Alsaieda magazine 8

Page 1

‫شـهرية مستقلـة تعنى بـاملرأة السـورية‬ ‫تصدر عن املركز السوري للصحافة والنشر‬ ‫أيلول ‪ -‬ت‪ / 2014 1‬العدد (‪)8‬‬

‫كوباني عين العرب ضحية التسمية‬ ‫اإليزيديات وإشكالية االنتماء‬ ‫لقاء‪:‬‬ ‫عفراء جلبي أول امرأة سورية تلقي خطبة العيد‬ ‫بشرى كعكة أول شرطية في الشرطة السورية الحرة‬ ‫تحقيق‪:‬‬ ‫ربيع سوريا تلتهمه الصحراء ‪ -‬سوريات تزوجن‬ ‫من مهاجرين‬ ‫سيدات سوريات انشققن عن أجهزة النظام‬ ‫يروين حكاياتهن‬


‫العناوين‪:‬‬

‫‪10‬‬

‫افتتاحية‬ ‫ربيع سوراي تلتهمه الصحراء‬ ‫• فريق حترير سيدة سوراي‬ ‫مازلنا هنا‪ ...‬سورايت على جبهات النزاع‬ ‫• أمين سليمان‬

‫‪7‬‬ ‫كوابين‪ /‬عني العرب‪...‬ضحية التسمية‬ ‫• خومشان قادو‬ ‫اإليزيدايت وإشكالية االنتماء‬ ‫• وجيهة عبد الرمحن‬

‫املرأة واالقتصاد‪ :‬حتدايت اجلنسني ‪/‬اجلزء الثالث‬ ‫التحدايت واآلفاق من أجل التمكني الف ّعال للمرأة‬ ‫• إعداد روزي وسرتفيلد‬ ‫ترمجة‪ :‬د‪.‬إنعام شرف‬ ‫تعريف بكتاب املرأة املخصية‬ ‫• فريق حترير سيدة سوراي‬ ‫عفراء جليب أول امرأة سورية تلقي خطبة العيد‬ ‫• حاورهتا سيدة سوراي‬ ‫السل هو األخطر ‪..‬‬ ‫• هادية اخلطيب‬

‫رئيس التحرير‪:‬‬ ‫محمد ّ‬ ‫ملك‬

‫«الطفولة والفتيات النشء»‬ ‫أمسية شعرية ومعرض لرسوم األطفال يف عامودا‬ ‫• فريق حترير سيدة سوراي‬

‫مواجهة «داعش» يف ضوء «صدام احلضارات»‬ ‫• عبد الكرمي بدرخان‬

‫«ديلما روسيف» سيدة للربازيل ابنتخاابت جديدة‬ ‫• فريق حترير سيدة سوراي‬

‫مرمي املنصوري ‪ ...‬جدلية مشاركة املرأة يف احلرب‬ ‫• رهف موسى‬

‫وصيّة للناجني من بالد املوت‬ ‫• وجدان انصيف‬

‫السيــداو‬

‫مالال يوسف زاي أصغر الفائزين بنوبل‬ ‫• سالم عبد احلليم‬

‫سيدات سورايت انشققن عن أجهزة النظام يروين‬ ‫تفاصيل حكاايهتن‬ ‫• حتقيق‪ :‬نور مارتيين‬ ‫ويل مع القمر قصة‬ ‫• هنادة فيصل الرفاعي‬ ‫ماهينور املصري يف وجه قانون التظاهر داخل السجن‬ ‫وخارجه‬ ‫• سامر خمتار‬ ‫املشاركة الزائدة لألزواج على فيسبوك سعادة أم نقص‬ ‫ثقة؟!‬ ‫• جناح سفر‬ ‫«ماء الفضة» من قلب محص احملاصرة‬ ‫• شريين بريك‬ ‫أتثري العنف الذي تشهده اجملتمعات العربية على‬ ‫تشكيل النظام العاملي اجلديد‬ ‫• سحر حوجية‬ ‫سوراي كعكة العصر‬ ‫• صبيحة خليل‬ ‫يف زمن أمراء احلرب هامش لتهديدات جترب زايد‬ ‫الرحباين على مغادرة لبنان‬ ‫• حممد ّ‬ ‫ملك‬ ‫‪2‬‬

‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫اإلمييل‪:‬‬

‫تسايل‬

‫أدب‪:‬‬ ‫ بداهة ثقيلة ككيس ملح‬‫• بريوز بريك‬ ‫ رسائل جديدة من لوان‬‫• لوان العبد هللا‬

‫مدير عالقات عامة وترجمة‪:‬‬ ‫د‪ .‬إنعام رشف‬ ‫سكرتري تحرير‪:‬‬ ‫مراد عيد‬

‫بشرى كعكة أول شرطية يف الشرطة السوريـة احلــرة‬ ‫• حاورهتا عال اجلاري‬ ‫خيمة البؤس حتتضن‬ ‫فرحة العمر‬ ‫• سلطان جليب‬

‫مدير التحرير‪:‬‬ ‫ياسمني مرعي‬

‫‪30‬‬

‫الفيس بوك‪:‬‬ ‫‪www.facebook.com/‬‬ ‫‪saiedetsouria‬‬ ‫املكتب الرئييس‪:‬‬ ‫تركيا ‪ -‬غازي عينتاب‬ ‫ت‪00905533679528:‬‬ ‫‪00905435322971‬‬ ‫‪00905347362458‬‬

‫ «ما يشبه القصة»‬‫• علي األعرج‬ ‫الصفحة األخرية‪ :‬عمل للفنانة خلود سباعي‬

‫‪36‬‬

‫السعر خارج سوريا‪ )5( :‬يورو‬ ‫توزع مجاناً داخل األرايض السورية‬


‫للكالم بقية‬ ‫قتل مديرة مدرسة حي عكرمة إلخفاء الذين دبروا تفجيرها‬ ‫تعمق القوانني االجتماعية‪ ،‬والصراع الطبقي‪ ،‬اخلوف‪ ،‬وكذابت املوت واحلياة‪ُ ،‬‬ ‫آمال الدويلة‪،‬‬ ‫يف الالذقية‪ ،‬يف طرطوس‪ ،‬ويف ما تبقى من محص‪ ،‬يتغري شيء ما‪ّ ،‬‬ ‫قات النهب‪ ،‬أاثث البيوت املسروق “املعفش”‪ ،‬حيث جتمع اللقى وكنوز الشبيحة الغزاة‪ ،‬كأنك يف فانتازاي تلفزيونية من سالسل الكواسر واجلوارح‬ ‫السر ُ‬ ‫والبواسل واللصوص‪ ،‬تعمق غربة الناس عن إنسانيتهم وبناهم اجملتمعية اليت يتوجب أال تقوم إال على األمان واملواطنة والتكافل والفضيلة‪.‬‬ ‫انفجار حي عكرمة‪ ،‬احلادثة القاسية واليت قتلت ‪ 36‬طف ً‬ ‫ال وأصابت العشرات ابجلروح والشظااي‪ ،‬املصابون أطفال مدرسة‪ ،‬التفجري سيارة مركونة فجرت‬ ‫عن بعد‪ ،‬يعين ليس انتحارايً هاجم حاجزاً‪ ،‬بل مدرسة يف عمق احلي‪ ،‬من هذا الذي أدخل السيارة‪ ،‬وانتظرها حىت خروج األطفال‪ ،‬مث فجرها وهو على بعد‬ ‫أمتار عنها‪.‬‬ ‫العامة يف البعيد سرياً على عادة اهتام اليد اآلمثة اليت صنعها ومساها حافظ األسد‪ ،‬قالوا إن املسلمني العراعري فعلوها‪ .‬لكن الذين يبحثون يف األسباب‪،‬‬ ‫سكان حي عكرمة املوايل‪ ،‬من خسروا أطفاهلم يف التفجري‪ ،‬اهتموا ولو بشكل مبطن احلماة أنفسهم‪ ،‬احلماة املشكلني من ميليشيات شيعية أو الدفاع الوطين‬ ‫أو الشبيحة وفوق كل هؤالء أجهزة األمن‪ ،‬والفكرة بسيطة‪ ،‬كلما متلمل الناس يضيف النظام جرعة من اخلوف جلمعهم اثنية‪ ،‬حلشرهم كدجاجات العيد‪.‬‬ ‫“الشعب يريد إسقاط احملافظ”‪“ ،‬الشعب يريد تبديل الطاقم األمين”‪ ،‬فالسكان الذين برأي أنفسهم‪ ،‬قدموا كل ما يلزم من تضحيات وجهد‪ ،‬إلفراغ املدينة‬ ‫من أكثر من مليون سين‪ ،‬بعضهم قتلهم‪ ،‬سامهوا حبصارهم‪ ،‬ابركوا قصفهم ابملدافع والطائرات‪ ،‬ضيقوا على من بقي حىت املوت جوعاً‪ ،‬تظاهروا ضد النظام‬ ‫الذي رضي بصفقة كاذبة اضطر إليها إلدخال الطعام‪ ،‬مث قنصوا آخر املغادرين‪ ،‬ومن خرج أخرياً حتت هذه الظروف يف اتفاق مع األمم املتحدة‪ ،‬مت اعتقاله‬ ‫على حواجز الشبيحة واختفى دون أن يعلم أحد عنه شيئاً‪.‬بعد ذلك ذهبوا إىل البيوت فسرقوا ما فيها‪ ،‬وبعضهم سكنها بفرح غامر وكسب شريف‪ ،‬شرعنه‬ ‫شيخ وموىل وويل فقيه‪ .‬فما الذي مينع سكنك ببيت انقرض أصحابه‪.‬‬ ‫مل يعكر شيء صفو هذه التبدالت سوى كل تلك التفجريات والصواريخ شبه اليومية اليت تسقط هنا وهناك‪ .‬ويتساءل األهايل من يقف وراء خلل اإلجراءات‬ ‫األمنية‪ ،‬الذي يستسهل ويهمل أمان الناس اآلمنني! الذين مل يفعلوا شيئاً سوى تدمري حياة جرياهنم شركائهم يف الوطن‪.‬‬ ‫لكن ما الذي حيصل حقيق ًة اليوم‪ ،‬يف ظل عمل القوانني االجتماعية اليت ال ترحم‪ ،‬واحلتمية كقدر‪.‬‬ ‫يف الالذقية وطرطوس أكثر من مائة ألف قتيل‪ ،‬مائة ألف أسرة فقدت معيالً‪ ،‬يقابلها طبعاً مئات آالف اجلرحى‪ ،‬ومصايب احلرب‪ ،‬بكثري من أنواع اإلعاقات‪،‬‬ ‫أسر حتت خط الفقر وضغط العوز‪ ،‬نساء (أمهات‪ ،‬زوجات‪ ،‬أخوات وبنات) لقتلى املعارك وجيش آل األسد وميليشيات الشبيحة وغريهم‪ ،‬يصبحن عرضة‬ ‫لالستغالل‪ ،‬للتحرش واالنتهاكات من رفاق السالح أنفسهم‪ ،‬الذين يصلون حمملني ابإلعانة واملساعدات والشهوات املريبة‪ ،‬فما مينع من يسرق ويغتصب‬ ‫ويقتل ّ‬ ‫ويقطع األوصال‪ ،‬من استغالل زوجة رفيق السالح أو ابنة اجلار أو أخت القريب‪ ،‬ما دامت متاحة حتت ضغط العوز والفاقة دون حا ٍم أو معيل‪،‬‬ ‫فاألخالق وأزمة الضمري ومنظومة القيم ال تتجزأ‪.‬‬ ‫تبكي الزوجات واألمهات ويهتفن مع وصول التوابيت املغلقة‪ ،‬حاملة أمساء األبناء واألزواج‪ ،‬ويهتفن من احلرقة “األسد عالقصر والعلوي عالقرب”‪“ ،‬الكرسي‬ ‫لك والقرب ألوالدان”‪ .‬مث هنالك آالف العلويني املشردين املعارضني‪ ،‬آالف املقموعني املضطرين للصمت‪ ،‬حتت ضغط إعالم آل األسد والشبيحة يف الساحل‬ ‫السوري وقرى محص ومحاه‪ ،‬ومناطق يف دمشق‪ ،‬فالشبيحة متغولون اليوم إىل أقصى حد‪ ،‬يستطيعون النيل من كل خمالف أو صوت معارض‪ ،‬حيث السمة‬ ‫السائدة هي املسلح‪ ،‬القاتل‪ ،‬امللتحي‪ ،‬املتباهي بشجاعة القتل والذبح واالغتصاب‪ .‬وهنا نؤكد أن ما من جمتمع يف الكون‪ ،‬يستطيع العيش يف ظرف كهذا‬ ‫لفرتة طويلة حىت جمتمع الضباع‪.‬‬ ‫يف األحياء املوالية حبمص اليوم‪ ،‬تتحرك القوانني االجتماعية واالقتصادية والثقافية‪ ،‬وترسم انقالب املعايري بشكل مسرع غري قابل لالستيعاب‪ ،‬وتنضج الناس‬ ‫على انر غري هادئة‪ ،‬التيارات الفاعلة‪ ،‬أمن نظام آل األسد‪ ،‬ضباط قوات النظام ابمتيازاهتم اجلديدة‪ ،‬كتائب البعث‪ ،‬ميليشيات الشبيحة‪ ،‬ميليشيا “جيش‬ ‫الدفاع الوطين”‪ ،‬امليليشيات الشيعية اليت عملت يف املدينة‪ ،‬واليت ُو ّطن أفرادها لدعم القتال واالستحواذ على محص‪ ،‬وفوقهم قيادة أمنية تدير اجلميع كسجن‪،‬‬ ‫أو أرض معركة‪ ،‬تشمل احملافظ‪ ،‬قائد الشرطة وخلية األزمة‪.‬‬ ‫أطفال بعمر ستة عشر عاماً‪ ،‬حيملون السالح‪ ،‬يضربون معلميهم‪ ،‬وكبار السن‪ ،‬ويطلقون النار حتت شرفات حبيباهتم بوهم رجويل‪ ،‬يف ظل هذه الظروف‬ ‫يعيش األهايل كسجناء أو كأضاحي العيد‪.‬‬ ‫منذ أايم‪ ،‬ويف نفس احلي حي عكرمة‪ ،‬عثر على “ليان عباس” مديرة املدرسة اليت حدث التفجري فيها‪ ،‬داخل سيارهتا نوع كيا ريو البيضاء قرب مطعم يف‬ ‫إحدى الساحات‪ ،‬ورصاصات يف رأسها ورقبتها‪ ،‬وليان هذه كما نقل الناشطون ومواقع موالية زوجة الرائد “جعفر قدار” الذي قتل برفقة ضابط املخابرات‬ ‫“جامع جامع” بدير الزور بداية ‪ ،2014‬مقتل مديرة املدرسة الذي أاثر استياء سكان احلي ضد التشكيلة األمنية اجلديدة‪ ،‬اليت جاءت هبا مظاهراهتم ضد‬ ‫التشكيلة القدمية‪ ،‬عد مقتل ليان تسرتاً على جرمية التفجري‪ ،‬فحسب األهايل‪ ،‬كانت مديرة املدرسة ليان عباس‪ ،‬أخفت قوائم الطالب املتغيبني يوم حدوث‬ ‫التفجري‪ ،‬حيث تبني أن أغلب أبناء املسؤولني األمنيني وأبناء أقرابئهم‪ ،‬والذين ال زالوا خبري‪ ،‬مل ينجوا من التفجري‪ ،‬بل مل أيتوا إىل املدرسة يف ذلك اليوم أصالً‪.‬‬ ‫رئيس التحرير‬

‫التتمة صفحة ‪41‬‬ ‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪3 2014 1‬‬


‫ربيع سوريا تلتهمه الصحراء‬

‫حتقيق‬ ‫• فريق حترير سيدة سوراي‬

‫بعد تشكيل تنظيم «الدولة اإلسالمية» يف سوراي‪ ،‬ومن مث اإلعالن‬ ‫عن ما مسي «الدولة اإلسالمية» فتدفق آالف املقاتلني األجانب‬ ‫إىل ســوراي مــن أجــل االنـضـمــام إىل هــذا التنظيم‪ ،‬ومـشــروعــه يف‬ ‫سوراي‪.‬‬ ‫وابلــرغــم من ظــروف احلــرب‪ ،‬ونــزوح وجلــوء كثري من السوريني‪،‬‬ ‫حاول العديد من هؤالء املهاجرين االستقرار يف مناطق سيطرة‬ ‫التنظيم‪ ،‬وبدؤوا ابلفعل يف شراء البيوت والسيارات أو استئجارها‪،‬‬ ‫إضافة إىل زواج عدد منهم بسورايت‪.‬‬ ‫أسباب وحكاايت‬ ‫تعددت أسباب زواج السورايت من مقاتلني أجانب ال يعرف عنهم‬ ‫أي شيء‪ ،‬وتراوحت تلك األسباب بني رغبة أهل بعض السورايت‬ ‫ابحلصول على مكاسب مادية‪ ،‬أو سلطة ما من خالل تزويج بناهتم‬ ‫ملقاتلني يف تنظيم الدولة‪ ،‬إىل اإلكراه واإلرهاب يف بعض احلاالت‪،‬‬ ‫إضــافــة إىل ارت ـفــاع مـعــدل العنوسة يف تلك املـنــاطــق كــأثــر مــن آاثر‬ ‫احلرب‪.‬‬ ‫«وتـرتـفــع نسبة حــاالت ال ــزواج عند الـعــائــات الـســوريــة الــي يكون‬ ‫أحد أو عدد من أفرادها منتسباً هلذا التنظيم‪ ،‬إضافة إىل أن حاالت‬ ‫الـ ــزواج تـتـفــاوت مــن مــديـنــة ألخ ــرى‪ ،‬حبـســب الـقـبــول والــرفــض هلــذا‬ ‫التنظيم‪ ،‬وحسب طبيعة السكان عشائرية أم مدنية»‪ .‬كما خيربان‬ ‫«خ‪ .‬أ» وهو حمامي من منطقة الباب شرق حلب‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫كما أن السلطة واملال وأساليب اإلكـراه‪ ،‬غالباً ما تكون أكثر األسباب‬ ‫اليت تدفع األهل لتزويج بناهتم ملقاتلني أجانب‪ ،‬وكثري من حاالت الزواج‬ ‫تلك تقع على صغريات السن‪ ،‬الــي يُدفع ألهلهن مهر أعلى من أجل‬ ‫تزوجيهن‪.‬‬ ‫يقول عالء أمحد وهو طبيب يف إحدى املشايف املتواجدة يف مناطق نفوذ‬ ‫داعش‪« :‬وصلتنا إىل املشفى فتاة ال يتجاوز عمرها (‪ )12‬عاماً تعرضت‬ ‫لنزيف حاد وسحجات انمجة عن العنف اجلنسي‪ ،‬وكدمات تعلو وجهها‪،‬‬ ‫كان والداها يف حالة ذهول اتم‪ ،‬مل أستطع أن أعرف منهما بداية ما جرى‬ ‫هلذه الفتاة»‪.‬‬ ‫ويــوضــح الطبيب‪« :‬الـفـتــاة كــانــت مصابة بتهتك يف املهبل‪ ،‬ويف منطقة‬


‫العجان‪ ،‬إضافة إىل متزق يف عنق الرحم‪ ،‬سبب نزفاً حاداً يف منطقتها‬ ‫التناسلية‪ ،‬أدى إلجراء عمليتني جراحيتني لوقف نزيفها احلاد»‪.‬‬ ‫«عــرفــت يف وقــت الحــق أن تلك الـفـتــاة الـصـغــرة‪ ،‬مـتــزوجــة مــن أحد‬ ‫مقاتلي تنظيم الدولة اإلسالمية‪ ،‬وهو لييب اجلنسية»‪ ،‬حبسب الطبيب‬ ‫عالء‪.‬‬ ‫وحيدد قانون األحوال الشخصية يف سوراي سن ‪15‬سنة للفىت و‪13‬سنة‬ ‫للفتاة‪ ،‬بعد حتقق شرط البلوغ‪ ،‬كحد أدىن للسن املتاح للزواج قانونياً‬ ‫يف سوراي‪.‬‬ ‫قصص وحـكــاايت كثرية تــدور حــول أساليب مقاتلي التنظيم يف‬ ‫الزواج من السورايت‬ ‫«كما يف حادثة املقاتل اليمين الذي رأى فتاة مجيلة يف سوق منبج‪،‬‬ ‫(قبل فرض النقاب)‪ ،‬فذهب إىل أهلها لطلبها للزواج‪ ،‬وعندما أخرب‬ ‫والدها ذلك اليمين أن تلك الفتاة تريد أن تكمل دراستها اجلامعية‪،‬‬ ‫مل يقتنع اليمين جبوابه‪ ،‬فـراح يقف عند ابب منزهلم بسيارته‪ ،‬والبعض‬ ‫شهد أنه كان يشغل أانشيد دينية بصوت عـ ٍ‬ ‫ـال» حبسب عبد الرمحن‬ ‫من أبناء منبج‪.‬‬ ‫ويضيف عبد الرمحن‪« :‬قرر والدها املوافقة على طلب اليمين‪ ،‬وابلفعل‬ ‫دفع اليمين ‪3‬ماليني لرية سورية مهراً لتلك الفتاة‪ ،‬لكن العائلة ما أن‬ ‫استلمت املهر حىت غادرت هارب ًة اببنتها إىل تركيا يف اليوم الثاين»‪.‬‬ ‫جناة تلك الفتاة املنبجية من الزواج بذلك اليمين‪ ،‬حالة من بني عشرات‬ ‫احلــاالت املأساوية اليت حدثت وحتدث كل يوم‪ ،‬كما يف احلادثة اليت‬ ‫جرت يف قرية السحلبية بريف الرقة الغريب‪ ،‬لطالبة األدب اإلنكليزي‬ ‫فاطمة العبدهللا‪ ،‬واليت أقدمت على االنتحار بتناول السم‪ ،‬عندما حاول‬ ‫والدها إجبارها على الزواج من مقاتل تونسي‪.‬‬

‫السلطة واملال وأساليب اإلكراه‪ ،‬غالباً ما تكون‬ ‫أكثر األسباب اليت تدفع األهل لتزويج بناهتم ملقاتلني‬ ‫أجانب‪ ،‬وكثري من حاالت الزواج تلك تقع على‬ ‫صغريات السن‪ ،‬اليت يُدفع ألهلهن مهر أعلى من‬ ‫أجل تزوجيهن‪.‬‬ ‫وي ـت ـحــدث لـنــا حمـمــد وه ــو ش ــاب س ــوري مـنـتـســب إلح ــدى الـفـصــائــل‬ ‫املسلحة املـتـواجــدة عند معرب ابب اهل ــوى‪ ،‬عــن جتـربــة عاينها يف هذا‬ ‫اخلصوص ابلـقــول‪« :‬ذات مــرة وأثـنــاء نوبة حـراســي‪ ،‬مر رجــل وبرفقته‬ ‫فتاة فائقة اجلمال‪ ،‬فتنت هبا‪ ،‬وعلى الفور ذهبت إىل والدها وطلبت‬ ‫يد ابنته منه‪ ،‬فكان رد األب أبن (مهاجراً) تونسياً‪ ،‬قد طلب يد البنت‬ ‫وأن األب رد على طلبه ابلقبول»‪.‬‬ ‫ويتابع حممد قصته مع هذه الفتاة‪ ،‬فيقول‪« :‬شعرت ابألسف الشديد‪،‬‬

‫مل أعرف ما هو املقياس الذي اتبعه هذا األب كي يفضل من أمساه‬ ‫بــ«املـهــاجــر»‪ ،‬تونسي اجلنسية‪ ،‬والــذي ال يعرف شيئاً عــن دينه أو‬ ‫خـلـقــه‪ ،‬وال حــى عــن عــدد الــزوجــات ال ـل ـوايت تــركـهــن يف ال ـبــاد الــي‬ ‫«جاهد» فيها‪ ،‬علي أان ابن بلده‪ ،‬الذي ميكنه بسهولة السؤال عين‬ ‫وعن عائليت»‪.‬‬ ‫ويـتــابــع ‪« :‬ظللت مشغول الـبــال على هــذه الـفـتــاة‪ ،‬وبقيت أترصد‬ ‫أخبارها بعد أن تزوجت ذلك التونسي ‪ ،‬وكنت أسأل السائقني من‬ ‫أبناء منطقتها عن أحواهلا‪ ،‬خاصة وأهنا كانت تسكن يف قرية جماورة‬ ‫للمعرب‪ ،‬إىل أن أخربين أحد السائقني أهنا تزوجت من ذلك التونسي‬ ‫ملدة شهرين مث طلقها»‪.‬‬ ‫عدم اإلجناب شرط للزواج!‬ ‫هاشم‪ ،‬إعالمي من منطقة دركــوش‪ ،‬يقول‪« :‬معظم النسوة اللوايت‬ ‫ارتبطن مبقاتلي تنظيم الدولة‪ ،‬حلقن هبم إىل حمافظة الرقة حيث يتمركز‬ ‫التنظيم اآلن‪ ،‬من قريتنا توجد سيدة زوجت ابنتيها من رجلني حيمالن‬ ‫جنسيات عربية‪ ،‬من مقاتلي التنظيم‪ ،‬ومها يكرباهنما ابلسن أبكثر من‬ ‫‪ 20‬عــامـاً‪ ،‬يف حني استأثرت لنفسها ابلشاب وهــو األخــر مصري‬ ‫اجلنسية‪ ،‬طبعاً من بني شروط عقد الزواج عند مقاتلي تنظيم الدولة‬ ‫اإلسالمية عدم اإلجنــاب‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن أن عقود الــزواج توثق أبمسائهم‬ ‫احلركية!»‬ ‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪5 2014 1‬‬


‫ويف ه ـ ــذا الـ ـسـ ـي ــاق ي ـ ــرى األسـ ـ ـت ـ ــاذ “ط ــرف ــة‬ ‫بغجايت” أن‪« :‬األصل شرعاً أن ال يستعمل‬ ‫مـنــع احلـمــل بـشــى وســائـلــه إال إبذن الــزوجــة‪،‬‬ ‫أم ــا اشـ ـراط ع ــدم اإلجن ــاب لـفــرة معينة فهو‬ ‫مقبول شــرعـاً طــاملــا مت هــذا الـشــرط قبل عقد‬ ‫الزواج‪ ،‬وبقبول الطرفني‪ .‬هذا شرعاً‪ ،‬وال حرج‬ ‫يف ه ــذا‪ ،‬كما ميكن مـثـ ً‬ ‫ا لـلـمـرأة أن تشرتط‬ ‫على زوجها التأخر ابإلجناب ريثما تنتهي من‬ ‫دراسـتـهــا مـثـاً‪ ،‬أو ألسـبــاب أخ ــرى‪ ،‬أمــا من‬ ‫انحية اجتماعية‪ ،‬فهذا دليل على أن املتزوج‬ ‫من تنظيم الدولة أو ما يسمى بــ“داعــش”‪،‬‬ ‫أو غريها‪ ،‬ال ينوي أصـًـا أن يكون مع هذه‬ ‫املـ ـرأة طـ ـوال ح ـيــاتــه‪ ،‬وه ــو يـضــع يف حسبانه‬ ‫أن املـ ــوضـ ــوع م ــؤق ــت‪ ،‬وع ـن ــدم ــا ي ــرك ـه ــا أو‬ ‫يطلقها ال يكون متحم ً‬ ‫ال مسؤولية طفل أو‬ ‫أكـثــر‪ ،‬وإال ملــاذا اش ـراط عــدم اإلجن ــاب؟!»‪.‬‬

‫«شعرت ابألسف الشديد‪ ،‬مل‬ ‫أعرف ما هو املقياس الذي اتبعه‬ ‫هذا األب كي يفضل من أمساه‬ ‫بـ«املهاجر»‪ ،‬تونسي اجلنسية‪،‬‬ ‫والذي ال يعرف شيئاً عن دينه أو‬ ‫خلقه‪ ،‬وال حىت عن عدد الزوجات‬ ‫اللوايت تركهن يف البالد اليت‬ ‫«جاهد» فيها‪ ،‬علي أان ابن بلده»‬

‫وي ـع ـقــب األسـ ـت ــاذ ط ــرف ــة ع ـلــى ه ــذه امل ـســألــة‬ ‫ق ــائ ـ ًـا‪« :‬وهـ ــذا س ـبــب آخ ــر ل ـلــريــث‪ ،‬وع ــدم‬ ‫االستعجال‪ ،‬ودراســة األمــر‪ ،‬فبناتنا مسؤولية‬ ‫يف أعناقنا‪ ،‬ليس فقط يف هذه احلياة الدنيا‪،‬‬ ‫بل أمــام رب العباد يــوم القيامة‪ .‬وحــذار من‬ ‫تــزويــج البنات طمعاً مببلغ مــن املــال أو مهر‬ ‫مغر‪ ،‬فهذا حمظور مهما كانت درجة احلاجة‪،‬‬ ‫وأوىل هبـ ــؤالء أن ي ـس ــاع ــدوا احمل ـت ــاج ــن دون‬ ‫متزوجون يف بالدهم األصلية»‪ .‬ولدى سؤاله‬ ‫شروط‪ ،‬ودون اشرتاط تزوج بناهتم»‪.‬‬ ‫عن مدى مصداقية الشهود على هذه العقود‪،‬‬ ‫خاصة وأهنــم غالباً يكونون من أفـراد التنظيم‬ ‫رأي فـقـهــي يف ع ـقــود الـ ــزواج مــن مقاتلي‬ ‫نـفـســه‪ ،‬جيـيــب‪« :‬أم ــا أن يـكــون الـشـهــود من‬ ‫تنظيم الدولة‬ ‫أبناء التنظيم‪ ،‬فهذه أيضاً مصيبة‪ ،‬وفيها شبهة‬ ‫وكتعقيب عـلــى ح ــاالت ال ــزواج مــن مقاتلي‬ ‫شرعية‪ ،‬فمعروف أن من األفضل أن يكون‬ ‫تنظيم الدولة اإلسالمية وعلى وجه اخلصوص‬ ‫الـشـهــود مــن املقيمني يف بـلــد الــزوجــن‪ ،‬كي‬ ‫القاصرات منهن‪ ،‬يقول طرفة بغجايت‪ ،‬املقيم‬ ‫ميكن للقاضي الرجوع إليهم يف حال حصول‬ ‫يف ال ـن ـم ـســا‪« :‬م ــن ح ــق ال ـب ـنــت ع ـلــى أهـلـهــا‬ ‫أي خالف»‪.‬‬ ‫أوالً أن ال ت ـتــزوج إال بــرضــاهــا ال ـكــامــل‪ ،‬بل‬ ‫وبرغبتها هبذا الزواج‪ ،‬دون أي ضغط‪ ،‬واثنياً‬ ‫وي ــرى األس ـتــاذ “بـغـجــايت” أن كــل مــا سبق‬ ‫بتقصي احلقائق عن الزوج‪ ،‬واترخيه‪ ،‬وحتصيله‬ ‫ه ــو ج ــزء بـسـيــط م ــن املـشـكـلــة إذا م ــا ق ــورن‬ ‫العلمي‪ ،‬ووضعه االجتماعي‪ ،‬وغالباً ما يكون‬ ‫ابملـشـكـلــة ال ـكــرى وال ــي نـبــه إلـيـهــا ح ــول أن‬ ‫هــذا صـعـبــا ً‪ ،‬وأح ـيــاان مستحي ً‬ ‫ال مــع املقاتلني‬ ‫«تـصــور حـقــوق امل ـرأة يف اإلس ــام حبــد ذاتــه‪،‬‬ ‫املسلحني الذين ال يعرفون عن أنفسهم‪ ،‬إال‬ ‫غــر واضــح عند هــؤالء الـشـبــاب‪ ،‬غالباً لقلة‬ ‫ب ــ(أب ــو ف ــان) و(أب ــو ع ــان)‪ ،‬مــوضـحـاً هــذه‬ ‫عـلـمـهــم وممــارس ـت ـهــم‪ ،‬ف ـك ـث ـراً م ــا يـ ــرون املـ ـرأة‬ ‫الـنـقـطــة ب ـقــولــه أن «أصـ ـح ــاب ه ــذا الـفـكــر‬ ‫خملوقاً عليه السمع والطاعة‪ ،‬ال يؤخذ رأيها‬ ‫وأسلوب احلياة لألسف‪ ،‬يــرون الــزواج عرضاً‬ ‫يف شيء بل يعاب بينهم على الذي يستشري‬ ‫مؤقتا يف هــذه احلـيــاة‪ ،‬وميكن أن ينكروا أهنم‬ ‫زوجـتــه‪ ،‬وهنا ال أجتــى على أحــد‪ ،‬بــل أتكلم‬ ‫ع ــن خ ــريت الـشـخـصـيــة‪ ،‬ح ـيــث ك ـنــت رأي ــت‬ ‫اجملــاهــديــن ال ـســاب ـقــن يف أف ـغــان ـس ـتــان جي ــرون‬ ‫نساءهم على النقاب‪ ،‬وينظرون بعني الريبة‬ ‫ملــن ال تتنقب زوجـتــه‪ .‬كما رأيـنــا كيف أييت‬ ‫املتزوجون وأصحاب األوالد الكثر‪ ،‬ليتقدموا‬ ‫ل ـب ـنــت أص ـغ ــر م ــن ب ـن ــاهت ــم إبج ـ ـ ـراءات مــالـيــة‬ ‫ب ـس ـي ـطــة‪ ،‬وف ـي ـهــا اس ـت ـغ ــال حل ــاج ــة ال ـعــائ ـلــة‪.‬‬ ‫ومثال آخر من النمسا حيث ال يتواىن بعض‬ ‫الشباب املتطرفني مــن ال ــزواج ببنات ‪ ١٥‬أو‬ ‫‪ ١٦‬عاماً دون استئذان أهلها‪ ،‬وأحياانً حبجة‬ ‫أن أهلها أص ً‬ ‫ال كفار‪ ،‬مبا أهنم ال يصلون‪ ،‬فلم‬ ‫يعد هلم برأيهم أي والية على البنت»‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬


‫مازلنا هنا‪ ...‬سوريات على جبهات النزاع‬ ‫يف األخبار عن سوراي ال ترى إال الدم والدمار‪ ،‬ال ترى ما وراء ذلك‪ ..‬فهناك جمموعات مدنية تودي‬ ‫نشاطها سلمياً‪ ...‬مازلنا هنا»‪ .‬مها ‪28‬عاماً‪ ،‬انشطة من حلب‪.‬‬ ‫«مها» مدرسة لغة إجنليزية كانت تدرس يف مدرسة ابتدائية يف حلب‪ ،‬عند اندالع الثورة السورية‪ ،‬ومن‬ ‫خالل األصدقاء واألسرة وزوجها‪ ،‬أصبحت بشكل تدرجي انشطة‪.‬‬ ‫شاركت مها املتزوجة حديثاً مع زوجها «مصطفى»‪ ،‬يف مظاهرة مبدينة حلب ‪ 2012‬فاستهدفت قوات‬ ‫النظام املظاهرة بقذيفة أودت حبياة زوجها‪ ،‬لتصبح أرملة ومثاالً على التعقيدات اليت تبلى هبا حياة الكثريات‬ ‫من السورايت اليوم‪.‬‬ ‫يرصد التقرير اجلديد هليومن رايتس ووتش «مازلنا هنا‪ :‬سيدات على جبهات النزاع السوري» مصائر ‪17‬‬ ‫سيدة سورية أصبحن اآلن الجئات يف تركيا‪ ،‬ويستمر النزاع يف إتالف حياهتن‪.‬‬ ‫تقول «اليــزل غريهنولتز»‪ ،‬مديرة قسم حقوق املـرأة يف «هيومن رايتس ووتــش»‪ ،‬إن املـرأة «مل تُعف من‬ ‫وحشية النزاع السوري‪ ،‬يف أي جانب من جوانبه‪ ،‬إال أهنا ليست جمرد ضحية سلبية»‪.‬‬ ‫وتضيف «غريهنولتز»‪« :‬املرأة تتوىل مسؤوليات متزايدة‪ ،‬سواء كان هذا ابختيارها أم بضغط الظروف‪ ،‬وال‬ ‫ينبغي أن تدفع الثمن ترهيباً واعتقاالً وإساءة‪ ،‬بل وتعذيباً»‪.‬‬ ‫وتفيد املسؤولة احلقوقية إن سيدات سوراي واجهن «خسائر فادحة‪ ،‬ومع ذلك فإهنن يثابرن كناشطات‬ ‫وراعيات وفاعالت إنسانيات‪ ،‬وعلى اجملتمع الدويل حماسبة احلكومة السورية‪ ،‬واجلماعات املسلحة على‬ ‫االنتهاكات حبق السيدات والفتيات‪ ،‬كما جيب على احلكومات املاحنة املسا َعدة يف تلبية احتياجاهتن‬ ‫العاجلة‪ ،‬والضغط من أجل مشاركة املرأة بفعالية يف حتديد مستقبل سوراي»‪.‬‬ ‫يستعرض التقرير املكون من ‪ 147‬صفحة‪ ،‬حياة تلك السيدات وجتارهبن مبختلف األدوار اليت اضطلعت‬ ‫هبا السيدات‪ ،‬كناشطات سياسيات وراعيات ألسرهن‪ ،‬ومشتغالت ابلعمل اإلنساين‪ ،‬وموفرات خدمات‬ ‫إنسانية مع التعرض آلاثر النزاع عليهن بشكل خاص‪.‬‬ ‫بعض السيدات اللوايت يستعرضهن التقرير هلن اتريخ من النشاط‪ ،‬يف حني شاركت بعضهن مع بدء الثورة‬ ‫السورية وتعرضن لالعتقال‪ ،‬مثل «جلنار‪ 27 /‬عاماً» وهي صيدالنية استخدمت رخصتها الصيدالنية‪،‬‬ ‫يف هتريب أدوية وعقاقري طبية إىل األحياء الثائرة اليت تعرضت للقصف‪.‬‬ ‫وبعضهن تعرضن لالعتقال واالعتداء واألذى اجلنسي والتحرش‪ ،‬كنتيجة مباشرة لنشاطهن يف الثورة كحالة‬ ‫«ليال‪ 21 /‬عاماً‪ /‬من محص»‪ ،‬واليت انضمت جملموعة يف دمشق توفر السكن املؤقت واملساعدات الالزمة‬ ‫للعائالت النازحة من محص‪.‬مت اعتقال ليال من قبل فرع املخابرات العسكرية ‪ 215‬يف دمشق‪ ،‬حيث قام‬ ‫ضابط من الفرع إبجبارها على التجرد من مالبسها وتفتيشها‪.‬‬ ‫نقلت بعد ذلك إىل الفرع ‪ ،261‬مبدينة محص‪ ،‬حيث حاول ضابط من الفرع إجبارها على االعرتاف‬ ‫ابملشاركة بتفجريات القزاز بدمشق‪ ،‬وعندما أنكرت هددها إبيــذاء طفليها الصغريين وأبويها‪ ،‬ويف نفس‬ ‫الفرع أجرب ضابطان ليال على ممارسة جنس فموي هلما يف مناسبتني خمتلفتني‪.‬‬ ‫كما أصبحت سيدات أخـرايت مسؤوالت عن رعاية أسرهن بعد اعتقال أزواجـهــن‪ ،‬واستهدافهن مثل‬ ‫«زينب» من داراي‪ ،‬واليت فقدت ابنها األكرب «حممد» بغارة جوية للنظام السوري‪ ،‬على مكان نزوحهم يف‬

‫• أمين سليمان‬

‫مسجد عبد القادر احلسيين مبخيم الريموك‪ ،‬لتفقد‬ ‫بعدها أبشهر قليلة زوجها‪ ،‬إذ استهدفه قناص يف‬ ‫خميم الريموك أيضاً‪.‬‬ ‫وع ــان ــت أخـ ـ ـرايت م ــن اإلص ــاب ــة نـتـيـجــة الـ ـنـ ـزاع‪،‬‬ ‫كحالة «عــائ ـشــة‪ 45/‬عــام ـاً‪ /‬مــن مدينة حلب»‬ ‫حيث أصيبت بطلقة فناص وهي تتسوق يف حي‬ ‫اخلالدية‪.‬‬ ‫تقول عائشة‪« :‬كنت وسط الشارع أحاول شراء‬ ‫خضروات‪ ،‬عندما دخلت الرصاصة رقبيت من‬ ‫اخللف»‪.‬‬ ‫بـيـنـمــا كــانــت «م ــاي ـس ــة‪ 30/‬س ـنــة‪ /‬ممــرضــة عـنــايــة‬ ‫مركزية» تقوم إبمداد الثوار واملشايف امليدانية بريف‬ ‫دمـشــق‪ ،‬مب ـواد طبية‪ ،‬قبل أن يتم اعتقاهلا نيسان‬ ‫‪ 2013‬يف حــي ســاروجــة بــدمـشــق وحتــويـلـهــا إىل‬ ‫فرع فلسطني‪ ،‬حيث تعرضت مايسة للضرب من‬ ‫ق ـوات األم ــن ط ـوال الليل خبــرطــوم أخـضــر غليظ‪:‬‬ ‫«كــانــوا يصفعونين على وجـهــي‪ ،‬وجيــرونــي من‬ ‫شـعــري‪ ،‬ويضربونين على قدمي وعلى ظهري‬ ‫ويف كل مكان»‪.‬‬ ‫وسواء شاركن يف املظاهرات‪ ،‬أو وفرن املساعدات‬ ‫الطبية أو اإلنسانية‪ ،‬أو حتملن مسؤولية أسرهن‬ ‫بعد وفــاة أو إصابة أو اعتقال املعيل‪ ،‬مل تتحمل‬ ‫تلك السيدات عبء النزاع فقط‪ ،‬إمنا اثبرن على‬ ‫املـقــاومــة مــع الـتـعــرض ملـخــاطــر شخصية كـبــرة يف‬ ‫أغلب األحيان‪.‬‬ ‫وق ــد أدى ال ـن ـزاع يف س ــوراي ألك ــر أزم ــة إنسانية‪،‬‬ ‫وأكرب نزوح مجاعي على مستوى العامل يف العقود‬ ‫األخــرة‪ ،‬حيث أفــادت املفوضية السامية لشؤون‬ ‫الــاجـئــن‪ ،‬أنــه حــى ‪ 11‬حـزيـران ‪ ،2014‬أكثر‬ ‫(‪ )2.8‬مليون الجئ فروا من سوراي‪ ،‬ويقيمون يف‬ ‫الدول اجملاورة‪ ،‬وأكثر من نصف هذا العدد هو من‬ ‫السيدات والفتيات‪.‬‬ ‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪7 2014 1‬‬


‫كوباني‪ /‬عين العرب‬ ‫ضحية التسمية‬ ‫ني للتعريف‬ ‫عٌ‬ ‫كــوابين(عــن الـعــرب)‪ ،‬تقع يف الشمال الشرقي ملدينة حلب‪ ،‬على بعد ‪ 160‬كم على احلــدود‬ ‫السورية‪ -‬الرتكية‪ ،‬وجيري يف غرهبا هنر الفرات على بعد ‪ 30‬كم‪ ،‬اتبعة اترخيياً ملدينة «رها» أورفا‬ ‫الــركـيــة‪ ،‬وهــي امـتــداد لسهل س ــروج‪ ،‬بُنيت مدينة كــوابين كمركز بعد تقسيم احل ــدود بــن ســوراي‬ ‫وتركيا‪ ،‬وأصبحت ســوراي مبوجبها حتت الوصاية الفرنسية عــام ‪ ،1921‬وكــان األرمــن مع بعض‬ ‫العوائل الكردية‪ ،‬من األوائــل الذين بنوا املدينة‪ .‬يف البداية كانت عبارة عن قريتني‪ ،‬كانيه عراب‬ ‫جف آخرها‬ ‫(عني العرب)‪ ،‬وكانيه مرشد(عني مرشد)‪ ،‬حيث كان يوجد يف املنطقة ثالثة ينابيع‪ّ ،‬‬ ‫عا م ‪ ،1988‬الكثري من املصادر تذكر أن تسمية كوابين أتت من الكلمة اإلنكليزية (�‪Com‬‬ ‫‪ ،)pany‬حيث أنه ويف سنوات ‪ 1910-1920‬بدأت احلملة األملانية‪ ،‬مل ّد السكة احلديدية‬ ‫حيث تنقل احلجارة السوداء من جبل مشته نور‬ ‫بني بغداد وبرلني‪ ،‬وكانت احلملة يف هذه املنطقة‪ُ ،‬‬ ‫يف قرية حلنجة‪ .‬أما التسمية العربية فجاءت من النبع الذي كان موجوداً‪ ،‬حيث كانت العشائر‬ ‫وسقيا املــاء من هذا النبع‪ ،‬ويقال إن سكان‬ ‫العربية أتيت مبواشيها من الرقة‪ ،‬حنو الشمال للرعي ُ‬ ‫املنطقة أطلقوا هذه التسمية‪.‬‬ ‫وجلَبه‪ ،‬وتتبع هذه املدن‬ ‫صرين‪َ ،‬‬ ‫تتألف كوابين من أربع مناطق رئيسية‪ ،‬مركز مدينة كوابين‪ ،‬شيخلَر‪ّ ،‬‬ ‫أكثر من ‪ 321‬قرية‪ .‬من أهم العشائر الكردية املوجودة يف كوابين‪ ،‬عشرية الربازي‪ ،‬واشتهر منهم‬ ‫(حيث‬ ‫«بوزان بك» (الذي كان مبعواثً ألورفا يف اجمللس امللّي األعلى يف أنقرة)‪ ،‬و«هرجو بك» ُ‬ ‫كان ابنه شاهني شاهني عضواً يف الربملان السوري)‪ ،‬وعشرية كيتِكان واشتهر منهم «صراوي آغا»‪.‬‬ ‫يف القرى احمليطة مبدينة كوابين اكتشفت العديد من املواقع األثرية والتارخيية‪ ،‬منها متثاالن حجراين‬ ‫كبريان ألسدين يف قرية شريان‪ ،‬كما تدل التسمية الكردية‪ ،‬حيث مت نقلهما إىل متحف مدينة الرقة‪،‬‬ ‫وكذلك يف جبل «مشته نور»‪ ،‬مثة العديد من الكهوف‪ ،‬اشتهر منها (‪/ Şkefta Qîzikan‬‬ ‫كهف الفتيات)‪ ،‬كذلك يوجد العديد من املزارات واألماكن املقدسة‪ ،‬مثل مزار خان مامد ومزار‬ ‫كورك‪ ،‬ابإلضافة أديرة لألرمن‪.‬‬ ‫َّ‬

‫‪8‬‬

‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫• خومشان قادو‬

‫مك ّوانت متآلفة‬ ‫غالبية سكان منطقة كــوابين هم من األك ـراد‪،‬‬ ‫ك ـمــا أنّـ ــه ي ــوج ــد ع ــدد م ــن ال ــرك ـم ــان‪ ،‬الــذيــن‬ ‫يتكلمون اللغة الكردية إىل جانب اللغة الرتكية‪،‬‬ ‫والغالبية منهم يعملون يف التجارة‪ ،‬ابإلضافة إىل‬ ‫املـكــون الـعــريب مــن عـشــرة النعيمي‪ ،‬هــم أيضاً‬ ‫يـتـكـلـمــون ال ـك ــردي ــة إىل جــانــب لـغـتـهــم‪ .‬حىت‬ ‫سبعينات القرن املنصرمكانت توجد عوائل أرمنية‬ ‫هربت من ظلم وبطش السلطنة العثمانية‪ ،‬سنة‬ ‫‪ 1915‬هاجروا من مدينة أورفا إىل(‪Deşta‬‬ ‫‪ / Sirûcê‬سهل سروج)‪ ،‬إال أهنم هاجروا إىل‬


‫حلب والــدول األوربية وأرمينيا‪ ،‬وكانوا حرفيني وصناعيني مهرة‪ .‬ويعمل‬ ‫سكان مدينة كوابين ابلزراعة على نطاق واسع‪ ،‬كذلك عرف الكوابنيون‬ ‫ابلصناعة وهم عمال نشيطون‪ ،‬حيث اشتهروا ابحلفارات واحلصادات‬ ‫اجملمعة حملياً من قطع أجنبية الصنع‪ ،‬وقد وصلوا إىل دول كثرية‬ ‫الزراعية‪ ،‬و ّ‬ ‫وبعيدة مثل اجلزائر واملغرب والسودان والعراق‪ .‬يف كــوابين كانت هناك‬ ‫دور مسرح وسينما‪ ،‬حيث كان ُيصص يوم يف األسبوع للنساء حلضور‬ ‫هذه العروض‪ ،‬كما كانت املقاهي منتشرة يف املدينة‪ ،‬حيث جيتمع فيها‬ ‫الرجال‪ .‬كانت البيوت مقببة األسطح‪ ،‬واملدينة كانت خمططة حسب‬ ‫التخطيط الفرنسي‪ ،‬الالفت لالنتباه أنه يف حال رغب الكوابنيون السفر‬ ‫إىل حلب‪ ،‬كانوا يتوجهون إىل األراضي الرتكية ليستقلوا القطار‪ ،‬بسبب‬ ‫عدم وجود جسور على هنر الفرات‪ .‬يف املدينة كانت توجد كنيسة وعدة‬ ‫جوامع‪ ،‬وكــل املكوانت يف املدينة كانوا يتجاورون يف السوق واملنازل‪،‬‬ ‫ويتبادلون الزايرات‪ ،‬وحيضرون أفراح وأتراح بعضهم البعض‪.‬‬ ‫كانت النسوة يلتقني يف القنوات املــوجــودة يف مشــال املدينة على مقربة‬ ‫منها‪ ،‬لغسل السجاد والصوف واللباد أايم الصيف‪.‬‬ ‫املـرأة يف كــوابين كانت أســرة العقلية القبلية والعشائرية املتشددة‪ ،‬فهي‬ ‫ربة منزل جمتهدة تلتزم بيتها‪ ،‬وال تستطيع اخلروج حىت لشراء حاجياهتا‪،‬‬ ‫حيث كان الرجل يقوم إبحضار ما يلزم املنزل‪ ،‬وكذا حاجيات النساء‪.‬‬ ‫القليل من اإلانث قاومن الظروف القاسية املفروضة عليهن من اجملتمع‪،‬‬ ‫حيث كانت عوائلهن تق ّدر العلم وال ترزح حتت عبء العادات والتقاليد‬ ‫املتصلّبة‪ .‬امل ـرأة الكوابنية حاولت أن تؤسس ذاهتــا بعيداً عن العادات‬ ‫والتقاليد العشائرية الــي كانت راسخة يف أذهــان الكثري‪ ،‬وابلطبع هذا‬ ‫حيتاج إىل جمهود كبري لتنهض بذاهتا‪ ،‬حيث ظهرت حاالت عديدة من‬ ‫االنتحار بني الفتيات‪ ،‬وذلــك بسبب الضغوطات النفسية الــي كانت‬ ‫نتيجة حتمية للقيود املفروضة عليها‪ ،‬فكان االنتحار املنفذ الوحيد هلا‪.‬‬ ‫لكن سرعان ما استطاعت املـرأة الكوابنية التغلّب على كل املصاعب‬ ‫وجتسدت هذه‬ ‫والتوجه حنو كينونتها وقدرهتا على إجياد حيّز إلدراك ذاهتا‪ّ ،‬‬ ‫الرؤية يف السنوات األخرية‪ ،‬وخاصة بعد الثورة السورية حيث استطاعت‬ ‫أن تشارك يف العمل السياسي‪ ،‬الثقايف‪ ،‬املــدين وحــى العسكري‪ ،‬كما‬ ‫أتسست مجعيات ومنظمات عديدة‪ ،‬خاصة ابملرأة هتتم بشؤوهنا‪.‬‬ ‫وجوه‪ /‬نساء‬ ‫وحيدة مسلم أول طبيبة من مدينة كوابين‪ ،‬من مواليد ‪ ،1959‬كانت‬ ‫عائلتها تق ّدر العلم‪ ،‬قضت طفولتها يف مدرسة األرمن‪ ،‬بعد إهناء املرحلة‬

‫عائشة أفندي‬

‫وحيدة مسلم‬

‫هيفارون شريف‬

‫االبتدائية واإلعــداديــة‪ ،‬توجهت إىل حلب لتكمل املرحلة الثانوية عام‬ ‫وخترجت‬ ‫‪ ،1977‬التحقت بكلية طب األسنان حبلب عام ‪ّ ،1980‬‬ ‫منها عــام ‪ ،1985‬تــزوجــت يف عــام ‪ 1979‬مــن الصيدالين علي متو‬ ‫ولديهما طفل‪ .‬بعد التخرج فتحت عيادة يف مدينة كوابين‪ ،‬وانتقلت فيما‬ ‫بعد إىل مدينة حلب‪.‬‬ ‫عائشة أفندي‪ ،‬من مواليد كوابين عام ‪ ،1962‬منذ سنني وهي تعمل يف‬ ‫السياسة‪ ،‬وتعترب من الوجوه البارزة العاملة يف هذا امليدان‪ ،‬اعتقلت سنة‬ ‫‪ 2007‬على يد قوات األمن السوري يف دمشق‪ ،‬وهي زوجة السياسي‬ ‫الكردي صاحل مسلم‪ ،‬واآلن تشغل منصب الرئيس املشرتك جمللس شعب‬ ‫غريب كردستان‪.‬‬ ‫هيفارون شريف‪ ،‬من مواليد العام ‪ ،1971‬وهي جمــازة من كلية احلقوق‬ ‫يف جامعة حلب‪ ،‬وتعمل انشطة يف صفوف احلركة الكردية يف سوراي منذ‬ ‫أعوام‪ ،‬عملت أيضاً ألكثر من‪ 10‬سنوات يف مدارس وزراة الرتبية السورية‪،‬‬ ‫قبل أن متنع من ذلك على خلفية نشاطها السياسي‪ ،‬كما أهنا أسست‬ ‫أول مؤسسة للمرأة الكردية يف كوابين‪ ،‬وهي «رابطة هريو للمرأة الكردية يف‬ ‫سوراي»‪ ،‬وهي عضوة مستقلة يف اجمللس الوطين الكردي‪ ،‬هيفارون شريف‬ ‫هي أول امـرأة كردية سورية من مدينة كــوابين‪ ،‬تكتسب متثي ً‬ ‫ال دبلوماسياً‬ ‫يف قم ٍة دولية عن وقف العنف اجلنسي ضد النساء يف العامل‪ ،‬بدعوة من‬ ‫اخلارجية الربيطانية يف العاصمة لندن‪ ،‬ضمن وفد رمسي من االئتالف‪.‬‬ ‫مل تعد العقلية الرجولية قادرة على فرض نفسها وصيّاً على وجود املرأة يف‬ ‫اجملتمع‪ ،‬خاص ًة بعد كل ما بذلته املرأة من سعي إىل إخراج ذاهتا من تلك‬ ‫الدائرة املُحكمة‪ ،‬كذلك استطاعت بعض احلركات السياسية واملنظمات‬ ‫احلرة‪.‬‬ ‫العاملة يف جمال املرأة إفساح الطريق أمام حتقيق املرأة إلرادهتا ّ‬ ‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪9 2014 1‬‬


‫اإليزيديات وإشكالية االنتماء‬

‫• وجيهة عبد الرمحن‬

‫يذهب املستشرقون إىل تناول «اإليزيدية» على أهنا عقيدة منغلقة غري تبشريية‪ ،‬وذلك بتأكيد أيضاً من األحباث اليت تعاملت معها كدين‬ ‫الطبيعة‪ ،‬املتدرج من العبادات الطبيعية إىل الوحدانية‪ ،‬وكأقدم داينة شرقية ظهرت قبل آالف السنني‪ ،‬مستقلة عن ابقي الدايانت املتح ِّدرة‬ ‫منها واملتداخلة معها‪.‬‬ ‫وكما ابقي األداين فقد كان للمرأة حصة وجود‪ ،‬على ِّمر التاريخ شهدان‬ ‫تعرضت هلا املرأة يف العامل‪ ،‬لعدم وجود‬ ‫املساحات املرتامية لالنتهاكات اليت َّ‬ ‫توازن يف السلطة بني الرجال والنساء‪ ،‬لذا فإن املرأة اإليزيدية مل ختتلف عن‬ ‫مثيالهتا مــن النساء يف ض ــرورة متتعها بكافة حقوقها‪ ،‬وخــاصــة أن اجملتمع‬ ‫اإليـزيــدي جمتمع ذك ــوري ابمـتـيــاز‪ ،‬فقد ظــل دور امل ـرأة اإليـزيــديــة غائباً عن‬ ‫التقصي والتشخيص‪ ،‬ابلرغم من مظاهر التحرر واالختالط الذي‬ ‫البحث و ِّ‬ ‫يعيشه هذا اجملتمع‪ ،‬األمر الذي حييلنا إىل مالحظة الكثري من التناقض يف‬ ‫املفاهيم واملـمــارســات‪ ،‬فهذا التحرر مل يطل امل ـرأة بسبب سيطرة الـعــادات‬ ‫واألع ـراف العشائرية‪ ،‬حيث املـرأة اإليزيدية كانت حاضرة يف االحتفاالت‬ ‫واملناسبات الدينية‪ ،‬اليت تتيح رقصها مع الرجال كصيغة من صيغ االختالط‬ ‫ومتكني الـنــاس مــن االلتقاء والـتـعــارف دون أن حيــرر ذلــك امل ـرأة يف اجملتمع‬ ‫اإليزيدي‪.‬‬ ‫الكاتب صديق الدملوجي صاحب كتاب «اإليزيدية ‪ »1949‬يشري إىل‬ ‫أن الصحة واجلمال منعدمان عند املـرأة اإليزيدية‪ ،‬نتيجة إصابتها ابلكثري‬ ‫من األمراض املرتبطة ابألعمال الشاقة (املالراي‪ -‬الصفرة‪ -‬الطحال)‪ ،‬ويورد‬ ‫لنا الصفات الظاهرة هلا فيقول‪« :‬أغلب النساء قصريات القامة‪ ،‬ضعيفات‪،‬‬ ‫هلن عيون واسعة ساحرة‪ ،‬ويوجد بينهن من مجعن صفات احلسن‬ ‫هزيالت‪َّ ،‬‬ ‫واجلمال بكل معانيها‪ ،‬من ق ٍّد رشيق‪ ،‬وخصر حنيف‪ ،‬ووجه صبيح‪ ،‬وعيون‬ ‫كـحــاء‪ ،‬وثــديــن ابرزي ــن‪ ،‬النساء السنجارايت مفرطات اجلـمــال والبهاء‪،‬‬ ‫واليفقدن اإلنتاج اجلنسي إال بعد سن اخلمسني»‪ .‬إال أن الدملوجي نفسه‬ ‫مل يتناول يف كتابه الــدور السياسي والــديــي واالجتماعي للمرأة‪ ،‬ابستثناء‬ ‫احلديث عن «ميان خاتون»‪.‬‬ ‫املرأة يف «اإليزيدية»‬ ‫كباقي األداين‪ ،‬كان لإليزيدية رؤية الهوتية ملكانة جنس األنثى‪ ،‬يؤسس‬ ‫هلا ابلتساوي مع مكانة الرجل‪ ،‬من خالل عامل القدرة والعطاء دون متييز‪،‬‬ ‫«بريا فات» هي آهلة مكلفة بتعمري الكون من املالئكة واإلنسان‪« ،‬خاتوان‬ ‫فخرا» إله مانح العون واملدد‪ ،‬وخاصة للنساء يف حالة الوالدة‪.‬‬ ‫ومــع ذلــك مل جند معاجلة جــادة لواقع امل ـرأة اإليزيدية من قبل أي ابحث‪،‬‬ ‫فعندما نورد أن اإليزيدية كدين أو اعتقاد تعرضت ملا يقارب (‪ )72‬فرماانً‪،‬‬ ‫أدت إىل اإلط ــاح ــة بـكـيــاهنــا وتــدمــر داين ـت ـهــا‪ ،‬ودف ـعــت املـ ـرأة نتيجة ذلــك‬ ‫الثمن األعلى‪ ،‬من قتل وتشريد وسيب‪ ،‬وجلوء إىل املغارات حلماية عائلتها‪،‬‬ ‫واالضطرار للعيش أبساليب شبه بدائية‪ ،‬مث إهنا تعرضت مع قومها للنفي إىل‬ ‫‪ 10‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫معسكرات االعتقال‪ ،‬واإلرغام على تغيري هويتها وقوميتها‪ ،‬وإبداهلا قسراً‬ ‫إىل القومية العربية‪ ،‬وتعرضت إىل ظلم أشد مما ذكر‪ ،‬وهو الفتاوى الدينية‬ ‫اليت أابحت قتلهن وانتهاك شرفهن واعتبارهن من غنائم احلرب‪.‬‬ ‫وابلــرغــم مــن تساويها مــع جمتمعها يف التعرض للقسوة‪ ،‬إال أن اجملتمع‬ ‫اإليـزيــدي أيضاً مل يكن منصفاً‪ ،‬فنتيجة حتــرمي ال ــزواج مابني الطبقات‪،‬‬ ‫كــانــت املـ ـرأة مــرة أخ ــرى هــي اخلــاســر األك ــر‪ ،‬إذ جنــد أن معظم بنات‬ ‫اإليزيدية يعانني العنوسة‪ ،‬وقــد فاهتن القطار بسبب قساوة التعليمات‬ ‫الدينية‪ ،‬ومن األعـراف اليت ظل أتباع هذه الداينة متمسكني هبا‪ ،‬عادة‬ ‫خطف الفتيات قبل الزواج‪ ،‬على أن ذلك يدل على الشجاعة والفروسية‪،‬‬ ‫األمر الذي ينعكس على مكانتها‪ ،‬وقيمتها االجتماعية وتعرضها لإلساءة‬ ‫واالضطهاد‪ ،‬فيما بعد من قبل الزوج واجملتمع على حد سواء‪.‬‬ ‫مىت تكون عاراً‬ ‫ابلــرغــم مــن ارتـبــاط الكثري مــن مـعــاين أمس ــاء الـنـســاء اإلي ـزيــدايت ابمســاء‬ ‫موجودات الطبيعة مثل‪ :‬كويل= وردة‬ ‫نريكز=نرجس‪ ،‬هينار= رمان‪ ،‬شه مسو= مشس‪ ،‬إال أن اجملتمع اإليزيدي‬ ‫استمر يف تعامله الدوين مع املرأة‪ ،‬فاعتربوا النساء مصوانت‪ ،‬حيرم عليهم‬ ‫التفكري أبي عمل مشني جتاه النساء اإليزيدايت وغري اإليزيدايت من‬ ‫ابقي األداين وامللل‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ونبذ اجملتمع اإليزيدي أيضا املرأة اليت تشذ عن طريقهم‪ ،‬فيلجأون إىل‬ ‫قتلها غس ً‬ ‫ال للعار إذا خرجت عن طريق الشرف‪ ،‬مثلهم يف ذلك مثل‬ ‫ابقي نسيج املنطقة من (كرد‪ -‬عرب‪ -‬تركمان‪ -‬آشور‪ -‬كلدان)‪.‬‬


‫املكانة الروحية‬ ‫امل ـرأة اإليـزيــديــة على م ـ ِّـر الـتــاريــخ كــانــت عنصراً‬ ‫مهماً يف بناء األسرة واجملتمع اإليزيدي‪ ،‬والعمل‬ ‫على بناء ومتاسك هذا اجملتمع ومساندة الرجال‬ ‫يف مجيع األحوال‪ ،‬ابلرغم من الغنب الذي كانت‬ ‫تواجهه من أتباع داينتها‪.‬‬ ‫مع ذلك مل يكن هلا دور سياسي يتمثل بنظام‬ ‫الـطـبـقــات ال ــذي يـشـكــل الــرك ـيــزة هل ــذه الــداينــة‪،‬‬ ‫مبتابعة هذه الطبقات الروحانية املتمثلة ابألمري‬ ‫واباب شيخ وطبقة الكوجك وطبقة الـقـوال‪ ،‬ال‬ ‫نلمح امرأة قد تبوأت إحدى هذه املناصب‪ ،‬أو‬ ‫ظهر وجود هلا ضمن هذه الطبقات‪ ،‬فقط هناك‬ ‫طبقة (الـفـقـراء) وهــن نـســاء يقمن على خدمة‬ ‫ضريح الشيخ عدي بن مسافر‪ ،‬وينذرون حياهتن‬ ‫ل ــه ف ــا ي ـتــزوجــن‪ ،‬وحي ــرم عـلـيـهــن ال ـزي ـنــة‪ ،‬يقمن‬ ‫أبعمال شاقة من إدارة شؤون الطبخ والتنظيف‪،‬‬ ‫وجلب املاء‪ ،‬وجين الزيتون‪ ،‬وخزن الزيت‪ ،‬وعمل‬ ‫فتايل إلضاءة مصابيح املعبد‪ ،‬تلك النسوة هن‬ ‫الزاهدات واملتصوفات‪ ،‬فقد تركن خدمة الدنيا‬ ‫على غرار الراهبات يف املسيحية‪.‬‬ ‫سؤال إشكايل‬ ‫إذا كانت امل ـرأة اإليزيدية هي العامل األهــم يف‬ ‫بناء ومتاسك اجملتمع اإليـزيــدي‪ ،‬والقيام بتعليم‬

‫األوالد على اتباع داينتهم وممــارســة طقوسهم‪،‬‬ ‫إذن ملــاذا التاريخ اإليـزيــدي احتفظ ابســم ميان‬ ‫خاتون فقط‪ ،‬فضالًعن ابقي النسوة اإليزيدايت‬ ‫ـاء وخدمة‬ ‫اللوايت مل َّ‬ ‫يكن أبقل منها تفانيا وذكـ ً‬ ‫لداينتهن‪ ،‬أم َّ‬ ‫ألن هــذه امل ـرأة عاشت يف بالط‬ ‫األمري‪ ،‬وكانت زوجة له‪ ،‬فبات حيق هلا ماالحيق‬ ‫لـغــرهــا م ــن اإلدالء ب ـرأي ـهــا‪ ،‬وجمــال ـســة الــرجــال‬ ‫حمرماً على غريها‬ ‫ومناقشتهم‪ ،‬وكان ذات األمر َّ‬ ‫من النسوة أمثال داي زارو وغريها من النسوة‬ ‫البارزات‪ ،‬ولكن ليس على غرار ميان خاتون‪.‬‬ ‫ميان خاتون‬ ‫املرأة األيزيدية اليت حكمت األيزيديني قرابة ربع‬ ‫قرن‪ ،‬هي بنت عبدي بك‪ ،‬امرأة ذات شخصية‬ ‫قوية‪ ،‬كانت متزوجة من األمري علي بك وتتمتع‬ ‫برجحان العقل واحرتام اجملتمع اإليزيدي‪ ،‬واحدة‬ ‫مــن النساء الـلـوايت استطعن ممــارســة دوره ـ َّـن يف‬ ‫إدارة شـ ــؤون أقـلـيـتـهــا الــدي ـن ـيــة‪ ،‬فـلــم تـكــن أقــل‬ ‫شــأانً مــن األم ـراء الــذيــن سبقوها‪،‬كانت جتلس‬ ‫يف جمالس الــرجــال حتــاورهــم وتناقشهم‪ ،‬زوجها‬ ‫وابن عمها األمري علي بك‪ ،‬كان يستشريها يف‬ ‫الكثري من األمور يف بداية حياهتما الزوجية‪ ،‬بعد‬ ‫مقتله نُصبت وصـيـ ّة على ولــدهــا األمــر سعيد‬ ‫بك‪ ،‬ومن بعده على حفيدها حتسني بك األمري‬

‫احل ــايل لــإيـزيــديــة‪ ،‬عملت عـلــى تــرسـيــخ دعــائــم‬ ‫سلطته وإمارته للمجتمع اإليزيدي‪.‬‬ ‫هنضة اإليزيدايت‬ ‫املـ ـرأة اإلي ـزيــديــة امـ ـرأة طـمــوحــة بـسـبــب انـغــاق‬ ‫داينـتـهــا‪ ،‬وألهنــا يف املــاضــي حـ ِّـرمــت مــن دخــول‬ ‫احل ـيــاة االجـتـمــاعـيــة والـسـيــاسـيــة‪ ،‬ل ــذا جنــدهــا يف‬ ‫الـعـصــر احلــديــث مل تتقاعس عــن أداء واجبها‬ ‫الــذي كــان مقتصراً على الديين والدنيوي‪ ،‬أما‬ ‫اآلن‪ ،‬فقد اخنرطت يف مجيع ميادين احلياة مبا‬ ‫فيها الـسـيــاسـيــة‪ ،‬أم ـثــال‪ :‬فـيــان الــدخـيــل وأمينة‬ ‫سعيد ممثالت عن الكتلة السياسية‪ ،‬وبرملانيات‬ ‫يف ال ـرملــان الـعـراقــي‪ ،‬وهــن يــدافـعــن عــن حقوق‬ ‫أبناء جلدهتن ِّ‬ ‫بكل شجاعة‪ ،‬ويف جملس حمافظة‬ ‫نـيـنــوى ه ـنــاك األم ـ ــرة‪ :‬عــروبــة ابزي ــد امســاعـيــل‪،‬‬ ‫مـسـتـشــار لـلـسـيــد اث ـيــل الـنـجـفــي‪ ،‬وسـيـفــي اباب‬ ‫شيخ‪ ،‬وكردستان حسني‪ ،‬وندمية كجان‪ ،‬نساء‬ ‫إيـزيــدايت مثَّلن جمتمعهن خري متثيل‪ ،‬من أجل‬ ‫حتقيق احللم اإليزيدي يف إثبات الوجود‪.‬‬ ‫بـقــي أن نـقــول إن الـقــانــون الـعـراقــي هــو اآلخــر‬ ‫مل ينصف امل ـرأة اإليـزيــديــة‪ ،‬ألنــه حيكم مبوجب‬ ‫قــانــون األح ـوال الشخصية اخلــاص ابملسلمني‪،‬‬ ‫األمر الذي اليتطابق مع داينتهن والمع تراثهن‬ ‫والواق ـع ـهــن‪ ،‬ممــا يتطلب إقـ ـرار قــانــون لــأحـوال‬ ‫الـشـخـصـيــة خي ــص اإلي ـزي ــدي ــن‪ ،‬ي ـتــم تـطـبـيـقــه يف‬ ‫العراق كجزء من حقوقهم‪.‬‬ ‫ك ـمــا أن املـ ـ ـرأة اإلي ـزي ــدي ــة الت ـش ــارك ابملـسـتــوى‬ ‫املطلوب يف املـؤمتـرات الدولية واحملــافــل العاملية‪،‬‬ ‫وعدم مشاركتها يدل على عدم احرتام‪ ،‬وجتاهل‬ ‫م ــن قـبــل اجل ـه ــات املـنـظـمــة ل ـل ـق ـرار‪ ،‬إن كــانــت‬ ‫املرجعية دينية أو فرداً‪.‬‬ ‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪11 2014 1‬‬


‫مواجهة «داعش» في ضوء «صدام الحضارات»‬ ‫ذهبت مسلّح ًة بنظرايت سياسية جديدة‬ ‫«ملـ ــدة ت ـق ــارب األلـ ــف س ـن ــة‪ ،‬م ـنــذ أ ّول رس ـ ّـو بل‬ ‫ْ‬ ‫مــورس ـكــي يف إسـبــانـيــا ع ــام (‪711‬م(‪ ،‬وحــى لـعـ َـال مــا بعد احلــرب ال ـبــاردة‪ ،‬نـظـرايت صاغها‬ ‫كبار ّ‬ ‫املقربني من دوائر‬ ‫احلصار العثماين الثاين لـفيينا عام (‪1683‬م)‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫املفكرين واملستشرقني ّ‬ ‫ك ــان ــت أورواب حت ــت هت ــدي ــد م ــن امل ـس ـل ـمــن‪ .‬صـنــع ال ـق ـرار األمـريـكـيــة‪ .‬وميـكــن فـهـ ُـم «احلــرب‬ ‫جعلت بقاء على اإلرهاب» من املنظور الغريب‪ ،‬أو «املؤامرة‬ ‫اإلسالم هو احلضارة الوحيدة اليت‬ ‫ْ‬ ‫فعلت ذلــك مرتني على اإلس ــام» مــن املنظور الشرقي‪ ،‬يف ضوء‬ ‫الـغــرب مــوضــع ش ـ ّ‬ ‫ـك‪ ،‬وقــد ْ‬ ‫نـظـريــة «ص ــدام احل ـض ــارات» الــي تـقـ ّـســم الـعــامل‬ ‫على األقل»‪ .‬الكالم لـ «برانرد لويس»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ورد مصطلح «ص ــدام احل ـض ــارات» ألول مــرة إىل أقـ ـط ــاب ح ـض ــاري ــة‪ ،‬ب ـ ــدال م ــن األق ـط ــاب‬ ‫ّ‬ ‫ـادت فــرة احلــرب الـبــاردة‪.‬‬ ‫يف ٍ‬ ‫مقال‬ ‫للمفكر واملستشرق األمريكي بـرانرد اإليديولوجية الــي سـ ْ‬ ‫لويس بعنوان «جذور الغضب اإلسالمي» عام ويـقـصــد هنتنغتون ابحل ـضــارة «الـكـيــان الثقايف‬ ‫عجب ّ‬ ‫املفكر صامويل األوس ـ ـ ــع‪ ،‬وف ـي ــه يُـ ـعـ ـ ّـر ُ‬ ‫ـاس ع ــن أنـفـسـهــم‬ ‫ِف الـ ـن ـ ُ‬ ‫‪ ،1990‬وسرعان ما أُ َ‬ ‫ملقال ابلنسب والدين واللغة والتاريخ والقيم والعادات‬ ‫هنتنغتون هبــذا املصطلح فوضعه ع ـن ـواانً ٍ‬ ‫نشره عام ‪ ،1993‬جاء مقالُ​ُه إكماالً وإعجاابً واملؤسسات االجتماعية»‪ .‬ويرى هنتنغتون أن‬ ‫ملــا طــرحــه فرنسيس فــوكــوايمــا يف كـتــابــه «هنــايــة احل ــروب الـقــادمــة سـتـكــون بــن األم ــم املختلفة‬ ‫ـاس بــن‬ ‫التاريخ»‪ .‬وبعد ثالث سنوات أصدر هنتنغتون ح ـ ـضـ ــارايً‪ ،‬وس ـت ـص ـبــح خـ ـط ــوط الـ ـتـ ـم ـ ّ‬ ‫كتابه الشهري «صدام احلضارات وإعادة تشكيل احلضارات هي خطوط النزاع بينها‪ .‬وهنا ستعود‬ ‫الـنـظــام ال ـعــاملــي» ع ــام ‪ ،1996‬لـكــن ال ــوالدة احلــدود الفاصلة بني العالَمني الشرقي والغريب‬ ‫كانت بعد أحداث ‪ 11‬أيلول إىل ما كانت عليه خالل القرون الوسطى‪ ،‬مع‬ ‫الكربى للكتاب ْ‬ ‫قسم إىل شرق‬ ‫‪ ،2001‬واليت أحدثت زلزاالً يف العالقات بني أن العامل أكثر تعقيداً من ْأن يُ َّ‬ ‫وغرب‪.‬‬ ‫الشرق (املسلم) والغرب (املسيحي)‪.‬‬ ‫مل ت ــذه ــب ال ـ ــوالايت امل ـت ـحــدة وح ـل ـفــاؤهــا إىل «يقول الغربيون إنه ال مشكلة هلم مع اإلسالم‪،‬‬ ‫أفغانستان والعراق ابلطائرات والدابابت فقط‪ ،‬مـشـكـلـتـهــم م ــع ب ـعــض امل ـت ـطـ ّـرفــن ف ـقــط‪ ،‬لـكـ ّـن‬

‫‪ 12‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫• عبد الكرمي بدرخان‬

‫سامويل هنتغنتون‬

‫الرئيس فوكوياما‬

‫أربعة عشر قـرانً من الصراع بني الشرق املسلم‬ ‫والغرب املسيحي تقول عكس ذلك»‪ .‬الكالم‬ ‫لـ «هنتنغتون»‪.‬‬ ‫انعقدت يف ويلز‬ ‫يف قمة دول حلف الناتو اليت‬ ‫ْ‬ ‫ي ــوم ‪ ،4/9/2014‬ك ــان الـرئـيــس األمـريـكــي‬ ‫سعيداً بتشكيل حتالف مــن عشرة دول غربية‬ ‫حملاربة تنظيم «الــدولــة اإلسالمية»‪ ،‬وال تكمن‬


‫أمهية هذا التحالف يف كون الــوالايت املتحدة‬ ‫حباجة إىل مساعدة عسكرية من أحد‪ ،‬بل يف‬ ‫توحيد املوقف الغريب ضد خطر خارجي يقع يف‬ ‫منطقة الشرق األوســط‪ .‬وهــذه الــوحــدة الغربية‬ ‫ه ــي أوىل تــوص ـيــات هـنـتـنـغـتــون حلـفــظ مـصــاحل‬ ‫الـغــرب‪ .‬كما تظهر مالمح إمجــاع عند الغرب‬ ‫(األم ـري ـك ــي‪ -‬األورويب) عـلــى ضـ ــرورة تسليح‬ ‫املقاتلني األكـ ـراد يف ال ـع ـراق‪ ،‬وتسليح اجليش‬ ‫ال ـس ــوري احل ــر يف س ــوراي‪ ،‬لـلـمـشــاركــة ال ـريــة يف‬ ‫احل ــرب ضــد «داعـ ــش»‪ .‬وه ــذه اثين توصيات‬ ‫هنتنغتون حلفظ مصاحل الغرب «دعم اجلماعات‬ ‫اليت تتعاطف مع قيم الغرب»‪ ،‬ويقصد هنتنغتون‬ ‫بقيم ال ـغــرب‪ :‬الــدميـقـراطـيــة والـلـيـرالـبـيــة وحـقــوق‬ ‫اإلن ـســان‪ ،‬وال يقصد مــاضـيــه االسـتـعـمــاري أو‬ ‫الصلييب‪.‬‬ ‫وح ــى خي ــرج ال ـشــرق مــن نـظـريــة «امل ـؤام ــرة على‬ ‫اإلسالم»‪ ،‬وهي نوع من مرض البارانواي‪ ،‬انتقل‬ ‫مــن ح ــاالت فــرديــة إىل احلــالــة اجلـمـعـيــة‪ ،‬وحــى‬ ‫خيــرج الـغــرب مــن حــالــة «اإلســامــوفــوبـيــا» اليت‬ ‫تظهر واضح ًة يف خماوف لويس وهنتنغتون من‬ ‫اإلسالم‪( ،‬وِكال احلالتني تغذّي األخرى)‪ ،‬جيب‬ ‫علينا أن نكون أكثر فاعلي ًة وجدي ًة يف معاجلة‬ ‫مشكالتنا السياسية واالجـتـمــاعـيــة والثقافية‪،‬‬ ‫أصبحت‬ ‫وعـلــى رأس ـهــا ظــاهــرة اإلرهـ ــاب ال ــي‬ ‫ْ‬ ‫مرتبط ًة‪ ،‬شكالنياً‪ ،‬ابلـتـشـ ّدد اإلســامــي‪ .‬وأن‬ ‫املتضررين من ظاهرة‬ ‫أكثر ّ‬ ‫نعي أن املسلمني هم ُ‬ ‫«داعش»‪ ،‬وبكالم آخر‪« ،‬داعش» هي أكربُ‬ ‫ع ــد ّو لــإســام‪ ،‬وك ــان إعــاهنــا الـكــاريـكــاتــوري‬ ‫عن قيام «دولــة اخلــافــة»‪ ،‬أكــرَ إســاء ٍة لتاريخ‬ ‫املسلمني وحاضرهم ومستقبلهم‪.‬‬ ‫للقضاء عـلــى ظــاهــرة «داعـ ــش»‪ ،‬ينبغي على‬ ‫ال ـش ــرق (امل ـس ـل ــم) ق ـب ـ َـل ال ـغ ــرب (امل ـس ـي ـحــي)‪،‬‬ ‫وابلـتـعــاون مـعــه‪ ،‬الـعـمـ ُـل على ثــاثــة مستوايت‬ ‫م ـت ـوازيــة‪( :‬م ـواج ـهــة اخل ـطــر املُ ـ ْـحـ ـ ِدق‪ -‬معاجلة‬ ‫األسـ ـب ــاب املـ ـب ــاش ــرة‪ -‬م ـعــاجلــة األسـ ـب ــاب غري‬ ‫املباشرة)‪.‬‬ ‫مــن حـيــث مـواجـهــة اخلـطــر احمل ــدق ال ــذي ميثله‬ ‫تنظيم «الــدولــة اإلســامـيــة»‪ ،‬كانت استضافة‬ ‫امل ـم ـل ـكــة ال ـع ـرب ـيــة ال ـس ـع ــودي ــة مل ـؤمت ــر جـ ــدة يــوم‬

‫عت مببلغ ‪100‬‬ ‫‪ ،11/9/2014‬بعد ْأن تربّ ْ‬ ‫م ـل ـيــون دوالر مل ــرك ــز األمـ ــم امل ـت ـحــدة ملـكــافـحــة‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬خطوًة متق ّدمة لكسر اجلمود والثنائية‬ ‫بني الشرق والغرب‪ ،‬ورسال ًة مفا ُدها ْأن ال وجوَد‬ ‫حلاضنة شعبية ل ـ «داع ــش» يف املنطقة‪ ،‬فهو‬ ‫تنظيم فــرض نفسه ابلـقــوة والعنف واإلره ــاب‪.‬‬ ‫وهناك أيضاً مواقف الــدول العربية واإلسالمية‬ ‫ـت يف مؤمتر ج ـ ّدة‪ ،‬والــي تـشــارك يف‬ ‫الــي شــاركـ ْ‬ ‫الـتـحــالــف الـ ــدويل ضـ ـ ّد «داع ـ ــش»‪ ،‬عـلــى ّأل‬ ‫تنسى األنـظـمــة احلــاكـمــة يف ه ــذه الـ ــدول‪ ،‬أ ّن‬ ‫سـيــاسـ ِـاتــا الــداخـلـيــة واخلــارج ـيــة تُـعـتــر مــن أهـ ّـم‬ ‫مسبّبات ظهور «داعش»‪.‬‬

‫فعلت حكومة نــوري املالكي‬ ‫هتمشهم‪ ،‬كما ْ‬ ‫ّ‬ ‫سابقاً‪ .‬وكذلك اإلسراع بفرض تسوية سياسية‬ ‫يف ســوراي‪ ،‬وتشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة‬ ‫الصالحيات وفقاً لبيان «جنيف‪ ،»1‬لكي تقود‬ ‫املرحلة االنتقالية بعد نظام األسد (الراعي األول‬ ‫لإلرهاب يف املنطقة)‪ .‬ومــن األسباب املباشرة‬ ‫أيـضـاً لظهور «داع ــش»‪ ،‬الـتــدخــل اإليـ ـراين يف‬ ‫ال ــدول الـعـربـيــة‪ ،‬واحملـ ــاوالت اإلي ـران ـيــة املستمرة‬ ‫لزعزعة أمن املنطقة واستقرارها‪ ،‬عرب تشكيلها‬ ‫متطرفة‪ ،‬ينتمي أفرادها إىل والية‬ ‫مليليشيات طائفية ّ‬ ‫الفقيه‪ ،‬بدالً من ْأن ينتموا إىل الدول العربية اليت‬ ‫حيملون جنسيّاهتا‪.‬‬

‫ومــن حيث معاجلة األسباب املباشرة‪ ،‬فيجب‬ ‫اإلسـراع بتشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة‬ ‫يف ال ـ ـع ـ ـراق‪ ،‬ح ـك ــوم ــة ال تُ ـق ـص ــي ال ـس ـنّــة وال‬

‫أما األسباب غري املباشرة‪ ،‬فهي العقود الطويلة‬ ‫مــن حكم أنظمة االسـتـبــداد العربية‪ ،‬وهــي إما‬ ‫أنظمة دينية أو أنظمة عسكرية تستخدم الدين‬ ‫لتحقيق مـصــاحلـهــا‪ ،‬وابل ـتــايل ال خم ــرَج للبلدان‬ ‫العربية من أزمــاهتــا‪ّ ،‬إل إبعــادة السلطة إىل يد‬ ‫املهمش واملظلوم واملقهور منذ‬ ‫الشعب‪ ،‬الشعب ّ‬ ‫عقود طويلة‪ ،‬ليختار ممثليه يف نظم دميقراطية‬ ‫تـعـ ّدديــة حت ــرم حـقــوق اإلن ـســان وك ـرام ـتــه‪ .‬ومــن‬ ‫دور املؤسسات التعليمية والثقافية‪ ،‬يف‬ ‫مث أييت ُ‬ ‫النص الديين أتوي ً‬ ‫ال جديداً‪ ،‬وربطه‬ ‫إعادة أتويل ّ‬ ‫بظروفه الزمانية واملكانية‪ .‬وكذلك إعــادة قراءة‬ ‫الـتــاريــخ الـعــريب _ اإلســامــي قـ ـراء ًة صحيحة‪،‬‬ ‫وختليصه من صور التنميق والتلميع والتقديس‬ ‫احمليطة به‪.‬‬ ‫يتطور‪ ،‬يصبح خارج الزمن‪.‬‬ ‫إن الفكر الذي ال ّ‬ ‫تنتج عنه ظواهر خارجة‬ ‫ومن املمكن دائماً‪ْ ،‬أن ُ‬ ‫عــن مـفــاهـيــم الـعـصــر‪ ،‬وخ ــارج ــة عــن ت ـصـ ّـورات‬ ‫العقل‪.‬‬ ‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪13 2014 1‬‬


‫أول امرأة عربيـة تشـارك في قصف داعـش‬ ‫مريم المنصوري ‪ ...‬جدلية مشاركة المرأة في الحرب‬ ‫أشـعــل اش ــراك قــائــدة املقاتلة اإلمــارات ـيــة مــرمي املـنـصــوري‪ ،‬يف قصف مواقع‬ ‫تنظيم الدولة اإلسالمية يف العراق والشام يف سوراي‪ ،‬ضمن احلملة اليت بدأت‬ ‫األسـبــوع املــاضــي‪ ،‬أشعلت اإلعــام الـعــريب والعاملي بشىت أنــواع التعليقات‬ ‫والـتـحـلـيــات‪ ،‬فهي امل ـرأة األوىل الــي تـشــارك يف مثل هــذه احلـمــات على‬ ‫املستوى العريب‪ ،‬ورمبا العاملي‪.‬‬ ‫ومع انتشار هاشتاغ ‪ #‬سوراي حتت القصف‪ ،‬الذي يقوده حتالف القوى العاملية ضد الدولة‬ ‫اإلسالمية يف العراق والشام (داعــش)‪ ،‬وانتشار خرب مشاركة اإلماراتية مرمي املنصوري يف‬ ‫هذه احلملة‪ ،‬اشتعلت مواقع التواصل االجتماعي واإلعالم العريب والعاملي‪ ،‬بتساؤالت حول‬ ‫دور املرأة يف ساحات القتال‪.‬‬ ‫وتباينت ردود أفـعــال رواد موقعي الـتـواصــل االجتماعي فيسبوك وتــويــر‪ ،‬حــول مشاركة‬ ‫املنصوري يف احلملة‪ ،‬اليت تقودها أمريكا‪ ،‬وقيادهتا للسرب اإلمارايت املقاتل‪ .‬فقد عرب بعض‬ ‫املغردين على تويرت‪ ،‬عن استيائهم ملشاركة املنصوري يف هذه احلملة‪ ،‬واعتربوها انتقاصاً من‬ ‫قدر الذكور‪ ،‬يتساءل كوييت «هل انتهى الرجال من عندهم؟»‪ .‬بينما غردت أردنية أن مرمي‬ ‫املنصوري من نشميات اإلمارات‪ ،‬وهي قادرة على الدفاع عن نفسها وضد اإلرهاب‪ .‬كما‬ ‫تــداول بعضهم صــوراً للمنصوري‪ ،‬وأثنوا على مشاركتها حيث اعتربوا األمــر مبثابة خدمة‬ ‫لوطنها‪ ،‬ولدور النساء يف اجملتمع اإلمارايت احملافظ‪.‬‬ ‫تناقض يف الرأي‬ ‫لكن األمر مل يقتصر على املواقع العربية‪ ،‬فبعد أن أشادت قناة فوكس نيوز األمريكية بكفاءة‬ ‫املنصوري‪ ،‬وقدرهتا على قيادة سرب طائرات‪ ،‬وضــرب مواقع داعــش حبرفية‪ ،‬أاثر تعليق‬ ‫ملقدم أحد برامج هذه القناة‪ ،‬عن مدى قدرة املنصوري على إعــادة الطائرة إىل موقفها‪،‬‬ ‫بعد تنفيذها عملية القصف‪ ،‬أاثر موج ًة من االستياء على التويرت‪ ،‬خصوصاً بعد قول أحد‬ ‫مقدمي براجمها «بدالً من جنود على األرض‪ ...‬صدور على األرض»‪ ،‬يف إشارة إىل متييز‬ ‫فاضح ضد املرأة‪ ،‬من دولة تعترب نفسها بلد املساواة والدميقراطية‪.‬‬ ‫وبعد عدة أايم من ظهور هذا التعليق على قناة فوكس نيوز‪ ،‬ومع أن املذيع غريغ غاتفيلد‬ ‫اعتذر على اهلواء مباشرة عن تعليقه «غري املناسب أبداً» على حد قوله‪ ،‬إال أن جمموعة‬ ‫من احملاربني األمريكيني القدامى‪ ،‬أرسلوا رسالة علنية معربين فيها عن استيائهم من هذا‬ ‫التعليق املهني‪ ،‬واملعاكس متاماً للمبادئ اليت تعلموا الدفاع عنها يف اجليش‪ ،‬وأشادوا جبهود‬ ‫املنصوري يف كسر مجيع احلواجز اجملتمعية‪ ،‬وسعيها لقتال داعش‪ ،‬مؤكدين أهنم حيرتمون أي‬ ‫كن‬ ‫شخص‪ ،‬رجال كان أو امرأة‪ ،‬يقف يف وجه هذا التنظيم‪ .‬وقد أكدوا كذلك أن النساء َّ‬

‫‪ 14‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫• رهف موسى‬

‫يقدن طائرات حربية حىت من قبل والدة غاتفيلد‪ ،‬وتعجبوا‬ ‫من اعتبار هكذا تعليق «مزحة» وتوجهوا لغاتفيلد خبطاب‬ ‫مباشر قائلني‪« :‬أنت لست مضحكاً ولست ذكياً‪ ،‬ولست‬ ‫مـعــذوراً عن هــذا التعليق»‪ .‬وقدموا يف هناية الرسالة اعتذاراً‬ ‫لـلـرائــد املـنـصــوري‪ ،‬نـيــابــة عــن غاتفيلد مــوضـحــن فـيــه تقدير‬ ‫الشعب األمريكي جلهودها‪.‬‬ ‫كما استغل بعض املغردين على تويرت كذلك هذا املوضوع يف‬ ‫املقارنة بني ما وصلت إليه املرأة يف اإلمارات من تقدم‪ ،‬بينما‬ ‫ال تزال دول تناقش أتثري قيادة السيارات على مبايض املرأة‪،‬‬ ‫يف إشارة إىل منع املرأة السعودية من قيادة السيارة‪.‬‬ ‫حور العني‬ ‫وم ــن جـهــة أخ ــرى‪ ،‬عــر عـنــاصــر تنظيم داع ــش عــر موقعي‬ ‫تويرت وفيسبوك‪ ،‬عن استيائهم مبشاركة املنصوري يف قصفهم‪،‬‬ ‫حيث س ــادت مــوجــة استنكار ملشاركة ام ـرأة يف قتلهم‪ ،‬مما‬ ‫سيحرمهم مــن الــذهــاب للجنة بـعــد مــوهتــم‪ ،‬حـيــث لــن يتم‬ ‫اعتبارهم «شهداء»‪ ،‬على حد تعبريهم‪ .‬فكيف سريثون من‬ ‫قُتل من عناصرهم على يد امرأة‪ ،‬وهم الذين زفوا «شهدائهم»‬ ‫على مواقع التواصل االجتماعي واليوتيوب‪ ،‬مبرثيات تتمىن هلم‬ ‫حــورايت «حــور العني» مع أهنــار اخلمر يف اجلنة السماوية‪،‬‬ ‫ال ــي ق ــدم أغـلـبـهــم لـلـحـظــي هب ــا ابجل ـه ــاد يف سـبـيــل هللا وفــق‬ ‫مفاهيمهم اخلــاصــة‪ ،‬بقتل الــروافــض واإليـزيــديــن واملسيحيني‬ ‫الــذيــن مل يشهروا إســامـهــم‪ ،‬وذبــح السنة الــذيــن ال يبايعون‬ ‫اخلليفة البغدادي؟‬ ‫لذلك وجه بعض املؤيدين لداعش‪ ،‬أو عناصر منها إهاانت‬ ‫وهتديدات للمنصوري‪ ،‬وكتب أحدهم‪« :‬وجه اجملرم جيب أن‬ ‫ال خيفى عنكم‪ ،‬أحفظوه‪ ،‬حىت تعاقبوه”‪ .‬ووصف مغرد آخر‬ ‫املنصوري أبهنا “الطيارة اإلماراتية اجملرمة”‪.‬‬ ‫وهذه ليست املرة األوىل اليت يعرب تنظيم داعش عن ختوفه من‬ ‫وجود املرأة يف صفوف الطرف اآلخر‪ ،‬فقد أعلنوا سابقاً عن‬ ‫ختوفهم من النساء الكردايت‪ ،‬اللوايت حيملن السالح ضدهم‬ ‫يف مواقع تواجد األكراد‪.‬‬ ‫هل هو صوت امرأة؟‬ ‫فالرائد الطيار مرمي املنصوري‪ ،‬مل حتلق ابلطائرة فحسب‪ ،‬بل‬ ‫كانت قائدة التشكيل اجلوي‪ ،‬الذي نفذ الضرابت بني ليل‬ ‫االثنني وصباح الثالاثء املاضيني‪ .‬ويبدو أن ضباط التحالف مل‬ ‫يكونوا على علم بوجود املنصوري‪ ،‬فقد تفاجأ أحد ضباطهم‬ ‫عندما اتصلت به املنصوري لتطلب إعــادة تعبئة للوقود يف‬ ‫اجلــو‪ .‬لتكون بذلك أول ام ـرأة إمــاراتـيــة وعربية تقود مقاتلة‬ ‫عسكرية‪.‬‬ ‫ففي الــوقــت الــذي عــر فيه اإلمــاراتـيــون عــر مـواقــع التواصل‬ ‫االجتماعي‪ ،‬عن فخرهم اببنتهم مرمي املنصوري‪ ،‬اليت تشارك‬


‫السيــداو‬ ‫ألمهيتها‪ ،‬تقوم جملة «سيدة ســوراي» بنشر اتفاقية السيداو على أجزاء‪،‬‬ ‫بدءاً من العدد الثاين‪.‬‬ ‫املادة ‪17‬‬

‫يف ال ـغــارات اجلــويــة لـضــرب معاقل «داع ــش»‪ ،‬قــامـوا مــن خــال تغريدات‬ ‫متواصلة‪ ،‬بتفنيد البيان الذي وصفوه بـ«امللفق»‪ ،‬والــذي يزعم أن عائلتها‬ ‫قد تربأت منها‪ .‬فقد استنكر عدد من أبناء العائلة هذا البيان‪ ،‬ونفوا صحته‬ ‫مجل ًة وتفصيالً‪ ،‬مؤكدين وقوفهم إىل جانب ابنتهم مرمي «البطلة والرمز»‪،‬‬ ‫على حد قوهلم‪.‬‬ ‫يذكر أن مرمي املنصوري أول امرأة طيار مقاتل برتبة رائد‪ ،‬تقود طائرة حربية‬ ‫يف اإلمارات‪ ،‬ولدت يف عاصمة اإلمارات العربية املتحدة أبوظيب‪ ،‬وحصلت‬ ‫على بكالوريوس آداب يف اللغة اإلنكليزية‪ ،‬ومن مث التحقت ابلقوات املسلحة‬ ‫وفق رغبتها الشخصية وبدعم من العائلة لتحقق حلمها يف أن تصبح طياراً‬ ‫مقاتالً‪ .‬لكن مل يكن هذا متاحاً للنساء حينها‪ ،‬فعملت يف القيادة العامة‬ ‫للقوات املسلحة لعدة سنوات‪ ،‬حىت أتيح اجملــال للنساء العمل كطيارين‪،‬‬ ‫فكانت هي أول املبادرين‪ .‬تقول املنصوري يف كوهنا أول النساء يف ذلك‬ ‫اجملال يف بلدها‪« :‬مع بدء مشواري العسكري‪ ،‬شكل هذا األمر حتدايً كبرياً‬ ‫ابلنسبة يل‪ ،‬إال أين أصررت على مواصلة املشوار‪ ،‬فجميع جماالت العمل‬ ‫هبا منافسة‪ ،‬ومتكنت وهلل احلمد من التفوق والتميز يف عملي‪ ،‬وكنت دائماً‬ ‫من األوائل»‪ .‬واتبعت‪« :‬املنافسة مع رجال سالح الطريان‪ ،‬شكلت حتدايً‬ ‫ابلنسبة يل‪ ،‬إال أنــي متكنت من مواصلة مـشـواري بنجاح وتـفــوق‪ ،‬وجيب‬ ‫علي يف هــذه الصدد أن أشيد ابلدعم املتواصل الــذي حصلت عليه من‬ ‫زمالئي يف العمل‪ ،‬وكوين فتاة يف هذه اجملال الذي يسيطر عليه الرجال‪ ،‬مل‬ ‫يعطين أية استثناءات‪ ،‬فكانت املعاملة ابملثل‪ ،‬وأساليب التدريب واحدة‪،‬‬ ‫وقد جنحت يف مواصلة مشواري‪ ،‬والتغلب على أية صعوابت واجهتين حىت‬ ‫وصلت اآلن إىل مرتبة رائد مقاتل على طائرة أف ‪ .»16‬وتقود املنصوري‬ ‫يف هذه احلملة مقاتلة اف‪ -16‬األمريكية الصنع وسبق أن استضافتها عدة‬ ‫قنوات تلفزيونية‪.‬‬ ‫هكذا حتولت ساحات مواقع التواصل االجتماعي واإلعالم املرئي‪ ،‬للجدل‬ ‫حــول جنس الكابنت مــرمي املنصوري‪ ،‬وليس كفاءهتا يف خــوض مثل هذه‬ ‫احلــرب‪ ،‬لتكشف عن الصراع األزيل بني امل ـرأة والــرجــل‪ ،‬وحماربتها يف كافة‬ ‫اجمل ــاالت‪ .‬فلدى رصــد وحتليل كــل مــا سبق يتكشف لنا أن اهلـجــوم على‬ ‫الكابنت مرمي املنصوري‪ ،‬ليس لعدم كفاءهتا‪ ،‬فهي قد أثبتتها‪ ،‬بل من انحية‬ ‫جنسوية ودينية حبتة‪ ،‬فكيف المـرأة أن تقود سرابً من الطائرات‪ ،‬وتقتحم‬ ‫مساء الرجال وتبزهم يف جماهلم؟ وكيف هلا أن متنعهم من دخــول «اجلنة»‪،‬‬ ‫واحلصول على «حور العني» عند مقتلهم على يدها؟ تساؤالت تعكس منط‬ ‫التفكري الذكوري الذي يسود جمتمعاتنا العربية‪ ،‬وحيد من تقدم املرأة وتبوأها‬ ‫ملناصب تبز فيها الرجل‪.‬‬

‫‪ .1‬من أجل دراسة التقدم احملرز يف تنفيذه هذه االتفاقية‪ ،‬تنشأ جلنة للقضاء‬ ‫على التمييز ضد املرأة (يشار إليها فيما يلي ابسم اللجنة) تتألف‪ ،‬عند بدء‬ ‫نفاذ االتفاقية‪ ،‬من مثانية عشر خبرياً‪ ،‬وبعد تصديق الدولة الطرف اخلامسة‬ ‫والثالثني عليها أو انضمامها إليها من ثالثة وعشرين خبرياً من ذوي املكانة‬ ‫اخللقية الرفيعة والكفاءة العالية يف امليدان الذي تنطبق عليه هذه االتفاقية‪،‬‬ ‫تنتخبهم الدول األطـراف من بني مواطنيها ويعملون بصفتهم الشخصية‪،‬‬ ‫مع إيــاء االعتبار ملبدأ التوزيع اجلغرايف العادل ولتمثيل خمتلف األشكال‬ ‫احلضارية وكذلك النظم القانونية الرئيسية‪.‬‬ ‫‪ .2‬ينتخب أعضاء اللجنة ابالقرتاع السري من قائمة أشخاص ترشحهم‬ ‫ال ــدول األط ـ ـراف ولـكــل دول ــة ط ــرف أن تــرشــح شـخـصـاً واحـ ــداً مــن بني‬ ‫مواطنيها‪.‬‬ ‫‪ .3‬جيرى االنتخاب األول بعد ستة أشهر من اتريخ بدء نفاذ هذه االتفاقية‪،‬‬ ‫وقبل ثالثة أشهر على األقــل من اتريــخ كل انتخاب‪ ،‬يوجه األمــن العام‬ ‫لألمم املتحدة رسالة إىل الدول األطراف يدعوها فيها إىل تقدمي ترشيحاهتا‬ ‫يف غضون شهرين‪ .‬ويعد األمــن العام قائمة ألفبائية جبميع األشخاص‬ ‫املرشحني على هذا النحو‪ ،‬مع ذكر الدولة الطرف اليت رشحت كال منهم‪،‬‬ ‫ويبلغها إىل الدول األطراف‪.‬‬ ‫‪ .4‬جترى انتخاابت أعضاء اللجنة يف اجتماع للدول األطراف يدعو إليه‬ ‫األمــن العام يف مقر األمــم املتحدة‪ .‬ويف ذلــك االجتماع‪ ،‬الــذي يشكل‬ ‫اشـ ـراك ثلثي ال ــدول األطـ ـراف فيه نـصــاابً قانونياً لــه‪ ،‬يـكــون األشـخــاص‬ ‫املنتخبون لعضوية اللجنة هم املرشحون الذين حيصلون على أكرب عدد من‬ ‫األصوات وعلى أكثرية مطلقة من أصوات ممثلي الدول األطراف احلاضرين‬ ‫واملصوتني‪.‬‬ ‫‪ .5‬ينتخب أعضاء اللجنة لفرتة مدهتا أربع سنوات‪ .‬غري أن فرتة تسعة من‬ ‫األعضاء املنتخبني يف االنتخاب األول تنقضي يف هناية فرتة سنتني‪ ،‬ويقوم‬ ‫رئيس اللجنة‪ ،‬بعد االنتخاب األول فــوراً‪ ،‬ابختيار أمســاء هـؤالء األعضاء‬ ‫التسعة ابلقرعة‪.‬‬ ‫‪ .6‬جيرى انتخاب أعضاء اللجنة اإلضافيني اخلمسة وفقاً ألحكام الفقرات‬ ‫‪ 2‬و‪ 3‬و‪ 4‬من هذه املادة بعد التصديق أو االنضمام اخلامس والثالثني‪.‬‬ ‫وتنتهي والية اثنني من األعضاء اإلضافيني املنتخبني هبذه املناسبة يف هناية‬ ‫فرتة سنتني‪ .‬ويتم اختيار امسيهما ابلقرعة من قبل رئيس اللجنة‪.‬‬ ‫‪ .7‬مللء الشواغر الطارئة‪ ،‬تقوم الدولة الطرف اليت كف خبريها عن العمل‬ ‫كعضو يف اللجنة بتعيني خبري آخر من بني مواطنيها‪ ،‬رهناً مبوافقة اللجنة‪.‬‬ ‫‪ .8‬يتلقى أعضاء اللجنة‪ ،‬مبوافقة اجلمعية العامة‪ ،‬مكافآت تدفع من موارد‬ ‫األمم املتحدة ابألحكام والشروط اليت حتددها اجلمعية‪ ،‬مع إيالء االعتبار‬ ‫ألمهية املسؤوليات املنوطة ابللجنة‪.‬‬ ‫‪ .9‬يوفر األمــن العام لألمم املتحدة ما يلزم اللجنة من موظفني ومرافق‬ ‫لالضطالع بصورة فعالة ابلوظائف املنوطة هبا مبوجب هذه االتفاقية‪.‬‬ ‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪15 2014 1‬‬


‫تخطين الشوك ليلجن إلى عالم الحرية‬ ‫سيدات سوريات انشققن عن أجهزة النظام يروين تفاصيل حكاياتهن‬

‫• حتقيق‪ :‬نور مارتيين‬

‫جتسد يف املظاهرات السلمية‬ ‫ّ‬ ‫توسم بعض الناس خ ـراً يف احل ـراك املــدين السلمي الــذي ظهر مع بداية الـثــورة‪ ،‬هــذا احل ـراك الــذي ّ‬ ‫واالعتصامات اليت ع ّمت غالبية أرجاء سوراي‪ .‬غري أن جلوء النظام إىل القتل واالعتقال والقبضة األمنية‪ ،‬جعل الناس أمام خيارين ال‬ ‫اثلث هلما‪ :‬إما أن يكون مع النظام ويسانده يف كل ما يقوم به من اعتقاالت وتنكيل وممارسات أمنية‪ ،‬ويكون ابلتايل إىل جانب الطاغية‬ ‫يداً بيد‪ ،‬خاصة إذا كان من أولئك الذين يشغلون مواقع حساسة يف مراكز صنع القرار‪ ،‬أو ممن هلم أتثري يف صياغة الرأي العام‪ ،‬أما‬ ‫اخليار الثاين فهو أن يكون على الضفة األخرى نصرياً للناس وجزءاً من مهومهم‪.‬‬ ‫وكان على من حسموا أمرهم ابتباع اخليار الثاين‪ ،‬حتمل تبعاته‪ ،‬فانصهرت مهومهم اخلاصة يف مهوم الفئة اليت رفعوا أصواهتم يف الدفاع‬ ‫عنها‪ ،‬وتعرض كثري منهم لالعتقال‪ ،‬التنكيل‪ ،‬التهديد ابلقتل‪ ،‬اخلطف‪ ،‬استهداف أفراد عوائلهم‪ ،‬أو مصادرة ممتلكاهتم‪...‬‬ ‫هذا فيما يتعلق مبن اصطلح على تسميتهم ابملنشقني أايً كان جنسهم‪،‬‬ ‫أما حني تقوم «أنثى» بفعل االنشقاق‪ ،‬فاحملاذير واملخاطر تصبح أكرب‬ ‫وأشــد وطــأة‪ ،‬ذلك أن حجم الضغوطات من قبل النظام يكون أكرب‬ ‫بكثري من جهة‪ ،‬ومن جهة أخــرى ارتباطها العاطفي وطبيعتها اهلشة‬ ‫كأنثى جتعل خسارهتا يف كل شيء أفدح‪ ،‬رمبا ألن وقع انشقاقها عن‬ ‫النظام أقــوى بسبب قلة عــدد النساء يف املراكز احلساسة من انحية‪،‬‬ ‫وجرأهتن البالغة يف اختــاذ هــذا النوع من الـقـرارات‪ ،‬رغــم كل احملــن اليت‬ ‫ميكن أن يتعرضن هلا من انحية أخرى‪.‬‬ ‫سنحاول يف جملة «سيدة سوراي»‪ ،‬ومن خالل هذا التحقيق الصحفي‪،‬‬ ‫أن نسلّط الضوء على جتارب بعض السيدات اللوايت قمن ابالنشقاق‬ ‫عــن أجـهــزة الـنـظــام وسـجـلــن شـجــاعــة فـريــدة مــن خــال قيامهن هبــذه‬ ‫اخلطوة‪ ،‬وزدن عليها شجاعة احلديث لإلعالم عن جتارهبن‪..‬‬ ‫الربملانية إخالص بدوي والبداية‬ ‫عن البداية والدوافع الختاذ قرار االنشقاق‪ ،‬تتحدث السيدة إخالص‬ ‫بدوي‪ ،‬عضو جملس الشعب السوري املنشقة‪ ،‬فتقول‪« :‬ال خيفى على‬ ‫اجلميع بطش النظام وتنكيله ابلشعب السوري األعزل‪ ،‬الذي انتفض‬ ‫مطالباً ابحلرية والكرامة والعيش الكرمي‪ ،‬فقد وضعين واقــع احلــال أمام‬ ‫مسؤولية وجوب اختاذ قرار حاسم‪ ،‬يقتضي أن أقف مع النظام الوحشي‪،‬‬ ‫وأتغاضى عن جرائمه اليت يرتكبها‪ ،‬أو أن أقف مع الشعب األعــزل‪،‬‬ ‫املطالب ابحلرية والكرامة‪ ،‬والــذي ترتكب ضده أبشع وأوحــش اجلرائم‬ ‫على مر التاريخ» ذلــك أنّــه «مل يسمح يل ضمريي ابلتخاذل وخيانة‬ ‫شعيب وأهلي الذين اختاروين إليصال كلمتهم وصوهتم إىل املعنيني يف‬ ‫السلطة‪ ،‬ابلتايل مل أمسح لنفسي أن أخون هذه األمانة اليت محلوين إايها‪،‬‬ ‫واستناداً إىل األسباب اليت أوضحتها آنفاً اختذت قرار انشقاقي عن هذا‬ ‫النظام اجملرم»‪.‬‬ ‫عــن تفاصيل التجربة تـقــول الـسـيــدة «ب ــدوي» إهنــا يف الـبــدايــة‪ ،‬وعند‬ ‫ترشحها جمللس الشعب كانت تفكر يف إمكانية التأثري على مراكز‬ ‫‪ 16‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫القرار دون اللجوء إىل االنشقاق‪ ،‬ولكن «لألسف ابءت مجيع احملاوالت‬ ‫ابلفشل‪ ،‬أو ابألحرى مل أجد آذاانً صاغية‪ ،‬وإن وجدت فهي ال حول هلا‬ ‫وال قــوة”‪ ،‬تضيف‪« :‬يف بداية الثورة حاولت مع بعض الزمالء احلديث‬ ‫مع القيادة من خالل اجمللس‪ ،‬لإلعالن عن بعض اإلصالحات‪ ،‬وإصدار‬ ‫املراسيم اليت يطالب هبا الشعب» واصفة إايها أبهنا «مطالب حمقة للشعب‪،‬‬ ‫وكذلك ختفيف القبضة األمنية على املواطنني‪ ،‬وإعطائهم مساحة من احلرية‬ ‫يعربون هبا عن آرائهم» إضافة إىل «زايدة يف الرواتب لتأمني عيش كرمي‬ ‫هلم وألسرهم‪ ،‬وحماسبة املفسدين‪ ،‬وخاصة عناصر األمن‪ ،‬ولكن دون أي‬ ‫جدوى‪ ،‬وبدالً من اإلصالح‪ ،‬فوجئنا مبشروع قانون مكافحة اإلرهاب )أي‬ ‫إمخاد الثورة (الذي ألزموان ابلتصويت عليه‪ ،‬وقد اعرتضت على هذا القرار‬ ‫لكنين واحــدة أمــام اجلميع‪ ،‬فما عساي أفعل؟!» مؤّكدة أهنا متكنت من‬ ‫«الوصول إىل لقاء مع بشار األسد‪ ،‬والتحدث معه إليصال صوت الشعب‬ ‫وكـشــف اجمل ــازر الــي يرتكبها األم ــن واجلـيــش حبــق هــذا الشعب األع ــزل‪،‬‬ ‫وابلفعل متكنت من اللقاء به ودار بيننا حديث مطول‪ ،‬وكلما أتكلم عن‬ ‫حادثة ما وعن االعتقاالت والقتل العشوائي الذي حيدث‪ ،‬أبدى استغرابه‬ ‫وصدمته مما أقوله»‪ ،‬موضحة أبهنا تفاءلت هبذا املوقف معلّقة األمل على‬ ‫متابعة هذا األمر‪ ،‬ومعاقبة مجيع املتورطني يف هذا العمل‪« ،‬وبذلك أكون‬ ‫قد أوصلت أمانيت الــي وكلين هبا الشعب‪ ،‬والــي أقسمت على أتديتها‪،‬‬

‫البرملانية إخالص بدوي‬


‫وانتظرت فرتة ليست قصرية‪ ،‬ولكنين مل َأر أي‬ ‫تغيري يف السياسة!»‪..‬‬ ‫القاضي هنادي أبو عــرب‪« :‬كل من حويل‬ ‫دفع الثمن»‬ ‫مــن جهتها تقول القاضي هـنــادي أبــو عــرب‪،‬‬ ‫وهــي ابنة دمشق‪ ،‬والــي كانت تشغل منصب‬ ‫رئ ـيــس حمـكـمــة ال ـبــدايــة املــدن ـيــة قـبــل انـشـقــاقـهــا‬ ‫عــن الـنـظــام‪ ،‬وتعمل حــالـيـاً كمستشار قانوين‬ ‫ل ــدى اجل ـيــش ال ـس ــوري احل ــر‪ ،‬ت ـقــول «إ ّن أهـ ّـم‬ ‫س ـبــب الخت ــاذه ــا ق ـ ـرار االن ـش ـق ــاق ع ــن جـهــاز‬ ‫النظام القضائي واالنضمام لثورتنا املباركة هو‬ ‫وحشية النظام األمــي‪ ،‬وانعدام اإلنسانية بكل‬ ‫مـعــايــرهــا جت ــاه كــافــة أط ـي ــاف وف ـئ ــات الشعب‬ ‫الثائر»‪ .‬وعن موقفها وتبعاته تتابع القاضي أبو‬ ‫عرب‪« :‬ختليت عن كل شي من أجل الكرامة‬ ‫واإلنـســانـيــة والــوطــن والــديــن‪ ،‬لـســت أان فقط‪،‬‬ ‫بل زوجي وأوالدي وأهلي وأهل زوجي‪ ،‬هناك‬ ‫الـكـثــر ممــن دفــع مثــن قـ ـراري‪ ،‬وعـلــى الــرغــم من‬ ‫كل الضغوطات واملآسي اليت نتعرض هلا‪ ،‬لكين‬ ‫لست اندم ــة»‪ ،‬تضيف‪« :‬تــركــت امل ــال واجلــاه‬ ‫واملنصب وحياة الرفاهية يف جمتمعي املخملي‪،‬‬ ‫فقد كنت (إضــافــة لعملي األســاســي) إحــدى‬ ‫مستشاري الـكــادر السياسي يف رائســة جملس‬ ‫ال ــوزراء‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن كــوين ابنة عائلة معروفة يف‬ ‫دم ـشــق‪ ،‬مل يـكــن يـنـقـصــي ش ــيء‪ ،‬ومل يتعرض‬ ‫يل أحــد‪ ،‬ال من النظام وال من غــره كي أثور‬ ‫انتقاماً»‪.‬‬ ‫اإلعالمية ران إبراهيم‪« :‬طردت من عملي»‬ ‫اإلعالمية ران إبراهيم‪ ،‬كانت تعمل لدى وزارة‬ ‫اإلعــام السورية‪ ،‬هذه الــوزارة اليت يعرف عنها‬ ‫ارتباطها الوثيق مبراكز صنع القرار‪ ،‬األمر الذي‬ ‫جيعل انشقاق أي إعالمي مهما كانت وظيفته‬ ‫حـ ــداثً شــديــد ال ــوط ــأة عـلــى ال ـن ـظــام ال ـس ــوري‪.‬‬ ‫وعــن سبب اختــاذهــا ق ـرار االنـتـقــال إىل الضفة‬ ‫األخ ـ ــرى‪ ،‬ت ـق ــول ال ـس ـيــدة ران‪« :‬كـ ــان قـ ـراري‬ ‫ابالنـتـقــال إىل الـضـفــة األخ ــرى صـعـبـاً ابلطبع‪،‬‬ ‫لـكــي رغـبــت أبن أتـبــع مــا ميليه عـلــي ضمريي‬ ‫وأخالقي‪ ،‬كوين إنسانة ال تقبل الظلم‪ ،‬وكان‬ ‫الـقـرار سريعاً بعد تعرضي ملضايقات أمنية»‪،‬‬

‫موضحة أنه «بعد مقتل زميل صحفي يل يعمل‬ ‫يف نـفــس الصحيفة ال ــي أعـمــل فيها عـلــى يد‬ ‫جيش النظام‪ ،‬غادرت دمشق خالل يومني»‪.‬‬ ‫وتردف إبراهيم‪« :‬وطبعاً مل أعمل مع املعارضة‬ ‫فوراً‪ ،‬فقد قضيت حوايل مخسة أشهر يف منزل‬ ‫قريبة يل يف تركيا‪ ،‬وبعدها بدأت رحلة البحث‬ ‫عــن ع ـمــل»‪ .‬وتـتــابــع‪« :‬وج ــدت ص ـعــوابت يف‬ ‫إزالة منع السفر الذي كان مفروضاً على مجيع‬ ‫املوظفني يف الدولة‪ ،‬فطلبت املغادرة إىل بريوت‬ ‫حبجة املــرض‪ ،‬ومن هناك سافرت لرتكيا»‪ .‬أما‬ ‫عن تبعات قرار االنشقاق هذا‪ ،‬فتقول‪« :‬كان‬ ‫ابتعادي عن العمل يف مؤسسات النظام انبعاً‬ ‫مــن ضـمــري ال ــذي ال يقبل مــا كــان يقابل به‬ ‫املتظاهرون من قتل يف درعا ومحص وغريمها‪ ،‬وال‬ ‫يقبل التضليل اإلعالمي الــذي مارسه وميارسه‬ ‫نظام األسد»‪ ،‬وترى السيدة إبراهيم أن « الدنيا‬ ‫يف النهاية موقف‪ ،‬وال بد من موقف إىل جانب‬ ‫احلق واملظلومني‪ ،‬وابلطبع مل يتوا َن نظام األسد‬ ‫عن االنتقام من موقفي بطردي من الصحيفة‬ ‫واإلعــان عن ذلــك يف الصحف الرمسية‪ ،‬رغم‬ ‫أين كـنــت مـثـبـتــة‪ ،‬كـمــا ق ــام ـوا ابح ـت ــال مـنــزيل‬ ‫الكائن يف صحنااي»‪.‬‬ ‫القاضي إميان شحود‪« :‬كيف ميكنين إيصال‬ ‫صاحب احلق إىل حقه‪ ،‬وقد هضم حقي؟»‬ ‫تقول القاضي إميــان شحود‪ ،‬والــي تعمل لدى‬ ‫«جمـلــس الـقـضــاء الـســوري املستقل”‪« :‬أعمل‬ ‫قــاضـيــة‪ ،‬والسلطة القضائية هلــا استقالهلا عن‬ ‫ابق ــي الـسـلـطــات يف ال ــدول ــة‪ ،‬وه ــذا أم ــر ينص‬ ‫عليه الدستور والقانون‪ .‬لكن يف ســوراي كانت‬ ‫للجهاز األمين سيطرته على كل مفاصل احلياة‬ ‫حــى ال ـق ـضــاء‪ ،‬وب ــدا ذل ــك واض ـح ـاً مــع بــدايــة‬

‫القاضي هنادي أبو عرب‬

‫اإلعالمية رنا ابراهيم‬

‫احل ـراك الـثــوري»‪ ،‬موضحة أبنــه يف ســوراي «يتم‬ ‫توقيف الناس بشكل تعسفي ودون قرار قضائي‬ ‫أو حىت عرضهم على القضاء إال بعد فرتة طويلة‬ ‫من التوقيف‪ ،‬ومع التدخل واإليعاز ابلتحقيق‬ ‫كما تشاء اجلهة األمنية احملال منها‪ ،‬وهذا حبد‬ ‫ذاتــه جتريد للسلطة القضائية من صالحياهتا‪،‬‬ ‫إذ ال ميكن للقضاء إجراء أي حتقيق خبصوص‬ ‫أي جرمية ارتكبت مــن قبل عناصر األمــن أو‬ ‫الشبيحة‪ ،‬األمر الذي ساهم يف األمين املقصود‬ ‫إشاعته من النظام كوسيلة إلخضاع الشعب»‪.‬‬ ‫وت ـ ــروي ال ـق ــاض ــي«ش ـح ــود» ح ــادث ــة شخصية‬ ‫ســامهــت يف اخت ــاذه ــا قـ ـرار االن ـش ـقــاق فـتـقــول‪:‬‬ ‫«قتل أخي حممود برفقة ماهر شحود من قبل‬ ‫عناصر األمن داخل املشفى الوطين إبدلب يف‬ ‫الفرتة السلمية للثورة‪ ،‬ألنه كان من النشطاء يف‬ ‫احلـراك الثوري واإلنـســاين‪ ،‬وكنت ما أزال على‬ ‫رأس عملي‪ .‬وحني قلت إنين أريــد فتح حتقيق‬ ‫مبقتل أخــي‪ ،‬تلقيت رســالــة شفهية مــن األمــن‬ ‫مفادها أين مطلوبة‪ ،‬وأن علي إج ـراء تسوية‪،‬‬ ‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪17 2014 1‬‬


‫كان ذلك إلسكات صويت‪ ،‬مث قام عناصر من‬ ‫اجليش بتفتيش منزيل كأي شخص جمرم‪ ،‬ودون‬ ‫قرار قضائي‪ ،‬ومع ذلك استمريت يف عملي»‪،‬‬ ‫وتوضح القاضي شحود أن من أسباب اختاذها‬ ‫قـرار االنشقاق اخلــوف من اعتقاهلا أو اعتقال‬ ‫أحــد أف ـراد أسـرهتــا‪ ،‬مــا قــد ينعكس على أف ـراد‬ ‫الـعــائـلــة مج ـي ـع ـاً‪ ،‬فــالـنـظــام «اس ـت ـمــر يف إج ـرامــه‬ ‫قصر من العائلة» غري أن‬ ‫واعتقل شباانً بينهم ّ‬ ‫السبب الرئيس‪ ،‬وفــق اعتبارات القاضي إميان‬ ‫ـاض حملاكمته‪،‬‬ ‫ش ـحــود‪ ،‬هــو «أن تـتــم دع ــوة ق ـ ٍ‬ ‫بناء على تقرير من عنصر أمن أو شبيح‪ ،‬لعدم‬ ‫استجابتها ألوامرهم يف إجراء تسوية معهم وهم‬ ‫من جتب علي حماكمتهم‪ ،‬حينها مت استدعائي‬ ‫جملـلــس الـقـضــاء األع ـلــى‪ ،‬وحمــاكـمــي بـنــاء على‬ ‫التقارير‪ ،‬فشعرت ابإلذالل واملهانة»‪ ،‬وتعقّب‬ ‫على ذلك قائلة‪«:‬شعرت أنين أحتمل مسؤولية‬ ‫ال ـس ـكــوت عــن الـظـلــم واإلذالل لـلـشـعــب‪ ،‬ما‬ ‫دم ــت يف مـنـصــي‪ ،‬وال أسـتـطـيــع حتـقـيــق الشق‬ ‫القضائي بتطبيق أحكام القانون‪ ،‬وإقامة العدل‬ ‫بــن ال ـنــاس‪ .‬إذ كيف ميكنين إيـصــال صاحب‬ ‫احلــق إىل حـقــه‪ ،‬وقــد هضم حقي مبعرفة قاتل‬ ‫أخي‪ ،‬ومعرفة مصري املعتقلني من أقرب الناس؟‬ ‫ابلنسبة يل يكفي أن اشعر ابرتياح لـراءيت من‬ ‫دم الشعب السوري‪.»...‬‬ ‫ال فــرق عند النظام بني رجــل وام ـرأة إال يف‬ ‫الوالء‬ ‫وعــن وقــع انـشـقــاق الـنـســاء عــن أجـهــزة النظام‬ ‫وأتث ــره تــرى القاضي «أبــوعــرب» أن «األشــد‬ ‫وطأة على النظام هو انشقاق األشخاص ذوي‬ ‫ـض الـنـظــر عــن كــوهنــم نساء‬ ‫امل ـراكــز امل ــؤث ــرة‪ ،‬بـغـ ّ‬ ‫أم رجــاالً» معلّلة ذلك بقوهلا‪« :‬االنشقاق يف‬ ‫جـهــاز الـقـضــاء هــو ابجملـمــل ضئيل واندر‪ ،‬وال‬ ‫تغرنّك أعداد القضاة املنشقني يف الشمال‪ ،‬ألن‬ ‫انشقاق عدد منهم جاء ابلضغط عليهم‪ ،‬وليس‬ ‫طواعية منهم»‪ ،‬أمــا عــن السبب يف قلة عدد‬ ‫القضاة املنشقني‪ ،‬سواء كانوا رجاالً أم نساء‪،‬‬ ‫فرتى القاضي أبو عرب أن «الوضع السيئ من‬ ‫الناحية االجتماعية واملــاديــة للقاضي املنشق‪،‬‬ ‫واملـعــام ـلــة الــردي ـئــة‪ ،‬وات ـب ــاع أســال ـيــب التهميش‬ ‫واملـنــاطـقـيــة‪ ...‬حيث إن عــدد الـقـضــاة النساء‬ ‫‪ 18‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫القاضي إميان شحود‬

‫املنشقات هو أربعة فقط‪ ،‬وبكل أسف طبعاً‪ ،‬حمدود‪ ،‬إذ ال يتجاوز عدد القاضيات املائة‪ ،‬ولو‬ ‫الزلت القاضي الوحيد يف دمشق املنسلخة عن أوجدان نسبة القاضيات املنشقات إىل القضاة‬ ‫املنشقني‪ ،‬لوجدانها قريبة مــن النسبة الواقعية‬ ‫النظام األسدي»‪.‬‬ ‫فيما ترى الربملانية «بدوي» أن «لكل شخص للعاملني من رجــال ونساء‪ ،‬فخمسة قاضيات‬ ‫أس ـبــابــه اخلــاصــة وق ـنــاعــاتــه ال ــي ت ــرىب عـلـيـهــا»‪ ،‬أعرفهن منشقات عن النظام‪ ،‬حتقق نسبة جيدة‬ ‫أمــا ابلنسبة لقلة عــدد الـنـســاء واملـنـشـقــات يف مع القضاة املنشقني وعددهم يزيد على املائة»‪.‬‬ ‫جمـلــس الـشـعــب‪ :‬مــن اجمل ـحــف أن ن ـقــول فقط وعما إذا كانت قلة عدد السيدات املنشقات‬ ‫هـنــاك قلة مــن الـنـســاء» وتــوجــه الـسـيــدة بــدوي عن وزارة اإلعــام تعزى إىل تركيبة ال ــوزارة حبد‬ ‫س ـؤاالً جــوهـرايً هــو‪« :‬هــل كــان عــدد املنشقني ذاهتــا‪ ،‬وإطـبــاق األجـهــزة األمنية عليها‪ ،‬إضافة‬ ‫م ــن ال ــرج ــال أك ـث ــر؟» مث جتـيــب عـلــى تـســاؤهلــا إىل واقــع ما يسمى ابإلعــام البديل‪ ،‬الــذي مل‬ ‫ابلقول‪« :‬ال أبداً‪ ،‬فأان كما تعلمون أول منشقة يـعـكــس ال ـص ــورة امل ــرج ــوة مـنــه وال ــي ال تشجع‬ ‫برملانية يف س ــوراي‪ ،‬وتبعين ثــاثــة رج ــال‪ ،‬وهــذه اآلخ ـريــن على اخل ــوض يف هــذه الـتـجـربــة‪ ،‬ترى‬ ‫الـنـسـبــة قليلة ج ــداً مــن أص ــل ‪ /252/‬عـضـواً اإلعالمية ران إبراهيم أن‪« :‬وزارة اإلعالم طبعاً‬ ‫من الرجال يف جملس الشعب‪ ،‬علماً أن اآللية تتابع موظفيها بدقة” فيما ترى أنه هناك سبباً‬ ‫الــي يتم هبا اختيار أعضاء الـرملــان هلا سبب‪ ،‬آخر‪ ،‬وهو«أن موظفيها هم من املدللني نسبياً‬ ‫وه ــذا يتبع لكل حمــافـظــة‪ ،‬وكــذلــك متثيل مجيع مــن حيث الــرواتــب واالستكتاب‪ ،‬لكن هناك‬ ‫الطوائف ومتثيل رجال األعمال املستفيدين من الكثريات من الاليت انشققن‪ ،‬ومن بينهن مسرية‬ ‫اجمللس ممن يثقون هبم‪ ،‬وهم أذايل النظام‪ ،‬فض ً‬ ‫ال املساملة الــي انشقت يف بــدايــة ال ـثــورة‪ ،‬وكانت‬ ‫عنالقلة القليلة الــي كانت هتتم آلالم الشعب رئيسة حترير صحيفة تشرين»‪.‬‬ ‫وتتكلم ابمسهم‪ ،‬انهيك عن أن قرار املـرأة لرمبا‬ ‫يرتبط أبسرهتا واملخاوف اليت ميكن أن تتعرض كانت تلك عينة من مئات السيدات السورايت‬ ‫وضحني ّ‬ ‫بكل ما ميلكن‬ ‫هلا كأنثى»‪.‬‬ ‫الاليت لبّني نداء احلرية‪ّ ،‬‬ ‫يف سبيل موقف يف احلـيــاة‪ ،‬طبعاً ال ميكننا يف‬ ‫من جهتها تربط القاضي «إميان شحود» هذا «س ـيــدة س ــوراي» إال أن نـكــر فيهن مواقفهن‬ ‫املوضوع بعوامل منها أن‪« :‬للنساء يف جمتمعنا تلك‪ ،‬ونكرب أيضاً جرأهتن يف احلديث لإلعالم‪،‬‬ ‫ال ـش ــرق ــي خ ـصــوص ـيــة‪ ،‬ﻻ نـسـتـطـيــع إن ـك ــاره ــا‪ ،‬ابلــرغــم ممــا قــد يالقيه ذووه ــن مــن قبل النظام‪،‬‬ ‫فقرارات املـرأة مرتبطة بزوجها وعائلتها‪ ،‬لذلك خاصة وأن معظمهن ينتمني إىل مناطق مسيطر‬ ‫ليست لديها استقاللية القرار‪ ،‬هذا يف العموم‪ ،‬عليها من قبل النظام بشكل كامل‪ ،‬وما يزال‬ ‫أم ــا اخل ــاص ابجمل ــال الـقـضــائــي فــأذكــر أن عــدد بــن ذوي ـهــن مــن آث ــر الـبـقــاء يف الـبـلــد أايً كــان‬ ‫ال ـس ـي ــدات الـ ـلـ ـوايت يـعـمـلــن يف جمـ ــال ال ـق ـضــاء الثمن الذي سيدفعه!‪.‬‬


‫ولي مع القمر قصة‬ ‫الكل يتغزل ابلقمر وحيبه‪ ،‬يكتب عنه الشعراء‬ ‫والعشاق‪ ،‬لكن سؤاالً يدور يف خاطري دوماً‪:‬‬ ‫هل شعر أحدهم به كما شعرت أان؟!‬ ‫قضيت مــع عــدد مــن املعتقالت ‪ 7‬أشـهــر يف‬ ‫ظالم قبو املخابرات اجلوية حبرستا‪ ،‬ال نعرف‬ ‫الليل من النهار وال نرى مشساً‪ ،‬وال قمراً‪.‬‬ ‫الـكــل ابت يـعــرف مــا معىن االعـتـقــال‪ ،‬وكيف‬ ‫كان الضرب والتحقيق‪ ،‬وكيف ينام املعتقلون‪،‬‬ ‫وأص ـ ـوات صـ ـراخ الـتـعــذيــب يف آذاهنـ ــم‪ ،‬الـكــل‬ ‫يـعــرف مـعــاانة القمل وال ـقــذارة واالنـقـطــاع عن‬ ‫احلياة والعامل اخلارجي متاماً‪.‬‬ ‫أبخــي احلبيب قــاضـيـاً عـسـكـرايً هـنــاك‪ ،‬هــا أان‬ ‫أزوره‪ ،‬ولـكــن بـصـفــة سـجـيـنــة‪ ،‬مـقـيــدة الـيــديــن‬ ‫امل ـه ــم جـ ــاء الـ ـف ــرج ذات صـ ـب ــاح‪ ،‬وك ـن ــت قــد رثة الثياب‪ ،‬وأخي مل يكن يف استقبايل‪ ،‬كان‬ ‫أخـ ــرت ال ـص ـب ــااي م ـعــي يف الـ ـزنـ ـزان ــة‪« :‬ص ـبــااي مـعـتـقـ ً‬ ‫ا يف نـفــس ف ــرة اعـتـقــايل‪ ،‬فـبـعــد أسـبــوع‬ ‫أان س ــأخ ــرج لـ ـلـ ـش ــارع‪ ،‬كـ ـي ــف؟ ال أع ـ ــرف! من اعتقايل اعتقل وقضى سنتني وشهرين يف‬ ‫هــو إحـســاس بــا مـقــدمــات‪ ،‬بـعــد أن انتابتين سجن صيداناي‪ ،‬مث استشهد حتت التعذيب‪.‬‬ ‫ه ـواج ــس ك ـثــرة يف أوقـ ــات ســاب ـقــة أن هنــايــي مت استجوايب هناك وكان يل ملف ضخم حيوي‬ ‫ستكون يف هذا املكان‪ ،‬وأنين لن أعود للحياة كل شيء‪ ،‬من التعامل مع املوساد وأعضاء يف‬ ‫مــرة أخ ــرى»‪ ،‬يومها كنت أحــدث املعتقالت السفارة األمريكية ونقل املخدرات يف سياريت‪،‬‬ ‫معي‪ ،‬وأان أنظر من انفذة الزنزانة احلديدية اليت وصوالً إىل كتابة املقاالت اليت تطالب إبسقاط‬ ‫تطل على مدخل القفص الذي حيوي زنزانتنا‪ ،‬ال ـن ـظــام‪ ،‬ابإلض ــاف ــة اىل نـقــل ض ـبــاط منشقني‬ ‫ٍ‬ ‫مشاف ميدانية‪ .‬متت تربئيت هناك‬ ‫ألن القبو يقسم إىل أقفاص‪ ،‬وكل قفص أربع والتعامل مع‬ ‫زنـ ـ ـزاانت‪ ،‬اث ـن ـتــان ع ـلــى ال ـي ـمــن واث ـن ـت ــان على م ــن الـتـهــم ال ــي خت ــص احملـكـمــة الـعـسـكـريــة‪،‬‬ ‫اليسار‪ .‬ولكثرة ما كنت أحــاول احملافظة قدر وأعلموين أن مشواري مل ينت ِه وسأنقل إىل‬ ‫املستطاع على النظافة‪ ،‬كي ال خنرج إن كتب خمفر برزة لقضاء يومي السبت واجلمعة‪،‬‬ ‫لـنــا اخل ــروج أبمـ ـراض ننقلها لــأهــل‪ ،‬انـتـقــدت فقد كان يوم مخيس‪ ،‬وبعدها أحول إىل‬ ‫يوماً بــذور الزيتون املرمية يف املدخل‪ ،‬وقلت‪ :‬احملكمة املدنية يف الزبلطاين‪.‬‬ ‫م ــن رم ــى ال ـب ــذر يف ال ـش ــارع؟ مث ش ـعــرت أنــي‬ ‫استخدمت كلمة «الشارع»‪ ،‬اي هللا! الشارع؟ نقلت بسيارة املساجني إىل املخفر الذي‬ ‫هنا أخربت البنات أين سأخرج‪ ،‬وأرى الشارع وجــدتــه مبـثــابــة فـنــدق مخــس جن ــوم مقارنة‬ ‫وابلفعل هــي ســاعــة‪ ،‬ومت استدعائي للذهاب بزنزانتنا‪ ،‬فهو واسع وكنت وحدي‪ ،‬وكان‬ ‫يب للمخابرات اجلــويــة يف امل ــزة‪ ،‬وطبعاً مقيدة بداخله تواليت ومغسلة‪ ،‬وهــذا مــا كان‬ ‫اليدين و«مطمشة» العينني‪ ،‬ومنه إىل القضاء يـعـتــر حـلـمـاً حـيـنـهــا‪ .‬مضت‬ ‫العسكري الذي طاملا رغبت يف زايرته‪ ،‬ألفتخر ال ـ ـسـ ــاعـ ــات وأان‬

‫• هنادة فيصل الرفاعي‬ ‫وحدي‪ ،‬كنت سعيدة كون غرفة احلجز حتت‬ ‫األرض‪ ،‬كــانــت ه ـنــاك انف ــذة ق ــرب الـسـقــف‬ ‫تطل على مدخل املخفر‪ ،‬بدأت أمسع صوت‬ ‫اآلذان من جامع قريب‪ ،‬كــان الصوت أكثر‬ ‫مــن رائ ــع‪ ،‬وش ـعــرت بقليب خيـفــق عـنــد مســاعــه‪،‬‬ ‫فـقــد م ــرت سـبـعــة أش ـهــر مل أمس ــع فـيـهــا صــوت‬ ‫اآلذان‪ ،‬مر رمضان‪ ،‬كنا نصوم ونفطر حسب‬ ‫التوقع‪ .‬تعاقبت األفكار يف ذهين دون أن أنتبه‬ ‫لليل الذي حل‪ ،‬كنت ألتفت إىل النافذة وإذا‬ ‫ابلقمر يـزيــن الـسـمــاء‪ ،‬اي هللا كــم كــان رائـعـاً‪..‬‬ ‫حلقت مــع نــوره للسماء وقــد غمرتين سعادة‬ ‫ك ـبــرة وك ــأن ــي أراه ل ـل ـمــرة األوىل يف ح ـيــايت‪،‬‬ ‫فـقــد غــاب ك ـث ـراً وط ــال غـيــابــه‪ ،‬ولــذلــك كلما‬ ‫رأي ـت ــه اآلن ت ــذك ــرت ذل ــك اإلح ـس ــاس وتـلــك‬ ‫اللحظات‪ ،‬وال أظن أن شاعراً أو عاشقاً رأى‬ ‫مجاله كما رأيته أان‪..‬‬ ‫يف الـنـهــايــة ب ـرأتــي احملـكـمــة املــدنـيــة بـعــد يومني‬ ‫قضيتهما يف املـخـفــر‪ ،‬وع ــدت لـلـحـيــاة‪ .‬طبعاً‬ ‫التحويل للمحكمة والرباءة هي عملية شكلية‬ ‫ملن استطاع املهتمون ألمره الوصول إىل رجل‬ ‫مهم يف السلطة له كلمته‪ ،‬للتوسط هلذا املعتقل‬ ‫أو ذاك‪.‬‬

‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪19 2014 1‬‬


‫ماهينور المصري في وجه قانون التظاهر‬ ‫داخل السجن وخارجه‬

‫• خاص القاهرة – سامر خمتار‬

‫قليلون هم األشخاص الذين يعملون يف اجملال احلقوقي والدفاع عن حقوق اإلنسان يف عاملنا‬ ‫العريب‪ ،‬يدركون أبعاد هذا املهنة واملسؤوليات اليت تقع على عاتقهم‪ ،‬ابلذات حني يعملون يف‬ ‫قضااي ختص الشأن العام‪ ،‬إذ إن املسألة ليست يف لعب دور البطولة‪ ،‬ورفع شعارات عريضة‬ ‫مثل «احلرية لكل مظلوم» أو «احلرية للمعتقلني يف سجون األنظمة املستبدة»‪ ..‬إخل‪ .‬ولكن‬ ‫جيب أن نعلم أيضاً أن العمل يف هذه املهنة حيتاج إىل وعي كبري‪ ،‬وإميان مطلق ابحلرية والعدالة‬ ‫االجتماعية لكل إنسان‪ ،‬إذ إنه من السهل يف هذه األايم شراء وبيع أي انشط حقوقي ثوري‪،‬‬ ‫قد أصبح أيقونة تؤمن به شرحية كبرية من الناس‪ ،‬ترى فيه املثل األعلى هلا‪.‬‬

‫لكن الناشطة واحملامية املصرية ماهينور املصري‬ ‫(‪ )1986‬أثبتت أهنــا األكـثــر وعـيـاً وثـبــااتً‪ ،‬من‬ ‫خـ ــال عـمـلـهــا الـ ـ ــدؤوب يف اجمل ـ ــال احل ـقــوقــي‪،‬‬ ‫والقضية عندها أكــر من التفكري ابعتقاهلا‪ ،‬أو‬ ‫سجنها‪ ،‬أو إصدار حكم ما حبقها‪ ،‬وأن القضية‬ ‫ليست مسألة سجن انشط أو حمامي حقوقي‪،‬‬ ‫قضية ماهينور املصري هي املطالبة ابإلفراج عن‬ ‫كــل املعتقلني ابلسجون املصرية‪ ،‬وإهن ــاء قانون‬ ‫التظاهر‪.‬‬ ‫مــاه ـي ـنــور املـ ـص ــري انش ـط ــة س ـيــاس ـيــة‪ ،‬وحمــام ـيــة‬ ‫م ـص ـريــة م ــن مــدي ـنــة اإلس ـك ـن ــدري ــة‪ ،‬وع ـض ــو يف‬ ‫حــركــة االش ـراك ـي ــن ال ـث ــوري ــن‪ُ .‬ع ـ ِرف ــت مــاهـيـنــور‬ ‫مبواقفها املــؤيــدة حلقوق العمال‪ ،‬وتُـعــد مــن أبــرز‬ ‫الناشطني يف ثــورة ‪ 25‬يناير‪ ،‬كما شاركت يف‬ ‫امل ـظ ــاه ـرات ال ــي خــرجــت يف‪ 30‬يــون ـيــو‪ .‬تعترب‬ ‫م ــن أوائ ـ ــل ال ـن ـش ـطــاء ال ــذي ــن س ــامه ـوا يف كشف‬ ‫وقائع قتل «خالد سعيد»‪ ،‬وكانت ضمن أول‬ ‫جمموعة تظاهرت أمام قسم «سيدي جابر» يف‬ ‫اإلسـكـنــدريــة خبـصــوص الـواقـعــة‪ ،‬الــي كــانــت من‬ ‫ضمن األسباب اليت أشعلت «ثورة ‪ 25‬يناير»‪.‬‬ ‫يف اتريخ ‪ 20‬مايو ‪ 2014‬مت أتييد احلكم على‬ ‫ماهينور ابلسجن ملدة عامني‪ ،‬وغرامة ‪ 50‬ألف‬ ‫جنيه مـصــري‪ ،‬حبسب قــانــون التظاهر‪ ،‬وكانت‬ ‫التهمة «التظاهر دون تصريح‪ ،‬والـتـعــدي على‬ ‫ق ـ ـوات «األمـ ـ ــن»‪ ،‬خ ــال م ـشــارك ـت ـهــا يف وقـفــة‬ ‫تـضــامـنـيــة ابل ـت ـزامــن م ــع حمــاكـمــة املـتـهـمــن بقتل‬ ‫«خالد سعيد» يف ‪ 2‬ديسمرب ‪.2013‬‬ ‫وأث ـنــاء ف ــرة سجنها ال ــي اسـتـمــرت حـ ـوايل ستة‬ ‫أشـهــر‪ ،‬قبل أن يتم اإلف ـراج عنها‪ ،‬أعلنت جلنة‬ ‫‪ 20‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫«ج ــائ ــزة لــودوف ـيــك ت ـراري ــو» بـتــاريــخ ‪ 26‬يونيو‬ ‫‪ 2014‬وبـرائســة نقيب حمامي ابريــس «بيار‪-‬‬ ‫أوليفييه س ــور»‪ ،‬ومــؤســس اجلــائــزة نقيب حمامي‬ ‫ب ــوردو «ب ـرت ـران فــافــرو»‪ ،‬أهنــا ق ــررت منح جائزة‬ ‫العام ‪ 2014‬للمحامية ماهينور املصري‪.‬‬ ‫ومل يتوقف نشاط ماهينور حىت داخل السجن‪،‬‬ ‫فقد قضت فــرة سجنها‪ ،‬تكتب عــن عــذاابت‬ ‫املـعـتـقـلــن‪ ،‬ومه ــوم ـه ــم‪ ،‬ح ـيــث نـقـلــت «مـيـســون‬ ‫امل ـصــري» شقيقة ماهينور رســالــة هلــا أثـنــاء فرتة‬ ‫السجن تقول فيها ‪« :‬مافيش حاجة متعبة أو‬ ‫مزعجة يف السجن إال الــوقــت الـلــي بيكون‬ ‫فيه تنفيذ حلكم إع ــدام ‪ ..‬عندهم يف سجن‬ ‫األبعدية غرف احملكوم عليهم ابإلعــدام اللي‬ ‫بتتسمى امل ـخ ـصــوص‪ ،‬بتبقى وس ــط العنابر‬ ‫األخرى»‪.‬‬ ‫وت ـت ــاب ــع م ـي ـس ــون‪« :‬م ـن ــذ أن دخ ـل ــت مــاهـيـنــور‬ ‫السجن‪ ،‬وكــان قــد مضى على سجن ماهينور‬ ‫آنذاك أقل من أربعة أشهر‪ُ ،‬نـفّذ يف السجن ‪3‬‬ ‫أحـكــام ابإلع ــدام»‪ ،‬مضيفة أن ماهينور قالت‬ ‫إن اللحظات الــي تسبق تنفيذ احلـكــم‪ ،‬تكون‬ ‫حلـظــات ثقيلة ج ــداً على كــل مــن يف السجن‪،‬‬ ‫صراخ وبكاء ودعـوات لشخص ُيَـ ّـر‪ ،‬وهو على‬ ‫ذاهب إىل املوت‪.‬‬ ‫علم أنه ٌ‬ ‫ِ‬ ‫وتكمل ماهينور كالمها أبن آخــر سجينة ُنـ ّفذ‬ ‫فيها حكم اإلع ــدام‪ ،‬كانت قــد قتلت شخصاً‬ ‫دفــاعـاً عــن نفسها‪ ،‬لكن األدل ــة مل تكن كافية‪،‬‬ ‫وهذه السيدة اليت أُخذت لإلعدام كانت هادئة‬ ‫جداً‪ ،‬ال تصرخ‪ ،‬وال تبكي‪ ،‬وكانت تتعامل على‬ ‫أن ما حيدث «قضاء وقــدر»‪ ،‬لكن السجينات‬ ‫كن‬ ‫األخرايت اللوايت ينتظرن تنفيذ أحكامهن‪ّ ،‬‬

‫يصرخن عليها‪ ،‬وكأهنا يف مأمت‪.‬‬ ‫وتـقــول ميسون‪ ،‬مستطردة‪ ،‬إن ماهينور كانت‬ ‫تشعر بوجع شديد وهي تتخيل إحساس االمرأة‬ ‫اليت تسمع الصراخ عليها قبل أن متوت‪ .‬وطلبت‬ ‫ماهينور مــن شقيقتها وهــي يف داخ ــل السجن‬ ‫حكم‬ ‫الـعـمــل عـلــى محـلــة «ض ــد اإلعـ ــدام» ألن ــه ٌ‬ ‫صـعــب جـ ــداً‪ ،‬وك ـثــر مــن األح ـي ــان ي ـصــدر هــذا‬ ‫احلكم على أشخاص ال يستحقون املــوت هبذا‬ ‫الشكل‪.‬‬ ‫يف اتريخ ‪ 21‬سبتمرب وافقت حمكمة االستئناف‬ ‫ـاس إبس ـقــاط احلكم‬ ‫يف اإلسـكـنــدريــة عـلــى ال ـت ـمـ ٍ‬ ‫الـصــادر حبــق ماهينور املـصــري‪ ،‬وكــان االلتماس‬ ‫قد تقدم به فريق املدافعة عن حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫وذل ــك بعد ص ــدور حكم ابلسجن ستة أشهر‬ ‫وبـغـرامــة مــالـيــة قــدرهــا ‪ 50‬ألــف جنيه مـصــري‪،‬‬ ‫وال ــذي صــدر يف ‪ 20‬يوليو‪/‬متوز ‪ .2014‬ومت‬ ‫اإلفراج عن ماهينور‪ ،‬وكان أول هتاف هتفته فور‬ ‫خروجها هو «يسقط يسقط حكم العسكر»‪،‬‬ ‫«التظاهر لينا حق القانون بتاعكم أل»‪« ،‬عمر‬ ‫غي فكرة»‪.‬‬ ‫السجن ما ّ‬ ‫وبعد عــدة أايم من خــروج ماهينور من السجن‬ ‫قالت إن احلكم ابإلف ـراج عنها يف الوقت الذي‬


‫تزامن مع رحلة «الرئيس عبد الفتاح السيسي»‬ ‫إىل األم ــم املـتـحــدة جــاء لتجميل ص ــورة النظام‬ ‫املصري يف أعــن الـغــرب‪ ،‬مضيفة أن ما حدث‬ ‫أث ـب ــت هل ــا أن ال ـق ـضــاء امل ـص ــري ُم ـســيّــس وغــر‬ ‫مستقل‪ ،‬حيث إن اإلفراج مت فقط مبجرد حاجة‬ ‫مصر لتجميل صورهتا‪.‬‬ ‫واتب ـعــت عــر صفحتها الشخصية عـلــى موقع‬ ‫التواصل اإلجتماعي «فيس بوك»‪:‬‬ ‫«ك ــل ي ــوم ب ـتــأكــد أن خ ــروج ــي ك ــان لتجميل‬ ‫الـنـظــام‪ ..‬وأن الـقـضــاء املـســيّــس طلعين قــال ايه‬ ‫عـشــان خــايــف عـلــى ص ــورة مـصــر يف اخل ــارج‪..‬‬ ‫عشان حتة جائزة آالف من اللي يف السجون‬ ‫يستحقوها اكرت مين‪ ..‬يعين املوضوع ال يف قانون‬ ‫وال نيلة»‪.‬‬ ‫واسـتـنـكــرت مــاهـيـنــور قـ ـرار حبسها مــن الـبــدايــة‬ ‫حيث قالت‪« :‬ما هو اي اما اان جمرمة اي اما ال ‪..‬‬ ‫جبائزة أو من غري»‪.‬‬ ‫وت ـس ــاءل ــت مــاه ـي ـنــور امل ـص ــري ع ــن س ـبــب عــدم‬ ‫اإلفراج عن ابقي املعتقلني الذين مت حبسهم لنفس‬ ‫القضية‪ ،‬بقوهلا «طيب ما هو عمر حاذق اللي‬ ‫معااي يف القضية عنده جوائز دولية برضه واحسن‬ ‫مين على االقل إببداعه مش زيي مبجهود مشرتك‬

‫مع جمموعات اتنـيــة‪ ..‬أو حىت ما عندوش بس‬ ‫مظلوم زي اسالم حسنني اللي اخدينه غلط وال‬ ‫حيت حد مؤمن بقضية وبيضحي عشاهنا حبياته‬ ‫مش بس حبريته زي لؤي»‪.‬‬ ‫واتبـعــت «كــل دول اوىل مــي بقبول األشـكــال‬ ‫وع ـن ــده ــم أس ـب ــاب اجـ ــدى ل ـق ـبــوهلــا‪ ..‬الـعـسـكــر‬ ‫مـتـخـيـلــن أهن ــم ب ـي ـك ـســروان م ــش مـتـخـيـلــن أهنــم‬ ‫بـيــزودوا غضبنا مبقدار زايدهتــم للظلم‪ ..‬بيخلقوا‬ ‫جــوة كــل واح ــد اتر شـخـصــي‪ ..‬الـنـهــاردة منظر‬ ‫األطـ ـف ــال ال ـل ــي م ـعــديــن ب ــن ال ـق ـض ـبــان عـشــان‬ ‫يوصلوا حاجات ما بني أهلهم وأهلهم املعتقلني‬ ‫بيخليين أأتك ــد مــن غـبــاء الـنـظــام وأن مهــا اللي‬ ‫بيحفروا هنايتهم أبيديهم»‪.‬‬ ‫وأهنــت قائلة‪« :‬معلش اي اســام انت أكرت حد‬ ‫مأثر فيا يف القضية دي بس كله حيعدي وعارفة‬ ‫انك اقوى‪ ..‬معلش اي انصر اي غلبان ربنا معاك‪..‬‬ ‫امــا عمر ولــؤي فأنتم على راسـنــا اي صـحــايب اي‬ ‫اج ــدع مــن ف ـي ـنــا‪ ...‬احل ـريــة للمعتقلني ويسقط‬ ‫حكم العسكر (احلقيقة مها اللي بيوقعوا نفسهم‬ ‫بقمعهم) برضه بكرة بتاعنا وما بنزهقش»‪.‬‬ ‫وال تـتــوقــف مــاهـيـنــور ع ــن ال ــدف ــاع ع ــن م ــن هم‬ ‫حمكومون ابلسجن يف نفس قضيتها‪ ،‬بل تذهب‬

‫إىل أبـعــد مــن ذل ــك‪ ،‬حيث أاثرت أيـضـاً قضية‬ ‫اإلمهــال الطيب يف السجن‪ ،‬وطالبت بفتح ملف‬ ‫اإلمه ــال الـطــي يف الـسـجــون وحمــاسـبــة املقصرين‬ ‫جتاهه‪ ،‬متهم ًة إدارات السجون بتعمد ارتكاب‬ ‫مزيد من اإلمهال يف حاالت املتهمني السياسيني‬ ‫وسجناء الرأي‪.‬‬ ‫وت ـت ـح ــدث مــاه ـي ـنــور ع ــن ح ــال ــة طــال ـبــة تــدعــى‬ ‫«هـ ـن ــادي»‪ ،‬وه ــي ع ـضــوة يف مجــاعــة اإلخ ـ ـوان‬ ‫املسلمني‪ ،‬كان قد مت إلقاء القبض عليها ضمن‬ ‫جمموعة من طالبات جامعة األزهر يف ديسمرب‪/‬‬ ‫كانون الثاين املاضي‪ ،‬ومت احلكم عليها ابحلبس‬ ‫‪ 5‬سنوات وغرامة ‪ 100‬ألف جنيه‪ .‬وأوضحت‬ ‫ماهينور يف تصرحياهتا يف الصحف وعلى مواقع‬ ‫التواصل االجتماعي ‪ -‬أهنا تعرفت على هنادي‬ ‫أثناء فرتة حبسها يف «سجن األبعدية» بدمنهور‪،‬‬ ‫ويف ذات ال ـل ـيــايل‪ ،‬مسـعــت الـسـجـيـنــات صـريــخ‬ ‫هنادي ملدة نصف ساعة كاملة‪ ،‬بعدها مت نقلها‬ ‫ملستشفى السجن ومنها إىل مستشفى دمنهور‬ ‫العام‪ ،‬وهناك شك األطباء يف إصابتها ابلزائدة‪ ،‬إال‬ ‫أن الكشف عليها اقتصر على الكشف الظاهري‬ ‫دون إج ـراء حتاليل أو فحوصات‪ ،‬ومت االكتفاء‬ ‫إبعطائها مسكنات وإعادهتا لسجن األبعدية‪.‬‬ ‫واتبـعــت ماهينور‪ :‬بعد يــومــن آخـريــن وبـعــد أن‬ ‫اشـتــد األمل بــ«هـنــادي» أعـيــدت إىل املستشفى‬ ‫وأج ـريــت هلــا عملية ال ـزائ ــدة‪ ،‬ورغ ــم أن الطبيب‬ ‫املعاجل طالب اببقائها يومني بعد العملية‪ ،‬إال أن‬ ‫األمن قرر احتجازاها مبستشفى سجن األبعدية‬ ‫وقــام برتحيلها قبل مــرور ‪ 12‬ساعة على إجراء‬ ‫العملية‪ .‬وأوضـحــت ماهينور أن جــرح هنادي‪،‬‬ ‫بلغ ‪ 10‬ســم وخــرجــت منه كمية مــن الصديد‬ ‫بعد العملية‪ ،‬واضطر طبيب مستشفى السجن‬ ‫إىل إعادة خياطته بعد ‪ 4‬أايم من إجراء العملية‪،‬‬ ‫حىت إهنــا بعد عودهتا من املتابعة الطبية عادت‬ ‫لـتـنــام عـلــى األرض يف عـنــرهــا داخـ ــل السجن‬ ‫مــرة أخــرى‪ .‬واهتمت ماهينور مأموري السجون‬ ‫ابلتعنت ضد املتهمني السياسيني بشكل أكثر‬ ‫مــن املعتاد‪ ،‬قائلة‪« :‬ملف اإلمه ــال الصحي يف‬ ‫السجون كبري ليشمل اجلنائني والسياسني ولكن‬ ‫املشكلة يف السياسني أن القرار بيبقى معروف‬ ‫سابقاً» ميوتوا أحسن ما نطلعهم برة السجن»‪.‬‬ ‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪21 2014 1‬‬


‫االنطوائيون يميلون للتباهي‬

‫المشاركة الزائدة لألزواج على فيسبوك سعادة أم نقص ثقة؟!‬ ‫ األشخاص الذين تعتمد الثقة ابلنفس لديهم على قوة عالقتهم العاطفية‪،‬‬‫مييلون أكثر الستخدام شبكات التواصل االجتماعي لإلعالن عن هذه‬ ‫العالقات‪ ،‬ونشر ما يتعلق هبا‪.‬‬ ‫ الصراحة‪ ،‬الضمري‪ ،‬االنطالق‪ ،‬العذوبة وال ُعصابية‪ ...‬هي ما يطلق عليها‬‫علماء النفس «اخلمسة الكبار»‪.‬‬ ‫ األشخاص االنطوائيون أكثر مي ً‬‫ال من املنطلقني الستخدام الفيسبوك‪،‬‬ ‫للمباهاة بعالقاهتم‪ ،‬وملالحقة نشاط الطرف اآلخر‪.‬‬ ‫ابتت مواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬وعلى رأسها «الفيسبوك»‪ ،‬جزءاً ال يتجزأ‬ ‫من حياتنا‪ ،‬واختلفت استخداماهتا من وسيلة للتعبري عن الرأي السياسي‪،‬‬ ‫إىل ساحة للتنفيس عن املشاكل العاطفية واالجتماعية‪ ،‬بينما أصبحت‬ ‫ابلنسبة لقطاع كبري من األشخاص‪ ،‬مــرآة حلياهتم اليومية بكل تفاصيلها‪،‬‬ ‫لتتحول إىل «حياة موازية» حليواهتم الواقعية‪ ،‬متخلني عن أي خصوصية‪،‬‬ ‫جمربين من هم يف عاملهم االفرتاضي على معرفة أسرارهم وتفاصيل حياهتم‪.‬‬ ‫قد ال تؤثر هذه األمور على األشخاص العازبني كثرياً‪ ،‬لكن من املؤكد أن‬ ‫أتثريها جلي على الثنائيات‪ ،‬سواء كانوا عشاقاً أو متزوجني‪.‬‬ ‫فقد نُشرت مؤخراً دراسة جديدة‪ ،‬تبحث يف نفسية هؤالء الذين يصرحون‬ ‫حببهم ويضعون صورهم مع أزواجـهــم أو حمبوبيهم‪ ،‬على قائمة أخبارك يف‬ ‫الفيسبوك ليل هنار‪..‬‬

‫‪ 22‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫• جناح سفر‬

‫رمبــا كنت ال تــود أن تعرف اســم «التدليل» الــذي أطلقته زميلة دراستك‬ ‫الثانوية على حبيبها‪ ،‬مثلما ال يهمك بشكل خاص أن تعرف لون الزهور‬ ‫الــي ابتاعها هلا يف عطلة هناية األسـبــوع‪ ،‬أو ما تـنــاواله من طعام يف عيد‬ ‫زواجهما‪ ،‬أو «حقيقة» أنه أروع حبيب على اإلطالق‪...‬‬ ‫وابلتايل هناك ابلتأكيد حيز من ذهنك كان ميكنه أن ينشغل مبا هو أهم‪،‬‬ ‫لكنه اآلن مشغول مبعرفة أن صديقتك هي أسعد فتاة على وجه األرض‬ ‫بعالقتها حببيبها‪..‬‬ ‫لكن الواقع يقول إنــك يف الغالب تعرف كل هــذه األشياء ابلفعل‪ ..‬ألن‬ ‫الفيسبوك يعرفها‪..‬‬ ‫وقبل أن تتسرع يف احلكم على طبيعة هذه العالقة لألصدقاء الذين ميطرونك‬ ‫بـصــورهــم مـعـاً وبتفاصيل عــاقــاهتــم‪ ،‬وتـتـصــور أهنــم مبالغون أو مــدعــون أو‬ ‫يعوضون نقصاً ما بسلوكهم هذا‪ ،‬راجع ما توصلت إليه دراسة علمية ركزت‬ ‫يف حتليل ما يعنيه هذا السلوك‪.‬‬ ‫اخلمسة الكبار‬ ‫على ما يبدو يعرف الفيسبوك ابلفعل الكثري عن احلياة العاطفية ملستخدميه‪،‬‬ ‫يعرف مىت يقعون يف احلب‪ ،‬ومىت يصل احلب لطريق مسدود‪ ،‬لكن ما يعرفه‬ ‫عما بني املوقفني قد يرتبط مبدى الثقة ابلنفس عند طريف القصة‪ ،‬فما الذي‬ ‫تقوله «بوستاتك» من حالة وصور‪ ،‬عنك وعن عالقتك العاطفية؟!‬ ‫وجــدت دراســة جديدة أجريت بكلية ألـرايــت األمريكية‪ ،‬أن األشخاص‬ ‫الذين تعتمد الثقة ابلنفس لديهم على قوة عالقتهم العاطفية‪ ،‬مييلون أكثر‬ ‫الستخدام شبكات التواصل االجتماعي لإلعالن عن عالقاهتم‪ ،‬ونشر ما‬ ‫يتعلق هبا‪ ،‬خاصة من خالل الصور املشرتكة هلم مع أزواجهم أو حمبوبيهم‪.‬‬ ‫أجــرى الباحثون الــدراســة على جمموعة من املتطوعني‪ ،‬الذين ت ـراوح مدة‬ ‫عالقاهتم بني شهر واحد وثالثني عاماً‪ ،‬حول مدى ارتياحهم ونوعية عاداهتم‬ ‫على الفيسبوك فيما يتعلق بعالقاهتم العاطفية‪ ،‬مبا فيها معدل نشر صور طريف‬ ‫العالقة‪ ،‬ومعدل التفاعل مع صفحة شريك العالقة على الفيسبوك‪.‬‬ ‫وقد استخدم الباحثون اختبار شخصية ذايت لتقييم شخصيات املشاركني‪،‬‬ ‫بناء على مخس صفات‪:‬‬ ‫الصراحة‪ ،‬الضمري‪ ،‬االنـطــاق‪ ،‬العذوبة وال ُعصابية‪ ،‬وهــي ما يطلق عليها‬ ‫علماء النفس «اخلمسة الكبار»‪.‬‬ ‫م ـ ـ ـن ـ ـ ـط ـ ـ ـق ـ ـ ـي ـ ـ ـاً‪ ،‬مـ ـ ـ ـ ــن امل ـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــوم أن الـ ـ ـثـ ـ ـق ـ ــة ابلـ ـ ـنـ ـ ـف ـ ــس املـ ـ ـسـ ـ ـتـ ـ ـم ـ ــدة‬ ‫مـ ـ ـ ــن الـ ـ ـع ـ ــاق ـ ــة ال ـ ـع ـ ــاط ـ ـف ـ ـي ـ ــة‪ ،‬والـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ي ـ ـط ـ ـلـ ــق ع ـ ـل ـ ـي ـ ـهـ ــا اخ ـ ـ ـت ـ ـ ـصـ ـ ــاراً‪:‬‬ ‫«آر سي إس إي‪،»Relationshipcontingent self-esteem /‬‬ ‫وال ــي مت ربطها ســابـقـاً بنقص الثقة ابلنفس بشكل ع ــام‪ ،‬وارت ـفــاع القلق‬ ‫االجـتـمــاعــي‪ ،‬ال ــذي جيعل امل ــرء يهتم أكـثــر مــن ال ــازم ب ـرأي اآلخـريــن فيه‪،‬‬ ‫ليشكل ذلك أساساً لسلوكه‪ ،‬ميكن أن يــؤدي ابلشخص إىل البحث عن‬ ‫األمان‪ ،‬ابإلعجاب املنهجي بكل ما يكتبه شريك العالقة على الفيسبوك‪،‬‬ ‫ليكون زر اإلعجاب قامساً مشرتكاً أعظم يف املشاركة‪.‬‬


‫االنطوائي يتباهى‬ ‫وفقاً للدراسة اليت نشرهتا صحيفة« «�‪The At‬‬ ‫‪ ،»lantic‬هناك عالقة إجيابية متبادلة بني الثقة‬ ‫ابلنفس املعتمدة على الـعــاقــة العاطفية‪ ،‬وبني‬ ‫أن تكون متعلقة بعوامل أخــرى خارجية‪( ،‬مثل‬ ‫رضا واستحسان اآلخـريــن)‪ .‬فاألشخاص الذين‬ ‫لديهم معدل مرتفع مــن الثقة ابلنفس املعتمدة‬ ‫على الـعــاقــة الـعــاطـفـيــة‪ ،‬يـشـعــرون ابحلــاجــة إىل‬ ‫أن يُظهِروا لآلخرين ولشركائهم‪ ،‬ورمبا ألنفسهم‪،‬‬ ‫أن عالقتهم تسري بشكل جيد‪ ،‬وابلتايل هم يف‬ ‫خري حال‪ .‬كما أظهرت الدراسة أن األشخاص‬ ‫االنطوائيني أكثر مي ً‬ ‫ال من املنطلقني‪ ،‬الستخدام‬ ‫الفيسبوك‪ ،‬للمباهاة بعالقاهتم وملالحقة نشاط‬ ‫الطرف اآلخر‪ ،‬رغم أن أحبااثً سابقة أشارت إىل‬ ‫أن األشخاص املنطلقني مييلون ألن يكونوا أكثر‬ ‫نـشــاطــا عـلــى الـفـيـسـبــوك‪ ،‬وابل ـتــايل لنشر الـصــور‬ ‫احلميمة وتفاصيل احلياة اليومية هلم مع شركائهم‬ ‫على صفحاهتم العامة‪.‬‬ ‫أحد أسباب هذا التباين حبسب كبرية الباحثني‬ ‫«غــويـنــدولــن سـيــدمــان» ميكن أن يــرجــع إىل أن‬ ‫األشخاص املنطلقني يتشاركون تفاصيل حياهتم‬

‫الشخصية مع اآلخرين يف حياهتم العادية بعيداً‬ ‫عــن اإلن ـرن ــت‪ ،‬وه ــو خ ـيــار غــر مـعـتــاد ابلنسبة‬ ‫ألمـثــاهلــم االن ـط ـوائ ـيــن‪« :‬االن ـط ـوائ ـيــون ميـكــن أن‬ ‫يـشـعــروا ابالرت ـي ــاح ابلتعبري عــن الـعـنــاصــر اخلفية‬ ‫للذات عرب اإلنرتنت‪ ،‬لذا يكونون أكثر ارتياحاً‬ ‫للتعبري عــن عواطفهم عــر اإلنـرنــت مــن خالل‬ ‫الفيسبوك أو غريه من مواقع التواصل االجتماعي‪،‬‬ ‫وكطريقة ملعرفة معلومات عن الطرف اآلخر بتتبع‬ ‫نشاطه على الفيسبوك»‪.‬‬ ‫ادعاء وزيف‬ ‫أتيت هذه الدراسة بعد أخرى سابقة لـ «سيدمان»‪،‬‬ ‫تــوصـلــت إىل أن األش ـخ ــاص ال ــذي ــن يـشــاركــون‬ ‫مبعلوماهتم وصورهم الشخصية بصورة كبرية على‬ ‫الفيسبوك‪ ،‬إمنــا يبحثون عن الشعور ابالنتماء‪،‬‬ ‫لكن يف الدراسة األخرية توصلت «سيدمان» إىل‬ ‫أن الثقة ابلنفس املستمدة من العالقة العاطفية‪،‬‬ ‫ال تعين ابلضرورة أن العالقة نفسها انقصة أو غري‬ ‫كافية‪ ،‬فبحسب البحث كان األشخاص الذين‬ ‫مالوا أكثر من غريهم لنشر صورهم ومعلومات‬ ‫عنهم مع شركاء العالقة‪ ،‬كانوا أكثر ارتياحاً يف‬ ‫عالقاهتم بصورة عامة‪.‬‬ ‫تـقــول «س ـيــدمــان» إن هـنــاك مــن يـنـظــرون إىل‬

‫كــل تلك الـصــور للمحبني واألزواج وكــل ذلك‬ ‫الـكــام العاطفي املتبادل بينهم على صفحاهتم‬ ‫على الفيسبوك على أنه ادعاء أو زيف‪ »..‬لكن‬ ‫الدراسة أثبتت أن هذا السلوك قد يرتبط ابلسعادة‬ ‫احلقيقية يف العالقة رغم كل شيء»‪.‬‬ ‫وبـ ـكـ ـلـ ـم ــات ب ـس ـي ـط ــة‪ ،‬ولـ ـص ــدم ــة ال ـس ــاخ ـري ــن‬ ‫واملشككني‪ ،‬فيما يتعلق ابلرومانسية فإن هؤالء‬ ‫الذين ينشرون صورهم مع أزواجهم وحمبوبيهن‪/‬‬ ‫حم ـبــوابهتــم ق ــد ي ـكــونــون بـبـســاطــة س ـع ــداء بتلك‬ ‫الـعــاقــة‪ ،‬ولـيـسـوا ابل ـضــرورة حمبطني أو تنقصهم‬ ‫الثقة أبنفسهم‪ ،‬أو بعالقاهتم وحيــاولــون تعويض‬ ‫شــيء انقــص فيها ابالدع ــاء‪ ..‬وقــد تكون أسعد‬ ‫فتاة وأروع حبيب ينشرون صور وتفاصيل نعمة‬ ‫السعادة احلقيقية الــي يــودون أن يشاركهم إايها‬ ‫اجلميع‪.‬‬ ‫الفيسبوك والطالق‬ ‫على الرغم من العالقات الرائعة الــي قد حنصل‬ ‫عليها من مواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬خصوصاً‬ ‫الـفـيـسـبــوك‪ ،‬إال أن اإلف ـ ـراط يف اسـتـخــدامـهــا قد‬ ‫يشكل هتــديــداً للعالقات احلديثة‪ ،‬ويبعث على‬ ‫الفوضى فيها‪ ،‬فقد يستخدم بعضهم الفيسبوك‬ ‫مل ـراق ـبــة ن ـشــاطــات ال ـط ــرف اآلخـ ــر يف ال ـعــاقــة‪،‬‬ ‫ممــا قــد يسيء أحـيــاانً لتلك العالقة نتيجة تولد‬ ‫مشاعر الغرية‪ ،‬ابإلضافة إىل توفر فرصة االتصال‬ ‫ابلشركاء السابقني‪ ،‬ما يؤدي أحياانً إىل اخليانة‪.‬‬ ‫لــذلــك يُنصح األزواج اجل ــدد ابلـبـقــاء بـعـيــداً عن‬ ‫الفيسبوك حىت تنضج عالقتهم‪ ،‬وحددت الدراسة‬ ‫تـلــك ال ـفــرة حبـيــث ال تـقــل عــن ث ــاث سـنـوات‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬وحــى بعد مــرور تلك السنوات الثالث‪،‬‬ ‫على الــزوجــن عــدم املبالغة يف استخدام املوقع‪،‬‬ ‫بل التعامل معه بشكل معتدل للحد من املشاكل‬ ‫مع شركائهم‪ ،‬خاصة اجلدد منهم‪ ،‬الذين ال زالوا‬ ‫يف طور دراسة شخصيات بعضهم البعض‪ ،‬فقد‬ ‫نُشرت إحصائية مؤخراً يف إيران تقول‪ ،‬إن ثلث‬ ‫حاالت الطالق فيها يعود إىل إدمان الفيسبوك‪،‬‬ ‫بينما وصلت النسبة يف الوالايت املتحدة األمريكية‬ ‫إىل ‪ 66%‬من حــاالت الطالق‪ ،‬بسبب إدمان‬ ‫األزواج لتلك املواقع‪ .‬ما يعين أن مواقع التواصل‬ ‫االجتماعي‪ ،‬وعلى رأسها الفيسبوك‪ ،‬ابتت على‬ ‫رأس مسببات الطالق‪ ،‬حيث سهلت التعارف‬ ‫بعيداً عن األعني‪.‬‬ ‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪23 2014 1‬‬


‫«ماء الفضة» من قلب حمص المحاصرة‬ ‫على السجادة احلمراء الــي مل نسمع عنها ّإل األداة الوحيدة لتوثيق العنف والقتل والتجويع‬ ‫أث ـنــاء احلــديــث عــن مـشــاهــر الـفــن والـسـيــاســة‪ ،‬واجملــازر اليوميّة الّــي ارتكبها النّظام‪ ،‬وابلــغ يف‬ ‫خيـطــون عليها وص ــوالً للشهرة والـنـجــومــيّــة‪ ،‬أو وحشيّتها خــال سنتني مــن احلـصــار اخلــانــق‪،‬‬ ‫يف مراسم تُعىن هبا سياسات ال ّدول يف إجنازاهتا إضاف ًة إىل صوٍر التقطها انشطون ومتظاهرون‬ ‫وأعيادها الوطنيّة‪،‬‬ ‫ـؤرخـوا لــه على وسائل‬ ‫حلـظـ َة وقــوع احل ــدث‪ ،‬لـيـ ّ‬ ‫التواصل االجتماعي‪.‬‬ ‫وائم بدرخان (سيماف) الشابة السوريّة ذات مل تبحث وائم عن الشهرة عند دخوهلا مهرجان‬ ‫األص ــول الـ ُـكــرديّــة‪ ،‬كــانــت ممّــن بُـسـطــت حتت كان‪ ،‬بيد ّأنا كانت حتاول مع زميلها املخرج‬ ‫خطواهتا الـسـجــادة احلـمـراء‪ ،‬حــن وصلت إىل‬ ‫السوري‬ ‫الصور من الداخل‬ ‫ّ‬ ‫حممد هتريب تلك ّ‬ ‫ّ‬ ‫مدينة «كان» الفرنسية‪ ،‬لعرض فيلمها الّــذي وســط سـيــاسـ ٍة قمعيّة م ـش ـ ّددة ورغ ــم احلـصــار‪،‬‬ ‫شاركت يف إخراجه‪ ،‬من خالل صوٍر التقطتها كانت حتــاول فضح مالمح الفجيعة الكارثيّة‬ ‫بعدستها على أرض مدينتها «محص»‪ ،‬حيث الّــي ارتكبها الــدكـتــاتــور‪ ،‬الّــذي حــاول جاهداً‬ ‫كانت تقيم‪ .‬كانت ترسل بتلك الـ ّـصــور الّــي تقطيع أوصال املدينة وعزهلا عن مالمح احلياة‪،‬‬ ‫استغرقت يف التقاطها وجتميعها أكثر من سنة إبطـبــاق حـصــا ٍر خــانـ ٍـق على أهلها املتمسكني‬ ‫إىل املخرج‬ ‫السوري «أسامة حممد» املقيم قسراً ابنتمائهم إليها‪ .‬شلل وسائل االتّصال الناتج‬ ‫ّ‬ ‫يف ابريس‪.‬‬ ‫عن احلصار‪ ،‬والتضييق مل مينعا وائم من التواصل‬ ‫تعلّمت تقنية التصوير على أرض مدينتها ‪ ،‬بعد مع حممد‪ ،‬حيث اتّفقا على صناعة الفيلم ليكون‬ ‫أن حبثت طــويـ ً‬ ‫ا عــن مـصـ ّـوٍر تستطيع عدسته قفزة فوق املوت الّذي طبع حياة السوريني‪ ،‬من‬ ‫بـ ّ‬ ‫ـث صــور ال ـ ّدمــار بــدل االكـتـفــاء مبشاهدهتا‪ ،‬خالل نقل مشاهد املوت وال ّدمار بطريق ٍة فنيّة‬ ‫وج ــدت نـفـسـهــا أخ ـ ـراً ك ـمــرشـ ٍـح وح ـيــد حيمل (ال يقصد هبا إضفاء اجلمالية على املوت حب ّد‬

‫‪ 24‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫• شريين بريك‬

‫ذاتـ ّ‬ ‫ـه‪،‬إنــا الـ ّـصــدق الّــذي محلته الـ ّـصــور ببساطة‬ ‫أدواهت ــا‪ ،‬دون رت ــوش‪ ،‬فيظهر كـ ّـل منهم القاتل‬ ‫مـتـخـفــيّـاً خـلــف ك ـ ّـل مـشـهــد دم ــار‪ ،‬أو مــوغـ ً‬ ‫ا‬ ‫ب ــدم ــا ٍء ســائ ـلــة م ــن ج ـثّ ـ ٍة غـ ــدرت هب ــا رصــاصــة‬ ‫شيخ ُمنع عنه‬ ‫قنّاص‪ ،‬ويف نظرٍة رهيبة من عي ّ‬ ‫ين ٍ‬ ‫الدواء‪.‬‬ ‫ال ـك ــام ـرا الّـ ــي خت ـ ّفــت خـلـفـهــا أج ـس ــا ٌد تنبض‬ ‫وتتوخى‬ ‫ابلشجاعة واجلرأة على الدكتاتور اترًة‪ّ ،‬‬ ‫احلذر من غدر قنّاص اترة أخرى‪ ،‬صار مبقدورها‬ ‫اسـتـجـواب القاتل على مسم ٍع مــن مشاهدي‬ ‫ومجهور كــان‪ ،‬ورص ـ ِد ســرة ذاتيّة للثائرين على‬ ‫مسرٍح من الرتاجيديّة السوريّة‪.‬‬ ‫ح ــن ك ــان ــت وائم ت ــرس ــل مـ ـ ـوا ّد مـ ـص ـ ّـورة عــر‬


‫اإلن ـرنــت إىل ابري ــس‪ ،‬كــانــت قــد كتبت على‬ ‫صفحتها الشخصيّة على فايسبوك‪« :‬ال أص ّدق‬ ‫أ ّن ص ــدى وجـعـنــا وص ــل اآلن أث ـنــاء احـتـضــار‬ ‫تبق‬ ‫حت نسمعه‪ ،‬مل َ‬ ‫محص‪ ...‬ترى هل ستبقى ّ‬ ‫يل أجبدي ًة للكالم واآلن أحفر قرب‪ ...‬وأان من‬ ‫حتت قصفنا سأاتبع ما استطعت إن عشت‪..‬‬ ‫ســأحـتـمــي بلهفتكم مــن مــوتـنــا اآلن‪ ..‬اتــرك ـوا‬ ‫مشرعة»‪.‬‬ ‫قلوبكم ّ‬ ‫وحده املوت طبع حياة السوريني يف محص منذ‬ ‫قيام الثورة‪ ،‬وكانت هلا حصة األسد من البطش‬ ‫والقمع مقارن ًة مع املدن السوريّة األخرى‪.‬‬ ‫وائم كانت من األص ـوات الثّائرة الّــي نشطت‬ ‫ب ـك ـتــاابهتــا الـ ـث ــوريّــة ع ـلــى ص ـف ـحــات ال ـت ـواصــل‬ ‫االجتماعي منذ بداية الثورة‪ ،‬إىل جانب الكثري‬ ‫من السورايت الاليت مل يكن هلن ٌ‬ ‫سياسي‬ ‫نشاط‬ ‫ّ‬ ‫قـبــل سـقــوط أول قـطــرة د ٍم يف درع ــا ‪ ،‬بــدأت‬ ‫تستحوذ على اهتمام الكثري من الشباب الثائر‬ ‫يف نـشــر ك ـتــاابهتــا ذات ال ـطــابــع امل ـمــيّــز‪ ،‬والّــي‬ ‫أظهرت حبّها ملدينتها كجزء صغري من حبّها‬ ‫لكل جزء يف سوراي‪ .‬أثناء تواجدها يف محص‪،‬‬ ‫استلهمت الكثري من شخصيّة «حنظلة» الّيت‬ ‫بث الــروح الثوريّة‬ ‫اعتمدها «انجي العلي» يف ّ‬ ‫مــن خ ــال رمس ــه لـطـفـ ٍـل يـنـشــد احل ـريّــة‪ ،‬لتطلق‬ ‫روح ميتاز‬ ‫عليه اسم «حنظلة احلومصي»‪ ،‬خبف ِة ٍ‬ ‫هبــا ال ـســوريــون عــامــة‪ ،‬وأه ــل محــص عـلــى وجــه‬ ‫اخلصوص‪ ،‬حيث تذيّل حالة شعورها‪ ،‬قلقها‪،‬‬

‫خــوفـهــا ووج ـع ـهــا ابس ــم حـنـظـلــة الّـ ــذي أضـفــى‬ ‫طابعاً على مجالية لغتها التعبرييّة‪.‬‬ ‫عــاشــت مـظــاهــر ال ـثّــورة يف مــديـنـتـهــا‪ ..‬تـظــاهـراً‬ ‫واع ـت ـصــامــات وإضـ ـ ـ ـراابت‪ ،‬ش ــارك ــت يف إغــاثــة‬ ‫الضعفاء على أرض مدينتها وإيصال معاانهتم‬ ‫التحرر‬ ‫إىل العامل عرب مناشداهتا‪ ،‬واستطاعت ّ‬ ‫مــن قـيــود فــرضـهــا اجملـتـمــع احملــافــظ عـلــى نشاط‬ ‫الفتيات يف احلراك‪ ،‬أولئك الفتيات الاليت التقني‬ ‫وجـهـاً لوجه مــع رعــب املــوت يف ظـ ٍ‬ ‫ـروف داهــم‬ ‫اخلطر فيها حياهتن‪.‬‬ ‫يف ظ ــروف احل ــرب املــرعـبــة مــن ق ـصـ ٍ‬ ‫ـص‬ ‫ـف وقـنـ ٍ‬ ‫وجتــويــع ت ـت ـجـ ّـول وائم يف أح ـيــاء مــديـنـتـهــا الّــي‬ ‫فقدت معامل مجاهلا‪ ،‬ابحث ًة عن سقف أو جدار‬ ‫ألبنية مهدمة‪ ،‬لرتسم عليها حيا ًة جديدة منتظرة‬ ‫من حتت الركام‪ ،‬فرتسل هبا كرسائل للعامل‪ :‬أن‬ ‫قلوب تصمم‬ ‫خلف هذا ال ّدمار‪ ،‬الزالت هناك ُ‬ ‫على قلب املوت حيا ًة ملن تبقّى‪ ،‬لرتسم يف ّ‬ ‫كل‬ ‫دول ٍة تزورها جداريّ ًة من قلب احلصار‪ ،‬وتسمع‬ ‫العامل كلّه صوت محص‪.‬‬ ‫وصــل الفيلم إىل فـرنـســا‪ ،‬وع ــرض على مجهور‬

‫مـهــرجــان «كان»‪ ،‬ليظهر للمشاهد أ ّن كل‬ ‫األف ـ ــام مل تـتـمـ ّـكــن م ــن إح ـ ــداث األثـ ــر ال ــذي‬ ‫أحدثه «ماء الفضة» رغم بساطة األدوات‪ .‬بعد‬ ‫عما عجزت الكامريا‬ ‫العرض أتبعت احلديث ّ‬ ‫عن رصده‪ ،‬وحت ّدثت إليهم‪ّ :‬‬ ‫«كل شيء اآلن‪،‬‬ ‫وحت النجوم‪،‬‬ ‫البشر واحلجر واألرض والسماء ّ‬ ‫ـدت‬ ‫كـ ّـل شــيء قُتل أمــام عيين‪ ،‬ورغــم ذلــك عـ ُ‬ ‫إىل هناك بلدي‪ ..‬مدينيت‪ ،‬الشيء بقيمة بلدي‬ ‫للتحرك‬ ‫الّذي يقتله بشار األسد اآلن‪ ..‬ال ب ّد ّ‬ ‫سريعاً‪ ،‬أان جئت من هناك»‪.‬‬ ‫سـقـطــت عـلــى كــرســيّـهــا‪ ،‬حــن عـجــز جسدها‬ ‫النحيل عن إسعاف بكائها وهي تصرخ‪« :‬لقد‬ ‫أكلنا احلشائش‪ ،‬الشيء يؤكل هناك‪ ،‬احليواانت‬ ‫أتكــل بعضها‪ ،‬ال غــاز وال كـهـرابء‪ ،‬هي جرمية‬ ‫العصر ين ّفذها بشر ض ّدان»‪.‬‬ ‫تسجيلي‪ ،‬بل‬ ‫قصة لفيلم‬ ‫«مل تكن تلك جمّــرد ّ‬ ‫ّ‬ ‫مكابر من محص بعد احلصار‪ّ ،‬‬ ‫بكل ما‬ ‫جــرٌح‬ ‫ٌ‬ ‫زركـشــه امل ــوت على عدسيت»‪ ،‬هـكــذا وصفت‬ ‫عملها‪.‬‬

‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪25 2014 1‬‬


‫تأثير العنف الذي تشهده المجتمعات العربية على‬ ‫تشكيل النظام العالمي الجديد‬ ‫مــن العنف ال ــذي يعصف يف س ــوراي وميـتــد إىل العاملي القدمي‪ ،‬وزمن احلرب الباردة‪ ،‬بعد فشل‬ ‫العراق ولبنان‪ ،‬وما جيري يف ليبيا ومصر‪ ،‬حىت إرســاء عــامل جديد يقوم على مـبــادىء القانون‬ ‫أوكرانيا واحلرب على قطاع غزة‪ ،‬ترتسم مالمح الدويل كما كان حيلم منظروه؟ أم هو عامل آخر‬ ‫النظام العاملي اجلديد‪ ،‬حيث جند تناقضاً كبرياً خمـتـلــف‪ ،‬يـعــاد ترتيبه عـلــى أس ــاس مــا مت إجنــازه‬ ‫يف املوقف إزاء أحداث متشاهبة‪ ،‬ومثاله الصارخ نـتـيـجــة ت ـنــافــس ال ـق ــوى ال ـفــاع ـلــة ع ـلــى الصعيد‬ ‫املــوقــف الــروســي ممــا جي ــري يف كــل مــن أوكـرانـيــا العاملي؟‬ ‫وس ـ ــوراي‪ ،‬حـيــث يف األوىل مـنــاهـضــة احلـكــومــة ابل ـعــودة إىل الـتــاريــخ‪ ،‬وتــذك ـراً أبح ــداث تركت‬ ‫والـتـمــرد العسكري ضــدهــا‪ ،‬شــرعـيـاً‪ ،‬قــوبــل من بصمتها على عاملنا املعاصر وحــددت مالحمه‪،‬‬ ‫قبلها ابلرفض ووجوب حماسبة السلطة األوكرانية كانت «ايلطا» وهي إحدى املدن األوكرانية‪ ،‬قد‬ ‫على كــل جت ــاوز‪ ،‬أمــا يف س ــوراي‪ ،‬حيث تنتهك مجعت يف عام ‪ 1945‬األقطاب الدولية‪ ،‬ومت‬ ‫حـقــوق الـشـعــب ال ـســوري وتــزهــق أرواح أبنائه اإلعالن يف حينها عن سيادة نظام االستقطاب‬ ‫يف كــل اثنـيــة‪ ،‬على وقــع الرباميل املتفجرة وكل الثنائي بني االحتاد السوفييت وأمريكا‪ ،‬حصلت‬ ‫أنـ ـواع األسـلـحــة احملــرمــة دول ـي ـاً‪ ،‬يــرى ال ــروس أن بينهما مبوجبه اتفاقات تقسيميه للعامل وصلت‬ ‫ال ـص ـراع الـعـسـكــري ض ــد ال ـن ـظــام غ ــر شــرعــي‪ ،‬إىل حد تقسيم دولــة إىل دولـتــن‪ ،‬كما حصل‬ ‫وضـ ـرابً مــن ض ــروب اإلره ــاب جتــب مالحقته‪ ،‬يف أملانيا وك ــوراي‪ .‬حينها انقسم اجملتمع الــدويل‬ ‫إذن صراع املصاحل املسعور بني الدول الكربى‪ ،‬إىل مـعـسـكـريــن كـبـريــن تـفـصـلـهـمــا اخـتــافــات‬ ‫على حـســاب مـصــاحل ومستقبل شـعــوب العامل أيــديـولــوجـيــة ح ــادة‪ ،‬مــا بــن املعسكر الـرأمســايل‬ ‫ال ـث ــال ــث‪ ،‬ي ـتــم ع ـلــى وق ــع اإلع ـ ــان ع ــن والدة ب ـق ـيــادة أم ـري ـكــا‪ ،‬واالشـ ـراك ــي بــزعــامــة االحت ــاد‬ ‫ن ـظــام عــاملــي يـسـمــى «ج ــدي ــداً»‪ ،‬نـظــامـاً يعيد الـســوفـيــي‪ ،‬كــل دول ــة مــن الــدولـتــن استقطبت‬ ‫تـرتـيــب الـ ــدول‪ ،‬بــل تقسيم ال ـعــامل مــن جــديــد‪ .‬جم ـمــوعــة م ــن الـ ــدول وب ـس ـطــت ن ـفــوذهــا فـيـهــا‪،‬‬ ‫وأعطت لنفسها حق التدخل يف شؤوهنا‪ ،‬ابسم‬ ‫بـعــد مــرحـلــة مــن الـضـبــابـيــة وامل ـخ ــاض الـعـســر‪ ،‬األحــاف الدولية اترة‪ ،‬وابســم الشرعة الدولية‬ ‫ب ــدأت تـتــوضــح مــامــح ه ــذا الـنـظــام‪ ،‬وأخ ــذت اترة أخرى‪ ،‬حيث تدخل السوفييت عسكرايً يف‬ ‫األس ـئ ـلــة ت ـث ــار‪ :‬ه ــل اجل ــدي ــد ه ــو ع ــودة الـنـظــام دول حلف فرصوفيا‪ ،‬كما حصل يف هنغاراي عام‬

‫‪ 26‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫• سحر حوجية‬

‫‪ 1958‬ويف تشيكوسلوفاكيا يف عام ‪.1968‬‬ ‫كما تدخلت أمريكا يف شؤون أمريكا الالتينية‬ ‫وتغيري النظم فيها مثال‪ :‬نيكاراغوا وبناما‪ .‬ورغم‬ ‫مــاحـصــل يف اتري ــخ الـعــاقــات الــدول ـيــة‪ ،‬حيث‬ ‫وصلت األمــور إىل حافة احلــرب‪ ،‬غري أن هذا‬ ‫االسـتـقـطــاب شكل نــوعـاً مــن ال ـت ـوازن‪ ،‬بسبب‬ ‫رعب نووي يهدد البشرية ابلفناء‪.‬‬ ‫يف مرحلة أخــرى ويف عــام ‪ 1989‬بعد التغيري‬ ‫ال ـ ــذي ع ـصــف ابالحت ـ ــاد ال ـس ــوف ـي ــي‪ ،‬اجـتـمــع‬ ‫األمريكان والروس هذه املرة يف مالطا‪ ،‬وعقدوا‬ ‫اتـفــاقـاً مســي «اتـفــاق مــالـطــا»‪ ،‬حيث تبني هلما‬ ‫مبوجبه أن تقسيم العامل إىل مناطق نفوذ له نتائج‬ ‫عقيمة ومكلفة‪ ،‬جيب تطويرها‪.‬‬ ‫بـعــد ذل ــك ومـنــذ ع ــام ‪ 1991‬اخ ــذ املعسكر‬ ‫االشرتاكي يتفكك‪ ،‬حيث ظهرت من بني دوله‬ ‫دويالت متنافرة قومياً وعرقياً مثال يوغسالفيا‪،‬‬


‫وبدأت دول االحتاد السوفييت تطالب حبقها يف‬ ‫االستقالل والسيادة اليت متكنها من متلك كافة‬ ‫ثرواهتا الطبيعية وتقرير سياستها‪ .‬فشلت روسيا‬ ‫يف كبح مجــاح هــذه الــدول عن االستقالل‪ ،‬ومل‬ ‫يتمكن الــروس من الوقوف يف وجه تيار انتقل‬ ‫ابلـ ـع ــدوى‪ ،‬م ــن مج ـه ــورايت الـبـلـطـيــق إىل دول‬ ‫ال ـق ــوق ــاز‪ ،‬مث م ــن أذرب ـي ـج ــان إىل أرم ـي ـن ـيــا‪ ،‬وقــد‬ ‫أعلنت أوكراينا يف متوز من عام ‪ 1992‬سيادهتا‬ ‫عرب نصوص راديكالية‪ ،‬منها قرار تشكيل جيش‬ ‫قــومــي‪ ،‬وتبين املواطنة األوكـرانـيــة‪ ،‬وصــك عملة‬ ‫حملية‪.‬‬ ‫تبلور بعدها نظام عاملي مسي «جديداً»‪ ،‬كانت‬ ‫أهم معامله اهنيار االحتاد السوفييت‪ ،‬وهناية القطبية‬ ‫الثنائية‪ ،‬واجتــاه أورواب إىل الوحدة‪ .‬حينها أخذ‬ ‫مهندسو النظام العاملي اجلديد يعملون على دعم‬ ‫دور منظمة األمم املتحدة‪ ،‬وجملس األمن نتيجة‬ ‫غياب الفيتو الروسي‪ ،‬حيث أشار بيان جملس‬ ‫األم ــن يف عــام ‪( ،1992‬عـلــى أس ــاس اح ـرام‬ ‫القانون الدويل وااللتزام مبيثاق األمم املتحدة)‪،‬‬ ‫إىل وجــوب الرتكيز على شـعــارات الدميقراطية‬ ‫واح ـرام حقوق اإلنـســان‪ ،‬واحل ـرايت األساسية‬ ‫وعودة الالجئني‪ ،‬على اعتبار أن هذه القضااي‬ ‫ليست مسائل داخلية‪ ،‬بل هي جزء من اجلهود‬ ‫اليت سيبذهلا جملس األمن لصيانة السلم الدويل‪.‬‬ ‫يف ال ـواقــع ب ــرزت أمـريـكــا كـقــوة عاملية كاسحة‪،‬‬ ‫وبدا القانون الدويل‪ ،‬عملياً‪ ،‬غالفاً براقاً لتربير‬ ‫الـسـيــاســات األم ـري ـك ـيــة‪ ،‬حـيــث قــامــت أمـريـكــا‬ ‫«حتــت شـعــار إنـســاين» ابلتدخل يف الصومال‬ ‫ع ــام ‪ ،1992‬م ــا رآه ال ـب ـعــض عـمـلـيــة متكن‬ ‫أمريكا من السيطرة على مداخل البحر األمحر‪،‬‬ ‫وإحـكــام قبضتها على اخلليج الـعــريب‪ .‬أمــا من‬ ‫حيث الشكل والظاهر فقد صوت جملس األمن‪،‬‬ ‫لتقدمي املعوانت للجائعني بسبب احلرب األهلية‬ ‫يف الصومال مــن أجــل منع استمرار االقتتال‪.‬‬ ‫قبل ذلك‪ ،‬حصلت «أزمة اخلليج» يف آب من‬ ‫عام ‪ 1990‬بعد غزو العراق لدولة الكويت‪،‬‬ ‫وجدت أمريكا من ذلك احلدث فرصة ذهبية ملد‬ ‫سيطرهتا على دول اخلليج‪ ،‬فقامت بتأليب كل‬ ‫دول العامل ضد الـعـراق‪ ،‬واستصدرت القرارات‬ ‫يف جملس األمن‪ ،‬إلضفاء الشرعية على تصرفاهتا‬ ‫ضــد النظام الـعـراقــي‪ .‬قامت احلــرب على نفقة‬

‫دول اخلـلـيــج بشكل أســاســي‪ ،‬تـلــك السياسة‬ ‫خــدمــت أمـريـكــا يف اهليمنة عـلــى مـنــابــع النفط‬ ‫وحققت هلا سيطرة اقتصادية‪ ،‬وحتكماً يف الوثبة‬ ‫االقتصادية اجلــديــدة يف كل من آسيا وأورواب‪،‬‬ ‫وكسراً حملاولة حتقيق توازن بني العرب وإسرائيل‬ ‫كـمــا سـجــل ت ـراجــع دور دول الـنـفــط‪ ،‬واهنـيــار‬ ‫«أوب ـ ـ ــك»‪ .‬وه ـك ــذا بـ ــرزت اهلـيـمـنــة األمـريـكـيــة‬ ‫لدرجة أطلق عليها تسمية «السالم األمريكي‬ ‫على الصعيد العاملي»‪ ،‬وقد بقي السؤال قائماً‬ ‫عن شكل النظام العاملي اجلديد ومآالته‪.‬‬ ‫أم ــا روس ـيــا ال ــي اجتـهــت بنخبتها حنــو الـغــرب‪،‬‬ ‫مفعمة أبم ــل ال ـت ـقــارب وال ـش ـراكــة مـعــه‪ ،‬حيث‬ ‫ع ـقــدت ات ـفــاقــات ل ـنــزع ال ـس ــاح م ــع أمـريـكــا‪،‬‬ ‫مــن «ســالــت‪ »1‬إىل «س ــال ــت‪ ،»2‬لكن تلك‬ ‫النخبة فشلت‪ ،‬وكان واضحاً أن الغرب وأمريكا‬ ‫اللذين رفضا دعــم روسـيــا يف التوجه حنــو بناء‬ ‫نظام الـســوق على أنـقــاض النظام االشـراكــي‪،‬‬ ‫رغم حاجتها املاسة للدعم‪ ،‬كاان يريدان روسيا‬ ‫ضـعـيـفــة‪ ،‬ت ـقــدم امل ـزيــد مــن ال ـت ـنــازالت لـلـغــرب‪.‬‬ ‫ك ــل ذلـ ــك أض ـع ــف ال ـت ـي ــار امل ـ ـ ـوايل ل ـل ـغــرب يف‬

‫روسـيــا وســاهــم يف تقوية التيار القومي بزعامة‬ ‫«بـ ــوتـ ــن»‪ ،‬ح ــى وصـ ــل ل ـق ـي ــادة روسـ ـي ــا بــزخــم‬ ‫وبــدعــم شعيب‪ ،‬وأخــذ يعيد إنـتــاج نظام روســي‬ ‫قائم على النفوذ والسيطرة‪ ،‬بوتني أعطى أولوية‬ ‫لتحالفات اقتصادية وعسكرية مع دول االحتاد‬ ‫السوفيييت املنحل حتــت تسمية «رابـطــة الــدول‬ ‫املـسـتـقـلــة»‪ ،‬رغ ــم انـضـمــام ع ــدد مــن دول ــه إىل‬ ‫حلف الناتو‪« ،‬دول البلطيق»‪ ،‬كما أخــذت‬ ‫روسيا تعقد حتالفات وصفقات‪ ،‬مستفيدة من‬ ‫التناقضات الدولية‪ ،‬مع الصني والياابن واهلند‬ ‫وإيران‪ ،‬كانت جتارة السالح ودعم الصناعات‬ ‫احل ـرب ـيــة يف مـقــدمـتـهــا‪ .‬أم ــا ال ـغ ــرب ال ــذي منت‬ ‫عنده نزعة االستقالل عن أمريكا‪ ،‬فلم يستطع‬ ‫ب ـنــاء قــوتــه الـعـسـكـريــة املـنـفـصـلــة ع ــن أم ـري ـكــا‪،‬‬ ‫ورغــم تطوير ق ـواه العسكرية الذاتية بقي يسري‬ ‫حتــت املـظـلــة األم ـري ـك ـيــة‪ ،‬خــاصــة بـعــد التبشري‬ ‫األمريكي ببناء الدرع الصاروخي حتت مسمى‬ ‫«حماربة اإلرهاب»‪ ،‬والذي أاثر معارضة وقلقاً‬ ‫روسياً بعد أن فشلت أمريكا يف طمأنة روسيا‪.‬‬ ‫كل ذلك دفع روسيا للتملص من اتفاقات نزع‬ ‫األسلحة اليت أبرمتها مع أمريكا‪ ،‬وعادت حتاول‬ ‫إحياء صناعاهتا احلربية‪ ،‬وجتارة السالح‪ ،‬ومازال‬ ‫الرعب النووي مسيطراً‪ .‬غري أن أكثر ما أاثر‬ ‫االنــزعــاج الــروســي مــن الـسـيــاســات األمريكية‪،‬‬ ‫جتـلّــى يف سعي أمـريـكــا الستمالة دول االحتــاد‬ ‫السوفييت السابق على أهنا متس أمنها الداخلي‬ ‫يف كل من أذربيجان وجورجيا ودول البلطيق‪،‬‬ ‫وأخرياً أوكرانيا‪ ،‬اليت حازت على امتيازات روسية‬ ‫لضمان دعمها‪ .‬عاد التوتر واحلشد والتصعيد‬ ‫بني الغرب وأمريكــا‪ ،‬وبني روسيـا من البوابـة‬ ‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪27 2014 1‬‬


‫األوكرانية‪ ،‬أمريكا حتشد يف دول البلطيق‪ ،‬وروسيا‬ ‫تعزز وجودها على احلدود مع أوكرانيا‪ ،‬وتستقل‬ ‫القرم‪ ،‬دون معارضة كبرية من الغرب الذي يعزز‬ ‫تـواجــده يف اجلــانــب اآلخــر مــن أوكـرانـيــا‪ ،‬ويبشر‬ ‫بدخوهلا احللف األطلسي‪ ،‬مع التهديد بعقوابت‬ ‫على روسـيــا مــن قبل الـغــرب وأمـريـكــا يشري إىل‬ ‫أن إض ـعــاف روس ـيــا مــا زال يف أولــويــة أه ــداف‬ ‫السياستني الغربية واألمريكية‪.‬‬ ‫القضية السورية تتطور ويتصاعد العنف وتفشل‬ ‫الــرعــايــة الــدول ـيــة مل ـؤمت ـرات احل ـ ـوار ب ــن السلطة‬ ‫واملعارضة‪.‬‬ ‫روسيا اليت وضعت ثقلها دعماً للنظام السوري‬ ‫بكل أنـواع األسلحة املتطورة‪ ،‬وامتلكت قاعدة‬ ‫عسكرية يف املـتــوســط‪ ،‬على م ـرأى مــن أمريكا‬ ‫والغرب‪ ،‬اللذين مل مينعهما شيء من تقدمي الدعم‬ ‫للمعارضة السورية املسلحة‪ ،‬ولن خيسرا شيئاً ما‬ ‫دامت الفاتورة ستدفع من حساب دول حليفة‬ ‫أخرى‪ ،‬وال داعي للتدخل املباشر مادام املطلوب‬ ‫دعــم املـعــارضــة أبسلحة نوعية متكنها مــن ردع‬ ‫النظام‪ ،‬يف احلقيقة ما كان مينع أمريكا والغرب‬ ‫من تقدمي الدعم العسكري النوعي هو املصلحة‬ ‫يف إطالة أمد االقتتال واحلرب لتحقيق أهداف‬ ‫اسرتاتيجية منها‪ :‬إضعاف النظام السوري وجره‬ ‫ملزيد مــن الـتـنــازالت الــي توجت بتخلي النظام‬ ‫ع ــن تــرســان ـتــه ال ـك ـي ـمــاويــة‪ ،‬وهـ ــدف آخ ــر على‬ ‫جانب من األمهية هو إضعاف حزب هللا وإهلائه‬ ‫حبرب طويلة‪ ،‬بعيداً عن الصراع مع إسرائيل‪ ،‬مث‬ ‫إضـعــاف إي ـران الــي متــول حــرب النظام وحــزب‬ ‫هللا‪ ،‬واستنزافها وجرها للمساومة حــول النووي‬ ‫اإليراين‪ ،‬ورفع جزئي للعقوابت املفروضة عليها‪،‬‬ ‫وأي ـض ـاً إض ـع ــاف امل ـعــارضــة واجمل ـت ـمــع ال ـس ــوري‪،‬‬ ‫ليكوان رهينة لدى أمريكا والغرب‪.‬‬ ‫ك ـمــا كـسـبــت أم ـري ـكــا م ــد ن ـفــوذهــا الـعـسـكــري‬ ‫يف ال ـ ــدول اجمل ـ ــاورة ل ـس ــوراي (األردن وتــرك ـيــا)‪،‬‬ ‫حـ ـي ــث نـ ـصـ ـب ــت صـ ـ ـواري ـ ــخ ابتـ ـ ـري ـ ــوت ك ـج ــزء‬ ‫م ــن ال ـ ـ ــدرع ال ـص ــاروخ ـي ــة الـ ــي ت ـس ـعــى أم ـري ـكــا‬ ‫إلقامتها‪ ،‬وجــاءت املسألة األوكرانية‪ ،‬لتستغلها‬ ‫أمـريـكــا يف الـضـغــط وامل ـســاومــة ودع ــم وجــودهــا‬ ‫ال ـع ـس ـك ــري يف دول ال ـب ـل ـط ـيــق ويف أوكـ ـرانـ ـي ــا‪.‬‬ ‫يف العراق يبدأ العنف‪ ،‬جند أن روسيا متد النظام‬ ‫‪ 28‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫العراقي ابلسالح‪ ،‬وأمريكا تقف على مسافة منه‬ ‫حباملة طائراهتا وتعده ابلدعم‪ ،‬مطالبة إايه بتغيري‬ ‫سياسته‪ ،‬ويتم طرح إمكانية التنسيق مع إيران‪.‬‬ ‫م ــن س ـ ــوراي إىل أوكـ ـرانـ ـي ــا‪ ،‬ح ــى الـ ـعـ ـراق م ـ ــروراً‬ ‫إبي ـ ـ ـران‪ ،‬ولـيـبـيــا وال ـي ـم ــن‪ ،‬وأخ ـ ـ ـراً غ ـ ــزة‪ ،‬حيث‬ ‫نضجت الظروف لتوجيه ضربة موجعة للمقاومة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬فالدول العربية الــي تساوم الغرب‬ ‫وأمـريـكــا ابسـتـجــداء الــدعــم مــن أجــل استقرارها‬ ‫خ ــوف ـاً م ــن «ق ــاع ــدة» ت ـت ـم ــدد‪ ،‬و«ح ـ ــزب هللا‬ ‫وإي ـران» غارقني يف املستنقع العراقي والسوري‪،‬‬ ‫وأع ـمــال الـتــدمــر واإلابدة الــي جتــري يف الــدول‬ ‫الـعـربـيــة‪ ،‬خــاصــة س ــوراي والـ ـعـ ـراق‪ ،‬دون تدخل‬ ‫وحمــاسـبــة مــن اجملـتـمــع الـ ــدويل‪ ،‬أعـطــت إسـرائـيــل‬ ‫ضوءاً أخضر ألعمال التدمري واإلابدة يف غزة‪.‬‬ ‫يف اخلالصة‪ ،‬جند تشابكاً يف املصاحل‪ ،‬وتوزيعاً‬ ‫للمغامن بني روسيا وأمريكا والغرب على أساس‬ ‫كسب املواقع داخــل البلد نفسه‪ ،‬دون سيطرة‬ ‫قطب مبفرده بشكل مطلق‪ ،‬حيكم ذلك املصاحل‬ ‫االقـتـصــاديــة العاملية املتشابكة‪ ،‬والـتـبــادل الــذي‬ ‫وصلت إليه دول اجملتمع الدويل‪ .‬كل ذلك يعد‬ ‫جتاوزاً للحرب الباردة السابقة‪ ،‬لكن دون إهناء‬ ‫الـصـراع والتنافس‪ ،‬وأتجـيــج التوتر على مسرح‬ ‫الدول الفقرية‪ ،‬واستخدام حق «الفيتو» مبجلس‬ ‫األمن‪ .‬بناء عليه جند أن أمريكا هي أكرب الراحبني‬ ‫من الصراع واالقتتال الدائر يف مناطق خمتلفة من‬ ‫ال ـعــامل‪ ،‬ومـنـهــا س ــوراي‪ ،‬ابلــرغــم مــن مـواقـفـهــا الــي‬ ‫تبدو متناقضة وضعيفة‪ ،‬ومثرية للجدل‪ .‬إن حالة‬ ‫العنف الــدائــرة هتيئ هلا املناخ املناسب لتحقيق‬ ‫مشروعها االسرتاتيجي يف بناء الدرع الصاروخي‬ ‫حت ــت ش ـع ــار حم ــارب ــة اإلره ـ ـ ــاب‪ ،‬وت ـس ــاه ــم يف‬

‫ب ـســط ن ـف ــوذه ــا وت ـع ـزي ــز س ـي ـط ـرهتــا ع ـلــى صعيد‬ ‫ال ـعــامل‪ ،‬والـعـمــل على جــر روسـيــا إىل بـنــاء قوهتا‬ ‫الدفاعية العسكرية يف مواجهة الدرع الصاروخي‬ ‫األم ـري ـكــي‪ ،‬واس ـت ـن ـزاف ق ــدراهت ــا‪ ،‬وتــوجـيـهـهــا يف‬ ‫سباق التسلح‪ .‬خنلص مما سبق إىل أن أمريكا‬ ‫كانت عام ً‬ ‫ال يف أتجيج االقتتال يف سوراي حىت‬ ‫لو اكتفت ابلرقابة ومتابعة ما جيري‪ ،‬ألن موقف‬ ‫الغرب وأمريكا هذا دفع املعارضة العسكرية يف‬ ‫س ــوراي إىل الـتـطــرف‪ ،‬وأضـعــف الـقــوى املعتدلة‪،‬‬ ‫حـيــث يـتـســع ن ـفــوذ ال ـقــوى امل ـت ـشــددة‪ ،‬املتمثلة‬ ‫بتنظيمات تتبع القاعدة تستقطب عناصرها يف‬ ‫ظروف ختاذل اجملتمع الدويل عن اختاذ دور فاعل‬ ‫وداع ــم لتعزيز القانون ال ــدويل‪ ،‬ومساندة احلــق‪،‬‬ ‫ألنــه مــن صلب سياسة الـقــاعــدة حمــاربــة الغرب‬ ‫على اعتبارهم أعداء‪ ،‬وصل األمر هبا إعالن دولة‬ ‫اخلالفة‪ ،‬وأمريكا والغرب يعمالن على استثمار‬ ‫ذلــك لبث اخلــوف والذعر من اإلرهــاب القادم‬ ‫مــن الـشــرق‪ ،‬عــر مقاتلني مــن الـغــرب قاتلوا يف‬ ‫ســوراي وســوف يـعــودون‪ .‬والــدول العربية احلليفة‬ ‫للغرب أخــذ الرعب يــدب يف أركــاهنــا خوفاً من‬ ‫امتداد دولة اخلالفة إليها‪ ،‬وهذا يدفعها لالرهتان‬ ‫أكثر وطلب الدعم العسكري‪ ،‬ويفسح اجملال‬ ‫لنفوذ أمريكا وقواعدها العسكرية يف هذه الدول‪.‬‬ ‫إن املـشــروع األمريكي لن مير ولــن يلقى الدعم‬ ‫إال بتصعيد االقتتال‪ ،‬ويف املقابل روسيا تستفيد‬ ‫من االقتتال للتجارة ابلسالح‪ ،‬املصدر األساسي‬ ‫للتمويل لديها‪ ،‬على مسرح الــدول الفقرية اليت‬ ‫ت ـ ــزداد ف ـق ـراً وخت ـل ـف ـاً وت ـب ـع ـيــة‪ ،‬م ـه ــددة ابلتقطيع‬ ‫والتمثيل هبا‪ ،‬نتيجة الفوضى والعنف الدائر يف‬ ‫أرجائها‪.‬‬


‫سوريا كعكة العصر‬ ‫مل يـكــن ال ـســوريــون ال ـطــاحمــون إىل احل ـريــة والـكـرامــة‬ ‫يتوقعون أن تالحقهم لعنة املـصــاحل‪ ،‬لــيُــركـوا قرابة‬ ‫أرب ــع سـنـوات ملصريهم الـبــائــس مــع امل ــوت اليومي‪،‬‬ ‫ل ـيــس ألجـ ــل ش ـ ــيء‪ ،‬إمنـ ــا ف ـقــط ألن ال ـف ــرق ــاء ممن‬ ‫يـفــرض ابألص ــل أهنــم أصــدقــاء للشعب الـســوري‪.‬‬ ‫قــد ســال لعاهبم مــع انطالقة الـثــورة الـســوريــة حلجم‬ ‫الكعكة ونـصـيــب كــل واح ــد مـنـهــم‪ .‬لـكــن املـفــارقــة‬ ‫تكمن يف عــدم اتفاقهم حــول حصصهم من تلك‬ ‫الكعكة‪ ،‬خــاصــة وأن الكثري منهم مل يكن يتوقع‬ ‫حراكا شعبياً س ــورايً‪ ،‬يف ظل نظام يعترب من أعىت‬ ‫األنظمة االستبدادية يف العامل‪ ،‬نظام مل يكتف بكتم‬ ‫أنفاس شعبه طيلة عقود مضت‪ ،‬بل ّ‬ ‫شكل مصدراً‬ ‫لقلق الكثري من الــدول‪ ،‬عربية كانت أم أجنبية‪..‬‬ ‫املذهل ابلنسبة للشعب السوري مل يكن أبداً حجم‬ ‫هــذه الـتــدخــات الـكـثــرة‪ ،‬وإمن ــا تـضــارب أجنداهتا‬ ‫وتـصــارعـهــا لــإمـســاك ابملــامــح املستقبلية لـســوراي‪،‬‬ ‫كل هذا على حساب دماء شعب حلم بغد أفضل‪.‬‬ ‫يف حقيقة األمر‪ ،‬رمبا مل يعد خافياً على أحد اليوم‪ ،‬أن‬ ‫من ادعوا صداقة الشعب السوري هم األكثر تشتتاً‬ ‫حول مصري احلصة األسطورية حسب اعتقادهم‪..‬‬ ‫وهنا يتوضع اجلذر املمسك مبصيبة السوريني‪ ،‬وهو‬ ‫خ ــذالن األص ــدق ــاء احملـمـلــن‪ ،‬لـيــس فـقــط ابملـصــاحل‬ ‫الثقيلة كما أسلفنا‪ ،‬وإمنا ذهاب بعضهم يف املفاضلة‬ ‫ب ــن أط ـ ـراف امل ـع ــارض ــة‪ ،‬وح ــى م ـك ــوانت الـشـعــب‬ ‫السوري بعيداً‪ ،‬وقد ظهرت بواكري هذه التفاضالت‬ ‫مــع بــداايت تشكل اجليش الـســوري احلــر‪ ،‬وظهور‬ ‫موجة الكتائب متعددة الوالءات واألجندات‪ ،‬وقد‬ ‫يطرح هذا تفسرياً لتطاحنها فيما بينها‪ ،‬وانسحب‬ ‫األم ــر على املنظمات األهـلـيــة واملــدنـيــة واإلغــاثـيــة‪،‬‬ ‫والعاملة يف جمــاالت التعليم واإلع ــام‪ ،‬واجلمعيات‬ ‫وغريها‪ ،‬يف الوقت الذي كانت ومازالت آلة النظام‬ ‫مـسـتـمــرة يف ال ـق ـتــل وال ـت ــدم ــر وال ـت ـه ـجــر‪ .‬ل ــذا بــدا‬ ‫واضحاً أن كفة أصدقاء النظام راجحة‪ ،‬فأصدقاؤه‬ ‫يدعمونه بال حدود‪ ،‬عسكرايً واقتصادايً وسياسياً‪،‬‬

‫• صبيحة خليل‬ ‫ومتفقون يف أجنداهتم املتصاحلة مع بعضها‪ ،‬وقد‬ ‫ابت بديهياً أنه لوال ذلك لسقط النظام منذ األايم‬ ‫االوىل م ــن احل ـ ـراك الـسـلـمــي‪ .‬صـحـيــح أن الـنـظــام‬ ‫برتكيبته املافيوية مل يعمد قط إىل تقصري يدهم طيلة‬ ‫عقود حكمه األربعة املاضية‪ ..‬وقد ال ميانع إن هم‬ ‫أخذوا الكعكة كلها‪ ،‬بينما يكتفي هو فقط ابلبقاء‬ ‫على الكرسي عارايً‪ ،‬ضارابً عرض احلائط بتطلعات‬ ‫الشعب السوري‪.‬‬ ‫لقد جلأ الكثري من احملللني إىل انتقاد املعارضة السورية‬ ‫بشدة‪ ،‬كوهنا مشرذمة ومنقسمة على نفسها‪ ،‬وال‬ ‫متلك رؤيــة مستقبلية واضـحــة‪ ،‬وهــم يف غمرة هذه‬ ‫االنتقادات يتناسون أن الداعمني من الــدول‪ ،‬ممن‬ ‫ادع ـوا صداقة الشعب الـســوري‪ ،‬خيتبؤون يف الواقع‬ ‫خـلــف كتلة مــن امل ـصــاحل وال ـف ـواتــر ال ــي يطمحون‬ ‫جنيها مستقبالً‪ ،‬تعجز عن دفعها معارضة هزيلة‬ ‫كاملعارضة السورية اليت حتمل ما حتمل من األمراض‬ ‫املزمنة‪ ،‬ورثت بعضها عن النظام ابحملاكاة‪ ،‬وأنتجت‬ ‫بعضها اآلخر ذاتياً بفعل قلة اخلربة‪.‬‬ ‫ويبقى السؤال املطروح والذي ال يلقى إجابة شافية‪:‬‬ ‫م ــادام ه ــؤالء هــم حـقـاً أصــدقــاء الـشـعــب الـســوري‬ ‫واملعارضة‪ ..‬فلماذا إذن مل يبادروا لردم اهلوة املوجودة‬ ‫يف هذا اجلسم‪ ،‬أي جسم املعارضة؟! ملاذا مل يبادروا‬ ‫خللق تفامهات داخلية فيما بينهم كدول؟! لقد حتولوا‬ ‫هم أنفسهم إىل عوامل معيقة لتوحد املعارضة نتيجة‬ ‫جتــاذب وتـعــارض مصاحلهم‪ ،‬خاصة تلك املتعلقة‬ ‫ب ــدول اخلـلـيــج ال ـعــريب‪ ،‬حـيــث وص ــل األم ــر لظهور‬ ‫خالفات جديدة‪ ،‬مثلما حدث بني قطر والسعودية‬ ‫مــن جـهــة‪ ،‬وب ــن الـ ــوالايت املـتـحــدة االمــرك ـيــة من‬ ‫جـهــة‪ ،‬نتيجة براغماتية األخ ــرة‪ .‬فامللف الـســوري‬ ‫كالكرة يلعبون هبا كما شــاؤوا‪ ،‬وحتولت سوراي إىل‬ ‫ساحة مباحة لتصفية حساابهتم الدولية واإلقليمية‪.‬‬ ‫وابلتأكيد مل يفتنا ما شهدته هذه التوازانت اإلقليمية‬ ‫من هزات عنيفة‪ ،‬أثرت على املشهد السوري املتعثر‬ ‫أصالً‪ .‬والبعض يتذكر جيداً كيف لفظت املصاحل‬

‫السعودية مــن قبل أمريكا قبل أن تـعــود املـيــاه إىل‬ ‫جماريها‪ ،‬وحماولة جذب إيران لتسوية ملفها النووي‬ ‫ومقايضته ابمللف السوري‪ ،‬وكأن ما ينقص السوريني‬ ‫هو تبديل الالعبني يف منتصف خط النهاية‪ ،‬قبيل‬ ‫الوصول اىل مرمى اهلدف‪ .‬وكان مثة حماولة من حتت‬ ‫الطاولة لتبادل احللفاء بني أمريكا وروسيا‪ ،‬رمبا لو‬ ‫ك ــان ال ـســوريــون بــوضــع يـسـمــح هلــم هب ــذه الـفــرجــة‪،‬‬ ‫لكانوا استمتعوا كغريهم هبــذه األالعـيــب السرايلية‬ ‫يف عامل السياسة‪ ،‬أما واحلال على ما هو عليه من‬ ‫نـزيــف لـلــدمــاء ال ـســوريــة‪ ،‬والتكلفة الـبــاهـظــة الثمن‬ ‫للحرب‪ ،‬فـكــان ومــا ي ـزال مثــة استياء متفاقم لدى‬ ‫عموم الشعب السوري ليس إال‪.‬‬ ‫إن األساس الفعلي للمعضلة السورية‪ ،‬يكمن يف أن‬ ‫املعارضة قد فتحت الباب واسعاً من جانبها على‬ ‫مثل هــذا امل ـزاد‪ ،‬بدخوهلا ابب ال ــوالءات الدولية‪،‬‬ ‫ونـسـيــت يف ه ــذه املعمعة قضية شعبها الـواضـحــة‬ ‫وضــوح الشمس‪ ،‬فيما تناحرت كتلها على فتات‬ ‫اس‬ ‫الكعك‪ ،‬وبقيت رهينة فرص آنية ال تتعدى كر ٍ‬ ‫بالستيكية يف قــاعــات امل ـؤمت ـرات‪ ،‬بـفـنــادق فخمة‬ ‫مــن ذوات اخلـمــس جن ــوم‪ ،‬يف ع ـواصــم دول اجل ـوار‬ ‫السوري‪ .‬ولدى تورط السوريني يف هذه التوافه فقد‬ ‫طالت أيــدي الــداعـمــن الــدولـيــن‪ ،‬الــذيــن مل يوفروا‬ ‫ذريعة إال واستغلوها لنقع امللف السوري يف مستنقع‬ ‫وسعت‬ ‫الــدم‪ ،‬وتركه عرضة للتلف ابلتقادم‪ ،‬بعدما ّ‬ ‫احلالة السورية دائرة االحتماالت املمكنة لقضاايهم‬ ‫العالقة‪.‬‬ ‫وليس ما نشهده من عملية ختامد للثورة السلمية‪،‬‬ ‫ال ــي بــدأهــا ال ـســوريــون حبـنــاجــر الـشـبــان وال ـشــاابت‬ ‫امل ـطــال ـبــن ابحل ـري ــة والـ ـكـ ـرام ــة‪ ،‬إال دل ـي ـ ًـا ع ـلــى أن‬ ‫فــوضــى ه ــذه ال ـتــدخــات قــد آت ــت أك ـل ـهــا‪ ،‬رغـمـاً‬ ‫عنا كسوريني‪ ،‬لتتحول ثــورة شعب مقهور يطالب‬ ‫ابحلـريــة والـكـرامــة‪ ،‬إىل حــرب على اإلره ــاب‪ ،‬وهنا‬ ‫مربط فرس النظام وأصدقائه األوفياء‪.‬‬

‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪29 2014 1‬‬


‫في زمن أمراء الحرب هامش لتهديدات تجبر زياد الرحباني‬ ‫على مغادرة لبنان‬ ‫يتكلم زايد يف لـقــاء مــع قـنــاة اجلــديــد عــن هتديد‬ ‫صريح “عرفت فجأة أنه من األفضل أن أغادر‪،‬‬ ‫عرفت ذلك من مصدر‪ ،‬وأين بسبب هذه الليلة‬ ‫سأضطر للتحرك مع مرافقني أمنيني وهذا شيئ مل‬ ‫اضطر إليه طوال احلرب وإما علي املغادرة‪”.‬‬ ‫والليلة املقصودة يف كالم زايد هي احلفلة املوسيقية‬ ‫اليت أحياها يف بلدة الناقورة احلدودية يف جنوب‬ ‫لبنان آب املاضي‪.‬‬ ‫يـقــول زايد إن ــه طـلــب إىل مـئــات األش ـخــاص أن‬ ‫يصوروا مقاطع احلفلة‪ ،‬وابلفعل قاموا ابلتصوير‪،‬‬ ‫وهــو يستغرب أنــه مل يظهر على مـواقــع التواصل‬ ‫االجـتـمــاعــي وال حــى ص ــورة واح ــدة عــن احلفلة‪،‬‬ ‫كأهنا مل تكن‪ ،‬ويقول أيضاً يف نفس اللقاء املنشور‬ ‫على يــوتـيــوب‪“ :‬أرسـلــت احلفلة مقطع ًة كاملة‪،‬‬ ‫ومصورة من مخس كامريات‪ ،‬إىل حسن نصر هللا‪،‬‬ ‫وإىل جريدة األخبار‪ ،‬وإىل قناة امليادين”‪ ،‬ويتابع‬ ‫“وعـ ــدين إب ـراه ـيــم األمـ ــن‪( ،‬رئ ـيــس حت ـريــر جـريــدة‬ ‫األخبار)‪ ،‬أنه سينشرها يف الوكاالت‪ ،‬مث مل يظهر‬ ‫شيء”‪.‬‬ ‫أن يصور مائة شخص أو أكثر وال ينشر شيء من‬ ‫تلك الصور وتسحب صور احلفلة من الكامريات‬ ‫االحرتافية اخلمسة وال ينشر منها شيء‪ ،‬يفتح سؤاالً‬ ‫عن كم الضبط الــذي ميارسه حــزب هللا على كل‬ ‫شيء حوله‪ ،‬اخللطة العجيبة الكثيفة من العقائد‬ ‫واألوامر واملصاحل واملذهبية والعسكرة واألمن‪ ،‬اليت‬ ‫جتعل مــن األب ـنــاء واألخ ــوة واآلابء “ف ــداء حلــذاء‬ ‫السيد” وال نــدري هنا‪ ،‬إن كــان هــذا السيد هو‬ ‫نصر هللا‪ ،‬أم سيداً لنصر هللا وراء اجلبل‪ ،‬كيف أن‬ ‫هــذه الكتلة من البشر مستغرقة يف السيد حسن‬ ‫يف إي ـران وعلي خامنئي‪ ،‬وال نفضح سـراً فحسن‬ ‫نصر هللا يعلن والية الفقيه على املأل‪ ،‬فوق املواطنة‬ ‫والدولة‪ ،‬وهنا ما الذي جعل زايداً احلصيف يظن‬ ‫أنه خارج املعادلة؟‬ ‫يف مــا حصل حصار مقصود‪ ،‬عقاب مستحق‪،‬‬ ‫شيعي للنشر‪ ،‬وميكن أن ينتهي‪ ،‬بعبوة‬ ‫يبدأ مبنع ٍ‬ ‫انسفة‪ ،‬كوسام حسن وهو ضابط األمن الكبري‪،‬‬ ‫أو بطلقات ليس من الضرورة أن ختطئ هدفها كما‬ ‫حصل بسبب زهرة على األرض مع مسري جعجع‪،‬‬ ‫وكما مل حيصل مع رفيق احلريري‪ ،‬وغريه العشرات‬ ‫‪ 30‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫يف لبنان‪ ،‬فهل هذا ما يدعو زايد إىل القلق وإىل‬ ‫املرافقة األمنية وإىل مغادرة لبنان؟ مئات صــوروا‪،‬‬ ‫مل ينشر أحــد‪ ،‬يعين أن زايد كان تفصي ً‬ ‫ال صغرياً‪،‬‬ ‫تشكيلة ضمن اإلط ــار‪ ،‬وعندما يتجاوز دوره أو‬ ‫مكانه سيقولون‪ :‬سنستغين عنك وعن خدماتك‪،‬‬ ‫إايك أن تتدخل يف ما ال يعنيك أنت هنا لتكمل‬ ‫الزينة‪ ،‬فال جترب ابتزازان ابحلرد‪ ،‬يصمت زايد دون‬ ‫أن يستطيع تسمية األمــور أبمسائها وقد اكتشف‬ ‫أخرياً البنية الطائفية املسمطة للحزب واليت حتكم‬ ‫أتباعه‪ ،‬وكم اخلوف الذي تطبقه هذه الكتلة على‬ ‫احمليط من غري األتباع حوهلا‪.‬‬ ‫كنا حمقني وكنت تعرف عندما استغربنا جلوسك‬ ‫بربطة العنق احلمراء يف خندق حزب هللا‪ ،‬زينة من‬ ‫ن ــوع مــا “تـشـكـيـلــة”‪ ،‬شـيــوعـيـاً شــرس ـاً يف خندق‬ ‫مــن ينتظر شـبــه إلــه أو رجــل خيــرج مــن س ــرداب‪،‬‬ ‫حامل الدايليكتيك‪ ،‬أيخذ مقعده يف سياق الغيبية‬ ‫امل ـفــرطــة‪ ،‬رج ــل يـكـتــب امل ـس ــرح ي ـؤلــف املــوسـيـقــى‬ ‫األوركـسـرالـيــة وأن ــت مــن أنــت يف هــذا اجمل ــال‪ ،‬يف‬ ‫خـنـ ٍ‬ ‫ـدق مــع مــن ال زالـ ـوا يبكون رج ـ ًـا مــات منذ‬ ‫أكثر من ألف عام‪ ،‬يشحذون حقدهم ألكثر من‬ ‫ألف عــام‪ ،‬إبدمــاء أجسادهم ضـرابً وندماً وحقداً‬ ‫وحسداً‪.‬‬ ‫كـيــف ملــوسـيـقــى تـعــر ال ــوق ــت‪ ،‬تـعــر ال ــزم ــن إىل‬ ‫املستقبلل كموسيقاك‪ ،‬أن تقبل متــويـ ً‬ ‫ا وإعــاشـ ًة‬ ‫ممن يرفضون مغادرة احلقد التارخيي الذي يعلّمونه‬ ‫ويسقونه ألطفاهلم منذ سنتهم الثالثة‪.‬‬ ‫هــل ســألــت نفسك أم هــل ســألـتــك‪ ،‬فيما كنت‬ ‫تبيعها مقابل املال شاعراً على ابب سلطان‪ ،‬هل‬ ‫قرأت يوماً عن هوان شاعر يف ابب سلطان؟‬ ‫مث بعض أسئلة يثريها حديثك لدينا‪ ،‬مل ترسل احلفلة‬ ‫م ـصــورة إىل نـصــر هللا كـمــا ت ـقــول‪ ،‬هــل ألن ــه انقــد‬ ‫موسيقي سيديل برأيه فيها‪ ،‬أم ألنــه يهيمن على‬ ‫تفصيل‪ ،‬بدكتاتوري ٍة تطال كل شــيء‪ ،‬كيف‬ ‫كل‬ ‫ٍ‬ ‫لرجل مل يغسل يديه من الدماء أن يشاهد حفلة‬ ‫موسيقية لزايد الرحباين‪ ،‬هلاين السبليين وفرقته‪ ،‬لتينا‬ ‫ميوت وغريهم‪ ،‬كيف لرجل يصيح اثرات احلسني‪،‬‬ ‫وهيهات منا الــذلــة‪ ،‬يهيج الناس ابلثأر واالنتقام‬ ‫وحيشدهم طائفياً للقتل واإلابدة‪ .‬أم أن إرســال‬ ‫احلفلة مصورًة هدي ٌة تعرب عن الشكر‪“ ،‬وكشف‬ ‫حساب” ألن أوامر الدعم تصدر عنه‪( ،‬أن انظر‬

‫• حممد ّ‬ ‫ملك‬

‫ما فعلت مبالك‪ ،‬أقوم ابستخدامه ألدعمك دعائياً‬ ‫حبفاليت‪ ،‬أحــاول أن أربــط ختلفك وخــروجــك من‬ ‫التاريخ ابملوسيقى العاملية‪ ،‬ولكين مل أنتبه إىل خطئي‬ ‫عندما قلت يف احلفلة “إن حزب هللا ال يستطيع‬ ‫إغماض عينيه عن أن هناك أانس غريه يف اجلنوب‪،‬‬ ‫أانس وأه ـ ٍ‬ ‫ـال هلــا أس ــا ٍم قدمت وحــاربــت‪ ،‬فجرت‬ ‫ٌ‬ ‫إذاعــة حلــد‪ ،‬هناك سها بشارة الــي أطلقت النار‬ ‫على أحــد عناصر حلد هناك‪ ،‬أهـ ٍ‬ ‫ـال فعلوا أشياء‬ ‫كثرية للبنان وللجنوب‪ ،‬وبال إعان ٍة من أي دول ٍة‬ ‫أخرى”‪.‬‬ ‫حسن نصر هللا برأي زايد‪ ،‬يتابع كل كلمة تكتب‬ ‫ويبدي رأيــه بكل شــيء‪( ،‬أال يذكران هــذا بكالم‬ ‫قاله شعراء ٍ‬ ‫بالط بزعماء عرب عاشوا يف كنفهم)‬ ‫يبقى زايد بــن االسـتـجــداء ورمب ــا اخل ــوف‪ ،‬ويتابع‬ ‫زايد‪“ :‬رئيس حترير جريدة األخبار ال يقرأ موادها‪،‬‬ ‫بينما (األمــن العام يقرؤهم ويسطرهم) مع ذلك‬ ‫طال الوقت ومل حيصل زايد على إجاب ٍة أو موعد‬ ‫يف سعيه ملقابلة حسن نصر هللا‪ ،‬أو األمــن العام‬ ‫كما يفضل زايد مناداته‪ ،‬وال زال منذ عشرة أايم مل‬ ‫حيصل على جواب‪.‬‬ ‫مث يعيد على مسامعنا فكرة (أن الرئيس رائع لكن‬ ‫مــن حـولــه سـيـئــون) فـكــرة يعرفها ال ـســوريــون ورمبــا‬ ‫املصريون واليمينيون كنكتة يتندرون هبا ويضحكون‬ ‫عليها‪ .‬مــا قلناه أع ــاه يــؤكــده زايد‪ ،‬إنــه يعي ما‬ ‫حيصل‪ ،‬يعاين منه‪ ،‬ويتجرعه مبـرارة وذل‪ ،‬فها هو‬ ‫يقول يتحالف الشيوعيون مع حزب هللا فيما ال يرد‬ ‫األخري على الشيوعيني ابملثل‪ ،‬أي ال يعرتف هبم‪،‬‬ ‫“أيخــذ منك ولكنه يف املقابل ال يعطيك شيئاً‬ ‫كشيوعي‪ ،‬حىت إنه ال يذكر امسك يف خطاابته‪،‬‬ ‫طالبنا مبوقف من جهة احلزب يوضح يثبت يعرتف‬ ‫بنا كحلفاء حلزب هللا‪ ،‬فواجهنا ابإلخفاء‪ ،‬معامل ًة‬


‫ليست ابملـثــل‪ ،‬قلنا يف الثمانينات‪ ،‬عندما قتل‬ ‫شيوعيون يف لبنان وبريوت‪ ،‬قوى ظالمية قتلتهم‪،‬‬ ‫أحياانً قلنا إن السوريني قتلوهم‪ ،‬أو قوى ظالمية‪،‬‬ ‫لكن حزب هللا يعرف من قتل هؤالء‪ ،‬ورفضنا أن‬ ‫نصدق حينها أن شيئاً امسه حزب هللا فعل ذلك‪.‬‬ ‫مث يقول مناقضاً كــل كالمه وتصرفاته‪“ :‬هناك‬ ‫حـســن نـصــر هللا‪ ،‬وه ـنــاك ال ـبــاقــون‪ ،‬مــا نـفـعــل لو‬ ‫ك ــان ال ـبــاقــون ال ي ـســرون مــع حـســن نـصــر هللا‪،‬‬ ‫لكين أعــرف‪ ،‬لو قــال حسن نصر هللا إن هؤالء‬ ‫الشيوعيني أانس كــانـوا معنا‪ ،‬فــإن هــؤالء املليون‬ ‫شخص أو اخلـمــس مئة ألــف مــن الشيعة‪ ،‬ومن‬ ‫أتـبــاع حسن نصر هللا‪ ،‬سيقفون ويـصــرخــون فدا‬ ‫السيد”‪.‬‬ ‫ويـســأل زايد مستغرابً يف هلجته شــيء مــن عتب‬ ‫“ملَ مل يستعمل حسن نصر هللا هذه الطاقة اليت‬ ‫لديه؟” مث جييب نفسه “إذن هو ال يريد‪ ،‬ليس‬ ‫هـنــاك تفسري آخ ــر”‪ ،‬وهــو ال يفعل ذلــك بـرأي‬ ‫زايد “ألن عليه أن يدبر نفسه‪ ،‬ذلك أنه عندما‬ ‫أييت احل ــل‪ ،‬سيحتاج نصر هللا وحـزبــه إىل أهــايل‬ ‫اجلنوب‪ ،‬ذلــك أن احلــزب ليس لديه مشروع وال‬ ‫نظرية‪ ،‬سوى القتال واملوت‪ ،‬وهذه ليست نظرية‪،‬‬ ‫ليست جزءاً من نظرايت العامل واحلياة”‪.‬‬ ‫“يف لبنان يعيش اللبنانيون على شكل إنسان‬

‫بدائي‪ ،‬يلبس آخر موضة وحيمل آي فون حديث‬ ‫ال يستطيع استعمال ربــع تقنياته”‪ ،‬بينما سوراي‬ ‫وه ــي يف “ال ـ ـثـ ــورة” ي ـع ــرف زايد بـتـسـمـيــة ث ــورة‬ ‫للسوريني‬ ‫“ال ـس ــوري ــون شـعــب مـتـعـلــم شـعــب حي ــرم اآلخ ــر‬ ‫شعب يعمل‪ ،‬بينما حنن شعب ال يعمل وحيمل‬ ‫طباعاً من العنفوان رمبا أورثتنا إايه فرنسا حسبما‬ ‫يقولون”‪ ،‬مث يطلق ابختصار كلميت شتيمة ضد‬ ‫اجلمهورية‪ ،‬وكأن به ربطاً مع سياق كالمه السابق‪،‬‬ ‫أن هذه البلد اليت يسيطر عليها حزب هللا‪ ،‬غارق ًة‬ ‫يف امل ـظــاهــر‪ ،‬بـلــد بـعــد ثــاثــن عــام ـاً مــن اغـتـيــال‬ ‫أصــدقــائــك ورفـ ــاق ن ـضــالــك‪ ،‬ال تستطيع الـبــوح‬ ‫أبمســاء قاتليهم‪ ،‬انهيك عــن حماكمتهم‪ .‬وعندما‬ ‫يـضـطــرك الــزمــان لــوضــع يــدك بـيــد الـقــاتــل‪ ،‬حيتقر‬ ‫وجودك ويتعامل معك كنكرة‪ ،‬فال ترد على لسانه‬ ‫أو يف خطابه‪ ،‬فأي مجهورية هذه‪.‬‬ ‫يبدو زايد قلقاً وحق له‪ ،‬من يعرف اتريخ نصر هللا‬ ‫وحزب هللا وميليشياته‪ ،‬اتريخ اغتياالته‪ ،‬تغوله على‬ ‫أجهزة الدولة مفاصلها‪ ،‬عصاابته وقتلته املنتشرين‬ ‫يف كل زاوية‪ ،‬الذين يستطيعون الوصول إىل رجل‬ ‫حبجم رفيق احلريري وأسطول مرافقته‪ ،‬وسام حسن‬ ‫ضابط األمن الرفيع‪ ،‬مسري جعجع‪ ،‬حياصرون املطار‬ ‫وامليناء‪ ،‬يفرضون احلروب على الدولة مىت شاؤوا‪،‬‬

‫بل يهامجون جيش الوطن ويعتقلون ضباطه‪ ،‬كما‬ ‫حدث يف بريوت ‪ ،2007‬وغريها جيربون شخصاً‬ ‫حبجم سعد احلريري‪ ،‬أن يغادر لبنان إىل شبه منفى‬ ‫حتت هتديد االغتيال‪ ،‬حزب حيارب يف دول أخرى‬ ‫خــارج أي قـرار وطــي مجهوري‪ ،‬يفجر السفارات‬ ‫(أندونيسيا اهلند وأورواب) من الطبيعي أن يرهب‬ ‫زايد الــرحـبــاين‪ ،‬عــارف ـاً أن مـرافـقـ ًة أايً كــانــت‪ ،‬لن‬ ‫جتدي نفعاً يف إنقاذه‪.‬‬ ‫رمبا استفاق زايد الرحباين على صدمة خروجه من‬ ‫دائرة املدعومني املدللني املمولني‪ ،‬رمبا طال لسانه‬ ‫فأفقده احلظوة‪ ،‬ورمبا ابت غري مفيد قيد االستغناء‬ ‫عنه وعــن ربـطــة عنقه يف احملــافــل وامل ـؤمت ـرات‪ ،‬رمبا‬ ‫لسبب ال يعلمه إال الويل الفقيه يف إيران‪( ،‬والذي‬ ‫أيضاً يعرف كل شيء حىت أغــاين زايد الرحباين)‬ ‫صــدر ق ـرار إبـعــاده‪ ،‬إسكاته قتله‪ ،‬ال نــدري لكن‬ ‫كل ذلك وارد‪.‬‬ ‫نظن أن زايد الرحباين وضع حياته واترخيه يف اليد‬ ‫اخلـطــأ‪ ،‬وهــا هــو ي ــدرك ذل ــك‪ ،‬نــدمــه واض ــح حني‬ ‫يقول “بت حمسوابً على حزب هللا‪ ،‬حىت أن الناس‬ ‫ابتوا يسألونين ملا يفعل احلزب ذلك”‪ ،‬رغم ذلك‬ ‫نلمس يف كالم زايد شيئاً من الرتجي‪ ،‬من األمل‪،‬‬ ‫مــن املــدامهــة‪ ،‬فيما خيــص نصر هللا‪ ،‬يفضح ذلك‬ ‫تناقض كــامــه‪ ،‬حــن يـقــول “إن هـنــاك نصر هللا‬ ‫وهناك اآلخــرون‪ ،‬الذين رمبا ال يسريون معه”‪ ،‬مث‬ ‫يـقــول‪“ :‬لــو قــال نصر هللا هلتف مليون شخص‬ ‫فداء للسيد”‪ ،‬األوحد الذي يقرر كل شيء حيكم‬ ‫كل شيء‪ ،‬درجة قراءة كل كلمة تكتب‪ ،‬ابلنتيجة‬ ‫مسؤول عن كل شيء‪ ،‬مبا فيها كل جرائم القتل‪،‬‬ ‫والالوطنية حد القتل‪ ،‬إنه جيري البلد الــذي حيمل‬ ‫جـنـسـيـتــه‪ ،‬وي ـعــد م ـواط ـن ـاً ف ـيــه‪ ،‬خلــدمــة إي ـ ـران ومــن‬ ‫حيكمها هناك‪ ،‬معرضاً مواطنيه يف لبنان للموت‬ ‫والــدمــار واجلــوع يف حــروب داخلية قتلت الناس‪،‬‬ ‫يف االغتياالت الــي قطفت زهــرة مفكري البالد‪،‬‬ ‫وأصحاب الكلمة احلرة‪ ،‬واحلروب اليت أغرق فيها‬ ‫لبنان وكلفت شهداء وبنية حتتية وأتخ ـراً وديــوانً‪،‬‬ ‫وهجرت الناس‪ ،‬كل ذلك يف خدمة أهداف إيران‪.‬‬ ‫زايد الرحباين نتمىن لك وأنت املبدع‪ ،‬أن تنشغل‬ ‫أكثر هباجس التاريخ‪ ،‬فكر ابألمســاء اليت ال خيبو‬ ‫بريقها عرب الزمن‪ ،‬جــورج حــاوي‪ ،‬مهدي عامل‪،‬‬ ‫حسني مــروة‪ ،‬األمســاء الــي مل تستج ِد يوماً قاتالً‪،‬‬ ‫كي يذكر امسها يف خطاابته‪ ،‬والــي كانت دائماً‬ ‫عدوة للقوى (الظالمية)‪ ،‬ونتمىن لك عمراً مديداً‬ ‫من اإلبداع‪.‬‬ ‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪31 2014 1‬‬


‫المرأة واالقتصاد‪ :‬تحديات الجنسين ‪/‬الجزء الثالث‬ ‫الفعال للمرأة‬ ‫التحديات واآلفاق من أجل التمكين‬ ‫ّ‬

‫• إعداد روزي وسرتفيلد‬ ‫ترمجة‪ :‬د‪.‬إنعام شرف‬

‫تقسيم األدوار على أساس اجلنس والذي يبدأ منذ الوالدة‪ ،‬والعنف املتكرر واحلياة املكرسة لآلخرين‪ ،‬ليست يف الواقع إالّ انعكاساً للبناء‬ ‫االجتماعي القائم على مبدأ التبعية‪ .‬وهلذا‪ ،‬ويف بعض األحيان يعد الغوص يف عامل جديد من االستقاللية‪ ،‬اختباراً كبرياً جداً ابلنسبة للمرأة‪،‬‬ ‫وال سيما املرأة غري املتعلمة واليت تفتقر إىل الثقة ابلنفس‪ ،‬وتعاين قلة اخلربة ابلتحدث يف األماكن العامة‪ ،‬وعدم معرفتها ابلقوانني اإلدارية‬ ‫والتشريعية والقضائية‪ .‬وغالباً ما جتد نفسها معرضة للرتهيب والتهديدات‪ ،‬وقد تصل إىل مرحلة تصبح فيها عدوة نفسها‪ ،‬وذلك بسبب اخلوف‬ ‫من املخاطر‪ ،‬ونقص الوعي بقدراهتا الذاتية‪ ،‬وانعدام التنسيق‪ ،‬واحلذر املفرط أو الرتدد‪.‬‬ ‫ابإلضافة إىل ذلك‪ ،‬عندما تقوم املرأة أبنشطة مدرة للدخل‪ ،‬فإهنا ال تشعر مبشروعية هذه األنشطة‪ ،‬خاص ًة وأن اخلط الفاصل بني العمل املنزيل‬ ‫واألنشطة االقتصادية مل تتوضح معامله بعد‪ .‬بعض الرجال مييلون أيضاً إىل إنكار املسامهات االقتصادية للمرأة يف األسرة‪ ،‬األمر الذي يؤدي‬ ‫يف كثري من األحيان إىل مزيد من الرتدد وانعدام الثقة ابلنفس‪.‬‬ ‫يف بعض احلــاالت‪ ،‬االستقاللية املادية للمرأة تثري التوترات االجتماعية‪،‬‬ ‫وحبسب إحدى الدراسات املقدمة هبذا اخلصوص‪ ،‬فإن الصورة النمطية يف‬ ‫معظم أحناء العامل‪ ،‬تقدم الرجل على أنه هو املعيل‪ ،‬ويف الشرق األوسط‪،‬‬ ‫املوضوع ال يتعلق ابلصورة النمطية‪ ،‬وإمنا هو ابلقانون نفسه الذي يعترب‬ ‫الرجل املعيل الوحيد لألسرة‪ .‬كما أن املال الذي جتنيه النساء‪ ،‬غالباً ما‬ ‫يكون هو مصدر العنف األسري‪ ،‬الذي يتجلى إما من خالل االعتداء‬ ‫ابلضرب‪ ،‬أو من خالل تصرفات وأساليب تؤثر نفسياً على املـرأة‪ .‬وقد‬ ‫يؤدي العنف ضد املرأة‪ ،‬سواء مادايً أو نفسياً‪ ،‬واإلصاابت النامجة عنه‪،‬‬ ‫إىل خسارة يف الدخل قد تصل أحياانً من ‪ 25٪‬إىل ‪ 30٪‬من الدخل‬ ‫الشهري‪.‬‬ ‫الـعــداوة مع احمليط متثل عقبة أيـضـاً‪ ،‬سـواء يف اجملتمع أو داخــل األســرة‪،‬‬ ‫فالغرية واملـخــاوف وســوء الفهم‪ ،‬تسهم يف كثري من األحيان يف القضاء‬ ‫على املشاريع النسائية‪ ،‬أوالً‪ :‬ألن املبادرة النسائية تعين يف بعض اجملتمعات‬ ‫سلوكاً منافياً للنظام االجتماعي السائد‪ ،‬وحتديداً لقانون سيادة الرجل‬ ‫على املرأة‪ ،‬اثنياً‪ :‬ألن البعض يرى أن هذه املبادرة سبباً يف إرابك الرجل‬ ‫الذي يعترب نفسه رب األســرة‪ ،‬وبشعوره ابخلزي والعار‪ .‬وغالباً ما تدفع‬ ‫النساء مثناً ابهظاً لتتجاوز أدوارهن التقليدية‪ ،‬وإذا كان الزوج غري موافق‬ ‫على استقاللية زوجته مالياً واجتماعياً‪ ،‬فإنه يلجأ إىل استخدام العنف‬ ‫اجلسدي أو النفسي ضدها‪ ،‬ليمنعها من ذلك‪ ،‬وكمالذ أخري ابلنسبة له‪،‬‬ ‫يهددها ابلطالق وحرماهنا من أطفاهلا وحياهتا األسرية‪.‬‬ ‫تواصل االعتماد على الرجل‬ ‫بسبب التقسيم القائم على اجلنس يف العمل‪ ،‬جتد املـرأة نفسها مضطرة‬ ‫لالعتماد يف أنشطتها االقتصادية على الذكور‪ ،‬ألنه ميكن وبسهولة أن يتم‬ ‫منعها من مزاولة أي نشاط اقتصادي‪ ،‬دون مساعدة أو دعم من رجل‪.‬‬ ‫‪ 32‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫ففي غرب أفريقيا مثالً‪ ،‬ال حيق للمرأة استئجار األراضي يف الريف‪ ،‬إالّ‬ ‫بعد احلصول على موافقة من الرجل‪ ،‬كما أن احلصول على قرض مصريف‬ ‫يتطلب تقدمي مربرات مقنعة‪ .‬أما فيما يتعلق ابألنشطة التجارية األكثر‬ ‫رحباً‪ ،‬فإن وصول النساء إليها ال يعد ابألمر السهل‪.‬‬ ‫يف حاالت الفقر الشديد‪ ،‬تتحمل املرأة مسؤولية أكرب يف دعم األسرة‪،‬‬ ‫وال سيما يف حاالت النساء املنفصالت عن أزواجهن‪ ،‬إما بسبب اهلجرة‬ ‫أو الطالق أو السجن أو االختفاء أو الــوفــاة‪ .‬وعــدد النساء املعيالت‬ ‫ألسرهن آخــذ ابالزدايد بشكل ملحوظ‪ ،‬وهــذه األســر غالباً ما تكون‬ ‫ضعيفة‪ ،‬ألهنــا ال تشتمل إالّ على شخص واحــد انضــج‪ ،‬يتأرجح بني‬ ‫العمل املنزيل والعمل الــذي يــدر دخ ـاً‪ ،‬ابإلضــافــة إىل مواجهة التمييز‬ ‫املمارس عليه‪.‬‬ ‫أم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا األس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي حت ـ ـ ـظ ـ ـ ــى ب ـ ـ ـ ــوج ـ ـ ـ ــود ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزوج‪ ،‬ف ـ ـي ـ ـجـ ــب‬ ‫على املرأة أن توفّق بني مسؤوليات األسرة‪ ،‬واألعمال املنزلية‪ ،‬ومسؤوليات‬ ‫األنشطة املدرة للدخل‪ ،‬اليت تضطلع هبا‪ .‬ويف حال تقبّل الرجل موضوع‬ ‫عمل زوجته‪ ،‬فإنه يف احلقيقة ال يظهر أي استعداد لتفهم ضيق الوقت‬ ‫الذي تعاين منه‪ ،‬ومساندهتا مث ً‬ ‫ال يف األعمال املنزلية‪ .‬وابلتايل جتد املرأة‬


‫نفسها حمكومة إبثبات قدرهتا على التوفيق بني‬ ‫حريتها‪ ،‬وبني أدوارهــا التقليدية يف احلياة‪ .‬هذا‬ ‫التقسيم يف األدوار ينطوي على مضاعفة عبء‬ ‫العمل ابلنسبة للمرأة‪ ،‬إذ إهنا تنجز يف يوم واحد‬ ‫مــا يتطلب ثالثة أايم إلجن ــازه‪ ،‬دون توقف أو‬ ‫حىت اسرتاحة‪ ،‬انهيك عن األنشطة الرتفيهية‪،‬‬ ‫مم ــا ي ـن ـع ـكــس س ـل ـب ـاً ع ـل ــى ص ـح ـت ـهــا اجل ـســديــة‬ ‫والنفسية‪.‬‬ ‫التناقضات اإلدارية والقانونية‬ ‫ابإلضــافــة إىل التناقضات اإلداري ــة والقانونية‪،‬‬ ‫تـواجــه امل ـبــادرات االقـتـصــاديــة النسائية مقاومة‬ ‫اجتماعية تعيق جناحها‪ .‬إذ إن حتقيق مشاريعها‬ ‫غالباً ما يواجه جمموعة من االجراءات اإلدارية‪،‬‬ ‫مـثــل ب ــطء أو ان ـع ــدام اخل ــدم ــات‪ ،‬ع ــدم وجــود‬ ‫قوانني أو إطــار تشريعي لتسجيل املشروع‪ ،‬أو‬ ‫ص ـعــوابت يف احل ـصــول عـلــى ق ــرض ائـتـمــان أو‬ ‫متلك عقار‪ .‬كما أن الشروط الصارمة املفروضة‬ ‫مــن قـبــل املـنـظـمــات الـعــامــة أو غــر الـعــامــة أو‬ ‫املنظمات غري احلكومية‪ ،‬اليت تدعي الرغبة يف‬ ‫مــد يــد الـعــون ومتــويــل هــذه املـشــاريــع‪ ،‬تسببت‬ ‫بـصـ ّد الـعــديــد مــن الـنـســاء ومنعهن مــن حتقيق‬ ‫مشاريعهن‪.‬‬ ‫ابإلض ــاف ــة إىل ذل ــك‪ ،‬ه ـنــاك «ثـقــافــة الـنـتــائــج»‬ ‫يف ال ـع ـم ــل املـ ـتـ ـع ــارف ع ـل ـي ـهــا ل ـ ــدى اجل ـه ــات‬ ‫املاحنة واملنظمات الدولية‪ :‬البحث عن الرحبية‬ ‫واإلنتاجية ينطبق على مجيع املـشــاريــع‪ ،‬مبــا يف‬ ‫ذلك املشاريع املتعلقة مبجال التنمية االجتماعية‬ ‫واحمللية‪ .‬وللحصول على دعم للمشاريع الوطنية‬ ‫واحمللية من املنظمات غري احلكومية واملؤسسات‬ ‫الدولية‪ ،‬جيب وكشرط أســاســي‪ ،‬تقدمي تقارير‬ ‫دوري ــة ال تتناسب ابل ـضــرورة‪ ،‬مــع احلـيــز الزمين‬ ‫واملـكــاين الــذي تتمتع بــه امل ـرأة‪ .‬وقــد تثري هذه‬ ‫املتطلبات امشئزاز املرأة وابلتايل عدم رغبتها يف‬ ‫املشاركة ابحلياة واألنشطة االقتصادية‪.‬‬ ‫حنو التمكني احلقيقي للمرأة‬ ‫التمكني لـيــس كلمة نـقــوهلــا‪ ،‬بــل إن ــه أييت من‬ ‫الـتـجـربــة العملية عـلــى أرض ال ـواق ــع‪ .‬واألمـثـلــة‬

‫مـ ـتـ ـع ــددة عـ ــن احلـ ــركـ ــات ال ـن ـس ــائ ـي ــة ال ــداع ـم ــة‬ ‫لتمكني عضواهتا من مجيع اجلوانب‪ .‬والتمكني‬ ‫االق ـت ـصــادي هــو أح ــد اجل ـوان ــب الـرئـيـسـيــة الــي‬ ‫ترتكز عليه جهود هذه احلركات‪ .‬ال بل أحياانً‬ ‫يؤثر سلباً على جوانب أخرى من متكني املرأة‪،‬‬ ‫مـثــل زايدة الـثـقــة ابلـنـفــس‪ ،‬واالل ـت ـزام السياسي‬ ‫للدفاع عن مصاحلها اخلاصة‪ ،‬وبناء الشبكات‬ ‫االجتماعية اليت ميكن أن تقدم هلا الدعم على‬ ‫مجيع املستوايت‪.‬‬ ‫إدراج منظور النوع االجتماعي يف السياسات‬ ‫والربامج‬ ‫وفقاً لربانمج األمم املتحدة اإلمنائي‪ ،‬فإن قضية‬ ‫املـ ـس ــاواة ب ــن اجل ـن ـســن‪ ،‬ت ـعــي «ت ـع ـزيــز متكني‬ ‫املرأة من خالل احلكم الدميقراطي‪ ،‬والالمركزية‬ ‫واملشاركة يف اجملتمع املدين‪ ،‬وتطوير قدراهتا من‬ ‫خ ــال ال ـتــدريــب وت ـب ــادل املـعــرفــة وال ـت ـواصــل»‪.‬‬ ‫وتوجيه املشاريع بشكل حصري جلمهور على‬ ‫حساب مجهور آخــر‪ ،‬قــد يساهم يف إحــداث‬ ‫أتثري مغاير للتأثري املرجو إحداثه‪ ،‬وقد يعزز يف‬ ‫بعض األحيان الصراعات االجتماعية‪ .‬فيما‬ ‫يـتـعـلــق ب ـرام ــج ت ـع ـزيــز املـ ـس ــاواة ب ــن اجلـنـســن‪،‬‬ ‫تـصــر مـنـظـمــة ال ـت ـعــاون والـتـنـمـيــة عـلــى وج ــوب‬ ‫دمـ ــج امل ـ ـ ـرأة ابملـ ـش ــاري ــع‪ ،‬وتـسـلـيـمـهــا مـنــاصــب‬ ‫ال تـقــل أمه ـي ـ ًة عــن تـلــك ال ــي يـتــوالهــا الــرجــل‪.‬‬ ‫مــن الـضــروري أيـضـاً العمل على البيئة احمليطة‬ ‫ابملرأة‪ ،‬وابلتايل فإن املنظمة تتحدث عن قيادة‬ ‫اجتماعية تصب يف مصلحة املشاركة النسائية‬ ‫الفعالة يف صنع القرار‪ .‬وهذا يستلزم الزايدة يف‬ ‫ق ــدرة اجملتمعات على التفاعل مــع السلطات‬ ‫احمللية‪ ،‬واملهم يف املوضوع هو قدرة املواطن على‬ ‫توفري دميقراطية فعالة‪ ،‬وهلا متثيل حقيقي على‬ ‫األرض‪ .‬وهبذا الصدد‪ ،‬جيب أن يتم متثيل املرأة‬ ‫على مجيع املستوايت السياسية‪ ،‬وذلك بتجاوز‬ ‫الدولة ملفهوم سيادة الرجل على امل ـرأة‪ .‬وعليه‬ ‫فإن احلركات واجلمعيات النسائية متثل فضاءات‬ ‫هامة لنقل صــوت اجملتمع امل ــدين‪ .‬ومــع ذلــك‪،‬‬ ‫فإن تقدير أنشطة امل ـرأة‪ ،‬ال يوضع دائماً على‬ ‫رأس قائمة اجلهود املبذولة هبذا اخلصوص‪.‬‬ ‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪33 2014 1‬‬


‫يف ع ـ ــام ‪ ،2006‬اح ـت ـل ــت روان ـ ـ ـ ــدا امل ـرت ـبــة‬ ‫األوىل عــاملـيـاً يف جم ــال متـثـيــل املـ ـرأة يف الـرملــان‬ ‫(‪ ،)48.75٪‬ويف العديد من البلدان األفريقية‬ ‫األخرى‪ ،‬اكتسبت النساء مقاعد سياسية هامة‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬أظهرت الدراسة يف املغرب العريب‪،‬‬ ‫أن اجل ـزائ ــر حتـتــل املـرتـبــة ‪ 120‬يف ال ـع ــامل‪ ،‬من‬ ‫حيث التمثيل السياسي للمرأة يف الربملان‪ ،‬بينما‬ ‫تونس اليت ال تبعد إالّ قلي ً‬ ‫ال عنها‪ ،‬حتتل املرتبة‬ ‫‪ 36‬على مستوى الـعــامل واملـغــرب املرتبة ‪.94‬‬ ‫مسؤولية املرأة يف السياسة تلعب دوراً كبرياً يف‬ ‫تغيري عالقتها مع البيئة االجتماعية والثقافية‪،‬‬ ‫ال سـيـمــا أن ه ــذا يـســاهــم يف تـعـزيــز مطالباهتا‬ ‫ودفاعها عن حقوقها السياسية واالقتصادية‪،‬‬ ‫وعن حقوقها يف املواطنة واملساواة‪.‬‬ ‫ال ينبغي أن يكون متكني املرأة على حساب‬ ‫غريها من النساء‬ ‫متكني امل ـرأة واستقالليتها مــوضــوعــان يتسببان‬ ‫ابلعديد من الضغوط العائلية‪ ،‬فالتعب واإلرهاق‬ ‫اللذان تعاين منهما املرأة يف عملها‪ ،‬قد خيلقان‬ ‫حالة من اخللل اليت تؤثر بدورها على األعمال‬

‫من ‪ 200000‬طفل مت بيعهم واستعبادهم يف‬ ‫وسط وغــرب أفريقيا‪ .‬اهليمنة الذكورية والتمييز‬ ‫املمارس ضد الفتيات من قبل بعض املؤسسات‬ ‫يفسر أيـضـاً سبب اعـتـبــار استغالهلن يف جتــارة‬ ‫اجلـنــس‪ ،‬أو يف العمل املـنــزيل‪ ،‬هــو إىل حــد ما‪،‬‬ ‫مسألة «طبيعية»‪.‬‬ ‫إن األنـشـطــة املــوجـهــة لتحسني فــرص احلصول‬ ‫املنزلية والواجبات األسـريــة‪ .‬وقــد تبني‪ ،‬حتديداً على احلقوق ولتمكني املرأة‪ ،‬تستلزم أيضاً تطوير‬ ‫يف غـيـنـيــا وغ ــره ــا م ــن ال ـب ـلــدان األف ـري ـق ـيــة‪ ،‬أن الوعي اجلماعي النسوي حول قضااي تتعلق مث ً‬ ‫ال‬ ‫الـنـســاء األكـثــر نـشــاطـاً يف اجمل ــال االقـتـصــادي‪ ،‬وليس حصراً‪ ،‬جبميع أشكال التمييز ضد النساء‬ ‫ً‬ ‫والــايت يوفرن دخـ ً‬ ‫ا مــادايً مقبوال‪ ،‬هن النساء املـضـطـهــدات‪ ،‬بغض النظر عــن العمر واحلــالــة‬ ‫امل ـت ــزوج ــات ول ــدي ـه ــن أوالد ك ـب ــار يف ال ـع ـمــر‪ ،‬االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬أو حىت اجلنسية (يف‬ ‫ق ــادري ــن عـلــى امل ـســاعــدة يف األع ـم ــال املـنـزلـيــة‪ .‬بعض البلدان اآلسيوية‪ ،‬أو منطقة اخلليج‪ ،‬ميكن‬ ‫ّ‬ ‫إال أن األنشطة‪ ،‬الــي غالباً مــا تكون جتارية‪ ،‬للمرأة اليت متارس نشاطاً اقتصادايً ما أن تستقدم‬ ‫تتطلب وجود األطفال للمساعدة وخاص ًة من نساء مهاجرات للعمل كخادمات لديها)‪.‬‬ ‫الفتيات‪ ،‬وهذا يعين ترك املدرسة مبكراً وابلتايل‬ ‫الدخول جمدداً يف الدائرة املفرغة لعدم املساواة وإىل مــا وراء الـبـعــد االقـتـصــادي وامل ــايل‪ ،‬تبقى‬ ‫مع الرجل‪ .‬يف حــاالت أخــرى‪ ،‬تظهر مشكلة ال ـق ـضــااي االجـتـمــاعـيــة الـسـيــاسـيــة‪ ،‬مـتــأصـلــة يف‬ ‫هـجــرة الـفـتـيــات مــن الـريــف إىل املــديـنــة للعمل الــدور االقتصادي للمرأة‪ .‬ومن املهم اليوم‪ ،‬أن‬ ‫كخادمات‪ ،‬من دون أي عقد عمل أو حىت نسعى إىل حتسني ظــروف العمل‪ ،‬كي تتمكن‬ ‫دخل مــادي جيد‪ ،‬وتقدر اليونيسف أن أكثر الـنـســاء مــن تـفــادي حتـ ّـمــل الكثري مــن األعـبــاء‪،‬‬ ‫وكذلك جتنب احلاالت املعقدة اليت كثرياً ما جتد‬ ‫نفسها يف مواجهتها‪ .‬إدمــاج النوع االجتماعي‬ ‫يف املشاريع واملؤسسات‪ ،‬يعد يف الواقع املفتاح‬ ‫احلـقـيـقــي يف عـمـلـيــة الـتـغـيــر االج ـت ـمــاعــي‪ ،‬هلــذا‬ ‫أصبح من الـضــروري تعزيز النظام اإلحصائي‪،‬‬ ‫وأجهزة الرصد والتقييم لقياس التغريات الفعلية‪.‬‬ ‫ومن املهم أيضاً‪ ،‬ولكي نتمكن من املضي قدماً‬ ‫يف مكافحة الفقر وحتقيق املساواة بني اجلنسني‪،‬‬ ‫أن يتم متكني النساء الـفــاعــات اقـتـصــادايً من‬ ‫أجل الوصول إىل العمل احلقيقي والالئق‪ .‬جيب‬ ‫كــذلــك ات ـبــاع هنــج م ـت ـوازن لتحقيق طموحات‬ ‫املرأة يف احلصول على عمل الئق ومدر للدخل‬ ‫من جهة‪ ،‬وحتقيق التنمية املستدامة واليت تشمل‬ ‫اجلميع مــن الـنـواحــي االجتماعية واالقـتـصــاديــة‬ ‫والبيئية من جهة أخرى ‪ ،‬وهذا التحدي يعتمد‬ ‫على أجيال املستقبل‪.‬‬

‫‪ 34‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬


‫تعريف بكتاب المرأة المخصية‬ ‫• فريق حترير سيدة سوراي‬

‫صــدر عــن دار الرحبــة كتــاب “امل ـرأة املخصيــة‪The Female ،‬‬ ‫‪ ،”Eunuch‬ملؤلفتــه األس ـرالية املعروفــة “جريمــن غريــر” برتمجــة‬ ‫“عبــد هللا بديــع فاضــل”‪ ،‬وهــو “مــن أمهــات الكتــب النســوية الــي‬ ‫تبحث يف قضااي املرأة” حسب ما ترى الدكتورة مية الرحيب‪.‬‬ ‫الكتاب األصلي صدر يف لندن‪ ،‬يف تشرين األول عام ‪ ،1970‬وترجم‬ ‫عنوانــه للعربيــة يف أكثــر مــن مصــدر إىل “اخلصي املونــث”‪ ،‬وكان هذا‬ ‫الكتاب قد تصدر قائمة مبيعات الكتب يف العامل عام ‪.1970‬‬ ‫يقول املرتجم يف متهيده للكتاب‪“ :‬يتقصى الكتاب التجليات املختلفة‬ ‫للصــورة النمطيــة أو النمــوذج املقولــب الــذي وقعــت امل ـرأة أســرة لــه‪،‬‬ ‫وحيللهــا وينتقدهــا‪ ،‬فهــذه الصــورة النمطيــة الــي ترفــع امل ـرأة إىل مســتوى‬ ‫اآلهلة املعبودة شعراً وفنّاً‪ ،‬هي نفسها اليت تفرغها من عقلها وإنسانيتها‬ ‫وتســتخدمها وســيلة إعالنية أو ســلعة يف ســوق الســلع‪ .‬وهذه الصورة‬ ‫مل تكن من بنات أفكار الشــركات ومصممي الدعاايت فحســب‪ ،‬بل‬ ‫أسهم مفكرون وأطباء وحمللون نفسيون وكتاب وشعراء يف إنتاجها‪ ،‬حىت‬ ‫ليبــدو التخلــص منهــا أشــبه حبرب على مســتوايت متعــددة‪ .‬ويضيف‪:‬‬ ‫“الكتاب يف تقصيه وحتليله ونقده لكثري من تلك األفكار‪ ،‬ال يكتفي‬ ‫بذلك‪ ،‬بل يسعى إىل تلمس مالمح مسار جديد أمام النساء‪ ،‬مسار‬ ‫ال ميكن أن يتحقق متاماً إال ابلثورة‪ ،‬ثورة ال من أجل املساواة فحسب‪،‬‬ ‫بل من أجل حرية النساء التامة”‪.‬‬ ‫وحــول عن ـوان الكتــاب يقــول إن العنوان‪“ :‬صادم ومســتفز‪ ،‬وقد فكران‬ ‫ببدائل مقبولة‪ ،‬لكننا وجدان أنفسنا نعود يف كل مرة إىل العنوان نفسه‪،‬‬ ‫كل البدائل اليت فكران هبا بدت أقل مما يريد الكتاب قوله‪ .‬ورمبا يكون‬ ‫من النافل القول إن بعض ما يرد يف الكتاب من أفكار أو كلمات أو‬ ‫تعابــر صادمــة جــاء ليــؤدي وظيفــة معينــة يف إطار حبــث علمي معريف‪،‬‬ ‫ورمبــا حيــق لنــا‪ ،‬وحنــن نقدمــه للقــارئ العــريب‪ ،‬أن حنــرف مــا قالــه بعــض‬

‫أجدادان ونقول‪ :‬ال حياء يف العلم”‪.‬‬ ‫وخيتم تعليقه‪“ :‬املرأة املخصية” ليس من النوع الذي تقرؤه‪ ،‬مث تضعه‬ ‫جانب ـاً وينتهــي األمــر‪ ،‬إنــهكتــاب حيــرض ويُقلِــق ويثــر األســئلة‪ ،‬كتــاب‬ ‫يدفعك إىل إعادة اكتشــاف نفســك‪ ،‬وال ميكن أن تقرأه دون أن يرتك‬ ‫أثراً فيك‪.‬‬ ‫وابإلشارة إىل املؤلفة‪ ،‬فهي من مواليد ‪ 29‬كانون الثاين عام ‪،1939‬‬ ‫عرفتككاتبة وأكادميية وإعالمية‪ ،‬وأستاذة لألدب اإلجنليزي احلديث‪،‬‬ ‫وتعترب أحد أبرز األصوات النسوية يف أواخر القرن العشرين‪ ،‬ويصنفها‬ ‫البعــض كاالم ـرأة الثانيــة بعــد الفرنســية “ســيمون دي بوف ـوار”‪ ،‬والــي‬ ‫تتقاطــع معهــا يف كثــر مــن تفاصيــل حياهتــا‪ ،‬مهــا اللتــان بــدأات حياهتمــا‬ ‫التعليمية يف مدرستني دينيتني‪ ،‬وانتهى هبما املطاف كصوتني نسائيني‬ ‫ابرزين‪.‬‬ ‫أاثرت األفكار املطروحة يفكتبها جد ًال واسعاً‪ ،‬ومن أشهر مؤلفاهتا‪:‬‬ ‫“اجلنس والقدر‪ :‬يف سياسات اخلصوبة البشرية” (‪،)1984‬‬ ‫“التغري‪ :‬املرأة والشيخوخة وانقطاع الطمث(‪،)1991‬‬ ‫وقــد عــرف عــن “غريــر” قوهلــا يف حتديــد هدفها من منط الكتابة الذي‬ ‫تقدمه أنه” حترير املرأة” وليس “املساواة مع الرجل‪”.‬‬ ‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪35 2014 1‬‬


‫عفراء جلبي أول امرأة سورية تلقي خطبة العيد‬

‫• حاورهتا سيدة سوراي‬

‫خطبت خطبة العيد ابلــرجــال والـنـســاء‪ ،‬كانت النساء إىل مييين والــرجــال إىل يـســاري‪ ،‬مل تكن‬ ‫النساء يف اخللف أو ملحقات إحلاقاً يف حجرة أخرى‪ ،‬وهذا الوضع أظهر للمساواة اليت دعا إليها‬ ‫اإلسالم‪ .‬وأعيد القول‪ :‬اهلدف خلف كل ذلك توسيع القاعدة االجتماعية وإعادة حضور املرأة‬ ‫يف املسجد واجملتمع‪ ،‬وليس املساس ابلدين أو الشعائر‪.‬‬ ‫عفراء جليب‪ ،‬من هي استناداً على مفردات الوقت‬ ‫منذ الوالدة وحىت اليوم؟‬ ‫ول ـ ــدت يف دم ـش ــق عـ ــام ‪ ،1970‬مث عـ ــادرت‬ ‫برفقة أهلي إىل أملانيا عام ‪ ،1975‬لكين عدت‬ ‫بعدها بسنوات من أجل تعلم العربية يف سوراي‪.‬‬ ‫بعد ذلــك درســت املرحلة الثانوية يف السعودية‪،‬‬ ‫جئت بعدها إىل كندا‪ ،‬فدرست املرحلة اجلامعية‬ ‫واملاجستري فيها‪ ..‬وأان اليوم أاتبع يف كندا حيث‬ ‫أق ـيــم‪ ،‬لـلـحـصــول عـلــى ال ــدك ـت ــوراه يف ال ــدراس ــات‬ ‫الدينية ابختصاص علوم التأويل مع تركيز على‬ ‫“القرآن”‪.‬‬ ‫أري ــد أن أســألــك عــن هــذه اخلـلـطــة” لــو جــاز يل‬ ‫التعبري‪ ،‬بني ســوراي‪ ،‬السعودية‪ ،‬أملانيا وكندا‪ ،‬كم‬ ‫كان هلا من التأثري على ذهنية عفراء جليب؟‬ ‫طبعاً حني نتكلم على طفلة مسلمة تعيش أجواء‬ ‫خمتلفة‪ ،‬أان مـثـ ً‬ ‫ا أس ــريت ألم ــي شــركـسـيــة‪ ،‬لذلك‬ ‫كنت أعيش داخــل ســوراي يف جــو ميـتــاز بشيء‬ ‫م ــن االخـ ـت ــاط ع ـلــى م ـس ـتــوى ال ـق ــوم ـي ــة‪ ،‬خــايل‬ ‫“ال ـش ـيــخ جـ ــودت سـعـيــد” ك ــان مـنـفـتـحـاً على‬ ‫أط ـراف فكرية خمتلفة‪ ،‬وأان عندما كنت صغرية‬ ‫كــانــت ل ــدي ه ـواجــس ك ـثــرة‪ ،‬وأريـ ــد أن أعــرف‬ ‫سبب متسك املسلمني يف السعودية بغطاء الوجه‪،‬‬ ‫فيما املسلمون من أهل سوراي ال يتمسكون به‪،‬‬ ‫قـريـبــايت مــن الــرعـيــل األول مــن الـشــركـسـيــات كن‬ ‫“تقيات”‪ ،‬لكنهن مل يكن حمجبات‪ ..‬وهكذا‪،‬‬ ‫تـبــدأ ال ـت ـســاؤالت مــن امل ـفــارقــات وامل ـق ــارانت‪ ،‬ما‬ ‫هي العادات‪ ،‬ما هو الشيء امللزم يف الدين‪ ،‬وما‬ ‫هي األمور اليت تعترب مبثابة الثقافة وقد تراكمت؟‬ ‫ويف ال ـب ـحــث ع ــن اإلج ــاب ــة ع ـلــى أس ـئ ـلــة ع ـف ـراء‬ ‫الطفلة عــر الـسـنــن‪ ،‬وج ــدت أن اإلس ــام صار‬ ‫كائناً مرته ً‬ ‫ال مسيناً‪ ،‬تراكم عليه إرث ثقيل مليء‬ ‫ابل ـع ــادات والـتـقــالـيــد أكـثــر ممــا هــو مـلــيء ابحلــس‬ ‫‪ 36‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫األخالقي وااللتزام ابلعدالة االجتماعية اليت حث‬ ‫عليها اإلســام‪ ،‬نـراه وقــد ابت يركز على تقاليد‬ ‫فقهية ابردة بدالً من التقوى الدافئة‪ ،‬هلذا أشعر كنت عملت قبل عشرين عاماً يف اجلامعة على‬ ‫أن اإلســام املعاصر فقد الكثري من قوته ومجاله القضية “الـبــوسـنـيــة” مبــا فيها مــن تـشــاهبــات مع‬ ‫وجالله الذي هو لب الدين‪.‬‬ ‫الوضع السوري‪ ،‬حيث القتل وإراقة الدماء‪ ،‬وأيضاً‬ ‫من خالل نشاطي خبصوص القضية الفلسطينية‪،‬‬ ‫أريد أن أسألك بصفتك مسلمة‪ ،‬حول التفاعل لـكــن اهـتـمــامــايت عـلــى األغ ـلــب فـكـريــة وفلسفية‬ ‫مع احلياة هناك يف أملانيا وكندا‪ ،‬كجو ومنط حياة ثقافية‪ ،‬تركز على الفكر ورفع مستوى الوعي عند‬ ‫اإلنسان‪ .‬وابلرغم من أن والئــي لإلنسان‪ ،‬لكين‬ ‫غريبة‪.‬‬ ‫أحب أملانيا كثرياً ألين قضيت طفوليت فيها‪ ،‬ويل أظن أن علينا الرتكيز على بيئاتنا‪.‬‬ ‫فيها ذك ـرايت مجيلة‪ ،‬كذلك أحببت السعودية‬ ‫وكـ ــان يل فـيـهــا صــدي ـقــات س ـع ــودايت رائ ـع ــات‪ ،‬هل ال زلت تعملني مع اإلعالن بعد الثورة؟‬ ‫وهناك أشياء مجيلة عشتها يف السعودية‪ ،‬لقدر يف احلقيقة مل أعد أتواصل اليوم مع اإلعالن‪ ،‬مع‬ ‫شعرت أينما ذهبت أن احملبة والدفء بني الناس أنه حيوي الكثري من الناس الطيبني‪ ،‬لكنين أعتربه‬ ‫ال بد أن جتد الطريق إلينا مهما اختلفت العادات مرحلة‪ ،‬متنيت لو أن النظام تفاعل معه يف حينه‪،‬‬ ‫واألج ـ ـ ـواء‪ .‬وب ــت أف ـكــر أن ـنــا بصفتنا “إن ـســان” كنا سران كلنا بتدرج حنو الدميقراطية‪ ،‬حنو صفوف‬ ‫نعيش على هــذا الكوكب‪ ،‬نتكيف مع مناخنا‪ ،‬اإلنسان أقــول ابلتدريج ألننا مجيعاً رأينا الكلفة‬ ‫مع ثقافاتنا وترميزاهتا‪ ،‬فالتجربة اإلنسانية أبرضيتها الباهظة للثورة املفاجئة‪ ،‬إضافة إىل أن التحوالت‬ ‫واح ــدة‪ ،‬ولــو اختلفت جتلياهتا يف الثقافات اليت التدرجيية تعطي نتائج أفضل‪ ،‬خاصة مع النظام‬ ‫السوري الذي مل يرتك أي هامش للناس وللتغيري‪.‬‬ ‫نعيشها‪.‬‬ ‫عفراء ذكرت أنك كنت جزءاً من إعالن دمشق‪،‬‬ ‫ماذا لو تكلمنا عن نشاطك السياسي قليالً؟‬ ‫يف احلقيقة أعـتــر نفسي دخيلة على السياسة‪،‬‬ ‫واهـتـمــامــايت فـكـريــة‪ ،‬فلسفية وثقافية أكـثــر منها‬ ‫سياسية‪ ،‬ومعظم ما كتبت من دراسات ومقاالت‬ ‫ت ــذه ــب ل ـل ـجــانــب ال ــدي ــي‪ ،‬وت ــرك ــز ع ـلــى قـضــااي‬ ‫اإلصالح واملساواة‪ .‬التوقيع على إعالن دمشق‪،‬‬ ‫كان نتيجة تواصل بعض األشخاص معي‪ ،‬ورأيت‬ ‫التوقيع واجـبـاً وطنياً خــاصــة بعد ق ـراءيت للوثيقة‬ ‫ومبادئها اليت ترفض العنف للتغيري‪ ،‬وهذا جزء من‬ ‫األشـيــاء الــي ســاعــدت على إقناعي‪ ،‬إضــافــة إىل‬ ‫وجود نساء سورايت معتقالت‪ ،‬ومن جانب آخر‬

‫نلمح يف اخلطاب املنتشر هــذه الفرتة الكثري من‬ ‫الـقـلــق بــن م ـكــوانت الـشـعــب ال ـس ــوري اإلثـنـيــة‪،‬‬ ‫وخــاصــة عـلــى الـصـعـيــديــن وامل ــذه ــي‪ ،‬هــل جتدين‬ ‫قلق السوريني من بعضهم البعض مــرراً‪ ،‬وما هو‬ ‫دور املتنور “السين” لو جاز لنا التعبري‪ ،‬من هذا‬ ‫املوقع؟‬ ‫يف احلقيقة ال أرى مربراً هلذا اخلوف‪ ،‬لكن األغلبية‬ ‫السنية العربية يف املنطقة حماصرة‪ ،‬ألهنا اليت متثل‬ ‫األغلبية فيها‪ ،‬واألطراف األخرى طبعاً ستحاول‬ ‫دائـمـاً ملصاحل إقليمية‪ ،‬وتستغل األقـلـيــات‪ ،‬على‬ ‫مبدأ “فرق تسد”‪ ،‬لذلك علينا يف سوراي أن نفكر‬ ‫كثرياً ابلتآلف الوطين‪ ،‬وأن قوتنا وسالمتنا وأمننا‪،‬‬


‫ستكون خبلق روابط قوية‪ ،‬وأن حنصن أنفسنا ضد الطائفية والكراهية‪ ،‬لكن‬ ‫لألسف الشديد مــا حيصل الـيــوم يكرس الـشــرخ‪ ،‬والطائفية الـيــوم ليست‬ ‫هي املشكلة فقط‪ ،‬بل هي ٍّ‬ ‫جتل ملشاكل أعمق‪ ،‬كرفض اآلخر ‪ ،‬والقسوة‬ ‫واجلهل‪ ،‬فالطائفية تظهر عندما حياصر الناس‪ .‬حنن يف كندا اليوم‪ ،‬ماذا لو‬ ‫حصلت جماعة أو كارثة ما‪ ،‬سيبدأ الناس ابلتصارع بطريقة غري إنسانية‪.‬‬ ‫من اخلطأ برأيي أن نقول إن يف سوراي طائفية ظهرت إىل السطح‪ ،‬بل علينا‬ ‫القول إن هناك استبداداً سياسياً أدى إىل ظهور الطائفية كعرض أكثر مما‬ ‫هي سبب‪.‬‬ ‫كيف تقيمني الوظيفة اإلعالمية الــي أداهــا إعــام املعارضة عرب سنوات‬ ‫الثورة األربع استناداً إىل دراستك اإلعالم؟‬ ‫أقدر كثرياً اجلهد الذي مت بذله يف اجملال اإلعالمي‪ ،‬لكن حىت اليوم مل يتح‬ ‫للمجتمع السوري أن يعرض قضيته بشكل واضــح على املستوى العاملي‬ ‫واإلنـســاين‪ ،‬بل غــرق يف الكثري من املـ ـزاودات‪ ،‬وقــد نشأان يف ســوراي على‬ ‫ثقافة الشعارات بدل االلتزام ابحلق واحلقيقة‪ ،‬على كل هذه مشكلة اإلعالم‬ ‫يف العامل كله‪ ،‬وحىت حتقق قضية ما رحباً إعالمياً على املدى الطويل‪ ،‬هي‬ ‫القضااي الــي تلتزم ابحلــق واحلـقــائــق‪ ،‬جيــب على اإلع ــام أن يتحلى حبس‬ ‫إعالمي ٍ‬ ‫عال‪.‬‬ ‫هناك جمموعة من املثقفني واملثقفات السوريني والـســورايت‪ ،‬ممن يعيشون‬ ‫اليوم فرق احلدث وليس ضمنه‪ ،‬بدعوة أن احلدث السوري اليوم هو حمرقة‪،‬‬ ‫وأن األمســاء اليت طرحت نفسها يف الواجهات حرقت نفسها‪ ،‬ما دفعهم‬ ‫للبقاء خارج األطر إىل حد ما‪ ،‬ال أدري إن كنت توافقينين يف هذه الرؤاي‪،‬‬ ‫ومباذا تتوجهني هلؤالء لو كانت اإلجابة ابملوافقة؟‬ ‫على اإلنـســان يف مرحلة اترخيية ما أن يقوم بواجبه ودوره قبل أن يفكر‬ ‫بنفسه‪ ،‬وأن يكون دافعه الوقوف مع احلق‪ ،‬دون حماابة‪ ،‬هذا النأي جيعلين‬ ‫أبتسم‪ ،‬فنحن أمام شعب حيرق وأمة تنهار‪ ،‬األمة العربية كلها مشتعلة‪.‬‬ ‫كيف تنظرين إىل دور املرأة السورية اليوم يف ظل تواجد وتشكل اللوبيات‬ ‫النسائية أو شبكة املرأة السورية‪ ،‬شبكة الصحفيات السورايت‪ ،‬هل تراكمت‬ ‫لدى املـرأة السورية اخلربة الكافية يف العمل الثوري واملــدين والسياسي‪ ،‬أم‬ ‫أهنن ال زلن يف البداية‪ ،‬هل بنت جاهزات للعب دور فعال؟‬

‫طـبـعـاً أان أشـجــع بـكــل قــوة أن تظهر الـنـســاء وميــارســن دوره ــن‪ ،‬لـكــي أرى‬ ‫أهنن يقعن يف نفس أخطاء الرجال السوريني‪ ،‬ونقاط ضعفهم‪ ،‬ما زلن غري‬ ‫جيدات يف العمل اجلماعي‪ ،‬وهذا طبيعي بعد اخلروج من فرتة استبداد طويلة‪،‬‬ ‫حيتاج اجلميع إىل إعادة تكيف مع العمل اجلماعي‪ ،‬نذكر مجيعاً كيف عاش‬ ‫السوريون يف ظل قانون الطوارئ‪ ،‬فلم يكن ممكناً للناس أن جيتمعوا أو يتداولوا‬ ‫األمــور‪ ،‬أو حىت يتشاوروا فيها‪ ،‬وهذا من أبسط حقوق الناس‪ .‬حنتاج كثرياً‬ ‫اليوم إىل تكريس العمل اجلماعي واملؤسسايت وقيم التعاون‪.‬‬ ‫أحب أن نذهب إىل سـؤال أساسي حول املوضوع الــذي حظي بكثري من‬ ‫الضجة اإلعالمية والتداول‪ ،‬وهو إلقاؤك خلطبة العيد‪ ،‬ما الذي دفعك إىل‬ ‫القيام بــذلــك‪ ،‬هــل هناك رؤاي حــول توجهك هــذا‪ ،‬وكيف كانت تداعياته‬ ‫عليك؟‬ ‫أوالً أريــد أن أقــول إهنــا ليست املــرة األوىل الــي ألقي فيها خطبة العيد‪ ،‬بل‬ ‫بدأت منذ عشرين سنة‪ ،‬حيث عملت قبل “إمامة املـرأة” على أن تكون‬ ‫املرأة حاضرة يف املسجد‪ ،‬ما رأيته أن النساء يف كل العامل اإلسالمي مواطنات‬ ‫من الدرجة الثانية‪ ،‬ورمبا العاشرة‪ ،‬ويف أحيان كثرية غري مرغوب هبن هنائياً‪،‬‬ ‫وهناك جدار صمت حول هذا املوضوع‪.‬‬ ‫حــارب كفار قريش رســول هللا (ص) ألنــه ضــم إىل جمالسه يف مكة مث إىل‬ ‫مسجده يف املدينة‪ ،‬العبيد والنساء‪ ،‬فهل يعقل أن نسمح بعودة الوضع إىل ما‬ ‫كان يشتهيه اجلاهليون‪ ،‬املرأة يف العامل اإلسالمي اليوم تدخل املسجد بكثري‬ ‫من الرتدد‪ ،‬فال تشعر أن هلا مكاانً فيه‪ ،‬ويف بعض البلدان ال تدخل النساء‬ ‫إىل املساجد أبداً‪.‬‬ ‫لقد كان عليه الصالة والسالم يدعو “النساء” إىل صالة العيد (حىت احليّض‬ ‫منهن)‪ ،‬كان يقول‪ :‬من ال متلك ثوابً فلتعرها جارهتا ثــوابً‪ ،‬ليشهدن اخلري‪،‬‬ ‫وكان ذلك قبل ألف وأربعمائة عام‪ ،‬حني كانت املرأة مهمشة والبنات يوأدن‪،‬‬ ‫ومــن يــاحـ ْـظ يشه ْد يف احلــرم املكي بقااي هــذا اإلرث العظيم “يف طـواف‬ ‫النساء”‪.‬‬ ‫أان ال أريــد أن أغــر شيئاً‪ ،‬بل أريــد احملافظة على الثوابت‪ ،‬والعبادات أمور‬ ‫توقيفية‪ ،‬وهي ابلتواتر واإلتباع وال تغيري فيها‪ ،‬لكن أمتىن أن نوسع القاعدة‬ ‫االجتماعية ألداء وممارسة الشعائر اإلسالمية‪ ،‬ال جيب أن تستثىن املـرأة أو‬ ‫هتمش‪.‬‬ ‫عفراء ما اخلصوصية يف هذا العام حىت أخذ املوضوع هذا احليز من اخلصوصية‬ ‫واالهتمام؟‬ ‫املوضوع حول “إمامة املرأة”‪ ،‬ويف العادة أحتدث عن هذا املوضوع‪ ،‬حىت إن‬ ‫اجليش اإللكرتوين هامجين‪ ،‬وقال‪“ :‬هذه امرأة تؤمن إبمامة النساء‪ ،‬وستخرب‬ ‫عليكم دينكم”‪ ،‬رمبا هذه املرة كان االنتشار أوسع‪ ،‬واملهتمون أكثر وكذلك‬ ‫املشاغبون‪.‬‬ ‫ابلـعـمــوم هــذا ملف مهم ج ــداً‪ ،‬وال بــد أن يفتح‪ ،‬فــا ميكن التخلص من‬ ‫االستبداد السياسي‪ ،‬دون التخلص من االستبداد الديين والفقهي والعائلي‪،‬‬ ‫فكل ذلك هو جتليات مرتابطة لنفس املنظومة‪.‬‬ ‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪37 2014 1‬‬


‫السل هو األخطر ‪..‬‬ ‫ال ـس ــل مـ ــرض جــرثــومــي م ـع ــد‪ ،‬وهـ ــو مــرض‬ ‫تنفسي حــاد‪ ،‬يصيب الشباب واألطـفــال‪،‬‬ ‫تسببه بكترياي هتاجم الرئتني‪ ،‬ومن املمكن أن‬ ‫هتاجم أي جزء من أجزاء اجلسم مثل الكلى‬ ‫أو العمود الفقري أو الدماغ أو األمعاء‪،‬‬ ‫وقد يكون قات ً‬ ‫ال إذا مل يعاجل بشكل صحيح‪.‬‬ ‫ينتشر الـســل عــن طــريــق اهلـ ــواء‪ ،‬ف ــإذا كــان‬ ‫الشخص مصاابً ببكترياي السل يف احللق أو‬ ‫الرئتني فيمكن أن ينتشر املــرض يف اهلــواء‬ ‫ابلعطاس أو السعال‪ ،‬ابملقابل ال تنتقل هذه‬ ‫الـبـكـتــراي عــن طــريــق املـصــافـحــة أو تقاسم‬ ‫الطعام والشراب أو تبادل فرشاة األسنان‪.‬‬ ‫ليس كل حامل لبكترياي السل مريضاً‪ ،‬فهناك‬ ‫نوعان لعدوى السل‪:‬‬ ‫• عـ ــدوى ال ـســل ال ـك ــام ــن‪ :‬م ـع ـظــم ال ـنــاس‬ ‫يتنفسون بـكـتــراي الـســل ولـكــن اجلـســد يكون‬ ‫قــادراً على مكافحة هذه البكترياي ومنعها من‬ ‫النمو‪ ،‬فتصبح خاملة‪ ،‬لكنها تبقى على قيد‬ ‫احل ـيــاة يف اجل ـســم ومي ـكــن أن تـنـشــط يف وقــت‬ ‫الحق‪.‬‬ ‫األشخاص املصابون بعدوى السل الكامن ال‬ ‫يشعرون ابملرض وال تظهر عليهم أعراضه‪ ،‬كما‬ ‫أهنــم ال ينقلون املــرض إىل أشـخــاص آخـريــن‪،‬‬ ‫عــادة ما يكون لديهم اختبار السل ابلــدم أو‬ ‫اختبار اجللد إجيابياً‪ ،‬األشعة السينية للصدر‬ ‫تكون عادية وعينة البلغم تكون سلبية‪ ،‬لكن‬ ‫‪ 38‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫• هادية اخلطيب‬

‫مقاومتها‪ ،‬وقد يصيب املرض أشخاصاً آخرين‬ ‫ويـبـقــى كــامـنـاً يف أج ـســادهــم ‘ىل أن يضعف‬ ‫ج ـهــاز امل ـنــاعــة لــدي ـهــم‪ ،‬فـتـتـكــاثــر الـبـكـتــراي يف‬ ‫وتصبح نشطة‪ ،‬وحينها يصبح املرض معدايً‪.‬‬ ‫مــن هــم األشـخــاص الــذيــن ال يستطيع جهاز‬ ‫املناعة لديهم مقاومة بكترياي السل‪:‬‬ ‫هتاجم بكترياي السل أجساد األطفال والرضع‬ ‫لـضـعــف ج ـهــاز امل ـنــاعــة لــدي ـهــم‪ ،‬أي ـض ـاً هتــاجــم‬ ‫األش ـخ ــاص امل ـصــابــن ب ـف ــروس نـقــص املـنــاعــة‬ ‫املكتسبة (اإلي ــدز)‪ ،‬مرضى السكري‪ ،‬مرضى‬ ‫ســرطــان ال ـ ـرأس أو ال ـع ـنــق‪ ،‬امل ـصــابــن أبم ـراض‬ ‫ال ـك ـلــى ال ـش ــدي ــدة‪ ،‬امل ـص ــاب ــن ب ـس ــرط ــان ال ــدم‬ ‫وال ــذي ــن ي ـع ــان ــون م ــن اخنـ ـف ــاض وزن اجل ـســم‪.‬‬

‫إذا مل يـتـلـقـوا ال ـعــاج املـنــاســب ل ـعــدوى السل‬ ‫الـكــامــن ميـكــن أن يـنـتـقـلـوا إىل ال ـطــور النشط‬ ‫ملرض السل‪.‬‬ ‫ال ـك ـث ــرون لــدي ـهــم عـ ــدوى ال ـس ــل ال ـكــام ـنــة ال‬ ‫يتحولون أبــداً إىل مــرض السل النشط وتظل‬ ‫البكترياي املسببة للسل خاملة مدى احلياة دون‬ ‫أن تتسبب ابمل ــرض‪ ،‬ول ـكــن ه ـنــاك أشـخــاص‬ ‫أكثر عرضة لإلصابة ابلسل‪ ،‬وهم الذين لديهم‬ ‫ضعف يف جهاز املناعة‪ ،‬حيث تنشط البكترياي‬ ‫يف أجـســادهــم وتتضاعف وتتحول إىل مرض‬ ‫السل النشط ‪.‬‬ ‫• مرض السل النشط‪ :‬تصبح بكترياي السل‬ ‫نشطة إذا كان اجلهاز املناعي ال يستطيع منع‬ ‫هذه البكترياي من النمو‪ ،‬فتبدأ البكترياي النشطة‬ ‫ابلنمو والتكاثر يف اجلسم وتسبب مرض السل أعراض اإلصابة ببكترياي السل النشطة‪:‬‬ ‫النشط ‪ ،‬وتدمر األنسجة يف اجلسم‪.‬‬ ‫السل يف الرئتني‪:‬‬ ‫تتكاثر البكترياي لدى الكثري من مصايب السل • سعال سيء يستمر ملدة ‪ 3‬أسابيع أو أكثر‪.‬‬ ‫بغضون أسابيع‪ ،‬قبل أن يستطيع جهاز املناعة • أمل يف الصدر‪.‬‬


‫• دماء وبلغم ترافق السعال‪ ،‬خترج من الرئتني‪.‬‬ ‫أعراض أخرى‪:‬‬ ‫• إسهال‪.‬‬ ‫• سوء هضم‪.‬‬ ‫• انسداد األمعاء‪.‬‬ ‫• فقدان الوزن‪.‬‬ ‫• فقدان الشهية‪.‬‬ ‫• تعب ووهن‪.‬‬ ‫• قشعريرة‪.‬‬ ‫• محى‪.‬‬ ‫• تعرق يف الليل‪.‬‬ ‫• بول مدمى‪.‬‬ ‫• عقم‪.‬‬ ‫• صداع شديد‪.‬‬ ‫• نوابت صرع‪.‬‬ ‫• تضخم وتقرح يف العقد الليمفاوية خاصة‬ ‫ابلرقبة والبطن‪.‬‬ ‫• التهاب ابلعظم املصاب‪.‬‬ ‫• التهاب ابلعينني‪.‬‬

‫مرضى السل في معتقالت النظام‬

‫فيلجأ إليه يف احلاالت املتأخرة‪ ،‬ويكون إبزالة‬ ‫األنسجة امليتة واملتليفة‪.‬‬

‫مرضى السل في معتقالت النظام‬

‫ل ــدي ــه م ــرض ال ـس ــل املـ ـق ــاوم ل ــأدوي ــة‪ ،‬حيث‬ ‫ينتشر السل املقاوم لألدوية بنفس الطريقة اليت‬ ‫ينتشر فيها املرض العادي عن طريق اهلواء من‬ ‫شخص إىل آخر‪.‬‬ ‫ملنع انتشار السل املـقــاوم للعالج جيــب أخذ‬ ‫مجيع أدويــة السل متاماً كما حيددها املعاجل‪،‬‬ ‫وال ينبغي إمهــال أي جــرعــة‪ ،‬أو التوقف عن‬ ‫العالج مبكراً‪ ،‬كما جيب على املعاجلني مراقبة‬ ‫اسـتـجــابــة اجل ـســم لـلـعــاج وال ـتــأكــد مــن أخــذ‬ ‫املريض للعالج كامالً‪.‬‬

‫مي ـكــن أن تـ ـق ــاوم ب ـك ـتــراي الـ ـس ــل ال ـعــاج‬ ‫املستخدم يف القضاء عليها‪ ،‬وحتدث هذه‬ ‫امل ـقــاومــة عـنــدمــا ي ـســاء اس ـت ـخــدام األدوي ــة‬ ‫املستخدمة لعالج السل‪ ،‬وذلك‪:‬‬ ‫• عند استخدام أدوية رديئة لعالج السل‪.‬‬ ‫لتشخيص مرض السل والتأكد من اإلصابة • إذا مل يكمل املـصــاب ال ــدورة الكاملة من‬ ‫به جيب اختاذ اإلجراءات اآلتية‪:‬‬ ‫العالج‪.‬‬ ‫• ص ــورة ابألش ـعــة الـسـيـنـيــة لـلـصــدر والـعـمــود • عندما يصف االختصاصي جرعة خاطئة‬ ‫الفقري‪.‬‬ ‫لـتـجـنــب ال ـس ــل املـ ـق ــاوم ل ـل ـعــاج جي ــل جتـنــب‬ ‫من العالج‪ ،‬أو مدة خاطئة ألخذ الدواء‪.‬‬ ‫• التصوير املقطعي والرنني املغناطيسي‪ ،‬ألنه‬ ‫االقـ ـراب مــن مــرضــى الـســل امل ـقــاوم للعالج‪،‬‬ ‫يبني احلالة مبزيد من الدقة‪ ،‬خاصة يف العمود السل املقاوم للعالج شائع بني األشخاص‪ :‬وكذلك جتنب األماكن املغلقة واملــزدمحــة مثل‬ ‫املـشــايف‪ ،‬وهتــويــة هــذه األمــاكــن قــدر اإلمـكــان‬ ‫الفقري‪ ،‬الدماغ ‪ ،‬النخاع الشوكي واألمعاء‪ • .‬الذين ال أيخذون أدوية السل ابنتظام‪.‬‬ ‫• اختبار اجلـلــد (الـتـبــوبــركــولــن)‪ ،‬وهــو اختبار • املـصــابــن ابلـســل يف املــاضــي وانـتـكـسـوا من وتعريضها ألشـعــة الـشـمــس‪ .‬كما جيــب على‬ ‫األهل إعطاء األطفال لقاح الوقاية من السل‪،‬‬ ‫جلدي يتم حبقن ماكوابكترياي ميتة أو ضعيفة جديد بعد شفائهم‪.‬‬ ‫جــداً يف جلد الــذراع وقـراءة النتيجة بعد ‪ • 72‬الــذيــن يـقـضــون أوقـ ــااتً طــويـلــة مــع شخص وهو أول لقاح يعطى للطفل بعد ودالته‪.‬‬ ‫ساعة ‪ ،‬هذا االختبار يقيس مستوى املقاومة‬ ‫املــوجــودة‪ ،‬بكرب اهلالة اليت ميكن أن تظهر يف‬ ‫لمزيد من االطالع نورد الروابط اآلتية‪:‬‬ ‫مكان احلقن‪ ،‬واليت يدل انعدامها على وجود‬ ‫‪http://www.cdc.gov/tb/topic/basics/default.htm‬‬ ‫املرض‪.‬‬ ‫‪http://www.hayaa.org/programs/social-health/educa-‬‬

‫العالج‪:‬‬ ‫ب ـعــد ال ـت ــأك ــد م ــن ال ـت ـش ـخ ـيــص ي ـب ــدأ ال ـعــاج‬ ‫ابألدوي ــة امل ـضــادة لـلـســل‪ ،‬يف بـعــض األحـيــان‬ ‫ال يستطيع االختصاصي التشخيص بشكل‬ ‫دقيق‪ ،‬لكنه يعطي العالج املضاد للسل ملدة‬ ‫س ـتــة أش ـه ــر‪ .‬ام ــا ابلـنـسـبــة ل ـل ـعــاج اجل ـراحــي‬

‫‪tion-and-counseling/2264--tuberculosi‬‬‫‪http://www.cdc.gov/tb/topic/TBHIVcoinfection/default.‬‬ ‫‪htm , http://www.cdc.gov/tb/topic/treatment/default.htm‬‬ ‫‪http://www.cdc.gov/tb/topic/drtb/default.htm‬‬ ‫‪http://www.cdc.gov/tb/topic/infectioncontrol/default.‬‬ ‫‪htm‬‬ ‫‪http://www.cdc.gov/tb/topic/testing/default.htm‬‬

‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪39 2014 1‬‬


‫«الطفولة والفتيات النشء»‬ ‫أمسية شعرية ومعرض لرسوم األطفال في عامودا‬ ‫• فريق حترير سيدة سوراي‬ ‫أقامت منظمة «الطفولة والفتيات النشء» يف‬ ‫عامودا‪ ،‬أواخــر الشهر املاضي‪ ،‬أمسية شعرية‬ ‫ومـعــرضـاً لــرســوم األطـفــال للفتيات املنتسبات‬ ‫للمنظمة‪ ،‬يف «مــركــز كمال درويــش الثقايف»‬ ‫مبدينة عامودا‪.‬‬ ‫خصص اليوم األول للشعر‪ ،‬وألقت الفتيات‪:‬‬ ‫رونيار عبدالرمحن امساعيل‪ ،‬آفا سعود قاسم‪،‬‬ ‫آيـ ــة حم ـمــد أمـ ــن ج ـنــو وابريـ ـ ــن أمحـ ــد دري ـعــي‬ ‫جمـمــوعــة مــن الـقـصــائــد يف األم ـس ـيــة‪ ،‬تـنــاولــت‬ ‫مهــوم األطفال وحرماهنم‪ ،‬فكتنب عن احلــرب‪،‬‬ ‫الدمار‪ ،‬اليأس والتهجري‪..‬‬ ‫رئ ـي ـســة اجلـمـعـيــة «ش ـه ـنــاز دق ـ ــوري» صــرحــت‬ ‫ملكتب «سيدة سوراي» يف احلسكة أن «املنظمة‬ ‫تقدم الدعم والرعاية لألطفال‪ ،‬هبــدف تنمية‬ ‫مهاراهتم وقــدراهتــم‪ ،‬من خــال أنشطة خاصة‬ ‫أبعـمــارهــم تـســاعــد يف ختفيف اآلاثر النفسية‬ ‫الـنــامجــة عــن أه ـوال احل ــرب الــدائــرة يف ســوراي‪،‬‬ ‫حت ــاول منظمتنا تـقــدمي الــدعــم لــأطـفــال خللق‬ ‫جو مريح وسليم للطفل يساعد على إظهار‬ ‫إبداعاته واالرتقاء مبعارفه»‪.‬‬ ‫استمر معرض رسوم األطفال على مدى يومي‬ ‫‪ 27-28‬أيلول ‪ ،2014‬مبشاركة ‪ 20‬طف ً‬ ‫ال‬ ‫مــن أعـمــار خمتلفة‪ ،‬وضــم رســوم ـاً متنوعة من‬ ‫حيث األفـكــار الــي تـنــاوهلــا األطـفــال ببساطة‬

‫‪ 40‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫وابستخدام األلوان والفحم‪.‬‬ ‫امل ـعــرض يبعث عـلــى الـبـهـجــة ويـشـعــرك وجــود‬ ‫األط ـفــال أم ــام لــوحــاهتــم ابألم ــل وال ـت ـفــاؤل‪ ،‬يف‬ ‫ظــل مــا متــر بــه ســوراي مــن حــرب‪ ،‬واملشاركات‬ ‫تشري إىل مستوى الـتــدريــب واالهـتـمــام الــذي‬ ‫يتلقاه األطـفــال يف منظمة الطفولة والفتيات‬ ‫ال ـنــشء‪ .‬واجلــديــر ابلــذكــر أن منظمة الطفولة‬ ‫وال ـف ـت ـيــات ال ـن ــشء ه ــي مـنـظـمــة مـسـتـقـلــة غري‬

‫رحبية‪ ،‬هدفها تنمية املواهب لدى األطفال يف‬ ‫كافة اجملاالت الكتابية والفنية والثقافية‪ ،‬وقد‬ ‫أخ ــذت عـلــى عاتقها محــايــة ومـنــاصــرة حقوق‬ ‫ال ـط ـفــل‪ ،‬تـعـتـمــد ع ـلــى مـتـطــوعـيــن م ــن أه ــايل‬ ‫مدينة عامودا يف ريف القامشلي‪ ،‬أما رئيسة‬ ‫اجلمعية فتختم حديثها عــن املـنـظـمــة‪« :‬حنــن‬ ‫نسعى لكي حيصل الطفل على حقه يف حياة‬ ‫كرمية‪ ،‬مستقرة وآمنة»‪.‬‬


‫«ديلما روسيف» سيدة للبرازيل بانتخابات جديدة‬ ‫• فريق حترير سيدة سوراي‬ ‫تتمة‬ ‫لن تتوقف الصواريخ‪ ،‬لن تتوقف السيارات‬ ‫املـفـخـخــة مــن كــل اجل ـه ــات‪ ،‬وخـلـفـهــا كل‬ ‫اجملموعات‪ ،‬وسيكون الثمن ابهظاً‪ ،‬يدفعه‬ ‫األطفال والنساء‪ ،‬وغريهم طبعاً من الفقراء‬ ‫ومنعدمي اخل ـيــارات‪ .‬اآلن على مــن خرج‬ ‫لتغيري احملافظ ونظن لو أنه استطاع لطالب‬ ‫بـتـغـيــر ب ـشــار األسـ ــد‪ ،‬أن يـفـكــر يف حـيــاة‬ ‫األطفال يف السنوات القادمة‪ ،‬يف تعليمهم‪،‬‬ ‫يف إن ـش ــائ ـه ــم ك ـ ــأانس أخ ــاقـ ـي ــن انف ـعــن‬ ‫ألهلهم وجمتمعهم‪ ،‬فماذا تستطيع أن تعلم‬ ‫ابنك عندما يسرقه الـســاح واملسلحون‪،‬‬ ‫ويستهويه القتل يف اخلامسة عشر من عمره‪،‬‬ ‫ماذا يبقى لك من أبنائك حني يكون القتل‬ ‫والسرقة ومحل السالح مث ً‬ ‫ال حيتذى‪ ،‬حني‬ ‫ي ـســرق جـهـلــة الـشـبـيـحــة واجمل ــرم ــون أب ـنــاءك‬ ‫حاملا يصبحون قادرين على محل السالح‪،‬‬ ‫ويعيدوهنم إليك يف توابيت‪.‬‬ ‫عـلــى مــن ت ـظــاهــروا متهمني احملــافــظ وأمــن‬ ‫ال ـن ـظ ــام‪ ،‬وه ــم س ـ ـواد ال ـن ــاس وك ـث ـرهت ــم‪ ،‬أن‬ ‫ينفضوا عنهم االنعزالية واالنفراد والعداوة‪،‬‬ ‫ويـبـحـثـوا عــن صـيــغ للعيش امل ـش ــرك‪ ،‬عن‬ ‫صيغ للمواطنة‪ ،‬واحلقوق اليت ميكن أن تبين‬ ‫األوطان‪ ،‬وحتفظ األبناء من املوت‪ ،‬واحلياة‬ ‫من الدمار‪.‬‬ ‫ه ــذا نـ ــداء لـكــل سـ ــوري مل ي ـت ــورط ابل ــدم‪،‬‬ ‫ابلقتل والــذبــح‪ ،‬ختلصوا من القتلة بينكم‪،‬‬ ‫اب ــدؤوا بنبذهم‪ ،‬اب ــدؤوا مبنع أطفالكم من‬ ‫رفــدهــم ابملقاتلني‪ ،‬ال يغرنكم وجــودهــم يف‬ ‫الشوارع‪ ،‬فقد ابتوا منهكني‪ ،‬قليلي العدد‪،‬‬ ‫سيقتل بعضهم بعضاً بعد قليل‪.‬‬ ‫تزهر األرض كل ربيع‪ ،‬تثمر األشجار كل‬ ‫صيف‪ ،‬وتشرق الشمس كل يوم‪ ،‬مل نتأخر‬ ‫يف سوراي بعد عن بداية جديدة‪.‬‬

‫منذ أايم فــازت أول سيدة تتوىل منصب الرائسة يف‬ ‫أكرب بلد أبمريكا الالتينية‪ ،‬الرئيسة الربازيلية “ديلما‬ ‫روسيف”‪ ،‬بوالية اثنية من أربعة أعوام‪ ،‬بعد حصوهلا‬ ‫عـلــى ‪ % 51.45‬مــن األص ـ ـوات‪ .‬ودع ــت ديلما‬ ‫روسيف فور إعالن فوزها إىل الوحدة والسالم واحلوار‪،‬‬ ‫قائلة‪“ :‬كلمايت األوىل هي دعوة للسالم والوحدة”‪،‬‬ ‫وأضافت‪ ،‬هذه الرئيسة مستعدة للحوار‪ ،‬وسيكون‬ ‫ذلــك التزامي األول يف هــذه الــواليــة الثانية‪ ،‬مؤكدة‬ ‫التزامها تعزيز اإلصــاح السياسي وحمــاربــة الفساد‪.‬‬ ‫وحسب ما توقعه خرباء للبلد الذي يزيد سكانه عن‬ ‫‪ 200‬مليون نسمة‪ ،‬حققت الرئيسة “روسـيــف”‬ ‫فــوزاً ساحقاً يف مناطق الشمال الفقرية‪ ،‬وكذلك يف‬ ‫واليــي ريــو وميتاس غـرايــس يف جنويب شــرق البالد‬ ‫الصناعي‪ .‬ومــع أن احلملة االنتخابية كانت حامية‬ ‫الوطيس‪ ،‬جرت االنتخاابت بسالسة عدا عن حادثة‬ ‫سجلت يف الشمال الشرقي من الربازيل‪ ،‬حيث أطلق‬ ‫رجل جمهول النار على شاب أمام مركز اقرتاع‪ ،‬بسبب‬ ‫خــاف شخصي حـســب الـشــرطــة الـرازيـلـيــة‪ .‬ويعد‬ ‫حمللون واستناداً إىل نتائج احلملة وتوضع األصوات‪،‬‬ ‫أن “روسيف” ابتت ممثلة للفقراء يف الربازيل‪ ،‬بينما‬ ‫يدعم امليسورون منافسها “أيسيو نيفيس” مرشح‬ ‫احلزب الدميقراطي االجتماعي‪.‬‬ ‫ول ـ ــدت “روس ـ ـيـ ــف” وال ـ ــي أتيت ب ـرت ـي ــب ال ـرئ ـيــس‬ ‫السادس والثالثني للربازيل وأول امرأة برازيلية والتينية‬ ‫ف ــازت ابمل ـن ـصــب‪ ،‬يف ‪ 14‬ديـسـمــر ‪ ،1947‬ابنة‬ ‫ملهاجر بلغاري‪ ،‬حسبت منذ بدء حياهتا السياسية‬ ‫على اليسار‪ ،‬وعملت على قضااي االستبداد والقمع‪.‬‬ ‫أمضت ثالث سنوات من حياهتا يف السجن انتهت‬ ‫عـ ــام ‪ ،1972‬ح ـي ــث ح ـك ـمــت ابل ـس ـجــن لـســت‬ ‫سـنـوات عــام ‪ 1970‬يف ســاو ابول ــو‪ ،‬خرجت بعد‬ ‫ثالثة‪ ،‬ويف بداية ‪ 1980‬سامهت يف إعادة أتسيس‬ ‫احلـ ــزب الــدمي ـق ـراطــي ال ـع ـمــايل‪ ،‬وه ــو ح ــزب يـســاري‬ ‫شعبوي‪ ،‬لكنها التحقت بعد ذلــك حبــزب العمال‬ ‫سـنــة ‪ ،1986‬حـيــث درس ــت االق ـت ـصــاد‪ ،‬وأي ــدت‬ ‫التيار املعتدل‪ ،‬وكان بدء انتقاهلا إىل الضوء يف احلياة‬ ‫السياسية‪ ،‬حني عينها الرئيس “لوال دا سيلفا” وزيرة‬ ‫للطاقة عام ‪ ،2002‬ويف ‪ 2005‬كلفها بتشكيل‬ ‫احلـكــومــة‪ ،‬بعد استقالة عــدد مــن أصـحــاب األمســاء‬ ‫الكربى إثر فضيحة سياسية‪.‬‬ ‫وعــن اهل ــام يف حياهتا اخلــاصــة‪“ ،‬روس ـيــف” مطلقة‬ ‫مرتني‪ ،‬وكانت مريضة سرطان جنت منه‪.‬‬

‫اجلدير ذكره أن اجلولة األوىل من االنتخاابت كانت‬ ‫حسمت فوز “روسيف” على منافستها املدافعة عن‬ ‫البيئة “مارينا سيلفا” واليت رمت بثقلها يف الصراع‬ ‫عـلــى رائس ــة الـ ـرازي ــل‪ ،‬مـسـتـنــدة إىل بـرانجمـهــا الــذي‬ ‫يدعم البيئة‪ ،‬ويطرح سياسة جديدة خارج التسوايت‬ ‫وال ـص ـراع الـسـيــاســي‪ ،‬تستند إىل إج ـ ـراءات صــارمــة‬ ‫ابمليزانية يف حرب معلنة ضد التفاوت االجتماعي‪،‬‬ ‫وت ـعــد “مــاري ـنــا سـيـلـفــا” اخلـمـسـيـنــة الـ ـس ــوداء‪ ،‬ممثلة‬ ‫حقيقية للفقراء يف الربازيل‪ ،‬حيث تنحدر من عائلة‬ ‫فقرية يف األمازون‪ ،‬وقد عاشت ال تعرف الكتابة وال‬ ‫القراءة حىت السادسة عشرة من عمرها‪ ،‬وعملت يف‬ ‫مزارع املطاط‪ ،‬مث أصبحت نقابية مث انشطة حقوقية‪،‬‬ ‫الـتـحـقــت بـعــدهــا بـصـفــوف ح ــزب ال ـع ـمــال‪ ،‬إىل أن‬ ‫أصبحت عضواً يف جملس الشيوخ‪ .‬ويف عام ‪2003‬‬ ‫عينها الرئيس “لوال دا سيلفا” وزيرة للبيئة‪ ،‬وبقيت‬ ‫كــذلــك حــى عــام ‪ ،2010‬مــا جعلها تتمتع بثقة‬ ‫الكثري من الربازيليني‪.‬‬ ‫ه ــذا وحتـقــق املـ ـرأة يف ال ـرازي ــل‪ ،‬انـتـقــاالت كـبــرة إىل‬ ‫األمام‪ ،‬وإن كان هذا االنتقال حىت اليوم‪ ،‬ال يشمل‬ ‫فئة واسعة من النساء الربازيليات‪ ،‬إال أنه يرسم أمثلة‬ ‫حلضور املرأة‪ ،‬وقدرهتا على قيادة اجملتمع والبالد‪.‬‬ ‫كسر القيد هذا يف متثيل املرأة وحضورها‪ ،‬يفتح الباب‬ ‫واسعاً لتحسني وضع املرأة يف الربازيل‪ ،‬صانعة مثاالً‬ ‫حيتذى‪ ،‬خاصة وأن الربازيل اليت تعد عمالق أمريكا‬ ‫الالتينية‪ ،‬عانت من صراعات عديدة على مستوى‬ ‫اجلندر واالقتصاد واإلثنيات‪.‬‬ ‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪41 2014 1‬‬


‫وص ّية للناجين من بالد الموت‬ ‫ِ‬ ‫«إايك أن تلتفيت إىل الوراء‪ ...‬إايك أن تفكري ابلعودة‪..‬‬ ‫«كم أكره الذين ينوحون على صفحات الفيسبوك طوال الوقت‬ ‫ويتباكون‪ ،‬ويكتبون شعراً عن احلنني للوطن‪ .‬هذا ليس وطناً‪ ،‬ومل يكن‬ ‫يوماً‪ ،‬إنه مستنقع خراء‪!..‬‬ ‫أصمت على اجلهة األخرى من اهلاتف‪.‬‬ ‫«انسيه وعيشي‪ ،‬وقد منحت الفرصة للعيش‪ .‬كنت سأفعل ذلك‪.‬‬ ‫كنت سأمضي دون أن آسف على شيء‪ ،‬لكنهم مل يسمحوا لنا ابحلياة‬ ‫بال وطن‪ ،‬بل اختاروا لنا وطناً ضيقاً على مقاس ميتتنا»‪.‬‬ ‫«حىت حينما «بوسنا» التوبة ومألان جيوهبم بشقاء عمران‪ ،‬حىت حينما‬ ‫تركنا هلم بيوتنا‪ ،‬وظائفنا الشاغرة‪ ،‬حصصنا من املاء واهلواء‪ ،‬مل يسمحوا‬ ‫لنا يف مقابل ذلك كله ابحلياة‪.‬‬ ‫«محلنا جوازات السفر ميلؤان األمل بفسحة عيش يف مكان ما‪ ،‬تعرفني‪..‬‬ ‫حرم علينا بيتنا وقتل معظم أفراد عائلة زوجي يف اجملزرة‪ .‬ومنذ عام وأكثر‬ ‫ّ‬ ‫أصبحنا سجناء هويته‪ ،‬مل ينفعنا السكن يف منطقة موالية‪ ،‬وال مالحمي‬ ‫الكاثوليكية‪ ،‬وال شعر زوجي الطويل على طريقة الفنانني‪ ،‬وال شهاداته‪،‬‬ ‫وال كونه أستاذ جامعي‪ .‬اسم العائلة على اهلوية وقيد السجل املدين‬ ‫وحدمها من قررا مصريان‪ ،‬فال حياة البن داراي أو اجلديدة أو جوبر أو‬ ‫الغوطة أو دمر البلد أو‪...‬‬ ‫«‪ّ ..‬‬ ‫كل هذا الالمعقول‪ ،‬من السهل علينا أن حناول فهمه حنن‬ ‫الكبار‪ .‬لكن‪ ،‬الصغار‪..‬؟‬ ‫«اقتادوه أمام الصغرية‪ ،‬شحب وجهها والذت ابلصمت‪ .‬ع ّدان إىل‬ ‫البيت البارد‪ ،‬أان وهي وقذائف اهلاون‪ ،‬ورصاصة دخلت يوماً غرفة‬ ‫نومها‪ .‬وضعتها يف إطار وكتبت يف أسفلها عبارة‪« :‬مويت املؤجل»‪.‬‬ ‫«‪»..............‬‬ ‫«هل تعرفني أنه منذ اعتقل زوجي مل يقرع أحد ابيب ليسألين كيف‬ ‫احلال؟؟»‬ ‫«كل األصدقاء إما ماتوا أو رحلوا إىل بالد «النجاة»‪ .‬وأان وعائليت كنا‬ ‫نريد أن ننجو‪ .‬حىت من بقي من معارف وأقارب ال يتصلون‪ ،‬والسبب‬ ‫مفهوم‪»!..‬‬ ‫«‪ ..‬واآلن ال شي لدي أقوم به إال انتظاره‪ ،‬أصبح قضييت وعملي‬ ‫وهوسي وكل شيء‪ .‬لن أترك أحداً ميكن أن خيرجه من هناك حياً إال‬ ‫وسأتوسل إليه‪ ،‬وسوف نرحل سويّة مهما كانت جهة الرحيل‪».‬‬ ‫تصمت صديقيت على اجلهة املقابلة من خط اهلاتف‪:‬‬ ‫«ألو ‪..‬ألو ‪ ..‬تسمعينين؟»‬ ‫«قبل عام كان املهجع الواحد حيوي سبعني معتق ً‬ ‫ال فقط‪ .‬كان ميكن‬ ‫للمعتقل أن حيصل على حبة بطاطا مسلوقة يف اليوم‪ .‬ورغم ذلك‪،‬‬ ‫كانوا خيرجون كل يوم قتي ً‬ ‫ال أو قتيلني‪ ..‬اليوم تضاعفت أعدادهم‪..‬‬ ‫‪ 42‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫• وجدان انصيف‬

‫ماذا لو‪..‬؟‬ ‫«اي هلم من جبناء! أن تقتل معتق ً‬ ‫ال كأنك تقتل عصفوراً حبيساً‪ ،‬أين‬ ‫الرجولة يف ذلك؟»‬ ‫«‪ ...‬هل سيخرج كما خرج سابقاً وقد خسر نصف وزنه وتسلخ جلده‬ ‫وتكسرت عظام صدره‪..‬؟ أسأل نفسي كل حلظة هذا السؤال‪ ،‬وأجيبها‬ ‫ّ‬ ‫مثلما كنت أجيب على األسئلة حول وضعه الصحي عندما خرج أول مرة‪:‬‬ ‫«املهم أنه خرج‪ ،‬كل شي آخر غري مهم‪»...‬‬ ‫«واآلن املهم أن خيرج حياً‪ ،‬كل شيء آخر غري مهم!»‬ ‫«سأنتظره‪ ..‬حبييب‪ ،‬سأنتظر أن ميأل بقامته الطويلة ابب البيت‪ .‬سأداوي‬ ‫جراحه كما فعلت قبل عام‪ ،‬مث سنرحل من هنا‪ .‬لن نلتفت اىل الوراء‪ ،‬نعم‪،‬‬ ‫لن نلتفت إىل هذا «الوراء» الذي تفوح منه رائحة موتنا‪.‬‬ ‫ختمت صديقيت حديثها هبذه اجلملة‪ ،‬وكان صوهتا قد خفت شيئاً فشيئاً‬ ‫إىل أن غاب يف البعيد‪.‬‬ ‫مل أخرج عن صميت أمام غضب صديقيت وال مرة‪ ،‬لكن قبل انقطاع االتصال‬ ‫تدحرجت على فمي مجلة خجولة مل تسمعها ابلتأكيد‪:‬‬ ‫«هناك يف «الوراء»‪ ،‬أنتم‪..‬‬ ‫‪ ..‬فلتسقط كل البالد‪ ،‬ولتعيشوا أنتم‪»..‬‬


‫مالال يوسف زاي أصغر الفائزين بنوبل‬ ‫حازت الباكستانية َمالال يوسف زاي على جائزة نوبل للسالم هذا العام كان‪ ،‬مناصفة مع‬ ‫اهلندي كايالش ساتيارثي الناشط يف جمال حقوق عبودية األطفال يف اهلند‪.‬‬ ‫مالال ذات السبعة عشر ربيعاً هي انشطة اجتماعية يف جمال التعليم يف بالدها‪ ،‬ظهرت إىل‬ ‫األضواء بعد بلوغها عامها احلادي عشر‪ ،‬حيث بدأت يف عام ‪ 2009‬الكتابة على مدونة هلا‬ ‫بلغة األوردو‪ ،‬وقدمت انتقادات جريئة وفاضحة للممارسات اليت كانت «حركة طالبان» تقوم‬ ‫هبا‪ ،‬وشرحت عن اغتياالت العديد من املعارضني‪ ،‬وكيف أن «حركة طالبان» متنع الفتيات‬ ‫من ارتياد املدارس‪ ،‬وتلجأ إىل إحراقها‪ .‬هذا املوقف جعلها يف املواجهة مع مسلحي طالبان‪،‬‬ ‫الذين قاموا إبطالق النار على رأسها يف وضح النهار‪ ،‬وهي عائدة إىل منزل ذويها من املدرسة‬ ‫حيث تقطن يف منطقة «وادي سوات»‪.‬‬ ‫نقلت َمالال إىل بريطانيا مع عائلتها‪ ،‬حيث عوجلت وجنت من املوت أبعجوبة‪ ،‬وهذا ما ساعد‬ ‫يف إلقاء املزيد من الضوء عليها‪ .‬ويف بريطانيا‪ ،‬حيث تعيش مع أهلها يف مدينة برمنغهام‪ ،‬تتابع‬ ‫َمــاال تعليمها‪ ،‬وتقدمها ونضاهلا من أجل أن تتعلم الفتيات يف ابكستان ويف العامل أمجع‪.‬‬ ‫وعليها أن توازن ما بني الذهاب إىل مدرستها وما بني نشاطها العاملي الذي تقوم به من أجل‬ ‫أبناء جلدهتا‪ .‬فوزها بنوبل أيضاً محلها مسؤولية إضافية إىل جانب مسؤولياهتا ليكون عليها‬ ‫إلقاء الضوء على أمهية التعلّم للفتيات وللفتيان أيضاً على حد سواء‪ ،‬فهي تعلم جيداً كيف‬ ‫تدافع عن حقها وعن حقوق األخرايت‪ .‬كل هذا شكل بداية للرحلة الطويلة والشاقة للنشاط‬ ‫والنضال الذي تقوم به‪ ،‬هبمة شديدة‪.‬‬ ‫وبعد اإلعالن عن فوزها قالت َمالال‪« :‬طفل واحد‪ ،‬مدرس واحد‪ ،‬كتاب واحد ‪ ،‬قلم واحد‪..‬‬ ‫ميكنهم تغيري العامل»‪ ،‬خاطبت هبذه اجلمل اجلميلة احلضور مبناسبة عيد األمم املتحدة السادس‬ ‫عشر‪ ،‬وقالت أيضاً‪« :‬تلقيت جائزة نوبل للسالم‪ ،‬لكنها ليست هناية احلملة اليت بدأهتا‪ ،‬بل‬ ‫هي البداية‪ »..‬واتبعت‪« :‬هنالك ‪ 57‬مليون طفل يف العامل ال يتلقون التعليم االبتدائي‪ ،‬وأريد‬ ‫أن أرى كل طفل يلتحق ابملدرسة وحيصل على التعليم»‪.‬‬

‫• سالم عبد احلليم‬ ‫ومن املتوقع أن يثري هذا احلدث إعجاب الكثريين‬ ‫يف بلدها ابكـسـتــان‪ ،‬ويف ال ــدول النامية ويف العامل‬ ‫كله‪ ،‬ملا قامت به َمالال يوسف زاي من دور هام‬ ‫يف التشجيع على التعليم واالرتقاء ابملرأة يف جمتمعها‬ ‫الذي يعاين من حدة االنغالق ضد تعليم البنات‪.‬‬ ‫وابحلــديــث عــن جــائــزة تــوبــل‪ ،‬فــا خيفى على أحد‬ ‫من هو السويدي أَلفرد نوبل خمرتع الديناميت‪ ،‬وما‬ ‫هي جائزته املستمرة منذ عام ‪ 1902‬وحىت يومنا‬ ‫هذا‪ .‬اجلائزة املقدرة مبليون ومائيت ألف دوالر تقريباً‪،‬‬ ‫تقسم على الفائزين‪ ،‬وهي خمصصة للنضال والعمل‬ ‫اجلــاد واخلـ ّـر يف مخسة جمــاالت من أجــل اإلنسانية‬ ‫مجـعــاء‪ ،‬أييت على رأس القائمة النضال مــن أجل‬ ‫السالم‪ ،‬وتليه إبداعات اآلداب من أجل اإلنسان‪،‬‬ ‫واخـراعــات الفيزايء والكيمياء والتقدم يف الطب‪،‬‬ ‫والكل يصب يف هنر احلياة اإلنسانية وسعادهتا‪.‬‬ ‫وتُـسـلّــم ج ـوائــز نــوبــل يف احـتـفــال رمس ــي يف العاشر‬ ‫مــن ديـسـمــر مــن كــل ع ــام‪ ،‬عـلــى أن تُـعـلــن أمســاء‬ ‫الفائزين يف شهر أكتوبر مــن الـعــام نفسه مــن قبل‬ ‫اللجان املختلفة واملعنية يف حتديد الفائزين للجائزة‪،‬‬ ‫يف حــن يـكــون الـعــاشــر مــن ديسمرب هــو يــوم وفــاة‬ ‫الصناعي السويدي‪ ..‬حيث تسلم اجلائزة يف أوسلو‬ ‫حصراً فيما يتعلق ابلنضال من أجل السالم‪ ،‬بينما‬ ‫تسلم جوائز اآلداب والطب يف العاصمة السويدية‬ ‫ستوكهومل‪.‬‬ ‫وكانت اليمنية توكل عبد السالم كرمان من حمافظة‬ ‫ت ـعــز‪ ،‬ق ــد فـ ــازت ابجل ــائ ــزة ع ــام ‪ ،2011‬لـنـضــاهلــا‬ ‫السلمي الذي قامت به من أجل محاية املرأة العربية‬ ‫واليمنية خاصة وحقها يف العمل من أجل السالم‬ ‫واملشاركة فيه‪ .‬تعمل توكل كرمان يف جمال الصحافة‪،‬‬ ‫وه ــي عـضــو يف ح ــزب التجمع الـيـمــي لــإصــاح‪،‬‬ ‫وت ـ ـرأس منظمة صـحـفـيــات بــا ق ـيــود‪ .‬شــاركــت يف‬ ‫العديد من املؤمترات حول حوار األداين‪ ،‬وحضرت‬ ‫برامج من أجــل اإلصــاحــات السياسية ومكافحة‬ ‫الفساد وحرية التعبري يف الوطن العريب‪ ،‬وهي عضو‬ ‫فاعل يف العديد من النقاابت واملنظمات الصحفية‬ ‫واحلقوقية داخل اليمن وخارجه‪.‬‬ ‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪43 2014 1‬‬


‫بشرى كعكة أول شرطية في الشرطة السوريـة الحــرة‪:‬‬ ‫«نؤسس للمستقبل والتحدي عامل مهم لنجاح المرأة»‬ ‫ت ـش ـهــد امل ـن ــاط ــق اخل ــارج ــة ع ــن س ـي ـطــرة قـ ـوات‬ ‫النظام يف سوراي اليوم‪ ،‬والدة هيكل جديد هو‬ ‫«الشرطة السورية احلرة»‪ ،‬اليت تضم منشقني عن‬ ‫جهاز الشرطة التابع لقوات النظام ومتطوعني‪،‬‬ ‫وتـبــذل جـهــود كـبــرة لتحويله إىل جـهــاز مدين‬ ‫خــدمــي‪ ،‬تستفيد منه خمتلف طبقات وشرائح‬ ‫اجملتمع السوري‪ ،‬ويكون مستعداً للعب الدور‬ ‫األساسي يف األمــن اجملتمعي يف ســوراي ما بعد‬ ‫الثورة‪.‬‬ ‫وي ـف ـتــح ج ـه ــاز ال ـشــرطــة احلـ ــرة ال ـب ــاب لـلـنـســاء‬ ‫لالنضمام إليه‪ ،‬وأخــذ دورهــن جنباً إىل جنب‬ ‫مــع الــرجــل‪ ،‬يف أتمــن احلـمــايــة واألم ــن والنظام‬ ‫للمجتمع السوري عامة‪ ،‬وللنساء خاصة‪.‬‬ ‫«س ـيــدة س ــوراي» الـتـقــت «ب ـشــرى كـعـكــة» من‬ ‫ب ـلــدة حـريـتــان يف ري ــف حـلــب ال ـش ـمــايل‪ ،‬أول‬ ‫شرطية سورية انضمت إىل سلك الشرطة احلرة‪،‬‬ ‫وحتدثت إليها عن جتربتها يف العمل الشرطي‪.‬‬ ‫هال حدثتنا عن حياتك وعملك قبل الثورة؟‬ ‫كيف كانت بشرى تعيش؟‬ ‫قبل الثورة كنت كأي امرأة أعيش حياة عادية‪،‬‬ ‫لدي أسرة أعتين هبا‪ ،‬ولدي عملي‪ ،‬أان أم لثالثة‬ ‫أوالد‪ :‬صيب وبنتان‪ ،‬وكنت أعمل مدربة رايضة‬ ‫يف صالة لأللعاب ببلدة حريتان‪ ،‬وكانت أسريت‬ ‫وعملي كل ما أملك وما أهتم به يف هذه احلياة‪.‬‬ ‫مــا الــذي تغري إذاً بعد الـثــورة‪ ،‬وكيف شاركت‬ ‫فيها؟‬ ‫يف بداية األمــر مل نكن نعرف حقيقة ما يدور‬ ‫بعيداً عنا‪ ،‬نتيجة إخفاء إعــام النظام حقيقة‬ ‫مــا يــدور يف الـبــاد حينها‪ ،‬خاصة أنــه مل يكن‬ ‫يف حلب وريفها أي حترك ملموس وقتها حىت‬ ‫نعاينه أبنفسنا‪ ،‬وفـجــأة أصـبــح األم ــر ملموساً‬ ‫نـعـيـشــه ع ـلــى أرض ال ـ ـواقـ ــع‪ ،‬ومل نـسـتـطــع أن‬ ‫نــرى احلــرمــات تنتهك واألطـفــال تقتل والدماء‬ ‫‪ 44‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫• حاورهتا عال اجلاري‬ ‫فريق حترير سيدة سوراي‬

‫تسفك‪ ،‬اثرت يف أنفسنا خنوة الكرامة والدين‪،‬‬ ‫فخرجنا للمشاركة ابحلراك السلمي يف حريتان‪.‬‬ ‫يف الـبــدايــة اتفقت مــع زوج ــي على اخل ــروج يف‬ ‫املظاهرات‪ ،‬للمسامهة يف كسر حاجز اخلوف‬ ‫عـنــد ال ــرج ــال‪ ،‬وتـشـجـيــع ال ـن ــاس عـلــى اخل ــروج‬ ‫للتظاهر‪ ،‬كان وجود امرأة يف املظاهرات يدفع‬ ‫الرجال إىل املشاركة بشكل أكرب‪ ،‬فمن املخجل‬ ‫للرجل أن جترؤ امـرأة على ما ال جيرؤ عليه يف‬ ‫جمتمعنا‪.‬‬ ‫ك ـنــت أمح ــل امل ــاي ـك ــروف ــون خ ــال امل ـظــاه ـرات‬ ‫وألقي اهلتافات‪ ،‬حىت إنين ألّفت أغنيات ابت‬ ‫ثوار حريتان يعرفوهنا ويرددوهنا‪ ،‬وأصبح كثريون‬ ‫يعرفونين ابسم «بشرى كعكة أم مايكروفون»‪.‬‬ ‫ح ــى ذل ــك احل ــن مل نـكــن ق ــد محـلـنــا ســاح ـاً‪،‬‬ ‫ل ـك ــن ب ـع ــد دخ ـ ــول قـ ـ ـوات الـ ـنـ ـظ ــام ب ــدابابهت ــا‬ ‫وطائراهتا‪ ،‬وقصف بلدتنا وإحراق منازلنا‪ ،‬حتول‬ ‫احل ـراك السلمي إىل مسلح‪ ،‬ومحـلــت أان أيضاً‬ ‫السالح‪ ،‬دفاعاً عن أعراضنا وبيوتنا وأطفالنا‪،‬‬ ‫وشــاركــت الح ـق ـاً مب ـعــارك يف حـريـتــان‪ ،‬أبــرزهــا‪:‬‬ ‫مـعــركــة «اخل ـ ـزان» وه ــي مـعــركــة عنيفة مســع هبا‬ ‫كثريون‪ ،‬كذلك املعركة اليت دارت عند اقتحام‬ ‫ق ـوات النظام البلدة من جهة عـنــدان‪ ،‬ومعركة‬ ‫«م ـع ــارة»‪ ،‬كــذلــك شــاركــت يف م ـعــارك مبدينة‬ ‫حلب يف اللريمون‪.‬‬

‫كيف كان القتال يف صفوف اجليش احلر؟ وهل‬ ‫كان زوجك موجوداً معك يف تلك املعارك؟‬ ‫كنت أقاتل جنباً إىل جنب مع زوجي‪ ،‬نشارك‬ ‫يف املعارك ذاهتا‪ ،‬لكننا ال نظل معاً طوال الوقت‪،‬‬ ‫أحياانً نفرتق إلجنــاز عمل ما أو اقتحام‪ ،‬كنا‬ ‫نـســر ونــركــض مـســافــات طــويـلــة‪ ،‬قـمــت بعمل‬ ‫يضاهي عمل الرجال‪.‬‬ ‫بـعــد ذل ــك شـكـلــت كـتـيـبــة نـســائـيــة‪ ،‬وحــاولــت‬ ‫احلصول على تسليح هلا‪ ،‬إالّ أننا مل نلق الدعم‬ ‫ل ــأس ــف‪ ،‬ض ـمــت الـك ـت ـي ـبــة ‪ 25‬ام ـ ـ ـرأة محلن‬ ‫الـســاح ال ـفــردي اخلفيف ال ــذي حصلن عليه‬ ‫من اجليش احلر‪ ،‬كما طالبت الداعمني إبنشاء‬ ‫معسكر لتدريب النساء على القتال واستخدام‬ ‫السالح‪ ،‬لكنين مل أحصل على الدعم أيضاً‪.‬‬ ‫حــدثـيـنــا عــن انـضـمــامــك إىل الـشــرطــة والـعـمــل‬ ‫الذي كنت تقومني به؟‬ ‫أقام اجليش احلر نقاطاً أمنية يف مناطق سيطرته‬ ‫ُبـ َعيد السيطرة‪ ،‬وكانت الضابطة األمنية حباجة‬ ‫إىل عنصر‪ ،‬فعرض زوجــي الــذي يعمل شرطياً‬ ‫لــدى الضابطة‪ ،‬أن تضمين لتلبية احتياجات‬ ‫معينة‪ ،‬كتفتيش الـنـســاء والتحقيق معهن أو‬


‫القبض عليهن‪ ،‬إضافة إىل اإلشراف على النساء‬ ‫السجينات‪ ،‬ورح ــب املـســؤولــون عــن الضابطة‬ ‫بذلك‪ ،‬فانضممت إىل سلك الشرطة قبل بدء‬ ‫مشروع الشرطة احلرة‪.‬‬ ‫يف هــذه املرحلة مل يكن هـنــاك روات ــب أو دعم‬ ‫مادي للشرطة‪ ،‬كانت اجملالس احمللية تؤمن مبالغ‬ ‫بسيطة للعناصر لتأمني احتياجاهتم األساسية‪،‬‬ ‫لكنين شخصياً مل أحصل على راتــب‪ ،‬خاصة‬ ‫أهنم كانوا يدفعون مبلغاً بسيطاً لزوجي‪ ،‬ورفضوا‬ ‫إعطائي راتـبـاً مستقالً‪ ،‬لكن بعد بــدء مشروع‬ ‫ال ـشــرطــة احلـ ــرة يف ح ـلــب‪ ،‬رف ـعــت أمس ـ ــاؤان إىل‬ ‫اجلهات الداعمة وأصبحنا نتقاضى رواتباً‪.‬‬ ‫ما هي الصعوابت اليت واجهتها يف عملك مع‬ ‫الشرطة؟‬ ‫يف بــدايــة ال ـثــورة واج ـهــت ص ـعــوابت اجتماعية‬ ‫كبرية‪ ،‬كــان من غري املــألــوف خــروج امل ـرأة من‬ ‫منزهلا واملشاركة يف أمور ختص الشأن العام مع‬ ‫ال ــرج ــال‪ ،‬وكــانــت الـنـســاء تـرفــض خــروجــي مثل‬ ‫الرجال متاماً‪ ،‬وتعرضت للتشهري واالنتقاد‪ ،‬لكن‬ ‫زوجــي وأهـلــي ســانــدوين كـثـراً يف تلك املرحلة‪،‬‬ ‫الح ـق ـاً ف ــرض ــت نـفـســي ع ـلــى اجل ـم ـيــع بعملي‬ ‫وشجاعيت‪ ،‬وبدأ الناس يتقبلون فكرة وجودي‪،‬‬ ‫وعند دخويل الشرطة لقيت ترحيباً ال أبس به‪،‬‬ ‫حيث اعتاد الناس حضوري ومشاركيت‪ ،‬وكذلك‬ ‫أرادوا وجــودي يف موقعي للقيام ابملهام اليت ال‬ ‫يستطيعون الـقـيــام هب ــا‪ ،‬وخــاصــة تـلــك املتعلقة‬ ‫ابلنساء‪.‬‬

‫كيف أتثرت عائلتك بعملك هذا‪ ،‬سواء كان‬ ‫التأثر سلبياً أم إجيابياً؟‬ ‫قـبــل ال ـث ــورة كـنــت ام ـ ـرأة عــام ـلــة‪ ،‬وك ـنــت أوف ــق‬ ‫بــن بييت وعملي وأنـظــم حـيــايت بشكل جيد‪،‬‬ ‫وساعدين الدعم النابع من أســريت ومن زوجي‬ ‫على إكمال عملي قبل الثورة وبعدها‪ ،‬حالياً‬ ‫أخ ــرج وأت ــرك أطـفــايل يف امل ـنــزل‪ ،‬خــاصــة أنــه مل‬ ‫يعد هـنــاك م ــدارس‪ ،‬ال أفـكــر كـثـراً ابألخـطــار‬ ‫ألن سوراي كلها أصبحت ساحة معركة‪ ،‬وحنن‬ ‫معرضون للموت يف كل حلظة‪ ،‬سواء ابلقصف‬ ‫أو إطالق النار أو غريه‪ ،‬ورمبا أكون بني أوالدي‬ ‫وحيدث هلم مكروه‪.‬‬ ‫لذا ال جيب االلتفات إىل املخاطر اليت يتذرع‬ ‫هب ــا الـبـعــض إلع ــاق ــة دخـ ــول ال ـن ـســاء يف بعض‬ ‫جم ــاالت ال ـع ـمــل‪ ،‬سـ ـواء كـنــا رجـ ــاالً أو نـســاء‬

‫مجيعنا معرضون لنفس األخطار ويف كل مكان‪،‬‬ ‫وليس العمل ما يعرضنا للخطر‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬التحدي عامل مهم‪ ،‬قد يرفض اجملتمع‬ ‫واألهــل وال ــزوج واحمليطون ابمل ـرأة عملها‪ ،‬لكن‬ ‫جيب أن تفرض نفسها بعملها وتعبها وإصرارها‪.‬‬ ‫أوالدي ال خيـ ــافـ ــون‪ ،‬اسـ ـتـ ـم ــدوا شـجــاعـتـهــم‬ ‫مــي‪ ،‬ابنتاي فـخــوراتن يب كـثـراً‪ ،‬لكن لديهما‬ ‫أحــام ـه ـمــا اخل ــاص ــة‪ ،‬ال تـ ـري ــدان ال ــدخ ــول يف‬ ‫الشرطة مثالً‪ ،‬بل تريد إحدامها أن تصبح طبيبة‬ ‫والثانية تريد أن تصبح معلمة‪ ،‬بينما يريد ابين‬ ‫أن يصبح رائد فضاء‪( ،‬تضيف اببتسامة ودموع‬ ‫يف عينيها) أما أان فحلمي أن حيققوا ما يريدون‪،‬‬ ‫وأن يعيشوا حياة أفضل‪.‬‬ ‫إذا انتهت احلرب واستقرت البالد هل تفكرين‬ ‫ابالستمرار يف عملك مع الشرطة؟‬ ‫ابلطبع‪ ،‬مل ال‪ ،‬أان أحب عملي‪ ،‬وبكل األحوال‬ ‫لن تنتهي احتياجات النساء وضرورة وجودهن‬ ‫يف كــل مفاصل احلـيــاة ابنتهاء األزم ــة‪ ،‬سنظل‬ ‫حباجة إىل الشرطة النسائية‪ ،‬وما نقوم به اآلن‬ ‫هو أتسيس للمستقبل‪.‬‬ ‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪45 2014 1‬‬


‫احلمل (‪ 21‬آذار ‪ 20 -‬نيسان)‬ ‫احتماالت لتسوية أوضاعك يف النصف األول من الشهر‬ ‫وخاصة القانونية العالقة‪ ،‬حتسن يف ظروفك املالية والعاطفية‪،‬‬ ‫عليك الرتوي واالنتباه‪ ،‬انسي املاضي وانظري للمستقبل كي‬ ‫تتخطي آالمك‪ ،‬ابتعدي عن املواجهات واحبثي عن حلول عقالنية‪ ،‬استغلي‬ ‫دعم الفلك على صعيد العمل‪.‬‬

‫اجلوزاء (‪ 21‬أاير ‪ 21 -‬حزيران)‬ ‫العائلة أساس حركتك يف هذا الشهر‪ ،‬مع احتمال تغيري‬ ‫مكان اإلقامة أو القيام بسفر‪ .‬التزامات مالية عليك‬ ‫تسديها‪ .‬عاطفياً‪ ،‬بعض االضطراب يف العالقة مع‬ ‫احلبيب خاصة يف النصف الثاين من الشهر‪ ،‬ميكن أن‬ ‫تؤدي إىل فسخ العالقة‪.‬‬

‫األسد (‪ 23‬متوز ‪ 22 -‬آب)‬

‫يتابع الفلك دعمك‪ ،‬أنت النجمة يف احمليط مع‬ ‫بعض احلرية يف القرارات الشخصية‪ ،‬خاصة مع ظهور‬ ‫حبيب سابق يف حياتك‪ .‬عليك الرتوي بسبب دفع‬ ‫الفلك لك‪ ،‬تناقضات داخلية تعربين هبا‪ ،‬فرصة جلين‬ ‫مزيد من األرابح‪.‬‬

‫امليزان (‪ 23‬أيلول ‪ 22 -‬تشرين أول)‬ ‫حتتاجني يف هذا الشهر للدقة واالنتباه‪ ،‬خاصة إىل‬ ‫صحتك وغذائك‪ ،‬قد تضطرين لدفع املال بصورة‬ ‫مفاجئة‪ .‬منافرات من قبل أفراد العائلة‪ ،‬احتمال‬ ‫زواج دون قناعة حقيقية‪ .‬على صعيد العمل‪،‬‬ ‫ادرسي قراراتك جيداً قبل إعالهنا‪.‬‬

‫القوس (‪ 22‬تشرين اثين ‪ 20 -‬كانون أول)‬ ‫حتدايت كثرية يف هذا الشهر لن جتتازيها إال ابلصرب‬ ‫واملرونة‪ ،‬فالعقبات كثرية يف طريقك‪ ،‬احذري من قصة‬ ‫قدمية قد تنكشف وتوقعك يف مشاكل كثرية‪ ،‬عاطفياً توترك‬ ‫وعصبيتك جتلب لكي عدم االستقرار بعض االحنناء قد‬ ‫يساهم مبرور العاصفة‪.‬‬

‫الثور (‪ 21‬نيسان ‪ 20 -‬أاير)‬

‫يعدك الفلك بشهر جيد‪ ،‬يصبح جيد جداً يف النصف‬ ‫الثاين منه‪ ،‬حيث تظهر احللول ملا كان صعباً‪ ،‬لديك‬ ‫فرص لقاء أشخاص ينالون إعجابك‪ ،‬لكن تشرين‬ ‫األول لن يكون شهر احلب والتفاهم‪ ،‬مصاريف غري‬ ‫متوقعة يف بداية الشهر‪.‬‬

‫السرطان (‪ 22‬حزيران ‪ 22 -‬متوز)‬ ‫تكتسبني خربات جديدة من خالل دورة تدريب‪ ،‬تكلفني‬ ‫مبهمة حمددة الزمن تنجحني فيها بشكل كبري وحتققني‬ ‫رحباً مالياً‪ ،‬لكن مثنها سيكون الكثري من الضغط الذي‬ ‫ينتهي بنهاية الشهر‪ ،‬لقاءات عاطفية متاحة مع شخص‬ ‫يكربك سناً‪.‬‬

‫العذراء (‪ 23‬آب ‪ 22 -‬أيلول)‬ ‫شهر مميز جداً يعدك به الفلك‪ ،‬أفضل إجنازاتك‬ ‫ستكون على الصعيد املايل‪ ،‬وتكونني الراحبة يف‬ ‫كل مفاوضات ختوضينها‪ ،‬حىت يف احلب والقضااي‬ ‫الشخصية‪ ،‬فشهر تشرين األول يعدك مبزيد من‬ ‫األمان والرومانسية‪.‬‬

‫العقرب (‪ 23‬تشرين أول ‪ 21 -‬تشرين اثين)‬

‫فرصة لكي تغريي ظرفك وتتخلصي من الضغط‪،‬‬ ‫اشحذي مهتك وال تكوين كسولة وستجدين‬ ‫مثرة نشاطك خاصة على صعيد العمل‪ ،‬فرصة‬ ‫للتعرف على شريك احلياة أنت مستعدة خلوض‬ ‫جتربة حب هامة يف حياتك‪ ،‬تثقك بنفسك هي‬ ‫رحبك األكرب‪.‬‬

‫اجلدي (‪ 20‬كانون أول ‪ 19 -‬كانون اثين)‬ ‫يقف الفلك إىل جانبك فتنجح مشاريعك وتتغلبني‬ ‫على املنافسني‪ ،‬عاطفياً يصلك احلب دون تعب‬ ‫ألنك مركز من حولك لكن عليك احلذر من‬ ‫الذين يدبرون يف اخلفاء أو يومهونك بعواطف مزيفة‬ ‫احتماالت لسفر قصري يعطيكي دفعة من النشاط‪.‬‬

‫الدلو (‪ 20‬كانون اثين ‪ 18 -‬شباط)‬

‫مترين بضغوط كثرية يف النصف األول من الشهر‬ ‫جتتازينها ابلصرب وحسن التدبري‪ ،‬ادرسي خطتك‬ ‫يف العمل قبل الشروع به‪ ،‬يعوضك اجلزء األخري‬ ‫من الشهر عن الشهور السابقة فأنت على موعد‬ ‫مع النجاح عاطفياً التأين بردود أفعالك مع احلبيب‬ ‫يوصلك لرب األمان‪.‬‬ ‫‪ 46‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫احلوت (‪ 19‬شباط ‪ 20 -‬آذار)‬

‫حتدايت قاسية يف هذا الشهر عليك العمل جبهد‬ ‫كي ال تنفلت األمور من يديك انتبهي من خسارة‬ ‫عالقتك مع األصدقاء والعائلة‪ ،‬خففي من انفعاالتك‬ ‫مع احلبيب‪ ،‬انتبهي من املبالغة يف مصاريفك‬ ‫الشخصية هذا الشهر‪.‬‬


‫الكلمات المتقاطعة‬

‫أفقي‬

‫‪ .1‬شاعرة ومرتجمة سورية تعيش‬ ‫يف باريس‬ ‫‪ .2‬إحدى الحواس الخمسة‪ -‬أرض‬ ‫منبسطة(معكوسة)‪ -‬زهر أبيض‪-‬‬ ‫عالمة موسيقية‬ ‫‪ .3‬حي يف حامه‬ ‫‪ .4‬ظن (معكوسة)‪ -‬أكمل (معكوسة)‬ ‫‪ .5‬رسالة أليب العالء املعري‬ ‫‪ .6‬جميل‪ -‬جمع بركان (معكوسة)‬ ‫‪ .7‬مقياس مساحة‪ -‬أفعال مكررة‪-‬‬ ‫حرف عطف (معكوسة)‬ ‫‪ .8‬للنفي‪ -‬نفق‪ -‬آلة نفخ موسيقية‬ ‫‪ .9‬أشار‪ -‬كأس‪ -‬فوىض(معكوسة)‬ ‫‪ .10‬بنوك‪ -‬نعفوا‬ ‫‪ .11‬اسم استفهام‪ -‬أحد األنبياء‬ ‫(معكوسة)‬ ‫‪ .12‬من أوىل الناشطات‬ ‫يف الثورة السورية‬

‫سودوكو‪ :‬هي لعبة منطقية مبنية عىل وضع األرقام يف املكان‬ ‫املناسب‪ .‬الهدف هو ملء ال ‪ 9*9‬مربعات بأرقام بحيث أن كل‬ ‫عمود وصف ومربع من املربعات التسعة (والتي تدعى مناطق)‬ ‫تحتوي عىل األرقام من واحد إىل التسعة دون تكرار‪.‬‬

‫كـلمـة الســـــــر‬

‫سودوكـــــــو‬

‫عمودي‬

‫‪ .1‬آلهة نسائية قدمية‪ -‬مدينة سعودية‬ ‫‪ .2‬أحد الوالدين‪ -‬إحدى عجائب الدنيا‬ ‫السبع القدمية‬ ‫‪ .3‬أصل‪ -‬ضمري منفصل‬ ‫‪ .4‬توقف عن الحركة‪ -‬خاصتي‪ -‬مثالة‬ ‫‪ .5‬طبيبة وناشطة سورية ومعتقلة‬ ‫رأي سابقة‬ ‫‪ .6‬خطفها‪ -‬رشع (معكوسة)‪ -‬نعم‬ ‫بلغة أجنبية‬ ‫‪ .7‬دولة أوروبية‪ -‬للتمني (معكوسة)‬ ‫‪ .8‬فائدة‪ -‬عكس حضور‪ -‬مدينة يف‬ ‫محافظة درعا‬ ‫‪ .9‬ميكانييك‪ -‬حلت‪ -‬لألرض يصنع من‬ ‫الصوف‬ ‫‪ .10‬رمان (مبعرثة)‪ -‬نرحل‬ ‫‪ .11‬حب‪ -‬تداول األمر (معكوسة)‬ ‫‪ .12‬آخر سالطني املامليك يف مرص‪-‬‬ ‫شعور‬

‫اسم فنانة سورية لها مواقف ضد النظام مؤلفة من ‪ 13‬حرف‬ ‫أهــل الحفيظة إال أن تــجــربــهــم‬ ‫ومــا الحياة ونــفــي بعدما عــلــمــت‬ ‫ليس الــجــال لــوجــه صــح مـــارنـــه‬ ‫أأطـــرح املجد عــن كتفي وأطــلــبــه‬ ‫واملــرفــيــة ال زالـــت مــــرفــــة‬

‫ويف التجارب بعد الغي مــا يزع‬ ‫أن الحياة كــا ال تشتهي طبع‬ ‫أنــف العزيز بقطع الــعــز يجتذع‬ ‫وأتـــرك الغيث يف غمدي وأنتجع‬ ‫دواء كــل كــريــم أو هــي الوجع‬

‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪47 2014 1‬‬


‫خيمة البؤس تحتضن فرحة العمر‬ ‫بفرح ونشاط يسري «ميان» وسط اخليام الواطئة‪،‬‬ ‫حــام ـ ً‬ ‫ا «سـلـيــم» و»إس ـح ــق»‪ ،‬طـفــاه الـتـؤأمــن‬ ‫اللذين أبصرا النور يف أحد املخيمات على احلدود‬ ‫الرتكية‪ ،‬يف اخليمة املسكن احتضنتهما األم ألول‬ ‫مرة‪ ،‬بينما كان هو حيتضن بندقيته على إحدى‬ ‫جبهات حلب مقات ً‬ ‫ال ضد النظام‪ .‬واليوم يقضي‬ ‫ميان اسرتاحته السريعة مع أسرته حام ً‬ ‫ال مولوديه‬ ‫معظم الوقت‪ ،‬متنق ً‬ ‫ال هبما من خيمة ألخرى بني‬ ‫جريان البلدة الذين صاروا جرياانً يف املخيم‪.‬‬

‫حياول صنع مستقبل أفضل لطفلينا‪ ،‬أمحد هللا أن‬ ‫اتمــي اخللقة وبصحة جيدة فتلك‬ ‫الطفلني ولــدا َّ‬ ‫نعمة ك ـبــرة‪ ،‬كـمــا أن اجلـمـيــع يـســاعــدين هـنــا يف‬ ‫رعــايـتـهـمــا»‪ ،‬تتلعثم قـلـيـ ً‬ ‫ا يف احلــديــث‪ ،‬وتتابع‬ ‫كمن يفشي سراً عميقاً‪« :‬ميان يغيب عنا أحياانً‬ ‫ملدة شهر‪ ،‬وأحياانً أكثر‪ ،‬ما يرعبين حقاً هو أن‬ ‫يـغــادر يف إحــدى امل ـرات مث ال يـعــود‪ ،‬مــاذا نفعل‬ ‫بــدونــه‪ ،‬كيف ميكن متابعة احلـيــاة إذا حــدث له‬ ‫شيء؟‪.»...‬‬ ‫تعتمد األسرة الصغرية يف معيشتها‪ ،‬على التعويض‬ ‫الذي يتلقاه األب من التشكيل الذي يقاتل يف‬ ‫صفوفه‪ ،‬وهو تعويض حمدود وغري منتظم‪ « ،‬لواءان‬ ‫ال يـقـ ّـصــر مـعـنــا حــن يتلقى ال ــدع ــم‪ ،‬لـكــن حني‬ ‫يتوقف هذا الدعم‪ ،‬من أين هلم أن يساعدوان؟»‬ ‫هبــذه العبارات املقتضبة يلخص ميــان األزمــة اليت‬ ‫يعانيها ومعظم املقاتلني الذين ال تتجاوز رواتبهم‬ ‫عتبة املــائــة دوالر ش ـه ـرايً‪ ،‬وال ــي كـثـراً مــا تنقطع‬ ‫ألش ـهــر مـتـتــالـيــة‪ ،‬وق ــد ال أتيت أب ـ ــداً‪ .‬لـكــن ميــان‬ ‫ابملقابل جيد طرقاً آخرى لتأمني مستلزمات أطفاله‬ ‫الكثرية والباهظة‪« :‬حني يقدمون لنا املساعدات‬ ‫الغذائية يف املخيم‪ ،‬نقوم ببيع جزء من تلك املواد‬ ‫ون ـشــري بثمنه احلـلـيــب واحل ـفــاضــات لــأطـفــال‪،‬‬ ‫وهللا ييسر لنا األمور غالباً»‪.‬‬

‫منذ عــام ونصف تقريباً‪ ،‬تــزوج ميــان بفاطمة يف‬ ‫بلدهتما مورك بريف محاة‪ ،‬قبل أن تشتعل املعارك‬ ‫فيها وينقل زوجته برفقة بعض األقارب إىل املخيم‬ ‫احل ــدودي منذ مثانية أشـهــر‪ ،‬بينما بقي هــو مع‬ ‫لـوائــه املـقــاتــل متنق ً‬ ‫ال بــن اجلـبـهــات‪ .‬ومـنــذ ذلك‬ ‫احلني اقتصرت لقاءاته لزوجته وأهله‪ ،‬على زايرات‬ ‫خاطفة يسرق ساعاهتا بني معركة وأخرى‪ .‬يقول‬ ‫مي ــان «حن ــن مـضـطــرون للتكييف مــع كــل هــذه‬ ‫الظروف‪ ،‬إذا أبينا البقاء هنا إىل أين ميكننا أن‬ ‫نذهب؟ ليست لدينا أية خيارات أخرى»‪ ،‬وكأنه‬ ‫يربر ما هو عليه من حال‪ ،‬يتابع‪« :‬حني تزوجنا‬ ‫أخ ــرت فاطمة أن ال ـظــروف ال تسمح إبجنــاب‬ ‫األطـفــال‪ ،‬لكنها ردت أن تلك مشيئة هللا‪ ،‬وال‬ ‫ينبغي أن مننع حياة يريدها هللا أن توجد» خيتم‬ ‫اببتسامة تنتهي بقهقة سريعة‪.‬‬ ‫وسط كل ذلك‪ ،‬ينام سليم وإسحق بسالم داخل‬ ‫اخلـيـمــة الــي زينتها األم ببعض األلـ ـوان ابتهاجاً‬ ‫األم فــاطـمــة‪ ،‬تبلغ مــن العمر عشرين عــام ـاً‪ ،‬ال بقدومهما‪ ،‬ال يعكر صفومها أي شيء مما يدور‬ ‫ت ـبــدي ه ــي األخـ ــرى الـكـثــر م ــن ال ـش ـكــوى‪ ،‬يف يف رأس الوالدين‪ ،‬لكن أي مستقبل ينتظر هذين‬ ‫اهنماكها أبعباء األسرة الصغرية اجملتمعة يف غفلة الطفلني اللذين ولــدا يف خمـيــم‪ ،‬ألب مقاتل وأم‬ ‫عن احلــرب‪« :‬زوجــي يذهب ليقاتل الظلم‪ ،‬إنه انزحة؟ سؤال ثقيل الوطأة على ميان الذي يقول‪:‬‬

‫‪ 48‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫• سلطان جليب‬

‫«أمتــى أن تنجح الـثــورة وأن يـعــود اهل ــدوء للبالد‬ ‫قبل أن يبدأ الطفالن إبدراك ما يــدور حوهلما‪،‬‬ ‫أان أخ ــاط ــر حب ـي ــايت ك ــل يـ ــوم حم ـ ــاوالً أتمـ ــن كــل‬ ‫متطلباهتما اليت حيتاجاهنا‪ ...‬طبعاً هناك الكثري مما‬ ‫حيتاجانه وأعجز اان عن أتمينه‪ ،‬لكين أبــذل كل‬ ‫ما يف وسـعــي»‪ .‬أمــا األم فاطمة‪ ،‬فيبدو السؤال‬ ‫أكــر من طاقتها على اإلجــابــة‪ ،‬فتلجأ إىل عدم‬ ‫التفكري يف األمــر واالتـكــال على هللا كما تقول‪:‬‬ ‫«األوالد نعمة من رب العاملني‪ ،‬وهو الذي يرزق‬ ‫كــل خلقه‪ ،‬م ــاذا ميكننا أن نفعل ســوى تسليم‬ ‫أمران له واالتكال عليه؟»‪ .‬مث تنهض لتتناول إانء‬ ‫معدنياً غابت مالحمه حتت اهلباب األســود‪ ،‬فيه‬ ‫تغلي األم بعض املياه الكلسية الــي هي كل ما‬ ‫حيصلون عليه يف املخيم‪ ،‬تكرر غلي املــاء علها‬ ‫تصبح أقل ضرراً‪ ،‬مث تقتصد يف كمية احلليب اليت‬ ‫تضيفها لرضاعيت سليم وإسحق‪ ،‬قريباً سيصحوان‬ ‫مــن غفوهتما املـســائـيــة ويـبـكـيــان طـلـبـاً للحليب‪.‬‬ ‫سـتـكــون هــي سـعـيــدة ب ـقــدرهتــا م ــرة آخ ــرى علي‬ ‫إطعامهما‪ ،‬وقد نفضت عن كاهلها عناء التفكري‬ ‫ابليوم التايل‪« ،‬فمن يف سوراي يستطيع التفكري يف‬ ‫اليوم التايل؟»‪ ،‬تقول فاطمة‪...‬‬


‫بداهة ثقيلة ككيس ملح‬

‫رسائل جديدة من لونا‬

‫• بريوز بريك‬

‫• لوان العبد هللا‬

‫جثث تركن ملوهتا معجونة ببقااي اهلياج والذهول‬ ‫قطعان من وعول ا ّجلِبلَّة القابيليّة اهلوجاء‬ ‫مكوس للسالطني يستعاض أبرواح مأسورة هشة‬ ‫جيوش وميليشيات‪ ،‬أردية مرقّطة‬ ‫بنادق المعة املعدن توقظ الغرائز واللهاث‬ ‫متاريس تعقب متاريساً‬ ‫خنادق تلتف على خنادق‬ ‫ذرر كالكعك‪ ،‬ركام يستنطق ركاماً سبقه إىل عبث ما‬ ‫أبنية تُ ّ‬ ‫أعناق مهروسة النهاايت‪ ،‬مدى رهيفة األنصال‬ ‫الصدور واخلواصر‬ ‫فتحات يف ّ‬ ‫دم يشخب متتبعاً أثر اهللع املتكاثف على الشفاه ويف احللوق‬ ‫رصاص يرتطم أبنسجة اللّحم الطريّة‬ ‫جلد مسحوج ألجساد مسحولة‪ ،‬أذرع وأرجل متهتّكة العظام‬ ‫تنشق البارود والغبار‬ ‫أدمغة مسفوحة أتيح هلا ّ‬ ‫شرايني توصل الفراغ ابلفراغ‬ ‫_______________‬ ‫احلرب غسق حيتويه سدمي الرهبة ‪ ،‬تبدو الشمس خلف دخان حرائقه‬ ‫قرصاً من هباء‬ ‫السلم املغناج من حيوات كتيمة‬ ‫احلرب استدراك صارم ملا انتهبه ِّ‬ ‫احلرب استفاقة من شرودان املتم ّدد على ألواح ال ّزنك‬ ‫الراتبة املتكدسة يف أحشائنا‬ ‫احلرب ديّة ّ‬ ‫احلرب بداهة ثقيلة ككيس ملح‬

‫وأترك بعضي يبكي على بعضي وآخذ منه جزءاً صغرياً تنهد‪ ..‬ألُ ِ‬ ‫مس َع فيه من‬ ‫ميلكون كثرياً من الوقت كي يسمعوين‪ ..‬وللغارقني حبلم البلد‪ ..‬وللمتعبني‪..‬‬ ‫أقول هلم أمجعني‪..‬‬ ‫ألن أصواتكم مل تصلين‪ ..‬بعثْ ُت بصويت إليكم‪ ..‬أمل يصلكم؟ أم تراه أضاع‬ ‫الطريق!؟‬ ‫أقايض بعضاً من الوقت الكثري لديكم لتسمعوين‪ ..‬أبقالمكم قليل من احلرب‬ ‫بصحة امرأ ٍة أجهضت صوهتا‪..‬‬ ‫يضر ّ‬ ‫لن ّ‬ ‫وأكتب أبقالمكم‪ ..‬ملن ميلكون الكثري من الوقت كي يقرؤوين‪ ..‬وللغارقني‬ ‫حبلم البلد‪ ..‬وللمتعبني‪..‬‬ ‫أقول هلم أمجعني‪..‬‬ ‫كثريٌة هي ألوان أقالمكم‪ ..‬أعريوين لوانً واحداً ألكتب لكم‪..‬‬ ‫أم ّد يدي آلخذ لوانً واحداً فأقع ببئ ٍر من املستحيل!‬ ‫‪23-6-2014‬‬ ‫أمر‪ ..‬سأجتاوز تلك العثرات دمعاً‪ ..‬وأصنع ثوابً إن اهرتأ ثويب من‬ ‫دعوين ّ‬ ‫حلاء الشجر‪ ..‬سأضع قندي ً‬ ‫ال من اليامسني الشهيد فوق أرض البشر‪..‬‬ ‫وأقتات ما ّ‬ ‫حل يب من ضجر‪ ..‬أقول هلم‪..‬‬ ‫املفر؟‬ ‫ّ‬ ‫يزجون يب يف زنزان ٍة هلا ساعة مشس ابردة‪ ..‬وانفذة واحدة‪ ..‬فأين ّ‬ ‫متري‪ ..‬وأعلم أهنم خيافون‬ ‫أمر‪ ..‬يقولون يل‪ :‬لن ّ‬ ‫أعيد عليهم‪ ..‬دعوين ّ‬ ‫تالقيت وحتفي‬ ‫مشيت الطريق إىل آخره سألقى حتفي‪ ..‬وإين إن‬ ‫إن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫سأنتصر‪..‬‬ ‫‪24-6-2014‬‬ ‫أدخل من ّ‬ ‫و ُ‬ ‫فباب يُغلق ورائي‪ ،‬وآخر يُفتَح ليغلق‬ ‫كل تلك األبواب‪ٌ ..‬‬ ‫ورائي‪..‬‬ ‫أحقاً حيتاجون ّ‬ ‫كل تلك األبواب؟ أحقاً خيافون مين؟ من امرأ ٍة أثخنتها‬ ‫الدروع رجول ًة؟ وأقفال حبجم أجراس الكنيسة‪ ..‬تُغلَّق فيعلن إيقاعها وقت‬ ‫الصالة‪ ..‬صالة الغائب على روح ّ‬ ‫كل تلك النساء‬ ‫‪15-7-2014‬‬

‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪49 2014 1‬‬


‫«ما يشبه القصة»‬ ‫وألن الليل سيد على كــل هــذا اخل ـراب احملـيـ ِـط بنعاسها‪ ،‬حـ ّـركــت بيمني‬ ‫املرصع ابلتعب‪ ،‬وأصغت إىل طــرق اجملهول على‬ ‫املالئكة كــوب الشاي ّ‬ ‫اخلارجي‪.‬‬ ‫الباب‬ ‫ّ‬ ‫تعلم الزائر الغريب‪ ،‬وما يريد من األغاين احملكيّة واألساطري‪.‬‬ ‫كانت ُ‬ ‫ موسيقى ‪ ..‬موسيقى على كل هذا الدمار ‪..‬‬‫صوت‪.‬‬ ‫يقول ٌ‬ ‫تج املكان العتيق‪.‬‬ ‫رجفة برد أصابت األاثث املنكسر يف الوطن‪ ،‬فار ّ‬ ‫كــان زائـ ـراً غـريـبـاً‪ ،‬يـؤلــف األغ ــاين لنصف األمـ ـوات ويتباكى على رحيل‬ ‫أعجمي البشرة‪ ،‬أشعث الثياب‪ ،‬أشقر اللسان‪،‬‬ ‫الغيم‪ ..‬كان زائراً عابراً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويف عينيه شعاع حبرٍ‪ ..‬كثرياً ما يغيب يف زمحة التالشي‪.‬‬ ‫وطــئ األرض الغريبة‪ ،‬فتأ ّمل فسحة اليامسني يف الشارع اخللفي‪ ..‬هناك‬ ‫كانت‪.‬‬ ‫صـ ّـور املنازل وما كان جيري هبا من أحاديث ليلية قبل الرحيل‪ ..‬أصغى‬ ‫تعب‪.‬‬ ‫ألزيز هوامش احلرب‪ ..‬وانم ألنه ٌ‬ ‫مل ّ‬ ‫يفكر ابملعادالت الرايضية كثرياً‪ ،‬فما هو حباجة إليه أن يكون هنا ليسمع‬ ‫قص ًة وميضي إىل حيث ما حيط به القدر‪.‬‬ ‫استيقظ‪ ،‬شرب قهوته حتت موت عابر‪ ،‬ارتدى ما حيميه من شبح الروح‬ ‫القابضة‪ ،‬شاهد دفرته املخطط بطالسم لغوية ال يُفهم منها شيئاَ‪ ،‬ومضى‬ ‫سجل األشياء االعتيادية يف أي حرب‪...‬‬ ‫إىل مصري ال يُعرف‪َ ..‬‬ ‫«أرابع أطفال‪ ،‬أنصاف سيدات‪ ،‬أشــاء عجائز‪ ،‬وشهداء يُرصفون يف‬ ‫امللكوت‪ ..‬ال ذنب هلم يف اخللود سوى أهنم عابرون»‪.‬‬ ‫أغلق دفرته ومضى إىل وجهته‪ ..‬سار بني األزقّة املكشوفة ّ‬ ‫وأتمل الالشيء‪..‬‬ ‫أت ّمل كل الفراغ ّ‬ ‫وفكر‪:‬‬ ‫ ال بد من أهنا كانت بالداً مجيلة‪.‬‬‫طرق ابابً ال يعنيه بشيء سوى أن خلفه قص ًة‪ ..‬ف ُفتِ َح‪.‬‬ ‫جتلس على شــيء ما كأهنا تطري‪ ..‬فتاة أكــل الدهر فيها‬ ‫تق ّدم من فتا ٍة ُ‬ ‫نصف مجال‪ ..‬جلس وأت ّم َل تفاصيلها‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫ أين نصفك؟‪ ..‬وكيف تغسلني قدميك مباء الليمون؟‪ ..‬كيف تطئني‬‫األرض لتعيدي ترتيب األماكن يف جسدك؟‪.‬‬ ‫مل تبتسم الفتاة‪ّ ،‬‬ ‫وتذكرت كيف أضاعت ساقني يف ساحة حب‪ ،‬أت ّملت‬ ‫السماء االمسنتية‪ ،‬واستمرت يف حتريك كوب الشاي‪ ..‬وفاهت ابلشفاه‬ ‫الطينية‪:‬‬ ‫ أغسل األقــدام ابلــذكـرايت‪ ،‬مثل كل أنصافنا‪ ،‬يؤملنا اخل ـراب وإنسانية‬‫اآلخر املنهك‪ ،‬مل يعد يعنينا البنفسج املنفتح يف غيم الشتاء‪.‬‬ ‫يدي اإلرهــاق‪ ،‬فارتشف مستسلماً ملدعاة‬ ‫استلم الغريب كأس شايه من ّ‬ ‫احلزن‪ ،‬وقال‪:‬‬

‫‪ 50‬العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪2014 1‬‬

‫• علي األعرج‬ ‫ حدثيين عن نصف موتك؟‪.‬‬‫أت ّملت النصفيّة ماء البحر يف عينيه‪ ،‬يربكها مجال اآلخر‪ ،‬وغابت يف كالم‬ ‫اهلذاين‪ ،‬ففاهت بعد ٍ‬ ‫صمت‪:‬‬ ‫ـت حلكاايت‬ ‫ مل أكــن فـتــاة مجيلة‪ ،‬مسعت حـكــاايت اجل ــدات‪ ،‬وأصـغـيـ ُ‬‫العاشقات‪ .‬كنت أحيا مثل اجلميع‪ ،‬ال أفقه يف قوانني اهلوامش شيئاً‪ ،‬وال‬ ‫اض‬ ‫أهتم بكل ما جيري من سيول هللا يف آسيا‪ ،‬مل تكن تعنيين كل األمـر ِ‬ ‫ُّ‬ ‫شقت من اثنني‪ ،‬كاان على‬ ‫املميتة يف إفريقيا‪ ..‬عشقت ثالثة رجال‪ ،‬وُع ُ‬ ‫وغبت‪.‬‬ ‫قدر من الطفولة‪ ،‬فاشرتيت لكل منهما قطعتني من الشوكوال ُ‬ ‫مسعت الحقاً أهنما ماات يف وطن غريب عنهما‪ ..‬مثلي‪.‬‬ ‫خرجت يوماً أسريُ يف اخليال املتبقي من املد ِن‪ ..‬رأيت األشكال اهلندسيّة‬ ‫ُ‬ ‫حتطيم األصنا ِم الشمعيّة‪ ،‬كــأ ّن ُه َ‬ ‫بل‬ ‫وطريقة رصفها املته ّدم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وشاهدت َ‬ ‫كي‪..‬‬ ‫ميـ ُ‬ ‫ـوت يف صـراع اإلل ـ ِه األوحــد ّ‬ ‫املتوحد بــذاتـ ِه‪ ،‬مرضاً يف خناعه الشو ّ‬ ‫وجنوت ألين بعيدةٌ عن األرض‪.‬‬ ‫ومشمت طالسم الكيمياء‪ُ ..‬‬ ‫دفنت أيب مع أخي بعد أن غطيّناه ابلدمع الكثيف ألمــي‪ ..‬وتركناه يف‬ ‫ُ‬ ‫ونشرت َ‬ ‫املتوف‬ ‫ترب ٍة جذبته كما املوج إىل اجملهول فيها‪..‬‬ ‫غسيل ابن اجلريان ّ‬ ‫ُ‬ ‫واتبعت التلفاز‬ ‫قبل دفنه‪ ،‬كي جيد ما يسرت به عورة القيامة يف خلوده‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫بكامل ضحاايه‪.‬‬ ‫هكذا كنت أمرر األايم يف جسدي‪.‬‬ ‫أان مثل اجلميع‪ ،‬مثل صهيل الفرس املُنهكة‪ ..‬انتظر احلب والسماء الزرقاء‪،‬‬ ‫فقلت لنفسي يوماً قبل النوم‪:‬‬ ‫زوج‪..‬‬ ‫غداً سأجنب طفلني‪ ،‬أحدمها يشبهين‪ ،‬واآلخر يشبه ما سأختار من ٍ‬ ‫ـت‪ ..‬حلمت أبشـيــاء كثرية‪..‬‬ ‫عشقت ومنــت على سرير داف ــئ‪ ..‬وحـلـمـ ُ‬ ‫ُ‬ ‫حلمت أبن الزوج كان يشرتي تفاحاً‪ ،‬فأخطأت الرصاصة طريقها وأردته‬ ‫أرض ـاً أل ّن رأس ـ ُه كانت جتابه القمر‪ ،‬وأ ّن الـنــاس تدخل يف ديــن املنفى‬ ‫عشاء‬ ‫املر‪ ،‬حلمت أبين أتناول ً‬ ‫أفواجاً‪ ،‬حلمت بطفلني ميتني وبطعم امللح ّ‬ ‫يف ساح ٍة بعد اخلراب‪ ،‬وأبن الوقت توقّف عن عمله األزيل‪ ،‬حلمت أبين‬ ‫أشرب القهوة على شرفة الغيم‪ ،‬وأبن األفق ليس من اختصاص بالغيت يف‬ ‫األشياء‪ ،‬وحلمت أبن شيئاً ثقي ً‬ ‫أيت‬ ‫ال هبط من السماء‪ ..‬فاستيقظت ور ُ‬ ‫أحرك‬ ‫أب ّ‬ ‫ين اآلن كما ترى‪ ..‬نصف جس ٍد‪ ،‬أجلس على شيء جيعلين إله‪ّ ،‬‬ ‫شاايً للغرابء القادمني حزانً علينا‪ ،‬وأتلو قصة ‪ -‬قد تكون حزينة ‪ -‬على‬ ‫َ‬ ‫أمثالك‪.‬‬ ‫مل يبتسم الغريب‪ ،‬ومل ِ‬ ‫يبك‪ ..‬أت ّمــل شايه وعينيها‪ ،‬فأغلق دفــره املزخرف‬ ‫أبحرف أنصاف األموات ورحل‪.‬‬ ‫يف ليل اليوم التايل كانت ّحتــرك بيمني املالئكة شــاايً‪ ،‬وتنتظر رجـًـا أمسر‬ ‫الوجود‪ ،‬ويف عينيه رائحة اقحوان‪.‬‬


‫العدد (‪ )8‬أيلول ‪ -‬ت‪51 2014 1‬‬


‫احلصار األحمر ‪ ...‬خلود سباعي‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.