UÒOK¦� UÒOÐdŽ ¡U‡‡‡‡�M� WÒOÐœ√ ’uB½ WŽuL−�
UÒOK¦� UÒOMOD�K� ¡U‡‡‡�½
حقي أن أعيش ,أن أختار ,أن أكون ()2007 مجموعة نصوص أدب ّية لنساء عرب ّيات مثل ّيات
)My Right to Live to Choose to Be (2007
A Collection of Literal Texts written by Arab Lesbian Women
إصدار :أصوات -نساء فلسطين ّيات مثل ّيات مجموعة «أصوات» تعمل كمشروع مستقل داخل «كيان -تنظيم نسويّ » إعداد وحترير :طاقم مشروع املعلومات واملنشورات مراجعة لغو ّية :رؤى ترجمة ونشر تصميم غرافي :ديك للدعاية © جميع احلقوق محفوظة الطبعة األولى أصوات -نساء فلسطين ّيات مثل ّيات تلفون+ 972 4 866257 : فاكس+ 972 4 8641072 : e-mail: aswat@aswatgroup.org website: www.aswatgroup.org سخي من: مت إصدار هذا الكتاب بدعم ّ مؤسسات وصندوق سوروس مؤسسة املجتمع املفتوح وشبكة ّ ّ
إهــداء:
إلى ّ كل َمن شاركت به وجلبت صوتَها، ّ وإلى كل من لم تستطع جلب صوتها حتى اآلن، نحن نأمل أن نكون قد استطعنا ،ولو قلي ًال ،إسما َع صوتك ُ أنت ً أيضا!
ّ نتوجه بجزيل ّ كل من ساهمت في إصدار الشكر إلى ّ كتاب «ح ّقي أن أعيش ،أن أختار ،أن أكون» – مجموعة ّ كل من نصوص أدب ّية لنساء عرب ّيات مثل ّيات ،وإلى خاص ،وأص��وات بشكل عام ،من يدعم املشروع بشكل ّ جمع ّيات وأف��راد .كما نشكر طاقم مشروع املعلومات واملنشورات ،وطاقم إدارة أص��وات ،والكاتبات ّ الشجاعات نصوصهن في هذا الكتاب .وفي اللواتي ساهمن من خالل ّ النهاية ،نشكر ّ دونكن كل عضـــــوات أصــــــوات ،ألنّه من ّ لن يكون صوتُنا مسموعً ا! أصوات – نساء فلسطين ّيات مثل ّيات
احملتويات املقدّ مة
11
سيرتنا ورسالتنا
15
آذار قصتي في فناجني قهوة
21
روضة رياض ّ الذاكرة أسئلتي كنغم بدون وتر سأرحل سكاكني تتمشى ارجتف اآلن أمام همس إيقاعك
25 34 35 36 37
رمي قصتي خواطر من أ ّيام و ّلت
41 46
رميا أنا ابنتكم من أنا؟! كالم من القلب ِ لك حبيبتي فراق احلبيبة
47 51 52 53 54
زيتونة أنا فخورة
55
ّ فريشة زيزي جدّ تي ،أم كلثوم وأنا
59
سراب تعالي وأنقذيني يا أيتها الغب ّية
63
سماهر رسالة إليكم أحبائي
65
سميرة غريب حني تهوى امرأة
67 73
سناء ّ عودة إلى الذات
75
سوزان هذا هو احلب رسالتي إلى املجتمع تعالي أنشودة ح ّبي
79 89 92 94
عدن أخلزانة واحلقيقة
95
ليلى أفكاري اجلهنم ّية
101
َنظرة الحظي الشوق بعيني
105
Life ِأح ُب ِك ِ أنت هذا هو فقط ما متنيته... ِ أنساك كيف لي أن س ّيدتي ِ أختارك أنت أنا
109 110 112 113 115
Pazuzu بعض النّاس محظوظون
117
your boi for ever أنا ضح ّيتكم
123
املقدّ مة (باإلجنليزيّ ة)
129
عن أصوات (باإلجنليزيّ ة)
130
10
مقدمـــة «ح ّقي أن أعيش ،أن أختار ،أن أك��ون» هو كتاب «أص��وات» الثاني الذي يصدر ويضم مجموعة من النصوص اإلبداع ّية التي كتبتها نساء مثل ّيات باللغة العرب ّية ّ عرب ّيات. يصدر هذا الكتاب ضمن سلسلة منشورات هي نتاج مشروع املعلومات واملنشورات، وهو مشروع يهدف إلى جمع املعلومات ورفع الوعي وتعميق املعرفة مبواضيع مثل اخلاص الهو ّية اجلنس ّية واملثل ّية اجلنس ّية ،نقلها وتزويدها عبر املوقع اإللكتروني ّ بأصوات ،وكذلك إصدارها كي تكون أدا ًة للتواصل بني أصوات ومجتمعنا للتع ّرف علينا ،لتعميق املعرفة ورفع الوعي حول قضايا لربمّ ا ما زالت مجهول ًة ،وتوصيل أشخاص قد يحتاجون إلى معرفة أنّهم ليسوا وحدَ هم. أصواتنا إلى ٍ يجسد «ح ّقي أن أعيش ،أن أختار ،أن أكون» هو شعار ترفعه مجموعة أصوات ،وهو ّ نضالنا كمجموعة من أجل وضع قض ّية مثل ّيات اجلنس ،متغ ّيرات ،متخ ّبطات، ّ وكل ما هو ال يرد ضمن املغايرة مزدوجات ،متح ّررات ،وازدواج ّيات الهو ّية اجلنس ّية ً رافضا ّأي ميول جنسية أخرى ال تتفق مع اجلنس ّية التي يفرضها مجتمعنا علينا، ّ هذا احلصر الكابت لكيانناّ .إن ّ احلق في احلياة ،في االختيار ،وفي الوجود هو حق ال بدّ أن نحصل عليه جمي ًعا. مرئي على نحن في أصوات نؤمن بأهم ّية توثيق النصوص الذات ّية ،وعرضها بشكل ُ ّ لتجسد جتارب شخص ّية ومشاعر شخص ّية ،حقيق ّية وصادقة ال ميكن املجتمع، ّ ضعضعتها أو تفنيدها ،وهي في نظرنا تتم ّتع بق ّوة هائلة في رفع الوعي في مهم في التدعيم، املجتمع ،بشكل عام .أ ّما على املستوى اخلاص ،فلهذه النصوص دور ّ ّ 11
التشجيع ومساعدة اآلخر أو املختلف/ة في التجارب اخلاصة التي ت/مي ّر بها في مراحل مختلفة في احلياة. يشارككم/ن أع ّزائي الق ّراء وعزيزاتي القارئات بتجارب ،مشاعر ،تخ ّبطات، الكتاب َّ وصراعات ي/تعيشها اإلنسان/ة التي/الذي ال ي/تتوافق مبيوله/ا مع مغايرة اجلنس. تأتي هذه النصوص من شمال البالد وجنوبها ،ومن ش ّتى املناطق احملت ّلة وغير احملت ّلة ،ومن دول عرب ّية ُمجاورة تعيش جتارب شبيهة .نأمل أن يو ّفر لك هذا الكتاب أجوب ًة لتساؤالتك ،أو أن يكشف لك عن مشاعر قد تتماثل مع مشاعرك ،كما ُ ّصوص بداي ًة للتواصل ما بيننا. نأمل أن تكون هذه الن ُ وأن هناك إننا نسعى ،من خالل هذه النصوص ،أن نقول لك أنّك لست وحدكّ ، وأن ميولك شرع ّية مهما كانت مختلف ًة .نريدً ، أيضا ،أن الكثيرين والكثيرات مثلكّ ، نو ّفر من خالل هذه النصوص جتارب عديدة قد تكون شبيهة وقد تكون مختلفة، جنسد أحاسيسنا وأفكارنا وأن قد نتماثل معها وربمّ ا ال .لكن ،في النهاية ،أردنا أن ّ مننحها منب ًرا. في هذا الكتاب نحاول م ّر ًة أخرى ربط واقعنا كمثل ّيات بواقع اجلماهير العرب ّية في البالد والبلدان املجاورة ،ومن خالل هذه النصوص التي نقدّ مها هنا فإننا نو ّفر منب ًرا ولونهن، ّهن قصائدهن، قصصهن، ألصوات من مختلف األماكن ،ونقدّ م ّ شعرهن ،فن ّ ّ َّ ّ السياسيّ ، ّ والتاريخي. األدبي والنسوي، خصي الش طرحهن ّ ّ ّ ّ ّ مثليي ومثل ّيات نتوجه لألشخاص الذين حاولوا حتى اليوم فهم كما نو ّد هنا أن ّ ّ ّ اجلنس ،لكنّهم لم يتمكنوا من فهم حياتنا ،جتاربنا ،أو اختياراتنا ،على أمل أن لكم/ن فيها في إلقاء نظر ًة قريبة على هذا العالم ،وأن تروا تساعد مشاركتنا ّ بشر ولدينا مشاعر ،عواطف وتخ ّبطات .فلربمّ ا إذا جنحنا في ذلك قد أنّنا مثلكم ٌ 12
نراكم/ن إلى جانبنا أصدقاءنا األع ّزاء ،أهالينا ،زمالءنا ،تدعموننا وتساعدوننا على ً شريكا له. خلق عالم جديد يتق ّبل اآلخر واملختلف ويراه
طاقم مشروع املعلومات واملنشورات ـ أصوات 2007/7/29
13
14
ســــــيرتنا ورســـــالتنا املهم أن نفهم الواقع الذي أ ّدى إلى نشوء لغرض فهم احلاجة إلى أصوات ،من ّ كن ينشط َن في مشاريع نسو ّية وأخريات أصوات .ففي حني أ ّن كثيرات منّا ّ ألي واحدة منّا «مجموعة» ناشطات من أجل السالم ومقاومة االحتالل ،لم تكن ّ ميكنها أن تدعم النضال املناهض للتمييز الذي تعيشه ّ كل يوم «أقلية داخل أقل ّية داخل أقل ّية». مجتمع مغاير جنسيًّا ومحافظ، وكنساء فلسطين ّيات مثل ّيات ،نعيش في ٍ ٍ فإنّنا نخطو اخلطوات األولى مشهرين مثل ّيتنا على العلن ،من أجل أنفسنا ضد اخلوف من أ ّوالً ،ولقد أثبت لنا العالم من حولنا أ ّن علينا أن نواصل كفاحنا ّ املثل ّية املتنامية ومن أجل االعتراف بوجودنا. األلكتروني للنساء في العام ،2002متّت بلورة مجموعة احلوار عبر البريد ّ الفلسطينيات املثل ّيات ،والتي أصبحت احل ّيز اآلمن األ ّول للنساء املثل ّيات في الفلسطيني داخل دولة إسرائيل ،وفي املناطق الفلسطين ّية احملتلة. اجملتمع ّ ّ نخطط لقد عقدنا اجتماعنا األ ّول ،في كانون الثاني ،2003من دون أن نعرف أو ّ بالتنظم ملا سيأتي به هذا االجتماع بالنسبة لنا ،وفي آب ،2003ق ّررنا أن نبدأ كـ أصوات .لقد نشأت أصوات من كونها عبارة عن مجموعة احلوار عبر البريد األلكتروني لتصبح الصوت واملُمثلة للنساء الفلسطين ّيات. منصة تنظيمية ودعم من كيان وفي أيلول ،2003طلبت أصوات وحصلت على ّ ّ مستقل ضمن كيان، عربي .حاليًّا ،تعمل أصوات كمشروع نسوي – تنظيم ّ ّ 15
ّ كمنظمة غير ربحية في إسرائيل. املسجلة ّ منذ العام 2004وحتّى اليوم ،بدأنا العمل على استمرارية تعزيز وتدعيم ذاتنا الفلسطيني عبر ونساء مثل ّيات من شتى املناطق ،وبدأنا بالوصول إلى اجملتمع ّ مشاريعنا في مجال التثقيف ورفع الوعي ،الدعم والتدعيم وتوفير املعلومات. خالل هذه األعوامّ ، حققنا بعض اإلجنازات اجلديرة بالذكر؛ في آذار ،2006بادرت أصوات إلى مؤمتر صغير مع حلم – مجموعة من لبنان .وكان هذا املؤمتر هو الرسمي األ ّول للمثل ّيات العربيات من املنطقة .في أ ّيار ،2006حصلت اللقاء ّ املركزّة العامة لـ أصوات ،وإحدى الشخص ّيات اجلماهيرية في التنظيم ،الس ّيدة روضة مرقس ،على جائزة عامل ّية هي Felipa de Souzaعلى جهودها وقيادتها وإجنازاتها في أصوات. وفي عام 2007بتاريخ 2007/3/28قمنا بعقد مؤمتر أصوات األ ّول احتفا ًء مبرور الوعي مبوضوع املثل ّية اجلنس ّية االجتماعي وتعزيز سنوات من العمل خمس ٍ ّ ّ ومبناسبة صدور الكتاب األ ّول باللغة العرب ّية حول موضوع املثل ّية اجلنس ّية، والذي حمل عنوان «الوطن واملنفى في جتربة املتح ّررات جنسيًّا :مجموعة مقاالت في موضوع املثل ّية اجلنس ّية» .لقد ّ التاريخي حققنا من خالل مؤمترنا ّ مشارك ومشارك ٍة. جناحا باهرًا بحضور نحو 300 ً ٍ وها نحن اليوم ننشر كتابنا الثاني ّ «حقي أن أعيش أن أختار أن أكون :مجموعة نصوص أدب ّية لنساء عرب ّيات مثل ّيات» على أمل أن نو ّفر سلسلة من الكتب باللغة العرب ّية حتتوي على أصوات ،كيان وهو ّية نسائنا .وما زلنا نبذل جهودنا من أجل توفير شتّى أنواع البرامج جلمهور النساء العرب ّيات املثل ّيات. الفلسطيني يعشن ،أو عشن ،هو ّيتنا اجلنس ّية كثيرات من النساء في اجملتمع ّ في الس ّر .بالنسبة لي فإنّه من الواضح أ ّن ذلك هو نتيجة لـ :أ ّوالً ،تركيبة مكانتنا 16
كأقلية فلسطينية في إسرائيل ال تتمتّع بحقوق متساوية وتواجه عنصر ّية اإلسرائيلي حقوقه وحش ّية ،وكمجتمع يعيش حتت االحتالل ينتهك اجليش ّ العنصري لفرض فصل الفلسطينيني عن اإلنسان ّية ويواصل بناء جدار الفصل ّ األبوي، معترف بها في اجملتمع غير ا ر أدوا ن بعضا ،ثان ًيا ،كنساء يؤ ّدي بعضهم ً َ ّ ٍ ً ثال ًثا ،رفض اجملتمع ّ حلقنا في التعبير عن جنسو ّيتنا. لألسف ،إ ّن هذه التقييدات تُضاف إلى ُمعيق آخر يكمن في تعبير النّساء عن االجتماعي .إ ّن اجملتمع ياتهن القوم ّية ،املدن ّية واملتع ّلقة بالنوع حقوقهن وح ّر ّ ّ ّ أبوي آخر ال يقبل ،وفي أحيان كثيرة ،يرفض الفلسطيني شأنه شأن أي مجتمع ّ ّ أنفسهن خارج أي تعبير عن «اآلخر» .وعندما جترؤ النساء على تعريف ّ بعدائ ّيةّ ، ّهن يواجه َن ن فإ عليها، املتعارف التقليدية اجلندرية والهويات األدوار حدود ّ وأجسادهن .وإحدى خصوصياتهن ضد ّ ّ اإلقصاء ،أو ما هو أسوأ منه ،العنف ّ اإلستراتيج ّيات لتعزيز صمت وخضوع جنسوية املرأة هي عبر العنف اجلنسي ضد النساء. املمارس ّ ويفسر هذا األمر ملاذا تكاد ال تكون النساء الفلسطين ّيات ،حتى اليومُ ،م ّ نظمات، ّ الوحشي .إ ّن هذه احللقة ف التعس هذا مقاومة على أو االحتجاج، على يجرؤن ّ ّ التعسف دفعت نساء مثل ّيات إلى اإلصرار على خلق ح ّيز آمن املفرغة من ّ للتعاطي مع مسائل جنسو ّية النساء ،النوع االجتماعي ومثل ّية اجلنس. تهدف أصوات إلى إتاحة اجملال أمام النساء الفلسطينيات املثل ّيات للتعبير عن ّ ّ تتمكن النساء من مناقشة الذات .فمن خالل البرامج التي تضعها أصوات، متعددة من النسوية مواضيع النوع االجتماعي ،اجلنسو ّية ،تعريف أشكال ّ وإعادة تعريفها ،وتتناول الصراعات القائمة بني الهو ّيات القوم ّية واجلندر ّية، كفلسطين ّيات يعش َن داخل حدود إسرائيل وفي املناطق الفلسطين ّية احملت ّلة. 17
أنفسهن توفر مجموعة أصوات حيزًا آمنًا للنساء الفلسطين ّيات اللواتي يع ّرفن ّ كمثل ّيات ،نساء ذات ميول جنس ّية مزدوجةُ ،مغ ّيرات للجنسُ ،مغيرات للنوع االجتماعي أو ازدواجيات اجلنس ومتح ّررات اجلنس .ومن خالل أصوات ،تستطيع ّ الفردي ،الدخول في حوار متواصل ومناقشة مسائل صمتهن النساء أن تكسر ّ ّ اليومي .إضاف ًة إلى ذلك ،إننا نحاول أن نثقف أنفسنا وبعضنا بواقعهن تتع ّلق ّ ّ البعض حول حقوق النساء ،املثل ّيات ،واملسائل املتع ّلقة بهوية النوع االجتماعي. ّ ستمكننا من طرح موضوع واقع املثل ّيات في إ ّن زيادة وعينا في هذه املسائل مجتمعنا حول ،لنساهم بالتالي في إرساء التفاهم والتسامح بشكل أكبر الفلسطيني. العربي في اجملتمع ّ ّ اجتماعي من أجل تلبية احتياجات لذلك ،تسعى أصوات للمبادرة إلى تغيير ّ الفلسطيني من خالل الوصول اجملتمع إحدى اجملموعات األكثر صمتا ً وإجحافا ً في ّ إلى اجملتمعات الفلسطين ّية واحملل ّية في إسرائيل وإلى املناطق الفلسطينية مؤسسات ،مجموعات احملتلة .باإلضافة إلى ذلك ،فنحن نقوم بالتشبيك مع ّ املتعدد الطبقات الذي تواجهه وأفراد ذوي أفكار مشابهة ،ملقاومة التّمييز ّ النّساء الفلسطين ّيات املثل ّيات ولتعزيز حقوق النّساء وحتسني مكانة جميع الفلسطيني. النساء في اجملتمع ّ إ ّن ق ّوتنا كنساء وكمثل ّيات وكفلسطين ّيات ال تكمن في اختيار هو ّية واحدة وتفضيلها على األخرى وإنمّ ا في اإلصرار على أ ّن هناك طريقة لتشكيل ح ّيز لها جمي ًعا .أنا هذه الهو ّيات مجتمع ًة – نحن مثل ّيات اجلنس ونحن نساء ونحن فلسطين ّيات وهذه الهو ّيات الثالث ال ميكن أن تكون منفصلة عن بعضها البعض. املتعدد الطبقات ما بني النضاالت القومية ،اجلنس ّية ومن خالل حتديد اخلطاب ّ االجتماعي ،سنواصل العمل التوعوي حول الرباط غير القابل واملتعلقة بالنوع ّ 18
لالنفصال بني ثالثتها ،وحمل الرسالة إلى اجملتمع الدولي للمثل ّيات ،النساء ذات االجتماعي وازدواجيات امليول اجلنس ّية املزدوجةُ ،مغ ّيرات اجلنسُ ،مغيرات النوع ّ التعسف ال ميكنه أن يكون ضد اجلنس ومتح ّررات اجلنس ،بأ ّن نضالنا كمثليات ّ ّ منفصالً عن نضاالتنا من أجل العدالة االجتماعية وحقوق اإلنسان للجميع. كما أنّنا نحمل الرسالة ذاتها إلى احلركات النسوية وحركات التضامن الدولية بأ ّن نضاالتنا من أجل العدالة االجتماع ّية وحقوق اإلنسان ال ميكنها أن تكون ضد القمع والتّمييز بحقّ املثل ّيات ومتح ّررات اجلنس. منفصلة عن نضالنا ّ االجتماعي يحتاج إلى ّ الشجاعة والدعم إ ّن وجودنا هو الدليل على أ ّن التغيير ّ ّ يتحقق. كي روضة مرقس مركزة عامة -أصوات 2007/7/9
19
20
قصتي في فناجني قهوة ّ
آذار
الرحيل: ِ فنجانك، رت الرحيل .قال لي فنجاني« :رغم سواد اسودّت حياتي أمامي ،فق ّر ُ ِ تنتظرك هناك فتاة ستقعني في ح ّبها»:
21
املهجر: تهج ْر ُت ولم أعُ د أشرب القهوة بفناجني عربية ،ولم تكن فناجني القهوة الغرب ّية َّ تقص لي حكايات الغيب ،مع أنّي كنت أتش َّوق لقصص الغيب املليئة البالستيك ّية ّ بت وقوعها مع ّ كل فجر .ولكن إذا أردت متثيل فنجاني باملفاجآت التي طاملا تر ّق ُ هجري لكان مش َّوشاً مش ًّوهاً ،غامقا وملي ًئا باألضداد ال ًّلونية: امل َ َ
22
العودة: وقت عودتي مع الربيع ،سئمت شتاء الناس وصحراء األطباع .في طريق حان ُ َ حب فتاة كانت تنتظر مجيئي .وحينها، احلب عودتي اصطادني ُ فوقعت في ّ ّ ُ تصف لي بريق تركتها وتركت املهجر .ظ َّلت فناجني القهوة في مخ ّيلتي ابتساماتها البنفسج ّية:
23
البيت: يبق منّي سوى ّ لم َ هجر في بيته .ال زال فنجان القهوة يحكي لي تقطعات ٍ قلب ُم ّ حب حزينة عن غائبة بعيدة: قصة ّ ّ
24
ريــــاض الذاكـــــرة
روضـــــــة
فتحت الباب بعد أن غفوت على أريكتي لبضع دقائق ،ال أعلم كم من الوقت انتظرت على بابي .وكأنّي أبصر للم ّرة األولى في حياتي أو ّأن هالتك أربكتني. دخلت لتوك وأنا ال أستطيع أن أقفل فمي من الدهشة واإلثارة ورمبا العشق الذي علي كما في القصص .لم ِأع أن هناك حاالت كهذه حقيق ّية بل كأنها في ّ اندب ّ «حب من أ ّول نظرة» فهذه يسمى ّ األفالم فقط ..أن تعشقي من نظرة خاطفة أو ما ّ هي بداية جلملة من مواقف وأحداث قد حتدث فقط في األساطير. كان هذا قبل أربع أو خمس سنوات حني انقلبت املعايير واملوازين احليات ّية املألوفة لدي ،فأصبح حاضري املشؤوم ساحة يزورها اجل ّيد واملفيد من غير اكتراث ّ ّ بأي شيء سيء كان قد خ ّيم داخلي وكان على وشك االستيطان الدائم! كنت قد اعتدت على الروتني الزائد وكنت لرمبا قد فقدت األمل بأن األشياء روائي معني أو أني تناسيت الواقع اآلخر غير املشؤوم واحلرب ،وأنه قد حتدث بروتني ّ ّ تستحق االحتفال حتدث في عاملنا هذا قصص غرام ّية وقصص جناح من نوع آخر بها رغم استمرار ّية االستيطان والقمع املتزايد. حني أجلس قي مقهى إليكا العربي في حيفا استمع لعزف العود من يد النادل أو الساقي .املكان فارغ فيسترق (ال أعرف اسمه) حلظات ليعزف ويهرب إلى العزف وأنا أهرب معه لذاكرة قد أصبحت حاضراً. قصة أي إنسان تبدأ منذ التكوين، قصتيّ . كيف أبدأ ذاكرتي هذه أو من أين تبدأ ّ فمتى كان تكويني وصقلي ..هل أبدأ من أيام كنت طفلة ال شأن لها بهذه الدنيا أو حني كنت شا ّبة ال تعرف أين خبرها .فهذه في النهاية قصة امرأة قد تكون
25
قصة حياة قد حتدث في كل حارة قصة امرأة تعشق امرأة ،قصة عشقّ ، واقع ّيةّ . ّ أقص وماذا أخ ّبئ.. وبلدة وقد مت ّر علينا من دون أن نتو ّقف ونتلذذ بلحظاتها ..فماذا ّ قد تكونني ِ أنت قارئتي ،فأخاف أن أنسى حلظات كنت ت ّوجتها بأكاليل األهم ّية! قصتي ..يلفت نظري وسمعي تأ ّفف املا ّرة بجانب أجلس م ّرة أخرى في إليكا ألكمل ّ جمل قد تفقدك صوابك ،وطب ًعا بسبب طابع ّ ٌ احملل العربي وكأنّه بوجودنا املقهى، ّ كأقل ّية محتلة أصبحنا نحن احملتل املنبوذ ،فكيف لي أن أعود ألكمل ذاكرتي املنتظرة .كيف بإمكاني اخلروج عن الواقع املهيمن حتى على قصصنا.. أذهب بذاكرتي إلى فهمي البسيط للحياة ،أعني البسيط جدً اّ ،أن هناك إرادتني: سأتعمق بها الح ًقا وأ ّما الثانية املفروضة فقد تكون معروفة األولى املرغوبة التي ّ للجميع. القصد هنا أن تكوني ِ «أنت» ،حاضرك معروف ومستقبلك موعود وحتى سيرتك الذات ّية ،كل شيء متو ّقع أحيانًا ،اسم ابنك الذي لم يتك ّون بعد أو حتى لن يتك ّون، وفي حاالت أكثر تطر ًفا قد حتدّ د مهنة أوالدك .كل هذا وأنت ما زلت حتى في سن اخلامسة عشرة. ّ حني تسترقني النظر حولك ال جتدين ّأي زوجني سعيدين ،فلماذا كل هذا التخطيط واإلجماع على مستقبل كهذا مشؤوم ،منذ متى نحلم أن منوت! وبالطبع، القصة أعرف ما في رأس شخص ّيتي من إرادة مرغوبة.. فحتى أنا ككاتبة لهذه ّ املتحجرة »،كانت هذه أ ّول «ال أريد الزواج وال أريد أن أعيش في مثل هذه القوانني ّ عشوائي أو أنها كانت ّ عال. جملة تخرج من فم رياض بشكل تفكر بصوت ٍ ّ فأجابتها أ ّمها بتساؤل واستهتار« :وهل ستعيشني كعانس مثل خالتك؟ إحنا عرب وهيك عيشتنا ،بدك بدك وإذا ما بدّ ك إرحلي!» «لكن ملاذا الزواج إذا كل يوم طوشة وفش حياة حلوة؟» -لكنها لم تعلم ّأن هذه 26
األسئلة ممنوعة. «ليش من قصدك مش مبسوط؟ شو يعني؟ في إشي بتحبي تقوليلي إياه عشان أفهم يعني؟» – تر ّد صارخة وهي على وشك االنفجار. فهمت حينها ّأن اجلواب عن مثل هذا السؤال هو االعتذار واالنخراس وكتم األنفاس جرحا ملته ًبا. علي بالصراخ أو بالضرب املب ّرح ،رمبا ألني ملست ً قبل أن تنهال ّ كـــــيف بدأت رحلتـــــــي مللمت ذاكرتي وحملت أمتعتي وانتقلت إلى املدينة ،املدينة الكبيرة سن الـ 18 ُ في ّ ّ ألدرس (كجزء من السيرة الذات ّية) .مدينة قد تصفعك بكل ما فيها من تفاصيل، ناس من ش ّتى األنواع أكثرهم يهود .لم تكن هذه هي الصدمة ،فالصدمة الكبرى إلي لغة العد ّو أصبحت لغتي ولغة ّ كل شيء أو ّد هي ّأن اللغة التي كانت بالنسبة ّ عمله حتى لو أردت إلقاء التح ّية! املهجرة إلى املدينة التي تُعدّ بلد االنفتاح ،بلد الثقافة ،فمن انتقلت من بلدتي نصف ّ أنا ألكون منتقدة أو حتى رافضة! سكنت في دور الطلبة مع شريكة للدار من بلدتي ،والتي أصبحت فيما بعد صديقة ً بدأت أتع ّرف على الناس ،الطالب ،اجلامعة .اخترت املواضيع القريبة مني ألتعلم أيضاُ . اللغات واآلداب ،وهكذا أصبح روتيني الثاني باإلضافة إلى العمل لتوفير التمويل. في تلك األ ّيام ،أي قبل عشرات السنوات كان القليل من النساء يذهنب للتع ّلم في بلدة بعيدة عن العائلة ،ولكن بالنسبة لي كانت هذه رغبة وربمّ ا مبثابة حتدٍّ أردته وخصوصا املادي ،سيكون في حياتي ،أردت االستقالل .لم ِأع حينها ّأن هذا االستقالل، ً فاحتة لطريق لم أحلم بها أبدً ا .مع ّ كل هذا ،فهذا االستقالل كان صعب املنال في ِ يتوجب عليك الهجرة عليك أن تذهبي بعيدً ا لتحصلي عليه ،كان بلدتي ،كان ّ 27
تخصك أنت فقط! لتكوني قادر ًة على اتخاذ قرارات ّ يؤسفني استعمال كلمة «هجرة» داخل دولة حتمل ألقا ًبا أخرى وهو ّيات بألوان ش ّتى حسب نسبة قوم ّيتك ونسبة احتاللك ،فقد آتي من الذين احتلوا بنسبه عالية جدا! إن هجرتي هذه إلى املدينة كانت ستكون مختلفة لو كانت مدينتي جز ًءا أنتمي إليه ولو حتى بالعرب ّية او أنها تابعة لدولة أشعر أنها دولتي .فهجرتي هذه كانت مبثابة رحيل إلى دولة اخرى ،لغة أخرى وطابع آخر. ّ يذكرني هذا يو َم كنت طفلة وسألتني ابنة خالتي م ّرة في طريقنا مع العائلة إلى تل ابيب إذا ما زلنا في إسرائيل أو أننا ّ تخطينا احلدود! بنظر تلك الطفلة كانت احلدود واضحة وكذلك الطابع املختلف حني نترك القرية لنصبح كأنّنا في دولة أخرى! ماض وأبدأ بتفحصات ذات ّية أشغلتني في سنواتي األولى .هذه أنظر خلفي إلى ٍ املساحة التي من حولي من أرض هدوء وغربة أتاحت لي فرصة التأ ّمل داخلي، دائما أحسست بالغربة مع نفسي ،لم اكتشاف من أنا وما هي العجينة التي تؤلفنيً ، أفهمها ،لم ِأع حاجيتي قط. دائما حول ما قد يعتبره البعض بديه ّيا ،وهو أسمع رياض تتساءل بينها وبني نفسها ً ما جعلها تبدأ باالهتمام أكثر بنفسها؛ بناء صداقات ،خروج للترفيه ،سهر وحفالت سياسي ،وأشياء كثيرة شغلتها في طريق البحث ليل ّية ،ذهاب إلى السينما ،نشاط ّ عن الذات. تع ّرفت على أناس كثيرين وشخص ّيات عديدة منها اللطيف ومنها احملبوب ومنها الذي ال يطاق ،ومنها ً أيضا تلك التي تطلق عليهم اإلشاعات كتلك الصب ّية املعروف بأنّها «لزبيان» ،يعني كما نقول اليوم مثل ّية اجلنس. كانت هذه قصة أو شائعة أطلقت على حنان ،فقد كانت مختلفة وال أعرف 28
أقصها ولكن حني التقيتها ُصدمت ملعرفة مثل هذه املعلومةّ ، بغض النظر عن كيف ّ أن إنسانة مثلية ال تعني شريرة أو ساقطة أو حيوانًا في حديقة احليوانات وجئنا ّ وظل بهما بالنسبة لي. لنراه ،وهكذا كان تص ّرفي أنا حينها! لكن شي ًئا ما بقي ُم ً حب االستطالعً ، أيضا. مبثابة شيء من ّ الصعب عليكم أن تفهموا ما هو؟! طب ًعا ،فأنا ً أيضا مثل ّية لكني لم أعرف ليس من ّ ّأن ّ كل مشاعري هذه والبحث عنّي قد ُيعن َون بهذه السرعة .ال أقبل هذه احلياة، ال أقبل بهذا التعريف! حب استطالع رياض في أوجه مع الرفض التام غير املعلن ملثل هذا االعتراف. بقي ّ هذه املعاناة استم ّرت فترة وجيزة ،أذكر كيف ّأن رياض حني كانت تتواجد في مجموعات يدور فيها احلديث عن مثل هذه املواضيع ،كانت ت ّتخذ موق ًفا حياد ًيا ّ قصة ح ّبها مع حسني لتثبت «طبيعيتها»! أ ّما ونوعً ا من الرفض ،بل إنّها تستغل ّ بينها وبني نفسها فقد كانت تدور األسئلة :ما هو الطبيعي؟ من أنا؟ ماذا أفعل؟ ما أجنذب للموضوع؟ هل هذه االجنذابات هي املثل ّية اجلنس ّية؟ كيف سأعيش؟ ملاذا ُ للنساء تعني أنّني مثل ّية؟ وهكذا بدأت الذهاب إلى مكتبة علم االجتماع كل يوم وكأن اجلواب هناك في الكتاب! أما تقري ًبا لتقرأ عن املوضوع في شتى الكتب، ّ املضحك فهو اجلواب الذي حضرته مسبقا إذا رآها أحد هناك ،فكان« :نعم ّ أحضر وظيفة عن موضوع اجلنسو ّية اجلندر ّية والقوم ّية!» إتصل بها ريكاردو صديقها الذي يعمل في املطعم معها ليدعوها معه لزيارة صديقه (حبيبه) في اجلنوب .وكان هذا لقاء رياض بجني التي كانت تسكن مع شريك أسمي هذا اللقاء بداية الطريق ..فقد تط ّورت العالقة بني رياض وجني ريكاردو .قد ّ لتصبح صداقة استم ّرت شهو ًرا .طيلة هذه األشهر كانت رياض تشعر بالعشق جتاه جني ،تخفيه بقدر املستطاع ،تفصح عنه فقط لريكاردو صديقها من العمل ،والذي أصبح مبثابة أخ وأكثر لها .ريكاردو ،والذي هو ً مثلي اجلنس ،كان متفه ًّما أيضا ّ طبيعي أن يتخ ّبط اإلنسان ويتخ ّوف بشأن ألمر رياض وتخ ّبطاتها وتخ ّوفاتها ألنّه أمر ّ اختياراته أ ًيا كانت! 29
يرن الهاتف في بيت رياض لتر ّد شريكتها جميلة ،فقد انتقلت رياض إلى دار ّ ّ مستأجرة وتركت دور الطلبة .كانت جني على اخلط تطلب رياض ،فأجابتها جميلة بأن رياض في اجلامعة وستأتي الحقـًا .تركت رقمها وطلبت أن تتصل رياض بها حني تعود ،وأنها تو ّد أن تراها ألنها انتقلت إلى تل أبيب لت ّوها .أذكر فرحة رياض حني عرفت باألمر واتّصلت فو ًرا بجني بتلهّف ،وق ّررتا السهر سو ًيا في يهمها (مبا أنّها ليست مثل ّية!). بار للمثل ّيات فأجابتها رياض أنّه ال ّ في هذه الليلة كان البار مغل ًقا فذهبت االثنتان إلى مقهى في شارع شينكني ثم إلى الشاطئ وبعدها إلى البيت. األ ّيام واألسابيع مت ّر وقلب رياض يكاد ينكسر .أ ّما جني فتكاد تنفجر هي األخرى أمام عشقها لرياض.. تفترق رياض عن حسني ألسباب اخترعتها ،ولكنها أرادت أن توصد الباب قبل أن يـُفتح آخر كانت قد شعرت به .كان افتراقها عن حسني مح ّف ًزا جلني كي تعترف لها مبا تشعر به ،ففرحتها كانت في أوجها إذ ّأن هذا الشعور كان متباد ًال.. حــــــوادث وذكـــــــــريات تصحيني من حلم أذكر القبلة األولى التي وضعتها جني على شفتي وكأنّها ّ إلى حقيقة ،كانت تق ّبل ذاكرة مؤملة ملؤها اخلوف والتخ ّبط .أذكر الشعور باالطمئنان حينها وكأني نزلت ب ّر األمان .أذكر ملساتها األولى على جسدي ،ولم أع قط ّأن اللمسات قد تكون مش ّبعة هكذا ..لم أعلم أبدً ا أنّه ميكنني الوصول إلى مثل انتظرت أن أكون بني هذه األيدي هذه الذروة في حياتي ..واو ..طيلة هذا الوقت ُ وجدت نفسي دائما بأنّي شاكرة لله ألنّي ُ احلاضنة ،أذكر هذه اللحظات وأعود إليها ً وجدت ذاتي وكياني.. ووجدت ما أريد. ُ ُ 30
أمسك منظاري الذي يعبر صفحات الزمان ألتص ّفح في ذاكرتي ،ألعود هكذا الى جني ،ترسم البسمة على شفاهي النها كانت بدايتي األولى النتقل لعالقات غرام ّية عديدة ،منها ما م ّر على جسدي ومنها ما المس روحي ..وألذهب مع ذاكرتي للبحث عن لغتي وعن عروبتي ووطنيتي.. أذكر لقائي م ّرة مبجموعة أشخاص من األردن ،أذكر ً أيضا عالقات صفعتني، كما أذكر كيف بدأنا أنا ِ وأنت.. أكتوبر ..2000من منّا ينسى أن هذا الشهر قد رسم معالم الواقع الذي نعيشه اليوم ،من منّا ينسى قوم ّيته وانتماءه ومن منّا ينسى أنّنا العد ّو! ال أحسد العالقات املختلطة والتواجد بني اليهود حينها ..فهكذا كانت حالي! ال أحسد نفسي حينها من ناحية ،ومن ناحية أخرى أشكر هذا اليوم متا ًما ألنّه أنهى ألن هذا عالقتي مع راحيل؛ ألن هذا اليوم لم مينحني إمكان ّية التغاضي عن الواقع؛ ّ اليوم رسم ونحت في ذاكرتي ّ علي البحث عن النساء كل األحاسيس التي حت ّتم ّ علي أن أقول ال وال ..وكثيرة علي النشاط السياسي ،حت ّتم ّ املثل ّيات العرب ّيات ،حت ّتم ّ هي الالءات وكثيرة هي جماهيرها.. ِ أنـــــــت هويتــــــــي ّ مترك ًزا بالسؤال :أين النساء من خالل البحث عن الهو ّية واالنتماء وجدت اهتمامي العرب ّيات مثلي؟! منهن من أصبحن صديقات لي ومبثابة مسيرة البحث هذه ع ّرفتني على الكثيرات، ّ رن كثي ًرا على حياتي ،وهكذا تع ّرفت على عائلة ثانية بالنسبة لي، ّ ومنهن من أ ّث َ وعليك ِ ِ أنت. الكثيرات 31
قبل كل شيء انتقلت ألسكن مع سلمى ،وهي صب ّية عرب ّية مثل ّية تعمل في تل أبيب مثلي ،وهكذا سارت بي احلياة ألتع ّرف على نور ،والتي هي حاضري ِ وأنت. اعتدت على الوحدة وعلى الهدوء من العواطف -وبالصاد بدأت عالقتي بنور بعد أن ُ أيضاً! لكنها كانت صداقة فقط في البداية. في هذه الليلة جاءت نور لتزور سلمى في تل أبيب وق ّررتْ أن تبقى هناك لليلة. ً ترابطا على مستوى ألسمها كانت رياض هناك ،ولتبدأ بني االثنتني صداقة أو ِّ ّ جسدي وفكري ،أما العاطفي فنتركه لنور ألنّها كانت مشغولة به أكثر .كانت رياض قد وصلت إلى مرحلة السكون من العالقات وكانت اهتماماتها نفس ّية أكثر، وتدور حول املاد ّيات واملشاكل احليات ّية املتراكمة ،فلم يكن لديها م ّتسع للعاطفة واالجتماع ّيات. إصرار نور على اللقاء وتش ّبثها برياض كانا أحد األسباب التي جعلت نور ال تفقد األمل من احملاولة م ّرة أخرى ،وعلى املوافقة على الذهاب مع رياض إلى مهرجان مثلي. سينمائي ّ عند الساعة الثانية ظه ًرا عادت رياض من القدس ،كان اليوم هو السبت .دخلت البيت ،دخلت احلمام وبعدها ألقت بنفسها على األريكة تنتظر نور ..ال تعرف كم سمعت د ًقا على الباب ،وإذ من الوقت م ّر لتنهض من الغفوة وتفتح الباب بعد أن ْ بها نور ..ويا لدهشة رياض وكأنّها أل ّول مرة ترى ح ًبا من أ ّول نظرة .مئة سؤال يدور في بالها ...واو ...من هذه املرأة التي تقف ببابي ،واو ...ماذا يحدث هنا؟! وقبل أن أنبس بنت الش ّفة قالت نور« :ممكن أدخل؟!» ربمّ ا قد الحظت الهيام الذي مأل رياض.. كان هذا يومنا األ ّول ،وكانت هذه هي ليلتنا األولى .أذكر كل دقيقة وكل إحساس ع ّبر عن ذاته في عروقي ،أذكر ملستك األولى وقبلتك التي انتظرتني أشم رائحتك ليلتها وما أسعد أن يكون حاضري يشبه شهو ًرا ،أذكر تلهّفك وما زلت ّ 32
ذاكرتيِ ، فأنت ما زلت هنا.. الشخصي قصة رياض مع العائلة وملاذا أحكي لكم نضالها ال أعرف ملاذا لم أكتب لكم ّ ّ أمام املجتمع أو نضالها السياسي واالجتماعي للحصول على اعتراف أل ّول م ّرة ،وت ّقبل قصة للم ّرة املقبلة ،ولكن تساؤلي هذا ورفض في آن واحد .رمبا أن كل هذا هو ّ قصة رياض مع نور واجلوانب جا ّد وهو لكي أقول إنّه ليس من املفهوم ضمنًا أن نأخذ ّ السياس ّية واحلس ّية ملثل هذه العالقة! قد نخوض في حياتنا جتارب عديدة قد تؤدّي بنا إلى السقوط والفشل ،قد تأتي أخرى تفرحنا ولكن حني نعرف ما الذي نريده نحتاج نزول الس ّلم وصعوده عدة مرات في احلياة ..وهذا ما تعمله رياض. قصة نعرفها ونعيشها ،أو واجهتنا أشياء شبيهة بها ،فربمّ ا قصة رياض قد تكون ّ ّ قصة رياض تعيش رياض داخل بيوتنا وبالدنا ..فكثيرة هي الرياض .لكن ،تبقى ّ قصة قد حتدث فقط في األساطير. الذاكرة ،بخاص ّيتها وروتينها ،بالنسبة لرياضّ ، قصتي لكنها لم تعلم قط أنها فعالً ربمّ ا كانت رياض تعي كونها شخصية في ّ قصة جديرة بالذكر ملا جتلبه من جوانب اجتماع ّية وسياس ّية وجوانب أخرى فكر ّية ،حس ّية ،وعاطف ّية. دائما أسمع رياض تقول ّإن قصتي مع نور تربطني بالواقع ،تأخذني إلى احلقيقة، قصتي مع نور التي ما زالت ح ّية وتتن ّفس بشاعر ّية، جتعلني أتواصل مع هو ّيتيّ . ومع ّ كل مشاكلها ومصاعبها وما قد مت ّر به كل عالقة ،تعني لي اللغة ،الوطن، البيت والهو ّية .ألنّي أنا أنا هنا ،ألنّي ال أفقد ذاتي معك ومع هذا أعشق التراب الذي متشني عليه. أنت ِ هذا العشق الذي يربطك بذاتك أكثر ويجعلك حت ّققني أحالمك ألنّك ِ أنت.. صيف 2007
33
أسئلتي كنغم بدون وتر تبحث عن حل ال ُيحل قض ّية أصبحت لعبة ليجو مستوردة تباع في األسواق بأسعار مختلفة ومثيرة ونحن ،أين نحن...حتت املخدّ ة ال نسمع...ال نرى« ...مشغولون»؟ هروب قد باخ لونه وكشح هروب بتدريب متو ّقع احتالل فكري ،ذكي لعقول مسدودة وانتم أين انتم ٌ كل في بيته نعامة تبحثون عن مواضيع للنقد والنشر ثرثرة مألت بيوتكم وانتم أين انتم؟ ارض أخرس أعمى أطرش كل منكم مع دومن ٍ ً شجر الزيتون أصبح ماحلا لونه ازرق زيتكم أصبح بألوان عقولكم وقد ألومكم وأين كنت أنا...؟ فقد تع ّلمت وفقط منكم نسخة مشو ّية بصليب بني الثديني وألف عقدة في عقلي مائة شخص ّية تركب جسدي مستغنية عن وحدة الشخص ّية كما أردمت عرب ّية إن شئتم وإن ال أنثى تتكلم وتكتب لكم إن لم تسمعوا ما زلت ابحث عن هو ّيتي املسروقة وعني...
روضـــــــة
تشرين ثاني 1996 34
سأرحل مدينة ،بيت سرير وسقف سأرحل مكان أو حتى حياة مهجرة أنا داخل دولتي ارضي ّ سجينة أنا داخل بيتي ،دولتي ،أرضي راحلة مدينة ومكان طفلة بنت وفتاة كنت ب َق ْر َية هناك مررت بجميع الطرقات فتاة طالبة امرأة مثل ّية نسو ّية ضح ّية اعتداء وذاكرة منتحرة في تل أبيب كنت مثل ّية نسو ّية فلسطين ّية شاعرة وعاشقة سأرحل منك مدينة حاضري مهجرة أنا داخل ارضي بيتي غير قانون ّية أنا في كل مكان حتى هو ّيتي غير موجودة مع «منصب» «وأشعار»
روضـــــــة 2003
35
سكاكني تتمشى على جسدي تعالي نرحل ونهاجر دعينا نحيا ودعيني أموت إن شئت جسدي قد تفكك وتهشم وأصبح ج ّثة مل ّوثة ماشية وها انأ جالسة أحرق الهواء بسيجارتي واستنشق هواء ذكرياتي املل ّوثة أحاول أن أحس بشيء كهذا أو كذلك فها أنا اجعل مرة أخرى من ذاتي قصة عار وجسد ال جسد ّ ونفس مصلوبة مبسامير اغتصابات الزمان كل جرح وله شكل وهو ّية كل صلبة ولها روح أحياها وكل ندبة ولها أسطورة ليتني استطيع البكاء من أملي وأوجاعي ما بك جسدي تباريني األلم هل تصارعني احلياة هيا تعالي ألرى صدق نهاري أم انه آخر نهار!
روضـــــــة أيار 2003
36
ارجتف اآلن أمام همس إيقاعك ويهتز كياني الصامت وما البث التفكير بك حتى أراني محدّ قة كاحلمقاء متجاهلة متاما النصياعي ِ لك هذه امل ّرة لم اعد استطيع العيش بدونك حاولت مرارا أن أجد ألف تفسير البتعادي منك كانت أسبابي مقنعة للغاية فانا أخاف منك ،أخاف من هاويتك أخاف االرتطام بأعماقك احلادة والقاسية يرعبني اجنرافي وترعبني هاويتك مرة ثانية اعرف باني ضعيفة أمامك لكني اعشق كل كلمة اكتبها بك واعي كم أنا مدمنة لهمسك ما زالت تهددني تلك األشياء التي تخرج منك أحاول أن اهرب دائما اردد بعض اجلمل لكي استمر الرحيل منك وكلمات ك «الكتابة جنون» هربت منك للقراءة رمبا على هذا النحو سأشفي منك كتابتي حاولت أن اقتنع باني في فترة النشاف حينها اشعر بان الكلمات 37
38
ستتدفق من كل جزء من جسدي أو أنني سأنفجر ألصبح ضائعة في بحر من الكلمات احلارقة املنهمرة في مطر من السطور الصاعقة او في جمل غير مركبة هكذا يصبح مبتداي خبرا ً وها انا ما زلت اهرب للتشبيهات والعاب الكلمات واملعاني وماذا تقصد الشاعرة؟! اعني باني اغرق حني اكتب ويركبني الغموض واحلزن املتكاتب وأصرح باني حني التجأ الكتابة تصبح هي األخرى وأسراري تفشى احن إليك كتابتي ،اشتاق للضياع بك أهابك حتى املوت وأتلهف ملا تستطيعي من معجزات آه كم احتاجك اآلن صديقتي أريدك قو ّية هذه امل ّرة أريدك أن حتميني وحتتضنيني آتية إليك أنا هذه امل ّرة برجاء لتأخذيني ولتصلبيني أمام أشعارك يقول احد الشعراء: «تعالوا أيها الشعراء نزرع فوق كل فم زنبقة وقيثا ًرا» لكن هل تذكر ان ليس كل زنبفة جميلة
ويفوح منها الطيب وال كل قيثارة تعزف لرمبا نشازا ً مكسرة؟ فهل انا سأكتب عرب ّية ّ
روضـــــــة 2006
39
40
قصتـــــــــي ريــــــــم
أحببت للم ّرة األولى في حياتي ،أحببت فتاة من جيلي سن احلادية عشرة ُ في ّ ولسبب أو آلخر خشيت سخرية اآلخرين واخترت حفظ مشاعري س ًرا لنفسي. وفوجئت بوجود سن السادسة عشرة سمعت للم ّرة األولى كلمة «ليسبيت» ، ُ في ّ بحب علي العديد من سنوات املراهقة املليئة ّ كلمة تع ّبر ّ عما أشعر به فقد م ّرت ّ عما أم ّر به .كلمة أضفت على حياتي املراهقني دون كلمة متكنني من التعبير ّ في مشاعر متضاربة، أثارت كلمة واليأس، التفاؤل واألمل ومحت سنوات من الظلمة ّ فمن جهة مشاعر اخلالص والتماثل واالنتماء ،ومن جهة أخرى مشاعر البعد واحلذر والغربة .فجأة مع هذه الكلمة بدت احلياة أكثر منطقية لكن شعور الغربة واخلجل لم يفارقني وبقيت أحتفظ بس ّري لنفسي وخشيت اإلفصاح عنه ألحد. حب س ّرية أحادية اجلانب ّ تغذيني فأمتلِئ بالسعادة والسرور تابعت حياتي وقصص ّ احلب من جهة ،وبالوحدة واملعاناة من جهة أخرى .مع مرور السنني أزداد عذاب ّ خلدت للنوم على أمل وكبر وبات غير محتمل ،حتى سنواتي العشرين األولى ُ أن أصحو يوماً ألجد نفسي كاجلميع ال أختلف عنهم في شيء ،ص ّليت وتض ّرعت ّ ُ وجدت أنّني ما كل نهار تك ّررت خيبة األمل حيث لت يو ًما بعد يوم ،فمع ُ وخذِ ُ توسلت زلت على ما أنا عليه ولم أحت ّول ألصبح كاآلخرين .اإلحباط متكن منّيّ ، وددت لو أضعه جان ًبا لبعض ّيت أن يتو ّقف عقلي عن التفكير، ُ وطلبت هدو ًءا ،متن ُ ُ ّ ُ داخلي صمت مت، الص من حلظات بضع عن األقل على بحثت ويسكت، ف فيك الوقت ّ ّ سئمت تخ ّيل في وما ُ وهدوء وسكينة ،وبد ًال من هذا صداع وأفكار انتحار ّية تش ّبثت ّ الطرق والوسائل التي أمكنني بها وضع حدّ حلياتي. 41
عدت ألكتب في ُم ّ فكرتي للم ّرة الثالثة في حياتي ،وهذه امل ّرة في هذه الفترة ُ كتبت مشاعري بلغة غير لغتي ،كانت بعضها رأفة وبعضها اآلخر حزن وفقدان، حزن وفقدان على الطفلة التي لم ُ السنني، أكنها ،على الفتاة التي لم ِأعشها ،على ّ حب كبرت وغمرتني وعلى مشاعر على ذاجة، الس ّ على ّ احلب ،على الطفولة ،على ّ سنوات عشتها وحدي ،ورأفة على طفلة أح ّبت ح ًبا ممنوعــاً ،لم تفصح به ألحد. أبدأ ّ مفكرتي بتخ ّبطات وتساؤالت ،سؤال واحد يعود ويعلو فيما أنا أهرب وأحاول النسيان والتجاهل :هل أنا نعم أم ال؟ أفضل أن أكون ال ،لكن ال أعرف ماذا أفعل خائفة ومرعوبة أنتظر يو ًما أكون فيه كاجلميع لكن عبثاً ،فهذا اليوم لم ِ يأت. حاولت أن أعيش حياة بجانب حياتي، م ّرت سنوات طوال مليئة باملقاومة والكبت، ُ مت صراخي ولم يسمع أحد حاولت السيطرة على ما ال سيطرة عليه ،وحيدة تك ّت ُ ندائي. غرقت في االكتئابات لم أعلم كيف أطلب العون ولم أعلم أي عون كنت أطلب، ُ أردت ببساطة وتذنيب الذات وسادني شعور باليأس واإلحباط ،لفترة طويلة ُ لت رغبة املوت إلى رغبة في احلياة، االختفاء .وحني بدأت مبواجهة مشاعري حت ّو ُ أحالم السعادة وخطط املستقبل وجدت لها سبي ًال إلى ُم ّ فكرتي ،ال أمتنّى املوت بعد بل أتّخذ قرا ًرا وأعترف أمام نفسي ،أعترف ولكن ليس متا ًما ،فلم أجرؤ على االعتراف أصحح أخطاء اإلمالء في كلمة نساء حب النساء لم كام ًال وحني كتبت عن ّ ّ ً وأبقيت لنفسي سبيال للهرب وقد كان ألغ الرجال متا ًما وظهرت ُ ّ كحب املساء ،ولم ِ شعرت في احلقيقة نافذ ًة لإلحباط واليأس اللذين سرعان ما عادا ليغمراني حيث ُ ُ أعيش في الالنهاية وأنتظر النهاية. أنّي متنيت لو تُنشق ثت صديق ًة لي عن مشاعري بعدها ُ للم ّرة األولى في حياتي حدّ ُ شعرت بأحشائي تتم ّزق من الداخل ،وكأن شخصاً فعلت، األرض وتبتلعني ،لم ِأع ما ُ ُ 42
ثورات اندلعت داخلي وبعد بكف يسحقه. ما اقتلع قلبي ورماه ٌ خارجا وها هو يخفق ٍ ً مدّ ة غير قصيرة وضعت حدً ا ألحزاني وانطلقت في مسيرة احلياة .سرت وحيدة غير مز ّودة إال بدافع املعرفة وبغريزة البقاء .كان اإلنترنت مكانًا آمنًا ميكن البدء منه حيث تتز ّود باحلدّ األقصى من املعلومات واحلدّ األدنى من االنكشاف .عوالم مفترضة تصل بوهم احلرية إلى أقصى حدّ وتسمح ببناء دفيئة لالكتشاف الذاتي. إلي وعدت ألشعر من جديد مع هذا الواقع الوهمي االفتراضي عاد لون احلياة ّ واشتقت وغرمت وأوهمت نفسي ّ بدع خيالي، فأحببت وعشقت ُ ُ بكل ما أردت من ِ وأكثر من ّأي شيء كنت بحاجة إلى عون ،ولم أجدْ ما كنت بحاجة إليه. احلياة في اخلزانة رهيبة ،كامرأة في ربيع عمرها واصلت احلياة مع مشاعر لم حاولت أقدر على مشاركة أحد بها ،تظاهرت وتقنّعت بنجاح المرأة لم تكن أنا، ُ البقاء والصمود وكنت كمن يخطو على حبل في يوم ماطر يحاذر السقوط ويحاذر البلل. لم أعرف أبدً ا كيف أخرج من اخلزانة وكيف أكشف س ّر جنسو ّيتي .لم يكن هذا أم ًرا ميكن تع ّلمه في عالم عزلتي ،فلقد كبرت وحيدة ،بلغت وحيدة ،شعرت وانفعلت وحيدة ،أحببت وغضبت وأحبطت وحيدة ،وعشت فيه وحيدة ،رغبتي في اخلروج من اخلزانة أمام أهلي وأصدقائي كانت رغبة لكسر هذه الوحدة ،فما من سبب ألحيا وحيدة. أردت هو أن أكشف س ّري أل ّمي ،فكيف لها أن تعلم بكل شيء عنّي وال تعلم أكثر ما ُ بأهم شيء .خروجي من اخلزانة أمام أ ّمي زجّ بها في خزانة خاصة بها ،فهي اآلن ّ حتمل سر جنسوية ابنتها ،حتملها وحيدة في اخلفاء بعيدً ا عن العائلة واجليران ،عن حب ورأفة ...حتملها ك ّلها وحيدة، أ ّمها وعن املجتمع .خجل ،ذنب ،خيبة ،غضبّ ، ومن غير أي مصدر عون أُصبح أنا مصدر العون لها. 43
مواجهتي أل ّمي هي مواجهة مع املكان الذي أتيت منه ،مع املاضي ،مع اجلذور ،مع التاريخ ،مع الدين ،مع املجتمع ،إنّها مواجهة متتدّ لسنوات ،ليست هناك نقطة واحدة على محور الزمن حدّ ثت فيها أ ّمي أنّني مثل ّية ،فعلى مدار ثالث سنوات حدثت أ ّمي رفضت ،بوعي ،القيام بالوظائف املتو ّقعة منّي ،والح ًقا عن املوضوع ،وبدأ هذا حني ُ حني بدأت أرسم لها ولي حياة أخرى ممكنة. رفضت الزواج ،لم أو ّد الزواج من شخص «جيد» ال يثير وال يح ّرك مشاعري .لم أرِ د ممن كنت على استعداد شخصا ال أرغب به وقد كانت هناك العديد من النساء ّ ً أسيرتهن مدى احلياة .بحثت عن رجل يجعلني أشعر الشيء نفسه ،ولكن ألكون ّ أبقيت أجزاء واحتفظت بنصفها الثاني لنفسي، عبثاً ،كشفت نصف احلقيقة ُ ُ احلقيقة التي اعتقدت أنّه سيكون من الصعب عليها مواجهتها ،ومع ذلك حافظت طيلة الوقت على الصراحة واالستقامة معها ،حاولت أن أشرح لها أكثر ما ميكن، احلب حتى اليوم ،لكن الطريق حتى ّ أمتكن أحب كما عرفت ّ أردت أن أقول إنّني ال ّ من سرد احلقيقة كاملة كانت طري ًقا طويلة. خشيت من حلظة املواجهة ،خشيت من اللحظة التي تتخلى فيها أ ّمي عنّي كي خشيت من اللحظة التي سأكتشف فيها ّأن حتفظ بطاقة دخولها إلى املجتمع، ُ خشيت أن أخسر األمومي هي وهم ال يصمد أمام حتدّ يات الواقع، احلب أسطورة ُ ّ ّ أ ّمي وهي ال تزال على قيد احلياة ،خشيت من اخليانة ،من الكذب ،وخشيت صدمة اكتشاف أنها ليست «أ ّمي مهما كان» .وحني جاءت اللحظة احلاسمة ،كانت املواجهة خالية من اآلراء النمطية واألفكار املس ّبقة؛ كانت مواجهة فردية بيني قصة حياة مشتركة لم حتمل في وبينها؛ مواجهة بني شخصني جتمع بينهما ّ ط ّياتها مناظرات اجتماعية ال وال منيمة الغرباء. اخلروج من اخلزانة واإلشهار مبثل ّيتي أمام أهلي أصدقائي ومجتمعي هما خطوة في مسار حياتي .من جيل ّ علي احلياة حياة أخرى مختلفة وبوعي وبغير مبكر فرضت ّ 44
روتيني أم أخطو إلى احلياة؟! وعي سعيت حلياة مستقلة .فهل أخطو إلى مستقبل ّ مع كل خطوة إلى األمام تخ ّبطات وتخ ّوفات تشدّ ني إلى الوراء ،اخلوف من احلياة، من املجهول ،من الوحدة ،اخلوف من العالم ،من عالم قد ال يكون به مكان لي ،من عالم قد ال يحترم وجودي وال يحترم اختالفي ،من عالم أخشى فيه على حياتي، وأكثر ما أخشى يوماً أكتشف فيه أني لم أعش حياتي وأني تنازلت عنها ،أنه أمكنني ولم أقم بذلك ،أني لم أحب بقدر استطاعتي أن أحب وأني دفنت مشاعري عميقاً ومعها دفنت أحالمي وكياني.
45
خـــــارج عـــن القانـــــــــــــون خواطـــــــــر من أ ّيـــــام ولّــــت (في سن السادسة عشر كتبت)...
«كم يشتاق قلبي إلى قفزة فوق هذه األسوار املنيعة ،قفزة يخرج فيها من هذا اجلسد البالي ميشي اخليالء في شوارع املدينة ال يأبه بأحد أ ًيا كان ،يسير مخالفاً كل إشارات املرور معاكساً كل اجتاهات السير .يسير خطوة ويتراقص عش ًرا ال يق ّيده ّأي قانون أو عرف ،يسير أينما يشاء وكيفما يشاء ومتى يشاء .كم يشتاق أن يخرج من قفص أحتجزه لسنني طوال ،منعه من نشوة برشفة خمر ،منعه من رهان في سباق خيل ،من رقصة في حفل ،منعه من ممارسة أروع املغامرات وأخطر ألعاب القمار .كم يو ّد لو يقطع حبا ًال متينة ق ّيدته على مدار األ ّيام ،سجنته داخل األسوار ليطلق رجليه لل ّرياح فتأخذه فوق العنان يسرح وميرح ويلهو ويلعب أين يشاء وكيف يشاء ومتى يشاء. كم يتمنّى أن ينزع عنه رداء أثقل كاهله مدى األيام وسالسل في زنزانة حرمته الشمس والقمر والليل والنهار. كم يتمنّى أن يكون حرا ً لذاته عبدا ً وس ّيدا ً طلي ًقا يسير هنا وهناك دون سؤال أو ويحب ويكره يقسو ويرحم ويعشق من يشاء جواب ،يسير ويهتف ويغني ويرقص ّ خارجا عن القانون ،فيسجن». يكون كيف يشاء ومتى يشاء .كم يو ّد لو ً
ريــــــــم 46
أنــــــــا ابنتكـــــــــم
رميــــــــــا
عزلة ،خوف ،ألم وإحباط رافقتني أ ّيا ًما وليالي ،شهو ًرا وسنوات. فتاة في الثالثة عشرة ،من أنا وماذا أنا؟ أسئلة لم أجد لها جوا ًبا. كنت فتاة وحيدة ،لم تكن عندي اجلرأة ألحتدث مع ٍّأي كان بخصوص مشاعري أو طرح ّأي تساؤل .كنت ضعيفة وخائفة ،عشت في عالم لم يحوِ سواي. حاولت إيجاد األجوبة في الكتب واملجالت ولكني وجدت صعوبة حتى في هذا للوصول إلى اجلواب. مثلي واجه املوت والعذاب في حياته في إحدى املجالت ُ قرأت مقالة تتحدّ ث عن شاب ّ سواء أكان من العائلة ،األقارب ،اجليران واملجتمع ككل ،حيث واجهوه بالتجاهل والنبذ وتعاملوا معه كاملريض. هذا جعلني أدخل في د ّوامة ال مخرج منها ،إلى جانب كل العذاب الذي كنت فيه. فمج ّرد التفكير في هذا الشاب أدخل إلى قلبي اليأس واخلوف والرعب .كم هو قاس هذا العالم ،حني ال نتعامل مع بعضنا البعض على قدم املساواة. ٍ أوالهن احلب واحلنان جتاه عدّ ة فتيات. ّ عشت حياة مم ّيزة ومع ّقدة .مم ّيزة مبشاعر ّ ّ احلظ لم أ ُبح لها بح ّبي ألنّي كانت ابنة ص ّفي ،أحببتها ح ًبا حقيق ًيا ولكن لسوء فت من ردّها. تخ ّو ُ 47
حقيقي أحسست به حب حب مم ّيز آخر كان ح ّبي ملع ّلمتي ،إعجاب وشعور باحلبٌّ . ّ ّ ّ ليالي عدة بها حلمت بجانبي. ر مت حني ارات ي بالت ميوج جسمي كان فقد جتاهها، ّ ّ َ وخفت أن أصحو لئال أفقدها. القصة ،عندما تخ ّرجت من الصف الثاني عشر .م ّر استم ّر ذلك إلى أن انتهت هذه ّ 24عا ًما من عمري حتى لم أعد أستطيع حمل هذا الس ّر وحدي .كنت بحاجة إلى معنيّ . رت كثي ًرا كيف ومتى وملن أبوح بس ّري؟! حتى أتى ذلك اليوم وتك ّلمت فك ُ وبحت لها بس ّري. بصراحة مع إحدى الصديقات احلميمات، ُ من حسن ّ حظي أنها تق ّبلتني ومدّ ت لي يد العون .كانت لي السند واألذن الصاغية طيلة الوقت. م ّرت األيام والتقيت بامرأة مم ّيزة أخرى .بعد عدّ ة لقاءات واتصاالت وقعت في ح ّبها .كنت كلما قابلتها أنسى العالم ،وأشعر بأني وهي وحدنا في هذا الكون، كما لو أنّنا دخلنا فقاعة ال تسري علينا فيها قوانني الطبيعة ،فيتوقف العالم عن الدوران بني عينينا. وضم لتتطاير شظايا من جمر الشهوة لتحرق كل أحشائي .كنت أقبـّلها بلهفة ّ أضمها تزول كل مشاكلي ويزول ّ كل أملي وأشعر بأن هناك من يشاركني عندما ّ مصاعبي وأوجاعي. احلب كتبتها لها؛ أحلى أغاني العشق أسمعتها لها بصوتي؛ لم أبدأ كل كلمات ّ باحلب؛ ولم أغمض عين ّيا إال على أوتار نهاري بدون صوتها وكلماتها العذبة املليئة ّ حديث العشق والهوى معها. جحيما ،خو ًفا، وبأن هناك أمال في هذا العالم القاسي .لكن معها عرفت معنى احلياة ّ ً 48
بحت ألهلي باحلقيقة. ورع ًبا مألت صدري عندما ُ جلست معهم وقصصت عليهم عن أحاسيسي ومتى بدأت أشعر باجنذابي للنساء. كنت حقيق ّية معهم وكشفت عن ّ كل شيء. كانت هذه نهاية العالم لهم؛ متنّوا لو ّأن األرض انش ّقت وابتلعتهم قبل سماعهم بأنّي مثلية اجلنس ،أهوى النساء وأمارس حياة زوج ّية مع امرأة. كانت لهم أيام مليئة باأللم والدموع واخلجل. مرض ظنوا أنّي فقدت عقلي ،قالوا إني مريضة وأحتاج لطبيب نفسي ليشفيني من ٍ ألم بي. عضال ّ كنت بنظرهم فتاة ذك ّية ،مم ّيزة ،نبيهة ،وابنة يتمنّاها كل أم وأب ،لكن هذا انتهى .فقد صرت بنظرهم فتاة مريضة ومجنونة ..ولكن ملاذا مجنونة أألنّني عما تع ّودمت عليه وعرفتموه؟ أألنّني انعطفت عن النموذج الذي فتاة مختلفة ّ خططتموه؟! كال .أنا لست مختلفة ،بل فتاة عاد ّية :إني من هذا الكون ،لي أحاسيس ورغبات، ويحب مثل ّأي إنسان آخر. آمال وغايات واختيارات ،ولي قلب يهوى ويريد ّ يحق إلخواتي وأخواني أن يختاروا شركاء حياتهم وال ّ ملاذا ّ يحق لي أنا؟! ألهم مسموح ولي ممنوع؟! هل توجد لديهم أحاسيس بينما أنا معدومة األحاسيس؟ أهمهم ولو للحظة .كل تفكيرهم دار حول همهم العالم بأسره وأنا لم ّ لقد كان ّ أبدً املجتمع ،أما أنا وأحاسيسي فقد كنّا على الهامش ،أو حتى لم نكن قائمني ا. 49
أخي ًرا ،أمي وأبي ،أريد أن أقول لكم: أنا فتاة ،امرأة عرب ّية فخورة بأنّي مثل ّية .أحلم بحياة مستقلة مع حبيبتي ،وأبدأ باحلب والسعادة. حياة جديدة وأسعى لتكون سعيدة مليئة ّ أنا ابنتكم سواء أردمت أم رفضتم ،وأنا أح ّبكم.
50
مـــــن أنـــــا؟! أنا فتاة عرب ّية فخورة أنّي مثل ّية بحياتي لي شريكة بسكنها عنّي بعيدة أنا أسكن القرية وهي تقطن املدينة أنا أعشق احلياة وبحياة استقالل أحلم دائما فقط أتأمل مع حبيبتي أن أبدأ حياة جديدة أسعى لتكون سعيدة احلب والسعادة متلؤها احلب ننسجها ومعاً بخيوط ّ وبألوان الطيف نرسمها
رميــــــــــا
51
كــــال ٌم من القلـــــب كيف في حياتي أجري هل أترك ّ كل شيء ورائي أم من أجلكم أمضي نعم نعم ،أنتم ،أهلي جحيم معكم حياتي ال تفهمون احتياجاتي رت لكم أحاسيسي ومشاعري ص ّو ُ سردت عليكم سنني من الوحدة مع نفسي ُ ال شيء عليكم مقبول باجليران واألقارب تفكيركم مهموم لكن أنا لكم غير مفهوم أن أحتدّ ث عن مشاعري لكم ممنوع باحلب واحلنني قلب مليء ّ ترعرع بجسدي على م ّر السنني هذه أنا ألجل حياتي وسعادتي فقط أن أبلغ قصدي ال أستطيع من أجلكم بحر ّيتي أن أفدي
رميــــــــــا 52
لــــــك حبيبتــــــــي فأحب احلياة حبيبتي أنظر إليك ّ عطرك يجذبني كياسمني الربيع أمسك يديك فأشعر باحلنان احلب أملس جسدك فتعلو بي قشعريرة ّ طعم العسل اقتربت من شفتيك ألتذ ّو َق ُ َ ّ حريري امللمس حلو الطعم لت عينيك املها حبيبتي ق ّب ُ كعاشق ولهان بداخلها فانعكست ُ ٍ يتأ ّمل جمال العينني وملعانها احلب والهوى كاألملاس بريق ّ شفتي ملع وأضاء االبتسامة على ّ آه وآه وآه كم أح ّبك شريكتي أص ّلي وأطلب من ر ّبي أن أبدأ معك حتت سقف واحد حياتي وفقط معك أنهيها أح ّبك ..أح ّبك ..أح ّبك
رميــــــــــا 53
فــــراق احلبيبـــــة حبيبتي ،أين أنت وحيد ٌة ببعدك عنّي تكسرت أحالمي ّ حياتي ُد ّمرت كنت لي الهواء كنت لي الدواء وسادتي بالدموع تب ّللت باليأس والتعاسة حياتي تك ّللت بداخلي نار العشق واالشتياق اندلعت ماذا أحكي وماذا أقول ال حديث وال كالم لوصف شدّ ة اآلالم حياتي سراب بدونك ال أمل ،ال ابتسامة ،ال حياة كاحلقل بعد اجلراد وكاجلمر امللتهب في بركان بهدوء ّ حطم حياتي هدمها بأمواج التسونامي وخ ّلد وراءه الدمار 54
آه لو تعرفني كم أنا مشتاقة صغيرتي أضمك حبيبتي لصدري ّ أريد أن أملس أناملك وعلى جبينك أق ّبلك ألتذ ّوق العسل بشفتيك جسدي يصرخ متض ّرعً ا جلسدك متشو ًقا أتأ ّمل لو م ًعا نعود كشريكتني بجسد مربوط واحلب معقود بخيوط األمل ّ
رميــــــــــا
أنـــــــا فخـــــورة
زيتونــــة
أنا إنسانة فخورة جدً ا! أبلغ من العمر تسعة وعشرين عا ًما .الطريق التي مررت بها، وما زلت ،هي طريق ليست سهلة بتاتًا .فرغم كون هذه الطريق طري ًقا وعرة دائما راضية عن طريقي وعن نفسي وعن حياتي، ومليئة باألشواك ،لكنني كنت ً راضية بشكل كامل عن جنسان ّيتي وميولي اجلنسية ومثل ّيتي.
دائما أنّني مختلفة عن اآلخرين واألخريات، عرفت صغيرة طفلة كنت عندما ً التعمق واالنشغال باملوضوع الذي أعيه اليوم ولكنني لم أفهم ذلك ولم أرغب في ّ ج ّيدً ا ،أعي مشاعري ومتطلباتي في احلياة. ّ كأي ولد أو فتى. عندما كنت فتاة صغيرة وحتى جيل املراهقة ،عشت حياتي كان في داخلي رفض لنفسي ولكنني دائما كنت ألعب مع األوالد وليس مع دائما ما شئت وليس ما أراده البنات وكنت مسرورة من نفسي حيث أنّني ُ عملت ً مني اآلخرون أو ما تو ّقعوه مني .دائما كانت عندي ثقة بالنفس منذ كنت طفلة صغيرة .في حوالي سن الرابعة عشرة اكتشفت أنّني ال أجنذب للصبيان ولم أفهم ملاذا كانت كل أحالمي وتخ ّيالتي تدور حول البنات ،حتى أنّني وقعت حب مع ّلمتي في املرحلة االبتدائ ّية ،ولن أنسى تلك اللحظة في الصف الثامن في ّ عندما صارحت معلمتي بح ّبي لها وكان هذا ح ًقا مبثابة انبثاق طريق ،حيث أنّني بدأت القراءة عن موضوع اجلنس والهو ّية اجلنس ّية كما أنّني اكتشفت أنني مثل ّية اجلنس ،وأنني بالفعل أختلف عن األخريات بأشياء مع ّينة من ضمنها أنني لم افتخر بأن لي صاح ًبا ،أو بأشياء أخرى من هذا النوع ،بل اهتممت بتعليمي وبتقدّ مي في احلياة. 55
في مررت في ّ سن املراهقة فترة كنت فيها معظم الوقت لوحدي ،واعتقدت أن ّ شي ًئا ليس على ما يرام وأنّني غريبة األطوار ،ولكن عند إلقاء نظرة للوراء أعتقد أن هذا الشيء غير صحيح بل هو طبيعي وقائم كما ّأن هناك كثيرين مثلي وأني حياتهن/م وفق وأن هناك اآلالف مثلي يعشن ويعيشون لست الوحيدة في العالم ّ ّ وهن/م أشخاص مم ّيزات/ون جدً ا. إرادتهن/م ّ ّ سن العشرين تركت البيت ألسكن بعيدً ا .عشت مع شريكتي في منطقة املركز في ّ علي ،حيث أنني لم بعيدً ا عن األهل .عدم معرفة أهلي مبيولي كان صع ًبا جدً ا ّ أحصل على دعمهم في مواقفي الصعبة ،ولكن مع ذلك واصلت بثقة عيشي لوحدي بعيدً ا عنهم. ح ًقا ،وبالرغم من كل الصعوبات ،فقد غ ّيرت مغادرتي البيت مسار حياتي لألحسن، ووفرت لي الثقة واالطمئنان .بال ّرغم من نظرة بعض األشخاص من حولي جتاه املثل ّية اجلنس ّية على أنّها تثير القرف ،وعلى أنّها مرض وعلى أنّها تثير االشمئزاز، كنت أقرأ املجالت سن املراهقة ،عندما إال أنّني لم أبالِ بهذا ُ ُ دائما ،منذ ّ وعرفت ً وأن ميولي طبيع ّية. سليمة إنسانة واجلرائد ،أنّني ّ وأن أ ّمي اليوم تعلم مبيولي أنا اليوم راضية جدً ا عن نفسي وعن جنسان ّيتي خصوصا ّ ً اجلنس ّية ،وهي فخورة جدً ا بي .وأنا أيضا فخورة جدً ا وسعيدة كون أ ّمي تعلم مبيولي اجلنس ّية ،ألنها لم تكن تتقبل املوضوع بتاتًا قبل ثالث سنوات واع َت َقدَ تْ أنني فقدت صوابي وأنني مريضة .في تلك الفترة لم تكن مستعدّ ة أن تتك ّلم عن فهمت أن هذا هو الواقع وأن هذا شيء طبيعي وسليم. املوضوع ولكن مع الوقت ْ خصوصا أنّها ً أيضا بدأت تسمع عن املوضوع اتضح لي ّأن املسألة كانت مسألة وقت، ً والصحف واملجالت ،فاليوم هنالك وعي أكبر وتق ّبل أكبر في اإلذاعة والتلفزيون ّ ملسألة الهو ّية اجلنس ّية وامليول اجلنس ّية .أ ّما بالنسبة للتصريحات ضد مثليي ومثل ّيات 56
اجلنس التي تأتي من بعض األشخاص في مجتمعنا فأريد أن أقول ّ «إن لكل املثل ّياتّ : تهتمي مبا ستقوله العائلة ،األقرباء، ّ طريقكن لن تكون سهلة ولكن ال تستسلمن ..ال ّ واملجتمع بأكمله ،بل استحضري شجاعتك ،ثقي بنفسك وعيشي حياتك احلقيق ّية، ثم ّإن هناك واجهي ،قومي إن وقعتّ ، ألن احلياة مليئة بالكبوات ،هكذا هي حياتناّ . دائما». موضوع الوقت الذي يلعب دوره في حياتنا ً اليوم ،أنا واعية جدا الختياري وواثقة بنفسي ومتكاملة مع نفسي ومع من أنا ومع من أريد أن أكون ومع عيش حياتي .أنا سعيدة جدً ا بطريقي وبشريكة حياتي التي أح ّبها كثي ًرا .أنا فخورة جدً ا بنا وبعالقتنا وال أخجل من شيء وال أهتم بتفكير اآلخرين عني وأعلم أن الطريق ما زالت طويلة ،ولكني شجاعة وقو ّية وواثقة بالطريق التي اخترتها. كما أنّني أريد أن أشكر مجموعة أصوات والتي أنا عضوة فيها .أريد أن أقول :شك ًرا فإن أ ّول حديث لي مع أ ّمي عن هو ّيتي اجلنس ّية كان على أثر ألصوات ولعملها ّ برنامج شاركن به في راديو الشمس .هذا البرنامج ق ّواني وساعدني على مصارحة أ ّمي بافتخاري بكوني مثل ّية اجلنس وبأن لي شريكة وبأنّني سعيدة جدً ا في حياتي من ّ كل النواحي.
57
58
ج ّدتــــــي ،أم كلثــــــوم وأنـــــــا زيـــــزي فرّيشــــــة (الكاتبة من األردن)
القول الذي يدور بني أعضاء عائلتنا ،وحتديدً ا بني خاالتي وأ ّمي وأختي وأنا ،هو ّأن جدّ تي أقامت عالقة غرام ّية مع أم كلثوم .قد يبدو هذا ألولئك الذين تخاف قلوبهم ح ّتى من إطالق العنان خليالهم أم ًرا خراف ّيا أو هزل ّيا أو هلوس ًّيا .ولكن مثلما يعشق العديد من شباب اليوم جوني ديب أو متوت البنات بأجنلينا جولي، هكذا كان األمر في حالة جدّ تي .ألنّها كانت جميلة ،بل رائعة اجلمال ،ولم تكن تلمح إلى إمكان ّية عالقة كهذه .لكن ،هناك األوراق. متيل إلى املبالغة ولم تفصح أو ّ والرسائل .والتذاكر .والهيام الذي استم ّر طوال ليالي الصيف والشتاء ملدّ ة ثالثة عقود من الزمن ح ّتى تو ّفيت جدّ تي وراح الغرام الذي كان يث ّقل الستائر ويك ّثف ويعمق التأ ّوهات. الدخان ّ قصة الغرام الوحيدة في عائلتنا؛ لم تكن هذه هي امل ّرة األولى ولم تكن هذه هي ّ التي تلتقي فيها امرأتان في عالقة جنس ّية؛ لم تكن امل ّرة األولى التي تعرف فيها احلب مع امرأة أخرى .فأنا ً أيضا أحببت امرأة .بل أحببت عددًا من امرأة من عائلتنا ّ النساء .أ ّول عالقة لي على اإلطالق كانت مع امرأة .كنت في احلادية والعشرين ّ وأتذكر امل ّرة األولى حني ق ّبلتني وق ّبلتها وكان من عمري حني رأيتها وأحببتها، ما كان بيننا من جنس وشوق وصراع ودراما وجتربة ومغامرة .وهكذا أصبحت شريكة في هذا التقليد العائلي. لم ّ تهب منه ريح االختالف .فتحته أو انفتح، أفكر كثيرا بكوني فتحت أمامي با ًبا ّ ّ مفتوحا .فهو باب جميل ومنه عبرت إلى عالم واسع. متأكدة ،لكنّي سأبقيه لست ً أبسط األمر أو أنكر صعوبته ،فهو أحيانًا عالم من الوحدة .هو عالم من األسرار لن ّ تصبح األسرار فيه قيودًا ،ففي الس ّر شعور من العيب واخلجل واخلطأ واجلرمية ،وهذه 59
جميعا أثقال حتدّ من احلر ّية ومن اخل ّفة .هنا يجدر القول ّإن االسم الذي أستعمله وإن كان لشخص ّية حقيق ّية جدّ ا .واضطراري إلى النص هو اسم في هذا وهمي ْ ّ ّ وهمي هو أمر حزين ،لكنّي ال أصطدم بهذا الواقع ،واقع أن أنكر ذاتي، استعمال اسم ّ إ ّال ناد ًرا ،ولهذا ال أحوص وأغوص في األمر كثي ًرا .ولكني ال ّ أشك أبدً ا في ّأن الوضع حتما سيتغ ّير. جائر وحقير والإنساني ،وأنه ً توافق مع الكثير من األمور التي تُعتبر أو ُيفترض أنّها لست على وعلى أ ّية حالُ ، ٍ «الطبيع ّية» ،مثل الزواج أو اإلجناب أو صناعة العائلة أو الوظيفة أو القيادة بشكل أحمق أو ّ تدخل احلكومات في حياة املرء الشخص ّية أو السلطة األبو ّية ،ما يدعم بطبيعة احلال سيري على طريق «مغايرة» ،وإن كانت مع ّقدة ،هذه هي الطريق إيجابي ورغبة باالستكشاف. التي اخترتها ،طريقي أنا ،وعليها أمشي بثقة وفضول ّ وفض ًال على ذلك ،هناك العديد على هذه الطريق ،وغيرها املئات من الطرق التي ّ وتتشكل برغبات وميول أكثر «غرابة» و»تعقيدً ا» من تتل ّوى وتتف ّرع وتتن ّوع طريقي ،إلى درجة يبدو فيها اختياري أنا أو جتربتي وكأنّها بسيطة أمام من يح ّول جنسه ،مث ًال ،أو يغوص في حفالت املجموعات اجلنس ّية أو يتاجر باجلنس الذي يعتمد األلم واإلهانة .فهناك من تطلق على نفسها اسم رجل وتظهر بهيئة ولد احلب على أنّهما رجالن مثل ّيان ،أو من ال يستطيع مقاومة ومرتبطة برجل وميارسان ّ رغبة قو ّية داخله في ارتداء مالبس امرأة المعة والصعود إلى املسرح وممارسة احلياة ّ وتقليدي في الفراش. كأنّه أكثر النساء بري ًقا وأنثو ّية ،إ ّال أنّه رجل مباشر أعرف ّأن العالم أشكال وألوان ومهما شعرت بالغربة في اختالفي أحيانًا إ ّال أنّي في املقابل أعرف أنّي جزء من مجموعات كبيرة ومتعدّ دة ومل ّونة ومتن ّوعة ومزخرفة ّ «الطبيعي» هو بأن ومخف ّية وسر ّية ومفضوحة إلى درجة أنّه يساورني الشك أحيانًا ّ ّ فسر ذلك اخلوف العام والعقدة بالفعل الالطبيعي أو املغاير حقيقة .وهو ما قد ُي ّ ّ خاصة. املُرتبطة باملغايرة عا ّمة واملثل ّية اجلنس ّية ّ 60
لم أتصارع مع ماه ّيتي أو كينونتي إ ّال ّأن األمر لم ُ بأن يخل من أوقات شعرت فيها ّ خوض عالقات مع النساء أمر يشوبه التعقيد وتساءلت إن كان من األفضل لي أن الس ْع َي ورا َءها .إ ّال ّأن الرغبة ،على ما يبدو ،كانت أهرب ،قاصد ًة ،منها أو أن أجتنّب ّ أكثر جذ ًبا من هذا التردّد .حني كان ُيطرح األمر للحديث ،كنت ُ أحب أقول إنّي ّ أو أرغب بالشخص املُعينّ ذاته أو ذاتهاّ ،أي ّأن األمر ال يعني جنس النساء ك ّله أو أحب أن أكون أو أمارس اجلنس أو ألعب مع جنس ال ّرجال بأجمعه .أنا أعتقد أنّي ّ هذا الفرد لذاته ك ّلها ،للشخص ّية وللكيمياء ما بيننا والصدفة والهتمام الشخص املعني بي في املقابل ،أو في األساس ،إضافة إلى كونها امرأة أو كونه رج ًال. في الواقعّ ،إن اجنذابي إلى النساء مختلف نوعً ا ما عن اجنذابي نحو الرجال .أجد اجنذابي للرجل أكثر مباشرة وأسرع حدوثا حيث من احملتمل أن أشعر بتلك الكيمياء أو الكهرباء حال لقائنا وقد تتط ّور عن ذلك احتماالت ش ّتى أو ال شيء .أ ّما ويتعمق ويعتمد في حالة املرأة فاألمر أبطأ إيقاعً ا ومييل إلى اجلد ّية بشكل أكبر ّ التفاهم والتجاذب على عدّ ة مستويات .في الواقع ،العالقات الوحيدة التي ميكن أن أشير إليها على أنّها اتّخذت شك ًال من اجلد ّية واستم ّرت تباعً ا لفترات طويلة نسب ّيا هي بعض عالقاتي مع النساء ،وحتديدً ا ثالث عالقات مبا فيها العالقة احلال ّية. أ ّما عالقاتي أو جتاربي مع الرجال فقد كانت في أغلبها ،وإن استم ّر بعضها زمنًا ّ اجلنسي .وفي الواقع ،من ناحية اجلنس مركزي حول الفعل ما ،متمحورة بشكل ّ اجلنسي مع قياسا باملتعة والشعور وحتقيق النشوة ،فالفعل نوعً ا أو قيمة أو جودة ً ّ أساسا. عما يقابله مع الرجال عمو ًما ،إن ّ حبيباتي يتف ّوق ّ صحت املقارنةً ، مؤسسة أو ثور ّية أو هل أنا سحاق ّية أو مثل ّية أو متن ّوعة اجلنس ،هل أنا فرد أو ّ لست أعرف إن كنت أ ّيا من هؤالء أو ً منها/منهن أو أنّي بعضا جتريب ّية أو مم ّوضة؟ ُ ّ منها/منهن أبدً ا .في الكثير من األحيان يتع ّلق األمر بشخص معينّ وبعالقة لست أ ّيا ّ محدّ دة ،وفي حلظة ما ال حتتمل أ ّيا من هذه التعريفات .أحيانا من الرائع أن حميمة 61
هن جمي ًعا مثل ّيات .أمر مريح وممتع ومطمئن أن أكون في أكون بني صاحبات ّ ٍ ّ الضروري َجمعة من النساء يعرفن جمي ًعا معنى هذا اجلانب من كينونتي ،بل من أن أكون جز ًءا من هذه املجموعة. هناك حلظات تكون فيها هذه املجموعة عائلتي ومجتمعي وأكون أنا طبيع ّية جدّ ا وعاد ّية جدً ا ،بال ّرغم من اختالف شخص ّياتنا وتن ّوعنا على مستويات قد تكون جذر ّية ،إ ّال ّأن القاعدة املشتركة بيننا تسمح بالتلقائ ّية في التلميحات الثقاف ّية واإلشارات الفكاه ّية فتخلق ج ّوا ننسى أثناءه الضبط في السلوك والرقابة في التعبير والقيود في الوجود في «اخلارج» .فنتحدّ ث عن اجلنس وال نحتاج إلى تفسيره ونتغازل وال نضط ّر إلى متويهه ،ميكن لنا أن نكون وال ندافع عن كينونتنا .ال نخاف وال نكذب وال من ّثل ونختبئ بل نرقص ونتلعوب ونأكل ونشرب ونحتفل. قصصا من عرفت مضى على جتربتي املثل ّية األولى عشر سنوات .في هذه األثناء ُ ً احلب لرجال ونساء .وأنا اآلن عاشقة .حبيبتي امرأة وأشعر بالسعادة وأحلم بسنوات ّ طويلة وببيت كبير.
62
تعالي وأنقذيني يا أيتها الغبية
ســــــــــراب
تعالي وأنقذيني يا أ ّيتها الغب ّية.. أخرجيني من قوقعتي فقد قتلني الصمت.. قد خانني قلبي وهجرتني أحاسيسي.. وأضعت شبابي غارقة خاضعة ..بعيدً ا عن الواقع.. ُ ولكنّي سئمت اختزان أملي.. ها هي أحشائي تصرخ مستنجد ًة داخل ظالم غرفتي احلالك.. بهمي؟ فهل من مجيب؟ هل من أذن أدلي لها ّ تعالي واجمعي حطام قلبي املُبعثر ..وأش ّعي بضوئك على الضبابية والغموض اللذين يكتنفان نفسي.. أخرجي دموعي املختنقة في جفوني.. فقد مت ّزق جسدي شرائح وأعلن خضوعه.. أنا لست سوى فتاة أحاول ّ شق طريقي بني عقبات حياتي.. إنساني ليس بحاجة إلى تبرير.. إحساس وما أختزنه ليس سوى ّ ها أنا تار ًة أحدّ ق مبرآتي ..وتار ًة أحفر شراييني ..طائشة داخل دخان سجائري.. حقيقي ..وما يصطنعه ذهني.. لم أعد أم ّيز ما هو ّ لست مجنونة بل بكامل وعيي ..أتأرجح بني تناقضات نفسي.. الساحرة والعيون اللوزية.. ال أدري ما حصل لتلك الطفلة الطبيعية ..ذات املالمح ّ قد دفنها الزمن ..تعب ،معاناة ،قهر ،وحدة.. سجينة داخل خيالي ..أبحث عن أطراف خيوط ألبلور هو ّيتي.. عدت أتفاعل مع األنام.. لكن ما من جدوى ..فما ُ 63
إني ال أرى سوى أفواه فارغة خالية من ّأي معنى.. وشفاه تتح ّرك خالية من ّأي صوت.. أريد أن أغضب ،أن أثور أو أبكي ..ولكن يا ليت كان ذلك مبقدوري.. أدعوك أ ّيتها النفس الش ّريرة إلى ّ الكف.. ك ّفي عن ّ حطي وتهميشي ..فأنا أعرف حقيقتك.. أزيلي أقنعتك وأريني أناملك اجلميلة.. أريني رهافة حسك ،عذوبة صوتك ،صفاء عينك.. صوبيني بنظرتك القاتلة واغرقيني بأنوثتك الشائكة.. ّ األبدي البتسامتك.. إنّي أ ّقر وأعترف بال تشكيك بح ّبي اخفيها إن ِ باق أبد الدهر.. شئتّ .. فإن ح ّبي ٍ إفعلي ما شئت ..فلم أعد أحفل.. وإن شئت ..دعي ًّ حدا حلماقاتي ..واغمدي خنجرك في صدري.. ّ لعل هذا أفضل لك ولي.. 2007/6/30
64
رســـــالة إليكم أح ّبائــــــــي:
ســــماهر
ٍآه كم أح ّبكم يا أغلى الناس ،يا من سهرمت الليالي ألجلي. إليك أ ّيتها الوالدة العظيمة ،إليك أختي احلنونة ،وإليك أخي الرائع ،وإليك ياصغيري املد ّلل. الرب الغفور... إليكم أهلي ،إليكم أصدقائي وأح ّبائي ،وإليك أ ّيها ّ من هذا السطر سأبدأ باعترافي ،من هذا السطر سأبدأ بكائي .من هنا سأبدأ رسالتي إليكم أع ّزائي. ً مشاعري تقتلعني من جذوري تبكيني فرحا لتمسح هي دموعي توجعني سعادة لتط ّيب هي جرحي. سئمت الكذب ،سئمت التمثيل وسئمت وضع األقنعة! رفيقة قلبي ودربي هي. ساكنة روحي وعقلي هي ،نعم هي عشيقتي وحبيبتي. أُنظروا إلى جمالها الف ّتان ،روحها الطاهرة ،عينيها البريئتني. امرأة راحتي واطمئناني تسكن ضلوعي وجتري في دمي. أصرخ ببركان ح ّبي وفيضان مشاعري إليكم ،أصرخ لتسمعوا آهاتي وذبذبات قلبي. أنا سماهر ،أكره الوقوف على خشبة املسرح واغتصابها دون استئذان ،كفاني عار من املعاني .جمل خالية من األحرف وروايات دون أبطال. سرقة كالم ٍ يعمها غير البؤس واألحزان .ال أريد أن ّ أخط لكم كتا ًبا كفاني اصطناع ابتسامة ال ّ كام ًال لتفهموا أنّي مثل ّية اجلنس، أعشق امرأة جسدها بيتي وقلبها مملكتي. أعشقها ،نعم يا أ ّمي الغالية ،أعشقها.... مع حبي وإخالصي لكم سماهر 65
66
غــريــــــــب ســـــــميرة
أوالد يتراكضون ضاحكني ،بالغون يقهقهون ،صحون مليئة باملأكوالت توضع على طاولة طعام عريضة وممتدّ ة في وسط غرفة كبيرة .مالعق وسكاكني من ّ أيد تتبادل طاسات مليئة مبحتويات الفضة تضرب على صحون من الزجاجٍ ، مختلفة. عضالت وجه تتق ّلص وتتمدّ د مو ّلدة تعابير وجه مختلفة ،طعام يدخل أفواهً ا متضغ تارة ،وتتح ّرك بقصد الكالم تار ًة أخرى .أطراف تتح ّرك متدانية ومتباعدة، متصاعدة ونازلة. لتدس لقمة طعام في فم صغير ،أب يأخذ صغيره ليجلسه في حضنه أ ّم تستدير ّ ً وآخر يح ّرك عضالت فمه ليقول شيئا لصغير آخر .أفواه وأفواه تتح ّرك خالقة أصواتًا ال أستطيع أن أسمعها. هجروا الطاولة الواحدة تلو األخرى وبقيت أنا هناك أنظر حولي محاولة استقصاء هذا املكان الغريب الذي فقدت داخله جميع حواسي ،فال أستطيع أن أسمع أو أفقه أحس بطعم أو مبلمس ،وكأن جسدي له سيطرة على نفسه الكالم ،ال أستطيع أن ّ داخل هذا املكان ،فأرى يدي حتمل طف ًال ،عضالت وجهي تتح ّرك مبعنى وبقصد االبتسام ،حنجرتي تُخرج أصواتًا وكلمات بلغة ال أفقهها. نظرت حولي فلم أ َر سوى مكان غريب ال يصلني به شيء ،فما هذا املكان يا ترى وما فِ علي هناَ ،من هؤالء الناس وما الذي يربطني بهم؟! 67
دققت النظر فرأيت امرأة تشبه والدتي ،أخرى تشبه أختي الصغيرة وأخرى ُ كأختي الكبيرة ،ما هذا املكان؟ ها هناك من يشبه أبي وذاك يشبه أخي وأولئك كأوالد أخي! ما أغرب هذا املكان ،فكل شيء يشابه بيتي الذي ولدت فيه وجميع هؤالء الناس أحس في هذا املكان بوحشة الغربة. يشبهون أهل بيتي ،لكني ال أحس بي ًتا أو أه ًالّ ، نعم ،كان هذا بيتي الذي بات أغرب مكان لي ،وهؤالء الناس هم أهلي الذين باتوا أغرب الناس عنّي. ما أغرب وأقسى غربة البيت واألهل ،لكن كيف حصل ذلك ومتى .متى أصبح من يجب أن يكون أقرب الناس لي ،أغربهم عني .كيف حصل ّأن املكان الذي هو بيت أصبح غرب ًة؟! سن الواحدة والعشرين من عمري يوم اكتشفت حقيقة مشاعري ،يوم كنت في ّ ّ حتركت ،وأل ّول م ّرة ،أشياء بداخلي ،يوم بدأت أشعر، هويت فتاة بكل جوارحي ،يوم ْ أحس ،يوم ولدت ويوم بدأ تعداد عمري. يوم بدأت ّ لم أشعر أبدً ا مبثل هذه األحاسيس من قبل ،كان جسمي ملج ّرد ذكراها ينتفض كعصفور ب ّلله املطر ،وكان قلبي ملج ّرد حضور طيفها يهوي ً ثم يعلو سما ًء أرضاّ ، كمن يجلس داخل قطار في مدينة املالهي .أنفاسي انقطعت عندما م ّرت أمامي ّ وكل ساعات عاملي ك ّفت عن الدوران عندما ابتسمت باجتاهي. كادت األرض ال تسعني من شدّ ة انفعالي يوم كانت جتلس مقابلي ،وأطير ُمح ّلقة شممت رائحة شعرها حني مت ّر بجانبي .باتت ّ كل دنياي بني سماء وأرض إذا ما ُ ّ ً أماني ،لم أرد من قبلها شيئا ولم يكن ٍّّ ألي من قبلها معنى. وكل ّ قت يوم هويت أل ّول م ّرة في حياتي وبكامل وعيي امرأة ،فهمت معنى اإلحساس ،تذ ّو ُ ُ 68
ورغبت فيها بعد أن كانت بالنسبة طعم احلياة ،فقد ولدت من جديدُ ،بعثت للحياة ُ لي مج ّرد يوم يلي يو ًما ويج ّر وراءه يو ًما آخر. ولكن في الوقت ذاته ّ انقضت معالم احلياة جاشت في داخلي وتد ّفقت على مح ّياي، ْ علي كل األفكار اللعينة التي سمعتها والتي لم أسمعها عن املثلية اجلنسية. ّ ّ نمّ هاجمتني كل املخاوف من املثلية اجلنسية التي لم تكن خاصة بي إ ا هي أفكار أهلي ،جيراني ،مجتمعي وأجيال ال حتصى وال تعدّ من قبلهم. ً شوكا ،فمن جهة أجلد نفسي على أحاسيس محظورة، انقلب ليلي نها ًرا ونهاري «غير مضبوطة»« ،غير حقيقية» و «غير طبيعية» ،على خيبة أمل أ ّمي وعلى خذالن أهلي .ومن اجلهة األخرى ،كنت أسعدَ إنسانة في هذا الكون .كانت أحاسيسي حقيقية ،طبيعية ومضبوطة ،فكيف لها أن تكون غير ذلك وقد أشعلت بي نار وإرادة احلياة ،ح ّبي وثقتي بنفسي؟! كيف ألحاسيسي هذه أن تخ ّيب أمل أ ّمي وتخذل أهلي إذا ما ر ّبوني وع ّلموني أن أتّبع أحاسيسي وأكون مخلص ًة لنفسي وملن أنا مهما كان الثمن؟! هويت أل ّول م ّرة امرأة و بكامل وعيي ،سقطت غشاوة من عيني بنيتها منذ يوم ُ كنت صغيرة ،سقطت سدود ش ّيدتها حول ذكريات عديدة ّ لدي .جلست وحدي علي كمطر في ع ّز كانون. ليالي طويلة وأخذت الذكريات تتوالى ّ ّ تذكرت ألعابي مع الصبيان في احلارة ،كيف نادوني جميعهم «حسن صبي» ولم أحب وأفتخر بكوني «حسن صبي» .يوم أكن ألكترث بذلك ،على العكس ،كنت ّ كنت ألعب مع الفتيات «بيت بيوت» كنت دائما االبن أو األب ،لم أكن ولو م ّرة واحدة البنت أو األم. تذكرت نظراتي لصديقاتي ،ح ّبي وولعي ببنت اجليران .أشعا ُر ولهان كتبتها 69
لهذه ولتلك ،ليال قضيتها في سن الرابعة عشرة برفقة حنان أنام على قدميها وهي تداعب شعري برقة ،ناظرة بعيني ،قائلة لي« :لو كنت شا ًبا ملا تز ّوجت غيرك» وأنا متنيت أن أصحو شا ًبا كي أتز ّوج من حنان. ّ تذكرت كيف مشيت مع رنني وأنا في السادسة عشرة من عمري يدً ا بيد ،كيف خفق قلبي بني ضلوعي حني استلقينا على رمل البحر ورجلها ملست رجلي دون قصد وأنا أردت أال ّ تكف عن ملسي لألبد. ذكريات وذكريات لم تترك لي أي مكان للشك أو لإلنكار أمام نفسي بعد .عندها أصبحت أسعد إنسان في هذا الوجود فقد وجدت نفسي بعد تيه دام العم َر بأسره. كنت فتاة عادية تقري ًبا ،كبرت بني أخوات وأخوة عديدين ،لعبت كغيري من ترعرعت مع فتيات األطفال وفعلت تقري ًبا ما يفعله أبناء جيلي .ذهبت للمدرسة، ُ لعبت كرة القدم ،كان ّ لدي عشرات من األصدقاء قرأت كت ًبا، وش ّبان ص ّفي، ُ ُ والصديقات ،كنت محبوبة ومقبولة من جميع من أعرف ،ولكن كان هناك فراغ كبير في داخلي .رغم كل املرح الذي كنت أمرح ،رغم كل الضحك الذي كنت أضحك ،كان هناك حزن عميق لم أعرف وصفه .رغم عشرات األصدقاء والصديقات ،كانت هناك وِ ْحدة غير مفهومة لكنها كانت محسوسة في داخلي بشدّة. أحس ّ بأي شيء أحس بالسعادة من قبل أو باألحرى لم رغم الضحك واملرح لم ّ ّ وجدت نفسي ،أل ّول م ّرة لم تعد هذه الوحدة ،ولم حقيقي من قبل ،واآلن عندما ُ ّ يعد هذا احلزن والفراغ لديّ. أحسست بالسعادة أل ّول مرة في حياتي ،كان من الطبيعي أن أشارك عندما ُ إلي ،أال وهم عائلتي .أردت أن أعدو إلى أحضان أ ّمي ألخبرها الناس أقرب بسعادتي ّ 70
عن غبطتي ،عن ح ّبي ،إثارتي وانفعالي ،عن الدم الذي يجري في عروقي بعد أن كنت صحراء قاحلة .إال ّأن الفتاة التي هويت نهتني عن ذلك و وصفتني باجلنون. لم أفهم ملاذاّ ، فكل أهل يريدون سعادة ابنتهم ،أليس هذا ما قالوه لنا دائما؟! رغم إرادتي الشديدة بالبوح عن حقيقة مشاعري ،ورغم تأ ّمالتي وتخ ّيالتي بفرح مهمة طاملا أنّها أهلي لسعادتي وبعد أن مضى هذياني ُ أيقنت الواقع ،وهو ّأن سعادتي ّ تتماثل مع ما يوافق عليه املجتمع والناس .وإن لم تتماثل مع ما هو مقبول ،فسعادتي تتنحى عن مكانة املهم مفسحة درجة األهمية لكالم الناس ،الذي بدوره يعلو عن ّ أي قض ّية أخرى. هكذا ابتدأت حياتي الثنائية .حياتي احلقيقية ،ح ّبي للنساء ،حياتي املثلية بكل ما ذاتي ،وحياتي املزيفة ،التي لم أكن فيها من سعادة ،إثارة ،طمأنينةّ ، حب وحتقيق ّ فيها أنا ،إمنا تصوير يشبهني في الشكل اخلارجي واحلديث. في بداية األمر واصلت ضحكي ومرحي مع أبناء البيت دون أن يعلم أحد ما يدور في داخلي من صدق أحاسيس ،أحداث وتغ ّيرات .لم أستطع أن أشاركهم مبا يجري في حياتي ،كنت أكلمهم عن هذا وعن ذاك ،كغيرهم من الناس الغرباء ،إلى أني سئمت ذلك .سئمت الته ّرب من أن أقول لهم إن ّ لدي شريكة حياة عندما يقولون لي «عقبالك» في املناسبات .عندما يسألون عن «جديد» ،أريد أن أقول ّإن لدي حبيبة، كم يبلغ عمرها؟ ،كيف التقيت بها؟ متى وأين؟ ،كيف أشعر نحوها؟ ،أن أحتدث عن التخ ّبط و التحديات التي تواجهني في حياتي الزوجية وغيرها .أريد أن أقول وأقول وأبوح ّ بكل ما في داخلي من وجدان ،إثارة وانفعال .لكنّي ال أستطيع ذلك ،أنا واد ،أنا أمامهم وهم ال يرونني. واد وهم في ٍ في ٍ في جميع مجاالت حياتي كنت أنا احلقيق ّية دون أية تغطية وإخفاء ،بني أصدقائي وصديقاتي ،في العمل ،في مكان سكني ،فأنا أسكن في مركز البالد حيث أنهيت 71
تعليمي اجلامعي وبقيت ألسكن وأعيش حقيقتي هناك ،بعيدً ا عن أهلي الذين يسكنون في شمال البالد. عالقتي بأهلي بدأت تدور وتتبلور من خالل محاولة إخفاء حقيقتي ،ليس ألنّي أخافها أو أخجل بها ،إمنا ملعرفتي التامة ،ألسفي الشديد ،لردود فعل التي ستكون من أقرب الناس لي وكيف ستجرحهم حقيقتي رغم ّأن حقيقتي وسعادتي يجب دور غير أن تفرحهم ال أن جترحهم .لعلمي بهذا الواقع ،وألني ال أستطيع اقتباس ٍ دوري ،بدأت أتق ّلص أكثر وأكثر ،وصارت مجاالت تواصلي مع أهلي تصغر أكثر وأكثر إلى أن وصلت بي احلال حد أني ال أستطيع تشخيصهم ،فهم لغتهم ،سماعهم أو اإلحساس مبلمسهم. لكن ُ أخفيت حقيقتي ألنّي لم أرد أن أخسر أهلي ،أخفيت حقيقتي ألنّي أحببتهمّ ، حقيقتي هي أنا وأنا هي حقيقتي .عندما أخفيت حقيقتي أخفيت نفسي .وهكذا إلي أصبح أغربهم عنّي .واملكان الذي هو بيتي فمن يجب أن يكون أقرب الناس ّ أصبح غرب ًة. 2007/7/24
72
حني تهـــــوى امـــــــرأة قالوا لها والشمس تضيء بعيونهم مثلك لم نرى على مر األزمان « نظرتك ترمي الفارس من على جواده وتبعث الرعشة في أألبدان إن ملستي حجرا....كفر الناس باإلله وعبدوا األوثان إن نزلتي البحر لهوا....هاج من الغبطة وابتدأ باالبتهال واالمتنان إن داست قدميك أرضا....نسي العالم بلدانه واختفت كل األوطان قالوا لها....وأسهبوا بالتشابيه واألوصاف لكن عينيها حزينة فالنخيل ُمنحني واألرض اخلصبة التي تتراءى تصرخ من اجلفاف فاحلياة أذبلت غاباتها ولم تعرف معها معنى اإلنصاف فهي ال تعرف للحب طعما وال لأللفة عنوان جابت األرض بحثا لكن عبثا أن تعرف لهم مكان 73
ما أقل ....وأعظم ما بحثت فكل ما أرادت ضمة حنان وهكذا مرت األيام ولم تعد تبحث ثانية فقد فقدت باحلب اإلميان وفي يوم على غير موعد التقت بتلك العيون وكأنهم من فعل اجلان فأصبحوا لها وصايا عشر ثالوث أقدس وخمسة أركان سألوها ......وما دروا بسر ما حصل ما غير األحوال؟؟» ما لهفتك على الدنيا وما فجأة هذا اإلقبال» ؟؟ فابتسمت بنشوة وحياء منكسة عينيها برهبة وإجالل وقالت «أتظن انه حني تهوى امرأة يظل احلال على ما احلال» !!!!!؟ 74
ســـــــميرة
عودة إلى الذات ســـــناء
دائما كنت كثيرة إسمي سناء ،ولدت منذ ما يقارب األربعني عا ًما .أذكر أنّني ً احلركة .كان نهاري يبدأ في الصباح وينتهي مساء في فراشي ،منهكة القوى. لم أقطن بيتي أبدً ا .كنت كهاربة من املكان أو من الزمان أو ربمّ ا هاربة من جسد ،لم أفهم ّ قط من هو أو ماذا يكون .استم ّر هروبي 27عا ًما .لم أقطن فيها مبهما .كان يتص ّرف بغربة عن أبدً ا جسدي .ولم تكن روحي لتهدأ وتدخل جسدً ا ً باقي أترابي. أذكر ّأن الطبيعة في سنوات املراهقة قد وشحت بالدماء بعض أ ّيام من كل شهر فبت على هامش الطبيعة كشجرة باسقة من غير ثمار. لدى رفيقاتي .أما أنا ّ ّ أستقل فيها حافلة من مدينتي ملدينة أذكر أيا ًما أو ّد لو أن النسيان لفها لألبد ،كنت غريبة .مدينة أدخل بها مبنى لبسته حجارة بيضاء ألتع ّرى هناك ،ولتالمس أيد غريبة جسدي البارد الذي فارقته روحي مودّعة لتالزم مدينتي التي تركتها. في بذور كم كرهت تلك الزيارات ،فباإلضافة لل ُعري الذي اكتساني زرعت ّ الصمت الذي حت ّول لس ّر أثقل كاهلي. قاربت الثالثني عا ًما وبعد غربة طويلة .صممت أن أكسر حاجز الصمت عندما ُ وأن أبحث عن بيت في داخلي ،أقطنه أنا وتقطنه روحي. عدت أدراجي إلى ذلك املبنى البشع في تلك املدينة التي باتت جز ًءا من حياتي. ُ 75
مت هذه امل ّرة أن يكون العري الوحيد هو عري س ّري الذي استقطن وترعرع وصم ُ ّ في هذا املبنى القبيح. جزء من أجزاء جسدي. ُ صممت هذه امل ّرة أال أترك في هذا املبنى ّأي ٍ إذن. فهنالك أشالء استأصلها طاقم ذلك املبنى دون ٍ س ْر ُت في أز ّقة املبنى ألحصل على ّ معت فيه أوراق صامتة ،تصرخ في وجه ملف ُج ْ س ّر كبير. لم يكن حصولي على هذا ّ امللف الط ّبي أم ًرا سه ًال .ولكني كنت في هذه اللحظة أقبض بيدي على مفتاح لبيتي اجلديد ،بيت آمن أسكن داخله وليس بقربه .بيت لكياني ولروحي. احلقائق التي اختبأت سنوات عديدة على وجه تلك األوراق كانت مؤملة للغاية. ّيت بعد قراءتها لو كان من كتبها قد أعلمني ببعض منها في مراحل متفاوتة. متن ُ ّ فها أنا أحتطم حتت ثقل هذه الكلمات وحروفها. ولدت مع أعضاء تناسل ّية مبهمة .هكذا وترعرعت كفتاة. ولدت كإنترسكس، ُ ُ ُ سماها األط ّباء الذين ساروا كسائر البشر في درب فيه أعضاء تناسل ّية ذكر ّية ّ ّ وكل شيء عدى ذلك هو مبهم وغريب ويجب تصحيحه. وأخرى أنثو ّية. ولدت من ناحية الكروموزومات كذكر لم يتمهّل األط ّباء ولو للحظة .فرغم أنّني ُ 46XYإال ّأن أعضائي التناسل ّية اخلارج ّية كانت أقرب إلى األعضاء األنثو ّية .أ ّما ّ كل ما هو مبهم في أعضائي فيمكن ليد باردة وجاهلة أن تستأصله بأداة حادّة .لم تستأصل فقط أجزاء من جسدي بل استأصلتً ، أيضا ،كياني. 76
احلقائق التي ُد ّونت في هذه األوراق كانت قاسية .فها هي تصرخ حقيقة كوني ذك ًرا من ناحية الكروموزومات .وهي تصرخ هاوية في أحشائي ،جحر ليس فيه رحم. ذكرتني تلك األوراق بعمل ّية بتر أجريت لي في ذلك املشفى املريض .حيث استأصل األط ّباء هناك خصيتني داخل ّيتني من أحشائي ،وبتروا جز ًءا من بظر تراءى لهم أنّه مما ثبت في عقولهم املهووسة التي حتدّ د شكل وحجم األعضاء التناسل ّية أطول ّ َّ مبقياس خيالي هم من خط مقاسه. ذكرتني تلك األوراق مبجتمعي ومبجتمعات عديدة ق ّيدت نفسها في مسيرة حتريرها بقيود باتت عراقيل في وجه كل من يريد أن يعيش هو ّية جنس ّية أو جندر ّية أو ميول جنس ّية لم تدخل في قوانني هذه املجتمعات. ذكرتني تلك األوراق بعمل ّية اغتصاب لهو ّيتي ّ ّ مركباتها. بكل ّ ذكرتني هذه األوراق بزيف هذا املجتمع الذي يدّ عي أنّه يرعى قوانني الشرع والدين .ويسير نحو الله. إذا أراد الله خلق جنس ثالث ،فلماذا يحارب مجاهدو الله مشيئته ويق ّوموا ما هو صانع؟ كانت األيام التي قرأت بها تلك األوراق زرع بال ماء .مطر هطل غزي ًرا لكنه ترك األرض قاحلة. أثقلت تلك األسرار ثقل أ ّيامي .ولكنها كانت بداية مسيرة األلم نحو االرتباط مبا أنا... 77
اليوم وبعد 6أعوام من كسر قيود الصمت .وبعد سنة عشت بها الهو ّية اجلندر ّية مبن أحس أنّني وصلت إلى االرتباط َ التي سلبت منّي هو ّيتي اجلندر ّية الذكور ّيةّ ، أنا... لم يكن وصولي إلى «أصوات» صدفة .فقد بحثت عن مكان يحتوي مسيرة بحثي. وباإلضافة مليولي وملشاعري نحو النساء وجدت في «أصوات» مكانًا آمنًا قدّ م لي ح ّي ًزا لفحص هو ّيتي اجلنس ّية واجلندر ّية بال قيود أو شروط مسبقة. وبفضل «أصوات» ..وبفضل اخلبيرة النفسية ..عائلتي وأصدقائي ،أواصل اليوم ّ كل من ولدوا كإنترسكس في وجه احلقائق الزائفة التي صرختي وصرخات ق ّيدت مسيرتي وأثقلت خطواتي قبل صيحات احلقيقة. كاتبة هذه القصة هي عضوة ناشطة في «أصوات» كما تدير أ ّول مجموعة دعم لألشخاص الذين ولدوا كإنترسكس في البالد.
78
هذا هــــو احلـــــــب ســـــــوزان
(الكاتبة من مصر)
قصتي ..ومبج ّرد أن أغمضت ُ عيني محاول ًة أن أجد نقطة بداية أبدأ بها سرد ّ ّ عيني راودتني ذكرى ح ّبي األ ّول ..ح ّبي الذي رموش وتالمست جفوني انطبقت ّ ّ دق معه قلبي للم ّرة األولى وه ّز فؤادي في أ ّول رعشة له. إنّها حبيبتي ( )tالتي تع ّرفت عليها عبر أحد مواقع الشبكة العنكبوتية .كانت ّ كل حياتي.. تقطن دولة غير دولتي ..تعيش حياة غير حياتي ولكنها أصبحت عشقت عقلها ،فكرها ،روحها ،أسلوبها، ثم ما لبثنا أن عشقنا. ُ تعارفنا ،تق ّربناّ ، عيني لكن روحي كانت ال تهيم إال في سماها .كنت أعلم ّأن كالمها ..لم ترها ّ ّ قبلت بعشق ال ّروح فكان ح ّبي لها ح ًبا مثال ًيا لها عاملًا غير العالم الذي يجمعنا ،إال أني ُ يشبه املدينة الفاضلة ..لم ّ أفكر يو ًما في جسدها .لم يسرح خيالي م ّرة كيف تكون شفتاها ونهداها ..كنت أح ّبها بعيدً ا عن غرف النوم والوسائد وتالقي األجساد.. ممن يخجلن الكشف عن لم أكن أخجل من إعالن مثل ّيتي اجلنسية ،ولم أكن ّ وميولهن اجلنسية املغايرة للبشر ..ولكني لم أعلنها لها صراحة ..كان هو ّيتهن ّ عشقي يزداد إثارة وجاذبية في صمته ..كان ح ّبي يبرق ك ّلما حاولت إخفاءه وإظهاره وإظهاره وإخفاءه.. أظن ّأن عشقنا ّ أبدي ..كنت حلب كهذا أن يستم ّر؟ كنت ّ ولكن هل من املمكن ّ ّ وأظن حتى خابت كل ظنوني ..حتى ضاعت أظن أظن ّأن هوانا خالد.. ُ ّ كنت ّ ّ ّ ّ رحلت في صمت فرحلت وتركتني. وحتطمت على صخر صمتها.. كل أحالمي ْ ْ ّ وفض ِ هربت لترمتي في أحضان املجتمع ..هربت هربت من عشقي. لت البعد. ْ ْ لترضي هذا وذاك ..انتهزت فرصة واختلقت إحدى املشاكل وتركتني ..تركتني 79
احلب عليك بطلب احلب صديق اجلسد واجلسد رفيق اجلنس ..فإن أردت ّ أعرف ّأن ّ اجلنس.. أصابني البعد عنها الكثير من االضطرابات في حياتي باإلضافة الستسالمي حلالة تشبه االكتئاب ..كنت ال ّ أفكر في شيء إال في كيف ّية اخلروج من هذا اخلندق الذي كان ينتزع منّي ّ وتوصلت إلى طريقة كنت كل إحساس باألمان والراحة، ّ أظن وقتها أنّها الطريقة التي سأحت ّرر بها من قيود ح ّبي الضائع ..لقد ق ّررت أن أقبل ّ ّ ّ إلي بالرغم من رفضي االرتباط بأي شخص قبل ذلك.. خطوبة أي شخص يتقدّ م ّ عدّ السمع جدً علي أحد أصدقاء أخي عرض حتى أيام ة ر مت فلم ا وكان القدر قريب ّ ّ ّ االرتباط بي ..ووافقت بال تفكير.. قمة جبل في العالم ..كنت أرى ُ وافقت كمن ق ّرر االنتحار بالوثب من أعلى ّ نظرات احليرة في عيون أهلي فقد رفضت قبل ذلك من هم أفضل منه مبراحل حتى أنّهم ظنّوا أني ارتبط به عاطف ًيا ولذلك كنت أرفض أي شخص قبله ..أتقنت الدور نحو اخلارج ولكني فشلت في أن أتقنه بيني وبني نفسي ..فبمج ّرد أن وضع في إصبعي خامت خطوبتي حتى أشعر بأن سياط العالم ك ّلها جتلدني ..شعرت بأنّني أحمل بيدي كل جليد الكون وبيدي األخرى أحمل جمرة من لهب ..كانت ابتسامتي مصطنعة .كالمي مصطن ًعا .ضحكي مصطن ًعا .حتى إصغائي له كان شخصا بري ًئا معي وأن أظلم نفسي ملج ّرد جتربة فاشلة مصطن ًعا ..رفضت أن أظلم ً رت االنفصال في نفس األسبوع كانت مستحيلة منذ البداية .نزعت اخلامت وق ّر ُ الذي ق ّررت فيه االرتباط ..اتُهمت من قبل اجلميع باالستهتار والته ّور والتس ّرع.. وأذني عن ّ كل أقوالهم وتص ّرفاتهم معي ،فأنا أعيش عيني أهتم وأغلقت لكني لم ّ ّ ّ حياتي أنا وال أعبث بحياة أحد منهم.. بأن حياتي تشبه قض ّية ُحكم عليها باخلسارة بسبب فشل محاميها.. شعرت ُ حينئذ ّ ٍ ّ كل أبعاد إنّها حياتي أنا ،قض ّيتي أنا ،وأنا احملامية الوحيدة القادرة علي استيعاب 80
قض ّيتي ،فلماذا إ ًذا أص ّر على أن أفشل فيها ..إن كان اخلوف هو سبب فشلي، إ ًذا يجب أن أبدأ بقهر اخلوف ،فكانت أولى خطواتي إعالن مثل ّيتي ملجموعة من أصدقائي ..كنت أحتدّ ث معهم بفخر ولم أدع رأسي تنحني فبثت فيهم ثقتي في ذاتي ثقتهم في اختياري ..في البداية شعرت باستياء بعضهم إال من صديقة مقربة شعرت معها ومن نظرتها لي جدً ا أشعر بأنّها أخت لي ..تفهّمتني جيدً ا واستوعبتني، ُ بحنان كنت أريده وأحتاج إليه بشغف في هذا الوقت ..وكان إلعالن مثل ّيتي الكثير من املفاجآت التي تل ّقيتها واحدة تلو األخرى.. اخلاص فإذا بإنسانة تُدعي رن جرس هاتفي وأهمها عندما ّ ّ كانت أ ّول هذه املفاجآت ّ ( )mكانت صديقة لنا في اجلامعة ولكن انقطعت عالقتنا وأخبارها عنّا منذ تخرجنا من اجلامعة ،ولكن الغريب في األمر هو أنّها كانت أول من عرف مبوضوع مثليتي اجلنسية مبج ّرد أن أعلنته ملجموعة من أصدقائي .كنّا في مكان نتحدّ ث فيه مبفردنا ولم مي ّر سوى بضع ساعات ،فكيف عرفت بهذه السرعة وممِ ّ ن؟ لم ّ أستشف وقتها أنها تعلم أعلم حتى اليوم ..في البداية كان كالمها عاد ًيا جدً ا فلم شي ًئا أو تريد شي ًئا ..ولكن ما لبث أن حت ّول هذا الكالم العادي إلى نبرة شوق وحنني وكالم حب وغزل .استغربت منه في البداية ولكن في حلظة م ّرت أمام عيني طريقة نظرات ( )mلي في كل مكان :أثناء تواجدنا في اجلامعة ،وخالل كالمها أحب وما أريد لتحضره لي.. معي واهتمامها الزائد بي وإصرارها الدائم على معرفه ما ّ أظن أنني ارتبط بعالقة عاطفية كل هذا لم يلفت انتباهي وقتئذ ألنني كنت ّ ٍ سرية مع صديقة لي إال أنّني اكتشفت سري ًعا أنّنا مختلفتان متا ًما ..م ّر كل هذا عما تقوله لي .فبمج ّرد أن عاد ذهني م ّرة أمامي فجأة حتى أنّني انقطعت ذهنياً ّ ثانية حملور حديثها قاطعتها قائلة «إيه رايك يا ( )mلو نتقابل بكره» .لم أالحظ أنّها تردّدت ولو ألقل من ثانية بل وافقت دون أن ّ تفكر إن كان املوعد يناسبها أم موعدً فأصررت على أن ملقابلتها.. ا ال ،وكأنّها قد ف ّرغت كل أيام حياتها حتى أق ّرر ُ أؤكد املوعد« :إنت أكيد فاضيه بكره؟» فقالت لي بطريقة استعذبتها جدً ا «ولو ثم ودّعتها وأغلقت مش فاضيه أكيد أفضى ليكي» ..اتفقت معها على موعد ومكان ّ 81
خط الهاتف ولم أغلق ّ اخلط ..أغلقت ّ ّ خط تفكيرنا الذي أجزم بأنّه كان واحدً ا السؤال كيف يجب أن يكون اللقاء بيننا. ْص ّب في ّ وك ّله َين َ قضيت ليلة كاملة ال ّ أفكر إال في اللقاء وكيف ميكن أن يكون ..هل أتركها هي ُ أحب أن عما بداخلها؟ أم أمسك أنا بزمام احلديث ألنّني كعادتي ال ّ لتتك ّلم وتفصح ّ ألعب دور املتل ّقي ..هل أحدّ ثها عن اجلنس؟ هل هي خبيرة فيه؟ أم أنّها مثلي ،لم يكن موضوع اجلنس هو شاغلها الشاغل؟ هل يجب أن أكون جريئة أم أن أترك األمور تسير دون تدخل منّي؟ ثم أعود بتفكيري :كيف عرفت مبثل ّيتي بهذه السرعة؟ وإن كانت هي مثلية وتريدني فلماذا انتظرت كل هذا الوقت وتركت العالقات واالتصاالت تنقطع بيننا؟ بقيت على هذه احلال بني التفكير ،وكل ما يدور في رأسي هو مجموعة من األسئلة التي ال أجد إجابة أو تفسي ًرا ّ ألي منها ..لم أشعر بشيء إال في صباح اليوم التالي.. بعيني عنها فلم أجدها ..جلست وطلبت ذهبت إلى املكان امل ّتفق عليه ،بحثت ّ دائما ما يكون وقت االنتظار مم ًال ..كانت تعلم ج ّيدً ا أنّني أكره أن أنتظر قهوةً . أحدً اّ .. تأخرت ما يقارب نصف الساعة لدرجة أنني ق ّررت أكثر من م ّرة أن أغادر املكان .ولكن ال أعلم ما الذي كان يجعلني أتراجع عن قراراتي ..بعد ذلك جاءت فمددت يدي لها اقتربت منّي وهي مبتسمة ابتسامة أرهبتني وال أعلم السبب.. ُ ْ لكنها لم تصافحني وقالت لي« :بقالنا سنه ونص مش شايفني بعض وعاوزانا نسلم بااليد؟» ضمتني إليها وق ّبلتني على خدّ ي ثم ذهبت وجلست على الكرسي املقابل لي ..ال أعلم ما كان السبب في ارتباكي ،فأنا لم أكن خجولة يو ًما من األ ّيام.. جلست أمامها لكنّي اليوم كنت كذلك ،أو مبعنى أصحّ كنت غير مستوعبة.. ُ وسألتها «ايه ّ ابتسمت وملست يدي وقالت لي بنبره فكرك بيا بعد سنه ونص؟» ْ ً أشعرتني بأنّني في غيبوبة« :ألنك وأخيرا فتحت باب ليا عندك» ..فهمت ما ترمي إليه ..لم أكن أريد أن أضيع الوقت أو أن أش ّتت احلديث فسألتها ّ بكل جرأة وثبات: ِ «إنت مثلية يا ( )m؟» فقالت لي «أنا مثلية من أول يوم شفتك فيه» ..اكتفيت 82
وابتسمت لها ابتسامة خفيفة ..فأنا لم أشعر يوماً بها ..حتى اليوم وهي به ّز رأسي ُ معي لم تتح ّرك مشاعري جتاهها أبدً ا ..ولكني كنت أريد أن أتذ ّوق طعم اجلنس الذي قرأت عنه كثي ًرا وسمعت عنه أكثر ولكني لم أدخله ألغامر فيه يو ًما ..أريد الصماء التي ال تشعر ..وهي فتاة أن أتذ ّوقه فشبعت من تع ّلمه وقراءته في الكتب ّ تعمدت اليوم ارتداء مالبس تثير ّأي إنسان ..لم أشعر إال جميلة جذابة جدً ا حتى أنها ّ وأنا أق ّرب مقعدي منها حتى التصق كتفي بكتفها ..وعندما تالمس الكتفان شعرت بأنّني بدأت أتذ ّوق أول رشفة من اجلنس .أغمضت عيني دون وعي حتى أنها خشيت الناس فابتعدت عنّي مبتسمة ابتسامة كأنّها خرجت منتصرة من معركة كانت تعلم أنها الرابحة الوحيدة فيها ..عندما ابتعدت عنّي فتحت عيني فرأيت ابتسامتها وفهمت من نظرتها أنّني كدت أنسى أنّنا بني الناس.. ّ وتؤخرنا عن الوصول إلى ما كعادتي ،ال أريد أن اضيع الوقت في أشياء ال تنفع نريد ،فقلت لها «إيه رأيك نروح مكان ما فيهوش حد علشان نكون براحتنا» ..ه ّزت رأسها موافقة بال تردّد كعادتها ..ذهبت أنا وهي إلى شقة كنت أعيش فيها أ ّيام اجلامعة ،فهي قريبة من جامعتي وكنت أرتاح كثيرا ً في العيش مبفردي فيها في خالل االمتحانات واملذاكرة ..اصطحبتها إلى هناك وكانت كل خطوة من خطواتنا تقربنا إلى هدفنا ومتعتنا... عندما وضعت املفتاح في الباب شعرت بأنّني أفتح باب املتعة ..أفتح باباً يوصلني إلى مدينة السحر واجلمال .فتحت باب الشقة ،أقصد باب املتعة ،ودخلت أنا وهي وجلست أنا على كرسي يبعد عنها جلست هي على السرير ويدها في يدي.. ْ ُ ثم مدّ ت يدها لتفتح أزرار إلي نظرة ال زلت أذكرها حتى اليوم ّ قلي ًال ..نظرت ّ ّ قميصها الرمادي اللون ..كنت أنزل بنظري مع كل زر تفتحه وكأنّني أبحث عن كنز ضائع ستكشف عنه في ّأي حلظة ..عندما وجدتني علي هذه احلالة وأنا أرتعش دون أن أدري ملاذا ،مدّ ت يدها لتق ّربني إليها ..تركت لها يدي وقمت معها وكأنّني مس ّيرة وشعرت برعشة كهربائية تعتريني ولم أستطع أن أنطق بكلمة.. 83
وفي حلظة وجدت نفسي أعشق شفتيها وأنا ال أعلم متى ومن أين جاء هذا العشق.. ارمتيت في أحضانها وقبلتها أ ّول قبلة لي في حياتي ،تذ ّوقت طعمها ،كانت أشهى من كل مشتهيات العالم ..وال أعلم متى وكيف تع ّرت متا ًما من مالبسها أمامي.. استلقيت بجسدي فوق جسدها ووضعت رجلي بني رجليها حتى انّها أعطتني الفرصة كاملة بحيث باعدت متا ًما بني فخذيها لتستقبل فخذي ..لم أسمع في حب كالتي سمعتها عندما ملست فخذي أعضاءها. حياتي شهقة ّ م ّر وقت ال أعرف إن كان طوي ًال أو قصي ًرا ،ولكنني أعرف أنّه أروع ما م ّر بي وما مررت به ..لم ننتبه إال عندما ّ ثت بالهاتف ولم أكن منتبهة دق جرس هاتفها ...حتدّ ْ ّ كل نظري على جسدها الذي اشتقت على اإلطالق حلديثها على الهاتف ..كان إليه عندما ابتعد عنّي قلي ًال ،وكأنني واقعة في غرامه منذ سنوات مضت.. أنهت املكاملة وقالت« :ياال يا روحي علشان أنا الزم انزل دلوقتي» .أغمضت عيني إلي باإليجاب ُ وهممت أعدّ ل من نفسي استعدادا ً ملغادرة الش ّقة ولكنها كانت تنظر ّ نظرة غريبة لم أكن أفهمها إال عندما قالت لي« :إنت ما يهمكيش تعرفي مني كان ّ عادي بل كان سؤا ًال بيكلمني أو ليه نازلة فجأة كدة»؟ لم يكن هذا مج ّرد سؤال ممزوجاً عليهن بتعجب منها ..فهمت على الت ّو أنّها من النساء الالتي يعشقن أن يغار ّ ّ تقمصت هذا الدور وقلت لها: حبيباتهن وأن ّ ّ يستجوبهن عن كل شيء ..وسرعان ما ّ «املفروض انتي تقوليلي من نفسك» ،فابتسمت لي وقالت إنه والدها يريدها في أمر علي أن اطلب اجلنس من هذا اجلسد ضروري ..علمت منذ هذه اللحظة أنه لو كان ّ علي أيضاً أن أشبع عواطفه ومتطلباته مهما كانت .فق ّررت أن أكون ّ فيتوجب ّ محبة غيورة ال تفوت كبيرة أو صغيرة من غير استفسار وتعليالت وحتليالت. ال ميكنني أن أصف كيف م ّرت ليلتي في ذلك اليوم ..كانت ّ لدي مجموعة من املشاعر املتناقضة ..شعرت بالسعادة واحلزن ،بالفرح والضيق ،باحلرية وااللتزام.. كنت شديدة العجب من نفسي ،فكل هذه املشاعر املختلطة املتناقضة كانت حتوم 84
في ذهني وقلبي .كنت أفكر في ( )mتار ًة باحلب وتاره أخرى بالبغض ..كنت أشتاق إليها وفي نفس الوقت أنفر منها .بقيت على هذه احلال ما بني هذا وذاك حتى عيني في صباح اليوم التالي إال على صوت جرس هاتفي. غلبني النعاس ولم أفتح ّ ّدت في الر ّد عليها ال أعلم ملاذا ،ولكني في النهاية لم أجد مفرا ً للر ّد إنّها هي ..ترد ُ عليها .خاطبتني بطريقة شديدة الرومانسية لكني ال أعلم ملاذا كنت معها قاسية وال أعلم ما سبب انقباض قلبي عندما سمعت صوتها على الهاتف ..فاجأتها بسؤالي ثم تأسفت إن كانت «ليه م ّتصله الصبح كده ؟». ْ صمتت لبرهة كمن صعقت ّ قد أزعجتني وأغلقت ّ اخلط. بيني وبني نفسي كنت أعلم أنّني أخطأت ..وأن ّ أقل ما يجب فعله هو إعادة حاولت ولم أستطع .فك ّلما أمسكت عما صدر منّي ..ولكني ُ االتصال بها واالعتذار ّ وبقيت على هذه احلال مدّ ة أسبوع وهي ال حتاول بالهاتف لالتصال بها انقبض قلبي، ُ ً علي االتصال ولكني لم ب يتوج ّه ن أ وأعلم اتصالي أيضا االتصال بي .أعلم أنّها تنتظر ّ ّ ّ أستطع ..وهذا ما زاد من ضيقي وأملي ،فانعزلت عن اجلميع رغبة في أن أفكر بحرية، لت إلى قرار يريحني ويريحها ،يريح قلبي توص ُ بال ضغوطات ..وبعد تفكير عميق ّ علي سري ًعا وكأنّها تتنظر ويريح ضميري .أمسكت بهاتفي واتصلت بها ،فردّت ّ مكاملتي وتعلم أنّني سأتصل بها مهما ّ عما بدر تأخرت ،في بداية حديثنا ُ اعتذرت ّ منّي ولكنها لم حتاول أبدً ا أن تسألني عن سبب ما بدر منّي ،أو عن سبب انقطاعي مهمتي صعوبة ..لكني لم أكن أريد أن يثنيني هذا عن عن االتصال بها ،وهذا ما زاد ّ ّ لتشجعني فتمتمت ، ضروري بأمر أخبرها أن أريد ّني سبب اتصالي بها ..فقلت لها بأن ْ ّ على مواصلة حديثي ..قلت لها سري ًعا وبعبارة خاطفة بأنّني لم أشعر يوماً بأ ّية حب جتاهها ..ضحكت ضحكة غريبة ..في البداية استفزتني طريقتها جدً ا مشاعر ّ ظننت أنّها ضحكة ساخرة ..إال أنّني تراجعت عن تفكيري عندما فاجأتني ألنّني ُ وقالت لي إنّها تعلم ذلك جيداً ..أجبتها بأنّني ال أستطيع مقابلتها م ّرة أخرى ،فأنا ال ّ أتذكر ما قالت وكيف أبحث عن اجلنس فقط بل أريد ح ًّبا أشبعه باجلنس ..ال 85
أنهينا حديثنا ولكن كل ما أذكره أنّها وافقتني الرأي وودّعتني بطريقة جعلتني كل احترام وتقدير .أُغلق ّ أكن لها ّ اخلط بيننا نهائياً واختفت متا ًما من حتى اليوم ّ استفقت منه. حلما ُ حياتي وكأنّها كانت ً لفترة طالت ما يقارب الشهرين وأنا ال أعلم هل ما فعلته كان صواباً أم أنّني تس ّرعت؟ كنت ّ احلب أل ّول مرة أفكر كثيرا ً في الليلة التي مارست فيها مع ()m ّ في حياتي ،وشعرت كثيرا ً أيضاً برغبة جتتاحني ملعاودة إشباع رغباتي اجلنسية.. ولكني كنت أص ّر على كبتها وكبتها ..لم أشت َْق إلى ( )mأطالقاً ولكني اشتقت إلى جسدها ألف م ّرة ..لم أكن أشتاق إلى التحدّ ث معها ولكني اشتقت إلى شفتيها وملمسهما .كدت أكثر من م ّرة أتراجع عن قراري وأعاود االتصال بها .ولكني كنت قوية بالشكل الكافي ،فما هو ذنبها لتعطيني حباً وأعطيها أنا نفو ًرا ،وال متمسكة مببادئي في احلياة ظللت هكذا أحتاجها إال عندما أحتاج إلى جسدها.. ُ ّ التي كانت سرعان ما تكاد تنهار بسبب رغبات اجلسد ،ولكنها ما إن تكاد تنهار اال وأجدها تقوى م ّرة أخرى فتقف على قدميها لتكبت جسدي ورغباته وتخرسه. ما بني كل هذا ُولد ّ لدي فراغ كبير ..أريد شيئاً يلهيني ،فعدت م ّرة أخرى إلى أهم هواياتي، من األساس في فهو طويلة، ساعات أمامه أجلس إدمان اإلنترنت .كنت ّ باإلضافة للكتابة بكل أنواعها ..كنت أفرغ شحناتي فيهما .في هذا الوقت تع ّرفت على فتاه تدعي ( )Rوكنت أحتدّ ث معها كثيرا ً على اإلنترنت وتدريجياً حت ّول كالمنا إلى الهاتف .كنا نقضي ساعات طويلة نتحدّ ث مع بعضنا وال يخلو حديثنا شجعني على أن أطلب لقاءها. من اجلنس ..شعرت بتع ّلق طفيف بها ..وهذا ما ّ وبالفعل ،وافقت و ّ مت اللقاء بيننا .كان لقا ًء ممت ًعا من كل النواحي .فعندما تقابلنا احلب الكامل الذي أبحث أل ّول مرة شعرت بإحساس جعلني أق ّرر االستمرار ..إنّه ليس ّ عنه ولكنه شبيه به ..أعطى قلبي إشارة لعقلي بأنّه متق ّبل للفكرة مبدئياً وهذا ما جعلني أجلس أمامها ّ بكل راحه نفسية ..وباإلضافة إلى راحتى النفسية والقلب ّية وتهتم ّ بأدق التفاصيل في مظهرها وطريقة والعقل ّية فقد كانت فتاة جميلة أنيقة، ّ 86
كالمها وحتى في عطرها .وبفطنة عرفت أن اإلعجاب متبادل ..جلسنا طوي ًال نتحدّ ث دون أن ّ أمل احلديث معها ،فهي مثقفة وفي ذات الوقت مرحة ..ذك ّية وفي نفس الوقت بسيطة جدً ا .جميلة ولديها شخصية مريحة ،كل هذه الصفات جعلتني أشعر بأنّني بدأت خطوة جديدة في حياتي. كان حديثنا في هذه امل ّرة حدي ًثا شام ًال فحاولنا أن نتحدّ ث عن ّ كل شيء ،حتى تتعمد أن تسألني عن ّ أدق أمور حياتي .وعلى ال ّرغم من أنّني أرفض متا ًما أنّها كانت ّ أن يستجوبني أحد بصيغة السؤال واجلواب إال أنّني لم أشعر أبدً ا بالضيق من أسئلتها كنت أجيبها ّ أحب أن أخ ّبئ شي ًئا املتوالية عن حياتي. ُ بكل وضوح وصراحة ،فأنا ال ّ من حياتي حتى وإن كنت أخجل به .كنت أجيبها وأسألها ،وهكذا م ّر الوقت بني احلب حتى م ّر علينا وقت طويل األخذ والعطاء ،دون أن يخلو من الفكاهة وكالم ّ ّ كل ولم نشعر به .كان ال بدّ للقاء أن ينتهي فاتفقنا على موعد آخر وذهبت واحدة في طريقها. ظللت مشتاقة للقائها م ّرة أخرى مع أن وقتنا لم ُ يخل من مكاملات هاتفية قد تصل ُ سبع ساعات يوم ّياً ..اال أنني بقيت مشتاقة للقائها ،لنظرة اإلعجاب في عينيها ..ال كبت احلب معها ،فأنا كما تعلمون أخفي عليكم أبدا ً مدى رغبتي في ممارسة ّ ّ رغباتي فترة طويلة ،واآلن أصبحت رغباتي في حالة هياج ال ينفع معها الكبت أو اخلمد ..أمسكت بهاتفي واتصلت بها )R(« :أنا أريدك اآلن ،أريد جسدك ،أريد ضمك ضحكت وقالت إنّها تريد نفس ما أريد. بضمتك ،بلمستك». وتقبيلك ،أريد أن أشعر ْ ّ وتفكر مبا ّ ّ واحلب. املتعة لقاء الثاني لقاؤنا يكون أن رنا أفكر .فق ّر ّ يوم موعد لقائنا أردت أن أطير من على األرض ألصل إليها في أسرع وقت ..وصلت إلي بل قمت من مكاني وذهبت إليها إلى املكان وعندما حملت سيارتها لم أنتظر لتأتي ّ قبلتها وركبت سيارتها وذهبنا معاً إلى شقتي. 87
مبج ّرد دخولنا من باب الش ّقة عانقتها وعانقتني ..قبلتها وقبلتني ..تلمست ّ كل مما جعل جسدها كله يرتعش بني يدي.. أجزاء جسدها في حركة سريعة ّ وسرعان ما تعالت أنفاسنا وشعرت بحرارة تخرج من جسدي وجسدها ..ودون أن نشعر وجدنا جسدينا على السرير ،جسدي يعلو جسدها تارة وجسدها يعلو جسدي تارة أخرى ..وضعت يدي علي نهديها فوق مالبسها ..ومبج ّرد أن أمسكت بهما، أزاحت يدي لتتح ّرر من مالبسها وأمسكت بيدي ووضعتهما علي صدرها مباشرة ومصهما كالطفل الرضيع ثم أخذت في لعقهما كي أشعر أكثر مبلمسهماّ .. ّ اجلائع الذي يبحث عن صدر أ ّمه ولبنها منذ فترة وقد اهتدى لها قري ًبا. بأن جمرة من نار فوقي ..جمرة ليست حني استلقت بجسدها فوق جسدي شعرت ّ ّ ككل اجلمرات ،جمرة ك ّلما اقتربت منك أردت أن حتتضنها أكثر وأن تضمها أكثر ..لففت يدي حول جسدها وضممتها إلى جسدي حتى أصبحنا كجسد واحد ..تركت يدي تعبث في كل منطقة من جسدها ...ويدها تلمس كل ذرة في جسدي حتى أنّنا وصلنا حالة هياج كامل ..رفعت جسدي لتستلقي هي على ظهرها ثم باعدت بني فخذيها وتعانقت أفخاذنا لنسمح بأعضائنا اجلنسية أن ّ وحتتكّ ، لعل ذلك يطفئ لهيبها ..ظللنا هكذا فترة طويلة جدً ا ،حتى إنني تتقابل ضمة أشعرتني بأنني أمتلك كل شعرت بأن قواي اجلسدية قد أنهكت فضمتني ّ ّ الكون عندما مت ّلكت جسدها ،فجعلت خدي يرتاح فوق صدرها وأسمعتني وأسمعتها أجمل كالم احلب والغزل.. بعد ذلك توالت لقاءاتنا فأصبحت ّ كل واحدة منا جز ًءا من األخرى ..عرفت معها وضحيت بالكثير من أجلها، ضحت بالكثير من أجلي، ّ ّ احلب بكل صوره وألوانهّ .. ً بأن الواحدة منا تبذل أي شيء من أجل األخرى.. وبالرغم من ذلك ال نشعر أبدا ّ فحياتنا أصبحت مشتركة بالرغم من أننا ال نعيش في منزل واحد ..وأفكارنا اصبحت واحدة بالرغم من أنّنا مختلفتان في أشياء كثيرة جوهر ّية. 88
هذا هو احلب.
رســــالتي إلى املجتمـــــع ر ّد َد أجدادنا وآباؤنا مقولة «كل اللي يعجبك والبس اللي يعجب الناس» ،وحاول آباؤنا أن ير ّبونا كما ر ّباهم آباؤهم، حاولوا أن يع ّلمونا أن نأكل ما نريد وأن نلبس ما يريده الناس ..عجبي! إن كان هذا في املأكل وامللبس ..فماذا سيكون في العاطفة واجلنس ..هل سيندرجون ضمن املأكل أم ضمن امللبس، عذراً ،أقصد هل سيندرجون ضمن ما أريده أم ما يريده الناس؟ إن كان أجدادنا أدرجوا املأكل ضمن احتياجاتنا ورغباتنا ضمن مقولتهم «النفس اللي بتاكل» أي أنه يصعب على معدة اإلنسان ان تستقبل شي ًئا غير مرغوب من قبل صاحب هذه املعدة وإال فسيتع ّرض لبعض االضطرابات وامليل للتق ّيؤ والتعب في املعدة ..إلخ. فما بالكم يا أجدادنا بالعاطفة واجلنس.. ما بالكم بعاطفتنا وميولنا اجلنس ّية ..كيف ميكن إلنسان أن يعاشر ما ال يريد وأن احلب حتت راية العادات والتقاليد واألعراف. ميارس معه ّ أية أعراف هذه التي جتبر اإلنسان على أن يعطي مشاعره وجسده لطرف آخر يشمئ ّز منه أو ال يتق ّبله؟ أحيانًا ،نرى بعض احليوانات التي ال تقبل مبمارسة اجلنس مع حيوان آخر ،ونراه 89
يهاجمه ويرفضه ،أو يف ّر من أمامه! إن كان هذا يحدث مع احليوان الذي ال يعي وال يدرك ومع ذلك يرفض ما ال يريده ،فما بالكم باالنسان الذي م ّيزه خالقه بالعقل وأعطاه اإلرادة ..هل يقف مكتوف األيدي أمام املجتمع والناس حتى يرضيهم جمي ًعا ..أم ميارس أبسط حقوقه ويطالب بح ّر ّيته وح ّرية اختياراته؟ اإلنسان ليس آلة تُبر َمج ..اإلنسان كتلة من املشاعر واألحاسيس ال ميكن أن تكون ً في ّ نشيطا وآخر كل البشر واحدة ..فقد جند إنسانًا هاد ًئا وآخر اجتماع ًيا ..إنسانًا كسو ًال ..إنسانًا ذك ًّيا وآخر ّ أقل ذكا ًء ..إنسانًا صبو ًرا وآخر متس ّرعً ا ..فلماذا إذاً املثلي في حني نؤمن بوجود اإلنسان الذي مييل للجنس ال نتق ّبل وجود اإلنسان ّ املُغاير له؟ حب لكن لم منارس اجلنس م ًعا ..كنّا كانت لي صديقة أرتبط معها مبشاعر ّ نتحدث كثيرا ً عن مشاعرنا وحبنا ،وذات يوم كنّا في اجلامعة نتحدّ ث ،وعال صوتي قلي ًال دون أن أشعر .وجدتها تطلب منّي أن أخفض صوتي خوفاً من أن يسمعنا أحد ..قلت لها «وليه خايفه إنه يسمعنا حدا» فأجابتني باستغراب شديد وقالت «يا سالم إنتي عاوزة حد يسمعنا وننفضح»! أصبح حتى مج ّرد التعبير عن املشاعر فضيحة في مجتمعنا؟ فهل ستكون الفضيحة نفسها إن كانت جتلس مع شاب وليس فتاة؟ بأن اإلنسان املثلي لديه ّأي خلل في وظائفه اجلنسية أو هرموناته اجلنسية.. أنا ال أؤمن ّ ً ولكن لديه نوعً ا مختلفا من املشاعر ،واالختالف ال يعني اخلطأ .ففي أحيان كثيرة ّ يهاجم ويحصد الكثير من جند ّأن االختالف يعني التم ُّيز ..ودائماً نرى ّأن املم َّيز َ املتحجرة التي رسمت لنفسها ً خطا واحدً ا النقد واإلهانات واإلسفاف بسبب العقول ّ وطري ًقا واحدً ا وأسلو ًبا واحدً ا ..هناك عقول ترفض املناقشة أو تق ّبل الغير. أنتم ت ّتهموننا بأنّنا اعتدنا فقط على ممُ ارسة اجلنس مع من هم مثلنا جنس ًّيا ..إن 90
كانت املسألة مسألة اعتياد فما بالكم بالطفل – الطفلة -الذي ال يرغب في اللعب أو الكالم أو التع ّلق إال مبن هم من نفس جنسه؟ ال يستعذب إال أن يلعب دور احلبيب احملب ملن هم من نفس جنسه ..أين وكيف ومتى اعتاد هذا الطفل؟ أو ّ املسألة ليست مسألة اعتياد املسألة ..مسألة ميول رغبات داخل ّية ومشاعر وعاطفة ال ميكن لإلنسان أن يتدخل فيها. ّ وسنظل كما نحن ،ال ميكن نحن كنّا نوجهها لكم أجدادنا وآباءناُ : كلمة أخيرة ّ أن نستبدل هو ّيتنا بهو ّية أخرى مز ّيفة ..ال ميكننا أن نكون كما تريدوننا ،ليس عنادا ً منا بل إمياناً بقض ّيتنا .فال نريد أن نرتدي قناعً ا حتى نقنع املجتمع بانسياقنا ألعرافه وتقاليده ..آمنتم بنا أم لم تؤمنوا فلن يغ ّير هذا شيئاً ..ألن العاطفة ال تسير السفن ..وال تستطيع أن تخفض رأسها للعاصفة ..أو تغلق بابها خوفاً كما تشتهي ّ من رياح رجع ّيتكم..
سوزان
2007/6/12
91
تعالــــــــي.. ّ بيدي خدّ يك وعينيك تعالي أتلمس ِ أهواك وأفتح يدي وأصرخ: خمرية وبيضاء وسمراء أجمل ِ أنت من هذا وذاك ح ّب ِك س ّيدتي كالبحر الغاضب كلهيب نار يحرق فينمو فيزداد إحراقاً تعالي لنبني فوق الرمال بيوتًا ونحميها من اإلعصار ونكتب حرو ًفا وأنغاماً وكالم ّ عشاق.. ونتسابق حتى تتعالى األنفاس.. شفتي امنحيني يدك فأجذبك إلى ّ تعالي ودعي اخلجل بعيدً ا عنّا يو ًما من األ ّيام ودعيني أرقص بد ًال من ّ كل العشاق وانظري لي كعادتك بأعجابك.. فأذوب وكأنّني ثلج طلعت عليه شمس النهار ُ تعالي واقتلي املسافات فالشوق ع ّلمني اإلصرار وقبليني بعدد حلظات البعد واالنتظار واتركي رأسي بني كفيك ود ّلليني كاألطفال عيني لتعلمي ما يخفيه قلبي الولهان وانظري إلى ّ تعالي يا حبيبتي فاليوم عيد ّ لكل ّ العشاق كسري قيود خجلك وافتحي حلبيبتك األبواب ّ ّ فاحلب يؤمن بكل التناقضات واصرخي أو اهمسي ّ كوني رقيقة أو عنيفة.. 92
كوني شقية أو عفيفة.. كوني معي ّ كل ما ال يحتمل االجتماع ِ أهواك أنا يا عذبة يا جميلة يا فاتنة الفاتنات أقتليني بالغرام وال تبالي فموتي بني يديك أغلى األماني فتعالي واذهبي واذهبي وتعالي..
سوزان
2007/5/31
93
أنشــــودة ح ّبـــــي أنشودة ح ّبي ك ّلها أقولها وقت اللقاء من دون أن أتك ّلم فقلبي يفضحه البكاء قلبي أنا متي ّقن بفراق يحمل األحزان فراق يسعد غيرنا ويشقينا على م ّر الزمان علي خوف تالعبه األقدار فلما لومي أذا ً ّ ّ فأني عند لقائنا أمتنى توقف األعمار أيخدش كبريائي دمعة جترح في الفؤاد؟ أم ُّ عيني البكا ُء كدواء يخفي اآلالم؟ حق ّ لن أطالب بالبقاء فبقاؤنا حقاً محال بل أطالب بالوفاء لعهود حتيي اآلمال هل سيبقى لنا شيء أم سننسى بعد الفراق ّ وكل الرفاق كيف أنسى أنا حباً كان دربي فهل نحيا في دنيا الشقاء أجسادًا تعيش بال أرواح هذا قضاء مابعده قضاء فوداعاً وكفى القلب جراح
سوزان
2002/6/5 94
اخلزانـــــة واحلقيقـــــة عـــــــــدن
«ماما ..في عندي شي أقـُلـّك إ ّياه» ،بهمس تك ّلمت بهدوء كعادتها «شو في؟» سألت ٍ بحب البنات» «أنا ..أنا ّ «شو؟!» «أنا»... «سمعت» كلمتها خرجت بصرخة مكبوتة «وما في عندك إشي تقوليه؟» «شو عم بتحاولي تقوليلي؟ إنك»... «بعرفش ماما ..بعرفش».. قصصا بلغة غير لغتي عن مثل ّيي اجلنس .أذكر أذكر املرة األولى التي قرأت فيها ً قصة شاب أنكر ّ بكل قوة كونه مثل ًيا عندما سئل في املدرسة .ورغم خوفه من ّ مثلي ولم تن َهر كلمة يلفظ أن استطاع ألنه بالراحة شعر فقد املوضوع، عن الكالم ّ األرض حتت قدميه .وقصة الفتاة التي أرادت أن تخبر أهلها وما إن بدأت بالكالم عن املوضوع ،حتى تغ ّيرت مالمح وجه أبيها وعرفت آنذاك أنّها تؤمله بحديثها ..وقصص أخرى ً أيضا. قصتي أيضا ال تبدأ كما في املقدمة .هذه قصتيّ . لم تكن ّأي من تلك القصص ّ ّ كل م ّرة املقدمة هي فقط إحدى احملادثات الكثيرة التي دارت في مخ ّيلتي ،في ّ فكرت فيها بأن أخبر أ ّمي بـ «احلقيقة». في ّ كل م ّرة قرأت فيها عن اللحظة التي يخرجون فيها من اخلزانة أمام أ ّمهاتهم، 95
كان هناك ر ّد فعل مختلف .غضب ،خيبة أمل ،تق ّبل .أم باكية ،متجاهلة أو داعمة .وفي ّ لت :ماذا سيكون ر ّد فعلها ،ر ّد فعل أ ّمي؟ كل م ّرة ،تسا َء ُ قبل سنتني ،بدأت أبحث عن موا ّد وقصص عن املثلية اجلنسية لع ّلي أجد بني السطور أجوبة ألسئلة عدّ ة .عندما وجدت أ ّول قصة ،قرأت كلماتها بعطش ،متذ ّوقة كل كلمة ،خائفة أن يفوتني شيء .وفجأة ،شعرت بأني قريبة من أناس ال أعرفهم، يربطني بهم س ّر .لكن ملاذا بدأت بالبحث عن هذه القصص؟ بدأ مشواري في ذلك اللقاء مع امرأة ورجل مثليني .التقيت بهم خالل فترة دراستي األكادمي ّية ،حيث انضممت إلى دورة عن اجلنسانية والعالقات الزوجية ،وهما كانا ضيوفنا في أحد اللقاءات. أذكر أنه عندما بدأت املرأة حتدثنا عن جتربتها وتصف تلك الرغبة التي شعرت بها في فترات متقاربة حتى قبل أن تعي أنها مثلية؛ رغبة أن تكون قريبة من صديقاتها تضمهن ،أذكر كيف بدأت أبحث عن تفسير آخر لتلك الرغبة التي شعرت بها وأن ّ من حني آلخر ،ألنه «ال يعقل أنّي مثلها أيضا»ّ ، فكرت. حتب أن تكون قريبة من صديقاتها ً هن ولكن تضم ّ إحدى الطالبات قالت إنّها ّ أيضا وأن ّ هذا ال يعني أنها مثلية .وافقتها ضيفتنا الرأي وأنا تن ّفست الصعداء. في اللقاء التاليِ ، سألت احملاضرة إن كان لدينا أية أسئلة أو تعليقات بخصوص لقائنا مع مثل ّيي اجلنس وأنا خال ًفا لعادتي جت ّرأت وسألت« :كيف يعرفون أنّهم هكذا؟». إلي مبتسمة وسألت« :كيف تعرفني أنّك مغايرة اجلنس؟». نظرت ّ ً جتمدت للحظة بدت لي كأنّها كان من املفروض أن يكون هذا سؤا ًال بسيطا ولكني ّ لن تنتهي وفي رأسي سؤال واحد« :أنا مغايرة اجلنس؟» ..وبتردّد لم يشعر به أحد، 96
أجبت« :ألنّي أجنذب للرجال». لم أكذب يومها .أنا حقا أجنذب للرجال .وهكذا استطعت م ّرة أخرى أن أخنق ذلك الصوت ،تاركة من حولي صم ًتا ميلؤه الفراغ. م ّرت سنتان على ذلك اللقاء وها أنا أجت ّرأ وأعيد النظر إلى الوراء. ومقاالتُ ، كتب فيها ّأن الكثير من املثليني واملثل ّيات أثناء بحثي ،وجدت كت ًبا ٍ أنفسهم يشعرون باالشمئزاز والكراهية نحو املثليني قبل أن يعوا ميولهم وأحيانًا بعدها ً أيضا. سن املراهقة في امل ّرة األولى التي وقعت فيها عيناي على هذا فع ًال ما شعرت به في ّ بشغف .شعرت بالقرف ،خفت وحاولت مقطع من فيلم تبادلت فيه امرأتان القبالت ٍ محو تلك الصورة من ذاكرتي ولكنّها أبت أن تفارقني. «إذ كيف يعقل أني هكذا (لم أجرؤ على لفظ الكلمة وقتها) إن كانت صور كتلك التي رأيتها في الفيلم تُشعرني باالشمئزاز؟» ..هكذا تسألت في داخلي في ّ كل م ّرة هاجمني فيها ّ الشك. ال أدري حتى اليوم ما الذي أثار شكي من حني آلخر ،ولكن في كل م ّرة هاجمني فيها ،كنت أُصاب بالذعر وأهرب منه كالهاربة من ظ ّلها .كما أني ال أدري ما الذي دفعني قبل سنتني ملواجهة هذه الشكوك والتساؤالت ولكن في تلك اللحظات ،ق ّررت البدء بالبحث عن معلومات وموا ّد موثوق فيها. كل معلومة جديدة ،كل مقال ،زاد خوفي من «احلقيقة» .في داخلي دار جدال منصة االتهام ،منتظرة حكم القضاة .كنت محامية مستم ّر .شعرت كمن تقف على ّ 97
الدفاع والهجوم في آن واحد .كنت املتهمة واحلاكمة .دافعت عن نفسي واتهمتها وبسرعة وبدون أن أعطي نفسي فرصة للمرافعة ،أصدرت احلكم! وكان احلكم: «أنت مثلية» ..في تلك اللحظة ،كان هذا القرار بالنسبة لي كاحلكم باإلعدام. «ال أستطيع أن أفعل لهم هذا! أن أس ّبب ألهلي كل هذا األلم! أنا ال اقدر أن أعيش حياة سرت ال أدري إلى أين .هربت من اجلميع ومن كهذه!» ،صرخت في قلبي ألشهر. ُ كل شيء .لم أجرؤ على النظر في عيون صديقاتي وكنت مصغية ّ ّ لكل حركة، ّ ّ ّ ّ وأن ال أحد يشك بي. لكل همسة ،لكي أتأكد من ّأن كل شيء يسير كالعادة ّ تطلب منّي األمر بعض الوقت ألهدأ قلي ًال وأن أحاول التع ّرف على ،وفحص هذا املكان اجلديد الذي وجدت نفسي فيه .لم أكن مع أية امرأة من قبل .لربمّ ا كنت مخطئة؟ لربمّ ا أدخلت ّ كل هذه األفكار إلى رأسي لكثرة القصص واملوا ّد التي قرأتها؟ تساءلت كثي ًرا وهكذا بدأ مشواري في البحث من جديد. ُ هذه املرة دخلت إلى غرف احلوار اإللكتروني ،وضعت على وجهي قناعً ا وباسم تهن مستعار دخلت هذا العالم االفتراضي .التقيت هناك بنساء واثقات من هو ّي ّ اجلنس ّية وأخريات متخ ّبطات .نساء ثنائ ّيات اجلنس وأخريات ُ ك ّن هناك ألجل جتربتهن األولى مع امرأة ،عن منهن من تك ّلمن عن جلميعهن. املغامرة فقط .أصغيت ّ ّ ّ أنفسهن كمثل ّيات فن ر ع بعضهن الذات. ل ب تق وعن احليرة عن اخلوف وعن اللهفة، َّ ّ ّ َ ّ يحتجن إلى تعريف. والبعض لم َ فجأة شعرت ّأن احلكم الذي أصدرته بصورة قاطعة ،بدأ يسقط .وعندما سألوني من خلف قناعي ،من أنا وهل أنا مثلية ،أجبت بأنّي ال أدري .لم أستطع اإلجابة بنعم، إحداهن قالت لي أثناء محادثة لنا« :أنت تنجذبني للرجال فأنا أجنذب للرجال أحيانًا. ّ ولكنك مغرمة بالنساء» ..ماذا يقول هذا عنّي؟ تساءلت. 98
كانت تتم ّلكني رغبة قوية وحاجة لتعريف نفسي ،للشعور باالنتماء ملجموعة مع تعريف واضح للهوية اجلنسية .هذه احلاجة ما زالت قائمة .ال أعرف اليوم ماذا أريد. أشعر أنّي ما زلت في ذلك املكان ،في الوسط ،دون تعريف ودون أجوبة نهائية .ليس من السهل التواجد في مكان كهذا ولكن بحثي املستمر عن أجوبة أتعبني وزاد من حيرتي حتى ق ّررت أن أوقفه. «ماما ..ما بعرف إذا في يوم راح اقدر أشاركك باحلقيقة ،لكن بتأمل إنّو ملا أق ّرر أحكيلك ،تقدري تسمعيني»... *** مشواري ابتدأ قبل سنتني ولم ينتهِ بعد .عندما بدأت أبحث عن قصص باللغة قصتي اليوم ،لع ّلها العربية ألشعر بأنّي لست وحيدة ،لم أجد .فق ّررت أن أكتب ّ تكون إحدى القصص التي تتماثلني معها عندما تبدأين بالبحث عن قصص أخريات مثلك.
99
100
جلهنم ّيـــــة أفكـــــاري ا ُ
ليلـــــــــى
رت أن كنت أعتقد أنّني الوحيدة في العالم مع هذه األفكار اجلهنم ّية ..وحني ق ّر ُ ُ العربي مع هذه األفكار اجلهنم ّية. رت أنّني الوحيدة في العالم أكون أكثر واقع ّية ق ّر ُ ّ العربي .وكأنّني ق ّررت عاملنا في عندنا، ة ي جنس ة ي مثل توجد ألنّه واضحٌ لي أنّه ال ّ ّ ّ ّأن امليل اجلنسي هو اختيار .بصراحة ،ال أعرف ما دار في دماغي في تلك الفترة. أكيدٌ أنني كنت أعيش في عالم آخر. حب أع ّز غريب ّأن بداية التساؤل حول هو ّيتي اجلنس ّية جاءت بعد أن ُ وقعت في ّ ٌ ّ حب أع ّز صديقة لي ،وليس في وقعت ّني ن بأ وقتها رت فك ّي ن أ غريب صديقاتي. ّ ٌ حب إنسانة ُمع ّينة ،كان التق ّرب إليها ممكنًا عن طريق الصداقة أنّني ُ وقعت في ّ غريب كيف أنّنا نرى األشياء أحيانًا كما نريدُ أن نراها وليس كما هي فعال!ً فقط. ٌ في ذلك احلني ،كان التفسير األسهل لغرابة وشدة العالقة التي بيننا ،هو أنّنا بحب األخرى دون أي عالقة ،مهما كانت ،مليولنا اجلنس ّية. كائنان وقعا الواحدة ّ وعلى الرغم من نضوجنا ووعينا وثقافتنا ،فقد اخترنا ،كالنا ،عدم ربط عالقتنا الغريبة مبيولنا اجلنس ّية. واضحا لنا أنّنا لسنا مثل ّيتي ال أعرف ما إذا كنّا ساذجتني أم ذك ّيتني ،ولكن كان ً ّ هن ،ولكن نحن لسنا ق ح من اجلنس .رمبا ّأن هناك نساء أخريات مثل ّيات ،وهذا ّ نحب الرجال وننجذب للرجال .ال أعلم ما معنى أنّني أجنذب للرجال، مثل ّيتني .نحن ّ ّ ألنّني كنت شخص ًيا مغرمة بجسدها وبجسمها ،وكنت مغرمة بكل بنت أخرى، ولطاملا اعتقدت ّأن النساء أجمل من الرجال بألف م ّرة .ولكن ،مع ّ رت، كل هذا ،ق ّر ُ لسبب ما ،أنني أجنذب للرجال .كيف وملاذا؟ ال توجد ّ لدي أية فكرة ..قد يكون السبب ٍ 101
في ذلك هو أنّني كنت أعرف ّأن االعتراف مبثل ّيتي أما َمها سيفقدها صوابها ..فهي حب أع ّز صديقاتها .ال أعلم ما يعنيه ليست مثل ّية اجلنس ،بل هي فتاة وقعت في ّ هذا ،ولكن هذه هي الكلمات التي اختارتها ك ّلما مت فتح موضوع عالقتنا الغريبة. بيني وبني نفسي كنت مكتفية بوجودها في حياتي ولم أرغب في أن أع ّرض هذه اكتفيت بأنّها موجودة في حياتي وبأنّني أح ّبها العالقة للخطر بأفكاري اجلهنم ّية. ُ وابتعدت عن أسئلة ال طعم لها وال فائدة منها. وبأنّها حت ّبني، ُ آمنت ّ عما بكل جوارحي أننا وحيدتان ،وأنّه ليس هناك غيرنا ،وأغمضت ُ عيني ّ ّ ّ كالشمس. يدور حولي .لم أكن أريد أن أرى حتى األشياء الواضحة احلب املستحيل رغم إرادتي البقا َء في هذه القوقعة املثال ّية والرومانس ّية املبن ّية على ّ كحب روميو جلولييت ،عنترة لعبلة ،قيس لليلى ..تلك القوقعة التي واملمنوع ّ ترسمنا كروحني تربطهما حياة سابقة أو ق ّوة عظيمة يستحيل تفسيرها ..قوقعة رومانسية ،مم ّيزة ،جميلة ومن ذهب. لكنها قوقعة.. حب االستطالع والفضول شاءا أكثر من ذلك ،ودفعاني رغم إرادتي البقا َء فيها ،إال ّأن ّ اكتشفت احلقيقة غير املفاجئة، إلى البحث عن نساء أخريات مثلي .مع مرور الوقت ُ لست الوحيدة ،ال في العالم وال في العالم العربي وال في بالدي وال في وهي أنّني ُ لست مم ّيزة وغريبة من نوعي كما ّ رت. فك ُ مدينتي وال في شارعي وال في حارتيُ . شجعني وق ّوى من مع مرور الوقت تع ّرفت على نساء أخريات مثلي .وهو ما ّ عزميتي. ّ اليوم ،أعيش مع شريكة حياتيّ . الصعبة نخطط م ًعا للمستقبل .م ًعا نتخطى العقباتّ ، 102
ّ نتخطاها .م ًعا نكتشف ّأن الوضع ليس بنفس الصعوبة التي منها واألصعب ،إال أنّنا تخ ّيلناها. حلمي اليوم أن أكون أ ًّما .هل أنا املثل ّية الوحيدة التي تريد األمومة؟ هل أنا املثل ّية لسبب ما ،ال أعتقدُ ذلك! العربية الوحيدة التي تريد األمومة؟ ٍ
103
104
الحظي الشـــــوق بعينـــــــي
نظـــــــرة
على الصخر جتلسني.. مراقبة انكسار األمواج ..تتأ ّملني.. صامتة قربك ..ال أفصح بكلمة أجلس وكتفي اليسرى تالمس بخجل يدك اليمني.. أبحث عنك معي ،أبحث عن عينيك.. عن نظراتك املتبعثرة ..هل تالحظني؟! آه لو تدرين ..لو تدرين في قلبي ،في عقلي وفي جسدي..ما تس ّببني! آه لو تدرين ما يجول في ذهني وأنت بغير قصد تدنني وتقتربني. جسدي يا امرأه يشتعل نا ًرا وحنني أموت وأحيا ،أحيا وأموت.. وأنت ..ال تدرين! إلي ..الحظي ّ بعيني.. الشوق ّ أنظري ّ تك ّلمي..تك ّلمي..أعطني إشارة بأنّك تفهمني قلبي دمار وألم وأنني باسمك ..يستغيث ينادي ْ ملاذا ال تدركني؟! ملاذا ال تسمعني؟! ِ «أح ّب ِك ،»..فجأة سمعتك تهمسني 105
مرجتف ..حزين. صوت في ٍ ٍ ِ «أح ّب ِك ،»..سمعتك تتمتمني.. إالهي ،هل اكتشفت اليقني؟! ِأح ّب ِك ِ ..أح ّب ِك..ال تتردّدين ملاذا ال تقولني؟ ملاذا ال تفشني؟! ِ ألضمها إلى صدري، هات يدك ّ إلى قلبي ..إلى اجلبني. ِ هات يدك ألشعر بأنوثتي، بكوني امرأة ..هل متانعني! اقتربي ..اقتربي ..يا حبيبتي ..ادني أحتاج أن تلمس شفتاي شفتيك الورد ّيتني أن أشعر بعطرهما..بحالوتهما ق ّبليني ..دعينا نع ّوض ما أضاعته السنني! أحضنيني حبيبتي..أح ّبيني ..أشعليني ال تخافي..جت ّرأي.. جت ّرأي.. فأنا أتوق لنهديك املستديرين.. أحفري اسمك في قلبي ..حبيبتي بشذا ثغرك ..بهمسك ..بنهدك بالورد والياسمني!
106
عانقيني أرجوك ..داعبيني.. في داخلي إعصار وفي أحشائي تشتعل نار. عطرك ميأل صدري.. ُ شهدُ ك يالزم ثغري.. وأنا ..أنهار.. أنهار.
107
تصوير :نظـــــــرة
108
أ ِح ُبـــــــ ِك أنــــــ ِت Life
ألم تفهمي بعد؟! أح ُب ِك أح ُب ِك أح ُب ِك أعشق ّ ُ كل ذ ّر ٍة ِ فيك أظن أن ُح َّب ِك يجري في دمي ُ كنت ّ ّ احلب فاستبدلت دمي ألتخلص من هذا ّ ولكن لم يحدث ذلك لم أجنح في التخ ّلص من ُح ِ بك َ فقد اكتشفت ّأن ح ّب ِك هو ُمك ّوني فلوال ح ّب ِك ملا كنت ملا كان هذا اجلسد ولم تكن هذه الروح ألنك ّ ِ شيء يا حبيبتي كل ٍ وأنت اجلسد ِ القلب ِ وأنت الروح أنت َ ِ أنت النفَس الذي يدخل أحشائي ل ُيحييني ِ نعمِ ، أنا..أنت حياتي كلها أنت هي ظننت في السابق أني أبالغ في قول ذلك ولكني اآلن ّ دت أنّها ليست مبالغة تأك ُ وأنّه ليس كال ًما عاب ًرا اآلن ّ تأكدت أنّها هي احلقيقة الوحيدة ّ لدي َ فأنا ال أستطيع وال أريد أن أحيا بدونك! 2007/6/9 109
هـــــذا هو فقـــط ما متنيتــــــه.. كنت مكانها ّيت لو أنّي ُ كم حسدتها وكم متن ُ ّ شفتيك ِ ِ تستلذين وأنت متنيت لو أني كنت مكانها ،أحترق بني كم ُ ِ ويديك أصعد وأنزل ِ ِ ِ بيديك متسكني وأنت ثغرك ّيت لو أني مثلها بني كم متن ُ ُ أعماقك ِ ِ ِ وأنت أنفاسك وأهوى إلى متنيت لو أنّي كنت مثلها أختلط بني كم ُ تتن ّفسني يديك كما ُ ِ ك ِ ِ بأصابعك تسحقني نت سح ُق مثلها بني كم ُ متنيت لو أنّي أُ َ ألني رأيتها ..نعم رأيتها بأم عيني ُ ِ شفتيك تشتعل لذ ُة بني وهي ُ ً ِ يديك رأيتها وهي تسقط رمادا من شدة رعشتها بني ِ كنت بها تمُ سكني وتشعلني وفي نا َر الغيرةِ تُشعلني َّ ِ كنت بها تُقبلني وحترقني في رغبتي حترقني وأناَّ ، مرة في حياتي ندمت على أنني إنسان ألول ٍ َ دقائق معدودة ومتنيت لو تكون مدة حياتي دقائق ُيخلق بها اإلحساس عند اجلماد ُ دقائق فيها جتتمع كل سعادة الدنيا كل جمالها كل لذتها وكل نشوتها، ُ دقائق فيها عشرون عا ًما عشتها 110
وعشرون أخرى سأعيشها ُ دقائق تلخص عمري بأكمله منذ والدتي وحتى مماتي.. عمري الذي يحسبونه بالسنني تلخصه هي بدقائق بدقائق سيجارة واحدة تلخصه ٍ وشفتيك تتنقل ِ ِ ِ وأنت تستلذين! أصابعك وهي بني . . . حبيبتي.. ُ تشتعل في أحشائي وتكسر أضالعي بغيرة أشعر أل ّول م ّر ٍ ِة ٍ ُ ِ يديك ألنّي ألول م ّر ٍة يا حبيبتي أرى أنثى بني أراك بها ت ّ أل ّول م ّر ٍة ِ ُدخنني!
Life
2007/7/10
111
ِ أنساك كيف لي أن ِ فاإلله واحد أنساك كيف لي أن ِ وليس أمامي اله غيرك ألختار يوم أكثر كل أعشقك وأنا ٍ أحرقيني أرفعي روحي ِ وأذوب ِ اليك يوم أكثر فيك كل ٍ �ك أك��ث��ر..وأمت��ن� ِ وأحلم ب� ِ �اك أكثر ..فقد تعبت من كثر االنتظار ِ أحرقيني وارفعيني وأشتهيك أكثر أنساك ِ ِ لعل لروح العبد أن تتوحد مع اإلله وأنت عشقي كيف لي أن ِ من بعد طول انتظار. أنت ضحكي وبكائي دمعتي وابتسامتي ثورتي وهدوئي صمتي وكالمي Life فرحي وتعاستي 2007/9/26 يأسي وأملي عقلي وجنوني أعشقك وأعشق كل شيء ِ فيك ِ أنساك؟! فكيف لي أن كيف لي أن أنسى ذاتي؟! كيف لي أن أنسى حياتي؟! كيف لي أن أنسى خالقتي.. وأنسى آلهتي يا عشتار حب ويا جمرة نار يا دمعة ٍ أشعليني بجمالك واحرقيني بحبك 112
ســـــــــ ّيدتي ِ فضلك أن تشرحي لي خارطة ح ّب ِك ..فأنا أم ّية س ّيدتي ..من ووصلت الى أعلى درجات الثقافة غات ُ فقد تع ّل ُ مت عشر ُل ٍ وما زلت أم ّية زلت أجهل ِ لغتك، ما ُ اللغ َة التي تكتبني بها ُح ِ بك ِ خرائطك وترسمني بها أظن أني تت ّبعت اخلارطة جيدا ً مرة كنت ّ ففي كل ٍ وصلت إلى ِ قلبك وأني ُ جنحت في فهم ِ لغتك وكنت أظن أنّي نعم، ُ ُ ولكن سرعان ما يخيب ظنّي ِ أرضك اذ أجد نفسي تائه ًة في ُ شيء حولي أجهل كل ٍ وأجهل كل الطرق بدأت ّ أشك في نفسي س ّيدتيُ .. بدأت ّ أشك ِ فيك ألني ُ ّ وأشك بلغتك فأظن أن ِّك ّ يوم تخلقني لغ ًة جديدة ّ كل ٍ لكي تُبقيني تائهة تائهة في أرض اجلنّة ولكنّي ال أطال شيئاً من أنعامها ِ أرجوك سيدتي.. إن كانت هذه هي اجلنة فأنا ال أريدها 113
فأنا أريد أن ترميني إلى جهنم ألنها أرحم من هذه اجلنة ولكن من فضلك دعيني أصل إلى قلبك ثم افعلي بي ما ِ شئت وأشعر أنّي هناك ّ أقتليني ..مزقيني ..أحرقيني ِ فعلت ،لن يه ّز كل هذا منّي شعرة فمهما ألنّي سأبقى أعيش اللحظة التي وصلت بها إليك يهمني ما يحدث بعد ذلك ولن ّ أحيا ..أموت ك ّله عندي سواء
Life
114
أنا أختارك أنت ال أريد أن أبقى عذراء أريدك أن متزقيني المرأة في حلظات حوليني ٍ فجري عُ ذريتي واجعليني امرأتك فجريها وفجري معها كل القوانني كسري كل احلواجز وكل القيود القيود التي َ ك َبلَنا بها املجتمع املجتمع املتخلف املجتمع ألذكوري املجتمع األناني املجتمع الذي قال هكذا أريدك أن تكوني ولم ي ُقل كوني ما تريدي حجة للمجتمع قيد واكبر ٍ فجري اكبر ٍ حرريني فما يريده ذلك املجتمع القاهر؟! لشخص واحد؟! أن أكون ٍ لشخص واحد ها أنا إذا ٍ أنا أمنحك ِ أنت نفسي ِ لك ِ أنا ِ وحدك ..لك فافعلي بي ما تشائني فاآلن أنا ِ ..لشخص واحد لك ٍ 115
وليعارض من يعارض وليحتج من يحتج وليثور من يثور ولتمزقيني ِ أنت لك ِ وألكون ِ أنت فهذا اختياري أنا وهذا ما أريد أن أكونه أنا ولن اكترث مبن لم يكترث يوماً بإعطائي حقي أنا لن أكترث مبن يسلبني ُحريتي علي اختياره ويعرض َّ فأنا أختارك ِ أنت... األنثى لتكوني لي زوجة... لتكوني لي ما نريده وألكون ِ لك ما نقرره فهذهِ حياتنا...وهذا حقنا ولننسى كل من ال يتقبلنا ولنكمل طريقنا فأنا أختارك احلبيبة ِ أختارك أُنثى.
Life 116
بعض النّاس محظوظون وبعضهم اآلخر ليسوا محظوظون
( Pazuzuالكاتبة من لبنان)
ُ األشخاص محظوظون ،وبعضهم اآلخر ليسوا محظوظني .أو لربمّ ا يجدر بي بعض ِ ّ شخص محظوظ في جوانب مع ّينة من حياته بينما يواجه حتديات كل إن القول ٍ بحياة جنس ّي ٍة عاد ّية ،وبعضهم األشخاص محظوظون في جوانب أخرى .بعض ِ ٍ لكن البعض اآلخر ليسوا كذلك .بعض األشخاص محظوظون ملعرفتهم ما يريدونّ ، ِ اآلخر ال ينعم بهذاّ .إن جميع من لم يحظوا من بيننا مبعرفة أمور كهذه عن أنفسهم باحلدْ س ،ليسوا ملعونني أو عدميي احلظ بالضرورة ،بل يواجهون حتدّ يات األمر فحسب .نحن نُناضل لنعرف من نحن ،لنعرف ماذا نريد أو نحتاج .ال يتو ّقف ُ يشمل ّ ُ فإن مسائل بسيطة عند امليول اجلنس ّية فقط ،بل إنّه كل شيء .بالنسبة لناّ ، كاختيار اللباس للذهاب إلى اجلامعة ،قد تتح ّول إلى عبء. ّ كنت شهوان ّية .لم أكن ألعرف ذلك كطفلة التذكر ،فقد بقدر ما ميكنني ُ ّ ّ أمِ جنس أي نحو ل لم السنوات كل طيلة ولكن مراهقتي. في به االعتراف ورفضت ُ ٍ ّ معينّ .وبالطبع ،فقد كانت كل تخ ّيالتي الرومانس ّية تدو ُر حول عالقات مغايرة اجلنس ،وهي التي تُعتبر طبيعية في محيطي احملافظ .غير أنّي لم أكن جز ًءا من واعتقدت ّأن ذلك كان طبيع ٌّيا ً سن 18أو 19عا ًما، تخ ّيالتي؛ ُ أيضا ،حتى عند بلوغي ّ ّ كنت عالقة جنس ّية .كل ما اعتقدته هو أنّي رفض رؤية نفسي أقيم إذ ُ ُ واصلت ِ ٍ خجل ًة فحسب. ولكن أتعرفون ماذا؟ حتى كطفلة ،لم يكن ّ سمعت حقيقي .لقد تفضيل لدي ّأي ُ ٍ ّ يفضلون الفتيات ،والبعض ّ أن بعض األشخاص يعلمون أنهم ّ يفضل ال ّرجال ،وبعضهم اآلخر ّ يفضل كليهما ...لكن لم تكن تلك حالتي باملرة .بقدر ما تعود إليه ذاكرتي 117
أمور كان الشعور باإلثارة أو االنفعال ،أو االهتياج بطريقة أو بأخرى، ّ ينصب على ٍ باحلب أو ّ بأي شيء .أنا لم أعرف دائما ،فلم تكن له أ ّية عالقة باملشاعر أو ّ جسد ّية ً ً ماذا كنت .وما بدا مرتبطا بها كانت أفكا ًرا ساد ّي ًة غريبة شملت «مصن ًعا لتقطيع األعضاء». فعلت قمت بكبح جماح ميولي اجلنس ّية بوحش ّية كما خالل سنوات مراهقتي ُ ُ بطريقة أكثر جذرية .لذا ،ليس مبقدوري اخلروج دائما مع األفكار الساد ّية ،ولكن ٍ ً استنتاجات ذات فائدة من تلك الفترة .في ذلك الوقت ،كان االستمناء مبثابة بأية ٍ استسلمت له ،أصبح جترب ًة بغيضة ّ ِ االغتصاب مزيجا من تشكل فعل خيانة ،وعندما ُ ً احلب. واإلذالل .وكم كان غري ًبا ،أن نفسي ،خالل تلك السنوات ،كانت تتوق إلى ّ احلب؟ كيف تعرف أنك ظننت أني بل ُ ُ حصلت عليه لوهلة ...ال أعرف ح ًّقا .ما هو ّ احلب ّ لدي مقرونًا بنقطتينْ : حتب؟ كان ّ ّ اجلنسي االجنذابّ الشعور بأنّي محبوبةً فتيات كنت عاشقة مل ّر ٍات عدّ ة في حياتي (خليط من وعلى ضوء هذه التعريفات، ُ ٍ وفتيان م ًعا) ّ ّ بحق احلب كل ما أملك .ولكن ما هو أعلم أن هذا ليس كاف ًيا ،غير أن هذا ّ اجلحيم؟ لشخص ما؟ أهو احلاجة ٍ ّ سأفضل الكراهية عليه. احلب لكنت ال وألف ال! لو كان ذاك هو ّ خاص؟ بشكل شخص ما أهو الشعور بالسعادة مع ّ ٍ ٍ 118
حب؟ ال ما الفرق بينه وبني الصداقة إ ًذا ،من حيث ّأن الصداقات عاد ًة ما تتح ّول إلى ّ يهمني األمر فهو ال يختلف جذر ًيا. فرق ،وبقدر ما ّ أهو الشعور باألمان؟ حتب رج ًال ،فهي ال تثق بالرجال .ولكن قالت ّ إحداهن لي ذات يوم إنها ال ميكن أن ّ إلي ،لم يكن األمر من هذا القبيل ،فأنا أثق بالناس ولكني ال أثق بنفسي، بالنسبة ّ سواء بالنسبة للفتيات أو الصبيان. أعتقد أن أفضل تعريف سمعته في حياتي ،كان ذلك الذي سمعته حول النشوة اجلنس ّية: إنه شعو ٌر جارف شديد احلدّ ة لكنه يظل مع ذلك عص ًيا على الوصف .إذا كنتم قد أحد يقدر على وصفه. شعرمت به فستعرفونه من فوركم ،ولكن ما من ٍ احلب ،تتم ّثل بفكرة سمعتها أمس: هناك طريقة ج ّيدة أخرى ملعرفة ّ احلب أمر يتع ّلق بالتأكيد باحلصر ّية. ّ احلب أشعر موضوع وفقا لكِ ال التعريفينْ ،لم أكن عاشق ًة أبدً ا .لذا ،فعند ذِ كر ّ ٍ بالغرابة ،ال أعرف ح ًّقا كيف أجيب بعيدً ا عن الكذب أو املبالغة .فاملسألة هي أنّني صعب للغايةّ . لدي مشاعر ولكني أحتفظ بها لنفسي (أي احلب ،فهو حتى ال أريد ّ ٌ للشخص الوحيد الذي يفهمني). قصدت مناقشتها في املقام األول هو :ميولي اجلنس ّية. ما قادني إلى النقطة التي ُ لم تكن ّ «لم ال». لدي تفضيالت بامل ّرة ،فاألمر بر ّمته كان جز ًءا من ٍ فلسفة مفادها َ أفكر في األمر على أ ّيةِ حال ،فقد أوجد املجتمع حال ّ لم ّ لكل شيء .وطاملا لم ُيثبت فلم ال؟ أن الفكرة النمطية االجتماعية الشائعة مغلوطةَ ... 119
شككت في قض ّية ره��اب املثل ّية (هوموفوبيا) فهي لم غير أني في أحد األي��ام ُ وانضممت إلى معسكر املثل ّية احليادية تُقنعني ،لذا غادرت معسكر رهاب املثلية ُ (هومونيوترال). شخص قد غ ّير جنسه ،وقد استلطفته ولفترة من الزمن ،بدأت بالتعرف على بعدها ٍ ٍ بطريقة ما ،بل استلطفته كثي ًرا في احلقيقة! وهذا ما قادني إلى التفكير :ما ٍ ّ األنثوي الذي يجذبني فيه إلى هذا احلد؟ أهي حقيقة أنه غ ّير جنسه ،وأن جانبه يعن لي شي ًئا؟ أخي ًرا ،ق ّرر ذات يوم أن يتو ّقف عن هو ما جذبني؟ أم أن األمر لم ِ تناول األدوية وأدرك أن األمر كان بر ّمته غلطة وأن هذه الغلطة قد د ّمرت حياته، مما ظننت ،فلم وبصراحة ،كانت التغ ّيرات التي طرأت على شخص ّيته أسوأ بكثير ّ أعد أستلطفه بعد ذلك أبدً ا. غير أني كنت ال أزال فضول ّية .األمر الذي قادني في النهاية إلى جمع ّية «حلم»، أحببت رفقتهم... التقيت العديد من األشخاص املثل ّيي اجلنس؛ وأعترف أنني حيث ُ ُ انتقلت إلى معسكر االنشداد خلف املثلية (هوموفيليك). لذا ُ عندها بدأت عالقتي باملثليات ..وكان هذا أم ًرا مختل ًفا .هل أنا مثل ّية بحد ذاتي؟ ميول مثلية ...ولكن إلى أي حد؟ لم تعد كنت ذات وأدركت لبعض الوقت أني ُ ُ ٍ «لم ال» تصلحُ بعد اآلن. فلسفة َ ولكن التح ّول إلى مثلية ليس باألمر السهل ،وال أتك ّلم عن تغيير ميولي اجلنس ّية (والذي حدث من تلقاء نفسه) ،بل ّإن األمر يتع ّلق باملواقف التي اتّخذتها في السابق بأكملها؛ ّ أقسمت فيها لوالدتي ّأن ميولي اجلنس ّية كانت مغايرة كل امل ّرات التي ُ وأني أدعم جمع ّية «حلم» ألنهم يحملون قض ّية عادلة ،ومبوقف الفخر الذي اتّخذته ميول جنس ّية مغايرة جلمع ّية «حلم» .كما أنّه يتعلق ،قبل ّأي كوني داعم ًة ذات ٍ شيء ،بالرسالة التي أرسلتها ...ماذا لو أن ميولي اجلنس ّية تشمل اجلنسينْ ...ولكن ذلك ال يعني بالضرورة أني أرغب في ممارسة اجلنس مع أي شخص ،سواء أكان 120
شا ّب ًة أم شا ّبا .لنفترض أن أحدهم قال لي :حسنًا ،تعلمني ِ أنك إذا لم ترغبي في لست مثلية ...ماذا لو كان على ّ ممارسة اجلنس مع شا ّبة فأنت ِ حق؟ أدركت بالغت في مفهوم ال ُعذر ّية. شاب م ّر ًة ألثبت لنفسي أني مارست ُ ُ ُ اجلنس مع ٍّ َ أمور أخرى) أني الح ًقا أني غريبة األطوار ،بل ُ أدركت في النهاية كذلك (ضمن ٍ ظننت أنّه اجلنس كلعبة ،غير أن اآلخرين ال ينظرون إليه بهذه الطريقة، أحببت ُ ُ َ يهتم ،ولكنّه فعل .وقد جرحته أثناء محاولتي اكتشاف ذاتي .وأثبتَت التجارب لن ّ اجلنس كثي ًرا ،غير ّأن اجلنس يعني األحاسيس، أحب الالحقة ذلك األمر لي ،أنا ُّ َ األحاسيس التي ليس مبقدوري أن أشعر بها. ُ دمت أحتفظ مبشاعري لنفسي ،فال بأس بذلك ،ولكن حني يطلبون مني تعريف ما ُ نفسي ،أصبح شديدة االرتباك .أعلم متا ًما من أنا ،غير أنّي ال أعتقد ّأن لي مكانًا بني فتاة فئة من األشخاص الذي أعرفهم ،أنا هي أنا، ُ ولست أدري من أنا .أنا مج ّرد ٍ أية ٍ «لم ال؟». تؤمن بفلسفة الـ َ Pazuzuهي عضوه في جمع ّية «م» جمع ّية لبنان ّية ملثل ّيات اجلنس.
121
122
أنــــــا ضح ّيتكـــــــم your boi for ever
ّ دائري الشكل يشرق بنوره القمر اليوم بدر متام .قمر المع جدً ا أقرب إلى البياض الرقيق من خالل السماء الزرقاء املعتمة الصافية .إنها سماؤهم هم وليس سمائي، فسمائي الليلة غاضبة ،قامتة حالكة السواد تخ ّيم على قلبي ّ املعذب .ها أنا أعود يو ًما اآلن على صدّ هما ،فإنّني أبكي آخر إلى البيت بعينني دامعتني .ومع أني لست قادر ًة َ بهدوء شديد كي ال يالحظ سائق التاكسي .كان يغمرني نفس ذلك الشعور بالضعف والغضب الذي ال ميكنني توجيهه إال نحو نفسي .كنت غاضبة إلى درجة تكسير كل واحدة من عظامي وضرب جسدي بجدران غرفتي .كان ّ كل ذلك يدور في رأسي فقط بالطبع .وجدت ّأن ثاني أفضل ما ميكن عمله هو تكسير األغراض في أنحاء البيت ،أو تكسير عظامي؛ في رأسي فقط ميكنني تخ ّيل كيف أنّي أر ّد عليهم ولكن بعنف أكبر ،وبأنّي فع ًال أقف منتصبة القامة ألجل نفسي وبأنّهم كانوا خائفني ،خائفني منّي ومن مدى ق ّوتي؛ في رأسي فقط أتخ ّيل أنّني أضرب نفسي بشدّ ة حدّ أن أثقب اجلدار تاركة بقعة دامية فوق جداري األبيض. ألن الغضب عليهم ميألني، رمبا ّأن هذا يهدّ ئني ويساعدني على النوم هذه الليلةّ ، أذني .مغادرة هذه البالد في جسدي ُ يصرخ عال ًيا لكن ليس هناك من يسمعه سوى ّ مبهجا ،وليس أنه لن تقع هذه املناوشات معهم حيثما أذهب، هذه اللحظة تبدو خيا ًرا ً فهم يبدون مختلفني لكنهم نفس الشيء ،رجال. كنت في طريق العودة إلى البيت من دكان أخي حيث أعمل منذ شهرين ،أعمل ُ ّ ألن الدكان بالكاد يعود بأرباح .كانت الساعة حوالي الثامنة أجر ي ق تل دون من ّ ّ متأخرة بالنسبة لفتاة متشي وحيدة في أرجاء القدس ،لكني والنصف مسا ًء ،ساعة ّ ّ ّ كنت أرتدي مشدّ اتي التي تخفي كل أثر جلسدي األنثوي .غطيت بقية جسدي 123
بقميص وسروال جينز ،ورحت أمشي كواحد منهم منتبهة ّ لكل شخص في الشارع. أتفحص كيف أنّهم يتفحصونني ،وأقرأ أفكارهم التي كانت تتساءل على كنت ّ األغلب :أهو جسد فتاة؟ وحني يصبحون واثقني من أنّني فتى كانوا يتجاهلونني. إنه عالم مختلف متا ًما ،قد أدخلت نفسي إليه دون قيود أو حدود ،وال أزال غير صعدت إلى الباص وأنا أتل ّفت حولي ،كان ملي ًئا مستعدّ ة له بعد ،ال أزال أخافهم. ُ مؤذ .الحظت أنّه كان يجلس بهم ،ووجدت نفسي جالسة بجانب واحد بدا أنه غير ٍ بساقني منفرجتني على اتساعهما دون أن يترك لي أية مساحة على مقعدي نفسه. دائما ما أجد نفسي محشورة في الزاوية في الباص أو التاكسي بحيث أنّه ميكن ً تتوسع وتصير ملحوظة .أكره هذا ،كرهته لرجولته أن جتد م ّتس ًعا كبي ًرا كي ّ دائماّ ، رت أنّها قلة أدب! أنت تنتزع لنفسك امتيازًا عار ًفا بأن املرأة التي ستجلس فك ُ ً بجانبك لن يكون لديها من خيارات سوى التح ّرك أكثر فأكثر داخل نحو أصغر ميس جسدها زاوية في املقعد ،عليها أن جتلس دون ارتياح طيلة السفرة ،يقظة لئال ّ جسدك ،قابضة بيديها على املقعد الذي أمامها في ّ كل م ّرة يقوم الباص بانعطافة حتى ال تتذ ّوق بشرتك بشرتها .يا النعدام العدل حني تشعر أنّك عاجزة جدً ا حتى حينما ال تكونني كذلك ،فقط ألنّك ولدت في جسد امرأة ،ولديك محدودية البشرة األنثو ّية التي ّ تغطي حقيقتك نفسها .ولكن ،هل علم بأنّني فتاة ،هل الحظ ذلك ً ً وهو يأخذ امتيازات مقابلي؟ ام أنّه يعتقد حقا أنّني فتى ولذلك فهو ال يشعر فعال ّأن عليه التح ّرك .كانت رأسي متل ّبدة بش ّتى أنواع األسئلة ،فاستدرت بعدها ونظرت إليه ،يبدو متع ًبا جدً ا برأسه املتكئة على الش ّباك وعينيه املغمضتني ،ولكن قد يكون ّ التشكك فال أصرخ كل هذا مج ّرد متثيل ،إنّه يتظاهر بالنوم كي أمنحه نعمة عليه وال أقول شي ًئا .إنقطع سيل أفكاري حني صار الشاب الواقف في الوسط قري ًبا جدً ا مني .واصلت القول لنفسي إن هذا ما يفعلونه؛ إنهم يلتصقون الواحد باآلخر جسد ًيا لسبب ما .لكني لم أستطع حتريك يدي فوق يد املقعد وأنا أقول لنفسي إنّني يظن أنّني فتى .لم أكن ال أريد أن أشعر بخصيتيه على ظهر يدي حتى لو كان ّ ّ متأكدة من ّأن هذا الرجل يعتقد أنّني فتى ،هناك شعور بوجود شيء ليس على ما 124
بأن الرجل بجانبي يريد النزول .وقفت حتى أفسح له مجا ًال يرام ،وكان الكابوس ّ لينزل ،لكن الشاب في الوسط لم يتح ّرك حتى ،فوجدت نفسي محشورة متا ًما بني جسدين ،لم يكن ّ لدي حتى وقت للتفكير ،فالشاب اجلالس بجانبي كان يتح ّرك خارجا وأنا كنت أحاول دفع اآلخر الواقف في الوسط ليفعل الشيء نفسهّ . فكرت ً أنه كان مستهجنًا جدً ا أنّه لم يتح ّرك ،وبدأت أفكر عائدة بعقلي للوراء وإلى امل ّرات التي درست فيها السلوك الذكوري حني كان يجري أمامي ،ولكن لم تكن ّ لدي أية ذكرى عن سلوك كهذا .شيء ما ليس على ما يرام ،يثير الشعور بأنه في غير مح ّله .حت ّركت نحو املقعد الداخلي وجاء الشاب الذي كان واق ًفا للجلوس بجانبي، لكنه ّ ّ سوي ،فقد كان يجلس قري ًبا جدً ا مني ،وشعرت أنّه قريب ظل يبدو غير أكثر من الالزم حتى لو كان يظنّني فتى ،وم ّرة أخرى وجدت نفسي أحت ّرك أكثر فأكثر إلى أصغر زاوية في مقعدي كيال يلمس جسدي جسده كي ال تتذ ّوق بشرته بشرتي .كرهت ذلك. جاء اآلن دوري للنزول من الباص ،عند املنعطف على مقربة من الشارع الرئيسي، حيث آخذ تاكسي نزو ًال نحو بيت أهلي .بدا كأن التحرك من مكان إلى آخر مددت يدي لقرع اجلرس حيث يستغرق ده ًرا بأكمله ،لقد استغرق ح ًقا ده ًرا. ُ أردت النزول لكنني الحظت أنه يفعل الشيء نفسه في حني كان يقول لصديق له بأنّه من األفضل أن ينزال هنا وأنّه قريب من املكان الذي يقصدانه .وقفت بعدها ّ أمتكن من مغادرة مقعدي لكنه واصل وتوقف الباص .إنتظرته ليتح ّرك كي اجللوس وهو يتحدّ ث مع صديقه ،فقلت له« :هل ميكنك القيام رجا ًء كي ّ أمتكن قلت للسائق أن ينتظر من اخلروج؟» لكنه اكتفى بتجاهلي وبدأ الباص بالتح ّركُ . ثم لكشت الشاب في كتفه طالبة منه ثانية أن يتح ّرك ،لكنه واصل ألنّني سأنزلّ ، حقيقي بغضب احلديث وجتاهلني مجدّ دًا ،وبدأ الباص بالتح ّرك ثانية حيث شعرت ٍ ّ فصرخت باجتاه السائق كي يتو ّقف وصرخت على ّ الشاب ليتح ّرك ،وعندها فقط ُ ً ثم بدأ يتمتم ق ّرر أن يتح ّرك بتثاقل تاركا لي مساحة ما كي أخرج من مقعديّ ، شي ًئا بخصوص أنّه لم يعرف ما إذا كنت فتاة أو فتى ،في حني كان سائق الباص 125
علي بأن أقرع اجلرس إذا ما كنت أريد النزول .كنت أشعر بغضب شديد يصرخ ّ على ّ الشاب إلى درجة أنّني بدأت بالصراخ عليه دون أن أعرف ما كنت أقوله له فع ًال ،وأنا ألعنه وألعنه في طريقي ملغادرة الباص .نزلت من الباص وأنا أشعر بجسدي ك ّله يرجتف بحنق ،غير فاهمة ملاذا لم يسمح لي ذلك الشخص عدمي العقل واملريض باخلروج ،مجب ًرا إياي على الدخول في ّ كل هذا .نزل هو وصديقه والتفت وأنا أحدّ ق فيه لكنه واصل املشي كما لو ّأن شي ًئا لم يقع .كل من الباص، ّ ما كان بوسعي التفكير به هو الرغبة في ضربه بشدّ ة وإفراغ ّ كل غضبي عليه، ّ لكني لم أفعل ذلك بالطبع ،بل أبقيت ذلك لنفسي وواصلت السير نحو احملطة علي أن أسمع من الناس اجلالسني األخيرة إلى البيت .وبعد كل هذا كان ّ يتوجب ّ حول محطة الباص مالحظاتهم وضحكاتهم السخيفة على أنّهم لم يتح ّققوا ما إذا كنت فتى أم فتاة .بدا كما لو أن األمر حتول إلى قض ّية كبرى لتحديد جنوستي من قبل أشخاص سخفاء عابرين في الشارع ،في حني أنّني أنا نفسي لم أكن ّ متأكدة من ذلك .استغرقت السفرة إلى بيت أهلي بضع دقائق فقط لكنها بدت كدهر بأكمله .حاولت خنق دموعي داخل جسدي ،لكني كنت بحاجة إلى البكاء مبرارة بحيث أنّها أفلتت من سيطرتي .من أنا ،وما أنا اليوم هو فقط نتاج لشعبي وملجتمعي .أنا ضح ّيتكم.
2007/7/30
126
them and you might not. However, ultimately, we want to embody our thoughts and feelings and give it a platform. This book, tries once again to link our reality as lesbian women with the Arab masses in the country and the neighboring countries providing a platform for women's voices from different places, their poetry, their art, their political, personal, feminist, literal and historical aspects. Finally we would like to approach the people who tried to understand homosexuals and lesbians, but have not succeeded to understand our life, our experiences, or options, hoping this sharing gives you a close look at our world, so you see human beings just like with feelings, emotions and blunders. Perhaps if we succeed in this we can see you our dear friends, families, colleagues, supporting us and helping us to create a new world that accepts the other and the him/her as a partner.
Aswat
127
imposed on us by our society that refuses any other forms of sexual preferences that are not consistent with that suppresses exclusively for our being. The right to life, in the selection, and presence is a right we must get it all. We believe in the importance of the voices of selfdocumenting texts and making it visible to our community so that it reflects the personal experiences and feelings, real and honest that can not be weakened or refute, which in our view have strong potential in raising awareness in our community in general. At the private level, these texts have an important role to consolidate, encourage and assist “the other” or “the different” in different experiences that s/he passes at different stages in life. Through this book we intend to share with you, our dear readers, our experiences, feelings and conflicts as oppressed people because of their sexual identity. These texts are the fruits of local and regional arab writers living similar experiences to ours. We hope that this book manages to provide you a close look to inner and deep feelings and experiences reveals to you feelings that might be similar to yours. We hope that these texts will be the beginning of our connection. We seek, through these texts, to tell you that you are not alone and that there are many, many like you, that your choices are legitimate no matter how different they are. We want also to provide many different experiences, some similar and some different to yours, you might identify with
128
Introduction We present to you Aswat’s second book; “My Right to Live, To Choose, To Be”. The book is published in Arabic is in fact a collection of Literary texts written by Arab Lesbian Women. This book is the product of a collection that the information and the publication project publishes annually. This project aims to collect necessary information, raising awareness and expand the knowledge of Arab women to issues such as the sexual identity and/or homosexuality and Lesbianism. We publish this information in Aswat’s newsletter or in its internet website so that this information serves as a tool of communication between Aswat and our society. By doing this we hope that the Arab public gets to know us and to know about issues that might still be new to them. In addition, we hope to get our voices to individuals who need to know that they are not alone in their questions, dilemmas or/and sexual orientation. “My Right to Live, to Choose, to Be” is Aswat’s slogan. This slogan reflects our struggle as a group to put the issue of lesbians, gay women, bi-sexual, transsexuals and transgender, queers, questioning and inter-sex (LGBTQI), and all that is not referred to within the heterosexuality
129
Who we are We are a group of Palestinian Gay Women. Our group includes lesbians, gay women, bi-sexual, transsexuals and transgender, queers, questioning and inter-sex (LGBTQI). United by a common goal, we meet and work to provide a framework for Palestinian Gay Women, foster tolerance and promote our goals through raising public awareness to issue concerning our sexual, gender and national identity. We started as an e-mail list group and we became a group that holds monthly meeting that keeps on going, our main activities for LGBTQI women: social meetings, empowerment courses, workshops for raising awareness, support line, newsletters, publications in Arabic, an active website and web forums. Support our effort tel: 972 4 8662357 Support line: 972 4 8662357 mailto: aswat@aswatgroup.org website: www.aswatgroup.org
130
131