Aqlamon Arabeyyah No. 51 January 2021

Page 1


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫‪2‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫في هذا العدد‪:‬‬ ‫مجلة ثقافية فنية فكرية أدبية‬

‫العنف األسري‬ ‫وآثاره على‬ ‫المجتمع‬ ‫مسر االرميمة‬

‫سمر الرميمة‬ ‫‪samarromima@gmail.com‬‬

‫مدير التحرير‪:‬‬

‫د‪ .‬مختار محرم‬ ‫‪mokh1977@gmail.com‬‬ ‫املحررون‪:‬‬

‫علــــــي النهــــــام‬ ‫منصــــر السالمـــــي‬ ‫عبداهلل محمـد الشميـري‬ ‫محمـــد اليوسفـــــي‬ ‫نـــــوار الشاطـــــــر‬ ‫رنـــــــا رضــــــــوان‬ ‫ياسيـــــن عرعــــــار‬ ‫محمــــد الجعمـــــي‬ ‫مقبولــة عبد الحليــم‬ ‫عبد اهلل األحمــــدي‬ ‫ميــــادة سليمـــــان‬ ‫محمد محمود الساسـي‬ ‫حميــــــد رائـــــــــع‬ ‫املسئول الفني واإلخراج‪:‬‬

‫حسام الدين عبداهلل‬

‫التصوير الفني في شعر‬ ‫عبداهلل بن الربيع‬ ‫(الشارع اآلن أنموذجا)‬ ‫حممد الشرعيب (أبوحممود)‬

‫‪4‬‬ ‫‪9‬‬

‫ابن ُهتيمل‪ ..‬شاعر‬ ‫الدولة الرسولية (‪)2‬‬ ‫غالب العاطفي‬

‫‪12‬‬

‫قراءة في رواية‪ :‬يسمعون‬ ‫حسيسها للروائي‬ ‫والشاعر د‪ .‬أيمن العتوم‪..‬‬

‫د‪ .‬رميان عاشور ‪14‬‬

‫محمود درويش وشاعرية‬ ‫التركيب في ( هي في‬ ‫المساء وحيدة ) !!‬ ‫هشام املنياوي‬

‫‪20‬‬

‫ال سكاكين في‬ ‫شوارع هذه‬ ‫المدينة‬ ‫رياض محادي‬

‫‪21‬‬

‫أشرف أبو اليزيد‪ :‬أرى في‬ ‫المطار صورة مصغرة عن‬ ‫عالم الدخول والخروج عن‬ ‫الحياة نفسها‬ ‫لقــاء‬

‫‪22‬‬

‫ألطاف حمدي‪..‬‬ ‫لون وبطاقة‬ ‫حنين إلى الوطن‬ ‫حممد شنب‬

‫‪27‬‬

‫اللغة العربية‬ ‫إبداعًا ُ‬ ‫وهو َّي ًة‬ ‫‪‎‬حممود حسن‬

‫‪40‬‬

‫الجنون كحالةٍ إبداعية‪ ..‬كيف‬ ‫يعيشه الشعراء‪..‬؟!!‬

‫‪34‬‬

‫أمحد النظامي‬ ‫استطالع‬

‫فايروس فيلم‬ ‫‪little joe‬‬ ‫أ‪.‬خالد الضبييب‬ ‫الفن السابع‬

‫‪46‬‬

‫دعوة للقراءة‬

‫‪58‬‬

‫أ‪ .‬عبد الرمحن جباش‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫العنف األسري وآثاره على اجملتمع‬

‫سمـر الرميمــة‬ ‫تعرف التربية بأنها‬ ‫مجموعة من القيم‬ ‫األخالقية المستمدة‬ ‫من األديان والقوانين‬ ‫والتجارب اإلنسانية‬ ‫والعادات والتقاليد‬ ‫االجتماعية‪،‬وللتربية‬ ‫أساليب قد تكون بأحد‬ ‫لوسائل المعروفة‬ ‫كالقدوة والموعظة‬ ‫الحسنة‪ ..‬الخ ‪،‬أما بعض‬ ‫اآلباء واألمهات فإنهم‬ ‫يلجؤون إلى العنف‬ ‫واإليذاء الجسدي‬ ‫والنفسي ‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫ونجد أن اإلسالم يتعرض لحمالت شرسة‬ ‫وكبيرة على مر األجيال‪ ،‬وكانت هذه الحمالت‬ ‫معلنة في السابق‪ ،‬لكنها تتستر حاليا تحت مسمى‬ ‫الحرب الناعمة من خالل إلباس كل املمارسات‬ ‫األسرية الخاطئة ثياب اإلسالم في املواد اإلعالمية‬ ‫والدراما والسينما ومختلف وسائل اإلعالم ‪..‬‬ ‫والعنف األسري أحد أبرز املشاكل التربوية التي‬ ‫تعاني منها املجتمعات املسلمة؛ وله عدة أسباب‬ ‫أهمها الفقر والجهل وال عالقة لإلسالم بثقافة‬ ‫العنف األسري مطلقا‪ ،‬ورسول هللا صل هللا‬ ‫عليه وسلم يقول ‪ ( :‬من روع مؤمنا روعه هللا يوم‬ ‫القيامة‪) ..‬سواء كان جادا أو مازحا ‪..‬‬ ‫وهناك عبارة أسترجعها دائما وهي ثول العقاد‬ ‫‪/‬اذا ضعفت حجة الرجل عال صوته‪..‬؛‬ ‫التخاطب بالعنف أو بالتعقل هو من يوضح‬ ‫شخصية الرجل في البيت‪ ،‬والرجل الذي يتكلم‬ ‫بالصراخ تعرف أنه مجادل ويسكت من حوله‬ ‫بتخويفهم بالصراخ وعمل إشارات تدل على أنه‬ ‫اذا غضب أكثر سيؤذي من يخاطبه‪ ،‬فال يريد‬ ‫سماع الحجة ‪.‬وعلى العكس من ذلك فالرجل‬ ‫املتعقل الواثق يسأل ويستفسر ويقنع ويقوم‬ ‫بحل املشكلة دون ترك أثر وتراكمات تؤدي إلى‬ ‫مشاكل كبيرة الحقا‪..‬‬ ‫في الحياة العامة أصبحنا نسمع عن حوادث‬ ‫القتل والعنف بين الزوجين أو االبن مع أسرته ‪،‬‬ ‫أو الصديق مع صديقه ‪ ،‬وهذا ال عالقة لإلسالم‬ ‫به ألنه لم يرد ال في القرآن وال في السنة النبوية‬ ‫مطلقا؛ والنبي عليه الصالة والسالم قال ‪ :‬تركت‬ ‫لكم ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا‪..‬‬ ‫كتاب هللا وسنتي ‪..‬‬ ‫ومن آثار العنف األسري اضطراب نف�سي‬ ‫وسلوكي يسميه علماء النف�سي باملازوشية ‪،‬‬ ‫وهو اضطراب ولذة في تعذيب النفس والتعرض‬ ‫للتعذيب الجسدي أو النف�سي أو اللفظي من‬ ‫الطرف اآلخر‪.‬‬ ‫من األسباب التي تؤدي لهذه االضطرابات‬

‫السلوكية في املجتمع أن الوالدين يضغطان‬ ‫على أطفالهما في التربية ألنهما يريدان أن يعيش‬ ‫األطفال داخل قوالب وضعاها لهم‪ ،‬فيوجهان‬ ‫لهم اإلهانات والعنف اللفظي ويستخدمان‬ ‫أساليب الضرب فيحدث ذلك كبتا لهذا الطفل‬ ‫وتبدأ آثار املازوشية بالظهور‪..‬‬ ‫أو ربما يكون بسبب أن هذا الطفل تعرض‬ ‫لالعتداء أو التحرش الجن�سي فيبدأ باالنطواء‬ ‫على نفسه وهذا شائع خصوصا عند البنات ألنهن‬ ‫يلقين دائما باللوم والذنب ويسقطن ما حدث على‬ ‫أنفسهن ‪ ،‬هؤالء ينغلقون على أنفسهم وال يجدون‬ ‫من يبوحون له‪ ،‬ألنهم يخافون من نظرة اآلخرين‬ ‫لهم ‪ ،‬فيبدأ هذا الشعور في التحول إلى توجه‪،‬‬ ‫وتقبل اإلهانة حد الرضا ويتحول بالتالي إلى سلوك‬ ‫قد يتطور إلى نتائج خطيرة جدا‪ ،‬لذلك تحتاج هذه‬ ‫الشخصيات إلى أن تعرض على مختصين نفسيين‬ ‫إلعادة تأهيلهم ليواجهوا الحياة‪ ،‬ويحتاجون إلى‬ ‫جعلهم أكثر تحكما بالنفس وبتصرفاتهم‪ ،‬وتجنبا‬ ‫للكثير من املشاكل والضغوط النفسية يجب أن‬ ‫يكون أساس األسرة قويا‪،‬‬ ‫ومن أجل حياة سليمة مستقرة يجب أن يختار‬ ‫الرجل شريكة حياته بعناية‪ ،‬ويحرص على أن‬ ‫تكون ذات دين ‪ ،‬ألنها إن كانت ذات دين فهي تعلم‬ ‫ما لها وما عليها من الحقوق والواجبات وأيضا‬ ‫أهل الفتاة يجب أن يختاروا لها صاحب الخلق‬ ‫والدين (إن جاءكم من ترضون دينه وخلقه‬ ‫فزوجوه) ‪..‬‬ ‫صاحبة الدين ستربي أوالدها تربية على أسس‬ ‫دينية وقيم نبيلة وصاحب الدين سيحرص على‬ ‫أن ينشر جوا من األمان واالستقرار لزوجته‬ ‫وأبنائه‪..‬‬ ‫أخيرا؛ هذه دعوة لكل اآلباء ليحرصوا على‬ ‫تنشئة أبنائهم تنشئة سليمة وصالحة؛ مبنية على‬ ‫الحب والتصالح مع النفس ومع اآلخرين لنضمن‬ ‫ملجتمعاتنا مستقبال خاليا من عاهات ومشاكل‬ ‫اليوم‪.‬‬


‫أخبار‬

‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫عن رسالته ( الصراع القيمي لدى طلبة جامعة صنعاء وتصوراتهم لدور الجامعة في مواجهته )‬

‫الماجستير للباحث شعبين‬ ‫حــاز الباحــث محمــد أحمــد محمــد صالــح شــعبين علــى درجــة الماجســتير‬ ‫بتقديــر ممتــاز مــن جامعــة صنعــاء وذلــك عــن رســالته الموســومة ب»الصــراع‬ ‫القيمــي لــدى طلبــة جامعــة صنعــاء وتصوراتهــم لــدور الجامعــة فــي مواجهتــه»‪.‬‬ ‫هــذا وقــد منحــت اللجنــة المكلفــة باإلشــراف والحكــم علــى الدراســة الباحــث‬ ‫شــعبين درجــة الماجســتير بامتيــاز وذلــك بعــد المناقشــة العلنيــة للرســالة التــي‬ ‫تمــت يــوم الخميــس ‪ 24/12/2020‬بقاعــة الشــهيد الصمــاد بكليــة التربيــة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وقد تك ّونت لجنة المناقشة من‪:‬‬ ‫رئيسا للجنة ‪ -‬جامعة صنعاء‪.‬‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬خالد محسن الجرادي ‪ -‬ممتح ًنا‬ ‫داخليا ‪ً -‬‬ ‫ً‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬طاهــر محمــد عمــر األهــدل ‪ -‬المشــرف علــى الرســالة ‪ -‬جامعــة صنعــاء ‪-‬‬ ‫عضــوا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫عضوا‪.‬‬ ‫خارجيا ‪ -‬جامعة إب ‪-‬‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ممتح‬ ‫‬‫البعداني‬ ‫فؤاد‬ ‫أ‪.‬د‪/‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫هــذا ويعــد الباحــث شــعبين مــن كــوادر اإلدارة العامــة للشــؤون الماليــة بديــوان عــام وزارة‬ ‫التربيــة والتعليم‪.‬‬ ‫(بتصرف عن اإلعالم التربوي والقناة التعليمية)‬

‫كلية اآلداب بجامعة ذمار تحتفل باليوم العالمي للغة العربية‬

‫كتب ‪ -‬نبيهة محضور‬ ‫تحــت شــعار (اللغــة العربيــة هويتنــا ومبعــث حضارتنــا‬ ‫وتعليمهــا فــرض واجــب)‪ ،‬وبحضــور الدكتــور عبدالكريــم‬ ‫البحلــة عميــد كليــة اآلداب‪ ،‬نظــم قســم اللغــة العربيــة‬ ‫بكليــة اآلداب ‪ -‬جامعــة ذمــار فعاليــة بمناســبة اليــوم‬ ‫العالمــي للغــة العربيــة‪.‬‬ ‫وفــي الفعاليــة التــي أقيمــت بقاعــة الشــوكاني بكليــة‬ ‫اآلداب أشــار الدكتــور عبــد الكريــم البحلــة فــي كلمتــه بــأن‬ ‫اللغــة العربيــة تعــد مــن أقــدم اللغــات وأكثرهــا تبا ًثــا وقــدرة‬ ‫علــى اســتيعاب العلــوم والمعــارف والفنــون وكل مظاهــر‬ ‫نظــرا لمــا تتمتــع بــه مــن خصائــص تفتقرهــا‬ ‫الحيــاة؛‬ ‫ً‬ ‫اللغــات اإلنســانية األخــرى‪.‬‬ ‫مضيفــا‪« :‬يكفــي اللغــة العربيــة شــر ًفا أنهــا لغــة القــرآن‬ ‫ً‬ ‫الكريــم آخــر كتــب الســماء ولغــة الرســالة المحمديــة ختــام‬ ‫مؤكــدا علــى أهميــة تعلــم اللغــة‬ ‫الرســاالت الســماوية»‪،‬‬ ‫ً‬ ‫دائمــا‬ ‫العربيــة وتعليمهــا‪ ،‬وأن االحتفــاء بهــا يجــب أن يكــون ً‬ ‫ـاكرا فــي كلمتــه المنظميــن وكل المشــاركين‬ ‫ـتمرا‪ ،‬شـ ً‬ ‫ومسـ ً‬ ‫والداعميــن للفعاليــة‪.‬‬

‫بدورهــا أشــارت الدكتــورة أنيســة الهتــار رئيســة قســم‬ ‫اللغــة العربيــة بكليــة اآلداب أن إحيــاء هــذه المناســبة‬ ‫إبــراز لعظمــة هــذه اللغــة وأهميتهــا وتســليط الضــوء عليهــا‬ ‫واالعتــزاز بهــا‪ ،‬مؤكــدة علــى أهميــة تعلــم اللغــة العربيــة‬ ‫كونهــا واجــب دينــي وجســر يربــط بيــن أبنــاء اللغــة‬ ‫الواحــدة وال تقــل أهميــة عــن الســيادة الوطنيــة‪.‬‬ ‫قــدم وأدار‬ ‫وقــد أشــار الدكتــور نجيــب الورافــي الــذي ّ‬ ‫الفعاليــة إىل أننــا نتعلــم اللغــة العربيــة لنجــد ســبل‬ ‫النهــوض المعرفــي لعلومهــا لكــي تحقــق أهدافهــا فــي‬ ‫التقــدم والمواكبــة‪.‬‬ ‫بــدوره أكــد األســتاذ عبــده الحــودي رئيــس فــرع اتحــاد‬ ‫أدبــاء وكتــاب ذمــار علــى أهميــة االهتمــام باللغــة العربيــة‪،‬‬ ‫وأهميــة تأهيــل طــاب ومعلمــي المــدارس وأســاتذة‬ ‫الجامعــة فــي اللغــة العربيــة لتحســين مســتوى اللغــة‬ ‫داعيــا إىل االهتمــام بالثقافــة كونهــا‬ ‫العربيــة كتابــة‬ ‫ً‬ ‫ونطقــا‪ً ،‬‬ ‫وســيلة لحمايــة اللغــة العربيــة‪.‬‬ ‫ألقيــت فــي الفعاليــة عــدد مــن أوراق العمــل للدكتــور‬ ‫عبــدهللا العبســي والدكتــور يحيــى داديــه والدكتــور فهــد‬

‫الســبيعي واألســتاذة نبيهــة محضــور رئيســة نــادي القصــة‬ ‫بذمــار‪ ،‬أشــارت األوراق فــي مجملهــا إىل مكانــة اللغــة‬ ‫العربيــة كلغــة شــعائرية دينيــة واجــب تعلمهــا وأنهــا مــن‬ ‫أوســع اللغــات اإلنســانية فــي التعبيــر‪ ،‬وتنفــرد بكونهــا لغــة‬ ‫اشــتقاقية‪ ،‬وتتصــف بأنهــا تحمــل مــن مواطــن الجمــال‬ ‫والمصطلحــات والحــروف واإلبــداع مــا لــم يمكــن العثــور‬ ‫مجتمعــا فــي لغــة أخــرى‪.‬‬ ‫عليــه‬ ‫ً‬ ‫كمــا ألقيــت فــي الفعاليــة العديــد مــن القصائــد الشــعرية‬ ‫المعبــرة عــن أهميــة اللغــة العربيــة ومكانتهــا لعــدد مــن‬ ‫ّ‬ ‫الشــعراء منهــم الشــاعر مــراد عيســى األميــن العــام لرابطــة‬ ‫البردونــي الثقافيــة وعبدالرحيــم البازلــي وشــريف النعضــي‬ ‫وزيــاد النعمــي وبشــير المصقــري وهنــادي طاهــر‪ ،‬وعــدد‬ ‫مــن الكلمــات لريــم العمــري وبلقيــس الشــوباني وآخريــن‪.‬‬ ‫فــي ختــام الفعاليــة تــم تكريــم المشــاركين والداعميــن‬ ‫للفعاليــة‪ ،‬وإصــدار بيــان أدان الحاضــرون مــن خاللــه‬ ‫اســتمرار الســطو علــى بيــت اتحــاد األدبــاء والكتــاب بذمــار‪،‬‬ ‫داعيــن فيــه الجهــات المعنيــة ســرعة البــت فــي الموضــوع‪،‬‬ ‫واتخــاذ اإلجــراءات الالزمــة بحــق المعتديــن‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫أخبار‬

‫سلسلة (من هؤالء تعلمت) للدكتور أبو طالب‬ ‫بمجلة أقالم عربية في إصدار جديد‬ ‫صــدر للناقــد واألديــب واألكاديمــي اليمنــي الدكتــور‬ ‫إبراهيــم أبــو طالــب كتــاب جديــد يحمــل عنــوان‬ ‫تعلمــت‪ -‬ســيرة ذاتغيريــة) عــن دار‬ ‫(مــن هــؤالء‬ ‫ُ‬ ‫ديــوان العــرب للنشــر والتوزيــع بجمهوريــة مصــر‬ ‫العربيــة‪.‬‬ ‫يقــع الكتــاب فــي ‪ 444‬صفحــة مــن القطــع الكبيــر‪،‬‬ ‫ويحتــوي علــى مقــاالت ُنشــرت فــي مجلــة (أقــام‬ ‫عربيــة) لعاميــن متتالييــن مــن ســبتمبر ‪2018‬م‬ ‫حتــى ســبتمبر ‪2020‬م‪.‬‬ ‫وعالمــا‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫أســتا‬ ‫‪24‬‬ ‫ــ‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ذاتغيريــة‬ ‫يضــم الكتــاب ســيرة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأكاديميــا تعلّــم المؤلــف علــى أيديهــم‪ ،‬وتعلــم‬ ‫وناقــدا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫علــى أيديهــم المئــات مــن النقــاد واألدبــاء العــرب‪ ،‬ينتمــون‬ ‫إىل عــدد مــن األقطــار العربيــة كاآلتــي‪ :‬مصــر (‪،)11‬‬

‫واليمــن (‪ ،)7‬والعــراق (‪ ،)3‬وســوريا (‪ ،)2‬والجزائــر (‪.)1‬‬ ‫وكمــا أفــاد الدكتــور إبراهيــم فســيكون هــذا اإلصدار‬ ‫متاحــا فــي معــرض القاهــرة الدولــي للكتــاب‪ ،‬ومــن‬ ‫ً‬ ‫قبلــه فــي معــرض تونــس للكتــاب‪.‬‬ ‫يكتســب الكتــاب أهميتــه مــن أهميــة األســماء‬ ‫التــي تناولهــا؛ فاألســاتذة الذيــن تناولهــم الكتــاب‬ ‫يعـ ّـدون مــن أكبــر أســاتذة األدب والنقــد فــي العصــر‬ ‫ممتــدا ألجيــال‬ ‫الحديــث‪ ،‬وســيظل نــور إشــعاعهم‬ ‫ً‬ ‫طويلــة‪.‬‬ ‫مجلــة (أقــام عربيــة) تبــارك للدكتــور إبراهيــم‬ ‫أبــو طالــب هــذا اإلصــدار الجديــد الــذي ُيضــاف إىل‬ ‫رصيــده الكبيــر فــي إثــراء المكتبــة العربيــة‪ ،‬وتتمنى‬ ‫لــه مزيـ ًـدا مــن العطــاء العلمــي والمعرفــي واألدبــي‪.‬‬

‫الماجستير للباحثة هاجر محمد السامعي‬

‫حصلــت الباحثــة هاجــر محمــد عبــدهللا الســامعي علــى درجــة الماجســتير بامتيــاز عــن‬ ‫رســالتها الموسومة ب‪:‬‬ ‫(اآلداب الســلطانية فــي العصــر الوســيط‪ :‬مقاربــة شــعرية فــي أربعــة نمــاذج) مــن قســم‬ ‫اللغــة العربيــة وآدابهــا فــي كليــة اآلداب والعلــوم اإلنســانية بجامعــة صنعــاء‪.‬‬ ‫تمــت المناقشــة العلنيــة لرســالة الماجســتير يــوم اإلثنيــن ‪ 28‬ديســمبر ‪2020‬م‪،‬‬ ‫وقــد ّ‬ ‫فــي قاعــة مركــز اإلرشــاد النفســي والتربــوي بالجامعــة الجديــدة‪ ،‬إشــراف الدكتــور علــي بــن‬ ‫علــي مبــارك الحضرمــي‪ ،‬فيمــا تك ّونــت لجنــة المناقشــة والحكــم مــن األســاتذة‪:‬‬ ‫رئيسا‪.‬‬ ‫مناقشا‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬صادق عبده محمد السلمي ‪-‬‬ ‫ً‬ ‫خارجيا ‪ -‬جامعة ذمار ‪ً -‬‬ ‫ً‬ ‫عضوا‪.‬‬ ‫‬‫صنعاء‬ ‫جامعة‬ ‫‬‫ا‬ ‫داخلي‬ ‫ا‬ ‫مناقش‬ ‫د‪ /‬محمد مرشد محمد الكميم ‪-‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫د‪ /‬علــي بــن علــي مبــارك الحضرمــي ‪ -‬المشــرف علــى الرســالة ‪ -‬جامعــة صنعــاء ‪-‬‬ ‫عضــوا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫هذا وقد حضر المناقشة عدد من المهتمين وجمع من أهل الباحثة واألصدقاء‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫إصدارات‬ ‫أصدرت مؤخر ًا إدراة مهرجان القدس السينمائي الدولي كتاب ًا بعنوان‬ ‫‪«:‬فلسطين في الدراما العربية» وذلك تزامن ًا مع انطالق الدورة الخامسة‬ ‫للمهرجان‪.‬‬ ‫وأوضح الدكتور عزالدين شلح رئيس المهرجان‪ :‬أنها المرة األوىل التي‬ ‫تصدر فيها إدراة المهرجان كتاب ًا ؛ لتسليط الضوء على إهتمام الفن‬ ‫بالقضية الفلسطينية‪.‬‬ ‫معرب ًا عن شكره لكل الجهود‬ ‫المبذوله في إنجاح العمل‪.‬‬ ‫وبين الدكتور شلح أن الكتاب‬ ‫ّ‬ ‫الذي يشارك فيه ‪26‬فنان ًا من‬ ‫مختلف الدول العربية سيسهم‬ ‫في بلورة رؤية سينمائية ثقافية‬ ‫حول القضية الفلسطينية‪.‬‬ ‫بدورها أوضحت الدكتورة‬ ‫لمى طياره أن الكتاب يحتوي‬ ‫على ‪4‬فصول ريئسة ‪،‬حمل‬ ‫الفصل األول عنوان» مالمح»‬ ‫وكتب فيه نخبة من أبرز‬ ‫النقاد والمخرجين والفنانين‬ ‫حول المالمح والمراحل التي وصلت إليها الدراما بشقيها السينمائي‬ ‫والتلفزيوني في سياق تناولها لمعاناة وكفاح الشعب الفلسطيني‪.‬‬ ‫فيما أشار الفصل الثاني إىل دور الفن في دعم ومساندة القضية‪.‬‬ ‫أما الفصل الثالث من الكتاب فقد استعرض محطات خالدة للتجارب‬ ‫السينمائية في ذاكرة الشعوب‪.‬‬ ‫ورصد الفصل الرابع واألخير شبه مسح لألعمال السينمائية التي‬ ‫تناولت قضية الشعب الفلسطيني بإعتبارها القضية المصيرية‪.‬‬ ‫يشار إىل أن الكتاب يعد الموسوعة البكر في هذا السياق ؛ لما يقدمه من‬ ‫مادة ثرية وغنية جديرة باإلطالع‪.‬‬


‫أخبار‬

‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫رحيل اإلعالمي اليمني الكبير عقيل الصريمي‬ ‫نعــى الوســط اإلعالمــي والصحفــي‬ ‫واألدبــي‪ ،‬الصحفــي واإلذاعــي والشــاعر‬ ‫اليمنــي عقيــل الصريمــي الــذي وافتــه‬ ‫المنيــة بعــد ظهــر الســبت ‪ 2‬ينايــر‬ ‫الحالــي‪..‬‬ ‫ونعــى أدبــاء وإعالميــو اليمــن الفقيــد‬ ‫وصوتــه الفريــد‪ ،‬مســتذكرين مناقبــه‬ ‫وأعمالــه االعالميــة االذاعيــة التــي‬ ‫دخلــت كل بيــت يمنــي عبــر برامجــه‬ ‫اإلذاعيــة المتميــزة وخصوصــ ًا إذاعــة‬ ‫صنعــاء‬ ‫مذيعــا ومعـ ًـدا لعديــد‬ ‫وكان الصريمــي‬ ‫ً‬ ‫مــن البرامــج الثقافيــة والمنوعــة‬ ‫فــي إذاعــة صنعــاء وتعــز ألكثــر مــن‬ ‫‪ 30‬عامــاً‪ ،‬ومــن أبــرز برامجــه «رحلــة‬ ‫االٔســبوع»‪ ،‬و»أوراق مســافرة»‪ ،‬و»واحــة‬ ‫اليــوم» و»اســتراحة الظهيــرة» التــي‬

‫تميــز بهــا فــي ثنائيــة فريــدة مــع‬ ‫المذيعــة المعروفــة عائــدة الشــرجبي‪.‬‬ ‫وكان الصريمــي يعانــي مــن مشــاكل‬ ‫فــي القلــب‪ ،‬وســاءت حالتــه الصحيــة‪،‬‬ ‫وظــل أكثــر مــن ســنة فــي قريتــه‬ ‫الريفيــة غــرب مدينــة تعــز بعــد أن‬ ‫كان قــد توقــف عــن العمــل فــي اإلذاعــة‬ ‫عقــب انــدالع الحــرب قــي اليمــن عــام‬ ‫‪2015‬م‪.‬‬ ‫وبعــد مناشــدات عــدد مــن اإلعالمييــن‬ ‫إلنقــاذ حيــاة الصريمــي تمــت االســتجابة‬ ‫لتســفيره للعــاج فــي الخــارج مــن قبــل‬ ‫الحكومــة وأجريــت لــه عمليــة قلــب‬ ‫مفتــوح‪.‬‬ ‫وولــد الشــاعر والمذيــع واإلعالمــي‬ ‫عقيــل محمــد عبــده الصريمــي عــام‬ ‫‪ 1958‬فــي القريشــة‪ ،‬بالشــمايتين‪،‬‬

‫بمحافظــة تعــز‪.‬‬ ‫والتحــق الراحــل بالعمــل اإلعالمــي‬ ‫فــي وقــت مبكــر مــن عمــره‪ ،‬فحينمــا‬ ‫كان فــي الصــف الثالــث االبتدائــي عمــل‬ ‫مقدمــ ًا لبرامــج األطفــال فــي إذاعــة‬ ‫الحديــدة ثــم برنامــج “الجيــل الصاعــد”‬ ‫فــي اإلذاعــة ذاتهــا‪.‬‬ ‫وحينمــا وصــل للمرحلتيــن‬ ‫اإلعداديــة‪ ،‬والثانويــة فــي دراســته‪ ،‬كان‬ ‫مذيعـ ًا لألخبــار‪ ،‬ومــن ثــم رئيــس قســم‬ ‫البرامــج فــي إذاعــة الحديــدة‪.‬‬ ‫وفــي مطلــع ثمانينيــات القــرن‬ ‫المنصــرم انضــم الصريمــي للعمــل فــي‬ ‫إذاعــة صنعــاء كمذيــع‪ ،‬وفــي مناصــب‬ ‫إداريــة متفرقــة مــدة ثالثيــن عامــاً‪،‬‬ ‫ومــن ثــم انتقــل للعمــل بمنصــب مديــر‬ ‫عــام البرامــج فــي إذاعــة تعــز‪.‬‬

‫جازان تودع الشاعر القدير‬ ‫أحمد الحربي‬ ‫توفــي فــي المملكــة العربيــة الســعودية يــوم‬ ‫اإلثنيــن ‪11‬ينايــر الشــاعر الســعودي أحمــد‬ ‫الحربــي بعــد صــراع طويــل مع مــرض الســرطان‪.‬‬ ‫والفقيــد شــاعر وكاتــب قصصــي‪ ،‬ولــد فــي‬ ‫بلــدة القرفــي مــن وادي جــازان فــي ‪ 31‬ينايــر‬ ‫‪ ،1957‬وتلقــى تعليمــه االبتدائــي والمتوســط فــي‬ ‫مســقط رأســه‪ ،‬وحصــل علــى الثانويــة العامــة‬ ‫مــن ثانويــة معــاذ بــن جبــل فــي جيــزان ســنة‬ ‫‪1397‬هـــ‪ ،1977/‬ثــم علــى دبلــوم المعلميــن مــن‬ ‫كليــة أبهــا المتوســطة ‪1400‬هـــ‪ ،1980/‬وعمــل‬ ‫مدرســ ًا فــي منطقــة أبهــا التعليميــة حتــى‬ ‫‪1404‬هـــ‪ ،1984/‬ثــم انتقــل إىل منطقــة جيــزان‬ ‫طالبيــا فــي مدرســة الحســن‬ ‫حيــث عمــل مرشـ ًـدا‬ ‫ً‬ ‫بــن الهيثــم‪ ،‬ثــم انتقــل إىل مســقط رأســه ليعمــل‬ ‫مدرســاً‪ ..‬وحصــل األديــب الحربــي علــى دبلــوم‬ ‫فــي اللغــة اإلنجليزيــة مــن معهــد ســانز للغويــات‬ ‫بالواليــات المتحــدة األميركيــة ‪ -‬واشــنطن‪.‬‬ ‫وكان الشــاعر أحمــد الحربــي عضــوا فــي نــادي‬ ‫أبهــا األدبــي‪ ،‬ونــادي جــازان األدبــي‪ ،‬وجمعيــة‬ ‫الثقافــة والفنــون بأبهــا‪ ،‬ولــه مســاهمات عديــدة‪،‬‬ ‫ورأس نــادي جــازان األدبــي‪ ،‬وحصــل علــى عــدد‬ ‫مــن الــدروع والجوائــز وشــهادات التقديــر المحليــة‬ ‫والســعودية‪ ،‬وأعلنــت جائــزة جــازان للتفــوق‬ ‫واإلبــداع فــي نســختها الثالثــة عشــرة‪ ،‬فــوره‬

‫بجائــزة الشــخصية الثقافيــة لعــام ‪ 2019‬وقبلــه‬ ‫فــاز بجائــزة القرشــي للشــعر العربــي ‪.2016‬‬ ‫وكان الشــاعر الحربــي قــد أصــدر عــدة‬ ‫دواويــن شــعرية‪ ،‬منهــا‪ :‬رحلــة األمــس‬ ‫(‪ ،)1995‬الصــوت والصــدى (‪ ،)1996‬أرقــب‬ ‫الشــادي (‪ ،)1996‬تقاســيم علــى جــذع نخلــة‬ ‫(‪ ،)1996‬مــزار الخلخــال (‪ ،)1999‬وقفــات علــى‬ ‫عقــارب الــزوال (‪ ،)2000‬الخــروج مــن بوابــة‬ ‫الفــل (‪ ،)2000‬قــادم كلــي إليــك (‪ ،)2009‬مــع‬ ‫الريــح (‪.)2016‬‬

‫إصدارات‬ ‫صدر عن دار يافا العلمية للنشر والتوزيع في المملكة األردنية الهاشمية‪،‬‬ ‫المولود األدبي الثاني للكاتبة والقاصة البحرينية فاطمة النهام‪ ،‬وهو‬ ‫عبارة عن مجموعة قصصية منوعة تحتوي على قصص من أدب‬ ‫الميتافيزيقا (ما وراء الطبيعة)‪.‬‬ ‫حيث كتبت في مقدمة إحدى قصص الكتاب ‪ :‬كانت تنسج شباكها‬ ‫لإليقاع بي‪..‬‬ ‫ال للحب واالرتباط‪..‬‬ ‫انما رغبة منها بأن أكون‬ ‫طبق عشائها المقبل!‬ ‫أدركت حينها بأن زوار ذلك‬ ‫المقهى‪..‬‬ ‫بالتحديد‪..‬‬ ‫زوار ما بعد منتصف الليل‪..‬‬ ‫هم سيئوا الحظ‪..‬‬ ‫لقد أدركت ذلك‪..‬‬ ‫ولكن‪..‬‬ ‫بعد فوات األوان‪!..‬‬ ‫كما اشتملت المجموعة على‬ ‫قصص من أدب الفانتازيا‪،‬‬ ‫واحتوت أيضا على قصص‬ ‫اجتماعية من البيئة‬ ‫البحرينية والعربية ومن البيئة األجنبية‪.‬‬ ‫تناولت من خاللها القاصة بعض التجارب لحاالت انسانية مثل فئة‬ ‫األيتام والعنف األسري والتشوه الخلقي والتنمر من المجتمع والفقر‬ ‫وتعدد الزوجات والصراع النفسي ما بين عدم تلبية حاجات تحقيق‬ ‫الذات والتقدير من االخرين‪ ..‬ساهمت الفنانة أمل خالد أمين برسم‬ ‫لوحة الغالف وساهمت الفنانة أسيل خالد أمين برسم اللوحات‬ ‫التعبيرية الداخلية للقصص مع الفنانة أمل خالد أمين‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫أخبار‬

‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫نوار الشاطر توقع كتابها الثالث‬

‫أقيم في المركز الثقافي بكفرسوسة في مدينة دمشق‬ ‫بتاريخ ‪ ٢٠٢٠/١٢/١٧‬أمسية أدبية حول كتاب (هل بلغك‬ ‫شعري ؟ ) للشاعرة السورية نوار الشاطر قدم من خاللها‬ ‫النقاد ‪:‬الشاعرة د ‪.‬أسيل أزعط والناقد عمر جمعة قراءات‬ ‫في هذا الديوان وأدار األمسية اإلعالمي عالم عبد الهادي ‪.‬‬ ‫كما قرأت الشاعرة عدة قصائد من ديوانها وأجابت على‬ ‫مداخالت الحضور والنقاد ‪.‬‬ ‫حول كتابها الثالث تحدثنا الشاطر فتقول هو أوراق‬ ‫تساقطت من شجرة الحب ورويت بمداد القلب ‪....‬رحلة‬ ‫بحث عن الحبيب البعيد القريب الغائب الحاضر في‬ ‫وجدان أنثى عاشقة مازالت ترسم مالمح حبها في خيالها‬ ‫وتجسده في كلمات على الورق‪ ..‬وتضيف أيض ًا رغم أن هل‬

‫بلغك شعري هو اإلصدار الثالث بعد هديل قلب و كوكب دري‬ ‫البدايات التي كتبتني‬ ‫إال أنه األول في الكتابة فتقول هي‬ ‫ُ‬ ‫نعيم الحرف‬ ‫ألدخل‬ ‫القويم‬ ‫ٔقف على الصراط‬ ‫وعلمتني أن ا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٔنهل من نهر النثر‪ ..‬قد ال تكون البدايات المع ًة براقة لكنها‬ ‫وا َ‬ ‫الخطو ُة األوىل التي ال بد منها‪ ،‬هي جرع ُة الشجاعة التي‬ ‫نحتاجها لنبدأ إبحارنا في حبر النهايات بقلم واثق الخطا‬ ‫ُ‬ ‫سفن أحالمنا شواطئ غاياتها‪.‬‬ ‫حينئذٍ‬ ‫ُ‬ ‫ستدرك ُ‬ ‫ختام ًا قامت الشاطر بتوقيع نسخ للحضور وبتشكر‬ ‫القائمين على األمسية ومديرة المركز السيدة نعيمة‬ ‫سليمان و الحضور الكريم الذي تمثل بالعديد من األدباء‬ ‫والنقاد واإلعالميين نذكر منهم اإلعالمي الشاعر محمد‬ ‫خالد الخضر والناقد الشاعر د‪ .‬نزار بني المرجة ‪.‬‬

‫الحسني يحصد لقب (شاعر الجامعة)‪ ،‬بالجامعة‬ ‫اإلسالمية بالمدينة المنورة‬ ‫حصد الشاعر اليمني شكري‬ ‫الحسني لقب شاعر الجامعة إثر‬ ‫حصوله على المركز األول في‬ ‫التصفيات النهائية لمسابقة‬ ‫«شاعر الجامعة» ‪..‬‬ ‫في الجامعة اإلسالمية في‬ ‫المملكة العربية السعودية‪ ،‬في‬ ‫قصيدته (ال تقتلوه بمن يكون)‬ ‫وهذا نص القصيدة‬ ‫ال تقتلوه بـ “من يكون‪..‬؟!‬ ‫‪.‬‬ ‫وجه حتفِ ْه‬ ‫البسا َ‬ ‫مر كالحلم‪ً ..‬‬ ‫َّ‬ ‫الغصن من عصافير‬ ‫ُيطعِ م‬ ‫َ‬ ‫حرفِ ْه‬ ‫مر من بين شوكتين ‪ ..‬وكانت‬ ‫َّ‬ ‫شجر األرض دمع ًة تحت طرفِ ْه‬ ‫ُ‬

‫‪8‬‬

‫مستحيل‬ ‫كشاعر‬ ‫كان يبدو‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫األرض حزنها فوق كِ ْتفه‬ ‫تسند ُ‬ ‫ُ‬ ‫عشبا‬ ‫المجازات‬ ‫فم‬ ‫من‬ ‫ينتقي‬ ‫ً‬ ‫أوجاع عزفه‬ ‫ثم يملي عليه‬ ‫َ‬ ‫والموت من يعول الثكاىل‬ ‫مر‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫أثواب‬ ‫الرغيف‬ ‫عاف‬ ‫منذ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫عطفِ ْه‬ ‫جدار‬ ‫والمساء‬ ‫الباب‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫يفتح َ‬ ‫ِ‬ ‫يد لسقفِ ْه‬ ‫ش‬ ‫راش‬ ‫الف‬ ‫من دموع‬ ‫َ‬ ‫ِ َ‬ ‫كلما اجتاز ليل ًة‪ ..‬يلتقي في‬ ‫شكل خلفِ ْه‬ ‫أمام ُه‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫كل شي ٍء َ‬ ‫ألي منفى سيأوي‬ ‫ليس يدري ّ‬ ‫ليس يدري بأينه أو بكيفه‪..‬‬ ‫عهدا‪ ..‬ولكن‬ ‫يخن للحمام ً‬ ‫لم ْ‬ ‫صفه‬ ‫السرب‬ ‫غرد‬ ‫خارجا عن ِّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫موطن اليتامى‪ ..‬ولكن‬ ‫إنه‬ ‫ُ‬

‫لم يجد ما يقوتهم‪....‬‬ ‫غير لطفه‬ ‫منايا‬ ‫ينسى‬ ‫حين‬ ‫الطفل‬ ‫إنه‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫يضج بأنفه‬ ‫يزل َع ْر ُفها‬ ‫ّ‬ ‫لم ْ‬ ‫إنه األرض ليس تنسى‬ ‫شهيدا‪...‬‬ ‫ً‬ ‫إنه الشعب‪ ..‬فاحذروا ريح‬ ‫عصفه‬ ‫نصفه ثم يمضي‬ ‫يهب‬ ‫الموت َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫للمعالي ِ‬ ‫كل‪ ..‬بنصفه‬ ‫كألف ٍّ‬ ‫شاعر‪ ..‬ويكفيه ع ًّزا‬ ‫إنه‬ ‫ٌ‬ ‫صفر‬ ‫محض‬ ‫الصفر‬ ‫أن يرى‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫بكف ْه‬ ‫ِّ‬ ‫‪.‬‬ ‫شاعرا لماذا تالشى‪..‬؟!‬ ‫تسل‬ ‫ال‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫وشاعر طو ُع نزفِ ْه‬ ‫شعر‬ ‫ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫كل ٍ‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫التصوير الفني يف شعر عبداهلل ابن الربيع‬ ‫(الشارع اآلن أمنوذجا)‬

‫محمد الشرعبي‬

‫يقف مصطلح الصورة الفنية في مقدمة المصطلحات ذات األهمية الخاصة في مجال األدب‪.‬‬ ‫وعلـى الرغـم مـن أنـه قـد تـردد كثيـرا فـي كتابـات الدارسـين غيـر أنـه مـع تـردده وشـهرته‬ ‫وأهميتـه مـازال مـن أكثـر المصطلحـات غموضـا وإبهامـا‪.‬‬ ‫يرجع ذلك إلى المفهوم نفسه ووظيفة الصورة وكيفية تشكلها‪.‬‬ ‫ويذهـب بعـض النقـاد إلـى أن هـذا االختلاف ال يـدل على عـدم توحـد مفهوم الصـورة بقدر‬ ‫داللتـه على سـعة المصطلـح وتشـعبه المتعدد‪.‬‬

‫فالصورة يشكلها عدد من العناصر؛ كاملوقع‪ ،‬والحركة‪،‬‬ ‫والشكل‪ ،‬والحجم‪ ،‬واأللوان‪..‬الخ‬ ‫فضال عن تميزها بعدد من الخصائص؛ كالوحدة‪ ،‬واإليحاء‪،‬‬ ‫والتطابق‪ ،‬وغير ذلك من املميزات‪.‬‬ ‫ولعل نظرة النقاد إلى كل ذلك كانت وراء اختالفهم توسعا‬ ‫وتضييقا حيال تلك املكونات‪.‬‬ ‫وال شك أن استعراض كل تلك الخالفات في هذه املقالة‬ ‫سيصرفها عن هدفها املتمثل في محاورة نص الشاعر وتأمله‪..‬‬ ‫يعرف علي البطل الصورة الفنية بأنها تشكيل لغوي يكونها خيال‬ ‫الفنان من معطيات متعددة‪ ،‬يقف العالم املحسوس في مقدمتها‪،‬‬ ‫إذ أن أغلب الصور مستمدة من الحواس إلى جانب ما ال يمكن‬ ‫إغفاله من الصور النفسية والعقلية وإن كانت ال تأتي بكثرة‬ ‫الصور الحسية(‪)1‬‬ ‫هذا التعريف وغيره من التعريفات الحديثة للصورة يحاول‬ ‫التخلص من التقوقع في حيز النظرة القديمة لها‪ ،‬تلك النظرة‬ ‫التي تحصرها في الفنون البالغية املعروفة املتمثلة؛ بالتشبيه‪،‬‬ ‫واالستعارة‪ ،‬والكناية‪ ،‬وغيرها من املفاهيم البالغية القديمة‪..‬‬ ‫فيرى النقاد املعاصرون أنه من املمكن أن تتسع مخيلة الشاعر‬ ‫لتنسج صورا ال تنتمي إلى بنية من تلك البنى البيانية‪.‬‬ ‫بمعنى أنه قد تتعدد عناصرها دون أن تنضوي في إطار معين‬ ‫غير أنها ال تبعد أن تكون في هيئة لوحة أو لقطة أو مشهد(‪)2‬‬ ‫حسب رأي عبدهللا حسين البار‪.‬‬ ‫على أي حال كان األمر فالصورة تعد نمطا مميزا من أنماط‬ ‫الكتابة األدبية‪ ،‬يتم من خالله تجسيد املعنى وتقديمه بالكيفية‬ ‫التي تضفي عليه جانبا من الخصوصية والتأثير‪ ،‬وهي بذلك تعد‬ ‫من أهم عناصر الشعر ومميزاته‪ ..‬لذا فقد لفت إنتباهي هذا‬ ‫املقطع الشعري الخاص بالشاعر عبدهللا بن الربيع‪.‬‬ ‫فهو وإن كان صغيرا إال أنه مكثف جدا‪ ،‬نسج فيه الشاعر‬ ‫صورة بديعية موغلة في اإلبداع‪ ..‬فأحيانا يقرأ املرء قصائد طويلة‬ ‫يشعر أنها خالية من مثل تلك الصور املدهشة‪.‬‬ ‫مقطع يتكون من أربع أبيات فقط إال أنه غني باإلثارة والدهشة‬ ‫والحركة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الشارع اآلن يجري خائفا قلقا‬ ‫َ‬ ‫آت ٌ‬ ‫خفي أفزع الطرقا‬ ‫هل ّثم ٍ‬ ‫فالشاعر يبدأ مقطعه بمشهد ذعر يشبه مشاهد يوم القيامة‬ ‫في هوله وتغيراته‪.‬‬ ‫فالشارع لم يعد ذلك املوجود الساكن كما هو في العادة‪ ،‬فقد‬ ‫انتفض من مرقده بحجمه العمالق وأصبح يجري إلى غير وجهة‪.‬‬ ‫ترى ماذا يجري هنا؟!‬ ‫يا إلهي!‬ ‫الكل في املدينة يركض مذعورا‪.‬‬ ‫ينظر إلى التحوالت الغريبة وال يعرف أسبابها‪.‬‬ ‫فالطبيعة كفرت بقوانين الفيزياء‪ ،‬والشارع يتمرد فجاءة‬

‫عبداهلل ابن الربيع‬ ‫ويجري ملويا عنقه خائفا قلقا‪.‬‬ ‫والناس يجرون معه خائفين يبلعون ريقهم وال يعرفون ما الذي‬ ‫تخبئه لهم األقدار‪.‬‬ ‫جميع من في املشهد يسألون حابسين أنفاسهم‪ ،‬وعيونهم تكاد‬ ‫تخرج من محاجرها‪:‬‬ ‫هل ثم آت خفي أفزع الطرقا؟!‬ ‫ال أحد هنا يعرف ما األمر!‬ ‫يتوارى السؤال خلف السؤال والنتائج عدمية‪ ،‬لم تسفر عن‬ ‫معلومة تسهم في استقرار النفوس‪ ،‬وإخماد الخوف املتصاعد‬ ‫من كل مكان‪.‬‬ ‫هل ثم آت خفي أفزع الطرقا؟‬ ‫هل املدينة تنوي أن تفارقنا؟‬ ‫هللا أكبر‬ ‫املشهد يزداد تأزما فاألرض ترتجف خوفا وقلقا‬ ‫واألسئلة تذهب وال تعود بنفع‪،‬‬ ‫وينمو املشهد‪ ،‬ويزداد تعقيدا متى استمر القارئ في قراءته‬ ‫للمقطع‪.‬‬ ‫وبدأ الناس يضعون افتراضات‬ ‫ليختبروا صحتها‪:‬‬ ‫هل املدينة تنوي أن تغادرنا؟‬ ‫املدينة ستغادر غير عابئة بالناس فيها‪ ،‬فعما قريب سيصبح‬ ‫أعلى املدينة سافلها‪ ،‬فقد خيبت إيمانهم بها‪ ،‬وركونهم إليها‪،‬‬ ‫وكأن تلك الثقة لم تكن سوى وهم انزلق بهم في مهاوي الردى‬ ‫والخسران‪.‬‬ ‫يا إلهي!‬ ‫بم تفكر هذه املدينة؟!‬

‫هل ملت من موتانا املتزايدين في باطنها؟!‬ ‫هل أضجرها رائحتهم املنتنة؟!‬ ‫ربما أنها تكون قد ضاقت من أعداد القتلى واملوتى الذين‬ ‫نواريهم الثرى كل يوم!‬ ‫ربما أنها فكرت بأننا نضمر لها في بواطننا شرا!‬ ‫وأن تلك األعداد الوفيرة التي نقبرهم فيها ترغب في التحلل‬ ‫لتغرق املدينة!‬ ‫فمن سيخبرها أننا ال ننوي فعل ذلك؟!‬ ‫تستمر تلك االفترضات ويستمر في الوقت نفسه تمرد الشارع‬ ‫وجريانه وقلقه‪ ..‬فيختم الشاعر مشهده املمتد وتصويره املركب‬ ‫املتداخل بتفسير حكيم لتلك األمور الخارقة على لسان سكان‬ ‫املدينة‬ ‫قائال‪:‬‬ ‫أم أنها أبصرت ما ليس نبصره‬ ‫فينا من القبح كيما تنقذ األلقا؟!‬ ‫ياهلل!‬ ‫فهنا بيت القصيد عند الشاعر‪ ،‬بعد أن تأمل كثيرا كفيلسوف‬ ‫في أخالق أهل املدينة فساءه ما هم فيه من القبح‪ ،‬فاختلق هذا‬ ‫املشهد ليبين للمتلقى مدى القباحة التي بلغ إليها سكان هذه‬ ‫املدينة‪ ..‬وهو بهذا املشهد التصويري اآلسر البالغ من النضج‬ ‫شأوا كبير يدعوهم للعودة إلى مكارم األخالق قبل أن تحل النكبة‬ ‫على الناس جميعا‪ ،‬ويندمون يوم ال ينفع الندم‪ ..‬مشهد تصوير‬ ‫مدهش خالب ينبئ عن عبقرية فلسفية استثنائة‪ ،‬وهندسة‬ ‫شعرية معقدة أنجز صنعها الشاعر بجدارة واقتدار‪.‬‬ ‫تحياتنا له تترى‪.‬‬ ‫‪------------------‬‬‫ً‬ ‫الشارع اآلن يجري خائفا قلقا‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫آت خفي أفزع الطرقا‬ ‫هل ثم ٍ‬ ‫هل املدينة تنوي أن تغادرنا‬ ‫كأن إيماننا ٌ‬ ‫وهم بها انزلقا‬ ‫ب َم تفكر! هل ّمل ْت َت ُّ‬ ‫سر َبنا‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫إلى املقابر وحال يضمر الغرقا‬ ‫أم أنها أبصرت ما ليس نبصره‬ ‫فينا من القبح‪ ،‬كيما تنقذ األلقا‬ ‫ابن الربيع‬ ‫* استدارك‪ ..‬الشاعر لم يعنون املقطع‪ ،‬فأنا من وضعت له هذا‬ ‫العنوان‪.‬‬ ‫(‪ )1‬الصورة في الشعر العربي‪ ،‬علي البطل‪ ،‬دار األندلس‪،‬بيروت‪،‬ط‪،1‬‬ ‫‪1980‬م‪.‬‬ ‫(‪)2‬الصورة الفنية في القصيدة الجاهلية (دالية النابغة أنموذجا)‪،‬‬ ‫عبدهللا حسين البار‪ ،‬دار حضرموت للدراسات والنشر‪ ،‬ط‪2006 :1‬م‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫البكالي أوال والعاطفي ثانيا وأسماء طلعت في المركز الثالث‬

‫إعالن نتائج مسابقة أقالم عربية السنوية‬ ‫أعلنت إدارة منتدى ومجلة أقالم عربية نتائج‬ ‫مسابقة أقالم عربية السنوية‪ ،‬والتي حملت هذا العام‬ ‫عنوان أقالم حول المرأة حيث جاء في إعالن النتيجة‬ ‫تقدم للمسابقة ‪ 77‬شاعرا وشاعرة من مختلف الدول‬ ‫العربية؛ وبعد الفرز واستبعاد المشاركات الغير مستوفية‬ ‫للشروط تأهلت ‪ 66‬قصيدة لمرحلة التحكيم‪..‬‬ ‫وقد عرضت القصائد على لجنة التحكيم بدون‬ ‫أسماء الشعراء ‪ ..‬وبسبب كثرة القصائد التي‬ ‫وصلت للتحكيم هذا العام؛ فقد استغرقت اللجنة‬ ‫وقتا أطول للتدقيق والتحقق من كل النصوص‬ ‫حرصا على إنصاف الجميع‪ ،‬وكانت القصائد‬ ‫الفائزة بالمراكز الثالثة األوىل كالتالي‪:‬‬ ‫ قصيدة (امرأة من الزورد اليقين) للشاعر ياسين محمد‬‫البكالي _اليمن فازت بدرع المركز األول وجائزته المالية‪.‬‬

‫ قصيدة (تاء التأنيث الالمكسورة) للشاعر غالب العاطفي‬‫ اليمن فازت بدرع المركز الثاني وجائزته المالية‪.‬‬‫ قصيدة (ياألحضان المرايا) ‪ -‬للشاعرة أسماء طلعت‬‫ مصر فازت بدرع المركز الثالث وجائزته المالية‪.‬‬‫وقدمت إدارة المسابقة التهاني للفائزين والشكر‬ ‫واالمتنان لألساتذة الكرام أعضاء لجنة التحكيم على‬ ‫جهدهم وتعبهم للوصول إىل هذه المحطة وهم‪:‬‬ ‫د‪ .‬عبد الرحمن الصعفاني‬ ‫د‪ .‬إبراهيم أبو طالب‬ ‫أ‪ .‬زياد القحم‬ ‫️كما ستتم طباعة القصائد األربعين األوىل في‬ ‫التقييم في ديوان يحمل عنوان (أقالم حول المرأة)‬ ‫وسيتم االحتفاء به في الفعالية السنوية لمجلة أقالم‬ ‫عربية قريبا بمشيئة هللا‬

‫لوحات للفنان التشكيلي السوري‪/‬‬ ‫حسني حممد العقدة‬

‫‪10‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫مشنقة االنتظار‬

‫عيناك‬ ‫ِ‬

‫عبداهلل محمد األمير‬ ‫جت مِ َن األَ‬ ‫عماق قافِ يتي‬ ‫إنِّ ي نَ َس ُ‬ ‫ِ‬ ‫عركَتي‬ ‫فن ِ‬ ‫يا َمن خَ سِ ُ‬ ‫رت َعلَى َج َ‬ ‫يك َم َ‬

‫الهي ٌة‬ ‫فَطالَما ِ‬ ‫أنت في الن ِ‬ ‫َّسيان َ‬ ‫ِ‬ ‫ين أو ِر َدتي‬ ‫أحياك نَ بض ًا َج َرى ما َب َ‬

‫الح ِّب في قَ لبي ِ‬ ‫وآخ َر ُه‬ ‫يا أ َّو َل ُ‬ ‫اليوم خات َِمتي‬ ‫فيك‬ ‫دأت َو ِ‬ ‫مِ ِ‬ ‫ابت ُ‬ ‫نك َ‬ ‫َ‬

‫الح ِّب في قَ لبي وأكذَ َب ُه‬ ‫أصدقَ ُ‬ ‫يا َ‬ ‫عاطفَ تي‬ ‫وت في‬ ‫أهد ِ‬ ‫أكفان ِ‬ ‫الم َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫لي َ‬ ‫يت َ‬

‫هجتُ ها‬ ‫قت حيا ًة ِ‬ ‫لَكَ م َعشِ ُ‬ ‫أنت َب ُ‬ ‫حرقَ تي‬ ‫لَكِ ن غَ ِ‬ ‫دوت لَهيب ًا فَوقَ َم َ‬

‫إن َيذكُروا لي غَ رام ًا خانَ ُه قَ َد ٌر‬ ‫رام ِك ُعنوان ًا ِلَمثِ لَتي‬ ‫َأتى غَ ُ‬

‫أبني ًة‬ ‫أنا الـذي َشـ َّي َد‬ ‫َ‬ ‫األحالم َ‬ ‫رت َمملَكَ تي‬ ‫راب َة إن َد َّم ِ‬ ‫فَال غَ َ‬

‫ناحي ًة‬ ‫مت‬ ‫ون ما َي َّم ُ‬ ‫َوخالِق الكَ ِ‬ ‫َ‬ ‫وصلَتي‬ ‫ّإل َوك ِ‬ ‫ُنت ِبها َوجه ًا ل َِب َ‬

‫َصرحي َتها َوى َوآمالي ُم َبعث َ​َر ٌة‬ ‫يبات َمعذِ َرتي‬ ‫َعلَى َطريقِ ِك في خَ ِ‬

‫ابتغـي َه َـرب ًا‬ ‫َوال َسل ُ‬ ‫َكت َطريقـ ًا َ‬ ‫ناص َيتي‬ ‫عت إىل‬ ‫ّإل َسفَ ِ‬ ‫األشواق ِ‬ ‫ِ‬

‫أجم ُع ُه‬ ‫دوت ُحطام ًا ك َ‬ ‫نَ َعم غَ ُ‬ ‫َيف َ‬ ‫صت َعلَى أشال ِء َبعث َ​َرتي؟‬ ‫َوقَ د َرقَ ِ‬

‫ألت َم َتى ذِ ِ‬ ‫رح ُمني‬ ‫وال َس ُ‬ ‫كراك َت َ‬ ‫ـبل أسئِ لَـتـي‬ ‫ّإل َأ َت ِ‬ ‫يت َجـواب ًا قَ َ‬

‫ُضها‬ ‫كواي واآلفاقُ َترف ُ‬ ‫أ ُب ُّث َش َ‬ ‫سرةٍ َيحنو َعلى َشفَ تي‬ ‫وال َّر ُ‬ ‫جع مِ ن َح َ‬

‫ِر ّقي لِحالي َوخافي هللاَ في َدنَ في‬ ‫ِ‬ ‫أغراك َس ِّي َدتي‬ ‫الم َدى‬ ‫أن ُب َ‬ ‫أم َّ‬ ‫عد َ‬

‫َيف أكتُ ُم ُه‬ ‫حيب ك َ‬ ‫نتاب َصمتي نَ ٌ‬ ‫َي ُ‬ ‫ثار في ِرئَتي؟‬ ‫َولِلتَّ َش ّظي َزفي ٌر َ‬

‫نك أط ُل ُب ُه‬ ‫كان ذَ نبي ِوصاالً مِ ِ‬ ‫إن َ‬ ‫ف َ​َمن ِس ِ‬ ‫واك َعلَى كَفيهِ َمغفِ َرتي؟‬

‫وأحاط بي موج يحدق في الرؤى‬ ‫المد أقعى والمزار بعيد‬ ‫ُّ‬

‫نديل مِ ن ُمقَلي‬ ‫معي والقِ‬ ‫الز ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّيت َد َ‬ ‫الضو ِء َتدفِ ئَتي‬ ‫َي ُم ُّدني وانكسا ُر ّ‬

‫عتقِ ـد ًا‬ ‫َلكَ م َه َم ُ‬ ‫َلب ُم َ‬ ‫زع الق ِ‬ ‫مت ِب َن ِ‬ ‫نسى و ُأنهي ِبال َه َوى ِصلَتي‬ ‫َأنَّ ي َس َأ َ‬

‫رقي لمهجة هائم مل السرى‬ ‫فالسراج شريد‬ ‫بفساح عشقك‬ ‫ُ‬

‫مس ت َُد ِّث ُرني‬ ‫ُ‬ ‫والليل َي ُ‬ ‫سأل َع ِن َش ٍ‬ ‫أقبيتي‬ ‫أطلَّت ِبدِ ف ٍء فَوقَ‬ ‫إذا َ‬ ‫َ‬

‫الح َّب قَ د غُ ِر َست‬ ‫َوما ف َِط ُ‬ ‫نت ِلَ َّن ُ‬ ‫عص َيتي‬ ‫ُجذو ُر ُه‬ ‫فاست َوت ُسوق ًا ل َِم ِ‬ ‫َ‬

‫يصعب فكّ ُه‬ ‫شطيك‬ ‫الس ُّر في ّ‬ ‫ُ‬ ‫مديد‬ ‫ليل العاشقين‬ ‫ُ‬ ‫مادام ُ‬

‫فاض بي أل ٌَم‬ ‫لَكَ م َت َح َّم ُ‬ ‫لت َحتَّ ى َ‬ ‫بر أعوام ًا ِبأزمِ َنتي‬ ‫ُيجا ِو ُز ّ‬ ‫الص َ‬

‫رتـ َهـنـ ًا‬ ‫ِآلالم ُم َ‬ ‫َو َهكَ ـذا عِ ُ‬ ‫شـت ل ِ‬ ‫عت عافِ َيتي‬ ‫رج ُ‬ ‫الم ُ‬ ‫وت ي َأتي َوال َ‬ ‫است َ‬ ‫ال َ‬

‫ماذا عساي وقد تعثر خافقي‬ ‫بلواحظ إصرارهن عنيد‬

‫سحقُني‬ ‫َحت فِ تر ًا‬ ‫َوما َتزَحز ُ‬ ‫حين َت َ‬ ‫َ‬ ‫َر َح ِ‬ ‫بح مِ ش َنقتي‬ ‫الص َ‬ ‫اك خَ وف ًا ك َّ‬ ‫َأن ُّ‬

‫ثاني ًة‬ ‫صل ُيعِ د لي ال ُّر َ‬ ‫جودي ِب َو ٍ‬ ‫وح َ‬ ‫أو ات ُركيني َأعِ ش في ال ُبعدِ ِ‬ ‫آخ َرتي‬

‫عبدالصمد زنوم املطهري‬ ‫ِ‬ ‫غريد‬ ‫عيناك ُي ْب ِه ُر فيهما التّ‬ ‫ُ‬ ‫قصيد‬ ‫للفتون‬ ‫عين‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫في ّ‬ ‫كل ٍ‬ ‫حظ َي تنثني‬ ‫شباك ّ‬ ‫طرحت‬ ‫مهما‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫يصيد‬ ‫شجوك في الفؤادِ‬ ‫وحفيف‬ ‫ُ‬ ‫تمتمت‬ ‫حروف نبضي‬ ‫قبضت‬ ‫لما‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫سهود‬ ‫الرموش‬ ‫وسرى بهن إىل‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫هادر‬ ‫فتساقطت غرقى‬ ‫ٍ‬ ‫بسحر ٍ‬ ‫فريد‬ ‫بالجمال‬ ‫حسن‬ ‫شط‬ ‫ُ‬ ‫في ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أحيد عن المنى‬ ‫أوكان ظنك أن‬ ‫َ‬ ‫يعود‬ ‫للهجوع‬ ‫أوهمس شدوي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫قلبي مبح ٌر‬ ‫شراع‬ ‫أومالمست‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫التنهيد‬ ‫بمشاعر أزرى بها‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬

‫يرجو لبهجته الرسو بمهجة‬ ‫طريد‬ ‫والوصل عنه في الغرور‬ ‫ُ‬

‫‪11‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫ُ‬ ‫ابن هتيمل‪ ..‬شاعر الدولة الرسولية‬ ‫الحلقة الثانية‬

‫غالب العاطفي ‪ -‬اليمن‬

‫تناقض ال بد منه‬ ‫كان المخالف السليماني (إحدى‬ ‫التسميات التاريخية لمنطقة جازان ‪ ،‬وقد‬ ‫سميت بهذا االسم نسبة إىل‪« ‬سليمان بن‬ ‫طرف الحكمي» الذي حكم المنطقة من‬ ‫الفترة ‪ 373‬هـ إىل ‪393‬هـ ‪ ،‬وظلت وظلت‬ ‫جازان وما حولها تعرف بهذا االسم إىل‬ ‫منتصف القرن‪ ‬الرابع عشر الهجري )‬ ‫يعيش _ في تلك الفترة _ حالة من‬ ‫الصراعات والحروب وعدم االستقرار‪،‬‬ ‫وال شك أن لهذه الحالة االجتماعية‬ ‫المضطربة تأثيراتها النفسية على ذلك‬ ‫الجيل الذي نشأ فيه الشاعر ‪ ،‬وعلى ذلك‬ ‫المجتمع الذي ولد فيه طفال‪ ،‬وترعرع‬ ‫صبيا ‪ ،‬وعاش فيه شابا وكهال ‪ ،‬فهو عصر‬ ‫غير مستقر ‪ ،‬عاش أمراؤه تتجاذبهم‬ ‫النزاعات السياسية‪ ،‬تارة مع زبيد‪ ،‬وأخرى‬ ‫مع صعدة ‪ ،‬وثالثة مع مصر ‪ ،‬وكل ذلك له‬ ‫طابعه في النفس ‪.‬‬ ‫وبما أن الشاعر من أرهف الناس إحساسا‬ ‫تأثرا ‪ ،‬نرى أن ابن هتيمل صورة‬ ‫وأشدهم ً‬ ‫لتلك االنطباعات ‪ ،‬فيبدو متناقضا في‬ ‫مدحه وذمه‪ ،‬فنراه يمدح اليوم «المظفر‬ ‫الرسولي» ويخلع عليه من ألقاب الخالفة‬ ‫وطابع البطولة‪ ،‬وتدفعه الرغبة في‬ ‫التزلف إليه بأن يجعل المناوئين لسلطانه‬ ‫والثائرين على دولته ضفادع على شاطئ‬ ‫البحر _ على حد تعبيره _ ثم يرمق‬ ‫شاعرنا النجاح المؤقت الذي حققه اإلمام‬ ‫«أحمد بن الحسين» فيشيد بانتصاراته ‪،‬‬ ‫وينعته بنعوت الخالفة ‪ ،‬ويرفعه إىل درجة‬ ‫القداسة ‪ ،‬ويهنئه متباهيا بعودة الحق‬ ‫المنهوب واإلرث المسلوب _ على حد قوله_‬

‫‪12‬‬

‫(‪)2‬‬

‫_عمومـا _ واليمنـي‬ ‫فـي مسـيرة الشـعر الخالـدة‪ ،‬وعلـى امتـداد تاريخنـا العربـي‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫كثيـرة ال تـكاد ُتحصـى‪ ،‬أسـماء كان لهـا حظهـا مـن‬ ‫_خصوصـا _ ظهـرت أسـماء‬ ‫ً‬ ‫الشـهرة فـي حياتهـا ‪ ،‬ومـازال صداهـا يتـردد حتـى يومنـا هـذا‪ ،‬بعـض هـذه األسـماء‬ ‫نالـت حقهـا عـن جـدارةٍ واسـتحقاق‪ ،‬والبعـض اآلخـر نـال حقـه بمسـاعدة عوامـل‬ ‫مختلفـة كالسياسـة والجغرافيـا والحـظ الحسـن _إن جـاز التعبيـر _ ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫كثيـرة ً‬ ‫نبوغا‪،‬‬ ‫أقـل‬ ‫أيضا‪ ،‬لـم تكن‬ ‫نجوم‬ ‫وعلـى الجانـب اآلخـر من المشـهد‪ ،‬سـطعت‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫شـاعرية مـن غيرهـا‪ ،‬لكنهـا لـم تنـل حقهـا مـن الشـهرة‬ ‫أخفـت‬ ‫وال‬ ‫ألسـباب عديـدةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مـن بينهـا السياسـة والجغرافيـا ً‬ ‫أيضـا ‪ ،‬فانطفـأ ضوؤهـا‪ ،‬وانمحـى أثرهـا ‪ ،‬وتالشـى‬ ‫ذكرهـا فـي عتمـة النسـيان ‪.‬‬ ‫“أقلام عربيـة” تفتـح هـذه النافـذة الجديـدة‪ ،‬لتضـع بيـن يـدي قارئهـا بعـض هـذه‬ ‫عمومـا‪ ،‬واليمنـي‬ ‫األسـماء التـي غابـت ‪،‬أو تـكاد تغيـب‪ ،‬عـن أذهـان المثقـف ‪،‬العربـي‬ ‫ً‬ ‫علـى وجـه الخصـوص ‪.‬‬ ‫وهكذا شأن شاعرنا مع كل ممدوح ‪ ،‬وال‬ ‫شك أن هذا التناقض والتلون نتيجة لتلك‬ ‫البيئة التي نشأ في ظروفها المتقلبة ‪.‬‬ ‫في مدح الملك المظفر‬ ‫كثيرا في مدح‬ ‫بالغ شاعرنا ابن هتيمل‬ ‫ً‬ ‫الملك المظفر «يوسف بن عمر بن علي‬ ‫الرسولي» ولعل اتساع رقعة الدولة الرسولية‬ ‫التي شملت اليمن بأكمله ‪ ،‬وامتدت من‬ ‫أقصى الحجاز إىل نهاية ُعمان ‪ ،‬من أبرز‬ ‫العوامل التي نتج عنها هذا المدح الكثير ‪،‬‬ ‫إضافة إىل طول فترة حكم الملك المظفر‬ ‫الرسولي ‪ ،‬التي استمرت قرابة أربعين سنة ‪.‬‬ ‫فنرى أن ابن هتيمل قد أكثر في مدح‬ ‫هذا الملك ‪ ،‬وهو مدح عذب وبديع‪ ،‬ينم‬ ‫عن غزارة شعرية فريدة‪ ،‬وثقافة تاريخية‬ ‫واسعة يمتلكها شاعرنا ‪ ،‬ومن ذلك قوله‬ ‫في قصيدة مدح واعتذار ‪:‬‬ ‫(يوس َف) َموئلي‬ ‫أن ُ‬ ‫هنيئ ًا لنفسي َّ‬ ‫بألطاف (المظفَّ ر) ظافِ ُر‬ ‫وإنّي‬ ‫ِ‬ ‫جده‬ ‫ٌ‬ ‫شاد َم َ‬ ‫وح َّق هللاِ ما َ‬ ‫مليك َ‬ ‫ِ‬ ‫مير واألكاسِ ُر‬ ‫ح‬ ‫أحيا‬ ‫َبابع‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫أول‬ ‫الص ُ‬ ‫وإن َو َ‬ ‫رد ِّ‬ ‫يد ال َّردى فَه َو ٌ‬ ‫مع َر ٍك فه َو آخر‬ ‫عن‬ ‫روا‬ ‫د‬ ‫ص‬ ‫وإن‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫القصر غَ ير ًة‬ ‫المسج ُد‬ ‫ينافِ ُس فيه‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الضرائ ُر‬ ‫َما‬ ‫ك‬ ‫َيه‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫غارت َعليهِ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بعض الشيء َبعض ًا ألجلِه‬ ‫حس ُد ُ‬ ‫و َي ُ‬ ‫السروج المنا ِب ُر‬ ‫وت ُ‬ ‫َحس ُد عيدان ُّ‬ ‫(باقل)‬ ‫(سحبان)‬ ‫إذا قال فاعلَم أن‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫(حاتم) (مادِ ُر)‬ ‫أن‬ ‫جاد َ‬ ‫وإن َ‬ ‫فاقطع َّ‬ ‫َ‬ ‫أم َوىل ال َورى ال‬ ‫دون واحدٍ‬ ‫ٌ‬ ‫واحد َ‬ ‫لق ناهٍ وآم ُر‬ ‫ومن َع ُ‬ ‫َ‬ ‫بده في الخَ ِ‬ ‫ين كأنَّها‬ ‫َ‬ ‫تركت ُح ُص َ‬ ‫ون َ‬ ‫المش ِرقَ ِ‬

‫السما ِء َزواهِ ُر‬ ‫ُ‬ ‫مصابيح في أفق َّ‬ ‫كوكبان ومسور ًا‬ ‫راش‬ ‫ُيناغي َب ٌ‬ ‫َ‬ ‫الجاهلي مناب ُر‬ ‫وتر‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫شفِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫أهطعت لَك َصعد ٌة‬ ‫وما ِز َ‬ ‫لت حتَّ ى َ‬ ‫وذل الحناجر‬ ‫وأذعن َد ّم ٌاج َّ‬ ‫ور َّهبوا‬ ‫ولو لم َيدِ ن أهل الحِ جا ِز َ‬ ‫ماطر‬ ‫َ‬ ‫نك َيو ٌم قَ ِ‬ ‫لظل َعلي ِهم مِ َ‬ ‫ل َ​َك الخي ُر إني خائ ٌِف لك آمِ ٌن‬ ‫الئم ل َ​َك عاذِ ر‬ ‫َعل ََّي وقَ لبي ٌ‬ ‫فرت َصغير ًة‬ ‫وغي ُر َع ٍ‬ ‫ظيم إن غَ َ‬ ‫غُ‬ ‫فرت للمذنبين الكَ بائ ُر‬ ‫َد‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الزمان ‪ ،‬فحاسِ ٌد‬ ‫أهل‬ ‫ِ‬ ‫تَكَ نَّفَ ني ُ‬ ‫وقَ‬ ‫إليك ‪ ،‬وبائ ُر‬ ‫‪،‬‬ ‫ال‬ ‫وساع بي َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بتلى‬ ‫ُب ُ‬ ‫ليت ِبهم َب َ‬ ‫لواء ما أنا ُم ً‬ ‫بأعظم مِ نها َيوم تُبلَى السرائ ُر‬ ‫َ‬ ‫أألم والدٍ ‪.‬‬ ‫ابن ِ‬ ‫وما قولُهم لي‪ :‬يا َ‬ ‫أنت شاعِ ُر‬ ‫بأنقص لي مِ ن قولِهم ‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫ويقول في قصيدة أخرى ‪:‬‬ ‫(الم َظفَّ َر) َأ َّن هللاَ خَ َّول َُه‬ ‫َيه َنى ُ‬ ‫الي َم ِن‬ ‫عد الخَ الئ ِ​ِف ُم َ‬ ‫َب َ‬ ‫لك الشّ ِام َو َ‬ ‫سيرت ُ​ُه‬ ‫فَر ٌد ت َُدب ُر ك َُّل الن ِ‬ ‫ّاس َ‬ ‫صر َإل َع َد ِن‬ ‫مِ ن العِ ِ‬ ‫راق إىل مِ ٍ‬ ‫فق مِ ن َمل ٍِك‬ ‫غار ُب ُر َ‬ ‫َش ٌ‬ ‫وج األُ ِ‬ ‫مس َأ َ‬ ‫ِ‬ ‫والح ُص ِن‬ ‫الخيل‬ ‫ماك‬ ‫ر‬ ‫في‬ ‫ه‬ ‫وج‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫ِ ُ‬ ‫ُِ ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُشب ُه ُه‬ ‫حار‬ ‫َبح ٌر لَو َّ‬ ‫األرض ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن ِب َ‬ ‫السفَّ‬ ‫السفِ ِن‬ ‫ب‬ ‫ان‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫خاض‬ ‫ما‬ ‫ودِ‬ ‫الج‬ ‫في‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ ِ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫رض نافِ َل ٌة‬ ‫أل‬ ‫ا‬ ‫ُوك‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ُل‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ف ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َرض َ ُّ‬ ‫الفُ‬ ‫الس َن ِن‬ ‫ف‬ ‫َها‬ ‫ل‬ ‫وض‬ ‫ر‬ ‫إن‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َضل َعلَى ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫بتدِ عُ الـ‬ ‫المثلَى َو َي َ‬ ‫غَ ي ٌر َو َي َ‬ ‫خترعُ ُ‬ ‫ُحس َنى َو َيأن َُف أن َيمشي َعلَى ُس َن ِن‬ ‫ين الَّتي َفق َ​َدت‬ ‫أش َهى َإل الهيمِ َ‬ ‫والع ِ‬ ‫هي الما ِء وال َو َسن‬ ‫ُحل َو الكَ َرى مِ ن َش ّ‬ ‫َون الخَ الئ ِ​ِق إالَّ في َتخَ ُّم ِطهِ‬ ‫ل ُ‬

‫اللد ِن‬ ‫الصوا ِر ِم والخَ ّط َيةِ ُ‬ ‫َب َ‬ ‫ين َّ‬ ‫دن نا ِئ َب ًة‬ ‫ت َُد ُّر مِ ُ‬ ‫نه ن ُ​ُحو ُر ال ُب ِ‬ ‫خالق ِبال َّل َب ِن‬ ‫ِلض ِ‬ ‫ل َّ‬ ‫يف َعن دِ َّرةِ األَ ِ‬ ‫سيرت َُه‬ ‫ذواء َ‬ ‫َأ َش ُّم ما َ‬ ‫سارت األَ ُ‬ ‫(س ُ‬ ‫بن ذي َيز ُِن)‬ ‫يف ُ‬ ‫ين) َوال َ‬ ‫ال ( ُذو ُر َع ٍ‬ ‫(الم َظفَّ ر) ال تَعدِ ل ِبهِ َبشَ ر ًا‬ ‫َد ِع ُ‬ ‫فالله أك َب ُر َأن تَحكيهِ ِبال َوث َِن‬ ‫ُ‬ ‫ويواصل شاعرنا مدحه ‪ ،‬واصفا المظفر‬ ‫بشتى األوصاف الحسنة كالشجاعة‬ ‫والفروسية ‪ ،‬والجود والسخاء ‪ ،‬وعظمة القدر‬ ‫واتساع رقعة الحكم ‪ ،‬فيقول ‪:‬‬ ‫(الم َظفَّ َر) في (زَبيدٍ )‬ ‫إذا ز َ‬ ‫ُرت َ‬ ‫َواس) و(الخصيبا)‬ ‫ن‬ ‫(أبا‬ ‫لت‬ ‫َض‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِكل ُح ِّر‬ ‫الس ُ‬ ‫َفتًى قَ َسم َّ‬ ‫ماح ل ِّ‬ ‫َوعبدٍ مِ ن َمواهِ به نصيبا‬ ‫ُفوس‬ ‫قيد‬ ‫ِ‬ ‫َع ُ‬ ‫الموت ِإالَّ في ن ٍ‬ ‫ت ُ‬ ‫وحوبا‬ ‫َخاف بق ِ‬ ‫َبضها إثم ًا ُ‬ ‫كل َحرب‬ ‫َي َظ ُّل ُح ُ‬ ‫سامه في ِّ‬ ‫للمن َّية أو َشروبا‬ ‫أكُوالً َ‬ ‫أيت منها‬ ‫فلو َص َدم الن ُ​ُّجو َم َر َ‬ ‫رم ًّيا أو َطعين ًا أو َضريبا‬ ‫األخالق فيه‬ ‫عن َمكار ُم‬ ‫ِ‬ ‫ُجمِ َ‬ ‫العيوبا‬ ‫َّ‬ ‫ال‬ ‫إ‬ ‫ب‬ ‫َيس‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫فاقِ‬ ‫َ‬ ‫َ ِ دٍ ِ ُ‬ ‫َتحِ ُّن َيدي إىل ُيم َنى َيديه‬ ‫حس ُبها َرقوبا‬ ‫َت‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫إذا غَ َّب‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كان كِ سرى‬ ‫خليف ُة دولَةٍ لَو َ‬ ‫عاصره لَكان لها نَقيبا‬ ‫ُم ِ‬ ‫ابن نو ِر الدين إنّي‬ ‫ُ‬ ‫أيوس ُف يا َ‬ ‫دعوت َُك والوسيل ُة أن تُجيبا‬ ‫َغت لغايةٍ أعيت َمداها‬ ‫َبل َ‬ ‫َّقلين شُ ّبان ًا وشيبا‬ ‫َبني الث ِ‬ ‫أقر َبها بعيدا‬ ‫رأى‬ ‫الكرماء َ‬ ‫ُ‬ ‫أبعدها قريبا‬ ‫وأنت َ‬ ‫َ‬ ‫رأيت َ‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫ويبالغ شاعرنا في مدحه للمظفر ‪،‬‬ ‫مقارنا إياه بمن سبقه من الملوك ‪ ،‬فيرى‬ ‫أنه أعظم من (سيف ادبن ذي يزن)‬ ‫و(النعمان بن المنذر ) والملك الصالح (ذي‬ ‫القرنين) ‪ ،‬يقول شاعرنا ‪:‬‬ ‫وس ٌف)‬ ‫(الم َظفَّ ُر ُي ُ‬ ‫هللاُ َأك َب ُر ذا ُ‬ ‫ان‬ ‫والع ُ‬ ‫َهذا ُ‬ ‫ظيم الشّ ِ‬ ‫الم َع َّظ ُم َ‬ ‫كان مِ ن‬ ‫َهذا الَّذي فيهِ الَّذي قَ د َ‬ ‫ُعمان)‬ ‫(س ِ‬ ‫بن ذي َيز ٍُن) َومِ ن (ن ِ‬ ‫َ‬ ‫يف ِ‬ ‫أيت ُه‬ ‫نه َر َ‬ ‫َمل ٌِك إذا َر َو َ‬ ‫يت مِ ُ‬ ‫ورةِ‬ ‫اإلنسان‬ ‫ِ‬ ‫ُملَك ًا ُي َرى في ُص َ‬ ‫َراه إنسان ًا َوفيهِ فَضائ ٌِل‬ ‫َوت ُ‬ ‫ي‬ ‫اإلنسان‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫ةِ‬ ‫شَ‬ ‫ُعليهِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫الجال ُّس مِ ن‬ ‫ُم َت ِ‬ ‫واض ٌع َي َتفَ كَّ ُه ُ‬ ‫َ‬ ‫ستان‬ ‫ب‬ ‫في‬ ‫ات‬ ‫ر‬ ‫ط‬ ‫الع‬ ‫أ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خالقِ‬ ‫هِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫رد الخَ الفَةِ حامِ ٌل‬ ‫ُم َت َسر ِب ٌل ُب َ‬ ‫َّقالن‬ ‫ل‬ ‫ما‬ ‫َيس َيحمِ ُل ثِ قل َُه الث ِ‬ ‫َ‬ ‫حكام ُهم‬ ‫ذَ َه َب الخَ الئ ُِف وانق َ​َضت َأ ُ‬ ‫حم ِن‬ ‫رض َوهُ َو خَ ليفَ ُة ال َّر َ‬ ‫في األَ ِ‬ ‫مس يا َمل َِك ال َبر ّيةِ يا َأبا الـ‬ ‫يا َش ُ‬ ‫واإلحسان‬ ‫سن‬ ‫نصو ِر يا ذا ُ‬ ‫َم ُ‬ ‫ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫ِإلسالم ُركن ًا ثا ِبت ًا‬ ‫حت ل‬ ‫ِ‬ ‫أص َب َ‬ ‫ركان‬ ‫وال َب ُ‬ ‫بني َعلَى األَ ِ‬ ‫يت َم ٌّ‬ ‫ثت َمملكَ َة األَوائ ِ​ِل ِ‬ ‫مي ٍر)‬ ‫َو َو ِر َ‬ ‫(ح َ‬ ‫ِ‬ ‫َهالن)‬ ‫ك‬ ‫(‬ ‫من‬ ‫ء‬ ‫ما‬ ‫ظ‬ ‫الع َ‬ ‫َو َممال َِك ُ‬ ‫ِ‬ ‫َين) لَم‬ ‫َو َس َ‬ ‫عيت َحتَّ ى َسعي (ذي القَرن ِ‬ ‫َ‬ ‫ان‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫ما‬ ‫أ‬ ‫ك‬ ‫عي‬ ‫س‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫لح‬ ‫ي‬ ‫وهُ‬ ‫َ‬ ‫ّ ِ‬ ‫َ َ َِ ِ‬ ‫أشر َف كِ س َوةٍ‬ ‫وت َب َ‬ ‫َوك َ​َس َ‬ ‫يت هللاِ َ‬ ‫ريان‬ ‫كالع‬ ‫كان‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ُشِ‬ ‫َيهِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ين مِ ن َص َدقاتِك الـ‬ ‫َو َبث َ‬ ‫َثت في َ‬ ‫الح َر َم ِ‬ ‫نات ما ُيغني َع ِن الحِ‬ ‫رمان‬ ‫َح َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُوك َفلَم َأ ِجد‬ ‫َو َلقَد َو َز ُ‬ ‫المل َ‬ ‫نت ِب َك ُ‬ ‫الميزان‬ ‫واك في‬ ‫راه سِ َ‬ ‫َملِك ًا َأ ُ‬ ‫ِ‬ ‫يا ُم ِ‬ ‫أضاعني‬ ‫َيف‬ ‫وحشي ِبال ُبعدِ ك َ‬ ‫َ‬ ‫َمن كان َيذ ُك ُرني َوال َينساني‬ ‫ُ‬ ‫خاطري‬ ‫إلي َفقَد َت َبل َب َل ِ‬ ‫فانظر َّ‬ ‫آن‬ ‫غض والشَّ َن ِ‬ ‫مِ ن َظ ِّن ِ‬ ‫أهل ال ُب ِ‬ ‫عاد لي‬ ‫(م َظفَّ ُر) َ‬ ‫فَإذا َرأي ُت َك يا ُ‬ ‫َ‬ ‫ضحكَ ني الَّذي َأبكاني‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫حي‬ ‫ف َ​َر‬ ‫َ‬ ‫ويقول في قصيدة أخرى ‪:‬‬ ‫راسةِ غامِ َض الـ‬ ‫ما ِز ُ‬ ‫لت ُ‬ ‫أعلم ِبالفَ َ‬ ‫خافي وأع ِر ُف بالخبيث الط ِّييبا‬ ‫اعت َص ًُ‬ ‫المل ِ‬ ‫ُوك ِبخَ ي ِرها‬ ‫حتى َ‬ ‫مت من ُ‬ ‫وأكرمِ ها أبا‬ ‫ها‬ ‫ب‬ ‫وأحس‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫ج‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مس بالملك (المظفر يوسف)‬ ‫بالشَّ ِ‬ ‫زبر ُمعيدِ ما أبدى سبا‬ ‫بأبي ال َه َ‬ ‫ُوك فإنَّه‬ ‫انتس َب المل ُ‬ ‫َمل ٌِك إذا َ‬ ‫تَكفيهِ شُ هر ُة فَضلِه أن ُينسبا‬ ‫عاعها‬ ‫مس إذا َطلَعت أضاء شُ ُ‬ ‫َش ٌ‬ ‫هر البسيطةِ َمش ِرق ًا أو َمغربا‬ ‫َظ َ‬ ‫َحر ٌم على اإلسالم يصفح إن َج َنى الـ‬ ‫جاني و َيغفِ ُر ذَ ن َبه إن أذنبا‬ ‫تغلب رمحِ ه‬ ‫وفتى إذا ما َش َّك ُ‬ ‫كأس المنيةِ تَغلبا‬ ‫حسا‬ ‫أسد ًا‬ ‫َ‬

‫وم َظفَّ ٌر لو َص َّك ُرك َني كَبكَ ٍب‬ ‫ُ‬ ‫عزمتهِ لطحطح كبكبا‬ ‫ِبدخان َ‬ ‫العال‬ ‫عالي ال ُّرقَ ى َيبني بأبكا ِر ُ‬ ‫وان ال َّث ِّيبا‬ ‫الع َ‬ ‫عِ ز ًّا فَما نَكَ َح َ‬ ‫أمطرت نَفَ حاتُه‬ ‫بع ٌق لو‬ ‫ُم َت ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِبغَ مامِ ِه َّن َصفا المشقَّر أعشبا‬ ‫راصها‬ ‫الض ِ‬ ‫دا ٌر َت ِه ُّش إىل ُّ‬ ‫يوف عِ ُ‬ ‫لو أنها نَطقَت لقالت مرحبا‬ ‫ساد فا ِر َس قبلَها‬ ‫َوسياد ٌة ما َ‬ ‫كليب تغلبا‬ ‫كسرى الملوك وال ٌ‬ ‫لك الذي‬ ‫الم ِ‬ ‫يا ابن الشهيد األَغل َِب َ‬ ‫غالب الثقلين كان األغلبا‬ ‫لو َ‬ ‫الملوك الذاهبين فلم أجد‬ ‫ست‬ ‫قِ ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫منصبا‬ ‫ع‬ ‫كفرع‬ ‫ا‬ ‫َرع‬ ‫ف‬ ‫الك أعلى ِ‬ ‫ِ ُ َ‬ ‫مس في‬ ‫َهم‬ ‫وب ُ‬ ‫َ‬ ‫لوت فضل ُ‬ ‫فكنت الشَّ َ‬ ‫َ‬ ‫أعلى منا ِز ِل ِها وكانوا الكَ وكَبا‬ ‫وال يقف شاعرنا عند هذا الحد ‪ ،‬بل يرى‬ ‫أن الملك المظفر أعظم من كل ملوك‬ ‫حمير (التبابعة) ‪ ،‬بل وأعظم من ملوك‬ ‫فارس والروم ‪ ،‬فيقول ‪:‬‬ ‫كـر َعـن ُمـلِك (تُـ َّب ٍع)‬ ‫أمــيـ ٌر َ‬ ‫أمـات الذِّ َ‬ ‫يصر)‬ ‫قَ ـديـمـ ًا وأحـيـا َ‬ ‫مـلك (كِ ـسـرى) و(قَ َ‬ ‫(حـاتـم)‬ ‫ـمـاحـة‬ ‫ٍ‬ ‫َي ِ‬ ‫ــل َســمـاحـ ًا عـن َس َ‬ ‫ــج ُّ‬ ‫(عـ َنـتـر)‬ ‫ُ‬ ‫ويــعـظـم بـأسـ ًا عـن َبـسـالَة َ‬ ‫َـزال ثـيـا ُبه‬ ‫غِ َ‬ ‫ــرب مـا ت ُ‬ ‫ــضــنــفَ ــ ُر َح ٍ‬ ‫مِ‬ ‫ــضــنـفَ ـر‬ ‫ليــث‬ ‫ُــل‬ ‫ك‬ ‫ــن‬ ‫ة‬ ‫ً‬ ‫ــ‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫ــ‬ ‫ــض‬ ‫غِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُم َ َّ َ‬ ‫ِّ‬ ‫وأبــيــض َط ُ‬ ‫ــلق ال َوجـهِ تُـروى َجـليـة‬ ‫ُ‬ ‫المـتـكَ ِّب ِر‬ ‫َشـمـائِل ال الجـافـي وال َ‬ ‫عط َك الغِ َنى‬ ‫َم َتى تَأتِه تَبغي الغِ َنى ُي ِ‬ ‫َـسـألنـه فـي الخَ‬ ‫ـصـاصـةِ ُيـؤثر‬ ‫وإن ت‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َمتنع‬ ‫ُرب وال ًبعدِ ت َ‬ ‫ت َ‬ ‫َـم َّـسك ِبه في الق ِ‬ ‫ــل قَ ــســور‬ ‫جــار بل‬ ‫ِبـــأمـــ َن َ‬ ‫بــأبــس ِ‬ ‫َ‬ ‫ــع ٍ‬ ‫كــفـانـي عـن قـومـي وشُ ِّـم َعـشـيـرتـي‬ ‫(المـظـفَّ ِر)‬ ‫وعــن َحــشَ ــمــي أنّـي غُ ـال ُم ُ‬ ‫َ‬ ‫في مدح اإلمام أحمد بن الحسين‬ ‫وهو اإلمام أحمد بن الحسين المهدي ‪ ،‬أحد‬ ‫اإلئمة العلويين في اليمن األعلى (صنعاء‬ ‫وما حولها ) وقد دعا هذا اإلمام لنفسه‬ ‫أيام حكم الملك عمر بن علي الرسولي ‪،‬‬ ‫فبايعه كثير من الناس ‪ ،‬وحدث بينه وبين‬ ‫عمر الرسولي قتال ‪ ،‬ولما قُ تل الملك عمر‬ ‫الرسولي ‪ ،‬وآلت األمور البنه الملك المظفر ‪،‬‬ ‫توجه إىل صنعاء لمحاربة هذا اإلمام ‪ ،‬وكان‬ ‫لإلمام منافسة قوية من أبناء عمه ‪ ،‬فوالوا‬ ‫الملك المظفر ضد ابن عمهم ‪ ،‬فاستعان‬ ‫بهم الملك المظفر وأعانهم حتى تمكنوا‬ ‫من قتل اإلمام ‪ ،‬وتثبيت حكم الملك‬ ‫المظفر والدولة الرسولية ‪.‬‬ ‫ولعل شاعرنا قد اتصل بهذا اإلمام أيام‬ ‫ثورته ‪ ،‬فمدحه وبالغ في مدحه _ كعادة‬ ‫شاعرنا في المدح _ ومن ذلك قوله ‪:‬‬ ‫أحم َد ناقَ لَت بي‬ ‫هدي َ‬ ‫َإل َ‬ ‫الم ِّ‬ ‫َعامة‬ ‫ن‬ ‫ها‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫الع‬ ‫راقي‬ ‫م‬ ‫َحسِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ِ‬

‫زنت ُ‬ ‫الخ َلق ُطر ًُا‬ ‫إىل من لَو َو ُ‬ ‫قً‬ ‫مِ‬ ‫فر‬ ‫ظ‬ ‫ب‬ ‫المه‬ ‫ُوا‬ ‫ن‬ ‫ز‬ ‫و‬ ‫ما‬ ‫نه‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫بيه َسم ِّيهِ خُ لُق ًا َوخَ لق ًا‬ ‫شَ ُ‬ ‫ً‬ ‫ِقامة‬ ‫الط‬ ‫في‬ ‫ا‬ ‫دي‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ريق واالست َ‬ ‫ِ‬ ‫الجذعُ شَ وق ًا‬ ‫َح ٌ‬ ‫قيق أن َتحِ َّن ِ‬ ‫مامة‬ ‫إلَيهِ َو َأن ت َُظ ِّلل َُه الغَ َ‬ ‫وقوله في قصيدة أخرى ‪:‬‬ ‫سرت بنا‬ ‫إىل ابن أمي ِر المؤمنين َ‬ ‫تنحو من الشرق ماتَنحو‬ ‫غرير َّية ُ‬ ‫تؤم أمرء ًا لواله ما كان للندى‬ ‫أورى لمك ُرمةٍ قدح‬ ‫منا ٌر وال َ‬ ‫للسائل المق ِت ِر الغِ نى‬ ‫نده‬ ‫فتى عِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫الصفح‬ ‫ِب‬ ‫ن‬ ‫ذ‬ ‫وللم‬ ‫ى‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫الح‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫وللح‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِ َّ‬ ‫َ َ‬ ‫وات ما ت َّ‬ ‫َمخ َض لَيل ُ​ُه‬ ‫أخو َش َت ٍ‬ ‫بصبح وال نح ٌر لديه وال ذبح‬ ‫شك أنه‬ ‫عذب وال َّ‬ ‫له خُ ل ٌُق ٌ‬ ‫طاغ له خل ٌُق مِ لح‬ ‫طغى‬ ‫ما‬ ‫إذا‬ ‫ٍ‬ ‫وما ف َ​َركَت ِبك ُر من المجد خاطبا‬ ‫َكح‬ ‫طب لها ن ُ‬ ‫من القوم إال وه َو ِخ ٌ‬ ‫درس ويو ٌم له ندى‬ ‫فيو ٌم له ٌ‬ ‫ويو ٌم له نص ٌر ويو ٌم له فتح‬ ‫مآث ُره الجوزاء تَبلُغُ شأ َوها‬ ‫فينط ُحها النُّطح‬ ‫ُعلُو ًا وال تَدنُو َ‬ ‫سعي َك ِض َّل ًة‬ ‫أراد‬ ‫رجال َ‬ ‫َ‬ ‫مجد ِ‬ ‫ٌ‬ ‫بح‬ ‫بح ألخالقِ هم ُق ُ‬ ‫بأحالمِ هم ُق ٌ‬ ‫كل غايةٍ‬ ‫وليس ِ‬ ‫الجداعُ ال ُب ُ‬ ‫هم في ّ‬ ‫ُ‬ ‫الغُ‬ ‫ُرح‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ُد‬ ‫ت‬ ‫ما‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫بم‬ ‫كةٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫َّ‬ ‫رددت بنجران الكنيس َة مسجدا‬ ‫َ‬ ‫فتح‬ ‫وكانت ويو ُم المهرجان لها ُ‬ ‫ُ‬ ‫فت‬ ‫فال‬ ‫والت ِ‬ ‫تنحرف عنها بوج ِهك َ‬ ‫البرح‬ ‫والكم ُد‬ ‫الطعن‬ ‫إليها ففيها‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫بآيات ر ِّبها‬ ‫كبلقيس لم تُؤمِ ن ِ‬ ‫َ‬ ‫والصرح‬ ‫سليمان‬ ‫وال أسلمت لوال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وال تَهنوا أو تحزنُوا من عد ِّوكُم‬ ‫رح‬ ‫رح فقد مسهم قَ ُ‬ ‫وإن َم َّسكُ م قَ ٌ‬ ‫الص ًُ‬ ‫أوهى وال َهواد ُة جانبا‬ ‫لح َ‬ ‫إذا ُّ‬ ‫والصلح‬ ‫الهواد ُة‬ ‫مِ َن الع ِّز فالذُّ ُّل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫شدةٍ‬ ‫لي األيا َم من َبعدِ ّ‬ ‫ألنْ َت َ‬ ‫مِ‬ ‫السح‬ ‫والنائل‬ ‫السبطاء‬ ‫لك‬ ‫أيا‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫سألتهم‬ ‫واغنيتني عن َمعشَ ٍر لو َ‬ ‫َ‬ ‫الع ِّي ما القمح‬ ‫من‬ ‫وا‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫لم‬ ‫َمح‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫عن‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫بص ُرهُ م َع ٍم‬ ‫ؤس‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫وم ِ‬ ‫َعيم ُ ُ ٌ ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫فِ‬ ‫لس ِ‬ ‫سح‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ودينا‬ ‫هُ‬ ‫وخ َلعتُهم َم ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫وكم ل َ​َك عندي من يدٍ لو وزنتُها‬ ‫جح‬ ‫أهل‬ ‫كان لها ال ُّر ُ‬ ‫ِ‬ ‫بإحسان ِ‬ ‫األرض َ‬ ‫ِ‬ ‫ولعل أهم قصيدة قيلت في مدح هذا‬ ‫اإلمام هذه القصيدة الدالية ‪ ،‬التي نضع‬ ‫بين أيديكم بعض أبياتها ‪ ،‬يقول شاعرنا‬ ‫مادحا اإلمام أحمد بن الحسين ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ـل ابـن أنـثـى ُطـ ّرقَ ـت ِب َـجـنـيـنِها‬ ‫َ‬ ‫أج ِّ‬ ‫وخَ ــيــ ِر ابـن أ ِّم فـاخـرت ِبـوليـدِ هـا‬ ‫أخـي شَ ـتـ َوةٍ تُـمـسـي وتُـضـحـي ِجـفانُه‬ ‫ُمــكَ ــ َّل َل ٌة مِ ــن شَ ــحــمِ هــا َوثــريـدِ هـا‬ ‫َـيـت ُجود ًا ِبعينِه‬ ‫إمـا ٌم إذا اسـتـسـق َ‬

‫ـقـاك ِب ُـجـودهـا‬ ‫وقـد ُضـ ِّر َجـت كُـحـ ًال َس َ‬ ‫َشهد النّـ‬ ‫وأشهد في ُبردٍ مِ ن المجدِ ت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـــنـــه أنَّه مِ ــن ُبــرودِ هــا‬ ‫ُبـــ َّو ُة َع ُ‬ ‫يــريــك‬ ‫كــمــال‬ ‫َـمهِ‬ ‫َ‬ ‫البــدر لَيـ َل َة ت ِّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫مـس َيـو َم ُسـعودِ ها‬ ‫كَـمـاالً‬ ‫َ‬ ‫ووجـه الشَّ ِ‬ ‫بـيـن َعل ِّيها‬ ‫يـقـا ِبـل فـي‬ ‫األنـسـاب َ‬ ‫ِ‬ ‫وفـاطـمـهـا ال هـنِـدهـا و َيـزيـدِ هـا‬ ‫ِ‬ ‫ـول ليـل ُة قَ ـد ِرها‬ ‫وخـيـ ُر ليـالي َ‬ ‫الح ِ‬ ‫ـل مِ ـن أ ّيـامِ هـا َيـوم عـيـدِ هـا‬ ‫َ‬ ‫وأفــض ُ‬ ‫مـتـى اخـتـلفـت آل النـبـي ونـافَرت‬ ‫َ‬ ‫وم ُـسـودهـا‬ ‫لِســ ّيــدهــا فــي َمــشــ َهـدٍ َ‬ ‫ابـن حـسـيـنـهـا‬ ‫أقــ َّرت وقـالت إنـك ُ‬ ‫وابـن َعـميدها‬ ‫َـوم‬ ‫ق‬ ‫ِب ِّ‬ ‫ـحـق َع ُ‬ ‫ـمـيـد ال ِ‬ ‫ُ‬ ‫أمــيــر المــؤمــنـيـن أل َّي ًة‬ ‫حــلفــت‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُيـــ َؤك ُِّد خَ ُ‬ ‫ـــوف هللاِ ِبــ َّر أكــيــدهــا‬ ‫ألعــتــقــت‬ ‫بــعـد ال ِّرق َّأم َة أحـمـدٍ‬ ‫َ‬ ‫وقــد َعـبـثَـت أحـرا ُرهـا ِبـعـبـيـدهـا‬ ‫ن‬ ‫ــيـن ِبـدولَةٍ‬ ‫الد َ‬ ‫ــلوك َّ‬ ‫َ‬ ‫َــســخــت ًم َ‬ ‫ولت ِ‬ ‫ــسـتهـل ٌَك فـي تَـليـدهـا‬ ‫َطــريــفُ هــم ُم َ‬ ‫ِّ‬ ‫فــأف عــلى َمــروانــهــا وهِ ـشـامـهـا‬ ‫وأف عـــلَى َمهـــديــهــا ورشــيــدهــا‬ ‫ٍ‬ ‫أطـارت َعـليـهـا من نأى مِ ن نزا ِرها‬ ‫ومـن شَ َّـد مِ ـن قـحطانِها ابن هودِ ها‬ ‫َ‬ ‫فَــكــم أنِــفـت مِ ـن ِبـ ِّر كَـفِّ َك ُعـصـبـةٍ‬ ‫و ِبــ ُّرك مِ ــن أغــاللِهــا ُ‬ ‫وقــ ُيــودهــا‬ ‫كان غَ ي ُرها‬ ‫أرادت َ‬ ‫َ‬ ‫بـك َّ‬ ‫السوآى وقـد َ‬ ‫أعــ َّز لهــا وهللاُ غَ ــيــ ُر ُمــريـدِ هـا‬ ‫ـل سِ ـترك واغتفِ ر‬ ‫ِ‬ ‫فـأسـبـل َعـلَيـهـا ِظ َّ‬ ‫وحـسـدِ َح ُـسـودهـا‬ ‫جـانـيـهـا‬ ‫ِجـنـا َيـة‬ ‫َ‬ ‫َـلتهـب إن أخـلَبـت في ُبروقِ ها‬ ‫وال ت َ‬ ‫ـليـك وال إن أجـلبـت فـي ُر ُعـودِ ها‬ ‫َع َ‬ ‫تـاجهـا‬ ‫َ‬ ‫فــأنــت بــحــمــدِ هللاِ ُدر ُة ِ‬ ‫ـصـبـت َيـومـ ًا َوفِ ل َق ُة ُعودِ ها‬ ‫إذا َ‬ ‫اعـت َ‬ ‫بـطـيـن خَ ـيـ ُر أ ُبـوة‬ ‫الس َ‬ ‫َ‬ ‫أبــوك أبــو ِّ‬ ‫جــدودهــا‬ ‫ـــدك سِ ـــر هللاِ خَ ــيــ ُر ُ‬ ‫وج ُّ‬ ‫َ‬ ‫والســلم الذي ُعــدِ َمــت ِبه‬ ‫ومــا لَك ّ‬ ‫وجودها‬ ‫أهـل ال َبـغـي َب َ‬ ‫ـعـد ُ‬ ‫نِـكـايـ ُة ِ‬ ‫وحــاشــاك أن تُــحــيــي رمــائ َِم َّأمةٍ‬ ‫َ‬ ‫َـقـضـي عـادِ هـا وث َُـمـودِ هـا‬ ‫َــقــضت ت ّ‬ ‫ت َّ‬ ‫ـديـن َم ُـجـوسـهـا‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫َــديــن إذ دانــت ِب ِ‬ ‫ـقـول َيهـودِ هـا‬ ‫ب‬ ‫قـالت‬ ‫إن‬ ‫ـق‬ ‫َــنــط‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫إذا ســلمــت صــنــعـاؤهـا وبـراشُ هـا‬ ‫الظ ُّن فـي كـدرائِهـا وزَبيدِ ها‬ ‫فَـمـا َّ‬ ‫إلى أن نلتقي‬ ‫كنت قد عزمت على االكتفاء بمقالين‬ ‫اثنين عن هذا الشاعر ‪ ،‬ثم وجدت أن‬ ‫واسعا ‪ ،‬فرأيت أن‬ ‫من الغبن أن ُأضيق‬ ‫ً‬ ‫مقال آخر أسلط فيه الضوء على‬ ‫أضيف ً‬ ‫بقية األغراض في شعر ابن ُهتيمل ‪ ،‬ومن‬ ‫هذه األغراض ‪ ،‬الرثاء‪ ،‬والغزل‪ ،‬والحكمة‪،‬‬ ‫والخمريات ‪ ،‬وما أجمل خمريات ابن‬ ‫هتيمل !!‬ ‫إىل اللقاء ‪...‬‬

‫‪13‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫قراءة في رواية‪ :‬يسمعون حسيسها للروائي‬ ‫والشاعر د‪ .‬أيمن العتوم‬

‫د‪ .‬رميان عاشور *‬

‫هـذه القـراءة التنسـك ّية فـي روايـة‪ :‬يسـمعون حسيسـها للروائـي والشـاعر‬ ‫د‪ .‬أيمـن العتـوم‪..‬‬ ‫وهي قراءة غير نمطية جاءت بطريقتي التي أنهجها منذ عام تقري ًبا‬ ‫تلـك الطريقـة سـعيت مـن خاللهـا إلـى بنـاء جسـ ٍر بيـن المبـدع والمتلقـي‬ ‫ً‬ ‫بعيـدا عـن‬ ‫راغبـة فـي إيصـال األدب المعاصـر والمسـتحق إلـى المتلقـي‬ ‫ً‬ ‫جموديـة المصطلحـات النقديـة‪ ،‬أو حشـر النصـوص فـي قوالـب نقديـة‬ ‫مرغمـة دون أن تخـدم النـص والقـارىء‪.‬‬ ‫* كاتبة وناقدة أكادميية ‪ -‬فلسطني‬

‫(‪ )1‬المكان‪ :‬اسطنبول‪ /‬تركيا‬ ‫الزمان‪ :‬الرابعة بعد منتصف الليل في ليلة شتوية‬ ‫حبلى بالظلمة متخمة بالخوف ‪..‬‬ ‫وأتهشم ذعرا‪..‬‬ ‫أتكسر‬ ‫الحالة‬ ‫َّ‬ ‫النفسية‪َّ :‬‬ ‫َّ‬ ‫الحقا‪..‬‬ ‫عنها‬ ‫سأخبركم‬ ‫الرواية‪:‬‬ ‫ً‬ ‫كنت طفلة أسمعهم يقبرون بعضهم‬ ‫كنت حين ُ‬ ‫لقد ُ‬ ‫مرات تلو األخرى‪:‬‬ ‫بالدعاء َّ‬ ‫“خود هاي من إيدي تؤبر قلبي”‬ ‫تكفني”‬ ‫“اشتئتلك‪ ..‬ليتك ّ‬ ‫“تشكُ ل آسي شو بحبك”‬ ‫“تقعد على قبري”‬ ‫األلفية الماضية‪..‬‬ ‫من‬ ‫الثمانينيات‬ ‫كان ذلك في‬ ‫َّ‬ ‫القبر‬ ‫هذا‬ ‫مثل‬ ‫على‬ ‫ح‬ ‫تتفت‬ ‫عيني‬ ‫حيث راحت‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫الود واستدرار العاطفة حين تجيش‪..‬‬ ‫بمنتهى‬ ‫المتبادل‬ ‫ِّ‬ ‫وكلما جاءت اندفعت ألسنتهم إىل مثل هذه األدعية‬ ‫وزيادة‪..‬‬ ‫تباعدا‪..‬‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫وتقر‬ ‫ا‪،‬‬ ‫تنافر‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫وتآلف‬ ‫ا‪،‬‬ ‫بغض‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫تحب ًب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫ُّ ً‬ ‫قبر يشكُ ل‬ ‫هو‬ ‫الحب‬ ‫منتهى‬ ‫بلوغ‬ ‫بأن‬ ‫آمنت‬ ‫حتى‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫وينثر‬ ‫كثيرا من «اآلس»‬ ‫الحبيب فوق ضريح محبوبه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ومجم ًل بعض‬ ‫الموت‬ ‫ة‬ ‫سر‬ ‫فوقه ً‬ ‫قليل من الماء مب ِّل ًل كِ َ‬ ‫ِّ‬ ‫مالمحه‪..‬‬ ‫جليا َّأن الموت في تدمر في الجانب‬ ‫علمت‬ ‫وما‬ ‫ُ‬ ‫ًّ‬ ‫الشرقي من ِحمص‪ ،‬وحرستا في الجانب الجنوبي‬ ‫ِّ‬ ‫حي على‬ ‫منها‪ ،‬كان يستنجد من خلف القضبان‪ :‬أن َّ‬ ‫سلخ أو تقليع‬ ‫ُّ‬ ‫الدعاء‪ ،‬ادعوني‪ ،‬لع ِّلي أهرول إليكم َ‬ ‫ذات ٍ‬ ‫تفصد عروقكم عن‬ ‫معدنية‬ ‫أظافر أو انغراس أسالك‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫تسبح بحمدِ الموت ليل‬ ‫لحمكم‬ ‫وتصيركم أفئد ًة ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫نهار‪..‬‬ ‫استحقه الموىل على‬ ‫حق‬ ‫الموت‬ ‫أن‬ ‫أعلم‬ ‫وأنا‬ ‫رت‪،‬‬ ‫وكب‬ ‫ُّ‬ ‫ٌّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫البيولوجية على هذه األرض‪،‬‬ ‫عبيده إلنهاء دورتهم‬ ‫َّ‬ ‫يتفسخ عنه جلده‬ ‫يوما َّأن الموت‬ ‫بيد أ َّنني ما‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫علمت ً‬ ‫مرات‪..‬‬ ‫تلو‬ ‫مرات‬ ‫ن‬ ‫ويتلو‬ ‫ويتغير‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫قاهرا لألحياء الذين خ َّلفهم‬ ‫يوما إال‬ ‫وما رأي ُته ً‬ ‫ً‬

‫‪14‬‬

‫المتو َّفى مقهورين بعد غيابه ‪..‬‬ ‫يتفقدونه في تفاصيلهم ك ِّلها مستجمعين ذكرياتهم‬ ‫َّ‬ ‫معه ومستدعينها إىل موائد أحاديثهم‪ ،‬ثم يعيدون‬ ‫جفاف‬ ‫مرة ليب ِّللوا بها ريقهم بعد‬ ‫ِ‬ ‫مرة تلو َّ‬ ‫اجترارها َّ‬ ‫أفئدة الفرقى والبعاد‪..‬‬ ‫قاهرا لمن اشتهوه ولم يجدوه‪،‬‬ ‫َّأما أن يكون الموت‬ ‫ً‬ ‫فتلك حكاي ٌة أخرى‪..‬‬ ‫مرة نحو قراءة‬ ‫غير‬ ‫البرقاوي‬ ‫سمير‬ ‫القاص‬ ‫دفعني‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫أشيح بوجهي مبتسم ًة‬ ‫ة‬ ‫مر‬ ‫كل‬ ‫وفي‬ ‫جون‪،‬‬ ‫الس‬ ‫ُ‬ ‫أدب ُّ‬ ‫ِّ َّ‬ ‫هامس ًة في أذني‪َّ :‬إي ِ‬ ‫اك ريمان‪َّ ..‬إياك أن تقتربي من‬ ‫السجن والمساجين والزنزانات والظالم‪..‬‬ ‫ِّ‬ ‫الظالم‪ ،‬ذاك أكثر ما ُيخيفني ويذعرني قبل األماكن‬ ‫الضيقة أو المرتفعة‪..‬‬

‫بت من طلبه؛ ذلك أ َّنني أعلم‬ ‫وتهر ُ‬ ‫ُ‬ ‫ابتسمت ً‬ ‫مرارا َّ‬ ‫أجدني وقد‬ ‫وأكاد‬ ‫أقرأ‪،‬‬ ‫حين‬ ‫أقرأ‬ ‫كيف‬ ‫جيدا‬ ‫ُ‬ ‫نفسي ً‬ ‫تجرني من‬ ‫أغرقتني ُّ‬ ‫السطور بين أمواجها‪ ،‬وراحت ُّ‬ ‫يدي أو من خصلة شعري وترغمني على البكاء أو‬ ‫وانتشاء‪ ،‬أو‬ ‫االبتسام‪ ،‬وتكفل قلبي بالخفقان سعاد ًة‬ ‫ً‬ ‫ليهوي في مدارات ال أبصر‬ ‫تدفعه من شرفة عالية‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫منها سوى الظلمة‪..‬‬ ‫وأتقمص األصوات‬ ‫أعلمني كيف أقرأ بجوارحي ك ِّلها‬ ‫َّ‬ ‫واألدوار داخل النصوص؛ أبكي لحزنها وأفرح لسعادتها‪..‬‬ ‫حدث‬ ‫مر‬ ‫تتعرق َّ‬ ‫ٌ‬ ‫كفاي بعد ارتعاش ك َّلما َّ‬ ‫وأراني كيف َّ‬ ‫كتابي استدعى ذلك‪..‬‬ ‫ٌّ‬ ‫الكتاب كما شاشة‬ ‫كيف أواجه‬ ‫تماما‬ ‫أعرفني‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫بعيدا‬ ‫نصدق أدوار أبطالها ونمضي معهم‬ ‫سينمائية‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫المضي‪..‬‬ ‫أينما شاؤوا لنا‬ ‫َّ‬ ‫وأفقه عقلي حين أتلو آيات الترهيب في القرآن‬ ‫ُ‬ ‫كل‬ ‫كيف أ َّنني أشهق بالبكاء خشي َة عذابات هللا‪ ،‬ومع ِّ‬ ‫ذعرا‬ ‫آيةٍ‬ ‫ترهيبية أنخلع من مكاني مئات َّ‬ ‫المرات ً‬ ‫َّ‬ ‫يطوح بفهمي هنا‬ ‫وخو ًفا ك َّلما ابتلعني المعنى وراح ِّ‬ ‫أقف مب َّللة مرتعدة أرجو هللا مع‬ ‫وهناك حتى أراني ُ‬ ‫وأل يذيقني‬ ‫كل شهقة وزفرة أن يغفر لي ويرحمني‪َّ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫وتمثلت‪..‬‬ ‫وفهمت‬ ‫أبصرت‬ ‫مما‬ ‫ضربا‬ ‫وعقلت َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫واحدا َّ‬ ‫ً‬ ‫قلبي ال يحتمل التخويف والترهيب‪ ..‬لطالما‬ ‫خفة نجمي‪..‬‬ ‫أخبرتني ِّأمي عن َّ‬ ‫ويضيع‬ ‫سريعا‪،‬‬ ‫سريعا و ُأصاب بالعين‬ ‫وبأ َّنني أخاف‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كنت طفلة‬ ‫كل حلية‬ ‫مني‬ ‫ذهبية امتلكتها مذ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫سريعا ُّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫واستحالها الناس في عنقي أو اصبعي‪..‬‬ ‫عدت كما النساء‬ ‫الذهب وما‬ ‫وكرهت‬ ‫رت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫كب ُ‬ ‫حتى ُ‬ ‫َ‬ ‫أيديهن‬ ‫يتباهين بكثرة الذهب بين‬ ‫األخريات حين‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫نحورهن‪..‬‬ ‫أو على‬ ‫َّ‬ ‫خفة نجمي‪،‬‬ ‫كرهته بالمقدار نفسه الذي‬ ‫كرهت فيه َّ‬ ‫ُ‬ ‫يكون نجمنا‬ ‫رغم إ َّنني إىل اليوم لم أفهم معنى أن‬ ‫َ‬ ‫تعبث بها الرياح‪..‬‬ ‫قطن‬ ‫خفيفا كندفة‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫****‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫(‪)2‬المكان‪ :‬اسطنبول‪ /‬تركيا‬ ‫الزمان‪ :‬الرابعة بعد منتصف الليل في ليلة شتوية‬ ‫حبلى بالظلمة متخمة بالخوف ‪..‬‬ ‫وأتهشم ذعرا‪..‬‬ ‫أتكسر‬ ‫الحالة‬ ‫َّ‬ ‫النفسية‪َّ :‬‬ ‫َّ‬ ‫الحقا‪..‬‬ ‫الرواية‪ :‬سأخبركم عنها ً‬ ‫حينما ك ُثرت أخبار الموت من حولنا في هذا العام‬ ‫االستثنائي الذي شهد على جائحة مضنية‪ ،‬وراح يبلى‬ ‫همتي تتقهقر ‪،‬‬ ‫ثم‬ ‫ْ‬ ‫شرعت َّ‬ ‫ثوب صبري ويتهافت‪َّ ،‬‬ ‫ذهبت أبحث عن أسوأ ما يمكن أن يواجهه بنو البشر‬ ‫ُ‬ ‫وأقساه على اإلطالق‪..‬‬ ‫جربوه وعاشوا تفاصيله‪ ،‬بلغوا غاية‬ ‫حتى إذا ما َّ‬ ‫ليتخففوا من ثِ قل هموم الحياة وضنكها‬ ‫اشتهاء الموت‬ ‫َّ‬ ‫‪..‬‬ ‫عزمت حينها أن أقرأ هذه الرواية لع َّلني أتم َّلص من‬ ‫ُ‬ ‫وطأة الشعور بدنو الموت وظلمة إحاطته ‪..‬‬ ‫“تموت الوعول في الجبال الثلجية إذا لم ينبثق‬ ‫النهر‪ ..‬نموت نحن إذا لم ينبثق الرضى‪ ..‬نحاول‬ ‫الحياة‪ ..‬أسهل األمور االستسالم للموت‪ ..‬أريحها على‬ ‫واحد منعني من أن أستسلم له‪”..‬‬ ‫اإلطالق‪ ..‬شيء‬ ‫ٌ‬ ‫الرواية‪:‬ص‪١٠٦‬‬ ‫كانت تلك المعاني المتتالية هي ما أبحث عنه بين‬ ‫طيات الرواية‪..‬‬ ‫َّ‬ ‫نتشبث بالحياة رغم أوجاعها‬ ‫ما الذي يجعلنا‬ ‫َّ‬ ‫ومراراتها؟‬ ‫حين نغوص في أعماقنا ونواجه األسئلة فيها؛‬ ‫مجهر موقِ ن‬ ‫ساعي َن إىل تسطير أجوبة نضعها تحت‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫دما في الحياة‪ ،‬هناك فقط‬ ‫بفرصنا بالعيش والمضي قُ ً‬ ‫نلوذ إىل مرافئ راضية مؤمنة بما كتبه هللا لنا‪..‬‬ ‫ثم نحيا آمنين‪..‬‬ ‫َّ‬ ‫لم أستطع النوم تلك الليلة‪..‬‬ ‫بدأت أقرأ هذه الرواية‪ ..‬بعد أن‬ ‫الليلة األوىل التي‬ ‫ُ‬ ‫بلغت صفحتها الخمسين‪..‬‬ ‫شوطا فيها حتى‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫قطعت ً‬ ‫استحالت ساقاي إىل قطعتين مشلولتين ال فائدة‬ ‫الحمام لقضاء حاجتي‬ ‫ُترجى منهما إذ ما‬ ‫ُ‬ ‫قصدت بلوغ َّ‬ ‫قبل االستسالم إىل النوم ‪..‬‬ ‫وانكفأت على وجهي أق ِّلبه ذات‬ ‫تكورت على جسدي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫اليمين وذات الشمال محاول ًة تفريغ انتحاب األصوات‬ ‫وعويلها المحشوة في أذني‪..‬‬ ‫تلويه على‬ ‫سمعت عويله وصراخه وأنينه‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وشاهدت ّ‬ ‫أرض تلك الزنزانة المطبقة عليه‪..‬‬ ‫مت رائحة دمه‪ ،‬وكأنني كائن ٌة ُخلقِ ت من بخا ٍر‬ ‫شم ُ‬ ‫َ‬ ‫اختراق األزمنة والجدران‪ ،‬كانت قد وقفت‬ ‫قاد ٍر على‬ ‫ِ‬ ‫شققْ ُتها‬ ‫بصمت‬ ‫قربه؛ لتراقبه‬ ‫ٍ‬ ‫كو ٍة َ‬ ‫عالق َّ‬ ‫مخنوق ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫حد َّ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫حين‬ ‫به‬ ‫ة‬ ‫رأف‬ ‫زنزانته؛‬ ‫في سقف‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫“إن خيوط الضوء الوحيدة كانت تصلني من الشقوق‬ ‫َّ‬ ‫التي تحيط باب الزنزانة بعد شروق الشمس”‪..‬‬ ‫حمدا‬ ‫أحمد هللا‬ ‫مضت الساعات األوىل لليلتي وأنا‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫كثيرا على َّأن الطغاة والظالمين فوق وجه هذا الكوكب‬ ‫ً‬ ‫لكية للشمس‪..‬‬ ‫لم يمتلكوا َّ‬ ‫صك ُم َّ‬ ‫تقتيرا‪..‬‬ ‫قتروها علينا‬ ‫ثم َّ‬ ‫وإال لصادروها َّ‬ ‫منا‪َّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫كل تفاصيل‬ ‫إن لم يحتكروها كما يفعلون في ِّ‬ ‫حياتنا اليوم‪..‬‬

‫منا الواقع سخري ًة غير متوقعة ولم تكن‬ ‫قد يسخر َّ‬ ‫لتخطر لنا على بال‪..‬‬ ‫تفرقنا أيديولوجياتنا وأهواؤنا ومشاربنا‪،‬‬ ‫إذ حين ِّ‬ ‫وربما أدياننا‪..‬‬ ‫تأتي ظلمات السجون الهف ًة؛ لتجمعنا تحت مظ َّلة‬ ‫مصيبة واحدة‪..‬‬ ‫تدمر بعد أن ُر ِّحل إليه الراوي‬ ‫هذا ما كان في سجن ُ‬ ‫عقب مروره بعذابات متباينة ومختلفة ومرعبة‪،‬‬ ‫كل صفحة ُتطوى‪..‬‬ ‫ْ‬ ‫بانت في تفاصيل ِّ‬ ‫بعضا من‬ ‫غادرت صفحة‬ ‫ك َّلما‬ ‫ْ‬ ‫وأفرجت رئتاك ً‬ ‫َ‬ ‫تنتقل بعدها إىل مشهد‬ ‫حمولة هوائها المنحبس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ذعرا‪..‬‬ ‫أكثر ً‬ ‫تعبر في مخيلتك إىل صو ٍر من الصور التي ال‬ ‫َّ‬ ‫ثم ُ‬ ‫بشري‪..‬‬ ‫عقل‬ ‫يمكن أن‬ ‫يتخيلها ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫َّ‬ ‫حتى إن جاءت من باب خياالت ننسجها لتحملنا إىل‬ ‫تحققها‪ ..‬أو حتى ال نرجوه ‪..‬‬ ‫عوالم نرجو ُّ‬ ‫َ‬ ‫المتلقي على فسحة‬ ‫اعتياد‬ ‫كأن الراوي كان يخشى‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫زمنية يلتقط فيها بعض أنفاسه ‪ ..‬لم يكن يريد له‬ ‫َّ‬ ‫ذلك‪..‬‬ ‫تقصد َّأل يضىء لنا َّأية شمعة وسط تلك الظلمة‬ ‫َّ‬ ‫المحيطة من جهاته األربع‪..‬‬ ‫لقد ذهب بالمتلقي إىل أقصى حدود التعذيب‪ ..‬إىل‬ ‫نتنشق منه عبير‬ ‫أبعد ركن في داخلنا يمكننا أن‬ ‫َّ‬ ‫الصبر والمقدرة على النهوض بعد انكسارات متتالية‪..‬‬ ‫هكذا كان حيث كان‪ ،‬حتى بلوغنا الفصل السابع‬ ‫عشر‪..‬‬ ‫تشمر عن ساعديها‬ ‫هناك‬ ‫ُ‬ ‫حيث انفراجة ُ‬ ‫الحبكة ِّ‬ ‫قليل وتكشف عن بعض ساقيها‪..‬‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫رمق‬ ‫الخطاب‬ ‫هناك حيث شر َع‬ ‫ينفسح ً‬ ‫قليل أمام ِ‬ ‫ُ‬ ‫أمل وأمنيات‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫كش ٍف عن عظمة هللا تعاىل وتج ِّلي قدراته‬ ‫و ْ‬ ‫ومعجزاته فينا‪..‬‬ ‫فينا‪ ..‬نحن الضعفاء األقوياء‪..‬‬ ‫والمتمددون‪..‬‬ ‫نحن المنكمشون‬ ‫ِّ‬ ‫التمرد عليهما‬ ‫الخاضعون لزمان ومكان قادرين على‬ ‫ُّ‬ ‫متى شاء لنا أن نشاء ‪..‬‬ ‫نحن معجزة هللا على وجه هذه البسيطة‪ ..‬حين‬ ‫نمر بأقسى ظروف وصروف قد تتباين بين القهر‬ ‫ُّ‬ ‫األحبة‪..‬‬ ‫واأللم واالعتالل والتهجير وفقدان‬ ‫َّ‬ ‫قهر ُيعجزنا عن‬ ‫قهرا يتلوه ٌ‬ ‫نحن من يقهرنا الموت ً‬ ‫أحبائنا وهي تغادرهم أمامنا‪ ..‬على‬ ‫استيقاف‬ ‫ِ‬ ‫أرواح َّ‬ ‫ثم نعجز عن التقاطها وإعادتها حيث‬ ‫مرمى البصر‪َّ ..‬‬ ‫كانت ‪..‬‬ ‫تنشق في عقولنا‬ ‫نحن أنفسنا أمام ذاك العجز‬ ‫ُّ‬ ‫كل‬ ‫طرق ودهاليز متجاوز ًة الزمان والمكان‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫متحدي ًة َّ‬ ‫َّ‬ ‫المستحيالت وإن ُحجزنا خلف أبواب مؤصدة‪..‬‬ ‫****‬ ‫(‪)3‬المكان‪ :‬اسطنبول‪ /‬تركيا‬ ‫الزمان‪ :‬الرابعة بعد منتصف الليل في ليلة شتوية‬ ‫حبلى بالظلمة متخمة بالخوف ‪..‬‬ ‫وأتهشم ذعرا‪..‬‬ ‫أتكسر‬ ‫الحالة‬ ‫َّ‬ ‫النفسية‪َّ :‬‬ ‫َّ‬ ‫الحقا‪..‬‬ ‫الرواية‪ :‬سأخبركم عنها ً‬

‫حيوات‬ ‫المعرفي‪ ،‬والشغف بعيش‬ ‫الفضول‬ ‫ركنا‬ ‫ٍ‬ ‫إن َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ثم اندفعنا‬ ‫رواية‬ ‫ات‬ ‫طي‬ ‫بين‬ ‫متباينة‬ ‫جانبا‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫متسائلين‪ :‬ما الذي يجعلنا نجثو على قراءة روايةٍ ؛‬ ‫صلب‬ ‫حتى نبلغ منتهاها‪ ،‬رغم طريق اآلالم الذي قد ُن ُ‬ ‫مرات تلو األخرى!‪.‬‬ ‫فيه َّ‬ ‫البنائي للرواية في تماسكه‪ ،‬وانهمار‬ ‫النسيج‬ ‫لعل‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫يعرقل‬ ‫سدا أمامها‬ ‫أمواه َّ‬ ‫شلالته دون أن نصادف ًّ‬ ‫ُ‬ ‫السر‬ ‫مانعا إياها من استكمال انهمارها‪ ،‬هو ِّ‬ ‫مجراها‪ً ،‬‬ ‫وروعنا أثناء‬ ‫األول الذي يجعلنا نركب موجها‪ْ ،‬‬ ‫وإن تعاىل َّ‬ ‫َّ‬ ‫رحلة القراءة‪..‬‬ ‫ومنو ٍع ودقيق‪ ،‬حين‬ ‫ثري‬ ‫معجم‬ ‫ناهيك عن‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫لغوي ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫الروائي في إنزال المفردات منازلها الالئقة بها؛‬ ‫يبر ُع‬ ‫ُّ‬ ‫إثراء‬ ‫خادم ًة المعنى خدم ًة جليلة‪ ،‬ومثري ًة‬ ‫ِّ‬ ‫المتلقي ً‬ ‫متماي ًزا في مجاالت حياته المتباينة‪ ،‬ومرفِ د ًة إياه‬ ‫مسبقا‪..‬‬ ‫ذهنيةٍ لم تخطر على باله‬ ‫بصو ٍر‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫تدثر‬ ‫يبين في ُّ‬ ‫سر ما كان في هذه الرواية ُ‬ ‫كان مكمن ِّ‬ ‫شد وثاق خطابها من أولها حتى‬ ‫لغتها بدثا ٍر قرآني‪َّ ،‬‬ ‫آخرها‪..‬‬ ‫انكشف أمامي معنى‬ ‫يت معنى إىل آخر‬ ‫َ‬ ‫تعد ُ‬ ‫ك َّلما َّ‬ ‫تمثل‬ ‫من معاني القصص القرآني‪ً ،‬‬ ‫كشفا حملني على ُّ‬ ‫محطاتها المؤلمة‪،‬‬ ‫محطة من‬ ‫كل‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫تلك المعاني في ِّ‬ ‫محكم بين سلوكات البشر على أرض الواقع‬ ‫وثاق‬ ‫ٍ‬ ‫في ٍ‬ ‫صرح هللا ع َّز وجل به في القرآن الكريم في‬ ‫وما َّ‬ ‫القرآنية‪..‬‬ ‫قصصه‬ ‫َّ‬ ‫غضبا‪،‬‬ ‫أو‬ ‫رضى‬ ‫ا‪،‬‬ ‫حزن‬ ‫أو‬ ‫ة‬ ‫سعاد‬ ‫ا‪،‬‬ ‫شر‬ ‫أو‬ ‫كان‬ ‫خيرا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جزعا‪..‬‬ ‫ضنكا‪،‬‬ ‫رخاء أو‬ ‫ً‬ ‫صبرا أو ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الحارة حين انبعثت من شقوق‬ ‫ولعل تلك األنفاس‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫بحملِي على البقاء في وعائها‬ ‫جدران الرواية أسهمت ْ‬ ‫حتى الرمق األخير‪..‬‬ ‫خيوطا دقيق ًة رقيق ًة متين ًة‬ ‫ثمة‬ ‫ال َّ‬ ‫ً‬ ‫بد أن أعترف َّأن َّ‬ ‫م ِرنة ِ‬ ‫تصيد غنائم‬ ‫كشباك أنثى العنكبوت‪ ،‬قادر ًة على ُّ‬ ‫متينا من‬ ‫نسجا‬ ‫النص‬ ‫ً‬ ‫ثم ِ‬ ‫الحكاية َّ‬ ‫نسجها في ِّ‬ ‫الروائي ً‬ ‫ِّ‬ ‫جهة أخرى‪..‬‬ ‫جهة وم ِر ًنا من َ‬ ‫وهي عينها جاءت تحمي ظهر الرواية منذ الكلمة‬ ‫األوىل حتى مبلغ النقطة األخيرة قبل أن يضع الراوئي‬ ‫قلمه موضعه األخير بعد فروغه من كتابة روايته‪..‬‬ ‫شعورا لم يتجاوزه إىل اإلمساك به‬ ‫مما شعرته‬ ‫َ‬ ‫وذاك َّ‬ ‫ً‬ ‫إدراكا‪ ،‬بينما‬ ‫بإحدى حواسي الخمس‪ ،‬إنما أدرك ُته‬ ‫ً‬ ‫منعطف يهبط‬ ‫حدث أو‬ ‫انشغل عقلي في اللهاث خلف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بي تار ًة ويرتقي بي تار ًة أخرى ‪..‬‬ ‫النفسية‬ ‫متزامنا مع تذبذب حاالتي‬ ‫كل ذلك جاء‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫فارقت لملم َة الدمع المنهمر‪َّ ،‬إل‬ ‫التلقي التي ما‬ ‫أثناء ِّ‬ ‫ْ‬ ‫والتلوي‪..‬‬ ‫ودفعتني ثانية ألهوي في مصيدة التأ ّوهات‬ ‫ِّ‬ ‫توتر وصقيع‬ ‫ُ‬ ‫أفرك أصابعي ً‬ ‫فركا عساي أدفع ببعض ٍ‬ ‫ليشد من‬ ‫الدم ك ُّله إىل قلبي‬ ‫َّ‬ ‫جمد أطرافي حين هرب ُ‬ ‫َّ‬ ‫دم فيها‪..‬‬ ‫أزره مخ ِّل ًفا أطرافي حطب ًة ال َ‬ ‫مرارا كتمانها‪ ،‬بيد أنها غادرتني صرخ ًة‬ ‫حاولت‬ ‫ً‬ ‫خيم على بيتي في‬ ‫عميق‬ ‫صمت‬ ‫أركان‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ه‬ ‫مدوية‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫منتصف تلك الليلة‪ ،‬حين راح الراوي يصف طريقة‬ ‫من طرق تعذيب المساجين لم تخطر لي على بال‪..‬‬ ‫يوما‪..‬‬ ‫تمر بكوابيسي ً‬ ‫ولم ّ‬

‫‪15‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫تنشب مخالبها في الصعيدين‪:‬‬ ‫متشظي ٌة‬ ‫طريق ٌة‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫تماما كما قطع الزجاج‬ ‫النفسي‬ ‫ِّ‬ ‫والجسدي‪ ..‬متناثرة ً‬ ‫ِّ‬ ‫المهشمة التي فرشوا بها ساحة التعذيب‪ ،‬ليبطحوا‬ ‫َّ‬ ‫جره فوق‬ ‫األب ذا السبعين ً‬ ‫حول ويرغموا ولديه على ِّ‬ ‫المهشم‪..‬‬ ‫الزجاج‬ ‫َّ‬ ‫بينما يعتلي ابنه الثالث ظهره‪ ،‬حتى يغدو جسده‬ ‫ويشق هشيم الزجاج طريقه‪،‬‬ ‫التصاقا باألرض‬ ‫أكثر‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫فيحفر جسده ما استطاع إىل ذلك سبيال‪..‬‬ ‫وأي مازوشية تدفع بهؤالء السجانين‬ ‫أي قسوة هذه! ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫شيطانية ال تخطر على بال إبليس وهو على‬ ‫ألفعال‬ ‫َّ‬ ‫الشر واألشرار !‬ ‫ذروة هرم ِّ‬ ‫أي ما ٍء ُخلقوا! هل هم مثلنا لهم آباء وأمهات‬ ‫من ِّ‬ ‫شيطانية في صحراء‬ ‫وعائالت! أم إ َّنهم نبتوا نبت ًة‬ ‫َّ‬ ‫سامة وعقارب سوداء !‬ ‫ُتدمر واقتاتوا على ثعابين َّ‬ ‫بعيدا‬ ‫ذهبت‬ ‫عت جدران نفسي حين‬ ‫صد ْ‬ ‫ُ‬ ‫وأية ٍ‬ ‫آالم َّ‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫أنخرط بدمع أبنائه وهم أدا ٌة مرغم ٌة على تعذِّ يب‬ ‫والدهم!‬ ‫كرسي يدفع طاغيته‬ ‫وأي‬ ‫هذا‪،‬‬ ‫أسود‬ ‫أي‬ ‫حقدٍ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ٍّ‬ ‫الرأي‪ ،‬ليبصيبهم ما أصابهم‪..‬‬ ‫لتعذيب ٍ‬ ‫بشر خالفوه َ‬ ‫مخضبا‬ ‫تلك الليلة كان‬ ‫كل ما شاهد ُته حولي َ‬ ‫ُّ‬ ‫ًّ‬ ‫متلويا يحبس صرخات صدره‪..‬‬ ‫متأو ًها‪،‬‬ ‫بالدماء‪ِّ ..‬‬ ‫ًّ‬ ‫تشق ٍق‬ ‫إلي َّأن جدران غرفتي على شفا ُّ‬ ‫حتى ُخ ِّي َل َّ‬ ‫آت ال محالة‪..‬‬ ‫وتصد ٍع ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫****‬ ‫(‪ )4‬المكان‪ :‬اسطنبول‪ /‬تركيا‬ ‫الزمان‪ :‬الرابعة بعد منتصف الليل في ليلة شتوية‬ ‫حبلى بالظلمة متخمة بالخوف ‪..‬‬ ‫وأتهشم ذعرا‪..‬‬ ‫أتكسر‬ ‫الحالة‬ ‫َّ‬ ‫النفسية‪َّ :‬‬ ‫َّ‬ ‫الرواية‪« :‬يسمعون حسيسها» أليمن العتوم‪..‬‬ ‫السارد في هذه الرواية‪،‬‬ ‫لم تتناوب‬ ‫ٌ‬ ‫أصوات كثير ٌة مع َّ‬ ‫غالبا‪ ،‬وانهمار ِح َمم‬ ‫وعلى الرغم من سيادة صوته ً‬ ‫وصفه ألحداث مضنية مؤلمة تدافعت بين جوانحها‪،‬‬ ‫يتمكن ثاني ًة منها‪..‬‬ ‫إال َّأن الملل لم‬ ‫َّ‬ ‫نصه األوىل حتى‬ ‫دها‬ ‫مد‬ ‫حين َّ‬ ‫الروائي مذ عتبة ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫باب زقاقه الذي دفعنا منه خارجها؛ الهثين معانين‬ ‫معاناة من عاش تلك األحداث حقيق ًة وعايش قسوتها‬ ‫ووحشيتها‪..‬‬ ‫لقد طغى الوصف والمونولوج بين صفحات الرواية‬ ‫محكما مع موضوع‬ ‫تواؤما‬ ‫متوائما‬ ‫ملموسا‪،‬‬ ‫طغيانا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الرواية ومضمونها‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫ثم تراشق‬ ‫حوارات‬ ‫ننتظر‬ ‫إذ‪ ،‬أ َّنى لنا أن‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫وأحاديث َّ‬ ‫مكاني ُيحكِ م قبضته على أفواه‬ ‫فضاء‬ ‫أفعال‪ ،‬في‬ ‫ٍّ‬ ‫أبطاله وأنفاسهم!‬ ‫التطور‬ ‫ومقنعا في مثل‬ ‫مناسبا‬ ‫لن يكون ذلك‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كتلك المتناولة‪..‬‬ ‫السردي وتناميه لرواية‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ردية متناغمة مع‬ ‫بل جاء رداؤها وأدواتها َّ‬ ‫الس َّ‬ ‫ملموسا‬ ‫تجانسا‬ ‫والمكاني مما خ َّلف‬ ‫الزماني‬ ‫فضائيها؛‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫بائنا‪..‬‬ ‫واضحا ً‬ ‫ً‬ ‫ففي الوقت الذي سارت فيه األحداث ج ُّلها بين فضاء‬ ‫الزماني‬ ‫المهجع (‪ )٢٣‬وساحة التعذيب‪ ،‬جاء الفضاء‬ ‫ُّ‬ ‫داخليا‪..‬‬ ‫نفسيا‬ ‫فضاء‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫تمدد فيه الشعور بالزمن واستطال بمقدار الظلمة‬ ‫َّ‬

‫‪16‬‬

‫ثم ما انكشف‬ ‫والظالم وضروب التعذيب المتباينة‪َّ ،‬‬ ‫الذل‬ ‫تغيرات‬ ‫من ُّ‬ ‫نفسية على الراوي أورثتها صنوف ِّ‬ ‫َّ‬ ‫والمهانة التي مورست عليه طوال إقامته في السجن‪..‬‬ ‫فبات الزمن قطعة جليد صلبة تأبى شموس األمل‬ ‫دهرا يتر َّنح غير‬ ‫إذابتها‪،‬‬ ‫زمن ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ومضيت أنا أشعر َ‬ ‫التلقي ً‬ ‫التقدم‪..‬‬ ‫قاد ٍر على‬ ‫ُّ‬ ‫قصير عقربي الساعة بطويلها حتى خلتهما‬ ‫علق‬ ‫ُ‬ ‫وقد أصابتهما ع َّل ٌة كوني ٌة ش َّلتهما ومنعتهما من الدوران‬ ‫االعتيادي المألوف‪..‬‬ ‫السارد‬ ‫ها هو ذا الزمن‬ ‫هوية َّ‬ ‫ُ‬ ‫ينشب أظفاره في َّ‬ ‫النفسية‪ ....« :‬صار علينا اليوم أن نرفع رؤوسنا‪ .‬في‬ ‫شيء ما في داخلنا رفض ذلك‪ ،‬شيء ما جعلنا‬ ‫البداية ٌ‬ ‫ونتخبط‪..‬‬ ‫نرتبك أمام ذلك‬ ‫َّ‬ ‫الذل حتى نسينا َّأن لنا كرامة! هل‬ ‫هل اعتدنا على ِّ‬ ‫استسغنا المهانة حتى صارت الع َّزة غريبة تحتاج إىل‬ ‫وقر في قلوبنا َّأن رفع الرأس ليس‬ ‫مِ ٍ‬ ‫ران و ُدربة! أم أ َّنه َ‬ ‫من حقوقنا في هذه المقبرة الجماعية التي نقضي‬ ‫فيها زهرة شبابنا!»الرواية ص‪٢١٧‬‬ ‫متأمل ًة المعنى في تلك الفقرة‪ ،‬إذ انفتح‬ ‫وقفت‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫السجن إىل واقعنا‬ ‫المعنى وانفسح متجاو ًزا جدران ِّ‬ ‫الحالي خارج أسواره‪..‬‬ ‫وحقنا‬ ‫جميعا‬ ‫ألسنا‬ ‫مجردين من ع َّزتنا وكرامتنا ِّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫المشروع في االختيار ومشاركة الرأي في أوطاننا!‬ ‫موضوعيا‬ ‫معادل‬ ‫السجن‬ ‫ً‬ ‫صير أيمن العتوم فضاء ِّ‬ ‫ًّ‬ ‫لقد َّ‬ ‫تدج ُننا‬ ‫لواقع نعيشه ويخ ِّلف علينا بصمة تلو األخرى؛ ِّ‬ ‫سلطات عليا وقوى كُ برى‪..‬‬ ‫تابعا ألهواء‬ ‫وتجعلنا‬ ‫ٍ‬ ‫قطيعا ً‬ ‫ً‬ ‫الشمس في فضائنا‬ ‫الفرق فقط بين هنا وهناك َّأن‬ ‫َ‬ ‫غير خاضعة لمشيئتهم‪..‬‬ ‫َّ‬ ‫المحرر َ‬ ‫كل صباح محاو ِل ًة حفر‬ ‫حين تدفع بخيوطها إلينا َّ‬ ‫كل بزوغ‪..‬‬ ‫آمل‬ ‫بحرية قادمة َّ‬ ‫أثر ٍ‬ ‫نترقبها مع ِّ‬ ‫عميق ٍ‬ ‫َّ‬ ‫سادن يقر ُع أجراس النِ عم‬ ‫خير‬ ‫الرواية‬ ‫هذه‬ ‫جاءت‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫طويل كيف أن بعض ما‬ ‫ألتحسس‬ ‫الغافية في نفسي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫مستحق دائم‬ ‫قبضته في حياتي قبض اليد‪ ،‬وكأنه‬ ‫ٌّ‬ ‫علي الدنيا‪ ،‬كان‬ ‫الحضور‪ ،‬ولن أفقده ً‬ ‫يوما مهما جارت َّ‬ ‫السجن‪..‬‬ ‫بعض منه غاي َة ُ‬ ‫المشتهى خلف قضبان ِّ‬ ‫القرائية تلك‪،‬‬ ‫ولعل أكثر ما لفتني في رحلتي‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫صيرها في‬ ‫ٌ‬ ‫شوق ٌ‬ ‫عارم للكلمة الطيبة؛ ذلك َّأن الراوي َّ‬ ‫الترتيب الثالث بعد كسرة خبز وقطرة ماء‪..‬‬ ‫“هل تكفي اإلنسان كِ سر ُة خبز‪ ،‬وقطرة ماء‪ ،‬وكلمة‬ ‫ملكا؟ بلى‪ ،‬في تدمر من‬ ‫طيبة من أجل أن يعيش ً‬ ‫أحس أ َّنه امتلك الدنيا بحذافيرها‪،‬‬ ‫حصل أول اثنتين َّ‬ ‫َّ‬ ‫كانت الثالثة صعب ًة وعزيز ًة” الرواية‪ ،‬ص ‪١٩٨‬‬ ‫حقا َّأن الكلمة الطيبة تأتي رتبتها‬ ‫منا يدرك ًّ‬ ‫كم َّ‬ ‫تالي ًة إلشباع غريزة الجوع ؟‬ ‫طيفا وتحصيل حاصل‪..‬‬ ‫كم ننعم بأطياب نحسبها ً‬ ‫يؤثر فينا أو‬ ‫حدثا‬ ‫ثم نرى غيابها‬ ‫عاديا قد ال ِّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ًّ‬ ‫نشتاقه؟‬ ‫نعما دقيق ًة‪ ،‬نكاد ال نبصرها وال‬ ‫كم أودع هللا فينا ً‬ ‫النفسية ج ِّلها‪،‬‬ ‫نستشعرها‪ ،‬وإن أخضعناها لمجاهرنا‬ ‫َّ‬ ‫وتمتد كأغصان دالية‬ ‫ومع ذلك تنمو في دواخلنا‬ ‫ُّ‬ ‫نقتات على عنبها ونتفيأ بظ ِّلها‪..‬‬ ‫كم نحن جاحدون ومنكرون!‬

‫رحت أطوي الصفحات األخيرة من الرواية‪ ،‬وتنكأ‬ ‫ُ‬ ‫تشبثت بي أثناء قراءتي تلك الرواية‪،‬‬ ‫جسدي ٌ‬ ‫آالم َّ‬ ‫بينما عيناي تغوصان في صورة الماضي القريب‬ ‫حائرتين فيما مضى وكان‪..‬‬ ‫قرأت هذه الرواية قبل سنوات‬ ‫كنت قد‬ ‫ُ‬ ‫أ ُتراني لو ُ‬ ‫عربية!‬ ‫ة‬ ‫ثور‬ ‫قلب‬ ‫في‬ ‫الصمود‬ ‫بإمكاني‬ ‫قليلة‪ ،‬أكان‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫مليا من الوقوع في قبضة مثل هؤالء‬ ‫ُ‬ ‫دنوت فيها ًّ‬ ‫الوحوش!!‬ ‫كنت قريب ًة بالجوار آنذاك‪..‬‬ ‫كم ُ‬ ‫عت نفسي‪ ..‬كيف أنني لم أنتبه إىل تجريد‬ ‫قر ُ‬ ‫َّ‬ ‫أيمن العتوم اآلية الكريمة من» ال» في قوله تعاىل‪« :‬ال‬ ‫يسمعون حسيسها» فانقلب المعنى إىل اإلثبات بعد‬ ‫النفي‪..‬‬ ‫طويل قبل الولوج إىل‬ ‫تأم ُل المعنى‬ ‫ا‬ ‫واجب‬ ‫كان‬ ‫ً‬ ‫علي ُّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الرواية‪ ،‬حتى إذا ما ولجتها متس ِّلح ًة ببعض الحذر‬ ‫أقل مما مضى‬ ‫وقعا َّ‬ ‫وقعت أهوال أحداثها على نفسي ً‬ ‫وكان‪..‬‬ ‫غاليا‪..‬‬ ‫الثمن‬ ‫ودفعت‬ ‫غلطتي‪..‬‬ ‫كانت‬ ‫ً‬ ‫عظيما‪..‬‬ ‫فزت فو ًزا‬ ‫بيد أنني ُ‬ ‫ً‬ ‫_______‬ ‫قبل ‪..‬‬ ‫َ‬ ‫ذاك كان ما ُ‬ ‫َّأما بعد ‪..‬‬ ‫وفرشت‬ ‫الدرب‪،‬‬ ‫دت لك‬ ‫ُ‬ ‫مه ُ‬ ‫فإ ّنّني عزيزي القارىء قد َّ‬ ‫َ‬ ‫معرفية ‪-‬قدر‬ ‫وأخرى‬ ‫ة‬ ‫نفسي‬ ‫شرقها وغربها بتهيئة‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫عالم ارتأيته‬ ‫ألدفعك نحو الولوج إىل‬ ‫مستطاعي‪-‬‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫مزلزل رواسي‬ ‫مضنيا‪ ،‬بل‬ ‫ا‬ ‫مبكي‬ ‫ا‬ ‫مؤلم‬ ‫ا‬ ‫موجع‬ ‫محرقا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫مطرح َك ومنزلك‪..‬‬ ‫آمنا في‬ ‫كنت ً‬ ‫أمانك وأمانيك إن َ‬ ‫عميقا‬ ‫َّإل أ َّنه يجلي النفس ويدفعها نحو الغوص‬ ‫ً‬ ‫أهمية حضورها‬ ‫ِّ‬ ‫متأم ًل بعض نِ َع ٍم ننعم بها‪ ،‬وال نلحظ َّ‬ ‫حد أرواح‬ ‫في حياتنا‪ ..‬راغب ًة في َ‬ ‫ذاك ك ِّله إضاءة شمعةٍ َّ‬ ‫حق‪..‬‬ ‫من سكنوا سجون الطغاة وعذِّ بوا فيها بغير وجه ٍّ‬ ‫اشتهاء حين لم يقووا على‬ ‫ثم قضوا وقد راموا الموت‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫كل‬ ‫القبض عليه‪ ،‬رغم رائحته التي أحاطتهم من ِّ‬ ‫وح َد ٍب‪..‬‬ ‫ص ْو ٍب َ‬ ‫مررت بأعجوبة التطهير‬ ‫فإني قد‬ ‫ُ‬ ‫وع ْو ٌد على ذي بدء‪ِّ ،‬‬ ‫تنفيسا عن العواطف‬ ‫كما هي عند أرسطو في كونها‬ ‫ً‬ ‫حزينا‬ ‫مقعدا‬ ‫مني‬ ‫وتهذيبا‬ ‫لمشاعر كانت قد اتخذت ِّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫راحت رائحة الموت تحيط بنا في هذا العام‬ ‫حين َ‬ ‫االستثنائي‪..‬‬ ‫أفككها وأعيد‬ ‫مرت تلك الرواية «بغرابيلي‪ِّ ،‬‬ ‫ومثلما َّ‬ ‫ثم أنثرها على قرطاسي بعد أن ذابت بي‬ ‫تركيبها َّ‬ ‫رشح منه ما‬ ‫حين‬ ‫وتح َّللت‪،‬‬ ‫قمح‪َ ،‬‬ ‫صيرتني جريش ٍ‬ ‫َّ‬ ‫رشح من بين ثقوبها‪ ،‬وأبقت على خشني‪ ،‬خ َّلف ُته بين‬ ‫َ‬ ‫عارف آخر يأتي من بعدي فيطحن ما‬ ‫سطورها لقارئ‬ ‫ٍ‬ ‫علق في رحاها‪..‬‬ ‫خرجت بعدها هادئة النفس قريرة العين مستسلم ًة‬ ‫ُ‬ ‫لله سبحانه وتعاىل في أحكامه علينا وأقداره حين‬ ‫ُتحيط بنا‪ ،‬ونحن العاجزون أمامها وليس بأيدينا سوى‬ ‫وتسريح أنفاس‬ ‫توكيل أمرنا لله سبحانه وتعاىل‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫كنا قد سجناها في صدورنا منتظرين من‬ ‫مريرة َّ‬ ‫آتيا ال محالة‪..‬‬ ‫ا‬ ‫قريب‬ ‫ا‬ ‫فرج‬ ‫وجل‬ ‫الموىل ع َّز‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫اسطنبول‪ 12-13/‬من عام الجائحة‪..‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫نفحـات مـن الشعـر الشعبـي‬

‫‪25‬‬

‫من السمات المميزة لإلنسان اليمني منذ القدم هو ارتباطه‬ ‫الوثيق بالشعر‪ ،‬لما له من أهمية اجتماعية كبيرة ويعتبر‬ ‫متنفس رحب لترجمة مشاعره وأحاسيسه في شتى ظروف‬ ‫الحياة التي تحيط به‪.‬‬ ‫وليد املصري ‪ -‬اليمن‬

‫الرثاء‬ ‫يعتبر شعر الرثاء من أصدق أغراض‬ ‫الشعر عاطفة‪ ،‬واكثرها حرارة؛ كونه يعبر‬ ‫عن حقيقة المشاعر التي يكنها الشاعر‬ ‫في قلبه دون تصنع أو تمثيل ألن الحزن‬ ‫ال يكتب عنه إال من عايشه والمسه وعانى‬ ‫منه‪ ،‬وخصوصا عندما تربط الشاعر صلة‬ ‫قوية بمن يرثيه ‪ ،‬وهو أيض ًا تعبير حقيقي‬ ‫عن انكسار القلب وخصوص ًا عند فراق‬ ‫عزيز عليه ألن الحزن والحب كما قيل‬ ‫صنوان ال يفترقان‪.‬‬ ‫وفي هذا العدد تم اختيار بعض من‬ ‫النصوص الشعريه لشاعر يرثي والدته‬ ‫بألم وحزن تبوح بهما الكلمات وتترجم‬ ‫أثرهما المعاني ولعل فراق األم من أقسى‬ ‫حوادث الحياة وأكثرها تأثير ًا على القلوب‬ ‫والمشاعر‪.‬‬ ‫الشاعر إبراهيم علي مفتاح البخيتي‬ ‫أبوعزت‬ ‫مواليد ‪1987‬م مديرية الحدأ محافظة‬ ‫ذمار‪ ،‬ويعد من رموز الشعر الشعبي وله‬ ‫مشاركات متعددة في فعاليات ومناسبات‬ ‫وطنية وايض ًا تجمعه بمجموعة من شعراء‬ ‫الوطن مساجالت انتشرت وذاع صيتها في‬ ‫الوسط األدبي الشعبي‪ ،‬وتغنى بكلماته‬ ‫مجموعة من رموز الفن الشعبي اليمني‬ ‫وكتب في أغراض متنوعة ومتعددة بكل‬ ‫براعة واقتدار‬

‫نماذج من‪ ‬قصائد الشاعر في الرثاء‬ ‫“فراق األم”‬ ‫قال ابوعزت األجآل البد منها‬ ‫القد‪ ‬اوفت‪ ‬وعزرائيل ماحد يلومه‬ ‫لو معه أم مثل امي رضع من لبنها‬ ‫اليراعي مالك الموت‪ ‬معنى األمومه‬ ‫غصب عني فرقت امي وهي غصب عنها‬ ‫فارقت روحها والعافية والسلومه‬ ‫غاليه‪ ‬بعد‪ ‬ماغابت‪ ‬عرفنا‪ ‬ثمنها‬ ‫مهجة القلب ذي كانت تجلي همومه‬ ‫أم ترعاك في أول وآخر زمنها‬ ‫أم تسهر لكي يرتاح طرفك‪ ‬بنومه‬ ‫ليتني عطرها المدفون واال كفنها‬ ‫أحتضن جسمها ماباقي اال هدومه‬ ‫أو ثراها الذي من حسن حظه حضنها‬ ‫شوق عيني لها شوق المشرد لقومه‬ ‫هذه احوال دنيانا وهذه سننها‬ ‫ماتخلي لحد حاله مليحه وشومه‬ ‫“يا منبع الود”‬ ‫قال ابن مفتاح ماخبيت بعد امي‬ ‫غير القميص الذي كانت تصلي به‬ ‫أشـمـهـا من خالله وانجال همي‬ ‫مابقطع اليأس مهما طالت الغيبه‬

‫وهللا ماانساش في صحوي وفي حلمي‬ ‫يامنبع الود واإلحسان والطيبه‬ ‫ماانساش ال مايواروا باالثرى جسمي‬ ‫هللا يعاقب قليل الخير ويصيبه‬ ‫ذي مايطيع امه هللا يجعله معمي‬ ‫باالـهـم والـغـم واإلحباط والخيبه‬ ‫“واريت جثمان أمي”‬ ‫واريت جثمان أمي والنهار اظلم‬ ‫في ناظري من فراق األم ماأقساه‬ ‫ودعت‪ ‬جثمانها والقلب يقطر دم‬ ‫توديع‪ ‬اليمكن انساها وال أنساه‬ ‫ياأصدقائي فراق األمهات اعظم‬ ‫من فرقة األب مهما كانت المأساه‬ ‫األم ذي ماحد اشفق منها وارحم‬ ‫باإبنها غير ربه ذي بها واساه‬ ‫يتمت منها وكل انسان باييتم‬ ‫تأكدوا كل قارب بايصل مرساه‬ ‫مهما صفا الدهر لإلنسان واتبسم‬ ‫ال صبحه‪ ‬باالسعاده باألسى مساه‬ ‫المصدر‬ ‫ــ ــ ــ ــ ــ ــ‬ ‫‪ - 1‬صفحة الشاعر في موقع التواصل‬ ‫االجتماعي (فيس بوك )‬

‫‪17‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫كتم المشاعر في الضمائر مصيبة‬ ‫يقول جيري سبنس‪« :‬دع المشاعر‬ ‫الفياضة تنطلق بحرية‪ ..‬دع القلوب‬ ‫تقول الحقيقة‪ ...‬عندئذ تحس‬ ‫بالسحر يغمرك‪ ،‬ويغمر من حولك»‪،‬‬ ‫فاإلنسان إنما هو كتلة من المشاعر‪،‬‬ ‫أحــالم القبيـلـي وكما يقول تومكنز‪« :‬بدون المشاعر‬ ‫فال شيء حقًا يهم‪ ،‬ولكن بالمشاعر‬ ‫فكل شيء يصبح مهما»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ومهما كان البعض يبدو قاسيا أو جافا فالبد‬ ‫أن تؤثر فيه الكلمة الطيبة‪ ...‬وألن للكلمة الطيبة‬ ‫تأثيرها الكبير حتى سميت بالسحر الحالل أوالها‬ ‫الدين مكانة عظيمة‪ ،‬فقال تعالى‪( :‬كلمة طيبة خير‬ ‫من صدقة يتبعها أذى)‪ ،‬وقال ‪( :‬الكلمة الطيبة‬ ‫صدقة)‪ ،‬والتعبير عن املشاعر اإليجابية كلمة طيبة‬ ‫يصر الكثير على كتمانها أو تجاهلها أو الهروب منها‪،‬‬ ‫فيما يجهل الغالبية أهميتها‪ ،‬وفن اإلفصاح عنها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وكتم املشاعر عادة متأصلة في العرب عموما‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫واليمنيين خصوصا‪ ،‬على الرغم من أنهم أرق قلوبا‬ ‫وألين أفئدة‪ ،‬فهم يصرون على أن الحب في القلب‪،‬‬ ‫ويعتقدون أن إظهار املشاعر من الرجل ضعف‪،‬‬ ‫ومن املرأة جرأة وقلة حياء‪ ،‬وإن كانت في الحالل‪،‬‬ ‫ولعل املثل اليمني القائل‪ « :‬املرأة سراج البيت‪ ،‬وال‬ ‫تقل لها» يعزز ثقافة الكتمان عند الرجل اليمني‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫كما أن املرأة اليمنية تنصح قبل الزواج بأن تكون‬ ‫ُ‬ ‫رزينة وعاقلة‪ ،‬وال تظهر للزوج إال فتات املشاعر‪،‬‬ ‫ً‬ ‫حتى ال يستهين بها‪ ،‬وفعال وجدت من قالت‪ :‬إنها‬ ‫حاولت أن تكون رومانسية مع زوجها فما كان منه‬ ‫إال أن عافها‪ ،‬وأخذ عليها نقطة سوداء بأنها قليلة‬ ‫حياء‪ ،‬ويمكن عندها تجارب سابقة‪.‬‬ ‫عبر عن شعورك‪:‬‬ ‫وأنا هنا ال أتحدث عن مشاعر الحب فقط‪ ،‬بل‬ ‫عن كل املشاعر من حب واحترام وإعجاب وشكر‬ ‫وامتنان وشوق واعتذار وندم تجاه كل الناس‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وليس الزوجين فقط‪ ،‬ملاذا نتحرج دائما وأبدا من‬ ‫إظهار مشاعرنا والتعبير عنها إال مشاعر الكراهية‬ ‫واالحتقار واالزدراء وكل املشاعر السلبية التي‬ ‫سرعان ما نبادر بإعالنها ونشرها‪ ،‬والتعبير عنها‬

‫‪18‬‬

‫بكل األقوال واألفعال؟ ملاذا ال نفصح عن مشاعرنا احتجنا واضطررنا إليه دعوناه‪ ،‬وال يكفينا الشعور‬ ‫إال في الوقت الضائع؟ فنجد من ال يعترف لك بحبه القلبي معه سبحانه‪ ،‬وال يكفينا أن نقول‪ :‬علمه‬ ‫ً‬ ‫إال بعد أن يزول هذا الحب قائال بامتعاض‪ « :‬كنت بحالي يغني عن سؤالي‪.‬‬ ‫أحبك بس سقطت من عيني»‪.‬‬ ‫ملاذا ال نكرم املبدعين إال بعد أن يغادروا حياتنا؟ ظاهرة عالمية‪:‬‬ ‫وإذا كان اإليمان باهلل تعالى أوله قول باللسان‪ ،‬ثم وإذا كنا نحن العرب نعاني من كتم املشاعر‬ ‫تصديق بالجنان‪ ،‬ثم عمل بالجوارح واألركان‪ ،‬فالغرب يعاني من فقدانها‪ ،‬ولذلك هم يكتفون بيوم‬ ‫فكيف نهجر ذلك في تعامالتنا مع الناس؟ ملاذا نجمد واحد كل عام يعبرون فيه عن مشاعرهم‪ ،‬فجعلوا‬ ‫عيد األم‪ ،‬وعيد األب‪ ،‬وعيد العمال‪ ،‬وعيد املعلم‪،‬‬ ‫مشاعرنا ونحكم عليها بالصمت املؤبد؟‬ ‫وعيد الحب‪ ،‬و‪ ...‬و‪ ...‬ثم ينفض السامر وتذهب‬ ‫املشاعر أدراج الرياح‪.‬‬ ‫سنة نبوية‪:‬‬ ‫وإظهار املحبة والتعبير عن املشاعر اإليجابية سنة‬ ‫نبوية حث عليها املصطفى عليه الصالة والسالم‪ ،‬بُح بحبك‪:‬‬ ‫وبين أنها أبقى في األلفة وأثبت للمودة فقال‪« :‬إذا وإذا تأملنا في كلمة حب وعكسنا حروفها لكانت‬ ‫أحب أحدكم أخاه في هللا فليعلمه فإنه أبقى في األلفة ُبح‪ ،‬فالبوح بالحب هو أصل الحب‪ ،‬وقد حاول عبد‬ ‫وأثبت في املودة»‪.‬‬ ‫الحليم حافظ كسر جدار الصمت بين األحبة‪ ،‬وفتح‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وعن أنس ر�ضي هللا تعالى عنه قال‪« :‬مر رجل األبواب أمام املشاعر املكبوتة أيا كان نوعها قائال‪:‬‬ ‫ً‬ ‫بالنبي فقال رجل ممن عنده‪ :‬إني أحب فالنا هذا هلل‪“ ،‬قل لي حاجة‬ ‫فقال النبي ‪ :‬أعلمته؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬قم إليه فأعلمه»‪ .‬أي حاجة‬ ‫قال البغوي‪ :‬وذلك أنه إذا أخبره استمال قلبه قل َب ِحبك‬ ‫واجتلب وده‪ ،‬كما أن الحبيب املصطفى لم ّ‬ ‫يتحرج قل كرهتك‬ ‫من إظهار مشاعره تجاه زوجه عائشة ر�ضي هللا قل لي عايزك‬ ‫تعالى عنها عندما سأله عمر بن العاص ر�ضي هللا قل لي بعتك‬ ‫تعالى عنه‪ :‬من أحب الناس إليك يا رسول هللا؟‬ ‫بس قل لي أي حاجة»‪.‬‬ ‫قالت عائشة‪ :‬ولم يكتم مشاعره تجاه الصحابة وكما أننا نجيد فن التعبير عن الكراهية‪ ،‬وكل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الكرام فقال‪« :‬لو كنت متخذا خليال التخذت أبابكر املشاعر السلبية‪ ،‬فإننا نجيد أيضا فن التعبير‬ ‫خليال»‪ ،‬وقال‪« :‬إني أحبك يا معاذ»‪.‬‬ ‫عن املشاعر املحرمة‪ ،‬فالرجل في عالقاته خارج‬ ‫بل إننا مطالبون باإلفصاح عن مشاعرنا كلها مع إطار الزواج يحفظ أشعار نزار قباني‪ ،‬ويتقمص‬ ‫هللا سبحانه وتعالى الذي يعلم السر وأخفى‪ ،‬فإذا دور مجنون ليلى‪ ،‬وال يصف حبيبته املزعومة إال‬ ‫أخطأنا استغفرناه‪ ،‬وإذا أنعم علينا شكرناه‪ ،‬وإذا بالقمر‪ ،‬فإذا دخل وإياها قفص الزواج الذهبي‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫أدرك شهريار الصباح‪ ،‬وسكت عن الكالم املباح‪.‬‬ ‫كما يظن البعض‪ -‬وبعض الظن إثم‪ -‬أن البوح باملشاعر‬ ‫ال يكون إال بين الزوجين‪ ،‬فال يسمع منهم األبناء واآلباء‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫واألقارب واألصحاب همسا وال ركزا‪ ،‬ومن املؤسف‬ ‫واملحزن أن يجبرك من تحب على استجداء كلمة حب‬ ‫ال يقولها إال في السنة مرة‪ ،‬هذا إذا لم َ‬ ‫ينسها ّ‬ ‫باملرة‪،‬‬ ‫كالطفل الذي يتمارض‪ ،‬أو يفرح بجرح إصبعه ألنه‬ ‫متعطش لسماع كلمة حب من والديه اللذين ال يقوالنها‬ ‫إال في مثل هكذا موقف‪.‬‬

‫لوحات للفنانة اليمنية‪ /‬هيفاء سبيع‬

‫استهالك المشاعر‪:‬‬ ‫ووجب ّ‬ ‫علي التنبيه هنا إلى �شيء مهم في مسألة البوح‬ ‫باملشاعر والتعبير عنها فخير األمور الوسط‪ ،‬والبد‬ ‫أن يكون اإلنسان معتدال في ذلك‪ ،‬تقول األستاذة‪/‬‬ ‫وداد الكواري‪« :‬البد من االدخار‪ ،‬البد من االقتصاد‬ ‫للمستقبل‪ ،‬واالدخار ال ينحصر في النقود فقط‪ ،‬وإنما‬ ‫يشمل ادخار العواطف‪ ،‬وهذا ما ال يفعله الكثير‪ ،‬ففي‬ ‫السنوات األولى من الزواج يبالغون في العطاء‪ ،‬وإظهار‬ ‫ً‬ ‫االهتمام والحب‪ ،‬ثم يكفون عن ذلك مرة واحدة‪ ،‬أحيانا‬ ‫ً‬ ‫لنضوب العواطف التي استهلكت بتهور‪ ،‬وأحيانا عن‬ ‫سأم‪ ،‬وتدل اإلحصائيات أن أغلب الزيجات التي تمت بعد‬ ‫قصة حب طويلة انتهت بالفشل ألن أصحابها استهلكوا‬ ‫مشاعرهم‪ ،‬حتى لم يعد هناك جديد يقال بعد الزواج»‪.‬‬ ‫كتم المشاعر مصيبة‪:‬‬ ‫حذر باحثون مختصون في أحدث الدراسات من‬ ‫أن األشخاص املعتادين على كبت مشاعرهم وعدم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اإلفصاح عنها قد يدفعون ثمنا غاليا من صحتهم‬ ‫وذاكرتهم وقدراتهم الذهنية‪ ،‬فقد وجد فريق البحث‬ ‫في جامعتي (ستانفورد وتكساس) األمريكيتين أن إخفاء‬ ‫األحاسيس وعدم إظهارها بصورة واضحة يضعف‬ ‫قدرة اإلنسان على تذكر األحداث واملواقف املميزة‪.‬‬ ‫والحظ هؤالء بعد متابعة أكثر من (‪ )200‬متطوع‪،‬‬ ‫ً‬ ‫تم عرض فيلم مثير لعملية جراحية على (‪ )75‬شخصا‬ ‫منهم‪ ،‬وتسجيل مشاعرهم وقدرتهم على إخفائها‪،‬‬ ‫ودرجة تذكرهم لألحداث التي شاهدوها‪ ،‬أن الذين‬ ‫ً‬ ‫بذلوا جهدا أكبر في كبت استجاباتهم العاطفية لم‬ ‫يستطيعوا تذكر ما رأوه بصورة جيدة‪.‬‬ ‫َ ْ‬ ‫إذن؛ عبروا عن مشاعركم‪.‬‬ ‫افتحوا لها األبواب‪.‬‬ ‫واكسروا جدار الصمت‪.‬‬ ‫عبروا عن حبكم‪.‬‬ ‫عبروا عن شكركم‪.‬‬ ‫عبروا عن إعجابكم‪.‬‬ ‫عبروا عن حزنكم وفرحكم‪.‬‬ ‫عبروا عن اعتذاركم وندمكم‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫محمود درويش وشاعرية التركيب‬ ‫في ( هي في المساء وحيدة ) !!‬

‫هشام املنياوي ‪ -‬ناقد مصري‬ ‫عندما تحول محمود درويش‬ ‫من كونه صوت الثورة العالي‪،‬‬ ‫الصارخ‪ ،‬المجتمعي‪ ،‬المباشر‬ ‫في (ٔاوراق الزيتون – العصافير‬ ‫تموت في الخليل – وحالة‬ ‫حصار) ٕالى ذاك الصوت‬ ‫الخافت الذاتي الرامز في‬ ‫(الجدارية – كزهر اللوز ٔاو‬ ‫ٔابعد – ال ٔاريد لهذه القصيدة‬ ‫ٔان تنتهي) لم يكن قاليا‬ ‫لقضيته وٕانما خطا بالشاعرية‬ ‫العربية خطوات ٔابعد ؤاعمق‬ ‫ٕالى قلب القضية الفلسطينة‪،‬‬ ‫حيث وقف على أالعراف بين‬ ‫جمود وخطابية ٔاهل العمود‬ ‫وبين تفريط دعاة الحداثة من‬ ‫ٔاصحاب النثرية الفنية‪ ،‬تمسك‬ ‫بالتفعيلة ونقب عن عالٔيق‬ ‫ٕايقاعية في البنى التركيبية‬ ‫وإالسنادية االستعارية ما رٓاه‬ ‫كافيا ٕالعطاء أالذن العربية‬ ‫نصيبها من إاليقاع النغمي‬ ‫للقصيدة ‪ ،‬نص (هي وحدها‬ ‫في المساء) يصح ٔان يكون‬ ‫دليال على هذا التحول ‪..‬‬

‫‪20‬‬

‫والنص ضرب من الشعر والقص ‪ ،‬خليط‬ ‫ٔ‬ ‫متماه من الذاتية والرمزية ‪ ..‬يمكن ان يفتح‬ ‫ٍ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫له التفكيكيون الف باب من التاويل ‪ ،‬ويمكن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫للقاري ان يقراه على ظاهر داللته ‪ ..‬عشاء رجل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫في املساء وحيدا‪ ،‬امام امراة تبعد عنه قدر‬ ‫طاولتين فارغتين حدث يمثل لقطة قصصية‬ ‫صيغت بماء الشعر الذي تفجر من هاتيك البنى‬ ‫االسنادية املتفردة التي جمعت الزمان‬ ‫التركيبية ٕ‬ ‫واملكان في ٕاسناد واحد دون ضجيج من الكلمات‬ ‫(املطعم الشتوي ) ‪..‬‬ ‫كما راهن الشاعر على ضخ تراكيب تتابع‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فترسم وقعا ٕايقاعيا خفيا اطرب االذن‪ ،‬ولم‬ ‫ٔ‬ ‫السيمايية ( ال �شيء يعكر صمتنا‬ ‫يطرح الداللة‬ ‫– ال �شيء يكدر صفونا ‪ -‬ال�شيء يكسر ليلنا‬ ‫ ال �شيء يزعجها معي – ال �شيء يزعجني) ؛ فـ‬‫ٔ ٔ‬ ‫( الالءات ) التي سلبت كل ما من شانه ان يقطع‬ ‫حوار العيون التي لم تتالق على ما يبدو ( هي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ال تراني ٕاذ اراها ) و ( وانا ال اراها ٕاذ تراني )‬ ‫ٔ‬ ‫وهذا التقطير ( من القطار ) لتلك االسانيد هو‬ ‫ما تاجر في سوق النغم ٕبايقاع‪ ،‬كالعرقسوس؛‬ ‫ال تشعر بوقعه ٕاال بعد الفراغ من شربه ‪ ،‬لم‬ ‫يكن هذا مناط الحسن الوحيد في نص اكت�سى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫منه حلال ‪ ..‬فال ادري كيف يمكن للمرء ان يعبر‬ ‫عن روعة البساطة والطرافة في تعبير ( كان‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫عشاونا كل على حدة شهيا ) ‪ ..‬وال ادري كيف‬ ‫(االصغاء‬ ‫تراسلت الحواس وتقارضت ٕفاذا ٕ‬ ‫ٔ‬ ‫و(اذا الليل له صوت ازرق ) بهذا‬ ‫يكون للبلور ) ٕ‬ ‫ٔ‬ ‫التراسل املترشح للحواس‪ ،‬اليجديك نفعا ان‬ ‫ٔ‬ ‫سيمايية له‪ ،‬يكفيك‬ ‫ترهق نفسك في البحث عن‬ ‫ٔ‬ ‫االتساق الشعوري وحالة النشوى التي احالت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االذن في موضع العينين وارسلت العينين ملوضع‬ ‫ٔ‬ ‫االذن ‪..‬‬ ‫ٕواذا تابعت السباحة في خضم النص ارتاحت‬

‫نفسك لهذا التدرج املبهر في صياغة التراكيب‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الغايرة في‬ ‫السيمايية‬ ‫املتقطرة ذات االبعاد‬ ‫ٔ‬ ‫النفس انظر كيف بدا بـ ( ال�شيء يعكر صمتنا )‬ ‫ٔ‬ ‫الن الصمت يسبق حتى كالم النفس ‪ ،‬فلما تكلمت‬ ‫العيون كان الصفاء الوجداني ‪ ،‬فكانت الصياغة‬ ‫( ال �شيء يكدر صفونا ) ثم ملا ذكر البلور‪ ،‬تراسل‬ ‫في التركيب ( ال �شيء يكسر ليلنا ) ‪...‬نص يمكنك‬ ‫ٔ‬ ‫ان تعده ترجمة للقاء بالعيون في مطعم عشاء‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫شتوي وحسبك ذلك ‪ ،‬ويمكنك ايضا ان تقرا‬ ‫ٔ‬ ‫في املراة قضية فلسطين والطاولتين الفارغتين‬ ‫محادثات تفاوضية لم تفض ٕالى �شيء ولك هذا !!‬ ‫النصوص الباهية وحدها تسمح بذلك ‪..‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫ال سكاكين في شوارع هذه المدينة‬

‫رياض حمادي‬

‫واحـد‪ ,‬أمـا أن‬ ‫ـس شـاعري‬ ‫ٍ‬ ‫نفهـم أن يكتـب شـاع ٌر قصيـدة تداهمـه فجـأة فيكتبهـا ب َن َف ٍ‬ ‫يكتـب روائـي روايـة كاملة مـن ‪ 250‬صفحة بلغة الشـعر دون أن تفقد الرواية تماسـكها‪,‬‬ ‫وأن يحافـظ علـى إيقـاع السـرد خلال فتـرة الكتابـة ‪-‬التـي اسـتمرت لسـبع سـنوات (من‬ ‫‪ )2013 – 2007‬تنقـل فيهـا الكاتـب بيـن ثالثـة مـدن (دمشـق – أيـوا – هونـغ كونـغ)‪-‬‬ ‫ويتالعـب بالزمـن ويتنقـل بيـن عشـرات الحكايـات بتفاصيلهـا وشـخصياتها المدهشـة‬ ‫والمفعمـة بالحيـاة‪ ,‬فهـذه عمليـة مضنيـة تسـتنزف روح الروائـي‪ ,‬وال يقـدر عليهـا إال قلة‪,‬‬ ‫منهـم الروائي السـوري خالد خليفة في روايته (ال سـكاكين في مطابـخ هذه المدينة)‪,‬‬ ‫دار اآلداب ‪ ,2013‬القائمـة القصيـرة لجائـزة بوكـر العربيـة ‪.2013‬‬

‫الحياة والتفاصيل والشخصيات الكثيرة والعميقة‬ ‫في الرواية �شيء عجيب‪ ,‬يفتح السارد عند كل زاوية‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫شارعا جديدا للحكي‪ ,‬لكأنه يقرأ من كتاب أو يتلقى‬ ‫ً‬ ‫وحيا من سماء في عصر لم يعد لألنبياء فيه أي‬ ‫وظيفة سوى الكتابة‪ ,‬وأي نبي هو خالد خليفة!‬ ‫ً‬ ‫نبي يقف على أطالل مدينة ‪-‬حلب‪ -‬صارت خرابا‪,‬‬ ‫يرسم جمالها (الذي كان) بالكلمات‪ ,‬فتصيبك حسرة‬ ‫ً‬ ‫وألم وتلعن القبح الذي جعلها خرابا ومدينة أشباح‪.‬‬ ‫نبي يغرف من محيط السرد‪ ,‬ليكتب قصة التحوالت‬ ‫ً‬ ‫املأساوية التي أصابت الحجر والبشر وجعلتهم أنقاضا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ثالثون عاما تحولت فيها حقول الخس إلى‬ ‫عشوائيات يقطنها أشباح بشر‪ ,‬من القدود الحلبية‬ ‫العريقة إلى أناشيد املواليد الدينية‪« ,‬مدينة يتجول‬ ‫ّ‬ ‫ومكالبيات قصيرة‪,‬‬ ‫فيها القتلة‪ ,‬رجال بلحى طويلة‬ ‫يحملون السكاكين تحت آباطهم‪ ,‬وفي الطرف اآلخر عناصر‬ ‫مخابرات تتجسس على البشر وتساومهم على رزقهم في عملية‬ ‫نهب منظم» ‪242‬‬ ‫ً‬ ‫يظن من ينظر إلى سكانها «أنهم يعيشون بعيدا عن املدينة‬ ‫التي لم يبق لهم فيها سوى ذكريات قديمة يستعيدونها بتلذذ‪,‬‬ ‫موقنين بعدم عودة األيام الرائعة حين كانت الشوارع مظللة‬ ‫بأشجار الكينا‪ ,‬وروائح الربيع ومطر الشتاء قوية إلى درجة ال‬ ‫يمكن تجاهلها» ‪201-202‬‬ ‫هذه املدينة في صورتها األخيرة تدفع إلى االنتحار الجماعي‬ ‫«آخرها خبر نشر في صحيفة داخلية عن رجل أحرق زوجته‬ ‫ً‬ ‫وأطفاله األربعة ثم انتحر بسكين املطبخ‪ ,‬صارخا في جيرانه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الذين يراقبون ببرود‪ :‬إن املوت حرقا أكثر شرفا من انتظار‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫املوت جوعا‪ ,‬سائال بحرقة‪ :‬أال توجد سكاكين في مطابخ هذه‬ ‫املدينة؟» ‪207‬‬ ‫مدينة ال سكاكين فيها‪ ,‬ألن كل سكين تعني جريمة قتل أو‬ ‫انتحار‪ ,‬هي مدينة بال ساكنين إذن! وإال لقتل الناس أنفسهم‬ ‫ً‬ ‫مثلما فعل هذا الرجل! العنوان محمال بهذه الداللة يطرح‬ ‫ً‬ ‫سؤاال‪ :‬كيف يتحمل الناس حياتهم وسط كل هذا الخراب؟!‬ ‫ٌ‬ ‫مدينة‪ ,‬الناس فيها ال يعيشون وإنما يحرسون أرواحهم التي‬ ‫تجاهد كي تنسل من األجساد‪ .‬وحده الرئيس امليت حاضر في‬ ‫كل تفاصيل حياتهم‪.‬‬ ‫“تقول أمي إن املخبرين سكنوا أوراق الشجر‪ ,‬توصينا‬

‫ّ‬ ‫وهز رأسنا برضا كما بدأت تفعل منذ سنوات بعد‬ ‫بالصمت ِ‬ ‫اختفاء زميلها مدرس الجغرافيا‪ ,‬مضيفة‪ :‬ماذا تفعل الفئران‬ ‫حين تحاصرها املصائد؟ تصمت‪ .‬كل الناس صمتوا إلى درجة‬ ‫أنهم أثاروا ملل الفروع األمنية التي لم يعد لديها ٌ‬ ‫�شيء تفعله‬ ‫سوى لعب طاولة الزهر‪ ,‬وفتح ملفات مؤجلة استبق معظم‬ ‫أصحابها االستدعاءات وهاجروا خارج البالد” ‪154‬‬ ‫عن هذه املدينة «يكتب جان البنه بيير‪ ,‬يشرح له بإسهاب‬ ‫نظريته حول العار التاريخي‪ُ ,‬يعيد رسم سكان مدينة واحدة‬ ‫يتقاسمون هواء مدينة واحدة خائفين بعضهم من بعض‪,‬‬ ‫املسيحيون خائفون من املسلمين‪ ,‬األقليات الطائفية خائفة‬ ‫من األكثرية‪ .‬واألكثرية خائفة من بطش األقلية‪ ,‬قوميات‬ ‫وأديان وطوائف خائفون من الرئيس وضباط مخابراته‪,‬‬ ‫والرئيس خائف من أعوانه وحراسه‪ ,‬وأعوانه يبحثون‬ ‫عن طرق مبتكرة للوشاية بعضهم ببعض وتقديم والئهم‬ ‫ً‬ ‫الالمتناهي‪ ,‬ينكلون بأعدائه ويشون بعضهم ببعض أيضا‪,‬‬ ‫يرفعون الرئيس إلى مرتبة القداسة واأللوهة‪ .‬رغم ذلك يبقى‬ ‫ً‬ ‫في قصره خائفا من حراسه‪ ,‬ال يجرؤ على السير في الشوارع‬ ‫عشرة أمتار دون مئات الحراس رغم صور يبثها التلفزيون‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مرارا وتكرارا عن ماليين البشر يهتفون له في مسيرات‬ ‫التأييد»‪159 - 158 .‬‬ ‫في هذه الرواية لن تهرول‪ ,‬ستمسك بك اللغة لتتوقف عند‬ ‫ً‬ ‫كل كلمة وعبارة وفقرة‪ .‬هي رواية تستحق التوقف مطوال‬ ‫عندها ففيها وعنها الكثير الذي يمكن أن يقال‪ ,‬لكني أقف‬

‫ً‬ ‫احتراما في عجالة أللقي تحية بكلمات بسيطة تنوه إلى‬ ‫أهميتها‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫بدأت قراءة خالد خليفة من آخر ما كتبه‪ ,‬روايته‬ ‫ُ‬ ‫(املوت عمل شاق) ‪-‬التي سجلت عنها عدة مالحظات‬ ‫قد أسطرها في مقال‪ -‬ثم هذه الرواية‪ ,‬وكنت قد‬ ‫بدأت بقراءة روايته األسبق (مديح الكراهية)‪,‬‬ ‫وتوقفت بسبب انشغاالت ثم لتوقفي عن القراءة‬ ‫منذ شهرين‪..‬‬ ‫اقتباسات‪:‬‬ ‫ً ً‬ ‫“املوت هو اكتمال الذكريات‪ ,‬وليس غيابا أبديا” ‪14‬‬ ‫“الغباء يقوم األذكياء بتصنيعه وإقناع األغبياء به‬ ‫كي يحافظوا على مكانتهم” ‪41‬‬ ‫“األشياء حين تأتي متأخرة بما فيه الكفاية يجب أن‬ ‫ننساها مرة واحدة وإلى األبد” ‪52‬‬ ‫“ال يعيش اليقين والرضا إال مع االستسالم” ‪70‬‬ ‫“حياتنا مجموعة روائح مغتصبة نق�ضي عمرنا بأكمله‬ ‫للتخلص منها” ‪98‬‬ ‫“األمكنة التي ال تعنينا ال نسمع أنينها” ‪118‬‬ ‫“نصنع الخوف ليخاف اآلخرون منا‪ ,‬لكننا نكتشف أنه‬ ‫يالزمنا ويجعل منا بشرا خائفين أيضا” ‪132‬‬ ‫“حين يكون أي �شيء قادر على هزيمتك يجب عليك استجداء‬ ‫املوت” ‪153‬‬ ‫“إذا قلت البقدونس غال فهذا يعني للمخبرين أنك تتشكى‬ ‫من سياسة الحزب‪ ,‬وإذا قلت بأنك تفكر باملوت فهذا يعني أنك‬ ‫ال تحب الحياة تحت وطأة أحكام الحزب” ‪154‬‬ ‫“الزمن الذي ال ُينتظر ال قيمة له” ‪159‬‬ ‫“منزل ال يوجد فيه سوى األ�سى ال يحتاج إلى باب لحمايته‬ ‫من اللصوص الصغار” ‪168‬‬ ‫“العودة للبحث عن العائلة يعني فشلنا جميعا في البحث عن‬ ‫ذاتنا” ‪185‬‬ ‫“تفكيك الذاكرة ضروري لطرد عفنها” ‪186‬‬ ‫ً‬ ‫“املوت أسوأ ما يمكن حدوثه لشخص حتى لو كان ميتا‬ ‫حقيقة” ‪189‬‬ ‫“املوت بسيط كدلق كأس ماء على أرض جافة” ‪255‬‬ ‫*نقال عن حائط الكاتب في الفيسبوك‬

‫‪21‬‬


‫لقــــاء‬

‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫صاحب طريق الحرير‪...‬‬

‫أش ــرف أب ــو اليزي ــد‪ :‬أرى ف ــي المط ــار ص ــورة مصغ ــرة‬ ‫ع ــن عال ــم الدخ ــول والخ ــروج ع ــن الحي ــاة نفس ــها‬

‫حــاوره‪/‬‬

‫صـدام فاضـل‬

‫ُ‬ ‫فار ٍه‪،‬‬ ‫عبر‬ ‫مشاهدات‬ ‫األمكنة يف‬ ‫تتشكَّ ُل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫متخي ٍل ِ‬ ‫َّ‬ ‫صامتة ْ‬ ‫وأصوات ُمتف ِّل ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫الزمن‬ ‫فخاخ‬ ‫تة من‬ ‫فوضوي ٌة‪،‬‬ ‫مالمح‬ ‫تركض فيه‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ميكن ْأن‬ ‫ناصية احلكاية‪ .‬هذه اجل َلبة اللذيذة‬ ‫امللفوف حول‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫مدينة‬ ‫الضجيج الذي يسيل من صباحات‬ ‫بفداحات‬ ‫حتتفي‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫شعبي ال‬ ‫شارع‬ ‫روائح‬ ‫مراهقة‪ ،‬أو من اندالعات‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫مختصمة يف ٍ‬ ‫ُ‬ ‫يعرف الوقا َر…‬ ‫ُ‬ ‫اخملبوءة يف‬ ‫الذاكرة‬ ‫يحدث وأنت ُتصغي إلىٰ كمائن‬ ‫هذا ما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫والر َّحالة العربي‪ /‬أشرف أبو اليزيد‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫طرقات املشاء املصري‪َّ ،‬‬ ‫بفلسفة‬ ‫جتاربه‬ ‫تزخر‬ ‫هشة؛ إذ‬ ‫مد َيات‬ ‫الهائم بني َ‬ ‫السحر َّ‬ ‫ِ‬ ‫والد ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫والصحايف‪ُّ،‬‬ ‫الروائي‬ ‫التمازج والتنويع‪ ،‬فهو‬ ‫ُ‬ ‫والشاعر‪ ،‬واملترجم‪َّ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ألدب الرحلة‪ ،‬وأدب األطفال‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫والكاتب ِ‬ ‫الثقافي ِة مبج َّلات كثيرة‪( :‬نزوى) ـ سلطنة‬ ‫حافة‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫َّ‬ ‫عم َل يف َّ‬ ‫حصل علىٰ‬ ‫ُعمان‪ ،‬و(أدب ونقد) ـ مصر‪ ،‬و(العربي) ـ الكويت‪َ .‬‬ ‫جائزة مانهي يف اآلداب عام ‪( 2014‬كوريا اجلنوبية)‪ .‬نال‬ ‫جائزة الصحافة العربية يف الثقافة عام ‪( 2015‬اإلمارات‬ ‫العربية املتحدة)‪ .‬عضو احتاد كتاب مصر‪ ،‬ورئيس جمعية‬ ‫الصحفيي اآلسيويني‪ ،‬ورئيس حترير يف “آسيا إن”‪ /‬شبكة‬ ‫ِّ‬ ‫تصدر‬ ‫الورقية “ماجازين إن” التي‬ ‫أخبار املستقبل‪ ،‬وشقيقتها‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫والعربية‪ ،‬ورئيس‬ ‫واإلجنليزية‬ ‫الكورية‬ ‫يف سيؤول بال ُّلغات‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫حترير سلسلة إبداعات طريق احلرير‪..‬‬

‫العربي بداية جديدة‬

‫حدثنا عن طبيعة انتسابك جمللة “العربي”‬ ‫ِّ‬ ‫الكويتية التي امتدت ألكثر من عقد ونصف‪.‬‬ ‫ربما تبدو الرحلة ًّ‬ ‫زمنيا أكثر من عقدين‪ ،‬ألنني‬ ‫كقارئ‪ ،‬لكن سنوات العمل‬ ‫ارتبطت باملجلة العريقة‬ ‫ٍ‬ ‫لم تتجاوز ثالثة عشر سنة إال بشهور وحسب‪ ،‬وقد‬ ‫بدأت بلقائي برئيس التحرير األسبق الدكتور‪ /‬سليمان‬ ‫العسكري في القاهرة‪ ،‬في فبراير (شباط) ‪.2002‬‬ ‫وحين أرسل لي رئيس التحرير عقد العمل في أبريل‬ ‫(نيسان) من العام نفسه‪ ،‬رأيت أنه أقل بكثير مما‬ ‫كنت أتقاضاه في سلطنة ُعمان خالل سنوات عملي‬ ‫بمجلة (نزوى)‪ ،‬فرفضت السفر‪ ،‬ثم وعدني الرجل‬

‫‪22‬‬

‫بزيادة الراتب‪ ،‬لكنني لم أسافر إال بعد أن جاء‬ ‫العقد الجديد في أكتوبر ‪ ،2002‬وخالل الفترة هذه‬ ‫انضممت إلى مكتب (العربي) في القاهرة‪ ،‬وتركت‬ ‫عملي كمحرر ثقافي في وكالة أنباء (رويترز)‪.‬‬ ‫كانت طبيعة العمل تشمل في البداية عضوية هيئة‬ ‫التحرير‪ ،‬والقيام باالستطالعات‪ ،‬وترشيح املواد‬ ‫ُ‬ ‫للنشر‪ ،‬وكتابة خطط االستكتاب لك َّتاب العالم‬ ‫العربي‪ ،‬وامتدت لتشمل في بعض السنوات إصدار‬ ‫مالحق (البيت العربي)‪ ،‬و(العربي العلمي)‪ ،‬وإخراج‬ ‫هذه اإلصدارات‪ ،‬خاصة (العربي العلمي) حين َّ‬ ‫تحول‬ ‫إلى مجلة شهرية مستقلة‪.‬‬ ‫كما أشرفت على إصدار ومحتوى مجلة (العربي‬ ‫الصغير) فترة ليست بالقصيرة‪ ،‬وكنت باملثل‬

‫ّ‬ ‫منس ًقا لندوات “العربي” السنوية‪ ،‬أقترح معظم‬ ‫ِ‬ ‫وأشارك في جلساتها‪ ،‬سواء بالدراسة‬ ‫موضوعاتها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أو اإلدارة‪ ،‬فضل عن املطبوعات الفصلية (كتاب‬ ‫العربي)‪ ،‬والتي صدر بها كتابي ٌ‬ ‫(نهر على سفر) أو‬ ‫املطبوعات الخاصة التي ربما ال يعلم عنها كثيرون‬ ‫من قراء (العربي) خارج دولة الكويت؛ فقد أصدرنا‬ ‫مجموعات من االستطالعات عن آسيا‪ ،‬واململكة‬ ‫املغربية‪ ،‬ودولة اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬واململكة‬ ‫العربية السعودية‪.‬‬ ‫رعشة االنطالق‬

‫تكاد جتربتُ ك الصحفية يف مجلة “العربي”‬ ‫مباشرا خلوضك هذه الرحلة‬ ‫أن تكون سب ًبا‬ ‫ً‬


‫لقــــاء‬

‫أســماني الشاعـــــر الكبيــــر الدكتــور‬ ‫عبـــد العزيـــز المقالـــح‪ « :‬الســـندباد‬ ‫الشــاعر»‪ .‬وكـــان ذلــك فــي أصبوحــة‬ ‫شــعرية استضافهـــا خــــــال زيارتــي‬ ‫للمدينــة التاريخيـــة‪.‬‬ ‫الســير فــي صنعاء يعنـــي أن تمضـــي‬ ‫فـــي معـــرض مفتــوح للفن‪.‬‬

‫الطويلة‪ ...‬كيف تع ِّلق على ذلك؟‬ ‫اإلنسان ليس حيوانا ناطقا‪ ،‬بل هو كائن رحالة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫اإلنسان الرحلة منذ مولده‪،‬‬ ‫ولد ليرحل‪ ،‬فيعرف‬ ‫وهو يأتي هذا العالم في رحلة خرج فيها من رحم األم‪،‬‬ ‫ليعيش في أرحام الحياة‪.‬‬ ‫وإذا كانت رحلة املرء األولى على اإلطالق ليست‬ ‫اختيارية‪ ،‬فلم يحدد لها موعدا‪ ،‬ولم يختر لها هدفا‪ ،‬فهو‬ ‫يعوضها حين ُيم�ضي حياته كلها في رحالت متصلة‪ ،‬يخرج‬ ‫فيها من جغرافيا إلى أخرى‪ ،‬ويعبر خاللها مرحلة تاريخية‬ ‫إلى سواها‪ ،‬ويبدل فيها الفضاء اإلنساني وشخوصه‬ ‫بفضاءات أخرى‪ ،‬وين�سى الغرفة الوحيدة والبيت‬ ‫الواحد‪ ،‬ألنه سيجرب غرفا متعددة‪ ،‬وبيوتا عديدة‪.‬‬ ‫لكنه‪ ،‬كما أكرر دائما‪ ،‬لن يظل كما كان قبل رحلة‬ ‫أو أخرى‪ ،‬ألنه في كل سفر سيكتشف ً‬ ‫ركنا ًّ‬ ‫قصيا من‬ ‫ذاته‪ ،‬مثلما سيكتشف ً‬ ‫أركانا أق�صى في العالم‪ ،‬وفي‬ ‫كل مرة يبحث فيها عن آخر‪ ،‬سنجد املرء يتعثر في‬ ‫ذاته‪ ،‬ويعثر على وجوه جديدة له‪ ،‬فهو خارج وطنه‬ ‫وبيته وأهله سيكون في اختبارات متعاقبة‪ ،‬تسائل‬ ‫هويته‪ ،‬وتخاطب جذوره‪ ،‬وتشكل مستقبله‪.‬‬ ‫وأنت حين تسافر‪ ،‬ال تكتشف البشر‪ ،‬وال تكتشف‬ ‫األمكنة‪ ،‬بل تعيد اكتشاف ذاتك‪ .‬بلد تعلمك تذوق‬ ‫أنواع ُخاصة من الجمال‪ ،‬مدينة توقظ فيك الشعر‬ ‫وآدابا أخر‪ ،‬نهر يفيض من جسد األرض ليتدفق من‬ ‫شرايين جسمك‪ُ ،‬فتبعث من جديد‪ ،‬وناس يقولون‬ ‫لك من أنت‪ ،‬فيجيبون عن أسئلة تتأجج في صدرك‬ ‫منذ ألف عام وعام‪ ،‬وأنت تبدأ دائما من مصر‪،‬‬ ‫وتعود إليها‪ ،‬عقلك التاريخ وجسدك الحضارة‬ ‫وعيناك الفنون وحواسك اآلداب‪.‬‬

‫وما بين رحلتين إجباريتين؛ دخل اإلنسان الحياة‬ ‫في الرحلة األولى‪ ،‬وسيغادرها في الرحلة األخيرة‬ ‫ستتاح له الفرصة لتجربة رحالت فريدة‪ ،‬تخصه‬ ‫وحده‪ ،‬حتى لو سافر بصحبة العائلة واألصدقاء‬ ‫والزمالء‪ ،‬فالرحالة يكتب رحلته الخاصة‪ ،‬وهو يرى‬ ‫ما تسمح به بصيرته أنه يراه‪ ،‬لذلك يزور شخصان‬ ‫املكان الواحد‪ ،‬لكنهما لن يقدما رؤية متطابقة‪ ،‬فأنت‬ ‫ترى املكان بمرشحات تتضمن ثقافتك‪ ،‬وهوايتك‪،‬‬ ‫ورغبتك‪ ،‬ومعرفتك‪ ،‬وقدرتك على التواصل مع ذلك‬ ‫املكان‪ ،‬املختلف باختالف املتلقي الزائر اآلخر عنك‪.‬‬ ‫جاءت تجربة (العربي) في قلب ذلك كله‪ ،‬فقد‬ ‫أحببت الرحلة ومارستها قبل العمل بها‪ ،‬لكنها َّ‬ ‫كرست‬ ‫ذلك الحب بشكل عملي‪ ،‬وباتت هناك خطط للرحلة‬ ‫وفق إطار منهجي‪ ،‬وليست رحلة لالستمتاع وحسب‪.‬‬ ‫وكان لي صديقان يكبرانني ًّ‬ ‫سنا اتخذت من سيرتهما‬ ‫الرحلية مثاال؛ الدكتور‪ /‬آرثر جولدشميت‪ ،‬وهو‬ ‫أستاذ في التاريخ من جامعة والية بنسلفانيا‪ ،‬وكان‬ ‫في رحالته يرسل لي عناوينه ألراسله‪ ،‬ويرسل لي‬ ‫بطاقات بريدية ورسائل من كل محطة يصلها‪ ،‬وهذا‬ ‫كان مصدر إلهام لزيارة جغرافيات تلك األماكن‬ ‫الحقا‪ ،‬وصديقي الثاني هو املصور والكاتب والرحالة‬ ‫األسباني جورد إستيفا‪ ،‬وبدأت رحلتنا ًّ‬ ‫سويا في‬ ‫سلطنة عمان‪ ،‬وكان يسافر في ٰ‬ ‫خطى رحالة البحر‪،‬‬ ‫وعرب الصحراء وأفريقيا‪ ،‬وكذلك املغرب‪ .‬وكانت‬ ‫كتبه املصورة ً‬ ‫رافدا ً‬ ‫ملهما باملثل‪.‬‬

‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫كان ال ّبد من صنعاء‪ ،‬مهما طال السفر على طريق‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫االهتمام‪ ،‬ثم‬ ‫الحرير‪ ،‬وأنا ال أعرف متى بدأ عندي‬ ‫ُ‬ ‫الشغف‪ ،‬بطريق الحرير؟ هل ُّ‬ ‫القراءة‬ ‫سنوات‬ ‫أرده إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫الشخصيات‬ ‫سفرات تلك‬ ‫داعبت املخيلة‬ ‫األولى؛ حين‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ليلة‬ ‫ألف‬ ‫وأبطال‬ ‫‪،‬‬ ‫وبحري‬ ‫بري‬ ‫سندباد‬ ‫بين‬ ‫الخيالية؛‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫العرب الشعبية؟ أم هو عشق‬ ‫وليلة‪ ،‬وفوارس سير‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫كتابة التاريخ‪ ،‬الذي صنعه الخيال والواقع ً‬ ‫معا‪ ،‬ومن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الرحلة الذي تعطر بكتابات العرب‬ ‫أدب‬ ‫ِ‬ ‫بعده غرام ِ‬ ‫األوائل‪ ،‬وصوال إلى أحفادهم في مجلة (العربي)‬ ‫التي ردت االعتبار لهذا األدب‪ ،‬قبل أن تتبعها فيه‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫وسالسل كثر؟ االعتقاد أن هذا كله‬ ‫دوريات أخرى‪،‬‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫معا‪ ،‬امتزج بحب السفر‪ ،‬وتتبل بمتعة االكتشاف‪،‬‬ ‫ألكون في قلب هذا الدرب التاريخي األشهر‪ ،‬حتى‬ ‫أسماني الشاعر الكبير الدكتور عبد العزيز املقالح‪:‬‬ ‫“ السندباد الشاعر”‪ .‬وكان ذلك في أصبوحة شعرية‬ ‫استضافها خالل زيارتي للمدينة التاريخية‪.‬‬ ‫والسير في صنعاء يعني أن تم�ضي في معرض مفتوح‬ ‫للفن‪ ،‬خاصة بصحبة أعالم التشكيل في اليمن من‬ ‫األصدقاء والصديقات الذين أعتز بهم‪ ،‬واهتممت‬

‫هل تفكر بالعودة للكويت؟‬ ‫ربما أعود لزيارة الكويت إذا دعيت إليها في مناسبة‬ ‫ثقافية‪.‬‬ ‫أيام في اليمن‬

‫مرة‪ ،‬إذ كانت اليمن‬ ‫زرتَ صنعاء أكثر من َّ‬ ‫ضمن خارطة الطواف التي ضمنها مشروعك‬ ‫العظيم‪ ...‬ماذا عن تسكعاتك يف شوارع صنعاء‬ ‫العاصمة؟‬

‫‪23‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫بتقديم تجاربهم الثرية للعالم في كتاباتي‪.‬‬ ‫آخر زياراتك لليمن كانت يف العام ‪ 2010‬تقريبا‪...‬‬ ‫َّ‬ ‫أتذكر‪َّ ...‬‬ ‫كنا نحتفل‬ ‫نعم وفي قلب حضرموت‪،‬‬ ‫باختيار مدينة “تريم” عاصمة للثقافة اإلسالمية‪،‬‬ ‫وكان استدعاء فتاة وتصويرها أمام مسجد في مدينة‬ ‫تريم عاصمة الثقافة اإلسالمية من املستحيالت‬ ‫السبعة في تلك املدينة املحافظة‪ ،‬وكان أن ساعدني‬ ‫الدكتور الباحث‪ ،‬واملبدع‪ /‬نزار غانم‪ ،‬في أن يستأذن‬ ‫ٰ‬ ‫إحدى جاراته في صنعاء أن تسمح البنتها بالتصوير‬ ‫من أجل عيون “العربي”‪ ،‬وظهرت العدنية املقيمة في‬ ‫صنعاء وخلفها أشهر مساجد حضرموت‪.‬‬ ‫مسارات جديدة‬

‫احلراكات اجملتمعية ‪-‬بكامل تفاصيلها‪-‬‬ ‫ُت ِثل ِ‬

‫‪24‬‬

‫لقــــاء‬

‫مطالـــب بالتجـــاوز عـــن‬ ‫ال َّرحالـــة‬ ‫ٌ‬ ‫العـــادي والمألـــوف والمكـــرور‪،‬‬ ‫نصـــا يتجـــاوز‬ ‫عليـــه أن يتـــرك ًّ‬ ‫الزمــن‪ ،‬فالرحلــة وثيقــة تاريخيــة‬ ‫بلغـــة األدب‪.‬‬ ‫شك ًلا من أشكال التنظيم الثقايف للشعوب‪ .‬هل‬ ‫ميكن أن تقود تلك التداخالت إلى انحراف‬ ‫صراط الرحالة‪ ،‬وحتويله إلى مؤرخ؟‬ ‫بمخطط َّأولي‪ ،‬هو الذي تقدمه لكي‬ ‫تبدأ الرحلة عادة‬ ‫ٍ‬ ‫يقنع إجازتها‪ ،‬لكن هذا املخطط يقودك إلى سلم طائرة‬ ‫املغادرة‪ ،‬أما الرحلة التي تبدأ بعد سلم الوصول‬ ‫للمطار فهي أمر آخر؛ إنها رهن االكتشاف‪ ،‬والدهشة‪،‬‬ ‫واملغامرة‪ ،‬ورحلة بحث في بوصلة تخترعها أنت‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ولعل فكرة الوطن ‪ /‬البيت الذي تجد فيه راحتك‪،‬‬ ‫والصحبة التي تجد نفسك فيها‪ ،‬لتتباين‪ ،‬ففي الرحلة‬ ‫تقيم في مكان يصبح بيتا لليلة أو أكثر‪ ،‬وتلتقي بأصدقاء‬ ‫يضحون أهلك منذ تراهم حتى تغادرهم‪ ،‬لذلك‬ ‫تتجدد فكرة الوطن ومشاعرك نحوه‪ ،‬وهذا أمر لدى‬ ‫الرحالة‪ ،‬وليس املهاجر الذي قرر قطع تلك الصلة‬ ‫ليختار بقعة يراها أفضل لحياة تنقطع عن ماضيها‬ ‫وحاضرها‪ .‬ولدي كانت الرحلة تستدعي الوطن‪ ،‬حتى‬ ‫لو كان ذلك استطالعا عن جمهورية تتارستان‪ ،‬أو‬ ‫رحلة عمل إلى كوريا‪ ،‬أو قراءة آلثار إسبانيا‪ ،‬أو وقوفا‬ ‫على أطالل إيطاليا‪ ،‬أو زيارة ملهد الخالفة العثمانية‪ ،‬أو‬ ‫إعجابا بحضارة هندية‪.‬‬ ‫يجوز أن تكون الرحلة لها امتيازاتها اخلاصة‬ ‫نوعي يتدخل يف تشكُّ الت الصحفي‬ ‫كمسار‬ ‫ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫احملترف‪ ،‬لكن يبدو أنها ‪-‬أيضا‪ -‬متثل معاد ًلا‬ ‫إبداع ًّيا ميكن أن يخلق انسجامات فاعلة‪،‬‬

‫ُت ِّرض على اخلوض يف الشعر والرواية كما‬ ‫حدث معك‪ ...‬هل توافقني على هذا؟‬ ‫ٰ‬ ‫املنحى عندي إشارات عن الرحلة؛ فالسفر‬ ‫في هذا‬ ‫ً‬ ‫ميسورا في سبله ووسائله‪ ،‬أصبح عسيراً‬ ‫الذي أصبح‬ ‫في متطلباته وكلفته‪ ،‬وال يستطيع املسافر اليوم أن‬ ‫ين�سى ما ترك وراءه ومن ينتظره‪ ،‬فكلها ُّ‬ ‫تشده للعودة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫لذلك قلت أيام السفر وزاد العبء فيه‪ ،‬ليس فقط بما‬ ‫تفرض الدول من إجراءات تأشيرات زيارة‪ ،‬وما تجريه‬ ‫املطارات من تفتيش‪ ،‬وما تتطلبه الرحلة من ُّ‬ ‫تفرغ‪،‬‬ ‫ولكن من ذلك االنفصال املطلوب‪ ،‬عن عالم أنت فيه‬ ‫أسير‪ ،‬وعوالم تسافر إليها تسعى أن تكون ًّ‬ ‫حرا بها‪.‬‬ ‫وحين تقرأ الرحلة ستتعرف إلى نصوص روائية على‬ ‫نحو َّما‪ ،‬فهناك سرد‪ ،‬وأحداث‪ ،‬وشخوص‪ ،‬وسياق‬ ‫ٍ‬ ‫ثقافي ومجتمعي‪ ،‬وقد تكون هناك تقنيات سردية‬ ‫مطبقة كاستعادة املا�ضي‪ ،‬حين تقرأ تاريخ املكان الذي‬ ‫تزوره‪ .‬ثم أنك تستدعي حينا بطلك السينمائي حين‬ ‫َ‬ ‫الشعر‪،‬‬ ‫يقوم بدور املحقق‪ ،‬واملغامر‪ ،‬وإذا كنت تكتب‬ ‫ّ‬ ‫وتضمنها نص‬ ‫فقد تترجم نصوصا أو تكتب قصائد‬ ‫ِ‬ ‫الرحلة‪ .‬وال أخفي ًّ‬ ‫سرا‪ ،‬حين يرى من قرأ لي رواية أو‬ ‫ّ‬ ‫مكون أساس في كتابتي‪ ،‬وأرى أنني‬ ‫أكثر‪ ،‬أن الرحلة ِ‬ ‫بعد أن كتبت الشعر والنثر‪ ،‬وجدت في سرد أدب‬ ‫الرحلة ضالتي‪ ،‬ففيه جماع لكل ذلك‪.‬‬ ‫تمظهـرات مغايرة‬

‫بلدا حتى اآلن‪ ...‬كيف‬ ‫زرت أكثر من (‪ً )33‬‬ ‫ُّ‬ ‫تتصدى لتلك التناقضات الهائلة يف اللغات‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫والعادات‪ ،‬واألديان؟‬ ‫الرحلة تبدأ باملطارات‪ ،‬وتلك رحلة تشبه الدخول‬


‫لقــــاء‬

‫حيـــن تســـافر‪ ،‬ال تكتشـــف البشـــر‪،‬‬ ‫وال تكتشـــف األمكنـــة‪ ،‬بـــل تعيـــد‬ ‫اكتشـــاف ذاتـــك‪.‬‬ ‫في غرفة الغواصة املحكمة الغلق قبل الخروج منها‬ ‫للعالم‪ ،‬ولذلك تنشأ بينك وبينها عالقات متوترة‪ ،‬ال‬ ‫تعرف إن كنت تحب أسواقها َّ‬ ‫وحسها العالمي‪ ،‬أم‬ ‫تكره مكاتب األوراق والحجز وشؤون الهجرة وانتظار‬ ‫الحقائب‪ ،‬وغيرها‪ ،‬لذلك أرى في املطار صورة مصغرة‬ ‫عن عالم الدخول والخروج‪ ،‬عن الحياة نفسها‪ ،‬عن كل‬ ‫ما تفاجئك به من سعادة‪ ،‬وما تضمره لك من تعاسة‪.‬‬ ‫وأشعر بسعادة عميقة حين تبدأ الطائرة بالتحرك‪،‬‬ ‫وكأن لي جناحيها‪ ،‬فوق ألف سحابة تأخذني‪ ،‬وتصبح‬

‫بيتي في السماء‪ ،‬حتى يتلقفني بيت آخر على األرض‪.‬‬ ‫وعلى مدى أكثر من خمسين ً‬ ‫عاما‪ ،‬وفي أكثر من‬ ‫ْ‬ ‫رافقت بعثات «العربي» في قارات‬ ‫ألف رحلة ورحلة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫العالم مجموعات من األدلء‪ ،‬من كل األجناس‪،‬‬ ‫والجنسيات‪ ،‬واأللسن‪ .‬دليل يتوسط بين َّ‬ ‫الرحالة‬ ‫َّ‬ ‫العربي‪ ،‬وبين لغة قد تكون مجرد لهجة محكية‪،‬‬ ‫أو يستأذن لك حين ترغب في صورة غالف من بين‬ ‫أكثر من ستمائة غالف ظهرت على وجه «العربي»‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫بيت عائلة‬ ‫أو يقودك إلى لقاء مسؤول‪ ،‬أو يدلك على ِ‬ ‫بسيطة أو أسرة موسرة هناك‪.‬‬ ‫في كل مدينة كان هناك ٌ‬ ‫دليل أو أكثر‪ ،‬أتذكر في أحمد‬ ‫آباد بالهند دليلنا ّ‬ ‫«رزاق»‪ ،‬وفي بكين «ميا»‪ ،‬وشمال‬ ‫الصين بشينجيانج القشغري «محمد عزت»‪ ،‬وفي‬ ‫بيشيلية اإليطالية «جوليا»‪ ،‬وفي استنبول «سميرة»‪،‬‬ ‫وفي أنقرة «حسن”‪ ،‬وفي قازان عاصمة تتارستان‬ ‫باالتحاد الرو�سي «ليليا ورينات ورئيسة خانوم» وفي‬ ‫مدن برلين وبون وميونخ وفرانكفورت وهامبورج‬ ‫ودورتموند وكولن األملانية طائفة من أدالء أملان وعرب‬ ‫متجنسين‪ ،‬وفي ورزازات املغربية «أحمد الحساني»‬ ‫و«الجاللي مصطفى»‪ ،‬وفي سيئول «تشوي أبو بكر‪،‬‬ ‫وجنان‪ ،‬ويوسف عبدالفتاح»‪ ،‬من بين كثيرين‪ ،‬هذا‬ ‫غير عشرات األسماء األخرى من األصدقاء في مدن‬ ‫عربية وغربية يضيق املقام لذكرهم‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫وحيد مع األدالء؛ وعلى‬ ‫كان سجن اللغة له مفتاح‬ ‫سبيل املثال‪ ،‬ففي مدينة سورات بوالية كوجرات‬ ‫الهندية‪ ،‬كان صاحب ورشة النسيج ّ‬ ‫يحدثنا باللغة‬ ‫ِ‬ ‫الكوجراتية‪ ،‬فيترجم ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫محلي حديثه إلى اللغة‬ ‫دليل‬ ‫ُ‬ ‫وينقل لنا دليلنا الحوار باإلنجليزية‪ ،‬لنحكي‬ ‫الهندية‪،‬‬ ‫القصة لقراء «العربي» بلغتنا الجميلة!‬ ‫ُ‬ ‫بعثة‬ ‫من الطريف أننا نعود أحيانا لنكون مع دليل ٍ‬ ‫سبقتنا‪ ،‬كما حدث حينما كان دليلنا في الخرطوم‬ ‫وحولها اإلعالمي محمد جبارة‪ ،‬بل واألطرف أن‬ ‫ً‬ ‫مجددا بعد عشرين ً‬ ‫عاما أو يزيد بدليل‬ ‫نلتقي‬ ‫رحلة سبقت‪ ،‬مثلما التقينا في مسقط رأس األمير‪/‬‬

‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫تيمور‪ ،‬بمدينة «شهرسبذ» في أوزبكستان بالسيدة‬ ‫«مولودة»‪ ،‬وبين الصورتين ٌ‬ ‫عمر كامل!‬ ‫ما هي أبرز البروتوكوالت الغريبة التي مت‬ ‫استقبالك بها كضيف جديد يف مكان ما؟‬ ‫ْ‬ ‫وضع عقد الورود فوق العنق هو طقس مشترك‪،‬‬ ‫سواء كنت في جزيرة “جيجو” جنوب كوريا‪ ،‬أو كنت‬ ‫في “راجستان” شمال الهند‪ ،‬وسواء بدأ الترحيب بك في‬ ‫املطار‪ ،‬أو انتظرك بالفندق‪ .‬في النيبال وجدت أكثر من‬ ‫طقس‪ ،‬فقد استقبلني مضيفي في املطار بشال ذهبي يحمل‬ ‫كتابات مقدسة َّ‬ ‫طوق به عنقي‪ ،‬وفي سهرة بمطعم تقليدي‬ ‫كانت هناك سيدة تستقبلنا تضع بالحناء فوق جبهاتنا‬ ‫دائرة حمراء‪ ،‬وكأننا ذاهبون إلى زفاف وليس لتناول‬ ‫العشاء‪ .‬وفي السودان َّرتب لنا مضيفونا سهرة غنائية‬ ‫حفل زفاف جماعي‪.‬‬ ‫شعبية جميلة‪ ،‬ودعونا الحقا إلى ِ‬ ‫توازيات‬

‫ً‬ ‫يف حال اعتبرنا “الرحلة”‬ ‫استهدافا مكان ًّيا‬ ‫باملقام األول‪ ،‬هل هناك معايير زمنية حتكم‬

‫‪25‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫فكرة االنطالق أو التأجيل؟‬ ‫َّ‬ ‫اضطرتنا‬ ‫طبعا وجود التأشيرات املصاحبة للسفر‬ ‫لتأجيل رحالت‪ ،‬وعنف الطقس َّ‬ ‫أجل رحالت أخرى‪.‬‬ ‫وأحيانا تحجز في الدرجة األولى‪ ،‬فتجد نفسك في‬ ‫الدرجة السياحية‪ .‬أذكر أنني في السماء بين بكين‬ ‫ُ‬ ‫اكتشفت‬ ‫وأرومت�شي‪ ،‬عاصمة إقليم شينجيانج‪،‬‬ ‫أن زميلي الذي حجز تذاكرنا‪ ،‬لم ينتبه إلى أن فترة‬ ‫الترانزيت بين أورومت�شي وكشغر ‪-‬بوابة طريق‬ ‫الحرير من الصين إلى العالم‪ -‬ال تكفي للحاق بالطائرة‬ ‫التالية‪ .‬أخبرت املضيف‪ ،‬فأحضرنا إلى مقعدين‬ ‫على مالبسنا‪ ،‬ووجدنا‬ ‫بقرب الباب‪ ،‬ووضع ملصقا ً‬ ‫بمجرد هبوط الطائرة‪ -‬ضابطا بانتظارنا‪ ،‬أخذنا‬‫َّ‬ ‫بممر خاص‪ ،‬إلى سلم الطائرة األخرى‪ ،‬بعد املرور‬ ‫السريع بمكتب السفر‪ ،‬وصعدنا‪ ،‬وانتظرت الطائرة‬ ‫حقائبنا حتى تتحرك‪ .‬إنها معجزة َّ‬ ‫زمنية ال تحدث‬ ‫ربما‪ -‬إال في الصين‪.‬‬‫بعد خبرة السفر بات عليك أن تتوقع األسوأ‪،‬‬ ‫وأذكر أنني حين فزت بجائزة “مانهي” في األدب‪،‬‬ ‫عام ‪ ،2014‬كان َّ‬ ‫علي أن أسافر من الكويت‪ ،‬عبر‬ ‫ً‬ ‫اإلمارات‪ ،‬وخوفا من أي تأخير للطائرة املسافرة عن‬ ‫األخرى املغادرة من أبو ظبي‪ ،‬حجزت ً‬ ‫مبكرا يومين‪،‬‬ ‫وقد حدث ما توقعت‪ ،‬واضطررت للمبيت بفندق‬ ‫املطار حتى الغد‪ ،‬ولحقت بالحفل‪ ،‬ولو لم أكن‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫ومتحر ًزا لفاتني أكبر تكريم أدبي في حياتي‪.‬‬ ‫متخوفا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دينامو الحضارات‬

‫َ‬ ‫يعايش الدور‬ ‫البد أن‬ ‫من يزور البلدان البعيدة َّ‬ ‫العمالق للمرأة‪ ،‬وهي تتصدر مشهد احلضارات‬ ‫اإلنسانية‪ .‬هل احلر ّ َية ‪-‬وحدها‪ -‬سبب يف تلك‬ ‫الريادة؟‬ ‫ٌ‬ ‫هناك مثل قبيح يرد على أكثر من وجه في الثقافة‬ ‫ًّ‬ ‫نظرتها‪ ،‬ولكنه يقدم حل‪ ،‬ويقول‪:‬‬ ‫العربية‪ ،‬يعكس ّ‬ ‫“اطبخي يا جارية‪ِ ،‬كلف يا سيد”‪ ،‬إذ يضع املثل املرأة‬ ‫في دور الطاهية املأمورة بكلمة سيدها‪ ،‬وأنها تستطيع‬ ‫الطهو (يا للعجب!) إذا دفع السيد تكلفة ذلك‪ ،‬إنها‬ ‫النظرة القاصرة‪ ،‬والفكرة املتدنية وتوزيع األدوار‬ ‫الضمنية يبدأ في املدرسة‪ ،‬حيث تكون األم في كتاب‬ ‫القراءة باملطبخ‪ ،‬ويكون األب في العمل‪ .‬هذا النسق‬

‫‪26‬‬

‫لقــــاء‬

‫ينمو ليؤسس لتلك الفكرة التراتبية‪ .‬وفي الغرب‬ ‫والشرق األق�صى معا تقوم املرأة بأدوار كبيرة‪،‬‬ ‫وليس هذا رهنا بأوروبا وحدها‪ ،‬فقد عرفت آسيا‬ ‫املرأة السياسية التي تقود بالدها‪ ،‬من أنديرا غاندي‬ ‫(الهند)‪ ،‬وبي نظير بوتو (الباكستان)‪ ،‬والشيخة‬ ‫حسينة (بنجالديش)‪ ،‬بموازاة ميركل (أملانيا)‪،‬‬ ‫وتاتشر (بريطانيا)‪ .‬لكن األمر ال يقتصر على املجال‬ ‫السيا�سي‪ ،‬فدخول املرأة الحياة املدنية من األبواب‬ ‫الواسعة هو الذي َّأهلها لتكون من صناع املدنية‬ ‫والحضارة‪ ،‬فهي الفنانة والرياضية واإلعالمية‪ ،‬وهي‬ ‫الحقوقية والطبيبة والعاملة‪.‬‬ ‫الحرية ليست قشرة ذهبية تغطي قلبا يأكله‬ ‫الصدأ‪ ،‬على هذا القلب أن يكون مخلصا في رسالته‬ ‫ملنح املرأة ‪-‬منذ طفولتها‪ -‬ذلك القدر من املساواة‬ ‫والتقدير املمنوح للرجل‪.‬‬ ‫إ ًذا ما الذي حتتاجه املرأة العربية لتندمج يف‬ ‫تد ُّرجات احلضارة باعتبارها صانعة؟‬ ‫تعليم حقيقي‪ ،‬وفضاء للتنافس‪ ،‬وحرية مخلصة‬ ‫ومؤمنة بدورها في بناء هذه الحضارة‪.‬‬ ‫متعة خشنة‬

‫هل يفصل “القلق” بني الرحالة والسائح العادي؟‬ ‫ليس لدى السائح العادي من أهداف تتجاوز‬

‫االستمتاع باآلني‪ ،‬وهو ّ‬ ‫متحقق أينما ّ‬ ‫حل واستطاع‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫لكن َّ‬ ‫مطالب بالتجاوز عن العادي واملألوف‬ ‫الرحالة‬ ‫ًّ‬ ‫واملكرور‪ ،‬عليه أن يترك نصا يتجاوز الزمن‪ ،‬فالرحلة‬ ‫وثيقة تاريخية بلغة األدب‪.‬‬ ‫ماذا أضافت لك الرحلة؟‬ ‫أضافت الرحلة الكثير إلى شخصية وقلم الرحالة‪،‬‬ ‫فأشرف أبو اليزيد قبل عقدين من الرحالت‪ ،‬ليس‬ ‫هو الشخص ذاته بعدها‪ ،‬وكل شخصية تلتقيها في‬ ‫الرحلة هي حياة جديدة‪ ،‬وال أستثني الكتب التي‬ ‫قرأتها في أدب الرحلة‪ ،‬فأدب الرحالت مثل نسغ‬ ‫الرحلة الحي واملتجدد‪ ،‬وأقصد الرحالت َّ‬ ‫الحية‬ ‫وليست تلك املنقولة من كتيبات السياحة‪.‬‬ ‫ليست الرحلة هي ما تأخذك خارج الوطن وحسب‪،‬‬ ‫وإنما أجد معلمي األكبر الشيخ مصطفى عبد الرازق‬ ‫خير مثال أستحضره‪ ،‬فقد كتب “مذكرات مسافر”‬ ‫عن رحلته الفرنسية‪ ،‬وكتب باملثل “مذكرات مقيم”‬ ‫عن رحالته في ربوع مصر‪ ،‬ونحن في حاجة جميعا أن‬ ‫نكون ذلك املسافر املقيم‪ ،‬إلعادة اكتشاف مصر‪،‬‬ ‫بالنسبة لنا‪ ،‬وهو كذلك إعادة اكتشاف لذواتنا‪ .‬وبعد‬ ‫استقراري في مصر أحاول أن أغطي ربوعها بزيارات‪،‬‬ ‫خاصة مع أسرتي‪ ،‬وقد رافقتني في رحالت إلى الصين‬ ‫وتركيا وراجستان وفيتنام‪ ،‬باإلضافة للكويت‪،‬‬ ‫وأحب أن يجوبوا وطنهم‪ ،‬فهنا ينشأ الشغف بالرحلة‪.‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫ألطاف حمدي‪ ..‬لون وبطاقة حنين إلى الوطن‬ ‫العـودة إلـى الوطـن ال تنحصـر «بتأشـيرة»أ و» جـواز سـفر» وقصيـدة‬ ‫شـعرية أو أغنيـة ليكون الجسـد داخل الحقيبة والـروح مع األدوات‬ ‫المنزليـة‪ ،‬حاضـرة فـي المطـار‪ ،‬والجميـع يعبـر شـارع المدينـة‬ ‫ويدخـل المنـزل‪..‬‬ ‫اسـتخدام الحنيـن مـن التقنيـات المعقـدة جـدا فـي العمـل‬ ‫اإلبداعـي سـواء كان فنـا تشـكيليا أو موسـيقيا أو نحتيـا وأي نـوع‬ ‫مـن أنـواع األدب‪..‬‬

‫محمد شنب ‪ -‬اليمن‬ ‫الحنيـن هـو ينبـوع تأصيـل شـعوري فـي روح الفنـان‬ ‫ليعبـر بـه أو يحولـه إىل عمـل فنـي إلثبـات هويتـه‪،‬‬ ‫والعـودة إىل الوطـن بعمـل فنـي قـد يعالـج وضعـا يعيشـه‬ ‫الفنـان فـي أي مـكان وزمـان بواسـطة اللـون والريشـة وقد‬ ‫يكـون عـن طريـق أغنيـة أو أي عمل أدبـي يوصل هزات‬ ‫حنينيـة للمتلقـي ليعيش مع الفنـان البعيد التي تغمره‬ ‫روحـه القريبـة وهـي تسـكن العمـل الفنـي‪..‬‬ ‫وهكـذا تجسـدت أعمـال الفنانـة التشـكيلية اليمنيـة‬ ‫ألطـاف حمـدي على إثبات هويـة وأصالة المـرأة اليمنية‬ ‫بموروثهـا الشـعبي التقليـدي مـن ناحيـة زي المـرأة‬ ‫وأدوات الزينـة والثيـاب بطـراز فنـي زخرفـي حيـث أنهـا‬ ‫اسـتخدمت مفـردة القمريـة ثانيـا وهـي نصـف دائـرة‬ ‫اشـتهرت بهـا اليمـن لغـرض التزييـن الجمالـي وإدخـال‬ ‫عنصـر الضـوء للمنـازل كفـن معمـاري وجمالـي بيئـي‬ ‫للمـكان والقمريـة لهـا عـدة ألـوان واشـكال مختلفـة‪،‬‬ ‫واسـتخدام القمريـة غالبـا مـع النافـذة والنافـذة رمزيـة‬ ‫لالنتظـار وحركـة زمنية للوقت المتحـرك والمتغير وهي‬ ‫حالـة شـعورية مصاحبـة لإلنسـان مـع تعـدد انعكاسـاته‬ ‫النفسـية والصحيـة واالجتماعيـة والبيئيـة‪..‬‬ ‫القمريـة اليمنيـة هـي أنثـى يمنيـة لهـا خصوصيـة‬ ‫ومميـزات فنيـة وجماليـة مـن حيـث اللـون وهيـكل‬ ‫الشـكل الخارجـي والتفاصيـل الداخليـة‪ ..‬تقـوم بسـحب‬ ‫الضـوء إىل األماكـن المغلقـة‪ ..‬والقمرية هـي نافذة نور في‬ ‫زمـن العتمـة‪.‬‬ ‫والفنانـة اسـتخدمت عنصـر القمريـة إلبـراز هويـة‬ ‫العمـل الفنـي مع مصاحبـة المرأة‪ ،‬وهـي عملية تعايش‬ ‫وانتظـار لحياة مسـتقبلية بين اإلنسـان (المرأة) واألرض‬ ‫(المكان‪-‬المنـزل) واألرض وطـن واإلنسـان‪ /‬الشـعب‪.‬‬ ‫ولـكل قمريـة ونافـذة حكايـة سـردتها األيـام وعيـون‬ ‫انتظـرت حتى شـابت رموشـها فـي زمن متغيـر ومتحول‬ ‫فـي رقعـة جغرافيـة صغيـرة جـد ًا ولهـا آثـر كبيـر علـى‬ ‫نفسـية الفنـان الـذي يعمـل بصـدق المبـدأ وشـفافية‬ ‫اللـون يقوم بسـرد كل تفاصيل الحياة الشـعورية الخاصة‬ ‫ويحولهـا إىل حالـة عمـل عـام يتذوقـه الجمهـور مـن‬ ‫دارسـين ومثقفيـن ونقـاد بحريـة مطلقـة ‪..‬‬ ‫ونوافـذ ألطـاف تلطـف لنـا الهـواء وهـي تطـل علـى‬ ‫الماضـي والحاضـر باللـون الـذي ينـام علـى القمـاش‬ ‫ليعكـس لنـا مـدى ألفـة ذلـك المـكان الـذي أصبـح جـزءا‬

‫مـن ذاكرتنـا التـي يطاردهـا فيـروس «الشـيخوخة» مـع‬ ‫تقـدم العمـر وهنـا قـدرة الفنـان التشـكيلي وتعاملـه مـع‬ ‫اللـون علـى سـطح اللوحة‪ ..‬وهل روحانية العمل سـتبقى‬ ‫علـى هـذا السـطح؟ وبكـم سـنوات تقـدر؟ وهكـذا تظهـر‬ ‫لنـا براعـة الفنـان بوضع األلوان واألشـكال ومـدى تأثيرها‬ ‫للمتلقـي وكيـف أن روح هـذا الفنـان هـي أبديـة وحاضرة‬ ‫فـي كل مـكان وزمـان؟!‬ ‫األشكال المستخدمة في العمل الفني‪/‬‬ ‫أشـكال هندسـية منتظمـة وغيـر منتظمـة تعطينـا‬ ‫شـعورا بالهويـة (الوطـن) مـع مفرداتـه من بيئة وإنسـان‪.‬‬ ‫التعيينات‪/‬‬ ‫القمريـة‪ :‬عنصـر فنـي جمالي عرفه (اإلنسـان اليمني)‬ ‫ويعـد مصـدرا لعنصر الضوء‪.‬‬ ‫اسـتخدام اللـون األبيـض لشـهرة القمريـة ب (الجبـس)‬ ‫األبيـض واسـتخدام الزجـاج الملـون بأحجـام مختلفـة‬ ‫ترتكـز أغلبهـا على األلوان األساسـية أحمر‪ ،‬أزرق‪ ،‬أصفر‪..‬‬ ‫المرأة (وطن)‪:‬‬ ‫تتواجـد المـرأة فـي العمـل الفنـي للفنانـة ألطـاف؛‬ ‫والمـرأة هـي الوطـن الـذي نحـن لـه بـكل شـفافية اللـون‬ ‫وحركـة ورشـاقة األشـكال المشـتغلة فـي سـطح اللوحـة‬ ‫الفنيـة ومـا تموضـع المـرأة خلـف القمرية بشـكل واضح‬ ‫إال عالقـة حميميـة بيـن المرأة‪/‬اإلنسـان والقمريـة‬ ‫األرض‪ /‬المـكان‪ ،‬فتظهـر أحيانـا بنصـف وجـه المـرأة‬ ‫وأحيانـا بأقـل مـن نصف وجـه؛ لتحفظها وعـدم ظهورها‬ ‫بشـكل مكتمـل الهيئـة‪..‬‬ ‫والنظـر مـن خلـف النافذة إشـارة لمـا تعانيـه المرأة من‬ ‫قمـع وتسـلط العـادات والتقاليد التـي تتعرض له‪..‬‬ ‫اللون‪:‬‬ ‫اللـون هـو لغـة العيـون الحساسـة المتذوقـة للجمـال‬ ‫والطبيعـة السـاحرة‪ ..‬والطبيعـة هـي الفنـان األول‬ ‫واسـتخدام اللـون فـي العمـل الفنـي يحمل نوعيـة العمل‬ ‫الفنـي ومـا يحمـل مـن دالالت لونيـة وهويـة مكانيـة‬ ‫وزمانيـة‪.‬‬ ‫واللـون األبيـض للصفـاء والجمـال والسلام‪ ..‬واألسـود‬ ‫للظلام ‪..‬واألزرق لعاطفـة المكان واأللفـة والحنين الدائم‬ ‫للوطـن‪.‬‬ ‫ألطـاف حمدي تعيـش تجربة اللون المختبـئ والمحتجز‬ ‫خلف سـور العـادات والتقاليد‪.‬‬

‫‪27‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫أدب‬

‫في‬ ‫رحاب‬ ‫األدب‬ ‫حممد ناصر اجلعمي‬ ‫‪ -‬اليمن‬

‫وهنا لنا وقفة قصيرة وسريعة مع‬ ‫(املنفلوطي) في رثائه للشيخ علي يوسف‬ ‫صاحب املؤيد‪ ،‬وكان رثاؤه لفتة وفاء لذلك‬ ‫الذي قدر مواهبه‪ ،‬وفسح له في صحيفته‪،‬‬ ‫وفتح له باب الشهرة‪ ،‬وتشفع له في محنته لدى‬ ‫الخديوي‪ ،‬ورأى فيه املنفلوطي بعين املحب‬ ‫تلك املزايا والسجايا التي خفيت على كثير من‬ ‫الناس حين قال‪:‬‬ ‫“لقد كان هذا الرجل العزاء الباقي لنا عن‬ ‫كل ذاهب‪ ،‬والنجم املتأللئ الذي كنا نتنوره من‬ ‫حين إلى حين في هذه السماء املظلمة املدلهمة‬ ‫املقفرة من الكواكب والنجوم‪ ،‬والدوحة‬ ‫الخضراء التي كنا نلوذ بظلها من لفحات هذه‬ ‫الحياة وزفراتها‪ ،‬فنحن إن بكيناه فإنما نبكي‬ ‫األمل الذاهب‪ ،‬والسعادة الراحلة‪ ،‬والحياة‬ ‫الطيبة‪ ،‬ومن هو أولى بالتفجيع والبكاء من‬ ‫سعادتنا وآمالنا”‪.‬‬ ‫نعود إلى الشعر وكم أشتاق إلى فلسفة أبي‬ ‫العالء املعري مذ كنت طفال يتصفح رسالة‬ ‫الغفران وحتى اليوم وهنا يحضرني من أجمل‬ ‫وأجل ما قيل في أدب املراثي في الشعر العربي‬ ‫ما قاله أبو العالء املعري وهو يرثي أمه ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫مضت وقد اكتهلت‪ ،‬فخلت أني‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫الفطام‬ ‫رضيع ما بلغت مدى‬ ‫ِ‬ ‫فيا َ‬ ‫املنون أما رسول‬ ‫ركب‬ ‫ِ‬ ‫ُّ َ َ‬ ‫السالم‬ ‫روحها أ َر َج‬ ‫يبلغ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ذكيا ُي ْ‬ ‫ُ‬ ‫الكافور منه‬ ‫ص َح ُب‬ ‫َ‬ ‫الختام‬ ‫مفضوض‬ ‫املسك‬ ‫بمثل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪28‬‬

‫المراثي (‪)2‬‬

‫ما زال الحديث عن أدب المراثي في األدب العربي يحلق بنا في‬ ‫جناح الشعر و النثر وإلى أزمنة بعيدة‬ ‫فضاءات إبداعية رصينة على‬ ‫ِ‬ ‫ومحطات مختلفة ‪..‬‬ ‫ويبقى غرض الرثاء من أصدق األغراض الشعرية واألدبية كما‬ ‫أشرنا في الحلقة األولى من رحاب األدب‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫اللقاء؟ فقيل‪ :‬حتى‬ ‫سألت متى‬ ‫الرجام‬ ‫يقوم الهامدون ِمن‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ولو ُّ‬ ‫بع ْمر ن ْس ٍر‬ ‫حدوا الفراق‬ ‫ُ‬ ‫طفقت ُّ‬ ‫أعمار ّ‬ ‫َ‬ ‫أعد‬ ‫مام‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫َ‬ ‫الحشر نادى‬ ‫يوم‬ ‫فليت أذين ِ‬ ‫ِ‬ ‫فأجهشت ّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫مام‬ ‫الر ِ‬ ‫الرمام إلى ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وعلى نفس القافية وفي نفس الغرض‬ ‫من مراثي األمهات نقف مع مرثية (محمد مهدي‬ ‫الجواهري) الشهيرة والتي رثى فيها والدته‬ ‫وهنا تشعر بدفء املكان وجالل املقام حين‬ ‫سالت مشاعره دافئة متفردة تفيض حنانا‬ ‫يليق بمقام األمهات‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫العظام‬ ‫املجد يا قفص‬ ‫تعالى‬ ‫ِ‬ ‫واملقام‬ ‫رحيلك‬ ‫وبورك في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫الدروب لساكنيه‬ ‫ونورت ِ‬ ‫وعدت من السواد الى ظالم‬ ‫ِ‬ ‫حججت ُ إليك والدنيا تالقي‬ ‫َ‬ ‫عليك بكل قاصمة ٍ عقام‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫مشيب‬ ‫ورفت في نديف ٍ من‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫أثام‬ ‫ذوائب لم ترف على ِ‬ ‫وطفت بخاطري حتى تم�شى‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قام‬ ‫حنانك مثل ب ٍ‬ ‫رء في س ِ‬ ‫فيا شم�سي إذا غامت حياتي‬ ‫ّ‬ ‫نشدتك ضارعا أآل تغامي‬ ‫ضر‬ ‫ويا مكفوفة ً عن كل ٍ‬ ‫نشدتك أن تكفي عن مالمي‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫رضيع ثديك باملجاري‬ ‫وليس‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ظام‬ ‫وليس ربيب حجرك بامل ِ‬ ‫هذه القصيدة يسودها جو مفعم بالحنان‬ ‫والتفرد والرقة‪ ..‬كما أشار إليها (عدنان الظاهر)‬ ‫في دراسة نقدية « تناول فيها مراثي األمهات‬ ‫للمتنبي‪ ،‬واملعري‪ ،‬والجواهري‪ ..‬وقد رثى‬ ‫املتنبي جدته‪ ،‬وهي ال ريب في مقام والدته فقال ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫مدحا وال ّ‬ ‫ذما‬ ‫أال ال أرى األحداث‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫فما بطشها جهال وال كفها ِحلما‬ ‫ُّ‬ ‫أحن الى الكأس التي شربت بها‬ ‫وأهوى ملثواها التراب وما ضما‬ ‫ً‬ ‫بكيت عليها خيفة في حياتها‬ ‫وذاق كالنا ثكل صاحبه ِق ْدما‬ ‫هبيني أخذت الثأر فيك من العدى‬ ‫فيك من الحمى‬ ‫فكيف بأخذ الثأر ِ‬ ‫وما انسدت الدنيا َّ‬ ‫علي لضيقها‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ولكن طرفا ال أراك به أعمى‬ ‫ً‬ ‫مستعظما َ‬ ‫ّ‬ ‫نفسه‬ ‫غير‬ ‫تغر َب ال‬ ‫ِ‬ ‫ً ّ‬ ‫وال قابال إال لخالقه ُحكما‬ ‫يا لوطأة املصاب والجزع الذي تملك املتنبي‬ ‫ً‬ ‫أراك ِبه أعمى‬ ‫وهو يقول ‪ :‬ولكن طرفا ال ِ‬ ‫أليس هو القائل‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫​ال بقومي شرفت بل شرفوا بي‬ ‫ُ‬ ‫وبنف�سي فخرت ال بجدودي​‬ ‫وبهم ُ‬ ‫فخر كل من نطق الضا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الطريد‬ ‫َد وعوذ الجاني وغوث‬ ‫ِ‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫كيف يتلهى الحزن بهذا الفتى الذهبي الذي ذاع‬ ‫صيته في اآلفاق ومازال حديث الركبان في كل وقت‬ ‫وح ين‪ ،‬وكيف يبدو بهذه الصورة من الضعف‬ ‫واالنكسار‪ ،‬إنها األمومة منبع الطهر والنقاء‬ ‫وهي الفقد الذي ال يعوض والحب الذي ال يطمره‬ ‫النسيان ‪ ..‬ومن أروع ما دون في صفحات األدب العربي‬ ‫من أدب املراثي « للخنساء»‬ ‫وه ي تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد‬ ‫ُ‬ ‫ال سلمية‪ ،‬والتي ولدت سنة ‪ 575‬للميالد‪ ،‬ول ّقبت‬ ‫ّ‬ ‫أرنبتي أنفها‬ ‫بالخنساء الرتفاع‬ ‫ومن جميل ما قالته الخنساء في رثاء أخيها صخر ‪:‬‬ ‫أعيني جودا وال ُ‬ ‫ّ‬ ‫تجمدا‬ ‫ّ‬ ‫لصخر الندى ؟‬ ‫تبكيان‬ ‫أال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الجريء الجميلَ‬ ‫تبكيان‬ ‫أال‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫أال تبكيان الفتى ّ‬ ‫السيدا؟‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫املجد ّ‬ ‫إذا ْ‬ ‫مد َإل ِيه َيدا َ‬ ‫فنال‬ ‫بأيديه ِم إلى‬ ‫القو ُم َم ّدوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ َ‬ ‫ثم َ‬ ‫م�ضى ُم ْ‬ ‫املجد ّ‬ ‫ص ِعدا‬ ‫أيديه ِم من ِ‬ ‫الذي فوق ِ‬ ‫لقد رابها الدهر وأوجعها الفقد وتكالبت‬ ‫عليهااألحزان‪ ،‬وقد شط املزار وبعدت الديار وتفرق‬ ‫األحباب فقالت بعبرة مهراقة في رثاء أخيها صخر ‪:‬‬ ‫قذى بعينك ْأم بالعين َّ‬ ‫عو ُار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َّ ْ‬ ‫أهلها َّ‬ ‫خلت ْ‬ ‫الدارُ‬ ‫من َ‬ ‫أم ذرفت إذ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫لذكراه إذا خط َرت‬ ‫كأن عيني‬ ‫ُ َ‬ ‫على َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫مدرار‬ ‫الخد ِين‬ ‫فيض يسيل‬ ‫ْ‬ ‫العبرى َو ْ‬ ‫تبكي لصخر هي َ‬ ‫قد ولهت‬ ‫ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫َو ُ‬ ‫دونه ْ‬ ‫ُ‬ ‫أستار‬ ‫رب‬ ‫الت‬ ‫جديد‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫خناس فما ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫تنفك َما عمرت‬ ‫تبكي‬ ‫َ‬ ‫لها عل ْيه َرنينٌ‬ ‫وهي م ْفتارُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ َ‬ ‫على صخر َّ‬ ‫وحق َلها‬ ‫تبكي خناس‬ ‫ٍ‬ ‫هر َّ‬ ‫ان َّ‬ ‫رابها َّ‬ ‫ْإذ َ‬ ‫ضرارُ‬ ‫الد َ‬ ‫الد ُ‬ ‫هر َّ‬ ‫ّ َ ً‬ ‫خرا َلوالينا ّ‬ ‫وسي ُدنا‬ ‫وإن ص‬ ‫ِ‬ ‫ّ َ ْ ً‬ ‫را إذا َن ْشتو َل َن ّحارُ‬ ‫وإن صخ‬ ‫ّ َ ْ ً‬ ‫را ِمل ْق ٌ‬ ‫دام إذا َر ِكبوا‬ ‫وإن صخ‬ ‫ّ َ ْ ً‬ ‫را إذا جاعوا َل َع ّقارُ‬ ‫وإن صخ‬ ‫ّ َ ً‬ ‫خرا َل َت َأت ّم ُ‬ ‫الهداة ُ ِب ِه‬ ‫وإن ص‬ ‫َك ّأن ُه َع َل ٌم في رأسه نارُ‬ ‫ِ ِ‬

‫روائع القول في الخيانة‬

‫َ​َ ُ‬ ‫اءات ال ع ْط ٌر ُ‬ ‫يفوح بها‬ ‫هنا املس‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫س َو ُجل ُ‬ ‫الم َي ُك ْن َه ُاه َنا أن ٌ‬ ‫س‬ ‫ُ ٌ‬ ‫غيم على َ‬ ‫ٌ‬ ‫واألنسام طيبة‬ ‫البحر‬ ‫َِ َ َ‬ ‫ُ ْ َ َ ّ‬ ‫الناسُ‬ ‫ما ضاق ِت األرض لكن ضاق ِت‬ ‫محمد ناصر شيخ الجعمي ‪ -‬اليمن‬

‫ال تقولي‪ :‬كان يهواني‬ ‫دفء أشعاري‬ ‫واسخري من ِ‬

‫ّ‬ ‫مزقي قلبي وعنواني‬ ‫ِ‬ ‫أبله ثاني‬ ‫وابحثي عن ٍ‬

‫محمدمحمود قاسم ‪ -‬سورية‬

‫ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫ُّ‬ ‫فالحب الذي‬ ‫عن الترديد‬ ‫كفي‪ِ .‬‬ ‫َ‬ ‫فيه نق ـ ٌـاء عند بابك ُي ُ‬ ‫ذبح‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ ّ ُ‬ ‫واة ّ‬ ‫صدق حدي ِثكم‬ ‫جاء الر‬ ‫بنص ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ورأيت فيه سيف قولك يجرحُ‬ ‫ِ‬ ‫الدليمي ‪ -‬العراق‬ ‫يوسف ّ‬

‫ُ‬ ‫ارحل بعيدا لست أذرف دمعتي‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫هامش في لوحتي‬ ‫العواطف‬ ‫ترف‬ ‫ِ‬ ‫ال تعتقد يوما بأنك شاغلي‬ ‫قد مات طيفك بل وعادت بسمتي‬ ‫مريم الحضرامي ‪ -‬موريتانيا‬

‫ُ‬ ‫دعيني ألم�سي خذي حاضري‬ ‫ُ ً‬ ‫ضقت ذرعا بذا ناظري‬ ‫فقد‬ ‫لقد خن ِتني في صميم الرؤى‬ ‫ً‬ ‫عيانا بقلبي ِوفي محضري‬ ‫بالل الجبوري ‪ -‬العراق‬

‫ُ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ولؤم الط ِبع َديدنهم‬ ‫الخفاف‬ ‫هم ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫ماحدثوا خرصوا‬ ‫ُومدعون إذا‬ ‫ُ‬ ‫ّ َ‬ ‫ِجئنا ن ّؤب ُن ملا مات ّميتهم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫وم متنا َعلى أ ْجدا ِثنا َرقصوا‬ ‫وي‬ ‫احمد غنوم ‪ -‬سورية‬

‫ُ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫والوفاء نداه‬ ‫الحب غيث‬ ‫ُ‬ ‫تسقى به يوم الحنين شفاه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫استبد‪ ،‬فإنه‬ ‫خ َس َرالخؤون إذا‬

‫من يجهل الصقرالثمين‪.‬شواه‬ ‫جهاد المحمد ‪ -‬سوريا‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يا َمن سكنتك في الهوى و سكنتني‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫تسيرفخنتني‬ ‫و فرشت ُهدبي كي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وتقو ٌل ‪ :‬صنت وكم كذبت و كم دنا‬ ‫ً َ​َ َ‬ ‫ّ‬ ‫مني ُ‬ ‫خادعا ففتنتني‬ ‫فؤاد َك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫رقوب ! و كم‬ ‫و وعدتني ‪ ،‬يا وعد ُع‬ ‫ٍ‬ ‫ً َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الوعود رخيصة و غ َبنتني‬ ‫ِبعت‬ ‫عروبه الباشا ‪ -‬سورية‬

‫َّ ُ‬ ‫خيانة‬ ‫سواد ٍ‬ ‫طرزت قلبي من ِ‬ ‫ُ‬ ‫ساح الغر ِام حدادي‬ ‫أعلنت في ِ‬ ‫َ‬ ‫ال لن َ‬ ‫أعود ِمل ِثلها ‪ ،‬لتخونني‬ ‫َ‬ ‫أخرى ‪ ..‬فتعبث في وثيرمهادي‬ ‫حسان يوسف ـ سوريا‬

‫وأنا ُ‬ ‫أدور بمركبي َ‬ ‫األر ِقي ْ‬

‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫دمع َي الشف ِقي ْ‬ ‫أغرقتني في ِ‬ ‫ٌ َ‬ ‫ُ‬ ‫جامح ِبغ ِدي‬ ‫وحصان غدرك َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫الحد ِقي ْ‬ ‫زجاجي‬ ‫وخطاه فوق ِ‬ ‫محمد عبدالعزيز عبدالرحمن ‪ -‬سوريا‬

‫لقد أرسلت طيفي بعد نوم‬ ‫ولم يحنث وكان لها وفيا‬ ‫ملاذا طيفها قد خان وعدي‬ ‫ولم يحضرفكنت به شقيا‪.‬‬ ‫محمد عصام علوش ‪ -‬سورية‬

‫َ َ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫لـضـربة ِم ْـن ع ُـد ّ ٍو ل َّـلر َدى ت ْـو ِدي‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫وال خـيـانـة َم ـ ْـن أ ْول ْـيـت ُـه ُو ِ ّدي‬ ‫َ‬ ‫ك ُّـل الـجر ِاح لـها ط ُّـب ُيـض ِّم ُد َها‬ ‫الغدرمن ِض ْم ِد‬ ‫سهام‬ ‫لجرح ِ‬ ‫ِ‬ ‫وما ِ‬ ‫محمد صالح العبدلي ‪ -‬اليمن‬

‫ُ‬ ‫فلست ُ‬ ‫أعود ُ‬ ‫يامتصابي‬ ‫دعني‬ ‫ً‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫واجعل خطاك بعيدة عن بابي‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫شرع الهوى‬ ‫كل‬ ‫ِ‬ ‫األمور تهون في ِ‬ ‫ّ‬ ‫األحباب‬ ‫بخيانة‬ ‫إال األ�سى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رنا رضوان ‪ -‬سورية‬

‫‪29‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫سيمياء التوتر يف اخلطاب الشعري اجلاهلي‬ ‫(المعلقات أنموذجا)‬

‫(‪)2‬‬

‫محمد عبد الراضي ناقد وباحث أكادميي مصري‬ ‫عنـد النظـر إىل بنيـة النـص الشـعري الجاهلـي نجده‬ ‫يتكـون فـي جـل قصائـده مـن مجموعـة مـن العناصر‬ ‫‪ ،‬تـكاد تكـون منهـج دأب عليـه أهـل الشـعر مـن عـرب‬ ‫الجاهليـة ‪ ،‬وهـو الوقـوف علـى األطلال وبـكاء الديـار ‪،‬‬ ‫ثـم الحديـث عـن المـرأة والتغـزل فيها ووصف حسـنها‬ ‫‪ ،‬ثـم الحـرب ووصفهـا وأحداثهـا ومشـتمالتها () ‪ ،‬ثـم‬ ‫وصـف الناقـة والرحلـة فـي الصحـراء أو وصـف الفـرس‬ ‫‪ ،‬وأحيانـا يتحـدث الشـاعر عـن موضـوع معيـن فـي‬ ‫القصيـدة مثـل المـدح أو الفخـر أو الرثـاء ‪ ،‬ويختتـم‬ ‫القصيـدة بأبيـات مـن الحكمـة ‪.‬‬ ‫‪ - 1‬معلقة امرئ القيس ‪:‬‬ ‫تبدأ املعلقة بالوقوف على األطالل والبكاء عليها ‪ ،‬ثم‬ ‫الغزل بنسائه الكثيرة ومغامراته الجسدية ‪ ،‬ثم يصف‬ ‫فرسه وقوته وأسطورية هذه األوصاف ‪ ،‬ويصف ليله‬ ‫الثقيل اململوء بالهموم ‪ ،‬ثم يصف املطر و السيول ‪.‬‬ ‫وأول ما يطالعنا من بنية القصيدة الجاهلية هي األطالل‬ ‫‪ ،‬والتي « تقف في وجه القارئ شامخة على مطلع القصائد‬ ‫‪ ،‬وكأنها السمة التي يعرف بها الشعر العربي الجيد املكتمل‬ ‫على ّ‬ ‫مر العصور ‪ ،‬وكأن القصيدة الخالية من الطلل ناقصة‬ ‫أو مبتورة أو هي قصيدة لم تنل من النضج واالكتمال‬ ‫حظها األوفر « ( ) ؛ ولذلك سوف نبدأ بها لنوضح سيمائية‬ ‫التوتر املوجودة باألطالل ‪ ،‬وأول ما يطالعنا من املقدمات‬ ‫الطللية وقفة امرئ القيس التي يقول فيها ‪:‬‬ ‫قفا نبك من ذكرى حبيب ومنز ٍل‬ ‫بسقط اللوى بين الدخول فحومل‬ ‫فتوضح فاملقراة لم يعف رسمها‬ ‫ملا نسجتها من جن ــوب وشمأل‬ ‫الى قوله ‪:‬‬ ‫ففاضت دموع العين مني صبابة‬ ‫على النحرحتى بال دمعي محملي‬ ‫فالشاعر في هذه املقدمة قد بكى واستبكى‪ ،‬و وقف‬ ‫شطر‪ ،‬فهذه املقدمة التي تمتلئ بآيات‬ ‫واستوقف في‬ ‫ٍ‬ ‫الحزن اإلنساني في أصعب مواقفها على الشاعر؛ وذلك‬ ‫ُ‬ ‫ألن « العودة إلى املكان الذي ت ِرك‪ ،‬واملنزل الذي ُه ِجر‪،‬‬ ‫عودة إلي‬ ‫بسيل من الذكرى املؤملة ‪ ،‬ملا فيها من‬ ‫تغمره‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وعيش رغيد «‬ ‫أليفة ‪،‬‬ ‫ماض حبيب ‪ ،‬ووجوه ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فالشاعر يقف على بقايا الديار ‪ ،‬ويطلب من‬ ‫صاحبيه( ) الوقوف إلى جانبه في هذا املوقف الصعب ؛‬ ‫ألنه يبكي حبيب قد رحل ‪ ،‬ودار قد درس ‪ ،‬وذكرى قد فات‬ ‫وقتها وانق�ضى وأجلها ‪ ،‬كل ذلك يبعث الحزن في نفس‬ ‫الشاعر ‪ ،‬فال يتمالك نفسه وتنهمر منه الدموع انهمارا ‪،‬‬ ‫« فالبكاء استجابة تلقائية ملا يبعثه الطلل من شجون في‬ ‫النفوس العربية ‪ ،‬وكأن املكان آية استحضار تفعل فعلها‬

‫‪30‬‬

‫املباشر في النفس دون واسطة «‬ ‫بنية الطلل ‪:‬‬ ‫إذا تحدثنا عن بنية الطلل في املعلقات كإجراء تمهيدي‬ ‫للدخول على الظواهر املعنوية املوجودة في أبياتها ‪ ،‬نجد‬ ‫أن أطالل محبوبة امرئ القيس تقع بسقط اللوى هذا‬ ‫املكان الذي يقع بين أربعة أمكان تحيط به كاآلتي ‪:‬‬

‫شكل البنية الجغرافية لطلل في وقوف امرئ القيس‬ ‫هذا عن األماكن الجغرافية ‪ ،‬ولكن لو حاولنا أن نحدد‬ ‫بنية الطلل من خالل األلفاظ التي تدل على الطلل أو على‬ ‫�شيء من مشتمالت هذا الطلل نجدها كاآلتي ‪:‬‬

‫شكل بنية الطلل في وقف امرئ القيس‬ ‫كل هذه املسميات املختلفة للطلل تؤكد لنا كيف‬ ‫سيطرت حالة الطلل وخرابه على عقل الشاعر ‪ ،‬وبعثت‬ ‫من أعماق نفسه ذكريات بعيدة ‪.‬‬ ‫وإن كنا قد حددنا البنية الطللية وبعضها يحيل إلى‬ ‫أماكن جغرافية واقعية ‪ ،‬فإن ذلك ال يعني أننا ننساق إلى‬ ‫تحديد مواضع تلك األماكن كما يفعل الجغرافيون‪ ،‬إنما‬ ‫هذه أماكن ينسب إليه الشعراء مكانية التجربة ‪ ،‬لكن ال‬ ‫نفسرها بأنها واقعية ‪ ،‬كما انطلق فريق الواقعية الذي‬ ‫درس الشعر على أنه ديوان العرب ‪ ،‬الذين يبحثون في‬

‫الشعر عن تحديد للمواضع ‪ ،‬فتاهوا جغرافيا وضاعت‬ ‫الشعرية معهم ‪ ،‬واضطربت األماكن ؛ألنهم أخذوا الشعر‬ ‫وثيقة تاريخية جغرافية لتحديد األماكن ‪ ،‬كما اضطربت‬ ‫القصيدة لديهم ؛ ألنهم اتخذوا من علم الجغرافيا مرجعا‬ ‫يحاكمون الشعر عليه ‪ ،‬وأغفل هذا الفريق أن الشعراء «‬ ‫واد يهيمون ‪ ،‬وأنهم يقولون ما ال يفعلون « ‪.‬‬ ‫في كل ٍ‬ ‫ولذلك يمكننا القول أن األماكن التي يستعملها الشعراء‬ ‫تتحول إلى لغة فنية مغايرة للواقع ‪ ،‬يصور بها الشاعر‬ ‫تجربته الخاصة عن طريق الخيال الفني ‪ ،‬وهذا الخيال هو‬ ‫القادر على الجمع بين املتناقضات وتحقيق التوازن بينهما في‬ ‫خلق أدبي جديد « ينكسر فيه الحاجز الذي يبدو عصيا بين‬ ‫العقل واملادة ‪ ،‬فيصبح الخارجي داخليا ‪ ،‬والداخلي خارجيا ‪،‬‬ ‫وتتحول الطبيعة إلى فكر ‪ ،‬والفكر إلى طبيعة ‪ ،‬وهذا موطن‬ ‫السر في الفنون «( ) ‪ ،‬فهذه « األماكن ليست واقعية ولكنها‬ ‫أماكن شعرية بل قد أذهب إلى أبعد من ذلك ‪ ،‬وأقول إنها‬ ‫أماكن أسطورية قد تحولت من خالل مخيلة الشاعر‬ ‫وآليات املجاز الشعري إلى عالم خاص عالم غرائبي «‪.‬‬ ‫ولذلك سنحاول تحليل الجانب العاطفي ‪ ،‬من خالل الداللة‬ ‫النفسية الداخلية للذات الشاعرة ‪ ،‬وكذا تحوالتها املزاجية‬ ‫ً‬ ‫استنادا إلى املعجم الداللي العاطفي في املقدمة‬ ‫وذلك‬ ‫الطللية ‪ ،‬غير أن املعجم العاطفي وحده ال يكفي إلجالء‬ ‫الداللة وتوضيحها ‪ ،‬ما لم نبحث عن تلك الصيغ املنبعثة‬ ‫من الذات االنفعالية _ أي وقت االنفعال _ و هذه الصيغ «‬ ‫هي كل ما يشير إلى النشاط الذاتي لوضعية الخطاب ‪ ،‬ويعني‬ ‫أننا نتعامل مع الخطاب كفعل ‪ ،‬وتكون العبارات العاطفية‬ ‫فيه ً‬ ‫جزءا هاما من مكوناته «‬ ‫فالعاطفة ‪ :‬هي « حالة النفس ‪ ،‬ويمكن أن تمثل في شكل‬ ‫معجم انفعالي عاطفي منها أسماء كالرغبة ‪ ، le désir‬والحب‬ ‫‪ ، l'amour‬والغيرة ‪ ،La jalousie‬وحيث يمكن أن نجد أيضا‬ ‫ألفاظ أخرى من املدونة الجماعية تدل على العاطفة ‪،‬‬ ‫أو امليل إلى ال�شيء أو الشخص كاالنفعال ‪ ،‬والشغف أو‬ ‫اإلحساس والتوتر ‪ ،‬وهي مشتقات من أسماء العاطفة «‬ ‫وبذلك يمكننا القول أن الوقوف على األطالل يشتمل‬ ‫على ظواهر معنوية كل ظاهرة معنوية تحتوي على‬ ‫عاطفة معينة ‪ ،‬وأهم الظواهر املعنوية التي يشتمل عليها‬ ‫الوقوف على األطالل هي‪:‬‬ ‫ظاهرة الحزن ‪:‬‬ ‫وظاهرة الحزن عامة في كل الوقفات الطللية ؛ ألن‬ ‫ماض حبيب ‪ ،‬وحبيب جميل ترك‬ ‫املوقف يستدعي‬ ‫ٍ‬ ‫املكان ‪ ،‬فتحول املكان _ الوطن _ إلى خراب ودمار ‪ ،‬كل‬ ‫ذلك يستدعى الحزن من الشاعر ‪ ،‬وسبب هذا الحزن هو‬ ‫ً‬ ‫الحب للشخص (الحبيبة ) أو املكان (الطلل) ‪ ،‬وشوقا إلى‬ ‫تلك األيام التي انقضت( أيام اللقاء) ‪.‬‬ ‫يتبع‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫يبكي على السطر حرف‬

‫الشعر مملكـتي‬ ‫ُ‬

‫سدرة أحمد محمد ‪ -‬سورية‬

‫يبكي على السطرحرف ّ‬ ‫قده َ‬ ‫نصبي‬ ‫كأن مسا من الشيطان أمسك بي‬ ‫ماذا تخط حروفي من ضنى وجعي‬ ‫اذا تنفست آيات من التعب‬ ‫َ‬ ‫انس الذي قلته في ليلة غرقت‬ ‫َ​َ‬ ‫العتب‬ ‫فيها العيون بأنهارمن‬ ‫إن القوافي طيور الشوق تعشقها‬ ‫لذا تفيض بأنغام من الطرب‬ ‫رغم الفراق الذي في القلب ارقني‬ ‫مازلت في شغف أهوى ولم أتب‬ ‫أهواك يا وجعا يسري بأوردتي‬ ‫لم أدرأن الهوى يأتي مع النصب‬ ‫اصفح عن القلب واسمع نبض قافيتي‬ ‫ال تجعل العمريم�ضي في لظى الغضب‬ ‫فامسح بكفك واصرف ما يؤرقني‬ ‫قد اكتفيت بقلب مثل طهرنبي‬ ‫اني بضلعك قد عانقت ناصيتي‬ ‫فارفق بعيني التي تهواك عن كثب‬ ‫تلك العيون كألغام مفخخة‬ ‫وكم يهيم بها َج ْمع من العرب‬

‫رنا رضوان ‪ -‬سورية‬

‫َ َ‬ ‫خلي ُة القلب‪ُ ...‬‬ ‫ّ‬ ‫الح ٌّب والكـد ُر‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫اشتياق ُي ُ‬ ‫القلب أو َس َه ُر‬ ‫ضيم‬ ‫وال‬ ‫ُ‬ ‫الوفاء من الدنيا وغادرها‬ ‫مات‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ماله أث ُر‬ ‫الغدرحتى‬ ‫كثرة‬ ‫من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫من‬ ‫من‬ ‫ذالن‬ ‫والحب أرهقه الخ‬ ‫ز‬ ‫ٍ‬ ‫يبق ُ‬ ‫لم َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫منه سوى‬ ‫والص َو ُر‬ ‫األشباح‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫تحت ُ‬ ‫منه ُ‬ ‫‪..‬أنام َ‬ ‫الليل هانئة‬ ‫فار‬ ‫بال دموع من األشواق ُ‬ ‫تنهمر‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫والشعرمملكتي‬ ‫أعيش في عالمي‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تزدهر‬ ‫كأنه روضة بالور ِد‬ ‫ُ‬ ‫املشاعرأضحى شيمتي وبه‬ ‫ضبط‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ينتصر‬ ‫القلب إذ ما َرف‬ ‫عقلي على‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫فدع ُف َ‬ ‫صرت ُت ُ‬ ‫رسل لي‬ ‫ؤادي يامن‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫والحجر‬ ‫الصخر‬ ‫قوال ِبه قد يلين‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫لست راغبة‬ ‫فاحذرمن الشوق‪..‬إني‬ ‫وال ُأ َ‬ ‫يدك بالنيران تستعرُ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬

‫‪31‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫سخنني‬

‫نفحات شامية‬

‫إشراف ‪ /‬مقبولة عبد الحليم‬

‫طودا‬ ‫وقفت‬

‫يا أيها اإلنسان‬

‫مقبولة عبد احلليم‬

‫يوسف مفلح الياس ‪ -‬فلسطني‬

‫َ ٌَ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫إكرام‬ ‫شوة‬ ‫القرب ِمنها ن‬ ‫ُ‬ ‫والبعد َعنها َّ‬ ‫غص ٌة ُ‬ ‫إيالم‬ ‫هي خافقي َ‬ ‫هي ُمقلتي َ‬ ‫َ‬ ‫هي ُمهجتي‬ ‫ُ‬ ‫أضلعي َس َك ٌن لها َو َم ُ‬ ‫قام‬ ‫في‬ ‫ً‬ ‫ُ ْ‬ ‫بأن ُي َ‬ ‫ديم مليكة‬ ‫ّربي سألت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األعالم‬ ‫يتسابق‬ ‫بمديحها‬ ‫ِ‬ ‫ً َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫صرها‬ ‫ما كنت إل خادما في ق‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫لست َوحدي ُك ُّلنا ُخ ّد ُ‬ ‫ام‬ ‫ال‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫الجليل جمالها مأل املدى‬ ‫تاج‬ ‫ِ‬ ‫شاعريكفي وال ّ‬ ‫رس ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ام‬ ‫ال‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫بدرا ُي ُ‬ ‫سخنين يا ً‬ ‫طارد عتمة‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫األحالم‬ ‫تتجس ُد‬ ‫برحابها‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ ً‬ ‫ً‬ ‫للمجد يرفع بيرقا‬ ‫يا موئال‬ ‫َِ‬ ‫يطيب فيه ُ‬ ‫ُ‬ ‫فوق‬ ‫كالم‬ ‫النجوم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫البغيض وال األذى‬ ‫ال تعرف الحقد‬ ‫ثغرها ّ‬ ‫بس ُ‬ ‫ٌّأم ٌ‬ ‫رؤوم ُ‬ ‫ام‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫سخنين تاريخ وسيف ما نبا‬ ‫الطفل فيها ّ‬ ‫سي ٌد م ُ‬ ‫ُ‬ ‫قدام‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫شديد ُ‬ ‫ٌ‬ ‫بأس ُه‬ ‫شعب‬ ‫بديارها‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫سأل امللوك ر ُ‬ ‫ضاه ُ‬ ‫والحكامُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫شرف ٌ‬ ‫ونور‬ ‫ساطع‬ ‫أفعالها‬ ‫ْ‬ ‫ّ ْ‬ ‫أشرقت ّأي ُ‬ ‫ام‬ ‫ومتى أطلت‬ ‫َ‬ ‫ً ُ‬ ‫ُ‬ ‫سخنين باسمة تالقي ضيفها‬ ‫َ‬ ‫ساحتها عليه َس ُ‬ ‫من َ‬ ‫الم‬ ‫جاء‬ ‫ِ‬

‫‪32‬‬

‫ّ‬ ‫رثاء لإلنسان الحر المخرج حاتم علي‬

‫من ّ‬ ‫العروبة قد َسقيتا‬ ‫أنهار‬ ‫أي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫هامة َ‬ ‫واحت ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫فيتا‬ ‫للعطا�شى‬ ‫ماء الش ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫روبنا‬ ‫طودا وقفت على فلو ِل ُه‬ ‫ِ‬ ‫تصه ُل إذ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫انتخيتا‬ ‫أتك قد‬ ‫والخيل َ ر‬ ‫ُ‬ ‫تشتاقه ُ‬ ‫يا ً‬ ‫ساح الوغى‬ ‫فارسا‬ ‫كنت الذي ْ‬ ‫أنخي َتها لتقو َل ‪َ -‬ه ْيتا‬ ‫ُ‬ ‫غربة‬ ‫أمي فلسطين التي من ٍ‬ ‫ُ َ‬ ‫تبكي دماها ً‬ ‫وتصيح ‪ -‬ل ْيتا‪-‬‬ ‫حاتما‬

‫ابتسام البرغوثي ‪ -‬فلسطني‬

‫ُ‬ ‫قلبي ُّ‬ ‫اإلنشاد‬ ‫يحب وشيمتي‬ ‫َ‬ ‫نادوا األحبة يا أحبة نادوا‬ ‫ّ‬ ‫استفز ّ‬ ‫تجهمي‬ ‫ما غائرالروح‬ ‫غورا فالهوى ُ‬ ‫لو زاد ً‬ ‫يزداد‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫مالمحا في لحظها‬ ‫سئمت‬ ‫إني‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ك َد ٌر تطاول وافترى‬ ‫الجالد‬ ‫ّ‬ ‫تب الذي َ‬ ‫حمل األمانة وانحنى‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫أمانة ُ‬ ‫وبالد‬ ‫أنى تضيع‬ ‫ُ‬ ‫اإلنسان في معناك ٌّ‬ ‫سر‬ ‫يا أيها‬ ‫ُ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ووميضه وق ُاد‬ ‫مدهش‬ ‫الندي ُة ال َي ُّ‬ ‫َي ُدك ّ‬ ‫شد نقاؤها‬ ‫ُْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫أحقاد‬ ‫وزر َبطن ُه‬ ‫حمال ٍ‬ ‫ُّ ُ ّ ُ‬ ‫كل ك َو ْيكب‬ ‫فيك الترفع مثل‬ ‫فاصعد بروحك أفقها ُ‬ ‫ترتاد‬ ‫أنت الذي فيك اإلله ُ‬ ‫ونوره‬ ‫ُ‬ ‫فمجدك ز ُاد‬ ‫َد ْعهم ومهواهم‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫ُ ُ‬ ‫غصون ـ غصون المطر‬

‫روايـة‬

‫احللقـة (‪)4‬‬ ‫أ‪ .‬علـي األميـر *‬

‫الجهات الذّ ابلة ال ُتوقِ ُظها الشمس‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫كل منا‬ ‫الغريب‪..‬‬ ‫الصوت‬ ‫ذلك‬ ‫لدوي‬ ‫ماعنا‬ ‫س‬ ‫نظر ّ‬ ‫ّ‬ ‫عِ ْن َد َ‬ ‫َ‬ ‫رعدا‪ ،‬ال ُتوجد‬ ‫في وجه اآلخر بفزع! ال يمكن أن يكون ً‬ ‫الرعد ال‬ ‫قيظ هذا النهار حتى سحاب ًة واحدة ‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫صوت ّ‬ ‫في ْ‬ ‫ارتفاعا‪.‬‬ ‫دويه‬ ‫الصوت‬ ‫ْبث أن ينقطع‪ ،‬وهذا‬ ‫يل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫يقترب ويزداد ّ‬ ‫وب‬ ‫بعضنا بهلع‪،‬‬ ‫ندور‬ ‫نهضنا‬ ‫حول ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ونحن ُن َح ّدق َص َ‬ ‫الجهة التي يأتي منها الصوت ‪ ..‬فجأ ًة ظهر في البعيد‬ ‫يتحر ُك‬ ‫أبدا‪،‬‬ ‫كبير‬ ‫جس ٌم‬ ‫نر مثله ً‬ ‫أمامنا ْ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وغريب لم َ‬ ‫اقترب م ّنا حتى لم يعد يفْ صلنا عنه‬ ‫بسرعة‪,‬‬ ‫باتجاهنا‬ ‫َ‬ ‫سوى مئات األمتار‪ْ ،‬أم َس َك معوضه بيدي‪ ,‬وانطلقنا‬ ‫نركض باتجاهِ القرية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وجدنا أهل القريةِ وقد خرجوا فور سماعهم للصوت‪,‬‬ ‫ْ‬ ‫وتعالت أصوا ُتهم‬ ‫واحتشدوا على مشارف القرية‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫وضحكا ُتهم‪ ،‬مبتهجين برؤيتهم لذلك الجسم الذي‬ ‫بعيدا عنا‪ ..‬حتى ( امحاتم) كان بين المتجمهرين‪،‬‬ ‫صار ً‬ ‫َ‬ ‫أصوات العارفين‬ ‫بدأت‬ ‫الناس‪..‬‬ ‫من‬ ‫ة‬ ‫عاد‬ ‫ينفر‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫وهو الذي ُ‬ ‫سيارة ‪..‬‬ ‫تعلو‪ْ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫سمع ُتهم يقولون ّإن ما رأيناه لل ّت ّو ُي ّ‬ ‫سمى ّ‬ ‫يرد بذلك‬ ‫العجوز شايع ُ‬ ‫يؤكد أنه قد رأى مثلها في مكة‪ُّ ،‬‬ ‫على جارنا عبده امعلي الذي قال‪ « :‬امسيارة ما تكون‬ ‫كبيرة بهذا الحجم»‪ .‬وزاد حسين امصم‪ « :‬امسيارات‬ ‫ما هي سوى‪ ،‬بعضها صغيرة وبعضها كبيرة‪ ,‬والكبيرة‬ ‫يحملون فيها بضايع‪ ,‬اسألني أنا عن‬ ‫هذي من اللي ّ‬ ‫امسيارات»‪.‬‬ ‫قال لهم شايع‪ « :‬هذي السيارة أكبر بكثير من اللي أجا‬ ‫قيلن طايرة ّام ْص ِري ترمي‬ ‫فيها اإلمام البدر عندنا‪ ,‬يوم ّ‬ ‫مستنكرا‪« :‬‬ ‫امعلي‬ ‫عبده‬ ‫على قرية امجابري»‪ .‬سأله‬ ‫ً‬ ‫سمعت‬ ‫دراك إ ّنها طايرة امصري»؟ قال‪ « :‬أنا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وانت ما ّ‬ ‫البدر بأذني‪ ,‬وهو يقول لو سلمنا من امطيار ّامصري كان‬ ‫ما علينا خوف‪ ..‬هاه تقدر تقول البدر كاذب»؟!‬ ‫قال حسين امصم‪ « :‬ال عبده امعلي وال غيره يقدر‬ ‫يقول اإلمام محمد البدر كاذب‪ ,‬هذا ابن اإلمام أحمد (يا‬ ‫يلحقه بمعرج راعي امبل»‪..‬‬ ‫جناه) ملك اليمن ‪ ..‬وهللا ّ‬ ‫وراعي اإلبل هذا‪ ,‬كان اسمه األصلي ّام َز َّيد‪ ,‬يقولون لم‬ ‫أعرجا قبل مجيء البدر‪ ,‬ولو أنه انحنى للبدر وهو‬ ‫يكن‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫سوء‬ ‫لكن‬ ‫جله‪,‬‬ ‫ر‬ ‫رت‬ ‫س‬ ‫ما‬ ‫الناس‪,‬‬ ‫فعل‬ ‫كما‬ ‫عليه‬ ‫ّم‬ ‫يسل‬ ‫كُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫نفس ُه‬ ‫أد ِبه وجهله قد أثار حفيظة البدر‪ ,‬ليجد الراعي َ‬ ‫في اليوم الثاني بساق واحدة‪ ,‬ولم تكن الصخرة التي زل ّْت‬ ‫سبب ليس إالّ‪.‬‬ ‫به قدمه عنها إال‬ ‫َ‬ ‫مجرد ٍ‬ ‫لعلّها سيرة البدر هي التي فتحت شهية امحاتم‬ ‫للحديث في ذلك اليوم‪ ,‬إذ سمع ُته ألول مرة يتحدث‬ ‫أمام الناس قائ ًال‪ « :‬أنا سمعت في امرادي حقّ ي ّأن الثورة‬ ‫انتهت خالص‪ ،‬وأمس أعلنوا الصلح بين الملكيين‬ ‫قد‬ ‫ْ‬ ‫مستعرضا‪ « :‬يقولون هذي‬ ‫والجمهوريين»‪ .‬ثم أردف‬ ‫ً‬ ‫أطول ثورة يا جماعة الخير‪ ,‬ثمان سنوات! يقولون من‬ ‫عام ‪ 1962‬إىل عامك هذا ‪.»1970‬‬ ‫الصغار الذين هرعوا باتجاه‬ ‫انطلقت أجري َ‬ ‫ُ‬ ‫خلف أولئك ّ‬ ‫أثرها‬ ‫األرض‬ ‫على‬ ‫وجدنا‬ ‫السيارة‪،‬‬ ‫منه‬ ‫مر ْت‬ ‫المكان الذي ّ‬ ‫َ‬

‫والممتد بطول األرض في خطين متوازيين‪،‬‬ ‫الم َن ْم َنم‪,‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫مكبين بوجوههم على األث ِر‪,‬‬ ‫كبهم‪،‬‬ ‫ر‬ ‫على‬ ‫يجثون‬ ‫رأي ُتهم‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫رائحت ُه‪ ..‬عند عودتنا كنا نهتف ‪ « :‬يعيش محمد‬ ‫يشمون‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫البدر يعيش ‪ ..‬يعيش محمد البدر يعيش»‪.‬‬ ‫قطعت ُه السيارة‪ ..‬لم‬ ‫لم أكمل مع معوضه حديثنا الذي‬ ‫ْ‬ ‫الموت حتى يعلّمني لماذا نحن نخاف من ربي‪,‬‬ ‫هله‬ ‫ُ‬ ‫ُي ْم ُ‬ ‫فقد وجدتني في اليوم الثاني أسير خلف الغنم مع أبي‬ ‫بدل من معوضه‪ ،‬إىل أن التقينا بأحمد امهادي‪ ،‬الذي طلب‬ ‫ً‬ ‫يضم غنمنا إىل غنمه‪ ،‬وقال لي‪ « :‬راشد‪ ,‬كُ ْن‬ ‫أن‬ ‫أبي‬ ‫إليه‬ ‫ّ‬ ‫معه وانتبه لغنمك‪ ،‬وإياك يجيني أحد يشتكي منك»‪.‬‬ ‫ُ‬

‫جدا‪ ،‬أ ْوغَ لْنا فيهِ‬ ‫بعيدا‬ ‫نهارا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جدا‪ ،‬وطوي ًال ً‬ ‫مختلفا ً‬ ‫كان ً‬ ‫الغ ْرب‪ ,‬حيث تقع جه ّنم‪ ..‬لكنني لم أشعر‬ ‫باتجاه َ‬ ‫الكثير من الرعاة مع أغنامهم‪,‬‬ ‫انضم إلينا‬ ‫بالخوف‪ ,‬فقد‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫بعضهم من قرى ُأخرى ال أعرفهم‪ ,‬حتى امحوسا‬ ‫انضمت إلينا‪ ،‬وحدها ُح ْسن‪ ,‬األخت الكبرى لغصون‪ ,‬لم‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫تأت معنا‪ ,‬رأيناها من بعيد تسوق أغنامها باتجاه الشمال‪,‬‬ ‫دائما ُح ْسن ترعى لوحدها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫سمعت عن فتاة جميلة‪ ,‬في حكاية من الحكايات‬ ‫كلما‬ ‫ُ‬ ‫تقضي وقت ًا طوي ًال تحت‬ ‫تخيلتها ُح ْسن‪ ،‬رغم ّأن ُح ْسن ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشمس ترعى الغنم‪ ،‬إال أ ّنها ظلت محتفظة برونقها‬ ‫ثت‬ ‫وبهائها؛ بيضاء كالقمر‪ ,‬وزاهية كوردة‪ .‬وإذا‬ ‫تحد ْ‬ ‫ّ‬

‫تتحد ُث كاألميرات‪ ،‬مبتسمة على الدوام‪ ،‬تعرف كيف‬ ‫ّ‬ ‫أي لون ترتديه ُح ْسن‬ ‫تلبس‪ ،‬وكيف‬ ‫ُ‬ ‫تلفت األنظار إليها‪ّ ،‬‬ ‫يصبح هو اللون األجمل‪ ،‬بسبب جسمها الفاتن وقامتها‬ ‫من َح ْت ُح ْسن ذلك الحضور الطاغي‪.‬‬ ‫الفارعة‪ ،‬أشياء كثيرة َ‬ ‫تفردها عن كل بنات القرية‪ ،‬تعي تمام ًا أنها‬ ‫ُح ْسن تعي ّ‬ ‫المحسوم‪،‬‬ ‫الص ّد غير‬ ‫ُ‬ ‫األجمل‪ ،‬ولذلك َب َر َع ْت في أساليب ّ‬ ‫ضدها‪،‬‬ ‫تثي َر حفيظة أحدٍ ّ‬ ‫والرضى غير التام‪ ،‬دون ْأن ْ‬ ‫غريب‪ ,‬وليس من أهل‬ ‫وأل ّنها تعرف ّأن أباها منصور‬ ‫ٌ‬ ‫ذاتِ‬ ‫المسافةِ‬ ‫كل‬ ‫مع‬ ‫ها‪,‬‬ ‫على‬ ‫تقف‬ ‫القرية‪َ ,‬ع َر َف ْت كيف ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫من كانوا حولها ‪ ..‬سلوكها الذكي‪ ,‬هو الصفة الوحيدة التي‬ ‫لم تأخذها عنها أختها غصون‪ ،‬غصون المطر‪ ,‬التي لم‬ ‫بأفول شمس ُح ْسن‪.‬‬ ‫يكن ظهورها المتأخر إال إيذانا‬ ‫ِ‬ ‫قادنا أحمد امهادي إىل مروج خضراء بامتداد البصر‪،‬‬ ‫يصدق ّأن هذا‬ ‫واد غَ ْيل ُ​ُه ال ينقطع‪ ..‬من‬ ‫تطل على ٍ‬ ‫ّ‬ ‫سمى َجه ّنم!!‬ ‫ي‬ ‫عيم‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫بلون‬ ‫وهو‬ ‫الخضرة‪,‬‬ ‫المكان الدائم‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫خفت في البداية عندما سمعتهم يقولون إىل جه ّنم‬ ‫ُ‬ ‫اليوم ‪ ..‬لكن خوفي هذا تالشى بعد وصولنا جه ّنم‪,‬‬ ‫طويل أطارد الطيور‪،‬‬ ‫وقتا‬ ‫المكان الذي‬ ‫ً‬ ‫أمضيت فيه ً‬ ‫ُ‬ ‫دأبت‬ ‫وجدت الكثير من بيضها المنقرش‪ ,‬الذي‬ ‫وقد‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫على وضعه في َم َد ٍاح تحت الشجيرات الصغيرة‪ ,‬هكذا‬ ‫فراخا صغيرة قد برزت بطونها‬ ‫بال أعشاش‪،‬‬ ‫ووجدت ً‬ ‫ُ‬ ‫العارية‪ ،‬واتسعت أفواهها الصفراء‪ ,‬وكلما َش َع َر ْت بحركة‬ ‫حولها‪ ,‬انتصبت رقابها وفتحت أفواهها تتنتظر من‬ ‫واحدا منها تغ ّوط فوق يدي‪,‬‬ ‫حملت‬ ‫يطعمها‪ .‬حين‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫مأخوذا بأصواتها الخافتة‪,‬‬ ‫فاكتفيت بالجلوس أمامها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫وحركاتها البلهاء‪.‬‬ ‫فتجمعنا‬ ‫انتصف النهار‪ ،‬واشتدت حراة الشمس‪,‬‬ ‫ّ‬ ‫حكايات كثيرة‪ ،‬وأنا‬ ‫انداحت‬ ‫تحت أثلة كبيرة‪ ،‬وهناك‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫مصغ باهتمام بالغ؛ سمعت من محمد ياسين حكاية‬ ‫ٍ‬ ‫قصبة الجلجل‪ ،‬تلك البنت الجميلة التي كانت ترفض‬ ‫ُخ ّطابها‪ ,‬ومن ضمنهم الساحر الذي رفضته فح ّولها‬ ‫إىل كلبة‪ ,‬كانت في النهار كلبة‪ ,‬وفي الليل تعو ُد فتا ًة‬ ‫جميلة‪ ,‬إىل أن اكتشف أمرها ابن العجوز التي كانت في‬ ‫بيتها‪ ,‬فعالجها ثم تزوجها‪.‬‬ ‫امنباش ذا األرجل السبع واأليادي‬ ‫ُ‬ ‫وسمعت حكاية ّ‬ ‫حمدان‪ .‬وقبل أن‬ ‫السبع‪ ،‬وحكاية شهربان مع أخيها ّ‬ ‫يسمعنا يا جراده‬ ‫نغادر الظل‪ ,‬قال أحمد امهادي‪َ :‬من ّ‬ ‫عراج ُيسكّ ُت الجميع‪ ،‬ثم صدح‬ ‫جراده؟ فاندفع أحمد ّ‬ ‫ينشد بصوت حزين‪:‬‬ ‫حطي راسك مراده‬ ‫يا جراده جراده ‪ّ ..‬‬ ‫في طريق الحديده ‪ ..‬والحديده بعيده‬ ‫فيها عسكر جديده ‪ ..‬يضربون بالحديده‬ ‫يا أمير يا أمير ‪ ..‬طول هللا شبابك‬ ‫النجوم والثريا ‪ ..‬يلعبون تحت بابك‬ ‫جيت شالعب معاهم ‪ ..‬شربقنّي كالبك‬

‫يتبع في االعداد القادمة‬

‫‪33‬‬

‫*شاعروناقد وروائي سعودي‬


‫استطالع‬

‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫كحالة إبداعية‪..‬كيف يعيشه الشعراء‪..‬؟!!‬ ‫الجنون‬ ‫ٍ‬ ‫في ضيافة شعراء لم يتبعهم الغاوون‪!!..‬‬

‫استطالع‪/‬‬ ‫أحمد النظامي‬

‫وأنــا أدلــف عتبــة هــذه المــادة االســتطالعية‬ ‫أرتشــف مــن مجموعتــي الجنونيــة المخطوطــة‬ ‫«هذيــان المــاء» هــذه القطــرات‪:‬‬ ‫كتبت الشعر إيقاعًا وحرفا‬ ‫يقربني إلى عينيك زلفى‬ ‫وأدمنت الجنون أنا وشعري‬ ‫ألقسم كعكة األحالم نصفا‬ ‫علــى أيــة حــال ظهــرت العديــد مــن المصطلحــات‬ ‫المعبــرة عــن فوالذيــة الكلمــة وجاذبيــة اإلبــداع؛‬ ‫لتمنــح المنتــج الشــعري ُبع ـدًا آخ ـرًا ومــدارًا جدي ـدًا‬ ‫للتحليــق واقتنــاص عرائــس المعنــى وحوريــات‬ ‫الصــور‪.‬‬ ‫ويأتــي الجنــون أولــى العناويــن الملفتــة فــي هــذا‬ ‫الســياق بــكل جبروتــه وســيميائيته ليحتــل مســاحة‬ ‫كبيــرة فــي حيــاة الشــعراء قديمــً وحديثــً؛ غيــر‬ ‫أن العصــر الحديــث منحــه صبغــة ونكهــة حتــى‬ ‫لتــكاد تحــس أنــه ســيجعل منــه مدرســة وظاهــرة‬ ‫جديــدة للكتابــة‪.‬‬ ‫لغوية‪ /‬إصطالحية ‪ /‬فيزيائية مشبعة باإلبداع‪...‬‬ ‫ترى كيف يعيش الشعراء ظاهرة ومصطلح الجنون‬ ‫كحالة إبداعية؟!‬ ‫ٍ‬ ‫وما إنجازهم الجنوني الشعري في سياق وجع‬ ‫الكتابة ولذة الحرف؟‬ ‫كيف يقرأ الشعراء هذا املصطلح الجميل‪..‬؟!‬ ‫هذه التساؤالت وغيرها تشرفنا في مجلة أقالم‬ ‫عربية أن نتراشق حروفها مع نخبة من كبار الشعراء‬ ‫واملبدعين في الوطن العربي‪ ..‬إضافة لبعض الدماء‬ ‫الشابة والصاعدة‪..‬‬ ‫الخالصة في سياق هذه املادة‬ ‫االستطالعية‪:‬‬

‫وبالتالي فالجنون كحالة إبداعية ظهر وبقوة في‬ ‫نتاجات الشعراء الشباب بصور وتجليات متعددة‬ ‫ً‬ ‫ابتداء من عتبة النص إلى البنية اللغوية وكل مفاتن‬ ‫القصيدة بفنتازيا باذخة الجمال ‪..‬فتارة نراه في‬ ‫املغايرة ومخالفة املألوف مع االحتفاظ باألصالة‪،‬‬ ‫وتارة يتجلى في توظيف املفردات بعصرنة ونحت‬ ‫لغوي وتعنقد سريالي يشفطك من األعماق‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وعالوة على القول فإن هذه الحالة اإلبداعية برغم‬ ‫تجذرها منذ بزوغ فجر األدب العربي إلى اليوم؛‬ ‫ً‬ ‫رمزا للقوة الخارقة ً‬ ‫ورمزا‬ ‫فإنها تعتبر‬ ‫للشاعر املتمكن من هندسة معمار‬ ‫القصيدة بطريقة مغايرة‪..‬‬ ‫ً‬ ‫نلحظ أن الجنون أصبح معيارا‬ ‫للتميز‪..‬فحينما يتمكن شاعر ما من‬ ‫الخروج إلى دائرة الضوء وتحقيق‬ ‫هدف كان من سابع املستحيالت‬ ‫تحقيقه يطلق عليه «مجنون» وهكذا‬ ‫يتموسق الجنون في نوتات متعددة‬ ‫تزيحه عن معناه التقليدي «حالة‬ ‫عقلية» إلى آفاق ومدلوالت وتعريفات‬ ‫د‪ .‬دليلة مكسح‬

‫‪34‬‬

‫«بالجنون نتحول إلى كائنات‬ ‫ضوئية‪..‬نتعرى جماليًا‪..‬‬ ‫ننبت باألسئلة ‪..‬نتجاوز المكرر‬ ‫والروتيني»‬ ‫د‪ .‬دليلة مكسح ‪ -‬الجزائر‬

‫تحدثت بلغة شاعرية تموج بالتمرد‬ ‫الجميل والدهشة والبهاء الشاعري؛‬

‫لتكشف عن مدائن البوح املعتق بتعرجات خلف‬ ‫خطى الشمس‪:‬‬ ‫الجنون كحالة إبداعية‪ ،‬هو في عمقه حالة وجودية‬ ‫خاصة‪ ،‬تتملكنا من حين آلخر‪ ،‬فنلتبس بها دون‬ ‫سابق إنذار‪ ،‬ونتحول أثناء حلولها إلى كائنات ضوئية‬ ‫شفافة‪ ،‬قد ينتج عنها حضور لغوي مكثف‪ ،‬فنتعرى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فيه نفسيا وفكريا وجماليا‪ ،‬بعد أن تغوص بنا عميقا‬ ‫في داخلنا‪ ،‬ومن ذلك الداخل نمتطي مراكب املغايرة‬ ‫واالختالف‪ ،‬ونهش الرتابة والسكون‪ ،‬ونكتشف‬ ‫حقائق مزهرة في داخلنا وفيما حولنا أيضا‪.‬‬ ‫هذا الجنون نعايشه باستمرار‪ ،‬وليس بالضرورة أن‬ ‫ينتج عنه نص شعري كل يوم‪ ،‬ولكنه يجعلنا نعيش‬ ‫حاالت شعرية بلغة مختلفة‪ ،‬قد تكون لغة لونية‪ ،‬أو‬ ‫شمية‪ ،‬أو مرئية‪ ،‬أو ملسية‪ ،‬أو سمعية‪ ،‬أو لغة ال اسم‬ ‫معان ال ِق َب َل‬ ‫لها‪ ،‬وال حصر لصفاتها‪ ،‬سوى أنها تمنحنا ٍ‬ ‫للحروف أحيانا للتعبير عنها‪ ،‬وهذه املعايشة تجعلنا‬ ‫َ‬ ‫أحياء بكل معنى للحياة‪ ،‬وتجعل داخلنا َم ْرك ًزا تلتف‬ ‫في مداره كواكب الصفات واالستعارات والتساؤالت‬ ‫التي نحيا بها‪ ،‬وتحيا بنا أيضا‪.‬‬ ‫أما عن سؤالك عن إنجازاتي على مستوى الحضور‬


‫استطالع‬

‫ومن هنا ربما يمكن فهم مواجهة األنبياء ‪-‬وهم‬ ‫الجنوني الشعري‪:‬‬ ‫للجنون بالتأكيد ثماره‪ ،‬التي تجلت في ديوانين أعقل الناس‪ -‬من أقوامهم بالجنون وهي التهمة األولى‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الجاهزة التي كانت تطلق عليهم‪ ،‬ومن هذا الباب تفهم‬ ‫شعريين‪« :‬تعرجات خلف خطى الشمس» ‪،‬‬ ‫“وقناديل معطرة بحبر النبوة”‪ ،‬وديوان قيد املغايرة للمجتمع وللمألوف السائد في العقيدة وفي‬ ‫ُ‬ ‫املراجعة من أجل الطبع‪“ :‬زكاة الروح فيافيها”‪ ،‬املجتمع‪ ،‬ولكن هذا املفهوم وهذه املواجهة ما تلبث‬ ‫ونصوص متناثرة على صفحتي الشخصية في أن تتال�شى مع املؤمنين الثابتين واملعجزات واألدلة‬ ‫املؤيدة للرسل‪.‬‬ ‫الفايسبوك‪.‬‬ ‫كيف تمارس جنون الحرف وكبرياء الكتابة في ولكن ما شأن املفهومين اآلخرين؟ نبدأ (بالخفاء)‬ ‫وهو من َّ‬ ‫(جن‪ /‬جنن) وكل ما اختفى فهو يحمل تلك‬ ‫تطوير النص ومخالفة املألوف؟‬ ‫َّ‬ ‫والجنة‪ ،‬والجنين‪ ،‬والجنّ‬ ‫َّ‬ ‫ال أمارس الجنون‪ ،‬ولكنه هو الذي يمارسني‪ ،‬حين الداللة (جن عليه الليل)‬ ‫ِ‬ ‫تتملكني مشاعر غير واضحة املعالم‪ ،‬وكآبة منذورة وكل مستور مخفي عن العين‪.‬‬ ‫ولكن ما عالقة الجنون به؟ ربما تأتي العالقة من‬ ‫ألفق ما‪ ،‬منظورة من ِق َبلي لعلها تلد قصيدة‪ ،‬لذلك‬ ‫تجدني أستشعر القادم بنوع من السرية‪ ،‬والخوف أنه غير ُمدرك في حقيقة ذاته وفي ماهيته‪ ،‬فهو َخفيُّ‬ ‫من أن أفلت حبله‪ ،‬فتخيب روحي من جميل كان وإن ُعلمت آثاره لكنه غير مدرك وغير واضح في‬ ‫ً‬ ‫سيأتي‪ ،‬ويمنح الحياة ُبعدا مختلفا‪ ،‬وهو ما يجعلني طريقة عمله‪ .‬وكذا املفهوم الثالث (العنفوان) وهو‬ ‫قلقة باستمرار‪ ،‬أتوجس خيفة من نصوص قادمة أمر يرتبط بالتدفق والقوة العنيفة التي هي جزء من‬ ‫من أصقاعي‪ ،‬قلقة من أن تقول ما لم أستطع قوله‪ ،‬حقيقة هذا الجنون في مواجهة الثابت املستقر‪ ،‬وربما‬ ‫َّ‬ ‫وقلقة من أن ال أكون بقدر عنفوانها وصدقها؛ وهي يقود هذا العنفوان إلى أن يتجلى ويظهر في صورة‬ ‫من صور (القلق) ذلك القلق املنتج‪:‬‬ ‫ستكون قد مرت بأكوان رؤيوية بعيدة‬ ‫قلق السؤال‪ ،‬وقلق البحث‪ ،‬وقلق‬ ‫متمركزة في نقطة ضوئية خفية‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫التجديد‪ ،‬وقلق االختالف وغيرها من‬ ‫تسربلت بكل معاني‬ ‫لتخرج فجأة وقد‬ ‫أنواع القلق اإليجابي الصحي‪ ،‬وليس‬ ‫الوالدة الحقيقية‪ ،‬تلك الوالدة التي‬ ‫ّ‬ ‫املر�ضي‪.‬‬ ‫القلق‬ ‫تكون بمثابة املحطة األخيرة لرحلة‬ ‫ولسنا بصدد التأصيل اللغوي‬ ‫بعيدة الغور في عالم خفي‪.‬‬ ‫للجنون‪ ،‬ولكنا نتحدث عنه ونقاربه‬ ‫«الجنون‪..‬اإلمساك بجذوة‬ ‫بوصفه ‪ -‬كما في سؤالكم ‪ -‬حالة‬ ‫اإلبداع‪ ..‬والمغايرة والالمألوف‪»!!..‬‬ ‫إبداعية‪.‬‬ ‫الشاعر والناقد العربي الكبير‬ ‫ربما يكون من أبرز الكتب في العصر‬ ‫الدكتور‪ /‬إبراهيم أبو طالب‬ ‫د‪ .‬ابراهيم أبو طالب‬ ‫الحديث التي تعرضت للجنون كحالة‬ ‫بلغة شاعرية‪ ،‬وطرح أكاديمي‬ ‫ٍ‬ ‫إبداعية ودينية واجتماعية هو ما‬ ‫التأصيل‬ ‫إجابته‬ ‫في‬ ‫استعرض‬ ‫عرض إليه املفكر الفرن�سي «ميشيل فوكو» في كتابه‬ ‫ً‬ ‫اللغوي لهكذا مصلطح‪ ،‬مشيرا ًإلى بعض املؤلفات و الشهير (تاريخ الجنون في العصر الكالسيكي) ‪-‬وهكذا‬ ‫اإلهتمامات في هذا السياق‪..‬الفتا إلى إيضاح املقصود ُترجم عنوانه‪ -‬وقد َ‬ ‫درس فيه طبيعة العقل والجنون‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بالجنون اإلبداعي وليس العقلي ‪ ..‬نتابع‪:‬‬ ‫مؤكدا أن ثمة عالقة بينهما‪ ،‬وكل فرد فيه نسبة‬ ‫معا‬ ‫ومجنون!‬ ‫هذا موضوع طريف وعميق‬ ‫من الجنون تنقص أو تزيد‪ ،‬وبضدها تتضح األمور‪.‬‬ ‫أقدم‬ ‫منذ‬ ‫البشري‬ ‫العقل‬ ‫والجنون مما انشغل به‬ ‫ولكنه ركز على حاالت معينة من الجنون لدى‬ ‫العصور ليستجلي حقيقته من ناحية وليقف على العباقرة من الفالسفة واألدباء والشعراء مثل ‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫ماهيته من ناحية أخرى‪ ،‬وال شك بأن الجنون في نيتشه‪ ،‬وجوبا ‪،‬وروسو وجيرار‪ ،‬وبتهوفن‪ ،‬وفان‬ ‫أصل مادته اللغوية ذات الجذر الثالثي (ج ن ن) تدور جوخ وغيرهم‪.‬‬ ‫معان‬ ‫في دالالتها الكبرى وفي عموم معناها في ثالثة ٍ‬ ‫وهذا هو ألصق بموضوع استطالعكم الذي أظنكم‬ ‫يمكن حصرها في‪ :‬الخفاء‪ ،‬واملغايرة‪،‬‬ ‫والعنفوان‪ .‬تبحثون فيه عن طبيعة الجنون اإلبداعي‪ ،‬وليس عن‬ ‫ّ‬ ‫إلى‬ ‫ي‬ ‫املتشظ‬ ‫املصطلح‬ ‫وهي دالالت ال يخرج عنها هذا‬ ‫ِ‬ ‫طبيعته الصحية أو النفسية ألن لذلك ميدان آخر‪.‬‬ ‫ويبدو‬ ‫متعددة‪،‬‬ ‫وصفات‬ ‫وصف‬ ‫حاالت كثيرة وإلى‬ ‫ٍ‬ ‫وربما يكون (الجنون) سمة لصيقة باملبدعين‬ ‫في‬ ‫آفاقها‬ ‫يعطيها‬ ‫الذي‬ ‫هو‬ ‫اللغوي‬ ‫أن هذا التأصيل‬ ‫املتميزين واملختلفين‪ ،‬وقد يطلق عليها البعض‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫حقيقة تمثلها ووجودها؛ حيث يعد أي عمل يحمل (لوثة املبدعين) وربما تشاهدها في بعض الشعراء‬ ‫صفة‬ ‫املخالفة وعدم التوافق مع محيطه االجتماعي عندما يأتيه الشعر‪ ،‬فكأنه انتقل إلى مرحلة بين‬ ‫ُّ‬ ‫أو‬ ‫جنون‬ ‫بأنه‬ ‫واالستساغة‬ ‫والقبول‬ ‫ع‬ ‫التوق‬ ‫عدم‬ ‫أو‬ ‫الوعي والالوعي‪ ،‬وربما اعتقد املتابع أنه فارق واقعه‬ ‫مجنون‪.‬‬ ‫عمل‬ ‫ولو لوقت الكتابة أو اإلبداع ‪-‬على األقل‪ -‬الذي قد‬

‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫يطول أو يقصر بحسب الشخص املبدع‪ ،‬لكنه حالة‬ ‫واعية يختلف عن املرض العقلي أو املفارقة للواقع‬ ‫تلك املفارقة التامة‪ ،‬ولكن وهنا يبرز سؤال مهم‪:‬‬ ‫هل املجنون املفارق للواقع يدرك حقيقة جنونه؟‬ ‫حتى نقارن بينهما؟ وهل فعال الجنون ينتج إبداعا‬ ‫ً‬ ‫حقيقيا؟‪ ،‬وهل هو يستلذ ذلك الواقع اآلخر‪ ،‬ألم يقل‬ ‫َّ‬ ‫املجنون (املحب العاقل‪/‬قيس بن امللوح)‪ ،‬وهو يتلذذ‬ ‫بتلك الحالة‪ ،‬وكأنها مقصودة لذاتها‪:‬‬ ‫«أصلي فما أدري إذا ما ذكرتها‪ ...‬اثنتين صليت‬ ‫الضحى أم ثمانيا؟!‬ ‫وما بي إشراك ولكن حبها‪ ...‬وعظم الجوى أعيا‬ ‫الطبيب املداويا‪»..‬‬ ‫فهل الجنون والغيبوبة اللذيذة التي لم يطلقها قيس‬ ‫على نفسه‪ ،‬بل ُرمي بها‪ ،‬هل هي فعال جنون أم ادعاء‬ ‫للجنون؟ وهل كان قيس شخصية حقيقية أو خيالية‬ ‫كما يذهب إلى ذلك طه حسين‪.‬‬ ‫وملاذا هذه التهمة بالجنون؟ كل ذلك وغيره يثير‬ ‫سؤال الجنون الواعي وجنون اإلبداع الذي ال يجزم‬ ‫أحد بحدوده الفاصلة وال بحقيقته املاثلة‪.‬‬ ‫ومن هنا فإن ظاهرة الجنون لم تكن باألمر ّ‬ ‫الهين‬ ‫ِ‬ ‫وال بالعابر في تفكير الناس وال في مؤلفاتهم فما‬ ‫أكثر ما اعتني املؤلفون بهذه الحالة‪ ،‬بل والدليل‬ ‫عليها في تراثنا العربي وجود عناوين كتب كثيرة منها‬ ‫على سبيل املثال‪( :‬عقالء املجانين) البن أبي األزهر‬ ‫وكتاب بالعنوان نفسه للنيسابوري‪ ،‬وعقالء املجانين‬ ‫واملوسوسين للضراب‪ ،‬ومجانين األدباء ألبي سهل‬ ‫الحلواني‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫بل وم�ضى الباحثون – بوصفه ظاهرة‪ -‬في دراسته‬ ‫وتقسيمه إلى عصور ومراحل زمنية مثل دراسة‬ ‫(الحمق والجنون من الجاهلية إلى أواخر القرن‬ ‫الرابع) للدكتور أحمد خصخو�صي‪ .‬ودراسة (خطاب‬ ‫الجنون؛ الحضور الفيزيائي والغياب الثقافي؛‬ ‫االستبعاد والنفي) للدكتور أحمد علي آل مريع‪ ،‬وهو‬ ‫رسالة دكتوراه وفق املنهج الثقافي‪.‬‬ ‫كما َّ‬ ‫قدم الدكتور عبد الرحمن بدوي كتابه‬ ‫(شخصيات قلقة في اإلسالم) تناول فيها ثالث‬ ‫شخصيات وأعالم هم‪ :‬الفار�سي‪ ،‬والحالج‪،‬‬ ‫والسهروردي)‪،‬‬ ‫وهنا وسمهم بالقلق‪ ،‬وهو ملمح ذكي في وصف‬ ‫التميز واملغايرة والخروج التي كانت ً‬ ‫أيضا‪ -‬جزءا من‬‫إبداع وشخصية املتنبي ألم يقل‪ :‬على قلق كأن الريح‬ ‫تحتي‪ ..‬أوجهها ً‬ ‫جنوبا أو شماال‪.‬‬ ‫ومن وجهة نظري أن املتنبي كان مدركا لحقيقة‬ ‫ٌ‬ ‫مؤمن بإبداعه واختالفه وتميزه ولهذا‬ ‫قلقه كما هو‬ ‫َّ‬ ‫لم يكن قلقه أو جنونه ‪-‬إذا تجوزنا‪ -‬أو تنبؤه بعيدا‬ ‫عن حالته اإلبداعية ورافدا لها والدليل في هذا البيت‬ ‫هو وعيه بهذا القلق ‪-‬بوصفه مرحلة من مراحل‬ ‫العفوان‪ -‬واإلمساك بزمامه إذ هو من يوجهه جنوبا‬

‫‪35‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫استطالع‬ ‫ً ً‬ ‫والتعلق بها بارزا جدا في حياة الشاعر ما‬ ‫قبل اإلسالم ‪ ،‬والهيام بالقضية والهيام‬ ‫بالحياة ‪ ،‬واألمثلة كثيرة التي نقلت لنا‬ ‫مجانين ‪ ،‬هاموا في‬ ‫رؤى عن شعراء‬ ‫ّ‬ ‫امللوح الذي ّ‬ ‫حب‬ ‫األرض ‪ ..‬فقيس ابن‬ ‫ُ‬ ‫ليلى وشغف بها ‪ ،‬وراح يكتب األشعار‬ ‫في كل مكان ‪ ،‬وعنتر وعبلة وجميل‬ ‫حبيب بثينة ‪ّ ،‬والكثير من الشعراء‬ ‫استطاعوا أن يخلدوا عالقات‪...‬‬

‫أو شماال فهو الفاعل والقوة في يده والسلطة له‪،‬‬ ‫ولو كان العكس لكن مفعوال به وضحية‪ ،‬وهنا يكون‬ ‫الجنون الذي ال ُينتج‪ ،‬بل يكون هو النكوص‪ ،‬واملرض‬ ‫الشاعر القدير‪ /‬خالد الضبيبي‬ ‫واالستالب‪.‬‬ ‫بلغة‬ ‫تحدث عن هذه الخاصية‬ ‫ٍ‬ ‫النشط‬ ‫الفكر‬ ‫هو‬ ‫اإليجابي‬ ‫والجنون‬ ‫القلق‬ ‫ولعل‬ ‫مشبعة بالتوهج حيث قال‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫واملتجدد الذي ال ينافي اإلبداع والتفكير املنطقي ‏املبدع مجنون‪ ،‬دائما ما يرافق كلمة‬ ‫ونار‬ ‫اإلبداع‬ ‫بجذوة‬ ‫واإلمساك‬ ‫الحقيقة‬ ‫عن‬ ‫والبحث‬ ‫اإلبداع صفة الجنون ‪ ،‬في كل زوايا‬ ‫«بروميثيوس» تلك النار التي ترى األساطير اليونانية اإلبداع ترافق هذه املفردة االشتغال‬ ‫أحقية اإلنسان بها ولو كان ذلك غصبا أو اعتصابا من اإلبداعي وكأنها معادل موضوعي‬ ‫اآللهة ومخالفتها‪.‬‬ ‫لفكرة اإلبداع نفسه ‪ ،‬والذي معناه‬ ‫آية ضياء‬ ‫“جنوني شي ٌء وعشرون شوقًا”‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫برؤى‬ ‫تاريخه‬ ‫عبر‬ ‫املجنون‬ ‫الناس‬ ‫وقد رأى‬ ‫التفرد والتميز في تأدية نمط معين من‬ ‫الشاعرة العربية‪ /‬آية ضياء‬ ‫القديس‬ ‫معاملة‬ ‫يعامل‬ ‫املجنون‬ ‫كان‬ ‫فقديما‬ ‫متعددة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫األنماط الفنية‪ ،‬سواء كان في املجال‬ ‫(الدرويش) وكانت الكنيسة تنظر له باحترام ألنها الكتابي ‪ ،‬أو حتى في املجال التقني الرسم والنحت أتت لنا بالقطوف التالية‪:‬‬ ‫الشعر ‪ ..‬هذه الحالة الفريدة التي يمتاز بها مبدعوها‬ ‫تعده صورة من صور اآللهة‪ ،‬وربما يظهر ذلك األمر والتمثيل ‪.‬‬ ‫في مسرحيات شكسبير‪ ،‬في مسرحية امللك لير الذي نستطيع تعريف الجنون بأنها حالة إبداعية يمر وإن صح القول مجانينها‪ ،‬وأختص بالذكر هنا من‬ ‫َ‬ ‫بمشاعر أصيلة ربما يقا�سي فيها أو‬ ‫أصابه الجنون‪ ،‬بل وفي أكثر من مسرحية مثل (ماكبث) بها الفنان ؛ كي يحاول الخروج عن النمط املتداول يعيش الشعر‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫إبداعيا تجاوزت املسرح إلى الرواية العادي إلى التفرد ‪ ،‬فهو يسعى إلى تحقيق هذه الحالة يسعد‪ ،‬فتظهر روحه الشاعرة جلية شفافة وتبقى‬ ‫وغيرها‪ .‬ولعلها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بمباركة الصدق ومعايشة الحس ‪..‬‬ ‫حية‬ ‫أيضا فأول رواية في تاريخ الغرب (دون كيشوت) لدي‬ ‫ِ‬ ‫املتداولة‬ ‫الرؤى‬ ‫خلف‬ ‫لالنسياق‬ ‫الرفض‬ ‫من‬ ‫كنوع‬ ‫باب واسع‬ ‫ثيربانتس نجد بطلها الذي يصارع الطواحين فيه �شيء والعادية ‪ ،‬لذا نراه يهرب إلى االختالف بشكل مبالغ به ولحسن حظي‬ ‫دخل الشعر ٰإلى حياتي ّ من ٍ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫أحيان‬ ‫أدخله أنا مطلقا‪ ،‬فهو الحالة الي تملكتني في‬ ‫؛ كي يحقق ذلك النزوح الواعي ‪ ،‬بشكل ولم‬ ‫من الجنون‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أيضا ‪ ..‬ولم أمتلكها أبدا‪ ،‬واستطعت من خاللها كتابة العديد‬ ‫بوجود‬ ‫العربي‬ ‫الفكر‬ ‫في‬ ‫ذاته‬ ‫واألمر‬ ‫واعي ومدروس أو بشكل ال واعي‬ ‫في الشعر وهو السيالن الخيالي للكلمة من القصائد النثرية التي جمعت بعضها في مجموعة‬ ‫أعالم كثيرة وصفوا بالجنون‪ ،‬وهم على‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫(�شيء وعشرون شوقا)‬ ‫والخروج الواعي للصورة و الذهاب ستصدر قريبا بعنوان‪:‬‬ ‫عال من الوعي ولكن تلك الحاالت‬ ‫قدر ٍ‬ ‫نحو سرمدية النص ‪ ،‬نجد النزوح ال كما تم نشر بعض القصائد في عدد من الصحف‬ ‫كان أغلبها رفضا للواقع‪ ،‬ولعل التظاهر‬ ‫يفرق عن أي إبداع في أي مجال آخر واملجالت الورقية واأللكترونية‪ ،‬وما هذا سوى خطوة‬ ‫بالجنون لدى املتصوفة ليؤدي بهم إلى‬ ‫ٰ‬ ‫أولى متواضعة أخطوها في عالم القصائد الشاسع ‪..‬‬ ‫الحب اإللهي والعبادة الخالصة‪ ،‬كما‬ ‫‪ ،‬فالشاعر يتمثل ُصفة الجنون عندما‬ ‫يقولون‪ ،‬ربما يكون محل تأمل ودرس‬ ‫يريد الخروج إلى أطر فكرية مغايرة ‪،‬‬ ‫وقد عرف الشعر الكثير من الجنون ‪ ،‬وإذا ما أردت الحديث عن الكتابة اإلبداعية بوصفها‬ ‫عميق‪ ،‬ولهذا كان يقول البغدادي‬ ‫ً‬ ‫جنون الفكرة ‪،‬وجنون الهوى ‪ ،‬ذلك حالة جنونية أزعم أنني أعيشها أحيانا فيمكنني القول‬ ‫املجنون‪« :‬أنا مجنون هللا»‪ .‬وهكذا‬ ‫الشغف الذي يؤثر على نظرة الشاعر أن هذه الحالة ما إن يحين وقتها حتى أجد نف�سي كمن‬ ‫خالد الضبيبي‬ ‫يلتقي التصوف بالحب بالهوى باإلبداع‬ ‫ً‬ ‫مسرعا ٰ‬ ‫أرض وعرة من غير املمكن أن‬ ‫على‬ ‫للحياة والواقع ‪ ..‬في جنون الفكرة نرى يسير‬ ‫في هذا العالم املجنون الذي ينتصر له‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫إنهاك نعرفه‪ ،‬ربما‬ ‫إنهاك‬ ‫بال‬ ‫يجتازها‬ ‫ابن املعتز وللهوى بقوله‪:‬‬ ‫نف�سي ال يشبه ًأي ً ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍُ‬ ‫محاولة السعي الحثيثة على ابتكار النص السرمدي‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫تضع فيه حمال ثقيال عن كاهلك ال‬ ‫وجنون الهوى الدائم ‪ ،‬ضرب من ضروب الجنون ‪ ،‬ورحلة مرهقة هذا الشعور الذي‬ ‫‪...‬‬ ‫جنون‬ ‫بي‬ ‫جنون الهوى وما‬ ‫في ُ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ينطلق فيها الشاعر الجاد ‪ ،‬فهو املَعني بهذا املوضوع ‪ ،‬تريد التخلص منه‪ ،‬حالة من الوعي غير الواعي تخرج‬ ‫الجنون‪.‬‬ ‫جنون‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ٰ‬ ‫ومعنى‪،‬‬ ‫وهكذا نجد عالقة الجنون باإلبداع عالقة متجذرة والذي يراه يستحق العيش من أجل السعي إليه حياة منها ال محالة ب�شيء ال يشبه املألوف صورة‬ ‫ً‬ ‫وكثيرا ما نمارسها في حياتنا وفي أقوالنا‪ :‬كاملة‪ .‬البحث عن التخليد ‪ ،‬هو البحث عن النص لكن هذا الضرب من الجنون ال يمكنك تجربته‬ ‫متأصلة‪..‬‬ ‫فنسمع بفكرة مجنونة ورأي مجنون وقصيدة السرمدي الدائم الذي يقوم بتحويل الشاعر إلى ثيمة من دون الخوض في بحر القراءة الكثيفة الواعية‬ ‫ً‬ ‫واملختصة أيضا‪ ،‬فتطوير ما يخرج من‬ ‫مجنونة وفيلم مجنون وغيرها الكثير من الصفات‪ ،‬أو أيقونة زمانية ‪ ،‬وهذا البحث املرهق‬ ‫ٌ‬ ‫جعبة الكاتب مرتبط ال محالة بتطوير‬ ‫وال يقصد بهذا الجنون بالطبع الجنون املعهود في والتحليق والتجديف في بحور الشعر‬ ‫ً‬ ‫ما يدخل إليها‪.‬‬ ‫الذهن‪ ،‬ولكنه الجنون الدال على التميز‬ ‫واملغايرة وبين تفعيالته قد يأتي يوما أو قد ال‬ ‫ُ‬ ‫من هنا نجد أن هناك من يتجدد‬ ‫مل‪.‬‬ ‫وامل‬ ‫واملألوف‬ ‫واالختالف والجديد املتجاوز للعادي‬ ‫يأتي نهائيا ‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫إبداعه وهناك من يستقر حتى يموت‬ ‫من هنا يبرر لإلبداع التأثير والتغيير فجنون املبدع ولكن الفكرة تظل تطرق رأس‬ ‫َ‬ ‫مرحلة ما ‪..‬‬ ‫أو ُيش ّل في‬ ‫ٍ‬ ‫الحقيقي ال يخرج عن هذا الحد في مخالفة املجتمع الشاعر على الدوام ‪..‬‬ ‫وعاداته والقدرة غير العادية على التأثير والتغيير‪ ،‬في جانب الهوى يتحول الشاعر إلى‬ ‫“جنون اللحظة وخرائط‬ ‫وهنا يكون جنونهم‪/‬إبداعهم ذا فعل‬ ‫تنويري تغييري‪ ..‬مجنون بسهولة وبدون البحث عن‬ ‫الالنهاية”‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وخطابهم اإلبداعي خطابا مضادا ومختلفا ربما يحتاج النص املعجزة ولكن بتكثيف الكتابة‬ ‫الشاعر الشاب‪ /‬جميل الهندوانة‬ ‫لوقت طويل الستيعابه وفهمه‪.‬‬ ‫عن �شيء معين ‪ ،‬فنرى الهيام باملرأة‬ ‫تحدث ملجلتنا حول لذة الجنون ‪..‬‬ ‫“الجنون ‪..‬حالة للتميز والتفرد‬ ‫ومعادل موضوعي”‬

‫‪36‬‬

‫جميل الهدوانة‬


‫استطالع‬ ‫ً‬ ‫وعندما نقول الجنون فهذا اليعني‬ ‫متطرقا إلى خطورة التهريج في مواقع‬ ‫أي جنون وإنما الجنون بوصفه‬ ‫التواصل‪:‬‬ ‫عتبة للنفاذ الى كون من الحرية‬ ‫كثير من الكتاب واملثقفين يتبعون‬ ‫املتخيلة حيث يجد املبدع مساحة‬ ‫طقوسا معينة حال شروعهم فى الكتابة‪،‬‬ ‫تناسب حالته اإلبداعية التي هي‬ ‫وذلك حتى يستطيعوا أن يسيطروا على‬ ‫توليفة نفسية وروحية ووجدانية‬ ‫إلهامهم‪ ،‬وقد كان الروائي العالمي نجيب‬ ‫ً‬ ‫والتي هي أيضا فوق مستوى السحر‬ ‫محفوظ يميل قبل بدء عملية الكتابة‬ ‫والسكر والجنون‪.‬‬ ‫إلى االستماع ملقطوعة موسيقية‪ ،‬ثم‬ ‫والشاعر كائن أليم قلق شكاك‬ ‫اإلنصات إلى السيدة أم كلثوم وهى تشدو‬ ‫هازئ يشرع نوافذ الغواية ويكشف‬ ‫بصوتها‪ ،‬وهو يسير فى منزله‪ ،‬قبل أن‬ ‫أسامة الغبان‬ ‫ً‬ ‫ابتداء‬ ‫عورة األشياء ويعري كل �شيء‬ ‫يتوجه إلى غرفة مكتبه للبدء في الكتابة ‪.‬‬ ‫من ذاته اليلتفت لإلشارات املستهلكة‬ ‫ولكل كاتب طقوسه الجنونية يتهجد‬ ‫ً ً‬ ‫بها في صومعة الحرف شعرا ونثرا ويعمل على تطويع واليؤمن باملألوفات وال يدين ألحد فضولي يتتبع أثر‬ ‫مفرداتة كحداد يعمل في صناعة السالسل الحديدية؛ كل ممنوع متعدد الوظائف املجانية املتناقضة فهو‬ ‫حمال أثقال في هذا السوق الخليع املسمى الحياة التي‬ ‫يتلقاها القارئ ببساطة مطلقة‪.‬‬ ‫ولكن في عصر السوشل ميديا وثورة التقنية يتبادل معها األدوار‪ ‬ويجلدها وترجمه‪.‬‬ ‫والتواصل االجتماعي تجد أن الكثير يميل إلى التهريج وهو الحياة نفسها بكل أسفارها املخيفة وهو‬ ‫ّ‬ ‫حصاد أحزان الحقل اإلنساني الكبير‪ ‬واملرمم الوحيد‬ ‫في نكتة كتابية أو تصويرية ويتفاعلون معها‪ ..‬فلو‬ ‫الحظت في مواقع التواصل االجتماعي أن املهرجين للجمال في هذا العالم والديمة الوحيدة املأهولة‬ ‫أصبحوا مشاهير بينما دفنت تحت ركام فو�ضى وسط هذا الخراب‪.‬‬ ‫الضحك أجمل القصائد الشعرية واملقطوعات هكذا التتوانى مخيلة الشاعر في استقطاب املآ�سي‬ ‫اإلنسانية وابتكارها هذه املخيلة التي تشبه شجرة‬ ‫األدبية ‪.‬‬ ‫لهذا فالجنون كحالة إبداعية هو ثورة للتوهج املوز في مخاضاتها املتعسرة‪.‬‬ ‫وانتشال الكلمة من بوتقة التقليدية إلى فضاءات والقصيدة في أطوارها املبكرة مثل أعراس ّ‬ ‫الجنيات‬ ‫أنثى ملتهبة من خيال وكهرباء وهي اإلنجاز الوحيد‬ ‫املغايرة والتطوير‪.‬‬ ‫القصيدة‪ ‬فن الحديث بصمت‪ ،‬وهي جنون اللحظة لشاعر في اللحظة التي تفتق فيها حلمه اندلعت الحرب‪.‬‬ ‫ودوامة ّ‬ ‫التيه وخرائط الالنهاية‪.‬‬ ‫«هيجان المشاعر»‬ ‫ما الذي يجعلنا نغوص في جنون الكلمة لنكتب‬ ‫ً‬ ‫الشاعر الشاب‪ /‬أسامة الغبان‬ ‫ونكتب ثم نكتب مع اعتقادنا أحيانا أن ال أحد يكترث‬ ‫لتلك الدوامة من الجنون التي نعيشها لنوصل ما تحدث وهو في الركعة األولى من صلوات القصيدة‪:‬‬ ‫يعتمل في أنفسنا لآلخرين‪ ،‬الذين قد تبدو النسبة أهال وسهال باألستاذ أحمد النظامي ‪ ،‬يشرفني‬ ‫الكبرى والعظمى منهم ال تكترث حتى لكلمة مما ويسعدني استضافتك لي في هذا الصرح األدبي‬ ‫نسطره من أفكار اعتصرتها مخيلتنا‪ ،‬وبذلت فيها الشامخ مجلة «أقالم عربية «والتي أثرت الساحة‬ ‫أغلى ما تملك‪ ،‬وهي الكلمات التي تمثل لها الثروة التي األدبية بجواهر اللغة ودررها‪.‬‬ ‫يجب أال تنضب إن أرادت االستمرار في اإلكسير الذي الجنون هو بالنسبة لي عبارة عن ترويض السليقة‬ ‫باالطالع وكثرة القراءة والتمعن فيها‬ ‫يمدها بالحياة‬ ‫والكاتب املسافر مع الجنون واملتعة هو يكتب دون التنوع بالقراءة في شتى املجاالت‬ ‫أن يلتفت لإلمالءات ويكتفي بكونه أفرغ شحنة وتعمق القارئ في األدب العربي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ضوئية للوجود والشاعر املجنون إبداعا ناضجا هو والتزود بكتب الشعر العمودي والتفعيلة‪ ،‬الروايات‬ ‫والقصص‪.‬‬ ‫من يعتلي سدرة الخلود‪.‬‬ ‫هو هيجان املشاعر في حالة مباغتة تأخذ باملخيلة‬ ‫«الشعر لعاب اللحظة المكتملة ‪..‬ال يلتفت‬ ‫إلى أق�صى أقا�صي الذات فتنزع مرادها من العمق‬ ‫لإلشارات المستهلكة»‬ ‫وتصيغه على شاكلة قصيدة‪.‬‬ ‫الشاعر المجنون عطرًا‪ /‬محمود الظهري ويأبى جنون القصيدة في هذه اللحظة إال أن يجعلني‬ ‫ً‬ ‫عضو منتدى مجانين قصيدة النثر‬ ‫أكمل معك الحديث شعرا‪:‬‬ ‫أمطرنا بهذه الفالشات املفخخة بالشيطنة اللذيذة‪:‬‬ ‫“ركعة في محراب الشعر”‬ ‫الشعر لعاب اللحظة املكتملة هذه اللحظة هي الناتج‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الوحيد ملعادلة قاسية من الجنون‪.‬‬ ‫أمسك عصا األي ِام فوق متاعبي‬ ‫ِ‬

‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫َ َ َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫الزمان َعقاربي‬ ‫نتظر‬ ‫وانه ُض َ لي َ‬ ‫ْ‬ ‫واعبر ع ُلى قلبي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الجهات‬ ‫إلى حيث ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫الست واتبع غيمتي وسحا ِئ ِبي‬ ‫َِ‬ ‫واخلع نعالكَ‬ ‫َِ‬ ‫أسفل َ‬ ‫الو ِادي‬ ‫َُّ‬ ‫َُ‬ ‫املق َّد ِس حيثما واريت كل مآربي‬ ‫صا ً‬ ‫ألق َ‬ ‫الع َ‬ ‫أرضا‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ؤاد على يديك‬ ‫وأمسك ِبالف ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫اصبي‬ ‫أو َاتكئ ِبمع ِ‬ ‫الليل ُأرخى‬ ‫في ُ‬ ‫وع ُس ُد ُ‬ ‫الضل ُ‬ ‫وله‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وأنَاّ ِبجا ِن ِبه ولست ِبجا ِن ِبي‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫وأق ِلب الن َ‬ ‫ات‬ ‫ظر ِ‬ ‫َ‬ ‫في ِ‬ ‫وجه ُال ِغ َي ِ‬ ‫اب َ‬ ‫ليه غ َير‬ ‫وما رأيت ع ِ‬ ‫َ‬ ‫شوا ِئ ِب‬ ‫َ ُ‬ ‫اآلن ك ُّل‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫عر اعتلت‬ ‫َ َّم ِآذ ِن َ ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫شتى البقاع‬ ‫َِ َ ِ َ ُ ُ‬ ‫ود الغا ِئ ِب‬ ‫فحان ع‬ ‫بقصيدة َع َ‬ ‫صما‬ ‫ِ ِ َ ٍ َ‬ ‫اع ٍر‬ ‫لوة ش ِ‬ ‫وخ ُ ِ‬ ‫َّ‬ ‫وجهت وجهِي‬ ‫َ َ َ‬ ‫مأر ِب)‬ ‫ن‬ ‫حو(ش ُ ِار ِع ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ملا الحروف‬ ‫َّ ْ َ َ َّ ْ‬ ‫َّ توضأت وتصوفت‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫صلت‬ ‫صال َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫الشع ِر قبل الكا ِت ِب‬ ‫وه ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫ناااااااك‬ ‫َ ُ َّ‬ ‫مس‬ ‫حيث‬ ‫الش َ َ‬ ‫َتنس ُ‬ ‫يط َ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫خ‬ ‫ج‬ ‫َ َِ‬ ‫َ ً َ ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫واكبي‬ ‫سجدت َلها طوعا جميع ك ِ‬ ‫ُ‬ ‫الحبُّ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َّ‬ ‫است َو َى)‬ ‫الل ِفي القل ِب‬ ‫(شرع ِ‬ ‫ُ‬ ‫ال َر َ‬ ‫يب ِ ُف ِيه وال اخ ِتالف َمذ ِاه ِب‬ ‫هو َكعبةَ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫هر الشريف ِة)‪ ،‬أين َما‬ ‫َّ(الط‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أي وجه َ‬ ‫صا ِئ ِب‬ ‫وليت ق ُلبي‪ٍ ُّ ...‬‬ ‫ص َ‬ ‫َسل َعنه َ‬ ‫نع َاء‬ ‫َ ُ‬ ‫َِ‬ ‫التي باي َعتها َ َ َ ُ َ‬ ‫ياه ِب‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫وق ِلبي كان رهن غ ِ‬ ‫ِ َس ْل ُما َت ُ‬ ‫شاء‬ ‫َُ‬ ‫فك َ ُّل ِش ِبر ِفي‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ ث ُرى َصنعاءَ َ ُ‬ ‫درك ِحير ِتي وتكالبي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وعلى ُ ِب ُ‬ ‫عر‬ ‫الش‬ ‫ور‬ ‫ح‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ ُ ُ ُِ‬ ‫وف‬ ‫أمواج الحر ِ‬

‫‪37‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫َ ُ ُّ َ ُ ْ َ‬ ‫وقرين الشاعر ٌّ‬ ‫جني له اسم‪ ،‬كالفظ بن الحظ‬ ‫إلي َك ِبق ِار ِبي‬ ‫قذف ِني‬ ‫َ تهب ت ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫صاحب امرئ القيس‪.‬‬ ‫ألقى َ ال ِغياب ُ‬ ‫ومن هذا الزمان قرأت أسماء لقرين الشاعر فواز‬ ‫ب َجمره في أضل‬ ‫عي ُ َ‬ ‫َِ َ ِ ِ َ َ ْ ُ‬ ‫اللعبون «قدموس» ولقرين الشاعرة‬ ‫يا كم وكم ِلبثت ت ِذيب ذوا ِئ ِبي‬ ‫َ‬ ‫ريم الخش « هاروت» ‪.‬‬ ‫ال تحسب‬ ‫َُْ ِ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫والشعراء محرومون من دخول «‬ ‫الذي آثرته‬ ‫َالبعد ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫يوتوبيا « جمهورية أفالطون الفاضلة‬ ‫ولك َن ِمن ض ِج ِيج نوا ِئ ِب‬ ‫نأي َّا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ألنهم مجانين ‪..‬والشخصيات املبدعة‬ ‫الدهر غ ِالب‬ ‫عند فرويد مر�ضى نفسيون وبهم نوع‬ ‫أمر ِه وأنا ِب ِه‬ ‫ِ املَ ُ‬ ‫من املس ‪.‬‬ ‫غلوب ْأم ِري‬ ‫ْ ُ ْ َ‬ ‫وارتبط الجنون والشعر والعشق‬ ‫الب‬ ‫َ لم َأك ٌن ِبالغ ِ‬ ‫كثالثية هاربة من املنطق و الواقع ‪.‬‬ ‫لي فيك أشعار‬ ‫وأجم ُل ق َّ‬ ‫َ‬ ‫وتشابكت العبقرية مع الجنون بعالقة‬ ‫ة‬ ‫ص‬ ‫َ ِ ُ َّ ٍ ُ َّ َ َ‬ ‫معقدة حساسة‪..‬فكل عبقري مجنون‬ ‫أحيا ِبها ُيا كل كل مط ِالبي‬ ‫فائزة القادري‬ ‫َ‬ ‫اآلن َ‬ ‫وكل مجنون عبقري ‪.‬‬ ‫أبح‬ ‫ث َ ً‬ ‫يك َع َ‬ ‫(ف َ‬ ‫يقول أحمد صافي النجفي ‪:‬‬ ‫نك) حقيقة‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ِْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫كنت في الحسن عبقري جمال‬ ‫المحها (الضمير الغا ِئ ِب)‬ ‫أخفى م‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫والهوى كان بيننا عبقريا‬ ‫أقبلت‬ ‫اآلن َهااااا‬ ‫َ‬ ‫من َ‬ ‫بيت الشعر الذي ترجم عبقرية الهوى كخروج عن‬ ‫ياب إليك‬ ‫أق�صى َال ِغ ُ ِ‬ ‫ْ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫املألوف ‪.‬‬ ‫إذ ِأني سئمت مر ِاكبي‬ ‫يصل الجنون بأحدهم إلى مرحلة النرجسية‪..‬‬ ‫(فأنا ِأح ُب ُك‬ ‫ُ‬ ‫كالشاعر الفيلسوف نيتشه ‪..‬‬ ‫ألف ألف أ ِعيدها)‬ ‫َ َ‬ ‫وجهي َوت ُّ‬ ‫وجهِي َ‬ ‫يصل الجنون إلى االنتحار كحالة خليل حاوي ‪.‬‬ ‫وم ِآربي‬ ‫ي َا ِ ّ‬ ‫يصل الجنون ٳلى النرجسية ‪ ،‬كحالة املتنبي ‪:‬‬ ‫ح‬ ‫سبي ِب ُ ِأن َي ُ ً‬ ‫إن َر َ‬ ‫ٲنا الذي نظر اٲلعمى ٳلى ٲدبي‬ ‫أحرفا‬ ‫ك‬ ‫مت‬ ‫س‬ ‫َ ُ َ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫وٲسمعت كلماتي من به صمم‬ ‫ومتاعبي‬ ‫آنست وحشة َغرب َتي‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫لوب إذا تعاظم ُّ‬ ‫إن الق َ‬ ‫ٲمط عنك تشبهي بما وكٲنه‬ ‫ودها‬ ‫َ َُ‬ ‫فما ٲحد فوقي وال ٲحد مثلي‬ ‫بتقارب‬ ‫تطوي مسافة ب ِ‬ ‫عد َها َ ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫نت ُ ّ‬ ‫وهناك قصائد مجنونة سميت كذلك ألن كاتبها‬ ‫آم‬ ‫الذي نحيا ِب ِه‬ ‫بالح ُ ِب ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫مجنون بامتياز‪:‬‬ ‫وكفرت بعد ِبمن أضاعوا (راتبي)‪.‬‬ ‫الشاعر األملاني فريدريك هولدرين « قصائد‬ ‫«الجنون‪..‬اكتشاف قارات جديدة»‬ ‫الجنون الهولدريني «‬ ‫َ‬ ‫القادري‬ ‫الشاعرة العربية‪ /‬فائزة‬ ‫ديستوفيسكي‪ :‬فلوبير أصبح شاعرا‬ ‫ويقول بلزاك َ‬ ‫تحدثت إلينا وهي تطعم حديثها بهذه ّ‬ ‫األدلة‪:‬‬ ‫كي اليموت مجنونا ‪.‬‬

‫عاش الكتاب والشعراء هذا الجنون ونعتوا به‬ ‫ولقبوا بأسماء بناء عليه ‪..‬وسٲنعتهم هنا بمجانين اللغة ‪.‬‬ ‫فالشعراء «في كل واد يهيمون « «يقولون ماال‬ ‫يفعلون « هم يقولون ما يتلوه الخيال ولم تخط‬ ‫أقدامهم هناك في ذلك العالم ‪.‬‬ ‫وللشعراء واد يدعى عبقر والشاعر له قرين يلقنه‬ ‫والشاعر العاشق مجنون كمجنون ليلى‬ ‫و املرقش اٲلكبر مجنون ٲسماء‬ ‫يزيد بن الطثرية عاشق اليمامة ‪.‬‬ ‫املخبل وميالء ‪.‬‬ ‫عبدهللا بن العجالن عاشق زوجته ‪.‬‬ ‫مرة بن عبدهللا ومعشوقته ليلى ‪.‬‬ ‫عروة بن حزام عاشق عفراء ‪.‬‬ ‫جميل بن معمر وبثينة ‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫[والجنون سكر تحت تأثير نبيذ الفكر]‬ ‫لحظاتها اللغوية‬ ‫[ثمل دوما من تسكب له الحياة‬ ‫َ‬ ‫ويحت�سي الالوعي فيضعف الوعي متصاغرا أمامه]‬ ‫ولكل مبدع شيطان وتباهى أسالفنا بكون شيطانهم‬ ‫ذكر أم أنثى ‪.‬‬ ‫والصعلكة جنون وال يخفى علينا جنونهم ‪..‬ارتباط‬ ‫الجنون بالعشق‪ ،‬منهم ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫عروة بن الورد والسليك بن السلكة وتٲبط شرا‬ ‫وتوبة بن الحمير عاشق ليلى اٲلخيلية ‪.‬ومنهم اٲلحيمر‬ ‫السعدي من بني تميم ‪ ..‬يقول ‪:‬‬ ‫عوى الذئب فاستٲنست بالذئب ٳذ عوى‬ ‫ّ‬ ‫وصوت ٳنسان فكدت ٲطير‬ ‫ويدخل مجنون اللغة ٳلى مشفى املجانين ‪.‬‬ ‫مي زيادة بمكيدة وتهمة ٳنما ذلك لوعيها املفرط ‪.‬‬

‫والشاعر السوداني ٳدريس جماع حين عشق امرٲة‬ ‫متزوجة وكتب لها بيته املشهور ‪:‬‬ ‫والسيف في الغمد ال تخ�شى مضاربه‬ ‫وسيف عينيك في الحالين بتار‬ ‫وكتب مجانين اللغة الغزل الفاحش الصريح‬ ‫متجاوزين العادات والتقاليد والغزل العذري ليكونوا‬ ‫محط استفزاز ملجتمعاتهم واٲلمثلة كثيرة من آثارهم ‪.‬‬ ‫وباتت الكتابة والشعر في خانة األعداء ‪..‬محاربين‬ ‫‪..‬كرؤية عن ربط الجن والجنون بهما‪.‬‬ ‫يقول نزار قباني ‪:‬‬ ‫إن ربط اإلبداع بالجن والعفاريت واألرواح‬ ‫الشريرة تكتيك عدواني مقصود ‪ ،‬غاية في الترهيب‬ ‫والتخويف‪ ،‬فاملتضررون من الشعر كثيرون ‪،‬‬ ‫وحدهم األطفال والنساء واملجانين كانوا مع الشعر ‪.‬‬ ‫والكتابة مغامرة جريئة تستوجب تحمل كل النتائج‬ ‫‪..‬غضب الجمهور ‪..‬ٳعجابه ‪..‬سخطه ‪.‬رضاه ‪..‬لعنة‬ ‫التاريخ ‪..‬وحتى السجن والتغييب ‪.‬‬ ‫وتبرر شاعرة حداثية الجنون ‪:‬‬ ‫الشاعرة تاال الخطيب تقول ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫على قدر الهوى يٲتي الجنون‬ ‫ُ‬ ‫فتختلط العواطف والسكون‬ ‫فنسعى بين ٲقدار وحظ‬ ‫ُ‬ ‫حيارى حيث ترمينا السنون‬ ‫ولنزار قباني ما سماه ‪ :‬من يوميات رجل مجنون‪:‬‬ ‫ٳذا ما صرخت ‪:‬‬ ‫“ٲحبك جدا “‬ ‫“ٲحبك جدا “‬ ‫فال تسكتيني‬ ‫ٳلى آخر النص العابق بالجنون ‪.‬‬ ‫وفي محاولة لكل مجنون اللغة الحديث عن تجربته‬ ‫الشخصية الذاتية ليبحر بين ضفتين ‪..‬رؤيته لذاته‬ ‫وتقييمه لنفسه وانطباعات اآلخرين عنه ‪ ..‬فيجدف‬ ‫بخوف طبيعي فطري مفترض ويجازف في صياغة‬ ‫فحوى الرؤى ‪.‬‬ ‫في تجربتي الشخصية‪ ،‬ما أعلمه هو أنني أنتمي إلى‬ ‫جذور عميقة لهذه املشاعر واألحاسيس التي هي قاسم‬ ‫مشترك للسابقين وملن يلحقون بهم لكن التعبير‬ ‫بأفكار مخلوقة خالقة أو بمعان مبتكرة تظل سمة‬ ‫كل أحد انتابته لحظة الجنون اللغوي ‪..‬‬ ‫أعلم أيضا أنه عندما تغزوني هذه اللحظة أتنكر لكل معنى‬ ‫مستهلك رث وأحاول خياطة مقاسات جديدة لشغفي‪.‬‬ ‫أقول في الشغف وسبائك الشعر ‪:‬‬ ‫مهر القصائد سبك القلب بالشغف‬ ‫والشعر منسكب من سالف الحرف ‪.‬‬ ‫وأدير طواحين الهواء بيدي ‪..‬‬ ‫نعم‬ ‫كلنا ذلك ال « دون» الذي يحارب الهواء بانزياحاته‬ ‫ليتخلد كشخصية تاريخية روائية حكائية ‪.‬‬


‫مختارات شعرية‬

‫إشراف ‪ /‬ياسين عرعار ‪ -‬الجزائر‬

‫ضوء على حافة اجلذع‬

‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫والنار‬ ‫بني الثلج‬ ‫ِ‬

‫د‪ .‬سميرة طويل ‪ -‬املغرب‬

‫َ‬ ‫كتابا ال ّ‬ ‫ال ً‬ ‫ُ‬ ‫فالتز ُ‬ ‫تغي ُر ُه ال‬ ‫ترتقب‬ ‫الليل‬ ‫ُّأم القرى خلف‬ ‫ظهر َِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫كانت‪ُّ ،‬‬ ‫أحداث مهما تناءى الناس وانقلبوا‬ ‫تقترب‬ ‫الوعد‬ ‫وأمك نحو‬ ‫ِ‬ ‫ُ​ُ َّ ٌ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫يا ً‬ ‫ض ّمنت ِق َي ًما‬ ‫آياته ق ِيمات‬ ‫هللا أبد َع ُه‬ ‫مولدا من‬ ‫كمال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫شموس الكو ِن‬ ‫فضلى فأخالق َك القرآن ال ِرَي ُب‬ ‫تنتسب‬ ‫نورا إليه‬ ‫َ ُ​ُ‬ ‫ملا تناهى لسمع الليل َ‬ ‫َ‬ ‫امتدح‬ ‫صاحب الخل ِق األسمى الذي‬ ‫يا‬ ‫األبواب‬ ‫أنك في‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫زوروال ُ‬ ‫معناه ال ٌ‬ ‫كذب‬ ‫الرحمن‬ ‫أبنائه ان َس ِحبوا‬ ‫على‬ ‫نادى‬ ‫ِ‬ ‫ُ ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫سكبت روحك في الصحر ِاء فاندلعت‬ ‫ولدت فابتدأ اإلنسان ثانية‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫نخل ً‬ ‫فطاب ُّ‬ ‫والرطب‬ ‫الظل‬ ‫كريما‬ ‫والحقب‬ ‫ميالد ُه وابتدا التاريخ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫مدت يديها كي تلق َنها‬ ‫والريح‬ ‫الحلم فاخرة‬ ‫وأرضعتك حليب ٌ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫(حليمة) فاستمدت َ‬ ‫السحب‬ ‫جودك‬ ‫العرب‬ ‫حلمك‬ ‫مكارما وارتوت من ِ‬ ‫ٌ‬ ‫َ ّ‬ ‫ً‬ ‫غيرأن بها‬ ‫قديمة كلماتي‬ ‫ملتمسا‬ ‫الرمضاء‬ ‫خطو َك في‬ ‫ِ‬ ‫أنهار ِ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األقالم والكتبُ‬ ‫ُ‬ ‫شوقا تجدده‬ ‫أحوالها من جنان هللا تنسكب‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫بعيدة منك تدنيها َّ‬ ‫محب ُتها‬ ‫الناس فاعتدلت‬ ‫وسارعدل َك بين‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫إلى مقام َك يا َم ْن ُّ‬ ‫حب ُه ُ‬ ‫ظلك ُ‬ ‫نسب‬ ‫الرتب‬ ‫حياتهم واستوت في ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫سيعدل َ‬ ‫ُ‬ ‫ما كان أظمأ قلبي فاغترفت له‬ ‫زمن‬ ‫ميل‬ ‫فمن‬ ‫األرض في ٍ‬ ‫ِ‬ ‫من ماء نورك ً‬ ‫طعمها ُ‬ ‫ُ‬ ‫كأسا ُ‬ ‫َ‬ ‫عنب‬ ‫الذنب‬ ‫الرؤوس العوالي فاعتلى‬ ‫أحنى‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫سورتهُ‬ ‫ْ‬ ‫سيد الخلق لي في ِمدحتي ُم ٌ‬ ‫فها هو اآلن يتلو‪ ..‬أنت‬ ‫ثل‬ ‫يا‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫سجدة تدني ويقتربُ‬ ‫وينتهي‬ ‫بمدحك ما غالوا وال كذبوا‬ ‫عليا ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫نهجت َ‬ ‫نهج ُ‬ ‫هم في ّ‬ ‫ويجتديك وصال ال انقطاع له‬ ‫الحب قابسة‬ ‫ُ ّ ْ‬ ‫َ‬ ‫معانيك حبي ُ‬ ‫ُ‬ ‫بعض ما ُ‬ ‫َ‬ ‫السبب‬ ‫أسبابي‬ ‫فأنت إذ قطعت‬ ‫يجب‪..‬‬ ‫سنا‬ ‫ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ق ْد ًما ّ‬ ‫غسلته بصالتي من مواج ِع ِه‬ ‫أحبوك مذ (بانت سعاد) ومذ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫كل ما ُ‬ ‫الك ُ‬ ‫ُ(م َب ّر ً‬ ‫جئت) حتى ّ‬ ‫رب‬ ‫عليك‪ ،‬فاساقطت عن قلبي‬ ‫ا‬ ‫ء‬ ‫كتبوا‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫كعبا َ‬ ‫ألبست ً‬ ‫وال تز ُ‬ ‫ال صالتي فيك قائمة‬ ‫العفو حين أتى‬ ‫ثياب‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫محمدية عشق ُ‬ ‫ّ‬ ‫دمعها ُ‬ ‫ُ‬ ‫يثب‬ ‫ويحتسب‬ ‫إليك يرجوك غفرانا‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫نار ّ‬ ‫وأنت ُ‬ ‫للشوق في قلبها ٌ‬ ‫يؤج ُجها‬ ‫وأجود من‬ ‫أكرم من يعفو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫يعطي وللجود واإلحسان أنت ُ‬ ‫ُ‬ ‫بعد وهل ُ‬ ‫غيرالنوى‬ ‫حطب‬ ‫أب‬ ‫ِ‬ ‫ّ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الكائنات لها‬ ‫صلت عليك جميع‬ ‫شمس َك قد حاكوا قصائدهم‬ ‫ِ‬ ‫من ِ‬ ‫ضوء ِ‬ ‫ُ‬ ‫في حبها املتناهي منطق عجب‬ ‫فاليزالون‪ ...‬ما ماتوا والغربوا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫مدحك اءتلقت‬ ‫فأنت وحد َك مذ خالطت قافيتي‬ ‫ولي حروفي التي في ِ‬ ‫ُ‬ ‫كأنها واملدى يزهو بها ُ‬ ‫ُ‬ ‫شهب‬ ‫واألدب‬ ‫الشعر‬ ‫بروح َك ّفي‬ ‫سما ِ‬

‫منصر السالمي ‪ -‬اليمن‬

‫ال تكسري بالنوى لحني وأوتاري‬ ‫وخففي لوعة طافت بقيثاري‬ ‫كتبت كل القوافي كي تظل على‬ ‫مدارهذا الهوى كالكوكب الساري‬ ‫وفيك أبكيت عين الشعر منذ نأت‬ ‫نجومك البيض عن أر�ضي وعن داري‬ ‫وكنت أول من زف الدموع على‬ ‫جدائل الحب باملجروروالجـ ِـار‬ ‫ثقبت قلبي بهذا البعد فانسكبت‬ ‫ِ‬ ‫دماؤه في القوافي دون‬ ‫إشعار‬ ‫ِ‬ ‫كل القصائد غرقى في دمي وبها‬ ‫ّ‬ ‫خضبت من فرط مابي كل أشعاري‬ ‫قافية‬ ‫أشعلت جمرالهـوى في كل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫حتى تجاوزت أعدائي وأنصاري‬ ‫وخضت بي كل بحرفي القريض وكم‬ ‫أسقيت بالحب من عينيك أزهاري‬ ‫ِ‬ ‫من أنت ؟ ما السر؟ ماالسحرالذي انكسرت‬ ‫به دفاعات قلبي قبل أسواري‬ ‫أذوق في كل يوم بالهوى ً‬ ‫وجعا‬ ‫منذ ابتعادك ماذنبي و أوزاري ؟‬ ‫أنا بقربك في الفردوس يا شغفي‬ ‫والنار‬ ‫ومن برودك بين الثلج‬ ‫ِ‬

‫‪39‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫ُ َّ ً‬ ‫ً‬ ‫اللغة العربية إبداعا وهوية‬ ‫ـث ذو شــجون ‪ ،‬لغـ ٌ‬ ‫‪‎‬إن الحديــث عــن اللغــةِ العربيــةِ ‪ ،‬حديـ ٌ‬ ‫ـة ظلــت صامــدة ‪ ،‬قويــة ‪ ،‬فخمــة‬ ‫‪ ،‬أمــام جميــع الحمــات التــي كادت ومــا تــزال تكيــد لهــا ‪.‬‬ ‫‪‎‬وليــس غريبــا أن تجــد مــن أبنــاء العربيــة ‪ ،‬مــن يتحمــس لهــا ‪ ،‬معطيــً إياهــا مــا يجــب‬ ‫مــن قــدر وقيمــة ‪ ،‬لكــن أن يعــرف قيمتهــا كتــاب مــن غيــر أبنائهــا ‪ ،‬فهــذا هــو الجديــد ‪،‬‬ ‫يقــول الكاتــب والمستشــرق األلمانــي فولــف ديتريــش فيشــر ‪ { ‬ال أعــرف لغــة أغنــى مــن‬ ‫العربيــة وال أســلس قيــادًا وال أرق حاشــية } ( ‪) 1‬‬ ‫‪‎‬محمود حسن ‪ -‬شاعر وناقد مصري‬

‫‪‎ ‬ثم يقول فيشر « وبعد إطالعي على عدد من اللغات‬ ‫الشرقية كالتركية والفارسية أعجبتني اللغة العربية‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إعجابا كبيرا وذلك ألنني رأيت أن بناءها اللغوي‬ ‫ونظامها النحوي يعدان من أوضح أشباههما في‬ ‫ً ً‬ ‫لغات العالم‪ ،‬وألنها لعبت دورا هاما في نقل املعارف‬ ‫والعلوم إلى الحضارات األخرى ‪« .‬‬ ‫‪‎ ‬وقد ظهرت الدعوات التي ال تستند علي منهج‪ ،‬وال‬ ‫أسس ‪ ,‬للكتابة بالعامية ‪ ،‬وبعيدا عن هذا امليدان‬ ‫الذي ُقتل بحثا « كما ٌيقال « َّ‬ ‫لعل الرد عليه بأبسط‬ ‫ُ‬ ‫تساؤل علماء اللغة عن أية لهجة عامية‬ ‫الطرق هو‬ ‫يرى أصحاب هذا الرأي أن تتم الكتابة بها ؟ ‪ ‬هل هي‬ ‫ُ‬ ‫لهجة هذه الدولة أم تلك ؟‬ ‫‪‎‬بل هل هي لغة الشمال أو الجنوب أو الشرق أو‬ ‫الغرب داخل الدولة الواحدة ؟‬ ‫‪‎ ‬ويجدر بنا هنا أن نستدعي شهادة عميد األدب‬ ‫العربي الدكتور طه حسين في املسألة ‪ ،‬يقول العميد‬ ‫في سياق دفاعه عن اللغة العربية ‪{ :‬ولعلي أن أكون‬ ‫قد وفقت في هذه املقاومة إلى حد بعيد وسأقاوم‬ ‫ذلك فيما بقى لي من الحياة وما وسعتني املقاومة‬ ‫ً‬ ‫ألني ال أستطيع أن أتصور التفريط ولو كان يسيرا‬ ‫في هذا التراث العظيم الذي حفظته لنا اللغة العربية‬ ‫الفصحى وألني ال أؤمن قط ولن أستطيع أن أؤمن‬ ‫بأن للغة العامية من الخصائص واملميزات ما يجعلها‬ ‫ً‬ ‫خليقة بأن تسمى لغة وإنما رأيتها وسأراها دائما لهجة‬ ‫من اللجهات قد أدركها الفساد في كثير من أوضاعها‬ ‫وأشكالها وهي خليقة بأن تفنى في اللغة العربية‬ ‫الفصحى إذا نحن منحناها ما يجب لها من العناية‬ ‫وارتفعنا بالشعب عن طريق التعليم والتثقيف‬ ‫وهبطنا بها هي من طريق التيسير واإلصالح الى حيث‬ ‫يلتقيان في غير مشقة وال جهد وال فساد ) ‪ .‬‬ ‫‪ ‎‬ونعود مرة أخري إلى التجربة األملانية في التغلب‬ ‫على ذلك ‪ ،‬وأدواتها التي حفظت األملانية مرة أخري‬ ‫وأيضا حسب فيشر ‪ :‬يقول « كانت الحال اللغوية في‬ ‫أملانيا قبل مئة سنة خلت قريبة من الحال في البالد‬

‫‪40‬‬

‫العربية في الوقت الحاضر‪ ،‬وهذا يعني أن أغلبية‬ ‫ً‬ ‫الناس كانوا يتحدثون بلهجاتهم املحلية شفهيا‪ ،‬بينما‬ ‫كانت الفصحى تقتصر على االستعمال كتابة‪ .‬ثم‬ ‫بدأت بعد ذلك طبقة املثقفين بالتحدث مع أوالدهم‬ ‫باللغة الفصحى‪ ،‬واستمر انتشار هذه اللغة من جيل‬ ‫ُ‬ ‫إلى جيل حتى كتب لها أن تتحول إلى لغة منطوقة‬ ‫ً‬ ‫فاستعملها كل الناس كتابة ومشافهة ‪ ،‬وكانت‬ ‫املدارس االبتدائية من أهم العوامل في انتشار اللغة‬ ‫الفصحى « ‪.‬‬ ‫‪‎ ‬فهل بإمكاننا أن نعتمد التجربة األملانية في هذا‬ ‫الخصوص ‪ ..‬ونفيد منها ؟!‬ ‫‪‎ ‬وقبل أن نترك هذا املدخل جدير بنا أيضا أن ّ‬ ‫نعرج‬ ‫ِ‬ ‫واحد من كبار علماء اللغة ‪ ،‬وهو عباس‬ ‫رأي ٍ‬ ‫على ِ‬ ‫محمود العقاد يقول ‪ « :‬إن اللغة العربية وصفت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫قديما وحديثا بأنها لغة شعرية‪ ،‬وإن الذين يصفونها‬ ‫بهذه الصفة يقصدون بها أنها لغة يكثر فيها الشعر‬ ‫والشعراء‪ ،‬وإنها لغة مقبولة في السمع يستريح‬ ‫إليها السامع‪ ،‬كما يستريح إلى النظم املرتل والكلم‬ ‫املوزون‪ ،‬كما يقصدون بها أنها لغة يتالقى فيها تعبير‬ ‫الحقيقة‪ ،‬وتعبير املجاز على نحو ال ُيعهد له نظير في‬

‫سائر اللغات ‪.‬‬ ‫‪‎‬أما إذا انتقلنا إلي اللغة العربية كلغة إبداع ‪ ،‬فنأمل‬ ‫أن يكون من املقبول ما ننادى به في كتاباتنا نحو‬ ‫توليد اللغة ‪ ،‬أو إسقاط النص في أرض الواقع في‬ ‫بعض مما يلي إذا ما حالفنا التوفيق في عرضه ‪:‬‬ ‫‪‎‬أوال ‪ :‬اللغة التى هى الحاضن واإلطار أو الرحم‬ ‫الذى تسقط ‪ ‬فيه الفكرة ( النطفة ) ويتم اإلخصاب‬ ‫ُ‬ ‫فإن توافقت الجينات وتعارفت بدأ الجنين ( امل ْن َتج )‬ ‫يتخلق طبيعيا دون أية تشوهات ‪.‬‬ ‫‪‎‬والبد ‪ ‬هنا من الفصل بين اللغة الشاعرة واللغة‬ ‫املعجمية ‪:‬‬ ‫‪ ”‎‬فال شك يتفوق الشعر حسب عبد الحكم العالمي‬ ‫عند هذه الطبقة من الشعراء الذين تكون لغتهم‬ ‫على عالقة مباشرة وحميمية بالشعر على عكس‬ ‫أولئك الذين تكون لغتهم على عالقة مباشرة باملعجم‬ ‫وحسب ‪) 2 ( « .‬‬ ‫‪‎‬ومرة أخري ال أجد غضاضة في أن أستحضر‬ ‫شاعرا غربيا مثل ‪ ‬ت س إليوت‬ ‫ً‬ ‫‪”‎‬حيث ‪ ‬كان إليوت واحدا من أكثر الشعراء جرأة‬ ‫ً‬ ‫وإبداعا في القرن العشرين‪ .‬سار وفق منهج شعري‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫ّ‬ ‫رصين يتمثل في رؤيته إلى أن الشعر ينبغي أن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يستهدف تمثيال حقيقيا لتعقيدات الحضارة الحديثة‬ ‫في اللغة ‪ ،‬وهذا التمثيل بالضرورة يؤدي إلى صعوبة‬ ‫الشعر‪ .‬وبالرغم من صعوبة رؤيته إال أن تأثيرها على‬ ‫ّ‬ ‫الحركة الشعرية اكتسح جميع التوقعات وقتها وحتى‬ ‫اليوم « ‪) 3 ( .‬‬ ‫‪‎‬ثانيا‪ :‬كثيرون من ّ‬ ‫محبي اللغة العربية ‪ ،‬ومجيديها ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫العالية في الحديث بها ـ وعنها ‪َّ -‬‬ ‫‪ ‬حجموا‬ ‫النبرة‬ ‫وأصحاب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫واملعجمي منها ‪ ،‬فنتج عن ذلك‬ ‫الفخيم‬ ‫في‬ ‫اإلبداع‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫وموسيقي تارة‬ ‫‪،‬‬ ‫تارة‬ ‫لغوي‬ ‫‪،‬‬ ‫محدد‬ ‫قالب‬ ‫في‬ ‫التقوقع‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ ٍ‬ ‫التفكير في الخروج من‬ ‫أخرى ‪. .‬‬ ‫‪‎‬ورفضوا حتى مجرد ُ ِ‬ ‫هذه الغرفة ‪ّ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫الحياتي‬ ‫األدبي أو‬ ‫حتى وإن َكان الظرف‬ ‫َ‬ ‫الجرس ‪ ،‬فانغلقوا‬ ‫ال يستدعي هذه الفخامة وهذا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫علي أنفسهم ‪ ،‬وأغلقوا أبوابا ‪ ‬فاعلة ‪ ،‬كان من اليسير‬ ‫ً‬ ‫ومنعطفات‬ ‫عليهم أن ِيلجوها ‪ ،‬فاتحين بها آفاقا‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫لغوية‬ ‫ألجيال‬ ‫ومحدثين بها عصفا ‪ ،‬وتوالدا‬ ‫شتى ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫جديدة ‪ ‬تنتمي للغة ّ‬ ‫متواصالت بحبلها ُّ‬ ‫الس ّ ِر ّ ِي‬ ‫األم ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫حامالت جيناتها األساسية ‪ ،‬ولكنها أكثر شبابا ‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وحيوية ‪ ،‬ليصبَّ‬ ‫وتجددا وطاقة ‪ ،‬وخاليا ‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫الفكرة والطرح ‪.‬‬ ‫خدمة‬ ‫كل ذلك فى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اللغة‬ ‫‪‎‬وكثيرون أيضا ‪ ‬لم ينفتحوا على‬ ‫ِ‬ ‫واملعجمية ‪ ،‬فتبسطوا حد الخلل‬ ‫الفخيمة‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يسير‬ ‫من‬ ‫ب�شيء‬ ‫إبداعهم‬ ‫يبنون‬ ‫وراحوا‬ ‫‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الجرس‬ ‫وانتفاء‬ ‫‪،‬‬ ‫اإلتقان‬ ‫ومحدودية‬ ‫‪،‬‬ ‫اللغة‬ ‫ِ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإليقاع الداخلي لم‬ ‫واملوسيقي ‪ ،‬بل وحتى‬ ‫ً‬ ‫يعد ملموسا ‪.‬‬ ‫قدرة‬ ‫‪‎‬وهذا التبسط ربما لم يكن عن عدم ٍ‬ ‫عداء « نعم‬ ‫معرفية وحسب ‪ ،‬بل ُ ْربما عن ٍ‬ ‫ً‬ ‫عداء ‪ ‬للغة « ‪ ‬وهم كثر ‪ ،‬فقدموا إبداعا‬ ‫ٍ‬ ‫َّ ً‬ ‫كتابات هشة ‪ ،‬تهبط باللغة وبهم ‪ ،‬وقد وقعوا فى‬ ‫أو‬ ‫ٍ‬ ‫النفق ّ‬ ‫الهش كما وقع أصحاب الفريق األول فى النفق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفخيم واملعجمي ‪ ،‬وأعتقد أن كليهما َّ‬ ‫أضر وأضير ‪.‬‬ ‫« هامش أ «‬ ‫ُ‬ ‫‪‎‬ثالثا ‪‎:‬أما الذين تعاملوا مع اللغة ‪ ،‬على أنها األداة ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫األثر ‪ ،‬وعجلة القيادة‬ ‫والبوصلة ‪ ،‬والدفة ‪ ،‬وقصاص ِ‬ ‫ً‬ ‫األخير مباشرة ‪ ،‬وعلموا‬ ‫الهدف‬ ‫‪ ،‬ليصلوا بكل هذا إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫أيضا أن اإلطار « الكاوتشوك « ليس هو الذى يحمل‬ ‫ُ‬ ‫الهواء الذي يمأل هذا اإلطار ‪،‬‬ ‫السيارة ‪ ،‬بل‬ ‫َ‬ ‫اللغة‬ ‫‪‎‬هؤالء هم الذين‬ ‫استطاعوا أن َيمتطوا ًفرس ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫أسرع وصوال ‪ ،‬وأصدق عاطفة ‪ ،‬وأعظم‬ ‫‪ ،‬فكانوا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫احتكاكا ُّ‬ ‫وتوهجا ‪ ،‬فلمسوا الواقعَ‬ ‫َ‬ ‫املعيش واإلنسانيَ‬ ‫َ‬ ‫ينفصل املتلقي عنهم ‪ ،‬أو ينفصلوا هم عن‬ ‫‪ ،‬دون أن‬ ‫املتلقي ‪.‬‬ ‫‪‎‬بل واستطاعوا َ‬ ‫َ‬ ‫متجانسة بينهم وبين‬ ‫كيمياء‬ ‫خلق‬ ‫ٍ‬ ‫فتفردوا ‪ ،‬وتجاوزوا ‪َّ ،‬‬ ‫املجتمع وقضاياه ‪َّ ،‬‬ ‫وأصلوا‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫مدارس جديدة ‪ ،‬بل‬ ‫‪ ،‬وقادوا ‪ ، ‬وصارت لهم وبهم‬

‫ٌ‬ ‫ومفردات ُّ‬ ‫تصك بأسمائهم ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪‎‬فتعددت األجناس األدبية ‪ ،‬التي َّربما هي الراكز‬ ‫ُّ‬ ‫اللغة ‪ ،‬وتناميها وتحديث الـ‬ ‫األسا�سي فى اإلبقاء على ِ‬ ‫‪ software‬الخاص بها إن جاز التعبير‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪‎‬ومحاولة َّ‬ ‫َ‬ ‫اللغة ‪،‬‬ ‫خالل‬ ‫ومن‬ ‫السفر‬ ‫اب‬ ‫الكت‬ ‫ِ‬ ‫علي َ ُ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫عرج علي ّ‬ ‫الذوق ‪ّ ،‬‬ ‫الهم‬ ‫رحبة ‪ ،‬تخدم‬ ‫لعوالم أخرى ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وت ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اآلني ‪ ،‬هي محاوالت محمودة‪‎ ،‬بل أتمني أال‬ ‫َ ِ‬ ‫اإلنساني ًِ‬ ‫متجاوزا إذا ُ‬ ‫ُ‬ ‫فرض عين علي ّ‬ ‫كل مبدع‬ ‫هي‬ ‫قلت‬ ‫أكون‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫‪ « .‬هامش ب “‬ ‫‪‎‬وباختصار هي الضرورة امللحة إلسقاط النص في‬ ‫أرض الواقع ‪ ، ‬ألن املبدع هو الذي يقود الثورة التي‬ ‫تشعل الفتيل لتفجير اللغة ‪ ،‬لتستدعي خلفها براكين‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫معادن‬ ‫األجيال القادمة منها بعد خمودها‬ ‫‪ ،‬تستخرج‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫نفيسة وجواهر ال يستهان بها ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الضرر الذي أعنيه ‪ ‬؛ ال َّ‬ ‫تبعاته‬ ‫‪‎‬على أن‬ ‫يتحمل َ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫القرار املنوط بهم‬ ‫أصحاب‬ ‫ولكن‬ ‫‪،‬‬ ‫فحسب‬ ‫املبدع‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫يقلون مسؤلية عن هذا ‪ .‬‬ ‫إدارة غرفة اللغة ‪ ،‬ال ِ‬ ‫‪‎‬رابعا ‪ .:‬هناك ‪ ‬مسؤولية استدعاء التراث ‪ ،‬على أن‬

‫ُ َ‬ ‫عصراملتلقي ‪ ،‬ومن‬ ‫يعرض بالشكل الذي ‪ ‬يتتناسب و ِ‬ ‫املفيد هنا استدعاء ‪ ‬دعوة ‪ ‬األستاذ الدكتور‪ /‬أحمد‬ ‫درويش ‪ ‬ل ـ « تبسيط التراث القديم « ألنه حسب‬ ‫قوله « الكتلة تستع�صي قليال علي عمل الرافعة « ( ‪4‬‬ ‫) وفي محاضرته التاريخية فى نادي القصيم ‪ ، ‬والتي‬ ‫كانت تحمل عنوان « آفاق النص األدبي عند أمير‬ ‫الشعراء ‪ ‬أحمد شوقي « ‪ ‬قال إن مسرحا كبيرا مثل‬ ‫مسرح الكوميدى فرانسيس فى فرنسا وهي عاصمة‬ ‫كبرى من عواصم الثقافة العاملية ‪ ‬ال يعرض إال إنتاج‬ ‫الكالسيكيين ‪ ، ‬أمثال ‪ ‬موليير ‪ ،‬و راسين ‪ ،‬و ْ‬ ‫كور ِن ْيي ‪،‬‬ ‫و المارتين « ( ‪ « . )5‬هامش ج « “‬ ‫ب�شيء من‬ ‫‪‎‬وبالطبع يعرض التراث بلغته القديمة‬ ‫ٍ‬ ‫واملعاصرة ‪ ،‬فيربط هذا الجيل بمن سبقه‬ ‫التبسيط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبلغته وتراثه ‪ ..‬حتي عند الكتابة النقدية عنها البد‬ ‫كما قال األستاذ الدكتور صالح فضل « كما يقت�ضي‬ ‫باإلضافة إلى ذلك توسعا في استخدام املصطلحات‬ ‫العلمية ‪ ،‬وتوخيا لتبسيطها وتقريبها مما عهدناه ‪،‬‬

‫َ‬ ‫مستوحش يتأبي‬ ‫حتي ال يصطدم القارىء بمصطلح‬ ‫علي الفهم والقبول « ( ‪) 6‬‬ ‫َّ ً‬ ‫وما زلنا مع الدكتور أحمد درويش» إن أدبا ما يقدم‬ ‫مادته الخام ‪ ،‬مادته الفنية ‪ ،‬في إطار ما يسمي اآلن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الالمع هو الذي يلتقط‬ ‫« بأفق التوقع « ‪ ‬واألديب‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أساس منها «‬ ‫فيطور اإلنتاج علي‬ ‫الحاجة الجديدة‬ ‫ٍ‬ ‫وهو نفس املعنى الذي أشرت إليه من ضروة إسقاط‬ ‫النص في أرض الواقع ‪ ،‬أو ما أسميه فقه النصوص‬ ‫إن جاز التعبير ‪ ،‬مع التركيز على مفهوم الفقه ‪ ،‬حيث‬ ‫إن النص هو صاحب األساس الفقهي ‪ ،‬يتبعه املتلقي‬ ‫بفقه التأويل ‪ ،‬بما يستدعيه من مكونات النص‬ ‫نفسه ‪ ،‬وأسسه التي يقوم عليها ‪.‬‬ ‫‪‎ ‬أخيرا ‪ :‬نقول َومن املعلوم من اللغة بالضرورة ‪ -‬و‬ ‫ً‬ ‫فقها ‪ -‬إن العربية لم تتوقف يوما عن تطوير نفسها‬ ‫‪ ،‬وكذلك الشعر فهو ‪ ‬متجدد دائما ‪ ،‬فهل يمكن أن‬ ‫نقول إن العربية والشعر ‪ ‬عند امرؤ القيس هي هى‬ ‫ُ‬ ‫طيئة هي‬ ‫العربية‬ ‫عند املتنبي ‪ ،‬أو إن العربية عند الح ِ‬ ‫ُ‬ ‫هي العربية عند أبو تمام ‪ ،‬بل هل العربية عند شوقى‬ ‫هي هى العربية عند البحتري أو ابن زيدون ‪،‬‬ ‫اللذين عارضهما شوقي فى السينية والنونية‬ ‫على التوالي ‪.‬‬ ‫‪‎‬ونختم هذا املقال بما يقول به األستاذ‬ ‫الدكتور محمد عبد املطلب أيضا « األدب‬ ‫هو النص اللغوى ‪ ،‬وال �شيء سواه ‪ ،‬واللغة‬ ‫هي العنصر األسا�سي ‪ ،‬هي الوسيلة واألداة‬ ‫‪ ،‬فإذا لم تكن هناك وسيلة الستيعاب اللغة‬ ‫أصال ‪ ،‬فال إمكانية الستيعاب األدب وال‬ ‫الستيعاب النقد أيضا « ‪) 7 ( .‬‬ ‫‪‎‬الهوامش واملراجع‬

‫( ‪ ) 1‬الحوار اليوم ‪ 8/12/2012 ‬م حوار مع فولف ‪ ‬ديتريش‬ ‫فيشر أجراه الدكتور ظافر يوسف‬ ‫( ‪ ) 2‬دكتور عبد الحكم العالمي شاعر وناقد مصري‬ ‫معاصر ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 3‬الكاتب واملترجم السعودى ‪ ‬د ‪ /‬شريف الشهرانى ‪-‬‬ ‫‪‎‬هامش أ ‪ ،‬ب ‪ ،‬ج ‪ ‬فقرات من دراسة لي بعنوان « حسن طلب‬ ‫ُ‬ ‫واالنعتاق من لذة اللغة نشر في مجلة العربي الكويتية عدد‬ ‫مارس ‪ 2018‬م جمادي اآلخرة ‪ 1439‬هـ رقم ‪. 712‬‬ ‫( ‪ ) 4‬األستاذ الدكتور أحمد درويش أستاذ األدب والنقد‬ ‫بكلية دار العلوم ‪ ..‬جامعة القاهرة ‪ ‬في حديثه للفضائية‬ ‫املصرية الثانية برنامج بنصبح عليك ‪١٧‬مايو ‪ 2016 ‬م‬ ‫( ‪ ) 5‬األستاذ الدكتور أحمد درويش في محاضرته بنادى‬ ‫القصيم بالسعودية مايو ‪ 2013‬م وقدم املحاضرة الدكتور‬ ‫حمد السويلم‪.‬‬ ‫( ‪ ) 6‬األستاذ الدكتور صالح فضل في مقدمة كتابه « علم‬ ‫األسلوب مبادئه وإجراءاته « الطبعة األولى ‪ 1998‬م ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 7‬األستاذ الدكتور محمد عبد املطلب في حديثه لقناة‬ ‫الشارقة الفضائية ‪ 3‬يناير ‪ 2014‬م ‪.‬‬

‫‪41‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫التجديد األدبي في األلفية الثالثة (‪:)١‬‬ ‫األدب المقطعي العربي (‪)ASL‬‬ ‫اللغة العربية لغة حية مرنة ديناميكية ‪ ،‬تقرض وتقترض من اللغات التي تختلط بها ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫للعربية حسب ضوابط العروض والقافية ‪.‬‬ ‫ويكيف العربي ما يعجبه حين نقله‬ ‫فقد أقرضت العربية اللغة الفارسية الحروف العربية و شكل البيت العربي من صدر‬ ‫وعجز وقافية ‪ ،‬وأقرضتها بحور الشعر العربي ما عدا الوافر ففيه خالف ‪.‬‬ ‫بقلم مؤسسه‪ /‬عبده فايز الزبيدي‬ ‫واقترضت من الفارسية الدوبيت والسلسلة والبند ‪،‬‬ ‫وبدخول الدوبيت للشعر العربي في العصر العباسي‬ ‫المتوسط ‪ ،‬ظهر التنوع في القافية‪.‬‬ ‫واقترضت من األسبان والبرتغاليين الموشح ‪،‬‬ ‫فاتسع ربق القافية عن عنق الشاعر ‪ ،‬فكثرة القوافي‬ ‫في القصيدة الواحدة ‪.‬‬ ‫وفي القرن العشرين ظهرت القصيدة التفعيلة التي‬ ‫تعتمد على التفعيلة و تهجر القافية ‪ ،‬على يد علي‬ ‫أحمد باكثير(مصر) ‪ ،‬و بدر شاكر السياب و نازك‬ ‫المالئكة (العراق) و محمد حسن عواد (السعودية)‪.‬‬ ‫والشعر التفعيلي اقترضته العربية من اللغة‬ ‫اإلنجليزية ‪ ،‬فهو يشبه الشعر الحر ‪. free verse‬‬ ‫كما نقل لها ما يسمى بشعر النثر وهو يوازي ‪prose‬‬ ‫‪ poetry‬في اإلنجليزية ‪.‬‬ ‫ونحن في مطلع األلفية الثالثة ( القرن الواحد‬ ‫العشرين الميالدي )‬ ‫ظهر شكالن جديدان من الشعر في العربية‬ ‫قدمهما الشاعر ‪ /‬عبده بن فايز الزبيدي‪ ،.‬هما ‪:‬‬ ‫ الشعر المقطعي ويسمى في اإلنجليزية( (�‪syllab‬‬‫‪. ) ic poetry‬‬ ‫الشعر الموضون ‪.‬‬‫وهذا من التحديث في بنية وهيئة النص الشعري‬ ‫العربي ‪.‬‬ ‫ويمكن حصر أشكال الشعر اليوم ‪ ،‬فيما يلي ‪:‬‬ ‫‪ .١‬الشعر الشطري‪:‬‬ ‫ويمثله الشعر العمودي ‪ ،‬وهو أقدم أنواع الشعر‬ ‫العربية ‪ ،‬وأقدم صوره القصيدة ذات القافية الموحدة‬ ‫‪ ،‬التي تتكون من أبيات ‪ ،‬والبيت يتكون من شطرين‬ ‫آخرهما مقفى ‪ ،‬أي من صدر وعجز ‪.‬‬ ‫ومن أشكاله المشهورة المشطور ‪.‬‬ ‫ثم ظهر التحديث في بنية الشعر العمودي ‪،‬‬ ‫فأحدث الشعر أشكاال فيه فسحة للشاعر من جهة‬ ‫أنغاما غير البحور الخليلية ‪،‬‬ ‫الوزن والقافية ‪ ،‬فظهرت ً‬ ‫وتنوعت القافية ‪ ،‬في مثل ‪ :‬دوبيت والموشح والبند‬

‫‪42‬‬

‫والسلسلة‪.‬‬ ‫ولكن بقي البيت عموديا ومقفى ‪.‬‬ ‫‪ .٢‬الشعر السطري ‪:‬‬ ‫ويمثله شعر التفعيلة ‪ ،‬وهو نمط حديث ظهر في‬ ‫القرن العشرين ‪ ،‬التزم التفعيلة و تنكر للقافية ‪،‬‬ ‫فالشاعر محكوم بالسطر ال بالشطر كما الحال في‬ ‫العمودي ‪.‬‬ ‫‪ .٣‬الشعر الموضون‪:‬‬ ‫وهو شعر حديث ‪ ،‬أحدثه الشاعر عبده فايز‬ ‫الزبيدي‪ ،‬وأول قصيدة في هذا النوع الشعري ‪،‬‬ ‫قصيدة (صهيل قافية ) ‪.‬‬ ‫‪ .٤‬الشعر المقطعي ‪:‬‬ ‫نمط شعري حديث قدمه عبده فايز الزبيدي‬ ‫‪ ،‬وهو سطري مقطعي ‪ ،‬وتتوزع المقاطع ذات عدد‬ ‫على سطور محددة حسب (مقطع فايز) الذي‬ ‫ابتكره ‪.‬‬ ‫ومقطع فايز هو من أول متحرك ألول ساكن ‪.‬‬ ‫ومن صوره ‪:‬‬ ‫ الهايكو ‪ :‬يتكون من ثالثة أسطر و (‪ )١٧‬مقطعا‪.‬‬‫وأول قصيدة هايكو وفق قوانين كانت لعبده فايز‪:‬‬ ‫َه َم َس ْت َل ُه ْم ٌّأم أنا‪،‬‬ ‫لت ماَ‪،‬‬ ‫َف َت َه َّشمت َن َظ َرا ُت ُهم‪ ،‬و َت َح َّم ْ‬ ‫وح َد َها‪.‬‬ ‫حباً‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫كان َّ‬ ‫وتبنى هذا النمط الشعري جماعة ملتقى ( أدب‬ ‫النقد)‬ ‫فكتب كل من ‪:‬‬ ‫عبده فايز الزبيدي‬ ‫عبدهللا سليمان السيد‬ ‫محمد أحمد الصحبي‬ ‫وخالد حامد البار‬ ‫وإبراهيم يحيى جعفري‬ ‫شيخ صنعاني‬ ‫عبدهللا العماري‬ ‫ماهر أحمد العنسي‬

‫كما كتب في النبطي ‪:‬‬ ‫نورة العلي‬ ‫محمد الحربي‬ ‫وفي النثر‪:‬‬ ‫مضاوي دهام القويضي‬ ‫هويدا غانم‬ ‫ التانكا ‪ :‬تتكون قصيدة التانكا من (‪ )٣١‬مقطعا‬‫‪ ،‬موزعة على خمسة أسطر ‪ ،‬كالمثال التالي لألستاذ‬ ‫عبده فايز الزبيدي‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫وعلى شفاه القدس ظلْــ ‪،‬‬ ‫ـــــل َق ِ‬ ‫ياسمين النصــ ْــ‪،‬‬ ‫ـصـيد ٍة مِ ْن‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫طفل‬ ‫ها‬ ‫نص‬ ‫يحفظ‬ ‫ــــ ِر‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫الخيال فراش ًة َضحِ َك ْت َل ُه‬ ‫في‬ ‫يغازل‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ــــور ُه‪.‬‬ ‫فـجـــر ًا َس‬ ‫ْ‬ ‫ـيقــتـلع ُ‬ ‫ُ‬ ‫طــــب َـع ُن ُ‬ ‫الـم ِّ‬ ‫وهذه أول قصيدة (تانكا)عربية وزنا ‪ ،‬حيث‬ ‫األسطر خمسة بتوزيع مقاطع ‪:‬‬ ‫السطر األول و الثالث ‪ )5 ( :‬مقاطع‪.‬‬ ‫األسطر ‪ :‬الثاني والرابع و الخامس بها ( ‪ )7‬مقاطع‬ ‫ السنكين ‪ :‬تتكون قصيدة سنكين من (‪)٢٤‬‬‫مقطعا ‪ ،‬موزعة على خمسة أسطر‪ :‬كما في قصيدة‬ ‫سنكين (جب) ‪ ..‬عبده فايز الزبيدي‬ ‫ُج ٌّب‬ ‫يغا ِزلُها ِر َش ٌاء‬ ‫واألنامل َل ْم َت َم َّل َحدِ ْي َث ُه‬ ‫ُ‬ ‫َم ْط ِو َّي ٌة في َدف َت ِر البيداءِ‪،‬‬ ‫ب ْئ ُر‬ ‫وتكون هيئتها على هيئة شجرة الصنوبر ‪.‬‬ ‫ التاناغا‪ :‬تتألف قصيدة تاناغا من (‪ )٢٨‬مقطعا ‪،‬‬‫موزعة على أربعة أسطر ‪ ،‬كما يلي ‪:‬‬ ‫قصيدة تاناغا ‪ :‬تثاؤب ساعة ‪ ..‬عبده فايز الزبيدي‬ ‫تثاءب الوقت والساعات نا‬ ‫عسة على الجدار وعين الشوق تو‬ ‫قظها تخشى تصحر أسمال الل ‪،‬‬ ‫قاء وهذا الليل يقظان‪.‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫ُّ‬ ‫الشاعر أسعد الجبوري والكتابة بالطاقة البديلة للغة األم‬

‫وفـاء كمـال‬

‫بعــد فتــرة نقاهــة طوبلــة ‪...‬مــررت بنصــوص الشــاعر»‬ ‫أســعد الجبــوري « هــذه النصــوص التــي تجعلنــي أشــعر‬ ‫وكأننــي أقتــرف إثمــً حيــن أجافيهــا ‪ .‬فــإذا بــه يتســاءل‬ ‫بِحيــرة وقلــق عــن مصيــر نصوصــه المطبوعــة علــى ورق‬ ‫الكتــب ‪ :‬هــل هــي نائمــة فــي ســبات ؟ أم أنهــا تقطــع‬ ‫الصحــارى والمــدن والجبــال والغابــات‪ ،‬تــزرع الزهــور‬ ‫وتراســل اهلل والمالئكــة ‪ ،‬أم أنهــا مشــغولة بمســح‬ ‫دمــوع الخنســاء ؟‪..‬أم تتدفــأ بيــن طيــات فســاتين النســاء‬ ‫تالفيــً للملــل وقلــة االســتروجين ‪.‬هــل‪ ...‬وهــل ؟ وتتفاقــم‬ ‫الحمــى علــى كل مقاطعــات‬ ‫األســئلة حتــى تســتولي‬ ‫َّ‬ ‫جســد الجبــوري دون ان يحصــل علــى جــواب ‪.‬‬

‫تلك األسئلة اليمكن اإلجابة عنها بعجالة‬ ‫‪ ،‬ألن شعر الجبوري شعر عظيم مشحون‬ ‫بالمعنى باطن ًا وظاهراً‪.‬والنفوس المفطورة‬ ‫على حب الجمال التستطيع ان تزهد بكل‬ ‫تلك الوسامة واألناقة في المعاني التي نسجها‬ ‫الجبوري بخيوط مستخرجة من مناجم‬ ‫وم ْو َس َقها إيقاع‬ ‫ذهب مخيلته ولغته المبهرة ‪َ ،‬‬ ‫غريب يتناغم مع مركبات النفس وتقلباتها ‪.‬‬ ‫تضج‬ ‫فوقت العناء ووقت الرخاء نجد قصائده‬ ‫ُّ‬ ‫بالدهشة واالبتكار ‪.‬تحمل فكر ًا عميق ًا ورموز ًا‬ ‫قوية االيحاء تعبر عن أعماق الكينونة البشرية‬ ‫وتستشرف المستقبل ‪ .‬فباستقراء نماذج من‬ ‫شعر الجبوري نجد أنه من غير الممكن ان‬ ‫ُتذْ هِ ب األيام بريقها حتى ولو اختلف جميع من‬ ‫حوله على نصوصه ‪ .‬فهي تكتب حق ًا بالطاقة‬ ‫البديلة ل ُّلغة األم ‪ .‬ورغم انتشار الكتاب اإلكتروني‬ ‫على الشبكة العنكبوتية ‪ ،‬وإقبال الكثيرين على‬ ‫القراءة اإللكترونية ‪ .‬تظل كتابات الجبوري‬ ‫تستهوي القارئ الذكي وتمتعه ‪،‬ألن من يخوض‬ ‫في كتابات الجبوري كمن يحفر في منجم‬ ‫من الذهب ‪ ،‬كلما امعن في الحفر كلما اكتشف‬ ‫أكثر ‪.‬مما يجعل سلطة الكتاب الجبوري تتسم‬ ‫بالديمومة أكثر من سلطة القراءة االلكترونية‬ ‫‪ .‬فحين تنقطع الكهرباء وأنت تقرأ كتابات‬ ‫الجبوري تنقطع أنفاسك معها ألنها تحمل‬ ‫للقارئ متعة اليتمنى زوالها إن مالمسة كتب‬

‫الجبوري تشكل إحساس ًا ممتع ًا إذ طالما‬ ‫أحسست وأنا أالمس نصوصه كأن جسد ًا يقفز‬ ‫ُ‬ ‫من بين الكلمات ‪،‬يفجر جينات اللغة ويطهرها‬ ‫من الغبار والتحجر‪ .‬حين تالمس نصوصه‬ ‫تشعر وكأنك تالمس مغنطيساً‪ ،‬اليمكنك‬ ‫التخلص من جاذبيته لقوتها التي تطغى على‬ ‫كل أنواع األقطاب‪ .‬فهو يجذبك رغم انه يح ِّلق‬ ‫في سموات بعيدة‪ .‬لكنه يتركك رهينة عالم‬ ‫من الصور الكثيفة وخصوصا حينما نجده في‬ ‫اجزاء « بريد السماء اإلفتراضي )يحاور في عالم‬ ‫البرزخ كبار الشعراء الذين رحلوا عن عالمنا ‪،‬‬ ‫فيعيد إحياءهم في سبعة اجزاء تشتمل آالف‬ ‫األسئلة المتراكمة ‪.‬هذا المنجز االستثنائي‬ ‫والمدهش اليكفي ان يحتفي به القارئ العربي‬ ‫بل يستحق ان ُيحتفى به عالمي ًا وهذا مايحدث‬ ‫حق ًا ‪.‬فهذا المنجز الذي عجز النقاد عن تناوله‬ ‫حيث كان معظمهم يقفون مشدوهين وهم‬ ‫يتابعون تلك الرحلة األثيرية مع الشاعر ‪.‬‬ ‫بين طبقات السماء حيث يكتشفون ابتكار ًا‬ ‫ابداعي ًا مدهشا ‪،‬بحيث يصعب علي انتقاء‬ ‫نماذج من األسئلة التي يطرحها ويفضل‬ ‫العودة إىل محرك البحث غوغل للتعرف اكثر‬ ‫على منجزات هذا الشاعر وأسئلته التي يجيب‬ ‫عليها بنفسه ألنها جميعها تتسم باالبتكار‬ ‫وامتالك زمام اللغة وهو يحلل شخصية الشعراء‬ ‫ويستكشف عوالمهم الخفية ‪،‬ويستقصى آثار‬

‫بواطنهم ‪ ،‬ويعريها أمام القارئ الذي غفل‬ ‫عن كثير من جوانب الشعراء ‪ .‬لدرجة مكنت‬ ‫الجبوري من خاللها إعادة صياغة الكثير من‬ ‫المفاهيم والصور حول شخصية ما ‪ .‬حين عرى‬ ‫بعض جوانبها مستخدم ًا كل براعته ولغته‬ ‫وخياله ومعرفته الفلسفية والدينية والتراثية‬ ‫واألدبية والصحفية ‪ .‬ليعيد إىل اذهاننا شعراء‬ ‫غيبهم الموت من الشرق والغرب ‪ ،‬بطريقة‬ ‫إبداعية تجاوز فيها «رسالة الغفران «للمعري‬ ‫و»الكوميديا اإللهية « لدانتي مثبتاُ تفرده بتلك‬ ‫التجربةالممتعة الرائدة والغنية ‪ .‬التي أكدت‬ ‫مع تجربته الروائية والشعرية الكثيفة أنه‬ ‫شاعر المخيلة األول عربي ًا وعالمي ًا لذا يجب ان‬ ‫يطمئن الجبوري على ان كتاباته الموزعة على‬ ‫الورق ‪،‬بات مكانها في قلوبنا وحواسنا وخاليانا‬ ‫وأدمغتنا ‪ .‬ألنها لم تخرج عن حبال صوتية‬ ‫متهرئة من عض المايكروفونات ‪ .‬ولم تخضع‬ ‫للتقليد او االستنساخ والتبعية ‪.‬فهذه النصوص‬ ‫التي أتقنت الطيران تتوغل فينا محدثة زلزاالُ‬ ‫عنيف ًا خلخل كل البيانات والطقوس ‪.‬واألوزان‬ ‫منذ حرر ديوانه «أولومبياد اللغة المؤجلة «‬ ‫في الثمانينات ‪.‬مرور ًا بتجربته الروائية الفذة‬ ‫وابتكاره لقصيدة «النانو « ‪،‬وصوالً إىل» بريد‬ ‫السماء االفتراضي « ‪،‬حتى شعراء مابعد الورق‬ ‫فطوبى لك من شاعر متجدد فاضت به اللغة‬ ‫حتى بات يشكل طاقة جديدة ل ُّلغة األم ‪.‬‬

‫‪43‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫باألمس البعيد كان مفعما بالحياة ‪ ،‬واليوم يحدث نفسه متأوها ‪:‬‬ ‫“ آاااااااه يا نذير إنك لم تعد مدركا ما يعنيه وجودك ‪ ،‬ول َِم تعيش؟‬ ‫وما الذي يقصدوه بالغاية؟ “‬ ‫لقد فقد صلته بالحياة تماما ‪ ،‬وفقد رغبته في كل شيء‪ ،‬وما عاد‬ ‫يندهش ألي أمر ‪ ،‬يعض أصابعه واحدة تلو األخرى ‪،‬ليس ندما ‪،‬‬ ‫وليس ألي سبب آخر‪.‬‬ ‫لم يعد نذير كما كان عليه قبل اآلن!‬ ‫اآلن ال أقصد به اللحظة هذه ‪ ،‬بل آن كل لحظة بدى لآلخرين‬ ‫ساذجا ! متقلب المشاعر ‪ ،‬مزاجيا! وسيء جدا !‬ ‫نذير اآلن ما صنعته الحرب وعبثية الفوضى وتوق الحرية وحلم‬ ‫الخالص ‪ ..‬يا للغرابة !‬ ‫يسأل نفسه مرة أخرى ‪ :‬ماذا جرى بين األمس واليوم؟‬ ‫يجيبه قلبه وصوت العدم ‪ :‬مضت أعوام وألف جثمان!‬ ‫قبل عامين من اآلن كان يدرس في العاصمة صنعاء ‪ ،‬بينما الحرب‬ ‫واقفة في طريقه ‪ ،‬فكان مصيره أن رحل ونقل دراسته إىل الزاوية‬ ‫األخرى من البلد الحزين (عدن) لخطيئة اقترفها حرفه في بياض‬ ‫الحقيقة ‪ ،‬حقيقة الضحايا األبرياء من أهله وأصدقائه الذين سلبتهم‬ ‫الحرب أرواحهم وكل حلم دونها ‪.‬‬ ‫تعيس ذاك المساء في قلبه ‪ ،‬إنه يفكر بمغادرة (عدن) والعودة إىل‬ ‫قريته لقضاء أسبوع اإلجازة‪ ،‬ريثما يبدأ الفصل الثاني من المستوى‬ ‫الثالث في الجامعة‪ ..‬ذلك في مطلع شتاء ‪. 2019‬‬ ‫أخذ يتذكر ما سيمر به في طريقه ‪ ،‬أطرق سارحا في تفاصيل‬ ‫كثيرة‪ ،‬وفيه من األسى ما يكفي لجعله يلزم الصمت طويال طويال ‪،‬دون‬ ‫أن يلتفت ألي رسالة وصلته من رفاقه ‪،‬حتى أولئك الذين يمتعضون‬ ‫تجاهله‪ ،‬وآخذين عنه مأخذ المزاجي‪ ،‬والمتجاهل المستخف ‪.‬‬ ‫العودة إىل القرية!!! كان هذا األمر هو أسعد ما يمكن أن يفكر به وقد‬ ‫حاصرته غربة المدينة ‪ ،‬أما اآلن ‪ ،‬باتت هذه الفكرة تضجره كثيرا‪.‬‬ ‫على كل حال ‪ ،‬غادر مدينة عدن صباح ذلك اليوم قاصدا محافظة‬ ‫الضالع ‪.‬‬

‫قصة قصيرة‬

‫من أنت ؟‬ ‫صالح احلقب‬ ‫(مريس) إذ تحتم‬ ‫بعد سفر ثالث ساعات ‪ ،‬توقف في منطقة ُ‬ ‫عليه مواصلة الطريق مشيا على األقدام‪ ،‬فالحرب واقفة هناك في‬ ‫منتصف الخط العام ‪ ،‬وليس ألي وسيلة نقل أن تعبر الطريق سوى‬ ‫الريح تتخطى الرصاص الثاقبة!‬ ‫تسلق جبال شاهقة‪،‬برفقة الكثير من المسافرين ‪ ،‬ثم عبر‬ ‫منحدرات سحيقة‪ ،‬ووديان طويلة ‪ ،‬حامال حقيبته وعلبتين من‬ ‫الحلوى العدني إعتاد أن يحضرها ألمه كلما عاد من عدن ‪.‬‬ ‫لم تكن الطريق تلك هي سبب كآبته طيلة ذاك النهار ‪ ،‬ال بأس في‬ ‫ذلك ‪،‬فهو ابن السهل والجبل وليس يضيره تسلق هامات السماء ‪ ،‬إنما‬ ‫هناك في نهاية الطريق ‪ ،‬وعند بوابة القرية ‪ ،‬وجد نقطة تفتيش‬ ‫لغرباء ال يعرفهم ‪ ،‬يتوشحون بنادقهم ‪.‬‬ ‫سألوه ‪:‬من أنت ؟‬ ‫_أنا ابن هذه القرية‪،‬وحفيد تربتها ! “قروي ونحن القرويين‬ ‫بطائقنا القرى”‪.‬‬ ‫حملوا هويته متمعنين في تفاصيلها‪« .‬غريب أنت» قالوا‬ ‫متفحصين تقاسيم وجهه ‪.‬‬ ‫_”وحدكم الغرباء” أجابهم‪.،‬‬ ‫_قف جانبا ‪،‬ال يمكنك الدخول حتى يأتينا من ُيع ِرف بك ‪.‬‬ ‫_وكيف يعرفني العدم ؟! سألهم ونفسه!!‬ ‫بعد مرور وقت كئيب ‪ ،‬دخل قريته حامال الهوية في يده‪.‬‬

‫أقام في القرية أسبوعا كامال ‪ ،‬ثم عزم على العودة إىل عدن‬ ‫الستكمال الفصل الدراسي الثاني‪.‬‬ ‫وقف مرة أخرى ‪ ،‬عند طرف القرية‪ ،‬وفي ذات المكان الذي وقف به‬ ‫عند دخوله ‪ ،‬وأمام الغرباء ذاتهم ‪.‬‬ ‫_من أنت ؟ سأله أحدهم ‪.‬‬ ‫ذاهب إىل عدن ‪.‬‬ ‫_أنا ابن هذه القرية ‪،‬وحفيد أرضها‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫_قف جانبا ‪ ،‬ال يمكنك الخروج حتى تأتينا بتصريح ‪.‬‬ ‫_لست خارجا من الجحيم حتى آتيكم به ‪.‬‬ ‫خارج من منزلي وقريتي‪ .‬ذاهب لدراسة الجامعة ‪.‬‬ ‫ساعة من البحث والتحري في الالشيء الذي يدركوه ويحمله معه‬ ‫‪ ،‬سأموا حديثه وخيبتهم ‪ ،‬فأمروه بالمغادرة ‪ ،‬مضى في ذات الطريق‬ ‫‪ ،‬يسابق الحمير التي تحمل حقائب المسافرين إىل أعالي الجبال‪ ،‬في‬ ‫طريق ضيق ومنحدر ‪.‬‬ ‫قبيل الظهيرة وصل مدينة الضالع ‪،‬وصعد على متن باص مليء‬ ‫بالمسافرين إىل عدن ‪.‬‬ ‫قبل وصوله ‪ ،‬وفي إحدى نقاط تفتيش الطرف اآلخر لهذا الصراع_‬ ‫صراع الحرب_ توقف الباص ‪ ،‬وكان ثمة خطأ ما في والدته ‪،‬وجدوه‬ ‫في الهوية! لم يكن من مواليد المدينة نفسها رغم أن اسمها مرفق‬ ‫بالهوية بعد اسم قريته التي تعد واحدة من قراها وتشعر بالنفي من‬ ‫بتناقض يثيرة تاريخ الحرب وعمرها‪ .،‬تلك هي المناطق‬ ‫كل المدن‬ ‫ٍ‬ ‫الوسطى التي همشتها الحروب وعبثت بمصيرها ‪.‬‬ ‫مضى الباص دونه وبقي ساعات هناك ‪ ،‬كان الوحيد الذي يعرف نفسه‬ ‫‪ ،‬مرمي بحقائبه على جادة الطريق ‪ ،‬بروح زائفة باألمل ‪،‬وفي قلبه‬ ‫تابوت حلم ولحد وطن ‪ .‬حاصرته الحرب وحاصرت قلبه بنفيه بهذه‬ ‫الطريقة‪ ،‬ليس ألجل شيء ‪ ،‬فقط ألنها لم تحصده ‪ ،‬وألنه أبى أن يموت‪.‬‬ ‫تمكن بعد ساعات بتعريف شخصي ومحاوالت مضنية‪ ،‬من دخول‬ ‫مدينة عدن ‪ ،‬مستعدا بكل قوى صمته لمجابهة السؤال الذي ستسأله‬ ‫شوارع المدينة بكل غرابة ‪:‬‬ ‫من أنت ‪ ،‬ومِ ن أين جئت؟‬

‫مشاركة القاص والناقد عبدالفتاح إسماعيل في فعالية نادي (إل مقه)‬ ‫الطاقات اللغوية واإلمكانات التصويرية في المجموعة القصصية وقع أقالم للقاصة‪/‬رانيا عبدالله‬ ‫ليس ثمة شك في أن القصة القصيرة كعمل‬ ‫أدبي فني ماهي إال حقل تنمو فيه المفردات‪،‬‬ ‫والتراكيب‪ ،‬وتتالقح فيه الصور والدالالت لتنتج‬ ‫في النهاية إحساس ًا جمالي ًا وتذوق ًا فنياً‪.‬‬ ‫فهذه النصوص القصصية تؤكد في فحواها أن‬ ‫كل أحداث الحياة ووقائعها تصلح أن تكون قصة‬ ‫بالمعنى الحرفي؛ لكن القليل من هذه األحداث‬ ‫هو الذي يتحول إىل قصة بالمعنى الجمالي‪ ،‬وذلك‬ ‫لن يتم إال إذا تناغمت لغة القصة مع الحدث‬ ‫وعناصر القصة األخرى‪ ،‬واشتبكت خيوطها التي‬ ‫تكون نسيج القصة وبناءها‪ ،‬فالقصة في تصوري‬ ‫ليست حدث ًا فقط مع أهميته أو حكاية تروى واال‬ ‫تحولت إىل وثيقة ترصد الوقائع واألحداث فحسب‪.‬‬ ‫فالقصة القصيرة لها خصوصيتها بتفجر الطاقات‬ ‫اللغوية واإلمكانات التصويرية التي تبرز جماليتها‬ ‫وفنيتها‪.‬‬ ‫ففي هذه المجموعة القصصية استخدمت‬ ‫القاصة التكثيف واإليحاء بدالً من الشرح‬ ‫والتفصيل‪ ،‬واالختزال بدالً من التقريرية‪ ،‬ووظفت‬ ‫اللغة لخلق تيار من اإلشعاعات المتألقة التي‬ ‫تتكفل بمهمة التعبير عن أدق التفاصيل بالقليل‬ ‫من التراكيب والصور‪ ،‬فالقاصة تمتلك حصيلة‬ ‫لغوية ساعدتها على إبداء مهارة عالية في تعمية‬ ‫الدالالت وترميزها؛ ناهيك عن قدرتها على تهشيم‬ ‫الصورة النمطية للكتابة‪ ،‬فالبوح مغاير هنا ألنه‬ ‫جاء بضبابات وصور ضبابية وفسيفسائية تقترب‬ ‫من الرؤى الحلمية‪.‬‬ ‫نص صحوة ص‪ :19‬بطل القصة الشاب المدمن‬‫المعلق في السماء بين الوعي الالوعي تترأى أمامه‬ ‫ثالثة مشاهد‬

‫‪44‬‬

‫المشهد األول‪ :‬مشهد المهندس يعقوب المريض‬‫على السرير وزوجته بالقرب منه تعتني به‪.‬‬ ‫ المشهد الثاني‪ :‬العريس بدون عروسته في‬‫ليلة الدخلة‪...‬‬ ‫المشهد الثالث‪ :‬جارته الحسناء (عشيقته)‪...‬‬‫ففي هذه القصة تعبير عن الشخصية‬‫الالشعورية أو الالإرادية‪ ،‬تلك الشخصية التي تثير‬ ‫ظروف حياتها وتصرفاتها المرضية عاطفة الحزن‬ ‫والشفقة‪ .‬قصة مكتملة األركان تمتاز بالنضج‬ ‫الفني وكثافة الداللة والشحن اليسكولوجي‪.‬‬ ‫ نص (عدسة) ص‪27‬‬‫فهذه القصة بمنتهى الغرائبية والعجائبية‬ ‫حين تسقط إحدى عدسات نظارة الطبيب‬ ‫الجراح إىل بطن المريضة أثناء إجراء العملية‬ ‫الجراحية لها‪ ،‬واألغرب أنه لم يدرك ذلك أحد من‬ ‫أعضاء الفريق الجراحي‪ ،‬فالحبكة هنا متأزمة‪،‬‬ ‫حادة‪ ،‬منسجمة التقنية والجمالية‪ ،‬متكئة‬ ‫على سارد داخلي يوتر المشهد ألبعد حد‪ ،‬وسارد‬ ‫خارجي يلطف األجواء دون أن يعلم مأساته‪،‬‬

‫فاألخطاء الطبية ماثلة للعيان على قبيل (بتر‬ ‫عضو ذكري لطفل) أو(نسيان مقص جراحة في‬ ‫بطن جندي جريح) أو(جرعات تخدير زائدة‬ ‫تقود للمقبرة للتو)‪...‬‬ ‫نص سجينة المرايا ص‪ :43‬فبطلة القصة‬‫مسجونة من الداخل لديها نظرة دونية سلبية‬ ‫لذاتها‪ ،‬فالقاصة استخدمت الكثير من االنزياحات‬ ‫اإلستبدالية بحوار ذاتي متوغل في أعماق‬ ‫النفس‪ ،‬فالتصوير السيميائي هنا ثري بالفالش‬ ‫باك‪ ،‬فعندما تتكسر المرايا تتحرر السجينة من‬ ‫الداخل‪ ،‬وتتخلص من حاالت الصراع اليومي‬ ‫المرير مع الميك آب‪ ،‬وجهود فريق العناية بالبشرة‬ ‫ألن الذات هي ذوات جسمية وعقلية ونفسية‬ ‫واجتماعية وليست صورنا في المرآة‪.‬‬ ‫ وطن في المذياع ص‪: 57‬‬‫الوطن في المذياع موت‪ ،‬دمار‪ ،‬أشالء‪.‬‬ ‫كل يمزق بعضه؛ لكن الوطن في الحياة‬ ‫ٌ‬ ‫طفلة تسقي قطة‪ ،‬شباب يرصفون الشارع‪،‬‬ ‫عجوز يبيع الفل للمأرة‪ ،‬امرأة تمسك بيد طفلها‬

‫بثيابه المدرسية لتعبر الشارع المزدحم‪.‬‬ ‫ استخدمت القاصة في هذا النص تقنية‬‫المونولوج (الحوار الداخلي) بين األخ وأخيه و كان‬ ‫على درجة كبيرة من اإليحاء بصوره الغامضة‬ ‫رغم هدوئه في حدث جلل كالحرب إال إنه أفقد‬ ‫صواب الجميع‪ ،‬فالوطن عند تجار الحروب والموت‬ ‫فندق عشرة نجوم‪ ،‬أما الوطن عند البسطاء‬ ‫والمضطهدين والفقراء فهو قطة تحتاج لمن‬ ‫يسقيها‪ ،‬وشارع يحتاج للرصف وعريس منتظر‬ ‫عقد فل‪ ،‬وطفل يحتاج لمن يرافقه لمدرسته‪...‬‬ ‫ذلك كله الوطن والداعي لتذكرة السفر‪ ،‬نسكن‬ ‫فيه ويسكن فينا سرمد ًا ابداً؛ رغم كوارثه وحرائقه‬ ‫التي التنتهي‪...‬‬ ‫إجماالً‪ :‬أتكأت القاصة غالب ًا على تقنية‬ ‫الغرائبية والعجائبية في التعبير عن أوجاع‬ ‫الناس ومشاعرهم الوجدانية وفعلهم االجتماعي‬ ‫بفنتازيا مكللة بالطرق الساردية بين السارد‬ ‫العليم والرمز وتجنب المباشرة المخلة‪ ،‬وعلى‬ ‫مايبدو فالقاصة تأثرت إىل حد ًا ما بمدرسة امريكا‬ ‫الالتينية (الواقعية السحرية) تجلى ذلك واضح ًا‬ ‫بالتعبير عن الواقع االستاتيكي(الجامد) باألحالم‬ ‫والخيال والتخييل والحيل والتضاد والتكوين‬ ‫العكسي‪.‬‬ ‫ختاماً‪ :‬يمكن أن أشير إىل نقطتين هامتين‬ ‫هما‪-:‬‬ ‫‪ - 1‬بعض النصوص وهي قليلة جد ًا كاد زمام‬ ‫السرد أن ينفلت من قلم القاصة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬كذلك بعض النهايات لم تكن على درجة‬ ‫عالية من المواربة والصدمة والترابط الذي يتناسب‬ ‫مع األحداث والتصوير الفني والجمالي‪.‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫ُ‬ ‫احلبر‬ ‫رحيق‬ ‫ِ‬ ‫إبراهيم جابر مدخلي‬

‫َتأ َ‬ ‫َ‬ ‫القمر‬ ‫على‬ ‫نامي‬ ‫أو‬ ‫الشمس‬ ‫ي‬ ‫ط‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫األحالم وانتصري‬ ‫وأشعلي ثورة‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫قميص يوسف لي ق َّدت أواخره‬ ‫ُُّ‬ ‫إذ كان أوله يجري على أثري‬ ‫ً ً‬ ‫ُ‬ ‫وكنت بيني وبيني حامال مدنا‬ ‫ٌ‬ ‫حامل شجري‬ ‫الحنين ومائي‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫ٌ ُ‬ ‫وفي يدي من فمي حرف ألوذ به‬ ‫انهمارات أزماني على وتري‬ ‫عند‬ ‫ِ‬ ‫حتى املرايا اشتهتني واشتهيت بها‬ ‫ً‬ ‫الثلج يطفي الهب الشرر‬ ‫حضنا من ِ‬ ‫ْ‬ ‫رست ٌ‬ ‫صور‬ ‫وفوق أبراج صمتي بي‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫تذرو‬ ‫إيماضة الحذ ِر‬ ‫الكالم على‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫مسافرفي رحابي ما انتهيت إلى‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ضت ترحالي مع الخ ِض ِر‬ ‫حر‪،‬وال خ‬ ‫ب ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫سهر‬ ‫أنام ال نوم في َجفني سوى ٍ‬ ‫سهر؟‬ ‫فكيف من ٍ‬ ‫سهرأصحو إلى ِ‬ ‫َّ ْ‬ ‫ملت سطوري دموعي واكتفيت بما‬ ‫ُ‬ ‫سكبت من ُع ْم ِرأجفاني على قدري‬ ‫ُ ٌَ‬ ‫ُ‬ ‫آمنت ُ‬ ‫كافرة‬ ‫بالح ِ ّب واأليام‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ّ‬ ‫الك َب ِر‬ ‫وأصدق الح ِب ما أبكاك في ِ‬ ‫ُ‬ ‫خسران ُ‬ ‫ُّ‬ ‫نبوء ِبه‬ ‫املحبة‬ ‫كل‬ ‫ِ‬ ‫بمنتصر‬ ‫الحب ياروحي‬ ‫وليس في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫عصف يحيط برأ�سي ‪،‬خلف جمجمتي‬ ‫ٌ‬ ‫مني ٌ‬ ‫‪،‬وصوت ُ‬ ‫منكسر‬ ‫غير‬ ‫فتات‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ َ ّ‬ ‫بالجفاف لكي‬ ‫نهرتغطى‬ ‫ِ‬ ‫وألف ٍ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫باملطر‬ ‫تبكي السحائب موت الن ِهر‬ ‫ِ‬

‫تراتيل‬ ‫يف محراب‬ ‫البوح‬ ‫محمد العموش ‪ -‬االردن‬

‫َ‬ ‫نخل روحي ْ‬ ‫يا َ‬ ‫أفراح موسمنا‬ ‫أقم‬ ‫َ‬ ‫الحبيبة صوتي لحظة َّ‬ ‫الس َم ِر‬ ‫واسق‬ ‫ِ‬ ‫َ ً‬ ‫مباس ِمها‬ ‫ولتمنح‬ ‫التمرلونا من ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َّ ً‬ ‫شفاه شاغبت بصري‬ ‫ولذة من‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫رحيق الحبرذائبة‬ ‫وجدتها في‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ْ َّ‬ ‫واإلبر‬ ‫حل‬ ‫وذقتها بين شه ِد الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫لوال هواها ملا أبدعت قافية‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬ ‫َّ ْ ُ‬ ‫الش ْع ِر ِم ْن ِصغ َري‬ ‫وال تربعت عرش ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫صريع القوافي‪ ،‬لون‬ ‫نكهتها‬ ‫أنا‬ ‫ِ‬ ‫ً ْ َ َ​َ‬ ‫َّ‬ ‫تذوقيني حروفا واجت ِني ثمري‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫القلوب التي أمسيت أعزفها‬ ‫لك‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫ليله الع ِطر‬ ‫لحنا يناغي الهو في ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الوجود به‬ ‫لك الحنين الذي ضاق‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ولم أزل فيه منساقا إلى سفري‬ ‫يا ُح ُّب يا ُح ُّب هذا العصرينكرنا‬ ‫نهاجركاألطيار ُ‬ ‫ُ‬ ‫فهل‬ ‫للج ُز ِر ؟‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫اس‪،‬وا عجبي‬ ‫األرض تحسدنا كالن ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫األرض أم نبكي من البشر؟‬ ‫نعاتب‬

‫وكلما أوغل ُ‬ ‫حسد‬ ‫الح َّس ُاد في‬ ‫ٍ‬ ‫َ َ َْ َُْ‬ ‫زدنا ارتقاء ولم نعبأ ِبمنق ِع ِر‬ ‫عودي لنكسرفيهم َ‬ ‫ليل قسوتهم‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الفجرفي معراجه األثري‬ ‫ون ْد ِر ُك‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لست قادرة‬ ‫قلت يوما ِ‬ ‫عودي‪ ..‬وإن ِ‬ ‫َْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫فارمي قميص ِك كي يرتد لي بصري !‬

‫ُ َ ُ​ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫اتين ش َــوق بـيــن َ‬ ‫ـر‬ ‫ـص‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ـه‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ج‬ ‫بس‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ُ و ُ َّ َ َُ‬ ‫يع ِـتـقـهـا ف ــي ر ح ـ ِـه ث ــم يـخدر‬ ‫ُ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫َع َل ْت ر َ‬ ‫أس ُـه مـن َحـار ِق الشي ِـب شعلـة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وفـي َوجهـه مــن َيـابـس ُ‬ ‫العـم ِـربـيـد ُر‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ ًَ‬ ‫ـاالت آث ِـم ــا‬ ‫ي ـغ ــاز ُل أب ـك ـ َـارالـخ ـيـ‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ‬ ‫ًفتـأوي إلــى عينـي ِـه مــن حـيـث تنـف ُـر‬ ‫ً‬ ‫ُيشـاغ ُـب طـفـ ٌـل بـيــن جنـبـي ِـه الهـيــا‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ​ُ​ُ َ ُ ُ‬ ‫ـدراملـنـى حـي َـن َيـعـث ُـر‬ ‫ويحضـنـه صـ‬ ‫َّ َّ‬ ‫أنــا ذلــك الطـف َُـل ال ــذي ش ــف ِرق ــة‬ ‫َ‬ ‫الط ّـل فـي الفجـر َيقطـرُ‬ ‫ًبـر ٌ‬ ‫يء َكو ْج ِـه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ ً‬ ‫ُ‬ ‫أل ــوذ ب ِّـأمــي ُممـسِـكـا فـضـ َـل ثـوبِـهـا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ـوب تـزه ُـر‬ ‫َ ْ ُ تـكـاد يــدي مــن عـاب ِـق الـث ِ‬ ‫ُ‬ ‫ـاص ُـرنـي وج ــه ال َّـربـي ِـع بمـوطـنـي‬ ‫يح ِ‬ ‫َّ‬ ‫فهـذا دمـي مـن الع ِـج الشـوق أخض ُـر‬ ‫َّ‬ ‫الو ْ‬ ‫كأن َي َطع ُـم َ‬ ‫ص ِـل فـي َس ْم ِـع عاش ٍـق‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ـرج ُـم فــي َعينـي ِـه مــا كــان َيـسـت ُـر‬ ‫ُيت‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وأدفا مـا فـي الكـو ِ ْن أحضـان موط ٍـن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وأعـذ ُب مـا فـي العش ِـق مــا ال ُيف َّـس ُـر‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫أق ِل ُـب وجـه الشـو ِق فـي غائ ِـم املـدى‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫فـلـسـت أرى إال َك م ــن حـيــث أنـظـ ُـر‬ ‫لئـن ُكن َـت فـي َ‬ ‫در الخريـط ِـة بقـعـة‬ ‫ص‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ًألن َـت اتـس ُ‬ ‫ـاع الـكـو ِن بــل أنــت أكـب ُـر‬ ‫ُ‬ ‫اب عيني َـك ساج ٌـد‬ ‫أنا الطفل في محـر ُ ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وضـئـنـي م ــن م ـ ِـاء كـفـيــك كــوثـ ُـر‬ ‫ي‬ ‫ِ ّ َ َ‬ ‫َ ُّ‬ ‫ـرقـهُ‬ ‫بالشـع ِـرش‬ ‫ـرب‬ ‫ُيصاف ُـح كـف الـغ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ُ ُ َ َّ‬ ‫الشرق في الغرب َم َ‬ ‫حج ُر‬ ‫وي ُحضن نور ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُيـوحِـ ُـدنــا اإلبـ ــداع ح ـتَ ــى كـأن ـمــا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـأردن ن ـج ـ ٌّ‬ ‫تـ ـ‬ ‫ـدي وأعـ ـ َـرق ُمـمـ ِـصـ ُـر‬ ‫َ ْ‬ ‫ـال ُيت َـم ُـه‬ ‫أنـا ذلـك الطـف ُـل الــذي اغـت‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫الشـع ِـر َعبـق ُـر‬ ‫ْ ُ ُ ْ َ ًس َّقـاه ِلبـان ّالـج ِـن فــي ِ‬ ‫إلن ك ـنــت إل ـفــا لـلـتـواض ُ ُـع إن َما‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ـرس الـشـع ِـر َيـحـلـو التـك ُّـب ُـر‬ ‫بل ّيـل ِـة ع ـ ِ‬ ‫ُ َ‬ ‫الشـع ِـرفــي دمــي‬ ‫ومــا هــو إال ِهــزة َ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فذي دولــة اإلبــداع ٌ‬ ‫أرض وقيـص ُـر‬ ‫ِ‬

‫‪45‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫الفن السابع (‪)11‬‬ ‫أ‪.‬خالد الضبييب‬

‫فايروس فيلم ‪little joe‬‬

‫يخبرنا فيلم «جو الصغير» من بدايته بأنه خالل السنوات املاضية‬ ‫قد أصبح توليد النباتات وتعديلها وراثيا جانبا مهما يتم التركيز عليه‬ ‫بشدة من قبل الدول‪ ،‬وال غرابة في ذلك؛ فإن سوق الورد ونبات الزينة‬ ‫ً‬ ‫مثل يتجاوز ‪ 30‬مليار دوالر سنويا‪ ،‬ولهذا نجد اهتمام دول كثيرة من‬ ‫بينها أمريكا والصين بهذا املجال إلى جانب أستراليا‪ ،‬إلى جانب اليابان‬ ‫التي أنتجت أول زهرة معدلة وراثيا واطلقت عليها اسم اإلطراء‪.‬‬ ‫إن نجاح أي تعديل وراثي يعد سابقة عاملية وحدث فريد‪ ،‬وهذا‬ ‫ما يجعلنا نرى سعي الدول إلى اكتشافات جديدة في هذا املجال‪،‬‬ ‫قد تجعلها األولى وفي مقدمة العالم في هذا الجانب املهم‪ ،‬وقد حذر‬ ‫األطباء كثيرا من النباتات املعدلة ً‬ ‫وراثيا‪ ،‬رغم بعض الفوائد في الحياة‬ ‫التي تساعد البشر على توسيع اإلنتاج وتطويره‪ ،‬مع هذا كله ال يمنع‬ ‫أن أي خطأ في التعديل الوراثي ذلك الذي قد يسبب مشاكل عاملية‬ ‫منها حدوث طفرات في الكائن املحور وراثيا واستحداث مستويات‬ ‫مرتفعة من السموم في بعض أنواع الثمار إلى جانب ظهور حساسية‬ ‫غير معروفة يمكن التنبؤ بها تضر صحة البشر من بعض النباتات‬ ‫بعد معالجتها أو تعديلها وراثيا‪.‬‬ ‫إن تركيز الفيلم على األخطاء الناتجة عن توليد الزهور املعدلة‬ ‫وراثيا‪ ،‬جاء في محاولة إلى لفت النظر نحو أضرار التعديل الجيني‬ ‫الوراثي في النباتات بشكل خاص‪ ،‬وفي مجال التعديل الجيني بشكل‬ ‫عام‪ ،‬فهو يحاول اإلشارة إلى أن إحداث أي تغير في التكوين العام ألي‬ ‫كائن بشري أو حيواني أو نباتي ‪-‬الزهور مثال‪ -‬قد يترتب عليه مشاكل‬ ‫بيئية كثيرة‪ ،‬وربما أضرارا مجتمعية‪ ،‬وكل هذا يعود إلى الطمع‬ ‫والسعي خلف الربح املادي أو االبتكار العلمي والجوائز الدولية‪ ،‬مع‬ ‫أن بعض الثمار تفقد طعمها وبعض الزهور تفقد رائحتها؛ جراء هذا‬ ‫التدخل الجيني الذي أصبح يركز على السوق التجارية بشكل هائل‪،‬‬ ‫رغم وجود اتفاقيات عاملية تعمل على مراقبة هذا التعديل ومحاولة‬ ‫وضع معايير منضبطة له‪.‬‬ ‫يحاول فيلم « ‪ » little joe‬التركيز على فكرة الفايروسات التي يتم‬ ‫بها التعديل الوراثي والتي تحقن في املختبرات‪ ،‬وكل هذا يؤكد فرضية‬ ‫أن انتشار أي وباء عالمي قد تتدخل فيه يد البشر‪ ،‬ولم يعد للصدفة‬ ‫دور كبير بعد أن تدخل البشر في أمور بايلوجية‪ ،‬فمن خالل رؤية‬

‫‪46‬‬

‫الفيلم نجد انزياح دول كثيرة نحو التلقيح املخبري والتعديل الوراثي‬ ‫ألسباب عديدة تطرح دائما على أساس أنها إنسانية ولكنها ال تبدو‬ ‫كذلك مع الوقت‪ ،‬وعند تتبع املواد التي ذكرها الفيلم في التوليد‬ ‫املخبري سوف نجد أنها مواد تؤثر على صحة البشر تحديدا في‬ ‫ُ‬ ‫األمراض النفسية والتنفسية واملعدية‪ ،‬إذ يشير إلى إحدى هذه‬ ‫املواد والتي بدورها تقوم بتحفيز هرمون األوكستيسين املعني بالحب‬ ‫والعالقة الجنسية وتحفيز السعادة والعالقة كمثال‪ ،‬مشيرا إلى أن‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫هذه املحفزات الهرمونية التي يتم االستعانة بها في املخابر أصبحت‬ ‫رائجة ً‬ ‫عامليا من خالل عدة منتجات منها تلك املعنية بالعالقات‬ ‫البشرية والصحية والغذاء والتجميل‪ ،‬مثل الورد وأشجار الزينة‬ ‫والثمار وغيرها‪.‬‬ ‫فيلم ‪little joe‬‬ ‫تدور أحداث فيلم « ‪ » little joe‬في مختبر للزراعة الجينية‪ ،‬والذي‬ ‫من خالله يتم صناعة ورد معدل وراثيا‪ ،‬حيث تنجح «آليس» التي‬ ‫تقوم بدورها املمثل « إميلي بيشام » الطبيبة في املختبر باكتشاف‬ ‫طريقة جديدة تجعل نوعا من الورد يجلب السعادة لكبار السن‪،‬‬ ‫لكنها تفاجأ بأن الوردة املعدلة ً‬ ‫وراثيا والتي تم حقنها بفايروس معين‬ ‫لتصبح عقيمة التوالد والتكاثر‪ -‬بأنها تقوم ببث هرمونات من خالل‬ ‫تعامل البشر معها تجعل كل من يشتمها يكن لها مشاعر قوية‪،‬‬ ‫وفي نفس الوقت تؤثر على العالقات بين البشر عن طريق العدوى‬ ‫بحثهم على االهتمام بها‪ ،‬ومن األعراض الجانبية فقدان الذاكرة‬ ‫واملزاج املتقلب والخرف‪ .‬تحاول زميلتها في املختبر والتي تفقد كلبها‬ ‫وبعد احتمال انه شم من الورد‪ -‬إعالمها أن الفايروس املحقن في‬‫الوردة له نتائج ضارة سببت هذه الحاالت في كل األشخاص الذين‬ ‫تم إعطاؤهم عينة من الوردة ولكن مجموعة املختبر تنفي ذلك‬ ‫وتعيد هذا التحذير إلى أن زميلتها تعاني من مشاكل نفسية وأسرية‬ ‫ولكن آليس تالحظ بعد أخذ عينة مللبيت أن ابنها جو والذي قامت‬ ‫بتسمية الوردة باسمه قد بدأت عليه عالمات التغير إلى جانب أن‬ ‫صديقها في املختبر والذي كان يكن لها مشاعر كبيرة قد أصبح أكثر‬ ‫قربا من الوردة وحين تعترف له بأن الوردة بعد حقنها بالفايروس‬ ‫ربما أصبحت ضارة وتسبب املرض بسبب حقنها ولكنه يرفض‬ ‫ذلك وعندما تحاول آليس إتالف املجموعة يمنعها بعنف لتسقط‬ ‫على األرض لتحاول إقناع نفسها بأن ما حدث مجرد رهاب التفوق‬ ‫والنجاح بعد أن يشعرها مدير املختبر أن الوردة قد تحصل على‬ ‫جائزة في مؤتمر عالمي …‬ ‫كواليس فيلم « ‪» little joe‬‬ ‫بالنسبة للجانب الفني فإن مخرجة العمل «جيسيكا هاوسنر» إلى‬ ‫جانب تقديم الرؤية واملوضوع‪ ،‬وتحديد املشكلة املطروحة‪ ،‬إال أنها‬ ‫أيضا نجحت بإطالق فيلم يتحدث عن الورد بكل إبداع وإدهاش‪،‬‬ ‫ونالحظ ذلك من خالل ألوان املالبس املميزة لبطلة العمل آليس‬ ‫وشخصيات العمل التي تنوعت بين ألوان زاهية منوعة جذابة؛‬ ‫تعكس فكرة العمل في مختبر للزهور‪ ،‬إلى جانب املوسيقى التصويرية‬ ‫الهادئة‪ ،‬والتي ترافقت مع سير األحداث البطيء جدا؛ والتي تبعث‬ ‫الراحة والسكون لدى املشاهد‪ ،‬إلى جانب الديكورات املختارة بعناية‬ ‫ً‬ ‫انطباعا ً‬ ‫مريحا‪ ،‬رغم حبكة‬ ‫في مجمل مشاهد العمل والتي أعطت‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫العمل املثيرة للجدل‪ ،‬إلى جانب أنها استطاعت سلسلة العمل بشكل‬ ‫كالسيكي بسيط وهادئ‪ ،‬وقامت بترك النهاية مفتوحة‪.‬‬

‫فيلم ‪ little joe‬فيلم درامي من إنتاج ‪ 2019‬لم يحصل سوى على ‪5.9‬‬ ‫على موقع ‪ imdp‬بطولة إميلي بيشام بدور آلس وبن ويشا بدور كريس‬ ‫وكيت كونور بدور الفتى جو وآخرين ومن إخراج جيسيكا هاوسنر‪،‬‬ ‫وقد حصدت بطلة الفيلم املمثلة إميلي بيشام على جائزة أفضل‬ ‫ممثلة في مهرجان كان السينمائي في دورته ال‪ 72‬عن دورها في‬ ‫شخصية آلس‪.‬‬

‫‪47‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫نقوش ملونة‬

‫سلطان الصرميي وحتوالت القصيدة الشعبية‬

‫زهير الظاهري‬

‫إن القصيدة الشعبية اليمنية لم تلق حقها من الدراسة واإلهتمام‬ ‫والتنظير تاريخيا لتفجير طاقاتها المخبوءة واستخراج جواهرها المدفونة‬ ‫إال من جهود الدكتور عبدالعزيز المقالح الجبارة في إنقاذها من الضياع‬ ‫في ثمانينيات القرن العشرين والذي درسها و َن َّظر لها حتى وقفت على‬ ‫أقدامها بلباسها التراثي ‪ ،‬تصهل وترقص أمام العالم ‪ ،‬وخرج لنا بدرتين‬ ‫هما من عيون الشعر الشعبي اليمني « ضبي اليمن « و « صنعانية « ‪،‬‬

‫ورغم جهود الدكتور املقالح في هذا املجال إال أن‬ ‫قلة الشعراء املجددين فيها جعلها تتعثر قليال فلم‬ ‫تستطع أن تجاري القصيدة الفصحى وتنافسها ‪،‬‬ ‫إضافة إلى أن املقالح كان غارقا في القصيدة الفصحى‬ ‫ودراستها ولم يكن مروره هنا إال نزهة بالنسبة ملا‬ ‫قدمه للقصيدة الفصيحة من دراسات وقصائد ‪،‬‬ ‫لكن يبقى كتابه بالنسبة للقصيدة الشعبية منبرا‬ ‫عاليا ونقطة تحول تاريخية وال يمكن املرور عليه‬ ‫مرور الكرام ‪ ،‬وإضافة إلى ما تم اقترافه بحق هذه‬ ‫القصيدة من اإلنتهاك الفاضح والصارخ لها من‬ ‫قبل مئات املدعين انتسابهم إليها زورا وبهتانا من‬ ‫الذين أفقدوها حيويتها ونزعوا روحها حتى أصبحت‬ ‫كسيحة ‪ ،‬وأباحوها في األعراس حتى أصبحت شوترية‬ ‫في كل الخيم والصاالت ‪ ،‬زاد املتنطعون عليها وباسمها‬ ‫‪ ،‬أصبحوا يرتبون القوافي على السطر ويكتبونها‬ ‫بنمطية جلفة وبقوالب جاهزة ومعان معلبة ليس لها‬ ‫من مالمح الشعر �شيء ‪،‬‬ ‫حاولت أن أفتح أمام القارئ اليمني هذه النافذة‬ ‫املطلة على التراث والقرى والجمال العذب الذي‬ ‫يركض في العيون واآلذان ‪ ،‬ليتجلى الجمال القروي‬ ‫الحر في بساطته ونقائه ‪ ،‬لتسلط الضوء على ما‬ ‫كاد أن يغيب من ذاكرة القصيدة الشعبية والقارئ‬ ‫اليمني ‪ ،‬منذ أشهر وأنا أقرأ الكثير من الشعر‬ ‫الشعبي اليمني بدأت أفكر ملاذا ظلت القصيدة‬ ‫الشعبية جامدة مقارنة بضرتها الفصيحة والتي‬ ‫تنبهت لذلك وانقلبت على القولبة والنمطية حتى‬ ‫أصبحت شديدة املرونة ؟‬ ‫وملاذا تتقوقع القصيدة الشعبية في قمقمها ؟‬ ‫ملاذا تحافظ على كل تلك النمطية الرتيبة ؟ نمطية‬ ‫القافيتين ‪..‬نمطية البداية والختام املكرورة في‬ ‫آالف القصائد ‪ ..‬نمطية املدح والهجاء والفخر ‪..‬‬ ‫وكل هذه النمطيات التي تحد من اتساع القصيدة‬ ‫الشعبية وتفجرها ‪..‬‬ ‫فجأة ملعت بذاكرتي قصيدة قرأها علي أحد‬ ‫األصدقاء قبل سنتين أو أكثر ‪ ..‬قصيدة خارج كل ًتلك‬ ‫النمطيات ‪ ..‬وشاعرعها خارج كل تلك النمطيات أيضا ‪..‬‬ ‫أبجدية البحر والثورة للدكتور سلطان الصريمي‬ ‫أو سلطان القصيدة الشعبية ‪ ..‬قصيدة مرنة‬ ‫ومتفجرة وممتلئة بالحيوية والنشاط ‪..‬‬ ‫سلطان الصريمي أحد أبناء محافظة تعز ولد في‬ ‫قريته الحجرية مع بزوغ شمس الحرية عقب الحرب‬ ‫العاملية الثانية ‪ 1944‬م في أوج الثورة العلمية‬ ‫والحضارية وتالقح الحضارات وتزواجها ‪ ،‬كتب‬ ‫الشعر ببساطة القروي القادم من الريف املليء‬ ‫بالهموم والطموح والثورة والتمرد ‪ ،‬احتفظ بلهجته‬ ‫وصعد بها ومعها ‪ ،‬لكن قرويته البريئة والجميلة‬ ‫لم تمنعه من اإلنغماس في مياه العالم املتحركة‬ ‫واملتدفقة بغزارة فكان مجددا في قصيدته ومتدفقا‬ ‫في كتابتها فخرج عن القوالب والنمطيات وتمرد‬ ‫على كل �شيء داخل القصيدة وخارجها وانسكب‬ ‫فيها كشالل ‪ ،‬لم ين�سى قرويته ولهجته وهو يغرق‬ ‫في شوارع موسكو ودهشتها املرعبة وثقافات العالم‬ ‫الحر واملنفتح ‪ ،‬حصل على الدكتوراة في األدب‬

‫‪48‬‬

‫الشعبي اليمني من جامعة موسكو ‪،‬‬ ‫وهو صاحب القصيدة الشهيرة يا عم مسعود يا‬ ‫مغادر البلد‬ ‫له عدة دواوين شعرية شعبية منها‬ ‫هكذا يبدأها سلطان البحر والثورة سلطان‬ ‫الجمال العذب ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫أنيت من باطلك يا قاتلي‬ ‫وقلت للناس‪ :‬قاتلنا حريف‬ ‫ومن سمعني ضحك‬ ‫وهزكتفه عجب‬ ‫إال املسافر‬ ‫شبع‪..‬‬ ‫من موتتي معرفة‬ ‫وصاح مثلي‪ :‬غلط !‬ ‫من يكتوي مرتين!!!‬ ‫باركت جرح الشموخ‬ ‫وتضحيات السفر‬ ‫ومن حنيني الى ورد الخدود‬ ‫ونهدتي ألجل حب الفاتنة‬ ‫حفرت في الوجنتين‬ ‫وصيتي للصغار‪:‬‬ ‫“بين أفخاذ الفجيعة‬ ‫تنبت الثورة‬ ‫وفي الصدرالذي يدمي‬ ‫يكون النصر»‬ ‫يمتاز شعر سلطان الصريمي بسالسته وعذوبته‬ ‫وتدفقه كشالل خضرة ‪ ،‬بدأت أبحر في عوالم هذا‬ ‫الشاعر من هذه األبجدية السابقة ‪ ،‬غصت فيها ‪،‬‬ ‫وتقلبت في أفيائها ‪ ،‬ووديانها وصعدت الجبل ونزلت‬ ‫الغربة والشوق واإلنتظار ‪،‬‬ ‫الوادي وكابدت ُ‬ ‫ّ‬ ‫ضبحت من كثر ِمال�سي‬ ‫على ظهرالوجع ّ‬ ‫ما ينفع الجرح ُمالس‬ ‫ُأشتيك تنفض غبارك‬ ‫لنجران وردة‬ ‫ترسل‬ ‫ُ‬ ‫من مشاقرنقم‬ ‫ُ‬ ‫وقبلتين من عدن‬ ‫وان غاب عليك املسافر‬ ‫دليلك البندقية‪َ ....‬‬ ‫لو ترى كيف نجران ش ِجن‬ ‫عودتك‬ ‫ينتظر‬ ‫ُ‬ ‫من ِج ِزع يسأله‪:‬‬ ‫كيف رأيت البالد؟‬ ‫الحبيب ‪ /‬الحبيب؟‬ ‫كيف رأيته؟‬ ‫ُمبندق؟!‬ ‫الجنبية؟!‬ ‫راكز‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫يفلت سالحه دقيقة‬ ‫قللله‪ :‬ال ِ‬ ‫الطهاشة كثير‬ ‫الطهاشة كثير‬ ‫ّ‬ ‫جرب صالة التحدي‬ ‫وذاق فرض التغراب‬ ‫وعانق الهم كله‬

‫شاف الوسط يبترع‬ ‫من الطرف للطرف‬ ‫يجرمعه من ر�ضي‬ ‫َ‬ ‫العرو َسة‬ ‫لغرفة‬ ‫وشاف باقيتهم‬ ‫يجرجروا املعجزة‬ ‫الكتابة‬ ‫الى طريق‬ ‫ُ‬ ‫بسيف مشروخ نصين‬ ‫“ رأس ناشف “‬ ‫باإلضافة إلى سالسة شعره وعذوبته وتمرده لكن‬ ‫الشاعر ظل محتفظا بشخصيته القروية العنيدة‬ ‫املليئة بالكبرياء واألنفة والتي ال تقبل املراوغة‬ ‫حساب مبادئه التي يؤمن بها ولو كان‬ ‫والتدليس على ً‬ ‫الثمن فادحا جدا ‪ ،‬أو كما يقول أهل القرى « رأس‬ ‫ناشف « وهذا يتجلى في قصائده ‪:‬‬ ‫ـ ِق ِطعوني وصال‬ ‫اشربوا من دمي‬ ‫اقتلوني‬ ‫أنا مش ّ‬ ‫مخرب‬ ‫أنا مش ّ‬ ‫مغرر‬ ‫أنا في وريدي اليمن‬ ‫وبين دموعي اليمن‬ ‫وه ــذا اعترافي‬ ‫إلفنا جمال العيون‬ ‫وغمزاتهن يسحرين الفؤاد‬ ‫وحين نضيق من َ‬ ‫التريهة‬ ‫وتغفي الحقيقة بعزالنهار‬ ‫ُ ّ‬ ‫نغني‪:‬‬ ‫من يخدعك‬ ‫يا محصنة جزع له‬ ‫أنتي ألهلك‬ ‫ُ‬ ‫والكريه ُألهله‬ ‫صد ِقك خلود‬ ‫وكذبهم فقاقيع‬ ‫حصنك جبال‬ ‫وحصنهم مرابيع‬ ‫والصادقين‬ ‫ُ‬ ‫يشدهم ُ حنينك‬ ‫يكفي امل ّ‬ ‫شوق‬ ‫ِ‬ ‫غمزة من عيونك‬ ‫الرعد يأتي‬ ‫والبشارة معه‬ ‫والسحابة تشن املطر‬ ‫ُوقوس قزح‬ ‫تنقششه الحبيبة‪.‬‬ ‫مصور فوتغرافي‬ ‫وأنت تتم�شى في هذه الوديان الشعرية فتشتم‬ ‫املشاقر وتعانق الجبال والسحاب والحصون‬ ‫وتحتضن قوس القزح ‪ ،‬ثم ينقلك بسرعة في املقطع‬ ‫الذي يليه إلى مشهد من أق�سى مشاهد الكفاح‬ ‫والتضحية والنضال وهو مشهد استشاهد الحرف‬ ‫على ظهر الرصاصة بلقطة دراماتية ال يلتقطها إال‬ ‫مصور فوتوغرافي خارق ‪،‬‬

‫بزنبيل حزني‬ ‫حبوب املجاذيب يتخاللين‬ ‫بحزني انكسار‬ ‫انتظار‬ ‫انتصار‬ ‫ّ‬ ‫تعودت أطوي جراحات حزني بحزني‬ ‫ُأ ّ‬ ‫عبي مالءة ُجيوبي عزائم‬ ‫لصد انكساري‬ ‫وأغرف من الصبرما يكفي‬ ‫زمان انتظاري‬ ‫واشرب من الضوء ما يروي‬ ‫عروق انتصاري‬ ‫والسواعد لها في حياتي نصيب األسد‬ ‫إذا فالخت في طريقي املصيبة‬ ‫تموت العواطف‬ ‫يستشهد الحرف فوق الرصاصة‬ ‫وحينما يصرخ بكل صوته البلدي وبكل بساطة‬ ‫الشعر وكثافته‬ ‫اشتعود‬ ‫اشتعووووود‬ ‫يفجر ينابيع األمل في ذهن القارئ ويضرب على جدار‬ ‫الذائقة واحدة من أروع وأبسط الجمل العريضة‬ ‫اشتعود‬ ‫اشتعووووود‬ ‫هنا كان الشاعر يتفجر أنهارا من األمل والثقة بعودة‬ ‫الوطن واملواطن وال يترك مجاال لليأس فهي أبجدية‬ ‫البحر والثورة وال يليق بهذا الثنائي سوى ذلك ‪،‬‬ ‫ثم كانت هذه النهاية الفانتازية املدهشة ‪ ،‬في‬ ‫تالحم أجزاء الوطن وأجزاء القصيدة الشعبية‬ ‫اليمنية ‪ ،‬على وقع صوت السيل القادم من أعماق‬ ‫التاريخ اليمني الذي ينعبش ذاكرته ليعيد لليمني‬ ‫هويته التي كاد ينساها في عتمة واقعه املتشظي‬ ‫يا سيل صوتك‬ ‫ُينعبش هاج�سي‬ ‫وعرف صنعاء مع صوتك يفوح‬ ‫لونك بذهني ِسبط‬ ‫ال ينت�سي‬ ‫يم�شي معك حيثما تشتي يروح‬ ‫تختلط بك دموع القرى والشجر‬ ‫الح�صى والجبل‬ ‫والتراب‬ ‫التراب الذي بين ماءك جميل‬ ‫عسير يتكحلك‬ ‫واملكال ّ‬ ‫تخضب يديها بمائك فرح‬ ‫ترتعش للوصال العظيم‪..‬‬


‫بيت القصيد‬ ‫إشراف ‪ /‬رنا رضوان‬

‫أبجديات أنثى‬

‫واغربتاه‬

‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫فلسفة التناقض‬

‫ولـيد َ‬ ‫احل َواري ‪ -‬سورية‬

‫عزالدين احلميدي ‪ -‬اليمن‬

‫لنونك فوح كفوح الزهور‬ ‫ٌ‬ ‫ومسك ٌ‬ ‫َ‬ ‫عتيق وروح البخور‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وخمرولي‬ ‫سحر‬ ‫لبائك‬ ‫رضاب أماني فؤادي الصبور‬ ‫لك الحب أنت الجمال الذي‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫محال يقال ببعض السطور‬ ‫أميط اللوائي شغفن الجوى‬ ‫وآتي إليك غزيرالشعور‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الليل يبكي ُّ‬ ‫وكل الكو ِن مضط ِر ُب‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫تباريح ومنت َح ُب‬ ‫النهار‬ ‫وفي َ ُ َ ِ‬ ‫ٌ ُ‬ ‫متاهات وظلمتها‬ ‫الدروب‬ ‫وفي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وشمع التوق ينقلبُ‬ ‫تغ�شى العيون‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ ُ ُ ُ َّ َ‬ ‫ان ُيرش ُد ُ‬ ‫ه‬ ‫الفلك يبحرال رب‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫شط لنا َرحبُ‬ ‫َ‬ ‫وال َدليل إلى ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫تؤمننا‬ ‫سبيل إلى‬ ‫وال‬ ‫أرض ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫لألرجاء تنقلبُ‬ ‫وال السعادة‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ضاقت فاملُ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫قام ِب َها‬ ‫األماكن‬ ‫كل‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫كمن يعلق باألخشاب َ‬ ‫ينص ِل ُب‬ ‫ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الهناء َمضت‬ ‫‪..‬فأيام‬ ‫واغربتاه‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫والقهرقد ً‬ ‫ُ‬ ‫قلوبا هدها الت َع ُب‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫واغربتاه ُّ‬ ‫حقرنا‬ ‫وكل‬ ‫الناس ت ُِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫واغربتاه إذا األوطان تغت َ‬ ‫ص ُب‬

‫بأي الخطايا قالني الهوى‬ ‫ٌ‬ ‫وقلبي لديك جريح وقور‬ ‫وكم حاردربي ولكنني‬ ‫ٌ‬ ‫مكين لديك ووجهك نور‬ ‫ذريني ً‬ ‫وليدا يخاف النوى‬ ‫ً‬ ‫اشتهاء بدفء الصدور‬ ‫يموت‬

‫وقولي أحب ً‬ ‫فؤاد غوى‬ ‫ً‬ ‫وروحا بجسمي وروحي تدور‬ ‫وزفي َّ‬ ‫إلي ُوزفي الجوى‬ ‫ِ‬ ‫فإني أحب الزفاف الجهور‬ ‫ٌ‬ ‫محال يعيش الهوى داخلي‬ ‫ُّ‬ ‫إذا أنت لم تمنحيه الظهور‬ ‫على سدرة الروح في املنتهى‬ ‫يمور الذي في الهوى ال يمور‬ ‫الحب ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫شرع يجيزاللمى‬ ‫وفي‬ ‫فعذب اللمى ِمن أحل الخمور‬

‫لوحة للفنانة التشكيلية‬ ‫مريم الشمالوي‬

‫خالد الشرايف ‪ -‬اليمن‬

‫َ‬ ‫ض ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫طب ُق‬ ‫جيج ُم‬ ‫كل ما َحو ِلي‬ ‫ِ‬ ‫وسكو ٌن بـالـمـآ�سي يـنـطـقُ‬ ‫َ ٌ َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫يغتلي‬ ‫مت لهيب‬ ‫جوهرالص ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ـدوء يـأبـقُ‬ ‫الناس ه ٌ‬ ‫َّ ضـجـة‬ ‫ِ‬ ‫مــا نـ ُ‬ ‫ـراه ل ـي َ‬ ‫ـس إل ضـ َّـده‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ـرح ي ُ‬ ‫ف ٌ‬ ‫ـبدو كحـز ٍن يـغ ِـرق‬ ‫لم َي ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫للحب َمعنى َفي الورى‬ ‫عد‬ ‫ِ‬ ‫لم يـع ْـد للوصل قـل ٌـب َيخـفـقُ‬ ‫ْ‬ ‫َِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ْ‬ ‫ـا‬ ‫ه‬ ‫ودعــت تِـل َـك الـمـنـى آمـالـ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وتــال الـي َ‬ ‫ـأس قـنـوط أحـم ُـق‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ​َ‬ ‫أضحى سـائِـ ًدا‬ ‫اريخ‬ ‫نـت ُـن التـ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫رجنا ال يـعـب ُـق‬ ‫والشذى في مـ ِ‬ ‫يا نـوى يا ق ُ‬ ‫ـرب ياحـل َـم الـهوى‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫في األ�سى والحز ِن ق ِلبي يحرق‬ ‫َ ّ‬ ‫ـرب صـاح ٌـب‬ ‫مـا دنـا مِـنِـي بـق‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫أو قال ِني في النوى َمن أعش ُق‬ ‫ّ‬ ‫يجري َبعيدا َأو َهنا؟‬ ‫ما الذي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الجهل إال ُبـنـدق‬ ‫ما ً لنـا في‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫زعـمـوهــا ثــورة شـعـبـيـة‬ ‫ُ ُ‬ ‫ب ْـل ه ً‬ ‫(الب ُردق)‬ ‫ـراء يـعتليـه‬ ‫َ ٌ َ ُّ َ ُ‬ ‫ـاج ًـزا‬ ‫عـدم يـرتـد يـغـدو ع َ ِ‬ ‫ّ‬ ‫غربوا أو ش ِّـرقوا‬ ‫َ م‬ ‫ذهبونا‪ِ ،‬‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الفرس غدوا َّأسيادنا‬ ‫مذ أتى‬ ‫َّ‬ ‫كـلـمــا ذيـ ٌـل عـالنـا صـفـقـوا‬ ‫ْ‬ ‫ع َـفـن ًـا صـنعـا َب َج َ‬ ‫نبيهـاحـوت‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ‬ ‫ودعـت ك َّـل ف ـنــو ٍن نـعـش ُـق‬ ‫َ ْ‬ ‫كل ّ‬ ‫الدنى ً‬ ‫مت ُّ‬ ‫قبحا لهـا‬ ‫قد ر‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫وموت ُيحدق‬ ‫تصطلي ُبؤسا‬ ‫ْ‬ ‫ـوم ْ‬ ‫من َمآسينا ُنـج ٌ‬ ‫قد هـوت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل ُّلدجى امل ُ‬ ‫قدور تـيـهـا ت ُ‬ ‫سبق‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يـا بـ ٌ‬ ‫ـالد نـح َـتـسـي َ‬ ‫آالم ـهــا‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫كم َسقـتنا ِبالـمـآ�سي تـغ ِـدق‬ ‫َ‬ ‫َيـستـ ِوي ِفـيهـا َبـق ٌـاء أو فـنـا‬ ‫الـمـنـايـا مِـ ْن ع ـنـ ٍـاء أشـف ُـق‬

‫‪49‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫ق�طو ف� ع ب�ير��ة‬

‫إشراف ‪ /‬علي النهام‬

‫الباب العالي‬ ‫جنود القاضي ‪ -‬اليمن‬

‫َ‬ ‫عل ـ ـ ـ ــى بابه ـ ـ ـ ــا العال ـ ـ ــي تركن ـ ـ ـ ـ ــا ِظاللن ـ ـ ـ ــا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فظ ـ ـ ـ َّـل ُ‬ ‫هللا يتل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو جاللن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫وغبنـ ـ ـ ــا‬ ‫ُ‬ ‫وثقنا بـ ــه رب ــا ً م ـ ـ ـ ـ ــن ُ‬ ‫الحـ ـ ـ ـ ّـ ِ ّـب ‪ ,‬عين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬ ‫ٔ‬ ‫ترب ـ ـ ـ ـ ـي اغانين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وترع ـ ـ ـ ــى ِغاللن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ـات غيمـ ـ ـ ـ ـ ــة‬ ‫نم ـ ـ ـ ـ ُّـر بدخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬ ‫ـان النهايـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫يعيد اشتعالنا‬ ‫مخضرا –‬ ‫بها العمر –‬ ‫ّ ٔ‬ ‫ٔ ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫ـذل را َس ـ ـ ـ ـ ـ ُـه‬ ‫ٕاذا نك ـ ـ ــس التاري ـ ـ ــخ لل ـ ـ َـ ـ ِ‬ ‫وفــاق احتم ـ ـ ُ‬ ‫ـال الشـ ـ ـ ِّـر فينـ ــا احتمالن ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫َ‬ ‫صعدن ـ ــا ٕال ـ ــى قحطـ ــان من كل بقعـ ٍـة‬ ‫ُ‬ ‫الشمس تقف ـ ـ ـ ــو ِنعالن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫نسير وعيـ ـ ـ ُـن‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ولو ك ـ ــان مـ ـ ــا بالقل ـ ـ ـ ِـب ٕاال رصاص ـ ـ ـ ــة‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫لكان الجن ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـوب الح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـر ينع ـ ــى شمالن ــا‬ ‫ولكنن ـ ـ ــا ُ‬ ‫بالحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـب ٌ‬ ‫روح ٕاذا اشتك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ٔ‬ ‫ْ‬ ‫تداعت ل ـ ـ ـ ــه االجسـ ـ ـ ُ‬ ‫ـام حزن ـ ـ ـ ــا خاللنـ ـ ــا‬ ‫ُ‬ ‫ـش ‪ ,‬وم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٔـا ٌ‬ ‫الت َّب ـ ـ ـ ُـع املق ـ ـ ـ ـ ـ ــدام جي ـ ـ ٌ‬ ‫رب‬ ‫لنـ ــا‬ ‫ً‬ ‫ٔ ُ‬ ‫َ‬ ‫ول ـ ـ ــن تثق ـ ـ ـ ــب الفيران يوم ـ ـ ــا جبالن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ٓ‬ ‫لنـ ـ ــا هده ـ ـ ـ ٌـد ينس ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـاب من ك ـ ـ ـ ـ ِ ّـل اي ـ ـ ـ ٍـة‬ ‫َ‬ ‫سيظه ـ ـ ـ ـ ُـر باس ـ ـ ـ ــم الــله يروي نضالن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬

‫وها نحن قد ثرنـ ـ ـ ـ ـ ــا علـ ـ ـ ــى ك ـ ـ ـ ِ ّـل طار ٔ ٍي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫للنقص الكبي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـر اكتمالن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫لنثب ـ ــت‬ ‫ِ‬ ‫ُ َّ ْ‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫عهود‬ ‫ـت‬ ‫بالدي لهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا بلقي ـ ـ ــس وف ـ ـ ـ ـ ـ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫عبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ساللن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫وهـ ـ ـ ـ ــا ه ـ ـ ـ ــي بالبش ـ ـ ــرى ت ِ‬ ‫مس َ‬ ‫فمـ ـ ـ ـ ــا قيم ـ ـ ـ ُـة الدني ـ ـ ـ ــا ٕاذا َّ‬ ‫قلبهـ ـ ـ ــا‬ ‫م ـ ـ ــن الح ـ ـ ـ ــزن ِق ٌ‬ ‫طمير ورام اغتيالن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫نشيدن ـ ـ ـ ــا ‪,‬‬ ‫عل ـ ــى مل ـ ـ ـ ـ ِـة السـ ـ ـ ــال ِل يحيا‬ ‫ّ‬ ‫ومن سي ـ ـ ــرة الحم ـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫ـدي نغ ـ ـ ـ ـ ِـذي عيالنـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫عل ـ ـ ــى بابه ـ ـ ـ ـ ــا العالـ ـ ـ ـ ـ ــي تركن ـ ـ ـ ـ ـ ــا حناجـ ـ ــرا‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫فعدن ـ ـ ـ ــا جماهي ـ ـ ــرا نغن ـ ـ ـ ـ ـ ــي ارتجالنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ‪:‬‬ ‫ُ ٔ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ـدت لن ـ ـ ــا الهـ ـ ـ ــوى‬ ‫العذراء اه ـ‬ ‫اليمن‬ ‫ٕاذا‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫سنه ـ ــدي تـ ـ ــراب الع ـ ـ ـ ِـز فيه ـ ـ ـ ـ ــا رجالنـ ـ ـ ـ ــا‬

‫‪50‬‬

‫فيزياء‬ ‫معبر النهاري ‪ -‬السعودية‬

‫َ‬ ‫ْ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ َ ُّ‬ ‫؟‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫يئ‬ ‫ط‬ ‫خ‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫ش‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫وا‬ ‫ن‬ ‫ت ُابوا ‪ -‬أظ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ​ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـوب ِجراحـ ـ ـ ـ ـ ـا‬ ‫ف َمَضـ َـ ـ ــوا ِبخيب ِ‬ ‫ات القل ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ ُ َ‬ ‫وع لـ َم ـ ـ ْـن ت َعت ـ َق ب ْ‬ ‫اسـم َ‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫الد‬ ‫وا‬ ‫اغ‬ ‫ص‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫َ ْ ُ َّ‬ ‫ثغ ـ ـ ـ ــر الن ِبيـ ـ ـ ـ ـ ِـذ وأيقظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوا األتراح ـ ـ ـ ـ ـا‬ ‫َ‬ ‫ُْ​ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ـوب َم َح َّبة‬ ‫(صبـ ـ ـ ـ ـا) َر ْه ـ ـ ـ ـ ُـن القلـ ـ ـ ـ‬ ‫ذ ُابوا!‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ​َ ْ َ‬ ‫ص َب َ‬ ‫ُ َ‬ ‫صل ْالَ َساء َ‬ ‫احا‬ ‫ِ‬ ‫ْغ َزلت على خ ِ‬ ‫َأ َنا َه ُ‬ ‫اه َنـ ـ ـ ـ ــا َه ْـم ُ‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫يل‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫)‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫(ال‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫(الت َف ُ‬ ‫رع ُن) َحط ـ ـ ـ َـم األل َواح ـ ـ ـ ـ ـا‬ ‫َو ُهنا‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ ً‬ ‫يخـ ـ ـ ـ ـ ــي ِف ـ ـ ـ ـ ــي مـ ـ ــد ِاري‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫َه َّي ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َُْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َُّ‬ ‫(ال ِف ِيزَي ـ ـ ـ ـ ـ ُـاء) تفل ِس ـ ـ ـ ـ ـ ــف التفاح ـ ـ ـ ـ ـ ـا‬ ‫َ ْ َ ُ َ َّ َ‬ ‫وحـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫َأ ْو َف ْ‬ ‫ف ُر َ‬ ‫ـه‬ ‫ف‬ ‫ج‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫غ‬ ‫ال‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ط‬ ‫اه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫ْ ُ​ُ‬ ‫وق َم َراح ـ ـ ـ ـ ـ ـا‬ ‫َ ْ وم َض ـ ـ ـ ـ ــى َ َي ُّع ِال ـ ـ ــج ِبالبـر ِ‬ ‫َلـ ـ ـ ـ ـ ْـو َت ْم َنحي ـ ـ ــن ال ـ َج ْم ـ ـ ـ َـر ب ْع َ‬ ‫ض تلفـ ـ ـ ٍـت‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ َْ‬ ‫َْ َ‬ ‫أه ـ ـ ـ ــدى ِإلي ـ ـ ـ ـ ــك ِسالم ـ ـ ـ ـ ــه وارتاح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ً‬ ‫ا‬ ‫ـ‬ ‫َول َع َاد َه ـ ـ ــذا الـقل ـ ـ ـ ُـب ِطف ـ ـ ـ ــال َحالِـم ـ ـ ـ ـ ـ‬ ‫ْ َ َ َّ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َب َس َمات ـ ـ ـ ـ ُـه ُت ْه ـ ـ ـ ـ ِـدي ال ـمج ـ ـ ـ ـ ـ ــرة راح ـ ـ ـ ـ ـا‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ َ‬ ‫َُ‬ ‫َ​ََْ​َ ْ‬ ‫ـت‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫ـوب‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫)‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫َّ(م‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫بالضنـ ـ ـ ـ ـى األ ْر َواح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا‬ ‫َْو َمض ــت ت َج ِّم ـ ـ ـ ُـر‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ َ ْ‬ ‫َ َ ْ َ َ ُ‬ ‫ـت‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫)‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫(ا‬ ‫ان‬ ‫ج ـ ـ ـ ـ ـ ــارت ف ِني ـ ـ ـ ــر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ُ َ َّ‬ ‫َ ْ َ ُ َ​َ َ‬ ‫وال َكـ ـ ـ ــون قطـ ـ ـ ــب َوجه ـ ـ ـ ــه وأشاحـ ـ ـ ـ ـا‬ ‫ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫الس ـ ـ ـ ـ ـلم َِج ِديـ ـ ـ ـ ـ َـرة‬ ‫َيـ ـ ـ ــا ن ـ ـ ـ ـ ُـار كو ِن ـ ـ ـ ـ ـ ــي ِب‬ ‫ً َ َّ َ‬ ‫َ ًْ ُ َ ُ َ‬ ‫وزن خا ِفق ـ ـ ـ ـ ـ ـا نواحـ ـ ـ ـ ـا‬ ‫بـ ـ ـ ـ ــر َّدا يـ ـ ـ ـَ ـ ــد ِ‬ ‫َوت َ‬ ‫ص َاب ـ ـ ـ ـ ــري ي ـ ـ ـ ـ َـا ُروح ُ​ُسكـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـر ق ْرَ‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َّ َ ْ َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ق ـ ْـد َ‬ ‫صـ ـ َ َـار ِمل ًحـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ع ـ ـ ـ ــذب الـمـالح ـ ـ ـ ـ ـ ـا‬ ‫َ َ‬ ‫اغ ْل ـ ـ ـ ـ ـ ُـت َأ ْب َو َ‬ ‫الس َم ـ ـ ـ ـ ـ ــاء بأ ْد ُ‬ ‫اب َّ‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ش‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ َْ ُ ََْ‬ ‫َُْ‬ ‫وط ِفقت أه ـ ـ ـ ـ ـ ِـرق (لهف ِتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي) مفتاح ـ ـ ـ ـ ـ ـا‬ ‫َق ْد ُذ ْب ُت فـ ـ ـ ـ ـ ـي َغ َبش ْال ُق ُن ـ ـ ـ ــوت َف ُم ْه َ‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن ْحـ ـ ـ ـ ـ َـو السم ـ ـ ـ ـ ِـاء تتر ِج ـ ـ ــم ِالفصاح ـ ـ ـ ـ ـ ـا‬ ‫ُ ْ َ َ َ‬ ‫(آذ ُار) ْال َقصي ـ ـ َـدة ف ـ ــي َ‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫م ـ ـ ـ ــذ م ـ ـ ـاج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ ُ َ َ ً َ​َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫وأن ـ ـ ـ ــا أفتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـح سوسن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا وأقاح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وم َم ِخ ُيل ِت ـ ـ ـ ــي‬ ‫َب ْر َع ْمت فـ ـ ِـي ش َب ـ ـ ـ ـ ِـق الك ـ ـ ـ ـ ُـر‬ ‫ِ‬ ‫ََْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َو َمضيـ ـ ـ ـ ــت أ ْوق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـ ُد ِطينت ـ ـ ِـي أقداحـ ـ ـ ـا‬


‫ق�طو ف� ع ب�ير��ة‬

‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫إشراف ‪ /‬علي النهام‬

‫ُتخطئ يف النفور‬ ‫ٌ‬ ‫غزالة‬

‫‏د‪ .‬مستورة العرابي ‪ -‬السعودية‬

‫ً‬ ‫ّ‬ ‫مني‬ ‫‏يتهيأ املعنى ويفلت ٌعنوة ٌ‬ ‫‏مطال القرط أغنية مهادنة‬ ‫‏وباسم الكحل أن�سى الباب مفتوحاً‬ ‫‏وفي ّ‬ ‫عيني أسئلة األنوثة‬ ‫‏لم ّأكن وحدي‬ ‫ُ‬ ‫التكثف في دمي لغة “ ّ‬ ‫السراة‬ ‫‏استرقت من‬ ‫‏رأيت قامة سيرتي‬ ‫‏ال الريح تمحو ما ّ‬ ‫أهم ِبه‬ ‫‏وال ّ‬ ‫األيام تفطن الحتماالتي وهج�سي‬ ‫ّ‬ ‫‏في الليل يملكني الهواء ‪-‬‏أخف ‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫‏مرآتي التوتر‬ ‫ّ‬ ‫الو�صي‬ ‫‏صخرتي زمني‬ ‫‏أعيد تشكيل الغبارمن الخرافات القديمة‬ ‫ّ‬ ‫‏أسترد طفولتي األولى‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫‏أحن إلى “ الشفا “ ً‬ ‫رحبا ومفتتنا‬ ‫ّ‬ ‫‏أقص حكايتي للغيم‬ ‫ّ‬ ‫التجمل في الكالم‬ ‫‏أنتبذ املباح من‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‏ولست أتبع غيرنف�سي‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ضبابي املالمح‬ ‫‏شجن‬ ‫ّ‬ ‫‏يستلذ‬ ‫ّ‬ ‫‏أرق كالورق املطاوع‬ ‫‏مدام روحي سيرة الفو�ضى‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطائفي “‬ ‫النجي‬ ‫‏رفاقي “ الورد‬ ‫‏جبال أجدادي‬ ‫‏وقافيتي الشهية‬ ‫‏لم أراهن بانتمائي‬ ‫ً‬ ‫‏بالخرائط في دمي ً‬ ‫حجازيا‬ ‫وترا‬ ‫‏ولم أهجس بغيرالناس في ٌرئتي‬ ‫‏وتخطئ في النفور غزالة‬ ‫‏إذ أنا املرآة‬ ‫‏من رأ�سي لرأ�سي !‬

‫داع َأنيـق‬ ‫َو ٌ‬

‫يف رثاء حامت عيل‬

‫جبر بعداني ‪ -‬اليمن‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ط ـ ِّـيـ ٌـب َحـ َّـد تـ ْـســت ــثي ـ ُـر العنادا‬ ‫َ ٌ ِ ُ ُ ْ‬ ‫وب ـ ِعي ــد ‪ ‬فال تطال انـ ـ ِتــقادا‬ ‫‪ ‬للمعالي َ‪ ‬و َقـ ْـفـ َـت َن ْ‬ ‫َ‬ ‫شهيد‬ ‫ص َب‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ليت ِشعري ‪ ‬أما مــللــت انـ ِـفرادا؟‬ ‫ُ ْ ٌ َ ْ َ َْ‬ ‫ـش أنت ِمث َ َل َخــطــفـ ِـة َو َْح ٍي‬ ‫‪ ‬مــد ِهـ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫كيف بالوع ـ ِـي أحتويك اص ِطــيادا؟!‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وق ـ ْـد َبـ َـل ْغ ـ َـت َم ً‬ ‫قامــا‬ ‫‪ ‬ث ـ َّـم ماذا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال ُيدان ــى وما َب ــل ــغــت ال ُـمرادا؟!‬ ‫َ‬ ‫داع أني ـ ٍَـق‬ ‫‪ ‬كان ال ُب ـ ـ َّـد ِمـ َ ْـن َو‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫العام ك ْـي ُتـت َّم َّ‬ ‫السوادا‬ ‫أ ُّي ــها‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬مـ ْـن ُب ــكاء َيـ ُ‬ ‫ـليق بالـ َـم ْو ِت حتى‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ْ َ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫األنام اع ـ ِتــيادا‬ ‫يص ِبح الفــقد في ِ‬ ‫َْ َ‬ ‫‪ِ ‬ن ـ ْـع َم ما اخــتـ ْـرت للختام فهذا‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ َْ‬ ‫الط ـرادا‬ ‫م ْه ُر ‪ ‬سب ٍق ِبه اك ــتسحنا ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫لست َأ ْدري ب ـ َـأ ّي َد ْ‬ ‫ـيه‬ ‫ـ‬ ‫عل‬ ‫ـع‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫َ َْ‬ ‫ِ َ َ ٍ َْ‬ ‫الحدادا‬ ‫سوف ن ــب ــكي إذا أقـمنا ِ‬ ‫ُ​ُّ َ‬ ‫َ ْ َ َ َّ‬ ‫ينا‬ ‫إل‬ ‫‬‫و‬ ‫ـل‬ ‫الع‬ ‫على‬‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫قــد ت ــد‬ ‫ِ‬ ‫َ َّ ُ َّ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ح ــد ال ح ــد ي ــت ــقى ثــم عادا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬عاد ِ‪-‬مـ ْـن َحيث جاء‪ -‬ن ْـج ًـما َمهيبا‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫فالص ـ ُّـب ال ُيــطيق ْاب ـ ِتــعادا‬ ‫عاد‬ ‫َ ْ ُ َ ْ َ َّ َ َ ْ ً‬ ‫‪ ‬إي ِـه يا موت! قــد تــخيرت كــبــشا‬ ‫ـروم ْ‬ ‫ـس ُي ـ ْـس َـلى َولـ ْـو َن ُ‬ ‫ْلي ـ َ‬ ‫اجتهادا‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫الر ُ‬ ‫ّ ُ ّ‬ ‫ثاء َيـ ْـحلو ْارِت ــجال‬ ‫‪ ‬الرثـاء ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ُ َْ َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫ت ــخــسر الحرب م ــن أتـت تتهادى‬ ‫َأ ْس ــر ُجـوها َفــإ َّن ـ ُـه َي ـ ْـو ُم َفـ ْ‬ ‫ـص ـ ٍـل‬ ‫ِ‬ ‫ِ فيه بالريح َن ـ ْـسـ َـت ــف ـ ُّ‬ ‫الج ــيادا‬ ‫ـز‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ ْ َ ُ َ َْ ََْ ُْ‬ ‫ها‪،‬‬ ‫ـل‬ ‫‪ ‬م ــن لــه اآلن ِكـلمة ف ــلــي ــق ـ‬ ‫ُ َ ْ ََْ َ ْ َْ ُ‬ ‫ساعة الحــس ِم لـومـضت لن ت ــعادا‬ ‫ّ ُ ّ ُ َ َّ ُ َ ّ‬ ‫ـف‪،‬‬ ‫‪ ‬والرجال الرجال أول ص ـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ ْ ُ َّ ٍ َ ْ َ ُ ُ ّ‬ ‫الشدادا‬ ‫يـحصد النصرمن ي ــخوض ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫‪ ‬الدر ِام ُّي قـ ْـد ُ ُيـ ـ َـبـ ـ ِّـد ُل َو ْجها‬ ‫ك ّل حي ــن َوي ـ ْـسـ َـتـعير ْ‬ ‫اع ـ ِتــقادا‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الشاعر‬ ‫بينما‬ ‫العظيم ِب ــوج ـ ٍَ ْـه ُ ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫َّ‬ ‫ما تــثنى‪ ،‬فاألنـ ـ ِـق ــياء ف ـرادى !‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ول ـ ـهــذا َأ َ‬ ‫بالش ـ ْـع ـ ِـر أ ْ َح ـ َـرى‬ ‫اك‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـديرا ب ــأ ْن ُن ـ َ‬ ‫َ‬ ‫وج ـ ً‬ ‫ـريق ال ـ ِـمــدادا‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬فإذا ِغـ ْـبــت ُّأي ـ ــها َ ْالطـ ـ ْـو ُد َ عــنها‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أقص ُد األ ْر َ‬‫ض‪ -‬تـ ْـســتـ ُ‬ ‫ـحيل ِم ــهادا‬ ‫ِ‬ ‫ٌ ُ‬ ‫ْأنـ َـت َّ‬ ‫حاب ــي‬ ‫حاس ــم ال ت‬ ‫كالس ـ ْـي ِف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّأي ــها الفـ ْـر ُد أو تــجي ـ ُـد ال ـ ِـح ــيادا‬ ‫َ ً‬ ‫«الخفيف» َأ ِع ـ ْ‬ ‫ـي‬ ‫ن‬ ‫ـر‬ ‫على‬ ‫ـل‬ ‫يا ث ــقي ـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َْ​َ‬ ‫ىَ َْ‬ ‫الصمت ‪ ‬فالــهو قــد تــمادى‬ ‫ِفــتــنــة‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬والذي كان ِم ـ ْـن ِفرا ِق ــك أدم ـ ــى‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُب ـ ْـؤ ُبـ ـ َـؤ العي ــن ْ‬ ‫واست ـ َـرق ُّ‬ ‫السهادا‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ـنام وط ـ ْـر ِف ــي‬ ‫‪ ‬هادىء ِ‬ ‫البال ها َت ـ َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ط ــلــق اله ــج ــع – با ِئ ــنا ‪ -‬والرقادا‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ـا‬ ‫أن‬ ‫ـس‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ـواو‬ ‫ـ‬ ‫وللط‬ ‫‪ ‬نـ ـ ْـم َح ــبي ــبي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫الريـ ـ َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ـش ِإن غـ ِـضـ ْـبــنا ِوسادا‬ ‫نــجعل ِ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َْ َ ً‬ ‫حا ِت ــم الق ــلـ ِـب واليــد َّي ـ ِـن س ـ ُـالم ُا ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫فالسـ ــماوات رسـ ــلـ ــها ال تـعادى‬

‫‪51‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫احلمدهلل‬

‫اشراف‪ /‬منصر السالمي‬

‫عقارب الساعة‬ ‫منال احلسن ـ العراق‬

‫رزان اخلطيب ـ لبنان‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ماعدت ُّ‬ ‫أغتر فيما كان ُيغريني‬ ‫ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫الغي َيهديني‬ ‫الحمد ِ‬ ‫هلل ‪ ...‬بعد ِ‬ ‫والحم ُـد هلل في األقدار ُ‬ ‫يكتبها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫قول ِه ‪ :‬كــوني‬ ‫وكلها نـافــذ في ِ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫شيطان إلـى َد َعـ ٍـة‬ ‫دعاني‬ ‫فكم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫حين‬ ‫وزاد ِوزري ِمـن ٍ‬ ‫حين إلـى ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫يضللني‬ ‫يـ ِـزين لـي عملي حتى ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ ّ َّ‬ ‫ياطين‬ ‫أعــوذ ِ‬ ‫باهلل ِمـن شـ ِـر الش ِ‬

‫في غيابك‬ ‫كل األشياء غائمة‬ ‫تذوي‬ ‫الوقت عجوز‬ ‫ّ‬ ‫كر�سي من قش‬ ‫تجلس على‬ ‫ُّ‬ ‫وتعد لصمتها جدارا‬ ‫وأنا ‪...‬‬ ‫لدغتني عقارب الساعة‬ ‫ُ‬ ‫أمسكت باأل�سى‬ ‫استيقظت في الظهيرة‬ ‫الصباح هارب من ملساتي‬ ‫وعيوني ‪..‬‬ ‫كأنها سرب غزالن‬ ‫ترعى في األفق‬ ‫ُ‬ ‫نهضت ‪..‬‬

‫النجاة‬

‫َ‬ ‫ومــا أبـ ِّـر ُئ نف�سي حين تأم ُـرني‬ ‫َ​َ‬ ‫لـ ّـما تـريـ ُـد ‪،‬وأنــهاها فتعصيني‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ُت ْ‬ ‫ودي ِبعمر َي مــاشاءت ِلهلـكـ ٍـة‬ ‫َُ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫وتحج ُب النور عن عيني فتعميني‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫حيث ت ُ‬ ‫ـأسرني‬ ‫َّودعت قسوة قـلبي‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫هللا عـن ليني‪..‬‬ ‫ورحت أبحـث عـند ِ‬ ‫ُ‬ ‫ـرت ّربـ ْـي على الـ ُّـدنيا َّ‬ ‫لعل ِبـما‬ ‫آث ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫نجيني‬ ‫آثرتـه ‪ ..‬يوم ِ‬ ‫بعث الخ ِلق ي ِ‬

‫ْ ّ َ‬ ‫ألجل هو ًى‬ ‫فلن أف ِـرط فـي نف�سي ِ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ـف زائـ ٍـل ِديـني!‬ ‫ولن أبيــع ِبـزي ٍ‬

‫‪52‬‬

‫كان الوقت‬ ‫منتصف األلم‬ ‫ُ‬ ‫والشمس خافتة‬ ‫ُ‬ ‫أسمع أنينا يأتي من النافذة‬ ‫فأزيح ستارتها‬ ‫لطائروحيد‬ ‫أصغي ُ ٍ‬ ‫يقف أمامي‬ ‫أرى جناحيه مكسورين‬ ‫فيما‬ ‫الشموع تحترق‬ ‫والحقول تنام‬ ‫و ذاب ثلج انتظارنا‬ ‫في الكؤوس‬ ‫ذبلت وردة الجوري‬ ‫وهي تشهد رحيل حمرتها‬

‫عندها ‪..‬‬ ‫رشقني الفزع برذاذه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فركضت كاملجنونة‬ ‫أسأل هاتفي عن جفائه‬ ‫ُ‬ ‫كتبت له بدموع‬ ‫وحيرة‬ ‫َ‬ ‫تأخرت كثيرا‬ ‫َ ُ‬ ‫انتظرت ردا‬ ‫َ‬ ‫َو لم يأتني‬ ‫َب َ‬ ‫رد ُحبي‬ ‫َ​َ ّ َ‬ ‫و تجمد ش ِوقي‬ ‫ُ‬ ‫وسحقت عقارب الوقت‬ ‫ألنني‬ ‫ُ‬ ‫شعرت أن قلبي‬ ‫لم يعد مصغيا لنبضاته‬

‫كهالن الشجاع ‪ -‬اليمن‬

‫ً‬ ‫أسمع اآلن صوتا ينادي‬ ‫ُ‬ ‫النجاة‬ ‫ْ‬ ‫النجاة‬ ‫ُ‬ ‫فأغيب عن الوعي‬ ‫ً‬ ‫يحملني عابرا في الطريق‬ ‫ويسألني‬ ‫ُ‬ ‫كم م�ضى منذ أن جاءت‬ ‫الحرب‬ ‫قلت له غيمتان‬

‫والكثيرالكثيرمن الفقراء‬ ‫على الدرب ماتوا‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫وشاخت على دربنا املعجزات‬ ‫قال لي‬ ‫ُ‬ ‫كم م�ضى منذ أن كان للبيت‬ ‫ٌ‬ ‫رب‬ ‫وللزهر ٌ‬ ‫عطر‬ ‫ْ‬ ‫وللطفل آلة عزف‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫وللناس أغنية وحياة‬

‫ُ‬ ‫نصفه‬ ‫قلت عمري م�ضى‬ ‫وأنا لم َأر ما تقول‬ ‫فهل غاب وعيك مثلي؟‬ ‫أنا ال أعي ما تقول!!‬ ‫ْ‬ ‫فما زال في بيتنا بندقية‬ ‫وبضع رصاصات‬ ‫للصيد والحرب‬ ‫ْ‬ ‫لإلغتياالت والترهات‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫اشراف‪ /‬منصر السالمي‬

‫إدارة ذاتية‬

‫هكذا تكون‬ ‫حقيقيا‬ ‫إنسا ًنا‬ ‫ًّ‬ ‫القس جوزيف إيليا ‪ -‬مصر‬

‫عبداجمليد اجلميلي ــ اليمن‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وأحكم ذاتي‬ ‫سأديرمملكتي‬ ‫ً‬ ‫وثبات‬ ‫بعزيمة‬ ‫متسلحا‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫وأكون مسؤول هنا ومحافظا‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫والطرقات‬ ‫الحي‬ ‫ِ‬ ‫ومدير ِ‬ ‫أمن ِ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫البنك الذي هو فارغ‬ ‫ومحافظ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫مالت‬ ‫حتياط‬ ‫من ِال‬ ‫وأصعب الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫مدافعا‬ ‫أعيش‬ ‫وأكون جي�شي كي‬ ‫َّ‬ ‫عن شط أحالمي وممتلكاتي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فالشعرشعبي والقصيدة موطني‬ ‫ُ‬ ‫والحرف ُ‬ ‫البلدات‬ ‫رئاسة‬ ‫دار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫واملستشار ّ‬ ‫أمرهاج�سي‬ ‫ِ‬ ‫بكل ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫األزمات‬ ‫إدارة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعليه فن ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوزراء ?!!! ال داعي لها ‪..‬‬ ‫ورئاسة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫املع ّين كي أل ّم شتاتي‬ ‫فأنا‬ ‫ّ ُ‬ ‫نقبت ّفي ألكتفي بمواردي‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫الثروات‬ ‫مصدر‬ ‫فوجدت عقلي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫سأصونه ً‬ ‫فلست ّ‬ ‫مؤج ًرا‬ ‫أبدا‬ ‫ُ‬ ‫ببائع خيراتي‬ ‫عقلي ولست ٍ‬ ‫ّ‬ ‫بأي تناز ٍل‬ ‫لن يظفروا مني ِ‬ ‫ُ‬ ‫عن ّ‬ ‫بفتات‬ ‫كل ما أنجزت ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫فـي لوحـة ّ‬ ‫الدنيـا أف ْ‬ ‫ـض ألوانـا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫وبهـا أقـم مـن‬ ‫صخرهـا بنيانـا‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫مـا َ‬ ‫جئتهـا عبثـا وال صف ًـرا وال‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫جئتهـا مآلنـا‬ ‫وهمـا ولك ْـن‬ ‫فانهض إليها ر ً‬ ‫ْ‬ ‫اضعا ِم ْن ثديها‬ ‫ْ‬ ‫وص ْـر ُرّبانـا‬ ‫وببحرهـا سـافر ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعلـى رباهـا ز ً‬ ‫ارعـا مـا ُيشـتهى‬ ‫ً‬ ‫ومح ّ ِـول صحر َاءهـا بسـتانا‬ ‫ًّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫متلطفا‬ ‫وامسح دموع ِ‬ ‫فؤادها ِ‬ ‫َ‬ ‫واجع ْـل بهـا محزونهـا فرحانـا‬ ‫ّْ ً‬ ‫ـاحها‬ ‫ـض قيـد وثبـة فـي س ِ‬ ‫للبغ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫واملأ فضاهـا رأفـة وحنانـا‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ولفك ِرهـا ُد ْم كاشـفا ألغ َـاز ُه‬ ‫ال تب َـق فيهـا ً‬ ‫تائهـا حيرانـا‬ ‫ً ًّ‬ ‫حربهـا‬ ‫بطلا قويـا فـي فواج ِـع ِ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫النـز ِال جبانـا‬ ‫تص ْـر عنـد ِ‬ ‫قـم ال ِ‬ ‫كل داليـة ت ّ‬ ‫ـذو ْق َ‬ ‫م ْـن ّ‬ ‫خمرهـا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫وافتـح ملـن يأتـي إليـك ِدنانـا‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫لسانها‬ ‫ومن السواقي خذ هدوء ِ‬ ‫ْ َ ّْ‬ ‫حليم النف ِس الغضبانا‬ ‫واجلس‬ ‫ّ‬ ‫بالناس ْ‬ ‫َ‬ ‫األيادي نحوهم‬ ‫ثق ُم َّد‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫فاإلث ُـم أن تبقـى بهـم ظنانـا‬

‫ْ‬ ‫األخطاء ال ْ‬ ‫تنظرلها‬ ‫سامح على‬ ‫ِ‬ ‫وملـن أتاهـا ال تكـن ّديانـا‬ ‫ْ َ ّ‬ ‫الذئب َ‬ ‫منك كفى ًدما‬ ‫وانزع نيوب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ال كنت وحشا ناهشا حمالنا‬ ‫ّ‬ ‫واخل ْـع َ‬ ‫رداء الكبري ِـاء فإن ُـه‬ ‫ـف بانـا‬ ‫جم ٌـرعلـى جس ٍـد ضعي ٍ‬ ‫ْ ّ ْ َ‬ ‫عقل َك ّ‬ ‫السامي ْ‬ ‫وعش‬ ‫هذب‬ ‫بال ِعل ِم ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫في ِـه حياتـك راس ًـما أزمانـا‬ ‫َ‬ ‫والح ُّـق ال تهم ْـل حدائق ُـه ب ِـه‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫واضرب جيوشا ساندت ُبهتانا‬ ‫ُ‬ ‫والق ْب ُح ّ ْ َ ُ‬ ‫واكس ْر ًيدا‬ ‫ِ‬ ‫جفف نبعه ِ‬ ‫ْ‬ ‫ألقـت علـى ُح ْس ٍـن زهـا نيرانـا‬ ‫تكتئب مهما جرى ُ‬ ‫ال ْ‬ ‫وصغ ّ‬ ‫الرؤى‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ‬ ‫ـتركب خيل ُـه جذالنـا‬ ‫لغ ٍـد س‬ ‫َ ٌ‬ ‫تاريخ ذوى ْ‬ ‫دع ُه ْ‬ ‫وعش‬ ‫ماضيك‬ ‫ـوز يدعـو اآلنـا‬ ‫فـي حاض ٍـر للف ِ‬ ‫ـكل ف ّـن ال ُتـز ْل أض َ‬ ‫ّ‬ ‫ـواء ُه‬ ‫ول ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫طوب ُـاه َم ْـن س َـار الخطـى فنانـا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ـود ِه‬ ‫إذ هكـذا يبنـي قلاع خل ِ‬ ‫ـود ُع ّ‬ ‫وي ّ‬ ‫التهمي َ‬ ‫والخذالنـا‬ ‫ِ‬ ‫ـش ِ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫دني َ‬ ‫ـاك تصب ُـح جنـة مرغوبـة‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫إن كنـت فيهـا عائشـا إنسـانا‬

‫‪53‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫وقلبي هذا‬ ‫«جلّب الهوى»‬ ‫ملى أبو لطيفة ‪ -‬األردن‬

‫ُ‬ ‫يســتطيع ‪ -‬رغــم ســواده‪ -‬أن يكشــف األشــخاص ذوي األرواح‬ ‫الجميلــة ويجذبهــم و ُيص ّيرهــم ندمــاءه المقربيــن!‬ ‫أعــرف كيــف علــى المــرء أن يفتــح أضلعــه للذيــن ال يجــدون‬ ‫صومعـ ً‬ ‫ـة يبكــون فيهــا ويظهــرون أســوأ مافيهــم ُ‬ ‫ـول رهيب‬ ‫بقبـ ٍ‬ ‫ً‬ ‫تــوزع بالمجــان‪!.‬‬ ‫وبصكــوك غفــران ُمحضــرة‬ ‫مســبقا ّ‬

‫ُ‬ ‫وأستطيع تمييز املرأة التي تهجر صدر رجل‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أحبته ألنه لم يمنحها ما تحتاجه أي أنثى من‬ ‫أمان «على وجه الخصوص» ودالل عاطفي‬ ‫ٍ‬ ‫واحتواء دافئ بالطريقة التي ّ‬ ‫تحبها أو تمنتها في‬ ‫مراهقتها مهما كابرت وأخفت ذلك!‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أمسح دمعة صديق حتى لو لم يذرفها لئال ت َنزع‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عن صدره نياشين الرجولة املزعومة وتسقط‬ ‫عنه مسمياتها املوروثة لدينا كشرقيين!‬ ‫ُ‬ ‫أنسل شراييني ُلتم�سي َش ً‬ ‫عرا‬ ‫وأتمنى لو أنني‬ ‫ُيغطي‬ ‫رأس طفل مصاب بالسرطان‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫أو أن أتنكر كما «سانتا كلوز» مرة واحدة على‬ ‫تحت وسادات من‬ ‫األقل ألخبئ هدايا بسيطة َ‬ ‫لسبب أو آلخر حتى لو‬ ‫هم مثلي فقدوا طفولتهم‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ات وأجداد!‬ ‫صاروا جد ٍ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫وعندي حاسة سمعية تنصت «لدبيب‬ ‫النمل»‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫تماما كما تنصت ألفراح املقربين وأتراحهم‪..‬‬ ‫قدرتي على االستماع تفوق قدرتي على البوح‬ ‫بمراحل كثيرة بالرغم من أن ّ‬ ‫عيني املنطفئتين‬ ‫ً‬ ‫سلطانا عليها تفضحني‬ ‫ومالمحي التي ال أملك‬ ‫ً‬ ‫ُمظهرة أي شعور أو فكرة أواريها عنكم‪..‬‬ ‫أعرف كيف أخفي صراعاتي في ّ‬ ‫حب أحدهم‬ ‫أو كرهه في ُّ‬ ‫تقبل فصيل ورفض آخر ليس‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫نفاقا بقدر ما هو حفاظا على أهمية التعامل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫»بديهي» بصرف النظر عن مدى‬ ‫ومعروف‬ ‫بود‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫اختالفنا أو اتفاقنا كأشخاص يعيشون في‬ ‫املجرة نفسها!‬ ‫أفض نز ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫اعا يسلق جوفي‬ ‫أنشب أو‬ ‫وكيف‬

‫‪54‬‬

‫بين شخصين يتزاحمان داخلي بأفكار ومشاعر‬ ‫ً ّ‬ ‫تماما إال أنهما حين يتصالحان ُيحيكان‬ ‫متناقضة‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ضدي حزبا أنا أول وألد أعدائه املستهدفين‪..‬وال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫آبه ً‬ ‫انتصرت فالنتيجة واحدة!‬ ‫أبدا إذا انتصرا أو‬ ‫ُ‬ ‫أكره اسمي كما أكره كل األشياء التي لم‬ ‫وعرق وقومية وخطوات كثيرة‬ ‫أخترها من دين ِ‬ ‫ُ‬ ‫قصرا ألن الحياة لم تفتح لي ً‬ ‫مشيتها ً‬ ‫دروبا أخرى‬ ‫ُ‬ ‫ولم تسمح لي بالوقوف وال الرجوع وال أجد غاية‬ ‫وال منفعة من التصالح معها وال أحاول ذلك‬ ‫وإنما ألذكر له محاسنه َّ‬ ‫علي االعتراف بخفته‬ ‫على اللفظ والسمع ال َ‬ ‫أكثر وال أقل‪..‬‬ ‫األصدقاء من حولي يقولون بإيمان ُمطلق أنني‬ ‫أمانهم ً‬ ‫تماما كما هم بهجة قلبي التي ال ُيمكنني‬ ‫ُ‬ ‫علي‪ّ ،‬‬ ‫نكران فضلها ّ‬ ‫أحبهم ويحزنني مصابهم‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫كما ترقص روحي فرحا بهم ومعهم لكن أقربهم‬ ‫َ‬ ‫إلي ُ‬ ‫ّ‬ ‫أبعد مني ُبعد مشرق الشمس عن مغربها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وليس هذا مأخذا يؤخذ عليهم بل ً‬ ‫عيبا ّفي أنا‬ ‫ألنني كائن بارع في تمثيل القوة وسخاء العون‬ ‫والعاطفة رغم أنني أكثرهم وأشدهم حاجة‬ ‫َ‬ ‫إلى ذلك أما ُهم فال «يضربون باملندل» وال‬ ‫ُ‬ ‫نجمون‪!.‬‬ ‫ي ِ‬ ‫ُ‬ ‫لنعد «للمسكين» اسمي!‬ ‫فقلبي»ولدٌ‬ ‫معتوه « ُيبغض اسمي ألنه يكادُ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ريقك»‬ ‫يجن «غيرة»حين ّيمسه �شيء من «شهد َ ُ‬ ‫كلما نطقته‪..‬ويتعجب‪ ،‬كيف ألحدهم أن ينظم‬ ‫من مجرد اسم ال يتجاوز الثالثة حروف‪،‬‬ ‫ُ ّ‬ ‫«معلقة شعرية» موزونة باتقان وبالغة لها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫رهبتها َووقارها ُت ُ‬ ‫وحنانا ونشوة كلما‬ ‫ذيبه لهفة‬ ‫ألقاه على مسمعي!‬

‫متاهة الصـب‬ ‫حنان محمد‬

‫ً‬ ‫َ ْ ُ ُ ُ‬ ‫طفئ البين شوقا ِف ْي النو ٰى اشتعال‬ ‫هل ي‬ ‫ٰ ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أو يحيـي الشـوق قلبا ِفـي الهوى ق ِتـال‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫هـل يعرف الدم ُـع ِرفقا بين محبس ِـه‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الرفق دمعـا أهلك املقـال‬ ‫أو يعرف‬ ‫ْ‬ ‫َم ْن ُ‬ ‫يرحم الصـب إذ مـا راح يحمل ُـه‬ ‫حم ًـال ثقي ًـال ومـا أد َ‬ ‫اك مـا حمـال‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫اح أبـ ْـت أن التغ ــادرهُ‬ ‫ّإن الج ـر َ‬ ‫العشق ُمعتــزال‬ ‫حت ٰـى يغـادرأرض‬ ‫ِ‬ ‫ذكـر ٰى املواجــع ما زال ْـت تـر ُ‬ ‫اوده‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حت ٰـى ظننت لهـا ِف ْـي عمق ِـه نـزال‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫اآلمال منشرحـا‬ ‫وبـات يســرح ِفـي ً ِ‬ ‫القلب قد أفـال‬ ‫بنجم األس ٰـى ِف ْي‬ ‫ظنا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُيموس ـ ُـق اآله مستـ ًـاء ويع ِـزفــها‬ ‫ً‬ ‫لحنا ِم ْـن الحــز ِن ِف ْـي طيات ِـه ابتهــال‬ ‫خــال بقلــب بــه حـب يكـاب ُ‬ ‫ـده‬ ‫ٍ ِ‬ ‫يرتـل الشـوق ِف ْـي محـراب ِـه وجــال‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫عواصف الهجـس هـاجت فوق أسط ِـره‬ ‫ْ‬ ‫ت ُ‬ ‫ـذود عنـها رذاذ الطــل إن همـال‬ ‫ُ‬ ‫ـات الي ـراع ل ُـه‬ ‫والحـرف يلـهـو بآه ِ‬ ‫بـوح تــوارى وراء الصمــت مختـزال‬ ‫ً‬ ‫يسام ُـرالنجـ َـم محتــارا ويسأله‬ ‫لعله قـد رأى َم ْـن غـاب وارتحـال‬ ‫ً‬ ‫سؤال الت ِـيه منتظـرا‬ ‫فل ْـم يـز ْل ِف ْـي‬ ‫ُِ‬ ‫َ‬ ‫الجواب يقـد الوقـت ُمـذ سـأال‬ ‫منـه‬ ‫و ظل ِـت الزهـرفِـ ْي األكمـام قائلـة‬ ‫وكم م َـن ّ‬ ‫اإلزمان مـا قتـال‬ ‫الحب ِف ِـي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫حسف‬ ‫يكفـي امتهانا و ما القيـت ُ ِمن ً ٍ‬ ‫َ‬ ‫أفنيـت عمرا ِبه حتـ ٰـى غـدا مثـال‬ ‫َ‬ ‫ل ِل ْم شتـاتـك وارح ْـل دونما عت ٍـب‬ ‫مـادام فجـرالهـو ٰى ياصاحبـي رحـال‬ ‫ً‬ ‫واحفـظ لعينـك نـورا يستـنار ِبه‬ ‫كم ّأرقتهـا ال ٰ‬ ‫ـرؤى و الجـرح ما اندمـال‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫فاتنتي‪...‬‬

‫داد من شعور!!‬ ‫ِم ٌ‬

‫ذكرى‬

‫فاحتة صالح الدين‬ ‫شيخ بن علي صنعاني‬

‫قيثارتي ُكس َر ْت ُ‬ ‫وعودي ُ‬ ‫أبتر‬ ‫ِ‬ ‫وبداخلي لحن بدا ّ‬ ‫يتحو ُر‬ ‫ّ‬ ‫تدلهم بخافقي‬ ‫وهموم ِش ْع ٍر‬ ‫َ‬ ‫اليراع مع املساء ّ‬ ‫تضج ُر‬ ‫وغزا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الغرام همى وش ّل قريحتي‬ ‫أهو‬ ‫ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫رحابك أحور ؟!‬ ‫أم ذاك مس من‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ما ُعدت أدري كيف أمنحني على‬ ‫َم ّرالدهور وسامة ال ُت َ‬ ‫قه ُر‬ ‫رأيتك للنجوم وميضها‬ ‫فلقد ِ‬ ‫بل أنت أجمل صورة أتصورُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يا فتنة من نسل يوسف أقبلت‬ ‫كبزوغ فجرحسنه يتفجرُ‬ ‫ّ‬ ‫من وجنتيك بدا اللجين ُم َرتال‬ ‫َُ‬ ‫آيات عشق والزهور تك ِّب ُر‬ ‫ّ ْ‬ ‫كل املرايا دون وجهك ُه ِشمت‬ ‫ُ‬ ‫وبك الخمائل تستطيب وت ْز ِه ُر‬ ‫ّ‬ ‫والفل منك قد استعارأريجه‬ ‫ُ‬ ‫يقطر‬ ‫والشهد من شفتيك عطرا‬ ‫ياحبذا كأس الغرام معتقا‬ ‫في عمقه من فيض خمرك ْ‬ ‫أس َكرُ‬ ‫َ‬ ‫وأنت ُ‬ ‫طهرقصيدة‬ ‫من ذا يلوم ِ‬ ‫أنت من نبع الطهارة ُ‬ ‫أطهر‬ ‫بل ِ‬

‫منى البدراني ‪ -‬املدينة املنورة‬

‫ْ‬ ‫املشاع ْـر‬ ‫َعلى ِقـيثارِتـي َسك ـ ُـب‬ ‫ِ‬ ‫بكأس الحرف من ُ‬ ‫ْ‬ ‫الخواطر‬ ‫ص ْهب‬ ‫ِ‬ ‫َِ‬ ‫َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ْ‬ ‫وشح ـ ٍـة ت ــسامت‬ ‫أ ِدثـ ُـره ــا ب ــأ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ـفاخـ ْـر‬ ‫ـكار ِم وامل ـ ِ‬ ‫ِلحـ ِ‬ ‫ـراب امل ـ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ـض‬ ‫ِبــها َوت ـ ُـر‬ ‫ِ‬ ‫الحروف نسيج نبـ ٍ‬ ‫وفي َ‬ ‫األفع ــال نق ـ ٌ‬ ‫ـش للم ــآ ِث ـ ْـر‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫األسماء تظ ـ ُ‬ ‫ـموخ‬ ‫ـهرفي شـ‬ ‫ِبــها‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ـحليقها سـ ــت ُرالضم ــا ِئرْ‬ ‫وفي تـ ِ‬ ‫ُت َم ــوس ُقها َع ـ ـ ــناد ُل فاتن ـ ٌ‬ ‫ـات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َفتس ـ ُ‬ ‫ـاوتها املن ـ ِـاب ْر‬ ‫ـ‬ ‫حف‬ ‫في‬ ‫ـبق‬ ‫ِ‬ ‫ـتال ٌ‬ ‫وفي َت ــرنيمـ ــتي َي ْخـ ـ ُ‬ ‫ورد‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫بلــون ُ‬ ‫الحـ ـ ّـب جذ ٌ‬ ‫ـاح ْر‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫اب‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ُ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫روحـي‬ ‫الشع ـ ِـر‬ ‫إنعاش ِل ِ‬ ‫وع ــود ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫املباخ ــرْ‬ ‫طر ِ‬ ‫ـضوعــه على الش ِ‬ ‫تـ ُ ِ‬ ‫َ ً‬ ‫ـاع ُـر‪..‬نزف ِآه ــي‬ ‫فـ ــمهال يامشـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫بدمع حــا ِئـ ْـر‬ ‫تنـ ٌ ِ‬ ‫ـاجيهــا النج ــوم ِ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫اجعـ ــات‬ ‫ليل ــي َس‬ ‫تـ ِـربته ـ ــا ِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ْ ُ​ُ‬ ‫ـواظ ْـر‬ ‫ـداب الن ـ ِ‬ ‫وتح ــضنها بــأه ـ ِ‬ ‫َ‬ ‫وذ َ‬ ‫اك َ‬ ‫الب ـ ُ‬ ‫ـدر ْيه ِم ُس ــني َح ِريـ ًـرا ‪:‬‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ساه ْر؟!‬ ‫ـدران املن ــى ِبالوج ِد ِ‬ ‫ُأ بـ َ ْ‬ ‫َُ ُ‬ ‫فق ــلت ُله ‪َ :‬ستعذرنـي ِبـ ــرأ ٍف‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫ـاق مكنون السرا ِئ ْر‬ ‫ففـ ُـي الخفـ ـ ِ‬ ‫َ‬ ‫وعاط ــفتي م ـ ـ ٌ‬ ‫ـور‬ ‫ـداد ِمن شع ـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َعلى أ َوت ــارها َي ْن َه ـ ُ َ‬ ‫اط ـ ـ ْـر‬ ‫ـال م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـاح َعاتي ـ ٌ‬ ‫َوت ْ‬ ‫ص ــد ُمني َريـ ـ ـ ٌ‬ ‫ـات‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫حابـ ـ ْـر‬ ‫أوصدهــا ِبأش ـ ِـر ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫عة امل ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وط ْهـرج ـ َ‬ ‫عري‬ ‫ش‬ ‫ـاد‬ ‫َعلى َوض ـ ٍـح‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫مس أ ْجـ ِـدل ُه ضفائِ ـ ْـر‬ ‫وضوء الش ِ‬

‫عادت ‪..‬‬ ‫إلى صحرائها ذكرى‬ ‫‏نقشت بقلب يباسها نهرا‬ ‫‏‬ ‫‏ال ورد فيها ْ‬ ‫استفحلت ألوانه‬ ‫ُ‬ ‫‏إن أسقطت أسرارها جهرا‬ ‫‏‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫‏عبرت جدارالصمت الهثة ‪..‬‬ ‫وال يد في املدى‬ ‫تدني لها ِسترا‬ ‫‏‬ ‫‏تهفو ‪..‬‬ ‫و ْ‬ ‫ّ‬ ‫متوج ٌ‬ ‫س‬ ‫لكن خطوها‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫‏وكأن مشيتها علت جمرا‬ ‫‏ ّ‬ ‫‏و تقول ٍ‬ ‫أف ُ! ّ‬ ‫كم ّ‬ ‫الخالخل ُحلها ‪..‬‬ ‫تكبلني‬ ‫ما أثقل ّ‬ ‫الصبرا !‬ ‫‏‬ ‫ّ‬ ‫‏ترمي الدثار‪..‬‬ ‫عينها مكشوفة‬ ‫ٌو ّ‬ ‫‏أرق يقطردمعها سحرا‬ ‫‏‬ ‫‏ترسو على نور‬ ‫تتيه سماؤه‬ ‫‏في ليلة صلبوا لها بدرا‬ ‫‏‬ ‫‏يا بنت أفكاري ‪..‬‬ ‫و بكرجنونها‬ ‫‏ماذا أردت ُ‬ ‫فآهك استسرى ؟‬ ‫‏‬ ‫ِ‏ا ِرمي القصيدة ‪..‬‬ ‫و افتحي بستانها‬ ‫‏و ّ‬ ‫تصيدي أنداءها طيرا !‬

‫‪55‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫إشـراف‪/‬‬ ‫ميادة سليمان ‪ -‬سوريا‬

‫كايات ماما ميَّادة‬ ‫ِح ُ‬ ‫القص ُة األولى‬ ‫َّ‬

‫َد ُ‬ ‫رطة!‬ ‫انيال ِف َو ٍ‬ ‫ميادة مهنَّ ا سليمان ‪ -‬سورية‬ ‫َّ‬ ‫فتدحر َجت إىل غرفةِ‬ ‫يلعب بكرتِ هِ‬ ‫صباح‪ ،‬وبد َأ‬ ‫ذات‬ ‫استيقظ‬ ‫َ‬ ‫دانيال َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫نوم وال َِديهِ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وراءها ُلي ِ‬ ‫الشع ِر ا َّلذي‬ ‫فوق َع ْت عي ُن ُه على ُم ِّ‬ ‫حض َرها َ‬ ‫جف ِف َّ‬ ‫َ‬ ‫ركض َ‬ ‫لذلك ب َّل َل‬ ‫كيف ُي ِّ‬ ‫ضول ليرى َ‬ ‫عر‪َ ،‬‬ ‫تستخدِ ُم ُه ُّأم ُه‪َ ،‬‬ ‫جف ُف َّ‬ ‫فانت َاي ُه ُف ٌ‬ ‫الش َ‬ ‫بالض ِ‬ ‫بعد أن وص َل ُه ِبالكهرباءِ‪.‬‬ ‫وقام َّ‬ ‫غط على أحدِ أزرا ِره َ‬ ‫غُ َّر َت ُه ِبالماءِ‪َ ،‬‬ ‫ِهِ‬ ‫هِ‬ ‫وج َه ُه إىل وج ِههِ ‪،‬‬ ‫قد‬ ‫كان‬ ‫ل‬ ‫تشغي‬ ‫ب‬ ‫قام‬ ‫حين‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ومن سو ِء ِّ‬ ‫حظ َّ ُ‬ ‫َ َ ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وجه ُه‪.‬‬ ‫فاندفع‬ ‫الهواء َّ‬ ‫ولسع َ‬ ‫الساخ ُن‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫األرض‪،‬‬ ‫جف َف على‬ ‫مرعوبا‪،‬‬ ‫صرخ‬ ‫الم ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫فتوجهت ُّأم ُه إليهِ ‪ ،‬وقد رمى ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫الباب‪.‬‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫وراء ِ‬ ‫واختب َ‬ ‫هِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عان َقها‬ ‫ى‬ ‫حت‬ ‫‪،‬‬ ‫بتوبيخ‬ ‫ت‬ ‫هم‬ ‫إن‬ ‫وما‬ ‫ِ‪،‬‬ ‫ء‬ ‫الكهربا‬ ‫شريط‬ ‫بنزع‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫قامت ُأ ُّم ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫والعفو‪.‬‬ ‫ماح‪،‬‬ ‫برجاءٍ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫الس َ‬ ‫طالبا َّ‬ ‫َ‬ ‫وأسف‪ً ،‬‬ ‫َّرب َت ْت ُأ ُّم ُه على كتِ فِ هِ ‪ ،‬وقالت‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫عِ‬ ‫األدوات‬ ‫يد َك إىل‬ ‫أل‬ ‫دني‬ ‫لكن‬ ‫‪،‬‬ ‫دانيال‬ ‫المر َة سأُسامِ ُح َك يا‬ ‫َّ‬ ‫تم َّد َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ هذه َّ‬‫الكهربائيةِ أل َّنها خطير ٌة ِج ًّدا‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫قائل‪:‬‬ ‫تلك‬ ‫وعد‬ ‫دانيال َّأم ُه َّ‬ ‫وقام بتقبيلِها ً‬ ‫يلم َس َ‬ ‫األدوات ُم َّ‬ ‫َ‬ ‫جد ًدا‪َ ،‬‬ ‫بأل َ‬ ‫ُ‬ ‫ألعب سوى بألعابي أل َّنها آمن ٌة ول ُِعمري‪.‬‬ ‫لن‬ ‫ ْ‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وقالت‪:‬‬ ‫األم‪،‬‬ ‫فابتسمت‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫أمان‪.‬‬ ‫ َإذ ْن َ‬‫اذه ْب إىل غرفتِ َك‪ ،‬وأكمِ ْل لعِ َب َك ِب ٍ‬

‫ٌ‬ ‫هواية أحبها‬ ‫مرام منر سليمان ‪ -‬سورية‬ ‫ِ‬ ‫أحب‬ ‫أحب المشي في‬ ‫أحب ّ‬ ‫طرقات جبالنا الخضراء‪ُّ ،‬‬ ‫الرسم واأللوان ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫أحب أن‬ ‫‪،‬‬ ‫مال‬ ‫الر‬ ‫تلك‬ ‫من‬ ‫والقصور‬ ‫القالع‬ ‫وبناء‬ ‫البحر‬ ‫رمال‬ ‫على‬ ‫كض‬ ‫الر‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫الشواطئ‬ ‫رسائل‬ ‫تحمل‬ ‫ة‬ ‫ورقي‬ ‫ا‬ ‫سفن‬ ‫معها‬ ‫وأبعث‬ ‫األمواج‬ ‫أسابق‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حب إىل ّ‬ ‫َ‬ ‫ٌّ‬ ‫وح والجسدِ والفك ِر لكنني‬ ‫‪،‬أحب‬ ‫األخرى‬ ‫للر ِ‬ ‫أشياء كثير ًة كلها نافع ًة ّ‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫الدنيا‬ ‫أحب أن‬ ‫أحب القراءة أكثر‬ ‫أجوب ّ‬ ‫عبر ّ‬ ‫أحب ّ‬ ‫الصفحات ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫الرحيل َ‬ ‫َ‬ ‫أحب أن أتعرف على شخصيات وحضارات وصلت‬ ‫والماضي‬ ‫ر‬ ‫الحاض‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫أظن هذا يكفي‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫مفيد‬ ‫المطالعة‬ ‫لكم‬ ‫قلت‬ ‫أن‬ ‫مس‬ ‫الش‬ ‫إىل‬ ‫أمجادها‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫االنسان بما تمد ُه من‬ ‫تكوين شخصي ُة‬ ‫قلت لكم المطالعة تسهم في‬ ‫أن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نسغ المعرفة لتشكل شجيرات ثقافتنا‬ ‫روافد ٍ فكريةٍ بما تقدم ُله من ِ‬ ‫عوالم المعرفةِ علينا‬ ‫ولندخل‬ ‫كنا صغار ًا أو كبار ًا لنقرأ‬ ‫‪،‬علينا أن نقرأ أن ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫النحل ُة وال ّزهرة‬ ‫نقيم صداق ًة مع‬ ‫والشجرة كما ّ‬ ‫الكتب كما العصفور ُة ّ‬ ‫ِ‬ ‫أن َ‬ ‫خضراء مل ّون ًة‬ ‫ا‬ ‫مروج‬ ‫نيا‬ ‫الد‬ ‫سنرى‬ ‫عندها‬ ‫واطئ‬ ‫والش‬ ‫األمواج‬ ‫كما‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫بالحب والعطاء‪.‬‏ِ‬ ‫بأجمل األزها ِر ونرى الوجوه نضر ًة غني ًة‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬

‫‪56‬‬

‫شعر لألطفال‪:‬‬

‫الر ْو ِض‬ ‫َبالب ِـ ُل َّ‬

‫زياد سودة ‪ -‬سورية‬

‫ْ‬ ‫بالبل ُّ‬ ‫الد ِوح ارتقت‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫وض‬ ‫تطيرنحو الر ِ‬ ‫ُ‬ ‫تغني في صعودها‬ ‫َ ُ ُ ُ‬ ‫األرض‬ ‫نحن حماة‬ ‫ِ‬ ‫***‬ ‫لحب األرض يا وطني‬ ‫ِ‬ ‫ُله تشدو ُأغانينا‬ ‫ُ‬ ‫وضوء ُ‬ ‫ُ‬ ‫الص ِبح يأخذنا‬ ‫ُ‬ ‫ُتنادينا أمانينا‬ ‫وفي صحر ِاء غربتنا‬ ‫غيوم ُ‬ ‫ُ‬ ‫الح ِب تروينا‬ ‫***‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫بالدي روضة حلوة‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫الشمس والثروة‬ ‫وفيها‬ ‫ُ‬ ‫نحرث األرضَ‬ ‫ّ‬ ‫فهيا‬ ‫ُ‬ ‫القلب نسقيها‬ ‫ودمع‬ ‫ِ‬ ‫فتعطينا مباهجها‬ ‫إذا ما رحنا نعطيها‬

‫َّ‬ ‫«البو ْن ِوي ُلو‬ ‫احلطاب و فطائر ُ‬ ‫(حكاية شعبية إسبانية)‬ ‫ترجمة‪ :‬أحمد الزاهر لكحل ‪ -‬املغرب‬ ‫يحكى أن حطابا كان يعيش مع زوجته في البادية‪ ،‬ذات يوم ذهب ليقطع‬ ‫الحطب‪ ،‬وأثناء عودته وجد كيسا مملوء بالنقود‪ .‬عندما وصل إىل البيت حكى األمر‬ ‫لزوجته وأخبرها أنه ينوي تسليمه لصاحبه في صباح اليوم التالي‪ .‬لم تكن زوجته‬ ‫توافقه الرأي وتجادال طيلة المساء إىل أن حل الليل فاستسلما للنوم‪.‬‬ ‫مع مطلع الفجر نهضت المرأة وبدأت تحضير فطائر «البونويلو» ولما انتهت‬ ‫علقتها على شجرة التين الموجودة أمام باب المنزل‪ .‬عندما استيقظ الحطاب ‪،‬‬ ‫قالت له زوجته‪:‬‬ ‫ انظر‪ ،‬لقد أمطرت السماء هذه الليلة فطائر “البونويلو”! إن شجرة التين مليئة بها !‬‫مرت األيام ولم يتمكن الحطاب من العثور على صاحب الكيس‪ ،‬لكنه التقى ذات‬ ‫يوم بعض األصدقاء وأخبرهم بما حدث له‪ .‬فقال له واحد منهم‪:‬‬ ‫ إنه مالي ! ‪ ،‬لقد أضعته في األيام األخيرة‪.‬‬‫وانطلق االثنان في الطريق إىل منزل الحطاب إلعادة الكيس إىل صاحبه‪ ،‬عندما‬ ‫وصال قالت المرأة بأن زوجها لم يحضر أي كيس نقود إىل هناك‪.‬‬ ‫ثم قال الحطاب لزوجته‪:‬‬ ‫بلى يا امرأة! ‪ ،‬حدث ذلك ليلة أمطرت السماء فطائر “البونويلو” وأصبحت شجرة‬‫التين مملوءة بها‪.‬‬ ‫التفتت المرأة إىل الرجل وقالت‪:‬‬ ‫ ألم تدرك أن هذا الرجل مجنون؟ هل سمعت ما قال؟‬‫في النهاية‪ ،‬عاد الرجل إىل بيته خالي الوفاض معتقدا أن الحطاب مجنون‪.‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫إشـراف‪/‬‬ ‫ميادة سليمان ‪ -‬سوريا‬

‫سلسلة جاد اللّقلق‬

‫األسود‬ ‫ور‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫الد ّب ُ‬

‫مهدي غالّب ‪ -‬تونس‬

‫يوم َر ِبيعِ ّي ُمشمِ س‪َ ،‬ط ِ‬ ‫ين‬ ‫ارت َ‬ ‫الف َر ُ‬ ‫فِ ي ٍ‬ ‫تج ّو ُل َب َ‬ ‫اشات َت َ‬ ‫ِ‬ ‫وق‬ ‫ر‬ ‫‪،‬‬ ‫حيق‬ ‫الر‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ة‬ ‫ث‬ ‫اح‬ ‫ال ُّزهو ِر َب‬ ‫ً‬ ‫زقزق ًة َف َ‬ ‫ور ُم َ‬ ‫َ‬ ‫فر َف ِت ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الط ُي ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الجبليةِ العذبةِ ‪.‬‬ ‫البحير ِة‬ ‫األ َ‬ ‫َشجا ِر َعلى ُ‬ ‫مقربة من ُ‬ ‫ّ‬ ‫على ُبعدِ أمتا ٍر َي ِ‬ ‫رتفع َمهجو ٍر‬ ‫ير عِ َ‬ ‫نتص ُب ُع ٌّش َك ِب ٌ‬ ‫ند ُم ٍ‬ ‫ًُ‬ ‫تق ٍان ‪َ ،‬يسكُ ُن فِ يهِ‬ ‫صغير‬ ‫طائر لق َل ٍق‬ ‫يدا ُن ُه‬ ‫مصفو َف ٌة ِب ِإ َ‬ ‫‪ ،‬عِ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫جادا‪.‬‬ ‫ُي َس ّمى ً‬ ‫حصن‬ ‫َجلس َجا ٌد ال َّل ُ‬ ‫الج ِ‬ ‫ميل ُ‬ ‫الم َّ‬ ‫متباهِ ًيا فِ ي َمنزلِهِ َ‬ ‫قلق َ‬ ‫ِ‬ ‫ورأى األزهار َ‬ ‫ِ مِ ن كل‬ ‫الم ِ‬ ‫المخاط ِر ‪َ ،‬و ّلما َّ‬ ‫أحس بدِ ف ِء َ‬ ‫كان َ‬ ‫وجلبته‬ ‫هوب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الس ِ‬ ‫كل َجانب فِ ي ّ‬ ‫المنت ِشر َة من تحتهِ َع َلى ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ينت ِظر‬ ‫ات‬ ‫قص ُ‬ ‫خرج مِ ن ُع ّشه ُدون أَن َ‬ ‫الفراشات‪َ ،‬‬ ‫َر َ‬ ‫أراد أن َي ُ‬ ‫أ َ​َبا ُه‪.‬‬ ‫عل‬ ‫البحير َة َ‬ ‫قرر أن ُ‬ ‫أحس ُ‬ ‫الق ِريب َة ّ‬ ‫بالج ِ‬ ‫َو َأل َّنه َّ‬ ‫يقص َد ُ‬ ‫وع َّ‬ ‫مكةٍ َت ُس ُّد َر َم َق ُه‪.‬‬ ‫ويل يظفِ ُر ِب َس َ‬ ‫َ‬ ‫منق َار ُه ّ‬ ‫الط َ‬ ‫نجاب‬ ‫َطار َفوق الغابةِ َف ّ‬ ‫تفطن إليهِ ّ‬ ‫الس ُ‬ ‫َوح َّز فِ ي ِ‬ ‫لكل األخطا ِر‪.‬‬ ‫نفسه أن يرا ُه‬ ‫ً‬ ‫عرضا ِّ‬ ‫وحيدا ُم َّ‬ ‫حيرةٍ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فسأله فِ ي َ‬ ‫الع َّش ؟! »‪.‬‬ ‫مغادرتك‬ ‫ب‬ ‫اك‬ ‫أبلغت َأب‬ ‫«ه ّال‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫غير ‪:‬‬ ‫الص‬ ‫ّقلق‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫أجاب‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ينهش معدتِ ي ‪،‬‬ ‫وع‬ ‫تأخر َأ ِبي ‪َ ،‬ف‬ ‫ُ‬ ‫ «لقد َّ‬‫ُ‬ ‫أحسست ُ‬ ‫بالج ِ‬ ‫أبحث َعن صيدٍ ُمناسب»‪.‬‬ ‫خرجت‬ ‫لهذا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫نجاب َو َكان ِ‬ ‫فِ‬ ‫يمشي مبت ِه ًجا‬ ‫اصطح ُ‬ ‫به صديقُ ه ِّ‬ ‫َ‬ ‫الس ُ‬ ‫خفيف‬ ‫تحليق‬ ‫ب‬ ‫يرافقه‬ ‫ّقلق‬ ‫ل‬ ‫وال‬ ‫ر‬ ‫نحد‬ ‫الم‬ ‫الممر‬ ‫على‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫غرس َجا ٌد‬ ‫ض‪ّ .‬‬ ‫ِرتفاع ُمنخفِ ٍ‬ ‫ولما َوص َال ِإىل البحير ِة َ‬ ‫على ا ٍ‬ ‫المياهِ‬ ‫فِ‬ ‫فق فِ ي‬ ‫ل‬ ‫وظ‬ ‫ي‬ ‫ويل‬ ‫الط‬ ‫ه‬ ‫ار‬ ‫نق‬ ‫ال َّل ُ‬ ‫قلق مِ َ‬ ‫يحر ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫كه ِب ِر ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫الكر َة عِ ّدة‬ ‫يرفعه إىل األعلى‬ ‫ِا ّت‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ثم ُ‬ ‫جاهات متباينةٍ ّ‬ ‫ويعيد ّ‬ ‫الح ِّاد‪.‬‬ ‫مر ٍ‬ ‫ات ُمستعِ ً‬ ‫ينا ببص ِرهِ َ‬ ‫ّ‬ ‫ير‬ ‫وبعد ُمحاوالَ ٍت‪ ،‬علِق ِبمِ َ‬ ‫َ‬ ‫نقا ِرهِ َد ّب ٌ‬ ‫ور أسو ُد غ ِر ٌ‬ ‫يب لم َ‬ ‫قبل فِ ي َح َياتِ هِ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫مثله مِ ن ُ‬ ‫نجاب وقال ُله‪:‬‬ ‫الس‬ ‫نظر‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ولكن‬ ‫تأكلها‪،‬‬ ‫‪..‬كنت‬ ‫تبحث عن سمكةٍ‬ ‫نيهةٍ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫«من ُذ ُه َ‬‫األسود‬ ‫ور‬ ‫صبرك‬ ‫َ‬ ‫جلبا َ‬ ‫لك هذا َّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫الد ُّب َ‬ ‫وتحملك الجو َع َ‬ ‫الحياةِ‪،‬‬ ‫لسعيك في‬ ‫وجزاء‬ ‫طعاما‬ ‫الغريب‬ ‫َ‬ ‫األرض من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أجل َ‬ ‫َ‬ ‫يهِ‬ ‫فِ‬ ‫ألن‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬ ‫األخطا‬ ‫من‬ ‫لنفسك‬ ‫ِنتبه‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ط‬ ‫فر‬ ‫ت‬ ‫أن‬ ‫اك‬ ‫ُ‬ ‫ف ِإ ّي َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫الغابةِ‬ ‫هذهِ‬ ‫فِ‬ ‫تجربتِ‬ ‫ليك ولهذَ ا‬ ‫بير ٌة َوأنا‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أخاف َع َ‬ ‫َ‬ ‫رافق ُتك إىل البحيرةِ»‪.‬‬ ‫ور في مِ نقا ِرهِ‬ ‫مت ِ‬ ‫ف َل ِز َم الل ُ‬ ‫ماس ًكا َّ‬ ‫الص َ‬ ‫غير َّ‬ ‫ّقلق َّ‬ ‫الص ُ‬ ‫الد ُّب َ‬ ‫جناحهِ‬ ‫ِ‬ ‫زء مِ ن‬ ‫ح َّتى ال ُيفل َِت من قبضتِ هِ ‪َ ،‬‬ ‫بين َما بقِ ي ُج ٌ‬ ‫خارج المِ نقا ِر‪.‬‬ ‫يرت ِج ُف‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هِ‬ ‫صديقِ‬ ‫المشهد‬ ‫تابع‬ ‫ي‬ ‫من‬ ‫مقر‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫اب‬ ‫نج‬ ‫الس‬ ‫بةٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َظ َّل ِّ َ ُ‬ ‫فتر ًة َق ِصير ًة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ال ‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫ثم َق َ‬ ‫الصغير ِة التي‬ ‫أنت ُ‬ ‫«يا َصديقي‪َ ..‬‬‫محظوظ ِب َهذِ هِ ال ُّلقمةِ َّ‬ ‫فيها!»‪.‬‬ ‫اك ُث َّم ا َِّي َ‬ ‫عل َِقت فِ ي مِ نقا ِر َك َف ّإي َ‬ ‫فرط َ‬ ‫اك أن ُت ّ‬ ‫رد ُم ِ‬ ‫وجناح ُه‬ ‫ّقلق‬ ‫خاط ًبا َج ًادا الل َ‬ ‫سمِ ُ‬ ‫ور األسو ُد َف َّ‬ ‫عه َّ‬ ‫ُ‬ ‫الد ُّب ُ‬ ‫الصغي ِر‪:‬‬ ‫ر‬ ‫المنقا‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫بين‬ ‫َكّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫مشدو ٌد َ‬

‫نجاب‪َ ،‬أ َنا نحل ٌة َعامِ َل ٌة ‪ ،‬أسكُ ُن فِ ي‬ ‫«الَ ُت ّ‬‫صد ْق هذَ ا ِّ‬ ‫الس َ‬ ‫يق ح َّتى أخ ّز َن‬ ‫خرجت مِ ْن خل ِّيتِ ي‬ ‫الج َوار‪،‬‬ ‫الر ِح َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ألجمع َّ‬ ‫البحير ِة ألُطفِ ئ‬ ‫رفيقاتِي ‪ ،‬وقد‬ ‫العسل مع‬ ‫مررت َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فوق ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عطشي»‪.‬‬ ‫بقِ‬ ‫يفعل‬ ‫ا‬ ‫ماذ‬ ‫يعرف‬ ‫ال‬ ‫‪،‬‬ ‫دا‬ ‫ترد‬ ‫م‬ ‫غير‬ ‫الص‬ ‫ّقلق‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ ُ ُ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫األسودِ‬ ‫قصدت‬ ‫يتظاهر ِبأ ّن ُه نحل ٌة مسالِم ٌة‬ ‫الذي‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫بالد ّ‬ ‫شرب‪.‬‬ ‫لت‬ ‫ة‬ ‫حير‬ ‫الب‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِنتظ َر‬ ‫منقار ُه‬ ‫فتح‬ ‫صمت وا َ‬ ‫للحديث َط َار َّ‬ ‫ور وإن َ‬ ‫َف ِإن َ‬ ‫الد ّب ُ‬ ‫َ‬ ‫نهم ُه‪.‬‬ ‫ِشتد ُ‬ ‫ا َّ‬ ‫جوع ُه َوا َ‬ ‫ِزداد ُ‬ ‫ّقلق‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫َن‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫وتفط‬ ‫ته‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫عف‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫د‬ ‫د‬ ‫تر‬ ‫ور‬ ‫ب‬ ‫الد‬ ‫الحظ‬ ‫ا‬ ‫ولم‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ُّ ُ ُ ُّ َ ُ َ ِ ّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ َ َّ‬ ‫ته‪ ،‬شر َع فِ ي َح ِ‬ ‫بك ُخ ّطةٍ لل ّنجا ِة‬ ‫ير الَ يع ِر ُف‬ ‫َ‬ ‫حقيق ُ‬ ‫ّ‬ ‫الصغِ َ‬ ‫لإليق ِاع ِبهِ ‪.‬‬ ‫َو َ‬ ‫عف وبالعشر ِة الحسنةِ‬ ‫الض ِ‬ ‫واإلحترام ‪َ ،‬وكان‬ ‫ِ‬ ‫فتظاهر ِب ُّ‬ ‫َ‬ ‫ّقلق ‪:‬‬ ‫يتوس ُل باكِ ًيا‪ ،‬مخاف َة أن يلت ِه َم ُه الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫در َة‬ ‫«أرجوك ّأي َها الل ُ‬‫ّقلق الجمِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫يل إ ّني نحل ٌة صغير ٌة الَ قُ َ‬ ‫ّقلق ال‬ ‫حل‬ ‫معش َر ال ّن ِ‬ ‫وأرى في العاد ِة ّأن َ‬ ‫وطيور الل ِ‬ ‫َ‬ ‫لي َ‬ ‫أبدا‪.‬‬ ‫تخاص ُم ً‬ ‫َت َ‬ ‫مِ‬ ‫ظفِ‬ ‫حشر ٍة َصغير ٍة‬ ‫ن‬ ‫لك‬ ‫ل‬ ‫أفض‬ ‫ري‬ ‫ط‬ ‫بسمك‬ ‫ر‬ ‫ةٍ‬ ‫ةٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫أن َت َ‬ ‫مِ ثلِي»‪.‬‬ ‫وترددِ هِ‬ ‫وظل يفكّ ُر في‬ ‫حافظ جا ٌد الل ُ‬ ‫َ‬ ‫ّقلق على صمتهِ ُّ‬ ‫ّ‬ ‫تظه ُر‬ ‫بدأت‬ ‫ِ‬ ‫الد ّبو ِر ‪ ،‬بينما ْ‬ ‫ُ‬ ‫كالم َّ‬ ‫عالمات ال ّت ِ‬ ‫عب َو ُ‬ ‫الج ِ‬ ‫وع َ‬ ‫َعليهِ ‪.‬‬ ‫يصرخُ فِ ي وج ِههِ ‪:‬‬ ‫ِقترب مِ ُ‬ ‫نه َصدِ يقُ ُه ِّ‬ ‫نجاب ُ‬ ‫الس ُ‬ ‫فا َ‬ ‫يفلت من‬ ‫رزق َك‬ ‫ِنتبه ل‬ ‫تدع َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫«ا ِ‬‫ِنفسك يا صديقِ ي ‪ ،‬ال َ‬ ‫رب َاء ح ّتى ال ِ‬ ‫طع ًاما َل ُهم‪،‬‬ ‫ديك َوال تأتمِ ن َ‬ ‫بين َي َ‬ ‫ير َ‬ ‫تص َ‬ ‫الغ َ‬ ‫ينفعك ال َّن َد ُم »‪.‬‬ ‫يوم ال‬ ‫َ‬ ‫فتندم َ‬ ‫َ‬ ‫ور ّأن بكاء ُه و رجاء ُه ْلم يسعِ فا ُه‪ ،‬واِنتبه إىل‬ ‫هم َّ‬ ‫َف َ‬ ‫الد ُّب ُ‬ ‫وتفط َن إىل ِحنكتهِ فِ ي‬ ‫تجربت ُه‬ ‫اب َوع ِرف َ‬ ‫نج‬ ‫الس‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫دها ِء ّ َ ِ‬ ‫َ‬ ‫المحدقةِ ‪ ،‬فلم َيكُ ن له من‬ ‫الحيا ِة وحذ ِرهِ مِ ن األخطا ِر‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الصغِ ي ِر‪ُ ،‬ليخ ِّلص‬ ‫المخاطر َة‬ ‫أمام الل ِ‬ ‫ِخيار إالَّ ُ‬ ‫ّقلق ّ‬ ‫بنفسهِ َ‬ ‫نفسه من هذا المأ َز ِق ِ‬ ‫الخطي ِر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فيما بين ُه َما‪،‬‬ ‫لحا ل ِإل ّت ِ‬ ‫فعرض على الل ِ‬ ‫ّقلق ُص ً‬ ‫فاق َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الحديث ‪َ ،‬ح ّتى ال‬ ‫نجاب فِ ي‬ ‫ِشترط أن الَ‬ ‫ّ‬ ‫يتدخ َل ّ‬ ‫الس ُ‬ ‫وا َ‬ ‫ُي ِ‬ ‫المصا َلح َة‪:‬‬ ‫د‬ ‫فس َ ُ‬ ‫تستمِ‬ ‫ِ‬ ‫اب‪،‬‬ ‫الس‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫لك‬ ‫ع‬ ‫وال‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫اس‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫‪،‬‬ ‫ّقلق‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ها‬ ‫«أي‬‫تكُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫نج ِ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫فآنظر إىل َلونِي ‪ ،‬أال َترى ّأن‬ ‫صدق أ ّني نح َل ٌة ُ‬ ‫َفإذا لم ُت ِّ‬ ‫صفراء فاقعةٍ مثل‬ ‫ألو ٍان‬ ‫لوني‬ ‫ير َذ ُ‬ ‫أسود َو َّأن َّ‬ ‫َ‬ ‫وات َ‬ ‫َ‬ ‫الدبا ِب َ‬ ‫ّقلق‬ ‫ذلك أ َُّيها الل ُ‬ ‫زهو ِر ال َّن ِ‬ ‫دت مِ ن َ‬ ‫الب ِّر ِّي ‪َ ،‬لو َتأكّ َ‬ ‫رج ِ‬ ‫س َ‬ ‫نجاب‬ ‫وأن صدِ َ‬ ‫ول َّ‬ ‫يقك ِّ‬ ‫َفستع ِر ُف أ ّني صادِ َق ٌة فِ يما أقُ ُ‬ ‫الس َ‬ ‫وم»‪.‬‬ ‫بعد‬ ‫منه‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫تقت‬ ‫ُمخادِ ٌع‬ ‫الي ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ويريد اإليقا َع ِبك‪َ ،‬ف َال ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫النظر ِب ِا ّتجاهِ مِ نقا ِرهِ ليتأكّ د بنفسهِ‬ ‫غِ‬ ‫ير‬ ‫الص‬ ‫ّقلق‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫َو ّجه‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫األسم ِ‬ ‫اك‬ ‫حر َك َة‬ ‫الد ُّبو ِر‬ ‫مِ ن َّ‬ ‫بعدما كا َنت َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عينا ُه تراقِ بان َ‬ ‫دق كالمِ هِ‬ ‫وحقيق َة‬ ‫حيرةِ‪،‬‬ ‫ع َلى ِض َف ِ‬ ‫َ‬ ‫ففهم ِص َ‬ ‫َ‬ ‫اف ُ‬ ‫الب َ‬ ‫ِ‬ ‫يهِ‬ ‫مِ‬ ‫إطالقهِ‬ ‫فِ‬ ‫رب‬ ‫س‬ ‫ه‬ ‫ام‬ ‫أم‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫ا‬ ‫ولم‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ َ َ ُ‬ ‫مساعِ يهِ َّ َ َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِنتبه‬ ‫ا‬ ‫‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ليشر‬ ‫ة‬ ‫البحير‬ ‫فاف‬ ‫ض‬ ‫على‬ ‫زل‬ ‫حل ‪َ ،‬ف َل ّما َن‬ ‫ِ‬ ‫مِ ن ال َّن ِ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫هِ‬ ‫يمِ‬ ‫غِ‬ ‫رغم‬ ‫ة‬ ‫حل‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫شب‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫غ‬ ‫ة‬ ‫ور‬ ‫ص‬ ‫َن‬ ‫أ‬ ‫ير‬ ‫الص‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّلق َل ُق َّ ُ َّ‬ ‫َ‬

‫كيف‬ ‫عينيهِ َ‬ ‫األلو ِان ‪ ،‬ورأى ِبأ ُِّم َ‬ ‫قار ِب َ‬ ‫َت ُ‬ ‫الحظ‬ ‫ندما‬ ‫َ‬ ‫رب َطار ً‬ ‫َّأن َهذَ ا ِّ‬ ‫بعيدا عِ َ‬ ‫الس َ‬ ‫الد ُّبو ِر فِ ي المِ نقا ِر َخو ًفا ع َلى سالمتِ هِ الَ َّن ُه يع ِر ُف‬ ‫تخبط َّ‬ ‫ُّ‬ ‫مداهمتِ‬ ‫وعواقِ‬ ‫هِ‬ ‫جومِ‬ ‫العسل ِ‪.‬‬ ‫أجل‬ ‫من‬ ‫ة‬ ‫الخلي‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ِش ّد َة ُه‬ ‫ّ َ‬ ‫ِ َ‬ ‫ّقلق ورأى َما رآ ُه‪،‬‬ ‫فهم َّ‬ ‫ور ن ِّية الل ِ‬ ‫َف َل َّما َ‬ ‫الد ّب ُ‬ ‫خفِ‬ ‫بثا‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ِم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫نبر‬ ‫ب‬ ‫خاطبه‬ ‫ةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫دهاء َو ُخ ً‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ً‬ ‫تفاهمنا‬ ‫«ياصدِ يق ِيي أَال َت َرى َّأن ُ‬‫َ‬ ‫أفضل‪ ،‬أل ّننا بقينا من ُذ فتر ٍة على‬ ‫لح‬ ‫ُ‬ ‫وتمس َكنا ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫بالص ِ‬ ‫البحير ِة‬ ‫عت ُج َ‬ ‫أشب َ‬ ‫الح ِال ‪ ،‬ف َال َ‬ ‫وعك ِب َ‬ ‫َهذا َ‬ ‫سم َكةٍ مِ ن ُ‬ ‫أنت َ‬ ‫ةِ‬ ‫اهِ‬ ‫مِ‬ ‫ِ‬ ‫أقترح‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ذب‬ ‫الع‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫مي‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫عطش‬ ‫أطفأت‬ ‫َوالَ أَنا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫لك ُجرع ًة مِ ن‬ ‫أن‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫قا‬ ‫م‬ ‫اآلن‬ ‫ي‬ ‫اح‬ ‫ر‬ ‫س‬ ‫ِق‬ ‫ل‬ ‫ط‬ ‫أن ُت‬ ‫َ‬ ‫أضع َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫أغد ُر َك َو ُتعاهِ دني‬ ‫تغد ُرنِي َوال ُ‬ ‫سل فِ ي مِ نقا ِر َك ‪َ ،‬فال ُ‬ ‫الع ِ‬ ‫َ‬ ‫كنت ُموافِ ًقا َعلى ُص ِ‬ ‫لح َنا َفب ِّلغنِ ي اآلن‬ ‫َوأعاهِ ُد َك‪َ ،‬فإذا َ‬ ‫بدأت تنحدِ ُر مِ ن ِ‬ ‫قبل َف ِ‬ ‫خلف‬ ‫ألن ّ‬ ‫مس َ‬ ‫األو ِان ّ‬ ‫‪َ ،‬‬ ‫الش َ‬ ‫وات َ‬ ‫اهِ‬ ‫ميعا ِبأخطا ِرهِ»‪.‬‬ ‫ج‬ ‫نا‬ ‫م‬ ‫يد‬ ‫ّيل‬ ‫ال ّت ّلةِ والل ُ َ ُ َ ً‬ ‫ِ‬ ‫الد ّبو ِر‬ ‫من‬ ‫مع َجا ٌد الل ُ‬ ‫ا َ‬ ‫كلمات َّ‬ ‫ّقلق ِإىل كُ ِّل َكل َِمةٍ ْ‬ ‫ِست َ‬ ‫التِ‬ ‫هدِ‬ ‫دون‬ ‫ا‬ ‫يع‬ ‫ر‬ ‫س‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫يتذ‬ ‫أن‬ ‫أراد‬ ‫ي‬ ‫ته‬ ‫ي‬ ‫أعجبته‬ ‫و‬ ‫اي‬ ‫ةٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ ِ ً َ‬ ‫ِبعِ َن َ َ‬ ‫َّ‬ ‫فِ‬ ‫ِخطر ُمحدِ ٍق َ‪،‬و َك َان ُي ِح ُّب‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ير‬ ‫صيبةٍ َوالَ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫توق ٍع ل ٍ‬ ‫تفكِ ٍ‬ ‫َ‬ ‫يتسن ُله‬ ‫يرا‪ ،‬ف َلم‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫العس َل َكثِ ً‬ ‫الشدِ يدِ‬ ‫فكير‬ ‫ُّ‬ ‫َمام ُجوعِ هِ َّ‬ ‫الحس ُن‪َ .‬وأ َ‬ ‫ير َ‬ ‫والتعق ُل والتد ِب ُ‬ ‫ال َّت ُ‬ ‫نقا ِرهِ‪.‬‬ ‫عبهِ َ‬ ‫نفس ُه‪َ ،‬فأط َل َق ُه مِ ن مِ َ‬ ‫َوت ِ‬ ‫الك ِبي ِر َلم يتما َلك َ‬ ‫لك ع َلى ِ‬ ‫تف ِ‬ ‫عرشهِ ‪:‬‬ ‫ِنطلق‬ ‫وا‬ ‫يقُ‬ ‫اخ ًرا َوكأ ّن ُه َم ٌ‬ ‫ول ُم َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫كِ‬ ‫ون َغ َدائِي ‪،‬‬ ‫أن‬ ‫دت‬ ‫ا‬ ‫بعدم‬ ‫اآلن‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫أطلق‬ ‫أنا‬ ‫ا‬ ‫«ه‬‫تكُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عسلِك اللّذيذِ ؟»‪.‬‬ ‫َفه َّال َ‬ ‫شكرتنِ ي َ‬ ‫وأذقتنِ ي مِ ن َ‬ ‫وب َس ِ‬ ‫اخ ًرا ‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫الي ُ‬ ‫عس ُ‬ ‫فرد ُ‬ ‫ذت‬ ‫«حسنا أنا أشكُ ُر َك َع َلى َما‬‫غم َأ ِّني َ‬ ‫أنق ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫فعلت‪َ ،‬ر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِقناعتِ َك ِب ُبرهانِي‬ ‫نفسي ِب‬ ‫ور ل َ‬ ‫ٍ‬ ‫مسر ٌ‬ ‫تدبير مِ ِّني‪َ .‬ولكن أنا ُ‬ ‫منك‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫حير‬ ‫الب‬ ‫أغادر‬ ‫أن‬ ‫وقبل‬ ‫‪.‬‬ ‫طليق‬ ‫ر‬ ‫ح‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫اآلن‬ ‫َ‪.‬و‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫أطلب َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ ٌّ‬ ‫مِ‬ ‫ألطعِ‬ ‫مِ‬ ‫العس ِل الذي‬ ‫قدار‬ ‫بيدي‬ ‫مك‬ ‫ك‬ ‫نقار‬ ‫تفتح‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تست ِح ُّق ُه َح َس َب ِا ِّتفاقِ َنا»‪.‬‬ ‫َ‬ ‫لكل‬ ‫ير مِ ن‬ ‫وكان ال َّل ُ‬ ‫َ‬ ‫الم ّ‬ ‫المطيعين ‪ُ ،‬‬ ‫قين ِّ‬ ‫قلق َّ‬ ‫صد َ‬ ‫َ‬ ‫الصغِ ُ‬ ‫الس َّام َة‬ ‫نق َار ُه‬ ‫ور األسو ُد َش َ‬ ‫فتح مِ َ‬ ‫ٍ‬ ‫فغرس َّ‬ ‫وك َت ُه َّ‬ ‫َ‬ ‫زعم ‪َ ،‬‬ ‫الد ّب ُ‬ ‫ِ‬ ‫مِ‬ ‫هِ‬ ‫ومِ‬ ‫يح َعال ًِيا َويسقُ ُط‬ ‫ص‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫جع‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫‪،‬‬ ‫لع‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫ِبعِ َن َايةٍ فِ َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫صعب عليهِ‬ ‫يران َوبقِ َي‬ ‫األكل ّ‬ ‫الو َج ِع‪َ .‬و ُ‬ ‫َ‬ ‫والط َ‬ ‫مِ ن ِش ّد ِة َ‬ ‫على َهذهِ‬ ‫يتظاه ُر‬ ‫الحال عِ ّد َة ّأي ٍام َنائ ًِما في ُع ّشهِ ‪َ ،‬ف َكان‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫في َعاقِ َب ُه‬ ‫ض ح َّتى ال‬ ‫َ‬ ‫يعرف ُأبو ُه قِ ّص َة َّ‬ ‫المر ِ‬ ‫الد ُّبو ِر األ َ‬ ‫َسودِ ُ‬ ‫ِب َ‬ ‫فيحدِ ث‬ ‫الي‬ ‫َش َّر‬ ‫ِ‬ ‫عسوب ُ‬ ‫ٍ‬ ‫الم ِ‬ ‫خادع ُ‬ ‫عقاب‪ُ ،‬ث ّم ينتقِ َم من ُ‬ ‫ِ‬ ‫الغ َابةِ ‪.‬‬ ‫حيوانات‬ ‫بين‬ ‫ة‬ ‫والكراهي‬ ‫العداء‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫يست ِ‬ ‫اب‬ ‫و َلكِ ّن ُه َك َان َ‬ ‫نج ِ‬ ‫حض ُر في كُ ِّل ُمناسبةٍ َنصائ َِح ّ‬ ‫الس َ‬ ‫فلم‬ ‫الي ِ‬ ‫تصرفاتِ هِ في َ‬ ‫المش ُهودِ ‪ْ ،‬‬ ‫الم ِه َّم َة‪َ ،‬و ُي ُ‬ ‫ُ‬ ‫وم َ‬ ‫راجع ُّ‬ ‫ذلك َ‬ ‫ليخدع ُه‬ ‫سوداء‬ ‫ة‬ ‫ل‬ ‫ح‬ ‫ى‬ ‫ِرتد‬ ‫ا‬ ‫ور‬ ‫ب‬ ‫الد‬ ‫أن‬ ‫ا‬ ‫أبد‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫يتخ‬ ‫ن‬ ‫يكُ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫حيلته‪.‬‬ ‫مر َر‬ ‫ُ‬ ‫وي ّ‬ ‫ُ‬ ‫ير ٍة‬ ‫بات َي َ‬ ‫ِزداد َتعلُّقُ ُه ِبأ َ​َب َويهِ َو َ‬ ‫وا َ‬ ‫ست ِش ُ‬ ‫ير ُه َما فِ ي كُ ِّل َك ِب َ‬ ‫رب َاء َوال ُي َف ّر ُط فِ ي َح ٍّق َوال يهمِ ُل‬ ‫ير ٍة وال يأتمِ ُن ُ‬ ‫َوصغِ َ‬ ‫الغ َ‬ ‫العاقِ َبةِ‬ ‫فِ‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫أن‬ ‫ون‬ ‫د‬ ‫عام‬ ‫الط‬ ‫ة‬ ‫هو‬ ‫ش‬ ‫ه‬ ‫د‬ ‫و‬ ‫ال‬ ‫رزقا َو‬ ‫ُ‬ ‫تقُ‬ ‫يفكّ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫المقا ِييس‪.‬‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫وي‬ ‫ة‬ ‫ل‬ ‫ز‬ ‫المن‬ ‫د‬ ‫ويحد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ َ‬

‫‪57‬‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬

‫األخيرة‬

‫دعوة للقراءة‬ ‫األستاذ ‪/‬عبد الرحمن بجاش‬

‫دعوة بدأت من لحظة أن نزل جبريل يطلب من محمد أن يقرأ ‪ ،‬ما أنا بقارئ ‪ ،‬اقرأ‬ ‫‪ ،‬ما أنا بقارئ ‪ ،‬اقرأ ‪ ،‬ليتحول األمر إىل عنوان الحياة …‪.‬فالحياة إن لم تكن من البداية‬ ‫قد اقترنت بالكلمة ‪ ،‬ما كانت لتكون حياة ‪..‬ولن تسمى كذلك …‬ ‫بالحرف تكتب سيرتها ‪ ،‬سيرة اإلنسان ‪ ،‬حكاية تطوره ‪ ،‬قصة تعاقب المراحل منذ‬ ‫آدم عليه السالم إىل اللحظة مرورا باكتشاف النار ليتذوق الكائن البشري بعدها حياته‬ ‫بكل تفاصيلها …‪.‬‬ ‫لوال الكلمة لما عرفنا تاريخ من سبقونا ‪ ،‬وإن تعددت أشكال الحرف ‪ ،‬لكن اإلنسان في‬ ‫طريق تطوره االجتماعي وصل إىل لغة التفاهم والتسجيل بعد أن بدأ بلغة اإلشارة …‪.‬‬ ‫اليوم تعمر الدنيا بالكتاب ‪ ،‬ورقيا ‪ ،‬إلكترونيا ‪ ،‬مسموعا ‪...‬وبدونه كان اإلنسان‬ ‫كمشاعر ومجموعة رغبات سيظل حيوانا يأكل وينام وال يتطور…‬ ‫نحن شعب ال يقرأ ‪..‬وهنا سر استعمار الجهل لعقولنا ‪...‬وهنا سر التخلف الذي ينشر‬ ‫عقمه في قلوبنا ‪...‬وما لم نقرأ فسنظل في الدرك األسفل من الئحة التطور…‬ ‫العالم يجري ‪..‬وصل إىل الذكاء االصطناعي بما يعنيه ‪...‬ومناهجنا ال تتحدث عن هذا‬ ‫التطور المعجز ‪...‬مناهج تتحدث عن الخالفات المذهبية التي ال تؤسس لمستقبل …‬ ‫بدون القراءة سنظل أعاجم يلتصق اللسان الجمعي بجهلنا …‪.‬‬ ‫ويا ويل أمة أو شعب ال يقول ألطفاله‪( :‬اقرؤوا)…‬ ‫الدعوة للقراءة تلزم وزارة الثقافة بإشاعة الكتاب ‪ ،‬وإشاعة المكتبات ‪ ،‬وإشاعة روح‬ ‫التشجيع والتكريم لمن يقرأ …‪.‬وإعادة حصص الثقافة العامة والتربية الوطنية إىل‬ ‫المناهج كخطوة أوىل ‪...‬وتفعيل البعد الثقافي في األندية الرياضية ‪..‬وإخراج المسجد‬ ‫من صحف الحائط إىل الفضاء ليدري ما يدور حوله وحتى ال يظل محبوسا بين السرة‬ ‫والركبة ‪...‬واعتماد مكتبات األحياء كوسيلة تصل بالكتاب رخيص الثمن إىل الجميع‬ ‫‪...‬وإلزام وسائل اإلعالم لنفسها بإشاعة وعي عام يدرك ماذا يعني أن تقرأ …‬ ‫هي دعوة للقراءة موجهة إىل كل من يفهم …‬

‫‪58‬‬


‫القصائد الفائزة بمسابقة (أقالم حول المرأة)‬ ‫من قصيدة‬

‫ٌ‬ ‫اليقني‬ ‫امرأة ِمن ال َز َو ْر ِد َ‬ ‫ياسني محمد البكالي ‪ -‬اليمن‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ​َ ْ‬ ‫اللغة‬ ‫فاه‬ ‫إذا ازدهت في ِش ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ُ‬ ‫األخرسْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َوغازلت شهرها بالفرح ِة السنة‬ ‫َ‬ ‫وح َّر َك ْت َك األماني وارتقى ٌ‬ ‫أمل َ‬ ‫ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫القصة امرأة‬ ‫لديك فاعلم بأن ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫الدهرفاتحة‬ ‫ذراع‬ ‫ِ‬ ‫كأنها في ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫عينيه بسملة‬ ‫السالم وفي‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِمن ُ ِ‬ ‫ُ َّ‬ ‫شرق في‬ ‫هن التحايا التي تأ ِتي فت ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ ُ ُّ‬ ‫الحياة وجوه كلها ِصلة‬ ‫وجه‬ ‫ِ‬ ‫ُِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫مملكة‬ ‫األخالق؛‬ ‫وه َّن مدرسة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إيمان ؛بسمة من قالوا ومن سكتوا‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫إذا‬ ‫البالد‬ ‫كأن ُه َّن التهاني في‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ ُ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫شرق أرواح وأفئدة‬ ‫لن ت ِ‬ ‫ُأقب ً‬ ‫ُ‬ ‫وجه الصالة ُ‬ ‫يدا‬ ‫وه َّن الرافعات‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫بيضاء ما أفرحتنا مثلها ِهبة‬ ‫الحديث ٌ‬ ‫أر ُ‬ ‫فم‬ ‫بأكمام‬ ‫يجه َّن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أنفاس الفتى الشفة‬ ‫سابق‬ ‫ت‬ ‫له‬ ‫ِ‬ ‫ُ ‪.....‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫حكة ُأنثى لت َ‬ ‫ما‬ ‫ك‬ ‫أ ِط ْرمعي ِض‬ ‫ِ َّ ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫در ّ‬ ‫الناس لو صمتوا‬ ‫ٌ معنى ْالتغن َي بها في‬ ‫ِ‬ ‫فباسمها ُسورة في الذكر َ‬ ‫ْ‬ ‫أنزلها‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ ِمن ِ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫الناس ال عبد وال أمة‬ ‫باس ِم ِه‬ ‫‪.....‬‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫وما‬ ‫الوجود ؟‬ ‫يا لز َو ْر َد َيقيني ما‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫شر ِق امرأة ؟‬ ‫جدوى ٍ‬ ‫بالد بها لم ت ِ‬ ‫ُ‬ ‫ال‬ ‫يا ك َّل هذا املدى ِنصفي ُبدو ِن ِك‬ ‫ُ ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫والرئة‬ ‫ي ِع ْي‬ ‫الوجود ؛ ِ‬ ‫فأنت القلب ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫أنت يا َ‬ ‫األ‬ ‫وطن‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫فما الت ِحيات إال ِ َ‬ ‫َ‬ ‫قبلة‬ ‫يت ِام يا من بها الفردوس م ِ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫تكل ِل ْي يا ُعرى‬ ‫اإلنسان بي وبها‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وض ِّم ِدينا معا بالح ِ ّب يا ِثقة‬

‫من قصيدة‬

‫كسو َرة‬ ‫َت ُاء الت َأ ِ‬ ‫نيث َ‬ ‫الالم ُ‬ ‫غالب العاطفي ‪ -‬اليمن‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫أل َّن ِك أبل ُغ ِم َّما ن َرى‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ش املزدرى‬ ‫َ ً ص َلبن ِ‬ ‫اك ِفي اله ِام ِ‬ ‫َ َ‬ ‫كن َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ت َر ِ‬ ‫بالع َر َ ِاء َ‬ ‫اك منبوذة َ‬ ‫َّ َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كما ن ُبذت (أزد) (الشنفرى)‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫غير ِض َيا ِئ ِك‪ ،‬قلنا ‪:‬‬ ‫و ِسرنا ِب ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫باح السرى‬ ‫س‬ ‫نحمد عند الص ِ‬ ‫َفمن َأ َ‬ ‫ين لليل أن َ‬ ‫ينجلي؟!‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ومن أين ُّ‬ ‫سف َرا ؟!‬ ‫للص ِبح أن ي ِ‬ ‫اك‪َ ،‬ك َشمس ُه َن َ‬ ‫َوأنت ُه َن َ‬ ‫اك ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫نقيدها ق َ‬ ‫بل أن ت َ‬ ‫ظه َرا‬ ‫َِ‬ ‫ُ َّ ُ َ َ ُ‬ ‫نح ِنط قلب ِك كي ال ي ُ ُ�ضيء ُ‪َ َ َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وصد وجه ِك كي ال يرى‬ ‫َ ُ و َن ً ِ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َونكت ُب ت َاء ِك مكسورة‬ ‫َ َ َّ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اك أن يكسرا ؟!‬ ‫َ َ وأن َى ِلعن ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫(آد ُ ٌم)‬ ‫ق ِد ًيما ‪...‬ق ِد ًيما بكى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫نت ِبضحك ِت ِه أجد َرا‬ ‫َ ف َك ِ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫ات َ‪،‬‬ ‫نت أولى َالخ ِط َيئ ِ‬ ‫نعم‪ ...‬أ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ذنب جرى‬ ‫أ ُغلى َالخ ُِطيئ ِ‬ ‫ات َ‪،‬أقدس ٍ‬ ‫َ‬ ‫اليقين لدى (أ ِ ّم ُم َو�سى)‬ ‫و ِ‬ ‫أنت ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫بح ًرا‬ ‫ُ وقدٌ تركت ِطفل َها م ِ‬ ‫َ‬ ‫أنت التي َج َاءها (هدهد)‬ ‫و ِ‬ ‫َل َيرج َع _ ُم َنبه ًرا _ ُمخبراً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َُ َ ُ‬ ‫ُ ُ ً َ ِ ً‬ ‫هن ِالك ك ِ‬ ‫نت س َد ُوداً ‪ ،‬وعرش ًا‪َُّ َ َ ،‬‬ ‫وملكا _ عظيما_ بعيد الذرى‬ ‫َ ‪.......‬‬ ‫الم عليك‪ ،‬على غ َ‬ ‫َس ٌ‬ ‫يمة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ٍ َ‬ ‫مطراَ‬ ‫ُ َ س ِقينا بها قبل أن ت ِ‬ ‫َ‬ ‫الوجود ‪،‬‬ ‫أنت َحقيقة هذا‬ ‫ف ِ‬ ‫ُِ‬ ‫لوالك _ إال اف ِتراَ‬ ‫وما نحن _‬ ‫ِ‬

‫من قصيدة‬

‫يا ألحضان املرايا!‬ ‫أسماء طلعت ‪ -‬مصر‬ ‫ْ‬ ‫وقفت تقول إلى متى؟ وعالما؟‬ ‫والقول َ‬ ‫أرهق طرفها ّ‬ ‫اللواما‬ ‫ّ ْ‬ ‫عاطفة ِبه‬ ‫فتجردت من ثوب ّ ٍ‬ ‫تتعلق اآلالم كي تتنامى‬ ‫الكل يسحب طرف قلب ُم َ‬ ‫رس ٍل‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫فتشد من نبض السكون حزاما‬ ‫ْ‬ ‫حتى إذا انكشفت مفاتن صبرها‬ ‫ْ ْ‬ ‫ألقت على وجه الحياء لثاما‬ ‫ْ‬ ‫واص يصون عطاءها‬ ‫وبكت‪ ..‬فال ٍ‬ ‫ٌ ُ ْ ٌَ‬ ‫والعمركنزمهدرليتامى‬ ‫لم َ‬ ‫يبق منها غيرحاوية ْ‬ ‫لهم‬ ‫ٍ‬ ‫ُ ّز ْ‬ ‫وسط املطامع و عت أقساما‬ ‫ْ‬ ‫كزجاجة العطرالعتيق إذا انتهت‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫تن�سى افتتان ُمر ِاو ٍد كم حاما‬ ‫ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫رجف دمعها‬ ‫وقفت‪ ..‬وصوت الحزن ي ِ‬ ‫في حضن مـرآة ّ‬ ‫تضم حطاما‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ُلت َع ّقب املرآة دون ّ‬ ‫تردد‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ملثلك أن يصيرركاما!‬ ‫أنى ِ‬ ‫‪.....‬‬ ‫ّ‬ ‫نحن التجلي والغموض ألننا‬ ‫نسجي على ِت ْبيـاننا األكماما‬ ‫نحن الضياء وحولنا تسري فرا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫شات َالرجولة كي تمس غراما‬ ‫َْ َُ‬ ‫ووقارنا َمشفى‪ ..‬ولوثتنا شفا‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫الحجى تترامى؟‬ ‫فبأي أركان ِ‬


‫يناير ‪ 2021 -‬م‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.