فودكا
البغاء الصحفى ()٢
تأليف :أشرف عبد الشافي حقوق النشر © أشرف عبد الشافي ٢٠١٥ الحقوق الفكرية للمؤلف محفوظة
Merit Publishing House tel.: +2 02 25797710 fax.: +2 02 25797710 cell.:+2 0114 213 89 25 6b Kasr El-Nil st.,1st floor Cairo - egypt
جميع الحقوق محفوظة الطبعة األولى ٢٠١٥ رقم اإليداع٢٠١٥ /٠٠٠٠٠ : الترقيم الدولى:
000000000000
تصميم الغالف :سامح الكاشف اإلخراج الفنى والتنفيذ :أحمد نجدى
أشرف عبد الشافى
البغاء الصحفى()٢
إلى محمد شهدى
وأصدقاء شقة بوالق أبو العال
المحتويات فودكا 11.....................................................................................
الفصل األول :سينما خالد يوسف13.......................................... ( )1الفنان فى الميدان 15...................................... ( )2األصدقاء فى باريس18.................................. ( )3كف القمر 22................................................. ( )4رد قلبى 25..................................................... ( )5اإلعالمى واألميرة28..................................... ( )6الخطاب العاطفى31...................................... الفصل الثانى :مقهـى فيينا 35...................................................... ( )1أساتذة وتالميذ37.......................................... ( )2طعنات متتالية 39........................................... الفصل الثالث:مصر قرية صغيرة 43............................................ ( )١ألوان الفضائيات 45....................................... ( )2جمعة الغضب48...........................................
الفصل الرابع :رجل ال يمرر الكرة51.......................................... ( )1سن التطهر 53................................................ ( )2عالقة غامضة 56............................................
الفصل الخامس :باألبيض واألسود 59....................................... ( )1شقة حندوسة 61............................................ ( )2جيل اليوم السابع 65...................................... ( )3فضيحة السى دى 69...................................... ( )4أشياء كثيرة للوطن! 74................................... الفصل السادس :إغراء77........................................................... ( )1الفنون الحديثة 79.......................................... ( )2بالحجم الطبيعى 82....................................... مشهد ( )1آيس كريم فى رأس البر! 84......... مشهد ( )2رجل المواقف المحترمة 88......... مشهد ( )3مبروك علينا90............................. مشهد ( )4بوسى 91...................................... مشهد ( )5على الهواء 93..............................
الفصل السابع :حوار الطظ95..................................................... ( )1الرئيس ..صحف ًيا97....................................... ( )2مع صياح الديك100........................................
الفصل الثامن :زمن الفراولة 103................................................... ( )1سيجار كوبى 105............................................. ( )2غرام التسعينات107.........................................
( )3خيانات صغيرة109.......................................... ( )4وليمة ألعشاب البحر 111................................ ( )5حرب الفراولة 113........................................... ( )6فى سبيل المرشد116....................................... ( )7وقائع موت روائى 118..................................... ( 12 )8سب ًبا وراءحب المصريين لعالء مبارك 119......
الفصل التاسع :األحزان القديمة 123............................................. ( )1رغم اختالفى معهم! 125................................. ( )2الهروب الكبير 130.......................................... الفصل العاشر :األغنية البديلة 133................................................ ( )1ومات عبد الله كمال! 135............................... ( )2نيوتن! 139....................................................... ( )3البطل الذى خدعنى 141.................................. ( )4أذكي خلق الله!144.........................................
الفصل الحادى عشر :أظافر حادة تنزع جلد الوجه 149................. ( )1قتل األب 151.................................................. ( )2الصورة155...................................................... ( )3وأنا الذى رأيت الدموع 157............................. ( )4جهات عليا159................................................ الفصل الثانى عشر :سيناريوهات ناقصة165................................. ( )1عطور ونساء 167.............................................. ( )2مدحت طلبة! 170............................................
الفصل الثالث عشر :شحاذون ونبالء 175..................................... ( )1لحظات األسى177.......................................... ( )2فنانة ..ويهودية! 181........................................
فودكا تأثيرا ،ربما ألننى كنت سكرانًا ُ شربت الفودكا ،لكننى لم أعرف لها ً أو مأخو ًذا بنشوتها ،هى مشروب سيئ الطعم على ِ أية حال ،لكّن ٌ ُ
حروف الكلمة تبدو أكثر وق ًعا وقوة ،انظر إلى فخامة وضخامة الفاء
فى البداية ،واأللف التى تصعد بها إلى أعلى وأنت تنطق «فودكا».
فخما لى األمر وأنا أختار هذا االسم ،فأنت تقرأ كال ًما ً هكذا بدا ّ
عن مشروب «حرام» فى نظر البعض وممتع أو الذع أو سيئ بالنسبة آلخرين ،وهكذا فصول الكتاب أشياء تتداخل بين الحرام والحالل، األخالق واالنحالل ،الفضيلة والرذيلة ،التدليس والتشريف ،التلبيس
هزت بشر من لحم ود ّمّ ، واإلبليس ،التحمير والتقشير ..خلطة صنعها ٌ
الثورة بعواصفها أرضهم فصاروا شخصيات روائ ّية مكتملة األركان،
شخصيات تمثل الطبقة المتوسطة بكل أمراضها وأحالمها وأوهامها ورغباتها وشهواتها ،قادمين من الريف والمدن المتواضعة ومقهورين ومهزومين وباحثين عن شهرة وفلوس ،وبينهم «أوالد ناس» بالطبع. 11
أيضا «فودكا» فودكا من الماء والكحول وبعض األطعمة ،وهنا ً السكر الب ّين فى الحياة ودروبها ،والنفوس وليس بغاء ،حالة من ُّ ومداخلها ومخارجها ،و(اشرب يا بنسونيكا ..وناولنى روم وفوديكا.. وانساها دى دنيا سيكا ..الله يرحم أبيكا) كما قال مدحت العدل. ربما يكون واق ًعا مفج ًعا بالنسبة لى بحكم معرفتى لعدد كبير منهم، وامتالكى الكثير من القصص والحكايات عنهم بحكم ِ العشرة ،فأنا من هذا النوع الذى ال تهون عليه ِ تألمت وأنا كنت ُ «العشرة» ،فإن ُ أكتب بعض فصول الجزء األول ،فقد تضاعف ألمى فى معظم فصول «فودكا». الشيخ زايد ـ فبراير 2015
12
الفصل األول
�سينما خالد يو�سف حين امتأل الميدان بالثوار تنازل عن غطائه الممزق ونصف سيجارة كان يشبكها خلف اذنه حين رحلوا فجأة أحس بوحدة لم يجربها فى حياته ّ أطعمهم رغيفه سرقوا منه نعمة العراء عماد أبو صالح
كان نائما حين قامت الثورة
()1
الفنان فى الميدان توالت المشاهد من قلب ميدان التحرير ،ثم من استوديوهات الفضائيات ،لتؤكد جميعها أن المخرج الكبير خالد يوسف كان وساهرا على اكتمالها وتمام بدرها ،كان الرجل حارسا لثورة 25يناير ً ً نموذجا للفنان الذى أعاد سيرة يوسف شاهين الذى ربط نفسه يو ًما ً ً أشكال لالعتصامات فى النقابات مبتكرا فى شجرة بميدان التحرير ً المهنية ،وتسامح كثيرون أو تنازلوا عن انتقادات سابقة للمخرج المثير للجدل ،فالرجل يبلى بال ًء حسنًا ويتحدث بطالقة يحتاج إليها هؤالء الثوار الشباب.
وفى مارس 2011أعلن خالد يوسف بنفسه وعلى المأل خبر سفره إلى السعودية لعقد قرانه على الفنانة التشكيلية «شاليمار شربتلى».
هنا ،وفى تلك اللحظة الخالدة من حياة خالد يوسف استقبلت جماهير الميدان الخبر بفرحة كبيرة ،لدرجة أن بعضهم دعا إلقامة ٍ حفل أسطورى فى قلب الميدان للعروسين يحمل دالالت كثيرة 15
أهمها اكتمال صورة فنان مثقف ،قرر أن تكون الثورة بداية مرحلة جديدة حتى على مستوى حياته الشخصية التى نهشتها الصحف ٍ ً وليال طويل ،وتم تصويره إما كعربيد نساء والمجالت بالشائعات حمراء ،أو دنجوان تتهافت الحسناوات عليه! ،وها هو يعلن «التطهر» ،وال ضير فى ذهابه إلى جدة وعقد القران هناك ،فربما ُ كانت هناك أسباب عائلية أو اتفاق بين العروسين ال يحق ألحد ً حالل مباركًا يفتح زواجا أن يعترض أو يتدخل ،المهم أن هناك ً صفحة جديدة فى حياة الفنان الذى ُأعيد اكتشافه فى قلب الميدان.. ويغلق صفحات قصص وحكايات وعالقات متعددة تبدأ من منة شلبى وال تنتهى عند سمية الخشاب وغادة عبدالرازق أو أى ممثلة أخرى عملت معه. كل ما تناقلته الصحف عن «شاليمار شربتلى» التى اختارها خالد يوسف ،يقول إنها «فنانة تشكيلية» ،وتلك صفة تناسب تفكير فنان متمرد يسعى وراء كمال العقل ورجاحته ،فمالمح الفنانة ـ كما ظهرت فى الصور ـ تكشف عن ذكاء ونبوغ غير محدودين ،ولكن أيضا عن تلك الفتاة التى نجحت فى إقناع خالد يوسف بأن ماذا ً التصور الليبرالى قائم وموجود فى قلب المجتمعات التى يشاع أنها متحفظة ورجعية؟ إن مهابة االسم وحدها تقتضى البحث والتقصى ،وبحثت ،وتوالت المفاجآت التى يمكن لخالد يوسف عظيما ،ذلك أن السيدة «شاليمار شربتلى» فيلما ً أن يصنع منها ً ليست مجرد فنانة تشكيلية تقيم معارضها فى قاعات المملكة 16
الصحف ـ بل هى أكبر العربية السعودية وخارجها ـ كما قالت ُّ من ذلك بكثير وتمتلك قدرات خيالية على صناعة نجوم متأللئة فى سماء اإلعالم.
17
()2
الأ�صدقاء فى باري�س ظهر اسم السيدة «شاليمار شربتلى» فى ( )2008كاتب ًة للمقال على فترات متقطعة فى صحيفة المصرى اليوم ،لكن حضورها األكبر كان فى مقاالت متناثرة لثالثة من نجوم الصحافة الخاصة فى عصر مبارك ،أولهم رئيس تحرير صحيفة المصرى اليوم ـ آنذاك ـ األستاذ وأنتجت قررت «شاليمار» أن تكتشفه كمذيع!، «مجدى الجالد» الذى ْ ْ له ـ بالفعل ـ برنامج «اتنين فى اتنين» الذى قدمه فى رمضان 2010 مع الكاتب واإلعالمى وائل اإلبراشى ،الذى يأتى ثان ًيا بعد الجالد كتبت فكرة البرنامج فى قائمة أصدقاء ومحبى الفنانة التشكيلية التى ْ إلى جانب اإلنتاج بالطبع! يقول األستاذ مجدى فى حوار أجرته معه الزميلة «مايسة أحمد» (أخبار النجوم 23سبتمبر )2010إنه رفض الكثير من العروض قبل الموافقة على برنامج «شاليمار» ،وعندما سألته المحررة لماذا اختار برنامج «اتنين فى اتنين» تحديدً ا؟ ،أجاب: 18
«وجدت األمور تسير دون أن أشعر ..ووجدتنى أجلس ـ ُ على كرسى المذيع وأسجل مع الضيوف ..وهذا فى رأيى نتيجة ألن هذا البرنامج تحديدً ا له ظروف خاصة، ألنه «اتعمل» من مجموعة أصدقاء ونحن جمي ًعا أيضا مقربون جدً ا لبعض لسنا مجرد أصدقاء ،وإنما ً مما أعطى مساحات كبيرة من التعاون والتفاهم فيما بيننا ،ولكن بصراحة ترجع الفكرة لصديقتى الفنانة التشكيلية والصحفية شاليمار شربتلى وهى بالمناسبة أيضا مع وائل اإلبراشى. صديقة مشتركة ً ـ وما الظروف التى ُولدت فيها فكرة البرنامج؟ ـ لن تصدقى أن ذلك تم أثناء سفرى برفقة شقيقى إلى فرنسا منذ عدة أشهر ،حيث ُأجريت له جراحة ،وكان ُيعالج هناك وجاءت الفكرة لشاليمار ،وقتها طلبت منها أن تنتظر حتى أطمئن على شقيقى ثم نناقش الفكرة ..لكنى فوجئت بحماسها الشديد وبمجرد عودتى للقاهرة وجدتها اتخذت خطوات تنفيذية وأيضا قررت أن تنتجه الشركة التى تملكها للبرنامجً ، رغم أنها كانت تحت التأسيس.
كنت أعرف أن خالد يوسف لن يختار فتاة عادية بعد كل هذه الخبرات الواسعة فى الحياة ،لكننى لم أكن أتوقع أن تكون «شاليمار» على هذا القدر من الذكاء الفنى ،فلم تكُن ترسم لوحات بالريشة واأللوان فقط ،بل كانت ترسم شخصيات إعالمية فى خيالها وتحولهم إلى «واقع» ،ربما ساعدتها ثروتها على تحقيق تصوراتها تلك ،فقد رأت فى السيد مجدى الجالد مذي ًعا! وراهنت على خيالها الفنى فى 19
تحويل الشارب البدائى أسفل األنف المعكوف إلى صورة مقبولة يمكنها الظهور فى برنامج ترفيهى!.
أما ثالث األصدقاء فهو األستاذ «أحمد المسلمانى» الذى بدأت صداقته معها فى نفس الفترة تقري ًبا ( )2008لكنها ستمتد وتتقوى أواصرها بشكل سينمائى فيما بعد ،وقد أضحكنى األستاذ أحمد كثيرا فى مقال كتبه فى صحيفة المصرى اليوم عن رحلة المسلمانى ً باريسية جاءته فى شهر رمضان المبارك ( ،)2009وكيف أنه كان يجد صعوبة بالغة فى معرفة موعد مدفع اإلفطار فى بالد العطور والنساء، وختم المقال بفرحته أثناء تناول اإلفطار ً قائل: «ثم دعوت رئيس التحرير األستاذ مجدى الجالد الذى تواجد فى باريس ،والتشكيلية المرموقة األستاذة شاليمار شربتلى على إفطار أرستقراطى مهيب ،ال يعرف األستاذ مجدى الجالد الكثير عن المطعم الفرنسى ،وال ً إجمال محدود المعرفة فى عالم حتى القليل عنه ،وهو الطعام والشراب داخل البالد وخارجها».
أما لماذا أضحكنى فألسباب كثيرة أهمها شعورى كروائى بأن الدراما هنا فى هذا العالم المبهر ،هنا حيث أبناء الطبقة المتوسطة وقد عرفوا عالم الكاميرات والبرامج الرمضانية ،وتذوقوا الطعام الفرنسى، وأصبح أحدهم يتباهى بمعلوماته عن أسرار المطبخ الباريسى، وسيتحدث فيما بعد عن الموضة وأنواع اللحمة «الفيليه» فى دول العالم. كثيرا وأنا أرى سينما جديدة على أرض أضحكنى المسلمانى ً 20
الواقع ينتصر فيها البطل الفقير ليس النه ابن الجناينى الذى يحمل المذلة والقهر كما فى فيلم «رد قلبى» ،ولكن ألنه «متعلم ومتنور» ويجيد التعامل مع أميرات القصور.
سينتصر «المسلمانى» لكل عشاق «إنجى» والطامحين إلى جميالت القصور ،وسيعيش قصة حب مع األميرة فوزية حفيدة الملك فاروق ،وستجرى الميه فى العاللى وتعلو العين عن الحاجب وسيكون للفنانة شاليمار وعائلتها العريقة دور كبير فى ذلك.
21
()3
كف القمر عندما ظهر أحمد المسلمانى ببرنامجه «الطبعة األولى» كان يقدم صور ًة جديدة عن المذيع العادى الذى ال يعتمد على الوسامة أو «الحفلطة» وهز األكتاف ،وتفاعلت الجماهير مع هذا الشاب الواعى الذى تبدو على مالمحه طيبة الفالحين والبسطاء والذى يفكك الصحافة بأسلوب مهنى رفيع المستوى ،وسري ًعا وصل أيضا وصل المسلمانى إلى الناس فى القرى البعيدة ،وسري ًعا ً إلى هوانم الصالونات مثق ًفا هادئًا يمتلك المعلومات البسيطة ويقدمها فى سوليفان.
قادرا واستراح الفتى فى أجواء العطور واإلتيكيت ،ولم يعد ً على مشاهدة العشوائيات أو سماع األلفاظ القبيحة التى تضمنها فيلم «هى فوضى» ً قادرا على احتمال وجود مثل ،بل إنه لم ي ُعد ً «اليسار»! ،ذلك الفصيل الكامل الذى يتعمد تشويه صورة مصر، كما قال المسلمانى فى مقال بعنوان «سينما اليسار ..هى فوضى؟» 22
نُشر بصحيفة المصرى اليوم بتاريخ 21ديسمبر ،2007إليكم فقرات: ( ..لست واحدً ا ممن يقدرون اليسار فى مصر ،وظنى كثيرا بالتطور السياسى أن اليسار المصرى قد أضر ً واالقتصادى فى البالد ..وربما أكون مغال ًيا فيما أرى وأقدر ،لكننى أجدنى ذاه ًبا فى عدم القبول من اليسار السياسى إلى اليسار الثقافى ..ال أجد منط ًقا يحكم إبداعات اليسار فى الفنون ،وال أظن أن اليسار الفنى قد أسهم فى تحقيق رسالة ذات قيمة أو قيمة لها رسالة. أقول هذا فى مناسبة موجة أفالم اليسار التى تتصدر السينما المصرية اآلن ،وهى موجة فى مدرسة لها أستاذ وتلميذ ومريدون ،تأخذ المدرسة شرعيتها من نقد الحكومة والسلطة والنظام ،وإظهار معركة عنيفة مع الشرطة واألمن ،كما تزيد من شرعيتها بمماألة المثقفين ،ونفاق المستقلين ،واالحتماء بصداقات كثير كثيرا من المعارضين وقليل من المناضلين ،لقد تأملت ً ما تعرضه «سينما اليسار» فى مصر اآلن ـ لم أجد ما يقوله ً جهل بالقضايا المعجبون وال المبهورون وجدت والتباسا السياسية ،وضحالة فى المعرفة االجتماعية، ً فيما يوجب الوضوح ،ووقاحة فيما يتوجب الستر. تدهورا فى اللغة ،وانحطا ًطا فى األلفاظ ،كتلة وجدت ً ضخمة من قذارة المفردات وإسفاف العالقات ،وجدت شذو ًذا واس ًعا ،األم واالبن ،واألم والبنت ،والصديقة والصديقة ،وشذوذ فى القول والفعل ،بقى أن أعتذر عن
23
استخدامى ألفا ًظا «غير مناسبة» ..لم أتعود استخدامها من قبل ،ذلك أننى خرجت من دور السينما فاقدً ا األمل فى أن تكون صناعة السينما فى صالح المستقبل ،لقد تم اختطاف السينما المصرية لمن يتاجرون بالوجع، ً أبطال.).. ليصبحوا
دعك من مفارقات القدر التى جعلت األستاذ «أحمد المسلمانى» نموذجا على ما يريد يتخذ من خالد يوسف ـ الذى لم يذكر اسمه ـ ً ّ ودعك مما سيحدث فيما بعد ثورة يناير من زواج المخرج أن يقول، الكبير والتشكيلية المرموقة «شاليمار شربتلى» وما سيتبع ذلك من حضور المسلمانى والدكتور أحمد زويل حفل افتتاح فيلم «كف القمر» ،دعك من كل ذلك ،وتأمل معى تلك الطريقة العبقرية التى مصورا (اليسار) الثقافى انحاز بها «المسلمانى» إلى دولة مبارك ً والسياسى باالنحطاط الفكرى والدينى واألخالقى ،فتلك الطريقة الناعمة كان لها مفعول السحر وصعدت به إلى صالونات «النخبة» السياسية التى احتمى بها مبارك ،واستظل تحت أشجارها الصاعدون الجدد ممن أصبحت أبدانهم تقشعر من مشاهد البؤس والفقر فى العشوائيات.
24
()4
رد قلبى فى مطاعم باريس جلس أحمد المسلمانى ومجدى الجالد مع إفطارا رمضان ًيا سبق أن تحدثنا التشكيلية شاليمار شربتلى ،وتناولوا ً عنه ،وفى باريس وافق الجالد على برنامج «اتنين فى اتنين» رغم مرض شقيقه.
أيضا ـ التقى المسلمانى باألميرة فريال بعد أن وفى باريس ـ ً توطدت عالقته بالملكة «فضيلة» الزوجة السابقة للملك أحمد فؤاد، وتصاعدت اإلثارة بشكل يفوق الخيال بعد هذه اللقاءات ،وتحدثت الصحف ووكاالت األنباء عن قصة حب وليدة بين الفتى الطيب واألميرة فوزية حفيدة الملك فاروق ،وقبل الدخول إلى عالم اإلثارة الغرائبى الذى أحاط بتلك القصة الباريسية يجب اإلشارة إلى أن الفنانة أيضا!، التشكيلية «شاليمار شربتلى» كانت موجودة فى تلك القصة ً نعم كانت موجودة وليس هذا ضر ًبا من الخيال أو التلفيق الدرامى الذى يلجأ إليه ُصناع السينما ،فقد وصل المسلمانى إلى السيدة فضيلة 25
واألميرة فريال عبر «ماجد شربتلى» أحد أقطاب العائلة السعودية المرموقة التى توطدت عالقة المسلمانى مع شيوخها ورجال أعمالها، وامتدت العالقة إلى عائالت كويتية وأخرى إماراتية ،وحتى ال تظننى مبال ًغا فيما أقول ،اقرأ بنفسك فقرات قصيرة من مقال طويل كتبه أحمد المسلمانى بعنوان «قصور وقبور ..قصة األميرة فريال» فى المصرى اليوم ( 30ديسمبر )2009يروى فيه قصته كاملة مع العائلة المالكة وكيف دخل قصورها الباريسية : بدأت عالقتى باألميرة فريال على إثر حديث تليفزيونى أجريته فى باريس مع فضيلة فاروق «الزوجة السابقة ألحمد فؤاد» ،كان حديث «الملكة فضيلة» مدو ًيا.. واهتمت به أوساط متنوعة فى عدة دول ..وقد تحدث إلى أفراد من عائالت آل سعود والصباح وآل نهيان وآل ثانى من أجل دعوتها ،كنت قد تعرفت إلى فضيلة فاروق عن طريق محاميها «إيلى حاتم» ..ويعمل «إيلى حاتم»محام ًيا وأستا ًذا للقانون وهو فرنسى ألب لبنانى وأم بريطانية لها أصول ملكية ..ويحضر «إيلى» بانتظام احتفاالت العائالت المالكة السابقة والتى تمثلها رابطة فى أوروبا. وقد سمعت عنه كال ًما جيدً ا من أستاذه المصرى د .بطرس غالى ،األمين العام األسبق لألمم المتحدة. .. .. .. .. أصبح «إيلى حاتم» صدي ًقا لى ..وقد تعرفت عليه من خالل رجل األعمال السعودى ماجد شربتلى الذى تربطنى بعائلته صداقة قديمة ،وقد عرفنى «إيلى حاتم»
26
بدوره على «روالن دوما» وزير خارجية فرنسا األسبق، وكذلك «جان مارى لوبن» زعيم اليمين المتطرف فى فرنسا والذى يشاركه «إيلى» العداء الشديد إلسرائيل. ذات ظهيرة دافئة فى باريس قال لى «إيلى» :هل تعرف الملكة فضيلة؟ قلت له :ال .قال :فضيلة فاروق هى زوجة الملك أحمد فؤاد وأم أوالده الثالثة :وأنا محاميها ،ويمكننى إقناعها بإجراء مقابلة تليفزيونية معك لقناة دريم ،وذات ظهيرة دافئة تالية تقابلنا ثالثتنا، فضيلة وإيلى وأنا ،فى فندق ماريوت الشانزليزيه ..حيث جرى التعارف وبدأت صلتى بفضيلة فاروق. .. .. بدت لى فضيلة فاروق شخصية طيبة ..منضبطة فى المواعيد ومجاملة فى التعامل وفخورة بزواجها من أحمد فؤاد وكثيرة الحديث عن حماتها الملكة ناريمان، التقيت فضيلة فاروق أكثر من عشرين مرة كلها فى باريس.
27
()5
الإعالمى والأميرة بينما كان العالم العربى يتابع على شاشة دريم مأساة العائلة المالكة فى بالد الغربة كانت تتناثر قصص وحكايات عن عالقة المسلمانى مع حفيدة الملك فاروق األميرة فوزية ابنة أحمد فؤاد ووجدت الصحف فى ذلك وجبة شهية تكتسب من طليقته فضيلة، ْ حالوتها من مفارقاتها الغرائبية ،فها هو التاريخ يعيد نفسه ،وها هم أبناء ثورة يوليو المنتمين للطبقة المتوسطة وما تحتها يكسرون الحواجز بين العشة والقصر.
وتمنيت أن تكون قصة حقيقية تكتمل كنت سعيدً ا بها ُ أنا عن نفسى ُ بالزواج ،تخلط األنساب وتذيب الفوارق الطبقية ،وتُصحح أخطاء الماضى ،فقد سبق لجمال سالم أحد قيادات ثورة يوليو أن سعى إلى الزواج من الملكة «فريدة» التى اختارت البقاء فى مصر بعد رحيل فاروق على باخرة المحروسة ،لكنها طردته من بيتها لجالفته الزائدة التى جعلته يظن الملكة «أسيرة» يمكن أن تصبح جارية له!. 28
مغرورا بالدبابير على كتفه ،لم يكن لم يكن المسلمانى جل ًفا ً مصا ًبا بأمراض طبقية ،لكنه كان شا ًبا ريف ًيا بسي ًطا اقتحم قصور الملوك بالثقافة والوعى ،وهذا أمر يستوجب الفخر ،لكن خاب مسعى العشاق! ،وتم التشكيك فى القصة كلها! ،ونشرت صحيفة تقريرا أشبه بالجرسة للمسلمانى الذى أصيب بصدمة بالغة األهرام ً ألن الطعنة جاءت من المؤسسة التى يعمل بها!
وقالت الزميلة «سحر عبدالرحمن» فى تقرير حمل عنوانًا تهكم ًيا (اإلعالمى واألميرة ..قصة «الخطوبة» الوهمية) نُشر بالصفحة الثالثة فى ( 21أغسطس )2010أن الملك أحمد فؤاد الثانى «آخر ملوك مصر» فوجئ بنشر قصة غريبة عن ابنته تفيد بأن أحد اإلعالميين المصريين رفض االرتباط بها ألن أمها يهودية مؤكدً ا أن زوجته السابقة أعلنت إسالمها منذ 30عا ًما.
وأكدت سحر عبدالرحمن فى تقريرها أن نفوذ «الشلل» اإلعالمية والصحفية وراء تسريب شائعات عن خطبة وشيكة بين اإلعالمى واألميرة فوزية التى أكدت «سحر عبدالرحمن» أنها غرقت فى الضحك فور سماعها بالشائعة مؤكد ًة أنها لم ِ تلتق هذا اإلعالمى إال مرة واحدة تبادال خاللها حدي ًثا سري ًعا عن الحوار خصوصا أن األميرة تتحدث الذى أجراه اإلعالمى مع والدتها، ً الفرنسية وال تجيد العربية. لم يدخل المسلمانى فى صراع نفى الشائعة أو تأكيدها!! ،وكان مضطرا لإلجابة وإرضاء فضول زمالئه ذلك غري ًبا! وكلما وجد نفسه ً 29
الصحفيين كان يقول إنها قصة من الماضى من دون أن يذكر تفاصيل أخرى! ،واختار أن يختتم مرحلة ما قبل ثورة يناير بإعالن زواجه فى خبر تداولته الصحف جمي ًعا بعناوين متشابهة،وإن كان «المسلمانى»، خص (اليوم السابع ) بهذا الخبر السعيد: ّ أكد أنه سيعلن زواجه قري ًبا المسلمانى ينفى ارتباطه باألميرة فوزية كتب /أحمد براء أكد اإلعالمى أحمد المسلمانى مقدم برنامج يكن «الطبعة األولى» على قناة دريم الفضائية أنّه ّ االحترام والتقدير لكل من يعرفه فى األسرة المالكة، ولكن موضوع ارتباطه وزواجه من األميرة فوزية ابنة الملك أحمد فؤاد الثانى قصة قديمة ،مضي ًفا لليوم السابع أنّه مرتبط اآلن بفتاة مصرية خريجة كلية تجارة إنجليزى وتعمل فى أحد البنوك.
اليوم السابع 24أغسطس 2010
30
()6
الخطاب العاطفى هذه هى المشاهد التى عاشها المسلمانى قبل ثورة يناير، وهى فى مجملها نموذج لصحفى شاب نجح فى الوصول إلى عالم الكاميرات واألميرات والعطور الباريسية واالشمئزاز من «اليسار الثقافى والسياسى» ولم يكن فى صراع مع النظام أو ً مقبول لدى السلطة ،ولو افترضناه شخصية روائية فلن يكون رافضا القراء أن يتحول إلى بطل ثورى غاضب على األوضاع ً مثل! لكن الواقع األكثر ً توريث السلطة ً خيال من الروايات كان له رأى آخر! ،وذابت القصص القديمة بعطورها الفرنسية لتظهر صورة الفتى الطيب الذى يحب الثورة ويخاف عليها ،حتى قفز «عبداللطيف المناوى» فى يناير 2012وقلب الطاولة ،وقال إن المسلمانى شارك فى كتابة الخطاب العاطفى الشهير لمبارك قبل موقعة الجمل ،وذكر فى كتابه «األيام األخيرة لنظام مبارك» أن األزمة التى عاشتها مصر خالل فترة الـ 18يو ًما التى سبقت 31
تنحى الرئيس المخلوع مبارك ،اقتضت منه دعوة بعض الصحفيين للتشاور معهم «كان من بينهم صحفى ومذيع فى الوقت نفسه اسمه أحمد المسلمانى ،والذى قال إنه على عالقة وثيقة باألطراف السياسية المختلفة فى ميدان التحرير» ،وينتهى المناوى ـ الذى رئيسا لقطاع األخبار بالتليفزيون المصرى ـ إلى أنه كتب كان ً مع المسلمانى خطا ًبا لمبارك ،وقامت الدنيا ولم تقعد! ،وخرج ّ وتنقل المسلمانى ليدافع عن نفسه عبر برنامجه «الطبعة األولى» بين الفضائيات ليؤكد القصة من حيث أراد أن ينفيها ،واعترف بأنه كتب خطا ًبا بالفعل ولكن مبارك ألقى خطا ًبا آخر! ،هو طلب منه اعتزال السلطة ومبارك لم يفعل!!.
وبعيدً ا عن أن الواقعة ومدى تأكيدها أو نفيها مثل قصة خطوبة كبيرا طرأ على اإلعالمى الشاب بعدها تغيرا ً األميرة فوزية ،إال أن ً جعله يفكر فى الترشح لرئاسة الجمهورية! ربما كان يسعى إلى إخماد فكر بالفعل فى رئاسة مصر!، الشائعات بحقيقة مدهشة! ،وربما ّ وعلى أية حال ها نحن ـ فى مارس 2012ـ أمام أمر واقع تتداوله الصحف والمواقع اإلخبارية التى قالت إن اإلعالمى المصرى أحمد المسلمانى كشف عن نيته للترشح لرئاسة الجمهورية فى االنتخابات القادمةً ، قائل: مفتوحا أمامه للترشح ،السيما بعدما «إن الباب أصبح ً تراجع الدكتور محمد البرادعي ،وإعالن الدكتور أحمد زويل عدم تفكيره فى الترشح للرئاسة، المسلمانى أوضح أن أحد األحزاب الممثلة فى
32
مجلس الشعب ،عرضت عليه األمر ،ووعدته بتوفير ً توكيل من النواب لتأييده فى الترشح النتخابات 30 الرئاسة».
ولم يترشح المسلمانى لكن ثورة 30يونيو جعلته يقترب من مستشارا إعالم ًيا للرئيس المؤقت عدلى القصر الرئاسى ويصبح ً منصور وسيزور المملكة العربية السعودية موفدً ا من الرئاسة.
33
الفصل الثانى
مقهـى فيينـا ِ سع سنواٍت ت ُ ُ أخلط ثالث َة أنوا ٍع من الشاي كنت ُ ِ كي أتأكدَ من وجود ال َّطع ِم ِ واللون والرائح ْة. ٍ ِ سنوات سع ت ُ أفتح ُش ّباكًا واحدً ا لم ْ في جدارٍ َدخ ِل الشمس من َفر ِ ِ ولم ت ُ الباب جة ُ ْ أصدقائي .. لم ْ يشعروا بوجودي ولكنهم شاهدوا الموسيقى ِ ُ الحائط تسيل على إبراهيم داود
()1
�أ�ساتذة وتالميذ فى كتب متفرقة كنت أقرأ عن مقهى «متاتيا» الذى حمل اسم العمارة العظيمة التى صممها اإليطالى «متاتيا» بوسط القاهرة، قصصا عظيمة من الكاتب والشاعر»أسامة عفيفى» عن وسمعت ُ ً مقهى «عبدالله»بالجيزة ،وكيف تنقل األدباء والمفكرون والفنانون بين كراسيهما الخشبية ،ولم أكن أتخيل وأنا أكتب اآلن أن مقهى «فيينا» بشارع قصر العينى يستحق التأريخ لمعارك أصدقاء المهنة وما يتبع المعارك من دراما الغدر والقتل وبيع األيام والعيش والملح!، مصدرا لحكايات مثيرة عن مهنة الصحافة ومداخلها وربما يصلح ً ومخارجها وطبيعة محترفيها.
المقهى فى مواجهة مسرح السالم مباشرة وعلى ُبعد خطوات من مبنى روزا اليوسف العتيق وتدور حوله مؤسسة الهالل بإصدارتها، وفى شارع ضريح سعد زعلول القريب جدً ا من المقهى كان مقر صحيفة العربى الناصرى مطلع التسعينات وهو المقر الذى استأجرته 37
فيما بعد صحيفة الدستور فى إصدارها األول ،وهو المقر الحالى لصحيفة الموجز ،وهو عبارة عن شقتين واسعتين ملك الكاتبة نوال السعداوى وكان زوجها الكاتب شريف حتاتة يزور المكان من وقت آلخر لتحصيل اإليجار.
على المقاعد نفسها وربما فى الكوبايات والفناجين نفسها ،جلس وشرب عشرات من أجيال صحفية مختلفة تقاسموا الشاى والحلبة والسميط والبيض وتنهدوا وجأروا بالشكاوى من رؤساء التحرير دوارة كما تعلمون ،وكبر ضيوف المقهى وبؤس الحال ،لكن الحياة ّ وبقر حمدى رزق وتنقلوا بين الصحف الخاصة والمملوكة للدولةّ ، بطن إبراهيم عيسى وعايره األخير بعمله ً نقاشا ،وكتب عادل حمودة عن مؤخرة عبدالله كمال ونشر صور ًة ضخمة لها وسخر من حجمها!.
38
()2
طعنات متتالية تفتح وع ُينا ـ نحن جيل التسعينات فى المهنة ـ على اسم األستاذ فاتحا عادل حمودة الذى يقود تجربة صحفية جديدة فى روزا اليوسف ً صفحاتها للجيل الصاعد المكون من «إبراهيم عيسى ،وائل اإلبراشى، عبدالله كمال ،محمد هانى ،عمرو خفاجى ،أسامة سالمة »..وغيرهم مما ال تسعفنى الذاكرة بأسمائهم ،وحدث أن أستقل «عيسى» وأصدر صحيفة الدستور فهاج «عادل» على التلميذ الذى تمرد وخرج عن عباءة األب ،نفس السيناريو تقري ًبا تكرر عندما غضب إبراهيم عيسى على كل من ذهب للعمل فى تجربة «الجيل» التى صدرت بعد إغالق الدستور !.
هبت عواصف بالل فضل لتطيح بعالقته مع ومن فيينا ْ إبراهيم عيسى ،وحولها وبالقرب من مقاعدها سعى األستاذ «عادل حمودة»بكل ما يملك لالستحواذ على مدرسة «هيكل» ووراثة كنوز معلوماته ،وسعى للقاء الرؤساء والملوك ليجمع معلومات مثل 39
ً متأمل خبراته وثقافته تلك التى يمتلكها أستاذه ،وجلس إليه سنوات الواسعة ومواقفه التاريخية وأصدر كت ًبا تضم حوارات األستاذ وحياة األستاذ وأحالم وكوابيس األستاذ ،وكاد يصبح الوريث الشرعى لهيكل بما يمتلك من أسلوب وخيال.
العبقرى «محمد هانى» الذى يستحق لقب بروفيسور اإلعالم فى مصر التقط الفكرة ،وبذل مجهودات خرافية حتى أقنع «عادل حمودة» بالظهور على قناة «سى بى سى».
كان «هانى» يؤسس للمحطة الجديدة ورأى فى «عادل حمودة» واجهة تحمل جينات هيكل وتصنع ً كبيرا للقناة الوليدة ،وتم ثقل ً تدشين المحطة بعد ثورة يناير بأشهر قليلة بنجمها الجديد عادل حمودة ،لكن «هيكل» لم يكن قد شبع من النجومية بعد! ،وركب مصورا نفسه أحد ضحايا نظام مبارك ،وسيطر على المشهد ثورة يناير ً بمعلوماته الغزيرة! ،وعندما جاء المجلس العسكرى سعى إليهم هيكل واستعانوا به فى كثير من أزماتهم! ،وتبادل هيكل اللقاءات مع محمد مرسى وقدم إليه النُصح ولم يعترض على عبارته الشهيرة «الستينات وما أدراك من الستينات»! ،وأشيع أن هيكل هو الذى يكتب برنامج المرشح الرئاسى «عبدالفتاح السيسى» قبل أن ُيشاع فى ديسمبر 2014أن قرار إقالة «السيسى» لرئيس المخابرات المصرية محمد فريد التهامى وتعيين اللواء «خالد فوزى» صدر عقب حوار هيكل مع لميس الحديدى حين نصحه بالثورة على نظامه!!. جم أن ُيفسح كل ذلك يحدث وهناك كاتب كبير ينتظر فى أدب ّ 40
«األستاذ» المجال ولو ً قليل! ،لكنه لم يفعل ،وربما سعى إلى إبعاد «التلميذ» من المشهد كما كتب «التلميذ» نفسه فى طعنات متتالية وجهها إلى هيكل وأوالده ،وإبراهيم المعلموعائلته ،وكشف المسكوت عنهما فى مقال حمل عنوان «كاتب وملك وسبعة رؤساء والبقية تأتى».
41
الفصل الثالث
م�صر قرية �صغيرة صبرا ً مهل بعد سنوات ستجىء األيام السعيدة لن يستقر األمر على حاله أول العمر يغمض عينيه فيرى أياما مقبلة وربي ًعا فت ًيا يخرج الخلق بمأمن من عبث المماليك. جمال الغيطانى
(الزينى بركات)
()١
�ألوان الف�ضائيات لو أنك كاتب للقصة أو السيناريو ،فماذا تريد؟
ٍ رجل أعمال يعمل بمجال النشر ـ ً قاض كبير مثل ـ فى حوار مع
يمارسان رياضة المشى بالترنج سوت على تراك النادى؟.
إن كان هذا المشهد ُيعجبك فتستطيع أن تتخيل النائب العام
المستشار الجليل عبدالمجيد محمود وبجواره الناشر إبراهيم المعلم الذى شغل لسنوات طويلة عضوية مجلس إدارة النادى األهلي ً زميل حوارا عاد ًيا عن أحوال لسيادة المستشار ،وتستطيع أن تتخيل بينهما ً مثيرا حول أصداء البلد عقب سقوط نظام مبارك مباشرة، أوحوارا ً ً
قضية (مهرجان القراءة للجميع) التى تفجرت وتورط فيها أحدهما
أو صديق لهما.
ولكن قبل أن تتخيل كل ذلك ،عليك أن تعرف أن مصر قرية صغيرة
جدً ا ،هكذا أؤكد لك بحكمة المفكرين الكبار ،نعم هى كذلك وأقل، 45
فها هى األستاذة «أميرة»جارتنا خريجة كلية األلسن التى تزورنا من وقت آلخر ،تتحدث إلى زوجتى عن المسلسالت التى تشاهدها على وكنت أظن «القناة الحمرا..أو الزرقا أو اللى عليها نجمة صفرا»!!، ُ أبناء قريتى فقط يفعلون ذلك ويصنفون القنوات حسب ألوانها!!، كنت أظن أبناء المدن والمتعلمين يعرفون أسماء الفضائيات وحجم ثروات أصحابها ومواقعهم السياسية واالقتصادية على خريطة مصر، وكثيرا لكننى اكتشفت أنها حالة عامة فى معظم البيوت المصرية، ً ما نسمع الجدات ينهرن العيال العفاريت لتحويل محطات المساخيط الكارتونية لمشاهد مسلسل على الصفرا ،أو «الحمرا».
وللناس العذر فلم يسبق لبلد أن عاش هذا الهوس الذى أصاب رجال األعمال وجعلهم يتصارعون المتالك فضائيات وصحف ومواقع إليكترونية! ،ولم يسبق لمصر أن شاهدت كل هذه المليارات تتنقل فى الهواء من محطة ألخرى ،ومن فخ لدحديرة إللخ إلخ فى أوسع عمليات غسيل للسمعة وتطهير للذمم تتم على مرآى ومسمع ودونما خجل!.
بعد ثورة يناير كان رجل األعمال «الحمار» فقط ـ أكرر الحمار فقط ـ هو الذى لم يتعلم درس «صالح دياب» صاحب صحيفة المصرى اليوم ،فالرجل عبر من الثورة بأمان رغم البالغات والتحقيقات إال أن أحدً ا ولم يخدشه وظل محصنًا بأقالم وحناجر الصحفيين ،وغيره عشرات ممن ماتت قضاياهم موتًا إعالم ًيا!، صحيفة أومحطة فضائية ،إنها تركيبة مضمونة تعبر بها المستحيل. 46
المعلم «إبراهيم المعلم» صاحب دار الشروق ونائب رئيس اتحاد الناشرين كان أول الش ّطار ،فلم يكتف بالشروق ،واشترى صحيفة يومية أخرى هى «التحرير» واشترى عليهما قناة التحرير بنجم التحرير «إبراهيم عيسى» ،وأصبح بإمكانه أن يتحدث فى التاسعة أو العاشرة مسا ًء على شاشة التحرير ويتحول كالمه فى الصباح إلى عناوين أيضا براقة والئقة بصاحب صحيفتى الشروق والتحرير ،وبإمكانه ً أن يظهر كضيف السهرة السياسية فى فضائيات صديقة بصحفها ومواقعها اإلليكترونية ،فالجميع يتبادل االستوديوهات فى مهرجان الثورة العامر !.
ّ واتخذ سمت ومؤثرا بعد أن كان مهد ًدا، وأصبح «المعلم» موجو ًدا ً وصفات الحكماء وبدأ يتحدث عن الجيش والشعب والمستقبل والماضى!
47
()2
جمعة الغ�ضب قبلها ،كادت ثورة ينايرتعرقل قدمه وهو يقفز ليلحق بها فى آخر لحظة ،كان الرجل بعيدً ا عن أى صراع سياسى مكتف ًيا بنصيب «دار الشروق» الوافر من مطبوعات مهرجان القراءة للجميع ،لكن نارا مستعرة اشتعلت فى ثيابه مع تسريب أخبار فى األوساط الثقافية ً حول إعدام دار الشروق لنسخ مذكرات سوزان مبارك التى كانت على وشك الصدور فى معرض الكتاب وتم تأجيل افتتاح المعرض نظرا لحساسية حتى االنتهاء منها ،وهاج المثقفون هيجانًا غير مسبوق ً اسم سوزان فى هذا التوقيت! ،وانفرد الصديق والكاتب محمد شعير بنشر تقرير دقيق حول الواقعة نشرته صحيفة األخبار اللبنانية فى أبريل 2011تحت عنوان «ما حكاية الكتاب المخلوع الذى أنكره مقررا أن ُيفتتح معرض القاهرة الدولى الجميع؟» ،جاء فيه أنه كان ً للكتاب فى ( 26يناير) ،2011أى قبل يومين من «جمعة الغضب» تأجل ثالثة أيام قيل يومها إن قرار التأجيل هدفه «منح لك ّن الموعد ّ 48
الوقت كى يخرج المعرض فى أفضل صورة» ،لك ّن سبب التأجيل إيعازا من وزير اإلعالم حينها أنس الفقى الذى فوجئ الحقيقى كان ً ّ بأن دار «نشر الجامعة األمريكية» ،و«دار الشروق» لم تنتهيا من طباعة كتاب السيدة األولى يومذاك سوزان مبارك ،وحمل عنوان «اقرأ لى كتا ًبا :قصة السيدة األولى وحفيدها».
وفشلت كل محاوالت نفى الخبر خاصة أن مراسل جريدة «واشنطن بوست»جون ثوربر ـ كما يقول شعير فى التقرير ـ اكتشف وجود الكتاب فى كاتالوج الجامعة الذى أشار إلى أن الكتاب يضم: «ذكريات سوزان مع حفيدها محمد عالء مبارك ،الذي توفى عام ،2009على نحو مأسوى عن عمر يناهز 12عا ًما».
نشر مذكرات سوزان وحفيدها لم يكن شعلة النار الوحيدة التى كادت تحرق«إبراهيم المعلم» ،فقد أثيرت قضية «مهرجان القراءة للجميع» وتم تقديم عشرات البالغات ضده ،وبدأت نيابة األموال العامة فى التحقيقات ،لكن أحدً ا لم ينتبه ولم يهتم ،وهدأت العواصف ليس لفساد ال سمح الله ،ولكن ألن المتهم فى التحقيقات أصبح واحدً ا من قبيلة الفضائيات بصحيفتين يوميتين ومحطة فضائية!، لذلك عندما أشارت صحيفة المصرى اليوم إلى تحقيقات نيابة األموال العامة فى قضية أموال القراءة للجميع لم تذكر اسم إبراهيم المعلم وأشارت إليه بصاحب دار النشر الشهيرة وأحد الناشرين البارزين المتهم باالستيالء على أموال الدعم األجنبى لمشاريع تنموية وثقافية على رأسها مهرجان القراءة للجميع ،وعندما نقلت 49
الصحف من البالغات المقدمة للنائب العام ذكرت أنه :تم تحويل عضوا بلجنة أموال طائلة إلحدىدور النشر بعد اختيار مالكها للعمل ً مشروع القراءة للجميع التى كانت ترأسها سوزان مبارك.
هكذا كذا فزورة وهكذا كذا تسير الحياة ..ولله فى خلقه شئون.
50
الفصل الرابع
رجل ال يمرر الكرة أحلم بأن أربح أربعين أل ًفا،ألتوقف تما ًما عن الكتابة التي أزهدها، سئمت العمل الدائم بالكتابة للحصول علي مقابل ضئيل بينما يتقدَّ م بي العمر حثي ًثا تشيكوف
(رسائل الى العائلة) ترجمة ياسر شعبان
()1
�سن التطهر المكالمة الوحيدة التى تلقيتها فى حياتى من األستاذ عادل حمودة كانت عتا ًبا على وضع اسم «هيكل» فى كتاب عن «البغاء الصحفى»، كان األستاذ «عادل» قد قرأ الكتاب ونقل للصديق «طارق شلتوت» أيضا الصديق «أسامة سالمة» إعجابه بمؤلفه وطلب تليفونى ،عاتبنى ً واعتراضا أخر على وجود اسم صديقنا على األمر نفسه ،وأضاف عتا ًبا ً راجعت وتقديرا للشخصين المشترك «حمدى رزق» ،واحترا ًما ُ ً ً وجاهل بمكانته الكتاب واكتشفت كم كنت قاس ًيا على األستاذ هيكل تلك ،وتمنيت لو حذفت قنا ًعا من التسعة التى استعرضتها لهيكل فى فصل كامل بعنوان»:هيكل ..األقنعة التسعة لألستاذ :والذى مهدت نصا:رجل يعرف كل شىء!هيكل ..هيكل.. له بمقدمة قلت فيها ً هيكل ..في كل مكان وزمانّ ، هلل كثير من أصدقائي عندما ظهر على الشاشة بعد الثورة ،وكنت أراه جسدً ا غري ًبا علينا ،ويو ًما بعد منظرا لثورة يناير 2011بنفس أدوات ثورة يوم راح يتمدد وينتشر ً 53
كثيرا أن أتجنب ظهوره المكثف ،فقد قلت فيه يوليو ،!!52 ُ وحاولت ً واعتقدت أنه انتهى ،أو «أكله» « ُعروة» كما قال صديقي مؤمن الكثير ُ المحمدي تعلي ًقا على أحد مقاالتي عنه ،لكنه راح يتمدد وينتشر، وألننا نأبى أن نصنع تاريخنا بأنفسنا ،نأبى أن نتأمل وتكون لنا رؤيتنا دائما) فإنه سيتمدد أكثر في توقيت دون أوصياء (يعرفون كل شيء ً غريب يتزامن مع اتهامات ألبنائه بتضخم الثروات!.
دارت األيام على رأى الست أم كلثوم واكتشف حمودة «األقنعة» نفسها وأضاف إليها قنا ًعا جديدً ا بعد ظهور مرسى ،وقال فى «هيكل» ما لم أجرؤ على قوله وما ال أعرفبالطبع ،وشال األستاذ وخبطه ورزع دماغه فى الحيط عشرات المرات مشككًا فى معلوماته ومؤكدً ا «كذب» الكثير منها فىسلسلة مقاالت بدأها من يناير 2014واستمرت شهورا تشتعل وتنطفئ لتعود ملتهبة ثانيةلتأخذ فى طريقها هيكل ً وأوالده وإبراهيم المعلم وعائلتهبمعلومات دقيقة عن تورطهم فى فساد مع عائلة مبارك!
كان األمر مفاج ًئا وصاد ًما وآثار دو ًيا أضعاف أضعاف ما أثار كتابى المتواضع ،فمن أنا بجوار «عادل حمودة»؟!وما عالقتى بهيكل مقارن ًة بالتلميذ الذى رضع من صدر «األستاذ»؟ أين أنا من تلميذ وإكبارا مديحا وثنا ًء كتب ما يكفى لمجلد من ألفى صفحة على األقل ً ً ً وإجاللفى هيكل وأدب هيكل!
واستفزازا من لم يكن «انقال ًبا» من وجهة نظرى بقدر ما كان غي ًظا ً كراهية األستاذ لنفسه وإصراره على البقاء وحيدً ا فى «المشهد»وإزاحة 54
اآلخرين حتى ولو كان بينهم «التلميذ» النجيب الذى حمل اسمه ً طويل! ،وفى مقال «خريف هيكل» الذى جاء عنوانه على كتفه مطاب ًقا لخريف السادات الذى كتبه هيكل بعد ربيع الحب مع بطل الحرب والسالم ،يشير «حمودة» إلى مؤامرات صغيرة يحيكها األستاذ بما ال يليق به حين يقول: « ..لم أصدق أنه رفع شكواه ضدى إلى جهات عليا.. واعتبرت ما سمعت شائعة مغرضة ..تنال من الرجل أكثر مما تثبت قوة اتصاالته ..كما أن السلطة تغيرت.. ولم يعد فى مقدورها االستجابة لتحريض كاتب على كاتب ..خاصة إذا كان االثنان قد وصال إلى سن التطهر ..وتصفية حسابات الدنيا ..قبل المثول أمام محكمة اآلخرة».
لم يكن انقال ًبا ،بل صرخة فى األستاذ كى يتوقف ً قليل عن اللهاث ً ً سؤال طويل خلف مرسى ،كان خلف السيسى وهو الذى لهث وجود ًيا بصيغة استنكار وتعجب:لماذا ال ينسحب الرجال عندما يسقط المسرح فوق رءوسهم؟ لماذا ال يعودون إلى غرف نومهم قبل أن يسمعوا لعنات الناس الحادة؟إن ال أحد يستطيع أن يستأجر بيتًا فى كل األزمنة والعصور ..ومهما تكن الصبغات والمساحيق فإن الزمن كفيل بإبراز تجاعيد النفس قبل كرمشة الوجه. شعورا بالغبن واألسى من األستاذ الذى لم يكن انقال ًبا ،وربما كان ً ال يمرر الكرة مطل ًقا حتى ألقرب الالعبين إلى المرمى. 55
()2
عالقة غام�ضة ً طويل عند إبراهيم المعلم.. بعد ثورة يناير ..توقفت فهو شريك أحمد هيكل ..وفى الوقت نفسه كان الناشر المفضل لسوزان مبارك ..فى عالقة لم أستوعب تشابكها وتناقضها ..هيكل يعارض مبارك ..وابنه شريك الناشر المفضل لسوزان مبارك ..لكننى.. لم أشغل نفسى بحل اللغز ..فكل شخص فى تلك العالقة له إرادة مستقلة ..مهما تكن صالته العائلية ..أو صالته السياسية ..كما أن للبيزنس أحكامه التى تتجاوز كل االعتبارات والتفسيرات األخرى. إن المعلم شخصية محورية فى حياة هيكل ..فهو ناشر كتبه ..وشريك ابنه ..والواجهة التى يعمل من خلفها.. فقد أسس المعلم شركة وقعت نيابة عن هيكل مع قناة الجزيرة ليتحدث هيكل على شاشتها تحت عنوان «تجربة حياة» ..بجانب أحاديث مباشرة يجريها فى أوقات مختلفة تفرضها سخونة األحداث . وقع المعلم مع «الجزيرة» ووقع هيكل مع المعلم
56
وتسلم منه األموال المحولة من قطر بطريقة غير مباشرة ..ليحمى نفسه من تهمة القبض يدً ا بيد من العائلة القطرية مالكة القناة ..منتهى الذكاء ..ومنتهى أيضا أنه توقف عن بث أحاديثه فى «الجزيرة» فور الذكاء ً أن تقاطعت المصالح وتفجرت المتاعب بين القاهرة والدوحة. قربت العائلة المالكة القطرية هيكل منها بعقد لقد ّ «الجزيرة» الذى يحسب بماليين من الدوالرات.. نجما كما فتحت الباب أمامه ليدخل عالم التليفزيون ً ً مسجل مشواره بالصوت متحد ًثا يشد االنتباه.. والصورة بوسيلة تضمن له الخلود. وحسب ما سمعت منه ،فإن أمير قطر السابق حمد بن خليفة همس له ذات مرة بأنه قام بتمويل ثورة يناير دعما للديمقراطية ..ولم يسأله هيكل عن بالمال ً مفهومه للديمقراطية ..لكنه ..نفى له أن يكون ذلك قد حدثً .. قائل:إن المال ذهب فى الغالب إلى السماسرة والوسطاء ..فالشباب الذى فجر الثورة برىء فى أغلبيته من تهمة التمويل الخارجى. لكن ..تلك القصة تؤكد بشهادة هيكل أن قطر ت ُلقى ً أموال فى مصر ..إما لمساندة اإلخوان وإما لتخريب البالد ..فى حالة غير مسبوقة ..لم يشأ هيكل أن يتورط فى تفسيرها رغم أنها ضاغطة وملحة وتحتاج إلى رأيه. ـ وأشد ما يؤلم أن يهمس البعض بأن ذهاب هيكل إلى خالصا لوجه مصلحة عامة وإنما شابته مرسى لم يكن ً مصلحة خاصة ..تتعلق بابنه حسن الهارب فى لندن على ذمة قضية ال تزال منظورة أمام القضاء ..لكننى..
57
ال أعتقد أن هيكل فاتح مرسى فيها ..بل وال أتصور أنه ألمح إليها من قريب أو بعيد ..فهو رجل يحتفظ بكرامته مهما يكن الثمن الذى سيدفعه ..وإن كان من الصعب أعز ما يملك. عليه أن يكون هذا الثمن حرية أحد أبنائهّ .. عادل حمودة
من مقال «كاتب وملك وسبعة رؤساء والبقية تأتى»
9يناير 2014ـ الفجر
58
الفصل الخامس
بالأبي�ض والأ�سود ال يدهشنى أن صديقى َأ ْن َب َت َق ْرنًا في رأسه ِ ب َبرا َع َت ُه في إخفاء الذيل الواضحِ تحت مالبِ ِس ِه و ُأح ُّ وهدو ُء مخالِبِ ِه ُيعجبنى قد يفتك بى ،لكنى سوف أسامحه فهو صديقى وله أن يؤذينى أحيانًا ال مشكلة لدى مريد البرغوثى
()1
�شقة حندو�سة لم أكن أعرف وأنا أدخلها أن حياة روائية كاملة تنتظرنى ،هنا
حيث شقة الدور األرضى فى شارع حندوسة ،وفى العمارة المواجهة
لمستشفى قصر العينى الشهير ،بدأت قصص وحكايات وتفرعت
أساطير.
هنا ..وعلى تلك المكاتب البسيطة المتناثرة فى أركان الشقة
الواسعة جلس عبدالحليم قنديل وأسامة عفيفى وعزازى على
عزازى وسعيد شعيب وأكرم القصاص وطلعت إسماعيل وحمدى عبدالرحيم وفتحى الشوادفى.
وهنا ..وبين تلك الجدران بدأت قصة حبى مع سيدة األرض
«ناهد السيد» التى ستصبح زوجتى وأم أوالدى.
هنا «صوت العرب» الصحيفة التى تصدر من قبرص أوائل التسعينات
برئاسة تحرير األستاذ عبد العظيم مناف الذى كان صوت الناصريين قبل 61
أن يصدر الحزب صحيفة «العربى» ،والتى سينتقل للعمل بها كل هؤالء الموهوبين وسيضاف إليهم « :عماد الدين حسين وعادل السنهورى ،وائل قنديل ،خالد صالح ،حمادة إمام ،سعيد الشحات ،عصام شلتوت ،إيهاب كامل ،أحمد مراد ،منال الشين ،ماهر زهدى ،عبد الفتاح عبد المنعم، ماجدة خضر» وغيرهم من أصدقاء وزمالء ال تسعفنى الذاكرة بأسمائهم. بعد التخرج وقبل التجنيد بشهرين تقري ًبا وفى العام ،1992قدمنى الشاعر والصحفى «حمدى عابدين» إلى الراحل الدكتور «عزازى رئيسا للقسم الثقافى ،ورحب الرجل ودعانى على عزازى» وكان ً حوارا مع القاص محمد وحضرت لحضور اجتماع الثالثاء، ْ ْ واقترحت ً المخزنجى ،وقفز عيل رخم ـ سيصبح األقرب إلى قلبى فيما بعد ـ وسألنى :وقريت حاجة بقى للمخزنجى وال هتسأله أين ترعرعت سيدى؟! ،فارتبكت للحظة وقلت بهدوء :أنا قاص ،بكتب قصص تائها فى المكان يعنى ،وانتهى االجتماع ولم يتركنى العيل الرخمً ، كنت ً دخلت منه ،ووضع يده على كتفى وعزمنى على أبحث عن الباب الذى ُ ووافقت ،وشد كرس ًيا وقدم لى سيجارة ،وانضم إلينا عدد من شاى!، ْ أصدقائه ،وأدركت أنها حفلة على أمى ،وربما الختبارى وتطفيشى من متوترا ،حتى جاء الشاى ورفعنا وجوهنا إلى بعضنا كنت أول لحظة!ُ ، ً البعض وتحدثنا ً طويلعن محمد المخزنجى وخيرى شلبى وبهاء طاهر وفاروق عبد القادر ،ودارت السجائر والضحكات بيننا ،واقترب منى رخما:بص أنا اسمى حمدى عبدالرحيم..وأنا وإخواتك الولد الذى كان ً دول شربنا كتير من «مثكفين»زهرة البستان اللى مدلدلين شنط وما فيش 62
واحد فيهم قرا كتاب ،من يومها والع ّيل الرخم وأصدقاؤه الذين أشار إليهم وهو يقول إخواتك دول»:سعيد شعيب ،أكرم القصاص ،طلعت إسماعيل» أصدقاء مهما تباعدنا واختلفنا.
ويو ًما بعد يوم تحول المكان إلى حياة كاملة تبدأ من سندوتشات الفول وإفيهات رسام الكاريكاتير (حسانين) ،وتصفو مع الشاى والسجائر الحكايات والروايات والقصائد الجديدة ،الجميع يقرأ فى هذا المكان..وما فيش حد هيعمل مثقف هنا.
ومن صوت العرب عرفت «مجدى شندى» رئيس تحرير صحيفة مديرا لمكتب مجلة المشهد حال ًيا ،وكان وقتها (ً )1996-1993 «الدولية» فى القاهرة ،وهو المكتب الذى سنلتقى فيه جمي ًعا (خالد صالح وعماد الدين حسين وحمدى عبدالرحيم وعال الشافعى وماجدة إبراهيم وياسر زارع.)..
بعد فترة قصيرة صدرت صحيفة «العربى» وأصبح حلم التعيين والحصول على كارنيه النقابة قري ًبا لهؤالء الموهوبين الذين تشردوا فى تجارب صحفية عديدة «مصر الفتاة والشعب واألهالى والجمهورية ومكتب صاعد الذى كان يديره «حمدين صباحى» ،وانتقلوا جمي ًعا ومعهم حبيبة قلبى «ناهد السيد» إلى 6شارع ضريح سعد زغلول وبقيت فى «صوت العرب» مع حيث مقر صحيفة العربى الناصرى، ُ الكاتب أسامة عفيفى الذى علمنى الكثير والذى سأنتقل للعمل معه فى صحيفة األحرار اليومية عام .1994
فى الصباح كنت أركب إلى كوبرى القبة حيث مقر صحيفة 63
األحرار ،وفى العصارى أقابل كل هؤالء األصدقاء فى ضريح سعد زغلول حيث مقر «العربى» ،كان أبناء هذا الجيل قد وجدواأنفسهم متناثرافى الصحف والمجالت فى مواجهة فريق ناصرى قديم كان ً وكنت شاهدً ا على التعسف وقرر الحزب إسناد رئاسة األقسام إليهم!، ُ والظلم والقهر اللذين تعرض لهما هذا الجيل فى صحيفة «الحزب اعتراضا على ذلك ،ولم أكن الناصرى» وكيف ع ّلقوا شارات سوداء ً أنا اآلخر فى نعيم مقيم فيكفى أن رئيس تحريرى كان مصطفى بكرى! ،على أية حال لم أقصد أن أروى لك سيرتى الذاتية فليس بها ما يستحق ،ولكن كل هؤالء هم أبطال هذا الكتاب والشهود على ما أيضا فقد انتقل معظم جرى وما كان فى تلك المهنة ،وعلى أية حال ً هؤالء إلى «اليوم السابع» مع خالد صالح لتبدأ فصول جديدة من الدراما.
64
()2
جيل اليوم ال�سابع كنت قد بدأت فى تأسيس تجربة عندما صدرت اليوم السابع ُ
«الموجز»مع الصديق هشام أبو المكارم ،وكنت سعيدً ا للغاية بعملى مع جيل جديد من الموهوبين ( :طارق شلتوت ،محمد الدسوقى رشدى ،محمد جالل ،أميرة جاد ،محمود عبد الدايم،
إبراهيم جاد الله ،حسام عبد الشافى ،شيرين شريف ،سميرة الديب،
أبو السعود محمد ،عيسى جاد الكريم) وعشرات غيرهم من أبنائى وأصدقائى فيما بعد ،وأضيف إليهم السيناريست ميشيل نبيل الذى
مبكرا بخفة ظله وذكائه المهنى. تربع على عرش قلبى ً
كانوا وقتها طال ًبا بكلية اإلعالم وساعدنى الصديق ياسر بركات
فى فتح نوافذ أمامهم للكتابة ،واليوم أصبحوا أصدقائى وأحد أهم
مصادر البهجة فى حياتى ،وحكايتى معهم ومع 6شارع ضريح سعد فصل ً زغلول حيث مقر «الموجز»قصة تستحق ً كامل إن لم تبخل 65
مقرا للعربى الناصرى الذاكرة ،فمن عجائب الدنيا أن هذا المكان كان ً ثم «الدستور» فى إصدارها األول.
لم تنقطع عالقتى بأصدقائى فى اليوم السابع ،ونجح سعيد شعيب فى إقناعى بكتابة مقال أسبوعى للموقع ،وألننى كسول بطبعى فطلبت أن تكون الكتابة على ما تُفرج ،وحدث ذلك على فترات ودون مقابل، وعندما حضرت احتفالهم بمرور عام على صدور الصحيفة كنت سعيدً ا بهم جمي ًعا ،وكتبت ً مقال يحمل هذا العنوان« :جيل اليوم السابع» نُشر 22أكتوبر ،2009يستحق أن ُأعيد نشره ،ويستحق منك القراءة ،وهذا نصه: علق خالد صالح شارة سوداء ذات يوم على ذراعه.. وعلقها أكرم القصاص وسعيد الشحات وعادل السنهورى وعماد حسين ..ووائل قنديل وحمدى عبدالرحيم وطلعت إسماعيل وحمادة إمام ،وبكى سعيد شعيب ليلة كاملة وهو يضع كارنيه نقابة الصحفيين أمامه. أنت اآلن فى منتصف التسعينات ،مقر صحيفة العربى بشارع ضريح سعد زغلول ،وفى المدخل كنت ترى اعتراضا على تأخير تعيين كل هؤالء الشارات السوداء ً الموهوبين. التقليد جديد ويليق بموهوبين أقاموا صح ًفا وصنعوا تجارب ،طافت بهم مدن وبلدان وتجارب صغيرة وفاشلة ..اعتلت صحة بعضهم وأنجب آخرون بناتًا وأوال ًدا ،وغاب بعضهم سنين طويلة.
66
ولكل هؤالء قصص وحكايات مع بعضهم البعض، وفى شقة سعيد شعيب بالعمرانية ،لم تكن تدخلها الشمس فى أى فصل من فصول العام وكانت مأوانا دائما ،كان من الممكن أن تجد نصف هؤالء وملجأنا ً تقري ًبا يضحكون ويبثون الشكوى ويأكلون طبخة معتبرة من اختراعات أكرم القصاص الذى ساعدته هذه الرحلة الطويلة لدرجة أنه كان يكتب با ًبا فى صحيفة الجيل باسم «أكرم قصاصينو» يسخر فيه من كتب وبرامج الطبيخ. لم يكن بمصر صحف ،فقط :األهالى والعربى واألحرار ،بخالف صحف الدولة طب ًعا ،ولم يكن العالم الفضائى قد اتسع أو حتى ظهر ً أصل ،وجيل كامل ينحت فى الصخر ويقاتل ويكتب أكرم القصاص ً مقال ال ُينسى عن يقين «النمل» ،كان يرانا جمي ًعا ونحن نسير فى طوابير بطيئة بح ًثا عن الرزق والتحقق والوجود. وفى احتفال اليوم السابع تجسد كل ذلك أمامى ..ياااه.. كم أنت عظيم يا رب. لقد منحت الموهوبين مكانًا يليق بهم ،كافأتهم بعد صبر ويقين بأن القادم أفضل. رأيت بري ًقا مختل ًفا له طعم الشقاء والتعب وقلق كثيرا، السنوات وغباء رؤساء تحرير اضطهدوا بعضنا ً رأيت لحظة انتصار على تجارب مريرة وقاسية ..كان بعضنا ال يجد ما يكفى لسد الرمق ونستلف من بعضنا البعض بالخمسة جنيه واألربعة والتالتة ،وكانت كل هذه األرقام تكفى لسندوتش ومواصالت ..وهل يريد
67
البنى آدم أكثر؟!..كان الجميع يضحك ويتحرك بثقة، هنا رئيس تحرير ّمنا ،يشبهنا ،شاركنا معاناة التاريخ ومآسيه ،نلف أيادينا حول كتفه ونحن نحدثه ،وأحيانا ننتقده ونستفزه ،هنا تجربة بطعم الحياة. لم يقل أحدهم ذلك ..لكننى سمعته ورأيته فى تحركاتهم حوله ومعه ،يستقبلون ضيوفهم الذين هم أصدقاؤهم فى فرحة وبهجة وروح تتسرب من طاقات سعيد شعيب ،الذى كان يكتب فى التسعينات ثمانية موضوعات فى اليوم الواحد ،إلى الموهوبين الجدد محمد الدسوقى رشدى ووائل السمرى ومحمد صالح العزب ..بجوارى الشاعر إبراهيم داود ووجوده على تلك الترابيزة كان يكفى لتجد عليها عد ًدا مرع ًبا من الموهوبين :صديقنا حمدى رزق وطارق حسن وياسر أيوب وجمال العاصى ..وحكايات تتناثر وقصص وتاريخ من التعبآن له أن يستريح ولو ً قليل ،وشاشة تعرض أعدا ًدا من اليوم السابع وتسجيل لالحتفال بصدور الصحيفة ،وأمامنا شموع جميلة تحمل «لوجو» اليوم السابع. وتربيزتنا تتحول إلى ضحكة مجلجلة ،يقوم أكرم القصاص ويعود سعيدشعيب ويشعل وائل السمرى سيجارة ،وتتجدد الضحكات فى يوم بديع رأيت فيه كل أصدقائى حتى الذين غابوا ..وعدت منه مبسو ًطا مرتاحا. ً
68
()3
ف�ضيحة ال�سى دى أجهز فصول كتاب «البغاء الصحفى» ـ مايو 2011ـ عندما كنت ّ تسرب الـ «سى دى» الشهير لخالد صالح رئيس تحرير اليوم السابع مع رئيس مجلس اإلدارة وليد مصطفى حول سياسة التحرير وكيفية اللعب مع «جمال مبارك» ومحاباته وعدم الحدة فى معارضته بحيث تصبح المسائل تمام التمام ،يومهاـ كعادتى السيئة ـ اعتبرت السهام موجهة إلى أبناء جيلى وتحويلهم إلى كبش فداء لعشرات ممن ركعوا تحت قدمى الوريث وتوسلوا إليه! ،لم تكن اليوم السابع وقتها هى وكتبت «خالد صالح» وإنما كانت بالنسبة لى بيت أصدقائى القدامى، ُ شهادتى فى مقال بعنوان« :ارموها بحجر» وكانت فكرتى واضحة ومحددة فإن كان خالد صالح قد لعب شو ًطا واحدً ا مع الوريث، فهناك من لعب مباريات كاملة ال يجوز نسيان ما فعلوا والتضحية باليوم السابع وشبابها ،وصدر الجزء األول من «البغاء» ،وحدث أن حكم البالد عضو التنظيم الدولى لإلخوان المسلمين ،وصعد 69
«مرسى» وركب معه إعالميون كبار ،وكتبوا مقاالت المديح فيه وفى جماعته ،وانتشرت بينهم جمي ًعا عبارة «رغم اختالفى معهم» التى تناثرت فى المقاالت والمداخالت الفضائية! ،وركب «خالد صالح» فى مقدمة السيارة ووضع يده على الشباك كأجعص زبون واستخدم عبارة جديدة ومختلفة «من موقعى المهنى أخاصمهم».. ولكنى أحبهم ،أوأقدرهم ،وربما أبجلهم (!!).
قلت لنفسى هو أذكى من الرهان على عضو فى تنظيم، فى البداية ُ هو أذكى بكثير بحكم التجارب والخبرات! ،لكن وقفته على منصة مجلس الشورى وإدارته لحوار «محمد مرسى»وعشرات الصور التى تعمد أن يضع فيها كتفه بكتف المعزول «مرسى» جعلتنى أتأكد أن العيار فلت وأن هناك مصالح كبرى تحكم المسألة وتدهس الذكاء والعقل.
استمر «خالد صالح» فى ركب «مرسى» يبحث له عن سمات تم ّيزه كالحكمة والصبر ،ولكن بال فائدة ،فالشعب المصرى جعله وألف له األغنيات الساخرة ،وعندما سقط الرهان على أضحوكة ّ «الشخص» راهن «خالد صالح» على الشرعية! ،وعلى اإلسالم كجزء من مرسى ،ومرسى جزء منه! ،وكتب خالد ً عظيما فى مقال ً صباح 6يناير 2012يحذر القوى الليبرالية الساذجة من الثورة على اإلسالم وحكم المسلمين الجدد ،وكاديخرج لسانه لكل من يفكر فى التظاهر ضد اإلخوان فى الذكرى الثانية لالحتفال بثورة يناير ،وألنه صديق قديم فلن أكتب كلمة وال تعلي ًقا ،وسأترك القارئ الكريم مع 70
فقرات من مقال «وهم اسمه إسقاط النظام السياسى بالقوة» للكاتب خالد صالح : ـ وقد يؤسفنى أن بعض القوى المدنية فى مصر تعيش خرافة نادرة ومزعجة ومحبطة إذ تتوهم فى نفسها القدرة على اإلطاحة بالتيار اإلسالمى من السلطة وإسقاط النظام المؤسس على انتخابات حرة من خالل استدعاء النموذج الثورى الذى أسقط نظام مبارك فى يناير ،2011عبر التعبئة والحشد الشعبى والمظاهرات الغاضبة وحدها ،وتستثمر بعض هذه القوى االقتراب من الذكرى الثانية لثورة يناير لتؤهل جماهيرها لمواجهة شعبية جديدة بين الشارع والسلطة ،وبين المعتصمين فى الميدان ورأس النظام من جديد. ـ بعض القوى المدنية تعيش خرافة قدرتها على إقصاء التيار اإلسالمى من الحكم بالحشد والتعبئة الثورية دون قراءة للتاريخ ودون عظة من قدرة اإلسالميين على النمو فى ظل أنظمة عسكرية مستبدة. هذا التصور بأن بعض القوى المدنية قادرة على استعادة نموذج إسقاط النظام على النحو الذى جرى مع نظام مبارك يدفعنى إلى الشك فى القدرات السياسية والمعرفة التاريخية لمن يقودون هذه الدعوة بإسقاط النظام من الشارع. بعضا من ـ صحيح أننى من موقعى المهنى أخاصم ً القرارات الصادرة عن الرئاسه وأخاصم الكثير من المواقف السياسية واإلعالمية لجماعة اإلخوان،
71
وأعارض النهج المخالف ألخالق اإلسالم الذى يتخذه بعض دعاة الفضائيات ،وأخشى على مستقبل مصر من أن يكون خاض ًعا لقوة واحدة ،أ ًيا كانت هذه أيضا أننى ال أستطيع أن أتفهم أن القوة ،لكن الصحيح ً نبنى مصر على أساس الحشد والتعبئة خارج صناديق االنتخابات إلى األبد ،وال يمكننى أن أتعاطف مع هذا المفهوم الضيق الذى يتوهم فيه البعض القدرة على إطاحة األيديولوجيا اإلسالمية السياسية بهذه السهولة ،بل وبهذه السذاجة. ـ أنت إذن ال تعرف معنى األيديولوجية الدينية فى هذه البالد ،وال تفهم تاريخ التيار السياسى اإلسالمى، فكيف ال يمكنك قراءة حصاد هذه السنوات الطويلةالتى عجزت فيها أنظمة سياسية قمعية من أن تضرب هذا التيار أو تحاصر شعبيته فى الشارع أو وجوده بين الناس. ـ كل هذا البطش األمنى والعسكرى والسياسى قبل وبعد ثورة يوليو ،1952وكل هذه المحاكمات العسكرية واالعتقاالت والمطاردات والضربات األمنية لم تفلح فى حصار أى من الجماعات اإلسالمية الوسطية منها أو المتشددة ،كان اليقين بين قطاعات عريضة فى الشارع أن حلم العدالة والتقدم والرفاهية والكرامة ال يمكن أن يتأتى إال عبر تطبيق صحيح اإلسالم، ومن ثم كان هذا التيار يزداد قوة رغم البطش ،وكانت األنظمة الباطشة تزداد ضع ًفا دون أن تؤسس لرؤية فكرية إسالمية معاصرة تواجه بها المشروع الذى يحمله التيار الدينى على تنوعه واختالفه.
72
ثم فإن الحديث هنا عن إسقاط التيار اإلسالمى ـ ومن ّ بالكامل ،أو اإلطاحة به خارج منظومة السلطة كلية أو قهره إلى الحد الذى يجبر فيه على تقديم تنازالت أيديولوجية مؤلمة ليس سوى قفزه نحو الوهم، وسقوط فى محظور تاريخى وسياسى وفكرى لن يسمن أو يغنى من جوع. ـ هذا الوهم خارج عن حدود التصورات المنطقية، ويضع البالد على حافة خطر جامح غير مأمون العواقب ،ويؤسس للمنطق االنقالبى أكثر مما يدعم ويعزز التداول السلمى للسلطة ،وهذه الخرافة بأن اإلسالم السياسى يمكن أن يسقط عبر المظاهرات والعنف ليس سوى مغامرة ساذجة لهواة ال يجيدون قراءة التاريخ وليس لديهم حسابات حقيقية لما تعنيه الفوضى الشاملة ،أو اإلقصاء المؤسس على العنف، أو االنقالب المبنى على التعبئة العامة وتعطيل البالد.
73
()4
�أ�شياء كثيرة للوطن! انفرط العقد ،واتسع الرتق على الراتق ،وحوصرت اليوم السابع باإلخوان وأفكارهم ورجالهم الجدد الذين سيقدمهم خالد صالح خصيصا ليكونوا ذراع مرسى ،وتحققت التوأمة االقتصادية بين فتى ً الجماعة الصاعد أحمد أبوهشيمة وأباطرة البيزنس فى قطر بفضل «اليوم السابع» التى كتب فيها األستاذ محمد فودة ً مقال خالدً ا عن «بن سحيم» شريك أبوهشيمة فى حديد المصريين ،وسيحصل بفضله على لقب «الكاتب اإلعالمى»! ،وسيصبح مدير تحرير اليوم عضوا بالحرية والعدالة قبل أن يصبح السابع»هانى صالح الدين» ً أحد نجوم اإلعالم اإلخوانى،وستدور قصص وحكايات عن شراء «خيرت الشاطر وأبوهشيمة»لليوم السابع». وفجأة ..نجحت القوى المدن ّية «الساذجة» فى إسقاط الجماعة، وفجأة وجد «خالد صالح» نفسه فى مأزق لم يتوقعه ولم يحسب حسابه ،لكن عدالة السماء أرسلت إليه الفنانة بوسى ،وبدأ االحتفاء 74
بالسيسى وثورة 30يونيو بطريقة لم يسبقه إليها أحد ،ونشرت اليوم السابع ( 22أبريل )2014هذا العنوان الطويل لتكشف عن تأييدها المختلف للمشير الذى أسقط الجماعة بقبضة قوية: بالفيديو ..بوسى تكشف عن أغنية جديدة لــ»السيسى» مع خالد صالح فى آخر النهار. اإلعالمى محمد فودة يشارك فى إنتاج األغنية.. الفنانة:قمت بالعمل ح ًبا فى المشير والرجل قدم أشياء كثيرة للوطن.
75
الفصل السادس
�إغـــــراء
تهتم كثيرا بما إذا كنّا ،نحن البشر، الميكروبات ال ّ هنا على هذه األرض أم ال. لسنا شيئا مثيرا بالنسبة لها الميكروبات كانت موجودة وما تزال على األرض منذ باليين السنين. معلومة
()1
الفنون الحديثة والقارئ يمل بسرعة ،ألن الكتب تخلو من اإلثارة ،لذا لجأ
ُكتّاب الروايات إلى إضافة مشاهد ساخنة ومثيرة تغرى القارئ
وتغازل صنّاع السينما ،وعالم الصحافة كذلك ،يشبه الروايات
والقصص واألفالم ،سيكون بار ًدا إن لم تظهر الفنانة الشاملة
هيفاء وهبى ـ ً مثل ـ بصحبة رجل أعمال شاب ،وياحبذا لو أثيرت
أقاويل عن ارتباطهما بعالقة حب أو زواج!.ويا حبذا لو كان
هذا الشاب فى صراع بيزنس مع شخصية سياسية بارزة مثل
«أحمد عز» ً مثل!
هذا ما حدث فى أبريل 2009حيث أعلن «أحمد أبوهشيمة»
رئيس مجلس إدارة مجموعة حديد المصريين زواجه من الفنانة
هيفاء وهبى ،وانتعش سوق الصحافة بقصص أسطورية عن شهر
العسل وتكاليف حفل الزفاف.
79
بعد ثورة ( 25يناير) وسقوط «أحمد عز»،سيكبر «أبو هشيمة»
ويصبح هو حديد الثورة! ،وسيأتى إمبراطور اإلخوان «خيرت الشاطر»
ويصنع منه أسطورة جديدة ،ورضا «الشاطر» سيجعل الفتى الوسيم
كثيرا، هو األقرب إلى المعزول محمد مرسى الذى سيلتقى به ً
ولكى يجلس مترب ًعا على عرش «عز» محتم ًيا بالجماعة سيحتاج
أبوهشيمة إلى أمرين ال ثالث لهما ،األول :توأمة مع رجل أعمال،
بشرط أن يكون «قطر ًيا» بحكم المرحلة التى جعلت الدوحة كعبة
الجماعة ،والثانى:أن يتخلص من «هيفاء» التى لم تعد تناسب مرحلة الورع والتقوى التى تدق األبواب! ،وسيحتاج «أبوهشيمة» إلى
ويروج لذلك فى «أسطى» يفتح له العالقة مع رجل أعمال قطرى كبير ّ
الصحف ،ووقع االختيار على «محمد فودة» الذى كان قد خرج من السجن للحياة العامة جدً ا ،وتزوج الفنانة الشاملة «غادة عبدالرازق»، واحتفلت الصحف والمواقع اإلخبارية بالتوأمة المدهشة التى صنعها
مستشارا القدر تحت عناوين أكثر دهشة« :زوج هيفاء يع ّين زوج غادة ً
إعالم ًيا له» ،وظهر األربعة فى صور تجمعهم بالحب والمودة ،وقال نص الخبر إن أبوهشيمة ك ّلف فودة بأن يكون مستشاره اإلعالمى فى مشروعه الجديد مصنع «حديد المصريين» ،وكان فودة «أسطى»
بكل معانى الكلمة ونجح فى إغراء «محمد بن سحيم» بمشاركة
«أبوهشيمة» ،وتم افتتاح المشروع برأسمال 1.5مليار دوالر،
وتحققت التوأمة مع رجل أعمال قطرى بفضل «اليوم السابع» التى كتب فيها محمد فودة ً مقال خالدً ا عن «بن سحيم» ،فى حين بقيت 80
شهورا قليلة حتى هانت هى األخرى فى سبيل المجد «هيفاء» ً المنتظر! ،و تم الطالق فى نوفمبر ،2012وانجعص أبوهشيمة نجما للمرحلة وحصل األستاذ «محمد فودة» على لقب «الكاتب ً مرشحا اإلعالمى» وتم تدشين مرحلة جديدة فى حياته ستجعله ً لبرلمان .2015
81
()2
بالحجم الطبيعى حائراغير قادر على سبع ليال بطولها وعرضها قضيتها متوترا ً ً إضافة حرف إلى حياة هذه الشخصية؟ ،فال السينما وال الرواية وال أى نوع من الفنون واآلداب يستطيع أن ينقل صورة من حياة األستاذ محمد فودة الذى صنع أسطورة جديدة فى ملحمة صعود الموظفين الصغار لعالم المجد والثروات ،عزف سيمفونية فريدة وكافأته الحياة بأنثى بديعة الجمال والرسم والتصوير اسمها غادة عبدالرازق ،ويو ًما ما سيحتاج كُتاب الدراما إلى وقت طويل إلقناع الجمهور بأن شخصية «الكاتب واإلعالمى األستاذ محمد فودة» واقعية وليست محض خيال!
هو ليس «الواد محروس» الذى يقبض بيديه على الخيارة ويضعها فى فم الوزير بعد معلقة العسل ،وليس ذلك الولد «الخالصة الصة» الذى يخ ّلص األوراق فى المرور والقسم والبنك والمستشفى والجمارك وشباك التذاكر ،وليس الفهلوى الذى يسلك المسدود 82
ويدهن الهوا دوكو ويدفع المعلوم ،ليس الصايع الذى يضع يده على قطعة أرض شاسعة ويقدمها للباشا مقابل عمارة أو شقتين فاتحين على بعض ،وليس راعى المزاج وسفير الشهوة ،ليس أى نوع من المشهالتية الذين وصفتهم الكاتبة سناء البيسى فى مقال بديع عن هذه األنواع من البشر. أنا عن نفسى فشلت فى إضافة أى مشهد لتلك الشخصية التى تنمو وتتسرب وتنتشر وسط حالة صمت مريب من الجميع.
ً ومهول من الحجم ،ربما! ،وربما قد أكون مبال ًغا فى الوصف مريضا يتوهم أن فى الحياة «محمد فودة»! ،لذا ولكثير غيره أكون ً سأعرض ما جرى وحدث وكان فى خمسة مشاهد منقولة من الكتب والصحف.
83
مشهد ()1
�آي�س كريم فى ر�أ�س البر!
محمد فودة هو النموذج الذكوري للسكرتير وبحكم المنصب ٍ لفترة كسكرتير صحفـي لوزير الثقافة السابق فاروق الذي شغله
حسني ،تغيرت حاله وتعاظم نفوذه ،حتى تورط فـي اتهامات بالفساد والرشى والتوسط بين المستشار ماهر الجندي محافظ الجيزة سابقـًا
ورجل األعمال عمرو أبوحليقة.
ولندع شريكه فـي قضية الرشوة ماهر الجندي يحكي عنه؛ إذ
يقول:
شخص حصل على «أعرف أصله وفصله ..فهو ٌ دبلوم صناعة فـي الغربية وساعده عبد األحد
جمال الدين (وزير الشباب والرياضة سابقـًا) فـي ٍ بأشهر قليلة فوجئنا التعيين بوزارة الثقافة ،وبعدها
مستشارا صحفيـًا للوزير ،وكان يتردد على به ً يحضر كنت محافظـًا؛ ألنه كان المحافظة وقت أن ُ ُ الدعوات إلى حفالت األوبرا والتي كان يقدمها الوزير للمحافظين».
84
ومن مجرد بائع آيس كريم فـي رأس البر وشخصية أقصى
طموحاتها فـي الحياة أن يكون لها مكتب ..مجرد مكتب ،إلى متهم ثم ُمدان فـي قضية نظرتها محكمة أمن الدولة العليا وتشير
أوراقها إلى تورطه فـي الفترة من أغسطس 1997وحتى 30أبريل
1999بالرشوة وتسهيل الحصول على عطايا وهدايا بما يخل بواجبه ً فضل عن االشتراك بطريق االتفاق ،والمساعدة على الوظيفي، اختالس أوراق وشكاوى.
تخيلوا ..أن فودة هذا براتبه العادي جدً ا وعمره الذي لم يكن
فـي العام 2002يتجاوز 32عامـًا ،أدين بالكسب غير المشروع ٍ عدد من كبار المسئولين المصريين، وإقامة عالقات قوية مع
وبينهم محافظ الجيزة سابقـًا ،بهدف التوسط لقضاء مصالح
ذوي الشأن من رجال األعمال مقابل مبالغ مالية يحصل عليها، حتى بلغت ثروته مليونين و 153ألفـًا و 121جنيهـًا مودعة فـي دفتر خاص به لدى البنك األهلي المصري فرع الهرم .كما ُض َبط
بمسكنه مبلغ 465ألف جنيه و 3700دوالر أمريكي و 80ألف
ليرة إيطالية ،باإلضافة إلى شقة مملوكة بالهرم وسيارة مالكي قيمتها 100ألف جنيه.
ٍ ظروف ما إلى موق ٍع قريب إنها حكاية سكرتير بسيط تسلل فـي
من وزير الثقافة ليستغل نفوذه وعالقاته بطريقة غير مشروعة، ويحقق ثرو ًة تجاوزت خمسة ماليين جنيه .الطريف أن محمد 85
فودة قدم إلى النيابة العامة ألبوم الصور الذي يجمع بين عائلة ماهر الجندي وعائلتهً ، قائل: «لقد قدمت هذا األلبوم حتى أؤكد مدى العالقة األسرية التي تجمع بيني وبين محافظ الجيزة السابق».
ً أموال طائلة وصلت إلى رشى السكرتير للمحافظ شملت
مليون جنيه ،بعضها لقيام المحافظ السابق وزوجته وابنه بأداء ٍ عملية فـي عينه ،وقسم ثالث هدايا العمرة ،وبعضها اآلخر إلجراء لزوجة ابنه والمولود ،بخالف المشغوالت الذهبية والوالئم فـي
الفنادق الكبرى ،وعدد أربعة خراف بمناسبة عيد األضحى المبارك
وقد تقدم المستشار ماهر الجندي ببالغ إلى المستشار عبدالمجيد
محمود النائب العام ،طالب فيه بالتحقيق مع محمد فودة بشأن قيامه
باستغالل نفوذ مزعوم واستغالل أسماء وزراء ومسئولين كبار في النصب على ضحاياه.
تضمن البالغ وقائع النصب ونص التسجيالت الصوتية التي
دارت بين فودة وعدد من الوزراء وضحاياه ،زعم خاللها المتهم أنه على صلة قوية بالوزراء ولفق وقائع من الخيال للنصب على
الضحايا ويعدهم بالتوسط لدى الوزراء إلنهاء مصالح خاصة مقابل مبالغ مالية.
وتضمنت المكالمات المسجلة مكالمة بين فودة وسيدة تدعى
منى ،وخاللها وعدها بأنه تحدث مع الوزير فاروق حسني بشأنها. 86
وعندما تم سؤال فودة حول تلك المكالمة ،قال إن تلك السيدة راقصة مشهورة وكان يريد إقامة عالقة معها وتوسط لها عند الوزير ورئيس قطاع المسرح لعمل مسرحية لها. من كتاب :فيلم مصرى طويل تأليف :ياسر طلعت مركز الحضارة العربية ،القاهرة
87
مشهد ()2
رجل المواقف المحترمة
وكان قد حدث فى البالد ثورة( 25يناير )2011وظاطت الدنيا ظيا ًطا غير مسبوق وتصارعت ائتالفات وحركات وأحزاب وامتأل الفضاء ببرامج سياسية ،وبينما العيون تتابع كل ذلك وتراقب االشتباكات والحرائقالتى تشتعل فى الكنائس ،كان األستاذ محمد فودة قد نجح فى الوصول إلى «الجوكر» الورقة الرابحة فى مستقبل االقتصاد الشاب أحمد أبوهشيمة ،ودخل»اليوم السابع» وفى يده اليمنى «أبوهشيمة» وفى اليسرى قطر وبن سحيم! ،وفى صباح 11يوليو 2011تم تدشينه كات ًبا كبيرا للمقال تحت عنوان ضخم: ً «محمد فودة يكتب:تحالف (مصرى قطرى) إلنتاج» حديد المصريين ..محمد بن سحيم رجل المواقف المحترمة» ،ومن المهم أن أنقل لك فقرات منه: ( ..لم يكن مفاجأة لى ما قاله الشيخ محمد بن سحيم عن حبه لمصر وحرصه على االستثمار بها فمن يعرف الرجل يعى جيدً ا من هو بن سحيم العاشق لمصر وكأنه واحد أبنائها ً فضل عن كونه يعمل بعقلية رجل األعمال المغامر الذى يضع المصلحة العامة فى صدارة أولوياته
88
منتهجا سياسة مغايرة لمبادئ «البيزنس» التى ال تعرف ً العواطف أو النواحى اإلنسانية ..فنراه يحرص كل الحرص على تحقيق مبادئ الرأسمالية االجتماعية التى رفع شعارها رجل األعمال أحمد أبوهشيمة فى هذا المشروع. لقد عشت مع أبوهشيمة مراحل مشروع «حديد المصريين» منذ كان مجرد فكرة أعتبرها البعض من ضرب الخيال فكيف كان يجرؤ أحد على إنتاج الحديد حكرا على شخص واحد وقت كان الحديد وصناعته ً يحظى بكل الرعاية والدعم من نظام مبارك الذى رحل كريما إلى أبعد بال رجعة ،وشعرت كم كان بن سحيم ً مدى وهو يأخذ بزمام المبادرة. ـ ولن أكون مبال ًغا إن قلت إن مبادرة الشيخ محمد بن سحيم ليست غريبة عليه فهى وإن صح التعبير تمثل جز ًءا من سيمفونية رائعة فى حب مصر عزفتها القيادة السياسية القطرية الشقيقة تبلورت بشكل عملى فى الزيارة التاريخية التى قام بها سمو أمير قطر إلى مصر عقب قيام الثورة).
89
مشهد ()3
مبروك علينا
عقد محمد فودة قرانه في مطلع مارس 2012على الفنانة غادة عبدالرازق فى مسجد الشرطة قبل أن يصدرا فى نوفمبر من العام دايما أحباب وتبتسم نفسه بيانـًا مشتركـًا حول طالقهما ،ليعودا ثانية ً الفنانة الجميلة للكاميرات بينما يجلس الكاتب واإلعالمى محمد فودة بجوارها قل ًبا حنونًا ال يستطيع االبتعاد عنها ،ويدلى بتصريحات وتدلىهى بتصريحات ،وتنتشر الصور واألخبار التى تؤكد عودة الحب والشوق.
90
مشهد ()4 بو�ســـى
فى أبريل 2014كان األستاذ محمد فودة يقدم هديته للكاتب خالد صالح لكى يوفق أوضاعه مع ثورة يونيو التى جاءت واليوم السابع متورط تما ًما مع الجماعة ورئيسها المعزول ،واستحق هذا الخبر أن يحتل مساحة كبيرة على الموقع وبهذا العنوان الطويل: بالفيديو ..بوسى تكشف عن أغنية جديدة لــ «السيسى» مع خالد صالح فى آخر النهار..اإلعالمى محمد فودة يشارك فى إنتاج األغنية.. الفنانة :قمت بالعمل حبا فى المشير والرجل قدم أشياء كثيرة للوطن كتب :سمير حسنى كشفت الفنانة بوسى ،أن أغنية «بالمختصر المفيد»، التى تؤيد فيها المشير السيسى رئيسا للجمهورية ،هى فكرة مدير أعمالها ،وبدعم من اإلعالمى محمد فودة، الذى أبدى إعجابه الشديد باألغنية حتى إنه طالب بالمشاركة فى اإلنتاج. وأضافت الفنانة بوسى ،فى حديثها لبرنامج «آخر
91
النهار» ،الذى يقدمه الكاتب الصحفى خالد صالح، ويذاع على قناة النهار ،أنها قامت بهذا العمل ح ًبا فى المشير السيسى ،موضحة أن الرجل صنع أشياء كثيرة من أجل الوطن ويحب مصر ويخاف عليها ،حتىإن الناس طالبوه بالترشح للرئاسة ،مضيفة« :هذه األغنية حاجة بسيطة من اللى عملها معانا» ..وأكدت الفنانة بوسى ،أن المشير السيسى أصلح شخص لتولى قيادة مصر اآلن.
اليوم السابع ـ 22أبريل 2014
92
مشهد ()5
على الهواء
ً تحليل ،نعيد نشره كما نُشر فى وهذا خبر ال يحتمل تعلي ًقا وال اليوم السابع بتاريخ (20أكتوبر :)2014 غدً ا ..وزير التخطيط ومحمد فودة ضيفا خالد صالح فى «آخر النهار» كتب :عمرو صحصاح يستضيف الكاتب الصحفى واإلعالمى خالد صالح ببرنامج «آخر النهار» على قناة «النهار» ،فى الثامنة من مساء غد الثالثاء ،وزير التخطيط والمتابعة واإلصالح اإلدارى الدكتور أشرف العربى ،ليتحدث عن العديد من القضايا الشائكة .كما يستضيف البرنامج اإلعالمى محمد فودة ،فى حوار خاص حول االنتخابات البرلمانية المقبلة ،واألسباب التى جعلته ينوى الترشح لمجلس النواب المقبل ،وأهم القضايا التى تشغله وتخص بلدته زفتى ،وجهوده صرحا فى تطوير مستشفى زفتى العام ،وأصبح اآلن ً طب ًيا يفخر به كل أبناء المحافظة وجهوده ونجاحه فى إدخال الغاز الطبيعى إلى بلدته إلى جانب الكثير من
93
القضايا التى ساهم فى حلها ألبناء دائرته ،حتى قبل أن يفكر فى خوض االنتخابات البرلمانية.
94
الفصل السابع
حوار الطظ فيه جلد مالهش لون وجلد بألف لون لو تغسله بصابون يطلع لونه أونطة سيبك م المدبغة وصباغة المصبغة سيبك وبص ..بص شوف ،شوف الناس والظروف يمكن تلقى الديابة البسة فروة خروف يمكن تلقى الغالبة فى أول الصفوف سيد حجاب
()1
الرئي�س� ..صحف ًيا فى منتصف التسعينات ،وعندما وضع «سعيد شعيب» كارنيه نقابة الصحفيين أمامه وبكى ،كان يرسم مشهدً ا مسرح ًيا لبطل تعرض للظلم والقهر وتحمل سخافات صحفيين ورؤساء تحرير من أجل تلك البطاقة الملقاة أمامه ،وقرر أن يصرخ فى النهاية« :ال قهر بعد اليوم ..المجد للمهنة».
كان االحتفال الدرامى بالحصول على «العضوية» يليق بكاتب وتحمل مع أصدقائه وأبناء جيلهالموهوبين مسرحى عاش تجربة مريرة ّ «أكرم القصاص وعماد الدين حسين ،عادل السنهورى ،سعيد الشحات ،خالد صالح»..الكثير من التعسف والقهر ،سواء من الحزب الناصرى نفسه بقيادة ضياء الدين داود رحمه الله أو من رؤساء األقسام فى الصحيفة،وقد حصلوا على «التعيين» وكارنيه النقابة بعد اعتراضا على صبر طويل ابتكروا خالله فكرة «الشارات السوداء» ً تأخر هذا القرار. 97
والذين يعرفون سعيد شعيب يدركون حجم األلم والحزن الذى تعرض له فى صيف ،2005عندما «رزع» باب صحيفة «الكرامة» ومضى غاض ًبا لينشر الحوار التاريخى والمهم الذى أجراه مع مرشد جماعة اإلخوان مهدى عاكف فى مكان آخر بعد أن رفض حمدين صباحى نشره فى «الكرامة»!. ً تاريخا من وأنا أعرف سعيد ،وأعرف أنه فى تلك اللحظة كان يشيع الذكريات واألفكار والتصورات التى صدقها عن األصدقاء القدامى.. وألما على من خاب ظنه فيهم. وربما بكى حسر ًة ً
لم يكن سعيد يجهل الصفقات االنتخابية بين حمدين واإلخوان، ً مشغول بها ،هو مشغول ـ فقط ـبإهانة المهنة وبما شعر به ولم يكن من «قهر» لم يعد القلب يحتمله ،هو صحفى وكاتب كبير أجرى مهما مع مرشد التنظيم فى أهم وأخطر مرحلة من مراحل حوارا ً ً صعود الجماعة ،وليس من الالئق أن ُيمنع من النشر بعد كل هذا العمر وبقرار من «حمدين صباحى» الذى راهن عليه كرئيس تحرير يؤمن بصحافة «الكبار»!!. كان «سعيد شعيب» قد ّفر من «العربى» بح ًثا عن براح صحفى جديد فى «الكرامة» ،لكن خاب مسعى العشاق ،تما ًما كما خاب مسعى «عبد الحليم قنديل» الذى أطاح به حمدين صباحى من رئاسة تحرير «الكرامة» فيما بعد. الحوار الذى أجراه سعيد شعيب فى 2005ونُشر بصحيفة روزا اليوسف أقام الدنيا ولم يقعدها ،وأصبح فيما بعد أيقونة يتداولها 98
الجميع سواء على مواقع التواصل االجتماعى أو تويتر منذ ثورة يناير 2011وحتى اليوم باعتباره وثيقة تدين تلك الجماعة وطريقة تفكير مرشدها ،ونسى الجميع ،أقول :نسى الجميع ،أنها وثيقة فاضحة لما كان عليه حال «الصحافة»قبل الثورة ،ولما كان عليه مرشح الرئاسة (فى )2014حمدين صباحى.
99
()2
مع �صياح الديك لو لم يظهر حمدين صباحى فى الوسط الصحفى الخترعناه ،فهو شخصية سينمائية متكاملة األركان ،الطالب الجامعى الثائر الذى تجرأ فى سبعينات القرن الماضى ووقف فى مدرج الجامعة يهاجم الرئيس السادات فى واقعة نادرة الحدوث ،والناصرى الوسيم الذى يمتلك مواصفات الزعامة ،والفنان الذى يصادق المخرجين والممثلين وظهر فى أحد أفالم يوسف شاهين وسافر مع الفنانة رغدة وعدد من الفنانين والمثقفين المؤمنين بالوحدة العربية إلى بغداد لمساندة الزعيم صدام حسين ،وهو الصحفى المتمرد الذى انفصل عن الناصريين مطلع التسعينات وراح يحلم بإعادة مجد الزعيم من خالل حزب جديد يليق بتطلعات الجماهير العريضة ،وبصحيفة كبرى تنحاز للحرية والفقراء وتحارب الفساد وتفضح الصفقات. وطال االنتظار ،وخاض حمدين انتخابات برلمانية ،ولم يمل عشاقه من الباحثين عن مخرج من «الحزب الناصرى» الذى ترهل 100
وأخيرا جاء «حزب الكرامة» وأنهكته الحروب والصراعات الداخلية، ً وصدرت الصحيفة تحمل االسم المعبر والدال على تطلعات مؤسسها.
ربما كان الكاتب «عبدالحليم قنديل» يراهن على ذلك حين قرر أن يغامر ويترك صحيفة «العربى» وهو فى قمة المجد ،فقد صنع مع الكاتب «عبدالله السناوى» حالة جديدة فى «العربى» وشهد عام 2000وما بعدها مولد صحافة الرأى بفضلهما ،وأعلنا رفض التوريث وصرخا بذلك قبل أن يتحول جمال مبارك إلى موضة وكنت شاهدً ا فى باقى الصحف الخاصة التى ظهرت فيما بعد، ُ سكرتيرا للتحرير فى تجربة سيطول على ذلك حيث عملت معهما ً الحديث عنها.
ّ مبكرا واعتقد أنه زلزل عبد الحليم قنديل أركان دولة مبارك ً سيواصل هدمها من خالل «الكرامة» التى ذهب إليها فى 2005 ً اتصال بين حمدين منهارا ،لكن تقري ًبا ورفع توزيعها الذى كان ً صباحى والرئيس المبجل مبارك أنهى طموحاته ،وخرج مصدو ًما محب ًطا وكتب ً أيضا بعنوان»األصدقاء الذين مقال شج ًيا وعذ ًبا وباك ًيا ً باعونى قبل صياح الديك».
كان األستاذ «حمدين صباحى» قد تعرض وقتها إلصابة فى حادث سيارة ،وبحنان األب اتصل مبارك لالطمئنان عليه ،وهومانشره حمدين نفسه وقتها فى جريدة «الكرامة» دون إضافة ،ولكن اإلضافة جاءت غيرمكتوبة باستبعاد قنديل من «الكرامة»!. 101
الفصل الثامن
زمن الفراولة وطريقي ،ما طريقى؟ أطويل أم قصير؟ هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغور السائر في الدّ رب أم الدّ رب يسير أأنا ّ أم كالّنا واقف والدّ هر يجري؟ لست أدرى! إيليا أبو ماضى
()1
�سيجار كوبى أيضا ،كل عبارة منه تحمل وهذا خبر مشحون بالدراما واإلثارة ً قصة تبدأ من سيجار فريد الديب المحامى الشهير وتمر برئيس الدولة المسجون مع ولديه وتنتهى عند الصحفى واإلعالمى المثقف الذى معتذرا للقائد المظلوم من شعبه يحمل جينات «جيفارا» وقد جاء ً معتذرا عما كان يتصوره ويعتقده ويروج له سنوات!..، وناسه ،جاء ً حالة إنسانية متكاملة يحملها خبر صغير هذا نصه: فريد الديب :مبارك سعيد بشهادة إبراهيم عيسى ومصافحته فى المحكمة كتبت ـ هند عادل /اإلثنين 13يناير 2014 أكد فريد الديب محامى الرئيس األسبق أن مبارك أبدى سعادته البالغة بشهادة اإلعالمى إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة التحرير أمس ،فى قضية محاكمة القرن.
وأوضح الديب فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع»، أن الحالة النفسية لمبارك جيدة جدً ا ويشعر بسعادة
105
بالغة ،خاصة بعد إصرار عيسى على الدخول إلى غرفة تواجد مبارك ونجليه داخل المحكمة ومصافحته لهم، على الرغم من أنه كان فى إمكانه مغادرة مقر المحكمة عقب انتهاء الجلسة. كانت محكمة جنايات القاهرة ،برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدى المنعقدة بأكاديمية الشرطة قد استمعت أمس ،إلى أقوال الكاتب الصحفى واإلعالمى إبراهيم عيسى ،رئيس تحرير جريدة التحرير فى قضية إعادة محاكمة الرئيس األسبق حسنى مبارك ،ونجليه عالء وجمال ،ووزير الداخلية األسبق حبيب العادلى، و 6من كبار مساعديه ،ورجل األعمال الهارب حسين سالم.
106
()2
غرام الت�سعينات إن كنت تبحث عن بطل لرواية تدور أحداثها فى عالم الصحافة ومنزلقاتها ومنحنياتها قبل الثورات وبعدها ،فلن تجد أفضل من شخصية إبراهيم عيسى بداية من أواخر الثمانينيات حيث المثقف الشاب الثائر المسكون بالموهبة الذى يحمل شار ًبا ك ًثا ونظارة قعر وقلما أشبه بمرزبة ثقيلة تحطم الرموز والثوابت وتجعل كل كوباية ً شىء خاض ًعا للمراجعة الصحفية ً وقابل للتجديد والحذف واإلضافة، ومرورا بالتسعينات حيث مجد الصحفى المثقف الذى صنع تجربة ً استثنائية فى تاريخ الصحافة اسمها «الدستور» ،وليس انتها ًء بهذا المشهد الذى وقف فيه أمام محكمة الجنايات وخلفه تاريخ عريض من الثورات ليبرئ رئيس البالد وولديه من تهمة قتل المتظاهرين، فقبلها بسنوات قليلة كان قد ارتدى «الحماالت» وظهر فى فضائيات خصما عنيدً ا لنظام مبارك. رجال األعمال ً سمعت اسمه ألول مرة فى شقة «فيصل» التى كان يدفع إيجارها ُ 107
عماد الدين حسين وعادل السنهورى وإبراهيم المنيسى وأسامة سالمة ـ على ما أذكر ـ والتى كانت ملتقى عشرات الزمالء واألصدقاء وعابرى السبيل من أمثالى ،فقد زرتها مرات بصحبة صديقى حمدى رخما ـ وقضيت سهرات جميلة بصحبة أكرم عبدالرحيم ـ الذى كان ً قصصا متناثرة حول الكوابيس القصاص ،وفى تلك األجواء سمعت ً التى تطارده فى نومه وتجعل التفكير فى السكن معه جريمة يرتكبها اإلنسان فى حق نفسه ،ومع الضحكات تتحول دفة الكالم نحوه، حاضرا باعتباره حالة إبداعية متكاملة ال يعيبها سوى الشخير ويظل ً والقفز فجأة من السرير ،وتعود الضحكات وتنفض الجلسات ويبقى إبراهيم عيسى فى رأسى أنا الولد الذى يكتب القصص ودخل عالم مبكرا ،ومازال يتمنى رؤية إبراهيم. الصحافة وعرف أسرارها ً وفى صيف 1994وبينما أقضم سندوتش الفول بشارع الجمهورية حيث مقر جريدة األحرار ،رأيته يدب األرض بثقة وابتسامة عريضة محم ًيا من وزارة الداخلية بحراسة خاصة تحمى ظهره من غدر اإلسالميين اإلرهابيين الذين أقلق مضاجعهم وبقر بطونهم ومزق ّ ومرمغ األرض بكبيرهم حسن البنا فى مجموعة مقاالت أدبياتهم نارية كتبها فى روزا اليوسف بعد اغتيال فرج فودة.
108
()3
خيانات �صغيرة وضحك القدر فى 1996وتولى حمدى عبدالرحيم القسم الثقافى وخرجت من ظالم «األحرار» إلى وطلبنى مع الصديق سيد محمود، ُ وشاهدت «عيسى» كتلة من الموهبة ،يتحرك بخفة فى نور «الدستور» ُ صالة التحرير ويتحدث إلى الجميع ،وفى كل وقفة وحديث سريع تتولد أفكار صحفية المعة ،والنجاح المذهل يظلل جدران الصحيفة ً تاريخا لـ 6ش ضريح سعد زغلول. ويصنع وأسدل الستار وأغلقت الدستور وتفرقت السبلوأصبحنا بال عمل نتقابل ونثرثر فى شقة بالل.
حتى جاءت تجربة الجيل برئاسة تحرير ياسر أيوب ،وتحول إبراهيم عيسى إلى «شارب كث» غاضب على «بالل فضل» والذين ذهبوا معه إلى تجربة أخرى! ،ووصل األمر إلى اتهامات بالخيانة لكل مثابرا مع إبراهيم الذى اعتبرها معركة وأدارها من من ذهب ولم يبق ً مقهى فيينا بشارع قصر العينى ليضع أبناء الجيل الواحد فى صراع 109
رئيسا للتحرير ومعه مجموعة انتهى بقدوم الصديق جمال العاصى ً كبيرة من األصدقاء الذين وصلوا مقر الجريدة بالفعل ،وتوتر الوضع تما ًما ،وجمع بالل فضل كتبه ومتعلقاته وغادر إلى شقته بشارع حسين حجازى فقد كان هو المستهدف األول ،وبقيت مع حمدى عبدالرحيم شهرا قبل أن أغادر الجيل إلى «العربى» الناصرى التى قرر الحزب ً إصدارها يومية برئاسة تحرير عبدالله إمام.
كثيرا ،فالقادمون هم أصدقاء المقاهى والبارات كان موقفى أفضل ً والكتابة،ولست فى صراع مع أحدهم «:إيهاب الزالقى ،ياسر الزيات، محمد العسيرى ،عبد الفتاح على ،عبادة على ،»..كما أننى تلقيت عرضا من األستاذ «عدلى برسوم»نائب رئيس تحرير صحيفة العربى ً سكرتيرا للتحرير مع ثالثة مدراء للتحرير هم «وائل قنديل للعمل ً وشفيق أحمد على وعبدالحليم قنديل» ،وأنهى الرجل المهذب مكالمته وهو يؤكد أن اسمى سيكون ضمن أول المعينين. وفشلت كما وأصدر عيسى «ألف ليلة» ولم يكتب لها النجاح ْ فشلت تجربة الجيل ،وانتهت التسعينات وإبراهيم غاضب تما ًما ناقما على نخبة المثقفين الذين «باعوه» وتركوه وحيدً ا وربما كان ً يتخبط بعد إغالق الدستور.
110
()4
وليمة لأع�شاب البحر جاءت األلفية الثانية و«إبراهيم عيسى» على هذه الحال من ال ُغبن والغضب! ،هو بطل الرواية الصحفية من ألفها إلى يائها، كيف يصل به األمر إلى هذه الحال؟! تماسك البطل وراح يع ّبر عن غضبه بمقاالت متفرقة فى صحيفة «الميدان» وأحيانًا فى «أخبار األدب» ،كان يريد أن يصرخ فى الجميع ويدهس أفكارهم ويحطم رومانسيتهم ،وتالقت رؤاه الجديدة مع «جمال حشمت» القيادى بجماعة اإلخوان المسلمين وعضو مجلس الشعب الذى طالب بمصادرة الروايات الثالث فى األزمة الشهيرةالتى تعرضت لها الثقافة المصرية عام 2001والتى كان من نتائجها قيام وزير الثقافة فاروق حسنى بإقالة الناقد السينمائى «على أبوشادى» رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة ،وتنحية وإبعاد عدد من المثقفين واألدباء العاملين بإدارة النشر منهم الكاتب الكبيرمحمد البساطى رحمه الله ،والناقد المسرحى «أحمد عبدالرازق أبوالعال» والشاعر والقاص «محمد 111
كشيك» ،بسبب نشرهم روايات «أبناء الخطأ الرومانسى» لياسر شعبان و«أحالم محرمة» لمحمود حامد ،و«قبل وبعد» لتوفيق عبدالرحمن مدهوسا فيما بعد. الذى سيموت ً
المثقفون اعتبروا موقف الوزيرانتكاسة كبرى واستسال ًما لإلسالميين ،ورفضوا خضوع فاروق حسنى المهين لجهالء العصر الحديث ،وهددوا بمقاطعة معرض الكتاب الذى كان على األبواب، وتوالت بيانات الشجب التى تدين موقف الوزير ومؤيديه من موظفى الوزارة بقيادة «التنويرى» جابر عصفور! ،وفجأة ظهر إبراهيم عيسى قاد ًما من اإلحباط بشارب كث ليشن هجو ًما عني ًفا على المثقفين وعلى بياناتهم ويمسح بهم األرض ألنهم يشجعون الروايات القبيحة التى ال تناسب المجتمع اإلسالمى (بطبعه)!! ،وكتب فى أخبار األدب ً مقال بعنوان «األوطان ال تلدغ من جحر مرتين» وكان يقصد ما حدث فى أزمة «وليمة ألعشاب البحر» التى سبقت تلك األزمة وكيف يجب أن نتعلم منها عدم نشر الرويات التى تثير عضب اإلسالميين والمجتمع المصرى كله(!).
ّ ووبخ صديقه هاجم «عيسى» المتشدقين بحرية التعبير واإلبداع القديم «على أبو شادى» الذى سمح بنشر هذه الروايات بفلوس الدولة! ،وانتصر لفاروق حسنى الذى قدم البالغات بنفسه ضد الروايات! ،والمقال فى مجمله انقال ًباعلى أفكار فرج فودة التى كان يتبناها عيسى ويمشى فى الشوارع محم ًيا من الداخلية لدفاعه عنها أوائل التسعينات. 112
()5
حرب الفراولة ماذا (كان) يفعل مانويل جوزيه مدرب النادي األهلي الشهير؟كان يقوم بتجريف األندية وخطف العبيها ،وأي العب يحرز هد ًفا في مرمى فورا إما لحرمان النادي منه أو لتعذيبه وعقابه بالجلوس األهلى يتم ضمه ً على الدكة! ،هكذا يعبر الزمالكاوية ـ وأنا منهم ـ عن حقدهم على وكثيرا ما كان يتمادى بعضهم ويطالب «عدلى القيعى»بالطواف األحمرً ، في القرى والنجوع بح ًثا عن المواهب المصرية وتفعيل قطاع الناشئين.. ً بدل من الطواف حول أسوار األندية وخطف العبيها!.
محاصرا بأموال هكذا وجد إبراهيم عيسى الزمالكاوى نفسه ً رأسا برأس مع مجدي الجالد..فهما «صالح دياب» التى جعلته ً رئيسا تحرير أهم صحيفتين يوميتين في مصرقبل ثورة يناير! ،ووقف يصرخ فى :2009 ـ صالح دياب ينافسنا بأسلوب «الحلوانية» الذي ال عالقة له بالـ «مهنية»
113
ـ المصرى اليوم انتزعت قسم «الكاريكاتير» بالكامل من الدستور في واقعة غير مسبوقة في تاريخ الصحافة المصرية. ـ المصري اليوم أخذت جالل عامر بـ 15ألف جنيه في الشهر بعد تقديمه في الدستور بـ 6أسابيع).
كان الحوار الذى أجراه معه الزميل «أشرف شحاتة» لموقع «بر واختصارا لحالة الصراع والتنافس تعبيرا ً مصر» فى 16مارس ً 2009 واضحا ألوضاع المهنة قبل ثورة يناير ،كانت تلك هي المرة وتجسيدً ا ً األولى التي يفتح فيها «عيسى» نيران مدفعيته الثقيلة على صالح دياب وصحيفته بعد أن قضى عام 2008مكتف ًيا بالتلويح والغمز واللمز حول «الفراولة» اإلسرائيلى وتورط رئيس مجلس إدارة المصرى اليوم فى التطبيع. وإبراهيم عيسى زمالكاوى ..وصانع نجوم من طراز فريد ،وشئت أم أبيت ،فإن تاريخ المهنة سيقوإلن إبراهيم عيسى هو األب الشرعي للحيوية التي دبت في عروق الصحافة فجدد شبابها وقفز في منتصف التسعينات ليفتح نافذة «الدستور» في إصدارها األول التي تحولت مع األيام إلى نهار كامل مشرق بمبدعين المهنة معلميها وأسطواتها الذين يمألون الساحة اآلن ولسنوات مقبلة بعد انضمام فريق جديد في تجربة اإلصدار الثاني. تاريخ عريض لكاتب وروائي يجتهد في اإلبداع والكتابة والبرامج، قد يكون الرتق قد اتسع على الراتق عندما قدم برنامج «حمرا» أوعندما 114
تنقل بين فضائيات رجال األعمال ،لكنه ّ ظل محاف ًظا بقدر كبيرعلى معتزا بها ومستندً ا إلى تاريخ في المهنة ال يستطيع أحد أن موهبته ً ينكره.
كان «عيسى» يفعل كل ذلك في وقت كان فيه األستاذ «مجدي الجالد» موجو ًدا في مكان ما على سطح الكرة األرضية ،وال أملك معلومات محددة عنه ،فلم أكن أقرأ له في صحفنا السيارة أو غير السيارة وربما لجهل منى ومن كل أصدقاء وزمالء المهنة الذين سألتهم عنه فلم أحصل إال على معلومات تتلخص في أنه كان يعمل بالمملكة العربية السعودية كمراسل لمجلة األهرام العربي التي كان يرأس تحريرها أسامة سرايا آنذاك ,والبعض يحكى عن دور للكاتب ماجدة الجندي في تعيينه باألهرام ،لكن ال أحد يحكى عن مقاالت أو قصر في حق نفسه كتابات أو خبطات ،ربما يكون األستاذ «مجدي» ّ رئيسا لتحرير صحيفة وأعطى فرصة لكثيرين يتعجبون من اختياره ً المصري اليوم خل ًفا ألنوار الهوارى!.
115
()6
فى �سبيل المر�شد مستفزا بالنسبة إلبراهيم من المؤكد أن هذا الوضع المهني كان ً عيسى فالموهبة وحدها التكفى حتى وإن كانت في جبروت موهبته، والمصري اليوم دخلت السوق بخبرات واسعة وقدرات لم تعهدها المهنة في مصر ،ووراء ذلك أموال ضخمة ربما كانت من التعامالت الزراعية اإلسرائيلية أو التوكيالت األجنبية التي أشار إليهما «عيسى» في مقاالت عديدة بالدستور نشرنا بعضها فى الجزء األول من البغاء الصحفى.
المهم ..أن كل ذلك زاد من توتر «عيسى» وأفقده الكثير من األصدقاء فى تلك الفترة ،ولكن ومثل كل أبطال الروايات كان عليه أن يبحث عن طريقة ترفع توزيع «الدستور» وتحتفظ له بنجومية تليق به ،فولى وجهه شطر مكتب اإلرشاد وفتح الصفحات لقادة اإلخوان واعتبرهم التيار الوحيد المعارض لمبارك ،وكانت رسالته واضحة إما أن تناصر هؤالء أو تكون ضمن عمالء أمن الدولة! ،وتحولت 116
مانشيتات الدستور إلى احتفال يومى بقادة مكتب اإلرشاد ،وضمن كبيرا بمغازلة الجماعة وتحويل قادتهم إلى رئيس التحرير توزي ًعا ً أبطال يكتبون المقاالت وتتصدر صورهم الصفحات األولى ،ولم يكن قادة اإلخوان بعيدً ا عن مبارك ،ولم يكن الروائى الكبير إبراهيم عيسى بعيدً ا هو اآلخر! ،فإن كان «جمال»محروق سياس ًيا وشعب ًيا فهاهو عالء مبارك أمامكم وردة بيضاء ،وكتب «عيسى» ً مقال خالدً ا ً مبارك»متغزل فى أخالق بعنوان « 12سب ًبا وراء حب المصريين لعالء ينس جبر االبن األكبر العاقل المتدين الراضى بقضاء وقدره ولم َ خاطر جمال بكلمتين حلوين ،وقبل قراءة بعض األسباب التى ساقها لهذا الحب ،البد أن نشير إلى أن المقال المنشور فى الدستور2009 صاحبته حمالت دعائية لعالء مبارك بعد مباراة مصر والجزائر ،حيث نشرت «المصري اليوم»آراءعديدة تؤيد االبن األكبروتتمنى خالفته لوالده،وهواألمرالذي تكررمن خالل مجموعات على «فيسبوك» وعشرات المنتديات االلكترونية.
117
()7
وقائع موت روائى ً مشغول بمواساة عالء مبارك بعد فى 2009وبينما كان عيسى مدهوسا الرحيل المؤلم لنجله ،مات الروائى توفيق عبدالرحمن ً عمدً ا تحت عجالت ميكروباص! كان الرجل يسير بسيارته فى شارع أحمد عرابى عندما فوجئ بميكروباص يصدم سيارته من الخلف، وماإن حاول عتاب السائق حتى انهال عليه بالسب والشتم ،فأصر المثقف على استدعاء الشرطة ،ووقف أمام الميكروباص بشجاعة، لكن السائق أمر الت َّباع بدهسه إن لم يتحرك من أمامها ،فأدار محرك السيارة وانطلق ليدهس صاحب «بعد وقبل» تحت عجالتها! مات توفيق عبدالرحمن بطريقة درامية تشبه حياته،ولم ينعه عيسى ولم يعتذر عن اتهام روايته بنشر الرذيلة فى المجتمع المصرى المتدين بطبعه والذى ال يقبل أى تجريح لمشاعره الدينية ،لكنه قد يقبل فتح ملفات عذاب القبر أو نساء النبى إن فتحها «عيسى» بعد ذلك بسنوات!. 118
()8
� 12سب ًبا وراءحب الم�صريين لعالء مبارك ليس هناك شك عندي علي األقل أن المواطن المصرى يحب عالء حسني مبارك ،ال أقول إن المصريين يحبون عالء مبارك أكثر من شقيقه جمال مبارك ،بل أقول إنه ال مقارنة بين مشاعر الناس تجاه الشقيقين إطال ًقا، الحظ أنه مع منتصف الثمانينيات كان عالء هو االبن األشهر واالسم األكثر ذيو ًعا في األحاديث عن أسرة الرئيس ولم يكن جمال قد ظهر وتجلى دوره إلي هذا الحد ،وقد كثر الكالم وقتها عن نشاط عالء مبارك المالي والتجارى باعتبارها كانت المرة األولي في التاريخ المصري أن يري الشعب نجل الرئيس في مجال عمل اقتصادي خاص معرض للتعامل مع سوق مصر التجارية ورجال أعماله ومؤسسات الدولة ،لكن مع مرور األيام اكتسب عالء مبارك احترا ًما لدي المصريين ارتقي به إلي حب قد يالحظه البعض عند الحديث حول عالء أو عنه في دوائر مختلفة في مصر سواء
119
في عالم السياسة أو في األوساط الشعبية أو في عالم الرياضة طب ًعا. حب الناس لعالء مبارك يثبت أن هجومهم وانتقادهم ورفضهم جمال مبارك إنما ال يأتي بسبب شخصي بل نتيجة رفض حقيقي عميق وجذري لخلط السياسة بالنسب وتوريث االبن حكم مصر كأنها ملكية وكأن مصر ضيعة يملكها حاكمها ويورثها لمن شاء مرة أخري لماذا يحب الناس عالء مبارك كما أتصور وأعتقد؟ 1ـ ألنه بسيط وطبيعي وتلقائي ووشه سمح 2ـ ألنه بين الناس فال صولجان حوله وال هيلمان وراءه وال زفة منافقين تحيطه ..يذهب لمباراة غير مشهورة في استاد كرة يجلس وحده بجوار جمهور المقصورة ،ال نعرف وجوده إال من كاميرا تأتي بصورته لحظة 3ـ ألنه مبتعد عن عالم األضواء وعازف عنها ومتعفف عن المشاركة في أنشطة اجتماعية أو خيرية أو ثقافية حتي ال تكون با ًبا للظهور أو التظاهر أو جالبة للصخب أو جاذبة للمنافقين وطالبي الرضا ،ثم هو ٍ ومستغن عن ال يستثمر سياس ًيا وإعالم ًيا اسم أبيه الظهور الملح أو اإللحاح الظاهر 4ـ ألنه لم يشتغل بالسياسة فلم يضطر ليقول للناس أوها ًما علي أنها حقائق وال يبيع للمواطن سياسات فاشلة علي أنها قمة النجاح 5ـ ألنه رب عائلة مصرية يصحب أطفاله ويرعاهم في
120
احتفاالت ومناسبات كما أي مواطن مستور يعيش حياته داخل حدود عائلته بكل بساطة طل ًبا لراحة البال وسعادة العائلة 6ـ ألنه لم يتدخل يو ًما كي يفوز فريق اإلسماعيلي الذي يشجعه ثم ألنه يشجع فري ًقا أقل شعبية من األهلي والزمالك ومع ذلك هو أفن منهما م ًعا فكأننا أمام مشجع دماغ يقدر اللعبة وال يسعي لنكهة الفوز فقط 7ـ ألن نشاطه االقتصادي بدا محدو ًدا وغير متوسع وال متوحش وال يمكن مقارنة اسمه وأعماله مع أسماء مليارديرات الحزب الوطني ونجوم أمانة السياسات 8ـ ألنه شديد البر بوالده وبالغ األدب وتشعر بحسن تربيته وشدة تهذيبه (يشاركه قط ًعا هذه الصفات شقيقه جمال) 9ـ ألنه حين يفرح في االستاد تشعر أنه ال ينتظر الكاميرا كي تصوره وحين يشجع فهو ال ينتظر أن ينظر له أحد 10ـ ألنه في ظهوره النادر ال يحب أن ينافقه أحد وتشعر أنه يكاد يكون في حالة زهق من كالم أي شخص يحاول أن ينافقه 11ـ ألنه ال يوجد مواطن في مصر حاسس إن عالء مبارك عايز منه حاجة 12ـ ألنه تعرض لمحنة وامتحان إلهي صعب ومروع شاكرا لله صابرا قانتًا حامدً ا بفقد نجله فكان ً ً لهذا عندما تحدث عالء مبارك أمس األول عن أحداث مباراة مصر والجزائر في الخرطوم أحب الناس صدقه وصدَّ ق الناس حديثه ،حيث أحسوا أنه مش عامل فيها
121
ابن الرئيس وال أمين السياسات الذي ينتظر تصفي ًقا ً وتهليل وال تكلم عن دولته أو عن حكومته مداف ًعا أو ومباشرا وشعب ًيا رغم رد صريحا وبسي ًطا مادحا ،وكان ً ً ً الفعل الجزائري الخشن تجاه تصريحاته الحب الذي يتمتع به عالء مبارك لدي قطاع واسع من الناس كما أعتقد يثبت أن موقف الشعب المصري من جمال مبارك ليس موق ًفا شخص ًيا بل هو موقف سياسي مبدئي ال غبار عليه وال شك فيه ،ما بين المواطن وجمال مبارك هو السياسة ورفض الناس جمال مبارك هو رفض متحكما في سياسة شعب حاكما أو أن يكون ابن الرئيس ً ً وقيادة أمة بفعل الجينات وبفضل الـ «دي إن إيه» ،أما لو اكتفي جمال بشغله وبنفسه فقد يحظي بحب الناس ألخيه عالء وقد ال يحظي. إبراهيم عيسي
الدستور ـ 23نوفمبر2009 ،
122
الفصل التاسع
الأحزان القديمة أنتم يا من ال تعيشون وحيدين , لن تعرفوا كم سيكون الهدوء مرعبا , كيف يتكلم االنسان مع نفسه , كم من المرات عليه أن يهرع الى المرآة وال كيف يتحرق المرء النسان آخر , عن ذلك ال شئ تعرفون . أورخان لى
()1
رغم اختالفى معهم! وأنا استلمت األستاذ مجدى الجالد ً طفل يحبو نحو جمال ً مدهشا وهو يتعلم المشى بسرعة نحو «الجماعة»، مبارك ،وكان فقد اكتشف فى ( 7ديسمبر )2011أنه إخوانى! ،وأنه لم يكن يعرف أنه إخوانى ،لكن طاقة القدر انفتحت واكتشف المفاجأة المذهلة ،وحكى قصه عائلته اإلخوانية تحت هذا العنوان عقب عودة الجماعة من غزوة الصناديق الشهيرة ،واكتشف رجل األعمال حسن راتب ـ فجأة ـ أنه حفيد حسن البنا ،ولم يكن الرجل يهذى وهو يؤكد ذلك فى تصريحات مخجلة ،وتعجب الدكتور حسن نافعة من «الليبراليين» الذين يتحدثون عن «أخونة الدولة» واتهمهم بتضخيم األمور! ،واكتشف الكاتب واإلعالمى الرياضى ياسر أيوب أن كرة القدم ُولدت فى حضن الجماعة! ،ونشرت الجماعة صورا لمؤيدى مرسى وكان بينهم بفضل الله األستاذ المعتز بالله ً عبدالفتاح ،ومحمود سعد ويسرى فودة وعشرات من الليبراليين 125
فارسا يمتطى المؤيدين لإلسالم السياسى(!) ،وظهر «مرسى» ً
صهوة جواد جامح على غالف مجلة أكتوبر (أغسطس )2013 التى كتبت تحته باألحمر الفاقع «الثورة تنطلق»! ،وكانت قد انطلقت بالفعل ثورة»المالغية» بين محمد مرسى والبغائيين القدامى الذين
انتقلوا بسهولة و ُيسر من حضن «جمال مبارك» إلى معسكر حسن البنا ورجاله الجدد ،وأخذوا معهم خيرة شباب الليبرالية!! ،وتم
تداول عبارة (رغم اختالفى معهم )..بأساليب وطرق متنوعة وغير مسبوقة فى تاريخ اللغة ،قالها الجميع استعدا ًدا لعزف لحن التدليس والموالسة لمرسى وجماعته ،وانطلق مجدى الجالد ليبدأ الثورة مع «محمد مرسى» ويصفه برجل اإلطفاء الذى يواصل الليل بالنهار
إلخماد الحرائق التى تأكل جسد الوطن!.
أما «وائل قنديل»فكان يقوم بدورهم الذى قاموا به مع عبدالله
كمال رحمه الله قبل ثورة يناير! ،بدأ يردد ما كانوا يقولون لجمال
مبارك عنه! ،فهم سيئون يا سيادة الرئيس ،هم رجال مبارك ال تدعهم
يخدعونك ..أنت أفضل وأطهر مما يصورك هؤالء الراغبون فى القفز على الثورة ،»..وكان صاد ًقا فى تصنيفهم ،لكنه كان يحارب البغاء بنوع جديد من المساحيق الملونة.
ومع اإلعالن الدستورى (نوفمبر )2012والتهاب الشارع والفيس
يسارا ،وقفزوا من مركب «مرسى» بوك ،تحركت بوصلة اإلعالميين ً وجماعته تبا ًعا ،وأشعلوها حر ًبا بدأت ناعمة وانتهت قوية وعاصفة 126
من مبنى وزارة الثقافة بالزمالك ،وبقى وائل قنديل هناك!! ،سد
أذنيه عن نداءات أصدقاء الميدان بالعودة ،وركب فى الكابينة بجوار
«مرسى» مباشرة!
قد أكون رومانس ًيا أكثر من اللزوم وأنا أحكى عن وائل قنديل ،الذى
عرفته عن قرب أثناء عملى معه فى صحيفة العربى (،)2000-1998
ومن عبث األقدار أن يأتى ذكر اسمه فى الجزء الثانى من البغاء وكان
أول المحتفين بالجزء األول وتطوع بإدارة أول ندوة بعد أن كتب أول مقال ،لكنها الحياة وتقلباتها ورغباتها!.
كان وائل قنديل فى قلب الثورة ونقل «الشروق» من غفوتها
لتصبح ـ خالل الـ 18يو ًما ـ صحيفة منافسة ،وانتشى وائل واقترب أكثر من إبراهيم المعلم الذى ارتفعت أسهمه بشكل سريع بعد
الثورة ،وانتقل «وائل» معه وبه إلى صفوف المقدمة بجانب
البرادعى ،لكنه انقلب على الجميع بمن فيهم ـ نحن ـ أصدقاء دار ميريت التى نام على كنبتها الشهيرة ليالى وصاغ معظم بيانات
الميدان متمد ًدا عليها وشرب البيرة التى هاجمها وتهكم عليها
فيما بعد!.
وعندما تم منعه من الكتابة فى «الشروق» بناء على رأى المستشار القانونى للجريدة ،صدق أن «جهات عليا» وراء المنع ،وكان مح ًقا
فالجهات العليا اعتبرته أخطر من فهمى هويدى الذى لم يعترض ً شرسا عن عرش مرسى الذى مقاتل عليه أحد ،فمضى للنهاية ً 127
«رئيسا»! ،ويراه األسوياء غير جدير برئاسة جمعية زراعية فى يراه ً قرية نائية!.
الذين يعرفون عالقتى مع «وائل» والذين قرأوا «البغاء الصحفى» كانوا يحرضوننى كل يوم كى أبقر بطنه وأكشف ما أصبح عليه!، ً مقاتل وقف معى فى مواجهة البغاء ،كان مؤلما أن أخسر وكان ً مؤلما أن أخسر صدي ًقا تشاركنا السندوتشات والضحكات ورغبتنا ً فى التحرر من المسئوليات المنزلية بعض الوقت ،وخطف ساعات فى كباريهات الدرجة الثالثة ،..وغير ذلك من حكايات صغيرة ربما ينكرها اليوم أويتبرأ منها.
كنت أراهن على الوقت ،على لحظات النور التى تأتى للبشر ـ أحيانًا ـفيكتشفون أنهم يصنعون أكاذيب جديدة ،قد يقدسونها ويعتبرونها الحق الذى ال يأتيه الباطل ،قد يتورطون فى مديح القتلة كبيرا ،لكن نكاية فى اآلخرين وليس اقتنا ًعا بالقتلة الجدد ،كان أملى ً دائما ،وتبخر األمل ،ومضى «وائل» خاب مسعى العشاق كما أقول ً ً مستبدل البرادعى وجميالت الليبرالية بمرسى وباكينام ومحمد محسوب وخيرت الشاطر! ،وتوالت مقاالته التى تبارك اعتصامى النهضة ورابعة!
كثيرا قبل الكتابة عنه ،وفى تلك الليلة (أكتوبر ارتعشت يدى ً )2012التى قرأت له ً مقال بعنوان «المعارضة فى مفترق طرق» والذى راح يدافع فيه عن مرسى بعد الخطاب الرومانسى الشهير شعرت باقتراب النهاية، الذى أرسله إلى رئيس الكيان الصهيونى، ُ 128
ً ً ومبتذل!، ماسخا فهاهو عدو الصهاينة يمرر لـ»الرئيس» تطبي ًعا وترددت ،حتى رأيته يقف فى الصورة بجوار محمد الجوادى بينما ُ منجعصا أمامهما فى أحد فنادق الدوحة، الشيخ القرضاوى يجلس ً ّلوحت لأليام! ،وها أنا أكتب فى وداع الليالى والسهرات والذكريات والمواقف النبيلة!.
129
()2
الهروب الكبير محورا لروايتى استحقت تجربتى فى صحيفة «العربى» أن تكون ً «ودع هواك» فما عايشت وشاهدت كان يفوق الخيال ،لكن الواقع أيضا يستحق أن يكون ً عمل درام ًيا تشاهد من خالله صحف ًيا شا ًبا ً يستحوذ منفر ًدا على ثقة رئيس التحرير ،ويدخل فى صراع مع معظم زمالئه المحررين بعد أن أصبح صاحب الكلمة األولى واألخيرة، وفجأة تجتمع اللجنة العليا للحزب وتطيح برئيس التحرير! ،وساعتها البد أن ينهار الصحفى الشاب ويقرر الرحيل من الصحيفة ومن مصر كلها تحس ًبا للتنكيل به واالنتقام من الماضى.
كانت تلك الصورة التى رأيت عليها وائل قنديل بعد اإلطاحة رئيسا بالكاتب الراحل «عبدالله إمام» وتصعيد عبدالله السناوى ً رئيسا تنفيذ ًيا ،كان موق ًفا عصي ًبا وساخنًا، للتحرير وعبدالحليم قنديل ً كبيرا من الكراهية المعلنة لوائل قنديل، صحيح كنت أعرف جان ًبا ً ً مؤجل ،لكننى لم أتصور أن تصل فداحة ثأرا وكنت أعرف أن هناك ً 130
الموقف إلى التفكير فى الهجرة بأى شكل وأى ثمن وإلى أى بلد ٍ مضن عن حتى وإن كانت السعودية التى كان يكرهها! ،وبعد بحث تأشيرة دخول لمحرر صحفى أو مصحح لغوى سافر وائل ،واختفى خمس سنوات تقري ًبا قبل أن يعود ويبدأ تجربة «الشروق» مع الصديق عماد الدين حسين.
قبل تلك الساعات الرهيبة فى حياته ،كان وائل قنديل دينامو تلقيت سكرتيرا للتحرير، صحيفة العربى ،وقبل دخولى إليها للعمل ُ ً عشرات التحذيرات من التعامل معه ،وكان كل صاحب تحذير يروى قصة ليؤكد نذالته وخسته ووضاعته أحيانًا ،ولم يكن أمامى خيار أو فاقوس ،فقد راهنت على «العربى» منذ اتصال األستاذ «عدلى برسوم» كثيرا والعمر يمضى ،وكان ْ وأصبحت هى األمل فى التعيين الذى تأخر ً هذا حال كثير من أصدقاء وزمالء المهنة فى ذلك الوقت« :محمد طعيمة ،أحمد فكرى ،على حامد ،بهاء حبيب ،شقيق الطاهر.»....
دخلت «العربى» فى ،1998وكانت قد انقسمت نصفين ،استقل ُ «جمال فهمى» باإلصدار األسبوعى ومعه المجموعة األساسية من أصدقائى القدامى «سعيد شعيب ،ماهر زهدى ،محمد الروبى، ماجدة خضر ،أكرم القصاص ،حمادة إمام» ،وبقى «وائل قنديل» مع عبدالله إمام وعدلى برسوم فى اإلصدار اليومى ،ولم أسترح فى وقررت المغامرة والعمل مع وائل العمل مع األستاذ عدلى برسوم ُ واكتشفت موهبة كبيرة ال يعيبها سوى قنديل فى الصفحات الليلية، ُ نظرة صاحبها ألصدقائه وزمالئه القدامى بأنهم بال موهبة! ،واكتشفت 131
إنسانًا وحيدً ا ال يثق فى أحد إال بعد وقت طويل ،وتطورت عالقة العمل لتصبح صداقة تبادلنا فيها لقاءات عائلية خاطفة أتاحت لى معرفة ابنته «حنين» التى رأيتها طفلة تلعب مع طفلتى «ضحى» فى نادى الصحفيين بالجيزة.
كان بال أصدقاء تقري ًبا ،ويغرد وحيدً ا كمدير لتحرير اإلصدار اليومى رغم وجود مديرى تحرير آخرين هما الكاتب»شفيق أحمد على» والكاتب «عبدالحليم قنديل» ،بينما كان الكاتب عبدالله ً مسؤل عن القسم الخارجى. السناوى
انقلبت الترابيزة عام ،2000ونجح «أحمد حسن» القيادى بالحزب ومديرعام الصحيفة فى حشد األصوات لإلطاحة بعبدالله إمام المدعوم من رئيس مجلس اإلدارة ضياء الدين داودالذى تنازل فى مايو عام 2000عن رئاسة مجلس إدارة «العربى» الناصرى بعد يوم واحد من إبعاد عبدالله إمام.
وفر للسعودية ،وتوقف اإلصدار اليومى وسقط عرش وائل قنديل ّ للصحيفة إثر اجتماع عقده المكتب السياسي لبحث مواجهة أزمة الديون،وجاء السناوى وعبدالحليم قنديل إلعادة إصدار األسبوعى وكالهما سيتذوق من الحزب الكثير قبل أن يغادر الثانى إلى «الكرامة» ويستقيل عبد الله السناوى فى .2010
132
الفصل العاشر
الأغنية البديلة كان يسكن قلبي وأسكن غرفته نتقاسم نصف السرير ونصف الرغيف ونصف اللفافة والكتب المستعارة ...... فجأة مات ! لم يحتمل قلبه سريان المخدر وانسحبت من على وجهه سنوات العذابات عاد كما كان ً طفل سيشاركني في سريري وفي كسرة الخبز ،والتبغ لكنه ال يشاركني ..في المرارة أمل دنقل
()1
ومات عبد اهلل كمال! مات بطل الجزء األول من البغاء الصحفى ،مات عبد الله كمال وبثت الوكاالت والصحف الخبر المفجع عصر الجمعة 13يونيو ،2014وارتبك الفيس بوك وتويتر أمام هول الفاجعة ،وترددت األصابع بين كتابة نعى يطلب المغفرة للراحل ،وبين تفصيل كلمات الشماتة فى موت ذراع جمال مبارك!. شىء محير ح ًقا أمام تلك اللحظة الوجودية الغامضة :من يستحق الموت المفاجئ؟! من الذى ال يحتمل العيش فى زمن ال ُعهر والتحوالت الكبرى؟ عندما رحل «جالل عامر ومحمد يسرى سالمة والشيخ عماد «خالصا» للطيبين عفت »..كان بإمكان الحكمة التى ترى أن الموت ً واألطهار أن تصمد وتكتسب قيمة لدرجة تسمح بتداولها على موقع التواصل االجتماعى ،لكن ماذا اآلن وقد خطف الموت من نعتقدهم ورجسا من عمل الشيطان؟! دنسا ً ً 135
كثيرون اختاروا الصمت تما ًما كحل لتلك األزمة الوجودية الكبرى التى تتهاوى أمامها المواقف السياسية.
عالما روائ ًيا ً كامل أما أنا ـ وحدى أنا ـ فقد صنع «الموت» أمامى ً تصاعدت فيه الدراما لدرجة موت أحد أبطال كتابى ،لذا لم أهتم ً مشغول بباقى وبقيت برصد مواقف القراء أو النشطاء السياسيين، ُ أبطال الكتاب ممن خاضوا ضد الراحل حرو ًبا صحفية شرسة ،شتموه وقذموه بالطماطم وأهانوه وعايروه بمؤخرته الكبيرة وسوء توزيع مجلته األسبوعية وصحيفته اليومية فى بدايتها ،واستكثروا عليه أن يحظى وحده بمحبة جمال مبارك فى نهايتها! ،ماذا عنهم اآلن؟ ماذا عن رفقاء روزا اليوسف القدامى واألحالم المشتركة التى جمعتهم قبل أن تتفرق بهم السبل ويغتال بعضهم بعضا؟وكيف يمكن ترتيب الذكريات والسهرات القديمة فى الرأس اآلن؟ ،ماذا عن إبراهيم عيسى وقد تشارك معه تأليف كتاب «األغنية البديلة» مطلع التسعينات، ماذا عن «حمدى رزق ومجدى الجالد؟!. ذهبت إلى العزاء بصحبة الصديق الشاعر إبراهيم داود وأنا مشغول بتلك السيناريوهات ،من سيأتى ومن سيغيب ،تفرست الوجوه على غير عادتى ورأيت بعض»القتلة» يقفون فى المقدمة ويتحدثون إلى الفضائيات عن فجيعتهم فى موت عبدالله كمال!.
عدت إلى البيت وجلست أستعيد أعنف حلقات الصراع بين الصحفى الراحل وهؤالء جمي ًعا ،وكيف استباحوا عرضه وشرفه، واستغرقتنى حالة شجن عميقة قبل أن تصفعنى مفاجأة «نيوتن»، 136
اكتشفت أن بطل «البغاء الصحفى» تسرب من أصابعى بعد فقد ُ سرا بينهما حتى الثورة وذهب إلى ألد أعدائه وعقد معه صفق ًة بقيت ً ً مدهشا أن يختار أحد شخوص كتابى فضحها الموت المفاجئ! ،كان وتعجبت أشد العجب من الحياة خي ًطا درام ًيا مختل ًفا عما تصورته، ُ وتقلباتها واختياراتها.
كانت فكرة الجزء األول من «البغاء» تدور حول مواقف الصحف الخاصة أو المستقلة من نظام مبارك ،فالجبروت الذى وصل إليه النظام قبل سقوطه فى 25يناير كان يستقوى بأقالم معظم الصحفيين والكُتاب فى صحف «المصرى اليوم والدستور واألسبوع» ،وراحت األقالم تتنافس كي تنال جان ًبا من حب «جمال» وحتة من قلب»جمال» خص عبدالله كمال بالمحبة الخالصة مما أوغر صدر «مجدى الذى ّ الجالد» رئيس تحرير المصري اليوم الذى كتب عشرات المقاالت تعبيرا توافق ًيا (ابن جيلي) ،وفى كثير عن (والى) الوريث مستحد ًثا ً من تلك المقاالت كان ينتقم من عبدالله كمال ليقدم نفسه ً بديل ومروجا موهو ًبا ومهذ ًبا ال تخرج منه (العيبة) يصلح ليكون متحد ًثا ً لجمال مبارك ً بدل من كمال الذى يسىء إليه وإلى صورته! ،وبدا األستاذ مجدي الجالد كأنما يصرخ في جمال مبارك :خذني إليك، لف وكان مقال (الحياة على أكتاف جمال مبارك) تلخيصا لكل ما ّ ً كثيرا. ودار حوله ً فى حين كان عبدالله يخوض معركة النظام بوضوح وكما ينبغى لرئيس تحرير روزا اليوسف الحكومية ،وظل وف ًيا لمحبة 137
جمال حتى الممات فى نموذج نادر من اإلخالص والتصالح ّ وتحمل عبدالله فادحا، مع النفس مهما يكن الثمن ،وكان الثمن ً كمال ً وابل من الشتائم واالتهامات ،بينما قفز البغائيون الكبار من مركب النظام وركبوا سفينة الثورة بسهولة و ُيسر وأصبحوا ـ فى كبارا. عهد الجماعة ـ قراصنة ً
138
()2
نيوتن! سرحان :كشف «نيوتن» واجب أخالقي على صالح دياب كانوا يتفقون معه فى السر ،ويعجبون بشجاعته في الخفاء،
ويعترفون بفضله فى الباطن ،ثم يفاخرون بخصومته في العلن ،فلما
رحل بخلوا عليه بكلمات رثاء صافية ،بهذه الكلمات نعى أحمد
سرحان عضو الهيئة العليا لحزب الحركة الوطنية على صفحته الشخصية «فيس بوك» رحيل الكاتب الصحفي الكبير عبدالله كمال
مؤسس موقع دوت مصر.
ووضع «سرحان» على صفحته الشخصية بموقع «فيس بوك» صورا تجمعه بالكاتب الكبير ،واص ًفا إياه بالعديد من الكلمات مثل ً
أطهر قلب ،أطيب إنسان ،أصدق قلم ،األخ الكبير ،إضافة إلى الصديق العظيم ،والمعلم المبجل
وحول مقال «نيوتن» الذي ُينشر يوم ًيا بصحيفة المصري اليوم، 139
كشف سرحان عن وجود اتفاق بين الكاتب الراحل وصالح دياب رئيس مجلس إدارة الجريدة على نشر المقال دون الكشف عن هوية صاحبه ،حيث كان ُيرسل مباشرة إلى مكتب رئيس مجلس اإلدارة ومنه إلى النشر دون تدخل من أي شخص آخر. وطالب «سرحان» على صفحته الشخصية بضرورة نشر اسم الكاتب ألنه واجب أدبي وأخالقي ،خاصة بعد رحيل الفقيد حتى ولو كانت هناك نية لالستعانة بشخصية أخرى لكتابة مقال «نيوتن»، مشيرا إلى أن عبدالله كمال أثرى الجريدة والقراء بما يقرب من 600 ً مقال تحت هذا االسم.
يشار إلى أن الكاتب الصحفي عبدالله كمال وافته المنية أول أمس الجمعة إثر تعرضه ألزمة قلبية مفاجئة نقل على أثرها للمستشفى، لكنه لفظ أنفاسه األخيرة عن عمر يناهز التاسعة واألربعين. األحد 15يونيو 2014 كتب ـ هشام البقلي موقع:دوت مصر
140
()3
البطل الذى خدعنى أى حوار ذاك الذى جرى بينهما؟ كيف فتح صالح دياب لف ودار ،أم قال مباشرة :بص يا عبدالله أنت «الموضوع»؟ ،هل ّ اتظلمت وحقك الزم يرجع لك» أم قال»:أنت كنت على حق فى كل مواقفك وإحنا كنا عارفين ..وقلمك بعشرة من اللى عندى واللى كانوا عندى كمان ،»..ربما قال ذلك ،وربما صمت بين كل عبارة، لكن كيف عرض الصفقة وحد ّد سعرها؟ ،سأحتاج إلى وقت لتخ ّيل هذا الحوار بين كاتب فى أشد أوقات ضعفه وهوانه وبين واحد من سليما ،وهاهو يضع أشهر رجال أعمال مصر وقد عبر من الثورة صا ًغا ً حذاءه على ركام من مقاالت «قديمة» تتهمه بالتطبيع واالحتكار ،وها هو ينفث دخان السيجار ويشترى «قلم» صاحب المقاالت القديمة ليبدأ عصر «نيوتن». ظهر عبدالله كمال فى الجزء األول من «البغاء» ً بطل فى معركتة ً أسطول الشهيرة ضد «صالح دياب» ،فتح عليه النار وهو يعرف أن 141
ً دفاعا عن حصن كامل سيقصفه باألسلحة المشروعة والممنوعة ً اإلمبراطور أو المالك للصحيفة ،ومع ذلك ابتسم وواصل المعركة وحيدً ا ،وألهميتها فى كشف حقيقة الصراع بين النظام وصحافة ً ً كامل بعنوان «فى حراسة فصل رجال األعمال،فقد أفردت لها األقالم يا صالح» ،وكان اسم «صالح دياب» حتى عام 2004 ً مجهول بالنسبة للمصريين الذين فوجئوا برجال أعمال كبار جدً ا
ومنهم «دياب»يظهرون على سطح الحياة السياسية ،وارتبط اسم «دياب» بصحيفة «المصري اليوم» فهو مالكها المسيطر الذي طغى اسمه على أسماء مساهمين كبار معه مثل نجيب ساويرس وأحمد بهجت. صدر العدد األول من «المصري اليوم» في 7يونيو 2004برئاسة ً طويل وتم تصعيد مجدى تحرير «أنور الهوارى» الذى لم يستمر الجالد لرئاسة تحريرها فيما بعد ،األهم من إصدار الصحيفة أن النميمة بدأت تنتشر حول نشاطات مالك الصحيفة ،خاصة أن سوق الصحافة أصبح أكثر اتسا ًعا والمصرى اليوم هى األكثر توزي ًعا ،لكن األقاويل ظلت مجرد «أقاويل» تتردد على مقاهي وسط القاهرة وفى جلسات المثقفين وأبناء المهنة سواء في الجريون أو على مقهى البورصة ،حتى جاء عام 2008الذى كان األسوأ فى حياة»صالح دياب» فبعد الضربات التي وجهها إليه إبراهيم عيسى والتى تسببت فى أزمة بين «الدستور والمصرى اليوم» ،فتح عبدالله كمال جبهة أكثر ضراوة بسلسلة مقاالت متتالية عن التطبيع واالحتكارات 142
والحلويات ووصلت المعركة إلى القضاء ،ولم يتوقف عبدالله!، وكتب فى 9مايو ً 2010 مقال بعنوان أذكى خلق الله ،إليكم نصه لتكتمل الصورة السينمائية التى جمعتهما فى النهاية متعانقين تحت اسم «نيوتن».
143
()4
�أذكي خلق اهلل! كنت أنوي أال أتطرق إلي أمور تخص صالح دياب، رجل األعمال الذي يملك صحيفة «المصري اليوم» ويدير سياستها ،إلي أن تنتهي القضية التي رفعها ضدي تعويضا مال ًيا عما يقول طال ًبا حفنة من ماليين الجنيهات ً إنني قد سببته له من ضرر ..أما وأن القضية قد ُحجزت للحكم ..فال ضير من التعليق علي حواره المنشور باألمس في جريدة األهرام للزميل أحمد موسي. لم يتغير صالح دياب ،منذ اليوم األول الذي عرفته فيه ،ومنذ متابعتي له ،ومنذ جاء إلي مكتبي عد ًدا من سيجارا من النوع المرات حيث يدهشني بأن يطلب ً الذي أدخنه بينما في يده واحد يخصه ،ومنذ تناولنا الغداء م ًعا ربما مرتين أو ثال ًثا ..منها مرة أصر فيها علي أن يصطحبني بعد األكل إلي جريدته ..حيث استدعي رئيس التحرير إلي غرفة كنت فيها لكي يجلس معنا.. إنه هو نفسه الرجل الذي يقول كال ًما ويفعل نقيضه.. ويعتقد في نفسه أنه أذكي خلق الله ..وأنه يستطيع أن
144
يقنع الكافة بما يردد في حين أنه يفعل أي شيء آخر. أتوقف عند أكثر من أمر قاله في حوار األمس ..منها أنه يدعي أنه (ليس ضد الدولة) ..والمطلوب منا أن نصدق هذا الكالم ..الذي بالطبع ردده صالح دياب في اجتماعات مفتوحة ومغلقة ..ومع أشخاص مختلفين وتودد إلي لقاءاتهم ..وقد ال يثيره أنني أعرف ما سعي ّ كثيرا ..ولكن هل قد دار في كثير منها ..هو يقول هذا ً هو كذلك ح ًقا؟ نظرة بسيطة ألي عدد من أعداد جريدته تثبت عكس ما يقول ،الصحيفة الخاصة التي ادعت الموضوعية وأنها (ال تؤاخذوني ..مستقلة) ،تمارس عملية هدم منتظمة للدولة ..انتقائية في أخبارها ..تصفوية في معالجاتها.. وحتي الشعبوية التي يدعي دياب أنه ضدها ..صارت منبرا لها ..ومجم ًعا ومقصدً ا ..وكل ما تلك الجريدة ً فيها ــ تقري ًبا ..حتي أترك مساحة لبعض االستثناءات ــ يصب في اتجاه ال يعني أبدً ا نقد الدولة وإنما العمل علي هدمها. ومن هنا يثور التساؤل :كيف يكون صالح دياب ــ ومن يشابهونه ــ يمثلون الرأسمالية التي استفادت من تلك الدولة وترعرعت فيها ويقومون هم أنفسهم بالتأليب عليها علي مدار الساعة؟ لست أميل إلي تفسير يدّ عي أن صالح دياب كان وزيرا مثل أصدقائه رجال األعمال يحلمبأن يكون ً (محمد منصور وحاتم الجبلي وأحمد المغربي) ..ومن ثم بنا ًء علي هذا التفسير هو يمارس النكاية لكي يقوإلن لديه عبر جريدته سلطة أقوي من سلطات أقرانه..
145
هذه تفسيرات شخصية للمواقف العامة ال أضعها في مبررا موضوع ًيا جدً ا يجعل االعتبار ..والبد أن هناك ً صالح دياب يحول هذه الجريدة إلي ما تفعله كل يوم. إن صالح دياب ــ كما يزعم ــ ليس ضد الدولة ،لكنه يمتلك جريدة ضد مؤسساتها ،وضد دستورها ،وضد الحزب الرئيسي فيها ،تشوه الشخوص علي مدار األعداد ،وتروج إلفقاد تلك الدولة مصداقيتها ،وتتهم انتخاباتها بالتزوير ،وتهاجم صحافتها القومية ..وتقول عن مسئوليها إنهم فاسدون!! يقول صالح دياب إنه ضد الدولة الدينية ،وقد يكون، ولكنه يقول إنه ليس ضد جماعة اإلخوان ،وهذا كالم غريب جدً ا ..إذ ماذا يمثل اإلخوان غير الدعوة إلي دولة دينية ..إال إذا كان صالح دياب ً رجل مغي ًبا ال يعرف ماذا يقول ..واألهم أننا لو أخرجنا من معادلة الحراك كل ما نشر عن اإلخوان في جريدته خالل السنوات الخمس الماضية ألدركنا حجم الدعم الذي قدمه دياب لدعاة الدولة الدينية التي يقف ضدها صالح دياب كما يدعى. أستطيع أن أقول بال مبالغة إن هذا الرجل هو أحد أهم دعائم تلك الجماعة في السنوات الخمس األخيرة.. عضوا فيها ولو قورن ما نشر لصالح ولو كان ليس ً الجماعة بما نشر ضد الدولة فى نفس الفترة لعرفنا مصداقية ما يقول صالح دياب. واألغرب أن هذا الرجل يقول إنه سوف ينتخب الرئيس مبارك ،وأن البرادعي لو رشح في االنتخابات سوف يفوز الرئيس بنسبة ال تقل عن ..%80هكذا ببساطة يقول الرجإلن البرادعي له %20من التصويت ..ومن
146
ثم فإن دياب يكون كمن حول جريدته إلي جريدة صوت هذه الـ %20ألنها بالفعل من اللحظة األولى أصبحت صوتًا للبرادعى ..بينما سيؤيد دياب الرئيس مبارك.. تلك نقرة وهذه أخرى ..ويا لها من طريقة عجيبة فى تأييد الرئيس مبارك. نكتفى بهذا القدر رغم أن الحوار فيه الكثير مما يستحق التعليق علىمن يعتقد أنه أذكى الناس. عبد الله كمال ـ روزا اليوسف 9مايو 2010
147
الفصل الحادى عشر
�أظافر حادة تنزع جلد الوجه إنني ال أعتبر نفسي كات ًبا بالمعنى المألوف لهذه الكلمة. لست سوى رجل يروي تاريخ حياته .هذا هو عملي الوحيد ،عملي ُ الذي ال ينتهي أبدً ا، تقدمت فيه ،إنه كتطور العالم ،ال نهاية له. بل يتعاظم كلما ُ هنرى ميلر
()1
قتل الأب ربما ضرب المكتب بقبضة يده واحتقن وجهه بغضب عارم، ربما شعر بصدمة راحت تزلزل كيانه وتستعيد ذكريات وحكايات ً مندهشا غير مصدق أن هذا «السافل قديمة بينهما ،وربما نظر للسقف المنحط» قد فعلها! وباع التاريخ والجغرافيا وعض اليد التى أطعمته من جوع وأمنته من خوف.
تعاطفت مع إبراهيم عيسى وشاركته إحساسه فى هذه الليلة ُ السوداء التى قرأ فيها مقال بالل فضل «زمن اليويو» ،كان التلميذ قاس ًيا على أستاذه وبكل قوة وغل وحزن وشجن وألم قطع األستيك الذى يربطهما ،وبدت كلماته كأظافر حادة تنزع جلد الوجه بال رحمة أو شفقة ،وتحيل البطل الضخم إلى «يويو» ،مجرد أستيك يتمط ويتشد بسهولة!. جاء اليوم الذى لم يتوقعه أبدً ا ال من تالميذ وال أساتذة! ،هو الذى صفع الكبار والصغار وصنع النجوم وأقام الثورة وأقعدها، 151
كيف يتمدد اليوم بين سطور ولد فاجر قرر قتل «األب» وتمزيق تاريخ طويل جمعهما (!).
كان إبراهيم عيسى قد انتقل فى نوفمبر 2013من قناة «القاهرة والناس» إلى «أون تى فى» ببرنامج « ،»30/25وانتقلت معه نبرة جديدة ورؤية غير معهودة ستنمو وتتوحش وتأكل كل الرؤى القديمة، وخالل الحلقات األولى هاجم متظاهرى مجلس الشورى وبينهم عدد ممن شاركوا فى ثورة 25يناير ،وقال قولته الشهيرة«:كفاية قرف ..انتو بتستعبطوا ورايحين عشان تضربوا من الشرطة عند مجلس الشورى».
وفى ( 9ديسمبر )2013كتب بالل فضل فى صحيفة الشروق ً مقال دام ًيا عن المثقف الذى يتحول ويتبدل ،عن تأثير السلطة والمال والجاه على القناعات التى أصبحت بالية وقديمة وغير مناسبة للمرحلة ،كتب عن سقوط المثقف من بين أصابع شباب كانوا يقدسونه ويضعونه فى مرتبة اآللهة ،والمقال مرثية كاملة تستحق القراءة وإليك فقرات منه: يرفض الشباب الثائر ما بات يقوله المثقف عن الواقعية السياسية وأهمية تغيير طريقة اللعب ،ألنهم تعلموا منه فى السابق تسخيف كل من يقول ذلك والتشكيك فى نواياه ،ومع تصاعد رفضهم لمواقفه ،يتهمونه أنه كان مفتونًا بدم الحسين ،ليس ح ًبا فى الحسين ،ولكن ألنه لم تُتح له فرصة التعامل مع يزيد ،وعندما جاءت الفرصة وجد أن صحبة يزيد أضمن وأأمن من البكاء على دم الحسين وتمجيد صموده. « ...يصاب المثقف باإلحباط والمرارة ألن جيل
152
الشباب نسى دوره فى مواجهة القمع والفساد ،كان يمكن أن يتجاهل آراءهم ويعبر عما يؤمن به ويراه ح ًقا، كثيرا بمحاولة إصالح العالم وأهمل لكن ألنه انشغل ً إصالح ذاته ،وتركها تتضخم بفعل النجاح الساحق الذى كفلته له موهبته ،فإنه ال يأخذ فرصة اللتقاط أنفاسه وتأمل مواقفه ،بل يجعل ذاته الجريحة تقود خطواته، فيندفع فى مهاجمة من كان يتغزل بتضحياتهم ،وألن معركته معهم صارت شخصية ،فهو ال يجد أدنى حرج فى أن يؤلمهم كما آلموه ،فيبدأ فى وصفهم بالمخنثين والمراهقين والسفهاء وال ُت ّفه والخونة ،دون أن يتذكر أن تلك األوصاف كانت تطلق عليه عندما كان فى موقع الرفض الذى يقف فيه أولئك الشباب اآلن»..
لم يرد «عيسى» وكتم الحزن وكظم الغيظ ،وتطوع الكاتب محمود الكردوسى بالرد فى صحيفة الوطن وكتب «فضل إبراهيم عيسى على بالل» ،وتطوع غيره وتنوعت التحيات والتمسيات ح ًبا فى ً طويل عيسى ،ونكاية فى بالل ،وانتقا ًما من االثنين اللذين التصقا فى مواجهتهم.
ولم يرد عليهم بالل ،ولم يتراجع إبراهيم عما اعتبره بالل سقو ًطا، وواصل هجومه على «النشطاء والحقوقيين» ،وفتّش بالل فى أوراقه مجد ًدا ووجدّ ضالته ،ولجأ إلى البغاء الصحفى وأعاد (فى 30 ديسمبر )2013نشر مقال «منافقون برخصة» الذى كتبه عيسى فى 27فبراير ،2012يسخر فيه ممن يشكك فى وطنية كل من يحصل على تمويل أجنبى!. 153
وفى يناير 2014سيقف إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة «التحرير» أمام محكمة جنايات القاهرة ليدلى بشهادته في قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها الرئيس األسبق حسنى مبارك ونجاله عالء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلى ورجل األعمال حسين سالم، ً ومثيرا ومربكًا لمن صدقه قبل ومدهشا وسيقول كال ًما غري ًبا وعجي ًبا ً أن يقول ما قال ،وسيواصل بالل تمزيق األستيك ويعيد فى ( 12يناير )2014نشرمقال «زمن اليويو» عبر حسابيه على تويتر وفيس بوك.
154
()2
ال�صورة بحلق حمدى عبدالرحيم فى الصورة ورفع حاجبيه فى ذهول ّ
وبحلقت فى نفس الصورة ولم أفهم سر الذهول ،ولم أعرف أهمية ُ
الصورة التى يحتفظ بها بالل فضل بين أوراقه الخاصة ،فلم يكن «نجيب ساويرس» الذى يتوسط إبراهيم عيسى واإلعالمية بثينة كامل
معرو ًفا على هذا النحو الذى نراه اليوم.
كانت الدستور (األولى) قد تم إغالقها ،وفقدنا األمل فى عودتها،
وأصبحنا نلتقى فى شقة بالل فضل بشارع حسين حجازى بشكل
يومى ،فال شغل وال مشغلة فقط ثرثرة فى الصحافة والفن واألدب
والتراث وشاى وأكلة حلوة إن أمكن وإن لم يكن فهناك جبنة وحالوة
وعيش وضحكات تتناثر فى المكان ،وذات عصرية صيفية أخرج
«بالل» الصورة ودار حوار طويل حول عالقة إبراهيم عيسى مع
غامضا علينا، ساويرس ولقاءاتهما فى «الجونة» ،وكان كل ذلك ً 155
كأسا كانت تدور بين رئيس تحريرنا الشاب ورجل ولم نكن نعرف أن ً واضحا لبالل الذى اقترب ورأى األعمال الصاعد آنذاك ،لكنه كان ً مبكرا االحتفاظ بالصور واألوراق والمقاالت التى تؤرخ وتعلم ً للناس حيا ًة أخرى غير تلك التى نراها نحن.
156
()3
و�أنا الذى ر�أيت الدموع عندما همس أحدهم فى أذنى مؤكدً ا أن بالل فضل كان ضمن المجاهدين فى أفغانستان ،وأنه حضر اجتماعات اإلخوان الهاربين عدت إلى البيت مهمو ًما مغمو ًما غير مصدق أن البشر إلى تركيا، ُ يمتلكون كل هذه الطرائق والوسائل الحقيرة للضحك علينا وخداعنا، شعرت بخيبة أمل وضياع حقيقى لنصف عمرى تقري ًبا ،هذا الخسيس الذى أكلت وشربت وتبادلت معه النكات ال يتوقف عن خداعى وإحراجى أمام هؤالء الهامسين الذين يكاد الواحد منهم أن يقول «اشرب ..مش صاحبك»! ،وهو ليس «صاحبى» فى حقيقة األمر!، وليس صديقى ،هو حالة إنسانية عظيمة فى حياتى ،عظيمة فى بهجتها وغضبها وخيانتها للذكريات والعيش والملح ،فى نذالتها وصدامها المفتعل أحيانًا والمرسوم فى سيناريوهات أحيانًا أخرى ،لم نتبادل زيارات عائلية ولم أكن ضمن معازيم حفلى زواجه ،وال نتعاتب على تقصير فى السؤال أو االطمئنان على الصحة وال أعرف أسماء 157
أوالده ولم أهتم أو يهتم ،لكننى تورطت فيه مدفو ًعا بحب جارف وتقدير كبير لموهبته الفذة ،ولكنهم عندما اكتشفوا عمالته لإلخوان ألما أن تكتشف وزيارته إليهم فى تركيا جاءوا يهمسون لى؟! أال يكفى ً «عمالة» شخص كان قري ًبا منك بعض الوقت؟!
أضأت النور وجلست أستعيد الحكايات القليلة بيننا ،وهان الحال ُ وأنا أتخيل موقف حمدى عبدالرحيم وعمر طاهر وعبدالرحيم كمال وهشام أبو المكارم وعشرات غيرهم من أصدقاء كانت عالقتهم مع «الخائن» أوثق وأمتن من عالقتى به عشرات المرات.
لكننى انتبهت إلى أن هذا الكالم كان يتردد قبل ثورة يناير ،وأن اإلضافات الجديدة الخاصة بأفغانستان وتركيا والخاليا اإلخوانية وكدت أتعاطف مع النائمة تم ابتكارها لتناسب المرحلة الجديدة، ُ هذا الجاسوس اللعين ،لكن الحس الوطنى كان مستيق ًظا ولله الحمد، فما سبق ثورة يناير كان «شائعات» يروجها صبيان مبارك ،أما الجديد فهو «معلومات» ال يأتيها الباطل من خلفها وال تحتها ،وكل الدالئل تؤكد أن بالل عاش بيننا متخف ًيا تما ًما كما عاش الشاعر نبيه سرحان وسط مثقفى الستينات قبل أن يظهر فى إسرائيل فى السبعينات!، وشحنت بطاريات الغضب ألبقر بطنه وأمزق جسده وأنتقم مما فعل، ُ لكن واقعة قديمة حالت دون ذلك ،وجعلتنى غير قادر على بقر بطنه أوحتى رفع صوتى فى وجهه التخين.
158
()4
جهات عليا تورطت فى هذا «الخائن» ولم أكن أعرف أنه خائن ،كان وقتها ُ ( )2008مطلو ًبا للقتل إن أمكن من رجال مبارك المنتشرين فى الصحف وسرا ،بينما جهرا ً والفضائيات ،وكان الجميع يهتف للرئيس المخلوع ً كان بالل فضل يمسح األرض برؤساء تحرير وصحفيين وإعالميين يمارسون «الموالسة» لمبارك ونظامه وأطلق على ٍ ساخرا اسما ً كل منهم ً شمرت أكمامى سيظل يالحقه حتى الموت ،ساعتها ـ وبكل أسف ـ ُ وكتبت ً مقال نشرته على مدونتى الخاصة عام ُ ،2008أعيد نشره رغم ُ كنت عليه، ما به من استظراف ولغة ركيكة فى عاميتها،ولكن هذا ما ُ وهذا ما كان عليه الجاسوس اليمنى الذى استراح حال ًيا فى أمريكا قادرا على فضحه وتجريسه بسبب هذا المقال القديم: والذى لم أعد ً بالل فضل ..ابعت الستين جنيه اللى عليك وتمن اتنين كيلو موز لو سمحت؟! إذا اعتبرتم أن هذه ندالة وقلة أصل من شخص يطالب صديق قديم بهذه األشياء التافهة والحقيرة..فأنا غير
159
معترض ..أنا ً فعل ندل ..ومش كدا بس ..ال ..أنا باعلن أمام الجميع براءتى منه ومن أى صلة كانت تربطنى به سواء كانت كبيرة أو صغيرة. واحد هيسأل:ليه الندالة الخام دى؟ ها اقوله ببساطة: عشان البيه شكله عمل فضيحة كبيرة ..شكله انضم لتنظيم خارجى ..اتجند ..اتخابر اتجسس.....يعنى عمل بلوة سودا م الحاجات دى وخالص. أنا متوتر جدً ا من إمبارح ...وبكتب ودمى بيغلى وعروقى نافرة لبره جدً ا ..ومش قادر أصدق إنى كنت مخدوع الفترة دى كلها فى هذا الشخص! لكن أنا هديت شوية وولعت تالت سجاير ورا بعض.. وممكن اتكلم. بصوا يا جماعة: البلد دى مش نايمة..أل ..صاحية ومفنجلة وأنا ال أشك قيد أنملة فى ده ..وامبارح قريت إن(جهات عليا).. ومش عايزك تعدى(جهات عليا) دى كدا وخالص.. ألنهما كلمتان خفيفتان على اللسان..لكنهما يحمالن ً وتأثيرا ..المهم وخيال غموضا وقوة ثقل جبل أحد ً ً قريتإن الجهات العليا اتصلت بقناة أوربيت وقالت لها يا قناة مش عايزين نشوف بالل فضل على الشاشة.. وقالت الجهات برضه:إن ظهور بالل فى البرنامج يومين فى األسبوع مع عمرو أديب بعد رحيل خيرى رمضان لقناة الساعة ..مش حلو ومش كويس.... وقالت الجهات برضه:إذا كان بالل عايز يكتب حلقات كوميدية تتذاع فى برنامج القاهرة اليوم ما فيش مشكلة بس الزم تبقى حلقات متسجلة.
160
حط نفسك مكانى يا محترم ..مش من حقك تخاف وتقلق..وتتصرفوتطالب باللى ليك عند شخص زى ده عشان تبقى أبيض كما ولدتك أمك وتضمن البقاء فى منطقة األمان بعيدً ا عن دائرة الهبوط التى تهدد أندية كثيرة؟!!! ..أصل مش معقول الجهات ـوليست جهة وال اثنتين بل ثالث ـ كلفت نفسها ،وبعتت واحد يشترى لها كارت شحن وكشطت مكان األرقام وجابت نمرة األوربيت واتصلت ..من غير ما يكون األستاذ بالل عمل بلوة سودا زى وشه!! أكيد اتورط فى مصيبة ..واتورط ليه؟ تالقيه خطط ودبر بليل كما الثعالب الماكرة الخادعة..ياااه وأنا اللى كنت فاكره واد دمه خفيف وموهوب ولذيذ.. اتخدعت السنين دى كلها ..اتخدعت وانضحك عليا من ذئب يريد بنا خرا ًبا ..ياااااه ..أنا هولع سيجارة تانى وارجع. .... يا رب ..يا رب واحد من الجهات يدخل المدونة عشان أحس بالراحة واألمان ..يارب ..ع العموم أنا كدا كدا ها اعتبره موجود وبيقرا..ألنى الزم أعترف بكل حاجة.. جايز كلمة صغيرة أو تفصيلة تنفع البلد فى كشف باقى الحقيقة.. بص يا باشا : أنا أعرف المدعو بالل فى الدستور كانت أيام منيلة بنيلة ومعرفة سودا ..بس الشهادة لله الواد كان منور.. بيلعلط ..مصحصح ..حاجة تفرح ..وكان دمه خفيف جدً ا ..وموهوب جدً ا ..وأنا ماكنتش أعرف طب ًعاإنه
161
بيمثل علينا وأنه عنصر مندس ..وبيخطط لحاجة كبيرة.. بس اللى مستغربله كمان إنه كان كحيان زينا يعنى.. يعنى الدوالرات اللى كانت بتجيله ساعتها أكيد كان بيحطها فى البوسطة أو بيعمل بيها جمعيات ..واللى مستغربه أكتر إنى طلعت ما بفهمش وصدقته لما كنا على كوبرى قصر النيل ..ـ ما تفهمنيش غلط ـ أصل الليلة دى كانت شتا وكنا بنتمشى وكانت الساعة ما بين تالتة أربعة الصبح ..وبصيت لقيت المدعو زفت الطين بيعيط ودموعه مغرقه وشه تقري ًبا ..قلت جايز الزنقة اللى إحنا فيها والظروف بنت الواطية ومشاكلنا فى جرنان الجيل هى السبب ..بس لما لقيته بيعيط بجعورة ..اضطريت اسأله :مالك يا بالل ـ قصدى يا زفت ـ راح متنهد جامد وقالى( :تصدق أنا بحب البلد قوى يا أشرف) ..مش ها أكدب عليك يا باشا أنا جسمى قشعر ..أصل ساعات الواحد بينخدع غصب عنه خاصة وأن الواد راح ناتع كام بيت من قصيدة صالح جاهين «على اسم مصر». على فكرة يا باشا قبل ما أكمل اعترافاتى فيه واحد اسمه حمدى عبدالرحيم كان معانا هاتوه وقلبوه يمكن يحس على دمه ويعترف زى ما أنا بعمل ..إحنا فى لحظة ال تحتمل عواطف فارغة ..ومش عارفين الواد ده نهب قروض وال اتخابروال إيه؟!. أنا اتخدعت يا باشا ..واتسحبت من إيدى قبل كدا وكتبت عن الزفت ده ..وكنت مضطر برضه وها اقول سيادتك إزاى: من ييجى تالت سنين كدا..الواد ده عمل فيلم اسمه
162
(خالتى فرنسا)..وبصيت لقيت كل اللى معدى تحت أى جرنان يطلع الجرنان يخبطه مطوة فى جنبه.. فـ صدره..فى عينه ..وينزل تانى ،ومش ها اخبى على سيادتك الواد كان عامل حوار يجيب أى كاتب على أسنانه ..حوار ابن ستين ف سبعين ..قوم من غبائى رحت ناتع مقال عن الفيلمأبديت إعجابى بيه بصراحة وقلتإن الشرف هو القيمة الوحيدة التى يحق للفقراء أن يفخروا بها ويعضوا عليها بالنواجذ. غبى طب ًعا يا باشا ..غبى وما فهمتش إن كل النقاد المحترمين اللى هاجموه وقطعوه كانوا فاهمين وأكيد كانوا تبعكوا ..وأنا بتأسف لهم ألنى شتمتهم ..أيوه.. شتمتهم وقليت أدبى..وقلت إنهم مش عايزين أى موهوب ..وأن الجيل..وإن ..وإن. ع العموم يا باشا أنا قلت اللى عندى كله ولوقال عنى حرف غير كدا هاتوه قدامى واجهونى بيه ..أنا بس عشان كله يبقى ف النور سلفته مرة ستين جنيه كنت قابض من جرنان الخليج اللى ودانى ليه أحمد أبوالمعاطى ،وكان الزفت ده متلقح فى الشقة المعفنة بتاعة القصر العينى ـ شارع حسين حجازى يا باشا ـ وكنت بعدى عليه أالقيه قاعد يتفرج على أفالم وما فيش فى جيبه مليم ..أقرع ونزهى يعنى ..المهم سلفته 60جنيه..هو رجعهم بس مش عارف بقى فلوسى األصالنية دخلت فى البالوى السودا اللى كان بيعملها واللى أكيد تكشفت لسيادتكم وال أل..؟ ..وفى مرة قلت أعمل واجب معاه ووقفت عند الفكهانى وشاورت على الموز وقلت عايز اتنين كيلو ..طفحهم
163
كلهم وأنا كلت صباع أو اتنين مش فاكر ..أنا مش عايز الموز وال تمن الموز أنا عايز الستين جنيه األصليين.. يعنى لوكان استثمرهم كدا أوكدا أو خلطهم مع فلوس العمالة القادمة من الخارج فأنا مش مسئول ألنى قلت اللى عندى كله. توقيع :أشرف عبد الشافى
164
الفصل الثانى عشر
�سيناريوهات ناق�صة و علم والدك فضيلة الرضا الن احنا طبعا عبيد القضا و رزقي و رزقك و رزق الكالب ده موضوع مؤجل ليوم الحساب أحمد فؤاد نجم
()1
عطور ون�ساء الخلفية التى أكتب إليكم منها سوداء تما ًما وتحجب الرؤية تما ًما! ،فهاهو األستاذ «عمرو الليثى» محاور المعزول ومستشاره اإلعالمى يظهر حال ًقا شعره بعد اختفاء طويل ليكتب ً مقال فى المصرى اليوم (ديسمبر )2013عن المصالحة الكبرى التى أجراها نيلسون مانديال فى جنوب إفريقيا ،وكاد «عمرو» يقول للدولة الجديدة التى جاءت بها ثورة 30يونيو «خذونى إليكم أنا منكم وال أنتمى إليهم»! ،كان موق ًفا صع ًبا للغاية على شخص فى رقة الملهم» كأنه استغفار ووداعة عمرو الليثى ،لذلك جاء مقال «القائد ُ وتوبة عن خطيئة تستدعى التوسل والسماح بفرصة ثانية ،وقد ُسمح بذلك وأكثر فيما بعد. تبدو حكاية عمرو الليثى أكثر سينمائية من خيال والده المغفور له السيناريست والمنتج ممدوح الليثى ،فالولد المهذب الذى كان يصطحبه السيد الوالد إلى االستوديوهات وحفالت نجمات مصر 167
ً متنقل بين عطورهن وأجسادهن اللينة ،فوجئ بكارثة تحط على رأسه وهو يخطو أولى خطواته نحو المستقبل!.
كان «عمرو» فى منتصف العشرينات تقري ًباعندما فعلها الكاتب الصحفى «عادل حمودة» وشن الحملة الصحفية األشهر فى حقبة التسعينات «فضيحة على النيل» حيث طالت ممدوح الليثى فضائح تتعلق بالشرف واألخالق وما إلى ذلك ،وقضت المحكمة التأديبية العليا بمجلس الدولة فى 17سبتمبر 1997بفصل ممدوح الليثى رئيس قطاع اإلنتاج باتحاد اإلذاعة والتليفزيون من الخدمة ،والكت األلسنة اسم الرجل فى واقعة هى األشهر فى سجالت الفضائح األخالقية ،ودفع االبن ثمنًا باه ًظا من األلم واألسى ،فقد كان مفاج ًئا ومباغتًا ـ آنذاك ـ أن تنشر مجلة روزا اليوسف الحكومية فضيحة بهذا الحجم والثقل وتخص الرجل الثانى بعد اإلمبراطور صفوت الشريف! ،وقيل أن حر ًبا خفية كانت بين الجبابرة الكبار وأن جهات سيادية سربت لعادل حمودة كل هذه الفضائح. مرت العاصفة بحمد الله ،وعادت لم يتكلم «ممدوح الليثى» حتى ّ االبتسامة إلى البيت الجميل ،ودبت الحياة من جديد ،ووافق صفوت الشريف ـ بصفته وزير اإلعالم ـ على طبع وتوزيع صحيفة الخميس برئاسة تحرير عمرو الليثى داخل مصر ،وتلك مكافأة عظيمة جاءت بعد أشهر قليلة من قرار صفوت الشريف ـ بصفته وزير اإلعالم ـ بإيقاف صدور جميع الجرائد التى تصدر بترخيص خارجى وتطبع فى مصر وكان على رأسها صحيفة الدستور! ،وسوف يسمح فيما 168
بعد ـ بصفته وزير اإلعالم ـ بفتح أرشيف الملفات السياسية وتجهيزها لبرنامج (اختراق) الذى سيقدمه الكاتب الصحفى الشاب عمرو ممدوح الليثى على شاشة التليفزيون المصرى بداية من (،)2001 وتالشت السحب السوداء ،وتصالح الوالد ـ رحمه الله ـ مع الكاتب قرارا عادل حمودة ،وأصدر صفوت الشريف ـ بصفته وزير اإلعالم ـ ً تعويضا عن رئيسا لجهاز السينما بمدينة اإلنتاج اإلعالمى ً بتعيينه ً رئاسته قطاع اإلنتاج التى ُفصل منها. وجمعت نقابة الصحفيين فيما بعد بين عمرو الليثى رئيس تحرير ْ الخميس وعادل حمودة رئيس تحرير صحيفة الفجر لتستمر الحياة وتبقى الذكريات.
169
()2
مدحت طلبة! ً مشغول بعمرو الليثى وال بعودته من ال ُعمرة «الطويلة» لم أكن التى اعتمرها عقب سقوط اإلخوان واستمرت حتى ديسمبر ،2013ولم أصدقه قبلها وهو يميل ً ميل شديدً ا نحو الجماعة ورئيسها المعزول ،ذلك أن عمرو قد تحمل ما يصعب علينا تحمله من حزن داخلى ظل ومازال يؤلمه حتى وإن رسم االبتسامات على دائما ،لذا ولكثير وجهه ،فخلف عدستى النظارة عينان دامعتان ً غيره لم أكن أفكر فى عمرو الليثى ولم يخطر ببالى أن يرد اسمه فى هذا الكتاب ،فيكفى ما يحمل على ظهره من تاريخ قديم، لكنها الدراما الملعونة التى وضعته فى طريقى ألتذكر خطيئته كبيرا بكشف وفضح أرامل مبارك فى حلما ً الكبرى التى قتلت ً الصحافة واإلعالم ،كانت هناك بشائر ثورة إعالمية صاحبت ثورة يناير ،أطلقها «باسم يوسف» على اليوتيوب ،ثم واصلت «دعاء سلطان» الثورةعبر برنامج «توك شوز» على قناة التحرير،باإلضافة 170
إلى كتاب «البغاء الصحفى» الذى سبقهما وإن كان تأثيره محدو ًدا مقارنة بتلك التجارب المرئية.
وصاحب ذلك ثورة وعى كبير لدى الشباب ،وتحولت صفحات الفيس بوك إلى منصات إلطالق الصواريخ على «البغائيين» من كل اتجاه بالفيديوهات والمقاالت لتكشف فضائح إعالميين وصحفيين ركعوا تحت قدمى مبارك وزحفوا على بطونهم إلى جمال مبارك ثوارا!!.، وجاءوا اليوم ً وإذ فجأة ،وبينما الحال كذلك ،أخرج عمرو الليثى سيناريو «التهديدات» التى يبعث بها «الفلول» إلى «الثوار الجدد»!
وتلقفت الفضائيات الخاصة السيناريو الهابط لتغسل عار أوالدها بكذبة كبرى! ،وقال األستاذ مجدى الجالد للسيدة لميس الحديدى «بصى يا لميس إحنا مثل ثوار التحرير األبطال مستعدين للموت في سبيل قضيتنا» ،وأكد الجالد ـ رئيس تحرير المصرى اليوم ـ لبرنامج مصر تنتخب أن الرسالة التى وصلته على المحمول محتمل أن تكون من رجال فى نظام مبارك بسبب الفضح المستمر لمؤامراتهم(!!).
وهاجت الدنيا ضد هؤالء المالعين من الفلول الذين يطاردون األقالم الحرة واألصوات الحلوة النظيفة!!وتمت الدعوة إلى مؤتمر حاشد بنقابة الصحفيين إلنقاذ «ثواراإلعالم والصحافة من وكنت أضرب ك ًفا بكف وأنا أشاهد معظم البغائيين الفلول»(!)، ُ عائدين يتبخترون فى أزياء الثوار! ،وإذ فجأة ،وعلى سهوة ،نشرت الصحف هذا الخبر المريع بصيغ مختلفة: 171
المتهم بتهديد اإلعالميين: «الليثى» أعطانى المال وطلب إرسال الرسائل كتب :يسري البدري وأحمد عبداللطيف 21ديسمبر 2011 قال مدحت أمين طلبة ،سائق اإلعالمى عمرو الليثى، المتهم بإرسال رسائل تهديد إلى عدد من اإلعالميين عبر الهاتف المحمول ،إن الليثى هو الذى أعطاه المال لشراء هاتف محمول ،وطلب منه إرسال رسائل تهديد إليه ،وإعالميين آخرين ،بينهم مجدى الجالد ،وعادل حمودة ،رئيسى تحرير جريدتى «المصرى اليوم»، مبررا إقدام «الليثى» و«الفجر» ،ولميس الحديدىً ، على هذه الخطوة بأنه كان يسعى إللزام أجهزة األمن بتعيين حراسة له ،مثلما فعلت مع توفيق عكاشة، رئيس قناة «الفراعين» ،فقررت النيابة تكليف المباحث بالتحرى عن مدى صحة الرواية ،واستدعاء «الليثى» لسماع أقواله حولها ،وحبس المتهم 4أيام على ذمة التحقيقات. اعترف المتهم فى التحقيقات التى أجريت تحت إشراف المستشار محمد عبدالشافى ،رئيس نيابة قصر النيل، وتم تسجيلها صوت ًيا ،بأنه أخذ األموال من «الليثى» واحتفظ بها لنفسه ،ولم ِ يشتر الهاتف ،وأرسل رسائل التهديد من هاتفه الخاص بعد تغيير الشريحة ،وأضاف أنه ال يعرف اإلعالميين الذين أرسل إليهم رسائل التهديد شخص ًيا ،ويعرفهم من خالل وسائل اإلعالم فقط ،وأنه حصل على أرقام هواتفهم من الليثى ،وأن األخير طلب منه إرسال الرسائل فى توقيت واحد.
172
كان الجالد ،وحمودة ،والحديدى ،والليثى قد تلقوا رسائل تهديد باإليذاء والقتل على هواتفهم المحمولة من رقم مجهول ،خالل األيام الماضية ،فحرروا محاضر بها ،وطالبوا وزارة الداخلية بمعرفة الجانى ،وشكل اللواء محمد إبراهيم ،وزير الداخلية ،فريق بحث لكشف الرسائل وصاحبها ،وبرصد الرقم المرسلة منه تبين أنه لفتاة من مدينة طنطا فى الغربية ،وبالتوصل إليها نفت عالقتها بالخط ،واإلعالميين ،وباستمرار البحث والتحرى تبين أن مرسلها هو سائق الليثى.
173
الفصل الثالث عشر
�شحاذون ونبالء
أكملت عمال لن يقدر على هدمه غضب جوبيتر ،وال النار اآلن ُ ِ فليأت ،متى شاء ،اليوم المحتوم وال الحديد وال الزمن الذي ال يشبع. الذي ال حقوق له إال على جسدى ،وليضع حدّ ا لمسار حياتي الغامض. قوة روما بعيدا في سيكون اسمي عص ًّيا على الفناء .وأينما تو ّغ َلت ّ األرض التي تسودها ،فلسوف يقرؤنى الناس. أوفيد
خاتمة كتاب «التحوالت»
()1
لحظات الأ�سى هى لعنة «البغاء» بالشك! ،فكل الذين تحمسوا للكتاب وكتبوا عظيما ذهبوا إلى ( الجماعة ) وأصبحوا قادة فتحا عنه واعتبروه ً ً إعالم الجماعة !!
وائل قنديل وسامى كمال الدين ومحمد حسن الشرقاوى وسليم عزوز وهانى صالح الدين وغيرهم انتقلوا إلى الدوحة ! ،قد يكون كل ذلك عاد ًيا إال أن الدراما الكبرى التى جعلت (محمد ناصر ) يعلن الغضب على مصر وينتقل إلى الدوحة تفوق الوصف ،فقد كانت لعنة البغاء أكبر من تصوراتى .
استيقظت على تليفون من فى عيد العمال واحد مايو 2012 ُ الصديقة «رباب إبراهيم» تسألنى عن رأيى فيما حدث ! ،ولم أكن كنت ضيفه حتى عرف ما حدث ! ،وعرفت منها أن البرنامج الذى ُ صباحا تم إيقافه بقرار من صاحب المحطة ! ،وتوالت الواحدة ً االتصاالت التى تسأل وتستفهم وأنا غير قادر على تصديق ما جرى 177
لى، ! ،وتوالت المكالمات التى تطمئن على أن شي ًئا لم يحدث ّ حتى جاء تليفون صديقى الكاتب والناشر محمد هاشم وما كاد يبدأ وصلة الهزار « :قفلت للراجل البرنامج!» ،حتى وجدتنى أبكى بكا ًء صدرا حنونًا يفهم معنى البكاء فى من أبو جعورة ،بكيت كمن وجد ً المذنب الذى تسبب فى قطع تلك اللحظات العصيبة ،بكيت بكاء ُ أرزاق الناس! ،بكيت الثورة التى اختبرتها فعاقبتنى وعاقبت اللى يتشددلى كمان ! بكاء المهنة التى اتفشخت تحت ترس رأس المال بكيت نزقى الطفولى الذى حولنى إلى مجرم يتطاول على الوقح، ُ األسياد وأصحاب الجاه والسلطان الذين انتقلوا إلى صفوف الثوار!.
كانت ليلة عصيبة تبعتها ليال من األرق واأللم ،ورأى مجموعة من األصدقاء أن حياتى فى خطر وتطوع بعضهم لحمايتى ،ودفع اإلعالمى «محمد ناصر» الثمن! جلس فى البيت عاما كامال بال عمل بعد وقف برنامجه « من هنا ورايح « الذى كان يقدمه على قناة المحور المملوكة لرجل األعمال حسن راتب !
المحزن أن األصدقاء والزمالء فى كل الفضائيات عملوا نفسهم مش شايفين وال سامعين وأغمضوا عيونهم عن جريمة كبرى ! ،لكنهم لم يمنعوا فضاء اإلنترنت الواسع الذى تلقف الواقعة .
الكاتب الصحفى محمد عبد الرحمن كان االستثناء الوحيد الذى طلب منى الظهور فى برنامج «مانشيت» مع الزميل جابر القرموطى، وشرح محمد ناصر فى تلك الفقرة تفاصيل ما كان يحدث أثناء اللقاء وكيف أن الكنترول تلقى عشرات المكالمات إلنهاء الفقرة 178
وطلبت أنا من نقابة الصحفيين إجراء وصمم هو على استكمالها، ُ تحقيق حول الكتاب ومعاقبتى على أى تجاوز فى حق الزمالء الذين تضمن الكتاب مقاالت لهم ،وطلبت أن تكون المعركة معى وليست لقطع أرزاق الناس ! ،وال حياة لمن تنادى وراح محمد ناصر فى الوبا وانتقل إلى فضائيات اإلخوان هر ًبا من جحيم الفلول األصليين تماما كما فعل وائل قنديل وسامى كمال الدين! وجئتكم أنا ثانية وال أعرف إلى أين انتقلت. كان من المقرر أن يصدر الجزء الثانى بعد شهور من األول، ولكننى اعتذرت بسبب تلك الواقعة ،فلن أملك القدرة على تشغيل من يتم تسريحهم من القنوات أو الصحف إن تجرأ أحدهم وتحدث عن الكتاب أو جاب سيرته ! ،كما أننى ال أريد شهرة مجانية تأتى من وسعيت بكل ما أملك كى أنسى « البغاء « وأعود إلى معارك عبثية، ُ كتابة روايتى الجديدة ،لكننى فشلت فشال ذريعا،ولم استطع سوى تجميع بعض مقاالتى التى أحبها فى كتاب جديد يساهم فى نسيانى «البغاء» وأيامه وصدر كتابى « صالة الجمعة « ونسيت البغاء ،لكن الناس لم تنس. وهناك واقعة رومانسية ـ فى حقيقة األمرـ كانت وراء إحجامى عن الحظت أن معظم أصدقائى إصدار الجزء الثانى عقب األول مباشرة ،فقد ُ صادفت أحدهم بصحبة وكنت إن وزمالئى فى المهنة يبتعدون عنى!، ْ ُ «بغائى» وجدته يحيد عنى ويتخفى بطريقة ساذجة ولكنها جارحة ومؤلمة بالنسبة لى! وتسرب عشرات على هذا النحو. 179
ومما سبق نستطيع القول إن ثورة يناير كانت فاتحة الخير على عدد كبير من أباطرة اإلعالم الجدد ،فقد تعلم رجال األعمال الجدد اللعبة، وتنافسوا جمي ًعا المتالك الصحف والفضائيات واستعانوا باألباطرة إلدارة صحفهم ومعاركهم وترسيخ وجودهم بعد ثورتى يناير و30 يونيو ،لكن الماليين التى راحت تتقافز فى الفضاء ،لم تصل إلى مئات المحررين فى الصحف الصغرى أو الكبرى ،وتعرض معظم أبناء المهنة بعد الثورة النتكاسات مادية ومعنوية ونفسية ،فهاهم قادة اإلعالم فى مصر وحملة رايات الحرية يمارسون التنكيل بالمحررين الصغار والكبار وينفذون توجيهات مالك الصحف بتخفيض األجور أو التخلص من «العمالة» الزائدة! ،وغرقت النقابة فى توفير بدل للمشردين والمطرودين من صحف أباطرة اإلعالم الجدد.
الوقائع التى تعرض خاللها الصحفيون إلهانات وتنكيل وتشريد جعلت الصورة بائسة ومحبطة وتثير العجب ،وسنحتاج إلى زمن طويل لرد االعتبار لعشرات الموهوبين الذين صدقوا مثاليات المهنة والتحقوا بها ح ًبا وعش ًقا فصفعتهم وصدمتهم وسرقت أعمارهم وتاهوا فى دروب الحياة. وحتى ال تسيطر تلك الصورة عليك اآلن ،سأنتقل بك إلى عالم آخر من الجمال المؤلم.
180
()2
فنانة ..ويهودية! هذه رسالة تستحق التأريخ لقصة حب فى زمن الثورة بطلها أستاذ جامعى مرموق انخرط فى العمل السياسى مع ثورة يناير وعاش نموذجا للمفكر الليبرالى الذى تقلباتها وقفزاتها ووصل إلى البرلمان ً يحظى بإعجاب الجميالت ،والذى أصبح حالة سياسية متكاملة لها خصوم وأنصار ،أما البطلة فهى ممثلة مثقفة تنتمى إلى عائلة مصرية يهودية ،ولك أن تتخيل األوراق التى يمكن أن يستخدمها خصوم ذلك المفكر السياسى إن اختلفت الرؤى! ،وقد شهدت الصحف سلسلة من الشائعات الخسيسة التى استهدفتهما ،عمو ًما ليس ذلك ما أردت أن أختم به الكتاب ،ولكنها (الرسالة) أو المقال البديع الذى كتبه «عمرو حمزاوى» تلخص ًيا لحواراته المنزلية مع محبويته وزوجته الفنانة «بسمة» التى تعيش معه مأساته اليومية وتشاركه ألمه ومعاناته فى ابتعاده عن أوالده من زوجته األولى ،شىء من العذاب الجميل والمواقف النبيلة لزوجة شابة فى تلك الكتابة الشفافة الممتعة 181
التى تستحق أن تكون آخر صفحة فى «فودكا الصحافة وجنونها السينمائى»: عن ست بألف راجل بسمة :إزيك يا حبيبى؟ عملتوا إيه النهارده؟ عمرو :ناديا جننتنى ..كوميديا ..لعبنا وأكلت كويس ووقعت كل اللى قدرت عليه وبعدين نامت الحمد لله كويس ..وانتى؟ مشاهدك مشيت تمام؟ إحساسك أحسن دلوقتى بدورك؟ بسمة :الحمد لله ،كنت مرتاحة أكتر من إمبارح والحقيقة مبسوطة من الشغل ،رواية بالل (فضل) جميلة واألستاذ خيرى بشارة (المخرج) هايل ومركز. عمرو :طيب ممتاز .أنا ما كتبتش ببصلة طول اليوم، ربع صفحة وخالص.. بسمة :ما كتبتش مقال بكره يعنى؟! عمرو :ال ده كتبته ،قصدى أبحاث الترقية لألستاذية فى الجامعة األمريكية وجامعة القاهرة ،الوقت هيبقى زنقة خالص. بسمة :ده سبب الوش اللى شايل الهم؟ عمرو :شويه يا حبيبتى .بس الحقيقة األوالد واحشنى أوى ،كل دقيقة مع ناديا قلبى بيتعصر على لؤى ونوح وحاسس إنى مقصر معاهم .عارف إنه مش ذنبى والمنع من السفر واقف بينهم وبينى من ست أشهر من يناير اللى فات ،بس خالص تعبت بجد! بسمة :ما تخليش حد يكسرك أو يسكتك ،هما عايزين
182
يكسروك وهيفضلوا يحاولوا شويه بتخوين وتشكيك فى سمعتك وشوية بالحرب على أكل عيشنا وشوية بشتايم وتطاول عليا وعليك.. وكمان بمنع من السفر وحرمانك من األوالد. إحنا الزم نستحمل زينا زى كتير غيرنا مضغوط عليهم ،ده تمن بندفعه وناس كتيرة فاهمة ومقدرة ،ولؤى ونوح فاهمين ومقدرين وأمهم ست عظيمة بجد ..ما تخافش. عمرو :أنا تعبت يا بسمة ،كل الكالم ده ما بيصبرنيش ثانية واحدة على بعد األوالد وال على القلق عليهم وهما نايمين بعيد عنى وال على إنى هاتجنن ألمسهم زى ما بألمس ناديا ،وال بيساعدنى على الصبر على الظلم .أنا باكتب فى المقاالت إنى متماسك ومكمل ومش هارفع «الراية البيضاء» ،بس إنتى عارفة إنى تعبت .من كام يوم قريت اللى كتبه عالء عبدالفتاح عن خوفه على ابنه وحياته اللى اتلخبطت وشغله اللى وقف ،وباسم يوسف وقف وقال تعبت. اإلحساس بالتعب مش جريمة يا حبيبتى وال خوف وال تجاهل لتضامن الناس حولينا ..أبدً ا! بسمة :عارفة يا عمرو وفاهمة والله .بس إيه اللى فى ايدنا نعمله؟ تسكت وتبطل كتابة؟ تغير رأيك مية وتمانين درجة عشان تعجب؟ وبعدين معلش استحملنى ،فى غيرك فى وضع أصعب بكتير منك. عمرو :صح ..وأنا هانكسر بجد لو بطلت كتابة،
183
ورأيى هو أفكارى اللى مش هاغيرها ..نفسى بس أصرخ أقول للناس على الظلم ،نفسى أصرخ أقول للناس اللى رفضت التكفير ورفضت المتطرفين لما تطاولوا علينا وعلى غيرنا أنهم الزم يرفضوا التخوين والتشويه ونفس التطاول لما يجى من مدعى الوطنية والليبرالية ..نفسى أصرخ أقول للناسإن البلد دى الزم تسعنا كلنا وما تسمعش صوت واحد بس.. بسمة :هى الزم تسعنا( ..ضاحكة) ما أنت تنازلت عن الجنسية األلمانية ودبستنا وأديك كمان ممنوع من السفر وآخرك كده حاليب وشالتين ..هتسعنا يا عمرو ،أكيد هتسعنا ،وناس كتيرة بتفوق ..خلينا نصبر ونجمد ونقوى األوالد ونقول يارب.. عمرو :يارب.. بسمة :هو البحث اللى بتكتبه عن إيه؟ عمرو :عن مفهوم التوافق الزائف أو التوافق المفروض.. بسمة( :ضاحكة) يعنى ما فيش فايدة ..قول يارب تانى. عمرو حمزاوى 4يونيو 2014
184
�صدر للم�ؤلف
ـ منظر جانبي ،قصص .دار ميريت للنشر .2003 ـ ودع هواك ،رواية .دار ميريت للنشر .2008
ـ المثقفون وكرة القدم ،مقاالت .صفصافة .2010
ـ صالة الجمعة ،أوراق .دار ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ .2013 ashrafshafy@hotmail.com