يناير 2021 -م
2
يناير 2021 -م
في هذا العدد: مجلة ثقافية فنية فكرية أدبية
العنف األسري وآثاره على المجتمع مسر االرميمة
سمر الرميمة samarromima@gmail.com
مدير التحرير:
د .مختار محرم mokh1977@gmail.com املحررون:
علــــــي النهــــــام منصــــر السالمـــــي عبداهلل محمـد الشميـري محمـــد اليوسفـــــي نـــــوار الشاطـــــــر رنـــــــا رضــــــــوان ياسيـــــن عرعــــــار محمــــد الجعمـــــي مقبولــة عبد الحليــم عبد اهلل األحمــــدي ميــــادة سليمـــــان محمد محمود الساسـي حميــــــد رائـــــــــع املسئول الفني واإلخراج:
حسام الدين عبداهلل
التصوير الفني في شعر عبداهلل بن الربيع (الشارع اآلن أنموذجا) حممد الشرعيب (أبوحممود)
4 9
ابن ُهتيمل ..شاعر الدولة الرسولية ()2 غالب العاطفي
12
قراءة في رواية :يسمعون حسيسها للروائي والشاعر د .أيمن العتوم..
د .رميان عاشور 14
محمود درويش وشاعرية التركيب في ( هي في المساء وحيدة ) !! هشام املنياوي
20
ال سكاكين في شوارع هذه المدينة رياض محادي
21
أشرف أبو اليزيد :أرى في المطار صورة مصغرة عن عالم الدخول والخروج عن الحياة نفسها لقــاء
22
ألطاف حمدي.. لون وبطاقة حنين إلى الوطن حممد شنب
27
اللغة العربية إبداعًا ُ وهو َّي ًة حممود حسن
40
الجنون كحالةٍ إبداعية ..كيف يعيشه الشعراء..؟!!
34
أمحد النظامي استطالع
فايروس فيلم little joe أ.خالد الضبييب الفن السابع
46
دعوة للقراءة
58
أ .عبد الرمحن جباش
يناير 2021 -م
العنف األسري وآثاره على اجملتمع
سمـر الرميمــة تعرف التربية بأنها مجموعة من القيم األخالقية المستمدة من األديان والقوانين والتجارب اإلنسانية والعادات والتقاليد االجتماعية،وللتربية أساليب قد تكون بأحد لوسائل المعروفة كالقدوة والموعظة الحسنة ..الخ ،أما بعض اآلباء واألمهات فإنهم يلجؤون إلى العنف واإليذاء الجسدي والنفسي .
4
ونجد أن اإلسالم يتعرض لحمالت شرسة وكبيرة على مر األجيال ،وكانت هذه الحمالت معلنة في السابق ،لكنها تتستر حاليا تحت مسمى الحرب الناعمة من خالل إلباس كل املمارسات األسرية الخاطئة ثياب اإلسالم في املواد اإلعالمية والدراما والسينما ومختلف وسائل اإلعالم .. والعنف األسري أحد أبرز املشاكل التربوية التي تعاني منها املجتمعات املسلمة؛ وله عدة أسباب أهمها الفقر والجهل وال عالقة لإلسالم بثقافة العنف األسري مطلقا ،ورسول هللا صل هللا عليه وسلم يقول ( :من روع مؤمنا روعه هللا يوم القيامة) ..سواء كان جادا أو مازحا .. وهناك عبارة أسترجعها دائما وهي ثول العقاد /اذا ضعفت حجة الرجل عال صوته..؛ التخاطب بالعنف أو بالتعقل هو من يوضح شخصية الرجل في البيت ،والرجل الذي يتكلم بالصراخ تعرف أنه مجادل ويسكت من حوله بتخويفهم بالصراخ وعمل إشارات تدل على أنه اذا غضب أكثر سيؤذي من يخاطبه ،فال يريد سماع الحجة .وعلى العكس من ذلك فالرجل املتعقل الواثق يسأل ويستفسر ويقنع ويقوم بحل املشكلة دون ترك أثر وتراكمات تؤدي إلى مشاكل كبيرة الحقا.. في الحياة العامة أصبحنا نسمع عن حوادث القتل والعنف بين الزوجين أو االبن مع أسرته ، أو الصديق مع صديقه ،وهذا ال عالقة لإلسالم به ألنه لم يرد ال في القرآن وال في السنة النبوية مطلقا؛ والنبي عليه الصالة والسالم قال :تركت لكم ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا.. كتاب هللا وسنتي .. ومن آثار العنف األسري اضطراب نف�سي وسلوكي يسميه علماء النف�سي باملازوشية ، وهو اضطراب ولذة في تعذيب النفس والتعرض للتعذيب الجسدي أو النف�سي أو اللفظي من الطرف اآلخر. من األسباب التي تؤدي لهذه االضطرابات
السلوكية في املجتمع أن الوالدين يضغطان على أطفالهما في التربية ألنهما يريدان أن يعيش األطفال داخل قوالب وضعاها لهم ،فيوجهان لهم اإلهانات والعنف اللفظي ويستخدمان أساليب الضرب فيحدث ذلك كبتا لهذا الطفل وتبدأ آثار املازوشية بالظهور.. أو ربما يكون بسبب أن هذا الطفل تعرض لالعتداء أو التحرش الجن�سي فيبدأ باالنطواء على نفسه وهذا شائع خصوصا عند البنات ألنهن يلقين دائما باللوم والذنب ويسقطن ما حدث على أنفسهن ،هؤالء ينغلقون على أنفسهم وال يجدون من يبوحون له ،ألنهم يخافون من نظرة اآلخرين لهم ،فيبدأ هذا الشعور في التحول إلى توجه، وتقبل اإلهانة حد الرضا ويتحول بالتالي إلى سلوك قد يتطور إلى نتائج خطيرة جدا ،لذلك تحتاج هذه الشخصيات إلى أن تعرض على مختصين نفسيين إلعادة تأهيلهم ليواجهوا الحياة ،ويحتاجون إلى جعلهم أكثر تحكما بالنفس وبتصرفاتهم ،وتجنبا للكثير من املشاكل والضغوط النفسية يجب أن يكون أساس األسرة قويا، ومن أجل حياة سليمة مستقرة يجب أن يختار الرجل شريكة حياته بعناية ،ويحرص على أن تكون ذات دين ،ألنها إن كانت ذات دين فهي تعلم ما لها وما عليها من الحقوق والواجبات وأيضا أهل الفتاة يجب أن يختاروا لها صاحب الخلق والدين (إن جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) .. صاحبة الدين ستربي أوالدها تربية على أسس دينية وقيم نبيلة وصاحب الدين سيحرص على أن ينشر جوا من األمان واالستقرار لزوجته وأبنائه.. أخيرا؛ هذه دعوة لكل اآلباء ليحرصوا على تنشئة أبنائهم تنشئة سليمة وصالحة؛ مبنية على الحب والتصالح مع النفس ومع اآلخرين لنضمن ملجتمعاتنا مستقبال خاليا من عاهات ومشاكل اليوم.
أخبار
يناير 2021 -م
عن رسالته ( الصراع القيمي لدى طلبة جامعة صنعاء وتصوراتهم لدور الجامعة في مواجهته )
الماجستير للباحث شعبين حــاز الباحــث محمــد أحمــد محمــد صالــح شــعبين علــى درجــة الماجســتير بتقديــر ممتــاز مــن جامعــة صنعــاء وذلــك عــن رســالته الموســومة ب»الصــراع القيمــي لــدى طلبــة جامعــة صنعــاء وتصوراتهــم لــدور الجامعــة فــي مواجهتــه». هــذا وقــد منحــت اللجنــة المكلفــة باإلشــراف والحكــم علــى الدراســة الباحــث شــعبين درجــة الماجســتير بامتيــاز وذلــك بعــد المناقشــة العلنيــة للرســالة التــي تمــت يــوم الخميــس 24/12/2020بقاعــة الشــهيد الصمــاد بكليــة التربيــة. ّ وقد تك ّونت لجنة المناقشة من: رئيسا للجنة -جامعة صنعاء. أ.د /خالد محسن الجرادي -ممتح ًنا داخليا ً - ً أ.د /طاهــر محمــد عمــر األهــدل -المشــرف علــى الرســالة -جامعــة صنعــاء - عضــوا. ً عضوا. خارجيا -جامعة إب - ا ن ممتح البعداني فؤاد أ.د/ ً ً ً هــذا ويعــد الباحــث شــعبين مــن كــوادر اإلدارة العامــة للشــؤون الماليــة بديــوان عــام وزارة التربيــة والتعليم. (بتصرف عن اإلعالم التربوي والقناة التعليمية)
كلية اآلداب بجامعة ذمار تحتفل باليوم العالمي للغة العربية
كتب -نبيهة محضور تحــت شــعار (اللغــة العربيــة هويتنــا ومبعــث حضارتنــا وتعليمهــا فــرض واجــب) ،وبحضــور الدكتــور عبدالكريــم البحلــة عميــد كليــة اآلداب ،نظــم قســم اللغــة العربيــة بكليــة اآلداب -جامعــة ذمــار فعاليــة بمناســبة اليــوم العالمــي للغــة العربيــة. وفــي الفعاليــة التــي أقيمــت بقاعــة الشــوكاني بكليــة اآلداب أشــار الدكتــور عبــد الكريــم البحلــة فــي كلمتــه بــأن اللغــة العربيــة تعــد مــن أقــدم اللغــات وأكثرهــا تبا ًثــا وقــدرة علــى اســتيعاب العلــوم والمعــارف والفنــون وكل مظاهــر نظــرا لمــا تتمتــع بــه مــن خصائــص تفتقرهــا الحيــاة؛ ً اللغــات اإلنســانية األخــرى. مضيفــا« :يكفــي اللغــة العربيــة شــر ًفا أنهــا لغــة القــرآن ً الكريــم آخــر كتــب الســماء ولغــة الرســالة المحمديــة ختــام مؤكــدا علــى أهميــة تعلــم اللغــة الرســاالت الســماوية»، ً دائمــا العربيــة وتعليمهــا ،وأن االحتفــاء بهــا يجــب أن يكــون ً ـاكرا فــي كلمتــه المنظميــن وكل المشــاركين ـتمرا ،شـ ً ومسـ ً والداعميــن للفعاليــة.
بدورهــا أشــارت الدكتــورة أنيســة الهتــار رئيســة قســم اللغــة العربيــة بكليــة اآلداب أن إحيــاء هــذه المناســبة إبــراز لعظمــة هــذه اللغــة وأهميتهــا وتســليط الضــوء عليهــا واالعتــزاز بهــا ،مؤكــدة علــى أهميــة تعلــم اللغــة العربيــة كونهــا واجــب دينــي وجســر يربــط بيــن أبنــاء اللغــة الواحــدة وال تقــل أهميــة عــن الســيادة الوطنيــة. قــدم وأدار وقــد أشــار الدكتــور نجيــب الورافــي الــذي ّ الفعاليــة إىل أننــا نتعلــم اللغــة العربيــة لنجــد ســبل النهــوض المعرفــي لعلومهــا لكــي تحقــق أهدافهــا فــي التقــدم والمواكبــة. بــدوره أكــد األســتاذ عبــده الحــودي رئيــس فــرع اتحــاد أدبــاء وكتــاب ذمــار علــى أهميــة االهتمــام باللغــة العربيــة، وأهميــة تأهيــل طــاب ومعلمــي المــدارس وأســاتذة الجامعــة فــي اللغــة العربيــة لتحســين مســتوى اللغــة داعيــا إىل االهتمــام بالثقافــة كونهــا العربيــة كتابــة ً ونطقــاً ، وســيلة لحمايــة اللغــة العربيــة. ألقيــت فــي الفعاليــة عــدد مــن أوراق العمــل للدكتــور عبــدهللا العبســي والدكتــور يحيــى داديــه والدكتــور فهــد
الســبيعي واألســتاذة نبيهــة محضــور رئيســة نــادي القصــة بذمــار ،أشــارت األوراق فــي مجملهــا إىل مكانــة اللغــة العربيــة كلغــة شــعائرية دينيــة واجــب تعلمهــا وأنهــا مــن أوســع اللغــات اإلنســانية فــي التعبيــر ،وتنفــرد بكونهــا لغــة اشــتقاقية ،وتتصــف بأنهــا تحمــل مــن مواطــن الجمــال والمصطلحــات والحــروف واإلبــداع مــا لــم يمكــن العثــور مجتمعــا فــي لغــة أخــرى. عليــه ً كمــا ألقيــت فــي الفعاليــة العديــد مــن القصائــد الشــعرية المعبــرة عــن أهميــة اللغــة العربيــة ومكانتهــا لعــدد مــن ّ الشــعراء منهــم الشــاعر مــراد عيســى األميــن العــام لرابطــة البردونــي الثقافيــة وعبدالرحيــم البازلــي وشــريف النعضــي وزيــاد النعمــي وبشــير المصقــري وهنــادي طاهــر ،وعــدد مــن الكلمــات لريــم العمــري وبلقيــس الشــوباني وآخريــن. فــي ختــام الفعاليــة تــم تكريــم المشــاركين والداعميــن للفعاليــة ،وإصــدار بيــان أدان الحاضــرون مــن خاللــه اســتمرار الســطو علــى بيــت اتحــاد األدبــاء والكتــاب بذمــار، داعيــن فيــه الجهــات المعنيــة ســرعة البــت فــي الموضــوع، واتخــاذ اإلجــراءات الالزمــة بحــق المعتديــن.
5
يناير 2021 -م
أخبار
سلسلة (من هؤالء تعلمت) للدكتور أبو طالب بمجلة أقالم عربية في إصدار جديد صــدر للناقــد واألديــب واألكاديمــي اليمنــي الدكتــور إبراهيــم أبــو طالــب كتــاب جديــد يحمــل عنــوان تعلمــت -ســيرة ذاتغيريــة) عــن دار (مــن هــؤالء ُ ديــوان العــرب للنشــر والتوزيــع بجمهوريــة مصــر العربيــة. يقــع الكتــاب فــي 444صفحــة مــن القطــع الكبيــر، ويحتــوي علــى مقــاالت ُنشــرت فــي مجلــة (أقــام عربيــة) لعاميــن متتالييــن مــن ســبتمبر 2018م حتــى ســبتمبر 2020م. وعالمــا ا ذ أســتا 24 ــ ـ ل ذاتغيريــة يضــم الكتــاب ســيرة ً ً وأكاديميــا تعلّــم المؤلــف علــى أيديهــم ،وتعلــم وناقــدا ً ً علــى أيديهــم المئــات مــن النقــاد واألدبــاء العــرب ،ينتمــون إىل عــدد مــن األقطــار العربيــة كاآلتــي :مصــر (،)11
واليمــن ( ،)7والعــراق ( ،)3وســوريا ( ،)2والجزائــر (.)1 وكمــا أفــاد الدكتــور إبراهيــم فســيكون هــذا اإلصدار متاحــا فــي معــرض القاهــرة الدولــي للكتــاب ،ومــن ً قبلــه فــي معــرض تونــس للكتــاب. يكتســب الكتــاب أهميتــه مــن أهميــة األســماء التــي تناولهــا؛ فاألســاتذة الذيــن تناولهــم الكتــاب يعـ ّـدون مــن أكبــر أســاتذة األدب والنقــد فــي العصــر ممتــدا ألجيــال الحديــث ،وســيظل نــور إشــعاعهم ً طويلــة. مجلــة (أقــام عربيــة) تبــارك للدكتــور إبراهيــم أبــو طالــب هــذا اإلصــدار الجديــد الــذي ُيضــاف إىل رصيــده الكبيــر فــي إثــراء المكتبــة العربيــة ،وتتمنى لــه مزيـ ًـدا مــن العطــاء العلمــي والمعرفــي واألدبــي.
الماجستير للباحثة هاجر محمد السامعي
حصلــت الباحثــة هاجــر محمــد عبــدهللا الســامعي علــى درجــة الماجســتير بامتيــاز عــن رســالتها الموسومة ب: (اآلداب الســلطانية فــي العصــر الوســيط :مقاربــة شــعرية فــي أربعــة نمــاذج) مــن قســم اللغــة العربيــة وآدابهــا فــي كليــة اآلداب والعلــوم اإلنســانية بجامعــة صنعــاء. تمــت المناقشــة العلنيــة لرســالة الماجســتير يــوم اإلثنيــن 28ديســمبر 2020م، وقــد ّ فــي قاعــة مركــز اإلرشــاد النفســي والتربــوي بالجامعــة الجديــدة ،إشــراف الدكتــور علــي بــن علــي مبــارك الحضرمــي ،فيمــا تك ّونــت لجنــة المناقشــة والحكــم مــن األســاتذة: رئيسا. مناقشا أ.د /صادق عبده محمد السلمي - ً خارجيا -جامعة ذمار ً - ً عضوا. صنعاء جامعة ا داخلي ا مناقش د /محمد مرشد محمد الكميم - ً ً ً د /علــي بــن علــي مبــارك الحضرمــي -المشــرف علــى الرســالة -جامعــة صنعــاء - عضــوا. ً هذا وقد حضر المناقشة عدد من المهتمين وجمع من أهل الباحثة واألصدقاء.
6
إصدارات أصدرت مؤخر ًا إدراة مهرجان القدس السينمائي الدولي كتاب ًا بعنوان «:فلسطين في الدراما العربية» وذلك تزامن ًا مع انطالق الدورة الخامسة للمهرجان. وأوضح الدكتور عزالدين شلح رئيس المهرجان :أنها المرة األوىل التي تصدر فيها إدراة المهرجان كتاب ًا ؛ لتسليط الضوء على إهتمام الفن بالقضية الفلسطينية. معرب ًا عن شكره لكل الجهود المبذوله في إنجاح العمل. وبين الدكتور شلح أن الكتاب ّ الذي يشارك فيه 26فنان ًا من مختلف الدول العربية سيسهم في بلورة رؤية سينمائية ثقافية حول القضية الفلسطينية. بدورها أوضحت الدكتورة لمى طياره أن الكتاب يحتوي على 4فصول ريئسة ،حمل الفصل األول عنوان» مالمح» وكتب فيه نخبة من أبرز النقاد والمخرجين والفنانين حول المالمح والمراحل التي وصلت إليها الدراما بشقيها السينمائي والتلفزيوني في سياق تناولها لمعاناة وكفاح الشعب الفلسطيني. فيما أشار الفصل الثاني إىل دور الفن في دعم ومساندة القضية. أما الفصل الثالث من الكتاب فقد استعرض محطات خالدة للتجارب السينمائية في ذاكرة الشعوب. ورصد الفصل الرابع واألخير شبه مسح لألعمال السينمائية التي تناولت قضية الشعب الفلسطيني بإعتبارها القضية المصيرية. يشار إىل أن الكتاب يعد الموسوعة البكر في هذا السياق ؛ لما يقدمه من مادة ثرية وغنية جديرة باإلطالع.
أخبار
يناير 2021 -م
رحيل اإلعالمي اليمني الكبير عقيل الصريمي نعــى الوســط اإلعالمــي والصحفــي واألدبــي ،الصحفــي واإلذاعــي والشــاعر اليمنــي عقيــل الصريمــي الــذي وافتــه المنيــة بعــد ظهــر الســبت 2ينايــر الحالــي.. ونعــى أدبــاء وإعالميــو اليمــن الفقيــد وصوتــه الفريــد ،مســتذكرين مناقبــه وأعمالــه االعالميــة االذاعيــة التــي دخلــت كل بيــت يمنــي عبــر برامجــه اإلذاعيــة المتميــزة وخصوصــ ًا إذاعــة صنعــاء مذيعــا ومعـ ًـدا لعديــد وكان الصريمــي ً مــن البرامــج الثقافيــة والمنوعــة فــي إذاعــة صنعــاء وتعــز ألكثــر مــن 30عامــاً ،ومــن أبــرز برامجــه «رحلــة االٔســبوع» ،و»أوراق مســافرة» ،و»واحــة اليــوم» و»اســتراحة الظهيــرة» التــي
تميــز بهــا فــي ثنائيــة فريــدة مــع المذيعــة المعروفــة عائــدة الشــرجبي. وكان الصريمــي يعانــي مــن مشــاكل فــي القلــب ،وســاءت حالتــه الصحيــة، وظــل أكثــر مــن ســنة فــي قريتــه الريفيــة غــرب مدينــة تعــز بعــد أن كان قــد توقــف عــن العمــل فــي اإلذاعــة عقــب انــدالع الحــرب قــي اليمــن عــام 2015م. وبعــد مناشــدات عــدد مــن اإلعالمييــن إلنقــاذ حيــاة الصريمــي تمــت االســتجابة لتســفيره للعــاج فــي الخــارج مــن قبــل الحكومــة وأجريــت لــه عمليــة قلــب مفتــوح. وولــد الشــاعر والمذيــع واإلعالمــي عقيــل محمــد عبــده الصريمــي عــام 1958فــي القريشــة ،بالشــمايتين،
بمحافظــة تعــز. والتحــق الراحــل بالعمــل اإلعالمــي فــي وقــت مبكــر مــن عمــره ،فحينمــا كان فــي الصــف الثالــث االبتدائــي عمــل مقدمــ ًا لبرامــج األطفــال فــي إذاعــة الحديــدة ثــم برنامــج “الجيــل الصاعــد” فــي اإلذاعــة ذاتهــا. وحينمــا وصــل للمرحلتيــن اإلعداديــة ،والثانويــة فــي دراســته ،كان مذيعـ ًا لألخبــار ،ومــن ثــم رئيــس قســم البرامــج فــي إذاعــة الحديــدة. وفــي مطلــع ثمانينيــات القــرن المنصــرم انضــم الصريمــي للعمــل فــي إذاعــة صنعــاء كمذيــع ،وفــي مناصــب إداريــة متفرقــة مــدة ثالثيــن عامــاً، ومــن ثــم انتقــل للعمــل بمنصــب مديــر عــام البرامــج فــي إذاعــة تعــز.
جازان تودع الشاعر القدير أحمد الحربي توفــي فــي المملكــة العربيــة الســعودية يــوم اإلثنيــن 11ينايــر الشــاعر الســعودي أحمــد الحربــي بعــد صــراع طويــل مع مــرض الســرطان. والفقيــد شــاعر وكاتــب قصصــي ،ولــد فــي بلــدة القرفــي مــن وادي جــازان فــي 31ينايــر ،1957وتلقــى تعليمــه االبتدائــي والمتوســط فــي مســقط رأســه ،وحصــل علــى الثانويــة العامــة مــن ثانويــة معــاذ بــن جبــل فــي جيــزان ســنة 1397هـــ ،1977/ثــم علــى دبلــوم المعلميــن مــن كليــة أبهــا المتوســطة 1400هـــ ،1980/وعمــل مدرســ ًا فــي منطقــة أبهــا التعليميــة حتــى 1404هـــ ،1984/ثــم انتقــل إىل منطقــة جيــزان طالبيــا فــي مدرســة الحســن حيــث عمــل مرشـ ًـدا ً بــن الهيثــم ،ثــم انتقــل إىل مســقط رأســه ليعمــل مدرســاً ..وحصــل األديــب الحربــي علــى دبلــوم فــي اللغــة اإلنجليزيــة مــن معهــد ســانز للغويــات بالواليــات المتحــدة األميركيــة -واشــنطن. وكان الشــاعر أحمــد الحربــي عضــوا فــي نــادي أبهــا األدبــي ،ونــادي جــازان األدبــي ،وجمعيــة الثقافــة والفنــون بأبهــا ،ولــه مســاهمات عديــدة، ورأس نــادي جــازان األدبــي ،وحصــل علــى عــدد مــن الــدروع والجوائــز وشــهادات التقديــر المحليــة والســعودية ،وأعلنــت جائــزة جــازان للتفــوق واإلبــداع فــي نســختها الثالثــة عشــرة ،فــوره
بجائــزة الشــخصية الثقافيــة لعــام 2019وقبلــه فــاز بجائــزة القرشــي للشــعر العربــي .2016 وكان الشــاعر الحربــي قــد أصــدر عــدة دواويــن شــعرية ،منهــا :رحلــة األمــس ( ،)1995الصــوت والصــدى ( ،)1996أرقــب الشــادي ( ،)1996تقاســيم علــى جــذع نخلــة ( ،)1996مــزار الخلخــال ( ،)1999وقفــات علــى عقــارب الــزوال ( ،)2000الخــروج مــن بوابــة الفــل ( ،)2000قــادم كلــي إليــك ( ،)2009مــع الريــح (.)2016
إصدارات صدر عن دار يافا العلمية للنشر والتوزيع في المملكة األردنية الهاشمية، المولود األدبي الثاني للكاتبة والقاصة البحرينية فاطمة النهام ،وهو عبارة عن مجموعة قصصية منوعة تحتوي على قصص من أدب الميتافيزيقا (ما وراء الطبيعة). حيث كتبت في مقدمة إحدى قصص الكتاب :كانت تنسج شباكها لإليقاع بي.. ال للحب واالرتباط.. انما رغبة منها بأن أكون طبق عشائها المقبل! أدركت حينها بأن زوار ذلك المقهى.. بالتحديد.. زوار ما بعد منتصف الليل.. هم سيئوا الحظ.. لقد أدركت ذلك.. ولكن.. بعد فوات األوان!.. كما اشتملت المجموعة على قصص من أدب الفانتازيا، واحتوت أيضا على قصص اجتماعية من البيئة البحرينية والعربية ومن البيئة األجنبية. تناولت من خاللها القاصة بعض التجارب لحاالت انسانية مثل فئة األيتام والعنف األسري والتشوه الخلقي والتنمر من المجتمع والفقر وتعدد الزوجات والصراع النفسي ما بين عدم تلبية حاجات تحقيق الذات والتقدير من االخرين ..ساهمت الفنانة أمل خالد أمين برسم لوحة الغالف وساهمت الفنانة أسيل خالد أمين برسم اللوحات التعبيرية الداخلية للقصص مع الفنانة أمل خالد أمين.
7
أخبار
يناير 2021 -م
نوار الشاطر توقع كتابها الثالث
أقيم في المركز الثقافي بكفرسوسة في مدينة دمشق بتاريخ ٢٠٢٠/١٢/١٧أمسية أدبية حول كتاب (هل بلغك شعري ؟ ) للشاعرة السورية نوار الشاطر قدم من خاللها النقاد :الشاعرة د .أسيل أزعط والناقد عمر جمعة قراءات في هذا الديوان وأدار األمسية اإلعالمي عالم عبد الهادي . كما قرأت الشاعرة عدة قصائد من ديوانها وأجابت على مداخالت الحضور والنقاد . حول كتابها الثالث تحدثنا الشاطر فتقول هو أوراق تساقطت من شجرة الحب ورويت بمداد القلب ....رحلة بحث عن الحبيب البعيد القريب الغائب الحاضر في وجدان أنثى عاشقة مازالت ترسم مالمح حبها في خيالها وتجسده في كلمات على الورق ..وتضيف أيض ًا رغم أن هل
بلغك شعري هو اإلصدار الثالث بعد هديل قلب و كوكب دري البدايات التي كتبتني إال أنه األول في الكتابة فتقول هي ُ نعيم الحرف ألدخل القويم ٔقف على الصراط وعلمتني أن ا َ َ َ ٔنهل من نهر النثر ..قد ال تكون البدايات المع ًة براقة لكنها وا َ الخطو ُة األوىل التي ال بد منها ،هي جرع ُة الشجاعة التي نحتاجها لنبدأ إبحارنا في حبر النهايات بقلم واثق الخطا ُ سفن أحالمنا شواطئ غاياتها. حينئذٍ ُ ستدرك ُ ختام ًا قامت الشاطر بتوقيع نسخ للحضور وبتشكر القائمين على األمسية ومديرة المركز السيدة نعيمة سليمان و الحضور الكريم الذي تمثل بالعديد من األدباء والنقاد واإلعالميين نذكر منهم اإلعالمي الشاعر محمد خالد الخضر والناقد الشاعر د .نزار بني المرجة .
الحسني يحصد لقب (شاعر الجامعة) ،بالجامعة اإلسالمية بالمدينة المنورة حصد الشاعر اليمني شكري الحسني لقب شاعر الجامعة إثر حصوله على المركز األول في التصفيات النهائية لمسابقة «شاعر الجامعة» .. في الجامعة اإلسالمية في المملكة العربية السعودية ،في قصيدته (ال تقتلوه بمن يكون) وهذا نص القصيدة ال تقتلوه بـ “من يكون..؟! . وجه حتفِ ْه البسا َ مر كالحلمً .. َّ الغصن من عصافير ُيطعِ م َ حرفِ ْه مر من بين شوكتين ..وكانت َّ شجر األرض دمع ًة تحت طرفِ ْه ُ
8
مستحيل كشاعر كان يبدو ٍ ٍ األرض حزنها فوق كِ ْتفه تسند ُ ُ عشبا المجازات فم من ينتقي ً أوجاع عزفه ثم يملي عليه َ والموت من يعول الثكاىل مر.. ُ ّ أثواب الرغيف عاف منذ ُ َ عطفِ ْه جدار والمساء الباب.. ُ ٌ يفتح َ ِ يد لسقفِ ْه ش راش الف من دموع َ ِ َ كلما اجتاز ليل ًة ..يلتقي في شكل خلفِ ْه أمام ُه ِّ َ كل شي ٍء َ ألي منفى سيأوي ليس يدري ّ ليس يدري بأينه أو بكيفه.. عهدا ..ولكن يخن للحمام ً لم ْ صفه السرب غرد خارجا عن ِّ ً ّ ُ موطن اليتامى ..ولكن إنه ُ
لم يجد ما يقوتهم.... غير لطفه منايا ينسى حين الطفل إنه ُ ً يضج بأنفه يزل َع ْر ُفها ّ لم ْ إنه األرض ليس تنسى شهيدا... ً إنه الشعب ..فاحذروا ريح عصفه نصفه ثم يمضي يهب الموت َ َ ُ للمعالي ِ كل ..بنصفه كألف ٍّ شاعر ..ويكفيه ع ًّزا إنه ٌ صفر محض الصفر أن يرى َ ٍ َ بكف ْه ِّ . شاعرا لماذا تالشى..؟! تسل ال ْ ً وشاعر طو ُع نزفِ ْه شعر ُّ ٍ كل ٍ
يناير 2021 -م
التصوير الفني يف شعر عبداهلل ابن الربيع (الشارع اآلن أمنوذجا)
محمد الشرعبي
يقف مصطلح الصورة الفنية في مقدمة المصطلحات ذات األهمية الخاصة في مجال األدب. وعلـى الرغـم مـن أنـه قـد تـردد كثيـرا فـي كتابـات الدارسـين غيـر أنـه مـع تـردده وشـهرته وأهميتـه مـازال مـن أكثـر المصطلحـات غموضـا وإبهامـا. يرجع ذلك إلى المفهوم نفسه ووظيفة الصورة وكيفية تشكلها. ويذهـب بعـض النقـاد إلـى أن هـذا االختلاف ال يـدل على عـدم توحـد مفهوم الصـورة بقدر داللتـه على سـعة المصطلـح وتشـعبه المتعدد.
فالصورة يشكلها عدد من العناصر؛ كاملوقع ،والحركة، والشكل ،والحجم ،واأللوان..الخ فضال عن تميزها بعدد من الخصائص؛ كالوحدة ،واإليحاء، والتطابق ،وغير ذلك من املميزات. ولعل نظرة النقاد إلى كل ذلك كانت وراء اختالفهم توسعا وتضييقا حيال تلك املكونات. وال شك أن استعراض كل تلك الخالفات في هذه املقالة سيصرفها عن هدفها املتمثل في محاورة نص الشاعر وتأمله.. يعرف علي البطل الصورة الفنية بأنها تشكيل لغوي يكونها خيال الفنان من معطيات متعددة ،يقف العالم املحسوس في مقدمتها، إذ أن أغلب الصور مستمدة من الحواس إلى جانب ما ال يمكن إغفاله من الصور النفسية والعقلية وإن كانت ال تأتي بكثرة الصور الحسية()1 هذا التعريف وغيره من التعريفات الحديثة للصورة يحاول التخلص من التقوقع في حيز النظرة القديمة لها ،تلك النظرة التي تحصرها في الفنون البالغية املعروفة املتمثلة؛ بالتشبيه، واالستعارة ،والكناية ،وغيرها من املفاهيم البالغية القديمة.. فيرى النقاد املعاصرون أنه من املمكن أن تتسع مخيلة الشاعر لتنسج صورا ال تنتمي إلى بنية من تلك البنى البيانية. بمعنى أنه قد تتعدد عناصرها دون أن تنضوي في إطار معين غير أنها ال تبعد أن تكون في هيئة لوحة أو لقطة أو مشهد()2 حسب رأي عبدهللا حسين البار. على أي حال كان األمر فالصورة تعد نمطا مميزا من أنماط الكتابة األدبية ،يتم من خالله تجسيد املعنى وتقديمه بالكيفية التي تضفي عليه جانبا من الخصوصية والتأثير ،وهي بذلك تعد من أهم عناصر الشعر ومميزاته ..لذا فقد لفت إنتباهي هذا املقطع الشعري الخاص بالشاعر عبدهللا بن الربيع. فهو وإن كان صغيرا إال أنه مكثف جدا ،نسج فيه الشاعر صورة بديعية موغلة في اإلبداع ..فأحيانا يقرأ املرء قصائد طويلة يشعر أنها خالية من مثل تلك الصور املدهشة. مقطع يتكون من أربع أبيات فقط إال أنه غني باإلثارة والدهشة والحركة. ً الشارع اآلن يجري خائفا قلقا َ آت ٌ خفي أفزع الطرقا هل ّثم ٍ فالشاعر يبدأ مقطعه بمشهد ذعر يشبه مشاهد يوم القيامة في هوله وتغيراته. فالشارع لم يعد ذلك املوجود الساكن كما هو في العادة ،فقد انتفض من مرقده بحجمه العمالق وأصبح يجري إلى غير وجهة. ترى ماذا يجري هنا؟! يا إلهي! الكل في املدينة يركض مذعورا. ينظر إلى التحوالت الغريبة وال يعرف أسبابها. فالطبيعة كفرت بقوانين الفيزياء ،والشارع يتمرد فجاءة
عبداهلل ابن الربيع ويجري ملويا عنقه خائفا قلقا. والناس يجرون معه خائفين يبلعون ريقهم وال يعرفون ما الذي تخبئه لهم األقدار. جميع من في املشهد يسألون حابسين أنفاسهم ،وعيونهم تكاد تخرج من محاجرها: هل ثم آت خفي أفزع الطرقا؟! ال أحد هنا يعرف ما األمر! يتوارى السؤال خلف السؤال والنتائج عدمية ،لم تسفر عن معلومة تسهم في استقرار النفوس ،وإخماد الخوف املتصاعد من كل مكان. هل ثم آت خفي أفزع الطرقا؟ هل املدينة تنوي أن تفارقنا؟ هللا أكبر املشهد يزداد تأزما فاألرض ترتجف خوفا وقلقا واألسئلة تذهب وال تعود بنفع، وينمو املشهد ،ويزداد تعقيدا متى استمر القارئ في قراءته للمقطع. وبدأ الناس يضعون افتراضات ليختبروا صحتها: هل املدينة تنوي أن تغادرنا؟ املدينة ستغادر غير عابئة بالناس فيها ،فعما قريب سيصبح أعلى املدينة سافلها ،فقد خيبت إيمانهم بها ،وركونهم إليها، وكأن تلك الثقة لم تكن سوى وهم انزلق بهم في مهاوي الردى والخسران. يا إلهي! بم تفكر هذه املدينة؟!
هل ملت من موتانا املتزايدين في باطنها؟! هل أضجرها رائحتهم املنتنة؟! ربما أنها تكون قد ضاقت من أعداد القتلى واملوتى الذين نواريهم الثرى كل يوم! ربما أنها فكرت بأننا نضمر لها في بواطننا شرا! وأن تلك األعداد الوفيرة التي نقبرهم فيها ترغب في التحلل لتغرق املدينة! فمن سيخبرها أننا ال ننوي فعل ذلك؟! تستمر تلك االفترضات ويستمر في الوقت نفسه تمرد الشارع وجريانه وقلقه ..فيختم الشاعر مشهده املمتد وتصويره املركب املتداخل بتفسير حكيم لتلك األمور الخارقة على لسان سكان املدينة قائال: أم أنها أبصرت ما ليس نبصره فينا من القبح كيما تنقذ األلقا؟! ياهلل! فهنا بيت القصيد عند الشاعر ،بعد أن تأمل كثيرا كفيلسوف في أخالق أهل املدينة فساءه ما هم فيه من القبح ،فاختلق هذا املشهد ليبين للمتلقى مدى القباحة التي بلغ إليها سكان هذه املدينة ..وهو بهذا املشهد التصويري اآلسر البالغ من النضج شأوا كبير يدعوهم للعودة إلى مكارم األخالق قبل أن تحل النكبة على الناس جميعا ،ويندمون يوم ال ينفع الندم ..مشهد تصوير مدهش خالب ينبئ عن عبقرية فلسفية استثنائة ،وهندسة شعرية معقدة أنجز صنعها الشاعر بجدارة واقتدار. تحياتنا له تترى. ------------------ً الشارع اآلن يجري خائفا قلقا َ ّ ٌ آت خفي أفزع الطرقا هل ثم ٍ هل املدينة تنوي أن تغادرنا كأن إيماننا ٌ وهم بها انزلقا ب َم تفكر! هل ّمل ْت َت ُّ سر َبنا ِ ً ّ إلى املقابر وحال يضمر الغرقا أم أنها أبصرت ما ليس نبصره فينا من القبح ،كيما تنقذ األلقا ابن الربيع * استدارك ..الشاعر لم يعنون املقطع ،فأنا من وضعت له هذا العنوان. ( )1الصورة في الشعر العربي ،علي البطل ،دار األندلس،بيروت،ط،1 1980م. ()2الصورة الفنية في القصيدة الجاهلية (دالية النابغة أنموذجا)، عبدهللا حسين البار ،دار حضرموت للدراسات والنشر ،ط2006 :1م.
9
يناير 2021 -م
البكالي أوال والعاطفي ثانيا وأسماء طلعت في المركز الثالث
إعالن نتائج مسابقة أقالم عربية السنوية أعلنت إدارة منتدى ومجلة أقالم عربية نتائج مسابقة أقالم عربية السنوية ،والتي حملت هذا العام عنوان أقالم حول المرأة حيث جاء في إعالن النتيجة تقدم للمسابقة 77شاعرا وشاعرة من مختلف الدول العربية؛ وبعد الفرز واستبعاد المشاركات الغير مستوفية للشروط تأهلت 66قصيدة لمرحلة التحكيم.. وقد عرضت القصائد على لجنة التحكيم بدون أسماء الشعراء ..وبسبب كثرة القصائد التي وصلت للتحكيم هذا العام؛ فقد استغرقت اللجنة وقتا أطول للتدقيق والتحقق من كل النصوص حرصا على إنصاف الجميع ،وكانت القصائد الفائزة بالمراكز الثالثة األوىل كالتالي: قصيدة (امرأة من الزورد اليقين) للشاعر ياسين محمدالبكالي _اليمن فازت بدرع المركز األول وجائزته المالية.
قصيدة (تاء التأنيث الالمكسورة) للشاعر غالب العاطفي اليمن فازت بدرع المركز الثاني وجائزته المالية. قصيدة (ياألحضان المرايا) -للشاعرة أسماء طلعت مصر فازت بدرع المركز الثالث وجائزته المالية.وقدمت إدارة المسابقة التهاني للفائزين والشكر واالمتنان لألساتذة الكرام أعضاء لجنة التحكيم على جهدهم وتعبهم للوصول إىل هذه المحطة وهم: د .عبد الرحمن الصعفاني د .إبراهيم أبو طالب أ .زياد القحم ️كما ستتم طباعة القصائد األربعين األوىل في التقييم في ديوان يحمل عنوان (أقالم حول المرأة) وسيتم االحتفاء به في الفعالية السنوية لمجلة أقالم عربية قريبا بمشيئة هللا
لوحات للفنان التشكيلي السوري/ حسني حممد العقدة
10
يناير 2021 -م
مشنقة االنتظار
عيناك ِ
عبداهلل محمد األمير جت مِ َن األَ عماق قافِ يتي إنِّ ي نَ َس ُ ِ عركَتي فن ِ يا َمن خَ سِ ُ رت َعلَى َج َ يك َم َ
الهي ٌة فَطالَما ِ أنت في الن ِ َّسيان َ ِ ين أو ِر َدتي أحياك نَ بض ًا َج َرى ما َب َ
الح ِّب في قَ لبي ِ وآخ َر ُه يا أ َّو َل ُ اليوم خات َِمتي فيك دأت َو ِ مِ ِ ابت ُ نك َ َ
الح ِّب في قَ لبي وأكذَ َب ُه أصدقَ ُ يا َ عاطفَ تي وت في أهد ِ أكفان ِ الم َ َ ِ لي َ يت َ
هجتُ ها قت حيا ًة ِ لَكَ م َعشِ ُ أنت َب ُ حرقَ تي لَكِ ن غَ ِ دوت لَهيب ًا فَوقَ َم َ
إن َيذكُروا لي غَ رام ًا خانَ ُه قَ َد ٌر رام ِك ُعنوان ًا ِلَمثِ لَتي َأتى غَ ُ
أبني ًة أنا الـذي َشـ َّي َد َ األحالم َ رت َمملَكَ تي راب َة إن َد َّم ِ فَال غَ َ
ناحي ًة مت ون ما َي َّم ُ َوخالِق الكَ ِ َ وصلَتي ّإل َوك ِ ُنت ِبها َوجه ًا ل َِب َ
َصرحي َتها َوى َوآمالي ُم َبعث ََر ٌة يبات َمعذِ َرتي َعلَى َطريقِ ِك في خَ ِ
ابتغـي َه َـرب ًا َوال َسل ُ َكت َطريقـ ًا َ ناص َيتي عت إىل ّإل َسفَ ِ األشواق ِ ِ
أجم ُع ُه دوت ُحطام ًا ك َ نَ َعم غَ ُ َيف َ صت َعلَى أشال ِء َبعث ََرتي؟ َوقَ د َرقَ ِ
ألت َم َتى ذِ ِ رح ُمني وال َس ُ كراك َت َ ـبل أسئِ لَـتـي ّإل َأ َت ِ يت َجـواب ًا قَ َ
ُضها كواي واآلفاقُ َترف ُ أ ُب ُّث َش َ سرةٍ َيحنو َعلى َشفَ تي وال َّر ُ جع مِ ن َح َ
ِر ّقي لِحالي َوخافي هللاَ في َدنَ في ِ أغراك َس ِّي َدتي الم َدى أن ُب َ أم َّ عد َ
َيف أكتُ ُم ُه حيب ك َ نتاب َصمتي نَ ٌ َي ُ ثار في ِرئَتي؟ َولِلتَّ َش ّظي َزفي ٌر َ
نك أط ُل ُب ُه كان ذَ نبي ِوصاالً مِ ِ إن َ ف ََمن ِس ِ واك َعلَى كَفيهِ َمغفِ َرتي؟
وأحاط بي موج يحدق في الرؤى المد أقعى والمزار بعيد ُّ
نديل مِ ن ُمقَلي معي والقِ الز ُ ُ َّيت َد َ الضو ِء َتدفِ ئَتي َي ُم ُّدني وانكسا ُر ّ
عتقِ ـد ًا َلكَ م َه َم ُ َلب ُم َ زع الق ِ مت ِب َن ِ نسى و ُأنهي ِبال َه َوى ِصلَتي َأنَّ ي َس َأ َ
رقي لمهجة هائم مل السرى فالسراج شريد بفساح عشقك ُ
مس ت َُد ِّث ُرني ُ والليل َي ُ سأل َع ِن َش ٍ أقبيتي أطلَّت ِبدِ ف ٍء فَوقَ إذا َ َ
الح َّب قَ د غُ ِر َست َوما ف َِط ُ نت ِلَ َّن ُ عص َيتي ُجذو ُر ُه فاست َوت ُسوق ًا ل َِم ِ َ
يصعب فكّ ُه شطيك الس ُّر في ّ ُ مديد ليل العاشقين ُ مادام ُ
فاض بي أل ٌَم لَكَ م َت َح َّم ُ لت َحتَّ ى َ بر أعوام ًا ِبأزمِ َنتي ُيجا ِو ُز ّ الص َ
رتـ َهـنـ ًا ِآلالم ُم َ َو َهكَ ـذا عِ ُ شـت ل ِ عت عافِ َيتي رج ُ الم ُ وت ي َأتي َوال َ است َ ال َ
ماذا عساي وقد تعثر خافقي بلواحظ إصرارهن عنيد
سحقُني َحت فِ تر ًا َوما َتزَحز ُ حين َت َ َ َر َح ِ بح مِ ش َنقتي الص َ اك خَ وف ًا ك َّ َأن ُّ
ثاني ًة صل ُيعِ د لي ال ُّر َ جودي ِب َو ٍ وح َ أو ات ُركيني َأعِ ش في ال ُبعدِ ِ آخ َرتي
عبدالصمد زنوم املطهري ِ غريد عيناك ُي ْب ِه ُر فيهما التّ ُ قصيد للفتون عين ُ ِ في ّ كل ٍ حظ َي تنثني شباك ّ طرحت مهما ُ َ ُ ِ يصيد شجوك في الفؤادِ وحفيف ُ تمتمت حروف نبضي قبضت لما ِ َ ْ سهود الرموش وسرى بهن إىل ُ ِ هادر فتساقطت غرقى ٍ بسحر ٍ فريد بالجمال حسن شط ُ في ِّ ِ ٍ أحيد عن المنى أوكان ظنك أن َ يعود للهجوع أوهمس شدوي ُ َ ِ قلبي مبح ٌر شراع أومالمست ِ َ َ التنهيد بمشاعر أزرى بها ُ ٍ
يرجو لبهجته الرسو بمهجة طريد والوصل عنه في الغرور ُ
11
يناير 2021 -م
ُ ابن هتيمل ..شاعر الدولة الرسولية الحلقة الثانية
غالب العاطفي -اليمن
تناقض ال بد منه كان المخالف السليماني (إحدى التسميات التاريخية لمنطقة جازان ،وقد سميت بهذا االسم نسبة إىل« سليمان بن طرف الحكمي» الذي حكم المنطقة من الفترة 373هـ إىل 393هـ ،وظلت وظلت جازان وما حولها تعرف بهذا االسم إىل منتصف القرن الرابع عشر الهجري ) يعيش _ في تلك الفترة _ حالة من الصراعات والحروب وعدم االستقرار، وال شك أن لهذه الحالة االجتماعية المضطربة تأثيراتها النفسية على ذلك الجيل الذي نشأ فيه الشاعر ،وعلى ذلك المجتمع الذي ولد فيه طفال ،وترعرع صبيا ،وعاش فيه شابا وكهال ،فهو عصر غير مستقر ،عاش أمراؤه تتجاذبهم النزاعات السياسية ،تارة مع زبيد ،وأخرى مع صعدة ،وثالثة مع مصر ،وكل ذلك له طابعه في النفس . وبما أن الشاعر من أرهف الناس إحساسا تأثرا ،نرى أن ابن هتيمل صورة وأشدهم ً لتلك االنطباعات ،فيبدو متناقضا في مدحه وذمه ،فنراه يمدح اليوم «المظفر الرسولي» ويخلع عليه من ألقاب الخالفة وطابع البطولة ،وتدفعه الرغبة في التزلف إليه بأن يجعل المناوئين لسلطانه والثائرين على دولته ضفادع على شاطئ البحر _ على حد تعبيره _ ثم يرمق شاعرنا النجاح المؤقت الذي حققه اإلمام «أحمد بن الحسين» فيشيد بانتصاراته ، وينعته بنعوت الخالفة ،ويرفعه إىل درجة القداسة ،ويهنئه متباهيا بعودة الحق المنهوب واإلرث المسلوب _ على حد قوله_
12
()2
_عمومـا _ واليمنـي فـي مسـيرة الشـعر الخالـدة ،وعلـى امتـداد تاريخنـا العربـي ً ٌ كثيـرة ال تـكاد ُتحصـى ،أسـماء كان لهـا حظهـا مـن _خصوصـا _ ظهـرت أسـماء ً الشـهرة فـي حياتهـا ،ومـازال صداهـا يتـردد حتـى يومنـا هـذا ،بعـض هـذه األسـماء نالـت حقهـا عـن جـدارةٍ واسـتحقاق ،والبعـض اآلخـر نـال حقـه بمسـاعدة عوامـل مختلفـة كالسياسـة والجغرافيـا والحـظ الحسـن _إن جـاز التعبيـر _ . َّ ٌ ً كثيـرة ً نبوغا، أقـل أيضا ،لـم تكن نجوم وعلـى الجانـب اآلخـر من المشـهد ،سـطعت ٌ ً َ شـاعرية مـن غيرهـا ،لكنهـا لـم تنـل حقهـا مـن الشـهرة أخفـت وال ألسـباب عديـدةٍ ٍ مـن بينهـا السياسـة والجغرافيـا ً أيضـا ،فانطفـأ ضوؤهـا ،وانمحـى أثرهـا ،وتالشـى ذكرهـا فـي عتمـة النسـيان . “أقلام عربيـة” تفتـح هـذه النافـذة الجديـدة ،لتضـع بيـن يـدي قارئهـا بعـض هـذه عمومـا ،واليمنـي األسـماء التـي غابـت ،أو تـكاد تغيـب ،عـن أذهـان المثقـف ،العربـي ً علـى وجـه الخصـوص . وهكذا شأن شاعرنا مع كل ممدوح ،وال شك أن هذا التناقض والتلون نتيجة لتلك البيئة التي نشأ في ظروفها المتقلبة . في مدح الملك المظفر كثيرا في مدح بالغ شاعرنا ابن هتيمل ً الملك المظفر «يوسف بن عمر بن علي الرسولي» ولعل اتساع رقعة الدولة الرسولية التي شملت اليمن بأكمله ،وامتدت من أقصى الحجاز إىل نهاية ُعمان ،من أبرز العوامل التي نتج عنها هذا المدح الكثير ، إضافة إىل طول فترة حكم الملك المظفر الرسولي ،التي استمرت قرابة أربعين سنة . فنرى أن ابن هتيمل قد أكثر في مدح هذا الملك ،وهو مدح عذب وبديع ،ينم عن غزارة شعرية فريدة ،وثقافة تاريخية واسعة يمتلكها شاعرنا ،ومن ذلك قوله في قصيدة مدح واعتذار : (يوس َف) َموئلي أن ُ هنيئ ًا لنفسي َّ بألطاف (المظفَّ ر) ظافِ ُر وإنّي ِ جده ٌ شاد َم َ وح َّق هللاِ ما َ مليك َ ِ مير واألكاسِ ُر ح أحيا َبابع ت ُ ٍ أول الص ُ وإن َو َ رد ِّ يد ال َّردى فَه َو ٌ مع َر ٍك فه َو آخر عن روا د ص وإن َ َ َ َ القصر غَ ير ًة المسج ُد ينافِ ُس فيه ِ َ الضرائ ُر َما ك َيه ل ع غارت َعليهِ َّ َ َ بعض الشيء َبعض ًا ألجلِه حس ُد ُ و َي ُ السروج المنا ِب ُر وت ُ َحس ُد عيدان ُّ (باقل) (سحبان) إذا قال فاعلَم أن َ ٌ (حاتم) (مادِ ُر) أن جاد َ وإن َ فاقطع َّ َ أم َوىل ال َورى ال دون واحدٍ ٌ واحد َ لق ناهٍ وآم ُر ومن َع ُ َ بده في الخَ ِ ين كأنَّها َ تركت ُح ُص َ ون َ المش ِرقَ ِ
السما ِء َزواهِ ُر ُ مصابيح في أفق َّ كوكبان ومسور ًا راش ُيناغي َب ٌ َ الجاهلي مناب ُر وتر ع ي و شفِ ُ ُ ّ أهطعت لَك َصعد ٌة وما ِز َ لت حتَّ ى َ وذل الحناجر وأذعن َد ّم ٌاج َّ ور َّهبوا ولو لم َيدِ ن أهل الحِ جا ِز َ ماطر َ نك َيو ٌم قَ ِ لظل َعلي ِهم مِ َ ل ََك الخي ُر إني خائ ٌِف لك آمِ ٌن الئم ل ََك عاذِ ر َعل ََّي وقَ لبي ٌ فرت َصغير ًة وغي ُر َع ٍ ظيم إن غَ َ غُ فرت للمذنبين الكَ بائ ُر َد ق ف َ َ الزمان ،فحاسِ ٌد أهل ِ تَكَ نَّفَ ني ُ وقَ إليك ،وبائ ُر ، ال وساع بي َ ٍ ٍ بتلى ُب ُ ليت ِبهم َب َ لواء ما أنا ُم ً بأعظم مِ نها َيوم تُبلَى السرائ ُر َ أألم والدٍ . ابن ِ وما قولُهم لي :يا َ أنت شاعِ ُر بأنقص لي مِ ن قولِهم َ : َ ويقول في قصيدة أخرى : (الم َظفَّ َر) َأ َّن هللاَ خَ َّول َُه َيه َنى ُ الي َم ِن عد الخَ الئ ِِف ُم َ َب َ لك الشّ ِام َو َ سيرت ُُه فَر ٌد ت َُدب ُر ك َُّل الن ِ ّاس َ صر َإل َع َد ِن مِ ن العِ ِ راق إىل مِ ٍ فق مِ ن َمل ٍِك غار ُب ُر َ َش ٌ وج األُ ِ مس َأ َ ِ والح ُص ِن الخيل ماك ر في ه وج ر ب ِ ُ ُِ ُ ُ ِ ُشب ُه ُه حار َبح ٌر لَو َّ األرض ت ِ ِ أن ِب َ السفَّ السفِ ِن ب ان ن ه خاض ما ودِ الج في َ ُ ُ َ ُ ِ ُّ َ ِ رض نافِ َل ٌة أل ا ُوك ل م ُل ك و ف ٌ ُ ِ َرض َ ُّ الفُ الس َن ِن ف َها ل وض ر إن َ َّ َضل َعلَى ُّ ُ ٌ بتدِ عُ الـ المثلَى َو َي َ غَ ي ٌر َو َي َ خترعُ ُ ُحس َنى َو َيأن َُف أن َيمشي َعلَى ُس َن ِن ين الَّتي َفق ََدت أش َهى َإل الهيمِ َ والع ِ هي الما ِء وال َو َسن ُحل َو الكَ َرى مِ ن َش ّ َون الخَ الئ ِِق إالَّ في َتخَ ُّم ِطهِ ل ُ
اللد ِن الصوا ِر ِم والخَ ّط َيةِ ُ َب َ ين َّ دن نا ِئ َب ًة ت َُد ُّر مِ ُ نه ن ُُحو ُر ال ُب ِ خالق ِبال َّل َب ِن ِلض ِ ل َّ يف َعن دِ َّرةِ األَ ِ سيرت َُه ذواء َ َأ َش ُّم ما َ سارت األَ ُ (س ُ بن ذي َيز ُِن) يف ُ ين) َوال َ ال ( ُذو ُر َع ٍ (الم َظفَّ ر) ال تَعدِ ل ِبهِ َبشَ ر ًا َد ِع ُ فالله أك َب ُر َأن تَحكيهِ ِبال َوث َِن ُ ويواصل شاعرنا مدحه ،واصفا المظفر بشتى األوصاف الحسنة كالشجاعة والفروسية ،والجود والسخاء ،وعظمة القدر واتساع رقعة الحكم ،فيقول : (الم َظفَّ َر) في (زَبيدٍ ) إذا ز َ ُرت َ َواس) و(الخصيبا) ن (أبا لت َض ف َ َ ٍ ِكل ُح ِّر الس ُ َفتًى قَ َسم َّ ماح ل ِّ َوعبدٍ مِ ن َمواهِ به نصيبا ُفوس قيد ِ َع ُ الموت ِإالَّ في ن ٍ ت ُ وحوبا َخاف بق ِ َبضها إثم ًا ُ كل َحرب َي َظ ُّل ُح ُ سامه في ِّ للمن َّية أو َشروبا أكُوالً َ أيت منها فلو َص َدم الن ُُّجو َم َر َ رم ًّيا أو َطعين ًا أو َضريبا األخالق فيه عن َمكار ُم ِ ُجمِ َ العيوبا َّ ال إ ب َيس ل ف فاقِ َ َ ِ دٍ ِ ُ َتحِ ُّن َيدي إىل ُيم َنى َيديه حس ُبها َرقوبا َت ف ت إذا غَ َّب َ َ كان كِ سرى خليف ُة دولَةٍ لَو َ عاصره لَكان لها نَقيبا ُم ِ ابن نو ِر الدين إنّي ُ أيوس ُف يا َ دعوت َُك والوسيل ُة أن تُجيبا َغت لغايةٍ أعيت َمداها َبل َ َّقلين شُ ّبان ًا وشيبا َبني الث ِ أقر َبها بعيدا رأى الكرماء َ ُ أبعدها قريبا وأنت َ َ رأيت َ
يناير 2021 -م
ويبالغ شاعرنا في مدحه للمظفر ، مقارنا إياه بمن سبقه من الملوك ،فيرى أنه أعظم من (سيف ادبن ذي يزن) و(النعمان بن المنذر ) والملك الصالح (ذي القرنين) ،يقول شاعرنا : وس ٌف) (الم َظفَّ ُر ُي ُ هللاُ َأك َب ُر ذا ُ ان والع ُ َهذا ُ ظيم الشّ ِ الم َع َّظ ُم َ كان مِ ن َهذا الَّذي فيهِ الَّذي قَ د َ ُعمان) (س ِ بن ذي َيز ٍُن) َومِ ن (ن ِ َ يف ِ أيت ُه نه َر َ َمل ٌِك إذا َر َو َ يت مِ ُ ورةِ اإلنسان ِ ُملَك ًا ُي َرى في ُص َ َراه إنسان ًا َوفيهِ فَضائ ٌِل َوت ُ ي اإلنسان ر ب ن ع ت ةِ شَ ُعليهِ ِ َ َ َ َّ الجال ُّس مِ ن ُم َت ِ واض ٌع َي َتفَ كَّ ُه ُ َ ستان ب في ات ر ط الع أ ِ ِ خالقِ هِ ُ ِ َ ِ رد الخَ الفَةِ حامِ ٌل ُم َت َسر ِب ٌل ُب َ َّقالن ل ما َيس َيحمِ ُل ثِ قل َُه الث ِ َ حكام ُهم ذَ َه َب الخَ الئ ُِف وانق ََضت َأ ُ حم ِن رض َوهُ َو خَ ليفَ ُة ال َّر َ في األَ ِ مس يا َمل َِك ال َبر ّيةِ يا َأبا الـ يا َش ُ واإلحسان سن نصو ِر يا ذا ُ َم ُ ِ الح ِ ِإلسالم ُركن ًا ثا ِبت ًا حت ل ِ أص َب َ ركان وال َب ُ بني َعلَى األَ ِ يت َم ٌّ ثت َمملكَ َة األَوائ ِِل ِ مي ٍر) َو َو ِر َ (ح َ ِ َهالن) ك ( من ء ما ظ الع َ َو َممال َِك ُ ِ َين) لَم َو َس َ عيت َحتَّ ى َسعي (ذي القَرن ِ َ ان ي س ما أ ك عي س ب ق لح ي وهُ َ ّ ِ َ َ َِ ِ أشر َف كِ س َوةٍ وت َب َ َوك ََس َ يت هللاِ َ ريان كالع كان و ل ع ت ر ن ُشِ َيهِ ُ َ ِ َ َ َ ين مِ ن َص َدقاتِك الـ َو َبث َ َثت في َ الح َر َم ِ نات ما ُيغني َع ِن الحِ رمان َح َس ِ ِ ُوك َفلَم َأ ِجد َو َلقَد َو َز ُ المل َ نت ِب َك ُ الميزان واك في راه سِ َ َملِك ًا َأ ُ ِ يا ُم ِ أضاعني َيف وحشي ِبال ُبعدِ ك َ َ َمن كان َيذ ُك ُرني َوال َينساني ُ خاطري إلي َفقَد َت َبل َب َل ِ فانظر َّ آن غض والشَّ َن ِ مِ ن َظ ِّن ِ أهل ال ُب ِ عاد لي (م َظفَّ ُر) َ فَإذا َرأي ُت َك يا ُ َ ضحكَ ني الَّذي َأبكاني أ و حي ف ََر َ ويقول في قصيدة أخرى : راسةِ غامِ َض الـ ما ِز ُ لت ُ أعلم ِبالفَ َ خافي وأع ِر ُف بالخبيث الط ِّييبا اعت َص ًُ المل ِ ُوك ِبخَ ي ِرها حتى َ مت من ُ وأكرمِ ها أبا ها ب وأحس ا د ج ً ّ ِ َ َ َ مس بالملك (المظفر يوسف) بالشَّ ِ زبر ُمعيدِ ما أبدى سبا بأبي ال َه َ ُوك فإنَّه انتس َب المل ُ َمل ٌِك إذا َ تَكفيهِ شُ هر ُة فَضلِه أن ُينسبا عاعها مس إذا َطلَعت أضاء شُ ُ َش ٌ هر البسيطةِ َمش ِرق ًا أو َمغربا َظ َ َحر ٌم على اإلسالم يصفح إن َج َنى الـ جاني و َيغفِ ُر ذَ ن َبه إن أذنبا تغلب رمحِ ه وفتى إذا ما َش َّك ُ كأس المنيةِ تَغلبا حسا أسد ًا َ
وم َظفَّ ٌر لو َص َّك ُرك َني كَبكَ ٍب ُ عزمتهِ لطحطح كبكبا ِبدخان َ العال عالي ال ُّرقَ ى َيبني بأبكا ِر ُ وان ال َّث ِّيبا الع َ عِ ز ًّا فَما نَكَ َح َ أمطرت نَفَ حاتُه بع ٌق لو ُم َت ِّ َ ِبغَ مامِ ِه َّن َصفا المشقَّر أعشبا راصها الض ِ دا ٌر َت ِه ُّش إىل ُّ يوف عِ ُ لو أنها نَطقَت لقالت مرحبا ساد فا ِر َس قبلَها َوسياد ٌة ما َ كليب تغلبا كسرى الملوك وال ٌ لك الذي الم ِ يا ابن الشهيد األَغل َِب َ غالب الثقلين كان األغلبا لو َ الملوك الذاهبين فلم أجد ست قِ ُ َ ً منصبا ع كفرع ا َرع ف الك أعلى ِ ِ ُ َ مس في َهم وب ُ َ لوت فضل ُ فكنت الشَّ َ َ أعلى منا ِز ِل ِها وكانوا الكَ وكَبا وال يقف شاعرنا عند هذا الحد ،بل يرى أن الملك المظفر أعظم من كل ملوك حمير (التبابعة) ،بل وأعظم من ملوك فارس والروم ،فيقول : كـر َعـن ُمـلِك (تُـ َّب ٍع) أمــيـ ٌر َ أمـات الذِّ َ يصر) قَ ـديـمـ ًا وأحـيـا َ مـلك (كِ ـسـرى) و(قَ َ (حـاتـم) ـمـاحـة ٍ َي ِ ــل َســمـاحـ ًا عـن َس َ ــج ُّ (عـ َنـتـر) ُ ويــعـظـم بـأسـ ًا عـن َبـسـالَة َ َـزال ثـيـا ُبه غِ َ ــرب مـا ت ُ ــضــنــفَ ــ ُر َح ٍ مِ ــضــنـفَ ـر ليــث ُــل ك ــن ة ً ــ ج ر ــ ــض غِ ٍ َ ُم َ َّ َ ِّ وأبــيــض َط ُ ــلق ال َوجـهِ تُـروى َجـليـة ُ المـتـكَ ِّب ِر َشـمـائِل ال الجـافـي وال َ عط َك الغِ َنى َم َتى تَأتِه تَبغي الغِ َنى ُي ِ َـسـألنـه فـي الخَ ـصـاصـةِ ُيـؤثر وإن ت ُ َ َمتنع ُرب وال ًبعدِ ت َ ت َ َـم َّـسك ِبه في الق ِ ــل قَ ــســور جــار بل ِبـــأمـــ َن َ بــأبــس ِ َ ــع ٍ كــفـانـي عـن قـومـي وشُ ِّـم َعـشـيـرتـي (المـظـفَّ ِر) وعــن َحــشَ ــمــي أنّـي غُ ـال ُم ُ َ في مدح اإلمام أحمد بن الحسين وهو اإلمام أحمد بن الحسين المهدي ،أحد اإلئمة العلويين في اليمن األعلى (صنعاء وما حولها ) وقد دعا هذا اإلمام لنفسه أيام حكم الملك عمر بن علي الرسولي ، فبايعه كثير من الناس ،وحدث بينه وبين عمر الرسولي قتال ،ولما قُ تل الملك عمر الرسولي ،وآلت األمور البنه الملك المظفر ، توجه إىل صنعاء لمحاربة هذا اإلمام ،وكان لإلمام منافسة قوية من أبناء عمه ،فوالوا الملك المظفر ضد ابن عمهم ،فاستعان بهم الملك المظفر وأعانهم حتى تمكنوا من قتل اإلمام ،وتثبيت حكم الملك المظفر والدولة الرسولية . ولعل شاعرنا قد اتصل بهذا اإلمام أيام ثورته ،فمدحه وبالغ في مدحه _ كعادة شاعرنا في المدح _ ومن ذلك قوله : أحم َد ناقَ لَت بي هدي َ َإل َ الم ِّ َعامة ن ها ب ت و د الع راقي م َحسِ ُ َ َ َ ِ
زنت ُ الخ َلق ُطر ًُا إىل من لَو َو ُ قً مِ فر ظ ب المه ُوا ن ز و ما نه ِ َ ُ َ َ ِ ٍ بيه َسم ِّيهِ خُ لُق ًا َوخَ لق ًا شَ ُ ً ِقامة الط في ا دي ه و َّ َ َ ريق واالست َ ِ الجذعُ شَ وق ًا َح ٌ قيق أن َتحِ َّن ِ مامة إلَيهِ َو َأن ت َُظ ِّلل َُه الغَ َ وقوله في قصيدة أخرى : سرت بنا إىل ابن أمي ِر المؤمنين َ تنحو من الشرق ماتَنحو غرير َّية ُ تؤم أمرء ًا لواله ما كان للندى أورى لمك ُرمةٍ قدح منا ٌر وال َ للسائل المق ِت ِر الغِ نى نده فتى عِ َ ِ ً الصفح ِب ن ذ وللم ى ن س الح ن س وللح َ ُ ُ ِ َّ َ َ وات ما ت َّ َمخ َض لَيل ُُه أخو َش َت ٍ بصبح وال نح ٌر لديه وال ذبح شك أنه عذب وال َّ له خُ ل ٌُق ٌ طاغ له خل ٌُق مِ لح طغى ما إذا ٍ وما ف ََركَت ِبك ُر من المجد خاطبا َكح طب لها ن ُ من القوم إال وه َو ِخ ٌ درس ويو ٌم له ندى فيو ٌم له ٌ ويو ٌم له نص ٌر ويو ٌم له فتح مآث ُره الجوزاء تَبلُغُ شأ َوها فينط ُحها النُّطح ُعلُو ًا وال تَدنُو َ سعي َك ِض َّل ًة أراد رجال َ َ مجد ِ ٌ بح بح ألخالقِ هم ُق ُ بأحالمِ هم ُق ٌ كل غايةٍ وليس ِ الجداعُ ال ُب ُ هم في ّ ُ الغُ ُرح ق ال ة ر ك ر ُد ت ما ر د بم كةٍ ُ ُ ِ ُ ِ َّ رددت بنجران الكنيس َة مسجدا َ فتح وكانت ويو ُم المهرجان لها ُ ُ فت فال والت ِ تنحرف عنها بوج ِهك َ البرح والكم ُد الطعن إليها ففيها ُ ُ َ بآيات ر ِّبها كبلقيس لم تُؤمِ ن ِ َ والصرح سليمان وال أسلمت لوال ُ ُ وال تَهنوا أو تحزنُوا من عد ِّوكُم رح رح فقد مسهم قَ ُ وإن َم َّسكُ م قَ ٌ الص ًُ أوهى وال َهواد ُة جانبا لح َ إذا ُّ والصلح الهواد ُة مِ َن الع ِّز فالذُّ ُّل ُ َ شدةٍ لي األيا َم من َبعدِ ّ ألنْ َت َ مِ السح والنائل السبطاء لك أيا َ ُ َّ ُ سألتهم واغنيتني عن َمعشَ ٍر لو َ َ الع ِّي ما القمح من وا ر د ي لم َمح ق ال عن َ ُ َ َ بص ُرهُ م َع ٍم ؤس ب م ه وم ِ َعيم ُ ُ ٌ ُ ن ُ فِ لس ِ سح م ر ودينا هُ وخ َلعتُهم َم ُ ٌ ُ وكم ل ََك عندي من يدٍ لو وزنتُها جح أهل كان لها ال ُّر ُ ِ بإحسان ِ األرض َ ِ ولعل أهم قصيدة قيلت في مدح هذا اإلمام هذه القصيدة الدالية ،التي نضع بين أيديكم بعض أبياتها ،يقول شاعرنا مادحا اإلمام أحمد بن الحسين : ً ـل ابـن أنـثـى ُطـ ّرقَ ـت ِب َـجـنـيـنِها َ أج ِّ وخَ ــيــ ِر ابـن أ ِّم فـاخـرت ِبـوليـدِ هـا أخـي شَ ـتـ َوةٍ تُـمـسـي وتُـضـحـي ِجـفانُه ُمــكَ ــ َّل َل ٌة مِ ــن شَ ــحــمِ هــا َوثــريـدِ هـا َـيـت ُجود ًا ِبعينِه إمـا ٌم إذا اسـتـسـق َ
ـقـاك ِب ُـجـودهـا وقـد ُضـ ِّر َجـت كُـحـ ًال َس َ َشهد النّـ وأشهد في ُبردٍ مِ ن المجدِ ت ُ ُ ـــنـــه أنَّه مِ ــن ُبــرودِ هــا ُبـــ َّو ُة َع ُ يــريــك كــمــال َـمهِ َ البــدر لَيـ َل َة ت ِّ َ ٌ مـس َيـو َم ُسـعودِ ها كَـمـاالً َ ووجـه الشَّ ِ بـيـن َعل ِّيها يـقـا ِبـل فـي األنـسـاب َ ِ وفـاطـمـهـا ال هـنِـدهـا و َيـزيـدِ هـا ِ ـول ليـل ُة قَ ـد ِرها وخـيـ ُر ليـالي َ الح ِ ـل مِ ـن أ ّيـامِ هـا َيـوم عـيـدِ هـا َ وأفــض ُ مـتـى اخـتـلفـت آل النـبـي ونـافَرت َ وم ُـسـودهـا لِســ ّيــدهــا فــي َمــشــ َهـدٍ َ ابـن حـسـيـنـهـا أقــ َّرت وقـالت إنـك ُ وابـن َعـميدها َـوم ق ِب ِّ ـحـق َع ُ ـمـيـد ال ِ ُ أمــيــر المــؤمــنـيـن أل َّي ًة حــلفــت ُ َ ُيـــ َؤك ُِّد خَ ُ ـــوف هللاِ ِبــ َّر أكــيــدهــا ألعــتــقــت بــعـد ال ِّرق َّأم َة أحـمـدٍ َ وقــد َعـبـثَـت أحـرا ُرهـا ِبـعـبـيـدهـا ن ــيـن ِبـدولَةٍ الد َ ــلوك َّ َ َــســخــت ًم َ ولت ِ ــسـتهـل ٌَك فـي تَـليـدهـا َطــريــفُ هــم ُم َ ِّ فــأف عــلى َمــروانــهــا وهِ ـشـامـهـا وأف عـــلَى َمهـــديــهــا ورشــيــدهــا ٍ أطـارت َعـليـهـا من نأى مِ ن نزا ِرها ومـن شَ َّـد مِ ـن قـحطانِها ابن هودِ ها َ فَــكــم أنِــفـت مِ ـن ِبـ ِّر كَـفِّ َك ُعـصـبـةٍ و ِبــ ُّرك مِ ــن أغــاللِهــا ُ وقــ ُيــودهــا كان غَ ي ُرها أرادت َ َ بـك َّ السوآى وقـد َ أعــ َّز لهــا وهللاُ غَ ــيــ ُر ُمــريـدِ هـا ـل سِ ـترك واغتفِ ر ِ فـأسـبـل َعـلَيـهـا ِظ َّ وحـسـدِ َح ُـسـودهـا جـانـيـهـا ِجـنـا َيـة َ َـلتهـب إن أخـلَبـت في ُبروقِ ها وال ت َ ـليـك وال إن أجـلبـت فـي ُر ُعـودِ ها َع َ تـاجهـا َ فــأنــت بــحــمــدِ هللاِ ُدر ُة ِ ـصـبـت َيـومـ ًا َوفِ ل َق ُة ُعودِ ها إذا َ اعـت َ بـطـيـن خَ ـيـ ُر أ ُبـوة الس َ َ أبــوك أبــو ِّ جــدودهــا ـــدك سِ ـــر هللاِ خَ ــيــ ُر ُ وج ُّ َ والســلم الذي ُعــدِ َمــت ِبه ومــا لَك ّ وجودها أهـل ال َبـغـي َب َ ـعـد ُ نِـكـايـ ُة ِ وحــاشــاك أن تُــحــيــي رمــائ َِم َّأمةٍ َ َـقـضـي عـادِ هـا وث َُـمـودِ هـا َــقــضت ت ّ ت َّ ـديـن َم ُـجـوسـهـا ت ُ َــديــن إذ دانــت ِب ِ ـقـول َيهـودِ هـا ب قـالت إن ـق َــنــط ت و ِ ِ ِ إذا ســلمــت صــنــعـاؤهـا وبـراشُ هـا الظ ُّن فـي كـدرائِهـا وزَبيدِ ها فَـمـا َّ إلى أن نلتقي كنت قد عزمت على االكتفاء بمقالين اثنين عن هذا الشاعر ،ثم وجدت أن واسعا ،فرأيت أن من الغبن أن ُأضيق ً مقال آخر أسلط فيه الضوء على أضيف ً بقية األغراض في شعر ابن ُهتيمل ،ومن هذه األغراض ،الرثاء ،والغزل ،والحكمة، والخمريات ،وما أجمل خمريات ابن هتيمل !! إىل اللقاء ...
13
يناير 2021 -م
قراءة في رواية :يسمعون حسيسها للروائي والشاعر د .أيمن العتوم
د .رميان عاشور *
هـذه القـراءة التنسـك ّية فـي روايـة :يسـمعون حسيسـها للروائـي والشـاعر د .أيمـن العتـوم.. وهي قراءة غير نمطية جاءت بطريقتي التي أنهجها منذ عام تقري ًبا تلـك الطريقـة سـعيت مـن خاللهـا إلـى بنـاء جسـ ٍر بيـن المبـدع والمتلقـي ً بعيـدا عـن راغبـة فـي إيصـال األدب المعاصـر والمسـتحق إلـى المتلقـي ً جموديـة المصطلحـات النقديـة ،أو حشـر النصـوص فـي قوالـب نقديـة مرغمـة دون أن تخـدم النـص والقـارىء. * كاتبة وناقدة أكادميية -فلسطني
( )1المكان :اسطنبول /تركيا الزمان :الرابعة بعد منتصف الليل في ليلة شتوية حبلى بالظلمة متخمة بالخوف .. وأتهشم ذعرا.. أتكسر الحالة َّ النفسيةَّ : َّ الحقا.. عنها سأخبركم الرواية: ً كنت طفلة أسمعهم يقبرون بعضهم كنت حين ُ لقد ُ مرات تلو األخرى: بالدعاء َّ “خود هاي من إيدي تؤبر قلبي” تكفني” “اشتئتلك ..ليتك ّ “تشكُ ل آسي شو بحبك” “تقعد على قبري” األلفية الماضية.. من الثمانينيات كان ذلك في َّ القبر هذا مثل على ح تتفت عيني حيث راحت َّ ْ الود واستدرار العاطفة حين تجيش.. بمنتهى المتبادل ِّ وكلما جاءت اندفعت ألسنتهم إىل مثل هذه األدعية وزيادة.. تباعدا.. ال ا ب وتقر ا، تنافر ال ا وتآلف ا، بغض ال ا تحب ًب ً ً ً ُّ ً ُّ ً قبر يشكُ ل هو الحب منتهى بلوغ بأن آمنت حتى َّ ٌ ِّ وينثر كثيرا من «اآلس» الحبيب فوق ضريح محبوبه ُ ُ ً ومجم ًل بعض الموت ة سر فوقه ً قليل من الماء مب ِّل ًل كِ َ ِّ مالمحه.. جليا َّأن الموت في تدمر في الجانب علمت وما ُ ًّ الشرقي من ِحمص ،وحرستا في الجانب الجنوبي ِّ حي على منها ،كان يستنجد من خلف القضبان :أن َّ سلخ أو تقليع ُّ الدعاء ،ادعوني ،لع ِّلي أهرول إليكم َ ذات ٍ تفصد عروقكم عن معدنية أظافر أو انغراس أسالك ُ َّ تسبح بحمدِ الموت ليل لحمكم وتصيركم أفئد ًة ِّ ِّ نهار.. استحقه الموىل على حق الموت أن أعلم وأنا رت، وكب ُّ ٌّ َّ ُ البيولوجية على هذه األرض، عبيده إلنهاء دورتهم َّ يتفسخ عنه جلده يوما َّأن الموت بيد أ َّنني ما ُ َ َّ علمت ً مرات.. تلو مرات ن ويتلو ويتغير ٍ َّ َّ َّ قاهرا لألحياء الذين خ َّلفهم يوما إال وما رأي ُته ً ً
14
المتو َّفى مقهورين بعد غيابه .. يتفقدونه في تفاصيلهم ك ِّلها مستجمعين ذكرياتهم َّ معه ومستدعينها إىل موائد أحاديثهم ،ثم يعيدون جفاف مرة ليب ِّللوا بها ريقهم بعد ِ مرة تلو َّ اجترارها َّ أفئدة الفرقى والبعاد.. قاهرا لمن اشتهوه ولم يجدوه، َّأما أن يكون الموت ً فتلك حكاي ٌة أخرى.. مرة نحو قراءة غير البرقاوي سمير القاص دفعني ُّ َّ أشيح بوجهي مبتسم ًة ة مر كل وفي جون، الس ُ أدب ُّ ِّ َّ هامس ًة في أذنيَّ :إي ِ اك ريمانَّ ..إياك أن تقتربي من السجن والمساجين والزنزانات والظالم.. ِّ الظالم ،ذاك أكثر ما ُيخيفني ويذعرني قبل األماكن الضيقة أو المرتفعة..
بت من طلبه؛ ذلك أ َّنني أعلم وتهر ُ ُ ابتسمت ً مرارا َّ أجدني وقد وأكاد أقرأ، حين أقرأ كيف جيدا ُ نفسي ً تجرني من أغرقتني ُّ السطور بين أمواجها ،وراحت ُّ يدي أو من خصلة شعري وترغمني على البكاء أو وانتشاء ،أو االبتسام ،وتكفل قلبي بالخفقان سعاد ًة ً ليهوي في مدارات ال أبصر تدفعه من شرفة عالية ُ َ منها سوى الظلمة.. وأتقمص األصوات أعلمني كيف أقرأ بجوارحي ك ِّلها َّ واألدوار داخل النصوص؛ أبكي لحزنها وأفرح لسعادتها.. حدث مر تتعرق َّ ٌ كفاي بعد ارتعاش ك َّلما َّ وأراني كيف َّ كتابي استدعى ذلك.. ٌّ الكتاب كما شاشة كيف أواجه تماما أعرفني َ ً َ بعيدا نصدق أدوار أبطالها ونمضي معهم سينمائية ِّ ً َّ المضي.. أينما شاؤوا لنا َّ وأفقه عقلي حين أتلو آيات الترهيب في القرآن ُ كل كيف أ َّنني أشهق بالبكاء خشي َة عذابات هللا ،ومع ِّ ذعرا آيةٍ ترهيبية أنخلع من مكاني مئات َّ المرات ً َّ يطوح بفهمي هنا وخو ًفا ك َّلما ابتلعني المعنى وراح ِّ أقف مب َّللة مرتعدة أرجو هللا مع وهناك حتى أراني ُ وأل يذيقني كل شهقة وزفرة أن يغفر لي ويرحمنيَّ ، ِّ وتمثلت.. وفهمت أبصرت مما ضربا وعقلت َّ ُ ُ ُ ً واحدا َّ ً قلبي ال يحتمل التخويف والترهيب ..لطالما خفة نجمي.. أخبرتني ِّأمي عن َّ ويضيع سريعا، سريعا و ُأصاب بالعين وبأ َّنني أخاف ُ ً ً كنت طفلة كل حلية مني ذهبية امتلكتها مذ ُ ِّ سريعا ُّ ً َّ واستحالها الناس في عنقي أو اصبعي.. عدت كما النساء الذهب وما وكرهت رت ُ ُ كب ُ حتى ُ َ أيديهن يتباهين بكثرة الذهب بين األخريات حين َّ َ نحورهن.. أو على َّ خفة نجمي، كرهته بالمقدار نفسه الذي كرهت فيه َّ ُ يكون نجمنا رغم إ َّنني إىل اليوم لم أفهم معنى أن َ تعبث بها الرياح.. قطن خفيفا كندفة ً ُ ٍ ****
يناير 2021 -م
()2المكان :اسطنبول /تركيا الزمان :الرابعة بعد منتصف الليل في ليلة شتوية حبلى بالظلمة متخمة بالخوف .. وأتهشم ذعرا.. أتكسر الحالة َّ النفسيةَّ : َّ الحقا.. الرواية :سأخبركم عنها ً حينما ك ُثرت أخبار الموت من حولنا في هذا العام االستثنائي الذي شهد على جائحة مضنية ،وراح يبلى همتي تتقهقر ، ثم ْ شرعت َّ ثوب صبري ويتهافتَّ ، ذهبت أبحث عن أسوأ ما يمكن أن يواجهه بنو البشر ُ وأقساه على اإلطالق.. جربوه وعاشوا تفاصيله ،بلغوا غاية حتى إذا ما َّ ليتخففوا من ثِ قل هموم الحياة وضنكها اشتهاء الموت َّ .. عزمت حينها أن أقرأ هذه الرواية لع َّلني أتم َّلص من ُ وطأة الشعور بدنو الموت وظلمة إحاطته .. “تموت الوعول في الجبال الثلجية إذا لم ينبثق النهر ..نموت نحن إذا لم ينبثق الرضى ..نحاول الحياة ..أسهل األمور االستسالم للموت ..أريحها على واحد منعني من أن أستسلم له”.. اإلطالق ..شيء ٌ الرواية:ص١٠٦ كانت تلك المعاني المتتالية هي ما أبحث عنه بين طيات الرواية.. َّ نتشبث بالحياة رغم أوجاعها ما الذي يجعلنا َّ ومراراتها؟ حين نغوص في أعماقنا ونواجه األسئلة فيها؛ مجهر موقِ ن ساعي َن إىل تسطير أجوبة نضعها تحت ٍ ْ دما في الحياة ،هناك فقط بفرصنا بالعيش والمضي قُ ً نلوذ إىل مرافئ راضية مؤمنة بما كتبه هللا لنا.. ثم نحيا آمنين.. َّ لم أستطع النوم تلك الليلة.. بدأت أقرأ هذه الرواية ..بعد أن الليلة األوىل التي ُ بلغت صفحتها الخمسين.. شوطا فيها حتى ُ ُ قطعت ً استحالت ساقاي إىل قطعتين مشلولتين ال فائدة الحمام لقضاء حاجتي ُترجى منهما إذ ما ُ قصدت بلوغ َّ قبل االستسالم إىل النوم .. وانكفأت على وجهي أق ِّلبه ذات تكورت على جسدي، ُ َّ اليمين وذات الشمال محاول ًة تفريغ انتحاب األصوات وعويلها المحشوة في أذني.. تلويه على سمعت عويله وصراخه وأنينه.. ُ ُ وشاهدت ّ أرض تلك الزنزانة المطبقة عليه.. مت رائحة دمه ،وكأنني كائن ٌة ُخلقِ ت من بخا ٍر شم ُ َ اختراق األزمنة والجدران ،كانت قد وقفت قاد ٍر على ِ شققْ ُتها بصمت قربه؛ لتراقبه ٍ كو ٍة َ عالق َّ مخنوق ٍ ٍ حد َّ قال: حين به ة رأف زنزانته؛ في سقف ً َ “إن خيوط الضوء الوحيدة كانت تصلني من الشقوق َّ التي تحيط باب الزنزانة بعد شروق الشمس”.. حمدا أحمد هللا مضت الساعات األوىل لليلتي وأنا ْ ُ ً كثيرا على َّأن الطغاة والظالمين فوق وجه هذا الكوكب ً لكية للشمس.. لم يمتلكوا َّ صك ُم َّ تقتيرا.. قتروها علينا ثم َّ وإال لصادروها َّ مناَّ ، ً كل تفاصيل إن لم يحتكروها كما يفعلون في ِّ حياتنا اليوم..
منا الواقع سخري ًة غير متوقعة ولم تكن قد يسخر َّ لتخطر لنا على بال.. تفرقنا أيديولوجياتنا وأهواؤنا ومشاربنا، إذ حين ِّ وربما أدياننا.. تأتي ظلمات السجون الهف ًة؛ لتجمعنا تحت مظ َّلة مصيبة واحدة.. تدمر بعد أن ُر ِّحل إليه الراوي هذا ما كان في سجن ُ عقب مروره بعذابات متباينة ومختلفة ومرعبة، كل صفحة ُتطوى.. ْ بانت في تفاصيل ِّ بعضا من غادرت صفحة ك َّلما ْ وأفرجت رئتاك ً َ تنتقل بعدها إىل مشهد حمولة هوائها المنحبس، ُ ذعرا.. أكثر ً تعبر في مخيلتك إىل صو ٍر من الصور التي ال َّ ثم ُ بشري.. عقل يمكن أن يتخيلها ٌ ٌّ َّ حتى إن جاءت من باب خياالت ننسجها لتحملنا إىل تحققها ..أو حتى ال نرجوه .. عوالم نرجو ُّ َ المتلقي على فسحة اعتياد كأن الراوي كان يخشى ِّ َ َّ زمنية يلتقط فيها بعض أنفاسه ..لم يكن يريد له َّ ذلك.. تقصد َّأل يضىء لنا َّأية شمعة وسط تلك الظلمة َّ المحيطة من جهاته األربع.. لقد ذهب بالمتلقي إىل أقصى حدود التعذيب ..إىل نتنشق منه عبير أبعد ركن في داخلنا يمكننا أن َّ الصبر والمقدرة على النهوض بعد انكسارات متتالية.. هكذا كان حيث كان ،حتى بلوغنا الفصل السابع عشر.. تشمر عن ساعديها هناك ُ حيث انفراجة ُ الحبكة ِّ قليل وتكشف عن بعض ساقيها.. ً ِ رمق الخطاب هناك حيث شر َع ينفسح ً قليل أمام ِ ُ أمل وأمنيات.. ٍ كش ٍف عن عظمة هللا تعاىل وتج ِّلي قدراته و ْ ومعجزاته فينا.. فينا ..نحن الضعفاء األقوياء.. والمتمددون.. نحن المنكمشون ِّ التمرد عليهما الخاضعون لزمان ومكان قادرين على ُّ متى شاء لنا أن نشاء .. نحن معجزة هللا على وجه هذه البسيطة ..حين نمر بأقسى ظروف وصروف قد تتباين بين القهر ُّ األحبة.. واأللم واالعتالل والتهجير وفقدان َّ قهر ُيعجزنا عن قهرا يتلوه ٌ نحن من يقهرنا الموت ً أحبائنا وهي تغادرهم أمامنا ..على استيقاف ِ أرواح َّ ثم نعجز عن التقاطها وإعادتها حيث مرمى البصرَّ .. كانت .. تنشق في عقولنا نحن أنفسنا أمام ذاك العجز ُّ كل طرق ودهاليز متجاوز ًة الزمان والمكان.. ٌ متحدي ًة َّ َّ المستحيالت وإن ُحجزنا خلف أبواب مؤصدة.. **** ()3المكان :اسطنبول /تركيا الزمان :الرابعة بعد منتصف الليل في ليلة شتوية حبلى بالظلمة متخمة بالخوف .. وأتهشم ذعرا.. أتكسر الحالة َّ النفسيةَّ : َّ الحقا.. الرواية :سأخبركم عنها ً
حيوات المعرفي ،والشغف بعيش الفضول ركنا ٍ إن َّ َ َّ ثم اندفعنا رواية ات طي بين متباينة جانباَّ ، َّ ً متسائلين :ما الذي يجعلنا نجثو على قراءة روايةٍ ؛ صلب حتى نبلغ منتهاها ،رغم طريق اآلالم الذي قد ُن ُ مرات تلو األخرى!. فيه َّ البنائي للرواية في تماسكه ،وانهمار النسيج لعل َّ َ َّ يعرقل سدا أمامها أمواه َّ شلالته دون أن نصادف ًّ ُ السر مانعا إياها من استكمال انهمارها ،هو ِّ مجراهاً ، وروعنا أثناء األول الذي يجعلنا نركب موجهاْ ، وإن تعاىل َّ َّ رحلة القراءة.. ومنو ٍع ودقيق ،حين ثري معجم ناهيك عن ٍ َ َّ لغوي ٍّ ٍّ الروائي في إنزال المفردات منازلها الالئقة بها؛ يبر ُع ُّ إثراء خادم ًة المعنى خدم ًة جليلة ،ومثري ًة ِّ المتلقي ً متماي ًزا في مجاالت حياته المتباينة ،ومرفِ د ًة إياه مسبقا.. ذهنيةٍ لم تخطر على باله بصو ٍر ً َّ تدثر يبين في ُّ سر ما كان في هذه الرواية ُ كان مكمن ِّ شد وثاق خطابها من أولها حتى لغتها بدثا ٍر قرآنيَّ ، آخرها.. انكشف أمامي معنى يت معنى إىل آخر َ تعد ُ ك َّلما َّ تمثل من معاني القصص القرآنيً ، كشفا حملني على ُّ محطاتها المؤلمة، محطة من كل َّ َّ تلك المعاني في ِّ محكم بين سلوكات البشر على أرض الواقع وثاق ٍ في ٍ صرح هللا ع َّز وجل به في القرآن الكريم في وما َّ القرآنية.. قصصه َّ غضبا، أو رضى ا، حزن أو ة سعاد ا، شر أو كان خيرا ً ً ًّ ً ً جزعا.. ضنكا، رخاء أو ً صبرا أو ً ً ً الحارة حين انبعثت من شقوق ولعل تلك األنفاس َّ َّ بحملِي على البقاء في وعائها جدران الرواية أسهمت ْ حتى الرمق األخير.. خيوطا دقيق ًة رقيق ًة متين ًة ثمة ال َّ ً بد أن أعترف َّأن َّ م ِرنة ِ تصيد غنائم كشباك أنثى العنكبوت ،قادر ًة على ُّ متينا من نسجا النص ً ثم ِ الحكاية َّ نسجها في ِّ الروائي ً ِّ جهة أخرى.. جهة وم ِر ًنا من َ وهي عينها جاءت تحمي ظهر الرواية منذ الكلمة األوىل حتى مبلغ النقطة األخيرة قبل أن يضع الراوئي قلمه موضعه األخير بعد فروغه من كتابة روايته.. شعورا لم يتجاوزه إىل اإلمساك به مما شعرته َ وذاك َّ ً إدراكا ،بينما بإحدى حواسي الخمس ،إنما أدرك ُته ً منعطف يهبط حدث أو انشغل عقلي في اللهاث خلف ٍ ٍ بي تار ًة ويرتقي بي تار ًة أخرى .. النفسية متزامنا مع تذبذب حاالتي كل ذلك جاء ً ُّ َّ فارقت لملم َة الدمع المنهمرَّ ،إل التلقي التي ما أثناء ِّ ْ والتلوي.. ودفعتني ثانية ألهوي في مصيدة التأ ّوهات ِّ توتر وصقيع ُ أفرك أصابعي ً فركا عساي أدفع ببعض ٍ ليشد من الدم ك ُّله إىل قلبي َّ جمد أطرافي حين هرب ُ َّ دم فيها.. أزره مخ ِّل ًفا أطرافي حطب ًة ال َ مرارا كتمانها ،بيد أنها غادرتني صرخ ًة حاولت ً خيم على بيتي في عميق صمت أركان ت ز ه مدوية ٍ َّ ٍ َّ َّ منتصف تلك الليلة ،حين راح الراوي يصف طريقة من طرق تعذيب المساجين لم تخطر لي على بال.. يوما.. تمر بكوابيسي ً ولم ّ
15
يناير 2021 -م
تنشب مخالبها في الصعيدين: متشظي ٌة طريق ٌة ُ َّ تماما كما قطع الزجاج النفسي ِّ والجسدي ..متناثرة ً ِّ المهشمة التي فرشوا بها ساحة التعذيب ،ليبطحوا َّ جره فوق األب ذا السبعين ً حول ويرغموا ولديه على ِّ المهشم.. الزجاج َّ بينما يعتلي ابنه الثالث ظهره ،حتى يغدو جسده ويشق هشيم الزجاج طريقه، التصاقا باألرض أكثر ُّ ً فيحفر جسده ما استطاع إىل ذلك سبيال.. وأي مازوشية تدفع بهؤالء السجانين أي قسوة هذه! ُّ ُّ شيطانية ال تخطر على بال إبليس وهو على ألفعال َّ الشر واألشرار ! ذروة هرم ِّ أي ما ٍء ُخلقوا! هل هم مثلنا لهم آباء وأمهات من ِّ شيطانية في صحراء وعائالت! أم إ َّنهم نبتوا نبت ًة َّ سامة وعقارب سوداء ! ُتدمر واقتاتوا على ثعابين َّ بعيدا ذهبت عت جدران نفسي حين صد ْ ُ وأية ٍ آالم َّ ً ُّ أنخرط بدمع أبنائه وهم أدا ٌة مرغم ٌة على تعذِّ يب والدهم! كرسي يدفع طاغيته وأي هذا، أسود أي حقدٍ ُّ ُّ ٍّ الرأي ،ليبصيبهم ما أصابهم.. لتعذيب ٍ بشر خالفوه َ مخضبا تلك الليلة كان كل ما شاهد ُته حولي َ ُّ ًّ متلويا يحبس صرخات صدره.. متأو ًها، بالدماءِّ .. ًّ تشق ٍق إلي َّأن جدران غرفتي على شفا ُّ حتى ُخ ِّي َل َّ آت ال محالة.. وتصد ٍع ٍ ُّ **** ( )4المكان :اسطنبول /تركيا الزمان :الرابعة بعد منتصف الليل في ليلة شتوية حبلى بالظلمة متخمة بالخوف .. وأتهشم ذعرا.. أتكسر الحالة َّ النفسيةَّ : َّ الرواية« :يسمعون حسيسها» أليمن العتوم.. السارد في هذه الرواية، لم تتناوب ٌ أصوات كثير ٌة مع َّ غالبا ،وانهمار ِح َمم وعلى الرغم من سيادة صوته ً وصفه ألحداث مضنية مؤلمة تدافعت بين جوانحها، يتمكن ثاني ًة منها.. إال َّأن الملل لم َّ نصه األوىل حتى دها مد حين َّ الروائي مذ عتبة ِّ ُّ باب زقاقه الذي دفعنا منه خارجها؛ الهثين معانين معاناة من عاش تلك األحداث حقيق ًة وعايش قسوتها ووحشيتها.. لقد طغى الوصف والمونولوج بين صفحات الرواية محكما مع موضوع تواؤما متوائما ملموسا، طغيانا ً ً ً ً ً الرواية ومضمونها.. ِ ثم تراشق حوارات ننتظر إذ ،أ َّنى لنا أن ٍ َ وأحاديث َّ مكاني ُيحكِ م قبضته على أفواه فضاء أفعال ،في ٍّ أبطاله وأنفاسهم! التطور ومقنعا في مثل مناسبا لن يكون ذلك ُّ ً ً كتلك المتناولة.. السردي وتناميه لرواية َ َّ ردية متناغمة مع بل جاء رداؤها وأدواتها َّ الس َّ ملموسا تجانسا والمكاني مما خ َّلف الزماني فضائيها؛ ً ً ِّ ِّ بائنا.. واضحا ً ً ففي الوقت الذي سارت فيه األحداث ج ُّلها بين فضاء الزماني المهجع ( )٢٣وساحة التعذيب ،جاء الفضاء ُّ داخليا.. نفسيا فضاء ً ًّ ً تمدد فيه الشعور بالزمن واستطال بمقدار الظلمة َّ
16
ثم ما انكشف والظالم وضروب التعذيب المتباينةَّ ، الذل تغيرات من ُّ نفسية على الراوي أورثتها صنوف ِّ َّ والمهانة التي مورست عليه طوال إقامته في السجن.. فبات الزمن قطعة جليد صلبة تأبى شموس األمل دهرا يتر َّنح غير إذابتها، زمن ِّ ُ ومضيت أنا أشعر َ التلقي ً التقدم.. قاد ٍر على ُّ قصير عقربي الساعة بطويلها حتى خلتهما علق ُ وقد أصابتهما ع َّل ٌة كوني ٌة ش َّلتهما ومنعتهما من الدوران االعتيادي المألوف.. السارد ها هو ذا الزمن هوية َّ ُ ينشب أظفاره في َّ النفسية ....« :صار علينا اليوم أن نرفع رؤوسنا .في شيء ما في داخلنا رفض ذلك ،شيء ما جعلنا البداية ٌ ونتخبط.. نرتبك أمام ذلك َّ الذل حتى نسينا َّأن لنا كرامة! هل هل اعتدنا على ِّ استسغنا المهانة حتى صارت الع َّزة غريبة تحتاج إىل وقر في قلوبنا َّأن رفع الرأس ليس مِ ٍ ران و ُدربة! أم أ َّنه َ من حقوقنا في هذه المقبرة الجماعية التي نقضي فيها زهرة شبابنا!»الرواية ص٢١٧ متأمل ًة المعنى في تلك الفقرة ،إذ انفتح وقفت ُ ِّ السجن إىل واقعنا المعنى وانفسح متجاو ًزا جدران ِّ الحالي خارج أسواره.. وحقنا جميعا ألسنا مجردين من ع َّزتنا وكرامتنا ِّ ً َّ المشروع في االختيار ومشاركة الرأي في أوطاننا! موضوعيا معادل السجن ً صير أيمن العتوم فضاء ِّ ًّ لقد َّ تدج ُننا لواقع نعيشه ويخ ِّلف علينا بصمة تلو األخرى؛ ِّ سلطات عليا وقوى كُ برى.. تابعا ألهواء وتجعلنا ٍ قطيعا ً ً الشمس في فضائنا الفرق فقط بين هنا وهناك َّأن َ غير خاضعة لمشيئتهم.. َّ المحرر َ كل صباح محاو ِل ًة حفر حين تدفع بخيوطها إلينا َّ كل بزوغ.. آمل بحرية قادمة َّ أثر ٍ نترقبها مع ِّ عميق ٍ َّ سادن يقر ُع أجراس النِ عم خير الرواية هذه جاءت ٍ َ طويل كيف أن بعض ما ألتحسس الغافية في نفسي، ً َّ مستحق دائم قبضته في حياتي قبض اليد ،وكأنه ٌّ علي الدنيا ،كان الحضور ،ولن أفقده ً يوما مهما جارت َّ السجن.. بعض منه غاي َة ُ المشتهى خلف قضبان ِّ القرائية تلك، ولعل أكثر ما لفتني في رحلتي َّ َّ صيرها في ٌ شوق ٌ عارم للكلمة الطيبة؛ ذلك َّأن الراوي َّ الترتيب الثالث بعد كسرة خبز وقطرة ماء.. “هل تكفي اإلنسان كِ سر ُة خبز ،وقطرة ماء ،وكلمة ملكا؟ بلى ،في تدمر من طيبة من أجل أن يعيش ً أحس أ َّنه امتلك الدنيا بحذافيرها، حصل أول اثنتين َّ َّ كانت الثالثة صعب ًة وعزيز ًة” الرواية ،ص ١٩٨ حقا َّأن الكلمة الطيبة تأتي رتبتها منا يدرك ًّ كم َّ تالي ًة إلشباع غريزة الجوع ؟ طيفا وتحصيل حاصل.. كم ننعم بأطياب نحسبها ً يؤثر فينا أو حدثا ثم نرى غيابها عاديا قد ال ِّ ً َّ ًّ نشتاقه؟ نعما دقيق ًة ،نكاد ال نبصرها وال كم أودع هللا فينا ً النفسية ج ِّلها، نستشعرها ،وإن أخضعناها لمجاهرنا َّ وتمتد كأغصان دالية ومع ذلك تنمو في دواخلنا ُّ نقتات على عنبها ونتفيأ بظ ِّلها.. كم نحن جاحدون ومنكرون!
رحت أطوي الصفحات األخيرة من الرواية ،وتنكأ ُ تشبثت بي أثناء قراءتي تلك الرواية، جسدي ٌ آالم َّ بينما عيناي تغوصان في صورة الماضي القريب حائرتين فيما مضى وكان.. قرأت هذه الرواية قبل سنوات كنت قد ُ أ ُتراني لو ُ عربية! ة ثور قلب في الصمود بإمكاني قليلة ،أكان ٍ َّ مليا من الوقوع في قبضة مثل هؤالء ُ دنوت فيها ًّ الوحوش!! كنت قريب ًة بالجوار آنذاك.. كم ُ عت نفسي ..كيف أنني لم أنتبه إىل تجريد قر ُ َّ أيمن العتوم اآلية الكريمة من» ال» في قوله تعاىل« :ال يسمعون حسيسها» فانقلب المعنى إىل اإلثبات بعد النفي.. طويل قبل الولوج إىل تأم ُل المعنى ا واجب كان ً علي ُّ ً ّ الرواية ،حتى إذا ما ولجتها متس ِّلح ًة ببعض الحذر أقل مما مضى وقعا َّ وقعت أهوال أحداثها على نفسي ً وكان.. غاليا.. الثمن ودفعت غلطتي.. كانت ً عظيما.. فزت فو ًزا بيد أنني ُ ً _______ قبل .. َ ذاك كان ما ُ َّأما بعد .. وفرشت الدرب، دت لك ُ مه ُ فإ ّنّني عزيزي القارىء قد َّ َ معرفية -قدر وأخرى ة نفسي شرقها وغربها بتهيئة َّ َّ عالم ارتأيته ألدفعك نحو الولوج إىل مستطاعي- ٍ َ مزلزل رواسي مضنيا ،بل ا مبكي ا مؤلم ا موجع محرقا ً ً ً ً ً ً ِ مطرح َك ومنزلك.. آمنا في كنت ً أمانك وأمانيك إن َ عميقا َّإل أ َّنه يجلي النفس ويدفعها نحو الغوص ً أهمية حضورها ِّ متأم ًل بعض نِ َع ٍم ننعم بها ،وال نلحظ َّ حد أرواح في حياتنا ..راغب ًة في َ ذاك ك ِّله إضاءة شمعةٍ َّ حق.. من سكنوا سجون الطغاة وعذِّ بوا فيها بغير وجه ٍّ اشتهاء حين لم يقووا على ثم قضوا وقد راموا الموت َّ ً كل القبض عليه ،رغم رائحته التي أحاطتهم من ِّ وح َد ٍب.. ص ْو ٍب َ مررت بأعجوبة التطهير فإني قد ُ وع ْو ٌد على ذي بدءِّ ، تنفيسا عن العواطف كما هي عند أرسطو في كونها ً حزينا مقعدا مني وتهذيبا لمشاعر كانت قد اتخذت ِّ ً ً ً َ راحت رائحة الموت تحيط بنا في هذا العام حين َ االستثنائي.. أفككها وأعيد مرت تلك الرواية «بغرابيليِّ ، ومثلما َّ ثم أنثرها على قرطاسي بعد أن ذابت بي تركيبها َّ رشح منه ما حين وتح َّللت، قمحَ ، صيرتني جريش ٍ َّ رشح من بين ثقوبها ،وأبقت على خشني ،خ َّلف ُته بين َ عارف آخر يأتي من بعدي فيطحن ما سطورها لقارئ ٍ علق في رحاها.. خرجت بعدها هادئة النفس قريرة العين مستسلم ًة ُ لله سبحانه وتعاىل في أحكامه علينا وأقداره حين ُتحيط بنا ،ونحن العاجزون أمامها وليس بأيدينا سوى وتسريح أنفاس توكيل أمرنا لله سبحانه وتعاىل.. ِ كنا قد سجناها في صدورنا منتظرين من مريرة َّ آتيا ال محالة.. ا قريب ا فرج وجل الموىل ع َّز َّ ً ً ً اسطنبول 12-13/من عام الجائحة..
يناير 2021 -م
نفحـات مـن الشعـر الشعبـي
25
من السمات المميزة لإلنسان اليمني منذ القدم هو ارتباطه الوثيق بالشعر ،لما له من أهمية اجتماعية كبيرة ويعتبر متنفس رحب لترجمة مشاعره وأحاسيسه في شتى ظروف الحياة التي تحيط به. وليد املصري -اليمن
الرثاء يعتبر شعر الرثاء من أصدق أغراض الشعر عاطفة ،واكثرها حرارة؛ كونه يعبر عن حقيقة المشاعر التي يكنها الشاعر في قلبه دون تصنع أو تمثيل ألن الحزن ال يكتب عنه إال من عايشه والمسه وعانى منه ،وخصوصا عندما تربط الشاعر صلة قوية بمن يرثيه ،وهو أيض ًا تعبير حقيقي عن انكسار القلب وخصوص ًا عند فراق عزيز عليه ألن الحزن والحب كما قيل صنوان ال يفترقان. وفي هذا العدد تم اختيار بعض من النصوص الشعريه لشاعر يرثي والدته بألم وحزن تبوح بهما الكلمات وتترجم أثرهما المعاني ولعل فراق األم من أقسى حوادث الحياة وأكثرها تأثير ًا على القلوب والمشاعر. الشاعر إبراهيم علي مفتاح البخيتي أبوعزت مواليد 1987م مديرية الحدأ محافظة ذمار ،ويعد من رموز الشعر الشعبي وله مشاركات متعددة في فعاليات ومناسبات وطنية وايض ًا تجمعه بمجموعة من شعراء الوطن مساجالت انتشرت وذاع صيتها في الوسط األدبي الشعبي ،وتغنى بكلماته مجموعة من رموز الفن الشعبي اليمني وكتب في أغراض متنوعة ومتعددة بكل براعة واقتدار
نماذج من قصائد الشاعر في الرثاء “فراق األم” قال ابوعزت األجآل البد منها القد اوفت وعزرائيل ماحد يلومه لو معه أم مثل امي رضع من لبنها اليراعي مالك الموت معنى األمومه غصب عني فرقت امي وهي غصب عنها فارقت روحها والعافية والسلومه غاليه بعد ماغابت عرفنا ثمنها مهجة القلب ذي كانت تجلي همومه أم ترعاك في أول وآخر زمنها أم تسهر لكي يرتاح طرفك بنومه ليتني عطرها المدفون واال كفنها أحتضن جسمها ماباقي اال هدومه أو ثراها الذي من حسن حظه حضنها شوق عيني لها شوق المشرد لقومه هذه احوال دنيانا وهذه سننها ماتخلي لحد حاله مليحه وشومه “يا منبع الود” قال ابن مفتاح ماخبيت بعد امي غير القميص الذي كانت تصلي به أشـمـهـا من خالله وانجال همي مابقطع اليأس مهما طالت الغيبه
وهللا ماانساش في صحوي وفي حلمي يامنبع الود واإلحسان والطيبه ماانساش ال مايواروا باالثرى جسمي هللا يعاقب قليل الخير ويصيبه ذي مايطيع امه هللا يجعله معمي باالـهـم والـغـم واإلحباط والخيبه “واريت جثمان أمي” واريت جثمان أمي والنهار اظلم في ناظري من فراق األم ماأقساه ودعت جثمانها والقلب يقطر دم توديع اليمكن انساها وال أنساه ياأصدقائي فراق األمهات اعظم من فرقة األب مهما كانت المأساه األم ذي ماحد اشفق منها وارحم باإبنها غير ربه ذي بها واساه يتمت منها وكل انسان باييتم تأكدوا كل قارب بايصل مرساه مهما صفا الدهر لإلنسان واتبسم ال صبحه باالسعاده باألسى مساه المصدر ــ ــ ــ ــ ــ ــ - 1صفحة الشاعر في موقع التواصل االجتماعي (فيس بوك )
17
يناير 2021 -م
كتم المشاعر في الضمائر مصيبة يقول جيري سبنس« :دع المشاعر الفياضة تنطلق بحرية ..دع القلوب تقول الحقيقة ...عندئذ تحس بالسحر يغمرك ،ويغمر من حولك»، فاإلنسان إنما هو كتلة من المشاعر، أحــالم القبيـلـي وكما يقول تومكنز« :بدون المشاعر فال شيء حقًا يهم ،ولكن بالمشاعر فكل شيء يصبح مهما». ً ً ومهما كان البعض يبدو قاسيا أو جافا فالبد أن تؤثر فيه الكلمة الطيبة ...وألن للكلمة الطيبة تأثيرها الكبير حتى سميت بالسحر الحالل أوالها الدين مكانة عظيمة ،فقال تعالى( :كلمة طيبة خير من صدقة يتبعها أذى) ،وقال ( :الكلمة الطيبة صدقة) ،والتعبير عن املشاعر اإليجابية كلمة طيبة يصر الكثير على كتمانها أو تجاهلها أو الهروب منها، فيما يجهل الغالبية أهميتها ،وفن اإلفصاح عنها، ً وكتم املشاعر عادة متأصلة في العرب عموما، ً ً واليمنيين خصوصا ،على الرغم من أنهم أرق قلوبا وألين أفئدة ،فهم يصرون على أن الحب في القلب، ويعتقدون أن إظهار املشاعر من الرجل ضعف، ومن املرأة جرأة وقلة حياء ،وإن كانت في الحالل، ولعل املثل اليمني القائل « :املرأة سراج البيت ،وال تقل لها» يعزز ثقافة الكتمان عند الرجل اليمني. ُ كما أن املرأة اليمنية تنصح قبل الزواج بأن تكون ُ رزينة وعاقلة ،وال تظهر للزوج إال فتات املشاعر، ً حتى ال يستهين بها ،وفعال وجدت من قالت :إنها حاولت أن تكون رومانسية مع زوجها فما كان منه إال أن عافها ،وأخذ عليها نقطة سوداء بأنها قليلة حياء ،ويمكن عندها تجارب سابقة. عبر عن شعورك: وأنا هنا ال أتحدث عن مشاعر الحب فقط ،بل عن كل املشاعر من حب واحترام وإعجاب وشكر وامتنان وشوق واعتذار وندم تجاه كل الناس، ً ً وليس الزوجين فقط ،ملاذا نتحرج دائما وأبدا من إظهار مشاعرنا والتعبير عنها إال مشاعر الكراهية واالحتقار واالزدراء وكل املشاعر السلبية التي سرعان ما نبادر بإعالنها ونشرها ،والتعبير عنها
18
بكل األقوال واألفعال؟ ملاذا ال نفصح عن مشاعرنا احتجنا واضطررنا إليه دعوناه ،وال يكفينا الشعور إال في الوقت الضائع؟ فنجد من ال يعترف لك بحبه القلبي معه سبحانه ،وال يكفينا أن نقول :علمه ً إال بعد أن يزول هذا الحب قائال بامتعاض « :كنت بحالي يغني عن سؤالي. أحبك بس سقطت من عيني». ملاذا ال نكرم املبدعين إال بعد أن يغادروا حياتنا؟ ظاهرة عالمية: وإذا كان اإليمان باهلل تعالى أوله قول باللسان ،ثم وإذا كنا نحن العرب نعاني من كتم املشاعر تصديق بالجنان ،ثم عمل بالجوارح واألركان ،فالغرب يعاني من فقدانها ،ولذلك هم يكتفون بيوم فكيف نهجر ذلك في تعامالتنا مع الناس؟ ملاذا نجمد واحد كل عام يعبرون فيه عن مشاعرهم ،فجعلوا عيد األم ،وعيد األب ،وعيد العمال ،وعيد املعلم، مشاعرنا ونحكم عليها بالصمت املؤبد؟ وعيد الحب ،و ...و ...ثم ينفض السامر وتذهب املشاعر أدراج الرياح. سنة نبوية: وإظهار املحبة والتعبير عن املشاعر اإليجابية سنة نبوية حث عليها املصطفى عليه الصالة والسالم ،بُح بحبك: وبين أنها أبقى في األلفة وأثبت للمودة فقال« :إذا وإذا تأملنا في كلمة حب وعكسنا حروفها لكانت أحب أحدكم أخاه في هللا فليعلمه فإنه أبقى في األلفة ُبح ،فالبوح بالحب هو أصل الحب ،وقد حاول عبد وأثبت في املودة». الحليم حافظ كسر جدار الصمت بين األحبة ،وفتح ً ً وعن أنس ر�ضي هللا تعالى عنه قال« :مر رجل األبواب أمام املشاعر املكبوتة أيا كان نوعها قائال: ً بالنبي فقال رجل ممن عنده :إني أحب فالنا هذا هلل“ ،قل لي حاجة فقال النبي :أعلمته؟ قال :ال ،قال :قم إليه فأعلمه» .أي حاجة قال البغوي :وذلك أنه إذا أخبره استمال قلبه قل َب ِحبك واجتلب وده ،كما أن الحبيب املصطفى لم ّ يتحرج قل كرهتك من إظهار مشاعره تجاه زوجه عائشة ر�ضي هللا قل لي عايزك تعالى عنها عندما سأله عمر بن العاص ر�ضي هللا قل لي بعتك تعالى عنه :من أحب الناس إليك يا رسول هللا؟ بس قل لي أي حاجة». قالت عائشة :ولم يكتم مشاعره تجاه الصحابة وكما أننا نجيد فن التعبير عن الكراهية ،وكل ً ً ً الكرام فقال« :لو كنت متخذا خليال التخذت أبابكر املشاعر السلبية ،فإننا نجيد أيضا فن التعبير خليال» ،وقال« :إني أحبك يا معاذ». عن املشاعر املحرمة ،فالرجل في عالقاته خارج بل إننا مطالبون باإلفصاح عن مشاعرنا كلها مع إطار الزواج يحفظ أشعار نزار قباني ،ويتقمص هللا سبحانه وتعالى الذي يعلم السر وأخفى ،فإذا دور مجنون ليلى ،وال يصف حبيبته املزعومة إال أخطأنا استغفرناه ،وإذا أنعم علينا شكرناه ،وإذا بالقمر ،فإذا دخل وإياها قفص الزواج الذهبي
يناير 2021 -م
أدرك شهريار الصباح ،وسكت عن الكالم املباح. كما يظن البعض -وبعض الظن إثم -أن البوح باملشاعر ال يكون إال بين الزوجين ،فال يسمع منهم األبناء واآلباء ً ً واألقارب واألصحاب همسا وال ركزا ،ومن املؤسف واملحزن أن يجبرك من تحب على استجداء كلمة حب ال يقولها إال في السنة مرة ،هذا إذا لم َ ينسها ّ باملرة، كالطفل الذي يتمارض ،أو يفرح بجرح إصبعه ألنه متعطش لسماع كلمة حب من والديه اللذين ال يقوالنها إال في مثل هكذا موقف.
لوحات للفنانة اليمنية /هيفاء سبيع
استهالك المشاعر: ووجب ّ علي التنبيه هنا إلى �شيء مهم في مسألة البوح باملشاعر والتعبير عنها فخير األمور الوسط ،والبد أن يكون اإلنسان معتدال في ذلك ،تقول األستاذة/ وداد الكواري« :البد من االدخار ،البد من االقتصاد للمستقبل ،واالدخار ال ينحصر في النقود فقط ،وإنما يشمل ادخار العواطف ،وهذا ما ال يفعله الكثير ،ففي السنوات األولى من الزواج يبالغون في العطاء ،وإظهار ً االهتمام والحب ،ثم يكفون عن ذلك مرة واحدة ،أحيانا ً لنضوب العواطف التي استهلكت بتهور ،وأحيانا عن سأم ،وتدل اإلحصائيات أن أغلب الزيجات التي تمت بعد قصة حب طويلة انتهت بالفشل ألن أصحابها استهلكوا مشاعرهم ،حتى لم يعد هناك جديد يقال بعد الزواج». كتم المشاعر مصيبة: حذر باحثون مختصون في أحدث الدراسات من أن األشخاص املعتادين على كبت مشاعرهم وعدم ً ً اإلفصاح عنها قد يدفعون ثمنا غاليا من صحتهم وذاكرتهم وقدراتهم الذهنية ،فقد وجد فريق البحث في جامعتي (ستانفورد وتكساس) األمريكيتين أن إخفاء األحاسيس وعدم إظهارها بصورة واضحة يضعف قدرة اإلنسان على تذكر األحداث واملواقف املميزة. والحظ هؤالء بعد متابعة أكثر من ( )200متطوع، ً تم عرض فيلم مثير لعملية جراحية على ( )75شخصا منهم ،وتسجيل مشاعرهم وقدرتهم على إخفائها، ودرجة تذكرهم لألحداث التي شاهدوها ،أن الذين ً بذلوا جهدا أكبر في كبت استجاباتهم العاطفية لم يستطيعوا تذكر ما رأوه بصورة جيدة. َ ْ إذن؛ عبروا عن مشاعركم. افتحوا لها األبواب. واكسروا جدار الصمت. عبروا عن حبكم. عبروا عن شكركم. عبروا عن إعجابكم. عبروا عن حزنكم وفرحكم. عبروا عن اعتذاركم وندمكم.
19
يناير 2021 -م
محمود درويش وشاعرية التركيب في ( هي في المساء وحيدة ) !!
هشام املنياوي -ناقد مصري عندما تحول محمود درويش من كونه صوت الثورة العالي، الصارخ ،المجتمعي ،المباشر في (ٔاوراق الزيتون – العصافير تموت في الخليل – وحالة حصار) ٕالى ذاك الصوت الخافت الذاتي الرامز في (الجدارية – كزهر اللوز ٔاو ٔابعد – ال ٔاريد لهذه القصيدة ٔان تنتهي) لم يكن قاليا لقضيته وٕانما خطا بالشاعرية العربية خطوات ٔابعد ؤاعمق ٕالى قلب القضية الفلسطينة، حيث وقف على أالعراف بين جمود وخطابية ٔاهل العمود وبين تفريط دعاة الحداثة من ٔاصحاب النثرية الفنية ،تمسك بالتفعيلة ونقب عن عالٔيق ٕايقاعية في البنى التركيبية وإالسنادية االستعارية ما رٓاه كافيا ٕالعطاء أالذن العربية نصيبها من إاليقاع النغمي للقصيدة ،نص (هي وحدها في المساء) يصح ٔان يكون دليال على هذا التحول ..
20
والنص ضرب من الشعر والقص ،خليط ٔ متماه من الذاتية والرمزية ..يمكن ان يفتح ٍ ٔ ٔ له التفكيكيون الف باب من التاويل ،ويمكن ٔ ٔ ٔ للقاري ان يقراه على ظاهر داللته ..عشاء رجل ٔ ٔ في املساء وحيدا ،امام امراة تبعد عنه قدر طاولتين فارغتين حدث يمثل لقطة قصصية صيغت بماء الشعر الذي تفجر من هاتيك البنى االسنادية املتفردة التي جمعت الزمان التركيبية ٕ واملكان في ٕاسناد واحد دون ضجيج من الكلمات (املطعم الشتوي ) .. كما راهن الشاعر على ضخ تراكيب تتابع ٔ ٔ فترسم وقعا ٕايقاعيا خفيا اطرب االذن ،ولم ٔ السيمايية ( ال �شيء يعكر صمتنا يطرح الداللة – ال �شيء يكدر صفونا -ال�شيء يكسر ليلنا ال �شيء يزعجها معي – ال �شيء يزعجني) ؛ فـٔ ٔ ( الالءات ) التي سلبت كل ما من شانه ان يقطع حوار العيون التي لم تتالق على ما يبدو ( هي ٔ ٔ ٔ ال تراني ٕاذ اراها ) و ( وانا ال اراها ٕاذ تراني ) ٔ وهذا التقطير ( من القطار ) لتلك االسانيد هو ما تاجر في سوق النغم ٕبايقاع ،كالعرقسوس؛ ال تشعر بوقعه ٕاال بعد الفراغ من شربه ،لم يكن هذا مناط الحسن الوحيد في نص اكت�سى ٔ ٔ منه حلال ..فال ادري كيف يمكن للمرء ان يعبر عن روعة البساطة والطرافة في تعبير ( كان ٔ ٔ عشاونا كل على حدة شهيا ) ..وال ادري كيف (االصغاء تراسلت الحواس وتقارضت ٕفاذا ٕ ٔ و(اذا الليل له صوت ازرق ) بهذا يكون للبلور ) ٕ ٔ التراسل املترشح للحواس ،اليجديك نفعا ان ٔ سيمايية له ،يكفيك ترهق نفسك في البحث عن ٔ االتساق الشعوري وحالة النشوى التي احالت ٔ ٔ االذن في موضع العينين وارسلت العينين ملوضع ٔ االذن .. ٕواذا تابعت السباحة في خضم النص ارتاحت
نفسك لهذا التدرج املبهر في صياغة التراكيب ٔ ٔ ٔ الغايرة في السيمايية املتقطرة ذات االبعاد ٔ النفس انظر كيف بدا بـ ( ال�شيء يعكر صمتنا ) ٔ الن الصمت يسبق حتى كالم النفس ،فلما تكلمت العيون كان الصفاء الوجداني ،فكانت الصياغة ( ال �شيء يكدر صفونا ) ثم ملا ذكر البلور ،تراسل في التركيب ( ال �شيء يكسر ليلنا ) ...نص يمكنك ٔ ان تعده ترجمة للقاء بالعيون في مطعم عشاء ٔ ٔ ٔ شتوي وحسبك ذلك ،ويمكنك ايضا ان تقرا ٔ في املراة قضية فلسطين والطاولتين الفارغتين محادثات تفاوضية لم تفض ٕالى �شيء ولك هذا !! النصوص الباهية وحدها تسمح بذلك ..
يناير 2021 -م
ال سكاكين في شوارع هذه المدينة
رياض حمادي
واحـد ,أمـا أن ـس شـاعري ٍ نفهـم أن يكتـب شـاع ٌر قصيـدة تداهمـه فجـأة فيكتبهـا ب َن َف ٍ يكتـب روائـي روايـة كاملة مـن 250صفحة بلغة الشـعر دون أن تفقد الرواية تماسـكها, وأن يحافـظ علـى إيقـاع السـرد خلال فتـرة الكتابـة -التـي اسـتمرت لسـبع سـنوات (من )2013 – 2007تنقـل فيهـا الكاتـب بيـن ثالثـة مـدن (دمشـق – أيـوا – هونـغ كونـغ)- ويتالعـب بالزمـن ويتنقـل بيـن عشـرات الحكايـات بتفاصيلهـا وشـخصياتها المدهشـة والمفعمـة بالحيـاة ,فهـذه عمليـة مضنيـة تسـتنزف روح الروائـي ,وال يقـدر عليهـا إال قلة, منهـم الروائي السـوري خالد خليفة في روايته (ال سـكاكين في مطابـخ هذه المدينة), دار اآلداب ,2013القائمـة القصيـرة لجائـزة بوكـر العربيـة .2013
الحياة والتفاصيل والشخصيات الكثيرة والعميقة في الرواية �شيء عجيب ,يفتح السارد عند كل زاوية ً ً شارعا جديدا للحكي ,لكأنه يقرأ من كتاب أو يتلقى ً وحيا من سماء في عصر لم يعد لألنبياء فيه أي وظيفة سوى الكتابة ,وأي نبي هو خالد خليفة! ً نبي يقف على أطالل مدينة -حلب -صارت خرابا, يرسم جمالها (الذي كان) بالكلمات ,فتصيبك حسرة ً وألم وتلعن القبح الذي جعلها خرابا ومدينة أشباح. نبي يغرف من محيط السرد ,ليكتب قصة التحوالت ً املأساوية التي أصابت الحجر والبشر وجعلتهم أنقاضا. ً ثالثون عاما تحولت فيها حقول الخس إلى عشوائيات يقطنها أشباح بشر ,من القدود الحلبية العريقة إلى أناشيد املواليد الدينية« ,مدينة يتجول ّ ومكالبيات قصيرة, فيها القتلة ,رجال بلحى طويلة يحملون السكاكين تحت آباطهم ,وفي الطرف اآلخر عناصر مخابرات تتجسس على البشر وتساومهم على رزقهم في عملية نهب منظم» 242 ً يظن من ينظر إلى سكانها «أنهم يعيشون بعيدا عن املدينة التي لم يبق لهم فيها سوى ذكريات قديمة يستعيدونها بتلذذ, موقنين بعدم عودة األيام الرائعة حين كانت الشوارع مظللة بأشجار الكينا ,وروائح الربيع ومطر الشتاء قوية إلى درجة ال يمكن تجاهلها» 201-202 هذه املدينة في صورتها األخيرة تدفع إلى االنتحار الجماعي «آخرها خبر نشر في صحيفة داخلية عن رجل أحرق زوجته ً وأطفاله األربعة ثم انتحر بسكين املطبخ ,صارخا في جيرانه ً ً الذين يراقبون ببرود :إن املوت حرقا أكثر شرفا من انتظار ً ً املوت جوعا ,سائال بحرقة :أال توجد سكاكين في مطابخ هذه املدينة؟» 207 مدينة ال سكاكين فيها ,ألن كل سكين تعني جريمة قتل أو انتحار ,هي مدينة بال ساكنين إذن! وإال لقتل الناس أنفسهم ً مثلما فعل هذا الرجل! العنوان محمال بهذه الداللة يطرح ً سؤاال :كيف يتحمل الناس حياتهم وسط كل هذا الخراب؟! ٌ مدينة ,الناس فيها ال يعيشون وإنما يحرسون أرواحهم التي تجاهد كي تنسل من األجساد .وحده الرئيس امليت حاضر في كل تفاصيل حياتهم. “تقول أمي إن املخبرين سكنوا أوراق الشجر ,توصينا
ّ وهز رأسنا برضا كما بدأت تفعل منذ سنوات بعد بالصمت ِ اختفاء زميلها مدرس الجغرافيا ,مضيفة :ماذا تفعل الفئران حين تحاصرها املصائد؟ تصمت .كل الناس صمتوا إلى درجة أنهم أثاروا ملل الفروع األمنية التي لم يعد لديها ٌ �شيء تفعله سوى لعب طاولة الزهر ,وفتح ملفات مؤجلة استبق معظم أصحابها االستدعاءات وهاجروا خارج البالد” 154 عن هذه املدينة «يكتب جان البنه بيير ,يشرح له بإسهاب نظريته حول العار التاريخيُ ,يعيد رسم سكان مدينة واحدة يتقاسمون هواء مدينة واحدة خائفين بعضهم من بعض, املسيحيون خائفون من املسلمين ,األقليات الطائفية خائفة من األكثرية .واألكثرية خائفة من بطش األقلية ,قوميات وأديان وطوائف خائفون من الرئيس وضباط مخابراته, والرئيس خائف من أعوانه وحراسه ,وأعوانه يبحثون عن طرق مبتكرة للوشاية بعضهم ببعض وتقديم والئهم ً الالمتناهي ,ينكلون بأعدائه ويشون بعضهم ببعض أيضا, يرفعون الرئيس إلى مرتبة القداسة واأللوهة .رغم ذلك يبقى ً في قصره خائفا من حراسه ,ال يجرؤ على السير في الشوارع عشرة أمتار دون مئات الحراس رغم صور يبثها التلفزيون ً ً مرارا وتكرارا عن ماليين البشر يهتفون له في مسيرات التأييد»159 - 158 . في هذه الرواية لن تهرول ,ستمسك بك اللغة لتتوقف عند ً كل كلمة وعبارة وفقرة .هي رواية تستحق التوقف مطوال عندها ففيها وعنها الكثير الذي يمكن أن يقال ,لكني أقف
ً احتراما في عجالة أللقي تحية بكلمات بسيطة تنوه إلى أهميتها.. ُ بدأت قراءة خالد خليفة من آخر ما كتبه ,روايته ُ (املوت عمل شاق) -التي سجلت عنها عدة مالحظات قد أسطرها في مقال -ثم هذه الرواية ,وكنت قد بدأت بقراءة روايته األسبق (مديح الكراهية), وتوقفت بسبب انشغاالت ثم لتوقفي عن القراءة منذ شهرين.. اقتباسات: ً ً “املوت هو اكتمال الذكريات ,وليس غيابا أبديا” 14 “الغباء يقوم األذكياء بتصنيعه وإقناع األغبياء به كي يحافظوا على مكانتهم” 41 “األشياء حين تأتي متأخرة بما فيه الكفاية يجب أن ننساها مرة واحدة وإلى األبد” 52 “ال يعيش اليقين والرضا إال مع االستسالم” 70 “حياتنا مجموعة روائح مغتصبة نق�ضي عمرنا بأكمله للتخلص منها” 98 “األمكنة التي ال تعنينا ال نسمع أنينها” 118 “نصنع الخوف ليخاف اآلخرون منا ,لكننا نكتشف أنه يالزمنا ويجعل منا بشرا خائفين أيضا” 132 “حين يكون أي �شيء قادر على هزيمتك يجب عليك استجداء املوت” 153 “إذا قلت البقدونس غال فهذا يعني للمخبرين أنك تتشكى من سياسة الحزب ,وإذا قلت بأنك تفكر باملوت فهذا يعني أنك ال تحب الحياة تحت وطأة أحكام الحزب” 154 “الزمن الذي ال ُينتظر ال قيمة له” 159 “منزل ال يوجد فيه سوى األ�سى ال يحتاج إلى باب لحمايته من اللصوص الصغار” 168 “العودة للبحث عن العائلة يعني فشلنا جميعا في البحث عن ذاتنا” 185 “تفكيك الذاكرة ضروري لطرد عفنها” 186 ً “املوت أسوأ ما يمكن حدوثه لشخص حتى لو كان ميتا حقيقة” 189 “املوت بسيط كدلق كأس ماء على أرض جافة” 255 *نقال عن حائط الكاتب في الفيسبوك
21
لقــــاء
يناير 2021 -م
صاحب طريق الحرير...
أش ــرف أب ــو اليزي ــد :أرى ف ــي المط ــار ص ــورة مصغ ــرة ع ــن عال ــم الدخ ــول والخ ــروج ع ــن الحي ــاة نفس ــها
حــاوره/
صـدام فاضـل
ُ فار ٍه، عبر مشاهدات األمكنة يف تتشكَّ ُل ٍ ٍ متخي ٍل ِ َّ صامتة ْ وأصوات ُمتف ِّل ٌ ٌ ُ الزمن فخاخ تة من فوضوي ٌة، مالمح تركض فيه ِ َّ ٌ ِ ُ َ ُ ميكن ْأن ناصية احلكاية .هذه اجل َلبة اللذيذة امللفوف حول ُ ِ ِ ُ مدينة الضجيج الذي يسيل من صباحات بفداحات حتتفي ِ ٍ َ ِ شعبي ال شارع روائح مراهقة ،أو من اندالعات ٍ َ ٍّ مختصمة يف ٍ ُ يعرف الوقا َر… ُ اخملبوءة يف الذاكرة يحدث وأنت ُتصغي إلىٰ كمائن هذا ما ِ ِ َّ والر َّحالة العربي /أشرف أبو اليزيد. ِ طرقات املشاء املصريَّ ، بفلسفة جتاربه تزخر هشة؛ إذ مد َيات الهائم بني َ السحر َّ ِ والد ِ ُ ِ ُ ُ والصحايفُّ، الروائي التمازج والتنويع ،فهو ُ والشاعر ،واملترجمَّ ، ُّ ِ ألدب الرحلة ،وأدب األطفال. ُ والكاتب ِ الثقافي ِة مبج َّلات كثيرة( :نزوى) ـ سلطنة حافة ِ الص ِ َّ عم َل يف َّ حصل علىٰ ُعمان ،و(أدب ونقد) ـ مصر ،و(العربي) ـ الكويتَ . جائزة مانهي يف اآلداب عام ( 2014كوريا اجلنوبية) .نال جائزة الصحافة العربية يف الثقافة عام ( 2015اإلمارات العربية املتحدة) .عضو احتاد كتاب مصر ،ورئيس جمعية الصحفيي اآلسيويني ،ورئيس حترير يف “آسيا إن” /شبكة ِّ تصدر الورقية “ماجازين إن” التي أخبار املستقبل ،وشقيقتها ُ َّ والعربية ،ورئيس واإلجنليزية الكورية يف سيؤول بال ُّلغات َّ َّ َّ حترير سلسلة إبداعات طريق احلرير..
العربي بداية جديدة
حدثنا عن طبيعة انتسابك جمللة “العربي” ِّ الكويتية التي امتدت ألكثر من عقد ونصف. ربما تبدو الرحلة ًّ زمنيا أكثر من عقدين ،ألنني كقارئ ،لكن سنوات العمل ارتبطت باملجلة العريقة ٍ لم تتجاوز ثالثة عشر سنة إال بشهور وحسب ،وقد بدأت بلقائي برئيس التحرير األسبق الدكتور /سليمان العسكري في القاهرة ،في فبراير (شباط) .2002 وحين أرسل لي رئيس التحرير عقد العمل في أبريل (نيسان) من العام نفسه ،رأيت أنه أقل بكثير مما كنت أتقاضاه في سلطنة ُعمان خالل سنوات عملي بمجلة (نزوى) ،فرفضت السفر ،ثم وعدني الرجل
22
بزيادة الراتب ،لكنني لم أسافر إال بعد أن جاء العقد الجديد في أكتوبر ،2002وخالل الفترة هذه انضممت إلى مكتب (العربي) في القاهرة ،وتركت عملي كمحرر ثقافي في وكالة أنباء (رويترز). كانت طبيعة العمل تشمل في البداية عضوية هيئة التحرير ،والقيام باالستطالعات ،وترشيح املواد ُ للنشر ،وكتابة خطط االستكتاب لك َّتاب العالم العربي ،وامتدت لتشمل في بعض السنوات إصدار مالحق (البيت العربي) ،و(العربي العلمي) ،وإخراج هذه اإلصدارات ،خاصة (العربي العلمي) حين َّ تحول إلى مجلة شهرية مستقلة. كما أشرفت على إصدار ومحتوى مجلة (العربي الصغير) فترة ليست بالقصيرة ،وكنت باملثل
ّ منس ًقا لندوات “العربي” السنوية ،أقترح معظم ِ وأشارك في جلساتها ،سواء بالدراسة موضوعاتها، ً أو اإلدارة ،فضل عن املطبوعات الفصلية (كتاب العربي) ،والتي صدر بها كتابي ٌ (نهر على سفر) أو املطبوعات الخاصة التي ربما ال يعلم عنها كثيرون من قراء (العربي) خارج دولة الكويت؛ فقد أصدرنا مجموعات من االستطالعات عن آسيا ،واململكة املغربية ،ودولة اإلمارات العربية املتحدة ،واململكة العربية السعودية. رعشة االنطالق
تكاد جتربتُ ك الصحفية يف مجلة “العربي” مباشرا خلوضك هذه الرحلة أن تكون سب ًبا ً
لقــــاء
أســماني الشاعـــــر الكبيــــر الدكتــور عبـــد العزيـــز المقالـــح « :الســـندباد الشــاعر» .وكـــان ذلــك فــي أصبوحــة شــعرية استضافهـــا خــــــال زيارتــي للمدينــة التاريخيـــة. الســير فــي صنعاء يعنـــي أن تمضـــي فـــي معـــرض مفتــوح للفن.
الطويلة ...كيف تع ِّلق على ذلك؟ اإلنسان ليس حيوانا ناطقا ،بل هو كائن رحالة، ُ اإلنسان الرحلة منذ مولده، ولد ليرحل ،فيعرف وهو يأتي هذا العالم في رحلة خرج فيها من رحم األم، ليعيش في أرحام الحياة. وإذا كانت رحلة املرء األولى على اإلطالق ليست اختيارية ،فلم يحدد لها موعدا ،ولم يختر لها هدفا ،فهو يعوضها حين ُيم�ضي حياته كلها في رحالت متصلة ،يخرج فيها من جغرافيا إلى أخرى ،ويعبر خاللها مرحلة تاريخية إلى سواها ،ويبدل فيها الفضاء اإلنساني وشخوصه بفضاءات أخرى ،وين�سى الغرفة الوحيدة والبيت الواحد ،ألنه سيجرب غرفا متعددة ،وبيوتا عديدة. لكنه ،كما أكرر دائما ،لن يظل كما كان قبل رحلة أو أخرى ،ألنه في كل سفر سيكتشف ً ركنا ًّ قصيا من ذاته ،مثلما سيكتشف ً أركانا أق�صى في العالم ،وفي كل مرة يبحث فيها عن آخر ،سنجد املرء يتعثر في ذاته ،ويعثر على وجوه جديدة له ،فهو خارج وطنه وبيته وأهله سيكون في اختبارات متعاقبة ،تسائل هويته ،وتخاطب جذوره ،وتشكل مستقبله. وأنت حين تسافر ،ال تكتشف البشر ،وال تكتشف األمكنة ،بل تعيد اكتشاف ذاتك .بلد تعلمك تذوق أنواع ُخاصة من الجمال ،مدينة توقظ فيك الشعر وآدابا أخر ،نهر يفيض من جسد األرض ليتدفق من شرايين جسمكُ ،فتبعث من جديد ،وناس يقولون لك من أنت ،فيجيبون عن أسئلة تتأجج في صدرك منذ ألف عام وعام ،وأنت تبدأ دائما من مصر، وتعود إليها ،عقلك التاريخ وجسدك الحضارة وعيناك الفنون وحواسك اآلداب.
وما بين رحلتين إجباريتين؛ دخل اإلنسان الحياة في الرحلة األولى ،وسيغادرها في الرحلة األخيرة ستتاح له الفرصة لتجربة رحالت فريدة ،تخصه وحده ،حتى لو سافر بصحبة العائلة واألصدقاء والزمالء ،فالرحالة يكتب رحلته الخاصة ،وهو يرى ما تسمح به بصيرته أنه يراه ،لذلك يزور شخصان املكان الواحد ،لكنهما لن يقدما رؤية متطابقة ،فأنت ترى املكان بمرشحات تتضمن ثقافتك ،وهوايتك، ورغبتك ،ومعرفتك ،وقدرتك على التواصل مع ذلك املكان ،املختلف باختالف املتلقي الزائر اآلخر عنك. جاءت تجربة (العربي) في قلب ذلك كله ،فقد أحببت الرحلة ومارستها قبل العمل بها ،لكنها َّ كرست ذلك الحب بشكل عملي ،وباتت هناك خطط للرحلة وفق إطار منهجي ،وليست رحلة لالستمتاع وحسب. وكان لي صديقان يكبرانني ًّ سنا اتخذت من سيرتهما الرحلية مثاال؛ الدكتور /آرثر جولدشميت ،وهو أستاذ في التاريخ من جامعة والية بنسلفانيا ،وكان في رحالته يرسل لي عناوينه ألراسله ،ويرسل لي بطاقات بريدية ورسائل من كل محطة يصلها ،وهذا كان مصدر إلهام لزيارة جغرافيات تلك األماكن الحقا ،وصديقي الثاني هو املصور والكاتب والرحالة األسباني جورد إستيفا ،وبدأت رحلتنا ًّ سويا في سلطنة عمان ،وكان يسافر في ٰ خطى رحالة البحر، وعرب الصحراء وأفريقيا ،وكذلك املغرب .وكانت كتبه املصورة ً رافدا ً ملهما باملثل.
يناير 2021 -م
كان ال ّبد من صنعاء ،مهما طال السفر على طريق ُ ُ االهتمام ،ثم الحرير ،وأنا ال أعرف متى بدأ عندي ُ الشغف ،بطريق الحرير؟ هل ُّ القراءة سنوات أرده إلى ِ ِ َ ْ ُ ُ الشخصيات سفرات تلك داعبت املخيلة األولى؛ حين ِ ّ ّ ليلة ألف وأبطال ، وبحري بري سندباد بين الخيالية؛ ِ ِ ٍ ِ ٍ ٍ ٍ العرب الشعبية؟ أم هو عشق وليلة ،وفوارس سير ٍ ِ كتابة التاريخ ،الذي صنعه الخيال والواقع ً معا ،ومن َ ُ الرحلة الذي تعطر بكتابات العرب أدب ِ بعده غرام ِ األوائل ،وصوال إلى أحفادهم في مجلة (العربي) التي ردت االعتبار لهذا األدب ،قبل أن تتبعها فيه ٌ ُ وسالسل كثر؟ االعتقاد أن هذا كله دوريات أخرى، ً َّ معا ،امتزج بحب السفر ،وتتبل بمتعة االكتشاف، ألكون في قلب هذا الدرب التاريخي األشهر ،حتى أسماني الشاعر الكبير الدكتور عبد العزيز املقالح: “ السندباد الشاعر” .وكان ذلك في أصبوحة شعرية استضافها خالل زيارتي للمدينة التاريخية. والسير في صنعاء يعني أن تم�ضي في معرض مفتوح للفن ،خاصة بصحبة أعالم التشكيل في اليمن من األصدقاء والصديقات الذين أعتز بهم ،واهتممت
هل تفكر بالعودة للكويت؟ ربما أعود لزيارة الكويت إذا دعيت إليها في مناسبة ثقافية. أيام في اليمن
مرة ،إذ كانت اليمن زرتَ صنعاء أكثر من َّ ضمن خارطة الطواف التي ضمنها مشروعك العظيم ...ماذا عن تسكعاتك يف شوارع صنعاء العاصمة؟
23
يناير 2021 -م
بتقديم تجاربهم الثرية للعالم في كتاباتي. آخر زياراتك لليمن كانت يف العام 2010تقريبا... َّ أتذكرَّ ... كنا نحتفل نعم وفي قلب حضرموت، باختيار مدينة “تريم” عاصمة للثقافة اإلسالمية، وكان استدعاء فتاة وتصويرها أمام مسجد في مدينة تريم عاصمة الثقافة اإلسالمية من املستحيالت السبعة في تلك املدينة املحافظة ،وكان أن ساعدني الدكتور الباحث ،واملبدع /نزار غانم ،في أن يستأذن ٰ إحدى جاراته في صنعاء أن تسمح البنتها بالتصوير من أجل عيون “العربي” ،وظهرت العدنية املقيمة في صنعاء وخلفها أشهر مساجد حضرموت. مسارات جديدة
احلراكات اجملتمعية -بكامل تفاصيلها- ُت ِثل ِ
24
لقــــاء
مطالـــب بالتجـــاوز عـــن ال َّرحالـــة ٌ العـــادي والمألـــوف والمكـــرور، نصـــا يتجـــاوز عليـــه أن يتـــرك ًّ الزمــن ،فالرحلــة وثيقــة تاريخيــة بلغـــة األدب. شك ًلا من أشكال التنظيم الثقايف للشعوب .هل ميكن أن تقود تلك التداخالت إلى انحراف صراط الرحالة ،وحتويله إلى مؤرخ؟ بمخطط َّأولي ،هو الذي تقدمه لكي تبدأ الرحلة عادة ٍ يقنع إجازتها ،لكن هذا املخطط يقودك إلى سلم طائرة املغادرة ،أما الرحلة التي تبدأ بعد سلم الوصول للمطار فهي أمر آخر؛ إنها رهن االكتشاف ،والدهشة، واملغامرة ،ورحلة بحث في بوصلة تخترعها أنت، َّ ولعل فكرة الوطن /البيت الذي تجد فيه راحتك، والصحبة التي تجد نفسك فيها ،لتتباين ،ففي الرحلة تقيم في مكان يصبح بيتا لليلة أو أكثر ،وتلتقي بأصدقاء يضحون أهلك منذ تراهم حتى تغادرهم ،لذلك تتجدد فكرة الوطن ومشاعرك نحوه ،وهذا أمر لدى الرحالة ،وليس املهاجر الذي قرر قطع تلك الصلة ليختار بقعة يراها أفضل لحياة تنقطع عن ماضيها وحاضرها .ولدي كانت الرحلة تستدعي الوطن ،حتى لو كان ذلك استطالعا عن جمهورية تتارستان ،أو رحلة عمل إلى كوريا ،أو قراءة آلثار إسبانيا ،أو وقوفا على أطالل إيطاليا ،أو زيارة ملهد الخالفة العثمانية ،أو إعجابا بحضارة هندية. يجوز أن تكون الرحلة لها امتيازاتها اخلاصة نوعي يتدخل يف تشكُّ الت الصحفي كمسار ٍ ٍّ احملترف ،لكن يبدو أنها -أيضا -متثل معاد ًلا إبداع ًّيا ميكن أن يخلق انسجامات فاعلة،
ُت ِّرض على اخلوض يف الشعر والرواية كما حدث معك ...هل توافقني على هذا؟ ٰ املنحى عندي إشارات عن الرحلة؛ فالسفر في هذا ً ميسورا في سبله ووسائله ،أصبح عسيراً الذي أصبح في متطلباته وكلفته ،وال يستطيع املسافر اليوم أن ين�سى ما ترك وراءه ومن ينتظره ،فكلها ُّ تشده للعودة، َّ لذلك قلت أيام السفر وزاد العبء فيه ،ليس فقط بما تفرض الدول من إجراءات تأشيرات زيارة ،وما تجريه املطارات من تفتيش ،وما تتطلبه الرحلة من ُّ تفرغ، ولكن من ذلك االنفصال املطلوب ،عن عالم أنت فيه أسير ،وعوالم تسافر إليها تسعى أن تكون ًّ حرا بها. وحين تقرأ الرحلة ستتعرف إلى نصوص روائية على نحو َّما ،فهناك سرد ،وأحداث ،وشخوص ،وسياق ٍ ثقافي ومجتمعي ،وقد تكون هناك تقنيات سردية مطبقة كاستعادة املا�ضي ،حين تقرأ تاريخ املكان الذي تزوره .ثم أنك تستدعي حينا بطلك السينمائي حين َ الشعر، يقوم بدور املحقق ،واملغامر ،وإذا كنت تكتب ّ وتضمنها نص فقد تترجم نصوصا أو تكتب قصائد ِ الرحلة .وال أخفي ًّ سرا ،حين يرى من قرأ لي رواية أو ّ مكون أساس في كتابتي ،وأرى أنني أكثر ،أن الرحلة ِ بعد أن كتبت الشعر والنثر ،وجدت في سرد أدب الرحلة ضالتي ،ففيه جماع لكل ذلك. تمظهـرات مغايرة
بلدا حتى اآلن ...كيف زرت أكثر من (ً )33 ُّ تتصدى لتلك التناقضات الهائلة يف اللغات، َّ والعادات ،واألديان؟ الرحلة تبدأ باملطارات ،وتلك رحلة تشبه الدخول
لقــــاء
حيـــن تســـافر ،ال تكتشـــف البشـــر، وال تكتشـــف األمكنـــة ،بـــل تعيـــد اكتشـــاف ذاتـــك. في غرفة الغواصة املحكمة الغلق قبل الخروج منها للعالم ،ولذلك تنشأ بينك وبينها عالقات متوترة ،ال تعرف إن كنت تحب أسواقها َّ وحسها العالمي ،أم تكره مكاتب األوراق والحجز وشؤون الهجرة وانتظار الحقائب ،وغيرها ،لذلك أرى في املطار صورة مصغرة عن عالم الدخول والخروج ،عن الحياة نفسها ،عن كل ما تفاجئك به من سعادة ،وما تضمره لك من تعاسة. وأشعر بسعادة عميقة حين تبدأ الطائرة بالتحرك، وكأن لي جناحيها ،فوق ألف سحابة تأخذني ،وتصبح
بيتي في السماء ،حتى يتلقفني بيت آخر على األرض. وعلى مدى أكثر من خمسين ً عاما ،وفي أكثر من ْ رافقت بعثات «العربي» في قارات ألف رحلة ورحلة، َّ العالم مجموعات من األدلء ،من كل األجناس، والجنسيات ،واأللسن .دليل يتوسط بين َّ الرحالة َّ العربي ،وبين لغة قد تكون مجرد لهجة محكية، أو يستأذن لك حين ترغب في صورة غالف من بين أكثر من ستمائة غالف ظهرت على وجه «العربي»، ُّ بيت عائلة أو يقودك إلى لقاء مسؤول ،أو يدلك على ِ بسيطة أو أسرة موسرة هناك. في كل مدينة كان هناك ٌ دليل أو أكثر ،أتذكر في أحمد آباد بالهند دليلنا ّ «رزاق» ،وفي بكين «ميا» ،وشمال الصين بشينجيانج القشغري «محمد عزت» ،وفي بيشيلية اإليطالية «جوليا» ،وفي استنبول «سميرة»، وفي أنقرة «حسن” ،وفي قازان عاصمة تتارستان باالتحاد الرو�سي «ليليا ورينات ورئيسة خانوم» وفي مدن برلين وبون وميونخ وفرانكفورت وهامبورج ودورتموند وكولن األملانية طائفة من أدالء أملان وعرب متجنسين ،وفي ورزازات املغربية «أحمد الحساني» و«الجاللي مصطفى» ،وفي سيئول «تشوي أبو بكر، وجنان ،ويوسف عبدالفتاح» ،من بين كثيرين ،هذا غير عشرات األسماء األخرى من األصدقاء في مدن عربية وغربية يضيق املقام لذكرهم. ٌ وحيد مع األدالء؛ وعلى كان سجن اللغة له مفتاح سبيل املثال ،ففي مدينة سورات بوالية كوجرات الهندية ،كان صاحب ورشة النسيج ّ يحدثنا باللغة ِ الكوجراتية ،فيترجم ٌ ٌّ محلي حديثه إلى اللغة دليل ُ وينقل لنا دليلنا الحوار باإلنجليزية ،لنحكي الهندية، القصة لقراء «العربي» بلغتنا الجميلة! ُ بعثة من الطريف أننا نعود أحيانا لنكون مع دليل ٍ سبقتنا ،كما حدث حينما كان دليلنا في الخرطوم وحولها اإلعالمي محمد جبارة ،بل واألطرف أن ً مجددا بعد عشرين ً عاما أو يزيد بدليل نلتقي رحلة سبقت ،مثلما التقينا في مسقط رأس األمير/
يناير 2021 -م
تيمور ،بمدينة «شهرسبذ» في أوزبكستان بالسيدة «مولودة» ،وبين الصورتين ٌ عمر كامل! ما هي أبرز البروتوكوالت الغريبة التي مت استقبالك بها كضيف جديد يف مكان ما؟ ْ وضع عقد الورود فوق العنق هو طقس مشترك، سواء كنت في جزيرة “جيجو” جنوب كوريا ،أو كنت في “راجستان” شمال الهند ،وسواء بدأ الترحيب بك في املطار ،أو انتظرك بالفندق .في النيبال وجدت أكثر من طقس ،فقد استقبلني مضيفي في املطار بشال ذهبي يحمل كتابات مقدسة َّ طوق به عنقي ،وفي سهرة بمطعم تقليدي كانت هناك سيدة تستقبلنا تضع بالحناء فوق جبهاتنا دائرة حمراء ،وكأننا ذاهبون إلى زفاف وليس لتناول العشاء .وفي السودان َّرتب لنا مضيفونا سهرة غنائية حفل زفاف جماعي. شعبية جميلة ،ودعونا الحقا إلى ِ توازيات
ً يف حال اعتبرنا “الرحلة” استهدافا مكان ًّيا باملقام األول ،هل هناك معايير زمنية حتكم
25
يناير 2021 -م
فكرة االنطالق أو التأجيل؟ َّ اضطرتنا طبعا وجود التأشيرات املصاحبة للسفر لتأجيل رحالت ،وعنف الطقس َّ أجل رحالت أخرى. وأحيانا تحجز في الدرجة األولى ،فتجد نفسك في الدرجة السياحية .أذكر أنني في السماء بين بكين ُ اكتشفت وأرومت�شي ،عاصمة إقليم شينجيانج، أن زميلي الذي حجز تذاكرنا ،لم ينتبه إلى أن فترة الترانزيت بين أورومت�شي وكشغر -بوابة طريق الحرير من الصين إلى العالم -ال تكفي للحاق بالطائرة التالية .أخبرت املضيف ،فأحضرنا إلى مقعدين على مالبسنا ،ووجدنا بقرب الباب ،ووضع ملصقا ً بمجرد هبوط الطائرة -ضابطا بانتظارنا ،أخذناَّ بممر خاص ،إلى سلم الطائرة األخرى ،بعد املرور السريع بمكتب السفر ،وصعدنا ،وانتظرت الطائرة حقائبنا حتى تتحرك .إنها معجزة َّ زمنية ال تحدث ربما -إال في الصين.بعد خبرة السفر بات عليك أن تتوقع األسوأ، وأذكر أنني حين فزت بجائزة “مانهي” في األدب، عام ،2014كان َّ علي أن أسافر من الكويت ،عبر ً اإلمارات ،وخوفا من أي تأخير للطائرة املسافرة عن األخرى املغادرة من أبو ظبي ،حجزت ً مبكرا يومين، وقد حدث ما توقعت ،واضطررت للمبيت بفندق املطار حتى الغد ،ولحقت بالحفل ،ولو لم أكن ّ ً ّ ومتحر ًزا لفاتني أكبر تكريم أدبي في حياتي. متخوفا ِ ِ دينامو الحضارات
َ يعايش الدور البد أن من يزور البلدان البعيدة َّ العمالق للمرأة ،وهي تتصدر مشهد احلضارات اإلنسانية .هل احلر ّ َية -وحدها -سبب يف تلك الريادة؟ ٌ هناك مثل قبيح يرد على أكثر من وجه في الثقافة ًّ نظرتها ،ولكنه يقدم حل ،ويقول: العربية ،يعكس ّ “اطبخي يا جاريةِ ،كلف يا سيد” ،إذ يضع املثل املرأة في دور الطاهية املأمورة بكلمة سيدها ،وأنها تستطيع الطهو (يا للعجب!) إذا دفع السيد تكلفة ذلك ،إنها النظرة القاصرة ،والفكرة املتدنية وتوزيع األدوار الضمنية يبدأ في املدرسة ،حيث تكون األم في كتاب القراءة باملطبخ ،ويكون األب في العمل .هذا النسق
26
لقــــاء
ينمو ليؤسس لتلك الفكرة التراتبية .وفي الغرب والشرق األق�صى معا تقوم املرأة بأدوار كبيرة، وليس هذا رهنا بأوروبا وحدها ،فقد عرفت آسيا املرأة السياسية التي تقود بالدها ،من أنديرا غاندي (الهند) ،وبي نظير بوتو (الباكستان) ،والشيخة حسينة (بنجالديش) ،بموازاة ميركل (أملانيا)، وتاتشر (بريطانيا) .لكن األمر ال يقتصر على املجال السيا�سي ،فدخول املرأة الحياة املدنية من األبواب الواسعة هو الذي َّأهلها لتكون من صناع املدنية والحضارة ،فهي الفنانة والرياضية واإلعالمية ،وهي الحقوقية والطبيبة والعاملة. الحرية ليست قشرة ذهبية تغطي قلبا يأكله الصدأ ،على هذا القلب أن يكون مخلصا في رسالته ملنح املرأة -منذ طفولتها -ذلك القدر من املساواة والتقدير املمنوح للرجل. إ ًذا ما الذي حتتاجه املرأة العربية لتندمج يف تد ُّرجات احلضارة باعتبارها صانعة؟ تعليم حقيقي ،وفضاء للتنافس ،وحرية مخلصة ومؤمنة بدورها في بناء هذه الحضارة. متعة خشنة
هل يفصل “القلق” بني الرحالة والسائح العادي؟ ليس لدى السائح العادي من أهداف تتجاوز
االستمتاع باآلني ،وهو ّ متحقق أينما ّ حل واستطاع، ِ ٌ لكن َّ مطالب بالتجاوز عن العادي واملألوف الرحالة ًّ واملكرور ،عليه أن يترك نصا يتجاوز الزمن ،فالرحلة وثيقة تاريخية بلغة األدب. ماذا أضافت لك الرحلة؟ أضافت الرحلة الكثير إلى شخصية وقلم الرحالة، فأشرف أبو اليزيد قبل عقدين من الرحالت ،ليس هو الشخص ذاته بعدها ،وكل شخصية تلتقيها في الرحلة هي حياة جديدة ،وال أستثني الكتب التي قرأتها في أدب الرحلة ،فأدب الرحالت مثل نسغ الرحلة الحي واملتجدد ،وأقصد الرحالت َّ الحية وليست تلك املنقولة من كتيبات السياحة. ليست الرحلة هي ما تأخذك خارج الوطن وحسب، وإنما أجد معلمي األكبر الشيخ مصطفى عبد الرازق خير مثال أستحضره ،فقد كتب “مذكرات مسافر” عن رحلته الفرنسية ،وكتب باملثل “مذكرات مقيم” عن رحالته في ربوع مصر ،ونحن في حاجة جميعا أن نكون ذلك املسافر املقيم ،إلعادة اكتشاف مصر، بالنسبة لنا ،وهو كذلك إعادة اكتشاف لذواتنا .وبعد استقراري في مصر أحاول أن أغطي ربوعها بزيارات، خاصة مع أسرتي ،وقد رافقتني في رحالت إلى الصين وتركيا وراجستان وفيتنام ،باإلضافة للكويت، وأحب أن يجوبوا وطنهم ،فهنا ينشأ الشغف بالرحلة.
يناير 2021 -م
ألطاف حمدي ..لون وبطاقة حنين إلى الوطن العـودة إلـى الوطـن ال تنحصـر «بتأشـيرة»أ و» جـواز سـفر» وقصيـدة شـعرية أو أغنيـة ليكون الجسـد داخل الحقيبة والـروح مع األدوات المنزليـة ،حاضـرة فـي المطـار ،والجميـع يعبـر شـارع المدينـة ويدخـل المنـزل.. اسـتخدام الحنيـن مـن التقنيـات المعقـدة جـدا فـي العمـل اإلبداعـي سـواء كان فنـا تشـكيليا أو موسـيقيا أو نحتيـا وأي نـوع مـن أنـواع األدب..
محمد شنب -اليمن الحنيـن هـو ينبـوع تأصيـل شـعوري فـي روح الفنـان ليعبـر بـه أو يحولـه إىل عمـل فنـي إلثبـات هويتـه، والعـودة إىل الوطـن بعمـل فنـي قـد يعالـج وضعـا يعيشـه الفنـان فـي أي مـكان وزمـان بواسـطة اللـون والريشـة وقد يكـون عـن طريـق أغنيـة أو أي عمل أدبـي يوصل هزات حنينيـة للمتلقـي ليعيش مع الفنـان البعيد التي تغمره روحـه القريبـة وهـي تسـكن العمـل الفنـي.. وهكـذا تجسـدت أعمـال الفنانـة التشـكيلية اليمنيـة ألطـاف حمـدي على إثبات هويـة وأصالة المـرأة اليمنية بموروثهـا الشـعبي التقليـدي مـن ناحيـة زي المـرأة وأدوات الزينـة والثيـاب بطـراز فنـي زخرفـي حيـث أنهـا اسـتخدمت مفـردة القمريـة ثانيـا وهـي نصـف دائـرة اشـتهرت بهـا اليمـن لغـرض التزييـن الجمالـي وإدخـال عنصـر الضـوء للمنـازل كفـن معمـاري وجمالـي بيئـي للمـكان والقمريـة لهـا عـدة ألـوان واشـكال مختلفـة، واسـتخدام القمريـة غالبـا مـع النافـذة والنافـذة رمزيـة لالنتظـار وحركـة زمنية للوقت المتحـرك والمتغير وهي حالـة شـعورية مصاحبـة لإلنسـان مـع تعـدد انعكاسـاته النفسـية والصحيـة واالجتماعيـة والبيئيـة.. القمريـة اليمنيـة هـي أنثـى يمنيـة لهـا خصوصيـة ومميـزات فنيـة وجماليـة مـن حيـث اللـون وهيـكل الشـكل الخارجـي والتفاصيـل الداخليـة ..تقـوم بسـحب الضـوء إىل األماكـن المغلقـة ..والقمرية هـي نافذة نور في زمـن العتمـة. والفنانـة اسـتخدمت عنصـر القمريـة إلبـراز هويـة العمـل الفنـي مع مصاحبـة المرأة ،وهـي عملية تعايش وانتظـار لحياة مسـتقبلية بين اإلنسـان (المرأة) واألرض (المكان-المنـزل) واألرض وطـن واإلنسـان /الشـعب. ولـكل قمريـة ونافـذة حكايـة سـردتها األيـام وعيـون انتظـرت حتى شـابت رموشـها فـي زمن متغيـر ومتحول فـي رقعـة جغرافيـة صغيـرة جـد ًا ولهـا آثـر كبيـر علـى نفسـية الفنـان الـذي يعمـل بصـدق المبـدأ وشـفافية اللـون يقوم بسـرد كل تفاصيل الحياة الشـعورية الخاصة ويحولهـا إىل حالـة عمـل عـام يتذوقـه الجمهـور مـن دارسـين ومثقفيـن ونقـاد بحريـة مطلقـة .. ونوافـذ ألطـاف تلطـف لنـا الهـواء وهـي تطـل علـى الماضـي والحاضـر باللـون الـذي ينـام علـى القمـاش ليعكـس لنـا مـدى ألفـة ذلـك المـكان الـذي أصبـح جـزءا
مـن ذاكرتنـا التـي يطاردهـا فيـروس «الشـيخوخة» مـع تقـدم العمـر وهنـا قـدرة الفنـان التشـكيلي وتعاملـه مـع اللـون علـى سـطح اللوحة ..وهل روحانية العمل سـتبقى علـى هـذا السـطح؟ وبكـم سـنوات تقـدر؟ وهكـذا تظهـر لنـا براعـة الفنـان بوضع األلوان واألشـكال ومـدى تأثيرها للمتلقـي وكيـف أن روح هـذا الفنـان هـي أبديـة وحاضرة فـي كل مـكان وزمـان؟! األشكال المستخدمة في العمل الفني/ أشـكال هندسـية منتظمـة وغيـر منتظمـة تعطينـا شـعورا بالهويـة (الوطـن) مـع مفرداتـه من بيئة وإنسـان. التعيينات/ القمريـة :عنصـر فنـي جمالي عرفه (اإلنسـان اليمني) ويعـد مصـدرا لعنصر الضوء. اسـتخدام اللـون األبيـض لشـهرة القمريـة ب (الجبـس) األبيـض واسـتخدام الزجـاج الملـون بأحجـام مختلفـة ترتكـز أغلبهـا على األلوان األساسـية أحمر ،أزرق ،أصفر.. المرأة (وطن): تتواجـد المـرأة فـي العمـل الفنـي للفنانـة ألطـاف؛ والمـرأة هـي الوطـن الـذي نحـن لـه بـكل شـفافية اللـون وحركـة ورشـاقة األشـكال المشـتغلة فـي سـطح اللوحـة الفنيـة ومـا تموضـع المـرأة خلـف القمرية بشـكل واضح إال عالقـة حميميـة بيـن المرأة/اإلنسـان والقمريـة األرض /المـكان ،فتظهـر أحيانـا بنصـف وجـه المـرأة وأحيانـا بأقـل مـن نصف وجـه؛ لتحفظها وعـدم ظهورها بشـكل مكتمـل الهيئـة.. والنظـر مـن خلـف النافذة إشـارة لمـا تعانيـه المرأة من قمـع وتسـلط العـادات والتقاليد التـي تتعرض له.. اللون: اللـون هـو لغـة العيـون الحساسـة المتذوقـة للجمـال والطبيعـة السـاحرة ..والطبيعـة هـي الفنـان األول واسـتخدام اللـون فـي العمـل الفنـي يحمل نوعيـة العمل الفنـي ومـا يحمـل مـن دالالت لونيـة وهويـة مكانيـة وزمانيـة. واللـون األبيـض للصفـاء والجمـال والسلام ..واألسـود للظلام ..واألزرق لعاطفـة المكان واأللفـة والحنين الدائم للوطـن. ألطـاف حمدي تعيـش تجربة اللون المختبـئ والمحتجز خلف سـور العـادات والتقاليد.
27
يناير 2021 -م
أدب
في رحاب األدب حممد ناصر اجلعمي -اليمن
وهنا لنا وقفة قصيرة وسريعة مع (املنفلوطي) في رثائه للشيخ علي يوسف صاحب املؤيد ،وكان رثاؤه لفتة وفاء لذلك الذي قدر مواهبه ،وفسح له في صحيفته، وفتح له باب الشهرة ،وتشفع له في محنته لدى الخديوي ،ورأى فيه املنفلوطي بعين املحب تلك املزايا والسجايا التي خفيت على كثير من الناس حين قال: “لقد كان هذا الرجل العزاء الباقي لنا عن كل ذاهب ،والنجم املتأللئ الذي كنا نتنوره من حين إلى حين في هذه السماء املظلمة املدلهمة املقفرة من الكواكب والنجوم ،والدوحة الخضراء التي كنا نلوذ بظلها من لفحات هذه الحياة وزفراتها ،فنحن إن بكيناه فإنما نبكي األمل الذاهب ،والسعادة الراحلة ،والحياة الطيبة ،ومن هو أولى بالتفجيع والبكاء من سعادتنا وآمالنا”. نعود إلى الشعر وكم أشتاق إلى فلسفة أبي العالء املعري مذ كنت طفال يتصفح رسالة الغفران وحتى اليوم وهنا يحضرني من أجمل وأجل ما قيل في أدب املراثي في الشعر العربي ما قاله أبو العالء املعري وهو يرثي أمه : ُ ُ ْ مضت وقد اكتهلت ،فخلت أني ُ ٌ الفطام رضيع ما بلغت مدى ِ فيا َ املنون أما رسول ركب ِ ُّ َ َ السالم روحها أ َر َج يبلغ ِ ِ ً ذكيا ُي ْ ُ الكافور منه ص َح ُب َ الختام مفضوض املسك بمثل ِ ِ
28
المراثي ()2
ما زال الحديث عن أدب المراثي في األدب العربي يحلق بنا في جناح الشعر و النثر وإلى أزمنة بعيدة فضاءات إبداعية رصينة على ِ ومحطات مختلفة .. ويبقى غرض الرثاء من أصدق األغراض الشعرية واألدبية كما أشرنا في الحلقة األولى من رحاب األدب. ُ ُ اللقاء؟ فقيل :حتى سألت متى الرجام يقوم الهامدون ِمن ِ َ ُ َ ولو ُّ بع ْمر ن ْس ٍر حدوا الفراق ُ طفقت ُّ أعمار ّ َ أعد مام ِ الس ِ َ الحشر نادى يوم فليت أذين ِ ِ فأجهشت ّ ُ ّ مام الر ِ الرمام إلى ِ ِ ِ وعلى نفس القافية وفي نفس الغرض من مراثي األمهات نقف مع مرثية (محمد مهدي الجواهري) الشهيرة والتي رثى فيها والدته وهنا تشعر بدفء املكان وجالل املقام حين سالت مشاعره دافئة متفردة تفيض حنانا يليق بمقام األمهات: ُ َ العظام املجد يا قفص تعالى ِ واملقام رحيلك وبورك في ِ ِ ّ َ الدروب لساكنيه ونورت ِ وعدت من السواد الى ظالم ِ حججت ُ إليك والدنيا تالقي َ عليك بكل قاصمة ٍ عقام ِ ّ مشيب ورفت في نديف ٍ من ٍ َّ ُ أثام ذوائب لم ترف على ِ وطفت بخاطري حتى تم�شى ِ َ ُ قام حنانك مثل ب ٍ رء في س ِ فيا شم�سي إذا غامت حياتي ّ نشدتك ضارعا أآل تغامي ضر ويا مكفوفة ً عن كل ٍ نشدتك أن تكفي عن مالمي
ُ ُ رضيع ثديك باملجاري وليس ُ ُ ظام وليس ربيب حجرك بامل ِ هذه القصيدة يسودها جو مفعم بالحنان والتفرد والرقة ..كما أشار إليها (عدنان الظاهر) في دراسة نقدية « تناول فيها مراثي األمهات للمتنبي ،واملعري ،والجواهري ..وقد رثى املتنبي جدته ،وهي ال ريب في مقام والدته فقال : ً َ مدحا وال ّ ذما أال ال أرى األحداث ً ّ فما بطشها جهال وال كفها ِحلما ُّ أحن الى الكأس التي شربت بها وأهوى ملثواها التراب وما ضما ً بكيت عليها خيفة في حياتها وذاق كالنا ثكل صاحبه ِق ْدما هبيني أخذت الثأر فيك من العدى فيك من الحمى فكيف بأخذ الثأر ِ وما انسدت الدنيا َّ علي لضيقها ً َّ ولكن طرفا ال أراك به أعمى ً مستعظما َ ّ نفسه غير تغر َب ال ِ ً ّ وال قابال إال لخالقه ُحكما يا لوطأة املصاب والجزع الذي تملك املتنبي ً أراك ِبه أعمى وهو يقول :ولكن طرفا ال ِ أليس هو القائل: ُ ال بقومي شرفت بل شرفوا بي ُ وبنف�سي فخرت ال بجدودي وبهم ُ فخر كل من نطق الضا ُ ُ الطريد َد وعوذ الجاني وغوث ِ
يناير 2021 -م
كيف يتلهى الحزن بهذا الفتى الذهبي الذي ذاع صيته في اآلفاق ومازال حديث الركبان في كل وقت وح ين ،وكيف يبدو بهذه الصورة من الضعف واالنكسار ،إنها األمومة منبع الطهر والنقاء وهي الفقد الذي ال يعوض والحب الذي ال يطمره النسيان ..ومن أروع ما دون في صفحات األدب العربي من أدب املراثي « للخنساء» وه ي تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد ُ ال سلمية ،والتي ولدت سنة 575للميالد ،ول ّقبت ّ أرنبتي أنفها بالخنساء الرتفاع ومن جميل ما قالته الخنساء في رثاء أخيها صخر : أعيني جودا وال ُ ّ تجمدا ّ لصخر الندى ؟ تبكيان أال ِ ِ َ الجريء الجميلَ تبكيان أال ِ َ أال تبكيان الفتى ّ السيدا؟ ِ َ املجد ّ إذا ْ مد َإل ِيه َيدا َ فنال بأيديه ِم إلى القو ُم َم ّدوا ِ ِ ْ َ ثم َ م�ضى ُم ْ املجد ّ ص ِعدا أيديه ِم من ِ الذي فوق ِ لقد رابها الدهر وأوجعها الفقد وتكالبت عليهااألحزان ،وقد شط املزار وبعدت الديار وتفرق األحباب فقالت بعبرة مهراقة في رثاء أخيها صخر : قذى بعينك ْأم بالعين َّ عو ُار ِ ِ ْ ْ ْ َّ ْ أهلها َّ خلت ْ الدارُ من َ أم ذرفت إذ َ َ ْ ّ ُ لذكراه إذا خط َرت كأن عيني ُ َ على َّ ٌ ُ مدرار الخد ِين فيض يسيل ْ العبرى َو ْ تبكي لصخر هي َ قد ولهت ٍ ُّ َو ُ دونه ْ ُ أستار رب الت جديد من ِ ِ ْ خناس فما ُّ ٌ تنفك َما عمرت تبكي َ لها عل ْيه َرنينٌ وهي م ْفتارُ َ ِ ِ ٌ َ على صخر َّ وحق َلها تبكي خناس ٍ هر َّ ان َّ رابها َّ ْإذ َ ضرارُ الد َ الد ُ هر َّ ّ َ ً خرا َلوالينا ّ وسي ُدنا وإن ص ِ ّ َ ْ ً را إذا َن ْشتو َل َن ّحارُ وإن صخ ّ َ ْ ً را ِمل ْق ٌ دام إذا َر ِكبوا وإن صخ ّ َ ْ ً را إذا جاعوا َل َع ّقارُ وإن صخ ّ َ ً خرا َل َت َأت ّم ُ الهداة ُ ِب ِه وإن ص َك ّأن ُه َع َل ٌم في رأسه نارُ ِ ِ
روائع القول في الخيانة
ََ ُ اءات ال ع ْط ٌر ُ يفوح بها هنا املس ِ ُ ّ ْ ْ س َو ُجل ُ الم َي ُك ْن َه ُاه َنا أن ٌ س ُ ٌ غيم على َ ٌ واألنسام طيبة البحر َِ َ َ ُ ْ َ َ ّ الناسُ ما ضاق ِت األرض لكن ضاق ِت محمد ناصر شيخ الجعمي -اليمن
ال تقولي :كان يهواني دفء أشعاري واسخري من ِ
ّ مزقي قلبي وعنواني ِ أبله ثاني وابحثي عن ٍ
محمدمحمود قاسم -سورية
ّ ّ َ ُّ فالحب الذي عن الترديد كفيِ . َ فيه نق ـ ٌـاء عند بابك ُي ُ ذبح ِ ُ َ ّ ُ واة ّ صدق حدي ِثكم جاء الر بنص ِ ِ َ ُ ورأيت فيه سيف قولك يجرحُ ِ الدليمي -العراق يوسف ّ
ُ ارحل بعيدا لست أذرف دمعتي ُ ٌ هامش في لوحتي العواطف ترف ِ ال تعتقد يوما بأنك شاغلي قد مات طيفك بل وعادت بسمتي مريم الحضرامي -موريتانيا
ُ دعيني ألم�سي خذي حاضري ُ ً ضقت ذرعا بذا ناظري فقد لقد خن ِتني في صميم الرؤى ً عيانا بقلبي ِوفي محضري بالل الجبوري -العراق
ُ َ ُ ُ ولؤم الط ِبع َديدنهم الخفاف هم ِ َ ّ َ ماحدثوا خرصوا ُومدعون إذا ُ ّ َ ِجئنا ن ّؤب ُن ملا مات ّميتهم َ َ َ َ َْ َ وم متنا َعلى أ ْجدا ِثنا َرقصوا وي احمد غنوم -سورية
ُ ٌ ُ والوفاء نداه الحب غيث ُ تسقى به يوم الحنين شفاه َ ُ َّ استبد ،فإنه خ َس َرالخؤون إذا
من يجهل الصقرالثمين.شواه جهاد المحمد -سوريا
َ ُ يا َمن سكنتك في الهوى و سكنتني َ ُ َ ُ تسيرفخنتني و فرشت ُهدبي كي َ َ ُ وتقو ٌل :صنت وكم كذبت و كم دنا ً ََ َ ّ مني ُ خادعا ففتنتني فؤاد َك َ َ رقوب ! و كم و وعدتني ،يا وعد ُع ٍ ً َ َْ َ َ الوعود رخيصة و غ َبنتني ِبعت عروبه الباشا -سورية
َّ ُ خيانة سواد ٍ طرزت قلبي من ِ ُ ساح الغر ِام حدادي أعلنت في ِ َ ال لن َ أعود ِمل ِثلها ،لتخونني َ أخرى ..فتعبث في وثيرمهادي حسان يوسف ـ سوريا
وأنا ُ أدور بمركبي َ األر ِقي ْ
َّ َ َ دمع َي الشف ِقي ْ أغرقتني في ِ ٌ َ ُ جامح ِبغ ِدي وحصان غدرك َ ُ ُ َ َ ََ الحد ِقي ْ زجاجي وخطاه فوق ِ محمد عبدالعزيز عبدالرحمن -سوريا
لقد أرسلت طيفي بعد نوم ولم يحنث وكان لها وفيا ملاذا طيفها قد خان وعدي ولم يحضرفكنت به شقيا. محمد عصام علوش -سورية
َ َ ٌ ُ لـضـربة ِم ْـن ع ُـد ّ ٍو ل َّـلر َدى ت ْـو ِدي ُ َ َ ُ وال خـيـانـة َم ـ ْـن أ ْول ْـيـت ُـه ُو ِ ّدي َ ك ُّـل الـجر ِاح لـها ط ُّـب ُيـض ِّم ُد َها الغدرمن ِض ْم ِد سهام لجرح ِ ِ وما ِ محمد صالح العبدلي -اليمن
ُ فلست ُ أعود ُ يامتصابي دعني ً ْ ُ َ واجعل خطاك بعيدة عن بابي ُ ّ شرع الهوى كل ِ األمور تهون في ِ ّ األحباب بخيانة إال األ�سى ِ ِ رنا رضوان -سورية
29
يناير 2021 -م
سيمياء التوتر يف اخلطاب الشعري اجلاهلي (المعلقات أنموذجا)
()2
محمد عبد الراضي ناقد وباحث أكادميي مصري عنـد النظـر إىل بنيـة النـص الشـعري الجاهلـي نجده يتكـون فـي جـل قصائـده مـن مجموعـة مـن العناصر ،تـكاد تكـون منهـج دأب عليـه أهـل الشـعر مـن عـرب الجاهليـة ،وهـو الوقـوف علـى األطلال وبـكاء الديـار ، ثـم الحديـث عـن المـرأة والتغـزل فيها ووصف حسـنها ،ثـم الحـرب ووصفهـا وأحداثهـا ومشـتمالتها () ،ثـم وصـف الناقـة والرحلـة فـي الصحـراء أو وصـف الفـرس ،وأحيانـا يتحـدث الشـاعر عـن موضـوع معيـن فـي القصيـدة مثـل المـدح أو الفخـر أو الرثـاء ،ويختتـم القصيـدة بأبيـات مـن الحكمـة . - 1معلقة امرئ القيس : تبدأ املعلقة بالوقوف على األطالل والبكاء عليها ،ثم الغزل بنسائه الكثيرة ومغامراته الجسدية ،ثم يصف فرسه وقوته وأسطورية هذه األوصاف ،ويصف ليله الثقيل اململوء بالهموم ،ثم يصف املطر و السيول . وأول ما يطالعنا من بنية القصيدة الجاهلية هي األطالل ،والتي « تقف في وجه القارئ شامخة على مطلع القصائد ،وكأنها السمة التي يعرف بها الشعر العربي الجيد املكتمل على ّ مر العصور ،وكأن القصيدة الخالية من الطلل ناقصة أو مبتورة أو هي قصيدة لم تنل من النضج واالكتمال حظها األوفر « ( ) ؛ ولذلك سوف نبدأ بها لنوضح سيمائية التوتر املوجودة باألطالل ،وأول ما يطالعنا من املقدمات الطللية وقفة امرئ القيس التي يقول فيها : قفا نبك من ذكرى حبيب ومنز ٍل بسقط اللوى بين الدخول فحومل فتوضح فاملقراة لم يعف رسمها ملا نسجتها من جن ــوب وشمأل الى قوله : ففاضت دموع العين مني صبابة على النحرحتى بال دمعي محملي فالشاعر في هذه املقدمة قد بكى واستبكى ،و وقف شطر ،فهذه املقدمة التي تمتلئ بآيات واستوقف في ٍ الحزن اإلنساني في أصعب مواقفها على الشاعر؛ وذلك ُ ألن « العودة إلى املكان الذي ت ِرك ،واملنزل الذي ُه ِجر، عودة إلي بسيل من الذكرى املؤملة ،ملا فيها من تغمره ٍ ٍ وعيش رغيد « أليفة ، ماض حبيب ،ووجوه ٍ ٍ ٍ فالشاعر يقف على بقايا الديار ،ويطلب من صاحبيه( ) الوقوف إلى جانبه في هذا املوقف الصعب ؛ ألنه يبكي حبيب قد رحل ،ودار قد درس ،وذكرى قد فات وقتها وانق�ضى وأجلها ،كل ذلك يبعث الحزن في نفس الشاعر ،فال يتمالك نفسه وتنهمر منه الدموع انهمارا ، « فالبكاء استجابة تلقائية ملا يبعثه الطلل من شجون في النفوس العربية ،وكأن املكان آية استحضار تفعل فعلها
30
املباشر في النفس دون واسطة « بنية الطلل : إذا تحدثنا عن بنية الطلل في املعلقات كإجراء تمهيدي للدخول على الظواهر املعنوية املوجودة في أبياتها ،نجد أن أطالل محبوبة امرئ القيس تقع بسقط اللوى هذا املكان الذي يقع بين أربعة أمكان تحيط به كاآلتي :
شكل البنية الجغرافية لطلل في وقوف امرئ القيس هذا عن األماكن الجغرافية ،ولكن لو حاولنا أن نحدد بنية الطلل من خالل األلفاظ التي تدل على الطلل أو على �شيء من مشتمالت هذا الطلل نجدها كاآلتي :
شكل بنية الطلل في وقف امرئ القيس كل هذه املسميات املختلفة للطلل تؤكد لنا كيف سيطرت حالة الطلل وخرابه على عقل الشاعر ،وبعثت من أعماق نفسه ذكريات بعيدة . وإن كنا قد حددنا البنية الطللية وبعضها يحيل إلى أماكن جغرافية واقعية ،فإن ذلك ال يعني أننا ننساق إلى تحديد مواضع تلك األماكن كما يفعل الجغرافيون ،إنما هذه أماكن ينسب إليه الشعراء مكانية التجربة ،لكن ال نفسرها بأنها واقعية ،كما انطلق فريق الواقعية الذي درس الشعر على أنه ديوان العرب ،الذين يبحثون في
الشعر عن تحديد للمواضع ،فتاهوا جغرافيا وضاعت الشعرية معهم ،واضطربت األماكن ؛ألنهم أخذوا الشعر وثيقة تاريخية جغرافية لتحديد األماكن ،كما اضطربت القصيدة لديهم ؛ ألنهم اتخذوا من علم الجغرافيا مرجعا يحاكمون الشعر عليه ،وأغفل هذا الفريق أن الشعراء « واد يهيمون ،وأنهم يقولون ما ال يفعلون « . في كل ٍ ولذلك يمكننا القول أن األماكن التي يستعملها الشعراء تتحول إلى لغة فنية مغايرة للواقع ،يصور بها الشاعر تجربته الخاصة عن طريق الخيال الفني ،وهذا الخيال هو القادر على الجمع بين املتناقضات وتحقيق التوازن بينهما في خلق أدبي جديد « ينكسر فيه الحاجز الذي يبدو عصيا بين العقل واملادة ،فيصبح الخارجي داخليا ،والداخلي خارجيا ، وتتحول الطبيعة إلى فكر ،والفكر إلى طبيعة ،وهذا موطن السر في الفنون «( ) ،فهذه « األماكن ليست واقعية ولكنها أماكن شعرية بل قد أذهب إلى أبعد من ذلك ،وأقول إنها أماكن أسطورية قد تحولت من خالل مخيلة الشاعر وآليات املجاز الشعري إلى عالم خاص عالم غرائبي «. ولذلك سنحاول تحليل الجانب العاطفي ،من خالل الداللة النفسية الداخلية للذات الشاعرة ،وكذا تحوالتها املزاجية ً استنادا إلى املعجم الداللي العاطفي في املقدمة وذلك الطللية ،غير أن املعجم العاطفي وحده ال يكفي إلجالء الداللة وتوضيحها ،ما لم نبحث عن تلك الصيغ املنبعثة من الذات االنفعالية _ أي وقت االنفعال _ و هذه الصيغ « هي كل ما يشير إلى النشاط الذاتي لوضعية الخطاب ،ويعني أننا نتعامل مع الخطاب كفعل ،وتكون العبارات العاطفية فيه ً جزءا هاما من مكوناته « فالعاطفة :هي « حالة النفس ،ويمكن أن تمثل في شكل معجم انفعالي عاطفي منها أسماء كالرغبة ، le désirوالحب ، l'amourوالغيرة ،La jalousieوحيث يمكن أن نجد أيضا ألفاظ أخرى من املدونة الجماعية تدل على العاطفة ، أو امليل إلى ال�شيء أو الشخص كاالنفعال ،والشغف أو اإلحساس والتوتر ،وهي مشتقات من أسماء العاطفة « وبذلك يمكننا القول أن الوقوف على األطالل يشتمل على ظواهر معنوية كل ظاهرة معنوية تحتوي على عاطفة معينة ،وأهم الظواهر املعنوية التي يشتمل عليها الوقوف على األطالل هي: ظاهرة الحزن : وظاهرة الحزن عامة في كل الوقفات الطللية ؛ ألن ماض حبيب ،وحبيب جميل ترك املوقف يستدعي ٍ املكان ،فتحول املكان _ الوطن _ إلى خراب ودمار ،كل ذلك يستدعى الحزن من الشاعر ،وسبب هذا الحزن هو ً الحب للشخص (الحبيبة ) أو املكان (الطلل) ،وشوقا إلى تلك األيام التي انقضت( أيام اللقاء) . يتبع
يناير 2021 -م
يبكي على السطر حرف
الشعر مملكـتي ُ
سدرة أحمد محمد -سورية
يبكي على السطرحرف ّ قده َ نصبي كأن مسا من الشيطان أمسك بي ماذا تخط حروفي من ضنى وجعي اذا تنفست آيات من التعب َ انس الذي قلته في ليلة غرقت ََ العتب فيها العيون بأنهارمن إن القوافي طيور الشوق تعشقها لذا تفيض بأنغام من الطرب رغم الفراق الذي في القلب ارقني مازلت في شغف أهوى ولم أتب أهواك يا وجعا يسري بأوردتي لم أدرأن الهوى يأتي مع النصب اصفح عن القلب واسمع نبض قافيتي ال تجعل العمريم�ضي في لظى الغضب فامسح بكفك واصرف ما يؤرقني قد اكتفيت بقلب مثل طهرنبي اني بضلعك قد عانقت ناصيتي فارفق بعيني التي تهواك عن كثب تلك العيون كألغام مفخخة وكم يهيم بها َج ْمع من العرب
رنا رضوان -سورية
َ َ خلي ُة القلبُ ... ّ الح ٌّب والكـد ُر ِ ٌ َ اشتياق ُي ُ القلب أو َس َه ُر ضيم وال ُ الوفاء من الدنيا وغادرها مات ُ َ ّ ماله أث ُر الغدرحتى كثرة من ِ ِ ُ ُ ُ ٌّ من من ذالن والحب أرهقه الخ ز ٍ يبق ُ لم َ ُ ُ ْ منه سوى والص َو ُر األشباح ً ُ تحت ُ منه ُ ..أنام َ الليل هانئة فار بال دموع من األشواق ُ تنهمر ِ ٍ َ ُ ُ والشعرمملكتي أعيش في عالمي ٌ ُ ُ تزدهر كأنه روضة بالور ِد ُ املشاعرأضحى شيمتي وبه ضبط ِ َّ ْ ُ ينتصر القلب إذ ما َرف عقلي على ِ َ ْ فدع ُف َ صرت ُت ُ رسل لي ؤادي يامن ً ُ ُ ُ والحجر الصخر قوال ِبه قد يلين ً ُ لست راغبة فاحذرمن الشوق..إني وال ُأ َ يدك بالنيران تستعرُ ر ِ
31
يناير 2021 -م
سخنني
نفحات شامية
إشراف /مقبولة عبد الحليم
طودا وقفت
يا أيها اإلنسان
مقبولة عبد احلليم
يوسف مفلح الياس -فلسطني
َ ٌَ ُ ُ إكرام شوة القرب ِمنها ن ُ والبعد َعنها َّ غص ٌة ُ إيالم هي خافقي َ هي ُمقلتي َ َ هي ُمهجتي ُ أضلعي َس َك ٌن لها َو َم ُ قام في ً ُ ْ بأن ُي َ ديم مليكة ّربي سألت ُ ُ األعالم يتسابق بمديحها ِ ً َ ُ ّ صرها ما كنت إل خادما في ق ِ ُ لست َوحدي ُك ُّلنا ُخ ّد ُ ام ال ُ َ َ ُ الجليل جمالها مأل املدى تاج ِ شاعريكفي وال ّ رس ُ ٌ ام ال ً ُ بدرا ُي ُ سخنين يا ً طارد عتمة ُ َّ األحالم تتجس ُد برحابها ِ ُ َ ً ً للمجد يرفع بيرقا يا موئال َِ يطيب فيه ُ ُ فوق كالم النجوم ِ ِ ُ َ َ البغيض وال األذى ال تعرف الحقد ثغرها ّ بس ُ ٌّأم ٌ رؤوم ُ ام ٌ ُ ٌ سخنين تاريخ وسيف ما نبا الطفل فيها ّ سي ٌد م ُ ُ قدام ِ ٌ شديد ُ ٌ بأس ُه شعب بديارها ِ ّ ُ سأل امللوك ر ُ ضاه ُ والحكامُ َ ِ ُ ٌ ٌ شرف ٌ ونور ساطع أفعالها ْ ّ ْ أشرقت ّأي ُ ام ومتى أطلت َ ً ُ ُ سخنين باسمة تالقي ضيفها َ ساحتها عليه َس ُ من َ الم جاء ِ
32
ّ رثاء لإلنسان الحر المخرج حاتم علي
من ّ العروبة قد َسقيتا أنهار أي ِ ِ ِ َ هامة َ واحت ْ َ َ َ فيتا للعطا�شى ماء الش ِ َ ً روبنا طودا وقفت على فلو ِل ُه ِ تصه ُل إذ َ ْ ُ انتخيتا أتك قد والخيل َ ر ُ تشتاقه ُ يا ً ساح الوغى فارسا كنت الذي ْ أنخي َتها لتقو َل َ -ه ْيتا ُ غربة أمي فلسطين التي من ٍ ُ َ تبكي دماها ً وتصيح -ل ْيتا- حاتما
ابتسام البرغوثي -فلسطني
ُ قلبي ُّ اإلنشاد يحب وشيمتي َ نادوا األحبة يا أحبة نادوا ّ استفز ّ تجهمي ما غائرالروح غورا فالهوى ُ لو زاد ً يزداد ٌ ً مالمحا في لحظها سئمت إني َ ُ ك َد ٌر تطاول وافترى الجالد ّ تب الذي َ حمل األمانة وانحنى ّ ٌ أمانة ُ وبالد أنى تضيع ُ اإلنسان في معناك ٌّ سر يا أيها ُ ّ ٌ ووميضه وق ُاد مدهش الندي ُة ال َي ُّ َي ُدك ّ شد نقاؤها ُْ ُ َّ َ أحقاد وزر َبطن ُه حمال ٍ ُّ ُ ّ ُ كل ك َو ْيكب فيك الترفع مثل فاصعد بروحك أفقها ُ ترتاد أنت الذي فيك اإلله ُ ونوره ُ فمجدك ز ُاد َد ْعهم ومهواهم
يناير 2021 -م
ُ ُ غصون ـ غصون المطر
روايـة
احللقـة ()4 أ .علـي األميـر *
الجهات الذّ ابلة ال ُتوقِ ُظها الشمس.. ُ كل منا الغريب.. الصوت ذلك لدوي ماعنا س نظر ّ ّ عِ ْن َد َ َ رعدا ،ال ُتوجد في وجه اآلخر بفزع! ال يمكن أن يكون ً الرعد ال قيظ هذا النهار حتى سحاب ًة واحدة .. ُ صوت ّ في ْ ارتفاعا. دويه الصوت ْبث أن ينقطع ،وهذا يل ُ ُ ً ُ يقترب ويزداد ّ وب بعضنا بهلع، ندور نهضنا حول ْ ُ ُ َ ونحن ُن َح ّدق َص َ الجهة التي يأتي منها الصوت ..فجأ ًة ظهر في البعيد يتحر ُك أبدا، كبير جس ٌم نر مثله ً أمامنا ْ ّ ٌ ٌ وغريب لم َ اقترب م ّنا حتى لم يعد يفْ صلنا عنه بسرعة, باتجاهنا َ سوى مئات األمتارْ ،أم َس َك معوضه بيدي ,وانطلقنا نركض باتجاهِ القرية. ُ وجدنا أهل القريةِ وقد خرجوا فور سماعهم للصوت, ْ وتعالت أصوا ُتهم واحتشدوا على مشارف القرية، ْ وضحكا ُتهم ،مبتهجين برؤيتهم لذلك الجسم الذي بعيدا عنا ..حتى ( امحاتم) كان بين المتجمهرين، صار ً َ أصوات العارفين بدأت الناس.. من ة عاد ينفر ً ْ ُ وهو الذي ُ سيارة .. تعلوْ ، ْ سمع ُتهم يقولون ّإن ما رأيناه لل ّت ّو ُي ّ سمى ّ يرد بذلك العجوز شايع ُ يؤكد أنه قد رأى مثلها في مكةُّ ، على جارنا عبده امعلي الذي قال « :امسيارة ما تكون كبيرة بهذا الحجم» .وزاد حسين امصم « :امسيارات ما هي سوى ،بعضها صغيرة وبعضها كبيرة ,والكبيرة يحملون فيها بضايع ,اسألني أنا عن هذي من اللي ّ امسيارات». قال لهم شايع « :هذي السيارة أكبر بكثير من اللي أجا قيلن طايرة ّام ْص ِري ترمي فيها اإلمام البدر عندنا ,يوم ّ مستنكرا« : امعلي عبده على قرية امجابري» .سأله ً سمعت دراك إ ّنها طايرة امصري»؟ قال « :أنا ُ َ وانت ما ّ البدر بأذني ,وهو يقول لو سلمنا من امطيار ّامصري كان ما علينا خوف ..هاه تقدر تقول البدر كاذب»؟! قال حسين امصم « :ال عبده امعلي وال غيره يقدر يقول اإلمام محمد البدر كاذب ,هذا ابن اإلمام أحمد (يا يلحقه بمعرج راعي امبل».. جناه) ملك اليمن ..وهللا ّ وراعي اإلبل هذا ,كان اسمه األصلي ّام َز َّيد ,يقولون لم أعرجا قبل مجيء البدر ,ولو أنه انحنى للبدر وهو يكن ً ِ سوء لكن جله, ر رت س ما الناس, فعل كما عليه ّم يسل كُ ْ ِ ّ َ نفس ُه أد ِبه وجهله قد أثار حفيظة البدر ,ليجد الراعي َ في اليوم الثاني بساق واحدة ,ولم تكن الصخرة التي زل ّْت سبب ليس إالّ. به قدمه عنها إال َ مجرد ٍ لعلّها سيرة البدر هي التي فتحت شهية امحاتم للحديث في ذلك اليوم ,إذ سمع ُته ألول مرة يتحدث أمام الناس قائ ًال « :أنا سمعت في امرادي حقّ ي ّأن الثورة انتهت خالص ،وأمس أعلنوا الصلح بين الملكيين قد ْ مستعرضا « :يقولون هذي والجمهوريين» .ثم أردف ً أطول ثورة يا جماعة الخير ,ثمان سنوات! يقولون من عام 1962إىل عامك هذا .»1970 الصغار الذين هرعوا باتجاه انطلقت أجري َ ُ خلف أولئك ّ أثرها األرض على وجدنا السيارة، منه مر ْت المكان الذي ّ َ
والممتد بطول األرض في خطين متوازيين، الم َن ْم َنم, ّ ُ مكبين بوجوههم على األث ِر, كبهم، ر على يجثون رأي ُتهم ُ ّ رائحت ُه ..عند عودتنا كنا نهتف « :يعيش محمد يشمون َ ّ البدر يعيش ..يعيش محمد البدر يعيش». قطعت ُه السيارة ..لم لم أكمل مع معوضه حديثنا الذي ْ الموت حتى يعلّمني لماذا نحن نخاف من ربي, هله ُ ُي ْم ُ فقد وجدتني في اليوم الثاني أسير خلف الغنم مع أبي بدل من معوضه ،إىل أن التقينا بأحمد امهادي ،الذي طلب ً يضم غنمنا إىل غنمه ،وقال لي « :راشد ,كُ ْن أن أبي إليه ّ معه وانتبه لغنمك ،وإياك يجيني أحد يشتكي منك». ُ
جدا ،أ ْوغَ لْنا فيهِ بعيدا نهارا ً ً جدا ،وطوي ًال ً مختلفا ً كان ً الغ ْرب ,حيث تقع جه ّنم ..لكنني لم أشعر باتجاه َ الكثير من الرعاة مع أغنامهم, انضم إلينا بالخوف ,فقد ّ ُ بعضهم من قرى ُأخرى ال أعرفهم ,حتى امحوسا انضمت إلينا ،وحدها ُح ْسن ,األخت الكبرى لغصون ,لم ّ ِ تأت معنا ,رأيناها من بعيد تسوق أغنامها باتجاه الشمال, دائما ُح ْسن ترعى لوحدها. ً سمعت عن فتاة جميلة ,في حكاية من الحكايات كلما ُ تقضي وقت ًا طوي ًال تحت تخيلتها ُح ْسن ،رغم ّأن ُح ْسن ّ ّ الشمس ترعى الغنم ،إال أ ّنها ظلت محتفظة برونقها ثت وبهائها؛ بيضاء كالقمر ,وزاهية كوردة .وإذا تحد ْ ّ
تتحد ُث كاألميرات ،مبتسمة على الدوام ،تعرف كيف ّ أي لون ترتديه ُح ْسن تلبس ،وكيف ُ تلفت األنظار إليهاّ ، يصبح هو اللون األجمل ،بسبب جسمها الفاتن وقامتها من َح ْت ُح ْسن ذلك الحضور الطاغي. الفارعة ،أشياء كثيرة َ تفردها عن كل بنات القرية ،تعي تمام ًا أنها ُح ْسن تعي ّ المحسوم، الص ّد غير ُ األجمل ،ولذلك َب َر َع ْت في أساليب ّ ضدها، تثي َر حفيظة أحدٍ ّ والرضى غير التام ،دون ْأن ْ غريب ,وليس من أهل وأل ّنها تعرف ّأن أباها منصور ٌ ذاتِ المسافةِ كل مع ها, على تقف القريةَ ,ع َر َف ْت كيف ُ َ ّ من كانوا حولها ..سلوكها الذكي ,هو الصفة الوحيدة التي لم تأخذها عنها أختها غصون ،غصون المطر ,التي لم بأفول شمس ُح ْسن. يكن ظهورها المتأخر إال إيذانا ِ قادنا أحمد امهادي إىل مروج خضراء بامتداد البصر، يصدق ّأن هذا واد غَ ْيل ُُه ال ينقطع ..من تطل على ٍ ّ سمى َجه ّنم!! ي عيم ن ال بلون وهو الخضرة, المكان الدائم ّ ُ ّ خفت في البداية عندما سمعتهم يقولون إىل جه ّنم ُ اليوم ..لكن خوفي هذا تالشى بعد وصولنا جه ّنم, طويل أطارد الطيور، وقتا المكان الذي ً أمضيت فيه ً ُ دأبت وجدت الكثير من بيضها المنقرش ,الذي وقد ْ ُ على وضعه في َم َد ٍاح تحت الشجيرات الصغيرة ,هكذا فراخا صغيرة قد برزت بطونها بال أعشاش، ووجدت ً ُ العارية ،واتسعت أفواهها الصفراء ,وكلما َش َع َر ْت بحركة حولها ,انتصبت رقابها وفتحت أفواهها تتنتظر من واحدا منها تغ ّوط فوق يدي, حملت يطعمها .حين ُ ً مأخوذا بأصواتها الخافتة, فاكتفيت بالجلوس أمامها، ً ُ وحركاتها البلهاء. فتجمعنا انتصف النهار ،واشتدت حراة الشمس, ّ حكايات كثيرة ،وأنا انداحت تحت أثلة كبيرة ،وهناك ْ ٌ مصغ باهتمام بالغ؛ سمعت من محمد ياسين حكاية ٍ قصبة الجلجل ،تلك البنت الجميلة التي كانت ترفض ُخ ّطابها ,ومن ضمنهم الساحر الذي رفضته فح ّولها إىل كلبة ,كانت في النهار كلبة ,وفي الليل تعو ُد فتا ًة جميلة ,إىل أن اكتشف أمرها ابن العجوز التي كانت في بيتها ,فعالجها ثم تزوجها. امنباش ذا األرجل السبع واأليادي ُ وسمعت حكاية ّ حمدان .وقبل أن السبع ،وحكاية شهربان مع أخيها ّ يسمعنا يا جراده نغادر الظل ,قال أحمد امهاديَ :من ّ عراج ُيسكّ ُت الجميع ،ثم صدح جراده؟ فاندفع أحمد ّ ينشد بصوت حزين: حطي راسك مراده يا جراده جراده ّ .. في طريق الحديده ..والحديده بعيده فيها عسكر جديده ..يضربون بالحديده يا أمير يا أمير ..طول هللا شبابك النجوم والثريا ..يلعبون تحت بابك جيت شالعب معاهم ..شربقنّي كالبك
يتبع في االعداد القادمة
33
*شاعروناقد وروائي سعودي
استطالع
يناير 2021 -م
كحالة إبداعية..كيف يعيشه الشعراء..؟!! الجنون ٍ في ضيافة شعراء لم يتبعهم الغاوون!!..
استطالع/ أحمد النظامي
وأنــا أدلــف عتبــة هــذه المــادة االســتطالعية أرتشــف مــن مجموعتــي الجنونيــة المخطوطــة «هذيــان المــاء» هــذه القطــرات: كتبت الشعر إيقاعًا وحرفا يقربني إلى عينيك زلفى وأدمنت الجنون أنا وشعري ألقسم كعكة األحالم نصفا علــى أيــة حــال ظهــرت العديــد مــن المصطلحــات المعبــرة عــن فوالذيــة الكلمــة وجاذبيــة اإلبــداع؛ لتمنــح المنتــج الشــعري ُبع ـدًا آخ ـرًا ومــدارًا جدي ـدًا للتحليــق واقتنــاص عرائــس المعنــى وحوريــات الصــور. ويأتــي الجنــون أولــى العناويــن الملفتــة فــي هــذا الســياق بــكل جبروتــه وســيميائيته ليحتــل مســاحة كبيــرة فــي حيــاة الشــعراء قديمــً وحديثــً؛ غيــر أن العصــر الحديــث منحــه صبغــة ونكهــة حتــى لتــكاد تحــس أنــه ســيجعل منــه مدرســة وظاهــرة جديــدة للكتابــة. لغوية /إصطالحية /فيزيائية مشبعة باإلبداع... ترى كيف يعيش الشعراء ظاهرة ومصطلح الجنون كحالة إبداعية؟! ٍ وما إنجازهم الجنوني الشعري في سياق وجع الكتابة ولذة الحرف؟ كيف يقرأ الشعراء هذا املصطلح الجميل..؟! هذه التساؤالت وغيرها تشرفنا في مجلة أقالم عربية أن نتراشق حروفها مع نخبة من كبار الشعراء واملبدعين في الوطن العربي ..إضافة لبعض الدماء الشابة والصاعدة.. الخالصة في سياق هذه املادة االستطالعية:
وبالتالي فالجنون كحالة إبداعية ظهر وبقوة في نتاجات الشعراء الشباب بصور وتجليات متعددة ً ابتداء من عتبة النص إلى البنية اللغوية وكل مفاتن القصيدة بفنتازيا باذخة الجمال ..فتارة نراه في املغايرة ومخالفة املألوف مع االحتفاظ باألصالة، وتارة يتجلى في توظيف املفردات بعصرنة ونحت لغوي وتعنقد سريالي يشفطك من األعماق. ً وعالوة على القول فإن هذه الحالة اإلبداعية برغم تجذرها منذ بزوغ فجر األدب العربي إلى اليوم؛ ً رمزا للقوة الخارقة ً ورمزا فإنها تعتبر للشاعر املتمكن من هندسة معمار القصيدة بطريقة مغايرة.. ً نلحظ أن الجنون أصبح معيارا للتميز..فحينما يتمكن شاعر ما من الخروج إلى دائرة الضوء وتحقيق هدف كان من سابع املستحيالت تحقيقه يطلق عليه «مجنون» وهكذا يتموسق الجنون في نوتات متعددة تزيحه عن معناه التقليدي «حالة عقلية» إلى آفاق ومدلوالت وتعريفات د .دليلة مكسح
34
«بالجنون نتحول إلى كائنات ضوئية..نتعرى جماليًا.. ننبت باألسئلة ..نتجاوز المكرر والروتيني» د .دليلة مكسح -الجزائر
تحدثت بلغة شاعرية تموج بالتمرد الجميل والدهشة والبهاء الشاعري؛
لتكشف عن مدائن البوح املعتق بتعرجات خلف خطى الشمس: الجنون كحالة إبداعية ،هو في عمقه حالة وجودية خاصة ،تتملكنا من حين آلخر ،فنلتبس بها دون سابق إنذار ،ونتحول أثناء حلولها إلى كائنات ضوئية شفافة ،قد ينتج عنها حضور لغوي مكثف ،فنتعرى ً ً ً ً فيه نفسيا وفكريا وجماليا ،بعد أن تغوص بنا عميقا في داخلنا ،ومن ذلك الداخل نمتطي مراكب املغايرة واالختالف ،ونهش الرتابة والسكون ،ونكتشف حقائق مزهرة في داخلنا وفيما حولنا أيضا. هذا الجنون نعايشه باستمرار ،وليس بالضرورة أن ينتج عنه نص شعري كل يوم ،ولكنه يجعلنا نعيش حاالت شعرية بلغة مختلفة ،قد تكون لغة لونية ،أو شمية ،أو مرئية ،أو ملسية ،أو سمعية ،أو لغة ال اسم معان ال ِق َب َل لها ،وال حصر لصفاتها ،سوى أنها تمنحنا ٍ للحروف أحيانا للتعبير عنها ،وهذه املعايشة تجعلنا َ أحياء بكل معنى للحياة ،وتجعل داخلنا َم ْرك ًزا تلتف في مداره كواكب الصفات واالستعارات والتساؤالت التي نحيا بها ،وتحيا بنا أيضا. أما عن سؤالك عن إنجازاتي على مستوى الحضور
استطالع
ومن هنا ربما يمكن فهم مواجهة األنبياء -وهم الجنوني الشعري: للجنون بالتأكيد ثماره ،التي تجلت في ديوانين أعقل الناس -من أقوامهم بالجنون وهي التهمة األولى ُ ُ الجاهزة التي كانت تطلق عليهم ،ومن هذا الباب تفهم شعريين« :تعرجات خلف خطى الشمس» ، “وقناديل معطرة بحبر النبوة” ،وديوان قيد املغايرة للمجتمع وللمألوف السائد في العقيدة وفي ُ املراجعة من أجل الطبع“ :زكاة الروح فيافيها” ،املجتمع ،ولكن هذا املفهوم وهذه املواجهة ما تلبث ونصوص متناثرة على صفحتي الشخصية في أن تتال�شى مع املؤمنين الثابتين واملعجزات واألدلة املؤيدة للرسل. الفايسبوك. كيف تمارس جنون الحرف وكبرياء الكتابة في ولكن ما شأن املفهومين اآلخرين؟ نبدأ (بالخفاء) وهو من َّ (جن /جنن) وكل ما اختفى فهو يحمل تلك تطوير النص ومخالفة املألوف؟ َّ والجنة ،والجنين ،والجنّ َّ ال أمارس الجنون ،ولكنه هو الذي يمارسني ،حين الداللة (جن عليه الليل) ِ تتملكني مشاعر غير واضحة املعالم ،وكآبة منذورة وكل مستور مخفي عن العين. ولكن ما عالقة الجنون به؟ ربما تأتي العالقة من ألفق ما ،منظورة من ِق َبلي لعلها تلد قصيدة ،لذلك تجدني أستشعر القادم بنوع من السرية ،والخوف أنه غير ُمدرك في حقيقة ذاته وفي ماهيته ،فهو َخفيُّ من أن أفلت حبله ،فتخيب روحي من جميل كان وإن ُعلمت آثاره لكنه غير مدرك وغير واضح في ً سيأتي ،ويمنح الحياة ُبعدا مختلفا ،وهو ما يجعلني طريقة عمله .وكذا املفهوم الثالث (العنفوان) وهو قلقة باستمرار ،أتوجس خيفة من نصوص قادمة أمر يرتبط بالتدفق والقوة العنيفة التي هي جزء من من أصقاعي ،قلقة من أن تقول ما لم أستطع قوله ،حقيقة هذا الجنون في مواجهة الثابت املستقر ،وربما َّ وقلقة من أن ال أكون بقدر عنفوانها وصدقها؛ وهي يقود هذا العنفوان إلى أن يتجلى ويظهر في صورة من صور (القلق) ذلك القلق املنتج: ستكون قد مرت بأكوان رؤيوية بعيدة قلق السؤال ،وقلق البحث ،وقلق متمركزة في نقطة ضوئية خفية، ْ التجديد ،وقلق االختالف وغيرها من تسربلت بكل معاني لتخرج فجأة وقد أنواع القلق اإليجابي الصحي ،وليس الوالدة الحقيقية ،تلك الوالدة التي ّ املر�ضي. القلق تكون بمثابة املحطة األخيرة لرحلة ولسنا بصدد التأصيل اللغوي بعيدة الغور في عالم خفي. للجنون ،ولكنا نتحدث عنه ونقاربه «الجنون..اإلمساك بجذوة بوصفه -كما في سؤالكم -حالة اإلبداع ..والمغايرة والالمألوف»!!.. إبداعية. الشاعر والناقد العربي الكبير ربما يكون من أبرز الكتب في العصر الدكتور /إبراهيم أبو طالب د .ابراهيم أبو طالب الحديث التي تعرضت للجنون كحالة بلغة شاعرية ،وطرح أكاديمي ٍ إبداعية ودينية واجتماعية هو ما التأصيل إجابته في استعرض عرض إليه املفكر الفرن�سي «ميشيل فوكو» في كتابه ً اللغوي لهكذا مصلطح ،مشيرا ًإلى بعض املؤلفات و الشهير (تاريخ الجنون في العصر الكالسيكي) -وهكذا اإلهتمامات في هذا السياق..الفتا إلى إيضاح املقصود ُترجم عنوانه -وقد َ درس فيه طبيعة العقل والجنون ِ ً ً بالجنون اإلبداعي وليس العقلي ..نتابع: مؤكدا أن ثمة عالقة بينهما ،وكل فرد فيه نسبة معا ومجنون! هذا موضوع طريف وعميق من الجنون تنقص أو تزيد ،وبضدها تتضح األمور. أقدم منذ البشري العقل والجنون مما انشغل به ولكنه ركز على حاالت معينة من الجنون لدى العصور ليستجلي حقيقته من ناحية وليقف على العباقرة من الفالسفة واألدباء والشعراء مثل : َّ ماهيته من ناحية أخرى ،وال شك بأن الجنون في نيتشه ،وجوبا ،وروسو وجيرار ،وبتهوفن ،وفان أصل مادته اللغوية ذات الجذر الثالثي (ج ن ن) تدور جوخ وغيرهم. معان في دالالتها الكبرى وفي عموم معناها في ثالثة ٍ وهذا هو ألصق بموضوع استطالعكم الذي أظنكم يمكن حصرها في :الخفاء ،واملغايرة، والعنفوان .تبحثون فيه عن طبيعة الجنون اإلبداعي ،وليس عن ّ إلى ي املتشظ املصطلح وهي دالالت ال يخرج عنها هذا ِ طبيعته الصحية أو النفسية ألن لذلك ميدان آخر. ويبدو متعددة، وصفات وصف حاالت كثيرة وإلى ٍ وربما يكون (الجنون) سمة لصيقة باملبدعين في آفاقها يعطيها الذي هو اللغوي أن هذا التأصيل املتميزين واملختلفين ،وقد يطلق عليها البعض ُّ ُّ ُ حقيقة تمثلها ووجودها؛ حيث يعد أي عمل يحمل (لوثة املبدعين) وربما تشاهدها في بعض الشعراء صفة املخالفة وعدم التوافق مع محيطه االجتماعي عندما يأتيه الشعر ،فكأنه انتقل إلى مرحلة بين ُّ أو جنون بأنه واالستساغة والقبول ع التوق عدم أو الوعي والالوعي ،وربما اعتقد املتابع أنه فارق واقعه مجنون. عمل ولو لوقت الكتابة أو اإلبداع -على األقل -الذي قد
يناير 2021 -م
يطول أو يقصر بحسب الشخص املبدع ،لكنه حالة واعية يختلف عن املرض العقلي أو املفارقة للواقع تلك املفارقة التامة ،ولكن وهنا يبرز سؤال مهم: هل املجنون املفارق للواقع يدرك حقيقة جنونه؟ حتى نقارن بينهما؟ وهل فعال الجنون ينتج إبداعا ً حقيقيا؟ ،وهل هو يستلذ ذلك الواقع اآلخر ،ألم يقل َّ املجنون (املحب العاقل/قيس بن امللوح) ،وهو يتلذذ بتلك الحالة ،وكأنها مقصودة لذاتها: «أصلي فما أدري إذا ما ذكرتها ...اثنتين صليت الضحى أم ثمانيا؟! وما بي إشراك ولكن حبها ...وعظم الجوى أعيا الطبيب املداويا».. فهل الجنون والغيبوبة اللذيذة التي لم يطلقها قيس على نفسه ،بل ُرمي بها ،هل هي فعال جنون أم ادعاء للجنون؟ وهل كان قيس شخصية حقيقية أو خيالية كما يذهب إلى ذلك طه حسين. وملاذا هذه التهمة بالجنون؟ كل ذلك وغيره يثير سؤال الجنون الواعي وجنون اإلبداع الذي ال يجزم أحد بحدوده الفاصلة وال بحقيقته املاثلة. ومن هنا فإن ظاهرة الجنون لم تكن باألمر ّ الهين ِ وال بالعابر في تفكير الناس وال في مؤلفاتهم فما أكثر ما اعتني املؤلفون بهذه الحالة ،بل والدليل عليها في تراثنا العربي وجود عناوين كتب كثيرة منها على سبيل املثال( :عقالء املجانين) البن أبي األزهر وكتاب بالعنوان نفسه للنيسابوري ،وعقالء املجانين واملوسوسين للضراب ،ومجانين األدباء ألبي سهل الحلواني ،وغيرها. بل وم�ضى الباحثون – بوصفه ظاهرة -في دراسته وتقسيمه إلى عصور ومراحل زمنية مثل دراسة (الحمق والجنون من الجاهلية إلى أواخر القرن الرابع) للدكتور أحمد خصخو�صي .ودراسة (خطاب الجنون؛ الحضور الفيزيائي والغياب الثقافي؛ االستبعاد والنفي) للدكتور أحمد علي آل مريع ،وهو رسالة دكتوراه وفق املنهج الثقافي. كما َّ قدم الدكتور عبد الرحمن بدوي كتابه (شخصيات قلقة في اإلسالم) تناول فيها ثالث شخصيات وأعالم هم :الفار�سي ،والحالج، والسهروردي)، وهنا وسمهم بالقلق ،وهو ملمح ذكي في وصف التميز واملغايرة والخروج التي كانت ً أيضا -جزءا منإبداع وشخصية املتنبي ألم يقل :على قلق كأن الريح تحتي ..أوجهها ً جنوبا أو شماال. ومن وجهة نظري أن املتنبي كان مدركا لحقيقة ٌ مؤمن بإبداعه واختالفه وتميزه ولهذا قلقه كما هو َّ لم يكن قلقه أو جنونه -إذا تجوزنا -أو تنبؤه بعيدا عن حالته اإلبداعية ورافدا لها والدليل في هذا البيت هو وعيه بهذا القلق -بوصفه مرحلة من مراحل العفوان -واإلمساك بزمامه إذ هو من يوجهه جنوبا
35
يناير 2021 -م
استطالع ً ً والتعلق بها بارزا جدا في حياة الشاعر ما قبل اإلسالم ،والهيام بالقضية والهيام بالحياة ،واألمثلة كثيرة التي نقلت لنا مجانين ،هاموا في رؤى عن شعراء ّ امللوح الذي ّ حب األرض ..فقيس ابن ُ ليلى وشغف بها ،وراح يكتب األشعار في كل مكان ،وعنتر وعبلة وجميل حبيب بثينة ّ ،والكثير من الشعراء استطاعوا أن يخلدوا عالقات...
أو شماال فهو الفاعل والقوة في يده والسلطة له، ولو كان العكس لكن مفعوال به وضحية ،وهنا يكون الجنون الذي ال ُينتج ،بل يكون هو النكوص ،واملرض الشاعر القدير /خالد الضبيبي واالستالب. بلغة تحدث عن هذه الخاصية ٍ النشط الفكر هو اإليجابي والجنون القلق ولعل مشبعة بالتوهج حيث قال: ّ ً ُ ِ واملتجدد الذي ال ينافي اإلبداع والتفكير املنطقي املبدع مجنون ،دائما ما يرافق كلمة ونار اإلبداع بجذوة واإلمساك الحقيقة عن والبحث اإلبداع صفة الجنون ،في كل زوايا «بروميثيوس» تلك النار التي ترى األساطير اليونانية اإلبداع ترافق هذه املفردة االشتغال أحقية اإلنسان بها ولو كان ذلك غصبا أو اعتصابا من اإلبداعي وكأنها معادل موضوعي اآللهة ومخالفتها. لفكرة اإلبداع نفسه ،والذي معناه آية ضياء “جنوني شي ٌء وعشرون شوقًا” ّ ّ برؤى تاريخه عبر املجنون الناس وقد رأى التفرد والتميز في تأدية نمط معين من الشاعرة العربية /آية ضياء القديس معاملة يعامل املجنون كان فقديما متعددة، ّ األنماط الفنية ،سواء كان في املجال (الدرويش) وكانت الكنيسة تنظر له باحترام ألنها الكتابي ،أو حتى في املجال التقني الرسم والنحت أتت لنا بالقطوف التالية: الشعر ..هذه الحالة الفريدة التي يمتاز بها مبدعوها تعده صورة من صور اآللهة ،وربما يظهر ذلك األمر والتمثيل . في مسرحيات شكسبير ،في مسرحية امللك لير الذي نستطيع تعريف الجنون بأنها حالة إبداعية يمر وإن صح القول مجانينها ،وأختص بالذكر هنا من َ بمشاعر أصيلة ربما يقا�سي فيها أو أصابه الجنون ،بل وفي أكثر من مسرحية مثل (ماكبث) بها الفنان ؛ كي يحاول الخروج عن النمط املتداول يعيش الشعر ً ًّ ً إبداعيا تجاوزت املسرح إلى الرواية العادي إلى التفرد ،فهو يسعى إلى تحقيق هذه الحالة يسعد ،فتظهر روحه الشاعرة جلية شفافة وتبقى وغيرها .ولعلها ً ً بمباركة الصدق ومعايشة الحس .. حية أيضا فأول رواية في تاريخ الغرب (دون كيشوت) لدي ِ املتداولة الرؤى خلف لالنسياق الرفض من كنوع باب واسع ثيربانتس نجد بطلها الذي يصارع الطواحين فيه �شيء والعادية ،لذا نراه يهرب إلى االختالف بشكل مبالغ به ولحسن حظي دخل الشعر ٰإلى حياتي ّ من ٍ ً ُ أحيان أدخله أنا مطلقا ،فهو الحالة الي تملكتني في ؛ كي يحقق ذلك النزوح الواعي ،بشكل ولم من الجنون. ٍ ً ً أيضا ..ولم أمتلكها أبدا ،واستطعت من خاللها كتابة العديد بوجود العربي الفكر في ذاته واألمر واعي ومدروس أو بشكل ال واعي في الشعر وهو السيالن الخيالي للكلمة من القصائد النثرية التي جمعت بعضها في مجموعة أعالم كثيرة وصفوا بالجنون ،وهم على ً ً ٌ (�شيء وعشرون شوقا) والخروج الواعي للصورة و الذهاب ستصدر قريبا بعنوان: عال من الوعي ولكن تلك الحاالت قدر ٍ نحو سرمدية النص ،نجد النزوح ال كما تم نشر بعض القصائد في عدد من الصحف كان أغلبها رفضا للواقع ،ولعل التظاهر يفرق عن أي إبداع في أي مجال آخر واملجالت الورقية واأللكترونية ،وما هذا سوى خطوة بالجنون لدى املتصوفة ليؤدي بهم إلى ٰ أولى متواضعة أخطوها في عالم القصائد الشاسع .. الحب اإللهي والعبادة الخالصة ،كما ،فالشاعر يتمثل ُصفة الجنون عندما يقولون ،ربما يكون محل تأمل ودرس يريد الخروج إلى أطر فكرية مغايرة ، وقد عرف الشعر الكثير من الجنون ،وإذا ما أردت الحديث عن الكتابة اإلبداعية بوصفها عميق ،ولهذا كان يقول البغدادي ً جنون الفكرة ،وجنون الهوى ،ذلك حالة جنونية أزعم أنني أعيشها أحيانا فيمكنني القول املجنون« :أنا مجنون هللا» .وهكذا الشغف الذي يؤثر على نظرة الشاعر أن هذه الحالة ما إن يحين وقتها حتى أجد نف�سي كمن خالد الضبيبي يلتقي التصوف بالحب بالهوى باإلبداع ً مسرعا ٰ أرض وعرة من غير املمكن أن على للحياة والواقع ..في جنون الفكرة نرى يسير في هذا العالم املجنون الذي ينتصر له ٍ ُ إنهاك نعرفه ،ربما إنهاك بال يجتازها ابن املعتز وللهوى بقوله: نف�سي ال يشبه ًأي ً ٍ ٍ ٍُ محاولة السعي الحثيثة على ابتكار النص السرمدي ُ ٌ تضع فيه حمال ثقيال عن كاهلك ال وجنون الهوى الدائم ،ضرب من ضروب الجنون ،ورحلة مرهقة هذا الشعور الذي ... جنون بي جنون الهوى وما في ُ ِ ٌ ينطلق فيها الشاعر الجاد ،فهو املَعني بهذا املوضوع ،تريد التخلص منه ،حالة من الوعي غير الواعي تخرج الجنون. جنون ِ ً ٰ ومعنى، وهكذا نجد عالقة الجنون باإلبداع عالقة متجذرة والذي يراه يستحق العيش من أجل السعي إليه حياة منها ال محالة ب�شيء ال يشبه املألوف صورة ً وكثيرا ما نمارسها في حياتنا وفي أقوالنا :كاملة .البحث عن التخليد ،هو البحث عن النص لكن هذا الضرب من الجنون ال يمكنك تجربته متأصلة.. فنسمع بفكرة مجنونة ورأي مجنون وقصيدة السرمدي الدائم الذي يقوم بتحويل الشاعر إلى ثيمة من دون الخوض في بحر القراءة الكثيفة الواعية ً واملختصة أيضا ،فتطوير ما يخرج من مجنونة وفيلم مجنون وغيرها الكثير من الصفات ،أو أيقونة زمانية ،وهذا البحث املرهق ٌ جعبة الكاتب مرتبط ال محالة بتطوير وال يقصد بهذا الجنون بالطبع الجنون املعهود في والتحليق والتجديف في بحور الشعر ً ما يدخل إليها. الذهن ،ولكنه الجنون الدال على التميز واملغايرة وبين تفعيالته قد يأتي يوما أو قد ال ُ من هنا نجد أن هناك من يتجدد مل. وامل واملألوف واالختالف والجديد املتجاوز للعادي يأتي نهائيا .. ُ إبداعه وهناك من يستقر حتى يموت من هنا يبرر لإلبداع التأثير والتغيير فجنون املبدع ولكن الفكرة تظل تطرق رأس َ مرحلة ما .. أو ُيش ّل في ٍ الحقيقي ال يخرج عن هذا الحد في مخالفة املجتمع الشاعر على الدوام .. وعاداته والقدرة غير العادية على التأثير والتغيير ،في جانب الهوى يتحول الشاعر إلى “جنون اللحظة وخرائط وهنا يكون جنونهم/إبداعهم ذا فعل تنويري تغييري ..مجنون بسهولة وبدون البحث عن الالنهاية” ً ً ً وخطابهم اإلبداعي خطابا مضادا ومختلفا ربما يحتاج النص املعجزة ولكن بتكثيف الكتابة الشاعر الشاب /جميل الهندوانة لوقت طويل الستيعابه وفهمه. عن �شيء معين ،فنرى الهيام باملرأة تحدث ملجلتنا حول لذة الجنون .. “الجنون ..حالة للتميز والتفرد ومعادل موضوعي”
36
جميل الهدوانة
استطالع ً وعندما نقول الجنون فهذا اليعني متطرقا إلى خطورة التهريج في مواقع أي جنون وإنما الجنون بوصفه التواصل: عتبة للنفاذ الى كون من الحرية كثير من الكتاب واملثقفين يتبعون املتخيلة حيث يجد املبدع مساحة طقوسا معينة حال شروعهم فى الكتابة، تناسب حالته اإلبداعية التي هي وذلك حتى يستطيعوا أن يسيطروا على توليفة نفسية وروحية ووجدانية إلهامهم ،وقد كان الروائي العالمي نجيب ً والتي هي أيضا فوق مستوى السحر محفوظ يميل قبل بدء عملية الكتابة والسكر والجنون. إلى االستماع ملقطوعة موسيقية ،ثم والشاعر كائن أليم قلق شكاك اإلنصات إلى السيدة أم كلثوم وهى تشدو هازئ يشرع نوافذ الغواية ويكشف بصوتها ،وهو يسير فى منزله ،قبل أن أسامة الغبان ً ابتداء عورة األشياء ويعري كل �شيء يتوجه إلى غرفة مكتبه للبدء في الكتابة . من ذاته اليلتفت لإلشارات املستهلكة ولكل كاتب طقوسه الجنونية يتهجد ً ً بها في صومعة الحرف شعرا ونثرا ويعمل على تطويع واليؤمن باملألوفات وال يدين ألحد فضولي يتتبع أثر مفرداتة كحداد يعمل في صناعة السالسل الحديدية؛ كل ممنوع متعدد الوظائف املجانية املتناقضة فهو حمال أثقال في هذا السوق الخليع املسمى الحياة التي يتلقاها القارئ ببساطة مطلقة. ولكن في عصر السوشل ميديا وثورة التقنية يتبادل معها األدوار ويجلدها وترجمه. والتواصل االجتماعي تجد أن الكثير يميل إلى التهريج وهو الحياة نفسها بكل أسفارها املخيفة وهو ّ حصاد أحزان الحقل اإلنساني الكبير واملرمم الوحيد في نكتة كتابية أو تصويرية ويتفاعلون معها ..فلو الحظت في مواقع التواصل االجتماعي أن املهرجين للجمال في هذا العالم والديمة الوحيدة املأهولة أصبحوا مشاهير بينما دفنت تحت ركام فو�ضى وسط هذا الخراب. الضحك أجمل القصائد الشعرية واملقطوعات هكذا التتوانى مخيلة الشاعر في استقطاب املآ�سي اإلنسانية وابتكارها هذه املخيلة التي تشبه شجرة األدبية . لهذا فالجنون كحالة إبداعية هو ثورة للتوهج املوز في مخاضاتها املتعسرة. وانتشال الكلمة من بوتقة التقليدية إلى فضاءات والقصيدة في أطوارها املبكرة مثل أعراس ّ الجنيات أنثى ملتهبة من خيال وكهرباء وهي اإلنجاز الوحيد املغايرة والتطوير. القصيدة فن الحديث بصمت ،وهي جنون اللحظة لشاعر في اللحظة التي تفتق فيها حلمه اندلعت الحرب. ودوامة ّ التيه وخرائط الالنهاية. «هيجان المشاعر» ما الذي يجعلنا نغوص في جنون الكلمة لنكتب ً الشاعر الشاب /أسامة الغبان ونكتب ثم نكتب مع اعتقادنا أحيانا أن ال أحد يكترث لتلك الدوامة من الجنون التي نعيشها لنوصل ما تحدث وهو في الركعة األولى من صلوات القصيدة: يعتمل في أنفسنا لآلخرين ،الذين قد تبدو النسبة أهال وسهال باألستاذ أحمد النظامي ،يشرفني الكبرى والعظمى منهم ال تكترث حتى لكلمة مما ويسعدني استضافتك لي في هذا الصرح األدبي نسطره من أفكار اعتصرتها مخيلتنا ،وبذلت فيها الشامخ مجلة «أقالم عربية «والتي أثرت الساحة أغلى ما تملك ،وهي الكلمات التي تمثل لها الثروة التي األدبية بجواهر اللغة ودررها. يجب أال تنضب إن أرادت االستمرار في اإلكسير الذي الجنون هو بالنسبة لي عبارة عن ترويض السليقة باالطالع وكثرة القراءة والتمعن فيها يمدها بالحياة والكاتب املسافر مع الجنون واملتعة هو يكتب دون التنوع بالقراءة في شتى املجاالت أن يلتفت لإلمالءات ويكتفي بكونه أفرغ شحنة وتعمق القارئ في األدب العربي ً ً ضوئية للوجود والشاعر املجنون إبداعا ناضجا هو والتزود بكتب الشعر العمودي والتفعيلة ،الروايات والقصص. من يعتلي سدرة الخلود. هو هيجان املشاعر في حالة مباغتة تأخذ باملخيلة «الشعر لعاب اللحظة المكتملة ..ال يلتفت إلى أق�صى أقا�صي الذات فتنزع مرادها من العمق لإلشارات المستهلكة» وتصيغه على شاكلة قصيدة. الشاعر المجنون عطرًا /محمود الظهري ويأبى جنون القصيدة في هذه اللحظة إال أن يجعلني ً عضو منتدى مجانين قصيدة النثر أكمل معك الحديث شعرا: أمطرنا بهذه الفالشات املفخخة بالشيطنة اللذيذة: “ركعة في محراب الشعر” الشعر لعاب اللحظة املكتملة هذه اللحظة هي الناتج َّ َ َ َ َ الوحيد ملعادلة قاسية من الجنون. أمسك عصا األي ِام فوق متاعبي ِ
يناير 2021 -م
َ َ َّ ُ َ الزمان َعقاربي نتظر وانه ُض َ لي َ ْ واعبر ع ُلى قلبي ُ َ الجهات إلى حيث ِ َ َ ّ الست واتبع غيمتي وسحا ِئ ِبي َِ واخلع نعالكَ َِ أسفل َ الو ِادي َُّ َُ املق َّد ِس حيثما واريت كل مآربي صا ً ألق َ الع َ أرضا ِ ُ ؤاد على يديك وأمسك ِبالف ِ ِ َ اصبي أو َاتكئ ِبمع ِ الليل ُأرخى في ُ وع ُس ُد ُ الضل ُ وله َ ْ ُ َ َ وأنَاّ ِبجا ِن ِبه ولست ِبجا ِن ِبي َّ ُ وأق ِلب الن َ ات ظر ِ َ في ِ وجه ُال ِغ َي ِ اب َ ليه غ َير وما رأيت ع ِ َ شوا ِئ ِب َ ُ اآلن ك ُّل ّ َ ْ َ عر اعتلت َ َّم ِآذ ِن َ ِ الش ِ شتى البقاع َِ َ ِ َ ُ ُ ود الغا ِئ ِب فحان ع بقصيدة َع َ صما ِ ِ َ ٍ َ اع ٍر لوة ش ِ وخ ُ ِ َّ وجهت وجهِي َ َ َ مأر ِب) ن حو(ش ُ ِار ِع ِ َّ ُ ملا الحروف َّ ْ َ َ َّ ْ َّ توضأت وتصوفت َ ََ َ ة صلت صال َ َ ّ ْ الشع ِر قبل الكا ِت ِب وه ِ َ ُ ناااااااك َ ُ َّ مس حيث الش َ َ َتنس ُ يط َ ا ه خ ج َ َِ َ ً َ ُْ َ َ واكبي سجدت َلها طوعا جميع ك ِ ُ الحبُّ َْ َ َ ُ َّ است َو َى) الل ِفي القل ِب (شرع ِ ُ ال َر َ يب ِ ُف ِيه وال اخ ِتالف َمذ ِاه ِب هو َكعبةَ ُّ َّ َ َ هر الشريف ِة) ،أين َما َّ(الط ِ َ ُ أي وجه َ صا ِئ ِب وليت ق ُلبيٍ ُّ ... ص َ َسل َعنه َ نع َاء َ ُ َِ التي باي َعتها َ َ َ ُ َ ياه ِب ي م د ب ِ وق ِلبي كان رهن غ ِ ِ َس ْل ُما َت ُ شاء َُ فك َ ُّل ِش ِبر ِفي َ َ َ ُ ث ُرى َصنعاءَ َ ُ درك ِحير ِتي وتكالبي ي ّ َ وعلى ُ ِب ُ عر الش ور ح ِ َ ِ ُ ُ ُِ وف أمواج الحر ِ
37
يناير 2021 -م
َ ُ ُّ َ ُ ْ َ وقرين الشاعر ٌّ جني له اسم ،كالفظ بن الحظ إلي َك ِبق ِار ِبي قذف ِني َ تهب ت ِ َ ُ صاحب امرئ القيس. ألقى َ ال ِغياب ُ ومن هذا الزمان قرأت أسماء لقرين الشاعر فواز ب َجمره في أضل عي ُ َ َِ َ ِ ِ َ َ ْ ُ اللعبون «قدموس» ولقرين الشاعرة يا كم وكم ِلبثت ت ِذيب ذوا ِئ ِبي َ ريم الخش « هاروت» . ال تحسب َُْ ِ َ ُ ُ والشعراء محرومون من دخول « الذي آثرته َالبعد ِ َ َ ً يوتوبيا « جمهورية أفالطون الفاضلة ولك َن ِمن ض ِج ِيج نوا ِئ ِب نأي َّا ِ ُ ُ ألنهم مجانين ..والشخصيات املبدعة الدهر غ ِالب عند فرويد مر�ضى نفسيون وبهم نوع أمر ِه وأنا ِب ِه ِ املَ ُ من املس . غلوب ْأم ِري ْ ُ ْ َ وارتبط الجنون والشعر والعشق الب َ لم َأك ٌن ِبالغ ِ كثالثية هاربة من املنطق و الواقع . لي فيك أشعار وأجم ُل ق َّ َ وتشابكت العبقرية مع الجنون بعالقة ة ص َ ِ ُ َّ ٍ ُ َّ َ َ معقدة حساسة..فكل عبقري مجنون أحيا ِبها ُيا كل كل مط ِالبي فائزة القادري َ اآلن َ وكل مجنون عبقري . أبح ث َ ً يك َع َ (ف َ يقول أحمد صافي النجفي : نك) حقيقة َ ُ َ ِْ َ ُ َ كنت في الحسن عبقري جمال المحها (الضمير الغا ِئ ِب) أخفى م ِ َ َ ُ والهوى كان بيننا عبقريا أقبلت اآلن َهااااا َ من َ بيت الشعر الذي ترجم عبقرية الهوى كخروج عن ياب إليك أق�صى َال ِغ ُ ِ ْ ّ َ َ املألوف . إذ ِأني سئمت مر ِاكبي يصل الجنون بأحدهم إلى مرحلة النرجسية.. (فأنا ِأح ُب ُك ُ كالشاعر الفيلسوف نيتشه .. ألف ألف أ ِعيدها) َ َ وجهي َوت ُّ وجهِي َ يصل الجنون إلى االنتحار كحالة خليل حاوي . وم ِآربي ي َا ِ ّ يصل الجنون ٳلى النرجسية ،كحالة املتنبي : ح سبي ِب ُ ِأن َي ُ ً إن َر َ ٲنا الذي نظر اٲلعمى ٳلى ٲدبي أحرفا ك مت س َ ُ َ ََ َ وٲسمعت كلماتي من به صمم ومتاعبي آنست وحشة َغرب َتي ُ َّ لوب إذا تعاظم ُّ إن الق َ ٲمط عنك تشبهي بما وكٲنه ودها َ َُ فما ٲحد فوقي وال ٲحد مثلي بتقارب تطوي مسافة ب ِ عد َها َ ِ َ ُ نت ُ ّ وهناك قصائد مجنونة سميت كذلك ألن كاتبها آم الذي نحيا ِب ِه بالح ُ ِب ِ ُ َ ْ ُ مجنون بامتياز: وكفرت بعد ِبمن أضاعوا (راتبي). الشاعر األملاني فريدريك هولدرين « قصائد «الجنون..اكتشاف قارات جديدة» الجنون الهولدريني « َ القادري الشاعرة العربية /فائزة ديستوفيسكي :فلوبير أصبح شاعرا ويقول بلزاك َ تحدثت إلينا وهي تطعم حديثها بهذه ّ األدلة: كي اليموت مجنونا .
عاش الكتاب والشعراء هذا الجنون ونعتوا به ولقبوا بأسماء بناء عليه ..وسٲنعتهم هنا بمجانين اللغة . فالشعراء «في كل واد يهيمون « «يقولون ماال يفعلون « هم يقولون ما يتلوه الخيال ولم تخط أقدامهم هناك في ذلك العالم . وللشعراء واد يدعى عبقر والشاعر له قرين يلقنه والشاعر العاشق مجنون كمجنون ليلى و املرقش اٲلكبر مجنون ٲسماء يزيد بن الطثرية عاشق اليمامة . املخبل وميالء . عبدهللا بن العجالن عاشق زوجته . مرة بن عبدهللا ومعشوقته ليلى . عروة بن حزام عاشق عفراء . جميل بن معمر وبثينة .
38
[والجنون سكر تحت تأثير نبيذ الفكر] لحظاتها اللغوية [ثمل دوما من تسكب له الحياة َ ويحت�سي الالوعي فيضعف الوعي متصاغرا أمامه] ولكل مبدع شيطان وتباهى أسالفنا بكون شيطانهم ذكر أم أنثى . والصعلكة جنون وال يخفى علينا جنونهم ..ارتباط الجنون بالعشق ،منهم : َ عروة بن الورد والسليك بن السلكة وتٲبط شرا وتوبة بن الحمير عاشق ليلى اٲلخيلية .ومنهم اٲلحيمر السعدي من بني تميم ..يقول : عوى الذئب فاستٲنست بالذئب ٳذ عوى ّ وصوت ٳنسان فكدت ٲطير ويدخل مجنون اللغة ٳلى مشفى املجانين . مي زيادة بمكيدة وتهمة ٳنما ذلك لوعيها املفرط .
والشاعر السوداني ٳدريس جماع حين عشق امرٲة متزوجة وكتب لها بيته املشهور : والسيف في الغمد ال تخ�شى مضاربه وسيف عينيك في الحالين بتار وكتب مجانين اللغة الغزل الفاحش الصريح متجاوزين العادات والتقاليد والغزل العذري ليكونوا محط استفزاز ملجتمعاتهم واٲلمثلة كثيرة من آثارهم . وباتت الكتابة والشعر في خانة األعداء ..محاربين ..كرؤية عن ربط الجن والجنون بهما. يقول نزار قباني : إن ربط اإلبداع بالجن والعفاريت واألرواح الشريرة تكتيك عدواني مقصود ،غاية في الترهيب والتخويف ،فاملتضررون من الشعر كثيرون ، وحدهم األطفال والنساء واملجانين كانوا مع الشعر . والكتابة مغامرة جريئة تستوجب تحمل كل النتائج ..غضب الجمهور ..ٳعجابه ..سخطه .رضاه ..لعنة التاريخ ..وحتى السجن والتغييب . وتبرر شاعرة حداثية الجنون : الشاعرة تاال الخطيب تقول : ُ على قدر الهوى يٲتي الجنون ُ فتختلط العواطف والسكون فنسعى بين ٲقدار وحظ ُ حيارى حيث ترمينا السنون ولنزار قباني ما سماه :من يوميات رجل مجنون: ٳذا ما صرخت : “ٲحبك جدا “ “ٲحبك جدا “ فال تسكتيني ٳلى آخر النص العابق بالجنون . وفي محاولة لكل مجنون اللغة الحديث عن تجربته الشخصية الذاتية ليبحر بين ضفتين ..رؤيته لذاته وتقييمه لنفسه وانطباعات اآلخرين عنه ..فيجدف بخوف طبيعي فطري مفترض ويجازف في صياغة فحوى الرؤى . في تجربتي الشخصية ،ما أعلمه هو أنني أنتمي إلى جذور عميقة لهذه املشاعر واألحاسيس التي هي قاسم مشترك للسابقين وملن يلحقون بهم لكن التعبير بأفكار مخلوقة خالقة أو بمعان مبتكرة تظل سمة كل أحد انتابته لحظة الجنون اللغوي .. أعلم أيضا أنه عندما تغزوني هذه اللحظة أتنكر لكل معنى مستهلك رث وأحاول خياطة مقاسات جديدة لشغفي. أقول في الشغف وسبائك الشعر : مهر القصائد سبك القلب بالشغف والشعر منسكب من سالف الحرف . وأدير طواحين الهواء بيدي .. نعم كلنا ذلك ال « دون» الذي يحارب الهواء بانزياحاته ليتخلد كشخصية تاريخية روائية حكائية .
مختارات شعرية
إشراف /ياسين عرعار -الجزائر
ضوء على حافة اجلذع
يناير 2021 -م
والنار بني الثلج ِ
د .سميرة طويل -املغرب
َ كتابا ال ّ ال ً ُ فالتز ُ تغي ُر ُه ال ترتقب الليل ُّأم القرى خلف ظهر َِ ُ ِ ِ ْ ُ كانتُّ ، أحداث مهما تناءى الناس وانقلبوا تقترب الوعد وأمك نحو ِ ُُ َّ ٌ ُ ْ َ يا ً ض ّمنت ِق َي ًما آياته ق ِيمات هللا أبد َع ُه مولدا من كمال ِ ِ ُ ُ ُ ً ُ ُ شموس الكو ِن فضلى فأخالق َك القرآن ال ِرَي ُب تنتسب نورا إليه َ ُُ ملا تناهى لسمع الليل َ َ امتدح صاحب الخل ِق األسمى الذي يا األبواب أنك في ِ ِ ِ ِ ْ ُ ُ زوروال ُ معناه ال ٌ كذب الرحمن أبنائه ان َس ِحبوا على نادى ِ ُ ً َ َ ْ َ َ ّ سكبت روحك في الصحر ِاء فاندلعت ولدت فابتدأ اإلنسان ثانية ً ُ َ َ ُ ُ نخل ً فطاب ُّ والرطب الظل كريما والحقب ميالد ُه وابتدا التاريخ ً ّ ُ ّ ْ ْ َ َ مدت يديها كي تلق َنها والريح الحلم فاخرة وأرضعتك حليب ٌ ِ ْ ْ َ ُ ً ُ (حليمة) فاستمدت َ السحب جودك العرب حلمك مكارما وارتوت من ِ ٌ َ ّ ً غيرأن بها قديمة كلماتي ملتمسا الرمضاء خطو َك في ِ أنهار ِ ً ّ ُ ُ ُ األقالم والكتبُ ُ شوقا تجدده أحوالها من جنان هللا تنسكب ُ ٌ ُ َ ْ َ بعيدة منك تدنيها َّ محب ُتها الناس فاعتدلت وسارعدل َك بين ِ ّ ْ ُ إلى مقام َك يا َم ْن ُّ حب ُه ُ ظلك ُ نسب الرتب حياتهم واستوت في ِ ِ َ ُ ْ سيعدل َ ُ ما كان أظمأ قلبي فاغترفت له زمن ميل فمن األرض في ٍ ِ من ماء نورك ً طعمها ُ ُ كأسا ُ َ عنب الذنب الرؤوس العوالي فاعتلى أحنى ِ ِ ُ َ سورتهُ ْ سيد الخلق لي في ِمدحتي ُم ٌ فها هو اآلن يتلو ..أنت ثل يا ِ ً َ سجدة تدني ويقتربُ وينتهي بمدحك ما غالوا وال كذبوا عليا ِ ً ً ُ َ َ نهجت َ نهج ُ هم في ّ ويجتديك وصال ال انقطاع له الحب قابسة ُ ّ ْ َ معانيك حبي ُ ُ بعض ما ُ َ السبب أسبابي فأنت إذ قطعت يجب.. سنا ُ ْ ْ ُ ْ ُ ق ْد ًما ّ غسلته بصالتي من مواج ِع ِه أحبوك مذ (بانت سعاد) ومذ ِ َ ُ َ ْ كل ما ُ الك ُ ُ(م َب ّر ً جئت) حتى ّ رب عليك ،فاساقطت عن قلبي ا ء كتبوا ِ ً َ كعبا َ ألبست ً وال تز ُ ال صالتي فيك قائمة العفو حين أتى ثياب ِ َ محمدية عشق ُ ّ دمعها ُ ُ يثب ويحتسب إليك يرجوك غفرانا ٍ ُ نار ّ وأنت ُ للشوق في قلبها ٌ يؤج ُجها وأجود من أكرم من يعفو ِ ِ ٌ يعطي وللجود واإلحسان أنت ُ ُ بعد وهل ُ غيرالنوى حطب أب ِ ّ ْ َ َ ُ الكائنات لها صلت عليك جميع شمس َك قد حاكوا قصائدهم ِ من ِ ضوء ِ ُ في حبها املتناهي منطق عجب فاليزالون ...ما ماتوا والغربوا َ ْ َ َ مدحك اءتلقت فأنت وحد َك مذ خالطت قافيتي ولي حروفي التي في ِ ُ كأنها واملدى يزهو بها ُ ُ شهب واألدب الشعر بروح َك ّفي سما ِ
منصر السالمي -اليمن
ال تكسري بالنوى لحني وأوتاري وخففي لوعة طافت بقيثاري كتبت كل القوافي كي تظل على مدارهذا الهوى كالكوكب الساري وفيك أبكيت عين الشعر منذ نأت نجومك البيض عن أر�ضي وعن داري وكنت أول من زف الدموع على جدائل الحب باملجروروالجـ ِـار ثقبت قلبي بهذا البعد فانسكبت ِ دماؤه في القوافي دون إشعار ِ كل القصائد غرقى في دمي وبها ّ خضبت من فرط مابي كل أشعاري قافية أشعلت جمرالهـوى في كل ِ ٍ حتى تجاوزت أعدائي وأنصاري وخضت بي كل بحرفي القريض وكم أسقيت بالحب من عينيك أزهاري ِ من أنت ؟ ما السر؟ ماالسحرالذي انكسرت به دفاعات قلبي قبل أسواري أذوق في كل يوم بالهوى ً وجعا منذ ابتعادك ماذنبي و أوزاري ؟ أنا بقربك في الفردوس يا شغفي والنار ومن برودك بين الثلج ِ
39
يناير 2021 -م
ُ َّ ً ً اللغة العربية إبداعا وهوية ـث ذو شــجون ،لغـ ٌ إن الحديــث عــن اللغــةِ العربيــةِ ،حديـ ٌ ـة ظلــت صامــدة ،قويــة ،فخمــة ،أمــام جميــع الحمــات التــي كادت ومــا تــزال تكيــد لهــا . وليــس غريبــا أن تجــد مــن أبنــاء العربيــة ،مــن يتحمــس لهــا ،معطيــً إياهــا مــا يجــب مــن قــدر وقيمــة ،لكــن أن يعــرف قيمتهــا كتــاب مــن غيــر أبنائهــا ،فهــذا هــو الجديــد ، يقــول الكاتــب والمستشــرق األلمانــي فولــف ديتريــش فيشــر { ال أعــرف لغــة أغنــى مــن العربيــة وال أســلس قيــادًا وال أرق حاشــية } ( ) 1 محمود حسن -شاعر وناقد مصري
ثم يقول فيشر « وبعد إطالعي على عدد من اللغات الشرقية كالتركية والفارسية أعجبتني اللغة العربية ً ً إعجابا كبيرا وذلك ألنني رأيت أن بناءها اللغوي ونظامها النحوي يعدان من أوضح أشباههما في ً ً لغات العالم ،وألنها لعبت دورا هاما في نقل املعارف والعلوم إلى الحضارات األخرى « . وقد ظهرت الدعوات التي ال تستند علي منهج ،وال أسس ,للكتابة بالعامية ،وبعيدا عن هذا امليدان الذي ُقتل بحثا « كما ٌيقال « َّ لعل الرد عليه بأبسط ُ تساؤل علماء اللغة عن أية لهجة عامية الطرق هو يرى أصحاب هذا الرأي أن تتم الكتابة بها ؟ هل هي ُ لهجة هذه الدولة أم تلك ؟ بل هل هي لغة الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب داخل الدولة الواحدة ؟ ويجدر بنا هنا أن نستدعي شهادة عميد األدب العربي الدكتور طه حسين في املسألة ،يقول العميد في سياق دفاعه عن اللغة العربية { :ولعلي أن أكون قد وفقت في هذه املقاومة إلى حد بعيد وسأقاوم ذلك فيما بقى لي من الحياة وما وسعتني املقاومة ً ألني ال أستطيع أن أتصور التفريط ولو كان يسيرا في هذا التراث العظيم الذي حفظته لنا اللغة العربية الفصحى وألني ال أؤمن قط ولن أستطيع أن أؤمن بأن للغة العامية من الخصائص واملميزات ما يجعلها ً خليقة بأن تسمى لغة وإنما رأيتها وسأراها دائما لهجة من اللجهات قد أدركها الفساد في كثير من أوضاعها وأشكالها وهي خليقة بأن تفنى في اللغة العربية الفصحى إذا نحن منحناها ما يجب لها من العناية وارتفعنا بالشعب عن طريق التعليم والتثقيف وهبطنا بها هي من طريق التيسير واإلصالح الى حيث يلتقيان في غير مشقة وال جهد وال فساد ) . ونعود مرة أخري إلى التجربة األملانية في التغلب على ذلك ،وأدواتها التي حفظت األملانية مرة أخري وأيضا حسب فيشر :يقول « كانت الحال اللغوية في أملانيا قبل مئة سنة خلت قريبة من الحال في البالد
40
العربية في الوقت الحاضر ،وهذا يعني أن أغلبية ً الناس كانوا يتحدثون بلهجاتهم املحلية شفهيا ،بينما كانت الفصحى تقتصر على االستعمال كتابة .ثم بدأت بعد ذلك طبقة املثقفين بالتحدث مع أوالدهم باللغة الفصحى ،واستمر انتشار هذه اللغة من جيل ُ إلى جيل حتى كتب لها أن تتحول إلى لغة منطوقة ً فاستعملها كل الناس كتابة ومشافهة ،وكانت املدارس االبتدائية من أهم العوامل في انتشار اللغة الفصحى « . فهل بإمكاننا أن نعتمد التجربة األملانية في هذا الخصوص ..ونفيد منها ؟! وقبل أن نترك هذا املدخل جدير بنا أيضا أن ّ نعرج ِ واحد من كبار علماء اللغة ،وهو عباس رأي ٍ على ِ محمود العقاد يقول « :إن اللغة العربية وصفت ً ً قديما وحديثا بأنها لغة شعرية ،وإن الذين يصفونها بهذه الصفة يقصدون بها أنها لغة يكثر فيها الشعر والشعراء ،وإنها لغة مقبولة في السمع يستريح إليها السامع ،كما يستريح إلى النظم املرتل والكلم املوزون ،كما يقصدون بها أنها لغة يتالقى فيها تعبير الحقيقة ،وتعبير املجاز على نحو ال ُيعهد له نظير في
سائر اللغات . أما إذا انتقلنا إلي اللغة العربية كلغة إبداع ،فنأمل أن يكون من املقبول ما ننادى به في كتاباتنا نحو توليد اللغة ،أو إسقاط النص في أرض الواقع في بعض مما يلي إذا ما حالفنا التوفيق في عرضه : أوال :اللغة التى هى الحاضن واإلطار أو الرحم الذى تسقط فيه الفكرة ( النطفة ) ويتم اإلخصاب ُ فإن توافقت الجينات وتعارفت بدأ الجنين ( امل ْن َتج ) يتخلق طبيعيا دون أية تشوهات . والبد هنا من الفصل بين اللغة الشاعرة واللغة املعجمية : ”فال شك يتفوق الشعر حسب عبد الحكم العالمي عند هذه الطبقة من الشعراء الذين تكون لغتهم على عالقة مباشرة وحميمية بالشعر على عكس أولئك الذين تكون لغتهم على عالقة مباشرة باملعجم وحسب ) 2 ( « . ومرة أخري ال أجد غضاضة في أن أستحضر شاعرا غربيا مثل ت س إليوت ً ”حيث كان إليوت واحدا من أكثر الشعراء جرأة ً وإبداعا في القرن العشرين .سار وفق منهج شعري
يناير 2021 -م
ّ رصين يتمثل في رؤيته إلى أن الشعر ينبغي أن ً ً يستهدف تمثيال حقيقيا لتعقيدات الحضارة الحديثة في اللغة ،وهذا التمثيل بالضرورة يؤدي إلى صعوبة الشعر .وبالرغم من صعوبة رؤيته إال أن تأثيرها على ّ الحركة الشعرية اكتسح جميع التوقعات وقتها وحتى اليوم « ) 3 ( . ثانيا :كثيرون من ّ محبي اللغة العربية ،ومجيديها ، ِ العالية في الحديث بها ـ وعنها َّ - حجموا النبرة وأصحاب ِ ِ ّ واملعجمي منها ،فنتج عن ذلك الفخيم في اإلبداع ِ ً ُ وموسيقي تارة ، تارة لغوي ، محدد قالب في التقوقع ٍ ٍ َ ٍ التفكير في الخروج من أخرى . . ورفضوا حتى مجرد ُ ِ هذه الغرفة ّ ، ُّ ُّ الحياتي األدبي أو حتى وإن َكان الظرف َ الجرس ،فانغلقوا ال يستدعي هذه الفخامة وهذا ً ً علي أنفسهم ،وأغلقوا أبوابا فاعلة ،كان من اليسير ً ومنعطفات عليهم أن ِيلجوها ،فاتحين بها آفاقا ٍ ً ً َ َّ لغوية ألجيال ومحدثين بها عصفا ،وتوالدا شتى ، ٍ ٍ جديدة تنتمي للغة ّ متواصالت بحبلها ُّ الس ّ ِر ّ ِي األم ، ٍ ٍ ِ ً حامالت جيناتها األساسية ،ولكنها أكثر شبابا ، ، ٍ ً ً ً وحيوية ،ليصبَّ وتجددا وطاقة ،وخاليا ، ُّ الفكرة والطرح . خدمة كل ذلك فى ِ ِ اللغة وكثيرون أيضا لم ينفتحوا على ِ واملعجمية ،فتبسطوا حد الخلل الفخيمة َ ِ ِ يسير من ب�شيء إبداعهم يبنون وراحوا ، ٍ ِ الجرس وانتفاء ، اإلتقان ومحدودية ، اللغة ِ ُ ِ ِ ِ اإليقاع الداخلي لم واملوسيقي ،بل وحتى ً يعد ملموسا . قدرة وهذا التبسط ربما لم يكن عن عدم ٍ عداء « نعم معرفية وحسب ،بل ُ ْربما عن ٍ ً عداء للغة « وهم كثر ،فقدموا إبداعا ٍ َّ ً كتابات هشة ،تهبط باللغة وبهم ،وقد وقعوا فى أو ٍ النفق ّ الهش كما وقع أصحاب الفريق األول فى النفق ِ ِ الفخيم واملعجمي ،وأعتقد أن كليهما َّ أضر وأضير . « هامش أ « ُ ثالثا :أما الذين تعاملوا مع اللغة ،على أنها األداة ، ُ َّ ُ ُ َ َّ األثر ،وعجلة القيادة والبوصلة ،والدفة ،وقصاص ِ ً األخير مباشرة ،وعلموا الهدف ،ليصلوا بكل هذا إلى ِ ِ ً أيضا أن اإلطار « الكاوتشوك « ليس هو الذى يحمل ُ الهواء الذي يمأل هذا اإلطار ، السيارة ،بل َ اللغة هؤالء هم الذين استطاعوا أن َيمتطوا ًفرس ِ ً َ أسرع وصوال ،وأصدق عاطفة ،وأعظم ،فكانوا ً ً احتكاكا ُّ وتوهجا ،فلمسوا الواقعَ َ املعيش واإلنسانيَ َ ينفصل املتلقي عنهم ،أو ينفصلوا هم عن ،دون أن املتلقي . بل واستطاعوا َ َ متجانسة بينهم وبين كيمياء خلق ٍ فتفردوا ،وتجاوزوا َّ ، املجتمع وقضاياه َّ ، وأصلوا ِ ٌ ُ مدارس جديدة ،بل ،وقادوا ، وصارت لهم وبهم
ٌ ومفردات ُّ تصك بأسمائهم . ُ فتعددت األجناس األدبية ،التي َّربما هي الراكز ُّ اللغة ،وتناميها وتحديث الـ األسا�سي فى اإلبقاء على ِ softwareالخاص بها إن جاز التعبير. ُ ومحاولة َّ َ اللغة ، خالل ومن السفر اب الكت ِ علي َ ُ ُ ِ ِ ُ َّ َ عرج علي ّ الذوق ّ ، الهم رحبة ،تخدم لعوالم أخرى ٍ ِ وت ِ ٌ ٌ ّ ّ اآلني ،هي محاوالت محمودة ،بل أتمني أال َ ِ اإلنساني ًِ متجاوزا إذا ُ ُ فرض عين علي ّ كل مبدع هي قلت أكون ٍ ِ « .هامش ب “ وباختصار هي الضرورة امللحة إلسقاط النص في أرض الواقع ، ألن املبدع هو الذي يقود الثورة التي تشعل الفتيل لتفجير اللغة ،لتستدعي خلفها براكين َ ُ معادن األجيال القادمة منها بعد خمودها ،تستخرج ً َ نفيسة وجواهر ال يستهان بها . َ الضرر الذي أعنيه ؛ ال َّ تبعاته على أن يتحمل َ ِ ُ َّ َ القرار املنوط بهم أصحاب ولكن ، فحسب املبدع ِ ّ ُ يقلون مسؤلية عن هذا . إدارة غرفة اللغة ،ال ِ رابعا .:هناك مسؤولية استدعاء التراث ،على أن
ُ َ عصراملتلقي ،ومن يعرض بالشكل الذي يتتناسب و ِ املفيد هنا استدعاء دعوة األستاذ الدكتور /أحمد درويش ل ـ « تبسيط التراث القديم « ألنه حسب قوله « الكتلة تستع�صي قليال علي عمل الرافعة « ( 4 ) وفي محاضرته التاريخية فى نادي القصيم ، والتي كانت تحمل عنوان « آفاق النص األدبي عند أمير الشعراء أحمد شوقي « قال إن مسرحا كبيرا مثل مسرح الكوميدى فرانسيس فى فرنسا وهي عاصمة كبرى من عواصم الثقافة العاملية ال يعرض إال إنتاج الكالسيكيين ، أمثال موليير ،و راسين ،و ْ كور ِن ْيي ، و المارتين « ( « . )5هامش ج « “ ب�شيء من وبالطبع يعرض التراث بلغته القديمة ٍ واملعاصرة ،فيربط هذا الجيل بمن سبقه التبسيط ِ ِ وبلغته وتراثه ..حتي عند الكتابة النقدية عنها البد كما قال األستاذ الدكتور صالح فضل « كما يقت�ضي باإلضافة إلى ذلك توسعا في استخدام املصطلحات العلمية ،وتوخيا لتبسيطها وتقريبها مما عهدناه ،
َ مستوحش يتأبي حتي ال يصطدم القارىء بمصطلح علي الفهم والقبول « ( ) 6 َّ ً وما زلنا مع الدكتور أحمد درويش» إن أدبا ما يقدم مادته الخام ،مادته الفنية ،في إطار ما يسمي اآلن ُ ُ الالمع هو الذي يلتقط « بأفق التوقع « واألديب َ ُ أساس منها « فيطور اإلنتاج علي الحاجة الجديدة ٍ وهو نفس املعنى الذي أشرت إليه من ضروة إسقاط النص في أرض الواقع ،أو ما أسميه فقه النصوص إن جاز التعبير ،مع التركيز على مفهوم الفقه ،حيث إن النص هو صاحب األساس الفقهي ،يتبعه املتلقي بفقه التأويل ،بما يستدعيه من مكونات النص نفسه ،وأسسه التي يقوم عليها . أخيرا :نقول َومن املعلوم من اللغة بالضرورة -و ً فقها -إن العربية لم تتوقف يوما عن تطوير نفسها ،وكذلك الشعر فهو متجدد دائما ،فهل يمكن أن نقول إن العربية والشعر عند امرؤ القيس هي هى ُ طيئة هي العربية عند املتنبي ،أو إن العربية عند الح ِ ُ هي العربية عند أبو تمام ،بل هل العربية عند شوقى هي هى العربية عند البحتري أو ابن زيدون ، اللذين عارضهما شوقي فى السينية والنونية على التوالي . ونختم هذا املقال بما يقول به األستاذ الدكتور محمد عبد املطلب أيضا « األدب هو النص اللغوى ،وال �شيء سواه ،واللغة هي العنصر األسا�سي ،هي الوسيلة واألداة ،فإذا لم تكن هناك وسيلة الستيعاب اللغة أصال ،فال إمكانية الستيعاب األدب وال الستيعاب النقد أيضا « ) 7 ( . الهوامش واملراجع
( ) 1الحوار اليوم 8/12/2012 م حوار مع فولف ديتريش فيشر أجراه الدكتور ظافر يوسف ( ) 2دكتور عبد الحكم العالمي شاعر وناقد مصري معاصر . ( ) 3الكاتب واملترجم السعودى د /شريف الشهرانى - هامش أ ،ب ،ج فقرات من دراسة لي بعنوان « حسن طلب ُ واالنعتاق من لذة اللغة نشر في مجلة العربي الكويتية عدد مارس 2018م جمادي اآلخرة 1439هـ رقم . 712 ( ) 4األستاذ الدكتور أحمد درويش أستاذ األدب والنقد بكلية دار العلوم ..جامعة القاهرة في حديثه للفضائية املصرية الثانية برنامج بنصبح عليك ١٧مايو 2016 م ( ) 5األستاذ الدكتور أحمد درويش في محاضرته بنادى القصيم بالسعودية مايو 2013م وقدم املحاضرة الدكتور حمد السويلم. ( ) 6األستاذ الدكتور صالح فضل في مقدمة كتابه « علم األسلوب مبادئه وإجراءاته « الطبعة األولى 1998م . ( ) 7األستاذ الدكتور محمد عبد املطلب في حديثه لقناة الشارقة الفضائية 3يناير 2014م .
41
يناير 2021 -م
التجديد األدبي في األلفية الثالثة (:)١ األدب المقطعي العربي ()ASL اللغة العربية لغة حية مرنة ديناميكية ،تقرض وتقترض من اللغات التي تختلط بها ، ً للعربية حسب ضوابط العروض والقافية . ويكيف العربي ما يعجبه حين نقله فقد أقرضت العربية اللغة الفارسية الحروف العربية و شكل البيت العربي من صدر وعجز وقافية ،وأقرضتها بحور الشعر العربي ما عدا الوافر ففيه خالف . بقلم مؤسسه /عبده فايز الزبيدي واقترضت من الفارسية الدوبيت والسلسلة والبند ، وبدخول الدوبيت للشعر العربي في العصر العباسي المتوسط ،ظهر التنوع في القافية. واقترضت من األسبان والبرتغاليين الموشح ، فاتسع ربق القافية عن عنق الشاعر ،فكثرة القوافي في القصيدة الواحدة . وفي القرن العشرين ظهرت القصيدة التفعيلة التي تعتمد على التفعيلة و تهجر القافية ،على يد علي أحمد باكثير(مصر) ،و بدر شاكر السياب و نازك المالئكة (العراق) و محمد حسن عواد (السعودية). والشعر التفعيلي اقترضته العربية من اللغة اإلنجليزية ،فهو يشبه الشعر الحر . free verse كما نقل لها ما يسمى بشعر النثر وهو يوازي prose poetryفي اإلنجليزية . ونحن في مطلع األلفية الثالثة ( القرن الواحد العشرين الميالدي ) ظهر شكالن جديدان من الشعر في العربية قدمهما الشاعر /عبده بن فايز الزبيدي ،.هما : الشعر المقطعي ويسمى في اإلنجليزية( (�syllab. ) ic poetry الشعر الموضون .وهذا من التحديث في بنية وهيئة النص الشعري العربي . ويمكن حصر أشكال الشعر اليوم ،فيما يلي : .١الشعر الشطري: ويمثله الشعر العمودي ،وهو أقدم أنواع الشعر العربية ،وأقدم صوره القصيدة ذات القافية الموحدة ،التي تتكون من أبيات ،والبيت يتكون من شطرين آخرهما مقفى ،أي من صدر وعجز . ومن أشكاله المشهورة المشطور . ثم ظهر التحديث في بنية الشعر العمودي ، فأحدث الشعر أشكاال فيه فسحة للشاعر من جهة أنغاما غير البحور الخليلية ، الوزن والقافية ،فظهرت ً وتنوعت القافية ،في مثل :دوبيت والموشح والبند
42
والسلسلة. ولكن بقي البيت عموديا ومقفى . .٢الشعر السطري : ويمثله شعر التفعيلة ،وهو نمط حديث ظهر في القرن العشرين ،التزم التفعيلة و تنكر للقافية ، فالشاعر محكوم بالسطر ال بالشطر كما الحال في العمودي . .٣الشعر الموضون: وهو شعر حديث ،أحدثه الشاعر عبده فايز الزبيدي ،وأول قصيدة في هذا النوع الشعري ، قصيدة (صهيل قافية ) . .٤الشعر المقطعي : نمط شعري حديث قدمه عبده فايز الزبيدي ،وهو سطري مقطعي ،وتتوزع المقاطع ذات عدد على سطور محددة حسب (مقطع فايز) الذي ابتكره . ومقطع فايز هو من أول متحرك ألول ساكن . ومن صوره : الهايكو :يتكون من ثالثة أسطر و ( )١٧مقطعا.وأول قصيدة هايكو وفق قوانين كانت لعبده فايز: َه َم َس ْت َل ُه ْم ٌّأم أنا، لت ماَ، َف َت َه َّشمت َن َظ َرا ُت ُهم ،و َت َح َّم ْ وح َد َها. حباًْ ، َ كان َّ وتبنى هذا النمط الشعري جماعة ملتقى ( أدب النقد) فكتب كل من : عبده فايز الزبيدي عبدهللا سليمان السيد محمد أحمد الصحبي وخالد حامد البار وإبراهيم يحيى جعفري شيخ صنعاني عبدهللا العماري ماهر أحمد العنسي
كما كتب في النبطي : نورة العلي محمد الحربي وفي النثر: مضاوي دهام القويضي هويدا غانم التانكا :تتكون قصيدة التانكا من ( )٣١مقطعا ،موزعة على خمسة أسطر ،كالمثال التالي لألستاذ عبده فايز الزبيدي: ِ وعلى شفاه القدس ظلْــ ، ـــــل َق ِ ياسمين النصــ ْــ، ـصـيد ٍة مِ ْن ِ ُ طفل ها نص يحفظ ــــ ِر ُ ٌ َّ الخيال فراش ًة َضحِ َك ْت َل ُه في يغازل ِ ُ ــــور ُه. فـجـــر ًا َس ْ ـيقــتـلع ُ ُ طــــب َـع ُن ُ الـم ِّ وهذه أول قصيدة (تانكا)عربية وزنا ،حيث األسطر خمسة بتوزيع مقاطع : السطر األول و الثالث )5 ( :مقاطع. األسطر :الثاني والرابع و الخامس بها ( )7مقاطع السنكين :تتكون قصيدة سنكين من ()٢٤مقطعا ،موزعة على خمسة أسطر :كما في قصيدة سنكين (جب) ..عبده فايز الزبيدي ُج ٌّب يغا ِزلُها ِر َش ٌاء واألنامل َل ْم َت َم َّل َحدِ ْي َث ُه ُ َم ْط ِو َّي ٌة في َدف َت ِر البيداءِ، ب ْئ ُر وتكون هيئتها على هيئة شجرة الصنوبر . التاناغا :تتألف قصيدة تاناغا من ( )٢٨مقطعا ،موزعة على أربعة أسطر ،كما يلي : قصيدة تاناغا :تثاؤب ساعة ..عبده فايز الزبيدي تثاءب الوقت والساعات نا عسة على الجدار وعين الشوق تو قظها تخشى تصحر أسمال الل ، قاء وهذا الليل يقظان.
يناير 2021 -م
ُّ الشاعر أسعد الجبوري والكتابة بالطاقة البديلة للغة األم
وفـاء كمـال
بعــد فتــرة نقاهــة طوبلــة ...مــررت بنصــوص الشــاعر» أســعد الجبــوري « هــذه النصــوص التــي تجعلنــي أشــعر وكأننــي أقتــرف إثمــً حيــن أجافيهــا .فــإذا بــه يتســاءل بِحيــرة وقلــق عــن مصيــر نصوصــه المطبوعــة علــى ورق الكتــب :هــل هــي نائمــة فــي ســبات ؟ أم أنهــا تقطــع الصحــارى والمــدن والجبــال والغابــات ،تــزرع الزهــور وتراســل اهلل والمالئكــة ،أم أنهــا مشــغولة بمســح دمــوع الخنســاء ؟..أم تتدفــأ بيــن طيــات فســاتين النســاء تالفيــً للملــل وقلــة االســتروجين .هــل ...وهــل ؟ وتتفاقــم الحمــى علــى كل مقاطعــات األســئلة حتــى تســتولي َّ جســد الجبــوري دون ان يحصــل علــى جــواب .
تلك األسئلة اليمكن اإلجابة عنها بعجالة ،ألن شعر الجبوري شعر عظيم مشحون بالمعنى باطن ًا وظاهراً.والنفوس المفطورة على حب الجمال التستطيع ان تزهد بكل تلك الوسامة واألناقة في المعاني التي نسجها الجبوري بخيوط مستخرجة من مناجم وم ْو َس َقها إيقاع ذهب مخيلته ولغته المبهرة َ ، غريب يتناغم مع مركبات النفس وتقلباتها . تضج فوقت العناء ووقت الرخاء نجد قصائده ُّ بالدهشة واالبتكار .تحمل فكر ًا عميق ًا ورموز ًا قوية االيحاء تعبر عن أعماق الكينونة البشرية وتستشرف المستقبل .فباستقراء نماذج من شعر الجبوري نجد أنه من غير الممكن ان ُتذْ هِ ب األيام بريقها حتى ولو اختلف جميع من حوله على نصوصه .فهي تكتب حق ًا بالطاقة البديلة ل ُّلغة األم .ورغم انتشار الكتاب اإلكتروني على الشبكة العنكبوتية ،وإقبال الكثيرين على القراءة اإللكترونية .تظل كتابات الجبوري تستهوي القارئ الذكي وتمتعه ،ألن من يخوض في كتابات الجبوري كمن يحفر في منجم من الذهب ،كلما امعن في الحفر كلما اكتشف أكثر .مما يجعل سلطة الكتاب الجبوري تتسم بالديمومة أكثر من سلطة القراءة االلكترونية .فحين تنقطع الكهرباء وأنت تقرأ كتابات الجبوري تنقطع أنفاسك معها ألنها تحمل للقارئ متعة اليتمنى زوالها إن مالمسة كتب
الجبوري تشكل إحساس ًا ممتع ًا إذ طالما أحسست وأنا أالمس نصوصه كأن جسد ًا يقفز ُ من بين الكلمات ،يفجر جينات اللغة ويطهرها من الغبار والتحجر .حين تالمس نصوصه تشعر وكأنك تالمس مغنطيساً ،اليمكنك التخلص من جاذبيته لقوتها التي تطغى على كل أنواع األقطاب .فهو يجذبك رغم انه يح ِّلق في سموات بعيدة .لكنه يتركك رهينة عالم من الصور الكثيفة وخصوصا حينما نجده في اجزاء « بريد السماء اإلفتراضي )يحاور في عالم البرزخ كبار الشعراء الذين رحلوا عن عالمنا ، فيعيد إحياءهم في سبعة اجزاء تشتمل آالف األسئلة المتراكمة .هذا المنجز االستثنائي والمدهش اليكفي ان يحتفي به القارئ العربي بل يستحق ان ُيحتفى به عالمي ًا وهذا مايحدث حق ًا .فهذا المنجز الذي عجز النقاد عن تناوله حيث كان معظمهم يقفون مشدوهين وهم يتابعون تلك الرحلة األثيرية مع الشاعر . بين طبقات السماء حيث يكتشفون ابتكار ًا ابداعي ًا مدهشا ،بحيث يصعب علي انتقاء نماذج من األسئلة التي يطرحها ويفضل العودة إىل محرك البحث غوغل للتعرف اكثر على منجزات هذا الشاعر وأسئلته التي يجيب عليها بنفسه ألنها جميعها تتسم باالبتكار وامتالك زمام اللغة وهو يحلل شخصية الشعراء ويستكشف عوالمهم الخفية ،ويستقصى آثار
بواطنهم ،ويعريها أمام القارئ الذي غفل عن كثير من جوانب الشعراء .لدرجة مكنت الجبوري من خاللها إعادة صياغة الكثير من المفاهيم والصور حول شخصية ما .حين عرى بعض جوانبها مستخدم ًا كل براعته ولغته وخياله ومعرفته الفلسفية والدينية والتراثية واألدبية والصحفية .ليعيد إىل اذهاننا شعراء غيبهم الموت من الشرق والغرب ،بطريقة إبداعية تجاوز فيها «رسالة الغفران «للمعري و»الكوميديا اإللهية « لدانتي مثبتاُ تفرده بتلك التجربةالممتعة الرائدة والغنية .التي أكدت مع تجربته الروائية والشعرية الكثيفة أنه شاعر المخيلة األول عربي ًا وعالمي ًا لذا يجب ان يطمئن الجبوري على ان كتاباته الموزعة على الورق ،بات مكانها في قلوبنا وحواسنا وخاليانا وأدمغتنا .ألنها لم تخرج عن حبال صوتية متهرئة من عض المايكروفونات .ولم تخضع للتقليد او االستنساخ والتبعية .فهذه النصوص التي أتقنت الطيران تتوغل فينا محدثة زلزاالُ عنيف ًا خلخل كل البيانات والطقوس .واألوزان منذ حرر ديوانه «أولومبياد اللغة المؤجلة « في الثمانينات .مرور ًا بتجربته الروائية الفذة وابتكاره لقصيدة «النانو « ،وصوالً إىل» بريد السماء االفتراضي « ،حتى شعراء مابعد الورق فطوبى لك من شاعر متجدد فاضت به اللغة حتى بات يشكل طاقة جديدة ل ُّلغة األم .
43
يناير 2021 -م
باألمس البعيد كان مفعما بالحياة ،واليوم يحدث نفسه متأوها : “ آاااااااه يا نذير إنك لم تعد مدركا ما يعنيه وجودك ،ول َِم تعيش؟ وما الذي يقصدوه بالغاية؟ “ لقد فقد صلته بالحياة تماما ،وفقد رغبته في كل شيء ،وما عاد يندهش ألي أمر ،يعض أصابعه واحدة تلو األخرى ،ليس ندما ، وليس ألي سبب آخر. لم يعد نذير كما كان عليه قبل اآلن! اآلن ال أقصد به اللحظة هذه ،بل آن كل لحظة بدى لآلخرين ساذجا ! متقلب المشاعر ،مزاجيا! وسيء جدا ! نذير اآلن ما صنعته الحرب وعبثية الفوضى وتوق الحرية وحلم الخالص ..يا للغرابة ! يسأل نفسه مرة أخرى :ماذا جرى بين األمس واليوم؟ يجيبه قلبه وصوت العدم :مضت أعوام وألف جثمان! قبل عامين من اآلن كان يدرس في العاصمة صنعاء ،بينما الحرب واقفة في طريقه ،فكان مصيره أن رحل ونقل دراسته إىل الزاوية األخرى من البلد الحزين (عدن) لخطيئة اقترفها حرفه في بياض الحقيقة ،حقيقة الضحايا األبرياء من أهله وأصدقائه الذين سلبتهم الحرب أرواحهم وكل حلم دونها . تعيس ذاك المساء في قلبه ،إنه يفكر بمغادرة (عدن) والعودة إىل قريته لقضاء أسبوع اإلجازة ،ريثما يبدأ الفصل الثاني من المستوى الثالث في الجامعة ..ذلك في مطلع شتاء . 2019 أخذ يتذكر ما سيمر به في طريقه ،أطرق سارحا في تفاصيل كثيرة ،وفيه من األسى ما يكفي لجعله يلزم الصمت طويال طويال ،دون أن يلتفت ألي رسالة وصلته من رفاقه ،حتى أولئك الذين يمتعضون تجاهله ،وآخذين عنه مأخذ المزاجي ،والمتجاهل المستخف . العودة إىل القرية!!! كان هذا األمر هو أسعد ما يمكن أن يفكر به وقد حاصرته غربة المدينة ،أما اآلن ،باتت هذه الفكرة تضجره كثيرا. على كل حال ،غادر مدينة عدن صباح ذلك اليوم قاصدا محافظة الضالع .
قصة قصيرة
من أنت ؟ صالح احلقب (مريس) إذ تحتم بعد سفر ثالث ساعات ،توقف في منطقة ُ عليه مواصلة الطريق مشيا على األقدام ،فالحرب واقفة هناك في منتصف الخط العام ،وليس ألي وسيلة نقل أن تعبر الطريق سوى الريح تتخطى الرصاص الثاقبة! تسلق جبال شاهقة،برفقة الكثير من المسافرين ،ثم عبر منحدرات سحيقة ،ووديان طويلة ،حامال حقيبته وعلبتين من الحلوى العدني إعتاد أن يحضرها ألمه كلما عاد من عدن . لم تكن الطريق تلك هي سبب كآبته طيلة ذاك النهار ،ال بأس في ذلك ،فهو ابن السهل والجبل وليس يضيره تسلق هامات السماء ،إنما هناك في نهاية الطريق ،وعند بوابة القرية ،وجد نقطة تفتيش لغرباء ال يعرفهم ،يتوشحون بنادقهم . سألوه :من أنت ؟ _أنا ابن هذه القرية،وحفيد تربتها ! “قروي ونحن القرويين بطائقنا القرى”. حملوا هويته متمعنين في تفاصيلها« .غريب أنت» قالوا متفحصين تقاسيم وجهه . _”وحدكم الغرباء” أجابهم.، _قف جانبا ،ال يمكنك الدخول حتى يأتينا من ُيع ِرف بك . _وكيف يعرفني العدم ؟! سألهم ونفسه!! بعد مرور وقت كئيب ،دخل قريته حامال الهوية في يده.
أقام في القرية أسبوعا كامال ،ثم عزم على العودة إىل عدن الستكمال الفصل الدراسي الثاني. وقف مرة أخرى ،عند طرف القرية ،وفي ذات المكان الذي وقف به عند دخوله ،وأمام الغرباء ذاتهم . _من أنت ؟ سأله أحدهم . ذاهب إىل عدن . _أنا ابن هذه القرية ،وحفيد أرضها، ٌ _قف جانبا ،ال يمكنك الخروج حتى تأتينا بتصريح . _لست خارجا من الجحيم حتى آتيكم به . خارج من منزلي وقريتي .ذاهب لدراسة الجامعة . ساعة من البحث والتحري في الالشيء الذي يدركوه ويحمله معه ،سأموا حديثه وخيبتهم ،فأمروه بالمغادرة ،مضى في ذات الطريق ،يسابق الحمير التي تحمل حقائب المسافرين إىل أعالي الجبال ،في طريق ضيق ومنحدر . قبيل الظهيرة وصل مدينة الضالع ،وصعد على متن باص مليء بالمسافرين إىل عدن . قبل وصوله ،وفي إحدى نقاط تفتيش الطرف اآلخر لهذا الصراع_ صراع الحرب_ توقف الباص ،وكان ثمة خطأ ما في والدته ،وجدوه في الهوية! لم يكن من مواليد المدينة نفسها رغم أن اسمها مرفق بالهوية بعد اسم قريته التي تعد واحدة من قراها وتشعر بالنفي من بتناقض يثيرة تاريخ الحرب وعمرها .،تلك هي المناطق كل المدن ٍ الوسطى التي همشتها الحروب وعبثت بمصيرها . مضى الباص دونه وبقي ساعات هناك ،كان الوحيد الذي يعرف نفسه ،مرمي بحقائبه على جادة الطريق ،بروح زائفة باألمل ،وفي قلبه تابوت حلم ولحد وطن .حاصرته الحرب وحاصرت قلبه بنفيه بهذه الطريقة ،ليس ألجل شيء ،فقط ألنها لم تحصده ،وألنه أبى أن يموت. تمكن بعد ساعات بتعريف شخصي ومحاوالت مضنية ،من دخول مدينة عدن ،مستعدا بكل قوى صمته لمجابهة السؤال الذي ستسأله شوارع المدينة بكل غرابة : من أنت ،ومِ ن أين جئت؟
مشاركة القاص والناقد عبدالفتاح إسماعيل في فعالية نادي (إل مقه) الطاقات اللغوية واإلمكانات التصويرية في المجموعة القصصية وقع أقالم للقاصة/رانيا عبدالله ليس ثمة شك في أن القصة القصيرة كعمل أدبي فني ماهي إال حقل تنمو فيه المفردات، والتراكيب ،وتتالقح فيه الصور والدالالت لتنتج في النهاية إحساس ًا جمالي ًا وتذوق ًا فنياً. فهذه النصوص القصصية تؤكد في فحواها أن كل أحداث الحياة ووقائعها تصلح أن تكون قصة بالمعنى الحرفي؛ لكن القليل من هذه األحداث هو الذي يتحول إىل قصة بالمعنى الجمالي ،وذلك لن يتم إال إذا تناغمت لغة القصة مع الحدث وعناصر القصة األخرى ،واشتبكت خيوطها التي تكون نسيج القصة وبناءها ،فالقصة في تصوري ليست حدث ًا فقط مع أهميته أو حكاية تروى واال تحولت إىل وثيقة ترصد الوقائع واألحداث فحسب. فالقصة القصيرة لها خصوصيتها بتفجر الطاقات اللغوية واإلمكانات التصويرية التي تبرز جماليتها وفنيتها. ففي هذه المجموعة القصصية استخدمت القاصة التكثيف واإليحاء بدالً من الشرح والتفصيل ،واالختزال بدالً من التقريرية ،ووظفت اللغة لخلق تيار من اإلشعاعات المتألقة التي تتكفل بمهمة التعبير عن أدق التفاصيل بالقليل من التراكيب والصور ،فالقاصة تمتلك حصيلة لغوية ساعدتها على إبداء مهارة عالية في تعمية الدالالت وترميزها؛ ناهيك عن قدرتها على تهشيم الصورة النمطية للكتابة ،فالبوح مغاير هنا ألنه جاء بضبابات وصور ضبابية وفسيفسائية تقترب من الرؤى الحلمية. نص صحوة ص :19بطل القصة الشاب المدمنالمعلق في السماء بين الوعي الالوعي تترأى أمامه ثالثة مشاهد
44
المشهد األول :مشهد المهندس يعقوب المريضعلى السرير وزوجته بالقرب منه تعتني به. المشهد الثاني :العريس بدون عروسته فيليلة الدخلة... المشهد الثالث :جارته الحسناء (عشيقته)...ففي هذه القصة تعبير عن الشخصيةالالشعورية أو الالإرادية ،تلك الشخصية التي تثير ظروف حياتها وتصرفاتها المرضية عاطفة الحزن والشفقة .قصة مكتملة األركان تمتاز بالنضج الفني وكثافة الداللة والشحن اليسكولوجي. نص (عدسة) ص27فهذه القصة بمنتهى الغرائبية والعجائبية حين تسقط إحدى عدسات نظارة الطبيب الجراح إىل بطن المريضة أثناء إجراء العملية الجراحية لها ،واألغرب أنه لم يدرك ذلك أحد من أعضاء الفريق الجراحي ،فالحبكة هنا متأزمة، حادة ،منسجمة التقنية والجمالية ،متكئة على سارد داخلي يوتر المشهد ألبعد حد ،وسارد خارجي يلطف األجواء دون أن يعلم مأساته،
فاألخطاء الطبية ماثلة للعيان على قبيل (بتر عضو ذكري لطفل) أو(نسيان مقص جراحة في بطن جندي جريح) أو(جرعات تخدير زائدة تقود للمقبرة للتو)... نص سجينة المرايا ص :43فبطلة القصةمسجونة من الداخل لديها نظرة دونية سلبية لذاتها ،فالقاصة استخدمت الكثير من االنزياحات اإلستبدالية بحوار ذاتي متوغل في أعماق النفس ،فالتصوير السيميائي هنا ثري بالفالش باك ،فعندما تتكسر المرايا تتحرر السجينة من الداخل ،وتتخلص من حاالت الصراع اليومي المرير مع الميك آب ،وجهود فريق العناية بالبشرة ألن الذات هي ذوات جسمية وعقلية ونفسية واجتماعية وليست صورنا في المرآة. وطن في المذياع ص: 57الوطن في المذياع موت ،دمار ،أشالء. كل يمزق بعضه؛ لكن الوطن في الحياة ٌ طفلة تسقي قطة ،شباب يرصفون الشارع، عجوز يبيع الفل للمأرة ،امرأة تمسك بيد طفلها
بثيابه المدرسية لتعبر الشارع المزدحم. استخدمت القاصة في هذا النص تقنيةالمونولوج (الحوار الداخلي) بين األخ وأخيه و كان على درجة كبيرة من اإليحاء بصوره الغامضة رغم هدوئه في حدث جلل كالحرب إال إنه أفقد صواب الجميع ،فالوطن عند تجار الحروب والموت فندق عشرة نجوم ،أما الوطن عند البسطاء والمضطهدين والفقراء فهو قطة تحتاج لمن يسقيها ،وشارع يحتاج للرصف وعريس منتظر عقد فل ،وطفل يحتاج لمن يرافقه لمدرسته... ذلك كله الوطن والداعي لتذكرة السفر ،نسكن فيه ويسكن فينا سرمد ًا ابداً؛ رغم كوارثه وحرائقه التي التنتهي... إجماالً :أتكأت القاصة غالب ًا على تقنية الغرائبية والعجائبية في التعبير عن أوجاع الناس ومشاعرهم الوجدانية وفعلهم االجتماعي بفنتازيا مكللة بالطرق الساردية بين السارد العليم والرمز وتجنب المباشرة المخلة ،وعلى مايبدو فالقاصة تأثرت إىل حد ًا ما بمدرسة امريكا الالتينية (الواقعية السحرية) تجلى ذلك واضح ًا بالتعبير عن الواقع االستاتيكي(الجامد) باألحالم والخيال والتخييل والحيل والتضاد والتكوين العكسي. ختاماً :يمكن أن أشير إىل نقطتين هامتين هما-: - 1بعض النصوص وهي قليلة جد ًا كاد زمام السرد أن ينفلت من قلم القاصة. - 2كذلك بعض النهايات لم تكن على درجة عالية من المواربة والصدمة والترابط الذي يتناسب مع األحداث والتصوير الفني والجمالي.
يناير 2021 -م
ُ احلبر رحيق ِ إبراهيم جابر مدخلي
َتأ َ َ القمر على نامي أو الشمس ي ط ب ِ ِ َ األحالم وانتصري وأشعلي ثورة ِ َ ُ ْ ُ قميص يوسف لي ق َّدت أواخره ُُّ إذ كان أوله يجري على أثري ً ً ُ وكنت بيني وبيني حامال مدنا ٌ حامل شجري الحنين ومائي من ِ ٌ ُ وفي يدي من فمي حرف ألوذ به انهمارات أزماني على وتري عند ِ حتى املرايا اشتهتني واشتهيت بها ً الثلج يطفي الهب الشرر حضنا من ِ ْ رست ٌ صور وفوق أبراج صمتي بي َ َ َ تذرو إيماضة الحذ ِر الكالم على ِ ُ ٌ مسافرفي رحابي ما انتهيت إلى َ ُ ْ ُ َ ضت ترحالي مع الخ ِض ِر حر،وال خ ب ٍ َ ُ سهر أنام ال نوم في َجفني سوى ٍ سهر؟ فكيف من ٍ سهرأصحو إلى ِ َّ ْ ملت سطوري دموعي واكتفيت بما ُ سكبت من ُع ْم ِرأجفاني على قدري ُ ٌَ ُ آمنت ُ كافرة بالح ِ ّب واأليام َ ُ ُ ّ الك َب ِر وأصدق الح ِب ما أبكاك في ِ ُ خسران ُ ُّ نبوء ِبه املحبة كل ِ بمنتصر الحب ياروحي وليس في ِ ِ ُ ٌ عصف يحيط برأ�سي ،خلف جمجمتي ٌ مني ٌ ،وصوت ُ منكسر غير فتات ِ ُ َ َ ّ بالجفاف لكي نهرتغطى ِ وألف ٍ َ َّ ُ باملطر تبكي السحائب موت الن ِهر ِ
تراتيل يف محراب البوح محمد العموش -االردن
َ نخل روحي ْ يا َ أفراح موسمنا أقم َ الحبيبة صوتي لحظة َّ الس َم ِر واسق ِ َ ً مباس ِمها ولتمنح التمرلونا من ِ ِ َ َّ ً شفاه شاغبت بصري ولذة من ٍ ً ُ رحيق الحبرذائبة وجدتها في ِ َ َ ْ َّ واإلبر حل وذقتها بين شه ِد الن ِ ِ ً ُ لوال هواها ملا أبدعت قافية َ َ ّ َّ ْ ُ الش ْع ِر ِم ْن ِصغ َري وال تربعت عرش ِ ُ ُ صريع القوافي ،لون نكهتها أنا ِ ً ْ َ ََ َّ تذوقيني حروفا واجت ِني ثمري ُ ُ القلوب التي أمسيت أعزفها لك ً َ ى ليله الع ِطر لحنا يناغي الهو في ِ ُ ُ الوجود به لك الحنين الذي ضاق ِ ً ولم أزل فيه منساقا إلى سفري يا ُح ُّب يا ُح ُّب هذا العصرينكرنا نهاجركاألطيار ُ ُ فهل للج ُز ِر ؟ َّ ُ اس،وا عجبي األرض تحسدنا كالن ِ َ ُ األرض أم نبكي من البشر؟ نعاتب
وكلما أوغل ُ حسد الح َّس ُاد في ٍ َ َ َْ َُْ زدنا ارتقاء ولم نعبأ ِبمنق ِع ِر عودي لنكسرفيهم َ ليل قسوتهم ُ َ الفجرفي معراجه األثري ون ْد ِر ُك ً ً لست قادرة قلت يوما ِ عودي ..وإن ِ َْ َّ َ فارمي قميص ِك كي يرتد لي بصري !
ُ َ ُُ َ َ ُ اتين ش َــوق بـيــن َ ـر ـص ع ـ ت ـه ي ـ ن ـ ف ج بس ِ ٍ ُ ُّ ُ و ُ َّ َ َُ يع ِـتـقـهـا ف ــي ر ح ـ ِـه ث ــم يـخدر ُ ٌ َّ َع َل ْت ر َ أس ُـه مـن َحـار ِق الشي ِـب شعلـة َ َ وفـي َوجهـه مــن َيـابـس ُ العـم ِـربـيـد ُر ِ َ ِ ًَ ـاالت آث ِـم ــا ي ـغ ــاز ُل أب ـك ـ َـارالـخ ـيـ ِ ُ َ ًفتـأوي إلــى عينـي ِـه مــن حـيـث تنـف ُـر ً ُيشـاغ ُـب طـفـ ٌـل بـيــن جنـبـي ِـه الهـيــا ُ َ ُُُ َ ُ ُ ـدراملـنـى حـي َـن َيـعـث ُـر ويحضـنـه صـ َّ َّ أنــا ذلــك الطـف َُـل ال ــذي ش ــف ِرق ــة َ الط ّـل فـي الفجـر َيقطـرُ ًبـر ٌ يء َكو ْج ِـه ِ ِ ْ ً ُ أل ــوذ ب ِّـأمــي ُممـسِـكـا فـضـ َـل ثـوبِـهـا ُ َ ُ ـوب تـزه ُـر َ ْ ُ تـكـاد يــدي مــن عـاب ِـق الـث ِ ُ ـاص ُـرنـي وج ــه ال َّـربـي ِـع بمـوطـنـي يح ِ َّ فهـذا دمـي مـن الع ِـج الشـوق أخض ُـر َّ الو ْ كأن َي َطع ُـم َ ص ِـل فـي َس ْم ِـع عاش ٍـق َ ُ ـرج ُـم فــي َعينـي ِـه مــا كــان َيـسـت ُـر ُيت ِ ُ ُ وأدفا مـا فـي الكـو ِ ْن أحضـان موط ٍـن َ َ وأعـذ ُب مـا فـي العش ِـق مــا ال ُيف َّـس ُـر َّ َ أق ِل ُـب وجـه الشـو ِق فـي غائ ِـم املـدى ُ ّ ُ فـلـسـت أرى إال َك م ــن حـيــث أنـظـ ُـر لئـن ُكن َـت فـي َ در الخريـط ِـة بقـعـة ص ِ َ ًألن َـت اتـس ُ ـاع الـكـو ِن بــل أنــت أكـب ُـر ُ اب عيني َـك ساج ٌـد أنا الطفل في محـر ُ ِ َ َّ ُ َ وضـئـنـي م ــن م ـ ِـاء كـفـيــك كــوثـ ُـر ي ِ ّ َ َ َ ُّ ـرقـهُ بالشـع ِـرش ـرب ُيصاف ُـح كـف الـغ ِ ِ َ َ ُ ُ َ َّ الشرق في الغرب َم َ حج ُر وي ُحضن نور ّ ِ ِ ّ ُيـوحِـ ُـدنــا اإلبـ ــداع ح ـتَ ــى كـأن ـمــا ْ َ َ ـأردن ن ـج ـ ٌّ تـ ـ ـدي وأعـ ـ َـرق ُمـمـ ِـصـ ُـر َ ْ ـال ُيت َـم ُـه أنـا ذلـك الطـف ُـل الــذي اغـت ّ َ ُ َ َ ّ الشـع ِـر َعبـق ُـر ْ ُ ُ ْ َ ًس َّقـاه ِلبـان ّالـج ِـن فــي ِ إلن ك ـنــت إل ـفــا لـلـتـواض ُ ُـع إن َما ْ َّ ـرس الـشـع ِـر َيـحـلـو التـك ُّـب ُـر بل ّيـل ِـة ع ـ ِ ُ َ الشـع ِـرفــي دمــي ومــا هــو إال ِهــزة َ ِ َ َ ُ َ فذي دولــة اإلبــداع ٌ أرض وقيـص ُـر ِ
45
يناير 2021 -م
الفن السابع ()11 أ.خالد الضبييب
فايروس فيلم little joe
يخبرنا فيلم «جو الصغير» من بدايته بأنه خالل السنوات املاضية قد أصبح توليد النباتات وتعديلها وراثيا جانبا مهما يتم التركيز عليه بشدة من قبل الدول ،وال غرابة في ذلك؛ فإن سوق الورد ونبات الزينة ً مثل يتجاوز 30مليار دوالر سنويا ،ولهذا نجد اهتمام دول كثيرة من بينها أمريكا والصين بهذا املجال إلى جانب أستراليا ،إلى جانب اليابان التي أنتجت أول زهرة معدلة وراثيا واطلقت عليها اسم اإلطراء. إن نجاح أي تعديل وراثي يعد سابقة عاملية وحدث فريد ،وهذا ما يجعلنا نرى سعي الدول إلى اكتشافات جديدة في هذا املجال، قد تجعلها األولى وفي مقدمة العالم في هذا الجانب املهم ،وقد حذر األطباء كثيرا من النباتات املعدلة ً وراثيا ،رغم بعض الفوائد في الحياة التي تساعد البشر على توسيع اإلنتاج وتطويره ،مع هذا كله ال يمنع أن أي خطأ في التعديل الوراثي ذلك الذي قد يسبب مشاكل عاملية منها حدوث طفرات في الكائن املحور وراثيا واستحداث مستويات مرتفعة من السموم في بعض أنواع الثمار إلى جانب ظهور حساسية غير معروفة يمكن التنبؤ بها تضر صحة البشر من بعض النباتات بعد معالجتها أو تعديلها وراثيا. إن تركيز الفيلم على األخطاء الناتجة عن توليد الزهور املعدلة وراثيا ،جاء في محاولة إلى لفت النظر نحو أضرار التعديل الجيني الوراثي في النباتات بشكل خاص ،وفي مجال التعديل الجيني بشكل عام ،فهو يحاول اإلشارة إلى أن إحداث أي تغير في التكوين العام ألي كائن بشري أو حيواني أو نباتي -الزهور مثال -قد يترتب عليه مشاكل بيئية كثيرة ،وربما أضرارا مجتمعية ،وكل هذا يعود إلى الطمع والسعي خلف الربح املادي أو االبتكار العلمي والجوائز الدولية ،مع أن بعض الثمار تفقد طعمها وبعض الزهور تفقد رائحتها؛ جراء هذا التدخل الجيني الذي أصبح يركز على السوق التجارية بشكل هائل، رغم وجود اتفاقيات عاملية تعمل على مراقبة هذا التعديل ومحاولة وضع معايير منضبطة له. يحاول فيلم « » little joeالتركيز على فكرة الفايروسات التي يتم بها التعديل الوراثي والتي تحقن في املختبرات ،وكل هذا يؤكد فرضية أن انتشار أي وباء عالمي قد تتدخل فيه يد البشر ،ولم يعد للصدفة دور كبير بعد أن تدخل البشر في أمور بايلوجية ،فمن خالل رؤية
46
الفيلم نجد انزياح دول كثيرة نحو التلقيح املخبري والتعديل الوراثي ألسباب عديدة تطرح دائما على أساس أنها إنسانية ولكنها ال تبدو كذلك مع الوقت ،وعند تتبع املواد التي ذكرها الفيلم في التوليد املخبري سوف نجد أنها مواد تؤثر على صحة البشر تحديدا في ُ األمراض النفسية والتنفسية واملعدية ،إذ يشير إلى إحدى هذه املواد والتي بدورها تقوم بتحفيز هرمون األوكستيسين املعني بالحب والعالقة الجنسية وتحفيز السعادة والعالقة كمثال ،مشيرا إلى أن
يناير 2021 -م
هذه املحفزات الهرمونية التي يتم االستعانة بها في املخابر أصبحت رائجة ً عامليا من خالل عدة منتجات منها تلك املعنية بالعالقات البشرية والصحية والغذاء والتجميل ،مثل الورد وأشجار الزينة والثمار وغيرها. فيلم little joe تدور أحداث فيلم « » little joeفي مختبر للزراعة الجينية ،والذي من خالله يتم صناعة ورد معدل وراثيا ،حيث تنجح «آليس» التي تقوم بدورها املمثل « إميلي بيشام » الطبيبة في املختبر باكتشاف طريقة جديدة تجعل نوعا من الورد يجلب السعادة لكبار السن، لكنها تفاجأ بأن الوردة املعدلة ً وراثيا والتي تم حقنها بفايروس معين لتصبح عقيمة التوالد والتكاثر -بأنها تقوم ببث هرمونات من خالل تعامل البشر معها تجعل كل من يشتمها يكن لها مشاعر قوية، وفي نفس الوقت تؤثر على العالقات بين البشر عن طريق العدوى بحثهم على االهتمام بها ،ومن األعراض الجانبية فقدان الذاكرة واملزاج املتقلب والخرف .تحاول زميلتها في املختبر والتي تفقد كلبها وبعد احتمال انه شم من الورد -إعالمها أن الفايروس املحقن فيالوردة له نتائج ضارة سببت هذه الحاالت في كل األشخاص الذين تم إعطاؤهم عينة من الوردة ولكن مجموعة املختبر تنفي ذلك وتعيد هذا التحذير إلى أن زميلتها تعاني من مشاكل نفسية وأسرية ولكن آليس تالحظ بعد أخذ عينة مللبيت أن ابنها جو والذي قامت بتسمية الوردة باسمه قد بدأت عليه عالمات التغير إلى جانب أن صديقها في املختبر والذي كان يكن لها مشاعر كبيرة قد أصبح أكثر قربا من الوردة وحين تعترف له بأن الوردة بعد حقنها بالفايروس ربما أصبحت ضارة وتسبب املرض بسبب حقنها ولكنه يرفض ذلك وعندما تحاول آليس إتالف املجموعة يمنعها بعنف لتسقط على األرض لتحاول إقناع نفسها بأن ما حدث مجرد رهاب التفوق والنجاح بعد أن يشعرها مدير املختبر أن الوردة قد تحصل على جائزة في مؤتمر عالمي … كواليس فيلم « » little joe بالنسبة للجانب الفني فإن مخرجة العمل «جيسيكا هاوسنر» إلى جانب تقديم الرؤية واملوضوع ،وتحديد املشكلة املطروحة ،إال أنها أيضا نجحت بإطالق فيلم يتحدث عن الورد بكل إبداع وإدهاش، ونالحظ ذلك من خالل ألوان املالبس املميزة لبطلة العمل آليس وشخصيات العمل التي تنوعت بين ألوان زاهية منوعة جذابة؛ تعكس فكرة العمل في مختبر للزهور ،إلى جانب املوسيقى التصويرية الهادئة ،والتي ترافقت مع سير األحداث البطيء جدا؛ والتي تبعث الراحة والسكون لدى املشاهد ،إلى جانب الديكورات املختارة بعناية ً انطباعا ً مريحا ،رغم حبكة في مجمل مشاهد العمل والتي أعطت َ َ العمل املثيرة للجدل ،إلى جانب أنها استطاعت سلسلة العمل بشكل كالسيكي بسيط وهادئ ،وقامت بترك النهاية مفتوحة.
فيلم little joeفيلم درامي من إنتاج 2019لم يحصل سوى على 5.9 على موقع imdpبطولة إميلي بيشام بدور آلس وبن ويشا بدور كريس وكيت كونور بدور الفتى جو وآخرين ومن إخراج جيسيكا هاوسنر، وقد حصدت بطلة الفيلم املمثلة إميلي بيشام على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان السينمائي في دورته ال 72عن دورها في شخصية آلس.
47
يناير 2021 -م
نقوش ملونة
سلطان الصرميي وحتوالت القصيدة الشعبية
زهير الظاهري
إن القصيدة الشعبية اليمنية لم تلق حقها من الدراسة واإلهتمام والتنظير تاريخيا لتفجير طاقاتها المخبوءة واستخراج جواهرها المدفونة إال من جهود الدكتور عبدالعزيز المقالح الجبارة في إنقاذها من الضياع في ثمانينيات القرن العشرين والذي درسها و َن َّظر لها حتى وقفت على أقدامها بلباسها التراثي ،تصهل وترقص أمام العالم ،وخرج لنا بدرتين هما من عيون الشعر الشعبي اليمني « ضبي اليمن « و « صنعانية « ،
ورغم جهود الدكتور املقالح في هذا املجال إال أن قلة الشعراء املجددين فيها جعلها تتعثر قليال فلم تستطع أن تجاري القصيدة الفصحى وتنافسها ، إضافة إلى أن املقالح كان غارقا في القصيدة الفصحى ودراستها ولم يكن مروره هنا إال نزهة بالنسبة ملا قدمه للقصيدة الفصيحة من دراسات وقصائد ، لكن يبقى كتابه بالنسبة للقصيدة الشعبية منبرا عاليا ونقطة تحول تاريخية وال يمكن املرور عليه مرور الكرام ،وإضافة إلى ما تم اقترافه بحق هذه القصيدة من اإلنتهاك الفاضح والصارخ لها من قبل مئات املدعين انتسابهم إليها زورا وبهتانا من الذين أفقدوها حيويتها ونزعوا روحها حتى أصبحت كسيحة ،وأباحوها في األعراس حتى أصبحت شوترية في كل الخيم والصاالت ،زاد املتنطعون عليها وباسمها ،أصبحوا يرتبون القوافي على السطر ويكتبونها بنمطية جلفة وبقوالب جاهزة ومعان معلبة ليس لها من مالمح الشعر �شيء ، حاولت أن أفتح أمام القارئ اليمني هذه النافذة املطلة على التراث والقرى والجمال العذب الذي يركض في العيون واآلذان ،ليتجلى الجمال القروي الحر في بساطته ونقائه ،لتسلط الضوء على ما كاد أن يغيب من ذاكرة القصيدة الشعبية والقارئ اليمني ،منذ أشهر وأنا أقرأ الكثير من الشعر الشعبي اليمني بدأت أفكر ملاذا ظلت القصيدة الشعبية جامدة مقارنة بضرتها الفصيحة والتي تنبهت لذلك وانقلبت على القولبة والنمطية حتى أصبحت شديدة املرونة ؟ وملاذا تتقوقع القصيدة الشعبية في قمقمها ؟ ملاذا تحافظ على كل تلك النمطية الرتيبة ؟ نمطية القافيتين ..نمطية البداية والختام املكرورة في آالف القصائد ..نمطية املدح والهجاء والفخر .. وكل هذه النمطيات التي تحد من اتساع القصيدة الشعبية وتفجرها .. فجأة ملعت بذاكرتي قصيدة قرأها علي أحد األصدقاء قبل سنتين أو أكثر ..قصيدة خارج كل ًتلك النمطيات ..وشاعرعها خارج كل تلك النمطيات أيضا .. أبجدية البحر والثورة للدكتور سلطان الصريمي أو سلطان القصيدة الشعبية ..قصيدة مرنة ومتفجرة وممتلئة بالحيوية والنشاط .. سلطان الصريمي أحد أبناء محافظة تعز ولد في قريته الحجرية مع بزوغ شمس الحرية عقب الحرب العاملية الثانية 1944م في أوج الثورة العلمية والحضارية وتالقح الحضارات وتزواجها ،كتب الشعر ببساطة القروي القادم من الريف املليء بالهموم والطموح والثورة والتمرد ،احتفظ بلهجته وصعد بها ومعها ،لكن قرويته البريئة والجميلة لم تمنعه من اإلنغماس في مياه العالم املتحركة واملتدفقة بغزارة فكان مجددا في قصيدته ومتدفقا في كتابتها فخرج عن القوالب والنمطيات وتمرد على كل �شيء داخل القصيدة وخارجها وانسكب فيها كشالل ،لم ين�سى قرويته ولهجته وهو يغرق في شوارع موسكو ودهشتها املرعبة وثقافات العالم الحر واملنفتح ،حصل على الدكتوراة في األدب
48
الشعبي اليمني من جامعة موسكو ، وهو صاحب القصيدة الشهيرة يا عم مسعود يا مغادر البلد له عدة دواوين شعرية شعبية منها هكذا يبدأها سلطان البحر والثورة سلطان الجمال العذب : ّ أنيت من باطلك يا قاتلي وقلت للناس :قاتلنا حريف ومن سمعني ضحك وهزكتفه عجب إال املسافر شبع.. من موتتي معرفة وصاح مثلي :غلط ! من يكتوي مرتين!!! باركت جرح الشموخ وتضحيات السفر ومن حنيني الى ورد الخدود ونهدتي ألجل حب الفاتنة حفرت في الوجنتين وصيتي للصغار: “بين أفخاذ الفجيعة تنبت الثورة وفي الصدرالذي يدمي يكون النصر» يمتاز شعر سلطان الصريمي بسالسته وعذوبته وتدفقه كشالل خضرة ،بدأت أبحر في عوالم هذا الشاعر من هذه األبجدية السابقة ،غصت فيها ، وتقلبت في أفيائها ،ووديانها وصعدت الجبل ونزلت الغربة والشوق واإلنتظار ، الوادي وكابدت ُ ّ ضبحت من كثر ِمال�سي على ظهرالوجع ّ ما ينفع الجرح ُمالس ُأشتيك تنفض غبارك لنجران وردة ترسل ُ من مشاقرنقم ُ وقبلتين من عدن وان غاب عليك املسافر دليلك البندقيةَ .... لو ترى كيف نجران ش ِجن عودتك ينتظر ُ من ِج ِزع يسأله: كيف رأيت البالد؟ الحبيب /الحبيب؟ كيف رأيته؟ ُمبندق؟! الجنبية؟! راكز ّ ُ يفلت سالحه دقيقة قللله :ال ِ الطهاشة كثير الطهاشة كثير ّ جرب صالة التحدي وذاق فرض التغراب وعانق الهم كله
شاف الوسط يبترع من الطرف للطرف يجرمعه من ر�ضي َ العرو َسة لغرفة وشاف باقيتهم يجرجروا املعجزة الكتابة الى طريق ُ بسيف مشروخ نصين “ رأس ناشف “ باإلضافة إلى سالسة شعره وعذوبته وتمرده لكن الشاعر ظل محتفظا بشخصيته القروية العنيدة املليئة بالكبرياء واألنفة والتي ال تقبل املراوغة حساب مبادئه التي يؤمن بها ولو كان والتدليس على ً الثمن فادحا جدا ،أو كما يقول أهل القرى « رأس ناشف « وهذا يتجلى في قصائده : ـ ِق ِطعوني وصال اشربوا من دمي اقتلوني أنا مش ّ مخرب أنا مش ّ مغرر أنا في وريدي اليمن وبين دموعي اليمن وه ــذا اعترافي إلفنا جمال العيون وغمزاتهن يسحرين الفؤاد وحين نضيق من َ التريهة وتغفي الحقيقة بعزالنهار ُ ّ نغني: من يخدعك يا محصنة جزع له أنتي ألهلك ُ والكريه ُألهله صد ِقك خلود وكذبهم فقاقيع حصنك جبال وحصنهم مرابيع والصادقين ُ يشدهم ُ حنينك يكفي امل ّ شوق ِ غمزة من عيونك الرعد يأتي والبشارة معه والسحابة تشن املطر ُوقوس قزح تنقششه الحبيبة. مصور فوتغرافي وأنت تتم�شى في هذه الوديان الشعرية فتشتم املشاقر وتعانق الجبال والسحاب والحصون وتحتضن قوس القزح ،ثم ينقلك بسرعة في املقطع الذي يليه إلى مشهد من أق�سى مشاهد الكفاح والتضحية والنضال وهو مشهد استشاهد الحرف على ظهر الرصاصة بلقطة دراماتية ال يلتقطها إال مصور فوتوغرافي خارق ،
بزنبيل حزني حبوب املجاذيب يتخاللين بحزني انكسار انتظار انتصار ّ تعودت أطوي جراحات حزني بحزني ُأ ّ عبي مالءة ُجيوبي عزائم لصد انكساري وأغرف من الصبرما يكفي زمان انتظاري واشرب من الضوء ما يروي عروق انتصاري والسواعد لها في حياتي نصيب األسد إذا فالخت في طريقي املصيبة تموت العواطف يستشهد الحرف فوق الرصاصة وحينما يصرخ بكل صوته البلدي وبكل بساطة الشعر وكثافته اشتعود اشتعووووود يفجر ينابيع األمل في ذهن القارئ ويضرب على جدار الذائقة واحدة من أروع وأبسط الجمل العريضة اشتعود اشتعووووود هنا كان الشاعر يتفجر أنهارا من األمل والثقة بعودة الوطن واملواطن وال يترك مجاال لليأس فهي أبجدية البحر والثورة وال يليق بهذا الثنائي سوى ذلك ، ثم كانت هذه النهاية الفانتازية املدهشة ،في تالحم أجزاء الوطن وأجزاء القصيدة الشعبية اليمنية ،على وقع صوت السيل القادم من أعماق التاريخ اليمني الذي ينعبش ذاكرته ليعيد لليمني هويته التي كاد ينساها في عتمة واقعه املتشظي يا سيل صوتك ُينعبش هاج�سي وعرف صنعاء مع صوتك يفوح لونك بذهني ِسبط ال ينت�سي يم�شي معك حيثما تشتي يروح تختلط بك دموع القرى والشجر الح�صى والجبل والتراب التراب الذي بين ماءك جميل عسير يتكحلك واملكال ّ تخضب يديها بمائك فرح ترتعش للوصال العظيم..
بيت القصيد إشراف /رنا رضوان
أبجديات أنثى
واغربتاه
يناير 2021 -م
فلسفة التناقض
ولـيد َ احل َواري -سورية
عزالدين احلميدي -اليمن
لنونك فوح كفوح الزهور ٌ ومسك ٌ َ عتيق وروح البخور ٌ ٌ وخمرولي سحر لبائك رضاب أماني فؤادي الصبور لك الحب أنت الجمال الذي ِ ٌ محال يقال ببعض السطور أميط اللوائي شغفن الجوى وآتي إليك غزيرالشعور
َ ُ الليل يبكي ُّ وكل الكو ِن مضط ِر ُب َ ٌ تباريح ومنت َح ُب النهار وفي َ ُ َ ِ ٌ ُ متاهات وظلمتها الدروب وفي ِ َ َ ُ وشمع التوق ينقلبُ تغ�شى العيون ِ ِ ُ ُ ُ ُ َّ َ ان ُيرش ُد ُ ه الفلك يبحرال رب ِ ّ شط لنا َرحبُ َ وال َدليل إلى ٍ ِ ُّ َ تؤمننا سبيل إلى وال أرض ِ ٍ ُ َ لألرجاء تنقلبُ وال السعادة ِ ِ ْ ضاقت فاملُ ُ ُّ قام ِب َها األماكن كل ِ َّ ُ ْ ُ كمن يعلق باألخشاب َ ينص ِل ُب ِ َ ْ ُ ُ الهناء َمضت ..فأيام واغربتاه ِ َ َّ َّ والقهرقد ً ُ قلوبا هدها الت َع ُب َ ُ ُ واغربتاه ُّ حقرنا وكل الناس ت ُِ ِ ُ َ ُ واغربتاه إذا األوطان تغت َ ص ُب
بأي الخطايا قالني الهوى ٌ وقلبي لديك جريح وقور وكم حاردربي ولكنني ٌ مكين لديك ووجهك نور ذريني ً وليدا يخاف النوى ً اشتهاء بدفء الصدور يموت
وقولي أحب ً فؤاد غوى ً وروحا بجسمي وروحي تدور وزفي َّ إلي ُوزفي الجوى ِ فإني أحب الزفاف الجهور ٌ محال يعيش الهوى داخلي ُّ إذا أنت لم تمنحيه الظهور على سدرة الروح في املنتهى يمور الذي في الهوى ال يمور الحب ٌ ٌ شرع يجيزاللمى وفي فعذب اللمى ِمن أحل الخمور
لوحة للفنانة التشكيلية مريم الشمالوي
خالد الشرايف -اليمن
َ ض ٌ ُّ طب ُق جيج ُم كل ما َحو ِلي ِ وسكو ٌن بـالـمـآ�سي يـنـطـقُ َ ٌ َ ُ َّ يغتلي مت لهيب جوهرالص ِ ُ َّ ـدوء يـأبـقُ الناس ه ٌ َّ ضـجـة ِ مــا نـ ُ ـراه ل ـي َ ـس إل ضـ َّـده َ ُ ـرح ي ُ ف ٌ ـبدو كحـز ٍن يـغ ِـرق لم َي ْ َ ْ ّ للحب َمعنى َفي الورى عد ِ لم يـع ْـد للوصل قـل ٌـب َيخـفـقُ ْ َِ ِ ُ َّ ْ ـا ه ودعــت تِـل َـك الـمـنـى آمـالـ ُ ٌ وتــال الـي َ ـأس قـنـوط أحـم ُـق َ َ َّ ََ أضحى سـائِـ ًدا اريخ نـت ُـن التـ َ َ ِ َّ رجنا ال يـعـب ُـق والشذى في مـ ِ يا نـوى يا ق ُ ـرب ياحـل َـم الـهوى ُ َ َ ُ في األ�سى والحز ِن ق ِلبي يحرق َ ّ ـرب صـاح ٌـب مـا دنـا مِـنِـي بـق ٍ َ ّ أو قال ِني في النوى َمن أعش ُق ّ يجري َبعيدا َأو َهنا؟ ما الذي ِ ُ الجهل إال ُبـنـدق ما ً لنـا في ِ ً زعـمـوهــا ثــورة شـعـبـيـة ُ ُ ب ْـل ه ً (الب ُردق) ـراء يـعتليـه َ ٌ َ ُّ َ ُ ـاج ًـزا عـدم يـرتـد يـغـدو ع َ ِ ّ غربوا أو ش ِّـرقوا َ م ذهبوناِ ، ْ َ َ ُ الفرس غدوا َّأسيادنا مذ أتى َّ كـلـمــا ذيـ ٌـل عـالنـا صـفـقـوا ْ ع َـفـن ًـا صـنعـا َب َج َ نبيهـاحـوت َ َّ ْ ودعـت ك َّـل ف ـنــو ٍن نـعـش ُـق َ ْ كل ّ الدنى ً مت ُّ قبحا لهـا قد ر ُ ٌ ْ وموت ُيحدق تصطلي ُبؤسا ْ ـوم ْ من َمآسينا ُنـج ٌ قد هـوت ِ ِ ً َ َ ل ُّلدجى امل ُ قدور تـيـهـا ت ُ سبق ِ ِ ِ يـا بـ ٌ ـالد نـح َـتـسـي َ آالم ـهــا ِ ُ ْ كم َسقـتنا ِبالـمـآ�سي تـغ ِـدق َ َيـستـ ِوي ِفـيهـا َبـق ٌـاء أو فـنـا الـمـنـايـا مِـ ْن ع ـنـ ٍـاء أشـف ُـق
49
يناير 2021 -م
ق�طو ف� ع ب�ير��ة
إشراف /علي النهام
الباب العالي جنود القاضي -اليمن
َ عل ـ ـ ـ ــى بابه ـ ـ ـ ــا العال ـ ـ ــي تركن ـ ـ ـ ـ ــا ِظاللن ـ ـ ـ ــا َ َ فظ ـ ـ ـ َّـل ُ هللا يتل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو جاللن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وغبنـ ـ ـ ــا ُ وثقنا بـ ــه رب ــا ً م ـ ـ ـ ـ ــن ُ الحـ ـ ـ ـ ّـ ِ ّـب ,عين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ٔ ترب ـ ـ ـ ـ ـي اغانين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وترع ـ ـ ـ ــى ِغاللن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ِ ً ّ ـات غيمـ ـ ـ ـ ـ ــة نم ـ ـ ـ ـ ُّـر بدخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـان النهايـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ِ ً ُ َّ يعيد اشتعالنا مخضرا – بها العمر – ّ ٔ ٔ ُ َّ َ ـذل را َس ـ ـ ـ ـ ـ ُـه ٕاذا نك ـ ـ ــس التاري ـ ـ ــخ لل ـ ـ َـ ـ ِ وفــاق احتم ـ ـ ُ ـال الشـ ـ ـ ِّـر فينـ ــا احتمالن ـ ـ ـ ـ ـ ــا َ صعدن ـ ــا ٕال ـ ــى قحطـ ــان من كل بقعـ ٍـة ُ الشمس تقف ـ ـ ـ ــو ِنعالن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا نسير وعيـ ـ ـ ُـن ِ ٌ ولو ك ـ ــان مـ ـ ــا بالقل ـ ـ ـ ِـب ٕاال رصاص ـ ـ ـ ــة َ َ َ لكان الجن ـ ـ ـ ـ ُ ـوب الح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـر ينع ـ ــى شمالن ــا ولكنن ـ ـ ــا ُ بالحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـب ٌ روح ٕاذا اشتك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ِ ً ٔ ْ تداعت ل ـ ـ ـ ــه االجسـ ـ ـ ُ ـام حزن ـ ـ ـ ــا خاللنـ ـ ــا ُ ـش ,وم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٔـا ٌ الت َّب ـ ـ ـ ُـع املق ـ ـ ـ ـ ـ ــدام جي ـ ـ ٌ رب لنـ ــا ً ٔ ُ َ ول ـ ـ ــن تثق ـ ـ ـ ــب الفيران يوم ـ ـ ــا جبالن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ٓ لنـ ـ ــا هده ـ ـ ـ ٌـد ينس ـ ـ ـ ُ ـاب من ك ـ ـ ـ ـ ِ ّـل اي ـ ـ ـ ٍـة َ سيظه ـ ـ ـ ـ ُـر باس ـ ـ ـ ــم الــله يروي نضالن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا
وها نحن قد ثرنـ ـ ـ ـ ـ ــا علـ ـ ـ ــى ك ـ ـ ـ ِ ّـل طار ٔ ٍي َ َ للنقص الكبي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـر اكتمالن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لنثب ـ ــت ِ ُ َّ ْ ـا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ه عهود ـت بالدي لهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا بلقي ـ ـ ــس وف ـ ـ ـ ـ ـ ّ ُ عبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ساللن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وهـ ـ ـ ـ ــا ه ـ ـ ـ ــي بالبش ـ ـ ــرى ت ِ مس َ فمـ ـ ـ ـ ــا قيم ـ ـ ـ ُـة الدني ـ ـ ـ ــا ٕاذا َّ قلبهـ ـ ـ ــا م ـ ـ ــن الح ـ ـ ـ ــزن ِق ٌ طمير ورام اغتيالن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ِ َّ َّ ُ نشيدن ـ ـ ـ ــا , عل ـ ــى مل ـ ـ ـ ـ ِـة السـ ـ ـ ــال ِل يحيا ّ ومن سي ـ ـ ــرة الحم ـ ـ ـ ـ ْ ـدي نغ ـ ـ ـ ـ ِـذي عيالنـ ـ ـ ـ ــا ِ ً عل ـ ـ ــى بابه ـ ـ ـ ـ ــا العالـ ـ ـ ـ ـ ــي تركن ـ ـ ـ ـ ـ ــا حناجـ ـ ــرا َ ً فعدن ـ ـ ـ ــا جماهي ـ ـ ــرا نغن ـ ـ ـ ـ ـ ــي ارتجالنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا : ُ ٔ ْ ُ ـدت لن ـ ـ ــا الهـ ـ ـ ــوى العذراء اه ـ اليمن ٕاذا َ ّ َ سنه ـ ــدي تـ ـ ــراب الع ـ ـ ـ ِـز فيه ـ ـ ـ ـ ــا رجالنـ ـ ـ ـ ــا
50
فيزياء معبر النهاري -السعودية
َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ َ ُّ ؟ ـة ـ ـ يئ ط خ ض ع ب ق ش ع ال وا ن ت ُابوا -أظ ٍ ِ ِ َ َ َ ُُْ َ َ َ ـوب ِجراحـ ـ ـ ـ ـ ـا ف َمَضـ َـ ـ ــوا ِبخيب ِ ات القل ـ ـ ـ ـ ـ ِ َ ُ ّ ُّ ُ َ وع لـ َم ـ ـ ْـن ت َعت ـ َق ب ْ اسـم َ ـا ـ ه م الد وا اغ ص ِ ِ ِ َْ َ َ َْ َ َ َ ْ ُ َّ ثغ ـ ـ ـ ــر الن ِبيـ ـ ـ ـ ـ ِـذ وأيقظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوا األتراح ـ ـ ـ ـ ـا َ ُُْ َ ٌ ـوب َم َح َّبة (صبـ ـ ـ ـ ـا) َر ْه ـ ـ ـ ـ ُـن القلـ ـ ـ ـ ذ ُابوا! ِ ِ َ ََ ْ َ ص َب َ ُ َ صل ْالَ َساء َ احا ِ ْغ َزلت على خ ِ َأ َنا َه ُ اه َنـ ـ ـ ـ ــا َه ْـم ُ ـه ـ ـ ـ ـ يل ن ل ) ـم ـ ـ ـ ـ ـ ي ل ك (ال س ِ ِ ِ ِ ِ ِ َ َْ َّ َ َّ (الت َف ُ رع ُن) َحط ـ ـ ـ َـم األل َواح ـ ـ ـ ـ ـا َو ُهنا َ َ َ َ َ ْ َ ً يخـ ـ ـ ـ ـ ــي ِف ـ ـ ـ ـ ــي مـ ـ ــد ِاري ن أ َه َّي ـ ـ ـ ـ ــا ـة ـ ـ ـ ـ ـ ـ م ج ن ِ ِ َ َُْ ْ ُ َُّ (ال ِف ِيزَي ـ ـ ـ ـ ـ ُـاء) تفل ِس ـ ـ ـ ـ ـ ــف التفاح ـ ـ ـ ـ ـ ـا َ ْ َ ُ َ َّ َ وحـ ـ ـ ـ ـ ُ َأ ْو َف ْ ف ُر َ ـه ف ج ـم ـ ـ ـ ي غ ال ف ي ـ ـ ـ ـ ل ط اه ِ ِ َ ََ َ ُ َ ُ ْ ُُ وق َم َراح ـ ـ ـ ـ ـ ـا َ ْ وم َض ـ ـ ـ ـ ــى َ َي ُّع ِال ـ ـ ــج ِبالبـر ِ َلـ ـ ـ ـ ـ ْـو َت ْم َنحي ـ ـ ــن ال ـ َج ْم ـ ـ ـ َـر ب ْع َ ض تلفـ ـ ـ ٍـت ِ َ َ َ َ ُ َ َْ َْ َ أه ـ ـ ـ ــدى ِإلي ـ ـ ـ ـ ــك ِسالم ـ ـ ـ ـ ــه وارتاح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا ً َ َ ْ ً ا ـ َول َع َاد َه ـ ـ ــذا الـقل ـ ـ ـ ُـب ِطف ـ ـ ـ ــال َحالِـم ـ ـ ـ ـ ـ ْ َ َ َّ َ َ َ ُ ْ َب َس َمات ـ ـ ـ ـ ُـه ُت ْه ـ ـ ـ ـ ِـدي ال ـمج ـ ـ ـ ـ ـ ــرة راح ـ ـ ـ ـ ـا َ َ َْ َ َ َُ ََََْ ْ ـت ـ ـ ـ ـ ن ب ه ر ت ـوب ـ ـ ـ ـ ـ ن ج ـ ل ا ) ـة ـ ـ ـ م ي ر َّ(م ـن ـ ـ ـ ـ ك ل ِ ِ َ َّ َ َ َ ْ ُ بالضنـ ـ ـ ـ ـى األ ْر َواح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا َْو َمض ــت ت َج ِّم ـ ـ ـ ُـر َ َ َ َّ َ ْ َ َ ْ َ َ ُ ـت ـ ب ه ل ت ) ـل ـ ـ ـ ـ ي ل خ ـ ل (ا ان ج ـ ـ ـ ـ ـ ــارت ف ِني ـ ـ ـ ــر ِ ِ َ ْ َ ُ َ َّ َ ْ َ ُ ََ َ وال َكـ ـ ـ ــون قطـ ـ ـ ــب َوجه ـ ـ ـ ــه وأشاحـ ـ ـ ـ ـا ّ َ ُ ً َ الس ـ ـ ـ ـ ـلم َِج ِديـ ـ ـ ـ ـ َـرة َيـ ـ ـ ــا ن ـ ـ ـ ـ ُـار كو ِن ـ ـ ـ ـ ـ ــي ِب ً َ َّ َ َ ًْ ُ َ ُ َ وزن خا ِفق ـ ـ ـ ـ ـ ـا نواحـ ـ ـ ـ ـا بـ ـ ـ ـ ــر َّدا يـ ـ ـ ـَ ـ ــد ِ َوت َ ص َاب ـ ـ ـ ـ ــري ي ـ ـ ـ ـ َـا ُروح ُُسكـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـر ق ْرَ ي ـ ـ ـ ت ي ِ ِ َ َّ َ ْ َ َّ َ َ ْ ق ـ ْـد َ صـ ـ َ َـار ِمل ًحـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ع ـ ـ ـ ــذب الـمـالح ـ ـ ـ ـ ـ ـا َ َ اغ ْل ـ ـ ـ ـ ـ ُـت َأ ْب َو َ الس َم ـ ـ ـ ـ ـ ــاء بأ ْد ُ اب َّ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ع م ش ِ ِ ِ َ َ َ ْ ُ َْ ُ ََْ َُْ وط ِفقت أه ـ ـ ـ ـ ـ ِـرق (لهف ِتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي) مفتاح ـ ـ ـ ـ ـ ـا َق ْد ُذ ْب ُت فـ ـ ـ ـ ـ ـي َغ َبش ْال ُق ُن ـ ـ ـ ــوت َف ُم ْه َ ي ـ ـ ت ج ِ ِ ِ َ ْ َُ ِ َ َ ُ َّ َ ْ ن ْحـ ـ ـ ـ ـ َـو السم ـ ـ ـ ـ ِـاء تتر ِج ـ ـ ــم ِالفصاح ـ ـ ـ ـ ـ ـا ُ ْ َ َ َ (آذ ُار) ْال َقصي ـ ـ َـدة ف ـ ــي َ ـي ـ ـ م د م ـ ـ ـ ــذ م ـ ـ ـاج ِ ِ ِ ِ َ ُ َّ ُ َ َ ً ََ َ َ َ وأن ـ ـ ـ ــا أفتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـح سوسن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا وأقاح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا َ ُْ َ ُ وم َم ِخ ُيل ِت ـ ـ ـ ــي َب ْر َع ْمت فـ ـ ِـي ش َب ـ ـ ـ ـ ِـق الك ـ ـ ـ ـ ُـر ِ ََْ َ َ َ ُ َو َمضيـ ـ ـ ـ ــت أ ْوق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـ ُد ِطينت ـ ـ ِـي أقداحـ ـ ـ ـا
ق�طو ف� ع ب�ير��ة
يناير 2021 -م
إشراف /علي النهام
ُتخطئ يف النفور ٌ غزالة
د .مستورة العرابي -السعودية
ً ّ مني يتهيأ املعنى ويفلت ٌعنوة ٌ مطال القرط أغنية مهادنة وباسم الكحل أن�سى الباب مفتوحاً وفي ّ عيني أسئلة األنوثة لم ّأكن وحدي ُ التكثف في دمي لغة “ ّ السراة استرقت من رأيت قامة سيرتي ال الريح تمحو ما ّ أهم ِبه وال ّ األيام تفطن الحتماالتي وهج�سي ّ في الليل يملكني الهواء -أخف .. ّ مرآتي التوتر ّ الو�صي صخرتي زمني أعيد تشكيل الغبارمن الخرافات القديمة ّ أسترد طفولتي األولى ً ّ أحن إلى “ الشفا “ ً رحبا ومفتتنا ّ أقص حكايتي للغيم ّ التجمل في الكالم أنتبذ املباح من ُ ُ ولست أتبع غيرنف�سي ٌ ّ ضبابي املالمح شجن ّ يستلذ ّ أرق كالورق املطاوع مدام روحي سيرة الفو�ضى َ ّ ّ الطائفي “ النجي رفاقي “ الورد جبال أجدادي وقافيتي الشهية لم أراهن بانتمائي ً بالخرائط في دمي ً حجازيا وترا ولم أهجس بغيرالناس في ٌرئتي وتخطئ في النفور غزالة إذ أنا املرآة من رأ�سي لرأ�سي !
داع َأنيـق َو ٌ
يف رثاء حامت عيل
جبر بعداني -اليمن
َ َ َ ط ـ ِّـيـ ٌـب َحـ َّـد تـ ْـســت ــثي ـ ُـر العنادا َ ٌ ِ ُ ُ ْ وب ـ ِعي ــد فال تطال انـ ـ ِتــقادا للمعالي َ و َقـ ْـفـ َـت َن ْ َ شهيد ص َب ٍ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ ليت ِشعري أما مــللــت انـ ِـفرادا؟ ُ ْ ٌ َ ْ َ َْ ـش أنت ِمث َ َل َخــطــفـ ِـة َو َْح ٍي مــد ِهـ َ ْ َْ َ ْ كيف بالوع ـ ِـي أحتويك اص ِطــيادا؟! ُ َ وق ـ ْـد َبـ َـل ْغ ـ َـت َم ً قامــا ث ـ َّـم ماذا َ ْ َ َ ال ُيدان ــى وما َب ــل ــغــت ال ُـمرادا؟! َ داع أني ـ ٍَـق كان ال ُب ـ ـ َّـد ِمـ َ ْـن َو ٍ ُ العام ك ْـي ُتـت َّم َّ السوادا أ ُّي ــها ِ ّ مـ ْـن ُب ــكاء َيـ ُ ـليق بالـ َـم ْو ِت حتى ٍ ِ ُ ْ َ َ ْ ُ ْ األنام اع ـ ِتــيادا يص ِبح الفــقد في ِ َْ َ ِ ن ـ ْـع َم ما اخــتـ ْـرت للختام فهذا ّ َ ْ َ ْ ُ َْ الط ـرادا م ْه ُر سب ٍق ِبه اك ــتسحنا ِ َ ُ لست َأ ْدري ب ـ َـأ ّي َد ْ ـيه ـ عل ـع ـ م ِ َ َْ ِ َ َ ٍ َْ الحدادا سوف ن ــب ــكي إذا أقـمنا ِ ُُّ َ َ ْ َ َ َّ ينا إل و ـل الع علىـى ـ ل قــد ت ــد ِ َ َّ ُ َّ َ ُ َّ َ َّ ح ــد ال ح ــد ي ــت ــقى ثــم عادا ُ َ عاد ِ-مـ ْـن َحيث جاء -ن ْـج ًـما َمهيبا ُ َّ فالص ـ ُّـب ال ُيــطيق ْاب ـ ِتــعادا عاد َ ْ ُ َ ْ َ َّ َ َ ْ ً إي ِـه يا موت! قــد تــخيرت كــبــشا ـروم ْ ـس ُي ـ ْـس َـلى َولـ ْـو َن ُ ْلي ـ َ اجتهادا ُ ً الر ُ ّ ُ ّ ثاء َيـ ْـحلو ْارِت ــجال الرثـاء ِ ِ َ َ ْ َ ُ َْ َ َ ْ َ ْ َ ت ــخــسر الحرب م ــن أتـت تتهادى َأ ْس ــر ُجـوها َفــإ َّن ـ ُـه َي ـ ْـو ُم َفـ ْ ـص ـ ٍـل ِ ِ فيه بالريح َن ـ ْـسـ َـت ــف ـ ُّ الج ــيادا ـز ِ ِ
َ ْ َ ُ َ َْ ََْ ُْ ها، ـل م ــن لــه اآلن ِكـلمة ف ــلــي ــق ـ ُ َ ْ ََْ َ ْ َْ ُ ساعة الحــس ِم لـومـضت لن ت ــعادا ّ ُ ّ ُ َ َّ ُ َ ّ ـف، والرجال الرجال أول ص ـ ِ ِ َ ْ ُ َّ ٍ َ ْ َ ُ ُ ّ الشدادا يـحصد النصرمن ي ــخوض ِ َ ً َّ الدر ِام ُّي قـ ْـد ُ ُيـ ـ َـبـ ـ ِّـد ُل َو ْجها ك ّل حي ــن َوي ـ ْـسـ َـتـعير ْ اع ـ ِتــقادا ٍ ْ َ ُ ُ الشاعر بينما العظيم ِب ــوج ـ ٍَ ْـه ُ ُ ََ َّ ما تــثنى ،فاألنـ ـ ِـق ــياء ف ـرادى ! َ ّ ول ـ ـهــذا َأ َ بالش ـ ْـع ـ ِـر أ ْ َح ـ َـرى اك ر ِ ِ ـديرا ب ــأ ْن ُن ـ َ َ وج ـ ً ـريق ال ـ ِـمــدادا ِ َّ َ ْ َ فإذا ِغـ ْـبــت ُّأي ـ ــها َ ْالطـ ـ ْـو ُد َ عــنها َ َ أقص ُد األ ْر َض -تـ ْـســتـ ُ ـحيل ِم ــهادا ِ ٌ ُ ْأنـ َـت َّ حاب ــي حاس ــم ال ت كالس ـ ْـي ِف ِ ِ َ ُ ُّأي ــها الفـ ْـر ُد أو تــجي ـ ُـد ال ـ ِـح ــيادا َ ً «الخفيف» َأ ِع ـ ْ ـي ن ـر على ـل يا ث ــقي ـ ِ ِ ََْ ىَ َْ الصمت فالــهو قــد تــمادى ِفــتــنــة ِ َ َ ْ َ والذي كان ِم ـ ْـن ِفرا ِق ــك أدم ـ ــى َ َّ ُب ـ ْـؤ ُبـ ـ َـؤ العي ــن ْ واست ـ َـرق ُّ السهادا ِ َ ُ َ َ ـنام وط ـ ْـر ِف ــي هادىء ِ البال ها َت ـ َّ ً َ ْ َ َ ُّ ط ــلــق اله ــج ــع – با ِئ ــنا -والرقادا َّ َ َّ ـا أن ـس ـ ي ـواو ـ وللط نـ ـ ْـم َح ــبي ــبي ِ َ َ ْ ْ َ الريـ ـ َ ُ ّ ـش ِإن غـ ِـضـ ْـبــنا ِوسادا نــجعل ِ َ َْ َ َْ َ ً حا ِت ــم الق ــلـ ِـب واليــد َّي ـ ِـن س ـ ُـالم ُا ْ ُ ُ فالسـ ــماوات رسـ ــلـ ــها ال تـعادى
51
يناير 2021 -م
احلمدهلل
اشراف /منصر السالمي
عقارب الساعة منال احلسن ـ العراق
رزان اخلطيب ـ لبنان
َ ُ ماعدت ُّ أغتر فيما كان ُيغريني ُ َ ّ الغي َيهديني الحمد ِ هلل ...بعد ِ والحم ُـد هلل في األقدار ُ يكتبها ِ ِ ُّ ٌ قول ِه :كــوني وكلها نـافــذ في ِ ٌ َ شيطان إلـى َد َعـ ٍـة دعاني فكم َ َ حين وزاد ِوزري ِمـن ٍ حين إلـى ِ َّ ُ ُ يضللني يـ ِـزين لـي عملي حتى ِ ُ َ ّ َّ ياطين أعــوذ ِ باهلل ِمـن شـ ِـر الش ِ
في غيابك كل األشياء غائمة تذوي الوقت عجوز ّ كر�سي من قش تجلس على ُّ وتعد لصمتها جدارا وأنا ... لدغتني عقارب الساعة ُ أمسكت باأل�سى استيقظت في الظهيرة الصباح هارب من ملساتي وعيوني .. كأنها سرب غزالن ترعى في األفق ُ نهضت ..
النجاة
َ ومــا أبـ ِّـر ُئ نف�سي حين تأم ُـرني ََ لـ ّـما تـريـ ُـد ،وأنــهاها فتعصيني ْ َ َ ُت ْ ودي ِبعمر َي مــاشاءت ِلهلـكـ ٍـة َُ ُ ُّ وتحج ُب النور عن عيني فتعميني ُ َ ُ حيث ت ُ ـأسرني َّودعت قسوة قـلبي ُ ُ ُ َ هللا عـن ليني.. ورحت أبحـث عـند ِ ُ ـرت ّربـ ْـي على الـ ُّـدنيا َّ لعل ِبـما آث ِ ُ َ ُ َ نجيني آثرتـه ..يوم ِ بعث الخ ِلق ي ِ
ْ ّ َ ألجل هو ًى فلن أف ِـرط فـي نف�سي ِ ْ َ َ ـف زائـ ٍـل ِديـني! ولن أبيــع ِبـزي ٍ
52
كان الوقت منتصف األلم ُ والشمس خافتة ُ أسمع أنينا يأتي من النافذة فأزيح ستارتها لطائروحيد أصغي ُ ٍ يقف أمامي أرى جناحيه مكسورين فيما الشموع تحترق والحقول تنام و ذاب ثلج انتظارنا في الكؤوس ذبلت وردة الجوري وهي تشهد رحيل حمرتها
عندها .. رشقني الفزع برذاذه ُ َ فركضت كاملجنونة أسأل هاتفي عن جفائه ُ كتبت له بدموع وحيرة َ تأخرت كثيرا َ ُ انتظرت ردا َ َو لم يأتني َب َ رد ُحبي ََ ّ َ و تجمد ش ِوقي ُ وسحقت عقارب الوقت ألنني ُ شعرت أن قلبي لم يعد مصغيا لنبضاته
كهالن الشجاع -اليمن
ً أسمع اآلن صوتا ينادي ُ النجاة ْ النجاة ُ فأغيب عن الوعي ً يحملني عابرا في الطريق ويسألني ُ كم م�ضى منذ أن جاءت الحرب قلت له غيمتان
والكثيرالكثيرمن الفقراء على الدرب ماتوا ْ ْ وشاخت على دربنا املعجزات قال لي ُ كم م�ضى منذ أن كان للبيت ٌ رب وللزهر ٌ عطر ْ وللطفل آلة عزف ً ْ وللناس أغنية وحياة
ُ نصفه قلت عمري م�ضى وأنا لم َأر ما تقول فهل غاب وعيك مثلي؟ أنا ال أعي ما تقول!! ْ فما زال في بيتنا بندقية وبضع رصاصات للصيد والحرب ْ لإلغتياالت والترهات
يناير 2021 -م
اشراف /منصر السالمي
إدارة ذاتية
هكذا تكون حقيقيا إنسا ًنا ًّ القس جوزيف إيليا -مصر
عبداجمليد اجلميلي ــ اليمن
ُ ُ وأحكم ذاتي سأديرمملكتي ً وثبات بعزيمة متسلحا ِ ٍ ً ُ وأكون مسؤول هنا ومحافظا َ ّ والطرقات الحي ِ ومدير ِ أمن ِ َ ٌ البنك الذي هو فارغ ومحافظ ِ ُ مالت حتياط من ِال وأصعب الع ِ ِ ِ ُ ً َ مدافعا أعيش وأكون جي�شي كي َّ عن شط أحالمي وممتلكاتي ُ ُ فالشعرشعبي والقصيدة موطني ُ والحرف ُ البلدات رئاسة دار ِ ِ ُ واملستشار ّ أمرهاج�سي ِ بكل ٍ ُّ األزمات إدارة ِ ِ وعليه فن ِ ُ الوزراء ?!!! ال داعي لها .. ورئاسة ِ ُ َ ُ املع ّين كي أل ّم شتاتي فأنا ّ ُ نقبت ّفي ألكتفي بمواردي ُّ َ الثروات مصدر فوجدت عقلي ِ ُ ُ سأصونه ً فلست ّ مؤج ًرا أبدا ُ ببائع خيراتي عقلي ولست ٍ ّ بأي تناز ٍل لن يظفروا مني ِ ُ عن ّ بفتات كل ما أنجزت ُه ِ ِ
فـي لوحـة ّ الدنيـا أف ْ ـض ألوانـا ِ ِ ْ وبهـا أقـم مـن صخرهـا بنيانـا ِ ً مـا َ جئتهـا عبثـا وال صف ًـرا وال َ ً جئتهـا مآلنـا وهمـا ولك ْـن فانهض إليها ر ً ْ اضعا ِم ْن ثديها ْ وص ْـر ُرّبانـا وببحرهـا سـافر ِ ِ وعلـى رباهـا ز ً ارعـا مـا ُيشـتهى ً ومح ّ ِـول صحر َاءهـا بسـتانا ًّ َ ْ متلطفا وامسح دموع ِ فؤادها ِ َ واجع ْـل بهـا محزونهـا فرحانـا ّْ ً ـاحها ـض قيـد وثبـة فـي س ِ للبغ ِ ْ ً واملأ فضاهـا رأفـة وحنانـا ْ ً ولفك ِرهـا ُد ْم كاشـفا ألغ َـاز ُه ال تب َـق فيهـا ً تائهـا حيرانـا ً ًّ حربهـا بطلا قويـا فـي فواج ِـع ِ ّ ْ النـز ِال جبانـا تص ْـر عنـد ِ قـم ال ِ كل داليـة ت ّ ـذو ْق َ م ْـن ّ خمرهـا ٍ ِ ِ َ ْ وافتـح ملـن يأتـي إليـك ِدنانـا ْ ّ َ لسانها ومن السواقي خذ هدوء ِ ْ َ ّْ حليم النف ِس الغضبانا واجلس ّ بالناس ْ َ األيادي نحوهم ثق ُم َّد ِ ّ ْ فاإلث ُـم أن تبقـى بهـم ظنانـا
ْ األخطاء ال ْ تنظرلها سامح على ِ وملـن أتاهـا ال تكـن ّديانـا ْ َ ّ الذئب َ منك كفى ًدما وانزع نيوب ِ ِ ً ً َ ُ ْ ال كنت وحشا ناهشا حمالنا ّ واخل ْـع َ رداء الكبري ِـاء فإن ُـه ـف بانـا جم ٌـرعلـى جس ٍـد ضعي ٍ ْ ّ ْ َ عقل َك ّ السامي ْ وعش هذب بال ِعل ِم ِ َ َ في ِـه حياتـك راس ًـما أزمانـا َ والح ُّـق ال تهم ْـل حدائق ُـه ب ِـه ً ْ ْ واضرب جيوشا ساندت ُبهتانا ُ والق ْب ُح ّ ْ َ ُ واكس ْر ًيدا ِ جفف نبعه ِ ْ ألقـت علـى ُح ْس ٍـن زهـا نيرانـا تكتئب مهما جرى ُ ال ْ وصغ ّ الرؤى ِ ُ َ ـتركب خيل ُـه جذالنـا لغ ٍـد س َ ٌ تاريخ ذوى ْ دع ُه ْ وعش ماضيك ـوز يدعـو اآلنـا فـي حاض ٍـر للف ِ ـكل ف ّـن ال ُتـز ْل أض َ ّ ـواء ُه ول ِ ٍ ِ ُ ّ طوب ُـاه َم ْـن س َـار الخطـى فنانـا ْ َ ـود ِه إذ هكـذا يبنـي قلاع خل ِ ـود ُع ّ وي ّ التهمي َ والخذالنـا ِ ـش ِ ً ًّ دني َ ـاك تصب ُـح جنـة مرغوبـة ً َ ْ إن كنـت فيهـا عائشـا إنسـانا
53
يناير 2021 -م
وقلبي هذا «جلّب الهوى» ملى أبو لطيفة -األردن
ُ يســتطيع -رغــم ســواده -أن يكشــف األشــخاص ذوي األرواح الجميلــة ويجذبهــم و ُيص ّيرهــم ندمــاءه المقربيــن! أعــرف كيــف علــى المــرء أن يفتــح أضلعــه للذيــن ال يجــدون صومعـ ً ـة يبكــون فيهــا ويظهــرون أســوأ مافيهــم ُ ـول رهيب بقبـ ٍ ً تــوزع بالمجــان!. وبصكــوك غفــران ُمحضــرة مســبقا ّ
ُ وأستطيع تمييز املرأة التي تهجر صدر رجل ُ ّ ّ أحبته ألنه لم يمنحها ما تحتاجه أي أنثى من أمان «على وجه الخصوص» ودالل عاطفي ٍ واحتواء دافئ بالطريقة التي ّ تحبها أو تمنتها في مراهقتها مهما كابرت وأخفت ذلك! َ ُ ُ أمسح دمعة صديق حتى لو لم يذرفها لئال ت َنزع ُ ُ عن صدره نياشين الرجولة املزعومة وتسقط عنه مسمياتها املوروثة لدينا كشرقيين! ُ أنسل شراييني ُلتم�سي َش ً عرا وأتمنى لو أنني ُيغطي رأس طفل مصاب بالسرطان.. ّ أو أن أتنكر كما «سانتا كلوز» مرة واحدة على تحت وسادات من األقل ألخبئ هدايا بسيطة َ لسبب أو آلخر حتى لو هم مثلي فقدوا طفولتهم ٍ ّ ات وأجداد! صاروا جد ٍ ّ ُ ُ وعندي حاسة سمعية تنصت «لدبيب النمل» ُ ُ ً تماما كما تنصت ألفراح املقربين وأتراحهم.. قدرتي على االستماع تفوق قدرتي على البوح بمراحل كثيرة بالرغم من أن ّ عيني املنطفئتين ً سلطانا عليها تفضحني ومالمحي التي ال أملك ً ُمظهرة أي شعور أو فكرة أواريها عنكم.. أعرف كيف أخفي صراعاتي في ّ حب أحدهم أو كرهه في ُّ تقبل فصيل ورفض آخر ليس ً ً نفاقا بقدر ما هو حفاظا على أهمية التعامل ّ ّ »بديهي» بصرف النظر عن مدى ومعروف بود ٍ َ اختالفنا أو اتفاقنا كأشخاص يعيشون في املجرة نفسها! أفض نز ً ّ ُ اعا يسلق جوفي أنشب أو وكيف
54
بين شخصين يتزاحمان داخلي بأفكار ومشاعر ً ّ تماما إال أنهما حين يتصالحان ُيحيكان متناقضة َ ّ ً ضدي حزبا أنا أول وألد أعدائه املستهدفين..وال ُ ُ آبه ً انتصرت فالنتيجة واحدة! أبدا إذا انتصرا أو ُ أكره اسمي كما أكره كل األشياء التي لم وعرق وقومية وخطوات كثيرة أخترها من دين ِ ُ قصرا ألن الحياة لم تفتح لي ً مشيتها ً دروبا أخرى ُ ولم تسمح لي بالوقوف وال الرجوع وال أجد غاية وال منفعة من التصالح معها وال أحاول ذلك وإنما ألذكر له محاسنه َّ علي االعتراف بخفته على اللفظ والسمع ال َ أكثر وال أقل.. األصدقاء من حولي يقولون بإيمان ُمطلق أنني أمانهم ً تماما كما هم بهجة قلبي التي ال ُيمكنني ُ عليّ ، نكران فضلها ّ أحبهم ويحزنني مصابهم ّ ً كما ترقص روحي فرحا بهم ومعهم لكن أقربهم َ إلي ُ ّ أبعد مني ُبعد مشرق الشمس عن مغربها، ً وليس هذا مأخذا يؤخذ عليهم بل ً عيبا ّفي أنا ألنني كائن بارع في تمثيل القوة وسخاء العون والعاطفة رغم أنني أكثرهم وأشدهم حاجة َ إلى ذلك أما ُهم فال «يضربون باملندل» وال ُ نجمون!. ي ِ ُ لنعد «للمسكين» اسمي! فقلبي»ولدٌ معتوه « ُيبغض اسمي ألنه يكادُ ٌ ً ّ ريقك» يجن «غيرة»حين ّيمسه �شيء من «شهد َ ُ كلما نطقته..ويتعجب ،كيف ألحدهم أن ينظم من مجرد اسم ال يتجاوز الثالثة حروف، ُ ّ «معلقة شعرية» موزونة باتقان وبالغة لها ً ً رهبتها َووقارها ُت ُ وحنانا ونشوة كلما ذيبه لهفة ألقاه على مسمعي!
متاهة الصـب حنان محمد
ً َ ْ ُ ُ ُ طفئ البين شوقا ِف ْي النو ٰى اشتعال هل ي ٰ ُ ً ُ ُ َ ْ أو يحيـي الشـوق قلبا ِفـي الهوى ق ِتـال ُ ً هـل يعرف الدم ُـع ِرفقا بين محبس ِـه ُ ً ُ ُ الرفق دمعـا أهلك املقـال أو يعرف ْ َم ْن ُ يرحم الصـب إذ مـا راح يحمل ُـه حم ًـال ثقي ًـال ومـا أد َ اك مـا حمـال ر ِ اح أبـ ْـت أن التغ ــادرهُ ّإن الج ـر َ العشق ُمعتــزال حت ٰـى يغـادرأرض ِ ذكـر ٰى املواجــع ما زال ْـت تـر ُ اوده ُ ُ حت ٰـى ظننت لهـا ِف ْـي عمق ِـه نـزال ً َ ُ ْ اآلمال منشرحـا وبـات يســرح ِفـي ً ِ القلب قد أفـال بنجم األس ٰـى ِف ْي ظنا ِ ِ ُيموس ـ ُـق اآله مستـ ًـاء ويع ِـزفــها ً لحنا ِم ْـن الحــز ِن ِف ْـي طيات ِـه ابتهــال خــال بقلــب بــه حـب يكـاب ُ ـده ٍ ِ يرتـل الشـوق ِف ْـي محـراب ِـه وجــال ُ ْ عواصف الهجـس هـاجت فوق أسط ِـره ْ ت ُ ـذود عنـها رذاذ الطــل إن همـال ُ ـات الي ـراع ل ُـه والحـرف يلـهـو بآه ِ بـوح تــوارى وراء الصمــت مختـزال ً يسام ُـرالنجـ َـم محتــارا ويسأله لعله قـد رأى َم ْـن غـاب وارتحـال ً سؤال الت ِـيه منتظـرا فل ْـم يـز ْل ِف ْـي ُِ َ الجواب يقـد الوقـت ُمـذ سـأال منـه و ظل ِـت الزهـرفِـ ْي األكمـام قائلـة وكم م َـن ّ اإلزمان مـا قتـال الحب ِف ِـي ِ ِ ً ْ َ حسف يكفـي امتهانا و ما القيـت ُ ِمن ً ٍ َ أفنيـت عمرا ِبه حتـ ٰـى غـدا مثـال َ ل ِل ْم شتـاتـك وارح ْـل دونما عت ٍـب مـادام فجـرالهـو ٰى ياصاحبـي رحـال ً واحفـظ لعينـك نـورا يستـنار ِبه كم ّأرقتهـا ال ٰ ـرؤى و الجـرح ما اندمـال
يناير 2021 -م
فاتنتي...
داد من شعور!! ِم ٌ
ذكرى
فاحتة صالح الدين شيخ بن علي صنعاني
قيثارتي ُكس َر ْت ُ وعودي ُ أبتر ِ وبداخلي لحن بدا ّ يتحو ُر ّ تدلهم بخافقي وهموم ِش ْع ٍر َ اليراع مع املساء ّ تضج ُر وغزا َ ُ الغرام همى وش ّل قريحتي أهو ُ ٌّ رحابك أحور ؟! أم ذاك مس من ِ ُ ما ُعدت أدري كيف أمنحني على َم ّرالدهور وسامة ال ُت َ قه ُر رأيتك للنجوم وميضها فلقد ِ بل أنت أجمل صورة أتصورُ ِ ٍ يا فتنة من نسل يوسف أقبلت كبزوغ فجرحسنه يتفجرُ ّ من وجنتيك بدا اللجين ُم َرتال َُ آيات عشق والزهور تك ِّب ُر ّ ْ كل املرايا دون وجهك ُه ِشمت ُ وبك الخمائل تستطيب وت ْز ِه ُر ّ والفل منك قد استعارأريجه ُ يقطر والشهد من شفتيك عطرا ياحبذا كأس الغرام معتقا في عمقه من فيض خمرك ْ أس َكرُ َ وأنت ُ طهرقصيدة من ذا يلوم ِ أنت من نبع الطهارة ُ أطهر بل ِ
منى البدراني -املدينة املنورة
ْ املشاع ْـر َعلى ِقـيثارِتـي َسك ـ ُـب ِ بكأس الحرف من ُ ْ الخواطر ص ْهب ِ َِ َ ُ ّ ْ وشح ـ ٍـة ت ــسامت أ ِدثـ ُـره ــا ب ــأ ِ َ ْ ـفاخـ ْـر ـكار ِم وامل ـ ِ ِلحـ ِ ـراب امل ـ ِ َ ُ ْ ـض ِبــها َوت ـ ُـر ِ الحروف نسيج نبـ ٍ وفي َ األفع ــال نق ـ ٌ ـش للم ــآ ِث ـ ْـر ِ ُ األسماء تظ ـ ُ ـموخ ـهرفي شـ ِبــها ٍ ْ َ ـحليقها سـ ــت ُرالضم ــا ِئرْ وفي تـ ِ ُت َم ــوس ُقها َع ـ ـ ــناد ُل فاتن ـ ٌ ـات ِ ِ ِ َ َ َفتس ـ ُ ـاوتها املن ـ ِـاب ْر ـ حف في ـبق ِ ـتال ٌ وفي َت ــرنيمـ ــتي َي ْخـ ـ ُ ورد ِ ّ بلــون ُ الحـ ـ ّـب جذ ٌ ـاح ْر ـ س و اب ِ ِ ِ ِ ُ ُ ّ ٌ روحـي الشع ـ ِـر إنعاش ِل ِ وع ــود ِ ُ َّ ُ ُ ّ املباخ ــرْ طر ِ ـضوعــه على الش ِ تـ ُ ِ َ ً ـاع ُـر..نزف ِآه ــي فـ ــمهال يامشـ ِ ُ ُّ ُ بدمع حــا ِئـ ْـر تنـ ٌ ِ ـاجيهــا النج ــوم ِ ُ ُّ اجعـ ــات ليل ــي َس تـ ِـربته ـ ــا ِب ِ ِ َّ ْ ُُ ـواظ ْـر ـداب الن ـ ِ وتح ــضنها بــأه ـ ِ َ وذ َ اك َ الب ـ ُ ـدر ْيه ِم ُس ــني َح ِريـ ًـرا : َ ُ ُ ْ ساه ْر؟! ـدران املن ــى ِبالوج ِد ِ ُأ بـ َ ْ َُ ُ فق ــلت ُله َ :ستعذرنـي ِبـ ــرأ ٍف َ ُ َ َّ ـاق مكنون السرا ِئ ْر ففـ ُـي الخفـ ـ ِ َ وعاط ــفتي م ـ ـ ٌ ـور ـداد ِمن شع ـ ِ ِ ِ ٍ َ َعلى أ َوت ــارها َي ْن َه ـ ُ َ اط ـ ـ ْـر ـال م ِ ِ ـاح َعاتي ـ ٌ َوت ْ ص ــد ُمني َريـ ـ ـ ٌ ـات ِ َ َ ُ حابـ ـ ْـر أوصدهــا ِبأش ـ ِـر ِ ف ِ عة امل ِ ُ َ وط ْهـرج ـ َ عري ش ـاد َعلى َوض ـ ٍـح ِ ٍ ِ َ ُ ُ َّ مس أ ْجـ ِـدل ُه ضفائِ ـ ْـر وضوء الش ِ
عادت .. إلى صحرائها ذكرى نقشت بقلب يباسها نهرا ال ورد فيها ْ استفحلت ألوانه ُ إن أسقطت أسرارها جهرا ً ّ عبرت جدارالصمت الهثة .. وال يد في املدى تدني لها ِسترا تهفو .. و ْ ّ متوج ٌ س لكن خطوها ْ ّ وكأن مشيتها علت جمرا ّ و تقول ٍ أف ُ! ّ كم ّ الخالخل ُحلها .. تكبلني ما أثقل ّ الصبرا ! ّ ترمي الدثار.. عينها مكشوفة ٌو ّ أرق يقطردمعها سحرا ترسو على نور تتيه سماؤه في ليلة صلبوا لها بدرا يا بنت أفكاري .. و بكرجنونها ماذا أردت ُ فآهك استسرى ؟ ِا ِرمي القصيدة .. و افتحي بستانها و ّ تصيدي أنداءها طيرا !
55
يناير 2021 -م
إشـراف/ ميادة سليمان -سوريا
كايات ماما ميَّادة ِح ُ القص ُة األولى َّ
َد ُ رطة! انيال ِف َو ٍ ميادة مهنَّ ا سليمان -سورية َّ فتدحر َجت إىل غرفةِ يلعب بكرتِ هِ صباح ،وبد َأ ذات استيقظ َ دانيال َ ُ ُ ٍ َ نوم وال َِديهِ . ِ وراءها ُلي ِ الشع ِر ا َّلذي فوق َع ْت عي ُن ُه على ُم ِّ حض َرها َ جف ِف َّ َ ركض َ لذلك ب َّل َل كيف ُي ِّ ضول ليرى َ عرَ ، تستخدِ ُم ُه ُّأم ُهَ ، جف ُف َّ فانت َاي ُه ُف ٌ الش َ بالض ِ بعد أن وص َل ُه ِبالكهرباءِ. وقام َّ غط على أحدِ أزرا ِره َ غُ َّر َت ُه ِبالماءَِ ، ِهِ هِ وج َه ُه إىل وج ِههِ ، قد كان ل تشغي ب قام حين ه ن أ ومن سو ِء ِّ حظ َّ ُ َ َ ِ َّ َ ِ وجه ُه. فاندفع الهواء َّ ولسع َ الساخ ُنَ ، َ ُ األرض، جف َف على مرعوبا، صرخ الم ِّ َ ِ فتوجهت ُّأم ُه إليهِ ،وقد رمى ُ َّ ً الباب. أ َ وراء ِ واختب َ هِ ِ ِ عان َقها ى حت ، بتوبيخ ت هم إن وما ِ، ء الكهربا شريط بنزع ه َّ ْ قامت ُأ ُّم ُ َ ِ َّ والعفو. ماح، برجاءٍ، ٍ الس َ طالبا َّ َ وأسفً ، َّرب َت ْت ُأ ُّم ُه على كتِ فِ هِ ،وقالت: ِ عِ األدوات يد َك إىل أل دني لكن ، دانيال المر َة سأُسامِ ُح َك يا َّ تم َّد َ ُ ُ هذه َّالكهربائيةِ أل َّنها خطير ٌة ِج ًّدا. َّ ِ قائل: تلك وعد دانيال َّأم ُه َّ وقام بتقبيلِها ً يلم َس َ األدوات ُم َّ َ جد ًداَ ، بأل َ ُ ألعب سوى بألعابي أل َّنها آمن ٌة ول ُِعمري. لن َْ ِ وقالت: األم، فابتسمت ْ ُّ أمان. َإذ ْن َاذه ْب إىل غرفتِ َك ،وأكمِ ْل لعِ َب َك ِب ٍ
ٌ هواية أحبها مرام منر سليمان -سورية ِ أحب أحب المشي في أحب ّ طرقات جبالنا الخضراءُّ ، الرسم واأللوان ُّ ُّ أحب أن ، مال الر تلك من والقصور القالع وبناء البحر رمال على كض الر َ ّ ّ ُّ الشواطئ رسائل تحمل ة ورقي ا سفن معها وأبعث األمواج أسابق ً ً حب إىل ّ َ ٌّ وح والجسدِ والفك ِر لكنني ،أحب األخرى للر ِ أشياء كثير ًة كلها نافع ًة ّ ً ُّ الدنيا أحب أن أحب القراءة أكثر أجوب ّ عبر ّ أحب ّ الصفحات ُّ ُّ ُّ الرحيل َ َ أحب أن أتعرف على شخصيات وحضارات وصلت والماضي ر الحاض في ِ ُّ أظن هذا يكفي ال ة مفيد المطالعة لكم قلت أن مس الش إىل أمجادها ٌ ُ ّ ِ ُ االنسان بما تمد ُه من تكوين شخصي ُة قلت لكم المطالعة تسهم في أن ُ ِ ِ نسغ المعرفة لتشكل شجيرات ثقافتنا روافد ٍ فكريةٍ بما تقدم ُله من ِ عوالم المعرفةِ علينا ولندخل كنا صغار ًا أو كبار ًا لنقرأ ،علينا أن نقرأ أن ّ ُ َ النحل ُة وال ّزهرة نقيم صداق ًة مع والشجرة كما ّ الكتب كما العصفور ُة ّ ِ أن َ خضراء مل ّون ًة ا مروج نيا الد سنرى عندها واطئ والش األمواج كما ً ّ ّ َ بالحب والعطاء.ِ بأجمل األزها ِر ونرى الوجوه نضر ًة غني ًة ِ ِّ
56
شعر لألطفال:
الر ْو ِض َبالب ِـ ُل َّ
زياد سودة -سورية
ْ بالبل ُّ الد ِوح ارتقت َ ُ َ َّ وض تطيرنحو الر ِ ُ تغني في صعودها َ ُ ُ ُ األرض نحن حماة ِ *** لحب األرض يا وطني ِ ُله تشدو ُأغانينا ُ وضوء ُ ُ الص ِبح يأخذنا ُ ُتنادينا أمانينا وفي صحر ِاء غربتنا غيوم ُ ُ الح ِب تروينا *** ٌ ْ بالدي روضة حلوة ْ ُ الشمس والثروة وفيها ُ نحرث األرضَ ّ فهيا ُ القلب نسقيها ودمع ِ فتعطينا مباهجها إذا ما رحنا نعطيها
َّ «البو ْن ِوي ُلو احلطاب و فطائر ُ (حكاية شعبية إسبانية) ترجمة :أحمد الزاهر لكحل -املغرب يحكى أن حطابا كان يعيش مع زوجته في البادية ،ذات يوم ذهب ليقطع الحطب ،وأثناء عودته وجد كيسا مملوء بالنقود .عندما وصل إىل البيت حكى األمر لزوجته وأخبرها أنه ينوي تسليمه لصاحبه في صباح اليوم التالي .لم تكن زوجته توافقه الرأي وتجادال طيلة المساء إىل أن حل الليل فاستسلما للنوم. مع مطلع الفجر نهضت المرأة وبدأت تحضير فطائر «البونويلو» ولما انتهت علقتها على شجرة التين الموجودة أمام باب المنزل .عندما استيقظ الحطاب ، قالت له زوجته: انظر ،لقد أمطرت السماء هذه الليلة فطائر “البونويلو”! إن شجرة التين مليئة بها !مرت األيام ولم يتمكن الحطاب من العثور على صاحب الكيس ،لكنه التقى ذات يوم بعض األصدقاء وأخبرهم بما حدث له .فقال له واحد منهم: إنه مالي ! ،لقد أضعته في األيام األخيرة.وانطلق االثنان في الطريق إىل منزل الحطاب إلعادة الكيس إىل صاحبه ،عندما وصال قالت المرأة بأن زوجها لم يحضر أي كيس نقود إىل هناك. ثم قال الحطاب لزوجته: بلى يا امرأة! ،حدث ذلك ليلة أمطرت السماء فطائر “البونويلو” وأصبحت شجرةالتين مملوءة بها. التفتت المرأة إىل الرجل وقالت: ألم تدرك أن هذا الرجل مجنون؟ هل سمعت ما قال؟في النهاية ،عاد الرجل إىل بيته خالي الوفاض معتقدا أن الحطاب مجنون.
يناير 2021 -م
إشـراف/ ميادة سليمان -سوريا
سلسلة جاد اللّقلق
األسود ور ّ ُ الد ّب ُ
مهدي غالّب -تونس
يوم َر ِبيعِ ّي ُمشمِ سَ ،ط ِ ين ارت َ الف َر ُ فِ ي ٍ تج ّو ُل َب َ اشات َت َ ِ وق ر ، حيق الر ن ع ة ث اح ال ُّزهو ِر َب ً زقزق ًة َف َ ور ُم َ َ فر َف ِت ُّ َ ِ ِ الط ُي ُ َّ َ َ الجبليةِ العذبةِ . البحير ِة األ َ َشجا ِر َعلى ُ مقربة من ُ ّ على ُبعدِ أمتا ٍر َي ِ رتفع َمهجو ٍر ير عِ َ نتص ُب ُع ٌّش َك ِب ٌ ند ُم ٍ ًُ تق ٍان َ ،يسكُ ُن فِ يهِ صغير طائر لق َل ٍق يدا ُن ُه مصفو َف ٌة ِب ِإ َ ،عِ َ ٍ ُ جادا. ُي َس ّمى ً حصن َجلس َجا ٌد ال َّل ُ الج ِ ميل ُ الم َّ متباهِ ًيا فِ ي َمنزلِهِ َ قلق َ ِ ورأى األزهار َ ِ مِ ن كل الم ِ المخاط ِر َ ،و ّلما َّ أحس بدِ ف ِء َ كان َ وجلبته هوب ُ َ الس ِ كل َجانب فِ ي ّ المنت ِشر َة من تحتهِ َع َلى ِّ ِ ينت ِظر ات قص ُ خرج مِ ن ُع ّشه ُدون أَن َ الفراشاتَ ، َر َ أراد أن َي ُ أ ََبا ُه. عل البحير َة َ قرر أن ُ أحس ُ الق ِريب َة ّ بالج ِ َو َأل َّنه َّ يقص َد ُ وع َّ مكةٍ َت ُس ُّد َر َم َق ُه. ويل يظفِ ُر ِب َس َ َ منق َار ُه ّ الط َ نجاب َطار َفوق الغابةِ َف ّ تفطن إليهِ ّ الس ُ َوح َّز فِ ي ِ لكل األخطا ِر. نفسه أن يرا ُه ً عرضا ِّ وحيدا ُم َّ حيرةٍ: ُ فسأله فِ ي َ الع َّش ؟! ». مغادرتك ب اك أبلغت َأب «ه ّالَ َ ِ َ ُ غير : الص ّقلق ل ال أجاب ُ ّ ُ َ ينهش معدتِ ي ، وع تأخر َأ ِبي َ ،ف ُ «لقد َُّ أحسست ُ بالج ِ أبحث َعن صيدٍ ُمناسب». خرجت لهذا ُ ُ نجاب َو َكان ِ فِ يمشي مبت ِه ًجا اصطح ُ به صديقُ ه ِّ َ الس ُ خفيف تحليق ب يرافقه ّقلق ل وال ر نحد الم الممر على ٍ ُ ُ ِ ِ ّ ُ ٍ غرس َجا ٌد ضّ . ِرتفاع ُمنخفِ ٍ ولما َوص َال ِإىل البحير ِة َ على ا ٍ المياهِ فِ فق فِ ي ل وظ ي ويل الط ه ار نق ال َّل ُ قلق مِ َ يحر ُ َ َّ ُ ّ كه ِب ِر ٍ َ ِّ الكر َة عِ ّدة يرفعه إىل األعلى ِا ّت ٍ ُ ثم ُ جاهات متباينةٍ ّ ويعيد ّ الح ِّاد. مر ٍ ات ُمستعِ ً ينا ببص ِرهِ َ ّ ير وبعد ُمحاوالَ ٍت ،علِق ِبمِ َ َ نقا ِرهِ َد ّب ٌ ور أسو ُد غ ِر ٌ يب لم َ قبل فِ ي َح َياتِ هِ . ُ مثله مِ ن ُ نجاب وقال ُله: الس نظر ّ ُ َ ولكن تأكلها، ..كنت تبحث عن سمكةٍ نيهةٍ ُ َ ُ ّ َ «من ُذ ُه َاألسود ور صبرك َ جلبا َ لك هذا َّ َ ُّ الد ُّب َ وتحملك الجو َع َ الحياةِ، لسعيك في وجزاء طعاما الغريب َ األرض من ِ ِ ً ً أجل َ َ يهِ فِ ألن ، ر األخطا من لنفسك ِنتبه ا و ط فر ت أن اك ُ ف ِإ ّي َ ْ ِ ّ َ َ ّ الغابةِ هذهِ فِ تجربتِ ليك ولهذَ ا بير ٌة َوأنا ك ي ي ُ َ أخاف َع َ َ رافق ُتك إىل البحيرةِ». ور في مِ نقا ِرهِ مت ِ ف َل ِز َم الل ُ ماس ًكا َّ الص َ غير َّ ّقلق َّ الص ُ الد ُّب َ جناحهِ ِ زء مِ ن ح َّتى ال ُيفل َِت من قبضتِ هِ َ ، بين َما بقِ ي ُج ٌ خارج المِ نقا ِر. يرت ِج ُف َ َ هِ صديقِ المشهد تابع ي من مقر ى ل ع اب نج الس بةٍ َ َ ُ ُ ُ َظ َّل ِّ َ ُ فتر ًة َق ِصير ًة. َ ال : َّ ثم َق َ الصغير ِة التي أنت ُ «يا َصديقيَ ..محظوظ ِب َهذِ هِ ال ُّلقمةِ َّ فيها!». اك ُث َّم ا َِّي َ عل َِقت فِ ي مِ نقا ِر َك َف ّإي َ فرط َ اك أن ُت ّ رد ُم ِ وجناح ُه ّقلق خاط ًبا َج ًادا الل َ سمِ ُ ور األسو ُد َف َّ عه َّ ُ الد ُّب ُ الصغي ِر: ر المنقا ي ف بين َكّ ُ ِ ّ مشدو ٌد َ
نجابَ ،أ َنا نحل ٌة َعامِ َل ٌة ،أسكُ ُن فِ ي «الَ ُت ّصد ْق هذَ ا ِّ الس َ يق ح َّتى أخ ّز َن خرجت مِ ْن خل ِّيتِ ي الج َوار، الر ِح َ ُ ِ َ ألجمع َّ البحير ِة ألُطفِ ئ رفيقاتِي ،وقد العسل مع مررت َ ُ َ فوق ُ ِ ِ عطشي». بقِ يفعل ا ماذ يعرف ال ، دا ترد م غير الص ّقلق ل ال ي ُ ُ َ ّ ُ ُ ِّ ُ ِ األسودِ قصدت يتظاهر ِبأ ّن ُه نحل ٌة مسالِم ٌة الذي ر و ب َّ ِ ُ بالد ّ شرب. لت ة حير الب َ َ ُ َ ِ ِنتظ َر منقار ُه فتح صمت وا َ للحديث َط َار َّ ور وإن َ َف ِإن َ الد ّب ُ َ نهم ُه. ِشتد ُ ا َّ جوع ُه َوا َ ِزداد ُ ّقلق ل ال َن أ ن وتفط ته ي و عف و ه د د تر ور ب الد الحظ ا ولم َ َ َّ ُّ ُ ُ ُّ َ ُ َ ِ ّ ُ ّ ّ َ َّ ته ،شر َع فِ ي َح ِ بك ُخ ّطةٍ لل ّنجا ِة ير الَ يع ِر ُف َ حقيق ُ ّ الصغِ َ لإليق ِاع ِبهِ . َو َ عف وبالعشر ِة الحسنةِ الض ِ واإلحترام َ ،وكان ِ فتظاهر ِب ُّ َ ّقلق : يتوس ُل باكِ ًيا ،مخاف َة أن يلت ِه َم ُه الل ُ ّ در َة «أرجوك ّأي َها الل ُّقلق الجمِ ُ ُ يل إ ّني نحل ٌة صغير ٌة الَ قُ َ ّقلق ال حل معش َر ال ّن ِ وأرى في العاد ِة ّأن َ وطيور الل ِ َ لي َ أبدا. تخاص ُم ً َت َ مِ ظفِ حشر ٍة َصغير ٍة ن لك ل أفض ري ط بسمك ر ةٍ ةٍ َ َ َ َ ُ ّ َ أن َت َ مِ ثلِي». وترددِ هِ وظل يفكّ ُر في حافظ جا ٌد الل ُ َ ّقلق على صمتهِ ُّ ّ تظه ُر بدأت ِ الد ّبو ِر ،بينما ْ ُ كالم َّ عالمات ال ّت ِ عب َو ُ الج ِ وع َ َعليهِ . يصرخُ فِ ي وج ِههِ : ِقترب مِ ُ نه َصدِ يقُ ُه ِّ نجاب ُ الس ُ فا َ يفلت من رزق َك ِنتبه ل تدع َ ُ َ «ا ِِنفسك يا صديقِ ي ،ال َ رب َاء ح ّتى ال ِ طع ًاما َل ُهم، ديك َوال تأتمِ ن َ بين َي َ ير َ تص َ الغ َ ينفعك ال َّن َد ُم ». يوم ال َ فتندم َ َ ور ّأن بكاء ُه و رجاء ُه ْلم يسعِ فا ُه ،واِنتبه إىل هم َّ َف َ الد ُّب ُ وتفط َن إىل ِحنكتهِ فِ ي تجربت ُه اب َوع ِرف َ نج الس ّ َ دها ِء ّ َ ِ َ المحدقةِ ،فلم َيكُ ن له من الحيا ِة وحذ ِرهِ مِ ن األخطا ِر َ ِ الصغِ ي ِرُ ،ليخ ِّلص المخاطر َة أمام الل ِ ِخيار إالَّ ُ ّقلق ّ بنفسهِ َ نفسه من هذا المأ َز ِق ِ الخطي ِر. ُ فيما بين ُه َما، لحا ل ِإل ّت ِ فعرض على الل ِ ّقلق ُص ً فاق َ َ ِ الحديث َ ،ح ّتى ال نجاب فِ ي ِشترط أن الَ ّ يتدخ َل ّ الس ُ وا َ ُي ِ المصا َلح َة: د فس َ ُ تستمِ ِ اب، الس م ال لك ع وال ا ي اس ق ن ال ، ّقلق ل ال ها «أيتكُ ُ َ َ َ ِ نج ِ ْ ّ َ َّ ً فآنظر إىل َلونِي ،أال َترى ّأن صدق أ ّني نح َل ٌة ُ َفإذا لم ُت ِّ صفراء فاقعةٍ مثل ألو ٍان لوني ير َذ ُ أسود َو َّأن َّ َ وات َ َ الدبا ِب َ ّقلق ذلك أ َُّيها الل ُ زهو ِر ال َّن ِ دت مِ ن َ الب ِّر ِّي َ ،لو َتأكّ َ رج ِ س َ نجاب وأن صدِ َ ول َّ يقك ِّ َفستع ِر ُف أ ّني صادِ َق ٌة فِ يما أقُ ُ الس َ وم». بعد منه ب ر تقت ُمخادِ ٌع الي ِ ُ ُ َ ويريد اإليقا َع ِبكَ ،ف َال ِ ْ َ النظر ِب ِا ّتجاهِ مِ نقا ِرهِ ليتأكّ د بنفسهِ غِ ير الص ّقلق ل ال َو ّجه ُ ّ ُ َ األسم ِ اك حر َك َة الد ُّبو ِر مِ ن َّ بعدما كا َنت َ َ َ عينا ُه تراقِ بان َ دق كالمِ هِ وحقيق َة حيرةِ، ع َلى ِض َف ِ َ ففهم ِص َ َ اف ُ الب َ ِ يهِ مِ إطالقهِ فِ رب س ه ام أم ر م ك ف ن ي ع ر ش ا ولم َّ َ َ ّ َ َ ُ مساعِ يهِ َّ َ َ َ ٌ ِ ِ ِنتبه ا ، ب ليشر ة البحير فاف ض على زل حل َ ،ف َل ّما َن ِ مِ ن ال َّن ِ َ َ َ هِ يمِ غِ رغم ة حل ن ال ه شب ت ال ر غ ة ور ص َن أ ير الص َ ُ َ َ ُ َّ ِ ُ ِ ال َّلق َل ُق َّ ُ َّ َ
كيف عينيهِ َ األلو ِان ،ورأى ِبأ ُِّم َ قار ِب َ َت ُ الحظ ندما َ رب َطار ً َّأن َهذَ ا ِّ بعيدا عِ َ الس َ الد ُّبو ِر فِ ي المِ نقا ِر َخو ًفا ع َلى سالمتِ هِ الَ َّن ُه يع ِر ُف تخبط َّ ُّ مداهمتِ وعواقِ هِ جومِ العسل ِ. أجل من ة الخلي ه ب ِش ّد َة ُه ّ َ ِ َ ّقلق ورأى َما رآ ُه، فهم َّ ور ن ِّية الل ِ َف َل َّما َ الد ّب ُ خفِ بثا: ي ت ِم ل ا س م ة نبر ب خاطبه ةٍ ٍ ُ دهاء َو ُخ ً ُ ِ ُ َ َ ً تفاهمنا «ياصدِ يق ِيي أَال َت َرى َّأن َُ أفضل ،أل ّننا بقينا من ُذ فتر ٍة على لح ُ وتمس َكنا ُّ ُّ بالص ِ البحير ِة عت ُج َ أشب َ الح ِال ،ف َال َ وعك ِب َ َهذا َ سم َكةٍ مِ ن ُ أنت َ ةِ اهِ مِ ِ أقترح ي ن إ ف ، ذب الع ا ه مي ن ي عطش أطفأت َوالَ أَنا َ ُ ّ ُ َ َ َ َ ِ لك ُجرع ًة مِ ن أن ل ب قا م اآلن ي اح ر س ِق ل ط أن ُت َ أضع َ ِ ُ َ َ َ َ أغد ُر َك َو ُتعاهِ دني تغد ُرنِي َوال ُ سل فِ ي مِ نقا ِر َك َ ،فال ُ الع ِ َ كنت ُموافِ ًقا َعلى ُص ِ لح َنا َفب ِّلغنِ ي اآلن َوأعاهِ ُد َكَ ،فإذا َ بدأت تنحدِ ُر مِ ن ِ قبل َف ِ خلف ألن ّ مس َ األو ِان ّ َ ، الش َ وات َ اهِ ميعا ِبأخطا ِرهِ». ج نا م يد ّيل ال ّت ّلةِ والل ُ َ ُ َ ً ِ الد ّبو ِر من مع َجا ٌد الل ُ ا َ كلمات َّ ّقلق ِإىل كُ ِّل َكل َِمةٍ ْ ِست َ التِ هدِ دون ا يع ر س ا ه ق و يتذ أن أراد ي ته ي أعجبته و اي ةٍ َ ُ ُ َ ّ َ ِ ً َ ِبعِ َن َ َ َّ فِ ِخطر ُمحدِ ٍق َ،و َك َان ُي ِح ُّب م ي ير صيبةٍ َوالَ ُّ ُ توق ٍع ل ٍ تفكِ ٍ َ يتسن ُله يرا ،ف َلم َّ َ العس َل َكثِ ً الشدِ يدِ فكير ُّ َمام ُجوعِ هِ َّ الحس ُنَ .وأ َ ير َ والتعق ُل والتد ِب ُ ال َّت ُ نقا ِرهِ. عبهِ َ نفس ُهَ ،فأط َل َق ُه مِ ن مِ َ َوت ِ الك ِبي ِر َلم يتما َلك َ لك ع َلى ِ تف ِ عرشهِ : ِنطلق وا يقُ اخ ًرا َوكأ ّن ُه َم ٌ ول ُم َ َ ُ كِ ون َغ َدائِي ، أن دت ا بعدم اآلن ك ت أطلق أنا ا «هتكُ ُ َ َ َ َ عسلِك اللّذيذِ ؟». َفه َّال َ شكرتنِ ي َ وأذقتنِ ي مِ ن َ وب َس ِ اخ ًرا : َّ الي ُ عس ُ فرد ُ ذت «حسنا أنا أشكُ ُر َك َع َلى َماغم َأ ِّني َ أنق ُ ً َ فعلتَ ،ر َ ِ ِقناعتِ َك ِب ُبرهانِي نفسي ِب ور ل َ ٍ مسر ٌ تدبير مِ ِّنيَ .ولكن أنا ُ منك ، ة حير الب أغادر أن وقبل . طليق ر ح ا ن أ اآلن َ.و ٌ َ أطلب َ َ ُ َ ُ َ ُ ٌّ مِ ألطعِ مِ العس ِل الذي قدار بيدي مك ك نقار تفتح أن َ َ َّ َ َ َ َ تست ِح ُّق ُه َح َس َب ِا ِّتفاقِ َنا». َ لكل ير مِ ن وكان ال َّل ُ َ الم ّ المطيعين ُ ، قين ِّ قلق َّ صد َ َ الصغِ ُ الس َّام َة نق َار ُه ور األسو ُد َش َ فتح مِ َ ٍ فغرس َّ وك َت ُه َّ َ زعم َ ، الد ّب ُ ِ مِ هِ ومِ يح َعال ًِيا َويسقُ ُط ص ي ه ل جع ا م ، لع ب ي َ ُ َ ُ ِبعِ َن َايةٍ فِ َ ُ ّ صعب عليهِ يران َوبقِ َي األكل ّ الو َج ِعَ .و ُ َ والط َ مِ ن ِش ّد ِة َ على َهذهِ يتظاه ُر الحال عِ ّد َة ّأي ٍام َنائ ًِما في ُع ّشهِ َ ،ف َكان ِ َ في َعاقِ َب ُه ض ح َّتى ال َ يعرف ُأبو ُه قِ ّص َة َّ المر ِ الد ُّبو ِر األ َ َسودِ ُ ِب َ فيحدِ ث الي َش َّر ِ عسوب ُ ٍ الم ِ خادع ُ عقابُ ،ث ّم ينتقِ َم من ُ ِ الغ َابةِ . حيوانات بين ة والكراهي العداء َ َ ّ َ يست ِ اب و َلكِ ّن ُه َك َان َ نج ِ حض ُر في كُ ِّل ُمناسبةٍ َنصائ َِح ّ الس َ فلم الي ِ تصرفاتِ هِ في َ المش ُهودِ ْ ، الم ِه َّم َةَ ،و ُي ُ ُ وم َ راجع ُّ ذلك َ ليخدع ُه سوداء ة ل ح ى ِرتد ا ور ب الد أن ا أبد ل ي يتخ ن يكُ َّ ً َ َّ ً َ َ ُ َّ ّ َ ُّ َ حيلته. مر َر ُ وي ّ ُ ير ٍة بات َي َ ِزداد َتعلُّقُ ُه ِبأ ََب َويهِ َو َ وا َ ست ِش ُ ير ُه َما فِ ي كُ ِّل َك ِب َ رب َاء َوال ُي َف ّر ُط فِ ي َح ٍّق َوال يهمِ ُل ير ٍة وال يأتمِ ُن ُ َوصغِ َ الغ َ العاقِ َبةِ فِ ي ر أن ون د عام الط ة هو ش ه د و ال رزقا َو ُ تقُ يفكّ ً ِ ُ ُ ّ َ َ ُ َ َ َ المقا ِييس. ر د ق وي ة ل ز المن د ويحد َ َ ّ ِّ َ ِ ُ َ َ
57
يناير 2021 -م
األخيرة
دعوة للقراءة األستاذ /عبد الرحمن بجاش
دعوة بدأت من لحظة أن نزل جبريل يطلب من محمد أن يقرأ ،ما أنا بقارئ ،اقرأ ،ما أنا بقارئ ،اقرأ ،ليتحول األمر إىل عنوان الحياة ….فالحياة إن لم تكن من البداية قد اقترنت بالكلمة ،ما كانت لتكون حياة ..ولن تسمى كذلك … بالحرف تكتب سيرتها ،سيرة اإلنسان ،حكاية تطوره ،قصة تعاقب المراحل منذ آدم عليه السالم إىل اللحظة مرورا باكتشاف النار ليتذوق الكائن البشري بعدها حياته بكل تفاصيلها …. لوال الكلمة لما عرفنا تاريخ من سبقونا ،وإن تعددت أشكال الحرف ،لكن اإلنسان في طريق تطوره االجتماعي وصل إىل لغة التفاهم والتسجيل بعد أن بدأ بلغة اإلشارة …. اليوم تعمر الدنيا بالكتاب ،ورقيا ،إلكترونيا ،مسموعا ...وبدونه كان اإلنسان كمشاعر ومجموعة رغبات سيظل حيوانا يأكل وينام وال يتطور… نحن شعب ال يقرأ ..وهنا سر استعمار الجهل لعقولنا ...وهنا سر التخلف الذي ينشر عقمه في قلوبنا ...وما لم نقرأ فسنظل في الدرك األسفل من الئحة التطور… العالم يجري ..وصل إىل الذكاء االصطناعي بما يعنيه ...ومناهجنا ال تتحدث عن هذا التطور المعجز ...مناهج تتحدث عن الخالفات المذهبية التي ال تؤسس لمستقبل … بدون القراءة سنظل أعاجم يلتصق اللسان الجمعي بجهلنا …. ويا ويل أمة أو شعب ال يقول ألطفاله( :اقرؤوا)… الدعوة للقراءة تلزم وزارة الثقافة بإشاعة الكتاب ،وإشاعة المكتبات ،وإشاعة روح التشجيع والتكريم لمن يقرأ ….وإعادة حصص الثقافة العامة والتربية الوطنية إىل المناهج كخطوة أوىل ...وتفعيل البعد الثقافي في األندية الرياضية ..وإخراج المسجد من صحف الحائط إىل الفضاء ليدري ما يدور حوله وحتى ال يظل محبوسا بين السرة والركبة ...واعتماد مكتبات األحياء كوسيلة تصل بالكتاب رخيص الثمن إىل الجميع ...وإلزام وسائل اإلعالم لنفسها بإشاعة وعي عام يدرك ماذا يعني أن تقرأ … هي دعوة للقراءة موجهة إىل كل من يفهم …
58
القصائد الفائزة بمسابقة (أقالم حول المرأة) من قصيدة
ٌ اليقني امرأة ِمن ال َز َو ْر ِد َ ياسني محمد البكالي -اليمن ُ ُ ََ ْ اللغة فاه إذا ازدهت في ِش ِ ِ َّ ُ األخرسْ َ َ َ َ َوغازلت شهرها بالفرح ِة السنة َ وح َّر َك ْت َك األماني وارتقى ٌ أمل َ ّ َ ُ َ َّ ْ القصة امرأة لديك فاعلم بأن ِ ٌ ّ الدهرفاتحة ذراع ِ كأنها في ِ َ ُ عينيه بسملة السالم وفي ِ ُ ِمن ُ ِ ُ َّ شرق في هن التحايا التي تأ ِتي فت ِ ُ ٌ ُ ُّ الحياة وجوه كلها ِصلة وجه ِ ُِ ُ ُ ـ ل ا مملكة األخالق؛ وه َّن مدرسة ِ ُ ُ َ َ إيمان ؛بسمة من قالوا ومن سكتوا ِ َّ إذا البالد كأن ُه َّن التهاني في ِ ُ َ َّ ُ ُ ٌ شرق أرواح وأفئدة لن ت ِ ُأقب ً ُ وجه الصالة ُ يدا وه َّن الرافعات ِ َ ُ ْ َ بيضاء ما أفرحتنا مثلها ِهبة الحديث ٌ أر ُ فم بأكمام يجه َّن ِ ِ ِ َّ ُ ُ ُ ُ َ أنفاس الفتى الشفة سابق ت له ِ ُ ..... َ ً حكة ُأنثى لت َ ما ك أ ِط ْرمعي ِض ِ َّ ِ َ ُ در ّ الناس لو صمتوا ٌ معنى ْالتغن َي بها في ِ فباسمها ُسورة في الذكر َ ْ أنزلها ِ َ ُ ٌ َ ِمن ِ ْ ْ ُ الناس ال عبد وال أمة باس ِم ِه ..... َ َْ ُ وما الوجود ؟ يا لز َو ْر َد َيقيني ما ُ ُ شر ِق امرأة ؟ جدوى ٍ بالد بها لم ت ِ ُ ال يا ك َّل هذا املدى ِنصفي ُبدو ِن ِك ُ ّ ُ َ َ والرئة ي ِع ْي الوجود ؛ ِ فأنت القلب ِ َ ُ َّ أنت يا َ األ وطن ُ ُ ُ فما الت ِحيات إال ِ َ َ قبلة يت ِام يا من بها الفردوس م ِ َ َ َّ تكل ِل ْي يا ُعرى اإلنسان بي وبها ِ ً ُ َ ُ وض ِّم ِدينا معا بالح ِ ّب يا ِثقة
من قصيدة
كسو َرة َت ُاء الت َأ ِ نيث َ الالم ُ غالب العاطفي -اليمن َ َ َ َ أل َّن ِك أبل ُغ ِم َّما ن َرى ُ َ َ َ َ َ ش املزدرى َ ً ص َلبن ِ اك ِفي اله ِام ِ َ َ كن َ ُ َ ت َر ِ بالع َر َ ِاء َ اك منبوذة َ َّ َ ٌ َ َ كما ن ُبذت (أزد) (الشنفرى) َ َ َ غير ِض َيا ِئ ِك ،قلنا : و ِسرنا ِب ِ َ ُ َ َّ ُّ َ باح السرى س نحمد عند الص ِ َفمن َأ َ ين لليل أن َ ينجلي؟! ِ َ ُ ومن أين ُّ سف َرا ؟! للص ِبح أن ي ِ اكَ ،ك َشمس ُه َن َ َوأنت ُه َن َ اك ، ِ ٍ َ َ َ ُ ُ َ ّ نقيدها ق َ بل أن ت َ ظه َرا َِ ُ َّ ُ َ َ ُ نح ِنط قلب ِك كي ال ي ُ ُ�ضيء َُ َ َ ، ُ َ وصد وجه ِك كي ال يرى َ ُ و َن ً ِ َ ُ َ َونكت ُب ت َاء ِك مكسورة َ َ َّ َ َ ُ َ َ اك أن يكسرا ؟! َ َ وأن َى ِلعن ِ َ َ (آد ُ ٌم) ق ِد ًيما ...ق ِد ًيما بكى َ َ َ َ نت ِبضحك ِت ِه أجد َرا َ ف َك ِ َ َ َ ُ ات َ، نت أولى َالخ ِط َيئ ِ نعم ...أ ِ َ َ ُ ذنب جرى أ ُغلى َالخ ُِطيئ ِ ات َ،أقدس ٍ َ اليقين لدى (أ ِ ّم ُم َو�سى) و ِ أنت ِ َ ْ َ ُ َ بح ًرا ُ وقدٌ تركت ِطفل َها م ِ َ أنت التي َج َاءها (هدهد) و ِ َل َيرج َع _ ُم َنبه ًرا _ ُمخبراً ِ ِ َُ َ ُ ُ ُ ً َ ِ ً هن ِالك ك ِ نت س َد ُوداً ،وعرش ًاَُّ َ َ ، وملكا _ عظيما_ بعيد الذرى َ ....... الم عليك ،على غ َ َس ٌ يمة ِ َ ُ ُ ٍ َ مطراَ ُ َ س ِقينا بها قبل أن ت ِ َ الوجود ، أنت َحقيقة هذا ف ِ ُِ لوالك _ إال اف ِتراَ وما نحن _ ِ
من قصيدة
يا ألحضان املرايا! أسماء طلعت -مصر ْ وقفت تقول إلى متى؟ وعالما؟ والقول َ أرهق طرفها ّ اللواما ّ ْ عاطفة ِبه فتجردت من ثوب ّ ٍ تتعلق اآلالم كي تتنامى الكل يسحب طرف قلب ُم َ رس ٍل ٍ ّ فتشد من نبض السكون حزاما ْ حتى إذا انكشفت مفاتن صبرها ْ ْ ألقت على وجه الحياء لثاما ْ واص يصون عطاءها وبكت ..فال ٍ ٌ ُ ْ ٌَ والعمركنزمهدرليتامى لم َ يبق منها غيرحاوية ْ لهم ٍ ُ ّز ْ وسط املطامع و عت أقساما ْ كزجاجة العطرالعتيق إذا انتهت َ ْ تن�سى افتتان ُمر ِاو ٍد كم حاما ُ ُ ْ رجف دمعها وقفت ..وصوت الحزن ي ِ في حضن مـرآة ّ تضم حطاما ِ ٍ ُلت َع ّقب املرآة دون ّ تردد: ّ ملثلك أن يصيرركاما! أنى ِ ..... ّ نحن التجلي والغموض ألننا نسجي على ِت ْبيـاننا األكماما نحن الضياء وحولنا تسري فرا َ ُ ّ شات َالرجولة كي تمس غراما َْ َُ ووقارنا َمشفى ..ولوثتنا شفا َ ّ الحجى تترامى؟ فبأي أركان ِ
يناير 2021 -م