللة‬ ‫الدعائي����������ة لبش����������ار األسد‪ ،‬محلة حت����������ت عنوان‬ ‫«سوراي تنتخب»‪ ،‬اعتم����������د فيها على «وجوه‬ ‫لطائفني يف الفن والسياسة أنتجتهم األزمة يف‬ ‫البالد‪ ،‬لتلميع صورة بشار األسد وقد غاصت‬ ‫يداه عميقاً يف دماء السوريني» حبسب وصف‬ ‫أحد املعلقني على مقطع فيديو للفنان السوري مصطفى اخلاين‪ ،‬حيض من خالله السوريني‬ ‫على التوجه إىل صناديق االقرتاع «الختيار من سيقود سوراي إىل غد أفضل» حبسب الفيديو‬ ‫الذي حتدث فيه اخلاين‪ ،‬وبُ َّث على موقع اليوتيوب وقناة «مسا» التابعة للنظام السوري‪.‬‬ ‫حيث شارك يف محلة بشار األسد‪« :‬سوراي تنتخب» عدد من الفنانني واملمثلني من بينهم‪،‬‬ ‫سلمى املصري‪ ،‬شادي أسود ودريد حلام‪ ،‬من خالل مقاطع فيديو وأخرى صوتية بثت على‬ ‫قنوات النظام‪ ،‬لدفع السوريني للمشاركة يف املهزلة الدميقراطية‪ ،‬حسب وصف الكثريين‪.‬‬ ‫يف املقاب����������ل أطلق نشطاء سوريون محل ًة مضادة حلملة النظ����������ام «سوراي تنتخب»‪ ،‬قالوا إهنا‬ ‫«لفض����������ح جرائم النظام وهزلية ما يدعي أهنا انتخ����������اابت دميقراطية»‪ .‬وأطلق النشطاء على‬ ‫محلتهم اسم «س����������وراي تنتحب»‪ ،‬يف إشارة إىل كم البكاء والعويل الذي رافق قتل السوريني‬ ‫منذ أكثر من ثالث سنوات‪.‬‬ ‫أح����������د النشطاء املشاركني يف احلملة‪ ،‬اليت نظمه����������ا سوريون يف تركيا وريف حلب على وجه‬ ‫اخلصوص‪ ،‬حتدث ع����������ن ماهية وأسباب احلملة قائالً‪« :‬أي مهزلة هذه اليت يتحدثون عنها‬ ‫بعد ‪ 7‬ماليني مهجر يف الداخل اخلارج؟! أي انتخاب بعد عشرات آالف الشهداء ومئات‬ ‫آالف املعتقلني؟ سوراي ال تنتخب بل تنتحب‪ ،‬لذلك (وطي صوتك) مقاطعاً االنتخاابت‪،‬‬ ‫ليعلو صراخ املعتقلني وصوت الشهداء واحلرية‪.‬‬ ‫وتعتمد احلملة اليت اختذت هلا صفحات على مواقع التواصل االجتماعي «فيسبوك وتويرت»‬ ‫واستقطبت على الفور آالف املشاركات واملتابعني‪ ،‬على‬ ‫نش����������ر فيديوهات وصور جتسد مع����������اانة السوريني‪ ،‬وترِّكز‬ ‫على «كم اخلديع����������ة يف مسرحية االنتخاابت‪ ،‬اليت يصر‬ ‫من خالهلا النظام على مترير نفاقه»‪.‬‬ ‫جدير ابلذكر أن حترك����������اً شبابياً شهدته األحياء اخلاضعة‬ ‫لسيطرة النظام داخل مدينة حلب‪« ،‬لتوعية الناس هناك‬ ‫وتشجيعه����������م على مقاطعة االنتخاابت»‪ .‬حبس����������ب الناشط أمري احلليب‪ ،‬الذي أضاف «أن‬ ‫النظ����������ام روَّج حلديث عن مهامجة جتمع����������ات املدنيني ابلقرب من مراكز االقرتاع‪ ،‬وهذا األمر‬ ‫ع����������ا ٍر عن الصحة‪ ،‬فال ميكن لكتائ����������ب الثوار االعتداء على املدني�����ي����ن الذين هم حماصرين‬ ‫بدورهم وما خرج الثوار إالّ لتحريرهم ومحايتهم»‪ ،‬خيتم أمري‪.‬‬ ‫‪ 12‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬

‫أنتج����������ت جمموع����������ة‬ ‫«ضايع����������ة الطاس����������ة»‬ ‫الفيل����������م القص�����ي����ر «سوا‬ ‫للموت»‪ ،‬الذي حيكي‬ ‫قصة أمح����������د اإلبراهيم‪،‬‬ ‫واحد من ب�����ي����ن مئات‬ ‫آالف املدنيني السوريني‬ ‫الذي����������ن طالتهم وحشية نظام األسد ومهجيته داخل األراضي‬ ‫السورية‪ .‬الفيلم فكرة وإخراج معن وطفة‪ ،‬ومن إنتاج جمموعة‬ ‫ضايعة الطاسة‪ .‬بطل الفيلم هو أمحد اإلبراهيم الذي تعرض‬ ‫منزله يف حي الشعار مبدين����������ة حلب لقصف عنيف مصدره‬ ‫ق����������وات النظام وذلك قبل حوايل عش����������رة أشهر‪ ،‬ما أدى إىل‬ ‫تدم�����ي����ره وإصابته هو‪ .‬مل ميت أمحد‪ ،‬بل مات جزء منه‪ ،‬لكنه‬ ‫بعد إصابته ابت يتمىن املوت ألف مرة كونه أصبح عاجزاً ال‬ ‫ح����������ول له وال قوة وهو يف مقتبل عمره‪ .‬حاول معن وطفة يف‬ ‫هذا الفيلم تسليط الضوء على احلالة اإلنسانية والنفسية اليت‬ ‫يعيشها إبراهيم والعديد من مص����������ايب احلرب‪ ،‬سواء املدنيني‬ ‫منهم أم العسكريني يف ظل تضافر الرعاية الصحية والتأهيل‬ ‫النفسي من قب����������ل املنظمات اإلنسانية‪ ،‬ولف����������ت انتباه تلك‬ ‫املنظم����������ات لضرورة إعادة أتهيل هؤالء املصابني ومساعدهتم‬ ‫يف الع����������ودة ملمارسة حياهتم الطبيعية‪ .‬كما حاول معن الرتكيز‬ ‫على االستمرار يف الوقوف ضد شرعية بشار األسد واستمراره‬ ‫يف احلك����������م بسبب ما يرتكبه من جرائم وحشية وجمازر دموية‬ ‫تفوق حدود االنسانية‪ ،‬وأن االنتخاابت الومهية اليت يقودها‬ ‫حتت مسمى «سوا» ال تعين إال «سوا ملزيد من القتل والدم‬ ‫مل����������ن ال يؤيد األسد»‪ .‬يف هناي����������ة الفيلم أراد أمحد أن يوصل‬ ‫رسال����������ة للعامل الذي م����������ا زال صامتاً متفرج����������اً (أن استيقظوا‬ ‫وأيقظوا ضمائركم‪ ،‬فنحن ما نزال هنا‪ ...‬صامدين)‪.‬‬ ‫الفيلم كما ذكران من بطولة أمحد اإلبراهيم‪ ،‬الفكرة واإلخراج‬ ‫ملعن وطفة‪ ،‬حممد‬ ‫قطان كان مساعد‬ ‫املخرج‪ ،‬والتصوير‬ ‫ليوس����������ف حل����������ي‬ ‫وحممود حبو‪.‬‬


‫داعيات دمشق وريفها يروجن لبشار األسد من قلب‬ ‫المسجد األموي‬ ‫بثت قناة «اإلخبارية السورية» يف ‪ 25‬أاير ‪2014‬‬ ‫لقاء ملن مسوهن «داعيات دمشق وريفها» عقد‬ ‫يف املسجد األموي مبناسبة اقرتاب «االستحقاق‬ ‫الرائسي»‪ ،‬مجع ما يقارب ‪ 4000‬داعية وفق ما‬ ‫أوردت صحيفة البعث‪.‬‬ ‫واكتفت وسائل إعالم النظام بتسمية السيدات‬ ‫اجملتمعات «داعيات دمشق وريفها»‪ ،‬فيما‬ ‫أشارت صفحة (حرائر الثورة املنشقات عن‬ ‫تنظيم القبيسيات) أن اجملتمعات هن من تنظيم‬ ‫القبيسيات‪ ،‬ونشرت الصفحة رابط الفيديو اخلاص‬ ‫ابالجتماع حتت عنوان‪« :‬ألجل هذا الضالل وهذا‬ ‫النفاق كان انشقاقنا»‪.‬‬ ‫وجاء يف املنشور‪« :‬صفات ليست وليدة الساعة‪،‬‬ ‫بل مبنية على منظومة فكرية وسلوكية وصلت هبن‬ ‫إىل هنا‪ ،‬نسأل هللا أن حتشرن مع بشار وحافظ‬ ‫وأن جيعل كل قطرة دم سفكت يف سوراي من‬ ‫شهيد أو فتاة مغتصبة يف أعناقكن»‪.‬‬ ‫وعودة إىل ما بثته قناة اإلخبارية السورية‪ ،‬بدأت‬ ‫«الداعية نداء حرم أغاسي» اللقاء بكلمة حثت‬ ‫فيها اجملتمعات على االنتخاب قائلة‪« :‬الصوت‬ ‫هبذه املناسبة العظيمة يعين الوطن‪ ،‬يعين حب‬ ‫الوطن ألنه سالح وضاء يف مرحلة وطنية‬ ‫حامسة»‪ ،‬وأشارت يف معرض حث السيدات‬ ‫على االنتخاب‪ ،‬إىل حديث الرسول عليه الصالة‬ ‫والسالم‪( ،‬كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته)‪ ،‬مث‬ ‫اتبعت فأسهبت يف ذكر فضائل «بشار األسد»‬ ‫بقوهلا‪« :‬ال ننسى عطاءات الوطن وعطاءات قائد‬ ‫الوطن السيد الدكتور بشار حافظ الألسد حفظه‬ ‫هللا ورعاه‪ ،‬حيث كرمت املرأة السورية بشكل عام‬ ‫والداعيات بشكل خاص»‪.‬‬ ‫«الداعية سوسن فالحة» قالت بدورها‪«:‬عندما‬ ‫نتساءل ملاذا يستهدفون دمشق اليوم نتذكر الربيع‬ ‫احلقيقي الذي كانت تعيشه سوراي قبل بدء هذه‬ ‫األزمة وما زالت‪ ،‬حيث مساجد سوراي مألى‬ ‫مبجالس العلم والذكر والقرآن‪،...،‬من أجل‬ ‫ذلك ختوض سوراي املعركة اليوم دفاعاً عن قيم‬ ‫األمة»‪ ،‬وختمت حديثها ابلتأكيد على انتخاب‬ ‫األسد بقوهلا‪»:‬عندما أييت االستحقاق يف مثل‬

‫• فريق حترير سيدة سوراي‬

‫هذا الظروف جند أنفسنا مجيعاً مدعوين إىل كلمة‬ ‫صدق مع هللا أوالً‪ ،‬ومع الوطن اثنياً‪ ،‬ومع قائد‬ ‫هذا الوطن السيد الدكتور بشار حافظ األسد‪،‬‬ ‫الذي قاد املركب يف هذه العاصفة اهلوجاء وقدم‬ ‫هذا الفكر احلضاري االستثنائي‪ ،‬وهذا ابمسي‬ ‫وابسم أخوايت الداعيات مجيعاً يف القطر العريب‬ ‫السوري»‪.‬‬ ‫ويف كلمة «للداعية خدجية احلموي» أسبغت فيها‬ ‫صفات القداسة والشرعية على استفتاء األسد‬ ‫بقوهلا‪« :‬وحنن اليوم كداعيات نعلنها من منرب‬ ‫جامع بين أمية الكبري‪ ،‬ابسم هللا جتديد بيعة الوالء‬ ‫والوفاء لسيادة رئيس اجلمهورية بشار األسد‪،‬‬ ‫نقول له نعم كلنا معك» ‪ ،‬وأضافت‪« :‬من خالل‬ ‫جتربة الشعب مع القائد خالل مسريته‪،.... ،‬‬ ‫أصبح اليوم االستفتاء وجتديد العهد حاجة وطنية‬ ‫وضرورة شرعية يف ظل الظروف الراهنة»‪ ،‬لتختم‬ ‫ابلقول‪« :‬نقول نعم ملن سيعيد لسوراي أمنها وأماهنا‬ ‫إبذن هللا»‪.‬‬ ‫ختام اللقاء كان مع «الداعية األستاذة خلود خادم‬ ‫سروجي» كما مت تقدميها‪ ،‬اليت قالت‪« :‬حان‬ ‫الوقت اي سيادة الرئيس مع أمهات وداعيات أن‬ ‫نربهن لك اي من أعطيت شعبك حبك وحياتك‬ ‫وعمرك‪ ،‬لنبادلك اآلن مع االستحقاق الرائسي‬ ‫احلب ابحلب والوفاء ابلوفاء»‪ ،‬وختمت االجتماع‬ ‫«الهجة ابلدعاء» حسب صحيفة تشرين‪ ،‬سائلة‬ ‫هللا أن « حيفظ الشام والقائم على أمر الشام»‪.‬‬ ‫اجلدير ذكره أن اللقاء الذي نقلته اإلخبارية السورية‬ ‫أظهر وألول مرة مئات النساء جيلسن على كراسي‬ ‫داخل قاعة الصالة الرئيسية يف جامع بين أمية‪،‬‬ ‫يف سابقة تعترب استخفافاً بقداسة وخصوصية‬

‫املسجد‪ ،‬حسب انشطني‪ ،‬علماً أن حافظ األسد‬ ‫يف املرات اليت ظهر فيها هناك ضمن طقوس صالة‬ ‫العيد‪ ،‬كان جيلس على األرض‪ ،‬وتتضح خصوصية‬ ‫احلالة إذا ربط ما حدث‪ ،‬أبن سوق احلميدية‬ ‫الواقع على بعد أمتار قليلة من املسجد يشهد‬ ‫بشكل شبه يومي «لطميات» وحضوراً ملسريات‬ ‫يقيمها مئات الشيعة يف طقوس التكفري عن‬ ‫خذالهنم «للحسني بن علي يف كربالء»‪ ،‬حسب‬ ‫اعتقادهم‪ ،‬يرددون أغانيهم اليت تندد ابألمويني‪ ،‬بل‬ ‫يتوعدون عاصمتهم دمشق ابلذل واهلوان‪ ،‬يضاف‬ ‫إىل ذلك صور «علي خامنئي» و«حسن نصر‬ ‫هللا» اليت ابتت متأل شوارع وساحات دمشق‪.‬‬ ‫يرى الصحفي «حممد ‪.‬م» من دمشق «أن‬ ‫هذه االنتخاابت ليست سوى مهزلة غري قابلة‬ ‫للتصديق‪ ،‬وأن ما حيدث هو شكل من أشكال‬ ‫إمعان النظام يف عرض قوته‪ ،‬والتباهي أبنه ما زال‬ ‫حيكم هذه البلد ابلقوة‪ ،‬وأن إرادته ما زالت انفذة‪،‬‬ ‫وأنه ما زال قادراً على طمس كل معامل اجلرائم اليت‬ ‫ارتكبها‪ ،‬وهذه إحدى الرسائل اليت يريد إيصاهلا‬ ‫ملؤيديه‪ ،‬أبن هؤالء الداعيات «السنيات» هن من‬ ‫ميثلن السنة فال تقلقوا‪ ،‬كل الذين نقتلهم ليسوا‬ ‫سوى أصوات مغمورة نستطيع تغطيتها‪ ،‬كما فعلنا‬ ‫يف ‪ 1982‬وغريها»‪.‬‬ ‫ويضيف‪« :‬دمشق تعيش يف التاريخ وال تعيش‬ ‫واقع اللحظة اليوم‪ ،‬دمشق اليوم تدفع تصفيات‬ ‫حساابت قدمية لطائفيني مثل بشار األسد وحسن‬ ‫نصر هللا ونظام املاليل اإليراين‪ ،‬وختضع الحتالل‬ ‫ميليشيات األسد وحلفائه الذين حيكموهنا اليوم‬ ‫ابلقوة‪ ،‬كل ذلك حيدث وسط ترويج تقوم به‬ ‫شخصيات كداعيات دمشق وريفها‪ ،‬يعتلني‬ ‫منابر الدم واألشالء‪ ،‬يهزجن للقائد «الرمز!»‬ ‫على وقع الرباميل ورائحة السالح الكيماوي»‪.‬‬ ‫العدد (‪ )5‬أيار ‪13 2014‬‬


‫تـمكين المـرأة‬ ‫التمك�����ي����ن ه����������و الرتمج����������ة العربي����������ة ملصطل����������ح‬ ‫‪ ، Empowerment‬وال����������ذي يع�����ن����ي امتالك‬ ‫الفرد للق����������وة ‪ ،Power‬ليصبح عنص����������راً مشاركاً‬ ‫بفعالي����������ة يف خمتلف جوان����������ب احلي����������اة السياسية‪،‬‬ ‫االقتصادية‪ ،‬االجتماعي����������ة والثقافية‪ ،‬مبعىن امتالكه‬ ‫الق����������وة والقدرة عل����������ى إحداث تغي�����ي����ر يف اآلخر‪،‬‬ ‫ال����������ذي قد يكون فرداً أو مجاعة أو جمتمعاً بكامله‪.‬‬ ‫ويتطلب ذلك تنمية الذات املشاركة وتطوير قدراهتا‬ ‫وفعاليتها ووجودها‪ ،‬وابلتايل يرتبط مفهوم التمكني‬ ‫ارتباطاً وثيقاً مبفهوم حتقي����������ق الذات أو حضورها‪،‬‬ ‫وتعزيز قدراهت����������ا يف املشاركة واالختيار احلر‪ ،‬أو ما‬ ‫خيتصره مفهوم تعزيز القدرات (التقرير الوطين الثاين‬ ‫للتنمية البشرية ‪.)2005‬‬ ‫ووفقاً لتعريف صندوق األمم املتحدة اإلمنائي‬ ‫للمرأة (اليونيفيم)‪ ،‬يعين التمكني «العمل اجلماعي‬ ‫يف اجلماعات املقهورة أو املضطهدة لتخطي أو‬ ‫مواجهة أو التغلب على العقبات وأوجه التمايز‬ ‫اليت تسبب تردي أوضاعهم أو تسلبهم حقوقهم»‪،‬‬ ‫على حني تذهب اللجنة االقتصادية واالجتماعية‬ ‫لغريب آسيا (إسكوا) إىل أن التمكني هو «تلك‬ ‫العملية اليت تصبح املرأة من خالهلا‪ ،‬فردايً ومجاعياً‪،‬‬ ‫واعية ابلطريقة اليت تؤثر من خالهلا عالقات القوة‬ ‫يف حياهتا‪ ،‬فتكتسب الثقة ابلنفس والقدرة على‬ ‫التصدي لعدم املساواة بينها وبني الرجل»‪.‬‬ ‫التمكني يتطلب القوة اليت ميكنها أن تفرض‬ ‫التغيري‪ ،‬ويصبح ذلك متعذراً يف حال كانت القوة‬ ‫متوارثة بني عدد من األفراد أو املواقع‪ ،‬يف حني‬ ‫يغدو التمكني متاحاً جلميع البشر يف حال كانت‬ ‫القوة قابلة للتمدد وليست حمدودة بطبيعتها‪ ،‬ومن‬ ‫هنا ينبغي أن نعرض ملاهية القوة وبعض تعريفاهتا‪،‬‬ ‫ونتطرق كذلك ملفهوم الضعف ابعتباره مقاب ً‬ ‫ال‬ ‫للقوة‪.‬‬ ‫هناك عدد كبري من التعريفات ملفهوم القوة تتفاوت‬ ‫فيما بينها‪ ،‬فهناك التعريف التقليدي الذي يشري‬ ‫إىل أهنا تعين السيطرة على املوارد املادية واألصول‬ ‫املالية والفكرية واأليديولوجية وما إىل ذلك‪ ،‬وهناك‬ ‫تعريف ماكس فيرب الذي يرى أهنا «قدرتنا على‬ ‫جعل اآلخرين يفعلون ما نريد بغض النظر عن‬ ‫اهتماماهتم أو رغباهتم»‪ ،‬وقريب من هذا تعريف‬ ‫كارلسربج للقوة ابعتبارها «القدرة على التنفيذ»‪،‬‬ ‫‪ 14‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬

‫• ميّة الرحيب‬ ‫أما جني بيكر ميللر فتذهب إىل وجهة مغايرة حني‬ ‫تعرفها أبهنا «القدرة على التحرك صوب التغيري أو‬ ‫إنتاجه»‪.‬‬ ‫ويستشف من وراء هذه التعريفات أن مفهوم القوة‬ ‫مل يكن مفهوماً إجيابياً أو حىت حيادي الداللة‪ ،‬بل‬ ‫مفهوماً حمم ً‬ ‫ال ابلدالالت السلبية املؤسسة على‬ ‫الصراع من أجل االستيالء على املوارد واحملاوالت‬ ‫القسرية إلحداث التغيري دون توضيح لكيفيته‬ ‫أو حتديد وسائله وأدواته‪ ،‬وتكاد األدبيات اليت‬ ‫تناولت القوة جتمع على أهنا تؤسس على ثالثة‬ ‫مفاهيم أو معا ٍن أساسية‪ ،‬هي‪ :‬التحكم‪ ،‬واهليمنة‪،‬‬ ‫والتأثري‪ ،‬ويضيف البعض إليها السلطة‪ .‬وهذه‬ ‫املعاين مستبطنة بدورها ضمن مفهوم التقوية أو‬ ‫التمكني ابعتبار القوة املفردة األساسية يف املفهوم‪.‬‬ ‫كما ترفض هذه األدبيات النظر إىل القوة بوصفها‬ ‫بنية اثبتة يسهل االستحواذ عليها‪ ،‬وإمنا ينظر إليها‬ ‫(وفق التعريفات املوسعة واملرنة) بوصفها خمرجاً‬ ‫لعملية التفاعل بني البشر بعضهم البعض وبينهم‬ ‫وبني األشياء‪ ،‬وهبذا املعىن تكون عملية متغرية يف‬ ‫حد ذاهتا ومبقدورها إحداث التغري يف حياة األفراد‬ ‫واجملتمعات‪.‬‬ ‫ويف مقابل القوة هناك الضعف الذي يتمثل بصورة‬ ‫أساسية يف عدم القدرة على اختاذ األفراد أفعاالً من‬ ‫شأهنا إحداث التغيري يف حياهتم‪ ،‬وهذا الضعف‬

‫يبدو على املستويني الفردي واجملتمعي‪ ،‬ومتيز بعض‬ ‫الدراسات بني نوعني من أنواع الضعف‪ :‬الضعف‬ ‫احلقيقي الذي هو حمصلة عدم كفاية املوارد‬ ‫االقتصادية وسوء توزيعها‪ ،‬والضعف املتوهم أو‬ ‫ما يطلق عليه «فائض الضعف» ويعين االعتقاد‬ ‫بعدم إمكانية حدوث التغيري‪ ،‬وهو ما ينتج عنه‬ ‫الفتور وعدم رغبة اإلنسان (فرداًكان أم مجاعة) يف‬ ‫أن يناضل من أجل السيطرة على املوارد (مفهوم‬ ‫التمكني وجماالته التداولية‪ :‬فاطمة حافظ)‪.‬‬ ‫تعريف التمكني‪:‬‬ ‫هناك عدد من احملددات اليت أسهمت يف بلورة‬ ‫مفهوم التمكني وحتديد معانيه ودالالته‪ ،‬ويف‬ ‫مقدمتها عالقته مبفهوم القوة كما أسلفنا‪ ،‬واثنيها‬ ‫ارتباطه مبسألة «التحكم الشخصي» أي قدرة‬ ‫اإلنسان على أن يتحكم يف مسار حياته تغيرياً أو‬ ‫تعديالً‪ ،‬واثلثها النظر إىل التمكني بوصفه عملية‬ ‫ذات أبعاد وجتليات خمتلفة‪ ،‬فهي‪:‬‬ ‫ عملية اجتماعية متعددة األبعاد‪ :‬تتم على‬‫األصعدة السياسية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬واالجتماعية‬


‫وتتنقل بينها مجيعاً دون أن تقتصر على صعيد‬ ‫بعينه‪ ،‬ومن جهة أخرى هي عملية جتمع بني‬ ‫املستويني الفردي واجملتمعي‪ ،‬وذلك حني تفرتض‬ ‫أن متكني الفرد يؤدي يف هناية املطاف إىل متكني‬ ‫اجملتمع‪.‬‬ ‫ عملية تغيريية‪ :‬تستهدف حصول األفراد على‬‫القوة‪ ،‬وتفرتض أن هذا يتم من خالل اكتساب‬ ‫املعلومات اخلاصة هبم وابلبيئة اليت يعيشون‬ ‫فيها‪ ،‬ومن خالل التطلع حنو العمل مع األفراد‬ ‫واملؤسسات من أجل إحداث التغيري املطلوب يف‬ ‫اجملتمع‪.‬‬ ‫ عملية تفاعلية‪ :‬هي نتاج التفاعل بني خربات‬‫األفراد بعضهم البعض واليت ينتج عنها التغري‬ ‫االجتماعي وغايتها أن يتمكن األفراد من العمل‬ ‫إلحداث التغيري من خالل املؤسسات ذات التأثري‬ ‫يف حياهتم وجمتمعاهتم‪.‬‬ ‫ عملية تنموية‪ :‬تبتغي زايدة وعي األفراد‬‫بقدراهتم‪ ،‬وحتثهم على تطويرها ليصبحوا مؤهلني‬ ‫للحاق بعملية التنمية‪( ،‬مفهوم التمكني وجماالته‬ ‫التداولية‪ :‬فاطمة حافظ)‪.‬‬ ‫وقد بدأ هذا املصطلح أيخذ مكاانً ابرزاً له يف بداية‬ ‫التسعينات‪ ،‬وبدأت تتوضح معامله يف توصيات‬ ‫مؤمتر التنمية والسكان الذي عقد يف القاهرة‬ ‫‪ ،1994‬وفيما بعد يف مؤمتر املرأة يف بيجنغ‬ ‫عام ‪ ،1995‬الذي ركز على عدة نقاط تتعلق‬ ‫بتمكني املرأة‪:‬‬ ‫‪ .1‬الفقر الذي يلقي أبعبائه على املرأة‪ ،‬ومعروف‬ ‫مدى انتشاره بني النساء الذي عربت عنه املقولة‬ ‫الشهرية «الفقر امرأة»‪ ،‬فالفتيات الفقريات ممن‬ ‫يعشن يف مناطق انئية أو ينتمني ألقليات ليس‬ ‫بوسعهن حىت اآلن االنتظام يف املدارس ابلسهولة‬ ‫اليت يتمتع هبا الفتيان‪ .‬والنساء أكثر احتماالً من‬ ‫الرجال ألن يعملن يف مهن أقل أجراً‪ ،‬وأن يزرعن‬ ‫مساحات أصغر من األرض ويدرن شركات أصغر‬ ‫يف قطاعات أقل رحبية‪.‬‬ ‫‪ .2‬عدم املساواة بني املرأة والرجل يف التواجد يف‬ ‫مواقع السلطة ومراكز صنع القرار‪.‬‬ ‫‪.3‬عدم املساواة يف املشاركة السياسية واالقتصادية‪،‬‬ ‫وعملية اإلنتاج واالستفادة من املوارد‪.‬‬ ‫وسواء عملت النساء يف الزراعة أو امتلكن مشاريع‬ ‫حرة‪ ،‬فإهنن يكسنب دخ ً‬ ‫ال أقل من الرجال‪)%20( :‬‬ ‫أقل (من الرجال) يف املكسيك ومصر‪ ،‬و(‪)%40‬‬ ‫أقل يف جورجيا وأملانيا واهلند‪ ،‬و(‪ )%66‬أقل يف‬

‫إثيوبيا‪ .‬وتظل النساء‪ ،‬والسيما الفقريات منهن‪،‬‬ ‫أضعف صواتً يف اختاذ القرار وأقل سيطرة على‬ ‫موارد األسرة من الرجال‪ .‬واملرأة أقل من الرجل‬ ‫على حنو ملموس يف التأثري والتمثيل يف اجملتمع‬ ‫ونشاط األعمال والسياسة‪ ،‬مع فارق ضئيل بني‬ ‫البلدان الفقرية والغنية‪.‬‬ ‫‪ .4‬عدم املساواة يف االستفادة من اخلدمات‬ ‫الصحية‪ ،‬وخاصة الصحة اإلجنابية‪ ،‬ومع ذلك‪،‬‬ ‫فإن «فقدان» أربعة ماليني فتاة وامرأة كل عام يف‬ ‫البلدان النامية مقارنة بنظرياهتن يف البلدان املتقدمة‬ ‫هو حدث مير دون أن يلحظه أحد‪ .‬وال يُكتب‬ ‫لنحو مُخ َسي هذا العدد أن يرين نور احلياة‪ ،‬وميوت‬ ‫السدس يف مرحلة الطفولة املبكرة‪ ،‬يف حني ميوت‬ ‫ُ‬ ‫أكثر من الثلث يف سن اإلجناب‪.‬‬ ‫‪ .5‬عدم توفر اآلليات الفعالة الالزمة للنهوض‬ ‫بوضع النساء‪.‬‬ ‫مؤشرات التمكني‪:‬‬ ‫هناك ثالثة مؤشرات أساسية على التمكني‪:‬‬ ‫‪ .1‬التمكني السياسي‪ ،‬ويقاس بـ‪:‬‬ ‫ نسبة النساء يف اجملالس النيابية‪.‬‬‫ نسبة النساء يف اجملالس احمللية‪.‬‬‫ نسب����������ة النس����������اء املشارك����������ات يف التصوي����������ت‬‫واالنتخاابت‪.‬‬ ‫‪ .2‬التمكني االقتصادي‪ ،‬ويقاس بـ‪:‬‬ ‫ نسبة معدالت توظيف النساء‪.‬‬‫ نسبة تواجد النساء يف مواقع صنع القرارات‬‫االقتصادية‪.‬‬ ‫ نسبة امللكية‪.‬‬‫ نسبة املصروفات على الصحة والتعليم ونسبة‬‫النساء املستفيدات منها‪.‬‬ ‫ الفروق يف املرتبات واألجور بني النساء‬‫والرجال‪.‬‬ ‫‪ -‬نسبة مشاركة أفراد األسرة يف األعمال املنزلية‪.‬‬

‫ الفرص املتوفرة للنساء لتطوير قدراهتن التقنية يف‬‫القطاعني احلكومي وغري احلكومي‪.‬‬ ‫‪ .3‬التمكني االجتماعي‪ ،‬ويقاس بـ‪:‬‬ ‫ نسبة النساء يف مراكز صنع القرار ابلعدد الكلي‬‫لألفراد يف القطاعات احلكومية وغري احلكومية‪.‬‬ ‫ نسبة النساء يف مؤسسات اجملتمع املدين‪.‬‬‫ حرية اختاذ القرار املتعلق ابإلجناب‪.‬‬‫ حرية احلركة داخلياً وخارجياً ويف مجيع مناحي‬‫احلياة مقارنة ابلرجال‪.‬‬ ‫‪ .4‬التمكني الصحي‪ ،‬ويقاس بـ‪:‬‬ ‫ معدل وفيات األمهات‪.‬‬‫ توفر خدمات الصحة اإلجنابية‪.‬‬‫إذ الميكن للمرأة أن تعي حقوقها وتدافع عنها‬ ‫دون أن تكون متمكنة من السيطرة على شؤون‬ ‫حياهتا‪ ،‬ومتحكمة يف مسرية حياهتا ومصريها عن‬ ‫طريق حتقيق ذاهتا‪ ،‬وذلك لن يتم دون متكنها‬ ‫من االستفادة من موارد اإلنتاج والدخول يف‬ ‫العملية اإلنتاجية وحتقيق االستقالل االقتصادي‬ ‫واالستفادة من اخلدمات الصحية والتعليمية‪ ،‬ما‬ ‫جيعلها واعية مستقلة فاعلة تتمتع ابلقوة الكافية‬ ‫للسيطرة ليس فقط على جمرايت حياهتا‪ ،‬بل التأثري‬ ‫أيضاً يف اجملتمع احمليط هبا من من أجل إزالة كافة‬ ‫أشكال التمييز ضد النساء ومتكينهن‪.‬‬ ‫والتمكني هنا اليعين (كما تصوره بعض املرجعيات‬ ‫النسوية الليربالية) سعياً فردايً من قبل املرأة للتعلم‬ ‫واخلروج إىل سوق العمل فحسب‪ ،‬بل هو عمل‬ ‫جمتمعي متكامل‪ ،‬يسبقه وعي اجملتمع‪ ،‬خاصة يف‬ ‫دول العامل الثالث‪ ،‬أبن الهنوض له دون النهوض‬ ‫ابلنساء‪( ،‬نصفه املعطل)‪ ،‬وأن ذلك الميكن أن‬ ‫حيدث دون متتع النساء حبقوق املواطنة الكاملة‬ ‫ونيل حقوقهن‪ ،‬فاملواطن احلر املتمتع حبقوقه‬ ‫هو وحده من ميكنه املشاركة يف مسرية التنمية‬ ‫والتقدم‪.‬‬ ‫العدد (‪ )5‬أيار ‪15 2014‬‬


‫تطـور دور الـمرأة فـي القـرن العـشريــن‬ ‫(ج‪ :)2/2‬في سوق العمل‬ ‫اختذت مسامهة املرأة وجهودها يف احلرب العاملية األوىل أشكاالً ع ّدة‪:‬‬ ‫ شجاعة زوجات املزارعني بتأمني العمل يف احلقول بدالً من أزواجهن‪،‬‬‫وذلك بدأً من صيف عام ‪ ،1914‬إذ غلب على فرنسا يف حينها الطابع‬ ‫الريفي والزراعي‪.‬‬ ‫ تفاين املمرضات واهتمامهن ابجلرحى واملصابني يف املستشفيات‬‫ومنازل النقاهة‪.‬‬ ‫كن يكتنب ابستمرار‪ ،‬ويرسلن طروداً‬ ‫«عراابت احلرب» الاليت ّ‬ ‫ حنان ّ‬‫للجنود‪ ،‬ويقمن ابلزايرات الدورية جلرحى احلرب‪.‬‬ ‫ شجاعة نساء املدن الاليت غطينّ نقص األيدي العاملة يف قطاعات‬‫خمتلفة‪ ،‬كتسليم الربيد‪ ،‬وقيادة الرتام‪ ،‬والعمل ألكثر من عشر ساعات يف‬ ‫اليوم يف مصانع الذخرية‪.‬‬ ‫أو ًال‪ :‬عمل املرأة يف الزراعة‬ ‫الدعوة اليت وجهها فيفياين للفرنسيات‪:‬‬ ‫وجه رينيه فيفياين رئيس اجمللس دعوة للفرنسيات‬ ‫يف ‪ 7‬آب عام ‪ّ ،1914‬‬ ‫كن املعنيات‬ ‫الستكمال احلصاد والبدء أبعمال اخلريف‪ .‬املزارعات ّ‬ ‫بشكل أساسي هبذه الدعوة‪ ،‬وكان االعتقاد السائد حينها أن احلرب‬ ‫ستكون قصرية‪ ،‬وأن الرجال لن يتأخروا يف العودة من اجلبهة‪.‬‬ ‫مت االعتماد يف الزراعة على ‪ 3.2‬مليون امرأة من املزارعات‬ ‫والعامالت يف الزراعة‪ ،‬وقد أجنزن اجلزء األكرب من العمل بكل‬ ‫محاسة وشعور ٍ‬ ‫عال ابلوطنية وحس التضامن‪ .‬فقد أصبحت املرأة‬ ‫تعمل يف البيطرة والشرطة واخلبز‪ ،‬مجيع الريفيات عملن من أجل‬ ‫خالص فرنسا‪ .‬ونتيجة احلرب‪ )850.000( ،‬امرأة حتولن إىل‬ ‫نساء عامالت‪ ،‬ثلثهن فقط مت ذكرهن يف إحصائيات العام ‪1911‬‬

‫‪ 16‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬

‫• ترمجة‪:‬د‪ .‬إنعام شرف‬ ‫فريق ترمجة سيدة سوراي‬

‫أعباء كثرية‬ ‫(‪ )300.000‬امرأة مزارعة لديها عائلة مسؤولة عنها‪ ،‬وتتحمل ً‬ ‫ومسؤوليات مل تكن يوماً مهيأة لتحملها‪ ،‬كاختاذ قرارات خاصة بعملية‬ ‫اإلنتاج‪ ،‬وإدارة األيدي العاملة وعمليات البيع والشراء وإىل ما هنالك من‬ ‫مسؤوليات وأعباء اضطرهتا الظروف إىل حتملها لوحدها‪.‬‬ ‫اثنياً‪ :‬عمل املرأة يف الصناعة‬ ‫لكي تتمكن املرأة من العمل يف جمال الصناعة احلربية‪ ،‬كان البد من‬ ‫إقناع الصناعيني احلذرين الذين ال يثقون بقدراهتا‪ ،‬وكذلك مضاعفة عدد‬ ‫مكاتب التشغيل‪ .‬يف أوائل عام ‪ ،1918‬أصبحت النساء تشكل ربع‬ ‫القوة العاملة يف الصناعة احلربية‪ ،‬أي ما يعادل (‪ )430.000‬عاملة من‬ ‫مجيع اخللفيات االجتماعية والثقافية‪ :‬اخلياطات‪ ،‬رابت البيوت‪ ،‬الفناانت‬ ‫العاطالت عن العمل‪ ،‬وشاابت عاطالت عن العمل جذبتهن األجور‬ ‫كن ال ميلكن أي خربة مهنية‪ .‬وشعرت النساء بسرعة كبرية‬ ‫العالية وإن ّ‬ ‫ابلرضى‪ ،‬وحبسب املارشال جوفري‪« :‬لو أن النساء توقفن عن العمل ملدة‬ ‫عشرين دقيقة‪ ،‬لتسبب ذلك خبسارة احللفاء»‪.‬‬ ‫إذن اضطالع املرأة هبذه املسؤوليات كان يتطلب حتديث األدوات وإعادة‬ ‫تنظيم العمل مبا يتناسب مع طبيعة هذه األيدي العاملة اجلديدة‪ .‬وعليه فقد‬ ‫ظهرت رافعات املعدات الثقيلة‪ ،‬واآلالت األتوماتيكية يف مجيع القطاعات‪.‬‬ ‫يكتشف الصناعيون الطابع األنثوي يف العمل (الصرب واملهارة والرتتيب)‪،‬‬ ‫وتزداد ثقتهم بقدرة املرأة‪ ،‬ويبدؤون إبعطائها مهاماً بال حدود‪.‬‬ ‫عام ‪ ،1914‬مت حشد معظم الرجال القادرين على العمل يف املصانع‬ ‫للذهاب إىل احلرب‪ .‬ومع مرور الوقت بدأت اآلمال تتبدد حول احلرب‬ ‫قصرية األمد‪ ،‬ودخلت فرنسا يف حرب طويلة تطلبت التعبئة العامة وعدد‬ ‫غري حمدود من األيدي العاملة‪ ،‬خاص ًة يف مصانع الذخرية‪ .‬والنساء الاليت‬


‫يضطلعن مبهام اثنوية قبل احلرب أصبحن‬ ‫كن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يف مواقع رئيسية‪ ،‬لتغطية النقص احلاصل نتيجة‬ ‫التحاق الرجال جببهات احلرب‪ .‬وقد شكل‬ ‫توظيف النساء يف جمال الصناعة احلربية ظاهرًة‬ ‫غري مسبوقة‪ ،‬مما أاثر العديد من ردات الفعل‬ ‫واملخاوف من اهليمنة النسائية على قطاعات‬ ‫العمل‪.‬‬ ‫اثلثاً‪ :‬عمل املرأة يف قطاع املواصالت والنقل‬ ‫يف بداية احلرب كانت نقابة املواصالت والنقل‬ ‫الباريسية تعارض موضوع التعاقد مع النساء‪،‬‬ ‫لكن سرعان مع سئم الباريسيون االنتظار‬ ‫ابلساعات وصول إحدى وسائل النقل العامة‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من معارضة النقابة‪ ،‬إالّ أن النساء‬ ‫استطعن احلصول على إذ ٍن من حمافظ السني‬ ‫يف آب ‪ 1914‬للعمل كجابيات يف وسائل‬ ‫النقل العامة‪ .‬يف عام ‪ )2670( ،1915‬امرأة‬ ‫كن تعملن إىل جانب (‪ )8000‬رجل يف الرتام‬ ‫ّ‬ ‫عددهن‬ ‫يف ابريس‪ ،‬ويف العام ‪ 1917‬أصبح‬ ‫ّ‬ ‫(‪ ،)5800‬يرتدين زايً داكناً وقبعة‪ ،‬وحيملن‬ ‫حقيبة الكتف وقفازات من املطاط لتسهيل‬ ‫ويتنقلن بني الركاب‬ ‫فصل التذاكر عن بعضها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫جلباية أسعار التذاكر‪ .‬أما النساء الاليت تعملن‬ ‫يف جمال القيادة‪ ،‬فعملهن كان ّ‬ ‫أقل تعباً وإاثرة‪،‬‬ ‫ولكنه كان أكثر عرض ًة لالنتقادات القاسية‬ ‫وخاص ًة يف حاالت احلوادث‪ ،‬وإن كانت‬ ‫حوادث صغرية جداً‪ ،‬وعلى الرغم من أن هؤالء‬ ‫كن يتلقني مثانية أايم فقط كتدريب‬ ‫النسوة ّ‬ ‫على القيادة‪ ،‬إالّ أهنن أثبنت مهارًة وقدرة عالية‬ ‫ورابطة جأش غري متوقعة يف إجناز هذا النوع‬ ‫من األعمال‪.‬‬ ‫يتسن للمرأة العمل كسائقة مرتو األنفاق‪،‬‬ ‫مل َّ‬ ‫وذلك بسبب مضاعفة نظام اإلشارات وأعمال‬ ‫الرتميم الصغرية‪ .‬لكن حوايل (‪ )2000‬امرأة‬ ‫كانت تعمل يف بيع التذاكر وتنظيف وحراسة‬ ‫السيارات‪ .‬وكانت املرأة حتصل يف حينها‬ ‫مقابل هذا العمل على فرنك فرنسي واحد‬ ‫يف اليوم‪ ،‬وهو طبعاً أقل بكثري من األجر‬ ‫الذي كان الرجل حيصل عليه مقابل نفس‬ ‫العمل‪ .‬وخالل أربع سنوات من احلرب‪،‬‬ ‫استطاعت املرأة أن تثبت فعاليتها يف احللول‬

‫مكان الرجل‪ ،‬والقيام ابملهام اليت كان يقوم هبا‬ ‫وبنفس املهارة تقريباً‪ .‬وهكذا أصبحنا جند النساء‬ ‫العامالت يف جمال القيادة وامليكانيك‪ ،‬ابإلضافة‬ ‫إىل عملهن يف اجلباية وبيع التذاكر‪ .‬وقد شهد‬ ‫قطاع النقل منواً غري مسبوق يف األيدي العاملة‬ ‫النسائية‪ ،‬وذلك ابلعبور من (‪ )18000‬امرأة‬ ‫يف العام ‪ 1914‬إىل (‪ )117000‬يف العام‬ ‫‪.1918‬‬ ‫رابعاً‪ :‬العمل يف جمال التمريض «املالئكة‬ ‫البيضاء»‬ ‫كانت املرأة أثناء احلرب تالزم األطباء الذين‬ ‫يعملون يف ساحة املعركة لطمأنة اجلرحى‬ ‫ورعايتهم‪ ،‬وكانت إما عضواً يف إحدى‬ ‫اجملموعات الدينية أو ممرضة مساعدة‪ .‬كما‬ ‫كن يعملن يف املستشفيات‪،‬‬ ‫إن غالبية النساء ّ‬ ‫ووسائل النقل يف معظم األحيان كانت خطرية‬ ‫وغالباً ما كانت املسافات طويلة جداً لنقلهن‬ ‫من مكان إىل آخر يف اجلبهة‪ .‬ويف كثري من‬ ‫كن جيدن أنفسهن يف خيام ال تبعد إالّ‬ ‫األحيان ّ‬ ‫مساف ًة قصرية عن جبهة احلرب‪ ،‬وعلى الرغم‬ ‫من شجاعتها وتفانيها يف هذا العمل‪ ،‬إالً أن‬ ‫املمرضة مل تكن َّ‬ ‫تتلق أي أجر مقابل عملها‪.‬‬ ‫أضف إىل ذلك الظروف الصحية اليت مل تكن‬ ‫تساعد كثرياً يف شفاء اجلرحى‪ ،‬ونقص األدوية‬ ‫واملع ّدات‪ ،‬واللجوء إىل مع ّدات وأدوية بديلة‬ ‫يف متناول اليد لكنها أقل فعالية من الدواء‬

‫املطلوب‪.‬‬ ‫عام ‪ ،1916‬مجيع سيارات اإلسعاف كانت‬ ‫تقودها نساء‪ ،‬ابإلضافة إىل قدرهتن على‬ ‫التدخل يف مجيع احلاالت‪ ،‬سواء كانت حاالت‬ ‫كن‬ ‫اجلرحى أو حاالت أولئك املصابني ابلغاز‪ ،‬و ّ‬ ‫قد تدربن جيداً على معاجلة مصايب الغاز من‬ ‫خالل التنفس االصطناعي‪ .‬ومل ترتدد املرأة يوماً‬ ‫يف التدخل إلنقاذ مصايب احلرب أو يف تقدمي‬ ‫الدعم لألمة أبكملها‪ ،‬وقد أظهرت شجاعة‬ ‫كبرية وبرهنت على قدرهتا يف الوقوف جنباً إىل‬ ‫جنب مع الرجل يف اجلبهة ومواجهة اخلوف‪.‬‬ ‫وقد وصل عدد النساء العامالت كممرضات يف‬ ‫جبهات احلرب إىل حوايل(‪ )100000‬امرأة‪،‬‬ ‫كل واحدة منهن كانت مستعدة ملنح حياهتا يف‬ ‫مقابل إنقاذ حياة املقاتلني‪ .‬ابإلضافة إىل ذلك‪،‬‬ ‫كانت عشرات اآلالف من النسوة يتطوعن يف‬ ‫الصليب األمحر ومنظمات أخرى لتقدمي الرعاية‬ ‫الطبية وأكثر من (‪ )10000‬راهبة تتواجدن يف‬ ‫اجلبهات للصالة وطمئنة جرحى احلرب‪.‬‬ ‫وهكذا أدت احلرب العظمى إىل اضطراب كبري‬ ‫يف احلياة األسرية واالجتماعية للمرأة‪ ،‬حيث‬ ‫أخذت دور رب األسرة‪ ،‬وأثبتت قدرهتا على أن‬ ‫حتل حمل الرجل يف مجيع نواحي احلياة‪ .‬كما أهنا‬ ‫مل تعد تقبل اخلضوع إلرادة الرجل‪ ،‬ابإلضافة‬ ‫إىل إدماجها يف املهن والوظائف العليا‪ ،‬كذلك‬ ‫جديتها وكفاحها املتواصل من أجل التوقف عن‬ ‫استغالهلا يف أي انحية من نواحي احلياة‪،‬‬ ‫سواء االجتماعية أو املهنية‪ .‬واعترب بعض‬ ‫املؤرخني أن هذه الفرتة كانت من أفضل‬ ‫املراحل املناسبة لتحرير املرأة واملناداة ابملساواة‬ ‫بني اجلنسني‪ ،‬وإحداث تغيري حقيقي وعميق‬ ‫يف موضوع املرأة ومشاركتها يف احلياة العامة‬ ‫والسياسية ومواقع اختاذ القرار‪.‬‬ ‫العدد (‪ )5‬أيار ‪17 2014‬‬


‫سعاد نوفل امرأة في محاربة الظلم والتطرف‬

‫• حاورهتا سيدة سوراي‬

‫مل يغب النظام عن املدينة حىت تصدر تنظيم دولة اإلسالم يف العراق والشام املشهد‪..‬‬ ‫كانت أمامها مساحة بيضاء حمدودة إبطار قطعة الورق املقوى‪ ،‬خطت عليها كل‬ ‫ليلة عبارات هزهتم‪ ،‬إىل درجة هتديدها ابملوت‪..‬‬ ‫سعاد نوفل ابنة الرقة وقفت مراراً أمام مقر داعش يف املدينة حاملة الفتات تندد هبم‪،‬‬ ‫سعاد تروي اليوم من املنفى حكاية حلمها‪.‬‬ ‫حدثينا عن سعاد نوفل قبل الثورة؟‬ ‫كنت إنسانة تقليدية جداً‪ ،‬كغالبية السوريني‪ ،‬قبل بداية الثورة مل يكن يف‬ ‫حيايت شيء مميز‪ ،‬إال أن ثوريت أان «سعاد» بدأت منذ وقت‪ ،‬منذ سبع‬ ‫سنوات حاولت كسر قيد البيئة احملافظة‪ ،‬أان متعلمة‪ ،‬لكين مل أعرف شيئاً عن‬ ‫الوضع يف سوراي‪ ،‬وكيف حكمنا ‪ 40‬سنة ابلظلم واالستبداد‪ ،‬فأان ابنة بيئة‬ ‫متوسطة الثقافة‪ ،‬أيب تعلم يف الكتاب‪ ،‬ووالديت أمية‪ ،‬ابلتايل نشأت ببساطة‬ ‫دون احتكاك أبي أحد خارج نطاق األسرة والعمل‪ ،‬قضية احملافظة والعيب‬ ‫سكنتنا وكانت سبباً يف عزلتنا‪.‬‬ ‫قبل سبع سنوات دخل «الساتاليت» إىل بيتنا وبدأت أاتبع األخبار من‬ ‫مصادر غري التلفزيون السوري‪ ،‬وأشاهد األفالم الواثئقية عن أشياء كثرية‪،‬‬ ‫منها جمازر الثمانينات اليت مل أكن قد مسعت هبا‪.‬‬ ‫قضينا سنوات الدراسة نردد عبارات «ونسحق أداهتم اجملرمة‪ ،‬عصابة اإلخوان‬ ‫املسلمني العميلة»‪« ،‬أمة عربية واحدة» و«القائد الرمز» والكثري غريها‪.‬‬ ‫متابعيت للربامج‪ ،‬واحتكاكي الحقاً أبشخاص من خارج الرقة‪ ،‬بصديقات‬ ‫من محاه‪ ،‬حدثنين كيف ذبح النظام األبناء أمام أمهاهتم‪ ،‬كيف فقدت‬ ‫صديقيت خاهلا وعمها وإخوهتا‪ ،‬بدأت أعي األمور وأحبث عما أقرؤه بغية‬ ‫املعرفة أكثر‪ ،‬حتول مساري منذ ذلك الوقت‪ ،‬لكنين ما زلت أحب الوطن‪.‬‬ ‫قلت‪« :‬ما زلت أحب الوطن»‪ ،‬هل كنت تربطني بني آل األسد‬ ‫والوطن؟‬ ‫لقد دجنوان على ذلك‪ ،‬ما بني العمل واملنزل تعلمنا أن الوطن هو األسد‪،‬‬ ‫وهذا ليس ذنبنا بل ذنب املدارس وواضعي املناهج‪ ،‬وأهالينا‬ ‫الذين مل يقوموا بتوعيتنا‪ ،‬وقد ال تشفع هلم بساطتهم‬ ‫وخوفهم‪.‬‬ ‫ابحلديث عن الرقة‪ ،‬معلوم أهنا مل تشهد مع بداية‬ ‫الثورة‪ ،‬ما شهدته مناطق أخرى يف سوراي‪ ،‬وإن‬ ‫كان فيها أشخاص انصروا الثورة‪ ،‬ورمبا‬ ‫انتظروها طوي ً‬ ‫ال‪ ،‬تفاجأان الحقاً أبن الرقة‬ ‫أصبحت يف عمق احلدث‪ ،‬ما الذي كان‬ ‫جيري؟‬ ‫يف البداية غبنت الرقة حقها إعالمياً‪ ،‬كان حراكها‬ ‫على مستوى ضيق فلم جيذب اإلعالميني‪ ،‬وبقيت قرابة‬ ‫‪ 18‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬

‫عام مهمشة‪ ،‬خرجنا مبظاهرات طيارة منذ بداية الثورة‪ ،‬إالّ أ ّن قبضة النظام‬ ‫كانت حمكمة يف الرقة‪ ،‬كما أن شيوخ العشائر يكنون والء مطلقاً للنظام‪،‬‬ ‫ما جعلهم أحد أكرب املعوقات أمام تفعيل احلراك‪.‬‬ ‫ماذا عن محلة «الرقة تذبح بصمت»؟‬ ‫لطاملا مهش النظام الرقة‪ ،‬وبعد التحرير الكاذب‪ ،‬الذي مل نفرح به كما‬ ‫ينبغي حني عرفنا أنه جمرد صفقة تسليم‪ ،‬مهشتها املعارضة أيضاً‪ ،‬وبقيت‬ ‫الرقة مدة شهرين حمررة ابلكامل قبل دخول داعش‪ ،‬ومل تفكر شخصية‬ ‫واحدة من هيئاهتا‪ ،‬ائتالف أوحكومة‪ ،‬بزايرهتا‪ ،‬وملء الفراغ فيها بفتح‬ ‫مكاتبها يف الداخل‪.‬‬ ‫يف بداية التحرير فرحنا كثرياً‪ ،‬أسسنا جتمعات مدنية‪ ،‬مع أن طريان النظام‬


‫كان يشن غارات بشكل مستمر‪ ،‬مع ذلك كنا‬ ‫خنرج إلزالة األنقاض وإنقاذ اجلرحى‪ ،‬وحناول أن‬ ‫نقوم بشيء‪ ،‬أي شيء انفع‪ ،‬ولو دخلت هيئات‬ ‫املعارضة ووقفت معنا وقدمت لنا خربة كوادرها‪،‬‬ ‫لكان الوضع خمتلفاً‪.‬‬ ‫جيدر بنا أن نذكر أنه يف تلك املرحلة مل تتعرض‬ ‫املؤسسات للسرقة والنهب‪ ،‬تال ذلك انكشاف‬ ‫األمور يف الرقة عن تسليم‪ ،‬وتفريغ للمؤسسات‬ ‫واملرافق اخلدمية والبيوت‪ ،‬اليت كانوا يكربون‬ ‫عليها‪ ،‬لالستيالء عليها لكن حتت غطاء‬ ‫الشرع‪ ،‬بسبب وبال سبب‪ ،‬ومع ظهور داعش‬ ‫بدأت مالحقة الناشطني والناشطني حصراً‪ ،‬كل‬ ‫ذلك دفع الناشطني إلطالق محلة «الرقة تذبح‬ ‫بصمت»‪.‬‬ ‫ماذا عن الوضع االجتماعي لنساء الرقة قبل‬ ‫الثورة‪ ،‬وماذا عن دورهن خالهلا؟‬ ‫الرقة من املدن اليت تتميز ابملرونة يف التعامل‪،‬‬ ‫شعب طيب وحمب‪ ،‬مل يكن ظرف النساء كما‬ ‫هو اليوم‪ ،‬املرأة اليوم ترتدي النقاب خوفاً على‬ ‫ويل أمرها من طغيان داعش‪ ،‬كنت مثلهن متاماً‬ ‫حني قررت اخلروج خوفاً على أهلي‪ ،‬فلو كنت‬ ‫خائفة على نفسي ملا استمريت شهرين يف‬ ‫الوقوف أمام مقرهم‪.‬‬ ‫كانت مشاركتنا ضئيلة جداً‪ ،‬فللنساء ظرفهن‬ ‫اخلاص يف الرقة‪ ،‬لسن مهمشات‪ ،‬لكن املرأة‬ ‫الرقاوية ال تساعد نفسها‪ ،‬فمن يريد كسر القيد‬ ‫ال بد له من امتالك الرغبة والطاقة‪ .‬هناك نسبة‬ ‫متعلمات‪ ،‬لكن ليس هناك وعي نسائي كاف‬ ‫لالخنراط يف الثورة بشكل علين وواسع كما يف‬ ‫املناطق األخرى‪.‬‬ ‫كنت أحاول إقناع زمياليت يف املدرسة بصدق ما‬ ‫حيدث يف محص ودرعا ومحاه‪ ،‬كمحاولة لدفعهن‬ ‫ابجتاه الثورة‪ ،‬كنت أطلب منهن متابعة اإلعالم‬ ‫كله‪ ،‬لألسف مل ميلكن اجلرأة على مبادليت‬ ‫الكالم‪ ،‬القليالت منهن كن على قناعة اتمة أبن‬

‫النظام قاتل‪ ،‬لكن الغالبية ساندته‪ ،‬على مبدأ‬ ‫احلفاظ على األمن واألمان‪.‬‬ ‫ما الذي دفع سعاد حلمل كرتونتها؟‬ ‫عندما ترين طائرات النظام تقصف حميط مقرات‬ ‫داعش‪ ،‬وتستهدف نقاطاً ليسقط أبناء الرقة‪،‬‬ ‫ال بد أن تسأيل نفسك‪ :‬ملاذا؟ داعش خطفت‬ ‫واعتقلت أبرز الناشطني الذين اعتقلوا وانلوا‬ ‫من الذل ما انلوا على يد النظام‪ ،‬ورغم ذلك‬ ‫اعتقلتهم وخطفت جزءاً كبرياً منهم‪ ،‬ال داعي‬ ‫إذاً للبحث عن برهان حول كون داعش ذراعاً‬ ‫للنظام‪.‬‬ ‫شدة الظلم والقهر تستطيع أن تفجر بداخلنا‬ ‫براكيناً‪ ،‬مرور ‪ 40‬عاماً دون وعي بظلم النظام‪،‬‬ ‫دفعين لتجنب االنتظار حتت ظلم داعش‪ ،‬صرب‬ ‫السوريون على النظام فحكمهم ‪ 40‬عاماً‪ ،‬صرب‬ ‫يوم على داعش يعين أهنا قد حتكمنا ‪400‬‬ ‫سنة‪.‬‬ ‫كثرياً ما مسعت عبارات مثل‪« :‬أنت امراة فكيف‬ ‫جترئني على ما مل يتجرأ عليه الرجال؟»‪ ،‬لكن مل‬ ‫يكن من الصعب الوقوف أمام داعش يف بداية‬ ‫ظهورها يوم مل تكن لديهم اجلرأة على التصفية‬ ‫والقتل كما يفعلون اليوم‪2013 / 07 / 20 ،‬‬ ‫وقفت أمام مقرهم ألول مرة‪ ،‬قبل يوم خرجنا‬ ‫ضدهم يف مظاهرة كبرية وفرقوان ابلرصاص‪،‬‬ ‫فأصدر الشباب بيان الفتنة الذي نص على‬ ‫وقف التظاهرات واالعتصامات‪ ،‬ومل أوقع‪ ،‬يوم‬ ‫‪ 07 / 20‬خرجت وكنت صائمة‪ ،‬شيء ما‬ ‫حترك يف داخلي‪ ،‬أظن أنه الظلم الذي شهدته‬ ‫ليلتها‪ ،‬فرقوان ابلرصاص احلي فكانوا صورة‬ ‫عن النظام‪ ،‬عدم اكرتاثهم بشبابنا وأرواحنا‬ ‫كان قاسياً علينا‪ ،‬كان النظام يتجسد أمامنا‬ ‫من جديد‪.‬‬ ‫ذهبت واشرتيت «كرتونة صغرية»‪ ،‬كتبت‬ ‫عليها‪« :‬بدان كل املعتقلني‪ ..‬حرائر الرقة»‬

‫كتبت عليها اتريخ ذلك اليوم‪ ،‬وبعد اإلفطار‬ ‫انطلقت إىل مقرهم‪ ،‬وقفت وبيين وبني الباب‬ ‫الرئيسي مسافة ال تتجاوز مرتاً ونصف املرت‪ ،‬يف‬ ‫الطريق رآين عدد من الشباب‪ ،‬سألوين أن أعود‬ ‫ورفضت‪ ،‬قلت هلم ذاهبة ألكمل ما بدأانه‪،‬‬ ‫حذروين من املوت‪ ،‬وقلت هلم إننا كنا معرضني‬ ‫للموت يف الليلة الفائتة‪ ،‬فإن كان ال بد من‬ ‫املوت‪ ،‬فأان أفضل املوت اليوم على املوت قهراً‬ ‫وظلماً غداً‪ ،‬ومضيت‪.‬‬ ‫هل كان اختطاف «فراس احلاج صاحل‪ /‬زوج‬ ‫أختك» دافعاً مباشراً العتصامك املتكرر أمام‬ ‫مقر داعش؟‬ ‫أبداً‪ ،‬وللعلم كنا خنرج يف املظاهرات ليس فقط‬ ‫ضد داعش‪ ،‬بل كذلك ضد اهليئة الشرعية‬ ‫وأحرار الشام‪ ،‬ضد كل ما بدر منهم ورأينا فيه‬ ‫حكماً جائراً يف الرقة‪ ،‬لكن داعش كانت األكثر‬ ‫جتاوزاً وظلماً‪.‬‬ ‫النيب بقي ‪ 10‬سنوات مل يرفع سيفاً‪ ،‬هم جاؤوا‬ ‫ابلقتل والذبح منذ اليوم األول‪ ،‬اعتقلوا الناشطني‬ ‫وقاموا بتصفية كتائب اجليش احلر‪ ،‬ففرغوا‬ ‫احملافظة عسكرايً ومدنياً‪ ،‬وينفذون اإلعدامات‬ ‫إلسكات الناس‪.‬‬ ‫بعد القتل والرتهيب فرضوا تفاصيل على جمرايت‬ ‫احلياة اليومية‪ ،‬أجربوا النساء على ارتداء النقاب‪،‬‬ ‫ومنعوا التجول وفتح احملال التجارية خالل أوقات‬ ‫الصالة‪ ،‬وهذا يتطلب إغالق احملالت نصف‬ ‫ساعة يف كل موعد أي ساعتني بني صالة الظهر‬ ‫والعشاء‪ ،‬علماً أن الظروف االقتصادية صعبة‬ ‫للغاية‪ ،‬داعش تفعل ما تفعله وال تعوض الناس‪،‬‬ ‫ال بتأمني فرص عمل وال رواتب‪ ،‬تنشغل ابلنساء‬ ‫وخروجهن بال نقاب أو حمرم‪ ،‬ومراقبة الناس من‬ ‫صلى ومن مل ِّ‬ ‫يصل‪ ،‬هذا والنظام مل يسقط بعد‪،‬‬ ‫ساهمِ وا يف إسقاطه ورفع ظلمه عن السوريني مث‬ ‫العدد (‪ )5‬أيار ‪19 2014‬‬


‫افرضوا عليهم ما شئتم‪.‬‬ ‫يف الرقة توجد الفرقة ‪ 17‬اليت تقصف املدينة يومياً وتسبب ابألضرار وسقوط‬ ‫الشهداء‪ ،‬كذلك اللواء ‪ 93‬الذي يتمركز يف منطقة عني عيسى‪ ،‬ومطار‬ ‫الطبقة العسكري‪ ،‬مواقع مهمة للنظام يرتكوهنا ويقومون بتصفية اجليش احلر‪،‬‬ ‫ال فرق إذاً بني داعش والنظام يف وأد الثورة‪ ،‬داعش هي اخلنجر املسموم الذي‬ ‫غرس يف خاصرة الثورة والكل يعلم ذلك‪ ،‬لكن اخلوف يدفعهم للصمت‪.‬‬

‫أمحر‪ ،‬ليس كخطوط النظام وال الدول اليت سامهت بذبح الشعب‬ ‫السوري‪ ،‬السوري يف الداخل يعيش فع ً‬ ‫ال ضمن خطوط محراء ألهنا من‬ ‫دمه ودم أطفاله‪ ،‬ورغم ذلك ختطوا هذه اخلطوط لكن العامل كله وقف‬ ‫يف وجههم‪.‬‬

‫ما حجم األفق الذي فتحه لك اخلروج يف املظاهرات؟‬ ‫احلالة تشبه الكفيف الذي أبصر‪ ،‬اخنراطي يف الثورة غري حيايت‪ ،‬بت أعلم‬ ‫أننا ال حنيا لنأكل ونشرب فقط‪ ،‬هناك الكثري من األشياء اليت بقيت‬ ‫كيف تعامل أهلك مع خروجك يف التظاهرات؟‬ ‫كنت أخرج إىل املظاهرات سراً ‪ ،‬لكون اخلروج عيباً ابلدرجة األوىل وفق كامنة يف دواخلنا إىل أن فجرهتا الثورة وأوجدت مساحات هلا‪ ،‬حني‬ ‫املفاهيم االجتماعية السائدة‪ ،‬ولعلمي خبوفهم علي مما شهدته النساء يف كنت أسري يف الشارع وأرى أحد زمالئي يف العمل‪ ،‬مل يكن تبادل السالم‬ ‫احملافظات األخرى ابلدرجة الثانية‪ ،‬كانوا يعلمون أين أعمل ابإلغاثة فقط‪ ،‬وارداً‪ ،‬بعد الثورة صرت أابدره ابلتحية إن مل يفعل‪ ،‬حىت وإن كنت برفقة‬ ‫والدي أو أحد إخويت‪ ،‬حاجز «العيب» الذي أحاط بنا عقوداً كسرانه‬ ‫لكن بعد استشهاد علي البابنسي صرت أخرج بعلمهم‪.‬‬ ‫والدي تويف بعد حترير الرقة حبوايل ‪ 13‬يوماً‪ ،‬لو كان حياً جلرب منعي خوفاً يف هذه الثورة‪ .‬قد نكون أتخران‪ ،‬لكن املهم أننا وصلنا‪.‬‬ ‫علي‪ ،‬لكنين واثقة أنه كان من اجلهة األخرى سيشجعين بسبب كرهه للنظام‪،‬‬ ‫إخويت خافوا علي كثرياً‪ ،‬هم يعلمون أين قويةـ وأن حقي وحق شعيب خط ما هي أكثر «كرتونة» هزهتم وأثرت فيهم؟‬ ‫كانت تلك اليت كتبت عليها‪« :‬إذا كنتم رجاالً فاكشفوا عن وجوهكم‪،‬‬ ‫نساء فلدينا أطهر نساء األرض»‪.‬‬ ‫وإذا كنتم ً‬ ‫ماذا تفعل سعاد نوفل اليوم؟‬ ‫غادرت الرقة إىل تركيا منتصف الشهر العاشر ‪ ،2013‬ومنذ خرجت‬ ‫أشعر بغياب الثورة‪ ،‬وأحس أنين كالطري املكسور اجلناح‪ ،‬ثوريت يف الداخل‬ ‫أعيشها مع السوريني يوماً بيوم‪ ،‬منذ غادرت الرقة شيء ما مات بداخلي‪،‬‬ ‫أعلم لو أين بقيت لكان إبمكاين تقدمي الكثري‪ ،‬هنا ال أستطيع فعل شيء‪،‬‬ ‫أمسع وأقرأ عن مشاريع تنفذ‪ ،‬لكين ال أعرف مدى جديتها وحقيقتها‪.‬‬ ‫ما الذي حتتاجه النساء يف الداخل اليوم برأيك؟‬ ‫املوضوع خيتلف بني املناطق احملررة وغري احملررة‪ ،‬لو تكلمنا فقط على احملرر‬ ‫أظن أ ّن املرأة هي اليت جيب أن تعرف ماذا تريد‪ ،‬حىت تعرف النساء يف‬ ‫اخلارج ماذا يفعلن ألجلهن‪ ،‬هناك أزمة تواصل بني نساء الداخل واخلارج‪،‬‬ ‫وال أنكر أننا مل نكن نريد التواصل معهن‪.‬‬ ‫لو كنت يف الداخل وأردت أن أطلب من أي انشطة أو سياسية يف‬ ‫اخلارج شيئاً‪ ،‬لطلبت منها الدخول‪ ،‬أتساءل عن النساء البارزات‪ :‬هل‬ ‫عشن الثورة يف الداخل؟ هل جعن؟ هل فقدن أبناءهن؟ هل تناولن ورق‬ ‫األشجار كأهل محص؟ هل ُه ّجرن من منازهلن؟ أان ال أتكلم عن اجلميع‪،‬‬ ‫أعلم أن هناك نساء فعلن الكثري‪ ،‬أان مث ً‬ ‫ال ال أعرف لبىن زاعور‪ ،‬لكنين‬ ‫أعلم أهنا خرجت يف دمشق وكانت إحدى عرائس احلرية‪ ،‬هذه الفتاة‬ ‫تستحق اتجاً على رأسها‪.‬‬ ‫أريد من اجلميع الدخول إىل سوراي وسيعرفون وحدهم حاجة السورايت‪.‬‬ ‫ماذا تريد سعاد اليوم؟‬ ‫أريد أن يسقط النظام‪ ،‬أن تربد جراحات أمهات محص وأمهات درعا‪،‬‬ ‫جراحات أم محزة اخلطيب‪ ،‬وخنساء دير الزور‪ ،‬جراحات أمهات املعتقلني‬ ‫عند النظام وداعش‪ ،‬جراحات النساء السورايت اللوايت يعانني يف أقبية‬ ‫النظام‪ ،‬أريد أن أعود إىل سوراي أبقرب وقت‪.‬‬ ‫‪ 20‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬


‫إلى أين أوصلونا؟؟‬ ‫سؤال ملح فوق شفاه السوريني‪ ،‬تراه يف عيون‬ ‫أطفاهلم احلائرة‪ ،‬يسيل مع عربات أمهاهتم وتقرؤه‬ ‫يف وجوم كل الرجال‪.‬‬ ‫هل ستعود سوراي كما كانت؟‬ ‫كماكانت!!؟؟ وتتشابك األسئلة برأسك مرتطمة‬ ‫خبياالت كانت إىل عهد قريب أمالً‪.‬‬ ‫كما كانت؟؟ أو بعد كل ما حل وحيل وسيحل‪،‬‬ ‫كما كانت؟‬ ‫حني يتحول احللم كابوساً‪ ،‬نتمىن االستيقاظ‬ ‫على احلقائق حىت ولو كانت مرة‪ ،‬وحني تكون‬ ‫املفاضلة بني اخلذالن والندم‪ ،‬يصبح اخلذالن هو‬ ‫البضاعة األكثر رواجاً‪.‬‬ ‫إىل أين أوصلوان؟‬ ‫يبدو اجلواب املستحيل هنا لسؤال (من هم؟؟)‪،‬‬ ‫ورمبا استحالته ببساطته‪ :‬كلهم‪.‬‬ ‫متر نسمة طيف حاملة‪ ،‬تعيد إىل الذاكرة أول نداء‬ ‫للثورة‪« :‬الشعب السوري ما بينذل»‪ ،‬فتجللين‬ ‫سكينة القهر على مشاهد الذل اليت ما مرت‬ ‫قب ً‬ ‫ال على سوري‪ ،‬يف خيام اللجوء واجلوع‪ ،‬ويف‬ ‫صاالت الرتانزيت والقهر‪ ..‬ذل اجلار واألخ‬ ‫القريب قبل الغريب والبعيد‪ ،‬وسوراي مل تنصب‬ ‫يوماً خيمة لالجئ قدم إليها‪ ،‬بل أسكنته يف‬ ‫العيون والقلوب قبل البيوت‪ ،‬فبقي ساكناً فيها‪،‬‬

‫وجعلها وطناً له‪ ،‬وغادرها من غادرها ولكنها‬ ‫بقيت ساكنة فيه‪.‬‬ ‫سوراي اليت مل تغلق ابابً بوجه عريب‪ ،‬ومل تشغلها‬ ‫أختام التصاريح على جوازات السفر‪ ،‬وطاملا‬ ‫كتبت األمساء بلغة عربية‪ ،‬يصارع أبناؤها الغرق‬ ‫فوق أمواج شواطئ أوراب‪.‬‬ ‫ما كان الذين ركبوا الثورة سلماً ليصلوا إىل أهدافم‬ ‫الشخصية يوماً غاية من خرجوا يعلون الصوت‬ ‫املخنوق منذ سنني‪ ،‬وال الذين أرعبهم علو ذاك‬ ‫الصوت املخنوق فتصارعوا لغاايهتم وولدت‬ ‫صراعاهتم غاايت أخرى ‪.‬‬ ‫حلم الفقري برغيف خبز نظيف أصبح مزاداً يف‬ ‫مؤمترات التسول على موائد الدول‪ ،‬يباع ويشرتى‬ ‫فينا ألجله‪ ،‬مث يسرق من قبل من تسوله ابمسنا‪.‬‬ ‫حلم البسيط بغالون مازوت يدفئ به أبناءه‬ ‫حتول إىل صراع على آابر النفط ومصافيه‪،‬‬ ‫وحلم املقموع عمراً بقول ما يريد‪ ،‬أصبح حمكوماً‬ ‫ابللحظة واملوقف وحساابت الدول‪،‬‬ ‫ال بل إبيديولوجية البندقية اليت تسيطر اليوم أو‬ ‫الساعة على بيت‪ ،‬وكله ابسم الثورة‪.‬‬ ‫ال للقتال وال للطائفية وال للتقسيم وال للتدخل‬ ‫اخلارجي‪ ...‬وال وال وال‪..‬‬ ‫أو لسنا حنن من مسيناها مجعة محاة الداير‪...‬‬ ‫آزادي‪ ..‬صاحل العلي‪ ...‬اجلمعة العظيمة؟؟‬ ‫عشرات اخلطوط احلمراء وضعت ومت جتاوزها‪،‬‬ ‫جران‪ ،‬فاجنرران‪،‬‬ ‫ولكل جتاوز مربر‪ ،‬والنظام ّ‬ ‫دفعنا‪ ،‬فاندفعنا‪ .‬توازانت اإلقليم والعامل اضطرتنا‪،‬‬

‫• صبا مدور‬ ‫فاضطرران‪ ،‬وكأننا نسري بثورة ال هدي هلا وال‬ ‫مسار‪ ،‬ثورة مفعول هبا ال فاعلة‪ ،‬تسري تبعاً جلر‬ ‫النظام ودفعه وإرادته‪ ،‬أو تبعاً ملصاحل املنطقة‬ ‫وتوازانت الدول الكربى‪.‬‬ ‫سرقوا أحالمنا وأعادوا صياغتها على مقاساهتم‬ ‫ومقاسات مصاحلهم الضيقة‪ ،‬ال‪ ،‬بل وعلى‬ ‫مقاسات من حيركهم‪ ،‬وردوها إلينا مسوخ أحالم‬ ‫لنقبلها‪ .‬عشرات املؤمترات والبياانت‪ ،‬ومئات‬ ‫األمساء والقيادات‪ ،‬آالف األجنحة واأللوية‬ ‫والفصائل‪ ...‬وكل ما ميكن أن يذكر منها هو‬ ‫اخلواء‪ ،‬فاملواطن البسيط حتت قصف السكود‬ ‫واهلاون وانفجار الرباميل حيناً‪ ،‬واملفخخات حيناً‬ ‫آخر‪ ،‬واملواطن املشرد يف بالد هللا‪ ...‬وبلده يرزح‬ ‫حتت آالم اجلوع واملرض‪ ،‬ضاع يف زمحة األمساء‬ ‫ومل تعد هتمه‪ ،‬فما الفرق بني املؤمتر السابق واملؤمتر‬ ‫القادم؟ بل ما الفرق بني رائسة هذا واستقالة‬ ‫مستمر‪ ،‬وسيمفونية‬ ‫ذاك‪ ،‬ما دام عداد املوت‬ ‫ّ‬ ‫الدم مستمرة‪ ،‬وسطوة اجلوع كافرة؟!‬ ‫مؤيد أو معارض؟؟؟ ال ال‪ ،‬إنه شبيح‪ .‬أنت سين‬ ‫أم علوي أم مسيحي؟ هل هؤالء من النصرة أم‬ ‫داعش أم احلر؟ ائتاليف أم تنسيقي؟ إنه كردي!‬ ‫وتكثر التصنيفات‪ ،‬وتتبعها التصنيفات‪ ،‬ولكل‬ ‫تصنيف تصنيفات فرعية‪ ،‬وينسى اجلميع يف‬ ‫فوضى التصنيف أن يتساءلوا سؤاالً واحداً‪ ،‬خرج‬ ‫كل من خرج يوم نودي للثورة ليجيب عليه بفخر‪،‬‬ ‫ذاك السؤال هو‪« :‬هل أنت سوري؟؟؟»‪.‬‬

‫العدد (‪ )5‬أيار ‪21 2014‬‬


‫إعالم المعارضة وصورة الثورة‬

‫• لبىن زاعور‬

‫يف حني محي الوطيس على الفضائيات التابعة للنظام السوري‪،‬‬ ‫وأقبلت الكثري من القنوات اإلعالمية والصحف على السخرية‬ ‫من إعالم النظام وكشف فربكات تلك القنوات‪ ،‬استطاع النظام‬ ‫بعد مرور عامني على الثورة أن يوجه إعالمه للغرب واضعاً نفسه‬ ‫يف موقع الضحية‪ ،‬مصوراً ما يقوم به من عنف على أنه مواجهة‬ ‫لإلرهابيني‪ ،‬غري آبه مبا يراه السوريون يف الداخل‪ ،‬يتجاهل وعيهم‬ ‫وإرادهتم أبفعاله وبث أكاذيبه‪ ،‬مقابل كسب الرأي العام اخلارجي‪.‬‬ ‫فمنذ اللحظة األوىل للثورة أطلق على املتظاهرين مسميات عديدة‬ ‫منها (تكفريي‪ ،‬مندس‪ ،‬سلفي)‪ ،‬حىت رسا على تسمية «إرهابيني»‬ ‫وانل من خالهلا بعض أتييد الغرب واستعاد أتييد البعض ألنه مل‬ ‫يقل يوماً عرب قنواته (حنن حنارب طائفة معينة)‪ ،‬علماً أنه أظهر‬ ‫خالل السنوات الثالث األخرية أنه يتعامل حبقد طائفي الذع من‬ ‫خالل مهجية ما ميارسه على السوريني‪ ،‬وقد وصلت به الوقاحة إىل‬ ‫تصوير املدن السورية أثناء قصفها‪ ،‬وهو ما شهدانه مؤخراً عندما قام‬ ‫الصحفي أوس حسن العامل يف التلفزيون السوري ابلتصوير من على‬ ‫منت الطائرة أثناء رميها للرباميل على حلب‪ .‬أيضاً وصل النظام إىل‬ ‫االعرتاف بوجود قوات خارجية من حزب هللا وإيران دون استحياء‪،‬‬ ‫واستطاع إعالمه أن يروج جملازر كثرية مل حتدث‪ ،‬مثال على ذلك ما شاع‬ ‫عند دخول كتائب املعارضة إىل كسب‪ ،‬وما مت اختالقه حول حدوث‬ ‫جمازر حبق األرمن‪ ،‬علماً أنه مل تبق عائلة أرمنية واحدة يف كسب‪ ،‬والنظام‬ ‫ابختالقه لتلك اجملازر استطاع أن يكسب تصديق البعض‪ ،‬يف حني مل‬ ‫حتظ اجملازر احلقيقية اليت ترتكب حبق املدنيني السوريني على يد قوات‬ ‫نظام األسد هبذا الصدى العاملي ومل حترك الرأي العام العاملي‪ ،‬كيف تثري‬ ‫االهتمام وهاش اتغ «حلب» على الفيسبوك أاثر اخلالف بني الكثري‬ ‫من الناشطني‪ ،‬ومل يتفقوا على هاش اتغ واحد‪ ،‬وهنا سنطرح سؤاالً‬ ‫مهماً‪ :‬ملاذا مل تندد شعوب الدول الغربية والعربية ابالنتهاكات واجملازر‬ ‫اليت قام هبا النظام‪( ،‬جمزرة الغوطة اليت حصدت أرواح مئات املدنيني جراء‬

‫القصف ابلسالح الكيماوي‪ ،‬وما حيصل اآلن يف حلب من قصف أبكثر‬ ‫األسلحة مهجية وفتكاً وهي الرباميل)‪.‬‬ ‫علينا هنا أن ندير العدسة ابجتاه إعالم الثورة الذي اعتمد على بث ردود‬ ‫أفعال «غاضبة غري موجهة وال حمسوبة»‪ ،‬حسب قول انشطني سوريني‪.‬‬ ‫الناشطة(ملى‪ ،‬ن) املقيمة يف الغوطة منذ سنة ونصف تقول‪:‬‬ ‫«كيف إلنسان ترىب على نبذ الطائفية واإلرهاب أن يقتنع بفيديو تبثه‬ ‫جهات معارضة‪ ،‬تتخلله بعض الكلمات منها (الغرب الكافر‪ ،‬بن‬ ‫الدن‪ ،‬ابلذبح جيناكم‪ ،‬نصريي ‪...‬إخل)؟ الشعوب الغربية ليست يف‬ ‫سوراي وال ترى ما حيصل إال من خالل شاشة التلفاز‪ ،‬إعالمنا مل يستغل‬ ‫تلك النقطة‪ ،‬ومل يتوجه إىل اخلارج‪ ،‬بل كان جمرد (فشة خلق) للسباب‬ ‫والشتائم‪ ،‬أو االستجداء‪ ،‬ما يعرب عن ضعف يف املوقف‪ ،‬ويصور الثورة‬ ‫على أهنا حرب أهلية»‪.‬‬ ‫وتتحدث عن اإلعالم يف كفرنبل قائلة‪« :‬من الناحية اإلعالمية أصبحت‬ ‫كفرنبل عاملية‪ ،‬استطاع انشطوها أن يكسبوا أتييداً كبرياً من خالل‬ ‫تصويرهم للمجال املدين واإلنساين‪ ،‬عن طريق رسومات والفتات‪ ،‬فقطعة‬ ‫من الكرتون تتخللها مجلة واحدة‪ ،‬تصل إىل قلوب الكثريين دون عناء‬ ‫أو استجداء»‪.‬‬ ‫وتثين يف كالمها أيضاً على مدينة سراقب يف إدلب‪ ،‬واصفة جدراهنا اليت‬ ‫امتألت ابلرسومات ووصلت صورها إىل معارض عاملية والمست مشاعر‬ ‫الكثريين‪ ،‬ما مل حيققه إعالم الثورة‪ ،‬قائلة‪« :‬إعالم لثورة مل يستقطب‬ ‫مشاعر الناس بطريقة صحيحة!!»‪.‬‬ ‫يف هذا املقال مل نتطرق إىل املناطق املشتعلة‪ ،‬واليت حيصل فيها قصف‬ ‫واشتباكات‪ ،‬حيث يكون املقاتل صحفياً وحمرراً ومدافعاً وإعالمياً‪ ،‬لكن علينا‬ ‫التوجه إىل املناطق اليت تسيطر عليها الكتائب املعارضة واليت من املفرتض أن‬ ‫يسمح فيها نقل ما حيصل عن طريق عدسات صحفيني وإعالميني مهنيني‪.‬‬

‫‪ 22‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬


‫يتحدث إلينا الناشط (م‪ ،‬ش) عن عمله‪ ،‬وعن حادثة حصلت معه أثنته‬ ‫عن متابعة عمله يف اإلعالم قائالً‪« :‬بعد طول انتظار حصلت على‬ ‫كامريا وصلت إيل عن طريق نشطاء يف تركيا‪ ،‬وبينما كنت أقوم بتصوير‬ ‫مقطع إلحدى الكتائب املسلحة‪ ،‬أدرت الكامريا إىل زاوية مل يظهر منها‬ ‫سوى مرتين من طريق إمسنيت‪ ،‬دون أي مالمح أو إشارات تدل على‬ ‫عنوان الشارع‪ ،‬فقط زاوية التقطت مرتين من اإلمسنت األرضي‪ ،‬وحني‬ ‫رأى قائد الكتيبة الفيديو رماين أرضاً وبدأ بضريب بقدميه وبندقيته‪ ،‬حىت‬ ‫مل أعد أقوى على احلراك من كثرة الكدمات واآلالم اليت حلت يب‪،‬‬ ‫وبعدها قام بتهشيم الكامريا اليت صربت طوي ً‬ ‫ال حىت حصلت عليها»‪.‬‬ ‫وأضاف‪« :‬اجلميع يوجه اللوم إلينا لضعف إعالم الثورة‪ ،‬لكننا ما زلنا‬ ‫حتت سلطة البنادق واخلطر‪ ،‬وال نستطيع نقل كل ما حيصل خوفاً من‬ ‫االعتقال»‪.‬‬

‫اجلدير ابلذكر أن حوادث االعتقاالت اليت حصلت يف املناطق املعارضة‬ ‫لإلعالميني والصحفني أحدثت فجوة بني العدسة واملصور‪ ،‬وطالت‬ ‫كوادر إعالمية كاملة‪ ،‬ففريق أورينت اإلعالمي وفريق وكالة األانضول‬ ‫والكثري من الصحفيني املستقلني ما زالوا قيد االعتقال‪ .‬أصبح من‬ ‫اخلطورة محل الكامريا وتصوير احلقيقة ونقلها‪ ،‬خوفاً من اخلطف‬ ‫واالختفاء‪.‬‬ ‫يضيف أحد الناشطني اإلعالميني يف حمافظة الرقة قائالً‪« :‬داعش‬ ‫تعتقل كل من يعمل يف جمال اإلعالم أو يقوم ابلتصوير‪ ،‬عدا القنوات‬ ‫اإلعالمية اليت تسمح هلم ابلتصوير حتت سلطتها‪ ،‬ممن تشرتط عليهم‬ ‫عدم التطرق إىل ممارساهتا اهلمجية‪ ،‬وحنن من خالل عملنا اإلعالمي‬ ‫نعرض أنفسنا للخطر واخلطف‪ ،‬خمتبئني وراء اللباس األفغاين‪ ،‬كي ال‬ ‫نثري األسئلة والنظرات حولنا‪ ،‬وكي ال يقوموا بتفتيشنا‪( ،‬يعين رامساهلا‬ ‫لبس أفغاين‪ ،‬وفوقها برحبوا فيك وبقولولك تفضل شيخ)»!‬ ‫رغم هدم اإلعالميني جلدار اخلوف أمام جربوت نظام األسد‪ ،‬إال‬ ‫أن ممارسات االعتقال والتغييب الحقتهم من قبل بعض اجلماعات‬ ‫املسلحة «املعارضة»‪ ،‬ليبقوا طعماً بني دفيت مسمار‪ ،‬ويبقى إعالم الثورة‬ ‫مطوايً حتت زاند البندقية!!‬

‫السيــداو‬ ‫ألمهيتها‪ ،‬تقوم جملة «سيدة سوراي» بنشر اتفاقية السيداو على أجزاء‪ ،‬بدءاً‬ ‫من العدد الثاين‪.‬‬ ‫املادة ‪11‬‬ ‫‪ .1‬تتخذ الدول األطراف مجيع التدابري املناسبة للقضاء على التمييز ضد‬ ‫املرأة يف ميدان العمل لكي تكفل هلا‪ ،‬على أساس املساواة بني الرجل‬ ‫واملرأة‪ ،‬نفس احلقوق وال سيما‪:‬‬ ‫(أ) احلق يف العمل بوصفه حقاً اثبتاً جلميع البشر‪.‬‬ ‫(ب) احلق يف التمتع بنفس فرص العمالة‪ ،‬مبا يف ذلك تطبيق معايري اختيار‬ ‫واحدة يف شؤون االستخدام‪.‬‬ ‫(ج) احلق يف حرية اختيار املهنة ونوع العمل‪ ،‬واحلق يف الرتقية واألمن‬ ‫على العمل ويف مجيع مزااي وشروط اخلدمة‪ ،‬واحلق يف تلقّي التدريب‬ ‫وإعادة التدريب املهين‪ ،‬مبا يف ذلك التلمذة احلرفية والتدريب املهين املتقدم‬ ‫والتدريب املتكرر‪.‬‬ ‫(د) احلق يف املساواة يف األجر‪ ،‬مبا يف ذلك االستحقاقات‪ ،‬واحلق يف‬ ‫املساواة يف املعاملة فيما يتعلق ابلعمل ذي القيمة املساوية‪ ،‬وكذلك‬ ‫املساواة يف املعاملة يف تقييم نوعية العمل‪.‬‬ ‫(هـ) احلق يف الضمان االجتماعي‪ ،‬وال سيما يف حاالت التقاعد والبطالة‬ ‫واملرض والعجز والشيخوخة وغري ذلك من حاالت عدم األهلية للعمل‪،‬‬ ‫وكذلك احلق يف إجازة مدفوعة األجر‪.‬‬ ‫(و) احلق يف الوقاية الصحية وسالمة ظروف العمل‪ ،‬مبا يف ذلك محاية‬ ‫وظيفة اإلجناب‪.‬‬ ‫‪ .2‬توخياً ملنع التمييز ضد املرأة بسبب الزواج أو األمومة‪ ،‬وضماانً حلقها‬ ‫الفعلي يف العمل‪ ،‬تتخذ الدول األطراف التدابري املناسبة‪:‬‬ ‫(أ) حلظر الفصل من اخلدمة بسبب احلمل أو إجازة األمومة والتمييز يف‬ ‫الفصل من العمل على أساس احلالة الزوجية‪ ،‬مع فرض جزاءات على‬ ‫املخالفني‪.‬‬ ‫(ب) إلدخال نظام إجازة األمومة املدفوعة األجر أو املشفوعة مبزااي‬ ‫اجتماعية مماثلة دون فقدان للعمل السابق أو لألقدمية أو للعالوات‬ ‫االجتماعية‪.‬‬ ‫(ج) لتشجيع توفري اخلدمات االجتماعية املساندة الالزمة لتمكني الوالدين‬ ‫من اجلمع بني االلتزامات العائلية وبني مسؤوليات العمل واملشاركة يف‬ ‫احلياة العامة‪ ،‬وال سيما عن طريق تشجيع إنشاء وتنمية شبكة من مرافق‬ ‫رعاية األطفال‪.‬‬ ‫(د) لتوفري محاية خاصة للمرأة أثناء فرتة احلمل يف األعمال اليت يثبت أهنا‬ ‫مؤذية هلا‪.‬‬ ‫‪ .3‬جيب أن تُستعرض التشريعات الوقائية املتصلة ابملسائل املشمولة‬ ‫هبذه املادة استعراضاً دورايً يف ضوء املعرفة العلمية والتكنولوجية‪ ،‬وأن يتم‬ ‫تنقيحها أو إلغاؤها أو توسيع نطاقها حسب االقتضاء‪.‬‬ ‫العدد (‪ )5‬أيار ‪23 2014‬‬


‫على الرجال قبول مساواة المرأة لهم‬ ‫إن أرادوا تحقيق التنمية‬ ‫يقول رئي�������س صندوق األمم املتحدة للس�������كان‬ ‫(‪ )UNFPA‬للجنة وضع املرأة (‪:)CSW‬‬ ‫«الدفاع عن حقوق املرأة جزء رئيس�������ي من خطة‬ ‫التنمية املستدامة»‪.‬‬ ‫ويق�������ول رئي�������س صن�������دوق األم�������م املتح�������دة‬ ‫(‪« :)UNFPA‬جي�������ب أن يتعلم الرجال معىن‬ ‫املس�������اواة بني اجلنس���ي���ن‪ ،‬والتوقف ع�������ن حماولة‬ ‫الس�������يطرة على حياة النساء‪ ،‬إن كانت األهداف‬ ‫اإلمنائي�������ة ستس���ي���ر عل�������ى املس�������ار الصحيح يف‬ ‫املستقبل»‪.‬‬ ‫يف لقاء جانيب بلجنة وضع املرأة (‪ )CSW‬يف‬ ‫«نيويورك»‪ ،‬قال املدير التنفيذي يف صندوق األمم‬ ‫املتحدة للسكان (ابابتوندي أوسوتيميهني)‪« :‬إن‬ ‫هياكل السلطة احلالية متنع النساء من ممارسة‬ ‫حقوقهن‪ ،‬ما قد يضعف أثر جمموعة أهداف‬ ‫التنمية املستدامة القادمة»‪.‬‬ ‫ويف لقاء أقامه االحتاد الدويل لتنظيم األسرة‬ ‫(‪ ،)IPPF‬قال «أوسوتيميهني»‪« :‬ملاذا يستطيع‬ ‫الرجال احلصول على كافة وسائل احلماية اجلنسية‬ ‫دون التعرض للمساءلة‪ ،‬بينما يقف العامل كله ضد‬ ‫أي جهة تقدم وسائل منع احلمل للنساء والفتيات؟‬ ‫األمر متعلق ابلسلطة‪ ،‬فالرجال يريدون التحكم مبا‬ ‫تفعله النساء وحتديد ما الذي جيب عليهن فعله‬ ‫وكيف‪ .‬جيب أن يتوقف كل ذلك‪ ،‬كما جيب أن‬ ‫يتقبل الرجال املساواة بني اجلنسني»‪.‬‬ ‫وأضاف أنه جيب عدم الفصل بني حقوق املرأة‬ ‫واملساواة بينها وبني الرجل‪« ،‬فاملساواة (ضمنياً)‬ ‫هي حق»‪ ،‬ويتابع‪« :‬جيب أن تكون حقوق‬ ‫اإلنسان قاعدة رئيسية خلطط التنمية»‪.‬‬ ‫ويف افتتاح لقاء عقد لنقاش أمهية الصحة اجلنسية‬ ‫واإلجنابية وأهداف خطة التنمية بعد عام ‪،2015‬‬ ‫قالت املديرة اإلقليمية لالحتاد الدويل لتنظيم األسرة‪،‬‬ ‫(كارمني ابروسو)‪« :‬إذا توجب علينا إطالق‬ ‫رؤية تطمح لعامل خال من الفقر والظلم‪ ،‬فحماية‬ ‫احلقوق اجلنسية واإلجنابية للمرأة ليست شيئاً مهماً‬ ‫فحسب‪ ،‬بل إهنا ضرورة»‪.‬‬ ‫وأضافت‪« :‬خربة عقود من العمل مع النساء علمتنا‬ ‫أن النساء واملراهقات اللوايت يتحكمن حبياهتن‬ ‫اجلنسية‪ ،‬يتمتعن بصحة أفضل أثناء اإلجناب‪ ،‬وأهنن‬ ‫إذا استطعن التحكم حبياهتن اجلنسية‪ ،‬فمن املرجح‬ ‫أن يتابعن دراستهن‪ ،‬ويطورن أنفسهن وعائالهتن‬ ‫‪ 24‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬

‫اقتصادايً»‪.‬‬ ‫مديرة السياسة يف األمم املتحدة للمرأة (ساراسوايثي‬ ‫مينون) قالت‪« :‬إن االجتماع السنوي للجنة وضع‬ ‫املرأة (‪ ،)CSW‬والذي حيقق تقدماً هذا العام‬ ‫فيما خيص األهداف اإلمنائية هلذه األلفية‪ ،‬ويناقش‬ ‫ما جيب أن تتضمنه جمموعة األهداف القادمة‪،‬‬ ‫ق ّدم (فرصة اندرة لتحويل حقوق املرأة إىل قضية‬ ‫مركزية ووضعها يف املقدمة)»‪.‬‬ ‫ورأت أن األهداف اإلمنائية هلذه األلفية جتاهلت‬ ‫توصيات سابقة‪ ،‬ق ِّدمت ومت توقيعها يف اجتماعني‬ ‫دوليني يف القاهرة ‪ 1994‬وبيجني ‪ ،1995‬وقد‬ ‫أوضحت تلك التوصيات أمهية حتكم النساء‬ ‫أبجسادهن من أجل هدف أوسع هو حتقيق‬ ‫تنمية مستدامة‪ ،‬وقالت مينون‪« :‬جيب أال تقتصر‬ ‫جمموعة األهداف اإلمنائية القادمة على الصحة‬ ‫اإلجنابية والوالدة»‪.‬‬ ‫يف تقرير لالحتاد الدويل لتنظيم األسرة‪ ،‬صدر عن‬ ‫اجتماع قادة دوليني يف «نيويورك» ملراجعة التقدم‬ ‫فيما خيص حقوق املرأة يف األهداف اإلمنائية لأللفية‬ ‫الثالثة‪ ،‬أُوجزت أربعة طلبات أساسية إليرادها‬ ‫ضمن أهداف ما بعد عام ‪ ،2015‬وجاءت‬ ‫منسجمة مع دعوات نشطاء يف جمال حقوق املرأة‬ ‫وبعض قادة العامل ومنظمات األمم املتحدة‪ .‬يؤيد‬ ‫االحتاد الدويل لتنظيم األسرة رؤية مستقلة حول‬ ‫املساواة بني الرجل واملرأة وحقوق املرأة ومتكينها‪،‬‬ ‫ستتضمن دخوالً شام ً‬ ‫ال للصحة واحلقوق اجلنسية‬ ‫واإلجنابية‪ ،‬ووضع حد للعنف ضد املرأة‪ ،‬كهدف‬ ‫ضمن أي خطة متعلقة ابلصحة‪ ،‬على أن تكون‬ ‫مجيع األهداف والغاايت مفصلة حبسب العمر‬ ‫واجلنس واخللفية التعليمية واحلالة االقتصادية‬ ‫واملوقع واجملموعة العرقية‪ .‬وهناك نظم حساابت‬ ‫قوية‪ ،‬ستدعم اهلدف أبموال كافية ليتم حتقيقه‪.‬‬ ‫حيتوي تقرير االحتاد الدويل لتنظيم األسرة على‬

‫• ترمجة‪ :‬حمجوب منذر‬ ‫فريق ترمجة سيدة سوراي‬ ‫بياانت حتدد درجة تقدم البلدان فيما خيص‬ ‫الصحة واحلقوق اجلنسية واإلجنابية‪ ،‬ويتضمن أداء‬ ‫تلك البلدان يف قوانني املساواة ومعدالت انتشار‬ ‫وسائل منع احلمل‪ ،‬والتمكن من اإلجهاض وإهناء‬ ‫ختان اإلانث وزواج القاصرات‪ .‬أتيت البياانت مع‬ ‫التحذير من أن ‪ 22‬مؤشراً (من أصل ‪ 42‬متضمنة‬ ‫يف التقرير) حتتوي على بياانت ألكثر من ‪%50‬‬ ‫من البلدان‪.‬‬

‫يذكر احلقوق اجلنسية واإلجنابية هي النقطة األكثر‬ ‫جدالً يف أي نقاش يدور حول حقوق املرأة‪،‬‬ ‫فاملشاركون يف احلملة يعتقدون أهنم قادرون على‬ ‫خفض معدالت الزواج وتغيري القوانني العائلية‬ ‫التقليدية‪ ،‬كما ميكنهم تشجيع اإلجهاض واجلنس‬ ‫بني الشباب‪ .‬النقطة األخرية قادت ملنع نشر الثقافة‬ ‫اجلنسية يف املدارس يف بعض البلدان‪ ،‬وهو ما يرغب‬ ‫انشطون يف جمال حقوق املرأة مبعاجلته‪.‬‬ ‫وقد أجرت عدة دول تعديالت على صياغة الوثيقة‬ ‫اخلتامية للجنة وضع املرأة هذا العام‪ ،‬فيما خيص‬ ‫حق املرأة ابلتمكن من اإلجهاض اآلمن يف حاالت‬ ‫العنف اجلنسي‪ ،‬واعرتفوا ابلنسبة السنوية العالية‬ ‫للوفيات من النساء بسبب اإلجهاض غري اآلمن‪.‬‬ ‫وتالحظ الوثيقة أيضاً فشل األهداف اإلمنائية هلذه‬ ‫األلفية يف ذكر التمييز حسب التوجه اجلنسي‬ ‫واهلوية اجلنسية أو املكتشفة من قبل العاملني يف‬ ‫جمال اجلنس‪.‬‬ ‫ويرجح أن تكون هذه النقاط موضوع جدل حاد‬ ‫(ويف هناية املطاف حمل مقايضة)‪ .‬املشاركون يف‬ ‫احلملة من أصحاب االنتماء الديين أو القادمني‬ ‫من جمموعات حمافظة أكثر‪ ،‬نفذوا ضغوطات كبرية‬ ‫على احلكومات للوقوف بقوة ضد هذه القضااي‪.‬‬ ‫وقد استطاعت جلنة وضع املرأة العام املاضي إزالة‬ ‫الذكر الصريح للعاملني يف جمال اجلنس والتوجه‬ ‫اجلنسي من الوثيقة اخلتامية للعنف ضد النساء‬ ‫والفتيات‪ ،‬وذلك هبدف احلصول على توقيع هنائي‬ ‫من الدول األعضاء‪.‬‬


‫مالحظات حول‬ ‫العنصرية في لبنان‬ ‫• د‪ .‬زايد ماجد‬ ‫ليس يف تعبري بعض السياسيني و«املسؤولني»‬ ‫عن العنصرية ج ّدة يف لبنان اليوم‪ ،‬فقد سبق‬ ‫لألخرية أن استهدفت فلسطينيني وعرابً وأفارقة‬ ‫وآسيويني‪ .‬كما استهدفت لبنانيني من املناطق‬ ‫الطرفية مشاالً وجنوابً وبقاعاً يف حقبة سابقة‬ ‫على احلرب األهلية ومو ِاكبة ألوىل سنواهتا‪.‬‬ ‫لكن مثة جديد يف جتلّياهتا احلالية واستهدافها‬ ‫للسوريني على حنو خاص‪ .‬وجلديدها هذا‬ ‫ثالث خصائص على األقل‪.‬‬ ‫األوىل‪ ،‬أن التعبري العلين عنها أييت على حنو‬ ‫حصري) من أطراف (وزراء‬ ‫خاص (ولو غري‬ ‫ّ‬ ‫ونواب وجمالس بلدية) هم حلفاء للنظام‬ ‫ّ‬ ‫السوري‪ ،‬ويف هذا داللة على ثقافة تشبه متاماً‬ ‫ثقافة األنظمة االستبدادية يف كراهيتها للناس‬ ‫وحقدها عليهم‪ ،‬وتؤّكد أن ا ّدعاءات «الوقوف‬

‫إىل جانب سوراي» إمنا تعين الوقوف إىل جانب‬ ‫نظامها ألسباب سياسية وطائفية ومن منطلق‬ ‫شراكة يف العداء للسوريّني والسورياّ ت‪.‬‬ ‫والثانية‪ ،‬أن بعض مظاهره يف اإلعالم تقلّد‬ ‫مسلكيّات أقوام تع ّدهم «أرفع شأانً»‪ ،‬متّخذة‬ ‫من السياق الفرنسي مثاالً‪ ،‬ففي فرنسا عاش‬ ‫أو درس أو جلأ هروابً (أواخر احلرب اللبنانية)‬ ‫املتفوهني ابملقوالت العنصرية اليوم‪.‬‬ ‫بعض‬ ‫ّ‬ ‫واألرجح أن يف بيئاهتم من ال خيفي إعجابه‬ ‫حباالت سياسية من أقصى اليمني العنصري‬ ‫الفرنسي (آل لوابن مثاالً)‪ ،‬وأن يف استنساخهم‬ ‫للمقوالت البلهاء هلذا اليمني عن ربط الالجئني‬ ‫أو العمال األجانب ابملشاكل األمنية واملعيشية‬ ‫وأبزمات اهلوية واخلطر عليها كما بـ«قلّة‬ ‫النظافة» واسترياد الصراعات ما يضيف إىل‬ ‫البالهة باله ًة مضاعفة‪.‬‬ ‫والثالث����������ة‪ ،‬أن التعب�����ي����ر العنص����������ري‬ ‫ّ‬ ‫يتخط����������ى اليوم الفظاظ����������ة اللفظية‬ ‫املعه����������ودة ليص����������ل إىل إجراءات‬ ‫عمالني����������ة تشب����������ه ق����������رارات احلظر‬ ‫أو التميي����������ز العنص����������ري يف م����������ا‬ ‫خص ضب����������ط حركة «األجانب»‬ ‫ّ‬ ‫(السوريني) وحتديدها يف الفضاء‬ ‫العام وفق معايري زمنية‪ ،‬متنع عنهم‬

‫����������ول» يف ساع����������ات اللي����������ل‪ ،‬وتُتيحها يف‬ ‫«التج ّ‬ ‫ابب‬ ‫ساعات النهار حني حيتاج الشبّا َن منهم أر ُ‬ ‫العمل اللبناني�����ي����ن ليحقّقوا على حساهبم أرابحاً‬ ‫ّ‬ ‫تتخطى ما كان ميكن جنيه يف غياهبم‪.‬‬ ‫ميك����������ن ابلطبع إضافة خصائ����������ص أخرى إىل ما‬ ‫ُذك����������ر‪ ،‬وميكن البحث يف تراجع مستوى الثقافة‬ ‫السياسية يف اإلعالم وتصاعد العنف والتوتّرات‬ ‫املذهبي����������ة‪ ،‬وانعك����������اس ذل����������ك عل����������ى مفردات‬ ‫عما‬ ‫العنصريني وانفعاالهتم واستسهاهلم اإلفصاح ّ‬ ‫عندهم‪ .‬وميك����������ن اخلوض يف نقاش ج ّدي أيضاً‬ ‫(بعيداً عن تبسيط األمور واعتبار وجود مليون‬ ‫انزح يف بلد تع����������داد ّ‬ ‫سكانه أربعة ماليني حداثً‬ ‫غري استثنائ����������ي)‪ ،‬والبحث يف اآلاثر االقتصادية‬ ‫حتول إىل‬ ‫االجتماعية والدميوغرافي����������ة للنزوح إن ّ‬ ‫إقامات تطول نظراً لصعوبة العودة (واستحالتها‬ ‫يف املستقبل القريب)‪.‬‬ ‫لكن كل هذا على وجاهته ال ينبغي أن يق ّدم‬ ‫أي تربير لسلوك العنصريّني واحنطاطهم‪ ،‬ففي‬ ‫املوقف الواضح منهم ما مينع أ ّوالً من أي تطبيع‬ ‫مع وابئهم‪ ،‬ويتيح بعد ذلك للنقاشات مجيعها‬ ‫أن تستقيم‪ ،‬وأن ختوض يف القضااي اخلطرية بال‬ ‫استثناء‪.‬‬ ‫العدد (‪ )5‬أيار ‪25 2014‬‬


‫ما بين روندا وسوريا‬ ‫يف ‪ ٧‬نيسان‪/‬أبريل ‪ ١٩٩٤‬حدثت يف روندا أوسع جرمية إابدة مجاعية يف‬ ‫اتريخ البشرية‪ ،‬ففي أقل من مائة يوم قامت احلكومة املتطرفة يف روندا إبابدة‬ ‫األقلية من التوتسي واملعتدلني من اهلوتو‪ ،‬عرب قتل ما يزيد عن مليون شخص‬ ‫العدد األكرب بينهم من النساء واألطفال‪ ،‬وهو ما يعادل ‪ %٧٠‬تقريباً من أقلية‬ ‫التوتسي اليت تشكل ما يعادل ‪ %١٤‬من السكان‪ ،‬بعد تلك اجلرمية ميكن القول‬ ‫إن روندا كأمة وبلد قد ماتت تقريباً‪ ،‬فتداعيات جرمية اإلابدة عليها مل تكن يف‬ ‫قدرة أي بلد على االحتمال‪ ،‬فما ابلك إذا كان بلداً إفريقياً حمدود املوارد‪ ،‬يف‬ ‫بيئة إقليمية غري مستقرة أبداً‪.‬‬ ‫لقد دمر البلد بشرايً من حيث عدد القتلى‬ ‫واجلرحى وتداعيات حاالت االغتصاب الكبرية‬ ‫اليت حصلت‪ ،‬حيث انتشرت اإلصابة ابإليدز‬ ‫بشكل فظيع ليصل عدد احلاالت إىل أكثر‬ ‫من نصف مليون حالة‪ ،‬أما عن التداعيات‬ ‫االجتماعية واالقتصادية وغريها فح ّدث وال‬ ‫حرج‪.‬‬ ‫قمت بزايرة إىل روندا بدعوة من جامعة روندا‪،‬‬ ‫لالطالع على جتارب العدالة االنتقالية بعد‬ ‫جرمية اإلابدة اجلماعية تلك‪ .‬واحلقيقة أن سوراي‬ ‫ال تشبه روندا وال أبي شكل من األشكال‪ ،‬ال‬ ‫اجتماعياً وال اقتصادايً وال سياسياً‪ ،‬لكن وجه‬ ‫املقارنة هنا هو أن سوراي أصبحت تلي روندا‬ ‫جلهة عدد الضحااي يف النزاع‪ ،‬ولكون اجملازر يف‬ ‫سوراي ما زالت مستمرة على يد نظام األسد‬ ‫ومليشياته‪ ،‬وأن رقم الضحااي يتصاعد بدون‬ ‫توقف‪ ،‬وجيعل من الصعب توقع شكل لنهاية‬ ‫األمور يف سوراي بعد كل هذا الدم واألمل‪.‬‬ ‫لقد مسح النصر العسكري الذي حققته‬ ‫املعارضة يف متوز ‪( ١٩٩٤‬من خالل السيطرة‬ ‫على العاصمة كيغايل) بتطبيق رؤيتها اخلاصة‬ ‫ابلعدالة االنتقالية‪ ،‬حيث جنبت روندا الدخول‬ ‫يف حلقة االنتقام أو دوامة القتل املستمرة اليت‬ ‫ال تنتهي‪ ،‬فقامت إبنشاء حمكمة خاصة‪،‬‬ ‫وبعدها‪ ،‬وبسبب بطء اإلجراءات فيها‪ ،‬أنشئت‬ ‫ما تسمى مبحاكم «التشا تشا»‪ ،‬وهي حماكم‬ ‫‪ 26‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬

‫على الطريقة التقليدية يراد منها إشراك الضحااي‬ ‫واجملرمني‪ ،‬هبدف تعزيز فكرة احملاسبة واملصاحلة‬ ‫على املستوى احمللي‪ ،‬كما قام احلكم اجلديد‬ ‫ابعتقال أكثر من مليون شخص من املتورطني‬ ‫ابإلابدة‪ ،‬وجرى حتويلهم تباعاً إىل هذه احملاكم‬ ‫اليت أفرجت عنهم أو حكمت عليهم مبا يسمى‬ ‫ابخلدمة احمللية‪.‬‬ ‫اآلن تتطلع روندا إىل منو اقتصادي برغم‬ ‫مشاكلها السياسية املستمرة‪ ،‬وما كان هلا أن‬ ‫تعترب كبلد «مات وانتهى»‪ ،‬عاد إىل احلياة من‬ ‫جديد‪.‬‬ ‫لقد ترك اجملتمع الدويل روندا كما يرتك‬ ‫السوريني اليوم كي يعيشوا األمل وحدهم‪ ،‬يُقتلون‬ ‫يومياً أبنواع خمتلفة من األسلحة ال قِبَ َل هلم‬ ‫هبا‪ ،‬فالقصف اجلوي ابلطائرات احلربية املقاتلة‬ ‫حصد أرواح أكثر من ‪ 20‬ألف مدين إىل‬ ‫اآلن‪ ،‬وتشهد حلب مهجية من نوع جديد‬ ‫يف استهداف املدنيني ابلرباميل املتفجرة‪ ،‬كما‬

‫• د‪ .‬رضوان زايدة‬

‫مدير املركز السوري للدراسات السياسية واالسرتاتيجية‬

‫كثّف األسد استخدامه للصواريخ البالستية‬ ‫بعيدة املدى (واليت تصنف ضمن أسلحة‬ ‫الدمار الشامل) ضد املناطق اليت خرجت عن‬ ‫سيطرته‪ ،‬غري عابئ بعدد األرواح اليت ميكن أن‬ ‫حتصدها هذه الصواريخ‪ ،‬وال مكرتث حلجم‬ ‫الدمار الذي ميكن أن ختلفه يف املناطق السكنية‬ ‫والبىن التحتية‪ ،‬هذا فض ً‬ ‫ال عن ترسانة كاملة‬ ‫من األسلحة احملرمة دولياً‪ ،‬واليت استخدمت‬ ‫وتستخدم يومياً حبق الشعب السوري من‬ ‫القنابل العنقودية والفراغية إىل األلغام الفردية‬ ‫والبحرية وغريها‪ ،‬وآخرها كان استخدام‬ ‫األسلحة الكيماوية يف ‪ 21‬آب‪/‬أغسطس يف‬ ‫الغوطتني وعلى نطاق واسع‪ ،‬ما خلف أكثر‬ ‫من ‪ 1400‬شهيد وآالف املصابني‪.‬‬ ‫إن إطالق عملية العدالة االنتقالية يف سوراي‬ ‫من أصعب وأعقد األمور اليت ستواجه اجملتمع‬ ‫السوري بعد سقوط النظام‪ ،‬إذ ال ميكن ألحد‬ ‫أن يتحدث ابسم الضحااي أو ينطق ابمسهم‪،‬‬ ‫وقضية حتقيق العدالة ابلنسبة للكثري من أسر‬ ‫الضحااي ال تسامح معها‪ ،‬وال التفاف أو هتاون‬


‫فيها‪ .‬وإذا أُخذ بعني االعتبار االهنيار الكامل‬ ‫ملؤسسات الدولة السورية كمؤسسات ذات‬ ‫مصداقية لدى العديد من املواطنني السوريني‪،‬‬ ‫يتضح حجم األذى الفادح الذي حلق على‬ ‫سبيل املثال جبهاز كاجلهاز القضائي وبدوره‬ ‫يف احلياة العامة يف سوراي‪ ،‬وعليه فلن يكون‬ ‫النظام القضائي معداً أو مهيأً أو حىت قادراً على‬ ‫إطالق عملية احملاسبة الضرورية اليت ينشدها‬ ‫أهايل الضحااي‪.‬‬ ‫لكن كما تظهر جتربة روندا ال بديل عن مسار‬ ‫العدالة االنتقالية كطريق وحيد لتحقيق احملاسبة‬ ‫وجتنب االنتقام‪ ،‬إذ ينبغي األخذ بعني االعتبار‬ ‫االنقسام اجملتمعي احلاصل يف سوراي اليوم‬ ‫بسبب املوقف من النظام ومليشياته والتصعيد‬ ‫الذي ميارسه هذا النظام عرب التخويف أو‬ ‫حتريض املكوانت اجملتمعية السورية ضد بعضها‬ ‫البعض‪ ،‬وآخرها أتسيس ما أطلق عليه «جيش‬ ‫الدفاع الوطين»‪ ،‬الذي هو عملياً مأسسة‬ ‫حكومية ملليشيات «الشبيحة» شبه النظامية‬ ‫اليت تدخل يف إطار ما ميكن تسميته ابملرتزقة‪،‬‬ ‫إذ إن تشكيالهتا ليست سورية خالصة كما‬ ‫تؤكد شهادات العيان والتقارير الصحفية‬ ‫املتزايدة‪ ،‬وهي ستمثل هتديداً متزايداً لالستقرار‬

‫ولبدء أية عملية للمحاسبة والعدالة‪ .‬وهنا أييت‬ ‫خيار اللجوء إىل ما يسمى العدالة الدولية‪،‬‬ ‫فجرائم نظام األسد يف احلرب وجرائمه ضد‬ ‫اإلنسانية تدخل بكل أتكيد يف اختصاص‬ ‫حمكمة اجلناايت الدولية‪ ،‬وألن املوقف الروسي‬ ‫يف جملس األمن مينع إحالة اجلرائم املرتكبة يف‬ ‫سوراي إىل حمكمة اجلناايت الدولية‪ ،‬مما يعين‬ ‫عدم قدرة احملكمة على فتح التحقيق جبرائم‬ ‫األسد اليت ترتكب يومياً‪ ،‬بسبب ذلك يبدو‬ ‫اخليار الوحيد هو أن تنشئ احلكومة املؤقتة‬ ‫حمكمة دولية خاصة تتم املصادقة عليها يف‬ ‫اجلمعية العامة لألمم املتحدة‪.‬‬ ‫وهو ما يسمى ابحملكمة املختلطة‪ ،‬وهو اخليار‬ ‫األفضل ابلنسبة لسوراي والسوريني‪ ،‬إذ تتشكل‬ ‫حماكم على األراضي السورية متخصصة يف‬ ‫حماكمة جرائم احلرب واجلرائم ضد اإلنسانية‬ ‫اليت ارتكبت حبق الشعب السوري خالل فرتة‬ ‫مدعمة خبربات دولية رمبا تكون‬ ‫الثورة السورية ّ‬ ‫إبشراف األمم املتحدة‪.‬‬ ‫إن احلاجة إىل اخلربات الدولية يف احملاكم الوطنية‬ ‫(احملاكم املختلطة) يف جمتمعات منقسمة يبقى‬ ‫اخليار األفضل‪ ،‬إذ إنه سريسل رسالة إىل كل‬

‫السوريني مفادها أن االنتقام ليس اهلدف‪،‬‬ ‫ويطمئنهم أن أشد معايري العدالة والشفافية‬ ‫الدولية سيتم ضماهنا‪ ،‬ولن يكون اهلدف التوجه‬ ‫إىل طائفة بعينها أو حماسبتها‪ ،‬وإمنا أتسيس‬ ‫مسار للعدالة يضمن بناء سوراي املستقبل على‬ ‫أسس صحيحة‪.‬‬ ‫ويف نفس الوقت فإن ذلك يعطي ثقة أكرب من‬ ‫اجملتمع الدويل ابلنظام اجلديد والتزامه ابلعدالة‬ ‫واملصاحلة‪ ،‬ويثبت أنه ال مكان لسياسات الثأر‬ ‫أو االنتقام ضمن برانجمه‪ ،‬يف وقت سيحتاج‬ ‫فيه السوريون دعم اجملتمع الدويل (الذي خذهلم‬ ‫بشكل كبري) إلعمار بلدهم وبناء مؤسساهتم‬ ‫املستقبلية بكل األحوال‪ ،‬وابلتايل فإن بناء الثقة‬ ‫به مسألة بغاية األمهية‪ ،‬لكن على السوريني أن‬ ‫يدركوا أيضاً أن هناك حدوداً للمساعدة ميكن‬ ‫أن يقدمها اجملتمع الدويل‪ ،‬وأن عليهم يف النهاية‬ ‫االعتماد على أنفسهم يف بناء دميقراطيتهم يف‬ ‫املستقبل‪.‬‬ ‫رمبا يتعلم السوريون اليوم أن الطريق إىل املستقبل‬ ‫البد أن مير من خالل العدالة االنتقالية‪ ،‬لكي‬ ‫خترج سوراي من حمنتها وتستعيد دورها يف‬ ‫املستقبل‪.‬‬

‫العدد (‪ )5‬أيار ‪27 2014‬‬


‫نظام األسد وهاجس الشرعية المفقودة‬ ‫لطاملا حبثت األنظمة الدكتاتورية‪ ،‬على خمتلف‬ ‫أنواعها‪ ،‬عن شرعية ما تغطي على بداهة‬ ‫اغتصاهبا ما ال تستحقه‪ ،‬أي السلطة السياسية‪.‬‬ ‫ويف غالب احلاالت يستسلم احملكومون أمام‬ ‫قسوة الشروط اليت جيدون أنفسهم فيها يف ظل‬ ‫اغتصاب احلكام الدكتاتوريني للسلطة‪ ،‬ابنتظار‬ ‫شروط أفضل متكنهم من املقاومة على طريق‬ ‫استعادة ما سلب منهم عنوًة‪.‬‬ ‫يف عصر األيديولوجيات الكربى‪ ،‬حدث انزايح‬ ‫خطري من الشرعية الشعبية اليت تشكل أساس‬ ‫النظام اجلمهوري ومعناه‪ ،‬إىل «شرعية ثورية»‬ ‫مستمدة من أفكار ومفاهيم جمردة ومفارقة‬ ‫للواقع كـ«الثورة» و«احلرية» و«الطبقة العاملة»‬ ‫و«اإلشرتاكية» و«اإلسالم» أو «الشريعة» أو‬ ‫«الوحدة العربية» وغريها مما ميكن ألي مغامر‬ ‫أفّاق أن يرفعها شعارات ميكن تسويقها‪ ،‬إذا‬ ‫امتلك أدوات العنف الالزمة‪ ،‬وشيئاً من خبث‬ ‫الطوية‪ ،‬والطموح السلطوي‪ ،‬والقدرة على إقناع‬ ‫القوى الدولية العظمى أو بعضها‪.‬‬ ‫شكل اهنيار النظام السوفيييت وملحقاته‬ ‫اإلمرباطورية يف شرق أورواب‪ ،‬نقطة انعطاف‬ ‫اترخيية حنو إعادة األمور إىل نصاهبا واستعادة‬ ‫مرجعية الشرعية من عامل الشعارات إىل عامل‬ ‫الشعب أو اجملتمع امللموس املكون من أفراد‬ ‫ومجاعات‪ .‬هذا ما رفع الطلب على مفاهيم‬

‫‪ 28‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬

‫حقوق اإلنسان الفرد وجترمي اإلرهاب‪ ،‬ورفع‬ ‫الغطاء عن االنقالابت العسكرية كوسيلة‬ ‫لتداول السلطة‪ .‬استعادت شعوب شرق أورواب‬ ‫مصريها املسروق يف أواخر الثمانينات‪ ،‬وكانت‬ ‫شعوب أمريكا اجلنوبية سبقتها إىل ذلك‪ .‬املنطقة‬ ‫اليت أتخرت عن ركب «الثورات الدميوقراطية»‬ ‫هي املنطقة العربية املبتلية بقدرية «إما العسكر‬ ‫أو اإلسالميني»‪.‬‬ ‫هذا «القدر» هو ما اثرت عليه الشعوب‬ ‫العربية من تونس إىل مصر فليبيا واليمن‬ ‫وسوراي‪ ،‬فيما مسي «الربيع العريب» إضافة إىل‬ ‫إرهاصات مهمة مت وأدها ابلقمع أو السياسة أو‬ ‫مبزيج من كليهما‪ ،‬يف املغرب واجلزائر وموريتانيا‬ ‫والسودان والبحرين والسعودية وعمان واألردن‪.‬‬ ‫بل إن آاثر موجة احلرية هذه امتدت خارج‬ ‫العامل العريب حنو موسكو وواشنطن واسطنبول‬ ‫وغريها من العواصم‪.‬‬ ‫غري أن ملفهوم الشرعية يف نظام األسد أبعاداً‬ ‫أخرى‪ ،‬فحني قام األب ابنقالبه العسكري‪،‬‬ ‫خريف العام ‪ ،1970‬سعى إىل التغطية على‬ ‫افتقاده للشرعية ابستمالة رأس املال السين يف‬ ‫دمشق وحلب‪ ،‬ويف ذهنه أن رائسته لسوراي غري‬ ‫شرعية‪ ،‬ليس بسبب استيالئه عليها ابنقالب‬ ‫عسكري‪ ،‬بل أساساً ألنه ينتمي إىل األقلية‬ ‫العلوية‪ .‬رمبا هذا ما دفعه إىل االختباء‪ ،‬مؤقتاً‪،‬‬ ‫وراء أمحد اخلطيب إىل حني ترتيب أمور حتالفاته‬ ‫وصوالً إىل االستقرار على كرسي الرائسة‪ .‬غري‬ ‫أن مشروعية حكمه األساسية إمنا استمدها من‬ ‫القوى العظمى والدول العربية اليت صادقت‬ ‫على توليه وأقامت معه العالقات الطبيعية‪.‬‬ ‫بعد ذلك سارع إىل وضع دستور يناسبه متاماً‬ ‫ويضع بني يديه مجيع السلطات املطلقة‪ ،‬فباتت‬ ‫دكتاتوريته الفظة تتمتع بشرعية دستورية تضاف‬ ‫إىل شرعيته اخلارجية‪.‬‬ ‫بعد حرب مطلع الثمانينات‪-1980 ،‬‬ ‫‪ ،1982‬اليت خرج فيها منتصراً على اجملتمع‬ ‫السوري‪ ،‬بكلفة بلغت عشرات آالف القتلى‬

‫• بكر صدقي‬

‫واملفقودين والفارين‪ ،‬ومل خيسر شيئاً من شرعيته‬ ‫اخلارجية‪ ،‬أطلق العنان ألجهزته األمنية تنكي ً‬ ‫ال‬ ‫صامتاً ابجملتمع وتدخ ً‬ ‫ال فظاً يف كل صغرية‬ ‫وكبرية من حياة الناس‪ ،‬فتغري مفهوم الشرعية‬ ‫بصورة غرائبية‪ :‬بدالً من وجوب امتالك احلاكم‬ ‫للشرعية الشعبية‪ ،‬ابت الشعب حباجة لشرعية‬ ‫يستمدها من والئه للحاكم وانصياعه ألجهزة‬ ‫املخابرات املرعبة‪.‬‬ ‫لكن هاجس الشرعية عاد بقوة مع اقرتاب‬ ‫أوان وفاة الدكتاتور العجوز‪ ،‬وانشغاله التام‬ ‫إبعداد جنله ابسل لوراثة احلكم‪ .‬وإذ مات هذا‬ ‫يف حادث سري‪ ،‬حتوم حوله بعض الشكوك‪،‬‬ ‫انتقلت والية العهد إىل بشار الذي مت إعداده‬ ‫على عجل‪ ،‬واستلم بعض امللفات املهمة وقام‬ ‫بزايرات شبه رمسية إىل ابريس ولندن للحصول‬ ‫على الشرعية الدولية اليت ال بد منها لتمرير‬ ‫التوريث‪ .‬وهذا ما حصل عليه‪ ،‬حني حضر‬ ‫جنازة الدكتاتور املؤسس ممثلو الدول الثالث‬ ‫العظمى (الوالايت املتحدة وبريطانيا وفرنسا)‬ ‫وابركوا توريث احلكم مفضلني «الشيطان الذي‬ ‫يعرفون‪ ،‬على ذاك الذي جيهلون»‪.‬‬ ‫«اهلاجس العلوي» الذي طاملا أقض مضجع‬ ‫الدكتاتور الراحل‪ ،‬مل حيضر أبداً يف ذهن بشار‬ ‫الذي أطلق العنان البن خاله رامي خملوف يف‬ ‫ميدان االقتصاد‪ ،‬يف رمزية الستيالء العلويني‬ ‫على امليدان العام‪ ،‬أكملها علي الديك يف‬


‫الثقافة واإلعالم‪ .‬بكلمات أخرى‪ :‬مقابل حذر حافظ األسد الشديد‬ ‫يف تغطيته على انتمائه األقلوي‪ ،‬أصبحت طبقة اجليل األسدي الثاين‬ ‫(بشار – رامي) جتهر مفاخرًة هبويتها األقلوية وثقافتها‪ .‬وابت هذا االنتماء‬ ‫مصدر شرعية إضافية للدكتاتور الصغري هي شرعية متثيله للعلويني‪ .‬وإذا‬ ‫كان استهتاره هذا قد ساهم إىل حد كبري يف فقدان شرعيته لدى املنت‬ ‫االجتماعي السين العريض بسبب اقرتان هذا االستهتار الثقايف ابستهتار‬ ‫طبقي صريح (هتميش وإفقار غالبية كبرية من الشعب)‪ ،‬فقد عوض ذلك‬ ‫بروابط مصلحية وزابئنية قوية ابلبورجوازية السنية يف دمشق وحلب‪ ،‬وابتت‬ ‫مجوع املهمشني خارج اهتمام الطبقة «املخلوفية» الصاعدة‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬والنظام يستعد إلجراء انتخاابته الرائسية على أشالء سوراي ونسيجها‬ ‫االجتماعي‪ ،‬فهو يفعل ذلك‪ ،‬أيضاً وأيضاً‪ ،‬حتت ضغط حرج الشرعية‪،‬‬ ‫على رغم هزلية هذه االنتخاابت ابلنظر لألوضاع القائمة‪ .‬فمن جهة أوىل‪،‬‬ ‫ها هو حيول االستفتاء املعهود الذي طاملا انتهى بفوز الدكتاتور مبعدل‬ ‫يقرتب من ‪ ،%100‬إىل انتخاابت «تعددية» ملتمساً يف ذلك شرعيته من‬ ‫«اجملتمع الدويل» مبعايريه املعروفة حول تداول السلطة واالنتخاابت احلرة‬ ‫التعددية‪ .‬ومهما بدا منظر «املتنافسني الثالثة» هزلياً‪ ،‬فهو يلتزم شكلياً‬ ‫مبعيار تعدد املرشحني وتنافسهم‪.‬‬ ‫ومن جهة اثنية‪ ،‬ما زال إعالم حمور املمانعة يعمل بكامل طاقته لتسويق‬ ‫«شرعية ممانعة» مزعومة ملرشحها الغارق يف حبر الدم السوري‪ ،‬على رغم‬ ‫هتافت إيديولوجيا املمانعة وسقوطها املدوي بعد اندالع ثورات الربيع‬ ‫العريب‪ ،‬والثورة السورية بصورة خاصة‪ .‬غري أن ما يسمى ابملمانعة حتول‪،‬‬ ‫بصورة تزداد وضوحاً كل يوم‪ ،‬إىل ختندق مذهيب يف صراع إقليمي‪ ،‬أي إن‬ ‫حمور املمانعة يكاد يتطابق مع حمور شيعي صريح ميتد من شيعة أفغانستان‬ ‫إىل إيران إىل شيعة العراق وعلويي سوراي وشيعة لبنان وحوثيي اليمن‪،‬‬ ‫مقابل «حمور سين» حل حمل إسرائيل واإلمربايلية األمريكية يف موقع العدو‬ ‫يف الرطانة املمانعة‪.‬‬ ‫غري أن شرعيته احمللية كادت اليوم تقتصر على الطائفة العلوية اليت فشلت‪،‬‬ ‫بعد أكثر من ثالث سنوات‪ ،‬يف إجياد ممثل بديل هلا عن العصبة احلاكمة‬ ‫بقيادة بشار‪ .‬وهذا ما يسعى النظام إىل تكريسه وتوكيده من خالل‬ ‫االنتخاابت الرائسية‪ ،‬هو الذي سبق وأعلن يف خطاب يعود إىل حزيران‬ ‫‪ ،2012‬أبنه يكتفي برائسة قسم من السوريني هو القسم املوايل‪.‬‬

‫جين آدامز ‪1935-1860‬‬ ‫جني آدامز‪ ،‬مــصلحة اجتمـ ــاعية‬ ‫وانشطة سلميـة‪ ،‬ق ـ ــادت حركة ب ــيت‬ ‫التوطني األمريكية‪ ،‬مؤسس ًة (هول)‬ ‫من ــزل التوط ـ ـ ــني األكـ ـ ـثـر شـ ــهرًة يف‬ ‫شيكاغو (‪.)1889‬‬ ‫ولدت آدامز يف مدينة (سيدارفيل)‬ ‫يف والية (إلينويز) عام ‪،1860‬‬ ‫وخترجت من جامعة (روكفيل) يف‬ ‫عام ‪ .1882‬ويف عام ‪1889‬‬ ‫أسست منزل (هول) يف شيكاغو حيث عاشت وعملت حىت وفاهتا‬ ‫يف عام ‪( .1935‬هول) كان بيت ومكان جتمع املصلحني الذين‬ ‫استقروا يف احلي‪ ،‬وقدموا خدماهتم فيه‪ ،‬حيث جلبت املستوطنات‬ ‫جمموعة واسعة من اخلدمات االجتماعية للمهاجرين واملدنيني الفقراء‪.‬‬ ‫كان املصلحون مؤمنني أن التوطينات هي املكان الذي تستطيع‬ ‫كافة الطبقات اللقاء فيه‪ ،‬من أجل حل مشاكل الصناعة يف املناطق‬ ‫املدنية‪ .‬مجعت آدامز حوهلا عدداً من النساء املميزات الاليت ابتكرن‬ ‫حلوالً على شكل السياسات االجتماعية للقرن العشرين‪.‬‬ ‫استجاب ًة حلاجات اجملتمع‪ ،‬مهدت نساء بيت (هول) جللب اخلدمات‬ ‫االجتماعية ألحياء املهاجرين والطبقة الكادحة‪ .‬أقمن يوماً لرعاية‬ ‫الطفل‪ ،‬وأنشأن املالعب‪ ،‬وق ّدمن خدمات صحية‪ ،‬وأجرين دراسات‬ ‫ؤسسات‬ ‫عن املواد السامة يف املعامل‪ .‬وحققن يف األحياء الفقرية ( ُم ّ‬ ‫مهنة علم االجتماع املدين)‪ ،‬وأحدثن ممراً لتفتيش املعامل‪ ،‬وطالنب‬ ‫إبهناء عمل األطفال وحتسني ظروف السكن واملصانع‪ ،‬وبساعات‬ ‫عمل أقل وأجر أعلى وقوانني محاية للعمل‪ ،‬وأنشأن أول حمكمة‬ ‫لألحداث يف البالد‪.‬‬ ‫كانت آدامز حماضرة موهوبة وكاتبة كبرية‪ .‬كتاهبا األكثر شهرة هو‬ ‫«عشرون عاماً يف بيت (هول)» يف عام ‪ .1910‬كانت مؤيدة‬ ‫كبرية لالقرتاع‪ ،‬وشغلت منصب انئب رئيس مجعية املرأة األمريكية‬ ‫الوطنية لالقرتاع (‪ ،)NAWSA‬وكتبت وحتدثت كثرياً عن أمهية‬ ‫تصويت املرأة‪ .‬أنشأت وترأست حزب السالم للمرأة يف عام ‪،1915‬‬ ‫وكانت أول رئيسة للرابطة الوطنية للمرأة من أجل لسالم واحلرية يف‬ ‫عام ‪ .1919‬حازت عام ‪ 1931‬على جائزة نوبل للسالم‪ ،‬لعملها‬ ‫لسنوات يف النشاط السلمي‪ .‬االختصار من احلرايت املدنية واهلجوم‬ ‫على دعاة السالم يف احلرب العاملية األوىل‪ ،‬واهتامها ابخليانة ملعارضتها‬ ‫احلرب‪ ،‬دفعها للمساعدة على أتسيس االحتاد األمريكي للحرايت‬ ‫املدنية يف عام ‪ .1920‬توفيت عن عمر يناهز ‪ 74‬عاماً‪ ،‬بعد أن أثر‬ ‫عملها يف ميدان العدالة على كل مظاهر احلياة األمريكية‪.‬‬ ‫‪https://www.nwhm.org/online-exhibits/‬‬ ‫‪rightsforwomen/Addams.html‬‬ ‫العدد (‪ )5‬أيار ‪29 2014‬‬


‫معتقالت‪..‬‬

‫• ايمسينة بنشي‬

‫فيـال يـعرب الــشرع‬ ‫بثياهبا ممزقة وصلت(ه‪.‬ع) إىل سجن عدرا املركزي‪ ،‬منكسرة اتئهة النظرات‪ ..‬يرتعش‬ ‫جسدها النحيل خوفاً‪ ،‬وتغيب احلياة عن مالمح ابنة العشرين يف وجهها وهي تبحث‬ ‫عن األمان وبعض الدفء‪..‬‬ ‫مل تصدق أهنا وصلت أخرياً إىل مكان أكثر‬ ‫أماانً من ذاك الفرع القذر الذي اعتقلت بداخله‬ ‫ألكثر من ثالثة أشهر‪ ،‬وصلت سجن عدرا‬ ‫املركزي الذي يغص مبئات املعتقالت القادمات‬ ‫من كافة فروع األمن‪.‬‬ ‫بكثري من اخلجل واالنكسار اختارت زاوية‬ ‫قرب احلمام لتقضي الوقت فيها وحيدة‪،‬‬ ‫مبتعدة عن كل املعتقالت‪ ،‬متجاهلة كل من‬ ‫جترب التحدث إليها‪ ،‬رغم حماولة الكثريات‬ ‫منهن االقرتاب منها ومعرفة سرها‪.‬‬ ‫وحدي استطعت جذهبا للكالم‪ ،‬حني جربت‬ ‫أن أكون قريبة منها دون أن أشعرها بفضويل وال‬ ‫رغبيت مبعرفة قصتها إن مل ترغب هي بروايتها‪.‬‬ ‫كانت (ه‪.‬ع) من أبناء جبل األكراد بريف‬ ‫الالذقية يف طريقها من جبل األكراد إىل مدينة‬ ‫الالذقية‪ ،‬ويف حقيبة يدها (‪ 60‬ألف لرية‬ ‫سورية) كلفة عملية جراحية وجب إجراؤها‬ ‫ألختها الصغرى يف أحد مشايف املدينة بتاريخ‬ ‫‪ ، 2013/6/28‬وعند بلوغها أحد احلواجز‬ ‫التابعة ملا يسمى «جيش الدفاع الوطين» قام‬ ‫عنصر بتفتيش حقيبتها‪ ،‬ومبجرد رؤية املبلغ‬ ‫أصبحت التهمة جاهزة‪« :‬هذا املبلغ لتمويل‬ ‫اإلرهابيني وأنت تقومني إبيصاله هلم»‪...‬‬ ‫حاولت جاهدة أن تشرح هلم وهي تقول حقيقة‬ ‫ال يريدون مساعها وال تصديقها‪.‬‬ ‫اقتادوها إىل مقر فرع جيش الدفاع الوطين يف‬ ‫املدينة الرايضية على أطراف حمافظة الالذقية‪،‬‬ ‫والذيكان يتزعمه هالل األسد‪ ...‬وضعهوها‬ ‫منذ اليوم األول داخل منفردة مظلمة‪ ،‬تفوح‬ ‫منها رائحة العفن والدماء‪ .‬ضربوها وعذبوها‬ ‫بشكل يومي‪ ،‬وجبة واحدة هي كل ما كان‬ ‫يقدم هلا‪ .‬بعد مخسة وعشرين يوماً مت حتويلها‬ ‫‪ 30‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬

‫إىل معتقل يف أحد مقرات احلرس اجلمهوري يف‬ ‫دمشق ملدة ثالثة أايم‪ ،‬مث أتيت دورية الصطحاهبا‬ ‫مقيدة اليدين معصوبة العينني إىل التحقيق‪.‬‬ ‫حتقيق روتيين مل خيتلف عن سابقه يف فرع‬ ‫الالذقية إال ابزدايد كم الضرب والتعذيب‪،‬‬ ‫وهناية اجللسة حني قال هلا احملقق‪« :‬ستذهبني‬ ‫مع (الشباب)‪ ...‬إايك أن تصدر عنك أي‬ ‫كلمة تزعجهم»‪ .‬اضطربت كثرياً بعد مساع‬ ‫كلماته‪ ،‬مل تستطع رسم شكل للطريق‪ ،‬وال‬ ‫تقدير طوله وهي تعربه معصوبة العينني‪ ،‬وكل ما‬ ‫فيها يرجتف خوفاً من جمهول ينتظرها‪.‬‬ ‫وصلت‪ ،‬الصراخ يغشي املكان حد العجز عن‬ ‫متييز مصادر الصرخات واألانت لكثرهتا‪ .‬ساقها‬ ‫أحد العناصر لتصعد الدرج وتدخل‪ ،‬وهي‬ ‫التزال مقيدة معصوبة العينني إىل غرفة‪ ،‬كل‬ ‫شيء كان ساكناً يف تلك الغرفة ما عدا قلبها‬ ‫الذي خفق بسرعة جنونية‪ ،‬فجأة عال صوت‬ ‫أحدهم يقول هلا‪« :‬سأفك قيود يديك لتخلعي‬ ‫ثيابك‪ ،‬فافعلي دون أن تصدري أي صوت‪،‬‬ ‫وإال وضعت رصاصة يف رأسك»‪ .‬بكت‬ ‫وتوسلته أال يقرتب منها‪ ،‬كانت تسمع صوته‬ ‫دون أن تراه وهو يركلها على األرض وأيمرها‬ ‫خبلع مالبسها بسرعة‪ ،‬ويقول‪« :‬خلصينا‪...‬‬ ‫عندي شغل»‪.‬‬ ‫الدقائق اليت انقضت وهو يغرز أظافره يف‬ ‫جسدها فيما هي تستغيث مرت طويلة ثقيلة‪،‬‬

‫اكتفى ابلنهوض طالباً منها أن ترتدي ثياهبا‬ ‫وأن ال تتفوه بكلمة حول ما حدث كي ال‬ ‫يضطروا لقتلها‪ ...‬غادر الوحش الغرفة وغرقت‬ ‫هي بدموعها ودماء عذريتها‪.‬‬ ‫خطر بباهلا أن تستغل وجودها وحدها‬ ‫وتسرتق النظر من انفذة الغرفة يف حماولة عابثة‬ ‫الستكشاف املكان‪ ،‬كانت يف الطابق الثاين‬ ‫داخل فيال كبرية يعلو فيها الصراخ من غرف‬ ‫التعذيب واالغتصاب‪..‬‬ ‫علمت أهنا فيال املنشق «يعرب الشرع»‬ ‫فيما بعد ُ‬ ‫يف منطقة صحنااي بدمشق وقد استولت عليها‬ ‫قوات النظام بعد سفره خارج البالد‪ ،‬وفق ما‬ ‫أكدته صديقتنا املعتقلة (أ‪.‬ش) اليت عملت‬ ‫كعنصر متطوع يف ذاك الفرع‪ ،‬إىل أن اكتشفت‬ ‫جرائمهم وشاهدت بعينها استباحتهم للنساء‪،‬‬ ‫وحني ملّحت أهنا ستفضح ممارساهتم‪ ،‬قام عناصر‬ ‫الفرع ذاته ابعتقاهلا بتهمة العمالة املزدوجة‪.‬‬ ‫كانت (ه‪.‬ع) تبكي طوال الليل إىل أن تغيب‬ ‫يف حالة أقرب إىل اإلغماء منها إىل النوم‪ ،‬هي‬ ‫اليت حرمها اخلوف من الرقاد منذ أوقفوها على‬ ‫احلاجز يف الالذقية‪..‬‬ ‫أكثر ما أخافها كان التفكري مبواجهة أهلها‬ ‫وحميطها‪ ،‬كانت تردد أمامي دائماً أن والدها‬ ‫سيقتلها إن علم بقصة اغتصاهبا خشية العار‪،‬‬ ‫وأن اجلميع سيتجنبها يف جمتمع متعصب مقيد‬ ‫ابلعادات والتقاليد اليت ال تراعي مظلوميتها‪،‬‬ ‫هي اليت ال ذنب هلا فيما حدث‪ ،‬وال متلك‬ ‫ما تفعله إزاءه‪.‬‬ ‫كانت منطوية‪ ،‬قليلة الكالم واحلركة‪ ،‬تؤمن‬


‫حبقيقة ماحيدث يف سوراي وتتمىن أن تستمر الثورة حىت سقوط نظام‬ ‫الظلم هذا‪ ،‬مل تقم أبي عمل يف جمال احلراك الثوري‪ ،‬ذنبها الوحيد‬ ‫كان وجود ذاك املبلغ يف حقيبتها‪ ،‬فتمويل اإلرهابيني وإيصال املال هلم‬ ‫كانت هتمة غالبية املعتقالت‪.‬‬ ‫قضت (ه‪.‬ع) داخل سجن عدرا املركزي مدة شهرين قبل أن يتم‬ ‫استدعاؤها إىل حمكمة قضااي اإلرهاب يف دمشق بتاريخ ‪،2013/10/5‬‬ ‫لتشرح قضيتها للقاضي دون أن ختربه حبادثة اغتصاهبا‪ ،‬خوفاً من أن‬ ‫يصل اخلرب للمحقق الذي هددها‪ .‬املفاجأة ابلنسبة هلا كانت يف إخالء‬ ‫سبيلها لعدم وجود إثبات أن املبلغ كان لتمويل اإلرهابيني‪ .‬يف ذلك‬ ‫اليوم مل تعد من احملكمة كما عادت األخرايت من املفرج عنهن‪ ،‬بكت‬ ‫حبرقة‪ ،‬خوفها من مواجهة الناس خارج قضبان السجن حرمها أن تعيش‬ ‫فرحة إخالء سبيلها‪ ،‬زاوية املهجع رقم واحد كانت مالذها الوحيد يف‬ ‫اهلروب من أمل واقعها‪ ،‬يف كل ليلة تستعيد ما حدث معها‪ ،‬ترتبه يف‬ ‫ذهنها وفق تتابعه وتردد بصوت خافت‪« :‬آه اي وطن‪ ..‬مغتصبة أان‬ ‫كحريتك‪ ،‬عشت ألشهد احرتاق زمن مجيل رمبا لن يعود»‪.‬‬

‫قبل أن تغادر(ه‪.‬ع) السجن اقرتبت منها‪ ،‬كنت أعلم مقدار اخلوف‬ ‫الذي جيتاحها من لقاء أهلها‪ ،‬طلبت منها أال ختربهم ‪ ،‬ووعدهتا أين‬ ‫سأذهب خلطبتها عروساً ألخي حني أخرج‪..‬‬ ‫خرجت بعد مخسة أشهر‪ ،‬وكانت أول شخص فكرت ابلبحث عنه‪،‬‬ ‫هاتف أهلها مل جيب‪ ،‬وأان مل أستطع حىت اليوم الوصول إىل أية معلومة‬ ‫ترشدين إليها‪ .‬ال أدري ما الذي حل هبا‪ ،‬وال أدري إن كانت ما زالت‬ ‫تنتظر وعدي الذي أطلقته ألهدئ من روعها أان اليت شهدت على‬ ‫حزهنا ومأساهتا‪ ،‬أفكر كثرياً هبذا الوعد‪ ،‬وأتساءل ترى ما الذي سيغريه‬ ‫وسط كل ما حيدث يف سوراي من قتل ودمار‪ ،‬وماذا عن جمتمعنا‬ ‫الذي يستطيع يف حلظة واحدة نسيان كل الظلم الواقع عليه‪ ،‬املوت‬ ‫والرباميل‪ ..‬اجملازر وحوادث الذبح‪ ،‬ليعاقب فتاة ال ذنب هلا إال إهنا‬ ‫اغتصبت يف سجون آل األسد‪ ،‬وتغتصب هي وكثريات غريها من‬ ‫قبل جمتمع متعصب‪ ،‬يعرف كيف يضع السكني على عنقها‪ ،‬لكنه ال‬ ‫يعرف كيف يضمد جراحاهتا وحيميها‪.‬‬

‫السيــداو‬ ‫ألمهيتها‪ ،‬تقوم جملة «سيدة سوراي» بنشر اتفاقية السيداو على أجزاء‪ ،‬بدءاً‬ ‫من العدد الثاين‪.‬‬ ‫املادة ‪11‬‬ ‫‪ .1‬تتخذ الدول األطراف مجيع التدابري املناسبة للقضاء على التمييز ضد‬ ‫املرأة يف ميدان العمل لكي تكفل هلا‪ ،‬على أساس املساواة بني الرجل‬ ‫واملرأة‪ ،‬نفس احلقوق وال سيما‪:‬‬ ‫(أ) احلق يف العمل بوصفه حقاً اثبتاً جلميع البشر‪.‬‬ ‫(ب) احلق يف التمتع بنفس فرص العمالة‪ ،‬مبا يف ذلك تطبيق معايري اختيار‬ ‫واحدة يف شؤون االستخدام‪.‬‬ ‫(ج) احلق يف حرية اختيار املهنة ونوع العمل‪ ،‬واحلق يف الرتقية واألمن‬ ‫على العمل ويف مجيع مزااي وشروط اخلدمة‪ ،‬واحلق يف تلقّي التدريب‬ ‫وإعادة التدريب املهين‪ ،‬مبا يف ذلك التلمذة احلرفية والتدريب املهين املتقدم‬ ‫والتدريب املتكرر‪.‬‬ ‫(د) احلق يف املساواة يف األجر‪ ،‬مبا يف ذلك االستحقاقات‪ ،‬واحلق يف‬ ‫املساواة يف املعاملة فيما يتعلق ابلعمل ذي القيمة املساوية‪ ،‬وكذلك‬ ‫املساواة يف املعاملة يف تقييم نوعية العمل‪.‬‬ ‫(هـ) احلق يف الضمان االجتماعي‪ ،‬وال سيما يف حاالت التقاعد والبطالة‬ ‫واملرض والعجز والشيخوخة وغري ذلك من حاالت عدم األهلية للعمل‪،‬‬ ‫وكذلك احلق يف إجازة مدفوعة األجر‪.‬‬ ‫(و) احلق يف الوقاية الصحية وسالمة ظروف العمل‪ ،‬مبا يف ذلك محاية‬ ‫وظيفة اإلجناب‪.‬‬ ‫‪ .2‬توخياً ملنع التمييز ضد املرأة بسبب الزواج أو األمومة‪ ،‬وضماانً حلقها‬ ‫الفعلي يف العمل‪ ،‬تتخذ الدول األطراف التدابري املناسبة‪:‬‬ ‫(أ) حلظر الفصل من اخلدمة بسبب احلمل أو إجازة األمومة والتمييز يف‬ ‫الفصل من العمل على أساس احلالة الزوجية‪ ،‬مع فرض جزاءات على‬ ‫املخالفني‪.‬‬ ‫(ب) إلدخال نظام إجازة األمومة املدفوعة األجر أو املشفوعة مبزااي‬ ‫اجتماعية مماثلة دون فقدان للعمل السابق أو لألقدمية أو للعالوات‬ ‫االجتماعية‪.‬‬ ‫(ج) لتشجيع توفري اخلدمات االجتماعية املساندة الالزمة لتمكني الوالدين‬ ‫من اجلمع بني االلتزامات العائلية وبني مسؤوليات العمل واملشاركة يف‬ ‫احلياة العامة‪ ،‬وال سيما عن طريق تشجيع إنشاء وتنمية شبكة من مرافق‬ ‫رعاية األطفال‪.‬‬ ‫(د) لتوفري محاية خاصة للمرأة أثناء فرتة احلمل يف األعمال اليت يثبت أهنا‬ ‫مؤذية هلا‪.‬‬ ‫‪ .3‬جيب أن تُستعرض التشريعات الوقائية املتصلة ابملسائل املشمولة‬ ‫هبذه املادة استعراضاً دورايً يف ضوء املعرفة العلمية والتكنولوجية‪ ،‬وأن يتم‬ ‫تنقيحها أو إلغاؤها أو توسيع نطاقها حسب االقتضاء‪.‬‬ ‫العدد (‪ )5‬أيار ‪31 2014‬‬


‫هل أنت ضحية له؟‬

‫العنف اللفظي يدمر الثقة بالنفس‬

‫• جناح سفر‬

‫العنف ضد املرأة ظاهرة اجتماعية تعاين منها النساء يفكل أحناء‬ ‫العامل‪ ،‬حيث يمُ ارس عليها العنف اجلسدي واجلنسي والنفسي‪،‬‬ ‫متعارضاً بذلك مع القيم احلضارية‪ ،‬واألداين السماوية‪ ،‬وكل‬ ‫االتفاقيات الدولية اخلاصة حبقوق املرأة وحقوق اإلنسان‬ ‫بشكل عام‪ .‬لكن هناك نوعاً معيناً من العنف‪ ،‬رمبا يكون‬ ‫أقسى من العنف اجلسدي‪ ،‬وهو العنف اللفظي‪ ،‬الذي تتهرب‬ ‫نساء كثريات من فكرة أهنن ضحااي له‪.‬‬

‫‪ 32‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬


‫العدد (‪ )5‬أيار ‪33 2014‬‬


‫الطفولة‬ ‫األداة التي نرسم بها مستقبلنا‪..‬‬

‫‪ 34‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬

‫• رشا غيبور‬


‫العدد (‪ )5‬أيار ‪35 2014‬‬


‫اإلصابة بسرطان الجلد‬ ‫حددت األكادميية األمريكية لألمراض اجللدية والتناسلية أول كل إثنني‬ ‫من شهر أاير‪/‬مايو‪ ،‬يوماً ملكافحة سرطان اجللد‪ ،‬ورفع مستوى الوعي‬ ‫للوقاية منه‪ ،‬وتشجيع الكشف املبكر عنه من خالل الفحص الذايت‪.‬‬ ‫وأكدت إحصائيات ‪ ،2013‬وفاة شخص واحد كل ساعة بسبب‬ ‫إصابته بسرطان اجللد‪ ،‬وأنه أكثر أنواع األمراض اخلبيثة شيوعاً بني‬ ‫الشباب البالغني بني ‪ 29- 25‬سنة‪ ،‬والكشف املبكر عنه قبل الوصول‬ ‫إىل العقد الليمفاوية يزيد احتماالت الشفاء منه بنسبة ‪.%98‬‬ ‫كما توصلت الدراسات احلديثة أيضاً إىل معلومات جديدة للوقاية من‬ ‫هذا املرض‪ ،‬فهناك بعض املواد اليت تدخل إىل أفواهنا (من مأكوالت‬ ‫ومشروابت وحىت أدوية) مفيدة ملكافحة سرطان اجللد منها‪:‬‬ ‫ األسربين‪ :‬نشرت جملة السرطان التابعة لباحثني من جامعة ستادفورد‬‫دراسة حول ما يقارب ‪ 60000‬امرأة ترتاوح أعمارهن بني ‪79-50‬‬ ‫سنة من اللوايت لديهن خطر أعلى لإلصابة بسرطان اجللد‪ ،‬فتبني أن‬ ‫اللوايت يتناولن األسربين ابنتظام (مرتني يف األسبوع على األقل ملدة سنة‬ ‫أو أكثر) هن أقل عرضة لإلصابة هبذا املرض بنسبة ‪ .%21‬واللوايت‬ ‫يتناولن األسربين بشكل منتظم ملدة مخس سنوات أو أكثر ارتفعت‬ ‫نسبتهن إىل ‪ %30‬من النساء األقل عرضة لإلصابة‪ ،‬وقد يكون من‬ ‫الغريب أن األسربين دون أي مسكن آخر من املسكنات له هذا التأثري‬ ‫اإلجيايب على الوقاية من سرطان اجللد‪.‬‬

‫‪ 36‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬

‫• هادية اخلطيب‬

‫ القهوة‪ :‬خرب عظيم حمليب القهوة‪ ،‬فقد أثبتت الدراسات احلديثة أيضاً‬‫أنه ميكن احلصول على بعض احلماية من أشعة الشمس الضارة وذلك‬ ‫بتناول قدح واحد من القهوة يومياً‪ ،‬إذ تنخفض خماطر اإلصابة بسرطان‬ ‫اجللد بنحو ‪ ،%11‬وتناول ستة أقداح من القهوة يومياً يقلل من خطر‬ ‫اإلصابة بنسبة ‪ ،%36‬كما أثبتت الدراسات أيضاً أن القهوة اخلالية من‬ ‫الكافيني ال أتثري هلا على وقاية اجللد من خماطر الشمس‪ ،‬ابلتايل الكافيني‬ ‫هو الذي حيمي خالاي اجللد من التلف الذي قد تسببه الشمس وتكون‬ ‫مسؤولة عن تطور احلالة إىل سرطان‪.‬‬ ‫ الفراولة‪ :‬أظهرت الدراسات اليت نشرت يف جملة كيمياء األغذية‬‫الزراعية أن مستخلص الفراولة ميكن أن حيمي خالاي اجللد من األشعة‬ ‫فوق البنفسجية الضارة‪ ،‬فقد وجد الباحثون بعد االختبارات أن تركيز‬ ‫‪ 0.5‬ملغ من املستخلص حيتوي على خصائص وقائية‪ ،‬ويعتقد العلماء أن‬ ‫األنثوسيانني (‪( )anthocyanins‬األصبغة اليت تعطي للفراولة اللون‬ ‫األمحر) مضادة للتهاابت واألكسدة‪ ،‬وابلتايل مضادة للتورم وخصائصه‪،‬‬ ‫وابإلضافة إىل دورها يف محاية البشرة من أشعة الشمس الضارة‪ ،‬ميكن‬ ‫هلذه الثمرة إغناء البشرة ابلفيتامني ‪ ،c‬الذي يعطيها النضارة واحلماية من‬ ‫الشيخوخة املبكرة‪.‬‬ ‫كيف ميكن أن نقلل من خطورة اإلصابة بسرطان اجللد‪:‬‬ ‫التعرض للشمس هو من أكثر العوامل اليت تؤدي لإلصابة بسرطان‬ ‫اجللد‪ ..‬واالنتباه لألمور التالية ميكن أن يقلل من خماطر إصابة اجللد‬ ‫ابخلالاي اخلبيثة‪:‬‬ ‫ البحث عن الظل دائماً واالبتعاد عن الشمس‪ ،‬كما جيب ان نتذكر‬‫دوماً أن أشعة الشمس تكون يف ذروهتا بني الساعة ‪ 10:00‬حىت الساعة‬ ‫‪.14:00‬‬ ‫ ارتداء مالبس الطويلة‪ ،‬مثل قميص طويل األكمام‪ ،‬والسراويل‪ ،‬وقبعة‬‫عريضة احلواف‪ ،‬والنظارات الشمسية‪ ،‬وذلك حلماية اجللد قدر املستطاع‬ ‫من التعرض لألشعة الضارة‪.‬‬ ‫ احلذر من االشعة الضارة عند االقرتاب من املاء والثلج والرمال‪ ،‬ألهنا‬‫تعمل على انعكاس وتكثيف األشعة الضارة للشمس‪ ،‬واليت ميكن أن تزيد‬


‫زادت فرص الشفاء‪.‬‬ ‫وميكن أن يتم هذا الفحص الذايت‬ ‫البسيط عن طريق عدة خطوات بسيطة‪،‬‬ ‫بفحص الشامات املوجودة على اجللد‪.‬‬

‫من حروق الشمس‪.‬‬ ‫ للحصول على فيتامني‪ D‬أبمان جيب اتباع‬‫نظام غذائي صحي يتضمن األطعمة واألغذية‬ ‫الغنية بفيتامني‪ D‬أو إحدى مكمالهتا‪ ،‬لكن ال‬ ‫تتعرضوا للشمس للحصول على فيتامني‪.D‬‬ ‫ عندما تكون خارج املنزل هناراً جيب أن تضع‬‫واقياً مشسياً حىت لو كان اجلو غائماً‪ ،‬وأن ال‬ ‫تكون محايته أقل من ‪ ،% 30‬كما جيب وضعه‬ ‫على مجيع األماكن املكشوفة من اجلسم وجيب‬ ‫إعادة وضعه كل ساعتني‪ ،‬وكذلك بعد السباحة‬ ‫أو التعرق‪.‬‬ ‫ يوضع واقي الشمس مبقدار راحة اليد‪ ،‬وجيب‬‫فركه حني يوضع على األماكن املرادة من اجللد‪،‬‬ ‫وجيب عند وضعه أن ال نتجاهل األجزاء العلوية‬ ‫من القدمني والعنق واألذنني وقمة الرأس‪.‬‬ ‫واقي الشمس يعمل على امتصاص أو‬ ‫عكس األشعة فوق البنفسجية‪ ،‬لذلك جيب‬ ‫استخدام الكرميات الواقية املناسبة لنوعية‬ ‫اجللد‪:‬‬ ‫البشرة العادية‪ :‬ينصح ابستخدام الكرمي اخلايل‬ ‫من الزيوت‪.‬‬ ‫البشرة الدهنية‪ :‬حتتاج إىل الكرمي اخلفيف أو‬ ‫السائل‪.‬‬ ‫البشرة اجلافة‪ :‬يناسبها واقي كرميي كثيف‪.‬‬ ‫البشرة الدهنية واملختلطة‪ :‬يناسبها كرمي‬ ‫خفيف أو سائل‪.‬‬ ‫البشرة احلساسة‪ :‬ينصح ابستعمال كرمي غين‬ ‫مبزااي نباتية وفيتامينات خاصة‪.‬‬ ‫ حتقق من عالمات سرطان اجللد وذلك‬‫بفحص جلدك ابستمرار‪ ،‬فالشامة تعد من أهم‬ ‫عالمات الكشف عن سرطان اجللد يف وقت‬ ‫أقرب‪ ،‬وكلما مت اكتشاف املرض أبكر كلما‬

‫صفات الشامات اليت وتدعو الستشارة‬ ‫الطبيب‪:‬‬ ‫• عدم التماثل‪ :‬أبن‬ ‫يكون قسم من الشامة‬ ‫ال يشبه اآلخر‪.‬‬ ‫• احل�������دود‪ :‬أن تكون‬ ‫غري منتظمة احلدود‪ ،‬أو‬ ‫حمددة بشكل واضح‪.‬‬ ‫• الل�������ون‪ :‬أن يك����������ون‬ ‫اللون متبايناً من مكان‬ ‫إىل آخ����������ر‪ ،‬أو يك����������ون‬ ‫لديها ظالل بلون آخر‬ ‫ب�����ن����ي أو أس����������ود‪ ،‬أو يف‬

‫بعض األحيان أبيض أو أمحر أو أزرق‪.‬‬ ‫• القطر‪ :‬عندما تتحول الشامة إىل سرطان‬ ‫جلد يكون قطرها أكرب من ‪ 6‬ملم (حبجم‬ ‫ممحاة قلم الرصاص‬ ‫تقريباً) وميكن أن تكون‬ ‫أصغر أحياانً‪.‬‬ ‫• التطور‪ :‬عندما تتغري‬ ‫الشامة يف شكلها أو‬ ‫لوهنا‪ ،‬وتبدو خمتلفة عن غريها من الشامات‬ ‫املوجودة يف ابقي اجلسم‪.‬‬

‫فاذإ ظهر يف الفحص الذايت أي من العالمات‬ ‫السابقة الذكر على اجللد جيب مراجعة طبيب‬ ‫متخصص ابألمراض اجللدية فوراً‪ ،‬لتشخيص‬ ‫احلالة ومدى تطورها‪.‬‬

‫لالطالع نورد الروابط التالية‪:‬‬ ‫‪-Skin cancer prevention tips , American Academy of Derma‬‬‫‪tology‬‬ ‫‪http://www.aad.org/spot-skin-cancer/understanding-skin‬‬‫‪cancer/how-do-i-prevent-skin-cancer/skin-cancer-preven‬‬‫‪tion-tips‬‬ ‫‪-What to look for: The ABCDEs of melanoma , American‬‬ ‫‪Academy of Dermatology‬‬ ‫‪http://www.aad.org/spot-skin-cancer/understanding-skin‬‬‫‪cancer/how-do-i-check-my-skin/what-to-look-for‬‬ ‫‪-spot skin cancer melanoma Monday , American Academy of‬‬ ‫‪Dermatology‬‬ ‫‪http://www.aad.org/spot-skin-cancer/what-we-do/melano‬‬‫‪ma-monday‬‬ ‫‪-Beyond Sunscreen: 5 Ways to Prevent Skin Cancer, you‬‬ ‫‪beauty‬‬ ‫‪http://www.youbeauty.com/skin/skin-cancer-prevention‬‬‫‪foods‬‬ ‫العدد (‪ )5‬أيار ‪37 2014‬‬


‫الطالب السوريون في تركيا‬ ‫خطـى شريـدة ومصير مجهـول‬ ‫أن تدخل إىل مدرسة‪ ،‬فتشاهد مدير املدرسة يف الصف بدالً‬ ‫املدرس الذي تغيب عن احلصة الدرسية‪ ،‬هلو أمر يثري يف‬ ‫من ّ‬ ‫نفسك شعورين متناقضني متاماً‪ :‬أوهلم أنك ستشعر ابلتفاؤل‬ ‫والفخر مبستقبل سوراي‪ ،‬وأنه هنالك من ينظر إىل البلد كمشروع‬ ‫مستقبلي‪ ،‬بدل النظرة القدمية اليت اعتربهتا «مشروعاً استثمارايً»‪،‬‬ ‫وأن ما أتخذه جيب أن يفوق أبضعاف مضاعفة ما تبذله‪ ،‬وأنه‬ ‫منذ اليوم ابت اجلميع يدرك أن املشروع الوحيد الذي ينبغي‬ ‫العمل عليه هو «اإلنسان»‪ ،‬الذي سيغري وجه البلد‪.‬‬ ‫لكن هذا الشعور ابلفرح لن جينّبك شعوراً ابحلزن أيضاً على أن هذا‬ ‫الصرح‪ ،‬والذي جيب أن يكون (حسب رأيي الشخصي) هو الذي يشغل‬ ‫احليز األول من االهتمام‪ ،‬مستثىن من قائمة االهتمامات‪ ،‬ليجد معه مدير‬ ‫املدرسة وكادره اإلداري مضطرين إىل تغطية احلصص الدرسية‪ ،‬بسبب‬ ‫إضراب األساتذة أو تركهم العمل‪ ،‬نتيجة لعدم حصوهلم على أجورهم‬ ‫الشهرية لعدة أشهر منذ بدء العام الدراسي‪.‬‬ ‫مدارس ‪ ..‬ولكن!‬ ‫هذا هو احلال يف «املدرسة السورية احلرة»‪ ،‬وهي واحدة من املدارس‬ ‫املقامة يف «تركيا»‪ ،‬واليت أنشئت الستيعاب الطالب السوريني‪ ،‬يقدر‬ ‫عدد طالهبا الذين ينتمون إىل خمتلف املراحل التعليمية بـ ‪ 1000‬طالب‬ ‫وطالبة‪ ،‬كل ذنبهم أهنم هربوا من الرباميل والقصف املمنهج الذي ميارس‬ ‫عليهم يف بالدهم‪.‬‬

‫‪ 38‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬

‫• حتقيق‪ :‬نور مارتيين‬

‫التقرير نشرته جريدة «يين شفق» بعد أن زار وفد من اجلريدة عدداً من‬ ‫املدارس السورية وحتدثوا عن أعمال اهليئة التعليمية السورية‪ ،‬أوضح أنه «بلغ‬ ‫عدد الطالب املسجلني الدارسني يف تركيا أكثر من ‪ 60‬ألف طالب»‪،‬‬ ‫موزعني على «‪ 55‬مدرسة منتشرة يف كافة أحناء تركيا» حبسب التقرير الصادر‬ ‫عن «يين شفق»‪.‬‬ ‫يشري التقرير أن «عدد الطالب امللتحقني ابملدارس قليل للغاية»‪ ،‬يعود‬ ‫ذلك « لعدم االهتمام من البعض‪ ،‬كما يعود أيضاً لألوضاع املادية وصعوبة‬ ‫املعيشة لبعض هذه العائالت‪ ،‬أو عدم وجود مدارس قريبة منهم‪ ،».‬وكان‬ ‫الرئيس «غول» قد ذكر يف لقاء نشرته «الغارداين» أن «تركيا تستضيف‬ ‫على أراضيها ‪ 500000‬مواطن سوري‪ ،‬من بينهم مائتا ألف مواطن سوري‬ ‫يعيشون يف خميمات الالجئني‪ ،‬وثالمثائة ألف مواطن آخرون يعيشون يف املدن‬ ‫الرتكية املختلفة‪ ،‬متدبرين شؤوهنم بطرقهم اخلاصة»‪.‬‬ ‫وإذا افرتضنا أن هذا الرقم دقيق‪ ،‬األمر الذي أستبعده‪ ،‬بسبب أن احلدود‬ ‫السورية‪ -‬الرتكية غري مضبوطة على اإلطالق‪ ،‬وعدد املقيمني بشكل غري‬ ‫شرعي وغري املسجلني كبري‪ ،‬انهيك عن حاالت النزوح املعاكس بفعل‬ ‫االستنزاف املادي‪ ،‬فهذا يعين أن ما ال يقل عن ‪ 100000‬طفل كحد‬ ‫أدىن‪ ،‬هم خارج املنظومة التعليمية‪.‬‬ ‫شح يف املوارد‪:‬‬ ‫ابلعودة إىل حالة املدرسة السورية احلرة‪ ،‬تقول إحدى اإلدارايت يف املدرسة‬ ‫يف معرض حديثها عن دور وزارة التعليم يف احلكومة املؤقتة التابعة لالئتالف‬ ‫أنه «مل خيصص بعد أي مبالغ حقيقة للتعليم‪ ،‬اآلن ترسل هلم بياانت حول‬


‫املدرسة‪ ،‬وبعدها عندما أتيت امليزانية‬ ‫سيتم العمل على رفد العملية التعليمية‬ ‫إن توفرت هلا امليزانية!»‪.‬‬ ‫وعن اجلهات الداعمة لبقية املؤسسات‪،‬‬ ‫تقول اإلدارية إن‪« :‬هيئة التعليم املتمثلة‬ ‫بـالدكتور عبد الرمحن كوارة» تدعم عدداً‬ ‫من املدارس اليت تعمل منذ السنوات‬ ‫السابقة‪ ،‬ولكنها تبحث إمكانية‬ ‫دعمنا‪ ،‬ألن الدعم يطال ما يقارب‬ ‫الـ‪100‬مدرسة‪ ،‬وأصبحت كتلة الرواتب‬ ‫ضخمة جداً‪ ،‬لذلك تبحث اهليئة عن‬ ‫إمكانية الدعم للمدارس اليت افتتحت هذا‬ ‫العام»‪.‬‬ ‫ملاذا «هااتي»؟‬ ‫إن األزمة التعليمية تتجلى يف أكرب أشكاهلا يف‬ ‫املدارس‪ ،‬ال سيما تلك املوجودة يف إقليم «هااتي»‬ ‫أو «لواء اسكندرون»‪ ،‬كون هذا اإلقليم يعود‬ ‫اترخيياً لسوراي‪ ،‬وكانت احلكومة الرتكية قد منعت‬ ‫يف بداية عام ‪ 2013‬منح إقامات للسوريني فيه‪،‬‬ ‫رغم أنه يضم أكرب عدد من السوريني‪ ،‬بسبب‬ ‫قربه من احلدود من جهة‪ ،‬وسهولة التواصل مع‬ ‫سكانه‪ ،‬ذلك أهنم يف الغالب جييدون العربية‪.‬‬ ‫ويشري السيد مدير املدرسة أنه «يف مدن أخرى‬ ‫كغازي عينتاب أو اسطنبول‪ ،‬قامت اجلهات‬ ‫الرتكية بتقدمي املباين‪ ،‬واملقاعد وفحم التدفئة‬ ‫للمدارس السورية‪ ،‬انهيك عن املدارس الرتكية‬ ‫اليت أنشئت خصيصاً للسوريني وتكفلت هبا‬ ‫احلكومة الرتكية من مبىن وأاثث وأجور مدرسني‪،‬‬ ‫رغم أهنا تدرس املناهج السورية اليت طبعتها هيئة‬ ‫«علم»‪ ،‬حيث طبعت على نفقتها ‪4‬ماليني‬ ‫نسخة من الكتب املدرسية‪ ،‬إال أهنا تدرس اللغة‬ ‫الرتكية‪ ،‬وهو ما نقوم به يف الواقع يف مدارسنا اليت‬ ‫أنشأانها جبهودان الفردية‪ ،‬وذلك لتزايد احلاجة‬ ‫إليها جلهة‪ ،‬ولطول أمد األزمة جلهة أخرى»‪.‬‬ ‫تعليم وأجندات‪:‬‬ ‫تناقلت بعض وسائل اإلعالم أخباراً حول‬ ‫إلزام بعض املدارس السورية يف تركيا ابرتداء‬ ‫احلجاب‪ ،‬حىت أن اإلعالمي مؤيد اسكيف‬ ‫كتب على صفحته على فيسبوك‪« :‬مدرسة‬ ‫يف أنطاكيا تكرم البنات احملجبات وتستثين ابنة‬

‫أخي املعتقل وهي طفلة عمرها عشر سنوات‬ ‫ألهنا سافرة رغم تفوقها‪ .‬هل هلؤالء السفلة دفعنا‬ ‫كل هذا الثمن ؟»‪ ،‬كما أن حصة أخت موزة‬ ‫عقيلة الشيخ محد بن خليفة آل اثين قد زارت‬ ‫بعض املدارس يف أنطاكيا ووزعت الكتب على‬ ‫طالهبا‪ ،‬دون غريها!‬ ‫إال أن «مسر»‪ ،‬الطالبة يف املرحلة الثانوية يف‬ ‫«املدرسة السورية احلرة» قد نفت أن تكون‬ ‫قد تعرضت هلكذا موقف‪ ،‬قائلة‪« :‬املدرسون‬ ‫يعلموننا بشكل جيد‪ ،‬إال أنه مت تغيري أكثر من‬ ‫مدرس مؤخراً‪ ،‬وهم ال يعريون انتباهاً للحجاب‪،‬‬ ‫شخصياً مل ينبهين أحد ملوضوع ارتداء احلجاب‪،‬‬ ‫فقط طلبوا أن يكون لباسي الئقاً بطالبة‬ ‫مدرسة»‪.‬‬ ‫أهم العقبات‪:‬‬ ‫السيد مرهف‪ ،‬وهو ويل أمر أحد الطالب يف‬ ‫املرحلة االبتدائية‪ ،‬يقول‪« :‬لقد كانت أزمة ولدي‬ ‫الكربى يف سوراي هي الشعور بعدم االستقرار‪،‬‬ ‫األمر الذي شكل له بعض الضغوط النفسية‬ ‫ومشاكل يف النطق‪ .‬اليوم يستعيد ولدي املشاكل‬ ‫ذاهتا بسبب عدم شعوره ابالستقرار‪ ،‬وما يسمعه‬ ‫من مقوالت يتناقلها زمالؤه حول احتمال إغالق‬ ‫املدرسة»‪.‬‬

‫ويتحدث مدير املدرسة عن هذه‬ ‫املشكلة‪ ،‬فيقول‪« :‬هناك جزء من‬ ‫املقاعد حصلنا عليها من ‪ /‬املال أيتني ‪/‬‬ ‫الرتبية الرتكية ‪ ،/‬فيما مت جتهيز الباحة من‬ ‫قبل بلدية «أنطاكيا»‪ ،‬واشرتينا قسماً من‬ ‫املقاعد‪ ..‬كما أن هناك مجعية قدمت لنا‬ ‫قسماً آخر من املقاعد‪ ،‬ولكن مل يصلنا‬ ‫شيء من أي جهة سورية!»‪.‬‬ ‫أما عن أهم سلبيات العملية الرتبوية يف‬ ‫تركيا‪ ،‬فيقول «القائمون على العملية‬ ‫التعليمية غري أكفاء يف قيادة هذه العملية‪،‬‬ ‫ولألسف فإن بعض املنظمات اليت تدعم املدارس‬ ‫تفرض شروطاً يف التدخل يف أي شاردة وواردة‪،‬‬ ‫يف املقابل ما من جهة تشرف على آلية عمل‬ ‫هذه املدارس أو تقوم ابلدور الرقايب عليها‪ ،‬أو‬ ‫على كفاءة كوادرها‪.»...‬‬ ‫البد من أن تعري اجلهات اليت يفرتض هبا أن‬ ‫متثل الشعب اهتماماً لقضية التعليم‪ ،‬خاصة‬ ‫وأن اليونيسيف قد أوردت يف تقريرها هناية العام‬ ‫املنصرم أن «ثالثة ماليني» طف ً‬ ‫ال سورايً ابتوا‬ ‫خارج املنظومة التعليمية‪ ،‬األمر الذي يستدعي‬ ‫قرع انقوس اخلطر‪ ،‬ولكنه حلم بعيد املنال‪ ،‬خاصة‬ ‫وأن الوزير املكلف من قبل احلكومة املؤقتة «عبد‬ ‫الرمحن احلاج»‪ ،‬مل يقم ابلرد على أي تساؤل فيما‬ ‫يتعلق ابلعملية الرتبوية يف تركيا‪ ،‬أو حىت تقدمي‬ ‫اعتذار عن الرد‪ ،‬علماً أن السيد الوزير يقوم مبهام‬ ‫وزير الرتبية يف احلكومة املؤقتة‪ ،‬يف وقت مل حيصل‬ ‫فيه على ثقة االئتالف!‬ ‫يبقى أن نشري إىل أنه مت التواصل مع د‪.‬جالل‬ ‫الدين اخلاجني وطرحت عليه أسئلة هبذا‬ ‫اخلصوص ولكنه مل يتكرم ابلرد‪ ،‬يف الوقت الذي‬ ‫تدخل بعض األفراد لتقدمي منحة تضم راتب‬ ‫شهر للمدرسني مع سداد أجور حافالت النقل‬ ‫املرتاكمة‪ ،‬وكان املقابل هو طرد مدرس املوسيقا‬ ‫الذي كان يقيم ورشات جمانية للطالب حبجة‬ ‫أن «املوسيقا حمرمة»‪ ،‬وهنا البد من القول‬ ‫إن ما جيري حيمل أحد وجهني‪ :‬إما أن اهليئة‬ ‫التعليمية راضية عن هذه األجندات وتتنصل‬ ‫من واجباهتا لتفسح اجملال ملن يريد تنفيذها‪،‬‬ ‫أو أهنا قاصرة عن القيام بواجباهتا‪ ،‬ومها أمران‬ ‫أحالمها مر!‬ ‫العدد (‪ )5‬أيار ‪39 2014‬‬


‫حكايات عن المرأة بوصفها ضحية للقمع المجتمعي‬ ‫مارست الثقافة الذكوريَّة يف اجملتمعني الصيين‬ ‫والعريب أنواعاً وأشكاالً متعددة من القمع ضد‬ ‫املرأة‪ ،‬تبدأ من قصة خلقها واهتامها ابألاننية‬ ‫واخلداع‪ ،‬وال تنتهي عند اللغة اليت تقتضي‬ ‫استخدام مجع الذكور يف خماطبة ألف أنثى جملرد‬ ‫بينهن‪ .‬ومن أكثر أنواع القمع‬ ‫وجود طفل ذكر َّ‬ ‫شيوعاً وإيالماً القمع االجتماعي الذي متارسه‬ ‫حق الكنَّة زوجة االبن‪،‬‬ ‫ُّأم الزوج احلبيب يف ِّ‬ ‫والذي صوره األدب والتاريخ األديب يف اللغتني‬ ‫كلتيهما‪.‬‬ ‫تتحدث القصيدة القصصيّة الصينيّة الشعبيَّة‬ ‫الطويلة (الطاووس يطري حنو اجلنوب)‪ ،‬اليت يعود‬ ‫اتريخ إبداعها إىل القرن الثالث امليالدي‪ ،‬واليت‬ ‫تُ ُّ‬ ‫عد واحدة من روائع األدب الشعيب العاملي‪،‬‬ ‫عن مأساة أسرة فتيَّة‪ ،‬كان فيها الزوجان‬ ‫العاشقان ضحيّة قسوة العالقات االجتماعيّة‬ ‫الصارمة وفظاظة األعراف والتقاليد الظاملة يف‬ ‫اجملتمع اإلقطاعي احملافظ‪ ،‬فالصبيَّة النزي الذكيّة‬ ‫النشطة املثقفة‪ ،‬أحبَّت زون جينغ وعاشت معه‬ ‫بعد الزواج أسعد حلظات حياهتا‪ ...‬لكنَّها مل‬ ‫تستطع اكتساب حمبّة محاهتا ورضاها على الرغم‬ ‫من وفائها وتضحيتها‪ ،‬وحماوالت الزوج الشاب‬

‫إقناع أ ِّمه َّ‬ ‫أبن الفتاة صاحلة وجيَّدة ومؤدَّبة و‪...‬‬ ‫و ُ‬ ‫اضط َّر حتت ضغط أ ِّمه العجوز وإصرارها‬ ‫وهتديدها ْأن يرضخ ملشيئتها كما تقتضي‬ ‫األعراف والتقاليد‪ ،‬ويطلّق زوجه‪.‬‬ ‫يتعاهد الزوجان العاشقان يف آخر حلظات‬ ‫اللقاء بينهما على احلفاظ على حبهما إىل أن‬ ‫تُتاح هلما فرصة العودة للعيش معاً‪.‬‬ ‫ويستاء أهل الفتاة من عودة ابنتهم إىل بيتها‬ ‫مطلقة‪ ،‬وتتلقى لذلك تعام ً‬ ‫ال قاسياً‪ ،‬ينطوي‬ ‫على كثري من اإلهاانت واإلذالل‪ ،‬كما حيدث‬ ‫ألي مطلقة يف جمتمع ذكوري متخلِّف‪،‬‬ ‫عادة ِّ‬ ‫ويقرر أهلها تزوجيها ألول عريس قادم‪ ،‬وأبقصى‬ ‫سرعة‪ ،‬فيوافق أخوها األكرب على تزوجيها من ابن‬ ‫أحد الوجهاء املتنفذين الذي َّ‬ ‫تقدم خلطوبتها‪.‬‬ ‫وليلة الزفاف‪ ،‬وبدالً من أن تذهب النزي إىل‬ ‫العربة اليت ينبغي أن تقلها إىل بيت الزوجيَّة‬ ‫تصمم أن تبقى‬ ‫اجلديد حيث تُقام األفراح‪ِّ ،‬‬ ‫خملصة حلبّها األول‪ ،‬وتتخذ قرارها ابالنتحار‪،‬‬ ‫احلب الذي قطعته على‬ ‫كي تبقى وفيّة لعهد ّ‬ ‫نفسها‪ ،‬وكي تتخلص من الزوج الذي أرغمتها‬ ‫أسرهتا على القبول به‪ ،...‬تتوجه إىل بركة املاء‬ ‫الكبرية وترمي نفسها‪ ،‬ومتوت غرقاً‪.‬‬ ‫يصل النبأ إىل مسامع حبيبها زون جينغ‪،‬‬ ‫يلحق‬ ‫فيسارع إىل فعل الشيء نفسه‪ ،‬كي‬ ‫َ‬ ‫ويشنق نفسه‪...‬‬ ‫حببيبته إىل العامل اآلخر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وهكذا يفي ٌّ‬ ‫احلب الذي‬ ‫كل من العاشقني بعهد ّ‬ ‫قطعه على نفسه‪ ،‬تقول خامتة القصيدة‪:‬‬ ‫ ‬ ‫طلبت األسراتن أن يُدفن العاشقان معاً‬ ‫يف قرب واحد عند سفح جبل (هوس ـ هان)‬ ‫شرقي القرب وغربيِّه نبتت أشجار األرز‬ ‫يف‬ ‫ِّ‬ ‫والصنوبر‬ ‫على ميني القرب ومشالِه امتدت ظالل الدفلى‪،‬‬ ‫وتعانقت أغصان األشجار‪،‬‬

‫‪ 40‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬

‫• د‪ .‬غسان مرتضى‬

‫وامتزجت أوراقها‪،‬‬ ‫وسكن بني األغصان زوجان من الطيور‪،‬‬ ‫احلب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مسامها الناس طيور ّ‬ ‫كاان يرتاءاين‪ ،‬ويغردان مرفو َع ْي الرأس‬ ‫يف ّ‬ ‫كل ليلة حتىّ اهلزيع األخري‪،‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ّ‬ ‫وظل املارة يتوقفون لسماع غنائهما‪...‬‬ ‫احلب بعد املوت متحدايً العالقات‬ ‫ويستمر ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫االجتماعيَّة القاسية اليت ال تقيم وزانً لذات‬ ‫الفرد‪ ،‬وال أتبه ابملشاعر وال العواطف‪.‬‬

‫تصور هذه القصيدة املأخوذة من كتاب‬ ‫ّ‬ ‫(األغاين) الذي مجعت فيه عشرات القصائد‬ ‫حب صينيّة صادقة‬ ‫الشعبيَّة القدمية‪ ،‬حالة ٍّ‬ ‫وبريئة‪ ،‬وتتحدث بلغة مفعمة ابلشفافيّة ومكتنزة‬ ‫بصدق العاطفة واألحاسيس وبساطتها عن‬ ‫احلب‬ ‫احلب املمزوجة ابخلوف والرهبة‪ّ ،‬‬ ‫مشاعر ّ‬ ‫جتاه احلبيب الصادق املخلص‪ ،‬واخلوف من‬ ‫صنوف الرقابة واملمانعة االجتماعيَّة‪ ،‬اخلوف من‬ ‫احمليط الذكوري املمثل ابألب واألخوة والوشاة‬ ‫تش َّربَ ْت‬ ‫والرقباء‪ ،‬والذي تؤازره ُّ‬ ‫األم األنثى اليت َ‬ ‫‪ -1‬عب��د املعني امل ّلوح��ي‪(( ،‬ثقافات وأزمنة ّ‬ ‫وعش��اق)) مجلة‬ ‫املدى‪ ،‬ع ‪ ،40‬سنة ‪ ،2003‬ص‪ 43‬ـ ‪.45‬‬


‫القوانني االجتماعيّة الذكوريّة‪ ،‬وارتوت منها‬ ‫إىل ح ّد اإلشباع‪.‬‬ ‫كان اجملتمع الصيين جمتمعاً حمافظاً منذ‬ ‫أقدم العصور‪ ،‬ومازال حمافظاً حتىّ أياّ منا‬ ‫يهتم اهتماماً ابلغاً ابلعادات والتقاليد‬ ‫هذه‪ُّ ،‬‬ ‫املتوارثة‪ ،‬ويَ ُّ‬ ‫عد العائلة الوحدة األساسيَّة اليت‬ ‫ال جيوز ْأن ينفرط عقدها‪ ،‬واليت ينبغي ْأن‬ ‫أبوي متوارث وصارم‪ ،‬ينظر‬ ‫ختضع لنظام ّ‬ ‫إىل املرأة نظرة دونيّة‪ ،‬ويفرض عليها قيوداً‬ ‫األم دورها الذكوري‬ ‫اجتماعيّة قاسية‪ ،‬ومتارس فيه ُّ‬ ‫بعد ختليها عن أنوثتها وحتوهلا إىل رقيب وَ�قيِّ ٍم‬ ‫على العادات واألعراف والتقاليد‪.‬‬ ‫إ ّن موضوع هذه القصيدة الطويلة مركب من‬ ‫عد ٍد من املعاين ذات الطابع النمطي العاملي‪،‬‬ ‫اليت تتكرر يف كثريٍ من النصوص األدبيَّة الشعبيَّة‬ ‫لدى شعوب متعددة يف العامل‪.‬‬ ‫ويكاد التشابه العام بني موضوعها ومواضيع‬ ‫عدد من النصوص العربيّة القدمية يصل إىل‬ ‫ح ِّد التطابق أحياانً‪ ،‬بل إنَّنا نكاد نثق –إذا ما‬ ‫غريان األمساء وما يشري إىل البيئة– َّ‬ ‫أبن أحداث‬ ‫القصة يف هذه القصيدة قد وقعت يف جند أو‬ ‫َّ‬ ‫احلجاز أو بالد الشام‪...‬‬

‫َّإن الشاعر شبّه سعي الناس بينهما بسعي‬ ‫الدهر‪:‬‬ ‫عجبت لسعي الدهر بيين وبينها‬ ‫فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر‬

‫ويتشابه مضمون هذه القصيدة القصصيَّة‬ ‫الشعبيَّة مع مضامني عدد من القصص اليت‬ ‫تروي سري احلب لدى العشاق العرب‪ ،‬فقد‬ ‫َّفرق اجملتمع بني عنرتة وعبلة‪ ،‬وسعت القبيلة‬ ‫بني قيس وليلى ففرقت بينهما‪ ،‬وسعى الناس‬ ‫بني أيب صخر اهلذيل وحبيبته أم حكيم‪ ،‬حىت‬

‫وغري ذلك كثري من القصص املعروفة‪.‬‬ ‫القصة اليت تنطوي على شبه كبري‬ ‫لكن َّ‬ ‫َّ‬ ‫القصة الصينيَّة هي ما يُروى عن قيس‬ ‫مع َّ‬ ‫أحب لبىن بنت احلباب‬ ‫بن ذريح الذي َّ‬ ‫وتزوجها‪ ،‬مثّ طلقها حتت ضغط والديه‬ ‫وإصرارمها‪ ،‬فماتت‪ ،‬ومات حزانً وكمداً عليها‪.‬‬ ‫تعددت املآسي االجتماعيَّة يف ثقافة اجملتمعات‬ ‫الذكوريَّة‪ ،‬ومتخضت عن تشاهبات تصل إىل‬ ‫ح ِّد التطابق‪ ،‬تشي َّ‬ ‫أبن العامل قرية صغرية ما دام‬ ‫حمكوماً بعالقات اجتماعيَّة واحدة‪.‬‬

‫أ ّما إذا تناولنا ّ‬ ‫كل معىن من معانيها بصورة‬ ‫مستقلة‪ ،‬فسنجد له من املشاهبات يف األدب‬ ‫صور‪ ،‬وعلى سبيل‬ ‫العاملي أكثر مما ميكن ْأن �يُ تَ َّ‬ ‫املثال فإ ّن معىن دفن الزوجني أو العاشقني‬ ‫يف قربين متقاربني‪ ،‬ومنو األشجار أو الورود‬ ‫على قربيهما‪ ،‬وتعانقها يف كناية عن استمرار‬ ‫احلب بعد املوت‪ ،‬هو معىن معروف يف األدب‬ ‫ّ‬ ‫الفرنسي الشعيب القروسطي (تريستان وإيزو)‪،‬‬ ‫ويف األدب الفارسي الطاجيكي (طاهر وُزهرة)‪،‬‬ ‫ويف األدب العريب (عروة وعفراء)‪ ،‬ويف األدب‬ ‫اإلسكتلندي (توماس وأنيت)‪ ،‬ويف األدب‬ ‫الكردي (ممو وزين) إخل ‪ ...‬واألمر نفسه‬ ‫ينسحب على معاين أخرى مثل (قيام األم‬ ‫احمل�بينْ )‪ ،‬و(تعاهد‬ ‫بدور سليب يؤدي إىل افرتاق َ‬ ‫احملبني على اإلخالص واالستمرار يف احلب)‪،‬‬ ‫احمل�بينْ للضغوطات من األهل أو‬ ‫و(تعرض أحد َ‬ ‫من طرف دخيل)‪ ...‬إخل‪.‬‬ ‫العدد (‪ )5‬أيار ‪41 2014‬‬


‫رشا عمران «بانورما الموت والوحشة»‬ ‫وسريالية الواقع السوري‬ ‫ُ‬

‫• عبد الكرمي بدرخان‬

‫ال ب ّد للشاعر العريب ْأن خيرج من الغنائية التقليدية وينفتح على الفضاء‬ ‫السردي األرحب‪ ،‬وما حيتويه من دالالت ورموز وتفاصيل وتشكيالت‬ ‫بصرية وتقنيات حوارية كاملونولوج واالسرتجاع‪ ،‬ابإلضافة إىل أ ّن إدراج‬ ‫ِ‬ ‫النص يعمل على تقوية القصيدة‪ ،‬ويع ّزز مستوايهتا‬ ‫تقنيات السرد يف ثنااي ّ‬ ‫تركيباً وإيقاعاً ودالل ًة‪.‬‬

‫قبل سنوات‪ ،‬قال يل أحد األصدقاء مازحاً‪« :‬كلمة ُسرايليّة مشتقّة‬ ‫السرايلية‬ ‫من سوراي»‪ ،‬واليوم يبدو الواقع السوري أكثر ُسرايليّ ًة من ُ‬ ‫نفسها‪ .‬يف ديوان «ابنوراما املوت والوحشة» للشاعرة رشا عمران‪،‬‬ ‫الصادر عن دار «نون» هذا العام‪ ،‬تق ّدم الشاعرة جتربة وجودية‬ ‫عبثيّة سرايليّة ال ختلو من ضروب اجلنون اإلبداعي‪ .‬نقف عند‬ ‫للنص‪ ،‬فنجدها قد اختارت كلمة‬ ‫العنوان ابعتباره العتبة األوىل ّ‬ ‫«ابنوراما» أي النظرة العامة والرؤية الشاملة‪ ،‬لكن أي ابنوراما؟ إهنا‬ ‫ابنوراما ملشاهد املوت السوري وأنواعه وطرائقه‪ ،‬وحلاالت الوحشة‬ ‫القاتلة اليت يعيشها اإلنسان السوري‪ .‬يف هذا الديوان يتّحد الذايت‬ ‫ابملوضوعي احتاداً عضوايً‪ ،‬ويصبح جسد الشاعرة وجس ُد الوطن‬ ‫قطع ًة واحدة‪ ،‬وتغدو أفكا ُرها وأحال ُمها‬ ‫وهواجسها ورؤاها انعكاساً‬ ‫ُ‬ ‫مباشراً ملشاهد الرعب اليت ِ‬ ‫تص ُلها عرب «الشاشة السوداء» كما‬ ‫مس ْتها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫من حيث الشكل‪ ،‬يتألف الديوان من عنوانه الرئيس «ابنوراما املوت‬ ‫والوحشة»‪ ،‬ومن مثانني مقطعاً شعرايً مرقّماً دون عنوان فرعي‪ّ ،‬‬ ‫تشكل‬ ‫كت عمران أن املشهد السوري‬ ‫مبجموعها مشاهد البانوراما‪ .‬لقد أدر ْ‬ ‫ال ميكن إحاطتُه بقصيدة واحدة‪ ،‬فهو مشهد واسع‪ ،‬معقد‪ ،‬مرّكب‬ ‫اختارت كتابة مقاطع (نصوص قصرية)‪ٌّ ،‬‬ ‫كل منها‬ ‫ومتناقض‪ ،‬ولذلك‬ ‫ْ‬ ‫يقدم صورًة من هذه البانوراما‪ .‬وهذه التجربة الشكليّة‪-‬املضمونيّة اتّبعها‬ ‫ٍ‬ ‫حاالت شبيه ٍة ابحلالة السورية‪،‬‬ ‫ِم ْن قبلها عد ٌد من الشعراء للكتابة عن‬ ‫مثل حممود درويش يف «حالة حصار»‪ ،‬وأدونيس يف قصيدة «الوقت»‪،‬‬ ‫وغادة السمان يف رواية «كوابيس بريوت»‪.‬‬ ‫سأحتدث عن ثالثة موضوعات يف ديوان «ابنوراما املوت والوحشة»‪،‬‬ ‫أرى أهنا ّ‬ ‫تشكل السمات املميزة للديوان‪ ،‬وهي‪ :‬السردية‪ ،‬الوجودية‪،‬‬ ‫السرايلية‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫تقنيات السرد لتحقيق اإلدهاش الشعري‪ ،‬فهي‬ ‫اعتمدت رشا عمران على‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫الكلمات مع‬ ‫تشتبك‬ ‫ترسم املشهد بكلمات بسيطة وخيال خصب‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بعضها ّ‬ ‫تنحل احلبك ُة ٍ‬ ‫مشكل ًة حبكة قصصيّة حقيقية‪ ،‬مث ّ‬ ‫مدهش‬ ‫حبدث‬ ‫ٍ‬ ‫حكت لنا عن املوت الذي ال يشبع‪:‬‬ ‫ومفاجئ‪ ،‬فهكذا –مثالً‪-‬‬ ‫ْ‬ ‫«أذهب إىل املطبخ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ني اليت اشرتيتُها قبل مدة‬ ‫أأتمل السكاك َ‬ ‫ُ‬ ‫أمحل واحد ًة منها‬ ‫وأعوُد إىل الغرفة‬ ‫على اجلدا ِر الفارغ‬ ‫أرسم َ‬ ‫قاتل ما‬ ‫ظالل ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫أحفر يف احلائط كي أنزَع كبده‬ ‫بيدي‬ ‫اليت‬ ‫ني‬ ‫وابلسك‬ ‫ُ‬ ‫وحينما أنتهي‬ ‫كيس بالستيكي‬ ‫أعوُد إىل املطبخ وأض ُع الكب َد األسوَد يف ٍ‬ ‫متوء ٍ‬ ‫بدأب فريد‬ ‫مث ُ‬ ‫أفتح الباب وألقي به أمام القط ِة اليت ُ‬ ‫وحني أعوُد اثنية إىل غرفيت‬ ‫بظالل عشر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات القتلة‬ ‫أكتشف أن حائطي امتأل‬ ‫ُ‬ ‫محل السكني ويتّجهون حنو سريري‬ ‫يتناوبون على ِ‬ ‫بينما القط ُة اليت يف اخلارج‬ ‫متوء ابنتظار املزيد»‪.‬‬ ‫ماز ْ‬ ‫الت ُ‬

‫‪ -1‬السردية يف الشعر‪:‬‬ ‫خالل النصف الثاين من القرن العشرين‪ ،‬بدأت نظرية األنواع األدبية‬ ‫(األجناسيّة) ترتاجع عن مكانتها السابقة‪ ،‬ومل تعد معياراً للفصل بني‬ ‫جنس أديب وآخر‪ ،‬فاحلدود بني األنواع األدبية ختتلط ومتتزج كثرياً‪ .‬وكان‬

‫كما تعتمد عمران على تقنيّة تتايل الصور أو املونتاج‪ ،‬حيث ترسم صوراً‬ ‫ألي صورة منها‬ ‫بسيط ًة بكلمات وتركيبات لغوية بسيطة‪ ،‬ال قيم َة فنيّاً ِّ‬ ‫امي ّ‬ ‫تشكل املشهد‬ ‫لوحدها‪ ،‬لكنها بتتابعها البصري وبتصاعدها الدر ّ‬ ‫الشعري‪ /‬الدراماتيكي‪ /‬الفجائعي‪:‬‬

‫‪ 42‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬


‫«ول ٌد مذهو ٌل على البساط‬ ‫طفل ٌة على السرير الصغري‬ ‫عجوٌز تستند إىل ٍ‬ ‫حائط مائل‬ ‫مث َة عكازةٌ عند ِ‬ ‫تشعر ابمللل‬ ‫الباب املوارب وكرٌة ُ‬ ‫وعلى احلائط‬ ‫رجل وامرأة يف ثياب العرس‬ ‫صورُة ٍ‬ ‫بقع ٌة محر ُاء على زاوية الصورة‬ ‫كانت شارَة احلداد»‪.‬‬ ‫كما لو ْ‬ ‫‪ -2‬التجربة الوجودية‪:‬‬ ‫معظم التيار ِ‬ ‫ظهرت يف‬ ‫ات الفكرية واألدبية والفنية اليت‬ ‫ْ‬ ‫ميكننا القول إ ّن َ‬ ‫تيارت‬ ‫انتقلت إىل الوطن العريب‬ ‫أورواب خالل القرن العشرين‪،‬‬ ‫وظهرت ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ظهرت كنتيجة‬ ‫مشاهب ٌة هلا يف الفكر واألدب والفن‪ .‬إال أ ّن التيارات اليت‬ ‫ْ‬ ‫انعكاسها الواضح يف‬ ‫يكن هلا‬ ‫مباشرٍة لويالت احلرب العاملية الثانية‪ ،‬مل ْ‬ ‫ُ‬ ‫السرايلية‪.‬‬ ‫الثقافة العربية‪ ،‬كالوجودية والعبثية والدادائية و ُ‬ ‫واليوم‪ ،‬يعيش اإلنسان السوري جترب ًة وجودية فريدة‪ ،‬تتسم ابلقلق واخلوف‬ ‫من التحدايت واملخاطر‪ ،‬وإبصراره على إعالء حرية الفرد‪ ،‬واحرتام إرادته‬ ‫يف اختاذ قراراته املصريي ِة وحتقيق وجوده‪ .‬ويرى سارتر أن للكاتب موقفاً يف‬ ‫عصره‪ ،‬ومسؤولي ًة جتاه جمتمعه واإلنسانية بصورة عامة‪.‬‬ ‫تظهر مالمح الوجودية عند عمران من حيث إهنا شاعرة حتيا الوجود‬

‫البشري بكل تفاصيله‪ ،‬أي إهنا ال ّ‬ ‫تفكر فيه وتتأ ّمله فقط‪:‬‬ ‫«وما كان لشي ٍء ْأن حيول دون تفتّيت‪..‬‬ ‫اقب أعضائي موّزع ًة على البالط‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫كنت أر ُ‬ ‫تلك الي ُد أعرفُها جيداً‪ ،‬و ُ‬ ‫أعرف أصابع القدم اليسرى املبعثرة‪ ،‬وأعرف‬ ‫كنت أبرزها دائماً كلما‬ ‫الشامة‬ ‫السوداء يف أعلى الظهر‪ ،‬الشامة اليت ُ‬ ‫َ‬ ‫نسيت امسي‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫السرة امللقاة حتت السرير‬ ‫أعرف بقع َة الد ِم أسفل اجلدار‪ ،‬وأعرف ّ‬ ‫كمنديل عتيق‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫أس ّ‬ ‫أس املعلّق أمام الشاش ِة السودا ِء كمسما ٍر‬ ‫بكل تفاصيله‪ ،‬الر ُ‬ ‫وح َده الر ُ‬ ‫يف فراغ احلائط‬ ‫كان غريباً عين‪.»...‬‬ ‫وعندما تتعمق أزمة اإلنسان الوجودية‪ ،‬يبدأ بتأمل عناصر الطبيعة من‬ ‫خضم متاهيه الكامل‬ ‫نبااتت وحيواانت وديدان‪ ،‬مث يتماهى معها يف‬ ‫ّ‬ ‫مع الوجود‪ ،‬يف الديوان يكثر استخدام مفردات مثل‪ :‬النمل والعنكبوت‬ ‫والدود‪ ،‬ويكثر أتملها من قبل الشاعرة‪ ،‬مث متاهيها معها‪:‬‬ ‫ّق اجلدرا َن كعنكبوت ٍة سوداء‬ ‫«تلك اليت تتسل ُ‬ ‫ليست سوى‬ ‫وحشيت»‪.‬‬ ‫‪ُ -3‬سرايلية الواقع السوري‪:‬‬ ‫يتصور ما حيدث يف سوراي‪ ،‬فما حيدث يفوق‬ ‫ال ميكن للعقل البشري ْأن ّ‬ ‫العقل واملنطق واخليال‪ ،‬إنه واقع ال واقعي!‬ ‫ولذلك اعتمدت الشاعرة على آليات نفسية خمتلفة للتعبري عن العقل‬ ‫الباطن‪ ،‬بطريقة يعوزها النظا ُم واملنطق‪ ،‬معتمدة على األحالم واخلياالت‬ ‫والرؤى واهلواجس واهللوسات‪:‬‬ ‫«ويف آخر الليل أعي ُد أعضائي املبعثرَة إىل أمكنتها‬ ‫قد أض ُع أصاب َع اليد اليمىن يف القدم اليسرى‪،‬‬ ‫أخطئ يف ترتيب تفاصيل وجهي‪،‬‬ ‫وقد‬ ‫ُ‬ ‫القلب مكان إحدى الكليتني‪...‬‬ ‫وقد أض ُع َ‬ ‫استيقظت صباحاً سأدرك أنين‬ ‫لكنين إذا ما‬ ‫ُ‬ ‫استيقظت كجث ٍة مكتملة»‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫بعض مالمح املدرسة الوحشية يف الفن‬ ‫وتظهر يف ُسرايلية رشا عمران ُ‬ ‫التشكيلي‪ ،‬مثل تركيزها على استخدام اللونني األسود واألمحر‪ ،‬ومها لوان‬ ‫املوت والدم‪ ،‬وكذلك قيامها بتحريف األشكال عن طريق تغيري حجومها‬ ‫وأماكنها ونِ َسبها الطبيعية‪:‬‬ ‫يصبح قليب حبج ِم منل ٍة سوداء‬ ‫«حني ُ‬ ‫تزحف على البالط بال ٍ‬ ‫هدف وبال وجه ٍة غري عابئة ابألقدام الثقيلة‬ ‫حوهلا‪..‬‬ ‫حني يصبح قليب صغرياً جداً‬ ‫حبيث أنين أان نفسي ال أراه!»‪.‬‬ ‫العدد (‪ )5‬أيار ‪43 2014‬‬


‫احلمل (‪ 21‬آذار ‪ 20 -‬نيسان)‬

‫أنت أمام خيارات مصريية قد تغري جمرى حياتك‪ ،‬احلظ حليفك‬ ‫خالل الفرتة القادمة‪ ،‬فرصة لعمل أو منصب جديد‪.‬‬ ‫عاطفياً تتجاوزين االرتباكات واملشاكل يف فرتة قريبة‪ ،‬فرص‬ ‫عاطفية واعدة ابحلب واالرتباط‪.‬‬

‫اجلوزاء (‪ 21‬أاير ‪ 21 -‬حزيران)‬ ‫الفرصة كبرية لتحصيل أموال كنت يف انتظارها‪ ،‬تركة أو تعويض‬ ‫عمل‪ ،‬الفلك يدعمك لتحقيق جناحات يف العمل‪.‬‬ ‫عاطفياً أنت أمام دورة فلكية واعدة وخالية من اخليبات‪،‬‬ ‫لقاء منتظر خالل األايم القادمة قد يثمر وتدخلني يف عالقة‬ ‫جدية‪.‬‬

‫األسد (‪ 23‬متوز ‪ 22 -‬آب)‬ ‫أخبار جيدة تصلك خالل األايم القادمة‪ ،‬وإجنازات‬ ‫كبرية تقلب حياتك املهنية وحتسن ظروفك املالية‪.‬‬ ‫عاطفياً‪ ،‬لقاء استثنائي يف أاير قد يتحول إىل عالقة‬ ‫خالل األشهر الثالثة القادمة‪.‬‬

‫امليزان (‪ 23‬أيلول ‪ 22 -‬تشرين أول)‬ ‫تواجهني ضغوطاً مالية خالل هذه الفرتة‪ ،‬أمامك فرص‬ ‫للتعرف على أشخاص ذوي نفوذ‪ ،‬جتنيب التصرفات العفوية‬ ‫يف الفرتة احلالية كي ال تفهمي بشكل خاطئ‪.‬‬ ‫وعود ابحلب مع حلول منتصف شهر أاير‪ ،‬انتبهي للعالقة‬ ‫مع العائلة واالنفعال يف غري مكانه‪.‬‬

‫القوس (‪ 22‬تشرين اثين ‪ 20 -‬كانون أول)‬ ‫استعدي النتهاء جتربة قاسية مررت هبا خالل الفرتة املاضية‪ ،‬ولدفع‬ ‫احلساابت وتسديد الديون‪ ،‬أنت حباجة للصرب والرتوي‪ ،‬فالفرتة‬ ‫القادمة حتمل الكثري من العروض واخليارات والتغيريات‪.‬‬ ‫احتماالت للسفر البعيد دراسة أو زواج‪.‬‬

‫الدلو (‪ 20‬كانون اثين ‪ 18 -‬شباط)‬

‫مازال املريخ يف مدارك‪ ،‬وما زلت تتمتعني ابلقوة‪ ،‬لذا‬ ‫عليك التأين احلذر من الدفع القوي الذي ميدك به الفلك‪،‬‬ ‫استفيدي من ذلك إن كنت تعملني يف السياسة والشأن‬ ‫العام‪ .‬تظهر مواهبك بقوة خالل الفرتة القادمة‪ ،‬لكن‬ ‫حذار من زايدة الوزن‪.‬‬ ‫عاطفياً‪ ،‬عالقة قدمية تعود ابلصدفة‪.‬‬ ‫‪ 44‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬

‫الثور (‪ 21‬نيسان ‪ 20 -‬أاير)‬

‫تبدو الفرتة احلالية صعبة‪ ،‬متاسكي وحافظي على هدوئك‬ ‫يف كل من العمل والعالقات‪ .‬سيطلب منك بذل جهود‬ ‫مضاعفة يف العمل‪ ،‬لكنك حتصدين نتائج إجيابية‪.‬‬ ‫تغريين مكان إقامتك قريباً‪ .‬أمامك فرصة كبرية الرتباط‬ ‫دائم‪.‬‬

‫السرطان (‪ 22‬حزيران ‪ 22 -‬متوز)‬ ‫ختضعني لتقلبات كثرية ومفاجئة‪ ،‬تروي قبل خوض‬ ‫التجارب اجلديدة وإن فاتتك بعض الفرص فهي ستعوض‬ ‫خالل الشهور القادمة‪.‬‬ ‫املشرتي يف مدارك هذا العام واحلظ إىل جانبك‪ ،‬ركزي على‬ ‫األايم اخلرية من أاير فستحمل لك فرصاً للنجاح والتميز‪.‬‬

‫العذراء (‪ 23‬آب ‪ 22 -‬أيلول)‬ ‫أنت من املوفقني خالل شهر أاير‪ ،‬على مستوى العمل‬ ‫لكن جناحاتك مرتبطة جبهدك‪ ،‬يؤيدك الفلك لنيل ما‬ ‫تستحقني‪ ،‬على الصعيد العاطفي‪ ،‬فراغ وانعزال‪ ،‬حاويل‬ ‫استغالله يف انتظار لقاء قد يقلب املوازين لديك مع هناية‬ ‫شهر أاير‪.‬‬

‫العقرب (‪ 23‬تشرين أول ‪ 21 -‬تشرين اثين)‬

‫ما زلت تواجهني التعب وتتحملني مسؤولية كبرية‪ ،‬حتتاجني اجلرأة‬ ‫الختاذالقرارات‪ .‬رغم وجود زحل يف مدارك ومعاكسته لك إال أنك‬ ‫حتققني إجنازات وأرابحاً مالية غري متوقعة يف الفرتة القادمة‪.‬‬ ‫عاطفياً أنت أمام عالقة متأرجحة قد تنتهي أبن تكوين‬ ‫وحيدة‪ .‬يعدك السفر بفرص جيدة‪.‬‬

‫اجلدي (‪ 20‬كانون أول ‪ 19 -‬كانون اثين)‬

‫مترين يف فرتة حامسة ومصريية‪ ،‬تواجهك مشاكل قضائية‬ ‫لكنك تتجاوزينها‪ ،‬تغريين مكان إقامتك‪ ،‬اهتمي ابلعمل‬ ‫ألن النجاح به يقودك ملوازنة الضغوط‪ .‬استغلي هناايت‬ ‫أاير‪ ،‬فقد ختبئ لك لقاء أو عالقة‪ ،‬احلظ يعدك حبب‬ ‫مفاجئ مع هناية الشهر رمبا يتحول إىل عالقة متينة‪.‬‬

‫احلوت (‪ 19‬شباط ‪ 20 -‬آذار)‬

‫ثقتك بنفسك عالية هذه الفرتة‪ ،‬تتحررين من مشاكلك‬ ‫الصحية واملهنية وتنالني التقدير ينب زمالئك ومن حولك‪.‬‬ ‫الفرتة مناسبة للمصاحلة مع الشريك‪ ،‬حتسن يف العالقات‬ ‫العائلية‪ ،‬جتنيب زايدة الوزن‪ ،‬وهتيئي الحتمال سفر أو هجرة‪.‬‬


‫الكلمات المتقاطعة‬ ‫أفقي‬

‫‪ -1‬طبيبة وسياسية سورية‬ ‫‪ -2‬حب (معكوسة)‪ -‬أحد‬ ‫أبواب دمشق‬ ‫‪ -3‬عشق‪ -‬لف‪ -‬تهتم‬ ‫‪ -4‬متشابهان‪ -‬إحسان‪-‬‬ ‫ضد حلو‪ -‬غزال‬ ‫(معكوسة)‬ ‫‪ -5‬درب‪ -‬يلتوي‪ -‬قادم‬ ‫‪ -6‬صفة لكثرة العدد‬ ‫(معكوسة)‪ -‬حزن‬ ‫‪ -7‬جبل يطل على دمشق‪-‬‬ ‫طلب‬ ‫‪-8‬الشدة‪ -‬مدينة في‬ ‫حمص‬ ‫‪ -9‬مشابه‪ -‬ورع‬ ‫(معكوسة)‪ -‬آلة للتقطير‬ ‫‪ -10‬رئيس سوري سابق‬ ‫‪ -11‬تلميذ‪ -‬إحدى‬ ‫األطراف‪ -‬لقياس المسافة‬ ‫‪ -12‬سياسية سورية‬ ‫ومعتقلة سابقة‬

‫سودوكو‪ :‬هي لعبة منطقية مبنية على وضع األرقام‬ ‫في المكان المناسب‪ .‬الهدف هو ملء ال ‪ 9*9‬مربعات‬ ‫بأرقام بحيث أن كل عمود وصف ومربع من المربعات‬ ‫التسعة (والتي تدعى مناطق) تحتوي على األرقام من‬ ‫واحد إلى التسعة دون تكرار‪.‬‬

‫كـلمـة الســـــــر‬

‫سودوكـــــــو‬

‫عامودي‬

‫‪ -1‬شاعرة فلسطينية‬ ‫‪ -2‬عملة أجنبية‪ -‬الطالء‬ ‫‪ -3‬يسقط‪ -‬ذات‬ ‫‪ -4‬أحد الوالدين‪ -‬فضالت‪-‬‬ ‫شهب مبعثرة‬ ‫‪ -5‬طوّق‪ -‬غني (معكوسة)‬ ‫‪ -6‬يغطي الماعز‪ -‬يفقد‬ ‫عقله‪ -‬زورقر‬ ‫‪ -7‬لقياس المساحة‬ ‫(معكوسة)‪ -‬متشابهان‪ -‬نهر‬ ‫في سوريا(معكوسة)‬ ‫‪ -8‬قرية في حماة حصلت‬ ‫فيها مجزرة‪ -‬تقال في‬ ‫الهاتف‬ ‫‪ -9‬نشتم‪ -‬أصابت‬ ‫‪ -10‬نقودي (معكوسة)‪ -‬اسم‬ ‫حركة إضراب في سوريا‬ ‫‪ -11‬القنوط‪ -‬يدوّن‬ ‫(معكوسة)‬ ‫‪ -12‬ناشطة حقوقية سورية‬ ‫مختطفة‬

‫كلمة السر مؤلفة من ‪ 12‬حرف رجل دين من أهم ناشطي الثورة‬ ‫في زرقة الفجر يعدم في‬ ‫قال لي صاحبي‪ ،‬والضباب كثيف‬ ‫باحة السجن‪ ،‬أو قرب حرش‬ ‫على الجسر‪:‬‬ ‫الصنوبر‬ ‫هل يعرف الشيء من ضده؟‬ ‫شاب تفاءل بالنصر‬ ‫قلت‪ :‬في الفجر يتضح األمر‬ ‫في زرقة الفجر ترسم رائحة‬ ‫قال‪ :‬وليس هنالك وقت أشد‬ ‫الخبز‬ ‫التباسا من الفجر‪،‬‬ ‫خارطة للحياة ربيعية الصيف‬ ‫فاترك خيالك للنهر‬

‫العدد (‪ )5‬أيار ‪45 2014‬‬


‫هبة األنصاري تشكيلية سورية تعيد ترتيب المجزرة‬

‫• حاورهتا سيدة سوراي‬

‫لس القتلى على أنقاض منازهلم‪ ،‬لرياقبوا‬ ‫هبة األنصاري‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تسجن األنثى يف توابيت مسبقة الصنع‪ ،‬سعياً إىل حتريرها‪ ..‬تعي ُد ترتيب اجملزرة‪ ،‬وتجُ ُ‬ ‫السوق والناس من بعيد‪ ،‬دون أن تقوى أرجلهم‪ ،‬اليت فقدوها يف القصف فأبدلتها هلم هبة‪ ،‬أبرجل خراف‪ ،‬على املسري!‬ ‫العالقة املتوترة اليت ختلقها أعمال هبة مع مجهورها‪ ،‬تعكس حجم العبثية يف مشهد انقضاض طيارة حربية يف سوراي على طفلة ودميتها‪.‬‬

‫‪ 46‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬


‫العدد (‪ )5‬أيار ‪47 2014‬‬


‫ملتقى الثقافات المتجاورة في غازي عينتاب‬ ‫عقد «مركز عمران للدراسات االسرتاتيجية» يف‬ ‫الثالث من حزيران ‪ ،2014‬يف أوغور بالزا عنتاب‬ ‫الرتكية‪ ،‬امللتقى الثقايف العريب الكردي الرتكماين‪،‬‬ ‫حتت شعار «األخوة جتمعنا»‪.‬‬ ‫انطلق امللتقى الذي يرعاه «املنتدى السوري‬ ‫لألعمال» بكلمة للدكتور مازن شيخاين رئيس‬ ‫املسار الثقايف واالجتماعي للجهة املنظمة‪ ،‬أشار‬ ‫فيها إىل أمهية اللقاءات الثقافية لتقريب وجهات‬ ‫النظر ودفع احلوار بني أبناء الوطن الواحد إىل‬ ‫األمام‪ ،‬وأن تلك مسؤولية ملقاة على كاهل‬ ‫املثقفني‪ .‬كما أشاد ابهتمام القائمني على املنتدى‬ ‫السوري لألعمال مبوضوع احلوار وااللتقاء والتأكيد‬ ‫على ضرورة التنوع ومتثيل اجلميع ما يغين الوطن‬ ‫ورسالته احلضارية وأهنم متثلوا ذلك بتبين فكرة‬ ‫امللتقى ما إن طرحت‪.‬‬ ‫ويف كلمة اجلهة الراعية قال الدكتور غسان هيتو‬ ‫الذي ميثلها‪« :‬إن اجلرائم اليت يقوم هبا النظام حبق‬ ‫السوريني قت ً‬ ‫ال وهتجرياً حتتم عليهم االلتقاء واحلوار‪،‬‬ ‫وردم الثغرات اليت أوجدها بني القوميات املشرتكة‬ ‫يف الوطن‪ ،‬وأشار إىل اجلهود اليت يبذهلا املنتدى‬ ‫السوري لألعمال لرفع سوية املعيشة والفكر يف‬ ‫الداخل السوري أو يف بلدان اجلوار‪ ،‬وأتيت رعاية‬ ‫هذا امللتقى ضمن هذا السياق‪ .‬ودعا القيمني‬ ‫مناخ للتبادل‬ ‫على امللتقى أن جيعلوا منه نوا ًة إلجياد ٍ‬ ‫الثقايف بني العربية والكردية والرتكمانية يف اإلطار‬ ‫السوري واملنطقة‪.‬‬ ‫مث جاءت كلمة الضيف الرتكي الكاتب واملفكر‬ ‫السيد «تورغاي إلدامري» مدير وقف بلبل زادا‬ ‫ورئيس منرب األانضول‪ ،‬اليت أكد فيها أن العرب‬ ‫والكرد والرتكمان كانوا عرب التاريخ منوذجاً لألسرة‬ ‫الواحدة اليت جتمعها روابط األخوة‪ ،‬مؤكداً أن‬ ‫الذاكرة اليت حتفظ الرتاث واألدب والثقافة والفن‬

‫‪ 48‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬

‫هي ما جتعل شعباً ما حياً‪ ،‬وأبدى أسفه أن تركيا‬ ‫مل تستطع أن تفعل شيئاً إزاء ما ارتكبه النظام‬ ‫السوري من جمازر يف محاه‪ ،‬لكن ما حيدث اليوم‬ ‫يف منطقتنا ويف سوراي خاص ًة يعيد التأكيد على‬ ‫أننا أخوة نفتح أذرعنا ألخوتنا السوريني‪ ،‬وإن كنا‬ ‫ال نزال مقصرين عن إيفائهم حق األخوة لكننا‬ ‫ماضون يف الوقوف إىل جانبهم‪.‬‬ ‫ويف كلمتها تطرقت وزيرة الثقافة يف احلكومة‬ ‫السورية املؤقتة الدكتورة «تغريد احلجلي» إىل‬ ‫مرتكزات يؤكدها احلوار وااللتقاء بني األخوة يف‬ ‫الوطن الواحد‪ ،‬ال جيب التنازل عنها‪ ،‬منها أن‬ ‫العرب والكرد والسراين واآلشوريني والرتكمان‬ ‫والكلدان‪ ،‬أبناء اإلسالم واملسيحية وسن ًة ودروزاً‬ ‫وعلويني وإمساعيليني وطوائف أخرى‪ ،‬أصحاب‬ ‫ثقافات متعددة وحضارات اجتمعت يف ساحة‬ ‫وطن واحد‪ ،‬ومنها أيضاً االتفاق على احرتام‬ ‫اإلنسان واالرتقاء ابجملتمع وأكدت على ضرورة‬ ‫الوقوف مع املرأة ودعم قضاايها لنعيد هلا موقعها‬ ‫احلضاري وأتثريها االجتماعي‪ ،‬ولفتت إىل ضرورة‬ ‫االهتمام ابلطفل الذي يعيش ظروفاً شديدة‬ ‫القسوة ألنه مستقبل سوراي‪.‬‬ ‫وبعد االفتتاح قسمت فعاليات امللتقى إىل‬ ‫جلستني يف األوىل منهما ثالث أوراق‪:‬‬ ‫ورقة عربية قدمها الدكتور مازن هاشم رئيس قسم‬ ‫البحوث يف مركز عمران‪ ،‬أشار فيها إىل روابط‬ ‫األخوة اليت جتمع العرب والكرد والرتكمان وكم من‬ ‫املؤسف أن يدعى األخ إىل حوار أخيه‪.‬‬ ‫وورقة كردية قدمها املسرحي الكردي «أمحد‬ ‫امساعيل»‪ ،‬تكلم فيها عن االضطهاد الذي‬ ‫تعرض له الكرد السوريون يف ظل نظام آل‬ ‫األسد االستبدادي‪ ،‬الذي أعاق أي حوار‪ ،‬وزرع‬ ‫الفرقة بني أبناء الوطن الواحد‪ ،‬وأن الكرد يعون‬ ‫ضرورة احلوار وحيرصون على التعايش السلمي مع‬

‫• تقرير‪ :‬فريق حترير سيدة سوراي‬

‫مكوانت وطنهم‬ ‫ويف الورقة الرتكمانية لفت األستاذ «انصر احلسو»‬ ‫عضو جملس الرتكمان إىل القمع الذي تعرض له‬ ‫تركمان سوراي وأن لديهم الرغبة للتكاتف والتعاضد‬ ‫مع مكوانت الشعب السوري يف وطن واحد‪.‬‬ ‫أما اجللسة الثانية فقد مجعت مواد ثقافية‬ ‫منوعة تعرب عن الرتاث واألدب العريب والكردي‬ ‫والرتكماين بينهم الشاعرة الكردية السورية «أسيا‬ ‫خليل» حيث قرأت جمموعة قصائد ابلكردية‬ ‫وأخرى ابلعربية‪.‬‬ ‫تالها الكاتب «عبد الوهاب حسني» يف حماضرة‬ ‫عن (ماليي جزيري‪ ،‬وأمحدي اخلاين) كدليلني‬ ‫على رحلة الكرد إىل الروحانية اإلسالمية واحملبة‬ ‫اإلنسانية ورابان سفينتهم‪.‬‬ ‫وعن أهداف احلوار قال (منسق امللتقى ومدير‬ ‫مشروع احلوار العريب الكردي الرتكماين) األستاذ‬ ‫«عماد حممد» لسيدة سوراي‪ :‬يسعى امللتقى‬ ‫من خالل خلق هذا احلوار إىل «تعميق تعريف‬ ‫أطراف احلوار ببعضها البعض وتقريب وجهات‬ ‫النظر والعمل على ردم الثغرات اليت أحدثتها‬ ‫الفرتة املاضية‪ ،‬و ٍ‬ ‫الوصول به إىل التفاهم على‬ ‫احلقوق املشروعة مبا يضمن التعايش األخوي‬ ‫وزايدة الثقة مبدأ التعايش السلمي مث تسليط الضوء‬ ‫على النقاط املشرتكة اليت جتمع العرب والكرد‬ ‫والرتكمان‪ ،‬هبدف الوصول إىل جمتمع متناغم تنعم‬ ‫فيه املكوانت االجتماعية مجيعاً حبقوقها اإلنسانية‬ ‫دون متييز‪ ،‬وأيضاً دفع ثقافة اجملتمع بكل مكوانته‬ ‫وصوالً إىل السوية احلضارية اليت حتقق التمازج مع‬ ‫حضارات العامل والتكامل معها»‪.‬‬ ‫هذا وقد ختلل امللتقى جلسة حوار مفتوح انقش‬ ‫فيه احلاضرون أفكارهم واقرتاحاهتم وإضافاهتم‬ ‫إلغناء امللتقى وتفعيل دوره‪ ،‬إضافة إىل فقرات فنية‬ ‫عرضت خالل جلسات امللتقى‪.‬‬ ‫ويف هناية امللتقى أكد «مركز عمران للدراسات‬ ‫االسرتاتيجية» تبنيه مشروع احلوار الثقايف والتزامه‬ ‫ابلعمل املستمر من خالل فعاليات قادمة كثرية‪.‬‬


‫كحل بازلتي (كونشيرتو ‪ 1‬أو تلوين صوتي)‬ ‫جهة هللا‬ ‫يس ُم الشام ابهلذاين املخملي‪:‬‬ ‫الغروب امللدوغ ابحلمى‪ّ ،‬‬ ‫امش!‬ ‫مييناً‪ ..‬مييناً جهة هللا ِ‬ ‫علي من شوارع دمشق‪.‬‬ ‫ال َ‬ ‫ختش ّ‬ ‫أخشى على براءتك من نوااي البشر‪.‬‬ ‫غيوم نيسانية متأل السماء‪ ،‬والغيمة اليت تفردها لنا الشام‪ ،‬أشبه برئة أخرية لكائنني‬ ‫غريبني ال يستطيعان التنفس إال هبا‪.‬‬ ‫عند منعطف «الشارع املستقيم» وحنن نسرع اخلطى حلضور احلفل املوسيقي‪،‬‬ ‫ودون وعي املدينة‪ ،‬تالمست األصابع خلسة من لغة اجلسد‪ ،‬وكأن جاذبية ساحرة‬ ‫استدرجتهما إىل هاوية مدهشة‪ ،‬جفل القلبان يف حلظة واحدة‪ ،‬ابتعدت األصابع‬ ‫راعشة‪ ،‬واحنبست يف القلب تنهيدة غامضة!‬ ‫مثلث احلذر‬ ‫حلن إيقاعي متدرج يتداخل مع آالت نفخية كمطر خفيف يغازل صوت اني‬ ‫مطعون يف فؤداه‪ ،‬يقاطعه حديث الوترايت اهلادئ ليضفي على جلوسنا يف خاصرة‬ ‫املسرح الدافئة شجناً وحنيناً‪.‬‬ ‫حديث الوترايت يرتاجع قليالً‪ ،‬كمن يسحب من الغروب غيمة كانت تزين غسقه‪،‬‬ ‫ليمهد لدخول آلة البيانو بلحن أول مع فواصل حلنية لباقي اجملموعة‪ ،‬حينها أتشهى‬ ‫الوقوف برهة على حافة املوسيقى الستدرج وقيت املهدور مشاالً‪:‬‬ ‫مل أنبت كما أريد يف مشايل القصي‪ ،‬يلفّين غبار طويل‪ ،‬فأخل ُعين حني أانم‪ ،‬علّين‬ ‫أحلم ابملطر واملوسيقى‪ ،‬هكذا هي الربية يف الشمال الذي جئت منه‪ ،‬برية تورثنا‬ ‫الغبار واحلرمان والصمت‪ ،‬نوشك على اقرتاف ارتباكنا‪ ،‬لكننا نؤجل غيمنا العقيم‬ ‫إىل بكاء مخري التفاصيل‪ ،‬لينبت بدل الزغب العفن حقول للقمح املفقود!‬ ‫ال يتوقف بكائي مع املوسيقى‪ ،‬لكن الغبار حيوله إىل طني خرايف التشكيل‪.‬‬ ‫يف اللحظة ذاهتا كانت تعود إىل جنوهبا‪:‬‬ ‫ثالث نقاط متتالية‪ ...‬لتفهم اعتقال اجلنوب بتمرده‪ ،‬حنن خارج اجلسد نغرق يف‬ ‫أروحنا بصمت ونتلمس أصداء أصوات بعيدة‪ ،‬مللثّمي اتريخ ممنوع الشرح‪..‬‬ ‫سحرين عزفه‪ ...‬هكذا عرفته وهو حيمل كمانه وصمته ومشاله املغرب‪ ،‬يتلمسين سحر‬ ‫موسيقاه أبصابع عمياء‪ ،‬يتحسس جهة اجلرح ميضي يب إىل آخر لوين‪ ....‬هو دائماً‬ ‫يعرف من بني أي النقاط الثالث ستسقط شهقيت!‬ ‫لو أنين ال أتنفس روح البازلت‪ ،‬لو أنين مل أمحل ألواين إىل موسيقاه‪ ،‬ملا كانت مسائي‬ ‫مفتوحة لظله العايل‪.‬‬ ‫انسيابية حركة الذراع تعطي حرية ألصابعه يف العزف‪ ،‬يستمر العازف الغارق‬ ‫ابلنشوة على مفاتيح البيانو‪ ،‬وكأنه يبحث عن ذات ضائعة بني لوين املفاتيح‪ ،‬عن‬ ‫شيء مفقود يف روح املوسيقى‪ .‬حلظتها متاماً سقطت يده حرة على مفاتيح البيانو‪،‬‬ ‫لتعلو صرخة كصوت خرز مفروط على أرض صلبة‪ ،‬ولينتشر بعدها صمت مشدود‬ ‫األطراف!‬ ‫يرتاجع البيانو قلي ً‬ ‫ال لتحضر الفرقة‪..‬‬ ‫ظل املوسيقى هذا كان كحاشية خضراء تالمس أروحنا املفطورة‪ ،‬فتنبت اللحظة‬ ‫برعماً مث متضي بنا إىل حنينا املرتكب‪:‬‬ ‫مل ت ِر النهر املعوج يف طيننا الرخو‪ ،‬ومل تفاجئك الربية بصمتها القاتل‪ ،‬أدهشك‬ ‫الشمال احملري كضلع يتيم يف هذا املثلث احلذر‪.‬‬ ‫مل َأر البازلت‪ ،‬ومل أشرب نبيذ اجلنوب لكن الثلج احملاصر للبازلت ولكؤوس النبيذ‬ ‫أدهشين‪ ،‬وتعويضاً عن الضلعني التائهني يف املشهد‪ :‬مابني مشال حمري وجنوب‬ ‫أحدب ستأخذان رجفة املوسيقى إىل ضلعي احلنني فينا‪.‬‬ ‫كونشريتو‪ :‬حفل موسيقي تتبادل فيه آلة موسيقية فردية(بيانو أو كمان) احلوار مع جمموعة آالت موسيقية‪.‬‬

‫• أمين األمحد‬

‫يعود البيانو إىل حلنه األول‪...‬‬ ‫غيمة اخلوف‬ ‫‪-1‬‬‫‪ ،....‬بعد فاصل ذكي تبدأ احلركة الثانية بعزف هادئ ورقيق لكل آالت الفرقة‪ ،‬مع‬ ‫غياب واضح لصوت البيانو الذي ال يتأخر صوته ابلظهور مع تقطيعات خفيفة‪...‬‬ ‫ارختاء يف جسم العازف‪ ،‬أراقب أصابعه وهي تلون حضوران بكونشريتو(‪« )1‬شوابن»‬ ‫وموسيقاه الشاعرية‪:‬‬ ‫«حلم‪ ....‬وأيس‬ ‫هدوء‪ ...‬وقلق‬ ‫لقاء‪ ...‬وفراق‬ ‫فرح‪ ...‬وحزن»‬ ‫كفك أبيض‪ ...‬أزرق‪ ..‬أمحر‪ ...‬وخريطة مثلثة التجاعيد‬ ‫أتفرس وجهها وهي تقرأ كفي‪:‬‬ ‫ما أغرب خطوط ِ‬ ‫يديك؟! قلت يف صميت وأان أأتمل مساحة البياض يف عينيها‬ ‫واليت تتسع بشكل مذهل عندما تفرح‪ ،‬ما يزيد من توهج اللون فيهما‪ ،‬بينما الكحل‬ ‫املرسوم بدقة وأانة يعمق سحر املشهد أكثر‪ ،‬لكن غيمة اخلوف اليت تعلوه كانت دائماً‬ ‫تقلقين!‬ ‫‪-2‬‬‫وقفت أمامه أحتري صمته واندهش حبركة أصابعه وهو يعزف على الكمان‪ ،‬كان عزفه‬ ‫اآلسر يستدرج ذرا عواطفي إىل هذاين مائي صامت‪:‬‬ ‫ركنت أوالين جانب كمانه‪ ،‬ركضت إليه فارداً ذراعي بدمعي وطفوليت انتظرت‬ ‫عينيه‪...‬‬ ‫هبدوء توقف عن املوسيقى وبصمت وضع كمانه جانباً‪ ،‬خلع مبوسيقاه قميص الطفولة‬ ‫عين‪ ،‬مسح دموعي أبانمله املشدودة وأهداين علبة ألوان «ابستيل»‪ ،‬لكن غيمة اخلوف‬ ‫أجلت العناق!‬ ‫ّ‬ ‫حمنة الطلع‬ ‫جالس قرهبا وصوت اآلالت ميهد لدخول البيانو‪..‬‬ ‫الفرقة املوسيقية تتبادل احلضور بتقطيعات رائعة‪..‬‬ ‫وبينما كنا حناول أن نلتقط حبات الطلع اخلصبة من صوت البيانو‪ ،‬كان حوار البيانو‬ ‫مع الفرقة أيخذ شك ً‬ ‫ال أكثر وضوحاً وحزانً‪ ..‬حوار يشبه حواران اجملنون مع مورثنا‬ ‫العفن‪:‬‬ ‫هللا واحد فلماذا حنن ضفتان؟‬ ‫ال يرد املوروث على صراخنا‪ ...‬وتستمر الفرقة بتنويعاهتا املوسيقية‬ ‫صوهتا يتنهد قريب‪:‬‬ ‫عد إىل َ‬ ‫مشالك‬ ‫ِ‬ ‫أنت جهيت‪....‬‬ ‫لكنين خائفة‬ ‫ِ‬ ‫كل هذا الفرح فيك يناديين‬ ‫متسكت بيدي وهي ترجتف‪ ،‬وضمتها إىل صدرها‬ ‫ُ‬ ‫أمسكت يدها‪ّ ،‬‬ ‫أحست خبدر يف رأسها‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫عميق‬ ‫ا‬ ‫نفس‬ ‫أخذت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫أبعدت اجلنوب عن فرحها‪..‬‬ ‫مسحت على شعرها برفق ‪،‬‬ ‫شعرت بروحها تعانقين‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪...‬‬ ‫تراجع البيانو هبدوء‪....‬‬ ‫أسندت رأسها إىل صدري‪ ،‬ورحنا نلتقط حبات الطلع يف جهة خمتلفة!‬ ‫العدد (‪ )5‬أيار ‪49 2014‬‬


‫نوافذ المعصية الخمس وبوابات الغفران‬

‫• عالء الدين زايت‬

‫كلما شدته األرض أكثر‪ ،‬انتفضت قدماه ابلوثب‪ ،‬حياول سرقة‬ ‫خطوتني واالندفاع خارج جاذبية األرض‪ ،‬بعض األسر يراه مواتً‬ ‫بطيئاً‪.‬‬

‫‪ -٣‬بوابة اإلنسان‬ ‫ املعصية‪« :‬أان» ال تقبل انتكاسة غري املوت‪ ،‬و«أان» ال تعرف‬‫«حنن» إال عربها‪ ،‬و«أان» خالقة تدرك بعض شرطها‪ ،‬ترخي له حبل‬ ‫الصعود‪ ،‬تبقيه متوتراً يقظاً يقفز سالمله حلظة يضع قدميه‪ ،‬و«أان»‬ ‫موهنة متضرعة تلجأ للتورية بدل اجملاهبة‪ ،‬وتتحايل على اللغة لتضمن‬ ‫رأسها خارج احلبل املتديل(اجلنب معصية)‪.‬‬ ‫ الغفران‪ :‬وحده األكثر شجاعة رغم تردده الذي يرتديه‪ ،‬كحامل‬‫انر القبيلة‪ ،‬آخر محلة الراايت‪ ،‬خياف أن يدخل العامل كله عصراً‬ ‫جليدايً فيما لو ختلى عن مهمته‪ ،‬يلقي على ذاته خطاابً مطوالً حول‬ ‫دوره الذي ال يدانيه أحد‪ ،‬يقنعها بلباسها وحذرها وشكها‪ ،‬مث حلظة‬ ‫جيد أن ال مفر من فداء يليق به‪ ،‬يتقدم خبطوته للخلود‪.‬‬

‫‪ -١‬بوابة التاريخ‬ ‫وراقون رمبا‪ ،‬مث جامعون‬ ‫ املعصية‪ :‬هم أشباهه الذين سبقوه‪َّ ،‬‬‫ورحالة وكتَّاب‪ ،‬شعراء وابحثون ومدونون‪ ،‬ملؤوا مكتبته بكل‬ ‫ألوان العلوم‪ ،‬حيت ّد أحياانً ويصف كل ذلك ابلتخاريف‪ ،‬ويصنفهم‬ ‫كاملخادعني‪ ،‬ولكنهم وحدهم من يركن إليهم ليالً‪ ،‬هذا الرتدد بني‬ ‫الشك والثقة (معصيته األوىل كلما قرأ اترخيهم‪ /‬اترخيه)‪.‬‬ ‫ الغفران‪ :‬حيشره قوس قزح بني األصفر واألخضر‪ ،‬جتره العرابت‬‫اخلشبية إىل اخللف‪ ،‬إىل الربتقايل‪ ،‬وتعيده لألمحر‪ ،‬مث يعاود الركض‬ ‫منفلتاً واثباً من جديد‪ ،‬يريد لعربته أن تعرب األخضر فاألزرق‬ ‫فالبنفسجي‪ ،‬بقي األخري مبتغاه ولونه األثري‪ ،‬رمبا ولعه ذاك‪ ،‬خمرج‬ ‫قدميه من رمله املتناسل عرب كان وكان وكان‪.‬‬

‫‪ -٤‬بوابة الوطن‬ ‫هنا ال معصية وال بوابة غفران‪ ،‬يف البوابة الرابعة مثة متا ٍه بني كل شيء‪،‬‬ ‫حلم على أعتاب خيبة‪ ،‬ودم على أرغفة اخلبز املشتهاة‪ ،‬فرار مبيت‬ ‫منه وإليه كوالدة أوىل جيب أن تكون‪ ،‬وما أن يلفظنا رحم األم نصرخ‬ ‫فراقنا األول حبرقة‪ ،‬يف بوابة الوطن تلك الصورة اليت جهد أن ختتزن‬ ‫عشرة قرون مضت‪ ،‬لتكون حيث يلصقها موظف اهلجرة على جواز‬ ‫سفره قادرة على الكالم‪ .‬وعلى خانة املهنة ابتسم املوظف ذاته حني‬ ‫كاتب نعم‪ ،‬سليل عدة أجيال من كتاب مل حيظوا مرة ببطاقة‬ ‫أجابه‪ٌ :‬‬ ‫تعريف‪.‬‬

‫ال يشتهي خالصه الفردي‪ ،‬هو ونيب صغري يسكنه يجَ ِ ُد يف اجلموع‬ ‫يطل من نوافذه عليهم‪ ،‬لكنه لي ً‬ ‫مريدين‪ ،‬طالب رؤاي ّ‬ ‫ال خيتلي‬ ‫بذاته‪ ،‬يعيد رصف اجلزيئات املبتكرة‪ ،‬وحيرص أن يكون السياق‬ ‫بال نتوءات حادة‪.‬‬ ‫نوافذ املعصية اخلمس وبواابت الغفران‬ ‫حديث حول املثقف ودوائره احمليطة‬

‫‪ -٢‬بوابة اجملتمع‬ ‫ املعصية‪ :‬البد من شق فاصل‪ ،‬والبد من صلة‪ ،‬يد على دكة‬‫اخلشب امللتصقة ابألرض‪ ،‬والثانية حترك غيمة وحتاول كشف ما‬ ‫ختفيه من حوار النجوم والقمر‪ ،‬أن يكون للرتاب أثره يف حتسس‬ ‫الشم‪ ،‬وأن حتيل الذاكرة أمطار اخلريف اىل ايمسني يعبق بشعر‬ ‫صبية (معصيته الثانية كلما طالبه العمر مبوقف)‪.‬‬ ‫ الغفران‪ :‬كل ما حييط نتاج حلمه‪ ،‬طائرة‪/‬كانت عصفور حلم‪،‬‬‫وبريد يربط املاليني‪/‬كانت محاماً زاجالً‪ ،‬وصور ختلد األجساد‬ ‫والروائح وشيفرة التكوين‪/‬كانت حتنيطاً وأهرامات‪ ،‬كل مفاتيح‬ ‫احلياة تنضم حلمالة حلمه‪ ،‬مث تعرب جتربته بني اخلطأ وتصويبه‪،‬‬ ‫ليس من رافعة أكثر منه تعباً‪ ،‬وال أحد أكثر منه غياابً عن منصة‬ ‫التتويج‪.‬‬

‫‪ 50‬العدد (‪ )5‬أيار ‪2014‬‬

‫‪ -٥‬بوابة املستقبل‬ ‫املعصية‪ :‬عقله املرهون بقدميه القافزتني‪ ،‬يرسم هناية السلم‪ ،‬تلك‬ ‫الدرجات األخرية فيه‪ ،‬لونه البنفسجي األثري‪ ،‬وحني يدلل على بضاعته‬ ‫بكل الكالم املتاح يعافه املارة‪ .‬هناك ضباب كاف حلجب الدرجات‬ ‫القريبة‪ ،‬فكيف ودرجته األلف‪ ،‬مل يعتد أن يضبط ساعته وفق املتاح‬ ‫املمكن‪ ،‬يريد طياً جنونياً أبجنحة (املنتحرون أشجع اجلبناء)‪.‬‬ ‫الغفران‪ :‬ليس على تعريف هويته من داللة أنه خمتص يف علم الضمري‪،‬‬ ‫لكنه ما إن يلقي تعويذته الساخطة على سكة احلاضر حىت جيد‬ ‫نفسه مرآة التايل‪ .‬ليس انفياً لسوء حميطه‪ ،‬بل ميارس رؤية املستقبل‬ ‫يف اآلن‪ ،‬رمبا من هنا يتهمه اآلخرون ابلشعوذة‪ ،‬وهنا حرقته وصربه‬ ‫وبعض الضوء الالفت يف أن معاصيه اخلمس وبواابت غفرانه املفتوحة‬ ‫املتشابكة تبقى بعد أن ميضي‪.‬‬ ‫سيقال حينها يف ذكرى وفاته العشرين حني يكون مستقبله وشعوذاته‬ ‫صارت متداولة‪ ،‬كان غريباً وعاش غريباً ومات غريباً ألنه ابن ِ‬ ‫اآلت‪.‬‬


‫العدد (‪ )5‬أيار ‪51 2014‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.