الإيمان بالملائكة

Page 1


‫‪‬‬ ‫اط َر ال هسماو َ‬ ‫ضجَ‬ ‫﴿اْلم ُد َهّلِلَ فَ َ‬ ‫اع َل الح َم َ​َلئَ َك َة ُر ُس اَل أ َ‬ ‫َ‬ ‫َجنَ َح ٍة َمْثح َ​َ‬ ‫َر‬ ‫اْل‬ ‫و‬ ‫ات‬ ‫ح‬ ‫ُوِل أ ح‬ ‫َ​َ َ ح َ‬ ‫حَ ح‬ ‫[فاطر‪]1 :‬‬ ‫اّلِلَ َعلَى ُك َل َش حْي ٍء َ َد ﴾ير‬ ‫يد َِف ح‬ ‫اْلَحل َق َما يَ َشاءُ إَ هن ه‬ ‫ع يَ​َز ُ‬ ‫َوثَُ​َل َ‬ ‫ث َوُرَ​َب َ‬

‫‪1‬‬


‫املقدمة‬ ‫اْلمد للَ حنمدهُ​ُ ونستعينُه ونستهديها ونستغفره ونعوذُ َبلل من شرور أنفسنا‬ ‫إن َ‬ ‫أشهد‬ ‫هادي له و ُ‬ ‫يضلل فَل َ‬ ‫ومن سيئات أعمالنا من يهده هللا فَل مضل له ومن ح‬ ‫عبده ورسولهُ ﴿ َ​َي أَيُّ َها‬ ‫أشهد أ هن حممدا ُ‬ ‫يك له و ُ‬ ‫أ حن ال إلهَ إال هللا وحدهُ ال شر َ‬ ‫هَ‬ ‫ن [آل عمران‪]102 :‬‬ ‫ين َآمنُوا اته ُقوا ه‬ ‫اّلِلَ َح هق تُ َقاتَ​َه َوَال َُتُوتُ هن إَهال َوأَنحتُ حس ُم حسلَ ُمو َ‬ ‫ال ذ َ‬

‫هَ‬ ‫س وَ‬ ‫َ‬ ‫اح َدةٍ َو َخلَ َق َمحن َها َزحو َج َها‬ ‫َ‬ ‫هاس اته ُقوا َربه ُك ُس الذي َخلَ َق ُك حس م حن نَ حف ٍ َ‬ ‫﴿َي أَيُّ َها الن ُ‬ ‫اّلِلَ َكا َن‬ ‫َوبَ ه‬ ‫اّلِلَ اله َذي تَ َساءَلُو َن بَ​َه َو حاْل حَر َح َام إَ هن ه‬ ‫ث َمحن ُه َما َر َج ااال َكْثَ اريا َونَ َساءا َواته ُقوا ه‬ ‫َ‬ ‫كس رَيبا [النساء‪]1 :‬‬ ‫َعلَحي ُ ح َ ا‬ ‫هَ‬ ‫صلَ حح لَ ُك حس أ حَع َمالَ ُك حس َويَ حغ َفحر‬ ‫ين َآمنُوا اته ُقوا ه‬ ‫اّلِلَ َوَُولُوا َ حواال َس َد ا‬ ‫يدا يُ ح‬ ‫َ‬ ‫﴿َي أَيُّ َها الذ َ‬ ‫اّلِل ورسولَه فَ َق حد فَاز فَوزا ع َ‬ ‫لَ ُكس ذُنُوب ُكس ومن ي َ‬ ‫ييما [األحزاب‪]71-70 :‬‬ ‫ع‬ ‫ط‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ح َ ح َ​َ ح ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫ا‬ ‫َ​َ‬ ‫َي َ‬ ‫بعد‬ ‫اْلمد إذا‬ ‫اْلمد َ‬ ‫رضيت ولك ُ‬ ‫اْلمد حّت ترضى ولك ُ‬ ‫لك ُ‬ ‫رب َ‬ ‫َ‬ ‫بعد فإنه مع َ‬ ‫َ‬ ‫ْثري‬ ‫أمهية‬ ‫اإلميان َبملَلئكة عليهس السَلم إال أنك ُ‬ ‫الرضى أما ُ‬ ‫جتد الك َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫بكلمات عام ٍة‬ ‫بتفاصيل اإلميان هبس‪ ،‬وإّما يكتفون‬ ‫من املسلمني‪ ،‬ال يهتمون‬ ‫الناس َبلكتُ َ‬ ‫اهتمام َ‬ ‫ث‬ ‫يطلقوهنا وإذا ذهبنا ِف االجتاه املعاكس نرى‬ ‫ب اليت تتحد ُ‬ ‫َ‬ ‫ني و َ‬ ‫اجلن والسح َر والع َ‬ ‫عن الشياط َ‬ ‫ني و َ‬ ‫اْلسد‪ ...‬اخل‬

‫‪2‬‬


‫الكس بني املؤ َ‬ ‫ث عن املَلئكة‬ ‫حيث ُّ‬ ‫لفات اليت تتحد ُ‬ ‫وال ميكننا املقارنةُ َم حن ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫للحديث عن املَلئكة لدى‬ ‫ُفردت‬ ‫ب اليت أ ح‬ ‫وغريها من اْلمور اليت ذكرُ​ُتا فإ هن ال ُكتُ َ‬ ‫حديث‬ ‫الكتاب املعاصرين َليلة﴾ جدا على حسب علمْي واطَلعْي كما أن‬ ‫َ‬ ‫العلماء والدعاةَ و َ‬ ‫َ‬ ‫الفقهاء وطَلب العل َس و َ‬ ‫أهل الفكر والْثقافة ِف وسائل اإلعَلم‬

‫َ‬ ‫حيث التفصيل والتوضيح والبيان مع‬ ‫اندر من ُ‬ ‫كالفضائيات وغ َريها عن املَلئكة ﴾‬

‫أن هلس صلةا َويةا َبإلنسان َبل مولده وأثناء حياته وعند مماته وِف داره الربزخية‬ ‫وعند البعث واْلياة االخرة وهلس ِف َ‬ ‫أعمال يقومون هبا‬ ‫كل املراحل ﴾‬

‫َ‬ ‫أصحاب الدعاء العييس َ‬ ‫اإلميان الذي ذكره هللا‬ ‫ْلهل‬ ‫واملَلئكةُ املقربون هس‬ ‫ُ‬ ‫لنا ِف كتابه َال تعاىل‪﴿ :‬اله َذين َ​َي َ‬ ‫ش َوَم حن َح حولَهُ يُ َسبَ ُحو َن َِبَ حم َد َرهبَ​َ حس‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ح‬ ‫َح َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫ت ُك هل َش حْي ٍء َر حْحَةا َو َعلح اما فَا حغ َفحر‬ ‫ين َآمنُوا َربهنَا َوس حع َ‬ ‫َويُ حؤمنُو َن به َويَ حستَ حغفُرو َن للهذ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ك وَ​َ َهس ع َذاب ا حجل َحي َس ربهنَا وأَد َخ حلهس جن َ‬ ‫هات َع حد ٍن الهَيت‬ ‫ين َ​َتبُوا َواتهبَعُوا َسبَيلَ َ َ ح َ َ َ َ َ ح ُ ح َ‬ ‫للهذ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اْلَ َك ُيس َوَ​َ َه ُس‬ ‫ت الح َع َز ُيز ح‬ ‫آَبئَ َه حس َوأ حَزَواج َه حس َوذُ َرهَيُت حس إَنه َ‬ ‫ك أَنح َ‬ ‫َو َع حد َُتُحس َوَم حن َ‬ ‫صلَ َح م حن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ات ومن تَ َق ال هسيَئ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ييس [غافر‪]9-7 :‬‬ ‫ات يَ حوَمئَذ فَ َق حد َرْححتَهُ َو َذل َ‬ ‫َ‬ ‫ال هسيَئَ َ َ ح‬ ‫ك ُه َو الح َف حوُز الح َع ُ‬ ‫فهذا الدعاءُ من املَلئكة املقربني ْلهل اإلميان من بين اإلنسان والذي‬

‫َيتاج ٍ‬ ‫لتأمل وتفك ٍر وتدب ٍر وعلى املسلمني أن َي ُددوا عَلَتَهس‬ ‫ُّ‬ ‫تقشعر منه اْلبدان ُ‬ ‫َ‬ ‫وفتور ورّبا النسيان ِف عَلَته َبملَلئكة‬ ‫اإلميانيةَ‬ ‫َبملَلئكة فالكْثريُ منا أصابَه ﴾‬ ‫ضعف ﴾‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خلف الشياطني‬ ‫الناس يلهْثون َ‬ ‫يعل َ‬ ‫وهذا م حن وساوس إبليس وطرَه اْلبيْثة لكْي َ‬ ‫‪3‬‬


‫والسحرة اخل ويرتكوا َم حن جعلهس هللا سبب ا ِف ْحايتهس من املخلوَات الشريرة وغري‬ ‫اّلِلَ‬ ‫َ‬ ‫ات َم حن بَح َ‬ ‫ني يَ َديحَه َوَم حن َخ حل َف َه َحَي َفيُونَهُ َم حن أ حَم َر ه‬ ‫املنيورة َال تعاىل‪﴿ :‬لَهُ ُم َعقبَ ﴾‬ ‫اّلِلُ بَ​َق حوٍم ُسوءاا فَ َ​َل َمَرهد‬ ‫اّلِلَ َال يُغَ​َريُ َما بَ​َق حوٍم َح هّت يُغَ​َريُوا َما َِبَنح ُف َس َه حس َوإَ َذا أ َ​َر َاد ه‬ ‫إَ هن ه‬ ‫لَه وما َهلس َمن ُدونَ​َه َمن و ٍ‬ ‫ال [الرعد‪]11 :‬‬ ‫ُ َ َ ُح ح‬ ‫حَ‬ ‫َ‬ ‫َ َ​َ َ‬ ‫َ‬ ‫َح َد ُك ُس‬ ‫﴿وُه َو الح َقاهُر فَ حو َق عبَاده َويُحرس ُل َعلَحي ُك حس َح َفيَةا َح هّت إ َذا َجاءَ أ َ‬ ‫وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫﴿وُه َو‬ ‫َهر ه‬ ‫الح َم حو ُ‬ ‫كل َ‬ ‫ت تَ َوفهحتهُ ُر ُسلُنَا َوُه حس َال يُ َفرطُو َن [األنعام‪ ]61 :‬أي وهو الذي َ‬ ‫َ‬ ‫اهر فَو َق َعب َادهَ‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة‬ ‫كل شْيء أي من‬ ‫وخضع جلَلله وعيمته وكربَيئه ُّ‬ ‫الح َق ُ ح َ‬ ‫َ‬ ‫َيفيون بد َن اإلنسان(‪َ ﴿ )1‬ويُحرَسل َعلَحي ُك حس َح َفيَةا تعاىل ﴿إَ حن ُك ُّل نَ حف ٍ‬ ‫س لَ هما‬ ‫ُ‬ ‫(‪)2‬‬ ‫َيرسها من اآلفات‪.‬‬ ‫ظ [الطارق‪ ]4 :‬أي حاف ﴾‬ ‫َعلَحي َها َحافَ ﴾‬ ‫ظ ُ‬

‫التفصيلية َبملَلئكة ْلهنا َ‬ ‫َ‬ ‫ترس ُخ اإلميا َن به تعمقه‬ ‫يهتس َبملعر َفة‬ ‫وهذا‬ ‫الكتاب ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ص حو َن هللا ما أمرهس‬ ‫وجتد ُد احملبةَ واملود َة و ُّ‬ ‫الصحبةَ مع عباد هللا اْلبرار الذين ال يَ حع ُ‬ ‫حتقيق العبودية اْلالصة ْلالقنا العييس جل‬ ‫ويفعلون ما يؤمرون والذين يربطنا هبس ُ‬

‫ِف عَله‪.‬‬

‫(‪ )1‬صحيح تفسري ابن كْثري للعدوي (‪.)27/2‬‬ ‫(‪ )2‬املصدر نفسه (‪.)625/4‬‬

‫‪4‬‬


‫قمت بتقسيم هذا الكتاب إىل فصول‪:‬‬ ‫هذا وقد ُ‬ ‫الفصل األول يتحدث عن تعريف املَلئكة وحقيقتهس ومادة خلقهس ومنزلة‬ ‫إبليس من املَلئكة؟‬ ‫اإلميان هبس وهل كان ُ‬ ‫مت فيه عن صفاُتس اْلَلقية واْلُلقية واليت من أمهها‬ ‫وِف الفصل الثاين تكل ُ‬

‫َعيَ ُس خلقهس وضخامة أجسامهس وَوُتس وعيس سرعتهس ووصف أجنحتهس وعدم‬

‫كَلمهس ومجاهلُس‬ ‫حاجتهس لألكل والشرب وكوهنس ال يوصفون َبلذكورة واْلنوثة و ُ‬ ‫وَدراُتس اْلارَة وكوهنس ال ميلون وال يتعبون من عبادة هللا وطاعته وتنفيذ أوامره‬ ‫اْلديث عن َدرُتس على التمْثل والتشكل وأخَلَهس الكرمية كالرب والتواضع‬ ‫وكان‬ ‫ُ‬ ‫وعدم التكرب واْلياء والنيام وَيبون من أحبهه هللا ويبغضون من أبغضه هللا‪.‬‬ ‫نت اْلمساءَ العامة هلس‬ ‫وِف الفصل الثالث أشرت إىل عددهس وأمسائهس فبي ُ‬

‫كاْلشهاد واملأل اْلعلى واجلنود والسفرة والرسل واْلمساء اْلاصة كجربيل والروح‬

‫اْلمني وروح القدس وميكائيل وإسرافيل ومالك خازن النار وملك املوت ومنكر‬ ‫حت اْلمساء املنسوبة للمَلئكة اليت مل تص هح تسميةُ‬ ‫ونكري وهاروت وماروت ووض ُ‬

‫ُتوت أم ال؟ وهل ميكن‬ ‫املَلئكة هبا كعزرائيل‬ ‫ووَفت مع موت املَلئكة؛ هل ُ‬ ‫ُ‬ ‫رؤيتهس أم أهنا مستحيلة؟‬

‫َ‬ ‫اْلديث عن إمياهنس َبلل‬ ‫املَلئكة فكان‬ ‫والفصل الرابع أفردتُه لبيان عبادة‬ ‫ُ‬ ‫‪5‬‬


‫بيحهس هللا عز وجل ودعاءهس للمؤمنني وعن‬ ‫عز وجل وشهادُتس َبلتوحيد وتس ُ‬ ‫َ‬ ‫والء املَلئكة للمؤمنني وبراءُتس من أهل الكبائر واملعاصْي َ‬ ‫وبغضهس ْلئمة الكفر‬ ‫وخ َوفهس من هللا وخشيتهس له وحضوَر َ‬ ‫جمالس الذكر وخطبة يوم اجلمعة و حضورهس‬ ‫املأموم وصَلة املَلئكة وَيامهس وركوعهس‬ ‫الصلوات ِف املساجد وَوهلس ما يقول‬ ‫ُ‬

‫َ‬ ‫آَبئَ َه حس‬ ‫هات َع حد ٍن يَ حد ُخلُ َ‬ ‫﴿جن ُ‬ ‫وهنَا َوَم حن َ‬ ‫صلَ َح م حن َ‬ ‫وسجودهس وسَلمهس كقوله تعاىل ‪َ :‬‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ص َحربُحت‬ ‫َوأ حَزَواج َه حس َوذُ َرهَيُت حس َوالح َم َ​َلئ َكةُ يَ حد ُخلُو َن َعلَحي َه حس م حن ُك َل َ​َبب ۝ َس َ​َل ﴾م َعلَحي ُك حس ّبَا َ‬ ‫فَنَ حعس عُ حقَب الدها َر [الرعد‪]24-23 :‬‬ ‫َ َ‬

‫لت في ه أعم ال املَلئكة املت علقة ببين اإلنسان‬ ‫وِف الفصل اخلامس فص ُ‬

‫من نفخ اْلرواح ِف اْلجنة‪ ،‬ومراَبة اإلنسان وكتابة أعماله وإحصاؤه عليه َال‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ني ۝ يَ حعلَ ُمو َن َما تَ حف َعلُو َن‬ ‫ني ۝ كَر ااما َكاتبَ َ‬ ‫﴿وإَ هن َعلَحي ُك حس َْلَافي َ‬ ‫تعاىل‪َ :‬‬ ‫وَال تعاىل‪﴿ :‬أ حَم َحَي َسبُو َن أَ هان َال نَ حس َم ُع َسهرُه حس َوَحَن َو ُاه حس بَلَى َوُر ُسلُنَا لَ َديح َه حس يَكحتُبُو َن‬

‫[االنفطار‪]12-10:‬‬

‫[الزخرف‪]80 :‬‬

‫يصدرُ عن اإلنسان من أَوال وأعمال‬ ‫ومن أعمال املَلئكة كتابة كَل ما‬ ‫ُ‬ ‫الزبَُر ۝‬ ‫﴿وُك ُّل َش حْي ٍء فَ َعلُوهُ َِف ُّ‬ ‫ظاهرة وَبطنة كتابةا تفصيليةا ال إمجالية َال تعاىل‪َ :‬‬

‫صغَ ٍري َوَكبَ ٍري ُم حستَطَ﴾ر‬ ‫َوُك ُّل َ‬

‫[القمر‪]53-52 :‬‬

‫ظ بين اإلنسان ومَلزمته ودعوته للخري والسفارة بني هللا‬ ‫ومن أعماهلس حف ُ‬

‫وبني عباده وتْثبيت املؤمنني وَتاهلس معهس وَبض اْلرواح عند املوت وسؤال امليت‬ ‫ِف َربه مث تنعيمه أو تعذيبه بعد إعادة الروح إىل اجلسد ونفخهس ِف الصور وَيامهس‬

‫‪6‬‬


‫برعاية أهل اجلنة ونعيمهس وخزنة النار‪.‬‬ ‫وأما أعمال املَلئكة املتعلقة َبلكون فمنهس ْحلةُ العرش واملوكلون‬ ‫َبلسحاب والقطر وملك اجلبال وغريها من اْلعمال كإهَلك اْلمس املكذبة وتبليغ‬ ‫النب (ﷺ) بسَلم أمته‪.‬‬ ‫َ‬ ‫اْلديث عن مكايد الشيطان ِف مسائل اإلميان‬ ‫وِف الفصل السادس كان‬ ‫ُ‬ ‫َبملَلئكة كإنكارهس وعبادُتس وتقديسهس‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وحقوق‬ ‫مت عن املفاضلة بني املَلئكة والبشر‬ ‫وِف الفصل السابع تكل ُ‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة على بين آدم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫اإلميان َبملَلئكة ِف حياة اإلنسان واليت من‬ ‫وِف الفصل الثامن حتدثت عن وأث َر‬ ‫أمهها‪.‬‬ ‫تقويةُ شعوِر املسلم بعظمة هللا عز وجل‪:‬‬ ‫عييس ِف‬ ‫فاملَلئكة كما يتضح من صفاُتس ووظائفهس ﴾‬ ‫خلق عييس ِف القدرة ُ‬ ‫َ‬ ‫س عيمةَ الباري سبحانه فهو هللا‬ ‫السرعة ُ‬ ‫عييس ِف الطاعة وهذه العيمةُ تعك ُ‬ ‫بديع السماوات واْلرض فالتدبر ِف صفاُتس اليت أخربان هللا هبا ِف‬ ‫الواحد اْلحد ُ‬ ‫القرآن وثبتت ِف السنة يعل القلب مضطرا إىل تعيي َس َ‬ ‫َ‬ ‫خالقه َ‬ ‫ورجائه‬ ‫وهيبته وخوفَه‬ ‫ُ َ‬ ‫وحده‬ ‫بد َ‬ ‫عييس وال شك فاستحق أن يُ حع َ‬ ‫فإ هن َ‬ ‫خالق هذه املخلوَات العييمة ﴾‬

‫‪7‬‬


‫صى‬ ‫سبحانه وتعاىل وأن يُته َقى ِب حن يُ حذ َكَر فَل يُحن َسى ويُطاع فَل يُ حع َ‬

‫(‪)1‬‬

‫صطَ​َفْي َم َن‬ ‫ي َع َز ﴾يز ۝ ه‬ ‫اّلِلَ َح هق َ حد َرَه إَ هن ه‬ ‫﴿ما َ َد ُروا ه‬ ‫اّلِلَ لَ​َق َو ٌّ‬ ‫اّلِلُ يَ ح‬ ‫َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫اّلِل َ​َمس َ‬ ‫الح َم َ​َلئَ َك َة ُر ُس اَل َوَم َن الن َ‬ ‫ني أَيح َدي َه حس َوَما َخ حل َف ُه حس َوإَ َىل‬ ‫يع بَصري﴾ ۝ يَ حعلَ ُس َما بَح َ‬ ‫هاس إَ هن هَ ﴾‬ ‫هَ‬ ‫اْلُمور [الحج‪]77-74 :‬‬ ‫اّلِل تُ حر َج ُع ح ُ ُ‬ ‫اّلِل ح هق َ حد َرهَ و حاْلَرض َ​َ‬ ‫ضتُهُ يَ حوَم الح َقيَ َام َة‬ ‫مج ايعا َ حب َ‬ ‫َ ح ُ‬ ‫﴿وَما َ َد ُروا هَ َ‬ ‫وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫ت بَيَ َمينَ َه ُسحب َحانَهُ َوتَ َع َاىل َع هما يُ حش َرُكو َن‬ ‫ات َمطح َوهَي ﴾‬ ‫َوال هس َم َاو ُ‬

‫[الزمر‪]67 :‬‬

‫ول على اْلمن والطمأنينة واْلياة الطيبة‬ ‫ومن مثار اإلميان َبملَلئكة أن اْلص َ‬

‫ِف الدنيا واالخرة متوَفة﴾ على حتقيق اإلميان ومن ذلك اإلميان َبملَلئكة عليهس‬

‫هَ‬ ‫ك َهلُ​ُس حاْل حَم ُن َوُه حس ُم حهتَ ُدو َن‬ ‫ين َآمنُوا َوَملح يَ حلبَ ُسوا إَميَ َاهنُحس بَيُحل ٍس أُولَئَ َ‬ ‫السَلم َال تعاىل‪﴿ :‬الذ َ‬ ‫[األنعام‪]82 :‬‬

‫أمن اخر وطمأنينة حسية ِف الدنيا حتصل ملن حقق اإلميان َبملَلئكة‬ ‫وهناك ﴾‬

‫ويسكن‬ ‫نفسه‬ ‫فهس َيفيونه من أمر هللا وِبمر هللا وَيفيونه من أعدائه‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫فتطمئن ُ‬ ‫وعلس أنه إ حن‬ ‫ويعلس أن ما أصابه مل يكن ليخطئه وما أخطأه مل يكن ليصيبه َ‬ ‫َلبُه ُ‬

‫ذكر هللا َ‬ ‫ببعض اْلذكار املشروعة كآية الكرسْي وسورة اإلخَلص واملعوذتني وحنو‬ ‫َ‬ ‫ذلك أرسل هللا مَلئكةا َيفيونه من أعدائه فَل يضره ٌّ‬ ‫اب وال َس حح﴾ر‬ ‫جان وال دو ُ‬ ‫ابتعد عما ال ينفعه من الذهاب إىل‬ ‫فإذا عرف ذلك ركن إىل هللا وتوكل عليه و َ‬ ‫الكهان والسحرة وحنوهس ْلهنس ال يزيدونه إال خوفا كما َال تعاىل‪َ ﴿ :‬وأَنههُ َكا َن‬ ‫س ي عوذُو َن بَ َرج ٍال َمن حَ‬ ‫ال َمن حَ‬ ‫َ‬ ‫ه اقا [الجن‪]6 :‬‬ ‫وه حس َرَ‬ ‫اجل َن فَ َز ُاد ُ‬ ‫اإلنح َ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ر َج ﴾ َ‬ ‫(‪ِ )1‬ف املَلئكة املقربني‪ ،‬د‪ .‬حممد عبدالوهاب‪ ،‬ص(‪.)229‬‬

‫‪8‬‬


‫وأينما كنت وأينما توجهت ِف ب ٍر وِب ٍر و ٍ ٍ‬ ‫معك مَلئكة﴾ ال‬ ‫أرض ومساء فإ هن َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫َ‬ ‫صل‬ ‫يفارَونك أبدا‬ ‫فليحرص ُ‬ ‫العبد على حتقيق العبودية اْلالصة لل تعاىل حّت َي َ‬ ‫اْلمن والطمأنينةُ واْلمآيةُ الرَبنية﴾ اليت ال تعادهلا ْحآية﴾ َال تعاىل‪ ﴿ :‬فَ ه‬ ‫اّلِلُ َخ حري﴾‬ ‫له ُ‬

‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ني‬ ‫َحافياا َوُه َو أ حَر َح ُس الهراْح َ‬

‫[يوسف‪]64 :‬‬

‫هذا وَد‬ ‫انتهيت من هذا الكتاب يوم اْلميس الساعة الْثانية إال ربع ظهرا‬ ‫ُ‬

‫بتاريخ ‪ 1431/6/6‬ه املوافق ‪ 2010/5/20‬م ّبدينة الدهوحة والفضل‬

‫صدور‬ ‫العمل ويشرح‬ ‫َبل ومن ُ‬ ‫َ‬ ‫بعد وأسأله سبحانه وتعاىل أن يتقب َل هذا َ‬ ‫لل من ُ‬ ‫َ‬ ‫اّلِلُ لَلن َ‬ ‫هاس َم حن‬ ‫﴿ما يَ حفتَ َح ه‬ ‫العباد لَلنتفاع به ويبارك فيه ّبنه وكرمه وجوده َال تعاىل‪َ :‬‬

‫َر حْحٍَة فَ َ​َل ممُح َس َك َهلَا َوَما ميُح َس حك فَ َ​َل ُمحرَس َل لَهُ َم حن بَ حع َدهَ َوُه َو الح َع َز ُيز حاْلَ َك ُيس [فاطر‪.]2 :‬‬ ‫بقلب خاش ٍع ٍ‬ ‫أَف ٍ‬ ‫منيب أمام‬ ‫وال يسعين ِف هنآية هذا الكتاب إال أن َ‬

‫خالقْي العييس وإهلْي الكرمي مع َرتفا بفضله وكرمه وجوده متربائا من َح حوِل وَويت‬ ‫ملتجئا إليه ِف َ‬ ‫كل حركايت وسكنايت وحيايت وممايت فاللُ خالقْي هو املتفض ُل ورّب‬ ‫العييس هو املوف ُق فلو ختلى عين ووكلين إىل عقلْي ونفسْي‬ ‫املعني وإهلْي‬ ‫الكرميُ هو ُ‬ ‫ُ‬ ‫ت العواطف ولتحج َ‬ ‫لتبلد مين العقل ولغابة الذاكرةُ وليبست اْلصابع وجلف َ‬ ‫رت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫لعجز القلس عن البيان‪.‬‬ ‫املشاعر و َ‬ ‫ُ‬

‫اللهس بصرين ّبا يرضيك واشرح له صدري وجنبين اللهس ما ال يرضيك‬ ‫جتعل‬ ‫واصرفه عن َلب وتفكريي وأسألك ِبمسائك اْلُسَ وصفاتك العَل أن َ‬ ‫‪9‬‬


‫كل ٍ‬ ‫عملْي لوجهك خالص ا و َ‬ ‫لعباد َك انفع ا وأن تْثيبين على َ‬ ‫حرف كتبتُه وجتعله ِف‬

‫ْثيب إخواين الذين أعانوين على إُتام هذا اجلهد الذي والك‬ ‫ميزان حسنايت وأن ت َ‬

‫انتشار بني الناس‪.‬‬ ‫ما كان له ﴾‬ ‫وجود وال ﴾‬

‫ونرجو من َ‬ ‫العبد الفقري إىل‬ ‫كل مسل َس يطلع على هذا الكتاب أال ينسى َ‬

‫عفو ربه ومغفرته ورْحته ورضوانه من دعائه ﴿فَتَ ب هسس ض َ‬ ‫اح اكا َمن َ وَهلَا وَ َال ر َ‬ ‫ب‬ ‫َ َ َ‬ ‫ح ح َ َ‬ ‫ي وأَ حن أَعمل َ‬ ‫َ‬ ‫ضاهُ َوأ حَد َخ حل َين‬ ‫أ حَوَز حع َين أَ حن أَ حش ُكَر نَ حع َمتَ َ‬ ‫صاْلاا تَ حر َ‬ ‫ك الهَيت أَنح َع حم َ‬ ‫ت َعلَ هْي َو َعلَى َوال َد ه َ ح َ َ َ‬ ‫ك َِف َعب َاد َك ال ه َ​َ‬ ‫ني [النمل‪]19 :‬‬ ‫بَ​َر حْحَتَ َ‬ ‫صاْل َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ هَ‬ ‫َ‬ ‫وان‬ ‫ين َسبَ ُق َ‬ ‫وأختس هذا الكتاب بقوله هللا تعاىل‪َ :‬‬ ‫﴿ربهنَا ا حغف حر لَنَا َوَإل حخ َواننَا الذ َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫َ‬ ‫وف َرَح ﴾يس‬ ‫هك َرءُ ﴾‬ ‫ين َآمنُوا َربهنَا إَن َ‬ ‫َبحإلميَان َوَال َحجت َع حل ِف َُلُوبَنَا غ اَل للهذ َ‬

‫[الحشر‪]10 :‬‬

‫سبحانك اللهس ِبمدك أشهد أن ال إله إال أنت استغفرك وأتوب إليك‪.‬‬ ‫كتبه‬ ‫علي حممد حممد الصاليب‬ ‫غفر هللا له ولوالديه وجلميع املسلمني‬

‫الفصل األول‬

‫‪10‬‬


‫تعريف املالئكة‬ ‫وحقيقتهم ومادة خلقهم‬ ‫‪:‬أوالا تعريف املَلئكة لغة وشرع ا‬ ‫‪:‬اثنيا حقيقة املَلئكة كما وردت ِف الكتاب والسنة‬ ‫‪:‬اثلْثا منزلة اإلميان َبملَلئكة‬ ‫‪:‬رابع ا خلقهس‬ ‫‪:‬خامسا هل كان إبليس من املَلئكة؟‬

‫‪11‬‬


‫الفصل األول‬ ‫تعريف املالئكة وحقيقتهم ومادة خلقهم‬ ‫أوالً ‪ -‬تعريف املالئكة لغة وشرعاً‬

‫‪ - 1‬املَلئكة لغة َمجحع ملَ ٍ‬ ‫ك وأصله «مألك» وَيل «مألك» على وزن‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ت حركةُ اهلمزةَ إىل الَلم وأُسقطت فوزن «ملك» فعل وَيل مأخوذ﴾‬ ‫َم حف َعل فنُقلَ ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وسقطت اهلمزةُ فوزن‬ ‫ت اْلركةُ‬ ‫من «ْل َ​َك» إذا أرسل «فمألك» َم حف َعل مث نُقلَ ح‬ ‫«ملك» َم َف حل وَيل غري ذلك(‪.)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫َ‬ ‫مقلوب‬ ‫وَيل‬ ‫لتأنيث اجلم َع أو للمبالغة‬ ‫واهلاءُ ِف «املَلئكة» مزيدة﴾‬ ‫﴾‬ ‫«مألك» من اْللوكة وهْي الرسالة َال الشاعر‪:‬‬ ‫َ (‪)3‬‬ ‫تَن هزَل َمن ج َو ه َ‬ ‫ب‬ ‫ت ْلَنح َسى َول حكن لَ َمأل ٍحك‬ ‫فَلَ حس ُ‬ ‫الس َماء يُ َ‬ ‫صو ُ‬ ‫َ ح َ‬ ‫ومألك مفعل من ْل َ​َك إذا أرسل واْللوكة واملألك واملألكة واملألكة الرسالةُ‪.‬‬ ‫لبيد‪:‬‬ ‫وَال ُ‬ ‫َلم أرس‬ ‫وغ ﴾‬

‫(‪)1‬‬

‫ِبل ٍ‬ ‫وك فَ بَ َذلح ن ا َم ا َس‬

‫لَ حت هُ أ ُُّم هُ‬

‫أ حَل‬

‫املصباح املنري (‪ )18/1‬القاموس احمليط (‪ .)327/3‬وانير (رسالة املَلئكة) ْلّب العَلء املعري بتحقيق العَلمة حممد سليس اجلندي‪ ،‬وهو‬

‫من منشورات جممع اللغة العربية بدمشق‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫لسان العرب (‪.)496/10‬‬

‫(‪)3‬‬

‫الواسطة بني هللا وخلقه‪ ،‬د‪ .‬املرابط الشنقيطْي ط (‪.)105‬‬

‫‪12‬‬


‫يق ال ألكين أي أرس لين(‪.)1‬‬ ‫َ‬ ‫االشقاق من (اْللوكة) وهْي الرسالة فاملَلئكةُ عليهس‬ ‫أصل‬ ‫فعلى هذا يكو ُن ُ‬ ‫يد إىل َ‬ ‫خلقه وَد مساهس هللا عز وجل بذلك ِف آَيت‬ ‫رسل هللاَ ّبا ير ُ‬ ‫السَلم هس ُ‬ ‫ٍ‬ ‫اق هبَ​َس ذَرعا وَ َال ه َذا‬ ‫ت رسلُنَا لُوطاا َسْيء هبَ​َس وض َ‬ ‫كْثرية منها َوله تعاىل‪﴿ :‬ولَ هما جاء ح‬ ‫َ‬

‫َ َ ُ​ُ‬

‫َ حَ​َ‬

‫ح حا َ‬

‫َ‬

‫َ‬ ‫يب [هود‪ ]77 :‬وَال تعاىل‪َ َ﴿ :‬ال فَ َما َخطحبُ ُك حس أَيُّ َها الح ُمحر َسلُو َن [الذاريات‪.]31 :‬‬ ‫يَ حو﴾م َعص ﴾‬ ‫عامة أهل اللغة واملفسرين(‪.)2‬‬ ‫وهذا الذي عليه ُّ‬

‫وَيل أصله امللك هو اْلخذ بقوة وَيل خمفف من (مالك) وَيل ُمسوا بذلك‬ ‫لتوليهس تدبري ما أمرهس هللا به ِف السماو َ‬ ‫ات كما يس همى َم حن ه‬ ‫يتوىل تدبري شؤون‬ ‫َ‬ ‫اشتقاق االس َس من (اْللوكة) ‪ -‬وهْي الرسالة‬ ‫القول ِب هن‬ ‫الناس ِف اْلرض َملَك ا و ُ‬ ‫َ‬ ‫ أَرب وأصوب من جهة َ‬‫اللغة واملعَ أما املعنيان اآلخران فهما من صفاُتس‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عليهس السَلم(‪.)3‬‬ ‫أجسام علوية﴾ َائمة﴾ ِبنفسها َادرة﴾ َبلقدرة اإلهلية‬ ‫‪ - 2‬املَلئكة شرعا هس‬ ‫﴾‬

‫حصر هلا ال أيكلون وال يشربون وال ينكحون‬ ‫على التشكل ذوو َدرات خارَة ال َ‬

‫مقربون طائعون ال يعصون هللا ما أمرهس ويفعلون ما أيمرون وليس هلس من‬ ‫َ‬ ‫اْللوهية شْيء﴾(‪.)4‬‬ ‫خصائص الربوبية و‬ ‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني‪ ،‬د‪ .‬حممد عقيل ط (‪.)14‬‬

‫(‪)2‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)14‬‬

‫(‪)3‬‬

‫املصدر نفسه ص (‪.)15‬‬

‫(‪ )4‬الواسطة بني هللا وخلقه ص (‪.)105‬‬

‫‪13‬‬


14


‫اثنياً ‪ -‬حقيقة املالئكة كما وردت يف الكتاب والسنة‪:‬‬

‫الكتاب و َ‬ ‫َ‬ ‫السنة وإمجاعُ املسلمني أ هن املَلئكة‬ ‫نصوص‬ ‫الذي دلت عليه‬ ‫ُ‬ ‫اإلنس وهس‬ ‫َخ حل ﴾ق من خلق هللا سبحانه وتعاىل خلقهس لعبادته كما َ‬ ‫خلق اجل هن و َ‬

‫أحياء﴾ عقَلء﴾ انطقون‪.‬‬

‫خلق هللاَ لكنه عامل‬ ‫وعامل املَلئكة غري عامل اجلن واإلنسان وإن كان‬ ‫اجلميع َ‬ ‫ُ‬

‫كرمي طاهر اصطفاه هللا ِف الدنيا لقربه ولتنفيذ أوامره الكونية والشرعية وجعل هللا‬ ‫إلبَلغ وحيه فأكرمهس هللا هبذا ووصفهس بذلك‬ ‫املَلئكةَ رسلَه وسفراءَه إىل خلقه‬ ‫َ‬

‫﴿وَالُوا هاختَ َذ الهر حْحَ ُن َولَ ادا ُسحب َحانَهُ بَ حل َعبَ ﴾‬ ‫اد ُم حكَرُمو َن ۝ َال يَ حسبَ ُقونَهُ‬ ‫فقال سبحانه‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫َ​َبلح َقوَل وهس َِبَم َرهَ ي عملُو َن ۝ ي علَس ما ب َ‬ ‫ضى‬ ‫ني أَيحدي َه حس َوَما َخ حل َف ُه حس َوَال يَ حش َفعُو َن إَهال ل َم َن حارتَ َ‬ ‫َ ح ُ َ َح َ‬ ‫ح َُ ح ح َح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ك َحَن َز َيه َج َهن َهس َك َذل َ‬ ‫َوُه حس َم حن َخ حشيَتَ َه ُم حشف ُقو َن ۝ َوَم حن يَ ُق حل َمحن ُه حس إَ​َين إَلَه﴾ َم حن ُدونَ​َه فَ َذل َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ني [األنبياء‪]29-26 :‬‬ ‫َحَن َزي اليهالم َ‬

‫َ‬ ‫املَلئكة و هأهنس َخلح ﴾ق كرمي﴾ خلقهس هللا لعبادته‬ ‫فأَب َن هللاُ هبذه اآلَيت حقيقةَ‬

‫ورفع مقامهس وأكرمهس لكنهس مع هذا اإلكرَام مل خيرجوا عن مقام العبودية وال‬ ‫أحدهس ذلك مع َ‬ ‫علو مقامه لعاَبه هللا َبلنار(‪.)1‬‬ ‫يستطيعون ولو ادعى ُ‬

‫اثلثاً ‪ -‬منزلةُ اإلميان‬

‫ابملالئكة ‪:‬‬

‫اإلميا ُن َبملَلئكة هو الركن الْثاين من أر َ‬ ‫صح إميا ُن‬ ‫كان اإلميان الستة اليت ال ي ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫يقبل إال بتحقيقه والقرآن مملوء﴾ بذكر املَلئكة وأصنافهس ومراتبهس واْلم َر‬ ‫وال‬ ‫عبد‬ ‫ُ‬

‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)15‬‬

‫‪15‬‬


‫َبإلميان هبس والتحذي َر من ال ُك حف َر هبس وبيان أحواهلس مع هللا ومع الناس َ‬ ‫وبيان‬ ‫مراتبهس وأعماهلس فتاراة يق َر ُن امسه َبمسهس ويعل اإلميا َن به مستل َز﴾م اإلميا َن هبس وأ هن‬

‫(‪)1‬‬ ‫وه ُك حس َ​َبَ َل الح َم حش َرَق‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬ ‫تعاىل‬ ‫َال‬ ‫‪،‬‬ ‫نال إال َبإلميان هبس‬ ‫الرب ال يُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َه‬ ‫س الحَ هرب أَ حن تُ َولُّوا ُو ُج َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ب ولَ َك هن الحَ هرب من آمن َ​َب هّلِلَ والحي وَم حاآل َخ َر والحم َ​َلئَ َك َة والح َكتَ َ‬ ‫َ‬ ‫ني [البقرة‪]177 :‬‬ ‫اب َوالنهبَيَ َ‬ ‫َ ح َ َ َ َح‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َوالح َم حغ َر َ‬

‫ول َّبَا أُنح َزَل إَلَحي َه َم حن َربَ​َه َوالح ُم حؤَمنُو َن ُكلٌّ َآم َن َ​َب هّلِلَ َوَم َ​َلئَ َكتَ َه‬ ‫﴿آم َن الهر ُس ُ‬ ‫وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫وُكتبَ َه ورسلَ َه َال نُ َف َر ُق بني أ ٍ‬ ‫ك‬ ‫ك َربهنَا َوإَلَحي َ‬ ‫َحد َم حن ُر ُسل َه َوَالُوا َ​َمس حعنَا َوأَطَ حعنَا غُ حفَرانَ َ‬ ‫َح َ َ‬ ‫َ ُ َُ ُ‬ ‫الحم َ‬ ‫اّلِلُ أَنههُ َال إَلَهَ إَهال ُه َو َوالح َم َ​َلئَ َكةُ َوأُولُو‬ ‫﴿ش َه َد ه‬ ‫صريُ [البقرة‪ ]285 :‬وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫الحعَحل َس َائَما َ​َبلح َقس َط َال إَلَه إَهال هو الحع َزيز ح َ‬ ‫﴿َي‬ ‫َ َُ َ ُ‬ ‫اْلَك ُيس [آل عمران‪ ]18 :‬وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫ا‬ ‫ح‬ ‫اب اله َذي نَهزَل َعلَى رسولَ​َه والح َكتَ َ‬ ‫أَيُّها اله َذين آمنُوا آ َمنُوا َ​َب هّلِلَ ورسولَ​َه والحكَتَ َ‬ ‫اب اله َذي‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ​َ ُ َ‬ ‫َ َ َ​َ َ َ​َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ض َ​َلاال‬ ‫ض هل َ‬ ‫أَنح َزَل م حن َ حب ُل َوَم حن يَ حك ُفحر َ​َب هّلِل َوَم َ​َلئ َكته َوُكتُبَه َوُر ُسله َوالحيَ حوم حاآلخ َر فَ َق حد َ‬ ‫بعَ‬ ‫﴿م حن َكا َن َع ُد اوا َهّلِلَ وَم َ​َلئَ َكتَ َه ور ُسلَ َه وَج حَ‬ ‫يل‬ ‫رب‬ ‫‪:‬‬ ‫تعاىل‬ ‫وَال‬ ‫[النساء‪]136 :‬‬ ‫ا‬ ‫يد‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ف الح َم َسي ُح‬ ‫َوَمي َك َ‬ ‫ال فَ​َإ هن ه‬ ‫ين [البقرة‪ ]98 :‬وَال تعاىل‪﴿ :‬لَ حن يَ حستَ حنك َ‬ ‫اّلِلَ َع ُد ٌّو ل حل َكاف َر َ‬ ‫أَ حن ي ُكو َن عب ادا َهّلِلَ وَال الحم َ​َلئَ‬ ‫﴿وَحَي َم ُل‬ ‫‪:‬‬ ‫تعاىل‬ ‫وَال‬ ‫[النساء‪]172 :‬‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ة‬ ‫ك‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َح‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ٍَ َ‬ ‫﴿والح َم َ​َلئَ َكةُ يَ حد ُخلُو َن‬ ‫ش َربَ َ‬ ‫َعحر َ‬ ‫ك فَ حوَ ُه حس يَ حوَمئذ َمثَانيَة﴾ [الحاقة‪ ]17 :‬وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ص َحربُحت فَنَ حعس عُ حقَب الدها َ‬ ‫ر [الرعد‪]24-23 :‬‬ ‫َعلَحي َه حس م حن ُك َل َ​َبب ۝ َس َ​َل ﴾م َعلَحي ُك حس ّبَا َ‬ ‫َ َ‬ ‫وغري ذلك من اآلَيت الكرميات‪.‬‬

‫(‪)1‬‬

‫املصدر نفسه ص (‪.)16‬‬

‫‪16‬‬


‫رسول هللاَ‬ ‫تؤمن َبللَ ومَلئكتَ َه وكتبَ َه ورسلَ َه‪ ،‬واليوم‬ ‫أن‬ ‫ن‬ ‫اإلميا‬ ‫«‬ ‫(ﷺ)‬ ‫وَال ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وتؤمن َبلقد َر خريهَ َ‬ ‫ذكرها‬ ‫وشره» و‬ ‫ُ‬ ‫االخ َر َ‬ ‫اْلحاديث ِف ذكر املَلئكة كْثرية﴾ سيأيت ُ‬ ‫ِف هذا الكتاب إبذن هللا تعاىل‪.‬‬ ‫إ هن اإلميا َن َبلل ومَلئكته وكتبه ورسله واليوم االخر وَبلقدر خريه وشره‬ ‫يصح إميا ُن ٍ‬ ‫عبد إال بذلك(‪.)2‬‬ ‫اجب إمجاالا ال ُّ‬ ‫و ﴾‬

‫(‪)1‬‬

‫وكلما ازداد اإلنسا ُن علما بتفاصيل هذه اْلمور لزمه َمن َ‬ ‫اإلميان ِبسب ما‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يزداد إمياانا(‪َ )3‬ال تعاىل‪﴿ :‬وإَ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ورة﴾ فَ َمحن ُه حس‬ ‫س‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ز‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫بلغه من ذلك وهو بذلك ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هَ‬ ‫اان َوُه حس يَ حستَ حب َشُرو َن‬ ‫َم حن يَ ُق ُ‬ ‫ين َآمنُوا فَ َز َاد حُتُحس إَميَ ا‬ ‫ول أَيُّ ُك حس َز َادتحهُ َه َذهَ إَميَ ا‬ ‫اان فَأَهما الذ َ‬ ‫هُتُحس‬ ‫اب النها َر إَهال َم َ​َلئَ َكةا َوَما َج َع حلنَا َعد َ‬ ‫﴿وَما َج َع حلنَا أ ح‬ ‫َص َح َ‬ ‫[التوبة‪ ]124 :‬وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫هَ‬ ‫َ َ هَ‬ ‫َ َ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫اان‬ ‫ين َآمنُوا إَميَ ا‬ ‫ين أُوتُوا الحكتَ َ‬ ‫اب َويَحزَد َاد الذ َ‬ ‫ين َك َفُروا ليَ حستَ حيق َن الذ َ‬ ‫إهال فحت نَةا للهذ َ‬ ‫[المدثر‪.]31 :‬‬

‫فرض‬ ‫اجب يُنَ ُ‬ ‫ال َبلعلس فتعلُّ ُس هذه اْلمور على وجه اإلمجال ُ‬ ‫واإلمي ان الو ُ‬ ‫عٍ‬ ‫ني على َ‬ ‫كل مسلس ومسلمة(‪.)4‬‬ ‫ِ‬ ‫واإلميا ُن ِ‬ ‫يتضمن ِع َّدة أموٍر منها‪:‬‬ ‫اجململ‬ ‫ابملالئكة َّ‬ ‫‪ - 1‬اإلَر ُار بوجودهس وأهنس خلق من خلق هللا خلقهس هللا لعبادته وهس‬ ‫(‪)1‬‬

‫مسلس (‪.)8‬‬

‫(‪)2‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪ ،)19‬مسلس (‪.)8/1‬‬

‫(‪)3‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)19‬‬

‫(‪)4‬‬

‫املصدر نفسه (‪.)19‬‬

‫‪17‬‬


‫رسل هللاَ إىل خلقه ّبا شاء من وحْي وغريه وأن وجودهس حقيقْي وعدم رؤيتنا هلس‬ ‫ُ‬

‫بعضهس بصورته اْلقيقية وراهس‬ ‫النب (ﷺ) َ‬ ‫ال يدل على عدم وجودهس فقد رأى ُّ‬ ‫اْلنبياءُ والصاْلون والصحابةُ وهس متشكلون بصورة البشر‪.‬‬

‫عباد للَ مأمورون مكلفون‬ ‫‪ - 2‬إنزاهلس منازهلس اليت أنزهلس هللا وإثبات أهنس ﴾‬

‫ال يقدرون إال على ما أَدرهس عليه وأن هللا أكرمهس ورفع مقامهس عنده وفضل‬ ‫بعضهس على ٍ‬ ‫بعض وهس مع هذا ال ميلكون ْلنفسهس وال لغريهس شيئ ا من دون‬ ‫َ‬ ‫ف هلس شْيء﴾ من أنواع العبادة فضَلا أن‬ ‫صَر َ‬ ‫هللا وإذا كانوا كذلك فَل ُ‬ ‫يوز أن يُ ح‬

‫يوصفوا بصفات الربوبية‪.‬‬

‫‪ - 3‬اإلميان ّبا ورد ِف حقهس من الكتاب والسنة‬ ‫‪ - 4‬اإلميان ّبن َمسهى هللا لنا منهس فنقر هبذه اْلمساء وأن لل مَلئكةا منهس‬

‫وم حن مل َ‬ ‫يسس لنا‬ ‫يل‬ ‫وميكائيل ُّ‬ ‫وجب علينا اإلميان َبمسه َ‬ ‫فكل َم حن مسى هللا لنا َ‬ ‫ُ‬ ‫جرب ُ‬

‫نؤمن به إمجاالا(‪.)1‬‬

‫فرض ع ٍ‬ ‫ني على َ‬ ‫كل مسل ٍس‬ ‫فهذا هو اإلميان اجململ هبس عليهس السَلم وهو ُ‬

‫ويب عليهس أن يتعلموا هذا ويعتقدوه(‪.)2‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ -‬لطيفة‪:‬‬

‫نلحظ ِف مجيع النصوص الواردة ِف القرآن الكرمي والسنة املطهرة اليت خترب‬ ‫عن وجوب اإلميان َبملَلئكة أن اإلميان َبملَلئكة مقد ﴾م ِف َ‬ ‫كل هذه النصوص‬ ‫(‪)1‬‬

‫املصدر نفسه ص (‪.)20‬‬

‫(‪)2‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)21‬‬

‫‪18‬‬


‫على اإلميان َبلكتب السماوية والرسل صلوات هللا عليهس وسَلمه فليس معَ‬ ‫هذا التقدم أنه نوع﴾ من التفضيل فليس هناك من املَلئكة على اإلطَلق ‪ّ -‬بن‬

‫فيهس جربيل عليه السَلم ‪َ -‬م حن هو أفضل من سيدان حممد (ﷺ) وهو من الرسل‬

‫ولكن التقدمي ِف هذه النصوص للمَلئكة على الكتب السماوية والرسل ْلنه ال‬ ‫بعد َ‬ ‫الكتب تن َزُل‬ ‫اإلميان َبملَلئكة ْل هن‬ ‫يقع إميا ﴾ن َبلكتب السماوية إال َ‬ ‫َحَي ُدث وال ُ‬ ‫َ‬ ‫عن طريقهس فكا َن اإلميا ُن هبس من البديهْي َبل اإلميان ّبا أيتون به من عند هللا‬

‫تعاىل وكذلك الرسل فَل يؤمن أح ﴾د من البشر ٍ‬ ‫بعث‬ ‫برسول إال وهو يعلس أ هن هللا َ‬ ‫هذا الرسول وكلفه عن طريق املَلئكة فكان اإلميا ُن َبلرسل يستل َزُم اإلميان َبملَلئكة‬ ‫الذين هس الواسطةُ بني الرسل وبني هللا تعاىل وهلذا كان تقدميهس وتقدميُ اإلميان‬

‫هبس على الكتب والرسل(‪.)1‬‬

‫رابعاً خلقهم‬

‫َ‬ ‫وخلَ َق ُّ‬ ‫لق‬ ‫َال رسول هللا (ﷺ) « ُخل َق ح‬ ‫اجلان من مارٍج ُ‬ ‫ت املَلئكةُ من نوٍر ُ‬ ‫وخ َ‬ ‫َ‬ ‫ف لكس»(‪.)2‬‬ ‫آدم مما ُوص َ‬ ‫ُ‬ ‫خلقهس سابَ ﴾ق‬ ‫نعلس أ هن َ‬ ‫وأما مّت ُخلقوا؟ فالل تعاىل مل خيربان بذلك ولكننا ُ‬ ‫أعلس املَلئكة ِبنه‬ ‫على خلق آدم أّب البشر عليه السَلم فقد أخربان هللا أنه َ‬ ‫ك لَحلم َ​َلئَ َك َة إَ​َين ج َ‬ ‫اع ﴾ل َِف‬ ‫﴿وإَ حذ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ال َربُّ َ َ‬ ‫سيجعل ِف اْلرض خليفة َال تعاىل‪َ :‬‬

‫(‪)1‬‬

‫العقيدة الصافية‪ ،‬سيد سعيد ص (‪.)73‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسلس (‪.)2294/4‬‬

‫‪19‬‬


‫حاْلَر َ َ‬ ‫َ‬ ‫آدم عليه السَلم وذريتُه وأمرهس‬ ‫ض َخلي َفةا [البقرة‪ .]30 :‬واملراد َبْلليفة ُ‬ ‫ح‬ ‫َ​َ‬ ‫َبلسجود له حني خلقه ﴿فَ​َإ َذا س هوي تُه ونَ َفخ َ َ َ َ‬ ‫ين‬ ‫َ ح َُ ح ُ‬ ‫ت فيه م حن ُروحْي فَ َقعُوا لَهُ َساجد َ‬ ‫[الحجر‪.)1(]29 :‬‬

‫خامساً هل كان إبليس من املالئكة؟‬ ‫اختلف العلماء ِف جنس إبليس؛ هل هو من املَلئكة أم من اجلن؟ وذلك‬ ‫لورود اآلَيت القرآنية َبستْثنائه من املَلئكة ِف مواضع من القرآن عند التعرض‬ ‫ص هوحرَان ُك حس مثُه‬ ‫﴿ولَ​َق حد َخلَ حقنَا ُك حس مثُه َ‬ ‫لسجود املَلئكة آلدم عليه السَلم َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ​َ‬ ‫َُ حلنا لَحلم َ​َلئَ َك َة اسج ُدوا َآلدم فَسج ُدوا إَهال إَبلَ‬ ‫َ‬ ‫ساجدين [األعراف‪:‬‬ ‫َ َ​َ‬ ‫حُ‬ ‫َ َ‬ ‫يس َملح يَ ُك حن م َن ال ه َ‬ ‫ح َ‬ ‫َمجعو َن إَهال إَبلَ‬ ‫َ‬ ‫استَ حك َ​َرب َوَكا َن َم َن‬ ‫ي‬ ‫س ح‬ ‫‪ ]11‬وَال تعاىل‪﴿ :‬فَ َس َج َد الح َم َ​َلئ َكةُ ُكلُّ ُه حس أ ح َ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬ ‫ين [ص‪ ]74-73 :‬وغري ذلك من اآلَيت وهْي تدل على استْثنائه من‬ ‫الح َكاف َر َ‬ ‫املَلئكة‪.‬‬

‫وَد جاءت آية سورة الكهف مصرحةا ِب هن إبليس من اجلن َال تعاىل‪:‬‬ ‫﴿وإَ حذ َُ حلنا لَحلم َ​َلئَ َك َة اسج ُدوا َآلدم فَسج ُدوا إَهال إَبلَ‬ ‫يس َكا َن َم َن ا حجلَ َن فَ َف َس َق َع حن‬ ‫َ َ​َ‬ ‫حُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ح َ‬ ‫أ حَم َر َربَ​َه [الكهف‪.]50 :‬‬ ‫وإزاءَ هذه اآلايت فقد انقسم العلماء يف هذه املسألة إىل فريقني‪:‬‬

‫ارد ِف اآلَيت إّما‬ ‫إبليس من املَلئكة واالستْثناء الو ُ‬ ‫الفريق اْلول ويرى أ هن َ‬

‫(‪)1‬‬

‫دراسات ِف التفسري املوضوعْي د‪ .‬زاهر اْلملعْي ص (‪.)222‬‬

‫‪20‬‬


‫هو استْثناء﴾ متصل‪.‬‬

‫والفريق الْثاين ويرى أن إبليس مل يكن من املَلئكة وإّما هو من اجلن‬

‫واالستْثناء ِف اآلَيت إّما هو استْثناء منقطع(‪.)1‬‬

‫ولقد اخرتت القول القائل ِبن إبليس مل يكن من املَلئكة وذلك لقوةَ اْلدلة‬

‫واليت منها‪:‬‬

‫‪َ - 1‬وله تعاىل‪﴿ :‬إَهال إَبلَ‬ ‫اجلَ َن فَ َف َس َق َع حن أ حَم َر َربَ​َه‬ ‫يس َكا َن َم َن ح‬ ‫ح َ‬ ‫فإن هللا صرح ِف هذه اآلية الكرمية ِب هن إبليَس كان من اجلن واجلَ ُّن غريُ املَلئكة‬ ‫ب إىل غري ما نسبه هللا إليه(‪.)2‬‬ ‫فَل ُ‬ ‫ينس َ‬ ‫يوز أن َ‬ ‫وَد علل سبحانه فَ حس َق إبليس عن أمر ربه بكونه من اجلن ففرق سبحانه‬ ‫بينه وبني املَلئكة وهذا َ‬ ‫ظاه﴾ر ِف أنه ليس منهس(‪.)3‬‬ ‫سيق مساق التعليل ملا‬ ‫كَلم‬ ‫اجلَ َن‬ ‫َال اْللوسْي‪َ ﴿ :‬كا َن َم َن ح‬ ‫﴾‬ ‫﴾‬ ‫مستأنف َ‬ ‫اجلَ َن فكأنه َيل ما له مل يسجد؟ فقيل‬ ‫يفيده استْثناء اللعني من ﴿ َكا َن َم َن ح‬

‫[الكهف‪]50 :‬‬

‫ظاهر ِف أنه ليس من املَلئكة(‪.)4‬‬ ‫كان أصله جنيا وهذا ﴾‬

‫وَال الشنقيطْي وَولُه ِف هذه اآلية الكرمية‪َ ﴿ :‬كا َن َم َن ا حجلَ َن فَ َف َس َق َع حن‬ ‫َ​َ‬ ‫سبب فسقه عن أمر ربه كونه من اجلن وَد تقرر ِف‬ ‫أ حَم َر َربه ظاهر ِف أ هن َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫عامل اجلن ِف ضوء الكتاب والسنة عبد الرْحن الرباك ص (‪.)476‬‬

‫(‪)2‬‬

‫عامل اجلن ِف ضوء الكتاب والسنة ص (‪.)479‬‬

‫(‪)3‬‬

‫آَيت العقيدة‪ ،‬خالد عبد هللا الدميجْي (‪.)524/1‬‬

‫(‪)4‬‬

‫روح املعاين (‪.)422 421/15‬‬

‫‪21‬‬


‫اْلصول ِف مسلك النص وِف مسلك اإلمياء والتنبيه أن الفاءَ من اْلروف الدالة‬ ‫َ‬ ‫فسجد أي َ‬ ‫ْلجل‬ ‫ت يده أي ْلجل سرَته وسها‬ ‫َ‬ ‫على التعليل كقوهلس ُسَر َق فَ ُقط َع ح‬ ‫﴿وال هسا َر ُق َوال هسا َرَةُ فَاَحطَعُوا أَيح َديَ ُه َما‬ ‫سهوه ومن هذا القبيل َوله تعاىل‪َ :‬‬

‫الوصف فَ حر ﴾ق بينه وبني املَلئكة‬ ‫[المائدة‪ ]38 :‬أي لعلة كينونته من اجلن ْلن هذا‬ ‫َ‬ ‫ْلهنس امتْثلوا اْلمر وعصا(‪.)1‬‬ ‫‪ - 2‬أن إبليس لو كان من املَلئكة ملا عصى هللا عندما تو هجه إليه َبْلمر‬ ‫اّلِلَ َما أ َ​َمَرُه حس َويَ حف َعلُو َن َما‬ ‫صو َن ه‬ ‫َبلسجود آلدم لقوله تعاىل عن املَلئكة َ‬ ‫﴿ال يَ حع ُ‬

‫يُ حؤَمُرو َن [التحريم‪.]6 :‬‬ ‫َ‬ ‫نسل وذرية َال تعاىل‪﴿ :‬أَفَتَ تهخ ُذونَهُ َوذُ َريهتَهُ‬ ‫‪ - 3‬أن هللا أخرب أن إبليس له ﴾‬ ‫َ َ َ‬ ‫بليس وذريته يتوالدون كما يتوالد‬ ‫أ حَوليَاءَ م حن ُدوين َوُه حس لَ ُك حس َع ُد ٌّو [الكهف‪ .]50 :‬فإ ُ‬ ‫بنو آدم كما َال اْلسن(‪ )2‬وأيكلون ويشربون واملَلئكة ال يتوالدون وال أيكلون‬ ‫و ال يشربون‪ ،‬ه‬ ‫فدل هذا على أن إبليس من اجلن وليس من املَلئكة(‪.)3‬‬

‫خلق املَلئكة من‬ ‫إبليس من النار ومل خيرب أنهه َ‬ ‫‪ - 4‬أن هللا أخرب أنهه َ‬ ‫خلق َ‬ ‫َ‬ ‫ت املَلئكةُ‬ ‫شْيء من ذلك بل ورد ِف اْلديث َوله عليه الصَلة والسَلم « ُخل َق ح‬ ‫من نوٍر وخلَق اجلا هن من مارَ​َج من انر َ‬ ‫َ‬ ‫ف لكس»(‪.)4‬‬ ‫آدم مما ُوص َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫وخل َق ُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫أضواء البيان (‪.)119/4‬‬

‫(‪)2‬‬

‫تفسري الطربي (‪.)526/1‬‬

‫(‪)3‬‬

‫عامل اجلن ِف ضوء الكتاب والسنة ص (‪.)481‬‬

‫(‪)4‬‬

‫مسلس (‪.)2294/4‬‬

‫‪22‬‬


‫وَد ورد التصريح ِف القرآن على لسان إبليس ِبن الذي دعاه إىل عدم‬ ‫خملوق من الطني َال تعاىل‪:‬‬ ‫السجود آلدم هو أنهه خملوق من النا َر وآدم ﴾‬ ‫ال أ َ​َان َخ حري﴾ َمحنهُ َخلَ حقتَ​َين َم حن َان ٍر‬ ‫كَ​َ‬ ‫﴿َ َ‬ ‫ك أهَال تَ حس ُج َد إَ حذ أ َ​َمحرتُ َ‬ ‫ال َما َمنَ َع َ‬ ‫و َخلَ حقتَهُ َم حن َط ٍ‬ ‫ني [األعراف‪ ]12 :‬فالذي دعا إبليس لعدم السجود هو ظنُّه الفاسد‬ ‫َ‬

‫رف من املخلوق من الطني(‪.)2‬‬ ‫أشرف من الطني(‪ ،)1‬وأ هن‬ ‫َ‬ ‫املخلوق منها أش ُ‬ ‫النار ُ‬ ‫أ هن َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫يل َهلُحس أَيح َن َما ُكحن تُ حس‬ ‫‪َ - 5‬وله تعاىل‪َ :‬‬ ‫﴿وبُ َرَزت ا حجلَح ُيس ل حلغَا َو َ‬ ‫ين ۝ َوَ َ‬ ‫َ‬ ‫اّلِلَ هل ي حنصرونَ ُكس أَو ي حن تَ َ‬ ‫َ‬ ‫صُرو َن ۝ فَ ُكحب َكبُوا فَ َيها ُه حس‬ ‫تَ حعبُ ُدو َن ۝ م حن ُدون ه َ ح َ ُ ُ ح ح َ‬ ‫والحغَاوو َن ۝ وجنود إَبلَ‬ ‫ت هذه اآلَيت‬ ‫يس أَ حمجَعُو َن [الشعراء‪َ ]95-91 :‬الوا دل ح‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ​ُ ُ ح َ‬ ‫سوف يساَون إىل النار وإبليس على ر َ‬ ‫أسهس‬ ‫على أن إلبليس جنودا وأهنس مجيعا َ‬ ‫ُ‬

‫أنفسهس جنود لل تعاىل(‪.)3‬‬ ‫ِف حني أ هن املَلئكة ال َ‬ ‫جنود هلس بل هس ُ‬ ‫‪َ - 6‬وله تعاىل‪﴿ :‬وي وم َ​َي ُشرهس َ​َ‬ ‫ول لَحل َم َ​َلئَ َك َة أ َ​َه ُؤَال َء إَ هَي ُك حس‬ ‫مج ايعا مثُه يَ ُق ُ‬ ‫َ​َح َ ح ُ​ُ ح‬ ‫َكانُوا يَ حعبُ ُدو َن [سبأ‪َ ]40 :‬الوا هذه اآلية صرَية﴾ ِف الفرق بني اجلن واملَلئكة وأ هن‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة مع‬ ‫إبليس من‬ ‫اجلن عامل اخر غري املَلئكة وإذا كانوا غري املَلئكة مل يكن ُ‬ ‫ما صرح به القرآن أنه كان من اجلن(‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬

‫تفسري روح املعاين (‪.)120/1‬‬

‫(‪)2‬‬

‫عامل اجلن ِف ضوء الكتاب والسنة ص (‪.)480‬‬

‫(‪)3‬‬

‫آَيت العقيدة (‪.)526/1‬‬

‫(‪)4‬‬

‫املصدر نفسه (‪.)525/1‬‬

‫‪23‬‬


‫سل هللا لعباده‬ ‫‪ - 7‬إبليس مل يكن رسوالا من هللا لعباده أبدا وكان املَلئكةُ ُر َ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫اّلِل َ​َ‬ ‫﴿اّلِل يصطَ​َفْي َمن الحم َ​َلئَ َك َة رس اَل وَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫يع‬ ‫مس‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫هاس‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫‪:‬‬ ‫تعاىل‬ ‫َال‬ ‫‪،‬‬ ‫دائما‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫َُ ح‬ ‫َ ﴾‬ ‫َ َ‬ ‫ُ​ُ َ َ‬ ‫بَ‬ ‫صري﴾ [الحج‪.]75 :‬‬ ‫َ‬

‫(‪)1‬‬

‫اإلنسان وعامل املَلئكة د‪ .‬أْحد شوَْي ط (‪.)117‬‬

‫‪24‬‬


‫الفصل الثاين‬ ‫صفات املالئكة‬ ‫اخلَلقية واخلُلقية‬ ‫أوالً ‪ -‬صفاهتم اخلَلْقية‬

‫اثنياً ‪ -‬صفاهتم اخلُلُقية‬

‫‪ - 1‬عيس خلقهس‬

‫‪ - 1‬كرام بررة‬

‫‪ - 2‬أجنحة املَلئكة‬

‫‪ – 2‬الرب‬

‫‪ - 3‬عيس سرعتهس‬

‫‪ - 3‬التواضع وعدم التكرب‬

‫‪ - 4‬عدم حاجتهس لألكل والشرب‬

‫‪ – 4‬اْلياء‬

‫‪ - 5‬ال يوصفون َبلذكورة واْلنوثة‬

‫‪ - 5‬النيام‬

‫‪ - 6‬كَلم املَلئكة‬

‫‪َ - 6‬يبون ويبغضون‬

‫‪ - 7‬مجال املَلئكة‬

‫‪ - 7‬يتأذون مما يتأذى من ابن آدم‬

‫‪َ - 8‬دراُتس اْلارَة‬

‫‪ - 8‬ال يعلمون الغيب‬

‫‪ - 9‬ال ميلون وال يتعبون‬

‫‪ - 9‬دائمو الطاعة واْلوف من هللا‬

‫‪َ - 10‬درُتس على التمْثل والتشكل‬

‫‪25‬‬


‫الفصل الثاين‬ ‫صفات املالئكة اخللقية واخلُلقية‬ ‫ُ‬ ‫أوالً ‪ -‬صفاهتم اخلَلقية‬ ‫صفات َخلقية منها‬ ‫نصوص الكتاب والسنة ِبن املَلئكةَ هلس‬ ‫دلت‬ ‫﴾‬ ‫ُ‬

‫‪ - 1‬عظم خلقهم وضخامة أجسامهم وقوهتم‪:‬‬

‫َ‬ ‫هَ‬ ‫هاس‬ ‫ين َآمنُوا َُوا أَنح ُف َس ُك حس َوأ حَهلي ُك حس َان ارا َوَُ ُ‬ ‫َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫﴿َي أَيُّ َها الذ َ‬ ‫ود َها الن ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫اّلِلَ َما أ َ​َمَرُه حس َويَ حف َعلُو َن َما‬ ‫صو َن ه‬ ‫َوا حْل َج َارةُ َعلَحي َها َم َ​َلئ َكة﴾ غ َ​َل ﴾ظ ش َد ﴾اد َال يَ حع ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اْلبدان‬ ‫شداد‬ ‫يُ حؤَمُرو َن [التحريم‪ ]6 :‬جاء ِف تفسري هذه اآلية أهنس غَل ُظ‬ ‫القلوب ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اْلديد واْلجارة(‪.)1‬‬ ‫تذيب‬ ‫َ‬ ‫وهس م َن القوة ِبيث ال تضرهس ُ‬ ‫النار اليت ُ‬ ‫َ‬ ‫استَ َوى [النجم‪.]6-5 :‬‬ ‫﴿عله َمهُ َش َد ُ‬ ‫وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫يد الح ُق َوى ۝ ذُو مهرةٍ فَ ح‬ ‫وصف جلربيل عليه السَلم ذو مرة أي ذو َوة وَيل ذو منير حسن وال منافا َة‬ ‫﴾‬

‫بني القولني فإنه ذو منير حسن وَوة شديدة(‪.)2‬‬ ‫وَال تعاىل‪﴿ :‬إَنهه لَ​َقو ُل رس ٍ‬ ‫ول َك َرٍمي ۝ َذي َُ هوةٍ َعحن َد َذي الح َعر َش َم َك ٍ‬ ‫ني ۝‬ ‫ُ ح َُ‬ ‫ح‬ ‫لتبليغ أي ملَ ٍ‬ ‫ُمطَ ٍاع مثَه أ َ​َم ٍ‬ ‫ك‬ ‫ني [التكوير‪ ]21-19 :‬أي إن هذا القرآن ُ َ‬ ‫﴿رس ٍ‬ ‫ول َك َرٍمي * َح َس َن اْلَحل َق َهبَ َْي املنير وهو جربيل عليه السَلم‬ ‫َُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫تفسري ابن كْثري (‪.)309/4‬‬

‫(‪)2‬‬

‫صحيح تفسري ابن كْثري (‪.)309/4‬‬

‫‪26‬‬


‫َ‬ ‫﴿ذي َُ هوةٍ تعاىل‬ ‫َ‬ ‫استَ َوى [النجم‪ ]6-5 :‬أي شديد اْلَحل َق‬ ‫﴿عله َمهُ َش َد ُ‬ ‫َ‬ ‫يد الح ُق َوى ۝ ذُو مهرةٍ فَ ح‬ ‫َ‬ ‫البطش و َ‬ ‫الفعل أي له مكانة﴾ عند هللا‬ ‫شديد‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫﴿عحن َد َذي الح َعر َش َم َك ٍ‬ ‫ني وجل ومنزلة﴾ رفيعة﴾ أي له‬ ‫ح‬ ‫﴿مطَ ٍاع مثَه أ َ​َم ٍ‬ ‫ني وهو مسموع القول مطاع ِف املأل اْلعلى صفة جلربيل‬ ‫ُ‬ ‫﴿مثَه أ َ​َم ٍ‬ ‫الرب عز وجل عبده ورسوله امللكْي‬ ‫ني وعييس جدا أن يزكْي ُّ‬ ‫عبده ورسولَه البشري حممدا (ﷺ)(‪.)1‬‬ ‫جربيل كما زكى َ‬ ‫حديث عائشةَ رضْي هللا عنها أهنا َالت لرسول هللا (ﷺ) َي‬ ‫ومن السن َة‬ ‫ُ‬ ‫رسول هللاَ هل أتى عليك يوم كان أش هد عليك من يوم أ ٍ‬ ‫ُحد؟‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ﴾‬ ‫أشد ما لقيت منهس يوم َ‬ ‫فقال «لقد لقيت من َ‬ ‫َوم َ‬ ‫العقبة(‪ ،)2‬إذ‬ ‫ك وكان ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫لقت‬ ‫عرضت نفسْي على اب َن عبد َي ليل بن عبد كَلل فلس حيبين إىل ما ُ‬ ‫أردت فانط ُ‬ ‫ُ‬ ‫ وأان مهموم ‪ -‬على وجهْي فلس استفق إال بَ​َقرَن الْثعالب(‪ ،)3‬فرفعت ر َ‬‫أسْي فإذا‬ ‫ح‬ ‫ُ‬ ‫﴾‬ ‫ح‬ ‫ٍ‬ ‫يل فناداين فقال إن هللا عز وجل َد‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫فيها‬ ‫فإذا‬ ‫فنيرت‬ ‫تين‬ ‫أظل‬ ‫َد‬ ‫بسحابة‬ ‫أان‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َول َ‬ ‫بعث إليك ملَ َ َ‬ ‫ت‬ ‫مسع َ‬ ‫ك لك وما َرُّدوا عليك وَد َ‬ ‫َوم َ‬ ‫لتأمره ّبا شئ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك اجلبال َ‬ ‫ك َ‬ ‫َول‬ ‫مسع َ‬ ‫فيهس َال فناداين َملَ ُ‬ ‫اجلبال فسلس ه‬ ‫علْي مث َال َي حمم ُد إ هن هللاَ َد َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك َ‬ ‫شئت؟ إ حن‬ ‫ك َ‬ ‫اجلبال وَد بعْثين ربُّ َ‬ ‫لك وأان َملَ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫َوم َ‬ ‫إليك لتأمرين ِبمرك فما َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫املصدر نفسه (‪.)3 6/4‬‬

‫(‪)2‬‬

‫السرية النبوية‪ ،‬للمؤلف (‪.)375/1‬‬

‫(‪)3‬‬

‫َرن الْثعالب‪ :‬هو َرن املنازل‪ ،‬ميقات أهل َند‪ ،‬ويسمى االن السيل الكبري‪.‬‬

‫‪27‬‬


‫شئت أَ حن أُطحبَ َق عليهس اْلخشب َ‬ ‫ني فقال رسول هللا (ﷺ) بل أرجو أن خير َج هللاُ َم حن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫َ‬ ‫وحده ال يُ حش َرُك به شيئا»‬ ‫أصَلهبس َم حن يَ حعبُ ُد هللا َ‬

‫كان مقرتح ملك اجلبال أن يطبق عليهس اْلخشبني وهو يدخل حتت‬ ‫وعاد ومثود َ‬ ‫نوح ٍ‬ ‫وَوم ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لوط َال تعاىل‪﴿ :‬فَ ُك اَل‬ ‫أسلوب‬ ‫االستئصال وَد نُ َف َذ ِف َوم ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫صحي َحةُ َوَمحن ُه حس َم حن‬ ‫َخ َذتحهُ ال ه‬ ‫َخ حذ َان بَ َذنحبَه فَمحن ُه حس َم حن أ حَر َس حلنَا َعلَحيه َحاصباا َومحن ُه حس َم حن أ َ‬ ‫أَ‬ ‫َ‬ ‫اّلِلُ لَيَيحلَ َم ُه حس َولَ َك حن َكانُوا أَنح ُف َس ُه حس‬ ‫ض َوَمحن ُه حس َم حن أَ حغَرَح نَا َوَما َكا َن ه‬ ‫َخ َس حفنَا بَه حاْل حَر َ‬ ‫يَيحلَ ُمو َن [العنكبوت‪. ]40 :‬‬ ‫َ‬ ‫املستقبل بنوَر اإلميان‬ ‫النب (ﷺ) رفض منهج االستئصال ونير إىل‬ ‫ولكن ه‬ ‫َ‬ ‫جهاده امليمون‪.‬‬ ‫وَرَر‬ ‫َ‬ ‫الدخول إىل مكة ليواص َل َ‬ ‫مصانع بشرية ختر ُج أجياال‬ ‫فالنب (ﷺ) أراد أن يتخ َذ من أصَلب الكافرين‬ ‫َ‬

‫من املسلمني املقاتلني ِف سبيل هللا فنيره (ﷺ) كان مص هوَبا حنو املستقبل بصورة‬ ‫االنسحاب من اْلاضر(‪.)2‬‬ ‫جلية ومل يكن ذلك يعين‬ ‫ُ‬

‫ومما ُّ‬ ‫حديث جابر بن عبد هللا‬ ‫يدل على ضخامة أجسام املَلئكة وَوُتس‬ ‫ُ‬ ‫رسول هللاَ (ﷺ) َال‪« :‬أ َُذ َن ِل أن َ‬ ‫ث عن ملَ ٍ‬ ‫ك َم حن‬ ‫رضْي هللا عنهما أن َ‬ ‫أحد َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫سبعمئة‬ ‫ني َش حح َم َة أُذُنَ​َه إىل عاتَ​َق َه مسريةُ‬ ‫العحر َش إ هن ما بَح َ‬ ‫مَلئكة هللا م حن ْحلة َ‬ ‫ٍ‬ ‫عام»(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫البخاري رَس (‪ ،)32321‬مسلس رَس (‪ .)1795‬واْلخشبان مها اجلبَلن املكتنفان للمسجد اْلرام أبو َُبَ يحس وَُ َعيح َق َعان‪.‬‬ ‫السرية النبوية‪ ،‬للمؤلف (‪.)376/1‬‬

‫(‪)3‬‬

‫سلسلة اْلحاديث الصحيحة‪ ،‬لأللباين (‪.)151/1‬‬

‫‪28‬‬


‫‪ - 2‬أجنحة املالئكة‪:‬‬

‫َ‬ ‫ضجَ‬ ‫َال تعاىل‪ :‬ح َ َ َ‬ ‫اع َل الح َم َ​َلئَ َك َة ُر ُس اَل‬ ‫﴿اْلَ حم ُد هّلِل فَاط َر ال هس َم َاوات َو حاْل حَر َ َ‬ ‫أَ‬ ‫اّلِلَ َعلَى ُك َل َش حْي ٍء‬ ‫يد َِف ح‬ ‫اْلَلح َق َما يَ َشاءُ إَ هن ه‬ ‫ع يَ​َز ُ‬ ‫َجنَ َح ٍة َمْثح َ​َ َوثَُ​َل َ‬ ‫ث َوُرَ​َب َ‬ ‫ُوِل أ ح‬ ‫َ‬ ‫جناحان ومنهس من له ثَلثة ومنهس من له أربعة‬ ‫َ َد ﴾ير [فاطر‪ ]1 :‬أي منهس من له‬ ‫ومنهس من له أكْثر(‪.)1‬‬

‫وَال رسول هللا (ﷺ) «إن للَ مَلئكةا يطوفون ِف الطريق يلتمسو َن حأه َل‬ ‫لموا إىل حاجتكس َال فيحفوهنس‬ ‫الذك َر فإذا َو َج ُد حوا َوما يذكرون هللا تنادوا َه ُّ‬

‫ِبجنحتهس إىل السماء الدنيا»(‪.)2‬‬

‫َ‬ ‫لطالب العل َس رضا ّبا‬ ‫لتضع أجنحتها‬ ‫وَال رسول هللا (ﷺ) «إن املَلئكةَ ُ‬

‫يطلب»(‪.)3‬‬

‫‪ - 3‬عظم سرعتهم‪:‬‬

‫أعيس ٍ‬ ‫سرعة يعرفها البشر هْي سرعةُ الضوء وهو ينطلق بسرعة (‪)186‬‬ ‫ُ‬

‫ألف ميل ِف الْثانية الواحدة أما سرعةُ املَلئكة فهْي فوق ذلك وهْي سرعة﴾ ال‬ ‫يكاد يفرغُ من سؤاله‬ ‫تقاس ّبقاييس البشر كان السائَ ُل أييت إىل‬ ‫َ‬ ‫الرسول (ﷺ) فَل ُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫تفسري ابن كْثري (‪.)546/3‬‬

‫(‪)2‬‬

‫البخاري رَس (‪.)6045‬‬

‫(‪)3‬‬

‫اإلحسان برتتيب صحيح ابن حبان رَس (‪ ،)1319‬إسناده صحيح‪.‬‬

‫‪29‬‬


‫رب العزة سبحانه وتعاىل واليوم لو وَ‬ ‫حّت أيتيه جربيل َبجلواب من َ‬ ‫اكب‬ ‫ر‬ ‫امل‬ ‫ت‬ ‫د‬ ‫ج‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تبلغ بعض‬ ‫حتتاج إىل (مليار) سنة ضوئية حّت َ‬ ‫اليت تسري بسرعة الضوء فإهنا ُ‬ ‫الكواكب املوجودة ِف آفاق هذا الكون الواسع الشاسع(‪.)1‬‬

‫‪ - 4‬عدم حاجة املالئكة لألكل والشرب‪:‬‬

‫ال َس َ​َل ﴾م‬ ‫ت ُر ُسلُنَا إَبح َر َاه َيس َ​َبلحبُ حشَرى َالُوا َس َ​َل اما َ َ‬ ‫﴿ولَ​َق حد َجاءَ ح‬ ‫َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫َ​َ ٍ َ ٍ‬ ‫َ َ​َ َ‬ ‫س‬ ‫فَ َما لَبَ َ‬ ‫ث أَ حن َجاءَ بع حجل َحنيذ ۝ فَلَ هما َرأَى أَيحديَ ُه حس َال تَص ُل إلَحيه نَكَرُه حس َوأ حَو َج َ‬ ‫ف إَ هان أُرَس حلنَا إَ َىل َ وَم لُ ٍ‬ ‫َ َ‬ ‫وط [هود‪ ]70-69 :‬وذلك أن املَلئكة‬ ‫محن ُه حس خي َفةا َالُوا َال َختَ ح ح‬ ‫ح‬ ‫ال مهةَ هلس ِف الطعام وال يشتهونه وال أيكلونه فلهذا رأى حاهلس معرضني عما‬ ‫َ‬ ‫ضي َ‬ ‫ف إَبح َر َاهي َس‬ ‫﴿ه حل أ َ​َ​َت َك َحد ُ‬ ‫جاءهس به وِف آَيت أخرى َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫يث َ ح‬ ‫َ‬ ‫غ إَ َىل‬ ‫ني ۝ إَ حذ َد َخلُوا َعلَحي َه فَ َقالُوا َس َ​َل اما َ َ‬ ‫ال َس َ​َل ﴾م َ حو﴾م ُمحن َكُرو َن ۝ فَ َرا َ‬ ‫الح ُم حكَرم َ‬ ‫أ حَهلَ َه فَ َجاء بَعَ حج ٍل َ​َمس ٍ‬ ‫س َمحن ُه حس‬ ‫ني ۝ فَ َقهربَهُ إَلَحي َه حس َ َ‬ ‫َ‬ ‫ال أَ​َال َ​َتح ُكلُو َن ۝ فَأَحو َج َ‬ ‫ف َوبَشُهروهُ بَغُ َ​َلٍم َعلَي ٍس [الذاريات‪.]28-24 :‬‬ ‫َخي َفةا َالُوا َال َختَ ح‬ ‫أطبق عليه العلماءُ َال القرطب َال‬ ‫أمر َ‬ ‫وكون املَلئكة ال أيكلون الطعام ﴾‬

‫علماؤان ومل أيكلوا ْلن املَلئكة ال َتكل(‪.)2‬‬

‫‪ - 5‬ال يوصفون ابلذكورة واألنوثة‪:‬‬

‫كل و ٍ‬ ‫احد منهس بذاته وال‬ ‫جنس ُخيحلَ ُق ُّ‬ ‫مي َز هللا عز وجل املَلئكة ِبهنس ﴾‬

‫(‪)1‬‬

‫عامل املَلئكة اْلبرار‪ ،‬عمر اْلشقر ص (‪)22‬‬

‫(‪)2‬‬

‫تفسري القرطب (‪.)68/9‬‬

‫‪30‬‬


‫يوصفون بذكورة وال أنوثة وهس َبَون على أصل خلقتهس اليت خلقهس هللا عليها‬ ‫(‪)1‬‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ف‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬ ‫تعاىل‬ ‫َال‬ ‫‪.‬‬ ‫هذا ما دلت عليه النصوص من الكتاب والسنة‬ ‫َ‬ ‫استَ حفتَ َه حس أَلَربَ َ‬ ‫ح‬ ‫الحب نات وَهلس الحب نو َن ۝ أَم خلَ حقنا الحم َ​َلئَ َكةَ إَ َان ااث وهس ش َ‬ ‫اه ُدو َن ۝ أَ​َال إَ ههنُحس َم حن‬ ‫َُح َ‬ ‫َ َ ُ َ ُ​ُ َ ُ‬ ‫ح َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ني‬ ‫إَفح َك َه حس لَيَ ُقولُو َن ۝ َولَ َد ه‬ ‫َصطَ​َفى الحبَ نَات َعلَى الحبَن َ‬ ‫اّلِلُ َوإَ ههنُحس لَ َكاذبُو َن ۝ أ ح‬ ‫ف َححت ُك ُمو َن [الصافات‪. ]154-149 :‬‬ ‫۝ َما لَ ُك حس َكحي َ‬ ‫ذكر هللا تعاىل عن املشركني ثالثة أقوال يف املالئكة هي غاية يف الكفر‬

‫والكذب‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬جعلوا لل ولدا تعاىل هللا عن ذلك وتقدس‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬وجعلوا ذلك الولد أنْثى‪.‬‬ ‫ج ‪ -‬مث عبدوهس من دون هللا تعاىل لل وتقدس‪.‬‬ ‫كل منها ٍ‬ ‫كاف ِف التخليد ِف انر جهنس(‪.)2‬‬ ‫و ُّ‬

‫وَال تعاىل‪﴿ :‬و َج َعلُوا لَهُ َم حن َعبَ َادهَ ُجحزءا إَ هن حَ‬ ‫ني ۝ أَ​َم‬ ‫ور ُمبَ ﴾‬ ‫اإلنح َسا َن لَ َك ُف ﴾‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ب لَلهر حْحَ َن‬ ‫َح ُد ُه حس َّبَا َ‬ ‫َص َفا ُك حس َ​َبلحبَن َ‬ ‫هاختَ َذ ممها َخيحلُ ُق بَنَات َوأ ح‬ ‫ضَر َ‬ ‫ني ۝ َوإذَا بُشَر أ َ‬ ‫َ‬ ‫اْلَحلي َة وُهو َِف ا حْلَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صام َغ حريُ‬ ‫َمْثَ اَل ظَ هل َو حج ُههُ ُم حس َوادا َوُه َو َكي ﴾يس ۝ أ َ​َوَم حن يُنَ هشأُ ِف ح َ َ َ‬ ‫َ هَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍَ‬ ‫ب‬ ‫ين ُه حس عبَ ُ‬ ‫ُمبني ۝ َو َج َعلُوا الح َم َ​َلئ َكةَ الذ َ‬ ‫اد الهر حْحَ َن إ َان ااث أَ َشه ُدوا َخ حل َق ُه حس َستُ حكتَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ك َم حن َع حل ٍس‬ ‫َش َه َاد ُ​ُتُحس َويُ حسأَلُو َن ۝ َوَالُوا لَ حو َشاءَ الهر حْحَ ُن َما َعبَ حد َان ُه حس َما َهلُحس بَ َذل َ‬

‫صو َن [الزخرف‪ ]20-15 :‬واملقصود إيضاحه كذهبس وبيان جعلهس ِف‬ ‫إَ حن ُه حس إَهال َخيحُر ُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني‪ ،‬د‪ .‬حممد عبد الوهاب عقيل ص (‪.)72‬‬

‫(‪)2‬‬

‫تفسري ابن كْثري (‪.)22/4‬‬

‫‪31‬‬


‫نسبة اْلوالد إىل هللا سبحانه مث حتكمهس ِب هن املَلئكة إاناثا من غري ٍ‬ ‫دليل واجلعل‬ ‫حكمت له بذلك؟‬ ‫أعلس الناس أي‬ ‫هنا ّبعَ القول واْلكس تقول‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫جعلت زيدا َ‬

‫أي أحضروا حالة خلقهس حّت حكموا ِبهنس إانث(‪.)1‬‬ ‫وقد مجعوا بني أنواع كثرية من اخلطأ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬جعلوا لل تعاىل ولدا تعاىل وتقدس وتنزه عن ذلك علوا كبريا‬ ‫ب ‪ -‬دعواهس أنه اصطفى َ‬ ‫البنات على البنني فجعلوا املَلئكة الذين هس‬ ‫عباد الرْحن إاناثا‪.‬‬ ‫ج ‪ -‬عبادُتس هلس مع ذلك كله بَل دليل وال برهان وال إذن من هللا عز وجل‬ ‫بل ّبجرد اآلراء واْلهواء والتقليد لألسَلف والكرباء واالَبء واْلبط ِف اجلاهلية‬ ‫اجلهَلء‪.‬‬ ‫االحتجاج‬ ‫د ‪ -‬احتجاجهس بتقديرهس على ذلك َدرا وَد جهلوا ِف هذا‬ ‫َ‬ ‫جهَلا كبريا فإنه تعاىل َد أنكر عليهس أش هد اإلنكار فإنه من ُذ بعث الرسل وأنزل‬ ‫وحده ال شريك له وينهْي عن عباده ما سواه(‪.)2‬‬ ‫الكتب أيمر بعبادته َ‬

‫‪ - 6‬كالم املالئكة‪:‬‬

‫ك لَحلم َ​َلئَ َك َة إَ​َين ج َ‬ ‫اع ﴾ل َِف حاْل حَر َ‬ ‫ض َخلَي َفةا َالُوا‬ ‫﴿وإَ حذ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ال َربُّ َ َ‬ ‫َال تعاىل‪َ :‬‬

‫(‪)1‬‬

‫تفسري القرطب (‪.)72/16‬‬

‫(‪)2‬‬

‫تفسري ابن كْثري (‪.)125/4‬‬

‫‪32‬‬


‫الدماء وَحنن نُسبَح َِبم َد َك ونُ َق َ‬ ‫أ َ​َجتعل فَيها من ي حف َس ُد فَيها ويس َفك َ‬ ‫ال‬ ‫د‬ ‫كَ​َ‬ ‫ح‬ ‫س لَ َ‬ ‫َ َ​َ ح ُ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫حَ ُ َ َ ح ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫إَ​َين أ حَعلَ ُس َما َال تَ حعلَ ُمو َن [البقرة‪.]30 :‬‬ ‫آدم على صورتَ​َه وطول ستون ذراعا‬ ‫َال رسول هللا (ﷺ)‪َ « :‬‬ ‫خلق هللاُ َ‬ ‫َ‬ ‫نفر من املَلئك َة جلوس‬ ‫اذهب فَسل حس على أو َ‬ ‫فلما خل َقه َال ح‬ ‫لئك النفر ‪ -‬وهس ﴾‬ ‫فقال السَل ُم علي ُكس‬ ‫ فاستمع ما َييُّونك فإهنا حتيتك وحتية ذريتك فقال‬‫فذهب َ‬ ‫َ‬ ‫عليك ورْحة هللا فزادوه ورْحة هللا»(‪.)1‬‬ ‫فقالوا‬ ‫السَلم َ‬ ‫ُ‬

‫واملَلئكة يكلس بعضهس بعض ا كما َال تعاىل‪﴿ :‬وَال تَحن َفع ال هش َف َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫اعةُ عحن َدهُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫اْلَ هق َوُه َو الح َعلَ ُّْي‬ ‫ال َربُّ ُك حس َالُوا ح‬ ‫ع َع حن َُلُوهبَ​َ حس َالُوا َما َذا َ َ‬ ‫إَهال ل َم حن أَذ َن لَهُ َح هّت إَ َذا فُ َز َ‬ ‫إثبات أن املَلئكة يتكلمون ويفهمون ويعقلون‬ ‫الح َكبَريُ [سبأ‪ِ ]23 :‬ف هذه اآلية ُ‬ ‫اْلَ هق ودلت اآلية كذلك أ هن‬ ‫ال َربُّ ُك حسَ ويابون ﴿ َالُوا ح‬ ‫﴿ماذَا َ َ‬ ‫ْلهنس يسألون َ‬ ‫هلس َلوَبا يصيبها اْلوف والوجل من هللا(‪ )2‬واملَلئكة تكلس الناس ِبسب لغاُتس‬ ‫وال َيتاجون إىل ترمجان كما حصل مع اْلنبياء من بين إسرائيل وغريهس وكما‬ ‫حصل مع نبينا حممد (ﷺ) وهس يكلمون الناس ِف َبورهس كما هو معلوم ِف فتنة‬ ‫القرب ويكلمون الناس يوم القيامة َبلبشارة والنذارة ويكلمون أهل اجلنة ويسلمون‬ ‫عليهس ويكلمون أهل النار ويبشروهنس َبلعذاب والنصوص ِف هذه املعاين كْثرية‬ ‫مشهورة واْلاصل أن من صفات املَلئكة اجلسدية الكَلم وهْي صفةُ ٍ‬ ‫كمال وال‬ ‫(‪)1‬‬

‫البخاري رَس (‪ ،)3148‬مسلس رَس (‪.)2841‬‬

‫(‪)2‬‬

‫القول املفيد‪ ،‬البن عْثيمني (‪.)395/1‬‬

‫‪33‬‬


‫شك فيجب اعتقاد ذلك واإلميا ُن به ووصفهس عليه السَلم بذلك(‪.)1‬‬

‫‪ - 7‬مجال املالئكة‬

‫ٍ ٍ‬ ‫يد الح ُق َوى ۝‬ ‫﴿عله َمهُ َش َد ُ‬ ‫خلقهس هللا على صوٍر مجيلة كرمية َال تعاىل ِف جربيل َ‬ ‫َ‬ ‫استَ َوى [النجم‪َ ]6-5 :‬ال ابن عباس ذو منير حسن وَال َتادة ذو خلق‬ ‫ذُو مهرةٍ فَ ح‬ ‫سن املني َر وَد‬ ‫طويل حسن وَيل ذو َوة وال منافاة بني القولني فهو َوي َ‬ ‫وح ُ‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة َبجلمال كما تقرر عندهس وصف الشياطني‬ ‫وصف‬ ‫تقرَر عند الناس‬ ‫ُ‬ ‫َبلقبح ولذلك تراهس يشبهون اجلميل من البشر َبمللَك انير ما َالته النسوة ِف‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫حق يوسف الصديق عندما رأيته ﴿فَلَ هما َ​َمسع َ‬ ‫ت‬ ‫ت إَلَحي َه هن َوأ حَعتَ َد ح‬ ‫ت ّبَ حك َره هن أ حَر َسلَ ح‬ ‫َح‬ ‫َ َ‬ ‫َ ٍَ‬ ‫َ‬ ‫َهلُ هن ُمته َكأا َوآتَ ح‬ ‫ت ُك هل َواح َدة محن ُه هن سكيناا َوَالَت ح‬ ‫اخُر حج َعلَحي َه هن فَلَ هما َرأَيحنَهُ أَ حك َحربنَهُ‬ ‫َ‬ ‫اش َهّلِلَ َما َه َذا بَ َشارا إَ حن َه َذا إَهال َملَ ﴾‬ ‫ك َك َرمي﴾‬ ‫َوَطه حع َن أَيحديَ ُه هن َوَُ حل َن َح َ‬ ‫[يوسف‪.)2(]31 :‬‬

‫‪ - 8‬للمالئكة قدرات خارقة‬

‫َ‬ ‫ات خارَة﴾ ّبا وضع هللا فيهس من القدرات العجيبة فمنهس‬ ‫للمَلئكة َدر ﴾‬ ‫َيمل عرش الرْحن كما َال تعاىل‪﴿ :‬وانح َش هق َ‬ ‫َ‬ ‫ت ال هس َماءُ فَ َه َْي يَ حوَمئَ ٍذ َو َاهيَة﴾ ۝‬ ‫من ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫[الحاقة‪]17-16 :‬‬ ‫ك فَ حوَ ُه حس يَ حوَمئَ ٍذ َمثَانَيَة﴾‬ ‫ش َربَ َ‬ ‫َوالح َملَ ُ‬ ‫ك َعلَى أ حَر َجائ َها َوَحَيم ُل َعحر َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني‪ ،‬د‪ .‬حممد عبد الوهاب عقيل ص (‪.)75‬‬

‫(‪)2‬‬

‫دراسات ِف التفسري املوضوعْي‪ ،‬زاهر اْلملعْي ص (‪.)224‬‬

‫‪34‬‬


‫ومنهس من ينفخ نفخة يصعق هلا من ِف السموات واْلرض إال من شاء هللا َال‬ ‫تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫الصوَر فَ َ‬ ‫ات ومن َِف حاْلَر َ َ‬ ‫﴿ونُف َخ َِف ُّ َ‬ ‫ح‬ ‫صع َق َم حن َِف ال هس َم َاو َ َ ح‬ ‫َ‬ ‫ض إهال َم حن َشاءَ‬ ‫ه َ َ​َ‬ ‫ُخَرى فَإَ َذا ُه حس َ​َيَ ﴾ام يَحنيُ​ُرو َن [الزمر‪.)1( ]68 :‬‬ ‫اّلِلُ مثُه نُف َخ فيه أ ح‬

‫‪ - 9‬ال ميلّون وال يتعبون‬ ‫فاملَلئكة الكرام يقومون بعبادة هللا وطاعته وتنفيذ أوامره بَل كلل وال‬ ‫يدركهس ما يدرك البشر من ذلك َال تعاىل ِف وصف املَلئكة ﴿يُ َسبَ ُحو َن اللهحي َل‬ ‫هه َار َال يَ حف ُرتُو َن [األنبياء‪ ]20 :‬ومعَ ال يفرتون ال يضعفون(‪.)2‬‬ ‫َوالن َ‬

‫‪ - 10‬قدرة املالئكة على التمثل والتشكل‬

‫مكن هللا املَلئكة من التصور بغري صورهس اليت خلَقوا عليها وَد دل َ‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫النصوص الكْثرية على ظهور املَلئكة عليهس السَلم لألنبياء وغريهس بصورة البشر‬ ‫ُ‬ ‫ومن ذلك َوله تعاىل‪﴿ :‬هل أ َ​َ​َت َك ح َديث ضي َ َ‬ ‫َ‬ ‫ني ۝ إَ حذ َد َخلُوا‬ ‫ف إَبح َراه َيس الح ُم حكَرم َ‬ ‫َ ُ َح‬ ‫َح‬ ‫ال َس َ​َل ﴾م َ حو﴾م ُمحن َكُرو َن [الذاريات‪.]25-24 :‬‬ ‫َعلَحي َه فَ َقالُوا َس َ​َل اما َ َ‬ ‫خاف‬ ‫وهؤالء الضيوف أنفسهس ذهبوا إىل لوط عليه السَلم فلما رآهس َ‬

‫ت‬ ‫َ‬ ‫﴿ولَ هما َجاءَ ح‬ ‫صدره ملا يعرف من فحش َومه وسوؤهس كما َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫وضاق ُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫دراسات ِف التفسري املوضوعْي‪ ،‬زاهر اإلملعْي‪ ،‬ص (‪.)223‬‬

‫(‪)2‬‬

‫املصدر نفسه‪ ،‬ص (‪.)227‬‬

‫‪35‬‬


‫َ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫يب َو َجاءَهُ َ حوُمهُ يُ حهَرعُو َن‬ ‫اق هبَ​َ حس ذَ حر اعا َوَ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ُر ُسلُنَا لُوطاا سْيءَ هب حس َو َ‬ ‫ال َه َذا يَ حو﴾م َعص ﴾‬ ‫إَلَي َه وَمن َ بل َكانُوا ي عملُو َن ال هسيَئ َ‬ ‫ال َ​َي َ حوَم َه ُؤَال َء بَنَ َايت ُه هن أَطح َهُر لَ ُك حس فَاته ُقوا‬ ‫ات َ َ‬ ‫َ‬ ‫َح َ‬ ‫ح َ ح حُ‬ ‫ون َِف ضي َ‬ ‫اّلِل وَال ُختحز َ‬ ‫َ‬ ‫د [هود‪]78-77 :‬‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫ْي‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫س َمحن ُك حس َر ُج ﴾ل َرَشي ﴾‬ ‫ح‬ ‫َح‬ ‫هَ َ ُ‬ ‫َ‬

‫َامت‬ ‫فقد بدهلس املَلئكة ِف صورة شباب حسان امتحاانا واختبارا حّت ح‬ ‫على َ‬ ‫َوم ٍ‬ ‫لوط اْلجةُ وأخذهس هللا أخذ عزيز مقتدر(‪.)1‬‬ ‫َ‬ ‫وَال تعاىل‪﴿ :‬واذح ُكر َِف الح َكتَ َ‬ ‫اان َشحرَ​َياا‬ ‫ت َم حن أ حَهلَ َها َم َك ا‬ ‫اب َمحرَميَ إَذ انحتَ بَ َذ ح‬ ‫َ ح‬ ‫فَ هاختَ َذ َ َ​َ َ‬ ‫َ‬ ‫ت إَ​َين‬ ‫ح‬ ‫هل َهلَا بَ َشارا َس َواَي َالَ ح‬ ‫ت م حن ُدوهن حس ح َج ااَب فَأ حَر َس حلنَا إلَحي َها ُر َ‬ ‫وحنَا فَتَ َمْث َ‬ ‫أَعوذُ َ​َبلهر حْح َن َمحنك إَ حن ُكحنت تَ​َ‬ ‫ك َْلَهب لَ َ‬ ‫ول ربَ َ‬ ‫ال إَ‬ ‫ه‬ ‫ك غُ َ​َل اما َزكَياا‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫َان‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ّم‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫وح‬ ‫[مريم‪ ]19-16 :‬وهذا َ‬ ‫املرس ُل ِف هذه اآلية هو جربيل عليه السَلم كما سبق أ هن الر َ‬ ‫من أمسائه عليه السَلم و َ‬ ‫الشاه ُد هنا ُتْثُّله ُّ‬ ‫وتشكله ِف صورة البشر َال ابن كْثري‬ ‫رْحه هللا أي على صورة إنسان َتم كامل(‪.)2‬‬ ‫وَد سبق نزول جربيل عليه السَلم بروح عيسى عليه السَلم إىل مرمي‬ ‫ونفخه هذه الروح ِف جيبها سبق هذا بشارة املَلئكة ملرمي ِف َوله تعاىل‪﴿ :‬إَ حذ‬ ‫امسه الحم َس َ‬ ‫ت الحم َ​َلئَ َكةُ َي مرَمي إَ هن ه َ َ َ َ ٍ َ‬ ‫َ‬ ‫يسى ابح ُن َمحرَميَ‬ ‫َ َح ُ‬ ‫اّلِلَ يُبَشُرك ب َكل َمة محنهُ حُ ُ َ ُ‬ ‫َالَ َ‬ ‫يح ع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫هاس َِف الح َم حه َد َوَك حه اَل َوَم َن‬ ‫َوج ايها َِف الدُّنحيَا َو حاآلخَرةَ َوم َن الح ُم َقهربَ َ‬ ‫ني َويُ َكل ُس الن َ‬ ‫ال ه َ​َ‬ ‫ال َك َذلَ َ‬ ‫ت رَ‬ ‫اّلِلُ َخيحلُ ُق َما‬ ‫ب أه‬ ‫َ​َّن يَ ُكو ُن َِل َولَ ﴾د َوَملح ميَح َس حس َين بَ َش﴾ر َ َ‬ ‫ك ه‬ ‫صاْل َ‬ ‫ني َالَ ح َ‬ ‫ضى أ حَمارا فَ​َإهّمَا يَ ُق ُ‬ ‫ول لَهُ ُك حن فَيَ ُكو ُن [آل عمران‪ ]47-45 :‬وهذه البشارةُ‬ ‫يَ َشاءُ إَ َذا َ َ‬

‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)76‬‬

‫(‪)2‬‬

‫تفسري ابن كْثري (‪.)115/3‬‬

‫‪36‬‬


‫كانت مشافهةا ملرمي من املَلئكة ولكن النصوص مل تدل على كيفية هذه املشافهة‬ ‫ومن َم َن املَلئكة بشر مرمي بذلك ولكن النصوص‬ ‫وكيف كانت صورهس ملا بشروها ح‬ ‫أيضا تدل على أ هن الذي نزل بروح عيسى هو جربيل عليه السَلم وأنه ُتْث َل هلا‬

‫ونفخ روح عيسى ِف جيبها(‪.)1‬‬ ‫رجَلا سوَيا َ‬

‫حديث جربيل‬ ‫أشهرها‬ ‫ُ‬ ‫وجاء ِف السنة ﴾‬ ‫وَائع كْثرية لتمْثل املَلئكة بشرا ُ‬ ‫ٍ‬ ‫رجل‬ ‫حنن َ‬ ‫عند رسول هللا (ﷺ) َ‬ ‫ذات يوم إذ َ‬ ‫عليه السَلم وفيه بينما ُ‬ ‫طلع علينا ﴾‬ ‫بياض ال َ‬ ‫شديد َ‬ ‫شديد سو َاد الشع َر ال يَُرى عليه أثر السفر وال يعرفه منا أحد‬ ‫ْثياب ُ‬ ‫ُ‬ ‫وَال ِف اخره «َي عمر أتدري َم َن السائل؟» َلت هللا ورسوله أعلس فقال «فإنه‬

‫يل أَتكس يعلمكس دينكس»(‪.)2‬‬ ‫جرب ُ‬

‫ْثياب بيضاء ٍ‬ ‫شاب أسود الشع َر ب ٍ‬ ‫رجل ٍ‬ ‫يل بصورةَ ٍ‬ ‫نييفة وَد‬ ‫َ‬ ‫فتمْثل جرب ُ‬

‫رآه الصحابة رضْي هللا عنهس هبذه الصورة فتعجبوا من نيافته مما يدل على أنه مل‬ ‫يقدم من سفر ومن عدم معرفتهس له لو كان من أهل املدينة وزال تعجبهس ملا‬ ‫أخربهس رسول هللا (ﷺ) أنه جربيل‪.‬‬ ‫ورّبا ُتْثل عليه السَلم بصورة دحية الكلب(‪ - )3‬كما ِف حديث ابن عمر‬ ‫النب (ﷺ) ِف صورة َد ححيَة(‪.)4‬‬ ‫يل عليه السَلم أييت ه‬ ‫رضْي هللا عنه ‪ -‬وفيه وكان جرب ُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)77‬‬

‫(‪)2‬‬

‫البخاري رَس (‪ )50‬ومسلس (‪.)8‬‬

‫(‪)3‬‬

‫دحية الكلب صحاّب مشهور‪ ،‬وأول مشاهده اْلندق‪.‬‬

‫(‪)4‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪ )78‬مسند أْحد (‪.)107/2‬‬

‫‪37‬‬


‫دليل على مجال جربيل عليه‬ ‫ودحية﴾ مشهور جبماله وتشبُّهُ جربيل به ﴾‬ ‫السَلم(‪.)1‬‬ ‫َ‬ ‫َيدث مع غري اْلنبياء عليهس الصَلة‬ ‫املَلئكة بصورة البشر َد‬ ‫وُتْثل‬ ‫ُ‬ ‫والسَلم‪.‬‬ ‫النب (ﷺ) «أ هن رجَلا زار‬ ‫فمن ذلك حديث أّب هريرة رضْي هللا عنه عن َ‬ ‫أين‬ ‫أخ ا له ِف َرية أخرى‬ ‫َ‬ ‫فأرصد هللا له على مدرجته ملك ا فلما أتى عليه َال َ‬ ‫يد أخا ِل ِف هذه القرية َال هل لك عليه َمن ٍ‬ ‫نعمة ترُّهبا؟ َال ال‬ ‫يد؟ َال أر ُ‬ ‫تر ُ‬ ‫ح‬ ‫فإين ُ َ‬ ‫غري أين أحببتُه ِف هللا عز وجل َال َ‬ ‫ك كما‬ ‫إليك ِب هن هللاَ َد أحبه َ‬ ‫رسول هللا َ‬ ‫َ‬ ‫أحببتهَ فيه»(‪.)2‬‬ ‫وَد يكون هذا التمْثل بصورةٍ غ َري ٍ‬ ‫مجيلة ابتَلءا وامتحاانا َم َن هللا ملن ُتْثلوا‬ ‫ُ‬ ‫له كما ِف حديث أّب هريرة رضْي هللا عنه أنه مسع النب (ﷺ) يقول «إن ثَلثةا‬ ‫ع وأعمى فأراد هللا أن يبتليَهس فبعث إليهس ملكا‬ ‫أبرص وأَر َ‬ ‫ِف بين إسرائيل َ‬ ‫أي ٍ‬ ‫إليك؟‬ ‫شْيء‬ ‫فأتى‬ ‫اْلبرص فقال ُّ‬ ‫أحب َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ب عين الذي َد َذرين الناس‬ ‫َال لو ﴾ن ﴾‬ ‫حسن وجل ﴾د حسن ويَ حذ َه ُ‬ ‫َال فمسحه فذهب عنه َذره وأعطْي لوانا حسنا وجلدا حسنا‬ ‫فأي َ‬ ‫إليك؟‬ ‫املال ُّ‬ ‫َال ُّ‬ ‫أحب َ‬

‫أحدمها‬ ‫َال اإلبل (أو َال البقر شك إسحاق إال أن اْلبرص أو اْلَرع َال ُ‬

‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)79‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسلس رَس (‪.)2567‬‬

‫‪38‬‬


‫اإلبل وَال اآلخر البقر) َال فأ َ‬ ‫ُعط َْي انَةا عشراء فقال َبرك هللا لك فيها‬ ‫أي ٍ‬ ‫إليك؟‬ ‫شْيء ُّ‬ ‫ع فقال ُّ‬ ‫أحب َ‬ ‫َال فأتى اْلَر َ‬ ‫الناس‬ ‫شعر ﴾‬ ‫َال ﴾‬ ‫حسن ويَ حذ ُ‬ ‫هب َع َين هذا الذي َذرين ُ‬ ‫أعطْي شعرا حسنا‬ ‫َال فمسحه فذهب عنه و َ‬ ‫فأي َ‬ ‫أحب إليك؟‬ ‫املال ُّ‬ ‫َال ُّ‬

‫َال البقر‪.‬‬ ‫فأعطْي بقراة حامَلا‬

‫أي ٍ‬ ‫أحب إليك‬ ‫شْيء ُّ‬ ‫َال فأتى اْلعمى فقال ُّ‬

‫الناس‬ ‫َال أ حن يرهد هللا ه‬ ‫فأبصر به َ‬ ‫إِل بصري َ‬ ‫َال فمسحه فرهد هللا إليه بصره‬ ‫فأي َ‬ ‫أحب إليك؟‬ ‫املال ُّ‬ ‫َال ُّ‬

‫َال الغنس‬ ‫فأعطْي شا اة والدا؟‬

‫فأنتج هذا وولد هذا َال فكان هلذا و ٍاد من اإلبل وهلذا و ٍاد من البقر وهلذا‬ ‫َ‬

‫و ٍاد من الغنس‪.‬‬

‫انقطعت‬ ‫مسكني َد‬ ‫رجل‬ ‫َال مث إنه أتى‬ ‫﴾‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫اْلبرص ِف صورته وهيئته فقال ﴾‬ ‫عطاك‬ ‫اليوم إال َبلل مث بك‬ ‫ّب ُ‬ ‫أسألك َبلذي أ َ‬ ‫اْلبال ِف سفري فَل بَل َ‬ ‫َ‬ ‫غ ِل َ‬

‫اْلقوق‬ ‫املال؛ بعريا أتبل ُغ عليه ِف سفري‪ ،‬فقال‬ ‫اجللد‬ ‫اللو َن‬ ‫اْلسن‪ ،‬و َ‬ ‫ُ‬ ‫اْلسن‪ ،‬و َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫‪39‬‬


‫كْثرية﴾؟‬ ‫فقال له َ‬ ‫الناس فقريا فأعطاك هللا؟‬ ‫كأين أعرفُ َ‬ ‫ك؛ أمل ح‬ ‫تكن َ‬ ‫أبرص يقذ ُرُك ُ‬

‫املال كابرا عن كابر‪.‬‬ ‫ثت هذا َ‬ ‫فقال إّما ور ُ‬ ‫َ‬ ‫كنت‪.‬‬ ‫كنت كاذَبا فصري َك هللا إىل ما َ‬ ‫فقال إ حن َ‬ ‫ع ِف صورته فقال له مْثل ما َال هلذا ورهد عليه مْثل ما رهد‬ ‫َال وأتى اْلَر َ‬

‫كنت‪.‬‬ ‫كنت كاذَبا فصري َك هللا إىل ما َ‬ ‫على هذا فقال إ حن َ‬

‫ابن ٍ‬ ‫سبيل انقطعت‬ ‫رجل‬ ‫﴾‬ ‫مسكني و ُ‬ ‫َال وأتى اْلعمى ِف صورته وهيئته فقال ﴾‬

‫ّب اْلبال ِف سفري فَل بَلغ ِل اليوم إال َبلل مث بك أسألك َبلذي رهد عليك‬ ‫بصرك شا اة أتبلغ هبا ِف سفري‪.‬‬ ‫َ‬

‫فقال َد كنت أعمى فرهد هللا إِل بصري فخذ ما شئت ودع ما شئت فوهللاَ‬ ‫َ ح‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أمسك مالك فإّما ابتليتس فقد رضْي هللا‬ ‫اليوم شيئ ا أخذته للَ فقال‬ ‫ح‬ ‫ال أجهدك َ‬ ‫ط على صاحبيك»(‪.)1‬‬ ‫عنك وسخ َ‬

‫دليل على ُتْث َُّل املَلئكة بصورة البشر وَد تكون هذه‬ ‫ففْي هذا اْلديث ﴾‬ ‫الصورةُ على صور شّت مجيلة وَبيحة وعلى َدرُتس خماطبة الناس بلغاُتس‪.‬‬ ‫كل من كلمته املَلئكةُ يُ َع ُّد‬ ‫وفيه أ هن املَلئكة َد تكلَ ُس غريُ اْلنبياء وليس ُّ‬ ‫نبي ا(‪.)2‬‬

‫(‪)1‬‬

‫البخاري رَس (‪ ،)3277‬مسلس رَس (‪.)2964‬‬

‫(‪)2‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)81‬‬

‫‪40‬‬


‫اثنياً صفاهتم اخلُلُقية‪:‬‬ ‫‪ - 1‬كرام بررة‪:‬‬

‫وصف هللا املَلئكةَ ِبهنس كر ﴾ام بررة﴾ َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫﴿ِبَيح َدي َس َفَرةٍ ۝كَ​َرٍام‬ ‫َ‬ ‫بَ​َرَرةٍ [عبس‪ ]16-15 :‬أي َخلقهس كرمي حسن شريف وأخَلَهس طاهرة كاملة ومن‬ ‫السداد و َ‬ ‫َ‬ ‫الرشاد(‪.)1‬‬ ‫هاهنا ينبغْي ْلامل القرآن أن يكو َن ِف أفعاله وأَواله على‬ ‫وعن عائشة رضْي هللا عنها َالت َال رسول هللا (ﷺ)‪« :‬الذي يقرأُ القرآن‬ ‫ماهر به مع السفرةَ الكرَام الربرةَ والذي يقرأهُ وهو عليه ٌّ‬ ‫شاق له أجر َان»(‪.)2‬‬ ‫وهو ﴾‬ ‫والكرمي اجلامع ْلنو َاع اْل َري و َ‬ ‫َ‬ ‫جعل‬ ‫َد‬ ‫وجل‬ ‫عز‬ ‫وهللا‬ ‫الفضائل‬ ‫و‬ ‫الشرف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫مَلئكته كذلك ورزَهس هذا الشرف العييس لقرهبس منه سبحانه وتعاىل وْلهنس‬

‫اتصف هبذه الصفات َال تعاىل‪ ﴿ :‬بَ حل‬ ‫يقوم هبا إال م َن‬ ‫َ‬ ‫يقومون ّبهام عييمة ال ُ‬ ‫اد ُم حكَرُمو َن [األنبياء‪.)3( ]26 :‬‬ ‫َعبَ ﴾‬

‫‪ - 2‬الرب‪:‬‬ ‫َبلكسر اْلري والفضل والبار الصادق التقْي وهو‬ ‫ُ‬ ‫خَلف الفاجر ومجعهُ‬ ‫بَررة(‪ ،)4‬والرب التوسع ِف اْلري ومجع ٍ‬ ‫َبر أبر ﴾ار وبررة َال تعاىل‪﴿ :‬إَ هن حاْلَبح َر َار لَ​َفْي‬ ‫َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫عامل املَلئكة اْلبرار د‪ .‬عمر اْلشقر ص (‪.)19‬‬

‫(‪)2‬‬

‫البخاري (‪.)1822/4‬‬

‫(‪)3‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)95‬‬

‫(‪)4‬‬

‫املصباح املنري للفيومْي ص (‪.)43‬‬

‫‪41‬‬


‫نَعَي ٍس [االنفطار‪.]13 :‬‬ ‫أبلغ‬ ‫وَال ِف صفة املَلئكة فربرة ُخ ه‬ ‫ص هبا املَلئكةُ ِف القرآن من حيث إنه ُ‬ ‫ٍَ‬ ‫وبر أبلغ من َبر كما أ هن عدالا أبلغ‬ ‫مجع ٍبر وأبرار مجع َبر ُّ‬ ‫من ﴿كَرام بَ​َرَرةٍ فإنه َ‬

‫من عادل(‪.)1‬‬

‫لق على معنيني‬ ‫ِ ُّ‬ ‫والرب يطَ ُ‬

‫أحدمها معاملةُ َ‬ ‫اْللق واإلحسا ُن إليهس‬

‫فعل مجي َع الطاعات الياهرة والباطنة(‪.)2‬‬ ‫الْثاين ير ُاد به ُ‬ ‫و َ‬ ‫موجود ِف املَلئكة عليهس السَلم فهس حمسنون ِف‬ ‫الياهُر أن كَل املعنيني‬ ‫﴾‬ ‫عبادُتس مطيعون لل ال يعصون هللا ما أمرهس ويفعلون ما يؤمرون وهس حمسنون‬ ‫ْللق هللا حمبون للمؤمنني وإحساهنس لبين آدم عييس فجزاهس عنا أفضل اجلزاء‬ ‫وأحسنه‪.‬‬

‫ومن صور إحساهنم لنا (‪:)3‬‬ ‫واستغفارهم لنا‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬دعاؤهم‬ ‫ُ‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬هو اله َذي يصلَْي علَي ُكس وم َ​َلئَ َكتُه لَيخ َرج ُكس َمن اليُّلُم َ‬ ‫ات‬ ‫ُ َ َ ح ح َ​َ ُ ُ ح َ ح َ َ‬ ‫َُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫املفردات ص (‪.)41‬‬

‫(‪)2‬‬

‫جامع العلوم واْلكس البن رجب ص (‪.)238‬‬

‫(‪)3‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)96‬‬

‫‪42‬‬


‫إَ َىل النُّوَر وَكا َن َ​َبلحم حؤَمنَ َ‬ ‫يما [األحزاب‪ .]43 :‬وهذا من أعيس اإلحسان لنا‬ ‫ُ َ‬ ‫ني َرح ا‬ ‫َ‬ ‫ودعاؤهس واستغفارهس سيكون له أثر عييس ِف هدايتنا وثباتنا على اْلق إن شاء‬ ‫هللا‪.‬‬

‫وَال تعاىل‪﴿ :‬اله َذ َ‬ ‫ش َوَم حن َح حولَهُ يُ َسبَ ُحو َن َِبَ حم َد َرهبَ​َ حس َويُ حؤَمنُو َن‬ ‫ين َحَيملُو َن الح َعحر َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ين َ​َتبُوا‬ ‫ين َآمنُوا َربهنَا َوس حع َ‬ ‫ت ُك هل َش حْيء َر حْحَةا َوع حل اما فَا حغفحر للهذ َ‬ ‫به َويَ حستَ حغفُرو َن للهذ َ‬ ‫ك وَ​َ َهس ع َذاب ا حجل َحي َس ربهنَا وأَد َخ حلهس جن َ‬ ‫هات َع حد ٍن الهَيت َو َع حد َُتُحس َوَم حن‬ ‫َواتهبَ عُوا َسبَيلَ َ َ ح َ َ َ َ َ ح ُ ح َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫اْل َكيس وَ​َ َهس ال هسيَئ َ‬ ‫َ‬ ‫ات َوَم حن‬ ‫آَبئَ َه حس َوأ حَزَواج َه حس َوذُ َرهَيُت حس إَنه َ‬ ‫ت الح َع َز ُيز حَ ُ َ ُ َ‬ ‫ك أَنح َ‬ ‫َ‬ ‫صلَ َح م حن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫تَ َق ال هسيَئ َ‬ ‫ك ُه َو الح َف حوُز الح َع َيي ُس [غافر‪.]9-7 :‬‬ ‫ات يَ حوَمئَذ فَ َق حد َرْححتَهُ َو َذل َ‬ ‫َ‬ ‫ب ‪ -‬ومن إحساهنم لنا شفاعتهم ألهل التوحيد يوم القيامة‬ ‫َ‬ ‫ضى [األنبياء‪.]28 :‬‬ ‫﴿وَال يَ حش َفعُو َن إَهال ل َم َن حارتَ َ‬ ‫َال تعاىل ‪َ :‬‬

‫‪ - 3‬التواضع وعدم التكرب‪:‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫يح أَ حن يَ ُكو َن َعحب ادا َهّلِلَ َوَال الح َم َ​َلئَ َكةُ‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬لَ حن يَ حستَ حنك َ‬ ‫ف الح َمس ُ‬ ‫َ‬ ‫ف عن َعبادتَ​َه ويستَ حكَرب فَسيح ُشرهس إَلَي َه َ​َ‬ ‫مج ايعا‬ ‫الح ُم َقهربُو َن َوَم حن يَ حستَ حنك ح َ ح َ َ َ َ ح ح َ َ ح ُ ُ ح ح‬ ‫َ هَ‬ ‫ك َال يَ حستَ حكَربُو َن َع حن َعبَ َادتَ​َه‬ ‫ين عَحن َد َربَ َ‬ ‫[النساء‪ .]172 :‬وَال تعاىل‪﴿ :‬إ هن الذ َ‬ ‫ويسبَحونَه ولَه يسج ُدو َن [األعراف‪ ]206 :‬وَال تعاىل‪﴿ :‬ولَه من َِف ال هسماو َ‬ ‫ات‬ ‫َُ َ ُ ُ َ ُ َ ح ُ‬ ‫َُ َح‬ ‫َ​َ‬ ‫َو حاْل حَر َ‬ ‫ض َوَم حن َعحن َدهُ َال يَ حستَ حكَربُو َن َع حن َعبَ َادتَ​َه َوَال يَ حستَ حح َسُرو َن [األنبياء‪.]19 :‬‬

‫‪43‬‬


‫والنصوص ِف هذا املعَ كْثرية(‪.)1‬‬

‫‪ - 4‬احلياء‪:‬‬

‫القبائح ودانءةَ‬ ‫اْلياء خلة شريفة وخلق عييس مينع صاحبه من ار َ‬ ‫تكاب‬ ‫َ‬ ‫وَيث على استعمال مكارم اْلخَلق ومعاليها(‪ ،)2‬وهو َم حن‬ ‫اْلخَلق ُّ‬ ‫َ‬ ‫خصال اإلميان كما جاء ِف حديث أّب هريرة رضْي هللا عنه عن النب (ﷺ) َال‬

‫بضع وستون شعبةا واْلياءُ شعبةُ من اإلميان»(‪.)3‬‬ ‫«اإلميا ُن ﴾‬

‫ومما ُّ‬ ‫يدل على اتصاف املَلئكة هبذا اْللق الشريف ما روي عن عائشة‬ ‫رضْي هللا عنها َالت كان رسول هللا (ﷺ) مض َ‬ ‫هجعا ِف بييت كاشفا عن فخذيه‬ ‫ُ‬ ‫أو ساَيه فاستأذن أبو بكر فَأ َ​َذ َن له وهو على تلك اْلال فتحدث مث استأذ َن‬ ‫رسول هللاَ وسوى‬ ‫ث مث استأذ َن عْثما ُن‬ ‫فجلس ُ‬ ‫عمر فأذن له وهو كذلك فتحد َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ثيابه فدخل فتحدهث فلما خر َج َالت عائشة دخل أبو بكر فلس ُتهش له ومل تباله‬

‫يت ثيابك فقال‬ ‫مث دخل عمر فلس ُتهش له ومل تباله مث دخل عْثمان‬ ‫فجلست وسو َ‬ ‫َ‬ ‫«أال استحْي من ٍ‬ ‫رجل تستحْي منه املَلئكةُ»(‪.)4‬‬

‫‪ - 5‬النظام‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫املصدر السابق ص (‪.)98‬‬

‫(‪)2‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)99‬‬

‫(‪)3‬‬

‫البخاري رَس (‪ ،)9‬مسلس رَس (‪.)35‬‬

‫(‪)4‬‬

‫مسلس رَس (‪.)2401‬‬

‫‪44‬‬


‫الرسول (ﷺ) على االَت َ‬ ‫داء هبس ِف‬ ‫املَلئكةُ منيمون ِف عبادُتس وَد حْثنا‬ ‫ُ‬ ‫ذلك فقال «أال تصفون كما تصف املَلئكةُ»؟ َالوا وكيف يصفون عند رهبس؟‬

‫الصف اْلول فاْلول يرتاصون ِف َ‬ ‫الصف»(‪ .)1‬وَد فضلنا هللاُ على‬ ‫َال «يكملون‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة»(‪.)2‬‬ ‫كصفوف‬ ‫بقية اْلُمس ِب حن ُجعَحلت صفوفنا‬ ‫َ‬ ‫ص افا‬ ‫ك َوالح َملَ ُ‬ ‫﴿و َجاءَ َربُّ َ‬ ‫ك َ‬ ‫وِف يوم القيامة أيتون صفوف ا منتيمة َال تعاىل‪َ :‬‬

‫ص افا [الفجر‪.]22 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ص افا َال‬ ‫وم ُّ‬ ‫وح َوالح َم َ​َلئ َكةُ َ‬ ‫ويقفون صفوف ا بني يدي هللا تعاىل ﴿يَ حوَم يَ ُق ُ‬ ‫الر ُ‬ ‫يل(‪.)3‬‬ ‫يَتَ َكله ُمو َن إَهال َم حن أ َ​َذ َن لَهُ الهر حْحَ ُن َوَ َ‬ ‫ال َ‬ ‫ص َو ااَب [النبأ‪ .]38 :‬و ُ‬ ‫الروح جرب ُ‬

‫‪ - 6‬حيبّون ويبغضون‬

‫فيحبون من أحبه هللا تعاىل ويبغضون َم حن أبغضه هللا كما ه‬ ‫دل على ذلك‬

‫يل فقال‬ ‫صحيح السنة فقد َال رسول هللا (ﷺ) «إن هللاَ إذا ه‬ ‫ُ‬ ‫أحب َعحبدا دعا جرب َ‬ ‫أهل الس َ‬ ‫أحب فَلانا فأحبه َال فيحبُّه جربيل َال مث َ‬ ‫ينادي ِف َ‬ ‫ماء‬ ‫يل َإين ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َي جرب ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اْلرض‪.‬‬ ‫قبول ِف‬ ‫يوض ُع له ال ُ‬ ‫إن هللاَ ُّ‬ ‫أهل السماء مث َ‬ ‫َيب فَلانا فأحبُّوه َال فيحبُّه ُ‬ ‫فأبغضه‬ ‫أبغض فَلانا ح‬ ‫يل َإين ُ‬ ‫وإ هن هللا إذا َ‬ ‫يل فقال َي جرب ُ‬ ‫أبغض عبدا دعا جرب َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫رواه اجلماعة إال البخاري نقَلا عن عامل املَلئكة ص (‪.)24‬‬

‫(‪)2‬‬

‫صحيح مسلس‪ ،‬علس املَلئكة اْلبرار لألشقر ص (‪.)24‬‬

‫(‪)3‬‬

‫عامل املَلئكة اْلبرار ص (‪.)24‬‬

‫‪45‬‬


‫َ‬ ‫ضه جربيل مث َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َال في ب حغ َ‬ ‫ينادي ِف َ‬ ‫ضه‬ ‫ض فَلانا فأبغضوه فَيُ حبغ ُ‬ ‫أهل السماء إ هن هللا يُحبغ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُح‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اْلرض»(‪.)1‬‬ ‫يوضع له البغضاءُ ِف‬ ‫أهل السماء مث ُ‬ ‫ُ‬

‫ابن آدم‪:‬‬ ‫‪ّ - 7‬إهنم يتأذّون مما يتأذّى منه ُ‬

‫رسول‬ ‫كالروائح الكريهة كما ورد ِف حديث جابر رضْي هللا عنه َال هنى ُ‬ ‫البصل والكر َ‬ ‫أكل َ‬ ‫هللاَ (ﷺ) عن َ‬ ‫اث فغلبتنا اْلاجة فأكلنا منها فقال « َم حن أ َك َل‬ ‫َمن َ‬ ‫هذهَ الشجرةَ َ‬ ‫املنتنة فَل يقرب هن مسجدان فإ هن املَلئكةَ تتأذى مما يتأذى منه‬ ‫ح‬ ‫اإلنس»(‪.)2‬‬

‫‪ّ - 8‬إهنم ال يعلمون الغيب‪:‬‬

‫حيث كان جو ُاهبس لرَهبس اعرتافَهس‬ ‫إهنس ال يعلمون إال ما أعلمهس هللا تعاىل ُ‬ ‫ك َال عَ حل َس‬ ‫بعدم علمهس شيئا مل يعلمهس هللا تعاىل إَيه َال تعاىل‪َ﴿ :‬الُوا ُسحب َحانَ َ‬ ‫اْلَ َك ُيس [البقرة‪. ]32 :‬‬ ‫ت الح َعلَ ُيس ح‬ ‫لَنَا إَهال َما َعله حمتَ نَا إَنه َ‬ ‫ك أَنح َ‬

‫ِ‬ ‫واخلوف منه‪:‬‬ ‫‪ - 9‬إهنم عباد هللا دائمو الطاعة‬

‫إهنس ال يعصونه فيما أمر كما أهنس ال يفعلون شيئا إال ِبمره ومن بعد إذنه‬ ‫َال تعاىل مبين ا ذلك ﴿ولَه من َِف ال هسماو َ‬ ‫ات َو حاْل حَر َ‬ ‫ض َوَم حن َعحن َدهُ َال يَ حستَ حكَربُو َن‬ ‫َُ َح‬ ‫َ​َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫البخاري رَس (‪ ،)6040‬مسلس رَس (‪.)2637‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسلس رَس (‪.)564‬‬

‫‪46‬‬


‫َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫هه َار َال يَ حف ُرتُو َن [األنبياء‪.]20-19 :‬‬ ‫َع حن عبَ َادته َوَال يَ حستَ ححسُرو َن يُ َسبَ ُحو َن اللهحي َل َوالن َ‬ ‫َ‬ ‫كاإلنس فليس هلس إرادة﴾ حرة﴾ أو مشيئة﴾ كما أهنس مل خيلقوا‬ ‫فاملَلئكةُ ليسوا‬ ‫لَلبتَلء بل اْلكمة من خلقهس أهنس يعبدون هللا ويسبحونه وله يسجدون‪.‬‬ ‫﴿خيَافُو َن َرههبُحس‬ ‫ولكنهس مع ذلك هس مأمورون َبلعبادة والطاعة َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫َم حن فَ حوَ​َ َه حس َويَ حف َعلُو َن َما يُ حؤَمُرو َن [النحل‪ .]50 :‬فهس إذن مكلفون ولكن تكليفهس‬ ‫خيتلَ‬ ‫اجلن هلس خيار وتكليفهس ابتَلء‬ ‫فبينما‬ ‫اجلن‬ ‫و‬ ‫اإلنس‬ ‫تكليف‬ ‫عن‬ ‫ف‬ ‫اإلنس و ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وَد يطيعون ويعصون ويغالبون أهواءهس وشهواُتس أو يتبعوهنا ومن مثَه يْثابون على‬ ‫ت على‬ ‫خيار هلا ْلهنا ُجبَلَ ح‬ ‫طاعتهس ويعاَبون على معصيتهس فإ هن املَلئكةَ ال َ‬ ‫الطاعة وال استطاعة هلا للمعصية ومن مثَه فإ هن عملهس وطاعتهس كالتنفس واْلكل‬ ‫والشرب َبلنسبة لإلنسان فَل مْثوبة هلس عليه فهس يؤمرون فيطيعون َال تعاىل‪:‬‬ ‫﴿وإَ حذ َُ حلنا لَحلم َ​َلئَ َك َة اسج ُدوا َآلدم فَسج ُدوا إَهال إَبلَ‬ ‫استَ حك َ​َرب َوَكا َن َم َن‬ ‫يس أ َ​َ​َب َو ح‬ ‫َ َ​َ‬ ‫حُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬ ‫ين [البقرة‪.)1( ]34 :‬‬ ‫الح َكاف َر َ‬

‫الفصل الثالث‬ ‫(‪)1‬‬

‫العقيدة اإلسَلمية د‪ .‬أْحد حممد جلْي ص (‪.)172‬‬

‫‪47‬‬


‫عدد املالئكة وأمساؤهم ورؤيتهم‬ ‫وهل ميوتون؟‬ ‫أوالً ‪ -‬عدد املالئكة‬ ‫اثنياً ‪ -‬أمساء املالئكة‬ ‫اثلثاً ‪ -‬رؤية املالئكة‬ ‫رابعاً ‪ -‬موت املالئكة‬

‫‪48‬‬


‫الفصل الثالث‬ ‫عدد املالئكة وأمساؤهم وهل ميوتون؟‬ ‫أوالً عدد املالئكة‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫عددها وال‬ ‫صى ُ‬ ‫املَلئكةُ الكر ُام من خملوَات هللا تعاىل العيام اليت ال ُحَي َ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫َيي ُ‬ ‫ود َربَ َ‬ ‫ط ِبوصافها إال خالقها عز وجل حيث َال تعاىل‪َ ﴿ :‬وَما يَ حعلَ ُس ُجنُ َ‬ ‫إَهال ُه َو [المدثر‪.]31 :‬‬ ‫حديث املعر َاج املتف َق‬ ‫اْلصر ومنه‬ ‫العقل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ويفوق َ‬ ‫وَد ورد ِف كْثرُتس ما ُ‬ ‫يبهر َ‬ ‫ٍ‬ ‫ألف ٍ‬ ‫ملك إذا خرجوا‬ ‫البيت‬ ‫املعمور يُصلَْي فيه ُّ‬ ‫كل يوم سبعو َن َ‬ ‫على صحته «إن َ‬ ‫َ‬ ‫اخر ما عليهس»(‪.)1‬‬ ‫مل يعودوا إليه َ‬ ‫ٍ‬ ‫وَال ُ َ‬ ‫ألف ٍ‬ ‫زمام مع ك َل‬ ‫رسول هللا (ﷺ) «يُ حؤتَى جبهن َس يؤمئذ هلا سبعو َن َ‬ ‫ألف ملَ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يروهنا»(‪.)2‬‬ ‫ك ُّ‬ ‫زمام سبعو َن َ َ‬

‫فعلى ذلك فإن الذين أيتون جبهنس يوم القيامة أربعة آالف وتسعمئة مليو َن‬ ‫َملَك(‪ ،)3‬وَد اتفقت كلمةُ َ‬ ‫أهل العلس على كْثرُتس وأن عددهس ال َيصيه إال‬ ‫خالقهس(‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬

‫البخاري رَس (‪.)3207‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسلس رَس (‪.)2824‬‬

‫(‪)3‬‬

‫عامل املَلئكة اْلبرار ص (‪.)16‬‬

‫(‪)4‬‬

‫جمموع الفتاوى (‪.)332/17‬‬

‫‪49‬‬


‫(‪)1‬‬ ‫َ‬ ‫السماء من ثقل املَلئكة وكْثرُتس فقال (ﷺ)‪:‬‬ ‫ط‬ ‫وَد مسع النب (ﷺ) أطي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وح هق هلا أَ حن تَئَ ه‬ ‫ط‬ ‫أمسع ما ال تسمعو َن أَطهت السماءُ ُ‬ ‫«إين أرى ما ال تَ​َرحو َن و ُ‬ ‫كوَ‬ ‫اض ﴾ع جبهته ساجدا للَ تعاىل وهللاَ لو‬ ‫ضع أرب َع‬ ‫أصابع إال َوَملَ ﴾‬ ‫َ‬ ‫ما فيها َم حو ُ‬ ‫ض َح حكتُس َليَلا ولَبَ حكيتُس كْثريا»(‪.)2‬‬ ‫تعلمو َن ما أ حَعلَ ُس لَ َ‬ ‫أصابع‬ ‫َند‬ ‫ِبيث ال ُ‬ ‫فإذا علمنا أن السماوات السبع َد ُمألت ُ‬ ‫موضع أرب َع َ‬ ‫َ‬

‫عددهس(‪)3‬؟ فسبحان من‬ ‫إال وعليها َملَ ﴾‬ ‫ك ُ‬ ‫العقل بعد هذا َ‬ ‫يعبد هللا فهل يتخيل ُ‬ ‫خلقهس وصرفهس وأحصاهس َال تعاىل‪﴿ :‬إَ حن ُك ُّل من َِف ال هسماو َ‬ ‫ات َو حاْلَحر َ‬ ‫ض إَهال‬ ‫َح‬ ‫َ​َ‬ ‫هه حس َعداا ۝ َوُكلُّ ُه حس آتَ َيه يَ حوَم الح َقيَ َام َة‬ ‫اه حس َو َعد ُ‬ ‫صُ‬ ‫َآيت الهر حْحَ َن َعحب ادا ۝ لَ​َق حد أ ح‬ ‫َح َ‬ ‫فَ حرادا [مريم‪.]95-93 :‬‬

‫اثنياً أمساء املالئكة‪:‬‬ ‫وردت تسمية املَلئكة عليهس السَلم ِف القرآن والسنة بعدة أمساء‪ ،‬عامة‬ ‫وخاصة‪:‬‬

‫‪ - 1‬األمساء العامة‬ ‫أ ‪ -‬األشهاد‬ ‫(‪)1‬‬

‫اْلطيط‪ :‬صوت اْلَتاب أي‪ :‬كْثرة ما ِف السماء من املَلئكة َد أثقلها حّت مسع صوت يشبه صوت الرحل إذا ْحل عليه اْلمل الْثقيل‪.‬‬

‫(‪)2‬‬

‫سلسلة اْلحاديث الصحيحة لأللباين رَس (‪.)1060‬‬

‫(‪)3‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)29‬‬

‫‪50‬‬


‫َال تعاىل‪﴿ :‬إَ هان لَنَ حنصر رسلَنَا واله َذين آمنُوا َِف ح َ‬ ‫وم‬ ‫اْلَيَاة الدُّنحيَا َويَ حوَم يَ ُق ُ‬ ‫ُ​ُ ُ ُ َ َ َ‬ ‫اْلشهاد املَلئكةُ(‪.)1‬‬ ‫اد [غافر‪َ ]51 :‬ال ابن كْثري‬ ‫ُ‬ ‫حاْلَ حش َه ُ‬ ‫وَال تعاىل‪﴿ :‬ومن أَظحلَس َممه َن افحرتى علَى هَ َ‬ ‫ضو َن َعلَى‬ ‫اّلِل َكذ اَب أُولَئَ َ‬ ‫ك يُ حعَر ُ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫َ​َ ح ُ‬ ‫ول حاْلَ حشهاد هؤَال َء اله َذين َك َذبوا علَى رهبَ​َس أَ​َال لَعنةُ هَ‬ ‫َ​َ‬ ‫ني‬ ‫َرهبَ​َ حس َويَ ُق ُ‬ ‫حَ‬ ‫َ ُ َُ‬ ‫اّلِل َعلَى اليهالم َ‬ ‫َ ُ َ َ ح‬ ‫اْلشهاد املَلئكةُ؟‬ ‫[هود‪َ ]18 :‬ال القرطب‬ ‫ُ‬

‫(‪)2‬‬

‫ب ‪ -‬املأل األعلى‪:‬‬

‫َعلَى ويُ حق َذفُو َن َم حن ُك َل َجانَ ٍ‬ ‫ب‬ ‫حاْل ح َ‬

‫﴿ال يَ هس همعُو َن إَ َىل الح َم َ​َإل‬ ‫َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫[الصافات‪.]8 :‬‬ ‫َعلَى إَ حذ َخيحتَ َ‬ ‫َ‬ ‫ص ُمو َن‬ ‫ِل َم حن َع حل ٍس َ​َبلح َم َ​َإل حاْل ح‬ ‫وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫﴿ما َكا َن َ‬ ‫املألُ اْلعلى ال تطلَ ُق إال على املَلئكة(‪.)3‬‬ ‫ج ‪ -‬اجلنود‪:‬‬

‫[ص‪.]69 :‬‬

‫َ​َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬مثُه أَنحزَل ه َ‬ ‫ودا‬ ‫ني َوأَنح َزَل ُجنُ ا‬ ‫اّلِلُ َسكينَ تَهُ َعلَى َر ُسوله َو َعلَى الح ُم حؤمن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َمل تَروها وع هذ ه َ‬ ‫ين [التوبة‪.]26 :‬‬ ‫ين َك َفُروا َو َذل َ‬ ‫ح َح َ َ َ َ‬ ‫ك َجَزاءُ الح َكاف َر َ‬ ‫ب ال ذ َ‬ ‫صرهُ ه َ‬ ‫َخر َجهُ اله َذين َك َفروا َاثَين اثحنَ ح َ‬ ‫ني‬ ‫وَال تعاىل‪﴿ :‬إَهال تَحن ُ‬ ‫اّلِلُ إ حذ أ ح َ‬ ‫صُروهُ فَ َق حد نَ َ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫تفسري ابن كْثري (‪.)84/4‬‬

‫(‪)2‬‬

‫تفسري القرطب (‪.)18/9‬‬

‫(‪)3‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)32‬‬

‫‪51‬‬


‫ول لَص َ‬ ‫اّلِلُ َس َكينَ تَهُ َعلَحي َه‬ ‫اّلِلَ َم َعنَا فَأَنح َزَل ه‬ ‫احبَ َه َال َححتَز حن إَ هن ه‬ ‫إَ حذ ُمهَا َِف الحغَا َر إَ حذ يَ ُق ُ َ‬ ‫هَ‬ ‫َ ٍ‬ ‫ين َآمنُوا اذح ُكُروا نَ حع َمةَ‬ ‫َوأَيه َدهُ جبُنُود َملح تَ​َرحوَها [التوبة‪ .]40 :‬وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫﴿َي أَيُّ َها الذ َ‬ ‫هَ‬ ‫اّلِلُ َّبَا‬ ‫ودا َملح تَ​َرحوَها َوَكا َن ه‬ ‫اّلِل َعلَحي ُك حس إَ حذ َجاءَتح ُك حس ُجنُ ﴾‬ ‫ود فَأ حَر َس حلنَا َعلَحي َه حس َرَياا َو ُجنُ ا‬ ‫تَعملُو َن ب َ‬ ‫ص اريا [األحزاب‪ .]9 :‬واآلَيت ِف هذا املعَ كْثرية﴾ وَد ذكر املفسرون رْحهس‬ ‫حَ َ‬ ‫هس املَلئكة(‪.)1‬‬ ‫هللا أ هن اجلنود أنزهلس هللا على املؤمنني وعلى رسوله (ﷺ) ُ‬ ‫اْلحاديث الكْثريةُ ُّ‬ ‫اجلنود اليت مل يروها هْي املَلئكة كما ِف حديث‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫تدل على أ هن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تفعل(‪.)2‬‬ ‫يح‬ ‫فذهبت‬ ‫ُحذيفة َال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فدخلت ِف القوم والر ُ‬ ‫تفعل ما ُ‬ ‫وجنود هللا ُ‬ ‫َ‬ ‫اْلندق‬ ‫رسول هللاَ (ﷺ) من‬ ‫رجع ُ‬ ‫وعن عائشة رضْي هللا عنها َالت فلما َ‬

‫أسه من الغبا َر فقال‬ ‫يل وهو‬ ‫السَلح‬ ‫وضع‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ينفض ر َ‬ ‫َ‬ ‫فاغتسل فأَته جرب ُ‬ ‫َ‬ ‫السَلح وهللاَ ما وضعناه(‪.)3‬‬ ‫وضعتَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫د ‪ -‬السفرة‪:‬‬

‫َال تعاىل‪َِ ﴿ :‬بَيح َدي َس َفَرةٍ ۝ كَ​َرٍام بَ​َرَرةٍ [عبس‪َ .]16-15 :‬ال ابن جرير‬ ‫الصحيح أ هن السفرَة املَلئكةُ والسفرة يعين بني هللا تعاىل وبني خلقه ومنه‬ ‫الطربي و‬ ‫ُ‬ ‫يقال السفري الذي يسعى بني الناس ِف الصلح واْل َري كما َال الشاعر‪:‬‬

‫(‪)1‬‬

‫تفسري ابن كْثري (‪.)346/2‬‬

‫(‪)2‬‬

‫رواه اإلمام أْحد ِف مسنده (‪ )392/5‬إسناده صحيح‪.‬‬

‫(‪)3‬‬

‫مسلس (‪.)1389/3‬‬

‫‪52‬‬


‫َوَما أ حَمش ْي بَغَ ٍ‬ ‫ت‬ ‫ش إ حن َم َش حي ُ‬

‫بني َومْي‬ ‫وم ا أدعُ الس ف ارةَ َ‬

‫(‪)1‬‬

‫هـ ‪ -‬الرسل‪:‬‬

‫هاس إَ هن ه َ‬ ‫صطَ​َفْي َم َن الح َم َ​َلئَ َك َة ُر ُس اَل َوَم َن الن َ‬ ‫يع‬ ‫َال تعاىل‪ :‬ه‬ ‫﴿اّلِلُ يَ ح‬ ‫اّلِلَ َمس ﴾‬ ‫َ‬ ‫ضجَ‬ ‫صري [الحج‪ .]75 :‬وَال تعاىل‪ :‬ح َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫اع َل‬ ‫﴿اْلَ حم ُد هّلِل فَاط َر ال هس َم َاوات َو حاْل حَر َ َ‬ ‫بَ ﴾‬ ‫الح َم َ​َلئَ َك َة ُر ُس اَل أ َ‬ ‫يد َِف ح‬ ‫اْلَحل َق َما يَ َشاءُ إَ هن ه‬ ‫ع يَ​َز ُ‬ ‫َجنَ َح ٍة َمْثح َ​َ َوثَُ​َل َ‬ ‫ث َوُرَ​َب َ‬ ‫ُوِل أ ح‬ ‫اّلِلَ‬ ‫َعلَى ُك َل َش حْي ٍء َ َد ﴾ير [فاطر‪.]1 :‬‬ ‫ٍ َ‬ ‫َ‬ ‫ني‬ ‫وَال تعاىل﴿َ َ‬ ‫ال فَ َما َخطحبُ ُك حس أَيُّ َها الح ُمحر َسلُو َن َالُوا إَ هان أ حُرس حلنَا إَ َىل َ حوم ُحجم َرم َ‬ ‫لَنُرَسل َعلَحي َهس َح َجاراة َم حن َط ٍ‬ ‫ني [الذاريات‪ .]33-31 :‬فقد مسى هللاُ املَلئكةَ رسَلا ِف‬ ‫َ‬ ‫ح َ ح‬ ‫آَيت كْثرية(‪.)2‬‬

‫‪ - 2‬األمساء اخلاصة‬ ‫أ ‪ -‬جربيل‬ ‫ثبت أ هن ٍ‬ ‫وظائف‬ ‫لكل منهس‬ ‫َد جاء ِف النصوص الشرعية أن املَلئكة‬ ‫﴾‬ ‫َ‬ ‫أصناف كما َ‬ ‫وأعماالا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫اجلملة‬ ‫يقومون هبا ِف‬ ‫تسبيح هللا تعاىل والتعب ُد له ليَلا‬ ‫فوظيفةُ املَلئكة اْلوىل اليت ُ‬ ‫ُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫تفسري ابن جرير (‪ِ ،)54/30‬ف املَلئكة املقربني ص (‪.)31‬‬

‫(‪ِ )2‬ف املَلئكة املقربني ص (‪.)30‬‬

‫‪53‬‬


‫وهنارا من غري ٍ‬ ‫ملل وال فتوٍر‪.‬‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة جربيل عليه السَلم وهو املوكل َبلوحْي وغري ذلك‬ ‫ومن أشهر‬ ‫َ َ‬ ‫اضع‪.‬‬ ‫من اْلعمال وَد ورد ذكره ِف القرآن الكرمي ِف عدة مو َ‬ ‫اّلِلَ‬ ‫َال تعاىل‪َُ﴿ :‬ل َم حن َكا َن َع ُد اوا جلَ​َحَ‬ ‫رب‬ ‫ك إبَ​َ حذ َن ه‬ ‫يل فَ​َإنههُ نَهزلَهُ َعلَى َ حلبَ َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫[البقرة‪.]97 :‬‬

‫وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫اهرا َعلَحي َه فَ​َإ هن ا هّلِلَ ُهو َم حوَالهُ وَج حَ‬ ‫صالَ ُح‬ ‫رب‬ ‫يل َو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫﴿وإ حن تَيَ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫النب‬ ‫ني [التحريم‪ .]4 :‬وجاء امسُه ِف السنة كْثريا فهو الذي يْيءُ َبلوحْي إىل َ‬ ‫الح ُم حؤمن َ‬ ‫(ﷺ) من أوَل ٍ‬ ‫يوم ِف غار حراء حّت اخ َر عمره صلوات هللا وسَلمه عليه وهو‬

‫الذي صحبه ِف إسرائه ومعراجه ورّبا ُتْثل له بصورَة ٍ َ‬ ‫النب (ﷺ)‬ ‫رجل فيكل ُس ه‬ ‫النب (ﷺ) بذلك(‪.)1‬‬ ‫والصحابة ينيرون ويسمعون وال يعرفونه حّت خيربهس ُّ‬ ‫‪‬‬

‫وقد مسّاه هللا بغري هذا االسم يف القرآن الكرمي فمن امسائه الشريفة‪:‬‬

‫الروح‪:‬‬

‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الر َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ني أَلح َ‬ ‫وح إَلَحيه َِف يَ حوم َكا َن م حق َد ُارهُ خَحس َ‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬تَ حعُر ُج الح َم َ​َلئ َكةُ َو ُّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ص افا َال يَتَ َكله ُمو َن‬ ‫وم ُّ‬ ‫وح َوالح َم َ​َلئ َكةُ َ‬ ‫َسنَة [المعارج‪ .]4 :‬وَ ال تعاىل‪﴿ :‬يَ حوَم يَ ُق ُ‬ ‫الر ُ‬ ‫إَهال َم حن أ َ​َذ َن لَهُ الهر حْحَ ُن َوَ َ‬ ‫ص َو ااَب [النبأ‪ .]38 :‬وَال تعاىل‪﴿ :‬تَنَ هزُل الح َم َ​َلئَ َكةُ‬ ‫ال َ‬ ‫القرطب والروح جربيل عليه‬ ‫وح فَ َيها إبَ​َ حذ َن َرهبَ​َ حس َم حن ُك َل أ حَم ٍر [القدر‪َ .]4 :‬ال‬ ‫َو ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫الر ُ‬ ‫(‪ )1‬املصدر نفسه ص (‪.)35‬‬

‫‪54‬‬


‫ابن عباس(‪.)1‬‬ ‫السَلم َاله ُ‬

‫َبلروح هنا جربيل أن هللا عز وجل أضافه إىل َ‬ ‫ومما ُّ‬ ‫نفسه‬ ‫يدل على أ هن املر َاد َ‬ ‫ُ‬

‫َ‬ ‫هل َهلَا بَ َشارا َس َواَي [مريم‪.]17 :‬‬ ‫ِف َوله تعاىل‪﴿ :‬فَأ حَر َس حلنَا إلَحي َها ُر َ‬ ‫وحنَا فَتَ َمْث َ‬ ‫الروح األمني‪:‬‬

‫الروح حاْل َ​َمني ۝ علَى َ حلبَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ين‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬نَ​َزَل به ُّ ُ‬ ‫ك لتَ ُكو َن م َن الح ُمحنذر َ‬ ‫۝ بَلَس ٍ‬ ‫ان َعرٍَّب ُمبَ ٍ‬ ‫يل عليه السَلم‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫هو‬ ‫ْثري‬ ‫ك‬ ‫ابن‬ ‫َال‬ ‫‪.‬‬ ‫ني [الشعراء‪]195-193 :‬‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َاله غري و ٍ‬ ‫احد من السلف وهذا مما ال نزاع فيه(‪.)2‬‬ ‫ُ‬ ‫روح القدس‪:‬‬

‫َال تعاىل‪﴿ :‬وآتَي نَا َعيسى ابن مرَمي الحب يَنَ َ‬ ‫وح الح ُق ُد َس‬ ‫ات َوأَيه حد َانهُ بَُر َ‬ ‫َ ح َ ح َ َح َ َ‬ ‫‪ ]253‬وَال تعاىل‪َُ﴿ :‬ل نَهزلَه روح الح ُق ُد َس َمن ربَك َ​َب حْل َق لَي ْث بَ ه َ‬ ‫ين َآمنُوا َوُه ادى‬ ‫ح َ َ َ َُ َ‬ ‫ح ُ​ُ ُ‬ ‫ت الذ َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫ني [النحل‪. ]102 :‬‬ ‫َوبُ حشَرى ل حل ُم حسلم َ‬

‫[البقرة‪:‬‬

‫مشهور ِف السنة حيث ذكره النب (ﷺ) ِف دعائه ْلسان‬ ‫اسس‬ ‫﴾‬ ‫االسس ﴾‬ ‫وهذا ُ‬

‫النب (ﷺ) فعن أّب سلمة بن عبد الرْحن بن‬ ‫رضْي هللا عنه عندما كان يرد عن َ‬ ‫اثبت اْلنصاري يستشهد أَب هريرة َ‬ ‫عوف أنه مسع حسا َن بن ٍ‬ ‫أنش ُدك هللا هل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫النب (ﷺ) يقول «َي حسا ُن أ َ​َجب َعن َ‬ ‫بروح‬ ‫رسول هللاَ (ﷺ) الله هس أيده ٍ‬ ‫مسعت ه‬ ‫َ‬ ‫ح ح‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫تفسري القرطب (‪.)281/18‬‬ ‫تفسري ابن كْثري (‪.)347/3‬‬

‫‪55‬‬


‫ال ُقدس» َال أبو هريرة نعس(‪.)1‬‬

‫روح َ‬ ‫القدس‬ ‫وعن أّب أم امةَ رضْي هللا عنه َ ال‪ َ :‬ال ُ‬ ‫رسول هللا (ﷺ)‪« :‬إ هن َ‬ ‫(‪)2‬‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫وتستوعب رزَه ا‪،‬‬ ‫ها‬ ‫ل‬ ‫أج‬ ‫ل‬ ‫تستكم‬ ‫حّت‬ ‫ُتوت‬ ‫لن‬ ‫ا‬ ‫نفس‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫نفث ِف َرحوعْي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الرزق أن يطلبه ّبع َ‬ ‫فاتقوا هللا وأمجلوا ِف الطلب وال َيمل هن أح َدكس استبط اء َ‬ ‫صية‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫نال ما عندهَ إال بطاعته»(‪ )3‬ومعَ القدس أي الطاهر(‪.)4‬‬ ‫هللاَ فإن هللا تعاىل ال يُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ك لَتَ ُكو َن‬ ‫وَال الراغب‪ :‬وَوله تعاىل‪﴿ :‬نَ​َزَل بَ​َه ُّ‬ ‫ني ۝ َعلَى َ حلبَ َ‬ ‫وح حاْلَم ُ‬ ‫الر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ين [الشعراء‪ )5( ]194-193 :‬يعين به‪ :‬جربيل‪ ،‬من حيث إنه ينزل َبلقدس‬ ‫م َن الح ُمحنذر َ‬ ‫من هللا‪ ،‬أي‪ :‬مما يطهر به نفوسنا‪ ،‬من القرآن واْلكمة والفيض اإلهلْي(‪.)6‬‬ ‫الروح حاْل َ‬ ‫وَال الطحاوي‪ :‬وَوله ‪﴿ :‬نَزَل بَ​َ‬ ‫يل‪،‬‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫هو‬ ‫ني [الشعراء‪]193 :‬‬ ‫َم‬ ‫ه‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عليه السَلم‪َُ ،‬مسْي روحا ْلنه َ‬ ‫حام ُل الوحْي الذي به حياةُ القلوب إىل الرسل من‬ ‫حق أم ٍ‬ ‫ني صلوات هللا عليه(‪.)7‬‬ ‫أمني ُّ‬ ‫البشر صلوات هللا عليهس أمجعني وهو ﴾‬ ‫عييس فهو صاحبه ِف‬ ‫يل عليه السَلم مع َ‬ ‫النب (ﷺ) شأ ﴾ن ﴾‬ ‫وَد كان جلرب ُ‬

‫غار حراء ِف أول يوم من أَيم نبوته وُتْثل له رجَلا وكلمه وراه ِف صورته اليت خلقه‬

‫لتأخ َر‬ ‫النب (ﷺ) يتش هو ُق للقاء جربيل عليه السَلم‬ ‫عدم ا ُّ‬ ‫عليها وكان ُّ‬ ‫ويطلب منه َ‬ ‫ُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫مسلس (‪ )1932/3‬رَس (‪.)152‬‬

‫(‪)2‬‬

‫الروع‪ :‬نفسْي وخلدي‪.‬‬

‫(‪)3‬‬

‫صحيح اجلامع رَس (‪.)2081‬‬

‫(‪)4‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)37‬‬

‫(‪)5‬‬

‫املصدر نفسه ص (‪.)37‬‬

‫(‪)6‬‬

‫املفردات ص (‪.)396‬‬

‫(‪)7‬‬

‫شرح العقيدة الطحاوية ص (‪.)337‬‬

‫‪56‬‬


‫َ‬ ‫ومدارسة القرآن ِف كل رمضان وِف العام الذي مات فيه رسول (ﷺ)‬ ‫ِف الزَيرة‬ ‫دارسه القرآن مرتني إىل غري ذلك من اْلعمال الشريفة العييمة مما ُّ‬ ‫يدل على‬ ‫مكانته عند هللا حّت َال غري و ٍ‬ ‫احد من العلماء إنه عليه السَلم أفضل املَلئ َ‬ ‫كة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عند هللاَ عز وجل(‪.)1‬‬ ‫أعيمهس َ‬ ‫و ُ‬ ‫ب ‪ -‬ميكائيل‬ ‫االسس ِف القرآن والسنة‬ ‫من أعيان املَلئكة‬ ‫ميكائيل عليه السَلم ثبت هذا ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ​َ َ​َ َ َ‬ ‫يل َوَمي َك َ‬ ‫ال فَ​َإ هن ه‬ ‫اّلِلَ‬ ‫كما َال تعاىل‪َ ﴿ :‬م حن َكا َن َع ُد اوا هّلِل َوَم َ​َلئ َكته َوُر ُسله َوج حرب َ‬ ‫َ َ‬ ‫ين [البقرة‪.]98 :‬‬ ‫َع ُد ٌّو ل حل َكاف َر َ‬ ‫عبيد هللا(‪.)2‬‬ ‫ومعْي‬ ‫عبد هللا أو ُ‬ ‫ميكائيل ُم َعب ُد لل أي ُ‬ ‫ُ‬

‫ج ‪ -‬إسرافيل‬ ‫ورد ِف السنة ِف‬ ‫مل يرد اسس إسرافيل عليه السَلم ِف القرآن الكرمي وإّما َ‬ ‫ٍ‬ ‫رسول هللاَ (ﷺ) كان‬ ‫صحيحة منها‬ ‫أحاديث‬ ‫حديث عائشة رضْي هللا عنها أ هن َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الليل يصلَ‬ ‫َام من َ‬ ‫طر‬ ‫ر‬ ‫وإس‬ ‫وميكائيل‬ ‫يل‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫رب‬ ‫س‬ ‫الله‬ ‫«‬ ‫يقول‬ ‫ْي‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫إذا َ‬ ‫افيل فا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الغيب والشهادةَ أنت حتكس بني َ‬ ‫السماو َ‬ ‫اْلرض عاملَ َ‬ ‫ات و َ‬ ‫عباد َك فيما كانوا فيه‬ ‫َ ُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)40 ،39‬‬

‫(‪)2‬‬

‫املصدر نفسه ص (‪.)41‬‬

‫‪57‬‬


‫َ‬ ‫ف فيه َم َن َ‬ ‫اْلق إبذنك إنك ُتدي َم حن تشاءُ إىل صرا ٍط‬ ‫خيتلفون اهدين ملا اختُل َ‬

‫مستقيس»(‪.)1‬‬

‫افيل عليه السَلم ُم حوَك ﴾ل َبلنفخ ِف الصور‬ ‫واملشهور عند املفسرين أ هن إسر َ‬

‫افيل‪.‬‬ ‫و ُ‬ ‫الصور القر ُن يَحن ُف ُخ فيه إسر ُ‬

‫الصوَر فَ َ​َل‬ ‫ورد الصوَر ِف آَيت كْثرية منها َوله تعاىل‪﴿ :‬فَ​َإ َذا نَُف َخ َِف ُّ‬ ‫وَد َ‬ ‫ٍَ‬ ‫﴿ويَ حوَم يُحن َف ُخ‬ ‫أَنح َس َ‬ ‫اب بَحي نَ ُه حس يَ حوَمئذ َوَال يَتَ َساءَلُو َن [المؤمنون‪ .]101 :‬وَوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫الصوَر فَ َف َزع من َِف ال هسماو َ‬ ‫ات َوَم حن َِف حاْل حَر َ‬ ‫ض إَهال َم حن َشاءَ ه‬ ‫َِف ُّ‬ ‫اّلِلُ َوُكلٌّ أَتَ حوهُ‬ ‫َ َح‬ ‫َ​َ‬ ‫اخ َرين [النمل‪ .]87 :‬وَال تعاىل‪﴿ :‬ونَُفخ َِف ُّ َ‬ ‫دَ‬ ‫ك يَ حوُم الح َو َعي َد [ق‪.]20 :‬‬ ‫الصوَر َذل َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫والنفخ ِف الصور ثَلث نفخات نفخة الفزع ونفخة الصعق واملوت ملن مل‬ ‫َ‬ ‫العلماء أهنما نفختان فقط(‪.)2‬‬ ‫بعض‬ ‫ميت ونفخة القيام لرب العاملني ورجح ُ‬ ‫ينفخ ِف الصور هو‬ ‫حديث واح ﴾د‬ ‫يوج ُد‬ ‫صحيح ُّ‬ ‫﴾‬ ‫ينص على أ هن الذي ُ‬ ‫﴾‬ ‫وال َ‬ ‫َ‬ ‫إسرافيل عليه السَلم مع كْثرةَ‬ ‫النفخ وعد َد النفخات‬ ‫اْلحاديث اليت حتدثت عن َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ينفخ فيه‪.‬‬ ‫وصفة الصور وصفة امللك الذي ُ‬ ‫ولقد ص هح ولكن بدون ذك َر إسرافيل من حديث أّب ٍ‬ ‫سعيد اْلدري رضْي‬ ‫هللا عنه َال‪َ :‬ال ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫التقس القر َن‬ ‫أنعس وصاح ُ‬ ‫ب القرن َد َ‬ ‫رسول هللا (ﷺ)‪« :‬وكيف ُ‬ ‫َبلنفخ فينفخ»(‪.)3‬‬ ‫استمع اإلذن مّت يُ حؤَمُر َ‬ ‫و َ‬

‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)44‬‬

‫(‪)2‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني‪.‬‬

‫(‪)3‬‬

‫مسند أْحد رَس (‪.)1103‬‬

‫‪58‬‬


‫يل همما‬ ‫يل‬ ‫وَد مجع ُّ‬ ‫وميكائيل وإسراف َ‬ ‫َ‬ ‫النب (ﷺ) ِف دعائه املتقدم بني جرب ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫وضخامة ما‬ ‫يدل على َعيَ َس هؤالء الْثَلثة عليهس السَلم‪ ،‬ومكانتهس عند هللا‪،‬‬ ‫وكلهس هللاُ به(‪.)1‬‬

‫مالك خاز ُن النار‪:‬‬ ‫‪ٌ -3‬‬

‫َ‬ ‫ك لَيَ حق َ‬ ‫ال إَنه ُك حس َماكَْثُو َن‬ ‫ك َ​َ‬ ‫ض َعلَحي نَا َربُّ َ‬ ‫﴿و َان َد حوا َ​َي َمال ُ‬ ‫َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫أدخلهس هللا جهنس‬ ‫[الزخرف‪ .]77 :‬واندى هؤالء اجملرمون مالكا خازن جهنس بعدما‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك لَيَ حق َ‬ ‫ال إَنه ُك حس‬ ‫كَ​َ‬ ‫ض َعلَحي نَا َربُّ َ‬ ‫﴿و َان َد حوا َ​َي َمال ُ‬ ‫فناهلس فيها من البَلء ما انهلس َ‬ ‫أدخلهس هللا جهنس‬ ‫َماكَْثُو َن واندى هؤالء اجملرمون مالكا خازن جهنس بعدما‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك لَيَ حق َ‬ ‫ض َعلَحي نَا َربُّك أي ليمتنا ربك(‪.)2‬‬ ‫فناهلس فيها من البَلء ما انهلس ﴿ َ​َي َمال ُ‬

‫‪ - 4‬ملك املوت‪:‬‬

‫ك الحمو َ‬ ‫ت اله َذي ُوكَ َل بَ ُك حس مثُه إَ َىل َربَ ُك حس‬ ‫َال تعاىل‪ َُ﴿ :‬حل يَتَ َوفها ُك حس َملَ ُ َ ح‬ ‫تُحر َجعُو َن [السجدة‪.]11 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ​َ َ‬ ‫َ‬ ‫وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫﴿وُه َو الح َقاهُر فَ حو َق عبَاده َويُحرس ُل َعلَحي ُك حس َح َفيَةا َح هّت إ َذا َجاءَ‬ ‫ت تَ َوفهحتهُ ُر ُسلُنَا َوُه حس َال يُ َف َرطُو َن [األنعام‪.]61 :‬‬ ‫َح َد ُك ُس الح َم حو ُ‬ ‫أَ‬

‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)46‬‬

‫(‪)2‬‬

‫تفسري ابن جرير (‪.)98/25‬‬

‫‪59‬‬


‫‪ - 5‬منكر ونكري‪:‬‬ ‫جاء هذان االمسان ِف أحاديث فتنة القرب ‪ -‬نعوذ َبلل منها ‪ -‬فمن ذلك‬ ‫ما جاء عن أّب هريرة رضْي هللا عنه َال‪َ :‬ال ُ َ‬ ‫امليت‬ ‫رسول هللا (ﷺ)‪« :‬إذا ََُ َرب ُ‬ ‫أزرَان يقال َ‬ ‫أسودان َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْلحدمها املنكر ولألخر النكري‬ ‫ملكان‬ ‫أو َال أحدكس أَتهُ‬

‫كنت تقول ِف هذا الرجل» اْلديث(‪.)1‬‬ ‫فيقوالن ما َ‬

‫‪ - 6‬هاروت وماروت‪:‬‬

‫ني كرمي َ َ‬ ‫امسان مللك َ‬ ‫َصص وأساطري أك ُْثرها أ َُخذت من‬ ‫ت حوهلما‬ ‫ني نُس َج ح‬ ‫﴾‬ ‫َ‬ ‫ني‬ ‫﴿واتهبَعُوا َما تَحت لُو الشهيَاط ُ‬ ‫أهل الكتاب وَد ورد ذكرمها ِف القرآن ِف َوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫اطني َك َفروا ي علَمو َن النهاس َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الس ححَر‬ ‫َعلَى ُم حلك ُسلَحي َما َن َوَما َك َفَر ُسلَحي َما ُن َولَك هن الشهيَ َ ُ ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫وَما أُنح َزَل َعلَى الحملَ َك ح َ‬ ‫َح ٍد َح هّت يَ ُق َوال‬ ‫وت َوَم ُار َ‬ ‫ني بَبَابَ َل َه ُار َ‬ ‫وت َوَما يُ َعل َمان م حن أ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ني الح َمحرَء َوَزحوَج َه َوَما ُه حس‬ ‫إَهّمَا َححن ُن فحت نَة﴾ فَ َ​َل تَ حك ُفحر فَيَ تَ َعله ُمو َن محن ُه َما َما يُ َف َرَُو َن بَه بَح َ‬ ‫بَض َارين بَ​َه َمن أَح ٍد إَهال إبَ​َ حذ َن هَ‬ ‫ضُّرُه حس َوَال يَحن َفعُ ُه حس َولَ​َق حد َعلَ ُموا‬ ‫اّلِل َويَتَ َعله ُمو َن َما يَ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫َ َ‬ ‫لَم َن ا حش َ​َرتاهُ َما لَهُ َِف حاآل َخرةَ َم حن َخ َ​َل ٍق ولَبَ‬ ‫س َما َشَرحوا بَ​َه أَنح ُف َس ُه حس لَ حو َكانُوا‬ ‫ئ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫يَ حعلَ ُمو َن‬

‫[البقرة‪]102 :‬‬

‫فهاروت وماروت ملك َ‬ ‫ان أُنزال إىل اْلرض فتنةا للناس وكاان َيذران َم حن‬

‫(‪)1‬‬

‫جامع الرتمذي (‪ ،)267/2‬وَال اْللباين ِف ختريج املشكاة‪ :‬وسنده حسن‪ ،‬وهو على شرط مسلس‪.‬‬

‫‪60‬‬


‫جاءمها ليتعلس منهما ما نزال به(‪.)1‬‬ ‫َ‬ ‫ت حوهلما ِف كتب التفس َري أساطريُ كْثرية﴾ مل ي حْثبت شْيء﴾ منها ِف‬ ‫وَد نُس َج ح‬ ‫َ‬ ‫الكتاب والسن َة فيكتُ َفى ِف معرفة أم َرمها ّبا دلت عليه اآلية الكرمية(‪.)2‬‬

‫تصح تسمية املالئكة هبا‪:‬‬ ‫‪ - 7‬األمساء املنسوبة للمالئكة ومل ّ‬ ‫أ ‪ -‬عزرائيل‪:‬‬

‫وَد جاء ِف َ‬ ‫يوجد ِف‬ ‫بعض االاث َر تسميةُ ملك املوت َبسس عزرائيل وال ُ‬ ‫القرآن وال ِف اْلحاديث الصحيحة تسمية هبذا االسس(‪.)3‬‬ ‫ب ‪ -‬رقيب وعتيد‪:‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫رَيب وعتي ﴾د استدالالا بقوله‬ ‫يذكر ُ‬ ‫بعض العلماء أ هن م َن املَلئكة من امسه ﴾‬ ‫ُ‬ ‫ني وع َن َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ظ َم حن‬ ‫الش َم َال َعَي ﴾د ۝ َما يَ حل َف ُ‬ ‫تعاىل‪﴿ :‬إَ حذ يَتَ لَ هقى الح ُمتَ لَقيَان َع َن الحيَم َ َ َ‬ ‫ٍ َ َ َ‬ ‫يب َعتَي ﴾د [ق‪.]18-17 :‬‬ ‫َ حول إهال لَ َديحه َرَ ﴾‬

‫وصف للملكني اللذين‬ ‫العتيد هنا‬ ‫صحيح‬ ‫ٍ‬ ‫فالرَيب و ُ‬ ‫﴾‬ ‫ُ‬ ‫وما ذكروه غريُ‬ ‫شاهدان ال َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يغيبان‬ ‫ملكان حاضر َان‬ ‫رَيب وعتي ﴾د أي‬ ‫يسجَلن أعمال العباد ومعَ ﴾‬

‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)50‬‬

‫(‪)2‬‬

‫عامل املَلئكة اْلبرار ص (‪.)88‬‬

‫(‪)3‬‬

‫عامل املَلئكة اْلبرار ص (‪.)18‬‬

‫‪61‬‬


‫عن َ‬ ‫ليس املر ُاد أهنما امسان للملكني(‪.)1‬‬ ‫و‬ ‫العبد‬ ‫َ‬

‫اثلثاً ‪ -‬رؤية املالئكة‪:‬‬

‫دل َ‬ ‫يل بصورته اليت خلقه هللا عليها‬ ‫ت‬ ‫النصوص على أ هن ه‬ ‫ُ‬ ‫النب (ﷺ) رأى جرب َ‬

‫مرتني وكان يراه كْثريا متمْثَلا بصورةَ ٍ‬ ‫دحيَةَ الكلب‬ ‫رجل وكان كْثريا ما يتمْثل بصورةٍ ح‬

‫ثبت‬ ‫ورّبا راه ُّ‬ ‫بعض أصحابه وزوجاته وال يرونه كما َ‬ ‫النب (ﷺ) وكلمه وعنده ُ‬ ‫َ‬ ‫النب (ﷺ) َال هلا «َي عائشةُ هذا‬ ‫ذلك ِف حديث عائشةَ رضْي هللا عنها أ هن ه‬ ‫جربيل يقرأُ َ‬ ‫السَلم ورْحةُ هللا وبركاته ترى ما ال‬ ‫السَلم» فقالت وعليه‬ ‫عليك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أرى(‪.)2‬‬ ‫َ‬ ‫ورّبا راه أصحابهُ رضْي هللا عنهس كما ص هح أهنس رأوه بصورةَ ٍ‬ ‫شديد‬ ‫رجل‬ ‫(‪)3‬‬ ‫َ‬ ‫بياض ال َ‬ ‫شديد سو َاد الشع َ‬ ‫َ‬ ‫يل املشهور‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫حديث‬ ‫ِف‬ ‫اثبت‬ ‫هو‬ ‫كما‬ ‫ر‬ ‫ْثياب‬ ‫﴾‬ ‫َ‬ ‫ك(‪.)4‬‬ ‫َيذر اإلنسا ُن فرّبا لبهس عليه شيطا ﴾ن وظ هن أنه َملَ ﴾‬ ‫وغريه‪ ،‬ولكن ينبغْي أن َ‬ ‫أما رؤيتهس على صورُتس اليت خل َقهس هللا عليها َ‬ ‫فياهر النصوص ُّ‬ ‫تدل على‬ ‫ُ‬ ‫النب (ﷺ) مل ير جربيل على صورته إال مرت َ‬ ‫ني وهاله َعيَ ُس‬ ‫أهنس ال يُرون وإذا كان ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫(‪)1‬‬

‫املصدر نفسه ص (‪.)18‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسلس رَس (‪ِ ، )2474‬ف املَلئكة املقربني ص (‪.)19‬‬

‫(‪)3‬‬

‫مسلس رَس (‪.)8‬‬

‫(‪)4‬‬

‫املصدر نفسه ص (‪.)86‬‬

‫‪62‬‬


‫َ‬ ‫خلقه فأل حن ال يراهس غريهُ من ٍ‬ ‫َبب أوىل(‪.)1‬‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫بوجودها ولكنهه ال‬ ‫يشعر‬ ‫وَد تدنو املَلئكةُ من اإلنسان ِف حاالت وَد ُ‬ ‫يبصرها وإن كان يرى أثر َ‬ ‫وجودها كما َال تعاىل‪﴿ :‬فَلَوَال إَ َذا ب لَغَ َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫يراها وال ُ‬ ‫اْل حل ُقوم ۝ وأَنحتُس َحينَئَ ٍذ تَحنيُرو َن ۝ وَححنن أَ​َح رب إَلَي َه َمحن ُكس ولَ َكن َال تُب َ‬ ‫صُرو َن‬ ‫حَ ح ح‬ ‫َ ُ َُ ح‬ ‫حُ َ‬ ‫َ ح‬ ‫ُ‬ ‫[الواقعة‪. ]85-83 :‬‬ ‫لك َ‬ ‫يعلس‬ ‫املؤمن‬ ‫و‬ ‫َيضرون‬ ‫كذلك‬ ‫س‬ ‫النا‬ ‫و‬ ‫امليت‬ ‫َيضرون‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫أع‬ ‫و‬ ‫املوت‬ ‫ُ‬ ‫فم ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ملك َ‬ ‫َ‬ ‫موت‬ ‫املوت‬ ‫َطعا أ هن َ‬ ‫أثره وهو ُ‬ ‫ُ‬ ‫يقبض َ‬ ‫روح امليت لكنه ال يراه وإ حن رأى َ‬ ‫َ‬ ‫الرجل(‪.)2‬‬

‫ومن ذلك حديث أ َ‬ ‫ُسيد بن ُحض ٍري رضْي هللا عنه َال بينما هو يقرأُ من‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فسكنت فقرأ‬ ‫فسكت‬ ‫الفرس‬ ‫جالت‬ ‫عنده إ حذ‬ ‫وفرسه مربو ﴾ط َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫الليل سورَة البقرةَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فانصرف وكان ابنُه‬ ‫الفرس‬ ‫فجالت‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫مث‬ ‫الفرس‬ ‫وسكنت‬ ‫فسكت‬ ‫الفرس‬ ‫فجالت‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْثل اليُّ َلة‬ ‫َيىي َريبا منها‬ ‫َ‬ ‫رفع ر َ‬ ‫فأشفق أن تصيبَه فلما اجرته َ‬ ‫أسه إىل السماء فإذا م ُ‬ ‫النب (ﷺ) فقال له‬ ‫أصبح حد َ‬ ‫ث ه‬ ‫فيها أمْثال املصابيح فخرج حّت ما يراها فلما َ‬ ‫رسول هللاَ أ حن تطأَ َيىي‬ ‫بن ُحضري» َال‬ ‫فأشفقت َي َ‬ ‫بن ُح َ‬ ‫ُ‬ ‫ض حري اَرأ َي َ‬ ‫«اَرأ َي َ‬ ‫َ‬ ‫ْثل‬ ‫م‬ ‫فإذا‬ ‫السماء‬ ‫فرفعت رأسْي إىل‬ ‫فانصرفت إليه‬ ‫فرفعت رأسْي‬ ‫وكان منها َريبا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فخرجت حّت ال أراها َال «وتدري ما ذاك؟» َال ال‬ ‫ْثال املصابيح‬ ‫اليُّله َة فيها أم ُ‬ ‫ُ‬ ‫َال «تلك املَلئكةُ دنَ َ‬ ‫الناس إليها ال‬ ‫أت‬ ‫ص حوتَ َ‬ ‫ح‬ ‫َ ح‬ ‫ك ولو َر َ‬ ‫تلَ‬ ‫ينير ُ‬ ‫ْلصبحت ُ‬

‫(‪)1‬‬

‫املصدر نفسه ص (‪.)86‬‬

‫(‪)2‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)87‬‬

‫‪63‬‬


‫َ‬ ‫املَلئكة لكنهس َد ييهرون ولكن بغري‬ ‫تتوارى منهس»(‪ ،)1‬فاالختفاء إذا هو عادةُ‬ ‫َ‬ ‫ْلسيد بن ُحضري رضْي هللا عنه ِف‬ ‫صورُتس اليت خلقهس هللا عليها كما ظهروا هنا‬ ‫اليلة لكنه مل يرهس‪.‬‬ ‫الناس إليها ال تتوارى‬ ‫أت‬ ‫َول َ‬ ‫وأما ُ‬ ‫ح‬ ‫النب (ﷺ) «ولو َر َ‬ ‫ينير ُ‬ ‫ْلصبحت ُ‬ ‫َ‬ ‫الفرس‬ ‫عنهس» ففيه جو ُاز رؤيتهس لكن هللا عز وجل مل أيذن هبا ولذلك جالت ُ‬ ‫وَطعت َراءةَ أ ٍ‬ ‫ُسيد‪.‬‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫وشهودها صَل َة العص َر وصَل َة الفج َر وغري‬ ‫جمالس الذك َر‬ ‫املَلئكة‬ ‫وحضور‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الناس ِف صَلةَ الفج َر‬ ‫أمر ﴾‬ ‫ذلك ﴾‬ ‫معلوم لكن أُسيد ُ‬ ‫بن ُحضري رأى هنا ما ال يراهُ ُ‬

‫َ‬ ‫النب (ﷺ) ْلنه‬ ‫والعص َر‬ ‫يعلس أهنا مَلئكة﴾ إال خبرب َ‬ ‫وجمالس الذكر وهو مع ذلك مل ح‬ ‫مصابيح ِف ظُله ٍة(‪.)2‬‬ ‫صورها وإّما رأى‬ ‫َ‬ ‫مل ير َ‬ ‫عند َ‬ ‫رسول هللاَ(ﷺ)‬ ‫ومنها‬ ‫حديث حنيلة اْلسدي رضْي هللا عنه َال ُكنا َ‬ ‫ُ‬ ‫فوعينا فذكر النار َال «مث جئت إىل َ‬ ‫فضاحكت الصبيا َن‬ ‫البيت‬ ‫والعبت املرأةَ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْثل ما تذ ُكُر‬ ‫فلقيت أَب بكر‬ ‫فخرجت‬ ‫َال‬ ‫ُ‬ ‫فذكرت ذلك له فقال وأان َد ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فعلت م َ‬ ‫رسول هللاَ (ﷺ) فقلت َي َ َ‬ ‫انفق حنيلةُ فقال « َم حه» فحدثته‬ ‫فلقيت َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫رسول هللا َ‬ ‫ٍ‬ ‫فعل فقال «َي حنيلةُ ساعةا وساعةا‬ ‫ِبديث فقال أبو بكر وأان َد ُ‬ ‫ْثل ما َ‬ ‫فعلت م َ‬ ‫عند الذك َر لصافحتكس املَلئكةُ حّت تسلَ َس‬ ‫ولو كانت تكو ُن َلوبُكس كما تكو ُن َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫مسلس رَس (‪.)796‬‬

‫(‪)2‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)88‬‬

‫‪64‬‬


‫عليكس ِف َ‬ ‫الطرق»(‪.)1‬‬ ‫للمَلئكة ممكنة﴾ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اْلديث أ هن رؤية َ‬ ‫بشرط أن‬ ‫الناس‬ ‫نفهمه َم حن هذا‬ ‫والذي ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لنب (ﷺ)‬ ‫حال استماعهس‬ ‫َلوهبس‬ ‫ملوعية ا َ‬ ‫كقلوب الصحابة رضْي هللا عنهس َ‬ ‫تكو َن ُ‬ ‫وإذا كان الصحابة رضْي هللا عنس ‪ -‬وهس ِف اإلميان ِف احملل اْلعلى ‪ -‬ال‬

‫دوهنس من ٍ‬ ‫َبب أوىل وعند‬ ‫يستطيعو َن االستمر َار على هذه اْلالةَ فغريُهس ممن هو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة على صورُتس اليت خلقهس‬ ‫الشرط‬ ‫ذهاب‬ ‫يذهب املشروط فعُلَ َس أ هن رؤيةَ‬ ‫ُ‬ ‫هللا عليها مستحيلة﴾ للناس ِف الدنيا ومل تقع ِف هذه اْلمة إال لنبينا حممد (ﷺ)‬ ‫مرتني(‪.)2‬‬

‫َ‬ ‫ضلَ َه ف هإهنا‬ ‫صياح‬ ‫الديكة فاسألوا هللاَ َم حن فَ ح‬ ‫وَال رسول هللا (ﷺ) «إذا مسعتُس َ‬ ‫َ‬ ‫الشيطان الرجي َس فإنه رأى‬ ‫هنيق اْلما َر فتعوذوا َبللَ من‬ ‫ر ح‬ ‫أت َملَكا وإذا مسعتُس َ‬ ‫(‪)3‬‬ ‫نعلس كيف تراها َ‬ ‫ه‬ ‫وِبي صورةٍ تراها‬ ‫وال‬ ‫ة‬ ‫املَلئك‬ ‫ترى‬ ‫ة‬ ‫الديك‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫وفيه‬ ‫‪،‬‬ ‫شيطاانا»‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫نقول كما جاءَ ِف اْلديث وهللا أعلس(‪.)4‬‬ ‫فنحن ُ‬ ‫ُ‬

‫النب (ﷺ) آيةا على صدَه وهْي رؤيةُ املَلئك َة أو‬ ‫طلب الكف ُار من َ‬ ‫ولقد َ‬ ‫رؤيةُ هللاَ فأجاهبس هللا بقوله تعاىل‪﴿ :‬وَ َ ه َ‬ ‫ين َال يَحر ُجو َن لَ​َقاءَ َان لَحوَال أُنح َزَل َعلَحي نَا‬ ‫َ‬ ‫ال الذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫استَ حك َربُوا َِف أَنح ُف َس َه حس َو َعتَ حوا عُتُ اوا َكبَ اريا ۝ يَ حوَم يَ​َرحو َن‬ ‫الح َم َ​َلئ َكةُ أ حَو نَ​َرى َربهنَا لَ​َقد ح‬ ‫(‪)1‬‬

‫مسلس رَس (‪.)2750‬‬

‫(‪)2‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)89‬‬

‫(‪)3‬‬

‫فتح الباري على البخاري (‪.)350/6‬‬

‫(‪)4‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)90‬‬

‫‪65‬‬


‫َ‬ ‫ٍَ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ورا [الفرقان‪.]22-21 :‬‬ ‫الح َم َ​َلئ َكةَ َال بُ حشَرى يَ حوَمئذ ل حل ُم حج َرم َ‬ ‫ني َويَ ُقولُو َن ح حجارا َححم ُج ا‬ ‫َ‬ ‫للنب (ﷺ)‬ ‫وَعت َ‬ ‫وأما رؤيةُ املَلئكة عليهس السَلم ِف املنام فهْي ممكنة﴾ وَد ح‬

‫ورؤَي اْلنبياء حق وَد عدها العلماءُ مرتبةا من مراتب الوحْي(‪.)1‬‬

‫رسول هللاَ (ﷺ) «إنه‬ ‫فمن حديث َمسُرَة ب َن ُجندب رضْي هللا عنه وفيه َال ُ‬ ‫َ‬ ‫انطلق وفيه انطلقنا فأتينا على ٍ‬ ‫رجل‬ ‫أَتين الليلةَ اتيان وإهنما ابتعْثاين وإهنما َال ِل ح‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫انر َيشُّها ويسعى حوَهلا َال‬ ‫أنت راء رجَلا مراةا فإذا َ‬ ‫كريه املرأة كأك َرهَ ما َ‬ ‫عنده ﴾‬

‫مالك‬ ‫عند النا َر َيشها ويسعى حوهلا فإنه ﴾‬ ‫الرجل الكريهُ املرأة الذي َ‬ ‫ِف اخره وأما ُ‬ ‫خا َز ُن جهنس»(‪.)2‬‬

‫النب (ﷺ) املَلئكةَ هذه املرة بصورةَ الرجال أيضا كما جاءَ ذلك‬ ‫وَد رأى ه‬ ‫البخاري ِف َبب ب حد َ‬ ‫َ‬ ‫وميكائيل ومالكا‬ ‫يل‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫أى‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫أن‬ ‫و‬ ‫اْللق‬ ‫ء‬ ‫مصهرحا به عند‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بصورةَ ٍ‬ ‫رجال(‪.)3‬‬ ‫رسول هللاَ (ﷺ) «رأيتُ َ‬ ‫ك‬ ‫ومن ذلك‬ ‫حديث عائشةَ رضْي هللا عنها َال َال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ك ِف َ‬ ‫ك َ‬ ‫َيملُ َ‬ ‫َبل أ حن أتزو َ‬ ‫جك مرت َ‬ ‫اكشف‬ ‫فقلت له‬ ‫ني ر‬ ‫أيت امللَ َ‬ ‫ح‬ ‫سرَة حري ٍر ُ‬ ‫ُ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ك َ‬ ‫أنت فقلت إ حن ي ُكن هذا َمن َعحن َد هللاَ ميُح َ‬ ‫فكشف فإذا َهْي َ‬ ‫َيملُكَ‬ ‫ض َه مث رأيتُ َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫ح َ ح‬ ‫َ‬ ‫ِف َ‬ ‫َ َ‬ ‫يكن هذا َم حن‬ ‫اكشف‬ ‫فقلت‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫فكشف فإذا ه َْي أنت‪ُ ،‬‬ ‫سرَة حري ٍر‪ُ ،‬‬ ‫فقلت إ حن ح‬ ‫ح‬

‫(‪)1‬‬

‫فتح الباري (‪ ،)23/1‬زاد املسري البن اجلوزي (‪.)297/7‬‬

‫(‪)2‬‬

‫البخاري رَس (‪.)7047‬‬

‫(‪)3‬‬

‫البخاري رَس (‪.)3064‬‬

‫‪66‬‬


‫َع َ‬ ‫ند هللاَ ميُح َ‬ ‫ض َه»(‪.)1‬‬

‫ديث َ‬ ‫َ‬ ‫النب (ﷺ) كما ِف ح َ‬ ‫عبد هللا‬ ‫املَلئكة ِف املنام لغ َري َ‬ ‫وَعت رؤيةُ‬ ‫وَد ح‬ ‫ب َن عمر رضْي هللا عنهما فرأيت ِف َ‬ ‫النوم كأ هن َملَ ح َ‬ ‫كني أخذاين فذهبا ّب إىل النا َر‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فجعلت أَول‬ ‫أانس َد عرفتُهس‬ ‫فإذا هْي مطوية﴾ َ‬ ‫ُ‬ ‫كطْي البئ َر وإذا هلا َرانن وإذا فيها ﴾‬ ‫َ‬ ‫صةَ‬ ‫أعوذُ َبلل َم َن النا َر َال فلقينا َملَ َ‬ ‫اخر فقال ِل َملح تَُر حع فقصصتُها على َح حف َ‬ ‫ك َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫صلَْي‬ ‫فقصتها حفصةُ على رسول هللا (ﷺ) فقال «ن حعس الهر ُج ُل َعحب ُد هللا لَحو كا َن يُ َ‬ ‫َم َن َ‬ ‫ينام من الليل إال َليَلا(‪.)2‬‬ ‫الليل» فكان ُ‬ ‫بعد ال ُ‬ ‫يدل على إمكانية رؤية املَلئكة ِف حال َ‬ ‫اْلديث ُّ‬ ‫النب(ﷺ)‬ ‫وهذا‬ ‫النوم لغ َري َ‬ ‫ُ‬ ‫مصدر تشري ٍع‪ ،‬وإّما هْي كغ َريها إما‬ ‫ليست‬ ‫لكن ينبغْي أن يُ حعلَ َس أ هن هذه الرؤية‬ ‫ح‬ ‫و ح‬ ‫َ‬ ‫مبشرات أو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مصدر تشري ٍع فهذا‬ ‫وساوس النفس أما أَ حن تتخ َذ‬ ‫حمذرات أو َم حن‬ ‫َ‬ ‫اضح(‪.)3‬‬ ‫خطأ﴾ و ﴾‬

‫رابعاً موت املالئكة‪:‬‬

‫ٍ‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬وَال تَ حدع مع هَ‬ ‫ك إَهال‬ ‫آخَر َال إَلَهَ إَهال ُه َو ُك ُّل َش حْيء َهالَ ﴾‬ ‫اّلِل إَ َهلاا َ‬ ‫َ ُ َ​َ‬ ‫اْل حكس وإَلَي َه تُرجعو َن [القصص‪ ]88 :‬وَال تعاىل‪ُ ﴿ :‬ك ُّل من علَي ها فَ ٍ‬ ‫ان‬ ‫َو حج َههُ لَهُ حُ ُ َ ح ح َ ُ‬ ‫َ ح َ حَ‬ ‫ك ذُو ا حجلَ​َ​َل َل و حَ‬ ‫اإل حكَرَام [الرحمن‪.]27-26 :‬‬ ‫۝ َويَحب َقى َو حجهُ َربَ َ‬ ‫َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫مسلس رَس (‪.)2438‬‬

‫(‪)2‬‬

‫البخاري (‪.)1070/1‬‬

‫(‪)3‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)92‬‬

‫‪67‬‬


‫َ‬ ‫َ‬ ‫مجيع َ‬ ‫أهل‬ ‫خيربُ تعاىل أ هن َ‬ ‫أهل اْلرض مجيع ا سيذهبون وميوتون وكذلك ُ‬ ‫السماو َ‬ ‫الرب تعاىل‬ ‫ات إال ما شاء هللا وال يبقى أح ﴾د سوى وجهه الكرمي فإن ه‬ ‫ميوت أبدا(‪.)1‬‬ ‫ميوت بل هو ُّ‬ ‫اْلْي الذي ال ُ‬ ‫وتقدهس ال ُ‬ ‫وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫الصوَر فَصعَق من َِف ال هسماو َ‬ ‫ات َوَم حن َِف حاْل حَر َ‬ ‫ض‬ ‫﴿ونُف َخ َِف ُّ َ َ َ ح‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫إَهال من َشاء ه َ َ َ‬ ‫ُخَرى فَ​َإ َذا ُه حس َ​َيَ ﴾ام يَحنيُ​ُرو َن [الزمر‪.]68 :‬‬ ‫اّلِلُ مثُه نُف َخ فيه أ ح‬ ‫َح َ‬ ‫َ‬ ‫السماء يقول ابن كْثري ِف تفسري هذه اآلية‬ ‫فاملَلئكةُ تشملُهس اآليةُ ْلهنس ِف‬ ‫َ‬ ‫ميوت هبا اْلحياءَ من أهل‬ ‫هذه هْي النفخةُ الْثانيةُ وهْي نفخةُ‬ ‫الصعق وهْي اليت ُ‬

‫السماوات واْلرض إال َم حن شاء هللا كما جاء مصهرحا به مفسرا ِف حديث الصور‬ ‫ملك املو َ‬ ‫ت وينفرد‬ ‫ميوت َ‬ ‫خر َم حن ُ‬ ‫املشهور مث ي حقبَ ُ‬ ‫ض أرو َ‬ ‫اح الباَني حّت يكو َن آ ُ‬ ‫َبلدميومة و َ‬ ‫َ‬ ‫البقاء ويقول لَ َمن‬ ‫اْلْي القيوم ‪ -‬الذي كان أوالا وهو الباَْي آخرا ‪-‬‬ ‫ُّ‬ ‫بنفسه فيقول للَ الو َ‬ ‫امللك اليوم؟ ثَلث مر ٍ‬ ‫ات مث ييب نفسه َ‬ ‫احد القهار(‪،)2‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫فاملَلئكةُ مْثل َ‬ ‫اإلنس و َ‬ ‫اجلن ميوتون ويبعْثون‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وهل ميوتون َبل النفخ ِف الصور مْثل اإلنس واجلن؟!َ أم أ هن موُتس يبدأ‬

‫َبلنفخ ِف الصور؟‬ ‫َ‬ ‫دليل ِف هذا واْلوىل عدم اْلوض فيه وهللا أعلس‪.‬‬ ‫مل ح‬ ‫يرد ﴾‬ ‫***‬ ‫(‪)1‬‬

‫تفسري ابن كْثري (‪.)272/3‬‬

‫(‪)2‬‬

‫عامل املَلئكة اْلبرار ص (‪.)19‬‬

‫‪68‬‬


‫الفصل الرابع‬ ‫عبادة املالئكة‬ ‫متهيد‬ ‫أوالً‪:‬‬

‫وجل وشهادهتم ابلتوحيد‬ ‫إمياهنم ابهلل ّ‬ ‫عز ّ‬

‫اثنياً‪:‬‬

‫تسبيح املالئكة هلل تعاىل‬

‫اثلثاً‪:‬‬

‫دعاء املالئكة للمؤمنني‬

‫رابعاً‪:‬‬

‫دعاء املالئكة على الكفار وعلى أقوام بسبب أعماهلم السيئة‬

‫خامساً‪:‬‬

‫والء املالئكة للمؤمنني‬

‫سادساً‪:‬‬

‫براءة املالئكة من أهل الكبائر وبغضهم ألئمة الكفر‬

‫سابعاً‪:‬‬

‫املالئكة يقومون ابمتهان الكفار‬

‫اثمناً‪:‬‬

‫املالئكة يتح ّدثون إىل عصاة املسلمني وإىل الكفار‬

‫اتسعاً‪:‬‬

‫خوفهم من هللا وخشيتُهم له‬

‫عاشراً‪:‬‬

‫حضورهم جماس الذكر وخطبة يوم اجلمعة‬

‫حادي عشر‪ :‬حضورهم الصلوات يف املساجد‪ ،‬وقوهلم ما يقول املأموم‬ ‫اثين عشر‪:‬‬

‫صالة املالئكة‬

‫اثلث عشر‪:‬‬

‫سالم املالئكة‬

‫‪69‬‬


‫الفصل الرابع‬ ‫عبادة املالئكة‬ ‫متهيد‪:‬‬ ‫املَلئكة مطبوعون على طاعة هللا ليس هلس القدرةُ على العصيان َال‬ ‫اّلِلَ َما أ َ​َمَرُه حس َويَ حف َعلُو َن َما يُ حؤَمُرو َن [التحريم‪ .]6 :‬فرتُكهس‬ ‫صو َن ه‬ ‫تعاىل‪َ :‬‬ ‫﴿ال يَ حع ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫للطاعة جبلةُ ال يكلفهس أدَّن جماهدةٍ ْلنه ال شهوَة هلس وهس‬ ‫للمعصية وفعلُهس‬ ‫مأمورو َن َبلعبادةَ و َ‬ ‫﴿خيَافُو َن َرههبُحس َم حن فَ حوَ​َ َه حس َويَ حف َعلُو َن َما‬ ‫الطاعة َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫﴿خيَافُو َن َرههبُحس بل هو‬ ‫يُ حؤَمُرو َن [النحل‪ ]50 :‬وِف اآلية واْلوف نوع﴾ من التكاليف َ‬ ‫﴿وُه حس َم حن َخ حشيَتَ َه ُم حش َف ُقو َن‬ ‫أعلى أنو َاع العبودية كما َال تعاىل فيهس َ‬ ‫[األنبياء‪.)1(]28 :‬‬ ‫وَد دل َ‬ ‫النصوص الشرعيةُ على عصمة املَلئكة من الذنوب فمن ذلك‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫﴿وَالُوا هاختَ َذ الهر حْحَ ُن َولَ ادا ُسحب َحانَهُ بَ حل َعبَا ﴾د ُم حكَرُمو َن َال يَ حسبَ ُقونَهُ َ​َبلح َق حوَل‬ ‫َوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫وهس َِبَم َرهَ ي عملُو َن ي علَس ما ب َ‬ ‫ضى‬ ‫ني أَيحدي َه حس َوَما َخ حل َف ُه حس َوَال يَ حش َفعُو َن إَهال ل َم َن حارتَ َ‬ ‫َ ُ ح ح َ ح َ َ ح ُ َ َح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك َحَن َز َيه َج َهن َهس‬ ‫َوُه حس َم حن َخ حشيَتَ َه ُم حشف ُقو َن َوَم حن يَ ُق حل َمحن ُه حس إَ​َين إَلَه﴾ َم حن ُدونَ​َه فَ َذل َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ني [األنبياء‪.]29-26 :‬‬ ‫َك َذل َ‬ ‫ك َحَن َزي اليهالم َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫عامل املَلئكة اْلبرار ص (‪.)29‬‬

‫‪70‬‬


‫وَال تعاىل‪َ﴿ :‬ي أَيُّها اله َذين آمنوا َُوا أَنح ُفس ُكس وأَهلَ‬ ‫هاس‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ود‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ان‬ ‫س‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ حَح‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ح‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫اّلِلَ َما أ َ​َمَرُه حس َويَ حف َعلُو َن َما‬ ‫صو َن ه‬ ‫َوا حْل َج َارةُ َعلَحي َها َم َ​َلئ َكة﴾ غ َ​َل ﴾ظ ش َد ﴾اد َال يَ حع ُ‬

‫يُ حؤَمُرو َن [التحريم‪.]6 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عباد يتصفون َ‬ ‫العبودية َائمو َن َبْلدمة منفذون‬ ‫صفات‬ ‫بكل‬ ‫فاملَلئكةُ ﴾‬ ‫ط ال يستطيعون أن يتجاوزوا اْلوامر وال أن خيالفوا‬ ‫وعلس هللا هبس حمي ﴾‬ ‫للتعاليس ُ‬ ‫فاْلمر‬ ‫التعليمات امللقاة إليهس خائفون وجلون وهس ال يفعلون إال ما يؤمرون به ُ‬

‫َيركهس واْلمر يوَفهس وهس مكلفون َبلطاعة وهس يقومون َبلعبادة والتكاليف‬ ‫بيسر وسهولة‪.‬‬

‫ومن بعض هذه العبادات(‪:)1‬‬ ‫أوالً إمياهنم ابهلل عز وجل وشهادهتم ابلتوحيد‪:‬‬

‫فاملَلئكةُ يؤمنون َبللَ عز وجل إمياانا كامَلا ويشهدون أنه ال إله إال هو سبحانه‬ ‫وخيضعون ْلوامره تعاىل كما يؤمنون به سبحانه وِبمسائه وصفاته وأنه تعاىل له‬ ‫اْلمساء اْلسَ والصفات العُلى‪:‬‬

‫اّلِلُ أَنههُ َال إَلَهَ إَهال ُه َو َوالح َم َ​َلئَ َكةُ َوأُولُو الحعَحل َس َائَ اما‬ ‫﴿ش َه َد ه‬ ‫‪َ - 1‬ال تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ​َبلح َق حس َط [آل عمران‪.]18 :‬‬ ‫‪ - 2‬وَال تعاىل‪﴿ :‬لَكَ َن ه‬ ‫ك أَنح َزلَهُ بَعَحل َم َه َوالح َم َ​َلئَ َكةُ‬ ‫اّلِلُ يَ حش َه ُد َّبَا أَنح َزَل إَلَحي َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫عامل املَلئكة واْلبرار ص (‪.)30‬‬

‫‪71‬‬


‫يدا [النساء‪ .]166 :‬فقد شهدوا على َ‬ ‫صدق الوحْي وأنه‬ ‫يَ حش َه ُدو َن َوَك َفى َ​َب هّلِلَ َش َه ا‬

‫منز﴾ل من عند هللا العزيز اْلكيس‪.‬‬

‫‪ - 3‬وعن إمياهنس ِبمساء هللا تعاىل وصفاته يقول هللا تبارك وتعاىل‪َ﴿ :‬الُوا‬ ‫اْلَ َك ُيس [البقرة‪.]32 :‬‬ ‫ت الح َعلَ ُيس ح‬ ‫ك َال َع حل َس لَنَا إَهال َما َعله حمتَ نَا إَنه َ‬ ‫ُسحب َحانَ َ‬ ‫ك أَنح َ‬ ‫‪ - 4‬وَال تعاىل‪﴿ :‬اله َذ َ‬ ‫ش َوَم حن َح حولَهُ يُ َسبَ ُحو َن َِبَ حم َد َرهبَ​َ حس‬ ‫ين َحَيملُو َن الح َعحر َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫ين َآمنُوا [غافر‪.)1( ]7 :‬‬ ‫َويُ حؤمنُو َن به َويَ حستَ حغفُرو َن للهذ َ‬

‫اثنياً تسبيح املالئكة هلل تعاىل‪:‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫تسبيح املَلئكة ِف صور متنوعة وبعبارات‬ ‫ذكر‬ ‫َ‬ ‫تكرر ِف الكتاب والسنة ُ‬ ‫خمتلفة منها‪:‬‬ ‫تسبيحهم على الدوام بال انقطاع‪:‬‬ ‫‪-1‬‬ ‫ُ‬ ‫َ هَ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫ين َعحن َد َربَ َ‬ ‫ك َال يَ حستَ حكَربُو َن َع حن عبَ َادته َويُ َسبَ ُحونَهُ‬ ‫أ ‪َ -‬ال تعاىل‪﴿ :‬إ هن الذ َ‬ ‫َولَهُ يَ حس ُج ُدو َن [األعراف‪.]206 :‬‬ ‫يعين هبس املَلئكة وهذه العبوديةُ تعين َرهبس من هللا تعاىل ورفعة منزلتهس على‬

‫غريهس من املخلوَات‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫مث وصفهم هللا تعاىل يف هذه اآلية ِ‬ ‫أوصاف‪:‬‬ ‫بثالثة‬

‫أهنس ال يستكربون عن عبادة هللا تعاىل وأهنس يسبحونه وأهنس يسجدون له وهذه‬ ‫(‪)1‬‬

‫عبودية الكائنات لرب العاملني فريد امساعيل التوين ص (‪.)356‬‬

‫‪72‬‬


‫اْلوصاف دالة﴾ على كمال عبوديتهس لل تعاىل حيث َد اجتمعت هلس العبادة‬ ‫ُ‬ ‫القلبية والقولية والبدنية‪:‬‬ ‫فعدم االستكبا َر عبادة﴾ َلبية﴾ تنشأ عنها العبادة القولية والبدنية(‪.)1‬‬

‫التسبيح هو ذكرهس لل تعاىل وتنزيههس إَيه عن َ‬ ‫يليق جبَلله‬ ‫و‬ ‫كل ما ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫اعتقاد التنزيه وَبللسان وهْي َول (سبحان‬ ‫وعيمته وهو عبادة كائنة﴾ َبلقلب وهْي ُ‬

‫هللا) وحنوه من الذكر‪ ،‬وَبجلوارح‪ ،‬كالصَلة مْثَلا‪.‬‬

‫اْلضوع و ه‬ ‫الذل لل العلْي العييس وتقدمي اجلار‬ ‫والسجود عبادة﴾ بدنية تتضمن‬ ‫َ‬

‫واجملرور ِف َوله إيذان َبختصاص سجودهس لل تعاىل وحده دون غريه(‪.)2‬‬ ‫ب ‪َ -‬ال تعاىل‪﴿ :‬ولَه من َِف ال هسماو َ‬ ‫ات َو حاْل حَر َ‬ ‫ض َوَم حن َعحن َدهُ َال يَ حستَ حكَربُو َن‬ ‫ََُح‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫هه َار َال يَ حف ُرتُو َن [األنبياء‪.]20-19 :‬‬ ‫َع حن عبَ َادته َوَال يَ حستَ ححسُرو َن يُ َسبَ ُحو َن اللهحي َل َوالن َ‬ ‫﴿وَم حن َعحن َدهُ يعين املَلئكة(‪ ،)3‬كما ِف اآلية السابقة‪ ،‬وَد‬ ‫فقوله هنا‪َ :‬‬ ‫تضمنت هذه اآلية بيان أن املَلئكة زَيدة على عدم استكبارهس عن عبادة هللا‬ ‫﴿والَ يَ حستَ حح َسُرو َن أي‪ :‬ال يتعبون وال ميلون(‪ ،)4‬وهلذا فهس ﴿يُ َسبَ ُحو َن اللهحي َل‬ ‫َ‬ ‫﴿والَ يَ حستَ حح َسُرو َن ْلن من َيب أمرا‪،‬‬ ‫َوالن َ‬ ‫هه َار الَ يَ حف ُرتُو َن وهذا كالبيان لقوله‪َ :‬‬ ‫ال يتعب منه‪ ،‬وال يرتكه‪ ،‬وال ميل منه‪ ،‬بل يواظب عليه(‪ )5‬ليَلا وهنارا‪ ،‬ال يلحقهس‬

‫(‪)1‬‬

‫البحر احمليط ْلّب حيان‪.)450/4( .‬‬

‫(‪)2‬‬

‫املصدر نفسه (‪.)450/4‬‬

‫(‪)3‬‬

‫تفسري القران العييس البن كْثري (‪.)184/3‬‬

‫(‪)4‬‬

‫التسبيح ِف الكتاب والسنة د‪ .‬حممد كندو‪.)274/1( .‬‬

‫(‪)5‬‬

‫تفسري التحرير والتنوير البن عاشور (‪.)36/17‬‬

‫‪73‬‬


‫التسبيح عن تدبري ما وكلوا به من أمور اْللق(‪.)1‬‬ ‫كَلل وال إعياء‪ ،‬وال يشغلهس‬ ‫ُ‬ ‫هَ‬ ‫َ​َ‬ ‫ك يُ َسبَ ُحو َن لَهُ َ​َبللهحي َل‬ ‫ين َعحن َد َربَ َ‬ ‫ج ‪َ -‬وله تعاىل‪﴿ :‬فَإن ا حستَ حك َربُوا فَالذ َ‬ ‫هها َر َوُه حس َال يَ حسأ َُمو َن [فصلت‪ .]38 :‬وهذه اآلية ِف معَ اآليتني السابقتني فقوله‬ ‫َوالن َ‬

‫تعاىل ﴿الَ يَ حسأ َُمو َن * كقوله تعاىل‪﴿ :‬الَ يَ حف ُرتُو َن (‪.)2‬‬ ‫ومجيع هذه اآلَيت دالة﴾ على َوة املَلئكة وكمال حياُتس وشدة الداعْي‬ ‫فتور وال سامة﴾ وال يشغلهس‬ ‫منهس إىل تسبيح هللا تعاىل ومَلزمته فَل يلحقهس فيه ﴾‬ ‫عنه شاغل(‪.)3‬‬

‫‪ - 2‬تسبيح محلة العرش واحلافني من حوله من املالئكة‪:‬‬ ‫هَ‬ ‫َ‬ ‫ش َوَم حن َح حولَهُ يُ َسبَ ُحو َن َِبَ حم َد َرهبَ​َ حس‬ ‫ين َحَيملُو َن الح َعحر َ‬ ‫أ ‪َ -‬وله تعاىل‪﴿ :‬الذ َ‬ ‫وي ؤَمنو َن بَ​َه ويست حغ َفرو َن لَله َ‬ ‫َ‬ ‫ت ُك هل َش حْي ٍء َر حْحَةا َو َعلح اما فَا حغ َفحر‬ ‫ذ‬ ‫َ ُح ُ‬ ‫ين َآمنُوا َربهنَا َوس حع َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ حَ ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫ك َوَ​َ َه حس َع َذ َ َ َ‬ ‫ذكر هللاُ تعاىل ِف‬ ‫ين َ​َتبُوا َواتهبَعُوا َسبَيلَ َ‬ ‫للهذ َ‬ ‫اب ا حجلَحيس [غافر‪َ .]7 :‬‬ ‫ني من مَل َ‬ ‫هذه اآلية صنف َ‬ ‫ئكته املسبحني ِبمده ومها املَلئكة الذين َيملون العرش‬ ‫واملَلئكة الذين يطوفون حول العرش مث أخرب تعاىل عنهس مجيع ا ب َ‬ ‫ْثَلثة أموٍر‪:‬‬ ‫َ‬ ‫مدح هلس بكْثرة عبادُتس لل ﴿يُ َسبَ ُحو َن َِبَ حم َد َرهبَ​َ حس‬ ‫األول أهنس وهذا ﴾‬ ‫تدخل ِف تسبيح هللا وحتميده ْلهنا‬ ‫وخصوصا التسبيح والتحميد وسائر العبادات‬ ‫ُ‬

‫(‪)1‬‬

‫التسبيح ِف الكتاب والسنة (‪.)274/1‬‬

‫(‪)2‬‬

‫املصدر نفسه (‪.)275/1‬‬

‫(‪)3‬‬

‫مدارج السالكني البن القيس (‪.)245/3‬‬

‫‪74‬‬


‫اْلمد هو العبادةُ لل تعاىل(‪.)1‬‬ ‫تنزيه﴾ له عن كون العبد يصرفها لغريه وْحد له بل ُ‬ ‫﴿ويُ حؤَمنُو َن بَ​َه وأنه ال إله هلس سواه ويشهدون بذلك‬ ‫الثاين أهنس أي يقرون َ‬ ‫وال يستكربون عن عبادته(‪.)2‬‬ ‫الثالث أهنس أي يستغفرون للمؤمنني ﴿ويست حغ َفرو َن لَله َ‬ ‫من‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫مم‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫آم‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ذ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ حَ ُ‬ ‫َبلغيب وأَر ّبْثل إَرار املَلئكة من توحيد هللا تعاىل والرباءة من كل معبود سواه(‪،)3‬‬ ‫َ‬ ‫ض مَلئكته املقريني‬ ‫وهذا من مجلة فوائد اإلميان وفضائله الكْثرية أن هللا تعاىل َي َ‬ ‫ذنوب عليهس ليستغفروا ْلهل اإلميان من البشر ويدعوا هلس بيهر الغيب‬ ‫الذين ال َ‬

‫فاملؤمن إبميانه تسبب هبذا الفضل العييس(‪.)4‬‬ ‫ُ‬

‫َ‬ ‫ت ُك هل َش حْي ٍء َر حْحَةا َو َع حل اما‬ ‫﴿ربهنَا َوس حع َ‬ ‫وَوله تعاىل هو بيا ﴾ن لصفة دعائهس َ‬

‫وختصيص هذين الصنفني من املَلئكة َبلذكر ِف‬ ‫وكذا اآليتان املذكورَتن بعدمها‬ ‫ُ‬ ‫دليل على ما هلما من شأن عييس إذ اختارهس هللا تعاىل ْلمل‬ ‫املوضعني السابقني ﴾‬

‫شك أهنس من أكرب املَلئكة وأعيمهس‬ ‫عرشه العييس والطواف من حوله فَل ه‬

‫وأَواهس وأَرهبس منه سبحانه وتعاىل(‪.)5‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ني َم حن َح حوَل الح َعحر َش يُ َسبَ ُحو َن َِبَ حم َد‬ ‫﴿وتَ​َرى الح َم َ​َلئ َكةَ َحاف َ‬ ‫ب ‪َ -‬ال تعاىل‪َ :‬‬ ‫ضْي ب ي ن هس َ​َب حْل َق وَ​َ‬ ‫َ‬ ‫رهبَ​َس وَُ َ‬ ‫اْلم ُد َهّلِلَ ر َ‬ ‫ني [الزمر‪.]75 :‬‬ ‫َ‬ ‫ب الح َعالَم َ‬ ‫ح‬ ‫ُ‬ ‫يل حَ ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ حَ َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫التسبيح ِف الكتاب والسنة (‪.)279/1‬‬

‫(‪)2‬‬

‫تفسري الطربي (‪ ،)41/11‬التسبيح ِف الكتاب (‪.)279/1‬‬

‫(‪)3‬‬

‫تفسري ابن كْثري (‪.)78/4‬‬

‫(‪)4‬‬

‫تيسري الكرمي املنان للسعدي ص (‪.)732‬‬

‫(‪)5‬‬

‫التسبيح ِف الكتاب والسنة (‪ ،)280/1‬تفسري البغوي (‪.)139/7‬‬

‫‪75‬‬


‫هذه اآلية ذكرت بعد ذكر أحداث يوم القيامة وما يقع فيه من القضاء بني‬ ‫العباد وتوفية كل نفس ما عملت وإدخال أهل اجلنة وأهل النار ُكَلا ِف احملل‬ ‫الذي يستحقه ويليق به فقوله تعاىل ﴿ َوتَ​َرى الح َم َ​َلئَ َكةَ أي ِف ذلك اليوم العييس‬ ‫َ‬ ‫ني َم حن َح حوَل الح َعحر َش أي حمدَني حميطني َبلعرش(‪﴿)1‬يُ َسبَ ُحو َن َِبَ حم َد َرهبَ​َ حس‬ ‫﴿ َحاف َ‬

‫أي ميجدونه‪ ،‬ويعيمونه‪ ،‬ويقدسوه‪ ،‬وينزهونه عن اجلور‪ ،‬وعن كل ما ال يليق‬ ‫جبَلله(‪﴿ ،)2‬وَ​َ‬ ‫َ‬ ‫اْلم ُد َهّلِلَ ر َ‬ ‫ني وهذا إخبار عن ْحد الكون أمجعه‬ ‫ب الح َعالَم َ‬ ‫يل حَ ح‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫انطقه وهبيمه لل رب العاملني‪ ،‬عقيب َضائه َبْلق بني اْلَلئق‪ ،‬وهلذا حذف‬ ‫فاعل اْلمد ِف َوله‪﴿ :‬وَ​َ‬ ‫يل إلفادة العموم واإلطَلق حّت ال يسمع إال حامد‬ ‫َ َ‬ ‫لل تعاىل من أوليائه ومن أعدائه‪ ،‬ومن مجيع خملوَاته(‪ ،)3‬كما َال اإلمام اْلسن‬ ‫البصري لقد دخلوا النار وإ هن ْحده لفْي َلوهبس ما وجدوا عليه حجة وال سبيَلا(‪.)4‬‬ ‫‪ - 3‬متدح املالئكة بتسبيحهم هلل تعاىل‪:‬‬ ‫ك لَحلم َ​َلئَ َك َة إَ​َين ج َ‬ ‫اع ﴾ل َِف حاْل حَر َ‬ ‫ض َخلَي َفةا َالُوا‬ ‫﴿وإَ حذ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ال َربُّ َ َ‬ ‫أ ‪َ -‬ال تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫أ َ​َجتعل فَيها من ي حف َس ُد فَيها ويس َف َ‬ ‫ال‬ ‫كَ​َ‬ ‫س لَ َ‬ ‫َ َ​َ ح ُ‬ ‫حَ ُ َ َ ح ُ‬ ‫ك الد َماءَ َوَححن ُن نُ َسب ُح ِبَ حمد َك َونُ َقد ُ‬

‫إَ​َين أ حَعلَ ُس َما َال تَ حعلَ ُمو َن‬

‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫[البقرة‪]30 :‬‬

‫يتضم ُن ُتدحهس بتسبيحهس وتقديسهس لل‬

‫تفسري القران العييس البن كْثري (‪.)75/4‬‬ ‫املصدر السابق (‪.)75/4‬‬

‫(‪)3‬‬

‫التسبيح ِف الكتاب والسنة (‪.)279/1‬‬

‫(‪)4‬‬

‫املصدر نفسه (‪.)279/1‬‬

‫‪76‬‬


‫تعاىل(‪.)1‬‬ ‫صافُّو َن ۝ َوإَ هان‬ ‫﴿وإَ هان لَنَ حح ُن ال ه‬ ‫ب ‪ -‬وَال تعاىل حكآيةا لقول املَلئكة َ‬ ‫لَنَ حح ُن الح ُم َسبَ ُحو َن [الصافات‪ .]166-165 :‬وِف هذا ُتدح بوَوفهس صفوفا ِف السماء‬ ‫أَسس هللا تعاىل هبس ِف َوله سبحانه‬ ‫لعبادة هللا تعاىل وبتسبيحهس هللا تعاىل وَد َ‬ ‫﴿وال ه َ‬ ‫الصافات فإهنا املَلئكةُ الصافات لرهبا ِف‬ ‫ص افا [الصافات‪ ]1 :‬فأما‬ ‫ُ‬ ‫صافهات َ‬ ‫َ‬ ‫﴿وإَ هان‬ ‫السماء(‪ ،)2‬وَوهلس وَال ابن كْثري ِف تفسري اآليتني أي‬ ‫ُّ‬ ‫نصطف فنسب ُح َ‬

‫لَنَ حح ُن الح ُم َسبَ ُحو َن وّمجده ونقدسه وننزهه عن النقائص فنحن عبي ﴾د له فقراء‬ ‫إليه خاضعون لديه(‪.)3‬‬ ‫‪ - 4‬تسبيح املالئكة لكالم هللا تعاىل وقضائه‪:‬‬

‫رجل من أصحاب‬ ‫عن عبد هللا بن عباس رضْي هللا عنهما َال أخربين ﴾‬ ‫جلوس ليلةا مع رسول هللا (ﷺ) ُرَم َْي بنج ٍس‬ ‫النب (ﷺ) من اْلنصار أهنس بينما هس‬ ‫﴾‬ ‫رسول هللاَ (ﷺ) «ماذا كنتس تقولون ِف اجلاهلية إذا ُرَم َْي ّب َْثل‬ ‫فاستنار فقال هلس ُ‬ ‫هذا؟» َالوا هللا ورسوله أعلس كنا ُ َ‬ ‫عييس‬ ‫عييس َ‬ ‫جل ﴾‬ ‫رجل ﴾‬ ‫ومات ر ﴾‬ ‫نقول ول َد الليلةَ ﴾‬ ‫ملوت ٍ‬ ‫فقال رسول هللا (ﷺ) «فإهنا ال ي رمى هبا َ‬ ‫بارك‬ ‫أحد وال ْلياتَ​َه ولك هن ربنا ت َ‬ ‫ُح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫السماء الذين يلوهنس‬ ‫أهل‬ ‫وتعاىل امسُه إذا َضى أمرا سبح ْحلةُ العرش مث سب َح ُ‬ ‫أهل هذه السماء الدنيا مث َال ْلملة العرش‪:‬‬ ‫يبلغ‬ ‫حّت َ‬ ‫ُ‬ ‫التسبيح َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫التسبيح ِف الكتاب والسنة (‪.)277/1‬‬

‫(‪)2‬‬

‫التسبيح ِف الكتاب والسنة (‪.)277/1‬‬

‫(‪)3‬‬

‫تفسري القران العييس (‪.)26/4‬‬

‫‪77‬‬


‫بعض َ‬ ‫أهل السماوات‬ ‫ماذا َال ربُّكس؟ فيخربوهنس ماذا َال‪َ :‬ال فيستخربُ ُ‬

‫يبلغ‬ ‫بعضا حّت َ‬ ‫أوليائهس ويرمو َن‬

‫السمع فيقذفون إىل‬ ‫اجلن‬ ‫اْلربُ هذه السماء الدنيا‬ ‫فتخطف ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حق ولكنهس يقرفون فيه‬ ‫به فما جاؤوا به على وجهه فهو ٌّ‬

‫ويزيدون»(‪.)1‬‬ ‫اْلديث يبني أ هن املَلئكةَ يسبحون لل تعاىل إذا َضى أمرا أي إذا‬ ‫فهذا‬ ‫ُ‬ ‫التسبيح للتنزيه‬ ‫تكلس ِبمره الذي َضاه مما يكون وِف ذلك إشارة﴾ إىل أن هذا‬ ‫َ‬ ‫والتعييس واْلضوع لكَلم هللا تعاىل وَضائه ّبا شاء أن يكون من اْلمور فإنه‬

‫يقول إال اْلق وال يقضْي إال َبْلق(‪.)2‬‬ ‫سبحانه ال ُ‬ ‫ٍ‬ ‫خر عن أّب هريرة رضْي هللا عنه َال‬ ‫وَد جاء ُ‬ ‫َتكيد هذا املعَ ِف حديث آ َ‬ ‫َ‬ ‫ت املَلئكةُ ِبجنحتها‬ ‫اْلمر ِف السماء َ‬ ‫ضَربَ ح‬ ‫إن ه‬ ‫نب هللا (ﷺ) َال‪« :‬إذا َضى هللاُ َ‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ع عن َلوهبس(‪َ ،)4‬الوا ماذا‬ ‫خضعاانا لقوله كأنه سلسلة﴾ على صفوان ‪ ،‬فإذا فُ َز َ‬ ‫َال ربكس؟ َالوا للذي َال اْلق وهو العلْي الكبري»(‪ .)5‬وهذا كلُّه يبني أن َ‬ ‫لكَلم‬

‫َ‬ ‫َبلقضاء أو الوحْي وَعا عييما على املَلئكة خيرون لذلك سجدا لل‬ ‫هللا تعاىل‬

‫تعاىل ويسبحون تنزيها وتعييما وخضوعا له سبحانه(‪.)6‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫مسلس رَس (‪ )2229‬يقرفون‪ :‬خيلطون فيه الكذب‪.‬‬

‫(‪)2‬‬

‫التسبيح ِف الكتاب والسنة (‪.)282/1‬‬

‫(‪)3‬‬

‫الصفوان‪ :‬اْلجر اْلملس‪.‬‬

‫(‪)4‬‬

‫فزع عن َلوهبس‪ :‬أي‪ :‬أزيل عن َلوهبس اْلوف‪.‬‬

‫(‪)5‬‬

‫البخاري رَس (‪.)2229‬‬

‫(‪)6‬‬

‫التسبيح ِف الكتاب والسنة (‪.)282/1‬‬

‫‪78‬‬


‫‪ - 5‬افتتاح املالئكة يف كالمها مع هللا ابلتسبيح‪:‬‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة لل تعاىل أيضا أهنس إذا تكلموا معه سبحانه افتتحوا‬ ‫تسبيح‬ ‫ومن‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫مقامات ه‬ ‫كتاب هللا تعاىل ومن هذه‬ ‫كَلمهس َبلتسبيح له وذلك ِف‬ ‫دل عليها ُ‬ ‫املقامات‪:‬‬ ‫ال‬ ‫ض ُه حس َعلَى الح َم َ​َلئَ َك َة فَ َق َ‬ ‫آدم حاْل ح‬ ‫َمسَاءَ ُكله َها مثُه َعَر َ‬ ‫﴿و َعله َس َ‬ ‫أ ‪َ -‬وله تعاىل‪َ :‬‬ ‫أَنحبَئ َوين َِب حَمس َاء هؤَال َء إَ حن ُكحن تس َ َ‬ ‫ك َال َع حل َس لَنَا إَهال َما َعله حمتَ نَا‬ ‫ني َالُوا ُسحب َحانَ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫صادَ َ‬ ‫ُح َ‬ ‫ك أَنحت الحعلَيس ح َ‬ ‫َ‬ ‫آدم‬ ‫مقام بني هللا تعاىل فيه شرف َ‬ ‫اْلَك ُيس [البقرة‪ .]32-31 :‬هذا ُ‬ ‫إنه َ َ َ ُ‬ ‫للمَلئكة ّبا فضله به من علس أمساء َ‬ ‫كل شْيء من أصناف املخلوَات(‪ ،)1‬مث‬ ‫تلك اْلشياء على املَلئكة َائَلا وَد علس تعاىل أنه ﴿أَنحبَئُ َوين َِبَ حمسَ َاء‬ ‫عرض تعاىل َ‬ ‫هؤالَ​َء إَ حن ُكحن تس َ َ‬ ‫خلق‬ ‫َُ‬ ‫صادَ َ‬ ‫علس هلس بذلك وإّما سأهلس لرييَهس عجزهس وأنه َد َ‬ ‫ُح َ‬ ‫ني َ‬

‫من خلقه َم حن ُه َو أعلس منهس بتعليمه إَيه(‪ ،)2‬فأجاب املَلئكة َائلني أي تنزيها‬ ‫ت الح َعلَ ُيس‬ ‫ك الَ َع حل َس لَنَا إَاله َما َعله حمتَ نَا إَنه َ‬ ‫﴿سحب َحانَ َ‬ ‫ك أَنح َ‬ ‫نعلس شيئا إال ُ‬ ‫لك أن َ‬ ‫بكل ٍ‬ ‫أنت العليس َ‬ ‫اْلكيس‬ ‫أنت‬ ‫و‬ ‫تعليس‬ ‫غري‬ ‫من‬ ‫شْيء‬ ‫ح‬ ‫اْلَ َك ُيس علمتنا إَيه فإن َ‬ ‫َ‬ ‫ك َ‬ ‫ُ‬ ‫العدل التام‬ ‫لك اْلكمةُ العليا و ُ‬ ‫ِف خلقك وأم َرك وِف تعليمك ما تشاء ملن تشاء‪َ ،‬‬

‫ِف ذلك(‪.)3‬‬

‫َ‬ ‫أدب‬ ‫كَلمهس مع هللا تعاىل ِف هذا املقام َبلتسبيح وهذا ﴾‬ ‫والشاه ُد أهنس بدأوا َ‬

‫(‪)1‬‬

‫تفسري ابن كْثري (‪.)76/1‬‬

‫(‪)2‬‬

‫التسبيح ِف الكتاب والسنة (‪.)283/1‬‬

‫(‪)3‬‬

‫املصدر نفسه (‪.)283/1‬‬

‫‪79‬‬


‫وتعييس لذي اجلَلل واإلكرام والعيمة املطلقة(‪.)1‬‬ ‫منهس‬ ‫﴾‬ ‫ب ‪َ -‬ال تعاىل‪﴿ :‬وي وم َ​َي ُشرهس َ​َ‬ ‫ول لَحل َم َ​َلئَ َك َة أ َ​َه ُؤَال َء إَ هَي ُك حس‬ ‫مج ايعا مثُه يَ ُق ُ‬ ‫َ​َح َ ح ُ​ُ ح‬ ‫اجلَ هن‬ ‫ت َولَيُّ نَا َم حن ُدوهنَ​َ حس بَ حل َكانُوا يَ حعبُ ُدو َن ح‬ ‫َكانُوا يَ حعبُ ُدو َن ۝ َالُوا ُسحب َحانَ َ‬ ‫ك أَنح َ‬ ‫أَ حكْثَ ُرُه حس هبَ​َ حس ُم حؤَمنُو َن [سبأ‪.]41-40 :‬‬ ‫َ‬ ‫َيشرهس هللا‬ ‫وهذا تقر ﴾‬ ‫يع للمشركني َ‬ ‫يوم القيامة على رؤوس اْلَلئق حني ُ‬

‫يسأل املَلئكةَ الذين كان هؤالء املشركون يتخذوهنس اهلة من دون‬ ‫تعاىل مجيع ا مث ُ‬ ‫هللا فيقول تعاىل للمَلئكة ﴿أ َ​َه ُؤالَ​َء إَ هَي ُك حس َكانُوا يَ حعبُ ُدو َن أي أنتس أمرت هؤالء‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ت‬ ‫بعبادتكس ‪ ،‬فيجيب املَلئكة متربئني من عبادة املشركني‪َ﴿ :‬الُوا ُسحب َحانَ َ‬ ‫ك أَنح َ‬ ‫َولَيُّ نَا َم حن ُدوهنَ​َ حس [سبأ‪ ]41 :‬افتتحوا جواهبس َبلتسبيح لل تعاىل‪ ،‬أي ‪ :‬تنزيها لك‬ ‫أن يكون معك شريك ِف العبادة‪ ،‬فنحن عبيدك‪ ،‬مفتقرون إىل واليتك‪ ،‬فَل نتخذ‬ ‫وليا من دونك‪ ،‬ونربأُ إليك من هؤالء املشركني(‪.)3‬‬ ‫هس ب ذلك‬ ‫أمر ُ‬ ‫وهذا يعين أن املَلئك ة مل ي أمروهس بذلك وح اش اهس وإّم ا َ‬ ‫الشياطني من اجلن(‪ ،)4‬وهلذا َالوا ﴿بَ حل َكانُوا يَ حعبُ ُدو َن ا حجلَ هن أَ حكْثَ ُرُه حس هبَ​َ حس‬ ‫ُ‬ ‫ُم حؤَمنُون )‪.(5‬‬

‫(‪)1‬‬

‫تفسري التحرير والتنوير البن عاشور (‪.)413/1‬‬

‫(‪)2‬‬

‫تفسري القران العييس (‪.)550/3‬‬

‫(‪)3‬‬

‫تفسري الطربي (‪.)382/10‬‬

‫(‪)4‬‬

‫التسبيح ِف الكتاب والسنة (‪.)284/1‬‬

‫(‪)5‬‬

‫املصدر نفسه (‪.)284/1‬‬

‫‪80‬‬


‫‪ - 6‬حال املالئكة يف تسبيحهم هلل تعاىل‪:‬‬ ‫اد‬ ‫ومما يبني َ‬ ‫حال املَلئكة ِف تسبيحهس لل تعاىل َوله عز وجل ﴿تَ َك ُ‬ ‫ات يَتَ َفطهحر َن َم حن فَ حوَ​َ َه هن َوالح َم َ​َلئَ َكةُ يُ َسبَ ُحو َن َِبَ حم َد َرهبَ​َ حس َويَ حستَ حغ َفُرو َن لَ َم حن‬ ‫ال هس َم َاو ُ‬ ‫اّلِل هو الحغَ ُف َ‬ ‫َِف حاْلَر َ َ‬ ‫ات‬ ‫ور الهرح ُيس [الشورى‪ ، ]5 :‬ومعَ ﴿تَ َك ُ‬ ‫اد ال هس َم َاو ُ‬ ‫ح‬ ‫ُ‬ ‫ض أَ​َال إ هن هَ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ات على عَيَ َمها وكوهنا مجادا أن يتشققن‬ ‫يَتَ َفطهحر َن أي ‪َ :‬اربت السماو ُ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫فوق اليت تليها(‪.)2‬‬ ‫ويتصدعن ‪ ،‬ومعَ ﴿فوَهن أي‪ :‬كل مسا ٍء تتفطر َ‬ ‫وللعلماء ِف سبب مقاربة السماوات للتفطر ِف هذه اآلية وجهان كَلمها‬ ‫ُّ‬ ‫ات‬ ‫يدل له َرا ﴾ن‪ :‬الوجه اْلول‪ :‬أن املعَ خوفا من هللا تعاىل وهيبة ﴿تَ َك ُ‬ ‫اد ال هس َم َاو ُ‬ ‫ُّ‬ ‫﴿وُه َو الح َعلَ ُّْي الح َع َي ُيس * ْلن عل هوه‬ ‫يَتَ َفطهحر َن ويدل هلذا الوجه َوله تعاىل َبله َ‬ ‫َ‬ ‫كادت‬ ‫ب للسماوات ذلك اْلوف واهليبة واإلجَلل حّت ح‬ ‫عز وجل وعيمته َسبه َ‬ ‫﴿والح َمَلَئَ َكةُ يُ َسبَ ُحو َن َِبَ حم َد‬ ‫تتفطر وعلى هذا الوجه فقوله بعده مناسبتُه ملا َبله َ‬ ‫َ‬ ‫رهبَ​َس ْلن املعَ أن السماو َ‬ ‫اْلوف منه تعاىل و َ‬ ‫اهليبة واإلجَلل له‬ ‫ات ِف غاية‬ ‫َ ح‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة فهس يسبحون ِبمد رهبس أي ينزهونه عن َ‬ ‫كل ما ال‬ ‫وكذلك سكاهنا من‬ ‫ٍ‬ ‫يليق بكماله وجَلله مع إثباُتس له ُك هل ٍ‬ ‫وجَلل خوف ا منه وهيبةا وإجَلالا‪.‬‬ ‫كمال‬ ‫ُ‬ ‫الوجه الْثاين‪ :‬أن املعَ من شدةَ َعيَ​َس الفر َية اليت افرتاها الكفار على خالق‬ ‫ات يَتَ َفطهحر َن من كونه اخت َذ ولدا سبحانه‬ ‫السماوات واْلرض جَل ﴿تَ َك ُ‬ ‫اد ال هس َم َاو ُ‬ ‫ضحا ِف َوله تعاىل‪:‬‬ ‫وتعاىل عن ذلك علوا كبريا وهذا الوجهُ جاءَ مو ه‬ ‫(‪)1‬‬

‫أضواء البيان للشنقيطْي (‪.)413/4‬‬

‫(‪)2‬‬

‫أضواء البيان (‪ ،)414/4‬التسبيح ِف الكتاب والسنة (‪.)287/1‬‬

‫‪81‬‬


‫َ‬ ‫ات‬ ‫﴿وَالُوا هاختَ َذ الهر حْحَ ُن َولَ ادا ۝ لَ​َق حد جحئ تُ حس َشحي ئاا إَ ادا ۝ تَ َك ُ‬ ‫اد ال هس َم َاو ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال َهداا ۝ أَ حن َد َع حوا لَلهر حْحَ َن َولَ ادا ۝ َوَما‬ ‫ض َوَ​َختُّر ا حجلَبَ ُ‬ ‫يَتَ َفطهحر َن محنهُ َوتَحن َش ُّق حاْل حَر ُ‬ ‫هخ َذ ولَ ادا ۝ إَ حن ُك ُّل من َِف ال هسماو َ‬ ‫ي حن بغَْي لَلهر حْح َن أَ حن ي ت َ‬ ‫ات َو حاْل حَر َ‬ ‫ض إَهال َآيت‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َح‬ ‫َ​َ‬ ‫َ َ‬ ‫الهر حْحَ َن َعحب ادا [مريم‪.]93-88 :‬‬

‫إمجال ِف سبب تفطر‬ ‫وغاية ما ِف هذا الوجه أ هن آيةَ الشورى هذه فيها ﴾‬

‫ضح ا ِف آية مرميَ املذكورة وعليه فمناسبة َوله تعاىل‬ ‫السماوات وَد جاءَ ذلك مو ه‬ ‫﴿والح َمَلَئَ َكةُ يُ َسبَ ُحو َن َِبَ حم َد َرهبَ​َ حس فإ هن‬ ‫أعيس الكف َر َ‬ ‫ملا َبله أن الكفار وإن َالوا َ‬ ‫املَلئكة خبَلفهس فإهنس يداومون على ذك َر هللا وطاعته كما َال تعاىل‪﴿ :‬فَ​َإ َن‬ ‫هَ‬ ‫هها َر َوُه حس َال يَ حسأ َُمو َن‬ ‫ين َعحن َد َربَ َ‬ ‫ح‬ ‫ك يُ َسبَ ُحو َن لَهُ َ​َبللهحي َل َوالن َ‬ ‫استَ حك َربُوا فَالذ َ‬ ‫[فصلت‪.]38 :‬‬ ‫وكَل الوجه َ‬ ‫املقصود هنا فمنه‬ ‫حق غري أ هن الوجه اْلول هو‬ ‫ني املذكوري َن ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة ِف تسبيحهس لل تعاىل أهنس لشدة خوفهس من هللا وهيبتهس‬ ‫حال‬ ‫يتبني ُ‬ ‫وإجَلهلس له يسبحون ِبمده على الدوام بَل انقطاع وَوله تعاىل ِف هذه اآلية‬ ‫﴿ويَ حستَ حغ َفُرو َن لَ َم حن َِف اْل حَر َ‬ ‫َ‬ ‫ض [الشورى‪ ]5 :‬كما‬ ‫الكرمية‬ ‫ْلصوص الذين امنوا َ‬ ‫أوضحه هللا بقوله تعاىل‪﴿ :‬اله َذ َ‬ ‫ش َوَم حن َح حولَهُ يُ َسبَ ُحو َن َِبَ حم َد َرهبَ​َ حس‬ ‫ين َحَيملُو َن الح َعحر َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫ين َآمنُوا [غافر‪ ]7 :‬وَوله تعاىل ِف ختام اآلية أ حك َد فيه‬ ‫َويُ حؤمنُو َن به َويَ حستَ حغفُرو َن للهذ َ‬ ‫اّلِل هو الحغَ ُفور الهرَحيس [الشورى‪َ ]5 :‬‬ ‫َ‬ ‫وإياد‬ ‫أنه هو َ‬ ‫ُ‬ ‫وحده املختص بغفران ﴿أَ​َال إ هن هَ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫الرْحات‪ ،‬وذلك بذك َر حرف االستفتاح (أال) وحرف التوكيد (إن) املقتفني للتوكيد‬

‫‪82‬‬


‫(‪)1‬‬ ‫َ‬ ‫املطلب‬ ‫سبق َذ حكُره ِف هذا‬ ‫وضمري الفصل (هو) املقتفْي للحصر ‪ ،‬وجبميع ما َ‬

‫التسبيح‪ ،‬وأهنس ِف هذه‬ ‫مقام املَلئكة ِف‬ ‫َ‬ ‫من اآلَيت واْلحاديث واالاثر يتجلى ُ‬ ‫العبادة العييمة متميزون عن غريهس من العاملني(‪.)2‬‬

‫اثلثاً دعاء املالئكة للمؤمنني‪:‬‬

‫ت النصوص من الكتاب والسنة على َ‬ ‫دل َ‬ ‫دعاء املَلئكة للمؤمنني وهو إما‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫خاص بسبب ٍ‬ ‫خمصوصة‪.‬‬ ‫صاْلة‬ ‫أفعال‬ ‫دعاء﴾ عام أو دعاء﴾ ٌّ‬ ‫فمن دعائهس العام َوله تعاىل‪﴿ :‬هو اله َذي ي َ‬ ‫َ‬ ‫صلْي َعلَحي ُك حس َوَم َ​َلئ َكتُهُ‬ ‫َُ‬ ‫َُ‬ ‫لَيخ َرج ُكس َمن اليُّلُم َ‬ ‫ات إَ َىل النُّوَر وَكا َن َ​َبلحم حؤَمنَ َ‬ ‫يما [األحزاب‪َ .]43 :‬ال ابن‬ ‫ُ َ‬ ‫ني َرح ا‬ ‫ُح َ ح َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الدعاء للناس واالستغفار(‪.)3‬‬ ‫املَلئكة فبمعَ‬ ‫كْثري وأما الصَلةُ من‬

‫نصوص ُّ‬ ‫تدل على دعائهم ابخلري‬ ‫وأما دعاؤهم اخلاص فقد وردت‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬

‫بعض األعمال اخلاصة فمن ذلك‪:‬‬ ‫ملن َع ِم َل َ‬ ‫‪ - 1‬دعاؤهم لطالب العلم ومعلمه‪:‬‬

‫سلك هللاُ َبه طريقا َم حن‬ ‫يطلب فيه َع حلما َ‬ ‫َال رسول هللا (ﷺ) « َم حن َ‬ ‫سلك طريقا ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫فضل‬ ‫لتضع أجنحتَها لطالب العل َس َرضا ّبا ُ‬ ‫طُ​ُرق اجلنة وإ هن املَلئكةَ ُ‬ ‫يصنع وإ هن َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫التسبيح ِف الكتاب والسنة (‪.)289/1‬‬

‫(‪)2‬‬

‫املصدر نفسه (‪.)289/1‬‬

‫(‪)3‬‬

‫تفسري ابن كْثري (‪.)496/3‬‬

‫‪83‬‬


‫َ‬ ‫َ‬ ‫العاَمل على َ‬ ‫كفضل القم َر ليلةَ البد َر على سائ َر الكو َ‬ ‫َ‬ ‫ليستغفُر‬ ‫العابد‬ ‫اكب وإ هن العاملَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وم حن ِف‬ ‫له َم حن ِف السماوات َ‬ ‫اْلرض حّت اْليتا ُن ِف جوف البحر وإ هن العلماءَ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫العلس فَ َم حن أخ َذه فقد‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ث‬ ‫وور‬ ‫ا‬ ‫مه‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫وال‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫دينا‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ث‬ ‫ر‬ ‫يو‬ ‫مل‬ ‫اْلنبياء‬ ‫ن‬ ‫وإ‬ ‫اْلنبياء‬ ‫ورثةُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أخ َذه ٍ‬ ‫ِبظ واف ٍر»(‪.)1‬‬ ‫وَال رسول هللا (ﷺ) «إن هللا ومَلئكتَه وأهل السماو َ‬ ‫ات و َ‬ ‫حّت النملة‬ ‫اْلرض ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِف جح َرها وحّت اْلوت ليصلون على ُمعلَس َ‬ ‫الناس اْلَري»(‪.)2‬‬

‫‪ - 2‬الدعاء ملنتظر الصالة وملن جلس يف املسجد بعد الصالة‪:‬‬ ‫العبد ِف صَلةٍ ما كا َن ِف مصَله ي َ‬ ‫نتيُر الصَلة‬ ‫َال ُ‬ ‫رسول هللاَ (ﷺ) «ال يز ُال ُ‬ ‫َُ‬ ‫َيدث»(‪.)3‬‬ ‫اغفر له الله هس ارْححهُ حّت‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ينصرف أو َ‬ ‫وتقول املَلئكةُ الله هس ح‬ ‫‪ - 3‬دعاؤهم للذين ي ِ‬ ‫ج‪:‬‬ ‫صلُ ْو َن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الصفوف ويس ّدون ال ُف َر َ‬ ‫الصفوف‬ ‫َال رسول هللا (ﷺ) «إن هللاَ ومَلئكتَه يصلون على الذين يصلو َن‬ ‫َ‬ ‫وم حن س هد فرجةا رفعه هللا هبا درجةا»(‪.)4‬‬ ‫َ‬

‫‪ - 4‬دعاؤهم ألهل الصفوف املتقدمة يف الصالة‪:‬‬ ‫عند رَهبا؟»‬ ‫َال ُ‬ ‫رسول هللاَ (ﷺ) «أال تصفون كما تصف املَلئكةُ َ‬ ‫تصف املَلئكةُ عند رهبا؟‬ ‫كيف ُّ‬ ‫َالوا َي رسول هللا و َ‬

‫(‪)1‬‬

‫صحيح جامع بيان العلس ْلّب اْلشبال الزهريي رَس (‪ )61‬وانير الرتغيب والرتهيب (‪.)106‬‬

‫(‪)2‬‬

‫صحيح جامع بيان العلس ْلّب اْلشبال الزهريي رَس (‪.)65‬‬

‫(‪)3‬‬

‫مسلس (‪.)450 449/1‬‬

‫(‪)4‬‬

‫صحيح اجلامع لأللباين رَس (‪.)1839‬‬

‫‪84‬‬


‫َ‬ ‫الصف»(‪.)1‬‬ ‫اصون ِف‬ ‫يتمو َن‬ ‫الصفوف ويرت ُّ‬ ‫َال « ُّ‬ ‫َ‬ ‫‪ - 5‬دعاؤهم للمنفق مالَه يف سبيل هللا‪:‬‬ ‫َ ٍ‬ ‫َال ر ُ َ‬ ‫ملكان ينز َ‬ ‫َ‬ ‫يقول‬ ‫العباد فيه إال‬ ‫الن ف ُ‬ ‫صبَ ُح ُ‬ ‫سول هللا (ﷺ) «ما م حن يوم يُ ح‬ ‫ويقول االخر الله هس َ‬ ‫أحدمها الله هس َ‬ ‫أعط ممُح َسك ا تلف ا»(‪.)2‬‬ ‫أعط ُمحن َفق ا َخلَف ا ُ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬

‫‪ - 6‬دعاؤهم ملن صلّى على النيب (ﷺ)‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َال ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ت عليه املَلئكةُ‬ ‫صله ح‬ ‫رسول هللا (ﷺ) «ما م حن مسل ٍس يصلْي ه‬ ‫علْي إال َ‬ ‫ذلك أو يُ حكْثَحر»(‪.)3‬‬ ‫صلهى علْي فَ حليُ َقلَ حل ُ‬ ‫العبد َم حن َ‬ ‫ما َ‬ ‫‪ - 7‬دعاؤهم للمتسحرين‪:‬‬ ‫َال ُ َ‬ ‫ين»(‪.)4‬‬ ‫رسول هللا (ﷺ) «إن هللاَ ومَلئكتَه يصلون على املتسحر َ‬ ‫‪ - 8‬دعاؤهم للصائم إذا أكل عنده املفطرون‪:‬‬

‫عن أُم عمارَة ابنة ٍ‬ ‫مت إليه‬ ‫دخل عليها فقد ح‬ ‫كعب اْلنصارية أ هن ا ه‬ ‫لنب (ﷺ) َ‬ ‫طعاما فقال «كلْي» فقالت َإين صائمة﴾ فقال ُ َ‬ ‫لصائس‬ ‫رسول هللا (ﷺ)‪« :‬إن ا َ‬ ‫عنده حّت يَ حفَرغُوا ورّبا حّت يَ حشبَ عُوا»(‪.)5‬‬ ‫صلَْي عليه املَلئكةُ إذا أُكَ َل َ‬ ‫تُ َ‬ ‫ِ‬ ‫حضر عند املريض أو امليت‪:‬‬ ‫‪ - 9‬أتمينُهم على دعاء َم ْن َ‬ ‫فعن أَُم سلمةَ رضْي هللا عنها َالت‪َ :‬ال رسول هللا (ﷺ)‪« :‬إذا ح ُ‬ ‫ضرتُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫مسلس رَس (‪.)430‬‬

‫(‪)2‬‬

‫البخاري رَس (‪.)1442‬‬

‫(‪)3‬‬

‫صحيح اجلامع رَس (‪.)5620‬‬

‫(‪)4‬‬

‫سلسلة اْلحاديث الصحيحة رَس (‪.)1654‬‬

‫(‪)5‬‬

‫جامع الرتمذي رَس (‪.)782‬‬

‫‪85‬‬


‫ت فقولوا خريا فإ هن املَلئكةَ يؤمنو َن على ما تقولون»(‪.)1‬‬ ‫يض أو املي َ‬ ‫املر َ‬ ‫‪ - 10‬أتمينُهم على دعاء َم ْن يدعو ألخيه املسلم‪:‬‬

‫عن أّب الدرداء رضْي هللا عنه َال‪َ :‬ال رسول هللا (ﷺ)‪« :‬ما َم حن ُم حسلٍَس‬ ‫يدعو ْلخيه بيه َر الغَحي َ‬ ‫ك َمْثح لُه»(‪.)2‬‬ ‫ب إال َ‬ ‫ك ولَ َ‬ ‫َال امللَ ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ - 11‬دعاؤهم ابلسالم على جنبيت الصراط‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ذكر ُ‬ ‫رسول هللاَ (ﷺ) الشفاعةَ‬ ‫عن أّب سعيد اْلُدري رضْي هللا عنه َال َ‬ ‫فقال «إ هن الناس ي عرضو َن على َ‬ ‫َ‬ ‫الناس‬ ‫خيطف‬ ‫كَلليب‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫وعليه‬ ‫هس‬ ‫ن‬ ‫جه‬ ‫ر‬ ‫س‬ ‫ج‬ ‫﴾‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ حَ ُ ح‬ ‫ح‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وينبتيه املَلئكةُ يقولون اهل هس َسلَ حس َسلَ حس»(‪.)3‬‬

‫أعمال ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫املالئكة على الك ّفار وعلى ٍ‬ ‫سيئة‪:‬‬ ‫أقوام بسبب‬ ‫رابعاً دعاءُ‬

‫ويستغفرون هلس فإهنس يبغضون‬ ‫وكما يدعو املَلئكةُ للمؤمنني ويصلَون عليهس‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫السماء لعقاهبس ويكونُون عوانا للمؤمنني عليهس كما‬ ‫الكفار ويلعنُوهنس ويحن َزلُون من‬ ‫وَع ِف غزو َ‬ ‫الكتاب و َ‬ ‫َ‬ ‫السنة كْثرية﴾ ِف هذا‬ ‫النصوص من‬ ‫النب (ﷺ) و‬ ‫ات َ‬ ‫ُ‬ ‫املوضوع(‪.)4‬‬ ‫َ هَ‬ ‫اّلِلَ َوالح َم َ​َلئَ َك َة‬ ‫ك َعلَحي َه حس لَ حعنَةُ ه‬ ‫ين َك َفُروا َوَماتُوا َوُه حس ُك هف ﴾ار أُولَئَ َ‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬إ هن الذ َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫مسلس رَس (‪.)919‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسلس رَس (‪.)2732‬‬

‫(‪)3‬‬

‫رواه اإلمام أْحد ِف مسنده (‪ )26/3‬إسناده صحيح‪.‬‬

‫(‪)4‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)114‬‬

‫‪86‬‬


‫هاس أ ح َ‬ ‫َوالن َ‬ ‫اّلِلُ َ حواما َك َفُروا بَ حع َد‬ ‫ف يَ حه َدي ه‬ ‫ني [البقرة‪ ، ]161 :‬وَال تعاىل‪َ ﴿ :‬كحي َ‬ ‫َمجَع َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ني‬ ‫إَميَاهنَ​َ حس َو َش َه ُدوا أَ هن الهر ُس َ‬ ‫ات َو ه‬ ‫اّلِلُ َال يَ حهدي الح َق حوَم اليهالم َ‬ ‫ول َح ٌّق َو َجاءَ ُه ُس الحبَ يَنَ ُ‬ ‫اّلِلَ والحم َ​َلئَ َك َة والنها َس أ ح َ‬ ‫َ‬ ‫ني‬ ‫۝ أُولَئَ َ‬ ‫َمجَع َ‬ ‫َ‬ ‫ك َجَز ُاؤُه حس أَ هن َعلَحيه حس لَ حعنَةَ ه َ َ‬ ‫َ‬ ‫يصحب صاحبَه إىل‬ ‫املَلئكة ‪ -‬والعياذ َبلل ‪-‬‬ ‫اللعن من‬ ‫[آل عمران‪ ]87-86 :‬وهذا ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫القيامة كما َال تعاىل‪﴿ :‬ومن أَظحلَس َممه َن افحرتى علَى هَ َ‬ ‫َ‬ ‫ضو َن‬ ‫يوم‬ ‫اّلِل َكذ اَب أُولَئَ َ‬ ‫ك يُ حعَر ُ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫َ​َ ح ُ‬ ‫ول حاْلَ حشهاد هؤَال َء اله َذين َك َذبوا علَى رهبَ​َس أَ​َال لَعنةُ هَ‬ ‫َ​َ‬ ‫ني‬ ‫َعلَى َرهبَ​َ حس َويَ ُق ُ‬ ‫َ ُ َ َ ح حَ‬ ‫َ ُ َُ‬ ‫اّلِل َعلَى اليهالم َ‬ ‫هَ‬ ‫وهنَا عَ َو اجا َوُه حس َ​َبحآل َخَرةَ ُه حس َكافَُرو َن‬ ‫اّلِلَ َويَحب غُ َ‬ ‫صدُّو َن َع حن َسبَ َيل ه‬ ‫ين يَ ُ‬ ‫۝ ال ذ َ‬ ‫وسائر‬ ‫[هود‪ .]19-18 :‬واْلَ حش َه ُ‬ ‫سل ُ‬ ‫هس املَلئكة وَيل ُ‬ ‫اد هنا ُ‬ ‫هس املَلئكةُ واْلنبياءُ والر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫القيامة والعياذ َبلل(‪.)1‬‬ ‫يوم‬ ‫البشر واجلان والشاه ُد أ هن املَلئكة يلعنون الكفرةَ َ‬ ‫َال القرطب اْلشهاد املَلئكةُ اْلفيةُ وذكر ذلك عن ٍ‬ ‫اْلعمش وغريمها(‪.)2‬‬ ‫جماهد و‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يوم القيامة بعد تقري َع َ‬ ‫أهل اجلنة هلس كما َال تعاىل‪:‬‬ ‫أهل النا َر َ‬ ‫وهس كذلك يلعنون َ‬ ‫﴿و َاندى أَصحاب ح َ‬ ‫اب النها َر أَ حن َ حد َو َج حد َان َما َو َع َد َان َربُّنَا َح اقا فَ َه حل‬ ‫اجلَنهة أ ح‬ ‫َص َح َ‬ ‫َ َ حَ ُ‬ ‫وج حد ُت ما وع َد ربُّ ُكس ح اقا َالُوا نَعس فَأَذه َن مؤَذ ﴾ن ب ي ن هس أَ حن لَعنةُ هَ‬ ‫َ​َ‬ ‫ني‬ ‫ُ َ َح َ ُ ح ح َ‬ ‫اّلِل َعلَى اليهالم َ‬ ‫َ​َ ح َ َ​َ َ ح َ‬ ‫َح‬ ‫[األعراف‪َ .]44 :‬ال القرطب أي اندى مؤذن من املَلئكة(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)114‬‬

‫(‪)2‬‬

‫تفسري القرطب ص (‪.)18/9‬‬

‫(‪)3‬‬

‫املصدر نفسه (‪.)209/7‬‬

‫‪87‬‬


‫والغضب على ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أقوام بسبب‬ ‫ابلعذاب‬ ‫وقد ورد كذلك أ ّن املالئكة يدعون‬ ‫أعمال سيئة فمن ذلك‪:‬‬

‫‪ - 1‬دعاؤهم على املُ ْح ِد ِ‬ ‫ث يف املدينة‪:‬‬

‫النب (ﷺ) َال «املدينةُ َحَر﴾م من كذا إىل كذا ال‬ ‫عن أنس رضْي هللا عنه عن َ‬ ‫ث فيها ح َداثا فعليه لعنةُ هللاَ‬ ‫ث فيها‬ ‫﴾‬ ‫َح َد َ‬ ‫شجرها وال َُي َد ُ‬ ‫وم حن أ ح‬ ‫َ‬ ‫حدث َ‬ ‫يُ حقطَ ُع ُ‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة و َ‬ ‫أمجعني»(‪.)1‬‬ ‫الناس‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫حرم فمن‬ ‫أحدث فيها حداثا أو اوى ُححم َداثا‬ ‫َ‬ ‫وَال رسول هللا (ﷺ) «املدينةُ ﴾‬ ‫فعليه لعنةُ هللاَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة و َ‬ ‫عدل(‪ )2‬وال‬ ‫يوم‬ ‫ال‬ ‫أمجعني‬ ‫الناس‬ ‫و‬ ‫القيامة ﴾‬ ‫يقبل منه َ‬ ‫ُ‬

‫ف»(‪.)3‬‬ ‫صحر ﴾‬ ‫َ‬

‫ٍ‬ ‫واْلدث اْلمر املنكر الذي ليس ٍ‬ ‫معروف ِف السنة‪ ،‬واحملدث يروى‬ ‫ّبعتاد وال‬ ‫ُ‬

‫بكسر الدال وفتحها على الفاعل واملفعول فمعَ الكسر َم حن نصره أو اواه وأجاره‬

‫نفسه ويكو ُن‬ ‫من خصمه وحال بينه وبني أن يُ حقتَ ه‬ ‫اْلمر َ‬ ‫ص منه والفتح هو ُ‬ ‫املبتدعُ ُ‬ ‫َبلبدعة وأَر َ‬ ‫َ‬ ‫فاعلَها ومل ينكر‬ ‫رضْي‬ ‫معى اإليواء فيه الرضا والصرب عليه فإنه من َ‬ ‫اثت اْلموَر» مجع ُححم َدثَة﴾ َبلفتح وهْي ما‬ ‫عليه فقد اواه وفيه‬ ‫ُ‬ ‫اْلديث «إَي ُك حس َوُححم َد ُ‬ ‫كتاب وال َ‬ ‫مل يكن معروف ا ِف ٍ‬ ‫إمجاع(‪.)4‬‬ ‫سنة وال ٍ‬ ‫ح‬ ‫(‪)1‬‬

‫البخاري رَس (‪ )1768‬مسلس رَس (‪.)1366‬‬

‫(‪)2‬‬

‫العدل‪ :‬القربة وَيل الفريضة‪ ،‬والصرف‪ :‬التوبة أو النافلة‪.‬‬

‫(‪)3‬‬

‫مسلس رَس (‪.)1366‬‬

‫(‪)4‬‬

‫النهاية البن اْلثري (‪.)351/1‬‬

‫‪88‬‬


‫ب أصحاب النيب (ﷺ)‪:‬‬ ‫‪ - 2‬لعنهم من َس َّ‬

‫َ‬ ‫املَلئكة والن َ‬ ‫اس‬ ‫سب أصحاّب فعليه لعنةُ هللاَ و‬ ‫َال رسول هللا (ﷺ) « َم حن ه‬

‫أمجعني»(‪.)1‬‬

‫ابلسالح على ٍ‬ ‫مسلم‪:‬‬ ‫أشار‬ ‫ِ‬ ‫‪ - 3‬لعنُهم من َ‬ ‫َال رسول هللا (ﷺ) «من أشار إىل َ‬ ‫أخيه ِبديدةٍ فإن املَلئكةَ تلعنُهُ حّت‬ ‫َ‬ ‫وإ حن كا َن أخاه ْلبيه وأ حُمه»(‪.)2‬‬ ‫َلح فإنه ال يدري‬ ‫وَال رسول هللا (ﷺ) «ال يُ َشُر أح ُدكس إىل أخيه َبلس َ‬ ‫َ‬ ‫فيقع ِف حفرةٍ من النا َر»(‪.)3‬‬ ‫أح ُدكس ه‬ ‫لعل الشيطا َن ينزعُ ِف يده ُ‬ ‫غري مواليه‬ ‫‪ - 4‬لعنهم من‬ ‫انتسب إىل غري أبيه أو ّ‬ ‫َ‬ ‫توىل َ‬

‫َ‬ ‫غري مواليه فعليه‬ ‫َال رسول هللا (ﷺ) «من‬ ‫انتسب إىل غري أبيه أو توىل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة و َ‬ ‫الناس أمجعني»(‪ )4‬وَال رسول هللا (ﷺ) « َم حن توىل َوما بغ َري‬ ‫لعنةُ هللاَ و‬ ‫إذن مواليه فعليه لعنةُ هللاَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة و َ‬ ‫عدل‬ ‫يوم‬ ‫ال‬ ‫أمجعني‬ ‫الناس‬ ‫و‬ ‫القيامة ﴾‬ ‫َ‬ ‫يقبل منه َ‬ ‫ُ‬ ‫صرف»(‪.)5‬‬ ‫وال ﴾‬

‫‪ - 5‬لعنهم َم ْن حال بني ويل املقتول وبني القاتل أو الدية‪:‬‬ ‫عصبية أو ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َال رسول هللا (ﷺ) «من َُتَل ِف ٍ‬ ‫سوط أو عصا فعليه‬ ‫عمية أو‬ ‫َح َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫املعجس الكبري للطرباين رَس (‪ )12709‬إسناده حسن‪.‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسلس رَس (‪.)2161‬‬

‫(‪)3‬‬

‫مسلس رَس (‪.)2617‬‬

‫(‪)4‬‬

‫سنن ابن ماجه‪ ،‬رَس (‪ )2609‬صححه اْللباين‪.‬‬

‫(‪)5‬‬

‫مسلس رَس (‪.)1508‬‬

‫‪89‬‬


‫حال بينه وبينه فعليه لعنةُ هللاَ واملَل َ‬ ‫ئكة‬ ‫َتل عمدا فهو َ َو﴾د ومن َ‬ ‫َع حق ُل اْلطأ َ‬ ‫وم حن َ‬

‫و َ‬ ‫صحرفا وال َع حدالا»(‪.)1‬‬ ‫الناس‬ ‫َ‬ ‫يقبل هللاُ منه َ‬ ‫أمجعني؛ ال ُ‬ ‫اش زوجها‪:‬‬ ‫هتجر فر َ‬ ‫‪ - 6‬لعنُهم املرأةَ اليت ُ‬

‫َ​َ‬ ‫فأبت أن جتْي َء‬ ‫َال رسول هللا (ﷺ) «إذا َد َعا‬ ‫الرجل امرأتَهُ إىل فراشه ح‬ ‫ُ‬ ‫تصبح»(‪.)2‬‬ ‫لعنحتها املَلئكةُ حّت َ‬ ‫ِ‬ ‫النائحة‪:‬‬ ‫‪ - 7‬تركهم الصالةَ على‬ ‫َ‬ ‫النائحة وال على ُم َرن َة»(‪.)3‬‬ ‫َال رسول هللا (ﷺ) «ال تصلْي املَلئكةُ على‬

‫ِ‬ ‫املالئكة للمؤمنني‪:‬‬ ‫خامساً والءُ‬

‫هَ‬ ‫َ‬ ‫ين َحَي َملُو َن‬ ‫‪ .1‬فمن ذلك‬ ‫ُ‬ ‫استغفار املَلئكة ودعاؤهس للمؤمنني َال تعاىل‪﴿ :‬الذ َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َ َ َ​َ َ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫ين َآمنُوا َربهنَا‬ ‫الح َعحر َ‬ ‫ش َوَم حن َح حولَهُ يُ َسب ُحو َن ِبَ حمد َرهب حس َويُ حؤمنُو َن به َويَ حستَ حغفُرو َن للهذ َ‬ ‫و َسعت ُك هل شْي ٍء ر حْحةا و َع حلما فَا حغ َفر لَله َذين َ​َتبوا واتهب عوا سبَيلَ َ‬ ‫اب‬ ‫َ ُ َ َُ َ َ‬ ‫َ حَ‬ ‫ك َوَ َه حس َع َذ َ‬ ‫ح‬ ‫َح َ َ َ ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ٍ‬ ‫صلَ َح َم حن آ َ​َبئَ َه حس‬ ‫ا حجلَحي َس ۝ َربهنَا َوأ حَدخ حل ُه حس َجنهات َع حدن الهَيت َو َع حد َُتُحس َوَم حن َ‬ ‫ات ومن تَ َق ال هسيَئ َ‬ ‫اْل َكيس ۝ وَ​َ َهس ال هسيَئ َ‬ ‫وأ حَزو َاج َهس وذُ َرهَيُتَ​َس إَ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ات‬ ‫يز‬ ‫ز‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ ح‬ ‫َ َ حَ ح‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ك ُه َو الح َف حوُز الح َع َي ُيس [غافر‪.]9-7 :‬‬ ‫يَ حوَمئَذ فَ َق حد َرْححتَهُ َو َذل َ‬ ‫املؤمنني َبجلن َة ِف الدنيا عند موُتس والسَلم عليهس ِف االخرة‬ ‫‪ - 2‬وتقوم بتبشري‬ ‫َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫صحيح اجلامع رَس (‪.)6326‬‬

‫(‪)2‬‬

‫البخاري رَس (‪.)4897‬‬

‫(‪)3‬‬

‫مرنة‪ :‬الصائحة على امليت‪ ،‬نقَلا عن اإلمام أْحد ِف مسنده (‪ )362/2‬إسناده حسن‪.‬‬

‫‪90‬‬


‫عند دخوهلس اجلنة‪.‬‬

‫َ هَ‬ ‫استَ َق ُاموا تَتَ نَ هزُل‬ ‫ين َالُوا َربُّنَا ه‬ ‫اّلِلُ مثُه ح‬ ‫فأما ِف الدنيا فكما َوله تعاىل‪﴿ :‬إ هن الذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وع ُدو َن [فصلت‪.]30 :‬‬ ‫َعلَحي َه ُس الح َم َ​َلئ َكةُ أهَال َختَافُوا َوَال َححتَزنُوا َوأَبحشُروا َ​َب حجلَنهة الهَيت ُكحن تُ حس تُ َ‬ ‫تنزل على املؤمنني الصادَني عند املوت تقول ال‬ ‫فيخرب هللا تعاىل ِبن املَلئكة ُ‬ ‫ختافوا مما تُقدموا عليه من أم َر االخرة وال حتزنوا على ما خلفتموه من أمر الدنيا‬ ‫من و ٍ‬ ‫ومال أو دي ٍن فإان خنلفكس فيه كما َ‬ ‫أهل ٍ‬ ‫لد و ٍ‬ ‫يبشروهنس َبجلنة اليت وعدوا‬ ‫َح‬ ‫هبا(‪.)1‬‬ ‫وأما ِف االخرة فكما َال تعاىل‪﴿ :‬و َسيق اله َ‬ ‫اجلَنه َة ُزَمارا َح هّت إَ َذا‬ ‫ذ‬ ‫ين اته َق حوا َرههبُحس إَ َىل ح‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ين‬ ‫ت أَبح َو ُاهبَا َوَ َ‬ ‫وها َوفُت َح ح‬ ‫ال َهلُحس َخَزنَتُ َها َس َ​َل ﴾م َعلَحي ُك حس طحب تُ حس فَ حاد ُخلُ َ‬ ‫َجاءُ َ‬ ‫وها َخالد َ‬ ‫[الزمر‪.]73 :‬‬

‫وَتييدهس للمؤمنني‬ ‫‪ .3‬ومن مياهر والء املَلئكة ْلهل طاعة هللا تعاىل نصرُ​ُتس‬ ‫ُ‬ ‫بعض غزوات النب (ﷺ) فقال تعاىل‪﴿ :‬إَ حذ ي َ‬ ‫حدث ذلك ِف َ‬ ‫وحْي‬ ‫ِف القتال وَد َ‬ ‫ُ‬ ‫وب اله َ‬ ‫ك إَ َىل الحم َ​َلئَ َك َة أَ​َين مع ُكس فَْثَبَتُوا اله َذين آمنُوا سأُلح َقْي َِف َُلُ َ‬ ‫ين َك َفُروا‬ ‫ذ‬ ‫َربُّ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ​َ ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اض َربوا َمحن هس ُك هل ب نَ ٍ‬ ‫ان [األنفال‪.]12 :‬‬ ‫ُّ‬ ‫ب فَ ح‬ ‫اض َربُوا فَ حو َق حاْل حَعنَاق َو ح ُ ُ ح َ‬ ‫الر حع َ‬

‫أهل الكبائ ِر واملعاصي وبغضهم أل ِ‬ ‫ِ‬ ‫املالئكة من ِ‬ ‫ئمة الكفر‪:‬‬ ‫سادساً براءةُ‬ ‫ُ‬ ‫فييهر ذلك كْثريا ِف آَيت‬ ‫وأما عن براءُتس من أهل الكبائر واملعاصْي‬ ‫ُ‬

‫(‪)1‬‬

‫عبودية الكائنات لرب العاملني ص (‪.)360‬‬

‫‪91‬‬


‫القرآن الكرمي واْلحاديث الشريفة وأول هؤالء هس أهل الكفر والشرك ْلنه أكرب‬ ‫اّلِلَ‬ ‫َ هَ‬ ‫ك َعلَحي َه حس لَ حعنَةُ ه‬ ‫ين َك َفُروا َوَماتُوا َوُه حس ُك هف ﴾ار أُولَئَ َ‬ ‫الكبائر َال تعاىل‪﴿ :‬إ هن الذ َ‬ ‫هاس أ ح َ‬ ‫َوالح َم َ​َلئَ َك َة َوالن َ‬ ‫ني [البقرة‪ .]161 :‬ففرعون عليه لعنة هللا ملا جتهرأ على مقام‬ ‫َمجَع َ‬ ‫يل عليه‬ ‫اْللوهية واستكرب على مقام العبودية وَال أان ربكس اْلعلى كان جرب ُ‬ ‫يغرق حّت ال تدركه رْحة هللا تعاىل حيث َال‬ ‫السَلم يسا َرعُ ِف إهَلكه وهو ُ‬

‫امنت به بنو إسرائيل في هن جربيل عليه السَلم أن هذا سينفعُه فكان‬ ‫امنت َبلذي ح‬ ‫ُ‬

‫يسارعُ ِف إدخال ْحأ البحر إىل فس فرعو َن ليعجل هبَلكه وذلك ْلن فرعو َن َد‬

‫يل عليه السَلم‬ ‫جترأَ على هللا ففْي اْلديث عن ابن عباس رضْي هللا عنه أن جرب َ‬ ‫فأدسه ِف فرعون خمافةَ أَ حن‬ ‫للنب (ﷺ) «لو رأيتَين وأان اخ ُذ َم حن ْحأَ البح َر‬ ‫َال َ‬ ‫ُّ‬ ‫تد َرَكه الرْحةُ»(‪.)1‬‬ ‫ب‬ ‫وكذا موَفهس عليهس السَلم مع َ‬ ‫النب (ﷺ) ملا أر َاد أبو جهل أن يقرت َ‬ ‫النب (ﷺ) كْي يقتلَه فعن أّب هريرة رضْي هللا عنه َال َال أبو ٍ‬ ‫جهل هل‬ ‫من َ‬ ‫يغفر حم هم ﴾د وجهه بني أظهركس؟ فقيل نعس‪ ،‬فقال و َ‬ ‫يفعل‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫أي‬ ‫ر‬ ‫لئن‬ ‫ى‬ ‫ز‬ ‫الع‬ ‫و‬ ‫الَلت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫زعس ليطأ على رَبته‬ ‫ذلك ْلطأ هن على رَبته‪ ،‬فأتى َ‬ ‫رسول هللا (ﷺ) وهو يصلْي َ‬ ‫َ‬ ‫كض على عقبيه‪ ،‬ويتقْي بيديه‪ ،‬وَيل له مالك؟ فقال‬ ‫فما فاجأهس محنهُ إال وهو ير ُ‬ ‫إن بيين وبينه ْلندَ ا من ان ٍر‪ ،‬وهوالا وأجنحةا‪ ،‬وَال رسول هللا (ﷺ) «لو دان مين‬ ‫الختطفته املَلئكةُ عضوا عضوا»(‪.)2‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫صحيح اجلامع رَس (‪.)4229‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسلس رَس (‪.)1539‬‬

‫‪92‬‬


‫سابعاً ‪ :‬املالئكة يقومون ابمتهان الكفار وذلك بضرب وجوههم‬ ‫وأدابرهم عند موهتم(‪:)1‬‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬ولَو تَرى إَ حذ ي ت و هَّف اله َ‬ ‫وه ُه حس‬ ‫ذ‬ ‫ين َك َفُروا الح َم َ​َلئَ َكةُ يَ ح‬ ‫ض َربُو َن ُو ُج َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫َح َ‬ ‫اْلَ​َر َيق [األنفال‪.]50 :‬‬ ‫اب ح‬ ‫َوأ حَد َ​َب َرُه حس َوذُوَُوا َع َذ َ‬

‫اثمناً ‪ :‬املالئكة يتح ّدثون إىل عصاة املسلمني وإىل الكفار‪:‬‬

‫َ هَ‬ ‫اه ُس الح َم َ​َلئَ َكةُ ظَالَ َمْي أَنح ُف َس َه حس َالُوا فَ َيس ُكحن تُ حس‬ ‫ين تَ َوفه ُ‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬إ هن الذ َ‬ ‫َالُوا ُكنها مست ح َ‬ ‫ني َِف حاْل حَر َ‬ ‫ض [النساء‪.]97 :‬‬ ‫ُ حَ‬ ‫ض َعف َ‬ ‫وَال تعاىل‪﴿ :‬و َسيق اله َذين َك َفروا إَ َىل جهنهس زمرا ح هّت إَ َذا جاء َ‬ ‫ت‬ ‫وها فُت َح ح‬ ‫ََُ‬ ‫َ َ َ َُ ا َ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫ال َهلس خزنَتُها أَ​َمل أيحتَ ُكس رسل َمحن ُكس ي حت لُو َن علَي ُكس آَي َ‬ ‫ت َربَ ُك حس َويُحن َذ ُرونَ ُك حس‬ ‫َح ح َ‬ ‫أَبح َو ُاهبَا َوَ َ ُح َ َ َ ح َ ح ُ ُ ﴾ ح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت َكلَمةُ الحع َذ َ‬ ‫اب َعلَى الح َكافَ َري َن [الزمر‪.]71 :‬‬ ‫ل َقاءَ يَ حوم ُك حس َه َذا َالُوا بَلَى َولَك حن َح هق ح َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ج َسأَ َهلُحس َخَزنَتُ َها أَ​َملح َأيحتَ ُك حس نَ َذ ﴾ير ۝ َالُوا‬ ‫وَال تعاىل‪ُ ﴿ :‬كله َما أُلحق َْي ف َيها فَ حو ﴾‬ ‫ٍ‬ ‫ب لَى َ حد جاء َان نَ َذير فَ َك هذب نَا وَُ حلنَا ما نَهزَل ه َ‬ ‫ض َ​َل ٍل‬ ‫اّلِلُ م حن َش حْيء إَ حن أَنحتُ حس إَهال َِف َ‬ ‫ح َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ ﴾‬ ‫َكبَ ٍري [الملك‪.]9-8 :‬‬

‫اتسعاً ‪ :‬خوفهم من هللا له وخشيتهم له‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫عبودية الكائنات برب العاملني ص (‪.)364‬‬

‫‪93‬‬


‫﴿وَهّلِلَ يَ حس ُج ُد َما‬ ‫وعن وجلهس وخوفهس من هللا تعاىل يقول عز وجل عنهس‪َ :‬‬ ‫َِف ال هسماو َ‬ ‫ات َوَما َِف حاْل حَر َ‬ ‫ض َم حن َدابهٍة َوالح َم َ​َلئَ َكةُ َوُه حس َال يَ حستَ حكَربُو َن ۝ َخيَافُو َن‬ ‫َ​َ‬ ‫َرههبُحس َم حن فَ حوَ​َ َه حس َويَ حف َعلُو َن َما يُ حؤَمُرو َن [النحل‪.]50-49 :‬‬ ‫ٍ‬ ‫إبسناد حس ٍن عن جاب ٍر رضْي هللا عنه أن‬ ‫وِف «معجس الطرباين اْلوسط»‬ ‫يل كاْلَلحس‬ ‫رسول هللا (ﷺ) َال « ُ‬ ‫مررت ليلةَ َ‬ ‫أسري ّب َبملأل اْلعلى وجرب ُ‬ ‫َ‬ ‫خشية هللا تعاىل»(‪.)2‬‬ ‫الباِل َم حن‬

‫َ (‪)1‬‬

‫عاشراً ‪ :‬حضورهم جمالس الذكر وخطبة يوم اجلمعة‪:‬‬

‫َال رسول هللا (ﷺ) «إن للَ‬ ‫جمالس‬ ‫يتبعون‬ ‫ة‬ ‫سيار‬ ‫ة‬ ‫مَلئك‬ ‫وتعاىل‬ ‫تبارك‬ ‫﴾‬ ‫﴾‬ ‫َ‬ ‫بعضهس بعضا ِبجنحتهس‬ ‫وح ه‬ ‫ف ُ‬ ‫ذكر َعدوا معهس َ‬ ‫الذكر فإذا وجدوا جملسا فيه ﴾‬

‫حّت ميألوا ما بينهس وبني السماء الدنيا فإذا تفرَوا عرجوا وصعدوا إىل السماء‬ ‫َال فيسأهلس هللا عز وجل وهو أعلس هبس من أين جئتس؟ فيقولون جئنا من َ‬ ‫عند‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫وَيمدونك ويسألونك َال‬ ‫عباد لك ِف‬ ‫اْلرض يسبحونك ويكربونك ويهللونك َح‬ ‫تك َال وهل رأَوا جنيت َالوا ال َي َ‬ ‫رب فقال‬ ‫وماذا يسألونين؟ َالوا يسألونك جن َ‬ ‫ح‬ ‫فكيف لو رأَوا جنيت؟ َالوا يستجريونك؟ َال َ‬ ‫وم هس يستجريونين؟ َالوا َم حن ان َرَك َي‬ ‫َ‬ ‫ح‬

‫َ‬ ‫فكيف لو رأ حَوا انري؟ َالوا يستغفرونك َال‬ ‫رب َال وهل رأوا انري؟ َالوا ال َال‬ ‫َ‬ ‫غفرت هلس فأعطيتُهس ما سألوا وأجرُتس مما استجاروا َال فيقولون َ‬ ‫رب‬ ‫فيقول َد ُ‬

‫(‪)1‬‬

‫اْللس‪ :‬كساء يبسط ِف أرض البيت‪.‬‬

‫(‪)2‬‬

‫صحيح اجلامع (‪.)206/5‬‬

‫‪94‬‬


‫القوم ال‬ ‫فيهس فَل ﴾ن عب ﴾د خطاء﴾ إّما مهر‬ ‫فجلس معهس َال فيقول َولَهُ ُ‬ ‫هس ُ‬ ‫غفرت ُ‬ ‫َ‬

‫جليسهس»(‪.)1‬‬ ‫يشقى هبس ُ‬ ‫وَال ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َبب من أبو َ‬ ‫كل ٍ‬ ‫اجلمعة كان على َ‬ ‫اب‬ ‫يوم‬ ‫رسول هللا (ﷺ) «إذا كا َن ُ‬ ‫َ‬ ‫الصحف وجاءوا‬ ‫اإلمام طووا‬ ‫فإذا‬ ‫ل‬ ‫فاْلو‬ ‫ل‬ ‫اْلو‬ ‫يكتبون‬ ‫ة‬ ‫مَلئك‬ ‫املسجد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫﴾‬ ‫َ‬ ‫جلس ُ‬ ‫َ‬ ‫يستمعون الذكر»(‪.)2‬‬

‫يقول املأموم‪:‬‬ ‫حادي عشر‪ :‬حضورهم الصلوات يف املساجد وقوُهلم ما ُ‬ ‫َال رسول هللا (ﷺ) «يتعاَبو َن فيكس مَلئكة﴾ َ‬ ‫َبلليل ومَلئكة﴾ َبلنها َر‬ ‫ويتمعون ِف صَلةَ الفج َر وصَلةَ العص َر‪ ،‬مث يعر ُج الذين َبتوا فيكس‪ ،‬فيسأ ُهلس‬

‫أعلس هبس ‪ -‬كيف تركتُس عبادي؟ فيقولون تركناهس َوُه حس يصلون‪،‬‬ ‫رُّهبس ‪ -‬وهو ُ‬ ‫وأتيناهس وهس يصلون»(‪.)3‬‬ ‫َ‬ ‫َتمني‬ ‫افق َتمينُه َ‬ ‫اإلمام فأَمنوا فإنه َم حن و َ‬ ‫وَال رسول هللا (ﷺ)‪« :‬إذا أ همن ُ‬ ‫املَلئكة غُ َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫شهاب وكان رسول هللا (ﷺ) يقول‬ ‫ابن‬ ‫َال‬ ‫»‬ ‫ذنبه‬ ‫من‬ ‫م‬ ‫تقد‬ ‫ما‬ ‫له‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ال اإلمام مسع هللا لَمن َ​َ‬ ‫ْح َده فقولوا‬ ‫«آمني»(‪ .)4‬وَال رسول هللا (ﷺ)‪« :‬إذا َ َ‬ ‫ُ َ ُ َح‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة غُ َفَر له ما تقدم من ذنبه»(‪.)5‬‬ ‫َول‬ ‫افق َولُه َ‬ ‫لك ُ‬ ‫الله هس ربنا َ‬ ‫اْلمد فإنهه َم حن و َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫البخاري رَس (‪.)6045‬‬

‫(‪)2‬‬

‫فتح الباري على صحيح البخاري (‪.)207/2‬‬

‫(‪)3‬‬

‫مسلس رَس (‪.)633‬‬

‫(‪)4‬‬

‫مسلس (‪.)307/1‬‬

‫(‪)5‬‬

‫مسلس رَس (‪.)409‬‬

‫‪95‬‬


‫اثين عشر‪ :‬صالة املالئكة‪:‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫الدعاء‬ ‫املَلئكة منها ما هْي متعلقة﴾ َبْلذكار وهْي ّبعَ‬ ‫الصَلةُ من‬ ‫َ‬ ‫هب َ​َي‬ ‫صلُّو َن َعلَى النَ َ‬ ‫كصَلُتس على النب (ﷺ) َال تعاىل‪﴿ :‬إَ هن ه‬ ‫اّلِلَ َوَم َ​َلئ َكتَهُ يُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫هَ‬ ‫يما [األحزاب‪ .]56 :‬وكصَلُتس علينا ّبعَ‬ ‫ين َآمنُوا َ‬ ‫صلُّوا َعلَحيه َو َسل ُموا تَ حسل ا‬ ‫أَيُّ َها الذ َ‬ ‫الدعاء للناس واالستغفار هلس‪.‬‬

‫َ‬ ‫حديث ر َ‬ ‫سول‬ ‫ومنها صَلة﴾ خاصةُ هبس عند البيت املعمور كما ورد ذلك ِف‬

‫يت‬ ‫املعمور‬ ‫البيت‬ ‫هللا (ﷺ) ُ‬ ‫يل فقال هذا الب ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِل ُ‬ ‫حيث َال «فَ ُر َ‬ ‫ُ‬ ‫فسألت جرب َ‬ ‫فع َ‬ ‫املعمور يصلَْي فيه كل ٍ‬ ‫ألف ملَ ٍ‬ ‫ك إذا خرجوا مل يعودوا اخر ما‬ ‫سبعون‬ ‫يوم‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ورد ِف‬ ‫وعبادات‬ ‫عليهس»(‪.)1‬‬ ‫املَلئكة كْثرية﴾ لعلنا مل ح‬ ‫نعرف منها إال القليل وَد َ‬ ‫ُ‬ ‫وص أ هن للمَلئكة عبادات تشبه بعض أجزاء صَلتنا املشروعة لنا ومن َ‬ ‫النص َ‬ ‫هيئات‬ ‫﴾‬ ‫هذه العبادات‪.‬‬

‫‪ - 1‬القيام واالصطفاف‪:‬‬ ‫َ‬ ‫صافُّو َن‬ ‫وم ۝ َوإَ هان لَنَ حح ُن ال ه‬ ‫﴿وَما منها إَهال لَهُ َم َق ﴾ام َم حعلُ ﴾‬ ‫َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫[الصافات‪.]165-164 :‬‬ ‫وعن حذيفة رضْي هللا عنه َال‪َ :‬ال رسول هللا (ﷺ) «فُ َ‬ ‫ض حلنا على َ‬ ‫الناس‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ َ‬ ‫اْلرض مسجدا وطهورا‬ ‫ت لنا‬ ‫كصفوف‬ ‫ت صفوفنا‬ ‫وجعلَ ح‬ ‫بْثَلث ُجعلَ ح‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫(‪)1‬‬

‫مسلس رَس (‪.)162‬‬

‫‪96‬‬


‫َ‬ ‫ت تربتُنا لنا طهورا إذا مل َن حد املاءَ» وذكر خصلةا أخرى(‪.)1‬‬ ‫وجعلَ ح‬ ‫ُ‬

‫‪ - 2‬الركوع والسجود‪:‬‬

‫َ هَ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫ين َعحن َد َربَ َ‬ ‫ك َال يَ حستَ حكَربُو َن َع حن عبَ َادته َويُ َسبَ ُحونَهُ َولَهُ‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬إ هن الذ َ‬ ‫يَ حس ُج ُدو َن [األعراف‪.]206 :‬‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة َبلركوع والسجود فمن ذلك‬ ‫وصف‬ ‫وَد جاء ِف السنة كذلك‬ ‫ُ‬ ‫حديث أّب ذر رضْي هللا عنه َال‪َ :‬ال رسول هللا (ﷺ) «أَطه َ‬ ‫ت السماءُ و ُح هق هلا‬ ‫ُ‬ ‫أَ حن تَئَ ه‬ ‫اضع جبهته ساجدا لل وهللاَ لو‬ ‫موضع أرب َع‬ ‫ط ما فيها‬ ‫أصابع إال وَملَ ﴾‬ ‫كو ﴾‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أعلس لضحكتُس َليَلا ولبكيتُس كْثريا»(‪.)2‬‬ ‫تعلمو َن ما ُ‬

‫اثلث عشر‪ :‬سالم املالئكة‪:‬‬

‫َ‬ ‫د َ‬ ‫ليمهس على‬ ‫لت‬ ‫ُ‬ ‫النصوص على تسلي َس املَلئكة على بين آدم ومن ذلك تس ُ‬ ‫هَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ني‬ ‫اه ُس الح َم َ​َلئ َكةُ طَيَبَ َ‬ ‫َ‬ ‫ين تَتَ َوفه ُ‬ ‫املؤمنني ِف سكرات املوت كما َال تعاىل‪﴿ :‬الذ َ‬ ‫يَ ُقولُو َن َس َ​َل ﴾م َعلَحي ُك ُس حاد ُخلُوا ا حجلَنهةَ َّبَا ُكحن تُ حس تَ حع َملُو َن [النحل‪ .]32 :‬أخرب تعاىل عن‬ ‫حال املؤمنني عند االحتضا َر أهنس طيبون أي خمُحلَصون من َ‬ ‫الشرك و َ‬ ‫الدنس و َ‬ ‫كل‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫سوء وأ هن املَلئكةَ تسلَس عليهس وتبشُرهس َبجلنة(‪.)3‬‬ ‫أهل َ‬ ‫واملَلئكة كذلك تسلَس على َ‬ ‫اجلنة بعد فتح أبواهبا‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫مسلس رَس (‪.)522‬‬

‫(‪)2‬‬

‫سلسلة اْلحاديث الصحيحة رَس (‪.)1060‬‬

‫(‪)3‬‬

‫تفسري ابن كْثري (‪.)568/2‬‬

‫‪97‬‬


‫َ‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬و َسيق اله َذين اته َقوا رههبس إَ َىل ح َ‬ ‫ت‬ ‫وها َوفُت َح ح‬ ‫اجلَنهة ُزَمارا َح هّت إَذَا َجاءُ َ‬ ‫َ َ َ ح َ ُح‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫ين [الزمر‪.]73 :‬‬ ‫أَبح َو ُاهبَا َوَ َ‬ ‫ال َهلُحس َخَزنَتُ َها َس َ​َل ﴾م َعلَحي ُك حس طحب تُ حس فَ حاد ُخلُ َ‬ ‫وها َخالد َ‬ ‫َبب وتسلَ‬ ‫كل ٍ‬ ‫أهل اجلن َة من َ‬ ‫تدخل على َ‬ ‫هات‬ ‫‪:‬‬ ‫تعاىل‬ ‫َال‬ ‫عليهس‬ ‫س‬ ‫واملَلئكةُ‬ ‫﴿جن ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫آَبئَ َه حس َوأ حَزَو َاج َه حس َوذُ َرهَيُتَ​َ حس َوالح َم َ​َلئَ َكةُ يَ حد ُخلُو َن َعلَحي َه حس‬ ‫َع حد ٍن يَ حد ُخلُ َ‬ ‫وهنَا َوَم حن َ‬ ‫صلَ َح م حن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ص َحربُحت فَنَ حع َس عُ حق َ​َب الدها َر [الرعد‪.)1(]24-23 :‬‬ ‫م حن ُك َل َ​َبب َس َ​َل ﴾م َعلَحي ُك حس ّبَا َ‬ ‫***‬

‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني د‪ .‬حممد عقيل ص (‪.)134‬‬

‫‪98‬‬


‫الفصل اخلامس‬ ‫أعمال املالئكة‬

‫أوالا ‪ -‬أعمال املَلئكة املتعلقة ببين آدم‬ ‫اثنيا ‪ -‬أعمال املَلئكة املتعلقة َبلكون‬ ‫اثلْثا ‪َ -‬يامهس ِبعمال أخرى‬

‫‪99‬‬


‫الفصل اخلامس ‪:‬‬ ‫أعمال املالئكة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َبإلنسان بَ حدءا ّبولده وحّت اخر‬ ‫بعضها يتعلق‬ ‫للمَلئكة‬ ‫﴾‬ ‫أعمال مكلفون هبا ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ووَائع‪.‬‬ ‫أحداث‬ ‫َبلكون وما فيه من‬ ‫صل‬ ‫َ‬ ‫مراحل حياته اْلخروية وأُخرى تت ُ‬

‫أوالً ‪ -‬أعمال املالئكة املتعلقة ببين آدم‪:‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َبإلنسان َبل مولده وأثناء حياته الدنيا وِف حياته الربزخية وِف‬ ‫للمَلئكة صلة﴾‬ ‫اْلياة االخرة وهلس ِف ٍ‬ ‫أعمال يقومون هبا‪.‬‬ ‫كل من تلك املراحل ﴾‬

‫ومن تلك األعمال مايلي(‪:)1‬‬ ‫‪ - 1‬نفخ األرواح يف األجنة وكتابةُ مستقبل تلك األجنة من حيث أعماهلا‬ ‫كل ذلك واألجنةُ يف بطون أمهاهتا‬ ‫واجاهلا وأرزاقها وسعادهتا وشقاوهتا ُّ‬ ‫ب َمن الحب ع َ‬ ‫ث فَ​َإ هان َخلَ حقنَا ُكس َمن تُر ٍ‬ ‫اب‬ ‫هاس إَ حن ُكحن تُ حس َِف َريح ٍ َ َ ح‬ ‫َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫﴿َي أَيُّ َها الن ُ‬ ‫ح ح َ‬ ‫ٍَ‬ ‫مثُه َمن نُطح َف ٍة مثُه َمن علَ َق ٍة مثُه َمن م ح ٍ ٍ‬ ‫ني لَ ُك حس َونَُقُّر َِف حاْل حَر َح َام‬ ‫ح َ‬ ‫ضغَة ُخمَله َقة َو َغ حَري ُخمَله َقة لنُبَ​َ َ‬ ‫حُ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َش هد ُك حس َوَمحن ُك حس َم حن يُتَ َو هَّف‬ ‫َج ٍل ُم َس امى مثُه ُخنح َر ُج ُك حس َط حف اَل مثُه لتَ حب لُغُوا أ ُ‬ ‫َما نَ َشاءُ إ َىل أ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ض َه َام َدةا‬ ‫َومحن ُك حس َم حن يَُرُّد إَ َىل أ حَرذَل الحعُ ُم َر ل َكحي َ​َل يَ حعلَ َس م حن بَ حعد ع حل ٍس َشحي ئاا َوتَ​َرى حاْل حَر َ‬ ‫(‪)2‬‬

‫(‪)1‬‬

‫العقيدة اإلسَلمية د‪ .‬أْحد حممد جلْي ص (‪.)173‬‬

‫(‪)2‬‬

‫املصدر نفسه ص (‪.)173‬‬

‫‪100‬‬


‫يج [الحج‪.]5 :‬‬ ‫ت َم حن ُك َل َزحو ٍج َهبَ ٍ‬ ‫فَ​َإذَا أَنح َزلحنَا َعلَحي َها الح َماءَ حاهتَ هز ح‬ ‫ت َوأَنحبَ تَ ح‬ ‫ت َوَربَ ح‬ ‫هذه هْي أطوار اإلنسان اليت مر هبا ِف حياته من ُذ ُخ حل َق أبيه آدم من تر ٍ‬ ‫اب إىل‬ ‫خ حل َق َه هو من ٍ‬ ‫ماء مهني ومنذ أن َ‬ ‫نزل ِف رح َس أُمه نطفةا إىل أن تطور فصار علقةا‬ ‫َ‬ ‫ضعيف جدا لوال حفظ هللا له هللك ُمن ُذ كان نطفةا‪،‬‬ ‫مث مضغةا وهو ِف هذا كلَه‬ ‫﴾‬ ‫ولكن هللا عز وجل َرْحه وْحاه ووكل به ملكا َيوطه ويرعاه وهو ال َ‬ ‫يقد ُر على‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫أحْي هو أم ميت أذكر هو أم أنْثى أشقْي أم‬ ‫شْيء من أمر نفسه وال يدري ٌّ‬ ‫سعيد(‪.)1‬‬

‫الصادق‬ ‫وعن عبد هللا بن مسعود رضْي هللا عنه َال حدثنا رسول هللا (ﷺ) وهو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫بعني يوما نطفةا مث علقةا مْثل ذلك‬ ‫ُ‬ ‫املصدوق َال «إ هن أح َدكس ُحي َم ُع ِف بط َن أمه أر َ‬ ‫َ‬ ‫برزَه و َ‬ ‫بعة َ‬ ‫يبعث هللا ملَكا فيؤمر ِبر ٍ‬ ‫وعمله‬ ‫أجله‬ ‫مث يكو ُن مضغةا مْثل ذلك مث ُ‬ ‫ُ‬ ‫وشقْي أم سعيد مث ينفخ فيه الروح فوهللاَ‬ ‫بعمل َ‬ ‫يعمل َ‬ ‫ه‬ ‫أهل‬ ‫ل‬ ‫رجل‬ ‫ال‬ ‫أو‬ ‫كس‬ ‫د‬ ‫أح‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫فيعمل ب َ‬ ‫عمل‬ ‫الكتاب‬ ‫فيسبق عليه‬ ‫النار حّت ما يكو َن بينه وبينها غريُ ذارٍع أو ٍ‬ ‫َبع ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أهل َ‬ ‫أهل اجلن َ‬ ‫بعمل َ‬ ‫ليعمل َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫اجلنة حّت ما يكو َن بينه وبينها‬ ‫الرجل‬ ‫ن‬ ‫وإ‬ ‫ها‬ ‫ل‬ ‫فيدخ‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫بعمل َ‬ ‫فيعمل َ‬ ‫أهل النا َر فيدخلَها»(‪.)2‬‬ ‫الكتاب‬ ‫فيسبق عليه‬ ‫غريُ ذر ٍاع أو ذراعني‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪ - 2‬مراقبتهم اإلنسان وكتابة أعماله وإحصاؤهم عليه‪:‬‬

‫َال تعاىل‪﴿ :‬أ حَم َحَي َسبُو َن أَ هان َال نَ حس َم ُع َسهرُه حس َوَحَن َو ُاه حس بَلَى َوُر ُسلُنَا لَ َديح َه حس‬ ‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)186‬‬

‫(‪)2‬‬

‫البخاري‪ ،‬رَس (‪.)6594‬‬

‫‪101‬‬


‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ني ۝‬ ‫ني ۝ كَرا اما َكاتبَ َ‬ ‫﴿وإَ هن َعلَحي ُك حس َْلَافي َ‬ ‫يَ حكتُبُو َن [الزخرف‪ ]80 :‬وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫يَ حعلَ ُمو َن َما تَ حف َعلُو َن [االنفطار‪.]12-10 :‬‬ ‫َ‬ ‫اْلسنات والذي‬ ‫يكتب‬ ‫وَد أمجع‬ ‫ُ‬ ‫السلف الصاحلُ على أن الذي عن ميينه ُ‬ ‫َ‬ ‫السيئات(‪َ ،)1‬ال تعاىل‪﴿ :‬إَ حذ ي تَ لَ هقى الحمتَ لَ َقي َ‬ ‫ان َع َن الحيَ َم َ‬ ‫ني َو َع َن‬ ‫يكتب‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫عن مشاله ُ‬ ‫الشم َال َعَي ﴾د ۝ ما ي حل َف ُ َ ٍ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫يب َعتَي ﴾د [ق‪ .]18-17 :‬إذ يتلقى‬ ‫َ َ‬ ‫ظ م حن َ حول إهال لَ َديحه َرَ ﴾‬ ‫َ‬ ‫وأيخذ امللكان املوكَلن َبإلنسان عمله ومنطقه َيفيانه ويكتبانه ﴿ َع َن الحيَ َم َ‬ ‫ني‬ ‫َ َ‬ ‫يكتب‬ ‫َو َع َن الش َمال أي أحدمها عن ميينه واالخر عن مشاله فالذي عن ميينه ُ‬ ‫اْلسنات والذي عن مشاله يكتب السيئا َ‬ ‫َ‬ ‫ت(‪.)2‬‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫ضهراءَ َم هسحت ُه حس إَذَا َهلُحس َم حك﴾ر َِف‬ ‫هاس َر حْحَةا م حن بَ حعد َ‬ ‫َ‬ ‫﴿وإ َذا أَ َذَح نَا الن َ‬ ‫َسَرعُ َم حكارا إَ هن ُر ُسلَنَا يَ حكتُبُو َن َما ُتَح ُكُرو َن [يونس‪ .]21 :‬وَال تعاىل‪:‬‬ ‫آَيتَنَا َُ َل ه‬ ‫اّلِلُ أ ح‬ ‫َ‬ ‫﴿ه َذا كَتَابُنَا يَحن َط ُق َعلَحي ُك حس َ​َب حْلَ​َق إَ هان ُكنها نَ حستَ حن َس ُخ َما ُكحن تُ حس تَ حع َملُو َن ۝ فَأَهما‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اله َذين آمنوا وع َملُوا ال ه َ‬ ‫اْل َ‬ ‫ني‬ ‫ات فَيُ حد َخلُ ُه حس َرُّهبُحس َِف َر حْحَتَ َه َذل َ‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫ك ُه َو الح َف حوُز الح ُمبَ ُ‬ ‫ص َ‬ ‫[الجاثية‪.]30-29 :‬‬

‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َ ٍ‬ ‫َج لَهُ يَ حوَم الح َقيَ َام َة كَتَ ااَب‬ ‫﴿وُك هل إنح َسان أَلحَزحمنَاهُ طَائَرهُ َِف عُنُقه َوُخنحر ُ‬ ‫وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫ك َح َسيباا [اإلسراء‪.]14-13 :‬‬ ‫ك الحيَ حوَم َعلَحي َ‬ ‫ك َك َفى بَنَ حف َس َ‬ ‫ورا ۝ اَح َرأح كَتَابَ َ‬ ‫يَ حل َقاهُ َمحن ُش ا‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة مَلزمو َن‬ ‫النصوص وغريُها تدل على أ هن الكر َام الكاتبني من‬ ‫فهذه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫لإلنسان ليله وهناره وأهنس يكتبون أَواله وأعماله القلبية والياهرة كتابةا حقيقيةا ِف‬ ‫(‪)1‬‬

‫جامع العلوم واْلكس البن رجب (‪.)336/1‬‬

‫(‪)2‬‬

‫معامل التنزيل للبغوي (‪.)222/4‬‬

‫‪102‬‬


‫كتب حقيقية(‪.)1‬‬

‫بكل ما يقع؛ إظهار َ‬ ‫واْلكمةُ من كتابة اْلعمال مع علس هللا َ‬ ‫عدل هللاَ عز‬ ‫ُ‬ ‫لكل ٍ‬ ‫وجل وإَامة﴾ للحجة القاطعة َ‬ ‫شبهة َد يتذرعُ هبا العاصْي يوم القيامة‪.‬‬ ‫وَد جاء ِف اْلديث الصحيح عن َ‬ ‫سعد بن عُبادة رضْي هللا عنه َال لو‬

‫َ‬ ‫فبلغ ذلك رسول هللا (ﷺ)‬ ‫غري‬ ‫ٍ‬ ‫مصفح َ‬ ‫ر ُ‬ ‫أيت رجَلا مع امرأيت لضربتُه َبلسيف َ‬ ‫فقال «أتعجبو َن َمن غريةَ ٍ‬ ‫أجل َغريةَ‬ ‫سعد وهللاَ ْلان أغريُ منه وهللاُ أغريُ َ‬ ‫مين ومن َ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬ ‫العذر من هللاَ ومن‬ ‫حد ُّ‬ ‫بطن وال أ َ‬ ‫هللا حهرم الفو َ‬ ‫أحب إليه ُ‬ ‫ظهر منها وما َ‬ ‫احش ما َ‬ ‫أحب إليه املدحةُ من هللاَ ومن َ‬ ‫َ‬ ‫أجل‬ ‫أحد ُّ‬ ‫بعث املبشرين واملنذرين وال َ‬ ‫أجل ذلك َ‬ ‫وعد هللا اجلنة»(‪.)2‬‬ ‫ذلك َ‬ ‫َ‬

‫ولذلك يؤمر اإلنسان بقراءة كتابه وحماسبة نفسه يوم القيامة كما َال‬ ‫ك َح َسيباا [اإلسراء‪.]14 :‬‬ ‫ك الحيَ حوَم َعلَحي َ‬ ‫ك َك َفى بَنَ حف َس َ‬ ‫تعاىل‪﴿ :‬اَح َرأح كَتَابَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ملكان‬ ‫ووكَ َل بك‬ ‫بن آدم بُسطَ ُ‬ ‫َال اْلسن البصري َي َ‬ ‫ت لك صحيفتك ُ‬ ‫كر َ‬ ‫ظ‬ ‫االخُر عن َمشالك فأما الذي عن ميينك فيحف ُ‬ ‫ميان ُ‬ ‫أحدمها عن َ‬ ‫ميينك و َ‬ ‫حسناتك وأما الذي عن َ‬ ‫شئت أَ​َحلَ حل أو أَ حكْثَحر‬ ‫ما‬ ‫فاعمل‬ ‫سيئاتك‬ ‫ظ‬ ‫فيحف‬ ‫الك‬ ‫مش‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ت طُويت صحيفتُك َ‬ ‫وم‬ ‫حّت إذا َم ه‬ ‫لت ِف عنق َ‬ ‫فجع ح‬ ‫ح‬ ‫ك معك ِف َ َرب َك حّت ختر َج ي َ‬ ‫ُ‬ ‫حسيب‬ ‫القيامة كتاَبا تلقاه منشورا اَرأ كتابك فقد عدل وهللاَ من جعلك‬ ‫َ‬

‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص(‪.)167‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسلس رَس (‪.)1499‬‬

‫‪103‬‬


‫َ‬ ‫ك(‪.)1‬‬ ‫نفس َ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫حديث‬ ‫وِف‬ ‫صاحب البطاَة املشهور َال رسول هللا (ﷺ) «إن هللاَ‬ ‫يستخلَ‬ ‫َ‬ ‫رؤوس اْلَل َ‬ ‫َ‬ ‫القيامة‬ ‫يوم‬ ‫ئق‬ ‫على‬ ‫ُميت‬ ‫أ‬ ‫من‬ ‫َل‬ ‫رج‬ ‫ص‬ ‫ا‬ ‫فينشر عليه تسعةا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫سجل مد البص َر مث يقول له َ‬ ‫لكل ٍ‬ ‫وتسعني سجَلا َ‬ ‫أتنكُر َم حن هذا شيئا؟ أظلمك‬ ‫َ‬ ‫الرجل‬ ‫فيبهت‬ ‫عذر أو حسنة﴾؟‬ ‫كتبيت اْلافيون؟ َال ال َي رب؟ فيقول َ‬ ‫ُ‬ ‫ألك ﴾‬ ‫ُ‬ ‫عليك‬ ‫اليوم َ‬ ‫ظلس َ‬ ‫فيقول ال َي رب؟ فيقول بلى إ هن لك عندان حسنةا واحدةا ال َ‬ ‫ج بطاَة﴾ فيها أشهد أن ال إله إال هللا وأن حممدا عبده ورسوله فيقول أحضروه‬ ‫فتخر ُ‬

‫فيقول َي َ‬ ‫ك ال تُيلس َال‬ ‫رب ما هذه البطاَة مع هذه السجَلت؟ فيقال إن َ‬ ‫ٍَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فتوضع السجَلت ِف كفة َال فطاشت السجَل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ت وثقلت البطاَةُ وال يْثقل شْيء﴾‬

‫بسس هللا الرْحن الرحيس»(‪.)2‬‬

‫أ ‪ -‬ماذا تكتب املالئكة؟‬

‫َ‬ ‫اإلنسان‬ ‫كل ما صدر عن‬ ‫الذي دلت عليه‬ ‫النصوص أن املَلئكةَ‬ ‫تكتب ه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫من أَو ٍال و ٍ‬ ‫أعمال ظاهرةٍ‬ ‫وَبطنة كتابةا تفصيليةا ال إمجاليةا‪:‬‬ ‫صغَ ٍري َوَكبَ ٍري ُم حستَطَ﴾ر‬ ‫﴿وُك ُّل َش حْي ٍء فَ َعلُوهُ َِف ُّ‬ ‫الزبَُر ۝ َوُك ُّل َ‬ ‫َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫[القمر‪.]53-52 :‬‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ني َممها فَ َيه َويَ ُقولُو َن َ​َي‬ ‫ني ُم حشفق َ‬ ‫اب فَ​َ​َرتى الح ُم حج َرم َ‬ ‫﴿وُوض َع الحكتَ ُ‬ ‫وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫تفسري ابن جرير (‪ِ )159/26‬ف املَلئكة املقربني ص ‪.168‬‬

‫(‪)2‬‬

‫الرتمذي (‪ )2641‬وَال‪ :‬حديث حسن غريب‪.‬‬

‫‪104‬‬


‫اب َال ي غَ َادر َ‬ ‫ويحلَتَ نَا م َال َه َذا الحكَتَ َ‬ ‫اها َوَو َج ُدوا َما َع َملُوا‬ ‫صَ‬ ‫صغ َريةا َوَال َكبَ َريةا إَهال أ ح‬ ‫َح َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫َح ادا [الكهف‪.]49 :‬‬ ‫اضارا َوَال يَيحل ُس َربُّ َ‬ ‫كأَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َعر َ‬ ‫اب أَ حن يَتَ َخله ُفوا‬ ‫﴿ما َكا َن ْل حَه َل الح َمدينَ َة َوَم حن َح حوَهلُحس َم َن حاْل َح‬ ‫وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ​َ َ‬ ‫ول هَ‬ ‫َ‬ ‫ك َِبَههنُس َال ي َ‬ ‫َعن رس َ‬ ‫صيبُ ُه حس ظَ َمأ﴾ َوَال‬ ‫اّلِل َوَال يَحر َغبُوا َِبَنح ُفس َه حس َع حن نَ حفسه ذَل َ ح ُ‬ ‫ح َُ‬ ‫ظ الح ُك هف َار َوَال يَنَالُو َن َم حن‬ ‫صة﴾ َِف َسبَ َيل ه‬ ‫اّلِلَ َوَال يَطَئُو َن َم حو َطئاا يَغَي ُ‬ ‫ب َوَال خمَح َم َ‬ ‫نَ َ‬ ‫ص﴾‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫ع ُد ٍو نَي اَل إَهال ُكتَ‬ ‫َ‬ ‫ني َوَال يُحن َف ُقو َن‬ ‫صالَ ﴾ح إَ هن ه‬ ‫َجَر الح ُم ححسن َ‬ ‫يع أ ح‬ ‫َ ح‬ ‫ب َهلُحس بَه َع َم ﴾ل َ‬ ‫اّلِلَ َال يُض ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫نَ َف َقةا َ‬ ‫َ‬ ‫َح َس َن َما َكانُوا‬ ‫ب َهلُحس لَيَ حج َزيَ ُه ُس ه‬ ‫اّلِلُ أ ح‬ ‫َ‬ ‫صغ َرياة َوَال َكب َرياة َوَال يَ حقطَعُو َن َواد اَي إهال ُكت َ‬ ‫يَ حع َملُو َن [التوبة‪.]121-120 :‬‬ ‫ال َذ هرٍة‬ ‫ال َذ هرةٍ َخ ح اريا يَ​َرهُ ۝ َوَم حن يَ حع َم حل َمْثح َق َ‬ ‫وَال تعاىل‪﴿ :‬فَ َم حن يَ حع َم حل َمْثح َق َ‬

‫َشارا يَ​َرهُ [الزلزلة‪.]8-7 :‬‬ ‫وَال رسول هللا (ﷺ) «من توضأَ‬ ‫الوضوءَ مث خر َج عامدا إىل‬ ‫َ‬ ‫فأحسن ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ب له إبحدى خطوتيه‬ ‫الصَلة فإنه ِف صَلة ما كان َ‬ ‫يعم ُد إىل الصَلة وإنهُ يُ حكتَ ُ‬ ‫أعيمكس‬ ‫حسنة﴾ وميحى عنه َبْلُخرى سيئة﴾ فإذا َ‬ ‫مسع أح ُدكس اإلَامةَ فَل يُ حس َر حع فإ هن َ‬

‫أجرا أبع ُدكس دارا» َالوا مل َي أَب هريرة؟ َال من أجل كْثرةَ اْلطأ(‪.)1‬‬ ‫وعن جابر بن عبد هللا َال خلَ َ‬ ‫ت البقاعُ حول املسجد فأر َاد بنو َسلَمة أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫النب (ﷺ) فقال هلس «بلغين أن تريدو َن أن تنتقلوا‬ ‫َرب املسجد فبلغ ذلك ه‬ ‫ينتقلوا َ‬ ‫َ‬ ‫املسجد»؟‬ ‫َرب‬ ‫َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫مسلس (‪.)656‬‬

‫‪105‬‬


‫َالوا نعس َي رسول هللا َد أردان ذلك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫دَيركس تكتب ااثركس» فقالوا ما‬ ‫دَيركس‬ ‫ُ‬ ‫تكتب ااثركس ُ‬ ‫فقال «َي بين َسل َمة ُ‬ ‫يسران أان كنا حتولنا(‪.)1‬‬ ‫ُّ‬ ‫كبريها تكتب‬ ‫تفيد أن‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫النصوص ِف هذا املعَ كْثرية﴾ وهْي ُ‬ ‫ُ‬ ‫صغريها و َ‬ ‫اْلعمال َ‬

‫ابن آدم يوم القيامة(‪.)2‬‬ ‫ِف صحائف يلقاها ُ‬

‫وعن بَلل بن اْلارث املزين رضْي هللا عنه أن رسول هللا (ﷺ) َال «إن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يكتب هللا‬ ‫َبلكلمة من‬ ‫لس‬ ‫سخط هللاَ ما كا َن ُّ‬ ‫يين أ حن َ‬ ‫تبلغ ما ح‬ ‫بلغت ُ‬ ‫الرجل ليتك ُ‬ ‫َ‬ ‫هبا سخطه إىل يوم يلقاه»(‪.)3‬‬ ‫َ​َ‬ ‫ني‬ ‫وثبت أ هن‬ ‫َ‬ ‫﴿وإَ هن َعلَحي ُك حس َْلَافي َ‬ ‫ب كما َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫أعمال القلوب تُ حكتَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ني ۝ يَ حعلَ ُمو َن َما تَ حف َعلُو َن [االنفطار‪ .]12-10 :‬ولفظ ﴿يَ حعلَ ُمو َن‬ ‫۝ كَر ااما َكاتبَ َ‬ ‫َ َ‬ ‫وروي‬ ‫يشعر أن هللا وجل َد أعطى املَلئكةَ َدرةا على العل َس ّبا ِف َلب العبد ُ‬ ‫عن اْلسن رْحه هللا أنه َال ﴿ يَ حعلَ ُمو َن خيفى عليهس شْيء﴾ من أعمالكس(‪.)4‬‬ ‫ول‬ ‫تكتب الق َ‬ ‫وَال ابن أّب العز اْلنفْي َد ثبت َبلنصوص أ هن املَلئكةَ‬ ‫ُ‬ ‫الفعل وكذلك النيةَ ْلهنا فعل القلب فدخلت ِف عموم ﴿يَ حعلَ ُمو َن َما‬ ‫و َ‬

‫تَ حف َعلُو َن (‪.)5‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫مسلس رَس (‪.)656‬‬

‫(‪)2‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص ‪.174‬‬

‫(‪)3‬‬

‫صحيح اجلامع رَس (‪.)1615‬‬

‫(‪)4‬‬

‫تفسري القرطب (‪.)248/19‬‬

‫(‪)5‬‬

‫شرح العقيدة الطحاوية ص (‪.)442‬‬

‫‪106‬‬


‫وَد ورد ِف السنة ما ُّ‬ ‫يدل على علس املَلئكة بفعل القلب هبا وهبمه وإرادته‬ ‫فعن أّب هريرة رضْي هللا عنه َال‪َ :‬ال رسول هللا (ﷺ) «َال هللا عز وجل إذا‬ ‫بسيئة فَل تكتبوها عليه فإ حن ع َملَها فاكتبوها سيئةا وإذا هس ِب ٍ‬ ‫هس عبدي ٍ‬ ‫سنة فلس‬ ‫َ‬ ‫يعم حلها فاكتبوها حسنةا فإ حن َع َملها فاكتبوها عشرا»(‪.)1‬‬ ‫َ‬ ‫لكتابة َ‬ ‫كل ما صدر‬ ‫واْلَلصةُ أ هن الكر َام الكاتبني َد هيأهس هللا وأعدهس‬ ‫َ‬ ‫اإلنسان من ٍ‬ ‫َول ٍ‬ ‫وفعل ظاه ٍر وَبط ٍن‪.‬‬ ‫عن‬ ‫ودل َ‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫النصوص كذلك على أ هن املَلئكةَ تكتب‬ ‫ت‬ ‫لإلنسان بعد وفاته اْلعم َ‬ ‫ُ‬ ‫ب هبا ِف حياته من خري وشر(‪َ ،)2‬ال تعاىل‪﴿ :‬إَ هان َححن ُن ُححنيَْي الح َم حوتَى‬ ‫اليت تَ َسبه َ‬ ‫ٍ‬ ‫صحي نَاهُ َِف إَ َم ٍام ُمبَ ٍ‬ ‫ني [يس‪ .]12 :‬وهذا‬ ‫هموا َوآ َاث َرُه حس َوُك هل َش حْيء أ ح‬ ‫َح َ‬ ‫ب َما َد ُ‬ ‫َونَ حكتُ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫اْلعمال‬ ‫يدل على أ هن املَلئكةَ تكتب أعمال اإلنسان الذي عملها ِف حياته و‬ ‫َ‬ ‫اليت تسبب هبا ِف حياته بعد موته سواء كانت من عمله أو من عمل غريه ما دام‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك َكتَ حب نَا‬ ‫َج َل َذل َ‬ ‫تسبب هبا أو دعا إليها ويشهد هلذا املعَ َوله تعاىل‪﴿ :‬م حن أ ح‬ ‫س أ حَو فَ َس ٍاد َِف حاْل حَر َ‬ ‫َعلَى بَ​َين إَ حسَرائَيل أَنههُ َم حن َ تَل نَ حف اسا بَغَ حَري نَ حف ٍ‬ ‫ض فَ َكأَهّمَا َ تَ َل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مجيعا ومن أَحياها فَ َكأَهّمَا أَحيا النهاس َ​َ‬ ‫الن َ‬ ‫مج ايعا [المائدة‪.]32 :‬‬ ‫هاس َ ا َ َ ح ح َ َ‬ ‫حَ َ‬ ‫َ‬ ‫وعن عبد هللا بن مسعود رضْي هللا عنه َال‪َ :‬ال رسول هللا (ﷺ)‪« :‬ال تُ حقتَ ُل‬ ‫اْلول كَ‬ ‫نفس ظلم ا إال كان على اب َن آدم َ‬ ‫القتل‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫من‬ ‫أول‬ ‫ه‬ ‫ْلن‬ ‫دمها‬ ‫من‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫﴾‬ ‫﴾‬ ‫َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫فتح الباري على صحيح البخاري (‪.)1264/13‬‬

‫(‪)2‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)175‬‬

‫‪107‬‬


‫أوالا»(‪.)1‬‬

‫وعن جرير بن عبد هللا رضْي هللا عنه َال جاء انس من اْلعر َ‬ ‫اب إىل رسول‬ ‫َ ﴾‬ ‫الناس على‬ ‫الصوف فرأى سوءَ حاهلس َد أصابتهس حاجة﴾ ه‬ ‫هللا(ﷺ) عليهس‬ ‫ُ‬ ‫فحث َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الصدَة فأبطؤوا عنه حّت رؤي ذلك ِف وجهه َال ُمث إ هن رجَلا من اْلنصار جاءَ‬ ‫َ َ‬ ‫السرور ِف وجهه (ﷺ) فقال رسول‬ ‫ف‬ ‫اخر مث تتابعوا حّت عُ َر َ‬ ‫ُ‬ ‫بصرة َورق مث جاءَ ُ‬ ‫بعده ُكتَ‬ ‫اإلسَلم سنةا حسنةا فع َ‬ ‫َ‬ ‫ْثل أج َر‬ ‫م‬ ‫له‬ ‫ب‬ ‫هبا‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫هللا (ﷺ) « َم حن َس هن ِف‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫اإلسَلم سنةا سيئةا َ‬ ‫َ‬ ‫فعم َل‬ ‫ينقص من أجوَرهس شْيء﴾ ومن س هن ِف‬ ‫عمل هبا وال ُ‬ ‫َم حن َ‬ ‫بعده ُكتَ‬ ‫ورز من ع َ‬ ‫ينقص من أوزا َرهس شْيء﴾»(‪.)2‬‬ ‫وال‬ ‫هبا‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫عليه‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫هبا َ َ‬ ‫ح َ‬ ‫وَال رسول هللا (ﷺ) «إذا مات ابن آدم انقطع عملُه إال َمن ٍ‬ ‫ثَلث َم حن عل ٍس‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫بعده أو و ٍ‬ ‫ينتفع به من َ‬ ‫لد صا ٍحل يدعو له أو ٍ‬ ‫صدَة جار ٍية من بعده»(‪.)3‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫كلب وال صورةٌ وحنوها‪:‬‬ ‫ب ‪ -‬املالئكةُ ال‬ ‫تدخل بيتاً فيه ٌ‬ ‫ُ‬

‫(‪)4‬‬ ‫أجاب‬ ‫وَد‬ ‫‪.‬‬ ‫كلب وال صورة﴾»‬ ‫َال رسول هللا (ﷺ) «ال‬ ‫َ‬ ‫تدخل املَلئكةُ بيتا فيه ﴾‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة‬ ‫يد املَلئكةَ الذين ينزلون َبلربكة والرْحة دون‬ ‫عن ذلك‬ ‫اْلطاّب بقوله ير ُ‬ ‫ُّ‬

‫الذين هس اْلفيةُ فإهنس ال يفارَونه(‪.)5‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫البخاري رَس (‪ ،)6890‬مسلس رَس (‪.)1677‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسلس رَس (‪.)1017‬‬

‫(‪)3‬‬

‫مسلس رَس (‪.)1631‬‬

‫(‪)4‬‬

‫البخاري رَس (‪.)2053‬‬

‫(‪)5‬‬

‫معامل السنن للخطاّب (‪.)75/1‬‬

‫‪108‬‬


‫دخول‬ ‫واملقصود أن‬ ‫اْلديث ﴾‬ ‫حممول على أهنس ال يدخلون بيت ا فيه شْيء﴾ من ذلك َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫اْلعمال‬ ‫لكتابة‬ ‫مينع ذلك من دخوهلس‬ ‫إكرام لصاحبه ودعاء له وتربيك عليه وال ُ‬ ‫َ‬ ‫ْثل هذا غريُ مستن َك ٍر بيننا فإن فساد صاحب املنزل مينع من‬ ‫وَبض اْلرو َاح وم ُ‬ ‫َ‬ ‫دخول إنكا ٍر(‪.)1‬‬ ‫دخول‬ ‫دخول إكرٍام وال مينعهس أن يدخلوه َ‬ ‫صلحاء الناس منزله َ‬ ‫واْلَلصة أن املَلئكةَ الكتبةَ عليهس السَلم مَلزمون لإلنسان يكتبون ما صدر‬ ‫َ‬ ‫الصفات ما يستطيعون به تنفي َذ‬ ‫هس هللا لذلك وأعطاهس من الوسائل و‬ ‫عنه وَد أعد ُ‬ ‫أم َر هللا هلس من دون أدَّن عناء ومشقة(‪.)2‬‬

‫‪ - 3‬حفظ بين آدم‪:‬‬

‫َ‬ ‫ات َم حن بَح َ‬ ‫اّلِلَ إَ هن‬ ‫ني يَ َديحَه َوَم حن َخ حل َف َه َحَي َفيُونَهُ َم حن أ حَم َر ه‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬لَهُ ُم َعقبَ ﴾‬ ‫اّلِل َال ي غَري ما بَ​َقوٍم ح هّت ي غَريوا ما َِبَنح ُف َس َهس وإَذَا أَراد ه ٍ‬ ‫ح َ َ​َ‬ ‫اّلِلُ بَ​َق حوم ُسوءاا فَ َ​َل َمَرهد لَهُ‬ ‫هَ ُ َ ُ َ ح َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ​َ َ ٍ‬ ‫حرس‬ ‫َوَما َهلُحس م حن ُدونه م حن َوال [الرعد‪ .]11 :‬أي للعبد مَلئكة﴾ يتعاَبون عليه ﴾‬ ‫َ‬ ‫اْلاداثت كما يتعاَب مَلئكة﴾ اخرون‬ ‫وحرس َبلنهار َيفيونه من اْلسو َاء و‬ ‫َبلليل ﴾‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اْلعمال من خ ٍري أو َ‬ ‫شر مَلئكة َبلليل ومَلئكة َبلنهار فاثنان عن اليمني‬ ‫ْلفظ‬ ‫الشمال يكتبان اْلعمال صاحب اليمني يكتب اْلسنات وصاحب َ‬ ‫وَ‬ ‫الشمال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫اخر من َدامه‬ ‫ُ‬ ‫يكتب السيئات وملكان اخران َيفيانه وَيرسانه واح ﴾د من ورائه و ُ‬

‫(‪)1‬‬

‫فتح الباري (‪ِ ،)382 380/10‬ف املَلئكة املقربني ص (‪.)178‬‬

‫(‪)2‬‬

‫املصدر نفسه ص (‪.)179‬‬

‫‪109‬‬


‫أمَلك َبلنهار وأر ٍ‬ ‫فهو بني أربعة ٍ‬ ‫بعة َبلليل بدالا حافيان وكاتبان كما جاء ِف‬ ‫َبلليل ومَلئكة﴾ َبلنهار ويتمعون ِف صَلةَ‬ ‫الصحيح «يتعاَبون فيكس مَلئكة﴾ َ‬ ‫فيصعد إليه الذين َبتوا فيكس فيسأهلس ‪ -‬وهو أعلس بكس ‪-‬‬ ‫الصب َح وصَلةَ العص َر‬ ‫ُ‬

‫كيف تركتُس عبادي؟ فيقولون أتيناهس وهس يصلهون وتركناهس وهس يصلون»(‪.)1‬‬ ‫َ‬ ‫اّلِلَ‬ ‫﴿َي َفيُونَهُ َم حن أ حَم َر ه‬ ‫وروى عن بعض أهل العلس ِف تفسري َوله تعاىل‪َ :‬ح‬ ‫َيفيونه من بني يديه ومن خلفه فإذا جاء َدر هللا خلوا عنه(‪.)2‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ​َ َ‬ ‫َ‬ ‫وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫﴿وُه َو الح َقاهُر فَ حو َق عبَاده َويُحرس ُل َعلَحي ُك حس َح َفيَةا َح هّت إ َذا َجاءَ‬ ‫كل‬ ‫ت تَ َوفهحتهُ ُر ُسلُنَا َوُه حس َال يُ َف َرطُو َن [األنعام‪ .]61 :‬أي وهو الذي َهر ه‬ ‫َح َد ُك ُس الح َم حو ُ‬ ‫أَ‬ ‫وعيمته وكربَيئه كل ٍ‬ ‫َ‬ ‫اهر فَو َق عَب َادهَ‬ ‫َ‬ ‫شْيء أي من‬ ‫وخضع جلَلله‬ ‫ُّ‬ ‫﴿وُه َو الح َق ُ ح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة َيفيون بدن اإلنسان(‪.)3‬‬ ‫وَال تعاىل‪﴿ :‬إَ حن ُك ُّل نَ حف ٍ‬ ‫ظ [الطارق‪ ]4 :‬أي حافظ‬ ‫س لَ هما َعلَحي َها َحافَ ﴾‬ ‫َيرسها من اآلفات(‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬

‫صحيح تفسري ابن كْثري (‪ ،)493/2‬البخاري رَس (‪.)555‬‬

‫(‪)2‬‬

‫صحيح تفسري ابن كْثري (‪.)493/2‬‬

‫(‪)3‬‬

‫املصدر نفسه (‪.)27/2‬‬

‫(‪)4‬‬

‫املصدر نفسه (‪.)625/4‬‬

‫‪110‬‬


‫ظ املالئكةُ َم ْن قاهلا يف يومه‬ ‫بعض األذكا ِر اليت حتف ُ‬ ‫بني ُّ‬ ‫النيب (ﷺ) َ‬ ‫وقد َّ‬

‫ذاك أو يف موضعه الذي قاهلا فيه فمن ذلك‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬آية الكرسي‪:‬‬

‫النب (ﷺ) أ هن َم حن َرأها وكل هللا به َملَكا َيوطه كما ِف‬ ‫فقد ص هح عن َ‬ ‫حديث أّب هريرة رضْي هللا عنه َال وكلين رسول هللا (ﷺ) َ‬ ‫ِبفظ زكاةَ رمضا َن‬

‫فأَتين آ ٍ‬ ‫لت ْلرفعنهك إىل رس َ‬ ‫َ‬ ‫ول هللاَ (ﷺ)‬ ‫فجعل َيْثو من‬ ‫ت‬ ‫الطعام فأخذتهُ فق ُ‬ ‫ُ‬ ‫لن يز َال‬ ‫فق ه‬ ‫أويت إىل فر َاش َ‬ ‫ص اْلديث وفيه فقال إذا َ‬ ‫ك فاَرأ آيةَ الكرسْي فإنك ح‬ ‫ظ وال يقربنك شيطا ﴾ن حّت تصبح وكانوا أحرص ٍ‬ ‫شْيء على‬ ‫عليك من هللاَ حاف ﴾‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب من ُذ‬ ‫صدَك وهو‬ ‫النب (ﷺ) «أَما إنهه َ حد‬ ‫َ‬ ‫اْلري فقال ُّ‬ ‫﴾‬ ‫تعلس َم حن ختاط ُ‬ ‫كذوب ُ‬ ‫َ‬ ‫ثَلث ٍ‬ ‫ذاك شيطا ﴾ن»(‪.)1‬‬ ‫ليال َي أَب هريرة؟» َال ال َال « َ‬ ‫ب ‪ -‬قراءة أواخر سورة البقرة‪:‬‬ ‫النب (ﷺ)‪َ « :‬م حن َرأ‬ ‫عن أّب مسعود اْلنصاري رضْي هللا عنه َال‪َ :‬ال ُّ‬ ‫ني من آخ َر سورةَ البقرةَ ِف ٍ‬ ‫َبآليت َ‬ ‫ليلة كفتاه»(‪.)2‬‬ ‫النووي اختلف العلماء ِف معَ «كفتاه» فقيل من اآلف َ‬ ‫ات ِف ليلته‬ ‫َال‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وَيل كفتاه َمن َ‬ ‫ويوز أن يراد اْلمران(‪.)3‬‬ ‫فقلت (أي النووي) ُ‬ ‫َيام ليلته ُ‬ ‫ح‬

‫(‪)1‬‬

‫البخاري رَس (‪.)2187‬‬

‫(‪)2‬‬

‫فتح الباري على صحيح البخاري (‪.)55/9‬‬

‫(‪)3‬‬

‫املصدر نفسه (‪.)56/9‬‬

‫‪111‬‬


‫ج ‪ -‬قراءة قل هو هللا أحد واملعوذتني ثالث مرات‪:‬‬

‫ٍ‬ ‫عن عبد هللا بن خبيب رضْي هللا عنه َال خرجنا ِف َ‬ ‫وظلمة‬ ‫ليلة مط ٍر‬ ‫ٍ‬ ‫النب (ﷺ) ليصلْي لنا فأدركناه فقال «َل» فلس أَ حل شيئا مث َال‬ ‫نطلب ه‬ ‫شديدة ُ‬ ‫«َُ حل»‪ ،‬فلس أَل شيئ ا مث َال‪َ« :‬ل»‪ ،‬فقلت َي رسول هللا ما أَول؟ َال «َل ُه َو‬ ‫ثَلث مر ٍ‬ ‫ات يكفيك من َ‬ ‫كل‬ ‫هللا أحد واملعوذتني حني ُتسْي وحني‬ ‫تصبح َ‬ ‫َ‬ ‫شْيء»(‪.)1‬‬ ‫د ‪ -‬قول (ال إله إال هللا وحده ال شريك له)‪:‬‬ ‫يك له ‪ ،‬له‬ ‫رسول هللاَ (ﷺ) « َم حن َ‬ ‫َال ُ‬ ‫َال ال إله إال هللا َ‬ ‫وحده ال شر َ‬ ‫امللك وله اْلمد وهو على َ ٍ‬ ‫عدل عش َر‬ ‫كانت له ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫كل شْيء َدير ِف يوم مئةَ مرةٍ ح‬ ‫وحميت عنه مئةُ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ َ‬ ‫َ‬ ‫الشيطان‬ ‫سيئة وكانت له َحرزا من‬ ‫ت له مئةُ حسنة ُ ح‬ ‫رَاب وُكتبَ ح‬ ‫يومه ذلك حّت ميسْي ومل َ‬ ‫أيت أح ﴾د ِبفضل مما جاء به إال أح ﴾د عمل أكْثر‬ ‫منه»(‪.)2‬‬

‫‪ - 4‬مالزمته ودعوته للخري‪:‬‬

‫ين وهذا من أعيس نَ َع َس هللا على‬ ‫وممن هو مَلزم لإلنسان من املَلئكة القر ُ‬ ‫لكل ٍ‬ ‫اإلنسان ولل اْلمد واملنة فقد يسَر هللا َ‬ ‫ك يدعوه إىل اْلري وَيْثه‬ ‫إنسان َملَ ﴾‬

‫(‪)1‬‬

‫صحيح اجلامع رَس (‪.)4282‬‬

‫(‪)2‬‬

‫البخاري رَس (‪.)6040‬‬

‫‪112‬‬


‫ي َعتَي ﴾د [ق‪.]23 :‬‬ ‫﴿وَ َ‬ ‫ال َ َرينُهُ َه َذا َما لَ َد ه‬ ‫عليه وخيوفه من الشر وَي هذره َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫رسول هللاَ (ﷺ) «ما َمحن ُكس‬ ‫وعن عبد هللا بن مسعود رضْي هللا عنه َال َال ُ‬

‫َمن ٍ‬ ‫َ‬ ‫أحد إال َوَ حد وكل به َرينُه من َ‬ ‫املَلئكة» َالوا وإَيك َي رسول‬ ‫اجلن وَرينُه من‬ ‫ح‬ ‫أيمرين إال خب ٍري»(‪.)1‬‬ ‫هللا َال «وإَي َ‬ ‫فأسلس فَل ُ‬ ‫ي إال أ هن هللا أعانين عليه ُ‬

‫َ‬ ‫النب (ﷺ) عمل هذين القرين َ‬ ‫السَلمة من‬ ‫ني لإلنسان وطريقةَ‬ ‫وَد وضح ُّ‬ ‫َ‬

‫الشيطان ِف حديث جابر بن عبد هللا رضْي هللا عنهما َال‪َ :‬ال رسول هللا(ﷺ)‪،‬‬ ‫ك اختس خب ٍري ويقول‬ ‫«إذا أوى‬ ‫الرجل إىل فر َاش َه ابتدره َملَ ﴾‬ ‫ك وشيطا ﴾ن فيقول امللَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الشيطا ُن اختس َ‬ ‫ظ َال امللك‬ ‫انم‬ ‫ذكر هللا مث‬ ‫بشر فإ حن‬ ‫لك يكلؤه فإذا استيق َ‬ ‫َبت امل ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫بشر فإن َال ُ َ‬ ‫ك السماو َ‬ ‫افتح خب ٍري وَال الشيطا ُن افحتح َ‬ ‫ات‬ ‫اْلمد لل الذي ميُح َس ُ‬ ‫ح‬ ‫واْلرض أن تزوال إىل اخر اآلية ُ َ‬ ‫تقع على‬ ‫اْلمد لل الذي ميُح َس ُ‬ ‫َ‬ ‫ك السماءَ أن َ‬ ‫َ‬ ‫دخل اجلنة»(‪.)2‬‬ ‫اْلرض إال إبذنه‪ ،‬فإ حن وَع من سريره َ‬ ‫فمات َ‬ ‫اْلمر‬ ‫وَد ُروي عن عبد هللا بن مسعود رضْي هللا عنه مرفوعا ما يوض ُح هذا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫للشيطان ملةا وللَم َ‬ ‫وتكذيب َ‬ ‫فإيعاد َ‬ ‫َبْلق‬ ‫َبلشر‬ ‫وفيه «إ هن‬ ‫لك ملةا فأما ملةُ‬ ‫الشيطان ﴾‬ ‫﴾‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وأ هما ملةُ امللَ َ‬ ‫صديق َ‬ ‫وجد‬ ‫وم حن َ‬ ‫َبْلق فمن َ‬ ‫ك ﴾‬ ‫فإيعاد َبْل َري وت ﴾‬ ‫وجد ذلك فليحمد هللا َ‬ ‫َ‬ ‫(‪)3‬‬ ‫َ‬ ‫الشيطان» مث َرأ ﴿الشحهيطَا ُن يَعَ ُد ُك ُس الح َف حقَر [البقرة‪. ]268 :‬‬ ‫اْلُخرى فليتعوذ َم َن‬

‫(‪)1‬‬

‫مسلس رَس (‪.)2814‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسند أبو يعلى املوصلْي (‪ )326/3‬رجاله رجال الصحيح عدا ابراهيس بن اْلجاج السامْي وهو ثقة‪.‬‬

‫(‪)3‬‬

‫مسند أبو يعلى املوصلْي رَس (‪ِ ،)4999‬ف املَلئكة املقربني ص (‪ ،)184‬تفسري الطربي (‪ )575 572/5‬حتقيق حممود شاكر ومراجعة‬

‫أْحد شاكر‪.‬‬

‫‪113‬‬


‫َ‬ ‫القلب مع امللَ َ‬ ‫حال َ‬ ‫أعجب‬ ‫أيت‬ ‫ر‬ ‫الشيطان‬ ‫كو‬ ‫َتملت َ‬ ‫َ‬ ‫ابن القيس وإذا َ‬ ‫يقول ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫حدث َم حن ملتَ َه‬ ‫ك‬ ‫يلس به مراة وهذا ُّ‬ ‫العجائب فهذا ُّ‬ ‫َ‬ ‫يلس به مراة فإذا أمله به امللَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْثارهُ على ما‬ ‫النور والرْحةُ و‬ ‫ُ‬ ‫االنفساخ واالنشر ُ‬ ‫اإلخَلص واإلانبةُ وحمبةُ هللا وإي ُ‬ ‫اح و ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫صُر َ‬ ‫دامت له تلك‬ ‫الغرور فلو ح‬ ‫سواه وَ َ‬ ‫اْلمل والتجاِف عن دار البَلء واالمتحا ُن و ُ‬ ‫الشيطان َ‬ ‫َ‬ ‫اْلالة لكان ِف أهنأ ٍ‬ ‫ث له من‬ ‫عيش وألزه وأطيبه ولكن َتتيه ملة﴾‬ ‫فتحد ُ‬

‫الغس و َ‬ ‫اْلوف و َ‬ ‫الضيق و َ‬ ‫َ‬ ‫اهلس و َ‬ ‫اليلمة و َ‬ ‫السخط َبملقدوَر والشك ِف اْلق و َ‬ ‫اْلرص‬ ‫على الدنيا وعاجلها و َ‬ ‫الغفلة عن هللا ‪...‬‬ ‫ك‬ ‫اتب ِف هذه احملنة ال َيصيها إال هللا فمنهس َم حن تكون ملةُ امللَ َ‬ ‫مث للناس مر ُ‬ ‫وجد من اْلَمل و َ‬ ‫الضيق‬ ‫أغلب من ملة الشيطان وأَوى فإذا أمله به الشيطا ُن َ‬ ‫به ُ‬ ‫واْلص َر َ‬ ‫فيبادر إىل َ‬ ‫وسوء اْلال ِبسب ما عنده من حياةَ القلب َ‬ ‫طرد تلك اللم َة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫تستحكس فيصعب تداركها فهو دائم ا ِف ٍ‬ ‫حرب بني اللمتني ُّ‬ ‫يدال له‬ ‫وال يدعُها‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ويدال عليه مراة أُخرى والعاَبة للتقوى(‪.)1‬‬ ‫مرة ُ‬ ‫وليس شْيء أنفع َ‬ ‫للعبد من صحبة امللك له وهو وليه ِف يقيته ومنامه‬ ‫﴾ ُ‬ ‫وحياته وعند موته وِف َربه ومؤنسه ِف وحشته وصاحبه ِف خلوته وحمدثه ِف سره‬ ‫وَيارب عنه عدوه ويدافع عنه ويعينه عليه ويَعَ ُده َبْلري ويبشره به وَيْثه على‬ ‫التصديق َبْلق وإذا اشتد َرب امللك من َ‬ ‫العبد تكلس على لسانه وألقى على‬ ‫ُ‬ ‫بعد منه وَرب الشيطا ُن من َ‬ ‫العبد تكلس على لسانه‬ ‫القول‬ ‫لسانه َ‬ ‫السديد وإذا ُ‬ ‫َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫اإلميان َبملَلئكة اْلطهار لألشقر من ابن القيس ص (‪.)59‬‬

‫‪114‬‬


‫َول الزور والفحش حّت يرى الرجل يتكلس على َ‬ ‫لسان امللَ َ‬ ‫الرجل يتكلس على‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫لسان الشيطان(‪.)1‬‬ ‫يصحب امللك ويدنيه منه إ حن هو اشتغ َل َبإلميان‬ ‫العبد‬ ‫وذكر ابن القيس أن َ‬ ‫ُ‬

‫والعبادةَ‬ ‫َ‬ ‫َبلذنوب واملعاصْي وِف ذلك يقول‬ ‫اشتغل‬ ‫إن‬ ‫ويقصيه‬ ‫منه‬ ‫ويطرده‬ ‫للرْحن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أنفعهس له ومن‬ ‫أنصح اْللق له و َ‬ ‫م حن عقوبة املعاصْي أهنا تباع ُد عن العبد ووليهه و َ‬ ‫ك املوكل به وتدين منه عد هوه و َ‬ ‫أخس اْللق وأعيمهس‬ ‫سعادته ِف َربه منه وهو امللَ ُ‬ ‫العبد إذا عصى هللا تباعد منه امللك بقدر تلك املعصية‬ ‫ضررا له وهو الشيطان فإن َ‬ ‫تباعد َ‬ ‫امللك منه‬ ‫حّت إنه يتباعد منه َبلكذبة الواحدة مسافةا بعيد اة فإذا كان هذا ُ‬ ‫من كذبة واحدة فماذا يكون َدر تباعده منه مما هو أكرب من ذلك وأفحش‬ ‫منه(‪...)2‬‬

‫‪ - 5‬السفارة بني هللا وبني عباده من بين آدم‪:‬‬ ‫من أهس الوظائف املنوطة َبملَلئكة َيامهس بتبليغ الوحْي إىل أنبياء هللا ورسله‬ ‫لك‬ ‫فاملَلئكةُ واسطة﴾ بني هللا تعاىل وبني الرسل ِف تبليغ الوحْي والشرائع ويكو ُن امل ُ‬ ‫الرسول واسطة﴾ بني امللك وَومه وما يؤديه امللك‬ ‫واسطةا بني الرسول وبني ربه و ُ‬ ‫إىل الرسول ليؤديه الرسول إىل َومه ضرَبن َرا ﴾ن ووحْي(‪ ،)3‬فقد اصطفى هللا‬ ‫سبحانه وتعاىل من بين آدم أفرادا شرفهس بنبوته ورسالته وأرسل إليهس مَلئكة منه‬ ‫(‪)1‬‬

‫املصدر نفسه ص (‪.)56‬‬

‫(‪)2‬‬

‫املصدر نفسه ص (‪.)58‬‬

‫(‪)3‬‬

‫معارج القبول للحكمْي (‪ ،)78/2‬الرسل والرساالت لألشقر ص ‪.63‬‬

‫‪115‬‬


‫يبلغوهنس أوامر هللا سبحانه وتعاىل ودينه وهؤالء املصطَحفون هس اْلنبياءُ والرسل‬

‫ني‬ ‫ك َك َما أ حَو َححي نَا إَ َىل نُ ٍ‬ ‫عليهس الصَلة والسَلم َال تعاىل‪﴿ :‬إَ هان أ حَو َححي نَا إَلَحي َ‬ ‫وح َوالنهبَيَ َ‬ ‫اط و َ‬ ‫اق وي ع ُقوب و حاْلَسب َ‬ ‫َمن ب حع َدهَ وأَوححي نَا إَ َىل إَبحر َاهيس وإَ حمسَاعَيل وإَ‬ ‫يسى‬ ‫ع‬ ‫ح‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ​َ‬ ‫ح َ َحَ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬

‫اه حس‬ ‫س َوَه ُارو َن َو ُسلَحي َما َن َوآتَحي نَا َد ُاو َ‬ ‫صنَ ُ‬ ‫صح‬ ‫ورا ۝ َوُر ُس اَل َ حد َ َ‬ ‫َوأَيُّ َ‬ ‫ود َزبُ ا‬ ‫وب َويُونُ َ‬ ‫َ‬ ‫علَي َ َ‬ ‫يما ۝ ُر ُس اَل‬ ‫ك َوَكله َس ه‬ ‫ص ُه حس َعلَحي َ‬ ‫صح‬ ‫َح‬ ‫ك م حن َ حب ُل َوُر ُس اَل َملح نَ حق ُ‬ ‫اّلِلُ ُمو َسى تَ حكل ا‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ين لَئَ هَل يَ ُكو َن لَلن َ‬ ‫اّلِلُ َع َز ايزا‬ ‫الر ُس َل َوَكا َن ه‬ ‫هاس َعلَى ه‬ ‫اّلِلَ ُح هجة﴾ بَ حع َد ُّ‬ ‫ين َوُمحنذر َ‬ ‫ُمبَش َر َ‬ ‫َ‬ ‫يما [النساء‪ ]165-163 :‬وَد ذكر هللا عز وجل املقامات اليت يوحْي هبا إىل‬ ‫َحك ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اّلِل إَهال و ححيا أَو َمن ور َاء َحج ٍ‬ ‫اب‬ ‫﴿وَما َكا َن لبَ َش ٍر أَ حن يُ َكل َمهُ هُ َ ا ح ح َ َ َ‬ ‫عباده فقال سبحانه ‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَو ي رَسل رس اوال فَي َ‬ ‫ك‬ ‫ك أ حَو َححي نَا إَلَحي َ‬ ‫وح َْي إبَ​َ حذنَ​َه َما يَ َشاءُ إَنههُ َعل ٌّْي َح َك ﴾يس ۝ َوَك َذل َ‬ ‫ح ُح َ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ر َ‬ ‫َ‬ ‫ورا َهنح َدي بَ​َه‬ ‫وحا م حن أ حَم َرَان َما ُكحن َ‬ ‫ت تَ حد َري َما الحكتَ ُ‬ ‫ُ ا‬ ‫اب َوَال حاإلميَا ُن َولَك حن َج َع حلنَاهُ نُ ا‬ ‫اط هَ َ‬ ‫اط مستَ َقي ٍس ۝ َصر َ‬ ‫ك لَتَ ه َدي إَ َىل َصر ٍ‬ ‫من نَ َشاء َمن َعب َاد َان وإَ‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫اّلِل الهذي لَهُ‬ ‫ُ‬ ‫َح ُ ح َ َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ما َِف ال هسماو َ‬ ‫ض أَ​َال إَ َىل هَ َ‬ ‫ات َوَما َِف حاْل حَر َ‬ ‫ور [الشورى‪.]53-51 :‬‬ ‫َ‬ ‫اّلِل تَصريُ حاْل ُ​ُم ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫مقامات الوحْي إىل جناب هللا عز وجل وهو أنه تبارك وتع اىل‬ ‫ابن كْثري هذه‬ ‫ُ‬ ‫َال ُ‬ ‫ت اراة َ‬ ‫النب (ﷺ) شيئا ال يتم ارى أن ه من هللا عز وجل أو َم حن ور َاء‬ ‫ف ِف َرحوَع َ‬ ‫يقذ ُ‬ ‫حج ٍ‬ ‫اب كم ا كلس موسى عليه الصَلة والسَلم ‪ -‬أو يرس ل رسوالا كم ا ينزل جربيل‬ ‫عليه الصَلة والسَلم وغريُه من املَلئكة على اْلنبياء عليهس الصَلة والسَلم‬ ‫والذي يهمنا ِف هذا املبحث املقام الْثالث وهو الوحْي بواسطة امللَ َ‬ ‫ك(‪.)1‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪ )162‬تفسري ابن كْثري (‪.)122/4‬‬

‫‪116‬‬


‫يل عليه السَلم هو الذي‬ ‫فقد أثبتت اآلَيت القرآنية واْلح اديث النبوية أن جرب َ‬

‫ين َزُل َبلوحْي من هللا تعاىل على اْلنبياء والرسل فكان الوساط ةَ بني هللا تعاىل‬ ‫َ‬ ‫ورسله(‪.)1‬‬ ‫األدلة من الكتاب العزيز‪:‬‬ ‫الروح حاْل َ‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬نَزَل بَ​َ‬ ‫ني ۝ َعلَى َ حلبَ‬ ‫ك لَتَ ُكو َن َمن الحمحن َذ َ‬ ‫ين‬ ‫ر‬ ‫َم‬ ‫ه‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬

‫[الشعراء‪]194-193 :‬‬

‫اّلِلَ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫ك إبَ​َ حذ َن ه‬ ‫يل فَ​َإنههُ نَهزلَهُ َعلَى َ حلبَ َ‬ ‫وَال تعاىل‪ َُ﴿ :‬حل َم حن َكا َن َع ُد اوا جل حرب َ‬ ‫م َ َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫ني [البقرة‪]97 :‬‬ ‫ني يَ َديحه َوُه ادى َوبُ حشَرى ل حل ُم حؤمن َ‬ ‫صدَاا ل َما بَح َ‬ ‫َُ‬ ‫وَال تعاىل‪َُ﴿ :‬ل نَهزلَه روح الح ُق ُد َس َمن ربَك َ​َب حْل َق لَي ْث بَ ه َ‬ ‫ين َآمنُوا‬ ‫ح َ َ َ َُ َ‬ ‫ح ُ​ُ ُ‬ ‫ت ال ذ َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫ني [النحل‪]102 :‬‬ ‫َوُه ادى َوبُ حشَرى ل حل ُم حسلم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وحى ۝ َعله َمهُ‬ ‫﴿وَما يَحنط ُق َع َن ا حهلَ​َوى ۝ إ حن ُه َو إهال َو حح ﴾ْي يُ َ‬ ‫وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫استَ َوى ۝ َوُه َو َ​َبحْلُفُ َق حاْل حَعلَى ۝ مثُه َد َان فَتَ َد هىل‬ ‫َش َد ُ‬ ‫يد الح ُق َوى ۝ ذُو مهرةٍ فَ ح‬ ‫اب َ و َس ح َ‬ ‫ني أ حَو أ حَد َ​َّن ۝ فَأ حَو َحى إَ َىل َعحب َدهَ َما أ حَو َحى [النجم‪.]10-3 :‬‬ ‫۝ فَ َكا َن َ َ ح‬ ‫وأخرج الشيخان عن ابن عباس رضْي هللا عنهما أنه َال كان رسول‬ ‫نزل جربيل عليه َبلوحْي َ‬ ‫َيرُك لسانه وشفتيه فيشتد عليه فكان ذلك‬ ‫هللا(ﷺ) إذا َ‬ ‫ُ‬ ‫﴿ال ُحت َرحك بَ​َه لَسانَ َ‬ ‫َ‬ ‫يُ حعَر ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ف منه أنزل هللا تعاىل‪َ َ :‬‬ ‫ك لتَ حع َج َل بَه ۝ إَ هن َعلَحي نَا َمجح َعهُ‬ ‫َوَُ حرآنَهُ ۝ فَ​َإ َذا َ َرأح َانهُ فَاتهبَ حع َُ حرآنَهُ ۝ مثُه إَ هن َعلَحي نَا بَيَانَهُ [القيامة‪.]19-16 :‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫الواسطة بني هللا وخلقه ص (‪.)112‬‬

‫‪117‬‬


‫ذهب َرأه كما وعده هللا(‪.)1‬‬ ‫فكان إذا أَته جربيل أطرق‪ ،‬فإذا َ‬ ‫وَال تعاىل‪﴿ :‬إَنهه لَ​َقو ُل رس ٍ‬ ‫ول َك َرٍمي ۝ َذي َُ هوةٍ َعحن َد َذي الح َعر َش َم َك ٍ‬ ‫ني‬ ‫ُ ح َُ‬ ‫ح‬ ‫ني ۝ وما َ‬ ‫احب ُكس َّبَجنُ ٍ‬ ‫ون ۝ ولَ​َق حد رآهُ َ​َب حْلُفُ َق الحمبَ َ‬ ‫۝ ُمطَ ٍاع مثَه أ َ​َم ٍ‬ ‫ني‬ ‫ص ُ ح ح‬ ‫َ​َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫[التكوير‪.]23-19 :‬‬

‫وقد كان نزول جربيل عليه السالم على النيب (ﷺ) على أشكال‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬فمن تلك اْلشكال أنه كان أيتيه على صورة غري مرئية ويقع كَلمهُ على‬

‫َ‬ ‫يل عليه السَلم واْلالةُ‬ ‫َلب النب (ﷺ) فيعْي ما يقول وال يرى الصحابةُ جرب َ‬ ‫عَلمات ُّ‬ ‫النب (ﷺ) يُ حو َحى إليه ومن هذه‬ ‫هذه ولكن تيهر هلس‬ ‫﴾‬ ‫تدل على أ هن ه‬ ‫العَلمات‪:‬‬

‫خروج العرق من جسمه الشريف (ﷺ) ِف اليوم البارد ففْي «الصحيحني» عن‬ ‫رسول هللاَ (ﷺ) ِف الغداةَ الباردةَ‬ ‫نزل على َ‬ ‫عائشة رضْي هللا عنها َالت إ حن كا َن ليُ ُ‬ ‫تفيض جبهتهُ عرَا(‪.)2‬‬ ‫مث ُ‬ ‫َ‬ ‫الصامت رضْي‬ ‫تغري وجهه الشريف ففْي «صحيح مسلس» عن عُباد َة بن‬ ‫(‪)4‬‬ ‫ب(‪ )3‬لذلك وتربهد‬ ‫نب هللاَ (ﷺ) إذا أُن َزل عليه‬ ‫هللا عنه َال «كان ُّ‬ ‫الوحْي َك ُر َ‬ ‫ُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫البخاري (‪.)29/1‬‬

‫(‪)2‬‬

‫شرح النووي على صحيح مسلس (‪.)86/15‬‬

‫(‪)3‬‬

‫كرب‪ :‬أصابه الكرب من شدة الوحْي‪.‬‬

‫(‪)4‬‬

‫تربد وجهه‪ :‬تغري إىل الغربة‪.‬‬

‫‪118‬‬


‫وجهه»(‪.)1‬‬ ‫ُ‬

‫ثقل جسمه الشريف (ﷺ) فعن أمساء بنت يزيد رضْي هللا عنها َالت‪َ :‬إين‬

‫لت عليه املائدةُ ُكلُّها فكادت‬ ‫الخذة﴾ بزمام العضباء انَة رسول هللا (ﷺ) إذا أُنز ح‬ ‫عضد َ‬ ‫َم حن ثقلَها ُّ‬ ‫الناَة(‪.)2‬‬ ‫تدق َ‬ ‫وروى البخاري ِف «صحيحه» عن زيد بن اثبت رضْي هللا عنه أنه َال‬ ‫«أُنزل على َ َ‬ ‫َ‬ ‫علْي حّت َخ حفت أن‬ ‫رسول هللا (ﷺ) وفخ ُذه على فخذي ف ح‬ ‫ْثقلت ه‬ ‫ض(‪ )3‬فخذي(‪.)4‬‬ ‫تر ه‬

‫ب ‪ -‬وقد يراه على صورته اليت ُخلِق عليها‪:‬‬ ‫يل على صورته اليت ُخلَ َق عليها مرتني فقد‬ ‫وَد ثبت أنه (ﷺ) رأى جرب َ‬

‫يل‬ ‫مسلس بسنده عن عائشةَ رضْي هللا عنها َالت إن ه‬ ‫روى ﴾‬ ‫النب (ﷺ) مل َير جرب َ‬ ‫ِف صورته اليت ُخلَ َق عليها إال مرتني مراة عند َس حدرةَ املنتهى ومراة ِف جياد(‪ ،)5‬له‬ ‫اْلفق(‪.)6‬‬ ‫ستمئة جناح َد س هد َ‬

‫(‪)1‬‬

‫شرح النووي على صحيح مسلس (‪.)88/15‬‬

‫(‪)2‬‬

‫فتح الباري (‪.)21/1‬‬

‫(‪)3‬‬

‫الرض‪ :‬الكسر‪ ،‬خمتار الصحاح ص (‪.)245‬‬ ‫ُّ‬

‫(‪)4‬‬

‫البخاري رَس (‪.)12‬‬

‫(‪)5‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫َ‬ ‫ب ّبكة‪.‬‬ ‫جياد‪ :‬يقال له أجياد ش حع ﴾‬ ‫فتح الباري (‪.)3/1‬‬

‫‪119‬‬


‫جـ ‪ -‬وقد يتمثل جربيل للنيب (ﷺ) يف صورة ٍ‬ ‫رجل فيكلّمه ابلوحي ومن‬ ‫ذلك‪:‬‬ ‫ُتْثل جربيل عليه السَلم بصورة الصحاّب َد ححيةَ ب َن خليفةَ الكلب رضْي هللا‬

‫عمر رضْي هللا عنهما َال‬ ‫عنه وكان معروفا جبماله فقد روى اإلمام أْحد عن اب َن َ‬

‫النب (ﷺ) ِف صورة دحية(‪.)1‬‬ ‫يل عليه السَلم أييت ه‬ ‫كان جرب ُ‬ ‫ٍ‬ ‫وَد أيتيه على صورة ٍ‬ ‫معروف ومن ذلك ما ثبت ِف «صحيح‬ ‫رجل غري‬ ‫جلوس عند‬ ‫مسلس» من حديث عمر بن اْلطاب رضْي هللا عنه َال بينما حنن‬ ‫﴾‬ ‫بياض ال َ‬ ‫شديد َ‬ ‫شديد سو َاد الشع َر‬ ‫ْثياب ُ‬ ‫رجل ُ‬ ‫النب (ﷺ) َ‬ ‫ذات يوم إذ َ‬ ‫طلع علينا ﴾‬ ‫فأسند‬ ‫جلس إىل النب (ﷺ)‬ ‫َ‬ ‫ال يُرى عليه ُ‬ ‫أثر السفر وال يعرفه منا أح ﴾د حّت َ‬

‫عمر اْلديث إىل أن َال ِف‬ ‫ركبتيه إىل ركبتيه‬ ‫َ‬ ‫ووضع كفيه على فخذيه وساق ُ‬ ‫السائل؟» َلت‪ :‬هللا‬ ‫أتدري َم َن‬ ‫عمر‬ ‫اخره مث انطلق فلب ُ‬ ‫َ‬ ‫ْثت مليه ا مث َال ِل «َي ُ‬ ‫ُ‬ ‫يل أَتكس يعلمكس دينكس» (‪.)2‬‬ ‫ورسوله أعلس َال «فإن جرب ُ‬

‫(‪)3‬‬ ‫ْثل‬ ‫م‬ ‫أيتيين‬ ‫ان‬ ‫أحيا‬ ‫«‬ ‫له‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ِف‬ ‫‪،‬‬ ‫النب (ﷺ) بني الشكلني «أ ج»‬ ‫ا‬ ‫وَد مجع ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صلصلة(‪ )4‬ا َ‬ ‫فيفصس(‪ )5‬عين وَد‬ ‫علْي‬ ‫وعيت ما َال وأحياانا‬ ‫جلرس وهو أشدُّه ه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫(‪)1‬‬

‫مسند أْحد (‪ )132/8‬صححه حمقق املسند‪.‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسلس (‪)8‬‬

‫(‪)3‬‬

‫ومها جمْيء جربيل ِف صورة غري مرئية‪ ،‬ومعينة ِف صورة رجل‪.‬‬

‫(‪)4‬‬

‫الصلصلة‪ :‬الصوت‪.‬‬

‫(‪)5‬‬

‫‪120‬‬


‫امللك رجَلا فيكلَمين فأعْي ما يقول»(‪.)1‬‬ ‫يتمْث ُل ِل ُ‬

‫بعض املالئكة املقربني‬ ‫وأخربان القرآن الكرمي أن هللا سبحانه وتعاىل أرسل َ‬

‫واسطةً منه تعاىل إىل أشخاص من البشر ليسوا أبنبياء تشريفاً هلم وتكرمياً و َّ‬ ‫أن‬ ‫أولئك املالئكة عليهم السالم جاءت وساطتهم ابلبشارة والنذارة واإلبتالء‬ ‫نبني تلك الوساطات يف النقاط اآلتية‪:‬‬ ‫هلؤالء األشخاص ونري ُد أن ّ‬

‫أ ‪ -‬سارة زوجة إبراهيم عليهما السالم‪:‬‬

‫ملا ذكر هللا تعاىل َصةَ مَلئكته الذين أرسلهس إىل إبراهيس عليه السَلم‬ ‫ذكر ِف أثنائها أهنس خاطبوا زوجه سارة وبشروها بولدها إسحاق ومن وراء إسحاق‬ ‫يعقوب عليهما السَلم وذلك ِف ايتني من كتاب هللا العزيز َال تعاىل‪﴿ :‬فَلَ هما‬ ‫صل إَلَي َه نَ َ‬ ‫رأَى أَي َدي هس َال تَ َ‬ ‫ف إَ هان أ حُرَس حلنَا إَ َىل‬ ‫ج‬ ‫َو‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫س‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫س َمحن ُه حس َخي َفةا َالُوا َال َختَ ح‬ ‫ُ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ ح َُ ح‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وط ۝ وامرأَتُه َائَمة﴾ فَ َ‬ ‫َ وَم لُ ٍ‬ ‫اق‬ ‫اق َوَم حن َوَر َاء إَ حس َح َ‬ ‫ت فَبَشحهرَان َها إبَ​َ حس َح َ‬ ‫َ حَ ُ َ َ‬ ‫ضح َك ح‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫وز َوَه َذا بَ حعلَْي َشحي اخا إَ هن َه َذا لَ َش حْي ﴾ء‬ ‫ت َ​َي َويحلَ َّت أَأَل ُد َوأ َ​َان َع ُج ﴾‬ ‫وب ۝ َالَ ح‬ ‫يَ حع ُق َ‬ ‫اّلِلَ ر حْحت هَ‬ ‫ع َجيب ۝ َالُوا أَتَعجبَ َ‬ ‫َ‬ ‫حَ َ‬ ‫ني م حن أ حَم َر ه َ َ ُ‬ ‫اّلِل َوبَ​َرَكاتُهُ َعلَحي ُك حس أ حَه َل الحبَ حيت إَنههُ‬ ‫َ ﴾‬ ‫َ َ‬ ‫ف‬ ‫س َمحن ُه حس َخي َفةا َالُوا َال َختَ ح‬ ‫َْحي ﴾د َجمي ﴾د [هود‪ .]73-70 :‬وَال تعاىل‪﴿ :‬فَأ حَو َج َ‬ ‫ٍ َ‬ ‫َ‬ ‫وز‬ ‫ت َع ُج ﴾‬ ‫ت َو حج َه َها َوَالَ ح‬ ‫ص هك ح‬ ‫صهرةٍ فَ َ‬ ‫َوبَشُهروهُ بَغُ َ​َلم َعلي ٍس ۝ فَأَ​َح بَ لَت حامَرأَتُهُ َِف َ‬ ‫َ‬ ‫ال ربُّ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫اْلَ َك ُيس الح َعلَ ُيس [الذاريات‪.]30-28 :‬‬ ‫ك إَنههُ ُه َو ح‬ ‫َعق ﴾يس ۝ َالُوا َك َذلك َ َ َ‬ ‫فتبني من هاتني اآليتني أن هللا تعاىل أوحى إىل سارة بو َ‬ ‫اسطة هؤالء املَلئكة‬ ‫َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫فتح الباري (‪.)18/1‬‬

‫‪121‬‬


‫َ‬ ‫إسحاق‬ ‫وشيخوخة بعلها وأن‬ ‫رغس ك َرب سنها‬ ‫َ‬ ‫الذين بشروها ِبهنا ُ‬ ‫ستلد إسحاق َ‬

‫سيولد له ول ﴾د يسمى يعقوب(‪.)1‬‬

‫ب ‪ -‬مرمي ابنة عمران عليها السالم‪:‬‬ ‫بن مرمي عليه السَلم‬ ‫اَتضت حكمةُ هللا سبحانه وتعاىل أن يولد عيسى ُ‬

‫من ٍأم دو َن ٍ‬ ‫مشاهدا على عيس َدرة هللا عز وجل وملا‬ ‫أب ليكون ذلك دليَلا َ‬ ‫كانت مرميُ عليها السَلم هْي اْلم اليت َدر هللا والدُتا هلذا النب الوجيه أرسل‬ ‫إليها املَلئكةَ مرارا وَد بينت آَيت القرآن الكرمي ذلك ِف َعدة مواضع فمن تلك‬

‫اآلَيت َوله تعاىل‪﴿ :‬وإَ حذ َالَ َ‬ ‫ت الح َم َ​َلئَ َكةُ َ​َي َمحرَميُ إَ هن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ني ۝ َي مرَميُ اَح نَُيت لَربَ َ‬ ‫ك‬ ‫اصطَ​َفاك َعلَى ن َساء الح َعالَم َ‬ ‫َو ح‬ ‫َ َح‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ني [آل عمران‪.]43-42 :‬‬ ‫الهراكع َ‬ ‫وَوله تعاىل‪﴿ :‬إَ حذ َالَ َ‬ ‫ت الح َم َ​َلئَ َكةُ َ​َي َمحرَميُ إَ هن ه‬ ‫اّلِلَ يُبَ َشُرَك بَ َكلَ َم ٍة َمحنهُ ح‬ ‫امسُهُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫الحم َس َ‬ ‫هاس‬ ‫يسى ابح ُن َمحرَميَ َوج ايها َِف الدُّنحيَا َو حاآلخَرةَ َوم َن الح ُم َقهربَ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ني ۝ َويُ َكل ُس الن َ‬ ‫يح ع َ‬ ‫صاْلَ​َ‬ ‫َِف الحمه َد وَكه اَل وَ‬ ‫ت رَ‬ ‫َ​َّن يَ ُكو ُن َِل َولَ ﴾د َوَملح ميَح َس حس َين‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫۝‬ ‫ني‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ب أه‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َح َ ح َ َ‬ ‫ال َك َذلَ َ‬ ‫ول لَهُ ُك حن فَيَ ُكو ُن‬ ‫ضى أ حَمارا فَ​َإهّمَا يَ ُق ُ‬ ‫بَ َش﴾ر َ َ‬ ‫ك ه‬ ‫اّلِلُ َخيحلُ ُق َما يَ َشاءُ إَ َذا َ َ‬ ‫اّلِل اصطَ​َف َ‬ ‫اك َوطَهَرَك‬ ‫هَ ح‬ ‫اس ُج َدي َو حارَكعَْي َم َع‬ ‫َو ح‬

‫[آل عمران‪.]47-45 :‬‬

‫َ‬ ‫ت إَ​َين‬ ‫هل َهلَا بَ َشارا َس َواَي ۝ َالَ ح‬ ‫وَوله تعاىل‪﴿ :‬فَأ حَر َس حلنَا إلَحي َها ُر َ‬ ‫وحنَا فَتَ َمْث َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫الواسطة بني هللا وخلقه ص (‪.)127‬‬

‫‪122‬‬


‫أَعوذُ َ​َبلهر حْح َن َمحنك إَ حن ُكحنت تَ​َ‬ ‫ك َْلَهب لَ َ‬ ‫ول ربَ َ‬ ‫ال إَه‬ ‫ك غُ َ​َل اما‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫َان‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ّم‬ ‫۝‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال َك َذلَ َ‬ ‫ك‬ ‫ت أه‬ ‫َ​َّن يَ ُكو ُن َِل غُ َ​َل ﴾م َوَملح ميَح َس حس َين بَ َش﴾ر َوَملح أ َُك بَغَياا ۝ َ َ‬ ‫َزكياا ۝ َالَ ح‬ ‫ك هو علَْي هَني ولَنجعلَه آيةا لَ‬ ‫هاس ور حْحةا َمنها وَكا َن أَمرا م حق َ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫َ‬ ‫ضياا‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫ا َ‬ ‫ال َربُّ ُ َ َ ه َ ﴾ َ َ ح َ ُ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫[مريم‪.]21-17 :‬‬

‫فْثبت من هذه اآلَيت أن املَلئكة أوحت إىل مرمي ثَلث مر ٍ‬ ‫ات واسطة‬

‫بينها وبني هللا تعاىل وِف بعض هذه املرات كانت الواسطةُ مجع ا من املَلئكة‬ ‫يل عليه‬ ‫بصيغة العموم وِف املرة الْثالْثة ‪ِ -‬ف سورة مرمي ‪ -‬كان الواسطةُ هو جرب َ‬ ‫سول من َ‬ ‫َ‬ ‫عند‬ ‫أخربها أنه ر ﴾‬ ‫السَلم حيث ُتْثل ملرميَ على صورة رجل َتم اْللقة و َ‬ ‫ليهب هلا غَلما زكيا(‪.)1‬‬ ‫هللا تعاىل َ‬

‫وال يفهس من وحْي هللا إىل ٍ‬ ‫كل من سارة ومرمي بواسطة املَلئكة أنه توجد نبية﴾ من‬ ‫النساء ْل هن النبوة ال تْثبت ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫دليل على نبوة‬ ‫يوجد‬ ‫وال‬ ‫بدليل‬ ‫إال‬ ‫البشر‬ ‫من‬ ‫ْلحد‬ ‫ُ‬ ‫﴾‬ ‫واحدة من النساء بل القرآن الكرمي َصر الرسالةَ على الرجال دون النساء‪َ .‬ال‬ ‫تعاىل‪﴿ :‬وما أَرس حلنا َمن َ بلَ‬ ‫ك إَهال َرج ااال نُ َ‬ ‫وحْي إَلَحي َ‬ ‫هس [يوسف‪[ ،]109 :‬النحل‪، ]43 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ​َ ح َ َ ح ح‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َول مجهوَر أهل العلس وهو الراجح(‪.)2‬‬ ‫[األنبياء‪ ]7 :‬وهذا ُ‬ ‫ج ‪ -‬امللك الذي أرسله هللا إىل الرجل الذي زار أخاه يف هللا‪:‬‬

‫(‪)1‬‬

‫الواسطة بني هللا وخلقه ص (‪.)128‬‬

‫(‪)2‬‬

‫شرح النووي لصحيح مسلس (‪.)198/15‬‬

‫‪123‬‬


‫النب (ﷺ)‪:‬‬ ‫روى مسلس ِف «صحيحه» عن أّب هريرة رضْي هللا عنه عن َ‬ ‫فأرصد هللا على مدرجتَ َه(‪ )1‬ملكا فلما أتى‬ ‫«أن رجَلا زار أخا له ِف َر ٍية أخرى‬ ‫َ‬ ‫لك عليه من ٍ‬ ‫نعمة‬ ‫يد؟ َال أر ُ‬ ‫عليه َال أين تر ُ‬ ‫يد أخا ِل ِف هذه القرية َال هل َ‬ ‫فإين ُ َ‬ ‫تُرُّهبا(‪َ ،)2‬ال‪ :‬ال غري َأين أحببتُه ِف هللاَ عز وجل‪َ ،‬ال‪َ :‬‬ ‫إليك ِب هن‬ ‫رسول هللا َ‬ ‫َ‬ ‫هللا َد أحبهك كما أحببتَه»(‪.)3‬‬ ‫أرسل ملك ا من مَلئكته واسطةا بينه وبني‬ ‫فْثبت هبذا اْلديث أن هللا تعاىل َد َ‬ ‫هذا الرجل الصاحل ليعلمه فضل اْلُ َ‬ ‫ب ِف هللا تعاىل ومنزلةَ املتحابني فيه‪.‬‬ ‫َ‬

‫د ‪ -‬امللك الذي بعثه هللا إىل األبرص واألقرع واألعمى يف بين إسرائيل‬ ‫البتالهم‪:‬‬ ‫اْلديث على أن هللا تعاىل َد‬ ‫وَد مر اْلديث معنا مفصَلا فقد دل هذا‬ ‫ُ‬ ‫بعث ملك ا من مَلئكته واسطةا بينه وبني هؤالء الْثَلثة نفر من بين إسرائيل‬ ‫البتَلئهس وامتحاهنس وأنه أَتهس على صورة ٍ‬ ‫رجل من البشر(‪.)4‬‬

‫‪ - 6‬تثبيت املؤمنني وقتاهلم معهم‪:‬‬

‫كما حصل ِف ٍ‬ ‫عدد من الغزوات فقد شاركوا ِف َ‬ ‫َتال املشركني ِف بدر‬

‫واْلحزاب وَُريية وغريها وَد سجل القرآن الكرمي بعض تلك املشاركات ليبني‬ ‫(‪)1‬‬

‫املدرجة‪ :‬الطريق‪.‬‬

‫(‪)2‬‬

‫ترهبا‪ :‬تقوم إبصَلحها وتنهض إليه بسبب ذلك‪.‬‬

‫(‪)3‬‬

‫شرح النووي لصحيح مسلس (‪.)124/16‬‬

‫(‪)4‬‬

‫الواسطة بني هللا وخلقه ص (‪.)130‬‬

‫‪124‬‬


‫عييس نعمته على عباده املؤمنني من نصرُتس وَتييده سبحانه وتعاىل هلس‬ ‫هلس َ‬

‫(‪)1‬‬

‫أ ‪ -‬يف غزوة بدر‬

‫ثبت ِف نصوص القرآن الكرمي والسنة النبوية املطهرة ومروَيت ٍ‬ ‫عدد من‬

‫الصحابة البدريني أن هللا تعاىل ألقى ِف َ‬ ‫الرعب َال تعاىل‪:‬‬ ‫َلوب الذين كفروا ُّ‬ ‫﴿إَ حذ ي َ‬ ‫ك إَ َىل الحم َ​َلئَ َك َة أَ​َين مع ُكس فَْثَبَتُوا اله َذين آمنُوا سأُلح َقْي َِف َُلُ َ‬ ‫وب‬ ‫وحْي َربُّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ​َ ح‬ ‫َ‬ ‫اله َ‬ ‫اض َربوا فَو َق حاْل حَعنَ َ‬ ‫اض َربوا َمحن هس ُك هل ب نَ ٍ‬ ‫ان [األنفال‪.]12 :‬‬ ‫و‬ ‫اق‬ ‫ف‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫الر‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ين‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫ُ‬ ‫ح َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ ح‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫اّلِلَ لَ َعله ُك حس تَ حش ُكُرو َن‬ ‫اّلِلُ بَبَ حد ٍر َوأَنحتُ حس أ َ​َذلهة﴾ فَاته ُقوا ه‬ ‫صَرُك ُس ه‬ ‫﴿ولَ​َق حد نَ َ‬ ‫وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫ول لَحلمؤَمنَني أَلَن ي حك َفي ُكس أَ حن ُميَ هد ُكس ربُّ ُكس بَْث َ​َلثَ​َة َآال ٍ‬ ‫َ‬ ‫ف َم َن الح َم َ​َلئَ َك َة‬ ‫حَ ح َ‬ ‫۝ إ حذ تَ ُق ُ ُ ح َ ح َ َ ح‬ ‫َ‬ ‫صَربُوا َوتَته ُقوا َو َأيحتُوُك حس َم حن فَ حوَرَه حس َه َذا ميُح َد حد ُك حس َربُّ ُك حس َخبَ حم َس َة‬ ‫ُمحن َزل َ‬ ‫ني ۝ بَلَى إَ حن تَ ح‬ ‫َ َ َ‬ ‫ٍ َ‬ ‫اّلِلُ إَهال بُ حشَرى لَ ُك حس َولَتَطح َمئَ هن َُلُوبُ ُك حس‬ ‫ني ۝ َوَما َج َعلَهُ ه‬ ‫َآالف م َن الح َم َ​َلئ َكة ُم َس َوم َ‬ ‫َ‬ ‫اْلَكَي َس [آل عمران‪.]126-123 :‬‬ ‫اّلِلَ الح َع َزي َز ح‬ ‫هصُر إَهال َم حن َعحن َد ه‬ ‫بَه َوَما الن ح‬ ‫وَد أشارت اْلحاديث الصحيحة إىل مشاركة املَلئكة ِف معركة بدر‬ ‫وَيامهس بضرب املشركني وَتلهس(‪ ،)2‬فعن ابن عباس رضْي هللا عنهما َال بينما‬ ‫رجل من املسلمني يومئذ يشتد ِف أثر رجل من املشركني أمامه إذ مسع ضربة‬ ‫َبلسوط فوَه وصوت الفارس يقول أَدم حيزوم(‪ ،)3‬فنير إىل املشرك أمامه فخر‬ ‫مستلقيا فنير إليه فإذا هو ُخ َطس أن ُفه وشق وجهه كضربة ال هسوط فاخضر ذلك‬ ‫(‪)1‬‬

‫العقيدة اإلسَلمية‪ ،‬د‪ .‬أْحد جلْي ص (‪.)174‬‬

‫(‪)2‬‬

‫السرية النبوية للمؤلف (‪.)711/1‬‬

‫(‪)3‬‬

‫املصدر نفسه (‪ )712/1‬حيزوم‪ :‬اسس الفرس الذي يركبه امللك‪.‬‬

‫‪125‬‬


‫أمجع فج اء اْلنصاري فحدهث بذلك رسول هللا (ﷺ) فق ال صدَت ذلك من‬ ‫مدد السم اء الْثالْثة(‪ ،)1‬ومن حديث عبد هللا بن عباس رضْي هللا عنهما أيضا َال‬ ‫إن النب (ﷺ) َال يوم بدر هذا جربيل اخذ برأس فرسه عليه أداة اْلرب(‪،)2‬‬ ‫ومن حديث علْي بن أّب طالب رضْي هللا عنه َال فجاء رجل من اْلنصار َصري‬ ‫َبلعباس بن عبد املطلب أسريا فقال العباس َي رسول هللا إن هذا وهللا ما أسرين‬ ‫لح(‪ ،)3‬من أحسن الناس وجه ا على فرس أبلق(‪ ،)4‬وما أراه‬ ‫لقد أسرين رجل ح‬ ‫أج ُ‬

‫ِف القوم فقال اْلنصاري أان أسرته َي رسول هللا‪ ،‬فقال‪ :‬اسكت فقد أيدك هللا‬

‫ّبلك كرمي(‪ ،)5‬ومن حديث أّب داود املازين َال إين ْلتبع رجَلا من املشركني‬ ‫ْلضرب ه إذ وَع رأسه َبل أن يصل إليه سيفْي فعرفت أنه َتله غريي(‪.)6‬‬ ‫البخاري َبب َ‬ ‫حديث ُرفاعة‬ ‫شهود املَلئكة بدرا وساق بسنده‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫وَد بو َ‬ ‫أهل ب د ٍر فيكس؟ َ ال‬ ‫يل إىل َ‬ ‫النب (ﷺ) فق ال م ا تعدون َ‬ ‫بن رافع َ ال جاء جرب ُ‬ ‫شهد بدرا من‬ ‫« َم حن أفض َل املسلمني أو كلم ة حنوها» َال «وكذلك من َ‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة»(‪.)7‬‬ ‫اثبت ال شك فيه وإن‬ ‫َطعْي ﴾‬ ‫أمر ٌّ‬ ‫إن إمداد هللا تعاىل للمؤمنني َبملَلئكة ﴾‬ ‫(‪)1‬‬

‫السرية النبوية للمؤلف (‪.)712/1‬‬

‫(‪)2‬‬

‫البخاري رَس (‪.)3995‬‬

‫(‪)3‬‬

‫أجلح‪ :‬الذي أحنسر شعره من جانبيه‪.‬‬

‫(‪)4‬‬

‫اْلبلق‪ :‬الذي ارتفع التحجيل إىل فخذيه‪.‬‬

‫(‪)5‬‬

‫مسند أْحد (‪.)117/1‬‬

‫(‪)6‬‬

‫مسند أْحد (‪ )450/5‬سرية ابن هشام (‪.)286/2‬‬

‫(‪)7‬‬

‫فتح الباري (‪.)312 311/7‬‬

‫‪126‬‬


‫َ‬ ‫حتصيل ما يكون سبب ا النتصار املسلمني وهذا ما حصل‬ ‫اإلمداد‬ ‫اْلكمة من هذا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة فقد َاموا َ‬ ‫بكل ما ميكن أن يكون سببا لنصر املسلمني من تبشريهس‬ ‫بنزول‬ ‫َبلنصر ومن تْثبيتهس ّبا ألقوه ِف َلوهبس من بواعث اْلمل ِف نصرهس والنشاط ِف‬ ‫بعضهس من‬ ‫َتاهلس وّبا أظهروه هلس من أهنس معانون من هللا تعاىل وأيضا ّبا َام به ُ‬ ‫شك أ هن هذا االشرت َاك الفعلْي ِف القتال َوى‬ ‫االشرتاك الفعلْي ِف القتال وال ه‬

‫ت عليه اآلَيت وصرحت به اْلحاديث‬ ‫َلوهبس وثبهتهس ِف القتال وهذا ما دل ح‬ ‫النبوية(‪.)1‬‬ ‫وَد يسأل سائل ما اْلكمةُ ِف َ‬ ‫إمداد املسلمني َبملَلئكة مع أ هن واحدا من‬ ‫َادر بتوفيق هللا على إَبدة الكفار وَد أجاب‬ ‫املَلئكة كجربيل عليه السَلم ﴾‬ ‫مضت سنةُ هللاَ بتدافع اْلق وأهله‬ ‫الدكتور عبد الكرمي زيدان على ذلك فقال لقد ح‬ ‫مع الباطل وأهله وأ هن الغلبة تكو ُن وفق ا لسنن هللا ِف الغلبة واالنتصار وأ هن هذا‬ ‫التدافع يقع ِف اْلصل بني أهل اجلانبني اْلق والباطل ومن مثر َ‬ ‫التمس َ‬ ‫ك َبْلق‬ ‫ات ُّ‬ ‫َ ُ‬ ‫عون ٍ‬ ‫والقيام ّبتطلباته أن َيصلوا على ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِبشكال وأنو ٍاع متعددة‬ ‫وَتييد من هللا تعاىل‬ ‫ُ‬ ‫التدافع يرَين وفقا لسنن هللا فيهما وِف‬ ‫لكن تبقى املدافعةُ و ُ‬ ‫ِف التأييد والعون و ح‬

‫نتيجة التدافع فاجلهة اْلَوى َ‬ ‫تغلب‬ ‫بكل معاين القوة الَلزمة للغلبة هْي اليت ُ‬ ‫بعض مثرات إميان تلك العصبة اجملاهدة ذلك اإلمداد الذي‬ ‫فاإلمداد َبملَلئكة هو ُ‬ ‫حتقق به ما يستل َزم الغلبة على العدو ولكن َ‬ ‫بقيت الغلبةُ موَوفةا على ما َدمه‬ ‫ُ‬ ‫ح‬ ‫(‪)1‬‬

‫املستفاد من َصص القران د‪ .‬عبد الكرمي زيدان (‪.)132 131/2‬‬

‫‪127‬‬


‫أولئك املؤمنون ِف القتال ومباشرُتس ْلعمال القتال وتعرضهس للقتل وصمودهس‬ ‫وثباُتس ِف اْلرب واستدامة توكلهس على هللا و َ‬ ‫اعتمادهس عليه وثقتهس به وهذه معا ٍن‬ ‫حسب سننه ِف اْلياة أسباَبا للغلبة والنصر مع اْلسباب اْلخرى‬ ‫جعلها هللا‬ ‫َ‬ ‫املادية مْثل العدة والعدد واالستعداد للحرب وتعلس فنوهنا‪ ...‬اخل‪.‬‬ ‫إزهاق الباطل‬ ‫وهلذا فإن‬ ‫اإلسَلم يدعو املسلمني إىل أن يباشروا ِبنفسهس َ‬ ‫َ‬

‫وَتال املبطلني ويهيئوا اْلسباب املادية واإلميانيةَ للغلبة واالنتصار وِبيديهس إن‬ ‫َ‬ ‫شاء هللا تعاىل ينال املبطلون ما يستحقون من العقاب(‪َ ،)1‬ال تعاىل‪َ﴿ :‬اتَ‬ ‫وه حس‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يع َ‬ ‫ف ص ُد ٍ َ َ‬ ‫اّلِل َِبَي َدي ُكس وُخيح َزَهس وي حنصرُكس َعلَي َهس وي حش َ‬ ‫ني ۝‬ ‫س‬ ‫هب‬ ‫ذ‬ ‫ه‬ ‫ح‬ ‫ور َ حوم ُم حؤمن َ‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫ح َ ح َ حح‬ ‫وي حذ َهب َغي َ َ​َ‬ ‫اّلِلُ َعلَ ﴾يس َح َك ﴾يس [التوبة‪.]15-14 :‬‬ ‫اّلِلُ َعلَى َم حن يَ َشاءُ َو ه‬ ‫وب ه‬ ‫َُ ح ح‬ ‫ظ َُلُوهب حس َويَتُ ُ‬ ‫إن نزول املَلئكة عليهس السَلم من السماوات العَُل إىل اْلرض لنصر‬ ‫اسخ للمؤمنني حينما يؤمنون ِبهنس‬ ‫املؤمنني ﴾‬ ‫وثبات ر ﴾‬ ‫حدث عييس إنه َوة عيمى ﴾‬

‫أهل‬ ‫ليسوا َ‬ ‫وحدهس ِف امليدان وأهنس إذا حققوا أسباب النصر واجتنبوا موانعه فإهنس ﴾‬ ‫الشعور يعطيهس جرأةا ِف مقاتلة اْلعداء وإ حن كان ذلك على‬ ‫ملدد السماء وهذا‬ ‫ُ‬ ‫سبيل املغامرَة لَبُ حع َد التكافؤ املادي بني َ‬ ‫جيش الكفار الكبري عددا القوي إعدادا‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫امل َوي ِف‬ ‫وجيش املؤمنني القليل عددا الضعيف إعدادا وهو ِف الوَت نفسه ع ﴾‬ ‫َ‬ ‫وزعزعة يقينهس وذلك حينما يشيع ِف صفوفهس احتمال‬ ‫حتطيس معنوية الكفار‬ ‫بعض الكفار عياانا إهنس مهما َدروا َوة‬ ‫تكرار نزول املَلئكة الذين شاهدهس ُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫املستفاد من َصص القران (‪.)132 131/2‬‬

‫‪128‬‬


‫َ‬ ‫لزل من‬ ‫رعب مز ﴾‬ ‫احتمال مشاركة َوةَ‬ ‫املسلمني وعددهس فإنه سيبقى ِف وجداهنس ﴾‬

‫الشعور‬ ‫غري منيورة ال يعلمون عددها وال يقدرون مدى َوُتا وَد رافق هذا‬ ‫ُ‬ ‫املؤمنني ِف َ‬ ‫كل حروهبس اليت خاضها الصحابة رضْي هللا عنهس ِف العهد النبوي‬ ‫َ‬ ‫وِف عهد اْلَلفة الراشدة كما رافق املؤمنني بعد ذلك فكان عامَلا َوَيا ِف‬ ‫انتصاراُتس املتكررة اْلامسة مع أعدائهس(‪.)1‬‬ ‫أحد‬ ‫ب ‪ -‬يف غزوة ُ‬

‫أيت عن ميني رسول هللا (ﷺ) وعن‬ ‫َال سعد بن أّب وَاص رضْي هللا عنه ر ُ‬ ‫َ‬ ‫يقاتَلن عنه كأشد القتال ما رأيتُهما‬ ‫بياض‬ ‫ثياب ﴾‬ ‫مشاله يوم أُحد رجلني عليهما ﴾‬ ‫بعد يعين جربيل وميكائيل(‪.)2‬‬ ‫َبل وال ُ‬ ‫ُ‬ ‫خاص َبلدفاع عن النب (ﷺ) ْلن هللا تكفل بعصمته من الناس ومل‬ ‫وهذا ُّ‬

‫يص هح أ هن املَلئكةَ َاتلت ِف أُحد سوى هذا القتال وإ حن وعدهس هللا أن ميدهس ْلنه‬ ‫جعل وعده معلقا على ثَلث أمور الصرب التقوى وإتيان اْلعداء من فورهس ومل‬ ‫تتحقق هذه اْلمور فلس َيصل اإلمداد(‪َ .)3‬ال تعاىل‪﴿ :‬إَ حذ تَ ُق ُ َ َ َ‬ ‫ني أَلَ حن‬ ‫ول للح ُم حؤمن َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ٍ َ‬ ‫َ‬ ‫صَربُوا‬ ‫يَ حكفيَ ُك حس أَ حن ُمي هد ُك حس َربُّ ُك حس بَْثَ َ​َلثَة َآالف م َن الح َم َ​َلئ َكة ُمحن َزل َ‬ ‫ني ۝ بَلَى إَ حن تَ ح‬ ‫وتَته ُقوا وأيحتُوُكس َمن فَوَرَهس ه َذا ميُح َد حد ُكس ربُّ ُكس َخبمس َة َآال ٍ‬ ‫ف َم َن الح َم َ​َلئَ َك َة‬ ‫َ​َ ح ح ح ح َ‬ ‫َ‬ ‫ح َ ح َح َ‬ ‫َ‬ ‫ني [آل عمران‪.]125-124 :‬‬ ‫ُم َس َوم َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫التاريخ اإلسَلمْي‪ ،‬للحميدي (‪.)145/4‬‬

‫(‪)2‬‬

‫البخاري رَس (‪.)4045‬‬

‫(‪)3‬‬

‫السرية النبوية‪ ،‬للمؤلف (‪.)149/2‬‬

‫‪129‬‬


‫ج ‪ -‬يف غزوة اخلندق‬ ‫رسول‬ ‫جاء ِف «الصحيحني» من حديث عبد هللا بن أّب أوَّف َال دعا ُ‬ ‫هللاَ(ﷺ) على اْلحزاب فقال «اللهس منزل الكتاب سريع اْلساب َ‬ ‫اب‬ ‫ز‬ ‫اْلح‬ ‫أهزم‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫بشائر‬ ‫فأَبلت‬ ‫(ﷺ)‬ ‫نبيه‬ ‫دعاء‬ ‫سبحانه‬ ‫هللا‬ ‫فاستجاب‬ ‫اللهس أهزمهس وزلزهلس»‬ ‫ح‬ ‫ُ‬ ‫الفرج فقد صرفهس هللا ِبوله وَوته وزلزل أبداهنس وَلوهبس وشتت مجعهس َبْلَلف‬

‫الرعب ِف َلوهبس وأنزل جنودا من‬ ‫يح الباردة الشديدة وألقى‬ ‫أرسل عليهس الر َ‬ ‫َ‬ ‫مث َ‬ ‫هَ‬ ‫اّلِلَ َعلَحي ُك حس إَ حذ َجاءَتح ُك حس‬ ‫ين َآمنُوا اذح ُكُروا نَ حع َمةَ ه‬ ‫عنده سبحانه َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫﴿َي أَيُّ َها الذ َ‬ ‫اّلِل َّبَا تَعملُو َن ب َ‬ ‫ص اريا [األحزاب‪.]9 :‬‬ ‫ُجنُ ﴾‬ ‫ود فَأ حَر َس حلنَا َعلَحي َه حس َرَياا َو ُجنُ ا‬ ‫ودا َملح تَ​َرحوَها َوَكا َن هُ ح َ َ‬

‫النب (ﷺ) واملسلمني كانوا َريب ا‬ ‫يح معجزةا للنب (ﷺ) ْل هن ه‬ ‫فكانت هذه الر ُ‬ ‫ٍ‬ ‫خرب عندهس‬ ‫منها ومل يكن بينهس وبينها إال َعحرض اْلندق وكانوا ِف عافية منها وال َ‬ ‫(‪)2‬‬ ‫اْلوتداد وَطعت أطناب الفساطيط‬ ‫وبعث هللا عليهس املَلئكة فخلعت‬ ‫هبا َ‬ ‫َ‬ ‫أطفأت النريا َن و َ‬ ‫و َ‬ ‫بعضها ِف ٍ‬ ‫بعض وأرسل هللا‬ ‫أكفأت‬ ‫القدور وجالت اْليول ُ‬ ‫َ‬ ‫الرعب وكْثر تكبري املَلئكة ِف جوانب املعسكر حّت كان سي ُد َ‬ ‫كل خباء‬ ‫عليهس‬ ‫َ‬ ‫يقول َي بين فَلن هلس إِل فإذا اجتمعوا َال هلس النجاءَ النجاءَ ملا بعث هللا عليهس‬

‫الرعب(‪.)3‬‬

‫أمر‬ ‫النب (ﷺ) من اْلندق ووضعه‬ ‫وبعد انتصار املسلمني وعودة َ‬ ‫َ‬ ‫السَلح َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫البخاري رَس (‪.)2933‬‬

‫(‪)2‬‬

‫الفساطيط‪ :‬نوع من اْلبنية ِف السفر دون السرادق‪.‬‬

‫(‪)3‬‬

‫تفسري القرطب (‪.)144/14‬‬

‫‪130‬‬


‫اْلبيب (ﷺ) أصحابه َبلتوجه إليهس‬ ‫فأمر‬ ‫ُ‬ ‫هللا تعاىل نبيهه (ﷺ) بقتال بين َريية َ‬

‫ويقذف ِف َلوهبس‬ ‫لزل حصوهنس‬ ‫وَد أعلمهس ِبن هللا تعاىل َد أرسل جربيل ليز َ‬ ‫َ‬

‫العصر إال ِف بين َرييةَ»(‪.)1‬‬ ‫الرعب وأوصاهس ِبن «ال يصل ه‬ ‫ني أح ﴾د َ‬

‫َ‬ ‫ووضع‬ ‫اْلندق‬ ‫النب (ﷺ) من‬ ‫رجع ه‬ ‫َ‬ ‫وعن عائشة رضْي هللا عنها َالت ملا َ‬ ‫السَلح وهللا ما‬ ‫وضعت‬ ‫يل عليه السَلم وَال َد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اغتسل أَته جرب ُ‬ ‫السَلح و َ‬

‫أشار إىل بين َُريية فخر َج‬ ‫وضعناه فاخر حج إليهس َال «فإىل أين؟» َال هاهنا و َ‬ ‫النب (ﷺ)(‪.)2‬‬ ‫ُّ‬

‫وَد سجل القرآن الكرميُ غزويت اْلحزاب وبين َريية والقرآن كعهدان به‬ ‫يسجل اْلالدات اليت تسع الزمان واملكان فاملسلمون معرضون دائما ْلن يغزو‬ ‫ِف عقر دارهس وِف عواصس بلداهنس ومعرضون ْلن يتكالب عليهس اْلعداء مجيعا‬

‫فإذا كان القرآن َد سجل حادثيت اْلحزاب وبين َريية فذلك من مسة التكرار‬ ‫يستفيد املسلمون من الدروس والعرب من اْلوادث‬ ‫على مدى العصور(‪ ،)3‬لكْي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يث‬ ‫ت ِف القرآن الكرمي على وجه اْلصوص والذي يتدبر حد َ‬ ‫السابقة اليت ذُكَر ح‬ ‫القرآن عن غزوة اْلحزاب يراه َد اهتس َ‬ ‫ببيان أموٍر من أمهها ما يلْي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬تذكري املؤمنني بنعم هللا عليهم‪:‬‬ ‫كما َال تعاىل‪َ﴿ :‬ي أَيُّها اله َ‬ ‫اّلِلَ َعلَحي ُك حس إَ حذ َجاءَتح ُك حس‬ ‫ذ‬ ‫ين َآمنُوا اذح ُكُروا نَ حع َمةَ ه‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫البخاري رَس (‪ )4119‬مسلس (‪.)1770‬‬

‫(‪)2‬‬

‫البخاري مع الفتح (‪.)407/7‬‬

‫(‪)3‬‬

‫اْلساس ِف السنة‪ ،‬سعيد حوى (‪.)662/2‬‬

‫‪131‬‬


‫اّلِل َّبَا تَعملُو َن ب َ‬ ‫ص اريا‬ ‫ُجنُ ﴾‬ ‫ود فَأ حَر َس حلنَا َعلَحي َه حس َرَياا َو ُجنُ ا‬ ‫حَ َ‬ ‫ودا َملح تَ​َرحوَها َوَكا َن هُ‬ ‫[األحزاب‪.]9 :‬‬ ‫‪ - 2‬التصوير البديع ملا أصاب املسلمني من هم بسبب إحاطة األحزاب‬ ‫ابملدينة‪:‬‬

‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ص ُار‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬إَ حذ َجاءُوُك حس م حن فَ حوَ ُك حس َوم حن أ ح‬ ‫َس َف َل محن ُك حس َوإَ حذ َزا َغت حاْلَبح َ‬ ‫َ‬ ‫وب حاْلَنَ َاجَر َوتَيُنُّو َن َ​َب هّلِلَ اليُّنُ َوان [األحزاب‪. ]10 :‬‬ ‫َوبَلَغَت الح ُقلُ ُ‬

‫‪ - 3‬الكشف عن نوااي املنافقني السيئة وأخالقهم الذميمة وجبنهم اخلالع‬

‫ومعاذيرهم الباطلة ونقضهم للعهود‪:‬‬ ‫هَ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫﴿وإَ حذ يَ ُق ُ‬ ‫ض َما َو َع َد َان ه‬ ‫ين َِف َُلُوهب حس َمَر ﴾‬ ‫اّلِلُ‬ ‫َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫ول الح ُمنَاف ُقو َن َوالذ َ‬ ‫َ‬ ‫ورا [األحزاب‪.]12 :‬‬ ‫َوَر ُسولُهُ إهال غُ​ُر ا‬

‫‪ - 4‬حض املؤمنني يف كل زمان ومكان على التأسي برسول هللا (ﷺ) يف‬ ‫أقواله وأفعاله وجهاده وكل أحواله‪:‬‬

‫ول هَ‬ ‫استجابة لقوله تعاىل‪﴿ :‬لَ​َق حد َكا َن لَ ُكس َِف رس َ‬ ‫ُس َوة﴾ َح َسنَة﴾ لَ َم حن َكا َن‬ ‫اّلِل أ ح‬ ‫ح َُ‬ ‫اّلِلَ َكْثَ اريا [األحزاب‪.]21 :‬‬ ‫اّلِلَ َوالحيَ حوَم حاآل َخَر َوذَ َكَر ه‬ ‫يَحر ُجو ه‬ ‫‪ - 5‬مدح املؤمنني على مواقفهم النبيلة وهم يواجهون جيوش األحزاب‬ ‫صادق ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ووفاء بعهد هللا تعاىل ‪:‬‬ ‫إبميان‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫اّلِلَ َعلَحي َه فَ َمحن ُه حس َم حن‬ ‫ني َر َج ﴾‬ ‫اه ُدوا ه‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬م َن الح ُم حؤمن َ‬ ‫ص َدَُوا َما َع َ‬ ‫ال َ‬ ‫ضى َححنبَهُ َوَمحن ُه حس َم حن يَحن تَ َيُر َوَما بَ هدلُوا تَحب َد ايَل [األحزاب‪.]23 :‬‬ ‫َ​َ‬ ‫‪132‬‬


‫‪ - 6‬بيا ُن سنّ ٍة من سنن هللا اليت ال تتخلّف وهي جعل العاقبة للمؤمنني‪:‬‬ ‫اّلِل اله َذين َك َفروا بَغَي َي َهس َمل ي نَالُوا خريا وَك َفى ه َ َ‬ ‫ني‬ ‫اّلِلُ الح ُم حؤمن َ‬ ‫َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫﴿وَرهد هُ َ ُ ح ح ح َ َ ح ا َ‬ ‫اّلِلُ َ َواَي َع َز ايزا [األحزاب‪. ]25 :‬‬ ‫الح َقتَ َ‬ ‫ال َوَكا َن ه‬ ‫‪ - 7‬امتنانه سبحانه على عباده املؤمنني حيث نصرهم على بين قريظة وهم‬ ‫يف حصوهنم املنيعة من دون قتال يذكر‪:‬‬ ‫الرعب ِف َلوهبس فنزلوا على حكس هللا ورسوله‬ ‫حيث ألقى ‪ -‬سبحانه ‪-‬‬ ‫َ‬ ‫(ﷺ)(‪َ ،)1‬ال تعاىل‪﴿ :‬وأَنحزَل اله َ‬ ‫اب َمن صي َ‬ ‫وهس َمن أ حَه َل الح َكتَ َ‬ ‫اصي َه حس‬ ‫ر‬ ‫اه‬ ‫ظ‬ ‫ين‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ح َ​َ‬ ‫َ ُ ح ح‬ ‫َ‬ ‫ض ُه حس‬ ‫ف َِف َُلُوهبَ​َ ُس ُّ‬ ‫َوَ َذ َ‬ ‫ب فَ َري اقا تَ حقتُلُو َن َو َ​َتحسُرو َن فَ َري اقا ۝ َوأ حَوَرثَ ُك حس أ حَر َ‬ ‫الر حع َ‬ ‫َ‬ ‫اّلِلُ َعلَى ُك َل َش حْي ٍء َ َد ايرا [األحزاب‪.]27-26 :‬‬ ‫وها َوَكا َن ه‬ ‫َود َ​َي َرُه حس َوأ حَم َوا َهلُحس َوأ حَر ا‬ ‫ضا َملح تَطَئُ َ‬ ‫د ‪ -‬يف غزوة حنني‬

‫َ‬ ‫اطن َكْثَريةٍ ويَوَم ُحنَ ح ٍ‬ ‫ني إَ حذ أ حَع َجبَ حت ُك حس‬ ‫صَرُك ُس ه‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬لَ​َق حد نَ َ‬ ‫اّلِلُ َِف َم َو َ َ َ ح‬ ‫َ‬ ‫ض َّبَا ر ُحبَ ح ه‬ ‫ين‬ ‫َكْثح َرتُ ُك حس فَلَ حس تُ حغ َن َعحن ُك حس َشحي ئاا َو َ‬ ‫ضا َ ح‬ ‫ت َعلَحي ُك ُس حاْل حَر ُ َ‬ ‫ت مثُه َولحي تُ حس ُم حدب َر َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ​َ‬ ‫۝ مثُه أَنحزَل ه َ‬ ‫ب‬ ‫ني َوأَنح َزَل ُجنُ ا‬ ‫اّلِلُ َسكينَ تَهُ َعلَى َر ُسوله َو َعلَى الح ُم حؤمن َ‬ ‫َ‬ ‫ودا َملح تَ​َرحوَها َو َع هذ َ‬ ‫َ َ‬ ‫اله َذين َك َفروا وذَلَك جزاء الح َكافَ‬ ‫َ‬ ‫ك َعلَى َم حن‬ ‫ر‬ ‫وب ه‬ ‫اّلِلُ َم حن بَ حعد ذَل َ‬ ‫ين ۝ مثُه يَتُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ َ​َ ُ‬ ‫ور َرَح ﴾يس [التوبة‪.]27-25 :‬‬ ‫يَ َشاءُ َو ه‬ ‫اّلِلُ َغ ُف ﴾‬

‫(‪)1‬‬

‫حديث القران الكرمي (‪.)603 602/2‬‬

‫‪133‬‬


‫إن غزوةَ ُحن ٍ‬ ‫ني ُسجلت ِف القرآن الكرمي‪ ،‬لكْي تبقى درس ا لألُمة ِف كل زمان‬ ‫ومكان‪ ،‬ولقد عُرضت ِف القرآن الكرمي على منهجية رَبنية كان من أهس معاملها‬ ‫اليت‪:‬‬

‫‪ - 1‬بني القرآن الكرمي أ ّن املسلمني أصاهبم اإلعجاب بكثرة عددهم‪.‬‬ ‫َال تعاىل مث بني القرآن أن هذه الكْثرة ﴿ويَوَم ُحنَ ح ٍ‬ ‫ني إَ حذ‬ ‫َح‬ ‫ضاَت علَي ُكس حاْلَر َ‬ ‫ت‬ ‫ض ّبَا َر ُحبَ ح‬ ‫﴿و َ ح َ ح ُ ح ُ‬ ‫َكْثح َرتُ ُك حس [التوبة‪ ]25 :‬تفيد َ‬

‫أَ حع َجبَ حت ُك حس‬ ‫مثُه َولهحي تُ حس‬

‫َ‬ ‫ين [التوبة‪.]25 :‬‬ ‫ُم حدب َر َ‬ ‫‪ - 2‬بني القرآن الكرمي أن املسلمني اهنزموا وهربوا ما عدا النيب (ﷺ) ونفر‬ ‫يسري من أصحابه‪.‬‬

‫َ‬ ‫ض َّبَا ر ُحبَ ح ه‬ ‫ين‬ ‫﴿و َ‬ ‫ضاَ ح‬ ‫ت َعلَحي ُك ُس حاْل حَر ُ َ‬ ‫َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫ت مثُه َولحي تُ حس ُم حدب َر َ‬ ‫نصر رسولَه (ﷺ) يف هذه املعركة وأكرمه‬ ‫‪ - 3‬بني القرآن الكرمي أ ّن هللا َ‬ ‫إبنزال الس ِ‬ ‫كينة عليه وعلى املؤمنني‬ ‫ّ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ​َ‬ ‫فقال تعاىل‪﴿ :‬مثُه أَنحزَل ه َ‬ ‫ني [التوبة‪.]26 :‬‬ ‫اّلِلُ َسكينَ تَهُ َعلَى َر ُسوله َو َعلَى الح ُم حؤمن َ‬ ‫َ‬ ‫[التوبة‪]25 :‬‬

‫‪ - 4‬بني القرآن الكرمي أن هللا أم ّد نبيّه حممداً (ﷺ) ابملالئكة يف حنني‪.‬‬ ‫َ​َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬مثُه أَنحزَل ه َ‬ ‫ودا‬ ‫ني َوأَنح َزَل ُجنُ ا‬ ‫اّلِلُ َسكينَ تَهُ َعلَى َر ُسوله َو َعلَى الح ُم حؤمن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َمل تَروها وع هذ ه َ‬ ‫اّلِلُ َم حن بَ حع َد‬ ‫وب ه‬ ‫ين َك َفُروا َو َذل َ‬ ‫ين ۝ مثُه يَتُ ُ‬ ‫ح َح َ َ َ َ‬ ‫ك َجَزاءُ الح َكاف َر َ‬ ‫ب الذ َ‬ ‫َ‬ ‫ور َرَح ﴾يس [التوبة‪.)1(]27-26 :‬‬ ‫ك َعلَى َم حن يَ َشاءُ َو ه‬ ‫َذل َ‬ ‫اّلِلُ َغ ُف ﴾‬ ‫(‪)1‬‬

‫حديث القران الكرمي عن غزوات الرسول (ﷺ)‪ ،‬د‪ .‬حممد بدر ال عابد (‪.)491 490/2‬‬

‫‪134‬‬


‫‪ - 7‬قبض األرواح عند املوت‪:‬‬ ‫َبلروح مَلئكةا يقبضوهنا عند املوت ِف‬ ‫ثبت ِف الكتاب والسنة أن هللاَ وكل َ‬

‫آَيت كْثرية‪:‬‬

‫أ ‪ -‬كيفية نزع الروح‬

‫َال تعاىل‪﴿ :‬فَلَوَال إَ َذا ب لَغَ َ‬ ‫وم ۝ َوأَنحتُ حس َحينَئَ ٍذ تَحنيُ​ُرو َن ۝ َوَححن ُن‬ ‫ت ح‬ ‫اْلُحل ُق َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫أَ​َح رب إَلَي َه َمحن ُكس ولَ َكن َال تُب َ‬ ‫ن [الواقعة‪]85-83 :‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫حَ ح ح‬ ‫َُ ح‬ ‫َ‬ ‫وم أي‪ :‬الروح‪ ،‬واْللقوم هو اْللق وذلك حني‬ ‫أي ﴿فَلَ حوالَ إَذَا بَلَغَت ا حْلُحل ُق َ‬ ‫﴿وأَنحتُ حس َحينَئَ ٍذ تَحنيُ​ُرو َن أي‪ :‬إىل احملتَض َر وما يكابده من سكرات‬ ‫االحتضار‪َ ،‬‬ ‫املوت‪﴿ ،‬وَححنن أَ​َح رب إَلَي َه َمحن ُكس أي‪ّ :‬بَلئكتنا‪﴿ ،‬ولَكَن الَ تُب َ‬ ‫صُرو َن أي‪:‬‬ ‫َ ح ح‬ ‫َ ُ َُ ح‬ ‫ح‬ ‫ولكن تروهنس(‪.)1‬‬ ‫وَال تعاىل‪﴿ :‬وهو الح َق َ‬ ‫اهر فَو َق َعب َادهَ وي رَسل َعلَحي ُكس ح َفيَةا ح هّت إَ‬ ‫اء‬ ‫ج‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ََُ‬ ‫ُ ح َ َ ُح ُ‬ ‫اْلَ​َق أَ​َال‬ ‫اّلِلَ َم حوَال ُه ُس ح‬ ‫ت تَ َوفهحتهُ ُر ُسلُنَا َوُه حس َال يُ َف َرطُو َن ۝ مثُه ُرُّدوا إَ َىل ه‬ ‫َح َد ُك ُس الح َم حو ُ‬ ‫أَ‬ ‫اْل حكس وهو أَسرع ح َ‬ ‫ني [األنعام‪.]62-61 :‬‬ ‫لَهُ حُ ُ َ ُ َ ح َ ُ‬ ‫اْلَاسبَ َ‬ ‫الرتاَ​َْي ۝ وَ​َ‬ ‫وَال تعاىل‪َ ﴿ :‬ك هَل إَذَا ب لَغَ َ‬ ‫اق‬ ‫ت‬ ‫ه‬ ‫يل َم حن َر ٍاق ۝ َوظَ هن أَنههُ الح َفَر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫اق َ​َبل هس َ‬ ‫۝ والحتَ هف َ‬ ‫اق [القيامة‪]30-26 :‬‬ ‫ك يَ حوَمئَ ٍذ الح َم َس ُ‬ ‫ت ال هس ُ‬ ‫اق ۝ إَ َىل َربَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الرتاَ​َ َْي والرتاَْي مجع تُرَُوة وهْي العيام املكتنَ َفةُ لنُقرةَ النحر‬ ‫أي ﴿إ َذا بَلَغَت هَ‬ ‫وهو مقدم اْللق من أعلى الصدر موضع اْلشرجة ويكَ ببلوغ النفس الرتاَْي‬

‫(‪)1‬‬

‫اليوم االخر‪ ،‬د‪ .‬حمسن املطريي ص (‪.)55‬‬

‫‪135‬‬


‫عن اإلشفاء على املوت مْثله َوله وَيل معناه أي حق ا أن املساق إىل هللا أي إذا‬ ‫َ‬ ‫ارتفعت الروح إىل ﴿فَلَوالَ إَذَا ب لَغَ َ‬ ‫َ‬ ‫الرتاَ​َْي‬ ‫ت ح‬ ‫اْلُحل ُق َ‬ ‫وم ۝ َكَله إ َذا بَلَغَت هَ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫واملقصود تذكريهس شدة اْلال عند نزول املوت(‪.)1‬‬ ‫ك الحمو َ‬ ‫ت اله َذي ُوكَ َل بَ ُك حس مثُه إَ َىل َربَ ُك حس‬ ‫وَال تعاىل‪ َُ﴿ :‬حل يَتَ َوفها ُك حس َملَ ُ َ ح‬ ‫بعض الناس أ هن امللك املوكل َبملوت وَبض‬ ‫تُحر َجعُو َن [السجدة‪ .]11 :‬وَد توهس ُ‬

‫اْلرواح هو عزرائيل واْلقيقة أن مللك املوت أعوا ﴾ن على هذه املهمة فهناك‬ ‫النازعات والناشطات الوارد ذكرها ِف َوله تعاىل‪﴿ :‬والنها َزع َ‬ ‫ات َغحرَاا ۝‬ ‫َ َ‬ ‫هاشطَ َ‬ ‫والن َ‬ ‫ات نَ حشطاا [النازعات‪ .]2-1 :‬وَد ورد عن مج ٍع من الصحابة والتابعني أن‬ ‫َ‬ ‫﴿والنها َزع َ‬ ‫ات َغحرَاا يعنون حني تنزع أرواح بين آدم فمنهس من َتخ ُذ روحه بعس ٍر‬ ‫َ َ‬ ‫فتغرق ِف نزعها ومنهس من َتخ ُذ روحه بسهولة وكأّما حلته من نشاط(‪،)2‬‬ ‫اح املؤمنني بيسر وسهولة ويبشروهنس َبجلنة بينما يقومون بضرب‬ ‫فيقبضون أرو َ‬ ‫وجوه الكفرة وأدَبرهس كما يوخبون الياملني ْلنفسهس املمتنعني عن اهلجرة إىل هللا‬

‫ورسوله (ﷺ)(‪.)3‬‬ ‫إ هن اإلنسان إذا اَرتب أجله فإ هن الروح ترتقْي إىل أعلى اجلسس عند النحر‬ ‫حّت ختر َج من جسده وهذا اْلروج للروح ليس َبْلمر اهلني حّت للمؤمن بل له‬

‫سكرات وغمرات ومشقات مث تنتزع املَلئكة الروح وهذا النزع خيتلف شدةا ويُسرا‬

‫(‪)1‬‬

‫اإلميان َبليوم االخر‪ ،‬للمؤلف ص (‪.)25‬‬

‫(‪)2‬‬

‫العقيدة اإلسَلمية‪ ،‬أْحد جلْي ص (‪.)175‬‬

‫(‪)3‬‬

‫العقيدة اإلسَلمية ص (‪.)175‬‬

‫‪136‬‬


‫ِبسب إميان الرجل(‪.)1‬‬ ‫ب ‪ -‬خروج روح املؤمن واحتضاره‪:‬‬ ‫هَ‬ ‫اّلِلَ َال َخو ﴾ َ‬ ‫ين‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬أَ​َال إَ هن أ حَولَيَاءَ ه‬ ‫ح‬ ‫ف َعلَحيه حس َوَال ُه حس َحَيَزنُو َن ۝ الذ َ‬ ‫اْلياةَ الدُّنحيا وَِف حاآل َخرةَ َال تَب َديل لَ َكلَم َ‬ ‫ات‬ ‫َآمنُوا َوَكانُوا يَته ُقو َن ۝ َهلُ​ُس الحبُ حشَرى َِف حَ​َ‬ ‫ح َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫هَ َ‬ ‫اْلياةَ‬ ‫َ‬ ‫اّلِل َذل َ‬ ‫ك ُه َو الح َف حوُز الح َعي ُيس [يونس‪ ]64-62 :‬وِف َوله تعاىل ﴿ َهلُ​ُس الحبُ حشَرى َِف حَ​َ‬ ‫الدُّنحيا وَِف َ‬ ‫اآلخَرةَ َولني‪:‬‬ ‫َ َ‬ ‫األول الرؤَي الصاْلة يراها املسلس أو تُرى له(‪.)2‬‬

‫والثاين املراد بذلك بشرى املَلئكة للمؤمن عند احتضاره َبجلنة واملغفرة‬ ‫ملؤمن إذا‬ ‫ويدل على هذا‬ ‫ُ‬ ‫حديث الرباء رضْي هللا عنه عن رسول هللا (ﷺ) «إن ا َ‬ ‫َ‬ ‫الروح‬ ‫حضره ُ‬ ‫بيض الوجوه ُ‬ ‫املوت جاءه املَلئكةُ ُ‬ ‫بيض الْثياب فقالوا اخرجْي أيتها ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ورَيان ٍ َ‬ ‫تسيل القطرةُ من ِف‬ ‫الطيبةُ إىل َرحو ٍح‬ ‫َ‬ ‫تسيل كما ُ‬ ‫ورب غري غضبان فتخر ُج ُ‬ ‫َ (‪)3‬‬ ‫صحيح وال تعارض بني هذين التفسريين(‪.)4‬‬ ‫املعنيني‬ ‫كَل‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫السقاء»‬ ‫﴾‬ ‫َ هَ‬ ‫استَ َق ُاموا تَتَ نَ هزُل َعلَحي َه ُس الح َم َ​َلئَ َكةُ أهَال َختَافُوا‬ ‫ين َالُوا َربُّنَا ه‬ ‫اّلِلُ مثُه ح‬ ‫وَال تعاىل‪﴿ :‬إ هن الذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اْلَيَاةَ الدُّنحيَا َوَِف‬ ‫وع ُدو َن ۝ َححن ُن أ حَولَيَا ُؤُك حس َِف ح‬ ‫َوَال َححتَزنُوا َوأَبحشُروا َ​َب حجلَنهة الهَيت ُكحن تُ حس تُ َ‬ ‫حاآل َخَرةَ َولَ ُك حس فَ َيها َما تَ حشتَ َهْي أَنح ُف ُس ُك حس َولَ ُك حس فَ َيها َما تَدهعُو َن [فصلت‪.]31-30 :‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫اليوم االخر ِف القران العييس‪ ،‬والسنة املطهرة‪ ،‬للمطريي ص ‪.58‬‬

‫(‪)2‬‬

‫سنن ابن ماجه رَس (‪ )2898‬وسنده صحيح‪.‬‬

‫(‪)3‬‬

‫مسند أْحد رَس (‪ )18534‬صحيح اإلسناد‪.‬‬

‫(‪)4‬‬

‫اليوم االخر ِف القران العييس للمطريي ص (‪.)59‬‬

‫‪137‬‬


‫وِف َوله ‪﴿ :‬إَ هن اله َ‬ ‫استَ َق ُاموا أي‬ ‫ذ‬ ‫ين َالُوا َربُّنَا ه‬ ‫اّلِلُ أي أخلصوا ‪ ،‬وَوله‪﴿ :‬مثُه ح‬ ‫َ‬ ‫على طريقة رسول هللا(ﷺ) َبتباعه(‪ ،)1‬وِف َوله‪﴿ :‬تَتَ نَ هزُل َعلَحي َه ُس الح َمَلَئَ َكةُ أي‬ ‫عند املوت وِف القرب ويوم خروجهس من َبورهس(‪.)2‬‬

‫اه ُس الح َم َ​َلئَ َكةُ َه َذا يَ حوُم ُك ُس اله َذي‬ ‫وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫﴿ال َحَيُزُهنُ​ُس الح َفَزعُ حاْلَ حك َربُ َوتَتَ لَ هق ُ‬

‫وع ُدو َن [األنبياء‪ .]103 :‬وَوله‪ ﴿ :‬هأال َختَافَواح أي مما تقدمون عليه من أمر‬ ‫ُكحن تُ حس تُ َ‬ ‫االخرة على ﴿والَ َحتزنُوا على ما خلفتموه من أمر الدنيا من و ٍ‬ ‫لد وأهل ٍ‬ ‫ومال‬ ‫َ حَ‬ ‫وع ُدو َن فيبشروهنس بذهاب وحصول‬ ‫أو َديح ٍن فإان خنلفنكس فيه ﴿الهَيت ُكحن تُ حس تُ َ‬ ‫اْلري(‪.)3‬‬

‫هَ‬ ‫وَال تعاىل‪َ ﴿ :‬ك َذلَك َي َزي ه َ‬ ‫اه ُس الح َم َ​َلئَ َكةُ‬ ‫اّلِلُ الح ُمتهق َ‬ ‫َ ح‬ ‫ين تَتَ َوفه ُ‬ ‫ني ۝ الذ َ‬ ‫اجلَنهةَ َّبَا ُكحن تُ حس تَ حع َملُو َن [النحل‪.]32-31 :‬‬ ‫ني يَ ُقولُو َن َس َ​َل ﴾م َعلَحي ُك ُس حاد ُخلُوا ح‬ ‫طَيَبَ َ‬ ‫خيرب هللا تعاىل عن حاهلس عند االحتضار أهنس طيبون أي خملصون من الشرك‬

‫والدنس وكل سوء وأن املَلئكة تسلس عليهس وتبشرهس َبجلنة(‪.)4‬‬ ‫وأ هن وفاُتس تكون طيبةا سهلةا ال صعوبةَ فيها وال أمل خبَلف ما تقبض به‬ ‫روح الكافر واملخلط(‪.)5‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫كرَ‬ ‫َ​َ َ َ​َ‬ ‫اضيَةا‬ ‫وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫س الح ُمطح َمئنهةُ ۝ حارجعْي إ َىل َرب َ‬ ‫﴿َي أَيهتُ َها النه حف ُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫تفسري القران العييس البن كْثري (‪.)98/4‬‬

‫(‪)2‬‬

‫اليوم االخر ِف القران العييس ص ‪.61‬‬

‫(‪)3‬‬

‫تفسري البغوي (‪ )173/7‬بتصرف‪.‬‬

‫(‪)4‬‬

‫اليوم االخر ِف القران العييس ص (‪.)62‬‬

‫(‪)5‬‬

‫تفسري القرطب (‪.)67/10‬‬

‫‪138‬‬


‫َمحر َضيهةا [الفجر‪ .]28-27 :‬وهذا يقال له عند االحتضار وِف يوم القيامة أيض ا كما‬ ‫أ هن املَلئكةَ يبشرون املؤمن عند احتضاره وعند َيامه من َربه فكذلك هاهنا(‪.)1‬‬

‫َ‬ ‫هت نَعَي ٍس‬ ‫وَال تعاىل‪﴿ :‬فَأَهما إَ حن َكا َن م َن الح ُم َقهربَ َ‬ ‫ح َوَرحَيَا ﴾ن َو َجن ُ‬ ‫ني ۝ فَ َرحو ﴾‬ ‫ني ۝ فَس َ​َلم لَ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َصح َ‬ ‫َصح َ‬ ‫َ‬ ‫اب الحيَ َم َ‬ ‫اب الحيَ َم َ‬ ‫ني‬ ‫َ ﴾‬ ‫ك م حن أ ح َ‬ ‫۝ َوأَهما إ حن َكا َن م حن أ ح َ‬ ‫[الواقعة‪.]91-88 :‬‬

‫هذه اْلحوال الْثَلثة هْي أحو ُال َ‬ ‫الناس عند احتضارهس؛ إما أن يكونوا من‬ ‫املقربني أو يكونوا ممن دوهنس من أصحاب اليمني وإما أن يكونَوا من املكذبني‬ ‫َبْلق الضالني عن اهلدى اجلاهلني ِبمر هللا وهلذا َال تعاىل أي احملتضر وهس من‬ ‫َ‬ ‫ني وترك احملرمات واملكروهات وبعض‬ ‫فعل الواجبات ﴿فَأَهما إَ حن َكا َن م َن الح ُم َقهربَ َ‬ ‫ح َوَرحَيَا ﴾ن وتبشره املَلئكة بذلك عند املوت‬ ‫املباحات أي فله روح ﴿فَ َرحو ﴾‬ ‫كل هذه‬ ‫﴿فَ َرحو ﴾ح أو الراحة من الدنيا (والروح) الفرح جنة ورخاء فرْحة رزق و ُّ‬ ‫مات مقرَبا حصل له مجيع ذلك من‬ ‫اْلَوال متقاربة﴾ ﴿فَ َرحو ﴾ح َوَرحَيَا ﴾ن فإ هن َم حن َ‬ ‫(‪)2‬‬ ‫﴿و َجنهةُ نَعَي ٍس‬ ‫‪:‬‬ ‫أي‬ ‫‪،‬‬ ‫الرْحة والراحة واالسرتاحة والفرح والسرور والرزق اْلسن‬ ‫َ‬

‫ميوت أح ﴾د من َ‬ ‫يعلس من أهل اجلن َة هو أم من أهل النار(‪)3‬؟‬ ‫ُ‬ ‫الناس حّت َ‬ ‫َ‬ ‫َصح َ‬ ‫َ‬ ‫اب الحيَ َم َ‬ ‫ني أي‪ :‬وأما إ حن كان احملتضر‬ ‫﴿وأَهما إ حن َكا َن م حن أ ح َ‬ ‫وَوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫من أصحاب اليمني ﴿فَسَلَم لَ َ َ‬ ‫َصح َ‬ ‫اب الحيَ َم َ‬ ‫ني أي تبشره املَلئكة‬ ‫َ ﴾‬ ‫ك م حن أ ح َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫تفسري ابن كْثري (‪.)510/4‬‬

‫(‪)2‬‬

‫اليوم االخر ِف القران العييس ص (‪.)64‬‬

‫(‪)3‬‬

‫تفسري ابن كْثري (‪.)300/4‬‬

‫‪139‬‬


‫ِبس عليك‪ ،‬أنت إىل سَلمة‪ ،‬أنت من‬ ‫بذلك وتقول ْلحدهس سَلم لك‪ ،‬أي ال َ‬

‫أصحاب اليمني(‪.)1‬‬

‫ويكون السَلم على املؤمنني عند ثَلثة مواضع عند َ‬ ‫َبض روحه ِف الدنيا‬

‫يسلَس عليه ملك الدنيا وعند مساءلته ِف القرب يسلس عليه منكر ونكري وعند بعْثه‬ ‫ِف القيامة تسل ُس عليه املَلئكة َبل وصوله إىل اجلنة ويكون ذلك إكراما بعد‬ ‫إكرام(‪.)2‬‬ ‫ج ‪ -‬خروج روح الكافر واحتضاره‪:‬‬ ‫َ​َ َ‬ ‫ات الحمو َ‬ ‫َ‬ ‫ت َوالح َم َ​َلئَ َكةُ َ​َب َسطُو‬ ‫﴿ولَ حو تَ​َرى إذ اليهال ُمو َن َِف َغ َمَر َ ح‬ ‫َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫أَي َدي َهس أَخ َرجوا أَنح ُفس ُكس الحي وم ُحجتزو َن ع َذاب ا حهل َ‬ ‫اّلِلَ َغ ح َري‬ ‫ون َّبَا ُكحن تُ حس تَ ُقولُو َن َعلَى ه‬ ‫َ ُ َ ح َ َح َ َ ُ‬ ‫ح ح ح ُ‬ ‫آَيتَ​َه تَ حستَ حكَربُو َن [األنعام‪.]93 :‬‬ ‫ح‬ ‫اْلَ​َق َوُكحن تُ حس َع حن َ‬ ‫ات الحمو َ‬ ‫﴿ِف َغمر َ‬ ‫﴿ولَ حو تَ​َرى جوابه حمذوف‬ ‫له‬ ‫و‬ ‫وَ‬ ‫َبته‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫أي‬ ‫ت‬ ‫َوله‪ َ َ َ َ :‬ح‬ ‫َ‬

‫تقديره لرأيت أمرا وهذه عبارة﴾ عن التعنيف ِف السياق والشدة وِف َبض‬ ‫(‪)3‬‬ ‫﴿َب َسطُو أَيح َدي َ‬ ‫أنفسهس من‬ ‫ج‬ ‫ختر‬ ‫حّت‬ ‫َبلضرب‬ ‫أي‬ ‫س‬ ‫ه‬ ‫‪:‬‬ ‫له‬ ‫و‬ ‫وَ‬ ‫‪.‬‬ ‫اْلرواح‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫أجسادهس‪ ،‬وهلذا يقولون هلس‪﴿ :‬أَ حخ َر ُجوا أَنح ُف َس ُك حس وذلك أ هن الكافر إذا احتضر‬ ‫هكال و َ‬ ‫بشرته املَلئكة والن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وغضب القهار‬ ‫السَلسل واجلحيس واْلميس‬ ‫اْلغَلل و‬ ‫العييس فتفرق روحه ِف جسده وتتعصى وَتَب اْلروج فتضرهبس املَلئكةُ حّت ختَرج‬ ‫(‪)1‬‬

‫حماسن التأويل للقامسْي (‪.)22/7‬‬

‫(‪)2‬‬

‫تفسري القرطب (‪.)151/17‬‬

‫(‪)3‬‬

‫التسهيل البن جزي (‪.)279/1‬‬

‫‪140‬‬


‫أرواحهس من أجسادهس َائلني هلس ﴿أَخ َرجوا أَنح ُفس ُكس الحي وم ُحجتزو َن ع َذاب ا حهل َ‬ ‫ون‬ ‫َ ح َ ح َ َح َ َ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫َ‬ ‫اإلهانة كما كنتس‬ ‫اْلَ​َق أي كنتس ُتانون غاية‬ ‫اّلِلَ َغ ح َري ح‬ ‫َّبَا ُكحن تُ حس تَ ُقولُو َن َعلَى ه‬ ‫تكذبون على وتستكربون عن اتباع آَيته واالنقياد لرسله(‪ ،)1‬مث يبشرون َبلعذاب‬ ‫﴿الحي وم ُحجتزو َن ع َذاب ا حهل َ‬ ‫ون ‪.‬‬ ‫َ ح َ َح َ َ ُ‬ ‫ٍَ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ني َويَ ُقولُو َن َح حجارا‬ ‫وَال تعاىل‪﴿ :‬يَ حوَم يَ​َرحو َن الح َم َ​َلئ َكةَ َال بُ حشَرى يَ حوَمئذ ل حل ُم حج َرم َ‬

‫ورا [الفرقان‪ ، ]22 :‬أي حرام وحمرم عليكس دخول اجلنة(‪.)2‬‬ ‫َححم ُج ا‬ ‫وِف حديث الرباء الطويل َال رسول هللا (ﷺ) «وإن العبد الكافر إذا كان‬ ‫ِف انقطاع عن الدنيا وإَبال من االخرة نزل إليه من السماء مَلئكة سود الوجوه‬

‫معهس املسوح فيجلسون منه مد البصر مث يْيءُ ملك املوت حّت يلس عند رأسه‬ ‫فيقول أيتها النفس اْلبيْثة أخرجْي إىل سخط من هللا وغضب َال فتفرق ِف‬

‫جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف املبلول»(‪.)3‬‬ ‫هَ‬ ‫اه ُس الح َم َ​َلئَ َكةُ ظَالَ َمْي أَنح ُف َس َه حس فَأَلح َق ُوا ال هسلَ َس َما‬ ‫ين تَتَ َوفه ُ‬ ‫وَال تعاىل‪﴿ :‬الذ َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫وء ب لَى إَ هن ه َ َ‬ ‫اب َج َهن َهس‬ ‫اّلِلَ َعل ﴾يس ّبَا ُكحن تُ حس تَ حع َملُو َن ۝ فَ حاد ُخلُوا أَبح َو َ‬ ‫ُكنها نَ حع َم ُل م حن ُس َ‬ ‫َخالَ َدين فَ َيها فَلَبَ‬ ‫َ​َ‬ ‫ين [النحل‪.]29-28 :‬‬ ‫ئ‬ ‫ح‬ ‫س َمْثح َوى الح ُمتَ َكرب َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وه ُه حس‬ ‫ف إَ َذا تَ َوفهحت ُه ُس الح َم َ​َلئَ َكةُ يَ ح‬ ‫وَال تعاىل‪﴿ :‬فَ َكحي َ‬ ‫ض َربُو َن ُو ُج َ‬ ‫َ‬ ‫بضرب وجوهَ الكافرين وأدَب َرهس‬ ‫يح‬ ‫َوأ حَد َ​َب َرُه حس [محمد‪ . ]27 :‬هذه اآلية فيها التصر ُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫املصدر نفسه (‪.)279/1‬‬

‫(‪)2‬‬

‫اليوم االخر ِف القران العييس ص (‪.)106‬‬

‫(‪)3‬‬

‫مسند أْحد رَس (‪ )18013‬صحيح اإلسناد‪.‬‬

‫‪141‬‬


‫عند النزع(‪.)1‬‬ ‫َ‬ ‫د ‪ -‬مالئكة الرمحة ومالئكة العذاب‪:‬‬ ‫وَد جاء أ هن مَلئكة الرْحة ومَلئكةَ العذاب خيتصمون ِف َم حن مل تتضح‬

‫يفصل هللا بينهما كما ِف حديث‬ ‫روحه حّت‬ ‫حاله من بين آدم كلٌّ يقول أان ُ‬ ‫أَبض َ‬ ‫َ‬ ‫أّب سعيد اْلدري رضْي هللا عنه أ هن نب هللا (ﷺ) َال «كان فيمن كان َبلكس‬

‫اْلرض فَ ُد هل على ر ٍ‬ ‫َ‬ ‫رجل َتل تسعةا وتسعني نفسا فسأل عن أ حَعلَ​َس َ‬ ‫اهب فأَته‬ ‫أهل‬ ‫﴾‬ ‫فقال إنه َتل تسعةا وتسعني نفسا فهل له من ٍ‬ ‫توبة؟ فقال ال فقتله فكس به مئةا مث‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اْلرض ه‬ ‫رجل عاٍمل فقال إنه َتل مئةَ نَ ٍ‬ ‫َ‬ ‫فدل على ٍ‬ ‫سأل عن أعل َس َ‬ ‫فس فهل َم حن‬ ‫أهل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫انطلق إىل َ‬ ‫أرض كذا وكذا فإن هبا‬ ‫وم حن ُ‬ ‫َيول بينه وبني التوبة؟ ح‬ ‫توبة؟ فقال نعس َ‬ ‫فإهنا أرض ٍ‬ ‫أانس يعبدون هللا َ‬ ‫فاعبد هللا معهس وال ترجع إىل َ‬ ‫سوء‪.‬‬ ‫أرض َ‬ ‫ك ه ُ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫﴾‬

‫فانطلق حّت إذا نصف الطريق أَته املوت فاختصمت فيه مَلئكةُ َ‬ ‫الرْحة‬ ‫ح‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ومَلئكةُ العذاب فقالت مَلئكة الرْحة جاءَ َتئبا مقبَ​َلا بقلبه على هللا وَالت‬ ‫َ‬ ‫ك ِف صورةَ آدمى فجعلوه بينهس‬ ‫يعمل خريا َط فأَتهس َملَ ﴾‬ ‫مَلئكةُ العذاب إنه مل ح‬ ‫َ‬ ‫بني اْلرضني فإىل أيتهما كان أدَّن فهو له فقاسوا فوجدوه أدَّن‬ ‫فقال َحي ُسوا ما َ‬ ‫اْلرض اليت أراد فقبضته مَلئكةُ َ‬ ‫َ‬ ‫الرْحة» وِف روا ٍية «فأوحى هللا إىل هذه أن‬ ‫إىل‬ ‫َ‬ ‫تباعدي وإىل هذه أن تقرّب»(‪.)2‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫اليوم االخر ِف القران العييس ص ‪.70‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسلس رَس (‪.)2766‬‬

‫‪142‬‬


‫والقص ﴾د أن مَلئكةَ َ‬ ‫املوت نوعان مَلئكةُ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عذاب ينزلون‬ ‫رْحة ومَلئكةُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اإلميان‬ ‫فأهل‬ ‫تقبض أرواحهس مَلئكةُ‬ ‫لقبض أرو َاح بين آدم كلٌّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حسب عمله ُ‬ ‫َ‬ ‫العذاب(‪.)1‬‬ ‫احهس مَلئكةُ‬ ‫أهل الكف َر ُ‬ ‫تقبض أرو ُ‬ ‫الرْحة و ُ‬ ‫‪ - 8‬سؤاهلم امليت يف قربه مث تنعيمه أو تعذيبه بعد إعادة الروح إىل اجلسد‪:‬‬ ‫بني الدنيا واالخرة من وَت املوت إىل البعث‪.‬‬ ‫اسس ما َ‬ ‫الربزخ ُ‬

‫عذاب القرب ونعيمه هو بني الدنيا واالخرة(‪َ ،)2‬ال‬ ‫علس أ هن‬ ‫َ‬ ‫ومما ينبغْي أن يُ َ‬ ‫ون ۝ لَعلَْي أَعمل ص َ‬ ‫ب ارَجع َ‬ ‫تَ​َ َ‬ ‫َ‬ ‫اْلاا‬ ‫َح َد ُه ُس الح َم حو ُ‬ ‫ال َر ح ُ‬ ‫َ حَ ُ َ‬ ‫﴿ح هّت إذَا َجاءَ أ َ‬ ‫تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫ت َك هَل إَ ههنَا َكلَ َمة﴾ ُه َو َائَلُ َها َوَم حن َوَرائَ َه حس بَحرَز ﴾خ إَ َىل يَ حوَم يُحب َعْثُو َن‬ ‫يما تَ​َرحك ُ‬ ‫فَ‬ ‫[المؤمنون‪.]100-99 :‬‬

‫ومن اآلايت القرآنية الدالّة على عذاب القرب‪:‬‬ ‫َ​َ َ‬ ‫ات الحمو َ‬ ‫َ‬ ‫ت َوالح َم َ​َلئَ َكةُ َ​َب َسطُو‬ ‫﴿ولَحو تَ​َرى إذ اليهال ُمو َن َِف َغ َمَر َ ح‬ ‫َوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫أَي َدي َهس أَخ َرجوا أَنح ُفس ُكس الحي وم ُحجتزو َن ع َذاب ا حهل َ‬ ‫اّلِلَ َغ ح َري‬ ‫ون َّبَا ُكحن تُ حس تَ ُقولُو َن َعلَى ه‬ ‫َ ُ َ ح َ َح َ َ ُ‬ ‫ح ح ح ُ‬ ‫آَيتَ​َه تَ حستَ حكَربُو َن [األنعام‪ .]93 :‬ففْي َوله تعاىل‪﴿ :‬الحيَ حوَم ُحجتَزحو َن‬ ‫ح‬ ‫اْلَ​َق َوُكحن تُ حس َع حن َ‬ ‫َ‬ ‫حال احملتضر وأنه َتتيه املَلئكة وختربه أنه سوف يعذب‬ ‫تبني َ‬ ‫اب ا حهلُون فاآلية ُ‬ ‫َع َذ َ‬ ‫اليوم يعين يوم موته وهذا ُّ‬ ‫العذاب يكون َبل يوم القيامة ففْي اآلية‬ ‫يدل على أن‬ ‫َ‬ ‫العذاب إىل انقضاء الدنيا ملا ص هح‬ ‫دليل واضح على عذاب القرب ولو َتخَر عنهس‬ ‫ُ‬ ‫﴾‬

‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقرين ص (‪.)192‬‬

‫(‪)2‬‬

‫تفسري القرطب (‪.)150/12‬‬

‫‪143‬‬


‫أن يقال هلس‪﴿ :‬الحي وم ُحجتزو َن ع َذاب ا حهل َ‬ ‫ون (‪.)1‬‬ ‫َ ح َ َح َ َ ُ‬ ‫وَال تعاىل‪﴿ :‬وَممهن حولَ ُكس َمن حاْل حَعر َ‬ ‫اب ُمنَافَ ُقو َن َوَم حن أ حَه َل الح َم َدينَ َة َمَرُدوا‬ ‫َ ح َح ح َ َ‬ ‫اق َال تَعلَمهس َحنن نَعلَمهس سن ع َ‬ ‫علَى النَ َف َ‬ ‫ني مثُه ي رُّدو َن إَ َىل َع َذ ٍ‬ ‫َ‬ ‫اب َع َيي ٍس‬ ‫ت‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫هب‬ ‫ذ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫ُ‬ ‫ح ُ ُ ح ح ُ ح ُ ُ ح َُ َ ح َ‬ ‫َُ‬ ‫[التوبة‪ .]101 :‬فقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬سنُ َع َذ ُهبُس َمهرتَ ح َ‬ ‫ني املرة اْلوىل ِف الدنيا من املصائب‬ ‫ح‬

‫عذاب‬ ‫ِف النفس أو املال أو الولد أو غري ذلك‪ ،‬وأما املرة الْثانية ففْي الق َرب وأما‬ ‫ُ‬ ‫اآلخرةَ فذكره بقوله‪﴿ :‬مثُه ي رُّدو َن إَ َىل َع َذ ٍ‬ ‫اب َع َيي ٍس * (‪.)2‬‬ ‫َُ‬ ‫اّلِل سيَئ َ‬ ‫اق َِب َل فَر َعو َن سوء الحع َذ َ‬ ‫اب‬ ‫ات َما َم َكُروا َو َح َ‬ ‫وَال تعاىل‪﴿ :‬فَ َوَاهُ هُ َ َ‬ ‫ح ح ُ ُ َ‬ ‫۝ النهار ي عرضو َن علَي ها غُ ُد اوا وع َشياا وي وم تَ ُقوم ال هساعةُ أَد َخلُوا َ َ‬ ‫َش هد‬ ‫آل فحر َع حو َن أ َ‬ ‫َ َ َ​َح َ ُ َ ح‬ ‫ُ ُ حَ ُ َ ح َ‬ ‫الحع َذ َ‬ ‫النص من النصوص الصرَية ِف عذاب القرب فإ هن‬ ‫اب [غافر‪ .]46-45 :‬وهذا ُّ‬ ‫َ‬ ‫عذاب االخرةَ فهو‬ ‫هذا‬ ‫العذاب الذي حصل آلل فرعون إّما كان بعد موُتس وأما ُ‬ ‫َ‬ ‫املذكور بعده بقوله تعاىل‪﴿ :‬أَد َخلُوا َ َ‬ ‫َش هد الحع َذ َ‬ ‫اب (‪.)3‬‬ ‫ح‬ ‫آل فحر َع حو َن أ َ َ‬ ‫اْلحاديث بفتنة القرب وسؤال امللكني ومما يُستدل به من القرآن على‬ ‫ولقد جاءت‬ ‫ُ‬ ‫اّلِل اله َ‬ ‫اْلياةَ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫ذ‬ ‫سؤال امللكني َول هللا تعاىل‪﴿ :‬يُْثَبَ ُ‬ ‫ين َآمنُوا َ​َبلح َق حول الْثهابت َِف حَ​َ‬ ‫ت هُ َ‬ ‫ض ُّل ه َ َ‬ ‫الدُّنحيا وَِف حاآل َخرةَ وي َ‬ ‫اّلِلُ َما يَ َشاءُ [إبراهيم‪.)4( ]27 :‬‬ ‫ني َويَ حف َع ُل ه‬ ‫اّلِلُ اليهالم َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ َ‬ ‫وِف «الصحيحني» عن أنس بن مالك رضْي هللا عنه َال‪َ :‬ال رسو ُل‬

‫(‪)1‬‬

‫الروح‪ ،‬البن القيس ص (‪.)132‬‬

‫(‪)2‬‬

‫تفسري الطربي (‪.)441/14‬‬

‫(‪)3‬‬

‫اإلميان َبليوم االخر ‪ ،‬للمؤلف ص (‪.)48‬‬

‫(‪)4‬‬

‫البخاري رَس (‪ )4699‬مسلس رَس (‪.)2871‬‬

‫‪144‬‬


‫ع نعاهلس‬ ‫العبد إذا ُو َض َع ِف َ َربه وتوىل عنه أصحابُه إنه‬ ‫هللاَ(ﷺ)‪« :‬إن َ‬ ‫يسمع َر َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫تقول ِف هذا الرجل َال فأما املؤم ُن‬ ‫كنت ُ‬ ‫َال أيتيه ملكان فيُ حقع َدانه فيقوالن له ما َ‬ ‫عبد هللاَ ورسولُه َال فيقال له انير إىل َ‬ ‫مقعد َك َم َن النا َر َ حد‬ ‫أشهد أنه ُ‬ ‫فيقول ُ‬ ‫ح‬ ‫ك هللاُ َبه مقعدا من اجلن َة‪.‬‬ ‫أبدلَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تقول ِف هذا َ‬ ‫الرجل؟ فيقول ال أدري‬ ‫كنت ُ‬ ‫وأما املناف ُق والكافُر فيقال له ما َ‬ ‫ّبطارق من ٍ‬ ‫حديد‬ ‫ب‬ ‫أَول ما ُ‬ ‫كنت ُ‬ ‫َ‬ ‫تليت ويُ ح‬ ‫يت وال َ‬ ‫الناس فيقال ال در َ‬ ‫ُ‬ ‫ضَر ُ‬ ‫يقول ُ‬ ‫ضربةا فيصيح صيحةا يسمعُها حم حن يليه غري الْثقل َ‬ ‫ني»(‪.)1‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وعن أّب هريرة رضْي هللا عنه َال‪َ :‬ال ُ َ‬ ‫امليت‬ ‫رسول هللا (ﷺ)‪« :‬إذا َُ َرب ُ‬ ‫أزرَان ُ َ‬ ‫َ‬ ‫أسودان َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كنت‬ ‫ملكان‬ ‫أَته‬ ‫يقال ْلحدمها املنكر ولألخر النكري ويقوالن ما َ‬ ‫تقول ِف هذا َ‬ ‫أشهد أن ال إله إال‬ ‫الرجل؟ فيقول ما كا َن ُ‬ ‫ُ‬ ‫عبده ورسولُه ُ‬ ‫يقول هو ُ‬

‫تقول هذا مث يُ حف َس ُح له ِف‬ ‫ك ُ‬ ‫هللا وأ هن حممدا ُ‬ ‫نعلس أن َ‬ ‫عبده ورسولهُ فيقوالن َد ُكنا ُ‬

‫أرجع إىل أهلْي‬ ‫َ َربه سبعو َن ذراعا ِف‬ ‫َ‬ ‫سبعني مث ين هوُر له فيه مث يقال له َحن فيقول ُ‬ ‫أحب َ‬ ‫فأخربهس فيقوالن ن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أهله إليه حّت يبعْثه‬ ‫كنومة‬ ‫العروس الذي ال يوَيه إال ُّ‬ ‫ُ‬ ‫هللا َم َن مضجعَه ذلك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فيقوالن َد ُكنا‬ ‫فقلت مْثلهس ال أدري‬ ‫الناس يقولون ُ‬ ‫وإ حن كان منافقا َال ُ‬ ‫مسعت َ‬ ‫فتختلف فيها أضَلعُه‬ ‫فتلتئس عليه‬ ‫نعلس أنك تقول ذلك ُ‬ ‫ُ‬ ‫فيقال لألرض ألتئمْي عليه ُ‬ ‫ُ‬ ‫فَل يز ُال فيها مع هذَبا حّت يبعْثَه هللا من مضجعه»(‪.)2‬‬

‫(‪)1‬‬

‫البخاري رَس (‪ )1374‬مسلس رَس (‪.)2870‬‬

‫(‪)2‬‬

‫الرتمذي رَس (‪ )1071‬سلسلة اْلحاديث الصحيحة رَس (‪.)1391‬‬

‫‪145‬‬


‫‪ - 9‬نفخهم يف الصور‪:‬‬ ‫النب (ﷺ) الصور كما ِف حديث عبد هللا بن عمرو بن العاص َال‬ ‫عهرف ُّ‬

‫فخ فيه»(‪.)1‬‬ ‫اّب إىل َ‬ ‫جاءَ أعر ُّ‬ ‫الصور َر ﴾ن يُحن َ‬ ‫النب (ﷺ) َال ما الصور؟ َال « ُ‬ ‫الصوَر فَ َف َزع من َِف ال هسماو َ‬ ‫ات َوَم حن َِف حاْل حَر َ‬ ‫ض إَهال‬ ‫﴿ويَ حوَم يُحن َف ُخ َِف ُّ‬ ‫َ َح‬ ‫َ​َ‬ ‫َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫ين [النمل‪.]87 :‬‬ ‫َم حن َشاءَ ه‬ ‫اّلِلُ َوُكلٌّ أَتَ حوهُ َداخ َر َ‬ ‫وَد مساه هللا تعاىل أيض ا الناَور كما َال تعاىل‪﴿ :‬فَ​َإذَا نَُقَر َِف النهاَُوَر‬ ‫[المدثر‪ .]8 :‬الناَور هو الصور(‪ ،)2‬فالصور والناَور امسان ملس امى واحد‪.‬‬ ‫الصوت الذي خي َر ُجه إسرافيل من الصور ِبمساء هْي النفخة‬ ‫وَد مسى هللا تعاىل‬ ‫َ‬

‫َ‬ ‫﴿فَ​َإذَا نَُف َخ َِف ُّ‬ ‫ف الهر َاج َفةُ‬ ‫الصوَر نَ حف َخة﴾ َواح َدة﴾ [الحاقة‪ .]13 :‬الراجفة ﴿يَ حوَم تَ حر ُج ُ‬ ‫۝ تَحت ب عها الهر َادفَةُ [النازعات‪ .]7-6 :‬الزجرة ﴿فَ​َإهّمَا َهْي زجرة﴾ و َ‬ ‫اح َدة﴾ [النازعات‪.]13 :‬‬ ‫َ َُ‬ ‫َ َ حَ َ‬ ‫واملشهور أن النافخ هو إسرافيل(‪.)3‬‬

‫ف العلماء يف عدد النفخات على أقوال‪:‬‬ ‫وا ْختَـلَ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ص على هذه الْثَلثة ِف كتابه‪:‬‬ ‫ثَلث‬ ‫نفخات وذلك أ هن هللا ن ه‬ ‫القول األول أهنا ُ‬ ‫الصوَر فَ َف َزع من َِف ال هسماو َ‬ ‫ات َوَم حن َِف‬ ‫﴿ويَ حوَم يُحن َف ُخ َِف ُّ‬ ‫َ َح‬ ‫َ​َ‬ ‫نفخة الفزع َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫حاْل حَر َ‬ ‫ين [النمل‪ .]87 :‬نفخة الصعق َال تعاىل‪:‬‬ ‫ض إَهال َم حن َشاءَ ه‬ ‫اّلِلُ َوُكلٌّ أَتَ حوهُ َداخ َر َ‬ ‫َ‬ ‫الصوَر فَصعَق من َِف ال هسماو َ‬ ‫ات َوَم حن َِف حاْل حَر َ‬ ‫ض إَهال َم حن َشاءَ ه‬ ‫﴿ونُف َخ َِف ُّ َ َ َ ح‬ ‫اّلِلُ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫أبو داود رَس (‪.)4742‬‬

‫(‪)2‬‬

‫فتح الباري (‪.)376/11‬‬

‫(‪)3‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)156‬‬

‫‪146‬‬


‫َ َ​َ‬ ‫ُخَرى فَ​َإذَا ُه حس َ​َيَ ﴾ام يَحنيُ​ُرو َن [الزمر‪.]68 :‬‬ ‫[الزمر‪ .]68 :‬نفحة البعث ﴿مثُه نُف َخ فيه أ ح‬ ‫وَالوا‪ :‬إن الفزع مغايَر للصعق واستدلوا ِبديث الصور الطويل وفيه أ هن النف َ‬ ‫خات‬ ‫َ ﴾‬ ‫ثَلث(‪.)1‬‬ ‫﴾‬ ‫القول الثاين‪ :‬أهنما نفختان نفخة الصعق ونفخة البعث وَال هذا هو ظاهر‬ ‫النصوص كقوله تعاىل‪﴿ :‬ما ي حنيُرو َن إَهال صيحةا و َ‬ ‫اح َد اة َ​َتحخ ُذهس وهس َ​َخي َ‬ ‫ص ُمو َن۝‬ ‫ُ ُ ح َُ ح‬ ‫َح َ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫الصوَر فَإَ َذا ُه حس َم َن‬ ‫فَ َ​َل يَ حستَ َطيعُو َن تَ حو َصيَةا َوَال إَ َىل أ حَهلَ َه حس يَحرَجعُو َن ۝ َونَُف َخ َِف ُّ‬ ‫حاْلَج َد َ‬ ‫اث إَ َىل َرهبَ​َ حس يَحن َسلُو َن ۝ َالُوا َ​َي َويحلَنَا َم حن بَ َعْثَنَا َم حن َمحرَ َد َان َه َذا َما َو َع َد‬ ‫ح‬ ‫ص َد َق الح ُمحر َسلُو َن [يس‪.]52-49 :‬‬ ‫الهر حْحَ ُن َو َ‬ ‫وَوله‪﴿ :‬ما ي حنيُرو َن إَاله صيحةا و َ‬ ‫اح َدةا َ​َتح ُخ ُذ ُه حس هذه هْي اْلوىل‪ ،‬وَوله‬ ‫َح َ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫الصوَر فَ​َإ َذا هس َمن اْلَج َدا َ‬ ‫ث إَ َىل َرهبَ​َ حس يَحن َسلُو َن هذه هْي الْثانية‬ ‫﴿ونَُف َخ َِف ُّ‬ ‫ُح َ ح‬ ‫َ‬ ‫ف الهر َاج َفةُ ۝ تَحت بَعُ َها الهر َادفَةُ [النازعات‪ .]7-6 :‬مها‬ ‫كقوله تعاىل‪﴿ :‬يَ حوَم تَ حر ُج ُ‬ ‫النفختان اْلوىل والْثانية‪.‬‬ ‫وميكن اجلمع بني الفزع والصعق وجعلها نفخة واحدة ولكنها تبدأ َبلفزع‬ ‫وتنتهْي َبلصعق مع وجود مسافة زمنية تفصل بني بدايتها وهنايتها أي إن هللا‬ ‫أيمر إسرافيل َبلنفخ فينفخ نفخة إفزاع يطوهلا وميدها ال يفرت (وهو ما يعين استمرار‬ ‫النفخ بَل انقطاع) فيما الناس ِف العذاب يشاهدون أحداث الزلزلة إىل أن أيمر‬ ‫كل من ِف السماوات واْلرض‬ ‫هللا بنفخة الصعق اْلشد َوة وهوالا فيموت لشدُتا ُّ‬ ‫(‪)1‬‬

‫حديث الصور أخرجه البيهقْي ِف البعث والنشور ص (‪ )325‬وهو ضعيف‪.‬‬

‫‪147‬‬


‫إال من شاء هللا(‪.)1‬‬ ‫وَد ذكر النب (ﷺ) صاحب الصور من دون أن يسميه وأنه التقس الصور‬ ‫َبنتيار أن يُ حؤَمَر كما ِف حديث أّب سعيد رضْي هللا عنه َال‪َ :‬ال رسول‬ ‫التقس الصور وأصغى مسعه وحَ‬ ‫هللا(ﷺ)‪« :‬كيف أنعس وصاحب الصور َد َ‬

‫جبهته ينتير مّت يؤمر فينفخ؟» َالوا َي رسول هللا كيف نقول؟ َال َولوا «حسبنا‬ ‫هللا ونعس الوكيل وعلى هللا توكلنا»(‪.)2‬‬ ‫وعن أّب هريرة رضْي هللا عنه َال‪َ :‬ال رسول هللا (ﷺ)‪« :‬ما طرف‬

‫(‪)3‬‬

‫صاحب الصور منذ وكل به مستعد ينير حنو العرش خمافة أن يؤمر َبل أن يرتد‬ ‫إليه طرفه كأن عينيه كوكبان درَين»(‪.)4‬‬

‫‪ - 10‬قيامهم برعاية أهل اجلنة ونعيمهم‪:‬‬ ‫وكل هللا سبحانه وتعاىل َبجلنة مَلئكة يعمروهنا ويغرسوهنا ويعملون أهنارها‬ ‫ويعدون ْلهلها ما أمرهس هللا به وهؤالء هس خزنتها‪.‬‬ ‫واْلزنة مجع خازن مْثل حفية وحافظ وهو املؤُتن على الشْيء الذي َد‬ ‫استحفيه(‪ ،)5‬وَد ذكر هللا سبحانه وتعاىل هؤالء اْلزنة ِف كتابه فقال سبحانه‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫اإلميان َبليوم االخر للمؤلف ص (‪.)88‬‬

‫(‪)2‬‬

‫الرتمذي رَس (‪ ، )2548‬السلسلة الصحيحة (‪.)67/3‬‬

‫(‪)3‬‬

‫الطرف‪ :‬إطباق اجلفن على اجلفن‪.‬‬

‫(‪)4‬‬

‫الفتح (‪ ، )368/11‬السلسلة الصحيحة (‪.)65/3‬‬

‫(‪)5‬‬

‫حادي اْلرواح إىل بَلد اْلفراح‪ ،‬البن القيس ص (‪.)87‬‬

‫‪148‬‬


‫َ‬ ‫﴿و َسيق اله َذين اته َقوا رههبس إَ َىل ح َ‬ ‫ال‬ ‫ت أَبح َو ُاهبَا َوَ َ‬ ‫اجلَنهة ُزَمارا َح هّت إَذَا َجاءُوَها َوفُت َح ح‬ ‫َ َ َ ح َ ُح‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫ين [الزمر‪ .]73 :‬فهس يتل هق حو َن‬ ‫َهلُحس َخَزنَتُ َها َس َ​َل ﴾م َعلَحي ُك حس طحب تُ حس فَ حاد ُخلُ َ‬ ‫وها َخالد َ‬ ‫املؤمنني َبلتحية اْلوىل اليت حيوا هبا أَبهس آدم عليه السَلم وهْي السَلم وهؤالء‬ ‫هات َع حد ٍن‬ ‫﴿جن ُ‬ ‫اْلزنةُ يدخلون على املؤمنني اجلنة ويسلمون عليهس كما َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫آَبئَ َه حس َوأ حَزَو َاج َه حس َوذُ َرهَيُتَ​َ حس َوالح َم َ​َلئَ َكةُ يَ حد ُخلُو َن َعلَحي َه حس‬ ‫يَ حد ُخلُ َ‬ ‫وهنَا َوَم حن َ‬ ‫صلَ َح م حن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ص َحربُحت فَنَ حع َس عُ حق َ​َب الدها َر [الرعد‪.]24-23 :‬‬ ‫م حن ُك َل َ​َبب ۝ َس َ​َل ﴾م َعلَحي ُك حس ّبَا َ‬ ‫وأول من يفتح له اْلزنة َبب اجلنة نبيُّنا حممد (ﷺ) كما جاء ِف اْلحاديث‬ ‫الصحيحة منها حديث أنس رضْي هللا عنه َال‪َ :‬ال ُ َ‬ ‫َبب‬ ‫رسول هللا (ﷺ) «ايت َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫رت‬ ‫القيامة‬ ‫يوم‬ ‫فأستفتح ُ‬ ‫أنت؟ فأَول حمم ﴾د فيقول بَ َ‬ ‫ك أُم ُ‬ ‫فيقول اْلا َز ُن َم حن َ‬ ‫اجلنة َ‬ ‫ُ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫أال أفتح ٍ‬ ‫وتدخل املَلئكة عليهس من هاهنا ومن‬ ‫‪:‬‬ ‫ْثري‬ ‫ك‬ ‫ابن‬ ‫َال‬ ‫‪.‬‬ ‫ْلحد َبلَك»‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫هاهنا َبلتهنئة بدخول اجلنة فعند دخوهلس إَيها تَ​َف ُد عليهس املَلئكة مسلمني‬ ‫مهنئني هلس ّبا حصل هلس من هللا من التقريب واإلنعام واإلَامة ِف دار السَلم ِف‬ ‫جوار الصادَني واْلنبياء والرسل الكرام(‪.)2‬‬

‫‪ - 11‬خزنة النار‪:‬‬

‫ُصلَ َيه َس َقَر ۝ َوَما أ حَد َر َاك َما َس َقُر ۝ َال تُحب َقْي َوَال تَ َذ ُر ۝‬ ‫﴿سأ ح‬ ‫َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫احة﴾ لَحلبَ َش َر ۝ َعلَحي َها تَ حس َعةَ َع َشَر [المدثر‪.]30-26 :‬‬ ‫لَهو َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫مسلس (‪.)97 188/1‬‬

‫(‪)2‬‬

‫تفسري ابن كْثري (‪.)510/2‬‬

‫‪149‬‬


‫فهؤالء التسعة عشر هس خزنةُ جهنس العيام ومعهس من املَلئكة َخ حل ﴾ق ال‬

‫ك إَهال ُه َو [المدثر‪.]31 :‬‬ ‫ود َربَ َ‬ ‫﴿وَما يَ حعلَ ُس ُجنُ َ‬ ‫َيصيهس إال هللا ولذلك عقب بقوله‪َ :‬‬ ‫مالك عليه السَلم‪.‬‬ ‫وأعيس هؤالء اْلزنة ﴾‬ ‫وَد تقدم وَد وصف هللا عز وجل هؤالء املَلئكة بصفات عييمة ُتأل‬ ‫هَ‬ ‫ين َآمنُوا َُوا أَنح ُف َس ُك حس َوأ حَهلَي ُك حس َان ارا‬ ‫النفوس خوفا ومهابةا َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫﴿َي أَيُّ َها الذ َ‬ ‫َ‬ ‫وَُودها النهاس وا حْلَجارةُ علَي ها م َ​َلئَ َكة﴾ غَ َ​َل ﴾ َ‬ ‫اّلِلَ َما أ َ​َمَرُه حس‬ ‫صو َن ه‬ ‫َ َُ‬ ‫ظ ش َد ﴾اد َال يَ حع ُ‬ ‫ُ َ َ َ َ حَ َ‬

‫َويَ حف َعلُو َن َما يُ حؤَمُرو َن [التحريم‪.)1(]6 :‬‬ ‫ظ أي طباعهس َد نزعت من َلوهبس الرْحةُ أي تركيبهس ِف غاية الشدة‬ ‫﴿غَ​َلَ ﴾‬ ‫والكْثافة واملنير املزعج(‪ )2‬كما أ هن خزنةَ النا َر يتلقون الكفار ويبشروهنس َ‬ ‫﴿ش َد ﴾اد‬

‫ويلوموهنس على عدم طاعة هللا ورسوله (ﷺ) كما َال تعاىل‪﴿ :‬و َس ه َ‬ ‫ين‬ ‫َ َ‬ ‫يق الذ َ‬ ‫َك َفروا إَ َىل جهنهس زمرا ح هّت إَذَا جاء َ‬ ‫ال َهلُحس َخَزنَتُ َها أَ​َملح َأيحتَ ُك حس‬ ‫ت أَبح َو ُاهبَا َوَ َ‬ ‫وها فُت َح ح‬ ‫ََُ‬ ‫َ َ َ َُ ا َ‬ ‫ُ‬ ‫رسل َمحن ُكس ي حت لُو َن علَي ُكس آَي َ‬ ‫ت َربَ ُك حس َويُحن َذ ُرونَ ُك حس لَ​َقاءَ يَ حوَم ُك حس َه َذا َالُوا بَلَى‬ ‫َح ح َ‬ ‫ُ​ُ ﴾ ح َ‬ ‫اب علَى الح َكافَ َرين َ​َيل ادخلُوا أَب واب جهنهس خالَ َ‬ ‫ولَ َ‬ ‫ت َكلَمةُ الحع َذ َ‬ ‫ه‬ ‫ين فَ َيها‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ح‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬

‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ين [الزمر‪.]72-71 :‬‬ ‫س َمْثح َوى الح ُمتَ َكرب َ‬ ‫فَبحئ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وَال تعاىل‪﴿ :‬تَ َك ُ‬ ‫اد َُتَيه ُز م َن الحغَحيظ ُكله َما أُلحق َْي ف َيها فَ حو ﴾ج َسأَ َهلُحس َخَزنَتُ َها أَ​َملح‬ ‫اّلِلُ َم حن َش حْي ٍء إَ حن أَنحتُ حس‬ ‫َأيحتَ ُك حس نَ َذ ﴾ير َالُوا بَلَى َ حد َجاءَ َان نَ َذ ﴾ير فَ َك هذبحنَا َوَُ حلنَا َما نَهزَل ه‬ ‫ض َ​َل ٍل َكبَ ٍري [الملك‪.]9-8 :‬‬ ‫إَهال َِف َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص ‪.151‬‬

‫(‪)2‬‬

‫املصدر نفسه ص (‪ ،)151‬تفسري ابن كْثري (‪.)391/4‬‬

‫‪150‬‬


‫أهل النا َر ‪ -‬والعياذ َبلل ‪ -‬ينادون اْلزنةَ أ حن يشفعوا هلس عند هللا لتخفيف‬ ‫و ُ‬

‫ما هس فيه من العذاب فيجيبوهنس بلومهس على ما فرطوا ِف اْلياة كما َال تعاىل‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ال اله َ‬ ‫َ َ‬ ‫ف َعنها ي وما َمن الحع َذ َ‬ ‫اب َالُوا‬ ‫ذ‬ ‫ين َِف النها َر ْلَ​َزنَة َج َهن َهس حادعُوا َربه ُك حس ُخيَف ح َ ح ا َ َ‬ ‫َ‬ ‫﴿وَ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫أَوَمل تَ ُ َ‬ ‫ين إَهال‬ ‫َح‬ ‫ك َ​َتحتي ُك حس ُر ُسلُ ُك حس َبلحبَ ينَات َالُوا بَلَى َالُوا فَ حادعُوا َوَما ُد َعاءُ الح َكاف َر َ‬ ‫َ‬ ‫َِف َ ٍ‬ ‫ك لَيَ حق َ‬ ‫ال‬ ‫ك َ​َ‬ ‫ض َعلَحي نَا َربُّ َ‬ ‫﴿و َان َد حوا َ​َي َمال ُ‬ ‫ض َ​َلل [غافر‪ ]50-49 :‬وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫إَنه ُك حس َماكَْثُو َن لَ​َق حد َجحئ نَا ُك حس َ​َب حْلَ​َق َولَ َك هن أَ حكْثَ​َرُك حس لَلح َح َق َكا َرُهو َن [الزخرف‪.]78-77 :‬‬ ‫وهؤالء املَلئكة هبس من القوةَ و َ‬ ‫العيمة ما يعلهس يدخلون النار وخيرجون‬ ‫منها ويعذبون أهلها وهس ساملون من هذا العذاب العييس بل ثبت أهنس يروهنا‬ ‫زمام سبعون ألف ٍ‬ ‫كل ٍ‬ ‫ألف ٍ‬ ‫زمام مع َ‬ ‫ملك فعن ابن مسعود‬ ‫يوم القيامة‬ ‫بسبعني َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ألف ٍ‬ ‫زمام مع ك َل‬ ‫يوم القيامة هلا سبعو َن َ‬ ‫َال‪َ :‬ال رسول هللا (ﷺ) «يؤتى جبهنهس َ‬ ‫زمام سبعو َن ألف ملَ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ك يروهنا»(‪.)1‬‬ ‫َ‬

‫اثنياً ‪ -‬أعمال املالئكة املتعلقة ابلكون‪:‬‬ ‫إن أعمال املَلئكة ووظائفهس ال تقتصر على تلك اْلعمال املتعلقة‬ ‫َبإلنسان بل إهنس يقومون ِبعمال كْثرية تتصل َبلكون وما فيه من أشياء‬ ‫وأحداث‪.‬‬ ‫فمنهس من َيمل عرش الرْحن ومنهس املوكل بسوق السحاب إىل حيث‬ ‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)152‬‬

‫‪151‬‬


‫يشاء هللا ومنهس املوكل َبجلبال إىل غري ذلك من اْلعمال اليت يقومون هبا تنفيذا‬ ‫ْلَدار هللا تعاىل ِف اْللق‪.‬‬

‫فكل حر ٍ‬ ‫كة ِف السماوات واْلرض من حركات اْلفَلك‬ ‫يقول ابن القيس ُّ‬

‫والنجوم والشمس والقمر والرَيح والسحاب والنبات واْليوان فهْي انشئة﴾ عن‬ ‫املَلئكة املوكلني َبلسماوات واْلرض كما َال تعاىل‪﴿ :‬فَالحم َدبَر َ‬ ‫ات أَحمارا وَال‬ ‫ُ َ‬ ‫تعاىل‪﴿ :‬فَالحم َق َسم َ‬ ‫ات أ حَمارا وهْي املَلئكةُ عند أهل اإلميان وأتباع الرسل عليهس‬ ‫ُ َ‬ ‫السَلم وأما املكذبون َبلرسل املنكرون للصانع فيقولون هْي النجوم(‪.)1‬‬

‫وال يعين هذا أ هن للمَلئكة فعَلا مستقَلا عن هللا تعاىل بل إ هن الفعل فعل‬ ‫هللا‪ ،‬واْللق خلقه وليس املَلئكة شركاء لل ِف فعله وما يقومون به إّما هو بعلس‬ ‫هللا تعاىل وإرادته عز وجل وَدرته فالقرآن خيربان ِب هن املَلئكةَ يتوفون الناس ولك هن‬ ‫هللا عز وجل منه اإلحياء واإلماتة والفعل كله‪.‬‬

‫َ‬ ‫لإلنسان نفعا وال‬ ‫ُتلك‬ ‫نعلس‬ ‫ونؤمن أ هن املَلئكةَ ال ُ‬ ‫َ‬ ‫ووفقا هلذا ينبغْي أن َ‬ ‫يطلب منها ذلك أو يدعوها جللب نف ٍع أو دفع‬ ‫ضرا ومن مثَه ال ُ‬ ‫يوز لإلنسان أن َ‬

‫ضر بل الدعاءُ والتوجه والطلب ال يكون إال لل وحده وَد أخربان القرآن الكرمي‬

‫اْللق كله والفعل كله واْلمر‬ ‫ِب هن املَلئكةَ ال شفاعة هلا إال إبذن هللا ورضاه إذ إن َ‬ ‫َ‬ ‫كله لل وحده َال تعاىل‪﴿ :‬وَكس َمن ملَ ٍ‬ ‫اعتُ ُه حس َشحي ئاا‬ ‫ك َِف ال هس َم َاوات َال تُ حغ َين َش َف َ‬ ‫َ ح حَ‬ ‫إَهال َمن ب ع َد أَ حن أيح َذ َن ه َ‬ ‫ضى [النجم‪.]26 :‬‬ ‫اّلِلُ ل َم حن يَ َشاءُ َويَحر َ‬ ‫ح َح‬ ‫َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫إغاثة اللهفان البن القيس ص (‪.)125‬‬

‫‪152‬‬


‫وَد يْثار السؤال ملاذا َع َه َد هللا إىل املَلئكة هبذه املهمات اجلسيمة املتعددة‬

‫مع أ هن هللا ال يعجز شْيء﴾ ِف اْلرض وال ِف السماء؟‬

‫َ‬ ‫لسلطان هللاَ وعيي َس‬ ‫ولإلجابة على ذلك نقول إن ذلك ليس إال ميهرا‬

‫ملكه وإظهارا لقدرته املعنوية ِف ميهر حسْي يتَلئس مع تصور اإلنسان واملألوف‬ ‫ِف حياته(‪.)1‬‬ ‫ومعلوم أن هللا عز وجل الذي خلق هؤالء املَلئكة وأوالهس هذه الطاَة‬ ‫لكن شاء هللا عز وجل أن يُيح َهَر‬ ‫غريُ حمتاج إىل وساطتهس وسببيتهس ِف شْيء و ح‬ ‫(‪)2‬‬ ‫سلطانه وَوته لعباده َبلشكل الذي ألفوه ِف حياُتس وتعودته أخيلتهس وأفكارهس‬ ‫كما ييهر هذا اْللُق من خَلل اْلسباب اليت ربط هللا بينها وبني املسببات‪.‬‬ ‫َ‬ ‫تقوم به املَلئكةُ منافا اة ملا‬ ‫أليس ِف اإلميان هبذا الدور الذي ُ‬ ‫وَد يقال أيضا َ‬ ‫يقوله العلس اْلديث من وجود َوانني ونواميس ٍ‬ ‫ط هذا الوجود؟‬ ‫كونية تضبَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خملوَات هللا‬ ‫ولإلجابة على ذلك نقول إن هذه القوانني واْلسباب هْي من‬ ‫تعاىل واملَلئكةُ موكلة﴾ هبا أيضا وموكلة﴾ برعايتها كما ترى املخلوَات اْلخرى(‪.)3‬‬

‫ومن أعمال املالئكة يف الكون‪:‬‬ ‫‪ - 1‬محلة العرش‪:‬‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬اله َذين َ​َي َ‬ ‫ش َوَم حن َح حولَهُ يُ َسبَ ُحو َن َِبَ حم َد َرهبَ​َ حس َويُ حؤَمنُو َن بَ​َه‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ح‬ ‫َ‬ ‫حَ‬ ‫(‪)1‬‬

‫كربى اليقينيات‪ ،‬للبوطْي ص (‪.)278‬‬

‫(‪)2‬‬

‫املرجع نفسه ص ‪.292‬‬

‫(‪)3‬‬

‫اإلميان‪ ،‬حممد نعيس َيسني ص (‪.)46‬‬

‫‪153‬‬


‫ويست حغ َفرو َن لَله َذين آمنوا ربهنا و َسعت ُك هل شْي ٍء ر حْحةا و َع حلما فَا حغ َفر لَله َ‬ ‫ين َ​َتبُوا‬ ‫ذ‬ ‫َ َُ َ َ َ ح َ‬ ‫ح‬ ‫َح َ َ َ ا‬ ‫َ‬ ‫َ​َ حَ ُ‬ ‫واتهب عوا سبَيلَ َ‬ ‫اجلَ َحي َس [غافر‪.]7 :‬‬ ‫اب ح‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫ك َوَ َه حس َع َذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك فَ حوَ ُه حس يَ حوَمئَ ٍذ َمثَانَيَة﴾‬ ‫ش َربَ َ‬ ‫﴿والح َملَ ُ‬ ‫ك َعلَى أ حَر َجائ َها َوَحَيم ُل َعحر َ‬ ‫وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫ت اآلَيت الكرمية على أ هن املَلئكةَ من َ‬ ‫[الحاقة‪ .]17 :‬ودل َ‬ ‫مجلة خلقه َيملون عرشه‬ ‫واخرون يكونون حوله وعلى أنه يوم القيامة َيمله مثانية إما مثانية أمَلك وإما‬ ‫مثانية أصناف وصفوف(‪.)1‬‬ ‫‪ - 2‬املوكلون ابلسحاب واملطر‪:‬‬ ‫ات زجرا ۝ فَالتهالَي َ‬ ‫َ َ‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬وال ه َ‬ ‫ات َذ حكارا‬ ‫ص افا ۝ فَالهزاجَر َ اح‬ ‫صافهات َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫[الصافات‪ .]3-1 :‬ورد ِف تفسري هذه اآلَيت الكر َ‬ ‫الصفات من صفات‬ ‫ميات أ هن هذه‬ ‫املَلئكة عليهس السَلم وأن هللا أَسس َبملَلئكة الصافات بني يديه سبحانه وتعاىل‬ ‫السحاب وتسوَه إىل حيث أمرها هللا وَبملَلئكة اليت تنزل‬ ‫تزجُر‬ ‫َ‬ ‫وَبملَلئكة اليت ُ‬

‫َبلقرآن والكتب من عند هللا سبحانه(‪.)2‬‬

‫يهود إىل النب (ﷺ) فقالوا َي‬ ‫أَبلت ﴾‬ ‫وعن ابن عباس رضْي هللا عنه َال ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َبلسحاب‬ ‫املَلئكة ُم حوَك ﴾ل‬ ‫ك َم َن‬ ‫أَب القاسس أخربان عن الرعد ما هو؟ َال‪َ « :‬ملَ ﴾‬ ‫الصوت‬ ‫حيث شاءَ هللا» فقالوا فما هذا‬ ‫يسوق هبا‬ ‫يق من ان ٍر ُ‬ ‫السحاب ُ‬ ‫ُ‬ ‫معه خمار ُ‬ ‫َ‬ ‫حيث أ َُمَر» َالوا‪:‬‬ ‫حيث ينتهْي إىل ُ‬ ‫زجرهُ ُ‬ ‫زجرهُ‬ ‫َ‬ ‫السحاب إذا َ‬ ‫الذي يُ حس َم ُع؟ َال « ُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)144‬‬

‫(‪)2‬‬

‫تفسري ابن كْثري (‪.)2/4‬‬

‫‪154‬‬


‫صدَت اْلديث(‪.)1‬‬ ‫َ‬ ‫الصوت‬ ‫للسحاب مَلئكة﴾ يسوَونه وأ هن هذا‬ ‫يفيد أ هن‬ ‫وهذا اْلديث إّما ُ‬ ‫َ‬ ‫صوت هذه املَلئكة وَد يكو ُن اصطكاك السحاب وال‬ ‫الذي يُ حس َمع َد يكو ُن َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫تسمية امللك املوكل َبلسحاب َبسس الرعد وَد ص هح أ هن‬ ‫يدل وهللا أعلس على‬

‫كل َبل َقطح َر هو ميكائيل عليه السَلم ومعه أعوا ﴾ن يعملون ما أيمرهس‬ ‫امللك املو َ‬ ‫به(‪.)2‬‬ ‫ميكائيل ُم َوهك ﴾ل َبلقطر والنبات اللذين خيلق هللا منهما اْلرزاق‬ ‫َال ابن كْثري‬ ‫ُ‬

‫السحاب‬ ‫َيح و‬ ‫َ‬ ‫ِف هذه الدار وله أعوان يفعلون ما أيمرهس به ِبمر ربه يصرفون الر َ‬ ‫َ‬ ‫َبلسحاب أَوى من‬ ‫كل‬ ‫الرب جل وعَل(‪،)3‬‬ ‫كما يشاء ُّ‬ ‫ُ‬ ‫وحديث ميكائيل وأنه مو ﴾‬ ‫(‪)4‬‬ ‫ابن كْث ٍري على‬ ‫ج‬ ‫احت‬ ‫فقد‬ ‫‪،‬‬ ‫حديث ابن عباس ِف تسمية املوكل َبلسحاب رعدا‬ ‫ه‬ ‫ُ‬

‫إثبات عمل ميكائيل عليه السَلم ِبديث ابن عباس رضْي هللا عنهما وفيه أ هن‬ ‫النب (ﷺ) سأل جربيل عليه السَلم على أي ٍ‬ ‫شْيء ميكائيل فقال على َ‬ ‫النبات‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ (‪)5‬‬ ‫فميكائيل عليه السَلم هو املوكل بذلك وهللا أعلس ومعه أعوا ﴾ن من‬ ‫والقطر‬ ‫ُ‬ ‫املَلئكة ينفذون أمره(‪.)6‬‬

‫(‪)1‬‬

‫سنن الرتمذي (‪ ، )257/4‬رَس (‪ ، )5121‬السلسلة ‪ ،‬لأللباين رَس (‪.)1872‬‬

‫(‪)2‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)54‬‬

‫(‪)3‬‬

‫البداية والنهاية (‪.)41/1‬‬

‫(‪)4‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)54‬‬

‫(‪)5‬‬

‫صحيح بشواهد‪.‬‬ ‫رواه ابن أّب شيبة رَس (‪ )75‬إسناده‬ ‫﴾‬

‫(‪)6‬‬

‫مسلس (‪ )2288/4‬رَس (‪.)2984‬‬

‫‪155‬‬


‫َ‬ ‫حديث أّب هريرة رضْي هللا عنه عن‬ ‫أعجب ما يُروى ِف ذلك‬ ‫ومن‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫فسمع صوَتا ِف‬ ‫رجل بفَلةٍ من‬ ‫َ‬ ‫سحابة اس َق حديقةَ‬ ‫اْلرض َ‬ ‫النب(ﷺ) َال «بينا ﴾‬ ‫غ ماءه ِف حرةٍ فإذا َشرجة﴾(‪ )1‬من تلك َ‬ ‫ٍ‬ ‫الشر َاج‬ ‫فَلن فتنحى ذلك‬ ‫ُ‬ ‫حَ‬ ‫َ‬ ‫السحاب فأفر َ َ‬ ‫ه‬ ‫رجل ِف حديقته َيو ُل املاءَ ّبسحاته‬ ‫َد استوعبت ذلك املاءَ كله فتتبع املاء فإذا ﴾‬ ‫فقال له َي َ َ‬ ‫مسع ِف السحابة ‪ -‬فقال‬ ‫عبد هللا ما امسك؟ َال فَلن ‪ -‬لَلسس الذي َ‬ ‫َ​َ‬ ‫مسعت صوَتا ِف السحاب الذي هذا‬ ‫له َي َ‬ ‫عبد هللا ملَ تسألين عن امسْي؟ فقال َإين ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ماؤه يقول َ‬ ‫َلت هذا َ‬ ‫فإين‬ ‫تصنع فيها؟ َال أما إ حذ َ‬ ‫اسق حديقةَ فَلن المسك فما ُ‬ ‫ارد فيها ثلْثه»‬ ‫اكل أان وعياِل ثلْثا و ُّ‬ ‫ج منها فأتصد ُ‬ ‫أنير إىل ما خير ُ‬ ‫ُ‬ ‫هق بْثلْثه و ُ‬

‫(‪)2‬‬

‫إثبات املَلئكة املوكلني َبلسحاب وأهنس يسوَونه وأيمرونه‬ ‫وِف هذا اْلديث ُ‬

‫كَلم املَلئكة بعضهس ٍ‬ ‫لبعض مث‬ ‫ويكلمونه ورّبا كان‬ ‫الكَلم الذي مسعه الرجل َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الصدَة عن املساكني واحملتاجني‬ ‫فضل‬ ‫ساَه امللك املوكل هبذه السحابة وفيه ُ‬ ‫َ‬ ‫السحاب‬ ‫يسوَون‬ ‫َلئكته‬ ‫م‬ ‫أرسل‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫املتصد‬ ‫ض هللا‬ ‫َ‬ ‫حيث عو َ‬ ‫ليسقْي أرضه جزاءا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫على صدَته وإحسانه إىل الفقري وإىل أهل بيته(‪.)3‬‬ ‫‪ - 3‬ملك اجلبال‪:‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫أرسل ملك اجلبال‬ ‫تقدم‬ ‫ُ‬ ‫اْلديث ِف صفات املَلئكة أ هن هللا سبحانه وتعاىل َ‬

‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)155 ، 154‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسلس (‪.)2984‬‬

‫(‪)3‬‬

‫املصدر نفسه ص (‪.)155 154‬‬

‫‪156‬‬


‫(‪)1‬‬ ‫ليطبق على أهل مكة اْلخشب َ‬ ‫دليل‬ ‫هذا‬ ‫وِف‬ ‫‪،‬‬ ‫ني إذا أمره النب (ﷺ) بذلك‬ ‫َ‬ ‫﴾‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ضخامة َ‬ ‫خلق هؤالء‬ ‫دليل على‬ ‫على أ هن للجبال مَلئكةا موكلون هبا وفيه كذلك ﴾‬ ‫ملك و ٍ‬ ‫املَلئكة املوكلني َبجلبال فكو ُن ٍ‬ ‫يستطيع أن يُطحبَ َق جبلني على َ‬ ‫أهل‬ ‫احد‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إطباق اجلبل َ‬ ‫هني‬ ‫أصبح‬ ‫ُ‬ ‫ني َ‬ ‫أمر ﴾‬ ‫عنده ﴾‬ ‫مكة يعين أنه من الضخامة والقوة ِبيث َ‬ ‫ينفذه فور موافقة النب (ﷺ) على ذلك ومن َ َ‬ ‫عث‬ ‫فضل هللا على هذه اْلمة أ حن ب َ‬ ‫َ‬ ‫هلا نبينا (ﷺ) وهو الرْحةُ املهداةُ(‪ ،)2‬وَد ذكر هللا ذلك ِف َوله تعاىل‪﴿ :‬لَ​َق حد‬ ‫َ​َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫جاء ُكس رس ﴾ َ‬ ‫وف‬ ‫ني َرءُ ﴾‬ ‫يص َعلَحي ُك حس َ​َبلح ُم حؤمن َ‬ ‫ول م حن أَنح ُفس ُك حس َع َز ﴾يز َعلَحيه َما َعنت حُّس َح َر ﴾‬ ‫َ َ ح َُ‬ ‫َرَح ﴾يس [التوبة‪.]128 :‬‬

‫‪ - 4‬املالئكة احلافون مبكة واملدينة‪:‬‬

‫ٍ‬ ‫سيطؤه‬ ‫عن أنس رضْي هللا عنه عن َ‬ ‫النب (ﷺ) َال « ليس من بلد إال ُ‬ ‫َ‬ ‫قب إال عليه املَلئكةُ صافَني‬ ‫ال هد هج ُ‬ ‫ال‪ ،‬إال مكةَ واملدينةَ‪ ،‬ليس له من نقاهبا نَ ﴾‬ ‫ٍ‬ ‫كل كاف ٍر‬ ‫ترجف املدينةُ ِبهلَها‬ ‫َيرسوهنا‪ ،‬مث‬ ‫َ‬ ‫َج هللاُ ه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ثَلث رجفات‪ ،‬فيُخر ُ‬

‫ٍ‬ ‫ومنافق‪».‬‬

‫(‪)3‬‬

‫حديث اجلساسة املشهور َال‬ ‫وِف حديث ُتيس الداري رضْي هللا عنه وهو‬ ‫ُ‬ ‫«إنين أان املسيح وأان َ‬ ‫ك أن أيذ َن ِل ِف اْلروج فأخر ُج فأسريُ ِف اْلرض فَل‬ ‫أوش ُ‬ ‫ُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫البخاري رَس (‪ )3059‬مسلس رَس (‪ ،)1795‬واْلخشبان مها جبل أّب َبيس وجبل َعيقعان (جبل هندي)‪.‬‬

‫(‪)2‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)155‬‬

‫(‪)3‬‬

‫البخاري رَس (‪.)1782‬‬

‫‪157‬‬


‫بعني ليلةا غري مكة وطيبة فهما حمرمتان علْي كلتامها‬ ‫أدعُ َريةا إال هبطتها ِف أر َ‬ ‫السيف صلتا‬ ‫ك بيده‬ ‫أدخل واحد اة أو واحد اة منها ‪ -‬استقبلين َملَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫كلما ُ‬ ‫أردت أن َ‬ ‫يصدُّين عنها وإن على ُك َل ن حق ٍ‬ ‫ب منها مَلئكة﴾ َيرسوهنا»(‪.)1‬‬ ‫‪ - 5‬املالئكة املوكلون ابلشام‪:‬‬

‫َ‬ ‫َسَرى بَ َعحب َدهَ لَحي اَل َم َن‬ ‫﴿سحب َحا َن الهذي أ ح‬ ‫ُ‬ ‫الشام بَلد مباركة كما َال تعاىل‪ُ :‬‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫آَيتَنَا إَنههُ ُه َو‬ ‫الح َم حسجد ا حْلَ​َرام إَ َىل الح َم حسجد حاْلَ​َح َ‬ ‫صى الهذي َ​َب َرحكنَا َح حولَهُ لنُ َريَهُ م حن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تمع‬ ‫ُسري َبلنب (ﷺ) فاج َ‬ ‫ال هسم ُ‬ ‫يع الحبَصريُ [اإلسراء‪ ]1 :‬فإىل مسجدها اْلَصى أ َ‬ ‫َبْلنبياء عليهس السَلم وأمهس ومنه عرج مع جربيل إىل السماء وَ​َصةُ اإلسراء‬ ‫واملعراج معروفة والقصد التنبيه على فضل املكان‪.‬‬ ‫مسجدها أحد املساجد الْثَلثة اليت تُ َش ُّد إليها‬ ‫مما يدل على فضلها أن‬ ‫َ‬ ‫مسعت رسول هللا‬ ‫الرحال كما ِف حديث أّب سعيد اْلدري رضْي هللا عنه َال‬ ‫ُ‬ ‫املسجد اْلرام وامل َ‬ ‫َ‬ ‫الرحال إال إىل َ‬ ‫سجد‬ ‫مساجد‬ ‫ثَلثة‬ ‫(ﷺ) يقول «ال تُ َش ُّد‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫اْلَصى ومسجدي هذا»(‪.)2‬‬

‫ومما يدل على فضل الشام أ هن املَلئكةَ َبسطة﴾ أجنحتها عليه كما جاء‬ ‫حديث ز َ‬ ‫يد ب َن ٍ‬ ‫َ‬ ‫رسول هللاَ (ﷺ) «طوَب‬ ‫ذلك ِف‬ ‫اثبت رضْي هللا عنه َال‪َ :‬ال ُ‬

‫(‪)1‬‬

‫رواه مسلس رَس (‪.)2942‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسلس رَس (‪.)827‬‬

‫‪158‬‬


‫َ‬ ‫للشام إ هن مَلئكةَ الرْح َن َبسطة﴾ أجنحتَها عليه»(‪.)1‬‬

‫ٍ‬ ‫أبعمال أُخرى وبعض الفوائد‪:‬‬ ‫قيامهم‬ ‫اثلثاً ‪ُ -‬‬

‫ابن القيس أه هس أعمال املَلئكة فقال فإهنس موكلون بتخليقه ‪ -‬أي‬ ‫َد ْلص ُ‬ ‫َ‬ ‫اليلمات الْثَلث‬ ‫اإلنسان ‪ -‬ونقلَه من طوٍر إىل طوٍر وتطويره وحفيه ِف أطباق‬

‫رزَه وعمل َه و َ‬ ‫وكتاب َة َ‬ ‫أجله وسعادت َه وشقاوت ه ومَلزمت ه ِف مجيع أحواله وإحصاء‬ ‫وعرضها على َ‬ ‫عند وفاته َ‬ ‫َ‬ ‫خالق َه‬ ‫أَواله وأفعاله وحفيه ِف حياته‬ ‫وَبض روحه َ‬

‫وفاط َره‪.‬‬

‫وهس املوكلون بعذابه ونعيمه ِف الربزخ وبعد البعث وهس املوكلون بعمل َ‬ ‫االت‬

‫النعيس والعذاب‪.‬‬ ‫وهس املْثبتون للعبد املؤم َن إبذن هللا واملعلمون له ما ينفعه واملقاتلون الذابون‬ ‫عنه وهس أولياؤه ِف الدنيا واالخرة وهس الذين يَعَ ُدونه َبْلري ويدعونه إليه وينهونه‬ ‫عن الشر وَيذرونه منه فهس أولياؤه وأنصاره وحفيته ومعلموه وانصحوه والداعون‬ ‫إليه واملستغفرون له‪.‬‬ ‫وهس الذين يصلون عليه ما دام ِف طاعة ربه ويصلون عليه ما دام يعلس‬ ‫الناس اْلري ويبشرونه بكر َ‬ ‫وعند موته ويوم بعْثه‪.‬‬ ‫امة هللا تعاىل ِف منامه َ‬ ‫َ‬ ‫وهس الذين يزهدونه ِف الدنيا ويرغبونه ِف االخرة‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫السلسلة الصحيحة (‪ )5/2‬أطال اْللباين البحث فيه‪ ،‬وخلص إىل صحيحه‪.‬‬

‫‪159‬‬


‫وهس الذين يُذكرونه إذا نسْي ويُنشطونه إذا كسل ويْثبتونه إذا جزع‪.‬‬ ‫رسل هللاَ ِف خلقه وأمره‬ ‫وهس الذين يَ حس َع حون ِف مصاحل دنياه واخرته فهس ُ‬ ‫عد إليه‬ ‫عنده َبْلمر من عنده ِف أَطار العامل وتص ُ‬ ‫وسفراؤه بينه وبني عباده تتنزُل َ‬ ‫َبْلمر(‪.)1‬‬ ‫ومن وظائف املَلئكة القيام ِبعمال أخرى أيمرهس هللا هبا ورد ذكرها ِف‬ ‫بيان تفصيلْي عنها كقوله تعاىل‪﴿ :‬وال ه َ‬ ‫القرآن الكرمي دو َن ٍ‬ ‫ص افا۝‬ ‫صافهات َ‬ ‫َ‬ ‫ات َذ حكرا [الصافات‪ .]3-1 :‬وَال تعاىل‪﴿ :‬وال هذا َرَي َ‬ ‫ات زجرا ۝ فَالتهالَي َ‬ ‫َ َ‬ ‫ت‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫فَالهزاجَر َ ح ا‬ ‫ت يسرا ۝ فَالحم َق َسم َ‬ ‫اجلا َرَي َ‬ ‫اْل َام َ​َل َ‬ ‫َ‬ ‫ات أ حَمارا‬ ‫ف‬ ‫۝‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َذ حراوا ۝ فَ حَ‬ ‫ُ َ‬ ‫حا‬ ‫ا‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ص افا ۝‬ ‫﴿والح ُمحر َس َ​َلت عُحرفاا ۝ فَالح َعاص َفات َع ح‬ ‫[الذاريات‪ .]4-1 :‬وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫ات فَرَاا ۝ فَالحم حل َقي َ‬ ‫ات نَ حشرا ۝ فَالح َفا َرَ َ‬ ‫هاشر َ‬ ‫َ‬ ‫ات َذ حكارا‪ ٥‬عُ حذ ارا أ حَو نُ حذ ارا‬ ‫ُ َ‬ ‫ح‬ ‫ا‬ ‫َوالن َ‬ ‫[المرسالت‪.)2( ]6-1 :‬‬

‫ومن األعمال األخرى‪:‬‬ ‫‪ - 1‬إهالك األمم املكذبة‪:‬‬ ‫وإهَلك اْلمس املكذبة‬ ‫العذاب الشديد‬ ‫ومن املهام املنوطة َبملَلئكة إنزاهلس‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫﴿ولَ​َق حد أ حَهلَ حكنَا الح ُقُرو َن َم حن َ حبلَ ُك حس‬ ‫للرسل ِبمر هللا تعاىل وَد ورد ِف َوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لَ هما ظَلَموا وجاء حُتُس رسلُهس َ​َبلحب يَنَ َ‬ ‫ك َحَن َزي الح َق حوَم‬ ‫ات َوَما َكانُوا ليُ حؤَمنُوا َك َذل َ‬ ‫ُ َ َ َ ح ُ​ُ ُح َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫إغاثة اللهفان (‪.)126 125/2‬‬

‫(‪)2‬‬

‫على َول أهنا من املَلئكة‪.‬‬

‫‪160‬‬


‫َ‬ ‫ني [يونس‪ .]13 :‬وَوله تعاىل‪﴿ :‬فَ َك هذبوه فَنَ هجي نَاه ومن معه َِف الح ُف حل َ‬ ‫ك‬ ‫الح ُم حج َرم َ‬ ‫ُ ُ ح ُ َ​َ ح َ َُ‬ ‫َ‬ ‫هَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ين‬ ‫ين َك هذبُوا َِب َ​َيتنَا فَانحيُحر َكحي َ‬ ‫اه حس َخ َ​َلئ َ‬ ‫َو َج َع حلنَ ُ‬ ‫ف َكا َن َعاَبَةُ الح ُمحن َذر َ‬ ‫ف َوأَ حغَرَح نَا الذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫يل الحبَ ححَر فَأَتح بَ َع ُه حس ف حر َع حو ُن َو ُجنُ ُ‬ ‫ودهُ‬ ‫[يونس‪ .]73 :‬وَال تعاىل‪َ :‬‬ ‫﴿و َج َاوحزَان ببَ​َين إ حسَرائ َ‬ ‫َ‬ ‫ت بَ​َه بَنُو‬ ‫بَ حغياا َو َع حد اوا َح هّت إَ َذا أ حَد َرَكهُ الحغَ​َر ُق َ َ‬ ‫ت أَنههُ َال إَلَهَ إَهال الهذي آ َمنَ ح‬ ‫ال َآمحن ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ني [يونس‪.]90 :‬‬ ‫يل َوأ َ​َان م َن الح ُم حسلم َ‬ ‫إ حسَرائ َ‬ ‫ابن جرير عن اب َن عب ٍ‬ ‫النب (ﷺ) َال‪« :‬ملا َال فرعو ُن ال إله‬ ‫اس عن َ‬ ‫روى ُ‬

‫اب» وِف رواية أخرى «ملا َ‬ ‫يل َيشو ِف فيه َ‬ ‫الطني والرت َ‬ ‫أغرق هللاُ‬ ‫جعل جرب ُ‬ ‫إال هللا َ‬ ‫فرعو َن َال جربيل َي حممد لو رأيتَين وأان اخذ من ْحأةَ البح َر و ُّ‬ ‫أدسه ِف فيه خمافةَ‬

‫أن تد َرَكهُ الرْحةُ»(‪.)1‬‬

‫ت ُر ُسلُنَا لُوطاا َسْيءَ هبَ​َ حس‬ ‫﴿ولَ هما َجاءَ ح‬ ‫وِف إهَلك َوم لوط يقول جل ذكره‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫يب ۝ َو َجاءَهُ َ حوُمهُ يُ حهَرعُو َن إَلَحي َه َوَم حن َ حب ُل‬ ‫اق هبَ​َ حس ذَ حر اعا َوَ َ‬ ‫ض َ‬ ‫َو َ‬ ‫ال َه َذا يَ حو﴾م َعص ﴾‬ ‫َكانُوا ي عملُو َن ال هسيَئ َ‬ ‫اّلِلَ َوَال‬ ‫ات َ َ‬ ‫ال َ​َي َ حوَم َه ُؤَال َء بَنَ َايت ُه هن أَطح َهُر لَ ُك حس فَاته ُقوا ه‬ ‫َ‬ ‫َح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ون َِف ضي َفْي أَلَي َ‬ ‫ُختحز َ‬ ‫ك‬ ‫ت َما لَنَا َِف بَنَاتَ َ‬ ‫س محن ُك حس َر ُج ﴾ل َرشي ﴾د ۝ َالُوا لَ​َق حد َعل حم َ‬ ‫َح‬ ‫ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ال لَحو أَ هن َِل بَ ُك حس َُ هوةا أ حَو آ َوي إَ َىل ُرحك ٍن‬ ‫يد ۝ َ َ‬ ‫ك لَتَ حعلَ ُس َما نَُر ُ‬ ‫َم حن َح ٍق َوإَنه َ‬ ‫َ‬ ‫ش َد ٍ‬ ‫ك لَن ي َ‬ ‫َ‬ ‫يد۝ َالُوا َي لُو ُ َ‬ ‫ك بَ​َقطح ٍع َم َن‬ ‫َ‬ ‫َس َر َِب حَهل َ‬ ‫صلُوا إَلَحي َ‬ ‫ك فَأ ح‬ ‫ط إ هان ُر ُس ُل َرب َ ح َ‬ ‫َ‬ ‫اللهي َل وَال ي حلتَ َف َ‬ ‫َ‬ ‫َص َاهبُحس إَ هن َم حو َع َد ُه ُس‬ ‫َح ﴾د إَهال حامَرأَتَ َ‬ ‫ح َ َ ح‬ ‫ك إَنههُ ُمصيبُ َها َما أ َ‬ ‫ت محن ُك حس أ َ‬ ‫الصحبح بَ​َق َر ٍ‬ ‫يب ۝ فَلَ هما َجاءَ أ حَمُرَان َج َع حلنَا َعالَيَ َها َسافَلَ َها َوأ حَمطَحرَان‬ ‫ُّ‬ ‫س ُّ ُ‬ ‫الصحب ُح أَلَحي َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫الرتمذي رَس (‪ )3106‬حديث حسن غريب صيح‪ ،‬وهذا اْلديث رواته ثقات‪ ،‬ليس فيهس َم حن هو سْيء اْلفظ‪.‬‬

‫‪161‬‬


‫علَي ها َحجارةا َمن َس َج ٍيل محن ٍ‬ ‫َ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ني‬ ‫ضود ۝ ُم َس هوَمةا َعحن َد َربَ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ك َوَما ه َْي م َن اليهالم َ‬ ‫َ حَ َ َ ح‬ ‫بَبعَ ٍ‬ ‫يد [هود‪.)1(]83-77 :‬‬ ‫َ‬

‫‪ - 2‬تبليغ النيب (ﷺ) صالة أمته وسالمها عليه‪:‬‬

‫هَ‬ ‫َ‬ ‫صلُّوا َعلَحي َه‬ ‫صلُّو َن َعلَى النَ َ‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬إَ هن ه‬ ‫اّلِلَ َوَم َ​َلئ َكتَهُ يُ َ‬ ‫ين َآمنُوا َ‬ ‫هب َ​َي أَيُّ َها الذ َ‬ ‫وسلَموا تَسلَ‬ ‫يما [األحزاب‪.]56 :‬‬ ‫َ​َ ُ ح ا‬ ‫وَال (ﷺ) « َمن صلى علْي صَلةا واحدةا صلى هللا عليه هبا عشرا»(‪.)2‬‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ترك الصَل َة عليه فقال‪« :‬إن‬ ‫وَد حذر رسول هللا (ﷺ) َم حن َ‬ ‫البخيل َم حن ذُكحر ُ‬ ‫َ‬ ‫عنده ومل َ‬ ‫علْي»(‪.)3‬‬ ‫َ‬ ‫يصل ه‬ ‫ومن شرف النب (ﷺ) فقد وكل هللا عز وجل َبلصَلةَ عليه مَلئكةا سياحةا‬ ‫النب (ﷺ) صَلة أمته عليه كما جاء ِف حديث عبد‬ ‫يطوفون ِف اْلرض يبلغون ه‬ ‫هللا بن مسعود رضْي هللا عنه َال َال رسول هللا (ﷺ) «إن للَ مَلئكة﴾ سياحني‬ ‫َ‬ ‫اْلرض يبلغوين من أميت السَلم»(‪.)4‬‬ ‫ِف‬

‫َ‬ ‫علْي‬ ‫وَال رسول هللا (ﷺ)‪« :‬ال جتعلوا بيوتَكس َبورا وال جتعلوا َربي عحيدا وصلوا ه‬ ‫حيث كنتس»(‪ .)5‬إن هللا عز وجل َد وكل َبلصَلة على‬ ‫فإ هن صَلتَكس تبلُغين ُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫أصول االعتقاد ِف سورة يونس‪َ ،‬ذلة القحطاين ص (‪.)199‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسلس رَس (‪.)70‬‬

‫(‪)3‬‬

‫الرتمذي رَس (‪ )3614‬حسن غريب صحيح‪.‬‬

‫(‪)4‬‬

‫صحيح اجلامع (‪ ، )234/2‬جَلء اْلفهام البن القيس ص (‪.)24‬‬

‫(‪)5‬‬

‫صحيح اجلامع رَس (‪.)7103‬‬

‫‪162‬‬


‫َيرص على‬ ‫النب(ﷺ) مَلئكةا يبلغونه إَيه ِف الربزخ فينبغْي على املسلس أن‬ ‫َ‬ ‫النب (ﷺ) َبلصيغ الشرعية الصحيحة ويعلس أهنها معروضة﴾ على‬ ‫الصَلة على َ‬ ‫النب(ﷺ)(‪.)1‬‬ ‫َ‬

‫التابوت لبين إسرائيل‪:‬‬ ‫‪ - 3‬محلُهم‬ ‫َ‬

‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫﴿وَ َ‬ ‫ت فَ َيه َس َكينَة﴾‬ ‫ال َهلُحس نَبَيُّ ُه حس إَ هن آيَةَ ُم حلكه أَ حن َأيحتيَ ُك ُس التهابُو ُ‬ ‫َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫وسى َو ُ‬ ‫َم حن َربَ ُك حس َوبَ​َقيهة﴾ َممها تَ​َرَك ُ‬ ‫ك َآليَةا‬ ‫آل َه ُارو َن َححت َملُهُ الح َم َ​َلئَ َكةُ إَ هن َِف َذل َ‬ ‫آل ُم َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ني [البقرة‪.]248 :‬‬ ‫لَ ُك حس إَ حن ُكحن تُ حس ُم حؤمن َ‬ ‫خيرب تعاىل أنه َد ملك طالوت على بين إسرائيل لكنهس مل يرضوا ملكه‬ ‫كعادُتس ِف معصيتهس أوامر هللا والتكرب عليها ِبجة أنه مل يكن من بيت امل حلك‬ ‫ُ‬ ‫وليس من أهل اْلمو َال وَد جعل هللا من اآلَيت على صدق هذا امللك أَ حن أيتيَهس‬ ‫التابوت ‪ -‬وفيه بقية مما ترك أل موسى وهارون ‪ -‬حتمله املَلئكة بني السماء‬ ‫ُ‬ ‫الناس ينيرون(‪ ،)2‬وكان هذا تطمينا هلس‬ ‫واْلرض حّت وضعوه بني يدي طالوت و ُ‬ ‫خمتار من هللا تعاىل فيتابعونه ويطيعونه(‪.)3‬‬ ‫وتْثبيتا كْي يعلموا أن‬ ‫َ‬ ‫طالوت ﴾‬

‫(‪)1‬‬

‫املَلئكة املقربني ص (‪.)199‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسلس على شرح النووي (‪.)63/18‬‬

‫(‪)3‬‬

‫البخاري رَس (‪.)1244‬‬

‫‪163‬‬


‫‪ - 4‬نزول عيسى عليه السالم بصحبة ملكني‪:‬‬ ‫اخر الزمان من آَيت الساعة العيمى اليت‬ ‫إن نزول عيسى عليه السَلم َ‬

‫يؤمن هبا املسلمون وَد ه‬ ‫دل ذلك الكتاب والسنة‪:‬‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬وَوهلَ​َس إَ هان َتَ حلنَا الحم َسيح َ‬ ‫اّلِلَ َوَما َتَ لُوهُ َوَما‬ ‫ع‬ ‫يسى ابح َن َمحرَميَ َر ُسوَل ه‬ ‫َح ح‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ هَ‬ ‫اختَ لَ ُفوا فَ َيه لَ​َفْي َش ٍ‬ ‫َ َ‬ ‫ك َمحنهُ َما َهلُحس بَ​َه َم حن َع حل ٍس‬ ‫ين ح‬ ‫َ‬ ‫صلَبُوهُ َولَك حن ُشبهَ َهلُحس َوإ هن الذ َ‬ ‫إَهال اتَباع اليه َن وما َ ت لُوه ي َ‬ ‫اّلِل ع َزيزا ح َ‬ ‫اّلِل إَلَي َ‬ ‫يما‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫۝‬ ‫ا‬ ‫ين‬ ‫ق‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ُ‬ ‫ح‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫حَ‬ ‫َ‬ ‫۝ وإَ حن َمن أ حَه َل الح َكتَ َ‬ ‫اب إَهال لَيُ حؤَمنَ هن بَ​َه َ حب َل َم حوتَ​َه َويَ حوَم الح َقيَ َام َة يَ ُكو ُن َعلَحي َه حس‬ ‫َ ح‬ ‫يدا [النساء‪ .]159-157 :‬فهذه اآلَيت كما أهنا ُّ‬ ‫اليهود مل يقتلوا‬ ‫َش َه ا‬ ‫تدل على أ هن َ‬ ‫عيسى عليه السَلم ومل يصلبوه بل رفعه هللا إىل السماء كما ِف َوله تعاىل‪﴿ :‬إَ حذ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال ه َ‬ ‫ِل [آل عمران‪ ،]55 :‬فإهنا تدل على أن‬ ‫َ​َ‬ ‫ك إَ َه‬ ‫يك َوَرافعُ َ‬ ‫يسى إَ​َين ُمتَ َوف َ‬ ‫اّلِلُ َ​َي ع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اخر الزمان وذلك عند نزوله‬ ‫السَلم‬ ‫عليه‬ ‫بعيسى‬ ‫سيؤمن‬ ‫من‬ ‫الكتاب‬ ‫أهل‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫اْلحاديث املتواترة الصحيحة(‪.)1‬‬ ‫وَبل موته كما جاءت بذلك‬ ‫ُ‬

‫اخر الزمان واضعا يده على ملكني كرميني كما جاء‬ ‫وعيسى عليه السَلم ُ‬ ‫ينزل َ‬ ‫ذلك ِف اْلديث الطويل الذي رواه النواس بن مسعان وفيه «فبينما هو كذلك إذ‬ ‫دمشق بني َم حهُرَودتني(‪،)2‬‬ ‫بعث هللا‬ ‫فينزل عند املنارةَ البيضاء َ‬ ‫املسيح ابن مرمي ُ‬ ‫َ‬ ‫شرَْي َ‬ ‫َ‬

‫واضع ا كفيه على أجنحة ملكني»(‪.)3‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫مسلس رَس (‪.)183‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مهرودتني‪ :‬ثوبني مصبوغني بورس‪.‬‬

‫(‪)3‬‬

‫مسلس رَس (‪.)2700‬‬

‫‪164‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشهيد‪:‬‬ ‫املالئكة على‬ ‫‪ - 5‬تظليل‬ ‫ومنها إظَل ُهلس جلنازةَ الصحاّب اجلليل عبد هللا بن حرام اْلنصاري رضْي‬ ‫َ‬ ‫َبب َ‬ ‫وساق بسنده عن‬ ‫ظل‬ ‫املَلئكة على الشهيد َ‬ ‫هللا عنه َال البخاري رْحه هللا ُ‬ ‫النب (ﷺ) وَد ُمْثَ َل به‬ ‫جابر بن عبد هللا رضْي هللا عنهما َال َج حْيءَ ِبّب إىل َ‬ ‫أكشف عن وجهه فنهاين َومْي ومسعت صوت ٍ‬ ‫وو َضع بني يديه‪ ،‬فذهبت َ‬ ‫انئحة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫تبك أو ال تبكْي ما ز َ‬ ‫فقيل ابنة عم ٍرو‪ ،‬أو أخت عم ٍرو فقال (ﷺ) «َمل َ‬ ‫الت‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫املَلئكةُ تيلله ِبجنحتها»(‪.)1‬‬

‫‪ - 6‬شفاعتهم ألهل اإلميان‪:‬‬

‫رسول هللاَ (ﷺ)‪ُ « :‬‬ ‫عن أّب سعيد اْلدري رضْي هللا عنه َال‪َ :‬ال ُ‬ ‫فيقول هللاُ‬ ‫َ‬ ‫أرحس‬ ‫وشفع النبيون‬ ‫وجل‬ ‫شفعت املَلئكةُ‬ ‫وشفع املؤمنون ومل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يبق إال ُ‬ ‫عهز َ‬

‫الراْحني»(‪.)2‬‬

‫‪ - 7‬نزوهلم عند تالوة القرآن‪:‬‬ ‫َُسيد بن ُحضري رضْي هللا عنه(‪.)3‬‬ ‫ليستمعوا له كما حصل مع الصحاّب اجلليل أ ُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫سرية ابن هشام (‪ ،)264/3‬اْللباين ِف الصحيحة رَس (‪.)1158‬‬

‫(‪)2‬‬

‫سري أعَلم النبَلء (‪ ،)95/1‬إسناده صحيح‪.‬‬

‫(‪)3‬‬

‫واحة اإلميان عند ابن القيس لألشقر (‪.)68/2‬‬

‫‪165‬‬


‫‪ -8‬حضورهم جمالس الذكر‪:‬‬ ‫َوم يذكرو َن هللا عز‬ ‫وحفهس الذاكرين هللا تعاىل َال رسول هللا (ﷺ) «ال يقعد هن ﴾‬

‫هس هللاُ فيمن‬ ‫وجل إال حفتهس املَلئكةُ وغشيتهس الرْحةُ ونزلت عليهس السكينةُ وذَ َكَر ُ‬

‫عنده»(‪.)1‬‬

‫‪ - 9‬شهود املالئكة جلنازة الصاحلني‪:‬‬ ‫جرحه ونقله‬ ‫استشهد سعد بن معاذ اْلنصاري ِف غزوة اْلندق بعد ما انفجر ُ‬ ‫رسول هللاَ (ﷺ) فقال‬ ‫َومه فاحتملوه إىل بين عبد اْلشهل إىل منازهلس وجاء ُ‬

‫«انطلقوا» فخرج معه الصحابة وأسرع حّت تقطعت شسوع َ‬ ‫نعاهلس وسقطت‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أخاف أَ حن تسبقين‬ ‫النب (ﷺ) «إين‬ ‫ُ‬ ‫أرديتُهس فشكا إليه أصحابه ذلك فقال ُّ‬ ‫املَلئكةُ َ‬ ‫فتغسلَه كما غَسلت حنيلة» فانتهى إىل َ‬ ‫البيت وهو يغ هس ُل و ُأمه تبكْي‬ ‫ح‬ ‫وتقول‪:‬‬ ‫ويل أم س ٍ‬ ‫ح زام ةا َو َج َدا‬ ‫عد س عدا‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫فقال رسول هللا (ﷺ) « ُّ ٍ‬ ‫ب إال أُم سعد» مث خرج به َال يقول‬ ‫كل انئحة تكذ ُ‬ ‫خيف‬ ‫أخف علينا منه َال «وما مينعه أ حن ه‬ ‫له القوم ما ْحلنا ‪َ -‬ي رسول هللا ‪ -‬ميت ا ه‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َبل يومهس َد ْحلوه معكس»(‪.)2‬‬ ‫وَد هبط من املَلئكة كذا وكذا ومل يهبطوا َط َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫املصدر نفسه (‪.)82/2‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مكايد الشيطان‪ ،‬د‪َ .‬ذلة القحطاين ص (‪ )526‬إغاثة اللهفان (‪.)173 172/2‬‬

‫‪166‬‬


‫َ‬ ‫املَلئكة الذين شاركوا‬ ‫عدد‬ ‫وَد جاء ِف النهسائْي عن ابن عمر رضْي هللا عنهما ُ‬

‫العبد الصاحلُ الذي حترَك‬ ‫ِف تشييع جنازة سعد فقد َال رسول هللا (ﷺ) «هذا ُ‬ ‫َ‬ ‫اب السماء وشهده سبعون ألفا من املَلئكة مل ينزلوا إىل‬ ‫العرش وفُت َح ح‬ ‫ت له أبو ُ‬ ‫له ُ‬ ‫ض هس ضمةا مث أفر َج عنه»(‪ ،)1‬يعين‪ :‬سعدا‪.‬‬ ‫اْلرض َبل ذلك لقد ُ‬

‫‪ - 10‬أمساء املالئكة وحكم التسمي هبا‪:‬‬ ‫﴿م حن َكا َن َع ُد اوا‬ ‫أخربان هللا تبارك وتعاىل عن بعض أمساء مَلئكته ِف َوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫اّلِل ع ُد ٌّو لَحل َكافَ‬ ‫َهّلِلَ وم َ​َلئَ َكتَ َه ورسلَ َه وَج َربيل وَ‬ ‫ال فَ​َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ين [البقرة‪ .]98 :‬وعرض‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ َ ح َ َ‬ ‫َ‬ ‫تسمْي بين آدم ِبمساء املَلئكة فقال يكره تسميةُ اآلدميني َ‬ ‫ابن القيس ْل حك َس َ‬ ‫ِبمساء‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫التسمْي َ‬ ‫املَلئكة كجربيل وميكائيل وإسرافيل َال أشهب سئل مالك عن َ‬ ‫ِبمساء‬ ‫مالك التسمْي جبربيل وَيسني‬ ‫املَلئكة وهو َول اْلارث بن مسكني َال وكره ﴾‬ ‫َلت ْلماد بن أّب‬ ‫أَبح ذلك غريه َال عبد الرزاق ِف «اجلامع» عن معمر َال ُ‬ ‫و َ‬ ‫تقول ِف ٍ‬ ‫رجل تس همى جربيل وميكائيل؟ فقال ال ِبس به(‪.)2‬‬ ‫سليمان كيف ُ‬

‫‪ - 11‬عداوة اليهود لبعض املالئكة‪:‬‬ ‫ليهود‬ ‫ابن القي َس عن عداوة اليهود جلربيل عليه السَلم فقال وَالت ا ُ‬ ‫حتدث ُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫اجلواب الصحيح‪ ،‬البن تيمية (‪.)199 198/3‬‬

‫(‪)2‬‬

‫اجلواب الصحيح (‪.)198/3‬‬

‫‪167‬‬


‫َ‬ ‫للنب(ﷺ) من صاحبك الذي أيتيك َ‬ ‫ليس َم حن نب إال أيتيه‬ ‫ه‬ ‫فإن‬ ‫؟‬ ‫املَلئكة‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َح‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫يل‪.‬‬ ‫َملَ ﴾‬ ‫ك َبْلرب؟ َال (ﷺ) هو جرب ُ‬ ‫َبْلرب و َ‬ ‫َ‬ ‫َلت ميكائيل الذي ين َزُل‬ ‫ذاك الذي ينزل‬ ‫َالوا َ‬ ‫القتال ذاك ُّ‬ ‫عدوان لو َ‬ ‫َ‬ ‫َبلنبات وال َقطح َر وال َ‬ ‫رْحة؟ فأنزل هللا تعاىل‪َُ﴿:‬ل َم حن َكا َن َع ُد اوا جلَ​َحَ‬ ‫يل فَ​َإنههُ نَهزلَهُ َعلَى‬ ‫رب‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫اّلِلَ م َ َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َ حلبَ َ َ‬ ‫ني ۝ َم حن َكا َن َع ُد اوا‬ ‫ني يَ َديحه َوُه ادى َوبُ حشَرى ل حل ُم حؤمن َ‬ ‫صدَاا ل َما بَح َ‬ ‫ك إبَ​َ حذن ه ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َهّلِلَ وَم َ​َلئَ َكتَ َه ور ُسلَ َه وَج حَ‬ ‫ين [البقرة‪.)1( ]98-97 :‬‬ ‫رب‬ ‫يل َوَمي َك َ‬ ‫ال فَ​َإ هن ه‬ ‫َ‬ ‫اّلِلَ َع ُد ٌّو ل حل َكاف َر َ‬ ‫َُ َ َ‬

‫***‬

‫(‪)1‬‬

‫مكايد الشيطان د‪َ .‬ذلة ص (‪.)527‬‬

‫‪168‬‬


‫الفصل السادس‬

‫ِ‬ ‫مكايد الشيطان‬ ‫من‬

‫يف مسائل اإلميان ابملالئكة‬ ‫أوالً ‪ -‬إنكار وجودهم‬ ‫اثنياً ‪ -‬عبادهتم وتقديسهم‬

‫‪169‬‬


‫الفصل السادس‬

‫من مكايد الشيطان يف مسائل اإلميان ابملالئكة‬ ‫كل حركة ِف السماوات واْلرض من حركات اْلفَلك والنجوم والشمس والقمر‬ ‫ُّ‬ ‫والرَيح والسحاب والنبات واْليوان فهْي انشئة﴾ عن املَلئكة املوكلني َبلسماوات‬ ‫واْلرض كما َال تعاىل‪﴿ :‬فَالحم َدبَر َ‬ ‫عند أهل‬ ‫ات أ حَمارا [النازعات‪ .]5 :‬وهْي املَلئكةُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫اإلميان وأتباع الرسل عليهس السَلم‪.‬‬ ‫النجوم(‪.)1‬‬ ‫وأما املكذبون للرسل املنكرون للصانع فيقولون هْي‬ ‫ُ‬

‫وإلبليس مكاي ُد عظيمةٌ يف مسائل اإلميان ابملالئكة منها‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬إنكار وجودهم‪:‬‬ ‫يسعى إبليس جاهدا إىل إبطال اإلميان َبملَلئكة وهو هدف عييس له‬ ‫ْلن ذلك يؤدي إىل إنكار الرساالت والكتب بل إنكار اْلالق جل وعَل فَل تتس‬ ‫الرسل عن طر َيق الوحْي الذي تلقته عن‬ ‫معرفته واإلميان به تعاىل إال ّبا أخربتنا به ُ‬ ‫َ‬ ‫مَلئكة هللا تعاىل‪.‬‬ ‫ومن وسائله يف ذلك ‪:‬‬

‫‪ - 1‬تفسري اللفظ مبا مل يستعمل له‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫املصدر نفسه‪ ،‬ص (‪.)528‬‬

‫‪170‬‬


‫روح القدس هو حياة هللا(‪ .)1‬فالذي فسر النصارى به‬ ‫كقول النصارى إ هن َ‬

‫ظاهر كَلم املسيح هو تفسري﴾ ال ُّ‬ ‫املسيح وعادته ِف كَلمه وال لغة‬ ‫َ‬ ‫تدل عليه لغةُ‬ ‫املعروف ِف لغته وكَلمه وكَلم سائر اْلنبياء تفسريه‬ ‫غريه من اْلنبياء واْلمس‪ ،‬بل‬ ‫ُ‬

‫ضَلل النصارى احملرفون‬ ‫ّبا فسرانه‪ ،‬وبذلك فسره أكابر علماء النصارى وأما ُّ‬ ‫َ‬ ‫ف معناه الياهر‪ ،‬وينكره العقل‬ ‫ملعاين كتاب هللا عز وجل فسروه ّبا خيال ُ‬ ‫والشرع(‪.)2‬‬ ‫عقول فعالةٌ متولِّدةٌ عن نفس هللا تعاىل تولُّ َد الع ِ‬ ‫أبهنم ٌ‬ ‫لة‬ ‫‪ - 2‬قول الفالسفة ّ‬ ‫والنفوس‬ ‫فالعقول بنوه‬ ‫ينفك عنه‪ ،‬وجعلوه كاالبن والبنت‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫من املعلول‪ ،‬ال ّ‬ ‫ُ‬ ‫بناته(‪.)3‬‬ ‫‪ - 3‬ومنهم من يزعم أبن العقل الفعال هو جربيل ويزعمون أ ّن كالم ِ‬ ‫هللا‬ ‫َ‬ ‫يفيض على قلوب العباد ابلعلوم واملعارف وأ ّن املالئكةَ تتشكل يف النفس‬ ‫ُ‬ ‫الفيض يكون حبسب تلقي النفس هبذا الفيض‬ ‫بصورة أشكال نورانية وهذا‬ ‫ُ‬

‫بنوع ّ ٍ‬ ‫معني من الرايضات وقوة التخيل واحلس الباطن(‪.)4‬‬ ‫الذي ميكن اكتسابه ٍ‬

‫وهؤالء أعيس ضَلالا من اليهود والنصارى ومشركْي العرب فإهنس ِف اْلقيقة‬

‫الرب تعاىل خالق ا لشْيء وال يفعل فعَلا ّبشيئته واختياره وال يعلون‬ ‫ال يعلون ه‬ ‫(‪)1‬‬

‫بغية املرَتد‪ ،‬البن تيمية (‪.)219/1‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مكايد الشيطان ص (‪.)529‬‬

‫(‪)3‬‬

‫إغاثة اللهفان‪ ،‬البن القيس (‪.)374/2‬‬

‫(‪)4‬‬

‫بغية املرَتد (‪.)251/1‬‬

‫‪171‬‬


‫رب َ‬ ‫كل ما سوى هللا‪.‬‬ ‫املَلئكة عباده بل يعلون العقل اْلول هو ُّ‬ ‫العقل ِف لغة املسلمني كلَهس من أوهلس إىل اخرهس ليس َملَكا‬ ‫ويقال هلس إن َ‬ ‫من املَلئكة وال جوهرا َائما بنفسه بل هو العقل الذي ِف اإلنسان ومل َ‬ ‫يسس أح ﴾د‬ ‫َ‬ ‫اإلنسان الناطقةُ عقَلا بل‬ ‫نفس‬ ‫من املسلمني َط أحدا من املَلئكة عقَلا وال ُ‬ ‫هذه من لغة اليوانن‪.‬‬ ‫الشياطني أعراض ا تقوم َبلنفس‬ ‫اْلمر أن يعلوا املَلئكةَ و‬ ‫َ‬ ‫وهلذا يؤول هبس ُ‬

‫خَلف ما أخربت‬ ‫ومعلوم َبالضطرار أن هذا‬ ‫ُ‬ ‫ليس أعياانا َائمةا بنفسها حيةا انطقةا‬ ‫﴾‬ ‫الرسل واتفق عليه املسلمون(‪.)1‬‬ ‫به ُ‬

‫‪ - 4‬قول من يدعي أ ّن املالئكةَ هي القوى اخلرية اليت يف اإلنسان واليت حتثه‬ ‫وتدفعه لعمل اخلري بعكس قوى الشر الرديئة وهي الشياطني(‪.)2‬‬ ‫وهذا القول يناِف ما اتفق عليه املسلمون ودل عليه الكتاب والسنة(‪،)3‬‬ ‫وجود هلا‬ ‫كما أنه يؤدي إىل جعل املَلئكة والشياطني أعراض ا َائمةا َبلنفس ال َ‬

‫ِف الواَع(‪.)4‬‬

‫اثنياً عبادهتم وتقديسهم‪:‬‬ ‫وهْي طريقة﴾ أخرى للشيطان ‪ -‬أعاذان هللا منه ‪ -‬فزين ٍ‬ ‫ْلانس عباد َة املَلئكة‬ ‫(‪)1‬‬

‫مكايد الشيطان ص (‪.)530‬‬

‫(‪)2‬‬

‫اجلواب الكاِف‪ ،‬البن القيس (‪.)99/1‬‬

‫(‪)3‬‬

‫جمموع الفتاوى‪ ،‬البن تيمية (‪.)135/4‬‬

‫(‪)4‬‬

‫املصدر نفسه (‪ ،)272 271/ 17‬مصايد الشيطان ص (‪.)531‬‬

‫‪172‬‬


‫وتقديسهس إليقاعهس ِف الشرك والكفر(‪.)1‬‬ ‫َال تعاىل‪﴿ :‬وي وم َ​َي ُشرهس َ​َ‬ ‫ول لَحل َم َ​َلئَ َك َة أ َ​َه ُؤَال َء إَ هَي ُك حس َكانُوا‬ ‫مج ايعا مثُه يَ ُق ُ‬ ‫َ​َح َ ح ُ​ُ ح‬ ‫اجلَ هن أَ حكْثَ ُرُه حس‬ ‫ت َولَيُّنَا َم حن ُدوهنَ​َ حس بَ حل َكانُوا يَ حعبُ ُدو َن ح‬ ‫يَ حعبُ ُدو َن ۝ َالُوا ُسحب َحانَ َ‬ ‫ك أَنح َ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫كني إىل عبادته ويومههس أنه‬ ‫هب حس ُم حؤمنُو َن [سبأ‪ ]41-40 :‬فالشيطا ُن يدعو املشر َ‬ ‫ك(‪ ،)2‬وتعليقا على هذه اآلية يعين أن املَلئكة مل َتمرهس بذلك وإّما أمرُتس‬ ‫َملَ ﴾‬ ‫َ‬ ‫لألصنام شياطني‬ ‫بذلك اجلَ ُّن ليكونوا عابدين للشياطني اليت تتمْثل هلس كما يكون‬ ‫وكما تن َزُل الشياطني على َ‬ ‫تنزل عليه‬ ‫اكب‬ ‫ويرصدها حّت َ‬ ‫ُ‬ ‫بعض من ُ‬ ‫يعبد الكو َ‬ ‫صورة﴾ فتخاطبه وهو شيطان من الشياطني(‪.)3‬‬

‫ائف منهس مشركْي العرب الذين َالوا إن املَلئكة‬ ‫وَد عبد املَلئكةَ طو ﴾‬ ‫(‪)4‬‬ ‫‪:‬‬ ‫تعاىل‬ ‫له‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ِف‬ ‫القرآن‬ ‫ِف‬ ‫تعاىل‬ ‫هللا‬ ‫ذكر‬ ‫كما‬ ‫‪،‬‬ ‫بنات هللا‬ ‫﴿و َج َعلُوا الح َم َ​َلئَ َكةَ‬ ‫َ‬ ‫اله َذين هس َ‬ ‫اد الهر حْحَ َن إَ‬ ‫َش َ‬ ‫ب َش َه َاد ُ​ُتُحس َويُ حسأَلُو َن۝‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫س‬ ‫ه‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫أ‬ ‫اث‬ ‫ان‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ ُح‬ ‫ُ‬ ‫وَالُوا لَو َشاء الهر حْحن ما عب حد َانهس ما َهلس بَ َذلَ َ َ َ‬ ‫صو َن‬ ‫ك م حن ع حل ٍس إَ حن ُه حس إَهال َخيحُر ُ‬ ‫ح َ َ ُ َ َ​َ ُ ح َ ُح‬ ‫َ‬ ‫[الزخرف‪]20-19 :‬‬

‫وِف َوله تعاىل‪﴿ :‬وي وم َ​َي ُشرهس َ​َ‬ ‫ول لَحل َم َ​َلئَ َك َة أ َ​َه ُؤَال َء إَ هَي ُك حس‬ ‫مج ايعا مثُه يَ ُق ُ‬ ‫َ​َح َ ح ُ​ُ ح‬ ‫َكانُوا يَ حعبُ ُدو َن [سبأ‪ ]40 :‬مجعوا بني أنواع كثرية من اخلطأ‪:‬‬ ‫أحـدهـا‪ :‬جعلهس لل تعاىل ول دا ت ع اىل وتقدس وتنزه عن ذلك ع ل وا كبريا‬ ‫(‪)1‬‬

‫تفسري ابن كْثري (‪ )222/6‬مصايد الشيطان ص (‪.)532‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسلس رَس (‪.)770‬‬

‫(‪)3‬‬

‫زاد املعاد (‪.)43/1‬‬

‫(‪)4‬‬

‫شفاء العليل البن القيس (‪.)620/2‬‬

‫‪173‬‬


‫والثاين‪ :‬دعواهس أنه اصطفى البنات على البنني فجعلوا املَلئكة الذين هس‬ ‫عباد الرْحن إاناثا‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬عبادُتس هلس مع ذلك كله بَل دليل وال برهان وال إذن من هللا عز‬ ‫وجل بل جمرد اْلراء والتقليد لألسَلف والكرباء واالَبء واْلبط ِف اجلاهلية‬ ‫اجلهَلء‪.‬‬ ‫والرابع‪ :‬احتجاجهس بتقديرهس على ذلك َدرا وَد جهلوا ِف هذا‬ ‫أنكر ذلك عليهس أش هد اإلنكار فإنه من ُذ‬ ‫االحتجاج جهَلا كبريا فإنه تعاىل َد َ‬ ‫يك له وينهى عن عبادة‬ ‫أنزل‬ ‫الرسل و َ‬ ‫الكتب أيمر عباده بعبادتَه َ‬ ‫وحده ال شر َ‬ ‫َ‬ ‫بعث َ‬ ‫ما َس َواه(‪.)1‬‬ ‫***‬

‫(‪)1‬‬

‫واحة اإلميان عند ابن القيس لألشقر (‪.)38/2‬‬

‫‪174‬‬


‫الفصل السابع‬ ‫املفاضلة بني املالئكة والبشر‬ ‫أوالا ‪ -‬املفاضلة بني املَلئكة وحقوَهس على بين البشر وأثر اإلميان‬ ‫هبس‬ ‫أهس صفاته‬ ‫اثنيا ‪ -‬جربيل عليه السَلم أفضل املَلئكة و ُّ‬ ‫اثلْثا ‪ -‬املفاضلة بني املَلئكة وصاْلْي البشر‬ ‫رابعا ‪ -‬حقوق املَلئكة على بين آدم‬ ‫‪ - 1‬اإلميان هبس‬ ‫‪ - 2‬البعد عن الذنوب واملعاصْي ْلن ذلك يؤذيهس‬ ‫‪ - 3‬البعد عما تكرهه املَلئكة‬ ‫‪ - 4‬حمبتهس وذكر فضائلهس‬ ‫‪ - 5‬عدم سبهس أو تنقصهس أو االستهزاء هبس‬

‫‪175‬‬


‫الفصل السابع‬

‫املفاضلة بني املالئكة والبشر‬ ‫أوالً املفاضلة بني املالئكة‪:‬‬ ‫املَلئكة متفاوتون ِف الفضل يفضل بعضهس بعض ا شأهنس ِف ذلك شأن‬ ‫سائر املخلوَات فأفضل املَلئكة املقربون منهس‪.‬‬ ‫يقول اْلافظ ابن كْثري ِف سياَه ْلصناف املَلئكة‪.‬‬

‫املَلئكة مع َ‬ ‫َ‬ ‫ْحلة‬ ‫أشرف‬ ‫ومنهس الكروبيون الذين هس حول العرش وهس‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف الح َم َسي ُح أَ حن يَ ُكو َن‬ ‫العرش وهس املَلئكةُ املقربون كما َال تعاىل‪﴿ :‬لَ حن يَ حستَ حنك َ‬ ‫َعحب ادا َهّلِلَ َوَال الح َم َ​َلئَ َكةُ الح ُم َقهربُو َن [النساء‪.]172 :‬‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة الْثَلثة الذين كان النب (ﷺ) يذكرهس ِف‬ ‫وأفضل املقربني رؤساءُ‬ ‫دعائه الذي يفتتح به صَلته إذا َام من َ‬ ‫يل‬ ‫الليل حيث يقول‪« :‬الله هس ه‬ ‫رب جرب َ‬ ‫َ‬ ‫اْلرض» اْلديث(‪.)1‬‬ ‫فاطر السماوات و َ‬ ‫افيل َ‬ ‫وميكائيل وإسر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لكمال اختصاصهس‬ ‫هؤالء الْثَلثة من املَلئكة‬ ‫ذكر‬ ‫يقول ابن القيس َ‬ ‫واصطفائهس وَرهبس من هللا وكس من ملَ ٍ‬ ‫ك غريهس ِف السماوات فلس َ‬ ‫يسس إال هؤالء‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الْثَلثة(‪.)2‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫املصدر نفسه ص (‪.)28/2‬‬

‫(‪)2‬‬

‫واحة اإلميان عند ابن القيس (‪.)30/2‬‬

‫‪176‬‬


‫َ‬ ‫اخرتت أ هن أفضلهس جربيل‬ ‫ف ِف املفاضلة بني هؤالء الْثَلثة وَد‬ ‫وَد اختُل َ‬ ‫ُ‬

‫مث ميكائيل مث إسرافيل على حسب الرتتيب ِف اْلديث السابق‪.‬‬

‫اثنياً جربيل أفضل املالئكة وأهم صفاته‪:‬‬ ‫أطيب اْلرو َاح العلوية؛ وأزكاها وأطهرها(‪ )1‬وأشرفها‪ ،‬وهو السفري‬ ‫يل ُ‬ ‫وجرب ُ‬

‫وهدى وإميان وصَلح وَد أثَ هللا سبحانه على عبده جربيل ِف‬ ‫ِف كل خري ا‬ ‫أحسن الْثناء ووصفه ِبمجل الصفات فقال تعاىل‪﴿ :‬فَ َ​َل أَُح َس ُس َ​َب حْلُن َ‬ ‫هس‬ ‫القرآن‬ ‫َ‬ ‫هس ۝ واللهحي َل إَ َذا َعس َعس ۝ و ُّ َ‬ ‫۝ ا حجلَ​َوا َر الح ُكن َ‬ ‫س ۝ إَنههُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الصحب َح إ َذا تَنَ هف َ‬ ‫ح َ‬ ‫لَ​َقو ُل رس ٍ‬ ‫ني ۝ ُمطَ ٍاع مثَه أ َ​َم ٍ‬ ‫ول َك َرٍمي ۝ َذي َُ هوةٍ َعحن َد َذي الح َعر َش َم َك ٍ‬ ‫ني‬ ‫ح َُ‬ ‫ح‬ ‫[التكوير‪.]21-15 :‬‬ ‫يل وصفه ربُّه ِبنه رسوله وأنه كرمي عنده وأنه ذو َوة ومكانة‬ ‫فهذا جرب ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫أَرب‬ ‫عنده وأنه مطاع﴾ ِف السماوات وأنه ﴾‬ ‫أمني على الوحْي فمن َكَرمه على ربَه أنه ُ‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة إليه‪.‬‬ ‫ومن َوته أنه رفع مدائن َ‬ ‫َوم ٍ‬ ‫لوط على جناحه مث َلبها عليهس فهو َوي‬ ‫َ‬ ‫أمَلك السماوات فيما أيمرهس به‬ ‫على تنفيذ ما يؤمر به غريُ عاج ٍز عنه إذ تطيعُه ُ‬ ‫عن هللا تعاىل(‪.)2‬‬

‫ٍ‬ ‫بصفات ِف سورة التكوير‬ ‫وَد وصف هللا تبارك وتعاىل رسولَه جربيل عليه السَلم‬ ‫(‪)1‬‬

‫رواه اْلاكس ِف املستدرك (‪ )368/5‬وَال‪ :‬صحيح اإلسناد‪ ،‬ومل خيرجاه‪ ،‬ووافقه الذهب‪.‬‬

‫(‪)2‬‬

‫الرتغيب والرتهيب‪ ،‬للمنذري (‪.)200/2‬‬

‫‪177‬‬


‫خس‬ ‫ِبنه كرمي َوي مكني عند الرب تعاىل مطاع ِف السماوات أمني فهذه ُ‬ ‫ٍ‬ ‫صفات تتضمن تزكية سند القرآن وأنه مساع حممد من جربيل ومساع جربيل من‬ ‫َول هللا سبحانه بنفسه وتزكيته(‪.)1‬‬ ‫رب العاملني فناهيك هبذا السند علوا وجَللةا ُ‬

‫الصفة األوىل‪:‬‬ ‫أن الرسول الذي جاء به إىل حممد (ﷺ) كرمي﴾ وليس كما يقول أعداؤه إن الذي‬ ‫َبيح املنير عدميُ اْلري َبطنه‬ ‫جاء به شيطان فإن الشيطان‬ ‫خبيث خمبه ﴾‬ ‫﴾‬ ‫ث لئيس ُ‬ ‫أَبح من ظاهره وظاهره أشنع من َبطنه ليس فيه وال عنده خري فهو أبعد ٍ‬ ‫شْيء‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عن الكرم‪.‬‬ ‫هبْي الصورة‬ ‫والرسول الذي أل َق َى القرآن إىل حممد (ﷺ) كرمي﴾ مجيل املنير ُّ‬

‫هدى وعلس ومعرفة‬ ‫كْثري اْلري طيب مطيهب معلس الطيبني وكل خري ِف اْلرض من ا‬ ‫وإميان وبر فهو مما أجراه ربه على يده وهذا غاية الكرم الصوري واملعنوي‪.‬‬

‫الوصف الثاين‪:‬‬

‫يد الح ُق َوى [النجم‪.]5 :‬‬ ‫﴿عله َمهُ َش َد ُ‬ ‫أنه ذو َوة كما َال تعاىل ِف موضع آخر َ‬ ‫ويف ذلك تنبيه على أمور‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬أنه بقوته مينع الشياطني أن تدنو منه وأن ينالوا منه شيئا وأن يزيدوا فيه‬ ‫أو ينقصوا منه بل إذا راه الشيطان هرب منه ومل يقربه‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬أنه مو ٍال هلذا الرسول الذي كذبتموه ومعاضد له وانصر كما َال‬ ‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)208‬‬

‫‪178‬‬


‫تعاىل‪﴿ :‬إَ حن تَتوَب إَ َىل هَ‬ ‫اّلِلَ ُه َو‬ ‫اهَرا َعلَحي َه فَ​َإ هن ه‬ ‫صغَ ح‬ ‫ت َُلُوبُ ُك َما َوإَ حن تَيَ َ‬ ‫اّلِل فَ َق حد َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫موَاله وَج َربيل و َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ك ظَ َهري﴾ [التحريم‪ .]4 :‬ومن كان‬ ‫ني َوالح َم َ​َلئَ َكةُ بَ حع َد َذل َ‬ ‫صال ُح الح ُم حؤمن َ‬ ‫َح ُ َ ح ُ َ َ‬ ‫وي وليَه ومن أنصا َره وأعوانه ومعلمه فهو املهدي املنصور وهللا هاديه‬ ‫هذا الق ُّ‬ ‫وانصره‪.‬‬ ‫ج‪ -‬أن من عادى هذا الرسول فقد عادى صاحبه ووليه جربيل ومن عادى‬ ‫ذا القوة والشدة تعرض للهَلك‪.‬‬

‫د ‪ -‬أنه َادر على تنفيذ ما أمر به لقوته فَل يعجز عن ذلك ٍ‬ ‫مؤد له كما‬

‫غريه ِف أمر من اْلمور‬ ‫أمر به ْلمانته وهو القوي اْلمني وأحدكس إذا‬ ‫َ‬ ‫انتدب َ‬ ‫َ‬ ‫اْلمني على فعله‬ ‫ي عليه‬ ‫ب هلا القو ه‬ ‫َ‬ ‫لرسالة أو وآلية أو وكالة أو غريها فإّما ينتد ُ‬ ‫وإن كان ذلك اْلمر من أهس اْلمور عنده انتدب له َوَيا أمينا معيما ذا ٍ‬ ‫مكانة‬ ‫عنده مطاع ا ِف الناس كما وصف هللا عبده جربيل هبذه الصفات وهذا ي ُّ‬ ‫دل على‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫املرسل إليه حيث انتدب له الكرمي القوي‬ ‫عيمة شأن املرسل والرسول والرسالة و َ‬ ‫املكني عنده املطاع ِف املأل اْلعلى اْلمني حق اْلمني فإن امللوك ال ترسل ِف‬

‫مهماُتا إال اْلشراف ذوي اْلَدار والرتب العالية‪.‬‬

‫الوصف الثالث‪:‬‬

‫مكني عند ذي العرش وهو املذكور ِف َوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫﴿ذي َُ هوةٍ َعحن َد َذي‬ ‫الح َعر َش َم َك ٍ‬ ‫أَرب املَلئكة إليه‬ ‫ني [التكوير‪ .]20 :‬أي له مكانة﴾ ووجاهة عنده وهو ُ‬ ‫ح‬ ‫علو منزلة َ‬ ‫وِف َوله تعاىل إشارة إىل َ‬ ‫﴿عحن َد َذي الح َعحر َش إذ كان َريبا من ذي‬

‫‪179‬‬


‫العرش سبحانه‪.‬‬

‫الوصف الرابع‪:‬‬ ‫مطاع وَد أشار هبذا الوصف إىل أ هن جنوده وأعوانه يطيعونه إذا ندهبس لنصر‬ ‫صاحبه وخليله حممد (ﷺ) وفيه إشارة﴾ أيض ا إىل أ هن هذا الذي يكذبونه وتعادونه‬ ‫يل مطاع﴾ ِف السماء وأن كَل من الرسولني‬ ‫سيصريُ مطاعا ِف اْلرض كما أ هن جرب َ‬

‫مطاع ِف حمله وَومه وفيه تعييس له ِبنه ّبنزلة امللوك املطاعني ِف َومهس فلس ينتدب‬ ‫العييس اْلمْثل هذا امللك املطاع‪.‬‬ ‫اْلمر‬ ‫َ‬ ‫هلذا َ‬

‫الوصف اخلامس‪:‬‬

‫اْلمانة وِف وصفه َبْلمانة إشارة﴾ إىل حفيه ما ْحله وأدائه له على وجهه(‪.)1‬‬

‫الوصف السادس‪:‬‬ ‫مجال جربيل وهباؤه َال تعاىل واصفا جربيل عليه السَلم الذي أييت َبلوحْي‬ ‫َ‬ ‫َعلَى‬ ‫﴿عله َمهُ َش َد ُ‬ ‫استَ َوى ۝ َوُه َو َ​َبحْلُفُ َق حاْل ح‬ ‫من عند هللا‪َ :‬‬ ‫يد الح ُق َوى ۝ ذُو مهرةٍ فَ ح‬ ‫اب َ و َس ح َ‬ ‫ني أ حَو أ حَد َ​َّن ۝ فَأ حَو َحى إَ َىل َعحب َدهَ َما‬ ‫۝ مثُه َد َان فَتَ َد هىل ۝ فَ َكا َن َ َ ح‬

‫ب الح ُف َؤ ُاد َما َرأَى ۝ أَفَتُ َم ُارونَهُ َعلَى َما يَ​َرى ۝ َولَ​َق حد َرآهُ‬ ‫أ حَو َحى ۝ َما َك َذ َ‬ ‫ُخَرى ۝ َعحن َد َس حد َرةَ الح ُمحن تَ َهى ۝ َعحن َد َها َجنهةُ الح َمأح َوى ۝ إَ حذ يَ حغ َشى‬ ‫نَحزلَةا أ ح‬ ‫َ‬ ‫شى ۝ ما َزاغَ الحبصر وما طَغَى [النجم‪]17-5 :‬‬ ‫الس حد َرَة َما يَ حغ َ‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫َ‬

‫(‪)1‬‬

‫طريق اهلجرتني‪ ،‬البن القيس (‪.)95/11‬‬

‫‪180‬‬


‫اثلثاً املفاضلة بني املالئكة وصاحلي البشر‪:‬‬ ‫حمل‬ ‫هذه املسألةُ ‪ -‬وهْي املفاضلةُ بني املَلئكة وبني صاْلْي البشر ‪ُّ -‬‬

‫ٍ‬ ‫َيتج به من النصوص ولك هن‬ ‫خَلف بني أهل العلس وكلٌّ منهس أدىل بدلوه فيما ُّ‬ ‫تفضيل صاْلْي البشر على املَلئكة وذلك لألدلة اآلتية‪:‬‬ ‫اجح هو‬ ‫َ‬ ‫القول الر َ‬ ‫ُ‬

‫‪ - 1‬روى أبو يعلى املوصلْي ِف كتابه «التفسري» بسنده عن عبد هللا بن‬ ‫أكرم عليه من حمم ٍد (ﷺ)(‪.)1‬‬ ‫سَلم رضْي هللا عنه َال ما َ‬ ‫خلق هللا خلق ا َ‬ ‫نص ِف تكرمي آدم على إبليس‬ ‫‪َ - 2‬وله تعاىل َصا عن إبليس فإ هن هذا ٌّ‬ ‫َ‬ ‫السجود‬ ‫ت َعلَ هْي [اإلسراء‪ ]62 :‬وأ هن‬ ‫إذ أمر َبلسجود ﴿َ َ‬ ‫ال أ َ​َرأَيحتَ َ‬ ‫َ‬ ‫ك َه َذا الهذي َكهرحم َ‬ ‫دليل على تكرمي هللا له على من أمرهس َبلسجود له‪.‬‬ ‫آلدم ﴾‬ ‫‪ - 3‬أن هللا خلقه بيده واملَلئكة مل خيلقهس بيده بل بكلمته‪.‬‬ ‫ض خلَ‬ ‫‪َ - 4‬وله تعاىل‪﴿ :‬إَ​َين ج َ‬ ‫اعل َ‬ ‫َ‬ ‫دليل‬ ‫وفيها‬ ‫[البقرة‪]30 :‬‬ ‫ة‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫َر‬ ‫اْل‬ ‫ِف‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫﴾‬ ‫َ ﴾‬ ‫على اْلليفة من وجهني‪:‬‬

‫أوهلا‪ :‬أن اْلليفة يفضل على من هو خليفة عليه وَد كان ِف اْلرض‬ ‫مَلئكة‪.‬‬

‫االستخَلف فيهس‬ ‫من هللاَ تعاىل أن يكو َن‬ ‫واثنيها‪ :‬أن املَلئكة‬ ‫ُ‬ ‫ح‬ ‫طلبت َ‬ ‫واْلليفةُ منهس فلوال أ هن اْلَلفة درجة عالية أعلى من درجاُتس ملا طلبوها وغبطوا‬

‫صاحبها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)209‬‬

‫‪181‬‬


‫‪ - 5‬تفضيل آدم عليهس َبلعلس حني سأهلس هللا عز وجل عن علس اْلمساء‬ ‫فلس ييبوه واعرتفوا أهنس ال يعلموهنا فأنبأهس آدم بذلك‪.‬‬ ‫‪َ - 6‬صة سجود املَلئكة كلهس آلدم ولعن املمتنع عن السجود وهذا‬ ‫يف وتكرمي له‪.‬‬ ‫تشر ﴾‬

‫تفضيل صاْلْي البشر على‬ ‫تفيد‬ ‫‪ - 7‬اآلاثر الكْثرية املروية عن السلف اليت ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف أح ﴾د منهس ِف ذلك إّما ظهر اْلَلف‬ ‫املَلئكة من غري نك ٍري منهس لذلك ومل خيال ح‬ ‫بعد تشت َ‬ ‫ت اْلهواء ِبهلها وتفرَق اآلراء فقد كان ذلك كاملستقر عندهس‪.‬‬ ‫‪ - 8‬أحاديث املباهاة فإن هللا يباهْي مَلئكته بعباده املؤمنني املتلبسني‬

‫َبلطاعة كمباهته ِبهل عرفة(‪ ،)1‬وحنو ذلك‪.‬‬ ‫‪ - 9‬ما أعده هللا لصاْلْي البشر يوم القيامة من خري عميس وفضل عييس‬ ‫ونعيس مقيس وَرة عني ال تنقطع وتلذذ َبلنير إىل وجهه الكرمي نسأل هللا أن يعلنا‬ ‫منهس(‪.)2‬‬ ‫وهلذا كان أك ُْثر َ‬ ‫الناس على تفضيلهس ‪ -‬أي صاْلْي البشر على املَلئكة ‪-‬‬

‫ْلن املَلئكة عبادُتس بريئة﴾ عن شوائب دواعْي النفس والشهوات البشرية فهْي‬ ‫صادرة﴾ عن غ َري معارضة وال مان ٍع وال عا ٍئق وهْي كالن َفس للحْي وأما عبادات‬ ‫النفوس وَم َع الشهو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وخمالفة دواعْي الطبع فكانت‬ ‫ات‬ ‫منازعات‬ ‫البشر فمع‬

‫(‪)1‬‬

‫اجملموع الْثمني‪ ،‬البن عْثيمني (‪.)138/1‬‬

‫(‪)2‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)209‬‬

‫‪182‬‬


‫أكمل(‪.)1‬‬ ‫َ‬

‫وخَلصةُ القول ِف هذه املسألة أن يقال إ هن صاْلْي البشر أفضل من‬ ‫املَلئكة َبعتبار النهاية فإ هن هللا سبحانه وتعاىل َد أع هد هلس من الْثواب والنعيس ِف‬

‫دار الكرامة الشْيءَ الكْثري مما مل يذكره للمَلئكة اْلبرار عليهس السَلم وَد انقطع‬ ‫يبق هلس إال التمتع ّبا أنعس هللا به عليهس وعمل املَلئكة دائس ال ينقطع‬ ‫عملُهس ومل َ‬ ‫ولذلك يدخلون على املؤمنني ويسلمون عليهس‪.‬‬

‫أفضل ْلهنس جبلوا على طاعة هللا َبل بين‬ ‫وأما َبعتبار البداية فإ هن املَلئكةَ ُ‬ ‫َ‬ ‫آدم وأطاعوا هللا ومل يعصوه طرفةَ ع ٍ‬ ‫عبادات البش َر(‪.)2‬‬ ‫ني وعباد ُ​ُتس أكْثر َبجلملة من‬ ‫وطلب املفاضلة بني صاْلْي البشر‬ ‫اْلوض ِف هذه املسألة‬ ‫وبعد فإ هن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫واملَلئكة من فضول العلس الذي ال يضطر اإلنسا ُن إىل فهمه والعلس به وهللا‬

‫املستعان(‪.)3‬‬

‫رابعاً حقوق املالئكة على بين آدم‪:‬‬ ‫‪ - 1‬اإلميان هبم‬

‫يتس إميا ُن ٍ‬ ‫عبد إال‬ ‫اإلميان َبملَلئكة هو الركن الْثاين من أركان اإلميان ال ُّ‬

‫أوجب على بين إسرائيل اإلَرار‬ ‫القصد هو أ هن هللا عز وجل َد‬ ‫َبإلميان هبس و ُ‬ ‫َ‬ ‫بوجود املَلئكة وجعل هذا اإلَر َار دين ا يُ حسأَل عنه اإلنسا ُن يوم القيامة وكلما ازداد‬ ‫(‪)1‬‬

‫عامل املَلئكة اْلبرار ص (‪.)68‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسلس رَس (‪.)564‬‬

‫(‪)3‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص ‪.219‬‬

‫‪183‬‬


‫التصديق َبْلخبار الواردة عن هللا‬ ‫اإلنسان معرفةا ِبحواهلس ازداد إمياانا ْلنه يتضمن‬ ‫َ‬

‫ورسله (ﷺ) فيهس ولوال أمهيةُ معرفة أحواهلس وصفاُتس وأعماهلس ملا جعل هللا‬ ‫سبحانه وتعاىل اإلميا َن هبس الركن الْثاين من أركان اإلميان(‪.)1‬‬

‫‪ - 2‬البعد عن الذنوب واملعاصي‪:‬‬ ‫أعيس ما يؤذي املَلئكة الذنوب واملعاصْي والكفر والشرك ولذا فإ هن أعيس‬ ‫ما يهدى للمَلئكة ويرضيهس أن ُخيحلَ‬ ‫كل ما يغضبه(‪.)2‬‬ ‫ويتجن‬ ‫به‬ ‫ر‬ ‫ل‬ ‫دينه‬ ‫املرء‬ ‫ص‬ ‫ب ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫‪ - 3‬البعد عما تكرهه املالئكة‬

‫أحاديث أخرى‬ ‫أحاديث تنهى عن بعض ما يؤذي املَلئكة ودلت‬ ‫جاءت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫البيوت اليت فيها ما تكرهه فمن هذه اْلمور اليت‬ ‫تدخل‬ ‫على أ هن املَلئكة ال‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫تكرهها املَلئكة واليت يب علينا االبتعاد عنها حّت ال يفوتنا اْلري َببتعاد املَلئكة‬ ‫عنا‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬الصور والتماثيل‬ ‫ب ‪ -‬تربية الكَلب ِف البيوت‬ ‫ج‪ -‬تعليق اجلرس على الدواب‬ ‫د ‪ -‬ترك االغتسال عن اجلنابة حّت يصبح ذلك عادة عند اإلنسان‬ ‫ه‪ -‬التطيب َبْللوق وهو طيب مركب من زعفران وغريه وهو من اْلطياب‬ ‫(‪)1‬‬

‫فتح الباري على صحيح البخاري (‪.)512/2‬‬

‫(‪)2‬‬

‫عامل املَلئكة اْلبرار ص (‪.)69‬‬

‫‪184‬‬


‫اْلاصة َبلنساء وَد تقد َ‬ ‫اْلحاديث اليت تنهى عن ذلك‪.‬‬ ‫مت‬ ‫ُ‬ ‫و ‪ -‬ومن ذلك أكل الْثوم أو البصل والكراث أو ما شاهبها من البقول‬ ‫ذات الرائحة الكريهة كما جاء ِف حديث جابر بن عبد هللا رضْي هللا عنه َال‬ ‫أكل َ‬ ‫رسول هللاَ (ﷺ) عن َ‬ ‫البصل والكراث فبلغتنا اْلاجةُ فأكلنا منها فقال‪:‬‬ ‫هنى ُ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َ َ‬ ‫مسجدان فإ هن املَلئكةَ تتأذهى مما‬ ‫يقرب هن‬ ‫َ‬ ‫أكل م حن هذه الشجرة املنتنة فَل َ‬ ‫« َم حن َ‬ ‫يتأذهى منه اإلنس»(‪.)1‬‬

‫البصاق عن اليم َ‬ ‫ني ِف الصَلة(‪ ،)2‬وَد‬ ‫ز ‪ -‬ومما هنينا عنه من أجل املَلئكة‬ ‫ُ‬ ‫ميني املصلْي ملكا فألجل‬ ‫جاء ِف علة النهْي عن البصاق عن اليمني أ هن على َ‬ ‫إكرامه وعدم أذيته عن البصاق عن اليمني ِف أثناء الصَلة كما جاء ِف حديث‬ ‫أمامه‬ ‫أّب هريرة رضْي هللا عنه عن النب (ﷺ) َال‪« :‬إذا َ‬ ‫َام أح ُدكس فَل يبص حق َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ليبصق عن‬ ‫دام ِف مصَله وال عن ميينه فإ هن عن ميينه َملَك ا و ح‬ ‫فإّما يناجْي هللاَ ما َ‬ ‫يسا َره أو حتَت َدميه فيدفَحنها»(‪.)3‬‬

‫‪ - 4‬حمبتهم وذكر فضائلهم‪:‬‬

‫مجيع املَلئكة فَل يفرق ِف ذلك بني ملك وملك‬ ‫وعلى املسلس أن ه‬ ‫َيب َ‬

‫ْلهنس مجيعا عباد هللا عاملني ِبمره َتركني لنهيه وهس ِف هذا وحدة واحدة ال‬

‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)210‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسند أْحد (‪ )138/3‬إسناده صحيح‪.‬‬

‫(‪)3‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)212‬‬

‫‪185‬‬


‫خيتلفون وال يفرتَون(‪.)1‬‬ ‫فنحن حنبُّهس ْلهنس عبيد لل ال يعصون ما أمرهس ويفعلون ما يؤمرون‪.‬‬ ‫وحنبهس ْلعماهلس العييمة اليت يقومون هبا ِف السماوات واْلرض‪.‬‬ ‫هَ‬ ‫ين َحَي َملُو َن‬ ‫وحنبهس لدعائهس لنا عند هللا سبحانه وتعاىل كما َال تعاىل‪﴿ :‬الذ َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َ َ َ​َ َ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫ين َآمنُوا َربهنَا‬ ‫الح َعحر َ‬ ‫ش َوَم حن َح حولَهُ يُ َسب ُحو َن ِبَ حمد َرهب حس َويُ حؤمنُو َن به َويَ حستَ حغفُرو َن للهذ َ‬ ‫و َسعت ُك هل شْي ٍء ر حْحةا و َع حلما فَا حغ َفر لَله َذين َ​َتبوا واتهب عوا سبَيلَ َ‬ ‫اب‬ ‫َ ُ َ َُ َ َ‬ ‫َ حَ‬ ‫ك َوَ َه حس َع َذ َ‬ ‫ح‬ ‫َح َ َ َ ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ٍ‬ ‫صلَ َح َم حن آ َ​َبئَ َه حس‬ ‫ا حجلَحي َس ۝ َربهنَا َوأ حَدخ حل ُه حس َجنهات َع حدن الهَيت َو َع حد َُتُحس َوَم حن َ‬ ‫ات ومن تَ َق ال هسيَئ َ‬ ‫اْل َكيس ۝ وَ​َ َهس ال هسيَئ َ‬ ‫وأ حَزو َاج َهس وذُ َرهَيُتَ​َس إَ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ات‬ ‫يز‬ ‫ز‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ح‬ ‫َ َ حَ ح‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ك ُه َو الح َف حوُز الح َع َي ُيس [غافر‪.]9-7 :‬‬ ‫يَ حوَمئَذ فَ َق حد َرْححتَهُ َو َذل َ‬ ‫وَال تعاىل‪﴿ :‬هو اله َذي يصلَْي علَي ُكس وم َ​َلئَ َكتُه لَيخ َرج ُكس َمن اليُّلُم َ‬ ‫ات‬ ‫ُ َ َ ح ح َ​َ ُ ُ ح َ ح َ َ‬ ‫َُ‬ ‫إَ َىل النُّوَر وَكا َن َ​َبلحم حؤَمنَ َ‬ ‫يما [األحزاب‪.]43 :‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ني َرح ا‬ ‫َ‬ ‫ات يَتَ َفطهحر َن َم حن فَ حوَ​َ َه هن َوالح َم َ​َلئَ َكةُ يُ َسبَ ُحو َن‬ ‫وَال تعاىل‪﴿ :‬تَ َك ُ‬ ‫اد ال هس َم َاو ُ‬ ‫َِبم َد رهبَ​َس ويست حغ َفرو َن لَ‬ ‫ض أَ​َال إَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ور الهرَح ُيس [الشورى‪.]5 :‬‬ ‫ف‬ ‫غ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫اّلِل‬ ‫ن‬ ‫َر‬ ‫اْل‬ ‫ِف‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ح‬ ‫َ ح َ ح َ​َ حَ ُ َ ح‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫فهذه اْلدعيةُ العييمةُ من هؤالء املَلئكة اْلخيار ِف ذاك املكان الشريف‬

‫عند الرْحن الرحيس سبحانه وتعاىل وذلك مما يوجب علينا أن نكافئهس على فضلهس‬ ‫ودعائهس لنا ِببهس ودعاء هللا أن يزيهس عنا خري اجلزاء(‪.)2‬‬

‫َ‬ ‫يكاَّفء من دعاه إىل ٍ‬ ‫النب (ﷺ) َ‬ ‫َبلدعاء له أن تصلْي عليه‬ ‫طعام‬ ‫وَد كان َ‬ ‫َح‬

‫(‪)1‬‬

‫تفسري القرطب (‪.)36/2‬‬

‫(‪)2‬‬

‫البخاري رَس (‪.)6137‬‬

‫‪186‬‬


‫املَلئكةُ كما جاء ِف حديث أنس رضْي هللا عنه ِف ٍ‬ ‫َصة زَيرة النب (ﷺ) فلما‬ ‫أفطر عن َدكس‬ ‫طعامكس اْلبر ُار وصل ح‬ ‫أكل َ‬ ‫ت عليكس املَلئكةُ و َ‬ ‫فرغ َال‪َ « :‬‬ ‫الصائمون»(‪.)1‬‬ ‫وكلما تدبر اإلنسان أعماهلس اليت يقومون هبا ازداد حبا هلس وتعييما ولو‬ ‫لوجب حبهس إلمياهنس فكيف وفيهس من اْلصال‬ ‫مل يكن هبس إال اإلميان َبلل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫العييمة و َ‬ ‫كل واحدةٍ منها حملبتهس وذكر فضلهس‪.‬‬ ‫اْلَلل الشريفة ما تكفْي ُّ‬ ‫َيب أولياء هللا ومنهس املَلئكة الكرام وأن‬ ‫اجب على املسلس أن ه‬ ‫فالو ُ‬ ‫يعتقد‬ ‫يعيمهس وأن يتدبر ما جاء ِف صفاُتس العييمة ِف الكتاب والسنة وأن َ‬ ‫فضلهس وأن يذكرهس ّبا هس أهله وأن يْثين عليهس ّبا أثَ هللا به عليهس ِف كتابه‬ ‫وعلى لسان رسوله (ﷺ) وأن يتشوق إىل لقائهس ِف دار كرامته(‪.)2‬‬

‫‪ - 5‬عدم سبهم أو تنقصهم أو االستهزاء هبم‪:‬‬ ‫من حقوق املَلئكة عليهس السَلم علينا ذكرهس َبْلري دائما والبعد عن َ‬ ‫أي‬

‫ٍ‬ ‫كَلم فيه ُّ‬ ‫ضهس وعداوُتس‬ ‫ص هلس أو ٌّ‬ ‫شتس أو إظهار لعداوُتس فإن بُ حغ َ‬ ‫تنق ﴾‬ ‫سب أو ﴾‬

‫كفر هبس والكفر هبس كفر َبلل عز وجل كما َال تعاىل‪ َُ﴿ :‬حل َم حن َكا َن َع ُد اوا‬ ‫﴾‬ ‫اّلِلَ م َ َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫جلَ​َ َربيل فَ​َإنهه نَهزلَه علَى َ حلبَ َ َ‬ ‫ني‬ ‫ح َ ُ َُ‬ ‫ني يَ َديحه َوُه ادى َوبُ حشَرى ل حل ُم حؤمن َ‬ ‫صدَاا ل َما بَح َ‬ ‫ك إبَ​َ حذن ه ُ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ َ​َ َ​َ َ َ‬ ‫اّلِلَ َع ُد ٌّو‬ ‫يل َوَمي َك َ‬ ‫ال فَ​َإ هن ه‬ ‫۝ َم حن َكا َن َع ُد اوا هّلِل َوَم َ​َلئ َكته َوُر ُسله َوج حرب َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫العقيدة اإلسَلمية‪ ،‬د‪ .‬أْحد جلْي ص (‪.)178‬‬

‫(‪)2‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)229‬‬

‫‪187‬‬


‫لَحل َكافَ‬ ‫َ‬ ‫ين [البقرة‪ .]98-97 :‬وهذا وعي ﴾د وذم ملعادي جربيل عليه السَلم وإعَل ﴾ن أ هن‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫عداوةَ البعض تقتضْي عداوة هللا هلس(‪.)1‬‬ ‫وال شك أن مَلئكة هللا سبحانه وتعاىل هس من أوليائه املقربني كما َال‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يح أَ حن يَ ُكو َن َعحب ادا َهّلِلَ َوَال الح َم َ​َلئَ َكةُ الح ُم َقهربُون‬ ‫تعاىل‪﴿ :‬لَ حن يَ حستَ حنك َ‬ ‫ف الح َمس ُ‬ ‫[النساء‪. ]172 :‬‬ ‫وعداوةُ أوليائه من أعيس الذنوب اليت توجب غضب هللا وعداوته كما جاء‬ ‫ِف حديث أّب هريرة رضْي هللا عنه َال‪َ :‬ال رسول هللا (ﷺ) «َال هللا تعاىل َم حن‬ ‫َ‬ ‫َبْلرب»(‪.)2‬‬ ‫َ‬ ‫عادى ِل وليا فقد اذنتهُ‬ ‫***‬

‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)230‬‬

‫(‪)2‬‬

‫مسلس رَس (‪.)93‬‬

‫‪188‬‬


‫الفصل الثامن‬ ‫أثر اإلميان ابملالئكة‬ ‫يف حياة اإلنسان‬ ‫‪ - 1‬تقوية الشعور لدى املسلم بعظمة هللا عز وجل‬ ‫‪ - 2‬حتقيق اإلميان‬ ‫‪ - 3‬معرفة الكثري من أسرار الكون واخللق مما يزيد اإلميان يف القلب‬ ‫‪ - 4‬احلصول على األمن والطمأنينة‬ ‫‪ - 5‬اإلميان ابملالئكة يعكس مركز اإلنسان الكبري يف الكون‬ ‫‪ - 6‬اإلميان ابملالئكة يدفع اإلنسان إىل التشبه هبم يف العبادة‬ ‫‪ - 7‬اإلميان ابملالئكة يدفع اإلنسان إىل االستحياء من هللا تعاىل‬ ‫‪ - 8‬اإلميان ابملالئكة يولّد األنس ويبعد عنه اليأس‬ ‫‪ - 9‬االنتباه إىل أن هذه احلياة الدنيا ال تدوم‬ ‫‪ - 10‬عمل احلساب لآلخرة‬

‫‪189‬‬


‫الفصل الثامن‬

‫أثر اإلميان ابملالئكة يف حياة اإلنسان‬ ‫ِ‬ ‫أثر يف حياة املسلم يتمثّل فيما يلي‪:‬‬ ‫ابملالئكة‬ ‫لإلميان‬ ‫ٌ‬

‫‪ - 1‬إن اإلميان ابملالئكة يقوي الشعور لدى املسلم بعظمة هللا عز وجل‬ ‫َ‬ ‫ييس‬ ‫فاملَلئكةُ كما اتضح من صفاُتس ووظائفهس ﴾‬ ‫عييس ِف القدرة ع ﴾‬ ‫خلق ﴾‬ ‫الطاعة وهذه العيمةُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫س عيمةَ الباري سبحانه فهو هللا‬ ‫تعك‬ ‫ِف‬ ‫عييس‬ ‫السرعة‬ ‫ِف‬ ‫﴾‬ ‫ُ‬

‫بديع السماوات واْلرض وال يعدو املَلئكة أن يكونوا جندا من‬ ‫الواحد اْلحد ُ‬

‫جنود لتنفيذ أمره وعبادةا له سبحانه(‪.)1‬‬

‫واملقصود أن العلس هبذه املخلوَات العييمة ‪ -‬وهْي مَلئكة الرْحن عليهس‬ ‫السَلم ‪ -‬والتدبر ِف صفاُتس اليت أخربان هللا هبا ِف القرآن وثبتت ِف السنة يعل‬ ‫القلب مضطرا إىل تعييس خالقه وهيبته وخوفه ورجائه فإ هن خالق هذه املخلوَات‬ ‫َ‬

‫وحده سبحانه وتعاىل وأن يُتقى ِبن يذكر‬ ‫شك‬ ‫العييمة وال ه‬ ‫ُّ‬ ‫بد َ‬ ‫يستحق أن يُ حع َ‬ ‫(‪)2‬‬ ‫اّلِلَ َح هق َ حد َرهَ إَ هن ه‬ ‫﴿ما َ َد ُروا ه‬ ‫فَل ينسى ويطاع فَل يعصى ‪َ .‬ال تعاىل‪َ :‬‬ ‫اّلِلَ‬ ‫اّلِل َ​َمس َ‬ ‫صطَ​َفْي َم َن الح َم َ​َلئَ َك َة ُر ُس اَل َوَم َن الن َ‬ ‫ي َع َز ﴾يز ۝ ه‬ ‫لَ​َق َو ٌّ‬ ‫اّلِلُ يَ ح‬ ‫هاس إَ هن هَ ﴾‬ ‫يع بَصري﴾‬ ‫اّلِلَ‬ ‫ني أَيح َدي َهس وما َخ حل َف ُهس وإَ‬ ‫ور [الحج‪ ]76-74 :‬وَال‬ ‫ُم‬ ‫اْل‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫ىل‬ ‫ح‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫۝ يَ حعلَ ُس َما بَح َ‬ ‫ح َ​َ‬ ‫حَُ ُ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)232‬‬

‫(‪)2‬‬

‫ِف املَلئكة املقربني ص (‪.)233‬‬

‫‪190‬‬


‫َ َ‬ ‫اّلِل ح هق َ حد َرهَ و حاْلَرض َ​َ‬ ‫ات‬ ‫مج ايعا َ حب َ‬ ‫ضتُهُ يَ حوَم الحقيَ َامة َوال هس َم َاو ُ‬ ‫َ ح ُ‬ ‫﴿وَما َ َد ُروا هَ َ‬ ‫تعاىل‪َ :‬‬ ‫اىل َع هما يُ حش َرُكو َن [الزمر‪.]67 :‬‬ ‫ت بَيَ َمينَ َه ُسحب َحانَهُ َوتَ َع َ‬ ‫َمطح َوهَي ﴾‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة مع هللا عز وجل على وجوب إفر َاد هللا‬ ‫وَد احتج العلماءُ ِبحو َال‬ ‫َ‬ ‫ع َع حن َُلُوهبَ​َ حس َالُوا َما َذا‬ ‫﴿ح هّت إَ َذا فُ َز َ‬ ‫سبحانه وتعاىل َبلعبادة وتعييمه َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫اْلَ هق َوُه َو الح َعلَ ُّْي الح َكبَريُ [سبأ‪.]23 :‬‬ ‫ال َربُّ ُك حس َالُوا ح‬ ‫َ​َ‬ ‫َ َ‬ ‫حال‬ ‫ني َ‬ ‫وهذه اآلية َيل‪ :‬إهنا تَ حقطَ ُع َ‬ ‫عروق َش حج َر الشحرك وهذه اآلية تبَ ُ‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة الذين هس أَوى وأعيس من عُبَ َد من دون هللا فإذا كان هذا حا ُهلس مع هللا‬ ‫تعاىل وهيبتهس منه وخشيتهس له فكيف يدعوهس أح ﴾د من دون هللا وإذا كانوا ال‬ ‫يُ حد َع حو َن مع هللا ال استقَلالا وال واسطةا فغريُهس ممن ال يقدر على شْيء من اْلموات‬

‫الرد على املشركني مجيعا الذين يدعون‬ ‫واْلصنام أوىل أن ال يدعى وال يعبد ففيه ُّ‬

‫مع هللا َم حن ال يداين املَلئكة وال يساويهس ِف صفة من صفاُتس(‪.)1‬‬ ‫‪ - 2‬حتقيق اإلميان‪:‬‬

‫ول َّبا أُنح َزَل إَلَي َه َمن ربَ​َه والحمؤَمنو َن ُكلٌّ آمن َ​َب هّلِلَ‬ ‫ح ح َ َ ُح ُ‬ ‫﴿آم َن الهر ُس ُ َ‬ ‫َال تعاىل‪َ :‬‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫وم َ​َلئَ َكتَ َه وُكتبَ َه ورسلَ َه َال نُ َف َر ُق بني أ ٍ‬ ‫ك‬ ‫َحد َم حن ُر ُسل َه َوَالُوا َ​َمس حعنَا َوأَطَ حعنَا غُ حفَرانَ َ‬ ‫َح َ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ ُ َُ ُ‬ ‫ك الحم َ‬ ‫َ‬ ‫صريُ [البقرة‪.]285 :‬‬ ‫َربهنَا َوإلَحي َ َ‬ ‫وَال رسول هللا (ﷺ)‪« :‬اإلميا ُن أن تؤمن َبللَ‬ ‫َ‬ ‫ومَلئكته وكتبه ورسله واليوم‬ ‫َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫ِف إحياء علوم الدين (‪.)236/1‬‬

‫‪191‬‬


‫االخر وتؤمن َبلقدر خريه وشره»(‪.)1‬‬ ‫َ‬ ‫فمن آ َ‬ ‫من َبملَلئكة فقد حقق ركنا واجبا من أركان اإلميان ويلزمه أن أييتَ‬ ‫ببقية اْلركان والكفر هبس وال شك كفر َبللَ َ‬ ‫ب زو َال بقية اْلركان كما َال‬ ‫يوج‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ​َ َ َ​َ َ َ‬ ‫ض َ​َلاال‬ ‫ض هل َ‬ ‫﴿وَم حن يَ حك ُفحر َ​َب هّلِل َوَم َ​َلئ َكته َوُكتُبَه َوُر ُسله َوالحيَ حوم حاآلخ َر فَ َق حد َ‬ ‫تعاىل‪َ :‬‬ ‫يدا [النساء‪.]136 :‬‬ ‫بَعَ ا‬ ‫‪ - 3‬معرفة الكثري من أسرار الكون واخللق مما يزيد اإلميان يف قلب املؤمن‪:‬‬ ‫ف اإلنسان على كْث ٍري من أسرار الكون إذا تدبر اآلَيت اليت ذكر هللا‬ ‫يتعر ُ‬ ‫فيها املَلئكة وما وكلوا به من أعمال فينشرح صدره ويزداد إميانه فإذا رأى‬ ‫السحاب عرف أن له مَلئكة تسوَه وهذه اجلبال هلا مَلئكة تتوالها كذلك‬ ‫َ‬ ‫فيحب‬ ‫والنطفة ِف الرحس وامليت ِف َربه ستأتيه مَلئكة ويوم القيامة سريى املَلئكة‬ ‫ُّ‬ ‫اّلِلَ أَنح َزَل َم َن ال هس َم َاء‬ ‫املَلئكة ويزداد لل خشية وتعييما(‪َ ،)2‬ال تعاىل‪﴿ :‬أَ​َملح تَ​َر أَ هن ه‬ ‫َ‬ ‫ماء فَأَخرجنَا بَ​َه َمثَر ٍ‬ ‫ات خمُحتَلَ افا أَلحوا ُهنَا وَمن حَ‬ ‫ف أَلح َوا ُهنَا‬ ‫يض َو ُْحح﴾ر خمُحتَل ﴾‬ ‫اجلبَ َال ُج َد ﴾د بَ ﴾‬ ‫َ ا حَ ح‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هاس والدهو َ‬ ‫َ‬ ‫ك إَهّمَا َخيح َشى‬ ‫ف أَلح َوانُهُ َك َذل َ‬ ‫اب َو حاْلَنح َع َام خمُحتَل ﴾‬ ‫يب ُس ﴾‬ ‫ود ۝ َوم َن الن َ َ َ‬ ‫َو َغَراب ُ‬ ‫ور [فاطر‪.]28-27 :‬‬ ‫اّلِلَ َم حن َعبَ َادهَ الحعُلَ َماءُ إَ هن ه‬ ‫ه‬ ‫اّلِلَ َع َز ﴾يز َغ ُف ﴾‬

‫(‪)1‬‬

‫املصدر نفسه (‪.)269/1‬‬

‫(‪)2‬‬

‫العقيدة اإلسَلمية‪ ،‬د‪ .‬جلْي ص (‪.)179‬‬

‫‪192‬‬


‫‪ - 4‬احلصول على األمن والطمأنينة‬ ‫فاْلمن ِف الدنيا والطمأنينةُ واْلياةُ الطيبة ِف الدنيا واآلخرة متوَفة﴾ على‬ ‫ُ‬ ‫هَ‬ ‫ين َآمنُوا‬ ‫حتقيق اإلميان ومن ذلك اإلميان َبملَلئكة عليهس السَلم َال تعاىل‪﴿ :‬الذ َ‬ ‫ك َهلُ​ُس حاْل حَم ُن َوُه حس ُم حهتَ ُدو َن [األنعام‪ .]82 :‬وَال تعاىل‪:‬‬ ‫َوَملح يَحلبَ ُسوا إَميَ َاهنُحس بَيُحل ٍس أُولَئَ َ‬ ‫ال اهبَطَا َمحن ها َ​َ‬ ‫ض ُك حس لَبَ حع ٍ‬ ‫ض َع ُد ٌّو فَإَ هما َأيحتَيَ نه ُك حس َم َين ُه ادى فَ َم َن اتهبَ َع‬ ‫مج ايعا بَ حع ُ‬ ‫﴿َ َ ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ضحن اكا‬ ‫ض َع حن ذ حك َري فَ​َإ هن لَهُ َمعَ َ‬ ‫يشةا َ‬ ‫اي فَ َ​َل يَض ُّل َوَال يَ حش َقى ۝ َوَم حن أ حَعَر َ‬ ‫ُه َد َ‬ ‫ب َمل ح َشرتَ​َين أ حَعمى وَ حد ُكحنت ب َ‬ ‫وَححن ُشرهُ ي وم الح َقيام َة أ حَعمى ۝ َ َ َ‬ ‫ص اريا ۝‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ال َر َ َ ح‬ ‫َ ُ َح َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ال َك َذلَ‬ ‫ك الحيَ حوَم تُحن َسى [طه‪.]126-123 :‬‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫َت‬ ‫أ‬ ‫ك‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫آَيتُنَا فَنَ َسيتَ َها َوَك َذل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫وهناك أمن اخر وطمأنينة حسية ِف الدنيا حتصل ملن حقق اإلميان َبملَلئك ة‬

‫وذلك أن اإلنس ا َن إذا عرف أن هللا تعاىل َ د وكل ب ه مَلئك ةا َيفيونه من أمر‬ ‫نفسه وسكن َلبه وعلس أ هن ما أصابه‬ ‫هللا وِبمر هللا وَيفيونه من أعدائ ه أطمأنت ُ‬

‫ذكر هللا ببعض اْلذك ا َر‬ ‫مل يكن ليخطئه وما أخطأه مل يكن ليصيبه وعلس أنه إ حن َ‬ ‫املشروعة كآية الكرسْي وَ ل هو هللا أحد واملعوذتني وحنو ذلك أرسل هللا تعاىل‬

‫مَلئكةا َيفيون ه من أعدائ ه فَل يضره جين وال دواب وال سحر إذا عرف ذلك‬ ‫ابتعد عما ال ينفعه من الذهاب إىل الكهان‬ ‫كن إىل هللاَ تعاىل وتوكل عليه و َ‬ ‫رَ‬ ‫ال َم َن‬ ‫﴿وأَنههُ َكا َن َر َج ﴾‬ ‫والسحرة وحنوهس ْلهنس ال يزيدونه إال خوف اكم ا َ ال ت ع اىل‪َ :‬‬ ‫س ي عوذُو َن بَ َرج ٍال َمن حَ‬ ‫حَ‬ ‫وه حس َرَه اقا [الجن‪.]6 :‬‬ ‫اجل َن فَ َز ُاد ُ‬ ‫اإلنح َ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫أرض أو ٍ‬ ‫هت ِف ب ٍر أو ِب ٍر و ٍ‬ ‫مساء و ٍ‬ ‫ليل أو هنا ٍر فإن‬ ‫كنت وأينما توج َ‬ ‫وأينما َ‬

‫‪193‬‬


‫معك مَلئكة ال يفارَونك أبدا فاحرص على اْلذكار املشروعة حّت حتصل على‬ ‫اْلمن والطمأنينة ولذلك أرسل هللا املَلئكة إىل النب (ﷺ) وأصحابه ِف الغزو‬ ‫لتْثبيتهس كما َال سبحانه‪﴿ :‬إَ حذ تَستَغَيْثُو َن ربه ُكس فَاستَجاب لَ ُكس أَ​َين ُممَ ُّد ُكس َِبَلح ٍ‬ ‫ف‬ ‫ح‬ ‫َ ح ح َ َ ح‬ ‫ح‬ ‫َ َ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫اّلِلُ إَهال بُ حشَرى َولَتَطح َمئَ هن بَ​َه َُلُوبُ ُك حس َوَما‬ ‫ني ۝ َوَما َج َعلَهُ ه‬ ‫م َن الح َم َ​َلئ َكة ُمحردف َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اّلِلَ إَ هن ه‬ ‫هصُر إَهال َم حن عَحن َد ه‬ ‫الن ح‬ ‫اس أ َ​َمنَةا محنهُ‬ ‫اّلِلَ َع َز ﴾يز َحك ﴾يس ۝ إَ حذ يُغَشي ُك ُس الن َ‬ ‫ُّع َ‬ ‫وي نَ َزُل علَي ُكس َمن ال هسم َاء ماء لَيطَ َهرُكس بَ​َه وي حذ َهب عحن ُكس َرجز الشهيطَ َ‬ ‫ط‬ ‫ان َولَ​َحريبَ َ‬ ‫َُ َ ح ح َ َ َ ا ُ َ ح َُ َ َ ح ح َ ح‬ ‫علَى َُلُوبَ ُكس وي ْثَبَت بَ​َه حاْلَ​َح َدام ۝ إَ حذ ي َ‬ ‫ك إَ َىل الح َم َ​َلئَ َك َة أَ​َين َم َع ُك حس فَْثَبَتُوا‬ ‫وحْي َربُّ َ‬ ‫َ‬ ‫ح َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وب اله َ‬ ‫َعنَ َ‬ ‫اله َذين آمنُوا سأُلح َقْي َِف َُلُ َ‬ ‫اض َربُوا‬ ‫ع‬ ‫الر‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ين‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫اق َو ح‬ ‫ب فَ ح‬ ‫اض َربُوا فَ حو َق حاْل ح‬ ‫ح‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َمحن هس ُك هل ب نَ ٍ‬ ‫ان [األنفال‪.)1( ]12-9 :‬‬ ‫ُح َ‬ ‫‪ - 5‬اإلميان ابملالئكة يعكس مركز اإلنسان الكبري يف الكون‪:‬‬ ‫فاملَلئكة الذين هس ُّ‬ ‫أشد منا َواة وأَوى سريرة َد أُمروا َبلسجود آلدم عليه‬ ‫وس َخروا لتدبري أمور حياتنا ِف الدنيا والقيام بشؤوننا ِف االخرة وِف هذا‬ ‫السَلم ُ‬ ‫تنبيه﴾ لإلنسان الذي جعله هللا خليفةا ِف اْلرض أن يعرف َيمته وَدره وأن يتصرف‬

‫بناء على ذلك فيسلك الصراط املستقيس ويتجنب طريق الغواية والضَلل‪.‬‬ ‫قال الشاعر‪:‬‬

‫فارِبح َ‬ ‫بنفس ك أ حن ترعى مع اهلَ​َم َل‬

‫فطنت له‬ ‫َد رش حوك ْلم ٍر لو َ‬ ‫(‪ )1‬ركائز اإلميان‪ ،‬حممد َطب ص (‪.)188‬‬

‫‪194‬‬


‫‪ - 6‬اإلميان ابملالئكة يدفع اإلنسان إىل التشبه هبم يف اإلقدام على الطاعات‬ ‫واالبتعاد عن املعاصي‪:‬‬ ‫فحينما يعلس اإلنسان أن املَلئكةَ يسبحون الليل والنهار ال يفرتون وهس ال‬ ‫يعصون هللا ما أمرهس ويفعلون ما يؤمرون َيمله ذلك التشبه هبس والسري على‬ ‫هنجهس فتقوى بذلك روحه املعنوية ويتدر ُج ِف مدارج الكمال وَد نبه اإلمام‬ ‫الغزاِل إىل هذا املعَ ِف بيانه ْلسرا َر العبادات ففْي بيانه ْلسرا َر الصوم َال إن‬ ‫املقصود به االَتداء َبملَلئكة ِف َ‬ ‫الكف عن الشهوات ِبسب اإلمكان فإهنس‬ ‫َ‬ ‫التحق‬ ‫َمع اإلنسان الشهوات ارتفع إىل أعلى عليني و َ‬ ‫منزهون عن الشهوات وكلما َ‬ ‫ِبُفق املَلئكة واملَلئكة مقربون من هللا عز وجل والذي يقتدي هبس ويتشبه‬

‫ب(‪ ،)1‬وِف‬ ‫ِبخَلَهس يَ حقُر ُ‬ ‫ب من هللا عز وجل كقرهبس فإ هن الشبيه من الشبيه َري ُ‬ ‫بيانه ْلسرار اْلج يقول واعلس أنك َبلطو َ‬ ‫اف متشبَه﴾ َبملَلئكة اْلافني حول العرش‬ ‫َ‬ ‫الطائفني حوله(‪.)2‬‬

‫‪ - 7‬إن اإلميان ابملالئكة يدفع اإلنسان إىل االستحياء من هللا تعاىل والبعد‬ ‫عن معصيته يف السر والعلن‪:‬‬ ‫فإذا امن اإلنسا ُن ِبن املَلئكة تغشاه ِف جمالسه وتتوىل كتابة أعماله وأهنس‬ ‫يستسهل اإلَدام على املعصية‬ ‫يتعقبونه ِف صحوه وغفلته وِف سفره وحضره فلن‬ ‫َ‬ ‫(‪)1‬‬

‫إحياء علوم الدين (‪.)236/1‬‬

‫(‪)2‬‬

‫املصدر نفسه (‪.)269/1‬‬

‫‪195‬‬


‫أو اَرتاف اْلطيئة‪.‬‬ ‫‪ - 8‬إن اإلميان ابملالئكة يولد لدى املرء اإلنس ويبعد عنه اليأس‪:‬‬ ‫املؤمن َبلضيق أو يتعرض لألذى أو يقابَ ُل َبلعداء‬ ‫فحينما يصاب‬ ‫ُ‬ ‫الرفيق الذي يواسيه ويصربه‬ ‫والسخرية من أعداء دينه يد من املَلئكة‬ ‫اْلنيس و َ‬ ‫َ‬ ‫ويشجعه على مواصلة السري والْثبات على اْلق فيقدم َم حن مثَه على مواجهة اْلعداء‬

‫إذ يعلس أ هن هللا تعاىل معه يؤيده جبنود من عنده يكونون عوانا له وانصرا(‪.)1‬‬ ‫‪ - 9‬االنتباه إىل أ ّن هذه احلياة الدنيا فانية ال تدوم‪:‬‬

‫حني يتذكر اإلنسان ملك املوت املأمور بقبض اْلرواح حني يتوفاها ومن‬ ‫َمث فَل تستحق هذه اْلياةُ الدنيا أن ينشغل هبا اإلنسان عن االخرة ويكفيه منها‬ ‫املتاع الطيب اْلَلل الذي أَبحه هللا‪.‬‬

‫‪ - 10‬عمل احلساب لألخرة‪:‬‬ ‫ترحيب املَلئكة َبملؤمنني ِف اجلنة وتعذيبهس للكفار‬ ‫حني يتذكر اإلنسان‬ ‫َ‬

‫ِف النار فيجب أن يكون ممن أنعس هللا عليهس جبنته ورضوانه ووَاهس عذاب‬ ‫السموم(‪.)2‬‬

‫(‪)1‬‬

‫العقيدة اإلسَلمية‪ ،‬د‪ .‬جلْي ص (‪.)179‬‬

‫(‪)2‬‬

‫ركائز اإلميان‪ ،‬حممد َطب ص (‪.)188‬‬

‫‪196‬‬


‫اخلـامتـة‬ ‫ٍ‬ ‫حديث ِف سلسلة أركان اإلميان عن (اإلميان‬ ‫فهذا ما يسره هللا ِل من‬ ‫َبملَلئكة) وَد مسيت هذا الكتاب «اإلميان َبملَلئكة» فما كان فيه من صو ٍ‬ ‫اب‬ ‫حمض َ‬ ‫علْي فله اْلمد واملنهة وما كان فيه من خطأ فأستغفر هللا‬ ‫فضل هللا ه‬ ‫فهو ُ‬ ‫كنت حريصا أال أَع‬ ‫تعاىل وأتوب إليه وهللا ورسوله (ﷺ) بريئان منه وحسب أين ُ‬ ‫ُحرم من اْلجر‪.‬‬ ‫ِف اْلطأ وعسى أال أ َ‬

‫وأدعو هللا أن ينفع هبذا الكتاب بين اإلنسان وأن يذكرين من يقرؤه من‬ ‫إخواين املسلمني ِف دعائه فإن دعوة اْلخ ْلخيه بيهر الغيب مستجابة إن شاء‬ ‫هللا تعاىل وأختس هذا الكتاب بقول هللا تعاىل‪﴿ :‬ربهنا ا حغ َفر لَنا وَ​َإلخوانَنا اله َ‬ ‫ين‬ ‫ذ‬ ‫َ َ ح َ َ حَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫سب ُق َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫وف َرَح ﴾يس‬ ‫ك َرءُ ﴾‬ ‫ين َآمنُوا َربهنَا إَنه َ‬ ‫َ​َ‬ ‫وان َبحإلميَان َوَال َحجت َع حل ِف َُلُوبَنَا غ اَل للهذ َ‬ ‫[الحشر‪.]10 :‬‬

‫‪ ‬وبقول الشاعر‪:‬‬ ‫ُك حن ف اع َلا ل ل خ ٍري َ واالا ل ه‬ ‫َ‬ ‫َمن َ‬ ‫ملهوف وش حب َع َة جائ ٍع‬ ‫غوث‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫اْلري ال ُتنُ حن ب َه‬ ‫ف إذا َعمل َ‬ ‫ت َ‬ ‫اش ُكر على الن َ‬ ‫هعماء واص حَرب للبَلء‬ ‫ح ح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫اس تَعَ حن‬ ‫ب وبَ ه ح‬ ‫َبلل ث حق ولَ هُ أَن ح‬ ‫وإذا عص يت فَت َ‬ ‫ك ُم حس َرعا‬ ‫ب لَربَ َ‬ ‫َ َح َ ُح‬

‫‪197‬‬

‫َ‬ ‫ف ُ َ‬ ‫الفع َل م حق َ​َرت َ‬ ‫انن‬ ‫القول مْثح ُل ح ُ‬ ‫َين وفَ حدي َة ع َ‬ ‫وَد َاث َر ع ر ٍ‬ ‫ان‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال خ ري ِف م تَ م د ٍح م نه َ‬ ‫ان‬ ‫َ‬ ‫َ حَ ُ َ‬ ‫كَلمه ا خلُق ان ممَح ُدوح َ‬ ‫ان‬ ‫فَ ُ ُ‬ ‫حَ‬ ‫ف إذا فَع حل ت ف أن ت خري مع َ‬ ‫ان‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ حُ ُ َ‬ ‫ح َذر املم َ‬ ‫ات وال تَ ُق حل َملَ َ​َي َن‬ ‫َ َ‬


‫الع حس ُر فَ حر﴾د بَ حع َد يُ حس َر َان‬ ‫ف َ‬

‫فاص َ حرب هلا‬ ‫وإذا ابتُ َ‬ ‫ليت بَعُ حس َرةٍ ح‬ ‫‪ ‬وبقول الشاعر‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫هما‬ ‫د حن َبلش ريعة والكتاب كلَحي َ‬ ‫الكتاب كَلمها‬ ‫وكذا الش ريعةُ و ُ‬ ‫ولك َل عب ٍد ح افي َ‬ ‫ان لك َل م ا‬ ‫ب َ‬ ‫أ َُمرا بَ َكحت َ‬ ‫كَلم َه وفَع الَ َه‬ ‫َ‬

‫فكَلمه ا لل ديَن َو َاس طَت ان‬ ‫ُ‬ ‫جب م ي َع م ا َتت ي َه ُحم تَ َف ظ‬ ‫ي ق ع اجل زاء ع ل ي ه خم ل وَ َ‬ ‫ان‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫(‪) 1‬‬ ‫َ‬ ‫َو ُمهَ ا ْلم َر هللا م ؤُت ران‬

‫َ‬ ‫أتوب إليك‬ ‫أنت‬ ‫سبحانك الله هس‬ ‫وِبمدك ُ‬ ‫أشهد أن ال إله إال َ‬ ‫أستغفرَك و ُ‬ ‫ُ‬ ‫***‬

‫‪198‬‬


‫فهرس املوضوعات‬ ‫املقدمة ‪2 .......................................................‬‬ ‫الفصل األول ‪12 ...............................................‬‬ ‫تعريف املَلئكة وحقيقتهس ومادة خلقهس‪12 .........................‬‬ ‫أوالا تعريف املَلئكة لغة وشرعا ‪12 ...............................‬‬ ‫اثنيا حقيقة املَلئكة كما وردت ِف الكتاب والسنة‪15 ..............‬‬ ‫اثلْثا منزلةُ اإلميان َبملَلئكة ‪15 ...................................‬‬ ‫رابعا خلقهس‪19 .................................................‬‬ ‫خامسا هل كان إبليس من املَلئكة؟‪20 ...........................‬‬ ‫الفصل الثاين ‪26 ...............................................‬‬ ‫صفات املَلئكة اْللقية واْلُلقية ‪26 ................................‬‬ ‫ُ‬

‫أوالا صفاُتس اْلَلقية ‪26 .........................................‬‬ ‫‪ 1‬عيس خلقهس وضخامة أجسامهس وَوُتس ‪26 ...................................‬‬ ‫‪ 2‬أجنحة املَلئكة ‪29 ........................................................‬‬ ‫‪ 3‬عيس سرعتهس ‪29 ..........................................................‬‬ ‫‪ 4‬عدم حاجة املَلئكة لألكل والشرب ‪30 ......................................‬‬

‫‪199‬‬


‫‪ 5‬ال يوصفون َبلذكورة واْلنوثة ‪30 .............................................‬‬ ‫‪ 6‬كَلم املَلئكة ‪32 ..........................................................‬‬ ‫‪ 7‬مجال املَلئكة ‪34 ..........................................................‬‬ ‫‪ 8‬للمَلئكة َدرات خارَة ‪34 .................................................‬‬ ‫‪ 9‬ال ميلون وال يتعبون ‪35 .....................................................‬‬ ‫‪َ 10‬درة املَلئكة على التمْثل والتشكل ‪35 .....................................‬‬

‫اثني ا صفاُتس اْلُلُقية ‪41 ..........................................‬‬ ‫‪ 1‬كرام بررة ‪41 ...............................................................‬‬ ‫‪ 2‬الرب ‪41 ...................................................................‬‬ ‫استغفارهس لنا ‪42 ...................................................‬‬ ‫أ دعاؤهس و‬ ‫ُ‬ ‫ب ومن إحساهنس لنا شفاعتهس ْلهل التوحيد يوم القيامة ‪43 .......................‬‬

‫‪ 3‬التواضع وعدم التكرب ‪43 ....................................................‬‬ ‫‪ 4‬اْلياء ‪44 .................................................................‬‬ ‫‪ 5‬النيام ‪44 .................................................................‬‬ ‫‪َ 6‬يبون ويبغضون ‪45 ........................................................‬‬ ‫ابن آدم ‪46 ........................................‬‬ ‫‪ 7‬إهنس يتأذون مما يتأذى منه ُ‬ ‫‪ 8‬إهنس ال يعلمون الغيب ‪46 ...................................................‬‬ ‫‪ 9‬إهنس عباد هللا دائمو الطاعة و َ‬ ‫اْلوف منه ‪46 ...................................‬‬

‫الفصل الثالث ‪49 ..............................................‬‬

‫‪200‬‬


‫عدد املَلئكة وأمساؤهس وهل ميوتون؟ ‪49 ............................‬‬ ‫أوالا عدد املَلئكة ‪49 ............................................‬‬ ‫اثنيا أمساء املَلئكة ‪50 ...........................................‬‬ ‫‪ 1‬اْلمساء العامة ‪50 ..........................................................‬‬ ‫أ اْلشهاد ‪50 ................................................................‬‬ ‫ب املأل اْلعلى ‪51 ...........................................................‬‬ ‫ج اجلنود ‪51 .................................................................‬‬ ‫د السفرة ‪52 .................................................................‬‬ ‫ه ‪ -‬الرسل ‪53 ................................................................‬‬ ‫‪ 2‬اْلمساء اْلاصة ‪53 .........................................................‬‬ ‫أ جربيل ‪53 ..................................................................‬‬ ‫ب ميكائيل ‪57 ..............................................................‬‬ ‫ج إسرافيل ‪57 ...............................................................‬‬ ‫مالك خاز ُن النار ‪59 .......................................................‬‬ ‫‪3‬‬ ‫﴾‬ ‫‪ 4‬ملك املوت ‪59 ............................................................‬‬ ‫‪ 5‬منكر ونكري ‪60 ...........................................................‬‬ ‫‪ 6‬هاروت وماروت ‪60 ........................................................‬‬ ‫‪ 7‬اْلمساء املنسوبة للمَلئكة ومل تصح تسمية املَلئكة هبا ‪61 ......................‬‬ ‫أ عزرائيل ‪61 .................................................................‬‬ ‫ب رَيب وعتيد ‪61 ...........................................................‬‬

‫‪201‬‬


‫اثلْثا رؤية املَلئكة ‪62 ...........................................‬‬ ‫رابع ا موت املَلئكة‪67 ...........................................‬‬ ‫الفصل الرابع ‪70 ...............................................‬‬ ‫عبادة املَلئكة ‪70 ...............................................‬‬ ‫ُتهيد ‪70 .......................................................‬‬ ‫ومن بعض هذه العبادات ‪71 .....................................‬‬ ‫أوالا إمياهنس َبلل عز وجل وشهادُتس َبلتوحيد ‪71 ...................................‬‬ ‫اثنيا تسبيح املَلئكة لل تعاىل ‪72 ................................................‬‬ ‫تسبيحهس على الدوام بَل انقطاع ‪72 .........................................‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ 2‬تسبيح ْحلة العرش واْلافني من حوله من املَلئكة ‪74 ..........................‬‬ ‫‪ُ 3‬تدح املَلئكة بتسبيحهس لل تعاىل‪76 .........................................‬‬ ‫‪ 4‬تسبيح املَلئكة لكَلم هللا تعاىل وَضائه ‪77 ...................................‬‬ ‫‪ 5‬افتتاح املَلئكة ِف كَلمها مع هللا َبلتسبيح ‪79 .................................‬‬ ‫‪ 6‬حال املَلئكة ِف تسبيحهس لل تعاىل ‪81 ......................................‬‬ ‫اثلْثا دعاء املَلئكة للمؤمنني ‪83 .................................................‬‬ ‫‪ 1‬دعاؤهس لطالب العلس ومعلمه ‪83 ............................................‬‬ ‫‪ 2‬الدعاء ملنتير الصَلة وملن جلس ِف املسجد بعد الصَلة ‪84 ....................‬‬ ‫‪ 3‬دعاؤهس للذين ي َ‬ ‫الصفوف ويسدون ال ُفَر َج ‪84 ............................‬‬ ‫صلُ حو َن‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫‪202‬‬


‫‪ 4‬دعاؤهس ْلهل الصفوف املتقدمة ِف الصَلة ‪84 ................................‬‬ ‫‪ 5‬دعاؤهس للمنفق مالَه ِف سبيل هللا ‪85 .........................................‬‬ ‫‪ 6‬دعاؤهس ملن صلى على النب (ﷺ) ‪85 .......................................‬‬ ‫‪ 7‬دعاؤهس للمتسحرين ‪85 ....................................................‬‬ ‫‪ 8‬دعاؤهس للصائس إذا أكل عنده املفطرون ‪85 ...................................‬‬ ‫‪َ 9‬تمينهس على َ‬ ‫حضر عند املريض أو امليت ‪85 .........................‬‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫دعاء‬ ‫ُ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪َ 10‬تمينُهس على دعاء َم حن يدعو ْلخيه املسلس ‪86 ...............................‬‬ ‫‪ 11‬دعاؤهس َبلسَلم على جنبيت الصراط ‪86 ....................................‬‬ ‫أعمال ٍ‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة على الكفار وعلى أَوٍام بسبب ٍ‬ ‫سيئة ‪86 ..................‬‬ ‫رابعا دعاءُ‬ ‫‪ 1‬دعاؤهس على املح َد َ‬ ‫ث ِف املدينة ‪88 ..........................................‬‬ ‫ُح‬ ‫ب أصحاب النب (ﷺ) ‪89 .....................................‬‬ ‫‪ 2‬لعنهس من َس ه‬ ‫َبلسَلح على مسل ٍس ‪89 ......................................‬‬ ‫أشار‬ ‫َ‬ ‫‪ 3‬لعنُهس من َ‬ ‫غري مواليه ‪89 ...........................‬‬ ‫‪ 4‬لعنهس من‬ ‫انتسب إىل غري أبيه أو توىل َ‬ ‫َ‬ ‫‪ 5‬لعنهس َم حن حال بني وِل املقتول وبني القاتل أو الدية ‪89 ........................‬‬ ‫اش زوجها ‪90 ........................................‬‬ ‫ُتجر فر َ‬ ‫‪ 6‬لعنُهس املرأ َة اليت ُ‬ ‫َ‬ ‫النائحة ‪90 ...............................................‬‬ ‫‪ 7‬تركهس الصَل َة على‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة للمؤمنني ‪90 ...............................................‬‬ ‫خامسا والءُ‬ ‫أهل الكبائ َر واملعاصْي وبغضهس َ‬ ‫َ‬ ‫املَلئكة من َ‬ ‫ْلئمة الكفر ‪91 ............‬‬ ‫سادس ا براءةُ‬ ‫ُ‬

‫سابعا املَلئكة يقومون َبمتهان الكفار بضرب وجوههس وأدَبرهس عند موُتس ‪93 ......‬‬ ‫اثمنا املَلئكة يتحدثون إىل عصاة املسلمني وإىل الكفار ‪93 ........................‬‬

‫‪203‬‬


‫َتسعا خوفهس من هللا له وخشيتهس له ‪93 ........................................‬‬ ‫عاشرا حضورهس جمالس الذكر وخطبة يوم اجلمعة ‪94 ..............................‬‬ ‫يقول املأموم ‪95 ..............‬‬ ‫حادي عشر حضورهس الصلوات ِف املساجد وَوُهلس ما ُ‬ ‫اثين عشر صَلة املَلئكة ‪96 ....................................................‬‬ ‫‪ 1‬القيام واالصطفاف ‪96 .....................................................‬‬ ‫‪ 2‬الركوع والسجود ‪97 ........................................................‬‬ ‫اثلث عشر سَلم املَلئكة ‪97 ...................................................‬‬

‫الفصل اخلامس ‪100............................................‬‬ ‫أعمال املَلئكة ‪100 .............................................‬‬ ‫أوالا أعمال املَلئكة املتعلقة ببين آدم ‪100 .........................‬‬ ‫‪ 1‬نفخ اْلرواح ِف اْلجنة وكتابةُ مستقبل تلك اْلجنة ‪100 .......................‬‬ ‫‪ 2‬مراَبتهس اإلنسان وكتابة أعماله وإحصاؤهس عليه ‪101 ..........................‬‬ ‫أ ماذا تكتب املَلئكة؟ ‪104 ...................................................‬‬ ‫كلب وال صورة﴾ وحنوها ‪108 ........................‬‬ ‫ب املَلئكةُ ال‬ ‫تدخل بيتا فيه ﴾‬ ‫ُ‬ ‫‪ 3‬حفظ بين آدم ‪109 ........................................................‬‬

‫أ آية الكرسْي ‪111 ...........................................................‬‬ ‫ب َراءة أواخر سورة البقرة ‪111 ...............................................‬‬ ‫ج َراءة َل هو هللا أحد واملعوذتني ثَلث مرات ‪112 .............................‬‬ ‫د َول (ال إله إال هللا وحده ال شريك له) ‪112 ..................................‬‬

‫‪204‬‬


‫‪ 4‬مَلزمته ودعوته للخري ‪112 .................................................‬‬ ‫‪ 5‬السفارة بني هللا وبني عباده من بين آدم ‪115 .................................‬‬ ‫اْلدلة من الكتاب العزيز ‪117 ..................................................‬‬ ‫‪ 6‬تْثبيت املؤمنني وَتاهلس معهس ‪124 ............................................‬‬ ‫أ ِف غزوة بدر ‪125 ..........................................................‬‬ ‫أحد ‪129 ........................................................‬‬ ‫ب ِف غزوة ُ‬ ‫ج ِف غزوة اْلندق ‪130 ......................................................‬‬ ‫د ِف غزوة حنني ‪133 ........................................................‬‬ ‫‪َ 7‬بض اْلرواح عند املوت‪135 ...............................................‬‬ ‫أ كيفية نزع الروح ‪135 ........................................................‬‬ ‫ب خروج روح املؤمن واحتضاره‪137 ...........................................‬‬ ‫ج خروج روح الكافر واحتضاره ‪140 ...........................................‬‬ ‫د مَلئكة الرْحة ومَلئكة العذاب ‪142 .........................................‬‬ ‫‪ 8‬سؤاهلس امليت ِف َربه مث تنعيمه أو تعذيبه بعد إعادة الروح إىل اجلسد ‪143 ........‬‬ ‫ومن اآلَيت القرآنية الدالة على عذاب القرب ‪143 .................................‬‬ ‫‪ 9‬نفخهس ِف الصور ‪146 .....................................................‬‬ ‫‪َ 10‬يامهس برعاية أهل اجلنة ونعيمهس ‪148 .....................................‬‬ ‫‪ 11‬خزنة النار ‪149 .........................................................‬‬

‫اثنيا أعمال املَلئكة املتعلقة َبلكون ‪151 ..........................‬‬ ‫ومن أعمال املَلئكة ِف الكون ‪153 .............................................‬‬

‫‪205‬‬


‫‪ْ 1‬حلة العرش ‪153 ..........................................................‬‬ ‫‪ 2‬املوكلون َبلسحاب واملطر‪154 ..............................................‬‬ ‫‪ 3‬ملك اجلبال ‪156 ..........................................................‬‬ ‫‪ 4‬املَلئكة اْلافون ّبكة واملدينة ‪157 ..........................................‬‬ ‫‪ 5‬املَلئكة املوكلون َبلشام ‪158 ...............................................‬‬

‫ٍ‬ ‫ِبعمال أُخرى وبعض الفوائد ‪159 .....................‬‬ ‫َيامهس‬ ‫اثلْثا ُ‬ ‫‪ 1‬إهَلك اْلمس املكذبة ‪160 ..................................................‬‬ ‫‪ 2‬تبليغ النب (ﷺ) صَلة أمته وسَلمها عليه ‪162 ..............................‬‬ ‫التابوت لبين إسرائيل ‪163 ............................................‬‬ ‫‪ْ 3‬حلُهس‬ ‫َ‬ ‫‪ 4‬نزول عيسى عليه السَلم بصحبة ملكني ‪164 ................................‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الشهيد ‪165 ...........................................‬‬ ‫املَلئكة على‬ ‫‪ 5‬تيليل‬ ‫‪ 6‬شفاعتهس ْلهل اإلميان ‪165 ................................................‬‬ ‫‪ 7‬نزوهلس عند تَلوة القرآن‪165 ................................................‬‬ ‫‪ 8‬حضورهس جمالس الذكر ‪166 .................................................‬‬ ‫‪ 9‬شهود املَلئكة جلنازة الصاْلني ‪166 .........................................‬‬ ‫‪ 10‬أمساء املَلئكة وحكس التسمْي هبا ‪167 .....................................‬‬ ‫‪ 11‬عداوة اليهود لبعض املَلئكة ‪167 .........................................‬‬

‫الفصل السادس ‪169...........................................‬‬ ‫من مكايد الشيطان ِف مسائل اإلميان َبملَلئكة ‪170 .................‬‬

‫‪206‬‬


‫أوالا إنكار وجودهس ‪170 .........................................‬‬ ‫اثني ا عبادُتس وتقديسهس‪172 ......................................‬‬ ‫الفصل السابع ‪175.............................................‬‬ ‫املفاضلة بني املَلئكة والبشر ‪176 ..................................‬‬ ‫أوالا املفاضلة بني املَلئكة ‪176 ....................................‬‬ ‫اثنيا جربيل أفضل املَلئكة وأهس صفاته‪177 ........................‬‬ ‫الصفة اْلوىل ‪178 ............................................................‬‬ ‫الوصف الْثاين‪178 ............................................................‬‬ ‫الوصف الْثالث ‪179 ..........................................................‬‬ ‫الوصف الرابع‪180 ............................................................‬‬ ‫الوصف اْلامس ‪180 .........................................................‬‬ ‫الوصف السادس ‪180 .........................................................‬‬

‫اثلْث ا املفاضلة بني املَلئكة وصاْلْي البشر ‪181 ......................‬‬ ‫رابعا حقوق املَلئكة على بين آدم ‪183 ............................‬‬ ‫‪ 1‬اإلميان هبس ‪183 ...........................................................‬‬ ‫‪ 2‬البعد عن الذنوب واملعاصْي ‪184 ............................................‬‬ ‫‪ 3‬البعد عما تكرهه املَلئكة ‪184 ..............................................‬‬ ‫‪ 4‬حمبتهس وذكر فضائلهس ‪185 .................................................‬‬

‫‪207‬‬


‫‪ 5‬عدم سبهس أو تنقصهس أو االستهزاء هبس ‪187 .................................‬‬

‫الفصل الثامن‪189..............................................‬‬ ‫أثر اإلميان َبملَلئكة ِف حياة اإلنسان ‪190 ..........................‬‬ ‫َ‬ ‫أثر ِف حياة املسلس يتمْثل فيما يلْي‪190 .............‬‬ ‫لإلميان َبملَلئكة ﴾‬ ‫‪ 1‬إن اإلميان َبملَلئكة يقوي الشعور لدى املسلس بعيمة هللا عز وجل ‪190 .........‬‬ ‫‪ 2‬حتقيق اإلميان ‪191 .........................................................‬‬ ‫‪ 3‬معرفة الكْثري من أسرار الكون واْللق مما يزيد اإلميان ِف َلب املؤمن ‪192 ........‬‬ ‫‪ 4‬اْلصول على اْلمن والطمأنينة ‪193 .........................................‬‬ ‫‪ 5‬اإلميان َبملَلئكة يعكس مركز اإلنسان الكبري ِف الكون ‪194 ....................‬‬ ‫‪ 6‬اإلميان َبملَلئكة يدفع اإلنسان إىل التشبه هبس ِف اإلَدام على الطاعات ‪195 .....‬‬ ‫‪ 7‬اإلميان َبملَلئكة يدفع اإلنسان إىل االستحياء من هللا تعاىل ‪195 ................‬‬ ‫‪ 8‬اإلميان َبملَلئكة يولد لدى املرء اإلنس ويبعد عنه اليأس ‪196 ...................‬‬ ‫‪ 9‬االنتباه إىل أن هذه اْلياة الدنيا فانية ال تدوم ‪196 ............................‬‬ ‫‪ 10‬عمل اْلساب لألخرة ‪196 ...............................................‬‬

‫اخلـامتـة ‪197....................................................‬‬ ‫فهرس املوضوعات ‪199.........................................‬‬

‫‪208‬‬


‫كتب صدرت للمؤلف‬ ‫‪ 1‬السرية النبوية عرض وَائع وحتليل أحداث‬ ‫‪ 2‬سرية اْلليفة اْلول أبو بكر الصديق رضْي هللا عنه شخصيته وعصره‬ ‫‪ 3‬سرية أمري املؤمنني عمر بن اْلطاب رضْي هللا عنه شخصيته وعصره‬ ‫‪ 4‬سرية أمري املؤمنني عْثمان بن عفان رضْي هللا عنه شخصيته وعصره‬ ‫‪ 5‬سرية أمري املؤمنني علْي بن أّب طالب رضْي هللا عنه شخصيته وعصره‬ ‫‪ 6‬سرية أمري املؤمنني اْلسن بن علْي بن أّب طالب شخصيته وعصره‬ ‫‪ 7‬الدولة العْثمانية عوامل النهوض والسقوط‬ ‫‪ 8‬فقه النصر والتمكني ِف القرآن الكرمي‬ ‫‪َ 9‬تريخ اْلركة السنوسية ِف إفريقيا‬ ‫‪َ 10‬تريخ دوليت املرابطني واملوحدين ِف الشمال اإلفريقْي‬ ‫‪ 11‬عقيدة املسلمني ِف صفات رب العاملني‬ ‫‪ 12‬الوسطية ِف القرآن الكرمي‬ ‫‪ 13‬الدولة اْلموية عوامل االزدهار وتداعيات االهنيار‬ ‫‪ 14‬معاوية بن أّب سفيان شخصيته وعصره‬ ‫‪ 15‬عمر بن عبد العزيز شخصيته وعصره‬ ‫‪ 16‬خَلفة عبد هللا بن الزبري‬

‫‪209‬‬


‫‪ 17‬عصر الدولة الزنكية‬ ‫‪ 18‬عماد الدين زنكْي‬ ‫‪ 19‬نور الدين حممود‬ ‫‪ 20‬دولة السَلجقة‬ ‫‪ 21‬اإلمام الغزاِل وجهوده ِف اإلصَلح والتجديد‬ ‫‪ 22‬الشيخ عبد القادر اجليَلين‬ ‫‪ 23‬الشيخ عمر املختار‬ ‫‪ 24‬عبد امللك بن مروان بنوه‬ ‫‪ 25‬فكر اْلوارج والشيعة ِف ميزان أهل السنة واجلماعة‬ ‫‪ 26‬حقيقة اْلَلف بني الصحابة‬ ‫‪ 27‬وسطية القرآن ِف العقائد‬ ‫‪ 28‬فتنة مقتل عْثمان‬ ‫‪ 29‬السلطان عبد اْلميد الْثاين‬ ‫‪ 30‬دولة املرابطني‬ ‫‪ 31‬دولة املوحدين‬ ‫‪ 32‬عصر الدولتني اْلموية والعباسية وظهور فكر اْلوارج‬ ‫‪ 33‬الدولة الفاطمية‬ ‫‪ 34‬حركة الفتح اإلسَلمْي ِف الشمال اإلفريقْي‬

‫‪210‬‬


‫‪ 35‬صَلح الدين اْليوّب وجهوده ِف القضاء على الدولة الفاطمية وحترير‬ ‫بيت املقدس‬ ‫‪ 36‬اسرتاتيجية شاملة ملناصرة الرسول (ﷺ) دروس مستفادة من اْلروب‬ ‫الصليبية‬ ‫‪ 37‬الشيخ عز الدين بن عبد السَلم سلطان العلماء‬ ‫‪ 38‬اْلمَلت الصليبية (الرابعة واْلامسة والسادسة والسابعة) واْليوبيون‬ ‫بعد صَلح الدين‬ ‫‪ 39‬املشروع املغوِل عوامل االنتشار وتداعيات االنكسار‬ ‫‪ 40‬سيف الدين َطز ومعركة عني جالوت ِف عهد املماليك‬ ‫‪ 41‬اإلميان َبلل جل جَلله (‪)1‬‬ ‫‪ 42‬اإلميان َبليوم االخر (‪)5‬‬ ‫‪ 43‬الشورى ِف اإلسَلم‬ ‫‪ 44‬السلطان حممد الفاتح‬ ‫‪ 45‬اإلميان َبلقدر (‪)6‬‬ ‫‪ 46‬اإلميان َبملَلئكة (‪)2‬‬ ‫‪ 47‬اإلميان َبلقرآن الكرمي والكتب السماوية (‪)3‬‬

‫‪211‬‬


‫مفكر ومؤرخ وفقيه‬ ‫ ولد ِف مدينة بنغازي بليبيا عام ‪ 1383‬ه ‪1963 /‬م‬‫ انل درجة اإلجازة العاملية (الليسانس) من كلية الدعوة وأصول الدين من جامعة‬‫املدينة املنورة عام ‪1993‬م‪ ،‬وَبلرتتيب اْلول‪.‬‬ ‫ حصل على درجة املاجستري من كلية أصول الدين ِف جامعة أم درمان اإلسَلمية‬‫عام ‪1996‬م‪.‬‬ ‫ انل درجة الدكتوراه ِف الدراسات اإلسَلمية ِبطروحته فقه التمكني ِف القرآن الكرمي‬‫من جامعة أم درمان اإلسَلمية َبلسودان عام ‪1999‬م‪.‬‬ ‫ اشتهر ّبؤلفاته واهتماماته ِف علوم القرآن الكرمي والفقه والتاريخ والفكر اإلسَلمْي‪.‬‬‫ زادت مؤلفات الدكتور الصاليب عن ستني مؤل ًفا أبرزها‪:‬‬‫‪ ‬السرية النبوية عرض وَائع وحتليل أحداث‬ ‫‪ ‬سري اْللفاء الراشدين‬ ‫‪ ‬الدولة اْلديْثة املسلمة‬ ‫‪ ‬وسطية القرآن الكرمي ِف العقائد‪.‬‬ ‫‪ ‬صفحات مشرَة من التاريخ اإلسَلمْي‪.‬‬ ‫‪َ ‬تريخ كفاح الشعب اجلزائري‬ ‫‪ ‬العدالة واملصاْلة الوطنية‬ ‫‪ ‬وآخر مؤلفاته "اإلَبضية‪ .‬مدرسة إسَلمية بعيدة عن اْلوارج"‪.‬‬

‫‪212‬‬


213


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.