أقالم حول المرأة من إصدارات منتدى ومجلة
2
مارس 2021 -م
في هذا العدد: مجلة ثقافية فنية فكرية أدبية
األم إكسير الحياة
4
مسر االرميمة
سمر الرميمة samarromima@gmail.com
مدير التحرير:
جهنم ورباط حذاء نجيب محفوظ
8
حممد حممد مستجاب
د .مختار محرم mokh1977@gmail.com املحررون:
علــــــي النهــــــام منصــــر السالمـــــي عبداهلل محمـد الشميـري محمـــد اليوسفـــــي نـــــوار الشاطـــــــر رنـــــــا رضــــــــوان ياسيـــــن عرعــــــار محمــــد الجعمـــــي مقبولــة عبد الحليــم عبد اهلل األحمــــدي ميــــادة سليمـــــان صـــــــدام فاضـــــــــل حميــــــد رائـــــــــع املسئول الفني واإلخراج:
حسام الدين عبداهلل
نافذة على سقطرى
12
صالح بن طوعري
رمزية الطيور في الغناء السوداني آمنة محاد
16
الموسيقى في الطرقات فاروق فخري
18
مريد البرغوثي الشرفة التي رأيت منها رام اهلل زهري الطاهري
21
فؤاد متاش القالم عربية :تصل الكلمة بصاحبها إلى حيث يريد لقـــاء
26
االسلوب في ديوان نحت في الدخان حممد الشرعيب
30
األديبة والشاعرة العربية بين التهميش والتهشيم استطالع
36
أشرف ابو اليزيد في بيت المتنبي أشرف ابو اليزيد
42
طاقة القلق الوجودي في قصيدة االقنعة د .حممد بكر
46
هل كان المعري مؤمنا؟ الباق ضياف َ ّ
50
مارس 2021 -م
األم ..إكسير احلياة
سمـر الرميمــة تعتبر األم هي المؤسسة األولى لتنشئة األجيال تنشئة صحيحة على القيم الدينية والعادات المجتمعية السليمة ودورها عظيم جدا .. وهناك دالئل كثيرة تشير إلى أن التربية تكون باألسلوب الصحيح باتباع اللين والرقة وهاتان صفتان مالزمتان للمرأة ،أوجدهما الله فيها إلى جانب العطف والرحمة..
4
،لذلك فاألم املربية وإن لم تكن على قدر من العلم ،فهي تجيد التربية بصفاتها الفطرية وأساليب اكتسبتها من والدتها وأسرتها عن طريق املالحظة والتعلم ،ودائما يقال البنت أم أبيها ملا تحمله من مشاعر الحب والعطف والحنان له ولكل أفراد أسرتها. وألن الحب هو إكسير الحياة وأسلوب من أساليب التربية ،فإنه يعتبر سرا من أسرار األسر الناجحة ،باإلضافة إلى رب أسرة تحمل املسؤولية كما يجب وقبل ذلك كان موفقا في اختيار الزوجة املربية التي تشكل نسيجا أسريا متناسقا بدون أمراض نفسية ،تؤثر على سالمة واتزان األسرة واملجتمع . َ َ َّ ْ َ الجهد خير تكريم قال تعالى {ووصينا وملا في التربية من جهد ومشقة وأجر فقد كرم هللا هذا ْ َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ ُ ُ ُّ ُ َ ْ ً َ َ ٰ َ ْ َ َ ُ ُ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َ َ َ ْ َ َ َّ ْ َ ُ النسان ِبو ِالدي ِه حملته أمه وهنا على وه ٍن و ِفصاله ِفي عامي ِن أ ِن اشكر ِلي و ِلو ِالديك ِإلي ال ِصير } ِ ()14سورة لقمان . وحين جاء رجل إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يسأله يا رسول هللا من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال (أمك ،قال ثم من؟ ،قال :أمك ،قال :ثم من ؟ قال :أبوك). إذن فاإلسالم لم يغفل قدر األم وال حقها بل جعل رضا هللا من رضاها ويالها من كرامة! وعالقة األم بالطفل عالقة تبادلية ،فالطفل يجد من أمه االهتمام والحنان والعناية فقد «كشفت دراسة علمية أن األطفال الذين يحصلون على قدر كبير من الرعاية واالهتمام من جانب أمهاتهم في سنوات ما قبل الدراسة يشهدون معدالت نمو أعلى في أجزاء املخ املرتبطة بالتعلم والذاكرة والثبات االنفعالي مقارنة باألطفال الذين ال يحصلون على نفس القدر من االهتمام من أمهاتهم. وأظهرت الدراسة أن هناك مرحلة عمرية حساسة يستجيب فيها مخ الطفل لرعاية أمه ،حسبما ذكرت جوان لوبي الباحثة في مجال علم نفس الطفولة في كلية طب جامعة واشنطن في مدينة سانت لويس األمريكية». و»فحص فريق البحث مجموعة من صور أشعة املخ ملجموعة من األطفال في مراحل عمرية مختلفة بداية من مرحلة ما قبل الدراسة حتى فترة املراهقة املبكرة ،وتبين لهم زيادة كبيرة في حجم جزء من املخ يسمى «الحصين» عند األطفال الذين حصلوا على دعم ورعاية امهاتهم في السنوات التي تسبق دخولهم املدرسة». وباملقابل فالطفل يمنح األم وسام األمومة ويهديها السعادة في أبهى صورة بقوله ( ماما ) (أمي)، وفطريا كلما زاد عطاؤها زادت سعادتها ،تعطي دون ّ من ،وتجتهد دون تذمر ،فهي امللكة على عرش أسرتها واآلمر الناهي ،تخطط ،تنظم ،تقرر وتنفذ والكل ألمرها طائع .. من جانب آخر ليست كل األمهات يتمتعن بنفس الظروف التي تتيح لهن أداء واجبهن على أكمل وجه ،ففي كثير من املجتمعات تتعرض األمهات لضغوط نفسية وعنف لفظي وربما يصل إلى بشكل عام ،ومشاكل اجتماعية وأسرية الجسدي ،ونقص في احتياجاتهن الخاصة أو املعيشية ٍ مختلفة قد تنتهي بالطالق الذي يذهب ضحيته األطفال الذين هم في أمس الحاجة لحنانها ورعايتها كحاجتها لهم .. لذلك فاملسؤولية ملقاة على عاتق الزوج واألسرة ،واملجتمع واملؤسسات اإلعالمية والتوعوية املختلفة للتوعية بدور األم الهام في تنشئة األجيال ،والدعوة الفعلية لحمايتها وتلبية احتياجاتها التعليمية والنفسية واإلقتصادية ،فوراء كل مجتمع عظيم امرأة مربية..
مارس 2021 -م
أبواب القصر.. د .رميان عاشور *
الباب الثالث :باب التصديق.. التلقـي ،وقـد َّإن أكثـر مـا يمايـ ُز بيننـا أثنـاء ِّ السـلم التـي نقـف يصيرنـا متفاوتيـن فـي درجـة ُّ ُّ عليهـا ،هـو مقـدار التصديـق الـذي يتم َّلكنـا أثنـاء نتحـول إىل القـراءة وبراعتنـا التـي نتوسـ ُّلها فـي أن َّ وإيابا حتـى بلوغ ٍ ذهابـا ً طيـف يعبـر بحـور المعنـى ً شـواطىء نهايـات الرحلـة.. تمـر حيـن نشـعر بأ َّننـا بتنـا ِخفا ًفـا كنسـمةٍ ُّ بصاحبهـا فتدغـدغ مشـاعره وتنقلـه إىل عوالـم متباينـة فـي أطيافهـا.. َّإن بعـض أبـواب القصـر قـد يتشـارك المؤ ِّلـف والمتلقـي فـي امتالكهـا بالمقـدار الـذي يقـارب التطابـق .. ففـي الوقـت الـذي يبلـغ فيـه صاحـب الكتـاب الخفـة الالزمـة للتحليـق بمعنـاه أو النـص مبلـغ ّ ِّ كل فيـه يضـرب ـا تحليق والمقصـود المـراد ً َّ االتجاهات؛محـاول طـرق نوافـذ الكتابـة جميعهـا، ً وقـت يبلـغ فيـه المتلقـي المبلـغ الحقـا يأتـي ً ٌ عينـه.. وذلـك حيـن ُيبصـر إحـدى تلـك االتجاهـات التي تشـكلت فـي عقلـه صـور ًة ضربهـا المؤ ِّلـف وقـد َّ واضحـا ،ويعـرف مفاتيحهـا إدراكا ذهنيـ ًة يدركهـا ً ً َّ عـدا عالمـه التـي تفتـح مغاليـق الخفـي والبعيـد ُب ً ِّ ال نلمسـه فـي حياتنـا اليوميـة أو بيـن دقائقنـا االعتياديـة.. َّ سـر ٌّي بـاب ينخلـق المعرفـي المجـال هـذا فـي ٌ ِّ ِّ وخـاص.. سـري بمعنـى أن ال أحـد يعلـم وجـوده أو يفقـه ٌّ ِ والمسـتقبل فـي زمـن المرسـل شـكله سـوى ِ النـص المكتـوب.. التقائهمـا علـى موائـد ِّ يتكـرر بيـن وخـاص بمعنـى أ َّنـه ال يمكـن أن ٌّ َّ ومتلـق آخـر.. المؤ ِّلـف ٍ كاسـتحالة تكـرار حيواتنـا علـى الشـكل عينـه تغيـر الشـخصان اللـذان قـد يعيشـان ظر ًفـا إن مـا َّ الجغرافيـة يعيشـه شـخصان آخـران فـي البقعـة َّ نفسـها وفـي الزمـان نفسـه..
المتلقـي) َّإن مقـدار تلـك القدرة(أقصـد قـدرة ِّ النـص وتتغلغل ذرات تمتـزج مـع علـى ُّ ِّ التحـول إىل َّ لنـص فيـه ،هـو مـا ِّ يحـدد نسـبة تصديقنـا الراهـن ٍّ كتـاب مـا ،وهـو بذاتـه مـا يجعـل ذلـك الحبـل مـا أو ٍ مشـدودا إىل درجـةٍ ال بيـن المرسـل والمتلقـي ً ينقطـع فيهـا بيـن الفينـة واألخـرى كمـا ال يرتخي بيـن الصفحـة ومـا تليهـا.. ونكـون بذلـك قـد فتحنا بـاب القصـر التالي على ريـاح قـد تصفقـه فـي تهـب ٌ مصرعيـه دون أن َّ منتصـف الرحلـة.. المعتمة.. الشرفة األوىل :الدالالت ُ بابا؛ ذلك َّأن وقـد جـاء عنوان هذا ِّ النص شـرف ًة ال ً خطـر إذ مـا اقتربنـا منـه قـد يـودي مـكان الشـرفة ٌ ٌ بحيـوات نصوصنـا ويجعلها تقفز مـن أعلى القصر اإليجابي.. وتدفعنـا وإياها خـارج التفاعل القرائـي ِّ قابـض علـى غامـض شـعور لطالمـا ظ َّللنـي ٌ ٌ ٌ بائنـا فـي اللحظـات ـر مفس أنفاسـي غيـر تفسـيرا ً َّ ً األوىل مـن مواجهـة بعـض النصـوص.. اللغويـة َّإل أننـي حيـن أغـرق بيـن التراكيـب َّ ومفككـ ًة أجدنـي قـد وضعـت يـدي علـى مح ِّللـ ًة ِّ بعـض أسـباب تلـك المشـاعر التـي اعترتنـي.. مـل كهـذه علـى سـبيل مليـا فـي ُج ٍ فلـو نظرنـا ًّ المثـال: المكان هنا غير منير..المشهد ذاك ال ألوان ساطعة منه..يضـج بالغِ نـى الهارب مـن أحضانه ذاك المقهـىُّ الجـدد التجـار ضفـاف مـن األخـرى الضفـة إىل َّ ُ َّ تصميمـا يتـواءم ورح مقاهيهـم مـوا صم الذيـن َّ ً العصـر الحديـث.. لنقلـب موازيـن متفحصـ ًة قليلا وقفـ ًة ُ سـنقف ً ِّ َ قليلا ونعكـس اإلخبـار فيهـا.. التراكيـب ً كان يمكننا ببساطة أن نكتب: المكان مظلم..المشهد ألوانه باهتة..قديمـا ليـس كمـا المقاهـي بـدا المقهـى مهتر ًئـاً
الحديثـة.. نصنـا ،ثـم سـتنتقل السـواد إال َّأن َّ سـيخي ُم فـوق ِّ ِّ الشـعورية القاتمـة المظلمـة إىل العتمـة هـذه َّ متلقينـا أثنـاء مواجهتـه النـص.. سـوداوية تدفعه األمـر الذي سـيجعله يحيـا حال ًة َّ بقوتهـا ك ِّلهـا نحـو نفض الكتـاب من يده ،واإلسـراع يمكنـه مـن إعـادة التـوازن إىل إىل أول فضـا ٍء مشـرق ِّ ٍ نفسه.. عمـدا أو تورطنـا ً ومثـل ذلـك يحـدث ً أيضـا فـي ُّ بالتوسـل بضمائـر ملغومـة فـي غضـون دون قصـد ُّ خوضنـا فعـل الكتابـة.. وجئـت بالنعت(ملغومـة) أل َّنهـا كمـا اللغـم ُ النـص.. المحشـو فـي باطـن تربـة ِّ الكتابية لسببين: وك َّنا قد حشوناه في رحلتنا َّ َّإمـا ألننـا أهملنـا وقْ َـع هـذه الضمائـر علـى المتلقـي أثنـاء الكتابـة ،وجـاء هـذا اإلهمـال لعـدم ِّ البشـرية بالنفـس أثـره فـي ـا عميق النظـر إمعاننـا ً َّ وانعكاسـاته عليهـا، ِ جانـب مـن جوانـب كشـف فـي تورطنـا ٍ أو أل َّننـا َّ شـخصياتنا دون أدنـى انتبـاه.. َّ يـؤذن هـذا الكشـف فـي أذهاننـا أن توقفـوا ولـم ِّ عـن فعـل ذلـك؛ فـإن هـذا الفعـل قـد يـودي أبـان نصنـا ِّ بالمتلقـي إىل النفـورَّ ، ثـم إقصـاء ِّ إقصـاء َ ً أبصر َنـا مـن كمـا عليـه، تعالينـا أو عنجهيتنـا عـن َ اللغـوي فـي منزلـةٍ تعتلـي المنزلـة خلال فعلنـا ِّ التـي يقطنهـا.. المنفـرة حين يصل إىل حتمـا من األسـباب ِّ وهـذا ً شـعور مفـاده أننـا قـد وضعنـا أنفسـنا فـي المتلقـي ِّ ٌ العلـو ذاك كان ـا أي وتفوقهـا.. منزلتـه تعلـو منزلـةٍ ُّ ًّ التفـوق.. أو ُّ وبذلك نكون قد دفعنا به إىل شـرفة من شـرفات يمثل القطب الثاني القصـر ،وفقدنـا ِّ متلقينا الـذي ِّ الرئيس في دائـرة التفاعل القرائي..
يتبع.. * كاتبة وناقدة أكادميية -فلسطني
5
مارس 2021 -م
سيمياء التوتر يف اخلطاب الشعري اجلاهلي (المعلقات أنموذجا)
( )3
محمد عبد الراضي ناقد وباحث أكادميي مصري
الخصائـص التركيبيـة للعواطـف فـي الظواهـر المعنويـة فـي الوقفـات الطلليـة: العواطـف التـي سـيطرت علـى شـعراء المعلقـات فـي وقفاتهـم الطلليـة تتمثـل فـي عاطفـة الحـب والشـوق ،فالحب يجعل الشـاعر يشـتاق لرؤية محبوبتـه ،واسـتعادة الذكريـات الماضيـة ،فالشـوق إحسـاس ناتـج عـن الحـب ،ويعنـي “ نـزاع النفـس إىل الشـيء والشـوق حركـة الهـوى “( ) أو “ هـو سـفر القلـب فـي طلـب محبوبـة ،وهناك من يقـول إن االشـتياق يزول عنـد لقـاء المحبـوب ،ومـن يقـول أنـه يزيـد باللقـاء ،إذ إن الحـب يقـوى بمشـاهدة جمـال المحبـوب أضعـاف مـا كان حـال غيبتـه “( ) ويمكننا تمثيل العاطفة بالمعادلة اآلتية :
_ شكل رقم ( )12معادلة العاطفة في الوقوف على األطالل _ وبمحاولـة تحليـل تلـك المعادلـة نجـد أن عاطفـة الشـوق هـي العنصـر الفعـال فـي المدونـة العاطفيـة ،وبتحليـل عاطفة الشـوق نجد أن الشـاعر ( شـعراء المعلقـات ) ويمكننـا أن نطلـق عليهـم (ذات ، )1فـي عالقـة انفصـال عـن محبوباتهـم (ذات )2اآلن ،ويدفعـه ذلـك الشـوق إىل محاولـة اللقـاء ( القيمـة المنشـودة ) ؛ وذلـك لكـي يحقـق التوازن العاطفـي والراحة النفسـية الناتجـة عـن تبـادل الحـب بيـن (ذات ،1ذات ، )2ويمكننا القول ناتـج عـن الفقـد والبعـد عـن شـخص لـه مكانة بـأن هـذا الشـوق إحسـاس ٌ ٌ مميـزة ،ويمكـن تمثيـل ذلـك بالمدونـة العاطفيـة اآلتيـة : ظاهرة معنوية عاطفية الشوق الحالة (االنفصال ) الفقد أو البعد عن شخص موضـوع القيمـة مـن نـوع له مكانة مميزة ( مرغـوب فيـه ) وينتظـم الشـوق فـي المقدمـة الطلليـة حول حـدث محـزن ،وهو رحيل المحبوبـة عـن الشـاعر ،وهـذا البعـد يجعـل من الشـاعر ذات معذبـة ،كما صـورا سـلبية ،مثـل قـول امـرئ القيس (وإن شـفائي عبرة يجعلهـا ترسـم ً مهراقـة ) ( ،ففاضـت دمـوع العيـن مني صبابة ) ،وقـول طرفة بن العبد طـورا ويهتـدي ) ،وقـول زهيـر بـن أبـي سـلمى ( فلمـا ( يجـور بهـا الملاح ً صباحـا أيهـا الربـع واسـلم ) ،وقـول لبيد عرفـت الـدار قلـت لربعهـا أال عـم ً بـن أبـي ربيعـة ( فوقفـت أسـألها ) و ( عريـت وكان بهـا الجميـع ) ،وكذلك عنتـرة بـن شـداد ( حييـت ممـن طلـل تقـادم عهـده ،أقـوى وأقفـر بعـد
6
أم الهيثـم) ،والحـارث بـن حلـزة ( ال أرى فيهـا مـن عهـدت فأبكـي ) ( ، وبعينيـك أوقـدت هنـد النـار ) . ويالحـظ فـي هـذه المقدمـات الطلليـة انقسـاما فـي العاطفـة وتوتـر جليـا ،ويتجسـد ذلـك مـن خلال التراجـع المالحـظ بيـن القـوة والضعف ،الضعـف يمثلـه البـكاء عنـد امـرئ القيـس والحارث بن حلـزة ،وعبر عن هـذا الضعـف بتوجيـه الحديـث إىل الطلـل وكأنهـا يسـمع النـداء ،وينتظـر منـه إجابـة ،مثـل زهيـر ولبيـد وكذلـك عنتـرة بـن شـداد ،أمـا طرفـة بن جـدا لم يظهـر إال من خلال مواسـاة أصحابه له العبـد فـإن ضعفـه قليـل ً ( ال تهلـك أسـي تجلـد ) . وبيـن هـذا الضعـف ونفيـه ،والذي تمثل هـذا النفي فـي الصبر والتجلد والتحمـل عنـد امـرئ القيـس وطرفـة بـن العبـد ،وبيـن إنـكار سـؤال األطلال والحديـث إليهـا مثـل لبيـد ،بـل ويصـل إىل إنـكار المحبوبـة ( بل مـا تذكـر نـوار ) ،أو ذكـر محبوبـة أخـرى مثـل الحـارث حيـن ذكـر هند أو امـرئ القيـس حيـن ذكـر محبوباتـه ،أو هـروب عـن طريـق الرحلة وذكر ظعـن المحبوبـة .وهـذا التقابـل بيـن حالـة الضعـف و حالـة القـوة ينتـج انقسـاما للـذات الشـاعرة إىل ذاتيـن : عنهـا ً أ -الذات الفردية : وهـي تمثـل ذات اإلنسـان المحـب العاشـق ،الـذي يعيـش مـع األلـم والعـذاب ،ويحـاول أن يرتـاح من ألمه بالبـكاء ،وهو يتأثر بالهوى فيضعفه الشـوق والحنيـن فيتـأوه ويبكـي ،ويمثـل الجانـب الضعيـف في شـخصية الشـاعر . ب -الذات االجتماعية : وهـي تمثـل ذات الفـارس القـوي الـذي يتميـز بصفـات الشـدة والصبـر والتجلـد ،وهـي صفـات أسـبغها المجتمع الجاهلي على الرجـال ،فهو الذي يواجـه المخاطـر وال يضعفـه فـراق امـرأة ،ويحـاول كتـم حزنـه وبكائـه عـن اآلخريـن . ولقـد وقعـت الـذات الشـاعرة فـي صـراع بيـن الـذات الفرديـة والـذات االجتماعيـة ،وحـدث فـي العاطفـة توتـر ملحـوظ مثلتـه ثنائيـة ( القـوة /الضعـف ). وهـذه الوقفـات الطلليـة التـي تمتلـئ بالعواطـف اإلنسـانية مـن خلال أبياتهـا الظاهـرة ،ومسـتوى بنيتهـا العميقـة ،األمـر الـذي يجعلنـا نقـوم بإجـراء مقاربـة باطنيـة ( على مسـتوى البنية العميقـة ) من خالل بنية المعنـى ،وهـذا المعنـى ال يتضـح عند كريماص إال من خلال تعارضه مع الضـد ( ) ،وهـذه هـي طبيعـة العربـي ومفتـاح شـخصيته التـي “ تسـمح
مارس 2021 -م
بتجـاور الشـيئين مـع تمايزهمـا “. وقـد قـام كريمـاص فـي مربعـه السـيميائي بإعـادة تحليـل األشـكال المعقدة للداللة أو المعاني إىل عناصر بسيطة ،وذلك على ثالثة عالقات هـي :التضـاد والتضميـن والتناقـض بين ثنائيتيـن متعارضتين ،وبذلك قـام كريمـاص بوضـع مربعـه السـيميائي الممثـل للثنائيـة المتعارضـة ، التـي يمثـل أحـد طرفيهـا مجـال داللـي إيجابـي واآلخـر سـلبي . وإذا نظرنـا إىل المقدمـة الطلليـة نجدهـا تنقسـم أيضـا إىل مجاليـن داللييـن ،قائميـن علـى ثنائيـات متعارضـة كاآلتـي : أ -المجال الداللي األول اإليجابي : أي أنـه يحتـوي علـى قيـم إيجابيـة تجمـع بيـن ( الحـب ،والذكـرى ، الزمـن الماضـي ) . والتفـاؤل ..., ب_ المجال الداللي اآلخر السلبي : وهـو الـذي يجمـع بيـن قيـم سـلبية تجمـع بيـن ( البـكاء ،والهجـر ، الزمـن الحالـي ). والصمـت ،والدمـار ،والفنـاء ،و الحـزن ....، وهـذان المجـاالن الدالليـان تحملهمـا األطلال في طياتها ،فالشـاعر يقارن بيـن الحـال اآلن وحـال األطلال فـي الماضـي ،فالماضـي يحمـل العالقـات االجتماعيـة ودفء العواطـف وعمـران الدار وذكريـات الحب ،فالماضي هنا يمثـل سـيمائية الغيـاب أو الفقـد ،فالماضـي دائمـا مضـيء ومشـرق ،حتـى حـل الظلام فـي الماضـي كانـت المحبوبـة تضيئ هـذا الظالم : وإن ّ تضيء الظالم بالعشاء كأنها منارة ممسى راهب متبتل أمـا الحاضـر فإنـه يمثل المجال الداللي السـلبي ،فالديار عفت ،وانمحى رسـمها إال قليـل ،والحبيبـة بعـدت ،حتى الصبـاح والنهار فـي الحاضر فهو مظلـم يشـبه الليل الطويـل الممتلئ بالهموم : أال أيها الليل الطويل أال انجلي بصبح وما اإلصباح منك بأمثل ويمكـن تمثيـل هـذه الثنائيـة الكبـرى فـي األطلال بيـن الحاضـر والماضـي علـى المربـع السـيميائي كاآلتـي :
شكل رقم ()13مربع كريماص السيميائي لثنائية الحب والهجر _مـن المربـع السـيميائي السـابق نالحـظ عالقـة التضـاد القائمـة بيـن طرفـي الثنائيـة ( الحـب والهجـر ) ،كمـا تظهـر لنـا عالقـة التناقـض بيـن أيضا بين السـعادة والسـرور والحـزن والبـكاء مـن جهة ،وعالقـة التناقـض ً االتصـال (الماضـي ) واالنفصـال (الحاضـر ) من جهة أخـرى ،كما نالحظ
عالقـة التضميـن التـي تجمـع بيـن الحـب والالهجـر مـن الجهـة اليمنـى ، والتضميـن الـذي يجمـع بيـن الهجـر والالحـب مـن الجهة اليسـرى . ومـن خلال المربـع السـيميائي للمعانـي والبنيـة العميقـة يمكننـا توزيـع المعنـى علـى مجاليـن داللييـن متعارضين همـا ( المجـال األول الماضي والحب والالهجـر والسـعادة والسـرور و االتصـال ) وهـو يمثـل الجانب الداللـي اإليجابي . والمجـال الثانـي ( الحاضـر والهجـر و البـكاء واالنهيـار والبعـد واالنفصال و الالحـب ) ،وهـو يمثـل المجـال الداللي السـلبي . ومـا حـزن الشـاعر وبـكاؤه علـى الطلـل إال بسـب الحـب ،الحـب لصاحبة الطلـل ،فالشـاعر ال يبكـي المنـزل فقـط ،إنما يبكي معـه الحبيب وهو ما عبـر عنـه امرئ القيـس بقوله : قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل والحارث بن حلزة : ال أرى من عهدت فيها فأبكى الـــ ـــــيوم دلها وما ُيحي ُر البكاء وهـذا الحـب “ يتولـد بين الحبيبين عن السـماع والنظـر ،ثم تقوى المودة عشـقا “ ،والشـاعر بين هذا لتصيـر محبـة ،ثـم تصبـح خلـة ،ثم هوى ،ثم ً الحـب والشـوق إىل الماضـي ،والحـزن واأللـم الـذي يشـعر بهمـا اآلن ،يحـاول الشـعراء الصبـر والتجلـد وتحمـل هجـر المحبوبـة ؛ ألنـه فـارس _ كشـعراء المعلقـات عامـة _ أو ملـك كامـرئ القيـس _ وعمومـا كرجـال فـي بيئـة تـرى مـن الضعـف ونقـص الرجولـة البكاء على فقـد المحبوبـة _ المرأة _ لذلـك يحـاول أصدقـاؤه فـي الوقـوف تذكيـره بذلك وضـرورة الصبر: وقوفًا بها صحبي على مطيهم يقولون ال تهلك أسي و تجمل وطرفة :وقوفًا بها صحبي على مطيهم يقولون ال تهلك أسي وتجلد أو يحـاول الشـاعر إيهـام نفسـه بعـدم جـدوى البـكاء والحـزن علـى الفراق ،كمـا قـال امـرؤ القيس : دارس من معول ......................فهل عند رسم ٍ أو لبيد بن أبي ربيعة : صما خوالد ما يبين كالمها فوقفت أسألها وكيف سؤالنا ً دلها وما يحير البكاء ( ) ................. ولكـن لـم يسـتطع كل شـعراء المعلقـات التحمـل والصبـر ،فنجد أمرأ تذكرهـا لدفـع آالم الحاضـر القيـس بعـد تتابـع ذكرياتـه الغراميـة ،التـي ّ لكنهـا زادت الحاضـر حزنـا علـى مـا فيـه فلا يتمالـك نفسـه ،فتنهمـر الدمـوع مـن عينيـه انهمـارا حتـى بلغـت أنهـا ب ّلـت محمـل السـيف مـن غزارتهـا : بل دمعي محملي ففاضت دموع العين مني صبابة على النحر حتي ّ وكذلك الحارث بن حلزة : ال أرى من عهدت فيها فأبكى اليــــ ـوم دلها وما يحير البكاء ويـرى الباحـث فـي هـذه المقدمـات الطلليـة توتـر عاطفـة الشـعراء ومـد ،مثلهمـا الشـعراء فـي بكائهـم ومحاولـة الصبـر شـد ٍّ ووقوعهـا بيـن ٍّ والتجلـد ،وهـو مـا عبـر عنـه الشـعراء مـن خلال الشـفرات الدالليـة المنتشـرة فـي المقدمـات الطلليـة .
7
مارس 2021 -م
جهنم ورباط حذاء نجيب محفوظ
محمد محمد مستجاب
عبــر كاتبــا ّ لــم يكــن نجيــب محفــوظ ً فــي كتابتــه عــن الجــزء الخفــي مــن تاريــخ الوطــن ،ولــم يكــن سيناريســت نلهــث وراء أفالمــه علــى شاشــات الســينما أو التليفزيــون، مفكــرا ينظــر لتغيــرات األحــوال ولــم يكــن ً االجتماعيــة للشــعب المصــري ،بــل هــو كل أساســيا جــزءا ذلــك ،وأكثــر .فقــط أصبــح ً ً وأصيـ ًـا مــن الهيــكل العصبــي لهــذا الوطــن أيضــا. وشــعبه ومســتقبله ً لــذا أصبــت بالدهشــة مــن تلــك المــرأة فــى األتوبيــس وهــى تعلــق ســاخرة لحفيدهــا أو ابنهــا علــى التمثــال الــذي يقومــون بتنظيفــه فــى ميــدان ســيفنكس وتقــول« :وهــو ميــن اللــي بيحمــوه -،تقصــد اســتحمام -فــي البــرد ده؟» ،فلــم يكــن يــدل علــى وجههــا أو مالبســها أو نظارتهــا الطبيــة أنهــا جاهلــة ولــم يكــن يــدل علــى طريقــه كالمهــا أنهــا ليســت متعلمــة ،لكــن الســؤال داهمنــي كمــا يداهــم قطيــع مــن األبقــار الوحشــية لغيطــان مــن حشــائش الســافانا بعــد شــهور مــن الجفــاف ،كانــت تهــزأ بمــا يفعلــون وتهــزأ مــن شــخصية صاحــب التمثــال ،وتســخر مــن تلــك الشــخصية التــى يهتمــون بتنظيــف صاحبهــا بطريقــة فجــة ووقحــة ،المدهــش أن حفيدهــا أو ابنهــا والــذي كان فــى تقريبــا منتصــف العشــرينات قــال لهــا« :إنــه ً مخــرج مــن اللــي بيعملــوا أفــام أو تمثيليــات أو شــيء مــن هــذه األعمــال» ،ليســتمر قطيــع األبقــار فــي الدهــس والتمزيــق والهــرس لــكل حقــول العلــم والثقافــة والتعليــم ،فــا يصــح – رغــم جهلنــا – أن نتحــدث هكــذا، والغريــب أنــه لــم ينهــض أحــد مــن الــركاب
8
ويتحــدث أو يخبرهمــا بخطئهمــا وجهلهمــا مســتعدا وطريقــه حديثهمــا ،ولــم أكــن ً للدخــول فــى هــذا النقــاش الســخيف ،لكنــي لــم أســتطع أن أتمالــك نفســي ،نهضــت بعــد أن حملــت ابنتــي الصغيــرة علــى ذراعــي واتجهــت للمــرأة وقلــت لهــا« :إن صاحــب التمثــال الــذي تهزئيــن منــه اســمه نجيــب محفــوظ ،وهــو راقــد وســط عقلــك الفــارغ والتافــه ألكثــر مــن نصــف قــرن ،وأن تكوينــك الجســماني هــذا شـ ّـكله قلــم نجيــب محفــوظ ،وأنــه مــن المؤكــد قــد رســم علــى وجههــك ابتســامة أو جعــل عينيــك ذات يــوم تدمــع أو نفــض جســدك بقشــعريرة ألحــد أبطالــه» ،لــم تفهــم المــرأة مــا أريــد قولــه ،فعــدت لهــا وقــد اقتربــت منهــا بشــدة، وقلــت« :إن نجيــب محفــوظ هــذا ياســيدتي الكريمــة أحــد جنــود هــذا الوطــن الغالــي، وإنــه قــد انتصــر لنــا فــى حــرب أكتوبــر وقــاد ثــورة يوليــو وســحق الصليبيــن مــع صــاح الديــن» ،ففرحــت المــرأة كمــا لــم تفــرح مــن قبــل ،فــزدت لهــا وقلــت« :إنــه قــد شــارك فــى ثــورة ينايــر ومــن المؤكــد أنــه سيشــارك فــى ثــورات أخــرى للشــعب المصــري» ،حينئــذ قالــت المــرأة« :علشــان كــده بشــوف صورتــه
فــى التليفزيــون» ،قلــت لهــا« :إنــه أحــد شــهداء ثــورة الجهــل علــى عقلــك يــا ســيدتي العظيمــة» ،واســتدرت وواجهــت حفيدهــا، وأخبرتــه بأنــه ســيدخل النــار ،وأن أمثالــه يجــب أن يشــنقوا فــى ميــدان عــام مثــل الــذى يوضــع بــه تمثــال نجيــب محفــوظ، بعدهــا أمــرت ســائق األتوبيــس أن يتوقــف، كــي أخــرج مــن جهنــم ،وقبــل أن أهبــط درجــات الســلم ،رفعــت ابنتــي «يســر» يدهــا مل ّوحــة لتمثــال نجيــب محفــوظ وهــي تــردد اســمه بطريقتهــا ،امتــدت يــد يســر وكفهــا لتصــل لوجــه نجيــب محفــوظ كــي تجفــف وجهــه الغــارق فــي الدمــوع ،ثــم ربتــت علــى وقبلتــه بطريقتهــا وهــي تــردد اســمه كتفــه ّ مــرة أخــرى ،ثــم قامــت بالهبــوط إىل قدمــه حيــث كان ربــاط حذائــه مفكــوك ،فقامــت يســر بربطــه وهــي تقــول لــه« :بابــا علمني أن اللــي رباطــه بيتفــك بيقــع» ،ابتســم نجيــب محفــوظ ،وأطــل علــى المــرأة وحفيدهــا وبــدأ تــاركا العمــال الذيــن يقومــون فــى الســير ً بتنظيــف جســده مــن األتربــة ،ســار إىل حيث لــم أره مــرة أخــرى بينمــا ظلــت يــد يســر أيضــا. ابنتــي تلــ ّوح لــه مودعــة وباكيــة ً
مارس 2021 -م
األدب التفاعلي ماهيته وأيقوناته مع تطور التكنولوجيا ا ُملتسارع ظهرت لدينا مفاهيم جديدة عن األدب ،ويعود ذلك إلى مما دفع الباحث جميل تزاوج األدب معها وما نتج عنه، ّ فتعددت املصطلحات واملفاهيمّ ، فمن األدب الرقمي إلى األدب اإللكتروني حمداوي إلى تسميتها بفوضى املصطلحاتِ ، ترابط والنص ا ُملتفرع. والهاتفي الشبكي وأدب الصورة واألدب والتفاعلي والنص ا ُمل ِ ّ ّ ّ تعدد تعدد المفاهيم والمصطلحات بسبب ّ ويأتي ّ نتائج احتكاك األدب بالتكنولوجيا ،وتذهب الباحثة زهور كرام إىل القول «لم يستقِ م بعد تعيين المصطلح الرقمي ،ليس التخيلي في األدب يحدد النص الذي ّ ّ ّ أيضا في التجربتين ولكن ة، العربي التجربة فقط في ً ّ واألوروبية ،وهي مسألة ُمرتبطة بتحديد ة األمريكي ّ ّ يصطدِ م بسؤال التعريف كل نوع أدبي جديد ،والذي ّ االصطالحي» .كما ّأن هذه اإلشكالية ليست في العالم ّ تعددت فيه العربي فحسب بل في العالم الغربي الّذي ّ ّ ّ تم نقلها إىل يتم توحيدها ،وحينما ّ المصطلحات ولم ّ فرديا تباينت العالم العربي ّ تمت ال ّترجمة ،وكون العمل ً ّ ترجمة المصطلح الواحد إىل العديد من المصطلحات الغربي. عما هو موجود في العالم مما فاقم عددها ّ ّ ّ يج ُد الباحث صعوبة في تبني المصطلح المناسب لذلك ِ بأن المصطلح األنسب هو( :األدب والدقيق ،لكن قد نرى ّ أدبي جديد. جنس والدة التفاعلي) الّذي يمثل ّ ّ التفاعلي؟ فما هو إذن األدب ّ يرى الدكتور ُمشتاق عباس ،وهو رائد القصيدة العربية ،بأ ّنه «النص الّذي يستعين بال ّتقنيات التفاعلية ّ ّ الّتي و ّفرتها تكنولوجيا المعلومات وبرمجيات الحاسب اإللكتروني لصياغة هيكليته الخارجية والداخلية، والذي ال يمكن عرضه إال من خالل الوسائط التفاعلية االلكترونية». عرفه الدكتورة فاطمة البريكي «بأ ّنه األدب بينما ُت ّ يوظف ُمعطيات التكنولوجيا الحديثة في تقديم الّذي ِّ األدبية واإللكترونية ،وال بين يجمع جديد، أدبي ّ جنس ّ اإللكتروني ،وال الوسيط عبر إل تلقيه لم ى ت يتأ يمكن أن ّ ّ ُ ّ ُ المتلقي مساحة عطي أ إذا إل ا تفاعلي األدب هذا يكون ّ ُ ً األصلي للنص». بدع الم مساحة عن تزيد أو عادل، ُت ُ ّ وخصوصا نخبته من العربي العالم معرفة بشأن ا أم ّ ً قمت بعمل استطالع وسؤال ما يقرب المثقفين ،فقد ُ من 111من األدباء والك ّتاب والشعراء عن معرفتهم باألدب التفاعلي فأجاب 83%بـ ال و 17%بنعم يعرفوا األدب التفاعلي كانت وحين تم سؤال 17%أن ّ إجاباتهم بأنه المدونات األدبية ،والمنشورات األدبية على وسائل التواصل االجتماعي .وبالتالي فإن المعرفة باألدب التفاعلي في العالم العربي ال تزال ضئيلة بين النخبّ ،أما العامة فأشد ضآلة وقد يعود ذلك إىل أمية الحاسوب المتفشية. ما هي عناصر األدب التفاعليّ/الرقميّ: الرقمي: - 1المبدع ّ
لم يعد على المبدع الرقمي أن يتعلم أسلوب الكتابة بل أصبح يتوجب عليه أن يعبر تخصصه إىل تخصصات الحاسوب ،فعليه أن يتقن استخدام الوسائط المتعددة في توظيفها في النص اإلبداعي، كما عليه االستعانة بخبراء الحاسوب ،ويختلف المبدع الرقمي عن الورقي بأن الورقي هو المالك للنص ،بينما الرقمي يعلم بأن النص ليس ملكه بل في متناول الجميع بعد نشره. الرقمي: - 2النص ّ مفتوحا، ا نص كونه الورقي عن الرقمي النص يختلف ً ً يحتمل عدة بدايات ونهايات وتأويالت ،كما أ ّنه يعطي القارئ أهمية كبيرة بالشعور بأنه صاحب النص وبإمكانه الحذف والتعديل واإلضافة. الرقمي: - 3المتلقي ّ مستهلكا ،بينما يعتبر دائم ًا ما اعتبر المتلقي/القارئ ً األساسية منتجا ،كما أ ّنه الركيزة في األدب التفاعلي ً ّ لهذا األدب والمتفاعل والمشارك في النص. - 4الناقد الرقمي: أصبح على الناقد الرقمي عبور التخصص والمعرفة التامة بالتكنولوجيا والوسائط المتعددة ليتمكن من تفكيك العمل اإلبداعي الرقمي من جميع جوانبه. أجناس األدب التفاعليّ: القصيدة التفاعل ّية: إلكترونيا ،وعلى الصور تطورة الم تعتمد على اآلليات ُ ً والموسيقى والوسائط المتعددة التي تعطي القصيدة مختلفا عن القصيدة التقليدية. طابعا ً ً ومما يميزها جماهيريتها وعالميتها وانفتاحها على ّ جميع الوسائط المتعددة .ومن أشهر ر ّوادها الشاعر عباس وكانت أول قصيدة في عام ،2007 مشتاق ّ ويوظفها بعنوان (تباريح رقمية لسيرة بعضها أزرق)ّ ، بالصور والصوت وخصائص أخرى ،وستجد رابط القصيدة التفاعلية ،فقط قم بالبحث في صندوق بحث (قوقل) باسم القصيدة. الرواية التفاعل ّية: نمط من الروايات يقوم فيها المؤلف بتوظيف الخصائص وتقوم بتقنية النص المتفرع ،ويسمح صورا نصا سواء أكانت ً بالربط بين النصوص ً كتابيا ،أم ً ً حية ،باستخدام وصالت ا ت ثابت ًة أو متحركة ،وأصوا ً ّ تكون باللون األزرق وتقود إىل الهوامش على المتن .كما أنها تكسر النمط الخطي السائد مع الرواية التقليدية. ومن أشهر ر ّوادها في العالم العربي األديب محمد
فوزي الغويدي -اليمن
سناجلة ورواياته (شات) و(صقيع) و(ظالل الواحد) والتي ستجدها على الويب لتتفاعل معها. المسرحية التفاعل ّية: هي الّتي ال تعتمد على النص بل تعتمد على المسرح التقليدي الّذي اعتدنا عليه من الحي المخالف للمسرح ّ ّ تحفيزي مسرح هو بل جامد، وجمهور خشبة مضاءة ٌ ٌّ يستطيع فيه الجمهور التفاعل المباشر ورؤية الممثلين بحرية .ويختلف عن التقليدي بعدة أمور منها والتنقل ّ أنه ال يقدم في صاالت المسرح التقليدية بل إنه قد يكون على الباخرة أو في قصر أو مكان آخر ،كما أنه يحق للجمهور التنقل من مكان إىل آخر ويكسر العالقة بين الممثل والمتفرج ،كما أنه ال يحتاج إىل الوسيط اإللكتروني. أعمال أو ا نماذج تعرف هل االستطالع: سؤال وفي ً ً من األدب الرقمي/التفاعلي؟ النتيجة كالتالي 89% :ال، و 11%نعم .وعند سؤال من أجابوا بنعم أن يذكر لنا النماذج كانت اإلجابات خاطئة ،وهذا يع ّزز أن المعرفة جدا. بهذا األدب مازال ً قليل ً النظريّة النقديّة واألدب التفاعليّ: تطورا لنتيجة احتكاك األدب يعتبر األدب التفاعلي ً بالتكنولوجيا؛ ولذلك تنطبق عليه النظريات األدبية المتعددة ،فهناك من يرى بأ ّنه يحمل والنقدية ّ النقدية من حيث دور المتلقي النظرية خصائص ّ النظرية ووظيفته ،كما ّأن العديد من مقوالت ر ّواد ّ التفاعلي مثل (النص النقدية تنطبق على األدب ّ ّ المفتوح ،وتعدد التأويالت ،وموت المؤلف ،والالمركزية، ونظرية نظرية التلقي وتعدد األصوات) ،كما أن ّ ّ ّ التناص تتسق معه .إن تأثير التكنولوجيا على األدب مواربا على الحالة والسلبي يبقى اإليجابي بشقيه ً ّ ّ إليه تؤول قد وما ة اإلبداعي التجربة عمق في ة الجدلي ّ ّ ّ في المستقبل. المصادر والمراجع:
• إياد والشمري ،حافظ ،محمد ،األدب التفاعلي الرقمي الوالدة وتغير الوسيط .غير معروف :بدون دار نشر ،ط.2011 ،1 • البريكي ،فاطمة ،مدخل إىل األدب التفاعلي .الدار البيضاء :المركز الثقافي العربي ،ط.2006 ،1 • حمداوي ،جميل .األدب الرقمي بين النظرية والتطبيق .بدون: بدون دار نشر ،ط.2016 ،1 • كرام ،زهور ،األدب الرقمي أسئلة ثقافية وتأمالت مفاهيمية. القاهرة :رؤية للنشر والتوزيع ،ط.2009 ،1 • نصر هللا ،عايدة ويونس ،إيمان ،التفاعل الفني األدبي في الشعر الرقمي .دار األركان لإلنتاج والنشر.2015 ،
9
مارس 2021 -م
نفحـات مـن الشعـر الشعبـي
27
في هذا العدد نحن أمام شاعر كبير ،يمتاز شعره بغزارة المادة وبكثرة الموضوعات المطروقة في مختلف المناسبات والحاالت الذاتية واالجتماعية ،وهو شاعر رقيق الحاشية حرص في جانب من أشعاره على مالمسة قلوب أهل العشق من خالل القصيدة الحمينية العامية والتي هي جوهر موضوعنا لهذا العدد .. وليد املصري -اليمن
الشاعر محمد أحمد منصور مواليـد 1930م فـي منطقة العنسـيين مديرية ذيالسـفال محافظة إب. تلقـى العلـم فـي مدرسـة ذي السـفال علـى يـداألسـتاذ عبدالباقـي مقبـل.. وقـرأ العربيـة علـى يـد والـده الشـاعر أحمـد منصـور نصر.. تقلـد عـدة مناصـب سياسـية كمـا كان محافظـ ًالمحافظـة البيضـاء ،وعضـو ًا فـي مجلـس الشـعب ،ثـم عضـو ًا فـي المجلـس االستشـاري وهـو مـن األعلام البارزيـن فـي المجتمـع اليمنـي. لـه ديـوان شـعر بعنـوان (االعمـال الكاملـة) قـدم لـهاألسـتاذ الدكتـور حسـام الديـن الخطيـب. نماذج من قصائده ال نجم أول الصيف ال وسه ً أه ً يابدر في وسط السماء على الكيف علي كالسيف رنا بأجفانه ّ حتى شطر باللحظ قلبي أشطار ال بمن َح ّيا ومن تخَ ّطر أه ً يانجم أشرق في السماء وأسفر وعاد صدر الحب ما تزرر يا عطر في موسم ربيع األزهار ال بالغزال االحور ال وسه ً أه ً ياورد في عمر الزهور األصغر ياغصن من فوق الغصون أخضر ومن بحسنه في القلوب أمار وعندما سلم ُ لت مرحب وق ُ الي كوكب أهدت السماء خلت ّ والشمس تطفا في الخدود وتلهب ومن سما نحره قد أطلع أقمار وكم شدفني عندما تبسم والثغر للماس الصغير منجم مثل الهالل قد الح داخل اليم قسم اضواءه بموج األبحار حين ّ وحينما شاهد فؤادي التاع والدمع قد أروا التراب في القاع
10
وقال حبك قد ظهر وقد ذاع وما ألذ الحب لو بقى اسرار وشار إىل خده وقال لي الثم فذاب قلبي كالرحيق في الفم وكاد يجمد في عروقي الدم ياليت ال أوما ياليت ماشار مسكين انا ضيعت فيك عمري يابدر من فوق السحاب يسري نزحت عن قلبي شقيت صدري أين شا تسير قلبي وراك سيار شا اتخيلك لما الصباح يطلع حين كان قلبي في هواك ش ّرع وعاد خيط الحب ماتقطع وال سعا واشي والعذول جار وحينما شرفت إىل مكاني وكان حبك قد عقد لساني وانا أموت من جور ما أعاني ما غير دمعي في الخدود مدرار حاولت أن انساك في هجوعي لما سقيت األرض من دموعي لكن قلبي من لظا ولوعي واصل تنهاده من التذكار آه ياربة الحجاب آه ياربة الحجاب ماعلى الشمس من نقاب لوتغلفت بالسحاب ِ طرفك الكحيل لرنا ِ بك الكبير آه من ُح ِ كم أرى المبسم الصغير من ورا الملثم الحرير خط في األفق كاألصيل والشعو ُر الذي انسكب مثل أسالك من ذهب أو كأوتار للطرب يسكب اللحن والهديل
فاسمعي أنة الطريق من صدى خطوك األنيق ذكرت ُحبها العميق حين خطر قدك النحيل من يبلغ سالمي من يبلغ سالمي ويبعث بالخبر لألحباء في سفح صنعاء حيث ما الجو مشرق وعائم بالزهر والحسان كالظبا فيه ترعى ماسباني سوى أهيف على ثغره درر قد تكلل بأزهار نيسان إن يمر مثلما الغصن أو يطلع قمر فتنة هللا لألنس والجان قد نهبني فؤادي ولكن ما قدر انني أترك أحبه بالدي هم بفكري وقلبي وسمعي والبصر كيف أترك حبيب في فؤادي أو خطر سارت الناس من حوله زمر واعتلى الطير صادح وشادي وانا اسألك ياطير وانا أسألك ياطير في صوتك الحالي تبلغ المحبوب شوقي وأشجاني طلبت بالهاتف ما جابني إنسان حنين مترادف من قلبي الولهان وكلما دقيت يرد لي مشغول مسكين أنا أنجريت بحبه المجهول وحينما أتذكر جماله الفتان أكاد أنا أسكر من كسرة األجفان وعندنا تصدح بالبل األسحار اشاهده يسبح في موكب األقمار شاذوب أنا أنغام من وحي إلهامك واعيش باألحالم في ظل أيامك المصدر: موسوعة شعر الغناء اليمني في القرن العشرين، الطبعة الثانية ،٢٠٠٧الجزء ٦
مارس 2021 -م
التماهي يف القصة القصيرة جد ًا عند انتصار السري يعتبـر التماهـي ( )Identificationمـن املفاهيـم السـيكولوجية السـائدة يف النقـد األدبـي احلديـث ،فالكاتـب يتأثـر يف شـخصياته الروائيـة ،أو القصصيـة ،حـد االندمـاج والتقمـص، فيتكلـم بلسـان الشـخصية التـي تـدور حولهـا األحـداث، ويتجسـد فيهـا ،وقـد يتماهـى مـع الظواهـر الطبيعيـة ،أو األشـياء املاديـة املوجـودة يف املـكان ،كمـا ميكـن التماهـي مـع احليوانـات أو النباتـات يف النـص األدبـي املؤلـف. فاطمة الزغول -ناقدة أردنية ويص ّور التماهي قوة الشعور لدى الكاتب تجاه الشخصية ،أو الشيء الذي اندمج فيه ،وهذه المشاعر كما وصفها( .سيجموند فرويد( لها جانبان :جانب إيجابي ،يتمثل في حب الشخصية ،أو الشيء المتماهى فيه ،وجانب سلبي يعبر عن كره ذلك الشيء أو تلك الشخصية حد العداء ،ومحاولة التدمير. ومن األجناس األدبية الحديثة التي تشيع فيها ظاهرة التماهي ،القصة القصيرة جداً ،وهي جنس أدبي يمتاز بالتكثيف ،واإلدهاش ،والمفارقة، واإليحاءات الرمزية ،وفعلية الجملة ،والوحدة الموضوعية ،ومن النماذج التي تجسد ظاهرة التماهي في القصة القصيرة جداً ،هذا النص للقاصة اليمنية انتصار السري من مجموعتها (صالة في حضن الماء) : تابوت في صالة المغادرة ،جلست أرتقب تأشيرة سفري إىل خارج الوطن. صوت هرج وبكاء يكتسح المكان ،بفضول استرقت النظر نحو وجه الجثة القادمة بجوف تابوت. تفرست مالمحها كانت جثتي... اختارت القاصة ،عنوان ًا أحادي ًا اسمي ًا (تابوت)، والتابوت ما ُيحمل فيه الميت ،ما يثير فضول المعبرعن المتلقي لمعرفة سبب اختيار هذا االسم ّ الحزن والرهبة ،عنوان ًا لهذه القصة. تتألف هذه القصة القصيرة جد ًا من شخصية أحادية ،تحدثت عنها القاصة بضمير المتكلم، تجلس في المطار تنتظر تأشيرة السفر ،وهناك حدث يلفت هذه الشخصية ،ذلك الهرج والصراخ الذي أثار فضولها ،ودفعها إىل محاولة كشف الحدث، وفي حبكة األحداث وتأزمها ،تكتشف القاصة وجود جثة قادمة في جوف تابوت ،ثم تكون المفارقة والحدث المدهش عند امعان القاصة النظر في وجه الجثة لتكتشف أنها هي صاحبة الجثة. تماهت القاصة انتصار في هذه القصة القصيرة
جداً ،في جثة قدمت إىل المطار في تابوت ،لتعبر عن حالة االستياء والحزن الشديد الذي ينتاب الشخصية عند مغادرتها الوطن ،فجسدت ظاهرة الخروج من الوطن ،بظاهرة خروج الروح من الجسد ،وقد اختارت التماهي بالجثة ،للتعبير عن قوة عاطفتها تجاه الوطن ،ورفضها الخروج منه ،معتبرة ذلك خروج لروحها وتحولها إىل جثة على قيد الحياة. أبدعت القاصة في اختيار الكلمات الدالة عن المشهد ،كاختيار كلمة(خارج الوطن) ،فهي لم تذكر الجهة المتوجهة إليها ،ألن ما يهمها هو عظمة الشعور بالخروج من الوطن ،وقد استخدمت أفعاالً مضارعة مكثفا ،مليئ ًا متتالية ،ومتراكبة لتنقل لنا مشهد ًا ً باإليحاءات الرمزية ،والغرابة واإلدهاش. ومن النصوص التي تماهت فيها انتصار السري مع شخصياتها في المجموعة ذاتها ،هذه القصة القصيرة جداً: استراق لم أشعر بجلوسها بجواري ،عيني تلتهم الكتاب بنهم ،ربتت على كتفي قائلة: اعذريني فتاتي الستراقي وقراءتي معك فيكتابك. رفعت نظري نحوها ،كنت هي أنا أربت على كتف ابنتي المنهمكة في القراءة. يحمل هذا النص أيض ًا عنوان ًا أحادي ًا اسمياً، (استراق) من الفعل استرق بمعنى نظر خلسة، فالقاصة في هذا النص تماهت مع شخصية ابنتها التي تشبهها في شغف المطالعة والقراءة ،فهي تصور فتاة منهمكة في القراءة ،ووالدتها تربت على كتفها مسرورة بما تفعل ،وفي نفس الوقت تشاركها استراق القراءة معها ،وبأسلوب مدهش تكتشف القاصة أنها توحدت مع شخصية ابنتها لتصبح هي تلك الفتاة التي تقرأ بنهم. استطاعت القاصة في هذا المشهد البسيط ،أن تعبر عن مشاعر السرور التي تنتاب األم عندما تشاركها ابنتها في صفة محببة كشغف المطالعة، فاختارت أفعاالً مضارعة تعبر عن حدث آني مباشر،
جسدته في هذا السرد المكثف المليء باإلدهاش، موظفة عناصر البالغة من مجاز وكناية وتشبيه، فالعين تلتهم الكتاب بنهم ،وتسترق الكلمات ،معبرة عن قوة العاطفة تجاه هذا المشهد. ومن النصوص المجسدة للتماهي عند انتصار السري هذه القصة القصيرة جد ًا : ضوء القمر تحت ضوء القمر وبرفقة موباسان ،هل كنت أنا هنرييت فتشت عنك تحت ضوء القمر!؟ هيا ..مد يدك ،لنشعل شمعتنا الثانية ،لنمارس هذياننا بقرب تلك البحيرة ،لنعيد نسج رقصتنا األوىل.. ها هي ذي عيوننا تسكرنا بشهد عناقها ،ظل ضوء القمر يختلس نظرة غيرة نحونا ،غافلناه ،لنتماهى في عمت العتمة خطوط شعاعه ،انطفأ قنديل غرفتيّ ، جدرانها ،سقطت قصة ضوء القمر من يدي... تحمل هذه القصة القصيرة جد ًا عنوانا مركب ًا (ضوء القمر) ،وهو مقتبس من قصة (تحت ضوء القمر) للكاتب الفرنسي موباسان ،استحضرتها القاصة لتتماهي مع شخصياتها ،فهي تتخيل نفسها هنرييت تتجول في الحقول مع حبيبها تحت ضوء القمر ،فينطفيء ضوء القنديل ويعم غرفتها الظالم، لتصحو من ذلك الحلم الجميل وتعود إىل ماهيتها بعد أن سقطت قصة تحت ضوء القمر من يدها. صورت القاصة انتصار من خالل تماهيها مع شخصيات قصة موباسان ،شعورها بالحاجة إىل الحب والحرية والتمتع بالجمال ،متأثرة بالقصة التي كانت تقرأها والتي تماهت مع شخصياتها في تمردهم على تعليمات القس الذي كان يكره المرأة ،ويحتقر عالقات الحب ،فعبرت عن جمال القصة بالتماهي مع شخصياتها المستمتعة بالجمال والرومانسية تحت ضوء القمر.
11
مارس 2021 -م
نافذة على سقطرى وأنت تنزل من على سلم الطائرة ،تهب ريح خفيفة ذات رطوبة متوسطة ،حاملة إليك هواء أنقى! تستنشقه كسجين خرج لتوه من بوابة السجن الكبيرة ،وتكرر هذا مرارا! صالح بن طوعري
تدلــف بعدهــا إىل صالــة الوصــول ..تجتــاز وحقيبتــك جهــاز التفتيــش ،وألن كل مــا لديــك هــي حقيبــة ظهــر فلــن تضطــر إىل االنتظــار فــي صالــة العفــش . فجــأة ،تتوقــف عــن المضــي قدمــا صــوب بوابــة الخــروج ،تلتفــت... تبادلنــي اإلشــارة مبتســما؛ أهــرول نحــوك بعدمــا أشــرت لــك نادهــا بالســقطرية« :ويهــااا» أصافحــك وأنفــي تقبــل أنفــك ،قائــا :هــذا ســام ســوقطري! ثــم متمتمــا« :يــا حيــا بدجــدح ،ليعاجــل ديــه، وتســتاهل ســلومة! « لكنــي ســرعان مــا أتــدارك هفوتــي هــذه ،أمــام نظراتــك المحدقــة بشــده ،مترجمــا« :يــا حيــا بمــن جانــا ،أهــا وســهال فيــك والحمدللــه علــى ســامة الوصــول« . تحيينــي ،وباســما تطلــب منــي تكــرار مــا تمتمــت بــه بالســقطرية. كان هــذا لقائــي األول بك ،فكالنــا ال يعرف اآلخر إال عن طريق وسائل التواصل االجتماعي . ننطلــق معــا بســيارتي ...وبمــا أننــا مــا نــزال فــي منطقــة المطــار وتحديــدا فــي (مــوري) ،نتوقــف عنــد محطــة البتــرول .. أولئــك الخمســة الذيــن ترجلــوا قبــل لحظــات
ق.ق.ج
حمالــة
12
مــن ســيارتهم، هــم أصدقائــي ،وهرعــوا للمصافحــة ترحيبــا بــك! تنكــس رأســك وتتمتــم « :آســف و هللا مــا كنــت أقصــد ...ومســتعد أحكــم لهــم» آه ،تبــا لشــرحي الغبــي هــذا! «ويهــا» انظــر إلــي أرجــوك ،أنــا لــم أقصــد البتــة مــا قلتــه أنــت لحظــة شــروعك فــي عدهــم: “ األول/خترة-شــميز-فوطة .الثانــي /كوفيــة جرمة-برمــودا .الثالــث /شــال-ثوب .الرابــع/شــميز -معــوز .الخامــس /كجــول. وكيــف أعاتبــك علــى هــذا أساســا؟! فأنــت لــم تكــن بســاخر هنــا ،وعلــى العكــس تمامــا ،أشــرت بعفويــة إىل نقطــة مهمــة للغايــة! بــل أنــك ســألتني « :كلهــم هــوال مــن ســوقطرى؟» ومــا إن أجبتــك بنعــم حتــى تمتمــت فاغــرا فاهــك : “مــا شــاء هللا ،أنتــم معكــم تنــوع حيــوي فــي كل شــيء!” الحمدللــه ،هأنــا آخــذ نفســا عميقــا ،إذ أنــك أخيــرا -رفعــت رأســك ،لتطل اإلبتســامة علــىمحيــاك مجــددا. جميــل ،جميــل! اآلن باســتطاعتي أن أشــرح لــك ماهيــة المســألة تمامــا ،فانصــت إلــي جيــدا.
منذ كنا صغارا ،وهذه األمواج تتالطم. نعم لهذا أتعجب! لماذا؟ لم يمسنا ضر واحد من هيجانها! صحيح ،ولكن الريح.. لم تكن بتلك القسوة!صمتت قليال ،ثم استأنفت:
حيــن أشــرت لــك بأنهــم أصدقائــي ،أقصــد بذلــك أن نرحــل مــن هنــا ،دون أن يالحظــوا ذلك. هــم اآلن يتشــاورون للقيــام بشــي مــا تجاهــك كضيــف! وال داعــي ألن تســألني « لمــاذا؟» هــا هــم يعــودون ..آه ،يبــدو لــي أن كالنــا لــن يتجــه شــماال - كمــا هــي العــادة -صــوب العاصمــة حديبوة . أرى القلق على وجهك! ال تقلــق ،ســأقنعهم ولــو أن اإلفــات منهــم ســيكون نوعــا مــا صعبــا. تبــا لكــم يــا أصدقائــي الخمســة! أنتــممجا نيــن ؟ ! كيــف تقــررون اللحظــة أخذنــا فــي رحلــة إىل «دكســم ؟! أال تــرون أن الرجــل مجهــد من الســفر؟! وفــي صــدد معركــة اإلقنــاع هــذه ،أجــدك تهمــس فــي أذنــي « :عيــب علينــا لمــا نــرد الدعــوة ونكســفهم هكــذا!» أخيــرا ،وفــي الطريــق إىل دكســم ،تســألني هــذه المــرة عــن حــال ســوقطرى؟ ـت أتأمل كل الســقطريين ـت ..ومحدقــا ،رحـ ُ ألتفـ ُ كثقــوب متناثــرة علــى تقاســيم وجهــك الحائر! ومجيبــا ،أكتفــي باإلشــارة إىل مالمحــك المتعبــة مــن أثــر الســفر!
يتبع..
أخاف البشر! ُ أين هم؟ هنا تحت عشبنا األخضر ،ولو أن صمته ودود،يشع من عينيه البراقتين ،إال أنه في والجمال ُ األخير وجه المرأة. قهقهت الشجرة األخرى ،ثم قالت: -يا حمقاء ،هذه وطننا!
مارس 2021 -م
شاعر من الموصل الحلقة ( 17
)
عرض:
ماجد حامد الحسيني _العراق
ذو النون الشهاب ( 1921ـ ) 1990
ولد الشاعر الموصلي ذو النون يونس الشهاب الحاج حسين البدراني في وتلقى مدينته الموصل سنة ّ ،1921 تعليمه االبتدائي والثانوي في مدارس الموصل ،ثم انتسب إىل جامعة القاهرة في مصر حيث نال شهادة الليسانس من كلية اآلداب -قسم اللغة العربية بتفوق ،وقد كان شعلة من الذكاء والطموح . مدرسا للمدرسة اإلعدادية عمل ً فأسس فيها أنشطة ونشاطات بالموصل ّ جديدا . وعيا ً أدبية ب ّثت في طالبه ً عضوا بجماعة األمناء في مصر كان ً التي ّأسسها أمين الخولي ،وحاول تأسيس فرع في الموصل فلم يو ّفق معجبا بأدب الدكتور طه .كما كان ً حسين . أصدر مجلة ( الجزيرة ) ،وهي مجلة نادي الجزيرة ،وكانت رفيعة المستوى أعواما ،ولكنه لم يتخ ّلف عن واستمرت ً ممارسة مهنة التعليم طوال حياته . انضم إىل جماعة ( الندوة العمرية ) التي ّأسسها الشاعر إبراهيم الواعظ ( رئيس محاكم الموصل ) أواخر األربعينيات . نشر أغلب قصائده في الصحف
والمجالت التالية : مجلة ( جوهر ) قصيدة يامي عام. 1945 جريدة ( الجزيرة ) الموصليةقصيدة اإلباء والوطنية عام . 1948 جريدة ( الرائد ) الموصلية قصيدةموكب األحرار عام . 1958
جريــدة (الحدبــاء) الموصليــةقصيــدة اضمحــال عــام 2000 (نظمــت عــام .)1944 له األعمال المسرحية التالية : )1مسرحية بين عهدين ( شعرية ) وقد مثلت عام . 1945 )2مسرحية فراق الحبيبين ( شعرية ) وقد مثلت عام . 1948 )3العمل والثورة ( أوبريت ) وقد مثلت عام . 1960 )4أبو تمام في موكب الخلود ( شعرية ) وقد مثلت عام . 1970 )5اندحار اإلقطاع ( شعرية ) كتبت عام . 1971 ملحوظة : زادني شر ًفا أن أكون أحد طالبه في الدراسة المتوسطة خالل األعوام ( 1966ـ ،) 1967وقد كان له الفضل الكبير في توجيهي نحو األدب ،وقد كنت مالزمه حتى وفاته ،وفي بداية ُ سبعينات القرن الماضي كنا نجلس في مقهى صحارى في منطقة الدواسة وقد كتب قصيدة ( عذاب الشاعر ) على ودسها قصاصات أخذها صاحب المقهى ّ في يدي ،وتعتبر اليوم من الوثائق المهمة في شعر ذو النون الشهاب . ّ
13
مارس 2021 -م
محمد ابن حمير ...شاعر الملك المنصور الحلقة الثالثة
غالب العاطفي -اليمن
_عمومـا _ واليمنـي فـي مسـيرة الشـعر الخالـدة ،وعلـى امتـداد تاريخنـا العربـي ً ٌ كثيـرة ال تـكاد ُتحصـى ،أسـماء كان لهـا حظهـا مـن _خصوصـا _ ظهـرت أسـماء ً الشـهرة فـي حياتهـا ،ومـازال صداها يتردد حتـى يومنا هذا ،بعض هذه األسـماء نالـت حقهـا عـن جـدارةٍ واسـتحقاق ،والبعـض اآلخـر نال حقـه بمسـاعدة عوامل مختلفـة كالسياسـة والجغرافيـا والحـظ الحسـن _إن جـاز التعبيـر _ .. َّ ٌ كثيـرة ً أقـل أيضـا ،لـم تكـن نجـوم وعلـى الجانـب اآلخـر مـن المشـهد ،سـطعت ٌ ً ً َ ألسـباب شـاعرية مـن غيرهـا ،لكنها لم تنل حقها من الشـهرة أخفـت نبوغـا ،وال ٍ ً عديـدةٍ مـن بينهـا السياسـة والجغرافيـا أيضـا ،فانطفـأ ضوؤهـا ،وانمحـى أثرها ، وتالشـى ذكرهـا فـي عتمة النسـيان ..
“أقالم عربية” تفتح هذه النافذة الجديدة، لتضع بين يدي قارئها بعض هذه األسماء التي غابت ،أو تكاد تغيب ،عن أذهان عموما ،واليمني على وجه المثقف ،العربي ً الخصوص.
ميــن إمــا ُم إمــام َوإمــا ٌم ُــل ٍ لألكر َ لألكر َ َ َ ميـن َومـا ك ُّ قَ ِ بق َوحيد ًا أو َتس َتوي األقَ دا ُم الس م د ر مي ح بن َ إنَّما ِل ِ َ ٍ ُ َّ ِ ُ ون واإلسال ُم يا ( َأبا عبدِ هللا) َعزَّت ِب َك األ َّم ُة ُ والمسل ُِم َ حين َع ّز القيا ُم ُق َ الم ُ نصو ِر) ِبالشِّ ع ِر َ (المل ِِك َ مت فرد ًا ِب َدولةِ َ يش ُلها ُم ولي َو ُه َو َج ٌ ِبق ٍ َواف َت ُه ُّز مِ ن ُ أعج ِز َ الج ِ يش ال َّر ُس ّ ٍ األصل لَوال الغَ ما ُم في ء ي ب يل الس ما و فت ر ع ما َوالك أنا ل شَ ُ ُ َ ِ َ َّ ُ ِ ِ ُ الصمصا ُم ن ُ (عمرو) َوقَ د َعل َِم العال َُم أنّا ذو النُّو ِن َو َّ َحن َسيفا ٍ اآلداب واألَرحا ُم ع جم ي ب س إىل نا ن ي ب ب نَ فيهِ َ ُ َ ٍ َ َ نَ َس ٌ َ ُ
مقدمة ال بد منها
قبل أن نخوض في الحديث عن ابن حمير وشعره ،ربما يكون من المنطقي القول :إن ما ضاع من تراثنا _ الثقافي عموما والشعري على وجه الخصوص _ أكثر مما بقي ،وما فيض غيض من هذا المتبقي بين أيدينا إال ٌ ٍ ،وقطر ٌة من بحر طمره النسيان ،وجففته عوادي الزمان األرعن .وأستشهد هنا بما ذكره «محمد بن علي األكوع» في مقدمة ديوان ابن حمير ،فهو يرى أن هذا االندثار المخيف لتراثنا الثقافي يرجع إىل « ندرته وتشتته في مكاتب الشرق والغرب من جهة ،وانطوائه على نفسه ،والبخل به من أهله ،وسطو اآلخرين عليه من جهة أخرى »...وال شك أن ظاهرة التغييب لتراثنا والسطو عليه عبر التاريخ هي ممنهج تقف السياسة وراءه عمل في الحقيقة ٌ ٌ وحديثا . قديما ً كثيرا وقتا وال ُأخفيكم أنني استغرقت ً ً في البحث والتنقيب عن هذا الشاعر الذي سمعت به من قبل ،وأظن أن لم أكن قد ُ الكثيرين ممن سيقع بين أيديهم هذا المقال ال يعرفون شي ًئا عنه ،ولألمانة ،فقد كانت خاتمة هذا التعب _ الذي الزمني طيلة أيام البحث _ مثمر ًة كما ينبغي ،إذ أوصلتني
14
محمد ابن حمير ...بطاقة تعريفية
بحر ملي ٍء بالجواه ِر ، إىل وعوالم مسكونةٍ ٍ َ شاعر حقيقي أمام نفسي فوجدت بالدهشة، ٍ قلت إنه واحد من فحول ،لن أكون ً مبالغا إن ُ الشعراء الذين أنجبتهم اليمن ،ليس في القرن السابع الهجري وحسب ،وإنما في كل العصور .وال أنسى في هذا السياق إن أستشهد بما قاله الشاعر ابن هتيمل عن شاعرنا ابن حمير ،إذ يقول عنه :
َحارت في وصفِ هِ األَقال ُم ُجمِ َعت في ُ (م َح َّم ٍد) آل ُة الف ِ َضل ف َ الحسا ُم م سا الح م ار والص د ي الس يد والس واد ُ ُ ّ ُ ُ ُ ُ الج ُ واد َ َ الج ُ َّ َّ ِّ ته ُع ُروقُ َّ األخوال واألَعما ُم ين مني َتراف ََد ُ ُ الذو َّي ِ َي ٌّ ُ َ ون واألَعال ُم العالم َه ك ر د ي ن أ أ ِم ل ا ع حاشيهِ ُ ِ ُ َعل ََم ُ ٌ ُ َ الس ُي ُ وف واألَقال ُم الس ِ والي َ راعةِ َتمضي َبي َديهِ ُّ راعِ ُف َّ يف َ
هو محمد بن حمير بن عمر الوصابي ،الملقب بـ«جمال الدين» ،كما كان ُيلقب بـ«شاعر الملك المنصور» ( مؤسس الدولة الرسولية ،وأبو الملك المظفر الرسولي) وأما عن مولد شاعرنا ونشأته فيقول «محمد بن علي األكوع» _ محقق ديوان ابن حمير _ ما مضمونه باختصار « لم ُتشر المصادر التاريخية ال من قريب وال من بعيد إىل مولد شاعرنا «ابن حمير» بل ألغت ذلك كليا، فضل عن تحديده باليوم أو الشهر أو السنة « ً فضل عن تحديد مكان مولده ونشأته . ً ومن خالل دراسة شعر ابن حمير ،يرى «األكوع» أن مولد شاعرنا كان في الربع الرابع من القرن السادس الهجري ،أي في أواخر الدولة األيوبية وبدايات الدولة الرسولية ، حيث عاصر الملك المنصور واتصل به ، وأصبح شاعره ،ولم يزاحمه في هذا المقام أحد من شعراء عصره ،كما شهد عنفوان دولة «الملك المظفر الرسولي» الذي توحدت في عهده أجزاء اليمن ،وازدهرت في عصره العلوم والفنون ،وأما وفاة ابن حمير فكانت بمدينة زبيد سنة 651للهجرة ..
مارس 2021 -م
شاعريته وأغراض شعره
تنوع شعر ابن حمير وتعددت أغراضه بين الغزل والمدح والرثاء والهجاء وغيرها من األغراض الشعرية المعروفة في ذلك العصر ، وبطبيعة الحال فقد الغزل والمدح هما الغالبين في شعره ،وفي هذا يقول «محمد بن علي األكوع» « :إن شاعرية ابن حمير تكمن في غزله ونسيبه ،فهو غزل رقيق الحواشي ،ليس تصنع وال تعقيد ،وكأنما يغرف تكلف وال فيه ٌ ٌ عين ثرة ومنجم غزير المعاني اآلخذة من ٍ متغيبا بمجامع القلوب »...وقد ظل شعره ً طويل ،إال أن ظهر في مطلع زمنا ً عن األعين ً ثمانينات القرن الماضي على يد محمد بن علي األكوع الذي حققه وقدم له وعلق عليه . نماذج من شعره في مدح الرسوليين
ال تكاد تخلو مسيرة أي شاعر من المدح وإن برع في أغراض أخرى واش ُتهر بها ،بل إن بعض الشعراء اقتصر معظم شعرهم على أغراضا أخرى المدح وإن تضمنت قصائدهم ً غيره ،كالحكمة والوصف والغزل ،وقد اتصل شاعرنا _ كما قلنا في بداية الحديث _ بالملك المنصور الرسولي وابنه المظفر من بعده ، ومدحهما في كثير من شعره ،وكما هو معروف، فإن الشاعر ال يمدح مباشرة ،بل يتنقل بين األغراض كالغزل والشكوى والحكمة حتى يصل إىل مدح المقصود ،ومن أجمل ما قاله شاعرنا ابن حمير في مدح الملك المنصور الرسولي هذه القصيدة التي يقول في بعض أبياتها : وهم ما لي وصحبةِ جيران الغضا ُ ِ إن صاحبوا نكثوا ،أو عاهدوا غدروا ُ قمرا إني ألعشق في أخدارهم ً عشق القم ُر وال مالم َة في أن ُي َ َ ا خمر نشوان ،ما ذاقَ غير ري َقتِهِ ُ ً َ والسكَ ُر فيما النبت ر كَّ والس ذاقَ ُ َّ ُّ ُ غلت بمشغولين عن ولهي ما لي ُش ُ سهرت ل ُن َّو ٍام ،وما سهروا ال بل ُ قو ٌم إذا هجروا قالوا جرى قد ٌر لوصلي ال يجري به قد ُر ؟ فما َ الغي والخمسون تزجرني ال أبتغي َّ مزدج ُر الخمسين عن األربعين في َ الشيب عاذلتي ما أنكرت من حلول ِ عيب فيه حين ينفج ُر والفج ُر ال َ البياض الذي حول السوادِ لما لوال ُ تدعيج وال َحو ُر النواظر زان ٌ َ َ
ليك) القف ِر ،أعسفُ ه وإنني (ل َُس ُ دجاه وهو معتكِ ُر عسفً ا ،وأسري ُ نقل من قع ِر البحو ِر إىل ُّ والد ُّر ُي ُ الدر ُر أعلى النحو ِر فيغلو عندها ُّ ألمضين المطايا وهي ضامر ٌة َّ السفا ِر على أكوارها ُض ُم ُر من ّ (الملك المنصو ِر) من مِ َدحي ُأهدي إىل ِ الع ِط ُر عطرا ُيقص ُر عنه المندل َ ً ُ الجمال وما هذا هللاُ أكب ُر ،ما ُ ُ والخَ الجالل وماذا الخب ُر ب ُر هذا ُ شرف وكم مدح ومن ٍ ُ أعدد من ٍ شرح ليس ينحص ُر وشرح َ ُ حالك ٌ جذبت القوافي وهي غاضب ٌة إذا ُ تبتد ُر الك لهتني وهي َ إىل ُع َ ُ الرفاق إىل بطحا ِء مكتِهم حج َّ ومعت َم ُر حج َ وحول َ بابك لي ٌ البحر أو ملكً ا قد قيل :جاو ْر لِتغنى َ (ع َم ُر) أنت وأنت ُ فالبح ُر َ الملك يا ُ ويقول في قصيدة أخرى : َّمان تَعتُّ بي ولقد ُ سئمت على الز ِ الهوان ثوائي أرض في ومللت ُ ِ وأدرت طرفي في البالدِ فلم أجد ُ دعوت دعائي يجيب إذا أحدا ُ ً ُ (بالجندِ ) الخصيبةِ بارقٌ ركب يا ُ َ صباح مسا ِء ه ب سحائ تهمي ُ َ ميلوا إىل (المنصو ِر) ال تتحدثوا (برم ٍك) و(أبي عدي الطائي) عن َ َمرين ،هذا ثالثُ ذا ُ ثالث الق ِ أعظم العظما ِء ين) هذا ُ ُ (الع َم َر ِ ُ عسجد وابل في ٍ سار َ حيث َ رأيت َ بحر دما ِء رأيت صال حيث في َ َ َ بسالب وليس هللا َملَّكَ ُه َ ، ٍ أواله من نعما ِء منه الذي ُ ولعل الملك المنصور قد أجزل له العطاء ، جزاء هذا المدح الغزير ، وأغدق عليه بالهبات َ ، والشعر الغزير الذي َخ َّصه به شاعرنا ،ونلمس هذا العطاء الجزيل في قول شاعرنا: مدائح مِ ن القمرين اسمع ثالث يا َ َ ِ للسح ِب شكر ك لم هد م لكِ ٍ الروض ُ َ ُ ُ ِ َ اإلحسان فانسكبت ذهب َ ِ أعطيت ُه َ الذهب ذلك من ا ب ذه ه ر أشعا ِ ً ُ ُعماك صاف َن ٌة وعنده الخيل من ن َ ُ ُّجب ن ال أبنائك ومن منك ر والب َ َ ِ ُّ واحد وكفى بشعب كنت ُأسقى قد ُ ٍ ٍ الرحمن في ِش َعبي واليوم قد كث ََّر ُ
لم ُي ِ درك (المتنبي) بعض منزلتي (حلب) حمدان) في جار (بني ِ َ إذ كان َ (ابن هان َئ) أيام (الرشيد) له وال ُ سبب لي من ن َ ُعماك من ِ مثل الذي َ حزت من ُر َت ٍب ماذا ُأ َع ِّد ُد مما َ الس ِر ِب قطر العارض َّ ِ ومن يعدد َ أردت الثريا من مطالعها ولو َ الشهب قلعتها وهي أ ُّم السبعةِ َ ِ إلى أن نلتقي
والكثير من الكثير مازال في جعبة شاعرنا ُ ُ السحر والجمال ،وإلن المجال ال يتسع لإلحاطة بكل ما لدى ابن حمير من جواهر ،فإننا نكتفي بهذا القدر ،وسنحاول في المقال القادم تسليط الضوء على زوايا جديدة من شعره ،وإىل ذلك الحين أترككم مع هذه المقطوعة البديعة التي أرسلها شاعرنا إىل الملك المنصور ،يقول فيها : (سعدى) في تنائيها علي تعتب ُ ُ َّ فاسمع شكيتها ،وانظر تجنيها عنك؟! لو قبلوا قالت : رضيت ببعدي َ َ كنت أفديها مني الفداء بنفسي َ َ (يعقوب) إذ جاؤوا بنيهِ عِ شً ا يبك لم ِ ُ أخ ،كبكائي يوم فقديها بال ٍ بيني وما بين ُسعدى شاهدين على نعمان) وواديها كان ( :سرح ُة ما َ ٍ جميعا تحت ُظلَّتها أيام كنا َ ً فاي من فيها أضم َ ُّ تلك وأمال َ وفوق وجنتها خدي ،ولبتها زندي ،وز ُّر قميصي في تراقيها تلك لي خب ٌر ثم افترقنا فما من َ أين حدا األنضاء حاديها ؟! يا ُسعد َ أقسم ،إني من تذ ُّك ِرها تاللهِ ُ ُ علي صالتي ال أصليها تمضي َّ أسائل البرقَ عنها في ترقرقه ُ والسحب حيث غدت وطفً ا غواديها ُ الشرق عندي حاج ٌة ومعي يا رائح ِ رسال ٌة فعسى عني تؤديها (عمر) شوقي ُ ، وق َّص له بلِّغ إىل ٍ ُك ُمن َه ٌّل مآقيها توقي وعين َ قمت أرسلها ما ه َّب ِت الريح إال ُ ُ (صنعاء) فحييها جئت ريح إن ِ يا ُ ً بقصر حل َُّه (عم ٌر) عبرت وإن ِ ٍ تعظيما وتنزيها األرض فقبلي َ ً حل أو َملِكً ا وشاهدي ث ََّم َملكً ا َّ أدنى مواهبه الدنيا وما فيها
15
مارس 2021 -م
من بالد النيل...
رمزية الطيور في الغناء السوداني
آمنة حماد -السودان
الطيور تلك المخلوقات التي حباها اهلل جماال يدهش الرائي ويحار له اللب كانت منذ األزل محط إعجاب اإلنسان ودهشته بجدها ومثابرتها وبكورها وعصاميتها في طلب القوت دون اللجوء لمساعدة أو إعانة...إبتداءا من محاولة العالم األندلسي عباس بن فرناس تقليدها ليلقى حتفه في محاولته الشهيرة للتحليق..وليست إنتهاءا بتجارب األخوين رايت...فكانت هي ملهبة عقول العلماء حتى ألهمتهم صناعة الطائرات والمركبات التي تمخر عباب الفضاء بحثا عن خفايا ما وراء األفق.
الفنان مصطفى سيد أحمد وللطيـور رمزيتهـا وداللتهـا الخاصـة فـي الذاكـرة الغنائيـة السـودانية حيث تم إسـتخدامها بطريقة أغـان ال حصـر لهـا ،،لدرجـة ملفتـة ومعبـرة فـي ٍ جعلـت الباحـث وحتـى المسـتمع العـادي يتسـاءل لمـاذا كل تلـك األسـراب المغـردة فـي دوح األغنيـة السـودانية؟؟! هـذا التسـاؤل سـيقودنا بعـد معرفـة البيئـة السـودانية الغنيـة بمواردهـا المائيـة والتـي تشـكل بغنـى وتنوع يشـده الناظر مهجـرا ومرتـادا للطيـور ً ويلهـم الشـاعر مباشـرة لللغـوص في أغـوار النفس السـودانية بذاتهـا ف(الـزول) وهـو ـــ الشـخص فـي عاميـة أهـل السـودان ـــ بطبيعتـه مـوادع ومسـالم بشـاهدة كل مـن يعرفـه عن قـرب ...وسـليل بيئة قـل مـا تعـرف الجفـاء والخصومـات إليهـا سـبيال.. يـكاد معظمـه يكـون بقلوب كحواصـل الطير نقية لذلـك ربمـا إختـار مـا هـو أقـرب لقلبـه!!! فالطيـور رغـم إشـتهارها بالهجـرة والترحـال إال أنهـا أشـد الكائنـات إلفـة!! فهـي التفـارق العـش الـذي إبتنتـه أليـة سـبب كان وهـذا مـا يفسـر حزنهـا أيمـا حـزن إذا وجـدت الريـاح قـد هدتـه...
16
الفنان جعفر السقيد
الفنان انور الجيالني
وقـد قالهـا قديما صفـي الديـن الحلي«:تحـن الكرام ألوطانهاحنيـن الطيـور ألوكارهـا» وهـذا مـا عنـاه شـاعر سـوداني معاتبـا حبيبـه الـذي فارقـه واصفـا لـه حالـه مـن بعـد البيـن خليتني ذي عصفور...هبت عليهو هبوب تركت له عشه ...شمال شالت صغاره جنوب (أي أنـك تركتنـي بعـد الفـراق مثـل عصفـور هبـت علـى عشـه الريـاح فتركـت الصغـار بناحيـة بينمـا أخـذت العـش للناحيـة األخرى)فـي دليـل واضـح علـى التشـتت والضيـاع!. والناظـر للجـزء الـذي لـم تجهـز عليـه آلـه الزمـن مـن بقايـا الحضـارات القديمة من مسلات ونقوش وأوانـي وقطـع معدنيـة ...يجدهـا ملآى بأشـكال شـتى مـن الطيـور حتى أنهـا لتزين معابـد القدماء وجدرانهـم فـي داللـة ضحـة إلرتباطهـا بحيـاة اإلنسـان بـكل نواحيهـا فهـي التـي يسـر ناظـره بهـا عنـد إتخازهـا للزينـة ويتقـوت منهـا عندمـا يصيدهـا ومنهـا ماهـو رمـز للعـزة والمنعـة التـي يتفاخـر الملـوك والسـادات بإقتناؤها(الصقـور)... بـل وصـل أمـر بعضهـم أن قدسـوها ومـا طـاؤوس
الفنان محمد وردي
طائفـة اليزيديـة الذهبي (طـاؤوس ملك ) إال داللة حيـة علـى ذلك...والننسـى لمـا لهدهـد سـليمان عليـه السلام مـن قدسـية فـي ديننـا الحنيـف... والشـاعر السـوداني منـذ القديـم تمنـى لـو يسـتطيع التحليـق كالطيور حتـى اليفصله فاصل عمـن يهـوى ،،ولمـا أعجـزه قطـع المسـافات بينـه واألحبـة إتخـذ فـي بـادئ األمـر الطيـور رسلا بيـن يـدي أحبتـه تبلغهـم أشـواقه وهيامـة وتعـود إليـه بالمقابـل بالتحايـا لذلـك زخـر الغنـاء السـوداني بعـدد كبيـر جدا مـن األغنيات التـي توظف رمزية الطيـر علـى عـدة مناحي فتنوع دوره بين الرسـول إىل المحـب وهـو األكثـر شـهرة ،،،كمـا كتـب الشـاعر السـوداني الدبلوماسـي و المناضـل (صلاح أحمـد إبراهيـم) إبـان غربتـه التـي تشـعبت بيـن غانـا و(فرنسـا) التـي توفـي بهـا ،،قصيـدة أصبحـت مـن كالسـيكيات الغنـاء السـوداني الخالـدة بـأداء مميـز مـن الفنـان السـوداني الشـهير محمـد وردي يشـكو فيهـا الغربـة ويصـف حالـة الوحـدة ويحمـل الطيـر رسـالته للوطـن والحبيبـة قائلا: (غريب وحيد في غربته
مارس 2021 -م
الفنان علي ابراهيم اللحو
الشاعر اسحاق الحلنقي
واقف يردد من زمن بالله ياالطير المهاجر للوطن زمن الخريف تطير بسراع.......ما تضيع زمن أوعك تقيف وتواصل الليل بالصباح .تحت المطر...وسط الرياح وكان تعب منك جناح في السرعة زيد في بالدنا ترتاح.... تلقى في ضل الدليب أريح سكن بالله يا طير قبل ما تشرب تمر على بيت صغير من بابه ومن شباكه يلمع الف نور وتلقى الحبيبة بتشتغل منديل حرير لحبيب بعيد تقيف لديها وتبوس إيديها وأنقل إليها وفاي ليها وحبي األكيد) فالشـاعر هنـا يحمـل الطيـر ربمـا فـوق طاقتـه السلام واألشـواق ويكلفه عناء العودة برد التحية... إختـار الشـاعر السـوداني للتعبيـر بكثـرة عـن البيـن والفراق وإرسـالة للمحبـوب وأحيانا مناجاته كبديـل للمحبـوب أو كمـا قـال الشـاعر السـوداني اليمانـي حسـين بازرعـة حيـن كان فـي السـعودية محملا الطيـور رسـائله للمحبـوب والوطـن السـودان عبـر البحـر األحمـر( إذ تعـذر عليـه هـو قطعه) في نغم شـدى
الشاعر صالح احمد ابراهيم
بـه الفنـان السـوداني عثمـان حسـين إذ يقـول كل طائر مرتحل،،،عبر البحر قاصد األهل حملتو أشواقي الدفيقة ليـك يـا حبيبـي وللوطن،،،لترابـه وأشـجاره الوريقـة ثـم ذهـب بعضهـم لتجسـيد المحـب في شـخص الطيـر ومـن ثـم مخاطبتـه نيابـة عنـه كمـا هـو الحـال فـي رائعـة النـور الجيالنـي وكلمـات جمـال الشـاعر( أصلـو يالعصفـور دا حالـك مـن مـا سـويتلك جنـاح يعني كان صارحت مالك؟نحنا ما بينا الصراح كان ضميرنـا إرتـاح وحاتـك يبقـى لومنـا عليـك سـماح) حيـث يشـبه المحبـوب بعصفـور نبـت لـه الجنـاح بعـد الزغـب وطـار مجافيـا عشـته ويتمنـى لـو أن هـذا المحبـوب صارحـه بنيتـه الفـراق لـكان سـامحه بـدال مـن أن يلومـه. لـم تكـن القضايـا اإلنسـانية والسياسـية مـن نفـي وتهجيـر للمبدعيـن المعارضيـن للحكومـات بمنـأى مـن إسـتدعاء نمـوزج الطير كمثـال للحرية والحركة الالمحـدودة فيصـف الشـاعر (حافـظ عبـاس) حالـه بالنفـي والتهجير ويتمنـى أن يكون مـن الطيـور التـي ال تحدها خرائـط واليوقفها جواز سـفر وتأشـيرات دخـول فـي حريـة تنقلهـا بيـن البلدان،،فـي أغنيـة الفنـان مصطفـى سـيد أحمد: (وهللا نحنا مع الطيور المابتعرف ليها خرطة وال في إيدها جواز سفر نمشي في كل المدائن نبني عشنا في الغناوي ننثر األفراح درر). وبينما يسـأل الشـاعر الطيور(القماري) وهو النوع األحـب واألكثـر ذكـرا لدى الشـعراء السـودانيين في أغنياتهم،،يسـألها أن تعلمـه ومـن يحـب المثابـرة والمحنـة (أبنـي عشـك ياقمـاري قشة..قشـة... علمينـا كيـف علـى الحـب دارنـا ينشـأ،،،رغم
العواصـف برضـو واقـف)... نجـد أن هنـاك مـن يحسـدها علـى راحـة البـال وخلـو الفؤاد حيث ال يعكـر صفوها كدر إحتياجات يوميـة أو سـكن وغيرهـا مـن نعـم الدنيـا الزائلـة كمـا قـال الشـاعر (حاتـم حسـن الدابي) فـي أغنية الفنـان جعفـر السـقيد: مرتاح من هموم الدنيا ما ضاقت سهر عينيك يا طير حناني عليك صباحـات هللا ليـك بشوشـه بتقضيهـا فـوق جنحيـك تتحـدى الجبـال ووحوشـه عارفـه مـا بتطـول عا ليـك ال مال ال بيوت مفروشه نعم الزايلة ما بتغريك أمـا األغنيـة األشـهر والتـي يرددهـا جـل أبنـاء الشـعب السـوداني بطـرب وحـب كبيريـن فهي(الطيـر الخـداري) لشـاعرها إسـحاق الحلنقـي وقـد تغنـى بهـا علـي إبراهيـم اللحـو واصفـا نفسـه وقومـه بسلامة النيـة وطالبـا مـن الطيـر إيصـال ذلـك للمحبـوب زيـادة فـي ترغيبه،،،قائلا: قـول ليـه يـا الطيـر الخـداري قـول ليـه وحيـات حبنـا وين رسايلك يا حليال وين عيونك مننا نحنـا نـاس بنعيـش حياتنـا الغاليـة بالنيـة ا لسـليمة كل زول بالعنده راضي تشهد األيام عليمة إذن كثيـرة هـي الدالئـل إلسـتخدام الطيـور رمـزا وشـيوعها بغنائنـا السـوداني سـواء أكـون مـرد ذلـك لبيئـة تتنـوع مناخاتهـا وتكثر طيورهـا وحيواناتها وتتعـدد تبعـا لذلـك أو ربمـا للمحافظـة والتمسـك الـذي يشـكل سـمة بـارزة بالمجتمع الذي لم سـكن فيـه متاحـا حتى وقـت قريب رؤيـة الفتيات خارج نطـاق المناسـبات العائليـة والجلـوس معهـن ...أو لعلـه لمـا للطيـر مـن خاصيـة كتمـان السـر وأبلاغ األمـر علـى أكمـل وجـه كهدهـد سـليمان عليـه السلام وكالحمـام الزاجـل الـذي يرسـله النـاس قديمـا قبـل إسـتحداث الهاتـف... الغريـب أن هنـاك طرفـة ترتبـط بالطيـور علـى مسـتةى السـودان وهـي أن الشـخص السـوداني إن قلـت لـه يـا طيـرة سـتقوم مـن حولـك القيامـة!! ألنهـا تعتبـر مـن أقـذع الشـتائم عندنـا إذ تعنـي الشـخص البليـد الفهـم والـذي اليحسـن شـيئا مـن األمـور فهـو مثـال للسـزاجة والحمـق جديـر بالذكـر أن المـرأة السـودانية يمكنها تقبل أن تمدحهـا بقولك (عصفورة) لكن ليسـت طيرة!.
17
مارس 2021 -م
املوسيقى يف الطرقات ما أجملها من لحظات عندما نستمع إلى العازفين المتجولين في األزقة وطرقات المدينة وهم يرسلون تلك األنغام العذبة بأسلوب بسيط مستوحى من البيئة الشعبية المحيطة بهم حيث تشكل لهم مصدر اإللهام األول ،فيصوغون أغانيهم ارتجا ًلا بكلمات بسيطة معبرة خالية من جزالة اللفظ والتكلف وبلغة عامية بحتة، يتنقلون من قرية إلى أخرى بغية البحث عن لقمة العيش وكسب بعض المال عن طريق إسعادهم للغير وإمتاعهم بما ح َبتهم الطبيعة من مواهب. فاروق فخري الموسيقى في الطرقات واألزقة األوروبية في القرن الثالث عشر
ظهـرت فـي القـرن الثالـث عشـر فـرق موسـيقية متجولـة عرفـت {باألدباتيـة} عندمـا لـم تكـن المسـارح تتيـح للمبدعيـن مـن الطبقـات الفقيـرة إبـراز مواهبهـم حكـرا علـى الطبقـة عليهـا ألنهـا كانـت ً أيضا األرسـتقراطية آنـذاك ،وكانـت تخضع ً لسـلطة الكنيسـة التـي كانـت تعتبـر هـؤالء أنجاسـا ألنهم ال ينتمون إىل أسـر المبدعيـن ً نبيلـة؛ لذلـك كان ال يحـق لهـم ممارسـة الموسـيقى إال فـي الطرقـات وأزقـة المـدن، ولـم تمنـع كل تلـك الضغوطـات أولئـك المبدعيـن مـن نشـر موسـيقاهم بيـن المـدن ،بـل إنها أصبحت محبوبـة ،وبالرغم مـن أنهـم يـزدرون الطبقـة الكادحـة آنـذاك إال أن أبنـاء المجتمـع األوربـي قـد قابلوا تلك الفرق باإلعجاب؛ ألنها تنشـر بينهم البهجة والسـرور .كانـت تمتـاز تلـك الفـرق بقـدرة الفـرد علـى العـزف على ما ال يقل عن تسـع آالت موسـيقية وقـدرة علـى الرقـص وأداء ألعـاب ِ الخ ّفـة ،وكل مـن أحـب االنضمـام إىل مثـل تلـك الفـرق يجـب أن تتوافـر فيـه كل تلـك المميـزات وإال قوبـل بالرفـض. الموسيقى في الطرقات واألزقة األوروبية في القرن التاسع عشر
أوروبـا فـي القـرن التاسـع عشـر ومـا طـرأ
18
عليهـا مـن أحـداث وصراعـات وتطـورات توازنـا فـي الحيـاة االجتماعيـة أحدثـت ً جعـل الـدول األوروبية تصب جـل اهتمامها جزءا بتلك األعمال الموسـيقية ألنها تشكل ً هامـا في التراث الشـعبي وتـم حفظها كإرث ً حضـاري هـام .تذكـر الباحثـة البريطانيـة مـاري بوكـر (الموسـيقى فـي الجـزر البريطانيـة) ص{ 9أن الملـك إدوارد السـابع وأميـرا وليـا للعهـد عـام 1883م ً عندمـا كان ً لويلـز أمـر بتدريـس الموسـيقى الشـعبية البريطانيـة والمقارنـة بينهـا والموسـيقى األلمانيـة ومـن ضمـن الموسـيقى الشـعبية الموسـيقى التـي كانـت تعزف فـي الطرقات وتدوينهـا وحفظهـا}. أدركـت األمـم األوروبيـة أهميـة تلـك الموسـيقى وعملـوا على حفظهـا ،وقد مثلت وحيـا لكبـار المؤلفيـن الموسـيقيين أمثـال ً مـوزارت وهايـدن. موسيقى الطرقات في الوطن العربي
مـا فتـئ هـذا الفـن يتالشـى أو باألصـح ينقـرض البتعـاد الهـواة عـن هـذا المسـار بسـبب تلـك الهـوة التـي احدثتهـا نظـرة المجتمـع تجـاه مـن يمارسـون تلـك المهنـة ،حيـث يطلـق عليهـم البعـض لفـظ (المتسـولون) ،ومـا زالـت تلـك النظـرة القاصـرة مالزمـة للسـواد األعظـم فـي المجتمـع العربـي ،فقد كانـت تلك الفرق في
السـابق تجـوب أرجـاء المدن يحملـون آالتهم الموسـيقية لينشـروا السـعادة بيـن النـاس، لكـن لألسـف تلـك العقـول جعلت مـن صانع متسـول فـي أنظارهـا؛ وذلـك مـا السـعادة ً جعـل مـن يمـارس تلـك المهنـة يحيـد عـن طريـق اإلبـداع ،أو أن يظـل يحلـم ويصـارع أحالمـه بغيـة الوصـول إىل الشـهرة والمسـرح والتلفـاز وغيرهـا مـن اتجاهـات يـرى أنـه نـال فيهـا احترامـه بيـن النـاس ،ولكـن ربمـا ال تسـنح لـه الفرصـة للبـروز وإظهـار مواهبـه للمجتمـع فيدخـل فـي حالـة مـن اليـأس ويتـرك موهبتـه تذهـب فـي مهـب الريـح، مفتوحـا أمام بالرغـم أن هـذا المجـال مـا زال ً الهـواة فـي أوروبـا حيـث نـرى فـي شـوارع أوروبـا وسـاحاتها العبي بهلـوان والعبي خفة ورسـامين وبانتومايـم وموسـيقيين يجعلـون جمـال ال يوصـف ،وفـي المملكـة للسـاحات ً المغربيـة تمتلـئ سـاحات مراكـش بتلـك المواهـب ،وحسـب اعتقـادي أن المغـرب هي الدولـة العربيـة الوحيـدة التـي تهتـم بهـذا الجانـب الفنـي للحفـاظ علـى السـياحة. أهمية هذا المجال
وجمـال لتلـك الطرقـات، رونقـا يصنـع ً ً ومتنفسـا للمـارة ،وفرصـة إلبـراز مواهـب ً المبدعيـن ،ويمثـل مصـدر رزق لهم ،ويمثل جماليـا لجلـب السـياح وإظهـار الفنون شـكل ً ً وحيـا لـكل فنـان. الشـعبية ،ويمثـل ً أيضـا ً
مارس 2021 -م
“ال تبكي يا ميري”.. حكاية سيدة خطفت األنظار يف حفل “أم كلثوم”
رنا اجلميعي* -مصر
ً محبوبا يظل املحبوب حتى وإن رحل ،حتى ولو ّ مر على رحيله سنوات حفلة أم كلثوم طوال ،في ُ ّ الشهيرة التي تغني فيها «هو صحيح الهوى ّ غلب» ،كانت تجلس سيدة ضمن ُ الجمهور، يظهر وعلى وجهها ُ التأثر الشديد ،تغمض عيناها كما لو ُأنها تتخيل ّ حبيبها أمامها ،تغني أم كلثوم ذلك املقطع «يا قلبي آه» ،فيما تمسح السيدة وجهها باملنديل باملشاعر الذي ينتفض ّ واألحاسيس ،ظلت تلك السيدة التي ظهرت في الدقيقة الـ 33من الحفل أيقونة ضمن أشهر ُ املعجبين في تاريخ أم كلثوم مجهولة ً تماما، دون معرفة أي تفاصيل عن حياتها.
اعتادت ميري ميشيل على حضور حفالت أم كلثوم ،في الخميس األول من كل شهر ،لم يكن ُيعيقها أي شيء في سبيل ذلك ،يقول تامر رؤوف، حفيدها الذي يعمل كممثل« ،كانت بتعتبر دي لحظات االستجمام الخاصة بيها» ،حيث كانت ُتنهي عملها كمترجمة في إحدى شركات وسط البلد ،ثم تعدو نحو منزلها الواقع في شارع قصر النيل ،حيث تتأنق ُمرتدية أبهى الفساتين ،وبعدها يصطحبها سويا حتى زوجها الطبيب شفيق السنديّ ، يتمشيان ً كثيرا عن الوصول إىل دار سينما األوبرا ،التي لم تبعد ً أيضا. وتستمتع بصوتها البديع ،وقد قابلتها وجلست معها، منزلهما ً جاءت ميري برفقة عائلتها إىل مصر في فترة كما يقول تامر ،فلم تكن تعتبرها ُمجرد مطربة أيضا ،خاصة أن الست وميري تعرفت على فحسب ،بل كصديقة ً الثالثينيات ،قادمين من الشام ،وقد ّ زوجها بعد ذلك في فترة األربعينيات ،حينها جاءها كانا في سن قريب من بعضهما البعض. الهوى من غير مواعيد ،وكان شفيق يكبر ميري وكما حاولت ميري أن تأمن غدر الزمن مرة أخرى ذكرها بأن عاما «هو كان شخص بسيط ،وبيحترمها بعد وفاة زوجها ،جاءتها فاجعة أخرى ُت ّ بإثنى عشر ً فيم ّني شفيق حياتها العهود ال ُتجدي «مع اللي مالوش أمان» ،فبعد سنوات أوي ،وطيب» ،تزوجا االثنان؛ ُ إنشاء باألفراح ،حيث بدآ في من فاجعة رحيل شفيق زوجها، أسرتهما الصغيرة ،كان أولها االبن رحلت أم كلثوم نفسها ،عام ،1975 رؤوف المولود عام ،1947وخالل تتحمل ذلك القدر وكأن ميري لم ّ السنوات التالية أنجبت ميري ولد من الحزن ،كما قالت أم كلثوم وفتاة. في أغنيتها «أهل الهوى وصفوا لي دواه\ لقيت دواه ز ّود في أساه»، وفيما كانت الحياة تسير في هكذا زاد أسى ميري هانم ،التي هدوء «وكل مادا حالوتها تزيد»، لم تقدر على الصبر أكثر من ذلك، فميري كذلك لم تحسب إنه «في حيث خانها قلبها عصر يوم في يوم ح ياخدني بعيد» ،فحي ًنا عام .1979 يذهب الزوجان بمفردهما حفلة ميري ميشيل أم كلثوم ،وأحيا ًنا أخرى برفقة ففي ذلك اليوم انتظرها أبناؤها الصغار ،فلم تحسب للزمن مواطن أمام سينما مترو ،حيث اتفقوا على غدره ،غير أنه وقع ،ففي عام 1956 مشاهدة فيلم «ال تبكي يا حبيب رحل شفيق في سن صغير ،كانت سويا ،غير أن ميري لم ِ تأت، العمر» ً حينها تبلغ ميري ثمانية وعشرين أحست بالتعب أثناء عملها، فقد ّ تحملة مسئولية تربية فأخذتها زميالتها ل ُتجري رسم عاماُ ،م ّ ً يها ز ع ي ولم وحدها، أطفال ثالثة ّ سريعا دون أدركها الموت لكن قلب، ُ ً سوى حضور حفالت أم كلثوم. تعب في عمر الواحدة وخمسين، لألحبة راحلة في هدوء ُمفجع هكذا عاشت ميري بين جنة ّ «وازاي يا ترى\ أهو ده اللي جرى». وظل عزاؤها في حضور ونار، ّ حفالت الست ،تفرح بالقرب منها، * نقال عن موقع مصراوي تامر رؤوف
19
مارس 2021 -م
حسام العفوري الشاعر العصامي عبدالرحيم جداية -كاتب وناقد أردني ُـه!! بال ُبل ُبـلِنا ُب ّح ْ ـت َمعا ِزف ُ ما ُ قيـد فـي فيـافينا ومرب ُع الفك ِر ٌ َ الوهم منتشي ًا بروج يا راقـد ًا في ِ ِ آتيك لو تدري وآتينا الذبح َ ُ ولو رأى الشوك من أدمى بشوكتِ هِ ُ دم َع َت ُه ورد ًا ونسرينا لصا َغ ْ يحاط بنا شوك وصار شوق ًا بال ٍ ُ َ ونرجسي الهوى عشق ًا ُي ّ غشينا ُّ حسام العفوري /ديوان مداد الروح العصامية ليست حكرا على أحد ،هذا ما أردده دائما خالل مشواري الطويل في حقول الشعر والنقد واألدب، فالمجتمعات العربية عصامية بطبعها ،وهنا أخص المجتمع األردني الذي قدم للعالم علماء اعتمدوا على ذاتهم ،لتحقيق ما يعتبره اآلخرون مستحيال ،وربما يكون الناقد المصري عباس محمود العقاد والروائي السوري حنا مينه نموذجا للعصامية ،والعصامية العظيمة تجلت في الشاعر اليمني الكبير عبدهللا البردوني الذي دخل تاريخ الشعر من أوسع أبوابه حين قدم قصيدته الشهيرة في مهرجان الموصل في العراق عام (وحجز له مقعد ًا بين العصامين 9711)، العظام. ومن مالمح العصامي تحقيق ما ال يستطيع اآلخرون تحقيقه تحت نفس الظروف االقتصادية واالجتماعية ،لكن عزيمته وتصميمه يدفعانه للعمل الجاد تحت ظروف قاسية ،وال أنسى الموهبة الفذة الكامنة عند العصامي المبدع ،حيث فشل كثير من المبدعين في المدرسة لكنهم حققوا إنجازات عظيمة. وفي هذه الدائرة برز الشاب الشاعر حسام عزمي العفوري حينها في صباه وشبابه يمارس الشعر ودراسة العروض ،إضافة إىل كتابة المسرح ،وممارسة النحت على الخشب والحجر الجيري دون أن يلتفت إليه أحد بسبب تحصيله المدرسي المتواضع ،لكن الحلم بقي يراوده في تحقيق ذاته بإنضاج تجربته أو فلنقل تجاربه المتنوعة ،وعندما أنهى الثانوية العامة عام ( ،)1984لم يؤهله معدله لدخول الجامعة؛ فدخل التجنيد اإلجباري (الخدمة العسكرية) في األردن لمدة عامين ،اعتقد خاللها أن مشاريعه التعليمية واألدبية واإلبداعية قد انتهت مثل غيره من أبناء جيله. عمل في إحدى شركات البرمجيات الحاسوبية في عمان بعد أن أنهى دراسة الدبلوم في الحاسوب عام ّ وبعدها عمل في وظائف ومهن متعددة(1991)، ، حتى انتهى به المطاف إىل العمل في محل الحلويات
20
الذي يمتلكه والده ،فحين تلتقي به تشاهد ابتسامة عريضة ترافقه ،وقلب مليء بالحب والمودة والعطف ظن أن أحالمه التعليمية على اآلخرين ،حتى ّ واإلبداعية قد تبخرت بعد الزواج واإلنجاب والعمل من أجل لقمة العيش. بقي اإلنسان يقظا في قلب حسام العفوري الذي يمتلك ذاكرة مكانية أقرب ما تكون لذاكرة الروائي، حيث يسرد تفاصيل المكان والزمان بدقة عالية؛ فهو المتحدث اللبق الذي يجلب إليه األصدقاء بحالوة لسانه وصدقه في حبه لآلخرين؛ مما جعل محل الحلويات الذي يشترك بإدارته محجا لألطباء والمثقفين؛ فيلتقي عنده العديد من أدباء ومثقفي إربد منهم الدكتور فواز البشتاوي ،وإمام مسجد إربد الكبير ،حيث كنا األكثر لقاء به لكن الدكتور إبراهيم الكوفحي والدكتور عمر القيام وغيرهم من أساتذة اللغة العربية الذين يقرضون الشعر ،فكانوا أكثر التصاقا به مما ساعده على التقاط أنفاسه كي ال يتبخر الحلم فدفعه األصدقاء عام ( )١٩٩٩لدراسة بكالوريوس اللغة العربية في جامعة إربد األهلية فكانت البسمة على شفتيه بين مصدق ومكذب حتى جاءه المربي الفاضل محمد أبو الحمص وسجله بالجامعة. فهل يبقى المارد سجين قمقمه ،وهل ينتظر دابة األرض حتى تأكل موهبته ،كما أكلت منسأة سليمان عليه السالم ،وينتظر غبار العجز والكسل يغطي مصباح عالء الدين؛ ولكنه تدارك األمر ،فعالج دابة األرض قبل أن تقضي عليه ،ومسح على المصباح بكفه ،فانتصر المارد حسام العفوري لينهي متطلبات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في سبع سنوات بتقدير امتياز من ( )١٩٩٩إىل عام ( ،)2006حيث تخصص باللغويات العربية التطبيقية وتمحورت دراساته في الصوتيات والعروض ،ليكون العمل الجامعي محطته األثيرة ،حيث عمل في جامعة البلقاء التطبيقية أستاذا مساعدا ،بعدها انتقل إىل جامعة الملك فيصل في السعودية ليواصل التدريس الجامعي إىل عام ( ،)2017والحصول على رتبة استاذ مشارك. كما عمل أستاذا غير متفرغ في الجامعة العربية المفتوحة وجامعة الزرقاء األهلية حتى عام (،)2020 حيث وصل سن التقاعد وتفرغ في مكتبه ومكتبته العامرة بأمهات الكتب للبحث العلمي في الصوتيات والعروض ،وكذلك الدراسات النقدية حول شعراء وأدباء أردنيين وعلى حسب تعبيره قال»:إن ما أكتبه عن شعراء األردن ما هو إال زكاة علمي» وقد اشتملت زكاة علمه على كتب أكاديمية للمبتدئين في اللغة العربية
إضافة إىل دراسات نقدية محكمة في الصوتيات؛ فكان التطبيق على القرآن الكريم ،والشعر ،ولم يتوقف عند تقاعده إىل هذا الحد؛ بل ألف كتابين كان الكتاب األول بعنوان منازل المعنى في تجربة نضال القاسم الشعرية ،وأما الثاني؛ فكان بعنوان اإليقاع الحكائي في تجربة عبد الرحيم جداية الشعرية ،ورغم أبحاثه ودراساته إال أنه ما زال مهتما بالشباب ورعايتهم وتعليمهم العروض وفن اإللقاء ،ويعطي الدورات المجانية في المراكز األكاديمية والثقافية لإلعالميين والشعراء المتدربين ،كما يعالج األطفال الذين يعانون صعوبات في النطق. • حقا إنه شاعر عصامي منذ ديوانه األول (مداد الروح) إىل ديوان الهايكو (الحياة ال تملك دقائقها)، حيث يقول: “هذه سبيلي الحياة ال تملك دقائقها لحظة انتظار» *** “حرائق لها شهيق وزفير بكاء الرجال» ومسرحي عصامي منذ مسرحية (ثورة في بطن الحوت ( ))1985إىل مسرحية (فلستيا ( ،)2020حيث يقول: المشهد الثامن عشر ...مجلس الحكم في مدينة القدس عم البالد.. “أحمد عبدهللا :انظر إىل الخير الذي ّ وكيف قامت الدولة باستقدام العمالة األجنبية من كل العالم ..العلمية منها والمهنية ..للنهوض بالدولة بكل كل ذي حق حقه.. جوانبها ..وإعطاء ّ القائد شعيب صالح :نعم يا سيدي ..وكيف قامت الدولة بتوزيع الثروات واألموال بالقسط والعدل ..على كل المواطنين دون استثناء ..ومن كان في حكمهم.. أحمد عبدهللا :لذا أصدرت الدولة بطاقة نقد لكل مواطن متقاعد من ذكر وأنثى ألف دينار من الذهب.. يستطيع أن يصرف منها ما يشاء.. القائد شعيب صالح :عدا عن الذي ال يملك مشروعه التجاري الخاص به ..والبيت ..واألثاث ..والسيارة.. وغيرها من متاع الدنيا ..له أن يشتريها من خزينة الدولة لمرة واحدة.. أحمد عبدهللا :الحمد لله ..هذه نعمة ليس بعدها نعمة».. وهكذا نرى الدكتور حسام عزمي العفوري ذاك العصامي على مدار أربعين سنة خلت؛ بحبه وعمله وما يقدم إىل األجيال من زكاة علمه.
مارس 2021 -م
مريد البرغوثي.. الشرفة التي رأيت منها رام اهلل زهير الطاهري “اسقني واشرب على أطالله”
إبراهيم ناجي
قيل ألعرابي :لماذا المراثي هي أجمل أشعاركم ؟ فقال :ألننا نقولها وأكبادنا تحترق ،نحن بما نفقد ال بما نملك ،ال نعرف قدر األشياء حتى نفقدها وكأن الفقد فضيحتنا المدوية هو اللحظة التي نكتشف أننا كنا نملك هذه األشياء حقيقة وأنها كانت لنا وحدنا والم َّلك الحصريون آلخر النجوم ،نحن سادة الفقد ُ التي اندثرت وهدافو ما بعد المباراة ،لذلك استهل الشاعر العربي قصيدته بالطللي ،ومازلنا شعراء الوقوف على األطالل ،وأبطال ما بعد المباراة ولنا حصتنا من دخان القطارات الفائتة ،نصحو بعد كل حادثة كالمجاذيب ،مدركين أننا كنا أهل تلك الديار وأصدقاء الشهداء وعشاق العابرات ،غارقين في الرثائيات وفي الطللي من كل شيء ،وال ندون إال أشيائنا المفقودة وخسائرنا المتتالية ، “ال تسأليه كثير ًا عن خسائره”
زهير الطاهري
إن الخسارة فردية كانت أو جماعية ال تختلف وغير قابلة للقولبة والفهرسة وال تخضع للفيزياء ،فخسارة الطفل لتصفيق الوالدين كخسارة اإلنتخابات الرئاسية ،وخسارة مراهق لحبيبته كخسارة بلد ،وخسارة أم فقدت ابنها كخسارة هيروشيما ،حينما أتذكر الخسائر هكذا أتذكرها دفعة واحدة وال أستطيع تجزئتها ،إن كل واحدة تسلط الضوء على األخرى ،وكأن الخسارة كائن حي يعيش معنا ويقتات على حساب سعادتنا وأشيائنا ،لقد خسرنا أول الحلم وآخر التجربة ،خسرنا أول لعبة شطرنج وآخر ضربة نرد ، خسرنا أول بيعة وآخر صندوق اقتراع ،خسرنا أول عاصمة وآخر قرية نائية ،وأول نقش وآخر مجلة ،وخسرنا أول سد وآخر علبة ماء ،وأول امرأة حاكمة وآخر ناشطة ،وخسرنا أول حبيبة وآخر كاذبة ،وها أنا اآلن أخسر أخر محاولة لعدم تذكر خسائري كم كنت أحاول الهروب من تذكر الخسائر ولكن نحن أساتذة الخسائر ومدمنو الذكريات ،إننا نخسر كل يوم وكأننا ننظر بالمقلوب لكل شيء فنرى الهزيمة انتصارا والخسارة ربحا ،لم أعد أريد تذكر المزيد من الخسائر ولكنني أثق أنني سأخسر هذه اإلرادة وأتذكرها في موقف آخر بطريقة أو بأخرى . دي.إن.إيه “بكى صاحبي لما رأى البحر دوننا”
امرؤ القيس
في يوم ما وقف البشري األول في األسطورة على أطالل جنته األوىل وحتى اليوم ونحن نتوارث كل ذاك الفقد ونمارس الوقوف الجماعي والفردي على األطالل كيوجا تأملية في استكناه خساراتنا كطقوس تعبديةُ ، المستقبلية ،وما كل خسائرنا إال أصداء لتلك الخسارة الفادحة ،لذلك نجد أن المراثي هي أجمل األشعار ألننا نشعر أنها تعنينا واأللحان الحزينة تجد طريقها أفرادا أو جماعات مهما إىل أرواحنا ،ألننا بطبيعة الحال ً تظاهرنا بالسعادة فإن فينا من الحزن ما يكفي بسبب تلك الخسارة األوىل ،فاخترعنا الناي والذي لم تكن صدفة امتزاجه بالتراث الصوفي المنغمس في الروح والواقف على حدود األلم الضارب في النفس البشرية ،كمحاولة هروب جماعية من ذاكرتنا الجماعية المليئة بالخسارات ،فال يوجد بشري لم يحزن قط ولم يبك قط ،هكذا منذ وجد اإلنسان وجدت معه الدموع المالحة والصالحة للبكاء ووجدت معه البحار كبكائية عريضة على وجه الكوكب . “ وقد تكون جنازة الشخص الغريب جنازتي “
محمود درويش
يظل الشاعر سيد الوقوف على األطالل ،وقف على أطالل حبيبته ،ووقف على أطالل أبيه وأصدقائه ووطنه ،ثم أخير ًا كان الفصل األكثر مرارة وقسوة وهو الوقوف على أطالله يشاهد روحه وهي تتحول إىل أطالل أمام عينيه ،ويقيم لها جنازتها الهادئة ويعد عزاءه األبدي ، إن للشعراء قدر يشاكسهم ويتحرش بهم أينما ذهبوا ،على الشاعر أن يكون الجنازة والمشيعين في الوقت نفسه ،عليه أن يمشي ببطئ تحت تابوته الخفيف ،إن قدر الشاعر هو الذهاب إىل أبعد من ظله وإال فسوف تتعارض األسطورة مع الواقع ،عليه أن يعيش الضجيج كله ثم يموت بهدوء كأوراق الخريف . الجنَّازا بعض الجنائ ِز في الطريق إىل القبو ِر تُش ِّي ُع ُ زهير الطاهري
يحدث أن نقوم بتشييع أشخاص آخرين غرباء أو أقارب لنعود فال نجد أنفسنا ،أو على األقل نفقد شيئ ًا منا ،هناك من يفقد نفسه دفعة واحدة وهناك من يفقدها تدريجيا ،حتى يصل إىل نهاية الجسر وقد أصبح شبحا يتوارى في جسد بشري ،عندها يكون السقوط خفيفا كأي وردة ال تذكرها الرياح وال تشعر بها الحقول .
مريد البرغوثي “كشرفة سقطت بكل زهورها “
مريد البرغوثي
حينما تسقط الشرفات عادة تمتلئ األرض بالزهور ويفوح العطر في األنحاء لتبقى شاهدة على هذا السقوط ،هكذا يسقط الشعراء خفافا مثقلين باألحالم والقصائد التي يفوح عطرها في كل مكان ، يسقط الشعراء لكن شواهدهم تبقى معلقة في السماء ،يكتب الشاعر مرثيته قبل أن يموت بأي طريقة المهم أنه يكتبها ، ال أحد يستطيع ان يرثيه ال تتسع األبجدية فقد شطبوها بكل المراثي ،فهو الواقف على الطلل األزلي للعالم ،الشاهد الوحيد على تاريخ الفقد المؤلم ،وهو المنذور لكل خسارة ، ال يمكن أن يتحول إىل خسارة مهما كان ،ألنه يعيش خسارته الطويلة حتى يصل إىل نهايتها الهادئة واثقا بجنازته التي عاش تفاصيلها خطوة خطوة ، في هذه األيام سقطت أجمل شرفات العالم ،بعدما مألت الدنيا بمناظرها ،شرفة كانت تطل على كل مكان ،تطل على رام هللا كما تطل على القاهرة وعمان وبودابست والقدس ولندن ،تطل على البحر كما تطل على الجبل والغابة ،وتطل على السحاب من الطائرة كما تطل على البيت المجاور في القاهرة ،تطل على حقول الزيتون كما تطل على غرفة التوقيف ،كانت شاهدة على فصل طويل من تاريخنا القلق والمتخم بالفوضى والخسائر ،سقطت شرفتنا العالية بخفة الورد الذابل في الطريق ،وبعزة القالع على التالل ، بعدما ظلت تحرس هذا الطريق وتلقي على العابرين التحايا ،وبعدما امتألت بأخبار الهزائم والخسارات ، بعدما أدت دورها كامال ، سقطت أول شرفة رأيت من خاللها رام هللا وفلسطين كما يجب أن أراها وآخر شرفة شاهدت من خاللها العالم ،الشرفة التي تقول لك استيقظ كي تحلم .
21
مارس 2021 -م
قراءة نقدية يف رواية “عازف القنبوس” للروائية السعودية صباح فارسي
بوزيان موساوي - .ناقد مغربي
1ـ وصف المتن: تضـم الروايـة ثمانيـة وعشـرين عنوانـا فرعيـا سـمته الكاتبـة “شـذرة” بـدل “بـاب” أو بتبويـب ّ “فصـل” أو “جـزء” .و فـي كل شـذرة حكايـة ،و فـي كل حكايـة عقـدة ،و مجمـوع العقـد صنعـت الحبكـة الجوهريـة لقضايـا الروايـة .و علـى رأس كل “شـذرة” قـول مأثـور كُ تِـب بيـن مزدوجتيـن ال نعـرف إن كان للكاتبـة نفسـها ،أو مـن صميـم قراءاتهـا .أقـوال علـى شـكل فقـرات قصيـرة قدم لألحـداث الموالية تسـبق عنـوان كل شـذرة ُت ِّ بأسـلوب فلسـفي تحليلـي تأملـي يكشـف عـن رؤى نسـقية عميقـة تخضـع لمنطقـي الوجـدان و العقـل و التجربـة معـا حـول مواضيـع مرتبطـة عضويـا باإلنسـان فـي عالقتـه بالطبيعـة و المجتمـع و المحيـط سـيكولوجيا ،و اجتماعيـا ،و أنتروبولوجيـا ،و عقائديـا؛ إنسـان باعتبـاره كائنـا “إبيسـتيميا” موضـوع سـؤال فلسـفي كبيـر .و سـنتعرض دون شـك لبعـض النمـاذج مـن هـذه الفقـرات فـي تضاعيـف هـذه القـراءة. 2ـ حكاية:و مواقف. سـقف الحكايـة فـي حـد ذاتـه قـد ال يشـكل جديـدا فـي نظر القراء؛ قـراءة انطباعية أولية قد تحيلنـا علـى نمطيـة القصص الرومانسـية حيث الحـب أمـل و منتهـى .و لعـل العنـوان الرئيـس للروايـة “عـازف القنبـوس” عتبـة آفـاق انتظارهـا يشـبه حكايـات العشـق عنـد “التروبـادور” الذيـن كانـوا يسـتعملون هـذه اآللـة الموسـيقية مـن بين أخـرى. يمكـن وضـع حكايـة هـذه الروايـة تحـت عنوان عريـض اسـمه “الفقـد”؛ نقـرأ فـي فقـرة تقـدم للشـذرة األوىل تحـت عنـوان“ :الحقيقـة األوحـد”: “لـم أكـن أعـرف أن الفقـد كنايـة عـن الجحيـم ،و
22
أننـا سـنقذف في نيرانـه ،و ال منـاص( ”.ص.)11. “صبـرة” البطلـة الرئيسـة للرواية تفقـد أمها و هي تنجـب أخاهـا و هـي ال تـزال طفلـة؛ نقـرأ“ :ففـي سـنواتها البكـر و هـي تحبـو فـي معـارج الحيـاة لتفهـم الطفولـة ،انتـزع منها الحبل السـري للمرة الثانيـة ،ففـي المـرة األوىل انتـزع الشـريان الـذي يصلهـا بجسـد أمهـا ،أمـا هـذه المـرة فقـد ُق ِطـع االرتبـاط بنبـع الحنـان لتلهـث مـا بقـى لهـا مـن العمـر تبحـث عـن بئر تعتصـر منها وقـود الحياة، فهـل تجدهـا( ”.ص .)17 .و تفقـد “صبـرة” أعـز مـا تملـك الطفلـة :براءتهـا ،و حريتهـا ،و بكارتهـا و هـي بعـد لـم تبلـغ 14سـنة لمـا باعهـا أبوهـا تحـت اسـم يافطـة الـزواج تحـت إكـراه الفقـر ربـى الفتـاة علـى و اسـتبداد التقاليـد ؛ نقـرأُ “ :ت ّ االسـتعباد ،و ُينشـئ الذكـر علـى امتهـان كرامـة المـرأة فـي قريـة الهجيـر و فـي بـؤر كثيـرة مـن العالـم ،حيـث يتعملـق رجـال ممسـكين بتقاليـد ابتدعوهـا لحمايـة المـرأة مـن شـرورهم ،هنـاك ترعرعـت صبـرة( ”.ص)46 .؛ و نقـرأ“ :هنـاك تجـار مهووسـون باقتنـاء نفائـس البشـر ،فسـرقة سـنوات مـن عمـر الفتيـات الصغيـرات ليسـت إال إحـدى تلـك المتـع التـي يتمـرس عليهـا التجـار فـي كل األزمنـة مهمـا اختلفـت األمكنـة( ”.ص.
.)57كذلـك كان قـدر “صبـرة” و هـي تتـزوج رجلا اسـمه “حـزم” كبير السـن ،خبيث الخلـق و بخيل؛ نقرأ“ :كان الزفاف أشـبه بمسـرحية كلها أكاذيب، مهرجـون ،ممثلـون ،مسـرحية لها نهايـة محتومة هـي مـوت البطلـة و هـي علـى قيـد الحيـاة”. (ص 60 .ـ .)61فتعلـق الكاتبـة صبـاح فارسـي تقـول“ :أولئـك الذيـن يعاملـون البشـر كجـزء مـن ممتلكاتهـم يخلعون إنسـانيتهم ،تعشـى أعينهم، تصـم آذانهـم ،يلقنوننـا كيـف نكـره البشـر، يصبـون الرصـاص علـى مشـاعرنا ،نجبـر علـى شـحذ مخالبنـا لِلـذود عـن حريتنـا ،لنجعلهـم يسـمعون أصواتنـا رغمـا عـن أنف الصمـم( ”.ص. )72 و تفقـد “صبـرة” أباهـا العجـوز بعدمـا فقـدت أمهـا ،و أرغمـت زوجهـا علـى الطالق؛ نقـرأ“ :كانت تلـك الدمـوع آخـر مـا شـهدته صبـرة مـن والدهـا الـذي لـم يسـعفها الحظ أن تراه مـرة أخرى طيلة حياتهـا ،فقـد انتزعـه المـوت بعـد عودتـه مـن رحلتـه تلـك” (ص)84 .؛ و عـن هـذا الفقـد علقت الكاتبـة صبـاح فارسـي تقـول“ :ثمة مفتـرق طرق ال نعـود مـن بعدهـا كمـا كنـا ،تتبـدل أحالمنـا، نعبد مسـارات لنهبط على نتشـكك فـي ماضينـاّ ، مدارجهـا .ثمـة خسـارات ال نرتجـي بعدهـا سـوى
مارس 2021 -م
التنفـس و العـودة مـن الكابـوس ،و لكننـا أبـدا ال نعـود !” (ص .)84 ”حكايـة فقـد” هـذه الروايـة ،لكـن أبعادهـا الفلسـفية تتجـاوز مجـرد مأسـاة امـرأة خذلهـا قدرها أو حظها في االنتماء الطبقي و االجتماعي كمـا أحبـط كل احالمهـا فـي الحـب .يبـدو أن قدر “صبـرة” و مـن يشـبهها صنيـع جغرافيـة؛ أي مـن إملاءات مـكان و زمـن. 3ـ الفضاء الروائي: قيـل كثيـرا أن بعـض األقـدار مرتبطـة بطبيعة المـكان الـذي نعيـش فيـه .و قـد اختـارت الكاتبة صبـاح فارسـي تأثيـث فضـاء هـذه الروايـة بمكانيـن متباعديـن و متوازييـن (قريـة الهجيـر جنـوب الجزيـرة العربيـة ،و مدينـة فالينسـيا فـي قلـب األندلس بإسـبانيا) .مع همـزة وصل بينهما جسـر واحـد :البحـر. ـ”الهجيـر” قريـة بطلـة الروايـة “صبـرة” تـكاد تنتمـي لزمـن “الجاهليـة األوىل”“ :الهجيـر قرية لها قلـب من ضفتيـن ،ضفة تفتـح ذراعيها ليتنفس نسـيم البحـر ،و ضفـة أخـرى تتكـوم علـى غابات السـدر و أشـجار السـرو و مجاهيـل تخفـي بينهـا بيـوت أهـل الهجيـر ،و تحصـن قالعهـم ()... الـكل هنـا محـدودو الطمـوح ،فارغـون مـن الغـد، حلمهـم حصيـرة مـن قـش و أن ال يجوعـوا”. (ص)5 .؛ “الهجيـر تنكـر الغربـاء ،تخشـى بقاءهـم علـى تربتهـا ،الغربـاء ال مـكان لهـم علـى أرضهـا ( )...وحـده المطـر يأتـي غريبـا و رحـل غريبـا، و ال يسـتقبله سـوى الفالحيـن هنـا ،ال رقـص تحـت المطـر ،ال مظلات يتشـارك فيهـا حبيبـان تحـت المطـر ،هنـا المطر يمـر خائفا ،سـريعا ،و ال يخـدش أحـدا( ”.ص)7 . ـ “فالنسـيا” األندلسـية مدينـة البطـل “مـار” حبيـب “صبـرة” تعيـش إيقاعـات مناقضـة كليـا لقريـة “الهجيـر”؛ نقرأ”:تتعـاىل أصـوات الضجيـج المفعـم بالحيـاة فـي شـوارع مدينـة فالنسـيا، مدينـة االرتـواء ،موسـيقى تصـدر مـن خريـر نوافيـر ال تهـدأ ،مـن صهيـل الماريـن فـي األزقـة، مـن دقـات أحذية راقصـي الفالمينكو ( )...هناك كانـت األرض تفـوح برائحـة الحـب ( )...إنها أرض العشـق إسـبانيا( ”.ص)37 . ـ البحـر هـو همـزة وصـل بيـن قريـة “الهجيـر” و مدينـة “فالنسـيا” .ف “للبحـر (نقـرأ) عشـاقه المجانيـن السـهارى علـى ضفافـه ،يسـتعبدرذاذه
صباح فارسي قلوبهـم ،يتسـامرون علـى ضفافـه ،فيسـتغنون بـه عـن العالـم ،و رغـم خناجـر البحـر الغـادرة و حصـده للأرواح إال أن عشـق البحـر فطـرة البحـارة( ”.ص...)51 .هـذا البحـر هـو الـذي أغـرق سـفينة أبحـرت مـن المتوسـط إىل البحـر األحمـر حتـى تخـوم جنـوب الجزيـرة العربيـة .سـفينة كان عليهـا “مـار” العربـي /األندلسـي الـذي نجـا بأعجوبـة مـن الغـرق ليلفظـه البحـر علـى شـط قريـة “الهجيـر” فتنقـذه “صبرة” فينجـو من موت محقـق ...هـو البحـر الـذي قـال عنه “مـار” حبيب “صبـرة”“ :هـذا البحـر أحدثـه كل ليلـة عنـك، فبرغـم أنـه أهلـك أهلـي ،إال أنـه أحضرنـي إليك، أحبـه ألجلـك و أحقـد عليـه ألجلهـم( ”.ص. .)195و هـو ذاتـه البحـر الـذي فـرق الحبيبيـن “مـار” و “صبـرة” فـي الحكاية /الروايـة؛ نقرأ“ :على سـطح السـفينة وقـف مـار ينتظـر تلويحـة وداع، كلمـة مارقـة ترجعـه لصدرهـا ،وطنـه الثانـي، وقـف للمـرة الثانيـة علـى ظهـر السـفينة ،فـي المـرة األوىل فقـد رفقـاءه ،أمـا اليـوم فهـو يفقـد قلبـه ،يتـرك علـى الهجيـر روحـه و يسـافر ألهلـه جسـدا فارغـا( ”.ص.)239 . لمـاذا رفضـت “صبـرة” السـفر مـع زوجهـا/ حبيبهـا “مـار”؟ 4ـ الرواية /الموقف: رغـم مـا كابدته “صبرة” فـي قرية “الهجير” ،أبدا
مـا فكـرت فـي الهجـرة ،فـي المنفـى االختيـاري، فـي الهـروب .حتـى لمـا تطلقـت مـن زوجهـا األول و طردتهـا عمتهـا مـن بيـت أبيهـا ،لـم تفكـر فـي الهجـرة ...حتـى لمـا عشـقت “مـار” و قبلـت الـزواج بـه ،لـم تقبـل بمرافقتـه إىل “فالنسـيا” ...البحـر كان صلـة وصل بأندلـس ،بفردوس مفقود جاءها علـى صـورة حبيب عشـقته حتى الجنـون ...هل هـي مريضـة ب “المازوخيـة” حتـى أنهـا ال تؤمـن بالسـعادة ،إذ قالـت“ :السـعادة ! هجينـة هـذه الكلمـة علـى مسـمعي ،لـم أتصالـح معهـا قـط” (ص)239.؟ أم أنـه موقـف امـرأة تعـي مـا تفعـل؟ قالـت “صبـرة” تبـرر قرارهـا بعـدم الرحيـل عـن قريتهـا “الهجيـر”“ :ال أسـتطيع ،هـم أهلـي و إن بخلـوا علـي ،أولئـك قومـي و إن لفظونـي ،أنـا ابنة الهجيـر ،و الهجيريـون ال حـظ لهـم مـن الحـب، تبقـى الهجيـر بعنفهـا الحنـون ،بظلمها المسـتبد، تبقـى تـراب الوطـن الـذي لـو لطـم الخـد يسـعف نخيلـه الجـاف ألدرنـا لـه خدنـا اآلخـر و انتظرنـا بيـض تحنانـه علينـا ،و لـو ضربنـا بأمواجـه بسـياط الفقـر و الجـوع و ُح ِرمنـا القـوت تحـت سـمائه يبقـى ترابـه عطـرا نمـرغ عليـه وجوهنـا، و حيـن تمطـر ،و قليـل مطر الهجيـر و الهجيريون عطشـى و لكنهـم وقـت المطـر يظلـون يدعون أن يبقـوا تحـت سـمائه و يدفنـوا فـي ترابـه لتمتـزج عظامهـم بتربـة أجـداد األجـداد ،هـو الوطـن”. (ص.)228 . هـو موقـف “صبـرة” التـي رفضـت زواج العبودية رغـم الفقـر المدقـع ،هـددت أن تحـرق نفسـها إن لـم تنـل حريتهـا بالطلاق؛ هـو موقـف “صبـرة” التـي قررت أن تكسـر أنياب الجهـل بتعلم القراءة و الكتابـة؛ هـي “صبـرة” التـي تعلمـت الطـب التقليـدي لمعالجـة المرضـى؛ هـي “صبـرة” التـي رغـم احتقـار مجتمعهـا للمـرأة عامـة و للمـرأة المط ّلقـة خاصـة اسـتطاعت أن تكتـري بيتـا و ُ تعيـش فيـه بمفردهـا ...هـي التـي رفضـت أن تبيـع جسـدها رغـم الفقـر المدقـع ...هـي التـي قالـت لخطابهـا“ :ال” عشـقا للحريـة ...و هـي التـي قبلـت ب “مـار” زوجـا لهـا رغـم رفـض أهلهـا و كل أهـل بلدتهـا ..و هـي “صبـرة” أخيـرا التـي رفضـت الرحيـل إىل األندلـس (الفـردوس الحلـم) حتـى ال تهجـر وطنهـا. هـي تلكـم قرائـي األعـزاء كانـت مقاربتـي اليـوم لروايـة الكاتبـة و الروائيـة السـعودية المبدعـة صبـاح فارسـي.
23
مارس 2021 -م
( جنى العمر ) ..ديوان شعر لشيخ الشعراء سعيد يعقوب
في رحاب األدب حممد ناصر اجلعمي -اليمن
يعتبـر الشـاعر سـعيد يعقـوب مـن أبـرز التقليـدي الشـعراء المحافظيـن علـى النهـج ّ تميز عـن أقرانه للقصيـدة العربيـة ،إال أ ّنـه ّ بهـذا العطـاء الوفيـر فهـذا الديوان هــو تتويــج لليوبيــل الفضــي للدواويــن الخمســة والعشــرين نحـن إذن فـي حضـرة يعقـوب الشـعر عصـر غـاب بقامتـه الشـعرية السـامقة فـي ٍ ـاد فيـه س و فيـه فرسـان الشـعر والبيـان َ َ َ ُ مهرجانـات ـت ِبهـم األدعيـاء الذيـن ِاكْ َت ّظ ْ ُ ُ أصـدارات التكريـم وحفلات التوقيـع علـى ٍ ِ باهتـهٍ ودواويــن ( شــعرية) خاليــة مــن الــوزن ـات التكريـ ِـم ُقبح ـ ًا والقافيــة زادتهــا َم َنصـ ُ َ َو َق َت َامــ ًة َو َو ْح َشــ ًة فــي حيــن ظــل يعقــوب يدعــو للحفــاظ الشــعري األصيــل ،فقــد علــى النهــج ّ تمســك بــأوزان القصيــدة العربيــة القديمــة ّ وأغراضهــا التــي ســار فيهــا علــى النهــج ومضمونــا ،البــارودي وأميــر شــكل القديــم ً ً الشــعراء أحمــد شــوقي ،وحافــظ إبراهيــم ، ومطــران وغيرهــم عنـوان بديـع هـذا ، أي ٍ “جنـى العمـر “ ّ الكلمات فـي محرابهِ قـف يالـه مـن حصادٍ َت ُ ُ عاجـز ًة عـن التعبيـ ِر يقول يعقـوب في لغة سـهلة جزلـة رقيقة : رأيناه حبيب ما وكم لنا من ُ ٍ
24
في حضرة شيخ الشعراء الشاعر العربي الكبير سعيد يعقوب ُ الشعر األصيل المتدفق من مناهله العذبة التي عبق ..يشدنا ِ ُ صفوها غبا ُر هذا الزمن الرمادي الذي َّ َ الجمال فيه عز لم يكدر ِ واإلبداع األصيل ..
عرفناه صديق ما وكم لنا من ُ ٍ مبتعدا بت لله يا فيس كم ق َّر َ ً اصطفيناه وأبعدت َم ْن كنَّا عنَّا َ ُ مستترا كشفت لنا ما كان وكم َ ً جهلناه عنَّا وأظهرت ما كنَّا ُ هم وكم ط َو ْي َت األُ َل كنَّا نَ ِه ُ يم ِب ْ طويناه بعثت الَّذي كنَّا وكم َ ُ تنسـل بين يالهـذهِ الكلمـات العِ ـذاب كيـف ُ بـكل القلـب شـغاف الجوانـح لتسـكن فـي ِ ِ ِ ِ الشـع ِر مـا يعقـوب يـا درك للـه ـة ع د َ ِّ يسـر َو َ َ ٍ
كبيـر!!! شـاعر أجملـك مـن أفصحـك ومـا َ َ ٍ ٍ الشع ِر َورقة معانيه.. جمعت بين جزال َة ِّ كنا طوينا ُه “ “ وكم بعثت الذي َّ َ لم يتلق شـاعر عربي من قصائد التكريم والثنـاء مـا تلقـاه يعقـوب مـن شـعراء كبـار فـي معظـم األقطـار العربيـة وهـذا اإلجماع كان لعالقـات يعقـوب الواسـعة والمتشـعبة بأعلام الشـعر فـي الوطـن العربـي ( ومـا كان هـذا لـوال أن يعقـوب المـس أوتـار قلـوب العـرب جميعـا حيـن تحـدث عـن بلدانهـم وأفراحهـم وأحزانهـم وأكـد علـى الوحـدة العربيـة التـي تجمعهـم) لنشـاطاته األدبية الواسـعة وفأحبـوه وأثنـوا عليـه بما هو أهله ومـن أمثلـة ذلـك مـا قاله البياسـي السـوري: وينادينـي باألميـر مليـك ..سـار مـن خلـف ركبـه األمـراء وكذلـك فعـل األسـتاذ الدكتـور الناقـد الكبيـر العراقـي عزمـي الصالحـي حيـن قـال عـن يعقـوب فـي حفـل تكريمـه فـي اتحـاد الكتـاب األردنييـن أقسـمت بالشـعر تغرينـي معانيـه ..ونعمـة السـحر تسـري فـي قوافيـه إن الـي نحتفـي والبشـر يغمرنـا ..بشـعره ونعنـي مـن أغانيـه .. لشـاعر تبهـر الفصحـى فصاحتـه ..ومحـال الشـعر يزهـو إن شـدا فيـه ...وكذلـك فعـل كثيـر مـن الشـعراء مـن ُعمـان إىل المغـرب العربـي ولكـن تبقـى قصيـدة تكريمـه مـن وزيـر الثقافـة األردنـي األسـبق األسـتاذ
مارس 2021 -م
الدكتـور صلاح جـرار هـي درة الديـوان وقـد أنشـدها جـرار فـي مركـز إربـد الثقافـي واسـتهلها بقولـه :قـد خاننـي فيـك تعبيـر وأسـلوبي ...ولـم أول علـى قصـد ومطلـوب ..وقـد قصيدتـك عرفنـا وتكرمـة ..وكيـف أنكـر إحسـان (ابـن يعقـوب ) ..وقـد كرمـه كبـار شـعراء األردن بقصائـد مـن عيـون الشـعر مـن أمثـال سـليمان المشـيني مديـر اإلذاعـة األردنيـة الـذي أنشـد الشـعر أمـام الملـك المؤسـس الشـاعر عبـد هللا األول ابـن الحسـين بـن علـي والشـاعر األردنـي الكبيـر محمـود عبـده فريحات وخالد فـوزي عبده وغيرهـم كثيـر ولكن تبقـى أجمل القصائد هـي قصائـد الشـاعر الكبيـر خالـد فـوزي عبـده الـذي قال فـي يعقوب أربعا وعشـرين قصيـدة أطلـق عليهـا يعقـوب فـي (جنـى العمـر ) الخالديـات وهـي مـن غـرر الشـعر وعيونـه معبـرا عـن إعجابه وحبـه ليعقوب قسـم الشـاعر ديوانـه قسـمين األول جعـل فيـه القصائـد التـي كـرم بهـا أصدقـاءه مـن الشـعراء أو مـن هـم فـي منزلتهـم مـن أهـل الفضـل والثانـي لمـن أكرمـوا بقصائدهـم يعقـوب وهـم شـعراء كبـار فـي بلدانهـم كتـب مقدمـة الديـوان األسـتاذ الدكتـور الشـاعر اليمنـي إبراهيـم طلحـة أسـتاذ اللسـانيات الحديثـة بجامعـة صنعـاء وضـع يعقـوب في بدايـة القسـم األول بيتا يختصـر مـا ورد فيه قال فيه: ُ ال وإنَّ ني وأعرف أقدار ال ِّر َج ِ َ ألعل َُم َم ْن أهدي إليه مديحي هنـا خالصـة الخالصـة رسـالة فـي غايـة موجهـة إىل القـارئ البالغـة والجمـال َّ الحصيـف وإىل األصدقـاء الممدوحيـن الذيـــن خصهـــم يعقـــوب بـــدرر الشـــعر الثمينـــة وبحسـب الدكتـور إبراهيـم طلحـة »: إيصـال رسـالته تمك َـن يعقـوب مـن فقـد َّ ِ يشـف عـن كالميـة ،فـي ٍ بأقـل كُ لفـةٍ بيـت ُّ ّ َّ
سعيد يعقوب
شـعري مضمون أخالقـي رفيـع وعن منهـج ٍ ِّ ٍ ٍّ ِ يسـتح ّق.. حقيقـي قيـل فـي َم ْـن ٍّ بحـد ذاتـه يشـبه أن يكـون البيـت هـذا َّإن ِّ ولكـن المقـام اقتضـى قصيـد ًة كاملـة، َّ اإليجـاز ،ومـا اإلعجـاز َّإل فـي اإليجـاز« . وقـد أشـار د .إبراهيـم طلحـة إىل سـمات الشـعر عنـد يعقـوب فقـال: الفنية فهي: السمات ِّ ّ فأما ُّ أهم ِّ والتاريخ. 1ـ استلهام ُّ التراث َّ الرمز واألسطورة. 2ـ توظيف َّ 3ـ تكثيف اللغة والمعنى. 4ـ استدعاء األمثال الشعبية. 5ـ استخدام تقنية التناص. 6ـ تنويع البحور الشعرية. 7ـ االهتمام بالصورة الفنية. المعنوية فهي: السمات وأما ُّ َّ أهم ِّ َّ القِ 1ـ تعزيز َيم. 2ـ الوفاء لألصدقاء. 3ـ االنتماء إىل األوطان. 4ـ االنحياز إىل اإلنسان. 5ـ الدفاع عن المقدسات ورموز األمة
6ـ اإلشـــادة بالبطـــوالت والتضحيـــات والشـــهداء 7ـ التمسك بالوحدة العربية ويسـتأنف د طلحـة فـي مقدمتـه قائلا «وال يفوتنـي أن ألفـت عنايتكـم إىل أ َّننـا وجهنـا بعـض ُطالبنـا فـي المسـاقات قـد َّ المختلفـة إىل دراسـة شـعر األسـتاذ الجليـل لعل والشـاعر العربـي الكبير سـعيد يعقوبَّ ، سـيتفوق علينا في دِ راسـات فـي طالبنا من ٍ َّ وبحـوث تتالفـى مـا قصرنـا نحـن فيـه لدى ٍ االحتفـاء بأسـاتذتنا. ‘ ..وهنـا أنتهـى كالم الدكتـور طلحـة فـي تقديمـه لديـوان جنـى العمـر ،ولـم تنتـه رحلتنـا مـع جلال الشـعر ورقتـه وأناقتـه وصـدق معانيـه عبق ما زال في الشعر من أنسامهِ ٌ ـذوب مِ ْن عبـق تميـس ِبـهِ َ ُ وأي ٍ القوافِ ـي َو َت ُ سـحرهِ المسـير طـال ِب َها ُ ُ القلـوب التـي َ تجـد دروب الحيـا ِة الموحشـة علهـا فـي ُ ٍ ـهِ ِ فتبحـث فـي ب ل ظ ـت ِتس ل ا انـ َم َك ً ُ ْ َ َّ ِ حدائق يعقوب وبساتينه الوارفة عن ِ ما يبد ُد مشـقة السـف ِر َووحشـته في ليالي العـرب المألى باألحزان .. ئـه ولـم نفصـح لقـد كنـا ُن ْخ ِب ُ نثـرت الـذي َّ َ عنـه فكنـت لسـان األمـة التي تطـاول عليها تداعـت عليهـا األمـم .. األقـزام َو ْ ُ وطالما والحديث عن يعقوب ال ينتهي فكمـا وضـع يعقـوب فـي بدايـة القسـم األول بيتـا يختصـر مـا ورد فيـه فقـد وضـع أيضـا فـي بدايـة القسـم الثاني بيتـا يختصـر مـا ورد فيـه فقـال: أبصر بعض كنزي قارون ولو ُ َ الح َي ُاء.. ألَ ْد َرك َُه مِ َن الفق ِر َ أترك التعليق لنقاد الشعر ومحبيه فتعالـوا أيهـا الظامئـون إىل هـذا الغديـر فقـد أشـتد بنـا الهجيـر وكمـا قـال جبـران : علنـــا نـــروي بذيـــاك العصيـــر حرقـــة األشـــواق......
25
مارس 2021 -م
لقــــاء
فؤاد متاش ألقالم عربية:
تصل الكلمة بصاحبها إلى حيث يريد.. تصل الكلمة بصاحبها إلى حيث يريد هو ،وكلمة احلق ال تصل باإلنسان إال إلى اخلير مهما كانت العاقبة . فؤاد متاش إنسان يعيش يف هذه األرض مخلوق من تراب هذا الوطن اجلميل ميتلئ قلبه بحب الناس وحب اخلير وحب اجلمال .
أجرى اللقاء :عبداملجيد الخضمي السيرة الذاتية فؤاد محسون صالح متاش. مواليد عام - ١٩٧٨الحيمة الخارجية -محافظة صنعاء. بك تربية لغة عربية . الصفة :شاعر أديب. صدر له ديوان شعر بعنوان “ وردةوبندقية “ عام .٢٠٠٩ ُ له مجموعة قصصية لم تطبع بعدَ ُ “ج ّرة قلم”. بعنوان ُ َ له ديوان شعري آخر لم يطبع بعد. يكتب الشعر واملقالة واملسرحيةوالشعر الغنائي. البرامج التلفزيونية أعد الكثير منّ للعديد من القنوات وألف الكثير من املسرحيات واملسلسالت والكثير من األناشيد واألغاني والبرامج اإلذاعية والكثير من املقاالت للعديد من الصحف واملجالت. أقام دورات تدريبية في النحو واإلمالءوالشعر واألدب. قام بالتحكيم في عدة مسابقات شعريةوفنية في صنعاء.
26
مـا بيـن الشـعر وإعـداد البرامـج أيـن تجـد فـؤاد ؟! أجـد فـؤاد في الشـعر أجده في موسـيقى الشـعر وبحـوره وقوافيـه ..أنا أرى الحياة قصيدة ..أشـعر أن الكـون يتحـرك بـوزن وقافيـة ..كتبـت الكثيـر نجحت مـن البرامـج ومـا زلـت أكتبها وبفضـل هللا ُ فـي كتابـة البرامـج ولكني وأنا أكتبهـا ال أجد تلك المتعـة التـي أجدهـا وأنا أكتب الشـعر . أيهمـا أوالً الشـاعر أم معـد البرامـج ؟! وكيـف ابتـدأت رحلتـك فـي كليهمـا ؟! الشـاعر سـبق الشـاعر أوالً ثـم ُمعـد البرامـج .. ُ عـد البرامـج بسـنوات كثيـرة ..عشـقت الشـعر ُم َّ لا وحفظـت الكثيـر مـن القصائـد التـي فـي طف ً المنهـج الدراسـي ومـن خـارج المنهـج الدراسـي وكنـت أجمـع أقرانـي مـن األطفـال ألقـرأ عليهـم القصائـد التـي حفظتهـا بحماسـة شـديدة وأذهب عال إىل البريـة وحيـد ًا ألقرأ هذه القصائـد ٍ بصوت ٍ وأنـا أتخيـل أنـي أقرؤهـا أمـام جمهـور كبيـر. يوم وكتبـت القصيـدة األوىل فـي اإلعدادية فكان ُ يـوم والدتـي الثانيـة ..وأمـا البرامـج كتابتِهـا هـو َ فلـم أكتبهـا إال بعـد الجامعـة. وإن شـئتم أن تعرفـوا مـاذا يعنـي لـي الشـعر فاقـرؤوا هـذه األبيـات: وزن وقافي ٌة حياتُنا كلُّها ٌ
التعب فالشع ُر راحتُ نا في عال َِم ِ ولون الشع ِر في دمِ نا نأتي الحيا َة ُ كت َس ِب فننط ُق ِ غير ُم َ الشعر طبع ًا َ َ تحتاج مدرس ًة القلب هل وخفق ُة ُ ِ وهل تُرى صعب ٌة إسبال ُة ال ُه ُد ِب ؟! الطفل ُيول َُد في كَفَّ يه مِ لعق ٌة ُ الذهب من القوافي التي أحلى من ِ حتى َر ِ بقافية واحلُنا تمشي ٍ األدب كأنما َمش ُيها ٌ نوع من ِ بشعر وهي سائر ٌة دوت إذا َح َ ٍ هوادجها من شدةِ الطرب ألقت ْ َ ِ نزلت أنت؟! يا ُأسطور ًة ْ أنت؟! ما َ من َ من السما ِء لنا يا حرفَنا العربي ؟! بلغـة شـاعرية مـا الفـؤاد ؟! مـا العينيـن ؟! أيـن تكمن السـعادة ؟! من أيـن يأتي الهاجس؟ وأحاسيسـه ..هـو هذا فكـر اإلنسـان ُ الفـؤاد هـو ُاإلنسـان الـذي نفـخ فيـه هللاُ من روحه ..هـو إرادة صـوت وآالمـه وطموحا ُتـه ..هـو ُ اإلنسـان وآمالُـه ُ الـروح وحرك ُتهـا وتفاعلُهـا مـع الحيـاة . العينـان همـا نافذتان للـروح ُتطل منهما الروحأحاسـيس اإلنسـان علـى الكـون ..فيهمـا ترتسـم ُ وشـره ..فيهمـا تتج ّلـى حقيقـ ُة وأفـكاره ُ ُ وخيـره ُّ
لقــــاء
ِ ظلمـت اإلنسـان مهمـا حـاول إخفاءهـا ..إذا ُأ فالكـون ك ُّلـه قـد ُأظلـم وإذا أضـاءت العينـان ُ فـكأن العينيـن همـا مضـيء ـه ل ك فالكـون العينـان ُّ ُ ّ الكـون ك ُّلـه ..العينـان همـا أجمـل مـا في اإلنسـان ُ سـر مـن أسـرا ِر ِ روحـه . وأعمـق ُ ٍ كنـت راضيـ ًا فـإذا الرضـا فـي السـعادة تكمـن َ ُ عـن حياتِـك فأنـت سـعيد ..ال يوجـد فـي هـذه الحيـاة سـعاد ٌة خالصـة فلا بـد أن يشـوبها الكـدر ولكـن يوجـد فـي الحيـاة الرضـا وقليلـون هـم الذيـن يرضـون عـن حياتهـم . عيـن للسـعادة يتفـق عليـه ال يوجـد تعريـف ُم ّ النـاس جميعـ ًا فالنـاس يختلفـون فـي تعريفهـم ُ للسـعادة ولكـن السـعادة باختصـار تكمـن فـي نفـس اإلنسـان ممتلئـ ًة بالحـب الحـب فـإذا كانـت ُ نفـس جميلـة والنفـس الجميلـة تكـون فهـي ٌ سـعيدة . يأتـي الهاجـس مـن تفاعـل الشـاعر مـع الحياةسـتدعى بـل هـو يأتـي مـن فهاجـس الشـعر ال ُي َ تلقـاء نفسـه فـي الوقـت المناسـب تمامـ ًا . الشـاعر يعيـش مـع النـاس بنفسِ ـه الشـاعرية تسـجل كل وحواسـه فيتفاعـل مـع كل شـيء ُ ّ شـيء حتـى تأتـي لحظـة يشـعر فيهـا الشـاعر أن موعـد والد ِة قصيـد ٍة قـد حـان وعندهـا يتحسـس َ الشـاعر قلمـه ليكتـب فـإذا حانـت لحظـة الكتابة فـإن الشـاعر يعتـزل العالـم كلـه اعتـزاالً روحيـ ًا فـكأن بينـه وبيـن العالم مـن حوله حجـاب حتى ّ ينتهـي مـن كتابـة القصيـدة . فـؤاد الثائـر من أيـن تبتدئ صناعـة الثورة ؟ ومـن هو برأيـك صانعها؟ تبتـدئ صناعـة الثـورة مـن أعمـاق النفـس الجميلـة ..سـتقولون لـي ومـا عالقـة الجمـال بالثـورة؟ وأقـول لكـم ّإن النفـس الجميلـة تحـب الخيـر وتكـره الشـر وألنهـا تحـب الخيـر فهـي تريـده أن يسـود فهـي تدافـع عنـه دائمـ ًا وتحـارب الشـر لكيلا يسـود ..النفـس الجميلـة شـر وال ُت ِطيقـه تكـره الظلـم ألنـه ٌّ ولهـذا فالنفـس الجميلـة تثـور علـى الشـر ثـور ًة عظيمة ..هـذه النفس تكون نسـيم ًا للخيـر وعاصفـ ًة علـى الشـر.
مارس 2021 -م
يريــد هــو فــإن أراد بهــا الخيــر وصلــت بــه إىل الخير وإن أراد بهــا الشــر وصلــت بــه إىل الشــر ..الكلم ـ ُة وجههــا حيــث يشــاء ..وكلمــة طيــ ُة اإلنســان ُي ِّ َم ّ الحــق ال تصــل باإلنســان إال إىل الخيــر مهمــا كانــت العاقبــة . الكلمـة تصنـع الحاضـر والمسـتقبل وهـي أقـوى كل إنسـان كلمته وال مـا يمتلكـه اإلنسـان فليختـر ُّ سـيما الشـاعر واألديب . اإلنجـازات التـي يسـبقها اسـم فـؤاد متـاش هـي قدمتـه إىل الناس ..أمـا اإلنجازات كل عمـل خيـر ّ الفكريـة فأهمهـا تعليـم الطلاب اللغـة العربيـة مـدة خمسـة عشـر عامـ ًا ومشـاركتي فـي ثـورة فبرايـر وإصـدار ديوانـي الشـعري وكتابـة العديـد مـن المقـاالت والمسـرحيات والبحـوث العلميـة والبرامـج التلفزيونيـة واإلذاعيـة . الجمـال حيـ ًة فـي النفـس فإنهـا قيـم ِ إذا كانـت ُ لـن تتحمـل الظلـم بـل سـتثور عليـه ثـورة عارمة إذ ًا فالثـورة تبتـدئ مـن أعمـاق النفـس الجميلـة ..النـاس الطيبون يشـعرون بالظلـم وال يطيقونه ولكنهـم يريـدون قائـد ًا فكريـ ًا يهـدم حواجـز الخـوف في نفوسـهم ويدفعهم إىل األمـام ..الناس يعبـر عنهـم ..يحتاجـون إىل يحتاجـون إىل لسـان ّ صـوت ضمائرهـم وليـس هنـاك ضميـر يكـون َ أجـرأ وأصـدق مـن الشـاعر ليكـون هـو القائـد الفعلـي للثـورة ..أليـس قائـد الثـورة اليمنيـة األب الجمهوريـة شـاعر ًا ؟! اليـس ُّ الزبيـري هـو َ الروحـي لألحـرا ِر جميعـ ًا ؟! بشـعره صنـع ثـورة َّ بكثيـر من الطغاة؛ قلمـه أقوى عظيمـة فقـد كان ُ ٍ يقـول : بالقلم الج ّبا ِر مملك ًة ضت ق ّو ُ ِ نب كانت بأقطا ِبها مشدود َة َّ الط ِ فالشعراء خصوص ًا والمفكرون إذ ًا ُ عموم ًا هم ُص ّنا ُع الثورات على َم ِّر العصور . الكلمة إىل أين تصل بصاحبها ؟ وما اإلنجازات التي يسبقها اسم فؤاد ؟ تصــل الكلمــة بصاحبهــا إىل حيــث
فـؤاد متـاش اسـم يتلأأل فـي عالـم البرامـج والشـعر ولكـن مـا الصفـة أو الصفـات األخـرى التـي تراهـا فـي فـؤاد ولـم تصـل إىل الجمهـور بعـد ؟ لـدي صفتـان أراهمـا فـي فـؤاد متاش ولـم تصال ّ إىل الجمهـور بعـد الصفـة األوىل أننـي فلاح ُقـروي بسـيط أحب أن أعيش ببسـاطة في هذه الحياة. وليس هذا تواضع ًا مني بل هي الحقيقة . وهنـاك صفـة قـد تكـون ُمناقضـ ًة للصفـة األوىل ،الصفـة الثانيـة أننـي رجـل سياسـي أدرك جيـد ًا الخبـث الـذي مـاذا تعنيـه السياسـة الحقـة ال هـذا ُ سـمونه سياسـة ..عندما أرى وطني يعيش هذه ُي ّ المآسـي أعاهـد نفسـي وأعاهـد وطنـي أال أتـرك السياسـة ألهـل الضمائـر الميتـة بـل سأسـعى أنـا ٍـص هـذا الوطـن الحبيـب والمخلصـون إىل أن ُنخل َ مـن مآسـيه وأن ننهـض بـه وأن نجعلـه يمنـ ًا سـعيد ًا كمـا كان . لو طلبت منك أن تسـأل فؤاد سـؤاالً لم ُيسـأله مـن قبـل ؟! ما هو ؟! ومـا هي اإلجابة ؟! السـؤال الـذي لـم ُأسـأله مـن قبـل هـو هـذا :مـا هـي أمنيتـك فـي الوقـت الحاضـر ؟ واإلجابة هي هذه : أتمنـى أن أتمكـن مـن فتـح قنـاة تلفزيونيـة ديرهـا لصناعـة الوعـي العربـي مـن جديـد فلـن و ُأ َ نرتقـي إال بالفكـر وليـس هنـاك تأثيـر أسـرع وأعمـق مـن اإلعالم ..لو امتلكت قناة السـتطعت أن أصنـع ثـورة فكريـة بـإذن هللا .
27
مارس 2021 -م
جريس سماوي.. بذاته الشاعر إذ يكتمل ِ جعفر العقيلي -كاتب وناشر أردني
يتوقع أن يكون مصيره هل كان جريس سماوي ّ شبيه ًا بمصائر أبطال قصيدته الملحمية التي وأن يتمهاّ ، بدأ كتابتها في أواخر عام 2017ولم ّ النجاة التي تم ّنتها الجمو ُع في مشهدٍ يحاكي «يوم الدينونة» سيتم ّناها هو أيض ًا بينما الجائحة بر تحاصره وتكسر مجاديفه كي ال يصل إىل ّ األمان؟ كان جريس يتحدث عن مناخات تلك القصيدة في حوار مع «الرأي» ( 22نيسان )2020بشي ٍء من الزهو؛ زهو المستشرف والرائي« :لم أكن أتوقع أن بدأت كتابته في القصيدة شيئ ًا مشابه ًا لهذا الذي ُ قبل ما يزيد عن سنتين سيحدث في الواقع». لكنه لم يعرف أنه سيكون في عداد الضحايا ،وأن ثمن الجائحة ستخطفه منا هو اآلخر ،كأنه يدفع َ تكبلنا بالقيود والعزل الحدس بها و َت ُّ صو ِرها قبل أن ّ االختياري واإلجباري وحظر التجول والتدابير المح ِبطة. وقبل أن يصبح نجم ًة في السماء ،يوم 10آذار ،2021كان جريس ،الشاعر والمثقف ،قد وضع لنفسه تقويم ًا خالل الجائحة «الغادرة» ال يحيد حماماً ،ثم أشرب عنه« :أصحو في الصباح ،آخذ ّ القهوة وأتابع الصحف ..أجري بعض االتصاالت الهاتفية ثم أعود للقراءة ...في الليل أمارس الكتابة وتحرير ما كنت كتبت سابقاً ..أحيان ًا أستطلع بعض الشجرات والزهور والنباتات .وأستمتع بهذا الهمس الخفيف من الطاقة اإليجابية الذي يخرج من هذه الكائنات الخضراء والورود». فمن الحاكورة، وسادن حارس الورد ُ وها قد غاب ُ َ الحراثين»، يعتني باألرواح في غيابه؟ غاب ُ «ابن ّ الذي كثير ًا ما أصاخ السمع لخفق األجنحة وعزف الريح وخشخشة أوراق الشجر عند عتبة الدار؛ هناك في «الفحيص» ،حيث أقام الشاعر ،وحيث مات. ِ بالخسارات “أنا ال أباهي هنا منفتح كالمسا ِر على ردهةِ الفجيعةِ باب ٌ َّ لكن َ ِ الموت». ليال هذا ما كتبه جريس في قصيدته «ثالث ٍ سوياً» التي احتفت بها «الرأي» ( 6تشرين األول ّ
28
ُ ،)2020مطلق ًا نداءه ،وما كان في الحسبان أن ال يسمعه أحد: الموت ها أي إذن قليل ُ “تم ّهل ً ْ ّ يود ُع موتى قريبون موتى بعيدين في كيما ّ موتهم ْ يقيم الفرا ُغ احتفاالتِه وتم ّه ْل كذلك كيما ُ األرض باندثا ِر الحيا ِة على ِ بالخراب». كيما يد ّثرها ِ وفي قصيدته األخيرة التي احتفت بها «الرأي» الشاعر الذي أيض ًا ( 23تشرين األول ،)2020أراد ُ يمثل برمزيته مدني َة العالم ،قراءة سيرة الشرق، وعاتب ومعاينة تحوالت اإلنسان فيه ومكابداته، َ ورحل في ذاته مف ّتش ًا عن المحب عتاب الوطن َ َ ّ َ المسماة مالمحه البعيدة .يقول في قصيدته ّ أنقب عن بالدي» التي م ّثلت إطاللته «أقتفي أثري ّ قرائه قبل تلويحة الوداع: األخيرة على ّ علي، عثرت “وأصيح هأنذا ُ ُ ّ وجدت دمي ،شبيهي في التراب ،وجد ُتني.. هأنذا ُ وجهان لي في دفت ِر التاريخ النقيض وجه كل وجهٍ منهما ُ ِ لي في ّ والمض ّحي أنا الضحي ُة َ ّ والصالة، ِ تأنيب الضمي ِر، السيف، نصل أنا التقى ،العصيانُ ، ُ الدخان وظ ّله، أنا ُ والحروب للمذابح المؤرخ ف وص ُ ِ ْ كتب األباطرة القديمةِ .. بجملةٍ صفراء في ِ العتيق وأق ّل ُب الصفحات الورق َ أتبع َ ُ تخذلني اللغات». صاحب «ز ّلة أخرى ولم يكن غريب ًا أن ينهي ُ للحكمة» قصيدته /نفثته األخيرة بقوله: يدين عابد َتين منص َتتين للمعنى ُ “رفعت َ لنبض هللا في اإلنسان إذ ترفو يدا أمي مالمحي األثيرة قماش الثوب في ِ أبدو باسم ًا مستبشر ًا عذبا ومكتم ًال بذاتي بيدي ما اجترح اإلله حاض ًنا َّ وغامر ًا روحي بإيقاع الحياة».
روحه بإيقاع لقد اكتمل جريس إذن بذاته ،وغمر َ كرس نفسه لها ،واحتفى بها كما الحياة َّ حد أنه ّ صاف ،ال غاية له سوى إعالء صوت لو أنه عاشق ٍ ٌ الحب والقيم النبيلة. ّ في اتصالي األخير به قبل أيام على الفاجعة، «شدة وتزول» .لكنها لم َت ُزل. قال بصوته المبحوحّ : فكان الغياب ،ويا لفداحته .وكان أن نكث الوعد، دأبه دائماً -لينشر باق ًة من إذ ر ّتب أوراقه –كما ُ قصائده تباع ًا في «الرأي» ..ويا لكثرة المشاريع المؤجلة! في سيرة الشاعر الفارس ،نقرأ أنه ُولد يوم درس المرحلة اإلعدادية 22/12/1956في ّ عمانَ ، في «الفحيص» ،وأنهى الثانوية في مدرسة صويلح الثانوية سنة َ ،1976ود َرس فن االتصاالت اإلعالمي في الواليات المتحدة األميركية ،ثم حصل على شهادة البكالوريوس في اللغة اإلنجليزية وآدابها من الجامعة األردنية سنة .1988 ومقدم ًا ا معد األردني، عمل في التلفزيون ًّ ّ لعدد من البرامج الثقافية على القناتين العربية واإلنجليزية ( ،)1992-1997ثم نائب ًا لمدير مهرجان جرش للثقافة والفنون (،)1997-2001 ثم مدير ًا عام ًا للمهرجان ( .)2001-2006ثم ُع ّين أمين ًا عام ًا لوزارة الثقافة ( ،)2006-2011فوزير ًا وقدم برامج ثقافية في أعد ّ للثقافة ( .)2011كما ّ عدد من المحطات اإلذاعية والتلفزيونية ،منها: «ذاكرة نغم» و»نون النسوة». نال الشاعر الراحل الجائز َة األوىل ألفضل قصيدة عربية عن االنتفاضة الفلسطينية من اللجنة الشعبية األردنية لدعم االنتفاضة سنة 1987 (بالمشاركة مع حبيب الزيودي وعلي الف ّزاع). وصدرت له مجموعة وحيدة بعنوان «ز ّلة أخرى للحكمة»ُ ،طبعت غير مرة.
مارس 2021 -م
قصة قصيرة لم يكن نور أكثر أولئك الشباب الذين كانوا يالحقونها وسامة ،وال أوسعهم ثراء ،إال أن حظها ولما العاثر دفعها إلهمالهم جميعا والتع ّلق بهّ ، ً دفعته دهشته لسؤالها عن السبب ،تأملته بعين عاشقة للحظة ،ثم أجابته بنبرة أشبعت غروره، قائلة :كبرياؤك. مزه ًّوا ،شعر باإلثارة ،وفجأة اشتعلت تبسم ُ ّ في رأسه فكرة مناورتها ،ما أدراه لعله نجح في استدراجها لمشاركته تجربة ،كان يتلهف كمراهقعلى خوضها. تجربة واجهتها نعمة في البداية باستنكار شديد ،وقابلت محاولته الثانية بتكشيرة غاضبة، وتحذيره من مغبة محاولته معها مرة أخرى، لكنها كانت قد استنفدت أثناء محاولته الثالثة كل ردود فعلها ،واستكانت لعذب كلماته ووعده الزائف بالزواج منها ،وفي المرة الرابعة أسلمت جسدها إليه مترددة كي يمارس عليه طقوس تجربة ما أن تبدد دخان نشوتها حتى أدرك مدى خطورة عاقبتها. ماض قريب ،قبل أن يفض قبح العولمة حتى ٍ بكارة الصحراء كان للحب فيها قداسة ،إذا ما تجرأ شخص عابث العبث بتلك القداسة ،عليه أن رادعا ،مثل ذلك الذي كان ينتظر عقابا ً ينتظر ً نور بعد أن نجح في إخضاع نعمة ألول تجاربه العبثية ،واعتقد خطأ أنه سينجو منه بفراره. آسفا نادما على ما فعل بقدر ما كان ً لم يكن ً تصرف أبيه ،األمر الذي أثار دهشتي ،ودفع على ّ بي للتساؤل: ـ أال تعرف بأنك جنيت على نعمة وأوقعت أبيك في ورطة. ـ بالنسبة إىل نعمة لم أجن عليها كما تقول ،إذ كان يمكنها أن ترفض ،ولو فعلت لما حدث ما حدث ،لكن ببساطة راق لها األمر ،فجارتني فيه! ـ وبالنسبة إىل أبيك؟ ! متهكما تساءلت ً فرد:
صورة عائلية عبداهلل السالمية -مصر
ـ كان يمكنني التراجع عن قراري بالمغادرة وتحمل مسئولية خطأي ّ يتعجل في إعالنه المشؤوم! . لم لو كرجل ّ ـ أي إعالن؟ وغاضبا: ا مستغرب أجاب ً ً ـ لقد أعلن عن مكافأة لمن يضبطني ويعيدني إليه. الئما: ومضى ً ـ وليته عرض مكافأة سخية تليق بابن شيخ عشيرة مثلي ،فلديه من المال ما يسمح بذلك،لكنه بدالً من أن يفعل ويحفظ لي وله تعمد اإلقالل من قيمتي مكانتنا وهيبتناّ ، مبلغا َمال ًِّيا ضئي ًال كمكافأة لمن يعيدني بعرضه ً معتقدا أن أية زيادة في عرضه ستدفع إليه، ً عائلة نعمة للظن بأن قلبه يدمي حز ًنا لغيابي، فيغنمون الفرصة للنيل منه ،وأنه بإعالنه المشؤوم سيكسِ ر حدة غضبهم وعدائهم ،وبالتالي خفض سقف مطالبهم أثناء جلسة القضاء العرفي التي سارعت أطراف محايدة باتخاذ التدابير تصرف أشعرني الالزمة لعقدها بين الطرفين. ّ باإلهانة وحط من شأني في القبيلة ،فزادت قناعتي بضرورة مغادرتها ن َِهائ ًِّيا. منذ أن غادر نور ربوع القبيلة انقطعت إخباره لدرجة كانت كافية لدفع الجميع عدا أمه نحو االعتقاد في استحالة عودته ،لذا ما أن وصل منه خطاب يطمئنهم فيه على أحواله حتى أطلقت زغرودة ،اقتطعتها من قلبها ،وأثارت بداخل أبيه مشاعر متناقضة ،فهو لم ينس بعد فعلة ابنة المشينة التي هزت صورته كشيخ عشيرة. لكن ماذا عساه فاعل اآلن بطلب ابنه الغريب، استمرارا في هل يلبي له مطلبه ،أم يرفضه ً عقابه؟ . وألن وجه المرأة في عرف البادية عورة ،وال يصح كشفه على رجل غريب مثل المص ّور صباحا من المدينة لكي غدا الذي سوف يجيء ً ً
يلتقط لهم صورة عائلية ،تلبية لرغبة ابنه القابع في غربته ،قضى الرجل ليلته يبحث عن حل مناسب لمشكلة ظهور وجه زوجته في الصورة! أضحى فريسة سهلة لنهش مخاوف دفعت به في بداية األمر للشك في نزاهة المص ّور ،فمن يضمن له إذا ما وافق على ظهور وجه زوجته في الصورة مكشو ًفا ،أال يعطى المص ّور لنفسه الحق في االحتفاظ بنسخة أخرى منها ،يمارس في خلواته متعة الفرجة عليه ،وربما دعا أصدقاءه لمشاركته تلك الوليمة! . أ ّنبه ضميره ،فربما أساء الظن بالمص ّور ،هدأت هواجسه بعض الوقت ،لكنها ما لبثت أن عادت جدية رجال تعصف برأسه ثانية حول مدى ّ البريد في التعامل مع الخطاب الذي سيرسله البنه وبداخله صورتهم العائلية ،فربما أهملوه، وربما لسوء حظه تعذر لسبب ما وصوله إىل ابنه، وتمعن في ووقع الخطاب في يد رجل غريب آخرّ ، وجه زوجته! قبل مجيء المص ّور دعا أسرته إىل اجتماع عاجل لمناقشة تلك اإلشكالية التي أرقت منامه. وألنه هو فقط من له حق إصدار القرار سمح لزوجته كحل وسط في نهاية االجتماع أن تكشف من وجهها حتى أسفل أنفها! . رهبة أم نور المفرطة من الكاميرا ،وحرصها الزائد في الحفاظ على وضع طرحتها حسب الحدود المسموح بها ،زادا من ارتباكها ،لذا ما أن فاجأها المص ّور الواقف خلف طالبا منها الوقوف ثابتة حتى ارتجفت الكاميرا ً يدها ،فانسابت الطرحة كاشفة عن كامل وجهها. في تلك اللحظة لمع ضوء الكاميرا ،فظهرت في اللقطة بعين نصف مفتوحة ،وشفتين مذمومتين ،وبدت للناظر كما لو كانت تبعث إىل بقبلة. المص ّور ُ فعكر عليها صفو ُقبلة أثارت جنون زوجها ّ حياتها ،ودفع بالمص ّور للتفكير في التخلي عن مهنته.
29
مارس 2021 -م
من مظاهر األسلوب يف ديوان (نحت يف الدخان) لـلشاعر يحيى احلمادي (التغريبة اليمنية -أمنوذجا)
محمد الشرعبي
ال يشـك دارس للأدب اليمنـي الحديـث فـي مكانـة الشـاعر يحيـى الحمادي األدبية ،فهـو يعد في طليعة شـعراء اليمـن ومبرزيهـا ،فتجربتـه الشـعرية تخطـت مرحلـة المحـاكاة والتقليـد إلـى مرحلـة أخـرى تتسـم باإلبـداع والتجديـد فـي الشـكل والداللـة اللغويـة للصـوت والصـورة والمعجـم وتقنيـات التركيـب فـي أثنـاء بنائـه للجملـة والقصيـدة سـواء بسـواء ،ممـا أكسـب القصيـدة الحماديـة خصائـص أسـلوبية آسـرة تـكاد تكـون حصريـة عليـه دون سـائر الشـعراء فـي عصـور الشـعر العربيـة وأمصارهـا.
ولعل القارئ الحصيف تستوقفه تلك الهندسة العجيبة في القصيدة الحمادية ليسأل نفسه عن البنى األسلوبية الماتعة التي تميزها عن غيرها وتثير فيه مكامن اإلبداع والدهشة. فماذا عن آليات شاعرنا البنائية؟ وماهي وسائله في تحفيز المتلقي واستثارته؟ وما مظاهر تلك السمات ومضانها في ديوانه (نحت في الدخان). قبل مقاربة اإلجابات عن تلك األسئلة وغيرها أود في البداية أن أشير إىل بعض المفاهيم األسلوبية ،والمنطلقات النقدية التي سأتناول بموجبها عينة من تلك النصوص المتناثرة بين دفتي الديوان. فهذه السطور كتبتها مندفعا إثر فراغي من قراءة ديوانه (نحت في الدخان) بعد أن تكرم الشاعر بإهدائي منه نسخة الكترونية ،وال أدعي هنا بأني قد أزحت النقاب عن كل الخصائص الفنية واألسلوبية المكتنزة في تلك السيمفونية، فكل ما قمت به هو التطرق إىل تجليات الشكل وبعض المحفزات الصوتية فيها ،واالكتفاء بها كعينة من ديوانه. فما قمت به يمكن عده محاولة جريئة من قارئ مندفع أحب الخوض في عراك الكلمات على أمل أن ال تخونه متطلبات العمل النقدي ومقتضياته ،فالقصائد الغراء ال تميط لثامها لكل خاطب حاول استكشافها ،وال تبرز جمالها لكل
30
متطفل طارئ لم يسبق له أن امتهن النقد ،أو مارسه دراسة وتدريسا. أما بخصوص الفلسفة النقدية التي سأعتمدها في أثناء تحرشي بتلك القصيدة ومقاطعها، فستمثل نظرية التلقي نقطة االرتكاز التي سأنطلق منها إىل الشكل والمستوى الصوتي؛ ألن النقد من وجهة نظري تلقي أوال وأخيرا، وال يستطيع أي ناقد – من وجهة نظري -أن يدعي علمية المناهج النقدية المختلفة ،والزعم بإعطائها نتائج متطابقة عند استخدامها من ناقدين مختلفين ،وهذا ال يعني بأني سأهمل المفاهيم األسلوبية المتداولة عند النقاد بقدر ما أود التحرر من القيود الشكلية التي ال اومن بها في قرارة نفسي المختلفة عن اآلخر ،فكما أنه لكل شاعر أسلوبه فلكل ناقد أسلوبه أيضا. تصطدم األفكار ببعضها فتتشظى إىل مفاهيم متداخلة ،وتتموج لتعطي أشكاال أخرى تتقاطع مع المألوف وتفترق ،وتستمر والدة االفكار من أرحام أمهاتها إىل ما النهاية ،فتلمع فكرة وتخفت أخرى ،فيصبح الجديد قديما وما بعده جديدا، وما يلبث حتى يصبح قديما وهكذا دواليك ،لكن تبقى محددات األسلوب ثابتة كونها محل إجماع عند الباحثين ،فضال عن كونها نتيجة لمقدمة منطقية ،وعملية رياضية تتوافق مع ميكانيكية العقل البشري؛ فاالختيار واالنزياح والتأليف واإلضافة جميعها محددات ثابتة لتمييز األسلوب
وال يمكن اخراج واحد منها على األقل إن لم يكن اإلضافة إليها؛ لذا سأعدها أهدافا مشروعة، وسأعمل على تتبعها بشكل غير منتظم ،حسب ما تهوى النفس ،ويسمح به الوقت ،إال ما جاء اتفاقا من غير تكلف ،وال إمعان نظر ،وبذل جهد ،فقد أسلفت أن هذه السطور لم تكن دراسة علمية ،وال تخضع لشروط ومواصفات محددة ،بقدر ما هي قراءة سريعة ،تهدف إىل رصد االنطباعات التي نحتتها تلك القصائد على جدران القلب نحتا ال يشبه نحت الشاعر على الدخان. أوال :هندسة الشكل: تتقاطع القصيدة الحمادية شكال مع المألوف وتفترق عنه أحيانا أخرى ،فهي تتجلى بأوجه مختلفة ،يمثل الشكل العمودي بال شك أبرز تجلياتها ،فضال عن قصيدة النثر والتفعيلة، وأخريات ال أعرف لها أسماء حاضرة في المصطلح النقدي ،فهي تحرص على إحداث تناغم شكلي للقصيدة على مسافات متقاييسة تضفي على النص لمسات آسرة لعين القارئ ،فهناك انتهاك ألشكال البحور الشعرية وتفعيالتها وحروف العربية وعالمات الترقيم وإظهارها بترتيب خاص ،في أماكن خاصة ،تكسبها داللة لغوية، وإيحاءات شعورية ،تعمق األثر في نفس المتلقي، وتوغل في إمتاعه. ففي قصيدته التي صدر بها ديوانه بعنوان «التغريبة اليمنية» يتجلى إبداع الشكل ،وسحر
فبراير 2021 -م
الهندسة البنائية للقصيدة ،وأسلوب البناء الحمادي اآلسر. وولدت يوم ولدت مبتسما ،وبي وجع وجوعُ وعلمت أو ُعلِّمت كيف يضيع من أثري الرجوع وورثت هذا الليل يرحل بي ،وصبيته هجوع يل َال ،ومن ُيقِ ُ أنا من ُيقِ ُّل ،ومن ُيق َُّل ،ومن ُيق ُ إلي وأنا المسافر في الظالم َّ أحمل موطني وأسير.. ليس معي دليل، واألرض دائرة علي اآلن لي وطنان لي زمنان لي قلق ولي قلق بديل. أين الطريق إىل النهاية؟! أقتفي أثري.. وأسقط ثم انهض ثم أ س ق ط ثم يتركني الخليل، سفر كعادته طويل أين النهاية يا طريق ،الليل يوشك أن َي ِجن وأن ُي َج َّن وليس ينقصني التخبط ليس ينقصني العويل الليل مثل ذاهب آت وآت ذاهب يدري وال أدري لماذا ال أنام وال أقيل! يا ليل ثمة نجمة جنحت فغص بي الحنين يا ماء ثمة غيمة جرحت فأضماني اآلنين يا ريح ثمة نغمة كبحت فمولني الرنين سقطت يدي يا ريح .. أين أنا؟! أين أنا؟! وأصمت.. وأعترك الجمر حول دخانه صخب وبي قلق ثقيل ويد تميل معي لترفع أختها وعلي تسقط من تميل،
والخوف منفتح يشير إىل الدروب إىل الغيوب.. إىل األحبة في السماء.. إىل السماء.. وال يحيل، سفر كعادته طويل فهذه السمفونية المعنونة بـ « التغريبة اليمينة» تعكس بوضوح االنزياح الشكلي للقصيدة الحمادية ،واالنتهاكات المستحدثة التي تعمدها الشاعر استجابة إلحساسه بالسفر الطويل ،ذلك السفر الذي يخوضه اليمني وال يكاد يصل إىل مبتغاه ،فهي تغريبة مستمرة لصيقة به من طفولته ال تكاد تفارقه أينما حل وارتحل ،تغريبة ورثها اليمني عن أبائه وهو في طريقه ليورثها أبنائه ،فهي قدر اليمني في نظر الشاعر وهو أحد أولئك المعنيين. وفي قوله: وأسقط ثم أنهض ثم ا س ق ط
فتساقط الحروف وإبرازها على هذا النحو كمن يصبها صبا ،تكشف هول السقوط وتبعثر الجسد المفكك من طول سفره ،ووحشة تغريبته القديمة الحديثة. ومن المالحظ أيضا أن الشاعر يبتدئ قصيدته بشكل أفقي ثم يعدل عنه إىل الضد منه ثم يعود إليه مرة أخرى ،ويستمر على المنوال نفسه إىل آخر القصيدة ،حيث يتخذ الشكل مالمحا متسقة من البداية وحتى النهاية. فاإليقاع الشكلي لم يكن مهمال في بال الشاعر واهتماماته ،فهو يعد أحد أسلحته في الهجوم على المتلقي ،واالجهاز عليه بمختلف الوسائل المتاحة، والولوج إىل داخله من حواسه كلها ال يستثنى منها البصر أيضا ،وبهذه الحيلة يسقط القارئ فريسة مضمونه ،وصيدا سهال في يد الشاعر ليعيد تشكيله كما يشكل قصيدته بال رفق. ثانيا :الصوت: يعد نظام األصوات من أهم عناصر البنية اللغوية في عمليات التواصل اليومية ،وال شك أنه يزداد أهمية في ميادين اإلبداع االدبية ،إذ أنه يعمل على إحداث الدهشة وإطراب السامع وجذبه إىل أعماق النص بقصد االستيالء على مشاعره ،ومن ثم العمل على تحقيق األهداف المرجوة للشاعر وإبداعاته ،لذا فإن دراسته تعد مدخال ضروريا للبحث عن الكنوز المتوارية خلف الشكل واستكشافها ،والوقوف على خصائصها الفنية التي أكسبتها قوة الحضور في النصوص الشعرية المختلفة. لكن لماذا كان الحديث هنا عن الصوت ولم يكن عن اإليقاع؟ هنا كان ال بد من اإلشارة إىل أن ذلك يرجع إىل مفهوم اإليقاع المتمثل بإحداث تناغم على مسافات متقاييسة ،وهذا بدوره يفوت فرصة الوقوف على األصوات غير المنتظمة التي تسهم في رفد النصوص بعوامل القوة والتأثير أيضا، فالنص من الناحية الصوتية ال يكتسب جماله من اإليقاع وحسب ،فهناك عوامل صوتية أخرى تشاركه صناعة ذلك الجمال وإبرازه ،فهو في النصوص الشعرية يكاد يقتصر على انتظام الحركة والسكون المكونة للتفعيالت التي تتناوب لتكون ما يسمى بالبحر الشعري فضال عن تكرار أصوات بعينها في مواقع متوقعة كما هو الحال في القافية. فاإليقاع إذن يشترط االنتظام والتقييس كسمات تميزه عن غيره ،وهذا بدوره ال يلبي
31
مارس 2021 -م
رغبة في النفس بعثتها عوامل كثيرة ،أبرزها الذوق والجدوى فضال عن خصوصية األساليب النقدية التي تختلف باختالف زوايا النظر والحالة الشعورية التي تكتنف الناقد وغيرها من العوامل التي تعمق الخصوصية وتجليها. وهذا ال يعني بأني سأتجاوز اإليقاع الصوتي المتمثل بالوزن والقافية ،فهو بال شك يندرج في إطار الصوت ،فكل إيقاع هنا يعد صوتا والضد غير صحيح. لكن ماذا عن تجليات الصوت في «التغريبة اليمنية»؟ وما أبرز تلك المثيرات الصوتية؟ وكيف أسهمت في عضد المعنى للوصول به إىل أعماق المتلقي والتأثير فيه؟ نظم الشاعر تغريبته على مجزوء بحر الكامل المرفل ،وهو أحد البحور الخليلية األكثر شيوعا بين الشعراء ال سيما القدامى منهم ،يتميز بكثرة حركاته المتالحقة ،التي تبلغ الثالثين حركة تقريبا في شكله التام ،وهذه الخصوصية تجعله أكثر صالحية لألغراض الشعرية الجادة التي تتطلب نفسا طويال يصب فيه الشاعر آماله وآالمه. وولدت يوم ولدت مبتسما ،وبي وجع وجو ُع وعلمت أو ُع ِّلمت كيف يضيع من أثري الرجوع وورثت هذا الليل يرحل بي ،وصبيته هجوع يل ال ،ومن ُيقِ ُ أنا من ُيقِ ُّل ،ومن ُي َق ُّل ،ومن ُي َق ُ فالحمادي في هذه القصيدة وفي كثير من قصائده يلجأ إىل تدوير األبيات الشعرية كاستجابة منه لنفسه العميق ،وهو من حيث يدري وال يدري يكون قد أكسبها موسيقا تخلب األلباب ،وتأسر القلوب. ويستمر في قصيدته: واألرض دائرة علي اآلن لي وطنان لي زمنان لي قلق ولي قلق بديل. فهو هنا لم يلتزم بعدد التفعيالت لبحر الكامل بشقيه المجزوء أو والتام ،وإنما منح نفسه الحرية الكاملة في اختيار العدد مع المحافظة على مكونات التفعيلة وأسلوب التدوير الذي أكسب القصيدة صورا بديعة من صور التالحم الكلية بين وحداتها الصوتية ،فضال عن إيصالنا إىل مرحلة اإلشباع الموسيقي نهاية كل مقطع بصورة تنمي عن إبداع حقيقي غير متكلف، ففي أثناء قراءتنا لجميع تلك المقاطع نشعر
32
بالذهاب مع الناص إىل آفاق بعيدة ثم تدور بنا األصوات وتدور ثم تدور هنا وهناك حتى تعود بنا إىل حيثما ابتدأنا متخذة شكال لولبيا يبعث في النفس الراحة ،ويدفعها للتخلص من األدران العالقة بها من كر الليل والنهار. ففي الشعر تطهير للنفس مما يمسك بها من أمراض جراء ضغوط الحياة اليومية ،فيحولها من جديد إىل نفس جديدة تنبض بالحيوية والنشاط، وهذا ما يتجلى بوضوح في سيمفونية «التغريبة اليمنية». داللة االصوات: لن أتطرق هنا للقافية وأساليب التكرار والترجيع والتصدير والتصريع وما إىل ذلك مما ينتشر في الدراسات األسلوبية للنصوص الشعرية ،فقد أسلفت أن وضحت أن ما أكتبه ال يتعدى مجرد انطباعات عابرة ،فضال عن معرفة القراء لكثير مما يتداول في علم البديع من محسنات بديعية، فهي في الغالب واضحة على سطح البنيتين الثابتتين وال تحتاج إىل إعمال نظر وكد ذهن ،أو يمكنك القول بأنها ال تكتسب أولوية في عقليتي النقدية على األقل على الرغم من أهميتها. سأحاول هنا ان أقسم األصوات إىل وحدات صوتية صغيرة ألقف على مواصفات كل صوت وصفاته ،متسلحا بجهود علماء اللسانيات في مجال صفات الحروف العربية ومقارنتها بغيرها بنص خارجي قيل في مقام مختلف عن مقام التغريبة ألكتشف قدرات الشاعر العاطفية ومدى اختالطه في نصوصه وتماهيه معها. ففي قوله: يا ليل ثمة نجمة جنحت فغص بي الحنين يا ماء ثمة غيمة جرحت فأضماني اآلنين يا ريح ثمة نغمة كبحت فمولني الرنين في البداية أود أن أشير إىل وجود خالف بين العلماء حول داللة األصوات في المفردة والنص، وأذهب في قناعاتي الشخصية إىل وجود تلك العالقة في كثير من مفردات اللغة العربية، فاللسان العربي حاول كثيرا من حيث يدري وال يدري أن يمثل المعنى في األصوات المختلفة. وفي هذا السياق عمدت إىل اقتطاف طاقة زهر من سيمفونية» التغريبة اليمنية» ألقوم بعملية إحصائية لكل أصواتها على أمل أن أحصر صفات كل حرف منها وتقييمه من حيث القوة والضعف؛ ألرى ما إذا كان الشاعر متماهيا مع نصوصه كما أسلفت أم ال. فمن نتائج الفرز يتبين لنا أن المقطع يحتوي
على41حرفا ضعيفا ،و30حرفا متوسطا ،و11حرفا قويا ولو أعدنا النظر في هذه األرقام سيتبين لنا بوضوح وفرة األصوات الضعيفة في المقطع بشكل الفت ،وهو ما يدل على انسجام الشاعر مع ما يكتبه ،فهي عاطفة جياشة يتفاعل معها، فيحولها إىل نصوص مكتوبة تعكس فيها حالته الشعورية بكل تفاصيلها المختلفة. وال شك أن األجواء التي ينقلنا إليها هذا المقطع مفعمة بالحرقة والحزن واأللم والحنين واألنين، وهو ما يتناسب طرديا مع الحضور الطاغي للصفات الضعيفة ،فلغة االرقام ال تحابي أحدا، فهنا تجل إبداع صوتي ساحر متناغم مع المعنى والحالة الشعورة للشاعر والمتلقي معا. لكن في المقابل ماذا لو كانت الصفات الضعيفة حاضرة بهذه القوة في الكالم العربي كله ،ففي هذه الحالة ال معنى لهذا االستنتاج الذي لم يثبت جديدا. وللتأكد من صحة ما ذهبت إليه عمدت إىل تحليل مقطع مماثل من قصيدة عمرو بن معد يكرب الزبيدي ،فهو اآلخر كتبها على البحر نفسه مع اختالف المقام أو قل الغرض الشعري. ليس الجمال بمئزر اعلم وإن رديت بردا إن الجمال معادن ومناقب اورثن مجدا أعددت للحدثان سا بغة وعداء علندى ففي هذا المقطع يتبين لنا بعد عملية اإلحصاء أن عدد الحروف القوية بلغت 20حرفا، بينما بلغت الضعيفة منها27حرفا ،والمتوسطة 25حرفا. فنتائج التحليل هنا تؤيد هي األخرى بقوة ما ذهبت إليه في أثناء تحليلي لمقطع الحمادي السابق ذكره. وال شك أن ديوانه المعنون بـ « نحت في الدخان» مليء بالمثيرات األسلوبية الصوتية منها والتركيبية والتصويرية ،وال أكذبكم حديثا إن قلت بأني بعد أن فرغت من قراءة ذلك الديوان عقدت النية على تقديم أسلوبه للقراء كامال، وكعادة اإلنسان يبدأ مندفعا ثم يتراخى قليال قليال كتراخيي من قراءته كامال إىل االكتفاء منه بقصيدة واحدة ومن ثم بمقطع واحد كتبت عنه قطرة من بحر كان يجب علي كتابته ، ولكنه جهد المقل في الظروف العصيبة.
مارس 2021 -م
لوحات للفنانة التشكيلية اليمنية/ رحاب عبده الزبيري
ُن َواح حسني مقبل األحابيل ، هناك الكثير من ِ الفرائس في من وأنا ضمن َأ ْق َوام َ هذه الغابة الشاسعة ، المهرة الصيادين حولي الكثير من َ يحملون الكثير من ال ِرماح... تلقى جسدي الناحل هذا الكثير منها ، إيالما ولكن أشدها ً تلك التي رأيتها تثقب قلب وطني. الحزن ُ عائِد مجزي لهذا الشوق، الشوق ُمكافأة الليل السخي لنا لقاء منادمته السخيفة ، الليل مجموعة َج ْوقات ترقص على غُ َصصنا المتسلسلة الممتدة حتى نهاية األمل. على الرصيف إمرأة تتسول ولها ظل في كل زاوية من الشارع ظلها منتشر في كل شوارع المدينة . تعود إىل أطفالها غالب ًا بال شيء ... صغارها ه ِزيلون و َمن ُهوكون أجزاء من عظام ُطحنت قبل أن تقوى ، صراخهم الهزيل هو كل ما تبقى منهم ... باق صراخهم ٍ ليرشد األم إىل أماكنهم . الحرب تأكل كل شيء ينتمي بحياةٍ إىل تلك األرض ،
تقتات أمنية الحالمين ، الطرق المؤدية إىل تذبح اعناق ُ الضوء ، تلدغ أي يد يد تمتد محاولة وضع حد لها ، أي ٍ تبسط نفوذها على كل شيء األن وال شيء خارج سيطرتها ... الحرب ظاهرة ال شيء يفوقها بشاعة، لكنها أكثر بشاعة حين تجد عقول خاوية تسكنها هنا تنتقل من طورها كظاهرة إىل فكرة، ( والفكرة ال تموت ) تقول الشجرة لألرض : ما طعم الدم ؟ بقهر بالغ ، طأطأة رأسها ٍثم قالت : لم يبق مني شيء هذه األرواح لي ، في ، هي ثمرة الحياة َّ محصول الزمان في كبدي. ثروتي التي تُهدر بسخا ٍء لعين ... ينال مني الموت ويزهقني كل ثانية ، و مع كل قطرة دم تسقط على جسدي تتقلص المسافة بيني وبين الفناء ، الدم ال طعم له الدم ال طعم الدم ال الدم
33
مارس 2021 -م
هاملتون Hamilton
ميسون أبو احلب أكادميية عراقية
يعتمد الفيلم على ما يعتبره كثيرون أفضل عمل مسرحي غنائي ُأنتج حتى اآلن ويحمل العنوان نفسه. ترشحت املسرحية األصلية لست عشرة جائزة توني وفازت بإحدى عشرة واحدة وهو رقم قياسي لم يسجل منذ تأسيس اجلائزة اخملصصة لألعمال املسرحية املميزة يف عام .1947
حول توماس كايل Tomas Kailهذا العمل إىل فيلم تم تصويره على مدى ثالثة َّ أيام تقريبا في عام 2016خالل أداء حي للمثلين األصليين على المسرح باستخدام 30كاميرا وضعت في أماكن عديدة لتلتقط اللقطات الضرورية .وكان من المفترض أن يعرض في العام المقبل ولكن جائحة كورونا دفعت المعنيين إىل عرضه رقميا في حزيران/يونيو .2020 ُعرضت المسرحية ألول مرة في عام 2015في مسرح صغير في نيويورك ثم انتهت إىل مسرح برودواي بعد النجاح الذي حققته. يقف وراء هذا العمل الذي يعتبر البعض أنه تفوق على رائعة فكتور هوجو «البؤساء»، لين مانويل ميراندا Lin-Manuel Mirandaالذي كتبه ووضع موسيقاه وأخرجه كما أدى دور الشخصية الرئيسية فيه أي الكسندر هاملتون. وهاملتون واحد من اآلباء المؤسسين للواليات المتحدة جاءها مهاجرا معدما ويتيما من الكاريبي ليصبح الذراع اليمنى ألول رئيس أميركي وهو جورج واشنطن وليكون أيضا أول وزير خزانة في تاريخ البالد وقد ترك وراءه نظاما ماليا واقتصاديا أثبت جدواه على مر العقود. قد تبدو القصة تاريخية وجافة ولكنها ليست كذلك ،ليس بالطريقة التي ُعرضت بها بأداء الممثلين الفذ وبكلماتها وموسيقاها التي تجمع بين الهيب هوب Hip Hop والريذم والبلوز R&Bوموسيقى البوب Pop Musicثم موسيقى الجاز .Jazz Music ويقول ميراندا إنه كان يمضي عطلة في مكسيكو في عام 2009عندما اطلع على سيرة حياة هاملتون من تأليف رون تشيرنو Ron Chernowفبدأت تتشكل في ذهنه كمسرحية غنائية .ويقول أيضا إن نجاح العمل متأت من بساطة جميع عناصر كلمات وموسيقى وألحانا وأداءا وتوزيع أدوار ..ألخ. تكوينه ٍ ومع ذلك ،يقول ميراندا إنه احتاج عاما كامال لكتابة أول اغنية في هاملتون ،ثم سنة أخرى لكتابة الثانية .ثم بدأ يعمل على مشروعه بشكل متواصل اعتبارا من عام 2011ليعرضه ألول مرة في كانون الثاني/يناير 2015وكان طوال تلك الفترة يتشبع بكل ما له عالقة بهاملتون حيث قرأ الكثير عنه وزار المواقع التي تم تسجيل وجوده فيها والمناطق التي مر بها وعاش فيها. ملونون كان كل سياسيي ذلك الزمان (الواليات المتحدة استقلت عن بريطانيا في عام )1776من الجنس األبيض بالطبع وكان أغلبهم يمتلكون أعدادا من العبيد ولكن ميراندا اختار ممثلين من مختلف األلوان واألصول وقال إن هؤالء هم من يمثلون البلد اليوم وهم من صنع تاريخها. مما ُيذكر عن هذه المسرحية أن نائب الرئيس األميركي المنتخب مايك بينس ذهب لمشاهدتها بعد فوز ترامب في انتخابات عام 2016فقوبل بصرخات استهجان بسبب موقف اإلدارة الجديدة من المهاجرين .وقال بينس في وقتها إن األمر لم يزعجه واعتبره دليال على الحرية. ولكن الرئيس ترامب سرعان ما نشر على تويتر تغريدة عبر فيها عن امتعاضه الشديد من هذا الموقف وطالب باعتذار. نذكر أيضا أن أي مسرحية عرضت على برودواي لم تحقق أكثر من 3ماليين دوالر
34
كحد أقصى بعد ثمانية عروض في األسبوع ولكن هذه المسرحية حققت 3.3مليون دوالر في .2016 غير الكثير من التقاليد الراسخة وبدأ عصرا أخيرا ،يعتبر البعض أن «هاملتون» ّ جديدا في مجال المسرح الغنائي وهو ما أثار استغراب كثيرين بضمنهم صاحب العمل نفسه لين ميراندا الذي قال إن الواقع الذي عاشه معه تجاوز أكثر أحالمه جموحا. ميراندا حصل على جائزة بوليتزر وعلى ثالث جوائز توني وثالث جوائز غرامي وعلى جائزة أيمي وأخرى من مركز كنيدي في عام .2018
مارس 2021 -م
ُ ُ غصون ـ غصون المطر
روايـة
احللقـة ()6 أ .علـي األميـر *
حتى الموت ,كان يبحث له عن مكان آمن لطيف ،والسماء صافية ,وليلة تألألت نجومها, الجو ً عشتنا ,وأضعه إىل أمام من سريري أسحب بأن أغرتني ّ بعيدا في فنائنا الواسع .وجد ُته يستمع جوار سرير مثنىً ، حشره معه داخل وقد الراديو، من ألغنية عذبة تنساب َ همسا « :هذي أم كلثوم»؟ سألته أبي.. اللحاف خو ًفا من ً فوضع سبابته على فمه « :أشششش ،ال يسمعك أبي».. وبدأت اسمع معه « :بعد الود اللي استلقيت على سريري ُ ُ رعيته لك ..بعد الحب اللي وهبته لك» ,أعجبتني األغنية, وأعجبتني أكثر وهي تقول « :أنا ما نسيتش الحب وعهده وال أيامه وال لياليه». ـ مثنى ..أعجبتني أغنية الحب هذي. ـ « اسمها اسأل روحك ما اسمها الحب». ـ « يعني كيف أسأل روحي»؟ ـ « راشد ..أسئلتك ما تنتهي ،أشا أسمع أم كلثوم وبعدين اسألني». وفور انتهاء األغنية ,سأل ُته عن الخفاش الذي يدخل عشتنا كل يوم خميس مع غروب الشمس ,والذي قالت لي أمي عندما هممت برجمه ,إنه روح أحد إخوتي الميتين جاء يزورنا ,ونهتني عن رجمه ,ألنه يريد أن يرانا ّ حل الظالم سيغادرنا. جميعنا ,وإذا ّ قائل « :كلنا هنموت ..أنا واثق أنهم اآلن أطرق مثنى ً مرتاحين عند ربهم أكثر منا ..احنا بس اللي مكتوب ْ علينا الهم». أدرت وجهي عنه ,فرأيت قريتنا غارقة في الصمت أبدا بالخوف والتوجس؛ ليلها غابات من والبؤس ،مسكونة ً األشباح والحرائق التي ال دخان لها ،وفي النهار ُيخيل لي ّأن قيظها يوشك أن ين ّز حقدا ..في الليالي الباردةُ ،ن ْح َشر حيث يختلط الجحيم بالروائح المنبعثة داخل العششُ ، من أجسادنا بفعل الرطوبة الخانقة ،وحتى يكون العذاب بد من ذلك الطنين التحذيري الذي مسموعا أيضا ,ال ّ ً اعتدنا عند آذاننا.. قرب إطالقه يصر البعوض على ْ ّ غروب الشمس ,على ُرؤية غيمة كثيفة من أسراب البعوض ,تدور فوق مدخل العشة ..تقول أمي « :إذا أخذوا السمن, كومة من الليف الذي يشبه ّ الش َعر ,وغمسوها في ّ أكبر بها ق ل يع حتي هذه, البعوض ول ّوحوا بها وسط غيمة َ ْ ُ عدد ممكن من البعوض ,ثم مسحوا بها الطفل المولود محصنا ضد الناموس أو حديثا ,فإنه ي َت َن ّم ْس ,ويصبح ّ البعوض مدى الحياة ,ووربما ضد اإلصابة بالورد « المالريا». تتمنى أحيانا أن تجد من يخدعك بالحكايات ,أن تجد يسيجك باألوهام حتى تعبرك اآلالم دون أن تحسها، من ّ خلقت بال إحساس أو شعور، قد كنت لو تمنيت بل ربما َ َ تماما. كالحجر ً أيام عديدة ,انقضت بعد تلك الليلة التي سمعت فيها ً الح ُجو» ..عِ افت أغنية « اسأل روحك» ,وأنا مريض داخل « ُ
كل شيء ,حتى األناناس المعلّب ،أغلى ما يمكن نفسي ّ كنت أكمل شريحة واحدة منه.. بالكاد للمريض, تقديمه ُ واصفرت عيناي ,وال أكاد أفيق من النوم بطني، ت َ انتف َخ ْ ّ أفرق بين الحوادث التي تدور حول أعد لم إليه، أعود حتى ّ سريري ,وتلك التي أشاهدها في النوم. الجن من كلما حان غروب الشمس، ُ يحين وقْ َت خروج ّ سمعت عنها في الحكايات تهرع كل الجن التي ُ مخابئهاّ ، نحوي ..الناس ينشغلون مع غروب الشمس باستقبال الماشية العائدة من المرعى ،وأنا أبقى وحيد ًا داخل الحجو علي في صورة ذئب أستقبل الجن ..مرة أرى ج ّن ًّيا يهجم ّ شيخا عجو ًزا بلحية بيضاء مكشر عن أنيابه ،ومرة أرى ً
طويلة ،وعينين جاحظتين ال سواد فيهما ،يتقدم نحوي وفي يده عصا تنتهي بأصبعين كبيرين ,يضغط بهما ثم يشرع في تكسير على عنقي كي ال أتمكن من الصراخّ ، أضالعي. نادرا ،جاءني ليلة بعد غروب إال أراه أكن لم الذي أبي ً فب َر َد ْت ا مهموم ا عابس بدا رأسي، من ا قريب وجلس الشمس، ً ً ً َ كم ْن أطرافي، ُ خطبا جل ًال يوشك ْأن يقع ،رأي ُته َ وشعرت ّأن ً إشارات غامضة علي ،كان يرسل لينقض واه تجمع ٍ قُ ّ ْ يس ُ ّ ألشخاص لم أتمكن من رؤيتهم ،يلتفت إليهم من وقت أذني طنين هامسا ٍ آلخر ً بعبارات مشفرة ..بدأ يتعاىل في ّ أستطع رف َْع رأسي ألرى ْإن كان حسين ْام َصم لم متقطع، ّ ْ موجودا أم ال ،فهو الوحيد الذي يطرد الجن ،ليس ألنه مؤ ّذن ً
المسجد ,وإنما ألنه « سِ ْد َرة»؛ انتقلت الجن من جده الذي كان سدرة إىل أبيه ،فأصبح أبوه سدرة ,وبعد موت أبيه انتقلت إليه فصار هو السدرة ,يتكلم مع الجن ويخرجها من المرضى. أحدق في وجه أبي بهلع بالغ ,رأيته كنت عندما ّ يدي على صدري، وضم نهض وفجأة ي، ن ع بوجهه يشيح ّ ّ ّ واضعا يسراه على جبيني, بقوة، وثبتهما بيمينه أمسكهما ً بسيخ شعر ُت ٍ ثبت رأسي ثم قال « :يا هللا بسرعة» .وعندها ْ وشممت رائحة الشواء. ينغر ُز في هامتي، ُ أقرب إىل الموت من تلك ا يوم أكن لم لكنني أمت، لم ْ ً َ عرفت أنهم قد كووني في هامتي فكُ ت َِب ْت ا الحق اللحظة.. ً ُ لي الحياة. وصوت الراديو الذي أنا إال ناموا كلهم الليل.. أطول ما ُ قادما من سرير أبي ,سمعته يقول بصوت واضح: أسمعه ً ِ المنظمات الفدائية الفلسطينية محاوالت « ترمي ُ المتكررة إىل بسط سيطرتها على مفاصل الدولة األردنية بأسره خطف الفدائيين الحاضنة لهم ،لقد شاهد العالم ْ الفلسطينيين للطائرات الثالث من فرانكفورت وزيورخ وأمستردام ،والتوجه باثنتين منها إىل منطقة األزرق الصحراوية شمال شرق األردن ،والثالثة إىل القاهرة وتفجيرها هناك ،ثم خطف الرابعة ،وأمام وسائل اإلعالم العالمية فجر الخاطفون الفلسطينيون هذه الطائرات جميعها .وكان ذلك في الثاني عشر من سبتمبر لهذا العام 1970م ،بعد رفض مطالبهم من قبل األوروبيين». األنيس لي ,ووحدها أم كلثوم صوت الراديو هو وحده ُ تعبر بي ساعات الوحشة في التي وأغانيها الطويلة ,هي ُ ليالي المرض الطويلة. كنت في أول الليل أغلق أبي الراديو مبكرا هذه الليلة ُ .. سمعت فيه صوت امرأة تقول: مستأنسا بصوته ,إىل أن ُ ً « توفي جمال عبد الناصر فجأ ًة بعد االنتهاء من مؤتمر القمة العربية المنعقد بالقاهرة ,لبحث أحداث أيلول األسود بين الجيش األردني والفلسطينيين ،وقد حدثت الوفاة بعد توديعه ألمير الكويت ،في 28رجب 1390هـ ـ 28سبتمبر 1970م» .لكن أبي لم يلبث أن أغلق الراديو على غير عادته ونام. رت جمال الناصر, عبد جمال اسم عندما سمعت تذكّ ُ المطبوعة صورته في الصحن المعلق هنا في بيتنا, العشة ,صفان دائريان صحون كثيرة معلّقة فوق رؤوسنا في ّ عشتنا من الداخل ,وعلى كل صحن تزين ّ من الصحون ّ السالل ,الت ّنين, جمال, البدر, اإلمام فيصل, صورة؛ الملك ّ الب َراق ..أغربها كانت صورة البراق؛ حصان أبيض بجناحي ُ طائر ,ووجهه وجه فتاة جميلة ,يشبه وجه غصون.
يتبع في االعداد القادمة
35
*شاعروناقد وروائي سعودي
استطالع
مارس 2021 -م
األديبة والشاعرة العربية بين التهميش والتهشيم كل كتابــة هــي أنثــى ولــو كتبهــا رجــل! وكل ثقافــة ال يعتــد بهــا إذا لــم تتشــكل فــي رحــم امــرأة؛ لذلــك ســميت الــوردة وردة واللوحــة لوحــة والقصيــدة قصيــدة والروايــة روايــة والســمفونية ســمفونية ،وفــي حيــن كان الرجــل يعلــن الحــرب كانــت المــرأة تعلــن الحــب وتصنــع القصائــد واألطفــال . والكاتب الذي يقول لك إن كل مؤلفاته تعبق برائحة الذكورة هو كاتب لم يكتب شيئًا. هذا ما قاله الشاعر الكبير نزار قباني في وصف الكتابة.
إعداد وتقديم :نـوار الشاطــر حاولـت المـرأة العربيـة الكاتبـة أن تثبـت حضورهـا فـي المجتمـع األدبـي العربـي ،وتثبـت جدراتهـا كشـاعرة وأديبـة ال تقـل فـي إبداعهـا عـن الرجـل الشـاعر واألديـب ،ولكـن بحكـم العقليـة الشـرقية التـي تمجـد الذكـورة فـي كل شـيء ،وتضـع المـرأة تحـت جنـاح الرجـل ،كانـت هـذه المحـاوالت بمثابـة جهـاد حقيقـي لألنثـى، وتطلبـت قـوة عزيمـة منهـا كـي ال تخضـع للتهميـش المتعمـد تـارة ،وإلخمـاد صوتهـا بدعوة أنـه عـورة ،وإقناعهـا بشـتى الوسـائل أنهـا سـتبقى لا لـه، فـي عبـاءة الرجـل الكاتـب بـل ظ ً حتـى أن بعـض الكاتبـات بـدأن كتاباتهن تحت أسـماء المسـتعارة خوفـ ًا من عدم تقبـل المجتمع لهـن ولنتاجهـن األدبي ومحاربة األسـرة لهن. وأذكـر الشـاعرة واألديبة نـازك المالئكة كمنوذج رائـع للمـرأة العربيـة الكاتبـة التـي كسـرت النمـط الكالسـيكي التقليـدي لمفهـوم الشـعر، ورسـمت أفقـ ًا جديـد ًا للشـعر العربـي ،محطمـة بذلـك النظـام الذكـوري السـائد ،سـواء عبـر شـكل القصيـدة الجديـد الـذي أبدعـت بـه ،أو عبـر المواضيـع الحساسـة التـي تطرقـت إليهـا ،والتـي تخـص المـرأة العربيـة كالقتـل بداعـي الشـرف وغيـره. وهنـاك أسـماء كثيـرة لعربيـات جاهـدن وأثبتن جدراتهـن فـي ميـدان األدب ومعتـرك الشـعر، كالشـاعرة السـودانية روضـة الحـاج «شـاعرة سـوق عـكاظ» لعـام 2012فـي السـعودية ،حيـث كانـت أول شـاعرة عربيـة تنتـزع اللقـب مـن بيـن 35 شـاعراً ،وتعتلـي منصـة كانت حكر ًا علـى الرجال، وترتـدي عبـاءة الشـعر محققـة بذلـك انتصـار ًا كبيـر ًا للمـرأة الشـاعرة باعتبارهـا أول عربية تفوز بهـذا اللقـب. وللآن مـا تزال المـرأة العربية الكاتبـة تحاول أن
36
تتحـرر مـن قيـود الذكـورة فـي مجتمـع عربـي ال بنـاء علـى ذلـك ،أن تلـك _ الثقافـة الفحوليـة _ يرحـم ..كل ذلـك يقودنـا لجملة تسـاؤالت تطرح كمضمـر نسـقي ،لـم تعـد بكليتها وإنمـا تراجعت نفسـها بقوة: قليلا وفـي مواضـع بعينهـا ؛ لسـبب موضوعـي لمـاذا الشـعراء أكثـر حضـور ًا مـن الشـاعرات هـو قـدرة المـرأة المبدعـة علـى إحـداث اختـراق فـي المشـهد الثقافـي العربـي؟ فـي جـدار هـذه األنسـاق ،بكتابـة تميـز صوتهـا هـل يحتفـي المجتمـع واألسـرة باألدبيـة وخصوصيتهـا وحساسـيتها ،بعيـدا عـن نصـوص بنفـس احتفائـه باألديـب؟ كتبتهـا المـرأة تحـت تأثيـر تجربـة معينـة. ماهـي رؤيتـك لتجربـة المـرأة الكاتبـة حتـى قيـل إنهـا تكتـب سـيرتها أو تحـاول كتابة و ا لشـا عر ة ؟ حياتهـا ،البـأس عينـا أن نميـز فـي هـذا االبـداع وهـل أحدثـت أثـر ًا فـي الذاكـرة األدبيـة ماهـو جديـر بهـذه التجربـة واألدلـة علـى ذلـك و ا لشـعر ية ؟ جهـود المـرأة الكاتبـة خلال عقـود طويلـة مـن وحـول هـذه التسـاؤالت اسـتضفنا نخبـة مـن أجـل إثبـات حضورهـا فـي المشـهد اإلبداعـي المختصيـن والمختصـات اسـتعرضنا معكـم والثقافـي. فـي العـدد الماضـي رأي المـرأة وفـي هـذا العـدد والبـد مـن القـول هنـا إن نسـبة هـذا الحضـور سـنعرض لكـم رأي الرجـل ..شـاكرة للجميـع ليـس مطلقـة بـل تتبايـن ربمـا مـن جيـل آلخر ، مداخالتهـم القيمـة: ومـن مرحلـة ألخـرى ،واآلن أصبـح لهـا حضورهـا أرى أنه يجب القفز عن هذه المصطلحات المنافـس سـواء فـي حقـل الشـعر أو الروايـة فضال عـن األجنـاس اإلبداعيـة األخـرى. التي لها سياق مختلف ورؤية مختلفة والواقـع أننـا إذا أردنـا أن ننصـف ماتكتبتـه الناقد أحمد هالل -رئيس جمعية الدراسات المـرأة ،ألمكننـا القـول إن كثيـرات قـد تجـاوزن والبحوث والنقد في االتحاد العام للكتاب تلـك الثقافـة الفحوليـة أو الذكوريـة /األبويـة ، والصحفيين الفلسطيين /فرع سورية وفتحـن فـي أفـق الكتابـة مـا يمكنهـن مـن بـث الواقـع ربمـا تسـتبطن األسـئلة حساسـية جديـدة فـي عالـم متغير المثـارة ،العـودة إىل الثقافة الفحولية سـريع ،ومنهن مـن كان أكثر إقناعا التـي التقبـل إبـداع المـرأة تحـت لمجتمعـن وأسـرهن بـأن مايكتبنـه مسـميات عـدة ،منهـا كمـا قيـل فـي أصبـح مثـار اهتمـام النقـد والنقـاد مصـر علـى لسـان أحـد الكتـاب مـن ،مـا خلا تجـارب انطـوت علـى أنهـا محـض كتابـة بنـات ! ذاتهـا نتيجـة القسـر االجتماعـي ، الثقافـي ومـا تتواتـر فـي الخطـاب وغيـاب الحوافـز التـي تدفـع الكاتبة حـول الكتابـة النسـوية أو األنثويـة ، وبمنـاخ سـليم إىل أن تبـدع وتسـتمر أي بتمييـز جنـس الكاتبـة ،وسـوى بإبداعهـا. ذلـك مـن اصطالحـات ملتبسـة في وهـي مسـألة جدليـة بصـرف داللتهـا ومعانيهـا ،البـد مـن القـول النظـر عـن التجنيـس ،بحيـث أننا أحمد هالل
استطالع
اإلبـداع حتـى يسـتقيم النظـر والتفكيـر بحضـور الشـاعرة الحقيقيـة بالمعنى المعرفـي والحضاري والثقافـي. هـي قيـم التجاوز التـي تعزز طمـوح اإلبداع ذاته ألن يتجـاوز ذاتـه باسـتمرار ،بعيـدا عـن سـلطة التصنيفـات ،ومحـاوالت االنتقـاص من دور المرأة الكاتبـة باالختـزال أو التجاهـل ،تجربـة المـرأة الكاتبـة هـي فـي المحصلـة تجربـة مجتمـع أمـام اسـتحقاق ثقافتـه الملونـة وأسـئلة الحيـاة فـي التعبيـر عـن الـذات اإلنسـانية المبدعـة همومهـا أهدافهـا ،تطلعاتهـا.
مارس 2021 -م
األديبـة سـيكون مرحـب بـه فـي مجتمـع النخبـة مـن األدبـاء والمثقفيـن والمهتميـن حيـث أن األدب العربـي ككل مـا يـزال متداوالً على مسـتوى النخبـة ولـم يصـل بعـد إىل كل النـاس؛ إال أن هـذا االحتفـاء مـن النخبـة غالبـ ًا مـا يكـون بنمـاذج محـدودة وكإسـقاط واجب ليس إال ،نظـر ًا النعدام أو لنقـص الجهـد المؤسسـي وغيـاب المؤسسـات الثقافيـة بمعناهـا الكامـل ،حيـث أن هنـاك الكثيـر مـن المبدعيـن الحقيقيين خـارج األضواء وبعيـدا عـن العدسـات ،ناهيـك عـن المبدعـات واألديبـات. رؤيتـي لتجربـة المرأة الشـاعرة والكاتبـة وكوني مهتمـ ًا بهـذا المجـال فأنا أرى أن تجربـة المرأة في مجـال الكتابـة تطـورت خلال السـنوات األخيـرة وبشـكل الفت وغير مسـبوق ،هناك تجارب رائدة علـى مسـتوى الوطـن العربـي جديـرة بالدراسـة والنقـد الحقيقييـن ،حيـث يالحـظ مؤخـر ًا ومـع هـذا الزخـم اإلبداعـي للمـرأة وللمبدعيـن ككل انعـدام شـروط اإلبـداع الحقيقـي بسـبب غيـاب النقـد البنـاء ،هنـاك تجارب مشـجعة فـي بداياتها ولكنهـا تنتهـي إىل مـا يمكـن أن نسـميه ُبعـد عـن األدب والمضمـون الحقيقـي لإلبـداع وهـذا بسـبب تغييـب أو غيـاب النقـد الحقيقـي حيـث أن المشـهد الثقافـي العربـي ككل يعانـي مـن غيـاب وبنـاء النقـد الـذي يفيـد المبـدع ويقـ ّوم تجربتـه ً عليـه يطـور إبداعـه وإنتاجاتـه التاليـة. ومـع كل ذلـك هنـاك أصـوات نسـائية شـعرية أحدثـت تحـوالً كبيـر ًا فـي النظـرة لمـا يسـمى بـاألدب النسـوي ـ مـع إعتراضـي علـى هـذه التسـمية ـ هنـاك تجـارب أحدثـت أثـر ًا كبيـر ًا فـي الذاكـرة الشـعرية واألدبيـة علـى امتـداد السـاحة العربيـة؛ فقـط نحـن بحاجـة إىل نقـد ودراسـة للتجـارب اإلبداعية بشـكل صحيـح وبصورة بناءة تعـود بالنفـع علـى المشـهد اإلبداعـي والثقافـي ككل بصـورة إنتاجـات أدبيـة أكثر جـودة وإبداعاً.
نقـف علـى نصـوص إنسـانية ،تحتـاج مقاربـات نقديـة واعيـة بعـد أن اسـتعاد النقـد موضوعيتـه إىل حـد مـا ،واليفوتنـي هنـا أن أقـول إن النقـد األبـوي حـاول التقليـل مـن زخـم إبـداع المـرأة بدعـاوى ملتبسـة هـي أنهـا تكتـب سـيرتها أو تحـاول كتابـة ماسـمعت بقالـب أدبـي ،أو أنهـا ال تمتلـك أدواتهـا ،فـي مقابـل امتلاك الرجـل /الكاتـب ألدواتـه وهـي مبـررات تجزيئيـة ، مسـبوقة بتلـك الصـورة النمطيـة والسـلبية فـي آن معـا ،لدواعـي التعميـم وأطلاق حكـم القيمـة النهائـي ،فـي بتجـارب ليسـت ناضجـة. أو أنهـا فـي مرحلة التأسـيس وتراكـم الخبرات ، هناك ُبعد عن األدب والمضمون نعـم تغيـرت النظـرة إىل إبـداع المـرأة ولعلنـا نرى الحقيقي لإلبداع وهذا بسبب تغييب أو أن حفلات توقيـع الكتـب لكاتبـات جديـدات غياب النقد الحقيقي تحظـى اليـوم باهتمـام األسـرة الشاعر كهالن الشجاع /اليمن والمجتمـع الـذي يبـدي انفتاحـا حضـور الشـعراء بشـكل أكبـر أكثـر علـى الكتابـة النسـوي إن جـاز مـن الشـاعرات هـو انعـكاس التعبيـر ،فالتشـجيع هنـا هـو بمثابة لثقافـة المجتمـع العربي المتسـمة االعتـراف الضمنـي أو الصريـح بـأن بالذكوريـة فـي كل المجـاالت ماتنجـزه المـرأة الكاتبـة قـد وجـد وليـس فـي المجـال الشـعري فقـط، طريقه في المشـهد اإلبداعي بمعنى فلا غرابـة فـي ذلـك حيـث أن أنـه خلـق حوافـزه للقـراءة ،وليـس النظـرة الدونيـة للمـرأة وإلنتاجهـا األمـر هنـا بمعيار الجـرأة ،وعلو كعب سـواء فـي الشـعر أو فـي أي مجـال نصـوص بعينهـا ،بقـدر مانـرى األمر آخـر هـي السـائدة بصـور وأشـكال خلخلـة لمواضعـات مجتمعيـة قادرة كهالن الشجاع مختلفـة ،وعلـى مسـتوى الحقـوق فـي الوعـي الجمعـي ،صـوت المـرأة االجتماعيـة والسياسـية ال تـزال اإلبداعـي يعنـي حساسـية مختلفـة ،فـي الذاكـرة األدبيـة والشـعرية ارتباطـا بأجيـال المـرأة علـى الهامـش ،فطبيعـي أن يطغى حضور مـن الكاتبـات العربيـات الالتـي صقلـن أدواتهـن ،الشـعراء علـى المشـهد ولكننا نأمـل أن يتغير ذلك وانفتحـن علـى أدبهـن بالمعنـى اإلنسـاني العابـر وأن يكـون معيـار الحضـور والصـدارة هـو اإلبـداع ألزمنتـه وأمكنتـه ،ومتعاليـات فكـر بطريركـي الحقيقـي للشـاعر أو الشـاعرة. قضيـة احتفـاء األسـرة والمجتمـع باألديبـة أبـوي ،إذ ال يمكـن القيـاس فـي هـذا السـياق علـى تجـارب دون تجـارب فلـكل تجربـة خصوصيتهـا تختلـف من أسـرة إىل أخرى ومـن مجتمع إىل آخر حسـب التفـاوت الثقافـي والخلفيـة الثقافيـة لهذه وأداءهـا اإلبداعـي . ومازالـت المـرأة الكاتبـة تشـق طريقـا صعبـا ،األسـرة أو لهـذا المجتمـع ،ولكـن فـي األغلب ظهور بسـبب جملـة مـن التحديـات الوجوديـة لتبـرز األديبـة فـي األسـرة عـادة مـا يكـون غيـر مرحـب مع تحرر المرأة من القولبة ،وانطالقها من أسـماء وعالمـات ،عينهـا قـادرة علـى إحـداث بـه نظـر ًا لشـيوع نمـط الثقافـة الذكوريـة حتـى انسانيتها سنشهد حضورًا انقلاب فـي الصـورة السـائدة أو بقاياهـا فـي فـي أوسـاط النسـاء أنفسـهن ،فـكل أكثر للشاعرات خلفيـات التفكيـر ومنظومتـه المجتمعيـة أي مـا يأتـي مـن المـرأة خـارج اإلطـار الناقد تحسين يقين /فلسطين السـجال فـي مصطلـح أدب نسـوي و أدب ذكـوري المرسـوم أو المحـدد لهـا مـن قبـل ،وأرى أنـه يجـب القفـز عـن هـذه المصطلحـات هـذه الثقافـة فهـو بشـكل أو بآخـر يمكـن التفكيـر بهـذا التسـاؤل فـي التـي لهـا سـياق مختلـف ورؤيـة مختلفـة ،وأعتقد أمـر غيـر سـار ،وإن حـدث هـذا سـياق تاريخـي عـام وتاريـخ للأدب؛ أن طمـوح المـرأة الكاتبة اليوم مـن وعت التجربة االحتفـاء فغالبـ ًا مـا تكـون األديبـة بمعنـى أن السـؤال يقودنـا للمراحـل خاضعة لشـروط ومحددات الرقيب مـا قبـل مـا يسـمى باالنقلاب ،وامتلكـت صوتهـا الخـاص النقـي بقيـم المغايـرة واالختلاف والحساسـية األسـري والمجتمعـي والـذي ال الذكـوري علـى المـرأة اإللهـة واالستشـراف ال يقـل أهميـة عـن طمـوح مجتمـع ينبغـي أن تخـرج عنه؛ أما بالنسـبة والحاكمـة ،فـي بالد ما بيـن النهرين وبلاد الشـام ،ومـا تلا ذلـك ،حيـث بأسـره قيـم التغييـر والبنـاء واإلبـداع الـذي للمجتمـع فاألمر يكـون أفضل حاالً تحسني يقني يحتفـي بفـرادة الصـوت وحضوره المكمـل للوحة منـه فـي األسـرة باعتبـار أن ظهـور ظـل الرجـل الذكـر يسـتأثر ويحتكـر
37
مارس 2021 -م
استطالع
المهـم أن نركـز علـى الكتابـة فـي المسـتقبل وله. الشـاعرة كالكاتبـة كالفنانـة والمغنيـة والممثلـة والمخرجـة والرسـامة..كل مـن كانـت مبدعـة أحدثـت أثـرا ،فـي القديـم والحديـث ،ولكـن ليـس بمقـدار تأثيـر الشـعراء ألن لهـم الغلبـة ،وأظـن أنه سـيكون لهـا أثـر أكثـر عمقـ ًا فـي تكويـن الذاكـرة مسـتقبال
حضـورا تقـل األديبـة فـي الوقـت الراهـن ال ّ ً تمكنـت المرأة وتأثيـرا فـي عالمنـا العربـي ،حيث ّ ً حاليـا مـن ّ تخطـي الكثيـر مـن الصعـاب وتمتلـك ً جـرأة أكبـر مـن السـابق للنشـر والكتابـة ولهـا دور بـارز فـي الصحافـة المكتوبـة والمسـموعة والمرئيـة. قـد تحتـاج المـرأة لمزيـد مـن االسـتقالل المالـي لالنتقـال لمرحلـة متطـورة مـن نمـو الشـخصية للتمكـن مـن شـغل مناصـب حيويـة، األنثويـة ّ كتأسـيس ورئاسـة دور نشـر ،حيـث تتـرأس نسـاء ويتحكمـن دور نشـر عمالقـة فـي أوروبـا ،بـل ّ بالـذوق األدبـي العـام ،ويؤسسـن لجوائـز تحمـل أسـماء نسـاء مبدعـات. االسـتقالل المالـي هـو القادر على تقديـم المزيد مـن الحريـة النطلاق المـرأة العربيـة فـي كا ّفـة سـلبيا علـى أثـرا المجـاالت ،علـى أال يتـرك ذلـك ً ً اسـتقرار العائلـة والتناسـق والتفاهـم فـي الحيـاة الزوجيـة. أعتقـد ّأن دور المـرأة فـي العالـم العربـي آخـذ بالتطـ ّور وسـيترك أثـره الواضـح فـي المجتمـع والحيـاة الثقافيـة خلال العقـود المقبلـة ،ولع ّلنـا نسـتفيد مـن تجـارب المجتمعـات األوروبيـة التـي مـرت هـي األخـرى في مراحـل انحطـاط وانغالق ّ لكنهـا مثيلـة لمـا عانـاه ويعانيـه العالـم العربـيّ ، تحـررت مـن هـذه األغلال لتصنـع سـرعان مـا ّ المـرأة روائـع أدبيـة خالـدة ال تبـور عبـر الزمـن.
مزايـا الحكـم ،ومـا يرتبط به مـن منظومة ،ومنها األدب ،وبشـكل خـاص الشـعر كفـن قديـم. وقـد اسـتمر ذلـك فـي مراحـل تكـون التجمعـات الحضاريـة العربيـة فـي الحواضـر الصغيـرة فـي جزيـرة العـرب ،ثـم تعمـق أكثـر خلال الدولـة العربيـة ،ومـا جـرى بعـد قـرون مـن تحكـم أقـوام آخريـن ،إال أنهـم فـي المختصـر كانـوا ذكـورا ،ثـم كان أن فهـم رجـال الحكـم وحولهـم رجـال الديـن االستقالل المالي هو القادر على تقديم للأدوار مـن منظـور ذكـوري بطريركـي ،فتـم المزيد من الحرية النطالق المرأة العربية تعميـق تبعيـة المـرأة للرجـل. في كا ّفة المجاالت ورغـم أن ذلـك لـم يكن مطلقا ال قبـل قرون وال د .خيري حمدان -كاتب ومترجم /فلسطين اآلن فقـد بـرزت أسـماء مهمـة ،إال أن تلـك العومـل شـك ّأن المسـاحة االفتراضيـة ال ّ سـاعدت فـي حضور الشـاعر .ترتبط الهائلـة التي و ّفرهـا اإلنترنت خالل بذلـك تفسـيرات وأحـوال اجتماعية العقـد األخيـر قـد أتاحـت الفرصـة مكـن بـه المجتمـع ونفسـية ،بمـا ّ للتعبيـر عـن الـرأي ونشـر الكثيـر الشـاعر مـن تعلـم ومتابعـة وتفـرغ، مـن األنمـاط األدبيـة مـن كال بسـبب تنميـط دور المـرأة. الجنسـين فـي كا ّفـة أنحـاء العالـم، كمـا أن الخطابيـة الذكوريـة اسـتثناء. والـدول العربيـة ليسـت الصوتيـة المرتبطـة بالشـعر الغنائي ً نـدرك ّأن حضـور المـرأة العربيـة مـا زالـت لألسـف حاضـرة ،والشـاعر فـي المجـال الثقافـي واإلبداعـي يتقـن العـزف علـى أوتـار المشـاعر. محـدودا للغايـة خلال القـرن كان لقـد أقبـل النـاس علـى الشـعر ً الماضـي ألسـباب مرتبطـة د .خريي حمدان الوطنـي والقومي مع الثـورات ،كذلك بالتقاليـد المحافظـة ،وهـي جـزء ال أقبلـوا علـى الشـعر الغزلـي الذي ظل يتجـ ّزأ مـن السـلطة الذكوريـة التـي مـن نصيـب الرجـل أكثـر. يصعـب تجاوزهـا أو المخاطـرة بهدرهـا ،وبـدت احتفاء المجتمع واألسرة باألدبية يعـود ألمـور مسـألة إيصـال صـوت الشـاعرة المـرأة فـي تلـك اآلونة تحـت وصية الرجـل ،الذي المعاصرة أعطت المرأة الشاعرة دورها وكل مـا يجـود بـه بأمـر للمجتمـع ،مـن خلال وسـائل اإلعلام والنشـر ،يبـارك أو يرفـض قلمهـا ّ مديـر التحريـر والرقيـب في الوجود بعيدًا عن الموروث االجتماعي وتلـك يتحكـم بهـا الذكـور أيضـا ،ولهـم وسـائل أو إشـارة منـه بصفتـه د .ناظم حمد السويداوي .ناقد وشاعر /العراق التحكـم ،واالسـتغالل ،لألسـف تحضـر أصـوات ومـا إىل ذلـك .وهـذا ينسـحب كذلـك أقـل ابداعـا ،وتغيـب أخـرى ،فـإن تيسـر للشـاعرة علـى وضعيـة المـرأة عـل المسـتوى يبـدو لـي أن أول األسـباب التـي العالمـي ،فالمعـروف ّأن األديبـة تحـول دون خصوبـة المـرأة فـي توصيـل شـعرها ،فسـيحتفي المجتمـع بهـا. تجربـة الكتابـة النسـوية هـي تجربـة إنسـانية األميركيـة إميلـي أندرسـون قـد المشـهد الثقافـي هـو ذلـك الجـو لهـا خصوصيـة كـون الشـاعرة العربيـة حتـى عانـت األمريـن طـوال حياتهـا ولـم المحافـظ علـى قدسـيتها والتـي تتمكـن مـن إصـدار ديـوان نتيجـة حافظـت عليهـا المجتمعـات ّ وقـت قريـب تقولبـت فيمـا تـم هندسـته لهـا مـن أدوار وصـور .لكـن مـع تحـرر المـرأة مـن القولبـة ،للرعـب والسـلطة المطلقـة التـي الشـرقية تحديـدا ،بمعنـى أننـا المتحفـظ تجاههـا وانطالقهـا مـن إنسـانيتها أوال ال جنسـها فقـط ،مارسـها والدهـا أعطينـا المـرأة هالـة مـن التصـور ّ حـد الهـوس .كمـا عانـت الكثيـر من الدينـي الـذي يحـول دون تقدمهـا ّ ومـع تطـور الـذات بالتعلـم ،سنشـهد حضـور أكثـر للشـاعرات ،وأدعـي هنـا اليـوم ،أننـي كناقـد أرى األديبـات الروسـيات واألوروبيـات علـى الرجـل فـي مجـال الشـعر، أن هنـاك أصـوات شـعرية للنسـاء أكثـر عمقـا مـن وأقدمـن علـى االنتحـار متأ ّثـرات وبقيـت فحولـة الشـعر هـي ذاتهـا د .ناظم السويداوي بالكآبـة القاتلـة والقمـع والتنكيـل فحولـة الرجـل ،ولألسـف نـرى أن الشـعراء الذكـور. أظـن أن المـرأة قـادرة إن تيسـرت لهـا المسـاواة ،مـن األزواج والمجتمـع. هـذا الـوأد المعنوي هو الذي يسـيطر لكـن علـى الرغـم مـن هـذه الصـورة القاتمـة علـى أغلـب عقـول المجتمعـات الشـرقية ،ومثـل فـي التعلم والتفرغ لإلبـداع ،وهي تعرف طريقها. تمكنـت األديبـة العربيـة مـن إثبـات حضورهـا هـذا النسـق القيمـي هـو الـذي كشـف لنـا انسـاق ّ فـي تاريـخ الكتابـة هنـاك أصـوات نسـوية ال اتجاهـات ،بمعنـى أن األمـر مـا زال فرديـا ،كـون المائـز فـي عالـم األدب واألمثلـة كثيـرة كفـدوى مضمـرة ومخفيـة في مشـهدية الثقافـة األنثوية . المجتمـع لـم يتطـور بمـا يكفـي ،بـل وفـي أخـر طوقـان ،مـي زيـادة ،غـادة السـمان ،لبنـى ياسـين، مـن المؤكـد أن خصوصيـة المـرأة جعـل منهـا 4عقـود نحـى المجتمـع العربـي منحـى رجعيـا ،رضوى عاشـور ،سـهير القلماوي ،سيلين أكسيلوس ملاذا آمنـا للرجـل ،األمـر الـذي دعـا النقـاد وغيرهـن كثيـر. والمثقفيـن ان يعطوهـا هالـة مـن االهتمـام ،ألنها وتنكـر لعصـر النهضـة العربية الحديثـة .ربما من ّ
38
استطالع
مارس 2021 -م
أعتقـد السـؤال األجـدر يطـرح نفسـه هنـا ،األسـئلة المهمـة حـول المنتـج اإلبداعـي العربـي أثبتـت كينونتهـا فـي عالـم القصيـدة ،ولنـا فـي شـواعر وأديبـات مثلا بذلـك ،فسـعاد الصبـاح هـو كيـف لألديبـة أن تفـرض ذاتهـا اإلبداعيـة بوجـه عام وغـادة السـمان واحلام مسـتغانمي ،كلهـن قـد فـي السـاحة ،ضـد احتـكار األديـب للمشـهد؟! ، تبـدو لـي المسـألة هنـا أكثـر ارتباطـا بالوعـي صنعـن ألنفسـهن دورا لـم يكـن تقليديـا ،وبـات وللنظـرة الدنيويـة لألسـرة لمقـدورات المـرأة ؟! ،العربـي العـام فـي التفريـق بيـن المـرأة والرجـل االحتفـاء بهـن قد يتجـاوز فحولة الشـاعر وتصدره ألن الـدور األساسـي لألديبـة هـو أن مـن جهة الوظيفـة والقدرة والعادات للمشـهد الشـعري ،فمـن الطبيعـي جـدا أن يكـون تبـرز وجودهـا فـي جميـع المجـاالت والتقاليد وليسـت مـن جهة المقدرة االحتفـاء بمسـتوى التألـق بصـرف النظـر عـن الحياتيـة ،وأن تسـد الفـراغ ، الفنيـة والفكريـة ،فالمـرأة قديمـا وتصحيـح هـذا الواقـع وفـرض تقدمـت فـي حضـارات مختلفـة، العـادات والتقاليـد التـي نتطـرق اليهـا دائمـا . أعتقـد أن المعاصـرة قـد أعطت المرأة الشـاعرة كينونتهـا ضـد طابوهـات النظـرة وكانـت ملكـة ،وكانـت مقدسـة دورهـا فـي الوجـود بعيـدا عـن مـزاج العالقـات المجتمعيـة المتخلفـة التقزيميـة احيانـا ،وكانـت عارفـة وقديسـة فبـدأت تنافـس الرجـل ،مايخـول لهـا االحتفـاء بقيـاس وفيلسـوفة ورائية ،لكـن الرجل منذ االجتماعيـة المتوارثـة، ْ (الفحـل) الشـاعر ،وكل هـذه المسـ ّلمات جعلـت اآلبـداع والموهبـة ،ضـد أي ارتبـاط أن تمكـن فـي العصـور األخيـرة بـدأ مـن النـص الشـعري األنثـوي يتأطـر برؤيـة متعلـق بالجنـس واللـون والديـن فـي تهميـش المـرأة ،التـي قنعـت معرفيـة تتجـاوز سـمات األنوثـة اىل مرحلـة أيضـا ،ألن المجتمـع العربـي ذكوري كثيـرا أو قليلا بهـذا التهميـش همشـها النظـام االجتماعي بطبعـه . وهـذا انعكـس بـدوره علـى الفنـون الكتابـة الجريئـة التي ّ السمطي عبداهلل مـا يجـب فهمـه هـو أن الكتابـة واآلداب ،فالمـرأة مهمشـة دائمـا فـي سـنين خلـت ،وهذا االختلاف فـي التوصيف هـو الـذي أبـاح للمـرأة األديبـة أن تنـال الفوقيـة الشـعرية ليسـت فقـط إبداعـا أدبيـا وليـس فـي الشـعر فقـط. التـي تبحـث عنهـا ،وبدأنا نقرأ عن شـواعر يبحن ،وإنمـا تعبيـر وجـودي عـن وجـود المـرأة نفسـها واقـع األمـر أن الشـعر كان ذكوريـا علـى األغلـب بجسـد مـا يقلـن بـكل حريـة . فيـه ،وهـذا ما يدفـع الكاتبة إىل التميـز والتغيير ،وهـذا مـن طبيعـة الحيـاة العربيـة. وفي ذروة هذا الوعي اسـتطاعت المرأة الشـاعرة بـروح فنيـة وجماليـة وموضوعية ،عـن ما يتميز الرجـل هـو الملـك والفـارس والمحـارب واإلمـام أن توصـل صوتهـا األنثـوي مـن دون قيـود ،وأن بـه الرجـل بـدوره ،ألن وجـود المـرأة الشـاعرة والعالـم والشـاعر ،وعلـى الغانيـات جـر الذيـول ُتحـدث أثـرا إلعـادة هيمنـة الـذات األنثويـة فـي الكاتبـة ،أضـاف للأدب طعمـا أخـر ،ومـرآة وليـس البقـاء بالبيـت فقـط .واسـتمرت هـذه القصيـدة بعـد أن كانـت حكـرا علـى الرجـل. جديـدة للحيـاة واألحاسـيس ،الحاملـة لتناغـم الذهنيـة حتـى العصر الحديث الـذي تحررت فيه ما يميز كتابة المرأة هو تعبير الصادق موسـيقي داخلـي ،مـا يجعل مـن إبداعاتها بعيدة المـرأة وبـدأت تدخـل المشـهد بالتدريـج ،وهـي كل البعـد عـن التصنـع فـي الكتابـة ،بسـبب اليـوم أكثـر إبداعـا بـكل الفنـون. عن التجربة الوجودية التعبيـر الصـادق عـن التجربـة لكـن لـم تفلـح فـي جـذب االنتبـاه كثيـرا فـي اإلعالمي والناقد سفيان حكوم / الوجوديـة ،التـي تعيشـها المـرأة مجـال األدب علـى الرغـم ممـا قامـت بـه ملـك المملكة المغربية الشـاعرة والكاتبـة ،فـي مراحـل حفنـي ناصـف ومي زيادة ونازك المالئكة وسـنية إىل فـي نظـري ،اإلشـكال ال يعـود الحـب والحنيـن والفـراغ . صالح وخالدة سـعيد في النقد ،وسـلمى الجيوسـي غياب الشـاعرات ،أو إىل جودة الشعر طبعـا أحدثـت انقالبـا ،ووجـودا شـعرا وترجمـة. ،أو إىل التمييـز بيـن الشـعراء ذكـورا مجابهـا لوجـود الرجـل ،ووضعـت الشـعراء يتداولـون أنفسـهم بكثافـة فـي مجـال وإناثـا ،بـل إىل الظـروف القاسـية بصمـة قويـة وصلبـة فـي السـاحة ، بتميزهـا الفنـي والجمالي ومخيلتها الشـعر ،ويذكـرون بعضهـم بعضـا فـي الحـوارات علـى المـرأة فـي مـا يخـص اإلبـداع الورافـة ،وجوانبهـا التصويريـة فـي النقديـة وهـذا ال يحـدث عند الشـاعرات ،وال يذكر ،وقـد مثـل ذلـك سـببا مباشـرا لهذه صياغـة انتاحاتهـا اآلبداعيـة ،شـاعر مـا أنـه تأثـر شـعريا بامرأة شـاعرة فهـذا هو الظاهـرة ،للظـروف االجتماعيـة مادفـع كيـان األدب العربـي ليوحـد العيـب كلـه. التـي تواجههـا الشـاعرات ،نتيجة ما سفيان حكوم الشـعراء يروجـون ألنفسـهم لهـذا هـم األكثـر تعانيـه المـرأة مـن حالـة االنفصـام الصـف ،ويجمـع اإلبـداع النسـائي والرجالـي ،فـي إطـار واحـد هـو إطار انتشـارا ونفـوذا ،وعلـى الرغم مـن الكثافة الكبيرة السـائدة فـي المجتمـع العربـي ،قـد يصيبهـا باإلحبـاط والسـكتة اإلبداعيـة ،وهـذا اللغـة والهويـة ،ألن التصنيـف باطـل في حقيقته فـي الثالثيـن عامـا األخيـرة للحضـور النسـوي فـي حـد ذاتـه ليـس مبـررا ،لعـدم وجود شـاعرات ،فـاألدب هـو تعبير لفكر وقضيـة وطرح ،رغم أن الشـعري ،إال أن احـدا ال يتحـرك لقـراءة هـذه بارعـات فـي السـاحة األدبيـة والثقافيـة ،رغـم حركـة المـرأة فـي األدب ،تقـاس فقـط باإلضافـة الظاهـرة بشـكل جـاد ،وقـد قمـت بمتابعـة هـذا المشـهد مبكـرا وكتبـت دراسـات ومقـاالت كثيـرة وجـود فجـوة كبيـرة بين أعـداد األعمال الشـعرية والتأثيـر ،كمـا لـكل لـون أدبـي . للرجـال والسـيدات ،فـي العالـم العربـي ،لكـن عـن الشـاعرات منهـا كتـاب :انبثـاق القصيـدة الغالبية يرون أن كتابة المرأة خطر على يختلـف الكثيـر من النقـاد على مسـميات احتكار النسـوية ،وكتـاب؛ حـواس األنوثـة وهـو مـن ثالثـة تراتبية المشهد العربي الذكوري الرجـال لذلـك العالـم ،الـذي يتحكـم فيـه البعـد أجـزاء ويتنـاول بالقـراءة النقديـة أكثـر مـن ١٥٠ مصر / السمطي هللا عبد والناقد الشاعر اإلبداعـي والموهبـة بصـورة أساسـية ،علمـا أن شـاعرة عربيـة وصـدر الجـزء االول منـه منـذ ٥ هنـاك شـاعرات مضاهيـات للشـعراء الكبـار فـي القضيـة هـذه طـرح علـى أشـكرك البدايـة فـي سـنوات المشـهد الفكـري والثقافـي معـا . من عددا الثقافي مشـهدنا في تبلـور التـي المهمـة وعلـى الرغـم مـن انبثـاق النسويةودراسـات
39
مارس 2021 -م
استطالع
إننا في حاجة اليوم إلى ما ّ يحفز خاليانا الجنـدر منـذ اواخـر ق ١٩مـع فرجينيـا وولـف الوراثية العربية التي بنيت على الكالم حتـى األمريكيـة إليـن شـوالتر ،لكـن االهتمـام والحديث والخطاب والشعر. مايـزال قليلا بإبـداع المـرأة خاصـة مـن الوجهـة النقديـة. الشاعر واإلعالمي محمد بن جماعة /تونس بالمـرأة كثيـرا يحتفـي المجتمـع أن أعتقـد وال ال يقبـل المالحـظ بالفرضيـة التـي تقـول إن المبدعـة علـى الرغـم مـن رسـائل التضامـن الشـعراء أكثـر حضـورا مـن الشـاعرات في المشـهد واالطمئنـان التـي يبديهـا البعـض ،ألن الغالبيـة يوميـا التنافـس يشـتد ّ الثقافـي العربـي ..حيـث ّ ّ يـرون أن كتابـة المـرأة خطـر علـى تراتبيـة بيـن الجنسـين فـي مجـاالت اإلبـداع المختلفـة المشـهد العربـي الذكـوري ،كمـا أن هذه الرسـائل ال شـعرا تضـرب فـي العمـق وال ترسـخ لشـيء .هـي رسـائل ونثرا وغيرهما من النتاج األدبي والفني. عاطفيـة انطباعيـة ال أكثـر ،والدليـل أنـك لـو لكننـا يمكـن أن نقـول بأن المجال يسـع الجميع راجعـت إصـدارات النقـاد العربـي لـن تجـد فيهـا يتطور بشـكل سـريع ويسـتوعب الجميع في كون ّ كتبـا تعتنـي بالمرأة إال نادرا ،حتى الدراسـات التي بشـكل أسـرع حيـث أصبحنـا نـرى الفضـاءات والعامـة والصالونـات والمقاهـي الثقافيـة تكتبهـا ناقـدات ال تتضمـن دراسـات كثيـرة عـن الخاصـة ّ المـرأة الشـاعرة ،ربمـا الروائيـات هن مـن يحظين التـي تديرهـا فـي بعـض الـدول نسـاء مثقفـات بذلـك. ومبدعـات وروابـط اتحـادات نسـائية نشـيطة ال الكاتـب بهـا يحظـى الدائمـة الحفـاوة إن مـا فتئـت تسـتقبل جمهورهـا النوعـي ألماسـي فـي بـدا وإن حتـى الشـاعرة، ال والشـاعر الكاتبـة وأصبوحـات تؤثثهـا شـاعرات -كمـا الشـعراء -فـي الظاهـر أن هنـاك حفـاوة خاصـة فـي مواقـع حضـور مشـترك ومختلـط أو مسـتقل بشـكل التواصـل االجتماعـي فهـي حفـاوة مـادي ومباشـر فيكتشـف المتلقـي ّ مزيفـة ألنها وقتيـة ،وال يتم تحويلها مسـرحة الشـعر باإللقـاء بشـكل عملـي لمقـاالت أو دراسـات. واإلنشاد . فقـد وبالنسـبة لكتابـات المـرأة وإذا نظرنـا بتفصيـل آخـر نـرى حققـت سـطوعا وتوهجـا خاصـة أن هنـاك المطابـع التي لم تسـتغن فـي القصـة والروايـة ،ونحـن ال علـى نشـر النصـوص والمجاميـع يمكـن أن نغفـل أسـماء مثـل غـادة والدواويـن لشـاعرات عديـدات -إىل السـمان ،ولطيفـة الزيـات ،وهـدى جانـب الشـعراء -وهـذا جـزء مـن بـركات ،ونـوال السـعداوي ،وأحلام الحضـور الورقـي. مسـتغانمي ،وأيميلـي نصـرهللا، أمـا عـن الحضـور اآلخـر والـذي وأميمـة الخميـس وغيرهـن محمد بن جماعة أعتبـره أكثر انتشـارا ورواجا وتأثيرا كثيـرات ،وفـي الشـعر هنـاك أسـماء هـو مـا وفرتـه التكنولوجيـات كثيـرة جـدا ،وتحـارب متميـزة الحديثـة مـن محامـل للتواصـل االفتراضـي الشـعر فـي خاصـة فـي قصيـدة النثـر ،بـل زيـادة علـى اسـتغالل الوسـائل السـمعية البصريـة العمـودي. الكالسـيكية ..فقـد أصبحنـا نعيـش ونتعامـل هنـاك تجربـة عموديـة رائعـة لـدى شـاعرات كقـراء أو متابعيـن أو منتجيـن للثقافـة مـع عـدد مـن لبنـان ،وهنـاك فـي قصيـدة النثـر فـي العراق ال يحصـى مـن الشـاعرات والشـعراء بـل ربمـا كان والخليـج وبلاد الشـام ومصـر والمغـرب العربـي عـدد الشـاعرات أكبـر ..ويمكـن أن نقـرأ ونسـمع شـاعرات رائعـات جـدا ،لكـن لألسـف لـم يعـد ونشـاهد ونشـارك العـروض الشـعرية باسـتعمال الزمـن يحفـز علـى نقـد الشـعر مـع انتشـار الرواية أدواتنـا الحديثـة والمحادثـة أقربها للجيـب ّجوالنا ومواقـع التواصـل. ( الموبايـل ). فنـون فـي المتوهجـة تجربتهـا للمـرأة اليـوم إن حضـور الشـاعرات فـي المشـهد الثقافـي واإلعالميـة النقديـة الـرؤى لكـن الكتابـة، العربـي فـي تزايـد ملحـوظ رغـم مـا يشـهده والثقافيـة بوجـه عـام مازالـت آخذة فـي تجاهلها ،مجتمعنـا مـن نقائـص عميقـة تهـم حياتنـا وهـو األمـر الـذي يحتـاج وقفـة ثقافيـة فعالـة وطـرق عيشـنا. لتقييـم هـذا المنجـز اإلبداعـي النسـوي وقراءتـه وإذا رأينـا الموضـوع مـن حيث احتفـاء المجتمع ومتابعتـه. واألسـرة باألديبـة قـد أرى األمـر مشـابها لألديـب
40
أيضـا ..فمـدى إيجابيـة أو سـلبية التقبـل يشـمل تمامـا الشـاعرات أو الشـعراء. ّ فنحـن نـرى كثيـرات مـن الشـاعرات يلجـأن إىل الكتابـة بإمضـاء اسـم مسـتعار وكذلك يفعل تعصبـوا عـن قلـة مـن الشـعراء ..إن بعـض مـن ّ جهـل لموروثنـا التراثـي أو الثقافـي سـاهموا فـي نبـذة وتطويـق صاحبـات األقلام فـي فتـرات تاريخيـة متعاقبـة فتسـبب هـذا فـي خلـل تعصبـا إبداعـي عـام قـد يولـد أقالمـا أكثـر ّ وتطرفـا عـوض أن يكـون كتابـة ناضجـة ّ وواعيـة تختـزل الجمـال والحـب واإلبـداع ..هـذا الخلـل يعـود إىل عـدم فهم المقاييس اإلنسـانية المشـتركة والتـي منهـا الحرية.. أساسها ّ إن الخـوض فـي موضـوع ال ينقصـه الجاذبيـة مـن حيـث ارتباطـه بشـكل طبيعي بالمـرأة فهي قطـب األقطـاب فـي حركـة اإلبـداع عمومـا وفـي نشـأة وتعميـر األرض بجمالهـا ..فمـا بالـك إن تعمـدت كانـت فعـال شـاعرة ..فـي هـذا السـياق ّ ليحـق عـدم ذكـر أسـماء الشـاعرات والشـعراء ّ لألحيـاء منهـن ومنهـم مشـروع التنافـس والبنـاء اإلبداعـي كمـا سـبقنهن أو سـبقوهم ..لكـن مـن زاويـة اجتماعيـة أرى بأننـا فـي حاجـة اليـوم يحفـز خاليانـا الوراثيـة العربيـة التـي إىل مـا ّ بنيـت علـى الـكالم والحديـث والخطاب والشـعر.. وينسـب أيضـا للمـرأة كثرة الـكالم ..فقد تؤسـس اسـتعاراتهن وأدواتهـن الشـعرية مـن اسـتعارة واسـتعانة بالمسـرح والسـرد الشـعري فتوحـات قـد اليصـل إليهـا شـاعر ..واالطلاع بدقـة علـى المدونة اليونانية /اإلغريق شـعرا ونثرا وفلسـفة جديـر بـأن يحقـق لهـن مكاسـب إبداعيـة ّجمـة كمـا حققـت وتحقـق لجميع الشـعراء السـابقين.. دون أن نقع بشـكل أو بآخر في محاكمة الشـاعرة أو الشـاعر مـن خلال أقوالـه وتأويلهـا حسـب مـا نعتقـد ونهـوى ..إننـا حفظنـا عديـد األسـماء ورددناهـا ورددنـا أشـعارهن وأشـعارهم وحملنـا فيضهـن وفيضهـم الشـعري إىل الحمـاس والهمـة للنجـاح فـي الحيـاة وفتـح آفـاق االنتصـارات فـي مجـاالت حياتيـة مختلفـة. إن الفصـل بيـن الشـاعرة والشـاعر فـي الجنـس األدبـي الينبـئ بحقيقـة عازلـة بـل أرى الشـاعرة لصيقـة الطرفيـن فـكل شـاعر أو كاتـب تسـكنه امـرأة والعكـس صحيـح هـذا لعمـري منطـق أنتصـر إليـه ،فهـو الـذي يؤكـد نجـاح خصوبـة المعنـى وبالغتـه وروحه النابضـة داخل كل لفظ وجملـة مكتوبـة أو منطوقـة أو مرسـومة.
أقالم سمراء
مارس 2021 -م
إشراف /حميد رائع
ة ش�اعر و ق�ص ي�د�
ذكرتك
الشاعر ( مصطفى وهبي التل ) ولـد مصطفـى وهبـي التـل فـي مدينـة إربـد فـي ،1899/5/25 وتلقـى تعليمـه االبتدائـي فيهـا .سـافر إلـى دمشـق عـام ،1912 وواصـل تعليمـه فـي مكتـب عنبـر (مدرسـة) .وخلال دراسـته شـارك زملاءه في الحـركات التي كانـوا يقومون بها ضـد األتراك، فنفـي إثـر إحـدى هـذه الحـركات إلـى بيـروت ،ولكنـه مـا لبـث أن عـاد إلـى دمشـق مـرة أخـرى.
في صيف عام 1916عاد مصطفى إىل إربد لقضاء العطلة الصيفية ،وفي أثناء تلك الفترة نشبت بينه وبين والده خالفات حادة ،ما جعل والده يحجم عن إعادته إىل مدرسة عنبر في دمشق ،وأبقاه في إربد ليعمل في مدرسة خاصة كان قد افتتحها والده آنذاك وسماها «المدرسة الصالحية العثمانية». بقي مصطفى في إربد .وعمل في مدرسة والده مضطراً، واستمرت خالفاتهما واشتدت ،فقرر أن يترك إربد ،فغادرها في 20/6/1917بصحبة صديقه محمد صبحي أبو غنيمة قاصدين اسطنبول ،ولكنهما لم يبلغاها ،إذ استقر المقام بمصطفى في «عربكير» حيث كان عمه علي نيازي قائم مقام فيها. قضى مصطفى صيف عام 1919في إربد ،واستطاع _ بمساعدة بعض زمالئه -إقناع والده بضرورة إرجاعه إىل مدرسة عنبر بدمشق .فسافر إليها في مطلع العام الدراسي .1919-1920ولكن عودته صادفت قيام حركات طالبية شارك فيها ،بل كان مع بعض أصدقائه على رأسها ،ما جعل السلطات تقرر نفيه إىل حلب ،وسمحت له بإكمال دراسته فيها ،فسافر إليها في شباط .1920ومكث فيها
حتى الشهر السادس من عام .1920حين غادرها بعد أن حصل على الشهادة الثانوية من المدرسة السلطانية .وفي أثناء دراسته تعلم اللغة – التركية ،كما عرف الفارسية ،وفي أواخر العشرينات درس القانون معتمد ًا على نفسه ،وتقدم للفحص الذي كانت تجريه وزارة العدلية آنذاك فاجتازه، وحصل على إجازة المحاماة في 3شباط .1930 عمل مصطفى في الفترة )( 22/4/1922-1931معلم ًا في مدرسة الكرك ،وفي مناطق متفرقة من شرقي األردن، وحاكم ًا إداري ًا لثالث نواحي شرقي األردن ،وهي وادي السير، والزرقاء ،والشوبك. كان له صالت واسعة مع كثير من الشعراء المعاصرين له أمثال :إبراهيم ناجي ،أحمد الصافي النجفي ،إبراهيم طوقان ،عبد الكريم الكرمي (أبو سلمى) ،الشيخ فؤاد الخطيب ،كما كانت صلته وثيقة ببالط المغفور له الملك عبد هللا األول ابن الحسين ،حيث كانت تجتمع نخبة من الشعراء واألدباء ،وتدور بينهم مساجالت ومعارضات شعرية. في صباح يوم الثالثاء 24/5/1949توفي مصطفى في بعمان ،ونقل جثمانه إىل إربد مسقط المستشفى الحكومي ّ رأسه ،حيث دفن في تل إربد كما جاء في وصيته.
قصيدة (أيف كل يوم) ....مصطفى وهيب التل أفي كل يوم أنت مضنى مروع تشوقك أوطان وتصبيك أربع قضيت الصبا صب ًا وأنحيت نحوه شباب ًا تقضى وهو بالوجد مشبع تكاد إذا ريح الجنوب تنسمت حنين ًا إىل وادي األراكة تهرع تكاد حنينا أن تذوب إذا بدا لعينيك برق بالجزيرة يلمع فمنذ بها نيطت عليك تمائم وأنت بها من دون تربك مولع أتحسب كثبان المهامه يا فتى جنان ًا بها أيك السعادة مفرع فتشجيك ذكراها ويصبيك ذكرها وتشتاق سكناها إذا ضاق موسع فمتع بما أعطيته من تمدن جوانح جد ًا شاقهن التمتع وال تك جحاد ًا بنعمى حضارة على بعضها عين البداوة تدمع نزلت بواد غير ذي زرع ما جني خال القحط من إخصابه المتوقع
فدع عنك إغواء الصبابة وارعو فإنك في سهل من الوهم ترتع أقول لنفسي حين راح كالمها جزاف ًا بإقناع الذي ليس يقنع نعم جيدها عطل من الحلي والحلى ولكنه بالمكرمات مرصع وإن مغانيها وإن قل خصبها لمن كل مرعى قام بالغرب أمرع فيا حبذا بيت من الشعر مابه لعلج زنيم دأبه الغدر مطمع وال حبذا قصر مشاد بروضة على الرغم مني فيه للعلج مربع وآل بعرض القفر يخدع ظامئ ًا لغلتنا من نهر لندن أنقع وبوم يحيي الليل في حالك الدجى بنعق له جأش المصاليت يجزع أحب لسمعي من تغاريد آلة لغير بالدي يا أخا العرب تصنع وكل بالد يلفظ الضاد أهلها بالدي وإن كانت بمثلي تظلع
صـالح طـه – إرتريا الحب يا سلمى ذكرتك ال ذكرى سوى ِ ِّ الحب يا غايتي العظمى كان إال ّ وهل َ بداخلي األشواقُ شوك من الهوى الهما فإن ِ ْ أنزع ّ أكتم األشواقَ ال ِ أطول نخلة عيني عشت في لكم ِ َ ّ أعظمها فيها أرى رغبتي األسمى ّ بالحسن وامقا تجتاح بفاتنة ُ ِ الجبل الضخما ُصدعُ من فتْ ناتِها ت ّ َ أحن لعينيك األماني فيهما ّ له وت ٌر يظما وألحان ظمآن ُ الحسن عاشقُك الذي فقه تعل َّم َ ِ ده علما بين ٍ أطياف تز ّو ُ ثوى َ أعيدي أيا سلمى زمانًا نح ّب ُه ُ أعرف الوهما ألقاك ال وأيام إذ َ َ فأنت رعاك هللا أبهى قصيدةٍ وحسنك أحلى من ( قفا نبك) أو أسمى ِ أبرع بوصفك عاشقًا فإن أنا لم ْ تما بدع ِ ذرت وإن ُأ ْ ُع ُ فمنك الذي ّ لوجهك يسعى النور يطل ُب ِك الضيا ِ ِ الكأس يسألك اللثما راح ُ لثغرك َ خذي هذه األشواق كوني رحيمة بعاشقك الظمآن ال تألفي الظلما ِ
41
مارس 2021 -م
يف بيت املتنبي َ ُ َ مدينة حلب ،لن تسكن حين َ يدهش َ ك أمران ،في الناس حلبي والمكان .ففي قلب كل ٍّ ٌ ٌ ركن للموسيقى، مغسول بالبهجةِ والطرب ،وفي كل زاويةٍ من مدينتِه ٌ ٌ ممزوج بالتاريخ واألدب. حديث للحجر، وإذا كانت الموسيقى في الحي ُ تصدح بكل ما فيها من الحلبي شجن عاشق وحنين إلى األصالة، فإن المسافة في المدينة العريقة بين اإلنسان والمكان ال تكاد تبدو، يتبينها أحد ،ألنها ال ُ حب زاد ُته بعد أن أ َّلف بينهما ُّ حلبي أشرف أبو اليزيد * السنون رصانة ،فأصبح كل ٍّ ُ يتحدث، سفي َر مدينتِه حين صحفي ورحال مصري وصو َتها حين يغني ،وعقلها حين يفكر ،وشاعرها حين يكتب.
كثيـرة هـي األماكـن فـي أجنـدة زائـر حلـب، ولـكل مـكان قصـة ،لـه أن يختارهـا كبدايـة أو يرسـمها فـي النهايـة .فـي حلب ،وتحـت مظلة االنتـداب الفرنسـي ،خلال العشـرينيات مـن القـرن الماضـي ،بـدأ علمـاء فرنسـا عمليـات تنقيـب وتفتيـش فـي قلعـة حلـب ،وأخـذ الجنـرال فيجـان ينقـل مـا كان يكتشـف مـن القلعـة إىل الشـاحنات العسـكرية ،لتأخـذ المقتنيـات طريقهـا إىل فرنسـا. أثـارت سـرقة المحـراب الخشـبي والمكتبـة مـن مسـجد الخليـل -وهمـا يعـودان إىل العهـد الزنكـي فـي القـرن السـادس الهجـري -غيـرة بعـض أبنـاء المدينـة ،فتنـادوا لتأسـيس جمعيـة تحت اسـم (جمعية أصدقـاء القلعة)، اجتمعـت فـي الثانـي مـن أغسـطس 1924 (غـرة شـهر المحـرم 1343للهجـرة) لتكـون النـواة المؤسسـة ،وضمـت ـ آنـذاك ـ الشـيخ كامـل الغـزي عضـو المجمـع العلمـي العربـي، واألب جبرائيـل ربـاط ،والشـيخ محمـد راغـب الطبـاخ ،والمهنـدس صبحـي مظلـوم ،والشـيخ
42
تمثال المتنبي في سوريا
عبـد الوهـاب طلـس ،واألب جرجـس منـش، ومفتش اآلثار الفرنسـي بلو دو روترو ،والدكتور أسـعد الكواكبـي .وقـد أثمـر جهـد الجمعيـة، والدعـم األهلـي الـذي تلقتـه ،في صـدور القرار
الصديق بهِ . مكان ٌ شر البالدِ َ ُّ
(المتنبي)
the most evil land ever is that where there is no friend to find )(Al-Mutanabbi
136لسنة 1926القاضي بإنشاء متحف حلب. قـال لـي الباحث محمد قجـة ،رئيس (جمعية العاديـات بحلـب) ـ االسـم الـذي صـارت إليـه (جمعيـة أصدقـاء القلعـة) ،وواحـد مـن أهـم الباحثيـن فـي تـراث المدينـة وحضارتهـا، ردا علـى سـؤال حـول نشـاط الجمعيـة ،التـي ّ عاما على 80 بمـرور 2006 عـام فـي احتفلـت ً إنشـائها: «نحـن نسـتعد إلصـدار العـدد األول مـن مجلـة العاديـات الفصليـة ،وال ننسـى أنهـا حفيـدة (مجلـة العاديـات السـورية) الشـهرية التـي صـدر عددهـا األول فـي مايـو سـنة 1931 ميالديـة كأول مجلـة متخصصـة باآلثـار فـي الوطـن العربـي ،وكان مديرهـا ورئيـس تحريرهـا الشـيخ كامـل الغـزي ،ولـم توقفهـا إال ظـروف الحـرب العالميـة الثانيـة .كمـا نصـدر منـذ 1975ميالديـة كتابـا سـنويا بالتعـاون مـع جامعـة حلـب باسـم (عاديـات حلـب)، وهـذا الجهـد التوثيقـي تؤمنه دراسـات وبحوث المختصيـن مـن أعضـاء الجمعيـة الذيـن بلـغ
مارس 2021 -م
حلب من أعلى قلعتها
وجمعيـة العاديـات مـن أوائـل المنظمـات األهليـة فـي الوطـن العربـي ،وهـي نمـوذج للعمـل العـام الـذي ينهـض بـه المثقفـون لحمايـة التـراث بـكل أشـكاله المعماريـة والفكريـة والفنيـة؛ الماديـة وغيـر الماديـة.
عددهـم أكثـر مـن 2500عضـو ،ولهـا فـروع فـي الالذقيـة ،وجبلـة ،وطرطـوس ،وحمـص، وحمـاه ،وسـلمية ،ومصيـاف ،وإدلـب ،ودرعـا، والسـويداء ،وديـر الـزور ،والمياديـن ،والحسـكة، كمـا نشـارك فـي عـدد مـن اللجـان مثـل لجنـة ترميـم الجامـع األمـوي الكبيـر بحلـب ،ونبذل سـأل ُته :لقد سمعت باكتشـافك لبيت الشاعر جهـودا للحفـاظ علـى المدينـة القديمـة». ً أبـي الطيـب المتنبـي فـي حلـب ،فكيـف كان
ذلـك؟ أجابنـي بتأمـل كأنـه يقلـب أسـفارا من ورق وحبـر وحـب: «كان السـؤال حـول إقامـة شـاعرنا فـي حلـب شـغلي الشـاغل وأنـا أقلـب الكتابـات التـي تناولـت سـيرته ،فلـدي اليـوم كل مـا كُ تـب وكثيـرا ما تسـاءلت عنـه مـن شـروح ودراسـات، ً عـن مـكان إقامتـه فـي حلـب ،وأسـرار حياتـه اليوميـة بالمدينـة ،حتـى عثـرت علـى أول الخيـط فـي كتـاب (بغيـة الطلـب فـي تاريـخ حلـب) ،البـن العديـم ،الـذي خصـص دخـول المتنبـي إىل حلـب بالعـام 337للهجـرة ،فـي المحلـة المعروفـة بـدار بنـي كسـرى ،وكانـت داره مالصقـة لـدار ابـن العديم ،وهـي ما كانت وقـت كتابـة هـذه السـيرة خانقـاه سـعد الدين كمشـتكين .وكانـت هـذه األسـماء واألماكـن مفاتيحـي األوىل للوصـول لبـاب المتنبـي بعـد الوصـف الدقيـق للمـكان ،وتحديـد موقـع دور آل العديـم وآل كسـرى وخانقـاه سـعد الديـن، وعثـوري علـى سـطور تفصيليـة فـي كتـاب سـبط بـن العجمـي الحلبـي المتوفـى فـي 884للهجـرة فـي كتابـه (كنـوز الذهـب فـي تاريـخ حلـب) ،تبيـن قـرب الـدار من المدرسـة الصالحيـة ،ومـا يعـرف اليوم بمنطقة سـويقة علـي. البصـر صـورا للبيـت ،ثـم انطلقنـا إليه، تابـع ُ وتوقعـت أن أجـد الفتـة تـدل عليـه ،أو جـادة تحمـل اسـمه ،أو لوحـة تذكرنـا بصورتـه، أو مكتبـة لديوانـه والدراسـات التـي تناولـت سـيرته وأدبـه ،أو شـرائط سـمعية لقصائـده، أو جداريـة تزهـو بأبياتـه ،وخاصـة تلـك التـي أنشـدها فـي حلـب وأميرهـا: الروض قلنا رحبت بنا كل ََّما ُ ْ بيل قص ُدنا وأنت َّ حلب ْ ٌ الس ُ والمسمون باألمير كثي ٌر ُّ
(تمثال) شهداء الثورة السورية منذ الف عام
المأمول واألمير الذي بها ُ لكننـي لـم أجـد ذلـك كلـه ،ولـم أسـتمع إىل الشـعر ،وقوافيـه ،بـل تناهـت للسـمع نهنهـات طفوليـة بائسـة ،ووجـدت الفتـة (مركـز اللقـاء األسـري) ،حيـث أصبـح المـكان ملتقـى لرؤيـة األطفـال الذيـن يعانـي والداهـم مشـكالت االنفصـال.
43
مارس 2021 -م
يطمئننـا األسـتاذ قجـة بـأن عـددا مـن المقترحـات تتـم اآلن دراسـتها مـع المعنيين، لجعـل المقـر متحفـا يحمـل اسـم المتنبـي، يحتفـي بالثقافـة الثريـة التـي يثيرهـا اسـم ذلـك الشـاعر الكبيـر. البيـت يقـع فـي حلـب القديمـة ،التـي يسـكنها اليـوم أكثـر مـن مائـة وعشـرة آالف نسـمة (آنـذاك بلـغ عـدد سـكان حلـب مليونـي نسـمة) ،وتتضافـر حاليـا أكثـر مـن جهـة لمواجهـة تدهـور البنيـة التحتيـة لهـا، وضمـن هـذه الجهـود ،وباإلضافـة لمـا تبذلـه جمعيـة العاديـات ،يتعـاون مجلـس مدينـة حلـب مـع الوكالـة األلمانيـة للتعـاون التقنـي، ضمـن مشـروع إحيـاء مدينـة حلـب القديمـة، الـذي زرتـه فـي مدرسـة الشـيباني العتيقـة. انتقـل المعـرض إىل قاعـات المدرسـة بعـد سـنوات مـن عرضـه فـي ألمانيـا ،ويضـم خرائـط تطـور عمـران المدينـة القديمـة، ومجسـمات لمنشـآتها الدينيـة والسـكنية وصورا موثقة لتاريخها يعود وأسـواقها والقلعة، ً عامـا ،ونموذجيـن للبيت بعـض منهـا إىل ً 150 الحلبـي ،أحدهـا بالحجـم الطبيعـي .ومـن
المثيـر أننـي عثـرت علـى تفصيلـة معماريـة حجريـة ،للمجسـم الـذي اختارتـه جمعيـة شـعارا لها ،ضمن مقتنيات المعرض. العاديات ً وقد وجد مشـروع إحياء مدينة حلب القديمة أن أحـد المسـببات الرئيسـية لتدهـور الحالـة اإلنشـائية للمبانـي التاريخيـة هـو تسـرب الميـاه مـن شـبكات البنيـة التحتيـة ،وارتفـاع الميـاه بفعـل الخاصـة الشـعرية إىل مناسـيب كبيـرة فـي الجـدران ،مما خلق آفـات مختلفة فـي الحجـارة ،بغـض النظـر عـن المشـكالت الناجمـة عـن ظهـور نباتـات فـي البنيـة الحجريـة ،وهـو مـا يحـاول المشـروع اليـوم عالجـه .وإذا كان مـن ملمـح معمـاري يجمـع يوحد بين بيـن ماضي المدينـة وحاضرها ،أو ِّ قديمهـا وحديثهـا ،فليـس سـوى الحجـر ،الذي ينهـض فـوق الطرقـات بيوتا ومنشـآت بديعة، يحـاول حديثهـا اسـتلهام الماضـي التليـد، ليـس فقـط فـي المسـاجد ،ولكـن فـي البيـوت الخاصـة أيضـا ،بقلـب األحيـاء الجديـدة. * [فصل من كتاب (أيام دمشقية) عمان ،األردن] الصادر مؤخرا عن دار خطوط وظاللّ ،
مــن أقــرب الــدروع التكريميــة إلــى قلبــي وذاكرتــي؛ الــدرع التذكاريــة لمدينــة حلــب عاصمــة للثقافــة اإلســامية، وأهداهــا لــي صديقــي األكــرم الباحــث والمــؤرخ والقــدوة األســتاذ محمــد قجــة ،األميــن العــام لحلــب عاصمــة للثقافــة اإلســامية ،ورئيــس جمعيــة العاديــات ورئيــس تحريــر دوريتهــا ،وعضــو مجلــس األمنــاء فــي كل مــن مركــز المخطوطــات فــي مكتبــة اإلســكندرية ،ومؤسســة القــدس الدوليــة ،ومؤسســة العلــوم والتكنولوجيــا والحضــارة .حيــن التقيــت صديقــي الدكتــور حســن محمــد قجــة فــي دبــي ( )2015تحدثنــا طويــا عــن الوالــد الكريــم ،الــذي أصــر علــى البقــاء فــي مدينتــه األغلــى حلــب ،ال يفارقهــا ،وقــد أصبــح جــزءا مــن تاريخهــا ،مثلمــا هــي قطعــة مــن قلبــه وفكــره ووجدانــه .تحيــة تلميــذ لــه وتحيــة أســرية ألســرته العزيــزة ،ودعــاء فــي اللقــاء بالشــهباء مجــددا
44
مارس 2021 -م
أمريكا ..أو “متالزمة غيالن باريه” أمريـكا هـي بلـد األحلام الفائضـة ،التـي تؤطـر رؤى الشـباب فـي مشـارق األرض ومغاربهـا ،وهـي أرض الحريـة والجنـون والتميـز والوله ،غيـر أن الذي ال يعرفـه الشـباب أن الحيـاة فيهـا قتـال يومـي مـع المسـؤوليات ،وال يمكـن تحقيـق مكانة بسـيطة فـي مجتمع يعـج بالمواهـب إال من خالل العمـل غيـر المنقطـع.
سهيلة بورزق -واشنطن
ثم ماذا يمكن أن يحدث لو فصلت عن عملك ألي سبب من األسباب وضاعت بوصلتك في البحث عن وظيفة جديدة لتسديد إيجار البيت وفواتير الماء والكهرباء والتأمين الصحي والغذاء؟ أفتح هذه النافذة وأنا أعرف تماما ردة فعل من يعيشون في عالم الخيال الواسع. قبل سنوات طويلة أصيب زوجي بمرض غريب ،جعلني شخصيا -أقف عاجزة عن فهم داللة هذه األزمة الصحيةالتي هاجمته بعد عودته من تغطية الحرب في أفغانستان، بصفته إعالمي مراسل متنقل بين دول العالم ،كان يجد صعوبة في بلع األكل وشرب الماء فاعتقدت حينها أنها حالة التهاب اللوز ورغم ذهابنا إىل المستشفى أكثر من مرة إال أن األطباء أكدوا لنا أن الحالة ستستقر بعد االستمرار في تعاطي الدواء ،لكن الذي حدث أن الحالة تطورت إىل األسوأ، وازدادت سوء واحتجت إىل نقله إىل المشفى للمرة الخامسة وهنا اختلف التشخيص ،وتحول التهاب الحلق إىل حالة نادرة من توقف جميع األعضاء عن الحركة ،وشخصت حالته على أنها «متالزمة غيالن باريه» وهي حالة اضطرابية نادرة تتلف فيها األعصاب الطرفية بواسطة الجهاز المناعي. كان زوجي حينها هو المعيل الوحيد ألسرتنا ،إال أن مرحلة مرضه والتي استغرقت سنة عالجية كاملة جعلتنا نتعلم درسا قاسيا ونحن نحضن غربتنا وتجربتنا الصعبة. كنت بال وظيفة ،حين قررت مؤسسة عمله تحويله على
التأمين ليدفع لنا ربع دخله الشهري وهنا تحولت حياتنا إىل كوابيس. مررت بكم من هذه المحطة ألشعل شمعة في عقول الشباب وأخبرهم أن المآسي التي نمر بها في بلداننا النامية ،نمر بها أيضا في بلد الصناعة والهوليود والترف والحرية ،ويحدث أن نجوع وال نجد معينا ويحدث أن يظلمنا القانون لجهلنا به ولسوء الظروف واألكثر من ذلك يحدث أن يصدمنا سلوك العنصرية المستمر ،رغم تكذيبه من طرف العنصريين أنفسهم. أمريكا التي يتخيلها الكثير من الشباب مرتعا للتهور والحياة الرغيدة هي في الحقيقة دوامة غير منتهية من التضحيات ،والقلق المزمن. احملوا أحالمكم الكبيرة على محمل الجد ،فال شيء يقتلها مثل خذالننا لها وتركها وحيدة في شارع بارد. ال يمكن دخول أمريكا بقرار اعتباطي ،ألن بلد الصناعة ال يملك تأمينا مجانيا لألغبياء وال يمكن وضع التجربة في إطارها الحقيقي ألن الحقيقة هي ما تصنعه صالبتك حين يسقطك المرض ،أو تواجهك تهم الحياة. األكيد أن اإلصرار على تحقيق األحالم ،هو ما يجعلنا ننجح في تقدير مصيرنا ،لكن أيضا علينا االنتباه إىل داللة المفاجآت غير الصريحة ،التي تأتي محملة بالمصائب. ال تدخلوا أمريكا وأنتم سكارى ،فالحياة هنا أعقد مما تتصورون.
45
مارس 2021 -م
طاقة القلق الوجودي يف قصيدة (األقنعة) للشاعر اإلماراتي محمد عبداهلل البريكي القصيد صار ُ لماذا إذا َ غبت َ كالزوبعه الحزن ببوابةِ ْ ِ تخون وأنت رياحي التي ال َ ُ والفلك واألشرعةْ الموج فتى ِ ِ الظالم وكانت شواطئُنا في ِ تلبس األقنعةْ لوجهتِ نا ُ والعابرون صبري وغنيت ُ َ َ قصب الموج كانوا على ضفةِ ْ ِ تسابيح ُهم تستعيذ كثير ًا ُ مهب الموت من ِ والجوع والال ْ ِ الغريق وكانت نجو ُم الندا ِء ِ العتب سماء تضيء بشعري ْ ُ َ عد َك باب ًا قديم ًا صار ُبـ ُ لقد َ عاله الصد ْأ ال قف ك وصد ً ُّ َ ُ هزيل ..فأضحى ومفتاح صوتي ُ ٌ ضيـ ُع حاض ُر ُه المبتد ْأ يـ ُ ِّ حزن وصدك وما بين صوتي َ ٌ فأيـ ُهما في الجفا قد بد ْأ ؟ ُّ الطريق ندل َ مصيبتُ نا ال ُّ والكبرياء .. ..والحزن ..أنت أنا َ ُ ْ ثم َة نه ٌر ومن خلفـِنا كان ّ ماء ؟ لماذا ِ عطشنا وفي النهر ْ لقد ج َّر َح الظم ُأ األمنيات الرواء ؟ إلي فكيف َ ُ ْ يعود َّ ُ وكوخ اللقا ِء تغيب تغيب ُ ُ الريح والعاصفةْ تالع ُب ُه ُ ُ يستغيث وبابي بعكازهِ بعينِ َك لكنها ناشفةْ الغياب ظنون فيك ُ فتسقط َ ُ ِ وأصعد للدمعةِ الخائفةْ ُ
46
د .محمد بكر البوجي -فلسطني
عنـوان النص وعتبتـه ،األقنعة ،و لم يقل القناع ربما ألمرين اثنيـن :األول أن هنـاك قصائـد عربيـة تحمـل اسـم القنـاع وحتـى ال تخلـط هـذه القصيدة بتلـك القصائـد العربية ،ثم األقنعـة هـي جمـع ومـن النـص نفهـم أن المقصـود مـن الشـخصيات هنـا هـي شـخصيات جمعيـة لمجتمـع كامل متكامـل لـه فـي الماضـي سـلوكيات وحضـارات بـدات بإثـر الحضـارة الغربيـة تندمـل وتتالشـى هـذا مما جعل الشـاعر يحمـل قلقـا ثقافيـا وقلقـا وجوديا لهـذا سـماها األقنعة .
القصيدة هي رثاء للحياة السابقة برحيل األب و برحيل الجد ،اللذن يرمزان إىل ،الزمن السابق ،ترمز إىل األجيال التي رحلت ورحلت معها تلك الحياة التي كانت فيها محبة ووئام وتصالح مع الذات وتصالح مع المجتمع وفيها جلسات هادئة مساء، وفيها عمل مشترك صباحا هذه الحياة بدت وكأنها اليوم تتالشى بفعل موجودات تكنولوجية أضعفتها .تتأرجح حركة النص بين زمانين وبين مكانين وبين مجتمعين ،زمانين الزمن القديم والزمن الذي يعيشه الشاعر ،المكان ربما مكان البحر حيث كنا نعمل هناك سويا ومكان الصحراء الذي ابتلع كل شيء في نفسياتنا ،أيضا النص مليء بالطاقة ومنبع الطاقة أنه يكاد يكون نصا مسرحيا دراميا في ال شعور الشاعر حيث يرغب في إنجاز نص مسرحي كبير، هذا مقطع من النص الذي يطمح الشاعر في إنجازه عن تقلبات الحياة وصراع الحياة وربما صراع الطبقات واألجيال في المجتمع العربي ،الشاعر يمتلك أدوات الكتابة للمسرح الشعري فهو يمتلك لغة رائعة ، يمتلك «كميرا» تصويرية في ذهنه راقية ،يمتلك أدوات البداية والنهاية ،يمتلك كل مقومات كتابة فن المسرح الشعري ،وأعتقد أنه يوما ما سيذهب في هذا االتجاه ويكتب مسرحا يخلد اسمه عبر التاريخ ،من هنا جاءت الطاقة التي نستشعرها في كل مفرادت النص ،توجد طاقة بمعنى أن اللغة التي يستخدمها الكاتب تحمل طاقات رهيبة في البداية ،يقول : لماذا إذا غبت صار القصيد . استفهام تقريري ،الغياب هو غياب مجتمع يمثل طاقة اآلباء واألجداد ،سلوكيات مجتمع ،لكن تقمصه أو وضع األباء قناعا له لماذا ،يقول : القصيد صار ُ لماذا إذا َ غبت َ كالزوبعه الحزن ببوابةِ ْ ِ
الزوبعة هنا تعطينا طاقة حركة ذاتية يدور حولها الشاعر في كل األبيات ،نحن ندور حول أنفسنا في طريقة لولبية هي مثل الزوبعة ،وبالتالي نحن نعيش حالة من فقدان التوازن ،وربما بناء شكل مجتمع جديد ال عالقة له بالماضي . وأنت رياحي اليت ال ختون األب أو المجتمع السابق ينمذج السلوكيات الحضارية السابقة ،تمنح الطاقة الكامنة في كلمة الرياح شعورا إيجابيا ،ألن الرياح جمع تفيد التغيير نحو األفضل كما وردت في القران الكريم ( الرياح ُبشرا ) األعراف ، 57أما وروودها مفردة تعني طاقة سلبية (ريح صرصر عاتية ) آل عمران ، 117هنا والده وأجداده هم الرياح التي كانت تأتي بالخير . فتى الموج والفلك واألشرعة كلمة «فتى» هنا تذكرنا بقصيدة الشاعر طرفة ابن العبد الذي هو ابن نفس المكان الجغرافي ،ابن البحر والبر معا ،الذي أفرز النص بقوله : إذا القوم قالوا من فتى ِخلت أنني ُعنيت فلم أكسل ولم أتبلدِ إذن هنا أيضا فيها نوع من االعتزاز بالذات بأنني أنا الفتى الذي يمكن االرتكاز عليه في إظهار تجليات ذهبت مع السابق وسلوكيات بدات تعتري هذا المجتمع ،إذن نحن أمام قصيدة تمتلئ بالطاقة وخاصة أن النص يرتكز على أربعة أبيات فقط رئيسية البيت األول والثاني والبيتين األخيرين التي يقول فيهما : ُ يستغيث وبابي بعكازهِ بعين َِك لكنها ناشفةْ الغياب ظنون فيك ُ فتسقط َ ُ ِ وأصعد للدمعةِ الخائفةْ ُ وما بين هذه األبيات هو تحليل وتفصيل وشرح لها .
مارس 2021 -م
إذن نحن أمام قصيدة تكاد تكون رثاء إما أن تكون لألباء واألجداد الذين هم سند الحياة وسند الريح الذي كان يسندني ويسند معي الفلك واألشرعة و الموج والمقصود بهم الزمن ،أو هي العادات والتقاليد والسلوكيات الحضارية العربية األصيلة التي ذهبت مع وجود تقنيات حداثية . نعود إىل القناع ،القناع في األدب العربي بدأ مع البياتي في بداية الستينيات من القرن العشرين وأيضا بعض القصائد واألبحاث التي كتبت ،لكن أريد أن أقول شيئا أن القناع موجود في األدب العربي منذ امرؤ القيس في العصر الجاهلي عندما تغزل غزال تلب َسه فاحشا وذكر أسماء فتيات ،أعتقد أن هذا قناع ً امرؤ القيس ليظهر أنه يمارس ويتغزل ويفعل كذا ، لكن في الواقع هي أسماء وهمية من اختراع الشاعر ،القناع هنا وأنت رياحي ،وبابي، صار غبت لماذا إذا ُ القصيدَ ، َ َ إذن اتخذ من الباب قناعا له ألن الباب هو مفتاح الحركة وأيضا داللة االنغالق التي تساوقت مع حروف الروي ،أيضا يعني له : وكانت نجوم النداء الغريق بشعري تضئ سماء العتب هو يعتب لهذا نقول أن هذه القصيدة هي رثاء لعادات وتقاليد سابقة ويعتب على المجتمع أنه ترك العروبة األصيلة في عاداتها وتقاليدها وبدأنا نعيش في مجتمع مختلف ،يقول : والعابرون صبري ّيت وغن ُ َ َ قصب كانوا الموج على ضفةِ ْ ِ ُ تستعيذ كثير ًا تسابيحهم ُ مهب والال والجوع الموت من ِ ْ ِ بدأنا في جوع ثقافي ،بدأنا في موت ثقافي وأشباه مجتمعات كأننا قصب والقصب له دالالت :أوال أنه ضعيف ممكن أن ينحني تحت هب الرياح ويسهل كسره ،ثم أنه من الداخل فيه فراغ والفراغ هنا فراغ نفسي وفراغ ثقافي ،كثر الغرباء الناطقين بغير اللغة . كلمة العابرون تذكرنا برائعة الشاعر الفلسطيني محمود درويش ( عابرون في كالم عابر ) مع االختالف في السياق التي يقول فيها عن العابرين : أيها المارون بين الكلمات العابرة كالغبار المر ..مروا أينما شئتم ولكن ال تمروا بيننا كالحشرات الطائرة فلنا في أرضنا ما نعمل ولنا الماضي هنا ولنا صوت الحياة األول ولنا الحاضر والحاضر والمستقبل طبعا درويش يقصد الصهاينة الذين طردوا شعبه من ديارهم ،بينما شاعرنا يقصد العمالة الغريبة التي وضعت المجتمع في مازق حضاري ووجودي ،العابرون على ضفاف الموج هم األجانب الذين ال قلق عندهم ال على المجتمع وال على الوطن ،ثقافة
محمد البريكي مغايرة تماما وقلق ذاتي مختلف ولغات غريبة ،هؤالء هم سر نكبتنا وضياع ثرواتنا سواء في فلسطين المحتلة الغرباء القادمين من دول أوروبا أو الغرباء القادمين الستالب الثروة . أريد ان اقول شيئا واحدا ،أن شاعرنا يمتلك أدوات شعرية رائعة جدا وراقية جدا وأنه مثقف يشعر بعبء المرحلة وثقلها ،لهذا جاءت بعض الصور الشعرية عنده ،ربما توارد خواطر مع شعراء سابقين ،مثال في قصيدة ،رثاء ،للشاعر العراقي ،السياب ،يقول فيها : والداي ماتا في طريقهما للحسين ً هل يقصد السياب ذلك مباشرة إطالقا ال ،يقصد شيئا آخرا ربما فقده نبض المجتمع الذي كان يحياه .أيضا شعراء آخرون ذكروا هذا النبض وتلك الطاقة المفقودة والمهدرة في مجتمع يؤلم الشعراء الذين هم أكثر إحساسا بقوة نبض المجتمع والمتغيرات التي تطرأ عليه سلبا ،لكن تبقى قصيدة الشاعر محمد عبد هللا البريكي ،جاءت في وقتها وفي مكانها الذي ينسجم مع هموم شاعر المكان نفسه ،طرفة بن العبد ،هنا قصيدة لها سمة الضفاف الواسعة في التحليل والعمق ولهذا كان سر استخدام القناع ،ليوسع ضفاف القصيدة ويعمق دالالتها وهنا كانت روعة الصورة الشعرية المتالحقة في النص حيث قلنا أن النص هو نص درامي يصلح أن يكون جزءا من مسرحية كبيرة ،كل ما فيها من صور متالحقة فيها حزن وفيها رثاء وفيها بكاء على مجتمع يصعب عليه مصيبتنا ال ندل الطريق أنا ..أنت ..والحزن والكبرياء بيت رائع فيه يجمع بين الحزن على مجتمع بدأ يفقد األصالة وسلوكيات وعالمات األلفة والمحبة التي ضاعت بسبب كثرة الغرباء عن اللغة ،لم يفصل بينهما ،أنا ..أنت بحرف العطف -و – الذي يعني
المغايرة ،إنما فصل أو قل ربط بينهما بواد فيه ماء ،أي أنا هو أنت ،أنت هو أنا ال فرق في األصل بين مجتمعين ،لكنه استخدم واو العطف بين الحزن والكبرياء ،ألنهما طاقتان مغايرتان ،ومتضاربتان داخل أنا أنت ،داخل النفس الواحدة ،لذلك ظل متمسكا بهذا الكبرياء : ومن خلفنا كان ثمة نهر لماذا عطشنا وفي النهر ماء صورة راقية في مجتمع صحراوي ،طبعا النهر معروف أنه به ماء واذا جف النهر فهو يتحول إىل وادي جاف يمتلئ موسميا مع المطر هنا يقول ثمة نهر وفي النهر ماء والمقصود بالنهر هنا ليس المتعارف عليه ولكن هنا انزياح لغوي كما في معظم الصور الشعرية بل في كلها انزياح لغوي المقصود بها هنا المودة والمحبة والتآلف والسلوكيات العربية األصيلة، لقد جرح الظمأ األمنيات واء؟ َ فكيف ُ الي ال ّر ْ يعود َّ األمنيات والجرح عميقا في مجتمعنا بأنه تناسى أو ترك أشياء وحافظ على شخصيته فكيف يعود إىل الرواء؟ ال بد أن يعود إىل نبع الرواء ،هنا استفهام استنكاري ال بد أن يعود إىل الرواء أي أن يعود إىل العادات والتقاليد العربية األصيلة تغيب تغيب وكوخ اللقاء يكرر تغيب هنا تغيب تغيب الرواء وكوخ اللقاء تالعبه الريح والعاصفة الكوخ الذي كنا تجتمع به كل العائلة و األحباب واألصدقاء فارغ اآلن ليس فيه إال آثار الريح تالعبه والعواصف ترفعه وهذا رياح عاصفة الحضارة الغربية التي جاءت بالتكنولوجيا وجعلت كل إنسان ينزوي وال يختلط باآلخرين ،وأن تعدد حروف الروي هنا داللة االضطراب النفسي والقلق الذي يعتري الشاعر لحظة اإلبداع ،عندما يكون قلقا أكثر يستخدم التاء المربوطة المغلقة فهو يغلق على نفسه بسبب الزوبعة ،وحين يستخدم صوته الممزوج بالكبرياء يستخدم ألف المد ،ثم يقمع نفسه بالهمزة الساكنة ،ثم الباء الساكنة المغلقة ،هذا نتيجة الطاقة المترددة التي تسيطر على أعصابه ومناخه الثقافي العام ،لكن ليس هذا ما يريد فيغلق على نفسه أداة السكون ،إنه يرحب بالتغيير المنتج داخليا .نحن أمام شاعر كبير جدا شاعر يمتلك أدوات ومقدرة وعواطف شعرية راقية ،أتمنى لشاعرنا أن ينفذ ما يكمن في الشعوره من أنه سيكتب مسرحا شعريا جادا يشخص فيه بين حالتين ،بين مجتمعين ، سابق يمارس شخصيته وثقافته ومجتمع اختلطت عليه المسارب ،مسرحية يخلد اسمه عبر التاريخ شاعرنا الكبير محمد البريكي ألف تحية لكم من قلب فلسطين النابض بعروبته . قصيدة تمثل القلق العربي الوجودي وما يعتري المجتمع العربي من انقسامات ال لزوم لها ،وال حاجة لنا بها ،ألنها بفعل خارجي غريب .
47
مارس 2021 -م
مسرحية «شارلوك هوملز يف حظيرة املعطي» عنوان الكتاب: شارلوك هولمز في حظيرة المعطي. المؤلف :أمينة الخربوع ،عللي خديجة. المترجم :عللي خديجة. سنة الطبع 2021م. دار النشر :دار بسمة -المغرب. عدد الصفحات37 :ص. معلومات حول المؤلف: أمينـة الخربـوع :كاتبـة وشـاعرة ،وأسـتاذة لمـادة اللغـة العربيـة. معلومات عن المترجم: عللـي خديجـة :كاتبـة ومترجمـة .حاصلـة على شـهادة مـن جامعة شـانهاي الدولية للغات .أسـتاذة اللغـة والثقافـة الصينية. ملخص المسرحية: تتحـدث مسـرحية «شـارلوك هولمز فـي حظيرة يحبـان حـس المعطـي» عـن زوجيـن مرحيـن ّ الدعابـة ومـا تـزال عالقة حبهما شـابة رغـم تقدم المتحـري تـؤدي الزوجـة «حليمـة» دور سـنهماّ . ّ شـارلوك هولمـز مـن أجـل الكشـف عـن سـارق ويـؤدي زوجهـا «المعطـي» دور السـارق. البقـرة، ّ تجمـع مشـاهد المسـرحية بيـن الجـد والهـزل محمـل بالـدالالت والمقاصـد والقيـم فـي قالـب ّ العالقيـة النبيلـة. قسم المؤلف المسرحية إىل خمسة مشاهد: ّ المشـهد األول :تـدور أحـداث هـذا المشـهد فـي منـزل المعطـي وزوجـه حليمـة حـول مالبسـات اختفـاء البقـرة الغامضـة. المشـهد الثانـي :تجـري أحـداث هـذا المشـهد في متحرية، الحظيـرة ،وفيـه نشـهد تح ّول حليمـة إىل ّ واتهامهـا لزوجهـا بسـرقة البقرة. المشـهد الثالـث :تو ّلـي حليمـة البحـث فـي الحظيـرة عـن أد ّلـة تسـاعدها علـى العثـور علـى سـارق البقـرة وإصرارهـا علـى أن زوجهـا هـو السـارق ،مبينـة دوافعـه المبيتـة لفعـل السـرقة. المشـهد الرابـع :اسـتمرار حليمـة فـي محاصـرة المعطـي بمجموعـة مـن األدلـة لتؤكـد بأنـه الفاعـل ،وهربـه منهـا. المشـهد الخامـس :لحـاق حليمـة بالمعطـي وتهديدهـا لـه بالمسـدس ،واسـتغالل المعطـي
48
للفرصة وانتشالـــــه للمسـدس مــــــن بيـن يـدي حليمــــة التـي انفجـرت ضاحكـة مـن جـراء إطلاق المعطـي لكـرات مائيـة مـن فوهـــــة المسـدس البالستيكي ،واعترافــــه لها بحبـــــــه رغـم تقـدم سـنهما. توجهت مجلة «أقالم عن المسـرحية ّ عربيـة» للمؤلفـة والمترجمـة المغربية أ .عللـي خديجـــــة باالستفســــــارات التالية: هل لديكم إصدارات سابقة أستاذة خديجة؟ عنـدي مقـاالت عـدة وكتابـات أدبيـة .هـذا أولإصـدار باللغـة الصينيـة ،وأنـا اآلن بصـدد ترجمـة ديـوان شـعري إىل اللغـة اإلنجليزيـة. اهتمامك باللغات األخرى ما هي جذوره؟ ِ التالقـح الثقافـي .لكــــــن اللغــــــة الصينيــــــة
بالنسـبة لـي هـي األسـاس ،والحضارة الصينيـة مـن أعـرق الحضـارات، وهناك قواسـم مشـتركة بين الثقافة الصينيـة والعربيـة ،وكذلـك تشـابه بيـن الكونفوشيوسـية واإلسلام. اعتــاد القــارئ أن يقــوم األدبــاء المهتـــــمون باللغـــــــــات األخـــــرى بترجمــــــة أعمــــــال أدبيـــــة مــن لكنــك تلــك اللغــات إىل العربيــة.. ِ إصداراتــك بــدأت هنــا قمــت بالعكــس فقــد ِ ِ المطبوعــة بمسرحيـــــة باللغــــــة الصينيــــــة ومــن ثــم تمــت ترجمتهــا للعربيــة ..مــن أيــن جاءتــك هــذه الفكــرة الجديــدة؟ ِ المغـزى هـو نشـر اللغـة الصينيـة فـي البلـدان العربيـة ونشـر اللغـة العربيـة فـي الصيـن قصـد تالقـح ثقافـي وانسـجام حضارتيـن مـن بيـن أهـم الحضـاراتّ .لقبـت فـي عـدة محافـل دوليـة بالسفيرة الثقافيــــة ألنني أدافــــــع عن اللغـــــة العربيـة وأحـاول نشرهـــــا. شخصيتا المسرحيـــــة عربيتـــــان لكـــــــن روحيهمـا صينيتـان ..فالحـب بيـن المسـنين ربمـا نلحظـه أكثـر فـي دول شـرق آسـيا وباألخـص الصيـن واليابـان ..هـل هنـاك مغـزى لهـذه االزدواجيـة؟ نعـم .الروح المرحة والفكاهـة والتعاون خصال تميـز األزواج الصينييـن ،وهنـا حاولـت تجسـيد ّ هـذه الخصـال الصينيـة فـي شـخصيات عربية. يقـال فـي الصيـن إن الحيـاة الزوجيـة السـعيدة تبقـى حتـى آخـر العمر. لديـك مشـاريع أدبيـة بغيـر اللغـة وهـل ِ ا لصينيـة ؟ عنـدي اهتمـام باللغـة اإلسـبانية وثقافـة الفالمينغو .ألن إسـبانيا هي قبلة المغرب ،وهذه اللغـة منتشـرة بشـمال المملكـة لعوامـل منهـا االسـتعمار الـذي كان فـي مـدن شـمال المغـرب، وكذلـك للموقـع الجيوسـتراتيحي للمغرب ،وللمبـادالت التجارية.... وأنـا بصـدد تأليـف كتـاب حول دور المهـارة الثقافيـة في تدريس اللغـة العربيـة لغيـر الناطقيـن بهـا، وكذلـك ترجمـة ديـوان شـعري مـن العربيـة إىل اإلنجليزيـة.
مارس 2021 -م
“أحمد الشحري” احلب َّ والضوء .. ـمــ ًا من ِّ عالـ َ َ خالد البراح الـقـلب في ِ ـبـ َر ْه .. ص ز نـاهـ الـقـلب َمـا في َ ِ َ َ ْ تـض ُ ــرةْ .. اح بـ َهـا ِ عـ ُض ِ يـق َ الع ْـب َ الج َـر ِ َبـ ْ ومِ ــد ُولـــة ٌ الح ـن ِـــح َم ْج ُ ـنيــن َر َوائ ٌ َ َ ِ جـ َـمـــ َّرةْ .. قصـــائ ٌ ومِ َ ـــاب َ ـن الغِ َيـ ِ ِــد ُم ْ هــا الليـ ِ ـهـ ُ قبـ َ ـل ُع ْ ـل ْ ـل ْ والنــا ُر ْ َّ مـ َـر َ تجـ َ ـزْ ــر ْه .. ـهـ عـ ــد ـشـ يحـ ن الحـ يـن ُ ـل ِح َ والليـ ُ ُ ْ َ ُ ِ ْ ُ ْ ــايــات النـ يـا ِ َ أخضـر َّ الغـ َـربـا ِء ُج ْـر ُح َ ـطــ ُة ُ ـك ِح ْنـ َ ْ ــر ْه .. ـش ـت واس ى ـغـ ط ـن َ ْ َ طـ ٍ َ َ في َو َ غـي َـمــ ًة ـن َر ِح ِ ــل مِ ْ ـسـافــةِ ْ الم َ ـم َ تـنْ َـس ُّ ـخَ ةِ ــرةْ .. ـم ج القصيـد ـب ص في ـيـب َ وتـغِ ُ ِ َ َ ْ َ ارس و نــ نشيـج ــاضـي الم ُــك ت ـا ـتـ َ َ َ َ ٍ يقْ َ ـــرةْ .. ــد ويجــوعُ غـ ٌ َ ُ ـمــ ُأ فِ ـكْ َ ْ وتـظـ َ فيــك َ ً ــب الح في ا قـ ر ـغـ ـت س م َ ُ ِّ ُ ْ ِْ ِــح ، ال َّ فـض َ الجــ َوان ِ ْ ــر ْه .. خ نـ ر ـ ه ـ ـم ت ق و ــ ـليـظ التَّ أ ْو غَ َ َ ُ ِ ْ ْ ُ َ َ ِ ــه ـضـ ـب ــح ن ـ ـم ي ء و ــ كـالض ــرد ًا نَ َّ َ ْ َ ْ ُ ْ َ ُ ُ وم َـم َ ـــرةْ .. شــ َو َش ِ ـكـ َ ــات ُ ضـــ ِر أ ِّو َل َس ْ الخـ ْ للـ َو ْ ال نـبـيـئــ َّيـ ًا ِظــ ً ُي َـسـامِ ُ ـيــن الــ ُي َـدامِ ـي الط ــك ــق ُحـزْ نُ َ ِّ َ فـي نَ ِ ــد َر ْه .. ـخـيـل َِك َص ْ ـــل الفـ ـات ـنـيـ ِ ُ ِّ وكَـ ُأغْ َ الحـنَّــاءِ ـيـ َبــــ َة ِ ـغـسـ ُ خـ ْ َي ْ ِــل َ ــر ْه .. ـهـ ط ـك ـفـيـض ـت يس ر ُ َ ُ َ ْ ـهــ ٌ ْ َ َنـ ْ ِ ِّ ـتـ َنـا إلــى لـ حـ ر ر ــ ـع والش ـبــي ـاح يا َص ْ ُ ِ ْ َ ُ ـحـ َـر ْه .. سـ ُ ـال َّ َح ْيـ ُث َ الج َـم ُ ـبـ ُ ـط ِس ْ الط ْلـ ُـق َي ْ ُ س ر ا و ـ النـ ـاءات ـمـ ـث ـي ح ِ انـتِ َ ْ َّ َ ِ ِ َ ُ ـنـجــ ِرد ًا م ـاريخ التـ ض ـهـ ُ ُ َّ ْ َ يـنـ َ ـــر ْه .. ـب تـ ــر ي ُ ُ فـجـ َ َ ْ ِّ مـــو َو ْر َد ٌة فـ ِ تـنـ ُ وعـلــى ُش ُ المــ ْو ِج ْ ــوف َ َ قُ وتـــو ِر َثـــــ ْو َرةْ .. شـ ِ ـعـ ٍ كـ ِّ ــة ُ فــي ُ ـاس َ ــل َ ـــك التــي الـهـــزَائ ِ آدمِ ـ َّيـتُ َ ِـــم َ ْ ـمـــى َ أس َ ــر ْه .. ـمـ سـ ـدس أقـ ـاب ـتـ أعـ لـى ع َفـت نــز ْ َ ْ َ ِ ْ ِ ُ ْ َ عـ ٌ ِّ ــابث ، ـعـــ ُر عِ ْ الش ْ ـطـــ ٌر َ ٌ ـومــــ ٌة ، ـتـ ـحـ م ة ــ ــريــبـ تـغْ َ َ ْ ُ َ
ـعــاقِ ـــ ُر َجـــزْ َر ْه .. َم ٌّ ـــد ُي َ ِّ ـعـــ ُر هــــذا الــ ال إلــــه ل ِ ِـظـلِّــــهِ َ الـش ْ ـجـــ َّرة ْ .. ـس م ة ً ـــ يــقـ ر ــ غـ « ـاك أنـ إال « َ َ َ ِ َ ُ ْ َ الح ْـبـلـى تُـفـتِّ ُ أب ـك ُ ـاج َ ــش َع ْ ْأم َـش ُ ـن ٍ ـــة ُم ْ ـضــــ َّرةْ .. ـح ٍ ـخ َ ــن َب َّ ِـس َـمـا ِرهـِــا َ ،ع ْ ل َ ُـك القصيـد ُة َشـاعِ ــر ًا ن ـ س و ـ ُـس ت ا ء و ـ ض ً ِ َ َ ْ َ ْ ــــر ْه .. ـن َتـ ْأ َت ِ ْــم يـنْ ـفُ ُ الحـل ِ ـآت ُ َع ْ ـض كـ ِْـب َ ً الحـقـيـقــةِ َحـافِ ـيــ ًا ـلـى ع أ ـ ـم حـ ِّـد َ َ َظ َ َ ــــر ْه .. ــفـ الم اب ـــر الس أس ُــل ك ـئِ ـلــةِ مِ ْ ـن ِّ ْ َّ َ ِ ُ ْ َ يـاصــ ْوتـ ًا َيـ ومـا بـــهِ يـا َ جــيء َ أنـت َ ُ ٌ ـفــــــ َّرةْ .. ـصـ م ة ـــ ـلـ بـ وقـ د اعُ إال الــــ َو َ ُ ْ َ ُ ْ َ ُ ِ ـعـ َـد َك َد ْم َـعـــ ٌة وحــة ْ األس َـمــاء َب ْ َم ْـذ ُبـ َ ـــرةْ .. َع َـب ْ ــرت َرفيـفـ ًا ْ فـ َ قـب َ ـــل آخـــ ِر َز ْ ِ ٌ ات ن ــ ِـلـك ت ة ـيـــد ح و الـغِ ـــاء ُ َ َ َ وَ َ ـن َز ْه َـرةْ .. بيعـ َ ـك َز ْه َـر ًة َع ْ التي ْ قـ ْت َر َ اعـ َتـ َنـ َ ْ ُ ـزْ فـ ُـه نـ غ و ا ـر ي لـم ـس الم ق بـ ـافـةِ ُ َ َ ْ َ ِ َ َ شـ َ َ ِــك ِوز َْر ْه .. ـ ــاب ـي فــي ـــل ي غِ ـــوغِ َ إال لِـ ُ َ َ ـهـــول الم ْـج َ ِ وض َـرا َو ُة َ ات ، ث ـ الـع ح قـادِ ــل َــر ِ ُ َ َ ْلي ٌ ـأر ْه .. ـبـــا ِر ُح َثـ َ ِح ْ ـقـ ٌـد ال ُي َ ـــم َع َـبـثِ ـ َّيــ ٌة َنــ َزقُ الـ َّر حيــل َمـ َو ِ اس ٌ ِ ِــل َب ْ ــذ َرةْ .. ـ ـم تحـ ر ـ ـم الع ـى ص بـأقـ َ ُ ُ ْ ِ ْ و َي ٌـد ْ ـأوى ُي َحــا ِو ُل غَ ـائِـبــ ًا َ وص َـد ًى بــال َم ً قَ ـفَّ ــر ْه .. إثـ ِــك ت ـا ـس ج و ـ ـت ب ى ــد الم ــى َ َ َ ِ َ ُّ َ َ ْ َ فــاقُ ْـقـــ ًة ف ر ا و ــ اص و تـ ومـا ر ال ــب تـعِ َ ِّ َ َ ْ ِ َ ـــرةْ .. ــت َـغْ ل ـ ب ــا وم أنت ْـت الـعِ َ َ ور َحـل َ َ َ ـتـ َ َ ْ
تأمالت يف الكتابة بثينة الشيباني -اليمن إن الكتابة عبارة عن تجارب مختلفة ورد فعل لمواقف يكون فيها السبب هو العجز التام عن الرد المباشر ،عجز الخائف والمحب ،وال دائما وهو بخير ،إنما يلجأ يعود المرء للكتابة ً إليها؛ ألنها متنفسه الوحيد؛ ألن في روحه صدع وآالم والكتابة وحدها ترمم ما انهار بداخله، هي وحدها التي تكون بمثابة الضمادات! يسميه البعض ف ًّنا أو تر ًفا هذا األدب الذي ّ إنما هو مخاض لآلالم المكبوتة والطمأنينة المنتزعة وسياج القلق الذي يحاصر المرء في ليله ونهاره ،أو قل فجوة سوداء في الذاكرة يتسرب منها وإليها كل ما يؤلم الروح من الداخل؛ كأن تحصد الخيبات ممن لم تتوقع منهم ذلك ،فغفلت للحظة عن حقيقة مفادها ّأن فرط الغباء والسذاجة أن تأمن األيام وتغيراتها وتقلبات الناس التي أسرع من تقلبات الطقس ،أن تغفل عن كمية الحقد الموتور والشر المضمر ،عن األوهام التي كنا لفترات طويلة نحسبها جذر الحقيقة وما كانت وحل للكذب والخداع.. إال ً في الكتابة وحدها يواجه المرء مخاوفه، أحدا، يكتب عما يخشاه دون أن يخشى ً ويح ِرق ،أن يستطيع وهو يكتب أن يحترق ُ يضيء وينطفئ في اللحظة ذاتها ،يستطيع أن يدرك مدى ما يسعه جوفه من التراكمات، يكتب شعوره وما يتعذر عليه شرحه حين يتحدث ويتحدث دون جدوى .تقوى شوكة المرء وهو يكتب؛ فيهاجم وتنشب له مخالب وأنياب ويضعف أحيا ًنا حتى يظن أن قلبه هشا مهتر ًئا بكل صالبته وقسوته قد استحال ًّ تعطبه كلمة وتصلح حاله أخرى.. الكتابة هي عزاء الذين يشعرون بالوحدة وال يروقهم الضجيج ،عالم له قداسته وطقوسه وحرمه ،من خالله فقط يستطيع أحدنا أن يفرغ ما في جعبته من شعور سحيق؛ إنها زفرات المحزونين الذين ال يملكون من أمرهم سبيل إىل التخلص من هذه شي ًئا ،وال يعرفون ً األثقال ّإلها.. كانت وما زالت الكتابة ملجأي الوحيد فهي اختصار المسافات ،وحضور أطياف الغائبين، هي التفاصيل المنسية التي نظنها غفت هبت تحت رماد األيام لكنها في لحظة عابرة ّ فأيقظت فينا ما طال اختباؤه ،هي الذاكرة التي تصون األشياء كلها دون حدود أو سدود أو قيود ..الكتابة يا سادة هي كل ذلك وأكثر!!
49
مارس 2021 -م
مؤمنا؟ املعري ً هل كان ّ التخبط بني الشك واليقني هي أقسى املرارات .وأبو مرارة ُّ جترع هذه املرارة بل املرارات إلى يوم مات. العالء املعري ّ وعبقريته جلبت له العداوات فاملعرفة لم متنحه إلّا الشقاء، ّ إماما له يف حياته ورفض العقل واالتهامات القاسية .اتخذ ً كثيرا يف نزوعه العقلي والنظر إلى أن يؤمن مبا دونه .غالى ً اجملرد .فقد بصره وهو طفل على إثر األشياء بعني العقل ّ إصابته باجلدري ،ثم مع مرور الزمن فقد والديه وكان يف أشد احلاجة إلى بقائهما معه وإلى جواره .نظم الشعر يف سن ّ مبكرة وضارع فحول الشعراء ،وكان ُم ِّ عبقريا ومن أفقه فكرا ً الناس باللغة وعلومها وأسرارها .ينتسب إلى أسرة رفيعة مهتمة بالفقه واللغة والدين وبعضها يشتغل بالقضاء ،ومنها طلبا للعلم تلقّ ى ثقافته األولى .ثم تنقل إلى أكثر من مكان ً واالستنارة وكذلك تردد على املكتبات التي أمكنه الوصول إليها واستفاد منها حتى راح صيته يلمع ويكبر وينتشر بني يوما بعد يوم .هو عبقري بالفعل ومن أعمق شعراء الناس ً العربية على طول الزمن.. الب ّراق ضياف َ عمره كله ٨٦سنة .أخذَ من كل الفلسفات ولكنه قاطع أكل اللحوم وما ينتجه لم يتمذهب .نباتي َ الحيوان من حليب وبيض وغيرهما .في النصف الثاني من حياته اعتزل الناس في بيته ،تج ُّن ًبا لشرهم ،وانغمس يمارس التأمل وكان يبكي في خلواته وبحرية .وكان يصوم في رمضان أو متى تدي ًنا ولكن على سبيل قهر النفس يشاء ،ليس ُّ الترقي الروحي .سلك مثل الصوفية في وبهدف ّ الزهد ومقاطعة الدولة ورجال الدين واألغنياء. ضد سفك الدماء ًأيا كانت ،وضد إيالم الحيوان. وهزم كل حياته ،وأعرض عن الملذات بقي أعزب َّ َ َ ضعيفا وعد نفسه ً إغراءات الدنيا .أفرط في التواضع َّ عاج ًزا .سوداوي المزاج شديد التشاؤم عزيز النفس. جميعا. تخلو حياته من االنحطاط بألوانه وأشكاله ً ويضعه طه حسين في قائمة اشتراكيي العصور القديمة .وهو محق في ذلك« .هو اشتراكي لوال أنه صاحب قناعة وزهد واعتزال للناس وإعراض عن الحياة العاملة وما يكون فيها من جهاد .هو اشتراكي ِ ولنقتص ْد مع ذلك في اللفظ الرأي ،فلسفي السيرة، فهم من اشتراكية وفي الحكم ً أيضا ،فال ينبغي أن ُي َ فهم من اشتراكية كارل ماركس، أبي العالء ما ُي َ وإنما ينبغي أن يفهم من اشتراكية أبي العالء
50
اشتراكية العصور القديمة ،ومن اشتراكية الثائرين والساخطين ،في القرن الثالث والرابع للهجرة بنوع خاص». كان يقول آراءه بجرأة ال مثيل لها .قارع بيئته وتعرض لعيوبها بالنقد المتخ ِّلفة االجتماعية ُ ّ الالذع .هو شاعر ناقد بغير حواجز ،ال يقف عند أشعل ثور ًة انقالبية شعرية الخطوط الحمراء. َ اخترق بها المس ّلمات وزعزع المعتقدات وأدبية َ سابحا بفكره إىل أعمق األعماق .وال يخلو وذهب ً نتاج المعري من العناية الشديدة باللفظ ،وبنفس أيضا من ألفاظ العناية كان يصوغ معناه ،وال يخلو ً غريبة وتراكيب جديدة ومن غموض وتعقيد وتناقض عجيب .والمثقف البسيط ذو المحصول اللغوي القليل سيجد صعوب ًة كبير ًة عندما يقرؤه. أعني لن يفهمه .والمعري كان من كارهي التقليد والترهات .ولذلك كان وتكرار المرويات واألخبار ّ جاريا على غير مثال سابق. إبداعه ً جديدا ً ال أستطيع القول بأنه كان يشعر بالنقص بسبب عاهته وضآلة جسمه وقصر قامته وتش ّوه وجهه. صدقهم .ومن المعلوم أنه والقائلون بذلك ال ُأ ِّ طالته إهانات بالغة القساوة والمرارة ،من صغار محسودا العقول والنفوس وقليلي األدب .فقد كان ً
على نبوغه وارتفاع مكانته ،وكما تتعرض الشجرة المثمرة للقذف بالحجارة كذلك القى شيخنا العظيم األذى والتحقير .سأروي ثالثة حوادث مؤلمة (راجع كتاب «أبو العالء المعري الشاعر بغداد ،دخل المعري مجلس الحكيم») :في َ فغضب ذلك ، ل برج ر ث وتع المرتضى الشريف ّ ٍ ُ َ صارخاَ :من هذا الكلب! واإلهانة الثانية الرجل ً وقعت له في ذاك المجلس نفسه؛ إذ جرى ذكر المتنبي والمرتضى يبغضه ومتعصب عليه فقلل من حجمه وعدد عيوبه ،فرد عليه المعري (وكان المحدثين): أشعر متعصبا للمتنبي ويعتبره َ ً َ لو لم يكن للمتنبي إال قوله « ِ لك ،يا منازل ،في فضل .فغضب المرتضى من القلوب منازل» لكفاه ً وبرر رجله! من فسحبوه المعري وأمر بخروجه ّ المرتضى قل َة أدبه لجلسائه بأن للمتنبي ما هو أجود من ذلك ولكن المعري أراد به هذا« :وإذا أتتك كامل». ناقص ،فهي الشهادة لي بأني مذمتي من ُ ٍ وأما الثالثة فهي أن المعري أراد دخول مجلس ّ فسمح فاستأذن، عالم النحو أبي الحسن الربعي، َ َ قائل :ليدخل االسطبل (أي أبو الحسن بدخوله ً األعمى بلغة أهل الشام!). يقول هادي العلوي في مدارته الصوفية (كتابه
مارس 2021 -م
جدا)ّ ،إن المعري كشف عن حقيقة مجهولة، الرائع ًّ وال يزال الجهل بها يوحد عامة المثقفين ،وهي ّأن الدين ال عالقة له بالروح بل هو منحى ِحسي لذائذي تسلطي .والروحانية ،بتعبير العلوي ،ليست سوى تجريد الديني ينغمس فيه الملحد أو الربوبي فيتعاىل على الصغائر ويرفع من شأن الروح على المف ِرطة .وروحانية حساب النزعات الجسدية ُ المعري والمتصوفة ليست هي الدين. هو من الساخطين على كل شيء ،ومن القائلين بقطع النسل .عزوفه عن الزواج سببه القرف من الجنس وإحساسه الكامل بعبثية الحياة .والفساد عنده يزداد بزيادة الناس .نظرته إىل المرأة سلبية وقاسية .ومع ذلك وقف معها موقفين نبيلين؛ ّأما رافضا األول فدعوته إىل االكتفاء بزوجة واحدةً ، وأما الثاني فتشديده على عدم تزويج الفتاة ُّ التعددّ ، من الشايب .والمعري يعتبر الطبيعة البشرية فاسدة من أصلها ،وأعلن يأسه من عالجها .والسعي إىل إصالحها هو العبث بعينه. الدين عنده هو ترك الشر والظلم ولذلك هاجم شرا الفروض الدينية الشكلية .والمعري لم يصنع ًّ زاهدا ،عطو ًفا نحو الحيوان، ظلما ،وإنما كان ً وال ً ومتعا ِو ًنا مع المحتاجين بما يقدر عليه ،برغم لتعرف كيف َنظر فقيرا .خذ هذين المثالين َ كونه ً شاعرنا الحكيم إىل الدين: “ما الدين صوم يذوب الصائمون له وال صالة وال صوف على جسدِ رحا وإنما هو ترك الشر َّ مط ً غل من وحسدِ » ونفضك الصدر من ٍّ َ الش َّر َعنّي نسان ك ََّف َ اإل ُ “ ِإذا ِ الحياةِ ل َُه َو َرعيا ف َُسق ًيا في َ تاب موسى َو َيد ُر ُس ِإن َأ َ راد كِ َ الء َشعيا» َو ُيضمِ ُر ِإن َأ َح َّب َو َ ولكن المعري في الحقيقة ال يعترف باألنبياء وال بشرائعهم .فالعالقة بين المخلوق والخالق ال تحتاج إىل وسيط. كقوله: مقال الرسل حقًا تحس ْب “وال َ َ سطروه زور ّ ْ ولكن ُ قول ٍ رغيد عيش وكان الناس في ٍ ٍ فكدروه!» بالمحال ّ فجاءوا ُ وقوله: إح ًنا، بيننا ألقت الشرائع “إن ْ َ َ العداوات!» أفانين وأورثتنا ِ َ وال تنصدم إذا وجدته ينتقد الخالق أو يطعن في حكمته:
تعم ًدا َ “أنهيت عن قتل النفوس ُّ ملكين؟ ها لقبض أنت وبعثت ِ َ َ ِ معادا ثان ًيا؟ َ وزعمت أن لها ً الحالين؟» عن أغناها كان ما ِ واللزوميات تعج باألبيات العالئية المتمردة. كل ُع ِر َف بافتتانه الشديد بالعقل ،وجعل فيه َّ عاليا ثقته ّ وتشبث به ،وبأجنحة عقله الحر ح ّلق ً بعيدا حتى التعب .وهو القائل في بعيدا وذهب ً ً نبي» و»العقل إمام سوى ِ و»كل ٍ العقل» ُّ شعره «ال َ عقل ُّ خصمان» .ويظن طه حسين الموت حتى والطبع ِ ّأن «العلة الحقيقية التي شقي بها أبو العالء خمسين عاما إنما هي الكبرياء ،الكبرياء التي دفعته إىل ً محاولة ما ال يطيق ،وإىل الطمع فيما ال مطمع فيه، وإىل الطموح إىل ما ال مطمح فيه .أسرف أبو العالء في اإليمان بعقله ،وأسرف في الثقة بهذا العقل، ورفض كل شيء سواه .فالعقل مهما يكن جوهره، إنساني أي محدود ،محدود ومهما تكن طبيعته ٌّ الطاقه محدود المعرفة كغيره من ملكات اإلنسان، سبيل إىل ما ال فالغريب أن ُي َّتخذ العقل المحدود ً حد له ،وأن ُتتخذ هذه اآللة القاصرة المتواضعة َّ سبيل إىل بلوغ ما ال تستطيع بلوغه». ً ونجيء إىل سؤالنا :هل كان المعري مؤمنا؟ يستخلص هادي العلوي من اللزوميات قرابة ألف بيت تعبر عن مذهبه الفلسفي وزندقته المنكرة للنبوات والناقدة لنظام الطبيعة والمجتمع ،حسب قوله ،ويفترض ّأن هذه الجملة من اللزوميات هي عبر األصدق عن آرائه ،وما عداها كان «للمداراة». ُ الم ِّ شخصيا في مواجهة ا ضعف أظهر أنه عليه ويأخذ ً ً وجها لوجه، ناقديه فكان يداريهم إذا تكلموا معه ً يقيده فلم فإذا انفرد بنفسه ساح فكره وسال ّ بأن اعتبار .ويخلص العلوي إىل أنه يصعب القول ّ تعمقه في الفلسفة أظهر المعري كان مؤم ًنا ّ ألن ُّ والمعري، ته. والمنطقي الديني له بساطة الوعي ّ ّ ماديا صر ًفا بل اختار يكن لم حسب العلوي، ً الروحانية الشرقية الالدينية العميقة .وأنا أرى المعري ينتمي إىل التصوف الفلسفي. فروخ في كتابه «أبو العالء المعري الشاعر ّأما ُع َمر ّ زنديقا أم عما إذا كان المعري فيتساءل الحكيم» ً ّ تقيا؟ ثم يقول «غلط الناس على المعري فظنوه ً تقيا» .ونحن ال نشك ً زنديقا .ولكن الواقع أنه كان ً في طهارته ونزاهته الحقيقية. ويبقى أبو العالء حالة استثنائية مثيرة للجدل، وجديرة بالبحث والدراسة العميقة واالقتداء. دائما في قفص االتهام .وحتى ال نظلمه وسيبقى ً يوما ،سأختم بقوله: ً “ال تظلموا الموتى وإن طال المدى إني أخاف عليكمو أن تلتقوا»
سكرات األمل
نرجس عمران -سورية
حقيقة تنتابني سكرات األمل بين موت وأخر فأنهض كالنرجس الشتوي من بين ركام الثلج وأبعث ميالد جديدا على أجندة المقابر كحال قصيدة تنهض على لسان عاشق تستفيق مرتاحة وتتثاءب ترف الكلمات تتمطى على أريكة من دفء الشعور كيفما تقلبت ذات المطلع أو ذات القافية تحوطها شراشف من سعادة تنسل أبياتها بكل أريحية كرقصة نور ممشوق في مسرح ليل حالك على كل حطام الهم تتسامى وتعلو فوق صخور القنوط هذا هو بعث األحياء وهكذا تلفظ الوالدة في لحظة مقصوص الرغبة يتدخل أمل رشيق تداعب صورك بأصابع الذكرى مناطق الغيرة في روحي فأنهال ضحكا من ألمي والدمع يسرد فرحا مشلوال وجودك العابر هذا يحفزني على ارتداء الغيم ... وفعال أتبخر أتكاثف وأهطل مطرا من عيني
51
مارس 2021 -م
الو َ حش ُة ُ برى َ الك َ
ِع ْط ّر يف ُك ِّم املساء
خالد الشرايف -اليمن
خليل عباس -اجلزائر
َ َ َ َ َ َُ َ َ َ َ لجأ م�ضي اآلن ..أين ست ين ت إلى أ ِ َ َُ طو َك ُتخطئُ األرض َخ َ َ ُّ ات وكل ِجه ِ ِ ِ َ َ ُ َ َ َ َّ َ َ ي َ ُّ َ السدى وكنت مع التطواف تأو لك َ ِ َ ِ َّ َ َ ُ َ َ ُ َ ْ َ ُ و ِمنك الصباحات الج ِديدة تبرأ َ َ َّ سماء َر ٌ األ َ قم ُم َس َّي ٌر ِلن َك ِفي ِ ُ َ َ َ ُ َ َ وم نعش َك َه َّـيأوا ِ ِليل ِدك املزع ِ َ َ ُ َ َ َّ َ َ َ َّ اع ٍر ِلنك يا ابن الشر ِق َ أعدم ش ِ َ َ َ َ َّ ِبأعطا ِف ِه املعنى الش ِظ َّي ُيخ ِ ّب ُئ َ ََ م َن َ الك ّ وني ِم ْن ُس ُد ِم املدى الع َب ِث ِ ِ َ َ َ ْ َ ُ ّ ُ َ َُ النهايات تبدأ تالشيتِ ،من حيث ِ َ َ َ َ ُ وفيد تأف ُل َس ِاد ًرا َو ِم ْن لعن ِة الك ِ َُ َ ًَ �شيء َن ُ َّ َ بض َك ُمطفأ ض ِئيال ك َما الل ِ َ ً َ َ ُ َ ُُ ُ َ ً مية ح ِثيثا ِإلى املجهول تعبرد ِ َ َ َ ُ َ ُ ُ َ ُ َ َ َُ ِبها العالم املوبوء يلهو ويهزأ ُم َب َرم َج ٌة ُك ُّل َ اله َزا ِئ ِم ُمذ َس َعت َ ُ ُ ُ ٌ َ َّ قس ِيم َح َّتى ت َج َّزأوا شعوب ِإلى الت ِ ً ُ َّ ُ َ َ َ ُ ُ الوحشة الك َبرى ..تؤ ِثث َسكتة ِهي َت ُش ُّل َك َم َ الو ُجود َو ُتصدئُ نجات ُ ِ ِ ِ ُ ُ َ َ َ ُ َ َ َ رد ٍبة ِإلى وبيا حيرى مس ِلـيوت ِ ُ َُ ََ َ ُ ُّ املواعيد ترجأ اراتها كل ِ من ِ َ َ ِل َقاب َ اه ٍد يل ِإذ َيطغىِ ..ل ِخ ِرش ِ ِ ُ َ ّ ُ َ َ ُ ّ َ َ َ َُ قرأ تع ِتق صوت الح ِب ِفيك وت َول ُلم َ تعب َين ُّ السمر َو ُ جه َك َم ِال ٌك ِ ِ ِ ُ ُ ُ َ ُ َ َ َ َ ُ ُ َ َّ ُ دموعك بشرى واملجازموطأ
52
يف حبها ليلى
د .ربيعة برباق -اجلزائر
منذ صدفة وأنا على حافة لياليه عمر بنصف ٍ بأمنية خرساء. ُ كالشمس حين غادرفقدت ظلي. َ وضوئي والسماء. ُ مكسور جناح ليلي. عطر. وليس َلي سوى بقايا ٍ ُ في ك َّم املساء كثوب أكويه بقبلة ثم أطويه ْ ثم أخلد إلى ُحلمي والرجاء. أناجيه أناجيه ،وفي عزالحنين طيف من بريد من معاليه من جريد كتاب من حبرفي متن ٍ يقرأ العالم في وجهي معانيه يا صحوتي ياصحوتي بليل ،إذ تحن الحروف للحن من أغانيه وتتوق الناي ٍ منذ صدفة وأنا على حافة لياليه أشوه وجه الغياب ٌ ليبقى في العمر�شيء من أمانيه ليبقى في العمر�شيء من أمانيه
َّ ُ الغرام ُم َعل ُق روض القلب في ِ ِ َ ُ ُ والحرف في بحر َّ املحب ِة ي ـغـرق ِ ً فـي حـ ِّـبـهـا لـيلـى أهـي ُـم صبـابـة ُ ّ الجمال تـح ِـل ُـق روحـي على أف ِـق ِ َ غـ َّـر ُاء لـي َ ـس كـمـثـلـهـا بين الورى ُ ُ الكواكب تشرق شمس وجهها ِ ِمن ِ ُ ُ ـحمرة في لـو ِنـهـا تزهـو الخدود ِب ٍ َّ ٌ ُ ـارة يـنـطِـق ورد يـكاد ِمـن الـنـض ِ َّ ـذب مُـقـبَّـ ُلـهـا َشـ ُ َع ـ ٌ ـذاه ُمـعـطـ ٌر ُُ َّ ـحوان مـع الـتـب ُّـس ِـم يـبـرق كاألق ِ ُ ٌ وال ُّ رة َ الحشا ـقد مـمشوق وضـامِـ َ ً َّ ُ ـاف مِـسكـا تـعـب ُـق ريـانــة األعـط ِ ُ ُّ شاعري ـود َم تم�شي تـحـرك بـالـنه ِ ِ ِ ُ ُ ً حرق ت ي ضلوع في ا جمر فتصير ِ ِ ُ ـال الـف ُ ـعين تـغت ُ سحرهـا ـؤاد ِب وال ِ ـالل ُمـط َـلــقُ وك َّـأنـمـا قـتـلـي ح ـ ٌ ِ َ ّ الن ُ فس جذلى في لِـقـاهـا تحت ِفي َّ ُ ُ ُ ُ ـزه ُـربـالصـبـاب ِـة تـورق وال ُّـروح ت ِ َ ُ َ ُ ـام بين جـوا ِنحي ضاحك األنـغ تت ُ َّ ُ صابي َيـخـفِـ ُق والقلب يـطرب ِللت ِ َ ً ُ أدمعي وأذوب شوقا في ِ البعاد ف ِ َ ُ م ُ لء العيو ِن ً أ�سى وجـفني يـأرق ِ يبكي ال ُ ـيراع ُّ تحس ًرا عند ال َـجـفـا َ َُ ُ ـوافي تـشـرق وتكاد بال ِ ـحرف الـق ِ
مارس 2021 -م
أسطورة إياد شماسنة -فلسطني
ٔ فكري أن تصبحي اسطورة ْ تدخل القلب دخول الفاتحين َ العالم ال يعرف ٕٔاال َو َدعي ُّ ْ ُ ٔ انك العالم في ك ِل العيون ّ َ العقل قليال ،ا ُّي عقل ودعي َ ْ ٍ َ لعطرالياسمين! ٔ يصنع القيد ِ َّ ٌ ٔ نت ،ولالحرار ٌ طبع حرة ا ِ ْ ٌ َ الخالدين طبع ذهبي مثل ِ العطرتعالي نرتقي يا ابنة ِ ْ الصاعدين كفراش الناربعزم ِ ٔ فانا اتقن عصيان سكوني الكاي ْ ملء عمري رغم كيد ٔ دين ٔ ٔ وانا اهوى عالي اال في التمادي ّ ْ ٔ االحاجي والظنون حيث شالل ٌ حيث ٌ ٌ ودوار مجدلي، طهر ٌ وحريق في قلوب العاذلين وفق توقيت الشفاه/الخمرنعلو ٔ وفق فردوس املجازات نكون نجرح الصمت بافعى من جنو ٍن ْ على ُ بعدما َّ الدنيا الجنون» عز مثلما يرتعش الصوفي ندنو ْ من براري الجسد االفعى/الفتون لم تقولي بعد:يكفي -لم تقولي ْ اي �شيء غير ما تروي الفنون ُيكسرالضوء بقداس التجلي ْ ٔ حينما يفصح عن طين متين جسد ضاق باسرارالخزامى ٍ ْ ووقارٍعبقري في املتون وقطيع من خرافات ،وحمى ٍ ْ الناظرين تعتري كاهل قلب وبياض النرجس البكر ِ ٔ ْ غرام املومنين ثم دمي من و�شيء ٍ ِ ثم نم�ضي في التمادي ثم ندنو ّ ٔ ْ علم اليقين الظن او ِ ٔمن ٍ طريق ِ وشاءت واذا عدنا فقد شينا ْ رغبة القلب بتطويع الحنين جربي ٔان تصبحي ما ٔ ّ ت يوما شي ٔ ْ ٌ وانا منتظرما تصبحين
نفني عزيز -فلسطني
جلسة مع أبي الطيب املتنبي ُ ّ ْ ْ أن يرى نكد الدنيا على الح ِر ومن ِ ِ ُ ْشدُ ُ ُ ً مديرا له ما في إدارِت ِه ر َّ ُّ اإلدارة أن ُه بكر�س ّ ِي يظن ِ ِ ّ ْ خلق هللا ،لكن ُه وغ ُد عال فوق ِ ُ ٌ واإلثم ِع ّزة بالظلم وتأخذ ُه ِ ِ يمور بها الح ُ نار ُ قلبه ٌ قد ِ وفي ِ ًَ ُ ً وغلظة فينفث طيشا وانفعاال ِ ُ َ َ سوس يلغو َويعت ُّد ويصبح كامل ْم ِ َ ُ ويحس ُب أني ّ عل ِه ضرني سوء ِف ِ ُ الجهالة والع ُ ند فيم�ضي وتعميه ِ ًّ َ ً ُُ َ وج ْه َرة املكر ِسرا ويطرق باب ِ َ وأغف ُل ً ُ طوعا َ ينقصني َر ُّد ليس َْ ّ فما أنا باملكسور ِجنحي وإنما ِ ص ُر ُ والدهر ُّ ُأ َق ّ ُ عنه َّ يستد الشر، ِ َ ْ صدفة دارت الدنيا ُله ذات وإن ِ ٍ َ َّ َ األيام ال َّبد ترت ُّد فإن يد ِ َ َ أال َت َّب ٌ وقت َّ الجهل مطل ًبا صي َر ُ َّ ٌ ُ العبد ستذئب فيه َي وتب أوان ِ َ وتبا ْ حجارت ُه َ ًّ وم ْن ملن ألقى ْ ثم َ املاء ر ً جسا َّ رأى َ الصي ُد طاب ُله ِ َ َ َ ْ ً لعيش ِه ومن ِ تخذ التصفيق كسبا ِ ُ كي َ ُي َه ّر ُج كاألطفال ْ الحشد يضح َك ِ ِ ّ اإلدارة واجمعوا بكر�سي فتيهوا ِ ِ فليس لكم َم ْجدُ م َن الربح ما شئتمْ، َ ِ ِ
غفوة حلم انتصار محرم -اليمن
لونت من حبرالدموع شواطئي ونزعت من وطن الحنين حنينا ألجمت أفواه اغترابي عنوة وغفوت أحلم باسما وحزينا وصحوت أهذي والغروب يجرني نحو الذبول بدمعه يرثينا وأنا وأيامي الكئيبة هاهنا جثث تناشد حلمها تأبينا ما بين موت للفؤاد ونبضة نم�ضي لعل غمامة تؤوينا هل لي بعمريستفيض حالوة ومدائن من حبها تروينا ومواطن للروح تأنس عيشها وسنابل اآلمال تزهرحينا إني على عهد املحبة ثابت وأصوغ من كذب الحياة يقينا وأتوق ياليل السهاد لراحة نامت على صدرالسنين سنينا
53
مارس 2021 -م
ق�طو ف� ع ب�ير��ة
إشراف /علي النهام
ّ يح إذا َغنّ ى الش ُ
ُ مطر رقصة ٍ صابرين احلسني -اليمن
أحمد آل ِ ّ مجثل -السعودية
ّ ُ للشيح فيبعض العطور غرام ِ ُ النفوس َت ُ ُ نام وبحضنه تلك ّ كل حكاية ّ للشيح ُّ قروي ٍة ٍ ِ ُ ي أقوام حوضه في ترتو كم ِ ُ ما ُّ قافية تقال بعطره كل ٍ ُ َ ُ اآلكام واملغرمون بفيضه ً يا ُ شيح دعني عند عطرك ُبرهة ُ األوهام تنته بين املفاتن ِ َ ّ كنا إذا َ طو ِت الركاب حمولها ً ْ تلت ُه ُح ُ ذام قالت سالما ما ُّ املُ َ تلهفهم كما غرمون بكم َ ّ ُ أنسام أن الغصون لبعضها ُ َ حامل ّ ُ هم ِه الرمضاء مس ُك كم ي ِ ُ َ ـب بهـا وض ُ ويـنال ُه له ٌ ـرام ً ُ يح مرة ألفيت روحي عند ِش ٍ ْ ـني األحـ ُ أخذت َ ـالم لعبيره ِ ُ سحابة وقصائدي تروى بعطر ٍ الر ّس ُ َيحتار من الوانها ّ ام َ َ َ َ شيدها نقشت من الفيروزبعض ًن ِ نقش األنغ ُ للغيد ُح ّبا ُت ُ ـام َ ُ ألف الهوى دربي فصرت بداره ِ ٌ َ سحابة َوي ُ فس َعت َّ مام إلي ّ َ ُ كفيك قلبي َ وديعة ألقيت في وأخاف من تلك العيون ُي ُ ضام!
54
حب َك ٔوا ُ ٔا ُّ علم ٔان بين ّ املوج.. ِ كل ِ ٌ ٔ ٌ ٔ للشاطي وال موجة وحيدة تاتي ْ ْ فتنكسر تجد َك ٌ ٓ ُّ ممكن االن �شيء كل ٍ ُ العالم شاكلة طمس ِ ِ ُ املوت اقتحام ُ ِ التحليق. عن ابتسامتي وسقوط ِ َ ٌ ُ وبين ّ كل يحبس ُه صمت اللغات ِ ِ ُ َ تتعاظم حقيقة وجعي لكي ال الكالم ِ ُ ُ ُ الصمت اللحظة املستميتة في الشو ِق ُ رذاذ املكان نغسلهُ َ ليتجمع ِ بالفضاء فيتراءى لنا ٌ بوح ِ سحيق كنا قد ْ ٌ جناح على ناه كتب ِ (كيوبيد) َ ٓ ُ خرة. فيبارك صوتينا ساعة اال ِ ٔال َ جلك ٔا ُ السخرية هذه ِ قاتل ٔ ِ ٔ ً ٔ ُٔ َ البكاء طفي والجلك ايضا ا بدمعي... املشكوك ِبه لن الليل ِ ٔفي هذا ِ ا َ بالتوقد.. لخيبة سمح ابدا ٍ ِ ُ ُ املعبد الليل طاغ رجع هذا ِ ٍ ً ً ضامرا هشيما بالرحيل يطلقني ِ ً ٔ ً ُ ترصفني الزوايا اشكال مشوهة ٔ ٌ رخوة ُي ُ ُ غادرها هياكل كانني ُ ُ كرغوة حو َل تضمحل الزمان.. ٍ
مطر. ِ رقصة ٍ ٔ يتا ُ ٌ عار... جج بصدري موج ٍ ُ َ العراة من يجيدون االتصال بالواقع وال يقبلون على ِ ٔ جسادهم ً الزيف. مزيدا من ا ِ ِ ٔ فا ْ سمح لوجهينا التجو َل كبالو ٍن َ ُي ُ املسافة سد به غصة ِ ُ ٔ ُ زعمت انني خطوت بذاكرتي ُ ٔ َ ً َ روية بدونك -زعمت(نانو) ثانية ً لواقع! هروبا نافذة ٍ ٍ ً ً ً َ كنت ناصية ،شاحنة ،دراجة َ نظارات ،الطفل الذي يحبو، ِ َ ٔ َ جديِ ،سبحة امي ..كنت... َ الواقع . ومع ّ كل هذا الدخان الذي ِ استدعاه الفضو ُل ِ...لم يعدْ ُ ٔ املتطفلون يصابوا بالربو او الخجل ِٓ ن جرعات يتعاطو ن هم اال ِ ٔ املال. جاسوسية و رشوة على ِ ٍ ٍ ٔ ُ َّ ْ ُّ الحب شخاص ٕان ُه يخدعنا اال لم َ الذي لبسها ال ٔا ُ ٌ طبيب كتب لتحبني ...فقط ٌ ٌ َ ُ «الحبرجرعة مناسبة قال لي: النسيان». ملصارعة ِ ِ
ق�طو ف� ع ب�ير��ة
مارس 2021 -م
إشراف /علي النهام
َد ْو َز ُ نـة األلم ْ
شاهدة على ثالجة املعبد عمار عبداخلالق -العراق
ناجي حرابة -السعودية
ُ نهرصوته قطرة ٍ لحن من ِ العذب..
َّ َ َّ الن ُ شيد تبت َل في فتيلتها َ ْ ضرم طرب ففاض من ٍ
َ شفتاك ّ ٌّ الة عش ِ للحروف وللص ِ ْ وللنغم
ً ُ َّ بأضالع املول ِه رفقا َ ُ ِ َ َ إزميل فيه حين تغرز ِ املقام ِ َ َ ُ َ َ وحين يفري قلبه املوجوع َ ْ أساك من َوت ٍر
ْ ُ َ الطيور لتنهمر فاصدح على القصيدة إذ ُّ تئن ِ َ َ ُ ْ سواك يجيد دوزنة فمن ْ األلم ُ َّ الن ُّ دي يا ُّأيها الصوت َ َّ َأ ْ شاز الن مقاومة طل ِ بما ُت ّ فج ُرفي صحارى ّ مت الص ِ من لحن ّ الد َي ْم ِ ِ َّ اي من خشب َي ُ الن ُ بوح ٍ ْ َ ُ ْ َ ُّ وذي ل َهات َك إذ ترف ُ تبوح من لحم ْ ودم ٍ
ٌ اللحن أنا غارق في ِ ُ َّ حد ِأن ْابتعلت من اآللئ ُ ُّ البالبل في ُر ْ ُ ؤاك خبئ ُه ما ت ِ ُ الغريب وأنا َ سواحل ما ولي هناك على ِ َُْ ُ تدندن ْ ٌ ُ األزهار موطن ضحكت به ْ َ اآلراك وابتسم
ُ األلحان وسفينة ِ َّ َ َ حط ْت فوق صدرك ُّأيها ُ الج ُّ ودي َ ً ْ ْ فاحمل ُجرحنا َوترا مزامير كم في شفاهك من ِ َ السالم الخالئق ِ تناسل في ُ ِ وابتكرمن طهره َّ ْ الصافيْ البشائر قناديل ومن ِ ِ ِ َ َْ َمالكْ َ رة عبرحنج ٍ
وجه املسخ َ عاد ٕالى الحركة ٔ بطييا ُ يرتطم بعربة الفضاء الداخلي في ليلة سريعة الرقص ٔ ٔ فجاة نسج كفن احالمه من ٔاحواض الجدران املتحللة َّ ، ثم ٔ اكله ما تبقى ٔ من قناع « تبت يدا ابي لهب « كالخيول العربية تركض داخل ٔ شجرة ٔ العايلة االولى، ٓ سلكتها من قبل الة التصويرفي ٓ دورة تحميض الديدان االلية عدسات جسد القديس ُ تنتظرلعبة املياه الحافية ٔ تخبط من راسه مكعبات تجارية وطرية ٔ ٔ يمسك اطراف قدميه لالعلى ٔ يسلخ اظافرالدمى السلكونية املستديرة ٔ ً يقود حصانا على اشعة الشمس. زنزانة سمينة للقتل تهاجم دواء ٔ الطايفية، يضع ٕاطارالسيارات كـمشنقة لالضراب العام، ٕ ً ويرفع صوت الثوارميكانيكيا َ حسب الرغبة الجنسية للقناة . ٔانت ٔ ،انت ٔ ،انتما ُ ، نحن ِ ٔ علبة االوعية اللمفاوية ٔ السوايل ملتحية بـ كميات
في مذبحة الصراط ، املستقيم جاموس داخل ٔ انسجة الجسم ٔ ضفيرة الدم االبيض هربت مع بوذا فخ من املسامير ..فوق الثرى ٔ يمال ٔانقاض ٔ املرييات بالطالسم ٔ ٔ واالساطيرالقديمة على راس البراري ٌ ٔ ٌ جرس مجوف بخاليا نايمة ينتظر متى محاكمة السلم! ٔ اختبي بعمودها الفقري ُ ٔ مدبب الفم ،ينقرباالوردة ٔ ٔ بغاللة باطنة عند راس امليذنة، عام جديد ،عام االعتالل العقلي عام الثمارالساقطة في صحن الشعبة الخامسة ٔ عام ينقصه عتبة ذراع املسوول ً بممرضيق عام نام سهوا ٍ عام ٌ مزور باملاء والطين .. فانوس الكهنوت يغني بالقراصنة في الباب الضيق بمتاحف مطحونة من رفات الفاتيكان راع في جيب برلين كلكم وكلكم ٍ ٔ مسوولون عن عصير«بارانويا «
55
مارس 2021 -م
اشراف /منصر السالمي
ُ غيمة ُح ٍّب عقيم مختارية بن غالم -اجلزائر
َ غيمة املاء لحظة بقرب ِ ٍ كانا ِ ُ ُّ ّ يتوددان لكي تقلهما معا َ يتقاربان وال مسافة تنتهي ِ ُ ُ لهما فكيف تراه يبلغ من سعى؟ ّ ُ ٌ مرا كأغنية َ تثاءب ُ نايهـا ُّ ُ ُ ُ ُ ريد تمنعا ويكاد ينشد للم ِ ُ ُ ُ راهن هذي املسافات ارتجال م ِ ُ ّ ُ ُ امل َ حال من ذا يلقنه ليقنعا !؟ ّ ْ ُ قاء مل الل ِ ِ صدئت على ج ِ ُ خطاهما َ ّ ُ والش ُ ينتعل الحديث عر ُم َّ شبعا
أرضها ِ ُ القصائد زهو ِ ُ َ حين ت ُ بسط ُ أذرعا ُ َ ّ ً صة تندى الحقيقة في يديها غ ّ ً َ ليصيرمعنى الحب لونا ُمت ِعبا ِ َ ْ ْ رقائق جن ِبها كفراشة أهدت ٍ للضوء ِ َ ُّ ُ تحسب أن تنال ترفعا ُ املالذ ُم ّ خض ًبا للصوت ليعود ِ الخطيئة بدم ِ َ أذعن ُمسرعا حين ُّ ُ ّ َ التصب ِرقربة فألن أوجاع ّ موجعا كان الترق ُب دون ِ �شيء ِ
وهنا!! َ ُ ُ ُّ قلب ُعرف ُه الرواة ُب ُ ُ يشفع في ُّ كاهما يعا ِتب كل ٍ هل كان ِ َ َ ُ ّ ليعود شفعا؟ ليكون ِح ُبرالعاشق ِين م ِ ّ َ مودعا أدراج الحروف ِ ِ َ ُي َ الوقت ..يا بنة غريك يا بن ِ
56
ويستنبؤونك عيسى العزب -اليمن
ّ ويـسـتـنـبؤون ـ ـ ــك عــنـ ـ ـ ـ ـ ــي وحــال ـ ـ ـ ـ ـ َـي قـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ُهــدهـ ـ ـ ـ ـ ٌـد س ـبـئـ ـ ـ ـ ـ ٌـي ذب ـي ـ ـ ـ ـ ُـح ُ ـان ّ ودع ـن ـ ـ ـ ـ ـ ــي وقـ ــالن ـ ـ ـ ـ ــي س ـلـيـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـس تــذبـحـنـ ـ ـ ـ ــي وت ـن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوحُ وب ـلـق ـ ـي ـ ـ ُ وكـ ـ ـ ـ ُـل الـسـكـاكي ـ ــن فـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـي ت ـح ـ ـ ـ ُـج وحــول ــي ت ـطـ ـ ـ ـ ــوف وال تـسـتـ ــري ـ ُـح ثــالثـ ـ ـ ــون عــام ـ ـ ـ ــا ُوك ـ ـ ـ ـ ّـلـي ج ـ ـ ـ ـ ٌ ـراح ِ وف ـ ـ ـ ــي كـ ـ ـ ــل جـ ـ ـ ــرح جـريـ ـ ـ ــح ج ــروحُ ٍ ٍ ـزف دلـيـ ـ ـ ـ ـ ٌـل يـؤك ـ ـ ـ ـ ُـد وف ـ ـ ـ ــي ك ـ ـ ـ ــل نـ ـ ٍ أن دم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ي ـم ـن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـي ف ـص ـي ـ ـ ـ ـ ــحُ ُ ثــالث ـ ــون عــام ـ ــا وسـب ـ ـ ـ ـ ٌـع عـج ـ ـ ــاف ُ ـام يـف ـ ـ ـ ـ ُ ـف ع ـ ـ ـ ـ ُ ـوح وم ـ ــازال ب ـ ــي ألـ ـ ـ ُ ً ومـازلت مـيتــا عـل ـ ـ ــى الـفل ــك أحـي ـ ـ ــا ُ ـان نـ ــوح ونـ ـ ُ ـوح وف ـ ــي الـفلـ ـ ــك طـوف ـ ٍ ثـالث ــونعـام ـ ــا مـض ـ ـ ـ ــت وحـيـات ـ ـ ـ ـ َـي ٌ ّ ـظـ ـ ـ ـ ــى وريـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـح ل ـف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ ـوح ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار ت ـلـ وأن ـه ـ ـ ـ ــار وه ـ ـ ـ ِـم م ـ ـ ــن األمـنـي ـ ـ ـ ـ ـ ــات ول ـي ـ ـ ـ ٌـل غــزيـ ـ ـ ـ ـ ٌـر وف ـج ـ ـ ـ ـ ٌـر شـحـيـ ـ ـ ــحُ ثـالث ــونعـامـ ـ ــامـضـ ــتوالـفض ـ ـ ـ ٌـاء مـضـي ـ ٌـق وضـيـق ــي فـضـ ٌـاء فـسي ـ ُـح ٌ ٌ وأمـن ــي وخـب ــزي حـدي ــث ضـعيـ ــف ٌ وخوفـ ــي وجوعـ ــي حديث صحي ـ ُـح ُ ث ـ ـ ـ ــالث مــالعـ ـ ـ ـ ـ ـ َـق دم ـ ـ ـ ـ ـ ٍـع م ـسـ ـ ـ ّـاء ومـلـعـق ـ ـ ـ ٌـة حـيـن يـأتـ ـ ـ ـ ــي الـصـبـ ـ ـ ُ ـوح فـيـا ّ رب إن كـ ـ ـ ــان عـيـش ــي ظـالم ــا ِ َ ُ ٌ َّ فـهـ ــل ثـم ف ــي امل ـ ــوت نور يل ــوح ؟!
مارس 2021 -م
اشراف /منصر السالمي
أمير العشق
لي بالد
حسام املقداد ـ سوريا
َ ُ أراجع فينا الوقت ، ُ ّ أسترجع الذكرى ُ كرهت الذي ألقى، فيا ّ حبذا األخرى... ّ ُ أخطأت ،أشقاني الغوى َهبي أنني َ َ ُ فيا شقوة املغرى، َ سعد ْ من أغرى... ويا ّ َ ُ الحب آية عيشتي عليك تخذت ِ ُ ّ كسبت به الدنيا ، ْ وحيزت َلي األخرى... َ ُ وصرت َ أمر ِه أمير ِ العشق ،سلطان ِ ُ ّ ْ عر، فجاءت حروف الش ِ ُ ْ تشتاقني َسك َرى.. ْ كفين ُج َّن ِلقاهما فعودي نعش ِ تثمل ُ إذا ُ اليمنى، ُ تدوخ بها ُ اليسرى... ّ ّ بغربة بحق ِك عودي ،ال تشطي ٍ ُ ّ اخاف بهذا الت ِيه ، غربتنا الكبرى..
وهم
زينة حمدي ــ تونس زندان التهامي ـ اليمن
لي ٌ بالد أكلت قلبي كما أكل الجائع كل األرغفة ذبحت حلمي و ما كان سوى
ً أن أراها بسمة فوق ِشفة
كم وكم أعطيتها من عدمي وهي ما كانت بيوم منصفة إن تمنيت لها عافية أمرضتني واستحالت مسعفة ورمتني نغمة من شجن تتلوى في جميع األرصفة تقطف العاشق إذ يصدقها وتنادي يا ترى من قطفه!!.. في يديها مدية جائعة زادها من يطلبون املعرفة أنا فيها دمعة ضائعة وجناح يتمنى الرفرفة
مثل الوهم أنت َ تعبق حين تمزجني كقطعة أرض طاف بها الربيع تمددت بأريجها البحيرة تبتلع ظلي أيها الرمال الغافيه املتساقطه مع املوج حنيني بحر شوقي والدة أيها الحبيب لفني حول جسدك العاري وانتظرني كالحقيقه كل املساحات وهميه أصابعك هي منبع الذكرى دعها ترسمني تغرسني بأحالمي تصلي لقبالتك بشائرصيف تاه بوصلي
57
مارس 2021 -م
إشـراف/ ميادة سليمان -سوريا
أنا واملارد
من الشعر التعليمي للناشئة
كايات ماما ميَّادة ِح ُ احلكا َي ُة الثالثة ِ
امل َ الو ِرد ُّي ِعط ُف َ ميادة مهنَّ ا سليمان -سورية َّ
أحمد مانع الركابي -العراق ُ أذهب دائما األفكار ملغارة ِ ِ ُ َ فوجدت عفريتا هنالك نائما ُ مصباح الحروف َ َ فالح لي ومسحت ِ أفق املعاني حائما كالغيم في ِ ُ ِ ً ّلب َ ْ أطلب ما تشاء ...ثالثة يك ُ ّ َ إني ألبي ...لو طلبت مناجما ُ ُ وقلت أريـ ـ ُ ـده فطلبته كنزا ُ ُ يزداد ...لو أنفقت ...يبقى ساملا َ ُ الحياة منازال أطلب في وكذاك ِ ُ الزمان مغ ـ ــانما فيها أريد مع ِ وكذاك مفتاحا ّ عظيمة لكل ٍ
الحياة مظاملا كي ال أرى عند ِ فأجابني متبسما :لم َ يبق لي ّ إل البيان ...فال تك ـ ـ ْـن متشائما ُ كنزواملعارف ُ فالعقل ٌ ُ ماله ُ َ َ ُ وغناك يصبح حين تصبح عاملا ّ ٌ منازل الحياة ثم القناعة في ِ لوال الق ــناعة ما عرفنا حاتما ْ بسعادة لوال القناعة لم نكن َ ٍ ُ يوما وما عرف الزمان مكارما ٌ مفتاح ّ ُ عظيمة لكل والصبر ٍ ُ فرج سيفتح دائ ـ ــما بابا إلى ٍ ُ َ َ تلك الثالثة لو ملكت كنوزها َ َ ما عشت يوما في حياتك نادما ّ ّ ثم اختفى عني فقلت محدثا للمقولة فاه ـ ــما نف�سي طويال... ِ ُ ال َ الذات حيث كنوزها �شيء مثل ِ ُ هللا أودعـها ل ـ ـ ــدينا راحما ً َ ...وذاك أن حديثهُ َ أصاب فعال للجمال مواس ــما ألقى بقلبي ِ
58
ُ َ َ َ َ ْ َ َ ُ ّ َ َ أعوام َت َت َّ جو ُل َم َ ُع أ ِّ َمها في ب ُّينما كانَت لرا ذ َات الث َماني ِة َ ٍِ َ َ َ َ ُّ َ ً ريب ِل ِشر ِاء ِحذ ٍاء ج ِد ٍيد لها ،رأ ِت األ ُم لوحة السو ِق الق َّ ّ ُ َ َجم ْي َل ًة في َم َح ِ ّل أبي َعادل َج ُار ُ عج َب ْت أ ف ، ب ي الط ما ه ِ َ ً َ ِ َ َ ٍَ ِ ِ غم َ َّ شترها ُر َ إلحاح َّ الص َ َ غير ِة الرا ِ ِ َبها َ ًك ِ َث َيرا َُّ َ ،ل ِكنها لم ْت َ َ ُ َ ْ َ َ َّ َ ِ َ َ قا ِئلة:ليابني ِتيِ ،إن اشتريتها لن أتمكن ِمن ِشر ِاء ِحذ ٍاء ..ه َّيا بنا َنم�ضي َ َلك َ اآلن. ِ ِ ِ ُ َ َْ َ َع َادت األ ُّم َو َ ابنتها َ أنه َيا َجولة ُّ بعد أن َ السو ِق،قالت الرا: ِ ُ ْ اش َت َريت لي َذ َ آه َ َ َ َ َ َ ُّ اك نت قود ،ك ِ ليت َ مع ِك امل ِزيد من الن ِ ِ ِ ٍ َ الورد َّي َ عطف َ الجم َ يل! ِ ِ ا ِمل َ َ َّ ُ األ ُّ : م فردت َ َ َ َّ ِ َ َ َ َ ْ ُ ّ ي ُّ َ َ ُ َ اعديننا ِفي وف ِرٌ النقود ،وتس ِ تعلمي ي َاص ِغ َيرِتي َ أن ت َ ِ َمصروف املنزل.فاأل َ عب ُاء ك ِث َيرة َعلى َو ِال ِدك. َ ْ َِ ِ ِ ْ َ ُ ّ َ َ ُ َ َ قالت لرا :نعم ياأ ِم َي ،سأفعل ذلك.. َ ُ ً َ ْ َ ُ َ ً ادة أ ْن ُتنهي ُد َ وكانت لرامعت روسهاَ ،وتأخذ نقودا من َ ً َ َ ُ َّ ى ابنة الجير ِان قليال، والدها ،تشتري الحلو ،ثم تلعب مع ِ َ ُ ََ ً ََ َ َ ِ ً َ َ َ ل َت َ عود َب ْع َدها إلى املنز ِل متعبة ،فتنام باكرا كي تست ِيقظ َِ َ ً نشيطة. َ َّ ُ ََُ ّ ً َ بات ْت َل َات َ ض ُع ُّ َ ومؤ ِخرا الة ك َّل َي ٍوم ،ولم ر الن َقود في َ الحص ِ ْ َ َ َ السابق َو َقال ْ قيق ِتها ُّ َّ َ الص َ ي ش ل ت ثل م ر تعد تشت غرى: ْ َ ُ ِ َ َ ً َ ِ َّ ً َ ِ ً َ َ َّ ُ ْ ُ َّ وفر من لقد ر أيت ِمعط ُفا ورديا ج ِميال ،وقررت أن أ ِ صروفي َو ُأ َ َ اع َد أ ِّمي ِفي ِشرا ِئ ِه. س َم َ ُ ْ َِ َ ياله من ِمعط ٍف ف ِاخر! األي ُام والرا َعلى ٍ َهذي َ ََ الت َّ الح ُ … ال تو ِ َ َ َ َ ً َ ََ ْ َ ُ َ َ ّ استيقظت ِخلسة ،أخذ ِت بيعي مشر ٍق، ُّوفي َ ي ٍوم َر ْ ٍ َ ً ُ َ ُ النقودَ ،و َمضت دون أن تش ِع َر أ َحدا بخروج َها. َ ََ ْ َ لهفة َإلى َبيت َجارهم َأبي ِ َعادلَ ِ ،رَّنت َ الج َرسَ ِ ِ وصلت ب ٍ َ ِ َ َ َّ ُ ُ َ َ ِ َ ِ ُ َ َ ٍ َ َآها َلك َّنها َك َانتْ َ ِبإلح ٍاح َ ،فتح َالرجل الباب ،فد ِهش ِحين ر ِ ْ فقالت لهُ: ْ َ َ َعلى عجلة من أمرها، َ َ ٍ ّ َ ُِ ّ َ َ ْ َ َ ْ ُ َ ّ َ َ ََ أين ِت ُلك اللوحة التي وعدتني أن تخ ِبئها لي كي أشت ِريها ً َه ِد َّية ِل ِّمي؟ َ َ َّ َّ ُ ُ َ ُ جوز َر َ أس ُهُ ،ث َّم َق َ ال: فحك الرجل الع َنعم َت َذ َّك ُ رت! َس َار َع في ُّ الدخولَ ،و َ َ َ ،مسح انة في َم ِنزل ِه أخرج َها ِمن ِخز ٍ ِ ُ وهو َي ِقو ُلَ :ه َاقدْ عنهاَّ ،ثم َّلفها ب َورق مل َّون َجميل َ الغ َ بار َ ً ِ ُ َ ٍ ّ ُ ٍ َّ ُ ِ ٍ َأ َ صب َح ْت َجاهزة َّأي ُتها املف ِكرة الذ َّ كية! ُّ َ َ َ َ ْ ُ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ وانص َرف ْت اع َد ِت ِه لها ناول ْت ُه الرا النقود ،شكرته على مس ً َم ْسرو َرة.
َ َ ََََ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ وال ُدها قط َب وص ِ لت َ امل ًِنزلَ ،ط ُ َرق ِت الباب ،ففتح لها ِ َ َ َ َ َ نت ياابنتي؟ ح َ ِاجب ِيه قا ِئال :أين ك ِ هي َت َبت ِس ُم ب ُسرور َوقالتْ: ْ َ اله َّ َ ف َ أشارت إلى َ دي ِ َة ْو ُ َ ِ َ ِ ٍَ َ ْ ُ َ َّ ٌ ُ ّ ّ َ َّ ّ ّ هدية ِل ِمَي ،اتفقت مع الع ِم أبي ع ِادل أن يخ ِبئها ِلي إنها ِ جم َع َث َمنهاَ في َمنز ِلهَ ،ح َّتى أ َ ِ ِ َرَّب َت ُ األب على َر ِأسها ب َحنانَ ،وق َ : ال ٍ ََ َ َ ً َِ َ َ َّ ُ َ ُ دا َ أليس خبري أح َ َعل ِ يك َأل تغادري امل ِنزل دون أن ت ِ َ كذ ِلك َيالرا؟ ً َّ َ ْ ْ َ َ َف َّهز ْت َر َ ُ َ ُ َ رعة أسها موا َ ِفقة ثم اعتذر َتً َ ،ومضت ِبس ٍ ُ ُ َ ّ َ َ ض ْت َن َ حوها قا ِئلة: إلى غرف ِةَ أ ِمهاَ ،رك َ ُّ ُ أنت ِبخ ٍير ياأ ِمي عامُ و ك ُّل ِ ٍ َ ّ َ َّ َ َ َ ٌ َ ُ ُّ باللوح ِة التي كان ْت قد تفاجئة َ قبل ْتها أم َها َ ْوهي م ِ أ َ عج َبت َ َ ها ،و َسألتهاَ َّ َّ َ َ َ : َ َْ َ ْ ْ َ ِلم لم تشت ِر ا ِملعطف الو ِردي الذي أحبب ِت ِه؟ َر َّد ْت الرا َ َ َ َ ْ َ ََ َ َ َ رت ِشراء ِحذ ٍاء ِلي على أن تشتريها ِ َل َّن ِك آث ِ َ َ َ َ َّ ُ َ َ ْ َ َ َ َ َّ ْ ً ضل ُت ِش َر َاء َها ل ِك َب َدال وأنا تعلمت ذ ُِلك ِمن ِك ،وِلذلك ف من ش َراء َ �شيء أح ُّب ُه. ِ َ َ ِ َ ْ ِ ُ ُّ ٍ ِ َ َ َ َ فعانقتها أمها ِبحن ٍان ،وقالت لها: ّ ّ نفكر ُ ْ َ بأنف ِسنا َف َح ْسبَ ،يجبُ نت يابنتيَ ،علينا أل أحس ّ ِ َ ِ َ َ َ رين ل ّن َ ذلك َ أن ُن َفك َر باآلخ َ من األخالق َ الحميد ِةَ ،و ِ ُ َ َ َِ َ ّ الل. كسبنا مرضاة ِ يُِ َ َ ائل ُة ب َفرح َ َ َ مي َع ًا بع ِيد األمّ واحت َفلوا َج ْ َّ ثم ِِ ِ اجت َمع ُِت ُالعَ ُ ِ ٍ ُ والبهجة تغمر قلوبهم.
مارس 2021 -م
إشـراف/ ميادة سليمان -سوريا
ّ ان ّ كريات الذ ْ دك ُ حسان زموري -اجلزائر
ّ ُ ّ ٌ دك ُ دك ٌ ْ ان ّ ان نظيف مسعود ،وهو العم في حارِتنا يقع ِ ٌ َ حجم ِه. صغر ِ وجميل رغم ِ ّ ّ ّ وابل والد َ ْ ُ مسعود في دكان بقال ِت ِه الت َ يبيع ُّ قيق، العم ِ ّ ً َ ّ َ باإلضافة إلى وأشياء أخرى كثيرة والسك َر وامللح، ِ ّ ُ األشياء التي ُّ األنواع، كل يحبها األطفال :حلوى من ِ ِ ٌِ ّ شوكوالتة ،قصصٌ ٌ واأللوان، األصناف كل من سكاكر ِ ٌ ِ ِ ّ ٌ ٌ ومجل ٌت ّ وبالونات جميلة. ملونة ُ َّ كبير ّ ُّ ُ ويلبس عر، أشيب الش الس ِ ّن، العم مسعود ُ ِ ِ ّ نٌ ٌ ّ َّ ُ ّ ات ألن َ بصره ضعيف ،وهو طي ٌب وحنو جدا، نظار ٍ َ ُّ األطفال كثيرا. ويحب ّ َ ّ َ ُ َ ذات ّ عند ِه رطل سك ٍر ،ول ـا مر ٍة ذهبت ألشتري من ِ ّ ُ ُ بحساب الفك ِة، العودة إلى املنز ِل قمت طريق كنت في ِ ِ ِ َ ُ ّ ُ َ إليه، فوجدت أنه ز َادني خمسة دنانير ،فعدت مسرعا ِ َ ُ دنانير بعد ْ أن ّنب ُهت ُه إلى الخطأَ ، َ مسح أعدت له الخمسة ّ ثم َ بكل رق ٍة وحنانَّ ، على رأ�سي ّ قال: ٍ ِ جي ٌد في الحسابَ ، هللا َ بارك ُ ال َّبد ّأن َك ّفيك. ِ ً َ َّ بيد ِه حفنة من الحلوى ،وأعطاني ّإياها وهو ثم أمسك ِ ّ ُ ُ يبتسم ،شعرت بالفرح ألنني قمت بالفعل ّ ُ الصواب. ِ ِ ْ ْ ّ َ َ ّ في إحدى ّ ات ،طلبت مني أمي أن أشتري بيضا املر ِ َ ُ ّ َ كيس العم مسعود هممت دقيق ،وعند ِ وكيس ٍ بوضع ِ ِ َ ّ الد َ َ ّ قيق فوق القما�شي الكيس داخل البيض علبة ِ ِ ِ ِ ّ املزركش ،ولكن َّ العم مسعود ّنبنهي قائال: ِ
ال ،يا ولديْ ،انتبهّ . الد ُ قيق ُ البيض أثقل وزنا من ِ َ كيس البيض فوق كيس ّ وسيكسر ُهْ . ضع َ ُ قيق. ِ الد ِ ِ ُْ ُ ُ ُ أخبرني ُّ فعلت كما َ العم مسعود ،شكرته وعدت إلى املنز ِل. ذهب ُت ألشتر َ مر ٍة أخرىْ ، ّ وفي ّ ي العم مسعود من ًِ ّ َ زيتْ . ُ ّ رف على مصفوفة يت كانت قارورة ٍ قوارير الز ِ ٍ ّ ُ َ َ ْ ُ ُّ عال ال يطاله العم مسعود إل بعد أن يصعد على ٍ خشبي .وبينما ُّ ّ ّ العم مسعود يحاو ُل الوصو َل إلى كر�سي ٍ َ ْ قارورة زيتَّ ٍ ، َّ ُّ بيدي االثنتين فأمسك ُت ُه الكر�سي؛ اهتز ِ ٍ َ ّ العم مسعود .نز َل ُّ يسقط ُّ العم مسعود من على حتى ال ّ َ ّ يت مبتسماَ ، ّ وقال: الكر�سي ،سلمني قارورة الز ِ ِ ٌّ شكرا يا ولديَ ،لك عندي هدية. ّ فك ْر ُت ّ أن َّ العم مسعود سيعطيني حلوى أو شوكوالتة، ّ َ َُ املنفوخة غير مليئة لكنه ِ علبة ٍ أدخل يده في ٍ ِ بالبالونات ُ ِ ُ وشكرتهَ ، مسح ُّ العم فر ْح ُت كثيرا وأعطاني بعضا منهاِ ، مسعود على رأ�سي ،وقالَ: َأنت ٌ ُّ ولد ّ وتستحق هذا يا ولدي. طي ٌب، ّ ُ ُ ْ َ ّ يت ّ ألمي، بعد أن عدت إلى املنز ِل ،وسلمت قارورة الز ِ ّ َ ُ ُ الشارعَّ ، البوالين بالونا بعد بالو ٍن، نفخت ثم خرجت إلى ِ ّ ّ لدي مع ّ كريات َّ العم مسعود. وأنا أفك ُر كم من الذ ِ ٌ ِ ٌ ُ ُ ُ أصفر ،بالون أحمر ،بالون أزرق ،بالون بالو ٌن ُ َ ّ ُ أمسك َ قوس قزح بين َّ يدي! أخضر ،يا لفرحتي! كأنني ٍ
تفاحة حديقتي
محمد الهادي بن عبداهلل -تونس
تفاحـــة حمـــراء ** تفاحـــة صفـــراء أضعهـــا فـــي ســـلتي ** أجنيهـــا بآعتنـــاء قدمتهـــا لجدتـــي ** هديـــة فيحـــاء مـــا أجمـــل حديقتـــي** حديقتـــي الغنـــاء أشـــجارها كثيـــرة ** أشـــجارها معطـــاء محيطـــة بمنزلـــي ** كجنـــة خضـــراء
أمي إهزوجة لألطفال
فريزة سلمان -سورية ّ الحنية أمي يانبع ً ً ّ وجها حلوا في عينية �شيء في الدنيا ياأبهج ٍ ّ يارفقة عمري اليومية اسم في ّ ٌ الفم حالوته ِ ّ فتذوب نسائم عطرية ٌ وترفي قلبي يعزفني فأردده في ّ أغنية ً برد ياحضنا دافي في ٍ ّ أمسية وحكايات ٍفي عذب ماض ٍ ياذكرى من ٍ ّ جمع األحالم الوردية أمي لحنانك مشتاق ٌ ٌ ّ بركات منك وأدعية هللا برحمتك العظمى ّ هل لي من عندك أمنية ً ْ أن ترسل لي منها طيفا ً ّ بخيوط فضية رسما ٍ ّ ّ فأكلمها وتكلمني ّ العيديه ياربي منك
59
أخبار
مارس 2021 -م
صدر عن دار (عناوين) بالقاهرة
ٌ ديوان (ورد قارس) للشاعر اليمني عبدالعزيز الزراعي يقـع الديـوان فـي 140صفحـة ويتضمـن مـن القطـع المتوسـط، ّ نصـا توزعـت بيـن الشـعر ً 41 العمـودي وشـعر التفعيلـة ،وبيـن النصـوص القصيـرة المكثفـة تشـكل والنصـوص الطويلـة، ّ امتدت مجتمعـة تجارب متنوعـة ّ مـن عـام 2012وحتـى ،2021 ويربـط بينهـا خيـط شـفاف مـن الهـم والرؤيـا واألسـئلة والمحطات، وعلـى الصعيـد الشـخصي الغنائي والوطنـي واالجتماعـي ،وحظيـت األنثـى بحضـور كبيـر فـي هـذا الديـوان ،ونصـوص هـذا الديـوان لـم ُتنشـر فـي ديـوان مـن قبـل. عبدالعزيـز الزراعـي شـاعر وناقد أكاديمي وباحث دكتوراه في لسـانيات الخطـاب الشـعري بجامعـة عيـن شـمس ،وهـو الشـاعر المتـ ّوج بلقـب برنامج الشـعر الفصيح الشـهير (أمير الشـعراء) في موسـمه الرابع ،2011 سـابقا ديـوان (انشـطارات العقيـق اليمانـي) ،وديـوان وقـد صـدر للزراعـي ً (يجـرح العابريـن) ،ومجموعـة (مقدمـة الشـتعال الطين) الشـعرية والتي صـدرت ضمـن كتـاب مشـترك بعنـوان (سـماوات) ،كمـا صـدر لـه كتـاب نقـدي بعنـوان (الزمـن فـي الصـورة الشـعرية -دراسـة لسـانية فـي شـعر البردونـي) ،ولـه عـدد مـن األبحـاث المنشـورة ،كمـا أن لديـه تحـت الطبـع ديـوان شـعري وكتـاب نقـدي.
إصدارات مؤخـرا ديوانـان شـعريان للشـاعر اليمنـي جبـر بعدانـي عـن دار صـدر ً تكويـن بالسـعودية ،حمـل الديـوان األول اسـم (الحـاوي) ،وقـد جـاء فـي 191 وضـم 23 صفحـة مـن القطـع المتوسـط، ّ قصيـدة باإلضافـة إىل أبيـات المدخـل، ودارت موضوعـات هـذه القصائـد حـول الشـعر والفلسـفة والحـب والوطـنُ ،نطالـع منهـا: ها قد وصلنا ؛ ٰ وهذي ق ّب ُة الحاوي النص والراوي فكُ ْن عميق ًا ْ بقدر ِّ هنا ستبص ُر ..؛ فاألفواه عاطل ٌة وقنديل الرؤى ذاوي عن الكالم ُ واألسماء مقفر ٌة ر الس فتدخل َّ ُ ُ بلقع خاوي ! وما وراء األحاجي ٌ بينمـا حمل ديوان الشـاعر جبـر بعداني الثانـي اسـم (قيامتـان ونصـف) ،وصـدر متضم ًنـا 23قصيـدة باإلضافـة إىل فـي 99صفحـة مـن القطـع المتوسـط، ّ أبيـات المدخل ،وقـد دارت كل قصائد هذا الديـوان حـول الرثاء ،وأغلبها فـي رثاء والده وممـاء جـاء فيهـا: رحمـه هللاّ ، إثنين يا صاحبي ُكنّا ٰ وهانذا أتيت وأمضي وحدي ُ من هنا وحدي يواسيك عند الصبح فمن َ كمد؟! من ٍ ومن يغطيك عند الليل من َب ْردِ ؟! أعبره سجى كيف الم ّ ُ يا للمجاز ُ حالم وردي ؟! بموت إىل البديع ٍ ٍ
ً حديثا عن مكتبة (د) بصنعاء صدر
(هكذا غنى طائر) ..ديوان جديد للشاعرة أمة الكريم إسماعيل
60
متضم ًنا يقـع الديـوان فـي 66صفحـة مـن القطع المتوسـط ّ 44قصيـدة غلـب عليهـا الشـكل العمـودي مـع وجـود بعـض قصائـد التفعيلـة ،وقـد تن ّوعـت قصائـد الديـوان مـن حيـث مضمونهـا بيـن القصائـد الوطنيـة وتنـاول مختلـف األغـراض الشـعرية مـن المـدح والرثـاء والغـزل ...الشـاعرة أمـة الكريـم نصـار مـن مواليـد محافظـة حجـة اليمنيـة ،وقـد فـازت بجوائـز عديـدة أهمهـا جائـزة رئيـس الجمهوريـة -محافظـة
حجـة 2005م عـن مجموعتهـا الشـعرية (التغريبـة) ،كمـا أنها شـاركت فـي عـدد مـن الدواويـن المشـتركة المطبوعـة منهـا ديـوان (أقلام حـول الوطن) وديوان (اللغـة األم) ،وقد اختيرت الشـاعرة ضمـن موسـوعة (الشـعراء األلـف) الصـادرة عـن مجموعـة (النخبـة الثقافية) بالفيسـبوك ودار النخبة العربية للنشـر بمصـر ،ولديهـا مشـاركة فـي (موسـوعة الشـعر النسـائي العربـي الفصيـح ( ))2020-1950الصـادرة مـن المغـرب.
أخبار
مارس 2021 -م
ٌ ُ َّ ٌ (حروف مبـرأة ِمن غبار الكالم)... كتاب جديد لمختارات من أجمل قصائد الشاعر الكبير عبد العزيز المقالح صـدر عـن دار «العائدون للنشـر» كتـاب مختارات من قصائـد الشـاعر العربـي الكبيـر عبـد العزيـز المقالـح بــرأ ٌة مِ ـن غبـار الـكالم» ،والـذي بعنـوان ٌ «حـروف ُم َّ احتـوى علـى 62قصيـدة تـم اختيارهـا مـن مجمـل االنتـاج الشـعري المنشـور للشـاعر. الكتـاب أعـده وقـدم لـه الشـاعر والروائـي همـدان دمـاج ،الـذي أوضـح في مقدمة الكتـاب أن هذه الباقة ّ المختـارة تحتـوي علـى «ما ار َتأَينا أنـه أجمل قصائدِ ه وفنيا وأكثرهـا ً زمنيا ًّ شـيوعا ،والتي راعينا فيهـا تن ّو ًعا ًّ وموضوعيـاُ ،ي َم ّكـن القـار َئ مـن اإلبحـار فـي عالمـه ًّ تلمـس تن ّوعـات قصائـده المدهشـة، الشـعري ،ومـن ّ التجديديـة في عالم واستكشـاف تضاريـس تجربتهـا ّ العربـي المعاصـر». الشـعر ّ الممتـدة ل َِمـا ة ـعري الش المقالـح «تجربـة أن وأضـاف ّ ّ ّ ُي َقـا ِرب السـ ّتة عقـود ،ومـا َتخ َّللهـا مِ ـن تنـ ّوع وتجريـب واألوجـه ،قـد اسـتطاعت أن علـى كافـة األصعـدة ُ كبيـرا مـن القـراء ،وأن تالمـس عـددا تجـذب إليهـا ً ً ذوائقهـم الشـعرية علـى اختالفهـا». دماج أنـه «تم ترتيبها وعـن القصائد المختارة يشـرح ّ الشـعرية بعضا من بواكير المقالح ّ زمنيـا ،وفيها َسـنقرأ ً ًّ ِبسِ الكالسـيكية ،ومواضيعِ هـا المشـحونة ـة الفني ِها ت ـما ّ ّ
حدي ،واسـتلهامها للتراث مـرد ،وال ّت ّ ـس ال ّث ِّ بالحِ ِّ ـوري ،وال ّت ّ وفية وفلسـفتِه مرورا بروحانياته ّ اليمنـي والعربـيً ، الص ّ ّ ّ شـكلت عالمـ ًة فارقـ ًة فـي شـعره لفتـرة التأمليـة التـي ّ ّ مالمـح أيضـا مـن الزمـن ،وهـي الفتـرة التـي شـهدت ً َ عرفـ ُه بـ»األ ََجـد» ،ومزاوجتـه ال ّتجديـد ِّ الش ّ ـعري الـذي َّ األدبية المختلفة ،إىل آخـر بكائياتِه في األجنـاس بيـن ّ ِ الــمس َتعِ ر، الحرب زمـن ِ زمـن االنكسـار األخيـر؛ ِ والمـوت ُ هِ كهوفِ شـاهرا من عـاد الذي الرهيـب والماضـي القاسـي َّ ً الظلام فـي ُوجـو ِه الجميـع» ،مضيفـ ًا أن «فـي كل َ سـيف ّ الرحلـة امتـداد وعلـى ـة، جريبي ت ال نعطفات الــم هـذه ّ ُ ّ ّ مزيجـا ُمتق ًنا من ّ ـعرية الباذخـةَّ ، شـعر المقالح ً ظل ُ الش ّ ظل وتوه ٍـج لغويـةٍ ُمبهـر ٍة ّ فكـري عميـق ،كما َّ ٍّ شـفافيةٍ ّ ّ العربـي بعذاباتِـه وآمالِـهِ وتط ُّلعاتِـهِ هـو َأصـل اإلنسـان ُ ُّ ِ ومحيطـات دوائـر بحـا ِر منهـا تتشـكل التـي النقطـة ُ ـعرية». عوالِمِ ـهِ ّ الش ّ دمـاج أن يكـون فـي هـذه المختـارات مـا ويأمـل ّ العربـي للولـوج إىل ئ ر القـا أمـام ا واسـع البـاب َ«يف َتـح ِ ً َ ّ الشـعري المدهـش ،و َثـرا ِء تجربتِـهِ ِ عالـم المقالـح ّ ـكل ش عاتهـا و ن ت و ائـدة الر ومضمو ًنـا ،فـي رحلـةٍ َعذبـةٍ ً َ َ ّ َ ّ الخيـال والحمـاس والجمـال والحـزن واألمـل مـن َ اللا ُمتناهـي». واإلبـداع العميـق َّ ِ
رواية للكاتب اليمني أحمد زين ضمن القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية وصلـت روايـة (فاكهـة للغربـان) للكاتـب اليمني أحمد زيـن إىل القائمـة الطويلـة للجائـزة العالميـة للروايـة كتابا مؤخـرا العربيـة ،والتـي تم اإلعالن عنها ّ ً متضمنة ً عامـا. مـن 11بلـدا تتـراوح أعمارهـم بيـن 31وً 75 صـدرت فاكهـة للغربـان عـن منشـورات المتوسـط، وبحسـب النبـذة التعريفيـة عنهـا فـي الموقـع الرسـمي للجائـزة فـإن الروايـة «تسـرد مـن خلال مذكـرات نـورا، حيـوات شـخوص عديـدة تتقاطـع مـع حيـاة حبيبهـا لقبـا لـه، جيـاب ،الـذي يتخـذ مـن اسـم القائـد الفيتنامـي ً ومـع هـذه المذكـرات يظهر صراع الرفاق على السـلطة في نظـام عدن االشـتراكي ،في سـبعينيات وثمانينيات القرن الماضـي ،حيـث يتغ ّلـب اإلرث القبلـي والعالقـات القرابيـة علـى شـعارات الرفاقيـة األمميـة المرفوعـة وقتهـا ،وهـي الشـعارات التـي جذبت اليسـاريين العرب إىل هـذه المدينة اليمنيـة فكانـت المنفـى والحلـم المجهـض».
كمـا نشـر موقـع الجائـزة بطاقـة تعريفيـة بالكاتـب أحمـد زيـن وهـو «روائـي وصحفـي يمنـي ،مـن مواليـد الحديـدة ،اليمـن ،عـام .1966يقيـم فـي الريـاض ويعمـل فـي الصحافـة الثقافيـة .صدرت لـه مجموعتان قصصيتـان وأربـع روايـات« :تصحيـح وضـع» (،)2004 «قهـوة أميركيـة» (« ،)2007حـرب تحـت الجلـد» ( )2010و»سـتيمر بوينـت» (ُ .)2015أعيـد طباعـة اثنتيـن منهـا فـي سلسـلة اإلبـداع العربي التـي تصدرها الهيئـة المصريـة العامـة للكتـابُ .ترجمـت فصـول مـن رواياتـه وعـدد مـن قصصـه إىل اإلنجليزيـة والفرنسـية حضـورا آخـر لليمـن والروسـية» ..هـذا وشـهدت الجائـزة ً بعـد ورود اسـم الكاتـب اليمنـي علـي المقـري ضمـن أعضـاء لجنـة تحكيـم الجائـزة لهـذا العـام ،وقـد سـبق للمقـري الوصـول مرتيـن إىل القائمـة الطويلـة للجائـزة.
61
أخبار
مارس 2021 -م
ّ مركز عدن للرصد والدراسات يكرم الفائزين في مشروع (األدب في خدمة السالم) محمد سلطان اليوسفي ـ أقالم عربية أقام مركز عدن للرصد والدراسات والتدريب صباح يوم الثالثاء 9مارس فعالية تكريمية لعدد من المبدعين والمبدعات الفائزين في المشروع األدبي (األدب في خدمة السالم) ،والذي شمل مجال الشعر والقصة والمقال ،ويأتي المشروع بتمويل من المؤسسة األلمانية للتعاون الدولي(- .)GIZ وفي فعالية التكريم التي حضرها عدد من الكتاب واإلعالميين والمهتمين بالشأن الثقافي ألقى األستاذ قاسم داود رئيس مركز عدن حيا في مستهلها جميع للرصد والدراسات كلمة ّ تحدث الحاضرين والمشاركين في المشروع ،كما ّ مر بها مشروع (األدب في عن المراحل التي ّ مؤكدا على أن المشروع يأتي خدمة السالم)، ً انطالقا من استشعار دور وأهمية األدب في بناء ً السالم. قدم رئيس لجنة التحكيم في المشروع كما ّ الدكتور سالم عبدالرب السلفي رئيس قسم اللغة مفصلة عن سير العربية بجامعة عدن كلمة ّ برنامج (األدب في خدمة السالم) ،استعرض فيها ابتداء من اجتماع مر بها المشروع المراحل التي ّ ً لجنة التحكيم ووضع شروط المسابقة لكل فئة (الشعر ـ القصة ـ المقال) ،ووضع معايير تحكيم النصوص المتسابقة ،وانتهاء بإعالن أسماء الفائزين، وتك ّونت لجنة التحكيم من كل:
د .سالم عبد الرب السلفي د .حفيظة صالح الشيخ د .عبد الحكيم باقيس د .علي عبده الزبير د .صالح حسن الوجيه أ .بدر فضل العرابي وفي الفعالية ألقى وكيل محافظة عدن األستاذ غسان الزامكي كلمة أكد فيها حرص الحكومة على تشجيع البرامج والمشاريع الثقافية الهادفة التي من شأنها أن تنعش المشهد الثقافي بمختلف مجاالته. واختتمت الفعالية بتكريم الفائزين في المشروع في مجال الشعر والقصة والمقال ،وذلك على النحو التالي: الفائزين في فئة الشعر ،وهم: الفائز بالمركز األول الشاعر يوسف صالح عن نصه “حصاد الحرب” ،والحائز على المركز الثاني ّ
نصه “متى العمري عن ّ الشاعر سامي مصلح قائد َ توسع صدر األرض” ،و الحائز على المركز الثالث ّ نصه “الموطن الشاعر محمد سلطان اليوسفي عن ّ المكلوم”. كل من: أما في فئة القصة فقد تم تكريم ٍّ نصه غسان خالد الحائز على المركز األول عن ّ القصصي “طفولة مبتورة” ،والحائز على المركز نصها القصصي الثاني سمية أحمد بشهر عن ّ “على حافة الهاوية” ،والحائز على المركز الثالث نصها القصصي «أنا للمقابر تسنيم حسن عن ّ أنتمي». وفي فئة المقال تم تكريم الفائزين وهم: نصها «أبناء فاطمة زيد الفائز بالمركز األول عن ّ الحفا» ،والفائز بالمركز الثاني خالد عبدالغني نصه «هناك امرأة ًإذا هناك سالم»، الصرمي عن ّ ّ والفائز بالمركز الثالث نجاة حسين الحامد عن نصها «سطر حرب ونقطة سالم». ّ
شاعرة يمنية تفوز بجائزة «توليوال» في إيطاليا فـازت الشـاعرة اليمنيـة ميسـون اإلريانـي بجائـزة «توليـوال» اإليطاليـة السـنوية عـن ديوانهـا ِ (ح َيـل)، وذلـك فـي دورة الجائـزة الــ 26للعـام ،2020/2021 ضمـن مجموعـة مـن الشـعراء األجانـب بينهـم عدد مـن الشـعراء العـرب. وأضافـت «جائـزة توليـوال ريناتـو فيلبـي اإليطاليـة للشـعر العالمـي» فـي الـدورة الماضيـة الشـعر باللغـة العربيـة إىل فـروع مسـابقاتها (فـرع الشـعر غيـر اإليطالـي). و ُتشـرف على هذه الجائزة رابطة توليوال الثقافية،
62
نظم بالتعاون مع مجلس الشـيوخ اإليطالي. و ُت ّ وتقـوم عمليـة التحكيـم علـى مرحلتيـن :األوىل تقييـم النصـوص بلغتهـا األم ومقارنـة الترجمـة باألصـل ،وفـي المرحلـة الثانيـة يتـم تقييـم النصـوص المتأهلـة بشـكل جماعـي الختيـار قائمة الفائزيـن النهائيـة. عـددا مـن اإلريانـي ميسـون للشـاعرة يذكـر أن ً “سـأثقب بالعاشـقين اإلصـدارات الشـعرية منهـا: ُ و”م َـد ْد”. السـماء”َ ، المصدر« :آر تي» « ،إرم» بتصرف
مارس 2021 -م