يرحل العراقي - د.احمد جارالله ياسين

Page 1

‫أمحد جاراهلل ياسني‬

‫يرحل العراقي‬ ‫شعر‬

‫‪0‬‬


‫حقوق الطبع حمفوظة للمؤلف‬

‫الجيوز تصوير او اعادة نشر الكتاب اال بعد موافقة املؤلف‬ ‫رقم االيداع يف دار الكتب والوثائق ببغداد‬ ‫‪ 4951‬لسنة ‪3142‬‬

‫دار ابن االثري للطباعة والنشر‬ ‫جامعة املوصل‬

‫‪1‬‬


‫(قصائد سرد ‪ ..‬ونتف‪ ..‬وشعارات )‬

‫‪2‬‬


‫اإلهداء ‪..‬‬

‫إىل‪ ....‬أمي‬

‫وأعني‪ ....‬الوطن الغائب يف أعماق الرحيل‬ ‫وكذلك‬

‫إىل العراقيني‬

‫الذين يرحلون يوميا‬ ‫من دون حقائب‪..‬‬

‫‪3‬‬


‫املقدمة‬ ‫(‪).......‬‬

‫أمشي شريداً‬ ‫وهذا احلزنُ ينهمرُ‬ ‫تغفو جراحٌ وأخرى نزفُها املطرُ‬ ‫يا معطف الصَّرب‬ ‫كمْ خذلَْتنا زمناً‬ ‫أجسادُنا هشَّةٌ والرُّوحُ‬ ‫َتندثرُ‬ ‫دفءٌ ُمرادُ َيدي‬ ‫فارسمْ هلا وطناً‬ ‫يف جيبهِ‬ ‫الوردُ واألطيارُ تنتثرُ‬

‫‪4‬‬


‫(‪)1‬‬

‫قصائد سرد‬

‫‪5‬‬


‫((يرحل العراقي))‬ ‫يرحلُ العراقيُّ ‪...‬‬ ‫صامتاً كرشفةٍ أخريةٍ من شاي الظَّهرية‬ ‫ُتشيّعهُ الشوارعُ‬ ‫واألشعار‪....‬‬ ‫ومعهما ما تبقى من أصدقاء‬ ‫مل تقشطهم ‪ -‬من خارطةِ الوطن‪ -‬الشَّظايا‬ ‫أو الكولريا‬ ‫وتنسحب‬ ‫خلسةً‬ ‫من املوكب‪ ..‬الشِّعارات‬ ‫ونشراتُ األخبار!‬ ‫**‬ ‫يرحلُ العراقيُّ ‪...‬‬ ‫أمامَ القنواتِ الفضائيةِ ‪ ..‬أنيقاً‬ ‫‪6‬‬


‫كورقةِ اخلريف‬ ‫حراً –ألول مرة –‬ ‫من دون املستمسكاتِ املطلوبة ‪..‬‬ ‫أو صورتني‬ ‫ترافقهُ أجراسُ املدارس‬ ‫وجداولُ احلساب وأسرابُ احلمام ‪..‬‬ ‫يتبعهُ النَّمل والدُّخان‬ ‫والفراشاتُ والشهواتُ املعطلةُ عن األمل‪..‬‬ ‫تبكي خلفهُ (دشداشةُ) العيد‬ ‫ونوافذُ منزلهِ العتيق‬ ‫وقططُ الزّقاق‪..‬‬ ‫وتنزوي‬ ‫صمتاً‬ ‫يف وكرها‬ ‫عيونُ‬ ‫البنادق!‬ ‫**‬ ‫‪7‬‬


‫يغيبُ العراقيُّ ‪..‬‬ ‫متواضعاً كشمعةِ الغروب‬ ‫ت نصفَ خطواتِ ُعمرهِ‬ ‫ك ْ‬ ‫تودِّعه أرصفةٌ َع َل َ‬ ‫الذي سالَ عليها‬ ‫هرولةً‬ ‫من كلِّ بيتٍ وحارةٍ وشارعٍ‬ ‫مرةً خلفَ العريفِ‪ ..‬ومرةً خلفَ النَّدم‬ ‫**‬ ‫يرحلُ العراقيُّ ‪..‬‬ ‫تلوِّح له من بعيدٍ ‪..‬باملناديل‬ ‫أفرانُ اخلوفِ األمسرِ وأحالمُ الطَّباشري‪..‬‬ ‫والشناشيلُ واملواويلُ والنخيلُ‬ ‫وحبالُ الغسيلِ‬ ‫اليت رَفرفَ عليها قميصُ نقائهِ‬ ‫د من اليسار ‪..‬‬ ‫الذي قُ َّ‬ ‫ومن اليمني ‪..‬‬ ‫‪8‬‬


‫وتتدحرجُ بعيداً عن نعشهِ ‪..‬‬ ‫وقريباً من ورثتهِ‬ ‫أقراصُ الباراسيتول‬ ‫وحليةُ ديونهِ الطويلة‬ ‫**‬ ‫يرحلُ العراقيُّ ‪..‬‬ ‫عارياً إال من اخليوطِ‬ ‫سراً‬ ‫ت بها أمُّ ُه ِ‬ ‫اليت رَتقَ ْ‬ ‫شهوةَ طفولتهِ األوىل‬ ‫للقاءِ األبِ الذي قضمهُ ِمقصُّ احلروب‬ ‫**‬ ‫العراقيُّ‬ ‫ف رحيلُه سوى الفتتني‬ ‫اليكلِّ ُ‬ ‫األوىل سوداء‬ ‫قربَ إشاراتِ املرور‬ ‫والثانية‬ ‫‪9‬‬


‫بيضاء‬ ‫يلتفُّ بها خجالً‬ ‫حني تزرعُ أمُّ ُه ُقبلتَها األخرية‬ ‫يف طنيِ جبهتهِ‬ ‫**‬ ‫وألنَّ ُه يف األصلِ محامةٌ‬ ‫يرحلُ العراقيُّ‬ ‫حنو السَّماء‬ ‫مفتوحَ العينني والقلبِ والذراعنيِ‬ ‫فحصّتهُ‬ ‫من الطائراتِ الورقيةِ‬ ‫والقهوةِ واهليلِ وقطارِ الليلِ‬ ‫مل يشاهدها حتى اآلن ‪...‬‬ ‫وماكان خمصصاً له من زقزقةِ الغيم‬ ‫‪10‬‬


‫والنواعريِ والغرامِ‬ ‫مل يالمسه حتى حلظة االحتضار‬ ‫أما الدَّعواتُ‬ ‫اليت لصقتها له أمُّ ُه يف تنّور السَّماء‬ ‫فلم تزلْ ساخنةً‬ ‫بإمكانهِ أنْ يلمسها بأجنحتهِ اآلن‬ ‫ويطريُ‪..‬بها‬ ‫يطريُ ‪...‬‬ ‫يطريُ‪......‬‬ ‫من دون أن يتساقطَ من فمهِ السِّ ْم ِسم‬ ‫**‬ ‫يرحلُ العراقيُّ ‪...‬‬ ‫معطراً‬ ‫برفقةِ الغيم‬ ‫ندياً‬ ‫كوردةِ يف ثوبِ زفاف‬

‫‪11‬‬


‫ويبقى‬ ‫قاتلُ ُه‬

‫وحيداً‬ ‫وحيداً‬ ‫وحيداً‬

‫حتى يتكـــ َّسر ‪...‬‬

‫ج‬

‫الفاف !‬ ‫من شدَّ ِة َّ‬

‫‪9009/4/9‬‬

‫‪12‬‬


‫َّ ْ‬ ‫(( علمتنا احلرب ‪)) ..‬‬ ‫علَّ َمتْنا احلربُ ‪ ..‬يا أَبي‬ ‫أنْ جنعلَ ‪ :‬السواترَ أعشاشَ زواج‬ ‫والبندقيةَ زوجةَ أبٍ‬ ‫والدباباتِ أحضانَ أُمهاتٍ‬ ‫والالفتاتِ السودَ تنوراتٍ قصريةً للعمرِ اهلاربِ‬ ‫من فُوَّهةِ الدُّنيا‪..‬‬ ‫واملوتَ صديقَ العائلة‬ ‫واملدافعَ أشجارَ صفصاف‬ ‫والشهداءَ مترَ البصرة‬ ‫واهلاوناتِ أجراسَ مدارسٍ‬ ‫وعيونَ احلبيبةِ إجازةً تدومُ سبعَ همسات‪..‬‬ ‫***‬ ‫علَّ َمتْنا احلربُ يا أبي‬ ‫أنْ حنشرَ أعمارَنا يف أكفانٍ أنيقةٍ‬ ‫‪13‬‬


‫مطرزةٍ باألعالم‬ ‫ونرسلَها إىل اجلريانِ‬ ‫ألنَّ ما فيها من خجلٍ أمحر‬ ‫اليكفي لالعتذارِ من أمهاتِنا‬ ‫على هذا الغياب األبدي املفاجيء ‪...‬‬ ‫***‬ ‫علَّ َمتْنا احلربُ يا أبيت‬ ‫أنْ نهجرَ ريشَ الوسادة‬ ‫وننامَ على صلعةِاخلوذة‬ ‫وأنْ نصافحَ احلبيبةَ بيدٍ اصطناعيةٍ باردة‬ ‫لتهربَ منَّا إىل يدٍ أخرى‬ ‫فيها سخونةٌ أكثر‬ ‫***‬ ‫علَّ َمتْنا احلربُ يا أبي‬ ‫أنَّ الشهداءَ يصعدون حنو السَّماء‬ ‫ت األربعة‬ ‫من دونِ املستمسكا ِ‬ ‫أو صورتني أو ختمِ املختار‬ ‫‪14‬‬


‫أو تأييدِ شَجَن‬ ‫***‬ ‫علَّ َمتْنا احلروبُ يا أبي‬ ‫أنَّ الصواريخَ ‪ ..‬نوارسُ سود‬ ‫وأنَّ البحرَ أجسادُنا‬ ‫وانَّ النوارسَ تعشقُ نقرَ األجساد‬ ‫السيما إنْ كانت عراقيةً‬ ‫خلِقْنا من ماءٍ‬ ‫َفطُوبى لنا أنَّنا ُ‬ ‫واآلخرون من مناقريِ النوارس‬ ‫***‬ ‫علَّمَنا احلزنُ‪ ...‬يا أبي‬ ‫أنَّ ساعي الربيد‬ ‫عندما اليطرقُ البابَ‬ ‫فإنَّ أخي قد توقفَ عن كتابةِ الرَّسائل‬ ‫ألنَّ اجلبهاتِ‬ ‫ستضعُ جثمانَه يف ظرفٍ أبيض‬ ‫وترسلُه إلينا‬ ‫‪15‬‬


‫برفقةِ النَّزيفِ الوطين‬ ‫***‬ ‫يا أبي ‪...‬‬ ‫ما الذي علَّمْتهُ لي ‪..‬‬ ‫يف املدرسة قلت لي ‪ :‬إن العلم نور‬ ‫وتبني لي أنَّ العلمَ عقمٌ أمامَ دائرةِ التقاعد‬ ‫يف اجلامعة‬ ‫مل تقل لي إن النساءَ قططٌ‬ ‫وها أنا اآلن مع ثالثة اطفال‬ ‫نلهثُ كاجلرذان ‪ ..‬من دون توقف‬ ‫تطاردنا قطةٌ يف البيت‬ ‫يف املقهى قلت لي ‪ :‬إنَّ العمرَ ملعقةُ سكر‬ ‫ومل تقل لي إنها مغطسةٌ يف قهوةِ احلروب املرة‬ ‫ويف قصرك الكبري منعتين من اخلروجِ مساء‬ ‫خشيةَ الكالبِ السائبة‬ ‫وها أنا اآلن حتى الفجر‬ ‫اركضُ وحيدا يف األحالم‬ ‫‪16‬‬


‫يطاردني قطيعٌ من الذئاب السود‬ ‫امسه وصاياك ‪..‬‬ ‫***‬ ‫أما السَّالم يا ‪....‬وطين‬ ‫فلم نتعلم منه شيئاً‬ ‫ألننا حني استوردناه‬ ‫نسينا أن نأخذَ من بائعهِ األجنيب‬ ‫كراساً يبنيُ لنا طريقةَ االستعمال ‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫((رسالة اعتذار اىل صديقي احلمار))‬ ‫(( اىل احلمار‪ ....‬املُهمَّشِ الرماديِّ الكبري ‪..‬الوحيد‬ ‫الذي مل جتعل له حدائق احليوانات مكاناً خاصا‬ ‫به‪))....‬‬ ‫أنت رماديُّ اللون ‪...‬‬ ‫أتعلم ملاذا؟‬ ‫ألنك طوال سريتك الذاتية كنتَ حترتقُ بصمتٍ‬ ‫حتت جَ ْمرِ العَصا‪...‬‬ ‫ج َزرةِالسَّعادة اليت تظل بعيدة عنك‬ ‫وخلف َ‬ ‫ليس ألنك محارٌ ‪ !!..‬وال متتلك سوى ‪:‬‬ ‫أربعةِ أقدامٍ‬ ‫تسريُ ببطءٍ جنائزيٍّ حتى يف األعياد‬ ‫وذيلٍ حزينٍ ‪..‬وعينني دامعتني دوماً‬ ‫َتفتنانِ أمجلَ ُذبابة ‪..‬‬ ‫‪18‬‬


‫ن محاراً آخر أعمى‪..‬‬ ‫بل أل َّ‬ ‫بقدمني سبقك إىل اجلَ َزرة‬ ‫مزهواً بذكائِه‬ ‫ناقماً عليك يف سرِّه ألنكَ وحدك‬ ‫تتمتعُ بلونِ الرمادِ األصيلِ املُ َّتقد سراً‬ ‫الذي تفتقده بشرتُه الثلجية ‪..‬‬ ‫فاحرتقْ ياصديقي‬ ‫احرتقْ ‪ ..‬لوحدك يف الرباري‬ ‫بعد أن‬ ‫قررنا نَفْيكَ من شوارعِ املدينة‬ ‫خشيةَ الفضيحة‬ ‫ألن وجودَك فيها يعين أننا مل ندخل خرمَ القرنَ الواحد‬ ‫والعشرين‬ ‫مع أننا مل نزل جنرُّ عرباتِ احلروب بدالً عنك‬ ‫ونفتشُ يف قمامةِ احلياة عن قشور أيامنا ‪...‬‬ ‫اليت علكتها الشعاراتُ ‪...‬وطواحنيُ اهلواء‪...‬‬ ‫صديقي‪...‬يف حمنتِنا الرَّمادية معاً‬ ‫‪19‬‬


‫رمبا خنتلف عنكَ يف كلِّ شيءٍ‬ ‫لكنَّنا نتشابهُ معك يف طريقةِ التفكري‬ ‫والنظر إىل شوارعِ احلياة باجتاه األمام فقط‬ ‫من دون أن نلمح أن مثة أرصفة للمفاجآت واملؤامرات‬ ‫حتيط بنا من جانبني ‪..‬وهكذا حنن أخوة معك يف‬ ‫املسري الربيء‪...‬والشخري‪....‬‬ ‫أيها التَّوأمُ الذي مل نعرتفْ به أبدا يف بطاقةِ العائلة !‬ ‫ص لصورهِ صفحاتٍ يف مذكراتها‬ ‫خصِّ ْ‬ ‫ومل نُ َ‬ ‫ومل نفرد لبطوالتهِ أيةَ صفحةٍ من كتبِ تارخينا اجمليد‬ ‫مع أنه ميتليء بأصوات االستنكار ‪ ...‬والنَّهيق‬ ‫كم من حربٍ خسرناها ‪..‬من دونك‬ ‫مع أن أكتافَنا كانت مطرزةً بالنٌّجومِوالطبولِ‬ ‫والصدور مزينة باألومسة واألناشيد احلماسية‬ ‫وكم من حربٍ انتصرنا فيها‬ ‫ألنك وحدك من تقدمنا اىل املوت‬ ‫مع أن صدرَك كان عارياً‬ ‫و أكتافك مل تكن مغطاةً‬ ‫‪20‬‬


‫سوى بالغبار واللونِ الرمادي‬ ‫الذي تصنعُ منه اآلن النساء عدساتِهنَّ‬ ‫ليبدون أمجلَ يف أعني احلمريِ من الرِّجال‬ ‫أمل أقل لكَ إنك كريمٌ جداً‬ ‫وعطاؤك ال يعرفُ النهايةَ‬ ‫وامسك نستحضره جماناً من دون استئذانك‬ ‫يف مديحِ‬ ‫كثريٍمن األصدقاء‬ ‫وأنت عريقٌ يف القدم أيضا‬ ‫رافقتَ القوافلَ اىل بالدِالشام‬ ‫فحملوا عليك العطورَوالبخورَ واجلواري‬ ‫واليوم ترافقنا أيضا ‪ ..‬لكن من بعيدٍ جدا ‪..‬يف الرباري‬ ‫والحتمل على ظهرك‬ ‫سوى احلسراتِ على تارخيكَاجمليد‬ ‫فالقاطراتُ تؤدي دورك اآلن بنهيقٍ الكرتوني‬ ‫وال جتيدُ التأملَ مثلك أبداً‬ ‫‪21‬‬


‫أو التوقف الطويل حتت الشمس واملطر‬ ‫صديقي ال حتزن‬ ‫فكثريٌ من الناس اليوم‬ ‫يؤدونَ دورَك التارخيي‬ ‫وإن كانوا يرتدون ربطاتِ العنقَ األنيقة‬ ‫وحتملُ ُأنوفهم العطورَ الفرنسية‬ ‫فاسرتحْ يا أعز األصدقاء‬ ‫ذ لك مزيداً من الوقتِ للتأمل‬ ‫وخُ ْ‬ ‫والتَّفكر‬ ‫والتَّدبر‬ ‫والغناء‬ ‫والرَّقص‬ ‫ولدينا املزيد ممن ينوبون عنك ‪:‬‬ ‫يف كتابةِ التاريخ‬ ‫ومرافقةِ القوافل والقنابل‬ ‫والسري إىل األمام‬ ‫وارتداء األثواب الرَّمادية‬ ‫‪22‬‬


‫والنهيق على شاشات التلفاز واملهرجانات‬ ‫واالستنـــكار ‪...‬واالستحمار‬ ‫أيها امللكُ الرَّمادي املخلوع‬ ‫ت من بني أذنيك املنتصبتني‬ ‫احلضاراتُ كلُّها مرَّ ْ‬ ‫حتى اليوم ‪ ..‬بكربياء القياصرة‬ ‫وكأنَّ األوىل هي الشَّرق‬ ‫والثانية هي الغرب‬ ‫واملستشرقون هم ذيلُك الذي هشُّوا به‬ ‫الذباب عن مزابل تارخينا‬ ‫ومارفسه قادتنا العظام سراً‬ ‫حتت وسائدهم ‪ ..‬من عسلٍ‬ ‫وأملٍ‬ ‫ومطرٍ ميكن أن تغتسل به شعوبهم‬ ‫كي تستفيقَ من غفوةٍ هانئةٍ هي لك‬ ‫لكنهم سرقوها منك أيها املسكني‬ ‫واتهموكَبالكسل‬ ‫مع أنك نقلتَ على ظهرِك إلينا‬ ‫‪23‬‬


‫نصفَ التََّاريخ من دون كَ َللٍ‬ ‫والنصف اآلخر مل يزل‬ ‫حتت تلك الوسائد‬ ‫اليت نغفو عليها‬ ‫ومل نفكر يوماً برفسها كي نكتشف‬ ‫لذةَ احلياة ‪ ..‬بعيدا عن إسطبل السالطني‬ ‫وحنلِهم السِّري‪...‬‬ ‫قالوا زمنُ احلمريِ ولَّى إىل غري رجعة‬ ‫إذن ‪ ..‬من أين يأتي هذا النَّهيقُ يف حديقة اجلامعة‬ ‫العربية!!‬ ‫أيها الفيلسوف املغمور‬ ‫من تأمالتك تعلمَ الصينيون‬ ‫فن اليوغا‬ ‫ومنك تعلمنا‬ ‫فن الرَّفس‬

‫‪24‬‬


‫والرَّفض‬ ‫حتى صار العلفُ والعنف وجبتنا املفضلة معا‬ ‫أنت احللقة املفقودة اليت مل جيدْها (دارْون)‬ ‫وأنت البليغُ بصمتك الذي كلما طالَ ‪..‬دل‬ ‫سر حراًياصديقي حنو اإلسطبل‬ ‫م ‪..‬فالتاريخ مل يعُد يُكتب بذيلِك‬ ‫ونَ ْ‬ ‫وانتظرْ‬ ‫جزرةَ السَّعادة اليت سنتسابقُ معك ‪..‬‬ ‫يف الطريق إليها ‪...‬‬

‫‪25‬‬


‫ْ‬ ‫(( خضرة ))‬

‫يتساقطُ املطرُ بالتساوي‬ ‫فوقَ القاتلِ والقتيل‬ ‫فوقَ العشبِ والصَّخر‬ ‫فوقَ األثرياءِ والفقراء‬ ‫فوقَ‬ ‫قربِ صالح الدين وقربِ أبي هلب‬ ‫فوقَ الصغارِ والكبار‬ ‫واخليلِ والليلِ والبيداء‬ ‫الوردِ واألسالكِ الشائكة‬ ‫حطني وباب الطوب‬ ‫باريس والقامشلي‬ ‫فوق‬ ‫النملةِ والدبابة‬ ‫الغربان ‪.....ِ.‬والربابة‬ ‫العصفورِ والقاذفة ‪52 B‬‬ ‫‪26‬‬


‫فوق‬ ‫العاشقِ واملعشوق‬ ‫حبالِ الغسيلِ واملشانق‬ ‫أبي متام ولوركا‬ ‫حديقة الشهداء وحصن الباستيل‬ ‫املطرُ يتساقط بالتساوي‬ ‫فوقَ اجلميع ‪..‬‬ ‫لكنه‬ ‫د‬ ‫اليَ ِع ُ‬ ‫اجلميعَ خبضرةٍ ‪..‬‬ ‫على حنو متساوٍ !!‬

‫‪27‬‬


‫(( دحـ‪....‬رجـ‪..‬ة ))‬

‫ص بطريقة الفديو كليب ‪-‬‬ ‫‪ -‬صُوِّرَ النَّ ُ‬

‫بعدَ ذبولِ احلرب‬ ‫ت من تلك الشَّجرة‬ ‫ورقةٌ صفراء ‪ ..‬سقطَ ْ‬ ‫اليت تقفُ فوق الرَّصيفِ منذ سنواتٍ طويلة ‪..‬‬ ‫ب الورقةَ مثلَ كرةٍ فوقَ الرَّصيف‬ ‫الرِّيحُ تقلِّ ُ‬ ‫تصطدمُ الورقةُ حبذاءٍ اسود‬ ‫المرأةٍ تنتظرُ رجالً ‪..‬‬ ‫لكنَّ ُه مل يأت !‬ ‫بعد نصفِ ساعةٍ‬ ‫جتتازُ الورقةُ حذاءَ املرأةِ الباكية‬ ‫ح ُرج‬ ‫د ْ‬ ‫وتستمرُ يف التَّ َ‬ ‫بعد ثوانٍ تتبعها‬ ‫املرأةُ‬ ‫يتدحرجونَ‬

‫‪28‬‬


‫معاً ‪..‬‬ ‫الورقةُ‬ ‫الصفراء‬ ‫واملرأةُ‬ ‫وقطرةٌ‬ ‫من‬ ‫الدمعِ األخضرِ‬ ‫حتى ختتفي‬ ‫خطواتُهم‬ ‫عند نهايةِ منعطفِ احلياة ‪.‬‬

‫‪29‬‬


‫(اجلندي‪ ....‬اجملهول)‬

‫أحَ َّبها وأحَ َّب ْت ُه‪..‬جبنون‬

‫لكن من عاداتِ احلربِ الكالسيكية‬ ‫ق‪ ..‬بني احملبِّني الرومانسيني‬ ‫أنْ ُتفرِّ َ‬ ‫فأقنعتهُ‪ -‬كالعادة ‪ -‬أن يكونَ ضحيةً‬ ‫من أجل القضيَّة !!‬ ‫وأجربتها ‪.......‬أنْ تكونَ أرملةً‬ ‫تضعُ إكليالً من الوردِ الفاخرِ‬ ‫يف كلِّ عامٍ‬ ‫على قربِ‬ ‫اجلُنديِّ‬ ‫ال ‪.....‬‬ ‫ُم‪....‬‬ ‫غ‪...‬‬ ‫َ‬ ‫ف‪..‬‬ ‫َّ‬ ‫ل‪.‬‬

‫‪30‬‬


‫( حرو‪...‬ق )‬ ‫يف اجلهةِ األوىل من العامل‬ ‫مثة حربٌ طاحنةٌ جداً بني دولتني‬ ‫َّ‬ ‫بسببِ ناقة‬ ‫يف اجلهةِ الثانيةِ من العامل‬ ‫مثة امرأةٌ تدافعُ عن نفسِها بشراسةِ لبوة‬ ‫َّ‬ ‫خ األسنان‬ ‫ش َّن ُه ضبْعٌ ُم َّت ِس ُ‬ ‫أمامَ هجومٍ َ‬ ‫يف اجلهةِ الثالثة‬ ‫مثة شجرةٌ‬ ‫َّ‬ ‫َتلْوي خصْ َرها‬ ‫بأقصى ما تَ ْستطيعُ حنو الشَّارع‬ ‫كي تعانقَ أغْصانَها قُبالتُ الشَّمس‬ ‫اليت تكادُ حتجبها ناطحاتُ السَّحاب‬

‫‪31‬‬


‫يف اجلهةِ الرَّابعة‬ ‫امرأةٌ ‪..‬‬ ‫تصرُّ‬ ‫على تكذيبِ وعودِ رجلٍ‬ ‫ُيحبُّها‬ ‫وخيشى – هو – أنْ تفارقَه‬ ‫فتندلعُ يف أعماقِ ِه‬ ‫حربٌ‬ ‫بربرية‬ ‫املُشكلة ياصديقي ‪:‬‬ ‫ن هذا العامل‬ ‫أنْ ال أحد يقتنعُ بأ َّ‬ ‫ال حيتملُ‬ ‫أبداً‬ ‫أربعةَ حروبٍ يف وقتٍ واحد !!‬

‫‪32‬‬


‫(( ظال‪/..‬ل‪/..‬م ))‬

‫يف حلظةٍ ما‬

‫قد تلتقي العيونُ بالعيون‬ ‫يف شارعٍ ما‬ ‫عيونُ الفقراءِ بعيونِ األثرياء‬ ‫عيونُ الطُّغاةِ بعيونِ الشُّعوب‬ ‫عيونُ املَها بعيونِ الشُّعراء‬ ‫عيونُ القتلةِ بعيونِ األبرياء‬ ‫عيونُ طائرة األباتْ ِشي بعيونِ النَّوارس‬ ‫عيونُ ياسر عرفات بعيونِ ُأوباما‬ ‫عيونُ املوناليزا بعيونِ ساركوزي‬ ‫عيونُ التمساحِ بعيون الغواني‬ ‫قد تلتقي‬ ‫العيونُ بالعيونِ‬ ‫يف حلظةٍ ما ‪ ..‬عابرة‬ ‫لكن ال أحد‪ ...‬يرى ‪....‬اآلخر !‬

‫‪33‬‬


‫(( برنامج مدينة شرقية ))‬

‫* تنبيه ‪ :‬يف الربنامج مشاهد مؤثرة خاصة بالكبار فقط!!‬

‫يبدأ الصَّباحُ على النحو اآلتي ‪:‬‬ ‫ جنرالٌ بدينٌ يغفو‬‫على صوتِ أناشيد محاسية ‪.‬‬ ‫ صيبٌّ يافعٌ‬‫َيرشُّ بقليلٍ من املاءِ الرَّصيفَ أمامَ املقهى ‪..‬‬ ‫ امرأةٌ يف اواخرِ العقدِ الثالث‬‫تعربُ الشارعَ حنو حمطةِ احلافالت ‪..‬‬ ‫ رجلٌ يف اواخرِ العقدِ الرابع‬‫ترختي يدهُ االصطناعيةُ عن مقود السيارة‬ ‫كلما مرَّ يف هذا الشارع ‪..‬‬ ‫ جنديٌ شاب‬‫يسرعُ لاللتحاقِ باحلرب‬ ‫اليت اندلعتْ – كالعادة ‪ -‬مرةً أخرى‬ ‫ومثَّة فتاةٌ تلوحُ لهُ‬ ‫‪34‬‬


‫بأصابعها املزدانةِ خبامتِ اخلطوبة‬ ‫من نافذةٍ عتيقةٍ يف منزلٍ شرقي ‪..‬‬ ‫طةٌ ثقيلةُ الوزن‬ ‫ ِق َّ‬‫تقفزُ حنو سطحِ اجلريانِ يتبعها هرٌّ رشيق ‪..‬‬ ‫*******‬ ‫ينتهي املساءُ على النحو اآلتي ‪:‬‬ ‫ صيبٌّ‬‫حيلمُ بامتالكِ البحر‪.‬‬ ‫ امرأةٌ نائمةٌ‬‫تنتظرُ يف حلمِها‬ ‫مرورَ احلافلةِ بالسَّرير‪..‬‬ ‫ متقاعدٌ‬‫وحيد‬ ‫جيوبُ شوارعَ املدينةِ بسيارتِه األنيقة‬ ‫اليت أهدتهُ إيَّاها حربٌ ما ‪.‬‬

‫‪35‬‬


‫ جنديٌّ ‪...‬‬‫ينزف‪ ............‬حتى املوت‬ ‫يف خندقٍ معتم‬ ‫يقعُ يف اجلهةِ البعيدةِ عن أطرافِ املدينة ‪..‬‬ ‫ونافذةٌ شرقيةٌ ‪......‬‬ ‫من دونِ خامتٍ يلتمعُ يف عتمتها ‪..‬‬ ‫ مواءُ قططٍ صغرية‬‫‪ -‬أناشيد محاسيةٌ ‪ ..‬وشخريٌ عظيمٌ جداً ‪...‬‬

‫‪36‬‬


‫( نسخة من خطاب مكرر‬

‫مشهور يف كتب الرتاث اجلاهلي )‬ ‫يا أبناءَ الشَّعب‬ ‫أنتم السابقون إىل غبارِ كلِّ حربٍ‬ ‫وحنن الراكضون‬ ‫خلفَ بريقِ أومستِها ‪.‬‬ ‫لكم السَّمــــــــــــــــاءُ كلُّها أمامَ أنظارِكم‬ ‫َفتمتَّعوا بزرقتِها‬ ‫ولنا بضعةُ قصورٍ وجناتٍ وعيونٍ حتتها ‪.‬‬ ‫لكم مناديلُ الوداعِ البيضِ – ما أمجلها –‬ ‫ترفرفُ عالياً‬ ‫خلفَ أبنائِكم يف كلِّ حرب‬ ‫ولنا سلةُ مهمالتٍ ُنقدِّ ُمها جماناً‬ ‫لدموعِ األمهات ‪.‬‬ ‫لكم ترابُ البالدِ كلِّها‬ ‫‪37‬‬


‫على اخلريطةِ فقط‪-‬‬‫ولنا األرضُ كلُّها اليت متشونَ عليها ‪.‬‬ ‫أنتم الفيــــــــــــــــــــــــــــــــــل‬ ‫الذي سننتصرُ بهِ على األعداء‬ ‫وحنن أصحابُه ‪.‬‬ ‫َف ِسريوا‪..‬‬ ‫إىل األمام‬ ‫وال تتوقَّفوا‪..‬أبداً‬ ‫ن كامريا التاريخ‬ ‫أل َّ‬ ‫ذ اللقطاتَ الثابتة‪..‬‬ ‫ال تُحبِّ ُ‬ ‫أو ( الفالش باك‪)..‬‬

‫‪9022‬‬

‫‪38‬‬


‫( ‪ ... what‬ن ؟ )‬

‫‪ -‬اسلوب الرسم تكعييب‪-‬‬

‫خضراء‪ ..‬خضراء‬

‫(خارطةُ الــــ ‪َ ....‬وطـــ ‪....‬ن )‬

‫يف كتابِ اجلغرافية‬ ‫محراء يف كتبِ التاريخ‬ ‫بيضاء يف الكتبِ اليت حيملُها الشُّهداء‬ ‫وهُم ميضونَ إىل األعلى معا‬ ‫سوداء يف دفرتِ مالحظاتِ املغول‬ ‫مرسومةٌ على عجل‬ ‫يف هامشِ دفرتِ شيكاتِ األثرياء‬ ‫صفراء ملتصقة بصورةِ رغيفِ خبزٍ‬ ‫كبري جدا‬ ‫ومثقبٍّ بالرصاص‬ ‫يف كراسة أحالم الفقراء‬

‫‪39‬‬


‫( توبة‪ ...‬عراقية)‬ ‫يـــــــــــا رب‬ ‫اعرتفُ بأنِّي أذنبتُ كثرياً‬ ‫ه ْبَتين وطناً من برتول‬ ‫حني وَ َ‬ ‫فأحرقتُه ‪ ..‬وكنتُ عجوالً‪..‬‬ ‫َووهبَْتين ماءً‬ ‫فاندَلقَ كلُّه ‪..‬على أرصفةِ الغُرباء‬ ‫وكنتُ جهوالً ‪..‬‬ ‫َووهَ ْبَتين نَخيالً‬ ‫ت ضفائرَه بالشَّظايا‬ ‫َف َم َّشطْ ُ‬ ‫َووهبَْتين أجْملَ شجرةٍ للتُّفاح‬ ‫ت اهلبوطَ إىل قصبِ املُستنقعات‪..‬‬ ‫لكنِّي عَ ِشقْ ُ‬ ‫ووهَ ْبَتين ُأمهاتٍ رقيقاتٍ‬ ‫ن حبجرِ احلروب‬ ‫َفكسرتُ قلوبَ ُه َّ‬ ‫َووهبَْتين أقمشةً ُملوَّنةً‬ ‫‪40‬‬


‫لكنِّي أسرفتُ بتجارةِ الالفتاتِ السُّودِ فقط‬ ‫َووهبَْتين ساقنيِ مجيلتني‬ ‫لكنِّي مل أفكِّر باهلرولةِ إليك‬ ‫إال اآلن‬ ‫وأنا أجلسُ فوقَ ركامٍ من الرماد والدخان‬ ‫ُيسمُّونَ ُه ( اخلراب )‬ ‫سبحانك ‪-‬‬ ‫ن ُكنتَ ‪ُ -‬‬ ‫وإ ْ‬ ‫علَّ ْمَتين‬ ‫قبلَ املالئكة‬ ‫أنَّ امسَ ُه‬ ‫( وطن ! )‬ ‫لكنِّي نَسيت ‪.........‬‬

‫‪41‬‬


‫( مشهد حمذوف من مسلسل عربي قديم )‬ ‫التصوير باللونني األبيض واألسود –‬‫موقع كامريا التصوير ‪ :‬من األعلى‬

‫تأتي‬ ‫األمهاتُ متلهفاتٍ‬ ‫إىل نافذةِ السُّلطان‬ ‫يتوسلن بدموعِهنَّ البيض‬ ‫ن قمصانَ األبناء‬ ‫أنْ ُيعيدَ إليهِ َّ‬ ‫الذين استعارَهم جلُبِّ احلروب‬ ‫واحداً‬ ‫تلو اآلخر‬ ‫لكنَّ السلطانَ‬ ‫الذي اليعرفُ احلنني‬ ‫إىل خبز األم أو قهوتها أو ملستها‬

‫يرجتلُ حرباً جديدةً يزجُّ يف جُبِّها‬ ‫‪42‬‬


‫ما تبقى من أمهاتٍ وآباءٍ وأطفالٍ ويامسني‬ ‫وقططٍ كانت متوءُ احتجاجاً ‪ ..‬حتتَ وكْرِه‬ ‫فتنقرضُ مفردةُ‬ ‫( التَّوسل )‬ ‫من‬ ‫( لسان العرب )‬ ‫إىل‬ ‫األبد ‪..‬‬

‫‪ 9020‬حديقة الشهداء – املوصل !‬

‫‪43‬‬


‫َّ‬ ‫( دالئل الـســالم )‬ ‫ن مثةَ سالماً يف هذا العامل‬ ‫أنا ال أؤمنُ أ َّ‬ ‫إال حني أرى ‪:‬‬ ‫ الغصنَ ال يرجتف جمروحاً‬‫ بابَ املنزلِ سليماً من الكدمات‬‫ األطفالَ يرمسونَ الشَّمسَ بدالً من الدَّبابات‬‫ شحةً يف الالفتاتِ السُّود‬‫ت عن البثِّ‬ ‫ قناةَ اجلزيرةِ قد توقَّ َف ْ‬‫ (بان كي مون ) يتناولُ احلمصَ املسلوق‬‫يف بابِ الطوب‬ ‫ال يرافِ ُقه سوى ذُبابٍ حملي‬ ‫ الرصاصَ يصهرونَ ُه يف مصانعِ املراجيح‬‫ الربتقالَ يسقطُ يف حديقةِ املنزل‬‫بلمسةِ الرِّياح‬ ‫وليس بصفعةٍ من شظِّية‬ ‫‪44‬‬


‫ األسالكَ الشائكةَ ال ختربشُ مرورَ العباءاتِ قربَها‬‫ أمِّي تفتحُ ذراعيها‬‫باجتاهِ زرقةِ السَّماء‪..‬‬ ‫وليس باجتاهِ زرقةِ األممِ املتَّحدة‬ ‫لتقولَ من أعماقِها ‪:‬‬ ‫شكراً‪..‬‬

‫‪9022‬‬

‫‪45‬‬


‫(( بيضة الوطن ))‬ ‫ك الشَّائعة‬ ‫بني خمالبِ األسال ِ‬ ‫كاألخطاءِ الشَّائكة‬ ‫تنكسرُ‬ ‫بيضةُ الوطن‬ ‫فيصفرُّ قميصُه األنيق‬ ‫ويتعاىل صياحُ الدِّيكةِ والرَّصاص‬ ‫‪....‬‬ ‫علمنا دبقُ البيضِ‬ ‫أنْ الخنتيبءَ خلفَ ُزجاجٍ‬ ‫أو عباءةٍ‬ ‫أو ساترٍ‬ ‫ن الرَّصاصَ حني تَ ْعرتيهِ شهوةُ اخلروج‬ ‫أل َّ‬ ‫من فُ َّوهةِ التاريخ‬ ‫ال يعرتفُ أبداً‬ ‫‪46‬‬


‫برومانسيةِ النَّوافذِ وشفافيتِها‬ ‫أو تعليماتِ أبي‬ ‫للمحافظةِ على بياضِ أسنانَِنا‬ ‫((مرةً التهمْنا الطباشريَ كلَّ ُه ‪...‬‬ ‫لنثبتَ لهُ طاعَ​َتنا البيضاء ))‬ ‫يقولُ أبي ‪:‬‬ ‫ياولدي ‪..‬‬ ‫قد تنسحبُ الرِّيحُ الغريبةُ ‪..‬هاربةً‬ ‫ن انفهَا‬ ‫أل َّ‬ ‫اليتقنُ مضغَ رائحةِ البيضِ القروي‬ ‫وقد تنسحبُ الرَّصاصاتُ حياءً‬ ‫ني‬ ‫أمامَ عكازِ احملاربني املُسنِّ َ‬ ‫على بابِ دائرةِ التقا ‪...‬ئهم الشَّهري‬ ‫قبل افرتاقِهم عُراةً‬ ‫إال من املَجدِ القديم‬ ‫وهمْ‬ ‫‪47‬‬


‫ينحدرون‬ ‫هرولةً‬ ‫ح َفرِهم األبدية‬ ‫صوبَ ُ‬ ‫(( مرةً سألتُ أبي ما اجملد ؟‬ ‫فطلبَ مين أنْ اقرأ سريةَ أبي زيدٍ اهلاللي ‪..‬‬ ‫ت مشاهدةَ وادي الذئاب* !! ))‬ ‫لكنَّين فضَّلْ ُ‬ ‫‪........‬‬ ‫‪........‬‬ ‫لكنَّ القميصَ األبيضَ – ياوالدي –‬ ‫يظلُّ مصفراً‬ ‫وهو يرفرفُ‬ ‫يف دفاترِنا اجلامعية‬ ‫وحننُ نتجهُ صوبَ حفلِ التَّخرُّجِ‬ ‫بعباءاتٍ سودٍ مثقَّبةٍ‬ ‫بضرباتِ من مناقريِ الرِّيحِ الغريبة‬ ‫وبنظَّاراتٍ من دونِ ُزجاجٍ‬ ‫‪48‬‬


‫نعربُ السواترَ باألهازيجِ ‪..‬‬ ‫وكأنَّنا‬ ‫مل نقرأْ السيناريو القديمَ جيداً‬ ‫جنتازُ األسالكَ العالقةَ بسيقانِنا اخليطيةِ‬ ‫صفْرةَ الوطنِ‬ ‫ب اخلُدوشِ ُ‬ ‫لنغسلَ ِب ِعَن ِ‬ ‫مبتسمني بأسنانٍ المعةٍ بيض‬ ‫ق لنا‬ ‫صفِّ ُ‬ ‫ال أحدَ ُي َ‬ ‫سوى أبي‬ ‫والدَّجاج !!‬

‫‪9022‬‬

‫حفل خترج طلبة كلية اآلداب‬

‫‪ ‬وادي الذئاب ‪ :‬مسلسل تركي (مدبلج ) ذو مضامني سياسية‪.‬‬

‫‪49‬‬


‫(اغتصاب)‬

‫‪ -‬نسخة أصلية نادرة من فيلم عربي حجبته الرقابة ‪-‬‬

‫األبُ الذي يعشقُ مراودةَ احلروب‬ ‫ال يفْ َق ُه حمنةَ األُمِّ‬ ‫اليت ‪ ..‬أجربَها مراراً‬ ‫على ضخِّ مزيدٍ من األبناء‬ ‫لرتوي عِشقَ ُه احلرام ‪.‬‬ ‫****‬ ‫ً‬ ‫( اجلنرال بعيدا عن ساحة احلرب )‬ ‫‪ -‬الكامريا ‪...‬خفية –‬

‫ت ُبندقية‬ ‫يف حضنه مرةً ‪ ..‬حطَّ ْ‬ ‫فأجنبَ منها‬ ‫أومسةً حديديةً ‪..‬جيرُّها اآلن‬ ‫ وهم يلعبون ‪ -‬حولَ كرسيهِ املتحرِّك‬‫أحفادُه الصغار‪..‬‬ ‫‪50‬‬


‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫(سم ‪..‬فونية)‬ ‫كريشةٍ من جناحِ غراب‬ ‫تتطايرُ األرملةُ بني دائرةِ التقاعدِ ‪..‬‬ ‫وقربِ الزوج‬ ‫وال تتوقفُ أبداً‬ ‫إال حنيَ يتوقفُ الوطنُ عن النَّفْخِ‬ ‫يف بو‪..‬م احلروب ‪.‬‬ ‫****‬ ‫(إدمان)‬

‫كدميةٍ من قشٍّ يف سلَّ ِة ُمهمالتٍ‬ ‫ينظرُ إلينا عودُ ثقابِ الوطن‬ ‫الذي يدخنُ سيجارةَ احلربِ‬ ‫جرِ‪...‬‬ ‫كلما شعرَ بالضَّ َ‬ ‫ثمَّ يرميها يف السَّلَّة !‬ ‫****‬ ‫(وفاااااااااااااء)‬ ‫‪51‬‬


‫مل يعطِين هذا الوطنُ‬ ‫سوى سكنيِ احلروب‬ ‫وحفنةٍ من شَعريٍ‬ ‫لكنِّي مثلَ خروفِ العيد‬ ‫الزلتُ أدورُ حولَه ُمَت َشبِّثاً ِبعشبهِ األصفر‬ ‫****‬ ‫( خيو‪...‬ط )‬ ‫جترُّ خيولُ العمر عربةَ القمامة‬ ‫ُأوقِ ُفها يف منتصفِ الطَّريق‬ ‫و َأنبشُ فيها ‪ ..‬بلهفةٍ‬ ‫حبثاً عن بقايا يوم واحد سعيدٍ‬ ‫مل أكملْ أكلَ ُه‬ ‫فال أجدُ سوى أيامٍ متعفنةٍ باهلموم !‬ ‫****‬ ‫(نشيد الشهداء )‬ ‫‪52‬‬


‫‪ -‬يصلحُ نغمةً للهاتف النقال‪-‬‬

‫تفاحةٌ أنزلَ ْتنا ‪..‬‬ ‫(الكورسُ بصوتٍ حزينٍ منخفضٍ)‪:‬‬ ‫أنزلَ ْتنا ‪ ..‬أنزلَ ْتنا‬ ‫ورصاصةٌ َأعادَ ْتنا ‪ ...‬إليكِ أيَّ ُتها السَّماء‬ ‫(الكورسُ بصوتٍ ُمرتفعٍ)‪ :‬أَعادَ ْتنا ‪..‬أَعادَ ْتنا‬ ‫****‬ ‫(دالل)‬

‫كصيبٍّ ُمشاكسٍ‬

‫ينفجرُ بكاءُ هذا الوطن‬ ‫املُ َّتسخَة مالبسهُ بالنفط‬ ‫كلَّما طلبنا منه التوقفَ عن الصعود‬ ‫إىل مراجيحِ احلرب‬ ‫****‬

‫‪53‬‬


‫(‪)2‬‬

‫نــتـــف‪....‬‬ ‫املخطوطة‪:‬‬ ‫للمهمش أبي المحـــــب‬ ‫احمد بن جارهللا العراقي‬ ‫‪2449‬هـ‬

‫(قصة ‪ ..‬أسف)‬

‫‪54‬‬


‫(( ال أبواب‬ ‫يف بييت ))‬ ‫قالت احلريةُ‬ ‫لقفلٍ قالَ هلا ‪ ((..‬هيتَ لكِ ! ))‬ ‫****‬ ‫(طبخة تارخيية)‬ ‫‪ -‬من دونِ ملح ‪-‬‬

‫طبخةُ العراقيني تتكونُ ِم َّما يأتي ‪:‬‬ ‫ملعقةٌ حبجمِ السَّماءِ من صَ ْبرِ أيُّوب‬ ‫ندمٌ حبجمِ حوتِ‬ ‫د من اجلهاتِ كلِّها‬ ‫وقميصٌ ُق َّ‬ ‫****‬

‫‪55‬‬


‫(عالقة عسلية)‬ ‫كدبقٍ‬

‫يلتصقُ بنا الوطنُ اجلميل‬ ‫فيتبعنا ذبابُ احلروبِ طوالَ العمر‬ ‫****‬ ‫(فائضون)‬

‫كورقِ (الكلينكس) ميسحُ بنا‬ ‫الوطنُ لعابَه بعدَ كلِّ (سندويتش ) حربٍ‬ ‫****‬ ‫(لقطة يومية)‬ ‫كصنبورِ املاء‬

‫يرشُنا الوطنُ ‪ ..‬على املقابر‬ ‫****‬

‫‪56‬‬


‫(حبـــ‪ ...‬ر)‬ ‫كالعانسِ‬

‫يبقى قلمُ احلِ ْبرِ‬ ‫معروضاً خلفَ زجاجِ املكتبة‬ ‫حتى يشرتيهِ شاعرٌ عابر‬ ‫****‬ ‫َّ‬

‫( سريك من عصر الطوائف االندلسية)‬ ‫كقشرِ املوز‬

‫يرمينا السياسي‬ ‫وهو يقفزُ برشاقةٍ‬ ‫من وزارةٍ إىل أخرى‬ ‫يف غابةِ الوطن‬ ‫****‬

‫‪57‬‬


‫( فلم ‪ ...‬هندي مرتجم اىل العربية )‬ ‫وحدها القابِلةُ‪..‬‬

‫تعرفُ األمَّ القاسيةَ‬ ‫اليت تركتْ لنا هذه احلروب اللقيطة‬ ‫ت‪.‬‬ ‫هربَ ْ‬ ‫على بابِ العمرِ‪ ..‬ثمَّ َ‬ ‫****‬ ‫(ملصق يف غابة )‬

‫وحده العصفور‬

‫يعرفُ أنَّ للشجرةِ أملاً كبرياً‬ ‫حني تسقطُ منها ورقةٌ واحدةٌ قبل‬ ‫أن يدقَّ اخلريفُ‬ ‫طبولَه الصفر!‬ ‫****‬

‫‪58‬‬


‫( مامل يقله حممود درويش )‬ ‫وحدها األمُّ‬

‫تدركُ أنَّ العصافريَ‬ ‫متوتُ إذا فَطمتْها األشجارُ‬ ‫من حليبِها األخضر !‬ ‫****‬ ‫(أناقـــة)‬

‫هل ميكنُ ملكواةِ السَّالم‬ ‫ل أيامَنا‬ ‫أن تعدِّ َ‬ ‫ك ْتها احلربُ ؟؟‬ ‫اليت دعَ َ‬ ‫****‬ ‫( حبــــــ‪....‬ل)‬ ‫هل يعرتف بالندم‬ ‫حبل املشنقة بعد مرور عشرات األعناق‬ ‫‪59‬‬


‫من فوهته؟‬ ‫****‬

‫(ساعي البريـــ‪....‬ق)‬ ‫ساعي الربيد‬ ‫تكرهُ ُه األرملةُ‬ ‫ألنَّ ُه يرفضُ دسَّ رسائِ َلها‬ ‫يف منتصفِ قربِ الزوج‬ ‫الذي رحل من دون استئــــ‪...‬ناس‪.‬‬ ‫****‬ ‫(وجهة ‪..‬لبن)‬ ‫ك‬ ‫السياسيُّ املُحنَّ ُ‬ ‫‪60‬‬


‫َّ‬ ‫يكرهُ اللبن‬ ‫ضة !‬ ‫طعمِ املُعارَ َ‬ ‫ذكِّ ُر ُه ِب َ‬ ‫ن محوضَ​َت ُه ُت َ‬ ‫أل َّ‬ ‫****‬

‫(دب ‪..‬لؤم ‪..‬اسية)‬ ‫يف فراشِه ‪ -‬فقط ‪-‬‬ ‫َّ‬ ‫(يتقبل ) السياسيُّ املُعتَدل‬ ‫م) املرأةُ بقوة جداً‬ ‫أنْ (تنضَ َّ‬ ‫إىل أحضان الربملان ‪.‬‬ ‫****‬ ‫( دراكوال)‬

‫يف حديقةِ املَمْلكة‬ ‫يكرهُ الفَراشات‬ ‫وحيبُّ البَعوضَ‬ ‫‪61‬‬


‫ذلك الذي كانَ حياربُ يف مواعظه‬ ‫على عتبةِ الرَّصيفِ‬ ‫مصاصي دماءِ الشُّعوب !!‬ ‫****‬ ‫(وصية وجدت يف غرناطة)‬

‫إياكَ أنْ جتلسَ على كرسيٍّ‬ ‫قبلَ أنْ‬

‫تقرأ مدةَ الصالحيةِ املكتوبة أسفله‬ ‫ع !!‬ ‫ص ِن َ‬ ‫ويف أيةِ دولةٍ ُ‬ ‫****‬ ‫( ديـ‪ ..‬كــــ‪..‬اريكاتري)‬ ‫ُيمكنُ أنْ يكونَ الديكُ‬ ‫سياسياً ناجحا‬ ‫‪62‬‬


‫حني يكونُ ديكْ ‪...‬تَا تُوراً‬ ‫****‬

‫(مر‪)..‬‬

‫حبُّ الوطن‬ ‫مر‪..‬ض عضال ‪.‬‬ ‫****‬

‫ْ ْ ْ‬ ‫(تف‪..‬ف‪..‬ف‪..‬احة)‬

‫البيتُ ‪..‬‬ ‫تفاحة يقضمها الوالدان بلذة‬ ‫وإن كان فيها أحيانا ديدان‬ ‫امسهم ‪ :‬األبناء!‬

‫‪63‬‬


‫****‬

‫(سوء استفهام )‬

‫اللصُّ‬

‫يعشقُ النَّحوَ العربيَّ‬ ‫باستثناءِ اجلُملةِ االستفهامِ َّي ِة ‪:‬‬ ‫ك هذا ؟‬ ‫من أينَ َل َ‬ ‫****‬ ‫( دورة )‬ ‫يبدأُ الربيعُ بوردة‬ ‫يبدأُ الغباءُ بقطفِ الوردة‬ ‫ب بإهداءِ وردة‬ ‫يبدأُ احلُ ُّ‬ ‫‪64‬‬


‫ط َفها !‬ ‫ملن هو أغبى ممَّن قَ َ‬ ‫****‬

‫َّ‬ ‫(النزيف الوطني )‬

‫القوة يف عاملِنا العربي ‪:‬‬ ‫سوطاً‬ ‫أنْ متتلكَ َ‬ ‫تعزفُ به على ظهرِ اآلخرين‬ ‫النشيج الوطين ‪.‬‬ ‫****‬ ‫( أمـــ‪ ..‬ن)‬

‫األم وطنٌ‬

‫والنساءُ كلُّهنَّ‬ ‫حوهلا منفى ‪..‬‬

‫‪65‬‬


‫****‬

‫( ‪.....‬آفة)‬ ‫ن أحزاني طويلةٌ جداً‬ ‫أل َّ‬ ‫ومرقطةٌ بالنَّدم‬ ‫تقلقين رؤيةُ الزُّرافة‬ ‫****‬ ‫( أسد الغــــ‪...‬ياب)‬

‫حينما يفقدُ األسدُ‬ ‫ذاكرتَه‬

‫ينسى حرف الدَّال‬ ‫ويقتنعُ‬ ‫‪66‬‬


‫باألســـ‪.......‬ـــى‬ ‫****‬ ‫( القــــــــــ‪..‬هر)‬

‫هل جرب القربُ يوماً متعةَ اهلرولة‬ ‫حتت الشمس‬ ‫بدل البقاء يابساً يف مكانه ؟‬ ‫*****‬ ‫(بوح)‬

‫ل الكلبُ ‪..‬الراعيَ‬ ‫م ال يسأ ُ‬ ‫ِل َ‬ ‫عن صمتهِ الذي ال ينبحُ ؟‬ ‫****‬ ‫( خوف)‬

‫ل الطريقَ اىل قطيعهِ‬ ‫اخلروفُ الذي ظَ َّ‬ ‫تساءلَ ‪:‬‬ ‫هل يكون الذئب عالميت الدالة ‪...‬يف الطريق إليهم ؟‬ ‫‪67‬‬


‫****‬ ‫( طبق الصحراء )‬

‫تتساءل العجوز أمام القرب‪:‬‬ ‫متى تكف عن تسمييت بأكلتك املفضلة ؟‬ ‫****‬ ‫( ثروة ‪..‬الشعب)‬

‫متى تتوقف خمالب السياسي عن حك فروة رأس‬ ‫الشعب ‪....‬‬ ‫حبجة التفكري بالوطن ؟‬ ‫***‬

‫( قـــــ‪....‬تلة )‬

‫العصافري اليت فرت من احلرب‬ ‫سألت أحد املنتصرين ‪:‬‬

‫هل ميكن للرصاصة أن تكونَ صديقةً للشَّجرة‬ ‫ل جذعها ؟‬ ‫من دون أن تُ َقبــِّ َ‬ ‫‪68‬‬


‫**‬ ‫(نتف من سرية عانس)‬ ‫حيزنها منظر اجلدران‬ ‫وهي تتصدع‬ ‫جن‬ ‫مبرور الشَّ َ‬ ‫‪....‬‬ ‫مثة ملعقة ثانية‬ ‫يف مطبخها‬ ‫أصابها الغبار بالشَّلل‬ ‫‪....‬‬ ‫هي مل تشطر رغيفَ اخلبز إىل نصفني‬ ‫أبدا‬ ‫وذلك أمر يؤمل شهية أصابعها‬ ‫‪.....‬‬ ‫مل ينتثر شَعرُها يوما إال بفعل‬ ‫‪69‬‬


‫هواء املروحة السقفية !!‬ ‫‪...‬‬ ‫سوى ظلها الرمادي‬ ‫مل يصاحبها يف الطريق‬ ‫أي ظلٍّ أخضر‬ ‫‪...‬‬ ‫جرسُ بابها ال أحد يقرعهُ‬ ‫لذلك قررت خلعَ الباب‬ ‫واالحتفاظ باجلرسِفقط‬ ‫‪....‬‬ ‫قميصُ نومِها‬ ‫اليكفُّ عن لَومِها‬ ‫‪....‬‬ ‫حتى وجه الصَّباح‬ ‫يبدو جمعداً يف مرآتها‬ ‫‪...‬‬ ‫ال أحد يشتهي ضفائرها‬ ‫‪70‬‬


‫سوى املقص‬ ‫‪....‬‬ ‫مثل القطط‬ ‫متوءُ أظافرُها يف الليل‬ ‫****‬ ‫تكرهُ الليلَ ‪..‬ألنه حيبُ األعدادَ الزوجية !‬ ‫****‬ ‫حتتضنُ اهلواءَ‬ ‫وتلتقطُ‬ ‫صورة معه ‪..‬‬ ‫‪.....‬‬ ‫تقتين األقفاصَ‬ ‫لتطلقَ منها العصافري‬ ‫‪......‬‬ ‫القطارات اليت متر ببيت العانس‬ ‫‪71‬‬


‫م ُتفكِّر ‪...‬ولو مرةً واحدةً باملرور‬ ‫م َل ْ‬ ‫ِل َ‬ ‫من حتتِ سريرها البارد ‪...‬؟‬ ‫****‬ ‫حتى النَّملة تاهت يف أخاديد‬ ‫وجهها‪..‬يف عيد ميالدها‬ ‫****‬ ‫الثلجُ ال يتوقفُ عن التَّساقط‬ ‫يف كَفِّها‪..‬‬ ‫****‬ ‫حبيبُها استعارته احلرب‬ ‫وأعادتهُ إليها يف صندوق‬ ‫****‬ ‫ُكحلُها ‪ِ...‬لمن تضعه‪..‬‬ ‫والكونُ أعمى ؟‬ ‫****‬ ‫مرة متنت‬ ‫لو أن كلبها‬ ‫‪72‬‬


‫يتقن الزّغاريد بدل النِّباح !‬ ‫***‬ ‫يف الدوالب فستانها األبيض‬ ‫يشعر باالغرتاب‬ ‫****‬ ‫كل ما لديها ينزف دما‬ ‫حتى أمحر الشقاء !!‬ ‫****‬ ‫تفتحُفمها‬ ‫س‬ ‫تكتشفُ أن التَّسوّ َ‬ ‫قد وصل إىل قلبها !!‬ ‫****‬ ‫قبل سنوات استغنت‬ ‫عن ثالثة فصول‬ ‫واكتفت باخلريف فقط !!‬ ‫****‬ ‫تتأمل يف فستانها الطويل‬ ‫‪73‬‬


‫وحتصي عدد األطفال‬ ‫الذين كان ميكن أن يتعلقوا بأذياله!‬ ‫***‬ ‫من وجهة نظر والديها ‪ :‬هي طفلة‬ ‫من وجهة نظر طفلة اجلريان ‪ :‬هي جدة!‬ ‫من وجهة نظرها ‪ :‬هي جثة!!‬ ‫****‬ ‫متد يدها إىل املطر‬ ‫فتصاب الغيوم ‪...‬بالعطش !‬ ‫****‬ ‫تنشر ثوبها على حبل احلياة‬ ‫فتتساقط منه‪...‬دموع األيام امليتة !‬ ‫****‬ ‫من جيبها املثقوب ‪..‬‬ ‫هرب قلبها ‪..‬لذلك قميصها الوردي‬ ‫ال ينبض أبدا !!‬ ‫*****‬ ‫‪74‬‬


‫يف أعماقها مقربة واسعة‬ ‫لرجال ‪..‬اجنبتهم أحالمها‬ ‫***‬ ‫عيونها الصفر‬ ‫خريف حمنط ‪..‬يف هرم وجهها !‬

‫‪75‬‬


‫(‪)4‬‬ ‫((( شعــــــ‪....‬ارات )))‬

‫‪76‬‬


‫(شعار يف حديقة احليوان )‬ ‫أكثرُنا هدوءاً‬

‫يف الطريقِ إىل مقصلةِ املوت ‪..‬‬ ‫احلمارُ ‪ ...‬فاحرتموه‪..‬‬ ‫****‬ ‫( شعار ثان يف حديقة احليوان )‬

‫احليواناتُ مجيعاً‬ ‫تريدُ إسقاطَ‬ ‫السِّـــياج‬ ‫****‬

‫( شعار على قفص القرد )‬

‫يا أيُّها النَّاسُ ‪..‬‬

‫ق َب ْيَنَنا السِّـياجُ‬ ‫ن َف َّر َ‬ ‫وإِ ْ‬ ‫ج َم ُعنا‪..‬‬ ‫ح َّب َة املوزِ َت ْ‬ ‫ن َم َ‬ ‫فإ َّ‬ ‫****‬

‫‪77‬‬


‫( شعار على قفص األسد )‬ ‫يبقى لقيب ( ملك الغابة )‬

‫ن كنتُ يف قفصٍ‬ ‫وإ ْ‬ ‫داخلَ مدينةٍ دميقراطية !!‬ ‫****‬ ‫(شعار على ظهر مواطن عربي)‬

‫َيصلحُ للحروبِ واحلروق‬ ‫يفسدُ طعمهُ باحلُب‬

‫ُيحفظُ يف ثالج ِة‪ ..‬املشرحةِ‬ ‫التعرِّضهُ لشمسِ احلرية‬ ‫مدةُ الصَّالحية ‪:‬‬ ‫يبقى على قيدِ االستعمالِ واحلياةِ‬ ‫مادام صامتاً !‬ ‫انتاجُ ‪ :‬مصانع اجلامعة العربية‬ ‫****‬ ‫‪78‬‬


‫( شعار على واجهة مطعم )‬

‫وخريُ جليسٍ يف الزَّمانِ‬

‫كبـــــــابُ‬ ‫****‬ ‫( شعار على باب منافق )‬ ‫القناع كنزٌ ال يفنى‬

‫****‬ ‫( شعار على عباءة أرملة)‬

‫يكرهُ الغرابَ‬

‫من مل يسكنه الَّليلُ‬ ‫وحيبُّ البحرَ من تسكنه النَّوارسُ‬ ‫****‬

‫‪79‬‬


‫(شعار على عش غراب)‬

‫تهابون رؤيتَنا‬

‫ألننا شُهودٌ ‪ ..‬أبديون‬ ‫على جرائمِكم‪.‬‬ ‫****‬ ‫( شعار على (‪ (w .c‬اجلامعة العربية )‬ ‫نعم للخــــــروج السلمي‬ ‫وحقِّ التَّظاهر‬ ‫والتصو‪....‬يـــــط‪....‬واحلرية‬ ‫ال للفسا‪.....‬د !‬ ‫****‬ ‫( شعار على علبة تبغ عربية)‬ ‫َّ‬ ‫التدجــــــني سببٌ رئيس‬ ‫ألمراضِ الشُّعوب ‪.‬‬

‫‪80‬‬


‫****‬ ‫) شعار على احد األفران )‬

‫البالدُ عجنيٌ‬ ‫وحنن فيها‬

‫شعرةٌ سوداءُ جمعَّدةٌ‬ ‫****‬ ‫(شعار على حائط العشاق احملبطني )‬

‫البـــــــــ‪....‬وحُ للحمري‬ ‫فقط‪!!...‬‬

‫****‬ ‫(شعار أخري )‬

‫العراقي ‪..‬عنقاء‬ ‫بثوب اخضر‪.........‬‬

‫‪81‬‬


‫ماقبل اخلامتة‬ ‫(( حاسة الغيم ))‬ ‫إىل نبض الروح ‪..‬أُمي‬ ‫تسريُ قافلةُ الغيم‬ ‫تتوقف مرةً هنا ‪ ..‬ومرةًهناك‬ ‫الغيمُ أيضا له حاسة االبن الضال ‪..‬‬ ‫الذي يدرك أن أمه تبقى بانتظار العثور عليه ‪..‬‬ ‫مهما تكاثفت سحبُ الرتاب‬ ‫لكن القرب‬ ‫ال ميتلك أيةَحاسةٍ‪..‬‬ ‫إنه أعمى وأصمُّوأبكم ‪ ..‬ومن دون كفني ‪..‬‬ ‫إنه ال يصافح ريشَ الذل‪..‬الذي ينبت على القلب‬ ‫حلظة ينحين على كَ َفنِ االم‬ ‫وال يلمس نبضَمن يقفون جبواره‬ ‫‪82‬‬


‫القربُ اخرتاع ‪..‬ال براءة له ‪..‬‬ ‫الغيم ال يكلفُ اخرتاعه سوى دمعتني من دموع أمي‬ ‫وأنا عادة ال أمحلُ مظلة‬ ‫ألنين ال أستطيع أن أردَّ قبالت أمي‬ ‫وهي تتساقط من عنيِالغيمة‬ ‫لتغسلين من غبا‪..‬ء القبور‬ ‫وترشحين املدرسة كأمجل تلميذٍ‬ ‫يف كل فصل شتاء ‪....‬‬ ‫من ميتلكُ حاسةَالغيم لن يضيعَ أبداً‬ ‫كفَّ أمِّ ِه‬ ‫حتى لو كانت‬ ‫حتت مرتين‬ ‫من الرتاب ‪....‬‬

‫‪83‬‬


‫اخلامتة‬

‫(ينام التاريخ ‪ ..‬وتستيقظ هي )‬ ‫املوصلُ مرجوحة‬ ‫يف صباحِ العيدِ تطري‬ ‫والعراقُ صيبٌّ مشاكس‬ ‫والتاريخُ بينهما جالس‬ ‫الصيبُّ كعادتهِ‬ ‫مرةً‬ ‫بذراعِ املرجوحة‬ ‫حنو الشَّمسِ واألزهارِ يروحُ‬ ‫ومراتٍ ‪ ..‬كالطريِ املذبوحِ‬ ‫يأخذُها حنو الليل ‪...‬‬ ‫أما سيِّدي التَّاريخ‬ ‫فيسافرُ يف نومٍ وشخري !!‬ ‫************‬ ‫‪84‬‬


‫املوصلُ بائعُ سوسٍ‬ ‫ُمتجوِّل‬ ‫والتَّاريخُ دربٌ غريُ ُمبلَّط !!‬ ‫************‬ ‫املوصلُ طائرةٌ من ورقْ‬ ‫يف ذاكرتي تتأرجحُ بني السَّاعةِ واخلزرجْ‬ ‫تتساءلُ ‪ :‬يايونس‬ ‫ن أدخَ َلنا يف جوفِ احلوت‬ ‫َم ْ‬ ‫وخَرجْ ؟‬ ‫***************‬ ‫املوصلُ غازَ​َلها ألفُ غازٍ وكذَّاب‬ ‫َمرُّوا كلهم‬ ‫قربَ السورِ واألبوابْ‬ ‫مانالوا منها‬ ‫غريَ ضربةِ قبقاب !!‬

‫‪85‬‬


‫* تصميم الغالف ‪ :‬د‪ .‬فارس عزيز – امحد جاراهلل‬

‫‪86‬‬


‫سيرة موجزة للشاعر‬ ‫‪ -‬احمد جارهللا ياسين من مواليد مدينة الموصل ‪ -‬العراق‬

‫_حصل على الماجستير في األدب الحديث عن رسالته (التدوير في شعر حسب الشيخ‬

‫جعفر)‪ 8991‬بتقدير امتياز‪.‬‬

‫_حصل على الدكتوراه عن اطروحته(اثر الرسم في الشعر العراقي الحر)‪ 2002‬بتقدير امتياز‪.‬‬ ‫_نشر عشرات المقاالت الصحفية في االدب والفن والنقد‪.‬‬

‫_صدرت مجموعته الشعرية األولى (هوامش)عام ‪.8999‬‬

‫صدرت له مجموعة شعرية مشتركة مع عدد من الشعراء(تخطيطات مفتوحة)عام ‪.8999‬‬

‫_صدرت له مجموعة قصصية مشتركة (قصص من نينوى)عام‪.2002‬‬

‫_أقام عدة معارض شخصية للرسم في جامعة الموصل ‪.‬‬

‫‪ -‬صدرت له مجموعة قصصية بعنوان (ح‪R‬ب)عام ‪ 2002‬ضمت قصصا قصيرة وأخرى‬

‫قصيرة جدا‪.‬‬

‫‪ -‬صدرت مجموعته الشعرية ( الى ‪ ....‬برقيات وصلت متاخرة ) عام ‪.2080‬‬

‫‪ -‬حصلت قصته ( جرد سنوي ) على المرتبة األولى في مسابقة برنامج أوراق للقصة القصيرة‬

‫‪ /‬إذاعة لندن عام ‪.2002‬‬

‫‪ -‬حصلت قصيدته ( قبور عراقية منفردة ) على المرتبة الرابعة في مسابقة جريدة الغد ‪ /‬بابل‬

‫التي شارك فيها عشرات الشعراء العراقيين عام ‪.2009‬‬

‫‪ -‬نالت قصته ( عادات ) المرتبة الثالثة في مسابقة دار الشؤون الثقافية‪ /‬بغداد عام‬

‫‪.2080‬‬

‫‪ -‬نال كتابه النقدي ( مدرسة اإلحياء بين االتصال بالشعرية التراثية واالنفصال عنها )‬

‫المرتبة األولى في مجال النقد االدبي في مسابقة الشارقة لإلبداع بدولة اإلمارات العربية عام‬

‫‪.2088‬‬

‫‪ -‬نال كتابه (فضاء االقتناء الفني في العالم العربي ) المرتبة الثانية في البحث النقدي‬

‫التشكيلي في الشارقة بدولة اإلمارات العربية عام ‪.2082‬‬

‫‪ -‬نال عدة جوائز في مسابقة الفنون اإلبداعية بجامعة الموصل في مجاالت الرسم والشعر‬

‫والقصة القصيرة والخاطرة والمقال وللسنوات ‪/2080 /8991 /8992 /8992‬‬

‫‪.2082/2088‬‬

‫‪87‬‬


‫العنوان البريدي‬

‫العراق ‪ /‬جامعة الموصل ‪ /‬كلية االداب ‪ /‬قسم اللغة العربية ‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫جانب مهم من مشروعه الشعري يهتم بالعناصر المهمشة ( المادية والمعنوية ) في الحياة‬

‫االنسانية ‪ ،‬ويرى فيها معبرا لرؤية الحياة من زاوية الظل ‪ /‬الهامش ‪ ،‬بدل التموضع في فضاءات‬ ‫الضوء ‪ /‬المركز التي حظيت كثيرا باالهتمام االدبي ( شعرا وسردا ) واغتصبت كما كبيرا من‬ ‫اهتمام نصوص االدب‪.‬‬ ‫قصيدته تهتم بإبراز معاناة الشخوص المهمشين والمغيبين قسرا عن ضوء الحياة ‪ ،‬والسيما‬ ‫الذين طحنتهم رحى الحروب والظروف الحياتية الصعبة والتقاليد االجتماعية السلبية ‪ ،‬من شهداء‬ ‫وأرامل وعوانس وأطفال وشخصيات بسيطة مهمشة ‪،‬كان يمكن ان يعيشوا حياة طبيعية سعيدة‬ ‫لوال القهر والظلم الذي وقع عليهم من االفراد المهيمنين على مناطق الضوء من طغاة ومستبدين‬ ‫سياسيا واجتماعيا وروحيا وماديا‪ ،‬ممن كرسوا حياة المهمشين لخدمة اهدافهم غير النبيلة ‪.‬‬ ‫إن صفة ( المهمش ) في شعره تتسع لتتجاوز الشخصية االنسانية حتى تضم تحت داللتها‬ ‫الشعرية كل شيء مهمل في الحياة سواء أكان جمادا أم حيوانا أم فكرة ‪ ،‬أم معنى ‪ ،‬فكلها تصير‬ ‫رموزا شعري ة وعتبات لرؤية الجانب المعتم او المسكوت عنه في حياتنا اليومية الذي يمسي في‬ ‫لحظات الكشف الشعري وجها من وجوه الحقيقة في الحياة وليس وجها مهمال او مزيفا كما‬ ‫تحاول اقناعنا بذلك نصوص المتن او الثقافة المفروضة علينا ممن يدعون انتماءهم الى الطبقة‬ ‫النخبوية ‪..‬‬ ‫فالمرأة في نصوص المتن الشعري السائد هي المفعمة باألنوثة والجمال والغنج والشباب ‪،‬‬ ‫اما المرأة في نصوصه فهي العانس مثال التي استلبت منها غصبا تلك السمات ومهمة القصيدة‬ ‫عنده اعادة االعتبار اليها بالكشف عن المسكوت عنه االنساني والروحي الحزين في تلك‬ ‫الشخصية ‪ ،‬فهي انثى الظل التي تستحق من الشعر ان يتوقف قربها ويضيء انسانيتها بعد ان‬ ‫تخلت نصوص المتن عنها ‪.‬‬ ‫لكن التعامل الشعري مع هذه الشخصية لن يتم مباشرة بل عبر المهمل في حياتها اليومية ايضا‬ ‫الذي يرمز الى غياب االخر عنها والمتسبب في توصيفها بالعانس ‪ ،‬ذلك االخر الذي اختطفه‬ ‫رجال الحروب العبثية بحجة الدفاع عن القضية ؟‪..‬ثم تكتشف بعد ذبول العمر ان القضية زائفة‬ ‫‪..‬وأنها طوال حياتها الباقية لن تستطيع ان تقسم رغيف الخبز في مطبخها الى نصفين ابدا مادام‬ ‫النصف االخر لغائب ‪ /‬رجل ‪ ....‬لن ياتي ‪..‬وهذا الفعل الهامشي ( اقتسام رغيف الخبز ) هو معبر‬ ‫لرؤية الماساة اليومية التي تعيشها احاسيس مثل هؤالء النساء الوحيدات في عالمنا ‪..‬فهن يمتلكن‬ ‫انوثة مؤجلة دوما ‪..‬في سبيل تحقيق فحولة الطغاة في حروبهم أو نزقهم السياسي او االجتماعي‬ ‫وماتتركه اثارها من خراب اجتماعي ونفسي‪..‬مزمن‪..‬‬ ‫فالنصوص تشتغل شعريا في منطقة الظل او الهامش من سيرة الشخوص واألشياء‬ ‫والمخلوقات االخرى ‪ ،‬لتعيد بالشعر قراءة وجودها اليومي القلق الحزين ‪.‬ان هذه المهام جزء من‬ ‫رسالة الشعر والعقيدة الدينية عند الشاعر الذي إن لم يستطع ان يصحح مسار الحياة ويعيد اليها‬ ‫عافيتها ‪ ،‬فانه في االقل يشخص شعريا مواضع االلم السري والوجع الخفي فيها التي يحاول‬ ‫االخرون نسيانها او التغاضي عنها او عدم االعتراف بوجودها خشية افتضاح حال الخراب الذي‬ ‫نعيش في فضائه الرمادي المؤطر زيفا بألوان وردية خطتها مخالب ابطال المتون ‪.‬‬ ‫ان االهتمام بالمهمش يتجلى ايضا في اعادة االعتبار لعنوانات النصوص التي تعد من‬ ‫الهوامش المحيطة بمتن النص ‪ ،‬اما في هذه المجموعة والسيما في النصوص القصيرة فان‬ ‫العنوان خرج من اداء ذلك الدور ليكون موازيا بأهميته للمتن نفسه ‪ ،‬حتى ان المتن التكتمل‬ ‫ضربته الشعرية إال بموضعته دالليا امام العنوان الذي يعتمد في تشكيل بنيته على البالغة‬

‫‪88‬‬


‫الشعرية والبصرية التي تعيد توزيع مفرداته او حروفه بناء على لعبة المفارقة الداللية الساخرة‬ ‫الناتجة من هذا التوزيع ومن عالقته الشعرية مع المتن ‪.‬‬ ‫فالقصيدة يمكن ان تكون طويلة جدا ‪..‬ويمكن ان تكون قصيرة جدا ‪..‬وعندما تكون‬ ‫بالوص ف االخير فتلك سخرية ايضا ‪..‬بمعنى ان ماوصل اليه حال العالم يمكن اختصاره بسطر او‬ ‫سطرين قصيرين لكن مافيهما من وجع كبير يوازي قصائد طويلة بأكملها ‪..‬ربما في تلك‬ ‫المحاولة رغبة بإعادة فكرة بيت القصيد القديمة ‪..‬لكن هذه المرة بكتابة سطر او اثنين فقط ‪..‬من‬ ‫دون وضعهما نهاية مجموعة كبيرة من السطور تحاكي االبيات العديدة التي كانت القصيدة‬ ‫تتشكل منها لتصل في النهاية الى بيت القصيد الذي يختصر الحكمة الداللية المبتغاة من القصيدة‬ ‫كلها ‪..‬اما االن في عصرنا السريع الذي اليصغي للشعر إال قليال فلم يعد من المجدي أحيانا إطالة‬ ‫الكال م من اجل الوصول الى ذلك الهدف ‪..‬بل من االفضل اختصاره بجمل قصيرة جدا ‪..‬تؤدي‬ ‫(لدغتها) الداللية ببالغة االيجاز والتكثيف والمراوغة بمعاني الكلمات فضال عن االحتيال‬ ‫الشعري في تشكيل العنوان الذي تحتاج اليه تلك الجمل لتكتمل به دالليا بنائيا ‪..‬‬ ‫وثمة اسرار اخرى فنية وداللية في النصوص سيكتشفها صديقي القاريء ‪..‬الذي سيختار‬ ‫مصاحبتي في السير وسط حقول الكلمات ‪...‬‬

‫‪89‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.