Dawdaa magazine 9

Page 1

‫صور من الحراك السلمي في السويداء‬

‫شهرية مستقلة تصدر عن المركز السوري للصحافة والنشر‬

‫آذار ‪ 2014‬العدد(‪)9‬‬

‫‪ 3‬ثمانيـة عشر قتيـال ً للسويداء تحت‬ ‫التعذيب‬ ‫‪ 4‬سجن غرز في يد الثوار وتحرير مئات‬ ‫المعتقلين‬ ‫ملف العدد (اللجوء والنزوح)‬ ‫‪ 11‬تأمالت في الخـوف والغفران وعـودة‬ ‫الالجئين إلى ليبريا‬ ‫‪ 16‬قراءة في شرانق وليد المصري ‪ -‬مقال‬ ‫نقدي‬ ‫‪ 8‬تحقيق‪:‬‬ ‫في التغريبـة السـورية‪ :‬السورييـن‬ ‫بين النزوح واللجوء‬

‫لسنا منبرًا ألحد‪ ..‬لسنا ملكًا ألحد‪ ..‬نسعى لكي نكون أحد أصوات العقل والتوازن في سوريا الجديدة‬

‫‪https://www.facebook.com/daw.daa.35‬‬

‫‪dawdaa.syria@gmail.com‬‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬


‫ومضة‬ ‫افتتاحية‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫مـروان الحصبـانـي ‪..‬‬

‫سوريون في التيه وامتحان األخالق‬

‫في ظل استم آرار القتل‪ ،‬يتقاسمنا القلق بين ضرورة‬ ‫إي ـجــاد مـكــان �م ــن يليق بــالـحـيــاة لـلـســوريـيــن الــذيــن‬ ‫حملوا الجئي الجوار ومنكوبيه طوال الوقت‪ ،‬وبين‬ ‫خشية إفـ ـراغ ال ـثــورة الـســوريــة مــن ك ــوادره ــا‪ ،‬ضمن‬ ‫العملية اإلنتقائية التي تقوم بها الدول قابلة اللجوء‪.‬‬ ‫ليس السوريون عالة على العالم‪ ،‬ليسو ً‬ ‫شعبا جاء‬ ‫أ‬ ‫من الفراغ‪ ،‬بل �صحاب رسالة وتاريخ وتـراث‪ ،‬ربما‬ ‫كان صاحب اقدم حضارات‪ ،‬فإن أ بحثت عن عالقة‬ ‫قاموا فيها بسبب‬ ‫السوريين بالمواطن الجديدة التي � أ‬ ‫ظروف االستبداد والفقر في أالمئة عام الخيرة‪ ،‬لمررت‬ ‫ّ ٍ‬ ‫بمال ِك فينزويال أوالبر أازيل والرجنتين‪ ،‬تجار نيجيريا‬ ‫وساحل العاج‪� ،‬طباء أ �وروبا‪ ،‬حاملي الشهادات العليا‬ ‫في الخليج وماليزيا و�ستراليا‪ ،‬والمساهمين في بناء‬ ‫المجتمعات في كندا والدول االسكندنافية‪ّ ،‬‬ ‫ولمر ْت‬ ‫بك أ� ٌ‬ ‫وستيف جوبس‬ ‫جندلي‪،‬‬ ‫مالك‬ ‫كالموسيقار‬ ‫سماء‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫مؤسس �بــل‪ ،‬وكارلوس منعم رئيس الرجنتين إبن‬ ‫يبرود السورية‪ .‬وغيرهم كـثر يثبتون عالقة السوريين‬ ‫للمساهمة في بنائها ‪.‬ولو‬ ‫الحميمة مع الحياة ورسالتهم أ‬ ‫اليوم لر�يناهم باحثين عن‬ ‫نظرنا إلى حال آ‬ ‫السوريين أ‬ ‫من يقي �طفالهم براميل وصواريخ‬ ‫�‬ ‫وسقف ٍ‬ ‫لقمة العيش آ أ‬ ‫ومدافع نظام �ل السد‪.‬‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫شخص على �خــر‬ ‫ـوق‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ـم‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫يقبل‬ ‫ن‬ ‫�‬ ‫ال يمكن‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫بحكم المولد فقط‪� ،‬ن يتمتع مولود في �وروبا بكل‬ ‫ما يحتاجه طفل ولد في مخيمات السوريين‪ ،‬لمجرد‬ ‫الوالدة هناك‪ ،‬هذا تمييز ال يمكن لعالم‬ ‫شرف مكان أ‬ ‫حر عادل قبوله �و احتماله‪.‬‬ ‫يستقبل‬ ‫أبسبب سوء اإلدارة والقوانين وحالة التنصل‪ ،‬أ‬ ‫المال‪ ،‬من يستطيع �ن‬ ‫الوروبيون آاليوم من يملك أ‬ ‫ً‬ ‫عشرة �الف يورو ليصل إلى �وروبا فارضا وجوده‬ ‫يدفع أ‬ ‫هناك ك�مر واقــع‪ .‬فيما يحرم المحتاجون للمساعدة‬ ‫واللجوء‪ ،‬ما يخلق بحكم الضرورة مافيات وعصابات‬ ‫تهريب‪ ،‬تستغل الجميع وتثرى على حسابهم‪ ،‬ويغرق‬ ‫أ‬ ‫فقراء السوريون ب�يدي مافيات أالهجرة غير الشرعية‪،‬‬ ‫ـاد تـقـتــل �طـفــالـهــم بـصــواريــخ‬ ‫مقتولين غــرقــا بـيــن ب ـ ٍ‬ ‫الـطــائـرات والبراميل المتفجرة‪ ،‬وبــاد ال تؤمن لهم‬

‫ٌ‬ ‫وجع ُي َص ُّب على الوجع‬

‫المالذ‪.‬‬ ‫السورية أالتي تقصف اليوم بالطائرات والمدافع‬ ‫ويبرود‬ ‫آ‬ ‫مــن نـظــام �ل الس ــد حــد ال ــدم ــار‪ ،‬وي ـبــرود الـســوريــة‬ ‫التي تجرب فيها ميليشيات حــزب الله وإي ـران تطور‬ ‫صواريخ بركان‪،‬‬ ‫صناعة الصواريخ بقصفها بما سموه أ‬ ‫سكنها اإلنسان أمنذ �كـثر من مئة‬ ‫السورية التي أ‬ ‫يبرود أ‬ ‫فيها �ول ــى أ مجتمعات‬ ‫أوخمسين �ل ــف ع ــام‪ ،‬و�س ــس آ‬ ‫الرض والـتــي ُتــدك الـيــوم بمئات �الف الط ـنــان من‬ ‫القذائـف والمتفجرات‪ ،‬تحوي ّالعشرات من أحاملي‬ ‫ش ـهــادات الــدك ـتــوراه‪ ،‬ص ـ ّـدرت مـ أـا كـ ًـا ورج ــال �عـمــال‬ ‫وتـجــا ً‬ ‫العالم كان‬ ‫صقاع‬ ‫�‬ ‫نحو‬ ‫ات‬ ‫ر‬ ‫هج‬ ‫في‬ ‫ناجحين‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫منعم وزوجته مهيبة عقل أ الذين �نجبا‬ ‫منهم سعود أ‬ ‫بعد سفرهما إلى الرجنتين كارلوس منعم �حد رؤسائها‪.‬‬ ‫فإن قال العالم إنه متعب من هجرة السوريين‪ ،‬من‬ ‫لجوئهم الذي لم يشهد له التاريخ البشري ً‬ ‫مثيال أ‪ ،‬قلنا‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫�وقفوا البراميل والصواريخ وطيران نظام �ل السد‪،‬‬ ‫يتوقف اللجوء وتتوقف الهجرة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ال يمكن �ن أيساهم التراخي والتذبذب والبراغماتية‬ ‫حد انـعــدام الخــاق في السماح بموت السوريين‪،‬‬ ‫في تركهم ً‬ ‫للموت‪ ،‬ثم تكون الشكوى مقبولة‪.‬‬ ‫نهبا‬ ‫أ‬ ‫ربما ُيستقبل أفي �نـحــاء العالم اليوم من السوريين‬ ‫السياسيون المؤثرون في‬ ‫الجنراالت‪ ،‬ال كاديميون‪ ،‬أ‬ ‫المشهد السياسي واالجتماعي‪ ،‬لن الغرب يريد صنع‬ ‫للعيان‪ ،‬فإن‬ ‫الوالءات‪ ،‬ويريد تقديم خدمات ظاهرة أ‬ ‫توجه نحو المجموعات اختار من الجاليات القليات‪،‬‬ ‫دون النظر الى فقراء سوريا الذين يطالهم الموت في‬ ‫البؤر‬ ‫الساخنة والذين ال زالو تحت القصف وبراميل‬ ‫آ أ‬ ‫نظام �ل السد‪ ،‬وانتهاكات داعش‪ ،‬هؤاالء السوريون‬ ‫ال يملكون ج ــوازات سفر‪ ،‬وقــد عاشوا حــول بيوتهم‬ ‫وبسطاء لم يـغــادروا سوريا‪،‬‬ ‫طــوال الوقت فالحين أ‬ ‫مان‪.‬‬ ‫ال‬ ‫أهؤالء هم من يحتاجون‬ ‫أ‬ ‫� ً‬ ‫لم يكن فرحمة �طفالهم‬ ‫فإن‬ ‫عنهم‪،‬‬ ‫الموت‬ ‫بإيقاف‬ ‫وال‬ ‫ً ً ً أ‬ ‫ـردا و�مـراضـ ًـا لم يسمع بها‬ ‫من الموت جوعا وعريا وبـ‬ ‫العالم منذ عشرات السنين‪.‬‬ ‫رئيس التحرير‬

‫جثث مهاجرين سوريين على شاطئ صقلية‬

‫‪2‬‬

‫العدد (‪ )9‬آذار ‪2014‬‬

‫نهار التجف‪ٌ ,‬‬ ‫«على الوسادة أ� ٌ‬ ‫هلع يوقف َ‬ ‫نبض قلبي‪,‬‬ ‫ٌ‬ ‫واختناق ُي ُ‬ ‫حرق هواء العالم‪ ,‬يضيق ويضيق ويضيق‬ ‫حتى التالشي‪ٌ ,‬‬ ‫نقطة سوداء تتوسع‪ ,‬حتى تبتلعني‪ ,‬وال‬ ‫هروب من ّ‬ ‫تفتح العينين‪ ,‬إال في الرحيل إليه»‪ ،‬بهذه‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ليال تمضيها ّ‬ ‫متحسسة‬ ‫مفجوعة ٍ‬ ‫العبارات تصف ابنة أ‬ ‫جــرحـهــا ال ـطــري‪ ،‬بـعــد �ن حــرمــت مــن وال ــده ــا‪ ،‬إنها‬ ‫ـذي قضى تحت‬ ‫ابنة الشهيد (مــروان الحصباني)‪ ،‬الـ أ‬ ‫التعذيب في سجن من سجون نظام السد‪.‬‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫‪� 12‬ذار ‪ّ ،2014‬غير حياة‬ ‫أاتصال هاتفي صباح الربعاء أ‬ ‫�سرة (مروان الحصباني) إلى ال أبد‪ ،‬حين طلبت إدارة‬ ‫مستشفى حرستا العسكري من �سرة الشهيد الحضور‬ ‫الستالم جثمانه‪ ،‬بعد ثالثة وعشرين ً‬ ‫يوما على اعتقاله‬ ‫مــن منزله فـ أـي بـلــدة صحنايا بــريــف دمـ أشــق‪ ،‬رافـضـ ًـة‬ ‫اإلفصاح عن �ي تفاصيل تخص وفاته‪� ،‬و الفرع الذي‬ ‫ً‬ ‫معتقال فيه‪.‬‬ ‫كان‬ ‫أ‬ ‫وتناقل ناشطون ووسائل أ إعــام نب� أوفاته في الفرع‬ ‫‪( 227‬فرع المنطقة)‪ ،‬دون �ن ّ‬ ‫يتسنى الت�كد من ذلك‪،‬‬ ‫آ‬ ‫ُلي ّ‬ ‫شيع أظهر الثاني عشر من أ�ذار في صحنايا‪ ،‬وسط‬ ‫تضييق �مني كبير‪ ،‬أودون �ن يسمح لعائلته برؤية‬ ‫جثمانه ووداعه‪ّ ،‬إال � ّن عزاء الشهيد ّ‬ ‫غص بالمقربين‬ ‫أ‬ ‫والصدقاء والمحبين‪ ،‬كما يليق بشهيد مثله‪ّ ،‬‬ ‫وظل‬ ‫أ‬ ‫روايته المعتادة أ«الوفاة نتيجة �زمة قلبية»‪،‬‬ ‫النظام على أ‬ ‫القلبية �سهل طريقة للموت بين‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ز‬ ‫ال‬ ‫وربما تكون‬ ‫أ‬ ‫جدران معتقالت نظام السد‪.‬‬ ‫برحيله‪ ،‬رفع (الحصباني) عدد شهداء السويداء تحت‬ ‫التعذيب إ لـ أـى ثمانية عشر شـهـيـ ًـدا ‪ ،‬يقتلهم النظام‬ ‫ليخوف بهم �بناء المحافظة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويحذرهم مما ينتظرهم‬ ‫ّ‬ ‫لو اتسع الحراك ضد أه‪ ،‬معظم هؤالء الثمانية عشر من‬ ‫اإلغاثيين �و السياسيين السلميين‪ ،‬الذين‬ ‫الناشطين أ‬ ‫يخشاهم النظام �كـثر من غيرهم‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫محبة‬ ‫ي‬ ‫ب�‬ ‫ويسمع‬ ‫(مروان)‪،‬‬ ‫صدقاء‬ ‫�‬ ‫ـتبه‬ ‫ك‬ ‫ما‬ ‫�‬ ‫ر‬ ‫من يق‬ ‫ولوعة تحدثوا عنه‪ ،‬يدرك حجم الخسارة‪ ،‬ويعرف أ�يّ‬ ‫أ‬ ‫أثمن تدفع سوريا في سبيل حريتها‪ ،‬إنهم خيرة أ�بنائها‪،‬‬ ‫البيض الذي يخشاه السواد في قلوب الطغاة و�زالمهم‪.‬‬


‫إضاءة‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫قرى الريف الغربي في السويداء على خط النار‬ ‫ومساع متواصلة لزرع الفتنة بين األهالي والبدو‬ ‫ٍ‬ ‫¶ فريق تحرير ضوضاء‬ ‫تعرضت قرية الدويرة في ريف السويداء الغربي (منطقة‬ ‫أ‬ ‫اللجاة) إلطــاق نار من �سلحة خفيفة‪ ،‬يوم الجمعة ‪14‬‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫�ذار ‪ ،2014‬من �كـثر من جهة‪ ،‬بالتزامن مع انقطاع التيار‬ ‫أ‬ ‫الكهربائي عن القرية‪ ،‬ما �سفر عن إصابة شــاب إصابة‬ ‫خفيفة في ساقه‪ ،‬بطلق ناري‪.‬‬ ‫وكانت قرى منطقة اللجاة التابعة لمحافظة السويداء وقرى‬ ‫أ‬ ‫الــريــف الغربي‪ ،‬تعرضت خــال الســابـيــع الماضية إلى‬ ‫أ‬ ‫إطالق نار وقصف (متعمد وبطريق الخط�)‪ ،‬واقتحامات‬ ‫أ‬ ‫من قبل الشبيحة وقــوات المــن‪ ،‬إضافة إلــى اشتباكات‬ ‫بين مليشيا «جيش الدفاع الوطني» وعناصر مسلحين‬ ‫من البدو‪.‬‬ ‫وفي وقت سابق‪ ،‬طال قصف بقذائـف المدفعية وصواريخ‬ ‫أ‬ ‫الطيران الحربي قرية الدويرة‪ ،‬عن طريق الخط�‪ ،‬خالل‬ ‫االشتباكات بين مقاتلي الجيش الحر وقــوات النظام في‬ ‫أ‬ ‫كـتيبة الكيميا قرب مدينة بصر الحرير بريف درعا‪� ،‬سفرت‬ ‫أ‬ ‫عن سقوط ثالثة مدنيين بينهم امر�ة‪ ،‬ونقل مراسلنا عن‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ناشطين من الدويرة � ّن الضحايا المدنيين من البدو‪ ،‬و�نهم‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫دفنوا في القرية‪ ،‬قبل �ن يقوم عناصر من قــوات المن‬ ‫أ‬ ‫بنبش الجثث و�خذها إلى مستشفى السويداء‪ ،‬وإحراق عدد‬ ‫من بيوت البدو في القرية‪ ،‬بهدف خلق الفتنة بينهم وبين‬ ‫أ‬ ‫�هالي القرية‪ ،‬ما تسبب بنزوح سكان القرية من البدو‪.‬‬ ‫وقال مراسلنا ّإن قوات النظام انسحبت من كـتيبة الكيميا‬ ‫أ‬ ‫في بصر الحرير‪ ،‬بعد تكبدها خسائر كبيرة في الرواح‬ ‫أ‬ ‫والعتاد (�كـثر من ستين عنص ًرا من قوات النظام وصلت‬ ‫جثثهم إلى مستشفى السويداء من جبهة كـتيبة الكيميا‪،‬‬ ‫أ أ‬ ‫حسب مصدر من داخل المستشفى)‪ ،‬و�ضاف � ّن العناصر‬ ‫المنسحبين‪ ،‬ويبلغ عددهم قرابة الثالثين‪ ،‬تمركزوا في‬ ‫أ‬ ‫مقرات الفرق الحزبية في تعارة والــدويــرة‪ ،‬قبل �ن يغير‬

‫الطيران الحربي بشكل عشوائي على محيط كـتيبة الكيميا‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ما �سفر عن إصابة عدد من المنازل في القريتين‪ ،‬ووفاة‬ ‫المدنيين الثالثة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ونقل مراسلنا عن شهود عيان من المنطقة‪ّ � ،‬ن إحدى‬ ‫أ‬ ‫واد يفصل‬ ‫طائرات قوات النظام �فرغت حمولتها مرتين أفي ٍ‬ ‫القريتين عن مدينة بصر الحرير‪ ،‬وهو غير م�هول وبعيد‬ ‫عن مناطق تواجد المدنيين‪.‬‬ ‫أو�ضاف الشهود أ� ّن دوريات تابعة لقوات أالمن العسكري‬ ‫والمخابرات الجوية مدعومة بعناصر من الشبيحة‪ ،‬نصبت‬ ‫كمائن صباح اليوم التالي (‪ 19‬شباط ‪ ،)2014‬في محيط‬ ‫قريتي الدويرة وحران‪ ،‬التي طالها القصف العشوائي أ� ً‬ ‫يضا‪،‬‬ ‫واستهدفت الكمائن الـبــدو النازحين مــن هــذه الـقــرى‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫مؤكدين سقوط خمسة ضحايا بينهم على القــل‪ ،‬المــر‬ ‫أ‬ ‫الذي تسبب بنشوب اشتباكات بين عناصر قوات المن‬ ‫والشبيحة‪ ،‬المحتمين داخــل مناطق سكن المدنيين‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫في القريتين‪ ،‬والبدو المقيمين على �طرافهما‪ ،‬و�سفرت‬ ‫االشتباكات حسب المصدر ذاته‪ ،‬عن سقوط قتلى وجرحى‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫بين صفوف عناصر قوات المن‪ ،‬وإصابة �ربعة مدنيين‪.‬‬ ‫وتقع قرية حران على بعد ‪ 10‬كم عن كـتيبة الكيميا‪ ،‬التي‬ ‫أ‬ ‫تقع بدورها ضمن منطقة عسكرية تضم كـتائب �خرى‪ ،‬هي‪:‬‬

‫أخبار‬

‫كـتيبة التسليح وكـتيبة النقل‪ ،‬ومركز السياقة‪ ،‬ومركز تجمع‬ ‫أ‬ ‫الغرار‪ ،‬إضافة إلى قاعدة دفاع جوي‪ ،‬جميعها شرق بصر‬ ‫الحرير‪ ،‬على تماس مع قرى الدويرة وتعارة وحران والدور‬ ‫التابعة لمحافظة السويداء‪.‬‬ ‫أ‬ ‫و�ف ـ ــاد م ـصــدر م ــن قــريــة ت ـع ــارة م ـراس ــل (ض ــوض ــاء) في‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫ّأ‬ ‫السويداء‪� ،‬ن قــوات النظام �رسلت �ليات عسكرية إلى‬ ‫القرية بينها دبابة وسيارة مزودة برشاش (دوشكا)‪ ،‬خالل‬ ‫أ‬ ‫المواجهات التي دارت بين الخيرة والجيش الحر في كـتيبة‬ ‫الكيميا‪ ،‬الستخدامها في استهداف مقاتلي (الحر) في منطقة‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫االشتباكات‪ ،‬و� ّكد المصدر � ّن �هالي القرية اعترضوا على‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫منطلقا لعمليات‬ ‫دخول ال ليات‪ ،‬واستخدام �راضي القرية‬ ‫أ‬ ‫قــوات النظام‪ ،‬المــر الــذي دفــع قــوات النظام‪ ،‬مدعومة‬ ‫بعناصر الشبيحة‪ّ ،‬‬ ‫لشن حملة مداهمات في تعارة عقب‬ ‫أ‬ ‫�يام من الحادثة بحجة البحث عن «إرهابيين» مطلوبين‪،‬‬ ‫وقال المصدر نفسه ّإن عناصر الشبيحة نهبوا عـ ً‬ ‫ـددا من‬ ‫بيوت القرية خالل المداهمات‪.‬‬ ‫إلى ذلــك‪ ،‬جرح عدد من المدنيين جـراء سقوط قذائـف‬ ‫هاون‪ ،‬على مناطق متفرقة في قرية بارك شمال السويداء‪،‬‬ ‫بــالـتـزامــن مــع اشـتـبــاكــات بين مليشيات «جـيــش الــدفــاع‬ ‫الوطني» وعناصر مسلحين من البدو‪ ،‬شمال وشرق القرية‪.‬‬

‫ً‬ ‫ثمانية عشر قتيال تحت التعذيب في السويداء والمحامون يحيون الذكرى الثالثة للثورة‬

‫أ‬ ‫ارتفعت حصيلة ضحايا التعذيب في سجون النظام من �بناء‬ ‫محافظة السويداء‪ ،‬إلى ثمانية عشر ً‬ ‫قتيال‪ ،‬بعد وفاة كل من‬ ‫أ‬ ‫(�دهم اشتي) و(مروان الحصباني)‪.‬‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫وكان (�دهم) قضى في الثاني من �ذار‪ ،‬بفرع المن الجنائي‬ ‫في السويداء‪ ،‬فيما توفي (مروان الحصباني‪ /‬خمسين ً‬ ‫عاما)‪،‬‬ ‫يوم أالربعاء ‪ 12‬آ�ذار ‪ ،2014‬بعد ثالثة وعشرين ً‬ ‫يوما على‬ ‫أ‬ ‫اعتقاله‪ ،‬من منزله في بلدة �شرفية صحنايا بريف دمشق‪،‬‬ ‫بالتزامن مع اعتقال الناشط (ناصر بندق) والمحامية (جيهان‬

‫أ‬ ‫�مـيــن) والفنانة التشكيلية (رنـيــم معتوق) ابنة المحامي‬ ‫المعتقل (خليل معتوق)‪.‬‬ ‫وذكر مصدر مقرب من أ�سرة (الحصباني) أ� ّنهم تلقوا ً‬ ‫اتصاال‬ ‫من مستشفى حرستا العسكري أالربعاء ‪ 12‬آ�ذار‪ُ ،‬‬ ‫وطلب‬ ‫أ‬ ‫منهم التوجه إلــى المستشفى السـتــام جثمانه‪ ،‬دون �ن‬ ‫تكشف إدارة المستشفى عــن الـفــرع ال ــذي تــوفــي (م ــروان‬ ‫الحصباني) فيه‪.‬‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫إلى ذلك‪ّ ،‬نفذ محامو السويداء الحد ‪� 16‬ذار‪ ،‬وقفة في مبنى‬ ‫فرع النقابة بالسويداء‪ ،‬في الذكرى السنوية الثالثة النطالق‬ ‫ً أ‬ ‫ـدادا على �رواح‬ ‫الثورة السورية‪ ،‬تخللها دقيقة صمت «حـ‬ ‫شهداء الـثــورة السورية»‪ ،‬حسب بيان نشر على الصفحة‬ ‫أ‬ ‫الرسمية لـ(محامو السويداء من �جل الحرية)‪.‬‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وذكر البيان � ّن الوقفة ت�تي �يضا احتجاجا على مؤتمر الهيئة‬ ‫العامة للمحامين‪ ،‬المنعقد بنفس التوقيت ً‬ ‫دعما لحملة‬ ‫ّأ‬ ‫أ‬ ‫ترشح رئيس النظام السوري لوالية جديدة‪ ،‬و�ضاف �ن‬ ‫المؤتمر قوبل بالرفض والمقاطعة من قبل غالبية‬ ‫أ أ‬ ‫المحامين في الـســويــداء‪ ،‬و� ّن �ع ــداد المشاركين‬ ‫تضم عدداً‬ ‫التي وردت في وسائل إعالم النظام‪ّ ،‬‬ ‫كبي ًرا من غير المحامين‪ ،‬معظمهم من مديري‬ ‫الدوائر الحكومية التابعة للنظام وموظفيها‪،‬‬ ‫أ‬ ‫إضــافــة إلــى �مـيــن فــرع حــزب البعث وعــدد‬

‫من الحزبيين وعناصر «الشبيحة»‪ ،‬على حد تعبير البيان‪.‬‬ ‫أ‬ ‫فــي ال ـس ـيــاق ذاتـ ــه‪ ،‬و ّزع تـجـمــع الح ـ ـرار المستقلين في‬ ‫السويداء‪ ،‬منشورات بالذكرى الثالثة للثورة السورية‪ ،‬يوم‬ ‫آ‬ ‫الثالثاء ‪� 18‬ذار‪.‬‬ ‫ق ــوات الـنـظــام شـ ّـنــت حملة اع ـت ـقــاالت‪ ،‬طــالــت ع ـ ً‬ ‫ـددا من‬ ‫المدنيين فــي الـســويــداء وريفها وفــي مدينة جرمانا بريف‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫دمشق‪� ،‬فرج عن بعضهم فيما ال يزال �خرون معتقلين‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ومن بين الشخاص المفرج عنهم (جالل �بو عاصي) و(ورد‬ ‫أ‬ ‫�ب ــو عــاصــي) و(زه ـيــر نــوفــل)‪ ،‬مــن قــريــة م ــردك فــي الريف‬ ‫الشمالي‪ ،‬بينما ال يزال الطالب في جامعة حمص (تحسين‬ ‫الشحف) ً‬ ‫معتقال‪ ،‬وهو من قرية مردك أ� ً‬ ‫يضا‪.‬‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫كذلك �طلق سراح الناشط (هيثم صعب) مطلع �ذار‪ ،‬بعد‬ ‫أ‬ ‫اعتقال دام خمسة �شهر للمرة الثانية‪ ،‬في حين داهمت‬ ‫أ‬ ‫دوريــة تابعة لفرع المــن العسكري بدمشق منزل الناشط‬ ‫(عدنان الدبس) في جرمانا واعتقلته‪ ،‬فيما اعتقلت زوجته‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الناشطة (�مل نصر) عن حاجز في جرمانا �ثناء توجهها إلى‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫عملها‪ ،‬ليطلق سراح (عدنان) بعد �يام‪ ،‬فيما ال تزال (�مل)‬ ‫أ‬ ‫معتقلة حتى اللحظة‪ ،‬يذكر � ّن (الدبس) اعتقل مرتين في‬ ‫ّأ‬ ‫أ‬ ‫�وقــات سابقة ولم يمض شهران على إطــاق سراحه‪ ،‬و�ن‬ ‫الزوجين عضوان في هيئة التنسيق الوطنية‪.‬‬ ‫العدد (‪ )9‬آذار ‪2014‬‬

‫‪3‬‬


‫إضاءة‬

‫أخبار‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫الجيش الحر يسيطر على سجن غرز المركزي شمال شرق درعا بعد شهرين من الحصار‬

‫¶فريق تحرير ضوضاء‪/‬وكالة سمارت‬ ‫سيطر مقاتلو لواءي فلوجة حوران والعمري‪ ،‬التابعين لفرقة اليرموك في أالجيش‬ ‫الحر‪ ،‬على سجن غرز المركزي‪ ،‬جنوب بلدة النعيمة بريف درعا الشرقي‪ ،‬الربعاء‬ ‫آ‬ ‫قوات النظام في محيط السجن ومنطقة‬ ‫مع‬ ‫عنيفة‬ ‫اشتباكات‬ ‫عقب‬ ‫‪،2014‬‬ ‫ذار‬ ‫�‬ ‫‪19‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫حسب ما �كدت وكالة «سمارت» للنباء‪.‬‬ ‫أالصوامع‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫سيطروا على أمبنيين في السجن‪� ،‬حدهما‬ ‫الحر‬ ‫الجيش‬ ‫مقاتلي‬ ‫ن‬ ‫�‬ ‫اسل‬ ‫ر‬ ‫الم‬ ‫و�‬ ‫أ‬ ‫وضح أ‬ ‫آ‬ ‫إداري يت�لف من سبعة طوابق‪ ،‬والخــر يت�لف من �ربعة طوابق‪ ،‬كانت قوات‬ ‫النظام تحتجز السجناء فيه‪.‬‬ ‫أ‬ ‫جاء ذلك بعد �قل من يوم على سيطرة مقاتلي (الحر) على سرية حفظ النظام‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫قرب أ غرز جنوب النعيمة‪ ،‬وقال مراسل وكالة «سمارت» إن الجيش الحر استولى وكالة سمارت للنباء‬ ‫على �سلحة وذخائر من السرية‪.‬‬ ‫كذلك أسيطر المقاتلون على حاجزي الصوامع وقصاد ومحطة الغاز‪ ،‬في منطقة غرز‪،‬‬ ‫وبذلك �صبح جنوب أ شرق درعا تحت سيطرة الجيش الحر بالكامل‪ ،‬باستثناء معبر‬ ‫نصيب وحاجز بلدة �م المياذن‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ً أ‬ ‫أ‬ ‫بيانا في �عقاب السيطرة على السجن‪ّ � ،‬كد‬ ‫في السياق‪� ،‬صــدرت فرقة اليرموك‬ ‫ً‬ ‫معتقال‪ ،‬كانت قوات النظام تحتجزهم‬ ‫تمكن مقاتلي أالفرقة من إطالق سراح ‪294‬‬ ‫على خلفية الحــداث الــدائــرة‪ ،‬بعضهم معتقل منذ أبداية الثورة‪ ،‬حسب مراسل‬ ‫ّ‬ ‫ساعات‪،‬‬ ‫تسع نساء‪ ،‬ت�خر ّإطالق سراحهن أ‬ ‫بين ّالمعتقلين أ‬ ‫(ضوضاء)‪ ،‬الذي قال إن أ‬ ‫ّ‬ ‫طبي‪ ،‬و�كد مراسلنا �ن المعتقالت كن بصحة جيدة‪ ،‬و�طلق‬ ‫ريثما عاينهن ًفريق ً أ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫سراحهن جميعا‪ ،‬الفتا �ن عــدد السجناء ‪ 595‬سجينا بينهم ‪ 294‬معتقال وتسع‬ ‫معتقالت على خلفية الثورة‪.‬‬

‫أ‬

‫وكالة سمارت للنباء‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫مستعدا لخوض المعركة قبل �سبوع‪ّ ،‬إال � ّن الهجوم ت�جل‪ ،‬ليتابعه منذ مساء‬ ‫وكان‬ ‫وكان قائد لواء العمري النقيب (قيس قطاعنة) أ�علن في تصريح مصور ّ‬ ‫آ‬ ‫ـتب‬ ‫ك‬ ‫الم‬ ‫ه‬ ‫بث‬ ‫الثالثاء (‪� 18‬ذار) مقاتلو فرقة اليرموك وجبهة ثوار سوريا‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫اإلعالمي لـ(�لوية العمري)‪ّ � ،‬ن السجناء من غير المعتقلين سيحالون إلى الهيئة‬ ‫الشرعية في درعا‪ ،‬بناء على طلب الهيئة‪.‬‬ ‫إلى ذلك‪ ،‬أ� ّكد مراسلنا وجود مقابر جماعية داخل أ�سوار السجن قرب أالبنية‪ّ ،‬‬ ‫تضم‬ ‫أ‬ ‫جثامين سجناء ومعتقلين قضوا تحت التعذيب �و جراء المرض وسوء التغذية‪.‬‬ ‫وذكر البيان الصادر عن فرقة اليرموك‪ ،‬أ� ّ‬ ‫قتلوا خالل المعارك‬ ‫مقاتليها‬ ‫من‬ ‫اثنين‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ًآ‬ ‫وعملية ت�مين خروج السجناء‪ ،‬إضافة إلى مقتل ثالثة عشر مقاتال �خرين في منطقة وفي سياق متصل‪ّ ،‬‬ ‫شن الطيران الحربي غارات على السجن ومحيطه بعيد سيطرة‬ ‫الصوامع‪ ،‬جراء استهداف قوات النظام سيارتهم بصاروخ حراري‪ ،‬حسب مراسل (الحر) عليه‪ ،‬حيث أ�لقى ً‬ ‫عددا من البراميل المتفجرة وقصف المنطقة بالصواريخ‪،‬‬ ‫وكالة «سمارت»‪.‬‬ ‫إضافة إلى استهدافها بالمدفعية الثقيلة من كـتيبة المدفعية في البانوراما‪.‬‬ ‫أ‬ ‫كــذلــك‪� ،‬وض ــح بيان فرقة اليرموك‬ ‫أ‬ ‫ت ـف ــاص ـي ــل ع ـم ـل ـيـ أـة ال ـس ـي ـط ــرة عـلــى‬ ‫وكالة سمارت للنباء‬ ‫الـسـجــن‪ ،‬الـتــي ب ــد�ت بـحـصــاره قبل‬ ‫شهرين‪ ،‬دارت خاللهما اشتباكات‬ ‫عنيفة بـيــن الـفـصــائــل الـمـشــاركــة في‬ ‫أالمعركة وقوات النظام‪ ،‬واستهدفت‬ ‫الخـ ـي ــرة م ـح ـيــط ال ـس ـجــن ومـنـطـقــة‬ ‫أاالشتباكات بعشرات الغارات وقذائـف‬ ‫السلحة الثقيلة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫و�فاد مراسل (ضوضاء)‪ّ � ،‬ن الجيش‬ ‫الحر ّ‬ ‫حضر لعملية االقتحام والسيطرة‬

‫‪4‬‬

‫العدد (‪ 20 )8‬شباط ‪2014‬‬


‫إضاءة‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫نداء إلى اإلنسانية (كل معتقل مشروع شهيد)‬ ‫نــداء إلــى اإلنسانية جمعاء (كــل ُمعتقل مشروع‬ ‫شهيد)‬ ‫بي ـ ـ ـ ــان للتوقيع‪:‬‬ ‫أ‬ ‫«يحدث في القرن الواحد والعشرين �ن استمرت‬ ‫مـحــرقــة حـقـيـقـيــة ب ـحـ ّـق الـشـعــب الـ ـس ــو ّ‬ ‫ري لـثــاث‬ ‫أ‬ ‫سنوات؛ محرقة ال تزال ّ‬ ‫تتم تحت نظر العالم �جمع‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫من �هوالها �نه عند اعتقال � ّي شخص في سجون‬ ‫أ‬ ‫النظام يعتبر مشروع شهيد‪ ،‬لسباب لم تعد تخفى‬ ‫أ‬ ‫عـلــى �ح ــد‪ ,‬لــذلــك كــان ال بـ َّـد مــن تــذكـيــر المجتمع‬ ‫ّ ّ‬ ‫الدولي المؤلف من دول ومنظمات دولية حكومية‬ ‫ّ‬ ‫اإلنساني تجاه المعتقلين في‬ ‫وغير حكومية بواجبها‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫سجون النظام السدي‪ ،‬الذين يالقون �شد �نواع‬ ‫التعذيب والترهيب‪.‬‬

‫أ‬ ‫القبض عليه له عالقة بنزاع مسلح‪ ،‬وذلك للت�كد‬ ‫أ أ‬ ‫من �ن �سرى الحرب والمعتقلين يحظون بالمعاملة‬ ‫التي تقرها لهم اتفاقية جنيف الثالثة والرابعة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ضمان احترام حياتهم وكراماتهم‪ ،‬ومنع التعذيب‬ ‫والمعاملة اإلنـســانـيــة‪ ،‬وضـمــان محاكمة عــادلــة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫انتهاكا للحقوق‬ ‫ومنع التعسف بحقهم وهو ما يمثل‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫والعراف الدولية الساسية والمبادئ اإلنسانية‪.‬‬ ‫وانطالقا من المواثيق واالتفاقيات‬ ‫التي ّ‬ ‫تحتم على بعض المنظمات؛ ومنها اللجنة‬ ‫ّ‬ ‫الدولية للصليب أالحمر‪ ,‬باعتبارها منظمة محايدة‪ ,‬وعلى غ ـرار مــا قامت بــه اللجنة الدولية للصليب‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫والتي منحتها اتفاقيات جنيف أالربعة لعام ‪ ،1949‬الحمر‪ ،‬عندما �صدرت ً‬ ‫نداء إلى المجتمع الدولي إثر‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫تفويضا مــن المجتمع االنتهاكات التي وقعت على �سرى الحرب عام ‪1992‬‬ ‫والـبــروتــوكــوالن اإلضــافـيــان‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫الــدولــي‪ً ،‬‬ ‫قانونيا في زيــارة أ� ّي شخص ُيلقى في البوسنة والهرسك‪ ،‬وفي كل النزاعات الخرى‬ ‫وحقا‬

‫بيانات‬

‫ًأ‬ ‫ّ أ‬ ‫علما �ن‬ ‫الدولي �و الداخلي‪،‬‬ ‫التي تتسم بالطابع‬ ‫أ‬ ‫سورية مصدقة على اتفاقيات جنيف الربع بتاريخ‬ ‫أ‬ ‫‪ ،1953/11/2‬وبعد �ن شهد العالم الجرائم الفظيعة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫للنظام مؤخ ًرا‪ ،‬إثر تناول وكاالت النباء وفاة �كـثر‬ ‫من (‪ )11000‬معتقل قضوا تحت التعذيب‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى المعتقلين الذين يسقطون ً‬ ‫يوميا في سجون‬ ‫ا لـنـظــام نتيجة التعذيب والمعاملة الالإنسانية‬ ‫المنتهجة‪ ،‬حتى إنهم ال يسلمون جثث المعتقلين‬ ‫آ‬ ‫لذويهم‪ ،‬للحيلولة دون رؤية �ثار التعذيب‪.‬‬ ‫أ‬ ‫وحيث إن ما ُذكر �عاله يعتبر من ضمن االنتهاكات‬ ‫الجسيمة التفاقيات جنيف وجريمة حرب‪ ،‬وفق‬ ‫أ‬ ‫ال ـم ــادة الـثــامـنــة مــن الـنـظــام الس ــاس ــي للمحكمة‬ ‫الجنائية الدولية‪ ،‬لذلك‪ ،‬نحن محامو السويداء‬ ‫من أ�جل الحرية ّ‬ ‫نوجه باسمنا وباسم ّكل الحقوقين‬ ‫ً‬ ‫أالحرار في سورية ً‬ ‫قانونيا إلى منظمات حقوق‬ ‫نداء‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وبوجه خاص إلى اللجنة الدولية للصليب‬ ‫أ‬ ‫الحـمــر‪ ،‬بالعمل الـجــاد فــي الكشف عــن سجون‬ ‫النظام للوقوف ً‬ ‫جديا على حالة المعتقلين وإغاثتهم‬ ‫أ‬ ‫من التعذيب‪ً ،‬‬ ‫عمال بالمعاهدات والمواثيق الموم�‬ ‫أ‬ ‫إليها �عاله‪.‬‬

‫أبناء الطائفة الدرزية في جبل الشيخ يؤكدون على العيش المشترك رغم كل الظروف‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫يهمنا نـحــن �ب ـنــاء طــائ ـفــة الـمــوحــديــن المسلمين‬ ‫الــدروز في قرى جبل الشيخ في سوريا‪ ،‬أ�ن ّ‬ ‫نؤكد‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫�ن ـنــا فــي ق ـرانــا كـ ّـنــا وال نـ ـزال مـتــ�خـيــن مـنــذ مئات‬ ‫أ‬ ‫السنين مع إخواننا و�بناء وطننا سوريا‪ ،‬من كل‬ ‫أ‬ ‫والديــان‪ ،‬وسنبقى كذلك ً‬ ‫مثاال للعيش‬ ‫المذاهب‬ ‫أ‬ ‫تغير الشخاص ّ‬ ‫المشترك‪ ،‬مهما ّ‬ ‫وتبدلت الظروف‪،‬‬ ‫ّأ‬ ‫تعد علينا وعلى وطننا‪ ،‬وال‬ ‫ومستعدون لــرد �ي ٍ‬ ‫نخشى إال الله ّعز ّ‬ ‫وجل‪ ،‬لكننا نخاف على الجميع‪،‬‬ ‫أ‬ ‫وحرصنا على كل السوريين حرصنا على �نفسنا‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ً أ‬ ‫يوما على �حد‪ ،‬وال نقبل �ي اعتداء‬ ‫نعتد‬ ‫نحن لم ِ‬

‫علينا‪ ،‬والذين سقطوا لنا من شهداء‪ ،‬هؤالء قضوا‬ ‫ً أ‬ ‫دفاعا عن �رضنا وعرضنا وفوق تراب قرانا‪ ،‬وبقدر‬ ‫أ‬ ‫ما ال نقبل االعتداء علينا ال نقبل االعتداء على � ّي‬ ‫أ‬ ‫من جيراننا من الطوائـف الخرى‪ ،‬مقتدين في ذلك‬ ‫بسلفنا الصالح وب أر�ي شيوخنا أال ّ‬ ‫جالء‪ ،‬الذين لم‬ ‫آ‬ ‫يتركوا ً‬ ‫سبيال إلى الت�خي والوحدة ّإال وسلكوه‪.‬‬ ‫ون ـحــن مـعـهــم وم ــع ك ــل ال ـســوري ـيــن نــريــد ســوريــا‬ ‫أ‬ ‫ل ـل ـج ـم ـيــع ب ـش ـع ـب ـهــا ال ـ ــواح ـ ــد‪ ،‬ونـ ـش ــدد ع ـل ــى �ن‬ ‫أ‬ ‫انـ ـتـ ـه ــاك ح ــرم ــة أ�ي ج ـم ــاع ــة أ�و ش ـخ ــص يـعـنــي وعلى هذا ماضون مع إخوتنا و�بناء وطننا سوريا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫انتهاكا لحرمتنا‪ ،‬ولن نقبل بذلك‪ .‬ولو كره الكارهون‪.‬‬ ‫بالنسبة إلينا‬ ‫العدد (‪ )9‬آذار ‪2014‬‬

‫‪5‬‬


‫إضاءة‬

‫تحقيق‬

‫ُ‬ ‫حمص‪ ,‬خيارات الموت واإلهانة‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫نؤذ أحدا»؟‪ ..‬يتساءل طفل من حمص المحاصرة‬ ‫«لماذا يعاقبنا الله بالنار‪ ,‬ونحن لم ِ‬

‫¶ رنا خليل‬ ‫لــوحــة فسيفساء احتفظ كــل حجر بلونه لسنوات‪،‬‬ ‫أ‬ ‫مزيجا ً‬ ‫هكذا بقيت مدينتي ً‬ ‫ملونا جميال إلى �ن جاء من‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫يفصل بين �حيائها بخطوط النار �رادوا �ن يصبغوها‬ ‫أ‬ ‫بلون واحد‪ ،‬فتمزقت الى �شالء متعبة‪ ،‬هكذا يصف‬ ‫لنا «ساجد» مدينته التي ُه ِ ّجر منها قس ًرا ليحمي ما‬ ‫تبقى من عائلته التي فقد منها ً‬ ‫طفال وجسده الذي فقد‬ ‫منها ً‬ ‫ساقا‪ْ .‬‬ ‫قاست حمص من الحرب مالم تقاسه المدن‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫السورية الخرى‪ ،‬فكان لها النصيب ال كبر من الدمار‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫والسى في قلوب السوريين‪ُ ،‬‬ ‫حيث‬ ‫و�عداد الشهداء‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يعيش �هالي هــذه المدينة حتى اليوم �شــد الظروف‬ ‫وحصار ناهيك عن وقوفهم‬ ‫جوع‬ ‫ٍ‬ ‫«الالإنسانية» من ٍ‬ ‫الدائم في دائرة الموت‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الوعر والحياء الثائرة وجهة النازحين الولى‬ ‫أ‬ ‫نزحت معظم العائالت من �حياء حمص القديمة التي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫نالت النصيب ال كبر من الدمار‪ ،‬الى بعض الحياء‬ ‫أال كـثر أ� ً‬ ‫منا وهي (الوعر والحمرا واإلنشاءات والغوطة‬ ‫وكرم الشمالي)‪ ،‬وتوجه البعض الى الريف الشمالي‬ ‫أ‬ ‫كـقرية تير معلة‪ ،‬يقول «�بو عدنان» المتحدث باسم‬ ‫أ‬ ‫تنسيقية حمص القديمة‪�« :‬غلب النازحين حتى اليوم‬ ‫يلجؤون للوعر‪ ،‬قلة قليلة من النازحين يذهبون الى‬ ‫المناطق المؤيدة داخل المدينة وفي ظروف معينة‪،‬‬ ‫مثل وجود أ�قــارب لهم هناك ً‬ ‫مثال»‪ .‬يجد الكـثير من‬ ‫أ�هالي حمص صعوبة بالنزوح خارج المدينة‪َّ ،‬‬ ‫ليتجنبوا‬ ‫المرور في القرى الموالية للنظام ً‬ ‫خوفا من عمليات‬

‫‪6‬‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫العدد (‪ 20 )8‬شباط ‪2014‬‬

‫انتقامية قد يقعون ضحية لها‪ ،‬ويتجنبون أ� ً‬ ‫يضا المرور‬ ‫فــي طــرق الـسـفــر الـتــي تملؤها حــواجــز الـنـظــام خــوفـ ًـا‬ ‫من االعتقال‪ .‬هذا الحال يجبر الكـثيرين على تنقل‬ ‫متواصل بين حي آو�خــر داخــل المدينة‪ً ،‬‬ ‫هربا من‬ ‫أ‬ ‫القصف والــدمــار‪ ،‬وتستثنى الحياء الموالية للنظام‬ ‫مــن استقبال النازحين إال فيما نــدر يـقــول سليمان‬ ‫أ‬ ‫وهو �حد النازحين «الموالون يخافون من استقبال‬ ‫أ‬ ‫النازحين في �حيائهم ويعتبرونها حك ًرا لهم‪ ،‬ال مانع‬ ‫أ‬ ‫لديهم من استقبال نازحين من حلب �و دمشق لكنهم‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يمنعون النازحين من �حياء حمص الخــرى السكن‬ ‫أ‬ ‫في �حيائهم»‪ .‬على العكس من هذا‪ ،‬يجد النازحون‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وترحيبا كبي ًرا من ساكنيها‪،‬‬ ‫تعاطفا‬ ‫في الحياء الثائرة‬ ‫تقول «عبير» وهي ناشطة حمصية تعمل على مساعدة‬ ‫أ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫معنوي‬ ‫مكسب‬ ‫النازحين داخل �حياء حمص‪« :‬هناك‬ ‫آ‬ ‫كبير ل ــي‪ ،‬رغــم حـجــم الـمــ�ســي الـتــي نتعامل معها‪،‬‬ ‫فالنزوح داخل حمص يجعلك ترى أ�هالي باب ّ‬ ‫السباع‬ ‫وبابا عمرو وبــاب هود وكــرم ّالزيتون وجب الجندلي‪,‬‬ ‫أ‬ ‫وغيرها من الحياء الثائرة في ّكل حي‪ ،‬فنبضهم يخفق‬ ‫في كل مكان‪ ،‬روحهم الثائرة تحيــي ّكل مناطق حمص‬ ‫بالقوة‪ ،‬يمكنني أ�ن أ�لمس أ�لــوان التراحم ّ‬ ‫والتعاطف‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫والمحبة من الحـيــاء ُالمضيفة‪ ،‬إنها حمص الرائعة‬ ‫ً‬ ‫دوما»‪ ..‬كما تقول عبير‪.‬‬

‫اعتقال وحصار جديد ترصد النازحين بموجب االتفاق‬ ‫أ‬ ‫مع المم المتحدة‬ ‫أ‬ ‫اتـفــاق على إجــاء المدنيين مــن الح ـيــاء المحاصرة‬ ‫فــي حـمــص هــو ُجــل مــا تــوصــل إلـيــه الـمــؤتـمــر الــدولــي‬ ‫بين المعارضة والنظام السوريين‪ 1400 ،‬مدني تم‬ ‫أ‬ ‫إخراجهم مــن الحـيــاء المنكوبة بين ‪ 7‬و‪ 13‬فبراير‪،‬‬ ‫أ‬ ‫بعد �ن عاشوا ما يقارب العشرين شه ًرا في ظل حصار‬ ‫ٌ أ‬ ‫ٌ أ‬ ‫ـرض �و رصــاص‪،‬‬ ‫ـوع �و مـ‬ ‫خــانــق حتى كــاد يقتلهم جـ‬ ‫أ‬ ‫تمت «العملية اإلنـســانـيــة» بحضور الـهــال الحـمــر‬ ‫السوري الــذي نشر صــو ًرا لعملية النزوح الجماعية‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫نساء و�طفال ورجال �نهكهم الجوع واعترى وجوههم‬ ‫الضعف واالنكسار ُيجبرون على تــرك بيوتهم تحت‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�نـظــار الـعــالــم‪ ،‬يـقــول محمد وهــو نــاشــط‪« :‬لــم �شهد‬ ‫أ‬ ‫م�ساة جماعية كهذه خالل سنين الثورة الثالث»‪ .‬وقد‬ ‫أ‬ ‫�شاعت هذه الصور حالة عامة من الحزن في قلوب‬ ‫جميع السوريين‪.‬‬ ‫تم خالل هذه العملية توزيع المساعدات الغذائية لمن‬ ‫أ‬ ‫بقي داخل الحياء ولم يستطع الخروج منها‪ ،‬ومنهم‬ ‫المقاتلون ضد النظام‪ ،‬يقول «عــدنــان» الــذي رفض‬ ‫الخروج من حيه ً‬ ‫خوفا من االعتقال الذي نال معظم‬ ‫أ�فراد عائلته خالل السنة الماضية‪« :‬كنا نعاني ً‬ ‫نقصا‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جهودا كبيرة‬ ‫شديدا بالمواد الغذائية والدوية‪ ،‬بذلنا‬ ‫ت ـب ـق ــى م ـ ــن ال ـ ـم ـ ــوارد‬ ‫ل ـت ـق ـن ـيــن مــا‬ ‫خالل الفترة الماضية‬ ‫لكننا وصلنا الى حد‬ ‫الشح ما دفع بعض‬


‫إضاءة‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫تحقيق‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫الهــالــي للبحث عــن وســائــل �خ ــرى لجلب الطعام‪،‬‬ ‫كجمع الحشائش وتـنــاول لحوم القطط والـكــاب»‪،‬‬ ‫يضيف عدنان‪« :‬المساعدات الغذائية التي تم إدخالها‬ ‫منقذا لما آ�ل اليه الحال لكنها غير كافية ً‬ ‫كانت ً‬ ‫بتاتا»‪.‬‬ ‫لــم يكن مصير العديد مــن الخارجين أ�فـضــل حـ ً‬ ‫ـاال‪،‬‬ ‫فقد قامت قوات النظم بعمليات اعتقال فوري طالت‬ ‫أ‬ ‫‪ 336‬مــدنـيـ ًـا مــن سـكــان حـمــص الـقــديـمــة‪ ،‬وقــد �لـمــح‬ ‫أ‬ ‫المتحدث باسم مفوضية حقوق اإلنسان التابعة للمم‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫المتحدة‪ ،‬روبرت كولفيل �ن النظام بد� حملة اعتقاالت‬ ‫أ‬ ‫للمدنيين الذين خرجوا من �حياء حمص القديمة‪ ،‬وهو‬ ‫أ‬ ‫ما �كدته المتحدثة باسم المفوضية العليا لالجئين‬ ‫أ‬ ‫مليسا فليمينغ‪ ،‬وكشفت �ن النظام يحتجز المدنيين‬ ‫أ‬ ‫في مدرسة مهجورة ويقول �بــو عدنان «الي ـزال هناك‬ ‫أ‬ ‫العديد من المعتقلين في مدرسة الندلس في شارع‬ ‫أ‬ ‫الدبالن و�غلبهم يعانون من إصابات بالغة ويحتاجون‬ ‫للعالج» ‪.‬‬ ‫أ‬ ‫تقول «�م قاسم» وهي إحدى النازحات اللواتي شهدن‬ ‫عمليات التفتيش والتحقيق الـفــوري الــذي قامت به‬ ‫قوات النظام مع النازحين‪« :‬خرجت مع بناتي وزوجي‬ ‫البالغ من العمر ‪ 63‬والذي ّ‬ ‫تعرض لالستجواب من قبل‬ ‫أ‬ ‫قوات النظام بحجة الت�كد من عدم حمله للسالح‪ ،‬وهو‬ ‫غير القادر على حمل جرة غاز بسبب عمره»‪ ،‬على حد‬ ‫«قبلت بالخروج ً‬ ‫وصف أ�م قاسم التي تضيف‪ُ :‬‬ ‫خوفا من‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫رقام في مجزرة لن يسمع بها �حد»‪.‬‬ ‫تحولنا إلى � ٍ‬

‫الكـثير من المراقبين بنوايا النظام الطائـفية بتهجير‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�هالي المدينة ليصبغها ب�فراد طائـفته فيما بعد‪ .‬تقول‬ ‫«نسرين» من لجان التنسيق المحلية‪« :‬بعد حصار‬ ‫مضن‪ ،‬كان النظام يفتح نافذة للنزوح إلى الجوار بين‬ ‫آ‬ ‫ٍ آ‬ ‫الحين والخ ــر‪ ،‬وقــد نــزح ال الف حسب إحصائيات‬ ‫أ‬ ‫الم ــم الـمـتـحــدة بعضهم ال ــى دول ال ـجــوار والبعض‬ ‫أ‬ ‫إلى مدن �خــرى‪ .‬حيث يسعى النظام إلحــداث تغيير‬ ‫أ‬ ‫ديموغرافي في الكـثير من المدن �ولها حمص‪ ،‬فيدخلها‬ ‫ويقتل مــن يقتل ويـنــزح مــن ينزح ويحاصر مــن بقي‬ ‫إلجباره على الرحيل‪ ،‬وعندما تفشل محاوالته يحرق‬ ‫سجالتها كما حدث في حمص»‪.‬‬

‫آ‬ ‫من حصار الى �خر‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫آ آ‬ ‫�ثــر ال الف مــن الهــالــي البقاء فــي بيوتهم ل ك ـثــر من‬ ‫س ـنــة ون ـص ــف ف ــي ظ ــل ال ـح ـص ــار وال ـق ـص ــف‪ ،‬يـقــول‬ ‫أ‬ ‫�ب ــو عــامــر‪« :‬بقينا فــي بيتنا فــي حــي اإلن ـش ــاءات عــدة‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�شـهــر‪ ،‬شعرنا �ن كل �نــواع �سلحة العالم تستخدم‬ ‫أ‬ ‫هـ ـن ــا‪ ،‬ل ــم ن ـك ــن نـسـتـطـيــع الـ ـن ــوم لي ـ ــام م ـتــواص ـلــة‬ ‫أ‬ ‫أ أ أ أ‬ ‫أ‬ ‫ك ـنــت �خ ـ ــاف �ن �ف ـق ــد �حـ ــد �ط ـف ــال ــي �ي لـحـظــة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يـظــن �طـفــالــي �ن ـنــا كـنــا فــي جهنم ويـســ�لــونـنــي لـمــاذا‬ ‫أ‬ ‫كــان الـلــه يعاقبنا بــالـنــار و نحن ال ن ــؤذي �ح ـ ًـدا ؟»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫يـتـحـ َّـدث �ب ــو عــدنــان‪ ,‬الـنــاطــق بــاســم تنسيقة حمص‬ ‫القديمة عن الطريقة التي يحصل فيها المحاصرون‬ ‫آ‬ ‫اليوم على المواد التموينية‪« :‬تحدث بين الحين والخر‬ ‫أ أ‬ ‫اتفاقية مبادلة جثة على مواد تموينية �و �سرى‪ ،‬يتمكن‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الهالي في بعض الحيان من رشوة الحواجز في�خذون‬ ‫مـبـلـغـ ًـا مـعـيـنـ ًـا مــن ال ـمــال مـقــابــل الـقـلـيــل مــن الـمــواد‬ ‫عملية تهجير منظمة‬ ‫وضعا معيشياً‬ ‫قــاتــل الـنـظــام بـشـراســة للسيطرة عـلــى أ�ح ـيــاء حمص التموينية»‪ .‬يعيش النازحون من أالهالي ً‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫مترديا‪ ،‬معظم النازحين عاطلون عن العمل وال تملك‬ ‫وتدميرها مهما َّكلفه المر‪ ،‬حدث هذا في وقت كان‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يقدم فيه خسائر كبرى في محافظات �خرى‪ ،‬يشكك الكـثير من العائالت �ي مصدر للدخل‪.‬‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫تتحدث لنا �م صابر عن �سلوب معيشتها بعد نزوحها‬ ‫أ‬ ‫إلــى إحــدى القرى في ريــف حماه‪�« :‬سكن مع زوجي‬ ‫أ‬ ‫أو�طفالي الذين فقدت منهم ً‬ ‫واحدا ‪ ،‬مع �ربع عائال ت‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫في �حد المستودعات تحت الرض‪ ،‬المساحة كبيرة‬ ‫وليست هناك غرف‪ ،‬نفكر مرا ًرا بالنزوح ً‬ ‫خارجا لكننا‬ ‫ًأ‬ ‫أ‬ ‫ذال �كـبــر مــن الــذي نعيشه اليوم‪،‬‬ ‫نخاف �ن نعيش‬ ‫استطعنا الحصول على بعض المساعدات الغذائية‪،‬‬ ‫لكن حياتنا مليئة بالمتاعب‪ ،‬فنحن نعيش مع غرباء‬ ‫أ‬ ‫فــي غــرفــة واح ـ ــدة»‪ .‬تـخــرج �م عــدنــان مــع شريكاتها‬ ‫بالسكن ً‬ ‫يوميا لجلب الماء والخبز‪ ،‬فالخزان الصغير‬ ‫ً أ أ‬ ‫شخصا‪� ،‬مــا �م‬ ‫الــذي يغذي المستودع ال يكـفي ‪21‬‬ ‫علي وهي أال كبر ً‬ ‫سنا بين السيدات‪ ،‬تمضي ساعات‬ ‫أ‬ ‫نهارها في الشارع وتعود ً‬ ‫ليال للمستودع �و «القبر»‬ ‫كما تطلق عليه‪.‬‬ ‫الوعر الهدف الحالي للنظام‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يت�هب النظام اليوم ليبد� معركة الــوعــر‪ ،‬تجهيزات‬ ‫عسكرية كبيرة تحيط بالحي‪ ،‬الذي يعيش اليوم تحت‬ ‫وقع قصف شبه متواصل‪ ،‬عدد من القناصين يحيطون‬ ‫الحي أ� ً‬ ‫يضا ويترصدون ضحاياهم داخل شوارعه‪ ،‬ما‬ ‫أ‬ ‫يضعف قدرة الناس على التنقل داخل الحي‪ .‬يقول «�بو‬ ‫عماد» من المكـتب اإلعالمي الموحد لحي الوعر‪« :‬ال‬ ‫تكـف دبابات جيش النظام وعربات الشيلكا والقناصة‬ ‫ْ‬ ‫وقعت إحدى‬ ‫عن استهداف المدنيين في حي الوعر‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫القذائـف منذ �يام داخل �حد مراكز إيواء النازحين ما‬ ‫واستشهاد أ�طفال ونساء‪ ،‬ال نسلم أ� ً‬ ‫يضا‬ ‫تسبب بجرح‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫من قذائـف الهاون والسطوانات المتفجرة التي ت�تي‬ ‫ْ‬ ‫تسببت هذه‬ ‫من الكلية الحربية والبساتين والغابة‪،‬‬ ‫القذائـف بإحراق الكـثير من المنازل في الحي‪ ،‬ونتوقع‬ ‫أ‬ ‫ًأ‬ ‫حاال �صعب و �شد قسوة في الفترة القادمة» ‪.‬‬ ‫العدد (‪ )9‬آذار ‪2014‬‬

‫‪7‬‬


‫إضاءة‬

‫تحقيق‬

‫في التغريبـة السوريـة‬ ‫السوريون بين النزوح واللجوء‬

‫أ‬ ‫ً‬ ‫شيئا لم يحدث‪ ،‬رغــم �ن القصف لم يتوقف‪ ،‬لكنهم‬ ‫¶ محمود الدرويش‬ ‫تعايشوا معه على حد تعبيرها‪.‬‬ ‫أ‬ ‫تكمل هدى حديثها‪�« :‬عيش وحيدة مع ابنتي وولدي‬ ‫أ‬ ‫الوحيد‪ ،‬منذ �ن فقدت زوجي قبل خمس سنوات إثر‬ ‫فــي الـيــوم أالول سقط البرميل ً‬ ‫هدى‬ ‫منزل‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫بعيدا‬ ‫مرض عضال انتشر في جسده (السرطان)‪ ،‬ومنذ ذاك‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫مسافة خمسمائة متر‪ ،‬سارعت هــدى‬ ‫لترى ما �صــاب الوقت قررت االهتمام ب�والدي وعملي»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫المنزل الذي سقط البرميل فوقه‪ ،‬فوجدت �هالي الحي‬ ‫وقد تجمهروا‪.‬‬ ‫لجوء بعد النزوح‬ ‫أ‬ ‫تحمد الله‪ ،‬لم يكن في المنزل أ�حد‪ ،‬أف�صحابه غادروه آ‬ ‫أ‬ ‫الن تعيش هدى في مدينة �ورفا التركية‪ ،‬وكانت لج�ت‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫منذ اشتداد القصف‪ ،‬تعود إلى منزلها‪،‬‬ ‫وتفكر بالمغادرة إليها قبل شهر إثر الهجمة الخيرة على �حياء مدينة حلب‬ ‫مع ابنتيها وولدها الوحيد لمنطقة أ�كـثر أ� ً‬ ‫‪.‬‬ ‫منا‬ ‫بالبراميل المتفجرة‪ ،‬التي تلقيها طائرات النظام السوري‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�حياء‬ ‫مدينة حلب التي يسيطر عليها الجيش الحر‪ ،‬بــد�ت هــدى تشعر بالخوف منذ سقوط البرميل قرب‬ ‫أ‬ ‫تتعرض منذ �كـثر من شهر‪ ،‬لهجمة شرسة من الطيران منزلها‪ ،‬وقررت االبتعاد إلى مكان أ�كـثر أ� ً‬ ‫منا‪ ،‬وتوجهت‬ ‫أ‬ ‫الحربي لقوات النظام‪ ،‬التي تقصفها بالبر‬ ‫اميل المتفجرة هــائـمــة ال تـعــرف �ي ــن تــذهــب‪ ،‬فــالـمـعــارك بحلب على‬ ‫وصــواريــخ طـيـران الـمـيــغ‪ ،‬مــوقـعـ ًـة شـهــداء أ�غلبهم من أ‬ ‫�شدها‪ ،‬في جميع الجبهات‪ ،‬ومعظم الطرقات مغلقة‬ ‫أ‬ ‫المدنيين‪.‬‬ ‫بسبب االشتباكات بين النظام والجيش الحر‪� ،‬و (الحر)‬ ‫وتنظيم الدولة اإلسالمية في العراق والشام‪.‬‬ ‫أ‬ ‫وضع جديد‬ ‫تقول هــدى‪« :‬ذهبت إلــى �حــد الجيران ليساعدني في‬ ‫هــدى (‪ )35‬عــامـ ً‬ ‫في‬ ‫نزحت‬ ‫حلب‪،‬‬ ‫مدينة‬ ‫سكان‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـا‬ ‫الخروج من حلب‪ ،‬فوجدته ّ‬ ‫يهم بالرحيل مع عائلته‪،‬‬ ‫الشهر‬ ‫السابع من عام ‪ ،2012‬بعد دخول الجيش الحر عــرض علي الذهاب معهم إلــى الحدود التركية‪ ،‬حيث‬ ‫أ‬ ‫تستطع‬ ‫لم‬ ‫الرقة‪،‬‬ ‫محافظة‬ ‫في‬ ‫المدينة‬ ‫حياء‬ ‫�‬ ‫بعض‬ ‫إلى‬ ‫سيذهب إلى مخيم باب السالمة في مدينة إعزاز شمال‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ�ن تبقى فــي الـحــي ال ــذي تقطن فـيــه‪ ،‬فــالـمـعـ أـارك على حلب‪ ،‬وافقته الفكرة وذهبت معهم‪ ،‬لكنني لم �كن‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�شدها في ذلك الحي‪ ،‬النظام يقصف‬ ‫بجميع �سلحته �نوي المكوث في المخيم‪ ،‬ف�وضاع مخيمات الداخل‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫من طيران ومدفعية وراجمات الصواريخ الحياء التي «بائسة» ولم �سكن في خيمة من قبل»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫دخلها الجيش الحر‪.‬‬ ‫رغم المخاطر التي كانت تحيط بهدى و�سرتها وجيرانها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫تقول هــدى (وهــي معلمة)‪« :‬لــم‬ ‫نشهد حربا كهذه في استطاعوا الوصول إلى باب السالمة‪ ،‬وبعد انتظار يوم‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫مدينة‬ ‫إلى‬ ‫والدي‬ ‫�‬ ‫مع‬ ‫متجهة‬ ‫حياتنا‪ ،‬فخرجت من الحي‬ ‫ونـصــف استطاعت �ن تــدخــل الراض ــي الـتــركـيــة‪ ،‬عن‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الرقة حيث يقيم بعض القارب‪ ،‬ونزلنا ضيوفا أعندهم»‪ .‬طريق �حد المهربين (شخص يدخل الناس إلى الراضي‬ ‫مضى شهر على ًنزوح هدى من حلب‪ ،‬وقررت �ن تعود التركية‪ ،‬مقابل المال قد تصل خدماته إلى مئة دوالر‬ ‫أ‬ ‫إلــى منزلها‬ ‫خوفا عليه أمن السرقة‪ ،‬فهو ال يـزال بحالة �مريكي للشخص حسب الحالة)‪.‬‬ ‫أ‬ ‫لحماية‬ ‫بقوا‬ ‫الذين‬ ‫ان‪،‬‬ ‫ر‬ ‫الجي‬ ‫حد‬ ‫�‬ ‫خبرها‬ ‫�‬ ‫ما‬ ‫حسب‬ ‫جيدة‬ ‫حال هدى كحال كـثير من السوريين الذين يعيشون في‬ ‫أ‬ ‫منازلهم‪ ،‬وتقول هدى‪« :‬كان هذا نزوحي الول»‪.‬‬ ‫تركيا‪ ،‬فحسب إدارة الكوارث والطوارئ التركية‪ ،‬عدد‬ ‫وما‬ ‫الجديد‪،‬‬ ‫بعد عودتها إلى منزلها تعايشت مع الواقع‬ ‫أ السوريين الذين يقيمون خارج المخيمات‪ ،‬قد يصل إلى‬ ‫شجعها على البقاء عودة أالهالي أ� ً‬ ‫يضا إلى منازلهم وك�ن‬

‫‪8‬‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬ ‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫‪20142014‬‬ ‫شباط‬ ‫‪20 20‬‬ ‫(‪)9( )8‬‬ ‫العدد‬ ‫شباط‬ ‫العدد‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫(‪� )400‬لف سوري يعيشون في شقق سكنية مست�جرة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫لم تكن وجهة الكـثير من السوريين الراضي التركية‪،‬‬ ‫فكـثير منهم إلى مناطق سورية أ�كـثر أ� ً‬ ‫منا‪ ،‬منهم من‬ ‫نزح‬ ‫نزح إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام‪ ،‬كمدينة‬ ‫أ‬ ‫دمشق �و الالذقية وطرطوس والسويداء ومدينة إدلب‪،‬‬ ‫أ‬ ‫�و حتى القسم الذي يسيطر عليه النظام من حلب في‬ ‫أ‬ ‫آ أ‬ ‫الونة الخيرة‪ ،‬بعد الهجمات على الحياء التي يسيطر‬ ‫عليها الجيش الحر بالبراميل‪.‬‬ ‫أ‬ ‫وحسب �رقــام الشبكة السورية لحقوق اإلنسان‪ ،‬بلغ‬ ‫ً‬ ‫عدد السوريين النازحين ً‬ ‫شخصا‬ ‫داخليا (‪ )6،495‬مليون‬ ‫أ‬ ‫نزحوا داخل سوريا‪ ،‬تبلغ نسبة الطفال منهم (‪.)48%‬‬ ‫ً‬ ‫هربا من الموت‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أالستاذ �حمد �بو �مال (‪ً )33‬‬ ‫عاما‪ ،‬من قرية ماير في ريف‬ ‫حلب الشمالي‪ ،‬اضطر للنزوح أ�كـثر من مرتين ً‬ ‫هربا من‬ ‫أ‬ ‫القصف‪ ،‬حيث �ن قريته تقع قرب قرية نبل الخاضعة‬ ‫أ‬ ‫لـسـيـطــرة ق ــوات الـنـظــام‪ ،‬وتـتـمــركــز �ي ـضـ ًـا فــي المنطقة‬ ‫المليشيات التابعة لقوات النظام‪ ،‬وتقوم بقصف قرى‬ ‫الريف الشمالي لمحافظة حلب‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يـقــول الس ـتــاذ �حـمــد (معلم فــي المرحلة االبـتــدائـيــة)‪:‬‬ ‫«عندما كــان يشتد القصف على القرية تختبئ زوجتي‬ ‫آ‬ ‫ً‬ ‫محاطا بغرف المنزل‪،‬‬ ‫وابنتي �مــال في الحمام‪ ،‬كونه‬ ‫وبقينا على هذه الحالة مدة شهر كامل‪ ،‬وفي مطلع عام‬ ‫‪ ،2013‬اشتد القصف على القرية‪ ،‬فتوجهنا إلى قرية‬ ‫أ‬ ‫زيارة القريبة من قريتنا‪ ،‬ومكـثنا في مدرسة �عدتها لجان‬ ‫اإلغاثة في القرية للنازحين‪ ،‬وبقيت مدة شهر‪ ،‬لكن‬ ‫أ ً أ‬ ‫يضا بد� القصف على القرية التي نزحنا إليها‪ ،‬فتوجهت‬ ‫�‬ ‫أ‬ ‫إلى مدينة تل �بيض شمال محافظة الرقة»‪.‬‬ ‫أ أ‬ ‫مكث الستاذ �حمد وعائلته المؤلفة من زوجته وابنته‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫�مال‪ ،‬ذات التسع سنوات‪ ،‬في مدرسة �عدها المجلس‬ ‫المحلي للمدينة‪ ،‬بـعــد تــدفــق الـنــازحـيــن مــن مختلف‬ ‫المناطق السورية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يقول السـتــاذ �حـمــد‪« :‬عندما توجهت إلــى مدينة تل‬


‫إضاءة‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫تحقيق‬

‫أ‬ ‫�ب ـي ــض‪ ،‬كــانــت نـيـتــي ال ــدخ ــول إل ــى تــركـيــا‪ ،‬لـكــن كــان‬ ‫أ‬ ‫الطرف التركي قد �غلق الحدود ولم يسمح لنا بالدخول‬ ‫أ‬ ‫وقتها‪ ،‬لذلك �جبرت على السكن في المدرسة المعدة‬ ‫للنازحين»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫بعد قـرابــة ثالثة �شـهــر فــي مدينة تــل �بـيــض‪ ،‬استطاع‬ ‫آ‬ ‫أ أ‬ ‫الستاذ �حمد العبور إلى تركيا‪ ،‬وهو الجئ الن مع عائلته‬ ‫في مخيم نزب التركي‪.‬‬ ‫ًأ‬ ‫مخيما �عدتها السلطات‬ ‫هــذا المخيم واحــد من (‪)21‬‬ ‫الـتــركـيــة مــع ب ــدء ال ـث ــورة ال ـســوريــة ‪ ،2011‬السـتـقـبــال‬ ‫أ‬ ‫السوريين الفارين من �عمال العنف التي تدور داخل‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫وبلغ عدد الالجئين السوريين حسب إدارة الكوارث‬ ‫أ‬ ‫والطوارئ التركية (‪� )200‬لف الجئ‪ ،‬موزعين على (‪)21‬‬ ‫ً أ‬ ‫مخيما‪� ،‬قيمت في تركيا‪ ،‬خاصة في المدن والمناطق‬ ‫القريبة من الحدود السورية‪.‬‬ ‫أ أ‬ ‫�ما المم المتحدة وعبر مفوضية شؤون الالجئين‪ ،‬ذكرت‬ ‫في بيانها إن عدد الالجئين السوريين المسجلين لديها‬ ‫أ‬ ‫في دول الجوار بلغ (‪ً )2،3‬‬ ‫مليونا‪ ،‬نصفهم من الطفال‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ويضيف البيان الذي صدر �واخر العام ‪� ،2013‬ن عدد‬ ‫الالجئين قــد يصل إلــى (‪ )4،1‬مليون الجــئ ســوري‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫نصفهم من الطفال‪ ،‬كما �شار البيان �ن نسبة السر‬ ‫الالجئة التي تعولها النساء تصل إلى (‪ )43%‬في بعض‬ ‫المخيمات‪.‬‬ ‫مخيمات الداخل‬ ‫أ‬ ‫إضــافــة إلــى المخيمات الـتــي �قـيـمــت فــي دول الـجــوار‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫السوري‪� ،‬قيمت مخيمات على الراضي السورية‪ ،‬قرب‬ ‫الحدود التركية في ظروف إنسانية صعبة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ�بو محمود (‪ً )45‬‬ ‫عاما‪ ،‬اتخذ من مخيم �طمة ملج� له‪،‬‬ ‫ً‬ ‫هربا من قريته التي تتعرض لقصف عنيف من الحواجز‬ ‫الكـثيرة المنتشرة في ريف إدلب‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يقول �بو محمود‪�« :‬سرعنا بالخروج من قريتنا كـفرسجنة‬ ‫بريف إدلب الجنوبي‪ ،‬بعد تعرضها لقصف عنيف‪ ،‬حيث‬

‫أ‬ ‫ً‬ ‫صاروخا في يوم واحد»‪.‬‬ ‫سقط على القرية �كـثر من (‪)80‬‬ ‫أ‬ ‫مخيم �طمة الذي يقع شمال محافظة إدلب على الحدود‬ ‫السورية التركية‪ ،‬لم يصمم ليكون ً‬ ‫مخيما‪ ،‬فهو يقع على‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�رض زراعية وبين �شجار الزيتون‪ ،‬احتمى فيها الهاربون‬ ‫من قصف قوات النظام على مدن وقرى إدلب‪ ،‬واتخذ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫مسكنا‬ ‫الهالي الهاربون في البداية من ظالل الشجار‬ ‫لهم‪ ،‬بعد عدم سماح السلطات التركية لهم بالدخول‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫إلــى �راضيها‪ ،‬ثم بــد�ت جمعيات اإلغــاثــة والمنظمات‬ ‫أ‬ ‫العالمية بتوزيع الخيام على الهالي‪ ،‬الذين بنوها على‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الرض دون تنظيم‪ ،‬وحسب �حــد سكان المخيم �ن‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫منظمات المــم المتحدة «تدفع �جــرة لصاحب الرض‬ ‫لقاء استخدامها كمخيم»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�بو محمود منذ عام نازخ مع �سرته المكونة من خمسة‬ ‫أ‬ ‫�ب ـن ــاء وزوجـ ـت ــه‪ ،‬تــؤوي ـهــم خـيـمــة ف ــي ظ ــروف إنـســانـيــة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫عصيبة‪ ،‬ففي فصل الشتاء يعاني �بــو محمود و�سرته‬ ‫البرد القارس‪ ،‬فكما يقول‪« :‬خيمة ال ترد البرد وال تقي‬ ‫حر الصيف»‪ ،‬ويضيف‪« :‬ناهيك عن الصرف الصحي‬ ‫الــذي يجري بين الخيم‪ ،‬ما قد يسبب لنا العديد من‬ ‫أ‬ ‫المراض الوبائية»‪.‬‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يعيش الن في مخيم �طمة ما يقارب (‪� )30‬لف سوري‪،‬‬ ‫أ‬ ‫حسب �حــد المشرفين على المخيم‪ ،‬واالــذي يوضح‪:‬‬ ‫«يقسم المخيم إلى (‪ )12‬وحدة‪ ،‬ولكل وحدة مشرف‪،‬‬ ‫ومن مهامه اإلشراف على عملية توزيع المواد الغذائية»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫مخيم �طـمــة ليس الوحيد فــي الــداخــل الـســوري‪ ،‬ففي‬ ‫جانبه عــدد مــن المخيمات يصل عــددهــا إلــى خمسة‬ ‫أ‬ ‫تجمعات‪ ،‬وفــي محافظة حلب �يـضـ ًـا هـنــاك عــدد من‬ ‫المخيمات على الحدود التركية مثل مخيم باب السالمة‪،‬‬ ‫وفي محافظة الرقة تنتشر مخيمات في الريف الغربي‪،‬‬ ‫أ‬ ‫كمخيم المنصورة الذي �قيم بعد اجتياح قوات النظام‬ ‫منطقة السفيرة في ريف حلب الشرقي‪ ،‬وتوجه الفارين‬ ‫أ‬ ‫إلــى محافظة الــرقــة‪ ،‬و�ي ـضـ ًـا فــي ريفها الشمالي مخيم‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫كـصــاص ال ــذي �قـيــم حــديـثـ ًـا فــي مدينة تــل �بـيــض على‬ ‫الحدود التركية‪ ،‬وجميعها تعاني ً‬ ‫ظروفا عصيبة بسبب‬ ‫نقص الخدمات‪ ،‬فهي تحتاج إلى كـثير من الرعاية مقارنة‬ ‫أ‬ ‫بالمخيمات داخل الراضي التركية‪.‬‬

‫في دول الجوار العربي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�م ــا فــي لبنان وخــاصــة بعد حملة الـنـظــام الخ ـيــرة في‬ ‫ً‬ ‫مدعوما بمليشيات حزب الله اللبناني‬ ‫الريف الدمشقي‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫و�بو الفضل العباس العراقي‪ ،‬ومليشيات �خرى موالية‬ ‫للنظام السوري‪ ،‬بلغ عدد الالجئين السوريين في لبنان‬ ‫أ‬ ‫(‪ )942،667‬حسب الرقام الصادرة مؤخ ًرا عن مفوضية‬ ‫أ‬ ‫الالجئين التابعة للمم المتحدة‪ ،‬موزعين على مناطق‬ ‫عدة في لبنان مثل عرسال والبقاع وبيروت وطرابلس في‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الشمال و�ماكن �خرى‪.‬‬ ‫وف ــي مـحــافـظــة درع ــا غــالـبـ ًـا مــا تـكــون وجـهــة الالجئين‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫محفوفا بالمخاطر‪،‬‬ ‫السوريين الردن‪ ،‬ويكون الطريق‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ويـقــول الناشط �حـمــد قطيفان‪« :‬إن �غـلــب الطرقات‬ ‫أ‬ ‫المؤدية إلى الحدود الردنية باتت خطرة‪ ،‬بسبب انتشار‬ ‫حواجز اللجان الشعبية (ميلشيا تابعة للنظام)‪ ،‬لذلك‬ ‫أ‬ ‫يضطر الهالي لسلوك طرق زراعية وعــرة تفاديا لتلك‬ ‫الحواجز»‪ ،‬ويضيف القطيفان‪« :‬نزح من محافظة درعا‬ ‫ما يقارب نصف مليون شخص‪ ،‬بسبب القصف وبراميل‬ ‫الموت التي يلقيها النظام على المحافظة»‪.‬‬ ‫يقيم الالجئون الـســوريــون فــي مخيم الــزعـتــري‪ ،‬الــذي‬ ‫أ‬ ‫يقع في صحراء محافظة المفرق شمال شرق الردن‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ما يقارب (‪� )160‬لف سوري‪ ،‬ما يجعله ثاني �كبر مخيم‬ ‫أ‬ ‫ر أ‬ ‫لالجئين في العالم‪ ،‬و ابع �كبر مدينة في الردن‪.‬‬ ‫يبقى ملف الالجئين السوريين ً‬ ‫ملفا كبي ًرا‪ ،‬بسبب ازدياد‬ ‫أ�عــدادهــم ً‬ ‫يوميا‪ ،‬في ظل المعارك الــدائــرة على كامل‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الجغرافيا السورية‪ ،‬حيث تشير التقارير الممية إلى �نه‬ ‫قد يصل عدد الالجئين السوريين نهاية العام ‪،2014‬‬ ‫إلــى تسعة ماليين ونـصــف‪ ،‬بين نازحين فــي الداخل‬ ‫أ‬ ‫والجئين في دول الجوار‪ ،‬كما �نه من الملفات الدائمة‬ ‫الطرح‪ ،‬حيث أ�صبح يشكل ً‬ ‫عبئا على دول الجوار‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫فالرئيس اللبناني صرح في مؤتمر �صدقاء لبنان �ن ازدياد‬ ‫عدد الالجئين السوريين في لبنان «يشكل خط ًرا على‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫وحدته و�منه»‪ ،‬ما يشير �ن �وضاع السوريين الالجئين‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫قد تــزداد قسوة‪ ،‬بعد �ن طالت ثورتهم وبــد� المجتمع‬ ‫أ‬ ‫الدولي يتلك� في مساعدتهم‪.‬‬

‫العدد (‪ )9‬آذار ‪2014‬‬

‫‪9‬‬



‫ضوء‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫تأمالت في الخوف والغفران وعودة الالجئين إلى ليبيريا‬ ‫من مهمة في مخيمات الالجئين في سيراليون حيث الجهود‬ ‫تنصب على إع ــادة بـنــاء الــروابــط بين الضحية والـجــاد‪،‬‬ ‫آ‬ ‫(ميشيل �جيير) يعد تقري ًرا يطرح فيه الكـثير من التساؤالت‬ ‫حول التصورات المستقبلية لعودة الالجئين إلى ليبيريا بعد‬ ‫أ�ربعة عشر ً‬ ‫عاما من الفوضى‪ ،‬أ�برز هذه التساؤالت تتمحور‬ ‫حول الخطط الموضوعة لمحو المعاناة وجعل المستقبل‬ ‫القريب ً‬ ‫ممكنا؟ وهل هذه الخطط تتفق مع مطالب العدالة‬ ‫التي وضعتها المنظمات الدولية؟‬ ‫حرب «​​شخصية»‬ ‫«عبرت حدود سيراليون من مدينة بوادو (‪ )Boiadu‬بتاريخ‬ ‫‪ 12‬كانون الثاني»‪ ،‬هذا ما قاله السيد (ل‪ ).‬الالجئ الليبيري‬ ‫الذي يعيش منذ سنتين ونصف في مخيم جيمبي (‪)Jembé‬‬ ‫في سيراليون‪.‬‬ ‫أ‬ ‫مثل معظم �بناء بلده‪ ،‬يعطي تاريخ خروجه من ليبيريا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫باليوم والشهر‪ ،‬بالمقابل نقضي وقتا طويال لنحصل على‬ ‫أ أ‬ ‫صعوبة ً‬ ‫ً‬ ‫حقا هو التحدث‬ ‫تاريخ السنة للحدث‪ ،‬والمر ال كـثر‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫عن القوات �و الثوار �و المتمردين �و الحكومة التي جعلتهم‬ ‫يـفـ ّـرون مــن بــادهــم‪ ،‬بإمكانه أ�ن يـقــول لنا أ�سـمــاء القرى‬ ‫أ‬ ‫والماكن التي َّمر بها‪ ،‬ولكنه ال يقول عن المدة التي قضاها‬ ‫أ‬ ‫في الدغال وال عن اسم المنظمة الدولية غير الحكومية التي‬ ‫أ‬ ‫استقبلته مع عائلته عند الجهة الخرى من الحدود‪.‬‬ ‫ال تشكل الذكريات والنسيان لدى السيد (ل‪ ).‬حالة منعزلة‪،‬‬ ‫فحاله هي حال جميع الالجئين القادمين من منطقة لوفا‬ ‫(‪ ،)Lofa‬التي شهدت ما يسمى بحرب نهر مانو (‪Mano‬‬ ‫‪ ،)River‬الحرب أال كـثر ضـر ً‬ ‫اوة التي اندلعت على الحدود‬ ‫بين ليبيريا وسيراليون‪ ،‬واستمرت من عام ‪ 1989‬إلى ‪.2003‬‬ ‫أ‬ ‫�ما التواريخ التي يتذكرها الالجئ الليبيري فهي فقط تواريخ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�عياد الميالد الشخصية‪ ،‬يتذكر عندما تركوا ُقراهم �ول ّمرة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�ثناء الحرب الولى‪ ،‬التي يقول البعض منهم‪� ،‬نها اندلعت‬ ‫أ‬ ‫بين عامي ‪ 1990‬و‪ ،1996‬ويتذكر �ن تشارلز تايلور هو من‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫قاد القوات التي شنت الهجوم في حينها‪ ،‬يتذكر �يضا الحرب‬ ‫أ‬ ‫الثانية (‪� ،)2003-1998‬ي الهجمات التي شنها المتمردون‬ ‫ضد قوات تايلور‪ ،‬والذين تم انتخابهم فيما بعد لتشكيل‬ ‫الحكومة عام ‪ 1997‬والعيش بسالم مدة قصيرة‪.‬‬ ‫أ ًأ‬ ‫يضا �ن يتحدث عن اليوم الذي عبروا فيه الحدود‪،‬‬ ‫بإمكانه �‬ ‫وكـيــف وص ـلــوا إلــى مــركــز الـعـبــور‪ ،‬ومــن ثــم إلــى مخيم في‬ ‫أ‬ ‫سيراليون‪ ،‬هذه الحداث مسجلة في تاريخهم الشخصي؛‬ ‫ًأ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫علما �نها‬ ‫�كـثر مما هي مسجلة في تاريخ جماعي �و وطني‪،‬‬ ‫حدثت مع الجميع‪.‬‬ ‫جميع الالجئين الليبريين الذين التقيتهم‪ ،‬يعانون تقريباً‬ ‫مــن نفس الصعوبة «الـمـمــاطـلــة» عندما يتعلق الحديث‬ ‫آ‬ ‫بموضوع جيو‪-‬سياسي‪ ،‬ف�لة الحرب الرسمية وما تشمله من‬ ‫تواريخ وهزائم وانتصارات واحتالل وتهدئة وجودة وسوء‪،‬‬ ‫ال تتقاطع مع تجاربهم الشخصية‪ ،‬التي يتحدث عنها الرجال‬ ‫أ‬ ‫والنساء الذين التقوا في مخيمات سيراليون وغينيا‪� ،‬شهر‬ ‫قليلة بعد توقيع اتفاقية السالم في ليبيريا عام ‪.2003‬‬ ‫أ‬ ‫والسؤال الذي يطرح نفسه هنا‪ ،‬كيف يمكن لليبيريين �ن‬ ‫يعيشوا ً‬ ‫معا بعد الحرب؟ كيف يمكنهم التحدث اليوم عن‬ ‫حرب دامت أ�ربعة عشر عاما؟ً‬ ‫إن المهمة فــي مخيمات الالجئين فــي غينيا وسيراليون‬

‫أ‬ ‫تتعلق بعناصر التحقيق والت�مل وتدوين بعض المالحظات‬ ‫محاولة لمعرفة الخطط الموضوعة‬ ‫الميدانية‪ ،‬وذلــك في‬ ‫ٍ‬ ‫لمساعدة الالجئين على النسيان والتسامح والعودة بسالم‬ ‫إلى ليبيريا‪.‬‬ ‫أ‬ ‫كما �ن محاوالت الالجئين في تفسير الحرب التي عاشوها‬ ‫عن قرب وبشكل شخصي‪ ،‬قد ال تتفق مع مطالب العدالة‬ ‫واإلنـصــاف المعلن عنها في الفضاء اإلعالمي والمنظمات‬ ‫ًأ‬ ‫علما �ن هذه المطالب‬ ‫السياسية في «المجتمع الدولي»‪،‬‬ ‫الدولية ال تقل أ� ً‬ ‫همية عن مطالبهم لجعل الحياة االجتماعية‬ ‫أ‬ ‫فــي المستقبل ممكنة‪ ،‬كما �نـهــا ترتكز على وجـهــات نظر‬ ‫سياسية قوية‪.‬‬ ‫بــاخـتـصــار‪ ،‬تبين مــن خــال هــذه الـتـقــاريــر الميدانية في‬ ‫أ‬ ‫مخيمات الـلـجــوء‪� ،‬ن الليبيريين ال يـزالــون خائـفين من‬ ‫الـحــرب‪ ،‬لكنهم يـحــاولــون النسيان ومسامحة جميع من‬ ‫أ‬ ‫حاربوا‪ ،‬وال يتمنون غير استعادة المان والسالم في بلدهم‪.‬‬ ‫بين الحرب والعودة‬ ‫كيف عاش الناس خالل الحرب‪ ،‬سؤال يرتبط بصورة رئيسية‬ ‫بالسؤال أالهم «كيف نعيش ً‬ ‫معا بعد الحرب؟»‪.‬‬ ‫هناك العديد من القصص في هذا المخيم‪ ،‬كما في غيره من‬ ‫المخيمات في غينيا وسيراليون‪ ،‬وكلها تشير إلى وجود عالقة‬ ‫أ‬ ‫قوية تربط المقاتلين من الجنود والميليشيات �و المتمردين‬ ‫مع ضحاياهم من المدنيين‪.‬‬ ‫تم تجنيد العديد من الالجئين‪ ،‬النساء والشباب ً‬ ‫خاصة‪،‬‬ ‫يتم تجنيد بعض الشباب للعمل مــع الـقــوات المسلحة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫عبيدا‪ ،‬كما يقول البعض‪ ،‬والنساء لتخدمن كزوجات بعد‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫وقوعهن في الدغال واختطافهن وغالبا اغتصابهن‪ ،‬والبعض‬ ‫آ‬ ‫الخر للقتال مع مجموعات مختلفة ‪ -‬إما قس ًرا فيما يتعلق‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫طواعية كما في‬ ‫بالشبان الذين قبض عليهم في الدغال‪� ،‬و‬ ‫حالة «الصيادين» من منطقة لوفا شمال ليبيريا‪.‬‬ ‫العالقة بين المدنيين والحرب ال يمكن اعتبارها‪ ،‬بصورة‬ ‫أ‬ ‫عامة‪ ،‬عالقة سياسية‪ ،‬إنها تنحو �كـثر نحو عالقة اجتماعية‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يسودها التوتر وهــذا � ّدى إلــى �ن تؤخذ الـحــرب على �نها‬ ‫أ‬ ‫مس�لة شخصية‪.‬‬ ‫بين الحرب والعودة‪ ،‬يوجد مخيمات‪ ،‬وهذا يعني تبادل‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الحاديث ّعما حدث في الحرب‪ ،‬لكن إرادة النسيان �قوى‬ ‫أ‬ ‫و�ك ـثــر عفوية مــن إرادة تشكيل وصيانة ذاكــرة جماعية‪،‬‬ ‫تنطوي على استدعاء الذكريات المؤلمة والمعاناة الفردية‪،‬‬ ‫يتوفر أ� ً‬ ‫يضا في المخيمات إمكانية إعادة التنشئة االجتماعية‪،‬‬ ‫ولو بصورة مؤقتة‪ ،‬وكذلك الحياة السياسية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫وم ــن هـنــا‪ ،‬يمكننا إع ــادة تـعــريــف الـمـخـيـمــات‪ ،‬عـلــى �نـهــا‬ ‫مختبرات للسالم‪(ُ ،‬عــرف هــذا المصطلح بين مجموعات‬ ‫النازحين داخــل كولومبيا)‪ ،‬لكن هــذا يتعارض ً‬ ‫تماما مع‬ ‫النوايا بإدارة مخيم توباندا (‪ ،)Tobanda‬حيث الالجئين‬ ‫ً أ‬ ‫أ‬ ‫وعيا بمس�لة الديمقراطية وبحقهم في التعبير‪ ،‬وفي‬ ‫فيه �كـثر‬ ‫مواجهة استراتيجية السيطرة هذه‪ ،‬يمكننا معارضة اليوتوبيا‬ ‫الطارئة التي ستحول المخيمات إلى مجرد مختبر يتم فيه‬ ‫التحضير للحياة السياسية والعودة إلى الوطن‪.‬‬ ‫آ‬ ‫ومــا سمعته فيما بعد في مخيم �خــر يقع في منطقة «بو»‬ ‫أ‬ ‫(‪ ،)Bô‬مخيم جيمي باغبو (‪� ،)Jimmi Bagbo‬ن رئيسه‬ ‫أ‬ ‫المنتخب من قبل الالجئين ّ‬ ‫تمكن من �ن يجري مشاورات‬

‫ترجمة‬

‫ونقاشات بين مواطنيه القادمين من فويا (‪ ،)Foya‬وهي‬ ‫يتحدر منها الالجئين ً‬ ‫واحدة من أالماكن الرئيسية التي ّ‬ ‫حاليا‬ ‫أ‬ ‫في مخيمات سيراليون‪ ،‬كما �نه يقوم بتنظيم االجتماعات‬ ‫في مخيمه وفي المخيمات المحيطة على حد سواء‪ ،‬ويقترح‬ ‫مشاريع «إلعادة البناء االجتماعي»‪ ،‬وترتبط هذه المشاريع‬ ‫والتفسير ً‬ ‫الحقا لتبرير العفو‬ ‫بالنسبة له بمحاوالت الشرح‬ ‫عن مرتكبي جرائم الحرب‪.‬‬ ‫أ‬ ‫�ما فيما يتعلق بعمليات السرقة والنهب التي كان الجنود‬ ‫يقومون بها‪ ،‬فهو يقول‪« :‬كان الجنود مجبرين على السرقة‬ ‫والنهب بسبب قلة مواردهم‪ ،‬والرواتب كانت تختفي بين‬ ‫أ‬ ‫(مونروفيا) و(لوفا)‪ ،‬وتذهب إلى جيوب الضباط‪� ،‬و بسبب‬ ‫إنفاقهم السريع لما كــانــوا يجنون‪ ،‬لذلك كــانــوا يدفعون‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫لنفسهم من مال السكان المحليين‪ ،‬صحيح �نهم سرقوا‬ ‫ونهبوا طعامهم وماعزهم وما يملكون من حيوانات‪ ،‬لكن‬ ‫أالمر أال كـثر أ� ً‬ ‫همية اليوم هو االندماج االجتماعي الكامل»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫المغفرة ال ت�تي وحدها‪ ،‬إنها مرتبطة بإرادة النسيان‪ ،‬لن‬ ‫الفاعلين ومرتكبي الجرائم والضحايا مقربين من بعضهم‪،‬‬ ‫أ آ‬ ‫أ‬ ‫بشكل �و ب�خر‪ ،‬إما من خالل عالقات شخصية �و عالقات‬ ‫فئوية‪.‬‬ ‫ًأ‬ ‫أ‬ ‫على �ي حــال‪ ،‬من الواضح جــدا �نــه يوجد رغبة كبيرة في‬ ‫إعادة السيطرة على الوضع وإعــادة البناء االجتماعي‪ ،‬إنها‬ ‫أ‬ ‫اإلجابات التي كنت �حصل عليها بصورة مكررة والتي تنم‬ ‫عن رغبة في التغلب على الخوف الفردي أوالذعر الجماعي‬ ‫الذي تسببت به سنوات طويلة من الحرب الهلية‪.‬‬ ‫آ‬ ‫بقلم ميشيل �جيير‬ ‫ضوضاء‪ /‬فريق الترجمة من الفرنسية‪ :‬زويا منصور‬ ‫المصدر‪ :‬مجلة فاكارم (‪ ،)Vacarme‬مجلة فصلية تصدر‬ ‫باللغة الفرنسية بنسختين‪ ،‬ورقية والكـترونية‪.‬‬

‫‪http//:www.vacarme.org/article2412.html‬‬

‫العدد (‪ )9‬آذار ‪2014‬‬

‫‪11‬‬


‫ضوء‬

‫ترجمة‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫األمم المتحدة‪ :‬على أوروبا فتح أبوابها لتفادي كارثة الالجئين السوريين‬

‫رسالة مجلس الالجئين لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون‬

‫أ‬ ‫(كولين فيرث) و(مايكل بالين) و(جريسون بيري)‪ ،‬يورو من المساعدات التي �رسلت إلى المنطقة‪.‬‬ ‫يدينون عــدم اتخاذ بريطانيا إج ـراءات تجاه ما يسميه‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫(ديفيد ميليباند)‪�« :‬زمة تعريف اإلنسانية في عصرنا»‪ .‬قال مفوض المم المتحدة لالجئين (�نطونيو غوتيريس)‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫حذرت المم المتحدة والمفوضية الوروبية قائلة‪� :‬نه ال لصحيفة الغارديان‪« :‬في الوقت الذي كان يطلب من‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يمكن تخفيف �زمة ماليين الالجئين الهاربين من الحرب ال ــدول الـمـجــاورة لسوريا �ن تبقي حــدودهــا مفتوحة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫الهلية السورية إلى الدول المجاورة‪ ،‬التي تتحول إلى ر�يت �نه من المقلق كم من السوريين يكافحون إليجاد‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫ً‬ ‫كارثة إنسانية وسياسية‪ ،‬إال إذا فتحت �وروبا �بوابها‪ .‬الحماية في �وروبا‪ ،‬مع وجود تقارير �ن عددا من الدول‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�كـثر من ‪ 2.1‬مليون الجئ ُس ِجلوا من قبل المفوضية بد�ت بصد الناس عن حدودها‪ ،‬وكل هذا يحدث رغم‬ ‫أ‬ ‫للمم المتحدة لشؤون الالجئين (‪ ،)UNHCR‬أ�ن العدد اإلجمالي قليل ً‬ ‫جدا بالمقارنة مع تركيا‪ ،‬التي‬ ‫السامية‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫في �ربع دول مجاورة لسوريا‪ ،‬معروف �ن مئات ال الف استقبلت من الالجئين السوريين وحدها عشرة �ضعاف‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫مجتمعة‪ ،‬كنت �طلب‬ ‫الخرين يعيشون خارج الحدود السورية دون الحصول ما استقبلته دول االتحاد الوروبي‬ ‫ً أ‬ ‫وخصوصا في �وروب ــا ودول على‬ ‫من كل الــدول م ـرا ًرا‬ ‫على مساعدات‪.‬‬ ‫الشرق أ‬ ‫الوســط‪ ،‬السماح للسوريين بالحصول‬ ‫امتداد‬ ‫أ أ‬ ‫ربما تكون هي الزمة ال كبر منذ انتهاء الحرب العالمية على اللجوء والتمتع بحماية جيدة»‪.‬‬ ‫الثانية‪ ،‬وصــف (ديفيد ميليباند) رئيس لجنة اإلنقاذ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الدولية (‪ ،)ICR‬الوضع ال كـثر تدهو ًرا في سوريا ب�نه قال المتحدث باسم المفوض الوروبي للشؤون الداخلية‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫(ميشيل سيركوني)‪ :‬ال يمكن إجبار الدول العضاء على‬ ‫«�زمة تعريف اإلنسانية في عصرنا»‪.‬‬ ‫قبول برنامج إعادة التوطين‪ ،‬لكن المفوضية عرضت‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫حثت (‪ )UNHCR‬والمفوضية الوروب ـيــة والمجلس (‪ )6000‬يورو �ي ما يعادل (‪ )5000‬جنيه استرليني عن‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الـبــريـطــانــي لــاجـئـيــن‪ ،‬ق ــادة االت ـح ــاد الوروبـ ـ ــي على كل الجــئ تقبله دولــة مــا‪ ،‬إذا �راد كل �عـضــاء االتحاد‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫االعتراف بالزمة االستثنائية التي تفرضها الحرب الهلية الوروبي المشاركة في التوطين‪ ،‬وإتاحة عدد متناسب‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫السورية‪ ،‬وقبول التوطين المؤقت لالجئين السوريين م ــن الم ــاك ــن‪ ،‬س ـن ـكــون ق ــادري ــن ع ـلــى تــوط ـيــن �الف‬ ‫آ‬ ‫داخل حدودهم‪ ،‬وتخفيف سياسة الحصن لإلبقاء على الالجئين الخرين من المخيمات»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫المهجرين خارج �وروبا‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫شدد االتحاد الوروب ــي على �همية المساعدات‪ ،‬لكنه‬ ‫أ‬ ‫نداء ً‬ ‫أ�صدرت أالمم المتحدة ً‬ ‫عاجال لتوطين ‪ 30000‬من رفــض المشاركة بعبء الالجئين ال كـبــر‪ ،‬فــي الوقت‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫السوريين أال كـثر ً‬ ‫حاجة في جميع �نحاء العالم‪ ،‬نداء الــذي يمارس على تركيا ضغوطا كبيرة إلبقاء حدودها‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫ال يـزال غير محقق في الوقت الــذي يفوق الـنــزوح من مفتوحة لالجئين‪ ،‬قبلت تركيا حتى ال ن ‪� 600‬لــف‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫والردن والعراق‪ ،‬سرعة القدرة شخص ً‬ ‫تقريبا‪ ،‬وتعمل ب�قصى سرعة ممكنة لتشكيل‬ ‫سوريا إلى تركيا ولبنان‬ ‫أ‬ ‫شبكة من السياج والدوريات والسياسات لمنعهم من‬ ‫على ت�مينهم‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫دخول �وروبــا‪ ،‬حيث �نفق االتحاد الوروبــي الماليين‬ ‫رفضت حكومة المملكة المتحدة المشاركة ببرنامج إعادة إلبقاء الحدود بين تركيا واليونان مضبوطة‪.‬‬ ‫ً أ‬ ‫أ‬ ‫ومشددة على �همية‬ ‫التوطين‪ ،‬واصفة الفكرة �نها رمزية‬ ‫م ـ ـل ـ ـيـ ــون‬ ‫الـ‪500‬‬

‫العدد (‪ )9‬آذار ‪2014‬‬

‫ح ــوال ــي ‪ 64000‬س ــوري م ــا يـعـنــي ‪ 2.4%‬م ــن الـعــدد‬ ‫أ‬ ‫اإلجمالي لالجئين‪ ،‬قاموا بتقديم طلب لجوء إلى �وربا‪،‬‬ ‫أ‬ ‫‪ 60%‬من هذه الطلبات قدمت في السويد و�لمانيا‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�ظهر نائب رئيس الوزراء (نيك كليغ) السبوع الماضي‬ ‫أ�ن المملكة المتحدة قبلت ‪ 1500‬نــازح ســوري بطرق‬ ‫أ‬ ‫اللجوء العادية‪ ،‬لكن هذا العدد �قل بكـثير من مطالب‬ ‫أ‬ ‫المم المتحدة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫قال (ميلباند)‪�« :‬ن دول الجوار �مر ثانوي بالنسبة لما‬ ‫أ‬ ‫يعتبره الغرب نقطة االنهيار»‪ ،‬و�ضاف‪« :‬تدفق الالجئين‬ ‫أ‬ ‫إلــى لبنان بعدد يفوق ‪� 800‬لــف نــازح بالنسبة لعدد‬ ‫سكان يبلغ ‪ 4.5‬مليون نسمة هو ما يعادل قــدوم ‪60‬‬ ‫أ‬ ‫مليون شخص إلى الواليات المتحدة المريكية‪ ،‬تقدر‬ ‫أ‬ ‫تكلفة الزمة على االقتصاد اللبناني وحده بـ (‪ )7.5‬مليون‬ ‫دوالر‪ ،‬ما يعادل (‪ )4.5‬مليون يورو‪ ،‬حان وقت اتخاذ‬ ‫أ‬ ‫باقي دول العالم خطوة تجاه ذلك و�ن تكون الواليات‬ ‫أ‬ ‫المتحدة المريكية هي القدوة»‪.‬‬ ‫محبطين من موقف الحكومة‪ ،‬نشر مجلس الالجئين‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫موجها إلى‬ ‫خطابا شديد اللهجة في صحيفة الغارديان‬ ‫أ‬ ‫رئيس الوزراء البريطاني (ديفيد كاميرون) مضمونها � ّن‬ ‫«المساعدات ليست كافية»‪ ،‬وتقول الرسالة الموقعة‬ ‫من (كولين وليفيا فيرث) و(إيما تومسون) و(ميشيل‬ ‫بالين) و(ديمي فيفيان) و(ويستوود غرايسون) و(بيري‬ ‫آ‬ ‫وجولييت ستيفنسون)‪ 18« :‬دولة حتى الن استجابت‬ ‫أ‬ ‫وتعهدت بتوفير �ماكن لتوطين الالجئين السوريين‪،‬‬ ‫أ‬ ‫نشعر بالعار �ن بريطانيا ليست إحداها»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫و ص ـ ـ ـ ـ ـ ــف مـ ـ ـ ــد يـ ـ ـ ــر ( ‪ )UNHCR‬ف ـ ـ ــي � ورو ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫(ف ـ ـ ـي ـ ـ ـن ـ ـ ـس ـ ـ ـي ـ ـ ـنـ ـ ــت كـ ـ ــوش ـ ـ ـي ـ ـ ـتـ ـ ــل)‬ ‫اسـ ـتـ ـج ــاب ــة الـ ـمـ ـمـ ـلـ ـك ــة الـ ـمـ ـتـ ـح ــدة «ب ــالـ ـخـ ـج ــول ــة»‬ ‫أ‬ ‫و«ليست ً‬ ‫جيدة بما فيه الكـفاية»‪ ،‬الالجئون الفغان‬ ‫أ‬ ‫والصوماليون إضافة إلــى السوريين‪ ،‬يفرون من �حد‬ ‫أ‬ ‫�كـثر الصراعات وحشية في عصرنا‪ُ ،‬ويدفعون ببساطة‬ ‫أ‬ ‫إلى رحالت خطرة وغير قانونية إليجاد المان‪.‬‬


‫ضوء‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫ترجمة‬

‫أ‬ ‫بينما تستمر الهجرة الحتمية إلى الردن وتركيا وإقليم‬ ‫كردستان شمال العراق و تتعاظم المطالب اإلنسانية‬ ‫الهائلة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫إن �زمة الالجئين غير المحلولة تزعزع االستقرار اللبناني‬ ‫ـفيا ً‬ ‫مزيجا طائ ً‬ ‫خصوصا‪ ،‬وهو الذي يملك ً‬ ‫ً‬ ‫هشا‪ ،‬يصبح‬ ‫غـيــر مـسـتـقــر بـشـكــل م ـت ـزايــد نـتـيـجــة تــدفــق الــاجـئـيــن‬ ‫أ‬ ‫المسلمين السنة في المقام الول‪.‬‬ ‫أ‬ ‫رفضت الحكومة اللبنانية السماح لمخيمات الالجئين �و‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الم�وى الدائم أ�ن يبنى على أ�راضيها‪ ،‬خوفاً‬ ‫�ي شيء يشبه‬ ‫أ‬ ‫من تزايد التوترات الطائـفية المت�صلة بعمق في تكوينه‪.‬‬ ‫بينما تحتدم الحرب ويشارك المناصرون اإلقليميون في‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫دعم فئاتهم على الرض‪ُ ،‬دعم نظام بشار السد العلوي‬ ‫بقوة من قبل إيران وروسيا‪ ،‬بينما دعمت بشكل متساو‬ ‫أ‬ ‫بــالـقــوة الغـلـبـيــة السنية الـمـعــارضــة مــن قبل المملكة‬ ‫أ‬ ‫العربية السعودية وتركيا وقطر ودول الخليج الخرى‪.‬‬ ‫أ‬ ‫�صبحت سوريا مسابقة ثابتة للسيادة اإلقليمية التي‬ ‫ترتكز على صراع السلطة اإلقليمية القديمة بين طهران‬ ‫أ‬ ‫والرياض‪ ،‬لكنها مدفوعة بظلم معاصر �كبر‪.‬‬ ‫صـ ـراع الـسـلـطــة الـطــائ ـفـيــة المتقلبة تـتــرك الـقـلـيــل من‬ ‫المخاوف على حياة وسالمة ماليين الالجئين‪ ،‬الذين‬ ‫أ‬ ‫يشكل النساء والطفال غالبيتهم‪.‬‬ ‫قال الرئيس التنفيذي لمجلس الالجئين (موريس رين)‪:‬‬ ‫أ‬ ‫«نحن نتكلم عن شعب ذي حاجات ماسة»‪ ،‬معتب ًرا �ن‬ ‫الحكومة البريطانية كانت خاضعة بشكل كبير لضغط‬ ‫محلي على الهجرة‪« ،‬ما نشهده في المخيمات مخيف‪،‬‬ ‫أ‬ ‫إنها بيئة غير مقبولة لنــاس ال يستطيعون االعتناء‬ ‫أ‬ ‫ب�نفسهم»‪.‬‬ ‫في مقهى باسطنبول‪ ،‬وجدت الغارديان الجئين سوريين‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يتناقشون حــول استجابة �وروب ــا لــ�زمــة‪ ،‬والـخـيــارات‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫مستحيال‬ ‫المتاحة لهم نتيجة ذلك‪ ،‬لن تركيا تقدم الم�وى وليس والريتيريين‪ ،‬إلى �وروبا يكاد يكون �م ًرا‬ ‫اإلقــامــة الــدائـمــة‪ ،‬حيث ال يستطيع الــاجـئــون العمل دون السفر غير الشرعي على طول الطريق الخطرة‪.‬‬ ‫بشكل قانوني‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�ولئك الذين يصلون إلى الحدود الوروبية مقيدون �كـثر‬ ‫أ‬ ‫تحدث الرجال في المقهى عن السفر بطريقة غير مشروعة باتفاقية (دبلين)‪ ،‬التي تنص على �ن طالبي اللجوء يجب‬ ‫إلى دول مثل أ�لمانيا والسويد‪ ،‬اللتين لديهما سياسات أ�ن يبقوا فــي الــدولــة التي دخلوها أ� ً‬ ‫وال‪ ،‬رغــم الشروط‬ ‫أ أ‬ ‫سخية ً‬ ‫جدا تجاه السوريين‪ ،‬الذين ذهبوا إلى حدودها‪ ،‬المختلفة التي يواجهها الالجئون في جميع �نحاء �وروبا‪،‬‬ ‫لكن تكاد الطرق القانونية للسفر إلى كال الدولتين من ُان ِتق َدت إيطاليا واليونان وبلغاريا على معاملتهم لطالبي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ســوريــا �و تركيا معدومة‪ ،‬على القــل سياسة بريطانيا اللجوء‪ ،‬لكنهم يقولون �ن موقعهم الجغرافي يعني �نهم‬ ‫واضحة‪ ،‬يقول أ�حد الرجال‪« :‬ال يريدون أ�ي سوري»‪ .‬يتحملون ً‬ ‫نصيبا غير عادل من المسؤولية بالتعامل مع‬ ‫تدفق الالجئين‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ي ـصــف �حـ ــد ال ــرج ــال وي ــدع ــى (ط ـ ــارق)‪ ،‬ك ـيــف ح ــاول قال (كوشيتيل) �ن الالجئين المصدومين عرضة للخطر‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الدخول إلى �وربا وفشل ثالث مرات عبر بلغاريا‪ ،‬كل من قبل السياسات الوروب ـيــة‪ ،‬و�ضــاف �نــه يجب �ن‬ ‫أ‬ ‫مرة يلقى القبض عليه من قبل حرس الحدود البلغاري يكون هناك إصالح �وسع لسياسة اللجوء‪ ،‬في حين ال‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫و «يعيدونه» إلى تركيا‪ ،‬إذا كان ذلك داخــل الراضــي يجب �ن يطلب من الدول المجاورة لسوريا تحمل كامل‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ضعيفا‪.‬‬ ‫البلغارية‪ ،‬فهذا خرق لقانون الالجئين العالمي‪ ،‬كشفت العبء اإلنساني‪ ،‬لصراع يبدو �مل الحل فيه‬ ‫أ‬ ‫جماعات حقوقية عــن عمليات إع ــادة غير شرعية من وقــال (كوشيتيل)‪« :‬خـجـ ً‬ ‫ـوال وليس كــافـيـ ًـا»‪ ،‬و�ض ــاف‪:‬‬ ‫«خمس مئة في فرنسا وعشرة في المجر وتسعين في‬ ‫اليونان وإيطاليا‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫إيرلندا‪ ،‬ال �حد في المملكة المتحدة‪ ،‬نحن بحاجة لن‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫هذه الرحلة �بعدت (طارق) عن زوجته (ياسمين) الحامل نستفيق للوضع‪ ،‬الجميع كان ي�مل بحل سريع‪ ،‬لكن‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫في شهرها التاسع‪ ،‬وابنه البالغ من العمر �ربع سنوات‪ .‬حقيقة الـصـراعــات تجعلنا نعلم �ن العديد مــن الناس‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ال ـغــارديــان وج ــدت (يــاسـمـيــن) فــي مخيم (هــارمــانـلــي) لن يعودوا إلى بيوتهم �بـ ًـدا‪ ،‬ليس فقط لن بيوتهم قد‬ ‫أ‬ ‫االحتجازي في بلغاريا‪ ،‬حيث تقيم هي وطفلها في بناء تهدمت‪ ،‬بل لن البنية التحتية دمرت»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫قابل للنقل مع ثالث عائالت �خرى‪ ،‬يعيشون على وجبة‬ ‫واحدة في اليوم‪.‬‬ ‫ضوضاء ‪ /‬فريق الترجمة من اإلنكليزية‪ :‬مراد عيد‬ ‫أ‬ ‫بالعودة إلى اسطنبول‪ ،‬يقول (طارق) �نه سيتابع محاولة ‪http://www.theguardian.com/world/2014/‬‬ ‫الدخول إلى بلغاريا إليجاد زوجته‪:‬‬ ‫«نحن أنعاني مرتين‪jan/13/syrian-refugee-catastrophe-euro- ،‬‬ ‫آ‬ ‫أ أ‬ ‫أ� ً‬ ‫وال في سوريا والن كالجئين‪� ،‬شعر �ني �حارب العالم‬ ‫‪pean-union-united-nations‬‬ ‫أ‬ ‫ل كون مع عائلتي»‪.‬‬ ‫السوريون ليسوا الوحيدين الذين يشعرون‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�ن نظام اللجوء في �وروبا فخ كبير‪،‬‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫فاللجوء من �سيا وشمال �فريقيا بما‬ ‫أ‬ ‫في ذلك الفغانيين والصوماليين‬

‫العدد (‪ )9‬آذار ‪2014‬‬

‫‪13‬‬


‫ضوء‬

‫تقرير‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫ناشطون فرنسيون‪« :‬باريس ليست كريمة مع السوريين»‬

‫¶ يوسف شيخو‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫منذ نحو �سبوعين‪ ،‬بد�ت الحكومة ال لمانية بتطبيق‬ ‫أ‬ ‫ق ـرار اسـتـقـبــال الــاجـئـيــن الـســوريـيــن عـلــى �راضـيـهــا‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫و�شرفت �خي ًرا‪ ،‬على سفر عشرات الالجئين السوريين‬ ‫من لبنان‪ ،‬وذلك في إطار برنامج جديد‪ ،‬يهدف إلى‬ ‫آ‬ ‫استقبال خمسة �الف الجــئ‪ ،‬كما إن السويد‪ ،‬التي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫فتحت �بــوابـهــا ل ك ـثــر مــن ‪� 14‬لــف ســوري منذ بداية‬ ‫أ‬ ‫‪ ،2013‬لم تغلق هذه البــواب بعد‪ ،‬في حين تدرس‬ ‫ســويـسـرا اسـتـقـبــال الـســوريـيــن‪ ،‬وج ــددت الحكومة‬ ‫النمساوية استعداد الـبــاد استقبال المزيد‪ ،‬بينما‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�عـلـنــت الـحـكــومــة الـبــريـطــانـيــة �خ ـي ـ ًرا‪� ،‬ن المملكة‬ ‫أ‬ ‫المتحدة‪ ،‬سوف تستقبل «على الرجح» المئات منهم‪،‬‬

‫أ‬ ‫بلدان �خرى‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وسـبــق �ن لفتت الم ــم المتحدة إلــى �ن السوريين‬ ‫ًأ‬ ‫أ‬ ‫تقريبا �كبر‬ ‫الفارين من الحرب في بالدهم‪� ،‬صبحوا‬ ‫مـجـمــوعــة مــن الــاجـئـيــن فــي الـعــالــم‪ ،‬وش ــارف ــوا على‬ ‫أ‬ ‫تجاوز عــدد الالجئين الفـغــان المقدر عددهم اليوم‬ ‫بـ‪ 2.55‬مليون‪.‬‬ ‫أ‬ ‫وتصف منظمات حقوقية موقف بــاريــس ب�نها كمن‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يدفن ر�سه في الرمال إزاء الزمة اإلنسانية في سوريا‪،‬‬ ‫فــي حـيــن داف ــع الـمـتـحــدث الــرسـمــي بــاســم الخارجية‬ ‫الفرنسية‪ ،‬رومــان نــادال عن سياسة بــاده‪ ،‬وكشف‬ ‫أ‬ ‫�ن فرنسا بادرت بإنشاء مكاتب خاصة في قنصلياتها‬ ‫بدول الجوار السوري الستقبال ودراسة طلبات لجوء‬ ‫السوريين‪.‬‬

‫استقبلت فرنسا فــي ‪2011‬‬ ‫و ‪ ،2012‬نحو ‪ 3700‬ســوري‪،‬‬ ‫بينهم ‪ 1700‬يحملون صفة‬ ‫الجئين‪ ،‬وكان الرئيس الفرنسي‬ ‫فــرنــســوا هــوالنــد‪ ،‬تعهد في‬ ‫تشرين األول الفائت‪ ،‬باستقبال‬ ‫‪ 500‬سوري‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫وفرنسا هي �ول دولــة �وروبـيــة اعترفت بـ «اال ئـتالف‬ ‫الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة»‪ ،‬بوصفه‬ ‫«الممثل الشرعي للشعب السوري» في نهاية ‪،2012‬‬ ‫أ‬ ‫ومن ثم عين اال ئـتالف �ول «سفير» له في باريس‪،‬‬ ‫وقال نادال‪ ،‬في تصريحات صحفية‪ ،‬إن فرنسا تقدم ما‬ ‫أ‬ ‫وصفه بالدعم الكبير‪ ،‬في إطار ثنائي ومتعدد الطراف‬ ‫لكل الدول التي تستقبل الالجئين السوريين‪ ،‬مشي ًرا‬ ‫ً أ‬ ‫أ‬ ‫تماما م�ساة العائالت السورية‬ ‫إلى �ن باريس «تعي‬

‫ً‬ ‫خصوصا ضحايا العنف الجنسي والتعذيب‪.‬‬ ‫أ‬ ‫الالفت �ن الواليات المتحدة‪ ،‬التي استقبلت نحو ‪135‬‬ ‫أ‬ ‫�لف طلب لجوء من قبل السوريين‪ ،‬لم تقبل سوى ‪31‬‬ ‫ً ً آ‬ ‫سوريا منذ �ذار ‪ ،2011‬وفق تقارير صحفية‪ ،‬فيما‬ ‫الجئا‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�فادت منظمة العفو الدولية �ن فرنسا‪ ،‬ورغم الوعود‬ ‫التي قطعتها‪ ،‬لم توسع نطاق استقبالها السوريين‪،‬‬ ‫«منخفضا بشكل كبير»‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫قياسا‬ ‫الذين يبقى عددهم‬ ‫أ‬ ‫بـ «حجم الزمة»‪.‬‬ ‫واسـتـقـبـلــت فــرنـســا فــي ‪ 2011‬و‪ ،2012‬نـحــو ‪3700‬‬ ‫ســوري‪ ،‬بينهم ‪ 1700‬يحملون صفة الجئين‪ ،‬وكان‬ ‫الرئيس الفرنسي فرنسوا هــوالنــد‪ ،‬تعهد فــي تشرين‬ ‫أ‬ ‫والفلسطينية بسوريا»‪ ،‬و�ن طلبات اللجوء التي قدمها‬ ‫أ‬ ‫الول ال ـفــائــت‪ ،‬بــاسـتـقـبــال ‪ 500‬سـ ــوري‪ ،‬اعـتـبــرت‬ ‫أ‬ ‫سوريون تضاعفت عشر مرات السنتين الخيرتين‪،‬‬ ‫مفوضية أالمم المتحدة أ�ن وضعهم «صعب ً‬ ‫جدا» في‬ ‫ًأ‬ ‫مضيفا �ن الهيئة الفرنسية لحماية الالجئين وعديمي‬ ‫المخيمات القريبة من سوريا‪.‬‬ ‫الـجـنـسـيــة واف ـق ــت عـلــى ‪ 95%‬م ــن تـلــك الـطـلـبــات‪،‬‬ ‫ويعتبر ناشطون فرنسيون أ�ن بالدهم استقبلت ً‬ ‫عددا‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وتشير المفوضية إلــى �ن هناك ‪� 900‬لــف الجــئ في‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ضئيال من الالجئين السوريين‪ ،‬الفتين إلى �ن فرنسا‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫لبنان‪ ،‬و‪� 600‬لف في تركيا‪ ،‬و‪� 590‬لف في الردن‪،‬‬ ‫أ‬ ‫استقبلت مــا بين ‪ 10‬إلــى ‪� 15‬لــف الجــئ تشيلي بعد‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫و‪� 215‬لــف في إقليم كردستان الـعـراق‪ ،‬و‪� 135‬لف‬ ‫االنقالب العسكري هناك عام ‪.1973‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫في مصر‪ ،‬و‪� 20‬لف في شمال �فريقيا‪ ،‬و‪ً � 30‬لفا في‬

‫‪14‬‬

‫العدد (‪ )9‬آذار ‪2014‬‬

‫أ‬ ‫وفي حين ذكر الناطق باسم الخارجية الفرنسية �ن‬ ‫أ‬ ‫أ ًأ‬ ‫يضا �لفي سوري لديهم ت�شيرات طويلة‬ ‫بالده تؤوي �‬ ‫أ‬ ‫المدة �و دخلوا إلى البالد في إطار جمع شمل عائالت‬ ‫أ‬ ‫ســوريــة‪ ،‬عـ ّـد الـمــديــر ال ـعــام لمنظمة «فـرنـســا‪� ،‬رض‬ ‫اللجوء»‪ ،‬بيار هنري‪ ،‬مـبــادرات الحكومة الفرنسية‬ ‫أ‬ ‫«غير كافية»‪ ،‬مشي ًرا إلى �نه يتعين على باريس اعتماد‬ ‫ً أ‬ ‫أ‬ ‫بش�ن السوريين‪ ،‬كما انتقد هنري‬ ‫«سياسة �كـثر كرما»‬ ‫سياسة «التقتير» التي انتهجتها فرنسا ومعظم الدول‬ ‫أ‬ ‫الوربية في منح اللجوء للسوريين‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ومــن المقرر �ن تطلق نحو سبعين منظمة إنسانية‬ ‫أ‬ ‫وحقوقية أ�وروبية ً‬ ‫قريبا‪ ،‬حملة للتوعية بم�ساة الجئي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫سوريا‪ ،‬بهدف تعريف الر�ي العام و�صحاب القرار في‬ ‫أ‬ ‫بلدان االتحاد الوروبي بحجم معاناتهم‪ ،‬ولحث حكام‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�وروبا على اإلنصات لالجئين وفتح �بواب �وروبا في‬ ‫وجوههم‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ولـجــ� عـشـرات الصحفيين السوريين إلــى فرنسا عبر‬ ‫مؤسسة «مراسلون بالحدود»‪ ،‬التي توفر لهم اإلقامة‬ ‫في باريس ضمن «بيت الصحفي الفرنسي» مدة ستة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�شهر‪ ،‬كما �فادت تقارير صحفية في شباط الفائت‪،‬‬ ‫أ أ‬ ‫�ن الجـهــزة المسؤولة عن النظر في طلبات اللجوء‬ ‫في فرنسا‪ ،‬ستقوم بمهمات في دول الجوار السوري‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫خصوصا في لبنان والردن‪ ،‬وهذا إجراء نادر‪ ،‬باعتبار‬ ‫أ آ‬ ‫أ‬ ‫�ن �خــر مهمة فــي الـخــارج �جـراهــا المكـتب الفرنسي‬ ‫لحماية الالجئين وعديمي الجنسية كانت في كوسوفو‬ ‫عام ‪ ،1999‬حسب مديره العام باسكال بريس‪.‬‬ ‫أ‬ ‫وسـيـتــولــى مـك ـتــب ال ـه ـجــرة ال ــدول ــي نـقــل الش ـخ ــاص‬ ‫الذين ستنطبق عليهم المعايير المطلوبة إلى فرنسا‪،‬‬ ‫كالجئين يحصلون عـلــى إقــامــة لـمــدة عـشــر سـنــوات‬ ‫والحق في العمل‪.‬‬

‫تشير المفوضية إلى أن هناك‬ ‫‪ 900‬ألف الجئ في لبنان‪ ،‬و‪600‬‬ ‫ألف في تركيا‪ ،‬و‪ 590‬ألف في‬ ‫األردن‪ ،‬و‪ 215‬ألــف في إقليم‬ ‫كردستان العراق‪ ،‬و‪ 135‬ألف‬ ‫في مصر‪ ،‬و‪ 20‬ألف في شمال‬ ‫ً‬ ‫أفريقيا‪ ،‬و‪ 30‬ألفا في بلدان‬ ‫أخرى‬


‫ضوء‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫كيف نظر مثقف السلطة إلى الثورة السورية‬

‫رأي‬

‫شمس الدين الكيالني‬ ‫يصطنع مثقف السلطة (الذكي) الحياد العلمي الصارم‪ ،‬في‬ ‫زمن نزيف الدم‪ ،‬حين يصبح فيه الحياد جريمة‪ً َّ ،‬‬ ‫مصرا‬ ‫أ‬ ‫على تبرير �عمال السلطة‪ ،‬يستخدم مفاهيم ومصطلحات‬ ‫أ‬ ‫متعالمة‪ ،‬ليضع نفسه �مام القارئ في إهاب العالم‪ ،‬الذي‬ ‫أ‬ ‫ال ّ‬ ‫يرف له جفن �مام عاديات الزمان‪ ،‬وال يهز وقاره العلمي‬ ‫الدم المسفوك في الشوارع‪ ،‬وال عذابات زهرة شباب سورية‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫في القبية ُالمعتمة‪ ،‬وال رعب الطفال والنساء تحت زخ‬ ‫أ‬ ‫الرصاص‪ ،‬فمفردات ال لــم والخوف والمعاناة‪ ،‬وانتهاك‬ ‫أ‬ ‫كـرامــات الناس واستباحة الع ـراض‪ ،‬هي عنده مفردات‬ ‫تصلح لجداالت الحياة اليومية العابرة والتافهة‪ ،‬لكنها ال‬ ‫تستقيم ولغة العلم الموضوعي!‬ ‫موضوعه الوحيد يتلخص في البحث عن الحامل الطبقي‬ ‫أ‬ ‫�و االجتماعي الــذي غـ َّـذى االحتجاجات االجتماعية في‬ ‫سوريا‪ ،‬المهم لهذا الباحث السلطوي هنا‪ ،‬ليس معرفة‬ ‫المظالم المتراكمة والكرامات المهدورة والخوف المقيم‪،‬‬ ‫التي قادت جميعها اإلنسان العادي إلى الثورة على الظلم‬ ‫واستباحة الحقوق‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ال يـســ�ل مثقف السلطة لـمــاذا قامت الـثــورة‪ ،‬لن هذا‬ ‫أ‬ ‫السؤال يحيله إلــى عالم السلطة‪ ،‬المسؤول الول عن‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الـمـظــالــم‪ ،‬بــل ي ـســ�ل عـ َّـمــن ق ــام بــال ـثــورة‪ ،‬عــن الص ــول‬ ‫االجتماعية لالحتجاج وحـســب‪ ،‬لـهــذا يستحضر (عــدة‬ ‫الشغل‪/‬المهنة)‪ ،‬مهنة تزوير الوقائع تحت ركام زائـف من‬ ‫المصطلحات‪ ،‬في محاولة منه لتزييف الحقائق ال كشفها‪.‬‬ ‫المقاصد المنهجية لهذا الباحث (الموضوعي)‪ ،‬هي نفسها‬ ‫المقاصد المنهجية لرجل المخابرات‪ ،‬هي معرفة (الفاعل)‪،‬‬ ‫لوضعه في قفص االتهام‪/‬المعتقل‪ ،‬وليس معرفة المظالم‬ ‫أ‬ ‫ومصادرها و�شخاصها لرفع الظلم ومصادره‪ ،‬هدفه البحث‬ ‫أ‬ ‫عن (الثائر‪/‬المجرم)‪ ،‬وليس عن �سباب الثورة‪/‬الجريمة!‬ ‫أ‬ ‫وإذا حــاول االقـتـراب خلسة إلــى (الس ـبــاب)‪ ،‬فليسفهها‬ ‫وليضعها فــي الهامشي وال ـثــانــوي‪ :‬الـعـشــوائـيــات‪ ،‬الفقر‬ ‫ً‬ ‫مستخدما هــذا المفهوم‬ ‫والبطالة‪ ،‬اللبرلة االقتصادية‪،‬‬ ‫أ‬ ‫الخير ليغطي به على ظاهرة اقتصادية باتت مهيمنة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫جوهرها إطالق يد رجال السلطة في ثروة البالد بعد �ن‬ ‫امتلكوا رقــاب العباد‪ ،‬فجمعوا بين السلطة واستثمار‬ ‫الثروة الناتجة عنها‪ ،‬مع السماح في عبور شركاء صغار في‬ ‫السوق‪ ،‬هذا هو معنى اللبرلة الحقيقي في سوريا‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ثم يحيلنا المثقف السلطوي‪ ،‬في (�سبابه) إلى مطالب‬ ‫معيشية ومحلية‪ ،‬على طريقة معالجات السلطة المعروفة‬ ‫ً‬ ‫مستخدما السوسيولوجيا لخدمة‬ ‫لمطالب الـثــائــريــن‪،‬‬ ‫المقصد المخابراتي‪ ،‬لم يكن هذا الوضع سوى استمرار‬ ‫لنهج افتتحته (الحركة التصحيحية)‪ ،‬التي ربطت باب‬ ‫أ‬ ‫الثراء باالرتقاء في َّسلم السلطة و�جهزتها‪ ،‬ثم تحول الوالء‬ ‫أ‬ ‫المني‪ ،‬منذ الثمانينيات‪ ،‬إلى رافعة شبه وحيدة‪ ،‬لتنامي‬ ‫الثروة ومعها النفوذ‪ ،‬فغدا الفساد ً‬ ‫ً‬ ‫معتمدا وليس‬ ‫منهجا‬ ‫انحر ًافا‪ ،‬إلعادة صياغة التركيب االجتماعي من فوق‪.‬‬ ‫وهيمن بذلك نمط ريعي طفيلي على االقتصاد‪ً ،‬‬ ‫فبدال من‬ ‫اعتماد اإلنتاج كمعيار لالقتصاد دخلت سورية في دوامة‬

‫أ‬ ‫إعادة توزيع الثروة لصالح المتنفذين في �جهزة السلطة‪،‬‬ ‫هذا هو المعنى الحقيقي لفشل التنمية‪ ،‬وتراجع مستوى‬ ‫اإلنتاجية‪ ،‬والدخل ولجوهر اللبرلة‪.‬‬ ‫نظر مثقف السلطة باستخفاف إلــى مــدن مليونية مثل‬ ‫ًأ‬ ‫حمص وحماه ودير الزور‪ ،‬يراها ً‬ ‫علما �ن‬ ‫مدنا هامشية‪،‬‬ ‫سكانها يـعــادلــون عــدد سكان ســوريــا فــي الخمسينات‪،‬‬ ‫وسكان لبنان ً‬ ‫حاليا‪ ،‬ويعادل عدد سكان كل من حماه‬ ‫أ‬ ‫وحمص ثالثة �ضعاف سكان دمشق في الخمسينات‪،‬‬ ‫وال ينقص تركيبها االجتماعي التكوينات الطبقية لدمشق‬ ‫أ‬ ‫وحـلــب‪ ،‬فــاالخـتــاف كمي ال كيفي‪ ،‬يــ�خــذ على امـتــداد‬ ‫ًأ‬ ‫الـثــورة إلــى الـقــرى دلـيـ ًـا على هامشية الحركة‪ ،‬بــدال �ن‬ ‫أ‬ ‫ي�خذها رم ًزا على عمقها‪ ،‬التي ضاهت في شمولها الثورة‬ ‫السورية الكبرى‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وعوضا عن توجيه بحثه لمعرفة مصدر التفاوت في فوران‬ ‫أ‬ ‫االحتجاجات في مركزية الجهزة وتشعبها وانغرازها في‬ ‫المجتمع في هــذه الـمــدن‪ ،‬يجد ضالته في (خصوصية‬ ‫أ‬ ‫طبقية) لدمشق وحلب‪ ،‬والحال �ن كل المدن‪ ،‬التي‬ ‫أ‬ ‫َّ‬ ‫استطاعت �ن تتخلص من االحتجاز‪ ،‬شكلت لها (ميدان‬ ‫تحريرها) الخاص‪ ،‬وتوقف نزيف الدم فيها‪.‬‬ ‫هذا ما حدث لفترة‪ ،‬في حمص وحماه ودير الزور وإدلب‬ ‫ودرعا والجسر وبانياس والرستن‪ ،‬بل إن تعاظم المركزية‬ ‫أ‬ ‫المطلقة لجهزة السلطة وتغلغلها وسطوتها‪ ،‬لم يمنع من‬ ‫أ‬ ‫�ن تفتتح دمشق االحتجاجات‪ ،‬من قلبها (الحريقة والجامع‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الموي)‪ ،‬ما لبثت �ن شاركت �حياء‪ :‬المالكي والمهاجرين‬ ‫وكـفر سوسة‪ ،‬ومن قلب المدينة في الميدان وساروجة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫وزملكا والمزة والقدم‪ ،‬والحجر السود والعسالي‪ ،‬مع ما‬ ‫يحيط بها من ضواحي ومدن‪.‬‬ ‫أ أ‬ ‫إلى �ن �جبرت السلطة الناشطين‪ ،‬تحت ضغط التهديد‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫بالقتل �و االعتقال‪ ،‬وهو الصعب من القتل‪ ،‬إلى حمل‬ ‫أ‬ ‫السالح للدفاع عن النفس والهل‪ ،‬فانفتحت مدننا على‬ ‫آ‬ ‫التسلح‪ ،‬واستقدم النظام إلــى الـبــاد شــذاذ الف ــاق من‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫داعش و�مثالها‪ ،‬ليشوه �هــداف الثورة ويحرف النشطاء‬ ‫عن مقاصدهم في الديمقراطية والكرامة‪ ،‬كي يسهل عليه‬ ‫وعلى حلفائه في إيران وموسكو تغطية جرائمهم في تدمير‬ ‫رضا ً‬ ‫سوريا أ� ً‬ ‫وشعبا وحضارة‪.‬‬

‫أ‬ ‫والحال‪� ،‬ن السلطة ليس لها قاعدة طبقية فعلية‪ ،‬إنها‬ ‫أ‬ ‫(طغمة)‪ ،‬استطاعت �ن تنسج لها وللمحيطين بها مصالح‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫مشتركة ملموسة معززة بقانون القوة‪( :‬الجـهــزة المنية‬ ‫ومنظمات الضبط االجتماعي‪ :‬البعث والمؤسسات النقابية‬ ‫الشبيبة وغيرها‪ ،‬ثم تناسلت بفعل الفساد واستغالل‬ ‫أ‬ ‫النفوذ إلــى ثــروة ومؤسسات استثمارية �صبحت قاطرة‬ ‫االقتصاد السوري)‪ ،‬ثم َّكرست ً‬ ‫قانونيا تميزها عن المجتمع‬ ‫كـ(قائدة للدولة والمجتمع)‪.‬‬ ‫أ‬ ‫�مــا موضوع (الشراكة) بين بيروقراطية السلطة وطبقة‬ ‫أ‬ ‫رجال العمال‪ ،‬فهو مجرد غطاء لوقائع النهب في اتجاه‬ ‫أ‬ ‫واحــد‪ ،‬يبد� من قمة الهرم البيروقراطي السلطوي ويمر‬ ‫أ‬ ‫بوسطائه الدنيا برجال العمال‪ ،‬إنها شراكة قسرية يفرضها‬ ‫من يملك السلطة والقوة‪ ،‬وإذا استثنينا القلة القليلة من‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫رجال العمال الذين �ثروا بفعل سمسرتهم لرجال السلطة‪،‬‬ ‫وبيروقراطيتها العليا‪ ،‬فــإن الـفـئــات الصناعية وجــدت‬ ‫نفسها ُمجبرة‪ ،‬في ظل غياب القانون والقضاء‪ ،‬على دفع‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫(التاوات) للجهزة السلطوية لت�مين مصالحها‪� ،‬و لعقد‬ ‫أ‬ ‫(شراكة) كي تحافظ على �موالها‪.‬‬ ‫إن عالقة رجال السلطة بالمستثمرين شبيهة بتلك العالقة‬ ‫التي هيمنت في العهد المملوكي‪ ،‬بين المماليك وشهبندر‬ ‫أ‬ ‫فالخير معرض ً‬ ‫دائما لخسارة كل شيء بقرار من‬ ‫التجار‪،‬‬ ‫فوق‪ ،‬وهو ما حدث للكـثير من المستثمرين السوريين‬ ‫أ أ‬ ‫�مثال �مينو وكالس‪ ،‬لتبقى السيادة‪ ،‬في مجال االستثمار‪،‬‬ ‫للنخب العليا للسلطة وبيروقراطيتها التي حــازت على‬ ‫القطاعات القيادية لالستثمار‪ ،‬لذا فإن ما يوحد السوريين‬ ‫هو أ�نهم ً‬ ‫جميعا في القانون‪( :‬محكومين)‪ ،‬في المرتبة‬ ‫ً‬ ‫الثانية من التراتبية االجتماعية‪ ،‬يقفون جميعا في مواجهة‬ ‫(الحاكمين) قادة الدولة والمجتمع‪.‬‬ ‫ونمت داخل هذه الطغمة السلطوية (عصبوية سلطوية‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫علوية) في الجيش والجـهــزة المنية ومفاصل الدولة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫تحكمت في ذروة القرار السياسي واالقتصادي والمني‪،‬‬ ‫وهو ما جعل السلطة تشعر بالغربة عن المجتمع‪ ،‬كحال‬ ‫ستعمر في نظرته وتعامله مع الشعب ُالم ْس َت َعمر‪،‬‬ ‫ُالم‬ ‫أ‬ ‫ِ أ‬ ‫فاستباحت العراض والنفس والدماء‪ ،‬وزرعت المذابح‬ ‫في كل مكان من سوريا!‬ ‫العدد (‪ )8‬آذار ‪2014‬‬

‫‪15‬‬


‫إضاءة‬

‫مقال‬ ‫نقدي‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫قراءة في شرانق وليد المصري‬ ‫آ‬ ‫والن شرنقة)‪.‬‬

‫¶ محمد مالك‬ ‫أ‬ ‫في معرضه الذي استضافه غاليري (�وروبيا) في باريس‪،‬‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫بين‪�28 - 6‬ذار مارس ‪ ،2014‬يعرض التشكيلي اللبناني وفي كل مجموعة يفعل التكرار فعله‪ ،‬ب�ن يحطم المفردة‬ ‫الـســوري (وليد المصري) مجموعة لوحات تحت عنوان كشكل ومسمى‪ ،‬ويجردها من قشور االعتياد عند المتلقي‪،‬‬ ‫ُويسك ُنها في لوحته جوه ًرا من المساحة اللونية‪ ،‬ك ً‬ ‫ـتلة‬ ‫(شرنقة)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ومعينة للمتلقي كي يتم تناول‬ ‫سامحة‬ ‫في فضاء اللوحة‪،‬‬ ‫عمل (وليد المصري) وهو خريج كلية الفنون في دمشق العناصر في فضاء التجريد‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫عام (‪ )2005‬على عدة مشاريع �و مفردات كما يحب �ن‬ ‫يسميها‪ ،‬وإن استغرقه العمل على مفردة (كرسي) سنوات والركن الثاني هو الحركة‪ :‬وال تبدو الحركة ً‬ ‫هاجسا لدى (وليد)‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫عدة‪� ،‬قام خاللها العديد من المعارض في سوريا (غاليري يلح عليه �ثناء بناء اللوحة‪ ،‬بل ك�نها �صبحت جزءا من‬ ‫أ‬ ‫�يام)‪ ،‬وفي عواصم عربية (بيروت ودبي) إضافة إلى باريس ذاتية اللوحة وصيرورة إنجازها لذاتها‪ ،‬حيث تساهم عوامل‬ ‫أ‬ ‫وبكين ونيويورك وجدة و هونغ كونغ واسطنبول‪ ،‬ويعتبر كـثيرة في صناعة هذه الحركة‪ ،‬تبد� بالتموضع‪ ،‬والحجوم‪،‬‬ ‫ًأ‬ ‫ً‬ ‫منسابا‪ ،‬ثم ما‬ ‫ثابتا �و‬ ‫الشباب في سوريا ذوي والمستقالت‪ ،‬آوالفضاء‪ ،‬واللون‬ ‫المصري من الفنانين التشكيليين‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫الصعود الصاروخي‪ ،‬بالنسبة ّ‬ ‫لكم العمال وكم المعارض يسمى المنظور السيوي‪.‬‬ ‫عربيا وعالميا‪ً.‬‬ ‫وكم اللوحات المقتناة ً‬ ‫ّ‬ ‫لوحة لدى أ(وليد المصري) حلولها الخاصة‪ ،‬وهذا‬ ‫ألكل ٍ‬ ‫أ‬ ‫ولـلـحــديــث ح ــول ش ـرانــق أ(ول ـيــد ال ـم ـصــري) فــي معرضه �ســاس هام من الســس التي يتجر� بها على مكرراته التي‬ ‫أ‬ ‫بباريس‪ ،‬ال بد من تناول السس التي تستند إليها لوحته تنتهي مختلفة خاصة‪ ،‬فالكـتل �و العناصر المركزية التي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫بشكل عام‪ ،‬و�صنفها هنا في �ربعة �ركان‪� ،‬رى �نها ال تزال تمتد نحو �طـراف اللوحة في نقص مقصود‪ ،‬يحرز �فضل‬ ‫ً أ‬ ‫المواقع في مـحــاورة المتلقي مستندا على �بسط قوانين‬ ‫قائمة في كل ما يرسمه‪.‬‬ ‫تفردا اإلدراك‪ ،‬ما دام أ� ً‬ ‫صال يمثل عنص ًرا ً‬ ‫عندما يحاول البشر صنع المكررات يصنعون مرغمين ً‬ ‫شائعا للوعي والذاكرة‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫البشرية‪ٌ ،‬‬ ‫نقص يبدو على شكل سؤال سهل اإلجابة‪ ،‬يفتح‬ ‫وتنوعا شديد الرهافة شديد الدقة وقوي الثر‪.‬‬ ‫أ‬ ‫الممارسة والحرفة‪� ،‬ول باب للحوار مع المتلقي‪ ،‬ناك ًزا ذهنه بمهماز السؤال‬ ‫(وليد المصري) فنان قادم من اقتراحات‬ ‫أ‬ ‫ًأ‬ ‫ً‬ ‫مستندا على الدقة والعمق‪ ،‬أاللذين يصنعهما الت�ني ويراكمها السهل الخبيث‪ ،‬فاتحا �ول مسارب الحركة العمودية‪.‬‬ ‫التكرار ‪ ،‬قبل أ�ن تضيف ال كاديمية ً‬ ‫مساحة لون‪( ،‬عنصر مركزي) على شكل كرسي منقوص‪،‬‬ ‫عقال لليدين‪.‬‬ ‫عل‪،‬‬ ‫ُي ِت ّم الذهن‬ ‫إكماله إلى ٌكرسي ُهابط على اللوحة من ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وتؤكد حركـته بقعة لونية قاسية الحضور‪ ،‬بمفارقة واضحة‬ ‫يقول‪ “ :‬من أخالل عملي في الموزاييك الدمشقي حصلت‬ ‫أ‬ ‫على مفردتي الولى‪ ،‬التي ساهمت بتشكيل لوحة اليوم‪ ،‬للون الفضاء الذي يمثل (خلفية اللوحة �و الجدار)‪ ،‬تنفتح‬ ‫هذه المفردة هي التكرار‪ ،‬فالعنصر البسيط المتكرر في في اللوحةأ كـثقب تسحب‪ ،‬تشد العنصر المركزي الهابط‬ ‫الموزاييك َ‬ ‫الفضاء بكل ما فيه‪،‬‬ ‫منح ِني الرابط بين المفردة البسيطة وتكرارها‬ ‫نحوها‪ ،‬وك�نها آتلتهمه كمقدمة البتالع أ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫في �عمالي‪ ،‬العمل في الموزاييك علمني كيف يخرج التنوع إذا لدينا صانع �خــر للحركة‪ ،‬ثم تسند ال لــوان المنسابة‬ ‫ًأ‬ ‫خطوطا �و قطرات‪ ،‬الحركة أ ‪ ،‬وتحيل إلى تسارع نحو جاذبية‬ ‫من التكرار”‪.‬‬ ‫مركزها الثقب اللون‪ ،‬ثم ت�تي خلفية اللوحة‪ ،‬لون هادئ‪،‬‬ ‫ه ـنــا ي ـح ــرر االتـ ـس ــاع ال ـم ـف ــردات ال ـم ـك ــررة ال ـت ــي تسكنه قليل السطوع‪ ،‬يمتد كصحراء‪ ،‬كـفضاء دون حدود‪ ،‬وكلما‬ ‫م ــن االش ـت ـم ــال ع ـل ـي ـهــا‪ ،‬لـيـصـبــح ك ـمــا هـ ــي‪ ،‬ج ـ ـ ً‬ ‫ـزءا من أ�تــم (الـمـصــري) التباين فــي الـلــون بين العنصر المركزي‬ ‫الفضاء ُ‬ ‫ال ـت ـكــويــن الـ ـع ــام‪ ،‬ح ـيــث يـتـيــح ال ـم ــدى ل ـل ـم ـفــردات أ�ن والفضاء الذي تمثله خلفية لوحتة‪َ ،‬‬ ‫حاصر ُ‬ ‫قليل‬ ‫المركزي‪َ ،‬‬ ‫وضغ َط ُه نحو الداخل ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وضيق‬ ‫تـســاهــم فــي رس ــم حــركــة ال ـكــل‪ ،‬إنـهــا م ـعــادالت بسيطة‪.‬‬ ‫العنصر‬ ‫السطوع‬ ‫ِ‬

‫وفي لوحة أ�خرى (كرسي)‪ً ،‬‬ ‫إضافة إلى ما ذكرناه‪ ،‬من سؤال‬ ‫اإلدراك حــول العنصر الـمــركــزي‬ ‫المنقوص‪ ،‬ثــم الفضاء‬ ‫ّ أ‬ ‫واللون المناسب‪ ،‬يجد (المصري) الحل لت�كيد الحركة‪،‬‬ ‫ًأ‬ ‫ببقعة تكاد تكون ً‬ ‫ملتهمة �جز ًاء‬ ‫حلزونا‪ ،‬تظهر في اللوحة‬ ‫ٍ‬ ‫ًأ‬ ‫ً‬ ‫مــن العنصر المركزي (الكرسي هـنــا)‪ ،‬تــاركــة انطباعا �ن‬ ‫ر‬ ‫الغياب في البقعة‬ ‫حلزونية‪ ،‬أ‬ ‫الكرسي يتابع بحركة دو انية أ أ‬ ‫الحلزون‪ ،‬تسانده خطوط من العلى للسفل للوان منسابة‬ ‫نثرات مائلة بزوايا نحو استدارة الحركة‪ ،‬التي تغيب فيها‬ ‫تجربة ُ‬ ‫نتابع ً‬ ‫الحركة‪ُ ،‬‬ ‫(وليد المصري)‬ ‫يقول‬ ‫أالكرسي‪ ،‬وفي ِ‬ ‫المنظور آ‬ ‫السيوي الذي‬ ‫� ّن ُه عمل عليها سنوات‪ ،‬هي اعتماد‬ ‫أ‬ ‫يفترض �ن نقطة الفرار تقع خلف عين الناظر‪ ،‬ما يجعلنا‬ ‫نصبح ضمن حيز اللوحة ليس مراقبين خارجها‪ ،‬ما يتيح‬ ‫ّ‬ ‫تمد ًدا لعناصر اللوحة المركزية نحو محيط اللوحة‪ .‬ويقول‬ ‫المنظور أ‬ ‫و�ثره على اللوحة من‬ ‫(المصري) تم االنتباه لهذا‬ ‫خالل تركيز تشكيليين ونقاد في معرض بكين عليه‪.‬‬

‫وإن كنا نشخص في لوحة (وليد المصري) عنص ًرا ً‬ ‫مركزيا‬ ‫وبقعة تحدد اتـجــاه الـحــركــة‪ ،‬فــإن ذلــك يحيلنا إلــى مدى‬ ‫من فضاء اللوحة‪ ،‬يمثل السطح بعمومه‪ ،‬يغمر اللوحة‬ ‫للتمدد والملء‪.‬‬ ‫باحتماالت المكان‬ ‫الممكن أ‬ ‫أ‬ ‫إن هذه المفردات الثالث �و الركــان الثالثة‪ ،‬التي يستند‬ ‫إليها بناء اللوحة وتشكيلها لدى (وليد)‪ ،‬تبدو بكليتها‪ ،‬في‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫إمكانية خدمة الركن الرابع‪ ،‬و�سميه هنا (سطوة العنصر المركزي)‪،‬‬ ‫عليه‪ ،‬ما يترك له دون معاناة‪ ،‬وبكل بساطة‪،‬‬ ‫نـلـمــح ه ــذه ال ـم ـكــررات الـمـخـتـلـفــة فــي كــل مـجـمــوعــة من االنفجار نحو الخارج‪ ،‬إمكانية السطوع والتوسع‪ ،‬ما يرسم حيث يستمد هذا العنصر المركزي قوته وحضوره من جعل‬ ‫أ‬ ‫كل شيء في خدمة سطوته‪ ،‬نعم هو حضور انتهازي يعطي‬ ‫المجموعات‪( ،‬كرسي‪ ،‬امـر�ة‪ ،‬نعامة‪ ،‬مفقود‪ ،‬كيماوي‪ ،‬حركة ّالت ّمدد في كل االتجاهات‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫العدد (‪ )9‬آذار ‪2014‬‬


‫إضاءة‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫مقال‬ ‫نقدي‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫على كـفن و�سميته شرنقة”‪ ،‬نعم كان ذلك في سوريا عندما نجد �ن هناك من اليزال إلى اليوم‬ ‫عمل‬ ‫�‬ ‫كنت‬ ‫البداية‪،‬‬ ‫سماء‬ ‫�‬ ‫في‬ ‫ذلك‬ ‫يتجلى‬ ‫ناها‪،‬‬ ‫و�‬ ‫ذاتيتها‬ ‫و‬ ‫�‬ ‫اللوحة شخصيتها‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫المشاريع (كرسي‪ ،‬ام أر�ة‪ ،‬مفقود‪ ،‬كيماوي‪ ،‬نعامة‪ ،‬أو�خي ً‬ ‫الفتات ليخاطب‬ ‫يبدع‬ ‫ال‬ ‫ز‬ ‫الي‬ ‫ومن‬ ‫بيته‬ ‫نقاض‬ ‫�‬ ‫على‬ ‫يرسم‬ ‫حينها‪.‬‬ ‫فقط‬ ‫ـفان‬ ‫ك‬ ‫ال‬ ‫المصري)‬ ‫(وليد‬ ‫لدى‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ٍ‬ ‫بها العالم‪.‬‬ ‫شرنقة)‪.‬‬ ‫أ‬ ‫وهــذا العنصر وإن تجز� إلــى اثنين ككرسيين في لوحة‪،‬‬ ‫أ أ‬ ‫�و �كـثر من اثنين كعدة شرانق في لوحة‪( ،‬فإنه العنصر‬ ‫المركزي ذو السطوة)‪ ،‬حيث يعطي المشروع اسمه‪.‬‬ ‫آ‬ ‫الن على تقدم نستطيع فهم وقراءة شرانق (وليد المصري)‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫خصوصية ُ‬ ‫تظهر‬ ‫حيث ينطبق ما قلناه سابقا عليها‪ ،‬لكن‬ ‫ً‬ ‫ـثمار على‬ ‫هنا‪ ،‬أ ٍ‬ ‫المصري) أمتدلية ك ٍ‬ ‫لوهلة‪ ،‬تبدو شرانق (وليد أ‬ ‫شجرتها (�نضجها فصل الموت)‪ ،‬وك�ن الطفال والشرانق‬ ‫أ‬ ‫نساءها رجالها‪ ،‬ثمار نضجت للقطف كـفعل من �فعال‬ ‫الطبيعة‪ ،‬وكان ذلك سيبدو تواز ًنا على أمستوى اللوحة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ناتجا عن ترجيع بعيد (حيث يغيب الت�ثير المباشر “فال‬ ‫يبقى ليسكن اللوحة إال ما سقط في هوة النسيان”‪ ،‬كما‬ ‫أ‬ ‫يقول (�سعد عرابي)‪ ،‬حيث مفردات الذاكرة تذوي بشكلها‬ ‫العادي المباشر‪ ،‬لتتحول إلى ال وعي يتجرد من تمايزه‪،‬‬ ‫ليسكن نسق التجريد في احتياجات اللوحة‪ ،‬وحيث‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫كما يجب �ن يكون‪ ،‬تبد� اللوحة بقصدية التوجه وحسب‬ ‫أ‬ ‫�سعد عرابي ثانية “منتهية إلى حدود الصدفة الصاعقة”‪.‬‬

‫والثانية هي‪ :‬عندما احتاجت شرنقة (وليد) إلى شجرة‪،‬‬ ‫أ�رومــة تستند إليها‪ ،‬كي ال تكون ً‬ ‫مفردة في مهب الضياع‬ ‫أ‬ ‫واالن ــدث ــار‪ ،‬واحـتــاجــت �ن تـتـحــول إل ــى شـرنـقـ ٍـة حقيقية‬ ‫بحضورها في اللوحة‪ ،‬تملك مشروعية االنبعاث‪ ،‬إنها هروب‬ ‫الــذات من بشاعة مشاهد الدمار الذي يهدم الحياة بهذه‬ ‫الفجاجة والمباشرة‪ ،‬القتلى المشوهون تحت التعذيب‪،‬‬ ‫أ‬ ‫المتفجرة‪.‬‬ ‫تحت �نقاض البيوت والبراميل‬ ‫أ‬ ‫الشرنقة بهذا المعنى تفتح ً‬ ‫مدى للرؤية ب�ك َـثر من سمت‪ ،‬هي‬ ‫تحجب بحريرها البشاعة‪ ،‬تترك بين التشويه وبين اإلبصار‬ ‫غير المحتمل‪ ،‬حري ًرا ً‬ ‫رقيقا أيكسو القسوة من جهة‪ ،‬ومن‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫بصيصا للمل‪ ،‬ربما المنبثق من هول‬ ‫جهة �خرى يفتح‬ ‫أ‬ ‫الخسارة‪ ،‬لكنه �مــل مبرر باستناده إلــى حقيقة الفراشة‬ ‫كـفكرة‪ ،‬والشجرة كمنظومة للحياة تسند شرانقها‪.‬‬

‫لكن شرانق (ولـيــد) استعاضت عن هــذا الـتــوازن (الــذي‬ ‫آ‬ ‫بطاقة مــن نــوع �خــر‪،‬‬ ‫خسرته مــع بــدايــة المشروع ربـمــا) ٍ‬ ‫شـرانــق (ول ـيــد) وعـنــدمــا تـكــون مستقلة عــن شجرتها هي‬ ‫أ�كـفان‪ ،‬أ�كـفان ال ُيشك بذلك أ� ً‬ ‫بدا‪ ،‬عندما تكون (شرانق‬ ‫لوحدها)‪ ،‬لكنها تتحول إلى شرانق من حرير عندما تعلق‬ ‫على شجرتها‪ ،‬شرانق لكل منها كينونته وهالته الخاصة‪،‬‬ ‫لكنها ليست أ�ك ً‬ ‫ـفانا‪ ،‬إنها شرانق (بمعنى أالكلمة)‪ ،‬تنوس‬ ‫شرانق (وليد المصري) بين صيغتين‪ :‬الولــى (كـفنوها يا‬ ‫ليتها شرنقة)‪ ،‬وهي مثال عن أ�مل غير مشروع ً‬ ‫ضمنا‪ ،‬إنه‬ ‫الكـفن ال جيوب وال عناوين للعودة‪ ،‬ويثبت هذا التوجه ربما أ�صبحت الشجرة ب ـ ً‬ ‫ـادا‪ ،‬ربما لــن يكون االنبعاث‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫مان وهمي يفرضه انهراس الوعي �مام صدمة الواقع‬ ‫أنص �خر لـ (إياد شاهين) المقتول‪ ،‬صديق (وليد)‪ ،‬وربما سوى � ٍ‬ ‫وتدل ساكن‪ ،‬بمعناه‬ ‫�حد شرانقه‪( ،‬النار لم تترك لوردتنا فراشة)‪.‬‬ ‫الوحشي‪ ،‬إذ ال بد من ًإيجاد ٍ‬ ‫تعليق ٍ‬ ‫كامنة في الموت‪.‬‬ ‫الذي يحمل الحياة‬ ‫ً‬ ‫إذا كما يـقــول (ول ـيــد) فــي الـحــديــث عــن بــدء الـمـشــروع‪:‬‬ ‫ً‬ ‫“جربت تشكيل رمــزي هــذا‪ ،‬لكنه لم يكن طيعا لي في في إنتاج فكرة الشجرة كاقتراح قبلته لوحة (وليد المصري)‬ ‫أ‬ ‫في مشروع الشرنقة‪� ،‬خذت الشرانق مشروعيتها‪ ،‬حصلت‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫على حريرها‪ ،‬لتفتح بابا على العودة‪ ،‬هكذا �وجد (وليد‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫المصري) ً‬ ‫وحامال إلى لوحته‪ ،‬لتبد� بقصدية في‬ ‫مدخال‬ ‫التوجه ً‬ ‫منتهية بالصدفة الصاعقة‪،‬حيث تساهم اللوحة‬ ‫في صناعة قدرها‪.‬‬

‫أ‬ ‫لغاليري (�وروبيا) أوجود جيد في المشهد الثقافي الباريسي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وإن كان جمهوره الوسع من العرب والسوريين‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫جمهوره الفرنسي‪ ،‬وربما يرى من زار المعرض من السوريين‬ ‫أ أ‬ ‫�ن العمال تحمل في طياتها‪ ،‬بل شديدة التوجه‪ ،‬لتمثل‬ ‫الـهــم الـســوري مــن خــال الشرنقة القريبة حــد التطابق‬ ‫أ‬ ‫بالنسبة أللفرنسيين والمختصين‪ ،‬فكان‬ ‫مع الكـفن‪� ،‬ما أ‬ ‫بإمكانهم الرؤية والت�ثر بالعمال دون إسقاطها السياسي‪.‬‬ ‫وعن دور الفن والفنانين السوريين اليوم يقول (وليد)‪:‬‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫“ال �ظن هناك �همية �و قيمة للفن �مام كل هذا الموت‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وما هو �سو� من الموت ما يحصل في الداخل السوري‪،‬‬ ‫أ أ‬ ‫وال �عتقد � أن هناك من يهمه ما نرسم وهو يعيش في تلك‬ ‫الظروف الم�ساوية‪ ،‬ببساطة‪ ،‬نحن من عليه النظر إلى ما‬ ‫يفعله السوريون في الداخل وليس العكس”‪ ،‬ويتابع‪“ :‬في‬ ‫أ‬ ‫سوريا هناك منأ يحول بقايا السالح إلى �شكال فنية‪ ،‬هذا‬ ‫شيء هام ً‬ ‫جدا لنه يعكس إرادة الحياة التي لم تنكسر مع‬ ‫كل هذا القمع‪ ،‬وهذا ما يحتاجه السوريون‪ ،‬هذا ما لديهم”‪.‬‬ ‫هكذا ّ‬ ‫يطل التشكيلي اللبناني السوري (وليد المصري) على‬ ‫ّ‬ ‫المشهد الصادم‪ ،‬وهكذا يدل على قسوته عندما نحاصره‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ليعبر عنه بالكالم‪ ،‬لغة‪ ،‬وإن �تقنها شخص يتقن الصمت‬ ‫أ أ‬ ‫والت�مل �كـثر كوليد‪ ،‬فإنها بالنسبة له غير كافية‪ ،‬ما يجعله‬ ‫أ‬ ‫يستعين بفرشاته و�لوانه على الدوام‪.‬‬

‫أ‬ ‫يــرى (وليد المصري) �ن الفن يعكس‬ ‫الحياة بصيغة عالية الحساسية‪ ،‬وإن‬ ‫كنا الن ـزال نستطيع أ�ن ننتج ً‬ ‫فنا فهذا‬ ‫أ‬ ‫يعني �ننا ال نزال نملك الحساسية نملك‬ ‫أ‬ ‫رهافة لمس �دق التفاصيل من حولنا‬ ‫واإلحساس بها رغم كل هذا الموت‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�ن ننتج ًفنا اليوم فهذا يعني �ننا لم نفقد‬ ‫الرغبة بالحياة كما يراد لنا‪ ،‬يتجلى كل‬ ‫العدد (‪ )9‬آذار ‪2014‬‬

‫‪17‬‬



‫إضاءة‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫في شأن السوريين و(فنون التفاوض)‬ ‫¶ بيروز بريك‬

‫باتت تسمية (جنيف) تـنـزاح لــدى السوريين عــن كونها‬ ‫أ‬ ‫عاصمة دولة �وربية فيدرالية محايدة‪ ،‬إلى استحقاق‬ ‫اسم آ‬ ‫أ‬ ‫مبهم ال ـم ــ�الت‪ ،‬مـنـعــدم الف ــق‪ ،‬يــرقــى إل ــى شـكــل الممر‬ ‫أ‬ ‫اإلجباري الــذي تفرضه الط ـراف الدولية المؤثرة‪ .‬وإذا ما‬ ‫كان الحل ضمن معظم النزاعات التي تنشب وتستديم‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يبد� بالمفاوضات ً‬ ‫سبيال إلنهاء الزمات والكوارث التي تنتج‬ ‫َأ أ‬ ‫عن الحرب‪ ،‬فإن الولى �ن يرضى الداخلون إلى هذه الحلبة‬ ‫بحلول توفيقية‪ ،‬وتنازالت معينة‪ ،‬ويقوم على رعاية هذه‬ ‫أ‬ ‫المفاوضات قــوى عظمى �و هيئات دولـيــة‪ .‬هــذا ما يعرفه‬ ‫الكـثيرون عن غاية المفاوضات وسيرورتها‪ ،‬وهو ما تتطلبه‬ ‫– في العموم – الحالة السورية‪ ،‬التي بات إيجاد المخارج‬ ‫أ‬ ‫لها �ك ـثــر من ض ــرورة‪ ،‬لما تشهده سوريا من ان ـزالق نحو‬ ‫آالفوضى ودوام الصراع وتكاثر المستفيدين منه‪ ،‬وتعاظم‬ ‫أ‬ ‫م�سي المدنيين واستمرار إلزهاق الرواح ودمار مستفحل‬ ‫للبنى التحتية‪.‬‬

‫رأي‬

‫أ‬ ‫للسوريين فيها دور حقيقي‪ ،‬و�ن يبرمج على مقاس‬ ‫رغـبــات الـقــوى العظمى فقط ؟!! لــن نـكــون حالمين‬ ‫ونفكر فــي تحييد دور الـقــوى الــدولـيــة‪ ،‬فهي الراعية‬ ‫أ‬ ‫والمتدخلة فــي عمق ال ـص ـراع وتــداخــاتــه‪ ،‬لكن �ن‬ ‫تنتفي إرادة السوريين ممن يسمون بالمعارضة –على‬ ‫اختالف تلويناتها ‪ -‬في تشكيل وفــودهــم المفاوضة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫دليل على �ن الراعي الدولي هو صاحب القرار الول‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫والخير في الزمة السورية‪ ،‬وعلى المعارضة �ن ترضى‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫بهذا البؤس‪ ،‬و�ن تتحمل نتائجه‪ ،‬و�ن تقبل بكل‬ ‫أ‬ ‫ما يخطط‪ ،‬كما �ن من المنطقي والمرجو من طرفي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الصراع �ن ال يخرج �حــد ما ليتحدث عن «استقاللية‬ ‫القرار السوري الوطني المستقل”‪.‬‬

‫اخـتـزلــت كلمة ولـيــد الـمـعـلــم فــي الـجـلـســة االفتتاحية‬ ‫النمط الذي يحاول النظام إدراجه على مجمل العملية‬ ‫أ‬ ‫التفاوضية وضـمــن الروق ــة الـســريــة‪ ،‬و لــم تخل هذه‬ ‫أ‬ ‫الجلسات مــن تشبيح و �لـفــاظ نابية و تخوينات لوفد‬ ‫المعارضة‪ ،‬وقام مناصرو النظام بإبراز (ثقافتهم) للمشهد‬ ‫أ‬ ‫ضمن هذا السياق علينا أ�ن ندرك أ�ن الطراف التي ذهبت المرافق للمفاوضات ومجرياتها‪ ،‬ولم يتوان فيصل المقداد‬ ‫أ‬ ‫للتفاوض أ�رغـمــت على الحضور‪ ،‬ولــم تكن مهي�ة لفكرة وال بثينة شعبان عن اإلدالء بتصريحات موتورة ومليئة‬ ‫الــوصــول إلــى حــل سـيــاســي‪ّ ،‬‬ ‫فبغض النظر عــن صوابية بالردح والسباب ‪.‬‬ ‫ً أ‬ ‫أ‬ ‫مــوقــف �ي ط ــرف‪ ،‬لــم يـكــن الـنـظــام مـسـتـعــدا لي تـنــازل‬ ‫اللغط الذي شاب المشهد أالسياسي‬ ‫يقدمه للمعارضة‪ ،‬وال سيما قبوله بهيئة الحكم االنتقالي‬ ‫جنيف‪� ،‬دى إلى‬ ‫فترة‬ ‫في‬ ‫اإلعالمي‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫الـتــي ستفضي إلــى خ ــروج بـشــار الس ــد مــن الـحـكــم‪ ،‬كما‬ ‫أ‬ ‫خلق انطباع لدى المتتبع �ن القوى‬ ‫لم يكن اال ئـتالف المعارض في وارد الدخول مع النظام‬ ‫أ‬ ‫الكبرى ال تتعامل بجدية مع ملف‬ ‫ف ــي �ي صـيـغــة ت ـفــاوض ـيــة‪ ،‬ولـطــالـمــا غ ــازل ه ــذا الـجـســم‬ ‫السياسي المعارض قوى ّ‬ ‫المفاوضات‬ ‫تخون من «ارتضى مهادنة العدو‬ ‫ومفاوضته»‪ ،‬وقــد فــرض هــذا المنحى من التفاوض على بالنسبة لتمثيل المعارضة حضر الــوفــد التقني (الصف‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الطرفين ً‬ ‫فرضا‪ ،‬بينما استبعدت الطراف السورية الراغبة الثاني)‪ ،‬وفق إرضــاءات ومحسوبيات واضحة‪ ،‬و�درج‬ ‫أ‬ ‫فــي الحل السياسي‪ ،‬بغض النظر عــن برنامجها أو�دائـهــا ضمنه �ناس عديمو الخبرة‪ ،‬في الوقت الذي سميوا بوفد‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وتعاطيها مع أالحداث كهيئة التنسيق ً‬ ‫الخبراء �و الوفد التقني الــداعــم للصف الول المتضمن‬ ‫مثال‪.‬‬ ‫أ‬ ‫المفاوضين المباشرين !!! ‪ .‬رافق هذا التمثيل �داء إعالمي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ضحل واستعراضي في كـثير من الحيان‪ ،‬وزاد هذا من‬ ‫للتفاوض �رغمت‬ ‫ذهبت‬ ‫التي‬ ‫اف‬ ‫ر‬ ‫ط‬ ‫ال‬ ‫أ‬ ‫مظاهر البؤس التي اعتلت وجه العملية التفاوضية‪ ،‬فإذا‬ ‫على الحضور‪ ،‬ولم تكن مهي�ة لفكرة‬ ‫أ‬ ‫جزمنا �ن إعــام النظام يحاول تجميل القبح الدكـتاتوي‬ ‫الوصول إلى حل سياسي‬ ‫لنظام دموي جائر‪ ،‬ما الذي ينقص «حمالن المعارضة‬ ‫ال ــودي ـع ــة» لـتـفــرض م ـعــاي ـي ـ ًرا عـلــى ح ـض ــور اإلعــامـيـيــن‬ ‫سرى شعور عام أ�وحى أ�ن عوامل نجاح المفاوضات كانت المرافقين للوفد؟؟!! كما لم يغب من لهم في كل عرس‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫مـعــدومــة‪ ،‬إن لــم نـقــل أ�ن الـمــؤتـمــر ُخـ ِ ّـطــط لــه أ�ن يكون قــرص عــن «ولـيـمــة» جنيف �يـضـ ًـا‪� ،‬ولـئــك الــذيــن ربطوا‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫فاشال منذ انطالقته‪ ،‬بحكم االشتراطات المفروضة على اسمهم بالتمثيل �ينما حلوا وارتحلوا وإن تقادمت بهم‬ ‫ً أ‬ ‫مستوفيا لدنى توقعات السنون ودنــوا من حــواف قبورهم‪ ،‬وكانت هنالك فئة‬ ‫حضوره‪ ،‬والتمثيل فيه‪ ،‬ولم يكن‬ ‫السوريين كما بـ أـد�ت االجتماعات التمهيدية واللقاءات (مستفيدة) من الناشطين السوريين الذين حضروا جنيف‬ ‫أ‬ ‫السابقة للمؤتمر بشكل ارتجالي وغير مــدروس‪ُ ،‬‬ ‫وانتقي �و الجلسات التمهيدية للمؤتمر‪ ،‬من عاملين في المجال‬ ‫أ‬ ‫الشخاص الحاضرون بشكل يفتقر للمعايير‪ ،‬وكان لقاء المدني واإلعالمي‪ ،‬حين قدموا طلبات اللجوء في سويسرا‬ ‫أ‬ ‫بؤسا أ�كبر وقدم ً‬ ‫وغيرها‪ ،‬مما عكس ً‬ ‫قرطبة ومن ثم لقاء جنيف النسوي ً‬ ‫دليال على فقدان المل‬ ‫سبيال لتقديم طلبات‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫اللجوء‪ ،‬وتعالى الهرج على من يختاره أالمريكيون والروس ب�ي حل ّ‬ ‫مرجو‪ ،‬وهذا ما ينبغي ترجيحه على سيل االتهامات‬ ‫أ‬ ‫للحضور‪ُ ،‬وو ِضعت قوائم سوداء لشخصيات سورية ّلئل و أتناوالت الفيسبوك التهكمية عنهم‪ ،‬إذ �ن الناشط الذي‬ ‫مرجوا و ً‬ ‫يت�مل ً‬ ‫حال ً‬ ‫قابال للعيش ربما لن تغريه اإلقامة في‬ ‫تحضر المؤتمر باالستناد إلــى مواقفها السياسية‪ ،‬وهنا‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫يتبادر للذهن سؤال شغل بال الكـثيرين‪ ،‬وربما حاول �وربا �كـثر من رؤية جهوده وجهود زمالئه تثمر على الرض ‪.‬‬ ‫أ‬ ‫البعض تناسيه إذ كيف لمؤتمر يت� مل منه نقل سوريا‬ ‫أ‬ ‫إلى بر المان‪ ،‬ويمهد لعملية سياسية انتقالية‪ ،‬ال يكون اللغط الــذي شاب المشهد السياسي و اإلعالمي في فترة‬

‫جنيف‪ ،‬ومن ثم اإلعــان عن الفشل وتبادل التهم بين‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫المريكان والــروس‪� ،‬دى إلى خلق انطباع لدى المتتبع‬ ‫أ‬ ‫�ن القوى الكبرى ال تتعامل بجدية مع ملف المفاوضات‪،‬‬ ‫أ‬ ‫وعلى الغـلــب هــي ليست فــي وارد إيـجــاد حلول سريعة‬ ‫وحاسمة‪ ،‬حتى وإن كانت متوفرة بالنظر لحساسية الوضع‬ ‫الجيوسياسي السوري‪ ،‬ووجود تداخالت إقليمية عويصة‬ ‫وغير منضبطة‪ ،‬للحد الذي يؤمن استقرارا لمصالح هذه‬ ‫القوى‪ ،‬وربما هي تعمل على إيجاد حلول تدريجية وطويلة‬ ‫أالمد‪ ،‬بالنظر لكون الصراع أ� ً‬ ‫يضا قد يكون له منعكسات‬ ‫ومضاعفات قد تضر –بدورها – المصالح االستراتيجية لها‬ ‫في المنطقة ‪.‬‬ ‫أ‬ ‫بات العيش على االفتراضات ديدن السوريين‪ ،‬وبلغ الي�س‬ ‫مــن الحل السياسي لــدى الـنــاس الــذيــن يقاسون ظــروف‬ ‫الحرب وتداعياتها حـ ًـدا ً‬ ‫كارثيا‪ ،‬ومــال الناس إلــى تسفيه‬ ‫كل جهد يبذل و استصغاره إذا ما قورن بفداحة الخسائر ‪.‬‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫�ن ال نـعــرف مــا الــذي يكمن خلف ال كـمــة �مــر منطقي‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ولكن �ن ال نسعى لهذه المعرفة وندعي السعي إليها‪ ،‬هو‬ ‫أ‬ ‫ما يستدعي اإلشارة إليه على �قل تقدير‪ ،‬وهذا ما يناسب‬ ‫وصف جنيف ‪. 2‬‬ ‫أ‬ ‫ما الذي جناه السوريون من عملية تفاوضية خطط لها �ن‬ ‫تكون كسيحة ؟!‬ ‫أ‬ ‫مـرامــي الـقــوى العظمى و�هــداف ـهــا تختلف بالمطلق عن‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�هــداف السوريين‪ ،‬وال يوجد في المشهد حلفاء لمريكا‬ ‫آ‬ ‫وحلفاء لروسيا و�خــرون متقافزون على الحبلين‪ ،‬هنالك‬ ‫أ‬ ‫قرار مصادر و �زمة تم تدويلها بيد السوريين – مع سابق‬ ‫إصرار ‪ -‬ال بيد غيرهم ‪.‬‬ ‫العدد (‪ )9‬آذار ‪2014‬‬

‫‪19‬‬


‫إضاءة‬

‫تحقيق‬

‫ّ‬ ‫نقـاد وروائيـون سوريـون‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫عن األدب المرافق للثورة‬

‫¶ مجيد محمد‬ ‫لم تكـتف الثورة بتقديم المثال تلو المثال على ندرة لحظاتها‬ ‫أ‬ ‫واستثنائية مواقفها‪ ،‬بل �لقت قميصها ّالدامي على وجه‬ ‫ً أ أ‬ ‫اإلبداع ليرتد بصيرا بعد �ن �عمته على مدى عقود‪ ،‬البالدة‬ ‫والتيه في متاهات االستبداد‪ ،‬واستغرقه واقع الدكـتاتورية‬ ‫والشمولية القائم‪.‬‬ ‫أ‬ ‫فإن انطبق ذلك على سداد الرؤية‪ ،‬وموقف الدباء تحت‬ ‫أ‬ ‫شرط الزم هو نصرة الحياة والحرية‪ ،‬واالرتحال من �فق‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫إلى �فــق‪ ،‬فهل ينطبق على اإلنتاج الدبــي �و على الدب‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫منتظما ضمن شرط الجنس الدبــي بتنويعاته في سياق‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫اإلبداع والصالة السلوبية و�ليات الكـتابة؟ وهل تماهى‬ ‫أ‬ ‫المنتج الدبي مع المنجز اإلنساني في سياقه العام؟ هل‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫بات ما �نتجه الدب في ظل الثورة متجذ ًرا �و يمكن له �ن‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يتجذر وينتظم ضمن تاريخ التيارات والمدارس الدبية؟ �و‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يشيد ً‬ ‫ّ‬ ‫جديدا يستحق �ن يحمل اسم �دب؟‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫خاص ضوضاء ‪ -‬منتدى المعرفة وحرية التعبير‬ ‫هــل يـصــح مــا نسمع �ن مـخـيــال الدبـ ــاء لــم يتمكن من‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫النهوض من سري أالهوال‪ ،‬لزوجة الدم وحرارته‪ ،‬برودة الثورة‪ ،‬ونقله �حــداث الواقع المعاش بم�سيه واختراقاته الناحية الدبية‪� ،‬ين انتهى �دباء كانوا واعدين ومبشرين‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الصدمة واالرتطام بفداحة وبشاعة ما يحصل؟ أو�نهم لم لــواقــع الـعــاقــات االجتماعية الـمـنـهــارة �و قيد االنـهـيــار‪ ،‬كنزيه �بو عفش‪� ،‬ين يقف كاهن الحداثة السورية �دونيس‪،‬‬ ‫ينالوا فرصتهم في ترجيع بعيد لنظم التجربة ضمن سياق واإلشكاالت المرافقة لحالة االستعصاء واستدامة العنف في ظل الثورة»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫اإلب ــداع؟ بــل ربما استغرق أالدب ــاء العمل على تشذيب ل كـثر من ثالثة �عوام‪ ،‬استضافت مجلة ضوضاء في إطار إن «هذه الثورة �و الوالدة حملت معوال لتحطم كل شيء‬ ‫أ‬ ‫رعونة الفعل ورد الفعل‪ ،‬وانغماسهم باإلجراء‪ ،‬ما أ�عاقهم فعاليات منتدى المعرفة وحرية التعبير‪ ،‬في مدينة غازي في مؤسسة الطغيان‪ ،‬بنيانه‪ ،‬معالمه‪� ،‬يديولوجيته وحتى‬ ‫عنتاب بتركيا‪ ،‬مسؤول العالقات الخارجية لمنتدى الثقافة الشكل الفني الذي أ�نتجه‪ ،‬لتخلق أ� ً‬ ‫شكاال جديدة‪ ،‬ال يمكن‬ ‫عن االلتفات والتفرغ للبيان والبديع والمجاز‪ ،‬والسرد‬ ‫والقص وغيره من ترف آال ليات التي تساهم في بناء شكل العربية في برلين أالستاذ (زكريا ّ‬ ‫السقال)‪ ،‬كما استضافت إطــاق تسمية مـحــددة عليها‪ ،‬فهي ال تــؤرخ ولكنها تقدم‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫كل من مجلة ضوضاء ومجلة شار ومجلة سيدة سوريا في الوقود‪ ،‬يمكن �ن تسمى بالتماهيات الثورية �و االنفعال‪،‬‬ ‫العمل الدبي؟‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫مشروعية جلسة المنتدى السادسة‪ ،‬كال من اإلعالمي والناقد السوري والذي ال يشكل سمة خاصة للدب‪ ،‬لكن الشكال التي‬ ‫فإذا كان هذا حال الدب في الثورة السورية‪ ،‬فما‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫عقل‬ ‫نس�ل‪ ،‬هل أ�نضجت الثورات عامة عبر التاريخ �ثناء (علي سفر) والروائية السورية (ابتسام تريسي)‪ ،‬ليتحدثا عن قدمتها الثورة‬ ‫�ن‬ ‫السورية يمكن استخدامها في دراســة ٍ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫استغراقها في الحدث العنيف‪ ،‬أ�و قبل فصل السداة عن مالمح اللغة الجديدة التي �فرزها الحراك الثوري في البالد‪ ،‬يولد من جديد‪ ،‬علما �ن الكـثير من الثورات السابقة فشلت‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫اللحمة في نسيج الحرب‪ ،‬أ� ً‬ ‫وإمكانية التعويل على اللغة المستحدثة‪ ،‬وطي صفحة اللغة بت�ريخ �حداثها‪ ،‬و�رخت بعد سنوات عديدة بواسطة ك ّـتاب‬ ‫دبا يعتد به �و نقف عنده؟‬ ‫ر أ‬ ‫أ‬ ‫وما الذي يمكن قوله عن تجلي تطور أ�دوات الصراع في ظل التي احتكرت المشهد الدبي السوري طوال عقود‪ ،‬والتي خارج الثورة نفسها‪ ،‬وهناك من الثو ات اليديولوجية التي‬ ‫ً‬ ‫سيئا‪ ،‬كالثورة البلشفية التي أ�نتجت أ� ً‬ ‫دبا ً‬ ‫أ�فرزت قوالب ثابتة أ�بعدت المنتج أالدبي بتفريعاته المتنوعة أ�فرزت أ� ً‬ ‫الشبكة االفتراضية وما ّ‬ ‫ستالينيا‬ ‫دبا‬ ‫يسمى وسائل التواصل االجتماعي‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫مؤدلجا‪ ،‬في سوريا ال يمكن وضع قانون �دبي معروف‪ ،‬لكن‬ ‫من غرق الواقع باليوميات على فضاء‪ ،‬افتراضي‪ ،‬بل على عن ترجمة هواجس الكـتاب والدباء‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫(السقال) أ�نه‪« :‬من المهم ً‬ ‫صفحات المطبوع فــي أ�حـيــان ك ـثـيــرة‪ ،‬وعــن أ�ن طغيان يقول ّ‬ ‫جدا تناول واقع الثورة ليس يمكن رصد تحطيم هذه الشكال الدبية الجديدة للشكال‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫اليوميات يحرق المراحل وال يترك لزهرة أالفكار أ�ن تتحول فقط في المجال السياسي والصراعات القائمة‪ ،‬بل التركيز القديمة‪ ،‬وللسف‪ ،‬هناك الكـثير من الثورات ال تنتصر �و‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫على زاوية رصد الحالة اإلنسانية واإلبداعية‪� ،‬ي رصد العقل تسحق �و تتحول إلى فاشية‪ ،‬فهل من الممكن �ن ينجح‬ ‫إلى ثمار الدب؟‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ب ـهــذه ال ـت ـس ــاؤالت ال ـصــادمــة والـ ـح ــادة لـ ــدور أالدب في السوري خالل عمر الثورة‪ ،‬ماهية الخطاب واإلبداع �و الفن الدباء السوريون بإعادة صياغة اإلنسان السوري في مسار‬ ‫الثورة‪ ،‬كما أ�ن المشكلة تكمن في أ�نه ليس هناك ّ‬ ‫نويات‬ ‫الذي قدمته الثورة»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫مؤكدا على صعوبة اإلجابة عن ســؤال مصيري هو‪« :‬هل لدب حقيقي‪ ،‬إنما هناك رصــد �و تلويح �و تبشير لدب‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫هناك �دب �فرزته الثورة السورية �و هل هناك فن قدمته جديد سينمو‪ ،‬هــذا الدب الجديد الــذي ستخلقه الثورة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الثورة؟‪ ،‬إن قلنا ال‪ ،‬فماذا يعني ضخ المجموعات البشرية سيجيب على السئلة التي جاءت الثورة من �جلها‪ ،‬حتى‬ ‫ً آ أ‬ ‫شيئا الن الدب الذي يتناول الثورة السورية يرصدها من جهة‬ ‫ال ـتــي تـتـلـطــخ يــوم ـيـ ًـا بـتـقــديــم الـتـضـحـيــات‪ ،‬وت ـقــدم‬ ‫أ‬ ‫الستمرارية الثورة‪ ،‬وكيف يمكن قراءة هذا المنتج من حيث �نها حلم ومن زاوية عطش» حسب (السقال)‪.‬‬ ‫أت�ريخه لواقع الثورة أو�حداثها‪ ،‬كيف يمكن تصنيفه في الــروائـيــة الـســوريــة (ابـتـســام تــريـســي) تحدثت عــن محور‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫اللغة الجديدة التي �فرزتها الثورة السورية بمصطلحاتها‬ ‫النواع الدبية»‪.‬‬ ‫ي ــردف (ال ـس ـقــال) بـقــولــه‪« :‬ال ــذي ح ــدث خــال التي تداولها النشطاء والبسطاء من السوريين‪ ،‬من زاوية‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫الـعـقــود الـمــاضـيــة فــي ســوريــا‪� ،‬ن ـهــا تعرضت تجربتها الروائية فتقول‪ « :‬ال �عتقد � ّن المتخيل يوقع الحدث‬ ‫أ‬ ‫لحالة من التصحر من أ�واسط في الالمنطقية‪ ، ،‬بل العكس ً‬ ‫تماما‪ ،‬حين تكون الحداث‬ ‫أ أ‬ ‫فـتــرة السبعينيات‪ ،‬فغاب متخيلة ‪ ،‬تكون الفرصة �كبر �مــام الكاتب لصنع حدث‬ ‫أ‬ ‫المفكرون و�فرغت الساحة خاضع لمنظومة فكرية ذهنية مخطط لها بدقة‪ ،‬تبتعد‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫الدبية‪ ،‬ما يطرح تساؤالت غالبا عن مصادفات الواقع ومفاج�ته غير المحسوبة‪ .‬في‬ ‫أ‬ ‫جــارحــة فــي مـثــل هــذا الواقع تعمل �كـثر من يد ومصادفة وظرف وإرادات مختلفة‬ ‫حيانا في صنع الحدث‪ ،‬ما يضفي عليه أ�حياناً‬ ‫الــوضــع من ومتضادة أ� ً‬

‫‪20‬‬

‫العدد (‪ 20 )8‬شباط ‪2014‬‬

‫خاص ضوضاء ‪ -‬منتدى المعرفة وحرية التعبير‬


‫إضاءة‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫تحقيق‬

‫صبغة الالمعقول‪ .‬حدث معي ذلك في رواية عين الشمس‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫بقدر التزامي ب�حداث واقعية‪ ،‬بدت �حداث الرواية مفبركة‬ ‫وبعيدة عن المنطق»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وعن ت�ثير البيئة المحيطة بالمنتج الدبــي للكاتب تقول‬ ‫أ‬ ‫(تــريـســي)‪« :‬حـضــرت بيئة �ريـحــا كنموذج للمحافظة في‬ ‫أ‬ ‫روايـتــي جبل السماق بجز�يها‪ ،‬وإن شمل الـجــزء الثاني‬ ‫بيئات سورية مختلفة في الجنوب والشمال والغرب‪ .‬إال‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫� ّن الجزء الول اقتصر على البيئة المحلية‪ ،‬و�يـضـ َـا في‬ ‫أ‬ ‫قصصي التي تناولت فيها مشاكل وقضايا المر�ة‪ ،‬هناك‬ ‫حضور قوي لبيئة منغلقة‪ ،‬فالكاتب ابن بيئته‪ ،‬يتمثل‬ ‫ذلك في لغته وطروحاته الفكرية‪ ،‬والقضايا التي يعالجها‬ ‫أ‬ ‫في �دبه‪ ،‬تجاوزت البيئة المحلية في ذاكرة الرماد والمعراج‬ ‫بسبب القضية التي تناولتها الروايتان‪ ،‬وهي قضية الشتات‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬فخرجت من خصوصية البيئة السورية إلى بيئة‬ ‫مشابهة تكاد تكون ً‬ ‫تنويعا على البيئة السورية»‪.‬‬ ‫اإلعالمي (محمد السلوم) يقول بخصوص جدلية انبعاث لغة‬ ‫ّ أ‬ ‫وتشكل �دب ثوري جديد‬ ‫جديدة من رحم الحراك الثوري‪،‬‬ ‫أ‬ ‫بمالمح وطرق بناء ثورية �ن‪« :‬ما نعيشه اليوم في سورية‬ ‫ليس خلق لغة جديدة بقدر ما هو ّ‬ ‫تشكل وعي جديد! وعي‬ ‫أ‬ ‫يجعلنا نتعامل مع اللغة بشكل جديد وينزع عنها �لفتها‪،‬‬ ‫تشكل لغة جديدة أو�دب جديد هو أ�مر ّ‬ ‫والحديث عن ّ‬ ‫مبكر‬ ‫أ‬ ‫ً أ‬ ‫ًأ‬ ‫جدا‪ ،‬لن هذه الظواهر ت�خذ وقتا �كـثر مما نظن‪ ،‬وليس‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫المر هنا مرتبط بانتصار الثورة �و عدمه‪ ،‬فالثورة على صعيد‬ ‫أّ‬ ‫أ‬ ‫تمزيق الساليب القديمة والصورة المت�لهة للسلطة نجحت‬ ‫منذ اليوم أالول‪ ،‬ولكن قضية خلق أ�دب جديد أت�خذ ً‬ ‫وقتا‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫�ط ــول‪ ،‬لنها ليست عملية انفعالية �نـيــة‪ .‬نعم‪ ،‬ظهرت‬ ‫أ�عمال أ�دبية تتحدث عن الثورة ولكن ألي درجة ّ‬ ‫شكلت‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫هذه العمال – ثورة – على �ساليب التعبير وطرق البناء‬ ‫أالدبي؟ إنها في الحقيقة أ�عمال ال ّ‬ ‫تعد عالمة فارقة‪ ،‬بل إن‬ ‫أ‬ ‫المنتج الروائي السوري قبل الثورة يحفل ب�عمال فيها روح‬ ‫ثورية ربما تكون أ�كـثر ً‬ ‫نضجا»‪.‬‬ ‫بمزيد مــن التفاؤل يــرى اإلعــامــي والناقد الـســوري (علي‬ ‫سفر) «إن اللغة الجديدة التي تشكلت مع انطالق الثورة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ال ـســوريــة‪ ،‬بــاتــت �ك ـثــر وضــوحـ ًـا و�كـ ـث ــر فـعــالـيــة فــي هــدم‬ ‫المنظومة اللغوية التي كانت سائدة‪ ،‬وسيطرت على مجمل‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الخطاب الدبي واإلعالمي والسياسي‪ ،‬و�ن مؤشرات التحول‬

‫خاص ضوضاء ‪ -‬منتدى المعرفة وحرية التعبير‬

‫وقتا ً‬ ‫الذي يشهده العقل الجمعي السوري‪ ،‬ستحتاج ً‬ ‫طويال‬ ‫أ‬ ‫حتى تصبح ملموسة وظاهرة‪ ،‬و�ولــى هذه المؤشرات غير‬ ‫أ‬ ‫القابلة لإلخفاء �و التجاهل‪ ،‬هي تلك اللغة الجديدة‪ ،‬التي‬ ‫بات السوريون يتفاهمون من خالل بعض مالمحها في هذه‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫اليام‪ ،‬إذ يبدو �نهم وبعد استمرار الحراك الشعبي �شه ًرا‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫طواال‪ ،‬قرروا وبشكل عفوي �ن يقوموا بالقطيعة الكاملة‬ ‫مع لغة الماضي‪ ،‬ككناية عن مرحلة زمنية شاسعة كانوا‬ ‫أ‬ ‫متكلسة‪ ،‬لم تعد تناسب ال واقعهم الحالي‪،‬‬ ‫لغة‬ ‫ٍ‬ ‫فيها �سرى ٍ‬ ‫وال التحوالت السائدة في العالم الذي يعيشون فيه عالقات‬ ‫أ‬ ‫تبادلية‪ ،‬تفرض عليهم �ن يتماشوا معها»‪.‬‬ ‫لـكــن مــا هــي الـلـغــة الـتــي يـتـحــدث عـنـهــا؟‪ ،‬يـقــول (سـفــر)‪:‬‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫«بالت�كيد ال �عني اللغة بوصفها �داة تواصلية مجردة تخضع‬ ‫أ‬ ‫لفعاليتها بذاتها‪ ،‬بل �عني اللغة لذاتها‪ ،‬وال ّسيما من خالل‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫حمولتها الوظائـفية التعبيرية‪ ،‬المرجعية‪ ،‬الت�ثيرية �و‬ ‫أ‬ ‫اإلقناعية‪ ،‬وكذلك الوظيفة الشعرية‪ ،‬إذا كان لنا �ن نستعير‬ ‫من رومان ياكبسون توصيفه المعروف حول طبيعة اللغة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وطبقا لمسارات الواقع فإن نظرة بسيطة على التفاصيل‪،‬‬ ‫أ‬ ‫توضح للمتابع �ن الصراع الذي يمضي به الواقع السوري إنما‬ ‫أ‬ ‫يتركز في شكله الظاهر ً‬ ‫إعالميا في اللغة‪ ،‬وي�خذ تجلياته في‬ ‫أ أ‬ ‫المكـتوب والمرئي والمسموع‪� ،‬ي �نه يقوم على اإلنشاء في‬ ‫أ‬ ‫اللغة‪ ،‬فهناك واقع يومي يعيشه الناس على الرض‪ ،‬وهناك‬ ‫واقع إنشائي ُيظهر التفاصيل من خالل صناعة المتصارعين‬ ‫لخطاباتهم عبر اللغة»‪.‬‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يــؤكــد (سـفــر) �ن القصة لــم تـبــد� منتصف شهر �ذار عام‬ ‫‪ ،2011‬بل تعود إلــى ما قبل ذلــك‪« ،‬فقد ّ‬ ‫شكل الربيع‬ ‫ً‬ ‫منعطفا كبي ًرا في تعاطي السوريين مع بعضم‪ ،‬بعد‬ ‫العربي‬ ‫أ�ن كانوا ً‬ ‫سابقا ومن خالل استخدامهم لشبكات التواصل‬ ‫أ‬ ‫االجتماعية‪ ،‬قد �عادوا ترتيب عالقاتهم مع بعضهم بطريقة‬ ‫أ‬ ‫�ك ـثــر تركي ًزا من تواصلهم الطبيعي في الــواقــع الحقيقي‪،‬‬ ‫ورغم الحجب الذي طبقته السلطات السورية على الدخول‬ ‫إلــى مواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬إال إن قــدرة السوريين‬ ‫على استخدامها عبر كسر البروكسي جعلتهم يستفيدون‬ ‫من منبرية الشبكة‪ّ ،‬‬ ‫مسرعين وبشكل شبه عفوي‪ ،‬من‬ ‫أ‬ ‫استخدام الداة التواصلية والوصول بها إلى منتهياتها‪،‬‬ ‫أ أ‬ ‫�ي �ن البيئة التواصلية التقنية ورغم وجود العوائق ورغم‬

‫خاص ضوضاء ‪ -‬منتدى المعرفة وحرية التعبير‬

‫أ‬ ‫قلة مستخدميها ً‬ ‫نسبيا كانت حاضرة وبقوة‪ ،‬وحين بد�ت‬ ‫أ‬ ‫�حداث الثورة في تونس‪ ،‬كان من السهل على مستخدمي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الشبكة مــن السوريين‪� ،‬ن يالحظوا �نـهــم يستطيعون‬ ‫اختصار اللغة والشروحات الخاصة بالموقف مما يحدث‪،‬‬ ‫عبر تحرير الصورة الشخصية واستبدالها بعلم تونس‪ ،‬ما‬ ‫ً‬ ‫واضحا دون الحاجة الستخدام‬ ‫يجعل موقف المستخدم‬ ‫التعابير الشعاراتية الفاقعة»‪.‬‬ ‫اختتم (سفر) حديثه بالقول‪« :‬اللغة ليست متحيزة‪ ،‬بينما‬ ‫الفعالية اللغوية تتحيز بحسب الفاعلين‪ ،‬والسوريون‬ ‫يصنعون الضفاف التي يجري بينها هذا التدفق الكبير للغة‪،‬‬ ‫ويبدو من يخوضون وبشكل عفوي في هذا النهر ينجحون‬ ‫أ‬ ‫إلى ّ‬ ‫حد كبير في إحياء ما ظن الكـثيرون �نه قد خمد وانتهى‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫بفعل التكلس واالستكانة‪ ،‬فاللغة يصنعها الشارع‪ ،‬ويقر�ها‬ ‫أ‬ ‫المثقفون ليعيدوا إنتاجها عبر مستويات �على‪ ،‬وعليه فإن‬ ‫ما يحدث في الشارع السوري‪ ،‬وبغض النظر عن التحزب‪،‬‬ ‫إنما هو اختيار للثقافة السورية كلها‪ ،‬إنه امتحان مؤجل منذ‬ ‫آ‬ ‫عشرات السنين‪ ،‬وقد حان الن موعد نتائجه»‪.‬‬ ‫في ختام جلستي المنتدى‪ ،‬شارك الحضور باستفسارات‬ ‫حــول طبيعة اللغة ووظيفتها وطبيعة العالقة القائمة‬ ‫أ‬ ‫بين الديــب والبيئة المحيطة به‪ ،‬ودوره في نقل وسرد‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الحـ ــداث‪ ،‬مــن جهة ت�ريخها وإضـفــاء الطابع الملحمي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫عليها‪ ،‬وهل الت�ريخ للحدث وظيفة �صيلة من وظائـف‬ ‫أ‬ ‫المنتج الدبــي الخاضع‪ ،‬لتحيزات الكاتب ووجهة نظره‬ ‫الشخصية‪ً ،‬‬ ‫بعيدا عن المنهج الوصفي المتبع في رصد‬ ‫أ‬ ‫الحداث التاريخية بشكلها المجرد‪.‬‬

‫العدد (‪ )9‬آذار ‪2014‬‬

‫‪21‬‬


‫ضوء‬

‫لقاء‬

‫كيف دمرت هزائم النظام روح السوريين‬

‫¶ فريق تحرير ضوضاء‬

‫(ســركـيــس‪ :‬هــذه ا ألـحــادثــة مكـتوبة فــي قصة كـتبها‬ ‫غ ـســان كـنـف أــانـ أـي‪� ،‬ن ــا مــن رواهـ ــا ل ــه‪ ،‬لـكـنــه طلب‬ ‫مني حينها � ّال �رويها فتبقى للشعب الفلسطيني‪،‬‬ ‫وغـ ـس ــان كـ ــان ل ــدي ــه ق ـصــد م ــن ذل ـ ــك‪ ،‬فــالــوضــع‬ ‫الفلسطيني حينها كان يقتضي إظهار هذه االمثلة)‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ل ـكــل �رض م ـن ــارات ـه ــا ول ـك ــل ت ــاري ــخ �ي ـق ــون ــات ــه‪،‬‬ ‫وكـمــا نعيش الـيــوم فــي زمــن مــا ّ‬ ‫يعلمه الـســوريــون‬ ‫ل ـل ـعــالــم‪ ،‬م ــا ي ـق ــدم ال ـش ـعــب الـ ـس ــوري ل أـلـتــاريــخ‪،‬‬ ‫وك ـ ـي ـ ــف يـ ـضـ ـح ــي ل ـ ـب ـ ـلـ ــوغ ح ـ ــريـ ـ ـت ـ ــه‪� ،‬حـ ـ ـ ــداث‬ ‫وت ـفــاص ـيــل‪ ،‬س ـت ـكــون ح ـك ــاي ــات ال ــزم ــن ال ـق ــادم‪.‬‬ ‫يروي (سركيس سركيس) لضوضاء حكاية من زمنه‪،‬‬ ‫زمن ربما من الجيد االتكاء عليه‪.‬‬

‫مسيحية (متعايشة‬ ‫قرية بحماة اسمها كـفربو‪ ،‬قرية‬ ‫ككل قــرى حـمــاة) أ�خ ـ ًـوة‪ ،‬أ�ه ـ ًـا‪ ،‬أ�ح ـزابـ ًـا‪ ،‬وموقفاً‬ ‫سـيــاسـيـ ًـا‪ ،‬فـ أـي عــام ‪ ،1947‬كــان فيها أ شــاب يدعى‬ ‫(جوزيف)‪ ،‬و�مه التي ناديناها ً‬ ‫جميعا (�م جوزيف)‪،‬‬ ‫أ‬ ‫تطوع (جوزيف) مع (�كــرم الحور آاني) للذهاب إلى‬ ‫فلسطين لمقاومة اليهود‪( ،‬ذهب �نذاك رفقة ‪250‬‬ ‫ً‬ ‫شخصا متطوعين لنصرة فلسطين ضــد اليهود‪،‬‬ ‫أ‬ ‫وبعد �ن انتهت المعارك في عام ‪ ،1948‬استشهد‬ ‫( أجــوزيــف) فــي طريق الـعــودة مــن الجليل‪ ،‬وقــام‬ ‫(�ك ــرم الـحــورانــي) ورفــاقــه بــدفــن (جــوزيــف) هناك‬ ‫حيث استشهد‪.‬‬ ‫أ‬ ‫عـنــدمــا ع ــاد إل ــى حـمــاة ذه ــب ورف أــاق ــه لـتـعــزيــة (�م‬ ‫جوزيف)‪ ،‬عندما وصلوا بيتها‪ ،‬ر�وا فالحة فقدت‬ ‫أ‬ ‫نصف �سنانها‪ ،‬ت أرتدي لباس المنطقة التقليدي مع‬ ‫قطع ذهبية على ر�سها‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫قال (�كــرم)‪( :‬يا �م جوزيف نحنا جايين نعزيكي‬ ‫باستشهاد جوزيف‪ ،‬وحقك تفخري فيه كان بطل‬ ‫ر‬ ‫رفيقنا استشهد‬ ‫وشجاع‪ ،‬و ب العالمين هيك راد‪ ،‬أ‬ ‫في الجليل ودفناه هناك)‪ ،‬التفتت (�م جوزيف)‬ ‫أنحوه وردت‪( :‬نحنا منحترمك ومنقدرك يا استاذ‬ ‫�كرم وما بالعادة عرفناك بتكذب)‪.‬‬ ‫أ أ‬ ‫قال لها‪�« :‬نا �روي لك كـقائد‪ ،‬وقد دفنت ابنك‪،‬‬ ‫ومعي رفاقي هؤالء‪ ،‬وعليكي ان تصدقي وتفخري‪،‬‬ ‫فهذه هي الحقيقة»‪.‬‬ ‫ً أ‬ ‫ردت أ�م جوزيف‪ ،‬أ�ن أ�هـ ً‬ ‫وسهال‪ ،‬س�عتبر هذا‬ ‫ـا‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الـكـ أـام غير صحيح‪ ،‬و�ن ــي لــم �سـمــع هــذا الكالم‬ ‫منك � ً‬ ‫بدا‪.‬‬ ‫أ‬ ‫فهم (�كرم الحوراني) ومن معه ما قصدت وغادروا‪،‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫العدد (‪ )9‬آذار ‪2014‬‬

‫ً ً أ‬ ‫أ أ‬ ‫ابيضا‪ ،‬و�نزلت‬ ‫�ما (�م جوزيف) فقد ارتدت لباسا‬ ‫صــورة ابنها (جــوزيــف) عن الـجــدار‪ ،‬وذهبت إلى‬ ‫المدرسة‪ ،‬وحصلت على شهادة (البريفيه)‪ ،‬من‬ ‫حينها تواجدت في كل مظاهرة خرجت في حماة‪،‬‬ ‫ذلك في بداية الخمسينات‪ ،‬ولم تعقد جلسة في‬ ‫أالمجلس النيابي فــي ســوريــا‪ّ ،‬إال وتـكــون الفالحة‬ ‫(�م جــوزيــف) حــاضــرة فـيـهــا‪(،‬كــان الـنــاس حينها‬ ‫الشعب)‪،‬‬ ‫يستطيعون حـضــور جلسات أمجلس‬ ‫أ‬ ‫وتتدخل بالحديث والتعقيب � ً‬ ‫حيانا‪ ،‬حتى �نها‬ ‫إحدى المرات بعد االنفصال في سنة واحد أوستين‪،‬‬ ‫النيابي‪ ،‬وكانت قد �صبحت‬ ‫المجلس أ‬ ‫خالل جلسة أ‬ ‫ـثر‪� ،‬ثناء حضورها الجلسة‪،‬‬ ‫متقدمة في العمر �ك أ‬ ‫ّ‬ ‫وقــف (دهــام الـهــادي) �حــد زعماء أشمر‪ ،‬يــرد على‬ ‫موضوع اإلصالح الزراعي‪ ،‬وكان قد �لغي‪ ،‬والجلسة‬ ‫النواب حينها ومنعهم من ذلك‪.‬‬ ‫مجلس‬ ‫فــي بـحــث ع ــودة الـقــانــون للتنفيذ‪ ،‬فـقــال (ده ــام‬ ‫أ‬ ‫الهادي) في مداخلته‪( :‬عليــي الطالق بالثالثة ما المهم‪ ،‬وما �ريد إيصالك إليه ‪ ،‬كان أ في (كـفربو)‬ ‫أ�ترك فالح ينام ببيتو إن راد ياخذ شبر قاع )‪ً ،‬‬ ‫وفعال شاب يدعى (ممدوح شموط)‪ ،‬وهو � أحــد رفاقنا‪،‬‬ ‫لديه مقهى في قرية كـفربو‪ ،‬وكان يهتم ب�م جوزيف‬ ‫ويتواصل معها‪.‬‬

‫كان قــاد ً‬ ‫عشيرة‪ ،‬وإذا بمن في‬ ‫كزعيم‬ ‫ذلك‬ ‫على‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫القاعة يسمعون ً‬ ‫يصرخ من العلى‪ ،‬هو صوت‬ ‫صوتا‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫جوزيف) تقول له‪ :‬أوقد �غضبها رده‪( ،‬شبر القاع‬ ‫(�م‬ ‫أ‬ ‫خليل)‪� ،‬تى عناصر الشرطة إلخراجها‬ ‫بعيونك يا �بو‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫�و �خذها‪ ،‬فصعد (�كــرم الحوراني)‪ ،‬وكــان رئيس‬

‫في العاشر من حزير أان سبع وستين‪ ،‬وكانت هزيمة‬ ‫خمسة حزيران قد �سفرت عن كل تلك الخسائر‬ ‫الفاجعة‪ ،‬في ظل نظام البعث‪ ،‬اتصل بي (ممدوح‬ ‫(سركيس) إمك‬ ‫أشموط) من (كـفربو)‪ ،‬قال لي‪ ،‬يا‬ ‫أ‬ ‫� أم جوزيف (وكانت تقول لي يا إمي) قررت �ن تقيم‬ ‫الربعين البنها‬ ‫(جوزيف)‪ .‬أ‬ ‫أ�ي بعد تسعة عشر ً‬ ‫عاما أ‪ ،‬بما �ن أالقنيطرة سقطت‬ ‫ائيلي‪ ،‬قــررت �ن تقيم الربعين البنها‪،‬‬ ‫بيد االسر‬ ‫آ‬ ‫«الن أم ــات آج ــوزي ــف»‪ ،‬اح ــدث ــك بـهــذه‬ ‫ق ــال ــت‪ :‬أ‬ ‫التفاصيل ك�ني �راها الن‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ذهبت ونمت في بيتهم في يوم ‪ 11‬حزيران‪� ،‬قمنا‬ ‫البنها‪ ،‬عزيناها ونمنا‪ ،‬في الصباح استيقظنا‪،‬‬ ‫العزاء أ أ‬ ‫لنجد �ن (�م جوزيف) ماتت‪.‬‬


‫ضوء‬

‫رأي‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫في ظالل الثورات‪..‬‬ ‫هل نحن أسرى الصورة حقًا؟‬

‫¶ علي سفر‬ ‫آ‬ ‫«نحن الن في عصر الصورة»‪ ،‬تتردد العبارة‪ ،‬ويستقبلها‬ ‫أ أ‬ ‫الجميع على �نها �مر بديهي‪ ،‬فكل شيء هو صورة‪ ،‬وكل‬ ‫شيء يصدر نفسه عبر الصورة‪ ،‬حتى مشاعرنا الدفينة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫لم نعد َن ُّ‬ ‫عتد بها إن قمنا فقط بوضعها على الورق البيض‬ ‫أ أ‬ ‫ككلمات‪ ،‬فدماغنا يذهب إلــى الـصــور‪ ،‬وك�نها �مست‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫شرطيا ال فكاك منه!‬ ‫منعكسا‬ ‫أ‬ ‫سلمنا ً‬ ‫إذا ّ‬ ‫فعال بصحة ودقة الفرضية التي تقول �ننا قد‬ ‫ّأ‬ ‫ً‬ ‫دخلنا عصر الصورة‪ ،‬تبعا للتقسيم العلمي الــذي جز�‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الوعي اإلنساني على �ربعة مراحل‪ ،‬بد�ت بالشفاهية‪،‬‬ ‫ومرت بالتدوين‪ ،‬ثم الكـتابية‪ ،‬وانتهت بالصورية‪ ،‬فإن‬ ‫علينا أ�ن ندقق في مظاهر ّ‬ ‫تحو ِلنا من المرحلة الكـتابية‬ ‫إلــى المرحلة الـصــوريــة‪ ،‬هــل نحن نخوض هــذا العصر‬ ‫أ أ‬ ‫الجديد بكل ما تمليه علينا عملية التحول‪� ،‬م �ننا نتلمس‬ ‫أ‬ ‫بعض مظاهر التحول‪ ،‬دون �ن نتوغل في عمقه؟‬ ‫قبل ربع قرن ً‬ ‫تقريبا‪ ،‬وفي فترة التحوالت التي شهدتها‬ ‫المنظومة االشتراكية‪ ،‬والتي عرفت بـ(البريسترويكا)‪ ،‬لم‬ ‫يكن مصطلح «عصر الصورة» َ‬ ‫متداو ًال‪ ،‬بل كان الجميع‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫على المستوى ال كاديمي والثقافي‪ ،‬غارقا في اكـتشاف‬ ‫محاسن المنهج السيميولوجي (علم قراءة العالمات)‪،‬‬ ‫الذي جاء في نهاية تلقينا لعدد من المناهج التحليلية‪،‬‬ ‫كالبنيوية‪ ،‬والبنيوية التكوينية وغيرها‪ً ،‬‬ ‫وطبقا لتفاصيل‬ ‫أ‬ ‫المنهج السيميولوجي‪ ،‬يمكن لنا �ن نقوم بتحليل النص‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الدبي وغير الدبي‪ ،‬عبر �دوات تجعلنا نكـتشف طبقاته‬ ‫العميقة‪ ،‬وكان يمكن لالستغراق في هذا المنهج‪ ،‬فيما‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫لو تم تعميم �دواته ضمن �نساق حياتية‪ ،‬ي�لفها الناس‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫القل ثقافة‪� ،‬ن يشكل حالة من الوعي‪ ،‬تنقل اإلدراك‬ ‫أ‬ ‫من مستواه التقليدي إلى مستوى �فضل‪ ،‬ولكن الواقع‬ ‫أ‬ ‫السياسي العالمي‪ ،‬فــرض على الـشـرائــح ال كــاديـمـيــة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫وكــذلــك على المثقفين‪� ،‬ن يغيروا االتـجــاه نحو تلقي‬ ‫الحدث ضمن قنوات بثه‪ ،‬ولتصبح الصورة هي الدليل‬ ‫أ‬ ‫الــذي يقودهم في ق ـراءة كل الظواهر‪ ،‬التي يمكن �ن‬ ‫يكونوا على تماس معها‪ ،‬حتى وإن كانت هذه الصورة‬ ‫أ‬ ‫مزورة �و ملفقة!‬ ‫فكما نقلت لنا قناة ال ــ(‪ )CNN‬تفاصيل حرب الخليج‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫جميعا في منتصف البؤرة الحدثية‬ ‫الولــى‪ ،‬تم وضعنا‬ ‫في كل العالم‪ ،‬عبر ثــورة نقل الصورة (ظهور القنوات‬ ‫الفضائية)‪ ،‬وحين ّ‬ ‫تحول التلفزيون من علبة المتعة‬ ‫آ‬ ‫والتسلية في �خر النهار‪ ،‬إلى مالك الوقت وصاحبه‪،‬‬ ‫ّ أ‬ ‫أ‬ ‫ومنفذي �وامره‪.‬‬ ‫ْبتنا �سراه‬ ‫ً‬ ‫وإلى فترة قصيرة نسبيا‪ ،‬لم يتوفر في عالمنا العربي‪،‬‬ ‫أ�ي تعبير نقدي ّ‬ ‫يقيم المساءلة والتشكيك فــي صحة‬ ‫أ‬ ‫االدعاء ب�ننا نعيش عصر الصورة‪ ،‬وقد شهدت السنوات‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الخيرة ظهور �بحاث ودراســات‪ ،‬حاولت �ن تحلل ما‬ ‫يجري على هذا الصعيد‪ ،‬وقد شاءت المصادفة‪ ،‬وربما‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الحقيقة‪� ،‬ن ُتجمع هــذه المحاوالت‪ ،‬على القول ب�ن‬ ‫العيش في المظاهر والتجليات‪ ،‬يختلف تمام االختالف‬ ‫عن اليقين بحدوث التحول الحقيقي الراسخ! فنحن على‬ ‫أ‬ ‫�رض الواقع‪ ،‬نستثمر منجزات الثورة االتصالية العالمية‪،‬‬ ‫أ أ‬ ‫من �جل �ن نعيد إنتاج خطاباتنا الكـتابية والشفوية‪،‬‬

‫ً أ‬ ‫يبد� ً‬ ‫بصريا‬ ‫ولكننا ال ننتج الخطاب البصري بوصفه نسقا‬ ‫وينتهي كذلك!‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫نقض فكرة «عصر الصورة» ليس �مرا نخوضه من �جل‬ ‫التسلية‪ ،‬بل هو متعب ومرهق‪ ،‬ألنه ُّ‬ ‫توج ٌه ضد مظاهر‬ ‫ً أ أ‬ ‫التحول ً‬ ‫ومحليا‪� ،‬ي �ننا حين نقوم بذلك نصبح‬ ‫عالميا‬ ‫أ‬ ‫�شبه بـ(دونكيشوتات) معاصرة‪ ،‬ولكن التمحيص في‬ ‫وقائع تحوالتنا كمجتمعات عربية في عصر الصورة ليس‬ ‫أ‬ ‫أ�مـ ًرا ً‬ ‫مفيدا فحسب‪ ،‬بل إنه ضرورة خالصة‪ ،‬طالما �ن‬ ‫الكـثير مما نعيشه ً‬ ‫حاليا‪ ،‬والسيما في مرحلة الربيع‬ ‫ً‬ ‫العربي‪ ،‬وثوراته التي ترمينا يوميا بالصور‪ ،‬نتلقاه نحن‬ ‫مــن ضـمــن حـمــولــة الـعـصــر ال ـص ــوري‪ ،‬ال ــذي فتحنا له‬ ‫ً‬ ‫أالبواب المشرعة دون أ�ن نتطور ً‬ ‫وموضوعيا‪ ،‬وبما‬ ‫ذاتيا‬ ‫أيناسب طبيعة المادة التي يضخها لنا‪.‬‬

‫�مة بال صور‪..‬‬

‫التباين في التفكير العربي بين اإلنشاء الصوري الذي‬ ‫يعتمد على ثقافة العين‪ ،‬وبين اإلنشاء اللغوي الذي‬ ‫يعتمد على البالغة شاسع وكبير‪ ،‬فاللغة العربية ضمن‬ ‫المنتوج الصحفي واإلعالمي والمدون بشكل عام‪ ،‬لم‬ ‫تقدر على اإلحاطة بنتاج الصورة وتحوالتها وتمظهراتها‪،‬‬ ‫وه ـنــا ال ذن ــب يـمـكــن تحمليه للقائمين عـلــى اإلن ـتــاج‬ ‫اللغوي‪ ،‬فهؤالء مازالوا يعيشون ضمن حدود البالغة‬ ‫الشعرية‪ ،‬وضمن مساحات اإلنشاء التي وضعها الجاحظ‬ ‫فــي بيانه وتبيينه‪ ،‬فــالـعــرب لــم يـعــرفــوا ثقافة الـصــورة‬ ‫ً‬ ‫تاريخيا‪ ،‬إذ ال يوجد في تراثهم اشتغال على الصورة‪،‬‬ ‫وحتى إن وجد بعض هذا االشتغال‪ ،‬فإنه لم يترافق مع‬ ‫ً أ‬ ‫تقعيد لتفاصيله‪ ،‬وبقي ً‬ ‫وعائما في �طراف الحضارة‬ ‫هائما‬ ‫العربية فــي عصرها الذهبي‪ .‬وفــي العصر الحديث لم‬ ‫تدخل ثقافة الصورة (التشكيل والمسرح وغير ذلك)‪،‬‬ ‫أ‬ ‫في صميم بحثهم عن شخصيتهم في �زمنة تجري فيها‬ ‫التحوالت بشكل سريع‪ ،‬وحتى تلك المحاوالت التي‬ ‫أ‬ ‫بد�ت في منتصف القرن التاسع عشر في مصر من مسرح‬ ‫أ‬ ‫بد�ه بعض الرواد‪ ،‬وكذلك محاولة الخديوي إسماعيل‬ ‫أ‬ ‫على بناء واجهة حضارية تحاكي �وروبــا في مصر‪ ،‬كل‬ ‫دخل فكرة الصورة إلى مسارات حياة العرب‪.‬‬ ‫ذلك َّلم ُي ِ‬ ‫أ‬ ‫وال �دل على صحة هذه الفكرة من الوضع الذي انتهى‬ ‫أ‬ ‫إليه �غـلــب مــن قــامــوا بهذه الـمـحــاوالت‪ ،‬والـتــي يمكن‬ ‫َ أ أ‬ ‫أ‬ ‫�ن يكون مثالها البــرز (�بــو خليل القباني)‪ ،‬الدمشقي‬ ‫نتاجا مسرحيا‪ً،‬‬ ‫الغربي‪ ،‬وصنع ً‬ ‫الــذي حاكى المسرح‬ ‫يقوم على الـمـزاوجــة بين النتاج السردي‬ ‫العربي‪ ،‬وبين العملية المسرحية ‪ ،‬إذ‬ ‫أ‬ ‫لــم تـغـفــر لــه الصــول ـيــة مـحــاولـتــه هــذه‪،‬‬ ‫وقــامــت بحرق مسرحه‪ ،‬فيما تجاهلت‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الحديث عن تجربته وتوثيقها‪،‬‬ ‫المدونات‬ ‫أ‬ ‫حتى �عيد إحياء ذكراه مع بوادر المشروع‬ ‫النهضوي القومي‪ ،‬الذي ّ‬ ‫دب الحراك فيه‬ ‫في الخمسينيات والستينيات من‬ ‫القرن الماضي!‬ ‫وعلى الجانب التشكيلي يغيب‬ ‫الحديث عن تجارب التشكيليين‬ ‫العرب في بدايات القرن‪ ،‬وال نــدري إن‬ ‫كانت هناك محاوالت جرى توثيقها‪ ،‬غير‬

‫تلك التي نعرفها ويعرفها الجميع!‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الدالئل على غياب التفكير بالصورة‪� ،‬كـثر من �ن نفكر‬ ‫بـتـعــدادهــا هـنــا‪ ،‬ولـكــن مــع دخ ــول السينما‪ ،‬وبعدها‬ ‫أ‬ ‫التلفزيون‪ ،‬إلى المنطقة العربية‪ ،‬وجب علينا �ن نالحظ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حكائيا‪،‬‬ ‫منتوجا‬ ‫�ن السينما العربية منذ بداياتها‪ ،‬كانت‬ ‫يـتــم الـتــركـيــز فـيــه عـلــى تفاصيل ال ـســرد عـبــر الـكــامـيـرا‪،‬‬ ‫ومن بين العديد من التجارب السينمائية‪ ،‬قليلة هي‬ ‫المحاوالت التي اشتغلت على إنتاج مشهدية بصرية‬ ‫أ‬ ‫عالية‪ ،‬بالتوازي مع العمل على الحكاية‪ ،‬وحين �مسى‬ ‫التلفزيون حاض ًرا بين ظهرانينا‪ ،‬جاء النتاج التلفزيوني‬ ‫إذاعيا‪ً ،‬‬ ‫في مجمله ً‬ ‫وبدال من اال كـتفاء بالمسامع‪ ،‬جاءت‬ ‫أ‬ ‫الكاميرات لتظهر الشـخــاص الــذي ينطقون بالكالم!‬ ‫أ‬ ‫وبينما كانت اإلذاعــة ُتسمعنا الموشحات والغنيات‪،‬‬ ‫أ‬ ‫�خــذت الكاميرات التلفزيونية على عاتقها مهمة إظهار‬ ‫أ‬ ‫المغنين والراقصين‪ ،‬وهم يــؤدون �دوارهــم التقليدية‬ ‫للجمهور‪ ،‬ال ــذي اسـتــوعــب فـكــرة الـصـنــدوق البصري‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الـمـسـمــى بــالـتـلـفــزيــون‪ ،‬لـكـنــه ل ــم ي ــدرك �ن الـمـســ�لــة‬ ‫التقنية سيتجاوزها الزمن وبشكل سريع‪ ،‬وليصبح هذا‬ ‫أ‬ ‫الصندوق �هم عتلة ثورية مؤثرة في تطور البشرية في‬ ‫العصر الحديث‪.‬‬ ‫هــذا االسـتـعـراض التاريخي لغياب التفكير بالصورة‪،‬‬ ‫آ‬ ‫بوصفه مــؤشـ ًرا على ّ‬ ‫تحول في �لـيــات المعرفة والحياة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫بشكل عام‪ ،‬يؤدي بنا إلى ما تحدثنا عنه �عاله‪ ،‬حول �ن‬ ‫تداول فكرة «عصر الصورة» في صحافتنا‪ ،‬وفي وسائلنا‬ ‫أ‬ ‫اإلعالمية‪ ،‬هو �مر مستورد‪ ،‬وال ينتمي إلى واقع حالنا‬ ‫الراهن‪ ،‬وهو يستخدم بشكل ساذج‪ ،‬وغير مبني على‬ ‫ثقافة تنهل من النقد المختص‪ ،‬فحين يصبح‪ ،‬وعلى‬ ‫سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬تمايز المخرجين السينمائيين‬ ‫وكذلك التلفزيونيين‪ ،‬عن بعضهم بكون هذا يعمل على‬ ‫آ‬ ‫أ أ‬ ‫الصورة‪ ،‬بينما الخرون يعملون على �شياء �خرى‪ ،‬فإن‬ ‫السخرية تدب بالعقول‪ ،‬إذ كيف يمكن إزجاء المديح‬ ‫لمن يفكر بالصورة لمجرد كونه قد قام بعمله؟ وحين‬ ‫أ‬ ‫تــرتـفــع �س ـهــم بـعــض الـفـنــانـيــن التشكيليين‪ ،‬لكونهم‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫يعملون على فلسفة للون‪ ،‬تسقط �سهم الخرين‪ ،‬فإن‬ ‫السؤال يصبح‪ :‬هل يستقيم حال الفن التشكيلي دون‬ ‫أ‬ ‫لــون؟ يمكن للجميع �ن يتحدث عــن الـصــورة طالما‬ ‫أ‬ ‫�نها شعار المرحلة‪ ،‬بينما تبقى جدران بيوتنا وجدران‬ ‫شوارعنا كالحة‪ ،‬وتكـتفي بعبارات وشعارات وعناوين‬ ‫أ‬ ‫وقت ما!‬ ‫وإعالنات كـتبها �حدهم في ٍ‬

‫العدد (‪ )9‬آذار ‪2014‬‬

‫‪23‬‬


‫قبس من نور‬

‫وجع راس‬ ‫أخي الطيب ‪ ...‬وأنت تؤرقني‬

‫‪www.dawdaa.com‬‬

‫قصة قصيرة _ مهند الخالد‬ ‫من مجموعته القصصية ساعات الليل‬

‫ً‬ ‫متلعثما ‪ ...‬راح ّ‬ ‫يكرر على مسامعه ‪:‬‬ ‫_ دكـتور ‪ ..‬أ�ني جيت لعندك ‪ ..‬شايف كيف‪ ..‬أ�ني وخي ّـي خالد ‪ ..‬شايف كيف ‪ ..‬أ�كيد بتعرفو جنابك ‪ ..‬يعني من شي عشرين يوم ً‬ ‫تقريبا شايف ‪....‬‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫ً‬ ‫_ نعم ‪ ..‬نعم ‪ ...‬سامعك ّكمل‪ّ ..‬كمل ‪ ..‬وظل ً‬ ‫منهمكا أب�وراق بدت هامة ً‬ ‫جدا لدرجة �ن «�بو محمد» قطع حديثه فج�ة ‪ ..‬سحب من‬ ‫منكبا على مكـتبه ‪،‬‬ ‫دسه بال اكـتراث في جيب آ�خر ‪ ..‬تنحنح ً‬ ‫جيبه أاليمن منديله المزركش ‪ّ ..‬مرره فوق جبينه أو�رنبة أ�نفه ‪ ..‬مسح رقبته ‪ ، ..‬ثم ّ‬ ‫قليال ‪ ..‬وتابع ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫_ دكـتور إذا ّ‬ ‫عطلتك عن شي ؟؟ ال تواخذني بالله ‪..‬لنو �ني جيت لعندك قبل ‪� ..‬ني و خي ّـي ‪ ..‬بتعرفو يمكن ‪ ..‬خالد ‪ ..‬عندكن بالمشفى ‪ ..‬شايف كيف ‪..‬‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ آ‬ ‫ّ أ أ‬ ‫أ‬ ‫يبدل الوراق �مامه ب�خرى مبعثرة على الطاولة ‪ّ ،‬مد يده إلى �حد الدراج ‪� ..‬خرج �لة حاسبة ‪ ..‬ثبت‬ ‫وفيما فضاء العيادة يمتص لهاثه‪ ،‬كان الدكـتور �يمن‬ ‫نظارته ً‬ ‫جيدا ‪ ..‬التفت نحوه ‪ ..‬قال ‪:‬‬ ‫آ أ‬ ‫أ أ أ‬ ‫_ هم ‪ ...‬آ�ه ‪ ...‬خالد طبيب ّ‬ ‫متمرن ‪ ..‬بالقلبية ‪� ..‬ه ‪ ..‬ك�ني بعرفو ‪ ..‬المهم ‪ ..‬شو كانت مشكلتك يومها ‪� ..‬خي �بو �حمد ؟؟؟؟‬ ‫أ‬ ‫بدا القيظ الشديد داخل الغرفة أك�نشوطة حول عنق « أ�بو محمد» ‪ ..‬تالحقت أ�نفاسه ‪َّ ..‬‬ ‫وضمخ العرق ر�سه الحليق ‪ّ ..‬فتش عن منديله ‪ ..‬سحبه ‪ ..‬مرره‬ ‫أ‬ ‫بسرعة حول عنقه ‪ّ ..‬‬ ‫كرسي بجانبه ‪َّ ..‬‬ ‫جفف حول عينيه ‪ ،‬نقل عكازيه من حضنه أو�سندها إلى ّ‬ ‫افترت شفتاه عن ابتسامة خفيفة ‪ ،‬وبنبرة خافتة بد� من‬ ‫جديد ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫_ يمكن ‪ ..‬يعني ‪ ..‬العفو منك دكـتور ‪ ..‬يمكن ما عرفتني ‪ ..‬من شي عشرين يوم تقريبا ‪ ..‬كنت دايخ شوي هيك ‪..‬شايف كيف ‪ ..‬وجينا لعند جنابك ‪..‬‬ ‫آ‬ ‫كان معي خالد يعني شايف ‪ ..‬هو مش دكـتور ‪..‬هو موظف عندكن بالمشفى ‪ ..‬عالكـفاءة ‪ّ ..‬‬ ‫وقلك شايف ‪ّ ..‬قلك عن ّالدوخة ‪� ..‬ه ‪ ..‬وكان ّبدا عملية ‪ ..‬و‪...‬‬ ‫ّ أ‬ ‫أ‬ ‫شوي ‪ ..‬يا �خي هذا حكيم ‪..‬‬ ‫لكن انشغال الطبيب �تاح له الوقت ليراجع الموقف ‪ّ ،‬فكر « معقول ما بيعرفو ؟! ال ‪ ..‬ال‪ ...‬يمكن هالحسابات شغلت بالو‬ ‫طيب ‪ّ ..‬‬ ‫بيعمل خمسين عملية باليوم ‪ّ ..‬‬ ‫طيب‪« ...‬‬ ‫أ‬ ‫_ حكيم ‪ ..‬من بعد خاطرك ّ‬ ‫تحملني شوي ‪� ..‬ني صار معي حادث بسيط هيك‪ ..‬حادث موتور ‪ ..‬خاص بحالتي يعني ‪ ..‬شايف كيف ‪ ..‬حتى ّاللي جابو‬ ‫آ‬ ‫ّ‬ ‫خالد نفسو يعني ‪ ..‬شايف ‪ ..‬ومعارفو ‪ّ .. .‬‬ ‫هن اللي ّدبروها عالحدود يعني ‪� ..‬ه المهم ‪ ..‬عملنا بعدها عملية تفريغ مي من الراس ‪ ..‬وكان خالد موجود يعني ‪..‬‬ ‫شايف كيف دكـتور ‪..‬‬ ‫آ آ‬ ‫_ �ه ‪� ..‬ه‪ ...‬تذكرت ‪ ..‬السيد خالد رئيس التمريض ‪..‬‬ ‫_ ال ‪ ..‬ال‪ ..‬يمكنك مشغول ّ‬ ‫شوي يا حكيم ‪ ..‬خالد ‪...‬‬ ‫ً آ‬ ‫آ آ‬ ‫طبعا ‪� ..‬ه‪ ...‬وبعدين ‪ّ ..‬كمل ‪ّ ..‬كمل‬ ‫_ �ه‪� ...‬ه‪ ...‬تذكرتو‬ ‫ّ أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫ينضد الوراق بين يديه ‪ ..‬يرزمها ويغرق في ترتيب الباقي‬ ‫قاطعه الطبيب وهو يسحب �حد الدراج ‪ ..‬يخرج منه رزمة من الوراق ‪ ..‬يرّتبها بسرعة ‪ ..‬ثم‬ ‫المبعثر فوق الطاولة‪.‬‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫خص ّ‬ ‫_ دكـتور خي ّـي خالد ‪ ..‬عندكن ‪ ..‬شايف ‪ ..‬بالمطبخ ‪� ..‬كيد بتعرفو‪�..‬سمر شوي صاير ‪ � ..‬نعم ‪ ..‬المهم ‪..‬اشترالي موتور ّ‬ ‫نص للمعوقين ‪ ..‬شايف ‪..‬‬ ‫وقلي ّبدي عملية ‪ ..‬يعني من شي عشرين يوم ً‬ ‫صورني ّ‬ ‫فعملت حادث بسيط وصار معي نزف بالراس ‪ّ ..‬‬ ‫والزلمي ّ‬ ‫تقريبا ‪..‬‬ ‫متحمل حالو هالحكيم « بس الزم ّ‬ ‫قطع حديثه وهو ّ‬ ‫يفك ياقة القميص ‪ّ ..‬مرر منديله الرطب أ�سفل العنق ‪ ..‬فكر « والله هالغرفة مثل النار ‪ ..‬كيف ّ‬ ‫يتذكرو ‪..‬‬ ‫مش معقول ‪ ..‬يعني ‪ ..‬زميلو بالعمل ‪..‬وبعدين الواسطة مليحة كمان ‪ ...‬هاي عملية بالراس مش لعبة ‪« ....‬‬ ‫ّ أ أ‬ ‫لملم الطبيب حيرته حين رزم آ�خر أالوراق أ�مامه ‪ ،‬فتح دفت ًرا ودون فيه ً‬ ‫شيئا ما بسرعة ‪ ،‬ودسه في �حد الدراج ‪.‬‬ ‫طيب ‪ ..‬إذا ّبدك ‪ ..‬شايف ‪ ..‬اتصل في ‪ ..‬يعني ّ‬ ‫_ دكـتور ‪ّ ..‬‬ ‫بيقلك ‪..‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وقبل �ن ينهي �بو محمد كالمه ‪ ..‬طفت الحيرة على وجه الطبيب ‪،‬وعبق بينهما صمت وارتباك ‪ ..‬قال الطبيب ‪:‬‬ ‫_ اتصل بمين ً‬ ‫عفوا ؟؟؟!!!‬ ‫_ ها؟؟؟ بخالد ‪ ..‬يعني الزم يكون بالدوام شايف كيف ‪ ..‬يعني بدك ّ‬ ‫تعدل تسعين ّ‬ ‫بالمية ‪..‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ك ّـف فج�ة عن الحديث ‪ ..‬وغرق في الذهول حين س�له الحكيم ‪:‬‬ ‫_ مين خالد ؟؟ والله ما انتبهت عالحديث‪.‬‬ ‫‪20006/7/3‬‬ ‫‪24‬‬

‫العدد (‪ )9‬آذار ‪2014‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.