Alsaieda magazine 6

Page 1

‫شـهرية مستقلـة تعنى بـاملرأة السـورية‬ ‫تصدر عن املركز السوري للصحافة والنشر‬ ‫حزيران‪ /‬متوز ‪ / 2014‬العدد (‪)6‬‬

‫العنف القائم على النوع االجتماعي‬ ‫انتفاضة المليار إلنهاء العنف ضد المرأة‬ ‫المرأة واالقتصاد تحديات المساواة بين الجنسين‬ ‫لقاء‪:‬‬ ‫ المرأة بين العمل الثوري والسياسة‪ ..‬خولة دنيا‬‫ المعارضة السورية في وفد نسائي إلى القمة‬‫العالمية إلنهاء العنف الجنسي في حاالت الصراع‬ ‫ السريان اآلثوريون في سوريا بين النظام والثورة‬‫تحقيق‪:‬‬ ‫مشروع ألفة محاولة لقهر الواقع وصياغة حلم‬ ‫بمستقبل أجمل‬


‫العناوين‪:‬‬

‫‪26‬‬

‫افتتاحية‬ ‫مشروع ألفة‪ ..‬حماولة لقهر الواقع‬ ‫نور مارتيين‬ ‫أعيدوا لي ولدي‬ ‫رشا عمران‬ ‫نساء الزبداني‪..‬‬ ‫جربوت على أنقاض املوت والتشرد‬ ‫رند عدنان‬

‫العنف القائم على النوع االجتماعي‬ ‫رؤى الطويل‬ ‫السيداو‬

‫خولة دنيا واملرأة بني العمل الثوري والسياسة‬ ‫حاورتها سيدة سوريا‬

‫الربامج النسائية ‪...‬‬ ‫مالمسة سطحية بعيداً عن سلطة التشريع‬ ‫جناح سفر‬

‫محى الرباميل املتفجرة‬ ‫فريال أمني‬

‫رئيس التحرير‪:‬‬ ‫حممد اّ‬ ‫ملك‬

‫اجلرب‪ ..‬يتصدر قائمة األمراض يف املعتقالت‬ ‫هادية اخلطيب‬

‫‪18‬‬ ‫السريان اآلثوريون يف سوريا بني النظام والثورة‬ ‫فريق حترير سيدة سوريا‬

‫تسالي‬ ‫حني يبدع السجان !!!!‬ ‫لبنى زاعور‬

‫‪32‬‬ ‫‪28‬‬

‫نـافذة الستمـرار االسـتبداد وعـودته‬ ‫عرب انتخابات يسمونهـا دميقراطيـة‬ ‫سحر حوجية‬ ‫قمة لندن إلنهاء العنف اجلنسي يف حاالت الصراع‬ ‫فريق حترير سيدة سوريا‬ ‫قتلى التعذيب يف معتقالت النظام‬ ‫انتفاضة املليار‪:‬‬ ‫محلة عام ‪ 2014‬إلنهاء العنف ضد املرأة‬ ‫ترمجة‪ :‬مراد عيد‬ ‫املرأة واالقتصاد حتديات املساواة بني اجلنسني‬ ‫‪/‬اجلزء األول‬ ‫ترمجة‪ :‬د‪.‬إنعام شرف‬

‫‪2‬‬

‫مدير عالقات عامة وترمجة‪:‬‬ ‫د‪ .‬إنعام شرف‬

‫صحوت على صوت احلرب‬ ‫هند جملي‬

‫متتمات صيفية‬ ‫بريوز بريك‬ ‫لكل حال سبب‬ ‫سالم الكواكيب‬

‫مدير التحرير‪:‬‬ ‫يامسني مرعي‬

‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬

‫حتية إىل كريستني‬ ‫د‪ .‬غسان مرتضى‬ ‫آخر اهتماماته اإلبداع والفن‪...‬‬ ‫األبواب اخللفية للتلفزيون ‪2‬‬ ‫رعد شاهني‬ ‫التاريـخ يبدأ من سومـر‬ ‫شاعرات من الشرق القديم‬ ‫عبد الكريم بدرخان‬

‫سكرتري حترير‪:‬‬ ‫مراد عيد‬ ‫اإلمييل‪:‬‬ ‫الفيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/‬‬ ‫‪saiedetsouria‬‬ ‫املكتب الرئيسي‪:‬‬ ‫تركيا ‪ -‬غازي عينتاب‬ ‫ت‪00905533679528 :‬‬ ‫‪00905435322971‬‬ ‫‪00905347362458‬‬

‫أدب‪:‬‬ ‫ قناديل عمياء‬‫أمين األمحد‬ ‫ بورتريه‬‫ لطمية نهارية ‪ -‬اجلانب اآلخر لناشط‬‫عالء الدين زيات‬ ‫الصفحة األخرية‪ :‬عمل للفنانة هبة األنصاري‬

‫السعر خارج سوريا‪ )5( :‬يورو‬ ‫توزع ً‬ ‫جمانا داخل األراضي السورية‬


‫تضييق على التوسعة النسائية‬ ‫مدرجاً على اجتماعات االئتالف الوطين لقوى الثورة واملعارضة السورية‪ ،‬وبني سباق الرائسة واألمانة العامة والنيابة واهليئة السياسية واستجواب احلكومة‪ ،‬مبا فيه حتويلها‬ ‫من حكومة مؤقتة إىل حكومة مؤقتة لتسيري أعمال ريثما ّ‬ ‫يشكل غريها‪ ...‬بني كل ذلك عَ�ب َر البحث والتداول والتصويت موضوعاً قدمياً جديداً يف الطرح‪ ،‬هو «التوسعة‬ ‫النسائية»‪.‬‬ ‫ويُقصد ابلتوسعة النسائية‪ ،‬قبول إضافة عضوات‪ ،‬إىل االئتالف بنسبة ثالثني ابملئة‪،‬‬ ‫فما دامت النساء تقتلن وتعتقلن وهتجرن وجتعن‪ ،‬فلهن أن متثلن متثي ً‬ ‫ال جيداً يف هيئات السياسة أيضاً‪ ،‬األمر الذي يعد «جزءاً أساسياً من قيام جمتمع مدين دميقراطي‬ ‫يف سوراي القادمة» حسب بيان صدر عن االئتالف نفسه‪.‬‬ ‫يف اجتماع اهليئة العامة قبل التصويت‪ ،‬رفع ( ‪ ) 47‬شخصاً أيديهم موافقة على االقرتاح‪ ،‬لكن عند احلديث بشكل جدي (يف اليوم التايل)‪ ،‬ظهرت االشرتاطات‪،‬‬ ‫وطرح أن تكون التوسعة ضمن الكتل ال كتلة مستقلة‪ ،‬كي ال تكون توسعة عشوائية وكي ال ختتل التوازانت داخل االئتالف‪ ،‬بل طرح أن يتم إدخال امرأة بدل كل‬ ‫عضو يستقيل من إحدى الكتل‪ ،‬وأضيف على االشرتاطات أبن ُطلبت سرية ذاتية لكل امرأة من املرشحات اجلدد‪ ،‬تدرس ويتم قبوهلا أو رفضها أو املفاضلة بينها‪.‬‬ ‫لنبت فيها؟)‪ ،‬بل طرحت بعض عضوات االئتالف‬ ‫ورّدت نساء يف االئتالف على من طلب امتياز القبول أو الرفض بيده‪ ( ،‬مل ال تقدمون سريكم الذاتية فرتوان إايها ّ‬ ‫طرحاً أكثر ثورية وإحراجاً‪ :‬فليتنازل من رحبوا بفكرة التوسعة ورفض العشوائية عن (مقاعدهم) لنساء‪ ،‬هكذا تنصرون الدميقراطية وال ختلون ابلتوازن املستقر ابالئتالف‪،‬‬ ‫فلم يرفع أحد يده متنازالً عن كرسيه كما وصلنا‪ .‬وهذا طبعاً ما ال يستغربه أحد مهما كان الكرسي ومهما كان الشخص ومهما كان املوضوع‪ .‬وهكذا انتهى األمر يف‬ ‫االئتالف بعدم املوافقة على التوسعة النسائية لدى الرجال‪،‬‬ ‫ولدى النساء‪ ،‬أبهنا خسارة جولة وليست خسارة للحرب‪ ،‬وسيعدن تقدمي االقرتاح للتوسعة كل اجتماع و يف كل ساحنة‪.‬‬ ‫لكن ما هي االحتماالت والتصورات خلف رفض االئتالف للتوسعة النسائية‪ ،‬أوعدم إمكان حصوهلا حىت اليوم؟‬ ‫متضمنة يف املشروع والطرح نفسه‪ ،‬فالتوجه عند املقرتِحات (واضعات الفكرة) هو إنشاء‬ ‫يشري هادي البحرة رئيس االئتالف إىل أن اخللل واألسباب ابلفشل‪ ،‬كانت ّ‬ ‫«كتلة نسائية» ويف هذا خلل كبري (حسب رأيه)‪ ،‬فانطالق كتلة سياسية نسائية ال جيمع أعضاءها إال أهنن نساء‪ ،‬خطأ كبري‪ .‬وال يعقل أن يكون هذا هو العامل‬ ‫املشرتك الوحيد بينهن‪ ،‬وأن ال تكون هناك اختالفات يف التوجهات السياسية‪ ،‬كأن تكون إحداهن دميقراطية واألخرى اشرتاكية مث ً‬ ‫ال أو غري ذلك‪ ،‬لذا فإن حصر الكتلة‬ ‫بكوهنا نسائية أفشل املشروع‪ .‬ويتابع البحرة «السيدات يردن الدخول إىل ائتالف حمكوم بتوازانت سياسية وآليات الختاذ القرار بكتلة( ‪ ،) %30‬ما يهز آليات اختاذ‬ ‫القرار‪ ،‬ومن الطبيعي أن يقف اجلميع ضد املشروع (املقرتح هبذه الصيغة)‪.‬‬ ‫نساء‪ ،‬هبذه الطريقة سينجح املشروع دون إعاقات‪ ،‬ويتحقق متثيل نسائي دون إخالل‬ ‫ويقرتح الرجل أن تكون نسبة (‪ )25-20‬من التمثيل املخصص لكل كتلة ً‬ ‫كن ينتمني إىل كتل خمتلفة سياسياً‪ ،‬ويضيف‪ ،‬هذا قرار حيتاج إىل ثلثي أعضاء‬ ‫ابلتوازانت‪ ،‬ولن مينع هذا إمجاع النساء حول القرارات املتعلقة ابملرأة لدعمها حىت وإن ّ‬ ‫االئتالف‪ ،‬ومن املستحيل حتقيقها وفق االسرتاتيجية اليت قُ ّدمت هبا‪.‬‬ ‫يقول البعض رمبا كانت احتماالت الفشل خمبوءة يف أسباب منها‪ ،‬نساء يصررن على اقرتاح كتلة نسائية مصمتة‪ ،‬من نساء وافدات حديثاً على االئتالف حتت‬ ‫رعايتهن‪،‬ال حتت رعاية كتل الرجال‪ ،‬ليتحولن (نقصد القدامى) إىل قائدات مهيمنات على «كتلتهن» اخلاصة أسوة ابلرجال‪ ،‬وإال فاألفضل أن يبقني يف اخليار األول‪،‬‬ ‫بضع نساء بني ما يزيد عن مئة يف االئتالف‪ ،‬مهيمنات على بعض مراكز ومناصب ابلضرورة‪ ،‬النعدام البديل‪ ،‬وهو ما رفضته بعض النساء يف االئتالف حقيقة وبكل‬ ‫جدارة‪.‬‬ ‫ومنها‪ ،‬رجال يف االئتالف خيشون أن تكون النساء كتلة موحدة ضد القرارات‪ ،‬لكن العقالء يعلمون أن ال خماوف يف هذا الشأن‪ ،‬إذ تثبت التجارب أن النساء يف مراكز‬ ‫القرار‪ ،‬لطاملا وقفن ضد قضااي النساء لصاحل كتل وإيديولوجيات ومصاحل ينتمني إليها‪.‬‬ ‫ومن أسباب الفشل رمبا‪ ،‬رجال قلقون من نساء ينافسنهم على املكاتب واللجان واإلدارات والسفر والتمثيل‪ ،‬بسبب قلة العدد أوالً‪ ،‬وأن الغرب سيعتمدهن كشريكات‬ ‫يف العمل يف املقدمة‪.‬‬ ‫كان هذا تناوالً للموضوع داخل دائرة االئتالف واحلالة السورية‪ ،‬لكن ماذا عن التمثيل النسائي عاملياً؟ جند استناداً إىل إحصائية نشرها «البنك الدويل» حول نسب‬ ‫متثيل املرأة برملانياً يف دول العامل‪ ،‬للعام ‪ ،2013‬وأنخذ بعض األمثلة عليها من العامل الثالث‪ ،‬ودول خرجت من صراعات وتدخلت فيها ثقافة الغربيني والية عملهم‪.‬‬ ‫‪/‬أفغانستان ‪ ،%28‬أثيوبيا ‪ ،%28‬السنغال ‪ ،%43‬السودان ‪ ،%25‬العراق ‪ ،%25‬أوغندا ‪ ،%35‬راوندا ‪ ،%64‬صربيا ‪ ،%33‬اجلزائر ‪ ،%32‬ليبيا ‪ ،%17‬املغرب ‪./%17‬‬ ‫لنقرأ أن النسبة يف أوغندا وصربيا واجلزائر والسودان والعراق ال تقل عن ‪ 25‬ابملئة‪ ،‬فيما تصل إىل ‪ 64‬يف راوندا مثالً‪ ،‬وهذا يقرتح أم ً‬ ‫ال أن الغرب سيفرض على مؤسسات‬ ‫املعارضة كوات تؤمن متثي ً‬ ‫ال نسائياً جيداً‪ .‬خاص ًة إن عرفنا أن نسبة التمثيل النسائي يف مؤسسات الثورة السورية ‪ /%4/‬يف الصيغ الظاهرة‪ ،‬وتقف عند حدود الصفر يف‬ ‫الداخل مع استثناءات اندرة‪.‬‬ ‫حتسن التمثيل النسائي‪ ،‬وإال ما الذي يوصل التمثيل يف ليبيا واملغرب إىل ‪ 17‬ابملئة‪ ،‬طبعاً نستثين‬ ‫ونقرأ أيضاً‪ ،‬أنه كلما ختلخلت بنية النظام الشمويل وقبضته على الدولة‪ّ ،‬‬ ‫تعب األرقام فيها عن شيء‪ ،‬فاجلميع رجاالً ونساء متاثيل من مشع‪ ،‬ومتثيل من دمى‪( ،‬كوراي الشمالية‪ ،‬النظام السوري الذي يصل التمثيل فيه إىل ‪،%12‬‬ ‫األنظمة اليت ال رّ‬ ‫إيران‪ ،‬وكواب وأمثاهلا)‪ ،‬طبعاً هذا املثال ال يشمل أيضاً تلك البلدان اليت ال تزال تسجن النساء يف املنازل واملالبس وتعلن ذلك على املأل‪.‬‬ ‫نظن األمر ال يزال بعد كل شيء‪ ،‬متعلقاً بوعي النساء لواقعهن‪ ،‬إبخالصهن لقضاايهن‪ ،‬بنبذ الفردية والشخصنة وهو داء خطري‪ ،‬بنشر املعرفة والوعي بني النساء‪،‬‬ ‫والعمل الدؤوب على حتصيل حقوقهن ال استجداءها‪ ،‬وإالّ ستستمر الثورة عرجاء والوطن أعرج‪.‬‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪3 2014‬‬


‫مشروع ألفة‪ ..‬محاولة لقهر الواقع‪ ..‬وصياغة حلم‬ ‫بمستقبل أجمل‬ ‫مل يعد هاجس املواطن السوري بعد مضي ما يربو على ثالثة أعوام من‬ ‫عمر ال��ث��ورة يقتصر على اخل���روج منها بنصر م��ؤزر فحسب‪ ،‬ب��ل ابتت‬ ‫ه��ن��ال��ك أول�����وايت ج��دي��دة انمج���ة ع��ن األوض�����اع امل��س��ت��ج��دة ع��ل��ى األس��ر‬ ‫السورية بفعل سياسة األرض احمل��روق��ة ال�تي انتهجها النظام يف التعامل‬ ‫م��ع ال��ث��ورة ال��س��وري��ة‪ ،‬م��ن قتل‪ ،‬وهت��ج�ير‪ ،‬واع��ت��ق��ال‪ ،‬وت��دم�ير‪ ..‬وص���والً إىل‬ ‫االغتصاب الذي مورس على خمتلف أطياف اجملتمع السوري‪.‬‬ ‫كل هذه األمور‪ ،‬أفضت إىل الدفع ابمللف اإلنساين إىل الواجهة‪ ،‬ليتصدر‬ ‫قائمة االحتياجات‪ ،‬خاصة بعد استنزاف السوريني مادايً بشكل كامل‬ ‫بفعل الغالء الفاحش يف ال��داخ��ل ال��س��وري نتيجة تقهقر كافة أشكال‬ ‫الفعاليات الصناعية والتجارية واخلدمية من انحية‪ ،‬وم��ن انحية أخرى‬ ‫بسبب استنزاف حىت السوريني املغرتبني‪ ،‬وال��ذي��ن ازداد العبء امل��ادي‬ ‫عليهم بشكل ملحوظ مع طول أمد األزمة‪.‬‬ ‫مشروع ألفة لرعاية عائالت شهداء الثورة السورية‪ ،‬هو مشروع قامت به‬ ‫جمموعة من السيدات السورايت‪ ،‬يعمل على إي��واء عدد من السيدات‬ ‫ال��س��ورايت ال��ل��وايت اضطرهتن ظ��روف احل��ي��اة إىل ت��رك منازهلن يف س��وراي‪،‬‬ ‫خوفاً من إجرام النظام‪ ،‬ليلتجئن إىل تركيا هن وأوالدهن‪ ،‬بعد أن فقدن‬ ‫املعيل‪ ،‬من خ�لال أتم�ين كفالء يقدمون دعماً م��ادايً بشكل شهري‪،‬‬ ‫وأسسن مطبخ «ألفة» وتعمل املشرفات على املطبخ على خلق دخل‬ ‫إضايف للعامالت يف مشروع «مطبخ ألفة»‪ ،‬والتوسع ابلنشاطات لتمكني‬ ‫السيدات الوايت يشملهن املشروع من حتقيق مصدر دخل مستقل هلن‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬

‫• نور مارتيين‬

‫بداايت ألفة‪:‬‬ ‫تتحدث السيدة دمية درويش «مديرة مشروع ألفة لرعاية عائالت شهداء‬ ‫الثورة السورية» عن التحضريات اليت متت قبيل إط�لاق املشروع فتقول‪:‬‬ ‫«يقوم مشروع ألفة على أساس كفالة بعض العائالت اليت فقدت معيلها‬ ‫خالل األزمة القائمة يف سوراي‪ ،‬حبيث تقوم العائلة الكفيلة برعاية وكفالة‬ ‫عائلة الشهيد بشكل كامل من حيث التواصل معهم واالطمئنان عنهم‬ ‫وزايرهت���م إن أمكن‪ ،‬وأتم�ين دخ��ل شهري مناسب هل��م‪ ،‬وق��د وص��ل عدد‬ ‫العائالت اآلن إىل ‪ ١٨‬عائلة‪.‬‬ ‫تقول السيدة شكران درويش مديرة «مطبخ ألفة» أبن املطبخ‪« :‬انبثق عن‬ ‫مشروع ألفة كفرع صغري منه»‪ ،‬وتضيف أن ‪« :‬األس��ر املوجودة يف هذا‬ ‫البيت‪ ،‬واليت نعتربها نواة مشروع ألفة‪ ،‬تعيش هنا حتت شرط واحد‪ ،‬هو‬ ‫أن تكون أعمار الذكور من أبنائهم حتت العشر سنوات لتجنب اإلحراج‪،‬‬ ‫فهناك أسر هنا‪ ،‬يعيشون برتابط واندماج مستمر»‪.‬‬ ‫وعن السبب الذي دفعهن للتفكري يف هذا املطبخ‪ ،‬توضح السيدة شكران‬ ‫وجهة نظرها‪« :‬ه��ذا امل��ش��روع ض���رورة‪ ،‬فاحتمال توقف أي كفيل قائم‪،‬‬ ‫غالبية النساء املوجودات ال حيملن شهادات وال جيدن أية مهنة‪ ،‬فكانت‬ ‫الفكرة أن ننشئ مطبخاً على اعتبارهن مجيعاً رابت بيوت‪ ،‬حبيث نوزع‬ ‫امل��ه��ام عليهن ح��س��ب م��ق��درهت��ن ومت��ي��زه��ن يف ال��ط��ب��خ‪ ،‬م��ط��ل��وب منهن أن‬ ‫يطبخن لينلن أجرهن‪ ،‬وكلما ازداد العمل ازداد األجر»‪.،‬‬

‫مشروع ألفة‪ /‬خاص سيدة سوريا‬


‫انطالقة املشروع‬ ‫ت��ت��ح��دث ال��س��ي��دة ش��ك��ران ع��ن ان��ط�لاق��ة مطبخ‬ ‫ألفة‪ ،‬وت��روي تفاصيل ه��ذه االنطالقة‪« :‬ب��دأان‬ ‫فعلياً يف شهر نيسان‪ ،‬سبق ذل��ك شهران من‬ ‫التحضري للمطبخ‪ ،‬اليوم أان أقوم بتأمني املواد‪،‬‬ ‫وأشرتي اللوازم بناء على طلبات مسبقة‪ ،‬فعلى‬ ‫ال���زابئ���ن إع�ل�ام���ي ب��ط��ل��ب��اهت��م ق��ب��ل ي����وم‪ ،‬ألن��ن��ا ال‬ ‫نستخدم إال املواد الطازجة وهذا شرط أساسي‬ ‫يف مطبخنا‪ ،‬إض��اف��ة إىل أن���ه ي��ت��م حت��دي��د ع��دد‬ ‫العامالت اللوايت سيشاركن يف حتضري الطلب‪،‬‬ ‫وساعة تقدميه وع��دد األش��خ��اص الذين حتضر‬ ‫هلم الوجبة يف اليوم السابق لتحضريها»‪.‬‬ ‫وع��ن السيدات املشرتكات يف امل��ش��روع تقول‪:‬‬ ‫«العدد اإلمج��ايل للسيدات هو ‪ 18‬سيدة‪6 ،‬‬ ‫منهن مقيمات يف نفس البيت الذي يتواجد فيه‬ ‫املطبخ والبقية خارجه‪ ،‬يتم االتفاق بيين وبينهن‬ ‫حسب جاهزية كل منهن للمشاركة»‪.‬‬ ‫أم حممد‪ ،‬أرملة ضابط منشق‪ ،‬كانت تقيم يف‬ ‫مدينة حلب‪ ،‬تقيم حالياً يف البيت املخصص‬ ‫للعائالت‪ ،‬وتشارك يف إع��داد الوجبات ملطبخ‬ ‫ألفة‪ ،‬ترى أم حممد أن املشروع كان فرصة ليس‬ ‫فقط لتحسني دخلها‪ ،‬بل وللتغلب على حزهنا‬ ‫أيضاً‪ ،‬تقول‪« :‬فجأة‪ ،‬وجدت نفسي أرملة بال‬ ‫معيل وال سند‪ ،‬ومل يعد وجودي يف حلب وارداً‪،‬‬ ‫إذ إنه‪ ،‬وخالل الفرتة اليت استشهد فيها زوجي‪،‬‬ ‫ك��ان��ت ح��ل��ب ال��ش��رق��ي��ة حت��ت س��ي��ط��رة داع���ش‪،‬‬ ‫والغربية حت��ت سيطرة ال��ن��ظ��ام‪ ،‬واخل��ي��ار الوحيد‬ ‫أمامي كان اهلروب إىل تركيا برفقة أوالدي الذين‬ ‫ال يتجاوز عمر أكربهم الستة أعوام»‪.‬‬ ‫وتتابع‪« :‬ح�ين وصلت إىل تركيا‪ ،‬هنالك من‬ ‫أرشدين إىل إدارة املشروع‪ ،‬اليت استقبلتين نظراً‬ ‫خلصوصية ظريف‪ ،‬وألن الشروط املطلوبة متوافرة‬ ‫لدي‪ ،‬فولدي الذكر ال يتجاوز الستة أعوام‪ ،‬أي‬ ‫أنه دون العاشرة»‪ .‬وعن الفائدة اليت حققها هلا‬ ‫املشروع توضح أم حممد‪« :‬شعرت بسعادة كبرية‬ ‫ح�ين طلب م�ني أن أس��اه��م يف ش��يء أج��ي��ده‪،‬‬ ‫بداية هي فرصة للشعور ابلرضا‪ ،‬وأن��ك لست‬ ‫عبئاً بشكل كامل على الداعمني‪ ،‬وهي فرصة‬

‫مشروع ألفة‪ /‬خاص سيدة سوريا‬

‫ل��ت��ح��س�ين ال���دخ���ل‪ ،‬وأه����م م���ن ه���ذا ك��ل��ه‪ ،‬حني‬ ‫يعمل امل��رء ينشغل ع��ن أح��زان��ه وحي���اول اخل��روج‬ ‫منها‪ ،‬لقد أصبحت أحسن ح��االً منذ ب��دأت‬ ‫املشاركة يف مشروع الطبخ‪ ،‬وأصبحت أتفاعل‬ ‫مع أوالدي أكثر من الفرتة اليت مل أكن أعمل‬ ‫فيها‪ ،‬ويف النهاية العمل طوعي وليس إجباري‪،‬‬ ‫وحني أكون مشغولة أستطيع االعتذار»‪.‬‬

‫دخل سوى ما يتكرم به‪.‬‬ ‫أما عن مسألة الشفافية‪ ،‬والضماانت اليت تقدم‬ ‫للداعمني ح��ول النفقات‪ ،‬فتؤكد السيدة دمية‬ ‫أن‪« :‬ه���ن���اك ص��ف��ح��ة خ��اص��ة ل��ل��م��ش��روع على‬ ‫فيسبوك فقط للمشاركني فيه‪ ،‬أنشر عليها ما‬ ‫ميكن اعتباره تقارير مالية‪ ،‬عما أرسلوه وكيف‬ ‫أنفق‪ ،‬ابإلضافة إىل صور عما نقوم به»‪.‬‬

‫ألفة من منظور اقتصادي‬ ‫ككل املشاريع اخلريية اليت تدار عادة‪ ،‬تتوقف‬ ‫اس��ت��م��راري��ة م��ش��روع أل��ف��ة على م��زاج��ي��ة ال��داع��م‪،‬‬ ‫فال ضماانت سوى ضمري الداعم‪ ،‬وال مصدر‬

‫وتعقب دمية على هذه الفكرة بقوهلا‪« :‬مشروع‬ ‫امل��ط��ب��خ ه���و ع��ل��ى ه��ام��ش ه���ذا امل���ش���روع‪ ،‬وه��م‬ ‫يفرحون كثرياً عندما يعملون أن النساء بدأن‬ ‫ي��ع��م��ل��ن‪ ،‬وأن ك����ل أس������رة ب������دأت ت���ق���ف ع��ل��ى‬ ‫قدميها»‪.‬‬ ‫فيما تؤكد السيدة شكران على استقاللية مشروع‬ ‫الطبخ‪« :‬األس��ر الكفيلة ال عالقة هلا مبوضوع‬ ‫امل��ط��ب��خ‪ ،‬معظمهم أط��ب��اء س��وري��ون يقيمون يف‬ ‫أمريكا بينهم طبيب ابكستاين‪ ،‬طبيب فلسطيين‬ ‫وطبيبة مصرية»‪.‬‬

‫مشروع ألفة‪ /‬خاص سيدة سوريا‬

‫وتتحدث السيدة شكران‪ ،‬مديرة مشروع الطبخ‬ ‫ع��ن العقبات ال�تي تصادفهم اق��ت��ص��ادايً‪ ،‬قائلة‪:‬‬ ‫«ن���ع���اين م���ن أن��ن��ا ن��ش�تري امل�����واد ابمل���ف���رق‪ ،‬ألن‬ ‫الكميات اليت نشرتيها قليلة‪ ،‬يتعبين عدم التزام‬ ‫اجلهة ال�تي نتعاقد معها مبوعد التسليم‪ ،‬يبقى‬ ‫ل��دي قلق ح��ول امل��واع��ي��د‪ ،‬وأخ��ش��ى م��ن تراكم‬ ‫املواد حبيث تبقى وال أجد سبي ً‬ ‫ال الستخدامها‪،‬‬ ‫ل��ذل��ك مل أمت��ك��ن م��ن ال��ت��ع��ام��ل م��ع جت���ار اجلملة‬ ‫حىت اليوم»‪.‬‬ ‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪5 2014‬‬


‫وع���ن ال��غ��اي��ة م���ن ال��ت��أك��ي��د ع��ل��ى ف��ك��رة العمل‬ ‫رغ��م أن��ه هنالك كفالء يؤمنون روات���ب شهرية‬ ‫هل��ذه األس���ر‪ ،‬ت��ق��ول‪« :‬أشجعهن على العمل‬ ‫خ��ارج مشروعنا يف أوق��ات فراغهن‪ ،‬أري��د هلن‬ ‫أن ي��ع��م��ل��ن»‪ ،‬م��وض��ح��ة أن ال��س��ي��دات «حيبنب‬ ‫عملهن كثرياً»‪.‬‬

‫موضحة أن النهج ال��ذي ينتهجنه م��ن حيث‬ ‫جودة الوجبات يرتب أعباء مادية معينة‪ ،‬حيث‬ ‫أهن��ن ب��دأن «بنية صنع اس��م للمطبخ بوجبات‬ ‫رخ��ي��ص��ة‪ ،‬اجل��م��ي��ع ه��ن��ا حب��اج��ة وال��ع��م��ل ي��ع��دل‬ ‫أوضاعهن»‪.‬‬ ‫جهات داعمة للمشروع‬ ‫ت��وض��ح ال��س��ي��دة دمي���ة أن ب��ع��ض اجل���ه���ات قد‬ ‫دع��م��ت م��ش��روع امل��ط��ب��خ‪ ،‬وإن مل ي��ك��ن ذل��ك‬ ‫الدعم الكايف الذي يضمن عامل االستمرارية‪،‬‬ ‫إال أنه خطوة يف االجتاه الصحيح‪ ،‬فباإلضافة‬ ‫إىل التعاقد م��ع مكتب اجل��زي��رة على وجبات‬ ‫يومية‪ ،‬فقد «زارت احلكومة املؤقتة املطبخ يوم‬ ‫عيد األم وت��ن��اول��وا غ���داء ودف��ع��وا ل��ق��اءه مبلغ‬ ‫‪ 1000‬دوالر‪ ،‬ومت نشر اخل�بر على صفحة‬ ‫احل��ك��وم��ة‪ ،‬كما أن اهليئة العامة للجيش احلر‬ ‫ممثلة بسليم إدريس تربعت للمشروع مببلغ ‪10‬‬ ‫آالف دوالر‪ ،‬م��ا ن��ع��ت�بره م��ب��ل��غ��اً ك��ب�يراً ابلنسبة‬ ‫ملشروعنا‪ ،‬وق��د وزع على العائالت ن��زوالً عند‬ ‫رغبة السيد إدريس‪.‬‬ ‫كما أن السيدة وزي��رة الثقافة وع��دت مبحاولة‬ ‫أتمني مبىن لكافة العائالت اليت يشرف عليها‬ ‫املشروع»‪.‬‬ ‫أم��ا ع��ن ال��دع��م ال��ذي قدمته احلكومة الرتكية‪،‬‬ ‫فتضيف دمي����ة‪« :‬امل��ق��ر ه��و وق���ف ت��رك��ي‪ ،‬قمنا‬ ‫إبصالحه‪ ،‬ست أسر فيه‪ ،‬أما األسر املوجودة‬ ‫خارجه تدفع أج��رة منازهلا لذلك حتصل على‬ ‫مبلغ كفالة أك�بر مم��ا تتلقاه األس���ر املقيمة يف‬ ‫الدار»‪.‬‬

‫مشروع ألفة‪ /‬خاص سيدة سوريا‬ ‫‪6‬‬

‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬

‫حلول بديلة‬ ‫ك��أي م��ن امل��ش��اري��ع‪ ،‬يتوقف اس��ت��م��رار املشروع‬ ‫على ع��وام��ل خ��ارج��ة ع��ن إرادة املشاركني فيه‪،‬‬ ‫وح��ت��ى إدارت��������ه أح�����ي�����اانً‪ ،‬ول����ذل����ك ف���ق���د ف��ك��رت‬ ‫ال���س���ي���دات ال���ق���ائ���م���ات ع���ل���ى امل����ش����روع حب��ل��ول‬ ‫ب��دي��ل��ة جت��ن��ب ال��ع��ائ�لات ش��ب��ح ال��ع��وز وال��ف��اق��ة‪،‬‬ ‫ت��ق��ول ال��س��ي��دة ش���ك���ران‪« :‬م����رت ف�ت�رة اخن��ف��ض‬ ‫فيها الطلب ك��ث�يراً ف��ب��دأت بتعليمهن اخلياطة‬ ‫والتطريز‪ ،‬أريد أن يتعلمن كل شيء‪ ،‬حىت إنين‬ ‫اش�تري��ت هل��ن ماكينة خياطة ليستخدمنها يف‬ ‫العمل‪ ،‬خالل رمضان ممكن أن ننتج مالبس‬ ‫للصالة وأشياء مشاهبة تؤمن هلن أج��راً جيداً‪،‬‬ ‫نفكر بسوق خ�يري أو ما شابه‪ ،‬فالكفالة ال‬ ‫تكفي‪ ،‬هناك أس��ر كفالتها ‪ 200‬دوالر وهو‬ ‫ليس مبلغاً كبرياً يف هذه األايم»‪.‬‬

‫مشاريع رمضانية‬ ‫تتحدث السيدة ش��ك��ران ع��ن ج��دول أعمال‬ ‫أل��ف��ة خ�ل�ال ش��ه��ر رم���ض���ان امل���ب���ارك‪ ،‬ف��ت��ق��ول‪:‬‬ ‫«س��ت��ك��ون ه��ن��اك أرب���ع وج��ب��ات إف��ط��ار خ�لال‬ ‫شهر رم��ض��ان‪ ،‬تلتقي فيه العائالت مع عدد‬ ‫م��ن أع��ض��اء وم��وظ��ف��ي احل��ك��وم��ة‪ ،‬يغطى على‬ ‫ن��ف��ق��ة احل��ك��وم��ة امل��ؤق��ت��ة»‪ ،‬وت��ض��ي��ف‪« :‬حتضر‬ ‫الوجبات يف املطبخ وتقدم ألس��ر الشهداء الـ‬ ‫‪ 17‬حبضور ‪ 15‬شخصاً من موظفي احلكومة‪،‬‬ ‫ف���ق���ط يف رم����ض����ان‪ ،‬ك��ل��ف��ة ال���وج���ب���ة ل��ل��ش��خ��ص‬ ‫ستكون ‪ 15‬لرية تركية‪ ،‬احلساب على ‪ 50‬فرداً‬ ‫من األسر و‪ 15‬ضيفاً»‪.‬‬ ‫أما عن مدى أتثر السيدات املوجودات ضمن‬ ‫املشروع بظرفهن احلايل‪ ،‬فتؤكد السيدة دمية أهنن‬ ‫«ابلتأكيد قد تراجع مستوى معيشتهن‪ ،‬األسر‬ ‫املوجودة هنا هي من األسر اليت كانت «معززة‬ ‫مكرمة»‪ ،‬أزواج ثالثة من السيدات كانوا قادة‬ ‫كتائب يف اجليش احل��ر‪ ،‬مم��ن ك��ان��وا ضباطاً يف‬ ‫اجل��ي��ش وان��ش��ق��وا‪،‬ص��ح��ي��ح أن ال��ب��ي��ت م��ت��واض��ع‬ ‫لكنهن يعشن بكرامة‪ ،‬أتتيهن رواتبهن‪ ،‬ونرسل‬ ‫األطفال إىل املدارس»‪.‬‬ ‫تبقى اإلش���ارة إىل أن فكرة العمل اخل�يري هي‬ ‫فكرة مستحدثة على اجملتمع السوري‪ ،‬وثقافة‬ ‫ه����ذا ال���ن���وع م���ن ال��ع��م��ل م���ا ت����زال غ�ي�ر انض��ج��ة‬ ‫لدى الكثريين‪ ،‬رمبا بسبب سيطرة النظام على‬ ‫كافة مناحي احلياة‪ ،‬وتطويعها خلدمة أجنداته‬ ‫اخلاصة‪ .‬مشروع ألفة هو بذرة يف طريق تنمية‬ ‫ه��ذا النوع من الثقافة‪ ،‬وخلق م��ب��ادرات توسع‬ ‫آف����اق ه���ذا ال��ن��م��ط م��ن امل��ش��اري��ع‪ ،‬وال���س���ورايت‬ ‫لديهن م��ن ال��ق��وة م��ا يكفي مل��واج��ه��ة ال��ظ��روف‬ ‫االستثنائية اليت يعشنها‪.‬‬


‫أعيدوا لي ولدي‬ ‫سيبدو شبيها ابلرتف أن أعلن تضامين مع األمهات‬ ‫السورايت اللوايت فقدن أبناءهن خالل السنوات الثالث‬ ‫املاضية يف سوراي‪ ،‬أان اليت تتمتع مبراقبة أمان ابنتها الوحيدة‪،‬‬ ‫وهي تكمل حياهتا خارج ذلك البلد املنكوب‪ .‬سيبدو‬ ‫التضامن ترفاً حقيقياً‪ ،‬شبيهاً حبالة االستشراق اليت ميارسها‬ ‫عرب يعيشون منذ زمن يف اخلارج‪ ،‬ويتعاطفون مع قضااي‬ ‫ٌ‬ ‫بالدهم بلغة البلد الذي يعيشون فيه‪ .‬على أن مثة مساحة‬ ‫هنا ال ميكن يل «كأُم» التغافل عنها وجتاوزها‪ :‬ماذا لو أن‬ ‫ابنيت ما زالت هناك‪ ،‬وتعرضت كما يتعرض غريها من شباب‬ ‫وصبااي سوراي الذين واللوايت رفضوا اخلروج ألسباب كثرية؟‬ ‫ماذا لو أهنا كانت عرضة لالعتقال مرة اثنية واثلثة مع كل ما‬ ‫ميارس على املعتقالت من انتهاكات وعنف يصل إىل املوت‬ ‫تعذيباً وإذالالً وقهراً؟ ماذا لو أهنا مازالت تعيش حتت القصف‬ ‫اليومي والتفجريات املتنقلة وهي حتاول اهلروب من املوت‬ ‫الذي يالحق السوريني من مكان إىل آخر؟ ماذا لو كان يل‬ ‫ابن شاب متمسك ببقائه هناك‪ ،‬وليس أمامه إال خيارات‬ ‫قليلة‪ :‬االحنياز للثورة ما يعين التعرض لالعتقال والتعذيب‬ ‫واملوت‪ ،‬أو محل السالح لقتال من بدأ بقتله وابلتايل الدخول‬ ‫يف أتون احلرب حيث املوت ينتظره كل حلظة‪ ،‬أو االحنياز‬ ‫للنظام أي االخنراط يف حرب النظام ضد أبناء بلده‪ ،‬وابلتايل‬ ‫مثة قرب مفتوح ينتظره أيضاً‪ ،‬أو الوقوف على احلياد بني الطرفني‬ ‫حيث ميكن ألية رصاصة قناص‪ ،‬أو قذيفة هاون عشوائية‪ ،‬أو‬ ‫برميل موت ال مييز شخصاً عن آخر‪ ،‬أو سيارة مفخخة تُ ِق ُّل‬

‫• رشا عمران‬

‫مواتً مرحباً بكل من يقرتب صدفة منه‪ ،‬أو عصابة خطف متارس هواية اإلجرام يف ظل‬ ‫الفوضى احلاصلة‪ ،‬أن تنهي حياته فجأة وكأنه مل يكن يوماً‪.‬‬ ‫ماذا لو أفقدتين هذه احلرب العبثية ولداً أو اثنني أو ثالثة؟ ماذا لو عشت ما تبقى‬ ‫من عمري يوشح السواد جسدي وقليب وروحي؟ ماذا لو سلموين هوية ابين ومنعوا‬ ‫عين جسده املطفأ‪ ،‬فال أان أصدق رحيله‪ ،‬وال شيء يثبت بقاءه حياً‪ ،‬فأعيش حتت‬ ‫ال متسلس ً‬ ‫وطأة هذا القلق املرتقب وهذا االنتظار الذي يشبه قات ً‬ ‫يف حكم‬ ‫ال ينفذ ّ‬ ‫املوت كل ليلة؟‬ ‫ماذا لو أعطوين ولدي ملفوفاً بعلم ما‪ ،‬وبدالً من صورته على التابوت مثة صورة ملن‬ ‫هو حماط مع عائلته بكل وسائل األمان‪ ،‬وأم أوالده مل جترب معىن أن تفقد قطعة‬ ‫من قلبها وتضعها حتت الرتاب‪ ،‬بينما تصدح يف األعلى خطاابت مزرية عن الوطن؟‬ ‫ماذا سأفعل ابلوطن وأوالدي صاروا تراابً؟ ماذا سيعنيين مستقبل هذا الوطن حني ال‬ ‫أمتكن من ضم ابين إىل صدري وشم رائحته وختيله يف مستقبله انجحاً حمبوابً حيضن‬ ‫أوالده مثلي؟‬ ‫ماذا لو أصبت بكل ما أصيبت به األمهات السورايت؟ أختيل هذا وأكاد أمسك‬ ‫احلجر الذي يقف يف قليب ويصل إىل حلقي وخينقين‪ ،‬أكاد أمسكه وأفتته مث أبدأ‬ ‫ابلصراخ‪ :‬ملعون هو الوطن الذي أيكل أبناءه‪ ،‬ملعونة هي األرض اليت ال ترتوي إال‬ ‫بدماء شباهبا‪ ،‬ملعون هو املستقبل الذي سيبىن على الفقد والقهر والدمع واألمل والدم‬ ‫واملقابر املفتوحة‪ ،‬ملعون كل من حيرض على املوت‪ ،‬وكل من يفتح ابب الدم‪ ،‬وكل من‬ ‫يدفع ابلقتل إىل أقصاه وهو يذهب إىل غرف أوالده املرتفة ليطمئن إىل أماهنم‪ ،‬ملعون‬ ‫كل ما حدث وكل ما حيدث وكل ماسوف حيدث‪ ،‬ملعون كل شيء‪ ،‬وإىل اجلحيم‬ ‫كل هذا الرعب واجلنون واملوت والوطن والشعارات واألهداف واألحالم‪..‬‬ ‫اعيدوا يل ولدي وخذوا الوطن مبا فيه‪.‬‬ ‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪7 2014‬‬


‫العنف القائم على النوع االجتماعي‬

‫• رؤى الطويل‬

‫ترتجم كلمة ‪ Gender‬اإلجنليزية ذات األصل الالتيين (‪ )Genus‬إىل (اجلنس)‬ ‫من حيث الذكورة واألنوثة‪ ،‬لكن املرادف احلقيقي لكلمة ‪ Gender‬يف ال ّلغة العربية‬ ‫هوالنّوع االجتماعي‪ ،‬ويقصد به ما يشري إىل النظرة االجتماعية‪ ،‬النفسية‪ ،‬أو الثقافية‬ ‫للفروقات بني اجلنسني‪.‬‬ ‫غالباً ما يُساء فهم مصطلح النوع االجتماعي‬ ‫(اجلندر) فيخلط مبصطلح اجلنس‪ ،‬لذا من املهم‬ ‫تعريفهما بشكل دقيق‪:‬‬ ‫اجل���ن���س ه����و‪« :‬االخ���ت�ل�اف���ات ال��ب��ي��ول��وج��ي��ة بني‬ ‫اجل���ن���س�ي�ن (ذك������ر وأن�����ث�����ى)‪ ،‬وه�����ي اخ���ت�ل�اف���ات‬ ‫اثب��ت��ة ال ت��ت��غ�ير‪ ،‬وت��ع��ت��م��د ع��ل��ى االخ���ت�ل�اف يف‬ ‫الكروموسومات‪ ،‬اجلينات‪ ،‬األعضاء التناسلية‪،‬‬ ‫وال��وظ��ي��ف��ة اإلجن���اب���ي���ة ب�ي�ن اجل���ن���س�ي�ن»‪ ،‬حسب‬ ‫صندوق األمم املتحدة للسكان عام ‪.2004‬‬ ‫أ ّم�����ا ال���ن���وع االج��ت��م��اع��ي ف��ه��و حب��س��ب منظمة‬ ‫الصحة العاملية‪« :‬مصطلح يستخدم لوصف‬ ‫اخلصائص ال�تي حيملها الرجل وامل��رأة كصفات‬ ‫م��رك��ب��ة اج��ت��م��اع��ي��ة ال ع�لاق��ة هل���ا ابالخ��ت�لاف��ات‬ ‫ال���ع���ض���وي���ة»‪ ،‬وي���ع�ب�ر ع���ن االخ���ت�ل�اف وال��ت��م��ي��ي��ز‬ ‫االج��ت��م��اع��ي ل��ل��ج��ن��س‪ ،‬وت���ص���ف األدوار ال�تي‬ ‫تُ��ع��زى إىل ال��ن��س��اء وال���رج���ال يف اجمل��ت��م��ع‪ ،‬وال�تي‬ ‫ال ي��ت��م تعيينها ب��واس��ط��ة ال��ع��وام��ل ال��ب��ي��ول��وج��ي��ة‪،‬‬ ‫وإمن��ا بواسطة املعطيات االجتماعية‪ ،‬والقواعد‬ ‫الثقافية ومعايريها وحمظوراهتا‪ ،‬فاألدوار اجلندرية‪،‬‬ ‫حبسب ه��ذا ال��ت��ع��ري��ف‪ ،‬ت��ت��ف��اوت ب�ين ثقافة أو‬ ‫حضارة وأخرى‪ ،‬وهي قابلة للتغيري والتطوير‪.‬‬ ‫ويتميّز النوع االجتماعي ابستناده على اإلطار‬ ‫االج��ت��م��اع��ي ال����ذي ت��ب�نى ع��ل��ي��ه ال��ع�لاق��ات بني‬ ‫الرجال والنساء‪ ،‬وارتكازه على عالقات سلطة‬ ‫غري متساوية بني امل��رأة وال��رج��ل‪ ،‬حيث تعطي‬ ‫ميزات وقيمة أك�بر ملا هو ذك���وري‪ ،‬كما يشري‬

‫‪8‬‬

‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬

‫إىل ال���ع�ل�اق���ات ب��ي�ن اجل���ن���س�ي�ن ع���ل���ى امل��س��ت��وى‬ ‫املؤسسايت اجملتمعي‪( ،‬من خالل الدين والقيم‬ ‫وال���ت���ش���ري���ع���ات)‪ ،‬ول���ي���س ف��ق��ط ع��ل��ى امل��س��ت��وى‬ ‫الشخصي واخلاص‪.‬‬ ‫ينتقد بعض األشخاص املساواة بني اجلنسني‪،‬‬ ‫ابعتبارها فكرة غربية ال تتوافق م��ع الثقافات‬ ‫ال��ت��ق��ل��ي��دي��ة أو احمل���اف���ظ���ة‪ ،‬وي����ن����درج ه����ذا ال��ن��وع‬ ‫م���ن احل��ج��ج حت���ت م���ا ي��س��م��ى ع����ادة «النسبية‬ ‫الثقافية»‪ ،‬ويستغل لتشويه مبدأ عاملية حقوق‬ ‫اإلنسان عموماً‪ ،‬والسيما املتعلق منها حبقوق‬ ‫املرأة‪.‬‬ ‫ي���ذك���ر أن ح���ق���وق اإلن����س����ان ه�����ي‪« :‬احل���ق���وق‬ ‫واحل��رايت األساسية ال�تي يستحقها كل إنسان‬ ‫بغض النظر ع��ن جنسيته أو جنسه أو أصله‬ ‫ال��ق��وم��ي أو اإلث�ن�ي‪ ،‬أو ع��رق��ه أو دي��ن��ه أو لغته‪،‬‬ ‫أو أي وضع آخر له‪ .‬تشمل حقوق اإلنسان‬ ‫احل��ق��وق امل��دن��ي��ة وال��س��ي��اس��ي��ة‪ ،‬ك��احل��ق يف احل��ي��اة‬ ‫واحل���ري���ة وح��ري��ة ال��ت��ع��ب�ير‪ ،‬واحل���ق���وق االجتماعية‬ ‫وال��ث��ق��اف��ي��ة واالق��ت��ص��ادي��ة‪ ،‬مب��ا يف ذل���ك احل���ق يف‬ ‫امل��ش��ارك��ة يف احل��ي��اة الثقافية‪ ،‬واحل���ق يف ال��غ��ذاء‬ ‫ال���ك���ايف‪ ،‬واحل����ق يف ال��ع��م��ل وال��ت��ع��ل��ي��م» حسب‬ ‫منظمة العفو الدولية‪.‬‬ ‫ما هو العنف القائم على النوع االجتماعي؟‬ ‫«إن ال��ع��ن��ف ال���ق���ائ���م ع��ل��ى ال���ن���وع ااجل��ت��م��اع��ي‬ ‫ه���و م��ص��ط��ل��ح ش��ام��ل ل��ك��ل ف��ع��ل م����ؤٍذ يرتكب‬ ‫ض��د إرادة ش��خ��ص م���ا‪ ،‬ويعتمد ع��ل��ى ال��ف��روق‬

‫احمل��ددة اجتماعياً بني ال��ذك��ور واإلانث (النوع‬ ‫االج��ت��م��اع��ي)‪ .‬وتشكل أع��م��ال العنف القائم‬ ‫على النوع ااجلتماعي انتهاكاً لعدد من حقوق‬ ‫اإلنسان العاملية اليت حتميها املواثيق واالتفاقيات‬ ‫الدولية‪ .‬الكثري من أشكال العنف القائم على‬ ‫النوع االجتماعي‪ ،‬ولكن ال تع ّد كلها أفعاالً‬ ‫غ�ير قانونية وجنائية يف ال��ق��وان�ين والسياسات‬ ‫ال��وط��ن��ي��ة»‪ ،‬ح��س��ب امل���ب���ادئ التوجيهية للجنة‬ ‫الدائمة املشرتكة بني الوكاالت بشأن التدخالت‬ ‫يف ال��ع��ن��ف ال��ق��ائ��م ع��ل��ى ال���ن���وع ااجل��ت��م��اع��ي يف‬ ‫األوضاع اإلنسانية عام ‪.2005‬‬ ‫ه���ن���اك ع�����دة ف���ئ���ات م����ن ال���ع���ن���ف ال���ق���ائ���م ع��ل��ى‬ ‫ال���ن���وع االج���ت���م���اع���ي وه�����ي‪ :‬ال��ع��ن��ف اجل��ن��س��ي‪،‬‬ ‫العنف اجل��س��دي‪ ،‬العنف النفسي والعاطفي‪،‬‬


‫املمارسات التقليدية املؤذية‪ ،‬العنف االجتماعي االقتصادي‪ .‬وهناك‬ ‫أنواع للعنف القائم على النوع االجتماعي هي‪:‬‬ ‫ االغتصاب‪ :‬وهو عملية إيالج ( مهما كان بسيطاً) مل تتم ابلرتاضي‪.‬‬‫ التحرش اجلنسي‪ :‬ويقصد به أي نوع من االتصال اجلنسي الذي‬‫مل يتم ابلرتاضي والذي مل ينتج عنه ومل يتضمن عملية اإليالج‪ .‬مثال‪:‬‬ ‫حماولة االغتصاب‪ ،‬كما التقبيل غري املرغوب فيه واملداعبة‪.‬‬ ‫ االع���������������ت���������������داء اجل�������������س�������������دي‪ :‬ال��������ع��������ن��������ف اجل�����������س�����������دي ال�����������ذي‬‫مل ي������ت������م ابل�����ت�����راض�����������ي وال������������������ذي ال حي������م������ل ط�����ب�����ي�����ع�����ة ج����ن����س����ي����ة‪.‬‬ ‫مثال‪ :‬الضرب املستند إىل اجلندر‪ ،‬الصفع‪ ،‬اخلنق‪ ،‬التسبب جب��روح‪،‬‬ ‫إقحام جسم ما‪ ،‬جرائم الشرف ذات الطبيعة اجلسدية (واليت ال ينتج‬ ‫عنها املوت) مثل املهامجة ابألسيد واحلرق‪ ...‬إخل‪.‬‬

‫ الزواج اإلجباري‪ :‬زواج فرد ما دون رضاه‪/‬ها (وهذا يتضمن الزواج‬‫املبكر)‪.‬‬ ‫ احلرمان من املوارد والفرص واخلدمات‪ :‬احلرمان من الوصول الشرعي‬‫إىل امل�����وارد االق���ت���ص���ادي���ة‪/‬األص���ول‪ ،‬أو ف���رص ك��س��ب ال��ع��ي��ش والتعليم‬ ‫والصحة واخلدمات االجتماعية األخرى‪ .‬وتشمل األمثلة منع األرملة‬ ‫من احلصول على املرياث‪ ،‬واألرابح اليت اختذت قسراً من جانب شريك‬ ‫محيم أو أحد أفراد األسرة‪ ،‬منع املرأة من استخدام وسائل منع احلمل‪،‬‬ ‫منع ال��ف��ت��اة م��ن ال��ذه��اب إىل امل���درس���ة‪ ...‬إخل‪ ،‬وال تشمل ه��ذه الفئة‬ ‫األشخاص الذين يعانون من الفقر العام‪.‬‬ ‫ اإلساءة النفسية‪ :‬إحلاق األمل أو اإلصابة العقلية أو العاطف‪ ،‬ومن‬‫األمثلة على ذلك‪ :‬هتديدات ابلعنف اجلسدي أو اجلنسي‪ ،‬والتخويف‬ ‫واإلذالل والعزل القسري‪ ،‬واملطاردة واملضايقة‪ ،‬واالهتمام غري املرغوب‬ ‫ف��ي��ه‪ ،‬وامل�لاح��ظ��ات‪ ،‬واإلمي�����اءات أو الكلمات املكتوبة ذات الطابع‬ ‫اجلنسي و‪/‬أو الوعيد‪ ،‬إخل‪.‬‬ ‫ ختان اإلانث‪/‬استئصال األعضاء التناسلية األنثوية‪ :‬مجيع اإلجراءات‬‫اليت تنطوي على اإلزالة اجلزئية أو الكلية لألعضاء التناسلية اخلارجية‬ ‫لألنثى أو إصاابت أخرى لتلك األعضاء بدو ٍاع ال تستهدف العالج‪.‬‬ ‫ أن���واع أخ��رى للعنف املستند إىل اجل��ن��س‪ :‬ه��ذه الفئة تشمل أن��واع‬‫العنف االجتماعية أو اخلاصة (واليت تتواجد يف جمتمع معني دون أحناء‬ ‫العامل)‪.‬‬

‫السيــداو‬ ‫ألمهيتها‪ ،‬تقوم جملة «سيدة سوراي» بنشر اتفاقية السيداو على أجزاء‪ ،‬بدءاً‬ ‫من العدد الثاين‪.‬‬ ‫املادة ‪12‬‬ ‫‪ .1‬تتخذ الدول األطراف مجيع التدابري املناسبة للقضاء على التمييز ضد املرأة‬ ‫يف ميدان الرعاية الصحية من أجل أن تضمن هلا‪ ،‬على أساس املساواة بني‬ ‫الرجل واملرأة‪ ،‬احلصول على خدمات الرعاية الصحية‪ ،‬مبا يف ذلك اخلدمات‬ ‫املتعلقة بتنظيم األسرة‪.‬‬ ‫‪ .2‬ابلرغم من أحكام الفقرة ‪ 1‬من هذه املادة‪ ،‬تكفل الدول األطراف للمرأة‬ ‫خدمات مناسبة فيما يتعلق ابحلمل والوالدة وفرتة ما بعد الوالدة‪ ،‬موفرة هلا‬ ‫خدمات جمانية عند االقتضاء‪ ،‬وكذلك تغذية كافية أثناء احلمل والرضاعة‪.‬‬ ‫املادة ‪13‬‬ ‫تتخذ الدول األطراف مجيع التدابري املناسبة للقضاء على التمييز ضد املرأة يف‬ ‫اجملاالت األخرى للحياة االقتصادية واالجتماعية لكي تكفل هلا‪ ،‬على أساس‬ ‫املساواة بني الرجل واملرأة نفس احلقوق‪ ،‬والسيما‪:‬‬ ‫(أ) احلق يف االستحقاقات العائلية‪.‬‬ ‫(ب) احلق يف احلصول على القروض املصرفية‪ ،‬والرهون العقارية وغري ذلك من‬ ‫أشكال االئتمان املايل‪.‬‬ ‫(ج) احلق يف االشرتاك يف األنشطة الرتوحيية واأللعاب الرايضية وىف مجيع‬ ‫جوانب احلياة الثقافية‪.‬‬ ‫املادة ‪14‬‬ ‫‪ .1‬تضع الدول األطراف يف اعتبارها املشاكل اخلاصة اليت تواجهها املرأة‬ ‫الريفية‪ ،‬واألدوار اهلامة اليت تؤديها يف توفري أسباب البقاء اقتصاداي ألسرهتا‪،‬‬ ‫مبا يف ذلك عملها يف قطاعات االقتصاد غري النقدية‪ ،‬وتتخذ مجيع التدابري‬ ‫املناسبة لكفالة تطبيق أحكام هذه االتفاقية على املرأة يف املناطق الريفية‪.‬‬ ‫‪ .2‬تتخذ الدول األطراف مجيع التدابري املناسبة للقضاء على التمييز ضد املرأة‬ ‫يف املناطق الريفية لكي تكفل هلا‪ ،‬على أساس املساواة بني الرجل واملرأة‪ ،‬أن‬ ‫تشارك يف التنمية الريفية وتستفيد منها‪ ،‬وتكفل للريفية بوجه خاص احلق يف‪:‬‬ ‫(أ) املشاركة يف وضع وتنفيذ التخطيط اإلمنائي على مجيع املستوايت‪.‬‬ ‫(ب) الوصول إىل تسهيالت العناية الصحية املالئمة‪ ،‬مبا يف ذلك املعلومات‬ ‫والنصائح واخلدمات املتعلقة بتنظيم األسرة‪.‬‬ ‫(ج) االستفادة بصورة مباشرة من برامج الضمان االجتماعي‪.‬‬ ‫(د) احلصول على مجيع أنواع التدريب والتعليم‪ ،‬الرمسي وغري الرمسي‪ ،‬مبا يف‬ ‫ذلك ما يتصل منه مبحو األمية الوظيفي‪ ،‬وكذلك التمتع خصوصاً بكافة‬ ‫اخلدمات اجملتمعية واإلرشادية‪ ،‬وذلك لتحقيق زايدة كفاءهتا التقنية‪.‬‬ ‫(هـ) تنظيم مجاعات املساعدة الذاتية والتعاونيات من أجل احلصول على‬ ‫فرص اقتصادية مكافئة لفرص الرجل عن طريق العمل لدى الغري أو العمل‬ ‫حلساهبن اخلاص‪.‬‬ ‫(و) املشاركة يف مجيع األنشطة اجملتمعية‪.‬‬ ‫(ز) فرصة احلصول على االئتماانت والقروض الزراعية‪ ،‬وتسهيالت التسويق‪،‬‬ ‫والتكنولوجيا املناسبة‪ ،‬واملساواة يف املعاملة يف مشاريع إصالح األراضي‬ ‫واإلصالح الزراعي وكذلك يف مشاريع التوطني الريفي‪.‬‬ ‫(ح) التمتع بظروف معيشية مالئمة‪ ،‬وال سيما فيما يتعلق ابإلسكان واملرافق‬ ‫الصحية واإلمداد ابلكهرابء واملاء‪ ،‬والنقل‪ ،‬واملواصالت‪.‬‬ ‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪9 2014‬‬


‫البرامج النسائية ‪...‬‬ ‫مالمسة سطحية بعيدًا عن سلطة التشريع‬

‫• القاهرة – جناح سفر‬

‫تكاد ال ختلو قناة تلفزيونية عربية من برانمج نسائي يقدم نفسه كمدافع عن قضااي املرأة والعمل على متكينها اقتصادايً وسياسياً واجتماعياً‪.‬‬ ‫فهل جنحت تلك الربامج فع ً‬ ‫ال يف جتسيد الصورة احلقيقية للمرأة العربية‪ ،‬وعكست قضاايها ومشاكلها بشكل موضوعي‪ ،‬وساعدت يف‬ ‫التوعية يف تلك املشاكل وحماولة حلها؟ وهل كانت لديهم اجلرأة على طرح حقيقة املشاكل اليت تعاين منها املرأة العربية‪ ،‬أم المستها من‬ ‫بعيد خوفاً من اتبوهات اجملتمع؟ رمبا جتيبنا النماذج التالية على بعض أسئلتنا‪.‬‬ ‫دنياان‬ ‫يعترب برانمج «دنياان» آخر برانمج مت إطالقه يف هذا اجمل��ال عرب قناة‬ ‫‪ BBC‬العربية‪ ،‬وهو من إعداد وتقدمي اإلعالمية اللبنانية ندى عبد‬ ‫الصمد‪ .‬قد يكون من املبكر إطالق حكمنا على هذا الربانمج ألنه‬ ‫ج��دي��د‪ ،‬لكنه يلفت النظر إىل أن��ه ليس ن��س��وايً‪ ،‬فهو ل��ن حيكي عن‬ ‫امل���رأة‪ ،‬ب��ل يتناول القضااي السياسية ال��راه��ن��ة م��ن وجهة نظر نسائية‪،‬‬ ‫حيث س�يرك��ز على مس��اع أص���وات النساء يف القضااي امل��ط��روح��ة على‬ ‫الساحة‪ ،‬وبعض تلك القضااي تعترب اتبوهات يف اجملتمعات العربية‪.‬‬

‫سيحقق حضوراً قوايً بني بقية الربامج‪ ،‬ولن يتعدى موضوع الدردشة‪ ،‬بعيداً‬ ‫عن حماولة التغيري يف التشريعات اليت حتد من حقوق وحرية املرأة يف جمتمعاتنا‬ ‫العربية‪ ،‬فالضيوف جمرد أشخاص يبدون وجهة نظرهم يف موضوع احللقة‪،‬‬ ‫دون حم��اول��ة استضافة م��س��ؤول م��ا أو شخص ل��ه أتث�ير يف تغيري القوانني‪.‬‬ ‫ويقوم الربانمج على استضافة شخصية حتمل احللقة‪ ،‬ويزين بقية الضيوف‬ ‫وجودها‪ .‬ال خيلو الربانمج من بعض املغالطات‪ ،‬فاحللقة األوىل استضافت‬ ‫«ن��س��اء» فقط‪ ،‬لكنهن أصبحن ببساطة «ض��ي��وف��اً»‪ ،‬وتغري اس��م الشاعر‬ ‫«أمح��د ف��ؤاد جن��م» إىل «حممد» مببادرة من إح��دى الضيفات وأتكيد من‬ ‫املقدمة ندى عبد الصمد‪.‬‬ ‫الستات ما يعرفوش يكدبوا‬ ‫أما الربانمج املصري «الستات ما يعرفوش يكدبوا» فيهتم ب��دور امل��رأة يف‬ ‫اجملتمع‪ ،‬ابإلضافة إىل عدة قضااي هتم اجملتمع‪ ،‬وعلى رأسها القضااي املتعلقة‬ ‫ابلنساء‪ ،‬كما تتم مناقشة القضااي األخرى أبعني نسائية‪ .‬وأتخذ القضااي‬ ‫اليت تتم مناقشتها يف هذا الربانمج طابعاً اجتماعياً مثل التحرش‪ ،‬وختان‬ ‫الفتيات‪ ،‬وال��زواج املبكر‪ ،‬وتعدد الزوجات‪ ،‬وقد أخذ الربانمج على عاتقه‬ ‫ليس طرح القضية فحسب‪ ،‬وإمنا التوعية هبا‪.‬‬

‫وم��ن امل��واض��ي��ع ال�تي سيتطرق إليها ال�برانم��ج األح���داث العربية الراهنة‬ ‫مثل الدساتري‪ ،‬العنف األسري‪ ،‬الفتنة والتكفري‪ ،‬ابإلضافة إىل العنوان‬ ‫األكثر سخونة هذه األايم‪« :‬الربيع العريب»‪ .‬حياول الربانمج االبتعاد‬ ‫عما يطلق عليه اسم «برانمج نسائي» وفصل قضااي املرأة عن قضااي‬ ‫اجملتمع‪ ،‬فهو يناقش القضااي احلساسة م��ن وجهة نظر نسائية‪ .‬وقد‬ ‫انقش يف حلقته األوىل معىن اإلحل��اد‪ ،‬ويف الثانية موضوع الرقابة على‬ ‫ال��ك��ت��ب وال��ف��ن��ون‪ ،‬ابإلض��اف��ة إىل االن��ت��خ��اابت يف ال��ع��امل ال��ع��ريب‪ .‬لكن‬ ‫يالحظ من احللقات التفاوت يف مستوايت الضيوف مما ينتج تفاواتً‬ ‫يف ال��ط��رح‪ ،‬فهناك م��ن يقدم حتلي ً‬ ‫ال عميقاً‪ ،‬بينما ال يتعدى حديث‬ ‫البعض مستوى االن��ط��ب��اع وامل��زاج��ي��ة يف التعبري ع��ن ال����رأي‪ ،‬مثل قول‬ ‫إح��دى الضيفات‪« :‬أان هيك ب��ش��وف»‪ .‬فالنقاشات يسودها التوتر‬ ‫وحم���اول���ة ف���رض ال�����رأي دون وج����ود خ��ل��ف��ي��ة م��ع��رف��ي��ة‪ ،‬مم���ا ي��ض��ط��ر بعض‬ ‫الضيوف (العارفني‪/‬ات) للسكوت خوفاً من احتدام النقاش‪ ،‬أو اليأس‬ ‫من إيصال الفكرة‪ .‬وإذا استمر الربانمج على ه��ذا امل��ن��وال‪ ،‬فال أظنه‬ ‫‪ 10‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬


‫لكن ميكننا القول إن هذا الربانمج‪ ،‬مثله مثل‬ ‫معظم الربامج النسائية‪ ،‬ال ي��زال يناقش قضااي‬ ‫امل��رأة من وجهة النظر الذكورية املهيمنة‪ ،‬ومن‬ ‫الصعب وصوله إىل النساء املعنيات ابلقضااي‬ ‫ال�ت�ي ي��ط��رح��ه��ا‪ ،‬ن��س��اء ال��ع��ش��وائ��ي��ات وس��اك��ن��ات‬ ‫امل��ق��اب��ر وف��ت��ي��ات ال���ش���وارع وغ�يره��ن م��ن النساء‬ ‫ال���ل���وايت ي��ع��ج��ز ال�ب�رانم���ج ع��ن م�لام��س��ة واق��ع��ه��ن‬ ‫امل��أس��اوي‪ ،‬ل��ذا يظل موجها إىل نساء الصف‬ ‫الثاين ال�لايت على ما يبدو مل تنفع معهن مثل‬ ‫تلك الربامج حيث تزداد ظاهرة العنف األسري‬ ‫وال��ع��ن��ف ال���زوج���ي‪ ،‬ألن���ه ظ��ل ع��ل��ى ال��س��ط��ح يف‬ ‫مناقشة القضااي احلساسة‪.‬‬ ‫كالم نواعم‬ ‫ورمبا يكون برانمج «كالم نواعم» حالياً‪ ،‬األشهر‬ ‫بني الربامج النسائية‪ ،‬حيث يتم من خالله طرح‬ ‫قضااي امل��رأة العربية ومهومها ومشاكلها‪ .‬لكننا‬ ‫نالحظ أنه ميكن أن يندرج حتت إطار برانمج‬ ‫املنوعات‪ ،‬فقد طرح نفسه على أنه برانمج جاد‪،‬‬ ‫لكن ال يغيب عن حلقاته املمثلني واملطربني‪،‬‬ ‫مم���ا ي��ف��ق��ده ه��وي��ت��ه‪ ،‬ف��ن��ح��ن ال ن��ن��ك��ر أن���ه ي��ط��رح‬ ‫بعض املسائل املهمة‪ ،‬لكنه يفتقد إىل اجلدية يف‬ ‫الطرح ألن مجيع من يف الربانمج من مقدمات‬ ‫وضيوف يتسارعون إىل اإلدالء آبرائهم وكأهنم‬ ‫يف س��ب��اق م���ع اآلخ����ري����ن‪ ،‬وم����ع ال���وق���ت ينسى‬ ‫املشاهد القضية اليت طرحتها تلك النسوة‪ .‬كما‬ ‫أن برانمج «كالم نواعم» ال تعوزه اجلرأة‪ ،‬لكن‬ ‫يفتقد إىل اإلع���داد احل��ريف اجل��اد ال��ذي يالمس‬ ‫ال��واق��ع بشكل حقيقي والعمل على دراس��ات‬ ‫ميدانية وتقدمي آراء خمتصني يف القضااي اليت يتم‬ ‫طرحها يف الربانمج‪.‬‬ ‫هن‬ ‫حي���اول ب��رانم��ج «ه���ن»‪ ،‬ال���ذي يُ��ب��ث على قناة‬

‫«احلرة» أن يغطي أربعة مواضيع هي‪ :‬املوضة‪،‬‬ ‫الصحة‪ ،‬السياسة وإضاءات‪ ،‬على أمل متكني‬ ‫امل�����رأة ال��ع��رب��ي��ة يف جمتمعها وح��ي��اهت��ا السياسية‬ ‫والعائلية من خالل مناقشة األسباب اليت تقف‬ ‫يف وجه حتققها‪ .‬مركزاً على الدور الفاعل الذي‬ ‫ميكن أن تضطلع به يف التنمية بكافة أشكاهلا‪،‬‬ ‫ع�ب�ر اس��ت��ض��اف��ة خن��ب��ة م���ن ال��ض��ي��وف م���ن ك��اف��ة‬ ‫اجمل���االت ال�تي يغطيها ال�برانم��ج‪ .‬لكن ابملقابل‬ ‫يركز برانمج «هن» على احلاالت الفردية اليت‬ ‫مل تتعداها لتصبح ظ��اه��رة يف اجمل��ت��م��ع‪ ،‬وميكن‬ ‫وضعه ضمن خانة برامج تسلية «ست البيت»‬ ‫اليت ترغب ابالطالع على آخر أخبار املوضة‪،‬‬ ‫ومعرفة احلوادث الطريفة اليت تتعرض هلا النساء‬ ‫يف الوطن العريب‪.‬‬ ‫نقاط ضعف‬ ‫وه��ن��اك ب��رام��ج أخ����رى م��ث��ل «س���ت ال��س��ت��ات»‬ ‫ع��ل��ى ت��ل��ف��زي��ون رواتان سينما‪ ،‬و«ب��ن��ات ح��وا»‬ ‫على قناة ‪ LBC‬اللبنانية‪ ،‬و«سوالفنا حلوة»‬ ‫على تلفزيون ديب‪ ،‬حيث مل أتخذ تلك الربامج‬ ‫التفاوت يف املشاكل ال�تي تعاين منها امل��رأة يف‬ ‫خمتلف الدول العربية بعني االعتبار‪ ،‬فهناك دول‬ ‫حصلت فيها امل���رأة على حقوقها األساسية‪،‬‬ ‫وتقاتل لتنال حقوقها السياسية وتطالب إبلغاء‬

‫مجيع أشكال التمييز ضدها‪ ،‬إال أن��ه يف دول‬ ‫أخ����رى ال ت����زال امل�����رأة ت��ط��ال��ب أبدىن ح���ق من‬ ‫حقوقها مثل قيادة السيارة مثالً‪ ،‬ابإلضافة إىل‬ ‫مشاكل ت��ع��اين منها امل���رأة امل��ت��زوج��ة م��ن أجنيب‬ ‫مثالً‪ .‬إذاً هناك ضعف يف تناول القضااي الرئيسية‬ ‫اليت تعاين منها املرأة العربية بشكل عام‪ ،‬واليت‬ ‫حت��ت��اج إىل م��ط��ال��ب��ة ب��ت��ش��ري��ع��ات خ��اص��ة حللها‪.‬‬ ‫وميكننا ال��ق��ول إن ب��رانجم��اً م��ا ق��د ح��ق��ق بعض‬ ‫ال��ن��ج��اح عندما جي�ترح تشريعاً ينتصر حل��ق من‬ ‫حقوق املرأة اليت تنكرها عليها قوانني وتشريعات‬ ‫ب��ل��ده��ا‪ ،‬لكننا مل ن َ���ر ح�تى اآلن ب��رانجم��اً نسائياً‬ ‫ع��رب��ي��اً‪ ،‬م��ه��م��ا وص��ل��ت درج����ة اجل����رأة يف طرحه‬ ‫لقضااي حساسة‪ ،‬ميتلك سلطة امتالك القرار‬ ‫وف����رض احل���ل���ول‪ ،‬وذل����ك م��ن خ�ل�ال استضافة‬ ‫شخصيات يف مواقع القرار يتم الضغط عليها‬ ‫للعمل على تشريع قوانني تنتصر لقضااي املرأة‪.‬‬ ‫وهناك نقطة ضعف أخرى هلذه الربامج‪ ،‬تتمثل‬ ‫يف كون فكرهتا مأخوذة عن برامج غربية‪ ،‬لكن‬ ‫مل يؤخذ بعني االعتبار أن هامش احلرية يف طرح‬ ‫املشاكل اخلاصة واحلساسة ل��دى امل��رأة العربية‬ ‫معدوم قياساً ابهلامش العريض لدى املرأة الغربية‬ ‫ال�تي ال جت��د ح��رج��اً يف احل��دي��ث عنها علناً يف‬ ‫الربامج التلفزيونية‪ ،‬وتسعى حللها بشىت الطرق‬ ‫وجعلها قضية عامة يهتم هبا القاصي والداين‪،‬‬ ‫ابإلض��اف��ة إىل خ��ض��وع ت��ل��ك ال�برام��ج ألش��ك��ال‬ ‫م��ت��ن��وع��ة م���ن ال���رق���اب���ة ذات ال���ط���اب���ع ال��س��ي��اس��ي‬ ‫واالجتماعي وال��دي�ني‪ ،‬مث التجاري واإلع�لاين‪،‬‬ ‫ل��ذا ميكننا ال��ق��ول إن ال�برام��ج النسائية العربية‬ ‫ت��ك��اد ال تتعدى السطح يف مناقشة القضااي‬ ‫املهمة للمرأة العربية‪.‬‬ ‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪11 2014‬‬


‫السريان اآلثوريون في سوريا بين االنظام‬ ‫والثورة‬

‫• فريق حترير سيدة سوراي‬

‫ينتشر السراين اآلشوريون يف سوراي على امتداد مناطق عديدة منها اجلزيرة السورية وخاصة حمافظة احلسكة‪ ،‬ويف حلب وريف محص وريف‬ ‫دمشق‪ .‬ويعد السراين من الشعوب القدمية يف سوراي‪ ،‬واسم «سوراي» هو يف أصله أشوري (آثوري)‪.‬‬ ‫مل يكن السراين مبنأى عن انطالقة الثورة يف سوراي يف آذار ‪ 2011‬فقد كانت هلم نشاطاهتم الثورية املدنية داخل سوراي وخارجها‪.‬‬ ‫خماوف عديدة تؤرق السراين اآلشوريني يف سوراي‪ ،‬من أبرزها وصول اجلماعات املتطرفة إىل احلكم‪.‬‬ ‫منظمة وتنسيقيات‬ ‫كان للمنظمة اآلثورية اليت ينضوي حتتها كثري من املعارضني السراين‬ ‫الدور البارز يف تشكيل ما ابت يعرف ابلتنسيقيات السراينية‪ ،‬ففي‬ ‫الشمال السوري وجدت تنسيقية الشباب السراين اآلشوريني‪ ،‬اليت‬ ‫يعمل نشطاؤها بعدة جماالت كاإلغاثة واإلعالم ونشاطات أخرى كانوا‬ ‫ينظموهنا منذ بداية الثورة‪.‬‬ ‫يقول حسام القس منسق تنسيقة شباب السراين يف املالكية بريف‬ ‫احلسكة مشال شرقي سوراي‪:‬‬ ‫«بدأان العمل يف مدينة القامشلي مع انطالقة الثورة السورية‪ ،‬فكان البد‬ ‫من تنظيم الشباب السرايين اآلشوري املعارض للنظام للمشاركة بشكل‬ ‫منظم يف احلراك)‪.‬‬ ‫ويضيف القس‪« :‬يف املهجر أيضاً نظم الشباب السراين تنسيقيات‪،‬‬ ‫وتعاونوا فيما بينهم ووصلوا إىل تشكيل احتاد تنسيقيات شباب السراين‬

‫‪ 12‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬

‫يف مناطق انتشار السراين اآلشوريني يف سوراي‪ ،‬ومسوه (احتاد تنسيقيات‬ ‫شباب السراين اآلشوريني يف الوطن واملهجر)»‪.‬‬ ‫«وقد دعمته املنظمة اآلثورية اليت تعترب من أكرب األحزاب السياسية اآلشورية‬ ‫حراكاً ونشاطاً» حبسب القس‪.‬‬ ‫كما شكل شباب وشاابت آشوريون عدة تنسيقيات يف أوراب‪ ،‬كانت‬ ‫مهمتها األساسية دعم احلراك الشعيب يف سوراي‪.‬‬ ‫تنسيقية هولندا هي إحدى التنسيقيات اليت تشكلت مع انطالقة الثورة‬ ‫السورية وشاركت يف عدة نشاطات يف هولندا‪ ،‬كتنظيم مظاهرات مساندة‬ ‫لثورة الشعب السوري وداعمة له‪ ،‬وكذلك مجع التربعات‪ ،‬تقول لينا ملكي‬ ‫إحدى الناشطات فيها‪« :‬حنن يف تنسيقية هولندا عشرة أعضاء‪ ،‬نقوم بعدة‬ ‫أعمال أمهها مجع التربعات لنجدة شعبنا السوري‪ ،‬يف كثري من األحيان نقوم‬ ‫بطلب املساعدة من األصدقاء الذين ال يتأخرون بدورهم علينا ويقومون‬ ‫ابلتربع‪ ،‬يشمل ذلك اجلميع مهما كانت آراؤهم جتاه الثورة‪ ،‬انطالقاً من أن‬ ‫اإلنسان هو األهم»‪.‬‬


‫خماوف‬ ‫ال خيتلف حال السراين اآلشوريني عن ابقي‬ ‫السوريني يف خماوفهم من وصول اجلماعات‬ ‫املتطرفة‪ ،‬اليت حتاول إقصاء اجلميع وإرهاهبم‪،‬‬ ‫يقول مجيل دايربكريل مدير مكتب املنظمة‬ ‫اآلثورية يف تركيا‪« :‬احلقيقة أن السوريني عامة‬ ‫يعانون اليوم من التطرف ومن رهاب تثريه‬ ‫جمموعات ال أمسيها إسالمية بل تكفريية متطرفة‪،‬‬ ‫هذه اجملموعات اليت قد تقتل شخصني أو‬ ‫ثالثة من السراين تقتل العشرات من املسلمني‬ ‫السنة بشكل يومي‪ ،‬وعليه فمشكلتنا مع هذه‬ ‫اجملموعات هي مشكلة كل السوريني‪ ،‬هذه‬ ‫اجملموعات ال يقتصر أذاها علينا كأقليات‪ ،‬فهي‬ ‫تؤذي املسلمني أكرب األذى‪ ،‬واملشكلة األكرب‬ ‫هي األذى الذي تتعرض له اهلوية السورية نتيجة‬ ‫ممارساهتم البعيدة عن هذه اهلوية‪ .‬هم يشكلون‬ ‫خطراً حقيقياً على الثورة ألن الفئة اليت كنا‬ ‫نعتربها صامتة ابتت اليوم أقرب إىل النظام حني‬ ‫يفكرون أن هذه اجملموعات متثل املعارضة أو‬ ‫تطلق عليها تسمية (ثوار)‪ ،‬لكن جيب أن ننتبه‬ ‫أن داعش هي صنيعة النظام»‪.‬‬

‫يف املهجر أيضاً نظم الشباب السراين‬ ‫تنسيقيات‪ ،‬وتعاونوا فيما بينهم ووصلوا‬ ‫إىل تشكيل احت ��اد تنسيقيات شباب‬ ‫ال �س��راين يف م�ن��اط��ق ان �ت �ش��ار ال �س��راين‬ ‫اآلش� ��وري�ي��ن يف س � ��وراي ومس � ��وه (احت� ��اد‬ ‫تنسيقيات شباب السراين اآلشوريني يف‬ ‫الوطن واملهجر)‪.‬‬ ‫تلك املخاوف دفعت الكثري من السراين ابجتاه‬ ‫كتمان توجهاهتم‪ ،‬والبعض منهم بقي مؤيداً‬ ‫للنظام‪ ،‬تقول لينا ملكي الناشطة يف تنسيقية‬ ‫هولندا‪« :‬ابعتقادي أن ضعف مشاركة السراين‬ ‫يف الثورة سببه التخوف من املستقبل‪ ،‬هناك من‬ ‫هم جزء من الثورة‪ ،‬لكن عددهم أقل من الذين‬ ‫يؤيدون األسد ويقفون ضد الثورة‪ ،‬لقد جتذرت‬ ‫يف أذهاهنم فكرة محاية نظام األسد لألقليات‪،‬‬ ‫ويف حال ذهب األسد سيأيت احلكم اإلسالمي‬ ‫املتطرف»‪.‬‬ ‫أما داير بكريل فله وجهة نظر خمتلفة جتاه مشاركة‬ ‫السراين يف الثورة‪ ،‬يقول‪« :‬كما أن هناك مؤيدين‬

‫سنة وعلويني وأكراد لنظام بشار األسد‪ ،‬هناك‬ ‫أيضاً سراين مؤيدون‪ ،‬وحالة االنقسام تتشارك‬ ‫فيها مجيع مكوانت الشعب السوري وليست‬ ‫حكراً على طائفة أو عرق معني»‪.‬‬ ‫ويضيف‪« :‬أما مقولة‪:‬إن نظام األسد حامي‬ ‫األقليات‪ ،‬فتلك املقولة سقطت واجلميع ابت‬ ‫يعرف زيفها»‪.‬‬ ‫وعن مشاركة السراين يف الثورة يقول‪« :‬إن‬ ‫الكتلة الواضحة والنشطة بني السراين هي‬ ‫الكتلة املعارضة واليت لديها عدة نشاطات‬ ‫وأمهها اإلغاثة اليت تندرج يف النهاية ضمن عمل‬ ‫املعارضة»‪.‬‬ ‫حضارة وهتميش‬ ‫«ميلك السراين اآلشوريون لغتهم اخلاصة وهي‬ ‫اآلرمية القدمية‪ ،‬لغة السيد املسيح» كما يقول‬ ‫بكريل‪« .‬ويتوزع السراين اآلشوريون يف منطقة‬ ‫اجلزيرة بنسبة أكرب من ابقي املناطق السورية‪،‬‬ ‫فهم يشكلون نسبة (‪ )% 15‬من السكان يف‬ ‫منطقة اجلزيرة‪ ،‬كما أهنم جزء أساسي من تلك‬ ‫املنطقة‪ ،‬فأول من أسس مدينة القامشلي هم‬ ‫السراين وكان ذلك يف عهد االنتداب الفرنسي‪،‬‬ ‫وكذلك األمر ابلنسبة ملدينة احلسكة اليت‬ ‫أسسوها مع العرب ومدينة املالكية اليت أسسوها‬ ‫مع األكراد» حبسب داير بكريل‪ ،‬الذي يتحدث‬ ‫عن هتميش النظام للسراين‪« :‬بدأ نظام البعث‬ ‫بتهميش السراين منذ استالمه احلكم يف سوراي‪،‬‬ ‫فقد كانت لنا نشاطاتنا وأحزابنا قبل ذلك‪،‬‬ ‫وعلى ضفاف اخلابور كان هناك أكثر ‪ 30‬قرية‬ ‫سراينية هلا فرقها الرايضية والكشفية وجمالهتا‬ ‫وكانت هلا فاعليتها يف ميدان العمل املدين‪ ،‬لكن‬ ‫سكان تلك القرى هاجروا إىل مناطق أخرى‬ ‫بسبب جتفيف هنر اخلابور‪ ،‬وبسبب سياسات‬ ‫النظام اخلاطئة يف التسعينات‪ ،‬كحفر األابر»‪.‬‬ ‫ويضيف‪« :‬هناك الكثري من املغالطات حول‬ ‫معاملة النظام للسراين‪ ،‬وحول اخلصوصية‬ ‫الثقافية للسراين‪ ،‬فالنظام مل يكن يعرتف ابللغة‬ ‫السراينية‪ ،‬مهشها ومل يسمح لنا بتدريسها‪،‬‬ ‫ليقتصر تداوهلا على كنائسنا ومدارسنا اخلاصة‬ ‫اليت أتسست قبل ظهور النظام وحىت قبل ظهور‬ ‫الدولــــة الســــورية كبنيــــة‪ ،‬وأقــــصد يف عشرينيــــات‬ ‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪13 2014‬‬


‫القرن املاضي‪ ،‬فقد منع النظام علينا إطالق‬ ‫تسمية اللغة السراينية ومساها «اللغة الطقسية»‬ ‫إشارة إىل أهنا لغة كنيسة وليست لغة شعب‪،‬‬ ‫ومسح النظام للسراين إبحياء ثقافتهم ضمن‬ ‫نظاق الكنيسة ليجردها من طابعها احلضاري‬ ‫ويبقيها يف قالب االنتماء الديين‪ .‬اللغة السراينية‬ ‫كانت تدرس يف اجلامعات كواحدة من اللغات‬ ‫القدمية‪ ،‬وأمهلت مع بداية السبعينيات‪ .‬وقد‬ ‫استطاع نظام األسد اخرتاق الكنائس والنوادي‪،‬‬ ‫حماوالً تقسيم وختريب كل مؤسسة سراينية‬ ‫آشورية»‪.‬‬

‫منع النظام علينا إطالق تسمية اللغة‬ ‫السراينية ومساها «اللغة الطقسية»‬ ‫إشارة إىل أهنا لغة كنيسة وليست لغة‬ ‫شعب‪ ،‬ومسح النظام للسراين إبحياء‬ ‫ثقافتهم ضمن نظاق الكنيسة ليجردها‬ ‫من طابعها احلضاري ويبقيها يف قالب‬ ‫االنتماء الديين‪.‬‬ ‫شعور قومي‬ ‫رغم وجودهم يف سوراي منذ القدم‪ ،‬بلغتهم‬ ‫وداينتهم‪ ،‬لكن الشعور القومي بشكله احلديث‬ ‫مل ّ‬ ‫يتجل لديهم إال يف هناية القرن التاسع عشر‪،‬‬ ‫ويعترب نعوم فايق من أوائل الساعني حنو الشعور‬ ‫القومي اآلشوري‪ ،‬يلقب نعوم فايق بـ «أيب‬ ‫القومية اآلشورية»‪ ،‬أسس أول جريدة آشورية‬ ‫يف مدينته آمد مساها»جنمة املشرق»‪ ،‬مث أسس‬

‫‪ 14‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬

‫جريدة «االحتاد» يف الوالايت املتحدة األمريكية‬ ‫بعد أن اضطر للهجرة‪ ،‬ودعا فيها إىل نبذ‬ ‫الفروقات الطائفية بني املذاهب السراينية لصاحل‬ ‫وحدة قومية جامعة‪.‬‬ ‫فيما بعد ظهر الكثري من املفكرين الذين بدؤوا‬ ‫يدعون اآلشوريني إىل التوحد على أساس قومي‪،‬‬ ‫وأتثر هبم السراين اآلشوريون السوريون كباقي‬ ‫اآلشوريني يف دول العامل‪.‬‬ ‫إدارة ذاتية‬ ‫بعد إعالن اإلدارة الذاتية يف مشال سوراي من قبل‬ ‫حزب االحتاد الدميقراطي الكردي (‪)PYD‬‬ ‫أواخر عام ‪ 2013‬يف القامشلي مشال سوراي‪،‬‬ ‫انضم إىل املشروع ابإلضافة إىل حزب (‪)PYD‬‬ ‫صاحب املشروع‪ ،‬بعض الشخصيات العربية يف‬ ‫املنطقة) و«نسبة صغرية من السراين» حسب‬ ‫مجيل داير بكريل‪.‬‬ ‫املنظمة اآلثورية مل تعرتف بذلك املشروع‪ ،‬وحول‬ ‫ذلك يقول مجيل داير بكريل‪« :‬إن السراين‬ ‫اآلشوريني الذين شاركوا يف ذلك املشروع ميثلون‬ ‫أنفسهم وأحزاهبم كحالة وال ميثلون السراين‬ ‫كفئة‪ ،‬وخنشى أن يصل بنا هذا املشروع إىل‬ ‫نفق مظلم»‪.‬‬ ‫يضيف داير بكريل‪« :‬إن فكرة اإلدارة الذاتية‬ ‫تشبه إىل حد كبري فكرة اجملالس احمللية‪ ،‬وحنن‬ ‫يف املنظمة اآلثورية طرحنا مشروع إدارة «حالية»‬ ‫للمنطقة حماولني التنسيق مع اجمللس الوطين‬

‫واالئتالف ومجيع األطراف الفاعلة هبدف إجياد‬ ‫صيغة مؤسسات يف ظل األوضاع اليت نعيشها‪،‬‬ ‫لألسف حزب االحتاد الدميقراطي طرح مشروعه‬ ‫بشكل أحادي‪ ،‬وابلطبع املشروع مل حيصل‬ ‫على موافقة مجيع أكراد املنطقة‪ ،‬الفكرة كانت‬ ‫ضرورية لكن طريقة طرحها وعدم استقطاهبا‬ ‫جلميع مكوانت منطقة اجلزيرة جيعلنا نفكر‬ ‫أبن سوراي بكامل مساحتها قد تستقر‪ ،‬وتبقى‬ ‫منطقة اجلزيرة يف حالة من االضطراب»‪.‬‬ ‫ويشري داير بكريل إىل تفصيل مهم هو استمرار‬ ‫سيطرة النظام على املدن الرئيسية يف احلسكة‪،‬‬ ‫مستغرابً إعالن القامشلي مركزاً لإلدارة الذاتية‪،‬‬ ‫فيما العديد من أبنائها من مسؤويل منظمات‬ ‫اجملتمع املدين والتيارات السياسية هم قيد‬ ‫االعتقال يف فروع األمن التابعة للنظام داخل‬ ‫القامشلي‪.‬‬ ‫يبقى اهلاجس األكرب لألحزاب السراينية اآلشورية‬ ‫والناشطني اآلشوريني وصول اجلماعات املتطرفة‬ ‫إىل احلكم‪ ،‬وهو هاجس يشغل غالبية السوريني‪،‬‬ ‫ألن تنظيمات كـ«الدولة اإلسالمية يف العراق‬ ‫والشام» ال تفرق يف نظر الكثريين بني مسلم‬ ‫أو مسيحي أو أي سوري آخر بغض النظر‬ ‫عن العرق والدين‪ .‬خيتم داير بكريل ابلقول‪:‬‬ ‫«مستقبل السراين اآلشوريني واملسيحيني عامة‬ ‫مرتبط ابلشركاء‪ ،‬ويوم انضوينا حنن السراين حتت‬ ‫لواء املعارضة (قبل الثورة بوقت طويل) كنا نعي‬ ‫أن إرادة الشعوب هي اليت تنتصر يف النهاية»‪.‬‬


‫تمتمات صيفية‬ ‫حراقات و سواد‪..‬‬ ‫تنتصب أع��م��دة ال��دخ��ان املتكونة م��ن ح��راق��ات النفط اخل��ام كأشباح‬ ‫سوداء عمالقة على ميني الطريق الواصلة بني مدينيت تربه سيب ورميالن‪،‬‬ ‫لتنبعث يف نفس ال��وق��ت م��ن ه��ذا املشهد ع��ش��رات ال��رم��وز واألسئلة‬ ‫والدالالت‪.‬‬ ‫إهنا البدائل اليت يلجأ إليها الناس مكرهني‪ ،‬إذ ابتت املشتقات النفطية‬ ‫الرديئة املستخرجة عن طريق تلك احلراقات نسغاً للحياة االقتصادية‬ ‫املتدهورة يف منطقة زراعية شاسعة كمنطقة اجلزيرة‪.‬‬ ‫منظرها من بعيد يعيد إىل ذاكريت مشاهد إحراق جيش صدام حسني‬ ‫آلابر النفط الكويتية‪ ،‬يومها هطلت أمطار سوداء ملوثة بعوادم النفط‬ ‫يف كل املنطقة‪ ،‬حمدثة كارثة بيئية فادحة‪.‬‬ ‫إهن��ا ضرائب احل��رب الباهظة‪ ،‬فالسواد ال��ذي يغطي السماء هو لون‬ ‫الفيول األسود املشابه ألعالم داعش وحللكة أقبية النظام‪ ،‬سواد يرين‬ ‫على حياة البشر ‪.‬‬ ‫إهنا احلرب اليت ال تورث سوى خراب مستدمي‪ ،‬وال تنحصر عقابيلها‬ ‫يف خسائر األرواح واملمتلكات فحسب‪ ،‬بل ترتك يف أجسام األوطان‬ ‫وامل���دن وال��ق��رى خن���وراً عميقة‪ ،‬وج��روح��اً ال تلتئم‪ ،‬وج��وع��اً وف��ق��راً وجت��ار‬ ‫حروب‪.‬‬ ‫قــــــهــــــر‪ ...‬بــــاء‬ ‫ املقياس األكثر دقة يف حتديد حجم أزمة الكهرابء هو أن جتلس على‬‫مائدة الغداء يف منزل صديق‪ ،‬وكل مسامات جسمك تنضح عرقاً‪ ،‬وعينك‬ ‫تتبع حركة إبريق املاء البارد دون غريه من األطايب اليت تعج هبا املائدة‪.‬‬ ‫عندما تسيل األفكار وتتمدد وتتوسع ومتتزج بفعل وهج الشمس احلارقة‬ ‫املنعكسة على السقوف والشبابيك وألواح التوتياء‪ ،‬وعلى أنفاس املارة يف‬ ‫الشارع القريب‪ ،‬تغدو الرؤوس مراج ً‬ ‫ال من الصداع والضيق‪ ،‬ورمبا تتمدد‬ ‫هي أيضاً‪..‬‬ ‫ رضيع يف سريره حتتار وال��دت��ه يف توجيه امل��روح��ة املوصولة مع البطارية‬‫إليه مع كل اهلواء اجلاف الصادر عنها أو حتويلها عنه ليغرق يف بركة من‬ ‫ال��ع��رق؟ ال متلك األم س��وى ع��د األايم ال�تي تفصلنا ع��ن خريف مرتقب‬ ‫يعتدل فيه اجلو ‪..‬‬ ‫ منذ أن حللت ضيفاً على هذه املدينة الصغرية اليت ال تصلها الكهرابء‪،‬‬‫يواظب صاحب املصبغة الصغرية على االبتسام مرحباً يب ألين بت أحد‬ ‫زابئنه امل��داوم�ين‪ ،‬وأبتسم له أيضاً ألن��ه ينقذين من كآبة ك��وي القمصان‬ ‫والبناطيل‪ ،‬ويبدو أننا سنظل نتبادل االبتسامات إىل أجل غري مسمى‪.‬‬

‫• بريوز بريك‬ ‫نوستاجليا سائق امليكروابص‬ ‫ سائق امل��ي��ك��روابص ال��ذي يشكو م��ن رداءة امل���ازوت وأع��ط��ال سيارته‬‫املتكررة‪ ،‬جيس نبضي قبل الشروع يف فتح حديث حول السياسة‪ ،‬وأان‬ ‫أتقمص دور املتذمر وامل��ت��أف��ف‪ ،‬وأظ��ل أانور ألجعله خي��رج م��ا لديه من‬ ‫حسرة على األايم السالفة ال�تي «كنا نعيش فيها ملوكاً»!!! على حد‬ ‫تعبريه‪..‬‬ ‫مكسرة على عناصر حاجز األسايش الذين اكتفوا‬ ‫يلقي السالم بكردية ّ‬ ‫بنظرة لداخل امليكروابص‪ ،‬ومن مث أش��ار أحدهم بيده ليعلمه إبمكانية‬ ‫املرور ‪«.‬أنت عريب وال كرمانج؟» سألين‪ ،‬مرفقاً سؤاله اببتسامة عريضة‬ ‫وسيجارة (كولواز)‬ ‫ «كرمانج شكراً أان ال أدخن»‪.‬‬‫ «ل���وال س��ي��ط��رة األك����راد ك��ان��ت داع���ش ستحكمنا اآلن‪ ،‬ومت��ن��ع علينا‬‫التدخني‪ ،‬وجتلدان وتقطع رؤوسنا»‪.‬‬ ‫مث كرر احلديث عن (الرفاه) الذي كان يعيشه سابقاً‪ ،‬بينما بدا من شباكه‬ ‫ذي اإلطار املطاطي املتديل دخان احلراقات الذي ميأل األفق قتامة‪.‬‬ ‫حديث يف احلافلة‬ ‫شقيق مفقود يف دمشق‪ ،‬وشقيقة تنتظر مساح األت��راك هلا ابلعبور عرب‬ ‫البوابة لالستشفاء‪.‬‬ ‫ابن عم عالق يف اليوانن يف رحلة الوصول للحلم األملاين‪ ،‬وأوالد سدت‬ ‫احل��رب واحل��ص��ارات الطريق أم��ام أرزاق��ه��م‪ .‬ه��ذا م��ا تلقفته أذاني من‬ ‫حديث كهل يشكو مهومه لصديق جالس إىل جانبه يف احلافلة السائرة‬ ‫ب��ت��ؤدة ب�ين ع��ام��ودا و قامشلو ‪ ،‬يتحسر ال��رج��ل على عمر ق��ض��اه يف‬ ‫التعب واخلوف واخلذالن‪ ،‬ويتبع كل تفصيل من حديثه بنظرة متثاقلة‬ ‫إىل حقول القمح الصفراء‪.‬‬ ‫صائمون يف املقهى‬ ‫يف قامشلو ال خيلو املقهى من الصائمني أيضاً‪ ،‬فعلى طاولة واح��دة‬ ‫جي��ل��س مخ��س��ة رج����ال‪ ،‬اث��ن��ان منهم ص��ائ��م��ان ي��غ��ال��ب��ان إغ�����راءات البقية‬ ‫برشف فناجني القهوة والشاي‪ ،‬خيتلط احلديث بينهم عن كأس العامل‬ ‫وتوقعات الفريق الذي سيظفر ابلكأس مع خطبة البغدادي يف املوصل‬ ‫واحتماالت زايدة سعر البنزين‪ .‬فجأة تتعاىل الضحكات واألص��وات‬ ‫عندما يتذكر أحدهم موقفاً طريفاً‪ ...‬يف قامشلو احلياة مستمرة لكنها‬ ‫ابتت أكثر صعوبة‪.‬‬

‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪15 2014‬‬


‫لكل حال سبب‬ ‫يف بداايت األلفية الثانية‪ ،‬رعى املعهد الفرنسي‬ ‫ل��ل��ش��رق األدىن يف ح��ل��ب ت��ن��ظ��ي��م ن����دوة فكرية‬ ‫مبناسبة م���رور ق��رن على وف���اة املفكر التنويري‬ ‫ال��س��وري عبد ال��رمح��ن ال��ك��واك�بي‪ ،‬وه��ي امل��ب��ادرة‬ ‫األوىل ل��ت��ك��رمي ذك����رى وف��ك��ر ه���ذا احل��ل�بي منذ‬ ‫مخسينات القرن املاضي‪ .‬وُدعيت إليها جمموعة‬ ‫من أهم املفكرين العرب واألجانب العاملني يف‬ ‫شأن الفكر والتجديد‪ ،‬من أبرزهم نصر حامد‬ ‫أبو زيد وآالن روسيون وأمحد برقاوي وشريف‬ ‫فرجاين وآصف بيات وغريهم‪.‬‬ ‫سعت الندوة إىل االبتعاد عن الفخ التقليدي‬ ‫الذي حيصر التكرمي ابلكالم املباشر عن املفكر‬ ‫الراحل واالكتفاء بتعداد مناقبه كما تعوّد العرب‬ ‫عموماً والسوريون خصوصاً عليه يف ظل أنظمة‬ ‫ديكاتورية ختاف من استحضار تنوير املاضي‬ ‫ك���ي ال يّ���زع���ج م��س��ت��ن��ق��ع «االس���ت���ق���رار» ال��ق��ائ��م‬ ‫لسطوهتا‪.‬‬

‫‪ 16‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬

‫• سالم الكواكيب‬

‫كانت ّ‬ ‫تتعرض إىل مسألة اإلصالح والتجديد‬ ‫جل الدراسات املق ّدمة‪ ،‬وقد نشرت الحقاً يف كتاب‪ّ ،‬‬ ‫احلساسة بشكل شديد اهل��دوء ومن زوااي‬ ‫يف الفكر الديين‪ .‬وقد عوجلت هذه املسألة الشائكة و ّ‬ ‫خمتلفة اعتمدت على املرجعية الفقهية كما على العلوم االجتماعية احلديثة‪ ،‬وسامهت خربات‬ ‫املتحدثني من مفكرين وفالسفة ورجال دين واساتذة سوسيولوجيا إبغناء النقاش وتش ّعبه‪ .‬وكان‬ ‫التالقح الفكري املعتمد على مرجعيات دينية وأخرى فلسفية حملية وغربية مميّزاً وأضفى غىن واضحاً‬ ‫على املداخالت كما على النقاشات اليت تلتها‪ .‬وكان للكواكيب الفضل يف أن مجعت ذكراه هذه‬ ‫يرض لنفسه أن تتمحور األحباث حول فكره مع أن ذلك مل يغب متاماً عن املداخالت‬ ‫النخبة ومل َ‬ ‫مجيعها‪.‬‬ ‫حضر اللقاء الذي دام يومني كاملني‪ ،‬مجع من اجلمهور احلليب املتعطش يف صحراء الثقافة السائدة‪،‬‬ ‫إىل أي نشاط ثقايف‪/‬فكري‪ ،‬يخُ رجه من ب��ؤرة ال���دروس الدينية ضيقة األف��ق وال�تي رك��ب سروجها‬ ‫التعرف على‬ ‫جهلة متعممني برعاية حكومية متيّقظة‪ ،‬ويُساعده على إعمال العقل يف فهم النص و ّ‬ ‫النظرايت العلمية احلديثة يف تفسري وحتليل الكلمات والعبارات‪.‬‬ ‫كان احلضور متنوعاً بني دينيني إىل علمانيني‪ ،‬سامهوا مبداخالت واعية وبناءة يف إغناء احلوار‪ .‬مل‬ ‫حيتّد النقاش خالل احلوارات أبداً‪ ،‬مع أن هذا اخلطر مل يغب عن ذهن املنظمني‪ .‬وحفلت النقاشات‬ ‫عب عنها املشاركون بطريقة أدهشت يف تقبّلها للرأي اآلخر‪ ،‬وأشارت إىل قدرة كامنة‬ ‫آبراء متابينة رّ‬ ‫لدى اجملتمع على تلقّي األفكار اجلديدة واجلريئة‪ ،‬واليت ميكن أن تكون صادمة يف بعض األحيان‪.‬‬ ‫هذا اجملتمع الذي ُحرم بطريقة ممنهجة من وسائل التعبري ومساحات التعبري‪ ،‬ما عدا ما أتيح يف‬ ‫األطر الفولكلورية للثقافة ويف أطر ظالمية للفكر مت هتيئة األرضية اخلصبة هلا‪.‬‬ ‫بعد أن غادر املشاركون وأُغلقت أبواب املعهد وشعر املنظمون أبهنم أجنزوا عم ً‬ ‫ال مهماً وانجحاً‪،‬‬


‫خصوصاً من جهة حتفيز الفكر وتشجيع احلوار‬ ‫يف األم��ور «احمل��ظ��ورة» واحملصورة بفئة ليس من‬ ‫األكيد عمق علمها وال مستوى وعيها‪ ،‬اهنالت‬ ‫االت���ص���االت م��ن «اجل���ه���ات امل��خ��ت��ص��ة»‪ ،‬وال�تي‬ ‫مل ت��غ��ب ع��ن احل��ض��ور ط��ب��ع��اً ك��م��ا تفعل يف أي‬ ‫نشاط ثقايف أو حىت اجتماعي‪ ،‬واليت كان سبق‬ ‫ومت أخذ موافقتها كما هي عليه العادة يف أي‬ ‫نشاط اجتماعي‪ ،‬ثقايف‪ ،‬ف�ني‪ ،‬رايض��ي‪ ،‬وحىت‬ ‫عائلي يف سوراي طوال عقود‪.‬‬ ‫وقد تبني أبن غالة الظالمية‪ ،‬وهم كانوا قائمني‬ ‫على أمور الدين يف ّ‬ ‫ظل احلكومة «العلمانية»‬ ‫ك��م��ا حي��ل��و ل��ل��ب��ع��ض أن ي���ه���رف ب����ه‪ ،‬اح��ت ّ��ج��وا‬ ‫ل���دى ه���ذه اجل���ه���ات ال��س��اه��رة ع��ل��ى «ه����دوء»‬ ‫وحجتهم يف ه��ذا‪،‬‬ ‫النفوس ورض��ا «ال��ش��ارع»‪ّ .‬‬ ‫أن «الصليبيني واملاسونيني والشيوعيني وأعداء‬ ‫اإلس���ل��ام» اج��ت��م��ع��وا يف امل��ع��ه��د ال��ف��رن��س��ي كي‬ ‫«يشتموا» الدين ورج��ال��ه‪ ،‬فاستنفرت اجلهات‬ ‫امل��ع��ن��ي��ة ل��ك��ي ت��س��ت��وض��ح األم�����ور م���ن املنظمني‬ ‫ع��ل��م��اً أبن «م��ن��دوب��ي��ه��ا» ك���ان���وا ح��اض��ري��ن ل��ي ً‬ ‫�لا‬ ‫هناراً يف اجللسات‪ ،‬وأبن بعض أساتذة اجلامعة‬ ‫تيسر من خدماته من‬ ‫احلاضرين أيضاً ق�� ّدم ما ّ‬ ‫خالل تقارير ُرفعت إىل هذه اجلهات الساهرة‪.‬‬ ‫دار اجلدال بني املنظمني واجلهات أسابيع عدة‪،‬‬ ‫و ُطلبت كامل التسجيالت الصوتية للجلسات‪،‬‬ ‫ووجه التوبيخ شديد اللهجة إىل املنظمني حبجج‬ ‫ّ‬ ‫ع���دة أمه���ه���ا‪ ،‬األمس�����اء امل��خ��ت��ارة م���ن ال��ب��اح��ث�ين‪،‬‬ ‫وال���ت���ط ّ���رق إىل امل���س���أل���ة ال��دي��ن��ي��ة ول����و م���ن ابب‬ ‫التفكري والنقاش‪ .‬وق��ال «الناطق» ابس��م هذه‬

‫نصر حامد‬

‫آصف بيات‬

‫اجلهات حرفياً‪« :‬أنتم ت��ري��دون توعية الشارع؟‬ ‫اتركوه يف حاله (‪ .»)...‬وابلتأكيد‪ ،‬مل يكن يف‬ ‫نيّة املنظمني القيام حبملة شعبية لتنوير عقول‬ ‫تصح ٍر ثقايف وفكري‬ ‫اجملتمع الذي يقبع يف ظل ّ‬ ‫وروحي منذ عقود‪ ،‬ألن أعمال الندوة توجهت‬ ‫إىل خنبة ضئيلة احلجم وضعيفة التأثري يف ظل‬ ‫القوانني املرعية‪.‬‬

‫ال��ك��واك�بي دون ال��ت��ط ّ��رق إىل أي جانب فكري‬ ‫عميق له عالقة مبحور تفكريه األس��اس��ي وهو‬ ‫صراع االستبداد بكافة أثوابه‪ ،‬على العلم أبنه مل‬ ‫يكن رجل دين بل رجل فكر‪ ،‬ومل ي ّدِع يوماً أبنه‬ ‫صاحب مرجعية فقهية من أي نوع كان‪ .‬وكان‬ ‫مم��ن ح��ض��روا ه���ذه ال��ن��دوة يف صفوفها األوىل‪،‬‬ ‫راسبوتينات اجل��ه��ات املختصة ال��ذي��ن مل يرتكوا‬ ‫ص��ف��ة شتمية إال وأل��ص��ق��وه��ا ب��ن��ف��س ال��ك��واك�بي‬ ‫ع���ن���دم���ا ك������ان احل�����دي�����ث ح����ول����ه ي���ض���ع م��س��أل��ة‬ ‫االستبداد واحلرية يف صلب النقاش‪.‬‬

‫ب��ع��د ع���دة س��ن��وات م��ن ه���ذا احل����دث‪ ،‬اخ��ت�يرت‬ ‫ح��ل��ب ك��ع��اص��م��ة ل��ل��ث��ق��اف��ة اإلس�لام��ي��ة ون ّ��ظ��م��ت‬ ‫مؤسساهتا الثقافية الرمسية‪ ،‬ابلتعاون مع اجلهات‬ ‫املختصة‪ ،‬نشاطات ع ّدة كان من أبرزها ندوة‬ ‫تكرميية ل��ل��ك��واك�بي ن��ف��س��ه‪ .‬وع��ل��ى ال��ع��ك��س من‬ ‫ن����دوة «ال��ف��رجن��ة» ال�ت�ي ت��ع ّ��م��ق��ت يف ال��ف��ك��ر ويف‬ ‫التفكري‪ ،‬طرحت مسائل فكرية أساسية تتعلق‬ ‫ب��ف��ص��ل ال���دي���ن ع���ن ال���دول���ة وابل��ع��ل��م��ن��ة امل��ؤم��ن��ة‬ ‫ومبقارعة االستبداد السياسي والديين‪ ،‬اقتصرت‬ ‫ال��ن��دوة شبه الرمسية‪ ،‬م��ع أن رج��ال فكر مميزين‬ ‫شاركوا هب��ا‪ ،‬على إب��راز اجلانب الديين يف فكر‬

‫التصحر الثقايف وم��ن��ح األفضلية للظالمية يف‬ ‫ف��ه��م ون��ش��ر ال��دي��ن‪ ،‬ال��ل��ذان ك���اان يمُ���يّ���زان احلقبة‬ ‫«ال��ع��ل��م��ان��ي��ة» ال�ت�ي ي��ت��غ�ّن�ىّ هب��ا ك��ل ج��اه��ل وك��ل‬ ‫«م����غ����رض»‪ ،‬أف���ق���رت احل�������وار‪ ،‬وع���تّ���م���ت على‬ ‫النقاش‪ ،‬و ّمهشت املبادرين‪ ،‬وأقالت املفكرين‪،‬‬ ‫وهجرت الفالسفة وأسكتت‬ ‫وحجبت التفكري‪ّ ،‬‬ ‫اجملددين‪....‬‬ ‫داعش مل ِ‬ ‫أتت من فراغ‪.‬‬

‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪17 2014‬‬


‫نـافذة الستمـرار االسـتبداد وعـودته‬ ‫عبر انتخابات يسمونهـا ديمقراطيـة‬ ‫شهدت عديد من الدول العربية انتخاابت إما رائسية أو برملانية‪ ،‬جرت‬ ‫تلك االنتخاابت على فوهة من بركان انفجارات واقتتال‪ ،‬وانقسام داخلي‬ ‫حاد‪ .‬متيزت هذه االنتخاابت مع حفظ االختالفات النسبية بني بلد‬ ‫عريب وآخر‪ ،‬مبقاطعة شعبية واسعة تصل إىل النصف وتزيد يف بعض‬ ‫الدول‪ ،‬على الرغم من البياانت الرمسية الكاذبة اليت هتدف إىل إكمال‬ ‫املسرحية االنتخابية وإضفاء الشرعية عليها‪.‬‬

‫كما أن املثري لالنتباه أن النتائج كانت حمسومة ومعروفة قبل أن جتري مجيع‬ ‫هذه االنتخاابت من س��وراي إىل مصر‪ ،‬م��روراً ابجلزائر ولبنان‪ ،‬إىل العراق‪،‬‬ ‫دلي ً‬ ‫ال على أن هذه االنتخاابت ال تقوم على تنافس حقيقي بني املرشحني‬ ‫وال على تكافؤ يف الفرص بينهم‪ ،‬بل هي انتخاابت غايتها إع��ادة إنتاج‬ ‫السلطة احلاكمة أو املتنفذة‪ ،‬اليت متلك وسائل القوة‪ ،‬على كل حال كانت‬ ‫صناديق االقرتاع شاهداً على القوى النافذة يف هذا البلد أو ذاك‪ ،‬كما كانت‬ ‫شاهدة على استغالل شكليات من العملية الدميقراطية يف مساعي من قوى‬ ‫فئوية طائفية أو عسكرية‪ ،‬للوصول إىل كرسي السلطة‪ ،‬أو من أجل احلفاظ‬ ‫على السلطة خدمة ملصاحلها اخل��اص��ة‪ ،‬يف مناهضة الدميقراطية وتقويض‬ ‫عملية البناء الدميقراطي‪ ،‬وجلم حركة التغيري اليت تنشدها الشعوب العربية‪.‬‬ ‫من املعلوم أن الدميقراطية هي البناء الذي جيعل ظاهرة االستبداد مستحيلة‪،‬‬ ‫غري أن عمارة الدميقراطية يف اجملتمعات العربية ينقصها الكثري‪ ،‬فعملية بناء‬ ‫الدميقراطية ترتكز على أعمدة أمهها‪ :‬الفصل بني السلطات‪ ،‬إشاعة احلرايت‬ ‫اخلاصة والعامة‪ ،‬ونقصد احل��رايت مبعناها العميق ال��ذي يتلخص ابح�ترام‬ ‫وضمان حرايت اآلخرين‪ ،‬وأمهها حرية الصحافة وحرية تشكيل األحزاب‪.‬‬ ‫يف الدميقراطية يتعلم الشعب ومي���ارس حقوقه السياسية وي��ق��وى‪ ،‬وعندما‬ ‫يصبح الشعب أق��وى من احلكم‪ ،‬عندها يطيع احلكام الشعب‪ ،‬ويعملون‬ ‫على حتقيق آماله‪ .‬يف الدول العربية تسعى القوى النافذة إلضعاف الشعب‬ ‫بكل الوسائل‪ :‬العنف‪ ،‬اإلفقار‪ ،‬التهميش بل التهشيم‪ ،‬التمييز واالنقسام‬

‫‪ 18‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬

‫• سحر حوجية‬

‫اجملتمعي‪ ...‬إخل‪ .‬ومن مجلة املشكالت اجلوهرية اليت تواجه عملية التحول‬ ‫الدميقراطي‪ ،‬تفتقر هذه الدول إىل أساس العملية الدميقراطية‪ ،‬وهو إرساء‬ ‫دول��ة املواطنني‪ ،‬اليت من ش��روط وجودها انتفاء الطابع الطائفي للدولة‪،‬‬ ‫وإق���رار امل��س��اواة ب�ين مجيع امل��واط��ن�ين يف احل��ق��وق وال��واج��ب��ات دون اعتبار‬ ‫للطائفة أو اجلنس‪ ،‬أو اإلثنية‪ .‬يف دول��ة املواطنة يكون املواطن مستق ً‬ ‫ال‬ ‫بذاته يف عالقته املباشرة ابلدولة‪ ،‬أما عندما تستخدم اآلليات الشكلية‬ ‫للدميقراطية‪ ،‬عرب إجراء انتخاابت (حىت لو كانت تعددية)‪ ،‬على أساس‬ ‫نظام انتخايب يقوم على احملاصصة الطائفية حتت محاية دستورية‪ ،‬فإن هذه‬ ‫اآلليات تكون وسيلة لرتسيم وإحياء اجملتمع التقليدي وانقساماته الفئوية‪،‬‬ ‫والطائفية‪ ،‬وتشكل املناخ املناسب للتسلط وإعادة إنتاج االستبداد لدعم‬ ‫وتقوية األحزاب الطائفية‪ ،‬وما يؤثر بشكل ابلغ على العملية الدميقراطية‬ ‫اليت حتتاج إىل تنظيم‪ ،‬حيث إن التنظيم هو الذي يولد إرادة عامة‪ ،‬تلعب‬ ‫األح���زاب م��ن خ�لال��ه دوراً ج��وه��رايً‪ ،‬ال تتوفر ابألح���زاب الطائفية لعدم‬ ‫قابليتها لالخرتاق‪.‬‬ ‫مجيع املرشحني املشمولني ابل��ذك��ر مم��ن ف���ازوا بكرسي ال��رائس��ة‪ ،‬تصعب‬ ‫عليهم قيادة بلداهنم إىل التغيري‪ ،‬بل على العكس مههم األول كبح مجاح‬ ‫التغيري‪.‬‬ ‫لو بدأان من لبنان الذي عاىن ومايزال من مشكلة التوافق بني املكوانت‬ ‫الطائفية على رئيس من الطائفة املسيحية‪ ،‬فالكتل اثبتة والقيادات السياسية‬ ‫اثبتة تتوارث سلطة الطائفة من األب إىل االبن‪ ،‬واحلدود مرسومة سلفاً‬ ‫تقوم يف األساس على التوازن الطائفي‪ ،‬ومنذ عدة أشهر يفشل الربملان يف‬ ‫التوافق على رئيس‪ .‬يف العراق تبلورت السمات الطائفية للنظام السياسي‪،‬‬ ‫توزيع السلطات فيه يقوم على احملاصصة حيث املصاحل الفئوية طغت على‬ ‫ما عداها‪ ،‬واالنقسام الداخلي يزداد قوة على حساب املصاحل الوطنية‪،‬‬ ‫وكانت نتائج االنتخاابت مناسبة لتأجيج الصراع‪ ،‬مهددة بتقسيم العراق‬


‫على أس��س طائفية وإث��ن��ي��ة‪ .‬أم��ا يف اجل��زائ��ر فقد‬ ‫فاز الرئيس بوتفليقة بعد أن ترشح للمرة الرابعة‬ ‫دون أن يكل أو ميل من أمحال حكم بالده‪ ،‬ومل‬ ‫يتعب من قيادة جبهة التحرير اليت تبدو كأهنا مل‬ ‫تنجب قائداً غريه‪ ،‬أتكيداً على أن بنية األحزاب‬ ‫التقليدية العربية يبدأ النفوذ فيها من القمة إىل‬ ‫ال��ق��اع��دة كما ه��ي السلطات االس��ت��ب��دادي��ة اليت‬ ‫تعمل على إنتاج اجملتمع بدالً من إنتاج اجملتمع‬ ‫هلا‪ ،‬من شأن ذلك أن جيعل نفوذ الزعماء على‬ ‫الكتلة الشعبية مطلقاً ال يسمح لألعضاء حىت‬ ‫مبنافشة الزعيم‪ ،‬نضيف على ذلك ما يتمتع به‬ ‫بوتفليقة م��ن دع���م م��ؤس��س��ات اجل��ي��ش واألم���ن‪،‬‬ ‫كل ذلك أغلق األب��واب أمام منافسة مرشحني‬ ‫آخرين له حىت لو مسحت القوانني بذلك‪.‬‬ ‫ي��ب��ق��ى امل��ث��ال امل��ص��ري األك��ث��ر إاثرة وإش��ك��ال��ي��ة‪،‬‬ ‫م��ص��ر ال��ت�ي جن��ح��ت ث���ورهت���ا يف اإلط���اح���ة ب��ن��ظ��ام‬ ‫االس��ت��ب��داد ب��زم��ن ق��ي��اس��ي‪ ،‬اح��ت��اج��ت النتفاضة‬ ‫اثن��ي��ة حل��م��اي��ة ال����ث����ورة‪ ،‬إال أن����ه ت��ب�ين أن اجل��ي��ش‬ ‫ال��ذي وق��ف إىل جانب الشعب املصري وأجرب‬ ‫رأس النظام «حسين مبارك» على التنحي منعاً‬ ‫لتطور األوض����اع يف اجت���اه ال��ع��ن��ف‪ ،‬مسك زم��ام‬ ‫سلطة انتقالية وح����اول زرع ال��ش��ق��اق ب�ين ق��وى‬ ‫امل��ع��ارض��ة إلض��ع��اف��ه��ا‪ ،‬م��ن أج��ل إم�ل�اء ال��ش��روط‬ ‫عليها‪ ،‬كسب اإلخ��وان املسلمني يف حينها إىل‬ ‫صفه‪ ،‬وعند االستحقاق االنتخايب لرائسة مصر‬ ‫اجتمعت املعارضة ودعمت وص��ول مرسي إىل‬ ‫دف��ة احل��ك��م لقطع الطريق على خصمه «أمح��د‬ ‫ش��ف��ي��ق» مم��ث��ل احل��ك��م ال��ب��ائ��د‪ ،‬غ�ير أن األخ���وان‬ ‫خ��ذل��وا املعارضة كما خ��ذل��وا الشعب يف حماولة‬ ‫التفرد ابلسلطة وبناء سلطة على صورهتم متتد‬ ‫يف م��ف��اص��ل ال���دول���ة ب��ك��ل أق��س��ام��ه��ا ال��ق��ض��ائ��ي��ة‬ ‫والعسكرية والتشريعية‪ ،‬أاثر ذلك اجملتمع املصري‬ ‫حىت انتفض الشعب املصري مرة اثنية‪ ،‬مستفيداً‬ ‫م��ن أج���واء احل��ري��ة ال�تي فرضها‪ ،‬لقد ب��دا اجليش‬

‫امل���ص���ري أن���ه ي��ق��ف م���ع ال��ش��ع��ب ح�ي�ن اس��ت��ط��اع‬ ‫إزاح������ة اإلخ������وان يف ف��ت�رة ق��ي��اس��ي��ة ع��ل��ى خلفية‬ ‫م��ب��ادرة ب��ن��ود اإلن��ق��اذ امل��واف��ق��ة ملطالب الشعب‪،‬‬ ‫غ�ير أن الشعب منع مبوجبها م��ن إك��م��ال دوره‬ ‫يف إس���ق���اط س��ل��ط��ة اإلخ������وان‪ ،‬ع��م ً‬ ‫�لا ابل��ق��اع��دة‬ ‫ال�ت�ي ت��ق��ض��ي أن���ه ك��ل��م��ا زادت ال��دمي��ق��راط��ي��ة‪ ،‬ق ّ��ل‬ ‫تدخل العسكر يف السلطة والعكس صحيح‪.‬‬ ‫لكن احلقيقة هي أن اجملتمع املصري عجز عن‬ ‫تنظيم نفسه يف أحزاب جديدة قوية‪ ،‬وأن اجليش‬ ‫هو املؤسسة األكثر متاسكاً يف اجملتمع‪ ،‬املؤسسة‬ ‫ال�ت�ي تسعى للحفاظ ع��ل��ى م��ؤس��س��ات السلطة‬ ‫األخ���رى وعلى نفوذها على ه��ذه املؤسسات‪،‬‬ ‫إض��اف��ة إىل ج��ه��ات تستقوي ابجل��ي��ش للحفاظ‬ ‫على ام��ت��ي��ازاهت��ا‪ .‬وق��د استغلت السلطة القائمة‬ ‫املؤقتة األوضاع األمنية وانتشار العنف‪ ،‬فعملت‬ ‫على تقييد احلرايت وأصدرت قانوانً يقيد حرية‬ ‫التظاهر‪ ،‬وقانون مكافحة اإلرهاب‪،‬كما صدرت‬ ‫مئات من األحكام القضائية االستثنائية‪ ،‬حبق‬ ‫معتقلني دون حماكمات ع��ادل��ة‪ .‬إضافة إىل أن‬ ‫العنف الذي يتصاعد يف مصر صب يف مصلحة‬ ‫السيسي‪ ،‬يف احل��ش��د ابجت���اه حتقيق األم���ن‪ .‬كل‬ ‫ذلك فتح الباب واسعاً أمام السيسي للفوز على‬ ‫حساب مرشحي املعارضة ورموز الثورة‪.‬‬

‫املعارضة إلجناز برانمج مكون من نقطة واحدة‬ ‫هي إسقاط النظام‪ ،‬وحتددت عقدة احلل برأس‬ ‫النظام ال��ذي يتمسك ابلسلطة‪ ،‬ترشح األس��د‬ ‫ل����دورة اثل��ث��ة يف حت��د ص���ارخ مل��ئ��ات اآلالف من‬ ‫ش��ه��داء الشعب ال��س��وري ولكثري م��ن السوريني‬ ‫ال��ذي��ن ع��رف��وا م��آس��ي وص��ف��ت أبهن���ا األف��ظ��ع يف‬ ‫ال��ق��رن نتيجة ج��رائ��م ال��ن��ظ��ام‪ ،‬بعد أن مت تشريد‬ ‫ح��وايل نصف الشعب السوري‪ ،‬حيث وصلت‬ ‫املبالغ املطلوبة إلعادة البناء إىل مئات املليارات‪،‬‬ ‫واإلعمار حيتاج سنوات عديدة‪ ،‬هتدد مستقبل‬ ‫ج��ي��ل أبك���م���ل���ه‪ ،‬ح��ص��ل ك���ل ذل����ك ومل يستطع‬ ‫النظام مبجمله االن��ف��ك��اك ع��ن رأس ال��ن��ظ��ام‪ ،‬إذ‬ ‫جند النظام يتمسك برأسه يف رابط «أما اهلاوية‬ ‫معاً أو البقاء معاً»‪ ،‬هذا يؤكد أن ظاهرة الوالء‬ ‫للشخص القائد الزعيم تعود ألسباب اجتماعية‬ ‫وس���ي���اس���ي���ة هب�����دف ت��ن��م��ي��ة امل����ص����احل ال��ش��خ��ص��ي��ة‬ ‫يف س������وراي‪ ،‬وب���ع���د ث��ل�اث س���ن���وات م���ن ال���ص���راع وال�����دف�����اع ع����ن امل�����راك�����ز‪ ،‬ي���ض���اف إىل ذل�����ك يف‬ ‫ال���دام���ي ب�ي�ن ال��س��ل��ط��ة وق����وى امل���ع���ارض���ة‪ ،‬حيث ظروف الصراع احلماية من أي حماسبة‪ ،‬خاصة‬ ‫ت���وح���دت م��ع��ظ��م ال��ف��ع��ال��ي��ات وخم��ت��ل��ف أط��ي��اف ل��ل��م��ت��ورط�ين يف ج���رائ���م ض���د ال��ش��ع��ب ال���س���وري‪.‬‬ ‫كل الشكليات الدميقراطية اليت يدعيها النظام‬ ‫م����ن ق����ان����ون ان���ت���خ���ايب ت�����ع�����ددي‪ ،‬وت���ن���اف���س ب�ين‬ ‫مرشحني ليست إال «ضحكاً على اللحى»‪،‬‬ ‫ف���ال���ت���ع���ددي���ة امل���ق���ب���ول���ة ه����ي ق�����وى وش��خ��ص��ي��ات‬ ‫ال���ت���زم���ت ب���ك���ل اخل����ط����وط احل���م���ر ال��ت��ي وض��ع��ه��ا‬ ‫ال���ن���ظ���ام‪ ،‬ومل ي��ك��ن ت��رش��ح ش��خ��ص��ي��ات منافسة‬ ‫إىل ك��رس��ي ال��س��ل��ط��ة س���وى وه���م وق���ن���اع وت��زي�ين‬ ‫لالستبداد‪ ،‬كما أن��ه س��وف يتم توظيف نتائج‬ ‫هذه االنتخاابت لإلشارة إىل أمهيه وق��وة ونفوذ‬ ‫الرئيس «اجل��م��اه�يري» يف مواجهة منافسني ال‬ ‫وزن هلم وال قيمة‪ ،‬مما يعزز سلطة الديكتاتورية‬ ‫يف هتميشها حىت للقوى السياسية احلليفة‪ .‬هذه‬ ‫إحدى خصائص السلطة االستبدادية‪ ،‬مزيد من‬ ‫اإلذالل للشعب‪ ،‬مزيد من القهر وبث الرعب‬ ‫واخلوف‪ ،‬هكذا االستبداد يعيش وينتصر‪.‬‬ ‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪19 2014‬‬


‫قمة لندن إلنهاء العنف الجنسي في حاالت الصراع‬

‫• فريق حترير سيدة سوراي‬

‫بدعوة من وزارة اخلارجية الربيطانية‪ ،‬عقدت بني ‪ 10‬و‪ 13‬حزيران‪ /‬يونيو الفائت‪ ،‬يف العاصمة الربيطانية لندن «القمة العاملية إلهناء العنف‬ ‫اجلنسي يف الصراعات»‪ ،‬افتتحها وزير اخلارجية الربيطاين ويليام هيغ‪ ،‬وأجنلينا جويل «املبعوث اخلاص للمفوض السامي لشؤون الالجئني»‪،‬‬ ‫حبضور ممثلني عن ‪ 140‬دولة وهيئة‪.‬‬ ‫الوزير «هيغ» قال ابفتتاح القمة‪« :‬لقد برهنّا‬ ‫أن ابستطاعة اجملتمع ال���دويل معاجلة مشاكل‬ ‫عاملية كبرية‪ ،‬من القضاء على العبودية‪ ،‬وحىت‬ ‫ات��ف��اق��ي��ة جت����ارة األس��ل��ح��ة‪ ،‬يف وق���ت ك���ان يعترب‬ ‫ذلك مستحيالً‪ .‬تزداد قوتنا بزايدة عددان‪ ،‬وإذا‬ ‫ما احت��دان وراء ه��ذه القضية ميكننا توليد زخم‬ ‫ال يتوقف‪ ،‬ون��وِدع ه��ذا النوع من االنتهاكات‬ ‫الفاحشة يف صفحات التاريخ»‪.‬‬ ‫يف حني قالت أجنلينا جويل‪« :‬إننا حباجة لتبديد‬ ‫ث��ق��اف��ة اإلف��ل��ات م���ن ال���ع���ق���اب‪ ،‬وج��ع��ل حتقيق‬ ‫ال��ع��دال��ة فيما يتعلق هب��ذه اجل��رائ��م‪ ،‬ه��و الوضع‬ ‫الطبيعي ول��ي��س االس��ت��ث��ن��اء‪ .‬إن��ن��ا حب��اج��ة إلرادة‬ ‫سياسية تتبناها دول ال��ع��امل‪ ،‬ك��م��ا أن��ن��ا حباجة‬ ‫إلعطاء األول��وي��ة هل��ذا امل��وض��وع‪ .‬وهناك حاجة‬ ‫ألن نرى التزامات حقيقية جتاهه ومالحقة أسوأ‬ ‫املتهمني ابرت��ك��اب ه��ذه اجل��رائ��م‪ ،‬أي��ض��اً متوي ً‬ ‫ال‬ ‫للمعرضني للخطر‪،‬‬ ‫يكفل توفري محاية مناسبة ّ‬ ‫وتقدمي املساعدة ألكثر الدول تضرراً من هذه‬ ‫اجلرائم‪ .‬وحنن حباجة أيضاً إلدخال موضوع منع‬ ‫العنف اجلنسي يف الصراع‪ ،‬ضمن تدريب كافة‬ ‫اجليوش وقوات حفظ السالم وقوات الشرطة»‪.‬‬ ‫أم���ا ج���ون ك�ي�ري «وزي�����ر اخل��ارج��ي��ة االم�يرك��ي��ة»‬ ‫ف��ق��د خ��ص��ص وق��ت��اً يف آخ���ر خ��ط��اب��ه للحديث‬ ‫ع��ن النساء ال��س��ورايت‪ ،‬واندى ابحل��ري��ة لكل‬ ‫امل��ع��ت��ق�لات‪ ،‬وخ���ص ابل���ذك���ر ال��ن��اش��ط��ة رزان‬ ‫زيتونة‪.‬‬ ‫االئ���ت�ل�اف ال���وط�ن�ي ل��ق��وى ال���ث���ورة وامل��ع��ارض��ة‬ ‫ال���س���وري���ة ش�����ارك ب���وف���د رمس����ي ض���م ك���ل م��ن‪،‬‬ ‫نورا األمري انئب رئيس االئتالف‪ ،‬والدكتورة‬ ‫ت��غ��ري��د احل��ج��ل��ي وزي������رة ال��ث��ق��اف��ة واألس�������رة يف‬ ‫احلكومة السورية املؤقتة‪ ،‬والسيدة هيفارون‬ ‫شريف عضو االئتالف وممثلة املرأة الكردية‪،‬‬ ‫‪ 20‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬

‫الفراج ‪ ،‬وهي معتقلة‬ ‫إضافة إىل الناشطة أمساء ّ‬ ‫سابقة تعرضت النتهاكات يف سجون النظام‬ ‫ال��س��وري‪ ،‬وش��ارك��ت يف القمة منظمات جمتمع‬ ‫مدين سورية‪.‬‬ ‫ك���م���ا ش������ارك ال����وف����د ال����س����وري ف��ع��ال��ي��ة م��ن��ظ��م��ة‬ ‫«األوك����س����ف����ام»‪ ،‬وه����ي م��ن��ظ��م��ة ب��ري��ط��ان��ي��ة تعىن‬ ‫ب���ش���ؤون امل�������رأة‪ ،‬ع��م��ل��ت ع��ل��ى أته���ي���ل ال��ن��س��اء‬ ‫السورايت س��واء بربامج التوعية أو املخيمات‪،‬‬ ‫وخصوصاً يف لبنان وخميمات الشمال السوري‪.‬‬ ‫وحسب «األمري» فقد مت توقيع بروتوكول حيمل‬ ‫نفس االس��م‪ ،‬بعد موافقة ال��دول احلاضرة على‬ ‫نصه‪ ،‬ومت التعاطي مع االئتالف كجهة رمسية‬ ‫وق��ع��ت على ال�بروت��وك��ول‪ ،‬يف ح�ين غ��اب نظام‬ ‫األسد عن القمة‪...‬‬ ‫يف كلمة ألقتها أش���ارت «األم�ي�ر» إىل ض��رورة‬ ‫التمييز فيما يتعلق ابلعنف اجلنسي ضد النساء‬ ‫يف س��وراي‪« ،‬ب�ين ما حي��دث يف مناطق سيطرة‬ ‫النظام‪ ،‬من انتهاكات وعنف ممنهج ومسيس‬ ‫كعقاب مجاعي للمجتمع السوري الثائر‪ ،‬يقوم‬ ‫ب��ه أم���ن ال��ن��ظ��ام وم��ي��ل��ي��ش��ي��ات اتب��ع��ة ل���ه‪ ،‬حيث‬ ‫ت���ت��راوح االن���ت���ه���اك���ات ب�ي�ن اخل���ط���ف وال��ت��غ��ي��ي��ب‬ ‫ال��ق��س��ري واالع���ت���ق���ال وال��ت��ع��ذي��ب ابمل��ع��ت��ق�لات‪،‬‬

‫وص��والً إىل التحرش واالغتصاب‪ ،‬وهي جرائم‬ ‫مصنفة دول��ي��اً كجرائم ضد اإلنسانية‪ ،‬وكانت‬ ‫م���ن أه����م ع���وام���ل ال��ت��ه��ج�ير‪ ،‬وب��ي�ن م���ا ت��ق��وم به‬ ‫داع���ش‪ ،‬م��ع األخ���ذ بعني االع��ت��ب��ار أن داع��ش‬ ‫هي الوجه اآلخر للنظام حسب رأيها‪ ،‬فهناك‬ ‫تزويج للقاصرات‪ ،‬اعتقال وتعذيب وعقوابت‬ ‫كاجللد‪ .‬وأضافت أن هناك نوعاً اثلثاً على قلته‬ ‫حي��دث يف املناطق احمل���ررة ال��واق��ع��ة حت��ت سيطرة‬ ‫يجُ����رد ه���ذا االن��ت��ه��اك من‬ ‫اجل��ي��ش احل����ر‪ ،‬ح��ي��ث َّ‬ ‫صفته املمنهجة ويعود لألصل اجملتمعي ككل‬ ‫اجملتمعات‪ ،‬كمرض اجتماعي خيضع لرقابتني‪،‬‬ ‫رقابة اجتماعية‪ ،‬حيث يلحق العار ابلشخص‬ ‫املرتكب لالنتهاك‪ ،‬ورقابة اجليش احلر حتت أي‬ ‫مسمى س��واء حمكمة أو هيئة شرعية‪ .‬وعن‬ ‫ح��ال��ة راب��ع��ة تتابع «األم��ي�ر» ع��ن انتهاكات‬ ‫حتدث يف مناطق اللجوء واملخيمات‪ ،‬وهذه‬ ‫انتهاكات تتعلق بعدد من العوامل‪ ،‬تندرج‬ ‫ضمن أمراض اجملتمع وحاالت نفسية بسبب‬ ‫ض��غ��وط ت��ع��رض هل���ا ال�ل�اج���ئ���ون‪ ،‬إض���اف���ة اىل‬ ‫الظروف القاسية اليت تعرضو هلا من خوف‬ ‫وع��وز وهتجري نتج عنها انتهاكات وتفتيت‬ ‫لبنية االسرة وعنف ضد املرأة واألطفال‪.‬‬


‫ه������ذا وال���ت���ق���ى ال����وف����د ال�����س�����وري ع���ل���ى ه��ام��ش‬ ‫االج���ت���م���اع���ات‪ ،‬ابل���س���ف�ي�رة األم�ي�رك���ي���ة ال��دائ��م��ة‬ ‫لشؤون امل��رأة‪ ،‬حيث ج��رى احلديث عن وضع‬ ‫امل����رأة ال��س��وري��ة‪ ،‬وأش����ارت «ه��ي��ف��ارون ش��ري��ف»‬ ‫إىل رده�����ا ع��ل��ى ت����س����اؤالت ال���س���ف�ي�رة ع��م��ا لو‬ ‫ك��ان��ت امل��ن��اط��ق ال��ك��ردي��ة ق��د ش��ه��دت ح��االت‬ ‫عنف جنسي‪ « ،‬أن املناطق الكردية مل تقتحم‬ ‫بشكل واسع كمناطق أخرى يف سوراي‪ ،‬ساعد‬ ‫يف ذل��ك ق��رهب��ا م��ن ال��ش��ري��ط احل����دودي ال�ترك��ي‪،‬‬ ‫وأن أك���راداً يفرضون السيطرة هناك‪ ،‬وحيموهنا‬ ‫من التدخل اخلارجي»‪ ،‬لكنها تضيف أن نسبة‬ ‫كبرية من النساء خرجن مع عائالهتن بسبب‬ ‫الفقر واحل��اج��ة إىل دول اجل���وار وخ��اص�� ًة إقليم‬ ‫ك��ردس��ت��ان‪ ،‬حيث أش���ارت آخ��ر إحصائية إىل‬ ‫ان��ت��ه��اك��ات ع���دي���دة ت��ع��رض��ت هل���ا امل�����رأة بسبب‬ ‫الفقر وابألخص من حكومة اإلقليم اليت متارس‬ ‫عليهن الضغط‪ ،‬وتقدر املنظمات العاملة عدد‬ ‫ال�لاج��ئ�ين ه��ن��اك ب��رب��ع م��ل��ي��ون س���وري غالبيتهم‬ ‫م���ن األك������راد‪ ،‬ن��س��ب��ة ال���ل���وايت ت��ع��رض��ن للتحرش‬ ‫والعنف اجلنسي ‪ %68‬من النساء‪ ،‬ابلتايل نسبة‬ ‫كبرية م��ن ال��س��ورايت جل��أن خ��وف��اً م��ن التعرض‬ ‫لالغتصاب يف سوراي وهتجريهن كان قسرايً يف‬ ‫أغلب احلاالت‪ ،‬لكنهن بعد دخول املخيمات‬ ‫تعرضن لالنتهاكات حسب «شريف»‪.‬‬ ‫ت��ق��ول «ش���ري���ف»‪ « :‬خب��ص��وص ال��ق��م��ة‪ ،‬أك��ث��ر‬ ‫ال��ل��وايت أثّ���رن يب ه��ن ن��س��اء البوسنة والكونغو‪،‬‬ ‫ألهنن عشن حالة شبيهة ابحلالة السورية‪ ،‬لكنين‬ ‫ش��ع��رت ابل��غ�بن جت���اه س�����وراي‪ ،‬ألن ال���ط���رح ك��ان‬ ‫حول التجارب القدمية دون التطرق لألحداث‬ ‫ال�ت�ي ن��ش��ه��ده��ا ح��ال��ي��اً‪ ،‬ك��ن��ا ك���س���ورايت حب��اج��ة‬ ‫ألط��ول مدة ممكنة للحديث‪ ،‬لكن املؤمتر كان‬ ‫جيداً ابلعموم»‪ .‬وتشري إىل أن مداخالت الوفد‬ ‫السوري تضمنت احلديث عن العنف اجلنسي‬ ‫ال������ذي ي���ت���ع���رض ل����ه ال����رج����ال يف س�������وراي‪ ،‬وع���ن‬ ‫ح��وادث االغتصاب ال�تي ارتكبت حبق النساء‬ ‫والفتيات أمام أزواجهن وآابئهن‪ ،‬مما صعد وترية‬ ‫العنف وتسبب يف مقتل الكثريات‪ ،‬أو فرارهن‬ ‫وانقطاع أخبارهن‪.‬‬ ‫نتج عن املؤمتر جمموعة ورشات عمل خبصوص‬ ‫ال��ع��دال��ة واحمل��اك��م��ات وت��دري��ب ع��ن��اص��ر اجليش‬

‫وال���ش���رط���ة‪ .‬وف��ي��م��ا ي��ت��ع��ل��ق ابمل���س���اع���دات امل��ادي��ة‬ ‫ح��س��ب اخل���ارج���ي���ة ال�بري��ط��ان��ي��ة‪ ،‬ف����إن احل��ك��وم��ة‬ ‫ال�بري��ط��ان��ي��ة ت��ق��دم م��س��اع��دات متنوعة وع��دي��دة‬ ‫للناجني من العنف اجلنسي يف س��وراي‪ ،‬داخل‬ ‫سوراي ويف دول اجلوار‪ ،‬عرب برامج دعمتها وزارة‬ ‫التنمية الدولية بنحو ‪ 25‬مليون جنيه اسرتليين‪.‬‬ ‫كما أن وزي��ر اخلارجية الربيطاين ويليام هيغ‪،‬‬ ‫تعهد بتقدمي مبلغ إضايف قدره ‪ 6‬ماليني جنيه‬ ‫اسرتليين ملساعدة الناجني من العنف اجلنسي‬ ‫يف ال��ص��راع‪ ،‬لبناء حياهتم وجمتمعاهتم‪ ،‬حسب‬ ‫ما أورد موقع اخلارجية الربيطانية‪ .‬وصرحت نورا‬ ‫األمري لسيدة سوراي‪« :‬حىت اآلن مل يصل شيء‬ ‫هب���ذا اخل���ص���وص‪ ،‬رمب���ا ك��ان��ت ه��ن��اك منظمات‬ ‫جمتمع مدين تلقت دعماً هبذا اخلصوص»‪.‬‬ ‫ون��وه��ت أن «امل��ت��اب��ع��ة يف ال��ف�ترات ال��ق��ادم��ة لن‬ ‫تكون ابجتماعات كبرية ول��ق��اءات بروتوكولية‬ ‫م��ن ال��س��ف��راء أو ال������وزراء أو مم��ث��ل��ي ال�����دول‪ ،‬ما‬

‫سيحدث هو ورشات عمل وتدريبات للتعامل‬ ‫م��ع امل��ع��نّ��ف�ين وال��ن��س��اء خ��اص��ة‪ ،‬إض��اف��ة ل�برانم��ج‬ ‫س��ي��ب��دأ ل��ت��دري��ب اجل��ي��ش يف ك��ل ال����دول املوقعة‬ ‫على الربوتوكول‪ ،‬وكذلك أجهزة الشرطة وبرامج‬ ‫تدريب احلقوقيني على التوثيق اجلنائي»‪.‬‬ ‫تضيف «األمري» االنتهاك ال يتجزأ‪ ،‬وال يتوقف‬ ‫على التحرش واالغتصاب‪« ،‬يف احلالة السورية‬ ‫مي��ك��ن ت��ص��ن��ي��ف أن�����واع ع���دي���دة م���ن االن��ت��ه��اك‪،‬‬ ‫إض��اف��ة للتعذيب يف املعتقل‪ ،‬ه��ن��اك ال��ض��رب‪،‬‬ ‫التجويع‪ ،‬النفي‪ ،‬التهجري واالب��ت��زاز‪ ،‬فاحلواجز‬ ‫امل���وج���ودة ح���ول امل��ن��اط��ق احمل��اص��رة تبتز العديد‬ ‫من النساء وترغمهن على ممارسة ال��دع��ارة مع‬ ‫عناصر احلاجز ليسمحوا هلن ابخل��روج وجلب‬ ‫الطعام‪ ،‬وهذا انتهاك»‪.‬‬ ‫وأك����دت ع��ل��ى «وج����وب ال��ت��وق��ف ع��ن تصوير‬ ‫امل����رأة ال��س��وري��ة ع��ل��ى أهن���ا جم���رد ض��ح��ي��ة‪ ،‬فنساء‬ ‫سوراي يتعرضن لالنتهاك واالغتصاب وهن إن‬ ‫دفعن هذا الثمن‪ ،‬فقد دفعنه مثناً للحرية وقمن‬ ‫ع�بره ض��د ال��دك��ت��ات��ور‪ ،‬يف سبيل احل��ري��ة مبعناها‬ ‫الشامل»‪.‬‬ ‫أهم ما قدمه هذا املؤمتر للمرأة السورية وللثورة‬ ‫السورية ب��رأي ن��ورا أن املعارضة اليت حتمل راية‬ ‫ال��ث��ورة أب���دت ال��ت��زام��ه��ا األخ�لاق��ي جت���اه النساء‬ ‫ووق���ع���ت ه����ذا ال�ب�روت���وك���ول‪ ،‬ت���ق���ول‪« :‬أس��ق��ط��ن��ا‬ ‫الشرعية عن النظام وعريّناه كنظام غري أخالقي‬ ‫وأك���دان على ض���رورة احمل��اس��ب��ة‪ ،‬ف��ب��دون حماسبة‬ ‫م��رت��ك�بي ه����ذه اجل���رائ���م ل���ن ي��ت��ح��ق��ق ال���س�ل�ام يف‬ ‫س�����وراي‪ ،‬وأان أك����دت يف ك��ل��م�تي أن أك��ث��ر من‬ ‫‪ %40‬من عناصر اجليش احلر قد محلوا السالح‬ ‫حلماية النساء ضد االنتهاك»‪.‬‬ ‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪21 2014‬‬


‫قتلى التعذيب في معتقالت النظام‬ ‫بلغت أعداد القتلى جراء التعذيب يف معتقالت النظام السوري‬ ‫منذ بداية «الثورة» يف منتصف شهر آذار من العام ‪ ،2011‬حنو‬ ‫‪ 6959‬قتي ً‬ ‫ال‪ ،‬منهم ‪ 464‬يف شهر حزيران من العام ‪،2014‬‬ ‫وذلك يف ع ّدة معتقالت موزعة على حمافظات سوراي‪.‬‬ ‫وذك��رت إحصائية أصدرها مركز «إحصائيات الثورة السورية»‬ ‫التابع ملركز «دراسات اجلمهورية الدميقراطية»‪ ،‬أن قوات النظام‬ ‫تعتقل مواطناً كل أربع دقائق‪ ،‬فيما يقتل أربعة آخرون يومياً جراء‬ ‫التعذيب يف معتقالهتا‪.‬‬ ‫وازدادت وت�يرة اإلع�لان عن ضحااي التعذيب داخ��ل معتقالت‬ ‫قوات النظام‪ ،‬يف شهر جزيران‪/‬يونيو من العام ‪ ،2014‬خاصة‬ ‫بعد إج �راء االنتخاابت الرائسية‪ ،‬ال�تي أسفرت عن ف��وز «بشار‬ ‫األس��د» ب��والي��ة رائس�ي��ة اثل�ث��ة‪ ،‬وس��ط رف��ض تشكيالت املعارضة‬ ‫املختلفة ودول عربية وغربية إجراء تلك االنتخاابت‪.‬‬ ‫وكان االئتالف الوطين لقوى الثورة واملعارضة السورية أصدر يوم اجلمعة‬ ‫‪ ،2014/06/06‬بياانً‪ ،‬أكد فيه قيام النظام إبعدام حنو ‪ 20‬مقاتالً‪،‬‬ ‫ونقل أكثر من ‪ 80‬آخرين ممن سلموا أنفسهم لقوات النظام يف محص‪،‬‬ ‫إىل الفرع (‪ ،)215‬واملعروف ابسم «فرع فلسطني»‪ ،‬يف دمشق‪.‬‬ ‫وأوضح االئتالف‪ ،‬أن هؤالء املقاتلني سلموا أنفسهم وخرجوا من أحياء‬ ‫محص احملاصرة إىل حي اخلضر‪ ،‬بعد اتفاق مع النظام يقضي إبطالق‬ ‫سراحهم حال تسليم أسلحتهم‪ ،‬وقد حدث ذلك قبل عقد االتفاقية اليت‬ ‫رعتها األمم املتحدة إلخالء أحياء محص القدمية يف شهر مايو‪/‬آاير‪.‬‬

‫• تقرير‪ :‬وكالة مسارت لألنباء‬ ‫خاص سيدة سوراي‬

‫السبت ‪ ،2014/07/04‬حتت التعذيب يف سجن صيداناي كذلك‪.‬‬ ‫ويف مح��������اة‪ ،‬ق���ض���ى م������دين م�����ن م���دي���ن���ة ط���ي���ب���ة اإلم�����������ام‪ ،‬ي������وم اخل��م��ي��س‬ ‫‪ ،2014/06/17‬حت��ت التعذيب‪ ،‬يف إح��دى معتقالت ق��وات النظام‬ ‫مبدينة دمشق‪ ،‬كما قتل شاابن من حي كازو يف املدينة‪ ،‬حتت التعذيب يف‬ ‫فرع األمن السياسي بدمشق‪ ،‬أحدمها مقاتل يف اجليش احلر‪ ،‬سلم نفسه‬ ‫لقوات النظام قبل حنو شهر‪ ،‬هبدف «تسويه وضعه»‪ ،‬فيما اعتقل اآلخر‬ ‫خالل محلة مدامهات نفذهتا قوات النظام يف احلي قبل حنو عشرين يوماً‪،‬‬ ‫ومل تسلم جثتامها إىل عائلتيهما حىت اللحظة‪ .‬وقتل مدين آخر يوم األحد‬ ‫‪ ،2014/07/06‬من ريف محاة‪ ،‬دون معرفة هويته‪ ،‬يف أحد معتقالت‬ ‫النظام ابلعاصمة دمشق‪ ،‬فيما قتل مدين من بلدة مصياف يف ريف محاة‬ ‫الغريب‪ ،‬يوم الثالاثء ‪ ،2014/07/09‬حتت التعذيب يف معتقالت قوات‬ ‫النظام بدمشق‪ ،‬بعد عام من اعتقاله يف منطقة العمارة ابلعاصمة دمشق‪،‬‬ ‫من قبل عناصر يف املخابرات اجلوية‪ ،‬وقضى ثالثة مدنيني كذلك‪ ،‬أحدهم‬ ‫عسكري منشق من قرية احلمدانية الشرقية بريف محاة‪ ،‬واآلخران مدنيان‬ ‫من قرية العشارنة‪ ،‬يف فرع األمن العسكري (‪ )215‬بدمشق‪.‬‬

‫جنوابً يف درعا‪ ،‬قضى مدنيان حتت التعذيب يوم اخلميس ‪،2014/06/12‬‬ ‫يف معتقالت قوات النظام بدمشق‪ ،‬أحدمها من مدينة احلراك‪ ،‬واآلخر من‬ ‫مدينة احل��ارة‪ ،‬بينما قضى مخسة مدنيني وجنداين منشقان يوم اخلميس‬ ‫‪ ،2014/06/19‬م��ن مدينة داع���ل‪ ،‬حت��ت التعذيب يف معتقالت يف‬ ‫العاصمة دمشق‪ ،‬وقضى آخ��ر‪ ،‬من مدينة إزرع‪ ،‬يف معتقالت دمشق‪،‬‬ ‫يوم السبت ‪ ،2014/06/21‬تبعه مدين آخر من قرية قرفا‪ ،‬قضى يف‬ ‫فرع املخابرات اجلوية بدمشق أيضاً‪ ،‬يوم اإلثنني ‪ ،2014/06/23‬ليقتل‬ ‫مدين‪ ،‬من مدينة احلارة‪ ،‬يف معتقالت قوات النظام يف ‪.2014/06/29‬‬ ‫وعرب االئتالف الوطين عن «قلقه الشديد» إزاء مصري البقية الذين مت ويف ال��س��ي��اق ذات����ه‪ ،‬ق��ض��ى م��ل�ازم أول م��ن��ش��ق ع��ن ق����وات ال��ن��ظ��ام‪ ،‬حتت‬ ‫نقلهم‪ ،‬وطالب املنظمات الدولية ابلتحرك السريع للتأكد من سالمتهم‬ ‫بعد توثيق آالف املعتقلني الذين قضوا حتت التعذيب يف سجون النظام‪.‬‬ ‫وخبصوص قتلى التعذيب منذ نتائج «االنتخاابت» األخرية‪ ،‬ظهر توزع‬ ‫للقتلى يف معتقالت قوات النظام على خمتلف احملافظات السورية‪.‬‬ ‫يف إدل��ب‪ ،‬قتل ي��وم اإلثنني بتاريخ ‪ ،2014/06/09‬م��دين من مدينة‬ ‫تفتناز‪ ،‬يف سجون قوات النظام مبدينة إدلب‪ ،‬بعد شهرين على اعتقاله‪،‬‬ ‫فيما قضى آخر من بلدة أورم اجلوز‪ ،‬حتت التعذيب يف الفرع (‪)215‬‬ ‫مبدينة دمشق‪ .‬كذلك‪ ،‬قضى مدين من بلدة معرمششة حتت التعذيب‪،‬‬ ‫يف سجن صيداناي التابع لقوات النظام بريف دمشق‪ ،‬بعد اعتقال دام‬ ‫حنو عامني ونصف‪ ،‬وقتل مدنيان آخران‪ ،‬من مدينة جسر الشغور‪ ،‬يوم‬ ‫‪ 22‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬


‫التعذيب يف معتقالت األخ�ي�رة بدمشق‪ ،‬بعد‬ ‫اعتقال استمر سنتني ونصف‪ ،‬وذلك منتصف‬ ‫آاير‪ ،‬ومل تبلغ عائلته مبقتله حينها‪ ،‬كما مل تسلم‬ ‫جثته حىت اللحظة‪ ،‬وك��ان امل�لازم أول «خضر‬ ‫قاسم» حكم ابلسجن سبع سنوات يف حمكمة‬ ‫م���ي���دان���ي���ة ب����درع����ا ب���ت���اري���خ ‪،2014/07/02‬‬ ‫ليلتحق هب��م م��دين آخ��ر م��ن مدينة داع���ل يوم‬ ‫الثالاثء ‪ ،2014/07/08‬ج��راء التعذيب يف‬ ‫معتقالت دمشق‪.‬‬

‫فيما قضى ‪ 90‬آخرون‪ ،‬يف اشتباكات ابملدينة‬ ‫وال��ري��ف‪ ،‬يف ح�ين ت��راوح��ت األس��ب��اب األخ��رى‬ ‫بني قتل حتت التعذيب‪ ،‬أو موت جراء نقص‬ ‫امل����واد الطبية وال��غ��ذائ��ي��ة‪ ،‬أو اإلع���دام���ات‪ .‬إىل‬ ‫ذلك‪ ،‬قضى مدين من حي الفردوس يف املدينة‪،‬‬ ‫حتت التعذيب‪ ،‬يف فرع األمن العسكري مبدينة‬ ‫دم���ش���ق‪ ،‬ومل ت��س��ل��م ج��ث��ت��ه إىل ذوي������ه‪ ،‬ب��ت��اري��خ‬ ‫‪.2014/07/11‬‬

‫وغ������رابً يف ال�ل�اذق���ي���ة‪ ،‬ت����ويف ش��ق��ي��ق��ان م���ن حي‬ ‫السكنتوري ابملدينة‪ ،‬وآخ��ر م��ن ح��ي قنينص‪،‬‬ ‫يوم األربعاء ‪ ،2014/06/18‬حتت التعذيب‬ ‫يف سجن ص��ي��داناي ب��ري��ف دم��ش��ق‪ ،‬فيما مات‬ ‫آخ��ر م��ن ح��ي الصليبة مبدينة ال�لاذق��ي��ة‪ ،‬حتت‬ ‫ال���ت���ع���ذي���ب يف م��ع��ت��ق�لات ري�����ف دم����ش����ق‪ ،‬ي���وم‬ ‫اخلميس ‪ ،2014/06/24‬بعد اع��ت��ق��ال دام‬ ‫أكثر من عام‪ ،‬التحق به بعد يومني ثالثة أشقاء‬ ‫آخرين من قرية الزنقوفة بريف الالذقية‪ ،‬حتت‬ ‫التعذيب يف سجن صيداناي‪ ،‬وقضى آخر من‬ ‫حي الرمل اجلنويب مبدينة الالذقية‪ ،‬يف سجن‬ ‫ص���ي���داناي أي���ض���اً‪ ،‬ب��ع��د اع��ت��ق��ال دام سنتني‬ ‫ونصف‪.‬‬

‫ذك � � � ��رت إح � �ص� ��ائ � �ي� ��ة أص� � ��دره� � ��ا م ��رك ��ز‬ ‫«إح �ص��ائ �ي��ات ال� �ث ��ورة ال �س��وري��ة» ال�ت��اب��ع‬ ‫ملركز «دراسات اجلمهورية الدميقراطية»‪،‬‬ ‫أن ق��وات النظام تعتقل مواطناً كل أربع‬ ‫دقائق‪ ،‬فيما يقتل أربعة آخرون يومياً جراء‬ ‫التعذيب يف معتقالهتا‬

‫ومتابعة خبصوص القتلى السوريني‪ ،‬أحصى‬ ‫موقع شهداء حلب ‪ 522‬قتي ً‬ ‫ال يف حلب‬ ‫وحدها‪ ،‬خالل شهر حزيران املاضي‪ ،‬قضوا‬ ‫يف ظروف خمتلفة‪ ،‬مبعدل ‪ 18‬قتي ً‬ ‫ال كل يوم‪،‬‬ ‫وقتيل كل ‪ 80‬دقيقة‪ .‬وذك��رت اإلحصائية‬ ‫أن ‪ 420‬ش��خ��ص��اً ق��ت��ل��وا نتيجة ال��ق��ص��ف‪،‬‬

‫ش����رق����اً‪ ،‬يف دي�����رال�����زور‪ ،‬ق��ت��ل م����دين م���ن م��دي��ن��ة‬ ‫البوكمال‪ ،‬يوم السبت ‪ ،2014/06/21‬حتت‬

‫التعذيب يف سجن صيداناي بريف دمشق‪ ،‬تبعه‬ ‫مدين آخر‪ ،‬من بلدة البوعمر‪ ،‬حتت التعذيب‪،‬‬ ‫يف س��ج��ن ص���ي���داناي ب��ع��د اع���ت���ق���ال دام ث�لاث‬ ‫سنوات‪ ،‬فيما قتل مدنيان آخ��ران من البلدة‪،‬‬ ‫ي��وم اخلميس ‪ ،2014/06/26‬يف معتقالت‬ ‫ال���ع���اص���م���ة‪ ،‬وق���ت���ل آخ�������ران أي����ض����اً م����ن م��دي��ن��ة‬ ‫دي���ر ال�����زور‪ ،‬يف ذات امل��ع��ت��ق�لات ي���وم ال��ث�لااثء‬ ‫‪.2014/07/01‬‬ ‫أما يف العاصمة دمشق وريفها‪ ،‬فقتل مدين من‬ ‫مدينة قدسيا ب��ري��ف دم��ش��ق‪ ،‬حت��ت التعذيب‪،‬‬ ‫ي������وم اإلث�����ن��ي��ن ‪ ،2014/06/16‬يف أح���د‬ ‫م��ع��ت��ق�لات ال��ن��ظ��ام ب��دم��ش��ق‪ ،‬وآخ�����ر‪ ،‬ال��ث�لااثء‬ ‫‪ ،2014/06/17‬من قرية هريرة بريف دمشق‪،‬‬ ‫يف م��ع��ت��ق�لات ال��ع��اص��م��ة أي���ض���اً‪ ،‬تبعهما م��دين‬ ‫م��ن مدينة اهل��ام��ة‪ ،‬بعد اع��ت��ق��ال مل��دة أسبوعني‬ ‫عند حاجز «ض��وء القمر»‪ .‬ويف ي��وم األربعاء‬ ‫‪ ،2014/06/23‬قتل م��دين م��ن ح��ي القدم‬ ‫مب��دن��ي��ة دم��ش��ق‪ ،‬حت��ت ال��ت��ع��ذي��ب يف معتقالت‬ ‫النظام‪ ،‬وقتل آخر من مدينة الكسوة بعد ذلك‬ ‫بيومني‪ ،‬عقب اعتقال دام أكثر من عام‪.‬‬ ‫قضى بعدها مدنيان من مدينة الزبداين وحي‬ ‫ال��ع��س��ايل‪ ،‬ي��وم اإلث��ن�ين ‪،2014/07/01‬‬ ‫فيما قضى م��دين من خميم ال�يرم��وك‪ ،‬حتت‬ ‫التعذيب‪ ،‬يوم اخلميس ‪.2014/07/10‬‬ ‫كما قتل مدنيان آخران من احلسكة والرقة‪،‬‬ ‫نتيجة التعذيب يف فرع فلسطني ابلعاصمة‬ ‫دمشق‪ ،‬إضافة إىل مدين من قرية حوارين‬ ‫بريف محص‪ ،‬جراء التعذيب أيضاً‪.‬‬ ‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪23 2014‬‬


‫المرأة السورية في ظل الفقدان والخسارات الكبرى‬ ‫«بيقولوا احلب بيقتل الوقت»‬ ‫استيقظت ص��ب��اح��ات��ن��ا م�����راراً ع��ل��ى ص���وت ف�ي�روز ي���ردده���ا‪ ،‬ك��ان��ت ككل‬ ‫التفاصيل اليت نعيشها دون أن نفكر أبهنا قد تتحول إىل وسيلة دفاعية‬ ‫نلجأ إليها حنن النساء لتجنب الذوابن يف أتون االنتظار‪.‬‬ ‫اعتقل عمر الشعار وبقيت كلمات ماجدولني حسن تلهث ك��ل يوم‬ ‫إلي��ص��ال أك�بر جرعة ممكنة م��ن ال��وج��د ح�تى ي��وم خ��روج��ه‪ ،‬أم��ا الدكتور‬ ‫إمساعيل احلامض فما زالت زبيدة خربوطلي ترسل له التحية صباح مساء‪،‬‬ ‫لتشكل االثنتان ظاهرة على موقع التواصل االجتماعي ‪.facebook‬‬ ‫ح�تى خ��روج عمر الشعار م��ن اعتقاله بقيت ماجدولني حسن تكتب‬ ‫ع��ل��ى ص��ف��ح��ت��ه��ا رس���ال���ة ي��وم��ي��ة ل����ه‪ ،‬ت��ض��م��ن��ه��ا رق����م ال���ي���وم اجل���دي���د ال���ذي‬ ‫تسجله على روزانم���ة اعتقاله‪ ..‬صانعة م��ن حروفها متيمة‪« .‬إىل عمر‬ ‫ال��ش��ع��ار يف غ��ي��اب��ه اخل���ام���س ع��ش��ر ب��ع��د امل��ئ��ت�ين»‪ ،‬ك��ان��ت آخ���ر رس��ال��ة‪:‬‬ ‫«ك���ب���ق���ي���ة احل����ل����م ي����������راودين رج������ع ال�����س�����ؤال أم������ا آن هل������ذا ال�����ف�����ارس أن‬ ‫يرتجل؟؟!!!!!!!!!‬ ‫اي آخر األقمار ابرك شغفي ببحار الضوء‬ ‫اي أنبل شوق هل أصيد القمر؟!!‪.........‬‬ ‫احلرية لسوراي ولك ولكل املعتقلني يف سجون االستبداد»‪.‬‬ ‫تقول ماجدولني لسيدة سوراي إن عمر‪« :‬صحفي ومرتجم يكتب ابللغة‬ ‫االنكليزية‪ ،‬انشط مدين سلمي يرفض العنف بكافة أشكاله كما يرفض‬ ‫ال��س�لاح‪ ... ،‬اعتقل ب��ت��اري��خ ‪ 2013/11/11‬م��ن منزلنا ال��ك��ائ��ن يف‬ ‫جرماان على أي��دي جمموعة أمنية مع عناصر من الدفاع الوطين‪ ،‬عرفنا‬ ‫فيما بعد أهنم عناصر أمن ‪ ،......‬بعد اعتقاله مباشرة مت نقله إىل سجن‬ ‫الفرقة ال��راب��ع��ة مل��دة ع��ش��رة أايم‪ ،‬ت��ع��رض خ�لاهل��ا للمعاملة املهينة وامل��ذل��ة‬ ‫مبخالفة واضحة للقوانني احمللية والدولية وشرعة حقوق اإلنسان‪ .‬مث مت‬ ‫نقله بعد ذلك إىل الفرع ‪( 251‬أمن دولة) قضى فيه مدة ستني يوماً‪،‬‬ ‫لينقل بعدها إىل إدارة أمن الدولة ملدة مخس عشرة يوماً مث مت حتويله إىل‬ ‫سجن عدرا‪ .‬تعرض خالل فرتة اعتقاله لتعذيب شديد‪ ،‬وضعه الصحي‬ ‫ك��ان سيئاً ج��داً‪ ،‬فهو يعاين من نزيف معدي ح��اد يف ظل غياب أي‬ ‫عناية أو متابعة طبية‪ ،‬وقد مر أكثر من مخسة ومثانني يوماً وأان ال أعرف‬ ‫مكان اعتقاله‪ ،‬وأول خرب مسعته بعد اعتقاله كان بعد نقله إىل سجن‬ ‫عدرا‪ ،‬علمت عن أمكنة اعتقاله واملعاملة اليت تعرض هلا منه يف أول زايرة‬ ‫له إىل سجن عدرا»‪.‬‬

‫• ايمسني مرعي‬

‫على هيئة ن��داءات وتضرعات‪ ،‬وأحياانً مهساً متوجعاً‪ ..‬تعد أايم غياب‬ ‫«أب��و ح���ازم»‪ ،‬وتنشر على صفحتها قبل أايم (كما تكتب ك��ل ي��وم)‪:‬‬ ‫«اليوم ‪ 253‬ع غيابك ابو حازم ‪ ..‬يسعد صباحك صباح اخلري‬ ‫صباح الفل واليامسني صباح االمل والتفاؤل صباح االمان والسالم‬ ‫صباح الفرح والسعادة والضحكه يلي مابتفارقك صباح احل��ب الشوق‬ ‫واحلنني‬ ‫صباحك حرررررررية وحنن ابنتظارررررررك مهما طال غيابك»‬ ‫يتبعها يف يوم الحق‪« :‬حضورك وطن وغيابك منفى‬ ‫كوووووون خبري»‪.‬‬ ‫وت���روي لسيدة س���وراي‪ :‬أن «أب���و ح���ازم» أهن��ى عقد عمل يف السعودية‬ ‫مع هناية ‪ ٢٠١١‬وعاد ليشارك يف الثورة‪ ،‬فعل الكثري من أجل النازحني‬ ‫واحملتاجني‪ ،‬فتح عيادته يف سبيل اخلري وكان يقول يل‪« :‬الزم نشيل بعضنا‬ ‫هبيك ظروف»‪.‬‬ ‫وتضيف‪« :‬كنت قد قضيت ‪ 10‬أايم يف حلب أرتب أمور ابنتينا اللتني‬ ‫حصلتا على ال��ش��ه��ادة ال��ث��ان��وي��ة‪ ،‬إلمت���ام م��ا يتعلق ابلتسجيل يف اجلامعة‬ ‫وأتمني السكن‪ ،‬صباح ‪ ٢٠١٣ /١١/ ٢‬استيقظت مصابة آبالم غريبة‬ ‫وأصريت عى العودة إىل الرقة‪ ،‬ألصل وأجده خمتطفاً»‪.‬‬

‫خارج إطار املراهقة وغواية الكلمة كتبت ماجدولني وزبيدة للحبيب على‬ ‫املأل‪ ،‬يف خطوة قلما تفعلها الزوجات يف جمتمعنا احملكوم ابلتخفي والعيب‬ ‫وغ�يره من القيود‪ ،‬تقول زب��ي��دة‪« :‬أن أكتب عن أش��واق��ي وح�بي لشريك‬ ‫عمري فهذا حقي الشخصي‪ ،‬ولست معنية برد فعل احمليط الذي لطاملا‬ ‫متردت عليه»‪ ،‬مث إن «عالقة متميزة تربطين إبمساعيل‪ ،‬وهذا ما يشعرين‬ ‫بعدم القدرة على االستمرار بدونه‪ ،‬ويدفعين يف املقابل للتمسك ابألمل‬ ‫إىل أن يعود»‪.‬‬ ‫زبيدة اليت مازال زوجها خمتطفاً لدى داعش ما تزال يف الرقة «مع هؤالء‬ ‫الوحوش‪ ،‬أخشى أن أغادر البيت فيأخذوه‪ ،‬منذ اختطاف إمساعيل وأان‬ ‫حال زبيدة خربوطلي منذ اختطاف زوجها الدكتور إمساعيل احلامض أحبث عن مكان وجوده‪ ،‬مل أترك شيخ عشرية أو شخص له صلة بداعش‬ ‫على أيدي عناصر تنظيم «الدولة اإلسالمية يف العراق والشام» كحال إال وذهبت إليه طلباً للمساعدة‪ ،‬حىت إنين رحت إليهم بنفسي وأنكروا‬ ‫ماجدولني قبل ع��ودة عمر‪ ،‬ابللغة العامية جتسد ما يعتمل يف داخلها وج��وده‪ ،‬وم��ا زال��وا ينكرونه حىت اليوم‪ ،‬لكن تسريبات وصلتين من أحد‬ ‫‪ 24‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬


‫املختطفني احملررين أن «أبو حازم» يف سجوهنم‬ ‫وهو خبري‪ ،‬لكن حتديد مكانه يصعب يف ظل‬ ‫نقله بشكل دائم مع عدد من املختطفني أمثال‬ ‫األب ابولو‪ ،‬وفراس احلاج صاحل»‪.‬‬ ‫كلتامها واجهت املسؤول عن غياب زوجها‪ ،‬إال‬ ‫إن الظرف خيتلف بني النظام السوري وتنظيم‬ ‫الدولة‪ ،‬تقول ماجدولني‪« :‬ليس يف وسعنا أن‬ ‫ن��واج��ه ال��ن��ظ��ام ال��دي��ك��ت��ات��وري االس���ت���ب���دادي إال‬ ‫إبمياننا املطلق بعدالة قضيتنا‪ ،‬وابنتصار الثورة‬ ‫يف حتقيق مطالب الشعب ال��س��وري يف احلرية‬ ‫والكرامة والدميقراطية»‪.‬‬ ‫م��اج��دول�ين ال�ت�ي اع��ت��ق��ل��ت م��رت�ين وم��ن��ع��ت من‬ ‫السفر خلمس س��ن��وات‪ ،‬ومت شطبها م��ن نقابة‬ ‫احمل����ام��ي�ن ع���ل���ى خ��ل��ف��ي��ة م���واق���ف���ه���ا ال��س��ي��اس��ي��ة‪،‬‬ ‫ونشاطها يف ال��ش��أن ال��ع��ام‪ ،‬مل تستطع مراجعة‬ ‫اي فرع أمن للسؤال عن عمر‪ ،‬تقول‪« :‬ال أؤمن‬ ‫جب��دوى مراجعة اجل�لاد للسؤال ع��ن الضحية‪،‬‬ ‫سلطة ال أعرتف بشرعيتها كيف يل أن أراجعها‬ ‫وأطلب منها أي طلب؟ كان من غري املقبول‪،‬‬ ‫بل املرفوض‪ ،‬أن أراج��ع القتلة‪ ،‬لكن بعد نقل‬ ‫ع��م��ر إىل س��ج��ن ع����درا ص���ار م��ت��اح��اً يل زايرت���ه‬ ‫كل أسبوعي ملدة ساعة‪ ،‬تفصلنا طبقتان من‬ ‫شباك معدين‪ ،‬تفصل بينهما مسافة نصف مرت‪،‬‬ ‫ويفصلين عنه إضافة هلما مسافة مرت كامل أو‬ ‫أكثر»‪.‬‬ ‫أم����ام ال��ف��ق��د‪ ،‬االش���ت���ي���اق‪ ،‬وال��ش��ع��ور ابلضعف‬ ‫يف حل��ظ��ات ك���ث�ي�رة‪ ،‬ت��س��ت��م��د م��اج��دول�ين ال��ق��وة‬ ‫م��ن ح��روف��ه��ا‪ ،‬ت��ق��ول‪« :‬ال��ك��ت��اب��ة ل��ع��م��ر بشكل‬ ‫يومي كانت نوعاً من مقاومة اليأس والتأكيد‬ ‫على أحقيتنا يف العيش ال��ك��رمي‪ ،‬ك��ان��ت كنوع‬ ‫م��ن استمرار احل��ل��م‪ ،‬والتعبري بشكل علين عن‬ ‫مشاعري‪ ،‬منحين القوة لالستمرار‪ ،‬فقوة احللم‬ ‫واألم���ل ه��ي ال��وح��ي��دة ال��ق��ادرة على مساعدتنا‬ ‫للصمود يف وجه االستبداد»‪.‬‬

‫زب���ي���دة ت��ف��ت��ح م���ن ال���س���ط���ور ابابً ع��ل��ى احل���ي���اة‪:‬‬ ‫«ابل��ك��ت��اب��ة ال��ي��وم��ي��ة أت���ن���ف���س‪ ،‬أك���ت���ب ألجت����اوز‬ ‫وح���ديت‪ ،‬أان املقيمة يف ال��رق��ة بعيداً ع��ن األه��ل‬ ‫واألصدقاء‪ ،‬من انحية أخرى أكتب ألستمر يف‬ ‫تذكري الناس إبمساعيل‪ ،‬ومن انحية اثلثة أحدث‬ ‫نفسي وأان أك��ت��ب‪ ،‬أن أت��ب��اع��اً «للتنظيم» قد‬ ‫ي��ق��رؤون م��ا أك��ت��ب ف�يرق قلبهم‪ ،‬وأمت�ن�ى يف كل‬ ‫مرة لو أن «أبو حازم» يقرأ كلمايت‪ ،‬أعلم أهنا‬ ‫كانت ستعطيه الصرب والقوة ليصمد»‪.‬‬ ‫ت��ض��ي��ف م���اج���دول�ي�ن‪« :‬ال��ك��ت��اب��ة ال��ي��وم��ي��ة لعمر‬ ‫ول��غ�يره م��ن املعتقلني متنحين ق��وة االس��ت��م��رار يف‬ ‫احللم‪ ،‬واإلميان ابلنصر على الطغاة‪ ،‬وكان ذلك‬ ‫واض��ح��اً يف كل ما كتبته‪ ،‬عمر يقدر الكلمة‪،‬‬ ‫ويعرف حقيقة مشاعري جتاهه‪ ،‬ويعرف مواقفي‬ ‫السياسية‪ ،‬واعتقد لو قرأ ما أكتبه فلن يتفاجأ‪،‬‬ ‫أظن أن كلمايت كانت ستزيده تصميماً وإصراراً‬ ‫على الصمود‪ ،‬فقد قلت له كثرياً‪« :‬قف على‬ ‫انصية احللم وقاوم‪ ..‬لنا هذه األرض ولآلخرين‬ ‫اخلزي والعار»‪.‬‬ ‫وخي���ط���ر ب��ب��ال��ن��ا ال���ت���س���اؤل إذا م���ا ك����ان ال��ش��وق‬ ‫ه��و ال���ش���وق‪ ،‬س���واء يف ظ���روف ك��ال�تي يعيشها‬ ‫السوريون اليوم من اعتقال وخطف‪ ،‬أو خارج‬ ‫هذه الظروف‪ ،‬فتجيب ماجدولني‪« :‬حبنا كان‬ ‫ن��ت��اج ال��ث��ورة‪ ،‬ول���وال ال��ث��ورة رمب��ا مل نكن لنلتقي‪،‬‬ ‫مجعنا احلب وال شيء يفرقنا‪ ،‬حنن روح واحدة‬

‫اس��ت��وط��ن��ت ج��س��دي��ن‪ .‬غ��ي��اب ع��م��ر يف ظ��روف‬ ‫أخرى أو بقرار منه‪ ،‬ال ميكن أن أتصور حدوثه‪،‬‬ ‫فنحن مرتبطان بقوة‪ ،‬أما غيابه اآلن فهو تغييب‬ ‫قسري وسأبقى العاشقة اليت تنتظر أمجل شوق‬ ‫على شرفة املنزل‪ ،‬مهما كان سبب الغياب»‪.‬‬ ‫ام���رأاتن كزبيدة وماجدولني ال ميكن أن ختتزال‬ ‫ب��ع��اش��ق��ت�ين‪ ،‬وح�ي�ن ن��س��أل ع���ن ال��ن��ديّ��ة حب��ض��ور‬ ‫ك���ل ه���ذا ال��ف��ي��ض م���ن امل��ش��اع��ر ت��ق��ول زب��ي��دة‪:‬‬ ‫«أب���و ح���ازم (ريب حي��م��ي��ه) مل جيعلين أش��ع��ر ول��و‬ ‫مل��رة واح���دة أن�ني جم��رد ام����رأة‪ ،‬ابلعكس ق��رارات��ن��ا‬ ‫ومشاريعنا كلها مشرتكة‪ ،‬هذا الشيء يساعدين‬ ‫حالياً يف حمنيت‪ ،‬حني أفكر أنين كنت على قدر‬ ‫املسؤولية ومتكنت يف كل مرة من اختاذ أي قرار‪،‬‬ ‫واستطعت أن أمحي عائليت وبييت يف فرتة غيابه‬ ‫عن سوراي»‪.‬‬ ‫فيما ختتم م��اج��دول�ين ال��ق��ول أبن‪« :‬العالقات‬ ‫اإلنسانية بشكل عام أساسها الندية والتكافؤ‪،‬‬ ‫وه��ك��ذا ك��ان��ت عالقتنا‪ ،‬ن��� ّدان متكافآن‪ ،‬فقد‬ ‫ع��ش��ن��ا ق��ص��ة ح��ب ق��ب��ل ال�����زواج يف حت���� ٍّد واض��ح‬ ‫ل��ل��ط��ائ��ف��ي��ة‪ ،‬حن���ن م���ن ط��ائ��ف��ت�ين خم��ت��ل��ف��ت�ين وك���ان‬ ‫تتويج العالقة ابل��زواج نوعاً من اإلص��رار على‬ ‫مدنية ووحدة اجملتمع السوري‪ ،‬وعدم طائفيته‪.‬‬ ‫عالقيت بعمر كانت من��وذج��اً لكل رفاقنا‪ ،‬فقد‬ ‫كنا حمسودين بسبب عمق مشاعران جتاه بعضنا‬ ‫البعض‪ ،‬وقدرتنا على التعبري عن هذه املشاعر‬ ‫على املأل»‪.‬‬ ‫يبقى ال��غ��ي��اب وج���ع ال��ك��ث�يرات م��ن ال��س��ورايت‬ ‫ال��ص��ام��ت��ات‪ ،‬ال���ل���وايت ال جي���دن م��ت��س��ع��اً ل��ل��ب��وح‪،‬‬ ‫حيفظن تقلبات ل��ون السماء‪ ،‬ويتقن متييزه إىل‬ ‫أن خيتلط كل ما حوهلن‪ ،‬وتنعدم ال��ف��روق بني‬ ‫ص��ب��اح وم��س��اء‪ ،‬ابن��ت��ظ��ار ي��د ت��ط��رق ال��ب��اب‪ ،‬أو‬ ‫شاهدة قرب قد يصلن إىل مكاهنا يوماً‪.‬‬ ‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪25 2014‬‬


‫انتفاضة المليار‪:‬‬ ‫حملة عام ‪ 2014‬إلنهاء العنف ضد المرأة‬ ‫ك��ان ه��ن��اك ال��ع��دي��د م��ن االن��ت��ص��ارات‪ ،‬لكن‬ ‫العنف مستمر‪ .‬رفض حماسبة اجلناة هو وابء‬ ‫ع��امل��ي‪ ،‬ويف ه��ذا ال��ع��ام‪ ،‬سرتكز احلملة على‬ ‫العدالة‪.‬‬ ‫مل���دة س��ت��ة ع��ش��ر ع��ام��اً‪ ،‬قضيت معظم وق�تي‬ ‫يف التفكري ابلعنف ض��د النساء والفتيات‪.‬‬ ‫س��اف��رت ألك��ث��ر م��ن ‪ 70‬دول����ة‪ ،‬واستمعت‬ ‫لقصص النساء يف أوق��ات احل��رب‪ ،‬ويف كل‬ ‫ي���وم م���ن ح��ي��اهت��م‪ .‬ل��ق��د ج��ل��س��ت يف ال��ظ�لام‬ ‫جب�لال أابد أبفغانستان‪ ،‬بينما تريين النساء‪،‬‬ ‫على ض��وء مصباح ي���دوي‪ ،‬آاثر جلد عناصر‬ ‫ط���ال���ب���ان هل����ن ع���ل���ى ك���واح���ل���ه���ن‪ .‬ج���ل���س���ت يف‬ ‫ملجأ للمتشردين مبدينة ن��ي��وي��ورك حيث أرت�ني‬ ‫شابة ح��روق السجائر على جسدها‪ ،‬بعد أن‬ ‫ك��ان��ت حم��ت��ج��زة م��ن ق��ب��ل رج���ل مل���دة سنتني يف‬ ‫نفق للمرتو‪ ،‬ويف مطعم يف ابكستان‪ ،‬جلست‬ ‫م��ع ام���رأة أذي���ب وجهها ابألس��ي��د‪ ،‬ويف مقهى‬ ‫رٍ‬ ‫اق يف منهاتن كان هناك شابة ختربين كيف مت‬ ‫ختديرها واغتصاهبا من قبل أع��ز أصدقائها يف‬ ‫ف�ترة وج��وده��ا بكلية «إيفي ليج»‪ ،‬قضيت يف‬ ‫الكونغو سبع سنوات أستمع لقصة بعد قصة‬ ‫عن أكثر االنتهاكات غري اإلنسانية والبشعة‪،‬‬ ‫ال��واق��ع��ة ع��ل��ى أج���س���اد ال��ن��س��اء خ�ل�ال «ح���رب‬ ‫املعادن»‪.‬‬ ‫العنف ض��د النساء وابء‪ .‬رمب��ا يظهر أبشكال‬

‫خم��ت��ل��ف��ة م���ن ث��ق��اف��ة إىل أخ�����رى‪ ،‬خ��ت��ان اإلانث‬ ‫يف مكان‪ ،‬وحجب اإلن�ترن��ت يف مكان آخر‪،‬‬ ‫االغ���ت���ص���اب اجل��م��اع��ي ه��ن��ا‪ ،‬واحل�����رق ابألس��ي��د‬ ‫هناك‪ ،‬لكن أعتقد أهنا القضية األم يف عصران‪.‬‬ ‫ق���د ال ي���ك���ون ه���ن���اك أي ش����يء آخ����ر تسبب‬ ‫يف م��ع��اانة أك��ث��ر م��ن مليار ش��خ��ص‪( ،‬ف��األم��م‬ ‫امل��ت��ح��دة وم��ن��ظ��م��ة ال��ص��ح��ة ال��ع��امل��ي��ة ت���ق���دران أن‬ ‫ام���رأة م��ن ب�ين ث�لاث ن��س��اء يف ال��ع��امل اغتصبت‬ ‫و‪/‬أو ض��رب��ت يف م��رح��ل��ة م��ا م��ن ح��ي��اهت��ا)‪ ،‬ل��ذا‬ ‫ف��إن ط��اق��ات ال��ع��امل وامل��ص��ادر واالن��ت��ب��اه سترتكز‬ ‫ع��ل��ى ه���ذا‪ .‬ل��ك��ن ألهن���ا ض��د ال��ن��س��اء والفتيات‬ ‫فإن قسماً كبرياً من كفاحنا يتغلب على ما هو‬ ‫راسخ ومتوقع ومتطبع‪.‬‬ ‫لقد أسسنا يوم العنف ضد املرأة (‪)V-Day‬‬ ‫حركة عاملية إليقاف هذا العنف‪ ،‬منذ ستة عشر‬ ‫عاماً‪ ،‬وكان لدينا العديد من االنتصارات‪ ،‬لكننا‬

‫• ترمجة‪ :‬مراد عيد‬ ‫فريق ترمجة سيدة سوراي‬ ‫مل نتمكن بعد من إهناء العنف‪.‬‬ ‫يف ‪ /14‬ش��ب��اط‪ 2013 /‬ان��ت��ف��ض امل�لاي�ين‬ ‫م����ن ال����ن����اس ورق�����ص�����وا يف ‪ 207‬دول م��ع‬ ‫محلتنا (انتفاضة امل��ل��ي��ار)‪ .‬تبني أن الرقص‪،‬‬ ‫ك���م���ا ع��ل��م��ت�ني ام��������رأة م����ن ال���ك���ون���غ���و‪ ،‬ه��و‬ ‫الطاقة األك��ث��ر حت���رراً وحت���والً وش��راس��ة‪ .‬مسعنا‬ ‫م��ن ن��س��اء م��ن ع��دة ب�لاد أن محلة انتفاضة‬ ‫املليار‪ ،‬أاتح��ت الرتويج العام حلقوق امل��رأة‪،‬‬ ‫يف حني مل يكن التفكري به ممكناً من قبل‪.‬‬ ‫يف م��ق��ادي��ش��و ابل���ص���وم���ال‪ ،‬ت��ق��ول «ف���ارت���وون‬ ‫عدن» أن التوعية اليت أاثرهتا احلملة ركزت على‬ ‫عدد النساء والصحفيات‪ ،‬اللوايت مت سجنهن‬ ‫ل��ت��ج��رئ��ه��ن ع���ل���ى ت���ق���دمي ت���ق���اري���ر ابالغ���ت���ص���اب‬ ‫للسلطات‪ .‬يف اململكة املتحدة‪ ،‬تقول النائبة‬ ‫«س��ت��ي�لا ك���ري���س���ي»‪« :‬مح���ل���ة ان��ت��ف��اض��ة امل��ل��ي��ار‬ ‫ساعدتنا يف وض��ع مواجهة العنف ضد امل��رأة‪،‬‬ ‫ع��ل��ى ج���دول األع��م��ال ال��س��ي��اس��ي ال�بري��ط��اين»‪.‬‬ ‫يف حني‪ ،‬أتمتن الناشطة «ابت ريوس» احلملة‬ ‫يف ال�����والايت امل��ت��ح��دة األم��ري��ك��ي��ة ل��دع��م ومت��ري��ر‬ ‫إع����ادة ق��ان��ون ع���ام ‪ 2013‬ال���ذي وس���ع محاية‬ ‫ضحااي العنف املنزيل واالعتداء اجلنسي‪ .‬تقول‪:‬‬ ‫«إن محلة انتفاضة املليار‪ ،‬مل تستمر مدة ‪24‬‬ ‫ساعة‪ ،‬حيث الناس املشغولون توقفوا لدقائق‬ ‫م��ع��دودة ع��ن العمل لالنتفاض وال��رق��ص»‪ .‬يف‬ ‫غواتيماال‪« ،‬مارشا لوبيز»‪ ،‬وهي جزء من حركة‬ ‫ي��وم العنف ض��د امل���رأة (‪ )V-Day‬منذ عام‬ ‫‪ ،2001‬تقول إن أه��م نتيجة حلملة انتفاضة‬ ‫املليار‪ ،‬هي استصدار قانون لتجرمي اجلناة الذي‬ ‫جي��ع��ل��ون م��ن ال��ف��ت��ي��ات دون س��ن ‪ 14‬حيملن‪.‬‬ ‫ويتضمن ال��ق��ان��ون أي��ض��اً ع��ق��وابت على ال���زواج‬ ‫القسري للفتيات دون سن ‪.18‬‬ ‫ونعمق احلملة ابنتفاض‬ ‫هذا العام حنن نص ّعد ّ‬ ‫م��ل��ي��ار م��ن أج���ل ال��ع��دال��ة‪ ،‬ف��ال��ع��دال��ة ه��ي ح��ول‬ ‫استعادة أولوية االتصال‪ ،‬حىت نفهم أن العنف‬ ‫ضد امل��رأة ليس مشكلة شخصية‪ ،‬بل مشكلة‬

‫‪ 26‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬


‫متصلة مب��ظ��امل ج��ه��ازي��ة أخ���رى‪ ،‬س���واء كانت‬ ‫أبوية أم اقتصادية أم عرقية أم بيئية أم حسب‬ ‫اجل��ن��س‪ .‬عملنا ه���ذا ال��ع��ام ه��و ل��ن��س��ج ه��ذه‬ ‫القصة األكرب‪ ،‬منذ ‪ 8‬كانون الثاين ‪،2014‬‬ ‫ت��ن��ظ��م ال��ع��دي��د م���ن امل����دن مب���ا ف��ي��ه��ا ن��ي��وي��ورك‬ ‫وسانتا فيه ووميامي ومومباي ومانيال ولندن‪،‬‬ ‫منتدايت امسها «دولة عدالة األنثى»‪ ،‬حيث‬ ‫يتكلم ق���ادة جم��م��وع��ات ال��ن��اش��ط�ين واحمل��ام�ين‬ ‫وامل��ف��ك��ري��ن وال���ن���اج�ي�ن ع���ن ق��ص��ص م��ت��ع��ددة‬ ‫املستوايت وأكثر مشولية‪ .‬ظهرت الكثري من‬ ‫األس��ئ��ل��ة‪ .‬ك��ي��ف خن��ل��ق ال��ع��دال��ة بينما ال��دول��ة‬ ‫مشلولة أو تقف ضدان؟ كيف تبدو العدالة؟‬ ‫كيف ميكننا معاجلة األسباب اجلذرية للعنف؟‬ ‫كيف نوحد نضالنا؟ كيف ميكننا التمييز بني‬ ‫العدالة واالنتقام؟‬ ‫ال��ع��دال��ة ص��وهت��ا م����د ٍّو ع�بر ك��اف��ة أن����واع احل���دود‪،‬‬ ‫بسبب رفض تقدمي مرتكيب العنف للمحاسبة‬ ‫وه����و وابء ع���امل���ي‪ ،‬غ��ال��ب��اً م���ا ت���ك���ون ال��ص��دم��ة‬ ‫مساوية أو أس��وأ من فعل العنف نفسه‪ .‬عدة‬

‫مناطق ختطط ملناسبات‪ ،‬حيث تتقدم النساء‬ ‫ل���رواي���ة قصصهن م��ع ال��ظ��ل��م‪ .‬ال��ن��س��اء يف اهلند‬ ‫ختطط إلجي���اد هيئات قضائية خ���ارج احمل��اك��م‪،‬‬ ‫لكسر الصمت واملطالبة ابحملاسبة‪ .‬يف اململكة‬ ‫امل��ت��ح��دة ه��ن��اك ان��ت��ف��اض��ة خ����ارج «ايرل�����ز وود»‬ ‫(مركز احتجاز الالجئني) حيث حتتجز النساء‬ ‫ألشهر بدالً من احلصول على اللجوء والرعاية‬ ‫ب���ع���د اهل������رب م����ن ال���ب���ل���دان ال��ت��ي مت اغ��ت��ص��اهب��ن‬ ‫وت��ع��ذي��ب��ه��ن وهت��دي��ده��ن ف��ي��ه��ا‪ .‬ك���ل اجمل��م��وع��ات‬ ‫األع��ض��اء يف التحالف ال��ع��امل��ي ل��ل��م��رأة‪ ،‬جبميع‬ ‫أحن���اء ال��ع��امل يف اجل��ن��وب س���وف تنتفض‪ ،‬ليس‬ ‫ف��ق��ط ض���د امل��ؤس��س��ات ب���ل ض���د ال��ن��ظ��ام برمته‬ ‫الذي يبقي النساء ابئسات‪ .‬النساء السورايت‬ ‫ينتفضن م��ن اخل��ط��وط األوىل للحرب‪ .‬العديد‬ ‫م��ن السجينات وال��س��ج��ي��ن��ات س��اب��ق��اً تنتفضن‬

‫ضد استمرار سجن الناس السود وامللونني‪.‬‬ ‫إهنن ينتفضن ألن معظم النساء السجينات‬ ‫لديهن اتريخ‪ ،‬كضحااي عنف قادهن بطريقة‬ ‫م��ب��اش��رة أو غ�ير م��ب��اش��رة للسجن‪ .‬السكان‬ ‫األصليني ونساء الشعوب البدائية ينتفضن‬ ‫يف مجيع أحن��اء ال��ع��امل‪ ،‬إلب��ط��ال ال��ق��وان�ين اليت‬ ‫تسمح للمؤسسات بسرقة وتطوير وتلويث‬ ‫أراضيهم‪ ،‬وألن معدل العنف ضدهن غالباً‬ ‫م��ا يكون م��ن ث�لاث إىل عشر م��رات أعلى‬ ‫م��ن السكان غ�ير األصليني‪ .‬هناك اآلالف‬ ‫من الرجال ينتفضون إلعادة صياغة مفاهيم‬ ‫الذكورة والرجولة‪ .‬طالب اجلامعات يشاركون‬ ‫يف ان���ت���ف���اض���ة اجل����ام����ع����ات‪ ،‬م��ط��ال��ب�ين ابألم�����ان‬ ‫وامل��س��اءل��ة يف اجل��ام��ع��ات‪ ،‬ح��ي��ث مت االع��ت��داء‬ ‫جنسياً ع��ل��ى أك��ث��ر م��ن ث�لاث��ة آالف ام����رأة يف‬ ‫الوالايت املتحدة وحدها خالل عام واحد‪ .‬هذا‬ ‫ليس إال م��ق��داراً ضئي ً‬ ‫ال من آالف اإلج���راءات‬ ‫اليت يتم التخطيط هلا‪ ،‬استعداداً لـ ‪ 14‬شباط‬ ‫‪ ،2014‬وس��ن��ن��ت��ف��ض خ�����ارج ق���اع���ات احمل��اك��م‬ ‫ومقرات املؤسسات والكنائس ومقرات العمل‪.‬‬ ‫وه�����ذا ال���ع���ام س��ن��ذه��ب إىل أب���ع���د م���ن ذل���ك‪،‬‬ ‫س��ن��ن��ط��ل��ق ون���رق���ص وخن���اط���ر حب��ي��ات��ن��ا‪ ،‬لتحقيق‬ ‫م���ط���ال���ب ورؤى حم������ددة ال مي���ك���ن إن���ك���اره���ا‪،‬‬ ‫م�����ن خ���ل��ال أع�����������دادان وت���ض���ام���ن���ن���ا وط���اق���ت���ن���ا‪.‬‬ ‫انتفض معنا‪.‬‬

‫‪http://www.theguardian.com/society/womens-blog/2013/dec/09/one-billion-rising-2014-campaign-end-violence-against-women-justice‬‬

‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪27 2014‬‬


‫المرأة واالقتصاد‪ :‬تحديات المساواة بين الجنسين‬ ‫‪/‬الجزء األول‬ ‫ع��ل��ى ال��رغ��م م��ن اجل��ه��ود ال��ك��ث�يرة امل��ب��ذول��ة لصاحل‬ ‫موضوع املساواة بني الرجل واملرأة‪ ،‬إالّ أن أي بلد‬ ‫يف العامل مل يتمكن بعد من القضاء على ظاهرة‬ ‫التمييز والعنف امل��م��ارس ض��د النساء‪ .‬وال ت��زال‬ ‫امل��رأة اليوم تشكل أحد أهم ضحااي التشريعات‬ ‫وال��ع��ادات والتقاليد ال�تي ال متنحها امل��س��اواة مع‬ ‫الرجل وال إمكانية احلصول على نفس اخلدمات‬ ‫واحلقوق والفرص‪ ،‬سواء كان ذلك على مستوى‬ ‫احلقوق املدنية أو احلقوق االقتصادية والسياسية‪.‬‬ ‫أما العنف املنزيل (االعتداء واالغتصاب‪ ،‬سفاح‬ ‫القرىب وال���زواج املبكر والقسري‪ ،‬اخل‪ ).‬فإنه ميتد‬ ‫ليشمل نطاقاً أوس��ع خاص ًة يف ح��االت الصراع‬ ‫واحل�����رب‪ ،‬ح��ي��ث تصبح امل����رأة ع��رض�� ًة للعمل يف‬ ‫ال���دع���ارة وع���رض��� ًة ل��ل��ت��ش��وي��ه اجل��س��دي وال��ن��ف��س��ي‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من املكانة املركزية اليت حتتلها يف إطار‬ ‫األسرة واجملتمع‪ ،‬فإن املرأة ال تزال يف الكثري من‬ ‫اجملتمعات تعتمد على زوجها ويف معظم األحيان‬ ‫ت��ك��ون م��ن��ق��اد ًة ل��ه وخت��ض��ع ل��ق��رارات��ه خ��اص�� ًة فيما‬ ‫يتعلق بواجباهتا وحقوقها املنزلية‪ .‬إن االستمرار‬ ‫يف العنف والقمع وعدم املساواة يساهم يف تعزيز‬ ‫ال��ت��م��ي��ي��ز ض���د ال��ن��س��اء‪ ،‬وه����ذا ال��ت��م��ي��ي��ز ه���و ال���ذي‬

‫‪ 28‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬

‫ي��ت��س��ب��ب ب��ل��ج��وء امل�����رأة ل�لاع��ت��م��اد ع��ل��ى ال���رج���ل‪،‬‬ ‫وحتديداً من الناحية االقتصادية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يصبح‬ ‫موضوع متكني املرأة اقتصادايً واحداً من القضااي‬ ‫الرئيسية اليت ال غىن عنها وشرطاً من شروط حترر‬ ‫املرأة وحصوهلا على حقوقها ابلكامل‪.‬‬ ‫لقد أاثر «اكتشاف» الدور االقتصادي للمرأة‪،‬‬ ‫وال سيما يف اجل��ن��وب‪ ،‬وال���ذي ت��راف��ق م��ع اآلاثر‬ ‫املدمرة اجتماعياً النامجة عن سياسات التصحيح‬ ‫يف اهل��ي��ك��ل��ي��ات‪ ،‬ان��ت��ب��اه امل��ن��ظ��م��ات غ�ير احلكومية‬ ‫واملؤسسات واملنظمات الدولية وفتح أعينها على‬ ‫النساء‪ ،‬املتواجدات أوالً يف قلب «األنشطة املدرة‬ ‫للدخل» واثنياً يف برامج «روح املبادرة»‪ .‬نالحظ‬ ‫يف اآلون����ة األخ��ي��رة‪ ،‬ح��ص��ول ت��غ��ي�ير يف أول����وايت‬ ‫ال�برام��ج‪ ،‬آخ��ذي��ن بعني االع��ت��ب��ار مكانة امل���رأة يف‬ ‫االقتصاد املعومل وتقسيماته اجلديدة القائمة على‬ ‫سياسة التمييز بني اجلنسني (العامالت يف مناطق‬ ‫جتهيز الصادرات واملهاجرات الاليت تلعنب أدواراً‬ ‫رئيسية يف ما ميكن تصنيفه بـــ «اقتصاد الرعاية»‪،‬‬ ‫وإىل ما هنالك)‪ .‬وصول املرأة إىل املوارد الالزمة‬ ‫اليت متكنها من تطوير وتعزيز قدراهتا االقتصادية‬ ‫ي��ن��درج م��ن ال��ي��وم ف��ص��اع��داً يف س��ي��اق ال��ره��اانت‬

‫• إعداد روزي وسرتفيلد‬ ‫ترمجة‪ :‬د‪.‬إنعام شرف‬

‫ال��دول��ي��ة املنتشرة إع�لام��ي��اً وع��ل��ى رأس��ه��ا ره��اانت‬ ‫البنك الدويل‪ ،‬وإىل حد ما األمم املتحدة وخمتلف‬ ‫وك���االهت���ا‪ ،‬وب��راجم��ه��ا اهل���ادف���ة إىل م��ك��اف��ح��ة الفقر‬ ‫وتفاقمه بني النساء‪ .‬وق��د أثبتت ال��دراس��ات أن‬ ‫التحدي ابلفعل موجود‪ ،‬إبمكان املرأة أن تلعب‬ ‫دوراً ف ّعاالً يف تقدم االقتصاد الوطين ويف مشاريع‬ ‫التنمية املستدامة‪.‬‬ ‫يف السنوات األخرية‪ ،‬أصبح الوضع أكثر تعقيداً‪،‬‬ ‫ففي بعض البلدان أضحى من املستحيل شراء‬ ‫أي شيء لألكل‪ ،‬وذلك بسبب ارتفاع األسعار‬ ‫��اض كبري يف األج���ور‪ ،‬كما أن‬ ‫ال��ذي يقابله اخن��ف ٌ‬ ‫تفاقم اجلوع وتضائل خمزون املواد الغذائية إىل حد‬ ‫كبري‪ ،‬أدى إىل انتشار أعمال الشغب يف مجيع‬ ‫أحناء العامل عام ‪.2008‬‬ ‫وعليه فقد أصبح من الضروري جداً اليوم استثمار‬ ‫األنشطة اليت تقوم هبا املرأة وجعلها أكثر إنتاجية‪،‬‬ ‫ال ب��ل جي��ب تعزيز دور امل���رأة م��ن خ�لال ادم��اج‬ ‫النساء يف االقتصاد الرمسي للبالد‪ ،‬على اعتبار‬ ‫أن األنشطة اليت تقوم هبا املرأة غالباً ما تندرج يف‬ ‫إطار معيشة األسرة‪ .‬وهناك العديد من املبادرات‬ ‫اآلن قيد التنفيذ‪ :‬التجمعات النسائية‪ ،‬املؤسسات‬


‫الصغرية ومشاريع التدريب والتطوير‪ ،‬وإىل ما‬ ‫هنالك من م��ب��ادرات تسعى لتعزيز ومتكني‬ ‫املرأة يف الدولة واالقتصاد‪ .‬كما أن التحوالت‬ ‫اليت جتري «على أرض الواقع» واليت أصبحت‬ ‫يف العديد من احلاالت ملموسة‪ ،‬ويف حاالت‬ ‫أخرى وكثرية غري مشروعة‪ ،‬تعود يف أصوهلا إىل‬ ‫تطورات اجتماعية وسياسية وثقافية هتدف‬ ‫إىل منح املرأة املزيد من احلرية واالستقاللية‪.‬‬ ‫واملشاريع اليت يتم حتقيقها ترتك أثراً كبرياً على‬ ‫أمن��اط احلياة والتنظيم اجملتمعي‪ .‬ولذلك فإنه‬ ‫م��ن ال��ض��روري أن تقوم ال�برام��ج والسياسات‬ ‫الداعمة لألنشطة النسائية االقتصادية بوضع‬ ‫املرأة يف مراكز صنع القرار‪ ،‬آخذ ًة بعني االعتبار‬ ‫خربهتا وطموحها يف سياقات حيث الثقافة والدين‬ ‫والتقاليد‪ ،‬اليت ختتلف وتتنوع جداً من منطقة إىل‬ ‫أخرى‪ ،‬تقدم فرصاً وعقبات تقف يف وجه تطورها‬ ‫االقتصادي‪ .‬إن إعطاء قيمة لعمل امل��رأة‪ ،‬سواء‬ ‫أي‬ ‫األع��م��ال املنزلية‪ ،‬أو األع��م��ال األس��ري��ة‪ ،‬أو ٌ‬ ‫من األنشطة األخرى اليت تضطلع هبا‪ ،‬يعد أمراً‬ ‫ابلغ األمهية ابلنسبة هلا ويساعد يف احلصول على‬ ‫اعرتاف كامل بدورها االقتصادي واملعيشي‪ .‬من‬ ‫خالل مبادرات خالقة‪ ،‬عاطفية وتشاركية‪ ،‬ميكننا‬ ‫رسم عالقات اجتماعية جديدة‪ ،‬وملكية فردية‬ ‫ومجاعية للسياسة‪ ،‬وتنمية ال��ف��رص ال�تي تناسب‬ ‫الواقع احمللي واالقليمي الذي يقف بشكل يومي‬ ‫يف مواجهة هذه «اجلهات الفاعلة يف التنمية»‪.‬‬ ‫وضع النساء املعقد اليوم‪ :‬الكثري من العمل‪،‬‬ ‫القليل من احلقوق‬ ‫على ال��رغ��م م��ن مبدأ امل��س��اواة ب�ين ال��رج��ل وامل��رأة‬ ‫الذي ينص عليه القانون الدويل‪ ،‬وعلى الرغم من‬ ‫العديد من املواهب واإلجنازات اليت قدمتها املرأة‬ ‫يف املاضي وحتسب هلا يف خمتلف جماالت النشاط‬

‫اإلن��س��اين‪ ،‬وعلى الرغم أيضاً من مسامهاهتا اليت‬ ‫ال تقدر بثمن داخ��ل األس��رة واجملتمع‪ ،‬فإن املرأة‬ ‫اليوم ال تزال يف الكثري من املناطق تعاين من قلة‬ ‫التشجيع لتطوير قدراهتا وتوظيف هذه القدرات‬ ‫ابلطريقة نفسها ال�تي يتمتع هبا الرجل‪ .‬كما أهنا‬ ‫ال تنال حقها كالرجل يف احلياة العامة والثقافية‬ ‫واالقتصادية والسياسية والقانونية واالجتماعية‪،‬‬ ‫ويف ك��ث�ير م��ن األح��ي��ان ي��ت��م منعها م��ن احل��ص��ول‬ ‫على التعليم‪ ،‬والصحة‪ ،‬وفرص العمل‪ ،‬واحلقوق‬ ‫املدنية والتمثيل السياسي‪ .‬أما على صعيد احلياة‬ ‫اخلاصة‪ ،‬فإن أمناط التعليم التقليدي‪ ،‬واألحكام‬ ‫ال��ت��م��ي��ي��زي��ة ال������واردة يف ق���ان���ون األس�����رة ت��س��اه��م يف‬ ‫استمرارية عدم املساواة والتبعية‪.‬‬ ‫التقسيم «التقليدي» للعمل يقود حنو مهام‬ ‫ذكورية ومهام أنثوية‬ ‫يف اجملتمعات الذكورية حيث تسود الثقافة األبوية‪،‬‬ ‫دور وموقع املرأة حمكوم منذ مرحلة الطفولة بسيادة‬ ‫الرجل عليها‪ .‬حيث تبدأ الفتاة منذ سن مبكرة‬ ‫مب��س��اع��دة األم وحت���ص���ل ع��ل��ى خ���دم���ات صحية‬ ‫وتعليم أقل بكثري من الفتيان‪ ،‬فنسبة الفتيات غري‬ ‫املتعلمات تصل أحياانً إىل ‪ %55‬مقارن ًة ابلفتيان‪.‬‬

‫ويف غالبية األحيان‪ ،‬ال ترى العائلة أي فائدة‬ ‫يف تعليم الفتاة ط��امل��ا أن فرصتها يف احلصول‬ ‫على عمل ضئيلة‪ ،‬بينما تستثمر أكثر يف تعليم‬ ‫األوالد‪ ،‬ألن ذلك ابلنسبة للعائلة ميثل مصدراً‬ ‫أك���ث���ر رحب���ي���ة ع��ل��ى امل�����دى ال��ق��ص�ير وامل��ت��وس��ط‪.‬‬ ‫ابإلضافة إىل أن تعليم الفتاة على املدى الطويل‬ ‫ي��ؤدي إىل استقالليتها الح��ق��اً‪ ،‬وه��ذا يتعارض‬ ‫كلياً مع الوضع االجتماعي التقليدي‪.‬‬ ‫يف غ��رب ووس��ط أفريقيا‪ ،‬لوحظ أن معدالت‬ ‫ال��رس��وب وال��ت��س��رب م��ن امل����دارس مرتفعة ج��داً‬ ‫ل����دى ال��ف��ت��ي��ات ع��ل��ى وج����ه اخل���ص���وص‪ ،‬ميكن‬ ‫تفسري ه��ذه النسبة املرتفعة من خ�لال العوامل‬ ‫اجل��غ��راف��ي��ة واإلق��ل��ي��م��ي��ة‪ :‬اجل��ف��اف ون��ق��ص ال��غ��ذاء‪،‬‬ ‫ال���ص���راع امل��س��ل��ح وال��ف��ق��ر‪ ،‬ع���دم تسجيل امل��وال��ي��د‬ ‫وال���ط���رد م��ن امل���درس���ة وع��م��ال��ة األط���ف���ال وف�ي�روس‬ ‫نقص املناعة البشرية (اإليدز)‪ ،‬وهذه كلها عوامل‬ ‫تساهم يف اخنفاض مستوى االلتحاق ابلدراسة‪.‬‬ ‫منذ نعومة أظفارهن‪ ،‬تتوجه الفتيات إىل األنشطة‬ ‫املنزلية واألس��ري��ة‪ ،‬فهي مسؤولة عن إدارة املنزل‬ ‫(حتضري وجبات الطعام‪ ،‬التدبري املنزيل‪ ،‬التسوق‪،‬‬ ‫جلب املياه واحملاصيل وإمدادات اخلشب‪ ،‬اخل‪).‬‬ ‫وااله��ت��م��ام ابل��ع��ائ��ل��ة (رع���اي���ة األط���ف���ال‪ ،‬واآلابء‪،‬‬ ‫وال��رع��اي��ة ال��ص��ح��ي��ة‪ ،‬اخل)‪ .‬تعليم ال��ف��ت��اة ابلنسبة‬ ‫لألسرة مشروع غري رحب��ي وفرصة احلصول على‬ ‫عمل غري مضمونة‪ ،‬وه��ذه املسؤوليات املسندة‬ ‫للفتيات ومن مث للنساء ال متثل ابلنسبة للعائلة أية‬ ‫قيمة إنتاجية‪،‬مما يساهم وبشكل رئيسي يف دعم‬ ‫الرجل يف أنشطته املدرة للدخل له وألسرته‪ .‬هذا‬ ‫التقسيم يف األدوار الذي يبدأ من مرحلة الطفولة‬ ‫ي�ترك أث���راً سلبياً على ال��ن��س��اء وع��ل��ى مرونتها يف‬ ‫مرحلة البلوغ‪ ،‬وي��ؤدي إىل احلد من روح املبادرة‬ ‫لديها ومن حريتها واستقالليتها‪.‬‬ ‫عندما يتم جتريد املرأة من احلقوق األساسية اليت‬ ‫يتمتع هبا الرجل‪ ،‬جتد نفسها يف «حلقة مفرغة»‬ ‫وال خ��ي��ار أم��ام��ه��ا إالّ االع��ت��م��اد ع��ل��ى ال����زوج أو‬ ‫األب‪ ،‬مادايً واجتماعياً‪ .‬يف الكثري من املناطق يف‬ ‫العامل‪ ،‬جتد املرأة نفسها يف وضع غري آمن‪ ،‬فهي‬ ‫وبسبب الظروف احمليطة والرتبية أحياانً‪ ،‬حمدودة‬ ‫الكالم واحل��رك��ة‪ ،‬خياراهتا الزوجية أيضاً حم��دودة‬ ‫وكذلك خياراهتا املتصلة ابحلياة اجلنسية‪ ،‬وغالباً‬ ‫مـــــا تــــكون أميــة وتعيـــــش حيــاهتـــا يف مسـاحات‬ ‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪29 2014‬‬


‫حمدودة (يف بعض البلدان‪ ،‬تعيش املرأة يف مساحة‬ ‫جغرافية ال تتجاوز حدود احلي الذي ولدت فيه)‬ ‫وتكرس نفسها للعمل امل��ن��زيل‪ .‬احلمل واإلجن��اب‬ ‫شرطان ال مفر منهما ابلنسبة للمرأة‪ ،‬حىت يتم‬ ‫االع�ت�راف ول��و قلي ً‬ ‫ال ب��دوره��ا األس���ري وال��زوج��ي‪.‬‬ ‫وال�������زواج ال��ق��س��ري ل��ي��س إالَ م���ث���االً ص���ارخ���اً عن‬ ‫املمارسات القاسية ضد املرأة‪ ،‬حيث تجُرب الفتاة‪،‬‬ ‫حىت قبل بلوغ سن الرشد‪ ،‬على ال��زواج ليتقلص‬ ‫دوره��ا يف احلياة ويقتصر على اإلجن��اب وتكريس‬ ‫جسدها لزوجها‪ .‬تقسيم العمل واملهام يعود إىل‬ ‫عادة قدمية جداً‪ ،‬واترخيياً معروفة‪ ،‬وإن كان هذا‬ ‫يبدو كظاهرة طبيعية‪ ،‬فإنه يف حقيقة األمر ليس‬ ‫إالّ نتاجاً للبناء االجتماعي عرب التاريخ‪.‬‬ ‫عمل املرأة‪ :‬غري معرتف به ودون أي قيمة‬ ‫صحيح أن م��ع��دل عمالة امل���رأة متيل إىل ال���زايدة‬ ‫املطلقة ابألرقام‪ ،‬إالّ أهنا ال تزال حتتل ‪ ٪60‬من‬ ‫ال��وظ��ائ��ف غ�ير ال��رمس��ي��ة أوال��وظ��ائ��ف ذات الدخل‬ ‫احمل����دود ج�����داً‪ .‬يف مش���ال أف��ري��ق��ي��ا وج��ن��وب آسيا‬ ‫والغرب‪ ،‬حتتل النساء أقل من ‪ ٪22‬من الوظائف‬ ‫ذات األجر املعقول يف القطاعات غري الزراعية‪،‬‬ ‫ويف أف��ري��ق��ي��ا‪ ،‬ج��ن��وب ال��ص��ح��راء‪ ،‬متثل ال��ن��س��اء ما‬ ‫يعادل نسبة ‪ ٪84‬من العمال غري الرمسيني وما‬ ‫يعادل نسبة ‪ ٪58‬يف أمريكا الالتينية‪.‬‬ ‫يف املناطق الريفية‪ ،‬تعمل النساء يف املقام األول‬ ‫يف احمل��اص��ي��ل ال��غ��ذائ��ي��ة‪ ،‬ح��ي��ث ت��س��اع��ده��ا ه��ذه‬ ‫األنشطة يف تلبية احتياجاهتا األس��ري��ة‪ ،‬ولكنها‬ ‫تجُ�ب�ر ع��ل��ى أداء ال��ك��ث�ير م��ن امل��ه��ام م��ق��اب��ل أج��ر‬ ‫زهيد يكاد ال يذكر‪ .‬فهي تعمل يف قطعة أرض‬ ‫منحها إايها ال��زوج أو األب‪ ،‬لكنها تبقى أرض‬ ‫ال متلكها ول��ي��س هل��ا ف��ي��ه��ا أي ح��ق إالّ ال��زراع��ة‬ ‫واحلصاد‪ .‬وهذا النوع من األعمال الشاقة ال يتم‬ ‫االع�ت�راف ب��ه وال بقساوته‪ ،‬ألن��ه ببساطة يتعلق‬ ‫ابلضرورة الغذائية‪ :‬فالرجل يهتم بتوريد املواد اخلام‬

‫ابألراضي يف املناطق الريفية‪ ،‬وهذا ما يعزز انتشار‬ ‫الصراعات يف املناطق الزراعية‪ .‬وعندما ال يكون‬ ‫للتشريعات أي دور يف ختفيف التمييز املمارس‬ ‫ض��د امل���رأة‪ ،‬ف��إن ال��ق��واع��د االجتماعية واألع���راف‬ ‫هي اليت تفرض عالقات السيطرة والتبعية‪.‬‬

‫(األراض�����ي وال���زراع���ة‪ ،‬اخل‪ ).‬وامل����رأة هت��ت��م بتجهيز‬ ‫ه���ذه امل����واد‪ ،‬ع��م��ل خي��ل��و م��ن اخل��ل��ق واالب�����داع أو‬ ‫أي ش��يء إض���ايف‪ .‬أم��ا التسويق واملبيعات فهي‬ ‫م��ه��ام خ��اص��ة ع��م��وم��اً ابل��رج��ل (ق��ض��ي��ة ال��ت��ف��اوض‬ ‫والعالقات والتنقل املكاين وما إىل هنالك)‪ ،‬ويف‬ ‫حاالت اندرة متتلك فيها املرأة الفرصة لتويل هذه‬ ‫املسؤوليات‪ ،‬وم��ع ذل��ك ف��إن الدخل الناتج عن‬ ‫هذه املهام ال يعود هلا‪.‬‬ ‫هذا هو احلال يف بنني على سبيل املثال‪ ،‬حيث‬ ‫يعطي الزوج زوجته أحياانً أفقر األراضي واليت ال‬ ‫ت��در إالّ القليل القليل من ال��دخ��ل‪ .‬لكن امل��وارد‬ ‫احمل��دودة املتاحة هلا من خ�لال عملها جتربها يف‬ ‫املقابل على حتمل ع��بء العمل الثقيل؛ وميكن‬ ‫للزوج أو األب أن يسحب منها ويف أي وقت‬ ‫قطعة األرض املمنوحة هلا‪ .‬ثِقل القانون متأصل‬ ‫يف اضطهاد املرأة‪ :‬ميكن إنكار حقها يف التملك‪،‬‬ ‫أو احلق يف إجراء املعامالت املالية ابمسها‪ ،‬أو ال‬ ‫متتلك إمكانية احلصول على االئتمان (جيب يف‬ ‫الواقع تربير ضمان رأس املال أو األرض لتكون‬ ‫مؤهلة للحصول على قرض)؛ يف بعض األحيان‬ ‫ليس لديها احل��ق يف امل�ي�راث يف حالة ال�ترم��ل أو‬ ‫ال��ط�لاق م��ث�لاً‪ ،‬ورمب���ا يف هن��اي��ة امل��ط��اف جت��د امل��رأة‬ ‫نفسها يف حالة م��ن ال��ع��وز امل��دق��ع‪ .‬م��ن املؤسف‬ ‫أنه ويف بعض البلدان ال توجد تشريعات خاصة‬

‫ف��ي��م��ا ي��ت��ع��ل��ق ابمل���ن���اط���ق احل���ض���ري���ة‪ ،‬حت��ظ��ى ال��ف��ت��اة‬ ‫بفرص أك�بر يف التعليم وااللتحاق ابمل��دارس من‬ ‫الفتيات يف املناطق الريفية‪ .‬ويف بعض البلدان‪،‬‬ ‫حتصل امل��رأة على شهادة جامعية‪ ،‬وجتربة القمع‬ ‫م��ن ال����زوج أو األب ت��ك��ون أق����ل‪ ،‬ح��ي��ث يكون‬ ‫إبم��ك��اهن��ا أن ت��ت��ع��رف ع��ل��ى ح��ق��وق��ه��ا واحل���ص���ول‬ ‫على هذه احلقوق بسهولة أكثر‪ .‬يف املغرب على‬ ‫وج��ه اخل��ص��وص‪ ،‬ف��رص النساء احل��اص�لات على‬ ‫تعليم عال يف احلصول على عمل أقل بكثري من‬ ‫فرص الرجال من محلة نفس املؤهالت العلمية‪،‬‬ ‫وه��ن معرضات أكثر من ال��رج��ال ذوي املستوى‬ ‫التعليمي نفسه خلطر البطالة‪ .‬ولوحظ أن مستوى‬ ‫البطالة لدى النساء يف املناطق احلضرية‪ ،‬خاص ًة‬ ‫لدى األصغر سناً واألكثر تعليماً‪ ،‬يفوق مستواه‬ ‫لدى الرجال‪ ،‬علماً أن املرأة متثل ‪ ٪21‬فقط من‬ ‫األي��دي العاملة‪ .‬يف اجلنوب‪ ،‬حتصل النساء يف‬ ‫املناطق احلضرية نسبياً على عمل‪ ،‬لكن أرابحها‬ ‫تبقى أق��ل بكثري م��ن ال��رج��ل؛ وم��ع ذل���ك‪ ،‬يبقى‬ ‫احلصول على عمل أو وظيفة أم��راً شاقاً‪ ،‬وغالباً‬ ‫ما يكون يف قطاعات االقتصاد غري الرمسي وغري‬ ‫املستقر والتنافسي للغاية‪ ،‬حيث ختضع للكثري‬ ‫من القيود وتنال مقابله أج��راً زهيداً‪ .‬ويف معظم‬ ‫األح��ي��ان ت��وظ��ف امل���رأة يف م��ش��اري��ع ص��غ�يرة ذات‬ ‫طابع عائلي‪ :‬يف جمال املبيعات مث ً‬ ‫ال (يف احملالت‬ ‫ال���ص���غ�ي�رة أو يف ال�����ش�����ارع) وامل����ط����اع����م‪ ،‬واحل�����رف‬ ‫(ك��اخل��ي��اط��ة‪ ،‬وت��ص��ف��ي��ف ال��ش��ع��ر وإىل م��ا هنالك‬ ‫من مهن ذات طابع عائلي يف الغالب)‪ ،‬أو يف‬ ‫جمال الرعاية الصحية (رعاية املسنني و‪ /‬أو ذوي‬ ‫االحتياجات اخلاصة)‪ ،‬وكذلك يف جمال التجارة‬ ‫عرب احلدود وتسويق املنتجات الزراعية املصنعة أو‬ ‫شبه املصنعة‪.‬‬ ‫املصدر‪:‬‬ ‫‪www.genreenaction.net Réseau‬‬ ‫‪/Genre en Action‬‬ ‫يتبـــــع يف اجلزء الثاين‪ :‬االقتصاد غري الرمسي ‪ -‬احلـــــصن‬ ‫اهلش ضد الـــفقر املدقع والتــحول من العمل غري املرئي‬ ‫إىل العمل املعرتف به والببىن اجلديدة للمجتمع املدين‪.‬‬

‫‪ 30‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬


‫نساء الزبداني‪..‬‬ ‫جبروت على أنقاض الموت والتشرد‬ ‫ال���زب���داين‪ ..‬املدينة املرمية على أط���راف س��وراي‪،‬‬ ‫حيث احلدود مع لبنان‪ ،‬واليت تبعد عن العاصمة‬ ‫دمشق ما ال يقل عن ‪ 45‬كم‪ ،‬واليت عانت ما‬ ‫عانته‪ ،‬إث��ر انضمامها للحراك منذ ب��دء الثورة‬ ‫السورية وح�تى اآلن‪ ،‬ومشاركة مجيع األطياف‬ ‫فيها‪ ،‬م��ن ك��ب��ار وص��غ��ار‪ ،‬ن��س��اء ورج����ال‪ ،‬لكل‬ ‫منهم دوره الذي ال ميكن نكرانه‪.‬‬ ‫تعرضت املدينة على م��دى السنتني املاضيتني‬ ‫لقصف ي��وم��ي جبميع أن����واع األس��ل��ح��ة اخلفيفة‬ ‫والثقيلة وال���ط�ي�ران‪ ،‬م��ا أدى إىل ن���زوح أهاليها‬ ‫ابجتاه املدن اجملاورة‪ ،‬وعلى رأسها مدينة بلودان‪.‬‬ ‫وب��رغ��م ك��ل ال���ظ���روف ال�ت�ي م���رت ف��ي��ه��ا امل��دي��ن��ة‪،‬‬ ‫كان البنة الزبداين اليت غلب عليها طابع املرأة‬ ‫أي ش��يء‪،‬‬ ‫الريفية‪ ،‬القوية ال��ق��ادرة على حتمل ّ‬ ‫دورها يف مجيع مراحل الثورة‪ ،‬فقد بدأهتا ابخلروج‬ ‫يف مظاهرات نسائية بزخم ع ٍ‬ ‫��ال‪ ،‬وقامت أايم‬ ‫احل���ص���ار ب��ت��ح��ض�ير امل���أك���ل وامل���ش���رب رغ���م شح‬ ‫لتحمل العبء‬ ‫املواد‪ ،‬وبعد النزوح اضطرت هي ّ‬ ‫األكرب يف كافة تفاصيل احلياة ابلنسبة لعائلتها‬ ‫ولثورهتا‪.‬‬ ‫بعد انتقال معظم األهايل إىل بلودان‪ ،‬قام النظام‬ ‫بشن م��وج��ة اع��ت��ق��االت عشوائية ط��ال��ت معظم‬ ‫شباب الزبداين‪ ،‬فاضطر هؤالء إىل االختباء يف‬ ‫بيوهتم أو العودة إىل مدينتهم‪ ،‬مما زاد مسؤوليّة‬ ‫النساء‪ ،‬فأصبحن ه ّ��ن م��ن ينزلن إىل األس��واق‬ ‫ويعملن لتأمني قوت عوائلهن‪ ،‬والكثريات منهن‬ ‫تشتّنت بني املنطقتني‪ ،‬فأزواجهن وأبناؤهن من‬

‫• رند عدانن‬

‫أطفاهلن يف موطن‬ ‫الشباب عادوا إىل الزبداين‪ ،‬و ّ‬ ‫النزوح‪.‬‬ ‫م���رمي‪ ..‬امل���رأة الستينية‪ ،‬بشاهلا األب��ي��ض ال��ذي‬ ‫ترتديه ف��وق «جالبيتها» القدمية‪ ،‬وال�تي تعمل‬ ‫ك��م��س��ت��خ��دم��ة يف إح����دى م�����دارس ال���ن���زوح‪ ،‬مل‬ ‫تقبل أن ت��غ��ادر منزهلا‪ ،‬وآث���رت البقاء ّ‬ ‫لتضطر‬ ‫كل يوم للذهاب إىل لعملها والعودة منه سرياً‬ ‫حتمل مصاريف‬ ‫على األقدام‪ ،‬لعدم قدرهتا على ّ‬ ‫املواصالت‪ ،‬حتت خطر القذائف‪.‬‬

‫وابمل�����رور ع��ل��ى ح��ك��اايت امل�����رأة‪ ،‬ال مي��ك��ن أب���داً‬ ‫تقول مرمي إهنا غدت ابلنسبة للكثريين «طاقة جتاهل أم الشهيد واملعتقل‪ ،‬اليت ال يكاد بيت‬ ‫ف��رج»‪ ،‬خصوصاً ه��ؤالء الشباب غري القادرين خيلو منها‪ ،‬ليس يف الزبداين فقط‪ ،‬بل يف سوراي‬ ‫على التنّقل أو املرور على احلواجز‪ ،‬والذين ابتوا كلها‪ .‬إمنا للسيدة امللقبة خبنساء الزبداين قصة‬ ‫أي ش��يء حيتاجونه م��ن خ��ارج أخرى‪ ،‬فقد فقدت أربعة من أبنائها‪ ،‬واخلامس‬ ‫ي��وص��وهن��ا على ّ‬ ‫املدينة‪ ،‬فتحمله هي على أكتافها رغ��م طول معتقل منذ بداية الثورة‪ّ ،‬‬ ‫جل حديثها عن انتظار‬ ‫الطريق وأتتيهم به‪.‬‬ ‫امل��ع��ت��ق��ل‪ ،‬وال���رض���ا ب��ق��ض��اء هللا وق�����دره‪ ،‬وال��دع��وة‬ ‫ألبنائها األربعة ابلرمحة‪ ،‬مع بسمة مثانينية حتمد‬ ‫أما مسر (أم لطفلني)‪ ،‬فال يكاد حديثها خيلو من هللا‪.‬‬ ‫األمرين إثر اعتقال ابل��ت��أك��ي��د انل���ت امل����رأة يف ال���زب���داين نصيبها من‬ ‫دموع الفقر والقهر‪ ،‬ذاقت ّ‬ ‫زوجها‪ ،‬وعدم وجود معيل هلا وألطفاهلا غريه‪ ،‬االع����ت����ق����االت‪ ،‬ف���ه���ن���اك اآلن أك���ث���ر م����ن ع��ش��ر‬ ‫توجهت للعمل كـخادمة يف امل��ن��ازل‪ ،‬عملت نساء داخ��ل املعتقل‪ ،‬بِتُهم نقل اخلبز والطعام‬ ‫أيضاً يف اخلياطة‪ ،‬ورغم ذلك مل تستطع حتمل ألزواجهن أو أبنائهن‪.‬‬ ‫غ�لاء أسعار امل��واد الغذائية‪ ،‬ما اضطرها لزرع مرمي‪ ،‬مسر واخلنساء هن مناذج‪ ،‬وقصصهن هي‬ ‫اخلضار يف أح��واض صغرية على شرفة منزهلا‪ ،‬جمرد غيض من فيض ما متر بِه نسوة الزبداين‪،‬‬ ‫حتمل‬ ‫لتؤمن بعضاً مم��ا حتتاجه‪ .‬ويف أغلب األحيان املصرات‪ ،‬بكل ما أوتني من قدرة‪ ،‬على ّ‬ ‫تسلك النساء طرقاً وع��رة وخطرة ج��داً بغرض أق��س��ى ال��ظ��روف‪ ،‬والعمل على أتدي���ة أدواره���ن‬ ‫رؤي���ة أب��ن��ائ��ه��ن واالط��م��ئ��ن��ان عليهن‪ ،‬فيتعرضن ك����زوج����ات وأم����ه����ات وأخ�������وات دون ت��ق��ص�ير‪،‬‬ ‫للقنص والقذائف ويزداد عدد الشهيدات يوماً وجب�بروهت��ن حي��اول��ن التغلب على ح��ي��اة يعشنها‬ ‫بعد يوم‪.‬‬ ‫التشرد‪.‬‬ ‫على أنقاض املوت و ّ‬

‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪31 2014‬‬


‫المرأة بين العمل الثوري والسياسة‬ ‫خولة دنيا‬

‫• حاورهتا سيدة سوراي‬

‫عشت مثل كثري م��ن ال��س��وري�ين تلك ال��ف�ترة‪ ،‬ال أم���ان‪ ،‬س��وى احل��ذر الشخصي‪ ،‬والثقة‬ ‫واالعتماد على املقربني واألصدقاء‪ ،‬استفدت من احلدس والتجارب اليت مرت يف حيايت‬ ‫سابقاً‪ ،‬يف التعامل مع اجلانب األمين‪ ،‬كما خدمتين الصدفة يف كثري من األحيان يف جتاوز‬ ‫حاالت االعتقال‪.‬‬ ‫سلسلة من االعتقاالت طالت احمليطني يب‪ ،‬وسلسلة من البيوت واخلسارات املتتالية يف‬ ‫أم��اك��ن ك��ث�يرة‪ ،‬اخل��س��ارة دائ��م��اً تكون يف ف��ق��دان األص��دق��اء ابالع��ت��ق��ال‪ ،‬وم��ن مث خبروجهم‬ ‫من البلد‪ ،‬وأيضاً خسارة رف��اق ال��درب‪ ،‬الذين ال نعرف شيئاً عن مصريهم حىت اليوم‪،‬‬ ‫واستشهاد كثر حتت التعذيب‪ ..‬واختفاء آخرين يف مناطق املعارضة‪.‬‬ ‫‪ -1‬الواقع السوري يف ظل نظام البعث وآل األسد ما جيعل من الضرورة قيام ثورة‪،‬‬ ‫الوضع يف الداخل وعالقته مع التغريات اخلارجية (انعكاس هذه العوامل على حياة‬ ‫املواطن السوي وجيل الشباب خاصة)‪.‬‬ ‫• عقود طويلة من التحييد والتهميش للسوريني‪ ،‬مل يكن لينتج سوى ثورة‪ ،‬فبعد احملاوالت‬ ‫اليت قامت هبا أجيال متعاقبة من السوريني للتغيري السياسي‪ ،‬وحم��اوالت الكثريين القيام‬ ‫بتتغري جزئي‪ ،‬وكذلك حماوالت الكثريين حتقيق ولو قدر يسري من املساواة‪ ،‬وكذلك آمال‬ ‫الكثريين أن من املمكن القيام بتتغريات مرحلية وجزئية‪ ،‬ميكن أن تودي لألفضل بشكل‬ ‫سلس‪ ،‬إال أهنا ابءت كلها ابلفشل‪ ،‬وكأن النظام َّ‬ ‫سد كل اآلفاق بوجه السوريني‪ ،‬حىت‬ ‫انفجر اجملتمع‪ ،‬مع أول بوادر للتغيري الحظ إمكانية جناحها يف دول عربية أخرى‪.‬‬ ‫الوضع املعاشي واالقتصادي‪ ،‬وارتفاع نسبة البطالة‪ ،‬مع زايدة عدد خرجيي اجلامعات‪،‬‬ ‫وعدم وجود فرص للعمل‪ ،‬انسداد اآلفاق يف البلد‪ ،‬مع زايدة القمع وحتييد الشباب عن‬ ‫السياسة‪ ،‬واحتكار كل اجملاالت املمكنة جملموعات صغرية ممثلة ابلنظام‪ ،‬كلها كانت بوادر‬ ‫جعلت أغلب الشباب السوريني مشاركني ابلتغيري من اليوم األول‪.‬‬

‫‪ 32‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬

‫‪ -2‬بدأت إرهاصات الربيع العريب‪ ،‬من ذاكرتك حول‬ ‫الثورة‪ ،‬كيف استقبل الشباب السوري هذا املوضوع‪،‬‬ ‫كيف تفاعلوا معه‪ ،‬وبرأيك كيف بدأ احلراك؟‬ ‫• الربيع السوري ك��ان استمراراً للربيع املنتفض يف البلدان‬ ‫العربية األخ���رى‪ ،‬ك��ان ح��راك��اً شبابياً أس��اس��اً‪ ،‬مح��ل شعلته‬ ‫وأج��ج��ه��ا ال��س��وري��ون املنتفضون‪ ،‬وأع��ط��وه معىن م��ن خالل‬ ‫الشعارات واألهداف اليت سعوا لتحقيقها‪.‬‬ ‫ك��ان ح��راك��اً سلمياً ح��اول جت��اوز ك��ل الظلم والقمع ال��ذي‬ ‫عاىن منه اجملتمع السوري خالل عقود‪ ،‬ولعب دوراً توعوايً‬ ‫وتثقيفياً يف مفاهيم كانت مغيبة عن السوريني‪ ،‬كاملواطنة‬ ‫والعدالة واحلرية‪.‬‬ ‫‪« -3‬جندة انو» مؤسسة عملت بكفاءة عالية منذ بداية‬ ‫ال �ث��ورة ال�س��وري��ة‪ ،‬وغ�ط��ت أم��اك��ن ع��دي��دة‪ ،‬كيف ول��دت‬ ‫فكرهتا‪ ،‬م��ن اجل�ه��ات ال��داع�م��ة‪ ،‬م��ا ه��ي اإلع��اق��ات اليت‬ ‫تواجهها اليوم‪ ،‬وهل من سبيل لتنشيطها لو كانت سوية‬ ‫عملها قد اخنفضت؟‬ ‫• جن��دة انو‪ ،‬مثلها مثل كثري م��ن منظمات اجملتمع امل��دين‬ ‫ال��س��وري‪ ،‬نشأت يف إط��ار ال��ث��ورة وتلبية حل��اج��ات خلقتها‬ ‫ال��ث��ورة‪ ،‬واملواجهة املستمرة مع النظام‪ ،‬ك��ان الب��د من دعم‬ ‫وهجرت‪ ،‬وأهايل الشهداء واملعتقلني‪.‬‬ ‫العائالت اليت نزحت ّ‬ ‫ومثلها مثل كثري من هذه املنظمات مرت بفرتة ازدهار من‬ ‫خالل امتدادها لتشمل أكرب شرحية ممكنة ويف أغلب مناطق‬ ‫س��وراي‪ ،‬مث تضاءل عملها‪ ،‬بفعل الرتاجع ال��ذي حصل يف‬ ‫اجملتمع امل���دين وممثليه‪ ،‬أق��ص��د الشباب الثائر ح��ام��ل فكرة‬ ‫التغيري املدين‪.‬‬ ‫اليوم متتد اإلعاقات لتشمل ليس فقط النظام وما يفرضه‬


‫م��ن ق��ي��ود ع��ل��ى ال��ع��م��ل اإلغ���اث���ي‪ ،‬وه���و ش���يء مل‬ ‫يتوقف من البداية‪ ،‬ولكن كذلك تغيري الشروط‬ ‫على األرض‪ ،‬وبروز جهات سياسية هتيمن على‬ ‫العمل اإلغاثي يف املناطق اخلاضعة للمعارضة‪،‬‬ ‫وكذلك بروز التنظيمات اجلهادية اليت ترفض أي‬ ‫فكر م���دين‪ ،‬كما ت��رف��ض وت��ع��اق��ب ك��ل الشباب‬ ‫الذين حيملون هذا الفكر‪.‬‬ ‫ال��ت��ح��دي األك��ب��ر‪ ،‬ه���و ح��ج��م امل���ع���اانة ال��ض��خ��م‬ ‫الذي يرزح حتته السوريون يف كل مكان‪ ،‬وتنوع‬ ‫االحتياجات بني الداخل واخلارج‪ ،‬وعدم القدرة‬ ‫على تغطية هذه احلاجات إبمكاانت سورية كما‬ ‫كان احلال يف السنوات األوىل‪.‬‬ ‫حاجة الناس اليوم تتطلب متوي ً‬ ‫ال ضخماً وجهات‬ ‫دولية تقوم به‪ ،‬وإمكانيات نفاذ ملختلف املناطق‬ ‫اخلاضعة للنظام واملعارضة‪ .‬وه��و م��اال تتمتع به‬ ‫املنظمات احمللية‪ ،‬إن مل تنسق مع القوى املسيطرة‬ ‫ع���ل���ى ه�����ذه امل����ن����اط����ق‪ ،‬وم�����ع�����روف ال����ي����وم م��ص�ير‬ ‫الناشطني املدنيني سواء يف مناطق النظام أم يف‬ ‫مناطق املعارضة‪.‬‬ ‫ال��وض��ع مرشح ل�لأس��وأ بكل املقاييس‪ ،‬فاجملتمع‬ ‫ال��س��وري ف��ق��د ال��ق��درة ع��ل��ى ال��دع��م ‪ ،‬وال�ت�ي ك��ان‬ ‫ي��ت��م��ت��ع هب���ا يف ال���ب���داي���ة‪ ،‬ك��م��ا ف��ق��د ال���ق���درة على‬ ‫االس���ت���م���رار إبم��ك��ان��ي��ات ذات���ي���ة‪ ،‬م���ا جي��ع��ل ه��ذه‬ ‫املنظمات خاضعة لشروط املمولني كما لشروط‬ ‫املسيطرين على األرض‪.‬‬ ‫ال ��وج ��ع ال� �س���وري ك �ب�ير ج� � ��داً‪ ،‬وك��ذل��ك‬ ‫القهر‪ ،‬وهو مستمر ألمد طويل‪ ،‬وحيتاج‬ ‫لكل أشكال التعبري ال�تي منلكها ف�رادى‬ ‫ومجاعات كي نلحق به‬

‫تراجع العمل بسبب هذه األسباب كلها‪ ،‬خاصة‬ ‫أن جن���دة س�����وراي‪ ،‬م��ن��ظ��م��ة غ�ي�ر اتب��ع��ة س��ي��اس��ي��اً‪،‬‬ ‫وتعتمد على العمل التطوعي م��ن قبل شباب‬ ‫سوريني م��ازال��وا مؤمنني ابلعمل امل��دين الصرف‪،‬‬ ‫وابستقاللية العمل اإلغ��اث��ي وض���رورة وضعه يف‬ ‫خدمة الناس مباشرة ب��دون إم�لاءات أو شروط‬ ‫للمساعدة‪ ،‬وه��و م��ا حي��ارب��ه املسيسون م��ن كل‬ ‫األطراف‪.‬‬ ‫‪ -4‬مارس النظام الكثري من العنف والتضييق‪،‬‬

‫االع�ت�ق��ال وال�ق�ت��ل‪ ،‬ون�ع�ل��م أن��ك ع�ش��ت ف�ترة‬ ‫طويلة متخفية يف سوراي من منزل إىل منزل‪،‬‬ ‫ما ك��ان مصدر األم��ان واألم��ل وال�ق��درة على‬ ‫االس �ت �م �رار ط ��وال ت�ل��ك ال �ف�ترة‪ ،‬وخ��اص��ة مع‬ ‫اعتقال زوجك (جالل نوفل) أكثر من مرة؟‬ ‫• عشت مثل كثري من السوريني تلك الفرتة‪ ،‬ال‬ ‫أمان‪ ،‬سوى احلذر الشخصي‪ ،‬والثقة واالعتماد‬ ‫على املقربني واألصدقاء‪ ،‬استفدت من احلدس‬ ‫والتجارب اليت مرت يف حيايت سابقاً‪ ،‬يف التعامل‬ ‫مع اجلانب األمين‪ ،‬كما خدمتين الصدفة يف كثري‬ ‫من األحيان يف جتاوز حاالت االعتقال‪.‬‬ ‫سلسلة م��ن االع��ت��ق��االت ط��ال��ت احمل��ي��ط�ين يب‪،‬‬ ‫وس��ل��س��ل��ة م���ن ال��ب��ي��وت واخل����س����ارات امل��ت��ت��ال��ي��ة يف‬ ‫أم��اك��ن ك��ث�يرة‪ ،‬اخل��س��ارة دائ��م��اً ت��ك��ون يف فقدان‬ ‫األصدقاء ابالعتقال‪ ،‬ومن مث خبروجهم من البلد‪،‬‬

‫وأيضاًخسارة رفاق الدرب‪ ،‬الذين ال نعرف شيئاً‬ ‫عن مصريهم حىت اليوم‪ ،‬واستشهاد كثريين حتت‬ ‫التعذيب‪ ..‬واختفاء آخرين يف مناطق املعارضة‪.‬‬ ‫اخلسارة يف احلرمان من االهل والبيت وأصدقاء‬ ‫يهون منها اهنا مشرتكة‬ ‫العمر‪ ..‬وكلها خسارات ّ‬ ‫ب�ي�ن أغ��ل��ب ال���س���وري�ي�ن‪ ،‬وب�ي�ن اغ��ل��ب ال��ن��اش��ط�ين‬ ‫الذين أعرفهم‪.‬‬ ‫ابملقابل هناك دومً��ا ما رحبناه رغ��م الوجع‪ ،‬عامل‬ ‫ج��دي��د وممتلئ ابالن��ف��ع�لات وال��ط��ي��ب��ة‪ ،‬واجل��م��ال‪،‬‬ ‫والصمود والقدرة على خلق اجلديد‪.‬‬ ‫‪ -5‬خولة دنيا آثرت حىت اآلن االبتعاد عن‬ ‫السياسة‪ ،‬م��ا األس �ب��اب ال�تي دع�ت��ك لذلك؟‬ ‫وب�رأي��ك م��ا ه��ي أزم��ة سياسة املعارضة وأزم��ة‬ ‫املعارضني السوريني؟‬ ‫• ال أظن أن ما نقوم به غري سياسي‪ ،‬فكله نتاج‬ ‫الثورة‪ ،‬واملوقف منها‪ ،‬وهو عمل سياسي حبت‬ ‫يف يومياته ويف نتائجه‪ .‬وإن كنت ق��د اخ�ترت‬ ‫االب���ت���ع���اد ع���ن ال��ع��م��ل ال���س���ي���اس���ي‪ ،‬أو اح��ت�راف‬ ‫السياسة‪ ،‬فهو قرار له عالقة أبنين اخرتت سبي ً‬ ‫ال‬ ‫للعمل ال يقل أمهية عن العمل املباشر‪.‬‬ ‫اليوم ال أشعر ابلندم على قراري هذا‪ ،‬ففي وقت‬ ‫سابق‪ ،‬كنت أعترب أين أق��ل خ�برة من غ�يري يف‬ ‫العمل السياسي‪ ،‬وابل��ت��ايل ت��رك��ت السياسة ملن‬ ‫حيرتفها‪ ،‬ولديه خربة فيها‪ ،‬ومثل كثريين وضعت‬ ‫ثقيت يف تشكيالت معارضة‪ ،‬أثبت الزمن عدم‬ ‫ق��درهت��ا ع��ل��ى جم����اراة احل���دث يف ب��داايت��ه ك��م��ا يف‬ ‫م��آالت��ه‪ ،‬فالتخبط والتناقض وع��دم ال��ق��درة على‬ ‫جتمــيع اجلهود‪ ،‬كان مسة مشرتكة للعمل السياسي‬ ‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪33 2014‬‬


‫يف البلد‪ ،‬زاد من مأساويتها‪ ،‬االعتمادية الكبرية‬ ‫على الغري‪ ،‬وابلتايل اخلضوع لتجاذابت إقليمية‬ ‫ودولية‪ ،‬زاد منها عدم وضوح قرار دويل خبصوص‬ ‫س�����وراي ابل��ت��ح��دي��د‪ ،‬وه����و م����امل ي��ك��ن ك���ذل���ك يف‬ ‫ح����االت أخ����رى‪ ،‬وج����دان أن اجل��م��ي��ع ي��ع��ج��ل يف‬ ‫استقرارها على وض��ع جيد أو س��يء‪ ،‬بينما يف‬ ‫احلالة السورية‪ ،‬رأينا جتاذابت وعدم وضوح رؤية‪،‬‬ ‫وحرب خاضتها الدول بشكل مباشر أو ابلنيابة‪،‬‬ ‫مما أثر على وجود معارضة سورية قوية ومستقلة‪،‬‬ ‫وقادرة على حتقيق آمال السوريني‪.‬‬ ‫املرأة حبضورها الرائع يف الثورة‪ ،‬كانت ثورة‬ ‫أخرى ضمن الثورة‪ ،‬وماتزال ثورهتا تبشر‬ ‫مبزيد من التغيري‪ ،‬سنلحظه يف املستقبل‪،‬‬ ‫ف�م��ا أل �ق��ي ع�ل��ى ع��ات�ق�ه��ا ال مي�ك��ن جت��اوزه‬ ‫ابلقمع وحده‪،‬املرأة السورية كانت األبرز‪،‬‬ ‫واألمجل‪ ،‬واألكثر نقاءاً وتضحية‬

‫مت التالعب ابملعارضة السورية‪ ،‬كما مت التالعب‬ ‫ابل��س��وري�ين م��ن خ�ل�ال ع���دم وض���وح م��وق��ف من‬ ‫ثورهتم‪ ،‬وعدم دعمها‪ ،‬وتركها لتلك التجاذابت‬ ‫اليت استفاد منها النظام والدول الداعمة له‪ ،‬كما‬ ‫استفادت منها التيارات اجلهادية ال�تي وجدت‬ ‫يف سوراي منطقة فوضى ميكنها أن تنشط فيها‪،‬‬ ‫لصاحلها وعلى حساب السوريني كذلك‪.‬‬ ‫م��ن ه��ن��ا حن��م��ل امل��ع��ارض��ة ال��س��وري��ة ال�ت�ي اف�ترض��ن��ا‬ ‫ام���ت�ل�اك���ه���ا اخل���ب���رة‪ ،‬أو اك���ت���س���اهب���ا خ��ل��ال ه���ذه‬ ‫ال���س���ن���وات‪ ،‬حن��م��ل��ه��ا م��س��ؤول��ي��ة م����آالت ال��وض��ع‪،‬‬ ‫وعدم قدرهتا على متثيل الثورة والشعب السوري‪،‬‬ ‫وعدم متثيلها لطموحات السوريني ولو ابحلدود‬ ‫الدنيا‪.‬‬

‫‪ 34‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬

‫ال��ل��ح��ظ��ة‪ ،‬ب��ي��ن��م��ا م���ا س��ي��ك��ت��ب أو ي��ت��م إن��ت��اج��ه‪،‬‬ ‫سيكون حمصلة لكل ما حدث‪..‬‬ ‫الوجع السوري كبري ج��داً‪ ،‬وكذلك القهر‪ ،‬وهو‬ ‫مستمر ألمد طويل‪ ،‬وحيتاج لكل أشكال التعبري‬ ‫اليت منلكها فرادى ومجاعات كي نلحق به‪.‬‬ ‫‪ -6‬إىل جانب العمل والضغوط‪ ،‬أو بسبب‬ ‫العمل والضغوط األمنية قمت إبصدار ديوان‬ ‫ش�ع��ري‪ ،‬م��اذا تقولني ع��ن ه��ذا ال��دي��وان وعن‬ ‫النمط األديب الذي اخرتت أن تكتيب فيه‪ ،‬هل‬ ‫طبع هذا الديوان وهل وزع‪ ،‬وبرأيك هل كان‬ ‫ما أنتجته الثورة السورية من توثيق وأدب وفن‬ ‫يوازي حضورها كثورة؟ وإن كان أقل فلماذا؟‬ ‫• سأجيب أي��ض��اً‪ ،‬أان مثل كثري من السوريني‪،‬‬ ‫كانت الثورة ابلنسبة يل على الصعيد الشخصي‬ ‫ك��م��ا ال��ع��ام‪ ،‬ث���ورة ع��ل��ى ال����ذات‪ ،‬ك��م��ا ث���ورة ضد‬ ‫امل��س��ت��ب��د‪ ،‬ث�����ورة أي��ق��ظ��ت ًّ‬ ‫يف امل���ك���ب���وت ال���ف���ردي‬ ‫واجلمعي‪.‬‬ ‫ك��ان ال��دي��وان ه��و ث���وريت امل��ص��غ��رة ت��ل��ك‪ ،‬فسحة‬ ‫للتعبري عن الثقة ابل��ذات‪ ،‬والثقة ابلتغيري والثقة‬ ‫ابل��ن��اس‪ ،‬وك��ان��ت مواكبة آلالم وآم���ال شخصية‬ ‫يف سياق عام‪.‬‬ ‫صدر الديوان ابسم جتمع أمارجي‪ ،‬وهو التجمع‬ ‫الذي كان أحد متثيالت احلراك السوري والثورة‬ ‫ال��س��وري��ة‪ ،‬وه��و م��ا أش��ع��رين مبزيد م��ن ال��رض��ا عما‬ ‫قمت به‪.‬‬ ‫أعتقد أن الثورة السورية‪ ،‬مل تنه توثيقها‪ ،‬وأن ما‬ ‫سيصدر عنها اتلياً أه��م وأكثر عمقاً مما صدر‬ ‫خ�لاهل��ا‪ ،‬ألن م��ا ص���در ك���ان حي���اول أن ي��واك��ب‬

‫املرأة حبضورها الرائع يف الثورة‪ ،‬كانت ثورة أخرى‬ ‫ضمن الثورة‪ ،‬وماتزال ثورهتا تبشر مبزيد من التغيري‬ ‫سنلحظه يف املستقبل‪ ،‬فما ألقي على عاتقها ال‬ ‫ميكن جتاوزه ابلقمع وحده‪ ،‬املرأة السورية كانت‬ ‫األبرز‪ ،‬واألمجل‪ ،‬واألكثر نقاءاً وتضحية‪.‬‬ ‫‪ -7‬أخ �ي�راً‪ ،‬ال �ث��ورة ال�س��وري��ة ال �ي��وم إىل أي��ن؟‬ ‫برأيك؟‬ ‫• أعتقد أن ال��ي��وم خمتلف مت��ام��اً عما ب���دأان به‪،‬‬ ‫وض��ع س��يء م��رش��ح لالستمرار س��ن��وات طويلة‪،‬‬ ‫ق��ض��ااي إن��س��ان��ي��ة ك��ب�يرة وم��ك��ل��ف��ة‪ ،‬وح����رب دائ����رة‬ ‫مكلفة كذلك‪ ،‬ال يعلم أحد ماستكون نتائجها‪.‬‬ ‫جتاذابت دولية وإقليمية‪ ،‬قوى مسلحة جديدة‪،‬‬ ‫دول حتاول رسم حدودها ضمن منطقة الصراع‪،‬‬ ‫جغرافياً أو نفوذاً‪.‬‬ ‫حت��ول��ت املنقطة إىل منطقة ص���راع مسلح‪ ،‬وهو‬ ‫م��ا جن��ح ب��ه النظام بعد سنتني م��ن ال��ث��ورة ال�تي مل‬ ‫يستطع قمعها‪ ،‬وما يقام به اليوم‪ ،‬هو حماوالت‬ ‫بسيطة لتقليل أعباء الكارثة اإلنسانية السورية‪.‬‬ ‫كلنا يشعر ابلعجز‪ ،‬والنتائج سيعاين منها كل‬ ‫السوريني‪ ،‬يف وقت نفتقد فيه الثقة ابآلخر كل‬ ‫اآلخ���ر‪ ،‬م��ع��ارض��ة‪ ،‬أو شريكاً ابل��وط��ن‪ ،‬أو ج��اراً‬ ‫إقليمياً‪ ،‬أو حىت آخر عريب‪ ،‬أو أجنيب‪.‬‬ ‫نعيش اليوم مظلوميتنا‪ ،‬اليت ستستمر ألجل غري‬ ‫معروف‪ ،‬وال منتلك قرار تغيريها‪.‬‬


‫حمى البراميل المتفجرة‬ ‫تكلم الكثريون عليها‪ ،‬وتناقلت وسائل اإلعالم‬ ‫عنها ماتناقلت‪ ،‬ح�تى إن��ه أج��ري مؤمتر صحفي‬ ‫خبصوصها‪.‬‬ ‫وماذا يقول اجلميع؟كم برمي ً‬ ‫ال أسقط على املنطقة‬ ‫الفالنية؟ كم منطقة طالتها الرباميل املتفجرة؟ كم‬ ‫برمي ً‬ ‫ال يسقط يومياً؟ ما ع��دد الضحااي؟ ك��م‪...‬‬ ‫وكم‪ ...‬وكم‪ ..‬كلها إحصاءات وأرقام تسجل يف‬ ‫ميزان العدل الدويل‪ ،‬دون أن نعرف ماذا يوضع‬ ‫يف الكفة األخرى‪.‬‬ ‫مآس‬ ‫بعيداً عن هذا التوثيق وخلف األرقام ختتىبء ٍ‬ ‫وك���وارث لن توضع يف كفة امل��ي��زان‪ ،‬إذ ال مكان‬ ‫هل��ا‪ ،‬ول��ن تفيدها أي كفة سرتجح‪ ،‬وال حساب‬ ‫م��ن سيجمد يف ب��ن��وك س��وي��س��را‪ ،‬وال ه��وي��ة من‬ ‫سيحرم من دخول الوالايت املتحدة األمريكية‪.‬‬

‫خلف هذه األرقام هناك أانس كثر‪ ،‬رجال ونساء‬ ‫وأطفال كانت هلم حياهتم املتواضعة وطموحاهتم‬ ‫ال��ص��غ�يرة‪ ،‬فرحهم وح��زهن��م‪ ،‬بشر ك��ل ذنبهم أهنم‬ ‫«ابل��ص��دف��ة» أص��ح��اب ه��ذا امل��ن��زل‪ ،‬وأب��ن��اء بلدة‬ ‫المكان غريها يذهبون إليه‪.‬‬ ‫وألن عملي مع الضحااي مباشرة‪ ،‬عشت معهم‬ ‫مأساهتم ومصائرهم ومعاانهتم‪ .‬ضحااي من كل‬ ‫األع��م��ار‪ ،‬أجنة وحديثو والدة وأط��ف��ال‪ ،‬شباب‬

‫وش���ي���وخ‪ /‬ن���س���اء ورج������ال‪ .‬إال أن��ن�ي س��أك��ت��ف��ي‬ ‫ابحلديث عن النساء واألطفال‪ ،‬ألن هلم األثر‬ ‫األكرب يفّ‪ ،‬ولبعدهم األكيد عن عامل العسكرة‬ ‫والقتل والقتال‪.‬‬ ‫نبيهة‪ ،‬مت��اض��ر‪ ،‬آي���ة‪ ،‬إب��راه��ي��م‪ ،‬م��اج��دة‪ ،‬أمح��د‬ ‫ونور وكثريون غريهم‪ ،‬أشخاص التعرفوهنم وأان‬ ‫مل أكن أعرفهم طبعاً‪ ،‬شبان فقدوا أطرافهم أو‬ ‫حواسهم‪ ،‬أو خلفتهم شظية يف العمود الفقري‬ ‫حبيسي الفراش أو الكراسي املدولبة‪.‬‬ ‫نبيهة أم ألرب��ع بنات‪ ،‬ع��ادت إىل منزهلا يف حي‬ ‫بين زيد بعد نزوحها عنه قبل عام هرابً من رصاص‬ ‫االشتباكات وقذائف اهلاون‪ ،‬عادت لتأخذ لباساً‬ ‫ش��ت��وايً لبناهتا‪ ،‬واصطحبتهن ليلقني نظرة عليه‪،‬‬ ‫أرادت (ك��م��ا ق��ال��ت) أن ي��وّدع��ن��ه‪ ،‬فقد ال يرينه‬ ‫اثنية‪ ،‬مل تكن تعرف أهنا ستدفن اثنتني منهما مع‬ ‫زوجة عمهما وأوالده��ا الثالثة حتت ركام املنزل‪.‬‬ ‫بعد أسبوعني من إصابتها استفاقت من غيبوبتها‬ ‫مع كسور معممة يف كل جسمها‪ ،‬لتجد عائلتها‬ ‫قد اختصرت إىل النصف‪ ،‬برميل متفجر سقط‬ ‫فوق املبىن الذي حيوي منزهلا فهدم الطوابق األربعة‬ ‫فوقها وأوالدها‪ ،‬ومحاها وزوجته وأوالده‪ ،‬ليموت‬ ‫ستة أش��خ��اص وي��ص��اب م��ن تبقى‪ ،‬وتعيش هي‬ ‫بقية حياهتا مع ندوب يف الوجه التقارن بندوب‬ ‫أخرى عميقة يف القلب‪ ،‬وإحساس ابلذنب ألهنا‬ ‫سبب موت طفلتيها‪.‬‬ ‫آية ذات األربعة عشر ربيعاً‪ ،‬أصيبت بكسر يف‬ ‫اجلمجمة وفقدت شقيقتها اليت تصغرها بعامني‬ ‫نتيجة سقوط سقف املنزل عليهما‪ ،‬ومها انئمتان‬ ‫إث����ر ق��ص��ف ب�برم��ي��ل م��ت��ف��ج��ر يف ال���ش���ارع اجمل����اور‬

‫• فرايل أمني‬

‫ملنزهلما بعندان‪ .‬آية خرجت من العناية املشددة‬ ‫بعد ثالثة عشر يوماً دون ذك��رايت ودون قدرة‬ ‫على الرتكيز أو القراءة أو الكتابة‪ ،‬بعد أن كانت‬ ‫«من األوائل يف مدرستها» كما ذكر والداها‪.‬‬ ‫متاضر ذات السبعة عشر عاماً‪ ،‬اخرتقت شظية‬ ‫كبرية مججمتها نتيجة سقوط برميل متفجر فوق‬ ‫منزهلم‪ ،‬قتل أوالد إخوهتا األربعة‪ ،‬وزوجة أخيها‪،‬‬ ‫وأصيب عشرات آخرون جبروح ختتلف يف شدهتا‪،‬‬ ‫كان هلا هي النصيب األخطر منها‪ .‬بعد قضائها‬ ‫ق���راب���ة ال��ش��ه��ر يف ال��ع��ن��اي��ة امل���ش���ددة خ��رج��ت مع‬ ‫خزل شقي وحالة كآبة أقرب للموت السريري‪،‬‬ ‫فالشظية مل تستهدف وعيها وال ذاكرهتا‪.‬‬ ‫إبراهيم ذو السنوات ال��ث�لاث‪ ،‬الطفل املفرط يف‬ ‫احليوية رغ��م أجهزة التثبيت يف فخذيه واحل��روق‬ ‫ال��ع��م��ي��ق��ة ال��ت�ي أص���اب���ت ع��ض�لات��ه ال��غ��ض��ة حني‬ ‫ف��اج��أه��م ب��رم��ي��ل ب��ي��ن��م��ا ك���ان م���ع ع��ائ��ل��ت��ه ي��ه��رب��ون‬ ‫من برميل آخر‪ ،‬ليسرق ساقي شقيقتيه ويكسر‬ ‫وحيرق فخذيه الصغريتني‪.‬‬ ‫أمحد وكامل يف التاسعة من العمر‪ ،‬فقد كل منهما‬ ‫رج��ل��ه بشظية اته���ت م��ن ب��رم��ي��ل متفجر سقط‬ ‫بعيداً‪ ،‬واألكثر تراجيدية هي نور ذات السنوات‬ ‫الثالث من الشقاء‪ ،‬فقدت بصرها وحركة شقها‬ ‫األمي��ن بسبب شظية انطلقت من برميل متفجر‬ ‫سقط غري بعيد عنها‪ ،‬واستقرت يف دماغها‪.‬‬ ‫ق��ص��ص ك��ث�يرة ت��دم��ي ال��ق��ل��وب‪ ،‬ل��ن يتسع ال��زم��ن‬ ‫هلا وال موازين العدل يف العامل كله‪ ،‬كاتبها جمرم‬ ‫سفاح ال يكتفي من القتل والتدمري‪ ،‬على مشهد‬ ‫م��ن ال��ع��امل ك��ل��ه‪ ،‬وبطلها ب��رم��ي��ل متفجر‪ ،‬س�لاح‬ ‫شديد الذكاء‪ ،‬قليل الكلفة‪ ،‬فتاك بشكل مبهر‬ ‫وقاتل ابجلملة‪.‬‬

‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪35 2014‬‬


‫الجرب يتصدر قائمة األمراض في المعتقالت‬

‫اجل��رب هو عبارة عن سوس يسبب احلكة لإلنسان‪ ،‬ويقوم على احلفر‬ ‫يف اجللد ليضع بيوضه‪ ،‬وهذا السوس لديه مثانية أرجل صغرية‪ ،‬وال ميكن‬ ‫رؤيته على اجللد ابلعني اجملردة‪.‬‬ ‫عندما يصيب اجلرب اإلنسان‪ ،‬يتوضع السوس على الطبقات العليا من‬ ‫اجللد‪ ،‬وبعد عدة أسابيع من تفاعله مع اجللد يتطور ويصبح على شكل‬ ‫طفح جلدي يسبب حكة شديدة‪.‬‬ ‫واجلرب من األمراض املعدية‪ ،‬فإذا أصيب به فرد من أفراد العائلة‪ ،‬تصبح‬ ‫العائلة أبكملها مهددة خبطر اإلصابة‪ ،‬وميكن انتقال العدوى من شخص‬ ‫إىل آخر عن طريق مالمسة اجللد للجلد بشكل مباشر‪ ،‬أو ميكن التقاطه‬ ‫عن طريق االتصال مع األشياء اليت يستطيع سوس اجل��رب البقاء فيها‬ ‫على قيد احل��ي��اة م��ن ‪ 48‬إىل ‪ 72‬س��اع��ة دون االت��ص��ال ال��ب��ش��ري‪ ،‬مثل‬ ‫الفراش‪ ،‬املناشف‪ ،‬املالبس واألاثث املنجد‪.‬‬ ‫ال يقتصر اجل���رب على فئة حم���ددة م��ن األش���خ���اص‪ ،‬فمن املمكن أن‬ ‫يصيب مجيع الفئات العمرية واجلنسية‪ ،‬حىت األشخاص الذين يعتنون‬ ‫كثرياً بنظافتهم الشخصية ممكن أن يصابوا ابجلرب‪ ،‬لكن هناك أشخاص‬ ‫معرضون أكثر من غريهم لإلصابة وهم‪:‬‬ ‫ األطفال الصغار وأمهاهتم‪.‬‬‫ الشباب الناشطني جنسياً‪.‬‬‫ املتشاركون ابلسكن‪.‬‬‫حيدث اجلرب بسبب وجود ضعف ابجلهاز املناعي‪ ،‬ويزيد خطر اإلصابة‬ ‫به لدى الكبار ابلسن واألشخاص الذين لديهم ضعف ابجلهاز املناعي‪،‬‬ ‫كاملصابني ابإليدز‪ ،‬أو األورام الليمفاوية‪ ،‬أو سرطان الدم‪ ،‬أو األشخاص‬ ‫اللذين أجروا عمليات زراعة أعضاء‪.‬‬ ‫أعراض اجلرب‪:‬‬ ‫بعد سيطرة سوس اجلرب على اجللد‪ ،‬تستغرق عالمات املرض وأعراضه‬ ‫وقتاً طوي ً‬ ‫ال للظهور‪ ،‬فإذا كان الشخص قد أصيب ابملرض من قبل‪ ،‬تبدأ‬ ‫األع��راض ابلظهور خالل مدة ت�تراوح بني يوم وأربعة أايم‪ ،‬أما إذا كان‬ ‫‪ 36‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬

‫• هادية اخلطيب‬

‫يصاب للمرة األوىل‪ ،‬فيحتاج اجلسم وقتاً أط��ول لتظهر األع��راض عليه‪،‬‬ ‫ويستغرق ما بني أسبوعني إىل ستة أسابيع‪.‬‬ ‫ومن أكثر أعراض اجلرب شيوعاً‪:‬‬ ‫ احلكة خصوصاً يف الليل‪ ،‬حيث ميكن أن تكون قوية جداً لدرجة أن‬‫يبقى الشخص مستيقظاً طوال الليل‪.‬‬ ‫ الطفح اجللدي‪ :‬يظهر الطفح على جلد الكثري من الناس كعرض من‬‫أعراض اجلرب‪ ،‬ويسبب هذا الطفح مطبات صغرية يف اجللد‪ ،‬ممكن أن‬ ‫تكون على شكل تقرحات‪ ،‬لدغات صغرية‪ ،‬العقد حتت جلد‪ ،‬أو بثور‪،‬‬ ‫وينتشر لدى بعض الناس بقع متقشرة تبدو مثل اإلكزميا‪.‬‬ ‫ ال��ت��ق��رح��ات‪ :‬ميكن خ��دش اجل��ل��د بسبب احل��ك��ة ال��ش��دي��دة‪ ،‬مم��ا يسبب‬‫التقرحات‪.‬‬ ‫ قشور مسيكة على اجللد‪ :‬عندما يتتطور اجلرب ويصبح حاداً‪ ،‬تتشكل‬‫ال��ق��ش��ور على اجل��ل��د وي��ك��ون ه��ذا ن��وع��اً م��ن أن���واع اجل���رب يسمى اجل��رب‬ ‫النروجيي‪ ،‬يسبب حكة شديدة جداً تؤدي إىل خدوش‪ ،‬وهذه اخلدوش‬ ‫ممكن أن تؤدي إىل تعفن الدم‪ ،‬مع خطورة انتقال العدوى للدم‪.‬‬ ‫األماكن األكثر شيوعاً النتشار اجلرب واحلكة والطفح اجللدي‪:‬‬ ‫ اليد‪ :‬وخصوصاً بني األصابع وحول األظافر‪.‬‬‫ املفاصل‪ :‬مثل الرسغني واملرفقني‪.‬‬‫ مناطق اجل��ل��د ال�تي تغطيها امل�لاب��س واجمل���وه���رات مثل األرداف وخط‬‫احلزام‪ ،‬ومربط الساعة‪.‬‬


‫التشخيص‪:‬‬ ‫مي��ك��ن لطبيب األم�����راض اجل��ل��دي��ة أن يشخص‬ ‫مرض اجلرب عن طريق فحص اجللد بصرايً من‬ ‫الرأس إىل أمخص القدمني‪.‬‬ ‫وللتأكد من أن املريض مصاب ابجل��رب يقوم‬ ‫الطبيب أبخذ عينة من اجللد‪ ،‬وه��ذا الفعل ال‬ ‫يسبب أملاً‪ ،‬يقوم بوضع هذه العينة على شرحية‬ ‫زجاجية ليفحصها حت��ت اجمل��ه��ر‪ ،‬وي���رى م��ا إذا‬ ‫كان عليها سوس اجلرب أو بيضه‪ ،‬للتأكد من‬ ‫اإلصابة‪.‬‬ ‫كيف يتم عالج اجلرب‪:‬‬ ‫ي��ت��م ال���ع�ل�اج ع���ن ط���ري���ق وص���ف���ة م���ن ال��ط��ب��ي��ب‬ ‫حصراً‪ ،‬كما جيب أن يطبق ال��دواء على اجللد‬ ‫أبكمله من أسفل الرقبة إىل أمخ��ص القدمني‪،‬‬ ‫واألطفال الرضع غالباً ما حيتاجون لعالج فروة‬ ‫الرأس والوجه أيضاً‪ ،‬وجيب أن يشمل العالج‬ ‫امل���ص���اب‪ ،‬وك���ل االش���خ���اص ال��ذي��ن ك��ان��وا على‬ ‫اتصال وثيق به‪.‬‬ ‫نصائح للتعامل مع مرض اجلرب‪:‬‬ ‫ إذا كنت تعتقد أن��ك م��ص��اب ابجل���رب‪ ،‬ال‬‫تشعر ابحلرج أو ترتدد يف زايرة طبيب األمراض‬ ‫اجل��ل��دي��ة‪ ،‬ألن ال���ذي���ن ي��ت��أخ��رون يف اس��ت��ش��ارة‬ ‫الطبيب ينعكس األم��ر عليهم سلباً‪ ،‬فاجلرب‬ ‫ال يزول دون عالج‪ ،‬والعالج متوفر فقط عند‬ ‫الطبيب‪.‬‬ ‫ إن اجل������رب م�����رض م����ع���� ٍد‪ ،‬ل�����ذا ع���ل���ى مج��ي��ع‬‫األش����خ����اص ال���ذي���ن حي��ت��ك��ون ابمل���ص���اب تلقي‬ ‫عالج اجلرب‪ ،‬حىت لو مل تكن األعراض ظاهرة‬ ‫لديهم‪ ،‬فاألعراض قد حتتاج أسبوعني إىل ستة‬ ‫أسابيع للظهور‪.‬‬ ‫ ع��ل��ى امل���ص���اب االس��ت��ح��م��ام ق��ب��ل اس��ت��خ��دام‬‫ال���دواء ال���ذي يصفه الطبيب‪ ،‬مث تطبيقه على‬

‫بشرة نظيفة وجافة‪ ،‬وجيب أن يبقى الدواء على‬ ‫اجللد مدة ‪ 8‬إىل ‪ 14‬ساعة‪ ،‬مث يغسل‪ ،‬ويفضل‬ ‫تطبيقه قبل النوم‪ ،‬وغسله يف صباح اليوم التايل‪.‬‬ ‫ جي���ب وض����ع ال������دواء م���ن ال��رق��ب��ة إىل أص��اب��ع‬‫ال���ق���دم�ي�ن‪ ،‬واالن���ت���ب���اه إىل وص�����ول ال�������دواء بني‬ ‫األص���اب���ع‪ ،‬ال��رق��ب��ة‪ ،‬ح���ول األظ���اف���ر‪ ،‬وجت��ع��دات‬ ‫ما بني األرداف‪ ،‬مع االنتباه إىل أن األطفال‬ ‫ال���رض���ع وك���ب���ار ال��س��ن حب��اج��ة إىل ع�ل�اج ل��ف��روة‬ ‫الرأس‪ ،‬واجلبني أيضاً‪.‬‬ ‫ جيب عدم غسل اليدين بعد وضع ال��دواء‪،‬‬‫ألن س���وس اجل����رب ي��ف��ض��ل ال��ي��دي��ن ل�لاس��ت��ق��رار‬ ‫فيهما‪ ،‬فيجب التأكد من وضع الدواء عليهما‪.‬‬ ‫ ح��ي�ن ال����ب����دء ابل����ع��ل�اج جي����ب ال���ت���أك���د م��ن‬‫غسل املالبس والفراش والشراشف واملناشف‬ ‫مب��ي��اه س��اخ��ن��ة‪ ،‬وجت��ف��ي��ف��ه��ا ووض��ع��ه��ا يف أك��ي��اس‬ ‫حم��ك��م��ة اإلغ���ل��اق مل����دة اس����ب����وع‪ ،‬وجي����ب إف����راغ‬ ‫املنزل ابلكامل عند البدء ابلعالج من السجاد‬ ‫واألاثث املنجد‪ ،‬وغسله جيداً ابملاء الساخن‬ ‫والصابون‪ ،‬وتنظيف الفراغات املوجدة يف هذا‬ ‫األاثث‪.‬‬

‫مل� ��اذا ي�ن�ت�ش��ر م ��رض اجل� ��رب يف امل�ع�ت�ق�لات‬ ‫بشكل كبري!!‬ ‫إن م������رض اجل�������رب ه����و م����ن أك����ث����ر األم�������راض‬ ‫امل��ع��دي��ة وأش��ده��ا ان��ت��ش��اراً خ��اص��ة ع��ن��دم��ا تتوفر‬ ‫ال��ع��وام��ل امل��ن��اس��ب��ة‪ ،‬ك��م��ا يف ال��س��ج��ون‪ ،‬حيث‬ ‫ت���ن���ع���دم امل���ق���وم���ات ال��ص��ح��ي��ة‪ ،‬وي���ت���واج���د ع��دد‬ ‫كبري من األف��راد يف مساحات صغرية‪ ،‬وينعدم‬ ‫االع��ت��ن��اء ابلنظافة م��ا يعترب أه��م األس��ب��اب اليت‬ ‫تسبب مرض اجلرب وتساعد على انتشاره بني‬ ‫السجناء‪ ،‬وع��دم ع�لاج املصابني ابجل��رب ف��وراً‬ ‫ي��ؤدي إىل زايدة عدد اإلص��اابت وتراجع حالة‬ ‫املصابني‪ ،‬لذلك جيب اتباع خطوات الوقاية من‬ ‫ه��ذا امل��رض وخ��اص��ة داخ��ل املعتقالت‪ ،‬وذل��ك‬ ‫من خالل إجراء مسح للسجون ومجيع أماكن‬ ‫االعتقال‪ ،‬للتحقق من اإلصاابت املوجودة بني‬ ‫األعداد الكبرية من املوجودين داخل السجون‪،‬‬ ‫وع���زل امل��ص��اب�ين ب��ع��ي��داً ع��ن األص���ح���اء‪ ،‬وت��وف�ير‬ ‫ال�����دواء ال��ل��ازم هل���م‪ ،‬ك��م��ا جي���ب ت��وف�ير امل�لاب��س‬ ‫والشراشف واملناشف النظيفة واملعقمة‪ ،‬ملعاجلة‬ ‫املصابني واحلد من انتشار املرض‪.‬‬

‫ملزيد من االطالع نرفق الروابط اآلتية‪:‬‬ ‫‪Scabies: Signs and symptoms- American academy of derma‬‬‫‪tology‬‬ ‫‪http://www.aad.org/dermatology-a-to-z/diseases-and‬‬‫‪treatments/q---t/scabies/signs-symptoms‬‬ ‫‪Scabies: Diagnosis, treatment, and outcome- American acad‬‬‫‪emy of dermatology‬‬ ‫‪http://www.aad.org/dermatology-a-to-z/diseases-and‬‬‫‪treatments/q---t/scabies/diagnosis-treatment‬‬ ‫‪Scabies: Who gets and causes- American academy of derma‬‬‫‪tology‬‬ ‫‪http://www.aad.org/dermatology-a-to-z/diseases-and‬‬‫‪treatments/q---t/scabies/who-gets-causes‬‬ ‫‪Scabies- American academy of dermatology‬‬ ‫‪http://www.aad.org/dermatology-a-to-z/diseases-and‬‬‫‪treatments/q---t/scabies‬‬ ‫‪Scabies: Tips for managing- American academy of dermatol‬‬‫‪ogy‬‬ ‫‪http://www.aad.org/dermatology-a-to-z/diseases-and‬‬‫‪treatments/q---t/scabies/tips‬‬ ‫مرض اجلرب بصمة سورية الميكن اهلروب منها ‪ -‬منظمة املعتقلني السورية‬ ‫‪http://syrian-detainees.org/?p=3185‬‬ ‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪37 2014‬‬


‫احلمل (‪ 21‬آذار ‪ 20 -‬نيسان)‬

‫متوز ينقلك إىل مرحلة جيدة جداً‪ ،‬وينهي كل املعاكسات‬ ‫اليت واجهتها خالل الفرتة السابقة‪ ،‬حتظني ابلكثري من الدوافع‬ ‫اإلجيابية يف نواحي خمتلفة‪ ،‬قد تغريين عملك وتعرفني االنتصار‪،‬‬ ‫عاطفياً تدخلني مرحلة ذهبية تنعمني خالهلا ابحلب‪.‬‬

‫اجلوزاء (‪ 21‬أاير ‪ 21 -‬حزيران)‬ ‫يدعمك احلظ بشكل مطلق هذا العام وينقذك كلما‬ ‫ساءت األحوال‪ .‬أرابح عن طريق العمل أو ابتكارات‬ ‫جديدة‪ .‬انتهى زمن اخليبات العاطفية وأنت أمام دورة‬ ‫فلكية واعدة‪ .‬لقاء استثنائي أييت مع احلظ رمبا حيمل الشريك‬ ‫املنتظر‪.‬‬

‫األسد (‪ 23‬متوز ‪ 22 -‬آب)‬

‫تطورات جيدة على الصعيد املهين إجنازات على صعيد املال‬ ‫والعمل بتأثري مغادرة زحل ودخول املشرتي إىل برجك‪ .‬قلق‬ ‫مع شركاء السكن والعائلة بسبب انتقاالت جيدة لديك‬ ‫وبعض الغرية واحلسد‪ ،‬لكن النتائج الكربى ميكن أن تتأخر‬ ‫حىت شهر آب‪ .‬انتبهي‪ ،‬قد يؤدي سوء تفاهم إىل االنفصال‬ ‫عن احلبيب‪.‬‬

‫امليزان (‪ 23‬أيلول ‪ 22 -‬تشرين أول)‬

‫تتوقف املعاكسات القليلة بدءاً من منتصف متوز‪ ،‬وتبدأ‬ ‫فرتة من اإلجيابيات والنجاح واالنتصار‪ ،‬تكرمي أو تقدير‬ ‫ابنتظارك‪ .‬استقرار على املستوى الصحي‪ ،‬حظوظ‬ ‫االنطالقة واملال أكثر أم ً‬ ‫ال مع بداية متوز‪ .‬حترر من بعض‬ ‫القيود على املستوى العائلي وحتسن يف العالقة مع األبناء‬ ‫والوالدين‪.‬‬

‫القوس (‪ 22‬تشرين اثين ‪ 20 -‬كانون أول)‬

‫مع دخول متوز أمامك موجة من احلظ ال يوقفها شيء‪ ،‬فوائد‬ ‫جتنينها من العمل يف السياسة واإلعالن وميدان التجارة‪ ،‬فرصة‬ ‫لتأسيس عمل دائم‪ ،‬احتماالت لنجاح جتنينه من السفر‪.‬‬ ‫عاطفياً‪ ،‬عالقة جديدة تنسيك اجلروح القدمية أو إحدى‬ ‫الصداقات تتحول إىل حب متني‪.‬‬

‫الدلو (‪ 20‬كانون اثين ‪ 18 -‬شباط)‬

‫جتارب جديدة وغريبة وأوساط مل تعهديها يف العمل‬ ‫والسفر‪ ،‬وأماكن اإلقامة تقدم لك جتارب خاصة‬ ‫جناحات للعاملني يف جمال السياسة والعدالة‬ ‫واألمن العام‪ ،‬تربعني يف جمال الفنون‪ ،‬حيمل آب‬ ‫لك حتدايت جديدة ومسؤوليات‪ .‬عاطفياً انتبهي من‬ ‫عالقات قدمية حتاول النيل منك‪ ،‬صداقة أو حب غري متوقع ابنتظارك‪.‬‬ ‫‪ 38‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬

‫الثور (‪ 21‬نيسان ‪ 20 -‬أاير)‬

‫تقابلك ظروف صعبة لكنك تتجاوزينها بشجاعة‪ ،‬خربات‬ ‫جديدة تكون أساساً ملشاريع مستقبلية‪ ،‬احتماالت لتغيري‬ ‫مكان أو بلد اإلقامة‪ ،‬ينصحك الفلك إبجراء فحوص‬ ‫طبية لو أحسست أبعراض مقلقة‪ ،‬تغريات مفاجئة على‬ ‫صعيد العائلة‪ ،‬وفرصة الرتباط حقيقي‪.‬‬

‫السرطان (‪ 22‬حزيران ‪ 22 -‬متوز)‬

‫حتسن الوضع املايل مينحك الشعور ابالستقرار‪ ،‬كوين حريصة‬ ‫ّ‬ ‫على عالقاتك يف حميطك هذه الفرتة‪ ،‬واحذري أثناء استخدام‬ ‫األدوات احلادة‪ .‬تغريات إجيابية هامة وفرص جيدة‪ .‬عليك احلذر‬ ‫من االندفاع الذي مينحه لك الفلك على الصعيد املايل والوظيفي‪.‬‬ ‫رمبا حتتاجني للعب دور املصلح يف حميط العائلة والسكن‪ .‬عاطفياً‬ ‫فرص جتلب لك احلب والسكينة‪.‬‬

‫العذراء (‪ 23‬آب ‪ 22 -‬أيلول)‬ ‫لديك أفضل احلظوظ هذه السنة حاويل االستفادة مما حصلت عليه حىت متوز‬ ‫لتخطيط مستقبلك‪ ،‬جناحات يف الشأن العام‪ .‬السفر يعدك‬ ‫مبزيد من املال والنجاح‪ ،‬االنتباه إىل أزامت صحية وتراجع‬ ‫مهين يف منتصف متوز‪ .‬برود وحذر على الصعيد العاطفي مع‬ ‫احتمال التعرف على من يقلب األوضاع ويقدم فرصة مناسبة‪.‬‬

‫العقرب (‪ 23‬تشرين أول ‪ 21 -‬تشرين اثين)‬

‫إرادتك القوية هي رصيدك األهم‪ ،‬تتخذين قرارات جريئة‬ ‫وحتملني مسؤولية من حولك‪ ،‬لكن عليك االنتباه إىل‬ ‫أنك مترين مبفرتقات طرق على مستوى احلياة‪ .‬بدءاً من‬ ‫متوز تبدئني بقطف مثار صمودك وجهدك‪ ،‬ربح مايل غري‬ ‫متوقع يف طريقه إليك‪ .‬رمبا كنت على أبواب إهناء عالقة‬ ‫محلتك الكثري من األعباء‪.‬‬ ‫غري متوازنة ّ‬

‫اجلدي (‪ 20‬كانون أول ‪ 19 -‬كانون اثين)‬

‫مع قدوم متوز تبدأ التغريات اإلجيابية اليت تستند إىل‬ ‫الثقة ابلنفس‪ ،‬وسيكون انتقال املشرتي إىل برج األسد‬ ‫مدخ ً‬ ‫ال لتتوقف املعاكسات من احلظ‪ .‬عمل يف اجملال‬ ‫احلكومي‪ ،‬مال أيتيك عن طريق إرث أو تعويض‪،‬‬ ‫عليك االنتباه لصحتك‪ ،‬عاطفياً تغري مكان اإلقامة‬ ‫يبعدك عن عالقة لكن متوز وآب يعدانك ابحلب‪.‬‬

‫احلوت (‪ 19‬شباط ‪ 20 -‬آذار)‬

‫ال زال حتقيق النجاحات واألحالم مستمراً‪ ،‬حلول املشاكل‬ ‫الصحية واملهنية‪ ،‬تكسب أرابحاً كثرية عن طريق التجارة‬ ‫واالستثمار واإلعالم والفن‪ .‬شغف وحتسن مع احلبيب‪،‬‬ ‫والفلك يعدك بعالقة جديدة أو انتماء روحي أو اجتماعي‬ ‫هليئة أو جمموعة‪ ،‬رمبا يفاجئك اهتمام أحد املقربني منك‪.‬‬


‫الكلمات المتقاطعة‬ ‫أفقي‬

‫‪ -1‬معارضة سورية مقيمة في‬ ‫الخارج‬ ‫‪ -2‬أماني‪ -‬يعمل في السلك‬ ‫الدبلوماسي (معكوسة)‬ ‫‪ -3‬جبال كبرى في آسيا‪-‬‬ ‫طائر جارح (معكوسة)‬ ‫‪ -4‬راية (معكوسة)‪ -‬طريقه‪-‬‬ ‫مقياس مساحة (معكوسة)‬ ‫‪ -5‬مرتفع (معكوسة)‪ -‬أجاب‬ ‫النداء‬ ‫‪ -6‬هارب (معكوسة)‪ -‬مسموح‬ ‫(معكوسة)‬ ‫‪ -7‬االسم الثاني لمطربة‬ ‫لبنانية – قوائم‬ ‫‪-8‬عقل باطن‪ -‬بيت‪ -‬يابسة‬ ‫‪ -9‬وجنتي‪ -‬ماء النار‬ ‫(معكوسة)‬ ‫‪ -10‬من أحوال الشمس‪ -‬سكين‬ ‫كبيرة‬ ‫‪ -11‬سورة قرآنية‪ -‬ثوب‪ -‬حبي‬ ‫‪ -12‬مدينة في ريف حلب‬ ‫(معكوسة)‪ -‬من أعمال التجارة‬

‫سودوكو‪ :‬هي لعبة منطقية مبنية على وضع األرقام‬ ‫في المكان المناسب‪ .‬الهدف هو ملء ال ‪ 9*9‬مربعات‬ ‫بأرقام بحيث أن كل عمود وصف ومربع من المربعات‬ ‫التسعة (والتي تدعى مناطق) تحتوي على األرقام من‬ ‫واحد إلى التسعة دون تكرار‪.‬‬

‫كـلمـة الســـــــر‬

‫سودوكـــــــو‬

‫عامودي‬

‫‪ -1‬شهيدة من أطفال الرستن‬ ‫‪ -2‬أفقد األمل (معكوسة)‪-‬‬ ‫أوطان‪ -‬تقدم‬ ‫‪ -3‬أفقد األمل (معكوسة)‪-‬‬ ‫أوطان‪ -‬تقدم‬ ‫‪ -4‬معارك تحرير كبرى‬ ‫قرب نوى في درعا – تهرب‬ ‫(معكوسة)‬ ‫‪ -5‬تكلم‪ -‬صاحبة رأس األفاعي‬ ‫‪ -6‬يستخدم لوقف النزيف‪-‬‬ ‫يعدم‬ ‫‪ -7‬سقاية (معكوسة)‪ -‬سمم‪-‬‬ ‫متشابهان‬ ‫‪ -8‬أحد السعود (معكوسة)‪-‬‬ ‫صفة للمياه‬ ‫‪ -9‬شرّع (معكوسة)‪ -‬البكاء‬ ‫(معكوسة)‬ ‫‪-10‬وجهة نظر(معكوسة)‪ -‬تفاؤل‬ ‫(معكوسة)‪ -‬ألوي‬ ‫‪ -11‬بفشي معلومات‪ -‬أحد‬ ‫الوالدين‪ -‬فارق‬ ‫‪ -12‬ملقبة بخنساء حوران‬

‫كلمة السر مؤلفة من ‪ 12‬حرف‪ :‬حركة احتجاج عمت سوريا‬ ‫في عام ‪2012‬‬ ‫فاستضحكوا من وهمك الثرثار‬ ‫أيتها العرافة المقدسة‬ ‫وح��ي��ن ف��وج �ئ��وا ب �ح��د ال�س�ي��ف‬ ‫ماذا تفيد الكلمات البائسة‬ ‫قايضوا بنا‬ ‫قلت لهم ما قلت عن قوافل الغبار‬ ‫والتمسوا النجاة والفرار‬ ‫فاتهموا عينيك يا زرقاء بالبوار‬ ‫ونحن جرحى القلب‬ ‫ق �ل��ت ل �ه��م م ��ا ق �ل��ت ع ��ن م�س �ي��رة‬ ‫جرحى الروح والفم‬ ‫األشجار‬

‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪39 2014‬‬


‫حين يبدع السجان !!!!‬ ‫كلما ضاقت ابلسوريني سبل العيش‪ ،‬ابدروا إىل ابتكار أفكار ووسائل‬ ‫ذكية تساعدهم على التحمل للمضي يف ثورهتم‪ ،‬فعلى مدى عام ونصف‬ ‫من حصار محص القدمية‪ ،‬اعتمد الثوار على األعشاب يف طعامهم‪،‬‬ ‫وحلّوا مشروابهتم ابلسكر املعقود الذي يستخدم إلزالة الشعر‪ ،‬أتقلماً مع‬ ‫احلصار ومتسكاً بغريزة احلياة‪.‬‬ ‫ابملقابل كانت هناك «كائنات بشرية» تبدع يف طحن األجساد وإزهاق‬ ‫األرواح داخل أبنية إمسنتية كتب على كل منها (فرع األمن الـ ‪،)...‬‬ ‫ليست أمنية قط‪ ،‬بل هي فروع لتصدير األجساد إىل املقابر مبتورة‬ ‫األطراف‪ ،‬مشوهة املالمح‪ ،‬مسا ٌ‬ ‫خل تَنتزع من اإلنسان عقله‪ ،‬فعلى الرغم‬ ‫من اكتظاظ الفروع األمنية ابملعتقلني‪ ،‬مل يعجز السجانون عن خلق وقت‬ ‫فائض البتكار طرق تعذيب جديدة أكثر وحشية وتعسف مما ميارسونه‪.‬‬ ‫ حيدثنا الناشط الفلسطيين السوري (ن‪ ،‬د) وهو معتقل سابق‪ ،‬عما‬‫شاهده من قصص تفوق قدرة العقل البشري على التصور‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫«أثناء اعتقايل‪ ،‬ويف أحد األايم امللتهبة برغبة السجان يف التعذيب‪ ،‬جاء‬ ‫أحد العناصر وقام أبخذ املعتقل (أبو عامر)‪ ،‬رجل يبلغ اخلمسني من‬ ‫عمره‪ ،‬وعاد به بعد قليل من الوقت بعد أن ُكبلت يداه خلف ظهره وُك َّم‬ ‫فمه‪ ،‬رماه يف الزاوية ‪ ،‬وقبل إغالق ابب املهجع صرخ يف وجهنا قائالُ‪:‬‬ ‫( ليكوا ولك حيواانت‪ ،‬اللي بقرب عليه هلاحليوان أو بيحكي معو بدي‬ ‫دعوسو برجليي فهمتو ولك عرصات؟!!)‪ ،‬وابلفعل مل جيرؤ أحد منا على‬ ‫االقرتاب من العم أبو عامر‪ ،‬كان خوفنا يباغتنا‪ ،‬بقي على هذه احلال‬ ‫يومني وهو يئن أملاً‪ ،‬وحنن عاجزون عن معرفة موطن أمله‪ ،‬وكان السجان‬ ‫يصطحبه إىل ابب املهجع يشربه املاء فقط بعد أن منع عنه الطعام‪،‬‬ ‫يف صباح اليوم الثالث كان أمله قد ازداد‪ ،‬تغريت مالمح وجهه وأصبح‬ ‫شاحباً‪ ،‬مث انفجر أسفل بطنه ابملاء والدماء‪ ،‬ركضنا حنوه مسرعني‪،‬‬ ‫فككنا عنه مالبسه وقيوده‪ ،‬فرأينا عضوه الذكري متورماً‪ ،‬لونه أزرق مييل‬ ‫إىل السواد‪ ،‬وقد ربط من أعاله خبيط بالستيكي متني‪ ،‬انفجرت مثانته‬ ‫نتيجة منعه عن التبول وإجباره على شرب كمية كبرية من املاء‪ ،‬وقفنا‬ ‫مذهولني أمام املشهد‪ ،‬استنفر السجان على هلعنا وقام بسحب جسد‬ ‫العم أبو عامر الذي فارق احلياة على أيديهم بطريقة قاسية‪.‬‬ ‫ مل تقتصر عمليات التعذيب على املعتقلني األصحاء جسدايً‪،‬‬‫فاملعتقلون املصابون انلوا القسط األكرب من ساديتهم‪ ،‬وقد أفادتنا‬ ‫مصادر من داخل فرع املدينة يف دمشق أن عناصر األمن بداخله كان‬ ‫قد أغراهم منظر األسياخ املعدنية الظاهرة من قدم معتقل مصاب بكسر‬ ‫سابق‪ ،‬فأخذوا يصعقونه ابلكهرابء عن طريق توصيل األكبال الكهرابئية‬ ‫ابألسياخ الواصلة إىل داخل جسده‪ ،‬لتسري الكهرابء داخل عظامه‪،‬‬ ‫‪ 40‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬

‫• لبىن زاعور‬

‫شالّة حركته أملاً حىت يفارق احلياة‪ ،‬وحسب املصادر فقد ُسجلت‬ ‫حالتا وفاة بتلك الوسيلة‪.‬‬ ‫ الناشطة السورية (دينا البطحيش) العاملة يف جمال حقوق املرأة‬‫حتدثت عن قصص عديدة مسعت هبا من قبل الفتيات املعتقالت‪،‬‬ ‫قالت إن عناصر النظام مل يعتمدوا فقط على األكبال والكهرابء‬ ‫يف التعذيب‪ ،‬بل إن هناك معتقالت تعرضن للتعذيب واالغتصاب‬ ‫ابستخدام اجلرذان والقطط حسب ما روته معتقالت سابقات هلا‪.‬‬ ‫ وكان موقع اجلزيرة نت قد نشر سابقاً تقريراً حول الفتيات‬‫املعتقالت حتدثت فيه السيدة (أم زاهر)‪( ،‬وهي عضو «الرابطة الطبية‬ ‫للمغرتبني السوريني» العاملة بشأن املغتصبات)‪ ،‬عن قصص تعذيب‬ ‫املعتقالت واغتصاهبم ابستخدام أكثر الطرق مهجية وسادية‪.‬‬ ‫رابط املقال يف اجلزيرة نت‪:‬‬ ‫‪http://www.aljazeera.net/news/‬‬ ‫‪pages/2ef3e5f8-cb6d-4488-9420‬‬‫‪7af432dc8516‬‬ ‫ وكان مركز توثيق االنتهاكات يف سوراي قد وثق مئات احلاالت‬‫حول أوضاع املعتقلني وطرق التعذيب اهلمجية اليت يتعرضون هلا‪،‬‬ ‫وقد قام بنشر شهادة املعتقل (حممد مصطفى درويش)‪ ،‬الذي تعرض‬ ‫للتعذيب الشديد بطرق وحشية يف الفرع ‪ ،215‬فذكر‪:‬‬ ‫«كان من األساليب اجلديدة أن وضعوا رأسي يف «كيس انيلون»‬ ‫يشبه كيس اخلبز‪ ،‬ومن مث ربطوا الكيس يف منطقة الرقبة مبطاطة‬ ‫وكان التنفس صعباً للغاية‪ ،‬حيث كانت كمية األكسجني املوجودة يف‬ ‫الكيس تنفذ بشكل كبري وبسرعة وكنّا نعتقد أننا سوف منوت اختناقاً‬ ‫يتم استخدام أسلوب آخر بوساطة‬ ‫من هذه العملية‪ ،‬وكان أيضاً ّ‬ ‫املياه‪ ،‬حيث كانوا يقومون بوضعنا يف بركة صغرية للمياه مساحتها‬ ‫حوايل مرت مربع وعمقها أكثر من ‪150‬سم‪ ،‬وكانو يرتكون املعتقل يف‬ ‫هذه الربكة مدة ‪ 72‬ساعة بعد أن يقوموا بوضع غطاء يف أعلى الربكة‬ ‫فيه فتحة بقطر ‪ 15‬سم‪ ،‬ليستطيع املعتقل التنفس من خالهلا‪ ،‬وكان‬ ‫املعتقلون يقضون مجيع حاجاهتم يف هذه الربكة نفسها أثناء عملية‬ ‫كنت‬ ‫التعذيب‪ ،‬أما الطعام فكانوا يرمونه من خالل تلك الفتحة‪ ،‬وإن َ‬ ‫سعي َد احلظ‪ ،‬فإن بعضه كان يسقط يف فمك‪ ،‬أو تضطر إىل األكل‬ ‫بعد اختالطه ابملاء القذر املوجود‪.‬‬ ‫ بعد أن فاق عدد املعتقلني السوريني يف سجون النظام مئات‬‫اآلالف تبقى اجلملة العالقة يف رأس كل سوري‪« :‬كل معتقل مشروع‬ ‫شهيد»‪.‬‬


‫صحوت على صوت الحرب‬ ‫مج��ي��ع االت���ص���االت م��ق��ط��وع��ة‪ ،‬ال��ك��ه��رابء وامل���اء‬ ‫وض��ج��ي��ج أص�����وات ب��ش��ري��ة يف اخل�����ارج‪ .‬ن��ظ��رت‬ ‫من النافذة‪ ،‬فإذا بعدد كبري من عناصر األمن‬ ‫واجليش أبلبسة متنوعة مدججني أبسلحتهم‪،‬‬ ‫حاصروا البناء الذي أقطن فيه‪ ،‬مسعت صوت‬ ‫خطوات كثرية على ال��درج‪ ،‬توقفت أم��ام ابب‬ ‫م��ن��زيل‪ ،‬واخل��ط��وات تتابعت ص��اع��دة إىل سطح‬ ‫البناء‪..‬‬ ‫ُطرِق الباب فأدركت أنين املقصودة فيما جيري‪..‬‬ ‫دخلوا امل��ن��زل‪ ،‬أخ��ذوا هوييت‪ ،‬وابش���روا بتفتيش‬ ‫املنزل منتشرين يف مجيع أرج��ائ��ه‪ ،‬ك��ان عددهم‬ ‫يتجاوز الثالثني‪ ،‬وبعد انتهائهم م��ن التفتيش‬ ‫طلبوا مين مرافقتهم إىل فرع أمين حاملني معهم‬ ‫هاتفي احملمول وحاسويب‪.‬‬ ‫مت التحقيق معي يف فرع األمن السياسي بدرعا‪،‬‬ ‫ومن مث اقتادوين إىل دمشق‪..‬‬ ‫ركبت سيارة س��وداء‪ ،‬وعلى مييين ويساري ويف‬ ‫املقعد اخللفي أربعة من عناصر األم��ن املركزي‬ ‫ب��رش��اش��اهت��م‪ ،‬ال��س��ائ��ق ورئ��ي��س ال���دوري���ة ك���اان يف‬ ‫امل��ق��ع��د األم���ام���ي‪ ،‬وس��ب��ق ال��س��ي��ارة ابص حيمل‬ ‫عدداً من ضباط األمن‪.‬‬ ‫كل املشهد أوحى يل أنين رمباكنت بن الدن‪ ،‬أو‬ ‫زعيمة خطرية لعصابة إرهابية كبرية‪ .‬يف السيارة‬ ‫هيمن ص��م��ت‪ ،‬يقطعه ك��ل ح�ين ات��ص��ال على‬ ‫الالسلكي م��ع رئيس ال��دوري��ة ال��ذي جيلس يف‬ ‫املقعد األمامي‪ ،‬وكانت ردوده مقتضبة وتقتصر‬ ‫على عبارتني‪« :‬استشهد؟ هللا يرمحه»‪.‬‬ ‫حني رن هاتف العنصر الذي جيلس إىل مييين‬ ‫ببزته السوداء ورشاشه‪ ،‬رد بصوت خافت‪:‬‬ ‫«أهلني‪ ..‬أمي‪ ..‬أان خبري‪ ..‬تطمين‪ ..‬ال ختايف‬ ‫ع��ل��ي»‪ .‬ن��ظ��رت إل��ي��ه وال��ت��ق��ت ن��ظ��رات��ن��ا لربهة‬ ‫س��ري��ع��ة‪ ..‬مث أش���اح بوجهه وك��أن��ه خجل من‬ ‫نظريت‪ ،‬أخرج من جيبه قطعة سكاكر‪ ،‬قدمها‬ ‫يل بصمت‪ ،‬وح��رص أال ي��راه أح��د من رفاقه‬

‫يف السيارة‪..‬‬ ‫نزلت من السيارة أمام حشد كبري من عناصر‬ ‫الفرع ابنتظار استقبال اإلرهايب‪ ..‬برفق أمسك‬ ‫ذل�����ك ال����ش����اب ال�������ذي ك�����ان إىل مي���ي�ن�ي ط����وال‬ ‫الطريق ب��ي��دي‪ ،‬جتمع عناصر ف��رع دمشق عند‬ ‫البوابة‪ ،‬ووصلين صوت أحدهم‪« :‬شو األخت‬ ‫جم������اه������دة؟؟!!»‪ ،‬وك���ان���ت ال���تّ���ه���م امل���وج���ه���ة إيل‬ ‫ع��دي��دة‪ ،‬أمه��ه��ا مشاركيت يف م��ظ��اه��رات ح��وران‬ ‫ضد الظلم‪ ،‬واملطالبة بتحقيق العدالة والقصاص‬ ‫ممن امتهنوا كرامة أطفال ح��وران وأهليهم‪ ،‬أما‬ ‫التهمة الثانية فكانت حتريض نساء حوران على‬ ‫املشاركة يف امل��ظ��اه��رات‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن هتم أخرى‬ ‫كاالتصال إبذاعة أجنبية‪ ،‬والرتمجة لصحافات‬ ‫معادية‪ ،‬واستقبال صحفية أجنبية يف البيت‪.‬‬ ‫وآخر التهم‪ ،‬فالشة حتوي صور مفربكة «على‬ ‫ح���د ق���وهل���م» ل���رج���ال أم���ن ي��ط��ل��ق��ون ال���ن���ار على‬ ‫املتظاهرين‪.‬‬ ‫كنت أخضع للتحقيق ي��وم��ي��اً‪ ،‬م��رة أو مرتني‪،‬‬ ‫وتكرر سؤايل عن سبب مشاركيت يف املظاهرات‪،‬‬ ‫مظهرين استغراهبم‪ ،‬حيث أين عشت يف نعيم‪،‬‬ ‫درس��ت يف م��دارس ال��دول��ة وجامعتها‪ ،‬منحتين‬ ‫وظيفة‪ ،‬وتعطيين راتباً ال أحد حيلم به‪ ،‬فلماذا‬ ‫جحدت أفضاهلا وخرجت يف املظاهرات؟!‬ ‫ك����ان اس��ت��ج��واهب��م حي��م��ل هت���دي���داً ب��ف��ص��ل��ي من‬ ‫وظيفيت‪ .‬مل أتعرض لتعذيب جسدي أو لفظي‪،‬‬ ‫بل تعرضت لألسوأ من ذلك‪ ،‬إذ مكثت املدة‬

‫• هند جملي‬

‫كلها يف زن��زان��ة‪ ،‬ال م��ك��ان للجلوس أو النوم‬ ‫فيها‪ ،‬ك��ان علي أن أك���وم نفسي يف مساحة‬ ‫نصف م�تر م��رب��ع أو أق���ل‪ ،‬وال��ب��اق��ي ك��ان حفرة‬ ‫املرحاض وحنفيته املفتوحة طوال الوقت‪ .‬كانوا‬ ‫يفتحون الباب احل��دي��دي األس��ود ألذه��ب إىل‬ ‫غرفة التحقيق‪ ،‬يف الباب احلديدي انفذة صغرية‬ ‫كانت تفتح ألت��ن��اول الطعام ث�لاث م��رات يف‬ ‫ال��ي��وم‪ ،‬مل يكن يهمين إال أن أبقى حية ببضع‬ ‫لقيمات‪.‬‬ ‫األمل النفسي كان شديداً‪ ،‬خويف وانشغايل على‬ ‫الناس خارج السجن‪ ،‬وخويف من جمهول مظلم‬ ‫يرتاءى يل معظم الوقت‪.‬‬ ‫وذات صباح فتح الباب احل��دي��دي‪ ،‬وخرجت‬ ‫من زنزانيت‪..‬‬ ‫ك���ان أتث�ي�ر ه���ذا االع��ت��ق��ال ع��م��ي��ق��اً‪ ،‬ام��ت��د لفرتة‬ ‫ط��وي��ل��ة‪ ،‬وم���ا زال���ت آاثره يف نفسي ح�تى ه��ذا‬ ‫الوقت‪ ،‬مل متحها آالم االعتقال الثاين الطويل‪.‬‬ ‫عششت ذك���رايت اعتقايل ه��ذا يف أحالمي‬ ‫وي��ق��ظ�تي‪ ،‬ج��ل��وس��ي وح��دي��ث��ي وردود فعلي‪،‬‬ ‫وآالمي اجلسدية املتكررة كل حني وحني‪..‬‬ ‫واليوم ما زلت ابنتظار أن يفتح ابب السجن‬ ‫الكبري لريح احل��ري��ة ال�تي انضلنا ونناضل من‬ ‫أجلها‪.‬‬ ‫وحرية لألبد ‪...‬‬ ‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪41 2014‬‬


‫تحية إلى كريستين‬ ‫اتفقت آراء األبوين وبعض األعمام واألخوال‬ ‫وأقارب الدرجة الثانية وبعد الدراسة والتمحيص‬ ‫وتقليب األمر من وجوهه املختلفة على اختيار‬ ‫فاطمة لتنفيذ املهمة‪.‬‬ ‫ُدفعت حتويشة العمر مخسة اآلالف يورو‪ ،‬مثناً‬ ‫لفيزا شنغن ال يستبعد ْأن تكون مزورة‪.‬‬ ‫لُ ِّقنت فاطمة الدروس املختلفة واالحتماالت‬ ‫املتعددة‪ ،‬ووضعت أمامها خارطة تقريبية‬ ‫ورسم موظفون خمتلفون من رجال‬ ‫للمطار‪ُ ،‬‬ ‫شرطة ومجارك‪ ...‬ووضعت اخلطوط العامة‬ ‫واخلاصة لطبيعة التحرك وردود الفعل الواجب‬ ‫اختاذها يف ِّ‬ ‫كل خطوة على حدة‪ ،‬واألجوبة عن‬ ‫ِّ‬ ‫كل األسئلة املتوقعة‪.‬‬ ‫مل يكن أمام األسرة خيار آخر‪ ،‬كانت فاطمة‬ ‫الشخص الوحيد يف البيت الذي يستطيع تنفيذ‬ ‫املهمة حىت غايتها‪ ،‬فهي األكثر نباهة وذكاء‬ ‫واألنسب يف العمر‪.‬‬ ‫ودَّعت األسرة الفتاة بكثري من الدموع والتوجس‬ ‫واألمل‪.‬‬ ‫جلست يف مقعدها املخصص يف الطائرة‪،‬‬ ‫ارتعبت أثناء اإلقالع‪ ،‬شعرت بضيق غريب مل‬ ‫تعهده من قبل‪ ...‬انتبهت املضيف ُة اللبنانيَّة‬ ‫احلسناء اليت مل تكن تتصرف بلطف املضيفات‬ ‫املعهود إىل حالة االرتباك واخلوف يف وجه‬ ‫الطفلة‪ ،‬فعاملتها ببعض اللطف والتودد‪،‬‬

‫‪ 42‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬

‫وخصتها بكأس من املاء وقطعة من احللوى‪،‬‬ ‫مسحت على شعرها وربتت على كتفها غري‬ ‫مرة أثناء الرحلة‪ ،‬فخفف ذلك من خوفها‬ ‫َّ‬ ‫وقلقها بعض الشيء‪.‬‬ ‫ابلقرب من مطار استوكهومل وبينما كانت‬ ‫الطائرة تنخفض شيئاً فشيئاً كان الرعب يتمكن‬ ‫من الفتاة بصورة متزايدة‪ ،‬ومتنت لو َّأن أحداً‬ ‫يكلمها ريثما حتط الطائرة اللعينة على أرض‬ ‫املطار‪.‬‬ ‫وخرجت من ابب‬ ‫وضعت حقيبتها على ظهرها‬ ‫ْ‬ ‫الطائرة واجتهت إىل املكان الذي كانت اجلموع‬ ‫تتجه إليه وفقاً للخطة اليت أعدت هلا مسبقاً‪،‬‬ ‫وحفظتها عن ظهر قلب‪ .‬لكنَّها ومبجرد أن‬ ‫خرجت إىل البهو الواسع ورأت الناس يتفرقون‬ ‫هنا وهناك شعرت بضيق شديد‪ ،‬وسرعان ما‬ ‫رت يف أرضها‪،‬‬ ‫امتألت عيناها ابلدموع‪َّ ،‬‬ ‫تسم ْ‬

‫• غسان مرتضى‬

‫وبدأت تتأمل حمملق ًة يف كل االجتاهات زائغة‬ ‫البصر‪ ،‬وأجهشت ابلبكاء وهي ُ�تتَ ْمتِم‪« :‬بدي‬ ‫أمي‪ ...‬بدي أمي» كان املارون يلتفتون إليها‬ ‫ابستغراب متسائلني أين أهل هذه البنت‪ ،‬ومل‬ ‫خيطر ببال أح ٍد أنهَّ ا وحدها يف هذا املطار‬ ‫الضخم‪.‬‬ ‫حاولت امرأة سويدية عجوز أن حتادثها‪ ،‬لكنَّها‬ ‫مل تفهم منها إلاَّ أنهَّ ا أجنبيَّة وخائفة وضائعة‪،‬‬ ‫فتوجهت إىل أحد رجال الشرطة‪ ،‬وأخربته‬ ‫ابلشأن‪ ...‬فحضر حاالً‪ ...‬أخرج مندي ً‬ ‫ال من‬ ‫جيبه‪ ،‬مسح دموع البنت‪ ،‬حاول أن يطمئنها‬ ‫قليالً‪ ،‬لكنَّه أخفق يف إفهامها والتعامل‬ ‫معها‪ ،...‬أخذ هاتفه‪ ،‬واتصل إبحداهن‪ ،‬كان‬ ‫امسها كريستني‪ ،‬واصطحب الفتاة من يدها‪،‬‬ ‫ومشى يف اجتاه مكا ٍن حمد ٍد‪ ،‬كانت كريستني‬ ‫ابنتظارمها‪ ،‬قالت بعربيَّة تشوهبا لكنة مل تسمع‬


‫البنت ما يشبهها من قبل‪:‬‬ ‫ أنتم مدعوون مجيعاً‪ ...‬أين املوسيقا؟ بعد قليل سنغين مجيعاً‬‫ أه ً‬‫ال بك‪ ...‬ال ختايف اي صغرييت ال ختايف ‪ ...‬ملاذا تبكني؟ هل أزعجك ‪Happy birthday‬سنحتفل بعيد ميالد فاطمة الفتاة السوريَّة‬ ‫اليت وصلت إىل املطار منذ قليل‪ ،‬لقد أمتت اليوم عامها الثاين عشر‪.‬‬ ‫أحد؟ ال ختايف سأساعدك‪ .‬هل لديك جواز سفر‪.‬‬ ‫فتحت اجلواز‪ ...‬أه امسك فاطمة‪ .‬أه ً‬ ‫ال اي فاطمة‪ ...‬أنت فتاة مجيلة‬ ‫ولطيفة‪( ،‬شعرك األسود بياخد العقل ) ال ختايف اي ابنيت‪ ،‬كل شيء سيكون مل تنتبه أم فاطمة اليت محلت الطفلة تسعة أشهر يف بطنها إىل األمر‪...‬‬ ‫مل خيطر يف ابهلا أص ً‬ ‫على ما يُرام‪.‬‬ ‫ال موضوع عيد ميالد الفتاة‪ ،‬كما مل خيطر األمر يف‬ ‫ابل أح ٍد من أفراد األسرة‪ ،‬إهنم منشغلون مجيعاً عن مثل هذا الرتف‬ ‫فهمت كريستني املسألة من أوهلا إىل آخرها جملرد أن رأت جواز السفر‪ ،‬الذي ال مكان له حتت قذائف اهلاون أو الرباميل الغادرة‪.‬‬ ‫وفهمت َّأن الفتاة قد نسيت املخطط الذي رمسه أهلها‪ ...‬أخذت كريستني كانت فرحة البنت غامرًة‪ ،‬وهي ترى نفسها مركز اهتمام موظفي‬ ‫املطار‪ ،‬وتتلقى مالطفاهتم وعباراهتم املهنئة اليت مل تكن تفهم منها شيئاً‪،‬‬ ‫هاتفها واتصلت ابلرقم املكتوب على قصاصة موضوعة داخل اجلواز‪:‬‬ ‫ ألو‪ ...‬أنت السيدة أم فاطمة‪ ...‬ابنتك لدينا هنا يف استوكهومل‪ ،‬اطمئين و َّ‬‫انفض اجلمع بعد دقائق‪.‬‬ ‫البنت اهلاتف فتكلمت مع اصطحبت كريستني الفتاة إىل مكان إقامتها‪ ،‬وأعلمتها أهنا تستطيع‬ ‫أمورها خبري وكل شيء على ما يرام‪ ،‬وأعطت َ‬ ‫االتصال هبا يف أي وقت‪ ،‬لي ً‬ ‫وألي سبب مهما كان اتفهاً‪،‬‬ ‫أمها‪ ،‬بكت قليالً‪ ،‬لكنَّها سرعان ما اراتحت‪ ،‬وعادت إليها الطمأنينة‪.‬‬ ‫ال وهناراً‪ِّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫اصطحبتها كريستني بعد أن أعطتها قطعة من الشوكوال إىل املكان املخصص وطمأنتها أن مل مشلها مع أسرهتا سيحصل‪ ،‬لكنَّه حيتاج إىل بعض‬ ‫الستكمال إجراءات الدخول إىل السويد‪ ،‬سلمت اجلواز لشرطي آخر ‪ ...‬الوقت‪.‬‬ ‫قام ابإلجراءات وأعاد إليها اجلواز‪.‬‬ ‫قصة فاطمة‪.‬‬ ‫هنا تنتهي َّ‬ ‫أمَّا كريستني‪ ...‬السيدة السويدية اليت مل تتلق دروساً يف الداينة ومل‬ ‫حتضر حلقات القبيسيات‪ ،‬وال تزور الكنيسة إال يف األعياد الكربى‪،‬‬ ‫وال يهمهما أن تعرف شيئاً عن انتماء فاطمة‪ .‬كريستني فهمت َّأن مثَّة‬ ‫طفلة حباجة إىل مساعدة‪ ،‬فقدمت َّ‬ ‫كل ما يتوجب عليها‪ ،‬وشيئاً من‬ ‫وقتها وماهلا اخلاص‪.‬‬ ‫إنهَّ ا تقوم بعملها وتستقبل السوريني اهلاربني من جحيم املوت إىل‬ ‫السويد‪ ،‬دون كلل أو ملل‪.‬‬ ‫ترتجم للقادمني وتقوم بدور أداة التواصل‪ ،‬وفقاً ملا متليه عليه طبيعة‬ ‫لكن كريستني ال تكتفي بذلك؛ إنهَّ ا تقدم للسوريني القادمني‬ ‫كانت الفتاة تتشبث هبا ممسك ًة يدها بيديها االثنتني خوفاً من أن تتحرك عملها‪َّ ...‬‬ ‫أو ترتكها‪ ،‬أصبح الكون كله مخُ تصراً يف كريستني اليت أسلمت يدها الدافئة شعوراً ابلطمأنينة افتقدوه منذ فرتة طويلة‪ ،‬تقدم هلم اإلنسانيَّة واحملبة‪.‬‬ ‫كريستني تقول للسوريني املعذبني أه ً‬ ‫ال بكم‪ ،‬ال ختافوا سيكون كل‬ ‫حبنان غامر ليدي الفتاة اخلائفة‪.‬‬ ‫نظرت كريستني يف اجلواز اثنية ‪ ...‬تغريت مالمح وجهها فجأة‪ ...‬كان شيء على ما يرام‪.‬‬ ‫وجهها اجلميل بشوشاً حبكم الطبيعة اإلهلية‪ ،‬ومل تكن االبتسامة الرقيقة‬ ‫املرة مل تعد اعتيادية حتولت إىل فرحة غامرة‪ ...‬األسد يقول للسوريني إما أان أو أحرق البلد‪ ،‬أو استعجلوا ابلرحيل‪.‬‬ ‫تفارقه‪َّ ،‬‬ ‫لكن ابتسامتها هذه َّ‬ ‫اندت بصوت مرتفع موظفاً صغرياً‪ ،‬أعطته نقوداً‪ ،‬وطلبت منه – على غري البغدادي ويقول للسوريني إما أن تبايعوين على الطاعة أو أقتلكم‬ ‫املعتاد – وبصورة لفتت انتباه مجيع املوظفني أن يذهب إىل مول املطار بسيفي هذا‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫شكراً لك كريستني‪.‬‬ ‫بصوت مرتفع‪:‬‬ ‫ويشرتي الكاتو جلميع املوظفني‪ .‬وأعلنت‬

‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪43 2014‬‬


‫آخر اهتماماته اإلبداع والفن‪...‬‬ ‫األبواب الخلفية للتلفزيون (‪)2‬‬

‫إفساد ُمتعمد لذائقة الجمهور وهدر مستمر للمال العام‬

‫لقطة أوىل‪ :‬صباح التاسع من نيسان ‪2003‬‬ ‫ال���دابابت األمريكية يف قلب ب��غ��داد ك��ان املشهد‬ ‫شبه الوحيد على مجيع ش��اش��ات ال��ع��امل‪ ،‬يف حني‬ ‫ك��ان��ت ش��اش��ة ال��ت��ل��ف��زي��ون ال���س���وري ت��ب��ث ب��راجم��ه��ا‬ ‫وأخبارها كاملعتاد‪ ..‬وصل اخلرب وما كان أحد من‬ ‫العاملني يف التلفزيون جي��رؤ على اخت��اذ ق��رار ببثه‪،‬‬ ‫ذلك أن بث اخلرب حيمل فيما حيمله موقفاً سياسياً‬ ‫مم��ا ج��رى يف ال��ع��راق يومها‪ ..‬وب���دأت االت��ص��االت‬ ‫ابلسادة املسؤولني والضباط الكبار‪ ،‬الكل هترب‬ ‫م��ن اخت���اذ ال��ق��رار ك��ي ال ي��ك��ون ك��ب��ش ف����داء‪ ،‬وم��ع‬ ‫ورود تفاصيل ماجيري يف بغداد صبيحة ذلك اليوم‬ ‫هرب مدير األخبار إىل غرفته وفصل كل اهلواتف‬ ‫وأغ��ل��ق ال��ب��اب‪ ،‬كذلك فعل ابق��ي امل���دراء‪ ،‬فمن اي‬ ‫تُرى سيتحمل مسؤولية بث خرب تناقلته كل وسائل‬ ‫اإلعالم يف كل أحناء العامل‪ ..‬بقي األمر كذلك إىل‬ ‫أن استفاق ساكنو القصر اجلمهوري وأم��روا ببث‬ ‫اخلرب على أنه احتالل‪.‬‬ ‫هذه هي حال التلفزيون السوري الذي اليستطيع‬ ‫أي م��دي��ر ف��ي��ه اخت����اذ أي ق����رار م��ه��م��ا ك����ان‪ ،‬دون‬ ‫ال��رج��وع إىل القصر اجلمهوري‪ ،‬ويعرف السوريون‬ ‫ذل��ك ج��ي��داً وإن مل يلمسوه مل��س ال��ي��د‪ ،‬ويف ذات‬ ‫السياق يتدخل القصر اجلمهوري لتعيني ه��ذا أو‬ ‫ذاك يف أي موقع من املواقع الكثرية يف اهليئة العامة‬ ‫لإلذاعة والتلفزيون واملديرايت الكثرية التابعة هلا‪،‬‬ ‫وم���ن ه���ؤالء ك��ات��ب س��ي��ن��اري��و أجن���ز ب��ع��ض األع��م��ال‬

‫• رعد شاهني‬

‫الدرامية الرديئة يف موقع مدير اإلنتاج التلفزيوين‪،‬‬ ‫وهي مديرية اتبعة للهيئة‪ ،‬وكانت تعمل من داخلها‬ ‫إىل أن مت حلّها‪ ،‬وقامت مؤسسة اإلن��ت��اج التابعة‬ ‫ه��ذه امل��رة ل��ل��وزارة وليس للهيئة‪ ،‬يف حماولة لتطوير‬ ‫عمل املديرية اليت اختصت‪ ،‬ولسنوات طويلة جداً‪،‬‬ ‫إبنتاج األعمال الردئية‪ ،‬فيما تكفل القطاع اخلاص‬ ‫إبنتاج بعض األعمال الدرامية املميزة‪.‬‬ ‫ُمديرية اإلنتاج التلفزيوين‪ :‬منهج التدمري املايل‬ ‫واإلبداعي‬ ‫السبب احلقيقي لتحويل هذه املديرية اليت كانت‬ ‫سابقاً تُنتج أهم األعمال الدرامية هو مرة أخرى‬ ‫الفساد امل��ايل واألم�ن�ي‪ ،‬فمدير ه��ذه املديرية كمن‬ ‫فُتحت أمامه مغارة علي اباب‪ ،‬لذلك سعى كثريون‬ ‫للوصول إىل ه��ذا املوقع وإزاح���ة من هم جديرون‬ ‫وفاعلون‪ ،‬وهنا يتدخل العامل األمين س��و ًاء أكان‬ ‫رؤساء األفرع األمنية أم ُضباط القصر اجلمهوري‪،‬‬ ‫واألم�����ر ن��ف��س��ه ك����ان س��ب��ب��اً يف ش����راء ك ّ����م ك��ب�ير من‬ ‫النصوص ال��درام��ي��ة غ�ير الصاحلة ولكن ألن جهة‬ ‫أمنية م��ا تُ��ري��د هل��ذا الكائن أن يتحول إىل كاتب‬ ‫درام��ا فيتحول حىت لو كان قادماً من معسكرات‬ ‫ال���ص���اع���ق���ة أوس��������رااي ال����دف����اع أو ال���ف���رق���ة ال���راب���ع���ة‪.‬‬ ‫يف ال��ب��داي��ة ع��م��د ب��ع��ض امل��خ��رج�ين ال��ذي��ن اض��ط��روا‬ ‫ل��ل��ع��م��ل يف ه�����ذه امل���دي���ري���ة ل��ل��ع��م��ل أبن��ف��س��ه��م أو‬ ‫االستعانة ببعض األصدقاء من الكتاب لتحسني‬ ‫النص الدرامي املفروض أحدهم بقرار أمين‪ ،‬إال أن‬

‫ذلك مل يطل ألن العمل على نصوص فاشلة هو‬ ‫أصعب بعشرات املرات من كتابة نصوص جديدة‪،‬‬ ‫وه��ك��ذا حت��ول ع��دد م��ن خم��رج��ي ه��ذه امل��دي��ري��ة إىل‬ ‫منفذين لنصوص ردي��ئ��ة‪ ،‬وابل��ت��ايل أع��م��ال ُمصورة‬ ‫أكثر رداءة‪ ،‬بعضها مل جيرؤ حىت التلفزيون السوري‬ ‫ع��ل��ى ع��رض��ه��ا‪ ،‬ألن ه���ذا امل���خ���رج ه���و يف ال��ن��ه��اي��ة‬ ‫موظف وحيتاج إىل إجناز أي عمل درامي ليُحقق‬ ‫لنفسه دخ ً‬ ‫ال جيداً‪ ،‬وهكذا قضى هذا الفساد على‬ ‫واحدة من أهم منابع إنتاج الدراما السورية‪ ،‬وهدر‬ ‫مئات املاليني من اللريات على هذه املسلسالت‬ ‫املرمية يف أرش��ي��ف مكتبة التلفزيون‪ ،‬انه��ي��ك عن‬ ‫ت��ص��دي��ر ع����دد غ�ي�ر ق��ل��ي��ل م���ن أن���ص���اف امل��وه��وب�ين‬ ‫واملوهوابت أو حىت من عدمييها ابملطلق كممثلني‬ ‫وممثالت برغبة هذا الضابط أو ذاك‪ ،‬هذه اجلهة‬ ‫األمنية أو تلك‪ ،‬انهيك عن كون ميزانية املسلسل‬ ‫املُنتج يف هذه املديرية هي ضعفا أو ثالثة أضعاف‬ ‫ميزانية املسلسل ذاته يف القطاع اخلاص‪.‬‬ ‫إدارة اإلنتاج‪ :‬جباية وتسهيل لوزام السهارى‬ ‫الدخول إىل عامل مدراء اإلنتاج هو مبثاية الدخول‬ ‫إىل متاهة حقيقية‪ ،‬وإن كانت األساليب امللتوية‬ ‫يف اخلروج من هذه املتاهة ابتت معروفة ملعظم من‬ ‫ق��ارب التلفزيون السوري يوماً‪ ،‬وإن كنا ب��دأان مبن‬ ‫ت���واىل على إدارة ه��ذه امل��دي��ري��ة‪ ،‬ال��ذي��ن خ��رج كثري‬ ‫منهم بفضائح أخ�لاق��ي��ة وم��ال��ي��ة‪ ،‬وك���ان داعموهم‬ ‫ميلكون ال��ق��درة على مسحها من ال��وج��ود وإع��ادة‬ ‫االعتبار إليهم يف مواقع أخرى‪ ،‬فذلك فقط إللقاء‬

‫‪ 44‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬


‫اإلنتاج‪ ،‬ليتم فرز مدير إنتاج للربانمج‪ ،‬فيبدأ بتنظيم‬ ‫ما يُسمى األم��ر «اإلداري»‪ ،‬وهنا جيب أن نمُ يز‬ ‫بني ثالثة أنواع من الربامج كالعادة‪:‬‬

‫الضوء األويل على هذه املديرية اليت تتحكم بكل‬ ‫اإلنتاج الرباجمي والدرامي يف اهليئة العامة لإلذاعة‬ ‫والتلفزيون‪ ،‬ألن هذه املديرية دون غريها عليها على‬ ‫األق���ل (ح��س��ب ن��ظ��ام العمل يف اهل��ي��ئ��ة) أن تحُ��دد‬ ‫اس��م مدير اإلن��ت��اج ألي عمل‪ ،‬وه��ذا ال ينفي أنه‬ ‫يتم جتاوز دورها يف أحيان كثرية وذلك تبعاً للدعم‬ ‫األم�ن�ي واإلداري ال���ذي حي��ظ��ى ب��ه ه���ذا الشخص‬ ‫أو ذاك‪ ،‬سواء أكانت صفته مدير إنتاج أو معد‬ ‫برامج أو خمرج أو مدير قناة‪ ،‬انهيك عن أن بعض‬ ‫م����دراء االن���ت���اج‪ ،‬وه��ن��ا ن��ؤك��د ع��ل��ى ك��ل��م��ة (ب��ع��ض)‬ ‫لعب أدواراً أخ��رى‪ ،‬كأن يكون وسيطاً بني بعض‬ ‫الفتيات احلاملات للدخول إىل ميدان الفن وهذا‬ ‫ال��ض��اب��ط أو ذاك‪ ،‬أو ه���ذه امل��ذي��ع��ة أو ت��ل��ك ممن‬ ‫ميلكن االستعداد والرغبة للوصول السريع‪ ،‬ومرة‬ ‫أخرى نؤكد هنا على (بعضهن)‪ ،‬ويعرف العاملون‬ ‫يف امل��ب�نى الكثري م��ن القصص ال�تي ت���دار ابلعلن‪،‬‬ ‫لعل أكثرهن شهرة تلك املذيعة اجلميلة اليت بدأت‬ ‫ابلظهور يف تقارير عابرة‪ ،‬لتتحول بعد أسابيع قليلة‬ ‫إىل املذيعة الرئيسية يف الربانمج السياسي اليومي‪،‬‬ ‫ومن مث تلحق بركب قناة الدنيا لتكون واحدة من‬ ‫أشهر شبيحاته‪ ،‬وه��ي ال�تي متلك منذ حن��و مخس‬ ‫سنوات سيارة خاصة من ماهر األس��د‪ ،‬واليوم ال‬ ‫تتحرك إال مبرافقة من القصر اجلمهوري‪.‬‬ ‫الربامج التلفزيونية‬ ‫ل �ن �ب��دأ أو ًال ابل�ب�رام ��ج ال�ت�ل�ف�زي��ون�ي��ة ال�ت�ي ي�ق��وم‬ ‫التلفزيون إبنتاجها بشكل يومي‪ ،‬حيث تكون‬ ‫آلية تنفيذ الربامج على الشكل التايل‪:‬‬ ‫جتتمع جل��ان ال�برام��ج املؤلفة بشكل أس��اس��ي من‬ ‫مدراء القنوات‪ ،‬ومدراء األقسام اهلندسية والتقنية‪،‬‬ ‫ومدير التلفزيون إبشراف مباشر أو غري مباشر من‬ ‫املدير ال��ع��ام‪ ،‬يناقشون فيها األف��ك��ار ال�تي قدمها‬ ‫امل��ع��دون وأح��ي��اانً امل��خ��رج��ون يف التلفزيون إلجن��از‬ ‫ب��راجم��ه��م‪ ،‬وب��غ��ض النظر ع��ن آل��ي��ة امل��واف��ق��ات اليت‬ ‫تلعب فيها املزاجية الدور األهم ووالءات العاملني‬ ‫هلذا املدير أو ذاك‪ ،‬فإنه بعد املوافقة من اللجنة‪،‬‬ ‫ي��ق��وم ص��اح��ب ال��ف��ك��رة ابل��ت��ق��دم ب��ط��ل��ب مل��دي��ري��ة‬

‫الربامج الدورية واليت تُبث بشكل مستمر لسنة أو‬ ‫لسنوات بشكل أس��ب��وع��ي‪ ،‬وه��ن��ا سيكون اهتمام‬ ‫مدير اإلن��ت��اج ع��اب��راً‪ ،‬ذل��ك أن ه��ذا ال��ن��وع ال مينح‬ ‫مساحات دمسة لالستفادة‪ ،‬لكن النظرية اليت يعمل‬ ‫عليها مدراء إنتاج هكذا برامج هي نظرية «ساقية‬ ‫جارية وال هنر مقطوع»‪ ،‬إذ سيحصل على أجر‬ ‫رمس���ي ق��ل��ي��ل خ����ارج رات���ب���ه‪ ،‬وإذا ك��ان��ت ل��دي��ه ع��دة‬ ‫برامج‪ ،‬فسينال سقفه امل��ايل كل شهر إىل جانب‬ ‫راتبه‪ ،‬إضافة إىل أن لكل برانمج مصروفات دورية‬ ‫تتضمن (أج����رة امل���واص�ل�ات وامل��ش��اري��ب‪ ،‬وأح��ي��اانً‬ ‫وجبات طعام ومكافآت الضيوف‪ ،‬والديكور وغري‬ ‫ذلك)‪ ،‬واليت ستكون معظمها ومهية‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يؤمن مدخوالً شهرايً إضافياً ملدير اإلنتاج‪ ،‬وغالباً‬ ‫ستكون ابلشراكة مع املخرج‪.‬‬ ‫أمر إداري ابلسرقة‬ ‫واألم��ر اإلداري هنا يبدأ بوضع اس��م مدير القناة‬ ‫ُمشرفاً على الربامج‪ ،‬مث أمساء العاملني يف الربانمج‪،‬‬ ‫ُم���ض���اف���اً إال���ي���ه س��ل��س��ل��ة م���ن األمس������اء اإلداري�������ة من‬ ‫س��ك��رت�يرات وم��وظ��ف��ات مي��ل��ك��ن احل��ظ��وة ع��ن��د ه��ذا‬ ‫امل���دي���ر أو ذاك‪ ،‬ك��م��ا س��ت��ت��م إض���اف���ة أمس����اء ع��دة‬ ‫عاملني يف اإلدارة واملالية‪ ،‬إىل جانب أمساء ومهية‬ ‫ال ت��دخ��ل امل��ب�نى إال مل��ام��اً‪ ،‬مث ي��دخ��ل معركة إق��رار‬ ‫ميزانية بعد أن جيد لكل تفصيل فيها خمرجاً قانونياً‪،‬‬ ‫ويقاتل يف أروقة مديرية اإلدارة املالية للحصول على‬

‫املوافقة من اللجنة املختصة اليت سيكون هلا «حلسة‬ ‫إصبع» من املوضوع‪ ،‬وعلناً مثة بنود تزداد قيمتها‬ ‫ألن اجلميع مبن فيهم (اللجنة ومدير اإلنتاج وكل‬ ‫العاملني يف التلفزيون ) يعرف أن للمدراء حصصاً‬ ‫غري معلومة‪ ،‬منها على سبيل املثال تسديد فواتري‬ ‫امل��وابي�لات ملعظم امل����دراء وزوج��اهت��م وصديقاهتم‪،‬‬ ‫وت��وف�ير امل��ب��ال��غ ال�ل�ازم���ة جل��ل��ب أن����واع ال��ض��ي��اف��ة إىل‬ ‫مكاتب املدراء‪ ،‬وطبعاً من الربامج اخلاضعة للرعاية‬ ‫والعقود للمدراء حصة رمسية‪ ،‬ومع ذلك البد من‬ ‫حصص أخرى تذهب جليوب املدراء على شكل‬ ‫م���ادي واض���ح وم��ل��م��وس‪ ،‬واالس��ت��ث��ن��اءات يف ه��ذا‬ ‫اجمل���ال اندرة ج���داً‪ ،‬لكنها م��وج��ودة بكل أتكيد‪،‬‬ ‫وهذه اآللية تتكرر يف كل أنواع الربامج مهما كانت‬ ‫صيغتها املالية‪ ،‬لكنها تنقص أو تزيد تبعاً لتصنيف‬ ‫الربانمج إن كان دورايً أو عقوداً أو رعاية‪.‬‬ ‫اللصوصية ضرورة لالستمرار‬ ‫عند ع��رض ال�برانم��ج سينظم مدير اإلن��ت��اج البيان‬ ‫املايل وفقاً لألمر اإلداري‪ ،‬وستُرتك الصفحة األخرية‬ ‫من البيان فارغة ليقوم املدراء إبضافة من يشاؤون‪،‬‬ ‫أول��ت��ق��وم اإلدارة وامل��ال��ي��ة إبع��ط��اء مبالغ م��ن ميزانية‬ ‫ال�برانم��ج ألش��خ��اص مي��ل��ك��ون ال��ص��ف��ة ال�ت�ي تؤهلهم‬ ‫ليكونوا ضمن أي بيان م��ايل‪ .‬إذاً فمدير اإلنتاج‬ ‫مضطر إذا كان «نزيهاً ابملطلق» إلضافة بنود غري‬ ‫ضرورية إلنتاج الربانمج‪ ،‬ليليب حاجة غرف املدراء‬ ‫وامل���دي���رات‪ ،‬ذل��ك أن آل��ي��ة عمل اهليئة ككل هي‬ ‫آلية قامت ملنح ه��ذه الفرص من السلب امل��ادي‬ ‫للبعض بطبيعة احلال وليس للجميع‪ ،‬وهذا البعض‬ ‫إن ارتكب محاقة ما ال يرضى عنها النظام فملفاته‬ ‫ج��اه��زة‪ ،‬وت��دخ��ل يف ذات اآلل��ي��ة املؤسسة العربية‬ ‫ل�ل�إع�ل�ان‪ ،‬وال��ت�ي ت��ت��ح��ك��م حب��رك��ة اإلع��ل��ان يف كل‬ ‫وس��ائ��ل االت��ص��ال يف س���وراي‪ ،‬ف�لا حي��ق ألح��د نشر‬ ‫أي إعالن إذاع��ي أو تلفزيوين أو صحايف إال عن‬ ‫طريق هذه املؤسسة‪ ،‬إذ انتبهت السلطات األمنية‬ ‫سريعاً إىل خ��ط��ورة مت��ري��ر أي ش��يء ال ت��رض��ى عنه‬ ‫ع�بر اإلع�ل�ان‪ ،‬وع�بر ه��ذا االس��ت��ح��واذ دفعت هذه‬ ‫املؤسسة العمل اإلعالين السوري إىل احلضيض‪.‬‬ ‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪45 2014‬‬


‫التاريـخ يبدأ من سومـر‬ ‫شاعرات من الشرق القديم‬

‫غالباً ما تصنّف الشاعرة اإلغريقية سافو (‪ 559-630‬ق‪.‬م) كأقدم شاعرة‬ ‫حب يف العامل‪ ،‬أو كأقدم شاعرة غنائية وفقاً للتقسيم األرسطي‪ .‬إذ تبدأ‬ ‫ّ‬ ‫اآلداب األوروبية من اليوانن‪ ،‬ويبدأ األدب اليوانين من مالحم هومريوس‬ ‫وقصائد سافو الغنائية‪ .‬لكن االكتشافات اآلاثرية الالحقة ملرحلة تكريس‬ ‫كالسيكيات األدب األورويب‪ ،‬أظهرت الكثري من النصوص األدبية القدمية‬ ‫سبقت مالحم هومريوس وغنائيات سافو‪.‬‬ ‫جداً‪ ،‬واليت ْ‬ ‫وقعت عيناي‬ ‫خالل زايريت ملتحف «آركولوجي» يف اسطنبول قبل عام‪ْ ،‬‬ ‫منقوش بدقة متناهية اإلبداع‪ ،‬وضعوا فوقه‬ ‫سومري صغري‪،‬‬ ‫على حجر‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫الفت ًة تقول إنه حيوي أقد َم قصيدة حب يف العامل‪ ،‬ويعوُد اتريخ احلجر‬ ‫إىل عام ‪ 2100‬قبل امليالد‪ .‬ألعود اليوم وأج َد أ ّن املؤرخ وعامل اآلاثر‬ ‫األمريكي «صامويل نوح كارامر» (‪ )1990-1897‬هو الذي اكتشف‬ ‫هذا احلجر عام ‪ ،1951‬مث قام برتمجة القصيدة من اللغة السومرية إىل اللغة‬ ‫اإلنكليزية‪ ،‬ونشرها يف كتابه «إانان ملكة السماوات واألرض» عام ‪،1983‬‬ ‫وقد ترمجتُها إىل العربية نق ً‬ ‫ال عن كتابه هذا‪.‬‬ ‫وضع «كرامر» بضعة مالحظات على القصيدة‪ ،‬عندما وجد الكثري من‬ ‫التشابه بني النصوص السومرية و«نشيد األنشاد» يف الكتاب املق ّدس‪،‬‬ ‫النص‬ ‫من حيث استخدام نفس مفردات الفضاء اجلغرايف‪ ،‬ومن حيث أ ّن ّ‬ ‫تخُ�تتَم مقاط ُع ُه ابلالزمة اليت يرّددها الكورس‪.‬‬ ‫جيمع بني احلوار واملونولوج‪ ،‬و َ‬ ‫ويرجح «كرامر»‬ ‫ومن حيث أن العاشقة راعية‪ ،‬بينما املعشوق هو امللك‪ِّ .‬‬ ‫طور عن نصوص سومر‪ ،‬كما يضع‬ ‫أبن «نشيد األنشاد» هو ٌّ‬ ‫ّح وُم َّ‬ ‫نص منق ٌ‬ ‫فرضي َة ْأن يكون العربانيون قد ا ّطلعوا على هذه األانشيد قبل مرحلة السيب‬ ‫البابلي‪ ،‬مث محلوها معهم إىل مصر مث فلسطني‪.‬‬ ‫وتُنسب أقدم قصيدة يف العامل إىل الشاعرة بُلبالة السومرية‪ ،‬اليت ال نعرف‬ ‫عنها سوى أهنا كانت ضمن فرقة إانان‪ ،‬اليت كانت تغنيّ يف البالط السومري‬ ‫أواخر القرن الثالث قبل امليالد‪ .‬ويرُد ْ‬ ‫ذكر امسها يف هناية القصيدة‪:‬‬ ‫يس‪ ،‬اي َم ْن أحبَُّه قليب‬ ‫أيها العر ُ‬ ‫وشهي كالشهد‬ ‫ساحر ٌّ‬ ‫مجالُ َك ٌ‬ ‫ين‬ ‫أسر َت قليب‪ ،‬فدع ْ‬ ‫لقد ْ‬ ‫أقف حبضر َ‬ ‫تك خائف ًة مرتعشة‬ ‫ُ‬ ‫‪ 46‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬

‫• عبد الكرمي بدرخان‬

‫أيها العريس‪ ،‬اي َم ْن سيأخذونين إىل غرفة نوم ِه‬ ‫أسرت قليب‪ ،‬فدعين‬ ‫لقد َ‬ ‫َ‬ ‫أقف حبضرتك خائف ًة مرتعش ْة‬ ‫ُ‬ ‫أيها األسد‪ ،‬ستأخذين إىل غرفة نومك‬ ‫أيها العريس‪ ،‬دعين أداعبْك‬ ‫وشهي‬ ‫حلو ٌّ‬ ‫إن أسلويب ٌ‬ ‫ويف حجرة النوم املألى ابلعسل‬ ‫دعنا نستمت ْع ابجلمال الباهر‬ ‫أيها األسد‪ ،‬دعين أُدلّلْك‬ ‫فإن تدليلي أشهى من الشهد‬ ‫أخذت مين أشهى ما تريد‬ ‫أيها العريس‪ ،‬لقد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ستعطيك األطايب‬ ‫فخّ�ب ْر أمي‪،‬‬ ‫أما أيب فسيغدق َ‬ ‫اهلبات‬ ‫عليك ْ‬ ‫روحك‪ ..‬أعرف كيف أسع ُد َ‬ ‫روحك‬ ‫ُ‬ ‫ضحك َ‬ ‫أعرف كيف أُ ُ‬ ‫َ‬ ‫قلبك‪ُ ..‬‬ ‫قلبك!‬ ‫أيها العريس‪ ،‬نَ ْـم يف بيتنا حىت بزوغ الفجر‬ ‫أيها األسد‪ ،‬من يف بيتنا حىت بزوغ الفجر‬ ‫ين‪..‬‬ ‫وألنك رج ٌل شهوا ّ‬ ‫ين –حب ّقـك‪ -‬شيئاً من ملساتك ومداعبتك‬ ‫هبْ ْ‬ ‫اي موالي امللك‪ ،‬واي سيدي احلامي‬ ‫وحلو كالشهد‪ ،‬فض ْع َ‬ ‫يدك عليه‬ ‫جسمي مجي ٌل ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫غط ْه َ‬ ‫رداء‬ ‫بيديك وكأهنما ْ‬ ‫إهنا أنشودة بُلبالة‬ ‫من قصائد إانان‬ ‫شاعرة أخرى من الشرق‪ ،‬تعترب من أقدم الشاعرات الغنائيات يف العامل‪ ،‬إهنا‬ ‫بيتوحا الفرعونية اليت عاشت يف مصر (دلتا النيل) يف أوائل األلفية الثانية قبل‬ ‫امليالد‪ .‬بدأ اكتشاف قصيدة بيتوحا عندما عثر عاملُ اآلاثر األملاين «شبيغل‬ ‫نص مرقوٍم ابألحرف‬ ‫بريغ» يف متحف اآلاثر القدمية يف القاهرة‪ ،‬على ّ‬ ‫اهلريوغليفية‪ ،‬وعندما قام ّ‬ ‫حب مجيلة‪،‬‬ ‫الرقيم‪ ،‬وج َد فيه قصيدة ّ‬ ‫بفك رموز ُ‬ ‫حتتلط فيها املشاعر العاطفية ابإلحياءات اإليروتيكية‪ ،‬فقام برتمجتها إىل اللغة‬


‫شبه‬

‫األملانية‪ ،‬ونشرها يف مطلع القرن العشرين حتت‬ ‫عنوان «أحالم عاشقة»‪.‬‬ ‫ولقد أورَد الباحث األملاين «أدولف إرمان»‬ ‫(‪ )1937-1854‬هذه القصيدة يف كتابه‬ ‫«األدب املصري القدمي» عام ‪ ،1923‬والذي‬ ‫تُرجم وصدر ابللغة اإلنكليزية عام ‪ ،1927‬ما‬ ‫ّ‬ ‫مكنين من ترمجة القصيدة إىل اللغة العربية‪ .‬يُذكر‬ ‫أن «إرمان» قام بوضع بضعة مالحظات على‬ ‫قصيدة بيتوحا‪ ،‬شبيهة جداً ابملالحظات اليت‬ ‫وضعها «كرامر» على قصيدة بلبالة‪ ،‬فهو أيضاً‬ ‫يقارن بينها وبني «نشيد األنشاد»‪ ،‬ويعتربها من‬ ‫تطورت زمنياً حىت ّ‬ ‫لت‬ ‫شك ْ‬ ‫النصوص القدمية اليت ّ‬ ‫«نشيد األنشاد»‪ ،‬ويضيف وجهاً آخر من أوجه‬ ‫الشبه‪ ،‬وهو خماطبة احملبوب ابألخ‪:‬‬ ‫آ ٍه اي أخي‬ ‫اي للسعادة اليت أعيشها‬ ‫عندما ُ‬ ‫أنزل َ‬ ‫معك إىل النهر‬ ‫أستحم فيه أمامك‬ ‫و ُّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫كم ُّ‬ ‫أود ْأن أكشف لك عن كل مفاتين‬ ‫عندما نكون معاً يف النهر‬ ‫وال ّ‬ ‫تغطي جسدي سوى غاللة رقيقة‬ ‫يبلّلُها املاء‬ ‫أحب ْأن أغرق يف املاء معك‬ ‫ُّ‬ ‫وأخرَج من املاء معك‬ ‫حامل ًة مسك ًة ذهبي ًة مضيئة‬ ‫تسرتيح بنشوٍة على أصابعي‬ ‫تعال اي حبييب‪ ،‬فأين أانديك‬ ‫ألنظر َ‬ ‫إليك كثرياً‬ ‫تعال‪َ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫انظر إيل كثرياً‬ ‫تعال‪ ،‬و ْ‬

‫صباح اخلري لبقية تشبه البشر‬ ‫أتتينا يف غفلة عن الشمس‬ ‫هتبط علينا يف غرف النوم ويف اجملالس‬ ‫حتتل الشرفات املضيئة وأحاديث الصباح‬ ‫تتلصص على كاتب ينهي حكاية‬ ‫تبتسم لفتاة حتيا على انفذة‬ ‫تقمص الغيّاب الكثر‬ ‫حترتف ّ‬ ‫تعشق ال ّدور ‪..‬‬ ‫وتتقنه‬ ‫حيدث أن تلقي عليك حتية ال تفهمها ‪..‬‬ ‫حتكي لك عن مدينة ال تسكنها‬ ‫عن أبطال وأعراس ودماء ‪..‬‬ ‫حيدث أن تالزمك‬ ‫أن جتلس قربك على املقعد اخلشيب‬ ‫تشاركك عادات طبخك‪ ،‬والنميمة الربيئة‬ ‫إدمانك لفريوز الليل وللقرآن‬ ‫اليومي‬ ‫وأيضاً كأس صمتك ّ‬

‫• وفا مصطفى‬

‫صباح اخلري إذن ‪..‬‬ ‫لكم ‪..‬‬ ‫(لبقية تشبه الغيّاب)‪..‬‬ ‫أتىب الرحيل أو الضجر ‪..‬‬ ‫ين األرض أحياء وأموات‬ ‫متتزج بـب ّ‬ ‫تغنيّ للموت واخلوف وللرصاص‬ ‫تبين ذاكرة ال تنتهي ‪..‬‬ ‫مدينة تصلح للحب ‪..‬‬ ‫للشعر ‪..‬‬ ‫وللصالة ‪..‬‬ ‫تعقد صداقة مع القذيفة ‪..‬‬ ‫وتعانق السكني اخلائفة ‪..‬‬ ‫ترسم على شواهد قبور الغائبني ‪..‬‬ ‫تلوهنا ‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫وتكتب هلم عن احلريـــّة ‪..‬‬ ‫«إنـّــا إليها لـراجعون»‪.‬‬

‫حيدث أن تقنعك أن الغيّاب كانوا كفرة ‪..‬‬ ‫وأن السماء شريكة يف اجلرمية‬ ‫أن الضوء كرههم – ببساطة ‪-‬‬ ‫و مل تتسع هلم تلك الطرقات‬ ‫فـكان الب ّد أن يرجعوا للرتاب األخري‬

‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪47 2014‬‬


‫قناديل عمياء‬ ‫غواية البياض‪:‬‬ ‫جالساً… أمارس طقساً اعتدت عليه منذ سنوات‪ ،‬أرقب والدة تبحث عن‬ ‫النص بقلق على وجه الثلج‪ ،‬بينما ألوان القنديل‪ ،‬األمحر‪،‬‬ ‫خماض‪ ،‬تداعب رحم ّ‬ ‫األصفر‪ ،‬األزرق ورمبّا األسود تلسع وسط البياض‪ ،‬وترتاقص كحلم يسابق قانون‬ ‫العماء‪ ،‬فيما إزميل الظالم ينحت أطراف اخلالص‪.‬‬ ‫كيف قرأ (عبد هللا) جسد القنديل هبذه الطريقة السرايلية؟‬ ‫ يشبه العسكر متاماً!!!‪...‬‬‫يداه طويلتان‪ ،‬يضعهما وراء ظهره‪ ،‬وعلى رأسه قبعة‪ ،‬ويف صدره حزامان‬ ‫متقاطعان‪...‬‬ ‫مشهد الغياب‪:‬‬ ‫(ذكرايت من منزل املوتى)(‪ )1‬كتاب شغلتين «ايعبدهللا»‪ ،‬جبلوسك بني القبور‬ ‫ؤخراً‪ ،‬حماوالً‬ ‫نت فيها ُم ّ‬ ‫عن إمتامه‪�َ ،‬ف ُر ْح ُت أراقبك من انفذة مدرسة القرية اليت ُعيّ ُ‬ ‫تشكيل لوحة واقعيَّة لظاللك‪ ،...‬وإعادة ترتيب جهات النهار من حويل‪:‬‬ ‫من اجلنوب مثّة تلّة جامثة على سهل أجرد‪ ،‬إالّ من بقااي القيصوم والشيح الصامتني‪،‬‬ ‫اللذين ال ّ‬ ‫يغطيان عري األرض‪ ،‬ومن الشمال مثّة قرية أخرى خاوية‪ ،‬وكأهنّا خالية‬ ‫أي مظاهر للحياة‪ ..‬أ ّما من الغرب فينهض « اجلبل الغريب» رامساً ظالالً قامتة‬ ‫من ّ‬ ‫على البيوت الطينيّة الغارقة يف السكون والوحشة‪ ،‬فيما حيمل الشرق على صدره‬ ‫يلتف كأفعى عمياء اتئهة‪ ،‬تصل إىل القرية‪ ،‬ويف زاويته اليمىن تلة صغرية حتوي‬ ‫درابً ّ‬ ‫يتوسطها رجل كإله أسطوري صامت يدير ظهره للعامل‪ ،‬يراقب خارطة الدرب‪.‬‬ ‫قبوراً ّ‬ ‫صباح‪:‬‬ ‫قال رجل‪:‬‬ ‫ ّ‬‫احلق على أهله‪ ،‬مل يعاجلوه منذ أن تغريّت حالته‪ ،‬وبدأ يكلّم نفسه‪ ،‬حىت‬ ‫كل ّ‬ ‫انتهى األمر به إىل اجللوس بني األموات‪.‬‬ ‫قال رجل آخر‪:‬‬ ‫ بعد غيابه األخري‪ ،‬قالوا له يف املدينة أبن ينتظر سيارة شركة الكهرابء‪ ،‬فهو لن‬‫يتخلى عن قنديله حىت تصل اإلانرة إىل القرية‪.‬‬ ‫وأردف اثلث‪:‬‬ ‫ لو أ ّن أهله زّوجوه (صباح) ملا جرى الذي جرى‪ ،‬اي خسارة شبابك اي (عبد‬‫التو‪ ،‬فصباح‪ ،‬غزالة القرية‪ ،‬ابتلعها الدرب إىل أرض‬ ‫هللا)! لو كنت مكانه ّ‬ ‫ملت يف ّ‬ ‫بعيدة‪ ،‬لقد ذرفت آنئذ دمعتني اختلطتا بغبار السيارة السوداء‪ ،‬اليت غاصت بني‬ ‫أمواج الدرب‪ ،‬وما لبث هذا الدرب أن لفظها برداء أبيض غارق يف احلسرة‪.‬‬ ‫____________‬ ‫(‪ )1‬ذكرايت من منزل املوتى‪ :‬لدوستويفسكي‬

‫سيناريو املشهد األخري‪:‬‬ ‫ابتت األسئلة أكثر ضياعاً وتشتّتاً‪ ،‬وهي تدور يف فلك من التضاريس املبهمة‪..‬‬ ‫لذا كان البد من الصعود إليه مرة أخرى‪...‬‬ ‫وكالعادة مل يلتفت إ ّ‬ ‫يل‪ ،‬فهو يف حلظة أتمل ألفق بعيد ال أراه‪ ...‬أحسست به يتكئ‬ ‫على احتضار يرتقب االنبجاس! خطر يل أن أسأله شيئاً ما‪ ...‬لكنه بدأ أبنينه‬ ‫املمزوج ابلقهر… فاصطبغت ابدرة سؤايل بتوجس الغريب‪.‬‬ ‫ كان ذلك يف رمضان املاضي‪ ،‬مل أكتشف أنّنا طيلة السنوات املاضية نفطر على‬‫حلول الظالم الذي يرمسه لنا «اجلبل الغريب» ‪ ،‬يف حني أ ّن الغروب مل يكمل حديثه‬ ‫‪ 48‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬

‫• أمين األمحد‬ ‫بعد‪ ...‬وأردف‪:‬‬ ‫ انظر حولك‪ ..... :‬أنت جمرد احتمال‪...‬‬‫أتوي‪ ...‬ال حقيقة‬ ‫ّ‬ ‫ظل لوهم‪...‬ال أكثر‪.‬‬ ‫احبث عن جحر مظلم‪ ...‬وشارك اآلخرين نباحهم‪.‬‬ ‫لذا ْ‬ ‫وحده الضوء يعيد ترتيب األشياء إىل أمكنتها‪ ...‬وحده الضوء ينتهك زوااي‬ ‫الصمت‪.‬‬ ‫سرحت خبيايل حنو األفق أيضاً‪ ،‬وأان أأتمل كلماته‪ ،‬لكن حىت األفق أخذ خيايل‬ ‫ومل يعده‪.‬‬ ‫تناهت إىل مسعي دندنته املوجعة‪ ،‬فتالشى منظر األفق فجأة بصوته املطعون‬ ‫ابحلزن‪:‬‬ ‫«أخذوها (صباح) وأعادوها ظالماً‪...‬‬ ‫أخذوها (صباح) وأعادوها منزوعة الثدي‪...‬‬ ‫أخذوها صباحاً وأعادوها ظالماً‪»...‬‬ ‫عندها أدركت أنه قد غادرين متاماً‪ ،‬وأصبح يف عامل آخر‪ ،‬ال أستطيع أن أتلمس‬ ‫حميطه‪ ،‬أو أدرك شخوصه‪ ،‬أوحىت أن أختيل مالحمه‪.‬‬ ‫قيامة الصباح‪:‬‬ ‫‪...‬يف تلك الليلة كان يعوي كالفجيعة‪ ،‬وكا ُحلباحب(‪ )2‬اليتيم كان يطلق لغة‬ ‫الضوء الوحيدة يف فضاءات من العتمة‪ ،‬أو الغربة‪ ،‬الفقر ربمّ ا‪ ،‬أو اخلوف أحياانً‪،‬‬ ‫االنتظار‪ ،‬البكاء‪ ،‬واملوت‪ ،‬حىت أفزعته الوحشة‪ ،‬فأطفأ قنديله ورحل‪.‬‬ ‫قالت امرأة‪:‬‬ ‫ تألألت جنمة الصبح عند الفجر على غري عادهتا‪ ،‬أحسست أ ّن الدنيا هنار‪،‬‬‫بعدها سقطت يف املقربة!‬ ‫قالت أخرى‪:‬‬ ‫ خرج ضوء من املقربة‪ ،‬وتوّهج قنديل (عبدهللا) مث انطفأ!‬‫وقالت اثلثة‪:‬‬ ‫ لقد رأى ضوءاً بعيداً وراء التالل‪ ،‬وظنّها سيارة الكهرابء‪ ،‬فهام على وجهه!‬‫_____________‬ ‫(‪ )2‬ا ُحلباحب‪ :‬الربصوص‪ ،‬حشرة تطلق ضوءاً يف الليل‪.‬‬

‫فيما انربت أخرى‪:‬‬ ‫ نبش قرب صباح‪ ،‬وانم إىل جانبها‪.‬‬‫قيامة الظالم‪:‬‬ ‫هي ذات األسئلة‪ ،‬مل أجد هلا أجوب ًة‪ ،‬وأان أسري على آاثر أغنية (عبدهللا) وتراتيله‬ ‫عند قرب صباح‪ ،‬مل أجد سوى شبيه العسكر كاألعمى املفجوع بصاحبه‪ ..‬تتقاذفه‬ ‫الريح بني الشواهد‪.‬‬ ‫ومع ّ‬ ‫كل فجر كان عواء (عبد هللا) وطيفه يرتّددان من انحية املقربة‪ ،‬ليدثِّرا صمت‬ ‫العشرية بعري األرض‬ ‫قيامة النص‪:‬‬ ‫رمبا ألنّين مل أعد قادراً على أن أميَّز حربي األسود من الظالم‪ ،‬الذي ينهش البياض‬ ‫مع آخر شهقة حياة لفظها القنديل املرتبّع على طاوليت‪ ،‬لذلك سأضع نقطة سوداء‬ ‫فوق صفحة أصبحت‪ ،‬على ما يبدو‪ ،‬سوداء‪ ،‬وأُطعم مالحمي لغياهب االنطفاء‪.‬‬


‫فدوى سليمان‬

‫• فريق حترير سيدة سوراي‬

‫ممثلة سورية من مواليد حلب ‪ ،1970‬تتحدر من أصول سكانبة أقلية «علوية»‪.‬‬ ‫انتقلت إىل دمش����������ق ودخلت املعهد العايل للفنون املسرحية‪ ،‬مث عملت الحقاً بعد‬ ‫خترجها يف أكثر من عشرين عم ً‬ ‫ال مسرحيّاً وتلفزيونيّاً‪ ،‬منها هوى حبري‪ ،‬الشقيقات‬ ‫ونساء صغريات‪ ،‬وشاركت يف عمل سينمائي واحد هو «نسيم الروح»‪.‬‬ ‫اخنرط����������ت فدوى يف احلراك الثوري يف س����������وراي‪ ،‬فحضرت خ�����ل����ال الفرتة املمتدة من‬ ‫اخلامس عشر من آذار وحىت بداية تشرين الثاين من عام ‪ ،2011‬غالبية التظاهرات‬ ‫اليت انطلقت يف العاصمة الس����������ورية‪ ،‬قب����������ل أن تتجه إىل محص‪ ،‬وكانت من منظمي‬ ‫احلراك يف عدد من أحياء دمش����������ق‪ ،‬بدءاً من تظاهرات واعتصامات ساحة عرنوس‬ ‫النسائية‪ ،‬إىل أحياء مدحت ابشا واحلريقة‪ .‬لتشارك بعد ذلك يف عدة مظاهرات يف‬ ‫مدينة محص مؤكدة على الوح����������دة الوطنية واالبتعاد عن الطائفية واملناطقية‪ ،‬حيث‬ ‫ظهرت أوىل صور فدوى س����������ليمان‪ ،‬وهي هتتف مع عبد الباسط الساروت‪ ،‬خمرتقة‬ ‫احملاصرة‪ ،‬مرددة أغاين الثورة‬ ‫(هي املرأة العلوية) مدينة محص ذات الغالبية الس����������نيّة َ‬ ‫مع عبد الباسط وسط أحياء املدينة‪.‬‬ ‫حىت خروجها من سوراي شاركت فدوى يف كل العزاءات اليت أقيمت لشهداء الثورة‬ ‫يف أحي����������اء برزة والقابون وزمل����������كا ودوما‪ ،‬إبصرار على أتدي����������ة واجب العزاء وجتاوز‬ ‫إرادة قوات األمن اليت بذلت جهدها ملنع الس����������وريني من التالقي‪ ،‬س����������يما إن كانوا‬ ‫من خلفيات طائفية خمتلفة‪ .‬دخول فدوى س����������ليمان كفنانة علوية إىل خيم العزاء يف‬ ‫أحياء دمشق وريفها ذات الغالبية السنّية‪ ،‬وهو ما اقتصر عادة على الرجال‪ ،‬منحها‬ ‫رمزية اجتماعية وسياسية جتاوزت الطوائف وجتاوزت واقع املرأة – الرجل يف اجملتمع‬ ‫السوري‪ ،‬يف عملية كسر للصورة النمطية لسيادة الرجل على املرأة‪ ،‬وملا رّوجه النظام‬ ‫على مدى عقود عن طائفية الثورة وتشدد مجهورها السنيّ املتدين‪ ،‬كسر إضافة لكل‬ ‫ما س����������بق صورة املمثل املتعايل الذي خيطر يف ابل الغالبية انفصاله عن وقائع حياة‬ ‫الشرحية األكرب من الشعب السوري‪.‬‬ ‫حتوالت عميقة طالت اجملتمع السوري‪،‬‬ ‫جتربة فدوى س����������ليمان كانت مؤش����������راً على ّ‬ ‫احلس‬ ‫جتل����������ى ذلك يف حترر فدوى على املس����������توى‬ ‫ّ‬ ‫الفردي‪ ،‬وجناحها يف رفع س����������ويّة ّ‬ ‫االجتماعي العام لدى عموم النساء السورايت‪ ،‬يف رفض واضح لتطييفهن دينياً أو‬ ‫أتجيل استحقاق مشاركتهن ابلتساوي مع الرجل‪.‬‬ ‫كل ذلك مل يش����������فع لفدوى أم����������ا حميط العائلة‪،‬‬ ‫لبث مقاط َع مباشرة تظهر فيها‬ ‫ففي اليوم التايل ّ‬ ‫فدوى س����������ليمان وعبدالباسط الس����������اروت معاً‪،‬‬ ‫السوري‪،‬‬ ‫ظهر ش����������قيقها على شاش����������ة التلفزيون‬ ‫ّ‬ ‫معلن����������اً تربؤ العائلة منها‪ ،‬لك����������ن الواقع يقول إن‬ ‫لف����������دوى اليوم عائلة هي األكرب‪ ،‬عائلة حرة من‬ ‫قيد االنتماء الطائفي واملناطقي‪ ،‬عائلة تنتسب‬ ‫فقط إىل الوطن‪ ،‬إىل سوراي‪.‬‬

‫سوزان آنتوني (‪)1906 -1820‬‬ ‫سوزان براونيل آنتوين‪ ،‬نصرية العدالة‪ ،‬حقوق األمريكيني‬ ‫من أصل إفريقي‪ ،‬اإللغاء‪ ،‬حقوق العمل واألجر املتساوي‬ ‫للعمل املتساوي‪ .‬كرست حياهتا لتنظم وقيادة حركة حق‬ ‫االقرتاع للمرأة‪ .‬خبرية سياسية واسرتاتيجية‪ ،‬كانت رئيسة‬ ‫مجاع����������ات حق االقرتاع‪ .‬قوهتا كانت منضبطة ونش����������يطة‬ ‫ومنظمة وبعد لقاء (س����������تانتون) يف عام ‪ ،1850‬حيث‬ ‫حكمت شراكتهما احلركة ألكثر من ‪ 50‬عاماً‪.‬‬ ‫كانت عضواً يف مجعية احلقوق املتس����������اوية‪ ،‬مث أسس����������ت‬ ‫اجلمعية الوطنية حلق اقرتاع املرأة‪ ،‬اجلناح الراديكايل حلق‬ ‫االقرتاع‪ ،‬للضغط من أجل تعديل دس����������توري لتوفري حق‬ ‫اقرتاع املرأة‪ ،‬وعارضت مع (س����������تانتون) التعديالت ‪14‬‬ ‫و‪ 15‬ال�����ت����ي ال تعط����������ي املرأة حق االقرتاع‪ .‬نش����������رت ورقة‬ ‫راديكالية بعنوان (الثورة)‪ ،‬حررهتا س����������تانتون (‪-1868‬‬ ‫‪ )1870‬وحاضرت هبا ألكثر من ‪ 6‬س����������نوات لتسديد‬ ‫ديوهنا‪ .‬قامت بتنظيم اجلمعية لعام ‪ 1888‬مما ساعد يف‬ ‫وضع األس����������اس إلعادة توحيد مجعيات حق االقرتاع يف‬ ‫عام ‪ ،1890‬وقادت اجلمعية القومية األمريكية املوحدة‬ ‫حلق اقرتاع املرأة حىت عام ‪.1900‬‬ ‫اعتقل����������ت آنت����������وين بس����������بب التصويت يف ع����������ام ‪1872‬‬ ‫وحوكمت وأدينت‪ .‬وقادت االحتجاج النس����������ائي املئوي‬ ‫لعام ‪ 1876‬إلعالن وحتقي����������ق احلقوق املكتوبة من قبل‬ ‫س����������تانتون وغيج‪ .‬كتبت ونش����������رت مع س����������تانتون وغيج‬ ‫كتاب (اتريخ حق اقرتاع املرأة)‪.‬‬ ‫يعترب إرث آنتوين النساء متساوايت‪ ،‬وقد كرست حياهتا‬ ‫يف البحث‪ ،‬س����������اعي ًة لتحقيق املس����������اواة يف العامل بشكل‬ ‫أوسع‪ .‬مجعت تواقيع على عرائض اقرتاع على الصعيدين‬ ‫الوط�����ن����ي والدويل وقام����������ت جبوالت دولية ش����������اقة لتنظيم‬ ‫محالت اقرتاع وطنياً ودولياً‪ .‬أطلق عليها اس����������م (انبليون‬ ‫حركات حقوق املرأة)‪ ،‬وضغطت أمام الكونغرس سنوايً‪.‬‬ ‫كانت آنتوين انش����������طة يف جمال حق اق�����ت����راع املرأة عاملياً‪،‬‬ ‫ومجعت األموال شخصياً لضمان قبول النساء يف جامعة‬ ‫روتشسرت‪.‬‬ ‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪49 2014‬‬


‫لطمية نهارية ‪ -‬الجانب اآلخر لناشط‬ ‫كان ‪: :::::::::‬‬ ‫حيدثين دوماً شاكياً‪ ،‬أن الوقت ال يسعفه‪ ،‬وأن مهماته العريضة‬ ‫تفرتض يوماً بثالثني ساعة على األقل‪ ،‬هذا لو افرتضنا أنه سينام‬ ‫أربع ساعات فقط‪.‬‬ ‫ستة وعشرون ساعة عمل يومياً‪ ،‬ما أسعد الوطن أببناء هبذا‬ ‫اإلخالص!!‬ ‫قال إنه استخدم عدة تطبيقات على احلاسب لتنظيم املواعيد‬ ‫(النوت هكذا استخدم العبارة)‪ ،‬وأنه حلسن حظ‬ ‫النوت ْ‬ ‫وتسجيل ْ‬ ‫طاولته يف البيت قريبة من احلائط األيسر‪ ،‬لذا يقوم بنشر لصاقات‬ ‫( النوت ) امللونة كي ال ينسى ‪« ،‬وال أخفيك» ‪ -‬يؤكد يل‪-‬‬ ‫«بدأت ألصق البطاقات ليس على احلائط بل على أخواهتا!!»‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫جيلس يرد على اهلاتف ابستعجال‪ ،‬يتابع الدردشة ابحرتاف‬ ‫وطرافة‪ ،‬كلمة هنا وكلمة هناك‪ ،‬وأحياانً الطرفة ذاهتا تعجبه لدرجة‬ ‫«كويب ابست» وخباصة أنه يفتح سبع دردشات بكل وردية عمل‬ ‫ويبتسم ويشرب الشاي ويشتم‪.‬‬ ‫الغراف املستخدم يف الري؟ حسناً‪ ،‬فالحو مصر‬ ‫هل تعرفون َّ‬ ‫يستخدمون أنبوابً بداخله صفيحة حلزونية وابلتدوير اليدوي‬ ‫يرتفع املاء من الرتعة إىل منسوب أعلى لينساب إىل األرض‬ ‫ويرويها‪.‬‬ ‫صاحيب يقوم هبذا الدور‪ ،‬ابستثناء أنه مل يبذر احلقل‪ ،‬وترعته‬ ‫تشتاق ماءها‪ ،‬لكن فعل التدوير للغراف بال توقف‪ ،‬مع صرير‬ ‫جاف أخرق‪.‬‬ ‫أصبح ‪::::::::::::‬‬ ‫ُّ‬ ‫حيب هذا الصقر السياسي املقارانت‪ ،‬حيلو له التفكه ابلقول‪ :‬لو‬ ‫أن الثورة السورية كانت يف عصر بوش االبن‪ ،‬لكان هلا مسار‬ ‫آخر‪ ،‬ومع كل تصريح نقدي للسيناتور ماكني يربزه ويضع‬ ‫خطوط أتكيد كثيفه حتته»‪ .‬نقل عنه إبعجاب حني حتدث عن‬ ‫الكارثة يف البوسنة ومدى فداحتها‪ ،‬والشكر أن أوابما مل يكن‬ ‫رئيساً يومها‪ ،‬يعجبه التشهد مبا قاله مع عبارة رواها ماكني‪.‬‬ ‫يصف صقران أوابما بضعف اخلربة‪ ،‬وأبنه أضاع فرصاً بسبب‬ ‫الرتدد (فرص ملن‪ ،‬ال أعرف !!)‪ ،‬هذا على الرغم أن صناديق‬ ‫املوت اليوم مجيعها لسوريني‪ ،‬وهذا الرئيس األمريكي صاحب‬ ‫اخلط األمحر الذي حتول لقميص خيبة‪ ،‬مل خيف حلظة موقفيه العام‬

‫‪ 50‬العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪2014‬‬

‫• عالء الدين زايت‬

‫واخلاص من مسائل التدخل العسكري‪ ،‬وبىن انتصاره االنتخايب على‬ ‫إرث بوش السيء يف العراق‪.‬‬ ‫كل اإلرث الدميقراطي العراقي ليس انصعاً كفاية لالستشهاد‬ ‫على ٍ‬ ‫به‪ ،‬هذا أوالً‪ ،‬اثنياً‪ ،‬حتماً وبال شك كان للوضع السوري مآالت‬ ‫أخرى مع إدارة خمتلفة ولست جازماً مبدى إجيابية ذلك‪ ،‬وحتماً كان‬ ‫ألداء النظام أن يكون خمتلفاً‪ ،‬وتصورات املتدخلني والداعمني ستكون‬ ‫خمتلفة هي األخرى‪.‬‬ ‫وحده هذا الصقر كان سيبقى على حاله دون أي تغيري‪ ،‬بثبات‬ ‫وإصرار عاليني‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫تشكي‪ ،‬لوم‪ ،‬عتب‪ ،‬صراخ‪ ،‬وامعتصماه‪ ،‬يسقط العامل‪ ،‬مث ندب‬ ‫ولطميِّة‪ ،‬وانتظار املخلِّص التايل‪.‬‬ ‫أمسى ‪:::::::::‬‬ ‫يف مطار بعيد‪ ،‬بلحظة تغريت كيمياء خالايه‪ ،‬أصبح نزقاً‪ ،‬بط ً‬ ‫ال‬ ‫أسطورايً‪ ،‬مينح أومسة ال َف َخار ملن حيب‪ ،‬وجيلِّل ابلعار كتف من يصفهم‬ ‫ابجلبناء اخلانعني القابلني ابلذل‪ ،‬ينسى حني كان يبحث عن رأسه‬ ‫سليم ًة خارج احلبال‪ ،‬وال تسعفه الذاكرة عن ٍ‬ ‫طرق طويل ٍة كان يراتدها‬ ‫ليكون أسلم يف الوصول‪ ،‬و ٍ‬ ‫كلمات يرددها ليكون أقل استفزازاً‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ساعات يفكر كيف يرمم ذلك‬ ‫يف الوطن كل األشياء خمتلفة‪ ،‬قضى‬ ‫ٍ‬ ‫غالف‬ ‫الشرخ الصغري يف بطاقة هويته‪ ،‬شتم هتاونه إلبقائها دون‬ ‫وٍ‬ ‫اق‪ ،‬وكانت النتيجة شرخاً قد يفسره البعض تفسريات سيئة‪ ،‬حاول‬ ‫استخدام مادة الصقة مث َّلون منطقة الشرخ وعاد فمسح اللون‪ ،‬بقي‬ ‫خيا ٌل خفيف يوحي مبا كان‪ ،‬لكن منحه بعض الراحة‪ ،‬بقي شرخه‬ ‫هو فقط عصياً على الرتميم‪.‬‬ ‫اليوم يف السويد تتغري مفرداته مجيعها‪ ،‬يغيب عنها الرمادي القدمي‬ ‫لتصري واضح ًة خالقة‪ ،‬شتائم ضخمة وسباب‪ ،‬وسباب ملن وعلى‬ ‫من ال ميارس السباب‪ ،‬التهذيب والعهر لديه شقيقان لذا هو يرفض‬ ‫الرايتني‪.‬‬ ‫آخر مبتكراته مقا ٌل انري متخم ابلتصنيفات القاطعة حول عمالة‬ ‫وانزالق وانبطاحية عدد ال يستهان به من األمساء‪ ،‬وضعهم على‬ ‫حائط التصفيات وسحقهم ببندقي ٍة واحدة‪ ،‬مث أهنى املقال ابرتياح‬ ‫كبري مع عبارة‪:‬‬ ‫فليخسأ اخلاسؤون‪ ،‬شعبنا سيتابع النضال حىت آخر سوري‪.‬‬ ‫مل ال؟ هو يف العمق ليس سورايً كفاية ليخشى نتائج شعاراته‪.‬‬


‫العدد (‪ )6‬حزيران‪ /‬متوز ‪51 2014‬‬


‫العشــاء األخير‪ ...‬هبة األنصاري‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.