Alsayeeh Magazine - Issue 10

Page 1

‫العدد العاشر‪2019 -‬‬

‫‪Al- Sayeeh‬‬

‫لبنان‪...‬‬

‫اليزال ينبض باحلياة‬ ‫ال يســــاوم‬ ‫ولن يرضخ‪...‬‬

‫حديات‪...‬هل‬ ‫أر َب ُع ُه َّن وال ّت ِّ‬

‫‪1‬‬


‫الفهـرس‬

‫العدد العاشر‪٢٠١٩ -‬‬

‫‪Al- Sayeeh‬‬

‫مديرها العام‬ ‫لويـس احلايك‬

‫املدير التنفيذي‬ ‫غـادة آغــا‬ ‫املديــر الفنـــــي‬ ‫وليد احللبي‬

‫ولن يرضخ‪...‬‬

‫اإلشراف والتحرير‬ ‫إسكندر لويس احلايك‬

‫ال يســاوم‬

‫ص‪٤‬‬

‫األب ادلكتور بديع احلاج‬

‫أسرة التحرير‬ ‫أنطوان جان يزبك‪ ،‬لؤي إسكندر‪ ،‬أديب‬ ‫العقيقي‪ ،‬كريستينا حرب‪ ،‬كاتيا جوهر‪،‬‬ ‫هدى اخلوري‪ ،‬نيڤني شدياق‪ ،‬طنوس‬ ‫ميني‪.‬‬ ‫داغر‪ ،‬كاتي ّ‬

‫ص‪٣‬‬

‫توثيق املوسيقى العرب ّية واملشرق ّية‬

‫إستشارات عامة‬ ‫د‪ .‬فؤاد احلركة‪ ،‬أ‪ .‬مارون احلايك‪،‬‬ ‫إستشارات قانونية‬ ‫احملامي األستاذ مروان سنو‬ ‫اإلدارة العامة‬ ‫شركة آرت ماركـــــس ش‪.‬م‪.‬م‬

‫اإلعالنات‬ ‫بريد الكتروني‪lou-i@live.com :‬‬ ‫بريد الكتروني‪info@alsayeeh.com :‬‬ ‫موقع الكتروني‪www.alsayeeh.com :‬‬ ‫توزيع‬

‫شركة األوائل لتوزيع الصحف واملطبوعات‬

‫بيـروت‪ ،‬خنـدق الغميــق‪ ،‬شـــارع ســـعد‪،‬‬ ‫بنايــة فـــواز هاتف‪٠١/٦٦٦٣١٥ :‬‬

‫ص‪١٨‬‬

‫ص‪٢٢‬‬

‫أستاذ األدب – قسم اللغة اإلجنليزية وآدابها‬ ‫كلية اآلداب – جامعة اإلسكندرية‬ ‫يكتب عن‬

‫ربيع احليوان‬

‫من اجواء انتخاب اللجنة اإلداريه اجلديده حللقة احلوار الثقايف‬ ‫يف مقر “رابطة قدامى األساتذة يف اجلامعة اللبنانيه”‬

‫ص‪٣٢‬‬ ‫توقيع الشاعر السعودي‬

‫الرسامة‬ ‫ّ‬

‫أوتوسـتراد بشارة اخلوري‪ ،‬برج بشارة‬ ‫اخلوري طـ‪ ٧‬بلوك ب‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنـان‬ ‫هاتف‪+٩٦١ ٠١ ٦٤٢٣٢٦ :‬‬ ‫خلَوي‪+٩٦١ ٧٠ ٩٧٩٨٦٢ :‬‬ ‫‪+٩٦١ ٧١ ١٢٧٧٧٠‬‬

‫أ‪.‬د‪ .‬عصام الدين فتوح‬

‫ص‪٤٠‬‬

‫ص‪48‬‬

‫التشكيلية غادة آغا‬

‫إبراهيم الجريفاني ديوانه الثاني عشـر في فينيسيا‬

‫املواد املنشورة‬ ‫تعرب عن رأي كاتبها‬ ‫وليس بالضرورة‬

‫ص‪50‬‬

‫تعرب عن رأي اجمللة‬

‫اإلشتراكات‬ ‫داخل لبنان‪ $٥٠ :‬لألفراد • ‪ $٢٠٠‬للمؤسسات العامة واخلاصة‬ ‫ثمن النسخة‬ ‫لبـنـان ‪ ٣٠٠٠ -‬ل‪.‬ل‪ • .‬سـوريا ‪١٠٠ -‬ل‪.‬س‪ • .‬العـراق ‪ ٥٠٠٠ -‬دينار • السـعودية ‪١٢ -‬ريال • االمـارات ‪١٨ -‬درهم‬ ‫قطر ‪١٨ -‬ريال • الكويت ‪ -‬دينار وربع • األردن ‪٢ -‬دينار • ُعامن ‪١ -‬ريال • ليبيا ‪٢ -‬دينار • مرص ‪١٠ -‬جنيهات • الجزائر ‪٢٠٠ -‬دينار‬ ‫املغرب ‪٢٠ -‬درهم • تونس ‪٢ -‬دينار • البحرين ‪١ -‬دينار • لندن ‪ ٢ -‬جنيه‬

‫‪1‬‬


‫االفتتـاحيـة‬ ‫عام جديد‪..‬‬

‫سـيان‬

‫ومكنسة الن‬ ‫في بداية كل عام تتكرَّر حكاية كل األعوام‪.‬‬ ‫بالضحك واألفراح‪ ،‬بالبكاء والنواح‪.‬‬

‫بذكريات عام راحل إلى حين‪ ،‬إذ ُّ‬ ‫يلفها النسيان الذي ُ‬ ‫كتب على اإلنسان ‪.‬‬ ‫ويبقى أن نعرف عندما يتق َّدم بنا العمر لماذا تتباطأ الخطوات كعقارب الساعة‬ ‫التي تسعفها شاحنة صغيرة فتعود إليها الحركة وال تلزم شكلها الذي يبقى‬ ‫سليما معافى خالف جسد اإلنسان مع كل ما اكتشفه العلم من شاحنات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫منتفخا باآلمال‬ ‫فالعلم يتط َّور ويبقى الجسد مرصودا بالفناء ويبقى العقل‬ ‫والغرور إلى أوان جنازته‪.‬‬ ‫الفناء كتب على اإلنسان والخفاء ُ‬ ‫كتب على لحظات اختفائه ولن تنفع‬ ‫شاحنات العلم في بعثها مهما تطور‪.‬‬ ‫وما الجدوى إذا كان العلم نفسه ِّ‬ ‫يبشرنا بفناء الفانية بلحظة من عينه‪ ،‬مرصودة‬ ‫ّ‬ ‫وجل جالله‪.‬‬ ‫قبل إيالد عالمه وأكوانه‪ ،‬جلّت قدرته‬ ‫وما حجتنا في صراع الطواحين وإباحة الكفر والشر ونحن عبيد تلك اللحظة‬ ‫العابرة‪ .‬أال يجدر باالنسان‪ ،‬في مطلع كل عام‪ ،‬أن يمسح ماضيه وماضي غيره‬ ‫ويتعمد من جديد بميرون النبل واإلخاء والمحبة ويتصافى مع‬ ‫بمكنسة النسيان‬ ‫َّ‬ ‫ربّه ومع غيره ومع نفسه لينقذها وينقذ وطنا متماسكا على شفير هاوية بجماله‬ ‫وخلود أرزه!!‬ ‫أال نستحي؟ أما حان األوان‪..‬‬

‫‪2‬‬

‫لويـس الحايـك‬


‫ال يســــــــــــاوم‬ ‫أقـول وأكـرر في عامنـا الثالـث‬

‫ولن يرضخ‪...‬‬

‫خيم الذهول على القول ألن فرحتهم فاجأت أقرب المقربين‬ ‫الذين لم يستوعبوا سرعة القرار بإجماع طبخ على نار هادئة‬ ‫في أرض المتناقضات التي تشهد أحداثها بذلك عبر التاريخ‪.‬‬ ‫المفاجأة إذن‪ ،‬لم تكن بوصول العماد عون إلى سدة الرئاسة‪،‬‬ ‫وهو صاحبها الشرعي‪ ،‬بل باألجماع الذي صنعته إرادة وطنية‬ ‫إختمرت بتراكم التجارب لتحقق حلم ًا طالما راود الطموح‬ ‫الكبير لفخر الدين في صنع أمة واسعة األطراف وراود طموح‬ ‫المقدم يوسف بك كرم بإعادة الحكم ألهله الذي كان أمل كل‬ ‫ّ‬ ‫لبناني بالحصول على إستقالل حقيقي للكيان المبتور الموزع‬ ‫األطراف المستورد منذ نشأته على يد المستعمر‪.‬‬ ‫فاإلجماع الوطني الذي حصل بين أصحاب القرار هو أعجوبة‬ ‫عهد جديد لكيان جديد‪.‬‬ ‫أعجوبة عمرت في قلب قائد اليساوم وال يرضخ للعبة‬ ‫المخربين وظل هدفه األول واألخير بناء الوطن والحفاظ‬ ‫عليه وتثبيت كيانه وتنظيف إستقالله من الرواسب التي زرعها‬ ‫الدخالء ليحتفظوا بكلمة السر التي تضمن لهم ولوج بوابة‬ ‫الشرق أ ّنى يشاؤون‪.‬‬ ‫نحن نهنئ لبنان بعمادنا ونأمل من ورثة الكراسي التخلي‬ ‫عن المصالح الخاصة التي خلخلت أعمدة الوطن وخلخلت‬ ‫إستقراره منذ وضعه الغرب تحت حكم متصرفيته المستوردة‬ ‫التي كان وباؤها أشد ظلم ًا وظالمة على مستقبله من سلف‬ ‫فرض المساواة بشريعته وكان عاد ًال كما يشهد التاريخ زمن‬ ‫حكم اإلمارتين‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫موسيقى‬

‫األب ادلكتور بديع احلاج‬

‫توثيق املوسيقى العرب ّية واملشرق ّية‬ ‫مركز األرشيف املوسيقي والصوتي ‪ /‬جامعة الروح القدس ‪ -‬الكسليك‬ ‫خاصة تلك التي تعيش على وقع الحروب‬ ‫عدة ّ‬ ‫أخطار ّ‬ ‫تهدد أرشيف موسيقى الشعوب المشرق ّية والعرب ّية؛ ّ‬ ‫والصراعات‪ .‬وهذه األخطار تع ّرض المخزون واإلرث الثقافي الذي يعكس ه ّوية هذه الشعوب والذي تركه األوائل‬ ‫وصانوه لعقود كثيرة من الزمن‪ ،‬وتناقلته األجيال على م ّر السنوات‪ ،‬للتلف والمحو والنسيان‪ .‬والحفاظ على‬ ‫الثقافي وصونه ومعالجته واستمرار ّية انتقاله من جيل إلى جيل‪،‬‬ ‫هذا اإلرث‬ ‫ّ‬ ‫أهم وأبرز المواضيع التي عالجها مؤتمر الموسيقى العربية‪ ،‬المنعقد في‬ ‫من ّ‬ ‫القاهرة سنة ‪ ،1932‬والذي كان من مق ّرراته وتوصياته‪" :‬العمل على أرشفة‬ ‫الموسيقى‪ ،‬وحفظ هذا المخزون من التلف واالندثار وصيانته لألجيال‬ ‫القادمة" ‪" .‬وم ّما يخ ّلد الذكرى العظيمة لهذا المؤتمر في األجيال المقبلة‬ ‫سجل بالحاكي (الفونوغراف) أجمل القطع الموسيق ّية الشرق ّية من‬ ‫أ ّنه ّ‬ ‫مراكش إلى العراق‪ ،"... ،‬من كلمة كورت ساكس في حضرة الملك‬ ‫فؤاد األول في مؤتمر الموسيقى العربية ‪ 1932‬في القاهرة ‪ .‬كان‬ ‫الق ّيمون على مؤتمر الموسيقى العرب ّية ‪ 1932‬حريصين على نقل‬ ‫التراث الموسيقي بالصوت لجيلنا‪ ،‬ماذا نعمل نحن لحفظ‬ ‫هذا التراث لنقله لألجيال التي ستخلفنا؟‬ ‫أساس التسجيل الصوتي‬ ‫كانت الكلمة المنطوقة وسيلة اإلتصال الرئيس ّية‬ ‫التي تنقل األخبار واألحداث من جيل الى جيل‪،‬‬ ‫وكانت العرف السائد في التعامل وإثبات‬ ‫التصرفات ليس فقط في المجتمعات التي‬ ‫ال تستخدم القراءة والكتابة‪ ،‬ولكن ً‬ ‫أيضا‬ ‫في مجتمعات كاتبة‪ ،‬فقد اعتمدوا عليها‬ ‫ّ‬ ‫وفضلوها على الكتابة وكانت لهم‬ ‫مب ّرراتهم المقبولة حينذاك‪ .‬ولمـّا عجزت الكتابة في التعبير بشكل كامل وواضح ع ّما يحمله المنطوق من مغزى‬ ‫ودالالت تكمن في اداءاته وتلويناته الصوت ّية‪ ،‬ونتيجة لإلكتشافات العلم ّية في مجال الصوت واإللكترون ّيات‬

‫‪4‬‬


‫ويتحدث "لويد‬ ‫ظهرت أجهزة ومواد تنقل الصوت وتحفظه وتسج ّله لإلستماع إليه خارج حدود الزمان والمكان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بغض النظر عن المكان والزمان" ‪.‬‬ ‫المسجل فيقول "أستطيع أن أر ّدد ما تقوله لي كلمة كلمة ّ‬ ‫‪ "1972‬على لسان‬‫ّ‬ ‫اخملاطر التي تواجه التسجيالت الصوت ّية‬ ‫تص ّنف التسجيالت الصوتية التناظر ّية من أكثر مواد األرشفة عرضة لإلصابة باألعطاب‪ ،‬لك ّنها تعتبر أيض ًا من‬ ‫أفضلها‪ .‬فهي تحمل شهادة مباشرة عن الغناء وعزف الموسيقى وسرد الحكايات وظروف معيش ّية يرجع تاريخها إلى‬ ‫وتعد رقمنة هذه التسجيالت الخطوة األولى نحو إنقاذها والحفاظ‬ ‫أواخر القرن التاسع عشر وحتى يومنا الحالي‪ّ .‬‬ ‫عليها للمستقبل‪.‬‬ ‫الواقع اليوم يف العامل العربي‬ ‫نعرض في ما يلي بعض المخاطر التي‬ ‫تهدد األرشيف الصوتي في العالم العربي‬ ‫ّ‬ ‫والمع ّوقات التي تعترضنا لحفظه وصونه‬ ‫ومعالجته‪:‬‬ ‫• معارضة ومقاومة وتم ّنع أصحاب المخزون‬ ‫عدة‬ ‫الموسيقي من إعطائه وذلك ألسباب ّ‬ ‫التمسك بإرث عزيز عليهم‪ ،‬خالف‬ ‫منها‪ :‬المال‪ّ ،‬‬ ‫عائلي على اإلرث وكيف ّية التعامل معه‪ ،‬اإلدعاء‬ ‫معالجة اإلرث في مكانه‪.‬‬ ‫• بيع اإلرث الموسيقي وتشتيته وذلك لدوافع ماد ّية‪.‬‬ ‫وهذا ما يش ّكل كارثة لعدم إمكان ّية جمعه من جديد‬ ‫بك ّل ّيته‪.‬‬ ‫• مكان الحفظ‪ :‬غير مالئم إن من حيث الحرارة أو الرطوبة أو التع ّرض ألش ّعة الشمس لوجود الحشرات‬ ‫والحيوانات الصغيرة‪.‬‬ ‫تعدى هذا الوقت يتلف الشريط ويفقد شي ًئا فشي ًئا من محتواه حتى خسارته‬ ‫• العمر‬ ‫الطبيعي لألشرطة‪ :‬إذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالكامل‪.‬‬ ‫• تع ّرض األسطوانات الدائر ّية للتجريح والخدوش والكسر (خاصة ال‪ 78‬دورة)‪.‬‬ ‫• عدم إهتمام الهيئات الرسمية في الدول العرب ّية بهذا اإلرث الثقافي والحضاري واإلنساني‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫موسيقى‬ ‫مركز االرشيف املوسيقي والصوتي‪ ،‬كل ّية املوسيقى‪ ،‬جامعة الروح القدس ‪ -‬الكسليك‬

‫يختص مركز االرشيف الموسيقي والصوتي في جامعة الروح القدس ‪ -‬الكسليك بحفظ التراث الموسيقي المسموع‬ ‫ّ‬ ‫والمرئي وبخاصة الموسيقى القديمة (التسجيالت الصوتية) والموسيقى الح ّية (التراث ّية والشعب ّية)‪ .‬مدار اهتمام‬ ‫الموسيقي المشرقي (السرياني‪ ،‬العربي‪ ،‬األرمني‪ ،‬الكلداني‪ ،‬الكردي‪ ،‬فولكلور بلدان المنطقة‪)...‬؛‬ ‫المرك‪ :‬صيانة ال ّتراث‬ ‫ّ‬ ‫وسيسعى المركز إلى حفظ ما تركه لنا الكثيرون من أصحاب األصوات الجميلة والعازفين‪.‬‬ ‫المخصصة لتحويل الموا ّد الموسيق ّية إلى مل ّفات رقم ّية وحفظها ح ّتى ال‬ ‫القسم مز ّود بأحدث الوسائل التقن ّية‬ ‫ّ‬ ‫يضيع هذا اإلرث فتُحرم منه اجيال المستقبل‪.‬‬ ‫أهداف املركز‬ ‫المسجل بواسطة أحدث الوسائل ال ّتكنولوج ّية؛‬ ‫• حفظ ال ّرصيد‬ ‫ّ‬ ‫• تسجيل ما تب ّقى من تراث عبر االبحاث الميدان ّية؛‬ ‫العلمي ؛‬ ‫األكاديمي وال ّتوثيق‬ ‫• دعم البحث‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫• ايجاد مواضيع بحث لطالب الجامعة تعود باالفادة على تراثات منطقتنا والحفاظ عليها‬ ‫تخص منطقتنا المشرق ّية‪.‬‬ ‫• تشجيع الط ّالب على البحث في مواضيع ّ‬ ‫• إقامة دورات تدريب ّية على كيف ّية المحافظة على األرشيف الصوتي وصيانته ونقله الى الحالة الرقم ّية‪.‬‬ ‫ومتخصصة في هذا المجال‪.‬‬ ‫مؤسسات عالم ّية رائدة‬ ‫ّ‬ ‫• إقامة إتفاق ّية تعاون مع ّ‬ ‫لبلوغ تلك األهداف يحرص املركز على‪:‬‬ ‫•‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫وضع مواضيع بحث مبن ّية على تسجيالت تعود لتاريخ عريق‬ ‫(اكثر من مئة سنة) ولموسيقيين (مؤل ّفين‪ ،‬مغ ّنين‪ ،‬عازفين)‬ ‫أغنوا وط ّوروا موسيقات المنطقة المشرق ّية في متناول طالب‬ ‫كل ّية الموسيقى التابعة لجامعة الروح القدس‪.‬‬ ‫تعزيز المجموعة الموسيق ّية الحال ّية باقتناء المزيد من الموا ّد‬ ‫المسجلة وتصنيف تلك الموا ّد وتحويلها إلى مل ّفات‬ ‫الصوت ّية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطرق العلم ّية والتكنولوجيا الحديثة‪،‬‬ ‫رقم ّية بواسطة ّ‬ ‫المتخصصة ودعمها في سبيل‬ ‫إختيار الباحثين وفرق البحث‬ ‫ّ‬ ‫والدراسات‪،‬‬ ‫القيام بالبحوث ّ‬ ‫تنظيم محاضرات عا ّمة وندوات ومؤتمرات تس ّلط الضوء على‬ ‫االشخاص موضوع هذه التسجيالت‪.‬‬ ‫تنظيم العروض الموسيق ّية‪.‬‬

‫‪6‬‬


‫تسرب التسجيالت واملعلومات‬ ‫ضمان عدم‬ ‫ّ‬ ‫يخص جهة ما أو ينتمي الى مجموعة‬ ‫• يضمن المركز عدم تس ّرب التسجيالت الصوت ّية‪ّ ،‬‬ ‫خاصة اذا كان التسجيل ّ‬ ‫معنوي يحرص على عدم تسريب هذه التسجيالت‪.‬‬ ‫حقيقي أو‬ ‫لشخص‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫• يتع ّهد المركز بالحفاظ على سر ّية المعلومات والمحفوظات‪.‬‬ ‫خامتة وتوصيات‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫المسجل‪.‬‬ ‫تسخير القوى والخبرات في العالم العربي في سبيل تجميع المخزون الموسيقي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حث وسائل اإلعالم على إقامة برامج ونقل مؤتمرات وندوات تتناول موضوع األرشيف واإلرث الثقافي‬ ‫لمسجل ‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ّ‬ ‫والعمل على تبادل األرشيف فيما بين الدول‪.‬‬ ‫اإلنفتاح على الغرب واإلستفادة من الخبرات‪.‬‬ ‫طي النسيان‪.‬‬ ‫حملة بحث عن المجموعات التي ال تزال ّ‬ ‫إقامة حمالت توعية للمؤسسات الرسم ّية والخاصة والمجتمع المدني على أهم ّية األرشيف والحفاظ عليه‬ ‫المختصة بهدف معالجته والحفاظ عليه واإلفادة منه‪.‬‬ ‫وتقديمه للجهات‬ ‫ّ‬

‫املراجع‬ ‫‪ .1‬پول كوباسا‪ ،‬موسوعة االختراعات واالكتشافات – الفنون‪ ،‬نقله الى العرب ّية خليل يوسف سمرين‪ ،‬العبيكان للنشر‪.2016 ،‬‬ ‫‪ .2‬محمد أمين بن هالل‪ ،‬رقمنة التراث الموسيقي التونسي‪/www.ultrasawt.com ،‬رقمنة‪-‬التراث‪-‬الموسيقي‪-‬التونسي‪/‬محمد‪-‬‬ ‫أمين‪-‬بن‪-‬هالل‪/‬نشرة‪-‬ثقافية‪/‬ثقافة‪ 9 ،‬ديسمبر ‪.2016‬‬ ‫‪ .2‬المملكة المصرية وزارة المعارف العموم ّية‪ ،‬كتاب مؤتمر الموسيقى العرب ّية المنعقد بمدينة القاهرة سنة ‪1932‬م‪ ،‬المطبعة األمير ّية‬ ‫بالقاهرة‪.1933 ،‬‬ ‫‪KOBASA Paul, Inventions and Discoveries: The Arts‎, Published May 9th 2014 by World Book, Inc. (first published January 1st 2010).‬‬

‫‪4.‬‬

‫‪TURNER Gerard L'Estrange, WESTON Margaret, Nineteenth-century Scientific Instruments, University of California Press, 1983.‬‬

‫‪5.‬‬

‫‪LLOYD Joseph M., The all-in-one tape recorder book, London, Focal Press, 1972.‬‬

‫‪6.‬‬

‫‪Europeana Sounds Task Force, www.iasa-web.org/europeana-sounds-task-force‬‬

‫‪7.‬‬

‫‪FOWLER Charles B. (October 1967), "The Museum of Music: A History of Mechanical Instruments", Music Educators Journal,‬‬ ‫‪MENC_ The National Association for Music Education, 54 (2): 45–49, JSTOR 3391092, doi:10.2307/3391092‬‬

‫‪8.‬‬

‫‪), www.iasa-web.org‬‏‏‪International Association of Sound and Audiovisual Archives (IASA‬‬

‫‪9.‬‬

‫‪10. British Library Sounds, https://sounds.bl.uk/‬‬ ‫‪11. Audio Engineering Society, www.aes.org/‬‬

‫‪7‬‬


‫“‬

‫أزنافور‪...‬‬

‫ وداع ًا‬

‫د‪ .‬عصـام فتوح أســتاذ األدب اإلنجليـزي‬ ‫كلية اآلداب – جامعة اإلسكندرية (مصر)‬ ‫لغة اإلشارة‪ ،‬ليتمكن من أداء أغنية واحدة‪.‬‬ ‫وحين ضرب زلزال مدمر أرمينيا عام ‪ ،1988‬قام أزنافور‬ ‫بمساهمة فعالة لمساعدة ضحايا الزلزال عن طريق إنشاء‬ ‫مؤسسة خيرية عالمية‪ ،‬وقام بغناء "ألجلك يا أرمينيا"‪ ،‬وقد‬ ‫أطلقت أرمينيا اسمه على أحد شوارع عاصمتها‪ ،‬وأقامت‬ ‫له تمثا ًال بأهم ميادينها‪ ،‬وعينته سفير ًا دائم ًا لها بمنظمة‬ ‫اليونسكو‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وداع ًا شارل أزنافور‪ ،‬الذي يسمو بفنه الراقي متجاوزا فروق‬ ‫اللغة‪ ،‬وحدود العرق واإلثنية‪ ،‬وتباينات الدين والجنسية‪،‬‬ ‫متغني ًا بالحب‪ ،‬العنوان الرئيس لإلنسانية جمعاء‪.‬‬

‫حين يصبح الغناء فن ًا ‪ ...‬وحين يصبح الفن رسالة ‪...‬‬ ‫وحين يصبح األلم أم ًال‪ ،‬والمنفى وطن ًا ‪ ...‬يشمل دول‬ ‫العالم أجمع‪ ،‬يصبح الفنان أيقونة عالمية‪ .‬واستحق‬ ‫أزنافور تكريم الرؤساء والعظماء‪ ،‬لفنا ٍن متفر ٍد‪ ،‬ندر أن‬ ‫يجود الزمان بمثله‪ ،‬كما فعل الرئيس الفرنسي إيمانويل‬ ‫ماكرون عندما قام بتكريم الراحل الكبير‪ ،‬في جنازة مهيبة‪،‬‬ ‫أذيعت على العالم أجمع‪.‬‬ ‫ولد فاغيناج أزنافوريان عام ‪ 1924‬بباريس‪ ،‬فرنسا‪ ،‬لعائلة‬ ‫أرمينية‪ ،‬لجأت إلى فرنسا هرب ًا من مذبحة األرمن‪ .‬ثم‬ ‫شاركت عائلة أزنافور خالل االحتالل األلماني لفرنسا في‬ ‫ايواء بعض األرمن واليهود بمنزلها في باريس‪ ،‬على ما في‬ ‫ذلك من مخاطرة بأنفسهم‪ .‬وليس غريب ًا أن كان والده‬ ‫مايكل أزنافوريان يعمل بالغناء في المطاعم والمالهي‬ ‫الليلية‪ .‬فأخذ شارل عنه الغناء والترفيه في االماكن العامة‬ ‫كمهنة منذ أن ترك المدرسة في سن التاسعة‪.‬‬ ‫عمل أزنافور بماله ليلية مختلفة‪ ،‬كممثل وراقص‪ ،‬وبدأ‬ ‫في تأليف األغاني مع بداية الخمسينيات من القرن‬ ‫العشرين‪ .‬والتقى أزنافور بالمطربة العالمية ايديث بياف‪،‬‬ ‫التي تغنت بمؤلفاته من ألحان وكلمات‪ ،‬وشجعته على أن‬ ‫يصبح مغني ًا محترف ًا‪ .‬وخالل سبعين عام ًا أو أكثر‪ ،‬تعدت‬ ‫شهرته فرنسا وكندا‪ ،‬ليصبح مطرب ًا عالمي ًا‪ ،‬تتسابق عواصم‬ ‫العالم في طلب استضافة حفالته وعروضه المميزة‪.‬‬ ‫وقد سجل شارل أزنافور أغنياته بأكثر من ‪ 9‬لغات منها‬ ‫اإلنجليزية واإليطالية واأللمانية واإلسبانية وغيرها‪ .‬كما‬ ‫زار أزنافور أغلب العواصم األوروبية‪ ،‬وقام بجوالت في‬ ‫أمريكا وروسيا‪ ،‬والشرق األوسط‪ ،‬كما زار مصر والخليج‪.‬‬ ‫وقد زار أزنافور لبنان أكثر من عشر مرات‪ ،‬نظر ًا لشعبيته‬ ‫الجارفة‪ ،‬بما في ذلك كونه أول مطرب أجنبي يحيي حف ًال‬ ‫كامل العدد بعد انتهاء الحرب األهلية‪.‬‬ ‫قورن أزنافور بإيديث بياف‪ ،‬ملكة الغناء الفرنسي المتوجة‪،‬‬ ‫وفرانك سيناترا‪ ،‬مطرب القرن في أمريكا‪ .‬وتمتاز حرفية‬ ‫أزنافور في أدائه‪ ،‬بقدرته على امتالك مشاعر جمهور‬ ‫الحاضرين‪ ،‬من خالل حركات يديه وتعبيرات وجهه‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى نبرات صوته‪ ،‬فقد أتقن على سبيل المثال‬

‫رحل الصديق الوفي روبير غانم فيلسوف الكينونة وشاعر‬ ‫الهنالكات بمجراتها ومجرداتها قبل ان اذهب معه الى‬ ‫خواتيمها‪ .‬فالمعرفة ال خواتيم لها كالحياة التي نالحقها‬ ‫كمالحقة السراب‪ ..‬شاعرنا وهو على فراش الوداع لم يترك‬ ‫الكتاب بحثا عنها “فمن علم شيئا غابت عنه أشياء‪”..‬‬ ‫كانت كلمتي األخيرة عنه‪ ،‬ال الخاتمة‪ ،‬في مجلة السائح‬ ‫العدد الرابع خريف ‪ ٢٠١٥‬تحت عنوان‪ :‬روبير غانم في‬ ‫مواجهة األسئلة الكبرى واألخطر ‪ :‬ان اإلصدارات الخمسة‬ ‫دفعة واحدة لشاعر فيلسوف ليست باألمر الطبيعي في عمر‬ ‫تفاوت نضوجه وما زال يبحر في مجاهل الوجود بحثا عن‬ ‫اشاراته شاعرا وعن وجوده فيلسوف ًا‪.‬‬ ‫فمنذ بداياته التي ملك فيها خبايا اللغة ونواصي المعرفة‪ ،‬ما‬ ‫زال يحاول جاهدا حل عقدة الكون التي لم يمسك بسرها‬ ‫بشر حتى الساعة‪ ..‬ولن‪ ،‬ال في الهنالك وال في الهنالكات‪..‬‬ ‫لكنه مصر على محاوالته رغم عصيها‪ ،‬في ابحار ال سابق له‪،‬‬ ‫جعله يشرف من قريب على شاطئه المبتغى‪ ،‬بعد خروجه‬ ‫من موقع الكومبارس في مسرح الحياة‪ ،‬متمردا على العادي‪،‬‬ ‫موغال باستمرارية أمدائه‪ّ ،‬‬ ‫مهشما رتابة الحوار وإعجازه‪.‬‬ ‫سأبحر معه قريب ًا‪ ،‬إن شاء اهلل‪ ،‬في جديده بعد تتويجه‬ ‫فيلسوفا للكينونة ببحث سابق في مجلة “تحوالت” وانا‬ ‫على همة تحليل جديد خوضا الى أعماق أفكاره الهاجسة‪.‬‬ ‫في اإلحتفال الثقافي لتكريمه يوم الخميس ‪ ١٩‬تشرين‬ ‫الثاني ‪ ،٢٠١٥‬كان للدكتور زاهي ناضر كلمة تعنينا الختيارها‬ ‫القضية الكبرى في كتاب للمكرم عالج فيه أهم أسرار الخلق‬ ‫والوجود والمصير بسؤال مشبوه مثير‪ :‬الفلسفة داء أم دواء؟‬

‫بيروت في أكتوبر ‪2018‬‬

‫بيروت في يناير ‪٢٠١٩‬‬

‫‪8‬‬

‫وداع ًا روبير غانم‬


‫جمتمع‬ ‫آللجنة اإلدارية اجلديده حللقة احلوار‬

‫أسماء الذين فازوا بإنتخابات حلقة الحوار‬ ‫الثقافي اإلدارية ‪٢٠٢١-٢٠١٩ -‬‬ ‫رئيس ًا‬ ‫ ‬ ‫ د‪ .‬علي العلي‬‫نائب ًا للرئيس‬ ‫ ‬ ‫ د‪ .‬لينا الرافعي‬‫رئيس ًا لمركز األبحاث‬ ‫ ‬ ‫ د‪ .‬زاهي ناضر‬‫أمينة للسر‬ ‫ ‬ ‫ أ‪ .‬فاطمة كزما‬‫ د‪ .‬صونيا العلم األشقر أمينة للصندوق‬‫أمين ًا للشؤون التربوية‬ ‫ د‪ .‬سمير مقدسي‬‫أمين ًا للشؤون التربوية‬ ‫ أ‪ .‬فؤاد أبو فرحات‬‫أمين ًا للشؤون السياحية‬ ‫ د‪ .‬جميلة حسين‬‫والرحالت‬ ‫ ‬ ‫أمين ًا لشؤون البيئة‬ ‫ ‬ ‫‪ -‬أ‪ .‬خضر ضيا‬

‫أمينة لشؤون الشباب‬ ‫ ‬ ‫ د‪ .‬أليان مهنا‬‫ د‪ .‬أنطوان خوري حرب أمين ًا للشؤون الفنية‬‫والتراثية‬ ‫ ‬ ‫منسق ًا عام ًا‬ ‫ ‬ ‫ د‪ .‬سعد كموني‬‫ د‪ .‬مطانيوس الحلبي أمين ًا للشؤون الثقافية‬‫ د‪ .‬مصطفى جرادي أمين ًا للشؤون الصحية‬‫ د‪ .‬إلهام ك ّالب البساط أمينة للشؤون الطفل‬‫والمرأة‬ ‫ ‬ ‫أمين ًا للشؤون المكتبية‬ ‫ ‬ ‫ أ‪ .‬ميشال عقل‬‫والطباعة والنشر‬ ‫ ‬ ‫أمينة للشؤون اإلعالمية‬ ‫ د‪ .‬هند صعيبي‬‫ د‪ .‬عصام الجوهري أمين ًا لشؤون العالقات‬‫العربية واألغترابية‬ ‫ ‬ ‫األمين العام للحلقة‬ ‫ د‪ .‬فرحان صالح‬‫الرئيس الفخري للحلقة‬ ‫ أ‪ .‬أنطوان غندور‬‫أمينة لشؤون الموارد‬ ‫ أ‪ .‬زهراء الطشم‬‫المائية‬ ‫ ‬

‫واليفــــــرق‬ ‫يجمـــــع‬ ‫ِّ‬

‫يجمع واليفرِّق‪ ،‬سريع الخطوات‪ ،‬ثابت‬ ‫القرار‪ ،‬ال يعترف بهزيمة‪.‬‬ ‫هذا هو فرحان صالح كما عرفته‪ ،‬عصامي بامتياز‪،‬‬ ‫عايش تجارب الحياة متم ّرسا بواقعها ليقود بها‬ ‫كوكبة‪ ،‬من رفاق كبار ‪ ،‬في مسيرة تض ّمهم الى حلقة‬ ‫ال يخرج منها أحد وال يخرج عليها أحد‪ .‬انها حلقة‬ ‫بعض‬ ‫الحوار الثقافي‪ ،‬ينظر فيها بعضنا الى بعض‪ٌ ،‬‬ ‫وبعض ال يعرف‪ ..‬حتى ان انطوان‬ ‫يعرف بعض ًا‬ ‫ٌ‬ ‫غندور ‪ ،‬من عائلتي‪ ،‬عاد اليها ولم يعد الى عائلته‬ ‫بعد‪.‬‬ ‫هذه الحلقة التي ولدت بالعرف‪ ،‬وجدت لتبقى‬ ‫شاهدة على اعجوبة لم تشهدها ساحة في مجتمعنا‬ ‫المخت ِلف بالمختلف‪،‬‬ ‫من قبل‪ .‬اعجوبة النها والفت ُ‬ ‫باالعمار والمذاهب والنظامية والعبثية وال حصر‬ ‫ألي اختيار فيها‪ .‬شعراء وق ّوالون وادباء ومؤرخون‬ ‫ّ‬ ‫وروائيون وموسيقيون وكتاب من كل صنف ولون‪.‬‬ ‫حلقة حوار حفظها وحافظ عليها كما يحفظ‬ ‫ويحافظ الملوك على جوهرة من جواهرهم اليتيمة‪.‬‬ ‫ال اظن ان احدا غيره استطاع او يستطيع ان يجمع‬ ‫المختلف في حلقة واحدة لها شعار واحد حمله‬ ‫الكبار الكبار في مسيرة عطاء طويلة وما زالوا كما‬ ‫باالمس ينظرون احيانا الى بعضهم وال يعرف‬ ‫بعضهم بعضا وحراكهم ال يتوقف والحلقة تدور‬ ‫بكل حيوية ونشاط وتتفاعل مع ما يدور حولها من‬ ‫احداث‪.‬‬ ‫سجله‬ ‫كلمة حق تقال عن فرحان صالح وعن تاريخ ّ‬ ‫مع نخبة تركت لنهضتنا بصمات خالدة خ ّالقة وال‬ ‫بد من أن نقيم له تكريم ًا يحيي ذكرها ِّ‬ ‫ويوفيه‬ ‫َّ‬ ‫حقه‪...‬‬

‫لويس الحايك‬ ‫‪9‬‬


‫الرسم أو الفن التشكيلي‬ ‫املوهبة وصناعـة الفنـون‬ ‫الرسم‪.‬‬ ‫موضوع طالما شغلني وأنا أباش ُر في محت َرفي هواي َة‬ ‫ْ‬ ‫هذه الهواية التي اختارتني بقدر اختياري لها وشغفي بها‪.‬‬ ‫انها عطية من عطاياه سبحانه وتعالى وموهبة يجب ان‬ ‫ُتكتشف لدى طالب العلم منذ الصغر كي ينجح في تخصصه‬ ‫وفي عمله المهني‪.‬‬ ‫لقد استوقفتني دراسة على موقـع في المرئية حول فن الرسم‬ ‫جاء بين سطـوره ما يلي‪:‬‬ ‫ان العديد من الفنانين يمتلكون موهبة وقدرة فطرية على‬ ‫الرسم ‪ .‬لكن وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬يستطيع من ال يمتلك‬ ‫مثل هذه الموهبة تعلم الرسم ويصبح رساما‪ ،‬وذلك عن طريق‬ ‫التدريب في دورات وبرامج فنية مختلفة‪.‬‬ ‫هذا القول دعاني أيها القراء الكرام‪ ،‬الى مشاركتكم الرأي في‬ ‫النقاش حول هذه اآلراء التي تصيب اجيالنا الصاعدة في‬ ‫غياب التوجيه الصحيح والتربية السليمة‪.‬‬ ‫إنّ الصناعة التي يتع َّلمها االنسان بالقوة اي بالدراسة‬ ‫والتدريب وباستعمال ادوات وطرائق علمية وبغياب الموهبة‪،‬‬ ‫ال يمكن ان ترقى الى مصاف الكمال واالبداع‪ ،‬وال يمكن‬ ‫لصاحبها ان يتخطى فيها سقفه المحدود‪.‬‬ ‫فاالنسان الفاقد موهبة الرسم مث ًال‪ ،‬قد تكون لديه موهبة‬ ‫اخرى لم يكتشفها او لم تسمح له ظروف الحياة باكتشافها‪.‬‬ ‫وككل موهبة ال يدركها االنسان يلقى مصيرها الفشل‪.‬‬

‫‪10‬‬


‫إن اكتشاف المواهب هو الهدف الذي سعت‬ ‫وتسعى اليه الدول الواعية وتعتمده وسيلة‬ ‫وحيدة لتطوير قدراتها في العلوم والفنون‬ ‫والصناعات على انواعها‪.‬‬ ‫وتالي ًا فإن الدعوة التي ير ِّوجها بعضهم‬ ‫لتشجيع الطالب على التخصص بمهنة ال‬ ‫تتالءم مع موهبته فكأنهم يحكمون عليه‬ ‫بالفشل في الحياة او بأقل تقدير بحرمانه من‬ ‫موهبة لم يتوافر لها المناخ المالئم لمعرفتها‪.‬‬ ‫إن اخطر ما يواجه لبنان في زمننا هذا‪ ،‬هو‬ ‫غياب التوجيه الصحيح في التربية والتعليم‪.‬‬ ‫فان قليلين من طالب جامعاتنا ينجحون‬ ‫في حياتهم ألنهم إ ّما عرفوا موهبتهم فمشوا‬ ‫في الطريق السليم‪ ،‬او ان جهة معنية بهم‬ ‫دلتهم عليها منذ البداية‪ .‬لكن الغالبية التي‬ ‫لم َ‬ ‫تحظ بارشاد الى موهبتها‪ ،‬يؤدي بها الحال‬ ‫الى الفشل والضياع‪ .‬وأخيرا اقول ان صناعة‬ ‫الفن يجب ان تتنشأ باصولها‪ ،‬وهذه االصول‬ ‫ال يتقنها سوى صاحب الموهبة‪.‬‬

‫غادة آغا‬

‫‪11‬‬


‫تربويات‬

‫ريمون شبلي فتح الباب ولم يفتح النار بعد‬

‫شهاداتنا‪ !..‬اىل أين‬ ‫تنعكس‬ ‫عندما َتتقهق ُر السياسة‪ ،‬كما في وطننا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ت ك ّلها‪ ،‬اإلقتصاد ّية‬ ‫مصاع ُبها ومصائ ُبها على المجاال ِ‬ ‫الوطن‬ ‫ويصل‬ ‫فالمال ّي ِة فاإلجتماع ّي ِة فالثقاف ّية‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الى شفير الهاوية‪ ،‬او ح ّتى الى ال ّتدحرج في‬ ‫منحدراتها منتظر ًا بط ًال آدم ًّيا‪ ،‬متج ّردً ا ُم ً‬ ‫نقذا‪ ،‬أو‬ ‫مجموعَ أبطا ٍل متن ِّورينَ أنقيا َء أصفيا َء يقيمو َنهُ من‬ ‫السقوط!‬ ‫األساس في بناء المجتمع والوطن‪،‬‬ ‫َّعليم‪ ،‬وهو‬ ‫والت ُ‬ ‫ُ‬ ‫حتما‪.‬‬ ‫السياس ِة ً‬ ‫ُ‬ ‫ينعكس عليه تقهق ُر ّ‬ ‫عليم والتربي َة عندنا؟‬ ‫فماذا‬ ‫أصاب ال ّت َ‬ ‫َ‬ ‫ما ال ُي ْقبلُ !‬ ‫ُ‬ ‫قب ًال‪َ ،‬‬ ‫قبل دخو ِله‬ ‫كان‬ ‫التلميذ َيم ُّر بأربع ِة امتحانا ٍ‬ ‫ت َ‬ ‫ثم "البروفيه" (بعد‬ ‫الجامع َة‪ :‬امتحا ِن "السرتيفيكا"‪ّ ،‬‬ ‫أربع سنوات) "فالبكالوريا ـ القسم األول" (بعد‬ ‫ِ‬ ‫سنتين) “فالبكالوريا ـ القسم الثاني” (بعد سنة)‪.‬‬ ‫االمتحانات غي َر سهلةِ‪ ،‬ال يشو ُبها تزوي ٌر أو‬ ‫ُ‬ ‫وكانت‬ ‫عيوب في مراقبتها وال في تصحيح المسابقات‪ .‬أما‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫تتعدى العشرينَ بالمئة في‬ ‫تكن ّ‬ ‫نسبة ال ّنجاح فلم ْ‬ ‫العقدين األخيرين‬ ‫امتحانات القسم الثاني‪ .‬وفي َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أقل‬ ‫ت‬ ‫"انقلب ِ‬ ‫اآلية" إذ أصبحت نسبة الرسو ِ‬ ‫ب َّ‬ ‫ومعظم ال ّراسبين فئتان‪ :‬فئة‬ ‫من عشرينَ بالمئة!‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫تغيبت عن االمتحانات‪ ،‬وفئة ال تجيدُ "النقل"!!!‬ ‫ت الرسم ّي ِة تع َّر َض ْت‬ ‫“هذا‬ ‫الغربال” في االمتحانا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫لغيت “السرتيفيكا” (ال بأس)‪،‬‬ ‫ثقو ُبهُ للتوسيع‪ :‬أ ْ‬ ‫بأس ايضا)‪،‬‬ ‫وأُلغيت “البكالوريا ـ القسم األول” (ال َ‬ ‫أي أصبح ال ّت ُ‬ ‫لميذ يم ُّر بامتحانين اثنين (بد ًال‬ ‫ض “مناهجَ‬ ‫من أربع ٍة أي النصف)‪ .‬فض ًال عن فر ِ‬ ‫‪12‬‬

‫اعتباطية مسلوقة”‪ ،‬قبل عشرين سن ًة (‪)١٩٩٨‬؛ ومنذ‬ ‫ذلك الحين لم تخضع تلك المناهج إلعادة نظر‬ ‫فيها و"لتقييم" كان ُيفترض أن يحصال بعد خمس‬ ‫حد وسارت‬ ‫سنوات من بداية تطبيقها في أقصى ّ‬ ‫سفينة التعليم تتمايل بها االمواج الصاخبة وهي‬ ‫تكاد تغرقها‪ ،‬والمسؤولون غافلون عن إنقاذها!!‬ ‫واليوم‪ ،‬ال ّبد من إعادة نظر شاملةٍ‪ ،‬انطالقا من‬ ‫فبجدية‬ ‫المناهج‪ ،‬مرورا بوضع اسئلة المسابقات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والضميري‪.‬‬ ‫مراقبة االمتحانات‪ ،‬فبالتصحيح الدقيق‬ ‫ّ‬ ‫وهنا يكمن دور "المركز التربوي للبحوث واإلنماء"‬ ‫(في ما يتعلق بالمناهج)‪ ،‬و “وزارة التربية والتعليم‬ ‫العالي”‪ .‬وإذا ظلت الحال كما هي‪ ،‬فالتعليم عندنا‬ ‫الى مزيد من االنهيار وعلى “شهاداتنا” ألف سالم!!!‬ ‫والتعليم سلسلة متصلة الحلقات‪ ،‬من الحضانة‬ ‫الى الجامعة‪ ..‬و"المرحلة الجامعية" هي امتدادُ‬ ‫"المرحلة الثانوية"‪ ..‬وهذه امتداد "المرحلة‬ ‫األصل المنحرف في الشجرة‬ ‫التأسيسية"‪ .‬فالجذع‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫انحرافه الى ال ّرأس‪.‬‬ ‫يمتد‬ ‫ُّ‬ ‫فماذا عن جامعاتنا ؟‬ ‫ت العددَ المقبول والمعقول‪ ،‬على‬ ‫كثرتْ وتجاوز ِ‬ ‫ت كثير ٍة‪ ،‬وال‬ ‫حساب المستوى التعليمي‪ ،‬في جامعا ٍ‬ ‫"مرجع ّية" تتحركُ في االتجاه الصحيح للتصويب‪،‬‬ ‫وال سلطة تسأل أو تضع ضوابط لهذه الفوضى التي‬ ‫أخذت تتفاقم منذ عقدين (وال تزال)!**‬ ‫و (الى أين التعليم الجامعي في لبنان (خصوصا في‬ ‫الجامعة اللبنانية‪ ،‬وفي "الدكاكين" من الجامعات‬ ‫الخاصة)؟‬


‫ٌ‬ ‫وطويلة‬ ‫سؤال كبير واالجابة عنه م َّر ٌة‪ ،‬محزنة‬ ‫تستدعي التوقف عند كثير من األسئلة‪ ،‬أكتفي‬ ‫بذكر بعضها‪ ،‬من دون الغوص في التفاصيل التي‬ ‫أتركها للذين لديهم معطيات عنها دقيقة وكثيرة‪،‬‬ ‫ال أمتلكها (ولو جاءت أسئلتي بسيط ًة وربما شائع ًة‬ ‫متداولة‪ ،‬فهذا يعكس صحتها التمثيلية)‪.‬‬ ‫ــ ما دور الطائفية والمذهبية في الترخيص لبعضها‪،‬‬ ‫وفي االمساك بشؤونها على حساب الحاجة وحسن‬ ‫االدارة ؟‬ ‫ــ ما تأثير السياسة والسياسيين في كثير من أمورها؟‬ ‫ــ هل تطبق تطبيقا سليم ًا وصحيحا أنظمتها‬ ‫المرع ّي ُة االجراء؟‬ ‫ــ كيف تجرى االمتحانات فيها‪ ،‬وهل يستحقُّ‬ ‫متخرجوها كلهم شهاداتهم؟‬ ‫ــ ما مستوى الشهادة التي يحملها بعض "الدكاترة"‬ ‫فيها؟ وما نسبة "المزورة" او التي تدور الشبهات‬ ‫حولها؟‬ ‫ــ هل من أجوبة شفافة واضحة‪ ،‬وصريح ٍة مريحةٍ‪،‬‬ ‫من المعنيين‪ ،‬عن هذه األسئلة البديهيــة (وسواها)؟‬ ‫تسمى‬ ‫ويستوقفني الكالم على جامعاتنا التي َّ‬ ‫شهادة "الدكتوراه الفخرية" (ولن اتوقف عند شهادة‬ ‫بعض الذين ال يستح ّقونها‬ ‫"الدكتوراه" التي ُتمنح َ‬ ‫في بعض الجامعات‪ ،‬كما لن أتوقف عند الذي‬ ‫ُي ِّلق ُـب نفسه "بدكتــور" أو ُيطـ َل ُـق عليه اللقب هذا‪،‬‬ ‫وهو ال يحمل شهـادة “الدكتـوراه”)‪.‬‬ ‫ـت هذه "الفخـرية"‪ ،‬عندنا‪ ،‬التي أعتبرها‬ ‫كم ُس ِّخ َـف ْ‬ ‫جدأ ومه ّمة كثيرا ! لقد أفرغت قيمتها‬ ‫خاص ًة ًّ‬ ‫ّ‬ ‫وقامتها في بعض الجامعات وبعض المجالس‬ ‫قد ُم ألشباه األميين‪ ،‬بدال من‬ ‫حتى أصبحت ُت ّ‬

‫أن يشدد في منحها‪ .‬وهل يسمح بأن تعطى إ ّال‬ ‫"متميزا" أنجز عمال كبيرا مفيدا أو ً‬ ‫باقة من األعمال‬ ‫المفيدة المتراكمة عبر عقود؟! يا للزمن اليابس‬ ‫البائس!‬ ‫كنت شاهدا عليه‬ ‫وأتذكر‪ ،‬في هذا المجال‪ ،‬حدثا ُ‬ ‫أنا ومجموعٌ من األصدقاء األدباء‪ ،‬في إحدى‬ ‫األمسيات الشعرية "بالمحكية"‪ ،‬وعلى المنبر ستة‬ ‫شعراء متفاوتو األعمار والمستويات‪ ،‬قرأ كل منهم‬ ‫قصيدتين من شعره‪ .‬وفي المختصر المفيد‪ ،‬وقفت‬ ‫ٌ‬ ‫محامية “شاعرة‬ ‫أمام المنبر‪ ،‬في نهاية األمسية‪،‬‬ ‫وألقت “قصيدة” من مستواها‬ ‫“من الطراز األخير‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫الشعري‪ ،‬بعدما أخذت تكيل المديح للشعراء‬ ‫المشاركين الستة‪ ،‬ختمته بتقديم شهادة "دكتوراه‬ ‫فخرية" لكل منهم‪ .‬ولم يحرك أحد ساكنا‪ ،‬أ ّما أنا‬ ‫واستغراب‬ ‫ومن قربي فأخذتنا الدهشة و"الهبل"‬ ‫ٌ‬ ‫م ّما يجري‪ ،‬فنظر بعضنا الى اآلخر‪ ...‬وغادرنا من‬ ‫فورنا‪ ،‬ينهشنا القرف واإلشمئزاز !!‬ ‫يا للعيب‪ ،‬والعار ! ويا لإلجرام بحق هذه "الفخرية"‬ ‫العالية الغالية !‬ ‫ح ّق ًا بئس هذا الزمن زمن الوقاحة والعهرِ !‬ ‫من يوقف هذه "البهدلة والشرشحه" بحق‬ ‫"الدكتوراه الفخرية" وبحق الدكتوراه غير الفخرية‬ ‫التي تمنح من ال يستح ّقها؟‬ ‫نطلق الصرخة‪ ،‬أنا وكل من يشاطرني هذا الرأي‪:‬‬ ‫أين أنت ايتها السلطة المسؤولة؟‬ ‫وأين انتم أيها المتعلمون والمثقفون الشرفاء‬ ‫األصالء الغيارى على التعليم المدرسي والجامعي‬ ‫وعلى الشهادات العليا الح ّقة؟‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫حتت الضوء‬

‫مت‪ ..‬فتج ّم َ‬ ‫تأ ّل َ‬ ‫لت‬

‫وأوسع إدراكًا‬

‫أنت اآلن أعمق إحساسًا‬ ‫أنت الذي ذقت مرارة الحياة‪ ..‬في أشياء كنت في غنى عن أن تعيشها‪..‬‬ ‫أشياء ربما ال تستحق أن يحدث لك بسببها وجع أو حزن‪..‬‬ ‫لكنها شاءت أن تحدث‪..‬واعترضت طريقك!‬ ‫أنت بعد كل هذا أصبحت أجمل‪ ..‬أجمل بكثير‪ ..‬ألنك أحببت نفسك‬ ‫أكثر بعد كل خيبة‪..‬‬ ‫فبعد أن امتألت عيناك وانتفخت‪ ..‬خرجت بأجمل حلة‪..‬كأن شيئا لم يكن‪..‬‬ ‫المرآة حينها أخبرتك أنك جميل جدا‪..‬‬ ‫فما من آثار لذاك الذي حدث لك قبل برهة من خروجك!!‬ ‫أتعلم أنك تمتلك أحاسيس مختلفة ‪..‬أحاسيس أعمق من تلك التي يمتلكها اآلخرون‪..‬‬ ‫ألنك تألمت‪..‬‬ ‫معنى كبير ًا وقيمة‬ ‫ألنك اآلن حينما تفرح‪ ..‬فسيكون للفرح في داخلك ً‬ ‫فرح‪..‬‬ ‫كبيرة‪ ..‬ستحاول التمسك بكل لحظة ٍ‬ ‫تفاصيل صغيرة‪ ..‬صغيرة جد ًا‪ ..‬قد ال يكون قد عاشها من لم ُيذ ْق طعم ًا لأللم من قبل‪..‬‬ ‫ستعيش‬ ‫َ‬ ‫وألنك حرمت من أشياء دون أن تشتكي يوما من ذاك الحرمان‪..‬‬ ‫حتى نسيت أنك حرمت منها‪ ..‬وهذه السطور هي التي ذكرتك!!‬ ‫يقولون أن األلم وصعوبة الحياة تقسي القلب‪ ..‬وأنا أقول أنك أصبحت أكثر طيبة ‪..‬ألنك تألمت‪..‬‬ ‫هنيئا لك ما أنت عليه اآلن‪ ..‬فأنت أعمق إحساسا وأوسع إدراكا‪..‬‬

‫كاتيا جوهر‬

‫‪14‬‬


‫ص ّدق أو ال تص ّدق‬ ‫فــي عصــر الروبــوت اآلدمــي ومــا تنقلــه التطــورات‬ ‫االلكترونيــة المســرعة مــن ادهــاش ومخــاوف علــى مــا‬ ‫يتعــرض ومــا ســيتعرض لــه الشــعور‬ ‫االنســاني وكل مــا تنبــض بــه‬ ‫القلــوب مــن احاســيس بشــرية‬ ‫وكل عالقــة للجســد بالــروح وللــروح‬ ‫بالجســد‪ ،‬هــذه المخــاوف بــدأت‬ ‫ببديــل‪،‬‬ ‫تشــغل اإلنســان العامــل‬ ‫ْ‬ ‫والغاويــة بشــبه جميــل‪ ،‬وأخيــر ًا‬ ‫ال آخــرا صــار الكاتــب والمفكــر‬ ‫والشــاعر مخاضــ ًا انبوبيــا مصنعــا‬ ‫بنصــوص "هــي مزيــج مشــ ّوه‬ ‫لبرمجــة خاليــة مــن المشــاعر"‬ ‫كمــا جــاء فــي مقدمــة الجريفانــي‬ ‫لديوانــه الجديــد "خديــن الســماء"‪.‬‬ ‫ويضيــف الجريفانــي‪" :‬علــى الشــعر‬ ‫والشــعراء أن يبــادروا الــى التغييــر‬ ‫قبــل ان تتــم برمجــة االدب مــن ُبعــد ممــا قــد ُيفقــده‬ ‫نكهــة الوحــي واإللهــام الموشــوم ببشــرية لهــا دفء الكلمــة‬ ‫المجلجلــة فــي زمــن مجاعــة الحــب‪ .‬خالصــة القــول متى‬ ‫ابتعدنــا عــن الســماء‪ ،‬صرنــا أبعــد عــن هويتنــا البشــرية"‪.‬‬ ‫ويختــم قائـ ًا‪" :‬أحمــل نصــف خــوف مــن الغــد‪ ،‬ويقينــي‬ ‫أن النصــف كثيــر"‪.‬‬

‫هــذا الوجــس يســيطر علــى كثيريــن لكـ ّـن المهنــدس‬ ‫اليابانــي الــذي قابلنــي فــي تســعين القــرن الماضــي‬ ‫فــي دبــي‪ ،‬كان لــه رأي آخــر حــول‬ ‫جيــل التكنولوجيــا وتوقعاتــه‬ ‫لتطورهــا الســريع الــى مداهــا االســرع‬ ‫والالمحــدود‪ .‬قــال‪ :‬ان أي إنهيــار‬ ‫تتعــرض لــه هــذه التكنولوجيــا ســيؤدي‬ ‫الــى شــلل يصيــب تعاملنــا مــع األرقــام‬ ‫وتاليـ ًا يصيبنــا بالضيــاع الكامل‪ .‬قلت‪:‬‬ ‫وهــل يمكــن للتكنولوجيــا التــي ابتكرها‬ ‫العقــل ان تتعــرض للخــراب؟ والدمــاغ‬ ‫البشــري قــادر علــى الخلــق مــن جديــد‪.‬‬ ‫قــال ان كل خلــق يصنعــه الدمــاغ‬ ‫البشــري يتطلــب بنــاؤه ســنوات‬ ‫عديــدة لكــن خرابــه‪ ،‬ككل خــراب‪،‬‬ ‫يحــدث فــي ســاعات محــدودة‪.‬‬ ‫قــد نصــدق وال نصــدق‪ ،‬وقــد نكــذب‬ ‫الذيــن يؤمنــون بوجــود حضــارات مرت علــى كوكبنا‪ ،‬قبل‬ ‫حضارتنــا وبعــد خرابهــا‪ ،‬ســيعود االنســان الــى بداوتــه‬ ‫ويحــارب باســلحة تقليديــة كمــا يقــول نوســتراداموس‬ ‫فــي توقعاتــه لحضارتنــا بعــد انهيارهــا‪.‬‬

‫لؤي‬ ‫‪15‬‬


‫حتت الضوء‬

‫يوسف غصوب‪...‬‬

‫يف بيـــْـت الغــَــــاب‬

‫أتذكره بعد هبوب العاصفة‬ ‫أم الضيعات أتذكَّرها‪ ،‬كما يصفها‪ ،‬شاعرها يوسف غصوب في روايته “بيت الغاب”‪ ،‬ألني عشت سنواتها وشهدت‬ ‫تشحيل اشجار التوت التي كانت تغمر مدرجاتها وتاللها وكانت القرية‪ ،‬في ذاك الزمن الجميل‪ ،‬ال تزال تنعم‬ ‫بالخير‪.‬‬ ‫ال تعنيني رواية “بيت الغاب” هنا‪ ،‬في ذكراه الخالدة‪ ،‬بل تعنيني قصيدته التي كتبها وكـان للفصول يومها شأن‬ ‫في طبيعة لبنان‪.‬‬ ‫وبعد ماذا فيها من غريب يوقظني الى ذكراه‪ ،‬وكانت العاصفة في اشدِّ ها !‪..‬‬

‫إنه الخريف‪..‬‬ ‫تخمر في ترابه‬ ‫الخريف الذي كان الفصل القاطع بين الصيف والشتاء‪ ،‬ال يقفز خارج خطه‪ ،‬يعبق اول غيثه بعبير َّ‬ ‫بعطور الخزامى والوزال والزعتر وشقائق النعمان‪ ،‬ويرسم ضبابيــ َتـهُ شوق العطاشـى الـى برودته‪ ،‬وهو في قصيدة‬ ‫شاعرنا‪ ،‬وفي التغييب والغياب‪ ،‬جاء رثــاء لحالة وصلنا اليها وتوقع حدوثها بشاعريته الهاجسة وكــانت “الضيعة‬ ‫بالف خير” يومذاك‪.‬‬ ‫نثر الخريف على الثرى أوراقه فتناثــرت كتناث ــر العب ـ ــرات‬ ‫يدي مضطربات‬ ‫يتركن أغصانـــــًا ألفن عناقهــــا ويقعن بين ّ‬ ‫وفجأة قامت العاصفة ناشرة الرعب فاقتلعت االشجار العاتية واغرقتنا بامطارها الطوفانية وكل ذلك حدث خالل‬ ‫دقائق لم تتجاوز العشر وما ان هدأت حتى اشرقت الشمس واوراق الشجر بلون ربيعها ما زالت الصقة باغصانها ‪،‬‬ ‫هانئة بعناقها‪ ،‬والسرو‪ ،‬بين القبور ‪ ،‬ما زال “ملتفعا بثوب حداده والصمت منتشرا على األموات” وهم احياء عرايا‬ ‫ال تسترهم “تلكما الورقات”‪...‬‬ ‫ذلك الصباح المشؤوم في أرض اهلل‪ ،‬لم نشهد له مثيال من قبل فقد رمى اصول حياتنا بالموت‪...‬‬

‫إبن البلدة‬

‫‪16‬‬


‫بين امسنا ويومنا حبل قهر مجدول بالدمع‪.‬‬

‫بني امسنا ويومنا‪...‬‬

‫حبل جمدول بالدمع‪.‬‬

‫ومضى اليوم كنهر يحمل الي ذكريات‬ ‫من بلدتي كاطياف صور تذوب في‬ ‫الحديث حول التراث وتترك طعم‬ ‫المرارة‪.‬وكانني اهرب من الحديث‬ ‫الن ما بين امسنا ويومنا حبل قهر‬ ‫مجدول بالدمع‪.‬‬ ‫في بلدتي حكايات كانت تحكي‬ ‫عن (ضيعة بالف خير) اي تراث‬ ‫هذا تبحثون عنه في قبور مفتوحة‬ ‫للكالب وللوطاويط والثعالب‪.‬‬ ‫كان في كل بيت في بلدتي نول‬ ‫وصوت جميل يغني ام الزلف‪،‬‬ ‫سيدتنا عشتار أمنا االرض من حيث‬ ‫اليفقه‪ ،‬وكانت الحناجر تتناقل‬ ‫االغنيات جي ًال بعد جيل وااليدي‬ ‫تتناقل حرفة الحياكة جي ًال بعد‬

‫جيل وفجأة كسرنا خشب النول‬ ‫وصارت ايدي نسوتنا تتباهى باساور‬ ‫الذهب بدل االفتخار بانتاجها‬ ‫وضاعت من حناجرهن االغنيات‪.‬‬ ‫واليوم بتنا نتحدث عن التراث‬ ‫وكأنه ميت نكرمه بتعليق صورته‬ ‫على حائط أضاع هويته فقلبه‬ ‫خرسانة بال حديد وسطحه حجر مر‬ ‫عليه منشار اضاع وهج الزمان عن‬ ‫وجه صالبته‪.‬‬ ‫اي تراث هذا ال يمتد عصب ًا لمعرفتنا‬ ‫ً‬ ‫وخطأ واضح ًا لتاريخ شعبنا‪.‬‬ ‫نعم عصب المعرفة هو التراث‪ ،‬هي‬ ‫معرفة علينا التعمق فيها واالضافة‬ ‫اليها الن عملية االنقطاع الحادة‬

‫التي نحياها في زمننا انما هي قطع‬ ‫لهذا العصب وهي فقدان للذاكرة‬ ‫وكل بناء نقوم به فوق هذا العصب‬ ‫المقطوع انما هو وهم وقصر رملي‬ ‫منها ٌر سلف ًا‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من االلم الذي ينخر‬ ‫عظمي من الحديث حول الوان د ّمي‪،‬‬ ‫فقد هدرت المياه في قرى شمالية‬ ‫بعيدة لما تزل تطحن قمحنا وعلينا‬ ‫ان نحافظ على هذه الطواحين‬ ‫الصديقة للبيئة والتي تستعمل‬ ‫تحول طاقة المياه المندفعة من عل‬ ‫كي تدير حجر الطحن‪.‬‬ ‫سمعت صوت الطاحونة وعال فوقه‬ ‫صوت فيروز‪ ،‬عالطاحونة شفتك‬ ‫عالطاحونة‪...‬‬

‫هدى الخوري‬ ‫‪17‬‬


‫حتت الضوء‬

‫جمنــــُــــون‪...‬‬ ‫ولكـــن‬ ‫بين يوحنا‪ ،‬وغالف الكتاب‪ ،‬وكلمة الختام‪ ،‬تنجلي‬ ‫الصورة وتتجلى الرؤيا‪ .‬فعقدة الكتاب تبدأ بتلك‬ ‫الكلمة‪ ،‬وحين تظهر في شعره المفلوش خطوط‬ ‫لشبحية خلق تتدافع ممسوخة وتهرول من رأس‬ ‫أتعبه س ّر الجواب ولم يجد له حال في انجيله بل‬ ‫زاده ضياعا وعماوة لكنه أبى االستسالم للضياع‬ ‫الذي وزعه جبران في كتابه "يسوع ابن االنسان"‬ ‫بل حاول بمجنونه الجديد ان يفصل بين الهوته‬ ‫الكهنوتي وبين ناسوت مجنونه‪.‬‬ ‫وتبدأ القصة‪ ،‬تبدأ بأحداث واقعية‪ .‬فالمجنون‬ ‫معروف لدى المارة فاالب مفيد بشعره المنكوش‬ ‫كما رسم نفسه‪ ،‬ورئيس الدير الذي يوحي باإلتزان‬ ‫والمهابة‪ ،‬واالمكنة قرب الكنيسة‪ ،‬الباحة والجسر‬ ‫الذي يربطها بالطريق العام‪ ،‬كلهاعالمات جلية‬ ‫واضحة تحضر في خيال القارئ الذي يتساءل‬ ‫وهو يتابع قراءة القصة‪ :‬ه ّال بمقدور مجنون ان‬ ‫ويخدره بجنونه؟‬ ‫يلهي الكاهن المؤمن والملتزم‬ ‫ّ‬ ‫هل كان عبداهلل داخل القطيع وخرج منه مولودا‬ ‫جديدا يستدل الى وجوده بالمكان والالمكان‬ ‫وتبقى االطالل وحدها حافظة للذكريات العابرة!‬ ‫أم انه ما زال خارج الحظيرة تائها ال يهتدي‬ ‫اليها وكان عليه ان يصغي الى كالم االب مفيد‬ ‫ليستدل الى الطريق فيبرأ من جنونه كما أبرأ‬ ‫المسيح اعين العميان‪ .‬وهل سيبرأ ام انهما معا‬ ‫دخال في حياة س ّماها المؤلف مشهدية الجنون؟‬ ‫كتاب األب بشاره ايليا جاء بالمختلف ال شك‪.‬‬ ‫نبي يفلش هيبته وليس هو االنسان‬ ‫فال هو ٌّ‬ ‫المتفوق بل هو بتواضع‪ ،‬مجرد كاهن رعية‬

‫‪18‬‬

‫يأتمر بأوامر رئيسه وكما وصفه المجنون‪ :‬قريب‬ ‫ومحب ولكن شعره المنكوش يدل على انه ثائر‬ ‫على االرستقراطيين والتقليديين‪ .‬أما‪ ،‬المجنون‬ ‫عبداهلل فانه صوت صارخ في البرية! هو النبي في‬ ‫الكتاب وال شبه ًا سابق ًا له‪..‬‬ ‫صوته ال يهدأ‪ .‬انه صوت انسان "متفوق" ال‬ ‫يخاف الموت ألن الموت عبور الى اهلل‪.‬‬ ‫الحب ويجيب فورا‪ :‬أنا‬ ‫ـ أخبرني يا عبداهلل عن‬ ‫ّ‬ ‫جَ وعان‬ ‫فالحب إذن‪ ،‬حاجة جسدية نطق بها المجنون‬ ‫ّ‬ ‫عفويا وبدون تكلف‪.‬‬ ‫الجوع يو ّلـد الرغبة وينمي الشهـوة‪ ..‬والشبع‪،‬‬ ‫جسديا وروحيا‪ ،‬يولد حالة فتور ٍ‪ ،‬شبيهة بالموت‪.‬‬ ‫“الحب هو تلك النشوة التي توقف الزمان‬ ‫وتخرجك من كل مكان الى الالمكان” والنشوة‬ ‫هذه يو ّلدها الجوع جسديا وروحيا وهو "كل‬ ‫شيء ال تستطيع ان تعيش فيه وال من دونه"‪،‬‬ ‫هو كالمرأة ش ّر ال بد منه كما قال اإلمام‪ .‬وفي‬ ‫شي"‪ .‬هو‬ ‫االنجيل "هو كل شيء وبدونه لم يكن ْ‬ ‫في نقيض عما قيل وع ّما قاله جبران في نبيه‪.‬‬ ‫نبي جبران ومجنون جبران في واد ومجنون‬ ‫ايليا في واد آخر‪ .‬إنه مختلف‪..‬‬ ‫انا لن ادخل في مقارنة ألن في كل وجه كلمة‬ ‫تنضح بما فيه‪ ،‬ومهما بلغ شأنها لن تكون كلمة‬ ‫الفصل أو خاتمة الخواتيم‪ .‬وميخائيل نعيمة مع‬ ‫هذا الرأي‪.‬‬


‫الطروحات االخرى في الكتاب لن أدخل اليها والسرد القصصي ُيلقي عليها غشاءه الساحر‬ ‫ستشده بطالوتها وسالسة لغة جبرانية بعيدة‬ ‫وعلى القارىء ان يجد رغبة في متابعتها التي‬ ‫ّ‬ ‫عن التكلف‪ ،‬محكمة االعراب‪ ،‬ناهيك عن لمعات الهوتية ناسوتية تتكثف بجديد ال اجترار‬ ‫ّ‬ ‫وتحضر للمستقبل‬ ‫فيه‪ .‬فاالب مفيد‪ /‬يكتشف ان اللحظة هي التي تعطي معنى للماضي‬ ‫والحب ‪ /‬بطرح جديد ‪ /‬ليس سوى لحظة‪ ،‬واالنفصال سوى لحظة‪ ،‬والموت سوى لحظة ‪/‬‬ ‫كتاب يقرأ بواقعية سطوره وتجريدية رسوماته وصنيعهما‪ :‬مجنون‪ ...‬ولكن!‬ ‫لويس الحايك‬

‫‪19‬‬


‫حتت الضوء‬

‫هواجس نهيوية‬ ‫بزخـم الزوبعـة‪ ،‬يبعـث الطـارق الـى األعالـي هواجسـه‬ ‫لـف ثعبـان مح َّنـط ترقـد‬ ‫النهيويـة وراء جـذر‬ ‫يلتـف ّ‬ ‫ُّ‬ ‫عروقـه علـى دمـاء ضحايـا مـا زالـت تنـزف حتـى‬ ‫األعمـاق علـى عتبـة جـدار االرض‪ .‬ضحايـا نسـمع‬ ‫صراخهـم وانينهـم ونشـم رائحـة دمائهـم‪ ...‬ضحايـا‬ ‫وتخـدرت‪ ،‬وقـد اصابهـا الغثيـان مـن‬ ‫تخ ّمـرت‬ ‫ّ‬ ‫تخمـة ارهاصهـا‪ ،‬فتنفسـت الصعـداء لتبـث سـمومها‬ ‫وتتشـ ّفى داخـل دائـرة وجـود مغلقـة‪ .‬هكـذا اسـتوحت‬ ‫الرسـامة نيڤيـن ف ّ‬ ‫لاح خبطـات الغلاف مـن شـاعر‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ِّ‬ ‫يبشـر بالبـدء‪ ،‬مسـتهال بكلمـة إهـداء صريحـة تختـزل‬ ‫ايمانــه بإلــه "يسـتلذ الذبائـح "ليرسـم بنجيعهــا بــد َءا‪..‬‬ ‫كان فـي البـدء‪ ،‬يصنـع حــ ّوا ًء يلـد منهـا الشـعر‪ ،‬وهـو‬ ‫ضائـع داخـل الدوائـر يفتـش عـن خشـبة خالصـه‪..‬‬ ‫دعمـه مكـرم غصـوب علـى الصفحـة األولى في‬ ‫اإلهـداء َّ‬ ‫كتابـه األخيـر "الطـارق" بتحـدٍّ سـافر‪ ،‬فيـه الغمـز مـن‬ ‫قناتـي اإليمانيـة‪ :‬إلـى اإللـه فـي لويـس الحايـك‪ ...‬هذا‬ ‫الغمـز لـم يـأت بدون سـبب بـل كان تذكيرأً بنقد كتبته‬ ‫سـابقا عـن كتابيـه “كذبـة صـدف”‬ ‫و“نشـيد العـدم”‪ ،‬اعتبـره شـاعرنا تجريحـا‬ ‫مـع انـه كان نخ ً‬ ‫لا هادئـ ًا ومق ِّومـ ًا كمـا أذكـر‪.‬‬ ‫اقـول فـي البدايـة ان موجـة الكفـر والتكفير التي ع ّمت‬ ‫صفـوف الشـباب عندنـا فـي القـرن العشـرين واعتبـرت‬ ‫جـزء ًا ال يتجـزأ مـن حداثتنـا‪ ،‬لـم تكن فتح ًا جديدا من‬ ‫فتوحاتنا فقد عمت العالم قبل وصولها الينا وكان من‬ ‫روادهـا األوائـل ادبـاء المهجـر وشـعراؤه وكان الريحاني‬

‫‪20‬‬

‫أول الملحدين وأول من خلخل عمودية الشعر وص ّيره‬ ‫نثـرا‪ ...‬وهكـذا فـإن مـوت إلـه يسـتلذ الذبائـح فيكتـب‬ ‫بالشـعر حكايـة خلقـه مـن جديد‪ ...‬ليس سـوى هذيان‬ ‫لضالليـة نتشـوية اكتشـفت وجـود اهلل بموتـه ولضاللية‬ ‫شـاعر مشـدود بالـزور الـى األعالـي‪ ،‬محلـِّـق ًا بأشـباحه‬ ‫للوصـول الـى عتبـة بـاب لـم يوصـد مرة بوجه انسـان‪،‬‬ ‫وهـو البـاب المشـ ّرع دائمـ ًا وأبـد ًا لفضـول سـائل يسـأل‬ ‫وفضـول اله يتفـرج وهمـا‪ ،‬كمـا تقـول انـت‪ ،‬وجهـان‬ ‫لعبثيـة مدركـة وعبثيـة جاهلـة تتماهيـان بالصمـت ‪.‬‬ ‫‪ /‬فالصمـت هـو موسـيقى التكويـن‪ ...‬واألذن التـي ال‬ ‫تسـمع الصمـت‪ٌ ،‬‬ ‫الصمت‬ ‫أذن صمـاء‪ . /‬أال يتجـاوز هـذا‬ ‫ُ‬ ‫كل أسـئلة وأجوبـة حـول الوجـود والمصيـر‬ ‫مطبـات ِّ‬ ‫ببوح مبشـِّر محلول بإمرأتين االولى تختزل س َّر الخلق‬ ‫ِ‬ ‫بموسـيقى ال تسـمعها أذن كأنيـن نــاي جبـران والثانيـة‬ ‫تختزلـه فـي سـماء يسـتريح فيهـا اإللــه‪ ،‬ليـس لتعـب‬ ‫بذلـه فـي عمليـة خلـق لـم يـر فيهـا مايشـهر وجـوده‪،‬‬ ‫بـل لفـوزه بإيلاد عقـل يسـتطيع ان يعرفـه ويشـعر‬ ‫بوجـوده‪ ،‬فيعبـده ويؤمـن به‪ ،‬أو يتــنكر له ويعلن موته‪،‬‬ ‫أو يصلـي لـه فـي سـاعات فرحـه أو يدعـوه الـى حضـور‬ ‫وليمتـه فـي سـاعات مرضـه وهزيمتـه‪ ...‬اإللـه ال يعنيـه‬ ‫ان نسـأل عنـه أو نثبـت وجـوده باإليمـان فحسـب‪..‬‬ ‫لـذا كان علـى الطـارق أن يحلـق بعيـد ًا ليطالـه‪ ،‬آم ً‬ ‫لا‬ ‫بفـك رمـوز الكلمـة العصيـة التـي لـم تـأت ولـن تأتـي‬ ‫علـى لسـان مخلـوق ضعيـف ال يـرى جـدوى فـي رؤى‬ ‫شـاردة يصعـب الكشـف عنهـا فـي انعكاسـات األنـا‬


‫وتجاذبهـا مـع المجهـول‬ ‫حـول الفنـاء‪ ،‬أوعـودة الـروح‬ ‫الـى جذرهـا فـي األرض‪،‬‬ ‫فيلجـأ الـى اإلسـتعانة‬ ‫بالمـرأة المو ّحـدة "أنـاه" علـه‬ ‫يجـد ح ًّ‬ ‫لا بالعـودة اليهـا‬ ‫بعـد المـوت ‪ /‬بعـد موتـي‬ ‫واحتراقـي سـيعيد المـوج‬ ‫رمـادي المرمـي فـي وسـط‬ ‫البحـر ‪ /‬ليـذوب زبـد ًا علـى‬ ‫جسـدك العـاري ويسـكن‬ ‫مسـامك وأشـعة الشـمس‬ ‫حتـى اإلحتـراق الجديـد ‪. /‬‬ ‫وبعيـدا عـن هـذه الفتـاوي‬ ‫اإليمانيـة‪ ،‬ال بـد أخيـرا‬ ‫مـن شـهادة حـق بالكتـاب فأقـول أن نثريـات الطـارق‬ ‫َّ‬ ‫المرقمـة تحمـل الكثيـر من المميزات كحذف المبتذل‬ ‫فـي نثـره والوضـوح فـي غموضـه‪ .‬نقـرأ فـي نـص مـن‬ ‫نصـوص عشـق انـاه واناهـا‪ ،‬فـي معركـة الوجـود مـع‬ ‫خالـق مجهـول ومخلـوق تائـه‪:‬‬ ‫إلي‪،‬‬ ‫‪ /‬حيـن أشـتاق اليـك‪ ،‬ابحـث عنـي ‪ /‬حيـن أشـتاق َّ‬ ‫أبحـث عنـك ‪ /‬حيـن أشـتاق الينـا‪ ،‬ابحـث عـن اهلل ‪/‬‬ ‫أي رمـوز‬ ‫وإذ يبـدع بهـذا الغمـوض المصفـى مـن ّ‬ ‫مسـتعارة‪ / :‬نمـوت ليبقـى اإللـه حيـ ًا‪/ ...‬‬ ‫أمشـي بين األشـجار الواقفة ‪ /‬ظالل أرواح عند الغسـق‬ ‫‪ /‬كل األرواح تنـام علـى تعـب ‪ /‬أجـراس الصمـت‬ ‫تنادينـي الز ّيـاح علـى ن ّيـة األمـوات الصائمـة ‪ /‬أذوب‬ ‫كقطعـة ثلـج ‪ /‬والشـمس غائبـة عـن اإللـه ‪ /‬مـا عـدت‬ ‫أرانـي فـي األفـق ‪ /‬بعيـدا صـرت ع ّنـي ‪ /‬حتـى ولـدت‬ ‫منـي ‪ /‬قتلنـي إلـه ليتجـدد‪/.‬‬ ‫نجده يحشر أحيانا الكلمة الشعرية بسرد طويل اقرب‬ ‫الـى الوعـظ‪ / :‬عرفـت ثالثـة أصنـاف من البشـر ‪ /‬األول‬ ‫يعـد الحيـاة‬ ‫يعـد أيامـه ‪ /‬الثالـث ّ‬ ‫يعـد أموالـه ‪ /‬الثانـي ّ‬ ‫ّ‬ ‫لألجيـال اآلتيـة ‪ /‬األول يصنـع حضـوره ‪ /‬الثانـي يصنع‬ ‫غيابـه ‪ /‬الثالـث يصنـع الوجـود اإلنسـاني‪ .‬فـي تكويـن‬

‫البشـري ‪ %70‬مـن المـاء ‪/‬‬ ‫اإلنسـان مكـ ّون من الحب‬ ‫بنسـبة ‪%100‬‬ ‫ويحشـرها أيضـا بسـرد‬ ‫مفلـوش طويـل لكنـه‬ ‫ال يخلـو مـن المتعـة‬ ‫بتصاويـره الشـاعرية التـي‬ ‫تـدل علـى طـول باعـه‬ ‫بالسـرد القصصـي‪ / :‬صـراخ‬ ‫الباعـة يؤرقنـي "أسـماك‬ ‫طازجـة"‪ / ...‬اصـوات‬ ‫الباعـة تالحقنـي‪ ،‬حتـى‬ ‫المنـادي على "الصمت"‪!...‬‬ ‫الطـارق مأخـوذ بهواجـس‬ ‫وجوده في أرضه وسمائه‪.‬‬ ‫فمـع المـرأة يحاكِـم ويحا َكـم ألنهـا سـ ّر بقائـه‪ / :‬أعـرف‬ ‫ان الطريـق ليـس لـي وال حتـى لحذائـي‪ /..‬وان الوقـت‬ ‫ليـس وقتـي‪ /..‬أعـرف كل هـذا وأكثـر‪ / ...‬لكنـي احبـك‬ ‫وإن أردت أن أبقى فقط ألنك س ُّر بقائي‪ ...‬ص ‪. ١٠٩‬‬ ‫وإذ يختصــر اللعبـة فـي النشـيد الثانـي مـن الكتـاب‬ ‫"إلـه مـن إلـه" ويقـول‪ / :‬بحـر بلا مـوج الـه بلا خلـق‪...‬‬ ‫ص‪ 165‬رقـم‪ 67‬نجـده بعدهـا يؤكد اعترافه بوجود اهلل‪:‬‬ ‫‪ /‬الطيـور ال تقصـد الغابـة مـن أجـل ألوانهـا أمـا أنـا‬ ‫فبلــى‪ / .‬وحدهـا الطبيعــة تتكلـم لغــة اهلل‪ / .‬ص ‪262‬‬ ‫رقـم ‪ .6‬إذ ًا‪ ،‬اهلل موجـود يفهـم الشـاعر لغتـه ويتناغم بها‬ ‫لكـن قيـد المـرأة شـديد التعقيـد ورباطهـا يسـتفز عقلـه‬ ‫ّ‬ ‫فيحـاول الفـرار بتغريـدات ايمانيـة وخلقيـة فيفشـل‬ ‫ألن حلولـه بهـا وحلولهـا بـه تماهيـا فـي بوتقـة روح ٍّيـة‬ ‫أبد ّيـة كحلـول الفنـاء بالمـوت‪.‬‬ ‫اقـول فـي الختـام ان معركـة االنسـان مـع خالـق ال‬ ‫يـراه تسـتحق المحاولـة التـي افتعلهـا الشـاعر مكـرم‬ ‫غصـوب بعمـل يفتعلـه أي انسـان ُي َص ُّـد بوجهـه بـاب‬ ‫القصـر فيحـاول تحطيـم جداره تشـف ِّي ًا كي يهدأ‪ ،‬وهذه‬ ‫طبيعـة انسـانية ال يغيرهـا كفـن‪..‬‬

‫‪21‬‬


‫حتت الضوء‬

‫احلايك‬ ‫مارون‬ ‫األب‬ ‫ؤ‬ ‫ في كتابه اجلديد حول ف�اد رفقة‬ ‫الشاعر فؤاد رفقه‬

‫من الضباب ّية إىل النوران ّية‬ ‫فـي هـذا الكتـاب النقـدي للأب مـارون الحايـك‪،‬‬ ‫اسـتعادة طقوسـية للشـاعر فـؤاد رفقـة‪ ،‬الـذي كتـب‬ ‫الكثيـر فـي عصـر األفـكار المك ّثفـة‪َ ،‬ب ْيـدَ أ ّنـه بقـي‬ ‫فـي عزلـة عـن صخـب الحيـاة وأحـوال مـا ُعـرِف فـي‬ ‫منتصف القرن العشـرين بشـعر الحداثة‪ ،‬وموقف فؤاد‬ ‫رفقـة مـن كل ذلـك الصخب‪ ،‬يذ ِّكرنا بمسـرحية لويليام‬ ‫شكسـبير "عمل كثير ألجل ال شـيء" أو كما يصح قوله‬ ‫ببالغـة أكثـر‪ّ :‬‬ ‫"تمخـض الجبـل َف َو َلـد فـأرة" أو بالتعبيـر‬ ‫اللبنانـي الـدارج "حركـة مـن دون بركـة"‪..‬‬ ‫للخاصـة فـي أدبياتنـا الحميمـة ومنظورهـا الضيـق‬ ‫دائمـا حركـة سـباحة عكـس الت ّيـار‪ ،‬وهـذا يقي ًنـا مـن‬ ‫ً‬ ‫أجـل تبيـان الحقائـق التـي تسـعى العا ّمـة إلى طمسـها‪،‬‬ ‫يقـول رفقـه فـي مقالـة صـدرت فـي مجلة مواقف سـنة‬ ‫‪ 1979‬مـا يلـي‪:‬‬ ‫"هكـذا يبـدو‪ .‬ولكـن مـا يبـدو هـو غيـر الحقيقـة‪.‬‬ ‫والحقيقـة هـي أن الـدروب التي قطعناها هنا تشـير إلى‬ ‫جهـة الحداثـة التـي هـي هدفنـا‪ .‬وفـي اتجاهنـا صـوب‬ ‫هـذا الهـدف عرفنـا متـى ال تكـون القصيـدة قصيـدة‪،‬‬ ‫ومتـى تكـون‪ .‬القصيـدة التـي هـي قصيـدة تجـيء مـن‬ ‫المنبـع األولـي‪ ،‬ومنبعهـا األولـي أفـق الوجـود‪ ،‬وهـذا‬ ‫األفـق انفتـاح يضـيء‪ ،‬وهـذه اإلضـاءة تفاجـئ الوجـه‬ ‫السـاهر"‪..‬‬

‫‪22‬‬


‫بحـق نبـراس وفيصـل‬ ‫هـذه الكلمـات علـى ق ّلتهـا هـي‬ ‫ٍ‬ ‫وميـزان‪ ،‬تسـتحق أن تكـون دسـتو ًرا أو "مانيفسـت"‪،‬‬ ‫لـكل الكتابـات‪ ،‬التـي تنسـب إلـى نفسـها صفـة الشـعر‬ ‫ّ‬ ‫ولعل األب مارون أراد من هذا البحث‪ ،‬أن‬ ‫والشاعر ّية‪ّ .‬‬ ‫ُيظهـر هـذه الخاص ّيـة الفريدة لدى فؤاد رفقة‪ ،‬ويبتعث‬ ‫ً‬ ‫أيضـا عمـق تفكيـره وفلسـف ّية التعبيـر الشـعري لديـه‬ ‫كل مـا كتبـه‪ ،‬ال مـكان للصدفـة‬ ‫كل شـيء‪ ،‬ففـي ّ‬ ‫فـوق ّ‬ ‫وال للعبـث‪ ،‬بـل نعثـر علـى كتابـات‪ ،‬صلبـة كالمداميـك‪،‬‬ ‫مل ّونـة بسـحر مشـرقي إيمانـي‪ ،‬ومد ّعمة بفلسـفة ألمانية‬ ‫وتحسـن‬ ‫عقالن ّيـة‪ ،‬قو ّيـة ال تدنـي الشـعر بـل ترفعـه‬ ‫ِّ‬ ‫مـن شـأنه لكـي يليـق بالتقـدم الـذي أحـرزه العقـل فـي‬ ‫السـنوات الماضيـة‪ ،‬فالشـاعر بالنسـبة إلـى فـؤاد رفقـه‪،‬‬ ‫ليـس شـاعر تفكهـة ومناسـبات وتسـلية للـذي ال عمـل‬ ‫له‪ ،‬بل الشـاعر هو الرائي‪ ،‬الذي يحمل الشـعلة ويضيء‬ ‫أمـام العا ّمـة والدهمـاء‪ ،‬يفتـح عيونهـم وأذهانهـم علـى‬ ‫فهـم الديـن والماورائيـات والفلسـفة والتاريـخ فـي كل‬ ‫أبعـاد الوجـود‪ ،‬أال يقـول فـي الصفحـة‪132 :‬‬ ‫ويرى الشاعر أنّ قض ّيته هي التح ُّرر من ربقة الجسد‪،‬‬ ‫أو من ثقل الطبيعة البشـر ّية‪ ،‬فيقول‪:‬‬ ‫يفتح عينيه‬ ‫فال يرى شي ًئا‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫غبش في الهواء‪.‬‬ ‫يغمض عينيه‪،‬‬ ‫يرى كلّ شيء؛‬

‫إنّ حيـاة فـؤاد رفقـة‪ ،‬تختصرهـا كتاباتـه‪ ،‬وأبـرز‬ ‫مـا فيهـا أنهـا عمليـة بحـث مزدوجـة؛ الكـون والـذات‬ ‫والعالئـق الوثيقـة التـي تربطهمـا‪.‬‬ ‫وال ش ّـك ً‬ ‫أيضـا أن األب الحايـك‪ ،‬قـد أخـذ مـن هـذه‬ ‫دوما‬ ‫قريب إلى شـخصيته المنجذبة ً‬ ‫الكتابـات‪ ،‬مـا هـو ٌ‬ ‫إلـى الروحانيـة النق ّيـة واإلشـراق العرفانـي‪ ،‬فـي أبهـى‬ ‫ح ّلـة‪ ،‬لـدى فـؤاد رفقـة‪ ،‬ولـو وجـد آخـرون لديـه بعـض‬ ‫العبث ّيـة الوجود ّيـة‪ ،‬فلا يجـب أن ننسـى أن الش ّـك‬ ‫هـو الـدرب إلـى اليقيـن‪ ،‬وإذا حصـل العكـس أحيا ًنـا‪،‬‬ ‫فلا ريـب سـتعود األمـور إلـى الفتحـة المن ّورة فـي القبة‬ ‫الضاغطـة والحالكـة السـواد‪.‬‬ ‫هكـذا أراد األب الحايـك فـي كتابـه النقـدي؛ أن‬ ‫يـدرس مسـيرة فـؤاد رفقـة فـي ديمومتهـا النوران ّية‪ ،‬من‬ ‫الضباب ّيـة إلـى النوران ّيـة‪ ،‬ليظهـر أن الشـعراء ال ينتهـون‬ ‫ـب العدم أم اللحـود المقفلة‪ .‬صحيح أن‬ ‫ً‬ ‫جميعـا فـي ج ّ‬ ‫الشـاعر أرتـور رامبـو قـال ذات يـوم‪" :‬إنّ عقلنـا الباهـت‬ ‫يخفـي ع ّنـا األبد ّيـة"‪.‬‬ ‫ولكن من قال أن العقل سـيبقى في منطقة الشـفق‬ ‫ومعميـات الوجـود؛ هنالـك مالييـن المرافـئ اآلمنـة‬ ‫حيـث اإلنقشـاعات واليقيـن‪ ،‬وأهمهـا كتابـات فـؤاد‬ ‫رفقـة!‪..‬‬

‫شموس وأقمار‪.‬‬ ‫ٌ‬

‫الباحث األديب أنطوان جان يزبك‬

‫‪23‬‬


‫متنياتي يف السنة اجلديدة‬ ‫عرفــت ابــو العجــب علــى عــرش مجــده الخالــد‬ ‫وجعــل مــن حولــه أقمــارا تــدور ثــم تنطفــىء واحــدة‬ ‫بعــد أخــرى واآلن قــد تجــاوز عددهــا االلــوف‪ ،‬فــان‬ ‫ســبعين الــف قمــرا قــد انطفــأت واندثــرت فــي عالــم‬ ‫الغيــب غبــارا اســودا كحلــت بــه االبديــة اعينهــا ونامــت‬ ‫ول ّمــا تفــق‪ ،‬ونحــن وقــوف بيــن انطفــاء وشــروق يظلــم‬ ‫القلــب عندمــا يخيــم مطــارد الشــمس ويبســم ابتســامة‬ ‫الســخرية عندمــا ينفجــر عامــود الصبــاح عــن فحمــة‬ ‫الليــل‪ ،‬هــا ان ابــا العجــب تراجــع عــن خلــوده وأخــذ‬ ‫يبكــي !‪.‬‬ ‫كلمــا دارت األرض مــرة حــول الشــمس تحم ـ ّر مقلتــه‬ ‫ودوي مــأ العبريــن وترديــدٌ واصــدا ٌء‬ ‫ويزمجــر! صــراخ‬ ‫ّ‬ ‫فــي وادي الدمــوع ! كلمــة مبهمــة تلفــظ علــى رؤوس‬ ‫شــفاه الكــون فــا يفهمهــا اال الذيــن خلقــوا ليكونــوا مــا‬ ‫فــوق الكــون‪ .‬تــرى مــا هــي هــذه الكلمــة ومــا معناهــا؟‬ ‫هــي دمعــة مــن دمــوع الزمــان انحــدرت فــي كأس‬ ‫األبديــة ومعناهــا البلــي الســائح فــي عالــم الــزوال وعمــا‬ ‫قريــب يدخــل بــاب الفنــاء !‬ ‫هــوذا الزمــان يبكــي ال أســفا علــى شــبابه الضائــع بــل‬ ‫علــى االنســان المتمــرد الفانــي‪ ،‬وعبثايغســل بالدمــوع‬ ‫آثــام البشــر ‪ ،‬فانهــا وصمــة علقــت على جبين اإلنســانية‬ ‫وطبــع عليهــا بخاتــم األزل وســوف ال تمحوهــا الدمــوع‬ ‫وال يميتهــا فنــاء وال بلــي‪.‬‬ ‫يقــال اليــوم اننــا فــي عــام جديــد‪ ،‬فمــا أســخف عقلــك‬ ‫ايهــا االنســان ومــا ابعــدك عــن الجديــد!! حتــى رأيــت‬ ‫الزمــان يعتــق ثــم يتجــدد‪ .‬أم قــد ســمعت صــدى رددته‬ ‫العصــور الغابــرة علــى ألســنة الجهــل‪ ،‬انــك ســلطان‬ ‫األرض‪ ،‬تفعــل مــا تشــاء‪ ،‬مهــا ايهــا الحالــم فــي غفــوة‬ ‫النــور ورويــدا ايهــا اليقظــان فــي ظلمــة الجهــل والخنــوع‬

‫ليــس التجديــد تجديــد الزمــان‪ ،‬بــل التجديــد يتنــاول‬ ‫بمعنــاه جوهــرك الخالــد وعرضــك الزائــل التجديــد لــك‬ ‫ال للزمــان‪ ،‬ألنــه ليــس فــي الزمــان واحكامــه قديــم‬ ‫وجديــد لكــن وا لهــف نفســي! قــد عكســت اآليــة‬ ‫واحتقــرت الطبيعــة وعصــوت الشــريعة النــك ســلطان‬ ‫األرض!!! بــدال مــن ان يكــون التجديــد لــك والثبــات‬ ‫للزمــان ادعيــت التجديــد للزمــان والثبــات لــك ومــا‬ ‫انــت فــي دعــواك بصــادق لــو كنــت تــدري‪.‬‬ ‫أيــن منــك التجديــد وبعــض زعمــاء البــاد كانــوا وال‬ ‫يــزال بعضهــم ال يعرفــون غيــر المخاتلــة كأنهــم ذئــاب‬ ‫يلبســون ألبســة الرعــاة ‪ ،‬يدوســون حرمــة النــاس‪ ،‬وهــم‬ ‫فــي أعلــى شــرفاتهم حتــى ال يقــال عنهــم إال زعمــاء !‬ ‫وكل متمســك بمطامعــه الفرديــة‬ ‫ايــن منــك التجديــد ٌّ‬ ‫المخجلــة !‬ ‫ايــن منــك التجديــد وبعضهــم بــاع أرضــك المقدســة‬ ‫ومزقــوا االســتقالل الــذي ســعيت اليــه‬ ‫ايــن منــك التجديــد والجهــاد مصلــوب علــى خشــبة‬ ‫القمــع وكــم األفــواه‬ ‫ايــن منــك التجديــد وهــم يجــددون فــي كل يــوم‬ ‫مآســينا !‬ ‫بعضهــم ينــادي الشــباب‪ ،‬يــا شــباب الغــد‪ ،‬أي غــد ابقــوه‬ ‫لهــذا الشــباب‪ ،‬أبأحكامهم؟‬ ‫ابأبعــاد نيتهــم والمثــل بقانــون اإليجــار الــذي أرادوا‬ ‫فيــه تهجيــر النــاس الذيــن لــم تهجرهــم البندقيــة‪.‬‬ ‫ان الشــباب يرفضكــم وهــو اآلن يســير علــى ضــوء حر ّيــة‬ ‫نبيلــة وسياســة شــريفة متمثليــن بقائــد البــاد الجديــد‬ ‫رجــل الحــق والنبــل والكرامــة والصــدق والشــرف‪.‬‬

‫الكوميسور أديب العقيقي‬ ‫‪24‬‬


‫ورقة عمل للدكتور رامي حداد‬

‫املعاجلات النفسـية‬ ‫ بإستخدام املوسيقى‬ ‫في إطار المؤتمر العلمي السادس والدولي الرابع الذي اقامته جامعة عين شمس في جمهورية مصر العربية في الفترة‬ ‫قدم الدكتور رامي حداد ‪ /‬عميد كلية الفنون والتصميم في الجامعة االردنية والمتخصص في‬ ‫من ‪ ٢٦ - ٢٤‬فبراير ‪ّ ،٢٠١٩‬‬ ‫التربية الموسيقية‪ ،‬ورقة عمل ش ّيقة بعنوان "ممارسات عالجية بإستخدام الموسيقى لبعض األمراض النفسية واإلعاقات‬ ‫الجسدية‪ ،‬وقد تضمنت الورقة شرح ًا مفص ًال وعروض ًا لفيديوهات عن دور الموسيقى كمساعد ووسيط عالجي لبعض‬ ‫األمراض الجسدية والنفسية باإلضافة لبيان دورها في تنشيط أفراز هرمونات اإلندروفينات (‪ )Endrophins‬وهي مواد‬ ‫قدم الدكتور حداد لعدد من األساليب العالجية‬ ‫طبيعية تتشابه في تركيبها مع المورفين تفرزها الغدة النخامية‪ ،‬كما ّ‬ ‫التي يتم خاللها توظيف الموسيقى كوسيط عالجي ومنها‪ ،‬العالج الموسيقي اإلرتجالي ‪Improvisational Music‬‬ ‫‪ ،Therapy‬والموسيقى والخيال الموجه (‪ ،Guided Imagerie and Music (GIM‬والتدخل اإليقاعي التداخلي (‪Ruthmic‬‬ ‫‪ Entertainment Intervention (REI‬وأسلوب دالكروز لإليقاع الحركي ‪ E, urhythmics J. E. Dalcroze‬وغيرها من‬ ‫األساليب‪.‬‬ ‫ويذكر أن الدكتور حداد حاصل على الدكتوراه في التربية الموسيقية من جامعة مونستر في المانيا اإلتحادية‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى حصوله على شهادة في العالج بالفن من مؤسسة آرت ريتش (‪ )Art Reach Foundation‬األميركية‪.‬‬

‫‪25‬‬


‫تاريخ‬

‫مرحـاتا يا مرحـاتا‬ ‫متــل متاعيــن بيــت شـــباب‬

‫شتم منه الهزء والسخرية كنت افتش عن اصله وفصله حتى جاء الخبر من مرحاتا وما ادراك ما مرحاتا!!‬ ‫مثل ُي ُّ‬ ‫مرحاتا مجلة كان صاحبها منذر باشا متصرف جبل مارحاتا (ابراهيم المنذر تلميذ مدرسة قرنة شهوان في بيت‬ ‫شباب) تصدر اسبوعيا مكتوبة بخط اليد‪ .‬اعاد طباعتها حفاران يعمالن في نبش التراث‪ :‬األديب المؤرخ جان‬ ‫دايه وجامع التراث األديب الراحل جوزف مفرج فال تخفى عليهما نقطة او حرف والمجلة بكامل اعدادها لم تكن‬ ‫تستحق الجهد الكبير الذي بذل من اجل طباعتها صفحة صفحة‪ ،‬لكن احياء ذكر رجل بوزن المنذر قد يعوض‬ ‫ذلك وقد شوقني اسمه الى تصفح المجلة وقراءتها سطرا سطرا ‪ .‬فاذا بي اقع على المثل الضائع‪ ،‬الذي طالما‬ ‫فتشت عن تفسير له يروي غليلي‪ ،‬وحدث ذلك في حلم على الصفحة االولى من العدد ‪ ٢٦‬ليومي ‪ 11‬و‪ 22‬تشرين‬ ‫الثاني ‪.١٨٩٨‬‬ ‫كان المثل يرمى جزافا في احراج البلدة على اي تصرف غريب فاذا تكلم احد بلهجة ملغومة يقولون له‪ :‬شو بك‬ ‫بتحكي "متل متاعين بيت شباب" واذا طول لسانه يقولون ليك كيف بيسب متل "متاعين بيت شباب"‪ ..‬وإذا‬ ‫تطاول في كالمه‪ ..‬شو هالمعنطز كيف بيحكي متل متاعين بيت شباب‪ .‬وهكذا ‪...‬‬

‫‪26‬‬


‫تقول المجلة‪ :‬حلمنا ذات ليلة ان امبراطور المانيا غليوم الثاني قد زار قرية‬ ‫بكفيا ونحن موجودون فيها فقابلناه مقابلة رسمية في قهوة "ابي شقرا" وال‬ ‫يخفى على القارئ العزيز ان المقابلة كانت باشوية وامبراطورية "اجلكم اهلل"‬ ‫متزي بالزي العربي اي بالكوبران والصدرية والشروال "ستك روزه" والزنار‬ ‫وهو ّ‬ ‫الكشمير‪ ،‬خفيف الشاربين وطربوشه عربي عثماني وغير ذلك من المالبس‬ ‫التي تدل على انه مثل "متاعين بيت شباب"‪....‬‬ ‫هذا المثل يؤكد حالة بيت شباب التي كانت يومذاك تعرف بالقاطع وكانت‬ ‫تضم االحراج حولها وكانت الممر الوحيد من قاطع بكفيا وأحراجه الى‬ ‫المقد ِمين‪،‬‬ ‫الساحل‪ .‬وكانت عوائل‬ ‫َ‬ ‫القاطعين كما سماهما المجمع اللبناني من َّ‬ ‫الحكام المدنيين الذين هربوا من ظلم االتراك والحكم الديني الجئين الى‬ ‫القاطعين بعد الحريق الذي تعرضت له المقاطعة الكسروانية والقاطعان جزء‬ ‫َ‬ ‫منها‪ .‬هذا للقول ان المثل "متاعين بيت شباب" هو داللة على السلطة والثراء‬ ‫والوجاهة التي كانت تنعم بهما بيت شباب يومذاك‪...‬‬ ‫وبهذا ايضا تتأكد صحة الوثائق التي ستضعها السائح بين أيدي قرائها‪.‬‬ ‫آألمرباطور غليوم‬

‫نابش الرتاث األديب جان دايه‬

‫شيخ من مشايخ بيت شباب‬ ‫يف زمن مرحاتا‬ ‫جامع الرتاث الراحل جوزف مفرج‬

‫‪27‬‬


‫تاريخ‬

‫تاريخ ما اهمله التاريخ عن قاطع‬ ‫بيت شباب‬ ‫اعداد إبن البلدة‬ ‫سيدة الغابة العجائبية في كتاب "صلوات الليل"‬ ‫األمير بشير بنى سراي بيت الدين من مال الشبابي حبشي عبود األشقر‬ ‫فــي كتــاب "جهــاد لبنــان واستشــهاده" للروائــي المــؤرخ‬ ‫اميــل حبشــي االشــقر ونقــا عــن "كتــاب صلــوات‬ ‫الليــل" صفحــة ‪ ،36‬المكتــوب بخــط الخــوري عبــداهلل‬ ‫الحايــك‪ ،‬جــاء مــا يلــي‪:‬‬ ‫‪ //‬فــي الســنة ‪ ،1825‬حدثــت واقعــة المختــارة بيــن‬ ‫زعمائهــا االميــر عبــاس اســعد الشــهابي والشــيخ علــي‬ ‫العمــاد مــن جهــة واالميــر بشــير مــن جهــة وقضــت‬ ‫السياســة ان يكــون االميــر حيــدر اســماعيل اللمعــي‬ ‫عســاف اميــر بيــت شــباب واالمير شــديد‬ ‫واخــوه االميــر ّ‬ ‫مــراد الــى جانــب االميــر بشــير فــي حربــه‪ ،‬ومعهــم اكثــر‬ ‫مــن الفــي رجــل فيهــم جماعــة كبيــرة مــن الشــبابيين‪،‬‬ ‫وبعــد ان تواقعــوا فـ ّر عبــاس والعمــاد وقتــل مــن بيــت‬ ‫شــباب‪ :‬جرجــس قبــان االشــقر وســركيس ســاروفيم‬ ‫األشــقر وديــب العنيســي ومخايــل نصــار الحايــك‬ ‫واليــاس جدعــون ومســعود خطــار مكــرزل‪.‬‬ ‫ولمــا قــدم ابراهيــم باشــا الفتتــاح عــكا ســنة ‪ 1831‬بأمــر‬ ‫مــن والــده محمــد علــي باشــا‪ ،‬عزيــز مصــر ‪ ،‬وكان االميــر‬ ‫مــن أكبــر أنصــاره‪ ،‬أمــر االميــر فــي الســنة الثانيــة ان تعد‬ ‫الرجــال فــي لبنــان لكــي يدفــع كل رجــل مــا يســتطيعه‬ ‫مــن المــال مــن الخمســة عشــر الــى الخمســمائة غــرش ‪.‬‬ ‫وحــدث فــي اثنــاء االحصــاء فــي بيــت شــباب‪ ،‬ان‬ ‫رجليــن شــبابيين يدعــى االول عــام والثانــي شــيبان‬ ‫مــن بنــي القصيــر ومكــرزل قتــا فــي احــدى الليالــي‬ ‫اليــاس عبــود االشــقر ليســلبا مالــه‪ ،‬فانتشــر الخبــر‬

‫‪28‬‬

‫عنــد الصبــاح‪ .‬ان اخــا القتيــل وهــو حبشــي عبــود‬ ‫االشــقر هــو القاتــل وقــد تعــرف عليــه مأمــور االحصــاء‬ ‫وبينهــم رجــل مــن بنــي الدحــداح‪ ،‬فاطلعــوا االميــر علــى‬ ‫الحــادث فبعــث اليهــم ليغ ِّرمــوا المتهــم المــال الكثيــر‬ ‫ويقبضــوا عليــه‪ ،‬وهكــذا فعلــوا فأخــذوا مــن مالــه مــا‬ ‫أخــذوا وكان غنيــا جــدا‪ ،‬وبــدأ األميــر التحقيــق عــن‬ ‫ماضــي المتهــم وســلوكه‪ ،‬فقيــل لــه انــه ال يصـ َّـدق ان‬ ‫رجــا مثلــه يقتــل أخــاه ليســتولي علــى ثروتــه ولــو شــاء‬ ‫لفعــل اثنــاء ســفرهما معــا بيــن الشــام وبيــروت لإلتجــار‬ ‫بالحريــر ‪ .//‬ويقــول الخــوري عبــداهلل الحايــك اخيــرا‬ ‫‪ //‬ان االميــر بشــير وبعــد تأكــده مــن بــراءة المتهــم لــم‬ ‫يرجــع المــال اليــه وقــد انفقــه فــي بنــاء ســراي بيــت‬ ‫الديــن ‪. //‬‬ ‫يحدثنــا فيمــا بعــد المــؤرخ اميــل حبشــي عــن الحــرب‬ ‫ف‬ ‫التــي قامــت بيــن الشــبابيين وابراهيم باشــا الــذي عَ َر َ‬ ‫بأمــر توزيــع الســاح عليهــم وعلــى بكفيــا وبحرصــاف‬ ‫فأقبــل بجيشــه علــى بكفيــا وكان ســكان هــذه القــرى‬ ‫مجتمعيــن فيهــا فهاجمــوه بإطــاق الرصــاص قبــل‬ ‫وصولــه اليهــم ثــم ولــوا االدبــار فقــام الجيــش بنهــب‬ ‫بكفيــا واضــرم فيهــا النيــران ثــم هبــط منهــا الــى بيــت‬ ‫شــباب‪.‬‬

‫معبد سيدة الغابة يتعرض للهجوم‬ ‫مــا ان وصــل جيــش ابراهيــم باشــا الــى بيــت شــباب‬ ‫حتــى ‪ //‬دخــل بيوتهــا معتديــا علــى النســاء واالطفــال‬


‫واحرقهــا ثــم هاجــم معابدهــا واحرقهــا ومنهــا معبــد‬ ‫ســيدة الغابــة العجائبيــة الــذي قــام جيشــه بهــدم‬ ‫مذابحــه وكســر آنيــة الزينــة فيــه‪ ،‬وضــرب احدهــم صورة‬ ‫العــذراء بســيفه فتدفــق الــدم منهــا مثلمــا يتدفــق مــن‬ ‫لحــم ودم ‪ ،‬وأخــذت العــذراء تــذرف الدمــوع وتبكــي‬ ‫بــكاء مـ ّر ًا وقســى اهلل قلــب الجنــدي فبــدأ يهــزأ بهــا ‪ ،‬ثــم‬ ‫خــرج الجنــود مــن المعبــد محمليــن بالتحــف ‪ ،‬وعلــى‬ ‫اثــر ذهابهــم ‪ ،‬زار المواطنــون ســيدة الغابــة فبصــروا‬ ‫بالــدم جاريــا علــى المذبــح والــى هــذه الســاعة ال تــزال‬ ‫آثــار الدمــاء ظاهــرة علــى القمــاش‪ ،‬ولهــذا المعبــد شــهرة‬ ‫بعيــدة يجيئــه الزائــرون مــن اطــراف البــاد مــن غيــر‬ ‫المســيحيين ايضــا لغنــم بركــة العــذراء عليهــا الســام ‪.‬‬

‫يوســف افنــدي درويــش الحائــك أخــذ قطعــة مــن هــذا‬ ‫القمــاش ملوثــة وحلــت المــادة الالصقــة عليهــا فإذا هي‬ ‫دم حقيقــي اثبتهــا الكيماويــون فــي بيــروت‪ .‬وهنــاك‬ ‫برهــان آخــر أقــوى مــن األول هــو ان رجــا مســلما مــن‬ ‫جنــود ابراهيــم باشــا‪ ،‬اعتــرف بصحــة الروايــة للمرحــوم‬ ‫الخــوري يوســف الحايــك بعــد ان مــرت الســنون‬ ‫علــى هــذه الحادثــة وكان هــذا الرجــل علــى ابــواب‬ ‫األبديــة وهــو يســمي العــذراء ولي ـ ًا وأضــاف الــى قولــه‬ ‫ان الجنــدي الــذي ضــرب الرســم بســيفه مــات بعــد ايــام‬ ‫شــر "ميتــة" ‪.‬‬

‫ولقائــل ان يقــول ان "البقــع الحمــراء" الباقيــة ليســت‬ ‫دمــا‪ ،‬وإنمــا هــي تجعــدات ونقــط اوجدهــا مــرور‬ ‫الزمــن وأدوار الرطوبــة‪ ،‬غيــر ان الحجــة التــي نوردهــا‬ ‫بعــد التوثــق تســكت المعترضيــن‪ ،‬وهــي ان المواطــن‬

‫من مؤلفات الروائي المؤرخ‬ ‫أميل حبشي األشقر‬

‫سيدة الغابة العجائبية‬

‫‪29‬‬


‫يف يوبيله االدبي الذهبي‬

‫تكرمي الشاعر رميون شبلي‬ ‫دعــا «التجمــع العائلــي لســاقية المســك وبحرصــاف» الــى لقــاء كــ َّرم فيــه ّ‬ ‫الشــاعر ريمــون شــبلي فــي يوبيلــه‬ ‫الســبت ‪ ،٢٠١٨/١١/١٠‬فــي «فنــدق ال ّنعــص الكبيــر» نعــص بكف ّيــا‪.‬‬ ‫األدبــي‬ ‫الذهبــي‪ ،‬عنــد الخامســة مــن عصــر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حضر ال ّتكريم حشدٌ واسع مميز‪.‬‬ ‫بعــد الكلمــات‪ُ ،‬قدِّ مــت درعُ التكريــم للمحتفــى بيوبيلــه ّ‬ ‫الذهبـ ّـي‪ ،‬الــذي ألقــى قصائــد ختمهــا بالترحيــب ّ‬ ‫وبالشــكر‪،‬‬ ‫ثـ ّـم كان ا ّلنخــب‪.‬‬ ‫وم ّما جاء في كلمات المشاركين ‪:‬‬ ‫من قصيدة الشاعر جوزيف شراب َّيه‪:‬‬ ‫ُطلــب أنــا بالفــــــن تعطينــي األمـــــــان‬ ‫وب ْ‬ ‫ْ‬ ‫صكوك‬ ‫مــن بعــد مــا أحمــل مــن طموحــك‬ ‫بثبّــت طموحــك بالمحافــل صولجــان‬ ‫وبحــط شــعرك تــاج ع راس الملــوك‪.‬‬ ‫كلمة ا ّلسيّد أنطوان جوزيف شبلي باسم‬ ‫«التج ّمع»‪:‬‬ ‫ر ّكزت على نشاطات ال ّت ّجمع وأهدافه‪،‬‬ ‫الثقاقي بتكريم‬ ‫ومنها هذا االحتفال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حي‪.‬‬ ‫الشاعر ريمون شبلي في بلدته وهو ّ‬ ‫من كلمة المحامي رفيق غانم‪:‬‬ ‫وجع ّ‬ ‫الشاعر ريمون شبلي‬ ‫«‪ ...‬محبرة ِ‬ ‫فجرت مشاعره أل ّنه مؤمن بوطنه يعشق‬ ‫ّ‬ ‫ترابه وينشد له تراتيل طالعة من ضمير‬ ‫ثائر وقلب موجوع‪ ...‬ومحبرة ثانية‬ ‫غ ّمس فيها قلمه هي محبرة الحنين‬ ‫والحب‪...‬تعيش ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشعر في‬ ‫والشوق‬ ‫ّ‬ ‫كل ما هو أنت‪ .‬آلنت كلمة من كلمات‬ ‫قصيدة لبنان الشاعر"‬

‫‪30‬‬


‫من كلمة ال ّشاعرة إيناس مخايل‪:‬‬ ‫كل م ـ ّرة‬ ‫ـب وق ـ ّوة المنطــق‪ ...‬فــي ّ‬ ‫«‪ ...‬يراعــي الجمال ّيــة فــي لغتــه‪ ...‬أدبــه مصفـ ًّـى‪ ...‬كتــب مواضيعــه بحــرارة الحـ ّ‬ ‫خـ ّـط قلمــه فكــرة مــا‪ ،‬كان يرمــي فيهــا إلــى رســالة مع ّينــة‪ ...‬هــو ابــن لحظــة اإلبــداع والخلــق‪ ...‬لــم يكتــب القصيــدة‬ ‫متخط ًيــا قيــود ال ّنظــم‪ ...‬هــو‬ ‫بروحيــة العناصــر القديمــة‪ ،‬وإ ّنمــا كتبهــا مــرآة لتط َلعاتــه إلــى الح ّر ّيــة‪ ،‬وألبعــاده ال ّرؤيويــة‬ ‫ّ‬ ‫مــن ذوي األصالــة الذيــن يتفاعلــون ويدركــون ويكتبــون بصــدق‪»...‬‬ ‫من كلمة األديب شربل شربل‪:‬‬ ‫مجدد‪ ،‬يتالعب باألوزان‪ ،‬ويبدع‪ ،‬ويدهش‪...‬‬ ‫«‪ ...‬ريمون شبلي شاعر أصيل‪ّ ،‬‬ ‫إ ّنه ناثر بامتياز ‪...‬‬ ‫واألستاذ ريمون خطيب المع‪ ،‬ح ّتى صار عالمة مم ّيزة في هذا المجال‪ ،‬تشتاق المنابر وقفته‪ ،‬ويه ّز أركانها‬ ‫إلقاؤه‪...‬‬ ‫أنت تبتدع ال ّروائع‪ ،‬التي ّ‬ ‫الفني الخالد‪ ،‬المؤمنة بالقيم‪»...‬‬ ‫تغذي ال ّنفوس‬ ‫ّ‬ ‫المتعطشة للجمال ّ‬ ‫من كلمة األب مارون الحايك‪:‬‬ ‫«‪...‬هو الشاعر األستاذ المجدد النه ابن عصره‪ ...‬وهو الن ِاثر‪ ...‬وهو ابن ايمانه‪ ...‬كأنه متصوف ناسك‪...‬‬ ‫بالنعم‬ ‫مذ هدهدت مهدك االيامُ‬ ‫ِ‬ ‫الحلم‬ ‫تفتح الوحي من عينيك في‬ ‫ ‬ ‫ِ‬ ‫وإسترسل الشع ُر في كفيك مندفعا‬ ‫يبكي جراح ًا كنجم الليل لم تنم‪...‬‬ ‫ ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الصديق ألنت النبل أكرمه‬ ‫ِنعم‬ ‫دم‪...‬‬ ‫ ‬ ‫وما الثالثين من حول ومن ِق ِ‬

‫‪31‬‬


‫كلمة المحامي سمير شبلي‪:‬‬ ‫ركــز فيهــا علــى عالقتــه القديمــة بالشــاعر ريمــون شــبلي‬ ‫وعلــى مــا أتصــف بــه ادبــه عمومـ ًا‪ ،‬وشــعره خصوصـ ًا‪ ،‬مــن‬ ‫عمــق وحداثــة اصيلــة وجمال َّيــة‪...‬‬ ‫كلمة د‪ .‬فرج كرباج‪:‬‬ ‫ركــزت علــى شــخصية ريمــون شــبلي اإلنســانية وعلــى‬ ‫إبداعيتــه األدبيــة فهــو "مجموعــة قيــم أخالقيــة‬ ‫وروحيــة"‪...« ،‬امــا شــعره فنابــع مــن ذاتــه‪ ...‬وهــو القلــم‬ ‫الراقــي والريشــة الغنيــة‪»...‬‬ ‫كلمة د‪ .‬جهاد نعمان‪:‬‬ ‫ر ّكــزت علــى ريمــون شــبلي اإلنســان‪ .‬وعلــى أه ّميــة شــعره‪.‬‬ ‫ظــل أعجوبــة غريبــة‪...‬‬ ‫ومزايــاه وقيمتــه‪...« ...‬وشــعره ّ‬ ‫تحــس فــي شــعره ال ّروابــط المنطقيــة واللغــة البيان ّيــة‬ ‫ّ‬ ‫والدفقــات الوجدانيــة‪.»...‬‬ ‫كلمة المحامي رئيف العقل‪:‬‬ ‫ر ّكــزت علــى دور ريمــون شــبلي فــي «حركــة الكلمــة»‬ ‫(بكف ّيــا الكبــرى ـ ‪ ،)١٩٩٤‬وفــي مج ّلتهــا «وتبقــى الكلمــة»‬ ‫(‪ .) ٢٠٠٢ - ١٩٩٥‬فهــذه المج ّلــة كان يعاملهــا كمــا يعامــل‬ ‫األب طفلــه‪ ...‬وال يرتــاح إال متــى صــدرت كمــا أراد‪.‬‬ ‫كلمة المحامي بيار مخايل الق ّزي‪:‬‬ ‫ركــ ّزت علــى مزايــا ّ‬ ‫الشــاعر اإلنســان ّية واألدب ّيــة‪ ،‬وعلــى‬ ‫عالقتــه بأســتاذه ريمــون شــبلي عندمــا كان تلميــذه وهــو‬ ‫الســنين‪ ،‬فتعاونــا‬ ‫مراهــق‪ ،‬ثـ ّـم عندمــا التقــاه بعــد عشــرات ّ‬ ‫فــي إنتــاج عشــرات األعمــال اإليمان ّيــة والوطنيــة‪ ،‬مــن‬ ‫تلحينــه ومــن شــعر ريمــون شــبلي‪،‬‬

‫‪32‬‬

‫قصيدة ال ّشاعر ريمون شبلي‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫وكنت يكادُ ينفتحُ الحنينُ‬ ‫برعم في مراهقتي ويهفو ‪..‬‬ ‫ُي ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ومشيت دربي؛‬ ‫حملت يراعتي‬ ‫السنينُ‬ ‫تراكم ِ‬ ‫ت ّ‬ ‫ُ‬ ‫تراكم قمحُ كتبي!‬ ‫َ‬ ‫**********‬ ‫منذ خمسين قد حملته يدي‬ ‫ق َلم ًا يرتوي من أ ّيامي‪،‬‬ ‫من آالمي‪،‬‬ ‫من رجائي وأحالمي‪..‬‬ ‫من حنين القلب ورائحة الور ِد‬ ‫والمدى األبع ِد‪!..‬‬ ‫**********‬ ‫َ‬ ‫ب طويلْ ‪،‬‬ ‫خمسون في تع ٍ‬ ‫ب جميلْ ‪..‬‬ ‫تع ٍ‬ ‫ْ‬ ‫والمقاالت‪..‬‬ ‫تقط َر في القصائ ِد‬ ‫عم ٌر ّ‬ ‫ً‬ ‫يطل غدٌ عليها نقطة خضرا َء‬ ‫فعسى ُّ‬ ‫ْ‬ ‫الكتابات!‬ ‫في بحر‬ ‫**********‬ ‫تم ُّر ال أَ َثر ْ‪..‬؟‬ ‫شجر ٌة كما بال ثمَ َر ْ‬ ‫ً‬ ‫بصمة‪،‬‬ ‫دَ ْع‬ ‫ولو صغير ًة‪،‬‬


‫جمتمع‬ ‫كلمةمن اجواء انتخاب اللجنة اإلدارية اجلديدة حللقة احلوار الثقايف‬ ‫يف مقر “رابطة قدامى األساتذة يف اجلامعة اللبنانية”‬ ‫ســررت جــد ًا بانتســابي لهــذه المؤسســة العريقــة‪ ،‬وأتمنــى أن تكــون بدايــة ســنة موفقــة للجميــع‪ .‬وألــف‬ ‫شــكر للدكتــور فرحــان صالــح أميــن عــام حلقــة الحــوار الثقافــي ولرئيــس مركــز األبحــاث د‪ .‬زاهــي ناضــر‬ ‫ورئيــس الحلقــة عميــدة الثقافــة الخالــدة و “عرابتــي” الدكتــوره الهــام ّ‬ ‫كالب علــى إيمانهــم بقــدرات المواهــب‬ ‫الجديــدة فــي شــتى المجــاالت لنرقــى مع ـ ًا إلــى مســتقبل أفضــل‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫رواد من لبنان‬ ‫جلنة َّ‬

‫تكرم احملامي َّ‬ ‫الشاعر رميون عازار‬ ‫ّ‬

‫وســط حضــور ثقافــي وإعالمــي لبنانــي مم َّيــز‪ ،‬ك َّرمــت “المؤسســة اللبنانيــة لإلعــام” ‪ /‬لجنــة “ر َّواد مــن لبنــان”‬ ‫المحامــي الشَّ ــاعر ريمــون عــازار تقديــر ًا ووفــا ًء لمســيرته المهنيــة والشــعرية الحافلــة باإلنجــازات والعطــاءات‪ ،‬فــي‬ ‫الحركــة الثقافيــة – أنطليــاس‪.‬‬ ‫حضــر حفــل التكريــم رئيــس أســاقفة بيــروت ســيادة المطــران بولــس مطــر‪ ،‬الوزيــر الســابق ادمــون رزق‪ ،‬النائــب‬ ‫الســابق غســان مخيبــر‪ ،‬رئيــس مجلــس القضــاء األعلــى ســابق ًا د‪ .‬غالــب غانــم‪ ،‬جــورج طرابلســي ممث ـ ًا نقيــب‬ ‫الصحافــة‪ ،‬رئيــس الحــزب الســوري القومــي اإلجتماعــي األســبق مســعد حجــل‪ ،‬أميــن عــام الحركــة الثقافيــة فرنســوا‬ ‫حبيقــة‪ ،‬مديــر عــام قصــر األونيســكو ســليمان خــوري‪ ،‬رئيــس إتحــاد بلديــات اقليــم الخــروب الجنوبــي جــورج مخــول‪،‬‬ ‫رئيــس بلديــة الجديــدة البوشــرية ‪ -‬السـ ّـد انطــوان جبــارة‪ ،‬رئيــس مجلــس إدارة المؤسســة اللبنانيــة لإلعــام نجيــب‬ ‫جزينــي‪ ،‬رئيــس التجمــع األرثوذكســي اللبنانــي روبيــر أبيــض‪ ،‬عضــو مجلــس نقابــة المحاميــن عزيــز طربيــه‪ ،‬المحامــي‬ ‫وديــع معلــوف‪ ،‬رئيســة ديــوان أهــل القلــم د‪ .‬ســلوى الخليــل األميــن‪ ،‬صاحــب مجلــة الســائح لويــس الحايــك‪ ،‬د‪.‬‬ ‫اميــل كبــا‪ ،‬د‪ .‬ناجــي نعمــان‪ ،‬د‪ .‬جوزيــف نصــر‪ ،‬د‪ .‬منيــر معلــوف‪ ،‬الم ّربــي فيليــب الهيبــي‪ ،‬د‪ .‬نجــاة جدعــون‪ ،‬الكاتــب‬ ‫انطــوان غنــدور‪ ،‬د‪ .‬اليــاس الحــاج ‪ ،‬والشــعراء‪ :‬ميشــال جحــا‪ ،‬جــورج شــكور‪ ،‬خليــل زريــق‪ ،‬جــوزف حــرب‪ ،‬ريــاض‬ ‫حــاق‪ ،‬راجــح نعيــم‪.‬‬ ‫وحشد كبير من الفعاليات السياسية‪ ،‬والقضائية‪ ،‬والثقافية واالجتماعية ‪...‬‬ ‫بــدأ الحفــل بالنشــيد الوطنــي اللبنانــي ونشــيد‬ ‫المحاميــن‪ ،‬واســتهلته االعالميــة صونيــا األشــقر‬ ‫بمقدمــة ترحيــب بالضيــوف‪ .‬وكانــت كلمــات لــكل‬ ‫للمحاميــن األســتاذ عصــام‬ ‫مــن النقيــب األســبق ُ‬ ‫كــرم‪ ،‬األديــب جــورج الشــامي‪ ،‬الشــاعر أنطــوان‬ ‫رعــد‪ ،‬رئيــس لجنــة "ر َّواد مــن لبنــان" الفقيــه الدكتــور‬ ‫ميشــال كعــدي‪ ،‬اإلعالميــة مريــم بيضــون‪.‬‬ ‫وألقــى نقيــب المحاميــن األســبق عصــام كــرم كلمـ ًـة‬ ‫قــال فيهــا‪“ :‬ريمــون عــازار الشَّ ــاعر اختال مــع القافية‬ ‫فــي الوجدان ّيــات واإلنســان ّيات وســاور الرومانطيقية‬ ‫مــن دون أن تفو َتــه أشــياء ال ِف ْكــر‪ .‬فكــ َّرم األم وواكــب الزوجــة وحنــا علــى الطفولــة حن ـ ّو ًا رؤوم ـ ًا ‪ ...‬كيــف ُح ُن ـ ُّو‬ ‫المرضعــات علــى الفطيــم! وتط ّلــع إلــى هُ ّويــة الخلــود يق ّلــب جوانــب الشـ ّـك وصــو ًال إلــى واحــة اليقيــن‪”...‬‬ ‫ثــم كانــت كلمــة األديــب جــورج الشــامي‪ ،‬فقــال‪“ :‬لقــد جــا َء شــع ُركَ مرايــا مسـ ً‬ ‫ـكوبة مــن ب ّلــور ٍ شــفيف معتــز ًة بشــموخِ ها‬ ‫تتفجــر حري ُتهــا مــن تح ـ ِ‬ ‫وفراد ِتهــا وال يضي ُرهــا أن تنسـ َ‬ ‫ـاب رقراقـ ًـة كميــا ِه نبـ ٍـع اختــارتْ أن َّ‬ ‫ـذع شــجر ِة جــوز ٍ‬ ‫ت جـ ِ‬ ‫ب ألشــهى‬ ‫الم ّطيـ ِ‬ ‫فــي الجــر ِد العالــي‪ ،‬لهــا طيـ ُـب الجــوز ِ األخضــر‪ ،‬ومنافـ ُـع الجــوز ِ اليابــس‪ ،‬ونكهـ ُـة الجــوز ِ المســحوق‪ُ ،‬‬ ‫الحلويــات‪”...‬‬ ‫‪34‬‬


‫وكانــت كلمـ ًـة للشــاعر أنطــوان رعــد قــال فيهــا‪« :‬ريمــون عــازار يعيــش فــي عالــم نورانــي ويســبح فــي بحيــرات مــن‬ ‫الضــوء المتناهيــة أ ّيــ ًا كان موضــوع شــعره فحبيبتــه زهــرة ّ‬ ‫ّ‬ ‫الضــوء وصوتهــا يغمــر كيانــه بال ّنــور إلــى كونــه صــا ًة‬ ‫وانخطافــ ًا وصــوت نبــي‪”...‬‬ ‫وألقــى رئيــس لجنــة ر َّواد مــن لبنــان الدكتــور ميشــال كعــدي كلمـ ًـة فقــال‪ :‬المحامــي والشَّ ــاع ُر وال َّنا ِثـ ُر الجَ مالـ ُّـي‪ ،‬ريمــون‬ ‫والصـ َو ُر ‪ِ ،‬ل ُ‬ ‫ب الـ َّـذو ِق واألناقـةِ‪َ ،‬و َبراعـ ِة ال َّر ْصــف‪ ،‬فــا َيــدْ ري‬ ‫عــازار‪ ،‬عندمــا‪ ،‬تنط ِلـ ُـق الكلمـ ُ‬ ‫تأخـ َـذ مكا َنهــا فــي مجلــو ِ‬ ‫ـات ُّ‬ ‫ض ال ُتدْ رِ ُكهــا‬ ‫أيــنَ َت ُحـ ُّـط‪َ ،‬و ِهـ َـي بعيــد ٌة ع ـ ِن ال ِعثــارِ ‪ ،‬هَ ــل فــي أروق ـ ِة العــد ِل‪ ،‬أم فــي القوافــي الخليل َّيــة‪ ،‬أم فــي أر ٍ‬ ‫المبـ ِدعُ أبــد ًا‪”...‬‬ ‫األبصــا ُر ‪ ،‬أم فــي مراقــي الكواكـ ِ‬ ‫ب؟ َوهُ ـ َو ُ‬ ‫وألقــت كلمــة المؤسســة اللبنانيــة لإلعــام اإلعالميــة مريــم بيضــون‪ ،‬فقالــت‪ :‬هــذا الشَّ ــاع ُر الكبيـ ُر ‪ ،‬ا َّلــذي أَ َخـ َـذ مكا َنــهُ ‪،‬‬ ‫ب علــى امتدا ِدهــم‪ ،‬أَ َخ َذنــا معــه‪ ،‬لننتــزعَ ِمــن ُترا ِثنــا األصالـ َة‪ ،‬والحــس ونــزف األوتــارِ المشــدود ِة علــى‬ ‫بيــنَ ُشــعرا ِء َ‬ ‫العـ َر ِ‬ ‫ـوط الخليل َّيـةِ‪ ،‬حيـ ُ‬ ‫ت ضوئ َّيـةٍ‪َّ ،‬أمــا األلحــانُ فتهــد ُر فــي‬ ‫والعيــو ِن‪ ،‬والخيـ ِ‬ ‫ـث دنيــا ُه فــي إشــراقا ِ‬ ‫ت ُنــور ٍ ‪ ،‬ومجـ َّرا ٍ‬ ‫األوزا ِن‪ُ ،‬‬ ‫أعمــا ِق الجَ َّوان َّيـةِ‪ ،‬وال ِكيــا ِن‪ ،‬والموســيقى الداخل َّيــة والخارج َّيـةِ‪”.‬‬ ‫وأخيــر ًا‪ ،‬ألقــى المكـ َّرم كلمـ ًـة َشـ َك َر‬ ‫فيهــا الحضــور‪ ،‬فقــال‪ :‬أشــكر‬ ‫"المؤسســة اللبنانيــة لالعــام‪/‬‬ ‫لجنــة ر َّواد مــن لبنــان" علــى هــذا‬ ‫التكريــم وهــل هنــاك مــن ُيم ّثــل‬ ‫الريــادة أكثــر منهــا‪ ،‬ويتماهــى بهــا‪،‬‬ ‫ويضعهــا علــى منــار ٍة لتســتضيء‬ ‫ُ‬ ‫بهــا األجيــال‪ ،‬ولتشــهد أن لبنــان‬ ‫قلــت‬ ‫قــد كان وســيظل‪ ،‬كمــا ُ‬ ‫فــي نشــيد المحاميــن‪" :‬موطــن‬ ‫اإلبــداع‪ ،‬مهــد القيــم"‪...‬‬ ‫وقـ ّـدم رئيــس لجنــة ر َّواد مــن‬ ‫لبنــان الدكتــور ميشــال كعــدي‬ ‫واإلعالميــة مريــم بيضــون درع‬ ‫المكـ َّرم تقديــر ًا ووفــا ًء‬ ‫الــرواد إلــى ُ‬ ‫لجهــو ِد ه‪.‬‬

‫‪35‬‬


‫كــرم َّ‬ ‫الشــاعر احملـامي ناجـي بيضـون‬ ‫هيئـات ثقافيـة ُت ِّ‬ ‫املم َّيـزة يف ِّ‬ ‫تقـدير ًا إلبداعـا ِته ُ‬ ‫الشـعر واألدب والقـانون‬ ‫العربــي‬ ‫ضمــن فعال َّيــات معــرض بيــروت‬ ‫ّ‬ ‫ـت‬ ‫الدولـ ّـي للكتــاب فــي دور ِتــه ال ‪ ،62‬ك َّر َمـ ْ‬ ‫الثقافــي للبنــان‬ ‫دار غوايــات والمجلــس‬ ‫ّ‬ ‫الجنوبــي وجمع َّيــة التنم َّيــة لإلنســان‬ ‫ّ‬ ‫المحامــي‬ ‫ـس‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫والر‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫الفاراب‬ ‫ودار‬ ‫والبيئــة‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫واألديــب الشَّ ــاعر ناجــي بيضــون‪ ،‬بحضــور‬ ‫شــخص َّيات سياســيَّة وقضائ َّيــة ومحاميــن‬ ‫المهتميــن‬ ‫وشــعراء وإعالمييــن و ُنخبــة مــن ُ‬ ‫الثقافــي‪.‬‬ ‫بالشــأن‬ ‫ّ‬ ‫اإلعالمــي عمــاد خليــل‬ ‫اســتهل‬ ‫الوطنــي‬ ‫بعــد النشــيد‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بكلمــة ترحيــب بالضيــوف‪ .‬وكانــت كلمــات لــكل‬ ‫مــن رئيــس مجلــس القضــاء األعلــى فــي لبنــان ســابق ًا‬ ‫الدكتــور غالــب غانــم‪ ،‬الدكتــور حســين صفــي الديــن‪،‬‬ ‫الشَّ ــاعر طــارق آل ناصــر الديــن‪ ،‬والشَّ ــاعرة لورين رســان‬ ‫القــادري‪.‬‬ ‫وألقــى الدكتــور غالــب غانــم كلمـ ًـة قــال فيهــا‪“ :‬أنَّ ل ُلغ ِتنــا‬ ‫العرب َّيــة مهابـ ًـة ال محـ َّـل ل ُنكرا ِنهــا‪ ،‬وال محـ َّـل الســتبدا ِلها‬ ‫محــل‬ ‫باتقــا ِن لســا ٍن آخــر مهمــا ك ُبــ َرت فائدَ ُتــهُ ‪ ،‬وال‬ ‫َّ‬ ‫وواقعــ ِة التســهيل التــي‬ ‫إلهما ِلهــا فــي غمــ َر ِة التســاهُ ل‬ ‫َ‬ ‫ُت ِّ‬ ‫المســتحدثة‪ ..‬هــذه حا ُلنــا‬ ‫وف ُرهــا وســائل التواصــل ُ‬ ‫ـال ذا ُتهــا التــي أوحــت‬ ‫اليــوم مــع ال ُّلغـ ِة العرب َّيــة‪ ،‬إ َّنهــا الحـ ُ‬ ‫لناجــي بيضــون بالنــزو ِل إلــى الميــدان فــي ألفي ِتــ ِه‬ ‫ف‬ ‫ض تجرِبــ ٍة قديمــ ٍة‬ ‫بســاح جديــد بــل بكَّــ ٍ‬ ‫لخــو ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُمخمل َّي ـ ٍة ُتقــدِّ ُم لــك القاعــد َة ال ُّلغو َّيــة علــى شــك ِل زهــر ٍة‬ ‫أو رصيعــ ٍة وأحيانــ ًا علــى شــك ِل انعطافــ ِة خصــر” ‪.‬‬ ‫وتابــع‪“ :‬ال‪ ،‬لــم أ ْن َســها‪ ،‬ولــم ي ْن َســها ناجــي بيضــون‪،‬‬ ‫المبـ ِّرز‪ ،‬واإلنســان الراقــي‪،‬‬ ‫الكاتــب والشَّ ــاعر‪ ،‬والمحامــي ُ‬ ‫ســجالت الصداقــة الحــقّ‬ ‫والمق َّيــد فــي رأس قائمــة ّ‬ ‫ُ‬ ‫والوفــاء‬ ‫ّ‬ ‫األشــف‪ ،‬والــذي اســتطاع أن يجمــع‪ ،‬بســحرِ‬ ‫ســاحر‪ ،‬مــا بيــن الرجــل االجتماعــي األنيــق المتــوازن‬

‫‪36‬‬

‫إعداد‪ :‬مرمي بيضون‬ ‫ـموع الكلمــة‪ ،‬الــذي هــو‬ ‫العصامــي المسـ ِ‬ ‫بالنتيجــة صنيعـ ُـة المجتمــع‪ ،‬أو للمجتمــع‪،‬‬ ‫وال َّرجــل الحا ِلــم الثا ِئــر الطريــف القابــض‬ ‫علــى الحر َّيــة فــي أعلــى ذراهــا‪ ،‬الــذي هــو‬ ‫بالنتيجــة صنيعـ ُـة نفســه‪ .‬لــم ينـ َـس ناجــي‬ ‫تلــك األلف َّيــة‪ .‬ولــم ينـ َـس أ َّنــهُ ‪ ،‬علــى ِغــرار‬ ‫المن َّوريــن وطني ـ ًة وثقاف ـ ًة‪ ،‬مــن أجنــا ِد اللغ ـ ِة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وأي‬ ‫والوطــن‪ .‬فالوطـ ُـن لغــة‪ ،‬واللغــة وطــن‪ُّ ،‬‬ ‫ـال اآلخــر‪ ،‬هكــذا كان آباؤنــا‬ ‫أذى ُيلحَ ــق بأح ِد ِهمــا َيطـ ُ‬ ‫ـال ل ُنكــرا ِن‬ ‫النهضو ّيــون‪ ،‬ومنهــم أفـ ٌ‬ ‫ـواج لبنان َّيــة ال مجـ َ‬ ‫َف ْض ِلهــا‪ .‬اســتطاعوا أن يــذودوا عــن الوط ـ ِن والعروبــة‬ ‫ـردد‬ ‫ِ‬ ‫بأســياف الكلمــة التــي ُك َّلمــا كانــت تصطـ ّـك تتـ َّ‬ ‫أصداؤهــا فــي المشــارق والمغــارب‪”.‬‬ ‫ينســها صديقــي ناجــي بيضــون‪ ،‬فهــا هــو‬ ‫وأضاف‪“:‬لــم َ‬ ‫ٌ‬ ‫عم ُلــهُ ‪ ،‬كمــا يقــول فــي تقدي ِمــه‪ ”:‬منظومــة شــعر َّية فــي‬ ‫قواعــد اللغــة العرب َّيــة‪ .‬وقــد جــاء علــى طريقــة ألف َّيــة ابــن‬ ‫ب جـ َّـذاب‪،‬‬ ‫مالــك‪ ،‬ولكــن ب ُلغ ـ ٍة عصريــة سلســة‪ ،‬وبأســلو ٍ‬ ‫ـث ُي ِّ‬ ‫وإيقــاع َيســهُ ُل تلحي ُنــه وغنــاؤ ُه‪ ،‬بحيـ ُ‬ ‫ـف مــن‬ ‫خفـ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫رهبــ ِة القواعــدْ وجمو ِدهــا‪“ .‬فلقــد جــاء أســلوب ألف َّيــة‬ ‫ناجــي بيضــون العصر َّيــة س ِلسـ ًا‪ ،‬وذا جاذب َّيــات‪ ،‬ومؤهَ ـ ًا‬ ‫للتح ـ ُّول إلــى أغــا ٍن‪”...‬‬ ‫وألقــى الدكتــور حســين صفــي الديــن كلم ـ ًة جــاء فيهــا‪:‬‬ ‫ـرأت بعض ـ ًا مــن مخطوطــات الصديــق ناجــي‬ ‫“حيــن قـ ُ‬ ‫بيضــون منــذ أكثــر مــن عاميــن انتابنــي نوعـ ًا مــن الشــعورِ‬ ‫باإلعجــاب والســعادة ألنَّ أحــد ًا أقــدَ َم ل ُيعيــد صياغــة‬ ‫ب َيســهُ ل قبو ِلهــا‪ .‬وفــي آن‬ ‫ال ُّلغــة العربيــة و ُتقـ َّـدم بأســلو ٍ‬ ‫ع َّلهــا يكــون فيهــا عونـ ًا ُلمع ِّلمــي ال ُّلغــة العرب َّيــة وقواعدهــا‬ ‫فــي ردم الهــوة بينهــم وبين طالبهم وبين ال ُّلغة وطالبيها‬ ‫عبــر جعــل القواعــد مفهومــة وال ُّلغــة قريبــة حرص ـ ًا علــى‬ ‫أن تكــون هيبتهــا ليســت فــي تعقيداتهــا التــي أغلقتهــا‬


‫وبــدأت الشــاعرة لوريــن‬ ‫علــى الفهــم ألنَّ القواعــد‬ ‫رســان القــادري بقصائــد‬ ‫ال ُّلغو َّيــة يجــب أن تكــون‬ ‫ً‬ ‫كلمــة‬ ‫شــعر َّية وألقــت‬ ‫منطقيــة وعقالنيــة وال بــد‬ ‫مــن معرف ِتهــا وإتقا ِنهــا‪.‬‬ ‫قالــت فيهــا‪“ :‬مــا أبعــدْ‬ ‫المحامــاة عــن ِّ‬ ‫الشــعر‬ ‫ويبــدو أنَّ ال ُّلغــة العرب َّيــة‬ ‫أســتاذ ناجــي بيضــون‪،‬‬ ‫لهــا خصوصيتهــا‪ .‬فــا‬ ‫فالمحامــي ُيرا ِفــع و ُيدا ِفــع‬ ‫مقدســة علــى هــذا‬ ‫ُلغــة َّ‬ ‫ُ‬ ‫المتَّهَ ــم ل ُيدي َنــهُ أو‬ ‫الكوكــب َّإل ال ُّلغــة العرب َّية‪،‬‬ ‫عــن ُ‬ ‫ل ُيخرِجَ ــهُ بريئـ ًا‪َّ .‬أمــا ِّ‬ ‫الشــعر‬ ‫وخصوصيــة ال ُّلغــة جعلــت‬ ‫المحامــي فإ َّنــهُ‬ ‫منهــا ثابتـ ًا ال يتغ َّير مع أي‬ ‫يــا س ـيِّدي ُ‬ ‫اتهــام‬ ‫ظــرف مــن الظــروف‪”...‬‬ ‫ُيدخِ ُلـ َـك إلــى دائــرة َّ‬ ‫التزمـ َ‬ ‫ـت قصيــد ًة‬ ‫أل َّنـ َـك‬ ‫ْ‬ ‫تقــدم‬ ‫وتابــع‪“ :‬مــا‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫وأض ْفـ َ‬ ‫ـت زهــرة ِح ْب ـرٍ إلــى‬ ‫َ‬ ‫المكرّمْ الدكتور ناجي بيضون يتوسط لويس الحايك واإلعالمية مريم بيضون‬ ‫باختصــار ُيعطــي أللف َّيــة‬ ‫حديقــة الــروح وفتحــت‬ ‫ً‬ ‫قيمــة‬ ‫ناجــي بيضــون‬ ‫نافــذ ًة علــى المــدى وأضــأت قمــر ًا وأوقــدْ َت حَ ْرف ـ ًا‪...‬‬ ‫إضاف َّيــ ًة‪ ،‬فهــو لــم يأخــذ محــل هــذه الصعوبــات‬ ‫الم ـرِ ْح فــي‬ ‫المحَ َّب َبــة والتهَ ُّكــم َ‬ ‫الســخر َّية ُ‬ ‫والتناقضــات علــى مســتوى قواعــد ال ُّلغــة كذريعــ ٍة فأســلوب ُّ‬ ‫والمســجِّ عة يبــدو‬ ‫رصعــة ُ‬ ‫لالبتعــاد واالكتفــاء بالتوصيــف الســلبي‪ .‬كمــا أعتقــد قصائــ ِد ِه وكتابا ِت ـ ِه ال َّنثر َّيــة ُ‬ ‫الم َّ‬ ‫واضح ـ ًا ُيل ِب ُســها ثوب ـ ًا زاهي ـ ًا‪”..‬‬ ‫ِ‬ ‫أنَّ ذلــك ُيشــ ِّكل حافــز ًا للدخــول فــي هــذه التجربــة‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫الصعبــة‬ ‫وأعتقــد أيضــ ًا أنَّ هــذه األلف َّيــة ُمبتكــرة فــي أســلو ِبها وأضافــت‪ُ “ :‬تعتبــر اللغــة العرب َّيــة مــن اللغــات َّ‬ ‫والجافــة التــي ال يستسـ ُ‬ ‫المتع ِّلــم وقــد اســتطاع‬ ‫عرضهــا لقواعــد ال ُّلغــة فيبــدأ بالتعريــف وينتهــي‬ ‫وطريقــة ِ‬ ‫ـيغها ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫هتميــن باللغــة وقوا ِع ِدهــا نظــم‬ ‫الم ِّ‬ ‫بأمثــال بأبيــا ِ‬ ‫الممت ِنــع جعــل عــددٌ ال بــأس بــه مــن ُ‬ ‫الســهل ُ‬ ‫ت شــعر‪ ،‬وهــذا َّ‬ ‫َ‬ ‫أهمهــا ألفيــة ابــن‬ ‫مــن فهـ ِـم القواعــد ســه ًال وق َّر َبــهُ إلــى القل ـ ِ‬ ‫ب َوم َنــعَ علــى هــذه القواعــد فــي قوالـ َـب شــعر َّية ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ت مــن الشــعر‪ ،‬تح ِمـ ُـل‬ ‫المغ َّنــى جعــل قواعــد اللغــة مجــا ًال مالــك التــي تتضمــن ثمانمئــة بيـ ٍ‬ ‫قراء ِتهــا الملــل‪ِ .‬شـ ْـع ُره ُ‬ ‫ب ال ُي َّعــدُ ســه ًال‪.‬‬ ‫للفــرح”‪.‬‬ ‫َ‬ ‫عالم ِتهــا قواعــدَ ال ُّلغــة العرب َّيــة بأســلو ٍ‬ ‫َّأمــا فــي عصرِنــا فقــد حــذا ابـ ُـن بيضــون حــذو ابـ ِن مالــك‬ ‫وألقــى الشَّ ــاعر طــارق آل ناصــر الديــن كلمـ ًة قــال فيهــا‪:‬‬ ‫نفســها سـ َّـماه األلف َّيــة العصر َّيــة‬ ‫“هــا هــو ناجــي أمام ُكــم رجــل أعمــال ناجــح‪ ،‬محــام ووضــع ديوان ـ ًا للغاي ـ ِة ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫أغنيــة‬ ‫ُ ٍ فــي قواعــد ال ُّلغــة العرب َّيــة‪ ،‬وهــو عبــار ٌة عــن ‪٦٦‬‬ ‫همــات‬ ‫مشــهور‪َ ،‬ر ُّب أســرة ُمم َّيــزة‪ .‬ولكــن كل هــذه ُ‬ ‫الم َّ‬ ‫والمع ِّلميــن‬ ‫الصــرف وال َّنحــو ُيقــدِّ م للدارســين ُ‬ ‫لــم تســتطع أن تنــال مــن الشَّ ــاعر األصيــل الكامــن لتَع ُّلــم َّ‬ ‫ـق مــن غنــا ْء‪ .‬و ُيعتبــر‬ ‫والمتعلميــن والراغبيــن علــى طبـ ٍ‬ ‫فيه”‪.‬وتابــع‪“ :‬تصــ َّوروا شــاعر ًا ُيعيــدُ كتابــة ألف َّيــة ابــن هــذا العمــل بشــهادة ال ُّنقــاد والدارســين عم ـ ًا إبداعيــاً‬ ‫مالــك شــعر ًا عصري ـ ًا وقبــل أن ينتهــي مــن هــذا العمــل‬ ‫ال نظيــر لــه‪ ،‬ومــا زاد الكتــاب ُيســر ًا هــو ‪ُ CD‬مرفــق عليــه‬ ‫المرهَ ــق يبــدأ رحلـ ًـة ُمعاكســة مــع حفيد ِتــه صوفــي‬ ‫الجــاد ُ‬ ‫َّ‬ ‫المبــدع أحمــد قعبــور‪”...‬‬ ‫بشــعر لألطفــال رائــع وجديــد دون أن يت َ​َخ َّلــى عــن أُغنيــات لح َّنهــا الف َّنــان ُ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ــت‪“ :‬شــكر ًا لــك أســتاذ ناجــي بيضــون‪ ،‬شــاعراً‬ ‫والمم َّيــزة وهــي ِّ‬ ‫الشــع ُر َّ‬ ‫الظامــي‪ ”..‬وخت َ​َم ْ‬ ‫مو ِه َب ِتــ ِه األساســيَّة ُ‬

‫‪37‬‬


‫معرض بريوت‬ ‫العربي الدويل‬ ‫للكتــاب‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وض ْع َ‬ ‫المحامــي‬ ‫ــت‬ ‫صولجــان ُ‬ ‫وتق َّلــدْ َت القصيــدة‪”...‬‬ ‫المكـ َّرم المحامــي الشَّ ــاعر‬ ‫ُثـ َّـم تك َّلــم ُ‬ ‫ناجــي بيضــون‪ ،‬حيـ ُ‬ ‫ـث قــال‪:‬‬ ‫ثــل‬ ‫“أصعــب أمــرٍ هــو أن تشــ ُك َر ِم َ‬ ‫ُ‬ ‫هــذه الكوكبــة الرائعــة من األصدقاء‬ ‫الذيــن تك َّلمــوا ع ِّنــي وأعطونــي ُربَّمــا‬ ‫لويس الحايك مع زمالئه القدامى في جريدة الخليج اإلماراتية ويبدو الى يساره األستاذ حسين‬ ‫ـتطيع‬ ‫أكثــر مــا أســتحق‪ُ .‬ربَّمــا ال أسـ ُ‬ ‫حمية مندوب الجريدة في لبنان‬ ‫أن أ ُر َّد لهــم مــن البالغــ ِة وجمــا ِل‬ ‫الصــدق‪َ ،‬فتَح َّيــة‬ ‫التعبيــر وجمــال ِّ‬ ‫المك ِّرميــن وجميــع األصدقــاء‪ ..‬وتح َّيــة كبيــرة إلــى الفنــان الكبيــر الصديــق أحمــد قعبــور‪.‬‬ ‫إلــى ُ‬ ‫أردت أن ال ُتدركنــي َ‬ ‫حرفـ ُـة األدب‪،‬‬ ‫ف خاصــة ُ‬ ‫وتابــع بيضــون‪“ :‬بـ ُ‬ ‫ـدأت أك ُتــب الشــعر منــذ عمــر ‪ 12‬ســنة‪ ،‬ولك َّننــي لظــرو ٍ‬ ‫وبعــد فتــرة طويلــة مــن الزمــن كتبـ ُـت ِّ‬ ‫الســاخر وال َّنقــد فــي أوقــات الفــراغ‪ ،‬إلــى أن تراكمــت أوراقـ ًا كثيــرة جعلـ ُـت‬ ‫الشــعر َّ‬ ‫منهــم ديــوان قصائد ســاخرة‪”...‬‬ ‫جســد اإلنتقــال مــن العصــر‬ ‫ُثـ َّـم َتلــى بيضــون مجموعــة مــن قصائــد األلف َّيــة‪ ،‬باإلضافــة إلــى قصيدتيــن مــن تألي ِفـ ِه ُت ِّ‬ ‫القديــم إلــى العصــر الــذي ُ‬ ‫نعيشــهُ اليــوم‪.‬‬

‫‪38‬‬


‫جسد العصر الحديث‪:‬‬ ‫القصيدة األولى ُت ِّ‬ ‫دون كيش ــوت يبـحَ ُ‬ ‫ـث عــن مـوبـايـ ـ ــل‪.‬‬

‫جس ـِد العصر القديم‪:‬‬ ‫القصيدة الثانية ُت ّ‬ ‫ت األصيـ ــل‪.‬‬ ‫عـلى عتبــا ِ‬

‫مح‬ ‫أحْ مِلُ َق َلم ًا ِم ْثلَ ال ُّر ْ‬ ‫رس‬ ‫ودَ ْف َت َر ِشعرٍ مِثلَ ال ِت ْ‬ ‫ت‬ ‫أشعُ ر ِّأني دون كيشو ٍ‬ ‫اليوم وبينَ‬ ‫األمس‬ ‫ض َّيع عُ مر ًا بين‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫س حينَ تو َّغلَ‬ ‫أشع ُر ِّأني ِم ْثلَ الفار ِ‬ ‫ْ‬ ‫حكاية‬ ‫في أرجا ِء‬ ‫أشباح‬ ‫َف َّت َش فيها عن‬ ‫ٍ‬ ‫َظ َّل ُيف ِّت ُش حتى َصا َر‬ ‫ِح ْ‬ ‫كاية‬ ‫أشعُ ُر ِّأني أ ْبحَ ُث بين زوايا العُ م ْر‬ ‫ب َش َغلوا ُك َّل زوايا العمر‬ ‫عن أصحا ٍ‬ ‫وغابوا‬ ‫في المقهى أتك َّومُ وحدي في زاوي ٍة‬ ‫س‬ ‫ِمثل الفار ِ‬ ‫األمس‬ ‫ض َّيع عُ مر ًا بين‬ ‫اليوم وبين ْ‬ ‫ِ‬ ‫يمر ُّ‬ ‫يمر ال َّليلْ‬ ‫الظه ُر ‪ُّ ،‬‬ ‫الصبحُ ‪ُّ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫يمر ُّ‬ ‫رب المقهى‪،‬‬ ‫ال ألمَ حُ ُقربي‪ ،‬ال ألمَ حُ ُق َ‬ ‫ال ألمَ حُ َ‬ ‫ت‬ ‫فوق ُّ‬ ‫الطرُقا ِ‬ ‫السيلْ‬ ‫س ِمثل َّ‬ ‫ال ألمَ حُ غير رؤو ٍ‬ ‫ت الموبايل‬ ‫تتك َّومُ مثل‬ ‫األشباح على شاشا ِ‬ ‫ِ‬

‫ت األصيلْ‬ ‫أراني على عتبا ِ‬ ‫ْ‬ ‫األوان‬ ‫ت‬ ‫وقبلَ فوا ِ‬ ‫أراني وبعدَ مَ سيرٍ طويلْ‬ ‫ْ‬ ‫الزمان‬ ‫أُحاولُ َخ ْر َق ِجدارِ‬ ‫أراني أسا ِف ُر عبر صباكي الجميل‬ ‫اتجا ِه الرِّياحْ‬ ‫س َّ‬ ‫بعك ِ‬ ‫ت األصيلْ‬ ‫أراني أغا ِد ُر عمر ًا على عتبا ِ‬ ‫الصباحْ‬ ‫ِلكي أسترِّدَ َّ‬ ‫ك‬ ‫ولكنَّ ما بين جيلي وجيل ِ‬ ‫يكمنُ جيل‬ ‫يحُّ ث الخطى ويَخافُ الوصولْ‬ ‫وعمرك‬ ‫ولكنَّ ما بين عمري‬ ‫ِ‬ ‫عمر ًا يضيعُ وعمر ًا يطولْ‬ ‫ك‬ ‫أأَحمِلُ ُك َّل همومي إلي ِ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫أأَحمِلُ طفلي الذي ال‬ ‫يشيخ إلي ِ‬ ‫أأَحمِلُ طف ًال تآمَ َر مع عمرِ ِه واختفى‬ ‫وأخفى عن الزم ِن َّ‬ ‫الضحْ ِل ألعا َب ُه‬ ‫ك‬ ‫ليأتي إلي ِ‬ ‫ليلعَ َب مع عُ مرِ ِك الطفل‬ ‫لعبة جي ٍل تجاوز جيلْ‬

‫وتلــى المناســبة توقيــع كتــاب‪ :‬ناجــي بيضــون ‪ -‬آراء ونصــوص فــي تجربتــه األدبيــة مــن إعــداد الشــاعر‬ ‫واألديــب علــي ســــــرور‪.‬‬

‫‪39‬‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عصام الدين فتوح‬ ‫أستاذ األدب – قسم اللغة اإلجنليزية وآدابها‬ ‫كلية اآلداب – جامعة اإلسكندرية‬

‫يكتب عن‬

‫يحكى أن ‪...‬‬ ‫تبرمــت حيوانــات مزرعــة مســتر جونــز‪ ،‬مــن الظلــم‬ ‫والقهــر الــذي مارســه الطاغية العربيــد‪ ،‬مالك المزرعة‬ ‫عليهــا‪ ،‬وســيطرته المطلقــة علــى جميــع الحيوانــات‪،‬‬ ‫فحــرم الدواجــن مــن بيضهــا‪ ،‬واألبقــار مــن ألبانهــا‪،‬‬ ‫وامعــن فــي تســخير الخيــول والحميــر إلــى أقصــى‬ ‫طاقاتهــا‪ .‬وبذلــك كان قــد حــرم الحيوانــات جميعـ ًا‬ ‫مــن أيــة حقــوق أو اســتحقاقات ‪...‬‬ ‫وحيــن يســتفحل الظلــم ويصــل إلــى الــذروة‪ ،‬تصبــح‬ ‫الثــورة حتميــة‪ ،‬وال مفــر منهــا‪.‬‬ ‫اجتمعــت الحيوانــات الغاضبــة فــي مظاهــرة عارمــة‪،‬‬ ‫ســرعان مــا تحولــت إلــى ثــورة‪ ،‬بإلهــام مــن الخنزيــر‬ ‫الحكيــم مايجــور العجــوز‪ ،‬م ّنظــر الثــورة ومفكرهــا‪.‬‬ ‫وتولــى الخنزيــران ســنوبول ونابليــون قيــادة‬ ‫الحيوانــات‪ ،‬بعــد وفــاة ميجــور العجــوز‪ ،‬وإعدادهــا‬ ‫لثــورة عارمــة شــعارها االســتقالل التــام أو المــوت‬ ‫الــزؤام‪ .‬وكان الخــاص مــن المســتبد جونــز وأقرانــه‬ ‫هــدف الثــورة األول‪ ،‬فقامــوا بطردهــم بــا رجعــة‬ ‫مــن المزرعــة‪ ،‬التــي أطلقــوا عليهــا بعــد نجــاح الثــورة‬ ‫"مزرعــة الحيــوان"‪.‬‬ ‫اتفــق الثــوار علــى ســبعة مبــادئ‪ ،‬جعلــوا منهــا دســتور‬ ‫جمهوريتهــم الوليــدة‪ ،‬لعــل أهمهــا "كل الحيوانــات‬ ‫متســاوون فــي الحقــوق والواجبــات"‪ .‬ظهــرت‪ ،‬اثــر‬ ‫الثــورة‪ ،‬أولــى ثمراتهــا مــن االســتقرار واالنتعــاش‬ ‫االقتصــادي‪ ،‬ووفــرة الطعــام لجميــع الحيوانــات‪.‬‬ ‫وبــدأت الحيوانــات فــي توزيــع المهام والمســئوليات‬ ‫علــى بعضهــا البعــض‪.‬‬ ‫لــم ينعــم الثــوار بمكاســب ثورتهــم طويـ ًا‪ ،‬فتعرضت‬ ‫المزرعــة لجيــوش الثــورة المضــادة بقيــادة جونــز‬

‫‪40‬‬

‫ربيع احليوان‬

‫وفلــول النظــام الســابق‪ ،‬وانضــم إلــى جونــز جيرانــه‬ ‫مــن مــاك المــزارع المجــاورة‪ ،‬الذيــن رأوا فــي‬ ‫الثــورة تهديــد ًا لمصالحهــم‪ ،‬واحتمــال أن تقتــدي‬ ‫الحيوانــات بمزارعهــم بحيوانــات مزرعــة جونــز‪.‬‬ ‫فوجــئ دعــاة الثــورة المضــادة بكميــن أعــده لهــم‬ ‫الحيوانــات بقيــادة ســنوبول‪ ،‬وألحقــوا بهــم هزيمــة‬ ‫منكــرة‪ ،‬صاحبهــا ازديــاد فــي شــعبية ســنوبول‪ ،‬الــذي‬ ‫أعلــن تاريــخ النصــر علــى الثــورة المضــادة عيــد ًا‬ ‫قومي ـ ًا لمزرعــة الحيــوان‪.‬‬ ‫تطــورت الصداقــة والتعــاون بيــن ســنوبول ونابليون‬ ‫إلــى صــراع مــن أجــل الســلطة‪ ،‬ومــا كان مــن‬ ‫نابليــون إال أن عــزل ســنوبول وطــرده مــن المزرعــة‪.‬‬ ‫وقــام نابليــون بتربيــة مجموعــة مــن صغــار الــكالب‬ ‫فــي مــكان ســري لديــه‪ ،‬وتولــى تغذيتهــا وامدادهــا‬ ‫بالحليــب والطيــب مــن المــأكل والمشــرب‪ ،‬فــي‬ ‫ســبيل طاعتهــا العميــاء ووالئهــا الكامــل لــه‪.‬‬ ‫قامــت كالب الســلطة‪ ،‬بأوامــر ســيدها‪ ،‬بمالحقــة‬ ‫ســنوبول وطــرده‪ ،‬بعــد أن كان قــد أعلــن أنــه ينتــوي‬ ‫بنــاء طاحونــة لخدمــة المزرعــة‪ .‬ويبــدأ نابليــون‪،‬‬ ‫بعــد أن آلــت إليــه الســلطة المطلقــة علــى المزرعــة‪،‬‬ ‫بتعييــن لجنــة مــن الخنازيــر إلدارتهــا‪ ،‬ويعلــن أن‬ ‫فكــرة بنــاء الطاحونــة مــن بنــات أفــكاره‪ .‬ومــع‬ ‫انصيــاع الحيوانــات للحاكــم العســكري الجديــد‪،‬‬ ‫مفجــر الثــورة‪ ،‬وجــدت نفســها تعمــل بجهــد وكــد‬ ‫أكثــر مــن ذي قبــل‪ ،‬فيمــا ازدادت ثــروة الحاكــم‪،‬‬ ‫وتمكــن الطاغيــة مــن اقتنــاء الشــراب‪ ،‬والعيــش فــي‬ ‫رفاهيــة أتاحتهــا مكاســب المزرعــة واالغــداق علــى‬ ‫حاشــيته‪ .‬وبالتزامــن مــع جــو الرعــب الــذي أشــاعته‬ ‫كالب نابليــون فــي المزرعــة‪ ،‬قــد تــم تعييــن الخنزير‬


‫ســكويلر‪ ،‬مســئو ًال عــن اإلعــام‪ .‬ولعــل أهــم مهــام‬ ‫وظيفــة ســكويلر الجديــدة كان تمجيــد انجــازات‬ ‫القائــد الملهــم نابليــون مــن جهــة‪ ،‬وتلفيــق تهــم‬ ‫الخيانــة والعمالــة ألي حيــوان معــارض مــن جهــة‬ ‫أخــرى‪ ،‬وقــد اختــص ســكويلر المنشــق ســنوبول‪،‬‬ ‫ووصمــه بالخائــن األعظــم‪ ،‬والمخــرب اإلرهابــي‪،‬‬ ‫والمســئول عن فشــل مشــروع الطاحونة‪ ،‬والمســئول‬ ‫األوحــد عــن أيــة قالقــل أو اشــاعات تنتقــد الزعيــم‬ ‫األوحــد‪.‬‬ ‫وتتعــرض المزرعــة لهجــوم آخــر‪ ،‬اســتخدمت فيــه‬ ‫أســلحة أكثــر فتــك ًا مــن ذي قبل‪ .‬تنتصــر الحيوانات‬ ‫علــى هــذا التحــدي الجديــد‪ ،‬ولكنهــا تدفــع الثمــن‬ ‫باهظـ ًا‪ ،‬فقــد مــات فــي ســبيل الدفــاع عــن مزرعتهــم‬ ‫الكثيــر مــن الرعيــل األول مــن الثــوار‪ ،‬كمــا يصــاب‬ ‫الحصــان بوكســر‪ ،‬الفــرس المغــوار‪ ،‬الــذي طالمــا‬ ‫ســاهم فــي بنــاء المجتمــع الجديــد بســواعده‪ ،‬وينقل‬ ‫ســريع ًا إلــى مــا أطلــق عليــه بــوق النظــام‪ ،‬ســكويلر‪،‬‬ ‫مستشــفى لعالجــه‪ ،‬واســترداد عافيتــه‪ ،‬إال أن‬ ‫همســات انتشــرت بــأن جثمانــه قــد تــم بيعــه بعــد‬ ‫قتلــه‪ .‬فيخــرج ســكويلر علــى الحيوانــات معلن ـ ًا أن‬ ‫مــا تلوكــه األلســن إنمــا إشــاعات مغرضــة‪ ،‬ومحــض‬ ‫افتــراءات كاذبــة‪ ،‬ينشــرها أعــداء المزرعــة الخونــة‪،‬‬ ‫مــن أمثــال ســنوبول‪.‬‬ ‫ويالحــظ الحيوانــات أوجــه التشــابه المتناميــة بيــن‬ ‫النظاميــن الحالــي والماضــي‪ ،‬فيــرون فــي نابليــون‬ ‫صــورة مــن المالــك القديــم‪ ،‬الســيد جونــز‪ ،‬بــل‬ ‫وســرعان مــا تــدرك الحيوانــات أنهــا لــم تعــد قــادرة‬ ‫علــى التمييــز مــا بيــن مســتبد وآخــر‪.‬‬ ‫ملحوظة‬

‫في ترجمته لعنوان الرواية‪ ،‬م ّر قلم الدكتور عصام بعفوية‬ ‫سليمة لم تكن ألبعادها ما ُي ِّخل أو يسيئ للحيوان‬

‫‪Eric Arthur Blair (25 June 1903 – 21 January 1950),‬‬ ‫‪better known by his pen name George Orwell,‬‬

‫بــدأ أورويــل روايتــه فــي عــام ‪ ،1943‬وبعــد عودتــه مــن‬ ‫الحــرب األهليــة فــي أســبانيا‪ ،‬منتقــد ًا مــا آلــت إليــه‬ ‫الثــورة البلشــوفية بتولــي ســتالين مقاليــد الحكــم‬ ‫بعــد لينيــن‪ ،‬واقصائــه لمنافســه الثــوري تروتســكي‪،‬‬ ‫واقامــة دولــة شــمولية تنتهــج القمــع أدا ًة للســلطة‪،‬‬ ‫يصحبهــا آلــة دعائيــة ضخمــة‪ ،‬ومحاولــة لعــزل‬ ‫الدولــة عــن العالــم‪ ،‬أو أي مصــدر مغايــر لألخبــار‬ ‫والمعلومــات‪.‬‬ ‫يعلــق أورويــل عــن مصــدر إلهامــه تلــك الروايــة‪ ،‬التــي‬ ‫كتــب لهــا أن تصبــح مــن الكالســيكيات فــي األدب‬ ‫العالمــي‪ ،‬رؤيتــه لصبــي ال يتجــاوز العاشــرة‪ ،‬يقــود‬ ‫عربــة يجرهــا حصــان‪ ،‬فــي طريــق ضيــق غيــر معبــد‪،‬‬

‫‪41‬‬


‫رواية "مزرع‬ ‫بقســوة تمثلــت فــي جلــده للحصــان كلمــا أبطــأ‪:‬‬ ‫"وقــد خطــر لــي حينــذاك لــو أن تلــك الحيوانــات‬ ‫كانــت واعيــة بقوتهــا وقدراتهــا‪ ،‬لفقدنــا القــدرة‬ ‫للســيطرة عليهــا‪ ،‬وأن اإلنســان يســتغل الحيــوان‬ ‫بنفــس الطريقــة التــي يســتغل بهــا األغنيــاء الطبقــة‬ ‫العاملــة"‪.‬‬ ‫وقــد وصــف أورويــل الروايــة بأنهــا أول األعمــال‬ ‫التــي حــاول فيهــا بوعــي كامــل أن يدمــج الهــدف‬ ‫السياســي بالهــدف الفنــي فــي وحــدة عضويــة‬ ‫واحــدة‪ .‬وال شــك أن الروايــة بتهكمهــا الــاذع لتطور‬ ‫ثــورة روســيا البلشــفية‪ ،‬تعــد انعكاسـ ًا للمــرارة وخيبــة‬ ‫أملــه بعــد تجربتــه المريــرة فــي الحــرب األهليــة فــي‬ ‫أســبانيا‪ ،‬وانتصــار قــوى الفاشــية‪ ،‬ونجــاح الجنــرال‬ ‫فرانكــو فــي الوصــول إلــى ســدة الحكــم‪.‬‬ ‫ولعــل أهــم مــا يميــز أورويــل كاتب ـ ًا ومثقف ـ ًا‪ ،‬هــو‬ ‫انتمائــه لتلــك الطبقــة النــادرة مــن المثقفيــن التــي‬ ‫أطلــق عليهــا المفكــر السياســي اإليطالــي جرامشــي‬ ‫لقــب "المثقــف العضــوي" ‪،Organic Intellectual‬‬ ‫ويعــرف جرامشــي المفكــر العضــوي بأنــه ذلــك‬ ‫المفكــر الثــوري الــذي يتصــدى للفكــر المهيمــن‬ ‫المســيطر علــى الطبقــات الكادحــة والعاملــة بغــرض‬ ‫جعلهــا أكثــر سالســة وتقب ـ ًا للهيمنــة المفروضــة‬ ‫عليهــا بواســطة مســتغليها المتحكميــن في معيشــتها‬ ‫وأقدارهــا‪.‬‬ ‫وجــورج أورويــل هــو االســم المســتعار إليريــك‬ ‫بليــر (‪ ،)1950 – 1903‬الــذي يعــد مــن أهــم كاتبــي‬ ‫المقــاالت اإلنجليزيــة فــي القــرن العشــرين‪ ،‬والــذي‬ ‫شــملت أعمالــه الروايــة‪ ،‬والنقــد األدبــي‪ ،‬والصحافــة‬ ‫االســتقصائية‪ ،‬والمقــاالت‪ .‬ولــم يتمكــن أورويــل من‬ ‫اســتكمال دراســته الجامعيــة بســبب ضيــق ذات‬ ‫اليــد‪ ،‬فالتحــق كبديــل بكليــة الشــرطة‪ ،‬وبــدأ حياتــه‬ ‫العمليــة كرجــل أمــن بالمســتعمرات‪ .‬وفــي بورمــا‪،‬‬ ‫علــى وجــه التحديــد‪ ،‬بــدأ يــدرك األوجــه الســلبية‬ ‫والقبيحــة للسياســات االســتعمارية‪ ،‬بعــد أن رأى‬ ‫جانــب انجلتــرا المظلــم المتمثــل فــي كونهــا دولــة‬

‫‪42‬‬

‫مســتعمرة‪ .‬واعتبــر الكاتــب نفســه محظوظــ ًا‪ ،‬إذ‬ ‫اتيحــت لــه العــودة إلــى الوطــن فــي اجــازة صحيــة‬ ‫لالســتقالة مــن جهــاز الشــرطة‪ ،‬واتخــاذه الكتابــة‬ ‫كمهنــة رئيســية تتيــح لــه الدفــاع عن حقــوق الفقراء‪،‬‬ ‫ودراســة أحوالهــم المعيشــية والصحيــة عــن كثــب‪،‬‬ ‫عــن طريــق التنكــر‪ ،‬واشــتغاله بأعمــال وضيعــة مثــل‬ ‫الخدمــة فــي المنــازل‪ ،‬وغســيل األطبــاق‪ ،‬وســكناه‬ ‫مــع عمــال المناجــم‪ ،‬بــل ومحاولتــه لقضــاء ليلــة‬ ‫عيــد الميــاد بأحــد الســجون‪ .‬ومــن الطريــف أن‬ ‫مقــاالت الكاتــب ومغامراتــه جعلــت منــه هدفــ ًا‬ ‫ألجهــزة األمــن‪ ،‬التــي وضعتــه تحــت المراقبــة‬ ‫لســنوات‪.‬‬ ‫آمــن أورويــل إيمان ـ ًا ال يتزعــزع باالشــتراكية‬ ‫الديمقراطيــة‪ ،‬إال أنــه أظهــر تحفظـ ًا تجــاه األحــزاب‬ ‫الشــيوعية‪ ،‬وخاصــة بعــد أن اســتفرد ســتالين‬ ‫بالحكــم فــي روســيا‪ ،‬ومــا صاحــب تلــك الحقبــة مــن‬ ‫كبــت للحريــات واســتهداف للثورييــن الحقيقييــن‪،‬‬ ‫والكــذب عالنيــة علــى الشــعب مــن خــال أبــواق‬ ‫إعالميــة ضخمــة ومواليــة لنظــام حكمــه المســتبد‪.‬‬ ‫قــرر أورويــل المجازفــة بحياتــه فــي ســبيل المبــادئ‬ ‫التــي آمــن بهــا‪ ،‬فرحــل إلــى أســبانيا للمشــاركة‬ ‫كمناضــل وكاتــب‪ ،‬إلــى جانــب القــوى الديمقراطيــة‬ ‫المعاديــة لفرانكــو‪ .‬ضــاق أورويــل ذرعــ ًا بتشــرذم‬ ‫حركــة المقاومــة وتفتتهــا مــن ناحيــة‪ ،‬وتحالــف‬ ‫الفاشــية الممثلــة فــي فرانكــو‪ ،‬مــع الممثــل الرســمي‬ ‫للدولــة الشــيوعية ســتالين‪ ،‬مــن ناحيــة أخــرى‪ ،‬وقــد‬ ‫تمكــن أورويــل مــن الفــرار مــن هــذا الجــو المحمــوم‪،‬‬ ‫بعــد أن أصيــب بطلقــة مــن قنــاص كادت أن‬ ‫تــودي بحياتــه‪ ،‬وكانــت لهــذه التجربــة آثــار ًا نفســية‬ ‫وأدبيــة‪ ،‬لعــل أهمهــا مزرعــة الحيــوان‪ ،‬ورائعتــه التــي‬ ‫ترجمــت إلــى أغلــب لغــات العالــم‪ ،‬روايــة ‪.1984‬‬ ‫ولعــل ‪ 1984‬أهــم روايــة سياســية ُك ِتبــت باللغــة‬ ‫اإلنجليزيــة‪ ،‬بــل وفــي العالــم أجمــع‪ ،‬خــال القــرن‬ ‫العشــرين‪ .‬والروايــة تصنــف نقدي ـ ًا بأنهــا روايــة‬ ‫ديســتوبية (المدينــة الفاســدة)‪ ،‬بعكــس المدينــة‬


‫عة احليوان"‬ ‫الفاضلــة‪ ،‬وقــد اختــار أورويــل "آخــر رجل فــي أوروبا"‬ ‫عنوان ـ ًا أصلي ـ ًا لهــا‪ ،‬ليعكــس نظرتــه المســتقبلية‬ ‫التشــاؤمية‪ ،‬حيــث رأى فــي انتصــار قوى االســتبداد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ممثلة في روســيا ســتالين‪،‬‬ ‫وظهور الدولة الشــمولية‪،‬‬ ‫خطــر ًا حقيقيـ ًا يهــدد اإلنســانية‪ .‬وال شــك أن هــذه‬ ‫النظــرة المســتقبلية المتشــائمة وليــدة متابعــة‬ ‫أورويــل الحثيثــة لمجريــات الحربيــن العالميتيــن‪،‬‬ ‫وهزيمــة القــوى الثوريــة الســاعية لتحقيــق دولــة‬ ‫العــدل والديمقراطيــة‪ ،‬وعــدم قــدرة الثــورات الوليدة‬ ‫علــى تبنــي االشــتراكية الديمقراطيــة‪ ،‬كمبــدأ عــام‬ ‫حيــوي الزدهــار الفــرد فــي دولــة تصــون حقوقــه‪،‬‬ ‫وتحمــي مكتســباته‪.‬‬ ‫وانتهــى أورويــل مــن كتابــة الروايــة فــي عــام ‪،1948‬‬ ‫واتفــق مــع ناشــره علــى اطــاق "‪ "1984‬عنوان ـ ًا لهــذا‬ ‫العمــل الفريــد‪ ،‬كصرخــة انــذار وتحذيــر لشــعوب‬ ‫العالــم أجمــع للخطــر الحقيقــي الــذي يتهددهــا‬ ‫جميع ـ ًا‪.‬‬ ‫تقــع أحــداث الروايــة فــي ‪ ،Airstrip1‬المعروفة ســابق ًا‬ ‫ببريطانيــا العظمــى‪ ،‬احــدى واليــات ‪،Oceania‬‬ ‫الدولــة العظمــى‪ ،‬التــي تجــد نفســها فــي حــرب ال‬ ‫تنتهــي مــع القوتيــن العظمييــن األخرييــن ‪ Eurasia‬و‬ ‫‪ ،Eastasia‬وهــي حــرب أجمعــت القــوى العظمــى على‬ ‫أال تضــع أوزارهــا أبــد ًا‪ ،‬وتتغيــر تحالفــات ‪Oceania‬‬ ‫مــع احــدى القوتيــن األخرييــن فــي مواجهــة الثالثــة‪،‬‬ ‫لضمــان اســتمرار حالــة الحــرب‪ ،‬التــي ال نهايــة لهــا‬ ‫فــي األفــق المنظــور‪.‬‬ ‫وســكان ‪ Oceania‬جميع ـ ًا ضحايــا لتلــك الحــرب‬ ‫الدائمــة وتدهــور مســتوى المعيشــة‪ ،‬وســط الخــراب‬ ‫الــذي خلفتــه الحــرب العالميــة األخيــرة‪ ،‬والســلطة‬ ‫الحاكمــة المســيطرة علــى مقاليــد األمــور بيــد األخ‬ ‫الكبيــر‪ ،‬وهــو شــخصية غامضــة نتعــرف عليــه مــن‬ ‫خــال بياناتــه وخطبــه‪ ،‬وصــوره المنتشــرة علــى‬ ‫امتــداد البصــر‪.‬‬ ‫ويتكــون المجتمــع فــي ‪ Oceania‬من ثالث طبقات‪،‬‬

‫أولهــا الحــزب الداخلــي‪ ،‬الــذي يمثــل مــا ال يزيــد‬ ‫عــن ‪ 2%‬مــن عــدد الســكان‪ ،‬وبيــده مقاليــد الحكــم‪.‬‬ ‫ويأتــي الحــزب الخارجــي ثاني ـ ًا‪ ،‬الــذي ينتمــي إليــه‬ ‫وينســتون ســميث‪ ،‬بطــل الروايــة‪ ،‬وهــو يمثــل ‪13%‬‬ ‫مــن عــدد الســكان‪ .‬أمــا الغالبيــة العظمــى مــن‬ ‫الشــعب‪ ،‬والتــي تمثــل ‪ 85%‬مــن الســكان‪ ،‬فتســمى‬ ‫بالبروليتاريــا‪ ،‬وتحيــا فــي بــؤس‪ ،‬وشــقاء‪ ،‬وجهــل‪،‬‬ ‫ممــا يتيــح للحــزب الداخلــي الســيطرة التامــة وغيــر‬ ‫المشــروطة عليهــا‪.‬‬ ‫ويتحكــم الحــزب الحاكــم فــي مصائــر الشــعب‪،‬‬ ‫عــن طريــق أربــع وزارات رئيســة‪ ،‬هــي وزارة الســام‪،‬‬ ‫المتحكمــة فــي الحــرب والدفــاع‪ ،‬ووزارة الكفايــة‪،‬‬ ‫التــي تشــرف علــى كافــة األمــور االقتصاديــة‪ ،‬ووزارة‬ ‫الحــب‪ ،‬التــي تختــص بالقانــون والنظــام‪ ،‬عــن‬ ‫طريــق غســيل المــخ والتعذيــب‪ ،‬ووزارة الحقيقــة‬ ‫المشــرفة علــى اإلعــام والترفيــه الجماهيــري‬ ‫والتربيــة والفنــون‪.‬‬ ‫يعمــل وينســتون ســميث بــوزارة الحقيقــة‪ ،‬كمحــرر‬ ‫مهمتــه مراجعــة الســجل التاريخــي بصفــة مســتمرة‬ ‫بحيــث يتــواءم ويتفــق مــع الواقــع‪ .‬ومــن مهــام‬ ‫وظيفتــه التخلــص مــن أي اشــارة أو صــورة لــكل‬ ‫العناصــر الخائنــة التــي تــم تصفيتهــا عــن طريــق‬ ‫الحــزب الحاكــم‪.‬‬ ‫ووينســتون رجــل فــي مقتبــل العمــر‪ ،‬يقطــن مســكن ًا‬ ‫متواضع ـ ًا مــن غرفــة واحــدة‪ ،‬ويحيــا علــى الخبــز‬ ‫األســود‪ ،‬ووجبــات صناعيــة‪ ،‬ال تغنــي وال تســمن‬ ‫مــن جــوع‪ ،‬محاط ـ ًا بأجهــزة التيليســكرين‪ ،‬وهــو‬ ‫جهــاز يشــبه التلفــاز مــع القــدرة علــى االســتقبال‬ ‫واالرســال فــي آن‪ ،‬ويتــم عــن طريقــه مراقبــة أعضــاء‬ ‫الحــزب الخارجــي‪.‬‬ ‫وبالرغــم مــن الرعــب الــذي يعيشــه ســميث أســوة‬ ‫بباقــي الســكان‪ ،‬إال أنــه حريــص علــى عــدم التعبيــر‬ ‫عــن تذمــره لألوضــاع السياســية واالجتماعيــة‪،‬‬ ‫كمــا تنتابــه ومضــات مــن ذاكــرة بعيــدة ترجــع‬

‫‪43‬‬


‫رواية "مزرعة احليوان"‬ ‫إلــى الفتــرة التــي تلــت الحــرب العالميــة الماضيــة‪.‬‬ ‫ويعانــي ســميث مــن وحــدة قاتلــة‪ ،‬وزواج فاشــل‪،‬‬ ‫أمــاه الحــزب عليــه قبــل أن ينفصــل عــن زوجتــه‬ ‫التــي لــم يشــعر تجاههــا بــأي عاطفــة قــط‪ .‬وتنقلــب‬ ‫حيــاة ســميث رأس ـ ًا علــى عقــب مــع بــزوغ الحــب‬ ‫فــي حياتــه البائســة‪ ،‬متمثـ ًا فــي جوليــا‪ ،‬الحســناء‪،‬‬ ‫وارتباطهمــا بــا أمــل فــي المســتقبل‪ ،‬بربــاط قــوي‬ ‫يدفعهمــا إلــى االقتنــاع بضــرورة الثــورة وحتميــة‬ ‫التغييــر‪ ،‬وينقلــب الحــب إلــى جحيــم عــن طريــق‬ ‫أوبرايــان‪ ،‬عضــو الحــزب الحاكــم‪ ،‬والمســئول عــن‬ ‫تأميــن ‪ ،Oceania‬عندمــا يقبــض علــى العاشــقين‬ ‫فــي مالذهمــا غيــر اآلمــن‪ ،‬وتحــت مراقبــة شــرطة‬ ‫الفكــر‪ ،‬ويتعــرض العاشــقان لــكل صنــوف التعذيــب‬ ‫واإلهانــة بمقــر وزارة الحــب‪ .‬وينتهــي حلــم ســميث‬ ‫داخــل الزنزانــة ‪ ،101‬التــي يتــم فيهــا اســتجواب‬ ‫المتهــم بتعريضــه للتهديــد بأســوأ مخاوفــه‪ ،‬ولعــل‬ ‫خــوف ســميث المرضــي مــن الفئــران‪ ،‬وتعــرض‬ ‫وجهــه لهجــوم جحافــل منهــا تنهشــه بأســنانها‪ ،‬هــو‬ ‫الــذي دفعــه لإلنهيــار التــام‪ ،‬ونبــذ جوليــا وحبهــا‪،‬‬ ‫واحترامــه لنفســه‪.‬‬ ‫ويمضــي ســميث األيــام الباقيــة لــه فــي التســبيح‬ ‫بحمــد األخ الكبيــر‪ ،‬وتمجيــده آلخــر لحظــة فــي‬ ‫حياتــه‪ ،‬وهــذه النهايــة الصادمــة لروايــة ‪،1984‬‬ ‫واجهــاض الثــورة فــي روايــة مزرعــة الحيــوان‪،‬‬ ‫يعكســان تشــاؤم ًا ال منــاص منــه إال بــادراك‬ ‫ثالثــة حقائــق سياســية أدبيــة‪ ،‬ال محيــد عنهــا‪،‬‬ ‫تتمثــل األولــى فــي ادراك أن الظلــم واالســتبداد‬ ‫ال ينتهيــان بمجــرد الثــورة عليهمــا‪ ،‬فالثــورة‪ ،‬فــي‬ ‫نظــر أورويــل‪ ،‬ال تعــدو كونهــا بدايــة لمعركــة كبــرى‪،‬‬ ‫الغــرض منهــا قلــب نظــام الحكــم رأسـ ًا علــى عقــب‪،‬‬ ‫وليــس بإحــال نظــام بآخــر‪ ،‬واســتبدال ســلطة‬

‫‪44‬‬

‫بأخــرى‪ ،‬وتثبــت األيــام أنهــا ال تختلــف عــن النظــام‬ ‫المنقضــي والســلطة الفائتــة‪.‬‬ ‫وثاني ـ ًا‪ ،‬ادراك أن الســلطة مفســدة بطبيعتهــا‪ ،‬وأن‬ ‫الســلطة المطلقــة فاســدة فســاد ًا مطلقــ ًا‪ ،‬ولــذا‬ ‫يتوجــب تــداول الســلطة وعــدم تمركزهــا فــي يــد‬ ‫واحــدة‪ ،‬أو أيــد قلــة تصبــو إليهــا‪ ،‬ومــن ثــم أن‬ ‫يكــون هــذا مطلب ـ ًا للثــوار‪ .‬وتفكيــك بنــاء الســلطة‬ ‫ومؤسســاتها ضــرورة أساســية للتغييــر‪ ،‬ويرتبــط‬ ‫حكــم األقليــة لألغلبيــة‪ ،‬بجهــل األخيــر‪ ،‬وعــدم‬ ‫قــدرة األغلبيــة علــى تمثــل حقيقــة االســتبداد‬ ‫واال ســتغالل‪.‬‬ ‫أمــا ثالث ـ ًا‪ ،‬أن طبيعــة االســتبداد ال تتغيــر بتقــدم‬ ‫البشــرية علميـ ًا وتكنولوجيـ ًا‪ ،‬وتظهــر تقاريــر حقــوق‬ ‫اإلنســان يومي ـ ًا فــي القــرن الحــادي والعشــرين‪،‬‬ ‫انتشــار عمليــات التعذيــب والقهــر‪ ،‬فــي الكثيــر مــن‬ ‫دول العالــم‪ ،‬بــل وقــد أظهــرت حديثــ ًا‪ ،‬اســتغالل‬ ‫النظــم المســتبدة لمراقبــة الجماهيــر الغفيــرة عــن‬ ‫طريــق الحاســب اآللــي بــل والهاتــف المحمــول‬ ‫بشــكل ال يختلــف كثيــر ًا عــن أداة القهــر فــي عالــم‬ ‫‪ ،1984‬التليســكرين‪.‬‬ ‫وإذا كان عالــم ‪ 1984‬عالم ـ ًا يتميــز بالرعــب مــن‬ ‫خيانــة األبنــاء واألصدقــاء والدولــة‪ ،‬فــإن أورويــل‬ ‫يــرى أنــه مــا مــن شــك أننــا بحاجــة إلــى عالــم‬ ‫يســوده اإلحســاس باألخــوة والثقــة‪ ،‬وإيمــان ال‬ ‫يتزعــزع بالحــب كقيمــة إنســانية عليــا‪ ،‬ال تنجــح‬ ‫قــوى الشــر فــي وأدهــا‪ ،‬فتلــك رســالة أورويــل‪،‬‬ ‫وإيمانــه بمســتقبل أفضــل للبشــرية‪.‬‬ ‫‪ 4‬مايو ‪2018‬‬


‫جمتمع‬

‫جمتمع‬

‫غادة آغا ولويس الحايك يهنئان جوزف القصيفي نقيب المحررين الجديد‬ ‫بحضور النقيب السابق الياس عون‬

‫جمتمع‬

‫غادة آغا ولويس الحايك في العشاء الذي أقامه الشاعر ابراهيم‬ ‫الجريفاني والمناسبة صدور ديوانه الثاني عشر "خدين السماء"‬

‫‪45‬‬


‫السمپوزيوم الدويل األول‬

‫للفن التشـكيلي ‪ -‬ابوظبي‬ ‫حضنــت أمــارة أبــو ظبــي بدولــة اإلمــارات العربيــة المتحــدة‬ ‫خــال الفتــرة مــا بيــن ‪ - ٢٠‬و ‪ ٢٥‬أكتوبــر ‪ ٢٠١٨‬فعاليــات‬ ‫المعــرض األول للفنــون بمشــاركة بــارزة لفنانيــن عالمييــن‬ ‫يمثلــون تلوينــات متنوعــة مــن األبداعــات التشــكيلية التــي‬ ‫تزخــر بالرمــوز اللونيــة‪ ،‬والخطــوط الشــفافة‪ ،‬وغيرهــا مــن‬ ‫مفــردات التشــكيل المعبــرة والغنيــة باإليحــاءات اإلنســانية‬ ‫والطبيعيــة والروحيــة فــي بــادرة ثقافيــة وفنيــة هدفهــا لــم‬ ‫شــمل المبدعيــن والمثقفيــن عبــر ربــوع العالــم لرســم معالــم‬ ‫األخــوة والمحبــة والتســامح والحــوار والتعايــش كقيــم‬ ‫إنســانية كونيــة تميــز رســالة الفنانيــن المشــاركين والعابــرة‬ ‫لألمــم والقــارات‪.‬‬ ‫هــذا الحــدث مــن تنظيــم نــادي زيرفــاس للفــن بأبــو ظبــي‬ ‫التابــع لمنظمــة نــوادي زيرفــاس العالميــة للفــن ونــادي‬ ‫اليونســكو الـــ ‪ achaia‬وتشــرف علــى المعــرض فــي إدارتــه‬ ‫العامــة وتشــارك فــي أنشــطته الفنانــة المغربيــة التشــكيلية‬ ‫ومصممــة ومنفــذة برامــج متخصصــة فــي مجــال اإلعــام‬ ‫والفنــون المقيمــة بدولــة اإلمــارات العربيــة المتحــدة إبتســام‬ ‫أبــو عنــان بصفتهــا رئيســة نــادي زيرفــاس للفــن بأبــو ظبــي‬ ‫والمغــرب‪ ،‬وهــي منظمــة ثقافيــة تعنــى بتشــجيع اإلبداعــات‬

‫‪46‬‬

‫غادة آغا ترسم لوحتها يف السمپوزيوم األول ‪ /‬أبو ظبي‬

‫الفنيــة عبــر ربــوع العالــم مــن خــال إقامــة برامــج ومشــاريع‬ ‫فنيــة ذات طابــع علمــي وثقافــي هــادف إلــى بنــاء صلــة‬ ‫تقــرب بيــن الفــن والعلــم والمجتمــع‪.‬‬ ‫وللتوضيــح أكثــر فمنظمــة زيرفــاس العالميــة للفنــون‬ ‫مقرهــا اليونــان وتتبعهــا نــواد فــي عــدد مــن دول العالــم‬ ‫وتهــدف الــى دعــم قطــاع الفنــون وتعزيــز الحــوار الثقافــي‬ ‫بيــن الشــعوب وقــد أسســها الفنــان التشــكيلي اليونانــي‬ ‫باناجيوتــس زيرفــاس وتضــم أكثــر مــن ‪ ٨٠‬ألــف عضــو حــول‬ ‫العالــم كمــا أنهــا تنظــم ملتقياتهــا الفنيــة علــى مــدار العــام‬ ‫وفــي عواصــم عالميــة عــدة‪.‬‬


Nestled amid the peaks of Mount Lebanon, this luxury resort and spa offers year-round recreation. Ski direct from the resort with access to an 80km trail or enjoy a variety of activities including climbing, hiking, biking and rafting.

INTERCONTINENTAL MZAAR )MOUNTAIN RESORT & SPA(

Ouyoun El Simane, Kfardebiane PO Box 30 Reyfoun Mzaar, Lebanon Phone: +961 9 340 100

47


‫الفنانة التشكيلية غادة آغا‬ ‫كتب لؤي إسكندر‬

‫علــى صناعــة الفنــون أن تتــد ّرج باصولهــا قبــل أن‬ ‫تتفلــت فــي متاهــات مــا يسـ ّمى بالفــن للفــن وحيــث‬ ‫يســتطيع الصانــع الفنــان ان ُيظهــر مهارتــه بقلمــه‬ ‫وريشــته وإزميلــه‪.‬‬ ‫الرســامة التشــكيلية غــادا آغــا وهــي غنيــة‬ ‫هــذا تقولــه ّ‬ ‫عــن التعريــف وبجدارتهــا وطــول باعهــا فــي تقنيــة‬ ‫الرســم‪.‬‬ ‫فالرســم بنظرهــا هــو موهبــة وعطيــة مــن العطايــا التي‬ ‫خصهــا الخالــق بــكل مخلــوق ووزعهــا حصصــا علــى‬ ‫ّ‬ ‫البشــر فبعضهــم حظــي بواحــدة وبعضهــم تعــددت‬ ‫مواهبــه‪.‬‬ ‫وتضيــف‪ :‬ان تعــدد المواهــب غالبــا يفقــد الموهــوب‬ ‫الكثيــر مــن لمعــات إبداعــه بموهبتــه‪..‬‬ ‫وقفنــا معــا وفــي معــرض لرســوماتها التجريديــة فلــم‬ ‫تغــب عنــي تعابيــر خطوطهــا الواضحــة التــي تكشــف‬ ‫للناظــر مــا يســعى اليــه مــن ارتيــاح عندمــا يلقــي اول‬ ‫نظــرة علــى لوحــة تجريديــة تخطفــه بألوانهــا الزاهيــة‬ ‫وهــي تنضــح برقــي لمســات الريشــة المتمرســة بأســرار‬ ‫المهنــة وبخلقهــا الفنــي الــذي يستســيغ النظــر ويشـ ّـده‬ ‫اليه‪.‬‬ ‫فمــن بيــن مجموعــات أربــع مو ّحــدة بعنوانهــا‪ ،‬يظهــر‬ ‫تناســق خطوطهــا ومزيــج الوانهــا بــد ًءا بلوحتيــن‬ ‫ترســمان لــوالدة لوحــة ســميت بلوحــة الهاربيــن‬ ‫تفســر مالمحهــا وتدفــع‬ ‫المهروليــن علــى دراجاتهــم ّ‬ ‫‪48‬‬

‫يف معرض فينيسيا‬

‫بأشــباحها الــى مصيــر مجهــول‪.‬‬ ‫هــذا امــا اللوحــات ُ‬ ‫األخــرى فقــد وضعــت لهــا عناويــن‬ ‫توحــي بمضمونهــا وقبــل ســؤالي عــن هــذا الفــن الــذي‬ ‫بــدأ يســيطر علــى اذواق النــاس‪ ،‬لفتنــي رســم لفخامــة‬ ‫الرئيــس العمــاد ميشــال عــون يؤكــد براعتهــا فــي‬ ‫تقنيــة التشــكيل وإتقانــه‪.‬‬ ‫وســؤالي‪ :‬مــا هــذا الفــن الــذي ملــك صلــب الحداثــة‬ ‫وصــار ســمة عصرنــا وكيــف يمكــن للذ ّواقــة ان يرتــاح‬ ‫اليــه؟‬ ‫تجيــب‪ :‬ان لــكل انســان عيــن مختلفــة تعكــس‬


‫ايحــاءات اللوحــة وأبعادهــا الــى خيالــه فيقــرأ رموزهــا‪،‬‬ ‫وتالي ـ ًا‪ ،‬يق ـ ّوم شــعوره بالقبــول او الرفــض‪ .‬وكــم مــن‬ ‫شــاعر اســتلهم قصيــدة مــن لوحــة تملكتــه بالوانهــا‬ ‫وخطوطهــا وإيحــاءات أبعادهــا فنظــم االعــذب‬ ‫واالجمــل واالعمــق‪.‬‬ ‫وفــي عــودة الــى رســوماتها "الثــورة والمهاجــر" و‬ ‫"الجســر العتيــق" نقــرأ الكثيــر مــن الرمــوز كمــا فــي‬ ‫اللوحــة االخيــرة التــي تظهــر فيهــا شــبحية صخرتيــن‬ ‫عتيقتيــن مــن صخرتــي الروشــة تحكيــان حكايــة‬

‫اطــال وبقايــا مــدن انســابت بهشاشــتها الــى اعمــاق‬ ‫البحــر ‪.‬‬ ‫وأخيــرا رائعتهــا "عنــاق االفــراس" التــي ْأشــ َكلت‬ ‫بوضوحهــا فضوليــة الكثيريــن مــن الفنانيــن والنقــاد‬ ‫الذيــن زاروا‪ ،‬وبعضهــم الذيــن شــاركوا معهــا فــي‬ ‫معــرض "تكويــن" فــي المركــز الثقافــي الروســي‪.‬‬ ‫رســامة واثقــة بفنهــا‪،‬‬ ‫أخيــر ًا أقــول عــن غــادة إنهــا ّ‬ ‫تختــزن ريش ـ ُتها آمــا ًال واعــدة‪ ،‬خ ّالقــة بموهب ِتهــا‬ ‫وممارســتها الطويلــة فــي الرســم‪.‬‬

‫‪49‬‬


‫توقيع الشاعر السعودي‬

‫إبراهيم الجريفاني ديوانه الثاني عشـر‬

‫في فينيسيا‬

‫فــي اليــوم الثالــث عشــر مــن شــهر كانــون األول كانــت بيــروت علــى موعــد مــع المســاء الثقافــي الفنــي‪،‬‬ ‫علــى شــرف ســفير خــادم الحرميــن الشــريفين لــدى الجمهوريــة اللبنانيــة ســعادة الســفير وليــد بــن‬ ‫عبــداهلل بخــاري‪ ،‬وشــخصيات رســمية ودبلوماســية والمجتمــع المدنــي المتمثــل فــي الهيئــات اإلجتماعية‬ ‫والفنيــة الثقافيــة واإلعالميــة‪ ،‬وعــدد مــن رجــال االعمــال الذيــن توافــدوا علــى بيــروت‪ ،‬وذلــك فــي قاعــة‬ ‫اإلحتفــاالت فــي فنــدق فينيســيا‪ ،‬وتم ّثــل فــي الحفــل تدشــين ديــوان "خديـ ُـن الســماء" والمعــرض‬ ‫التشــكيلي العربــي (‪ )24‬لوحــة لثمانــي تشــكيليات عربيــات يمثلــن الســعودية ولبنــان ومصــر وتونــس‬ ‫وثمــن الشــاعر إبراهيــم الجريفانــي الحــراك الثقافــي الفنــي الــذي يواكــب حفــات التوقيــع‬ ‫والســودان‪َّ ،‬‬ ‫ممــا يعكــس اإلهتمــام الكبيــر فــي القــوة األنثويــة ودورهــا التنويــري فــي الفكــر والتماهــي مــع متغيــرات‬ ‫مــا يجــري‪.‬‬

‫‪50‬‬


‫الثقافــة هــي النبتــة التــي ُتشـ ِبع الــروح والمحبــة هــي الخميــرة التــي يعــود إليهــا المــرء ك ّلمــا تــاق الــى عجينهــا‬ ‫وجــاع الــى خبزهــا‪ .‬الصديــق العزيــز إبراهيــم الجريفانــي جمعهُ مــا فــي الحــدث الثقافــي الكبيــر فــي فنــدق‬ ‫فينيســيا برعايــة وحضــور ســعادة ســفير المملكــة العربيــة الســعودية‪ ،‬حيــث تحلقــت حولــه قامــات ثقافيــة‬ ‫فنيــة وإعالميــة كبيــرة والعديــد مــن األصدقــاء مــن لبنــان والعالــم العربــي حيــث و ّقــع ديوانــه الثانــي عشــر‬ ‫"خديــن الســماء" علــى وقــع عــزف العــود وبمشــاركة فنانــات تشــكيليات أض ْفــنَ الــى المناســبة مسـ ً‬ ‫ـحة فنيــة‬ ‫مضيئة‪:‬وهــن خلــود القصيبــي ونــوال العجمــي مــن الســعودية‪ ،‬غــادة اآلغــا ومــاري حــداد وغــادة الريــس مــن‬ ‫لبنــان‪ ،‬فاطيمــا ســامي مــن تونــس‪ ،‬مــي عمــاد مــن مصــر‪ ،‬امتثــال محمــد مــن الســودان‪.‬‬ ‫وتلــى التوقيــع كلمــة للشــاعر قــال فيهــا‪“ :‬نعيــش اليــوم ضــرورة للفكــر المتحــرك غيــر المقيــد الباحــث عــن‬ ‫الصــور الجماليــة بألــوان الطيــف‪ ،‬ومفهــوم آخــر للشــعر ووحيــه‪ ،‬فــكل مــا حولنــا مــن إبــداع تغيــر فهنــاك الفــن‬ ‫التشــكيلي الرقمــي واالفتراضــي وأجيــال تجــاوزت الفكــر الثابــت القابــع فــي جلبــاب األمــس دون أن يحاكــي‬ ‫الغــد”‪.‬‬ ‫وختــم‪“ :‬علــى الشــعراء أن يبــادروا إلــى التغييــر قبــل أن تتــم برمجــة األدب مــن بعــد‪ ،‬ممــا قــد يفقــده نكهــة‬ ‫الوحــي واإللهــام الموشــوم فــي بشــرية لهــا دفء الكلمــة المجلجلــة فــي زمــن مجاعــة الحــب‪ ،‬خالصــة القــول‬ ‫متــى ابتعدنــا عــن الســماء صرنــا أبعــد عــن هويتنــا البشــرية‪ .‬أحمــل نصــف خــوف مــن الغــد‪ ،‬ويقينــي أن‬ ‫النصــف كثيــر”‪.‬‬ ‫وبعد كلمته التي القاها ك ّرم الجريفاني العديد من الفنانين والشعراء واألصدقاء‪.‬‬

‫‪51‬‬


‫إصدارات‬ ‫سيكولوجي‪.2018 ،‬‬ ‫الروائي بطرس خواجه ‪ /‬تساؤالت على ورق المصير! ‪ /‬توثيق وتحليل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـيكولوجي‪ ،‬حــاول فيــه أ‪ .‬مــارون الحايــك إلقــاء الضــوء علــى مســيرة‬ ‫ينــدرج هــذا الكتــاب فــي مجــال التوثيــق والتحليــل السـ‬ ‫ّ‬ ‫المؤ ِّلــف ومؤ ّلفاتــه‪ ،‬وتوثيــق مــا جمعــه مــن مقــاالت ودراســات وروايــات‪ .‬لك ّنــه تو ّقــف عنــد روايــات خواجــه وح َّللــه فــي‬ ‫كل روايــة‪ ،‬لئـ ّا يتعــب القــارئ فــي مطالعتهــا‪ ،‬بــل يفهــم محتواهــا ومغزاهــا‪.‬‬ ‫ضــوء ِعلــم النفــس‪ ،‬بعــد أن اختصــر َّ‬ ‫فاكتشــف المؤ ِّلــف أن خواجــه طــرح مســائل وجود ّيــة فــي ســياق رواياتــه‪ ،‬تتع َّلــق باإليمــان والقــدر والصدفــة والمصيــر‪،‬‬ ‫ت حــاول أن يعالجهــا ويجــد لهــا أجوبــة تدعــو إلــى التفكيــر‪ ،‬وهــذه الروايــات هــي‪:‬‬ ‫فجــاءت كتاباتــه عمومً ــا‪ ،‬تســاؤال ٍ‬ ‫المنديــل األســود‪ ،‬اهلل والســرطان‪ ،‬عقــدة الشــيطان‪ ،‬ج ّنــة األحــزان‪.‬‬ ‫فيا لها من عناوين‪ ،‬تدعو فع ًال إلى التساؤل والتساؤل‪ ،‬لما فيها من رموز وأبعاد روح ّية وأخالق ّية وإيمان ّية!‬

‫أدبي – دار نلسن – بيروت ‪2018‬‬ ‫الشاعر فؤاد رفقه ‪ /‬من الضباب ّية إلى النوران ّية ‪ /‬نقد ّ‬

‫كتــاب يعالــج فيــه أ‪ .‬مــارون الحايــك مراحــل ســيرة الشــاعر رفقــه الفكر ّيــة واإليمان ّيــة والشــعر ّية‪ .‬ف َبعــد أن بــدأ الشــاعر‬ ‫والتعمــق فــي الفلســفة والالهــوت والفنــون‪ ،‬وبعــد أن عايــش التجــارب الحيات ّيــة‬ ‫حياتــه باالطــاع علــى العلــوم اإلنســان ّية‬ ‫ُّ‬ ‫والوجود ّيــة‪ ،‬كتــب الشــعر‪ ،‬الــذي اعتبــره الوســيلة األقــوى للتعبيــر عــن مكنونــات النفــس الحائــرة‪ ،‬القلقــة‪ ،‬المتســائلة‪.‬‬ ‫فلــم ينقطــع حــواره مــع ذاتــه‪ ،‬طــوال حياتــه‪ ،‬حتــى بعــد مماتــه‪ ،‬كمــا ع َّبــر فــي ديــوان األخيــر "محدلــة المــوت وهمــوم ال‬ ‫تنتهــي"‪ .‬مــن هنــا تو ّقــف المؤ ّلــف عنــد كل ديــوان كتبــه رفقــه‪ً ،‬‬ ‫ـودي‪ ،‬وهــو‬ ‫ـري والوجـ ّ‬ ‫مرافقــا إ ّيــاه فــي مســرى تطـ ّوره الفكـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫يبحــث عــن الحقيقــة‪ .‬فــكان لــه أن يمـ ّر بضباب ّيــة وجود ّيــة‪ ،‬مســتعينا باألســاطير ورموزهــا‪ ،‬لعلــه يكتشــف مــا يريــد أن‬ ‫ـودي‪.‬‬ ‫يكتشــف‪ ،‬فيــروي ظمــأه الوجـ ّ‬ ‫واكتشــف المؤ ّلــف أن الشــاعر يمـ ّر ‪ ،‬مــن خــال شِ ــعره بتلــك المراحــل‪ ،‬لع ّلــه يتي ّقــن‪ ،‬فجــاء شــعره مثقـ ًا بحكمــة الســنين‪،‬‬ ‫ومجبــو ًال بدمــوع المعانــاة والتأ ّمــل الصوفـ ّـي‪ ،‬فــإذا شــعره رهيــف‪ ،‬لطيــف‪ ،‬خفيــف الظـ ّـل‪ ،‬عابــق ببخــور األســرار وااليمــان‬ ‫متحس ًســا‪ ،‬ســاع ًيا نحــو الكمــال ومســتني ًرا بكمــال الوجــود والكــون‪،‬‬ ‫متعم ًقــا‪،‬‬ ‫والرجــاء‪ .‬وهكــذا عــاش الشــاعر باح ًثــا‪ِّ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫الــذي هــو اهلل عـ ّز وجـ ّـل‪.‬‬

‫ألوان هاربة – أقاصيص – دار نلسن – بيروت ‪2018‬‬

‫هــي مجمــوع أقاصيــص مــن صميــم الحيــاة‪ ،‬اعتبرهــا المؤ ِّلــف أ‪ .‬مــارون الحايــك ألوا ًنــا تم ـ ّر مــع الزمــن‪ ،‬ولئ ـ ّا تُنســى‪،‬‬ ‫د َّو َنهــا بأســلوب مشـ ِّوق‪ِ ،‬لمــا فيهــا مــن ِع َبــر و ِح َكــم‪ ،‬تتع َّلــق باألمانــة‪ ،‬والصــدق‪ ،‬واإللفــة‪ ،‬واإليمــان‪ ،‬والعفو ّيــة‪ ،‬والتقليــد‪،‬‬ ‫والغيــرة‪ ،‬والحســرة‪ ،‬واألمــل‪ ،‬والخرافــة‪ ،‬والحــزن‪ ،‬واالشــمئزاز‪ ،‬والنفــور‪ ،‬والحقــد‪ ،‬واإلخــاص‪ ،‬واالندهــاش‪ ،‬والغربــة‪،‬‬ ‫واالفتخــار‪ ،‬والالمبــاالة‪ ،‬وغيرهــا مــن االنفعــاالت االنســانية التــي يمكــن اســتنباطها مــن هــذه األقاصيــص المع ِّبــرة‪.‬‬ ‫ـزي‪ ،‬تترجــم حيــاة أنــاس عايشــهم المؤ ِّلــف أو أخبــروه عنهــم‪ ،‬بتق ُّلباتهــم المتن ّوعــة‪ ،‬إذ‬ ‫إن هــذه األقاصيــص بعنوانهــا الرمـ ّ‬ ‫ـادي‪ ،‬واألحمــر واألخضــر وغيرهــا‪...‬‬ ‫تحمــل أكثــر مــن لــون أو ســمة أو مظهــر‪ ،‬منهــا األبيــض والرمـ ّ‬

‫خدين السماء للشاعر ابراهيم الجريفاني‬

‫هــذا ديوانــه الثانــي عشــر يصــدر عــن " دار الرمــك " وضعــت لوحــة غالفــه الفنانــة التشــكيلية الســعودية نــوال العجمــي‬ ‫وصــدرت طبعتــه االولــى اوائــل كانــون الثانــي ‪. 2019‬‬ ‫كتــب الشــاعرمقدمة كتابــه وقامــت الســائح بالتنويــه حولهــا فــي الصفحــة ‪ 17‬بهــذا العــدد وتحــت عنــوان " صــدق او ال‬ ‫تصــدق " تعليقــا علــى هاجــس يشــغلنا جميعــا ‪ ،‬يقــول فيهاالجريفانــي ‪ " :‬علــى الشــعر والشــعراء ان يبــادروا الــى التغييــر‬ ‫قبــل ان تتــم برمجــة االدب مــن بعــد ممــا قــد يفقــده نكهــة الوحــي واإللهــام الموشــوم ببشــرية لهــا دفء الكلمــة المجلجلـــة‬ ‫فــي زمــن مجاعــة الحــب ‪ " .‬وفــي خاتم ــة واجســة يقــول ‪ " :‬أحمــل نصــف خــوف مــن الغــد ‪ ،‬ويقينــي ان النصــف كثيــر ‪" .‬‬ ‫ســيكون لنــا عــودة الــى ديوانــه عمــا قريــب وحــول مــا مهــد لــه بالقـ ــول ‪:‬‬ ‫" حاولت ان أبصر ببصيرتي ال ببصري وأن افكر بعقيدتي ال بعقلي ‪" ..‬‬

‫‪52‬‬


‫هنالكات بعد الهنالكات‪...‬‬ ‫روبري غامن هل من‬ ‫ٍ‬ ‫ِابنُ "العندليب"‪،‬‬ ‫وشــقيق ّ‬ ‫الصديقيــن‬ ‫الشــاعر الكبيــر صديقــي ال ّراحــل جــورج غانــم وشــقيق ّ‬ ‫ال ّرئيــس د‪ .‬غالــب والمحامــي األديــب رفيــق‪ّ ،،‬‬ ‫والصحافـ ّـي‬ ‫الشــاعر والمف ّكــر ّ‬ ‫روبيــر‪ ...‬ســافر فــي األزمنــة‪...‬‬

‫ت ُم َت َم ِّردَ ًة ُع ْن ُفوا ِن َّيهْ ‪..‬‬ ‫َم َّر ُخ ْطوا ٍ‬ ‫صم َتهُ‬ ‫َخ َّط َب َ‬ ‫َق َل ًما جَ مر ًة ُنورا ِن َّيهْ ‪،‬‬ ‫ض‪،‬‬ ‫ِح ْب ًرا َخمر ًة من خابي ِة األر ِ‬ ‫ض‪،‬‬ ‫من َمدارا ِ‬ ‫ت ال َو ْم ِ‬ ‫وال ُّرؤيا ال َكو ِن َّيهْ ‪...‬‬ ‫ومضى في ال َبعيدْ‬ ‫صم َتهُ َ‬ ‫َخ َّط َب َ‬ ‫حيث ُ‬ ‫ريح َورا َء "الهُ نا ِل َك"‪ُ ،‬‬ ‫لود‪!...‬‬ ‫الخ ْ‬ ‫َيس َت ُ‬ ‫ ‬

‫روبري غامن مع الشاعر سعيد عقل‬

‫رميون شبلي‬

‫فــي العــدد ‪ 53‬مــن مجلــة "تحــوالت" عــام ‪ 2010‬كتــب لويــس الحايــك عــن "هنالــكات" الشــاعر الراحــل روبيــر غانــم فــي كتــاب‬ ‫ـق تبحــرت فــي متاهــات الماورائيــات‬ ‫حمــل عنــوان "ميتافيزيــق" جمــع فــي صفحاتــه مائــة وثمانيــة وســبعين قصي ـ ٍد طليـ ٍ‬ ‫التــي عنــى بهــا وســماها بالهنالــكات وهــو علــى فــراش النــزاع االخيــر ‪.‬‬ ‫فــي الكتــاب يقــول الشــاعر ‪// :‬عندمــا جئنــا وقررنــا وصــار الوهــج نــار‪ /‬صــارت الدنيــا دوار ‪ /‬فانتشــينا وعبرنــا مــدن اللهفــة‬ ‫واالشــراق والرؤيا‪/‬تحولنــا غبــار ‪//.‬‬ ‫الســؤال ‪ :‬كيــف نســتطيع ان ِّ‬ ‫نصفــي حســاب هــذه المتاهــات لنصــل الــى الحــل المنشــود؟ هــل نبقــى فــي دوران ابــدي مــع‬ ‫الخرافــة والحلــم واالنتظــار وهــل اللغــة الجديــدة هــي الحــل المقنــع لهــذا الــدوران وللغــز يتحــرك كالزئبــق ويطــوف مروحيــا‬ ‫خــارج كوكبنــا؟‬ ‫فــي ديــوان شــاعرنا ودواوينــه الثمانيــة االخــرى لغــة محــررة مــن كل حاجــز عــازل بينهــا وبيــن متاهــات الــرؤى‪ .‬انهــا غــزو‬ ‫فكــري بعيــد بــل ابعــد هــذه المتاهــات لنصــل الــى الحــل المنشــود؟ هــل نبقــى فــي دوار ابــدي مــع الخرافــة والحلــم واإلنتظــار‬ ‫وهــل اللغــة الجديــدة هــي الحــل المقنــع لهــذا الــدوران وللغــز يتحــرك كالزئبــق ويطــوف مروحيــا خــارج كوكبنــا؟‬ ‫فــي ديــوان شــاعرنا او باالحــرى فــي دواوينــه الثمانيــة‪ ،‬لغــة محــررة مــن كل حاجــز عــازل بينهــا وبيــن متاهــات الــرؤى‪ .‬انهــا‬ ‫غــزو فكــري بعيــد بــل ابعــد مــن الماورائيــات فــي المعالجــات الفلســفية‪.‬‬ ‫فمــن التناهــي الــى التناهيــات الــى "الالتناهيــات" ومــن الهنــا الــى الهُ نالــك الــى الهنالــكات فهــو لــم "يكــن يــدري بــان اللغــات‬ ‫ت‬ ‫ال توصــل الــى مضاميــن النــور ‪ /‬لــم‪ ...‬ولــم أكــن أدري بــأن النــور بحاجــة الــى لغــات مــن البريــق االلهــي" فهــل مــن هنالــكا ٍ‬ ‫بعــد الهنالــكات‪...‬‬

‫لويس احلايك‬ ‫‪53‬‬


‫بقلم األستاذ يوسف رقة‬

‫وزارة الثقافـة تكـرم الشــاعر شـوقي أبو شـقرا‬ ‫في األمسية ‪ 107‬لمنتدى شهرياد‪ ،‬قدم‬ ‫مدير عام وزارة الثقافة الدكتور علي‬ ‫الصمد درع اإلبداع للشاعر شوقي‬ ‫أيو شقرا في إحتفال تكريمي أقامه‬ ‫المنتدى في القاعة الكبرى لفندق‬ ‫"غولدن توليب" في الحمراء مساء يوم‬ ‫الثالثاء ‪.2019/1/29‬‬ ‫اإلحتفال قدمه الناشر سليمان بختي‬ ‫الذي أشار إلى أنّ الشعر قاد المحتفى‬ ‫به إلى التمرد مستشهد ًا بوصف‬ ‫قصيدته أنها فتحت اللغة على ال‬ ‫نهائية الكتابة والالنهائية الجمالية‪،‬‬ ‫وكشف عن كتاب جديد سيصدر‬ ‫للشاعر أبو شقرا‪.‬‬ ‫الكلمة األولى كانت لوزارة الثقافة‬ ‫حيث ألقى مدير عام الوزارة الدكتور‬ ‫علي الصمد كلمة أكد فيها أنّ المحتفى‬ ‫به هو أحد كبار الشعر السوريالي في‬ ‫لبنان والعالم العربي‪ ،‬وأنه أسس أول‬ ‫صفحة ثقافية يومية منذ ‪ 35‬عاما‬ ‫وأصدر ‪ 13‬ديوانا وخلص إلى كتاب‬ ‫"شوقي ابو شقرا يتذكر" الذي يتضمن‬ ‫شعر ًا ونثر ًا ينفذ على االعماق‪.‬‬ ‫وبعد أن شكر الدكتور الصمد منتدى‬ ‫شهرياد على تكريمه لعلم كبير وعمالق‬ ‫من عمالقة زمننا قدم للشاعر شوقي ابو‬ ‫شقرا درع اإلبداع باسم وزارة الثقافة‪.‬‬ ‫ثم تحدث الكاتب سمير عطاهلل معتبرا‬ ‫أنّ قصائد أبو شقرا مختلفة عن سواها‬ ‫وتحمل توقيعا خاصا ولغة شعرية‬ ‫مرصودة له كمثل القلوب‪ ،‬واصفا‬ ‫شعره وكتاباته ب "الفرادة الساحرة"‪.‬‬ ‫الشاعر والناشر عبدو لبكي ألقى قصيدة‬ ‫تالها بمداخلة حول الشاعر وشعره‬

‫‪54‬‬

‫معتبر ًا أنه يغامر شارد ًا في شعره‬ ‫وال تحتويه طريق ووصفه بالمتمرد‬ ‫الصامت‪ ،‬النبيل والطيب واألنيق‪.‬‬ ‫وبعد تحية موسيقية مدهشة من‬ ‫العازف (الغيتاريست) جهاد وهبي‪،‬‬ ‫قدم الفنان التشكيلي علي شحرور‬ ‫لوحة (بورتريه) تحية للشاعر أبو شقرا‪.‬‬ ‫ثم توالت كلمات التحية من‬ ‫الحاضرين‪ ،‬وكان أولهم النائب السابق‬ ‫المحامي أدمون رزق الذي تحدث‬ ‫عن تجربته في "حلقة الثريا" مع كبار‬ ‫الشعراء واصف ًا ابو شقرا أنه "طفل‬ ‫القلب لكنه من شيوخ الشعراء" وأطلق‬ ‫أبو رزق صرخة تطالب الشاعر بنشر‬ ‫قصائده المخفية التي تعيد األلق إلى‬ ‫القصيدة‪.‬‬ ‫وبعد ذلك‪ ،‬كانت التحيات من‪:‬‬ ‫الدكتورة إلهام كالب البساط‪ ،‬الشاعر‬ ‫واإلعالمي محمود شريح‪ ،‬الشاعر المع‬ ‫الحر‪ ،‬الشاعر سلمان زين الدين‪ ،‬الشاعر‬ ‫مردوك الشامي‪ ،‬الكاتب والفنان شوقي‬ ‫دالل (قدم لوحة تكريمية للمحتفى به‬ ‫ايض ًا)‪ ،‬الكاتب واإلعالمي سركيس‬ ‫ابو زيد‪ ،‬الدكتور ميشال سعادة‪،‬‬ ‫الروائي زياد كاج‪ ،‬الدكتور قاسم قاسم‬ ‫والكاتب فوزي يمين‪.‬‬

‫وتخلل الحفل إلقاء قصائد من‬ ‫دواوين الشاعر بصوت وأداء الدكتور‬ ‫محمد ناصر الدين‪ ،‬الشاعرة باسكال‬ ‫صوما والشاعرة ميشلين مبارك‪.‬‬ ‫ثم كانت الكلمة للمحتفى به الشاعر‬ ‫شوقي ابو شقرا الذي شكر المتكلمين‬ ‫والحضور ومنتدى شهرياد ووزارة‬ ‫الثقافة‪.‬‬ ‫وفي الختام‪ ،‬قدم الصحافي الشاعر‬ ‫الياس العطروني الشهادة التقديرية‬ ‫باسم منتدى شهرياد للشاعر أبو شقرا‬ ‫الذي استلم ايضا منحوتة "شهرياد" من‬ ‫الدكتور محمد ناصر الدين وباقات ورد‬ ‫"شهرياد" من الشاعرة باسكال صوما‪.‬‬ ‫ثم كانت الصور التذكارية التي إنضم‬ ‫إليها مؤسس شهرياد الشاعر نعيم‬ ‫تلحوق‪.‬‬


‫شـوقي أبي شـقرا الشــاعر والصحايف واإلنســان‬ ‫ســــركيــس أبوزيــــد‬ ‫في ‪ 20‬آب ‪ُ 1967‬نشر لي أول مقال في‬ ‫ملحق “النهار” حول طانيوس شاهين‬ ‫ويوسف بك كرم‪ .‬ومن يومها دخلت‬ ‫إلى عالم الكتابة والصحافة‪ .‬والفضل‬ ‫يعود إلى األستاذ شوقي أبوشقرا الذي‬ ‫كان ُيشجع الشباب ويرعاهم خاصة‬ ‫القادمين من األطراف‪.‬‬

‫ومن يومها أتابعه عن بعد‪ ،‬كان قدوة‬ ‫ومثا ًال لي ولجيلي رغم أن معرفتي‬ ‫الشخصية والمباشرة به أتت متأخرة‪،‬‬ ‫ورغم أننا نتشارك باإلثم اإلهدني فهو‬ ‫ابن الشوف لكنه صهر إهدن وله فيها‬ ‫أهل وأصدقاء ومحبين‪.‬‬ ‫من يراجع كتابه “شوقي أبي شقرا‬ ‫يتذكر” يلتقي بعشرات األسماء‬ ‫الزغرتاوية التي كتب عنها‪ ،‬وأنا‬ ‫منهم‪ ،‬كما أشير إلى شهادته عن أخي‬ ‫وصديقي جبران عريجي الذي غادرنا‬ ‫مؤخر ًا‪.‬‬ ‫شوقي أبوشقرا متعدد األبعاد‪ .‬أبرزها‬ ‫ثالوث الشعر والصحافة واإلنسان‪.‬‬ ‫في الشعر تجرأ على كسر القوالب‬ ‫واألوزان وجعل القصيدة تنشد الحرية‬ ‫ضد التقاليد وقيود الماضي المورث‪،‬‬

‫ألن الشعر هو الجمرة التي تحرق‬ ‫حيث يكون الوجع والسؤال‪.‬‬ ‫شوقي أبوشقرا الشاعر يلعب بالقلم‬ ‫ويط ّيع الكلمات ليزين الصفحة‬ ‫الفارغة بالمعاني والصور‪ .‬يمتلك‬ ‫الحروف ويراقصها فال تبقى اللغة‬ ‫مثلما كانت‪ ،‬فهو يحولها ويجملها‬ ‫ويكسرها ويضيف إليها‪ ،‬فتولد لغة‬ ‫جديدة تلون المعنى وتجمل االبتكار‪.‬‬ ‫شوقي أبوشقرا شعر ًا هو الرائد والقدوة‬ ‫ومدرسة في التجديد واإلبداع‪ .‬هو‬ ‫مؤسس لم يقلد سواه‪ ...‬كثيرون‬ ‫قلدوه ومشوا على طريقه‪.‬‬ ‫عندما أصدرت تحوالت شعر ًا في العام‬ ‫‪ 1983‬مع بول شاوول وعيسى مخلوف‬ ‫وكوكبة من الشعراء كان حاضر ًا كملهم‬ ‫ومثال‪.‬‬ ‫شوقي أبوشقرا في الصحافة معلم‬ ‫أسس الصفحة الثقافية في “النهار”‬ ‫بعد أن كانت الثقافة عواميد ضائعة‬ ‫في المنوعات وموزعة على صفحات‪،‬‬ ‫فجعل منها ملحق ًا خاص ًا وبيت ًا مستق ًال‬ ‫وعمارة يقصدها طالب الفكر والعلم‬ ‫والمعرفة‪.‬‬ ‫إنه المرجع الذي يوجه إلى ينبوع‬ ‫االكتفاء والرضى عن الذات‪ .‬محمد‬ ‫الماغوط قال فيه إنه “المرشد الجمالي‬ ‫في مجلة الشعر” وكان فع ًال المرشد‬ ‫لجيل صاعد من الكتاب والشعراء‬ ‫والصحافيين والمريدين‪.‬‬ ‫إنه المزارع الجديد الذي ينثر بذور‬ ‫المعرفة في تربة جائعة‪ .‬يغرس‬ ‫األشجار ويرعى الكلمات‪ .‬الكتابة فعل‬ ‫إبداع مستمر حتى الالمنتهي‪.‬‬

‫شوقي أبوشقرا اإلنسان يهتم بتفاصيل‬ ‫الحياة اليومية‪ .‬زرع الصداقات حيث‬ ‫يوجد قلم يكتب‪ .‬اللقاءات والحوارات‬ ‫والمشاهدات حاضرة في يومياته ولها‬ ‫أهمية كالقضايا الكبرى‪ .‬هذا البعد‬ ‫اإلنساني الروحي متأصل فيه‪ .‬كل‬ ‫إنسان التقى به له حضوره وأثره‬ ‫واهتمامه وليس مجرد عابر سبيل‬ ‫منسي‪ .‬اللقاء به لحظة تاريخية‪.‬‬ ‫يتابعك ولو عن بعد‪ ...‬يتميز بدقة‬ ‫المالحظة والتأمل‪ .‬يرى فيك ما ال‬ ‫تراه في نفسك‪.‬‬ ‫شوقي أبوشقرا اإلنسان هو العطاء من‬ ‫دون مقابل‪ .‬إنه غيري يعمل دون‬ ‫انتظار مردود‪ .‬حياته مجبولة بالمحبة‪.‬‬ ‫الخيبات لم تكسره ولم تثنيه عن‬ ‫فيضه فظل كالنبع ال يسأل السواقي‬ ‫إلى أين تسير وال يعتب على المياه‬ ‫المتدفقة إذا خرجت من مجاريها‪.‬‬ ‫إنه حبة الحنطة التي ينثرها الفالح‬ ‫في األرض وال يحاسب التربة على‬ ‫الزرع‪ .‬إنه وجودي متمسك باألرض‬ ‫وترابها وبكل فصولها وألوانها وروائحها‬ ‫حيث ال نهاية للنهاية ألن الفردوس‬ ‫هنا وهناك‪.‬‬ ‫شوقي أبوشقرا تجاوز الصفات فهو‬ ‫الشاعر والصحافي والكاتب والمعلم‬ ‫واألستاذ والمرشد والراعي والفالح‬ ‫والمزارع والمرجع و‪....‬إلى آخره‪ ،‬وأنا‬ ‫أختصرها بكلمة واحدة إنه اإلنسان‬ ‫الجديد‪.‬‬ ‫شكر ًا شوقي معك كانت بداياتي في‬ ‫الكتابة‪ ،‬وتعلمت منك في النهاية‬ ‫أن الكلمة الحرة تحررنا من التفاهة‬ ‫والرتابة وتبني عالمنا الجديد‪ .‬كل‬ ‫الخيبات واألحقاد تزول أما األحرف‬ ‫واأللوان باقية ألنها ترسم حياتنا‬ ‫الجديدة وتعطيها معنى الوجود‪.‬‬

‫‪55‬‬


‫حديات‪...‬هل‬ ‫أر َب ُع ُه َّن وال ّت ِّ‬

‫وأخيـرًا ‪...‬‬

‫َخرجَ ت اِلى ّ‬ ‫ض‬ ‫الضو ِء بعدَ مَ خا ٍ‬ ‫مدي ٍد‪ ،‬مريرٍ ‪ ،‬عسير‪!..‬‬ ‫ِإ ّنها "حكومة الى العمل"! هل؟‬

‫ُ‬ ‫خصوصا‪:‬‬ ‫والالفت فيها اثنا ِن‬ ‫ً‬ ‫ت‪ ،‬واِسنادُ‬ ‫ضمها أربعَ وزيرا ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫"الداخل ّيةِ" اِلى الوزير ِة َر ّيا حَ فارّ‬ ‫ّ‬ ‫"الطاقةِ" اِلى الوزير ِة‬ ‫الحَ َسن‪ ،‬و ّ‬ ‫ندى بستاني الخوري‪.‬‬ ‫تحد ٌ‬ ‫يات‬ ‫األربع‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫أمام الوزيرا ِ‬ ‫ِ‬ ‫غي ُر قليل ٍة وغي ُر صغيرة؛ هل ي ُك َّن‬ ‫ملح الحكومة؟‬ ‫ُسكَّرا ٍ‬ ‫ت في ِ‬ ‫زوم ما َيلزم‪ ،‬وك َّلما‬ ‫توزي ُرهُ َّن هو ُل ُ‬ ‫ازدادَ عددُ هُ َّن َق َّل الفسادُ ‪ .‬فهل‬ ‫عم ْلنَ "‬ ‫ُيث ِبتنَ حضو َرهُ َّن‪ ،‬و " َي َ‬

‫‪56‬‬

‫ج َ‬ ‫ت‬ ‫ت مضيئا ٍ‬ ‫ت بصما ٍ‬ ‫زن تاركا ٍ‬ ‫و ُين ِ‬ ‫ض ال ّرجال‬ ‫ُتساوي بصما ِ‬ ‫ت بع ِ‬ ‫الوزرا ِء ال ّناجحينَ ور ّبما ُ‬ ‫تفوقها؟‬ ‫َنتظ ُر ‪ ...‬واالنتظا ُر رجاءٌ!‬ ‫ن ِ‬ ‫السؤالُ المُ ح ِّي ُر ‪:‬‬ ‫ويَحضرُني‪َ ،‬ه ُهنا‪ّ ،‬‬ ‫بات اِلى‬ ‫نتس ُ‬ ‫َ‬ ‫الم ِ‬ ‫ظل ُ‬ ‫كيف َت ُّ‬ ‫ّ‬ ‫السياس ّي ِة‬ ‫ت‬ ‫ارا‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫وال‬ ‫ب‬ ‫األحزا‬ ‫ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُم َ‬ ‫َ‬ ‫ت هذه‪،‬‬ ‫رايا‬ ‫تحت‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫نض ِويا ٍ‬ ‫منهن ولو وزير ًة‬ ‫وقيادا ُتها ال ُتس ّمي َّ‬ ‫واحد ًة ؟‬ ‫َنتس ُب‬ ‫غريب‬ ‫عجيب أم ُر المرأ ِة! ت ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫سياسي ما‪ ،‬وهذا‬ ‫تنظيم‬ ‫اِلى‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُيح ِّر ُم عليها لق َب "معالي الوزيرة"‪،‬‬ ‫ستقيل و ُتغاد ُر !‬ ‫َنتفض أو َت‬ ‫فال ت ُ‬ ‫ُ‬ ‫فأينَ ُمطالبتُها بـــ "حقوق المرأة"‬ ‫وبالمساوا ِة بال َّر ُج ِل ‪...‬؟!‬ ‫ٌ‬ ‫كثيرات في‬ ‫أقو ُلها بال َت ُّرد ٍد‪ :‬نسا ٌء‬ ‫والخاصة) أجدَ ُر‬ ‫ف (العا ّم ِة‬ ‫الوظائ ِ‬ ‫ّ‬

‫وأقدَ ُر من كثيرٍ فيها من ال ّرجال‬ ‫واس ً‬ ‫تقامة‬ ‫ت‬ ‫فاعل ّي ًة واِنجازا ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫كف‪ ...‬وكذلك في‬ ‫ونظافة‬ ‫ٍّ‬ ‫س على كراسي الوزارات‪.‬‬ ‫الجلو ِ‬ ‫َصدَ َق المَ َثلُ ‪" :‬ما حَ َّك ِجلدَ كَ‬ ‫غي ُر ظ ْفرِك"‪.‬‬ ‫ترى‪ ،‬لماذا ال ُتنشى ُء ال ّنســا ُء‬ ‫أحزا ًبا سياســـ ّي ًة يكونُ‬ ‫لهن‬ ‫َّ‬ ‫الداخل ّية" حقُّ‬ ‫في "أنظم ِتها ّ‬ ‫ب وفي‬ ‫األغلب ّي ِة في االنتســـا ِ‬ ‫ـــاك بســـلط ِة القـــرار ؟!‬ ‫مس ِ‬ ‫ا ِإل َ‬ ‫األربع في‬ ‫الوزيـــرات‬ ‫ُ‬ ‫أ َّيتُهــــا‬ ‫ُ‬ ‫"حكومة الى العمل"‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫يـــــــــــــــــات‬ ‫ــــــن َتـحـدِّ‬ ‫َ‬ ‫أمـامـ ُك َّ‬ ‫ٌ‬ ‫يـــــــــات‪ ...‬هل؟‬ ‫وتــحــدِّ‬

‫ريمون شبلي‬


‫شـعر‬

‫نـداء ُأ ّم‬ ‫من رباعياتي لزمن آخر‬

‫دهرًا أو عِ ْ‬ ‫ش َ‬ ‫َ‬ ‫عمر‬ ‫ت حلظة‬ ‫عِ‬ ‫ِ‬ ‫شت ْ‬ ‫شاهد لست تدري‬ ‫آنت كالطعم‬ ‫ ‬ ‫ٌ‬ ‫انــت جئــت احليــاة شــهوة خلــق‬ ‫سوى بــك احليـــاة وجتــري‬ ‫ ‬ ‫كـي ُت ّ‬ ‫فتشــدد علــى الطــريـق وغامـر‬ ‫َّ‬ ‫ويسـر‬ ‫واحسـم االمر يف عسـري‬ ‫ ‬ ‫ِ‬ ‫ان هلل فـــي حــيـــاتـــنـــا شـــــــأنـًا‬ ‫بكفـــــر‬ ‫وهــو ادرى فـــال تــنــــازع‬ ‫ ‬ ‫ِ‬

‫أديب العقيقي‬

‫بـاق بقلبــي مـ َ ْن عنـي خفــى ولـــدي‬ ‫ٍ‬ ‫بـاق بقلبـي َم ْن أدمـــاك يا كبــدي‬ ‫ ‬ ‫ٍ‬ ‫دمر العيش َم ْن َه َّد الهنا ُظ ْلمًا‬ ‫َم ْن ّ‬ ‫َق ْد مزّ ق االحشاء َق ْد بدى عضدي‬ ‫ ‬ ‫عـبـق‬ ‫باسـم‬ ‫أشـتاق فـي كـل صبـح‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يف ّ‬ ‫كـل أمســية‪ ،‬مـن أحـالم غـدي‬ ‫ ‬ ‫ضمـك أشـتاق العنـاق كمـا‬ ‫أشـتاق َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ولهـــــــان إىل لقــاء نــدي‬ ‫يشــــتاق‬ ‫ ‬ ‫عاد يــا فلذتـــي ومنتـهى أمـلـي‬ ‫يـا ُ‬ ‫قرة العـني لـن أنـسـاك يا ولدي‬ ‫ ‬ ‫يـا ّ‬ ‫غدا تـرى النـور زاهٍ ُمرســ ًال أمــــــــ ًال‬ ‫بــــاق‬ ‫أمــك‬ ‫ ‬ ‫ٍ‬ ‫حالـمــا بغــــدِ‬ ‫حـــــنان ّ‬ ‫ً‬

‫لويس احلايك‬

‫‪57‬‬


‫جـنـائـن الشـمـس‬

‫بيوت تسجد لهيبة الجبل قرية الحجر والتراث‪...‬‬ ‫"جنائن الشـــمس" في كفردبيان بيوت تســـجد‬ ‫لهيبـــة الجبـــل "قرية الحجـــر والتـــراث" تتميز‬ ‫بحجارتهـــا التـــي تحدثـــك عـــن تاريـــخ تراث‬ ‫عريـــق في ارض حافظ عليها االجداد واضافوا‬ ‫الـــى بصماتهـــا الخالدة بصمة عـــ ٍّز ووفاء‪.‬‬ ‫قريـــة لبنانيـــة تراثية فنية فيهـــا عراقة الماضي‬ ‫وحداثـــة الحاضـــر‪ ،‬تنهـــض كالمارد فـــي وجه‬ ‫الشـــمس وتمتد على مســـاحة ثمانين الف متر‬ ‫مربـــع التـــي تضم ثالثة وعشـــرون بيـــت تراثي‬ ‫مؤلفـــة مـــن طابـــق وطابقين مبنيـــة بالحجارة‬ ‫الصفـــراء المســـتخرجة مـــن هـــذه االرض‬ ‫واســـقف معقـــودة القناطـــر على الطـــراز الفني‬ ‫التراثـــي اللبناني‪.‬‬ ‫هكـــذا ارادهـــا مالكهـــا ســـعادة القنصـــل العام‬ ‫الدكتـــور انطوان عقيقـــي قرية نموذجية تراثية‬ ‫فيهـــا ســـحر الطبيعه وصفاء عيشـــها‪.‬‬ ‫وســـط هـــذه القريـــة ســـاحة تتصدرها كنيســـة‬ ‫حجريـــة رائعـــة الهندســـة علـــى اســـم "كنيســـة‬ ‫المهد" وشـــفيعتها ســـيدة الزروع مبنية بالصخر‬ ‫المقـــدود‪ ،‬وبالقـــرب منهـــا توجـــد مغـــارة بيت‬ ‫لحـــم حيـــث يشـــاهد الزائر والدة المســـيح في‬ ‫بيـــت لحـــم وبيوتهـــا وقناطرهـــا القديمة وعلى‬ ‫مقربـــة مـــن بيت لحم اورشـــليم حيـــث ميالد‬ ‫الســـيد المســـيح داخ ًال اليها مصلي ًا في بستان‬ ‫الزيتـــون كما العشـــاء الســـري فـــي الع ّلية‪.‬‬ ‫كمـــا نشـــاهد الســـيد المســـيح تحـــت الصليب‬ ‫ومشـــهدية الســـيد المســـيح مصلوبـــ ًا علـــى‬ ‫الجلجلـــة ومشـــهدية تمثيـــل القيامـــة بإظهـــار‬ ‫القبـــر فارغـــ ًا وأمامـــه حامـــات الطيـــب‪.‬‬

‫‪58‬‬

‫وعلـــى مقربة مـــن المغارة تقـــع الغابة‬ ‫الدهرية تتداعى اليها اســـراب ًا من‬ ‫العصافيـــر والبالبل‪.‬‬ ‫الـــى جانـــب الغابـــة العتيقـــة‬ ‫محمية للطيـــور وأبرزها طيور‬ ‫الفيـــزان والحجـــل‪.‬‬ ‫وللغـــزالن حصـــة فـــي‬ ‫هـــذه المحميـــة الجميلـــة‬ ‫للتتكاثـــر فـــي بيئـــة‬ ‫مؤ ا تيـــة ‪.‬‬ ‫هـــذه هـــي "جنائـــن‬ ‫الشـــمس" القريـــة‬ ‫النموذجيـــة والتي‬ ‫الـــى‬ ‫تقســـم‬ ‫أحيـــاء تبـــدأ ببســـاتين التفـــاح والكروم‬ ‫واألشجار المثمـرة و النباتات البــــــريــــة‬ ‫المحليــــــــة والمستوردة‪ .‬وهي مختارة‬ ‫بعنايــــــــــة وذوق بحيـــث تتناســـــب‬ ‫مـــع فصــــول الســـنة‪.‬‬ ‫فـــي هـــذه البســـاتين يجــــــــد‬ ‫الزائـــــــــر او المقيـــم فـــي "جنائن‬ ‫الشـــمس" كل مـــا يطيـــب لـــه‬ ‫من فاكهة موســـمية وبالمجان‬ ‫ويســـتهلك مـــا يشـــاء مـــن‬ ‫هـــذه الثمـــار الطازجـــة‬ ‫والخاليـــة مـــن االســمــــدة‬ ‫الكيماويـــةوالمبيــــــدات‪.‬‬ ‫وحرصــــــــ ًا علـــى صحـــة‬ ‫المقيـــم ينطبـــق هـــذا‬


‫علـــى‬ ‫ســـا ئر‬ ‫المـــواد‬ ‫الغذائية‬ ‫ا أل خـــر ى‬ ‫كالبيـــــــض‬ ‫البلـــــــــــــــدي‬ ‫وعسل النحل‬ ‫الطبيعـــي وخل‬ ‫التفـــاح الصافي‬ ‫الـــخ‪...‬‬ ‫فـــي فصل الشـــتاء‬ ‫تكـــون «جنائـــن‬ ‫جنـــة‬ ‫الشـــمس»‬ ‫بيضـــاء مغطـــاة بالثلج‪،‬‬ ‫مداخنهـــا تنفـــث فـــي‬ ‫الســـماء‪ ،‬كاســـحات الثلج‬ ‫تؤمـــن رفـــع الثلـــوج عـــن‬ ‫الطرقـــات فـــي المنطقـــة‬ ‫باكملهـــا وعـــن الـــدروب‬ ‫الداخليـــة والخدمـــات كافـــة‬ ‫متوفـــرة للمقيميـــن وللزائريـــن‬ ‫فـــور ًا‪.‬‬ ‫امـــا فصـــل الربيـــع فـــي «جنائـــن‬ ‫الشـــمس» مدهـــش كل مـــا حولـــك‬ ‫يغ ّنـــي ويبتســـم ويضحـــك‪.‬‬

‫إنهـــا نبـــذة متواضعة وموجزة عـــن قرية التراث‬ ‫والحجـــر‪ ،‬وال شـــك فـــي انك ستكتشـــف حين‬ ‫تحـــل فيهـــا مقيمـــا فـــي احـــد بيوتهـــا أن فيها‬ ‫مـــن المزايـــا الخاصـــة بهـــا وحدهـــا دون ســـائر‬ ‫المنتجعـــات الســـياحية مـــا يجعلهـــا فريدة من‬ ‫نوعهـــا ولـــن تقارن بســـواها‪ .‬فجنائن الشـــمس‬ ‫ترتكـــز علـــى قناعـــات فكريـــة ووجدانيـــة لدى‬ ‫صاحبهـــا ســـعادة القنصـــل د‪ .‬أنطـــوان عقيقي‬ ‫قبل أن تكون مشـــروع ًا ســـياحي ًا تجاري ًا بحت ًا‪.‬‬ ‫ندعوك عزيزي الســـائح الى استكشاف الطبيعة‬ ‫وجمالهـــا وتمتع في بيئة تراثيـــة لبنانية نظيفة‬ ‫وعســـى ان تجد في «جنائن الشـــمس» ضالتك‬ ‫في كفردبيان‪.‬‬

‫لويس الحايك‬

‫‪59‬‬


‫سانتا كلوز‪..‬‬ ‫أين هد ّيتي؟!‬ ‫ً‬ ‫فرحــة فــي طفولتــي تضاهــي‬ ‫ال أذكــر‬ ‫َ‬ ‫فرحــة انتظــار الســانتا كلــوز‪..‬‬ ‫قدومــه إلينــا حامـ ًا الهدايــا‪..‬‬ ‫كنــت أنتظـ ُر َ‬ ‫ً‬ ‫إ ّال أنّ ســؤا ًال واحدا كان يراودني في كل‬ ‫ســنةٍ‪ ..‬وهــو كيــف يســتطيع الســانتا كلــوز‬ ‫كل الهدايــا إلــى كل البيــوت؟! إلــى‬ ‫جلـ َـب ّ‬ ‫ـت هدايــاه‬ ‫كل أطفــال العالــم!! كيــف كانـ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫حجمــه!!‬ ‫كيســه األحمــر مهمــا بلــغ ُ‬ ‫تس ُــع َ‬ ‫َ‬ ‫كيــف كان يسـ ُـعه الوقــت؟!‬ ‫كيــف َ‬ ‫يعلــم مــا أريــدُ ه مــن هد ّيــ ٍة‬ ‫َ‬ ‫كان ُ‬ ‫منــه؟!‬ ‫أجمــل مــا كان يحم ُلــه ســؤالي آنــذاك‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫هــو اعتقــادي أنّ هنــاك "ســانتا كلــوز"‬ ‫واحــد!!‬ ‫فــي ليلــ ٍة مــا‪ ..‬بينمــا كنــت جالســ ًة فــي‬ ‫غرفتــي‪ ..‬ســألت أمــي لمــاذا تأخــر الســانتا‬ ‫كلــوز؟! كانــت السـ ُ‬ ‫ـاعة قــد تجــاوزت حي َنهــا الثانيــة عشــر‬ ‫جرســه‪..‬وضحكاته‬ ‫ليــ ًا‪ُ ..‬‬ ‫كنــت أنتظــ ُر ســماع صــوت ِ‬ ‫الضخمــة المتعاليــة!!‬ ‫قلــت فــي قــرارة نفســي أنــه اآلن‬ ‫ظننتُــه لــن يأتــي‪ُ ..‬‬ ‫يــدو ُر فــي كل األرجــاء‪ ..‬وبحوز ِتــه الكثي ـ ُر مــن الهدايــا‪..‬‬ ‫والكثي ـ ُر مــن األطفــال غيــري ينتظرو َنــه‪ ..‬وكأ ّنــي كنـ ُـت‬ ‫أجــدُ لــه عــذر ًا‪ ..‬لك ّنــه عــاد وأتــى فيمــا بعــد‪..‬‬ ‫جال كل البيوت‪..‬في ليل ٍة واحدة!!‬ ‫أتى رغم ًا أ ّنه َ‬ ‫هكذا كان اعتقادي ‪..‬ويا َ‬ ‫بقي‪..‬‬ ‫ليت ذاك االعتقادُ َ‬ ‫‪60‬‬

‫يــا لي َتنــي لــم أعل ْــم أنّ الســانتا‬ ‫الســمين‪..‬‬ ‫كلــوز ليـ َـس ذاك ّ‬ ‫صاحــب الخــدود المتــو ّردة‪..‬‬ ‫وبصو ِتــه الضخــم‪..‬‬ ‫يــا ليتنــي لــم أعلـ ْـم أنّ هنــاك‬ ‫الكثيــر والكثيــر منــه‪..‬‬ ‫مــا َ‬ ‫كان مــن حــقّ أح ـ ٍد أن‬ ‫يس ـ ُلب هــذه الفرحــة م ّنــي ‪..‬أو‬ ‫مــن أي أح ـ ٍد فــي هــذا العالــم‪..‬‬ ‫فمـ ْـن قــال أن الســانتا كلــوز‬ ‫لألطفــال فقــط؟!‬ ‫أ َل ْسنا أطفا ًال من الداخل؟!‬ ‫أال يحــقُّ لنــا أنْ نعيـ َ‬ ‫ـش الطفولـ َـة‬ ‫ـوم واح ـ ٍد فــي الســنة علــى‬ ‫ليـ ٍ‬ ‫األقـ ّـل؟!‬ ‫ُعــدْ إلينــا أيهــا الســانتا كلــوز‪ ..‬كمــا ع ِهدنــاكَ ‪ ..‬ســمين ًا‪..‬‬ ‫ـتطيع المشـ َـي مــن ثقلـ َـك‪..‬‬ ‫الخديــن‪ ..‬بالــكاد تسـ ُ‬ ‫مت ـ َو ّرد ّ‬ ‫كل شــي ٍئ فــي هــذه الدنيــا‪ ..‬فلمــاذا ال تبقــى أنـ َ‬ ‫ـت‬ ‫تغ ّيــر ّ‬ ‫بنســخ ٍة واحــدة‪ ..‬كمــا رسـ ْـمناك !!‬ ‫علــى حا ِلــك‪ْ ..‬‬ ‫ُعــدْ إلينا‪..‬فأنــت مــا تب ّقــى مــن طفول ِتنــا وفرح ِتنــا‬ ‫ا لحقيق ّيــة ‪. .‬‬ ‫َ‬ ‫قدمتها لي‪..‬‬ ‫فتلك ستكونُ أجمل هد ّي ٍة ّ‬

‫كاتيـا جوهر‬


4


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.