Vodka - The Prostitution of Journalism

Page 1


‫فودكا‬

‫البغاء الصحفى (‪)٢‬‬

‫تأليف‪ :‬أشرف عبد الشافي‬ ‫حقوق النشر © أشرف عبد الشافي ‪٢٠١٥‬‬ ‫الحقوق الفكرية للمؤلف محفوظة‬

‫‪Merit Publishing House‬‬ ‫‪tel.: +2 02 25797710‬‬ ‫‪fax.: +2 02 25797710‬‬ ‫‪cell.:+2 0114 213 89 25‬‬ ‫‪6b Kasr El-Nil st.,1st floor‬‬ ‫‪Cairo - egypt‬‬

‫جميع الحقوق محفوظة‬ ‫الطبعة األولى ‪٢٠١٥‬‬ ‫رقم اإليداع‪٢٠١٥ /٠٠٠٠٠ :‬‬ ‫الترقيم الدولى‪:‬‬

‫‪000000000000‬‬

‫تصميم الغالف‪ :‬سامح الكاشف‬ ‫اإلخراج الفنى والتنفيذ‪ :‬أحمد نجدى‬


‫أشرف عبد الشافى‬

‫البغاء الصحفى(‪)٢‬‬



‫إلى محمد شهدى‬

‫وأصدقاء شقة بوالق أبو العال‬



‫المحتويات‬ ‫فودكا ‪11.....................................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬سينما خالد يوسف‪13..........................................‬‬ ‫(‪ )1‬الفنان فى الميدان ‪15......................................‬‬ ‫(‪ )2‬األصدقاء فى باريس‪18..................................‬‬ ‫(‪ )3‬كف القمر ‪22.................................................‬‬ ‫(‪ )4‬رد قلبى ‪25.....................................................‬‬ ‫(‪ )5‬اإلعالمى واألميرة‪28.....................................‬‬ ‫(‪ )6‬الخطاب العاطفى‪31......................................‬‬ ‫الفصل الثانى‪ :‬مقهـى فيينا ‪35......................................................‬‬ ‫(‪ )1‬أساتذة وتالميذ‪37..........................................‬‬ ‫(‪ )2‬طعنات متتالية ‪39...........................................‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬مصر قرية صغيرة ‪43............................................‬‬ ‫(‪ )١‬ألوان الفضائيات ‪45.......................................‬‬ ‫(‪ )2‬جمعة الغضب‪48...........................................‬‬


‫الفصل الرابع‪ :‬رجل ال يمرر الكرة‪51..........................................‬‬ ‫(‪ )1‬سن التطهر ‪53................................................‬‬ ‫(‪ )2‬عالقة غامضة ‪56............................................‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬باألبيض واألسود ‪59.......................................‬‬ ‫(‪ )1‬شقة حندوسة ‪61............................................‬‬ ‫(‪ )2‬جيل اليوم السابع ‪65......................................‬‬ ‫(‪ )3‬فضيحة السى دى ‪69......................................‬‬ ‫(‪ )4‬أشياء كثيرة للوطن! ‪74...................................‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬إغراء‪77...........................................................‬‬ ‫(‪ )1‬الفنون الحديثة ‪79..........................................‬‬ ‫(‪ )2‬بالحجم الطبيعى ‪82.......................................‬‬ ‫مشهد (‪ )1‬آيس كريم فى رأس البر! ‪84.........‬‬ ‫مشهد (‪ )2‬رجل المواقف المحترمة ‪88.........‬‬ ‫مشهد (‪ )3‬مبروك علينا‪90.............................‬‬ ‫مشهد (‪ )4‬بوسى ‪91......................................‬‬ ‫مشهد (‪ )5‬على الهواء ‪93..............................‬‬

‫الفصل السابع‪ :‬حوار الطظ‪95.....................................................‬‬ ‫(‪ )1‬الرئيس‪ ..‬صحف ًيا‪97.......................................‬‬ ‫(‪ )2‬مع صياح الديك‪100........................................‬‬

‫الفصل الثامن‪ :‬زمن الفراولة ‪103...................................................‬‬ ‫(‪ )1‬سيجار كوبى ‪105.............................................‬‬ ‫(‪ )2‬غرام التسعينات‪107.........................................‬‬


‫(‪ )3‬خيانات صغيرة‪109..........................................‬‬ ‫(‪ )4‬وليمة ألعشاب البحر ‪111................................‬‬ ‫(‪ )5‬حرب الفراولة ‪113...........................................‬‬ ‫(‪ )6‬فى سبيل المرشد‪116.......................................‬‬ ‫(‪ )7‬وقائع موت روائى ‪118.....................................‬‬ ‫(‪ 12 )8‬سب ًبا وراءحب المصريين لعالء مبارك ‪119......‬‬

‫الفصل التاسع‪ :‬األحزان القديمة ‪123.............................................‬‬ ‫(‪ )1‬رغم اختالفى معهم! ‪125.................................‬‬ ‫(‪ )2‬الهروب الكبير ‪130..........................................‬‬ ‫الفصل العاشر‪ :‬األغنية البديلة ‪133................................................‬‬ ‫(‪ )1‬ومات عبد الله كمال! ‪135...............................‬‬ ‫(‪ )2‬نيوتن! ‪139.......................................................‬‬ ‫(‪ )3‬البطل الذى خدعنى ‪141..................................‬‬ ‫(‪ )4‬أذكي خلق الله!‪144.........................................‬‬

‫الفصل الحادى عشر‪ :‬أظافر حادة تنزع جلد الوجه ‪149.................‬‬ ‫(‪ )1‬قتل األب ‪151..................................................‬‬ ‫(‪ )2‬الصورة‪155......................................................‬‬ ‫(‪ )3‬وأنا الذى رأيت الدموع ‪157.............................‬‬ ‫(‪ )4‬جهات عليا‪159................................................‬‬ ‫الفصل الثانى عشر‪ :‬سيناريوهات ناقصة‪165.................................‬‬ ‫(‪ )1‬عطور ونساء ‪167..............................................‬‬ ‫(‪ )2‬مدحت طلبة! ‪170............................................‬‬


‫الفصل الثالث عشر‪ :‬شحاذون ونبالء ‪175.....................................‬‬ ‫(‪ )1‬لحظات األسى‪177..........................................‬‬ ‫(‪ )2‬فنانة‪ ..‬ويهودية! ‪181........................................‬‬


‫فودكا‬ ‫تأثيرا‪ ،‬ربما ألننى كنت سكرانًا‬ ‫ُ‬ ‫شربت الفودكا‪ ،‬لكننى لم أعرف لها ً‬ ‫أو مأخو ًذا بنشوتها‪ ،‬هى مشروب سيئ الطعم على ِ‬ ‫أية حال‪ ،‬لكّن‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬

‫حروف الكلمة تبدو أكثر وق ًعا وقوة‪ ،‬انظر إلى فخامة وضخامة الفاء‬

‫فى البداية‪ ،‬واأللف التى تصعد بها إلى أعلى وأنت تنطق «فودكا»‪.‬‬

‫فخما‬ ‫لى األمر وأنا أختار هذا االسم‪ ،‬فأنت تقرأ كال ًما ً‬ ‫هكذا بدا ّ‬

‫عن مشروب «حرام» فى نظر البعض وممتع أو الذع أو سيئ بالنسبة‬ ‫آلخرين‪ ،‬وهكذا فصول الكتاب أشياء تتداخل بين الحرام والحالل‪،‬‬ ‫األخالق واالنحالل‪ ،‬الفضيلة والرذيلة‪ ،‬التدليس والتشريف‪ ،‬التلبيس‬

‫هزت‬ ‫بشر من لحم ود ّم‪ّ ،‬‬ ‫واإلبليس‪ ،‬التحمير والتقشير‪ ..‬خلطة صنعها ٌ‬

‫الثورة بعواصفها أرضهم فصاروا شخصيات روائ ّية مكتملة األركان‪،‬‬

‫شخصيات تمثل الطبقة المتوسطة بكل أمراضها وأحالمها وأوهامها‬ ‫ورغباتها وشهواتها‪ ،‬قادمين من الريف والمدن المتواضعة ومقهورين‬ ‫ومهزومين وباحثين عن شهرة وفلوس‪ ،‬وبينهم «أوالد ناس» بالطبع‪.‬‬ ‫‪11‬‬


‫أيضا «فودكا»‬ ‫فودكا من الماء والكحول وبعض األطعمة‪ ،‬وهنا ً‬ ‫السكر الب ّين فى الحياة ودروبها‪ ،‬والنفوس‬ ‫وليس بغاء‪ ،‬حالة من ُّ‬ ‫ومداخلها ومخارجها‪ ،‬و(اشرب يا بنسونيكا‪ ..‬وناولنى روم وفوديكا‪..‬‬ ‫وانساها دى دنيا سيكا‪ ..‬الله يرحم أبيكا) كما قال مدحت العدل‪.‬‬ ‫ربما يكون واق ًعا مفج ًعا بالنسبة لى بحكم معرفتى لعدد كبير منهم‪،‬‬ ‫وامتالكى الكثير من القصص والحكايات عنهم بحكم ِ‬ ‫العشرة‪ ،‬فأنا‬ ‫من هذا النوع الذى ال تهون عليه ِ‬ ‫تألمت وأنا‬ ‫كنت‬ ‫ُ‬ ‫«العشرة»‪ ،‬فإن ُ‬ ‫أكتب بعض فصول الجزء األول‪ ،‬فقد تضاعف ألمى فى معظم‬ ‫فصول «فودكا»‪.‬‬ ‫الشيخ زايد ـ فبراير ‪2015‬‬

‫‪12‬‬


‫الفصل األول‬

‫�سينما خالد يو�سف‬ ‫حين امتأل الميدان بالثوار‬ ‫تنازل عن غطائه الممزق‬ ‫ونصف سيجارة‬ ‫كان يشبكها خلف اذنه‬ ‫حين رحلوا فجأة‬ ‫أحس بوحدة لم يجربها فى حياته‬ ‫ّ‬ ‫أطعمهم رغيفه‬ ‫سرقوا منه نعمة العراء‬ ‫عماد أبو صالح‬

‫كان نائما حين قامت الثورة‬



‫(‪)1‬‬

‫الفنان فى الميدان‬ ‫توالت المشاهد من قلب ميدان التحرير‪ ،‬ثم من استوديوهات‬ ‫الفضائيات‪ ،‬لتؤكد جميعها أن المخرج الكبير خالد يوسف كان‬ ‫وساهرا على اكتمالها وتمام بدرها‪ ،‬كان الرجل‬ ‫حارسا لثورة ‪ 25‬يناير‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫نموذجا للفنان الذى أعاد سيرة يوسف شاهين الذى ربط نفسه يو ًما‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أشكال لالعتصامات فى النقابات‬ ‫مبتكرا‬ ‫فى شجرة بميدان التحرير‬ ‫ً‬ ‫المهنية‪ ،‬وتسامح كثيرون أو تنازلوا عن انتقادات سابقة للمخرج‬ ‫المثير للجدل‪ ،‬فالرجل يبلى بال ًء حسنًا ويتحدث بطالقة يحتاج إليها‬ ‫هؤالء الثوار الشباب‪.‬‬

‫وفى مارس ‪ 2011‬أعلن خالد يوسف بنفسه وعلى المأل خبر سفره‬ ‫إلى السعودية لعقد قرانه على الفنانة التشكيلية «شاليمار شربتلى»‪.‬‬

‫هنا‪ ،‬وفى تلك اللحظة الخالدة من حياة خالد يوسف استقبلت‬ ‫جماهير الميدان الخبر بفرحة كبيرة‪ ،‬لدرجة أن بعضهم دعا إلقامة‬ ‫ٍ‬ ‫حفل أسطورى فى قلب الميدان للعروسين يحمل دالالت كثيرة‬ ‫‪15‬‬


‫أهمها اكتمال صورة فنان مثقف‪ ،‬قرر أن تكون الثورة بداية مرحلة‬ ‫جديدة حتى على مستوى حياته الشخصية التى نهشتها الصحف‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫وليال‬ ‫طويل‪ ،‬وتم تصويره إما كعربيد نساء‬ ‫والمجالت بالشائعات‬ ‫حمراء‪ ،‬أو دنجوان تتهافت الحسناوات عليه!‪ ،‬وها هو يعلن‬ ‫«التطهر»‪ ،‬وال ضير فى ذهابه إلى جدة وعقد القران هناك‪ ،‬فربما‬ ‫ُ‬ ‫كانت هناك أسباب عائلية أو اتفاق بين العروسين ال يحق ألحد‬ ‫ً‬ ‫حالل مباركًا يفتح‬ ‫زواجا‬ ‫أن يعترض أو يتدخل‪ ،‬المهم أن هناك‬ ‫ً‬ ‫صفحة جديدة فى حياة الفنان الذى ُأعيد اكتشافه فى قلب الميدان‪..‬‬ ‫ويغلق صفحات قصص وحكايات وعالقات متعددة تبدأ من منة‬ ‫شلبى وال تنتهى عند سمية الخشاب وغادة عبدالرازق أو أى ممثلة‬ ‫أخرى عملت معه‪.‬‬ ‫كل ما تناقلته الصحف عن «شاليمار شربتلى» التى اختارها‬ ‫خالد يوسف‪ ،‬يقول إنها «فنانة تشكيلية»‪ ،‬وتلك صفة تناسب تفكير‬ ‫فنان متمرد يسعى وراء كمال العقل ورجاحته‪ ،‬فمالمح الفنانة ـ كما‬ ‫ظهرت فى الصور ـ تكشف عن ذكاء ونبوغ غير محدودين‪ ،‬ولكن‬ ‫أيضا عن تلك الفتاة التى نجحت فى إقناع خالد يوسف بأن‬ ‫ماذا ً‬ ‫التصور الليبرالى قائم وموجود فى قلب المجتمعات التى يشاع‬ ‫أنها متحفظة ورجعية؟ إن مهابة االسم وحدها تقتضى البحث‬ ‫والتقصى‪ ،‬وبحثت‪ ،‬وتوالت المفاجآت التى يمكن لخالد يوسف‬ ‫عظيما‪ ،‬ذلك أن السيدة «شاليمار شربتلى»‬ ‫فيلما‬ ‫ً‬ ‫أن يصنع منها ً‬ ‫ليست مجرد فنانة تشكيلية تقيم معارضها فى قاعات المملكة‬ ‫‪16‬‬


‫الصحف ـ بل هى أكبر‬ ‫العربية السعودية وخارجها ـ كما قالت ُّ‬ ‫من ذلك بكثير وتمتلك قدرات خيالية على صناعة نجوم متأللئة‬ ‫فى سماء اإلعالم‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫(‪)2‬‬

‫الأ�صدقاء فى باري�س‬ ‫ظهر اسم السيدة «شاليمار شربتلى» فى (‪ )2008‬كاتب ًة للمقال‬ ‫على فترات متقطعة فى صحيفة المصرى اليوم‪ ،‬لكن حضورها األكبر‬ ‫كان فى مقاالت متناثرة لثالثة من نجوم الصحافة الخاصة فى عصر‬ ‫مبارك‪ ،‬أولهم رئيس تحرير صحيفة المصرى اليوم ـ آنذاك ـ األستاذ‬ ‫وأنتجت‬ ‫قررت «شاليمار» أن تكتشفه كمذيع!‪،‬‬ ‫«مجدى الجالد» الذى‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫له ـ بالفعل ـ برنامج «اتنين فى اتنين» الذى قدمه فى رمضان ‪2010‬‬ ‫مع الكاتب واإلعالمى وائل اإلبراشى‪ ،‬الذى يأتى ثان ًيا بعد الجالد‬ ‫كتبت فكرة البرنامج‬ ‫فى قائمة أصدقاء ومحبى الفنانة التشكيلية التى ْ‬ ‫إلى جانب اإلنتاج بالطبع!‬ ‫يقول األستاذ مجدى فى حوار أجرته معه الزميلة «مايسة أحمد»‬ ‫(أخبار النجوم ‪ 23‬سبتمبر ‪ )2010‬إنه رفض الكثير من العروض‬ ‫قبل الموافقة على برنامج «شاليمار»‪ ،‬وعندما سألته المحررة لماذا‬ ‫اختار برنامج «اتنين فى اتنين» تحديدً ا؟‪ ،‬أجاب‪:‬‬ ‫‪18‬‬


‫«وجدت األمور تسير دون أن أشعر‪ ..‬ووجدتنى أجلس‬ ‫ـ‬ ‫ُ‬ ‫على كرسى المذيع وأسجل مع الضيوف‪ ..‬وهذا فى‬ ‫رأيى نتيجة ألن هذا البرنامج تحديدً ا له ظروف خاصة‪،‬‬ ‫ألنه «اتعمل» من مجموعة أصدقاء ونحن جمي ًعا‬ ‫أيضا مقربون جدً ا لبعض‬ ‫لسنا مجرد أصدقاء‪ ،‬وإنما ً‬ ‫مما أعطى مساحات كبيرة من التعاون والتفاهم فيما‬ ‫بيننا‪ ،‬ولكن بصراحة ترجع الفكرة لصديقتى الفنانة‬ ‫التشكيلية والصحفية شاليمار شربتلى وهى بالمناسبة‬ ‫أيضا مع وائل اإلبراشى‪.‬‬ ‫صديقة مشتركة ً‬ ‫ـ وما الظروف التى ُولدت فيها فكرة البرنامج؟‬ ‫ـ لن تصدقى أن ذلك تم أثناء سفرى برفقة شقيقى إلى‬ ‫فرنسا منذ عدة أشهر‪ ،‬حيث ُأجريت له جراحة‪ ،‬وكان‬ ‫ُيعالج هناك وجاءت الفكرة لشاليمار‪ ،‬وقتها طلبت‬ ‫منها أن تنتظر حتى أطمئن على شقيقى ثم نناقش‬ ‫الفكرة‪ ..‬لكنى فوجئت بحماسها الشديد وبمجرد‬ ‫عودتى للقاهرة وجدتها اتخذت خطوات تنفيذية‬ ‫وأيضا قررت أن تنتجه الشركة التى تملكها‬ ‫للبرنامج‪ً ،‬‬ ‫رغم أنها كانت تحت التأسيس‪.‬‬

‫كنت أعرف أن خالد يوسف لن يختار فتاة عادية بعد كل هذه‬ ‫الخبرات الواسعة فى الحياة‪ ،‬لكننى لم أكن أتوقع أن تكون «شاليمار»‬ ‫على هذا القدر من الذكاء الفنى‪ ،‬فلم تكُن ترسم لوحات بالريشة‬ ‫واأللوان فقط‪ ،‬بل كانت ترسم شخصيات إعالمية فى خيالها وتحولهم‬ ‫إلى «واقع»‪ ،‬ربما ساعدتها ثروتها على تحقيق تصوراتها تلك‪ ،‬فقد‬ ‫رأت فى السيد مجدى الجالد مذي ًعا! وراهنت على خيالها الفنى فى‬ ‫‪19‬‬


‫تحويل الشارب البدائى أسفل األنف المعكوف إلى صورة مقبولة‬ ‫يمكنها الظهور فى برنامج ترفيهى!‪.‬‬

‫أما ثالث األصدقاء فهو األستاذ «أحمد المسلمانى» الذى بدأت‬ ‫صداقته معها فى نفس الفترة تقري ًبا (‪ )2008‬لكنها ستمتد وتتقوى‬ ‫أواصرها بشكل سينمائى فيما بعد‪ ،‬وقد أضحكنى األستاذ أحمد‬ ‫كثيرا فى مقال كتبه فى صحيفة المصرى اليوم عن رحلة‬ ‫المسلمانى ً‬ ‫باريسية جاءته فى شهر رمضان المبارك (‪ ،)2009‬وكيف أنه كان يجد‬ ‫صعوبة بالغة فى معرفة موعد مدفع اإلفطار فى بالد العطور والنساء‪،‬‬ ‫وختم المقال بفرحته أثناء تناول اإلفطار ً‬ ‫قائل‪:‬‬ ‫«ثم دعوت رئيس التحرير األستاذ مجدى الجالد‬ ‫الذى تواجد فى باريس‪ ،‬والتشكيلية المرموقة األستاذة‬ ‫شاليمار شربتلى على إفطار أرستقراطى مهيب‪ ،‬ال يعرف‬ ‫األستاذ مجدى الجالد الكثير عن المطعم الفرنسى‪ ،‬وال‬ ‫ً‬ ‫إجمال محدود المعرفة فى عالم‬ ‫حتى القليل عنه‪ ،‬وهو‬ ‫الطعام والشراب داخل البالد وخارجها»‪.‬‬

‫أما لماذا أضحكنى فألسباب كثيرة أهمها شعورى كروائى بأن‬ ‫الدراما هنا فى هذا العالم المبهر‪ ،‬هنا حيث أبناء الطبقة المتوسطة وقد‬ ‫عرفوا عالم الكاميرات والبرامج الرمضانية‪ ،‬وتذوقوا الطعام الفرنسى‪،‬‬ ‫وأصبح أحدهم يتباهى بمعلوماته عن أسرار المطبخ الباريسى‪،‬‬ ‫وسيتحدث فيما بعد عن الموضة وأنواع اللحمة «الفيليه» فى دول‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫كثيرا وأنا أرى سينما جديدة على أرض‬ ‫أضحكنى المسلمانى ً‬ ‫‪20‬‬


‫الواقع ينتصر فيها البطل الفقير ليس النه ابن الجناينى الذى يحمل‬ ‫المذلة والقهر كما فى فيلم «رد قلبى»‪ ،‬ولكن ألنه «متعلم ومتنور»‬ ‫ويجيد التعامل مع أميرات القصور‪.‬‬

‫سينتصر «المسلمانى» لكل عشاق «إنجى» والطامحين إلى‬ ‫جميالت القصور‪ ،‬وسيعيش قصة حب مع األميرة فوزية حفيدة‬ ‫الملك فاروق‪ ،‬وستجرى الميه فى العاللى وتعلو العين عن الحاجب‬ ‫وسيكون للفنانة شاليمار وعائلتها العريقة دور كبير فى ذلك‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫(‪)3‬‬

‫كف القمر‬ ‫عندما ظهر أحمد المسلمانى ببرنامجه «الطبعة األولى» كان‬ ‫يقدم صور ًة جديدة عن المذيع العادى الذى ال يعتمد على الوسامة‬ ‫أو «الحفلطة» وهز األكتاف‪ ،‬وتفاعلت الجماهير مع هذا الشاب‬ ‫الواعى الذى تبدو على مالمحه طيبة الفالحين والبسطاء والذى‬ ‫يفكك الصحافة بأسلوب مهنى رفيع المستوى‪ ،‬وسري ًعا وصل‬ ‫أيضا وصل‬ ‫المسلمانى إلى الناس فى القرى البعيدة‪ ،‬وسري ًعا ً‬ ‫إلى هوانم الصالونات مثق ًفا هادئًا يمتلك المعلومات البسيطة‬ ‫ويقدمها فى سوليفان‪.‬‬

‫قادرا‬ ‫واستراح الفتى فى أجواء العطور واإلتيكيت‪ ،‬ولم يعد ً‬ ‫على مشاهدة العشوائيات أو سماع األلفاظ القبيحة التى تضمنها‬ ‫فيلم «هى فوضى» ً‬ ‫قادرا على احتمال وجود‬ ‫مثل‪ ،‬بل إنه لم ي ُعد ً‬ ‫«اليسار»!‪ ،‬ذلك الفصيل الكامل الذى يتعمد تشويه صورة مصر‪،‬‬ ‫كما قال المسلمانى فى مقال بعنوان «سينما اليسار‪ ..‬هى فوضى؟»‬ ‫‪22‬‬


‫نُشر بصحيفة المصرى اليوم بتاريخ ‪ 21‬ديسمبر ‪ ،2007‬إليكم‬ ‫فقرات‪:‬‬ ‫(‪ ..‬لست واحدً ا ممن يقدرون اليسار فى مصر‪ ،‬وظنى‬ ‫كثيرا بالتطور السياسى‬ ‫أن اليسار المصرى قد أضر ً‬ ‫واالقتصادى فى البالد‪ ..‬وربما أكون مغال ًيا فيما‬ ‫أرى وأقدر‪ ،‬لكننى أجدنى ذاه ًبا فى عدم القبول من‬ ‫اليسار السياسى إلى اليسار الثقافى‪ ..‬ال أجد منط ًقا‬ ‫يحكم إبداعات اليسار فى الفنون‪ ،‬وال أظن أن اليسار‬ ‫الفنى قد أسهم فى تحقيق رسالة ذات قيمة أو قيمة‬ ‫لها رسالة‪.‬‬ ‫أقول هذا فى مناسبة موجة أفالم اليسار التى تتصدر‬ ‫السينما المصرية اآلن‪ ،‬وهى موجة فى مدرسة لها‬ ‫أستاذ وتلميذ ومريدون‪ ،‬تأخذ المدرسة شرعيتها من‬ ‫نقد الحكومة والسلطة والنظام‪ ،‬وإظهار معركة عنيفة‬ ‫مع الشرطة واألمن‪ ،‬كما تزيد من شرعيتها بمماألة‬ ‫المثقفين‪ ،‬ونفاق المستقلين‪ ،‬واالحتماء بصداقات كثير‬ ‫كثيرا‬ ‫من المعارضين وقليل من المناضلين‪ ،‬لقد تأملت ً‬ ‫ما تعرضه «سينما اليسار» فى مصر اآلن ـ لم أجد ما يقوله‬ ‫ً‬ ‫جهل بالقضايا‬ ‫المعجبون وال المبهورون وجدت‬ ‫والتباسا‬ ‫السياسية‪ ،‬وضحالة فى المعرفة االجتماعية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فيما يوجب الوضوح‪ ،‬ووقاحة فيما يتوجب الستر‪.‬‬ ‫تدهورا فى اللغة‪ ،‬وانحطا ًطا فى األلفاظ‪ ،‬كتلة‬ ‫وجدت‬ ‫ً‬ ‫ضخمة من قذارة المفردات وإسفاف العالقات‪ ،‬وجدت‬ ‫شذو ًذا واس ًعا‪ ،‬األم واالبن‪ ،‬واألم والبنت‪ ،‬والصديقة‬ ‫والصديقة‪ ،‬وشذوذ فى القول والفعل‪ ،‬بقى أن أعتذر عن‬

‫‪23‬‬


‫استخدامى ألفا ًظا «غير مناسبة»‪ ..‬لم أتعود استخدامها‬ ‫من قبل‪ ،‬ذلك أننى خرجت من دور السينما فاقدً ا األمل‬ ‫فى أن تكون صناعة السينما فى صالح المستقبل‪ ،‬لقد‬ ‫تم اختطاف السينما المصرية لمن يتاجرون بالوجع‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أبطال‪.)..‬‬ ‫ليصبحوا‬

‫دعك من مفارقات القدر التى جعلت األستاذ «أحمد المسلمانى»‬ ‫نموذجا على ما يريد‬ ‫يتخذ من خالد يوسف ـ الذى لم يذكر اسمه ـ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ودعك مما سيحدث فيما بعد ثورة يناير من زواج المخرج‬ ‫أن يقول‪،‬‬ ‫الكبير والتشكيلية المرموقة «شاليمار شربتلى» وما سيتبع ذلك من‬ ‫حضور المسلمانى والدكتور أحمد زويل حفل افتتاح فيلم «كف‬ ‫القمر»‪ ،‬دعك من كل ذلك‪ ،‬وتأمل معى تلك الطريقة العبقرية التى‬ ‫مصورا (اليسار) الثقافى‬ ‫انحاز بها «المسلمانى» إلى دولة مبارك‬ ‫ً‬ ‫والسياسى باالنحطاط الفكرى والدينى واألخالقى‪ ،‬فتلك الطريقة‬ ‫الناعمة كان لها مفعول السحر وصعدت به إلى صالونات «النخبة»‬ ‫السياسية التى احتمى بها مبارك‪ ،‬واستظل تحت أشجارها الصاعدون‬ ‫الجدد ممن أصبحت أبدانهم تقشعر من مشاهد البؤس والفقر فى‬ ‫العشوائيات‪.‬‬

‫‪24‬‬


‫(‪)4‬‬

‫رد قلبى‬ ‫فى مطاعم باريس جلس أحمد المسلمانى ومجدى الجالد مع‬ ‫إفطارا رمضان ًيا سبق أن تحدثنا‬ ‫التشكيلية شاليمار شربتلى‪ ،‬وتناولوا‬ ‫ً‬ ‫عنه‪ ،‬وفى باريس وافق الجالد على برنامج «اتنين فى اتنين» رغم‬ ‫مرض شقيقه‪.‬‬

‫أيضا ـ التقى المسلمانى باألميرة فريال بعد أن‬ ‫وفى باريس ـ ً‬ ‫توطدت عالقته بالملكة «فضيلة» الزوجة السابقة للملك أحمد فؤاد‪،‬‬ ‫وتصاعدت اإلثارة بشكل يفوق الخيال بعد هذه اللقاءات‪ ،‬وتحدثت‬ ‫الصحف ووكاالت األنباء عن قصة حب وليدة بين الفتى الطيب‬ ‫واألميرة فوزية حفيدة الملك فاروق‪ ،‬وقبل الدخول إلى عالم اإلثارة‬ ‫الغرائبى الذى أحاط بتلك القصة الباريسية يجب اإلشارة إلى أن الفنانة‬ ‫أيضا!‪،‬‬ ‫التشكيلية «شاليمار شربتلى» كانت موجودة فى تلك القصة ً‬ ‫نعم كانت موجودة وليس هذا ضر ًبا من الخيال أو التلفيق الدرامى‬ ‫الذى يلجأ إليه ُصناع السينما‪ ،‬فقد وصل المسلمانى إلى السيدة فضيلة‬ ‫‪25‬‬


‫واألميرة فريال عبر «ماجد شربتلى» أحد أقطاب العائلة السعودية‬ ‫المرموقة التى توطدت عالقة المسلمانى مع شيوخها ورجال أعمالها‪،‬‬ ‫وامتدت العالقة إلى عائالت كويتية وأخرى إماراتية‪ ،‬وحتى ال تظننى‬ ‫مبال ًغا فيما أقول‪ ،‬اقرأ بنفسك فقرات قصيرة من مقال طويل كتبه أحمد‬ ‫المسلمانى بعنوان «قصور وقبور‪ ..‬قصة األميرة فريال» فى المصرى‬ ‫اليوم (‪ 30‬ديسمبر ‪ )2009‬يروى فيه قصته كاملة مع العائلة المالكة‬ ‫وكيف دخل قصورها الباريسية ‪:‬‬ ‫بدأت عالقتى باألميرة فريال على إثر حديث تليفزيونى‬ ‫أجريته فى باريس مع فضيلة فاروق «الزوجة السابقة‬ ‫ألحمد فؤاد»‪ ،‬كان حديث «الملكة فضيلة» مدو ًيا‪..‬‬ ‫واهتمت به أوساط متنوعة فى عدة دول‪ ..‬وقد تحدث‬ ‫إلى أفراد من عائالت آل سعود والصباح وآل نهيان‬ ‫وآل ثانى من أجل دعوتها‪ ،‬كنت قد تعرفت إلى فضيلة‬ ‫فاروق عن طريق محاميها «إيلى حاتم»‪ ..‬ويعمل‬ ‫«إيلى حاتم»محام ًيا وأستا ًذا للقانون وهو فرنسى ألب‬ ‫لبنانى وأم بريطانية لها أصول ملكية‪ ..‬ويحضر «إيلى»‬ ‫بانتظام احتفاالت العائالت المالكة السابقة والتى تمثلها‬ ‫رابطة فى أوروبا‪.‬‬ ‫وقد سمعت عنه كال ًما جيدً ا من أستاذه المصرى‬ ‫د‪ .‬بطرس غالى‪ ،‬األمين العام األسبق لألمم المتحدة‪.‬‬ ‫‪.. .. .. ..‬‬ ‫أصبح «إيلى حاتم» صدي ًقا لى‪ ..‬وقد تعرفت عليه من‬ ‫خالل رجل األعمال السعودى ماجد شربتلى الذى‬ ‫تربطنى بعائلته صداقة قديمة‪ ،‬وقد عرفنى «إيلى حاتم»‬

‫‪26‬‬


‫بدوره على «روالن دوما» وزير خارجية فرنسا األسبق‪،‬‬ ‫وكذلك «جان مارى لوبن» زعيم اليمين المتطرف فى‬ ‫فرنسا والذى يشاركه «إيلى» العداء الشديد إلسرائيل‪.‬‬ ‫ذات ظهيرة دافئة فى باريس قال لى «إيلى»‪ :‬هل تعرف‬ ‫الملكة فضيلة؟ قلت له‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬فضيلة فاروق هى‬ ‫زوجة الملك أحمد فؤاد وأم أوالده الثالثة‪ :‬وأنا‬ ‫محاميها‪ ،‬ويمكننى إقناعها بإجراء مقابلة تليفزيونية‬ ‫معك لقناة دريم‪ ،‬وذات ظهيرة دافئة تالية تقابلنا ثالثتنا‪،‬‬ ‫فضيلة وإيلى وأنا‪ ،‬فى فندق ماريوت الشانزليزيه‪ ..‬حيث‬ ‫جرى التعارف وبدأت صلتى بفضيلة فاروق‪.‬‬ ‫‪.. ..‬‬ ‫بدت لى فضيلة فاروق شخصية طيبة‪ ..‬منضبطة فى‬ ‫المواعيد ومجاملة فى التعامل وفخورة بزواجها من‬ ‫أحمد فؤاد وكثيرة الحديث عن حماتها الملكة ناريمان‪،‬‬ ‫التقيت فضيلة فاروق أكثر من عشرين مرة كلها فى‬ ‫باريس‪.‬‬

‫‪27‬‬


‫(‪)5‬‬

‫الإعالمى والأميرة‬ ‫بينما كان العالم العربى يتابع على شاشة دريم مأساة العائلة‬ ‫المالكة فى بالد الغربة كانت تتناثر قصص وحكايات عن عالقة‬ ‫المسلمانى مع حفيدة الملك فاروق األميرة فوزية ابنة أحمد فؤاد‬ ‫ووجدت الصحف فى ذلك وجبة شهية تكتسب‬ ‫من طليقته فضيلة‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫حالوتها من مفارقاتها الغرائبية‪ ،‬فها هو التاريخ يعيد نفسه‪ ،‬وها‬ ‫هم أبناء ثورة يوليو المنتمين للطبقة المتوسطة وما تحتها يكسرون‬ ‫الحواجز بين العشة والقصر‪.‬‬

‫وتمنيت أن تكون قصة حقيقية تكتمل‬ ‫كنت سعيدً ا بها‬ ‫ُ‬ ‫أنا عن نفسى ُ‬ ‫بالزواج‪ ،‬تخلط األنساب وتذيب الفوارق الطبقية‪ ،‬وتُصحح أخطاء‬ ‫الماضى‪ ،‬فقد سبق لجمال سالم أحد قيادات ثورة يوليو أن سعى إلى‬ ‫الزواج من الملكة «فريدة» التى اختارت البقاء فى مصر بعد رحيل‬ ‫فاروق على باخرة المحروسة‪ ،‬لكنها طردته من بيتها لجالفته الزائدة‬ ‫التى جعلته يظن الملكة «أسيرة» يمكن أن تصبح جارية له!‪.‬‬ ‫‪28‬‬


‫مغرورا بالدبابير على كتفه‪ ،‬لم يكن‬ ‫لم يكن المسلمانى جل ًفا‬ ‫ً‬ ‫مصا ًبا بأمراض طبقية‪ ،‬لكنه كان شا ًبا ريف ًيا بسي ًطا اقتحم قصور‬ ‫الملوك بالثقافة والوعى‪ ،‬وهذا أمر يستوجب الفخر‪ ،‬لكن خاب‬ ‫مسعى العشاق!‪ ،‬وتم التشكيك فى القصة كلها!‪ ،‬ونشرت صحيفة‬ ‫تقريرا أشبه بالجرسة للمسلمانى الذى أصيب بصدمة بالغة‬ ‫األهرام‬ ‫ً‬ ‫ألن الطعنة جاءت من المؤسسة التى يعمل بها!‬

‫وقالت الزميلة «سحر عبدالرحمن» فى تقرير حمل عنوانًا تهكم ًيا‬ ‫(اإلعالمى واألميرة‪ ..‬قصة «الخطوبة» الوهمية) نُشر بالصفحة الثالثة‬ ‫فى (‪ 21‬أغسطس ‪ )2010‬أن الملك أحمد فؤاد الثانى «آخر ملوك‬ ‫مصر» فوجئ بنشر قصة غريبة عن ابنته تفيد بأن أحد اإلعالميين‬ ‫المصريين رفض االرتباط بها ألن أمها يهودية مؤكدً ا أن زوجته‬ ‫السابقة أعلنت إسالمها منذ ‪ 30‬عا ًما‪.‬‬

‫وأكدت سحر عبدالرحمن فى تقريرها أن نفوذ «الشلل»‬ ‫اإلعالمية والصحفية وراء تسريب شائعات عن خطبة وشيكة بين‬ ‫اإلعالمى واألميرة فوزية التى أكدت «سحر عبدالرحمن» أنها‬ ‫غرقت فى الضحك فور سماعها بالشائعة مؤكد ًة أنها لم ِ‬ ‫تلتق هذا‬ ‫اإلعالمى إال مرة واحدة تبادال خاللها حدي ًثا سري ًعا عن الحوار‬ ‫خصوصا أن األميرة تتحدث‬ ‫الذى أجراه اإلعالمى مع والدتها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الفرنسية وال تجيد العربية‪.‬‬ ‫لم يدخل المسلمانى فى صراع نفى الشائعة أو تأكيدها!!‪ ،‬وكان‬ ‫مضطرا لإلجابة وإرضاء فضول زمالئه‬ ‫ذلك غري ًبا! وكلما وجد نفسه‬ ‫ً‬ ‫‪29‬‬


‫الصحفيين كان يقول إنها قصة من الماضى من دون أن يذكر تفاصيل‬ ‫أخرى!‪ ،‬واختار أن يختتم مرحلة ما قبل ثورة يناير بإعالن زواجه فى‬ ‫خبر تداولته الصحف جمي ًعا بعناوين متشابهة‪،‬وإن كان «المسلمانى»‪،‬‬ ‫خص (اليوم السابع ) بهذا الخبر السعيد‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫أكد أنه سيعلن زواجه قري ًبا‬ ‫المسلمانى ينفى ارتباطه باألميرة فوزية‬ ‫كتب ‪/‬أحمد براء‬ ‫أكد اإلعالمى أحمد المسلمانى مقدم برنامج‬ ‫يكن‬ ‫«الطبعة األولى» على قناة دريم الفضائية أنّه‬ ‫ّ‬ ‫االحترام والتقدير لكل من يعرفه فى األسرة المالكة‪،‬‬ ‫ولكن موضوع ارتباطه وزواجه من األميرة فوزية ابنة‬ ‫الملك أحمد فؤاد الثانى قصة قديمة‪ ،‬مضي ًفا لليوم‬ ‫السابع أنّه مرتبط اآلن بفتاة مصرية خريجة كلية تجارة‬ ‫إنجليزى وتعمل فى أحد البنوك‪.‬‬

‫اليوم السابع ‪ 24‬أغسطس ‪2010‬‬

‫‪30‬‬


‫(‪)6‬‬

‫الخطاب العاطفى‬ ‫هذه هى المشاهد التى عاشها المسلمانى قبل ثورة يناير‪،‬‬ ‫وهى فى مجملها نموذج لصحفى شاب نجح فى الوصول إلى‬ ‫عالم الكاميرات واألميرات والعطور الباريسية واالشمئزاز من‬ ‫«اليسار الثقافى والسياسى» ولم يكن فى صراع مع النظام أو‬ ‫ً‬ ‫مقبول لدى‬ ‫السلطة‪ ،‬ولو افترضناه شخصية روائية فلن يكون‬ ‫رافضا‬ ‫القراء أن يتحول إلى بطل ثورى غاضب على األوضاع‬ ‫ً‬ ‫مثل! لكن الواقع األكثر ً‬ ‫توريث السلطة ً‬ ‫خيال من الروايات كان‬ ‫له رأى آخر!‪ ،‬وذابت القصص القديمة بعطورها الفرنسية لتظهر‬ ‫صورة الفتى الطيب الذى يحب الثورة ويخاف عليها‪ ،‬حتى قفز‬ ‫«عبداللطيف المناوى» فى يناير ‪ 2012‬وقلب الطاولة‪ ،‬وقال إن‬ ‫المسلمانى شارك فى كتابة الخطاب العاطفى الشهير لمبارك‬ ‫قبل موقعة الجمل‪ ،‬وذكر فى كتابه «األيام األخيرة لنظام مبارك»‬ ‫أن األزمة التى عاشتها مصر خالل فترة الـ‪ 18‬يو ًما التى سبقت‬ ‫‪31‬‬


‫تنحى الرئيس المخلوع مبارك‪ ،‬اقتضت منه دعوة بعض الصحفيين‬ ‫للتشاور معهم «كان من بينهم صحفى ومذيع فى الوقت نفسه اسمه‬ ‫أحمد المسلمانى‪ ،‬والذى قال إنه على عالقة وثيقة باألطراف‬ ‫السياسية المختلفة فى ميدان التحرير»‪ ،‬وينتهى المناوى ـ الذى‬ ‫رئيسا لقطاع األخبار بالتليفزيون المصرى ـ إلى أنه كتب‬ ‫كان‬ ‫ً‬ ‫مع المسلمانى خطا ًبا لمبارك‪ ،‬وقامت الدنيا ولم تقعد!‪ ،‬وخرج‬ ‫ّ‬ ‫وتنقل‬ ‫المسلمانى ليدافع عن نفسه عبر برنامجه «الطبعة األولى»‬ ‫بين الفضائيات ليؤكد القصة من حيث أراد أن ينفيها‪ ،‬واعترف‬ ‫بأنه كتب خطا ًبا بالفعل ولكن مبارك ألقى خطا ًبا آخر!‪ ،‬هو طلب‬ ‫منه اعتزال السلطة ومبارك لم يفعل!!‪.‬‬

‫وبعيدً ا عن أن الواقعة ومدى تأكيدها أو نفيها مثل قصة خطوبة‬ ‫كبيرا طرأ على اإلعالمى الشاب بعدها‬ ‫تغيرا ً‬ ‫األميرة فوزية‪ ،‬إال أن ً‬ ‫جعله يفكر فى الترشح لرئاسة الجمهورية! ربما كان يسعى إلى إخماد‬ ‫فكر بالفعل فى رئاسة مصر!‪،‬‬ ‫الشائعات بحقيقة مدهشة!‪ ،‬وربما ّ‬ ‫وعلى أية حال ها نحن ـ فى مارس ‪ 2012‬ـ أمام أمر واقع تتداوله‬ ‫الصحف والمواقع اإلخبارية التى قالت إن اإلعالمى المصرى أحمد‬ ‫المسلمانى كشف عن نيته للترشح لرئاسة الجمهورية فى االنتخابات‬ ‫القادمة‪ً ،‬‬ ‫قائل‪:‬‬ ‫مفتوحا أمامه للترشح‪ ،‬السيما بعدما‬ ‫«إن الباب أصبح‬ ‫ً‬ ‫تراجع الدكتور محمد البرادعي‪ ،‬وإعالن الدكتور‬ ‫أحمد زويل عدم تفكيره فى الترشح للرئاسة‪،‬‬ ‫المسلمانى أوضح أن أحد األحزاب الممثلة فى‬

‫‪32‬‬


‫مجلس الشعب‪ ،‬عرضت عليه األمر‪ ،‬ووعدته بتوفير‬ ‫ً‬ ‫توكيل من النواب لتأييده فى الترشح النتخابات‬ ‫‪30‬‬ ‫الرئاسة»‪.‬‬

‫ولم يترشح المسلمانى لكن ثورة ‪ 30‬يونيو جعلته يقترب من‬ ‫مستشارا إعالم ًيا للرئيس المؤقت عدلى‬ ‫القصر الرئاسى ويصبح‬ ‫ً‬ ‫منصور وسيزور المملكة العربية السعودية موفدً ا من الرئاسة‪.‬‬

‫‪33‬‬



‫الفصل الثانى‬

‫مقهـى فيينـا‬ ‫ِ‬ ‫سع سنواٍت‬ ‫ت ُ‬ ‫ُ‬ ‫أخلط ثالث َة أنوا ٍع من الشاي‬ ‫كنت‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫كي أتأكدَ من وجود ال َّطع ِم‬ ‫ِ‬ ‫واللون والرائح ْة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫سنوات‬ ‫سع‬ ‫ت ُ‬ ‫أفتح ُش ّباكًا واحدً ا‬ ‫لم ْ‬ ‫في جدارٍ‬ ‫َدخ ِل الشمس من َفر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولم ت ُ‬ ‫الباب‬ ‫جة‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫أصدقائي ‪..‬‬ ‫لم ْ‬ ‫يشعروا بوجودي‬ ‫ولكنهم شاهدوا الموسيقى‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الحائط‬ ‫تسيل على‬ ‫إبراهيم داود‬



‫(‪)1‬‬

‫�أ�ساتذة وتالميذ‬ ‫فى كتب متفرقة كنت أقرأ عن مقهى «متاتيا» الذى حمل اسم‬ ‫العمارة العظيمة التى صممها اإليطالى «متاتيا» بوسط القاهرة‪،‬‬ ‫قصصا عظيمة من الكاتب والشاعر»أسامة عفيفى» عن‬ ‫وسمعت‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫مقهى «عبدالله»بالجيزة‪ ،‬وكيف تنقل األدباء والمفكرون والفنانون‬ ‫بين كراسيهما الخشبية‪ ،‬ولم أكن أتخيل وأنا أكتب اآلن أن مقهى‬ ‫«فيينا» بشارع قصر العينى يستحق التأريخ لمعارك أصدقاء المهنة‬ ‫وما يتبع المعارك من دراما الغدر والقتل وبيع األيام والعيش والملح!‪،‬‬ ‫مصدرا لحكايات مثيرة عن مهنة الصحافة ومداخلها‬ ‫وربما يصلح‬ ‫ً‬ ‫ومخارجها وطبيعة محترفيها‪.‬‬

‫المقهى فى مواجهة مسرح السالم مباشرة وعلى ُبعد خطوات من‬ ‫مبنى روزا اليوسف العتيق وتدور حوله مؤسسة الهالل بإصدارتها‪،‬‬ ‫وفى شارع ضريح سعد زعلول القريب جدً ا من المقهى كان مقر‬ ‫صحيفة العربى الناصرى مطلع التسعينات وهو المقر الذى استأجرته‬ ‫‪37‬‬


‫فيما بعد صحيفة الدستور فى إصدارها األول‪ ،‬وهو المقر الحالى‬ ‫لصحيفة الموجز‪ ،‬وهو عبارة عن شقتين واسعتين ملك الكاتبة نوال‬ ‫السعداوى وكان زوجها الكاتب شريف حتاتة يزور المكان من وقت‬ ‫آلخر لتحصيل اإليجار‪.‬‬

‫على المقاعد نفسها وربما فى الكوبايات والفناجين نفسها‪ ،‬جلس‬ ‫وشرب عشرات من أجيال صحفية مختلفة تقاسموا الشاى والحلبة‬ ‫والسميط والبيض وتنهدوا وجأروا بالشكاوى من رؤساء التحرير‬ ‫دوارة كما تعلمون‪ ،‬وكبر ضيوف المقهى‬ ‫وبؤس الحال‪ ،‬لكن الحياة ّ‬ ‫وبقر حمدى رزق‬ ‫وتنقلوا بين الصحف الخاصة والمملوكة للدولة‪ّ ،‬‬ ‫بطن إبراهيم عيسى وعايره األخير بعمله ً‬ ‫نقاشا‪ ،‬وكتب عادل حمودة‬ ‫عن مؤخرة عبدالله كمال ونشر صور ًة ضخمة لها وسخر من حجمها!‪.‬‬

‫‪38‬‬


‫(‪)2‬‬

‫طعنات متتالية‬ ‫تفتح وع ُينا ـ نحن جيل التسعينات فى المهنة ـ على اسم األستاذ‬ ‫فاتحا‬ ‫عادل حمودة الذى يقود تجربة صحفية جديدة فى روزا اليوسف ً‬ ‫صفحاتها للجيل الصاعد المكون من «إبراهيم عيسى‪ ،‬وائل اإلبراشى‪،‬‬ ‫عبدالله كمال‪ ،‬محمد هانى‪ ،‬عمرو خفاجى‪ ،‬أسامة سالمة‪ »..‬وغيرهم‬ ‫مما ال تسعفنى الذاكرة بأسمائهم‪ ،‬وحدث أن أستقل «عيسى» وأصدر‬ ‫صحيفة الدستور فهاج «عادل» على التلميذ الذى تمرد وخرج عن‬ ‫عباءة األب‪ ،‬نفس السيناريو تقري ًبا تكرر عندما غضب إبراهيم عيسى‬ ‫على كل من ذهب للعمل فى تجربة «الجيل» التى صدرت بعد إغالق‬ ‫الدستور !‪.‬‬

‫هبت عواصف بالل فضل لتطيح بعالقته مع‬ ‫ومن فيينا‬ ‫ْ‬ ‫إبراهيم عيسى‪ ،‬وحولها وبالقرب من مقاعدها سعى األستاذ‬ ‫«عادل حمودة»بكل ما يملك لالستحواذ على مدرسة «هيكل» ووراثة‬ ‫كنوز معلوماته‪ ،‬وسعى للقاء الرؤساء والملوك ليجمع معلومات مثل‬ ‫‪39‬‬


‫ً‬ ‫متأمل خبراته وثقافته‬ ‫تلك التى يمتلكها أستاذه‪ ،‬وجلس إليه سنوات‬ ‫الواسعة ومواقفه التاريخية وأصدر كت ًبا تضم حوارات األستاذ وحياة‬ ‫األستاذ وأحالم وكوابيس األستاذ‪ ،‬وكاد يصبح الوريث الشرعى‬ ‫لهيكل بما يمتلك من أسلوب وخيال‪.‬‬

‫العبقرى «محمد هانى» الذى يستحق لقب بروفيسور اإلعالم فى‬ ‫مصر التقط الفكرة‪ ،‬وبذل مجهودات خرافية حتى أقنع «عادل حمودة»‬ ‫بالظهور على قناة «سى بى سى»‪.‬‬

‫كان «هانى» يؤسس للمحطة الجديدة ورأى فى «عادل حمودة»‬ ‫واجهة تحمل جينات هيكل وتصنع ً‬ ‫كبيرا للقناة الوليدة‪ ،‬وتم‬ ‫ثقل ً‬ ‫تدشين المحطة بعد ثورة يناير بأشهر قليلة بنجمها الجديد عادل‬ ‫حمودة‪ ،‬لكن «هيكل» لم يكن قد شبع من النجومية بعد!‪ ،‬وركب‬ ‫مصورا نفسه أحد ضحايا نظام مبارك‪ ،‬وسيطر على المشهد‬ ‫ثورة يناير‬ ‫ً‬ ‫بمعلوماته الغزيرة!‪ ،‬وعندما جاء المجلس العسكرى سعى إليهم‬ ‫هيكل واستعانوا به فى كثير من أزماتهم!‪ ،‬وتبادل هيكل اللقاءات‬ ‫مع محمد مرسى وقدم إليه النُصح ولم يعترض على عبارته الشهيرة‬ ‫«الستينات وما أدراك من الستينات»!‪ ،‬وأشيع أن هيكل هو الذى‬ ‫يكتب برنامج المرشح الرئاسى «عبدالفتاح السيسى» قبل أن ُيشاع فى‬ ‫ديسمبر ‪ 2014‬أن قرار إقالة «السيسى» لرئيس المخابرات المصرية‬ ‫محمد فريد التهامى وتعيين اللواء «خالد فوزى» صدر عقب حوار‬ ‫هيكل مع لميس الحديدى حين نصحه بالثورة على نظامه!!‪.‬‬ ‫جم أن ُيفسح‬ ‫كل ذلك يحدث وهناك كاتب كبير ينتظر فى أدب ّ‬ ‫‪40‬‬


‫«األستاذ» المجال ولو ً‬ ‫قليل!‪ ،‬لكنه لم يفعل‪ ،‬وربما سعى إلى إبعاد‬ ‫«التلميذ» من المشهد كما كتب «التلميذ» نفسه فى طعنات متتالية‬ ‫وجهها إلى هيكل وأوالده‪ ،‬وإبراهيم المعلموعائلته‪ ،‬وكشف‬ ‫المسكوت عنهما فى مقال حمل عنوان «كاتب وملك وسبعة رؤساء‬ ‫والبقية تأتى»‪.‬‬

‫‪41‬‬



‫الفصل الثالث‬

‫م�صر قرية �صغيرة‬ ‫صبرا ً‬ ‫مهل‬ ‫بعد سنوات ستجىء األيام السعيدة‬ ‫لن يستقر األمر على حاله‬ ‫أول العمر يغمض عينيه فيرى أياما مقبلة‬ ‫وربي ًعا فت ًيا يخرج الخلق بمأمن من عبث المماليك‪.‬‬ ‫جمال الغيطانى‬

‫(الزينى بركات)‬



‫(‪)١‬‬

‫�ألوان الف�ضائيات‬ ‫لو أنك كاتب للقصة أو السيناريو‪ ،‬فماذا تريد؟‬

‫ٍ‬ ‫رجل أعمال يعمل بمجال النشر ـ ً‬ ‫قاض كبير‬ ‫مثل ـ فى حوار مع‬

‫يمارسان رياضة المشى بالترنج سوت على تراك النادى؟‪.‬‬

‫إن كان هذا المشهد ُيعجبك فتستطيع أن تتخيل النائب العام‬

‫المستشار الجليل عبدالمجيد محمود وبجواره الناشر إبراهيم المعلم‬ ‫الذى شغل لسنوات طويلة عضوية مجلس إدارة النادى األهلي ً‬ ‫زميل‬ ‫حوارا عاد ًيا عن أحوال‬ ‫لسيادة المستشار‪ ،‬وتستطيع أن تتخيل بينهما‬ ‫ً‬ ‫مثيرا حول أصداء‬ ‫البلد عقب سقوط نظام مبارك مباشرة‪،‬‬ ‫أوحوارا ً‬ ‫ً‬

‫قضية (مهرجان القراءة للجميع) التى تفجرت وتورط فيها أحدهما‬

‫أو صديق لهما‪.‬‬

‫ولكن قبل أن تتخيل كل ذلك‪ ،‬عليك أن تعرف أن مصر قرية صغيرة‬

‫جدً ا‪ ،‬هكذا أؤكد لك بحكمة المفكرين الكبار‪ ،‬نعم هى كذلك وأقل‪،‬‬ ‫‪45‬‬


‫فها هى األستاذة «أميرة»جارتنا خريجة كلية األلسن التى تزورنا من‬ ‫وقت آلخر‪ ،‬تتحدث إلى زوجتى عن المسلسالت التى تشاهدها على‬ ‫وكنت أظن‬ ‫«القناة الحمرا‪..‬أو الزرقا أو اللى عليها نجمة صفرا»!!‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أبناء قريتى فقط يفعلون ذلك ويصنفون القنوات حسب ألوانها!!‪،‬‬ ‫كنت أظن أبناء المدن والمتعلمين يعرفون أسماء الفضائيات وحجم‬ ‫ثروات أصحابها ومواقعهم السياسية واالقتصادية على خريطة مصر‪،‬‬ ‫وكثيرا‬ ‫لكننى اكتشفت أنها حالة عامة فى معظم البيوت المصرية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ما نسمع الجدات ينهرن العيال العفاريت لتحويل محطات المساخيط‬ ‫الكارتونية لمشاهد مسلسل على الصفرا‪ ،‬أو «الحمرا»‪.‬‬

‫وللناس العذر فلم يسبق لبلد أن عاش هذا الهوس الذى أصاب‬ ‫رجال األعمال وجعلهم يتصارعون المتالك فضائيات وصحف‬ ‫ومواقع إليكترونية!‪ ،‬ولم يسبق لمصر أن شاهدت كل هذه المليارات‬ ‫تتنقل فى الهواء من محطة ألخرى‪ ،‬ومن فخ لدحديرة إللخ إلخ فى‬ ‫أوسع عمليات غسيل للسمعة وتطهير للذمم تتم على مرآى ومسمع‬ ‫ودونما خجل!‪.‬‬

‫بعد ثورة يناير كان رجل األعمال «الحمار» فقط ـ أكرر الحمار‬ ‫فقط ـ هو الذى لم يتعلم درس «صالح دياب» صاحب صحيفة‬ ‫المصرى اليوم‪ ،‬فالرجل عبر من الثورة بأمان رغم البالغات‬ ‫والتحقيقات إال أن أحدً ا ولم يخدشه وظل محصنًا بأقالم وحناجر‬ ‫الصحفيين‪ ،‬وغيره عشرات ممن ماتت قضاياهم موتًا إعالم ًيا!‪،‬‬ ‫صحيفة أومحطة فضائية‪ ،‬إنها تركيبة مضمونة تعبر بها المستحيل‪.‬‬ ‫‪46‬‬


‫المعلم «إبراهيم المعلم» صاحب دار الشروق ونائب رئيس اتحاد‬ ‫الناشرين كان أول الش ّطار‪ ،‬فلم يكتف بالشروق‪ ،‬واشترى صحيفة‬ ‫يومية أخرى هى «التحرير» واشترى عليهما قناة التحرير بنجم التحرير‬ ‫«إبراهيم عيسى»‪ ،‬وأصبح بإمكانه أن يتحدث فى التاسعة أو العاشرة‬ ‫مسا ًء على شاشة التحرير ويتحول كالمه فى الصباح إلى عناوين‬ ‫أيضا‬ ‫براقة والئقة بصاحب صحيفتى الشروق والتحرير‪ ،‬وبإمكانه ً‬ ‫أن يظهر كضيف السهرة السياسية فى فضائيات صديقة بصحفها‬ ‫ومواقعها اإلليكترونية‪ ،‬فالجميع يتبادل االستوديوهات فى مهرجان‬ ‫الثورة العامر !‪.‬‬

‫ّ‬ ‫واتخذ سمت‬ ‫ومؤثرا بعد أن كان مهد ًدا‪،‬‬ ‫وأصبح «المعلم» موجو ًدا‬ ‫ً‬ ‫وصفات الحكماء وبدأ يتحدث عن الجيش والشعب والمستقبل‬ ‫والماضى!‬

‫‪47‬‬


‫(‪)2‬‬

‫جمعة الغ�ضب‬ ‫قبلها‪ ،‬كادت ثورة ينايرتعرقل قدمه وهو يقفز ليلحق بها فى‬ ‫آخر لحظة‪ ،‬كان الرجل بعيدً ا عن أى صراع سياسى مكتف ًيا بنصيب‬ ‫«دار الشروق» الوافر من مطبوعات مهرجان القراءة للجميع‪ ،‬لكن‬ ‫نارا مستعرة اشتعلت فى ثيابه مع تسريب أخبار فى األوساط الثقافية‬ ‫ً‬ ‫حول إعدام دار الشروق لنسخ مذكرات سوزان مبارك التى كانت‬ ‫على وشك الصدور فى معرض الكتاب وتم تأجيل افتتاح المعرض‬ ‫نظرا لحساسية‬ ‫حتى االنتهاء منها‪ ،‬وهاج المثقفون هيجانًا غير مسبوق ً‬ ‫اسم سوزان فى هذا التوقيت!‪ ،‬وانفرد الصديق والكاتب محمد شعير‬ ‫بنشر تقرير دقيق حول الواقعة نشرته صحيفة األخبار اللبنانية فى‬ ‫أبريل ‪ 2011‬تحت عنوان «ما حكاية الكتاب المخلوع الذى أنكره‬ ‫مقررا أن ُيفتتح معرض القاهرة الدولى‬ ‫الجميع؟»‪ ،‬جاء فيه أنه كان ً‬ ‫للكتاب فى ‪( 26‬يناير) ‪ ،2011‬أى قبل يومين من «جمعة الغضب»‬ ‫تأجل ثالثة أيام قيل يومها إن قرار التأجيل هدفه «منح‬ ‫لك ّن الموعد ّ‬ ‫‪48‬‬


‫الوقت كى يخرج المعرض فى أفضل صورة»‪ ،‬لك ّن سبب التأجيل‬ ‫إيعازا من وزير اإلعالم حينها أنس الفقى الذى فوجئ‬ ‫الحقيقى كان ً‬ ‫ّ‬ ‫بأن دار «نشر الجامعة األمريكية»‪ ،‬و«دار الشروق» لم تنتهيا من طباعة‬ ‫كتاب السيدة األولى يومذاك سوزان مبارك‪ ،‬وحمل عنوان «اقرأ لى‬ ‫كتا ًبا‪ :‬قصة السيدة األولى وحفيدها»‪.‬‬

‫وفشلت كل محاوالت نفى الخبر خاصة أن مراسل جريدة‬ ‫«واشنطن بوست»جون ثوربر ـ كما يقول شعير فى التقرير ـ اكتشف‬ ‫وجود الكتاب فى كاتالوج الجامعة الذى أشار إلى أن الكتاب يضم‪:‬‬ ‫«ذكريات سوزان مع حفيدها محمد عالء مبارك‪ ،‬الذي توفى عام‬ ‫‪ ،2009‬على نحو مأسوى عن عمر يناهز ‪ 12‬عا ًما»‪.‬‬

‫نشر مذكرات سوزان وحفيدها لم يكن شعلة النار الوحيدة التى‬ ‫كادت تحرق«إبراهيم المعلم»‪ ،‬فقد أثيرت قضية «مهرجان القراءة‬ ‫للجميع» وتم تقديم عشرات البالغات ضده‪ ،‬وبدأت نيابة األموال‬ ‫العامة فى التحقيقات‪ ،‬لكن أحدً ا لم ينتبه ولم يهتم‪ ،‬وهدأت العواصف‬ ‫ليس لفساد ال سمح الله‪ ،‬ولكن ألن المتهم فى التحقيقات أصبح‬ ‫واحدً ا من قبيلة الفضائيات بصحيفتين يوميتين ومحطة فضائية!‪،‬‬ ‫لذلك عندما أشارت صحيفة المصرى اليوم إلى تحقيقات نيابة‬ ‫األموال العامة فى قضية أموال القراءة للجميع لم تذكر اسم إبراهيم‬ ‫المعلم وأشارت إليه بصاحب دار النشر الشهيرة وأحد الناشرين‬ ‫البارزين المتهم باالستيالء على أموال الدعم األجنبى لمشاريع‬ ‫تنموية وثقافية على رأسها مهرجان القراءة للجميع‪ ،‬وعندما نقلت‬ ‫‪49‬‬


‫الصحف من البالغات المقدمة للنائب العام ذكرت أنه‪ :‬تم تحويل‬ ‫عضوا بلجنة‬ ‫أموال طائلة إلحدىدور النشر بعد اختيار مالكها للعمل‬ ‫ً‬ ‫مشروع القراءة للجميع التى كانت ترأسها سوزان مبارك‪.‬‬

‫هكذا كذا فزورة وهكذا كذا تسير الحياة‪ ..‬ولله فى خلقه شئون‪.‬‬

‫‪50‬‬


‫الفصل الرابع‬

‫رجل ال يمرر الكرة‬ ‫أحلم بأن أربح أربعين أل ًفا‪،‬ألتوقف تما ًما عن الكتابة التي أزهدها‪،‬‬ ‫سئمت العمل الدائم بالكتابة للحصول علي مقابل ضئيل بينما يتقدَّ م بي‬ ‫العمر حثي ًثا‬ ‫تشيكوف‬

‫(رسائل الى العائلة)‬ ‫ترجمة ياسر شعبان‬



‫(‪)1‬‬

‫�سن التطهر‬ ‫المكالمة الوحيدة التى تلقيتها فى حياتى من األستاذ عادل حمودة‬ ‫كانت عتا ًبا على وضع اسم «هيكل» فى كتاب عن «البغاء الصحفى»‪،‬‬ ‫كان األستاذ «عادل» قد قرأ الكتاب ونقل للصديق «طارق شلتوت»‬ ‫أيضا الصديق «أسامة سالمة»‬ ‫إعجابه بمؤلفه وطلب تليفونى‪ ،‬عاتبنى ً‬ ‫واعتراضا أخر على وجود اسم صديقنا‬ ‫على األمر نفسه‪ ،‬وأضاف عتا ًبا‬ ‫ً‬ ‫راجعت‬ ‫وتقديرا للشخصين‬ ‫المشترك «حمدى رزق»‪ ،‬واحترا ًما‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وجاهل بمكانته‬ ‫الكتاب واكتشفت كم كنت قاس ًيا على األستاذ هيكل‬ ‫تلك‪ ،‬وتمنيت لو حذفت قنا ًعا من التسعة التى استعرضتها لهيكل فى‬ ‫فصل كامل بعنوان‪»:‬هيكل‪ ..‬األقنعة التسعة لألستاذ‪ :‬والذى مهدت‬ ‫نصا‪:‬رجل يعرف كل شىء!هيكل‪ ..‬هيكل‪..‬‬ ‫له بمقدمة قلت فيها ً‬ ‫هيكل‪ ..‬في كل مكان وزمان‪ّ ،‬‬ ‫هلل كثير من أصدقائي عندما ظهر‬ ‫على الشاشة بعد الثورة‪ ،‬وكنت أراه جسدً ا غري ًبا علينا‪ ،‬ويو ًما بعد‬ ‫منظرا لثورة يناير ‪ 2011‬بنفس أدوات ثورة‬ ‫يوم راح يتمدد وينتشر ً‬ ‫‪53‬‬


‫كثيرا أن أتجنب ظهوره المكثف‪ ،‬فقد قلت فيه‬ ‫يوليو ‪،!!52‬‬ ‫ُ‬ ‫وحاولت ً‬ ‫واعتقدت أنه انتهى‪ ،‬أو «أكله» « ُعروة» كما قال صديقي مؤمن‬ ‫الكثير‬ ‫ُ‬ ‫المحمدي تعلي ًقا على أحد مقاالتي عنه‪ ،‬لكنه راح يتمدد وينتشر‪،‬‬ ‫وألننا نأبى أن نصنع تاريخنا بأنفسنا‪ ،‬نأبى أن نتأمل وتكون لنا رؤيتنا‬ ‫دائما) فإنه سيتمدد أكثر في توقيت‬ ‫دون أوصياء (يعرفون كل شيء ً‬ ‫غريب يتزامن مع اتهامات ألبنائه بتضخم الثروات!‪.‬‬

‫دارت األيام على رأى الست أم كلثوم واكتشف حمودة «األقنعة»‬ ‫نفسها وأضاف إليها قنا ًعا جديدً ا بعد ظهور مرسى‪ ،‬وقال فى «هيكل»‬ ‫ما لم أجرؤ على قوله وما ال أعرفبالطبع‪ ،‬وشال األستاذ وخبطه ورزع‬ ‫دماغه فى الحيط عشرات المرات مشككًا فى معلوماته ومؤكدً ا‬ ‫«كذب» الكثير منها فىسلسلة مقاالت بدأها من يناير ‪ 2014‬واستمرت‬ ‫شهورا تشتعل وتنطفئ لتعود ملتهبة ثانيةلتأخذ فى طريقها هيكل‬ ‫ً‬ ‫وأوالده وإبراهيم المعلم وعائلتهبمعلومات دقيقة عن تورطهم فى‬ ‫فساد مع عائلة مبارك!‬

‫كان األمر مفاج ًئا وصاد ًما وآثار دو ًيا أضعاف أضعاف ما أثار‬ ‫كتابى المتواضع‪ ،‬فمن أنا بجوار «عادل حمودة»؟!وما عالقتى بهيكل‬ ‫مقارن ًة بالتلميذ الذى رضع من صدر «األستاذ»؟ أين أنا من تلميذ‬ ‫وإكبارا‬ ‫مديحا وثنا ًء‬ ‫كتب ما يكفى لمجلد من ألفى صفحة على األقل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وإجاللفى هيكل وأدب هيكل!‬

‫واستفزازا من‬ ‫لم يكن «انقال ًبا» من وجهة نظرى بقدر ما كان غي ًظا‬ ‫ً‬ ‫كراهية األستاذ لنفسه وإصراره على البقاء وحيدً ا فى «المشهد»وإزاحة‬ ‫‪54‬‬


‫اآلخرين حتى ولو كان بينهم «التلميذ» النجيب الذى حمل اسمه‬ ‫ً‬ ‫طويل!‪ ،‬وفى مقال «خريف هيكل» الذى جاء عنوانه‬ ‫على كتفه‬ ‫مطاب ًقا لخريف السادات الذى كتبه هيكل بعد ربيع الحب مع بطل‬ ‫الحرب والسالم‪ ،‬يشير «حمودة» إلى مؤامرات صغيرة يحيكها األستاذ‬ ‫بما ال يليق به حين يقول‪:‬‬ ‫«‪ ..‬لم أصدق أنه رفع شكواه ضدى إلى جهات عليا‪..‬‬ ‫واعتبرت ما سمعت شائعة مغرضة‪ ..‬تنال من الرجل‬ ‫أكثر مما تثبت قوة اتصاالته‪ ..‬كما أن السلطة تغيرت‪..‬‬ ‫ولم يعد فى مقدورها االستجابة لتحريض كاتب على‬ ‫كاتب‪ ..‬خاصة إذا كان االثنان قد وصال إلى سن‬ ‫التطهر‪ ..‬وتصفية حسابات الدنيا‪ ..‬قبل المثول أمام‬ ‫محكمة اآلخرة»‪.‬‬

‫لم يكن انقال ًبا‪ ،‬بل صرخة فى األستاذ كى يتوقف ً‬ ‫قليل عن اللهاث‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫سؤال‬ ‫طويل خلف مرسى‪ ،‬كان‬ ‫خلف السيسى وهو الذى لهث‬ ‫وجود ًيا بصيغة استنكار وتعجب‪:‬لماذا ال ينسحب الرجال عندما‬ ‫يسقط المسرح فوق رءوسهم؟ لماذا ال يعودون إلى غرف نومهم‬ ‫قبل أن يسمعوا لعنات الناس الحادة؟إن ال أحد يستطيع أن يستأجر‬ ‫بيتًا فى كل األزمنة والعصور‪ ..‬ومهما تكن الصبغات والمساحيق فإن‬ ‫الزمن كفيل بإبراز تجاعيد النفس قبل كرمشة الوجه‪.‬‬ ‫شعورا بالغبن واألسى من األستاذ الذى‬ ‫لم يكن انقال ًبا‪ ،‬وربما كان‬ ‫ً‬ ‫ال يمرر الكرة مطل ًقا حتى ألقرب الالعبين إلى المرمى‪.‬‬ ‫‪55‬‬


‫(‪)2‬‬

‫عالقة غام�ضة‬ ‫ً‬ ‫طويل عند إبراهيم المعلم‪..‬‬ ‫بعد ثورة يناير‪ ..‬توقفت‬ ‫فهو شريك أحمد هيكل‪ ..‬وفى الوقت نفسه كان الناشر‬ ‫المفضل لسوزان مبارك‪ ..‬فى عالقة لم أستوعب‬ ‫تشابكها وتناقضها‪ ..‬هيكل يعارض مبارك‪ ..‬وابنه‬ ‫شريك الناشر المفضل لسوزان مبارك‪ ..‬لكننى‪..‬‬ ‫لم أشغل نفسى بحل اللغز‪ ..‬فكل شخص فى تلك‬ ‫العالقة له إرادة مستقلة‪ ..‬مهما تكن صالته العائلية‪ ..‬أو‬ ‫صالته السياسية‪ ..‬كما أن للبيزنس أحكامه التى تتجاوز‬ ‫كل االعتبارات والتفسيرات األخرى‪.‬‬ ‫إن المعلم شخصية محورية فى حياة هيكل‪ ..‬فهو ناشر‬ ‫كتبه‪ ..‬وشريك ابنه‪ ..‬والواجهة التى يعمل من خلفها‪..‬‬ ‫فقد أسس المعلم شركة وقعت نيابة عن هيكل مع قناة‬ ‫الجزيرة ليتحدث هيكل على شاشتها تحت عنوان‬ ‫«تجربة حياة»‪ ..‬بجانب أحاديث مباشرة يجريها فى‬ ‫أوقات مختلفة تفرضها سخونة األحداث‪ .‬‬ ‫وقع المعلم مع «الجزيرة» ووقع هيكل مع المعلم‬

‫‪56‬‬


‫وتسلم منه األموال المحولة من قطر بطريقة غير‬ ‫مباشرة‪ ..‬ليحمى نفسه من تهمة القبض يدً ا بيد من‬ ‫العائلة القطرية مالكة القناة‪ ..‬منتهى الذكاء‪ ..‬ومنتهى‬ ‫أيضا أنه توقف عن بث أحاديثه فى «الجزيرة» فور‬ ‫الذكاء ً‬ ‫أن تقاطعت المصالح وتفجرت المتاعب بين القاهرة‬ ‫والدوحة‪.‬‬ ‫قربت العائلة المالكة القطرية هيكل منها بعقد‬ ‫لقد ّ‬ ‫«الجزيرة» الذى يحسب بماليين من الدوالرات‪..‬‬ ‫نجما‬ ‫كما فتحت الباب أمامه ليدخل عالم التليفزيون ً‬ ‫ً‬ ‫مسجل مشواره بالصوت‬ ‫متحد ًثا يشد االنتباه‪..‬‬ ‫والصورة بوسيلة تضمن له الخلود‪.‬‬ ‫وحسب ما سمعت منه‪ ،‬فإن أمير قطر السابق حمد بن‬ ‫خليفة همس له ذات مرة بأنه قام بتمويل ثورة يناير‬ ‫دعما للديمقراطية‪ ..‬ولم يسأله هيكل عن‬ ‫بالمال ً‬ ‫مفهومه للديمقراطية‪ ..‬لكنه‪ ..‬نفى له أن يكون ذلك قد‬ ‫حدث‪ً ..‬‬ ‫قائل‪:‬إن المال ذهب فى الغالب إلى السماسرة‬ ‫والوسطاء‪ ..‬فالشباب الذى فجر الثورة برىء فى أغلبيته‬ ‫من تهمة التمويل الخارجى‪.‬‬ ‫لكن‪ ..‬تلك القصة تؤكد بشهادة هيكل أن قطر ت ُلقى‬ ‫ً‬ ‫أموال فى مصر‪ ..‬إما لمساندة اإلخوان وإما لتخريب‬ ‫البالد‪ ..‬فى حالة غير مسبوقة‪ ..‬لم يشأ هيكل أن يتورط‬ ‫فى تفسيرها رغم أنها ضاغطة وملحة وتحتاج إلى رأيه‪.‬‬ ‫ـ وأشد ما يؤلم أن يهمس البعض بأن ذهاب هيكل إلى‬ ‫خالصا لوجه مصلحة عامة وإنما شابته‬ ‫مرسى لم يكن‬ ‫ً‬ ‫مصلحة خاصة‪ ..‬تتعلق بابنه حسن الهارب فى لندن‬ ‫على ذمة قضية ال تزال منظورة أمام القضاء‪ ..‬لكننى‪..‬‬

‫‪57‬‬


‫ال أعتقد أن هيكل فاتح مرسى فيها‪ ..‬بل وال أتصور أنه‬ ‫ألمح إليها من قريب أو بعيد‪ ..‬فهو رجل يحتفظ بكرامته‬ ‫مهما يكن الثمن الذى سيدفعه‪ ..‬وإن كان من الصعب‬ ‫أعز ما يملك‪.‬‬ ‫عليه أن يكون هذا الثمن حرية أحد أبنائه‪ّ ..‬‬ ‫عادل حمودة‬

‫من مقال «كاتب وملك وسبعة رؤساء والبقية تأتى»‬

‫‪ 9‬يناير ‪ 2014‬ـ الفجر‬

‫‪58‬‬


‫الفصل الخامس‬

‫بالأبي�ض والأ�سود‬ ‫ال يدهشنى أن صديقى‬ ‫َأ ْن َب َت َق ْرنًا في رأسه‬ ‫ِ‬ ‫ب َبرا َع َت ُه في إخفاء الذيل الواضحِ تحت مالبِ ِس ِه‬ ‫و ُأح ُّ‬ ‫وهدو ُء مخالِبِ ِه ُيعجبنى‬ ‫قد يفتك بى‪ ،‬لكنى سوف أسامحه‬ ‫فهو صديقى‬ ‫وله أن يؤذينى أحيانًا‬ ‫ال مشكلة لدى‬ ‫مريد البرغوثى‬



‫(‪)1‬‬

‫�شقة حندو�سة‬ ‫لم أكن أعرف وأنا أدخلها أن حياة روائية كاملة تنتظرنى‪ ،‬هنا‬

‫حيث شقة الدور األرضى فى شارع حندوسة‪ ،‬وفى العمارة المواجهة‬

‫لمستشفى قصر العينى الشهير‪ ،‬بدأت قصص وحكايات وتفرعت‬

‫أساطير‪.‬‬

‫هنا‪ ..‬وعلى تلك المكاتب البسيطة المتناثرة فى أركان الشقة‬

‫الواسعة جلس عبدالحليم قنديل وأسامة عفيفى وعزازى على‬

‫عزازى وسعيد شعيب وأكرم القصاص وطلعت إسماعيل وحمدى‬ ‫عبدالرحيم وفتحى الشوادفى‪.‬‬

‫وهنا‪ ..‬وبين تلك الجدران بدأت قصة حبى مع سيدة األرض‬

‫«ناهد السيد» التى ستصبح زوجتى وأم أوالدى‪.‬‬

‫هنا «صوت العرب» الصحيفة التى تصدر من قبرص أوائل التسعينات‬

‫برئاسة تحرير األستاذ عبد العظيم مناف الذى كان صوت الناصريين قبل‬ ‫‪61‬‬


‫أن يصدر الحزب صحيفة «العربى»‪ ،‬والتى سينتقل للعمل بها كل هؤالء‬ ‫الموهوبين وسيضاف إليهم ‪« :‬عماد الدين حسين وعادل السنهورى‪ ،‬وائل‬ ‫قنديل‪ ،‬خالد صالح‪ ،‬حمادة إمام‪ ،‬سعيد الشحات‪ ،‬عصام شلتوت‪ ،‬إيهاب‬ ‫كامل‪ ،‬أحمد مراد‪ ،‬منال الشين‪ ،‬ماهر زهدى‪ ،‬عبد الفتاح عبد المنعم‪،‬‬ ‫ماجدة خضر» وغيرهم من أصدقاء وزمالء ال تسعفنى الذاكرة بأسمائهم‪.‬‬ ‫بعد التخرج وقبل التجنيد بشهرين تقري ًبا وفى العام ‪ ،1992‬قدمنى‬ ‫الشاعر والصحفى «حمدى عابدين» إلى الراحل الدكتور «عزازى‬ ‫رئيسا للقسم الثقافى‪ ،‬ورحب الرجل ودعانى‬ ‫على عزازى» وكان ً‬ ‫حوارا مع القاص محمد‬ ‫وحضرت‬ ‫لحضور اجتماع الثالثاء‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫واقترحت ً‬ ‫المخزنجى‪ ،‬وقفز عيل رخم ـ سيصبح األقرب إلى قلبى فيما بعد ـ‬ ‫وسألنى‪ :‬وقريت حاجة بقى للمخزنجى وال هتسأله أين ترعرعت‬ ‫سيدى؟!‪ ،‬فارتبكت للحظة وقلت بهدوء‪ :‬أنا قاص‪ ،‬بكتب قصص‬ ‫تائها فى المكان‬ ‫يعنى‪ ،‬وانتهى االجتماع ولم يتركنى العيل الرخم‪ً ،‬‬ ‫كنت ً‬ ‫دخلت منه‪ ،‬ووضع يده على كتفى وعزمنى على‬ ‫أبحث عن الباب الذى‬ ‫ُ‬ ‫ووافقت‪ ،‬وشد كرس ًيا وقدم لى سيجارة‪ ،‬وانضم إلينا عدد من‬ ‫شاى!‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫أصدقائه‪ ،‬وأدركت أنها حفلة على أمى‪ ،‬وربما الختبارى وتطفيشى من‬ ‫متوترا‪ ،‬حتى جاء الشاى ورفعنا وجوهنا إلى بعضنا‬ ‫كنت‬ ‫أول لحظة!‪ُ ،‬‬ ‫ً‬ ‫البعض وتحدثنا ً‬ ‫طويلعن محمد المخزنجى وخيرى شلبى وبهاء طاهر‬ ‫وفاروق عبد القادر‪ ،‬ودارت السجائر والضحكات بيننا‪ ،‬واقترب منى‬ ‫رخما‪:‬بص أنا اسمى حمدى عبدالرحيم‪..‬وأنا وإخواتك‬ ‫الولد الذى كان ً‬ ‫دول شربنا كتير من «مثكفين»زهرة البستان اللى مدلدلين شنط وما فيش‬ ‫‪62‬‬


‫واحد فيهم قرا كتاب‪ ،‬من يومها والع ّيل الرخم وأصدقاؤه الذين أشار‬ ‫إليهم وهو يقول إخواتك دول‪»:‬سعيد شعيب‪ ،‬أكرم القصاص‪ ،‬طلعت‬ ‫إسماعيل» أصدقاء مهما تباعدنا واختلفنا‪.‬‬

‫ويو ًما بعد يوم تحول المكان إلى حياة كاملة تبدأ من سندوتشات‬ ‫الفول وإفيهات رسام الكاريكاتير (حسانين)‪ ،‬وتصفو مع الشاى‬ ‫والسجائر الحكايات والروايات والقصائد الجديدة‪ ،‬الجميع يقرأ‬ ‫فى هذا المكان‪..‬وما فيش حد هيعمل مثقف هنا‪.‬‬

‫ومن صوت العرب عرفت «مجدى شندى» رئيس تحرير صحيفة‬ ‫مديرا لمكتب مجلة‬ ‫المشهد حال ًيا‪ ،‬وكان وقتها (‪ً )1996-1993‬‬ ‫«الدولية» فى القاهرة‪ ،‬وهو المكتب الذى سنلتقى فيه جمي ًعا (خالد‬ ‫صالح وعماد الدين حسين وحمدى عبدالرحيم وعال الشافعى‬ ‫وماجدة إبراهيم وياسر زارع‪.)..‬‬

‫بعد فترة قصيرة صدرت صحيفة «العربى» وأصبح حلم التعيين‬ ‫والحصول على كارنيه النقابة قري ًبا لهؤالء الموهوبين الذين تشردوا فى‬ ‫تجارب صحفية عديدة «مصر الفتاة والشعب واألهالى والجمهورية‬ ‫ومكتب صاعد الذى كان يديره «حمدين صباحى»‪ ،‬وانتقلوا جمي ًعا‬ ‫ومعهم حبيبة قلبى «ناهد السيد» إلى ‪ 6‬شارع ضريح سعد زغلول‬ ‫وبقيت فى «صوت العرب» مع‬ ‫حيث مقر صحيفة العربى الناصرى‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الكاتب أسامة عفيفى الذى علمنى الكثير والذى سأنتقل للعمل معه‬ ‫فى صحيفة األحرار اليومية عام ‪.1994‬‬

‫فى الصباح كنت أركب إلى كوبرى القبة حيث مقر صحيفة‬ ‫‪63‬‬


‫األحرار‪ ،‬وفى العصارى أقابل كل هؤالء األصدقاء فى ضريح سعد‬ ‫زغلول حيث مقر «العربى»‪ ،‬كان أبناء هذا الجيل قد وجدواأنفسهم‬ ‫متناثرافى الصحف والمجالت‬ ‫فى مواجهة فريق ناصرى قديم كان‬ ‫ً‬ ‫وكنت شاهدً ا على التعسف‬ ‫وقرر الحزب إسناد رئاسة األقسام إليهم!‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫والظلم والقهر اللذين تعرض لهما هذا الجيل فى صحيفة «الحزب‬ ‫اعتراضا على ذلك‪ ،‬ولم أكن‬ ‫الناصرى» وكيف ع ّلقوا شارات سوداء‬ ‫ً‬ ‫أنا اآلخر فى نعيم مقيم فيكفى أن رئيس تحريرى كان مصطفى‬ ‫بكرى!‪ ،‬على أية حال لم أقصد أن أروى لك سيرتى الذاتية فليس بها‬ ‫ما يستحق‪ ،‬ولكن كل هؤالء هم أبطال هذا الكتاب والشهود على ما‬ ‫أيضا فقد انتقل معظم‬ ‫جرى وما كان فى تلك المهنة‪ ،‬وعلى أية حال ً‬ ‫هؤالء إلى «اليوم السابع» مع خالد صالح لتبدأ فصول جديدة من‬ ‫الدراما‪.‬‬

‫‪64‬‬


‫(‪)2‬‬

‫جيل اليوم ال�سابع‬ ‫كنت قد بدأت فى تأسيس تجربة‬ ‫عندما صدرت اليوم السابع ُ‬

‫«الموجز»مع الصديق هشام أبو المكارم‪ ،‬وكنت سعيدً ا للغاية‬ ‫بعملى مع جيل جديد من الموهوبين ‪( :‬طارق شلتوت‪ ،‬محمد‬ ‫الدسوقى رشدى‪ ،‬محمد جالل‪ ،‬أميرة جاد‪ ،‬محمود عبد الدايم‪،‬‬

‫إبراهيم جاد الله‪ ،‬حسام عبد الشافى‪ ،‬شيرين شريف‪ ،‬سميرة الديب‪،‬‬

‫أبو السعود محمد‪ ،‬عيسى جاد الكريم) وعشرات غيرهم من أبنائى‬ ‫وأصدقائى فيما بعد‪ ،‬وأضيف إليهم السيناريست ميشيل نبيل الذى‬

‫مبكرا بخفة ظله وذكائه المهنى‪.‬‬ ‫تربع على عرش قلبى ً‬

‫كانوا وقتها طال ًبا بكلية اإلعالم وساعدنى الصديق ياسر بركات‬

‫فى فتح نوافذ أمامهم للكتابة‪ ،‬واليوم أصبحوا أصدقائى وأحد أهم‬

‫مصادر البهجة فى حياتى‪ ،‬وحكايتى معهم ومع ‪ 6‬شارع ضريح سعد‬ ‫فصل ً‬ ‫زغلول حيث مقر «الموجز»قصة تستحق ً‬ ‫كامل إن لم تبخل‬ ‫‪65‬‬


‫مقرا للعربى الناصرى‬ ‫الذاكرة‪ ،‬فمن عجائب الدنيا أن هذا المكان كان ً‬ ‫ثم «الدستور» فى إصدارها األول‪.‬‬

‫لم تنقطع عالقتى بأصدقائى فى اليوم السابع‪ ،‬ونجح سعيد شعيب‬ ‫فى إقناعى بكتابة مقال أسبوعى للموقع‪ ،‬وألننى كسول بطبعى فطلبت‬ ‫أن تكون الكتابة على ما تُفرج‪ ،‬وحدث ذلك على فترات ودون مقابل‪،‬‬ ‫وعندما حضرت احتفالهم بمرور عام على صدور الصحيفة كنت‬ ‫سعيدً ا بهم جمي ًعا‪ ،‬وكتبت ً‬ ‫مقال يحمل هذا العنوان‪« :‬جيل اليوم‬ ‫السابع» نُشر ‪ 22‬أكتوبر ‪،2009‬يستحق أن ُأعيد نشره‪ ،‬ويستحق‬ ‫منك القراءة‪ ،‬وهذا نصه‪:‬‬ ‫علق خالد صالح شارة سوداء ذات يوم على ذراعه‪..‬‬ ‫وعلقها أكرم القصاص وسعيد الشحات وعادل‬ ‫السنهورى وعماد حسين‪ ..‬ووائل قنديل وحمدى‬ ‫عبدالرحيم وطلعت إسماعيل وحمادة إمام‪ ،‬وبكى‬ ‫سعيد شعيب ليلة كاملة وهو يضع كارنيه نقابة‬ ‫الصحفيين أمامه‪.‬‬ ‫أنت اآلن فى منتصف التسعينات‪ ،‬مقر صحيفة العربى‬ ‫بشارع ضريح سعد زغلول‪ ،‬وفى المدخل كنت ترى‬ ‫اعتراضا على تأخير تعيين كل هؤالء‬ ‫الشارات السوداء‬ ‫ً‬ ‫الموهوبين‪.‬‬ ‫التقليد جديد ويليق بموهوبين أقاموا صح ًفا وصنعوا‬ ‫تجارب‪ ،‬طافت بهم مدن وبلدان وتجارب صغيرة‬ ‫وفاشلة‪ ..‬اعتلت صحة بعضهم وأنجب آخرون بناتًا‬ ‫وأوال ًدا‪ ،‬وغاب بعضهم سنين طويلة‪.‬‬

‫‪66‬‬


‫ولكل هؤالء قصص وحكايات مع بعضهم البعض‪،‬‬ ‫وفى شقة سعيد شعيب بالعمرانية‪ ،‬لم تكن تدخلها‬ ‫الشمس فى أى فصل من فصول العام وكانت مأوانا‬ ‫دائما‪ ،‬كان من الممكن أن تجد نصف هؤالء‬ ‫وملجأنا ً‬ ‫تقري ًبا يضحكون ويبثون الشكوى ويأكلون طبخة معتبرة‬ ‫من اختراعات أكرم القصاص الذى ساعدته هذه الرحلة‬ ‫الطويلة لدرجة أنه كان يكتب با ًبا فى صحيفة الجيل‬ ‫باسم «أكرم قصاصينو» يسخر فيه من كتب وبرامج‬ ‫الطبيخ‪.‬‬ ‫لم يكن بمصر صحف‪ ،‬فقط‪ :‬األهالى والعربى‬ ‫واألحرار‪ ،‬بخالف صحف الدولة طب ًعا‪ ،‬ولم يكن العالم‬ ‫الفضائى قد اتسع أو حتى ظهر ً‬ ‫أصل‪ ،‬وجيل كامل‬ ‫ينحت فى الصخر ويقاتل ويكتب أكرم القصاص ً‬ ‫مقال‬ ‫ال ُينسى عن يقين «النمل»‪ ،‬كان يرانا جمي ًعا ونحن نسير‬ ‫فى طوابير بطيئة بح ًثا عن الرزق والتحقق والوجود‪.‬‬ ‫وفى احتفال اليوم السابع تجسد كل ذلك أمامى‪ ..‬ياااه‪..‬‬ ‫كم أنت عظيم يا رب‪.‬‬ ‫لقد منحت الموهوبين مكانًا يليق بهم‪ ،‬كافأتهم بعد‬ ‫صبر ويقين بأن‬ ‫القادم أفضل‪.‬‬ ‫رأيت بري ًقا مختل ًفا له طعم الشقاء والتعب وقلق‬ ‫كثيرا‪،‬‬ ‫السنوات وغباء رؤساء تحرير اضطهدوا بعضنا ً‬ ‫رأيت لحظة انتصار على تجارب مريرة وقاسية‪ ..‬كان‬ ‫بعضنا ال يجد ما يكفى لسد الرمق ونستلف من بعضنا‬ ‫البعض بالخمسة جنيه واألربعة والتالتة‪ ،‬وكانت كل‬ ‫هذه األرقام تكفى لسندوتش ومواصالت‪ ..‬وهل يريد‬

‫‪67‬‬


‫البنى آدم أكثر؟!‪..‬كان الجميع يضحك ويتحرك بثقة‪،‬‬ ‫هنا رئيس تحرير ّمنا‪ ،‬يشبهنا‪ ،‬شاركنا معاناة التاريخ‬ ‫ومآسيه‪ ،‬نلف أيادينا حول كتفه ونحن نحدثه‪ ،‬وأحيانا‬ ‫ننتقده ونستفزه‪ ،‬هنا تجربة بطعم الحياة‪.‬‬ ‫لم يقل أحدهم ذلك‪ ..‬لكننى سمعته ورأيته فى‬ ‫تحركاتهم حوله ومعه‪ ،‬يستقبلون ضيوفهم الذين هم‬ ‫أصدقاؤهم فى فرحة وبهجة وروح تتسرب من طاقات‬ ‫سعيد شعيب‪ ،‬الذى كان يكتب فى التسعينات ثمانية‬ ‫موضوعات فى اليوم الواحد‪ ،‬إلى الموهوبين الجدد‬ ‫محمد الدسوقى رشدى ووائل السمرى ومحمد صالح‬ ‫العزب‪ ..‬بجوارى الشاعر إبراهيم داود ووجوده على‬ ‫تلك الترابيزة كان يكفى لتجد عليها عد ًدا مرع ًبا من‬ ‫الموهوبين‪ :‬صديقنا حمدى رزق وطارق حسن وياسر‬ ‫أيوب وجمال العاصى‪ ..‬وحكايات تتناثر وقصص‬ ‫وتاريخ من التعبآن له أن يستريح ولو ً‬ ‫قليل‪ ،‬وشاشة‬ ‫تعرض أعدا ًدا من اليوم السابع وتسجيل لالحتفال‬ ‫بصدور الصحيفة‪ ،‬وأمامنا شموع جميلة تحمل «لوجو»‬ ‫اليوم السابع‪.‬‬ ‫وتربيزتنا تتحول إلى ضحكة مجلجلة‪ ،‬يقوم أكرم‬ ‫القصاص ويعود سعيدشعيب ويشعل وائل السمرى‬ ‫سيجارة‪ ،‬وتتجدد الضحكات فى يوم بديع رأيت فيه‬ ‫كل أصدقائى حتى الذين غابوا‪ ..‬وعدت منه مبسو ًطا‬ ‫مرتاحا‪.‬‬ ‫ً‬

‫‪68‬‬


‫(‪)3‬‬

‫ف�ضيحة ال�سى دى‬ ‫أجهز فصول كتاب «البغاء الصحفى» ـ مايو‪ 2011‬ـ عندما‬ ‫كنت ّ‬ ‫تسرب الـ «سى دى» الشهير لخالد صالح رئيس تحرير اليوم السابع‬ ‫مع رئيس مجلس اإلدارة وليد مصطفى حول سياسة التحرير وكيفية‬ ‫اللعب مع «جمال مبارك» ومحاباته وعدم الحدة فى معارضته بحيث‬ ‫تصبح المسائل تمام التمام‪ ،‬يومهاـ كعادتى السيئة ـ اعتبرت السهام‬ ‫موجهة إلى أبناء جيلى وتحويلهم إلى كبش فداء لعشرات ممن ركعوا‬ ‫تحت قدمى الوريث وتوسلوا إليه!‪ ،‬لم تكن اليوم السابع وقتها هى‬ ‫وكتبت‬ ‫«خالد صالح» وإنما كانت بالنسبة لى بيت أصدقائى القدامى‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫شهادتى فى مقال بعنوان‪« :‬ارموها بحجر» وكانت فكرتى واضحة‬ ‫ومحددة فإن كان خالد صالح قد لعب شو ًطا واحدً ا مع الوريث‪،‬‬ ‫فهناك من لعب مباريات كاملة ال يجوز نسيان ما فعلوا والتضحية‬ ‫باليوم السابع وشبابها‪ ،‬وصدر الجزء األول من «البغاء»‪ ،‬وحدث‬ ‫أن حكم البالد عضو التنظيم الدولى لإلخوان المسلمين‪ ،‬وصعد‬ ‫‪69‬‬


‫«مرسى» وركب معه إعالميون كبار‪ ،‬وكتبوا مقاالت المديح فيه‬ ‫وفى جماعته‪ ،‬وانتشرت بينهم جمي ًعا عبارة «رغم اختالفى معهم»‬ ‫التى تناثرت فى المقاالت والمداخالت الفضائية!‪ ،‬وركب «خالد‬ ‫صالح» فى مقدمة السيارة ووضع يده على الشباك كأجعص زبون‬ ‫واستخدم عبارة جديدة ومختلفة «من موقعى المهنى أخاصمهم»‪..‬‬ ‫ولكنى أحبهم‪ ،‬أوأقدرهم‪ ،‬وربما أبجلهم (!!)‪.‬‬

‫قلت لنفسى هو أذكى من الرهان على عضو فى تنظيم‪،‬‬ ‫فى البداية ُ‬ ‫هو أذكى بكثير بحكم التجارب والخبرات!‪ ،‬لكن وقفته على منصة‬ ‫مجلس الشورى وإدارته لحوار «محمد مرسى»وعشرات الصور التى‬ ‫تعمد أن يضع فيها كتفه بكتف المعزول «مرسى» جعلتنى أتأكد أن‬ ‫العيار فلت وأن هناك مصالح كبرى تحكم المسألة وتدهس الذكاء‬ ‫والعقل‪.‬‬

‫استمر «خالد صالح» فى ركب «مرسى» يبحث له عن سمات‬ ‫تم ّيزه كالحكمة والصبر‪ ،‬ولكن بال فائدة‪ ،‬فالشعب المصرى جعله‬ ‫وألف له األغنيات الساخرة‪ ،‬وعندما سقط الرهان على‬ ‫أضحوكة‬ ‫ّ‬ ‫«الشخص» راهن «خالد صالح» على الشرعية!‪ ،‬وعلى اإلسالم‬ ‫كجزء من مرسى‪ ،‬ومرسى جزء منه!‪ ،‬وكتب خالد ً‬ ‫عظيما فى‬ ‫مقال‬ ‫ً‬ ‫صباح ‪ 6‬يناير ‪ 2012‬يحذر القوى الليبرالية الساذجة من الثورة على‬ ‫اإلسالم وحكم المسلمين الجدد‪ ،‬وكاديخرج لسانه لكل من يفكر فى‬ ‫التظاهر ضد اإلخوان فى الذكرى الثانية لالحتفال بثورة يناير‪ ،‬وألنه‬ ‫صديق قديم فلن أكتب كلمة وال تعلي ًقا‪ ،‬وسأترك القارئ الكريم مع‬ ‫‪70‬‬


‫فقرات من مقال «وهم اسمه إسقاط النظام السياسى بالقوة» للكاتب‬ ‫خالد صالح ‪:‬‬ ‫ـ وقد يؤسفنى أن بعض القوى المدنية فى مصر تعيش‬ ‫خرافة نادرة ومزعجة ومحبطة إذ تتوهم فى نفسها‬ ‫القدرة على اإلطاحة بالتيار اإلسالمى من السلطة‬ ‫وإسقاط النظام المؤسس على انتخابات حرة من‬ ‫خالل استدعاء النموذج الثورى الذى أسقط نظام‬ ‫مبارك فى يناير ‪ ،2011‬عبر التعبئة والحشد الشعبى‬ ‫والمظاهرات الغاضبة وحدها‪ ،‬وتستثمر بعض‬ ‫هذه القوى االقتراب من الذكرى الثانية لثورة يناير‬ ‫لتؤهل جماهيرها لمواجهة شعبية جديدة بين الشارع‬ ‫والسلطة‪ ،‬وبين المعتصمين فى الميدان ورأس النظام‬ ‫من جديد‪.‬‬ ‫ـ بعض القوى المدنية تعيش خرافة قدرتها على إقصاء‬ ‫التيار اإلسالمى من الحكم بالحشد والتعبئة الثورية‬ ‫دون قراءة للتاريخ ودون عظة من قدرة اإلسالميين‬ ‫على النمو فى ظل أنظمة عسكرية مستبدة‪.‬‬ ‫هذا التصور بأن بعض القوى المدنية قادرة على استعادة‬ ‫نموذج إسقاط النظام على النحو الذى جرى مع‬ ‫نظام مبارك يدفعنى إلى الشك فى القدرات السياسية‬ ‫والمعرفة التاريخية لمن يقودون هذه الدعوة بإسقاط‬ ‫النظام من الشارع‪.‬‬ ‫بعضا من‬ ‫ـ صحيح أننى من موقعى المهنى أخاصم ً‬ ‫القرارات الصادرة عن الرئاسه وأخاصم الكثير من‬ ‫المواقف السياسية واإلعالمية لجماعة اإلخوان‪،‬‬

‫‪71‬‬


‫وأعارض النهج المخالف ألخالق اإلسالم الذى‬ ‫يتخذه بعض دعاة الفضائيات‪ ،‬وأخشى على مستقبل‬ ‫مصر من أن يكون خاض ًعا لقوة واحدة‪ ،‬أ ًيا كانت هذه‬ ‫أيضا أننى ال أستطيع أن أتفهم أن‬ ‫القوة‪ ،‬لكن الصحيح ً‬ ‫نبنى مصر على أساس الحشد والتعبئة خارج صناديق‬ ‫االنتخابات إلى األبد‪ ،‬وال يمكننى أن أتعاطف مع‬ ‫هذا المفهوم الضيق الذى يتوهم فيه البعض القدرة‬ ‫على إطاحة األيديولوجيا اإلسالمية السياسية بهذه‬ ‫السهولة‪ ،‬بل وبهذه السذاجة‪.‬‬ ‫ـ أنت إذن ال تعرف معنى األيديولوجية الدينية فى هذه‬ ‫البالد‪ ،‬وال تفهم تاريخ التيار السياسى اإلسالمى‪،‬‬ ‫فكيف ال يمكنك قراءة حصاد هذه السنوات‬ ‫الطويلةالتى عجزت فيها أنظمة سياسية قمعية من‬ ‫أن تضرب هذا التيار أو تحاصر شعبيته فى الشارع أو‬ ‫وجوده بين الناس‪.‬‬ ‫ـ كل هذا البطش األمنى والعسكرى والسياسى قبل وبعد‬ ‫ثورة يوليو ‪ ،1952‬وكل هذه المحاكمات العسكرية‬ ‫واالعتقاالت والمطاردات والضربات األمنية لم تفلح‬ ‫فى حصار أى من الجماعات اإلسالمية الوسطية منها‬ ‫أو المتشددة‪ ،‬كان اليقين بين قطاعات عريضة فى‬ ‫الشارع أن حلم العدالة والتقدم والرفاهية والكرامة‬ ‫ال يمكن أن يتأتى إال عبر تطبيق صحيح اإلسالم‪،‬‬ ‫ومن ثم كان هذا التيار يزداد قوة رغم البطش‪ ،‬وكانت‬ ‫األنظمة الباطشة تزداد ضع ًفا دون أن تؤسس لرؤية‬ ‫فكرية إسالمية معاصرة تواجه بها المشروع الذى‬ ‫يحمله التيار الدينى على تنوعه واختالفه‪.‬‬

‫‪72‬‬


‫ثم فإن الحديث هنا عن إسقاط التيار اإلسالمى‬ ‫ـ ومن ّ‬ ‫بالكامل‪ ،‬أو اإلطاحة به خارج منظومة السلطة كلية‬ ‫أو قهره إلى الحد الذى يجبر فيه على تقديم تنازالت‬ ‫أيديولوجية مؤلمة ليس سوى قفزه نحو الوهم‪،‬‬ ‫وسقوط فى محظور تاريخى وسياسى وفكرى‬ ‫لن يسمن أو يغنى من جوع‪.‬‬ ‫ـ هذا الوهم خارج عن حدود التصورات المنطقية‪،‬‬ ‫ويضع البالد على حافة خطر جامح غير مأمون‬ ‫العواقب‪ ،‬ويؤسس للمنطق االنقالبى أكثر مما يدعم‬ ‫ويعزز التداول السلمى للسلطة‪ ،‬وهذه الخرافة بأن‬ ‫اإلسالم السياسى يمكن أن يسقط عبر المظاهرات‬ ‫والعنف ليس سوى مغامرة ساذجة لهواة ال يجيدون‬ ‫قراءة التاريخ وليس لديهم حسابات حقيقية لما تعنيه‬ ‫الفوضى الشاملة‪ ،‬أو اإلقصاء المؤسس على العنف‪،‬‬ ‫أو االنقالب المبنى على التعبئة العامة وتعطيل البالد‪.‬‬

‫‪73‬‬


‫(‪)4‬‬

‫�أ�شياء كثيرة للوطن!‬ ‫انفرط العقد‪ ،‬واتسع الرتق على الراتق‪ ،‬وحوصرت اليوم السابع‬ ‫باإلخوان وأفكارهم ورجالهم الجدد الذين سيقدمهم خالد صالح‬ ‫خصيصا ليكونوا ذراع مرسى‪ ،‬وتحققت التوأمة االقتصادية بين فتى‬ ‫ً‬ ‫الجماعة الصاعد أحمد أبوهشيمة وأباطرة البيزنس فى قطر بفضل‬ ‫«اليوم السابع» التى كتب فيها األستاذ محمد فودة ً‬ ‫مقال خالدً ا عن‬ ‫«بن سحيم» شريك أبوهشيمة فى حديد المصريين‪ ،‬وسيحصل‬ ‫بفضله على لقب «الكاتب اإلعالمى»!‪ ،‬وسيصبح مدير تحرير اليوم‬ ‫عضوا بالحرية والعدالة قبل أن يصبح‬ ‫السابع»هانى صالح الدين»‬ ‫ً‬ ‫أحد نجوم اإلعالم اإلخوانى‪،‬وستدور قصص وحكايات عن شراء‬ ‫«خيرت الشاطر وأبوهشيمة»لليوم السابع»‪.‬‬ ‫وفجأة‪ ..‬نجحت القوى المدن ّية «الساذجة» فى إسقاط الجماعة‪،‬‬ ‫وفجأة وجد «خالد صالح» نفسه فى مأزق لم يتوقعه ولم يحسب‬ ‫حسابه‪ ،‬لكن عدالة السماء أرسلت إليه الفنانة بوسى‪ ،‬وبدأ االحتفاء‬ ‫‪74‬‬


‫بالسيسى وثورة ‪ 30‬يونيو بطريقة لم يسبقه إليها أحد‪ ،‬ونشرت اليوم‬ ‫السابع (‪ 22‬أبريل ‪ )2014‬هذا العنوان الطويل لتكشف عن تأييدها‬ ‫المختلف للمشير الذى أسقط الجماعة بقبضة قوية‪:‬‬ ‫بالفيديو‪ ..‬بوسى تكشف عن أغنية جديدة لــ»السيسى»‬ ‫مع خالد صالح فى آخر النهار‪.‬‬ ‫اإلعالمى محمد فودة يشارك فى إنتاج األغنية‪..‬‬ ‫الفنانة‪:‬قمت بالعمل ح ًبا فى المشير والرجل قدم أشياء‬ ‫كثيرة للوطن‪.‬‬

‫‪75‬‬



‫الفصل السادس‬

‫�إغـــــراء‬

‫تهتم كثيرا بما إذا كنّا‪ ،‬نحن البشر‪،‬‬ ‫الميكروبات ال ّ‬ ‫هنا على هذه األرض أم ال‪.‬‬ ‫لسنا شيئا مثيرا بالنسبة لها‬ ‫الميكروبات كانت موجودة وما تزال على األرض منذ باليين السنين‪.‬‬ ‫معلومة‬



‫(‪)1‬‬

‫الفنون الحديثة‬ ‫والقارئ يمل بسرعة‪ ،‬ألن الكتب تخلو من اإلثارة‪ ،‬لذا لجأ‬

‫ُكتّاب الروايات إلى إضافة مشاهد ساخنة ومثيرة تغرى القارئ‬

‫وتغازل صنّاع السينما‪ ،‬وعالم الصحافة كذلك‪ ،‬يشبه الروايات‬

‫والقصص واألفالم‪ ،‬سيكون بار ًدا إن لم تظهر الفنانة الشاملة‬

‫هيفاء وهبى ـ ً‬ ‫مثل ـ بصحبة رجل أعمال شاب‪ ،‬وياحبذا لو أثيرت‬

‫أقاويل عن ارتباطهما بعالقة حب أو زواج!‪.‬ويا حبذا لو كان‬

‫هذا الشاب فى صراع بيزنس مع شخصية سياسية بارزة مثل‬

‫«أحمد عز» ً‬ ‫مثل!‬

‫هذا ما حدث فى أبريل‪ 2009‬حيث أعلن «أحمد أبوهشيمة»‬

‫رئيس مجلس إدارة مجموعة حديد المصريين زواجه من الفنانة‬

‫هيفاء وهبى‪ ،‬وانتعش سوق الصحافة بقصص أسطورية عن شهر‬

‫العسل وتكاليف حفل الزفاف‪.‬‬

‫‪79‬‬


‫بعد ثورة (‪ 25‬يناير) وسقوط «أحمد عز»‪،‬سيكبر «أبو هشيمة»‬

‫ويصبح هو حديد الثورة!‪ ،‬وسيأتى إمبراطور اإلخوان «خيرت الشاطر»‬

‫ويصنع منه أسطورة جديدة‪ ،‬ورضا «الشاطر» سيجعل الفتى الوسيم‬

‫كثيرا‪،‬‬ ‫هو األقرب إلى المعزول محمد مرسى الذى سيلتقى به ً‬

‫ولكى يجلس مترب ًعا على عرش «عز» محتم ًيا بالجماعة سيحتاج‬

‫أبوهشيمة إلى أمرين ال ثالث لهما‪ ،‬األول‪ :‬توأمة مع رجل أعمال‪،‬‬

‫بشرط أن يكون «قطر ًيا» بحكم المرحلة التى جعلت الدوحة كعبة‬

‫الجماعة‪ ،‬والثانى‪:‬أن يتخلص من «هيفاء» التى لم تعد تناسب مرحلة‬ ‫الورع والتقوى التى تدق األبواب!‪ ،‬وسيحتاج «أبوهشيمة» إلى‬

‫ويروج لذلك فى‬ ‫«أسطى» يفتح له العالقة مع رجل أعمال قطرى كبير ّ‬

‫الصحف‪ ،‬ووقع االختيار على «محمد فودة» الذى كان قد خرج من‬ ‫السجن للحياة العامة جدً ا‪ ،‬وتزوج الفنانة الشاملة «غادة عبدالرازق»‪،‬‬ ‫واحتفلت الصحف والمواقع اإلخبارية بالتوأمة المدهشة التى صنعها‬

‫مستشارا‬ ‫القدر تحت عناوين أكثر دهشة‪« :‬زوج هيفاء يع ّين زوج غادة‬ ‫ً‬

‫إعالم ًيا له»‪ ،‬وظهر األربعة فى صور تجمعهم بالحب والمودة‪ ،‬وقال‬ ‫نص الخبر إن أبوهشيمة ك ّلف فودة بأن يكون مستشاره اإلعالمى‬ ‫فى مشروعه الجديد مصنع «حديد المصريين»‪ ،‬وكان فودة «أسطى»‬

‫بكل معانى الكلمة ونجح فى إغراء «محمد بن سحيم» بمشاركة‬

‫«أبوهشيمة»‪ ،‬وتم افتتاح المشروع برأسمال ‪ 1.5‬مليار دوالر‪،‬‬

‫وتحققت التوأمة مع رجل أعمال قطرى بفضل «اليوم السابع» التى‬ ‫كتب فيها محمد فودة ً‬ ‫مقال خالدً ا عن «بن سحيم»‪ ،‬فى حين بقيت‬ ‫‪80‬‬


‫شهورا قليلة حتى هانت هى األخرى فى سبيل المجد‬ ‫«هيفاء»‬ ‫ً‬ ‫المنتظر!‪ ،‬و تم الطالق فى نوفمبر ‪ ،2012‬وانجعص أبوهشيمة‬ ‫نجما للمرحلة وحصل األستاذ «محمد فودة» على لقب «الكاتب‬ ‫ً‬ ‫مرشحا‬ ‫اإلعالمى» وتم تدشين مرحلة جديدة فى حياته ستجعله‬ ‫ً‬ ‫لبرلمان ‪.2015‬‬

‫‪81‬‬


‫(‪)2‬‬

‫بالحجم الطبيعى‬ ‫حائراغير قادر على‬ ‫سبع ليال بطولها وعرضها قضيتها‬ ‫متوترا ً‬ ‫ً‬ ‫إضافة حرف إلى حياة هذه الشخصية؟‪ ،‬فال السينما وال الرواية‬ ‫وال أى نوع من الفنون واآلداب يستطيع أن ينقل صورة من حياة‬ ‫األستاذ محمد فودة الذى صنع أسطورة جديدة فى ملحمة صعود‬ ‫الموظفين الصغار لعالم المجد والثروات‪ ،‬عزف سيمفونية فريدة‬ ‫وكافأته الحياة بأنثى بديعة الجمال والرسم والتصوير اسمها غادة‬ ‫عبدالرازق‪ ،‬ويو ًما ما سيحتاج كُتاب الدراما إلى وقت طويل إلقناع‬ ‫الجمهور بأن شخصية «الكاتب واإلعالمى األستاذ محمد فودة»‬ ‫واقعية وليست محض خيال!‬

‫هو ليس «الواد محروس» الذى يقبض بيديه على الخيارة ويضعها‬ ‫فى فم الوزير بعد معلقة العسل‪ ،‬وليس ذلك الولد «الخالصة الصة»‬ ‫الذى يخ ّلص األوراق فى المرور والقسم والبنك والمستشفى‬ ‫والجمارك وشباك التذاكر‪ ،‬وليس الفهلوى الذى يسلك المسدود‬ ‫‪82‬‬


‫ويدهن الهوا دوكو ويدفع المعلوم‪ ،‬ليس الصايع الذى يضع يده على‬ ‫قطعة أرض شاسعة ويقدمها للباشا مقابل عمارة أو شقتين فاتحين‬ ‫على بعض‪ ،‬وليس راعى المزاج وسفير الشهوة‪ ،‬ليس أى نوع من‬ ‫المشهالتية الذين وصفتهم الكاتبة سناء البيسى فى مقال بديع عن‬ ‫هذه األنواع من البشر‪.‬‬ ‫أنا عن نفسى فشلت فى إضافة أى مشهد لتلك الشخصية التى‬ ‫تنمو وتتسرب وتنتشر وسط حالة صمت مريب من الجميع‪.‬‬

‫ً‬ ‫ومهول من الحجم‪ ،‬ربما!‪ ،‬وربما‬ ‫قد أكون مبال ًغا فى الوصف‬ ‫مريضا يتوهم أن فى الحياة «محمد فودة»!‪ ،‬لذا ولكثير غيره‬ ‫أكون‬ ‫ً‬ ‫سأعرض ما جرى وحدث وكان فى خمسة مشاهد منقولة من الكتب‬ ‫والصحف‪.‬‬

‫‪83‬‬


‫مشهد (‪)1‬‬

‫�آي�س كريم فى ر�أ�س البر!‬

‫محمد فودة هو النموذج الذكوري للسكرتير وبحكم المنصب‬ ‫ٍ‬ ‫لفترة كسكرتير صحفـي لوزير الثقافة السابق فاروق‬ ‫الذي شغله‬

‫حسني‪ ،‬تغيرت حاله وتعاظم نفوذه‪ ،‬حتى تورط فـي اتهامات بالفساد‬ ‫والرشى والتوسط بين المستشار ماهر الجندي محافظ الجيزة سابقـًا‬

‫ورجل األعمال عمرو أبوحليقة‪.‬‬

‫ولندع شريكه فـي قضية الرشوة ماهر الجندي يحكي عنه؛ إذ‬

‫يقول‪:‬‬

‫شخص حصل على‬ ‫«أعرف أصله وفصله‪ ..‬فهو‬ ‫ٌ‬ ‫دبلوم صناعة فـي الغربية وساعده عبد األحد‬

‫جمال الدين (وزير الشباب والرياضة سابقـًا) فـي‬ ‫ٍ‬ ‫بأشهر قليلة فوجئنا‬ ‫التعيين بوزارة الثقافة‪ ،‬وبعدها‬

‫مستشارا صحفيـًا للوزير‪ ،‬وكان يتردد على‬ ‫به‬ ‫ً‬ ‫يحضر‬ ‫كنت محافظـًا؛ ألنه كان‬ ‫المحافظة وقت أن ُ‬ ‫ُ‬ ‫الدعوات إلى حفالت األوبرا والتي كان يقدمها‬ ‫الوزير للمحافظين»‪.‬‬

‫‪84‬‬


‫ومن مجرد بائع آيس كريم فـي رأس البر وشخصية أقصى‬

‫طموحاتها فـي الحياة أن يكون لها مكتب‪ ..‬مجرد مكتب‪ ،‬إلى‬ ‫متهم ثم ُمدان فـي قضية نظرتها محكمة أمن الدولة العليا وتشير‬

‫أوراقها إلى تورطه فـي الفترة من أغسطس ‪ 1997‬وحتى ‪ 30‬أبريل‬

‫‪ 1999‬بالرشوة وتسهيل الحصول على عطايا وهدايا بما يخل بواجبه‬ ‫ً‬ ‫فضل عن االشتراك بطريق االتفاق‪ ،‬والمساعدة على‬ ‫الوظيفي‪،‬‬ ‫اختالس أوراق وشكاوى‪.‬‬

‫تخيلوا‪ ..‬أن فودة هذا براتبه العادي جدً ا وعمره الذي لم يكن‬

‫فـي العام ‪ 2002‬يتجاوز ‪ 32‬عامـًا‪ ،‬أدين بالكسب غير المشروع‬ ‫ٍ‬ ‫عدد من كبار المسئولين المصريين‪،‬‬ ‫وإقامة عالقات قوية مع‬

‫وبينهم محافظ الجيزة سابقـًا‪ ،‬بهدف التوسط لقضاء مصالح‬

‫ذوي الشأن من رجال األعمال مقابل مبالغ مالية يحصل عليها‪،‬‬ ‫حتى بلغت ثروته مليونين و‪ 153‬ألفـًا و‪ 121‬جنيهـًا مودعة فـي‬ ‫دفتر خاص به لدى البنك األهلي المصري فرع الهرم‪ .‬كما ُض َبط‬

‫بمسكنه مبلغ ‪ 465‬ألف جنيه و‪ 3700‬دوالر أمريكي و‪ 80‬ألف‬

‫ليرة إيطالية‪ ،‬باإلضافة إلى شقة مملوكة بالهرم وسيارة مالكي‬ ‫قيمتها ‪ 100‬ألف جنيه‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫ظروف ما إلى موق ٍع قريب‬ ‫إنها حكاية سكرتير بسيط تسلل فـي‬

‫من وزير الثقافة ليستغل نفوذه وعالقاته بطريقة غير مشروعة‪،‬‬ ‫ويحقق ثرو ًة تجاوزت خمسة ماليين جنيه‪ .‬الطريف أن محمد‬ ‫‪85‬‬


‫فودة قدم إلى النيابة العامة ألبوم الصور الذي يجمع بين عائلة‬ ‫ماهر الجندي وعائلته‪ً ،‬‬ ‫قائل‪:‬‬ ‫«لقد قدمت هذا األلبوم حتى أؤكد مدى العالقة األسرية‬ ‫التي تجمع بيني وبين محافظ الجيزة السابق»‪.‬‬

‫ً‬ ‫أموال طائلة وصلت إلى‬ ‫رشى السكرتير للمحافظ شملت‬

‫مليون جنيه‪ ،‬بعضها لقيام المحافظ السابق وزوجته وابنه بأداء‬ ‫ٍ‬ ‫عملية فـي عينه‪ ،‬وقسم ثالث هدايا‬ ‫العمرة‪ ،‬وبعضها اآلخر إلجراء‬ ‫لزوجة ابنه والمولود‪ ،‬بخالف المشغوالت الذهبية والوالئم فـي‬

‫الفنادق الكبرى‪ ،‬وعدد أربعة خراف بمناسبة عيد األضحى المبارك‬

‫وقد تقدم المستشار ماهر الجندي ببالغ إلى المستشار عبدالمجيد‬

‫محمود النائب العام‪ ،‬طالب فيه بالتحقيق مع محمد فودة بشأن قيامه‬

‫باستغالل نفوذ مزعوم واستغالل أسماء وزراء ومسئولين كبار في‬ ‫النصب على ضحاياه‪.‬‬

‫تضمن البالغ وقائع النصب ونص التسجيالت الصوتية التي‬

‫دارت بين فودة وعدد من الوزراء وضحاياه‪ ،‬زعم خاللها المتهم‬ ‫أنه على صلة قوية بالوزراء ولفق وقائع من الخيال للنصب على‬

‫الضحايا ويعدهم بالتوسط لدى الوزراء إلنهاء مصالح خاصة‬ ‫مقابل مبالغ مالية‪.‬‬

‫وتضمنت المكالمات المسجلة مكالمة بين فودة وسيدة تدعى‬

‫منى‪ ،‬وخاللها وعدها بأنه تحدث مع الوزير فاروق حسني بشأنها‪.‬‬ ‫‪86‬‬


‫وعندما تم سؤال فودة حول تلك المكالمة‪ ،‬قال إن تلك السيدة راقصة‬ ‫مشهورة وكان يريد إقامة عالقة معها وتوسط لها عند الوزير ورئيس‬ ‫قطاع المسرح لعمل مسرحية لها‪.‬‬ ‫من كتاب‪ :‬فيلم مصرى طويل‬ ‫تأليف‪ :‬ياسر طلعت‬ ‫مركز الحضارة العربية‪ ،‬القاهرة‬

‫‪87‬‬


‫مشهد (‪)2‬‬

‫رجل المواقف المحترمة‬

‫وكان قد حدث فى البالد ثورة(‪ 25‬يناير ‪ )2011‬وظاطت الدنيا‬ ‫ظيا ًطا غير مسبوق وتصارعت ائتالفات وحركات وأحزاب وامتأل‬ ‫الفضاء ببرامج سياسية‪ ،‬وبينما العيون تتابع كل ذلك وتراقب االشتباكات‬ ‫والحرائقالتى تشتعل فى الكنائس‪ ،‬كان األستاذ محمد فودة قد نجح‬ ‫فى الوصول إلى «الجوكر» الورقة الرابحة فى مستقبل االقتصاد الشاب‬ ‫أحمد أبوهشيمة‪ ،‬ودخل»اليوم السابع» وفى يده اليمنى «أبوهشيمة» وفى‬ ‫اليسرى قطر وبن سحيم!‪ ،‬وفى صباح ‪ 11‬يوليو ‪ 2011‬تم تدشينه كات ًبا‬ ‫كبيرا للمقال تحت عنوان ضخم‪:‬‬ ‫ً‬ ‫«محمد فودة يكتب‪:‬تحالف (مصرى قطرى) إلنتاج»‬ ‫حديد المصريين‪ ..‬محمد بن سحيم رجل المواقف‬ ‫المحترمة»‪ ،‬ومن المهم أن أنقل لك فقرات منه‪:‬‬ ‫(‪ ..‬لم يكن مفاجأة لى ما قاله الشيخ محمد بن سحيم‬ ‫عن حبه لمصر وحرصه على االستثمار بها فمن يعرف‬ ‫الرجل يعى جيدً ا من هو بن سحيم العاشق لمصر وكأنه‬ ‫واحد أبنائها ً‬ ‫فضل عن كونه يعمل بعقلية رجل األعمال‬ ‫المغامر الذى يضع المصلحة العامة فى صدارة أولوياته‬

‫‪88‬‬


‫منتهجا سياسة مغايرة لمبادئ «البيزنس» التى ال تعرف‬ ‫ً‬ ‫العواطف أو النواحى اإلنسانية‪ ..‬فنراه يحرص كل‬ ‫الحرص على تحقيق مبادئ الرأسمالية االجتماعية‬ ‫التى رفع شعارها رجل األعمال أحمد أبوهشيمة فى‬ ‫هذا المشروع‪.‬‬ ‫لقد عشت مع أبوهشيمة مراحل مشروع «حديد‬ ‫المصريين» منذ كان مجرد فكرة أعتبرها البعض من‬ ‫ضرب الخيال فكيف كان يجرؤ أحد على إنتاج الحديد‬ ‫حكرا على شخص واحد‬ ‫وقت كان الحديد وصناعته ً‬ ‫يحظى بكل الرعاية والدعم من نظام مبارك الذى رحل‬ ‫كريما إلى أبعد‬ ‫بال رجعة‪ ،‬وشعرت كم كان بن سحيم ً‬ ‫مدى وهو يأخذ بزمام المبادرة‪.‬‬ ‫ـ ولن أكون مبال ًغا إن قلت إن مبادرة الشيخ‬ ‫محمد بن سحيم ليست غريبة عليه فهى وإن صح‬ ‫التعبير تمثل جز ًءا من سيمفونية رائعة فى حب مصر‬ ‫عزفتها القيادة السياسية القطرية الشقيقة تبلورت بشكل‬ ‫عملى فى الزيارة التاريخية التى قام بها سمو أمير قطر‬ ‫إلى مصر عقب قيام الثورة)‪.‬‬

‫‪89‬‬


‫مشهد (‪)3‬‬

‫مبروك علينا‬

‫عقد محمد فودة قرانه في مطلع مارس ‪ 2012‬على الفنانة غادة‬ ‫عبدالرازق فى مسجد الشرطة قبل أن يصدرا فى نوفمبر من العام‬ ‫دايما أحباب وتبتسم‬ ‫نفسه بيانـًا مشتركـًا حول طالقهما‪ ،‬ليعودا ثانية ً‬ ‫الفنانة الجميلة للكاميرات بينما يجلس الكاتب واإلعالمى محمد‬ ‫فودة بجوارها قل ًبا حنونًا ال يستطيع االبتعاد عنها‪ ،‬ويدلى بتصريحات‬ ‫وتدلىهى بتصريحات‪ ،‬وتنتشر الصور واألخبار التى تؤكد عودة الحب‬ ‫والشوق‪.‬‬

‫‪90‬‬


‫مشهد (‪)4‬‬ ‫بو�ســـى‬

‫فى أبريل ‪ 2014‬كان األستاذ محمد فودة يقدم هديته للكاتب‬ ‫خالد صالح لكى يوفق أوضاعه مع ثورة يونيو التى جاءت واليوم‬ ‫السابع متورط تما ًما مع الجماعة ورئيسها المعزول‪ ،‬واستحق هذا‬ ‫الخبر أن يحتل مساحة كبيرة على الموقع وبهذا العنوان الطويل‪:‬‬ ‫بالفيديو‪ ..‬بوسى تكشف عن أغنية جديدة لــ «السيسى»‬ ‫مع خالد صالح فى آخر النهار‪..‬اإلعالمى محمد فودة‬ ‫يشارك فى إنتاج األغنية‪..‬‬ ‫الفنانة‪ :‬قمت بالعمل حبا فى المشير والرجل قدم أشياء‬ ‫كثيرة للوطن‬ ‫كتب ‪:‬سمير حسنى‬ ‫كشفت الفنانة بوسى‪ ،‬أن أغنية «بالمختصر المفيد»‪،‬‬ ‫التى تؤيد فيها المشير السيسى رئيسا للجمهورية‪ ،‬هى‬ ‫فكرة مدير أعمالها‪ ،‬وبدعم من اإلعالمى محمد فودة‪،‬‬ ‫الذى أبدى إعجابه الشديد باألغنية حتى إنه طالب‬ ‫بالمشاركة فى اإلنتاج‪.‬‬ ‫وأضافت الفنانة بوسى‪ ،‬فى حديثها لبرنامج «آخر‬

‫‪91‬‬


‫النهار»‪ ،‬الذى يقدمه الكاتب الصحفى خالد صالح‪،‬‬ ‫ويذاع على قناة النهار‪ ،‬أنها قامت بهذا العمل ح ًبا فى‬ ‫المشير السيسى‪ ،‬موضحة أن الرجل صنع أشياء كثيرة‬ ‫من أجل الوطن ويحب مصر ويخاف عليها‪ ،‬حتىإن‬ ‫الناس طالبوه بالترشح للرئاسة‪ ،‬مضيفة‪« :‬هذه األغنية‬ ‫حاجة بسيطة من اللى عملها معانا»‪ ..‬وأكدت الفنانة‬ ‫بوسى‪ ،‬أن المشير السيسى أصلح شخص لتولى قيادة‬ ‫مصر اآلن‪.‬‬

‫اليوم السابع ـ ‪ 22‬أبريل ‪2014‬‬

‫‪92‬‬


‫مشهد (‪)5‬‬

‫على الهواء‬

‫ً‬ ‫تحليل‪ ،‬نعيد نشره كما نُشر فى‬ ‫وهذا خبر ال يحتمل تعلي ًقا وال‬ ‫اليوم السابع بتاريخ (‪20‬أكتوبر ‪:)2014‬‬ ‫غدً ا‪ ..‬وزير التخطيط ومحمد فودة ضيفا خالد صالح‬ ‫فى «آخر النهار»‬ ‫كتب ‪ :‬عمرو صحصاح‬ ‫يستضيف الكاتب الصحفى واإلعالمى خالد صالح‬ ‫ببرنامج «آخر النهار» على قناة «النهار»‪ ،‬فى الثامنة‬ ‫من مساء غد الثالثاء‪ ،‬وزير التخطيط والمتابعة‬ ‫واإلصالح اإلدارى الدكتور أشرف العربى‪ ،‬ليتحدث‬ ‫عن العديد من القضايا الشائكة‪ .‬كما يستضيف‬ ‫البرنامج اإلعالمى محمد فودة‪ ،‬فى حوار خاص‬ ‫حول االنتخابات البرلمانية المقبلة‪ ،‬واألسباب التى‬ ‫جعلته ينوى الترشح لمجلس النواب المقبل‪ ،‬وأهم‬ ‫القضايا التى تشغله وتخص بلدته زفتى‪ ،‬وجهوده‬ ‫صرحا‬ ‫فى تطوير مستشفى زفتى العام‪ ،‬وأصبح اآلن‬ ‫ً‬ ‫طب ًيا يفخر به كل أبناء المحافظة وجهوده ونجاحه فى‬ ‫إدخال الغاز الطبيعى إلى بلدته إلى جانب الكثير من‬

‫‪93‬‬


‫القضايا التى ساهم فى حلها ألبناء دائرته‪ ،‬حتى قبل‬ ‫أن يفكر فى خوض االنتخابات البرلمانية‪.‬‬

‫‪94‬‬


‫الفصل السابع‬

‫حوار الطظ‬ ‫فيه جلد مالهش لون وجلد بألف لون‬ ‫لو تغسله بصابون يطلع لونه أونطة‬ ‫سيبك م المدبغة وصباغة المصبغة سيبك‬ ‫وبص‪ ..‬بص شوف‪ ،‬شوف الناس والظروف‬ ‫يمكن تلقى الديابة البسة فروة خروف‬ ‫يمكن تلقى الغالبة فى أول الصفوف‬ ‫سيد حجاب‬



‫(‪)1‬‬

‫الرئي�س‪� ..‬صحف ًيا‬ ‫فى منتصف التسعينات‪ ،‬وعندما وضع «سعيد شعيب» كارنيه‬ ‫نقابة الصحفيين أمامه وبكى‪ ،‬كان يرسم مشهدً ا مسرح ًيا لبطل تعرض‬ ‫للظلم والقهر وتحمل سخافات صحفيين ورؤساء تحرير من أجل‬ ‫تلك البطاقة الملقاة أمامه‪ ،‬وقرر أن يصرخ فى النهاية‪« :‬ال قهر بعد‬ ‫اليوم‪ ..‬المجد للمهنة»‪.‬‬

‫كان االحتفال الدرامى بالحصول على «العضوية» يليق بكاتب‬ ‫وتحمل مع أصدقائه وأبناء جيلهالموهوبين‬ ‫مسرحى عاش تجربة مريرة‬ ‫ّ‬ ‫«أكرم القصاص وعماد الدين حسين‪ ،‬عادل السنهورى‪ ،‬سعيد‬ ‫الشحات‪ ،‬خالد صالح‪»..‬الكثير من التعسف والقهر‪ ،‬سواء من‬ ‫الحزب الناصرى نفسه بقيادة ضياء الدين داود رحمه الله أو من رؤساء‬ ‫األقسام فى الصحيفة‪،‬وقد حصلوا على «التعيين» وكارنيه النقابة بعد‬ ‫اعتراضا على‬ ‫صبر طويل ابتكروا خالله فكرة «الشارات السوداء»‬ ‫ً‬ ‫تأخر هذا القرار‪.‬‬ ‫‪97‬‬


‫والذين يعرفون سعيد شعيب يدركون حجم األلم والحزن الذى‬ ‫تعرض له فى صيف ‪ ،2005‬عندما «رزع» باب صحيفة «الكرامة»‬ ‫ومضى غاض ًبا لينشر الحوار التاريخى والمهم الذى أجراه مع مرشد‬ ‫جماعة اإلخوان مهدى عاكف فى مكان آخر بعد أن رفض حمدين‬ ‫صباحى نشره فى «الكرامة»!‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تاريخا من‬ ‫وأنا أعرف سعيد‪ ،‬وأعرف أنه فى تلك اللحظة كان يشيع‬ ‫الذكريات واألفكار والتصورات التى صدقها عن األصدقاء القدامى‪..‬‬ ‫وألما على من خاب ظنه فيهم‪.‬‬ ‫وربما بكى حسر ًة ً‬

‫لم يكن سعيد يجهل الصفقات االنتخابية بين حمدين واإلخوان‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مشغول بها‪ ،‬هو مشغول ـ فقط ـبإهانة المهنة وبما شعر به‬ ‫ولم يكن‬ ‫من «قهر» لم يعد القلب يحتمله‪ ،‬هو صحفى وكاتب كبير أجرى‬ ‫مهما مع مرشد التنظيم فى أهم وأخطر مرحلة من مراحل‬ ‫حوارا ً‬ ‫ً‬ ‫صعود الجماعة‪ ،‬وليس من الالئق أن ُيمنع من النشر بعد كل هذا‬ ‫العمر وبقرار من «حمدين صباحى» الذى راهن عليه كرئيس تحرير‬ ‫يؤمن بصحافة «الكبار»!!‪.‬‬ ‫كان «سعيد شعيب» قد ّفر من «العربى» بح ًثا عن براح صحفى‬ ‫جديد فى «الكرامة»‪ ،‬لكن خاب مسعى العشاق‪ ،‬تما ًما كما خاب‬ ‫مسعى «عبد الحليم قنديل» الذى أطاح به حمدين صباحى من رئاسة‬ ‫تحرير «الكرامة» فيما بعد‪.‬‬ ‫الحوار الذى أجراه سعيد شعيب فى ‪ 2005‬ونُشر بصحيفة روزا‬ ‫اليوسف أقام الدنيا ولم يقعدها‪ ،‬وأصبح فيما بعد أيقونة يتداولها‬ ‫‪98‬‬


‫الجميع سواء على مواقع التواصل االجتماعى أو تويتر منذ ثورة يناير‬ ‫‪ 2011‬وحتى اليوم باعتباره وثيقة تدين تلك الجماعة وطريقة تفكير‬ ‫مرشدها‪ ،‬ونسى الجميع‪ ،‬أقول‪ :‬نسى الجميع‪ ،‬أنها وثيقة فاضحة لما‬ ‫كان عليه حال «الصحافة»قبل الثورة‪ ،‬ولما كان عليه مرشح الرئاسة‬ ‫(فى ‪ )2014‬حمدين صباحى‪.‬‬

‫‪99‬‬


‫(‪)2‬‬

‫مع �صياح الديك‬ ‫لو لم يظهر حمدين صباحى فى الوسط الصحفى الخترعناه‪ ،‬فهو‬ ‫شخصية سينمائية متكاملة األركان‪ ،‬الطالب الجامعى الثائر الذى تجرأ‬ ‫فى سبعينات القرن الماضى ووقف فى مدرج الجامعة يهاجم الرئيس‬ ‫السادات فى واقعة نادرة الحدوث‪ ،‬والناصرى الوسيم الذى يمتلك‬ ‫مواصفات الزعامة‪ ،‬والفنان الذى يصادق المخرجين والممثلين وظهر‬ ‫فى أحد أفالم يوسف شاهين وسافر مع الفنانة رغدة وعدد من الفنانين‬ ‫والمثقفين المؤمنين بالوحدة العربية إلى بغداد لمساندة الزعيم صدام‬ ‫حسين‪ ،‬وهو الصحفى المتمرد الذى انفصل عن الناصريين مطلع‬ ‫التسعينات وراح يحلم بإعادة مجد الزعيم من خالل حزب جديد‬ ‫يليق بتطلعات الجماهير العريضة‪ ،‬وبصحيفة كبرى تنحاز للحرية‬ ‫والفقراء وتحارب الفساد وتفضح الصفقات‪.‬‬ ‫وطال االنتظار‪ ،‬وخاض حمدين انتخابات برلمانية‪ ،‬ولم يمل‬ ‫عشاقه من الباحثين عن مخرج من «الحزب الناصرى» الذى ترهل‬ ‫‪100‬‬


‫وأخيرا جاء «حزب الكرامة»‬ ‫وأنهكته الحروب والصراعات الداخلية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وصدرت الصحيفة تحمل االسم المعبر والدال على تطلعات‬ ‫مؤسسها‪.‬‬

‫ربما كان الكاتب «عبدالحليم قنديل» يراهن على ذلك حين قرر‬ ‫أن يغامر ويترك صحيفة «العربى» وهو فى قمة المجد‪ ،‬فقد صنع‬ ‫مع الكاتب «عبدالله السناوى» حالة جديدة فى «العربى» وشهد‬ ‫عام ‪ 2000‬وما بعدها مولد صحافة الرأى بفضلهما‪ ،‬وأعلنا رفض‬ ‫التوريث وصرخا بذلك قبل أن يتحول جمال مبارك إلى موضة‬ ‫وكنت شاهدً ا‬ ‫فى باقى الصحف الخاصة التى ظهرت فيما بعد‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫سكرتيرا للتحرير فى تجربة سيطول‬ ‫على ذلك حيث عملت معهما‬ ‫ً‬ ‫الحديث عنها‪.‬‬

‫ّ‬ ‫مبكرا واعتقد أنه‬ ‫زلزل عبد الحليم قنديل أركان دولة مبارك‬ ‫ً‬ ‫سيواصل هدمها من خالل «الكرامة» التى ذهب إليها فى ‪2005‬‬ ‫ً‬ ‫اتصال بين حمدين‬ ‫منهارا‪ ،‬لكن‬ ‫تقري ًبا ورفع توزيعها الذى كان‬ ‫ً‬ ‫صباحى والرئيس المبجل مبارك أنهى طموحاته‪ ،‬وخرج مصدو ًما‬ ‫محب ًطا وكتب ً‬ ‫أيضا بعنوان»األصدقاء الذين‬ ‫مقال شج ًيا وعذ ًبا وباك ًيا ً‬ ‫باعونى قبل صياح الديك»‪.‬‬

‫كان األستاذ «حمدين صباحى» قد تعرض وقتها إلصابة فى حادث‬ ‫سيارة‪ ،‬وبحنان األب اتصل مبارك لالطمئنان عليه‪ ،‬وهومانشره‬ ‫حمدين نفسه وقتها فى جريدة «الكرامة» دون إضافة‪ ،‬ولكن اإلضافة‬ ‫جاءت غيرمكتوبة باستبعاد قنديل من «الكرامة»!‪.‬‬ ‫‪101‬‬



‫الفصل الثامن‬

‫زمن الفراولة‬ ‫وطريقي‪ ،‬ما طريقى؟ أطويل أم قصير؟‬ ‫هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغور‬ ‫السائر في الدّ رب أم الدّ رب يسير‬ ‫أأنا ّ‬ ‫أم كالّنا واقف والدّ هر يجري؟‬ ‫لست أدرى!‬ ‫إيليا أبو ماضى‬



‫(‪)1‬‬

‫�سيجار كوبى‬ ‫أيضا‪ ،‬كل عبارة منه تحمل‬ ‫وهذا خبر مشحون بالدراما واإلثارة ً‬ ‫قصة تبدأ من سيجار فريد الديب المحامى الشهير وتمر برئيس الدولة‬ ‫المسجون مع ولديه وتنتهى عند الصحفى واإلعالمى المثقف الذى‬ ‫معتذرا للقائد المظلوم من شعبه‬ ‫يحمل جينات «جيفارا» وقد جاء‬ ‫ً‬ ‫معتذرا عما كان يتصوره ويعتقده ويروج له سنوات!‪..،‬‬ ‫وناسه‪ ،‬جاء‬ ‫ً‬ ‫حالة إنسانية متكاملة يحملها خبر صغير هذا نصه‪:‬‬ ‫فريد الديب‪ :‬مبارك سعيد بشهادة إبراهيم عيسى‬ ‫ومصافحته فى المحكمة‬ ‫كتبت ـ هند عادل ‪ /‬اإلثنين ‪ 13‬يناير ‪2014‬‬ ‫أكد فريد الديب محامى الرئيس األسبق أن مبارك أبدى‬ ‫سعادته البالغة بشهادة اإلعالمى إبراهيم عيسى رئيس‬ ‫تحرير جريدة التحرير أمس‪ ،‬فى قضية محاكمة القرن‪.‬‬

‫وأوضح الديب فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع»‪،‬‬ ‫أن الحالة النفسية لمبارك جيدة جدً ا ويشعر بسعادة‬

‫‪105‬‬


‫بالغة‪ ،‬خاصة بعد إصرار عيسى على الدخول إلى غرفة‬ ‫تواجد مبارك ونجليه داخل المحكمة ومصافحته لهم‪،‬‬ ‫على الرغم من أنه كان فى إمكانه مغادرة مقر المحكمة‬ ‫عقب انتهاء الجلسة‪.‬‬ ‫كانت محكمة جنايات القاهرة‪ ،‬برئاسة المستشار‬ ‫محمود كامل الرشيدى المنعقدة بأكاديمية الشرطة قد‬ ‫استمعت أمس‪ ،‬إلى أقوال الكاتب الصحفى واإلعالمى‬ ‫إبراهيم عيسى‪ ،‬رئيس تحرير جريدة التحرير فى قضية‬ ‫إعادة محاكمة الرئيس األسبق حسنى مبارك‪ ،‬ونجليه‬ ‫عالء وجمال‪ ،‬ووزير الداخلية األسبق حبيب العادلى‪،‬‬ ‫و‪ 6‬من كبار مساعديه‪ ،‬ورجل األعمال الهارب حسين‬ ‫سالم‪.‬‬

‫‪106‬‬


‫(‪)2‬‬

‫غرام الت�سعينات‬ ‫إن كنت تبحث عن بطل لرواية تدور أحداثها فى عالم الصحافة‬ ‫ومنزلقاتها ومنحنياتها قبل الثورات وبعدها‪ ،‬فلن تجد أفضل من‬ ‫شخصية إبراهيم عيسى بداية من أواخر الثمانينيات حيث المثقف‬ ‫الشاب الثائر المسكون بالموهبة الذى يحمل شار ًبا ك ًثا ونظارة قعر‬ ‫وقلما أشبه بمرزبة ثقيلة تحطم الرموز والثوابت وتجعل كل‬ ‫كوباية ً‬ ‫شىء خاض ًعا للمراجعة الصحفية ً‬ ‫وقابل للتجديد والحذف واإلضافة‪،‬‬ ‫ومرورا بالتسعينات حيث مجد الصحفى المثقف الذى صنع تجربة‬ ‫ً‬ ‫استثنائية فى تاريخ الصحافة اسمها «الدستور»‪ ،‬وليس انتها ًء بهذا‬ ‫المشهد الذى وقف فيه أمام محكمة الجنايات وخلفه تاريخ عريض‬ ‫من الثورات ليبرئ رئيس البالد وولديه من تهمة قتل المتظاهرين‪،‬‬ ‫فقبلها بسنوات قليلة كان قد ارتدى «الحماالت» وظهر فى فضائيات‬ ‫خصما عنيدً ا لنظام مبارك‪.‬‬ ‫رجال األعمال‬ ‫ً‬ ‫سمعت اسمه ألول مرة فى شقة «فيصل» التى كان يدفع إيجارها‬ ‫ُ‬ ‫‪107‬‬


‫عماد الدين حسين وعادل السنهورى وإبراهيم المنيسى وأسامة‬ ‫سالمة ـ على ما أذكر ـ والتى كانت ملتقى عشرات الزمالء واألصدقاء‬ ‫وعابرى السبيل من أمثالى‪ ،‬فقد زرتها مرات بصحبة صديقى حمدى‬ ‫رخما ـ وقضيت سهرات جميلة بصحبة أكرم‬ ‫عبدالرحيم ـ الذى كان ً‬ ‫قصصا متناثرة حول الكوابيس‬ ‫القصاص‪ ،‬وفى تلك األجواء سمعت‬ ‫ً‬ ‫التى تطارده فى نومه وتجعل التفكير فى السكن معه جريمة يرتكبها‬ ‫اإلنسان فى حق نفسه‪ ،‬ومع الضحكات تتحول دفة الكالم نحوه‪،‬‬ ‫حاضرا باعتباره حالة إبداعية متكاملة ال يعيبها سوى الشخير‬ ‫ويظل‬ ‫ً‬ ‫والقفز فجأة من السرير‪ ،‬وتعود الضحكات وتنفض الجلسات ويبقى‬ ‫إبراهيم عيسى فى رأسى أنا الولد الذى يكتب القصص ودخل عالم‬ ‫مبكرا‪ ،‬ومازال يتمنى رؤية إبراهيم‪.‬‬ ‫الصحافة وعرف أسرارها ً‬ ‫وفى صيف ‪ 1994‬وبينما أقضم سندوتش الفول بشارع الجمهورية‬ ‫حيث مقر جريدة األحرار‪ ،‬رأيته يدب األرض بثقة وابتسامة عريضة‬ ‫محم ًيا من وزارة الداخلية بحراسة خاصة تحمى ظهره من غدر‬ ‫اإلسالميين اإلرهابيين الذين أقلق مضاجعهم وبقر بطونهم ومزق‬ ‫ّ‬ ‫ومرمغ األرض بكبيرهم حسن البنا فى مجموعة مقاالت‬ ‫أدبياتهم‬ ‫نارية كتبها فى روزا اليوسف بعد اغتيال فرج فودة‪.‬‬

‫‪108‬‬


‫(‪)3‬‬

‫خيانات �صغيرة‬ ‫وضحك القدر فى ‪ 1996‬وتولى حمدى عبدالرحيم القسم الثقافى‬ ‫وخرجت من ظالم «األحرار» إلى‬ ‫وطلبنى مع الصديق سيد محمود‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وشاهدت «عيسى» كتلة من الموهبة‪ ،‬يتحرك بخفة فى‬ ‫نور «الدستور»‬ ‫ُ‬ ‫صالة التحرير ويتحدث إلى الجميع‪ ،‬وفى كل وقفة وحديث سريع‬ ‫تتولد أفكار صحفية المعة‪ ،‬والنجاح المذهل يظلل جدران الصحيفة‬ ‫ً‬ ‫تاريخا لـ ‪ 6‬ش ضريح سعد زغلول‪.‬‬ ‫ويصنع‬ ‫وأسدل الستار وأغلقت الدستور وتفرقت السبلوأصبحنا بال عمل‬ ‫نتقابل ونثرثر فى شقة بالل‪.‬‬

‫حتى جاءت تجربة الجيل برئاسة تحرير ياسر أيوب‪ ،‬وتحول‬ ‫إبراهيم عيسى إلى «شارب كث» غاضب على «بالل فضل» والذين‬ ‫ذهبوا معه إلى تجربة أخرى!‪ ،‬ووصل األمر إلى اتهامات بالخيانة لكل‬ ‫مثابرا مع إبراهيم الذى اعتبرها معركة وأدارها من‬ ‫من ذهب ولم يبق ً‬ ‫مقهى فيينا بشارع قصر العينى ليضع أبناء الجيل الواحد فى صراع‬ ‫‪109‬‬


‫رئيسا للتحرير ومعه مجموعة‬ ‫انتهى بقدوم الصديق جمال العاصى ً‬ ‫كبيرة من األصدقاء الذين وصلوا مقر الجريدة بالفعل‪ ،‬وتوتر الوضع‬ ‫تما ًما‪ ،‬وجمع بالل فضل كتبه ومتعلقاته وغادر إلى شقته بشارع حسين‬ ‫حجازى فقد كان هو المستهدف األول‪ ،‬وبقيت مع حمدى عبدالرحيم‬ ‫شهرا قبل أن أغادر الجيل إلى «العربى» الناصرى التى قرر الحزب‬ ‫ً‬ ‫إصدارها يومية برئاسة تحرير عبدالله إمام‪.‬‬

‫كثيرا‪ ،‬فالقادمون هم أصدقاء المقاهى والبارات‬ ‫كان موقفى أفضل ً‬ ‫والكتابة‪،‬ولست فى صراع مع أحدهم ‪«:‬إيهاب الزالقى‪ ،‬ياسر الزيات‪،‬‬ ‫محمد العسيرى‪ ،‬عبد الفتاح على‪ ،‬عبادة على‪ ،»..‬كما أننى تلقيت‬ ‫عرضا من األستاذ «عدلى برسوم»نائب رئيس تحرير صحيفة العربى‬ ‫ً‬ ‫سكرتيرا للتحرير مع ثالثة مدراء للتحرير هم «وائل قنديل‬ ‫للعمل‬ ‫ً‬ ‫وشفيق أحمد على وعبدالحليم قنديل»‪ ،‬وأنهى الرجل المهذب‬ ‫مكالمته وهو يؤكد أن اسمى سيكون ضمن أول المعينين‪.‬‬ ‫وفشلت كما‬ ‫وأصدر عيسى «ألف ليلة» ولم يكتب لها النجاح‬ ‫ْ‬ ‫فشلت تجربة الجيل‪ ،‬وانتهت التسعينات وإبراهيم غاضب تما ًما‬ ‫ناقما على نخبة المثقفين الذين «باعوه» وتركوه وحيدً ا‬ ‫وربما كان ً‬ ‫يتخبط بعد إغالق الدستور‪.‬‬

‫‪110‬‬


‫(‪)4‬‬

‫وليمة لأع�شاب البحر‬ ‫جاءت األلفية الثانية و«إبراهيم عيسى» على هذه الحال من‬ ‫ال ُغبن والغضب!‪ ،‬هو بطل الرواية الصحفية من ألفها إلى يائها‪،‬‬ ‫كيف يصل به األمر إلى هذه الحال؟! تماسك البطل وراح يع ّبر عن‬ ‫غضبه بمقاالت متفرقة فى صحيفة «الميدان» وأحيانًا فى «أخبار‬ ‫األدب»‪ ،‬كان يريد أن يصرخ فى الجميع ويدهس أفكارهم ويحطم‬ ‫رومانسيتهم‪ ،‬وتالقت رؤاه الجديدة مع «جمال حشمت» القيادى‬ ‫بجماعة اإلخوان المسلمين وعضو مجلس الشعب الذى طالب‬ ‫بمصادرة الروايات الثالث فى األزمة الشهيرةالتى تعرضت لها الثقافة‬ ‫المصرية عام ‪ 2001‬والتى كان من نتائجها قيام وزير الثقافة فاروق‬ ‫حسنى بإقالة الناقد السينمائى «على أبوشادى» رئيس الهيئة العامة‬ ‫لقصور الثقافة‪ ،‬وتنحية وإبعاد عدد من المثقفين واألدباء العاملين‬ ‫بإدارة النشر منهم الكاتب الكبيرمحمد البساطى رحمه الله‪ ،‬والناقد‬ ‫المسرحى «أحمد عبدالرازق أبوالعال» والشاعر والقاص «محمد‬ ‫‪111‬‬


‫كشيك»‪ ،‬بسبب نشرهم روايات «أبناء الخطأ الرومانسى» لياسر شعبان‬ ‫و«أحالم محرمة» لمحمود حامد‪ ،‬و«قبل وبعد» لتوفيق عبدالرحمن‬ ‫مدهوسا فيما بعد‪.‬‬ ‫الذى سيموت‬ ‫ً‬

‫المثقفون اعتبروا موقف الوزيرانتكاسة كبرى واستسال ًما‬ ‫لإلسالميين‪ ،‬ورفضوا خضوع فاروق حسنى المهين لجهالء العصر‬ ‫الحديث‪ ،‬وهددوا بمقاطعة معرض الكتاب الذى كان على األبواب‪،‬‬ ‫وتوالت بيانات الشجب التى تدين موقف الوزير ومؤيديه من موظفى‬ ‫الوزارة بقيادة «التنويرى» جابر عصفور!‪ ،‬وفجأة ظهر إبراهيم عيسى‬ ‫قاد ًما من اإلحباط بشارب كث ليشن هجو ًما عني ًفا على المثقفين وعلى‬ ‫بياناتهم ويمسح بهم األرض ألنهم يشجعون الروايات القبيحة التى‬ ‫ال تناسب المجتمع اإلسالمى (بطبعه)!!‪ ،‬وكتب فى أخبار األدب‬ ‫ً‬ ‫مقال بعنوان «األوطان ال تلدغ من جحر مرتين» وكان يقصد ما حدث‬ ‫فى أزمة «وليمة ألعشاب البحر» التى سبقت تلك األزمة وكيف‬ ‫يجب أن نتعلم منها عدم نشر الرويات التى تثير عضب اإلسالميين‬ ‫والمجتمع المصرى كله(!)‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ووبخ صديقه‬ ‫هاجم «عيسى» المتشدقين بحرية التعبير واإلبداع‬ ‫القديم «على أبو شادى» الذى سمح بنشر هذه الروايات بفلوس‬ ‫الدولة!‪ ،‬وانتصر لفاروق حسنى الذى قدم البالغات بنفسه ضد‬ ‫الروايات!‪ ،‬والمقال فى مجمله انقال ًباعلى أفكار فرج فودة التى‬ ‫كان يتبناها عيسى ويمشى فى الشوارع محم ًيا من الداخلية لدفاعه‬ ‫عنها أوائل التسعينات‪.‬‬ ‫‪112‬‬


‫(‪)5‬‬

‫حرب الفراولة‬ ‫ماذا (كان) يفعل مانويل جوزيه مدرب النادي األهلي الشهير؟كان‬ ‫يقوم بتجريف األندية وخطف العبيها‪ ،‬وأي العب يحرز هد ًفا في مرمى‬ ‫فورا إما لحرمان النادي منه أو لتعذيبه وعقابه بالجلوس‬ ‫األهلى يتم ضمه ً‬ ‫على الدكة!‪ ،‬هكذا يعبر الزمالكاوية ـ وأنا منهم ـ عن حقدهم على‬ ‫وكثيرا ما كان يتمادى بعضهم ويطالب «عدلى القيعى»بالطواف‬ ‫األحمر‪ً ،‬‬ ‫في القرى والنجوع بح ًثا عن المواهب المصرية وتفعيل قطاع الناشئين‪..‬‬ ‫ً‬ ‫بدل من الطواف حول أسوار األندية وخطف العبيها!‪.‬‬

‫محاصرا بأموال‬ ‫هكذا وجد إبراهيم عيسى الزمالكاوى نفسه‬ ‫ً‬ ‫رأسا برأس مع مجدي الجالد‪..‬فهما‬ ‫«صالح دياب» التى جعلته ً‬ ‫رئيسا تحرير أهم صحيفتين يوميتين في مصرقبل ثورة يناير!‪ ،‬ووقف‬ ‫يصرخ فى ‪:2009‬‬ ‫ـ صالح دياب ينافسنا بأسلوب «الحلوانية» الذي‬ ‫ال عالقة له بالـ «مهنية»‬

‫‪113‬‬


‫ـ المصرى اليوم انتزعت قسم «الكاريكاتير» بالكامل‬ ‫من الدستور في واقعة غير مسبوقة في تاريخ الصحافة‬ ‫المصرية‪.‬‬ ‫ـ المصري اليوم أخذت جالل عامر بـ‪ 15‬ألف جنيه في‬ ‫الشهر بعد تقديمه في الدستور بـ‪ 6‬أسابيع)‪.‬‬

‫كان الحوار الذى أجراه معه الزميل «أشرف شحاتة» لموقع «بر‬ ‫واختصارا لحالة الصراع والتنافس‬ ‫تعبيرا‬ ‫ً‬ ‫مصر» فى ‪ 16‬مارس ‪ً 2009‬‬ ‫واضحا ألوضاع المهنة قبل ثورة يناير‪ ،‬كانت تلك هي المرة‬ ‫وتجسيدً ا‬ ‫ً‬ ‫األولى التي يفتح فيها «عيسى» نيران مدفعيته الثقيلة على صالح دياب‬ ‫وصحيفته بعد أن قضى عام ‪ 2008‬مكتف ًيا بالتلويح والغمز واللمز‬ ‫حول «الفراولة» اإلسرائيلى وتورط رئيس مجلس إدارة المصرى‬ ‫اليوم فى التطبيع‪.‬‬ ‫وإبراهيم عيسى زمالكاوى‪ ..‬وصانع نجوم من طراز فريد‪ ،‬وشئت‬ ‫أم أبيت‪ ،‬فإن تاريخ المهنة سيقوإلن إبراهيم عيسى هو األب الشرعي‬ ‫للحيوية التي دبت في عروق الصحافة فجدد شبابها وقفز في منتصف‬ ‫التسعينات ليفتح نافذة «الدستور» في إصدارها األول التي تحولت‬ ‫مع األيام إلى نهار كامل مشرق بمبدعين المهنة معلميها وأسطواتها‬ ‫الذين يمألون الساحة اآلن ولسنوات مقبلة بعد انضمام فريق جديد‬ ‫في تجربة اإلصدار الثاني‪.‬‬ ‫تاريخ عريض لكاتب وروائي يجتهد في اإلبداع والكتابة والبرامج‪،‬‬ ‫قد يكون الرتق قد اتسع على الراتق عندما قدم برنامج «حمرا» أوعندما‬ ‫‪114‬‬


‫تنقل بين فضائيات رجال األعمال‪ ،‬لكنه ّ‬ ‫ظل محاف ًظا بقدر كبيرعلى‬ ‫معتزا بها ومستندً ا إلى تاريخ في المهنة ال يستطيع أحد أن‬ ‫موهبته ً‬ ‫ينكره‪.‬‬

‫كان «عيسى» يفعل كل ذلك في وقت كان فيه األستاذ «مجدي‬ ‫الجالد» موجو ًدا في مكان ما على سطح الكرة األرضية‪ ،‬وال أملك‬ ‫معلومات محددة عنه‪ ،‬فلم أكن أقرأ له في صحفنا السيارة أو غير‬ ‫السيارة وربما لجهل منى ومن كل أصدقاء وزمالء المهنة الذين‬ ‫سألتهم عنه فلم أحصل إال على معلومات تتلخص في أنه كان يعمل‬ ‫بالمملكة العربية السعودية كمراسل لمجلة األهرام العربي التي كان‬ ‫يرأس تحريرها أسامة سرايا آنذاك‪ ,‬والبعض يحكى عن دور للكاتب‬ ‫ماجدة الجندي في تعيينه باألهرام‪ ،‬لكن ال أحد يحكى عن مقاالت أو‬ ‫قصر في حق نفسه‬ ‫كتابات أو خبطات‪ ،‬ربما يكون األستاذ «مجدي» ّ‬ ‫رئيسا لتحرير صحيفة‬ ‫وأعطى فرصة لكثيرين يتعجبون من اختياره ً‬ ‫المصري اليوم خل ًفا ألنوار الهوارى!‪.‬‬

‫‪115‬‬


‫(‪)6‬‬

‫فى �سبيل المر�شد‬ ‫مستفزا بالنسبة إلبراهيم‬ ‫من المؤكد أن هذا الوضع المهني كان‬ ‫ً‬ ‫عيسى فالموهبة وحدها التكفى حتى وإن كانت في جبروت موهبته‪،‬‬ ‫والمصري اليوم دخلت السوق بخبرات واسعة وقدرات لم تعهدها‬ ‫المهنة في مصر‪ ،‬ووراء ذلك أموال ضخمة ربما كانت من التعامالت‬ ‫الزراعية اإلسرائيلية أو التوكيالت األجنبية التي أشار إليهما «عيسى»‬ ‫في مقاالت عديدة بالدستور نشرنا بعضها فى الجزء األول من البغاء‬ ‫الصحفى‪.‬‬

‫المهم‪ ..‬أن كل ذلك زاد من توتر «عيسى» وأفقده الكثير من‬ ‫األصدقاء فى تلك الفترة‪ ،‬ولكن ومثل كل أبطال الروايات كان عليه‬ ‫أن يبحث عن طريقة ترفع توزيع «الدستور» وتحتفظ له بنجومية تليق‬ ‫به‪ ،‬فولى وجهه شطر مكتب اإلرشاد وفتح الصفحات لقادة اإلخوان‬ ‫واعتبرهم التيار الوحيد المعارض لمبارك‪ ،‬وكانت رسالته واضحة‬ ‫إما أن تناصر هؤالء أو تكون ضمن عمالء أمن الدولة!‪ ،‬وتحولت‬ ‫‪116‬‬


‫مانشيتات الدستور إلى احتفال يومى بقادة مكتب اإلرشاد‪ ،‬وضمن‬ ‫كبيرا بمغازلة الجماعة وتحويل قادتهم إلى‬ ‫رئيس التحرير توزي ًعا ً‬ ‫أبطال يكتبون المقاالت وتتصدر صورهم الصفحات األولى‪ ،‬ولم‬ ‫يكن قادة اإلخوان بعيدً ا عن مبارك‪ ،‬ولم يكن الروائى الكبير إبراهيم‬ ‫عيسى بعيدً ا هو اآلخر!‪ ،‬فإن كان «جمال»محروق سياس ًيا وشعب ًيا‬ ‫فهاهو عالء مبارك أمامكم وردة بيضاء‪ ،‬وكتب «عيسى» ً‬ ‫مقال خالدً ا‬ ‫ً‬ ‫مبارك»متغزل فى أخالق‬ ‫بعنوان «‪ 12‬سب ًبا وراء حب المصريين لعالء‬ ‫ينس جبر‬ ‫االبن األكبر العاقل المتدين الراضى بقضاء وقدره ولم َ‬ ‫خاطر جمال بكلمتين حلوين‪ ،‬وقبل قراءة بعض األسباب التى ساقها‬ ‫لهذا الحب‪ ،‬البد أن نشير إلى أن المقال المنشور فى الدستور‪2009‬‬ ‫صاحبته حمالت دعائية لعالء مبارك بعد مباراة مصر والجزائر‪ ،‬حيث‬ ‫نشرت «المصري اليوم»آراءعديدة تؤيد االبن األكبروتتمنى خالفته‬ ‫لوالده‪،‬وهواألمرالذي تكررمن خالل مجموعات على «فيسبوك»‬ ‫وعشرات المنتديات االلكترونية‪.‬‬

‫‪117‬‬


‫(‪)7‬‬

‫وقائع موت روائى‬ ‫ً‬ ‫مشغول بمواساة عالء مبارك بعد‬ ‫فى ‪ 2009‬وبينما كان عيسى‬ ‫مدهوسا‬ ‫الرحيل المؤلم لنجله‪ ،‬مات الروائى توفيق عبدالرحمن‬ ‫ً‬ ‫عمدً ا تحت عجالت ميكروباص! كان الرجل يسير بسيارته فى شارع‬ ‫أحمد عرابى عندما فوجئ بميكروباص يصدم سيارته من الخلف‪،‬‬ ‫وماإن حاول عتاب السائق حتى انهال عليه بالسب والشتم‪ ،‬فأصر‬ ‫المثقف على استدعاء الشرطة‪ ،‬ووقف أمام الميكروباص بشجاعة‪،‬‬ ‫لكن السائق أمر الت َّباع بدهسه إن لم يتحرك من أمامها‪ ،‬فأدار محرك‬ ‫السيارة وانطلق ليدهس صاحب «بعد وقبل» تحت عجالتها!‬ ‫مات توفيق عبدالرحمن بطريقة درامية تشبه حياته‪،‬ولم ينعه عيسى‬ ‫ولم يعتذر عن اتهام روايته بنشر الرذيلة فى المجتمع المصرى المتدين‬ ‫بطبعه والذى ال يقبل أى تجريح لمشاعره الدينية‪ ،‬لكنه قد يقبل‬ ‫فتح ملفات عذاب القبر أو نساء النبى إن فتحها «عيسى» بعد ذلك‬ ‫بسنوات!‪.‬‬ ‫‪118‬‬


‫(‪)8‬‬

‫‪� 12‬سب ًبا وراءحب الم�صريين لعالء مبارك‬ ‫ليس هناك شك عندي علي األقل أن المواطن المصرى‬ ‫يحب عالء حسني مبارك‪ ،‬ال أقول إن المصريين يحبون‬ ‫عالء مبارك أكثر من شقيقه جمال مبارك‪ ،‬بل أقول إنه‬ ‫ال مقارنة بين مشاعر الناس تجاه الشقيقين إطال ًقا‪،‬‬ ‫الحظ أنه مع منتصف الثمانينيات كان عالء هو االبن‬ ‫األشهر واالسم األكثر ذيو ًعا في األحاديث عن أسرة‬ ‫الرئيس ولم يكن جمال قد ظهر وتجلى دوره إلي هذا‬ ‫الحد‪ ،‬وقد كثر الكالم وقتها عن نشاط عالء مبارك‬ ‫المالي والتجارى باعتبارها كانت المرة األولي في‬ ‫التاريخ المصري أن يري الشعب نجل الرئيس في مجال‬ ‫عمل اقتصادي خاص معرض للتعامل مع سوق مصر‬ ‫التجارية ورجال أعماله ومؤسسات الدولة‪ ،‬لكن مع‬ ‫مرور األيام اكتسب عالء مبارك احترا ًما لدي المصريين‬ ‫ارتقي به إلي حب قد يالحظه البعض عند الحديث‬ ‫حول عالء أو عنه في دوائر مختلفة في مصر سواء‬

‫‪119‬‬


‫في عالم السياسة أو في األوساط الشعبية أو في عالم‬ ‫الرياضة طب ًعا‪.‬‬ ‫حب الناس لعالء مبارك يثبت أن هجومهم وانتقادهم‬ ‫ورفضهم جمال مبارك إنما ال يأتي بسبب شخصي بل‬ ‫نتيجة رفض حقيقي عميق وجذري لخلط السياسة‬ ‫بالنسب وتوريث االبن حكم مصر كأنها ملكية وكأن‬ ‫مصر ضيعة يملكها حاكمها ويورثها لمن شاء‬ ‫مرة أخري لماذا يحب الناس عالء مبارك كما أتصور‬ ‫وأعتقد؟‬ ‫‪ 1‬ـ ألنه بسيط وطبيعي وتلقائي ووشه سمح‬ ‫‪ 2‬ـ ألنه بين الناس فال صولجان حوله وال هيلمان‬ ‫وراءه وال زفة منافقين تحيطه‪ ..‬يذهب لمباراة غير‬ ‫مشهورة في استاد كرة يجلس وحده بجوار جمهور‬ ‫المقصورة‪ ،‬ال نعرف وجوده إال من كاميرا تأتي‬ ‫بصورته لحظة‬ ‫‪ 3‬ـ ألنه مبتعد عن عالم األضواء وعازف عنها ومتعفف‬ ‫عن المشاركة في أنشطة اجتماعية أو خيرية أو‬ ‫ثقافية حتي ال تكون با ًبا للظهور أو التظاهر أو جالبة‬ ‫للصخب أو جاذبة للمنافقين وطالبي الرضا‪ ،‬ثم هو‬ ‫ٍ‬ ‫ومستغن عن‬ ‫ال يستثمر سياس ًيا وإعالم ًيا اسم أبيه‬ ‫الظهور الملح أو اإللحاح الظاهر‬ ‫‪ 4‬ـ ألنه لم يشتغل بالسياسة فلم يضطر ليقول للناس‬ ‫أوها ًما علي أنها‬ ‫حقائق وال يبيع للمواطن سياسات فاشلة علي أنها‬ ‫قمة النجاح‬ ‫‪ 5‬ـ ألنه رب عائلة مصرية يصحب أطفاله ويرعاهم في‬

‫‪120‬‬


‫احتفاالت ومناسبات كما أي مواطن مستور يعيش‬ ‫حياته داخل حدود عائلته بكل بساطة طل ًبا لراحة‬ ‫البال وسعادة العائلة‬ ‫‪ 6‬ـ ألنه لم يتدخل يو ًما كي يفوز فريق اإلسماعيلي الذي‬ ‫يشجعه ثم ألنه يشجع فري ًقا أقل شعبية من األهلي‬ ‫والزمالك ومع ذلك هو أفن منهما م ًعا فكأننا أمام‬ ‫مشجع دماغ يقدر اللعبة وال يسعي لنكهة الفوز فقط‬ ‫‪ 7‬ـ ألن نشاطه االقتصادي بدا محدو ًدا وغير متوسع وال‬ ‫متوحش وال يمكن مقارنة اسمه وأعماله مع أسماء‬ ‫مليارديرات الحزب الوطني ونجوم أمانة السياسات‬ ‫‪ 8‬ـ ألنه شديد البر بوالده وبالغ األدب وتشعر بحسن‬ ‫تربيته وشدة تهذيبه (يشاركه قط ًعا هذه الصفات‬ ‫شقيقه جمال)‬ ‫‪ 9‬ـ ألنه حين يفرح في االستاد تشعر أنه ال ينتظر الكاميرا‬ ‫كي تصوره وحين يشجع فهو ال ينتظر أن ينظر له‬ ‫أحد‬ ‫‪ 10‬ـ ألنه في ظهوره النادر ال يحب أن ينافقه أحد وتشعر‬ ‫أنه يكاد يكون في حالة زهق من كالم أي شخص‬ ‫يحاول أن ينافقه‬ ‫‪ 11‬ـ ألنه ال يوجد مواطن في مصر حاسس إن عالء‬ ‫مبارك عايز منه حاجة‬ ‫‪ 12‬ـ ألنه تعرض لمحنة وامتحان إلهي صعب ومروع‬ ‫شاكرا لله‬ ‫صابرا قانتًا حامدً ا‬ ‫بفقد نجله فكان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لهذا عندما تحدث عالء مبارك أمس األول عن أحداث‬ ‫مباراة مصر والجزائر في الخرطوم أحب الناس صدقه‬ ‫وصدَّ ق الناس حديثه‪ ،‬حيث أحسوا أنه مش عامل فيها‬

‫‪121‬‬


‫ابن الرئيس وال أمين السياسات الذي ينتظر تصفي ًقا‬ ‫ً‬ ‫وتهليل وال تكلم عن دولته أو عن حكومته مداف ًعا أو‬ ‫ومباشرا وشعب ًيا رغم رد‬ ‫صريحا وبسي ًطا‬ ‫مادحا‪ ،‬وكان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الفعل الجزائري الخشن تجاه تصريحاته‬ ‫الحب الذي يتمتع به عالء مبارك لدي قطاع واسع من‬ ‫الناس كما أعتقد يثبت أن موقف الشعب المصري من‬ ‫جمال مبارك ليس موق ًفا شخص ًيا بل هو موقف سياسي‬ ‫مبدئي ال غبار عليه وال شك فيه‪ ،‬ما بين المواطن وجمال‬ ‫مبارك هو السياسة ورفض الناس جمال مبارك هو رفض‬ ‫متحكما في سياسة شعب‬ ‫حاكما أو‬ ‫أن يكون ابن الرئيس‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وقيادة أمة بفعل الجينات وبفضل الـ «دي إن إيه»‪ ،‬أما‬ ‫لو اكتفي جمال بشغله وبنفسه فقد يحظي بحب الناس‬ ‫ألخيه عالء وقد ال يحظي‪.‬‬ ‫إبراهيم عيسي‬

‫الدستور ـ ‪ 23‬نوفمبر‪2009 ،‬‬

‫‪122‬‬


‫الفصل التاسع‬

‫الأحزان القديمة‬ ‫أنتم يا من ال تعيشون وحيدين ‪,‬‬ ‫لن تعرفوا كم سيكون الهدوء مرعبا ‪,‬‬ ‫كيف يتكلم االنسان مع نفسه ‪,‬‬ ‫كم من المرات عليه أن يهرع الى المرآة‬ ‫وال كيف يتحرق المرء النسان آخر ‪,‬‬ ‫عن ذلك ال شئ تعرفون ‪.‬‬ ‫أورخان لى‬



‫(‪)1‬‬

‫رغم اختالفى معهم!‬ ‫وأنا استلمت األستاذ مجدى الجالد ً‬ ‫طفل يحبو نحو جمال‬ ‫ً‬ ‫مدهشا وهو يتعلم المشى بسرعة نحو «الجماعة»‪،‬‬ ‫مبارك‪ ،‬وكان‬ ‫فقد اكتشف فى (‪ 7‬ديسمبر ‪ )2011‬أنه إخوانى!‪ ،‬وأنه لم يكن‬ ‫يعرف أنه إخوانى‪ ،‬لكن طاقة القدر انفتحت واكتشف المفاجأة‬ ‫المذهلة‪ ،‬وحكى قصه عائلته اإلخوانية تحت هذا العنوان عقب‬ ‫عودة الجماعة من غزوة الصناديق الشهيرة‪ ،‬واكتشف رجل األعمال‬ ‫حسن راتب ـ فجأة ـ أنه حفيد حسن البنا‪ ،‬ولم يكن الرجل يهذى‬ ‫وهو يؤكد ذلك فى تصريحات مخجلة‪ ،‬وتعجب الدكتور حسن‬ ‫نافعة من «الليبراليين» الذين يتحدثون عن «أخونة الدولة» واتهمهم‬ ‫بتضخيم األمور!‪ ،‬واكتشف الكاتب واإلعالمى الرياضى ياسر‬ ‫أيوب أن كرة القدم ُولدت فى حضن الجماعة!‪ ،‬ونشرت الجماعة‬ ‫صورا لمؤيدى مرسى وكان بينهم بفضل الله األستاذ المعتز بالله‬ ‫ً‬ ‫عبدالفتاح‪ ،‬ومحمود سعد ويسرى فودة وعشرات من الليبراليين‬ ‫‪125‬‬


‫فارسا يمتطى‬ ‫المؤيدين لإلسالم السياسى(!)‪ ،‬وظهر «مرسى»‬ ‫ً‬

‫صهوة جواد جامح على غالف مجلة أكتوبر (أغسطس ‪)2013‬‬ ‫التى كتبت تحته باألحمر الفاقع «الثورة تنطلق»!‪ ،‬وكانت قد انطلقت‬ ‫بالفعل ثورة»المالغية» بين محمد مرسى والبغائيين القدامى الذين‬

‫انتقلوا بسهولة و ُيسر من حضن «جمال مبارك» إلى معسكر حسن‬ ‫البنا ورجاله الجدد‪ ،‬وأخذوا معهم خيرة شباب الليبرالية!!‪ ،‬وتم‬

‫تداول عبارة (رغم اختالفى معهم‪ )..‬بأساليب وطرق متنوعة وغير‬ ‫مسبوقة فى تاريخ اللغة‪ ،‬قالها الجميع استعدا ًدا لعزف لحن التدليس‬ ‫والموالسة لمرسى وجماعته‪ ،‬وانطلق مجدى الجالد ليبدأ الثورة مع‬ ‫«محمد مرسى» ويصفه برجل اإلطفاء الذى يواصل الليل بالنهار‬

‫إلخماد الحرائق التى تأكل جسد الوطن!‪.‬‬

‫أما «وائل قنديل»فكان يقوم بدورهم الذى قاموا به مع عبدالله‬

‫كمال رحمه الله قبل ثورة يناير!‪ ،‬بدأ يردد ما كانوا يقولون لجمال‬

‫مبارك عنه!‪ ،‬فهم سيئون يا سيادة الرئيس‪ ،‬هم رجال مبارك ال تدعهم‬

‫يخدعونك‪ ..‬أنت أفضل وأطهر مما يصورك هؤالء الراغبون فى القفز‬ ‫على الثورة‪ ،»..‬وكان صاد ًقا فى تصنيفهم‪ ،‬لكنه كان يحارب البغاء‬ ‫بنوع جديد من المساحيق الملونة‪.‬‬

‫ومع اإلعالن الدستورى (نوفمبر ‪ )2012‬والتهاب الشارع والفيس‬

‫يسارا‪ ،‬وقفزوا من مركب «مرسى»‬ ‫بوك‪ ،‬تحركت بوصلة اإلعالميين ً‬ ‫وجماعته تبا ًعا‪ ،‬وأشعلوها حر ًبا بدأت ناعمة وانتهت قوية وعاصفة‬ ‫‪126‬‬


‫من مبنى وزارة الثقافة بالزمالك‪ ،‬وبقى وائل قنديل هناك!!‪ ،‬سد‬

‫أذنيه عن نداءات أصدقاء الميدان بالعودة‪ ،‬وركب فى الكابينة بجوار‬

‫«مرسى» مباشرة!‬

‫قد أكون رومانس ًيا أكثر من اللزوم وأنا أحكى عن وائل قنديل‪ ،‬الذى‬

‫عرفته عن قرب أثناء عملى معه فى صحيفة العربى (‪،)2000-1998‬‬

‫ومن عبث األقدار أن يأتى ذكر اسمه فى الجزء الثانى من البغاء وكان‬

‫أول المحتفين بالجزء األول وتطوع بإدارة أول ندوة بعد أن كتب أول‬ ‫مقال‪ ،‬لكنها الحياة وتقلباتها ورغباتها!‪.‬‬

‫كان وائل قنديل فى قلب الثورة ونقل «الشروق» من غفوتها‬

‫لتصبح ـ خالل الـ ‪ 18‬يو ًما ـ صحيفة منافسة‪ ،‬وانتشى وائل واقترب‬ ‫أكثر من إبراهيم المعلم الذى ارتفعت أسهمه بشكل سريع بعد‬

‫الثورة‪ ،‬وانتقل «وائل» معه وبه إلى صفوف المقدمة بجانب‬

‫البرادعى‪ ،‬لكنه انقلب على الجميع بمن فيهم ـ نحن ـ أصدقاء‬ ‫دار ميريت التى نام على كنبتها الشهيرة ليالى وصاغ معظم بيانات‬

‫الميدان متمد ًدا عليها وشرب البيرة التى هاجمها وتهكم عليها‬

‫فيما بعد!‪.‬‬

‫وعندما تم منعه من الكتابة فى «الشروق» بناء على رأى المستشار‬ ‫القانونى للجريدة‪ ،‬صدق أن «جهات عليا» وراء المنع‪ ،‬وكان مح ًقا‬

‫فالجهات العليا اعتبرته أخطر من فهمى هويدى الذى لم يعترض‬ ‫ً‬ ‫شرسا عن عرش مرسى الذى‬ ‫مقاتل‬ ‫عليه أحد‪ ،‬فمضى للنهاية‬ ‫ً‬ ‫‪127‬‬


‫«رئيسا»!‪ ،‬ويراه األسوياء غير جدير برئاسة جمعية زراعية فى‬ ‫يراه‬ ‫ً‬ ‫قرية نائية!‪.‬‬

‫الذين يعرفون عالقتى مع «وائل» والذين قرأوا «البغاء الصحفى»‬ ‫كانوا يحرضوننى كل يوم كى أبقر بطنه وأكشف ما أصبح عليه!‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مقاتل وقف معى فى مواجهة البغاء‪ ،‬كان‬ ‫مؤلما أن أخسر‬ ‫وكان‬ ‫ً‬ ‫مؤلما أن أخسر صدي ًقا تشاركنا السندوتشات والضحكات ورغبتنا‬ ‫ً‬ ‫فى التحرر من المسئوليات المنزلية بعض الوقت‪ ،‬وخطف ساعات‬ ‫فى كباريهات الدرجة الثالثة‪ ،..‬وغير ذلك من حكايات صغيرة ربما‬ ‫ينكرها اليوم أويتبرأ منها‪.‬‬

‫كنت أراهن على الوقت‪ ،‬على لحظات النور التى تأتى للبشر‬ ‫ـ أحيانًا ـفيكتشفون أنهم يصنعون أكاذيب جديدة‪ ،‬قد يقدسونها‬ ‫ويعتبرونها الحق الذى ال يأتيه الباطل‪ ،‬قد يتورطون فى مديح القتلة‬ ‫كبيرا‪ ،‬لكن‬ ‫نكاية فى اآلخرين وليس اقتنا ًعا بالقتلة الجدد‪ ،‬كان أملى ً‬ ‫دائما‪ ،‬وتبخر األمل‪ ،‬ومضى «وائل»‬ ‫خاب مسعى العشاق كما أقول ً‬ ‫ً‬ ‫مستبدل البرادعى وجميالت الليبرالية بمرسى وباكينام ومحمد‬ ‫محسوب وخيرت الشاطر!‪ ،‬وتوالت مقاالته التى تبارك اعتصامى‬ ‫النهضة ورابعة!‬

‫كثيرا قبل الكتابة عنه‪ ،‬وفى تلك الليلة (أكتوبر‬ ‫ارتعشت يدى ً‬ ‫‪)2012‬التى قرأت له ً‬ ‫مقال بعنوان «المعارضة فى مفترق طرق»‬ ‫والذى راح يدافع فيه عن مرسى بعد الخطاب الرومانسى الشهير‬ ‫شعرت باقتراب النهاية‪،‬‬ ‫الذى أرسله إلى رئيس الكيان الصهيونى‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫‪128‬‬


‫ً‬ ‫ً‬ ‫ومبتذل!‪،‬‬ ‫ماسخا‬ ‫فهاهو عدو الصهاينة يمرر لـ»الرئيس» تطبي ًعا‬ ‫وترددت‪ ،‬حتى رأيته يقف فى الصورة بجوار محمد الجوادى بينما‬ ‫ُ‬ ‫منجعصا أمامهما فى أحد فنادق الدوحة‪،‬‬ ‫الشيخ القرضاوى يجلس‬ ‫ً‬ ‫ّلوحت لأليام!‪ ،‬وها أنا أكتب فى وداع الليالى والسهرات والذكريات‬ ‫والمواقف النبيلة!‪.‬‬

‫‪129‬‬


‫(‪)2‬‬

‫الهروب الكبير‬ ‫محورا لروايتى‬ ‫استحقت تجربتى فى صحيفة «العربى» أن تكون‬ ‫ً‬ ‫«ودع هواك» فما عايشت وشاهدت كان يفوق الخيال‪ ،‬لكن الواقع‬ ‫أيضا يستحق أن يكون ً‬ ‫عمل درام ًيا تشاهد من خالله صحف ًيا شا ًبا‬ ‫ً‬ ‫يستحوذ منفر ًدا على ثقة رئيس التحرير‪ ،‬ويدخل فى صراع مع معظم‬ ‫زمالئه المحررين بعد أن أصبح صاحب الكلمة األولى واألخيرة‪،‬‬ ‫وفجأة تجتمع اللجنة العليا للحزب وتطيح برئيس التحرير!‪ ،‬وساعتها‬ ‫البد أن ينهار الصحفى الشاب ويقرر الرحيل من الصحيفة ومن مصر‬ ‫كلها تحس ًبا للتنكيل به واالنتقام من الماضى‪.‬‬

‫كانت تلك الصورة التى رأيت عليها وائل قنديل بعد اإلطاحة‬ ‫رئيسا‬ ‫بالكاتب الراحل «عبدالله إمام» وتصعيد عبدالله السناوى ً‬ ‫رئيسا تنفيذ ًيا‪ ،‬كان موق ًفا عصي ًبا وساخنًا‪،‬‬ ‫للتحرير وعبدالحليم قنديل ً‬ ‫كبيرا من الكراهية المعلنة لوائل قنديل‪،‬‬ ‫صحيح كنت أعرف جان ًبا ً‬ ‫ً‬ ‫مؤجل‪ ،‬لكننى لم أتصور أن تصل فداحة‬ ‫ثأرا‬ ‫وكنت أعرف أن هناك ً‬ ‫‪130‬‬


‫الموقف إلى التفكير فى الهجرة بأى شكل وأى ثمن وإلى أى بلد‬ ‫ٍ‬ ‫مضن عن‬ ‫حتى وإن كانت السعودية التى كان يكرهها!‪ ،‬وبعد بحث‬ ‫تأشيرة دخول لمحرر صحفى أو مصحح لغوى سافر وائل‪ ،‬واختفى‬ ‫خمس سنوات تقري ًبا قبل أن يعود ويبدأ تجربة «الشروق» مع الصديق‬ ‫عماد الدين حسين‪.‬‬

‫قبل تلك الساعات الرهيبة فى حياته‪ ،‬كان وائل قنديل دينامو‬ ‫تلقيت‬ ‫سكرتيرا للتحرير‪،‬‬ ‫صحيفة العربى‪ ،‬وقبل دخولى إليها للعمل‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫عشرات التحذيرات من التعامل معه‪ ،‬وكان كل صاحب تحذير يروى‬ ‫قصة ليؤكد نذالته وخسته ووضاعته أحيانًا‪ ،‬ولم يكن أمامى خيار أو‬ ‫فاقوس‪ ،‬فقد راهنت على «العربى» منذ اتصال األستاذ «عدلى برسوم»‬ ‫كثيرا والعمر يمضى‪ ،‬وكان‬ ‫ْ‬ ‫وأصبحت هى األمل فى التعيين الذى تأخر ً‬ ‫هذا حال كثير من أصدقاء وزمالء المهنة فى ذلك الوقت‪« :‬محمد‬ ‫طعيمة‪ ،‬أحمد فكرى‪ ،‬على حامد‪ ،‬بهاء حبيب‪ ،‬شقيق الطاهر‪.»....‬‬

‫دخلت «العربى» فى ‪ ،1998‬وكانت قد انقسمت نصفين‪ ،‬استقل‬ ‫ُ‬ ‫«جمال فهمى» باإلصدار األسبوعى ومعه المجموعة األساسية من‬ ‫أصدقائى القدامى «سعيد شعيب‪ ،‬ماهر زهدى‪ ،‬محمد الروبى‪،‬‬ ‫ماجدة خضر‪ ،‬أكرم القصاص‪ ،‬حمادة إمام»‪ ،‬وبقى «وائل قنديل»‬ ‫مع عبدالله إمام وعدلى برسوم فى اإلصدار اليومى‪ ،‬ولم أسترح فى‬ ‫وقررت المغامرة والعمل مع وائل‬ ‫العمل مع األستاذ عدلى برسوم‬ ‫ُ‬ ‫واكتشفت موهبة كبيرة ال يعيبها سوى‬ ‫قنديل فى الصفحات الليلية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫نظرة صاحبها ألصدقائه وزمالئه القدامى بأنهم بال موهبة!‪ ،‬واكتشفت‬ ‫‪131‬‬


‫إنسانًا وحيدً ا ال يثق فى أحد إال بعد وقت طويل‪ ،‬وتطورت عالقة‬ ‫العمل لتصبح صداقة تبادلنا فيها لقاءات عائلية خاطفة أتاحت لى‬ ‫معرفة ابنته «حنين» التى رأيتها طفلة تلعب مع طفلتى «ضحى» فى‬ ‫نادى الصحفيين بالجيزة‪.‬‬

‫كان بال أصدقاء تقري ًبا‪ ،‬ويغرد وحيدً ا كمدير لتحرير اإلصدار‬ ‫اليومى رغم وجود مديرى تحرير آخرين هما الكاتب»شفيق أحمد‬ ‫على» والكاتب «عبدالحليم قنديل»‪ ،‬بينما كان الكاتب عبدالله‬ ‫ً‬ ‫مسؤل عن القسم الخارجى‪.‬‬ ‫السناوى‬

‫انقلبت الترابيزة عام ‪ ،2000‬ونجح «أحمد حسن» القيادى‬ ‫بالحزب ومديرعام الصحيفة فى حشد األصوات لإلطاحة بعبدالله‬ ‫إمام المدعوم من رئيس مجلس اإلدارة ضياء الدين داودالذى تنازل‬ ‫فى مايو عام ‪ 2000‬عن رئاسة مجلس إدارة «العربى» الناصرى بعد‬ ‫يوم واحد من إبعاد عبدالله إمام‪.‬‬

‫وفر للسعودية‪ ،‬وتوقف اإلصدار اليومى‬ ‫وسقط عرش وائل قنديل ّ‬ ‫للصحيفة إثر اجتماع عقده المكتب السياسي لبحث مواجهة أزمة‬ ‫الديون‪،‬وجاء السناوى وعبدالحليم قنديل إلعادة إصدار األسبوعى‬ ‫وكالهما سيتذوق من الحزب الكثير قبل أن يغادر الثانى إلى «الكرامة»‬ ‫ويستقيل عبد الله السناوى فى ‪.2010‬‬

‫‪132‬‬


‫الفصل العاشر‬

‫الأغنية البديلة‬ ‫كان يسكن قلبي‬ ‫وأسكن غرفته‬ ‫نتقاسم نصف السرير‬ ‫ونصف الرغيف‬ ‫ونصف اللفافة‬ ‫والكتب المستعارة‬ ‫‪......‬‬ ‫فجأة مات !‬ ‫لم يحتمل قلبه سريان المخدر‬ ‫وانسحبت من على وجهه سنوات العذابات‬ ‫عاد كما كان ً‬ ‫طفل‬ ‫سيشاركني في سريري‬ ‫وفي كسرة الخبز‪ ،‬والتبغ‬ ‫لكنه ال يشاركني ‪ ..‬في المرارة‬ ‫أمل دنقل‬



‫(‪)1‬‬

‫ومات عبد اهلل كمال!‬ ‫مات بطل الجزء األول من البغاء الصحفى‪ ،‬مات عبد الله كمال‬ ‫وبثت الوكاالت والصحف الخبر المفجع عصر الجمعة ‪ 13‬يونيو‬ ‫‪ ،2014‬وارتبك الفيس بوك وتويتر أمام هول الفاجعة‪ ،‬وترددت‬ ‫األصابع بين كتابة نعى يطلب المغفرة للراحل‪ ،‬وبين تفصيل كلمات‬ ‫الشماتة فى موت ذراع جمال مبارك!‪.‬‬ ‫شىء محير ح ًقا أمام تلك اللحظة الوجودية الغامضة‪ :‬من‬ ‫يستحق الموت المفاجئ؟! من الذى ال يحتمل العيش فى زمن‬ ‫ال ُعهر والتحوالت الكبرى؟‬ ‫عندما رحل «جالل عامر ومحمد يسرى سالمة والشيخ عماد‬ ‫«خالصا» للطيبين‬ ‫عفت‪ »..‬كان بإمكان الحكمة التى ترى أن الموت‬ ‫ً‬ ‫واألطهار أن تصمد وتكتسب قيمة لدرجة تسمح بتداولها على موقع‬ ‫التواصل االجتماعى‪ ،‬لكن ماذا اآلن وقد خطف الموت من نعتقدهم‬ ‫ورجسا من عمل الشيطان؟!‬ ‫دنسا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪135‬‬


‫كثيرون اختاروا الصمت تما ًما كحل لتلك األزمة الوجودية الكبرى‬ ‫التى تتهاوى أمامها المواقف السياسية‪.‬‬

‫عالما روائ ًيا ً‬ ‫كامل‬ ‫أما أنا ـ وحدى أنا ـ فقد صنع «الموت» أمامى ً‬ ‫تصاعدت فيه الدراما لدرجة موت أحد أبطال كتابى‪ ،‬لذا لم أهتم‬ ‫ً‬ ‫مشغول بباقى‬ ‫وبقيت‬ ‫برصد مواقف القراء أو النشطاء السياسيين‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أبطال الكتاب ممن خاضوا ضد الراحل حرو ًبا صحفية شرسة‪ ،‬شتموه‬ ‫وقذموه بالطماطم وأهانوه وعايروه بمؤخرته الكبيرة وسوء توزيع‬ ‫مجلته األسبوعية وصحيفته اليومية فى بدايتها‪ ،‬واستكثروا عليه أن‬ ‫يحظى وحده بمحبة جمال مبارك فى نهايتها!‪ ،‬ماذا عنهم اآلن؟ ماذا‬ ‫عن رفقاء روزا اليوسف القدامى واألحالم المشتركة التى جمعتهم‬ ‫قبل أن تتفرق بهم السبل ويغتال بعضهم بعضا؟وكيف يمكن ترتيب‬ ‫الذكريات والسهرات القديمة فى الرأس اآلن؟‪ ،‬ماذا عن إبراهيم‬ ‫عيسى وقد تشارك معه تأليف كتاب «األغنية البديلة» مطلع التسعينات‪،‬‬ ‫ماذا عن «حمدى رزق ومجدى الجالد؟!‪.‬‬ ‫ذهبت إلى العزاء بصحبة الصديق الشاعر إبراهيم داود وأنا مشغول‬ ‫بتلك السيناريوهات‪ ،‬من سيأتى ومن سيغيب‪ ،‬تفرست الوجوه على‬ ‫غير عادتى ورأيت بعض»القتلة» يقفون فى المقدمة ويتحدثون إلى‬ ‫الفضائيات عن فجيعتهم فى موت عبدالله كمال!‪.‬‬

‫عدت إلى البيت وجلست أستعيد أعنف حلقات الصراع بين‬ ‫الصحفى الراحل وهؤالء جمي ًعا‪ ،‬وكيف استباحوا عرضه وشرفه‪،‬‬ ‫واستغرقتنى حالة شجن عميقة قبل أن تصفعنى مفاجأة «نيوتن»‪،‬‬ ‫‪136‬‬


‫اكتشفت أن بطل «البغاء الصحفى» تسرب من أصابعى بعد‬ ‫فقد‬ ‫ُ‬ ‫سرا بينهما حتى‬ ‫الثورة وذهب إلى ألد أعدائه وعقد معه صفق ًة بقيت ً‬ ‫ً‬ ‫مدهشا أن يختار أحد شخوص كتابى‬ ‫فضحها الموت المفاجئ!‪ ،‬كان‬ ‫وتعجبت أشد العجب من الحياة‬ ‫خي ًطا درام ًيا مختل ًفا عما تصورته‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وتقلباتها واختياراتها‪.‬‬

‫كانت فكرة الجزء األول من «البغاء» تدور حول مواقف الصحف‬ ‫الخاصة أو المستقلة من نظام مبارك‪ ،‬فالجبروت الذى وصل إليه‬ ‫النظام قبل سقوطه فى ‪ 25‬يناير كان يستقوى بأقالم معظم الصحفيين‬ ‫والكُتاب فى صحف «المصرى اليوم والدستور واألسبوع»‪ ،‬وراحت‬ ‫األقالم تتنافس كي تنال جان ًبا من حب «جمال» وحتة من قلب»جمال»‬ ‫خص عبدالله كمال بالمحبة الخالصة مما أوغر صدر «مجدى‬ ‫الذى ّ‬ ‫الجالد» رئيس تحرير المصري اليوم الذى كتب عشرات المقاالت‬ ‫تعبيرا توافق ًيا (ابن جيلي)‪ ،‬وفى كثير‬ ‫عن (والى) الوريث مستحد ًثا ً‬ ‫من تلك المقاالت كان ينتقم من عبدالله كمال ليقدم نفسه ً‬ ‫بديل‬ ‫ومروجا‬ ‫موهو ًبا ومهذ ًبا ال تخرج منه (العيبة) يصلح ليكون متحد ًثا‬ ‫ً‬ ‫لجمال مبارك ً‬ ‫بدل من كمال الذى يسىء إليه وإلى صورته!‪ ،‬وبدا‬ ‫األستاذ مجدي الجالد كأنما يصرخ في جمال مبارك‪ :‬خذني إليك‪،‬‬ ‫لف‬ ‫وكان مقال (الحياة على أكتاف جمال مبارك)‬ ‫تلخيصا لكل ما ّ‬ ‫ً‬ ‫كثيرا‪.‬‬ ‫ودار حوله ً‬ ‫فى حين كان عبدالله يخوض معركة النظام بوضوح وكما‬ ‫ينبغى لرئيس تحرير روزا اليوسف الحكومية‪ ،‬وظل وف ًيا لمحبة‬ ‫‪137‬‬


‫جمال حتى الممات فى نموذج نادر من اإلخالص والتصالح‬ ‫ّ‬ ‫وتحمل عبدالله‬ ‫فادحا‪،‬‬ ‫مع النفس مهما يكن الثمن‪ ،‬وكان الثمن ً‬ ‫كمال ً‬ ‫وابل من الشتائم واالتهامات‪ ،‬بينما قفز البغائيون الكبار من‬ ‫مركب النظام وركبوا سفينة الثورة بسهولة و ُيسر وأصبحوا ـ فى‬ ‫كبارا‪.‬‬ ‫عهد الجماعة ـ قراصنة ً‬

‫‪138‬‬


‫(‪)2‬‬

‫نيوتن!‬ ‫سرحان‪ :‬كشف «نيوتن» واجب أخالقي على صالح دياب‬ ‫كانوا يتفقون معه فى السر‪ ،‬ويعجبون بشجاعته في الخفاء‪،‬‬

‫ويعترفون بفضله فى الباطن‪ ،‬ثم يفاخرون بخصومته في العلن‪ ،‬فلما‬

‫رحل بخلوا عليه بكلمات رثاء صافية‪ ،‬بهذه الكلمات نعى أحمد‬

‫سرحان عضو الهيئة العليا لحزب الحركة الوطنية على صفحته‬ ‫الشخصية «فيس بوك» رحيل الكاتب الصحفي الكبير عبدالله كمال‬

‫مؤسس موقع دوت مصر‪.‬‬

‫ووضع «سرحان» على صفحته الشخصية بموقع «فيس بوك»‬ ‫صورا تجمعه بالكاتب الكبير‪ ،‬واص ًفا إياه بالعديد من الكلمات مثل‬ ‫ً‬

‫أطهر قلب‪ ،‬أطيب إنسان‪ ،‬أصدق قلم‪ ،‬األخ الكبير‪ ،‬إضافة إلى الصديق‬ ‫العظيم‪ ،‬والمعلم المبجل‬

‫وحول مقال «نيوتن» الذي ُينشر يوم ًيا بصحيفة المصري اليوم‪،‬‬ ‫‪139‬‬


‫كشف سرحان عن وجود اتفاق بين الكاتب الراحل وصالح دياب‬ ‫رئيس مجلس إدارة الجريدة على نشر المقال دون الكشف عن هوية‬ ‫صاحبه‪ ،‬حيث كان ُيرسل مباشرة إلى مكتب رئيس مجلس اإلدارة‬ ‫ومنه إلى النشر دون تدخل من أي شخص آخر‪.‬‬ ‫وطالب «سرحان» على صفحته الشخصية بضرورة نشر اسم‬ ‫الكاتب ألنه واجب أدبي وأخالقي‪ ،‬خاصة بعد رحيل الفقيد حتى‬ ‫ولو كانت هناك نية لالستعانة بشخصية أخرى لكتابة مقال «نيوتن»‪،‬‬ ‫مشيرا إلى أن عبدالله كمال أثرى الجريدة والقراء بما يقرب من ‪600‬‬ ‫ً‬ ‫مقال تحت هذا االسم‪.‬‬

‫يشار إلى أن الكاتب الصحفي عبدالله كمال وافته المنية أول أمس‬ ‫الجمعة إثر تعرضه ألزمة قلبية مفاجئة نقل على أثرها للمستشفى‪،‬‬ ‫لكنه لفظ أنفاسه األخيرة عن عمر يناهز التاسعة واألربعين‪.‬‬ ‫األحد ‪ 15‬يونيو ‪2014‬‬ ‫كتب ـ هشام البقلي‬ ‫موقع‪:‬دوت مصر‬

‫‪140‬‬


‫(‪)3‬‬

‫البطل الذى خدعنى‬ ‫أى حوار ذاك الذى جرى بينهما؟ كيف فتح صالح دياب‬ ‫لف ودار‪ ،‬أم قال مباشرة‪ :‬بص يا عبدالله أنت‬ ‫«الموضوع»؟‪ ،‬هل ّ‬ ‫اتظلمت وحقك الزم يرجع لك» أم قال‪»:‬أنت كنت على حق فى‬ ‫كل مواقفك وإحنا كنا عارفين‪ ..‬وقلمك بعشرة من اللى عندى واللى‬ ‫كانوا عندى كمان‪ ،»..‬ربما قال ذلك‪ ،‬وربما صمت بين كل عبارة‪،‬‬ ‫لكن كيف عرض الصفقة وحد ّد سعرها؟‪ ،‬سأحتاج إلى وقت لتخ ّيل‬ ‫هذا الحوار بين كاتب فى أشد أوقات ضعفه وهوانه وبين واحد من‬ ‫سليما‪ ،‬وهاهو يضع‬ ‫أشهر رجال أعمال مصر وقد عبر من الثورة صا ًغا ً‬ ‫حذاءه على ركام من مقاالت «قديمة» تتهمه بالتطبيع واالحتكار‪ ،‬وها‬ ‫هو ينفث دخان السيجار ويشترى «قلم» صاحب المقاالت القديمة‬ ‫ليبدأ عصر «نيوتن»‪.‬‬ ‫ظهر عبدالله كمال فى الجزء األول من «البغاء» ً‬ ‫بطل فى معركتة‬ ‫ً‬ ‫أسطول‬ ‫الشهيرة ضد «صالح دياب»‪ ،‬فتح عليه النار وهو يعرف أن‬ ‫‪141‬‬


‫ً‬ ‫دفاعا عن حصن‬ ‫كامل سيقصفه باألسلحة المشروعة والممنوعة ً‬ ‫اإلمبراطور أو المالك للصحيفة‪ ،‬ومع ذلك ابتسم وواصل المعركة‬ ‫وحيدً ا‪ ،‬وألهميتها فى كشف حقيقة الصراع بين النظام وصحافة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كامل بعنوان «فى حراسة‬ ‫فصل‬ ‫رجال األعمال‪،‬فقد أفردت لها‬ ‫األقالم يا صالح»‪ ،‬وكان اسم «صالح دياب» حتى عام ‪2004‬‬ ‫ً‬ ‫مجهول بالنسبة للمصريين الذين فوجئوا برجال أعمال كبار جدً ا‬

‫ومنهم «دياب»يظهرون على سطح الحياة السياسية‪ ،‬وارتبط اسم‬ ‫«دياب» بصحيفة «المصري اليوم» فهو مالكها المسيطر الذي‬ ‫طغى اسمه على أسماء مساهمين كبار معه مثل نجيب ساويرس‬ ‫وأحمد بهجت‪.‬‬ ‫صدر العدد األول من «المصري اليوم» في ‪7‬يونيو ‪ 2004‬برئاسة‬ ‫ً‬ ‫طويل وتم تصعيد مجدى‬ ‫تحرير «أنور الهوارى» الذى لم يستمر‬ ‫الجالد لرئاسة تحريرها فيما بعد‪ ،‬األهم من إصدار الصحيفة أن‬ ‫النميمة بدأت تنتشر حول نشاطات مالك الصحيفة‪ ،‬خاصة أن سوق‬ ‫الصحافة أصبح أكثر اتسا ًعا والمصرى اليوم هى األكثر توزي ًعا‪ ،‬لكن‬ ‫األقاويل ظلت مجرد «أقاويل» تتردد على مقاهي وسط القاهرة وفى‬ ‫جلسات المثقفين وأبناء المهنة سواء في الجريون أو على مقهى‬ ‫البورصة‪ ،‬حتى جاء عام ‪ 2008‬الذى كان األسوأ فى حياة»صالح‬ ‫دياب» فبعد الضربات التي وجهها إليه إبراهيم عيسى والتى تسببت‬ ‫فى أزمة بين «الدستور والمصرى اليوم»‪ ،‬فتح عبدالله كمال جبهة‬ ‫أكثر ضراوة بسلسلة مقاالت متتالية عن التطبيع واالحتكارات‬ ‫‪142‬‬


‫والحلويات ووصلت المعركة إلى القضاء‪ ،‬ولم يتوقف عبدالله!‪،‬‬ ‫وكتب فى ‪ 9‬مايو ‪ً 2010‬‬ ‫مقال بعنوان أذكى خلق الله‪ ،‬إليكم نصه‬ ‫لتكتمل الصورة السينمائية التى جمعتهما فى النهاية متعانقين تحت‬ ‫اسم «نيوتن»‪.‬‬

‫‪143‬‬


‫(‪)4‬‬

‫�أذكي خلق اهلل!‬ ‫كنت أنوي أال أتطرق إلي أمور تخص صالح دياب‪،‬‬ ‫رجل األعمال الذي يملك صحيفة «المصري اليوم»‬ ‫ويدير سياستها‪ ،‬إلي أن تنتهي القضية التي رفعها ضدي‬ ‫تعويضا مال ًيا عما يقول‬ ‫طال ًبا حفنة من ماليين الجنيهات‬ ‫ً‬ ‫إنني قد سببته له من ضرر‪ ..‬أما وأن القضية قد ُحجزت‬ ‫للحكم‪ ..‬فال ضير من التعليق علي حواره المنشور‬ ‫باألمس في جريدة األهرام للزميل أحمد موسي‪.‬‬ ‫لم يتغير صالح دياب‪ ،‬منذ اليوم األول الذي عرفته‬ ‫فيه‪ ،‬ومنذ متابعتي له‪ ،‬ومنذ جاء إلي مكتبي عد ًدا من‬ ‫سيجارا من النوع‬ ‫المرات حيث يدهشني بأن يطلب‬ ‫ً‬ ‫الذي أدخنه بينما في يده واحد يخصه‪ ،‬ومنذ تناولنا‬ ‫الغداء م ًعا ربما مرتين أو ثال ًثا‪ ..‬منها مرة أصر فيها علي‬ ‫أن يصطحبني بعد األكل إلي جريدته‪ ..‬حيث استدعي‬ ‫رئيس التحرير إلي غرفة كنت فيها لكي يجلس معنا‪..‬‬ ‫إنه هو نفسه الرجل الذي يقول كال ًما ويفعل نقيضه‪..‬‬ ‫ويعتقد في نفسه أنه أذكي خلق الله‪ ..‬وأنه يستطيع أن‬

‫‪144‬‬


‫يقنع الكافة بما يردد في حين أنه يفعل أي شيء آخر‪.‬‬ ‫أتوقف عند أكثر من أمر قاله في حوار األمس‪ ..‬منها‬ ‫أنه يدعي أنه (ليس ضد الدولة)‪ ..‬والمطلوب منا أن‬ ‫نصدق هذا الكالم‪ ..‬الذي بالطبع ردده صالح دياب في‬ ‫اجتماعات مفتوحة ومغلقة‪ ..‬ومع أشخاص مختلفين‬ ‫وتودد إلي لقاءاتهم‪ ..‬وقد ال يثيره أنني أعرف ما‬ ‫سعي ّ‬ ‫كثيرا‪ ..‬ولكن هل‬ ‫قد دار في كثير منها‪ ..‬هو يقول هذا ً‬ ‫هو كذلك ح ًقا؟‬ ‫نظرة بسيطة ألي عدد من أعداد جريدته تثبت عكس ما‬ ‫يقول‪ ،‬الصحيفة الخاصة التي ادعت الموضوعية وأنها‬ ‫(ال تؤاخذوني‪ ..‬مستقلة)‪ ،‬تمارس عملية هدم منتظمة‬ ‫للدولة‪ ..‬انتقائية في أخبارها‪ ..‬تصفوية في معالجاتها‪..‬‬ ‫وحتي الشعبوية التي يدعي دياب أنه ضدها‪ ..‬صارت‬ ‫منبرا لها‪ ..‬ومجم ًعا ومقصدً ا‪ ..‬وكل ما‬ ‫تلك الجريدة ً‬ ‫فيها ــ تقري ًبا‪ ..‬حتي أترك مساحة لبعض االستثناءات‬ ‫ــ يصب في اتجاه ال يعني أبدً ا نقد الدولة وإنما العمل‬ ‫علي هدمها‪.‬‬ ‫ومن هنا يثور التساؤل‪ :‬كيف يكون صالح دياب ــ ومن‬ ‫يشابهونه ــ يمثلون الرأسمالية التي استفادت من تلك‬ ‫الدولة وترعرعت فيها ويقومون هم أنفسهم بالتأليب‬ ‫عليها علي مدار الساعة؟‬ ‫لست أميل إلي تفسير يدّ عي أن صالح دياب كان‬ ‫وزيرا مثل أصدقائه رجال األعمال‬ ‫يحلمبأن يكون‬ ‫ً‬ ‫(محمد منصور وحاتم الجبلي وأحمد المغربي)‪ ..‬ومن‬ ‫ثم بنا ًء علي هذا التفسير هو يمارس النكاية لكي يقوإلن‬ ‫لديه عبر جريدته سلطة أقوي من سلطات أقرانه‪..‬‬

‫‪145‬‬


‫هذه تفسيرات شخصية للمواقف العامة ال أضعها في‬ ‫مبررا موضوع ًيا جدً ا يجعل‬ ‫االعتبار‪ ..‬والبد أن هناك ً‬ ‫صالح دياب يحول هذه الجريدة إلي ما تفعله كل يوم‪.‬‬ ‫إن صالح دياب ــ كما يزعم ــ ليس ضد الدولة‪ ،‬لكنه‬ ‫يمتلك جريدة ضد مؤسساتها‪ ،‬وضد دستورها‪ ،‬وضد‬ ‫الحزب الرئيسي فيها‪ ،‬تشوه الشخوص علي مدار‬ ‫األعداد‪ ،‬وتروج إلفقاد تلك الدولة مصداقيتها‪ ،‬وتتهم‬ ‫انتخاباتها بالتزوير‪ ،‬وتهاجم صحافتها القومية‪ ..‬وتقول‬ ‫عن مسئوليها إنهم فاسدون!!‬ ‫يقول صالح دياب إنه ضد الدولة الدينية‪ ،‬وقد يكون‪،‬‬ ‫ولكنه يقول إنه ليس ضد جماعة اإلخوان‪ ،‬وهذا كالم‬ ‫غريب جدً ا‪ ..‬إذ ماذا يمثل اإلخوان غير الدعوة إلي دولة‬ ‫دينية‪ ..‬إال إذا كان صالح دياب ً‬ ‫رجل مغي ًبا ال يعرف ماذا‬ ‫يقول‪ ..‬واألهم أننا لو أخرجنا من معادلة الحراك كل ما‬ ‫نشر عن اإلخوان في جريدته خالل السنوات الخمس‬ ‫الماضية ألدركنا حجم الدعم الذي قدمه دياب لدعاة‬ ‫الدولة الدينية التي يقف ضدها صالح دياب كما يدعى‪.‬‬ ‫أستطيع أن أقول بال مبالغة إن هذا الرجل هو أحد أهم‬ ‫دعائم تلك الجماعة في السنوات الخمس األخيرة‪..‬‬ ‫عضوا فيها ولو قورن ما نشر لصالح‬ ‫ولو كان ليس‬ ‫ً‬ ‫الجماعة بما نشر ضد الدولة فى نفس الفترة لعرفنا‬ ‫مصداقية ما يقول صالح دياب‪.‬‬ ‫واألغرب أن هذا الرجل يقول إنه سوف ينتخب الرئيس‬ ‫مبارك‪ ،‬وأن البرادعي لو رشح في االنتخابات سوف‬ ‫يفوز الرئيس بنسبة ال تقل عن ‪..%80‬هكذا ببساطة‬ ‫يقول الرجإلن البرادعي له ‪ %20‬من التصويت‪ ..‬ومن‬

‫‪146‬‬


‫ثم فإن دياب يكون كمن حول جريدته إلي جريدة صوت‬ ‫هذه الـ‪ %20‬ألنها بالفعل من اللحظة األولى أصبحت‬ ‫صوتًا للبرادعى‪ ..‬بينما سيؤيد دياب الرئيس مبارك‪..‬‬ ‫تلك نقرة وهذه أخرى‪ ..‬ويا لها من طريقة عجيبة فى‬ ‫تأييد الرئيس مبارك‪.‬‬ ‫نكتفى بهذا القدر رغم أن الحوار فيه الكثير مما يستحق‬ ‫التعليق علىمن يعتقد أنه أذكى الناس‪.‬‬ ‫عبد الله كمال ـ روزا اليوسف‬ ‫‪ 9‬مايو ‪2010‬‬

‫‪147‬‬



‫الفصل الحادى عشر‬

‫�أظافر حادة تنزع جلد الوجه‬ ‫إنني ال أعتبر نفسي كات ًبا بالمعنى المألوف لهذه الكلمة‪.‬‬ ‫لست سوى رجل يروي تاريخ حياته‪ .‬هذا هو عملي الوحيد‪ ،‬عملي‬ ‫ُ‬ ‫الذي ال ينتهي أبدً ا‪،‬‬ ‫تقدمت فيه‪ ،‬إنه كتطور العالم‪ ،‬ال نهاية له‪.‬‬ ‫بل يتعاظم كلما‬ ‫ُ‬ ‫هنرى ميلر‬



‫(‪)1‬‬

‫قتل الأب‬ ‫ربما ضرب المكتب بقبضة يده واحتقن وجهه بغضب عارم‪،‬‬ ‫ربما شعر بصدمة راحت تزلزل كيانه وتستعيد ذكريات وحكايات‬ ‫ً‬ ‫مندهشا غير مصدق أن هذا «السافل‬ ‫قديمة بينهما‪ ،‬وربما نظر للسقف‬ ‫المنحط» قد فعلها! وباع التاريخ والجغرافيا وعض اليد التى أطعمته‬ ‫من جوع وأمنته من خوف‪.‬‬

‫تعاطفت مع إبراهيم عيسى وشاركته إحساسه فى هذه الليلة‬ ‫ُ‬ ‫السوداء التى قرأ فيها مقال بالل فضل «زمن اليويو»‪ ،‬كان التلميذ‬ ‫قاس ًيا على أستاذه وبكل قوة وغل وحزن وشجن وألم قطع األستيك‬ ‫الذى يربطهما‪ ،‬وبدت كلماته كأظافر حادة تنزع جلد الوجه بال رحمة‬ ‫أو شفقة‪ ،‬وتحيل البطل الضخم إلى «يويو»‪ ،‬مجرد أستيك يتمط‬ ‫ويتشد بسهولة!‪.‬‬ ‫جاء اليوم الذى لم يتوقعه أبدً ا ال من تالميذ وال أساتذة!‪ ،‬هو‬ ‫الذى صفع الكبار والصغار وصنع النجوم وأقام الثورة وأقعدها‪،‬‬ ‫‪151‬‬


‫كيف يتمدد اليوم بين سطور ولد فاجر قرر قتل «األب» وتمزيق‬ ‫تاريخ طويل جمعهما (!)‪.‬‬

‫كان إبراهيم عيسى قد انتقل فى نوفمبر ‪ 2013‬من قناة «القاهرة‬ ‫والناس» إلى «أون تى فى» ببرنامج «‪ ،»30/25‬وانتقلت معه نبرة‬ ‫جديدة ورؤية غير معهودة ستنمو وتتوحش وتأكل كل الرؤى القديمة‪،‬‬ ‫وخالل الحلقات األولى هاجم متظاهرى مجلس الشورى وبينهم عدد‬ ‫ممن شاركوا فى ثورة ‪ 25‬يناير‪ ،‬وقال قولته الشهيرة‪«:‬كفاية قرف‪ ..‬انتو‬ ‫بتستعبطوا ورايحين عشان تضربوا من الشرطة عند مجلس الشورى»‪.‬‬

‫وفى (‪ 9‬ديسمبر ‪ )2013‬كتب بالل فضل فى صحيفة الشروق ً‬ ‫مقال‬ ‫دام ًيا عن المثقف الذى يتحول ويتبدل‪ ،‬عن تأثير السلطة والمال والجاه‬ ‫على القناعات التى أصبحت بالية وقديمة وغير مناسبة للمرحلة‪ ،‬كتب‬ ‫عن سقوط المثقف من بين أصابع شباب كانوا يقدسونه ويضعونه فى‬ ‫مرتبة اآللهة‪ ،‬والمقال مرثية كاملة تستحق القراءة وإليك فقرات منه‪:‬‬ ‫يرفض الشباب الثائر ما بات يقوله المثقف عن الواقعية‬ ‫السياسية وأهمية تغيير طريقة اللعب‪ ،‬ألنهم تعلموا منه‬ ‫فى السابق تسخيف كل من يقول ذلك والتشكيك فى‬ ‫نواياه‪ ،‬ومع تصاعد رفضهم لمواقفه‪ ،‬يتهمونه أنه كان‬ ‫مفتونًا بدم الحسين‪ ،‬ليس ح ًبا فى الحسين‪ ،‬ولكن ألنه‬ ‫لم تُتح له فرصة التعامل مع يزيد‪ ،‬وعندما جاءت الفرصة‬ ‫وجد أن صحبة يزيد أضمن وأأمن من البكاء على دم‬ ‫الحسين وتمجيد صموده‪.‬‬ ‫«‪ ...‬يصاب المثقف باإلحباط والمرارة ألن جيل‬

‫‪152‬‬


‫الشباب نسى دوره فى مواجهة القمع والفساد‪ ،‬كان‬ ‫يمكن أن يتجاهل آراءهم ويعبر عما يؤمن به ويراه ح ًقا‪،‬‬ ‫كثيرا بمحاولة إصالح العالم وأهمل‬ ‫لكن ألنه انشغل ً‬ ‫إصالح ذاته‪ ،‬وتركها تتضخم بفعل النجاح الساحق‬ ‫الذى كفلته له موهبته‪ ،‬فإنه ال يأخذ فرصة اللتقاط أنفاسه‬ ‫وتأمل مواقفه‪ ،‬بل يجعل ذاته الجريحة تقود خطواته‪،‬‬ ‫فيندفع فى مهاجمة من كان يتغزل بتضحياتهم‪ ،‬وألن‬ ‫معركته معهم صارت شخصية‪ ،‬فهو ال يجد أدنى حرج‬ ‫فى أن يؤلمهم كما آلموه‪ ،‬فيبدأ فى وصفهم بالمخنثين‬ ‫والمراهقين والسفهاء وال ُت ّفه والخونة‪ ،‬دون أن يتذكر‬ ‫أن تلك األوصاف كانت تطلق عليه عندما كان فى موقع‬ ‫الرفض الذى يقف فيه أولئك الشباب اآلن‪»..‬‬

‫لم يرد «عيسى» وكتم الحزن وكظم الغيظ‪ ،‬وتطوع الكاتب محمود‬ ‫الكردوسى بالرد فى صحيفة الوطن وكتب «فضل إبراهيم عيسى‬ ‫على بالل»‪ ،‬وتطوع غيره وتنوعت التحيات والتمسيات ح ًبا فى‬ ‫ً‬ ‫طويل‬ ‫عيسى‪ ،‬ونكاية فى بالل‪ ،‬وانتقا ًما من االثنين اللذين التصقا‬ ‫فى مواجهتهم‪.‬‬

‫ولم يرد عليهم بالل‪ ،‬ولم يتراجع إبراهيم عما اعتبره بالل سقو ًطا‪،‬‬ ‫وواصل هجومه على «النشطاء والحقوقيين»‪ ،‬وفتّش بالل فى أوراقه‬ ‫مجد ًدا ووجدّ ضالته‪ ،‬ولجأ إلى البغاء الصحفى وأعاد (فى ‪30‬‬ ‫ديسمبر ‪ )2013‬نشر مقال «منافقون برخصة» الذى كتبه عيسى فى‬ ‫‪ 27‬فبراير ‪ ،2012‬يسخر فيه ممن يشكك فى وطنية كل من يحصل‬ ‫على تمويل أجنبى!‪.‬‬ ‫‪153‬‬


‫وفى يناير ‪ 2014‬سيقف إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة‬ ‫«التحرير» أمام محكمة جنايات القاهرة ليدلى بشهادته في قضية قتل‬ ‫المتظاهرين المتهم فيها الرئيس األسبق حسنى مبارك ونجاله عالء‬ ‫وجمال ووزير داخليته حبيب العادلى ورجل األعمال حسين سالم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ومثيرا ومربكًا لمن صدقه قبل‬ ‫ومدهشا‬ ‫وسيقول كال ًما غري ًبا وعجي ًبا‬ ‫ً‬ ‫أن يقول ما قال‪ ،‬وسيواصل بالل تمزيق األستيك ويعيد فى (‪ 12‬يناير‬ ‫‪ )2014‬نشرمقال «زمن اليويو» عبر حسابيه على تويتر وفيس بوك‪.‬‬

‫‪154‬‬


‫(‪)2‬‬

‫ال�صورة‬ ‫بحلق حمدى عبدالرحيم فى الصورة ورفع حاجبيه فى ذهول‬ ‫ّ‬

‫وبحلقت فى نفس الصورة ولم أفهم سر الذهول‪ ،‬ولم أعرف أهمية‬ ‫ُ‬

‫الصورة التى يحتفظ بها بالل فضل بين أوراقه الخاصة‪ ،‬فلم يكن‬ ‫«نجيب ساويرس» الذى يتوسط إبراهيم عيسى واإلعالمية بثينة كامل‬

‫معرو ًفا على هذا النحو الذى نراه اليوم‪.‬‬

‫كانت الدستور (األولى) قد تم إغالقها‪ ،‬وفقدنا األمل فى عودتها‪،‬‬

‫وأصبحنا نلتقى فى شقة بالل فضل بشارع حسين حجازى بشكل‬

‫يومى‪ ،‬فال شغل وال مشغلة فقط ثرثرة فى الصحافة والفن واألدب‬

‫والتراث وشاى وأكلة حلوة إن أمكن وإن لم يكن فهناك جبنة وحالوة‬

‫وعيش وضحكات تتناثر فى المكان‪ ،‬وذات عصرية صيفية أخرج‬

‫«بالل» الصورة ودار حوار طويل حول عالقة إبراهيم عيسى مع‬

‫غامضا علينا‪،‬‬ ‫ساويرس ولقاءاتهما فى «الجونة»‪ ،‬وكان كل ذلك‬ ‫ً‬ ‫‪155‬‬


‫كأسا كانت تدور بين رئيس تحريرنا الشاب ورجل‬ ‫ولم نكن نعرف أن ً‬ ‫واضحا لبالل الذى اقترب ورأى‬ ‫األعمال الصاعد آنذاك‪ ،‬لكنه كان‬ ‫ً‬ ‫مبكرا االحتفاظ بالصور واألوراق والمقاالت التى تؤرخ‬ ‫وتعلم‬ ‫ً‬ ‫للناس حيا ًة أخرى غير تلك التى نراها نحن‪.‬‬

‫‪156‬‬


‫(‪)3‬‬

‫و�أنا الذى ر�أيت الدموع‬ ‫عندما همس أحدهم فى أذنى مؤكدً ا أن بالل فضل كان ضمن‬ ‫المجاهدين فى أفغانستان‪ ،‬وأنه حضر اجتماعات اإلخوان الهاربين‬ ‫عدت إلى البيت مهمو ًما مغمو ًما غير مصدق أن البشر‬ ‫إلى تركيا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫يمتلكون كل هذه الطرائق والوسائل الحقيرة للضحك علينا وخداعنا‪،‬‬ ‫شعرت بخيبة أمل وضياع حقيقى لنصف عمرى تقري ًبا‪ ،‬هذا الخسيس‬ ‫الذى أكلت وشربت وتبادلت معه النكات ال يتوقف عن خداعى‬ ‫وإحراجى أمام هؤالء الهامسين الذين يكاد الواحد منهم أن يقول‬ ‫«اشرب‪ ..‬مش صاحبك»!‪ ،‬وهو ليس «صاحبى» فى حقيقة األمر!‪،‬‬ ‫وليس صديقى‪ ،‬هو حالة إنسانية عظيمة فى حياتى‪ ،‬عظيمة فى بهجتها‬ ‫وغضبها وخيانتها للذكريات والعيش والملح‪ ،‬فى نذالتها وصدامها‬ ‫المفتعل أحيانًا والمرسوم فى سيناريوهات أحيانًا أخرى‪ ،‬لم نتبادل‬ ‫زيارات عائلية ولم أكن ضمن معازيم حفلى زواجه‪ ،‬وال نتعاتب‬ ‫على تقصير فى السؤال أو االطمئنان على الصحة وال أعرف أسماء‬ ‫‪157‬‬


‫أوالده ولم أهتم أو يهتم‪ ،‬لكننى تورطت فيه مدفو ًعا بحب جارف‬ ‫وتقدير كبير لموهبته الفذة‪ ،‬ولكنهم عندما اكتشفوا عمالته لإلخوان‬ ‫ألما أن تكتشف‬ ‫وزيارته إليهم فى تركيا جاءوا يهمسون لى؟! أال يكفى ً‬ ‫«عمالة» شخص كان قري ًبا منك بعض الوقت؟!‬

‫أضأت النور وجلست أستعيد الحكايات القليلة بيننا‪ ،‬وهان الحال‬ ‫ُ‬ ‫وأنا أتخيل موقف حمدى عبدالرحيم وعمر طاهر وعبدالرحيم كمال‬ ‫وهشام أبو المكارم وعشرات غيرهم من أصدقاء كانت عالقتهم مع‬ ‫«الخائن» أوثق وأمتن من عالقتى به عشرات المرات‪.‬‬

‫لكننى انتبهت إلى أن هذا الكالم كان يتردد قبل ثورة يناير‪ ،‬وأن‬ ‫اإلضافات الجديدة الخاصة بأفغانستان وتركيا والخاليا اإلخوانية‬ ‫وكدت أتعاطف مع‬ ‫النائمة تم ابتكارها لتناسب المرحلة الجديدة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫هذا الجاسوس اللعين‪ ،‬لكن الحس الوطنى كان مستيق ًظا ولله الحمد‪،‬‬ ‫فما سبق ثورة يناير كان «شائعات» يروجها صبيان مبارك‪ ،‬أما الجديد‬ ‫فهو «معلومات» ال يأتيها الباطل من خلفها وال تحتها‪ ،‬وكل الدالئل‬ ‫تؤكد أن بالل عاش بيننا متخف ًيا تما ًما كما عاش الشاعر نبيه سرحان‬ ‫وسط مثقفى الستينات قبل أن يظهر فى إسرائيل فى السبعينات!‪،‬‬ ‫وشحنت بطاريات الغضب ألبقر بطنه وأمزق جسده وأنتقم مما فعل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫لكن واقعة قديمة حالت دون ذلك‪ ،‬وجعلتنى غير قادر على بقر بطنه‬ ‫أوحتى رفع صوتى فى وجهه التخين‪.‬‬

‫‪158‬‬


‫(‪)4‬‬

‫جهات عليا‬ ‫تورطت فى هذا «الخائن» ولم أكن أعرف أنه خائن‪ ،‬كان وقتها‬ ‫ُ‬ ‫(‪ )2008‬مطلو ًبا للقتل إن أمكن من رجال مبارك المنتشرين فى الصحف‬ ‫وسرا‪ ،‬بينما‬ ‫جهرا ً‬ ‫والفضائيات‪ ،‬وكان الجميع يهتف للرئيس المخلوع ً‬ ‫كان بالل فضل يمسح األرض برؤساء تحرير وصحفيين وإعالميين‬ ‫يمارسون «الموالسة» لمبارك ونظامه وأطلق على ٍ‬ ‫ساخرا‬ ‫اسما‬ ‫ً‬ ‫كل منهم ً‬ ‫شمرت أكمامى‬ ‫سيظل يالحقه حتى الموت‪ ،‬ساعتها ـ وبكل أسف ـ‬ ‫ُ‬ ‫وكتبت ً‬ ‫مقال نشرته على مدونتى الخاصة عام ‪ُ ،2008‬أعيد نشره رغم‬ ‫ُ‬ ‫كنت عليه‪،‬‬ ‫ما به من استظراف ولغة ركيكة فى عاميتها‪،‬ولكن هذا ما ُ‬ ‫وهذا ما كان عليه الجاسوس اليمنى الذى استراح حال ًيا فى أمريكا‬ ‫قادرا على فضحه وتجريسه بسبب هذا المقال القديم‪:‬‬ ‫والذى لم أعد ً‬ ‫بالل فضل‪ ..‬ابعت الستين جنيه اللى عليك وتمن اتنين‬ ‫كيلو موز لو سمحت؟!‬ ‫إذا اعتبرتم أن هذه ندالة وقلة أصل من شخص يطالب‬ ‫صديق قديم بهذه األشياء التافهة والحقيرة‪..‬فأنا غير‬

‫‪159‬‬


‫معترض‪ ..‬أنا ً‬ ‫فعل ندل‪ ..‬ومش كدا بس‪ ..‬ال‪ ..‬أنا باعلن‬ ‫أمام الجميع براءتى منه ومن أى صلة كانت تربطنى به‬ ‫سواء كانت كبيرة أو صغيرة‪.‬‬ ‫واحد هيسأل‪:‬ليه الندالة الخام دى؟ ها اقوله ببساطة‪:‬‬ ‫عشان البيه شكله عمل فضيحة كبيرة‪ ..‬شكله انضم‬ ‫لتنظيم خارجى‪ ..‬اتجند‪ ..‬اتخابر اتجسس‪.....‬يعنى‬ ‫عمل بلوة سودا م الحاجات دى وخالص‪.‬‬ ‫أنا متوتر جدً ا من إمبارح‪ ...‬وبكتب ودمى بيغلى‬ ‫وعروقى نافرة لبره جدً ا‪ ..‬ومش قادر أصدق إنى كنت‬ ‫مخدوع الفترة دى كلها فى هذا الشخص!‬ ‫لكن أنا هديت شوية وولعت تالت سجاير ورا بعض‪..‬‬ ‫وممكن اتكلم‪.‬‬ ‫بصوا يا جماعة‪:‬‬ ‫البلد دى مش نايمة‪..‬أل‪ ..‬صاحية ومفنجلة وأنا ال أشك‬ ‫قيد أنملة فى ده‪ ..‬وامبارح قريت إن(جهات عليا)‪..‬‬ ‫ومش عايزك تعدى(جهات عليا) دى كدا وخالص‪..‬‬ ‫ألنهما كلمتان خفيفتان على اللسان‪..‬لكنهما يحمالن‬ ‫ً‬ ‫وتأثيرا‪ ..‬المهم‬ ‫وخيال‬ ‫غموضا وقوة‬ ‫ثقل جبل أحد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫قريتإن الجهات العليا اتصلت بقناة أوربيت وقالت لها‬ ‫يا قناة مش عايزين نشوف بالل فضل على الشاشة‪..‬‬ ‫وقالت الجهات برضه‪:‬إن ظهور بالل فى البرنامج‬ ‫يومين فى األسبوع مع عمرو أديب بعد رحيل خيرى‬ ‫رمضان لقناة الساعة‪ ..‬مش حلو ومش كويس‪....‬‬ ‫وقالت الجهات برضه‪:‬إذا كان بالل عايز يكتب حلقات‬ ‫كوميدية تتذاع فى برنامج القاهرة اليوم ما فيش مشكلة‬ ‫بس الزم تبقى حلقات متسجلة‪.‬‬

‫‪160‬‬


‫حط نفسك مكانى يا محترم‪ ..‬مش من حقك تخاف‬ ‫وتقلق‪..‬وتتصرفوتطالب باللى ليك عند شخص زى‬ ‫ده عشان تبقى أبيض كما ولدتك أمك وتضمن البقاء‬ ‫فى منطقة األمان بعيدً ا عن دائرة الهبوط التى تهدد أندية‬ ‫كثيرة؟!!!‪ ..‬أصل مش معقول الجهات ـوليست جهة‬ ‫وال اثنتين بل ثالث ـ كلفت نفسها‪ ،‬وبعتت واحد يشترى‬ ‫لها كارت شحن وكشطت مكان األرقام وجابت نمرة‬ ‫األوربيت واتصلت‪ ..‬من غير ما يكون األستاذ بالل‬ ‫عمل بلوة سودا زى وشه!!‬ ‫أكيد اتورط فى مصيبة‪ ..‬واتورط ليه؟ تالقيه خطط‬ ‫ودبر بليل كما الثعالب الماكرة الخادعة‪..‬ياااه وأنا‬ ‫اللى كنت فاكره واد دمه خفيف وموهوب ولذيذ‪..‬‬ ‫اتخدعت السنين دى كلها‪ ..‬اتخدعت وانضحك‬ ‫عليا من ذئب يريد بنا خرا ًبا‪ ..‬ياااااه‪ ..‬أنا هولع سيجارة‬ ‫تانى وارجع‪.‬‬ ‫‪....‬‬ ‫يا رب‪ ..‬يا رب واحد من الجهات يدخل المدونة عشان‬ ‫أحس بالراحة واألمان‪ ..‬يارب‪ ..‬ع العموم أنا كدا كدا ها‬ ‫اعتبره موجود وبيقرا‪..‬ألنى الزم أعترف بكل حاجة‪..‬‬ ‫جايز كلمة صغيرة أو تفصيلة تنفع البلد فى كشف باقى‬ ‫الحقيقة‪..‬‬ ‫بص يا باشا ‪:‬‬ ‫أنا أعرف المدعو بالل فى الدستور كانت أيام منيلة‬ ‫بنيلة ومعرفة سودا‪ ..‬بس الشهادة لله الواد كان منور‪..‬‬ ‫بيلعلط‪ ..‬مصحصح‪ ..‬حاجة تفرح‪ ..‬وكان دمه خفيف‬ ‫جدً ا‪ ..‬وموهوب جدً ا‪ ..‬وأنا ماكنتش أعرف طب ًعاإنه‬

‫‪161‬‬


‫بيمثل علينا وأنه عنصر مندس‪ ..‬وبيخطط لحاجة كبيرة‪..‬‬ ‫بس اللى مستغربله كمان إنه كان كحيان زينا يعنى‪..‬‬ ‫يعنى الدوالرات اللى كانت بتجيله ساعتها أكيد كان‬ ‫بيحطها فى البوسطة أو بيعمل بيها جمعيات‪ ..‬واللى‬ ‫مستغربه أكتر إنى طلعت ما بفهمش وصدقته لما كنا‬ ‫على كوبرى قصر النيل‪ ..‬ـ ما تفهمنيش غلط ـ أصل‬ ‫الليلة دى كانت شتا وكنا بنتمشى وكانت الساعة ما‬ ‫بين تالتة أربعة الصبح‪ ..‬وبصيت لقيت المدعو زفت‬ ‫الطين بيعيط ودموعه مغرقه وشه تقري ًبا‪ ..‬قلت جايز‬ ‫الزنقة اللى إحنا فيها والظروف بنت الواطية ومشاكلنا‬ ‫فى جرنان الجيل هى السبب‪ ..‬بس لما لقيته بيعيط‬ ‫بجعورة‪ ..‬اضطريت اسأله‪ :‬مالك يا بالل ـ قصدى‬ ‫يا زفت ـ راح متنهد جامد وقالى‪( :‬تصدق أنا بحب‬ ‫البلد قوى يا أشرف)‪ ..‬مش ها أكدب عليك يا باشا أنا‬ ‫جسمى قشعر‪ ..‬أصل ساعات الواحد بينخدع غصب‬ ‫عنه خاصة وأن الواد راح ناتع كام بيت من قصيدة صالح‬ ‫جاهين «على اسم مصر»‪.‬‬ ‫على فكرة يا باشا قبل ما أكمل اعترافاتى فيه واحد اسمه‬ ‫حمدى عبدالرحيم كان معانا هاتوه وقلبوه يمكن يحس‬ ‫على دمه ويعترف زى ما أنا بعمل‪ ..‬إحنا فى لحظة‬ ‫ال تحتمل عواطف فارغة‪ ..‬ومش عارفين الواد ده نهب‬ ‫قروض وال اتخابروال إيه؟!‪.‬‬ ‫أنا اتخدعت يا باشا‪ ..‬واتسحبت من إيدى قبل كدا‬ ‫وكتبت عن الزفت ده‪ ..‬وكنت مضطر برضه وها اقول‬ ‫سيادتك إزاى‪:‬‬ ‫من ييجى تالت سنين كدا‪..‬الواد ده عمل فيلم اسمه‬

‫‪162‬‬


‫(خالتى فرنسا)‪..‬وبصيت لقيت كل اللى معدى تحت‬ ‫أى جرنان يطلع الجرنان يخبطه مطوة فى جنبه‪..‬‬ ‫فـ صدره‪..‬فى عينه‪ ..‬وينزل تانى‪ ،‬ومش ها اخبى على‬ ‫سيادتك الواد كان عامل حوار يجيب أى كاتب على‬ ‫أسنانه‪ ..‬حوار ابن ستين ف سبعين‪ ..‬قوم من غبائى‬ ‫رحت ناتع مقال عن الفيلمأبديت إعجابى بيه بصراحة‬ ‫وقلتإن الشرف هو القيمة الوحيدة التى يحق للفقراء أن‬ ‫يفخروا بها ويعضوا عليها بالنواجذ‪.‬‬ ‫غبى طب ًعا يا باشا‪ ..‬غبى وما فهمتش إن كل النقاد‬ ‫المحترمين اللى هاجموه وقطعوه كانوا فاهمين وأكيد‬ ‫كانوا تبعكوا‪ ..‬وأنا بتأسف لهم ألنى شتمتهم‪ ..‬أيوه‪..‬‬ ‫شتمتهم وقليت أدبى‪..‬وقلت إنهم مش عايزين أى‬ ‫موهوب‪ ..‬وأن الجيل‪..‬وإن‪ ..‬وإن‪.‬‬ ‫ع العموم يا باشا أنا قلت اللى عندى كله ولوقال‬ ‫عنى حرف غير كدا هاتوه قدامى واجهونى بيه‪ ..‬أنا‬ ‫بس عشان كله يبقى ف النور سلفته مرة ستين جنيه‬ ‫كنت قابض من جرنان الخليج اللى ودانى ليه أحمد‬ ‫أبوالمعاطى‪ ،‬وكان الزفت ده متلقح فى الشقة المعفنة‬ ‫بتاعة القصر العينى ـ شارع حسين حجازى يا باشا ـ‬ ‫وكنت بعدى عليه أالقيه قاعد يتفرج على أفالم وما‬ ‫فيش فى جيبه مليم‪ ..‬أقرع ونزهى يعنى‪ ..‬المهم سلفته‬ ‫‪ 60‬جنيه‪..‬هو رجعهم بس مش عارف بقى فلوسى‬ ‫األصالنية دخلت فى البالوى السودا اللى كان بيعملها‬ ‫واللى أكيد تكشفت لسيادتكم وال أل‪..‬؟‪ ..‬وفى مرة‬ ‫قلت أعمل واجب معاه ووقفت عند الفكهانى‬ ‫وشاورت على الموز وقلت عايز اتنين كيلو‪ ..‬طفحهم‬

‫‪163‬‬


‫كلهم وأنا كلت صباع أو اتنين مش فاكر‪ ..‬أنا مش عايز‬ ‫الموز وال تمن الموز أنا عايز الستين جنيه األصليين‪..‬‬ ‫يعنى لوكان استثمرهم كدا أوكدا أو خلطهم مع فلوس‬ ‫العمالة القادمة من الخارج فأنا مش مسئول ألنى قلت‬ ‫اللى عندى كله‪.‬‬ ‫توقيع ‪ :‬أشرف عبد الشافى‬

‫‪164‬‬


‫الفصل الثانى عشر‬

‫�سيناريوهات ناق�صة‬ ‫و علم والدك فضيلة الرضا‬ ‫الن احنا طبعا عبيد القضا‬ ‫و رزقي و رزقك و رزق الكالب‬ ‫ده موضوع مؤجل ليوم الحساب‬ ‫أحمد فؤاد نجم‬



‫(‪)1‬‬

‫عطور ون�ساء‬ ‫الخلفية التى أكتب إليكم منها سوداء تما ًما وتحجب الرؤية‬ ‫تما ًما!‪ ،‬فهاهو األستاذ «عمرو الليثى» محاور المعزول ومستشاره‬ ‫اإلعالمى يظهر حال ًقا شعره بعد اختفاء طويل ليكتب ً‬ ‫مقال فى‬ ‫المصرى اليوم (ديسمبر ‪ )2013‬عن المصالحة الكبرى التى أجراها‬ ‫نيلسون مانديال فى جنوب إفريقيا‪ ،‬وكاد «عمرو» يقول للدولة‬ ‫الجديدة التى جاءت بها ثورة ‪ 30‬يونيو «خذونى إليكم أنا منكم‬ ‫وال أنتمى إليهم»!‪ ،‬كان موق ًفا صع ًبا للغاية على شخص فى رقة‬ ‫الملهم» كأنه استغفار‬ ‫ووداعة عمرو الليثى‪ ،‬لذلك جاء مقال «القائد ُ‬ ‫وتوبة عن خطيئة تستدعى التوسل والسماح بفرصة ثانية‪ ،‬وقد ُسمح‬ ‫بذلك وأكثر فيما بعد‪.‬‬ ‫تبدو حكاية عمرو الليثى أكثر سينمائية من خيال والده المغفور‬ ‫له السيناريست والمنتج ممدوح الليثى‪ ،‬فالولد المهذب الذى كان‬ ‫يصطحبه السيد الوالد إلى االستوديوهات وحفالت نجمات مصر‬ ‫‪167‬‬


‫ً‬ ‫متنقل بين عطورهن وأجسادهن اللينة‪ ،‬فوجئ بكارثة تحط على رأسه‬ ‫وهو يخطو أولى خطواته نحو المستقبل!‪.‬‬

‫كان «عمرو» فى منتصف العشرينات تقري ًباعندما فعلها الكاتب‬ ‫الصحفى «عادل حمودة» وشن الحملة الصحفية األشهر فى حقبة‬ ‫التسعينات «فضيحة على النيل» حيث طالت ممدوح الليثى فضائح‬ ‫تتعلق بالشرف واألخالق وما إلى ذلك‪ ،‬وقضت المحكمة التأديبية‬ ‫العليا بمجلس الدولة فى ‪ 17‬سبتمبر ‪ 1997‬بفصل ممدوح الليثى‬ ‫رئيس قطاع اإلنتاج باتحاد اإلذاعة والتليفزيون من الخدمة‪ ،‬والكت‬ ‫األلسنة اسم الرجل فى واقعة هى األشهر فى سجالت الفضائح‬ ‫األخالقية‪ ،‬ودفع االبن ثمنًا باه ًظا من األلم واألسى‪ ،‬فقد كان مفاج ًئا‬ ‫ومباغتًا ـ آنذاك ـ أن تنشر مجلة روزا اليوسف الحكومية فضيحة‬ ‫بهذا الحجم والثقل وتخص الرجل الثانى بعد اإلمبراطور صفوت‬ ‫الشريف!‪ ،‬وقيل أن حر ًبا خفية كانت بين الجبابرة الكبار وأن جهات‬ ‫سيادية سربت لعادل حمودة كل هذه الفضائح‪.‬‬ ‫مرت العاصفة بحمد الله‪ ،‬وعادت‬ ‫لم يتكلم «ممدوح الليثى» حتى ّ‬ ‫االبتسامة إلى البيت الجميل‪ ،‬ودبت الحياة من جديد‪ ،‬ووافق صفوت‬ ‫الشريف ـ بصفته وزير اإلعالم ـ على طبع وتوزيع صحيفة الخميس‬ ‫برئاسة تحرير عمرو الليثى داخل مصر‪ ،‬وتلك مكافأة عظيمة جاءت‬ ‫بعد أشهر قليلة من قرار صفوت الشريف ـ بصفته وزير اإلعالم ـ‬ ‫بإيقاف صدور جميع الجرائد التى تصدر بترخيص خارجى وتطبع‬ ‫فى مصر وكان على رأسها صحيفة الدستور!‪ ،‬وسوف يسمح فيما‬ ‫‪168‬‬


‫بعد ـ بصفته وزير اإلعالم ـ بفتح أرشيف الملفات السياسية وتجهيزها‬ ‫لبرنامج (اختراق) الذى سيقدمه الكاتب الصحفى الشاب عمرو‬ ‫ممدوح الليثى على شاشة التليفزيون المصرى بداية من (‪،)2001‬‬ ‫وتالشت السحب السوداء‪ ،‬وتصالح الوالد ـ رحمه الله ـ مع الكاتب‬ ‫قرارا‬ ‫عادل حمودة‪ ،‬وأصدر صفوت الشريف ـ بصفته وزير اإلعالم ـ ً‬ ‫تعويضا عن‬ ‫رئيسا لجهاز السينما بمدينة اإلنتاج اإلعالمى‬ ‫ً‬ ‫بتعيينه ً‬ ‫رئاسته قطاع اإلنتاج التى ُفصل منها‪.‬‬ ‫وجمعت نقابة الصحفيين فيما بعد بين عمرو الليثى رئيس تحرير‬ ‫ْ‬ ‫الخميس وعادل حمودة رئيس تحرير صحيفة الفجر لتستمر الحياة‬ ‫وتبقى الذكريات‪.‬‬

‫‪169‬‬


‫(‪)2‬‬

‫مدحت طلبة!‬ ‫ً‬ ‫مشغول بعمرو الليثى وال بعودته من ال ُعمرة «الطويلة»‬ ‫لم أكن‬ ‫التى اعتمرها عقب سقوط اإلخوان واستمرت حتى ديسمبر‬ ‫‪ ،2013‬ولم أصدقه قبلها وهو يميل ً‬ ‫ميل شديدً ا نحو الجماعة‬ ‫ورئيسها المعزول‪ ،‬ذلك أن عمرو قد تحمل ما يصعب علينا تحمله‬ ‫من حزن داخلى ظل ومازال يؤلمه حتى وإن رسم االبتسامات على‬ ‫دائما‪ ،‬لذا ولكثير‬ ‫وجهه‪ ،‬فخلف عدستى النظارة عينان دامعتان ً‬ ‫غيره لم أكن أفكر فى عمرو الليثى ولم يخطر ببالى أن يرد اسمه‬ ‫فى هذا الكتاب‪ ،‬فيكفى ما يحمل على ظهره من تاريخ قديم‪،‬‬ ‫لكنها الدراما الملعونة التى وضعته فى طريقى ألتذكر خطيئته‬ ‫كبيرا بكشف وفضح أرامل مبارك فى‬ ‫حلما ً‬ ‫الكبرى التى قتلت ً‬ ‫الصحافة واإلعالم‪ ،‬كانت هناك بشائر ثورة إعالمية صاحبت ثورة‬ ‫يناير‪ ،‬أطلقها «باسم يوسف» على اليوتيوب‪ ،‬ثم واصلت «دعاء‬ ‫سلطان» الثورةعبر برنامج «توك شوز» على قناة التحرير‪،‬باإلضافة‬ ‫‪170‬‬


‫إلى كتاب «البغاء الصحفى» الذى سبقهما وإن كان تأثيره محدو ًدا‬ ‫مقارنة بتلك التجارب المرئية‪.‬‬

‫وصاحب ذلك ثورة وعى كبير لدى الشباب‪ ،‬وتحولت صفحات‬ ‫الفيس بوك إلى منصات إلطالق الصواريخ على «البغائيين» من كل‬ ‫اتجاه بالفيديوهات والمقاالت لتكشف فضائح إعالميين وصحفيين‬ ‫ركعوا تحت قدمى مبارك وزحفوا على بطونهم إلى جمال مبارك‬ ‫ثوارا!!‪.،‬‬ ‫وجاءوا اليوم ً‬ ‫وإذ فجأة‪ ،‬وبينما الحال كذلك‪ ،‬أخرج عمرو الليثى سيناريو‬ ‫«التهديدات» التى يبعث بها «الفلول» إلى «الثوار الجدد»!‬

‫وتلقفت الفضائيات الخاصة السيناريو الهابط لتغسل عار أوالدها‬ ‫بكذبة كبرى!‪ ،‬وقال األستاذ مجدى الجالد للسيدة لميس الحديدى‬ ‫«بصى يا لميس إحنا مثل ثوار التحرير األبطال مستعدين للموت في‬ ‫سبيل قضيتنا»‪ ،‬وأكد الجالد ـ رئيس تحرير المصرى اليوم ـ لبرنامج‬ ‫مصر تنتخب أن الرسالة التى وصلته على المحمول محتمل أن تكون‬ ‫من رجال فى نظام مبارك بسبب الفضح المستمر لمؤامراتهم(!!)‪.‬‬

‫وهاجت الدنيا ضد هؤالء المالعين من الفلول الذين يطاردون‬ ‫األقالم الحرة واألصوات الحلوة النظيفة!!وتمت الدعوة إلى‬ ‫مؤتمر حاشد بنقابة الصحفيين إلنقاذ «ثواراإلعالم والصحافة من‬ ‫وكنت أضرب ك ًفا بكف وأنا أشاهد معظم البغائيين‬ ‫الفلول»(!)‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫عائدين يتبخترون فى أزياء الثوار!‪ ،‬وإذ فجأة‪ ،‬وعلى سهوة‪ ،‬نشرت‬ ‫الصحف هذا الخبر المريع بصيغ مختلفة‪:‬‬ ‫‪171‬‬


‫المتهم بتهديد اإلعالميين‪:‬‬ ‫«الليثى» أعطانى المال وطلب إرسال الرسائل‬ ‫كتب‪ :‬يسري البدري وأحمد عبداللطيف‬ ‫‪ 21‬ديسمبر ‪2011‬‬ ‫قال مدحت أمين طلبة‪ ،‬سائق اإلعالمى عمرو الليثى‪،‬‬ ‫المتهم بإرسال رسائل تهديد إلى عدد من اإلعالميين‬ ‫عبر الهاتف المحمول‪ ،‬إن الليثى هو الذى أعطاه المال‬ ‫لشراء هاتف محمول‪ ،‬وطلب منه إرسال رسائل تهديد‬ ‫إليه‪ ،‬وإعالميين آخرين‪ ،‬بينهم مجدى الجالد‪ ،‬وعادل‬ ‫حمودة‪ ،‬رئيسى تحرير جريدتى «المصرى اليوم»‪،‬‬ ‫مبررا إقدام «الليثى»‬ ‫و«الفجر»‪ ،‬ولميس الحديدى‪ً ،‬‬ ‫على هذه الخطوة بأنه كان يسعى إللزام أجهزة األمن‬ ‫بتعيين حراسة له‪ ،‬مثلما فعلت مع توفيق عكاشة‪،‬‬ ‫رئيس قناة «الفراعين»‪ ،‬فقررت النيابة تكليف المباحث‬ ‫بالتحرى عن مدى صحة الرواية‪ ،‬واستدعاء «الليثى»‬ ‫لسماع أقواله حولها‪ ،‬وحبس المتهم ‪ 4‬أيام على ذمة‬ ‫التحقيقات‪.‬‬ ‫اعترف المتهم فى التحقيقات التى أجريت تحت إشراف‬ ‫المستشار محمد عبدالشافى‪ ،‬رئيس نيابة قصر النيل‪،‬‬ ‫وتم تسجيلها صوت ًيا‪ ،‬بأنه أخذ األموال من «الليثى»‬ ‫واحتفظ بها لنفسه‪ ،‬ولم ِ‬ ‫يشتر الهاتف‪ ،‬وأرسل رسائل‬ ‫التهديد من هاتفه الخاص بعد تغيير الشريحة‪ ،‬وأضاف‬ ‫أنه ال يعرف اإلعالميين الذين أرسل إليهم رسائل‬ ‫التهديد شخص ًيا‪ ،‬ويعرفهم من خالل وسائل اإلعالم‬ ‫فقط‪ ،‬وأنه حصل على أرقام هواتفهم من الليثى‪ ،‬وأن‬ ‫األخير طلب منه إرسال الرسائل فى توقيت واحد‪.‬‬

‫‪172‬‬


‫كان الجالد‪ ،‬وحمودة‪ ،‬والحديدى‪ ،‬والليثى قد تلقوا‬ ‫رسائل تهديد باإليذاء والقتل على هواتفهم المحمولة‬ ‫من رقم مجهول‪ ،‬خالل األيام الماضية‪ ،‬فحرروا محاضر‬ ‫بها‪ ،‬وطالبوا وزارة الداخلية بمعرفة الجانى‪ ،‬وشكل‬ ‫اللواء محمد إبراهيم‪ ،‬وزير الداخلية‪ ،‬فريق بحث‬ ‫لكشف الرسائل وصاحبها‪ ،‬وبرصد الرقم المرسلة‬ ‫منه تبين أنه لفتاة من مدينة طنطا فى الغربية‪ ،‬وبالتوصل‬ ‫إليها نفت عالقتها بالخط‪ ،‬واإلعالميين‪ ،‬وباستمرار‬ ‫البحث والتحرى تبين أن مرسلها هو سائق الليثى‪.‬‬

‫‪173‬‬



‫الفصل الثالث عشر‬

‫�شحاذون ونبالء‬

‫أكملت عمال لن يقدر على هدمه غضب جوبيتر‪ ،‬وال النار‬ ‫اآلن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫فليأت‪ ،‬متى شاء‪ ،‬اليوم المحتوم‬ ‫وال الحديد وال الزمن الذي ال يشبع‪.‬‬ ‫الذي ال حقوق له إال على جسدى‪ ،‬وليضع حدّ ا لمسار حياتي الغامض‪.‬‬ ‫قوة روما بعيدا في‬ ‫سيكون اسمي عص ًّيا على الفناء‪ .‬وأينما تو ّغ َلت ّ‬ ‫األرض التي تسودها‪ ،‬فلسوف يقرؤنى الناس‪.‬‬ ‫أوفيد‬

‫خاتمة كتاب «التحوالت»‬



‫(‪)1‬‬

‫لحظات الأ�سى‬ ‫هى لعنة «البغاء» بالشك!‪ ،‬فكل الذين تحمسوا للكتاب وكتبوا‬ ‫عظيما ذهبوا إلى ( الجماعة ) وأصبحوا قادة‬ ‫فتحا‬ ‫عنه واعتبروه ً‬ ‫ً‬ ‫إعالم الجماعة !!‬

‫وائل قنديل وسامى كمال الدين ومحمد حسن الشرقاوى وسليم‬ ‫عزوز وهانى صالح الدين وغيرهم انتقلوا إلى الدوحة !‪ ،‬قد يكون‬ ‫كل ذلك عاد ًيا إال أن الدراما الكبرى التى جعلت (محمد ناصر )‬ ‫يعلن الغضب على مصر وينتقل إلى الدوحة تفوق الوصف‪ ،‬فقد‬ ‫كانت لعنة البغاء أكبر من تصوراتى ‪.‬‬

‫استيقظت على تليفون من‬ ‫فى عيد العمال واحد مايو ‪2012‬‬ ‫ُ‬ ‫الصديقة «رباب إبراهيم» تسألنى عن رأيى فيما حدث !‪ ،‬ولم أكن‬ ‫كنت ضيفه حتى‬ ‫عرف ما حدث !‪ ،‬وعرفت منها أن البرنامج الذى ُ‬ ‫صباحا تم إيقافه بقرار من صاحب المحطة !‪ ،‬وتوالت‬ ‫الواحدة‬ ‫ً‬ ‫االتصاالت التى تسأل وتستفهم وأنا غير قادر على تصديق ما جرى‬ ‫‪177‬‬


‫لى‪،‬‬ ‫!‪ ،‬وتوالت المكالمات التى تطمئن على أن شي ًئا لم يحدث ّ‬ ‫حتى جاء تليفون صديقى الكاتب والناشر محمد هاشم وما كاد يبدأ‬ ‫وصلة الهزار ‪« :‬قفلت للراجل البرنامج!»‪ ،‬حتى وجدتنى أبكى بكا ًء‬ ‫صدرا حنونًا يفهم معنى البكاء فى‬ ‫من أبو جعورة‪ ،‬بكيت كمن وجد‬ ‫ً‬ ‫المذنب الذى تسبب فى قطع‬ ‫تلك اللحظات العصيبة‪ ،‬بكيت بكاء ُ‬ ‫أرزاق الناس!‪ ،‬بكيت الثورة التى اختبرتها فعاقبتنى وعاقبت اللى‬ ‫يتشددلى كمان ! بكاء المهنة التى اتفشخت تحت ترس رأس المال‬ ‫بكيت نزقى الطفولى الذى حولنى إلى مجرم يتطاول على‬ ‫الوقح‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫األسياد وأصحاب الجاه والسلطان الذين انتقلوا إلى صفوف الثوار!‪.‬‬

‫كانت ليلة عصيبة تبعتها ليال من األرق واأللم‪ ،‬ورأى مجموعة‬ ‫من األصدقاء أن حياتى فى خطر وتطوع بعضهم لحمايتى‪ ،‬ودفع‬ ‫اإلعالمى «محمد ناصر» الثمن! جلس فى البيت عاما كامال بال عمل‬ ‫بعد وقف برنامجه « من هنا ورايح « الذى كان يقدمه على قناة المحور‬ ‫المملوكة لرجل األعمال حسن راتب !‬

‫المحزن أن األصدقاء والزمالء فى كل الفضائيات عملوا نفسهم‬ ‫مش شايفين وال سامعين وأغمضوا عيونهم عن جريمة كبرى !‪ ،‬لكنهم‬ ‫لم يمنعوا فضاء اإلنترنت الواسع الذى تلقف الواقعة ‪.‬‬

‫الكاتب الصحفى محمد عبد الرحمن كان االستثناء الوحيد الذى‬ ‫طلب منى الظهور فى برنامج «مانشيت» مع الزميل جابر القرموطى‪،‬‬ ‫وشرح محمد ناصر فى تلك الفقرة تفاصيل ما كان يحدث أثناء‬ ‫اللقاء وكيف أن الكنترول تلقى عشرات المكالمات إلنهاء الفقرة‬ ‫‪178‬‬


‫وطلبت أنا من نقابة الصحفيين إجراء‬ ‫وصمم هو على استكمالها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تحقيق حول الكتاب ومعاقبتى على أى تجاوز فى حق الزمالء الذين‬ ‫تضمن الكتاب مقاالت لهم‪ ،‬وطلبت أن تكون المعركة معى وليست‬ ‫لقطع أرزاق الناس !‪ ،‬وال حياة لمن تنادى وراح محمد ناصر فى الوبا‬ ‫وانتقل إلى فضائيات اإلخوان هر ًبا من جحيم الفلول األصليين تماما‬ ‫كما فعل وائل قنديل وسامى كمال الدين! وجئتكم أنا ثانية وال أعرف‬ ‫إلى أين انتقلت‪.‬‬ ‫كان من المقرر أن يصدر الجزء الثانى بعد شهور من األول‪،‬‬ ‫ولكننى اعتذرت بسبب تلك الواقعة‪ ،‬فلن أملك القدرة على تشغيل‬ ‫من يتم تسريحهم من القنوات أو الصحف إن تجرأ أحدهم وتحدث‬ ‫عن الكتاب أو جاب سيرته !‪ ،‬كما أننى ال أريد شهرة مجانية تأتى من‬ ‫وسعيت بكل ما أملك كى أنسى « البغاء « وأعود إلى‬ ‫معارك عبثية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫كتابة روايتى الجديدة‪ ،‬لكننى فشلت فشال ذريعا‪،‬ولم استطع سوى‬ ‫تجميع بعض مقاالتى التى أحبها فى كتاب جديد يساهم فى نسيانى‬ ‫«البغاء» وأيامه وصدر كتابى « صالة الجمعة « ونسيت البغاء‪ ،‬لكن‬ ‫الناس لم تنس‪.‬‬ ‫وهناك واقعة رومانسية ـ فى حقيقة األمرـ كانت وراء إحجامى عن‬ ‫الحظت أن معظم أصدقائى‬ ‫إصدار الجزء الثانى عقب األول مباشرة‪ ،‬فقد‬ ‫ُ‬ ‫صادفت أحدهم بصحبة‬ ‫وكنت إن‬ ‫وزمالئى فى المهنة يبتعدون عنى!‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫«بغائى» وجدته يحيد عنى ويتخفى بطريقة ساذجة ولكنها جارحة ومؤلمة‬ ‫بالنسبة لى! وتسرب عشرات على هذا النحو‪.‬‬ ‫‪179‬‬


‫ومما سبق نستطيع القول إن ثورة يناير كانت فاتحة الخير على عدد‬ ‫كبير من أباطرة اإلعالم الجدد‪ ،‬فقد تعلم رجال األعمال الجدد اللعبة‪،‬‬ ‫وتنافسوا جمي ًعا المتالك الصحف والفضائيات واستعانوا باألباطرة‬ ‫إلدارة صحفهم ومعاركهم وترسيخ وجودهم بعد ثورتى يناير و‪30‬‬ ‫يونيو‪ ،‬لكن الماليين التى راحت تتقافز فى الفضاء‪ ،‬لم تصل إلى‬ ‫مئات المحررين فى الصحف الصغرى أو الكبرى‪ ،‬وتعرض معظم‬ ‫أبناء المهنة بعد الثورة النتكاسات مادية ومعنوية ونفسية‪ ،‬فهاهم قادة‬ ‫اإلعالم فى مصر وحملة رايات الحرية يمارسون التنكيل بالمحررين‬ ‫الصغار والكبار وينفذون توجيهات مالك الصحف بتخفيض األجور‬ ‫أو التخلص من «العمالة» الزائدة!‪ ،‬وغرقت النقابة فى توفير بدل‬ ‫للمشردين والمطرودين من صحف أباطرة اإلعالم الجدد‪.‬‬

‫الوقائع التى تعرض خاللها الصحفيون إلهانات وتنكيل وتشريد‬ ‫جعلت الصورة بائسة ومحبطة وتثير العجب‪ ،‬وسنحتاج إلى زمن‬ ‫طويل لرد االعتبار لعشرات الموهوبين الذين صدقوا مثاليات المهنة‬ ‫والتحقوا بها ح ًبا وعش ًقا فصفعتهم وصدمتهم وسرقت أعمارهم‬ ‫وتاهوا فى دروب الحياة‪.‬‬ ‫وحتى ال تسيطر تلك الصورة عليك اآلن‪ ،‬سأنتقل بك إلى عالم‬ ‫آخر من الجمال المؤلم‪.‬‬

‫‪180‬‬


‫(‪)2‬‬

‫فنانة‪ ..‬ويهودية!‬ ‫هذه رسالة تستحق التأريخ لقصة حب فى زمن الثورة بطلها أستاذ‬ ‫جامعى مرموق انخرط فى العمل السياسى مع ثورة يناير وعاش‬ ‫نموذجا للمفكر الليبرالى الذى‬ ‫تقلباتها وقفزاتها ووصل إلى البرلمان‬ ‫ً‬ ‫يحظى بإعجاب الجميالت‪ ،‬والذى أصبح حالة سياسية متكاملة لها‬ ‫خصوم وأنصار‪ ،‬أما البطلة فهى ممثلة مثقفة تنتمى إلى عائلة مصرية‬ ‫يهودية‪ ،‬ولك أن تتخيل األوراق التى يمكن أن يستخدمها خصوم‬ ‫ذلك المفكر السياسى إن اختلفت الرؤى!‪ ،‬وقد شهدت الصحف‬ ‫سلسلة من الشائعات الخسيسة التى استهدفتهما‪ ،‬عمو ًما ليس ذلك‬ ‫ما أردت أن أختم به الكتاب‪ ،‬ولكنها (الرسالة) أو المقال البديع‬ ‫الذى كتبه «عمرو حمزاوى» تلخص ًيا لحواراته المنزلية مع محبويته‬ ‫وزوجته الفنانة «بسمة» التى تعيش معه مأساته اليومية وتشاركه ألمه‬ ‫ومعاناته فى ابتعاده عن أوالده من زوجته األولى‪ ،‬شىء من العذاب‬ ‫الجميل والمواقف النبيلة لزوجة شابة فى تلك الكتابة الشفافة الممتعة‬ ‫‪181‬‬


‫التى تستحق أن تكون آخر صفحة فى «فودكا الصحافة وجنونها‬ ‫السينمائى»‪:‬‬ ‫عن ست بألف راجل‬ ‫بسمة‪ :‬إزيك يا حبيبى؟ عملتوا إيه النهارده؟‬ ‫عمرو‪ :‬ناديا جننتنى‪ ..‬كوميديا‪ ..‬لعبنا وأكلت كويس‬ ‫ووقعت كل اللى قدرت عليه وبعدين نامت‬ ‫الحمد لله كويس‪ ..‬وانتى؟ مشاهدك مشيت‬ ‫تمام؟ إحساسك أحسن دلوقتى بدورك؟‬ ‫بسمة‪ :‬الحمد لله‪ ،‬كنت مرتاحة أكتر من إمبارح والحقيقة‬ ‫مبسوطة من الشغل‪ ،‬رواية بالل (فضل) جميلة‬ ‫واألستاذ خيرى بشارة (المخرج) هايل ومركز‪.‬‬ ‫عمرو‪ :‬طيب ممتاز‪ .‬أنا ما كتبتش ببصلة طول اليوم‪،‬‬ ‫ربع صفحة وخالص‪..‬‬ ‫بسمة‪ :‬ما كتبتش مقال بكره يعنى؟!‬ ‫عمرو‪ :‬ال ده كتبته‪ ،‬قصدى أبحاث الترقية لألستاذية‬ ‫فى الجامعة األمريكية وجامعة القاهرة‪ ،‬الوقت‬ ‫هيبقى زنقة خالص‪.‬‬ ‫بسمة‪ :‬ده سبب الوش اللى شايل الهم؟‬ ‫عمرو‪ :‬شويه يا حبيبتى‪ .‬بس الحقيقة األوالد واحشنى‬ ‫أوى‪ ،‬كل دقيقة مع ناديا قلبى بيتعصر على لؤى‬ ‫ونوح وحاسس إنى مقصر معاهم‪ .‬عارف إنه‬ ‫مش ذنبى والمنع من السفر واقف بينهم وبينى‬ ‫من ست أشهر من يناير اللى فات‪ ،‬بس خالص‬ ‫تعبت بجد!‬ ‫بسمة‪ :‬ما تخليش حد يكسرك أو يسكتك‪ ،‬هما عايزين‬

‫‪182‬‬


‫يكسروك وهيفضلوا يحاولوا شويه بتخوين‬ ‫وتشكيك فى سمعتك وشوية بالحرب على‬ ‫أكل عيشنا وشوية بشتايم وتطاول عليا وعليك‪..‬‬ ‫وكمان بمنع من السفر وحرمانك من األوالد‪.‬‬ ‫إحنا الزم نستحمل زينا زى كتير غيرنا مضغوط‬ ‫عليهم‪ ،‬ده تمن بندفعه وناس كتيرة فاهمة‬ ‫ومقدرة‪ ،‬ولؤى ونوح فاهمين ومقدرين وأمهم‬ ‫ست عظيمة بجد‪ ..‬ما تخافش‪.‬‬ ‫عمرو‪ :‬أنا تعبت يا بسمة‪ ،‬كل الكالم ده ما بيصبرنيش‬ ‫ثانية واحدة على بعد األوالد وال على القلق‬ ‫عليهم وهما نايمين بعيد عنى وال على إنى‬ ‫هاتجنن ألمسهم زى ما بألمس ناديا‪ ،‬وال‬ ‫بيساعدنى على الصبر على الظلم‪ .‬أنا باكتب‬ ‫فى المقاالت إنى متماسك ومكمل ومش هارفع‬ ‫«الراية البيضاء»‪ ،‬بس إنتى عارفة إنى تعبت‪ .‬من‬ ‫كام يوم قريت اللى كتبه عالء عبدالفتاح عن‬ ‫خوفه على ابنه وحياته اللى اتلخبطت وشغله‬ ‫اللى وقف‪ ،‬وباسم يوسف وقف وقال تعبت‪.‬‬ ‫اإلحساس بالتعب مش جريمة يا حبيبتى وال‬ ‫خوف وال تجاهل لتضامن الناس حولينا‪ ..‬أبدً ا!‬ ‫بسمة‪ :‬عارفة يا عمرو وفاهمة والله‪ .‬بس إيه اللى فى‬ ‫ايدنا نعمله؟ تسكت وتبطل كتابة؟ تغير رأيك مية‬ ‫وتمانين درجة عشان تعجب؟ وبعدين معلش‬ ‫استحملنى‪ ،‬فى غيرك فى وضع أصعب بكتير‬ ‫منك‪.‬‬ ‫عمرو‪ :‬صح‪ ..‬وأنا هانكسر بجد لو بطلت كتابة‪،‬‬

‫‪183‬‬


‫ورأيى هو أفكارى اللى مش هاغيرها‪ ..‬نفسى‬ ‫بس أصرخ أقول للناس على الظلم‪ ،‬نفسى‬ ‫أصرخ أقول للناس اللى رفضت التكفير ورفضت‬ ‫المتطرفين لما تطاولوا علينا وعلى غيرنا أنهم‬ ‫الزم يرفضوا التخوين والتشويه ونفس التطاول‬ ‫لما يجى من مدعى الوطنية والليبرالية‪ ..‬نفسى‬ ‫أصرخ أقول للناسإن البلد دى الزم تسعنا كلنا‬ ‫وما تسمعش صوت واحد بس‪..‬‬ ‫بسمة‪ :‬هى الزم تسعنا‪( ..‬ضاحكة) ما أنت تنازلت عن‬ ‫الجنسية األلمانية ودبستنا وأديك كمان ممنوع‬ ‫من السفر وآخرك كده حاليب وشالتين‪ ..‬هتسعنا‬ ‫يا عمرو‪ ،‬أكيد هتسعنا‪ ،‬وناس كتيرة بتفوق‪ ..‬خلينا‬ ‫نصبر ونجمد ونقوى األوالد ونقول يارب‪..‬‬ ‫عمرو‪ :‬يارب‪..‬‬ ‫بسمة‪ :‬هو البحث اللى بتكتبه عن إيه؟‬ ‫عمرو‪ :‬عن مفهوم التوافق الزائف أو التوافق المفروض‪..‬‬ ‫بسمة‪( :‬ضاحكة) يعنى ما فيش فايدة‪ ..‬قول يارب تانى‪.‬‬ ‫عمرو حمزاوى‬ ‫‪ 4‬يونيو ‪2014‬‬

‫‪184‬‬


‫�صدر للم�ؤلف‬

‫ـ منظر جانبي‪ ،‬قصص‪ .‬دار ميريت للنشر ‪.2003‬‬ ‫ـ ودع هواك‪ ،‬رواية‪ .‬دار ميريت للنشر ‪.2008‬‬

‫ـ المثقفون وكرة القدم‪ ،‬مقاالت‪ .‬صفصافة ‪.2010‬‬

‫ـ صالة الجمعة‪ ،‬أوراق‪ .‬دار ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ‪.2013‬‬ ‫‪ashrafshafy@hotmail.com‬‬





Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.