Dawdaa magazine 16

Page 1

‫من الحراك السلمي في السويداء‬

‫شهرية مستقلة تصدر عن المركز السوري للصحافة والنشر‬

‫العدد(‪)11‬‬ ‫‪2014 2014‬‬ ‫حزيران‬ ‫أيار‬ ‫العدد (‪) 16‬‬ ‫كانون ‪-‬أول‬

‫‪4‬‬

‫أهالي يقتحمون فرع أمن الدولة في‬ ‫شهبا ويأخذون رهينة‬

‫‪6‬‬

‫العثور على جثث محترقة لمدنيين في‬ ‫الشيخ مسكين استخدمتهم قوات‬ ‫النظام كدروع بشرية‬

‫‪ 20‬النقابات العمالية‪ /‬ج‪2‬‬ ‫‪ 22‬السينما الوثائقية السورية‬ ‫ملف العدد‪ :‬اآلثار السورية في ظل الحرب‬ ‫ تحقيق‬‫سؤادا متحف سوري يعيش وسط‬ ‫‪10‬‬ ‫األخطار‬ ‫‪ 14‬اآلثار السورية في مهب الريح‬

‫المدن المنسية ‪ -‬إدلب ‪ -‬سوريا‬

‫لسنا منبرًا ألحد‪ ..‬لسنا ملكًا ألحد‪..‬نسعى لكي نكون أحد أصوات العقل والتوازن في سوريا الجديدة‬

‫‪ www.facebook.com/dawdaanewspaper‬أحد أصوات العقل والتوازن في سوريا الجديدة‬ ‫لسنا منبرًا ألحد‪ ..‬لسنا ملكًا ألحد‪ ..‬نسعى لكي نكون‬ ‫‪dawdaa.syria@gmail.com‬‬ ‫‪dawdaa.syria@gmail.com‬‬ ‫‪www.facebook.com/dawdaanewspaper‬‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬ ‫‪www.dawdaa.com‬‬


‫أ‬ ‫�خبار المحليات‬

‫رئيس التحرير‬ ‫محمد مالك‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�هالي يقتحمون فرع �من الدولة بمدينة شهبا في السويداء وي�خذون رهينة‬ ‫أ‬ ‫واعتصام لعشرات الشبان �مام مقام عين الزمان في مركز المدينة‬ ‫العثور على جثث محترقة لمدنيين في الشيخ مسكين استخدمتهم قوات النظام‬ ‫كدروع بشرية‬

‫مدير التحرير‬ ‫هالة درويش‬ ‫سكرتير تحرير‬ ‫زويا منصور‬ ‫أ‬ ‫الخبار المحلية بالتعاون مع مركز‬ ‫سويدا خبر اإلعالمي في المنطقة‬ ‫الجنوبية‬

‫أ‬ ‫ر�ي‬ ‫التراث ّ‬ ‫ترجمة‪ :‬ليلى كريم‬ ‫السوري في حالة خراب‬ ‫آ‬ ‫وجيهة عبد الرحمن‬ ‫ال ثار منجز إنساني لحفظ التاريخ‬ ‫أ‬ ‫المركز العربي للبحاث ودراسة السياسات‪..‬المؤشر العربي ‪ 2014‬شمس الدين الكيالني‬ ‫ترجمة زويا منصور‬ ‫العمل النقابي العالمي‪ /‬الجزء الثاني‬ ‫آ‬ ‫�راس سينو‬ ‫السينما الوثائـقية السورية‬ ‫أ أ‬ ‫جالل زين الدين‬ ‫قطع ر�س الفعى إيران في نبل والزهراء‬ ‫الموت ٌ‬ ‫ترف سوري‬ ‫محمد ‪.‬ف‪ .‬الجرف‬ ‫أ‬ ‫فادي ‪ .�.‬سعد‬ ‫اللقاءات السورية اإلسرائيلية من السرية إلى العلنية‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬ ‫‪dawdaa.syria@gmail.com‬‬ ‫‪www.facebook.com/dawdaanewspaper‬‬

‫تحقيق‬ ‫أ‬ ‫سؤادا‪ ..‬آمتحف سوري يعيش وسط الخطار‬ ‫لمحة عن � ثار السويداء وعوالمها‬ ‫آ‬ ‫َّ َ‬ ‫هب الريح!!‬ ‫ال ُثار السورية في م ّ ِ‬

‫يوسف شيخو‬ ‫جوان ّتتر‬

‫تقرير خاص‬ ‫تنظيم «الدولة اإلسالمية» يتقدم في ريف السويداء الشرقي ونداءات لمواجهته‬ ‫فريق تحرير ضوضاء‬

‫أ�دب‬ ‫ّ أ‬ ‫سيدي و� نت الخصم والحكم‬ ‫يا‬ ‫بيد باردة‬ ‫جنوبا ٍّ‬ ‫كوع يا ظالمني‪ً -‬‬

‫‪www.saiedetsouria.com‬‬

‫عدنان المقداد‬ ‫نصان قصصيان ‪ -‬مهند الخالد‬ ‫من مجموعته القصصية «ساعات الليل»‬

‫صدر العدد العاشر من مجلة سيدة سوريا‬ ‫أ‬ ‫سيدة سوريا شهرية مستقلة تعنى بالمر�ة السورية تصدر عن المركز السوري للصحافة والنشر‬


‫ومضة‬

‫القضاء على داعش بين عامين‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫افتتاحية‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫كنا قلنا ً‬ ‫سابقا مع بداية عام ‪ 2014‬المنصرم‪ ،‬وكان مر �كـثر من �لف يوم على ثورة السوريين‪ ،‬وبعد �ن ترك العالم ثوار سوريا‪ ،‬بكل ما اشتملت عليه ثورتهم من �ناقة‬ ‫آ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الحراك السلمي‪ ،‬رقي المطالب الحقوقية واإلنسانية‪ ،‬إخالص الجيش الحر‪ ،‬كجيش �فرزته الحالة الوطنية من بين كل ما ّط ّيفه �ل السد خالل خمسة عقود‪ ،‬وبعد �ن‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫سمح العالم بتحويل بشار الفيزيائي صاحب المدافع والصواريخ الفراغية والسكاكين‪ ،‬إلى بشار الكيماوي الذي يقتل ال الف بغيوم السارين في ساعة واحدة‪ ،‬وبعد �ن‬ ‫ساهم العالم بإغراق الثورة بالعجز والعوز‪ ،‬وترك للتحشيد الديني والمذهبي والطائـفي أ�ن يظهر ً‬ ‫جليا‪ ،‬تحت ظل العنف ممنهج التنفيذ‪ ،‬وممنهج النشر على يد النظام‬ ‫أ‬ ‫القاتل‪ ،‬نقول‪ :‬الجوع افترض‪ ،‬والقتل افترض‪ ،‬والتعذيب افترض‪ ،‬وهتك العراض افترض‪ ،‬قبول المال السياسي دون شروط‪ ،‬إال من رحم ربي‪.‬‬ ‫حينها طالب العالم الثورة السورية بقطع دابر التطرف وحسم المعركة مع «داعش»‪ ،‬وعلى كل التراب السوري‪ .‬جاءت تلك المطالب وذلك الحسم‪ ،‬تحت قصف البراميل‬ ‫أ أ‬ ‫المتفجرة‪ ،‬وصواريخ الطائرات والمدفعية الثقيلة‪ ،‬كحمل إضافي يتيح العالم لنظام السد‪� ،‬ن يضيفه على كاهل الثورة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫كان ُيطلب من السوريين حينها‪ ،‬الموت ً‬ ‫جوعا تحت حصار بشار الكيماوي‪ ،‬وسكاكين ميليشيات حزب الله‪ ،‬وذي الفقار العراقي و�بي الفضل العباس اإليراني‪ ،‬في السيدة‬ ‫زينب وحجيرة والنبك وحمص وحماه وحلب‪ُ ،‬يطلب من الثوار في سوريا‪ ،‬إنهاء التطرف وقطع دابر اإلسالميين‪ ،‬ربما لتصبح الثورة ال ئـقة بمواصفات العالم المتحضر‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أو�ماني إسرائيل بتفكيك السالح الكيماوي السوري‪ ،‬كي تنقذ اقتصادها ً‬ ‫مثال من مليار وثالث مئة مليون شيكل كانت ترصدها لصنع القنعة الواقية من الغازات السامة‪.‬‬ ‫آ‬ ‫حتى بداية عام ‪ ،2014‬كان قد أ�تيح للجيش الحر عبر رحلة الدفاع عن ّ‬ ‫العزل في سوريا‪ ،‬تدمير �الف المدرعات والدبابات‪ُ ،‬وترك ما يكـفي لقصف السوريين ودك مدنهم‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�تيح للجيش الحر إسقاط الطائرات الحربية واقتحام مطارات النظام‪ُ ،‬وترك ما يكـفي لقتل السوريين وحصد �رواحهم بالصواريخ والبراميل المتفجرة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫في ذاك التوازن الغريب المرعب‪ ،‬الذي يدمر كل شيء للسوريين‪ ،‬إال ما يكـفي لقتلهم‪ ،‬ووضعهم تحت اإلمالءات والجندات من كل النواع‪ ،‬في ذاك التوازن ظن‬ ‫آ أ‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫السوريون �نهم يقومون بقطع دابر داعش‪ ،‬خطوة على طريق إسقاط نظام �ل السد الطائـفي‪ ،‬وخطوة على طريق إسقاط كل تطرف �خر‪ ،‬وخطوة على طريق بناء سوريا‬ ‫آ‬ ‫تستحق التضحيات‪ ،‬تستحق كل تلك الدماء والم�سي التي قدمت لها‪ ،‬سوريا تستحق شعبها‪.‬‬ ‫مرت سنة كاملة على هذا الحديث‪ ،‬على تلك االحداث‪ ،‬على ذكرى دحر فصائل الجيش الحر‪ ،‬وفصائل إسالمية‪ ،‬بإمكاناتها المتواضعة وإيمانها الكبير‪ ،‬وإيمان السوريين‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫بها‪ ،‬دحر «داعش» في كـثير من مناطق ريف الالذقية و�جزاء كبيرة من ريف حلب‪ ،‬ريف دمشق وكذلك دير الزور ومناطق �خرى‪.‬‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫وننظر اليوم إلى الحشد المادي والمعنوي المقام لحرب «داعش»‪ ،‬لنسمع عن ملياري دوالر �مريكي حتى الن هي كلفة الضربات الجوية على التنظيم‪ ،‬الذي تحاربه‬ ‫أ‬ ‫�قوى الدول‪ ،‬فقط كي توقف تمدده‪ ،‬وقد بات بمساحة دولة متوسطة‪ ،‬وإمكانات دولة قوية‪ ،‬بقوام خمس فرق عسكرية‪ ،‬استولى عليها من جيش المالكي الوهمي‪،‬‬ ‫آ أ‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫والقرب إلى الكذبة منه إلى الجيش في العراق‪ً ،‬‬ ‫مضافا لها ّكم العتاد والمعدات وال ليات التي حصلها التنظيم من مستودعات ومطارات نظام �ل السد‪.‬‬ ‫أ‬ ‫كل هذا‪ ،‬وفي حديث العالم‪ ،‬فضائياته‪ ،‬ماكينته اإلعالمية المرعبة‪ ،‬يتم تجاوز اإلجابة عن كيفية إخالء (محافظات‪ ،‬وانسحاب فرق عسكرية ب�لويتها وقادتها واستخباراتها)‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫تاركة كل سالحها في يد «داعش»‪ ،‬تحت مر�ى من �جهزة مخابرات العالم‪ ،‬التي تحصي �نفاسنا‪ ،‬ومواقع جلوسنا‪ ،‬وتكشف كلمات السر لخص حساباتنا الشخصية على‬ ‫اإلنترنت‪ ،‬حتى لتعرف ما يقوله بشار أالسد لعشيقته‪ ،‬وكيف ّ‬ ‫يقبل المالكي والعبادي ونصر الله والحوثي‪ ،‬يد خامنئي في القاعات المغلقة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫كيف لم ُيخل نظام أالسد ثكنات ّ‬ ‫تعج بعشرات الدبابات‪ ،‬ومئات المدرعات العسكرية الخرى‪ ،‬وهي الموجودة في بادية ال يسيطر عليها جنوده‪ ،‬وال يستطيع حمايتها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫لتقع ً‬ ‫نهبا بيد «داعش»‪ ،‬فيما يقوم النظام قاتل الناس عينه‪ ،‬بمنع دخول حبة دواء‪� ،‬و كيلو غرام واحد من السكر‪� ،‬و رغيف خبز إلى المناطق التي يحاصرها في بقاع‬ ‫ومدن عديدة من سوريا‪.‬‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫كيف ُتركت مجموعات من الفراد المتطرفين‪ ،‬تسلل بعضها عبر الحدود‪ ،‬وهرب بعضها من السجون في عمليات فرار مشبوهة‪ ،‬و�طلق سراح بعضها الخر من نفس‬ ‫ومحنكيه السياسيين‪ً ،‬‬ ‫المعتقالت التي يموت فيها أ�طفال سوريا تحت التعذيب‪ ،‬كيف ُتركت لتتمدد وتتغول تحت نظر العالم وإمكاناته العمالقة ّ‬ ‫عربا وغربيين‪ ،‬لتتحول‬ ‫وفرسا ً‬ ‫عربا ً‬ ‫بابا للطمع وبناء التحالفات‪ ،‬لدى كل نظام ودولة في المنطقة‪ً ،‬‬ ‫وبابا للضغط‪ ،‬أ�و ً‬ ‫إلى غول وشغل شاغل للعالم أ�جمع‪ً ،‬‬ ‫وتركا ً‬ ‫وكردا‪ ،‬سنة وشيعة ومسيحيين‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ويهود‪ ،‬ديمقراطيات هشة‪� ،‬و دكـتاتوريات فاقعة‪� ،‬و طغاة مجرمين‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫وتحجيما فقط في سوريا‪ ،‬بمشاركة دولية تسمح أ�ن تزيد إير ُان على طنبورها نغما‪ً.‬‬ ‫ً‬ ‫كيف وفي �ي ليل يدبر اتخاذ قرارات لقصف تنظيم «داعش»‪ ،‬استئصاال في العراق‪،‬‬ ‫آ‬ ‫آ‬ ‫ً أ‬ ‫إرهابيا بذبح عدة آ�الف‪ ،‬وال يكون نظام آ�ل أالسد ً‬ ‫وكيف يصبح «داعش» ً‬ ‫مستخدما كل �نواع السالح ضد العزل‪،‬‬ ‫إرهابيا رغم قتل مئات ال الف‪ ،‬واعتقال مئات ال الف‬ ‫ً‬ ‫وصوال إلى السالح الكيماوي‪.‬‬ ‫أ‬ ‫في اإلجابة على كيف تعلم السوريون بل عايشوا في السنوات الربع الماضية‪ ،‬كيف يصنع التطرف‪ ،‬بإهمال العالم‪ ،‬تراخيه‪ ،‬سوء إدارته وانتهازيته‪ ،‬كيف يصنع‬ ‫أ‬ ‫اإلرهاب تحت واقع الكساد‪ ،‬الموت ً‬ ‫جوعا‪ ،‬الظلم دون نصير‪ ،‬وعندما يترك الطفال للموت المجاني تحت قصف مدافع وطائرات‪ ،‬اشتراها طاغية من دم من يموتون‬ ‫أ أ‬ ‫بها‪ ،‬كما فعل �ل السد‪.‬‬ ‫أ‬ ‫نعرف اليوم كيف تحولت بالد كباكستان و�فغانستان والشيشان ومالي والعراق وسوريا‪ ،‬في ظل الطغاة وانتشار الجهل‪ ،‬والصراعات الدولية‪ ،‬إلى بالد لإلرهاب والموت‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫إلى محرقة تحرق جهد العالم المادي‪ ،‬تصرف فائض الصناعات والسالح المتراكم‪ ،‬تقتل �مل التطور والحياة الفضل‪ ،‬لدى الكـتل البشرية الممزقة بين طغيان حكامها‪،‬‬ ‫وجشع نظام المال الذي يدير العالم‪ ،‬فيما هي ال تملك إال حلمها بساطتها ولحمها العاري ً‬ ‫سالحا‪.‬‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫‪3‬‬


‫إضاءة‬

‫أخبار‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫ويأخذونرهينة‬ ‫السويداءويأخذون‬ ‫فيالسويداء‬ ‫شهبافي‬ ‫بمدينةشهبا‬ ‫الدولةبمدينة‬ ‫أمنالدولة‬ ‫فرعأمن‬ ‫يقتحمونفرع‬ ‫أهالييقتحمون‬ ‫أهالي‬ ‫رهينة‬ ‫مركزالمدينة‬ ‫فيمركز‬ ‫الزمانفي‬ ‫عينالزمان‬ ‫مقامعين‬ ‫أماممقام‬ ‫الشبانأمام‬ ‫لعشراتالشبان‬ ‫واعتصاملعشرات‬ ‫واعتصام‬ ‫المدينة‬

‫فريق تحرير ضوضاء‬

‫أ‬ ‫آ‬ ‫وجــرح مقاتالن �خ ـران للجيش الحر‪� ،‬عيدا‬ ‫لفرقة اليرموك في عملية التبادل‪.‬‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫في سياق �خر‪ ،‬اقتحمت مجموعة من الهالي‬ ‫أ‬ ‫يوم الخميس ‪ ،2014/12/11‬فرع �من الدولة‬ ‫فــي مــد يـنــة شهبا بــالـســو يــداء‪ ،‬بنية تخليص‬ ‫«وه ـي ــب ال ـص ـح ـنــاوي» ثـمــانـيــة عـشــر عــامـ ًـا‪،‬‬ ‫والــذي اعتقلته دوريــة تابعة للفرع‪ ،‬وقامت‬ ‫أ‬ ‫باالعتداء عليه بالضرب‪ ،‬بحجة �نه مطلوب‬ ‫للخدمة العسكرية اإللزامية‪ ،‬حسب مراسل‬ ‫«ضوضاء» هناك‪.‬‬

‫أ‬ ‫�جرت فرقة اليرموك التابعة للجيش الحر يوم‬ ‫السبت ‪ ،2014/12/07‬من جهة‪ ،‬وميليشيا‬ ‫«جيش الدفاع الوطني» التابعة لقوات النظام‬ ‫أ‬ ‫في محافظة السويداء‪ ،‬منسقة مع فروع �منية‬ ‫أ‬ ‫من جهة أ�خرى‪ً ،‬‬ ‫تبادال لالسرى بعد ثالثة �يام‬ ‫أ‬ ‫من المفاوضات‪� ،‬سفرت عن تسليم مقاتلين‬ ‫آ‬ ‫من الجيش الحر وجثة �خر‪ ،‬مقابل عنصرين‬ ‫أ‬ ‫مــن «جـيــش الــدفــاع الــوطـنــي» ك ــان �ســرهـمــا‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫و�ض ــاف مراسلنا‪� ،‬ن «وهـيــب الصحناوي»‬ ‫«الحر» حسب مراسل «ضوضاء»‪.‬‬ ‫كان ينتظر إصالح دراجته النارية في إحدى‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫و�وضح المراسل‪� ،‬ن عناصر تابعة لمليشيا المحالت بقرية «شقا» القريبة‪ ،‬حين هاجمه‬ ‫أ‬ ‫«ج ـيــش ال ــدف ــاع ال ــوط ـن ــي»‪ ،‬ك ــان ــوا هــاجـمــوا عناصر من دورية فرع �من الدولة‪ ،‬فاعتقلوه‬ ‫أ‬ ‫ظهر الخميس ‪ ،2014/12/05‬حاج ًزا لفرقة وب ـ ــدؤوا ب ـضــربــه‪ ،‬قـبــل �ن يـنـقـلــوه إل ــى مقر‬ ‫أ‬ ‫اليرموك في قرية «خربا» جنوبي السويداء‪ ،‬ال ـفــرع فــي مــديـنــة شـهـبــا‪ ،‬فـمــا ك ــان مــن �هـلــه‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫بهدف �سر مقاتلين للحر‪ ،‬وتبديلهم بعنصرين ورفاقه إال �ن هاجموا فرع �من الدولة‪ ،‬دون‬ ‫مــن أالولـ ــى‪ ،‬كــان الـجـيــش الـحــر قــد أ�ســرهـمــا ســاح‪ ،‬واقتحموه و ضــر بــوا العناصر‪ً ،‬‬ ‫بحثا‬ ‫ســابـقـ ًـا‪ ،‬فقتل فــي الـهـجــوم «مـحـمــود الــرزق» عــن «الـصـحـنــاوي»‪ ،‬الــذي كــان ّرحــل حينها‬

‫‪4‬‬

‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫أ‬ ‫إلــى مدينة الـســويــداء‪ ،‬ما اضطرهم إلــى �خذ‬ ‫أ‬ ‫�حد عناصر الفرع إلى قرية الجنينة‪ ،‬كرهينة‬ ‫لـلـتـبــادل‪ ،‬وامـتـنـعــوا عــن تسليمه إال بـعــودة‬ ‫«الصحناوي»‪ ،‬وبعد تداوالت بين الطرفين‪،‬‬ ‫تمت عملية ا لـتـبــادل فــي مدينة شهبا‪ ،‬عن‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫طريق �حد مشايخ �ل الصحناوي‪.‬‬ ‫وتعتبر هذه العملية التي شارك بها مدنيون‪،‬‬ ‫عالمة فارقة في تطور الـحـراك في السويداء‬ ‫عــامــة‪ ،‬وال ـص ــدام مــع الـنـظــام فــي المحافظة‬


‫إضاءة‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫أخبار‬

‫التي ال زا لــت تحافظ على حراكها السلمي‪،‬‬ ‫رغــم العديد من القتلى تحت التعذيب من‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫� هاليها فــي � قبية معتقالت قــوات النظام‪،‬‬ ‫آ‬ ‫ومئات المعتقلين الخرين‪ .‬حيث تعتبر هذه‬ ‫أ‬ ‫الحادثة هي الولى التي يقتحم فيها مدنيون‬ ‫أ‬ ‫ً أ‬ ‫فرعا للمن‪ ،‬وي�خذون منه رهينة للتبادل‪،‬‬ ‫وإن كان مشايخ ومدنيون من السويداء قد‬ ‫ً أ أ‬ ‫فرعا للمن �كـثر من مرة‪ ،‬وهذا إن‬ ‫حاصروا‬ ‫أ‬ ‫دل فإنه يدل على عزم �هالي المحافظة على‬ ‫أ‬ ‫رفض سوق �بنائهم في صفوف جيش النظام‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ومؤسساته المنية‪ ،‬حسب ما �دلى ناشطون‬ ‫لمراسل «ضوضاء»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ج ــدي ــر ذك ـ ــره‪� ،‬ن ال ـمــدي ـنــة ت ـعــج بـعـشـرات‬ ‫أ‬ ‫الحواجز لقوات المن وميليشيات الشبيحة‬ ‫التابعة لقوات النظام‪ ،‬في محاولة ّ‬ ‫لتصيد‬ ‫مـطـلــوبـيــن ل ـل ـخــدمــة اإل ل ـزام ـي ــة ف ــي صـفــوف‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫الخيرة‪ ،‬من بين �كـثر من عشرة �الف من‬ ‫المستنكـفين والرافضين للذهاب وااللتحاق‬ ‫بها‪.‬‬ ‫أ‬ ‫وف ــي مــدي ـنــة ال ـس ــوي ــداء‪ ،‬اع ـت ـصــم ع ــدد من النقل وغالء السعار وعدم توفر المحروقات‪،‬‬ ‫شبان محافظة السويداء صباح يوم الجمعة إضافة النقطاع التيار الكهربائي‪.‬‬ ‫أ‬ ‫‪� ،2014/12/13‬م ــام مقام عين الــزمــان في‬ ‫أ‬ ‫مدينة الـســويــداء‪ ،‬حسب مــا نقل ناشطون وم ـ ــن بـ ـي ــن �س ـ ـب ـ ــاب االع ـ ـت ـ ـصـ ــام ب ـح ـســب‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫لمراسل «ضوضاء» هناك‪ .‬و�فاد هؤالء‪� ،‬ن الناشطين‪ ،‬ارتفاع �جرة نقل الراكب الواحد‬ ‫أ‬ ‫عشرات الشبان تجمعوا صباح الجمعة‪� ،‬مام مــن مدينة الـســويــداء إلــى العاصمة دمشق‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫مقام عين الزمان‪ ،‬احتجاجا على ارتفاع �جور والعكس حتى ‪ 600‬ل‪ .‬س‪ ،‬دون فرض رقابة‬ ‫على شركات النقل‪ ،‬في جو االنفالت القائم‬ ‫في المحافظة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫كما ذكــر الناشطون‪� ،‬ن االعـتـصــام سرعان‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ما انفض بعد إغالق �بــواب المقام �مامهم‪،‬‬ ‫وعدم مشاركة المشايخ في االعتصام إثر توتر‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫فرع �من الدولة ‪ -‬شهبا ‪ -‬السويداء‬ ‫مع جهات �منية تابعة للنظام‪.‬‬

‫أ‬ ‫ه ــذا‪ ،‬وت ـ ــواردت �ن ـب ــاء ع ــن وف ــاة الـمـعـتـقــل‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�سعد العريضي (�بو فراس) من �هالي مدينة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫شهبا‪ ،‬يوم الحد الـ ‪ 28‬كانون الول‪ ،‬تحت‬ ‫التعذيب في معتقالت قوات النظام‪ ،‬حسب‬ ‫أ‬ ‫مــا �فــاد ناشطون مـراســل «ضــوضــاء»‪ .‬وكــان‬ ‫«العريضي» اعتقل مع ابنه فراس من مدينة‬ ‫جرمانا بريف دمشق في تموز‪/‬يوليو ‪،2013‬‬ ‫بالتزامن مع اعتقال المعالج الفيزيائي عماد‬ ‫أ‬ ‫�بو صالح‪ ،‬الذي قضى بدوره تحت التعذيب‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫قبل عــدة �ي ــام‪ .‬الجدير ذكــره‪� ،‬ن ناشطين‬ ‫وشبان من قرية الجنينة في ريف السويداء‬ ‫أ‬ ‫الشمالي‪ ،‬خرجوا بمظاهرة ليلة ر�س السنة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫تحية لروح «�سعد العريضي �بو فراس»‪.‬‬ ‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫‪5‬‬


‫إضاءة‬

‫أخبار‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫العثور على جثث محترقة لمدنيين في الشيخ مسكين‬ ‫استخدمتهم قوات النظام كدروع بشرية‬

‫فريق تحرير ضوضاء‬

‫سيطر الجيش الحر صباح الخميس ‪ 25‬كانون‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ال ول‪ ،‬على � بنية تتمركز فيها قــوات النظام‬ ‫بمحيط ال ـلــواء ‪ ،82‬حـســب مــا نـقـلــت وكــالــة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫«س ـم ــارت»‪ ،‬و�وض ـحــت الــوكــالــة � ّن «الـحــر»‬ ‫أ‬ ‫سيطر على ال بنية بعد اشتباكات مــع قــوات‬ ‫أ‬ ‫النظام بالسلحة الثقيلة والمتوسطة‪.‬‬ ‫أ أ‬ ‫وت�تي �همية مدينة الشيخ مسكين من موقعها‬ ‫االستراتيجي‪ ،‬الــذي يشكل عقدة مواصالت‬ ‫بين محافظات المنطقة الجنوبية (السويداء‪،‬‬ ‫دمشق‪ ،‬القنيطرة‪ ،‬درعا)‪ ،‬إضافة إلى توسطها‬ ‫منطقة سهل حوران‪ ،‬وتصل بين مدن‪ :‬نوى‪،‬‬

‫إزرع‪ ،‬إبطع‪ ،‬داعــل‪ ،‬الصنمين‪ ،‬وتبعد عن إضافة لفتح خطوط اإلمداد لمقاتلي «الحر»‪،‬‬ ‫أ‬ ‫مدينة درعــا ‪ 22‬كيلومت ًرا‪ ،‬وعــن دمشق نحو ومن �هم النقاط المسيطر عليها‪ :‬دوار الشيخ‬ ‫مسكين‪ ،‬مخفر الشرطة العسكرية‪ ،‬مبنى ‪8‬‬ ‫‪ 80‬كيلومت ًرا‪.‬‬ ‫آ‬ ‫�ذار‪ ،‬جسر الزفة‪ ،‬مبنى مديرية الناحية‪ ،‬مبنى‬ ‫إلى ذلك‪ ،‬عثر مقاتلو الجيش الحر الثالثاء ‪ 9‬الوحدة اإلرشادية‪ ،‬سرية حرمون‪.‬‬ ‫أ‬ ‫كانون الول‪ ،‬على ثمانية جثث بينها جثث‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫ا م ــر� ة وطفلين‪ ،‬فــي مدينة الشيخ مسكين‪ ،‬مــن جــانــب �خ ــر‪ ،‬سـيـطــرت «جـبـهــة الـنـصــرة»‬ ‫أ‬ ‫وذلــك �ثـنــاء عمليات تمشيط داخــل مساكن منتصف الشهر الجاري‪ ،‬على مقر لواء «شهداء‬ ‫الـضـبــاط فــي الـمــديـنــة‪ ،‬كــانــت ق ــوات الـنـظــام اليرموك» في بلدة تسيل بدرعا‪ ،‬وذكرت وكالة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�عدمتهم و�حرقت جثثهم‪ ،‬بعد استخدامهم «سمارت» �ن السيطرة جاءت عقب اشتباكات‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫دروعا بشرية‪ ،‬قبل �ن تنسحب من المنطقة‪ .‬عـنـيـفــة بـيــن الـطــرفـيــن‪ ،‬بـعــد اقـتـحــام «جبهة‬ ‫النصرة» مقر لــواء «شـهــداء الـيــرمــوك» التابع‬ ‫وك ــان الـجـيــش الـحــر سـيـطــر عـلــى مــواقــع عـ ّـدة للجيش الحر فــي البلدة‪ ،‬واعتقالها مقاتلين‬ ‫فــي مدينة الشيخ مسكين فــي و قــت سابق‪ ،‬منه‪ ،‬إضافة إلى استيالئها على عربة عسكرية‬ ‫أ‬ ‫كما اغتنم �سـلـحــة ودبــابــات لـقــوات النظام‪ ،‬تــابـعــة ل ـلــواء‪ ،‬وب ــدوره‪ ،‬سيطر ل ــواء «شـهــداء‬ ‫الـيــرمــوك» عـلــى حــاجــز «ال ـعــان» غــرب بلدة‬ ‫سحم الجوالن‪ ،‬بعد اشتباكات مع «النصرة»‪.‬‬ ‫االشـتـبــاكــات بـيــن «ال ـن ـصــرة» ول ــواء «شـهــداء‬ ‫أ‬ ‫الـيــرمــوك» دفـعــت فـصــائــل و�طـ ـراف عــدة في‬ ‫حوران‪ ،‬إلى إطالق مبادرات وقيادة وساطات‬ ‫بينهما‪ ،‬بهدف حل الخالف ووقــف القتال‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ك ــان �ب ــرزه ــا ال ـم ـب ــادرة ال ـت ــي �ط ـل ـق ـت ـهــا حــركــة‬ ‫«المثنى» اإلسالمية‪ ،‬باسم «دار العدل في‬ ‫حوران»‪.‬‬ ‫وتـ ـه ــدف الـ ـمـ ـب ــادرة إلـ ــى إنـ ـه ــاء ال ـق ـت ــال بـيــن‬ ‫أ‬ ‫الطرفين‪ ،‬و�وض ــح بيان صــادر عــن الحركة‪،‬‬ ‫نشر في صفحتها الرسمية على موقع التواصل‬ ‫أ‬ ‫االج ـت ـم ــاع ــي «ف ــايـ ـسـ ـب ــوك»‪ّ � ،‬ن ال ـطــرف ـيــن‬ ‫المتنازعين اتفقا على «تشكيل لجنة مؤلفة من‬ ‫عدة فصائل منضوية تحت راية دار العدل‪،‬‬ ‫أ‬ ‫�برزها حركة المثنى اإلسالمية‪ ،‬ولواء الحبيب‬ ‫محمد‪ ،‬وغــرفــة الـشــام‪ ،‬مهمتها حــل الخالف‬ ‫بين الطرفين»‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬


‫إضاءة‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫أخبار‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫كذلك �وضــح البيان � ّن «دار العدل» شكلت «لجنة شرعية» تباشر‬ ‫أ‬ ‫التحقيقات‪ ،‬بعد تسليم الســرى من الطرفين لمحكمة «دار العدل»‬ ‫ووقف ما وصفها بـ»المظاهر المسلحة»‪ ،‬بينما تقيم «دار العدل» حواجز‬ ‫مشتركة في منطقة العالن‪.‬‬ ‫فــي وق ــت الح ــق‪ ،‬ج ــددت مـحـكـمــة «دار ال ـع ــدل» مـطــالـبــة الـفـصــائــل‬ ‫المتنازعة وقف إطالق النار‪ ،‬أو�صدرت ً‬ ‫بيانا نشر على صفحتها الرسمية‬ ‫فــي «فـيـسـبــوك»‪ ،‬قــالــت فيه ّإن على الفصائل «الـتـفــرغ لقتال قــوات‬ ‫النظام‪ ،‬بينما تستلم دار العدل حواجز منطقة حوض وادي اليرموك‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫لضمان تنفيذ قراراتها»‪ ،‬معتبرة � ّن تنفيذ القرارات السابقة يبد� اعتبا ًرا‬ ‫من تاريخ صدور البيان‪ ،‬الذي جاء بعد موافقة الطرفين على المبادرة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫التي �علنتها حركة «المثنى اإلسالمية»‪.‬‬ ‫يذكر �ن االشتباكات بين الطرفين توقفت‪ ،‬دون التوصل إلى اتفاق‬ ‫أ‬ ‫نهائي يضع ً‬ ‫حدا للخالف بينهما‪ ،‬الذي نش� على خلفية اتهام «النصرة»‬ ‫ب ــدوره‪ ،‬دعــا «مجلس محافظة درعــا فــي المناطق الـمـحــررة»‪« ،‬جبهة لـ»شهداء اليرموك» بمبايعة تنظيم «الدولة اإلسالمية»‪ ،‬ونفي «شهداء‬ ‫النصرة» ولــواء «شـهــداء الـيــرمــوك» إلــى اال لـتـزام بمبادرة «دار العدل اليرموك» التهمة الموجهة إليه‪.‬‬ ‫فــي ح ــوران»‪ ،‬حسب بـيــان نشر على الصفحة الرسمية للمجلس في‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫«فايسبوك»‪ ،‬و�وضح �ن المبادرة تقضي بإنهاء النزاع بين الطرفين‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ووقف كافة المظاهر المسلحة‪ ،‬كذلك دعا المجلس الهالي النازحين‬ ‫من بيوتهم جراء القتال‪ ،‬إلى «العودة وممارسة حياتهم الطبيعية»‪،‬‬ ‫وفق تعبيره‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫في سياق متصل‪ ،‬شكل شيوخ عشائر وقبائل ووجهاء من قرى وبلدات‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫في محافظتي القنيطرة ودرعا في ‪ 23‬كانون الول‪ ،‬مجلس «�هل الحل‬

‫والـعـقــد»‪ ،‬وبـ ّـيــن المجتمعون فــي تسجيل مـصــور‪ ،‬بـ ّـث عـلــى شبكة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫«اإلنترنت»‪� ،‬ن لقاءهم يهدف إلى تفعيل ودعم «مجلس �هل الحل‬ ‫والعقد»‪ ،‬الذي يتولى بدوره ّ‬ ‫حل الخالفات بين لواء «شهداء اليرموك»‬ ‫و«جبهة النصرة»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫وانتهى االجتماع‪ ،‬الذي عقد في محافظة القنيطرة‪ ،‬إلى الت�كيد على‬ ‫أ‬ ‫دعــم وتــ�يـيــد «الـجـيــش الـســوري الـحــر الـمــوحــد» واللجنة التحضيرية‬ ‫أ‬ ‫لتشكيل «هـيـئــة الـقـضــاء»‪ ،‬الـتــي يـر�سـهــا الـقــاضــي «بـســام زيـتــون»‪،‬‬ ‫والمجلس المحلي لمحافظة القنيطرة في ا لــدا خــل‪ ،‬برئاسة القاضي‬ ‫«علي الصالح»‪.‬‬

‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫‪7‬‬


‫إضاءة‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫بيانات‬

‫بيـان رفض مشـروع منـح الجنسية السورية‬ ‫لعناصر خارجية‬

‫ً أ‬ ‫أ‬ ‫بيانا‪� ،‬علنوا عبره رفضهم ما وصفوه بـ»مشروع‬ ‫�صدر ناشطون من محافظة السويداء‬ ‫أ‬ ‫منح الجنسية السورية لعناصر خارجية»‪ ،‬وجاء في البيان � ّنه كـثر الحديث مؤخ ًرا‬ ‫أ‬ ‫عن منح النظام الجنسية السورية لما يقارب ‪� 40‬لف شخص‪ ،‬بين عراقيين ولبنانيين‬ ‫معظمهم من عناصر مليشيا «حزب الله»‪ ،‬ونسبهم إلى عائالت معروفة من السويداء‪،‬‬ ‫«ما يؤثر بشكل مباشر على التركيبة الديمغرافية لسكان الجبل»‪ ،‬على حد تعبير‬ ‫البيان‪ ،‬وهذا نصه الكامل‪:‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫«�بنــاء الجبــل الك ـرام �يهــا الغيــارى الشــرفاء‪:‬‬ ‫بعـد التحيـة والسـالم‪:‬‬ ‫أ‬ ‫تواجـه السـويـداء م�ساة كبيرة‪ ،‬تهدد كيانها كمحافظة ارتبطت عبر تاريخها وإرثها‬ ‫أ‬ ‫النضالي بسورية الم‪ ،‬حيث ورد في العديد من الصحف العربية والغربية مشروع‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫خصوصا‪ ،‬غالبيتهم من‬ ‫تجنيس ما يقارب ‪ً � 40‬لفا‪ ،‬من التابعية اللبنانية والعراقية‬ ‫آ‬ ‫عناصر «حزب الله» اللبناني والعراقي المقاتلة إلى جانب النظام‪ ،‬و�خرين مدنيين‪،‬‬ ‫وسيتم منح هؤالء نسب عائالت ﻣﻦ عاﺋﻼﺕ الجبل ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﻭاﻷﺻﻠﻴﺔ من سكان‬ ‫أ‬ ‫المحافظة ومحيطها‪ ،‬كذلك استمالك �راضي وتوزيعها عليهم‪.‬‬ ‫افيا ً‬ ‫وهذا من أش�نه أ�ن ُيحدث تغيي ًرا ديموغر ً‬ ‫ً‬ ‫وتهديدا لتراث الجبل‬ ‫قسريا لتركيبة الجبل‪،‬‬ ‫أ‬ ‫وطبيعة عاداته‪ ،‬ناهيكم عن تفكيك الروابط وزرع الفتنة بين �بناء المحافظة‪ ،‬وز ّج‬ ‫المحافظة في صراعات مذهبية وطائـفية‪.‬‬ ‫آ أ‬ ‫وعليه فنحن الن �مام استحقاق وطني كبير‪ ،‬والمسؤولية تقع على عاتق الجميع ‪-‬‬ ‫أ‬ ‫معارضة وموالة ‪ -‬للحفاظ على �صالة المحافظة وتركيبتها السكانية‪ ،‬وال ننسى ما تعانيه‬ ‫هذه المحافظة من التكبيل والتهميش‪ ،‬ما يستعصي على التصديق والحصر‪ ،‬وهو ما‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�دى إلى �وضاع سيئة تحتاج سنوات لحلها‪.‬‬ ‫ًأ أ‬ ‫جميعا �ن نبد� خطوات فعلية‪ ،‬للوقوف في وجه هذا المخطط‪،‬‬ ‫لذا يتوجب علينا‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫وردع �ي محاولة لطمس هويـة المحافظة وتفكيك لحمتها‪ ،‬ندعوكم جميعا للتوقيع‬ ‫أ أ أ‬ ‫على بيان رفض التجنيس لي �حد �يـ ًـا كان على ثرى الريان الطاهر‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وليعلم الجميع �ن السويداء من الوطن والوطن في قلوب �بنائها ال كــارم‪ ،‬سيبقى‬ ‫وطنيا ال ينضب يعرفه الجميع‪ .‬السويداء لم تكن ً‬ ‫رصيدها إرث ًـا ً‬ ‫يوما طائـفية‪ ،‬بل هي‬ ‫من عبرت من الطائـفية إلى الوطن ً‬ ‫دوما أو� ً‬ ‫بدا‪ ،‬وهي باقية ما بقي الدهر تستلهم من‬ ‫أ‬ ‫فكر المرحوم سلطان باشا الطرش مقولة «إن ّالدين لله والوطن للجميع»‪.‬‬ ‫ن ــدع ــوك ــم ل ـل ـت ــوق ـي ــع إليـ ـص ــال‬ ‫ص ــوت ـن ــا‪ ،‬ول ـك ــي ن ـحــافــظ على‬ ‫تاريخ محافظتنا الوطني وعاداتها‬ ‫ال ـعــري ـقــة وت ـقــال ـيــدهــا الـعــربـيــة‬ ‫أ‬ ‫الصيلة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫جميعا ودامت السويداء‬ ‫دمتم‬ ‫بتراثها وتاريخها رم ـ ًزا حضارياً‬ ‫للوطن»‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫مقتل فريق «أورينت» اإلعالمي بنيران قوات النظام في درعا‬ ‫فريق تحرير ضوضاء‬ ‫أ‬ ‫قضى ثالثة ناشطين إعالميين مساء �مس االثنين‪ ،‬خالل تغطيتهم المعارك في‬ ‫أ‬ ‫مدينة «الشيخ مسكين» بريف درعا‪ .‬و�كد المراسل‪ ،‬مقتل ثالثة ناشطين‪ ،‬يعملون‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫لصالح تلفزيون «�ورينت»‪ ،‬في محافظة درعا‪ ،‬جراء قصف صاروخي‪ ،‬مصدره �حد‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫مواقع قوات النظام‪ .‬و�وضــح �ن قوات النظام في بلدة قرفة‪ ،‬استهدفت بصاروخ‬ ‫أ‬ ‫حراري‪ ،‬سيارة فريق القناة‪ ،‬ما �دى لمقتل رامي العاسمي و ﻳﻮﺳﻒ ﺍﻟﺪﻭس (مراسلي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�ورينت)‪ ،‬وﺳﺎﻟﻢ ﺍﻟﺨﻠﻴﻞ (ﻣﺼﻮﺭ �ﻭﺭﻳﻨﺖ)‪ .‬من جهته‪ ،‬قال نائب رئيس اال ئـتالف‬ ‫أ‬ ‫الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية «محمد القداح» �مس الثالثاء‪ ،‬إن النظام‬ ‫قصف ّعدة مناطق في ريف دمشق ومحافظة درعا‪ً ،‬‬ ‫«ردا على الغارات اإلسرائيلية»‬ ‫أ‬ ‫يوم الحد الفائت‪ ،‬حسب ما نشر موقع اال ئـتالف الرسمي‪.‬‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫وذكر القداح في تصريح صحفي‪� ،‬ن «طائرات نظام السد �قلعت بعد ساعات من‬ ‫أ‬ ‫الغارات اإلسرائيلية‪ ،‬لقصف ّعدة بلدات في ريف درعا‪� ،‬سفرت عن مقتل طاقم قناة‬ ‫أ�ورينت‪ ،‬فيما قتل طيران النظام ثالثة عشر ً‬ ‫مدنيا في ريف العاصمة دمشق‪ ،‬ودمر‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الحياء المدنية‪ ،‬في مشهد من مشاهد الدمار المستمر‪ .‬و�دان نائب رئيس اال ئـتالف‪،‬‬ ‫«الصمت الدولي عما يجري في سوريا من انتهاكات»‪ً ،‬‬ ‫مؤكدا على «المضي في سبيل‬ ‫أ‬ ‫تحقيق �هداف الثورة في الحرية والعدالة والكرامة» على حد تعبيره‪.‬‬ ‫سالم خليل‬

‫رامي العاسمي‬

‫يوسف الدور‬


‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫‪59‬‬


‫إضاءة‬

‫تحقيق‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫«سؤادا»‪ ..‬متحف سوري يعيش وسط األخطار‬ ‫لمحة عن آثار السويداء وعوالمها‬

‫يوسف شيخو‬

‫الجزء ‪2\1‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫مثل �ية دولة �خرى‪ ،‬يشكل تاريخ سوريا الحضاري‪،‬‬ ‫أ‬ ‫�حــد روافــد حاضرها الثقافي واالجتماعي والمادي‪.‬‬ ‫وســوريــا ه ــذه‪ ،‬ذات م ــدن قــديـمــة‪ ،‬تـعــاقـبــت عليها‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ح ـضــارات تـلــو �خ ــرى‪ .‬فالعاصمة دمـشــق هــي �قــدم‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫عاصمة مــ�هــولــة فــي الـتــاريــخ‪ ،‬كما تعد حلب �يضا‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫واح ــدة مــن �ق ــدم ال ـمــدن الـمــ�هــولــة فــي الـعــالــم‪ .‬وال‬ ‫تختلف حمص القديمة عن هذه النتيجة‪ .‬فيما تعد‬ ‫آ‬ ‫الثــار في سوريا شاهدا على تاريخ حافل يعود إلى‬ ‫أ آ‬ ‫أ‬ ‫�كـثر من �ربعة �الف عام‪ ،‬تعاقبت عليها الحضارات‬ ‫(البابلية والمصرية والفارسية واليونانية والرومانية)‪.‬‬ ‫وفــي هــذه الـمـســاحــة الـتـراثـيــة الغنية يمكن اعتبار‬ ‫محافظة الـســويــداء‪ ،‬الـتــي تحتوي على ‪ 400‬مكان‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫�ثري‪ ،‬متحفا مفتوحا للثار والوابد الثرية التي تعود‬ ‫آ‬ ‫آ‬ ‫إلى �الف السنين‪ .‬حيث عثر علماء الثار في مواقع‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫كـثيرة‪ ،‬بمعظم �رجاء المحافظة‪ ،‬على �دوات صوانية‬ ‫منحوتة كان يستخدمها إنسان ما قبل التاريخ‪ .‬وهنا‬ ‫يمكن االش ــارة إلــى مدينة شهبا (روم ــا الصغيرة)‪،‬‬ ‫التي يعود تاريخها إلى العصر الحجري‪ .‬وقد اعتنى‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫«فيليب العربي» ابن مدينة شهبا‪ ،‬و�حــد الباطرة‬ ‫السوريين الذين حكموا رو مــا بمدينته وبتصميمها‬ ‫وجعلها مشابهة لروما‪ ،‬ومركزا هاما في االمبراطورية‬ ‫الشرقية‪ .‬كما تشرف «قلعة صلخد» الضخمة الواقعة‬ ‫فوق تل بازلتي والشهيرة تاريخيا باسم «صرخد»‪،‬‬ ‫على كافة المناطق المحيطة بها‪ ،‬حيث يرجع الكـثير‬ ‫أ‬ ‫من المؤرخين بناء القلعة إلى �يام الحاكم الفاطمي‬ ‫«المستنصر» عام ‪ 446‬هجري‪.‬‬ ‫أ‬ ‫و يفيد القول ب�ن الحركة في هذا المتحف الطبيعي‬ ‫أ‬ ‫والث ـ ــري قـلـيـلــة ج ــدا ال ـي ــوم‪ ،‬بـسـبــب ال ــواق ــع الــذي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫تعيشه البالد منذ نحو �ربـعــة �ع ــوام‪ ،‬وهــو ما �تــاح‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫فرصة لمخربي الثــار ولصوصها �ن يعبثوا ويخربوا‬ ‫أ‬ ‫بل ويزيلوا ّكم ًا كبي ًرا من �وابد سوريا التاريخية‪ .‬هذا‬ ‫الــواقــع‪ ،‬بحسب الصور والوثائق المتوافرة يحدث‬ ‫أ‬ ‫كل يوم هذا في وضح النهار بعد �ن كان اللصوص‬

‫‪10‬‬

‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫قنوات ‪ -‬السويداء‬

‫يتلطون ذلك في جنح الليل ً‬ ‫سابقا‪ .‬ولهذه الغاية‪،‬‬ ‫آ‬ ‫ً‬ ‫انطالقا‬ ‫يواصل «فريق التوثيق البصري لثار سورية»‬ ‫أ‬ ‫من حوران (وبد� عمله في العام ‪ ،)2007‬على صنع‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫�رشيف مصور يضم عشرات �الف الصور التي توثق‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫عشرات المواقع الثرية‪ ،‬وهي تظهر في �حيان كـثيرة‬ ‫التغييرات التي طالت هذه المواقع خالل السنوات‬ ‫أ‬ ‫الخيرة‪ .‬وقد ساعدت الفريق المكون من ثالثة شبان‬ ‫أ‬ ‫متطوعين‪�( ،‬برشية بصرى وحــوران وجبل العرب‬ ‫للروم الملكيين الكاثوليك)‪ ،‬والتي ّقدمت صفحات‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وتعريفا‬ ‫إسهاما في هذا المشروع‪،‬‬ ‫روزنامتها السنوية‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫لبناء البلد ب�ثار وحضارات �جدادهم‪ ،‬التي يمكن‬ ‫الحديث باختصار عن بعضها‪.‬‬ ‫مدينة السويداء‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫تعد مدينة الـســويــداء‪� ،‬حــد �هــم المدن الثــريــة في‬ ‫المحافظة‪ ،‬وكــانــت مدينة الـســويــداء تسمى خالل‬ ‫أ‬ ‫الـعـصــور القديمة «س ــوادا»‪� ،‬ي المدينة الـســوداء‬ ‫نتيجة طبيعتها البركانية وحجارتها ا ل ـســوداء‪ ،‬ثم‬ ‫أ�ط ـلــق عـلـيـهــا اس ــم «ديــون ـيــزيــاس» خ ــال الـعـصــور‬ ‫ال ــروم ــان ـي ــة وال ـب ـي ـزن ـط ـي ــة؛ ن ـس ـبــة إلـ ــى إلـ ــه الـخـمــر‬ ‫«ديــون ـيــزيــوس»‪ ،‬ال ــذي يـقــابـلــه «ذو ال ـش ـراة» عند‬ ‫أ‬ ‫العرب النباط‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫المتتبع لتاريخ محافظة السويداء يرى �ن هذا المكان‬ ‫أ‬ ‫شهد‪ ،‬على القــل‪ ،‬ثــاث مراحل للسكن الحضري‬ ‫أ آ‬ ‫خالل �ربعة �الف سنة السابقة لميالد السيد المسيح‬

‫هي‪( :‬الحجري النحاسي‪ -‬البرونزي القديم ‪ -‬البرونزي‬ ‫الوسيط)‪ .‬و مــن المواقع المكـتشفة والممثلة لهذه‬ ‫أ‬ ‫المراحل (تل ظهير‪ -‬خربة النباشي‪ -‬خربة الهبارية‬ ‫أ‬ ‫تــل دبــة بريكة)‪ .‬ومــا بقي في المحافظة من �وابــد‬‫أ‬ ‫�ثرية من العصور (النبطي– اليوناني– الروماني–‬ ‫الغساني البيزنطي– اإلسالمي)‪ ،‬فهي كـثيرة نجدها‬ ‫في معظم مناطق وقرى المحافظة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫عرفت مدينة السويداء الحضارة منذ ال لف الثالث‬ ‫قبل الميالد‪ ،‬وسكنها العرب القدامى خاصة زمن‬ ‫آ‬ ‫والرام ـي ـيــن‪ ،‬وكــانــت حينها ج ـ ً‬ ‫ـزءا من‬ ‫الكنعانيين‬ ‫مملكة بــاشــان زمــن الـمـلــك الـكـنـعــانــي «ع ــوج»‪ .‬ثم‬ ‫أ‬ ‫سكنت من قبل العرب النـبــاط‪ ،‬الذين استطاعوا‬ ‫أ‬ ‫إخ ـراج اليونانيين السلوقيين خــال الـقــرن الول‬ ‫قبل الميالد‪ ،‬كما سكنها ا لـعــرب الغسانيون زمن‬ ‫االحتالل البيزنطي وتركوا فيها حضارة متميزة‪ ،‬وفي‬ ‫نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر‪،‬‬ ‫قدم السكان الحاليون للمدينة‪ ،‬حيث هاجر إليها‬ ‫الـعــديــد مــن لبنان وفلسطين واسـتـخــدمــوا المباني‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫والمنازل الثرية القائمة‪ ،‬وعدلوا ب�قسامها و�ضافوا‬ ‫عليها عناصر معمارية جديدة‪ ،‬مستخدمين بذلك‬ ‫أ‬ ‫الكـثير من الحجارة والزخارف الثرية‪.‬‬ ‫وزار الـســويــداء ع ـ ً‬ ‫ـددا كـبـيـ ًرا مــن الــرحــالــة المؤرخين‬ ‫آ‬ ‫والثــاريـيــن منذ القرن الخامس عشر وحتى وقتنا‪،‬‬ ‫أ‬ ‫تركوا خاللها دراسات و�بحاث ومؤلفات قيمة ومفيدة‪،‬‬


‫إضاءة‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫تحقيق‬

‫ً‬ ‫وصورا‬ ‫تضمنت وثائق كـتابية ومخططات هندسية‬ ‫جــويــة فوتوغرافية ومعلومات هــامــة حــول المواقع‬ ‫أ‬ ‫الث ــري ــة فــي الـمـحــافـظــة وخ ــاص ـ ًـة مــديـنــة ال ـســويــداء‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫القديمة‪ .‬كما �ج ــرت بعثة �ثــريــة مشتركة (ســوريــة‪-‬‬ ‫فرنسية) دراسات ّ‬ ‫جدية عن السويداء القديمة خالل‬ ‫أ‬ ‫العقد الخير من القرن العشرين‪ ،‬وساعد ذلك في‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫فهم مخطط المدينة القديمة و�ماكن البنية الثرية‬ ‫المختفية ضمن النسيج العمراني الحديث‪ ،‬الذي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�خذ منحى واتجاه النسيج الثري القديم وعلى �سسه‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الصلية‪ ،‬ما سمح بوضع فرضيات �ولية عن المراحل‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الساسية لتطور المدينة منذ عصور البرونز (ال لفين‬ ‫الثالث والثاني قبل الميالد) وحتى العصر البيزنطي‪.‬‬ ‫أ‬ ‫وتثير نتائج تلك البـحــاث والــدراســات الكـثير من‬ ‫التساؤالت عن الوضع الذي كانت تحتله السويداء‬ ‫فــي الـعـصــور الـقــديـمــة‪ .‬ففي العصر الــرومــانــي هناك‬ ‫داللة معطاة بواسطة الطريق القديمة التي ال تزال‬ ‫واضـحــة حتى الـيــوم فــي الــريــف الـمـجــاور‪ ،‬فــ»ســوادا‬ ‫ديونيزياس»‪ ،‬كانت تبدو في الواقع كمحطة عظيمة‬ ‫على المحاور الكبيرة للطريق التجارية المتجهة من‬ ‫الشمال إلى الجنوب بين المدن الرئيسة‪ ،‬اعتبارا من‬ ‫دمشق في والية سورية وبصرى في الوالية العربية‪،‬‬ ‫فظهرت مدينة «ديــونـيــزيــاس» أ�يـضـ ًـا كمفترق طرق‬ ‫إقليمي‪ ،‬حيث هناك عدة طرق رومانية تصل إليها‪،‬‬ ‫ومنها طرق مخصصة إلى المنطقة الجبلية‪ ،‬ويتضح‬ ‫أ أ‬ ‫على مخطط المدينة بــاب بصرى على �حــد �ضــاع‬ ‫السور القديم وهو الباب المخصص للطريق القادمة‬

‫شهبا‪ -‬السويداء‬

‫متحف السويداء‬

‫إلى السويداء من ناحية بصرى الشام‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�هم المواقع الثرية في المدينة‬ ‫قوس الكنيسة الصغرى‪ :‬يتوسط الشارع المحوري‪،‬‬ ‫ويطلق عليه اسم المشنقة (القرن الخامس الميالدي)‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�جـ ــري عـلـيــه �ع ـم ــال تــرمـيــم مــن قـبــل مـعـهــد الث ــار‬ ‫أ‬ ‫ال لماني برئاسة البروفسور «فرايبرغر» خالل عامي‬ ‫أ‬ ‫‪ 1998 1997-/‬م‪ ،/‬كما �حــدث فيه تنقيب خالل‬ ‫عامي ‪ 2000-1999/‬م‪ /‬مــن قبل البعثة الفرنسية‬ ‫برئاسة «م‪ .‬كارلوس»‪.‬‬ ‫آ‬ ‫معبد �لهة المياه‪ :‬يقع إلى الغرب من قوس المشنقة‪،‬‬ ‫وهــو مـ ّـطـمــور حــالـيـ ًـا ومختفي الـمـعــالــم مـنــذ عـشـرات‬ ‫أ‬ ‫الـسـنـيــن‪ ،‬وعـلــى واجـهـتــه ك ـتــابــة يــونــانـيــة تفيد بــ�ن‬

‫مياهه قد تم ّ‬ ‫جرها من موقع الرحى عــام ‪183‬م في‬ ‫عـهــد اإلم ـب ـراطــور «ك ــوم ــودوس»‪ .‬وق ــد ج ــرت بعض‬ ‫التنقيبات الطارئة نهاية عام ‪2003‬م من قبل دائرة‬ ‫آ‬ ‫�ثــار السويداء‪ ،‬ظهرت فيها بعض المجاري المائية‬ ‫أ‬ ‫وجدار منحوت من �صل المعبد‪.‬‬ ‫الكنيسة الكبرى‪ :‬تطل واجهتها على الشارع المحوري‬ ‫أ‬ ‫مـبــاشــرة‪ ،‬وتمتد �ج ـزاؤهــا فــي الـمـنــازل الــواقـعــة إلى‬ ‫ال ـش ــرق‪ .‬وي ـع ــود ت ــاري ــخ ب ـنــاء الـكـنـيـســة إل ــى ال ـقــرن‬ ‫أ‬ ‫ال ـســادس ال ـم ـيــادي‪ ،‬وعـلــى �ح ــد ج ــدران مدخلها‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫كـتابة يونانية تفيد ب�ن «سالومي»‪ ،‬والدة السقف‬ ‫«جــورج» قد تبرعت ببناء هذه الكنيسة‪ ،‬وال يزال‬ ‫أ‬ ‫فــي �رض ـي ــة مــدخـلـهــا فـسـيـفـســاء مـلــونــة ذات نقوش‬ ‫أ‬ ‫هندسية ‪1957/6/5‬م‪� ،‬جريت في قسمها الشرقي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫بعض �عـمــال التنظيف والتعزيل مــن �جــل إظهار‬ ‫أ‬ ‫معالمها عام ‪2003‬م‪� ،‬ما قسمها الغربي فهو مختف‬ ‫داخل المنازل‪.‬‬ ‫المسرحان الكبير والصغير‬ ‫يعود بناء المسرح الكبير في السويداء إلــى القرن‬ ‫الثاني الميالدي‪ ،‬وهو يضاهي مسرح بصرى الشام‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ومساحة‪ ،‬ويقدر قطره بنحو ‪ 100‬متر‪ ،‬إال �ن‬ ‫قيمة‬ ‫مدرجاته بقيت تحت الطريق المحوري الذي يخترق‬ ‫أ‬ ‫السويداء من شمالها إلى جنوبها‪� ،‬ما كواليسه فهي‬ ‫ال تزال ظاهرة للعيان على جانبي الشارع‪ .‬وبحسب‬ ‫أالب «موفق العيد» نائب مطران أ(�برشية بصرى‬ ‫وحوران وجبل العرب للروم الملكيين الكاثوليك)‪،‬‬ ‫والمشرف على مشروع «الــروزنــامــة»‪ ،‬فــإن الطريق‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫المحوري �ساء كـثي ًرا إلى العديد من �وابد السويداء‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫وخصوصا أ�نه ّ‬ ‫يمر من فوق بعض الكنائس الثرية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫دافنا إياها تحت التراب واإلسفلت‪.‬‬ ‫أ‬ ‫�م ــا ال ـم ـســرح الـصـغـيــر‪ ،‬فـظـهــرت مـعــالــم مــدرجــاتــه‬ ‫المتهدمة عند شــق الـطــريــق الـمـحــور ال ــذي اخترق‬ ‫مدينة السويداء القديمة‪ ،‬وبني على الطراز المعماري‬ ‫الــرومــانــي القديم فــي الـقــرن الثاني الـمـيــادي‪ .‬ويقع‬ ‫«المسرح الصغير» وسط مدينة السويداء القديمة‪،‬‬ ‫وي ـجــاور ع ـ ً‬ ‫ـددا مــن الـمـعــالــم الـمـهـمــة فــي المنطقة‪،‬‬ ‫الكنيستان «الكبرى» و»الصغرى‪ ،‬ويرجح إنشاؤه‬ ‫فــي ال ـقــرن الـثــانــي الـمـيــادي فــي الـفـتــرة الـتــي بنيت‬ ‫أ‬ ‫فيها الكنيسة الكبرى � و «البازيليكا»‪ ،‬و قــد تهدم‬ ‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫‪11‬‬


‫إضاءة‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫تحقيق‬

‫أ‬ ‫منذ مـئــات السنين‪ ،‬وبقيت منه بعض الـشــواهــد‪ ،‬مثل �ج ـزاء مــن صفوف‬ ‫مقاعد المتفرجين‪ ،‬وخشبة المسرح والممرات‪ ،‬وهي مشابهة لبعض المعالم‬ ‫أ‬ ‫الموجودة في بيوت �هالي مدينة السويداء القديمة‪ ،‬كــ»دار عبيد»‪ ،‬و»دار‬ ‫حاتم»‪ ،‬وغيرهما‪.‬‬ ‫أ‬ ‫في العام ‪ ،1996‬اكـتشف مدرج صغير‪ ،‬يقع إلى جوار المسرح‪ ،‬ويعتقد �ن‬ ‫وظيفته أالساسية تنحصر في كونه ً‬ ‫مكانا لالجتماعات العامة‪ً ،‬‬ ‫وجزءا من مباني‬ ‫البلدية العامة‪ .‬ويتصل «المسرح الصغير» مع عدد من البيوت المجاورة‪،‬‬ ‫ومنها ما هو تابع للمسرح نفسه‪ ،‬وتشغل الغرف الصغيرة وظائـف متعددة‪،‬‬ ‫حسب المناسبات التي تقام على المسرح‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ويعتقد �ن المسرح كان يستخدم لالجتماعات العامة وللمناسبات والمسرحيات‬ ‫والحفالت الموسيقية‪ ،‬وهــو حسب المخطط المعاد تصويره يماثل مسرح‬ ‫بصرى‪ ،‬من حيث الشكل والتصميم‪ ،‬وقد بقيت مدرجاته وكواليسه تحت‬ ‫الشارع «المحوري»‪ ،‬وهناك تم الكشف عن كواليسه كما هي‪ ،‬وهي عبارة‬ ‫عن ممرات مبنية على الجدران‪ ،‬والسقف كله من القناطر الجميلة‪ ،‬وجرى‬ ‫فيه ترميم اقتصر على إعادة إحياء المدرجات القليلة وفق الطراز المعماري‬ ‫الروماني القديم‪ ،‬وهي على صغرها تشكل حالة فريدة على غرار ما كان موجود‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫سابقا‪ ،‬وهو عبارة عن ستة مدرجات �طولها (العلى) يبلغ حوالي عشرة �متار‪،‬‬ ‫لينزل بشكل شبه دائري إلى أالسفل‪ ،‬حيث كان المدرج السفلي أالقل ً‬ ‫طوال‪،‬‬

‫شهبا‪ -‬السويداء‬

‫قنوات‪ -‬السويداء‬

‫‪12‬‬

‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫وهو محاط بحجارة مشذبة صنعت في نهاية المدرج‪ ،‬لتكون كالمسند للمشاهد‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الخير الجالس عند نهاية المدرج‪� .‬ما ساحة المسرح‪ ،‬فهي صغيرة مبلطة بالحجارة‬ ‫أ‬ ‫البازلتية المصقولة‪ ،‬وما يميز هذا المسرح �ن كواليسه جانبية‪ ،‬وليست كما‬ ‫أ‬ ‫مسرح «شهبا» الروماني‪ ،‬وهو ما يؤكد �ن الدرج الصغير المفضي إلى الداخل‪.‬‬ ‫وظائـف «المسرح الصغير»‬ ‫أ‬ ‫الفعاليات التي �قيمت على مدرجات «المسرح الصغير»‪ ،‬اقتصرت على عدد قليل‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫جدا من الحفالت والمسرحيات‪ ،‬وهو ما يضع �كـثر من إشارة استفهام بسبب‬ ‫أ آ‬ ‫إهمال الحالة التي يمثلها هذا المكان الصغير‪ .‬وبحسب مصادر مطلعة �ن «�ثار‬ ‫السويداء كانت ظاهرة في منتصف القرن الماضي‪ُ ،‬‬ ‫وطمست معالمه تحت‬ ‫مسرح‬ ‫البيوت السكنية‪ ،‬وكان على ما يبدو يقام في مدرجه مسرحيات وتمثيليات لكـتاب‬ ‫يونان ورومان تفهمها طبقة معينة من الناس‪ ،‬وبحسب ما كان يتم في مثل هذه‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫المكنة‪ ،‬فإن �لعاب المصارعة والحفالت الموسيقية والرقص وال لعاب البهلوانية‬ ‫كانت تقام عليه‪ .‬ولكن الفعاليات الثقافية في المحافظة لم تستثمر هذا المعلم‬ ‫أ أ‬ ‫المهم بالشكل المناسب» ويضيف المصدر �نه‪�« :‬قيم على المسرح الصغير عدد‬ ‫من الفعاليات الشبابية‪ ،‬برعاية (اليونيسيف)‪ ،‬كانت تهدف إلى إحياء التراث‪،‬‬ ‫ويومها قدم أ�ولئك الشباب مسرحية تحاكي التاريخ العربي العريق‪ّ ،‬‬ ‫فشكل النص‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫المكـتوب بلغة عربية �صيلة والزياء البسيطة وتلك المدرجات البازلتية ك�نها‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫رخام �سود‪ ،‬باإلضافة للجمهور الذي مل المكان‪ ،‬احتفالية كبيرة �ظهرت مكانة‬ ‫ذلك المسرح وقدرته على توظيف حجمه وحجارته في خدمة الفن والمجتمع»‪.‬‬ ‫اللجاة‬ ‫أ‬ ‫تسمى منطقة اللجاة ً‬ ‫قديما «تراكون»‪ ،‬و�طلق عليها الرومان اسم «تراخنيتس»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫ولم يعرف حتى الن‪ ،‬زمن االستيطان البشري الول فيها‪ ،‬وهي منطقة صخرية‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫وعرة وشاسعة‪ ،‬تقع جنوب سوريا‪ ،‬وقد �ضافته منظمة «اليونسكو» في العام‬ ‫‪ 2009‬إلى سجلها العالمي للمحميات الطبيعية‪ .‬في حين يتميز موقع َ‬ ‫«س َحر»‬ ‫أ‬ ‫بمعطيات �ثرية مهمة حول الدور الحضاري والديني الذي لعبته منطقة اللجاة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫معبدا ً‬ ‫وتشير وثائق مديرية آ�ثار درعا‪ ،‬إلى أ�ن الموقع يضم ً‬ ‫ومسرحا‪،‬‬ ‫ومدرجا‬ ‫وثنيا‬ ‫أ‬ ‫وبحسب المديرية‪ ،‬فإن قطر المدرج الذي عملت فيه بعثة (فرنسية ‪� -‬لمانية –‬ ‫أ‬ ‫سورية) في الموقع منذ عام ‪ ،1998‬يبلغ ‪ 20‬مت ًرا‪ ،‬في حين يتجاوز قطر الوركسترا‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫عشرة المتار‪ ،‬حيث كانت الوركسترا مملوءة بــردم الحجارة‪ ،‬كما �ن المدرج‬ ‫أ‬ ‫مؤلف من سبعة صفوف تفصل بينها ثالثة �دراج شعاعية‪ ،‬ويوجد ثالثة ممرات‬ ‫أ‬ ‫سفلية تصل إلى ساحة الوركسترا‪.‬‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫لكن في الواقع‪ ،‬وكما معظم المناطق الثرية في سوريا‪ ،‬يمكن القول إن �ثار‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫السويداء �صبحت مهددة اليوم وتعيش في بيئة غير �منة‪ ،‬وهو ما دفع المهتمين‬ ‫أ‬ ‫بالش�ن إلى دق ناقوس الخطر للتعبير عن قلقهم إزاء ما يهدد هذه الثروة السورية‬ ‫التي تعد جزءا من التراث العالمي‪ .‬وهو الموضوع الذي سيتناوله الجزء الثاني‬ ‫من هذا الملف في العدد القادم‪...‬‬


‫ضوء‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫السوري في حالة خراب‬ ‫التراث ّ‬ ‫ترجمة‪ :‬ليلى كريم‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫تسببت الحرب في سوريا بمقتل �كـثر من ‪� 200‬لف‬ ‫شخص‪ُ .‬وتظهر الصور أ�نها ّتدمر أ� ً‬ ‫يضا المباني التاريخية‬ ‫والمواقع المصنفة من قبل اليونسكو الـ ـ‪:..UNESCO‬‬ ‫كان هنالك وقت عندما كان الناس يعيشون ويعملون‬ ‫أ‬ ‫في شوارع هادئة‪ ،‬تصطف على جانبيها الشجار‪ ،‬حيث‬ ‫يذهبون للتسوق في أالسواق القديمة‪ّ ،‬‬ ‫ويصلون داخل‬ ‫المساجد الجميلة ّ‬ ‫العامرة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫لم يبق من كل هذا سوى الخراب‪ .‬الحرب لم تهلك‬ ‫فقط أ� ً‬ ‫جياال من السوريين‪ ،‬بل إنها تمحي كل ما يحيط‬ ‫أ أ‬ ‫بهم‪ ،‬بما في ذلك مواقع يعود تاريخها إلى اليام الولى‬ ‫من الحضارة‪ ،‬تمزقها حرب تقترب من سنتها الرابعة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ويبدو �ن إيقافها مستحيل‪ ،‬بينما ترى سوريا تراثها ذو‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫ً‬ ‫يوم تحت النقاض‪.‬‬ ‫الخمسة �الف عام يختفي يوما بعد ٍ‬ ‫على شبكة اإلنـتــرنــت‪ ،‬تشاهد مقاطع فيديو صادمة‬ ‫ً‬ ‫جدا صورها إعالميون وناشطون‪ُ ،‬تظهر مـرا ًرا وتكرا ًرا‬ ‫ّالدمار الهائل للمدن والقرى‪ ،‬فيما الصور التي قليل‬ ‫من الناس يشاهدونها‪ ،‬هي التي ناد ًرا ماتكشف الضرر‬ ‫خــارج ساحة المعركة‪ ،‬وذلــك في الكنائس القديمة‪،‬‬ ‫أ آ أ‬ ‫آ‬ ‫والقالع الصليبية‪� ،‬و الثار الخرى‪ ،‬التي صمدت �الف‬ ‫أ‬ ‫السنين �مام عمليات التطهير‪ ،‬والتي تتحول إلى رماد‬ ‫في حرب ال هوادة فيها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ستة مواقع مسجلة في التراث العالمي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫كلفت الـحــرب فــي ســوريــا حـيــاة �ك ـثــر مــن ‪� 130‬لــف‬ ‫شخص‪ ،‬واضطر ماليين السوريين للجوء إلى بلدان‬ ‫أ‬ ‫مجاورة‪ ،‬وماليين نزحوا داخل البالد‪ .‬ما � ّدى إلى توقف‬ ‫أ‬ ‫والمل أ� ً‬ ‫يضا‬ ‫االقتصاد والصناعة عن العمل لفترة طويلة‪.‬‬ ‫بات َي َتضاءل ً‬ ‫يوما بعد يوم‪.‬‬ ‫سوريا لديها ستة مواقع مسجلة في التراث العالمي‪،‬‬ ‫أ‬ ‫تعود إلى ما قبل �لفي عام وجميع هذه المواقع تضررت‬ ‫بسبب المعارك‪ .‬الصور التي التقطت قبل المعارك تظهر‬ ‫لنا سوريا كما بدت في كـتب التاريخ لعقود من الزمن‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫بلد كان الناس فيه يذهبون إلى السوق‪ ،‬ويلتقون في‬ ‫باحات المساجد‪ .‬بينما الصور التي يتم التقاطها اليوم‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ُتظهر الضـرار الهائلة في جميع �نحاء البالد‪ُ ،‬وتظهر‬ ‫أ� ً‬ ‫يضا دمار الروح والهوية السوريتين‪.‬‬ ‫ٌ أ أ‬ ‫واحد من �قدم السواق المغطاة في العالم‪،‬‬ ‫في حلب‪،‬‬ ‫في حالة خراب‪ .‬كانت متاهة أ�زقة حلب الحجرية مسرحاً‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫لبعض �شرس المعارك خالل الشهر الـ(‪ )18‬الماضية‪.‬‬ ‫فيما لم ترحم عمليات القصف الجوي من قبل النظام‬

‫ترجمة‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫والقتال المباشر على الرض هذا التراث الوطني‪ .‬و�ولئك‬ ‫أ‬ ‫الذين ما زالوا يجرؤون على الوقوف فوق النقاض للنظر‬ ‫إلى القلعة القديمة في وسط المدينة‪ ،‬يمكنهم رؤية‬ ‫الدمار الذي لحق بالعديد من جدرانها‪.‬‬ ‫الحياة توقفت‬ ‫أ‬ ‫على ُبعد مئات الكيلومترات نحو غرب ثالث �كبر مدينة‬ ‫في البالد (حمص)‪ ،‬واحدة من قالع القرون الوسطى‬ ‫أ‬ ‫ال كـثر شهرة في العالم «قلعة الحصن»‪ ،‬التي عانت‬ ‫أ‬ ‫أ� ً‬ ‫مت� ً‬ ‫ثرة بالقصف‬ ‫يضا الكـثير من ويالت الحرب‪ ،‬نراها‬ ‫المباشر ومدمرة جز ًئيا‪.‬‬ ‫في حمص المدينة الوضع أ�كـثر ً‬ ‫إيالما‪ ،‬حيث شوارع‬ ‫سكنية و عدد قليل من السيارات المتوقفة في ّ‬ ‫ّ‬ ‫ظل‬ ‫أ�شجار «الكينا»‪ّ ،‬تم تدميرها ً‬ ‫تماما‪ .‬لتتوقف الحياة‬ ‫في هذا الجزء من المدينة‪ ،‬كما هو الحال في معظم‬ ‫ًأ‬ ‫مثال �نقاض دبابة في‬ ‫المناطق الداخلية‪ .‬التي نرى فيها‬ ‫ُ‬ ‫وسط الشارع‪ ،‬والمئذنة القديمة بجوارها‪ ،‬قد دمرت‬ ‫وتحولت إلى غبار‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫تلك الصور ُالتقطت بالقرب من حماة‪ ،‬ولكن يمكن‬ ‫أ‬ ‫أ� ً‬ ‫يضا توضيح مدى الضرر الذي تعرضت له �جزاء من‬ ‫أ‬ ‫العاصمة دمـشــق‪ ،‬ومــدن وقــرى �خ ــرى مثل إدلــب و‬ ‫درعــا‪ ،‬حيث مهد الثورة السورية‪ ،‬والتي تحولت إلى‬ ‫نزاع مسلح فيما بعد‪.‬‬ ‫أ‬ ‫في �يار من عام ‪ ،2012‬كـتبت «إيما كونليف» وهي‬ ‫طالبة الــدك ـتــوراه فــي جامعة «دوره ــام» البريطانية‪،‬‬ ‫وعضو الشبكة الدولية للتراث العالمي‪ ،‬تقري ًرا عن تدمير‬ ‫المواقع السورية المصنفة‪ ،‬ذكرت فيه ثراء الحضارات‬ ‫ًأ‬ ‫ذاكرة �نه حتى المواقع‬ ‫التي انبثقت منها سوريا الحالية‪،‬‬ ‫البعيدة عن القتال كانت عرضة للنهب‪« ،‬فالعديد من‬ ‫حضارات العصر البرونزي وضعت بصماتها في سوريا‪،‬‬ ‫آ‬ ‫خاصة البابليين‪ ،‬والشوريين‪ ،‬والحثيين»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫تشرح «كونليف»‪� ،‬ن العديد من شعوب الحضارات‬ ‫أ‬ ‫قاموا باختيار مدن سورية كعواصم لهم‪ّ .‬ثم �تت‬

‫جامع خالد بن الوليد‬

‫الجامع الكبير‪ -‬حلب‬

‫أ‬ ‫الحروب الصليبية الوروبية‪ ،‬التي تركت بعض القالع‬ ‫أ‬ ‫الـتــي اعـ ُـتـبــرت مــن الـقــاع ال ك ـثــر إث ــارة لإلعجاب عبر‬ ‫أ‬ ‫التاريخ‪ ،‬بعدها �تت اإلمبراطورية العثمانية‪ ،‬وتعايشت‬ ‫جميع هذه الثقافات‪ُ ،‬لتعط الحياة ً‬ ‫جديدا ً‬ ‫شيئا ً‬ ‫وفريدا‬ ‫ِ‬ ‫من نوعه في العالم»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫تؤكد «كونليف» �ن التراث السوري مهدد �كـثر من �ي‬ ‫وقت مضى‪ ،‬وتقول‪« :‬إن المواقع أالثرية السورية ً‬ ‫غالبا‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ما تكون في الخطوط المامية‪ ،‬وتعاني �ضرار جسيمة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫بسبب انعدام المن والصعوبات االقتصادية المتزايدة‪.‬‬ ‫حتى المواقع البعيدة عن المعارك معرضة للنهب‪ ،‬وهذا‬ ‫ال ّيحرم منها السوريون فقط‪ ،‬بل ّيحرم العالم كله من‬ ‫غني‪ ،‬ومصدر لإللهام بقدر ماهو مصدر ّ‬ ‫تراث ّ‬ ‫للدخل»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫فيما تعتبر �نه بسبب صعوبة الوصول إلى البالد‪ ،‬يتم‬ ‫أ‬ ‫توثيق الدمار عبر صور القمار الصناعية‪.‬‬ ‫مدير المشاريع العالمية لصندوق التراث العالمي «دان‬ ‫أ‬ ‫طومسون»‪ُ ،‬يقدر �ن «جميع المواقع المصنفة في‬ ‫البالد قد تضررت‪ ،‬بما في ذلك المدن المصنفة من‬ ‫أ‬ ‫قبل منظمة اليونسكو‪ ،‬كما �ن العديد من المباني تم‬ ‫أ‬ ‫إتالفها‪ ،‬وهي ّإما مدمرة �و منهوبة على نطاق واسع‪،‬‬ ‫آ‬ ‫بسبب القذائـف والرصاص و�الت الحرب المثبتة في‬ ‫أ‬ ‫المواقع‪ ،‬باإلضافة للنهب‪ ،‬فهذه هي السباب الرئيسية‬ ‫أ‬ ‫للدمار‪ .‬مع ذلك‪ ،‬بقدر ما ن�سف على الجزء الذي ّتم‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫تخريبه‪ ،‬بقدر ما نعلم‪� ،‬نــه لم يتم اتخاذ �ي إجـراء‬ ‫ملموس ضد هذا الخراب الذي يحدث اليوم»‪.‬‬ ‫‪http://www.courrierinternational.com/‬‬ ‫‪le-patrimoine-syrien-en-/04/02/article/2014‬‬ ‫‪ruine‬؟‪page=all‬‬ ‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫‪13‬‬


‫إضاءة‬

‫تحقيق‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫السورية في َم ِّ‬ ‫هب الريح!!‬ ‫اآلثار‬

‫جوان ّتتر‬

‫كانت سوريا وال تزال مهد للحضارات أالولى‪ .‬أ� ٌ‬ ‫بنية‬ ‫أ‬ ‫قــديـمــة وم ــواق ـ ُـع �ث ـ َّـري ــة لـعـبــت دو ًرا هـ َّـامـ ًـا فــي رســم‬ ‫الخارطة التراثية لسوريا القديمة‪ً ،‬‬ ‫بدءا من دمشق‬ ‫آ‬ ‫وم�ذنها و حاراتها القديمة‪ ،‬وليس ً‬ ‫انتهاء بالمواقع‬ ‫أ‬ ‫الثــريــة التي تعود إلــى مئات السنين‪ .‬ولكن الذي‬ ‫حصل بعد اندالع الثورة السورية ‪-‬والصراع الدائر‬ ‫آ‬ ‫في الوقت الراهن‪ -‬من سرقة ونهب للثار من ِق َبل‬ ‫ً‬ ‫باإلضافة لالشتباكات الدائرة بين‬ ‫جهات مجهولة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫َّ‬ ‫الثوار وبين مقاتلي نظام الســد‪ ،‬تسبب في دمار‬ ‫أ‬ ‫المباني الثــريــة كما حصل في العديد من حــارات‬ ‫حمص القديمة وحلب القديمة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫َّ‬ ‫دولية ِ ّ‬ ‫شارت ُ‬ ‫تقارير َّ‬ ‫أ� َ‬ ‫متخصصة إلى �ن االشتباكات‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫الجارية في المناطق الثرية �دت إلى دمــار �غلب‬ ‫أ‬ ‫َّ‬ ‫التاريخية‪ ،‬كما حصل في‬ ‫الـمــواقــع ذات الهـمـ َّـيــة‬ ‫مواقع عديدة مثل موقع (تل الشيخ حمد) المشهور‬ ‫آ‬ ‫في مدينة (كاتمو) الشورية التابعة لدير الزور‪ ،‬التي‬ ‫تـحـ َّـولــت إلــى ســاحــة قـتــال بين الجيشين النظامي‬ ‫آ‬ ‫آ‬ ‫والـحــر‪ ،‬فتعرضت �ثــار الهيكل الش ــوري للدمار‪،‬‬ ‫كما دارت ا شـتـبــا كــات عنيفة حــول قلعة المضيق‬ ‫في آ(�فاميا)‪ ،‬تسببت بدمار وسرقة القطع أال َّ‬ ‫ثرية‬

‫أ‬ ‫القديمة ً‬ ‫جدا‪ .‬تقارير أ�خرى َّ‬ ‫مفصلة بينت تدمير �كـثر‬ ‫المواقع ذات أالهمية أالثـ َّـريــة في الشمال السوري‬ ‫أ‬ ‫وبعض المدن والرياف المنسية في إدلب‪ ،‬بحكم‬ ‫أ‬ ‫�ن هذه المناطق تعيش حالة من الفوضى‪ ،‬وقصف‬ ‫عـشــوائــي مـتــواصــل مــن ِقـ َـبــل قــوات الـنـظــام‪ ،‬الــذي‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫�دى بدوره لتدمير الثار‪ ،‬باإلضافة لتحفيز لصوص‬ ‫آ‬ ‫الثار على سرقة القطع وتهريبها إلى خارج الحدود‬ ‫َّ‬ ‫السورية‪.‬‬ ‫آ‬ ‫حكاية سرقة الثــار في سوريا ليست جديدة‪ ،‬غير‬ ‫أ َّ َ َ َ‬ ‫بشكل واضــح مــؤخ ـ ًرا‪ ،‬مع‬ ‫�نـهــا نــشــطــت وت ـزايــدت ٍ‬ ‫السري التي ّ‬ ‫ظهور جماعات التنقيب ّ‬ ‫تستغل الفوضى‬ ‫القائمة في بعض المناطق‪ ،‬منذ اندالع الثورة وبدء‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫حرص حتى‬ ‫قصف النظام أالعشوائي دون تمييز �و ٍ‬ ‫على المناطق الثرية‪ ،‬التي تعتبر ّ‬ ‫بحق‪ ،‬تر ًاثا َّ‬ ‫غني ًا‬ ‫أ‬ ‫ُيفصح عن الهمية التاريخية لسوريا‪.‬‬ ‫أ‬ ‫وفي حلب ذكرت تقارير كـثيرة سوء �وضاع المناطق‬ ‫أ‬ ‫الثرية في المدينة‪ ،‬واالعتداءات الخطيرة الحاصلة‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫عليها‪ ،‬حيث شوهدت �كـثر من َّمرة �ليات ثقيلة تقوم‬ ‫أ‬ ‫بالحفر والتنقيب في بعض المناطق الثرية‪ ،‬والتي‬ ‫ً‬ ‫السلوقية‪ِّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫تخريبا كبي ًرا‪.‬‬ ‫مسب َب ًة‬ ‫يعود بعضها للفترة‬ ‫أ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫� يـضـ ًـا شوهد تخريب متعمد من قبل السكان في‬

‫بعض المناطق‪ ،‬حيث يقومون بتكسير الحجارة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫خاصة بعد‬ ‫الثرية واستخدامها في �عمال البناء‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ارتفاع �سعار مــواد البناء كاإلسمنت وباقي المواد‬ ‫أ‬ ‫الخ ــرى‪ .‬وهــذا مــا يحصل بشكل كبير فــي موقعي‬ ‫أ‬ ‫«ســرجـيـلــة» و»ك ـفــر ح ــوار» الثــريـيــن بــريــف إدلــب‬ ‫الشمالي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فــي ظـ ّـل هــذه الكارثة التي تعتبر انتهاكا للتاريخ‬ ‫والحضارة‪ِ ،‬وج َدت بعض المجموعات التي وضعت‬ ‫على عاتقها محاولة التوعية‪ ،‬ولكن هيهات أ�ن َّ‬ ‫تنفذ‬ ‫هذه الحمالت التوعوية‪ ،‬في ظل النزاع والقصف‬ ‫من قبل قوات النظام السوري بالموازاة مع الفوضى‬ ‫الحاصلة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫في حديث مع �حد القائمين (والذي رفض الكشف‬ ‫عن اسمه) على هــذه الحمالت التوعوية ومحاولة‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫حماية الث ــار الـســوريــة فــي حـلــب‪َ ،‬ذك ـ َـر �ن معظم‬ ‫أ‬ ‫القطع الثرية المسروقة تذهب إلى الدول الحدودية‬ ‫أ‬ ‫الـمـجــاورة مثل تركيا ولـبـنــان‪ ،‬ومــن ثــم إلــى �وروب ــا‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫و�م ـي ــرك ــا �و ح ـتــى إس ـرائ ـي ــل‪ ،‬ح ـيــث ت ـبــاع لـمـحــال‬ ‫أ‬ ‫المزادات العلنية والقطع الثرية في مختلف دول‬ ‫أ‬ ‫�وروب ــا‪ .‬وفــي إجــابــة عــن المجموعات القائمة على‬ ‫أ‬ ‫وبتوجيه‬ ‫السرقة‪ ،‬قال‪�« :‬غلبها مجموعات من سوريا‬ ‫ٍ‬ ‫آ‬ ‫مــن تـ َّـجــار الث ــار خ ــارج ســوريــا‪ ،‬ال انـتـمــاء لـهــم‪ ،‬ال‬

‫المدن المنسية ‪ -‬إدلب‬

‫‪14‬‬

‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬


‫إضاءة‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫تحقيق‬

‫أ‬ ‫للجيش الحر وال للنظام‪ ،‬يعملون لجندة شخصية‪،‬‬ ‫أ‬ ‫وهــؤالء �نفسهم كانوا متواجدين قبل الـثــورة‪ ،‬لذا‬ ‫أ‬ ‫فالمر ال يتعلق بانتماء سياسي»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ويضيف في حديثه عن �هم المواقع الثرية في حلب‬ ‫َّ أ‬ ‫ً‬ ‫تعرض لضرار كبيرة غير‬ ‫قائال‪« :‬متحف قلعة حلب‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫معروفة الحجم‪ ،‬إال �نها ستكون �ضرا ًرا جسيمة في‬ ‫ًأ‬ ‫خاصة �ن متحف حلب الوطني‬ ‫ظل النزاع العنيف‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫على سبيل المثال والذي ّ‬ ‫يضم �برز القطع الثرية‪،‬‬ ‫َّ أ‬ ‫تعرض لسقوط قذائـف عشوائية َّ‬ ‫َّ‬ ‫ات عــدة»‪� .‬ما‬ ‫لمر ٍ‬ ‫عن إج ـراءات الحماية التي من المحتمل َّ‬ ‫اتخاذها‬ ‫يتابع‪« :‬إن اإلجراءات آالن ال ّبد أ�ن تكون ّ‬ ‫مركزة على‬ ‫أ‬ ‫أ آ‬ ‫آ‬ ‫توعية المجتمع السوري ب�همية الثار‪ ،‬و�ن الثار في‬ ‫ً‬ ‫مطالبا المعارضة‬ ‫النهاية هي ملك لكل السوريين»‪.‬‬ ‫والنظام بالحفاظ على هذا اإلرث الحضاري‪.‬‬ ‫أ‬ ‫منظمة «اليونسكو» �شارت في تقارير صادرة عنها‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫�ن حجم الثار التي ّتم تهريبها قد وصل إلى حوالي‬ ‫المليارين دوالر‪ ،‬وسط اتهامات متبادلة بين النظام‬ ‫السوري وبين قوات المعارضة‪ ،‬وقد ذكر تقرير صادر‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫عن صحيفة «واشنطن بوست المريكية»‪ ،‬مفاده � َّن‬ ‫آ‬ ‫فصائل مسلحة معارضة‪ ،‬تقوم بنهب الثار وبيعها‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫لجل تمويل نفسها وت�مين السالح‪ ،‬ما يؤثر على‬ ‫اإلرث الحضاري السوري وضياعه»‪.‬‬

‫المدن المنسية ‪ -‬إدلب‬

‫هذا ّعدا النهب الذي مارسه تنظيم الدولة اإلسالمية‬ ‫أ‬ ‫(داعش ) في «ر�س العين» بريف الحسكة‪ ،‬وحجم‬ ‫أ‬ ‫السرقات التي حصلت فيها‪ ،‬بحكم � ّن تلك المنطقة‬ ‫ّ آ‬ ‫آ ًآ‬ ‫تمتد ل الف‬ ‫ـارا �شــوريــة وسريانية قديمة‬ ‫تحوي �ث ـ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫السنين‪ .‬حيث �ن تلك المناطق ال ثــر يــة غالبا ما‬ ‫َ‬ ‫تتموضع في الصحراء وتكون َّ‬ ‫محصنة‪ ،‬مما يغري‬ ‫المتنازعين في الحصول عليها‪.‬‬

‫َّ‬ ‫تعرضت للنهب والسرقة والتدمير‪ ،‬كما حصل مع‬ ‫قلعة (الحلبية) شمال دير الــزور‪ ،‬حيث َّ‬ ‫تعرضت‬ ‫للتنقيب ّ‬ ‫جماعات (مجهولة) َّ‬ ‫وتم‬ ‫السري من قبل‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫تـهــريــب �غ ـلــب الـقـطــع الث ــري ــة ال ـمــوجــودة فـيـهــا»‪.‬‬ ‫مضيفا ‪ ،‬أ� ً‬ ‫ً‬ ‫يضا قصف النظام بشكل عشوائي على‬ ‫مواقع ّعدة سبب دما ًرا في تلك المواقع‪ ،‬مثل موقع‬ ‫أ‬ ‫«�وغاريت» في الميادين‪.‬‬

‫يقول «هاشم المحمد» الــذي كان يعمل مع بعثة‬ ‫إي ـطــالـ َّـيــة عـمـلــت خ ــال ال ـع ــام ‪ 2002‬ف ــي إح ــدى‬ ‫آ‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫غموض يك ِـتنف عمليات تهريب الثار وخصوصا في المواقع الثرية بدير الزور‪« :‬إن الثار السورية في‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫المناطق الثرية التي طالتها نيران الحرب الطاحنة‪ ،‬خطر كبير‪ ،‬ف�غلبية المواقع الثرية في دير الزور‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫َّ‬ ‫الميدانية‪ ،‬إلى �ن‬ ‫فيما تشير�غلب االخبار والتقارير‬ ‫قوات النظام السوري ّ‬ ‫تتحمل المسؤولية الكاملة عن‬ ‫أ‬ ‫تخريب المباني الثــريــة نتيجة قصفها العشوائي‪،‬‬ ‫كـمــا فـعـلــت بــ»قـلـعــة ك ــرك» الـشـهـيــرة مــن تــدمـيــر‪،‬‬ ‫والتي تعتبر من أ�كـثر القالع أ� َّ‬ ‫همي ًة في العالم‪ .‬كما‬ ‫تحولت إلى أ� َ‬ ‫أ� ّن البعض من المواقع أالثرية َّ‬ ‫ماكن‬ ‫لـتــدريــب ال ـقــوات الـمـتـصــارعــة فــي ســوريــا‪ ،‬وه ــو ما‬ ‫أ‬ ‫حصل في موقع (تل موزان) الثري الشهير بمحافظة‬ ‫أ‬ ‫الحسكة‪ُ ،‬‬ ‫حيث تـحـ َّـول مــن موقع �ثــري إلــى ثكنة‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الكردية»‬ ‫عسكرية لقوات «وحدات حماية الشعب‬ ‫الـ ــ(‪ ،)YPG‬وهــذا الـحــال ينطبق على الكـثير من‬ ‫أ‬ ‫داعش تحطيم تمثال اشوري‬ ‫المواقع الثرية في كل مناطق ومحافظات سوريا‪.‬‬

‫آ‬ ‫كيف تتم علميات سرقة الثار!!‬ ‫أ‬ ‫عملية سرقة آالثــار ّ‬ ‫تتم بطريقتين‪ :‬الطريقة الولى‬ ‫تنطوي على البساطة في التعامل‪ ،‬فمنهم مواطنون‬ ‫ً أ آ‬ ‫بناء على �ن الثــار تجلب‬ ‫بسطاء يقومون بالسرقة‬ ‫لهم ً‬ ‫ربحا يخرجهم من الوضع االقتصادي «المزري»‬ ‫أ‬ ‫لذلك َّ‬ ‫تتعرض المواقع الثرية لحفر وتنقيب عشوائي‬ ‫آ‬ ‫من قبل هؤالء‪ ،‬ومن ثم استخراج هذه الثار وبيعها‬ ‫َّ آ‬ ‫لتجار الثــار‪ ،‬الذين يقومون بدورهم بعملية نقلها‬ ‫أ‬ ‫إلى خارج الحدود السورية‪� .‬ما الطريقة الثانية وهي‬ ‫أ‬ ‫الطريقة الخطر كونها تعتمد على عصابات تمتهن‬ ‫شبكة واسـعــة تعمل فــي الداخل‬ ‫هــذا العمل عبر ٍ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫السو ّري‪ ،‬باستخدام خرائط و�دوات معينة تمكنهم‬ ‫من الحفر السريع وتحديد موقع أالثر َّ‬ ‫بدقة متناهية‪.‬‬ ‫ويرى الدكـتور «جمال الحبش» وهو ّ‬ ‫مدرس في معهد‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫الثار والمتاحف بدمشق � َّن الوضع المني السيء‬ ‫آ أ‬ ‫هو من ّ‬ ‫يشجع على سرقة هذه الثار �و العبث بها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫‪15‬‬


‫إضاءة‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫تحقيق‬

‫أ‬ ‫وتخريب المعالم الثــريــة وتوظيف خاليا تعمل‬ ‫أ أ‬ ‫في الــداخــل الـســو ّ‬ ‫ري بهذا الـشــ�ن لجــل تهريبها‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫حكايات كـثيرة يرويها النازحون إلى خارج سوريا‬ ‫أ‬ ‫عن حجم السرقات والتكسير التي تطال �غلب‬ ‫أ‬ ‫الـمــواقــع الثــريــة‪ ،‬فالمعلومات تشير حــالـيـ ًـا إلى‬ ‫تعرض مــا يـقــارب إثنا عشر ً‬ ‫متحفا فــي ســوريــا إلى‬ ‫تــدمـيــر وكـســر ونـهــب‪ ،‬خــاصــة فــي الـمـنــاطــق التي‬ ‫أ‬ ‫َّ‬ ‫تتعرض للقصف �و يكون فيها نزاع عنيف‪« .‬وعلى‬ ‫الرغم من هذا الدمار الواضح‪ ،‬ال تزال وزارة الثقافة‬ ‫أ‬ ‫السورية َّ‬ ‫تؤكد من خالل اإلعالم الرسمي �ن القطع‬ ‫أ‬ ‫مكان آ�من! وهذا َ‬ ‫ليس‬ ‫الثرية و اللقى موضوعة في ٍ‬ ‫ســوى م ـجـ ّ ِـرد الـتـفــاف عـلــى واق ــع خطير ال يمكن‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫سيجلب‬ ‫للنظام السوري السيطرة عليه‪ ،‬غير � َّن ُه‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الدمار الكامل لغلب المواقع الثرية الخرى التي‬ ‫ّ‬ ‫تحرض‬ ‫ال تزال سليمة‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫الفوضى التي ِ‬ ‫أ‬ ‫على عملية سرقتها و االتجار بها ب�شكال مختلفة‬ ‫أ‬ ‫مـمــا �خ ــرج حـجــم الـســرقــات والـتـهــريــب الحاصل‬ ‫أ‬ ‫لـ آـ�ثــار ال ـسـ َّ‬ ‫ـوريــة‪ ،‬خ ــارج إط ــار الرقـ ــام بشكل ال‬ ‫يمكن تعداده وإحصائه ً‬ ‫مطلقا»‪ .‬ويضيف‪« ،‬إن‬ ‫أ‬ ‫المعلومات تشير إلــى �ن المتورطين في تهريب‬ ‫آ‬ ‫الثــار خارج سوريا‪ ،‬هم من كبار ضباط الجيش‬ ‫أ‬ ‫العربي السوري‪ ،‬الذين يقومون بت�مين الحدود‬ ‫والمساهمة في تسهيل عملية استخراج هذه القطع‬ ‫أ‬ ‫الثرية ومن ثم تسهيل تهريبها‪.‬‬

‫المدن المنسية‪ -‬إدلب‬

‫‪16‬‬

‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫المدن المنسية‪ -‬إدلب‬

‫أ‬ ‫لـكــن مــا ال ـحـ ّـل للحد مــن تـهــريــب �و تــدمـيــر هــذه‬ ‫أ‬ ‫ال ـمــواقــع الث ــري ــة‪ ،‬ال ـتــي رس ـمــت خ ــارط ــة ســوريــا‬ ‫الحضارية والعالم؟‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫إن �غلب قوانين االتجار بالثار تعتبر َّلينة ويمكن‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫لـلـمـتــاجــريــن �ن يـتــاعـبــوا بـهــا �و ي ـق ـفــزوا عليها‪.‬‬ ‫ّ أ‬ ‫ظل الوضاع الراهنة من غير الممكن التقليل‬ ‫وفي‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫�و الحد من هذه الظاهرة‪ ،‬التي انتشرت في سوريا‬ ‫قبل اندالع الثورة‪َّ ،‬‬ ‫واشتدت بطريقة َّ‬ ‫جنونية بعد‬ ‫انــدالعـهــا‪ ،‬وكـ ّـم الـفــوضــى الـحــاصـلــة‪ ،‬وخـ َّ‬ ‫ـاصـ ًـة في‬

‫المناطق الخاضعة لسيطرة َّ‬ ‫الثوار‪ُ ،‬فيكـثر قصف‬ ‫أ‬ ‫قــوات ال ســد عليها السرقات وعمليات التنقيب‬ ‫الـسـ َّـريــة‪ ،‬التي تــؤدي فــي النهاية إلــى ضياع هذه‬ ‫آ‬ ‫أ َّ أ‬ ‫وروبية‪� .‬ما بالنسبة لإلجراءات‬ ‫الثار في البلدان ال‬ ‫أ‬ ‫الممكن ِّاتخاذها لحماية المواقع الثرية يتحدث‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫السيد «محمود السعد» وهو خريج كلية الداب‬ ‫آ‬ ‫والـعـلــوم اإلنـســانـ َّـيــة قـســم الث ــار والـمـتــاحــف‪ :‬إنــه‬ ‫مــن غير الممكن فــي الــوقــت الـراهــن حماية هذه‬ ‫آ‬ ‫الث ــار‪ ،‬فقبل ان ــدالع الـثــورة فــي ســوريــا كــان هذا‬ ‫َّ أ‬ ‫ً َ أ‬ ‫َّ‬ ‫المختصة‬ ‫تتمكن الجهزة‬ ‫دون �ن‬ ‫الجرم موجودا‬ ‫من إلقاء القبض على هذه الشبكات العاملة في‬ ‫آ‬ ‫تـهــريــب الث ــار عـبــر عــاقــاتـهــا الــواسـعــة إال بالنذر‬ ‫أ‬ ‫َّ‬ ‫الحكومية ذاتها كانت‬ ‫اليسير‪ ،‬ال بل � ّن الجهات‬ ‫أ‬ ‫متواطئة فــي هــذا الـجــرم ومشاركة �يـضـ ًـا‪ ،‬فكيف‬ ‫آالن فــي الــوقــت الحالي‪« .‬باعتقادي أالمــر َّ‬ ‫معقد‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫كـثي ًرا وهناك ما يربو على الربعمائة �لف قطعة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�ثــريــة تـ َّـم نهبها وسرقتها منذ �ربــع سـنــوات‪ ،‬عدا‬ ‫عــن تدمير كنائس تـعــود إلــى مـئــات السنين كما‬ ‫َّ‬ ‫السورية‪.‬‬ ‫حصل في «معلوال» وغيرها من المناطق‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫لكن الخوف ال كبر من �ن يتكرر السيناريو العراقي‬ ‫ثرية التي ِّ‬ ‫بحرق ونهب للمتاحف والقطع أال َّ‬ ‫تمث ُل‬ ‫تاريخا ً‬ ‫ً‬ ‫كامال‪ ،‬لذا ال ّبد من ُّ‬ ‫تدخ ٍل من جهات َّ‬ ‫دولية‬ ‫ٍ‬ ‫للمساهمة في الحفاظ على هــذا اإلرث الضخم‪،‬‬ ‫تاريخا ً‬ ‫ً‬ ‫ا لــذي ِّ‬ ‫لحضارات كاملة‪َ ،‬‬ ‫هي‬ ‫كامال‬ ‫يمث ُل‬ ‫ٍ‬ ‫آ‬ ‫مهب الريح‪.‬‬ ‫الن في ّ ِ‬


‫ضوء‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫اآلثار منجز إنساني لحفظ التاريخ‬ ‫وجيهة عبد الرحمن‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الثر‪ :‬وهو ما يتركه ا إلنسان من مالمح مادية �و معنوية‪ ،‬تدل على وجوده في‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫هذا المكان �و ذاك‪ ،‬وجمعها �ثار‪.‬‬ ‫وعلم آالثار‪ :‬هو دراسة ماضي النسان من خالل َّ‬ ‫مخلفات مسيرته على اعتبارها‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫دليل الحضارة ا إلنسانية‪ ،‬وفق دراســة منظمة للشكال الملموسة والمرئية‬ ‫أ‬ ‫لمخلفات النشاط ا إلنساني‪ ،‬بغية التوثيق وتوضيح الصــول ودراســة سلوك‬ ‫أ‬ ‫ا إلنسان والبيئة ا إلنسانية‪ ،‬وتطور الثقافة‪ ،‬من �جل التعرف على حياة البشر‬ ‫منذ بدء الخليقة ومراحل تطورها عبر الزمن‪.‬‬ ‫اال كـتشاف والتوثيق‬ ‫آ أ‬ ‫يدرس علماء الثار الدلة (اللقى) التي تساعدهم على فهم طبيعة الناس‪ ،‬الذين‬ ‫عاشوا في أالزمنة القديمة‪ً ،‬‬ ‫ابتداء من اإلنسان القديم وصوال إلى إنسان العصر‬ ‫الحالي‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫�نواع اللقى‪ :‬هي مواد صنعها اإلنسان و�حدثت تغييرا في حياته دفعته إلى االستمرار‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫تماشيا مع حاجته‪ ،‬وهذه الدلة تتراوح بين‪:‬‬ ‫ليطور تلك الدوات‬ ‫ِ‬ ‫كالخرز أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫من الحجار �و‬ ‫المشغوالت الحجرية كالنصال والواني‪ ،‬ومشغوالت الزينة‬ ‫العظام أ�و الخشب‪ ،‬أو�لواح طينية صنعها للحفاظ عليها تاريخيا‪ً.‬‬ ‫وهناك البيوت والحفر والمقابر وقنوات الري‪ ،‬ومدن نحتها في الجبال وهي التي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫اليمكن نقلها �و تحريكها‪� .‬ما اللقى الطبيعية فهي التي تم اكـتشافها �ثناء تفاعل‬ ‫اإلنسان القديم مع المحيط والطبيعة مثل البذور وعظم الحيوانات‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ولفهم سلوك الناس الذين شغلوا موقعا أ� ً‬ ‫ثريا ما‪ ،‬يتم الربط مابين الموقع الثري‬ ‫واللقى المكـتشفة في ذلك الموقع‪ ،‬فمثال اكـتشاف رؤؤس رماح حجرية قرب عظام‬ ‫أ‬ ‫نوع من الحيوانات المنقرضة‪ ،‬يبين �ن تلك الجماعات البشرية القديمة‪ ،‬كانت‬ ‫تصطاد ذلك النوع من الحيوان في ذلك المكان‪.‬‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫االستدالل‪ :‬يقوم علماء الثار بخطوات تقنية معينة لجمع الدليل الثري‪ ،‬بطريقة‬ ‫أ‬ ‫دقيقة وممنهجة على �نها سيرة حياة بشرية‪ ،‬ويحتفظون بسجالت تفصيلية عن‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫اللقى الثرية التي تبد� بتحديد الموقع‪ .‬إذ تتعدد وتتنوع المكنة والمواقع الثرية‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫والتي تحتوي على معالم �ثرية‪ ،‬منها ماهو تحت الماء كالسفن الغارقة‪� ،‬و بعض‬ ‫أ‬ ‫المدن الكبيرة التي داهمها طوفان ما نتيجة تغييرات في جغرافية الرض والبحر‪.‬‬

‫رأي‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫وهناك �ثار تكون تحت سطح الرض‪ ،‬كالسدود والقنية وبعض المدن التي‬ ‫اختفت على ّ ِمر الزمان نتيجة عوامل طبيعية مروعة كالبراكين والزالزل وغيرها‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫هذان النوعان اليمكن االستدالل عليهما إال بالبحث �و بمحض الصدف‪� .‬ما اللقى‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الموجودة على سطح الرض‪ ،‬فهي ظاهرة للعيان ويمكن لي إنسان مشاهدتها‬ ‫أ‬ ‫بالعين المجردة‪� ،‬و يستدل عليها من خالل كـتب التاريخ‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫التنقيب والتوثيق‪� :‬م ــا التنقيب فهو عملية فــي غــا يــة ا لـصـعــو بــة‪ .‬وال دوات‬ ‫آ‬ ‫المستعملة في التنقيب تختلف من مكان لخــر‪ ،‬ويتبع ذلك التوثيق‪ .‬حيث‬ ‫يتم تسجيل القطع التي َّتم الحصول عليها بعد فرزها‪ ،‬وفق النوع والمكان‬ ‫والمادة ودرجــة صمودها في وجه التتابع الحضاري‪ ،‬ليدون تحت كل قطعة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫سيرتها‪ ،‬من �جل معرفة �نماط انتشار هذه اللقى من حيث المكان والزمان‪،‬‬ ‫أ‬ ‫بغية الحصول على معلومات هامة مثل‪ :‬كيفية صناعتها ووقت استخدامها‪ .‬لن‬ ‫أ‬ ‫التعرف على هذه اللقى كــ�دوات‪ ،‬يساعد على تفسير الحياة االجتماعية التي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫كانت سائدة في الزمنة والهجرات القديمة‪ ،‬و�نواع الم�كوالت التي كان الناس‬ ‫أ‬ ‫يتناولونها‪ ،‬كما وتــدل الحافير والقبور على الطبيعة االجتماعية التي ينتمي‬ ‫إليها الشخص المدفون‪.‬‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫لذا البد من وجود مصنفي �ثار متخصصين في كل مجال من �جل دراسة «اللقى»‬ ‫علماء الحيوان يدرسون العظام وطــرق الذبح ويفسرونها‪ .‬بينما علماء النبات‬ ‫أ‬ ‫يقومون بتحليل النباتات‪ ،‬و�ماكن انتشارها ليحصلوا على النشاطات الزراعية‬ ‫أ‬ ‫القديمة‪ ،‬والمــر ينطبق على المعماريين والمهندسين‪ ،‬وباقي العاملين على‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫«الركيولوجيا» لدراسة �نواع اللقى الثرية‪.‬‬ ‫آ‬ ‫الثار روح ا إلنسان وتاريخه‬ ‫آ أ‬ ‫مكانة الثار و�هميتها تنعكس بدورها الهام في تشكيل هوية المواطن وانتمائه‬ ‫لتاريخه‪ ،‬وتعزيز قيم االنتماء والبعد الحضاري‪ .‬وهي مصدر رئيسي لحفظ تاريخ‬ ‫البشرية‪.‬‬ ‫اللقى أالثرية تسمح لنا بإعادة تصور مراحل التطور التقني وتفسير أالدوات تحديداً‬ ‫أ‬ ‫ما يدل على أ�ن اإلنسان قد َّ‬ ‫تمكن من التحكم في �دوات التصنيع للتصنيع‪،‬‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫ويدل �يضا على �لية التفكير اإلنساني للوصول إلى نمط مميز من الصناعة‪،‬‬

‫تتمة ص ‪19‬‬

‫الحسكة‬ ‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫‪17‬‬


‫ضوؤ‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪..‬المؤشر العربي ‪2014‬‬

‫رأي‬

‫المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪..‬المؤشر العربي ‪2014‬‬

‫شمس الدين الكيالني‬

‫ّ أ‬ ‫أ‬ ‫العربي للبحاث ودراسة السياسات في‬ ‫�علن المركز‬ ‫أ‬ ‫تونس بتاريخ ‪ 1‬تشرين ال ّول الماضي‪ ،‬عن نتائج‬ ‫استطالع ّ‬ ‫ّ‬ ‫العربي لعام ‪ ،2014‬الــذي ّنفذه‬ ‫المؤشر‬ ‫المركز في ‪ً 14‬‬ ‫بلدا ًّ‬ ‫عربيا‪ ،‬يشكل عــدد سكانها ‪90‬‬ ‫‪ %‬مــن سـكــان الــوطــن الـعــربــي‪ .‬وشـمــل االستطالع‬ ‫ً‬ ‫مستجيبا بما فيهم المهجرين السوريين‪.‬‬ ‫(‪)26.618‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫و�وضح الدكـتور «محمد المصري» منسق وحدة الر�ي‬ ‫أ‬ ‫العام في المركز العربي‪� ،‬ن اختيار تونس لإلعالن‬ ‫عن نتائج االستطالع‪ ،‬جاء تقدي ًرا لدورها الرائد في‬ ‫أ‬ ‫ول ّنها أ�صبحت ّ‬ ‫تمثل ً‬ ‫نموذجا‬ ‫انطالق الربيع العربي‪،‬‬ ‫مهما في عملية ّ‬ ‫ًّ‬ ‫التحول الديمقراطي‪.‬‬

‫أ‬ ‫إلــى الـمـشــاركــة واالع ـت ــدال‪ ،‬فــي الــوقــت نفسه ر�ى‬ ‫معو ًقا ّ‬ ‫االستطالع في الصراع ّ‬ ‫للتحول الديمقراطي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وتفسير ذلك يمكن �ن يعبر عنه بانحياز �كـثرية الر�ي‬ ‫العام العربي نحو الديمقراطية‪ ،‬كما ّبين االستطالع‬ ‫أ أ‬ ‫الذي �ظهر �ن هناك شبه إجماع على الديمقراطية‪،‬‬ ‫على عكس ماهو شائع‪.‬‬

‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتدينين‬ ‫المتدينين وغير‬ ‫ال ك ـثـ ّـريــة ال تفرق بين‬ ‫فــي التعامل االقـتـصــادي واالجتماعي والسياسي‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وال تخضع لر�ي رجال الدين في قرارات الحكومة �و‬ ‫في االختيار االنتخابي‪ .‬أ� ً‬ ‫يضا ترفض استخدام الدولة‬ ‫أ‬ ‫للدين‪� ،‬و استخدامه للحصول على ميزة من قبل‬ ‫ّ‬ ‫المترشحين في االنتخابات‪.‬‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫� فـ ــاد ‪ % 73‬مــن المستجيبين تــ� يـيــد هــم للنظام‬ ‫أ‬ ‫الديمقراطي‪ ،‬مقابل ‪ % 17‬منهم عارضوا ذلك‪ .‬ور�ى‬ ‫‪ % 77‬أ� ّن النظام الديمقراطي ّ‬ ‫التعددي هو نظام‬ ‫مالئم لبلدانهم‪ ،‬في حين َ‬ ‫توافق ما بين ‪ % 61‬إلى‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫‪ % 75‬على � ّن النظام السلطوي �و النظم التي تحصر‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الحكم بالحزاب اإلسالمية‪� ،‬و النظم القائمة على‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬ونظم الحزاب غير الدينية‪ ،‬هي‬ ‫الشريعة‬ ‫أ� ٌ‬ ‫نظمة غير مالئمة للتطبيق في بلدانهم‪.‬‬ ‫أ أ‬ ‫بالموازاة مع تلك التوجهات في الر�ي‪� ،‬برز المؤشر‬ ‫أ أ‬ ‫� ّن �غلبية المستجيبين‪ ،‬على الرغم من ّتدينهم‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫رف ـضــوا تكـفير مــن ينتمون إلــى �دي ــان �خ ــرى‪� ،‬و‬ ‫أ‬ ‫السورية‪ ،‬فقد انحازت إليها أ�كـثرية وج ـهــات نـظــر مختلفة فــي تفسير ال ــدي ــن‪ .‬كـمــا � ّن‬ ‫ّ‬ ‫بخصوص الثورة‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫المستطلعين‪ ،‬فبلغ المؤيدون لتنحي السد ‪% 68‬‬ ‫أ‬ ‫عن السلطة‪ ،‬مقابل معارضة ‪ .% 16‬وانقسم ّالر�ي‬ ‫أ‬ ‫العام بش�ن عزل الرئيس مرسي‪ ،‬فاعتبره ‪ % 41‬قرا ًرا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫انقالبيا‪ ،‬في المقابل أر�ه الثلث قرا ًرا ًّ‬ ‫إيجابيا‪.‬‬ ‫سلبيا‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫كما �ظهر االستطالع تخوف الر�ي العام من التطرف‪،‬‬ ‫ًأ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫علمانيا‪ ،‬واالنحياز بالمقابل‬ ‫إسالميا �و‬ ‫سواء �كان‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫منقسما‬ ‫فــي حـيــن �ن ال ـ ـر�ي ال ـعــام الـعــربــي م ــازال‬ ‫أ‬ ‫بخصوص فصل الدين عن السياسة‪ .‬فقد �ظهرت‬ ‫النتائج أ� ّن (‪« )% 24‬متدينون ًّ‬ ‫جدا»‪ ،‬و (‪)% 63‬‬ ‫«متدينون إلى ّ‬ ‫حد ما»‪ ،‬مقابل ‪« % 8‬غير ّ‬ ‫ّ‬ ‫متدينين»‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫مهم قد‬ ‫ونالحظ أ �ن المؤشر �ظهر حــدوث تغي ٍر أٍ‬ ‫ط أر� على � ّ‬ ‫ولويات المواطنين العرب‪ ،‬فاحتلت مس�لة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫والمان أك� َّ‬ ‫مشكلة تواجه بلدانهم‪،‬‬ ‫هم‬ ‫غياب المن‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�ي بنسبة‪ ،% 20‬وتـقــدمــت بـهــذا‪ ،‬على المس�لة‬ ‫االقتصادية‪ .‬بينما احتلت مشكلة البطالة المرتبة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫استطالعي المؤشر‪ ،‬اللذين �جراهم المركز‬ ‫الولى في‬ ‫أ‬ ‫العربي لعوام ‪ 2011‬و ‪2012‬و ‪.2013‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫و�ظ ـه ــرت الـنـتــائــج فـيـمــا يـخــص ال ـم ـســ�لــة الثقافية‬ ‫والهوية‪ ،‬أ� ّن ‪ % 81‬من ال أر�ي ّ‬ ‫ّ‬ ‫العربي‪ ،‬يعتبر‬ ‫العام‬ ‫العرب أ� ّمـ ًـة واح ـ ً‬ ‫ـدة‪ ،‬على الرغم من تعدد دولهم‪،‬‬ ‫مقابل ‪ % 14‬أر�وا أ�نفسهم أ� ً‬ ‫مما مختلفة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫وفيما يخص العالقة مع العالم‪ ،‬فقد نظرت ال كـثرية‬ ‫عـلــى نـحــو سلبي إل ــى سـيــاســات ال ــوالي ــات المتحدة‬ ‫وروسيا وإيران تجاه المنطقة العربية‪ ،‬فيما َّقيمت‬

‫أ‬ ‫االستطالع نقل واقع الر�ي العام بموضوعية وحرفية‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫فـبـ َّـيــن �ن واق ــع االنـقـســام فــي الـ ـر�ي حــول القضايا‬ ‫المحورية والفرعية العربية في تراجع ملحوظ لنسبة‬ ‫من (ال يعرف أ�و يرفض اإلجابة)‪ .‬وظهر االنقسام ً‬ ‫جليا‬ ‫في تقييم ثورات الربيع العربي‪ ،‬وإن بقي الرجحان‬ ‫أ‬ ‫لكـفة من ر�ى فيها عالمة إيجابية للمستقبل‪ .‬فقد‬ ‫العام إنها ّ‬ ‫تطورات ّ‬ ‫أ�فاد ‪ % 45‬من ال أر�ي ّ‬ ‫إيجابية‪،‬‬ ‫أ‬ ‫تقييم ّ‬ ‫سلبي لها‪ ،‬غير �ن‬ ‫في حين ّعبر ‪ % 42‬عن ٍ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫هــذا ال ـر�ي السلبي اليتعلق بموقفهم مــن �هدافها‬ ‫ومقاصدها‪ ،‬بل يتعلق بتكلفتها البشرية والمادية‪،‬‬ ‫بينما لم َّ‬ ‫ّ‬ ‫خارجية‬ ‫تتعد نسبة من يرون فيها مؤامرة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�لـ ‪ % 5‬فقط‪ .‬وبقيت الغلبية ‪ % 60‬محافظة على‬ ‫آ‬ ‫تفاؤلها بالربيع العربي ولديهم ثقة بم�الته‪ ،‬مقابل ‪17‬‬ ‫أ أ‬ ‫‪ %‬يرون �ن النظمة السابقة قد عادت إلى الحكم‪،‬‬ ‫أ‬ ‫بسبب الفوضى المنية والظروف االقتصادية والعامل‬ ‫الخارجي وحركات التطرف‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬


‫ضوؤ‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫رأي‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫بطريقة �كـثر إيجابية سياسات تركيا والصين‪ّ � .‬مــا بالنسبة إلى المن‬ ‫فإن ‪ % 66‬أ�فادوا أ� ّن إسرائيل والواليات ّ‬ ‫العربي‪ّ ،‬‬ ‫القومي ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتحدة هما‬ ‫أ‬ ‫أال كـثر ً‬ ‫تهديدا للمن القومي ّ‬ ‫العربي‪ .‬بينما اعتبر اليمنيون والسعوديون‬ ‫والعراقيون واللبنايون والكويتيون‪ ،‬أ�ن إيران هي الدولة أال كـثر ً‬ ‫تهديدا‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫لمن بلدانهم‪ .‬ورفض ‪ % 87‬من المستطلعين االعتراف بإسرائيل‪ .‬و� ّكد‬ ‫أ‬ ‫الدكـتور «المصري» �ن ذلك الرفض لالعتراف‪ ،‬ال ينطلق من مواقف‬ ‫أ‬ ‫ثقافية �و دينية لديهم‪ ،‬بل لدواعي سياسية وحسب‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ّأ‬ ‫وسجل ّ‬ ‫َّ‬ ‫العربي � ّن التلفزيون ال يزال هو المصدر الول للمواطن‬ ‫المؤشر‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫العربي في متابعة الخبار بنسبة ‪ ،% 76‬تليه شبكة اإلنترنت (‪،)% 7‬‬ ‫أ‬ ‫لكل منهما)‪ .‬ومن الالفت � ّن ‪% 48‬‬ ‫فاإلذاعات والصحافة اليومية (‪ٍ % 6‬‬ ‫أ أ‬ ‫ّ‬ ‫�فادوا � ّنهم ال يستخدمون اإلنترنت مقابل ‪ % 50‬قالوا إنهم يستخدمونه‪،‬‬ ‫أ‬ ‫و� ّن ‪ % 71‬من مستخدمي اإلنترنت لديهم حساب على «فيس بوك»‪،‬‬ ‫وإن أ�ك ّ‬ ‫و‪ % 29‬من مستخدمي اإلنترنت لديهم حساب على «تويتر»‪ّ .‬‬ ‫ـثرية‬ ‫مستخدمي «فيس بوك» و»تويتر» يقومون باستخدامه‪ ،‬للتفاعل مع‬ ‫ّ‬ ‫سياسية‪.‬‬ ‫قضايا‬ ‫أ‬ ‫كذلك ّقدم المؤشر لوحة عامة عن اتجاهات الـر�ي العام العربي‪ ،‬في‬ ‫مرحلة يعيش فيها العرب مخاض تحول كبير‪ ،‬يدفع الجميع للحضور‬ ‫أ‬ ‫مــن �جــل اتـخــاذ مــوقــف‪ ،‬والــدخــول فــي هــذا المعترك التاريخي‪ .‬لقد‬ ‫أ‬ ‫�ضاء لنا هذا المؤشر حقيقة ما يفكر فيه العرب وما يتطلعون إليه وما‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يخافون منه‪ .‬فالكـثير من الوهام تتوارى �مام الحقائق السافرة‪ ،‬و�كبر‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الحقائق و�بــرزهــا‪� :‬ن الناس ب�كـثريتهم المقررة‪ ،‬يتطلعون نحو نظام‬ ‫أ‬ ‫ديمقراطي‪ ،‬يجد فيه العلماني واإلسالمي ً‬ ‫مكانا للمشاركة‪ .‬و�ن الناس ال‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يحجبهم عن بعضهم دين �و مذهب‪ ،‬و�ن الغلبة لديهم للغة االندماج‬ ‫أ أ‬ ‫االجتماعي والحوار‪ .‬كما �نهم ب�غلبيتهم متدينون بدون تعصب‪ ،‬وال‬ ‫أ‬ ‫يحبذون استخدام الدين في سوق السياسة والحكم‪ ،‬و�ن شعوبهم مثل‬ ‫بقية خلق الله‪ ،‬مؤهلة لممارسة الديمقراطية والتمتع بفضائل الحرية‪.‬‬

‫تتمة‬

‫يختصر كافة الحقب التاريخية القديمة‪ ،‬فهي ً‬ ‫إذا استمرار لمسيرة وتطور البشرية‬ ‫وملهمة للمستقبل‪.‬‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫إن قيمة الثار كـتراث إنساني‪ ،‬تكمن في �نه يجسد إمكانية اإلنسان وعبقريته‪،‬‬ ‫في االستفادة من الطبيعة حين ُوجد اإلنسان القديم أ�عز ًال ً‬ ‫وعاريا‪ .‬لذا فإن هذه‬ ‫آ‬ ‫الثار حلقة مهمة من حلقات التطور الثقافي والحضاري‪ ،‬كما هي سلسلة متصلة‬ ‫أ‬ ‫منذ ظهور اإلنسان على سطح الرض وحتى االن‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وبما �ن معيار �همية الشيء للمرء‪ ،‬تكمن في مــدى إسهام الشيء ذاتــه في‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫تحقيق �منه وسالمته‪ ،‬فالثار هي منجز إنساني بال �ي التباس‪ ،‬وهي مصدر‬ ‫أ�ساسي لكـتابة تاريخ البشرية‪ .‬هــذا اليقين يتطلب من باحث التاريخ أ� ً‬ ‫يضا‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫االهتمام والدراسة‪ ،‬من قبيل �نها نتاج تراكم حضاري على ّ ِمر العصور‪� ،‬بدعه‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫إنسان محترف دون تعليم �و فقه �و هندسة‪ ،‬بل لغرض البقاء على قيد الحياة‪.‬‬ ‫آ‬ ‫القيمة االقتصادية للثار‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫للثار قيمة اقتصادية كبيرة ومهمة على �ساس العائد االقتصادي المباشر وغير‬ ‫المباشر‪ ،‬توظيفها في قطاع السياحة ً‬ ‫مثاال‪ ،‬فهي تعتبر عامل جذب للسياح في‬ ‫آ‬ ‫البلدان التي تمتلك �ثا ًرا تاريخية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫من جانب �خر‪ ،‬فإن استثمار المواقع الثرية في المناطق �و المدن التي تفتقد‬ ‫آ‬ ‫للحيوية االقتصادية‪ ،‬تعمل تلك الثــار على تحقيق استقرار سكاني‪ ،‬ودعم‬ ‫توطين التنمية وإيجاد فرص للعمل‪.‬‬ ‫أ‬ ‫لــذا فــإن تحقيق تكامل الــدور الوظيفي االقتصادي بين المكنة وربــط ذلك‬ ‫باإلستراتيجية الوطنية‪ ،‬سيعزز من تحقيق عوائد تنموية اجتماعية واقتصادية‬ ‫على المجتمع ككل‪ ،‬باإلضافة إلى سهولة تحقيق التنمية المستدامة‪ ،‬ليس على‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫امتدادا للمستوى الدولي‪ ،‬باعتبار �ن ثقافة المة‬ ‫المستوى الوطني فحسب‪ ،‬بل‬ ‫أ‬ ‫هي �ثمن ممتلكات اإلنسان‪.‬‬ ‫أ‬ ‫فالرصيد الذي يختزنه التاريخ من إرث حضاري‪� ،‬سهم بكل الطرق في تطورنا‬ ‫الحالي‪ ،‬ولو لم ّ‬ ‫يكد إنسان العصر القديم ويجتهد في تصنيع حياته الكاملة‬ ‫آ‬ ‫ً‬ ‫شاهدا على مسيرة‬ ‫من خالل تلك اال كـتشافات‪ ،‬لما كان التاريخ الن يعتبر‬ ‫آ‬ ‫اإلنسان‪ ،‬من خالل تلك اللقى والثار‪.‬‬ ‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫‪19‬‬


‫ضوء‬

‫ترجمة‬

‫العمل النقابي العالمي‪ /‬الجزء الثاني‬

‫تاريخ العمل النقابي من مرحلة ما بعد الحرب إ�لى‬ ‫تسعينيات القرن الفائت (‪)1990‬‬ ‫ً‬ ‫تعد والدة االتحاد العالمي للنقابات ثمرة من ثمرات‬ ‫التحالف الــذي قــام بين المعادين للفاشية خالل‬ ‫الـحــرب العالمية الـثــانـيــة‪ .‬وفــي الـعــام ‪ ،1945‬كــان‬ ‫االتحاد يجمع كافة النقابات في العالم‪ ،‬باستثناء‬ ‫النقابات المسيحية‪ ،‬التي كانت تفضل إعادة إحياء‬ ‫اال تـحــاد العالمي للنقابيين المسيحيين‪ ،‬وكذلك‬ ‫أ‬ ‫باستثناء اتحاد النقابات الميركي الذي كان يرفض‬ ‫أ‬ ‫�ي تـحــالــف مــع الـشـيــوعـيــة‪ .‬وف ــي وس ــط ال ـتــوت ـرات‬ ‫أ‬ ‫الـمـتـصــاعــدة‪ ،‬اسـتـفــاد بـرنــامــج االنـتـعــاش الوروب ــي‬ ‫والمعروف باسم «مخطط مــارشــال» أ�سـ ً‬ ‫ـوة بجورج‬ ‫أ‬ ‫مــارشــال وزيــر الخارجية الميركي‪ ،‬ليزيد من حدة‬ ‫أ‬ ‫التوتر والقطيعة بين الطراف المختلفة‪ ،‬إلى درجة‬ ‫أ أ‬ ‫�نه �صبح من الصعب تفادي االنقسام والتمزق‪ ،‬مما‬ ‫أ‬ ‫� ّدى إلى انضمام جميع النقابات في االتحاد العالمي‬ ‫إل ــى سـيــاســات حـكــومــاتـهــا وبــالـتــالــي لــم يـعــد هـنــاك‬ ‫إمكانية لــردئ الـشــرخ الحاصل ّإال مــن خــال عقد‬ ‫اجتماع عام‪ ،‬عشية الحرب‪ ،‬ذو طابع سياسي‪-‬نقابي‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وقد �سفر هذا االجتماع‪ ،‬في شهر كانون الول من‬ ‫أ‬ ‫العام ‪ ،1949‬عن ت�سيس االتحاد العالمي للنقابات‬ ‫العمالية الحرة‪ ،‬ليصبح بذلك مجتمع المنظمات‬ ‫ً‬ ‫محكوما بالصراع القائم بين هاتين‬ ‫العالمية النقابية‬ ‫المنظمتين العالمتين والذي دام قرابة النصف قرن‪.‬‬ ‫وقد سيطر الكـفاح ضد الشيوعية على حياة االتحاد‬ ‫العالمي للنقابات العمالية الحرة‪ ،‬وإذا كان هناك‬ ‫الكـثير من المنتمين له متفقين على فكرة الكـفاح‪،‬‬ ‫أ‬ ‫فإنه في المقابل هناك عدد ال ب�س به ممن ال يتفقون‬ ‫عـلـيــه‪ .‬وخ ــال ال ـعــام ‪ ،1950‬ق ــرر ات ـحــاد الـعـمــال‬ ‫أ‬ ‫ال ميركي‪-‬تجمع المنظمات الصناعية د عــم نقابات‬ ‫ال ــدول االسـتـعـمــاريــة فــي ك ـفــاحـهــا ضــد الشوفينية‬ ‫أالوروبـ ـي ــة‪ .‬وق ــد أ�دى ه ــذا الــدعــم‪ ،‬ب ـ ً‬ ‫ـدء مــن الـعــام‬ ‫أ‬ ‫‪ ،1960‬إلــى خــاف جديد بين المركزية الميركية‬ ‫أ‬ ‫والنقابات البريطانية وال لمانية حول الموقف من‬ ‫الدول ذات الحكم الديمقراطي الشعبي‪.‬‬ ‫أ�مــا االتـحــاد أالوروب ــي للنقابات العمالية‪ ،‬فقد مرّ‬ ‫أ‬ ‫ت�سيسه عام ‪ 1973‬بلحظات عسيرة‪ ،‬حيث كانت‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الـنـقــابــات الـعـمــالـيــة الوروبـ ـي ــة تـتـجــه �كـ ـث ــر فــ�ك ـثــر‬

‫‪20‬‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫نـحــو االن ـطــواء عـلــى نفسها تـحــت ذريـعــة التضامن‬ ‫فيما بينها‪ .‬وفــي الـعــام ‪ ،1974‬وتــم قبول انضمام‬ ‫أ‬ ‫االتحاد اإليطالي العام للعمل في االتحاد الوروبي‪،‬‬ ‫وقــوبــل هــذا االنـضـمــام بـمـعــارضــة شــديــدة مــن قبل‬ ‫آ‬ ‫النقابات السـيــويــة المسجلة فــي االتـحــاد العالمي‬ ‫للنقابات العمالية ا لـحــرة‪ ،‬و قــد صنفته فــي حينها‬ ‫أ‬ ‫على �نه تصرف غير مقبول في الشيوعية‪ .‬وفي نهاية‬ ‫الثمانينيات‪ ،‬كان االتحاد العالمي للنقابات العمالية‬ ‫ال ـحــرة أ�ول مــن شـهــد أ�ف ـ ً‬ ‫ـوال فــي مــواقـفــه الـمـعــارضــة‬ ‫أ‬ ‫وكذلك تالشي الركن الخير من هويته‪.‬‬ ‫أأ‬ ‫بعد عــام ‪ ،1945‬بــد� �مـنــاء ســر النقابات العمالية‬ ‫ال ـعــال ـم ـيــة ب ــاس ـت ـع ــادة ن ـشــاط ـهــم س ــري ـع ـ ًـا‪ ،‬وبـيـنـمــا‬ ‫كــان اال ت ـحــاد العالمي للنقابات العمالية فــي طور‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الت�سيس‪ ،‬كان هــؤالء يناضلون من �جــل الحفاظ‬ ‫على استقاللية المنظمة‪ ،‬وبالفعل تمكن االتحاد‬ ‫من المحافظة على استقالليته‪ ،‬حتى بعد تشكيل‬ ‫أ أ‬ ‫�و تــ�س ـيــس االت ـح ــاد الـعــالـمــي لـلـنـقــابــات الـعـمــالـيــة‬ ‫الـحــرة‪ .‬وفــي الـعــام ‪ ،1951‬تــم فــي ميالنو‪ ،‬االتـفــاق‬ ‫ع ـلــى مـجـمــوعــة م ــن ال ـم ـســؤول ـيــات الـمـشـتــركــة بين‬ ‫أ‬ ‫المنظمتين‪ .‬وقد شارك غالبية �مناء سر النقابات‬ ‫العمالية العالمية فــي معركة العمل النقابي الحر‬ ‫أ‬ ‫ضد الشيوعية‪ ،‬وال سيما في المرحلة ال كـثر توت ًرا‬ ‫م ــن ال ـح ــرب الـ ـب ــاردة‪ .‬ل ـكــن وع ـلــى ع ـكــس االت ـحــاد‬ ‫الـعــالـمــي لـلـنـقــابــات الـعـمــالـيــة ال ـحــرة‪ ،‬ال ــذي تحول‬

‫إلى مجرد بيروقراطية متمسكة ببعض المؤسسات‬ ‫أ‬ ‫العالمية الناطقة باسم العمال‪ ،‬كــان بعض �مناء‬ ‫سر النقابات العمالية العالمية يمارسون ً‬ ‫عمال ً‬ ‫نقابيا‬ ‫ً‬ ‫حقيقيا على الصعيد العالمي‪ ،‬وقد حاولوا ونجحوا‬ ‫في تنظيم الكـفاح وحشد القوى العاملة في بعض‬ ‫الشركات العالمية والـشــركــات متعددة الجنسيات‬ ‫أ‬ ‫ضد �ي ممارسات غير عادلة اتجاه العمال‪ .‬وقد بقي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫مبد� االستقاللية بالنسبة لهم المبد� الذي ال يمكن‬ ‫أ‬ ‫المساومة عليه‪ ،‬وهذ سمح لهم بت�سيس تجمعات‬ ‫أ‬ ‫عمالية مــركــزيــة ومستقلة �و منتمية إلــى اتـحــادات‬ ‫مـحـلـيــة غـيــر مـرتـبـطــة بــاالت ـحــاد الـعــالـمــي لـلـنـقــابــات‬ ‫العمالية الحرة‪.‬‬ ‫لكن االنقسام الذي حدث عامي ‪ 1948‬و‪ 1949‬تسبب‬ ‫وبشكل كبير بإضعاف التمثيل العالمي لالتحاد‪.‬‬ ‫ثالث عوالم متفاوتة في الحجم كانت تعيش داخله‪:‬‬ ‫أ‬ ‫العالم االشتراكي‪ ،‬العالم الر�سمالي وعالم ثالث يضم‬ ‫مجموعة الــدول التي كانت تحت حكم االستعمار‬ ‫أ‬ ‫واستقلت �و التي ما زالت تسعى لتحقيق االستقالل‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫العالم الول يضم بشكل �ساسي‪ ،‬دول من �وروبا‬ ‫آو�سيا منضوية تحت لواء االتحاد السوفييتي ً‬ ‫سابقا‪.‬‬ ‫والعالم الثاني ال يضم سوى قوتين مركزيتين‪ :‬اتحاد‬ ‫نـقــابــات الـعـمــال الفرنسية واتـحــاد نـقــابــات العمال‬ ‫اإليطالية‪ .‬أ�ما العالم الثالث‪ ،‬فهو أ�كـثر ً‬ ‫تنوعا‪ ،‬ويضم‬ ‫أ أ‬ ‫نقابات تعتنق االشتراكية كمبد�‪ ،‬و�خرى يتم تمثيلها‬ ‫بمساعدة االتحاد السوفييتي ونقابات ما زالت على‬


‫ضوء‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫ترجمة‬

‫قطيعة مع العالم االستعماري‪.‬‬ ‫أ‬ ‫اتحاد نقابات العمال الفرنسية يستلم �مــانــة ســر االتـحــاد العالمي للنقابات‬ ‫أ‬ ‫العمالية ويبقى كذلك حتى عــام ‪� .1979‬مــا اتحاد نقابات العمال اإليطالية‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫فيستلم رئاسة االتحاد حتى عام ‪ .1969‬ويقوم االتحاد في الفترة الولى بت�سيس‬ ‫قطاعات عمالية أ�و ما يسمى باالتحادات العالمية للقطاعات التي ال تمارس ً‬ ‫فعليا‬ ‫أ‬ ‫�ي نشاط نقابي‪ ،‬وقد اتسمت هذه المرحلة بمحاربة االمبريالية والكـفاح من‬ ‫أ�جل السالم‪ .‬وتكرس االتحادات العالمية للقطاعات مجمل أ�نشطتها‪ً ،‬‬ ‫تماما‬ ‫كاالتحاد العالمي للنقابات العمالية‪ ،‬للدفاع عن االتحاد السوفييتي الخاضع‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫لتهديدات السياسات االمبريالية‪ .‬وبناء �وروبا يؤخذ على �نه سالح حرب ضد‬ ‫الحزب االشتراك ليكرس االتحاد بذلك جل طاقته لالنسحاب من رتل القوى‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الر�سمالية‪ .‬وفي نهاية ‪ ،1950‬يبد� اتحاد النقابات العمالية اإلايطالية نضاله‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫من �جل �قلمة النشطة وتشكيل منظمات بحسب القارات‪ ،‬كاالتحاد العالمي‬ ‫للنقابات العمالية الـحــرة‪ ،‬وذلــك بهدف إضفاء الصبغة المهنية لالتحادات‬ ‫العالمية للقطاعات وبهدف المحافظة أ� ً‬ ‫يضا على استقاللية االتحاد العالمي‬ ‫للنقابات العمالية الذي يقف في مواجهة االتحاد السوفييتي‪.‬‬ ‫أ‬ ‫لقد �حــدث غــزو تشيكوسلوفاكية عــام ‪ 1968‬زل ـز ًاال داخــل االتـحــاد العالمي‪،‬‬ ‫أ‬ ‫و�درك اتحاد نقابات العمال الفرنسية حينها قدرات وحدود االتحاد العالمي‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وب ــد� إذن نضاله مــن �ج ــل اص ــاح المنظمة مــن داخـلـهــا‪ .‬وفــي مقابل بضع‬ ‫تغييرات تجميلية‪ ،‬نجح السوفييت في المحافظة على دعم المنظمة لهم دون‬ ‫أ‬ ‫حصول �دنــى تغيير في مركزية بـراغ‪ .‬واالتحاد العالمي للنقابات العمالية لم‬

‫يعد ولن يكون ً‬ ‫يوما منظمة نقابية عالمية‪ ،‬وإنما مجرد شكل رمــزي يعبر عن‬ ‫مفهوم مستمد من الشيوعية العالمية القديمة التي تتحكم بها موسكو‪ .‬وبحكم‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫التسلسل المنطقي للحداث‪ ،‬يبد� االتحاد باالنهيار في اللحظة التي يبد� فيها‬ ‫عالم االتحاد السوفييتي بالزوال‪ .‬ولم ينج السوفييت‪ ،‬إلى اليوم‪ّ ،‬إال باالعتماد‬ ‫على قوى من العالم الماض (كوريا الشمالية‪ ،‬كوبا‪ ،)...‬هذه الدول التي انضم‬ ‫إليها نقابات عمالية من بعض الدول المنفتحة ً‬ ‫قليال من العالم الثالث (ليبيا‪،‬‬ ‫سوريا‪ ،‬السودان‪.)...‬‬ ‫ولكي نبقى في موضوع المنظمات العالمية‪ ،‬من الضروري التوقف عند مسيرة‬ ‫العمل النقابي المسيحي‪ .‬فاالتحاد العالمي للنقابات العمالية المسيحية‪ ،‬الذي‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫�عيد ت�سيسه عــام ‪ ،1945‬يعاني من تمركزه في الــدول الوروبـيــة حيث توجد‬ ‫الكنيسة الكاثوليكية ونظام حكم متحرر ً‬ ‫نقابيا (وهذا ما يقصي اسبانيا والبرتغال)‪.‬‬ ‫أ‬ ‫وقواه الساسية تكمن في االتحاد النقابي المسيحي البلجيكي والفرنسي‪ ،‬لكنه‬ ‫ً‬ ‫ومن بداية العام ‪ ،1960‬يشهد تر ً‬ ‫ملحوظا ومن ثم يعود لالنتعاش من جديد‬ ‫اجعا‬ ‫اعتبا ًرا من عام ‪ .1979‬وفي بداية هذه المرحلة‪ ،‬تمكن االتحاد العالمي للنقابات‬ ‫آ أ‬ ‫العمالية المسيحية من التمدد في �سيا و�ميركا الالتينية حيث فتح الهوت التحرير‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�مامه فضاءات للتطور والتقدم‪ .‬كما �ن السيطرة التي كان اتحاد العمال الميركي‬ ‫أ‬ ‫والوكاالت الحكومية في الواليات المتحدة الميركية يحاولون فرضها على العمل‬ ‫أ‬ ‫النقابي في دول الجنوب المخنوقة من �نظمة الحكم الديكـتاتوري‪ ،‬ساهمت‬ ‫أ� ً‬ ‫يضا بتسهيل عملية التنمية والتطوير لدى المنظمة المسيحية‪.‬‬ ‫نحو «عولمة العمل النقابي»؟‬ ‫لقد أ�ثبتت سنوات التسعينيات أ�ن االتحاد العالمي للنقابات العمالية الحرة آ�يلٌ‬ ‫للسقوط‪ ،‬والشعور بالخروج منتصرين في المواجهات مع االتحاد العالمي للنقابات‬ ‫العمالية‪ ،‬على مدى خمسين ً‬ ‫عاما‪ ،‬ليس ّإال شعو ًرا عاب ًرا‪.‬‬ ‫المصدر‪Les Cahiers d’Histoire Sociale :‬‬ ‫‪.024-http://www.ihs.cgt.fr/IMG/pdf_Pages_de_CHS100_001‬‬ ‫‪pdf‬‬ ‫إ�عداد جون ماري بيرنو (‪)Jean-Marie PERNOT‬‬ ‫ترجمة زويا منصور‬ ‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫‪21‬‬


‫ضوء‬

‫رأي‬

‫السينما الوثائقية السورية‬

‫آ‬ ‫�راس سينو‬

‫مــاذا غـيــرت السينما الــوثــائ ـقـيــة الـســوريــة فــي زمن‬ ‫الثورة‪ ،‬ولماذا هذا ّ‬ ‫الصخب المتعمد‪ ،‬وما الذي‬ ‫قــدمــه ه ــؤالء الـنــاشـطــون الــذيــن تـحــولــوا بـيــن ليلة‬ ‫وضحاها إ لــى سينمائيين بالمعنى المحبب على‬ ‫قـلـبـهــم‪ .‬هــل السينما الــوثــائ ـقـيــة هــي فـعــل خبري‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫بحت‪� ،‬م هي مبنية على �سس �قوى و�شد وقوانين‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�وعى للحظة البصرية‪ ،‬التي يجب �ن تساق ضمن‬ ‫إطار درامي سبق وتم بناءه والتخطيط له‪.‬‬ ‫أ أ‬ ‫�ربعة �عوام من عمر الثورة السورية شهدت انقالبا‬ ‫واضحا على مفاهيم الصورة التي تفككت بعناصرها‬ ‫وقوانينها وحركة إطارها‪ ،‬الصورة المهتزة اهتزاز يد‬ ‫صانعها‪ ،‬والتي تصاعد إيقاعها بتصاعد فوضاها‪،‬‬ ‫ليضيع الـمــربــع الــذهـبــي لــإطــار‪ ،‬ونـقــاط ارتـكــازه‬ ‫أ‬ ‫ً أ‬ ‫سلفا على �جهزة التصوير المنزلية‪� ،‬و‬ ‫المرسومة‬ ‫أ‬ ‫الجهزة المحمولة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�ربـ ـ ـع ـ ــة �ع ـ ـ ـ ــوام م ـ ــن ال ـ ـع ـ ـمـ ــل‪ ،‬كـ ــانـ ــت ل ـح ـظــة‬ ‫ش ـهــوان ـيــة لــإن ـســان الـ ـس ــوري‪ ،‬فـ ـ ّـرغ فـيـهــا رغـبـتــه‬

‫‪22‬‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫أ‬ ‫الـمـسـتـمـيـتــة ف ــي الـتـعـبـيــر‪ ،‬ب ـعــد �ربـ ــع ع ـقــود من‬ ‫الـقـمــع والـكـبــت وال ـحــرمــان عـلــى جـمـيــع الـصـعــد‪،‬‬ ‫الـسـيــاسـيــة واالقـتـصــاديــة واالجـتـمــاعـيــة‪ ،‬فـجــاءت‬ ‫لـحـظــة الـتـســونــامــي الـبـصــريــة‪ ،‬وال ـتــي لــم يستطع‬ ‫النظام الـســوري فعل شــيء حيالها‪ ،‬ســوى اتهام‬ ‫أ‬ ‫«الموساد»‪� ،‬و فبركة فيديوهات تحليلية للحلول‬ ‫دون مصداقيتها‪.‬‬ ‫«باسل شحادة» الشهيد المخرج الذي بكت عليه‬ ‫ســوريــا‪ ،‬كــان االغـتـيــال االهــم للمشروع التوثيقي‬ ‫ال ـســوري فــي مرحلة ال ـثــورة‪ ،‬س ــواء كــان االغتيال‬ ‫م ــدب ـ ًرا أ�و م ـحـ ّ‬ ‫ـض صــدفــة‪« .‬ب ــاس ــل» ت ــرك رســالـتــه‬ ‫ووصيته االخيرة في الفيلم القصير (هدية صباح‬ ‫ًأ‬ ‫ـقيا �بـ ًـدا‪ ،‬لكنه‬ ‫يوم السبت)‪ ،‬والذي لم يكن وثائ‬ ‫كان الرد االقوى‪ ،‬لمحاولة االغتيال الرمزي للفعل‬ ‫السينمائي التسجيلي‪ ،‬الذي رمى بثقله على كاهل‬ ‫أ ً أ‬ ‫صال لي فعل فني حقيقي‪،‬‬ ‫النظام السوري‪ ،‬الفاقد �‬ ‫أ‬ ‫يستطيع �ن يدافع به عن نفسه‪ .‬لم ينجح النظام‬ ‫أ آ‬ ‫بإيقاف العجلة‪ ،‬لكنه بشكل �و ب�خر قضى على‬ ‫أ‬ ‫الحالة العفوية السينمائية التي حملها �مثال باسل‬ ‫أ‬ ‫شحادة‪ً ،‬‬ ‫قاطعا الطريق �مام الكـثيرين من صانعي‬ ‫أ‬ ‫وفاتحا الطريق ذاته أ�مام غيرهم‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫مدركا‬ ‫الفــام‪،‬‬

‫أ‬ ‫أ آ أ‬ ‫بشكل �و ب�خر �ن العجلة لن تتوقف‪ ،‬و�ن التيار‬ ‫أ‬ ‫ماض ال محالة إلى مبتغاه‪ ،‬لكن الهــم من ذلك‬ ‫أ‬ ‫تغيير المسار واالستفادة من هذا الفعل ب�ي شكل‬ ‫أ‬ ‫من الشكال‪.‬‬ ‫وبــال ـتــواطــؤ م ــع س ـيــاســات ال ــوك ــاالت االعــام ـيــة‪،‬‬ ‫وش ــرك ــات االن ـت ــاج‪ ،‬س ــواء ك ــان ذل ــك ع ــن ســابــق‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫تخطيط �و ب ــدون‪ ،‬ف ــإن �سـلـمــة الـفـعــل الـمــدنــي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ال ـســوري و�رش ـف ـتــه بـهــذا الـشـكــل‪ ،‬ك ــان مــن �هــم‬ ‫ان ـجــازات الـمــوجــة الــاحـقــة الـتــي ســوقــت إعــامـيـ ًـا‬ ‫أ‬ ‫بشكل جيد‪ ،‬وبالت�كيد فإن فعل العنف واإلرهاب‬ ‫الممارس من قبل النظام السوري‪ ،‬قد حقق مبتغاه‬ ‫بإقصاء الفعل السينمائي الحقيقي‪ ،‬عــن سياقه‬ ‫الـســوري التاريخي الــذي كــان لــه إرثــه أو�ث ــره ّ‬ ‫المر‬ ‫أ‬ ‫على البعث الحاكم في دمشق‪ ،‬والمتمثلة ب�عمال‬ ‫أ‬ ‫سينمائية تسجيلية رسخت لقواعد و�صول كان من‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫المفترض �ن تستمر في الوقت الحاضر‪ ،‬ك�عمال‬ ‫أ‬ ‫عمر �ميرالي‪( ،‬الدجاج) و (طوفان في بالد البعث)‬ ‫على سبيل المثال ال الحصر‪.‬‬ ‫أ‬ ‫في فيلم «عمر �ميرالي» عن «سعد الله ونوس»‪،‬‬ ‫وضمن حلبة إيقاع الموت التي ساقها «السيروم»‬


‫ضوء‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫رأي‬

‫المعلق على سرير «ونوس»‪ ،‬والذي ظهرت دمشق ورائها محتضرة أ� ً‬ ‫يضا‪ ،‬كان‬ ‫أ‬ ‫الوداع الخير ليس للكاتب المسرحي فقط‪ ،‬لكن لدمشق التائهة والمنهكة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫تحت �ثقال الحكم «التوليتاري»‪ .‬كان «عمر �ميرالي» يودع الصديق الوطن‪،‬‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫ًأ‬ ‫مدركا �ن القطيعة حصلت‪ ،‬و�ن القادم �سو� بكـثير مما يظنه المرء!!‪.‬‬ ‫نعم كان النظام ً‬ ‫ناجحا بلم شمل الفئة السينمائية االستخباراتية وتسليمها‬ ‫أ‬ ‫زمــام االمــور‪ ،‬ســواء في المديرية العامة للسينما‪� ،‬و في ضواحي العواصم‬ ‫ًأ‬ ‫مدركا �عداءه الحقيقيين‪ ،‬كما هو حال جميع االنظمة الشمولية في‬ ‫االوربية‪،‬‬ ‫العالم‪ .‬وبالنظر إلى حالة الدراما السورية المتعبة‪ ،‬التي نقلت عواصم إنتاجها‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ببطء إلى �ماكن �خرى كـ»دبي» و»بيروت»‪ ،‬فإن الفيلم التوثيقي السوري‪،‬‬ ‫لم ولن يستطيع فعل ذلك بسبب االرتباط الوثيق بين الوثيقة‪ ،‬الحدث‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫إيجابيا من ناحية‪ ،‬كمواصلة‬ ‫والجغرافيا‪،‬والمكان‪ ،‬المر الذي يعتبر عنص ًرا‬ ‫أ أ‬ ‫اإلنتاج ولو بمراحله البدائية‪ ،‬لكنه بقي بشكل �و ب�خر تحت سيطرة الجهات‬ ‫اإلنتاجية المحلية والعالمية‪ ،‬التي تحكمت دائما بالسياق الدرامي للمواد‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الخام المصورة‪ ،‬مظهرة الكـثير من المور حسب وجهة نظرها ال �كـثر‪ ،‬وبإتباع‬ ‫أ‬ ‫سياسة القوى الناعمة في بعض الحيان‪ .‬فإن النظام وعن طريق الكـثير من‬ ‫أ‬ ‫وكاالت النباء والشركات العالمية والمحلية‪ ،‬كان يقوم بشراء المواد الخام من‬ ‫أ‬ ‫المصورين الشباب‪ ،‬وب�سعار جيدة‪ ،‬للسيطرة على الكم الهائل من الوثائق‬ ‫المتدفقة‪ .‬على عكس الكـثير من الشركات والمؤسسات االعالمية‪ ،‬التي كان‬ ‫من المفترض أ�ن تلعب دو ًرا ً‬ ‫داعما لعجلة الفيلم السوري الوثائـقي‪ ،‬واضعة أ‬ ‫�ربع سنوات مرت على والدة السينما الوثائـقية السورية الجديدة‪ ،‬جاء فيها‬ ‫أ‬ ‫الكـثير من القوانين البيروقراطية وحتى الشخصية في طريقه‪.‬‬ ‫الفيلم الوثائـقي سالحا ذو حــديــن‪� ،‬ظـهــر فيه قــدرات ومـصــادر الكـثير من‬ ‫صناع هذا النوع من المواد السمعبصرية‪ ،‬اتضحت فيه رؤاهم واتجاهاتهم‬ ‫آ‬ ‫آ‬ ‫آ‬ ‫آ‬ ‫استمر النظام ليس فقط عن طريق منظومته االستخباراتية الفئوية‪ ،‬بل وعن رغباتهم وتطلعاتهم‪ ،‬ظهر فيها م�سيهم وم�سينا‪� ،‬المهم و�المنا‪ ،‬منهم من‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫طريق عقليته المت�صلة في عقول الكـثير من صناع القرار‪ ،‬داخل مؤسسات استحق التجربة واللقب‪ ،‬ومنهم من كان تحصيل حاصل‪ ،‬إال �ن القصة لم‬ ‫أ‬ ‫تابعة وداعمة للثورة السورية‪.‬‬ ‫تنته بعد‪ ،‬وهناك الكـثيرون ممن يرغبون بسردها مرة �خرى‪ ،‬وبشكل جديد‪.‬‬

‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫‪23‬‬


‫ضوء‬

‫رأي‬

‫قطع رأس األفعى إيران في نبل والزهراء‬

‫جالل زين الدين‬

‫أ‬ ‫لــم يـهــدف الـنـظــام مــن وراء مـعــاركــه الخ ـيــرة حصار‬ ‫حـلــب ب ـقــدر هــدفــه فــك الـحـصــار عــن مــديـنـتــي نبل‬ ‫وال ــزهـ ـراء ال ـمــوال ـي ـت ـيــن‪ ،‬وف ــي طــري ـقــه ن ـحــو هــاتـيــن‬ ‫الـمــديـنـتـيــن يـصـبــح ح ـصــار مــديـنــة حـلــب تحصيل‬ ‫حــاصــل‪ ،‬وه ــذا مــا يـفـســر حـجــم ال ـح ـضــور اإلي ـرانــي‬ ‫أ‬ ‫الشيعي وال سيما في المعارك الخيرة‪ ،‬فقد ُكشف‬ ‫مــؤخ ـ ًرا عــن ق ـيــادة ضـبــاط ال ـحــرس ال ـثــوري اإلي ـرانــي‬ ‫العمليات العسكرية‪ً ،‬‬ ‫فضال عن مشاركة المرتزقة‬ ‫أ‬ ‫الشيعة‪ ،‬فالمعارك أالخيرة لم تكن ّ‬ ‫ضد قوات السد‬ ‫وشبيحته وحسب بــل امـتــدت إلــى الـحــرس الثوري‬ ‫أ أ‬ ‫اإليراني الذي بات يمثل ر�س الفعى‪.‬‬ ‫وال تهدف الحملة العسكرية للنظام تحرير البلدتين‬ ‫أ‬ ‫لمكونهما الشيعي فقط فالبلدتان � صبحتا مركزين‬ ‫أ‬ ‫ع ـس ـكــري ـيــن خــال ـص ـيــن ب ـع ــد � ْن ه ـجــره ـمــا مـعـظــم‬ ‫أ‬ ‫سكانهما‪ ،‬كما � َّن معظم شبيحة المناطق السنية‬ ‫أ‬ ‫ا لـمـجــاورة هــر بــوا للبلدتين اللتين � صبحتا منطلقا‬ ‫لقصف المناطق المحيطة بهما مما اضطر عشرات‬ ‫المدن والقرى المجاورة للنزوح‪.‬‬ ‫فالنظام السوري والحرس الثوري يريدان الوصول‬ ‫لهاتين البلدتين وجعلهما قاعدة عسكرية للتوسع‬ ‫أ‬ ‫في المناطق الخرى المحيطة‪ ،‬وااللتفاف للوصول‬ ‫إلى الليرمون وجمعية الزهراء‪ ،‬كما تداول الناشطون‬ ‫أ‬ ‫�خبا ًرا عن وجود تنسيق بين النظام وقوات الحماية‬ ‫أ‬ ‫الـشـعـبـيــة تـصــل �وج ـه ــا عـنــد وص ــول الميليشيات‬ ‫الطا ئـفية للبلدتين‪ ،‬مما يمهد للتمدد نحو ريف‬ ‫إدلب‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫وبــال ـتــالــي فـ ـ َّـإن ه ـجــوم ال ـث ــوار (ال ـج ـب ـهــة الـشــامـيــة)‬ ‫أ‬ ‫المعاكس واستعادة �جـزاء كبيرة من مـزارع المالح‬ ‫وحندرات‪ ،‬وكل مناشر البريج والمجبل ووصولهم‬ ‫أ‬ ‫�طـراف المدينة الصناعية‪ ،‬واقتحام جبهة النصرة‬ ‫أ‬ ‫عقب ذ لــك للبلدتين � ر ب ــك ا لـنـظــام وميليشياته‪،‬‬ ‫وجعلتهم في حيص بيص‪َ ،‬وم َّك َن الثوار من امتالك‬ ‫أ أ‬ ‫زمام المبادرة‪ ،‬فالعمليات المعاكسة الخيرة �عادت‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫خلط الوراق ومهدت لقطع ر�س الفعى‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف�ثبتت التطورات الخيرة استحالة حصار حلب‪،‬‬ ‫أ‬ ‫و� ّن تحرير (نبل والــزه ـراء) مجرد وقــت ليس إال‪،‬‬ ‫وهذا يعني عبثية كل المعارك التي خاضها النظام‬ ‫(قادة الحرس الثوري) عبر عام‪ ،‬وهدف من خاللها‬ ‫الوصول للمدينتين وحصار حلب‪.‬‬ ‫أ أ‬ ‫وقطع ر�س الفعى (اإليراني) هنا سيكون له تبعات‬ ‫ً‬ ‫خصوصا‬ ‫دراماتيكية على المشهد العسكري في حلب‬ ‫وسورية ً‬ ‫عموما‪ ،‬فالنظام الذي يحاول حصار حلب‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ال يستطيع ت�مين شيء لهالي حلب الواقعين تحت‬ ‫سيطرته حيث شح الماء والكهرباء ومــوارد الطاقة‬ ‫حتى وصل سعر المازوت لـ‪ 350‬ل س‪ ،‬وبالتالي فقد‬ ‫أ‬ ‫تكون المعارك الخـيــرة بوابة لتحرير حلب كاملة‬ ‫أ‬ ‫فالمعارك الخيرة ستهشم ما تبقى للنظام من عظام‬ ‫أ‬ ‫هشة فــي حـلــب‪ ،‬فلم يعد بــإمـكــان إي ـران �ن تقدم‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫للسد �كـثر من ذلك‪ ،‬كما � َّن هزيمة الميليشيات‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الطا ئـفية هنا سيسهل هزيمتها في � ماكن � خــرى‪،‬‬ ‫أ‬ ‫فالدافع العقدي (الطائـفي) غير موجود في �ماكن‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫�خرى‪ ،‬وبالمقابل الخر سيحصل الثوار على مزيد‬ ‫من الدعم المعنوي‪ ،‬فالثورة قد تضعف ولكنها ال‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ودائما يكون نفس �صحاب الرض �قوى‪.‬‬ ‫تموت‪،‬‬ ‫أ‬ ‫وقطع الـر�س سيمتد للذيل (مبادرة دي ميستورا‪،‬‬

‫أ‬ ‫وروس ـي ــا) فـقــد �صـبـحــت خـطــة دي مـيـسـتــورا الـتــي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ُف ِ ّص ْ‬ ‫لت على مقاس السد ونالت مباركـته �صبحت من‬ ‫الماضي‪ ،‬فمبادرة دي ميستورا تشبه إلى حد بعيد‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الهدن والمصالحات التي فرضها السد على الهالي‬ ‫تحت ضغط التجويع والحصار‪ ،‬وهذا ما يفسر ارتياح‬ ‫أ آ‬ ‫أ‬ ‫السد وترحيب إعالمه بمبادرة دي ميستورا‪ّ � ،‬ما الن‬ ‫َّ‬ ‫فإن تجميد الصراع َوفق المعطيات الجديدة يعني‬ ‫موت النظام السريري في حلب‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ويـنـطـبــق الم ــر ذات ــه عـلــى م ـبــادرة ال ـحــوار الــروســي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الخالية من �ي لــون �و طعم �و رائـحــة‪ ،‬فالمقترح‬ ‫الروسي هدفه تعويم النظام السوري الغارق عبر جمع‬ ‫أ‬ ‫النظام وزبانيته ورجــال الــروس و�شباه الثوار على‬ ‫أ‬ ‫طاولة واحدة تمنح نظام السد شرعية جديدة تحت‬ ‫دعوى الحرب على اإلرهاب واستقالل القرار السوري‪.‬‬ ‫أ أ‬ ‫َّإن قـطــع ر�س الف ـعــى – ال ـحــرس ال ـثــوري اإلي ـرانــي‬ ‫– في حلب لن يكون له انعكاسات عسكرية فقط‬ ‫بل سيتبعه تغير باللعبة السياسية‪ ،‬فمن يمتلك‬ ‫أ‬ ‫الرض يمتلك فرض شروطه على طاولة التفاوض‪،‬‬ ‫وربما يمهد لفرض منطقة عازلة‪.‬‬


‫ضوء‬

‫الموت ترف سوري‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫رأي‬

‫محمد‪ .‬ف‪ .‬الجرف‬ ‫ماتت السورية «نجالء الــوزة» منتحرة عن عمر لم ُيكمل الثانية والعشرين‪ ،‬فنانة‬ ‫أ‬ ‫تشكيلية‪ ،‬وممثلة سينمائية قيل �نها وادعة‪.‬‬ ‫هناك‪ ،‬في بالد بعيدة ً‬ ‫جدا‪ ،‬قررت هذه الشابة الجميلة وضع ّ‬ ‫حد لحياتها‪.‬‬ ‫قبلها شهدت البالد حاالت انتحار عديدة‪ ،‬فالعام ‪ 2013‬سجل لوحده ‪ 60‬حالة انتحار‪.‬‬ ‫ولكن من يكـترث؟‬ ‫أ‬ ‫يقول الشاعر ال لماني «نوفاليس»‪« :‬الفعل الفلسفي الحقيقي هو االنتحار»!‬ ‫عبثيا ً‬ ‫سا ً‬ ‫يملك المنتحر «ازدواجية» غرائبية‪ ،‬فهو يعيش لحظة اتخاذه القرار أي� ً‬ ‫كامال‪،‬‬ ‫وحين ُينفذ قراره فإنه ُيقدم بشجاعة نادرة ُيحسد عليها‪ ،‬قد ال نغبطه على الفعلة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ولكننا – بالت�كيد‪ -‬نغار من الشجاعة‪.‬‬ ‫ُيطلعنا التاريخ على حاالت انتحار أ�بطالها شخصيات ً‬ ‫غالبا ما تكون على درجة عالية‬ ‫من الحساسية والذكاء‪ ،‬والقدرة على التقاط «اللحظة»‪ ،‬هذه اللحظة التي ُتمسي فعل‬ ‫أ‬ ‫احتجاج �قصى حين االنتحار‪.‬‬ ‫«فيكـتور تاوسك» (‪ً )1919 – 1879‬‬ ‫مثال‪ ،‬تلميذ «فرويد» ّالنابغة‪ ،‬والذي كان مثار‬ ‫ولكنه‪ ،‬ويا للغرابة‪ ،‬لم َ‬ ‫غيرة بقية التالمذة‪ّ .‬‬ ‫يحظ باالعتراف الكافي بقيمته‪ ،‬من قبل‬ ‫الوحيد الذي العترافه قيمة لديه‪ ،‬فرويد‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫تفاديا لخطورته‪َ � ،‬وكــل فرويد �مر تحليله إلى لو‪� -‬ندرياس – سالومي‪ ،‬المر�ة التي‬ ‫ً آ‬ ‫أ‬ ‫وعفيفا في �ن‪ ،‬فبنت عالقتها‬ ‫�رادت الحصول على «المعلم»‪ ،‬ولكن فرويد كان عجو ًزا‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫مع �فضل خيار ثاني‪« :‬تاوسك»‪ .‬وهكذا‪� ،‬صبحت «سالومي» وسيطة (في الحقيقة‬ ‫أ‬ ‫جاسوسة) بين المريض الخطير «تاوسك»‪ ،‬والمت�هب للقصاص «فرويد»‪ .‬الحادثة‬ ‫أ‬ ‫ترافقت مع خالف شديد بين الرجلين حول موضوع الذهان‪ .‬وفي لحظة ي�س‪ -‬شجاعة‪-‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫استل تاوسك مسدسه و�طلق النار على ر�سه‪ ،‬ومات‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�راد تاوسك ‪ -‬كما يريد �ي منتحر‪� -‬ن يثير �قصى اهتمام بموته‪ ،‬اهتمام ربما لم ينله في‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫خصوصا من «المعلم» فرويد‪ ،‬ولكن للسف‪ :‬نعي رسمي من فرويد �شبه برفع‬ ‫حياته‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫العتب‪ ،‬إذ كـتب فرويد فيما بعد رسالة إلى سالومي يقول فيها‪�« :‬عترف ب�نني لم �فتقده‬ ‫أ‬ ‫أ أ أ‬ ‫ّ‬ ‫حق ًا‪ ،‬ومنذ فترة طويلة و�نا �عتبر �ن ال نفع منه‪ ،‬بل و�نه بمثابة تهديد للمستقبل»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫وقد وافقت سالومي على �ن تاوسك كان بمثابة تهديد لمستقبل التحليل النفسي‪ ،‬كما‬ ‫قبلت ّ‬ ‫تملق «فرويد» حين قال لها إنه احتمل تاوسك كل هذا الوقت بسبب صداقتها‬ ‫أ‬ ‫معه‪ ،‬وهكذا ّ‬ ‫تخلت عن توسك وذكراه بسهولة‪ .‬خسر «تاوسك» �مام «فرويد» مرتين‪،‬‬ ‫أ أ‬ ‫في حياته ومماته‪ ،‬وهذا العبقري ُيذكر الن ك�حد عشاق «سالومي»‪.‬‬ ‫هناك «خليل حاوي» الشاعر اللبناني‪ ،‬الذي انتحر ليلة دخول الجيش االسرائيلي‬ ‫أ أ‬ ‫إلى بيروت في العام ‪ ،1982‬ولكن أ� ً‬ ‫يضا عند سماعه � ّن �هل قريته سرقوا بيته هناك‪.‬‬ ‫فعل االحتجاج هذا على سلب الغزاة لمدينته‪ ،‬وسلب أ�حبته لبيته‪ ،‬جاء ً‬ ‫مدويا لشاعر‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫«نهر الرماد»‪ ،‬وهو هنا أ�كـثر ً‬ ‫حظا (!) من تاوسك‪ .‬فعلى القل ما زلنا نذكر حاوي ك�حد‬ ‫ّ‬ ‫رومانسي القصيدة العربية‪.‬‬ ‫ً أ‬ ‫ال شيء يطغى على غموض الموت سوى االنتحار موتا‪ .‬في �وديسة هوميروس‪ ،‬يقابل‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫«�وديسيوس» جاكستا‪ ،‬زوجة �وديب و�م �بنائه الربعة‪ ،‬تزوجته وهي ال تعلم �نه ابنها‪،‬‬ ‫ونتيجة اكـتشافها لهذه الحقيقة قررت االنتحار‪ .‬عند هوميروس ُيمكن لصدمة الحقيقة‬ ‫أ(�لم المعرفة) أ�ن تكون أ�كبر من قدرة المرء على ّ‬ ‫تحملها‪ ،‬فينتحر‪.‬‬ ‫ُيقدم «كريلوف» بطل رواية «مذكرات من العالم السفلي» لديستويفسكي على االنتحار‪،‬‬ ‫كي ُيثبت أ� ّنه ُم ّ‬ ‫حق‪ .‬ولكن‪ُ ،‬يثبت لمن؟‬

‫أ‬ ‫ً‬ ‫موجودا‪ ،‬فإنه سيحول دون انتحاره‪ ،‬ولن يستطيع كريلوف �ن ُينهى‬ ‫«إذا كان الله‬ ‫وجوده بذاته»‪ .‬كيف سيروي لنا «كريلوف» تجربته؟‪.‬‬ ‫إحصاءات منظمة الصحة العالمية تشير إلى تزايد معدالت االنتحار في العالم لتصل‬ ‫إلى حالة انتحار كل ‪ 40‬ثانية‪ ،‬وهو ما يشكل نحو مليون منتحر ً‬ ‫سنويا‪.‬‬ ‫أ أ‬ ‫وقد بينت اإلحصاءات �ن �على نسبة انتحار للرجال على مستوى العالم‪ ،‬قد وجد‬ ‫أ‬ ‫بدول االتحاد السوفييتى السابق‪ ،‬ثم ت�تي دول المجر وسريالنكا وفنلندا وسويسرا‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�ما بين النساء‪ ،‬ف�على نسبة لالنتحار توجد فى الصين‪ ،‬ثم سريالنكا والمجر واليابان‪.‬‬ ‫أ‬ ‫هل هناك داللة ما بالنسبة الحتالل الدول الشمولية لعلى نسب انتحار على صعيد‬ ‫الرجال والنساء؟‬ ‫احتجاجي عنيف‪ ،‬عنيف ضدّ‬ ‫ّ‬ ‫قامت «نجالء الوزة»‪ ،‬الفنانة والكاتبة والممثلة‪ ،‬بفعل‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الي�س‪ ،‬أ�و العجز‪ّ ،‬‬ ‫وربما الحقيقة هي من �نهت حياتها‪ .‬تدل رسوم‬ ‫ذاتها‪ .‬ربما قتلها‬ ‫نجالء على وقوفها مع الشعب السوري في احتجاجه على الطاغية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫بالعودة إلى الستين منتح ًرا (من ضمنهم ‪ 10‬نساء) في العام ‪ ،2013‬نجد �ن المدن‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫تحتل النصيب ال كبر‪ :‬الحلبيون في المركز الول في عدد المنتحرين بـ ‪12‬حالة‪ ،‬تالهم‬ ‫الدمشقيون بعشر حــاالت‪ ،‬وحمص بتسع‪ ،‬الالذقية ودرعــا بسبع حــاالت‪ ،‬حماة ‪5‬‬ ‫أ‬ ‫ًأ‬ ‫حاالت‪ ،‬طرطوس ‪ً ،4‬‬ ‫إذا �بناء المدن هم ال كـثر عرضة‪،‬‬ ‫وكال من السويداء والحسكة ‪.3‬‬ ‫وفي سورية الترتيب يتوافق مع الكـثافة السكانية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫م�ساة الموت السوري �نه ال يثير انتباه �حد‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫احتجاجا‪ ،‬فيما تقف م�ساة‬ ‫استطاع «البوعزيزي» بانتحاره �ن يفجر الربيع العربي‬ ‫السوريين عارية‪ ،‬وحيدة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ أ أ‬ ‫أ‬ ‫نجالء التي انتحرت بعيدة‪ ،‬والم التي �حرقت نفسها في طرابلس �مام �عين �والدها‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الربعة‪ ،‬وقرب مركز للمم المتحدة في شمال لبنان‪ ،‬بسبب شعورها بالي�س إزاء عجزها‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫عن ت�مين مساعدات غذائية‪ ،‬بعد وقوفها بال جدوى ثالثة �يام في الطابور‪ .‬سوري يقتل‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫نفسه في صيدا بسبب عدم قدرته على ت�مين عشاء لبنائه‪.‬‬ ‫هناك حاالت انتحار بسبب الترف‪.‬‬ ‫بالنسبة للسوريين‪ :‬الحياة والموت أ�صبحا ترفا‪ً.‬‬ ‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫‪25‬‬


‫إضاءة‬

‫تقرير‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫تنظيم «الدولة اإلسالمية» يتقدم في ريف السويداء الشرقي ونداءات لمواجهته‬

‫تقرير‪ :‬فريق تحرير ضوضاء‬

‫أ‬ ‫بايعت مجموعة من بدو منطقة الصفر في الريف‬ ‫أ‬ ‫الشمالي الشرقي لمحافظة السويداء‪� ،‬واخر شهر‬ ‫تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ا لـفــا ئــت‪ ،‬تنظيم “ا لــدو لــة‬ ‫اإلســامـيــة”‪ ،‬وقــال مراسل “ضــوضــاء” إن سكان‬ ‫المنطقة بايعوا التنظيم بعد اقتحام عناصره قرية‬ ‫القصر‪ ،‬التي تقطنها عشائر من البدو (تبعد ‪ 3‬كم‬ ‫عن قرية الحقف ذات الغالبية الدرزية)‪ ،‬وداهموا‬ ‫المحال التجارية فيها‪ ،‬حيث صادروا كميات من‬ ‫أ‬ ‫التبغ ومنعوا الهالي من التدخين‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫و�شار مراسل “ضوضاء” في المنطقة‪� ،‬ن تنظيم‬ ‫أ‬ ‫“الدولة” نشر حواجز عسكرية في الصفر‪ ،‬التي‬ ‫أ‬ ‫يلج� إليها مئات النازحين من درعا والقنيطرة وريف‬ ‫دمشق‪ ،‬جراء العمليات العسكرية في مناطقهم‪،‬‬ ‫فــي حـيــن يقيم “صــابــر دك ــاك” وجـمــاعـتــه (بــايـعــوا‬ ‫التنظيم مؤخ ًرا أ� ً‬ ‫يضا)‪ ،‬حاج ًزا شرق قرية القصر‪،‬‬ ‫يعتدي عناصره على المدنيين ويسرقونهم ويفرضون‬ ‫أ‬ ‫عليهم �تاوات للمرور عبره‪.‬‬

‫أ‬ ‫كما نقل مراسلنا عن ناشطين من المنطقة‪ � ،‬ن‬ ‫ل ــواء “الـشـبــاب الـصــادقـيــن” الـتــابــع للجيش الحر‬ ‫هناك‪ ،‬بايع تنظيم “الدولة” منتصف شهر تشرين‬ ‫أ‬ ‫الثاني‪ ،‬و� ن عناصر التنظيم ا تـخــذوا مــن منطقة‬ ‫قرب قرية الصريخي في بادية السويداء مق ًرا لهم‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ي�تي هذا‪ ،‬بعد انسحاب مقاتلي “جيش اإلسالم”‬ ‫من بادية ّ‬ ‫الحماد‪ ،‬التي تفصل بين بادية السويداء‬ ‫وصـحـراء ديـرالــزور‪ ،‬حيث مناطق سيطرة تنظيم‬ ‫“الدولة”‪ ،‬وعقب مبايعة لواء “الشباب الصادقين”‬ ‫أ‬ ‫بقيادة المقدم “�بو المعتصم” له‪ ،‬وتسهيله دخول‬ ‫عناصر التنظيم إ لــى المنطقة‪ ،‬ليصلوا إ لــى قرية‬ ‫الصريخي‪ ،‬على بعد ‪ 30‬كم عن مدينة السويداء‪.‬‬ ‫وتمتاز الصريخي بالكهوف والمغاور التي ّ‬ ‫تسهل‬ ‫وجود عناصر التنظيم فيها‪ ،‬وتوفر حماية لهم من‬ ‫أ‬ ‫قصف الطيران الحربي لقوات النظام �و التحالف‬ ‫الــدولــي‪ ،‬في ظل صعوبة وصــول فصائل الجيش‬ ‫الحر إلى المنطقة نظ ًرا لوعورتها‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف ــي الـ ـسـ ـي ــاق‪� ،‬ف ـ ـ ــاد ال ـم ـت ـح ــدث ب ــاس ــم “ج ـيــش‬ ‫أ‬ ‫اإلس ــام”‪ ،‬النقيب “إس ــام ع ـلــوش”‪� ،‬ن تسعة‬ ‫عناصر لتنظيم “ا لــدو لــة” قتلوا خــال مواجهات‬ ‫مع مقاتلين من “جيش اإل ســام” في منطقة بير‬

‫قـصــب (ش ـم ــال ش ــرق مـحــافـظــة ال ـس ــوي ــداء‪ ،‬على‬ ‫مشارف الغوطة الشرقية بريف دمشق‪ ،‬ذات غالبية‬ ‫ًأ‬ ‫مضيفا �ن “جيش اإلسالم” طلب مؤازرة‬ ‫درزية)‪،‬‬ ‫أ‬ ‫مــن مقاتليه فــي منطقة ا لـقـلـمــون‪ ،‬للتصدي ل ي‬ ‫خطر محتمل من تنظيم “الدولة”‪ ،‬حسب تعبيره‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫و�ك ــد نــاشـطــون ل ــ”ضــوضــاء” � ّن عـنــاصــر التنظيم‬ ‫فجروا مقامات دينية للطائـفة الدرزية‪ ،‬بالمناطق‬ ‫التي اقتحموها‪ ،‬في بير القصب وفي قرية الحقف‬ ‫قرب القصر‪.‬‬ ‫أ‬ ‫وذكـ ــرت م ـص ــادر م ــن ال ـج ـيــش ال ـحــر و�خ ـ ــرى من‬ ‫أ‬ ‫المنطقة لمراسلنا‪ � ،‬ن زعـيــم التنظيم فــي بادية‬ ‫السويداء تونسي الجنسية‪ ،‬بينما تناقل ناشطون‬ ‫أ‬ ‫محليون مــن ريــف الـســويــداء‪ ،‬مـعـلــومــات �ف ــادت‬ ‫أ�ن فصائل من الجيش الحر رصدت ً‬ ‫ً‬ ‫عسكريا‬ ‫رتال‬ ‫للتنظيم‪ ،‬شــرق قرية الشقرانية‪ ،‬الواقعة شرقي‬ ‫طــريــق الـســويــداء – دمـشــق على بعد ‪ 80‬كــم من‬ ‫مركز مدينة السويداء‪ ،‬وتقطنها عشائر من البدو‪.‬‬ ‫أ‬ ‫كما ذكر هؤالء �ن بعض عشائر البدو في منطقة بير‬ ‫أ‬ ‫القصب‪ � ،‬علنت مبايعتها للتنظيم خشية تكرار‬ ‫أ‬ ‫“المجازر” التي تعرض لها �هالي عشيرة الشعيطات‬ ‫بريف ديرالزور‪ ،‬خاصة بعد إحكام التنظيم سيطرته‬ ‫أ‬ ‫على قرى‪ :‬شنوان والقصر والصفر والساقية ورجم‬

‫‪26‬‬

‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬


‫إضاءة‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫تقرير‬

‫الدولة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫م ــن ج ــان ــب �خ ـ ــر‪ّ ،‬‬ ‫وج ـ ــه م ـع ــارض ــون م ــن �ب ـن ــاء‬ ‫السويداء نداءات‪ ،‬لمواجهة خطر تنظيم “الدولة‬ ‫أ‬ ‫اإلس ــام ـي ــة”‪ ،‬و�خ ـ ــذ ال ـح ـي ـطــة والـ ـح ــذر وتــوحـيــد‬ ‫أ‬ ‫الـصـفــوف‪ ،‬ونـقــل الـســاح إلــى المــاكــن المناسبة‬ ‫للتصدي له‪ ،‬على حد تعبيرهم‪.‬‬ ‫وفي هذا الصدد‪ ،‬قال المهندس “يحيــى القضماني”‬ ‫إن‪“ :‬ت ـم ــدد تـنـظـيــم ال ــدول ــة ال ـخ ـط ـيــر ف ــي ســوريــا‬ ‫والـعـراق‪ ،‬وصمت المجتمع الدولي عن مجازره‪،‬‬ ‫ًأ‬ ‫الفتا �ن “طائـفة‬ ‫دفعنا لتوجيه هذه الـنــداءات”‪،‬‬ ‫أ‬ ‫الـمــوحــديــن ال ــدروز مــن �ك ـثــر الـطــوائ ــف المعادية‬ ‫أ‬ ‫لـلـتـطــرف‪ ،‬وتـمـتــاز بــاالنـفـتــاح عـلــى جميع الدي ــان‬ ‫والمذاهب‪ ،‬ولهذا يناصبها التنظيم العداء”‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬قال الدكـتور “فايز القنطار”‪“ :‬ال توجد‬ ‫أ‬ ‫اهتماما ً‬ ‫ً‬ ‫خاصا‬ ‫مؤشرات تؤكد �ن تنظيم الدولة يولي‬ ‫ً أ‬ ‫أ‬ ‫ًأ‬ ‫تماما �ن‬ ‫اهنا‪ ،‬لنه يدرك‬ ‫بالسويداء‪ ،‬على القل ر‬ ‫المجتمع المحلي فــي المحافظة يـكــن لــه ا لـعــداء‬ ‫أ‬ ‫والرفض‪ ،‬وهو يفتقر إلى الحد الدنــى من القبول‬ ‫الشعبي”‪.‬‬

‫أ‬ ‫مـشـيـ ًـرا � ن “جغرافيا ا لـســو يــداء الجبلية وصعوبة‬ ‫تشكل ً‬ ‫تضاريسها قد ّ‬ ‫مقتال للتنظيم‪ ،‬كغيره من‬ ‫الغزاة الذين سبقوه”‪ً ،‬‬ ‫منوها إلــى “وجــود خشية‬ ‫من التنظيم ومشتقاته‪ ،‬الذي إن وجد موطئ قدم‬ ‫له في الجنوب‪ ،‬لن أتت�خر جبهة النصرة أ� ً‬ ‫يضا عن‬ ‫مبايعته”‪.‬‬ ‫بدوره‪ ،‬قال المعارض “فاضل المنعم” المختص‬ ‫في القانون والعالقات الدولية إن‪“ :‬النظام استخدم‬ ‫أ‬ ‫ك ــل الــوســائــل إلثـ ــارة ال ـف ـتــة ال ـطــائ ـف ـيــة بـيــن �ه ــل‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫السويداء وجيرانهم‪ ،‬من خالل �زالمه و�عوانه من‬ ‫أ‬ ‫كال الطرفين‪ ،‬و�نــه ال يزال مستم ًرا في لعبة الدم‬ ‫وتمزيق المجتمع‪ ،‬واستخدام الحركات المتطرفة‬ ‫كـتنظيم الدولة وجبهة النصرة‪ ،‬في إثــارة الرعب‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫والخوف بين �بناء السويداء‪ ،‬على �نهم مستهدفون‬ ‫من هذه الحركات”‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫و�ضـ ــاف “ال ـم ـن ـعــم” �ن ال ـغــايــة ال ـتــي يــرمــي إلـيـهــا‬ ‫النظام من وراء التهويل اإلعالمي‪“ ،‬الظهور على‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�نــه حـ ٍـام لــ�قـلـيــات‪ ،‬و�ن ــه ال مـنــاص مــن االلتفاف‬ ‫حوله والتطوع في صفوف جيشه‪ ،‬وتلبية دعوات‬ ‫االحتياط والخدمة اإللزامية واالنضمام إلى ميليشيا‬ ‫أ‬ ‫جيش الدفاع الوطني‪ ،‬ليزج بهم في �تون الحرب‪،‬‬ ‫بعد الخسائر الفادحة التي لحقت بعناصر ميليشيا‬ ‫ح ــزب ال ـلــه ال ـل ـب ـنــانــي‪ ،‬وب ـعــد ان ـس ـحــاب الـعـنــاصــر‬ ‫أ‬ ‫العراقية التي كانت تقاتل إلى جانبه‪ ،‬في �عقاب‬ ‫سيطرة التنظيم على محافظتي نينوى وصالح الدين‬ ‫في العراق‪ ،‬فازدادت حاجته إلى المقاتلين”‪.‬‬

‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫‪27‬‬


‫ضوء‬

‫رأي‬

‫اللقاءات السورية اإلسرائيلية من السرية إلى العلنية‬

‫أ‬ ‫فادي‪ .�.‬سعد‬ ‫زار المعارض السوري «كمال اللبواني» إسرائيل قبل‬ ‫فـتــرة‪ ،‬فــي خـطــوة القــت رفـضـ ًـا واس ـعـ ًـا مــن معارضين‬ ‫ومــوالـيــن للنظام‪ .‬زي ــارة «الـلـبــوانــي» تـنــدرج فــي سياق‬ ‫م ـش ــاركـ ـت ــه ف ــي م ــؤت ـم ـ ٍـر ل ـم ـكــاف ـحــة اإلرهـ ـ ــاب ع ـقــد في‬ ‫أ‬ ‫«إس ـرائ ـيــل»‪ ،‬مــا �ع ــاد لـلــذاكــرة وقــائــع زي ــارات مماثلة‬ ‫«ع ـل ـن ـيــة»‪ ،‬لـشـخـصـيــات م ــن ال ـن ـظــام الـ ـس ــوري ومــن‬ ‫المعارضين له‪.‬‬ ‫لقاءات علنية لسوريين مع إ�سرائيليين‪:‬‬ ‫أ‬ ‫«فريد الغادري» و»نبيل فياض» الخير(المقرب من‬ ‫المخابرات السوري؟) التقوا شخصيات إسرائيلية سنة‬ ‫‪ 2005‬في «نيويورك»‪ ،‬وهو ما سمعته من مقربين من‬ ‫أ‬ ‫«فـيــاض» في دمشق‪ ،‬التقى حينها وفــي �حــد مطاعم‬ ‫ن ـيــويــورك‪ ،‬بشخصية عسكرية إسـرائـيـلـيــة مــن قـيــادة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الركــان‪ .‬و»فياض» هو الذي قال �واســط التسعينيات‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫بــالـفــم ال ـم ــ�ن‪ ،‬وف ــي مـعــرض مـك ـتـبــة الس ــد بدمشق‬ ‫للكـتاب‪ ،‬إنه سيشارك العام القادم في معرض مكـتبة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫السد‪ ،‬عن طريق جناح لجريدة «يديعوت �حرنوت»‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫اإلسرائيلية‪ .‬وكان «�دونيس» �ول مثقف سوري يحضر‬ ‫مؤتم ًرا ً‬ ‫دوليا للسالم في مدريد‪ ،‬بحضور رئيس وزراء‬ ‫إسـرائـيــل‪ .‬يومها قــامــت الــدنـيــا ولــم تقعد‪ ،‬وتــم فصل‬ ‫ادونيس من اتحاد الكـتاب‪ ،‬وفصل معه الروائي «هاني‬ ‫أ أ‬ ‫الراهب» لنه �يد موقفه‪.‬‬ ‫تاريخ الزيارات العلنية لسوريين إ�لى إ�سرائيل‪:‬‬ ‫أ‬ ‫ه ـنــاك زي ــارت ــان عـلـنـيـتــان ش ـه ـي ـرتــان‪ ،‬الول ـ ــى ق ــام بها‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫رجــل �عـمــال ســوري �رسـلــه نظام الس ــد للتفاوض مع‬ ‫اإلسرائيليين‪ ،‬بخصوص استمرار عملية السالم بين‬ ‫البلدين‪ ،‬والثانية قام بها معارض للنظام السوري مقيم‬ ‫في الواليات المتحدة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫رجل العمال « إ�براهيم سليمان» مفوضا من السد‪:‬‬ ‫في نيسان من عام ‪ 2007‬قام رجل أالعمال السوري‬ ‫«إبراهيم سليمان» بزيارة إلى إسرائيل‪ ،‬مثل خاللها‬ ‫أ‬ ‫�مــام لجنة العالقات الخارجية والدفاع في الكنيست‬ ‫أ‬ ‫أ آ‬ ‫أ‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬إلقناع «تل �بيب»‪ ،‬ب�ن نظام السد �نذاك‬ ‫معني بالسالم مع إسرائيل‪.‬‬ ‫«سليمان» المقرب من عائلة الرئيس السوري‪ ،‬شارك‬ ‫أ� ً‬ ‫يضا مسؤولين سوريين في المفاوضات غير الرسمية‪،‬‬ ‫والساعية إلى اتفاق سالم سوري‪ -‬إسرائيلي عام ‪2004‬‬ ‫أ‬ ‫في �وروبــا عبر الحكومة السويسرية‪ ،‬بالطبع لم يتهم‬ ‫أ�حد من السوريين ً‬ ‫(نظاما ومعارضة) «إبراهيم سليمان»‬ ‫بالخيانة‪ ،‬كونه مبعوث من النظام السوري‪ ،‬يومها قال‬ ‫أ‬ ‫المفاوض اإلسرائيلي «�لون ليئيل»‪ :‬إن زيارة سليمان‬ ‫أ‬ ‫«مؤثرة للغاية»‪ ،‬وإن الخير زار إسرائيل في الماضي‪،‬‬

‫‪28‬‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫«لكن تلك الزيارة لم تكن أ� ً‬ ‫بدا علنية وال مغطاة من قبل‬ ‫وسائل اإلعالم»‪.‬‬ ‫«فريد الغادري» معارض للنظام‪:‬‬ ‫أ‬ ‫قال «فريد الغادري» لصحيفة «يديعوت �حرنوت» إنه‬ ‫يزور إسرائيل منذ عام ‪.1996‬‬ ‫وزار «ال ـغــادري» الــذي يحمل الجنسية االميركية تل‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�بيب و�لقى كلمة في الكنيست اإلسرائيلي‪ ،‬دعا فيها‬ ‫إس ـرائ ـيــل لـعــدم الــدخــول فــي ات ـفــاق س ــام مــع ســوريــا‬ ‫أ‬ ‫«بسبب خلوها من الديمقراطية»‪ ،‬معتب ًرا �ن «اتفاقات‬ ‫أ‬ ‫ش�نها أ�ن تعيق التغيير الديموقراطي»‪ّ .‬‬ ‫جرد‬ ‫كهذه من‬ ‫«الغادري» من جنسيته عقب زيارته إلسرائيل‪ ،‬وإلقائه‬ ‫محاضرة في الكنسيت اإلسرائيلي‪ ،‬ليطلق على إثرها‬ ‫مواقفا ضد سوريا‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫موجها النصائح للمعارضة السورية‬ ‫أ‬ ‫ب�نه «التغيير ممكن في سوريا دون تدخل الواليات‬ ‫المتحدة وإسرائيل»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�ســس «ال ـغــادري» حــزب «اإلص ــاح» الــذي يـر�ســه في‬ ‫واشنطن بعد أ�حداث ‪ 11‬أ�يلول‪ ،‬وكان مر ً‬ ‫تبطا بعالقات‬ ‫أ‬ ‫مع شخصيات �مريكية في إدارة الرئيس «جورج بوش»‬ ‫آ�نذاك‪ ،‬وفي الكونغرس أالمريكي أ� ً‬ ‫يضا‪.‬‬ ‫من شخصيات النظام‪:‬‬ ‫في خبر فريد من نوعه‪ ،‬قال المعارض العلوي «وحيد‬ ‫أ‬ ‫صقر» إن رجل �عمال مصري اطلعه على فيديو يظهر‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫مت�كد ً‬ ‫تماما‬ ‫«ماهر السد» في زيارة إلى إسرائيل‪ ،‬وإنه‬ ‫أ‬ ‫�ن إسرائيل هي الدولة الوحيدة الداعمة لهذا النظام‪،‬‬ ‫أ‬ ‫وحين ترفع يدها عن النظام سوف يسقط‪ .‬الخبر الخير‬ ‫أ‬ ‫يعود بتاريخه إلى �يار ‪.2013‬‬ ‫أ� ً‬ ‫يضا لن ننسى تصريح «رامي مخلوف» في السنة االولى‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫للثورة‪ ،‬حين قال «إن �من سوريا من �من إسرائيل»‪،‬‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫في مغازلة مفضوحة للخيرة التي تفضل حتى الن بقاء‬ ‫أ‬ ‫نظام السد على معارضة مفككة غير مضمونة‪ ،‬ومعادية‬ ‫في جوهرها إلسرائيل‪.‬‬ ‫تنسيق عسكري بين النظام و إ�سرائيل‪:‬‬ ‫خالل الحرب السورية الراهنة‪ ،‬تم تسجيل واقعتين‬ ‫لتفاهم ضمني وتنسيق عسكري بين النظام والقوات‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬ضمن سياق الحرب الــدائــرة بين النظام‬ ‫والجيش السوري الحر قرب الحدود مع إسرائيل‪ ،‬حيث‬ ‫أ‬ ‫عمدت الخيرة إلى إطالق قنابل مضيئة كشفت الطريق‬

‫لـرامـيــات النظام المدفعية على مــواقــع الجيش الحر‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ومن المعروف �ن «قــوات حزب الله» قامت بالتفاف‬ ‫أ‬ ‫على الجيش الحر‪ ،‬مستخدمة �راضــي خاضعة لسلطة‬ ‫االحتالل اإلسرائيلي‪ ،‬بعد تنسيق مع النظام وإسرائيل‪.‬‬ ‫وفي تسريب هو االخطر عبر وثيقة صادرة عن مجلس‬ ‫أ‬ ‫المن نشرتها «جريدة الحياة اللندنية»‪ ،‬تضمنت تقري ًرا‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫قدم إلى مجلس المن‪ ،‬فحواه �ن إسرائيل لبت طلب‬ ‫أ‬ ‫جيش النظام السوري‪� ،‬ن ال يقوم الجيش اإلسرائيلي‬ ‫أ‬ ‫ب� ّي تحرك ضد الدبابات السورية التي دخلت منطقة‬ ‫أ‬ ‫فك االشتباك‪ ،‬لنها مخصصة حص ًرا لمحاربة العناصر‬ ‫المسلحة في المعارضة‪.‬‬ ‫تنسيق عسكري مع المعارضة‪:‬‬ ‫أ‬ ‫تــم ال ـتــداول �ن إسـرائـيــل قــدمــت الـعــاج لجرحى من‬ ‫الجيش الحر‪ ،‬بينهم «العميد عبد اإلله البشير» الذي‬ ‫أ‬ ‫استضافته إحــدى المشافي اإلسرائيلية لعدة �شهر‪،‬‬ ‫بعد إصابته في المعارك الدائرة في سوريا‪ .‬أ� ً‬ ‫يضا إعالم‬ ‫أ أ آ‬ ‫إسرائيل يروي �ن الخيرة �وت مدنيين سوريين هاربين‬ ‫مــن الـحــرب‪ .‬وبحسب موقع «وااله» العبري‪ ،‬كشف‬ ‫أ‬ ‫ضابط إسرائيلي كبير يخدم في المنطقة الشمالية‪� ،‬ن‬ ‫عدد الجرحى السوريين الذين تلقوا العالج في إسرائيل‬ ‫أ‬ ‫فاق ‪ ١٦٠٠‬جريح‪ .‬مشي ًرا إلى �ن عملية نقل الجرحى‬ ‫السوريين تتم عبر اتصال مندوب من المعارضة بجهة‬ ‫أ‬ ‫�منية إسرائيلية‪ ،‬والتنسيق معها حول وصول الجريح‬ ‫إلى منطقة الحدود‪ً ،‬‬ ‫ناقال التفاصيل عن هويته وخطورة‬ ‫إصابته‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وف ــي �ي ـلــول الـمــاضــي �ك ــد معلق ال ـشــؤون العسكرية‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫في القناة اإلسرائيلية العاشرة «�لــون بن ديفيد»‪� ،‬ن‬ ‫«عالقات «إسرائيل» مع التنظيمات المعارضة في سوريا‬ ‫آ‬ ‫�خذة بالتطور‪ ،‬ليس فقط التنظيمات «الليبرالية»‪ ،‬بل‬ ‫المتطرفة أ� ً‬ ‫يضا‪ ،‬بما يشمل «جبهة النصرة» التي سلمت‬ ‫«إسرائيل» في تلك الفترة أ�سي ًرا أ� ً‬ ‫ً‬ ‫موجودا‬ ‫ميركيا كان‬ ‫في قبضتها»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وفــي تسريب خ ــاص‪ ،‬ورد �ن القنصل المــريـكــي في‬ ‫إستنبول «هانز ماهوني» قــال لدبلوماسي عربي‪ :‬إن‬ ‫«ع ـش ـرات الـســوريـيــن طـلـبــوا مـنــي الـتــوســط بـلـقــاء مع‬ ‫مندوبين إسرائيليين داخل تركيا أ�و خارجها»‪ ،‬ما ّ‬ ‫يرجح‬ ‫أ‬ ‫�ن زيارة «اللبواني» لن تكون االخيرة!‪.‬‬


‫ضوء‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫‪29‬‬


‫ضوء‬

‫‪30‬‬

‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬


‫قبس من نور‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬ ‫قبس من نور‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫كـتـبـت هــذه المجـمـوعــة الشــعرية بين ع ــامي ‪ 1995/1993‬في ســجن ع ــذرا �ثناء محاكمة المعتقلين من قبل محكمة �من الدولة بعد توقيف عرفي دام ثالثة عشر‬ ‫القانونية التي أ�مضاها المعتقلون في السجون‪ ،‬وبناء على ذلك ّ‬ ‫عاما‪ ،‬وقد صدرت أ� ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫حكاما تتناسب مع ّمدة التوقيف ّ‬ ‫فصلت ّالتهم‪ .‬حكم علي‬ ‫العرفي لتغطي المدد غير‬ ‫بالسجن ‪ 24‬سنة مع الحرمان من الحقوق المدنية‬ ‫شعر عدنان الصباح المقداد‬ ‫أ‬ ‫الورقة الولى‬ ‫ّ أ‬ ‫سيدي و�نت الخصم والحكم‬ ‫يا‬

‫وهذا السيد‬ ‫طلع من المساء الرتيب‬ ‫وضع القلق في كل …‬ ‫مكان‬ ‫وصوب على‪....‬‬ ‫الصدور‬ ‫‪2‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الجميع يتلوى …‬ ‫قد تكون هذه مملكةَ‬ ‫العدالة …!‬ ‫ّ‬ ‫الجميع يصمت …‬ ‫قد تكون هذه مملكةَ‬ ‫الحكمة…!‬ ‫‪3‬‬ ‫هاكم التقطوهُ‬ ‫هذا وطن …‬ ‫وهذه بكارة السجناء‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫…ونتوءات‬ ‫عظام‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫وشيء يبحث عن االتساق‬ ‫ّ‬ ‫ويدوم …‬ ‫في قلق‪.....‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ْ‬ ‫يستطع الليل إخفاءَ‬ ‫لم‬ ‫دوده‬ ‫أ‬ ‫ف�صبح للكره‬ ‫ٌ‬ ‫وجه‪...‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫هو لسان معلمي …‬ ‫الذي كان يدور‬ ‫َ‬ ‫مثل دودة‪،‬‬ ‫تدخل وتخرج من‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫الجثة‪...‬‬ ‫***‬ ‫هو لسان معلمي …‬ ‫توازن‬

‫فوق ّ‬ ‫حد السيف‬ ‫وتوارينا‪..‬‬ ‫ً‬ ‫معا‪....‬‬ ‫‪6‬‬ ‫أ‬ ‫�بو عمر…‬ ‫أ‬ ‫�ورثك…‬ ‫ما كان تحت السرير‪:‬‬ ‫ُأ‬ ‫حقيبة �سير‪..‬‬ ‫آ‬ ‫وك�بة‬ ‫أ‬ ‫وطقم �سنان‬ ‫أ‬ ‫استعمله قبل �ن يبلغ‬ ‫الستين …‬ ‫***‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�بو عمر‪� ..‬ورثك‪..‬‬ ‫أ‬ ‫رماد �فكاره‬ ‫أ‬ ‫ورماد �حالمه‬ ‫ّ‬ ‫رماد َّ‬ ‫فه‪....‬الطغاة‪.‬‬ ‫خل‬ ‫‪7‬‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫�ية لغة ستمسح على جبينك‬ ‫آ أ‬ ‫في �خر المر‬ ‫أ‬ ‫�نت نكرة‬ ‫نكرة بال ذيل‬ ‫غادرت مكانها …‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫فلم ي�به لها �حد‬ ‫آ‬ ‫وتعود الن‪..‬‬ ‫ً‬ ‫صغيرة‪..‬‬ ‫وصفر َاء‪،‬‬ ‫ارتجلت َ‬ ‫نقصها بين‬ ‫ّالذوات‪...‬‬ ‫‪8‬‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫و�نت‪..‬‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫�نت من وضع عباءته‬ ‫على ّ‬ ‫الجميع‬ ‫التصق بصخرة‬ ‫ّ أ‬ ‫ّ‬ ‫وفكر‪ ..‬ببقية الرض‬

‫أو� َ‬ ‫نت‪..‬‬ ‫أ�نت من ّ‬ ‫تنفسك ّ‬ ‫الجميع‬ ‫ونشد العابرون‬ ‫ّ‬ ‫ظلك …‬ ‫أو� َ‬ ‫نت‪..‬‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫الحكمة‬ ‫�نت من حمل‬ ‫ّ‬ ‫إلى الذين‬ ‫يقفون في الخارج‪..‬‬ ‫‪9‬‬ ‫قاربا‪...‬قارباً‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫�قلع الغرباء‬ ‫أ‬ ‫و�نت‪...‬‬ ‫ستبقى ّ‬ ‫معل ًقا‬ ‫مع ّ‬ ‫ظل هذه المدينة‬ ‫أ‬ ‫إلى البد‬ ‫***‬ ‫قاربا ً‪ ..‬قارباً‬ ‫أ‬ ‫�قلع الغرباء‬ ‫أ‬ ‫و�نت‪..‬‬ ‫تتكوم ك ّ‬ ‫ـقط‬ ‫تحت هذه القبة‬ ‫تعاقر التاريخ‬ ‫وتدخل السجن الموصل إلى‬ ‫بيتك …‬ ‫‪10‬‬ ‫أ‬ ‫مت�خراً‬ ‫الوقت كان‬ ‫والذي خرجت من قلبه‬ ‫ّالر ُ‬ ‫حمة‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫جلس إلى البد في الظالم‬ ‫لبس َ‬ ‫قناعه‬ ‫أ‬ ‫وجلس إلى البد‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫في الظالم‪...‬‬ ‫‪11‬‬ ‫أ‬ ‫مت�خرا‪ً،‬‬ ‫الوقت كان‬ ‫ولم يجد حمام تشرين مكاناً‬

‫يحط فيه‪..‬‬ ‫أ‬ ‫�ما قاسيون‬ ‫أ ّ أ‬ ‫طل بر�سه من بعيد‬ ‫فقد �‬ ‫كمغامر‬ ‫قبر ألربعين رجالً‬ ‫وفي صدره ٌ‬ ‫َ‬ ‫ثالثمئة عام‬ ‫سينامون‪..‬‬ ‫***‬ ‫ٌ‬ ‫ليس لحمام تشرين مكان يحط فيه‬ ‫وحيث يتسرب الضوء‬ ‫أ‬ ‫تمتد �صابع العدالة‪..‬‬ ‫‪12‬‬ ‫أ‬ ‫�يتها العدالة‬ ‫كانت ُ‬ ‫بالدنا هنا‬ ‫ُيد من زحزحتها‪..‬؟‬ ‫كان قاسيون هناك‬ ‫ُيد من وضعته في حوض‬ ‫أ‬ ‫السيد ؟‬ ‫***‬ ‫أ‬ ‫�يتها العدالة‬ ‫أ� ُ‬ ‫كنت على موعد مع من سيدفعني‬ ‫…‪.‬من الشرفة ؟‬ ‫‪13‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫هل �سدل الصدقاء ستائرهم ؟‬ ‫لقد ّمر حمام تشرين‬ ‫وناحت الـ‪...‬‬ ‫أ‬ ‫هل ولولت الشباح‬ ‫وهي تقيس َ‬ ‫ركام الزمن‪...‬‬ ‫فوقك…؟‬ ‫في الزنزانة‪،‬‬ ‫لم َ‬ ‫تحظ بركن‬ ‫أو�نت ّ‬ ‫تجرب العيش‬ ‫أ‬ ‫وفي قفص ّ‬ ‫االتهام‪ ،‬لم يعثر �حد على‬ ‫بقية‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫الرض‪� ...‬يضا‪....‬‬ ‫كانون أول ‪ 2014‬العدد (‪)16‬‬

‫‪31‬‬


‫نصان قصصيان ‪ -‬مهند الخالد‬ ‫من مجموعته القصصية «ساعات الليل»‬

‫كوع يا ظالمني‬ ‫ً‬ ‫الذين يعرفون سعيد‪ ..‬يعرفون أنه مازال ميتا‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫كان من الممكن �ن يت� َّخر اكـتشاف الجثة �كـثر من ذلك لوال رائحة الموت التي عبقت في حارة النصارى‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫عنقودا من عنب عمره ‪ -‬الذي ّمر مثل ّرقاص الساعة ‪ -‬قطفتها شوارع القرية‪ ،‬يمتطي الصبح ً‬ ‫ً‬ ‫دافعا عربته في الحارات وال ّزقة ليو ّزع خدماته التي تبد�‬ ‫�ربعون‬ ‫بجمع القمامة وتنتهي بالغناء‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫وصل َع الفرن ‪ ،‬إنت �نشط مني‪ ...‬وشيل ّ‬ ‫_ سعيد يا نمر ّ‬ ‫حصتك‪..‬‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫_ �بو السعود‪ :‬إلك وال للواوي ؟؟؟؟‬ ‫ً‬ ‫_ خسى ّالذيب‪ّ ،‬‬ ‫مبتسما ابتسامة الخبير بالدعابة‬ ‫يرد‬ ‫أ‬ ‫_ كيلو بندورة وكيلو خيار من عند جارك �بو طلعت‪ ..‬وإلك الحلوان‬ ‫_ أ�ستاذ فريد‪ :‬علبتين ّ‬ ‫دخان بالله‪ ،‬ورجاع‪ ،‬الشاي ّ‬ ‫عالنار‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ويمتصه الوقت‪.‬‬ ‫يمتص كسلهم‪،‬‬ ‫أ أ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫المساءات يقضيها سعيد ً‬ ‫مرتديا بدلته المخططة ـ التي شاركت القرية نصف �فراحها �و �كـثر ف�صبحت تعرف ببدلة العرس – يجلس �مام بوابة المبنى البلدي‬ ‫شبان القرية‪ ،‬يقضمون الوقت ريثما ّ‬ ‫حيث يجتمع معظم ّ‬ ‫يلمهم الليل حول ورق اللعب‪.‬‬ ‫أ‬ ‫_ أ�ستاذ فريد‪ّ ،‬‬ ‫سمعنا شي من هالثقيل‪ ،‬يرمي �حدهم الفتنة‬ ‫يتذرع سعيد مبتس ًما منتظ ًرا اإلصرار الذي يعهده ً‬ ‫_ صوتي تعبان اليوم‪َّ ،‬‬ ‫جيدا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫_ طقطوقة �بو السعود طقطوقة عالخفيف يا �خي‪ .‬يستجيب �حدهم ّللغة السرية لمالمح سعيد‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫مرة أ�ن يلحظ ابتساماتهم الماكرة‪ ،‬ألنه حين يفلت العنان لزئيره ّ‬ ‫لم يتح له ً‬ ‫يظل مغمض العينين‪ ،‬إلى �ن يفرغ صدره �خر ذرة من الهواء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫لم َ‬ ‫يبق من تلك المسيات إل صداها بعد الحادثة التي تعرض لها الستاذ فريد والمعروفة بحادثة ((كوع يا ظالمني ))‪.‬‬ ‫َّميادة بالذات كانت السبب في انقالب العربة بكامل حمولتها عند ذلك الكوع‪ ،‬لم يكن القيظ الشديد هو السبب‪ ،‬وال المنعطف القاسي في نهاية المنحدر‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫كما َّادعى سعيد‪ ،‬وال حتى الصوت العذب للسيدة �م كلثوم‪،‬إنما كـتلة اللحم التي وقفت في �على الدرج‪ ،‬محشورة في قميصها القطني المنشمر عن قواعدها‬ ‫الرخامية‪ ،‬حين رمته بسهام عينيها وهي ّ‬ ‫تردد في غنج‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ يا ظالمني يا سعيد‪.....‬‬‫أ‬ ‫فيما بعد‪..‬ظل سعيد يشحب ويشحب إلى �ن مات ‪.‬‬ ‫‪2005‬‬

‫ً‬ ‫جنوبا ٍّ‬ ‫بيد باردة‬ ‫أ أ‬ ‫�طف� محرك الباص‪ ..‬سحب كرشه من تحت المقود والتفت نحوه مدي ًرا ظهره للشمس الوافدة من الشباك ‪ ،‬ومن بين دخان لفافته‪ّ ..‬رد عليه‪:‬‬ ‫أ‬ ‫ عين ّعمك‪ّ ...‬بدك الباص سكارسا‪� ..‬هال وسهال‪ ..‬وغير حكي‪ ......‬ما عندي‪.‬‬‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الشامي انتصف‪ ،‬والحيرة سحلت هدوءه وهو يدور‬ ‫مفسحا لخيوط من لهب سرت تحت جلده‪ ،‬ذلك الخميس‬ ‫وخزت الشمس عينيه‪ ،‬انسرب العرق من مساماته‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫محاوال االتفاق مع �حد السائـقين الذين استرخوا في كراسيهم ببالدة �تلفت �عصابه‪.‬‬ ‫بين الحافالت‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ �بو شاكر‪ ..‬ليش سكارسا ؟!! بتعرف الوضع كيف‪ ..‬المقعد الخير كافي يا �خي‪.‬‬‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫لم يجد �دهم حتى تلك اللحظة ما يمنعه عن تنفيذ خطته التي ّقر عليها �خي ًرا‪ ،‬شرح للسائق �ن الطريق ال يمكن �ن يستغرق �كـثر من ساعة‪ .‬و�ن دوره لم‬ ‫يحن بعد‪ ،‬ولهذا يمكن أ�ن يعودا قبل موعد رحلة أ�بو شاكر الذي انشمرت مالبسه الداخلية عن بطنه المشعر المنتفخ فراحت ك ّـفه تجوسها‪ ..‬تربت عليها‪ّ ...‬‬ ‫داس ًا‬ ‫سبابته في سرته‪ ،‬فيما الكالم يفر من حوله كـفراشة تمر بقنديل‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ّمر الوقت ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ورويدا انفتحت في الروح ّهوة سرى ر�سها المدبب نحو القلب‪ ،‬جف الكالم‪ ،‬ليس ثمة من يسمعه‪ ،..‬وحيدا‪ ..‬حبيس الشام‪ ،‬رهين مدينة‬ ‫باهتا‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ضاقت بحمله‪ ،‬والجنوب بعيد كنجمة‪ ،..‬رجفة ّ‬ ‫تمطت داخله وهو يلملم �طراف انكساره‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫توقف الباص أ�مام باب حديدي صدئ‪ ،‬ثالثة ممرضين ساعدوه في حمل أ�بيه‪ّ ..‬مددوه على المقعد أالخير‪.‬وجلس أ�دهم قربه ممسكاً‬ ‫في الباحة الخلفية للمشفى ّ‬ ‫بيده التي انزلقت خارج الكـفن‪.‬‬ ‫‪2008/5/1‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.