"مبدأ ويلسون" لتستراتيجية أميركية جديدة في العالم د .ماري ناصيف الدبس
ل يزال الخطاب الذي ألقاه رئيس الوليات المتحدة باراك أوباممما فممي بدايممة وليته الثانيممة ،فممي 21كممانون الثمماني الماضممي ،يممثير الكممثير مممن التكهنممات والجدل ،والذخممذ والممرد ،حممول أولويممات الدارة الميركيممة الجديممدة للسممنوات الربع المقبلة. وتطرح ،في هذا المجال ،العديد ممن الئسمئلة المتي تتمحمور ،عمومماً حمول عنوانين ،هما: هل ئسيحصر باراك أوباممما اهتمممام إدارتممه الجديممدة فممي التفممتيش عممن حممل للمزمة الممتي تعصممف ببلده ،وبالنظممام الرأئسمممالي عموم مًا ،بعممد أن فشممل، حتى الن في إبعادها عن الهاوية التي أصبحت على شفيرها ،بفعممل كممل المغامرات العسكرية الممتي ذخيضممت ذخلل العقممد الول مممن اللفيممة الثالثممة، والتي كلفت – كما يقال -أكثر من تريليوني دولر؟ أو انه ئسيعود إلممى إتبمماع " مبممدأ ويلسممون" الشممهير ،الممذي اقممر فممي نهايممة الحرب العالمية الولى ) (1918صيغة "النتداب الدولي" في إدارة المناطق الخاضعة للئستعمار أو للسيطرة –ذخاصة في الشرق الوئسط -وتومزيممع هممذا النتداب بين حليفي الوليمات المتحمدة آنمذاك ،أي بريطانيما وفرنسما ،بينمما كانت واشنطن تعيد تدريجياً توئسيع نفوذها وئسيطرتها على العالم؟
تقرير التستخبارات الميركية حول "التجاهات العالمية "2030و"مبدأ ويلسون" ما ل شك فيه أن المبرياليممة الميركيممة ،وبائسمتثناء النتصمار)الفولكلمموري( م ّ علممى أئسممامة بممن لدن ،قممد ذخسممرت العديممد مممن المعممارك ،بممدءا بممالعراق وأفغانسمتان والنمووي اليرانمي ...كمما أنهما لمم تسمتطع بعمد ،ورغمم ممرور عامين ،تثبيت هجمتهمما المضممادة علممى ثممورتي مصممر وتممونس ،أو المسمماك بأوراق أميركا اللتينية ،على رغم بعض التقدم ،أو أذخيرًا ،بسممط "ئسمملمها" إن علممى القممارة الفريقيممة أم علممى المنطقممة المسممماة "آئسمميا -المحيممط كلن اليوم وغداً مدذخل ً جدياً لتسوية أوضمماعها الهادي" ،وهما منطقتان تش ِّ القتصادية المتعثرة... وإذا ما أضفنا إلى كل ذلك انتهاء مرحلة القطبية الواحدة ،التي تلت ئسقوط التجربة الشتراكية المحققة في التحاد السوفيتي ،لصالح صعود مجموعة "البريكس" )وبالتحديد روئسيا والصين( ،لقلنا – كممما يقممول بعممض المحلليممن المتفائلين أكثر من اللزوم -أن قيادة واشنطن انتهممت وان نبمموءة القتصممادي بول كنيدي في كتابه " صعود وأفول المبراطوريات الكبرى" بدأت بممالتحقق، وإن الوليات المتحدة أصممبحت علممى قمماب قوئسممين أو أدنممى مممن النهيممار... ذخاصة وأن تقرير "التجاهات العالمية ) Global Trends 2030) "2030الذي أصدرته وكالة الئستخبارات المركزية ) (CIAفممي نهايممة العممام الماضممي ،قممد أشار إلى النحسار السريع لممما يسمممى "السمملم الميركممي" الممذي ئسمماد منذ العممام 1945وحممتى يومنمما هممذا ،فممي كمموكب ئسمميعيش فيممه 8.3مليممار نسمممة ،كمموكب تطغممى عليممه صممفة الشمميخوذخة ويخضممع لتحممديات مناذخيممة ومائية وغذائية ئستؤدي إلى حروب من نوع جديد. إل أن ذلك كله ل يعني ،وللئسف ،نهاية وشيكة لتلممك المبرياليممة ،وذخاصممة أن الجهة المواجهة ذات الطروحات الجذريممة لممم يسممتقم وضممعها بعممد ،فممي وقت ل تشكل مجموعة دول "البريكس" حل ً بديل ً لقيام نظام عالمي أكممثر عدالة وإنسانية.. ثلثة ائستنتاجات أئسائسية في السيائسة الخارجية لوباما لذا ،لبد من قممراءة عميقممة ومتأنيممة لواقممع السيائسممة الخارجيممة الميركيممة، ليس فقط من ذخلل ذخطاب انطلقمة وليمة أوبامما الثانيمة ،وليمس فقمط ممن ذخلل "التجاهممات العالميممة ،"2030بممل كممذلك بالئسممتناد إلممى التحركممات
الميدانية والتفاقات العسكرية والقتصادية التي تعقدها الوليممات المتحممدة في أكثر من منطقة وعلى أكثر من صعيد. هذه القراءة تقودنا إلى ثلثة ائستنتاجات عامة أئسائسية وإلى تحديد الممدور الميركي في منطقتنا العربية ،وفي الشرق الوئسط عمومًا. الئستنتاج الول أن أوباما لن يسممحب الوليممات المتحممدة مممن دورهمما · العالمي بسهولة ،وهو القائل بوضوح "أننا باقون على انتشممارنا العممالمي". لذا ل بد من قراءة توجهات السيائسة الخارجية الميركية المقبلة في ضمموء "مبممدأ ويلسممون"؛ بمعنممى أن إدارة أوباممما الثانيممة ئستسممير علممى ذخطممى الدارات )الديمقراطيممة ذخاصممة( الممتي ائسممتلمت مقاليممد الحكممم فممي الفممترة التي ئسبقت مرحلممة الحممرب البمماردة وكممذلك إبممان حممرب فيتنممام .وهممي لممن تتدذخل مباشرة في الصراعات والحممروب الممتي يمكممن أن تسممتعر )وممما أكممثر التوقعات في همذا التجماه( ،بمل إنهما ئسمتترك مزممام التحمرك لحلمف شممال الطلسممي ،الممذي أعيممدت صممياغة دوره وبرنممامجه فممي قمممتي لشممبونة وواشنطن ،ولحليفيها الرئيسيين بريطانيا وفرنسا ..كما فعلممت فممي الحممرب ضد ليبيا أو كما تفعل اليوم في الحممرب ضممد التشمماد .وئسممتكتفي بممالتوجيه والشراف ،ومن الحلفاء ببعممض عناصممر القمموة؛ أمما التمدذخل المباشممر ،فعنمد اللزوم فقط. الئستنتاج الثاني ،المكمل لما ئسبق والمرتبط به عضوياً يكمممن فممي · أن حصة الوليات المتحممدة مممن إعممادة تنظيممم السمميطرة الرأئسمممالية علممى العالم ئستكون في السيطرة على القتصاد ،فممي التحممرك جنبماً إلممى جنممب مع الحروب والعتداءات لعادة تنظيم السيطرة على مراكممز الطاقممة وطممرق نقلها ،بل وللسيطرة على مساحات مزراعية جديمدة ،فمي إفريقيما والمحيمط الهادي بالتحديمد ،وعلمى مخمزون الميماه غيمر المسمتخدم فمي كمل جنموب الرض ،بدءاً من أميركا اللتينية ووصول ً إلى أفريقيا. وفممي هممذا المجممال ،نتوقممف ،علممى ئسممبيل المثممال ل الحصممر ،عنممد الممدور الميركي في جنموب السمودان ،المذي يخمتزن إمكانيمات هائلممة فمي تممأمين المصادر الثلثة للسيطرة على العالم )البترول ،الراضي الزراعيممة الخصممبة، المياه( ،وكذلك في اندونيسيا حيث أّدى لقاء أوباما م يودويونو ،عممام ،2011 إلى وضع ذخطة اقتصادية م إئسممتراتيجية متكاملممة يتممم بموجبهمما حاليماً وضممع اليممد علممى أكممثر مممن 62مليممون هكتممار مممن الراضممي الغنيممة وتجميممع كممل المسمماحات الكممبرى فمي أيممدي الحتكممارات الميركيممة ،إضممافة إلمى تحويمل اندونيسيا إلى الباب الذي يتم عبره التدذخل في آئسيا ،في مواجهة الصممين بالتحديد.
ئسع" نظرية "الغرب الكبير المو ّ الئستنتاج الثالث ،وهو أن المبريالية الميركية ،تهممدف مممن وراء كممل · ذلممك إلممى تجديممد ذاتهمما ،أو ً ل ،لتنصممرف بعممد ذلممك إلممى ممما يسممميه مزبيغنيممو بريجنسكي ،في كتممابه "رؤيممة إئسممتراتيجية" الممذي صممدر فمي العممام ،2012 معالجة مسؤولياتها العالمية ،أي إعادة ضبط إيقاع العالم على وقممع دورهمما هممي ومحاولممة التخلممص مممن الثنائيممة القطبيممة .وفممي هممذا الطممار ،يطممرح بريجنسممكي ومعممه تقريممر "التجاهممات العالميممة "2030دور واشممنطن فممي "إعادة ترتيب النظام الدولي" على أئساس نظرية "الغممرب الكممبير الموئسممع" المسممتند إلممى أوروبمما الغربيممة ،أو ً ل ،والمنطلممق منهمما ليطممال علممى وجممه الخصوص روئسيا وتركيا في مرحلة لحقة. وهذا "الغرب الكبير الموئسع" ،والقادر ،يمكن أن ين ّ ظم العلقات الدولية فممي نظام عالمي متوئسع يحّد من تمدد الدور الصيني الدولي. الدور الميركي الجديد؟ هذه الئستنتاجات تدفع بنا ،ليس فقط للقول إن الدور الميركي لن ينحسر علمى المسممتوى العممالمي ،بمل للجممزم أن الحممروب الميركيممة علممى العممالم وشعوبه ئسيزداد ،وإن تعددت مراكز تنفيذها ،وإن عدنا إلى أيام تجدد الممدور البريطمماني م م الميركممي ،ذخاصممة فممي منطقتنمما ،ومممن مممدذخلين أئسائسمميين بالتحديد: • •
المدذخل السوري م اللبناني )عبر تركيا كامتداد للغرب الكبير( والمدذخل الفلسطيني )عبر الكيان الصهيوني(.
لمذا ،نمرى ضمرورة النتبماه الجيمد إلمى الحسمابات القليميمة ذخلل المرحلمة المقبلة ،فل نقع مجدداً ضحايا مواقف كلميممة ظرفيممة كتلممك الممتي تضمممنها ذخطاب أوباما في جامعة القاهرة حول "دعم حق الفلسممطينيين فممي دولممة لهم" ،بينما يتم التأكيد يومياً على أمن الكيان الئسممرائيلي وعلممى "الدولممة العبرية". نقول ذلك ،لننا ،بانتظار مزيارة أوباما الجديدة إلى منطقتنا ،وبينما يقوم ومزيممر ذخارجيته الجديمد بصمولت وجمولت فمي منطقمة الخليمج ،بمدأنا نسممع عمن "ذخلفممات" عميقممة بيممن إدارة أوباممما واللمموبي الصممهيوني المتمثممل بجمعيممة "إيبمماك" الداعمممة لئسممرائيل فممي المسممتويات العليمما السيائسممية والماليممة
الميركية ...تارة حول المساعدات الماليممة والعسممكرية الممتي تقممدم ئسممنوياً لئسرائيل ،وطوراً حول المن الئسرائيلي بالعلقة مع موقف إدارة أوباما مممن "النووي اليراني". إن هذا التحليل بعيمد كمل البعمد عمن الدقمة ،ول يكفمي أن يتّغيمب أوبامما أو نتنيمماهو عممن مممؤتمر "إيبمماك" السممنوي للحممديث عممن تغيممرات ممما فممي الئستراتيجية العامة والخاصممة الممتي أشممرنا إليهمما ،ذخاصممة وان أحممد أهممداف مزيممارة أوباممما إلممى المنطقممة هممو طمأنممة الكيممان الصممهيوني إلممى عممدم تغيممر ئسيائسة واشنطن ،في وقت يجري فيه التغاضي عن ئسيائسممة الئسممتيطان والتهويد ويتم فيه السعي لئستكمال رئسم ذخريطة جديدة للمنطقة العربية والشممرق أوئسممطية مسممتندة إلممى الحممروب الداذخليممة والنزاعممات الطائفيممة والدينية... فالخطر المبريالي ل يزال قائم ماً وداهم مًا .وإذا كنمما قممد اشممرنا إلممى وجمموده، فليس من بماب الئستسملم لمه ،علمماً أن ميمزان القموى ل مزال لغيمر صمالح وجهممة التغييممر الجممذري .إل أن المكانيممات ل تممزال متاحممة ،إقليمي ماً ودولي مًا، لتعديل كفتي هذا الميزان ،إن بالئستفادة من المعركة الممتي تتمظهممر أكممثر فأكثر بين القطبين ،القديم المبريالي والناشممئ حممديثًا ،ولنمما تجربممة الثممورة البلشفية في العام ،1917مثال واضح علممى ممما نقممول ،أم بإعممادة تجميممع القوى ،الجتماعية والسيائسية ،المعادية للمبريالية والداعية إلممى التغييممر على أئساس بناء المجتمع الشتراكي. *****
بعض ما جاء في تقرير "التجاهات العالمية "2030 يقول التقرير أن التجاهات الكبرى تتفاعل مممع ئسممتة متغيممرات ،أو "مغي ّممرات للعبة" ئسوف تحدد كيممف ئسمميكون العممالم المختلممف فممي العممام .2030هممذه المغّيرات التي نوردها حدت بوكالة الئستخبارات المركزيممة الميركيممة )(CIA إلى طرح مجموعة تساؤلت رأت ضرورة التفكير بها مليا : • اقتصصصاد عصصالمي عرضصصة للمزمصصات :هممل ئستفضممي الذختلفممات بيممن اللعبين ذوي المصالح القتصادية المختلفة والتقلبات العالمية إلممى توقممف اقتصادي عالمي شامل وانهيار؟ أم أن تطوير مراكز تنمية متعددة ئسيفضي إلى مزيادة مرونة النظام القتصادي العالمي؟.
• فجوة الحكم :هممل ئسممتكون الحكومممات والمؤئسسممات الدوليممة الحاليممة قادرة على التكيمف بسممرعة كافيممة لتسمخير التغييممر واحتموائه بممدل ً ممن أن يطغى هو عليها؟ • احتمصصال تصصصاعد الصصصراعات :هممل ئستفضممي التغيممرات المتسممارعة والتحولت في مراكز القوة إلى ذخلق المزيد من الصراعات بين الممدول وفممي داذخلها؟. • توتسع نطصصاق عصصدم التسصصتقرار القليمصصي :هممل ئسمميعمل الجَيشممان القليمي ،ذخاصة في الشرق الوئسط وشرق وجنوب آئسيا ،على التسممبب بحالة عدم ائستقرار عالمي؟. • تأثير التقنيات الجديدة :هل ئسمميتم إحممداث اذختراقممات تكنولوجيممة فممي المموقت المنائسممب لعطمماء دفعممة للنتاجيممة القتصممادية وحممل المشممكلت الناجمة عن الضغط على المصادر الطبيعية والتغير المناذخي ،بالضافة إلممى المراض المزمنة ،وشيخوذخة السكان ،والتمدن السريع؟. • دور الوليات المتحدة :هل ئستتمكن الوليات المتحدة ممن العممل ممع شركاء جدد على إعادة ترتيب النظام المدولي ،مجترحمة أدواراً جديمدة فمي نظام عالمي متوئسع؟.