استطـــالع
برج البُرُلُّس طريق الحرير التشكيلي بقلم :أشرف أبواليزيد
مفردات األسماك واألطفال ،احلياة والبهجة ،تتحرك على جدارية برج البرلس للفنان عادل مصطفى
36
العدد - 686يناير 2016
الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016
قد يكون الرسم على الجدران هو الج ُّد األول للفنون جميعها ،وقد ولد هذا الفن الباكر حين سجلت خربشات صيادي الفرائس سيرة القنص ،وعندما رسم قاطنو البراري سيرة حياتهم حول النار ،وكذلك حين صوروا أنفسهم برموز بصرية كاشفة ليومياتهم ،إثر عودتهم إلى كهوفهم بعد رحلة النهار الدرامية .لذلك تبدو عالقة اإلنسان بالجداريات حميمة ،وهي العالقة ْ البكر ،التي نمت مع نضج الحضارات ذاتها. المتجذرة منذ تلك الخطوط سيعرف المؤرخون ،ون ُ َّ قاد الفن ،والتشكيليون ،الجدران بوصفها معارض أبدية ،سواء كانت في قلب مغارات جبال الصين ،يتقرب بها الرهبان إلى آلهتهم ،أو على حوائط مقابر الفراعنة ،يد ِّونون بها سير الراحلين تنتظرهم حين يُبعثون ،أو فوق الشواهد المعمارية الكثيرة التي عرفتها حضارات القارات جميعها.
37
خريطة من 3أقسام ،األول حملافظة كفر الشيخ وموقعي مدينة برج البرلس وبحيرة البرلس على شاطئ البحر املتوسط، والثاني ملوقع احملافظة شمال مصر (على بعد 200كلم من القاهرة) ،والثالث ملوقع مصر في إفريقيا.
وإذا كانت جتربة الرسم املعاصر على اجلدران لم تعد أس� � ��يرة للتاريخ ،فق� � ��د عادت للظهور على أكث� � ��ر من نحو؛ حني رس� � ��م الفنان الش� � ��عبي آيات الترحيب اللوني بالعائدين من احلج إلى بيت الله على واجهات البيوت ،وكما برع فنانو اجلرافيتي، املجهولون واملعروفون ،في صبغ اجلدران باألفكار الثائرة ،إال أننا هنا نتحدث عن وجه ثالث للرسم على اجل� � ��دران ،ميثل رحلة فني� � ��ة بصرية جديدة على طريق احلرير التشكيلي. ستذ ِّكرنا هذه الرحلة اجلديدة بتجربة مماثلة قامت به� � ��ا مدينة أصيل� � ��ة املغربية على س� � ��احل احمليط األطلس� � ��ي عل� � ��ى مدى عق� � ��ود ،حني كان يأتيها في كل موس� � ��م ثقافي س� � ��نوي فنانو العرب والعالم يضع� � ��ون بصماتهم على جدرانها البيض، لكن جتربة الفنان عبدالوهاب عبداحملس� � ��ن ،في مدينة ب� � ��رج البرلس ،احملاطة بالبحر املتوس� � ��ط وبحيرة البرلس ،كانت أكثر صعوبة ،ألنها تؤسس محاولة اس� � ��تثنائية في محي� � ��ط صعب ،وفي زمن غزا فيه القب ُح احلياة والسلوك ،لذا كانت النتيجة 38
باهرة ،ألنه استطاع في موسمني أن يكون «ملتقى البرلس للرسم على احلوائط واملراكب» ...فعالية ثقافي� � ��ة تتواصل م� � ��ع محيطه� � ��ا املجتمعي وتعبر حدودها اجلغرافية ،وتُعلي من قيمة الفن. أتابع مس� � ��يرة الفن� � ��ان املص� � ��ري عبدالوهاب عبداحملس� � ��ن منذ سنوات ،معجباً بتلك اخلطوات الوثاب� � ��ة والرؤية العميقة التي ميزته منذ عش� � ��ق الفن ودرسه ،إلى أن أصبح أستاذاً أكادميياً له في مصر وخارجها ،فض ً ال ع� � ��ن دوره التنويري الذي ينبع من مواطنته الصاحلة ،العاش� � ��قة لكل ما هو مصري ،وترى ذلك جلياً في معارضه التش� � ��كيلية النوعي� � ��ة املرتبطة بتراب وطن� � ��ه ،وفي مداخالته الواعي� � ��ة النقدية ،وأخيراً في إنش� � ��اء «مؤسس� � ��ة الفنان عبدالوهاب عبداحملس� � ��ن للثقافة والفنون والتنمية». تبدى حب الفنان لبحي� � ��رة البُ ُر ّلُس ،التي تقع في محافظة كفر الش� � ��يخ ،مس� � ��قط رأسه ،شمال القاه� � ��رة ،وجتلى هذا احلب ف� � ��ي املعارض التي تناولت س� � ��طح البحيرة الذي ال ميل من رس� � ��مه، العدد - 686يناير 2016
الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016
من دون تك� � ��رار ،بل في فرادة تام� � ��ة ،تعي أدوات الفنان ،وت� � ��درك جتدد مياه البحي� � ��رة ووجوهها. لك� � ��ن البحيرة لم تعد مياهاً وحس� � ��ب ،وال محيطاً جغرافياً فقط ،بل أصبحت كرة أرضية ،أو كوكباً يعيد عبداحملسن تعريفه لنا ،بتفاصيل سطوحه، وس� � ��اكني أعماق� � ��ه ،وناس� � ��ه ،مفتون � � �اً بعنصري التكوي� � ��ن ...املاء والتراب ،يضيف إليهما نار الفن التي يوقدها بخامات شافة لكنها دالة ،وساخنة، وحية مثل البشر الذين يعشقهم .والبشر حاضرون في لوحاته ،حتى إن غابوا جسدياً ،يكفي أن تتمعن في األس� � ��ماك والطيور ،لندرك أنها صور معادلة للحضور البش� � ��ري .إن تلك الكائن� � ��ات لو غابت، فإن س� � ��طح امل� � ��اء يذكرنا مبداعباتن� � ��ا لوجه مياه النهر والبحر والترعة والبحيرة ،فهذه املداعبات بالفقاقيع املتدفقة من الغيب والدوائر املتراقصة إلى ما ال نهاية ،كلها تستحضر البشري الغائب. على س� � ��احل البحر املتوس� � ��ط ،ف� � ��ي منطقة تبعد مائتي كيلومتر ش� � ��مالي القاهرة تقع بحيرة البرلس .ومتثل هذه البحيرة مس� � ��احة حياة تتسع برج ال ُب ُر ُلّس طريق احلرير التشكيلي
بتفاصيلها للتأم� � ��ل واإلبداع ،ألهله� � ��ا والقادمني إليه� � ��ا .لك� � ��ن التجريف – مثله كأي فس� � ��اد يهدد التصحر الكائن� � ��ات والبش� � ��ر – يزحف بقبض� � ��ة ُّ عليه� � ��ا ،مقلصاً من مس� � ��احتها يوماً بعد يوم ،مما يضع مصيرها ،ومصير بحي� � ��رات عربية أخرى، عل� � ��ى احملك .وهنا يح� � ��اول الف� � ��ن املقاومة ،وقد س� � ��اهم الفنان عبدالوهاب عبداحملس� � ��ن نفس� � ��ه في تقدمي ش� � ��هادات جرافيكية ومصورة للبحيرة؛ املع� � ��ادل املوضوع� � ��ي للجمال واحلياة تس� � ��تصرخ املتلقي إلنقاذه� � ��ا .كان يقف أمامها كصوفي تائه يبحث ع� � ��ن مركز كونه ،وهو هن� � ��ا البحيرة ،التي متثل متكأ الفنان لنقل إحساس� � ��ه باملاء /احلياة، وألعاب األش� � ��عة فوق وجهه ،وحال� � ��ة اجلو املمثلة حلالته النفسية ،باعتبار املاء مرآته املفصحة عن ذاته ،والذي ينقلها عبر اإليقاعات الضوئية .لذلك كانت البحيرة في قلب حدث ملتقى البرلس ،وكان قدوم الفنانني والفنانات إلى شواطئها وكأنه وع ٌد لوثاق ال ينفصم مع احلفاظ عليها. جتاوز دور الفنان إط� � ��ار اللوحة إلى مجتمعه، 39
كأن الطيور تنشر سالمها للمارين بالبيت واملقيمني فيه ،بأجنحتها البيضاء ،وبني سماء مجنّحة ،وبحر من األسماك امللونة جلس هذا األب مع طفليه ،جزءا من املشهد ،بأفكار مشرعة كما النوافذ
40
العدد - 686يناير 2016
الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016
برج ال ُب ُر ُلّس طريق احلرير التشكيلي
41
الفنانة د .عقيلة رياض تغازل مركبها بالريشة والروح مع ًا
لتتح� � ��ول البرلس في أولى فعاليات مؤسس� � ��ته إلى مرسم مفتوح بفضل ملتقى اجلداريات األول الذي أقيم ع� � ��ام 2014في مدينة برج البرلس وش� � ��ارك فيه خمس� � ��ة عشر فناناً وفنانة تش� � ��كيلية ،واختير املوعد متزامن � � �اً مع العيد القوم� � ��ي حملافظة كفر الشيخ ،وشارك الفنانون أطفال مدينة البرلس فى الورشات الفنية ملدة أس� � ��بوعني ،ووفرت محافظة كفر الشيخ اإلمكانات املادية إلجناح امللتقى وتهيئة املناخ املناس� � ��ب لتفاعل أهال� � ��ي وأطفال املدينة مع الفنانني املش� � ��اركني من جنوم احلركة التش� � ��كيلية في مصر والعالم .وهو يحتفل بختام ناجح للدورة الثاني� � ��ة ،يبدأ الفن� � ��ان عبدالوهاب عبداحملس� � ��ن بالتفكير ف� � ��ي الدورة املقبل� � ��ة ،وضيوفها من مدن البح� � ��ر املتوس� � ��ط ،لبل� � ��دان لم تش� � ��ارك بعد ،مثل اجلزائر وإيطاليا وقب� � ��رص ،على أن تظل املراكب املوضوع الرئيس ،ورمبا يفكر في مناذج أصغر من احلالية ،تباع في نهاية امللتقى كهدايا تذكارية.
برج البرلس ...جغرافيا صغيرة ...تاريخ كبير
قبل أن تصبح مدينة ،كانت برج البرلس قرية صغيرة ،ذاع اس� � ��مها بعد معركة بحرية ش� � ��هدها 42
ش� � ��اطئ بحيرة البرلس ،صباح 4 نوفمبر،1956 بدأت مبهاجمة بوارج تقودها البارجة الفرنس� � ��ية جان بارت؛ أول س� � ��فينة مزودة برادار في العالم، ومدمرة بريطاني� � ��ة مدعومة بالطائرات احلربية، الشواطئ املصرية .قاد الضابط جالل الدسوقي املعرك� � ��ة من اجلانب املصري ،واس� � ��تطاعت ثالثة زوارق طوربي� � ��د مصري� � ��ة إط� �ل��اق س� � ��تار دخان لتقترب بس� � ��رعة وبحركات مفاجئة من الوحدات املهاجم� � ��ة وأطلق� � ��ت قذائفها في اجت� � ��اه البوارج الفرنس� � ��ية والبريطانية املهاجمة ،ورغم اشتراك الطائرات احلربية في مهاجمة ضد الزوارق ،فإن معركة البرل� � ��س انتهت في دقائق و ُدمرت املدمرة البريطانية والبارجة الفرنس� � ��ية ،ودافع املصريون من دون غطاء جوي حتى آخر طوربيد. وحني ق� � ��اد الضابط مختار اجلن� � ��دي زورقه األخير بعد استش� � ��هاد أغلب زمالئ� � ��ه ،طلب من رفاقه القفز إلى البح� � ��ر ثم اخترق مدمرة أخرى بس� � ��رعة هائلة فأصيب� � ��ت إصابة بالغ� � ��ة ،وحكى الناجون عن ملحمة كبيرة لقرية صغيرة ،وسجلت البحرية املصرية انتصاراً مذه ً ال ضد األسطولني؛ الفرنس� � ��ي والبريطاني .وأصب� � ��ح 4نوفمبر عيداً العدد - 686يناير 2016
الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016
الشغف بالتفاصيل الدقيقة واأللوان الصريحة واحلس األنثوي لألسطورة الهندية عنوان العملني؛ اجلداري والفلوكة اللذين قدمتهما الفنانة الهندية بونام شاندريكا تياجي برج ال ُب ُر ُلّس طريق احلرير التشكيلي
43
جدارية الفنانة سالي الزيني ذات البعد احلركي املالئم لروح املكان بأشكالها املرسومة مائلة وغير املوازية خلطوط البيوت ،وكأن بيتها امللون ميشي في حكاية خيالية ساحرة نقلت احلس األنثوي بالوشي الذي تبثه في لوحاتها ،متعددة اخلامات ،وهي التي ترسم بقلب الطفل.
44
العدد - 686يناير 2016
الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016
برج ال ُب ُر ُلّس طريق احلرير التشكيلي
45
شارك فنانون من 8دول في امللتقى ،من بينهم التشكيلي اإليراني ناصر بالجني (أعاله) والفنان السوداني معتز علمان (الصورة أدناه)
46
العدد - 686يناير 2016
الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016
شيخ احلاضرين الفنان جميل شفيق (مصر) الذي متاست طزاجة أعماله املستلهمة من األحياء الشعبية مع املكان الفطري ،ولذلك امتدح كثيرا بكارة املكان.
سنوياً حملافظة كفر الشيخ. عائلة الفنان عبدالوهاب عبداحملس� � ��ن ليست بعيدة عن النضال ،حي� � ��ث متر خالل أيام امللتقى الذي يقام في النصف األول من شهر أكتوبر سنوياً ذكرى استشهاد ش� � ��قيقه في حرب العبور يوم 21 أكتوب� � ��ر .1973كان أخوه بني 3أش� � ��قاء يخوضون معركة الكرامة على اجلبهة ،وعاد شقيقاه محمد ومحمود واستش� � ��هد عبدالسالم ،من أجل األرض التي يعشقها الفنان ،ومن أجل الوطن الذي يحلم به ليكون أفضل. في ال� � ��دورة األول� � ��ى للملتقى ،ب� � ��دأ الفنانون والفنان� � ��ات باجلدران ،لكنهم ه� � ��ذا العام أضافوا العمل على املركب الصغير (الفلوكة) إلى اجلدار، وال عج� � ��ب في ذلك في قري� � ��ة أغلبها من صيادي السمك ،يسعون كل صباح على صهوات مراكبهم إلى خطب ود البح� � ��ر والبحيرة ليأخذوا نصيبهم من ال� � ��رزق .وهكذا ب� �ي��ن فن� � ��ار البرلس ،وطابية عرابي ،وبعيداً عنهما ،متتد رحلة الصيد ،وحولها تنتشر صناعة مراكب الصيد ،وتصديرها لعديد من الدول ،ولعل ش� � ��هرة أهله� � ��ا باحتراف الصيد برج ال ُب ُر ُلّس طريق احلرير التشكيلي
جعلت عديداً من القرى الصغيرة أساس � � �اً للثروة الس� � ��مكية بها ،مثل قرى البنائني ،وسوق الثالثاء، والشوش والوهيبة ،والشرفا. لم تبتهج اجلدران وحدها ،ولم ترقص املراكب عل� � ��ى أنغام اللون فحس� � ��ب ،بل عم ش� � ��عور الفرح وجوه اجلميع ،وأصب� � ��ح للفنانني عائالت وأطفال يتابعون ريش� � ��اتهم وهي تعيد صياغة احلياة ،يوماً بعد يوم ،ولوناً بع� � ��د آخر .وتنافس الصيادون في جذب الفنانني لواجهات بيوتهم للفوز بلوحة نادرة م� � ��ن الفنانني الذين تطوع� � ��وا لتغيير وجه املدينة، وب� � ��دا أن الطاقة اإليجابية بني الفنان واملتلقي قد بلغت أوجه� � ��ا .جنحت التجربة ف� � ��ي إثارة الوعي اجلمالي ،لتذوق الفن وعش� � ��قه ،وكذلك الس� � ��عي إل� � ��ى بيئة نظيفة ،وزاد دعم املؤسس� � ��ات للفعالية، وانضمت للمحافظة ومؤسسة الفنان عبدالوهاب عبداحملسن للثقافة والفنون والتنمية كل من وزارة الش� � ��باب وجامعة املستقبل .وس� � ��جلت العدسات للفنانني والزائرين حلظات تنشر الفرح ،والبهجة، بني الغ� � ��داء املش� � ��ترك ،واجل� � ��دران املرس� � ��ومة، واملراكب امللونة ،والوجوه الباس� � ��مة ألهل القرية، 47
فلوكة الفنان الشاب إسالم عبادة التي أجنبت كائنا أسطوريا يقف حارسا لها! اللون األسود ،جلسد الفلوكة وابنها ،واللون الذهبي ألطرافها ورأسه ،تقدم صياغة جديدة للربط بني اجلسدين ،األول ـ وهو املركب ـ املتحرك فوق سطح املاء الوهمي ،والثاني ،وهو احليوان احلارس ،الثابت على أرض راسخة.
الصور من ألبوم الفنانني املشاركني في امللتقى ،من مصر :عبدالوهاب عبد احملسن ،إميان عزت ،رامي شهاب ،أميرة عبدالله ،رمي حسن ،أحمد عبدالكرمي ،جالل جمعة ،عالء عوض ،محمد صبري ،ياسني حراز ،منى عليوة ،يارا حامت ،عادل مصطفى ،محمد عبلة ،إبراهيم غزالة ،إسالم عبادة ،سالي الزيني ،جميل شفيق ،أمين قدري ،جيهان سليمان ،كالي قاسم ،أشرف مهدي ،أحمد رجب صقر ،عاطف أحمد ،عمر الفيومي ،حسن عبدالفتاح ،عقيلة رياض ،من تونس :هيفاء تاكوتي ،من األردن :هيلدا حياري، من السودان معتز علمان ،من الهند :بونام شاندريكا تياجي ،من إيران ناصر بالجي ،من البرتغال :باولينا إيفاريستو ،ومن البحرين :جعفر العريبي ،وعدسات املبدعني جالل املسري ،فاطمة الزهراء حسن وبثينة شعالن.
48
العدد - 686يناير 2016
الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016
برج ال ُب ُر ُلّس طريق احلرير التشكيلي
49
األطفال قاسم مشترك في أعمال الفنانني والفنانات ،سواء داخل اجلدارية أو الفلوكة أو في احلياة اليومية ،خالل الرسم أو أثناء االستماع إلى احلكايات ،وابتسامات بال حدود.
50
العدد - 686يناير 2016
الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016
خاصة األطف� � ��ال ...كل ذلك يؤك� � ��د جناح جتربة الفنان الذي عش� � ��ق أرضه وناس� � ��ه فرسم عاملهم، وها هو يس� � ��تدعي الفن كائناً حي � � �اً يعيش بينهم، ويسبح في بحيرتهم. أصبحت فكرة الرس� � ��م على اجلدران اختزاالً لتواص� � ��ل الفنان احلقيقي م� � ��ع مجتمعه ،في زمن غلبت فيه وجهات النظر التي تقول إن التش� � ��كيلي يعي� � ��ش في برج عاجي ،يبتع� � ��د بعمله عن املتلقي، فتحدث غربة الفنان عن املجتمع ،وتنش� � ��أ قطيعة املجتم� � ��ع مع اجلمال .وجنحت التجربة في فضاء محاط باجلمال الطبيعي بني البحر والبحيرة.
قوافل األجيال
من فضائل امللتقى الثاني ،للرسم على احلوائط واملراكب ف� � ��ي البرلس ذلك اجلم� � ��ع الفذ بني كل أجيال الرس� � ��م ،ولذلك كان ش� � ��يخ احلاضرين هو الفنان جميل شفيق (مصر) الذي متاست طزاجة أعماله املس� � ��تلهمة من األحياء الشعبية مع املكان الفطري ،ولذلك امتدح كثي� � ��راً بكارة املكان الذي تع� � ��رف في خالل عام واحد عل� � ��ى أعمال فنانني وفنانات .امللتقى أقيم برعاية د .أس� � ��امة حمدي، محافظ كفر الش� � ��يخ ،وش� � ��ارك فيه 35فناناً من مص� � ��ر ،والهن� � ��د ،وإي� � ��ران ،والبحري� � ��ن ،واألردن، وتونس ،والس� � ��ودان ،والبرتغال ،وش� � ��ارك طالب وطالب� � ��ات كلي� � ��ات الفنون اجلميلة باإلس� � ��كندرية واملنص� � ��ورة والفنون التطبيقي� � ��ة بدمياط والتربية النوعية بكفر الش� � ��يخ في احلدث مع مجموعات م� � ��ن أطفال املدارس واألهالي ،ومتثلت مش� � ��اركة وزارة الشباب مبشروع «مدن ملونة» .وهكذا وجد جيل الكبار أنفس� � ��هم بني جي� � ��ل جديد قوامه 90 شاباً وشابة يتعلمون درسهم األول في فنون الهواء الطلق .وقد أهدت مؤسس� � ��ة الفنان عبدالوهاب عبداحملس� � ��ن للثقافة والفن� � ��ون والتنمية اجلهات املش� � ��اركة والفنانني دروعاً تذكاري� � ��ة متثل مركباً ذهبياً ،يستعد لالنطالق. للعام الثاني ش� � ��ارك الفنان أحمد عبدالكرمي (مصر) ،وهو الذي بدأت رحلته التش� � ��كيلية قبل أكثر من رب� � ��ع قرن ،بتقدمي معماري� � ��ات وجدانية برج ال ُب ُر ُلّس طريق احلرير التشكيلي
51
جزء من جدارية ملعركة بحرية مستلهمة من عصر امللك رمسيس الثالث وحربه ضد بعض الشعوب الغازية القادمة عبر البحر املتوسط للفنان عالء عوض.
52
العدد - 686يناير 2016
الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016
برج ال ُب ُر ُلّس طريق احلرير التشكيلي
53
امللتقى أقيم حتت رعاية د .أسامة حمدي ،محافظ كفر الشيخ ،ونظمته مؤسسة الفنان عبدالوهاب عبداحملسن للثقافة والفنون والتنمية ،بحضور أعالم التشكيليني في مصر ومن بينهم د .أحمد عبدالكرمي.
أعاد بها اكتش� � ��اف إيقاع املعمار الصامت وحتري مجس� � ��ماته في مس� � ��ارات بصري� � ��ة تتداخل فيها األل� � ��وان وحتك� � ��ي داخل� � ��ه اخلط� � ��وط وترقص به اجلدران بش� � ��خبطات ورس� � ��وم والفت� � ��ات إعالن وهمس� � ��ات تدور حول األضرح� � ��ة وداخل أذهان الرجال والنس� � ��اء واألطفال .ثم غاص في التاريخ قبل أن يخ� � ��رج لعناق نهر الني� � ��ل ،فيكتب معاجم مفرداته التي تخصبها الفلس� � ��فات عن اخلصوبة واحلياة وحلظ� � ��ات امليالد وطرح احلكايات؛ وكان جريئاً في اس� � ��تخدام اخلامات ،ومن يزر مرسمه في دهش� � ��ور يس� � ��تقبله حتت عنوان «ازرع قمحك ي�� ��ا مص�� ��ري» عمل ثالثي األبعاد 250س�� ��م 360 /س� � ��م وقاعدة 150س� � ��م ،منفذ بأع� � ��واد القمح املصري وتتوس� � ��طه لوحة زراعة القمح منذ عهد الفراعنة في إحدى مقابر العمال بقرية القرنة بالبر الغربي في األقص� � ��ر ،متوخياً إيجاد عالقة بني احلضارة املصرية الفرعونية واحلياة املعاصرة ،ولذلك فإن مركب� � ��ه كان يحمل بصمات األيقونات الش� � ��عبية، بلونها القمحي /الذهبي السرمدي. وإذا كن� � ��ا نوق� � ��ن ب� � ��أن امل َّثال محم� � ��ود مختار ه� � ��و حفيد بناة التماثيل العظم� � ��اء في احلضارة 54
الفرعونية ،فإن الفنان طارق الكومي (مصر) هو صاحب ذلك اإلرث ،الذي يجدد فيه لتستمر رحلة النح� � ��ت املصري متألقة .ح � � � َّول الكومي «فلوكته» إلى قطعة نحت عبقرية غنية ذات طبقات ثالثية األبعاد رمبا لتقص سيرة الفلوكة ،ليس فقط مبن أخذوها حالياً إلى ع� � ��رض البحر وقلب البحيرة، ب� � ��ل حتولت إلى أث� � ��ر تاريخي قادم م� � ��ن أزمنة لم نعشها تعكس ه َّم الصيادين وتاريخ البرلس. من ب� �ي��ن األجيال اجلديدة ي� � ��رى الفنان عالء ع� � ��وض (مصر) أن امللتقى جتربة فريدة من نوعها، ألن فن الشارع (أو رسم اجلداريات) مبنزلة التعبير اإليجاب� � ��ي عن املجتم� � ��ع ويصل ويخاط� � ��ب املتلقي بجميع فئات� � ��ه وأعماره وثقافاته من دون وس� � ��يط، على عك� � ��س املعارض والقاع� � ��ات املغلقة .هنا يبدأ الدور اإليجابي للتجربة ،كما أن األعمال اجلدارية مبنزلة حلقة وصل بني الناس وتراثهم الثقافي ،مبا يؤكد هويتهم ،ويحيي ذاك� � ��رة التاريخ املمتد آلالف الس� � ��نني ،وهو عمق ثقاف� � ��ي كان له عظيم األثر في بناء الشخصية الوطنية .جدارية الفنان عالء عوض قدم� � ��ت معركة بحرية أخرى ،مس� � ��تلهمة من عصر امللك رمس� � ��يس الثالث وحربه ضد بعض الشعوب العدد - 686يناير 2016
الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016
رحلة عكس النيل ،الفلوكات تستعد لالنتقال من مينائها التشكيلي على طريق احلرير في برج البرلس إلى معرضها في القاهرة.
الغازي� � ��ة القادم� � ��ة عبر البحر املتوس� � ��ط وحتالفهم مع قبائل خ� � ��ارج احلدود الغربية لغزو مصر ،وكأن التاريخ كان يعيد نفس� � ��ه في معركة ،1956ولم تكن اللوحة ع� � ��ودة إلى املاضي بقدر م� � ��ا كانت محاولة تشكيلية إلعادة قراءته واستلهامه وتدبره. الفنان� � ��ة س� � ��الي الزيني (مصر) غ� � ��رس عملها اجلداري البهجة ،ونال حظاً كبيراً لدى املصورين، ولم تخ � � � ُل متابعات الصحف والدوريات من لوحتها الطفولي� � ��ة «ال� � ��روح» الصريحة األلوان الس� � ��احرة التكوين واملختزلة زخرفياً لكل عناصر البيئة ،حتى أن الفنانة واألكادميية د .أمل نصر أكدت ذلك البعد احلرك� � ��ي املالئم لروح املكان ،حي� � ��ث جعلت الزيني من أشكالها املرسومة مائلة وغير موازية خلطوط البي� � ��وت ،فكأن بيتها امللون ميش� � ��ي ببعده احلركي، في حكاية خيالية ساحرة ،وكيف أنها نقلت احلس األنثوي بالوش� � ��ي الذي تبثه ف� � ��ي لوحاتها ،متعددة اخلامات ،وهي التي ترسم بقلب الطفل.
رحلة عكس النيل
إذا كان النيل يصب مياهه ش������ماالً في نهاية رحلته من املنابع ،فإن «الفلوكات» س������ارت عكس برج ال ُب ُر ُلّس طريق احلرير التشكيلي
تياره ،وانتقلت من فضاء برج البرلس إلى قاعة س������مارت آرت .الع������رض القاه������ري أعدته دينا ش������عبان ولينا موافي بش������كل احترافي وكأنهما أعادتا بناء مدينة أتالنتس. فقد جاءت املراكب حاملة رائحة املاء ،وعطر األنفاس التي سكبتها وهي تلونها ،ومن حتت ضوء الشمس الذي غمرها خالل رحلة امليالد ،لتعيش رحل������ة جديدة ،بعطر زوار ج������دد ،وحتت أضواء اصطناعي������ة ،حتم������ل رائحة احلن���ي��ن ،بذكريات الفنانني واجلمهور معاً .كانت رحلة عكس النيل، ولكنها كانت أيضاً رحل������ة باجتاه القلب .وهكذا وجدت الفلوكات مت������كأ لها في الطابق األرضي الفس������يح ،في املعرض ذي الطوابق الثالثة ،مبا يجعل������ه األضخم في مصر .وبدا وكأن الفلوكات تتجاور وتتحاور ،وفيها من يتكئ على اجلدران، وكأنها تلتقط ص������ورة « »selfieمع������اً ،ومنها من اتخذت بلونها مكاناً قصياً كأنها ال تريد أن تبوح بسرها لفلوكة أخرى ،وبدا أن األلوان واألشكال والرموز واإلضافات التي وضعها بعض الفنانني فوق مراكبهم الصغيرة وحولها ،تصنع موزاييك التجانس في كورال تش������كيلي كبير ،وكأن طريق 55
احلرير التشكيلي امتد إلى درب جديد يستقطب جمهوراً جديداً. ظننت أنن������ي أمام ع������رس للمراكب ،خاصة ح���ي��ن واجهتني ع������روس الفنان������ة عقيلة رياض في مركبها ترت������دي ثوب الفرح ،أو حني التقاني في مقدمة احملفل مرك������ب الفنان هيلدا حياري (األردن) ،وكأنه «كوش������ة الفرح» حتمل كرسيني غطاهما قم������اش ثوب العرس الش������اف .حتكي هيلدا عن تلك التجربة املميزة للحضور في برج البرلس ضمن عدد كبير من الفنانني والفنانات من جنسيات مختلفة: «املنطق� � ��ة س� � ��حرتنا وأث� � ��رت فين� � ��ا وجدانياً ببس� � ��اطتها ً أوﻻ .كن� � ��ت أعتق� � ��د أن اله� � ��دف من املشروع هو اﻻختالط بس� � ��كان املنطقة ليتعلموا ويكتش� � ��فوا فنون � � �اً جديدة من ثقاف� � ��ات مختلفة،
لكنن� � ��ي وجدت أن� � ��ي تعلم� � ��ت منه� � ��م أكــــثر مما أعطيت .كنت غاية في اإلره� � ��اق أحياناً خاصة كفنانة امرأة ترسم حائطاً كبيراً مبنطقة شعبية تفتقد اخلدمات ،لكني لم أش� � ��عر بتعبي وأنا بني احلاجة رض� � ��ا واحلاجة عزي� � ��زة واحلاج محمد أطال الله أعمارهم ...أحسس� � ��ت أن� � ��ي ابنتهم، وجزء من عائلتهم باحملبة والكرم .وجدت نفسي منس� � ��جمة بكل حلظة ألع ِّبر ع� � ��ن محبـــتي لهم، باإلضـــــاف� � ��ة إلى انس� � ��جام مجموعتن� � ��ا كفنانني من إيران والس� � ��ودان واألردن والبحرين وتونس ومص� � ��ر وغيرها من البلدان املش� � ��اركة .كنا حقاً عائلة واحدة يجمعن� � ��ا كل اﻻحترام .هذه جتربة فريدة مبس� � ��يرتي الفنية وأس� � ��لوبي الذي أتبعه. ﻻ تهمن� � ��ي العواصم كثيراً وﻻ األبنية الش� � ��اهقة املغلق� � ��ة ،إذ تعودت دائماً أن أبحث عن اإلنس� � ��ان
بني عروس البحر األسطورية ،أقصى ميني اجلداريات ،والسيدة الساعية للعمل واحلياة ،عالم من الرسوم التي امتزجت مع احلياة اليومية
56
العدد - 685ديسمبر 2015
الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016
ووجدت� � ��ه في البرلس ...هم أيض � � �اً تعلموا تق ّبل اآلخر مهما كان ش� � ��كله ولونه وأس� � ��لوب حياته، ومازالت بعض أسئلة األطفال تعيش في ذاكرتي وتعني ل� � ��ي الكثير ،ومازلت عل� � ��ى تواصل معهم، مثلم� � ��ا أطلع الس� � ��كان على فن� � ��ون مختلفة عما يعرفون ...لقد تبادلن� � ��ا األدوار باملعرفة واحلب والعطاء من الطرفني».
ٌ أسماك ونساء وأساطير
لعل فضاء املكان كان له سحره اخلاص في اس������تلهام التشكيليني ملفرداته ،على نحو متكرر، ولكن بش������كل غير متش������ابه أو متطابق .ومثلما حضرت األسماك برشاقة متزنة وبذخ لوني في معظم األعمال ،اجلداري������ة أو املركبية ،ظهرت
برج ال ُب ُر ُلّس طريق احلرير التشكيلي
ٍّ وجتل ناشرات الفرح ،وأحلت أيضاً النساء ببهاء األس������اطير بغموض وش������موخ ،وكأنها حكايات النس������وة في األمس������يات ،أو قصص الرجال في عرض البحر. م������ن ذلك الس������حر خرج������ت فلوك������ة الفنان املصري املخضرم س������مير فؤاد ( 72عاماً) ،التي حتمل أربع نس������اء رس������مهن بأل������وان األكليريك، كشخصيات أسطورية ،بينما ترقص في خلفية اللوحة األس������ماك طافي������ة على ق������اع الفلوكة، وكأنه يقدم نس������خة مصرية من أس������طورة بنات آخيلوس الالئ������ي ينادين بأصواتهن العذبة على البحارة ،فتأتي سفنهم لتتحطم بسبب الشعاب املرجانية ،والنس������خة هنا ع������ن «النداهة» التي تغري الصيادين أو فالح������ي نهر النيل بصوتها
57
58
العدد - 686يناير 2016
الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016
الفلوكات تقف للتصوير( ،من اليمني) أعمال عقيلة رياض ،وعمر الفيومي ،وجميل شفيق وجيهان سليمان
برج ال ُب ُر ُلّس طريق احلرير التشكيلي
59
60
العدد - 686يناير 2016
الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016
وكأن البحر انتقل مع الفلوكات ،فجلس األطفال على شاطئه يعيدون رسم املراكب الصغيرة ،ورائحة الصيد التشكيلي تفوح بني املراكب والشباك واملقاطف املصنوعة من اخلوص
برج ال ُب ُر ُلّس طريق احلرير التشكيلي
61
فنانات الهند والبرتغال ومصر أمام بحيرة البرلس
الفنانون إسالم عبادة ود .محمد الشال ويارا حامت ومعتز علمان وعالء عوض خالل افتتاح معرض املراكب في آرت سمارت 62
العدد - 686يناير 2016
الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016
الفنان عبدالوهاب عبداحملسن يتحدث إلى األجيال اجلديدة التي شاركت احللم ،باحلضور والرسم معاً.
فيتقدمون إلى ع������رض املياه ،حتى يتمكن منهم الغرق .إنه الس������حر األنث������وي العابر للحضارات والثقاف������ات واألس������اطير واملي������اه واجل������دران والفلوكات. آلهة اليونان امتزجت مبفردات مس������توحاة من الفنني اإلسالمي والقبطي في أعمال فنان متمرس آخ������ر هو عمر الفيوم������ي ،الذي ُعرف بلوحاته املستلهمة من وجوه الفيوم اجلنائزية. ه������ذا التناس������خ ،أو رمب������ا جتدر تس������ميته بالتناس������ل ،تبدى بقوة في فلوكة الفنان الشاب إس���ل��ام عبادة (مص������ر) ،الت������ي أجنب������ت كائناً أسطورياً يقف حارساً لها! اللون األسود جلسد الفلوكة وابنها ،واللون الذهبي ألطرافها ورأسه، يقدم������ان صياغة جديدة للبط بني اجلس������دين، األول ه������و املرك������ب املتح������رك فوق س������طح املاء الوهمي ،والثاني وهو احليوان احلارس ،الثابت على أرض راس������خة .ه������ذا احلوار ف������ي العمل الصامت هو س������ر ف������رادة هذا العم������ل الفني. برج ال ُب ُر ُلّس طريق احلرير التشكيلي
إضافات الفنانني للفلوكة حتدت نفسها ،الفنان جالل جمعة (مصر) أضاف املعدن مشك ً ال منه أس������طورته اخلاصة ،وأضاف������ت الفنانة باولينا إيفاريس������تو (البرتغال) قطع األحجار األسمنتية اجلاه������زة للبن������اء ،بعد أن منحتها ل������ون البحر، وأضاف فنانون آخرون ش������باك الصيد والدالء اجللدية التي يحتفظ فيها الصــــيادون بالســمك طازجاً. في قلب «املتوس������ط» كان فنار برج البرلس، يضيء رحلة طريق احلرير التشكيلي ،للقادمني والقادم������ات من الهند وإيران ش������رقاً إلى تونس والبرتغال غرباً ،ومن األردن شماالً إلى السودان جنوب������اً ،رحل������ة آمن بحارته������ا بقيم������ة ألوانهم، وتأثيره������ا الذي تخطى الباليت������ة ،وجتاوز إطار اللوحة ،ليغ������رس البهجة في قلوب البس������طاء، وليحرك الراكد في بحيرة التش������كيل ،وليجدد العه������د مع الفن������ون الت������ي أحي������ت احلضارات وخلدتها > 63