فصل المقال فيما بين القانون والشريعة من انفصال سيد القمني elqemany@yahoo.com 2013 / 5 / 10
يعلن السلميون أن الغرض من السعي لتطبيق الشريعة هو اللجوء لقانون سماوي أصلح بما ل يقارن من قوانين البشر الوضعية التي يتوافقون عليها في مجالس نيابية؛ لن واضعها هو خالق الخلقئق والردرى بصالح خلقة من أنفسهم ،وأن تطبيق الشريعة هو الكفيل بحل مشاكل المجتمع والدولة ،اقتصاردية كانت أم علمية أم اجتماعية ،وإقرار العدل التام بين الناس؛ مما يشيع المن والسلم للمجتمع ويتيح لنا التنمية والتقدم ،لنتفوق بعون الخالق على كل المم ونسورد الدنيا بأستاذيتنا للعالم الجهول ،بأسطع الردلة التاريخية زمن حفاة العُرعاة إلى ساردة على العالم القديم الدعوة ،عندما تحول البداقئيون الجل ف ال عُ وإقامتهم إمبراطورية الخلفة
السلمية.
حا فلماذا سقطت ردولة الرب الخلفية سقوطها الفضاقئحي المروع، فإذا كان هذا صحي اً وانتهت إلى مجررد تاريخ نموذجي للظلم والطغيان والتخلف على كل المستويات ،ل أعاردها ا ول رردها؟ حا فسيكون لنا مع تطبيق الشريعة في زماننا أكثر من وإذا كان اردعاؤهم ذلك صحي اً مشكلة ،فأحكام الشريعة كلها عقوبات بدنية ،منها :القطع ،والسمل ،والجلد ،والذبح، والرجم ،وهتك عرض الماء ونساء المهزوم ،فهل سيسمح لنا عالم المم المتحدة ومواثيق جنيف بإقامة ساحات القطع والجلد والرجم..؟! ،وفي حال اتخاذ مجلسنا النيابي المتأسلم لقرارات تشريعية حسب الشريعة السلمية؛ فهل سيكون ملزاًما للدول السلمية عا وردياًنا وعقيدة؟ وماذا سيكون الموقف في حال رفضت تلك الدول الخرى باعتباره شر اً عا إسلم اّيا ما يصل إليه مجلسنا الموقر؟ وهل سيصح في هذه الحال اعتبار قراره تشري اً ردون حصوله على شرط
الجماع؟.
مشكلة من نوع آخر ستواجهنا ،وسببها هو بنورد الدستور المسلوق بليل من أهل ليل هم الجهل والعاقة العقلية المنغولية ذاتها ،الذين أصروا على الشريعة السلمية في الماردة الثانية ،على مذهب أهل السنة والجماعة في الماردة
219
الشارحة ،ولطمأنة أهل الكتاب
وضعوا ماردة ثالثة تتيح للمسيحيين واليهورد المصريين الخمسة الباقين بمصر العمل بشراقئعهم ،والمشكلة هنا أن الدستور الكوميدي أعطى لخمسة مواطنين حق الحتكام لشراقئعهم ،وحرم ذات المبدأ على مئات اللو ف من الشيعة المصريين بقرار الماردة الشارحة بشريعة أهل السنة والجماعة ،وعمل اً بمبدأ المساواة الذي أقره الدستور الهطل تتوقف الماردة الشارحة ليصبح من حق كافة الفرق السلمية العمل بشراقئعهم المختلفة عن بعضها والمتباعدة تباعاًدا يصل حد التناقض؛ ومن ثم تتعدرد الفرق ،وتتعدرد الشراقئع، لنغرق في فوضى تشريعية ل سبب لها سوى الصرار على التمييز الديني والطاقئفي ،وهو الصرار الكفيل بإسقاط أي ردستور ليصبح هو والعدم واحاًدا .ناهيك عن كون مراعاة التشريع لكل مذهب وفرقة هي من المستحيلت؛ لذلك لن يكون هناك حل سوى فرض تشريع واحد وتكفير ما سواه ،وهو ما حدث بالفعل في الماردة الشارحة ،مع هجمة شرسة على كل فرق الشيعة ،إثناعشرية أو إسماعيلية أو أباضية ،واتهامها بالكفر الصريح، ردونما نص قرآني أو حتى حديث نبوي ،بل وصل المر لمحاولة تفكيك الزهر وإسقاطه لنه أشعري المذهب ،وهو المذهب الوسطي بين مذاهب أهل السنة والجماعة المطلوبة، لكنهم ل يبغون وسطية ،هم يريدون سةّنة وجماعة من لون خاص بلون البداوة والقسوة والجلفة ،ممثلة في الوهابية التيمية الحنبلية ردون غيرها ،وردون النص عليه في ردستورهم الغبر.
هذا ما كان عن المشاكل المتعلقة بالشكل ،أما المشاكل المتعلقة بالموضوع فهي الخطر والفدح؛ لن تطبيق شرع ردين من الرديان أو مذهب من المذاهب شأن ل علقة له بالدول ،إنما هو شرع صالح فقط للقباقئل والعشاقئر البداقئية عندما كان لكل قبيلة وفرقة شرعها الخاص ،وهو ما يسقط مفهوم المجتمع الجامع ومفهوم الوطن والمواطنة ،فل وجورد لمجتمع مع قسمة تمييزية طاقئفية أو مذهبية أو جنسية؛ ومن ثم ل يكون لدينا وطن، إنما هو "السداح المداح" مع الهل والعشيرة والقبيلة ذات نفس المذهب؛ ومن ثم تسقط
حدورد الوطن ،ويمكن التنازل عن حليب وشلتين للعشيرة الخوانية السوردانية ،والتنازل عن سيناء للعشيرة القاعدية النسيبة ،فهكذا ..تشريع يعني أنه ل وطن ول مجتمع ول مواطنين يتساوون في حقوق المواطنة ويحكمهم قانون واحد؛ لنها شريعة تقسم عا وعشاقئر بداقئية يختلفون ردين اّيا ومذهب اّيا وذكورة وأنوثة ،وكل له المواطنين قباقئل وشي اً حا، حقوق تختلف عن الكل وواجبات تختلف عن الكل .إن ردستورنا النغل المولورد سفا اً ومطلب تطبيق الشريعة ،يعورد بنا إلى زمن ما قبل قيام الدولة المصرية ،إلى زمن ما قبل السرات الفرعونية ،إلى ما قبل طيب الذكر صاحب العزة الملك المظفر )مينا( موحد القطرين! ..
وفي شريعتنا كافة الدلقئل التي تؤكد صلحيتها للنظام القبلي وحده ،واستعصاقئها على التطبيق في منظومة ردولة المؤسسات الحديثة؛ ومن ذلك الحديث النبوي في التشريع الجناقئي الذي يعورد للصل القبلي اللمجتمعي الذي يقول" :من عُقتل له قتيل فهو بخير النظرين :إما أن عُيفدي ،وإما أن يقعُتل" ]رواه الجماعة إل الترمذي[ ،وهو ما يضع تطبيق القانون وتنفيذ العدالة بيد أهل القتيل ،ويخةّيرهم بين أن يقتلوا القاتل أو أن يقبلوا فيه فداء الدية!! ردون وجورد بالمرة لمفهوم الحق العام للمجتمع ،وردون محاكم ومرافعات وسجلت وشرطة وشهورد ووقاقئع ،وهذا الحق الجتماعي العام هو أساس أول للعدل في المجتمعات التي توافقت على العيش في ردول ،أما في المجتمع القبلي فيجوز وضع حق الحكم والتنفيذ بيد آحارد الفرارد ،وهو الحديث المدعوم من حديث آخر يؤكد هذه القبلية ويقول " :من رأى منكم منكاًرا فليغيره بيده ،فإن لم يستطع فبلسانه ،فإن لم يستطع فبقلبه ،وهذا أضعف اليمان" .وبالطبع لن يرضى المسلم أن يكون ضعيف اليمان؛ فيكون هو الشاهد ،وهو القاضي ،وهو الجلرد ،ردون اعتبار لمعنى المجتمع أو
الدولة.
وإن إشاعة التصور بين بسطاء المسلمين أن تطبيق الشريعة سيعمل بآلية فورية سحرية لتحقيق المن والسلم هو إفك ضال وعُمضل؛ لن تاريخ مجتمع الشريعة زمن الخلفة الراشدة لم يضمن المن للخلفاء أنفسهم ،ول ضمن عدم الصراع بين المسلمين في مجازر عُمخزية في فتن كبرى ،لم تتوقف حتى استأصلت آل بيت مؤسسها ،وعُذبح فيها
هتكت فيها أعراض الجلة من الصحابة الطفال من أحفارد النبي ،و عُ
والتابعين.
وإذا ألقينا نظرة سريعة على تاريخ الخلفة الراشدة لتبين لنا الخيط البيض من الخيط السورد في جدوى تطبيق الشريعة ،فيروي لنا ابن جرير الطبري في تاريخه" :جاء عمر بن الخطاب إلى عبد الرحمن بن عو ف ،فقال له عبد الرحمن :ما جاء بك هذه الساعة يا أمير سةّراق المدينة، المؤمنين؟ قال عمر :رفقة نزلت في ناحية من السوق ،خشيت عليهم عُ فانطلق بنا نحرسهم" ،وهو ما يعني أن مدارد الوحي لم يكن قد جف بعد حتى انتشر س قاّراق في مدينة رسول ا ،وأن الشريعة لم تمنع وجوردهم ،ولم تتمكن من رردعهم عن ال عُ س قاّراق السطو على الضيو ف من تجار ،وأنهم كانوا كثرة أوضحها قول عمر " :عُ
المدينة".
وفي زمن خلفة عثمان بن عفان ،وقتما وقع الخل ف بينه وبين أم المؤمنين عاقئشة ،التي كانت تناردي المسلمين تحرضهم على قتل الخليفة" :اقتلوا نعثل اً فقد كفر" ،يروي
الطبري:
"أن عثمان قال في رهط من أهل الكوفة استجاروا ببيت السيدة عاقئشة :أما يجد عُمةّراق ضا المامة والسياسة ،ج ساقهم إل بيت عاقئشة؟ ]ج ،4ص ،477انظر أي اً العراق وعُف قاّ
8
ص
[66؛ وهو ما يعني أن تطبيق الشريعة لم يضمن عدم مروق الناس من السلم ،ولم يمنعهم عن الفسق ،وأن هؤلء المارقين والفاسقين كانوا معلومي المر من الخليفة نفسه ،ولم تنههم صلتهم ول صيامهم ،ولم يرردعهم وجورد الشريعة ،ول رفقتهم لم المؤمنين ،ول وجوردهم زمن الخلفة الراشدة عن المروق
والفسوق!..
ولتبرير التلكؤ الخواني في تطبيق الشريعة ،استبق الستاذ قرضاوي المر بقوله عن استلم الخليفة الراشد الخامس عمر بن عبد العزيز منصب الحلفة" :إن عمر بن عبد العزيز خا ف أن يقيم الشريعة مرة واحدة فيترك الناس السلم" )كتابه »ملمح المجتمع المسلم« ص ،(184والمهم بشدة في هذا القول أنه لم تمر سنوات حتى كانت الشريعة طبقت عليهم خرجوا من قد تعطلت ونسيها المسلمون ،بل وأصبحوا يجهلونها ،حتى أنها إن عُ جا في خلفة مستتبة وإمبراطورية السلم هراًبا منها؟! هذا مع وجورد السلم بعد طاز اً خلفة
قوية!..
لكن قرضاوي ،مثل أي إخواني ،يقول في كتاب قول ،ليقول في كتاب آخر عكسه ،حسب الظرو ف والهد ف المطلوب ،فيقول في كتابه الشريعة السلمية ص
:151
"من الحقاقئق
المسلم بها أن الشريعة السلمية قد وسعت العالم السلمي كله ،على تناقئي أطرافه، وتعدرد أجناسه ،وتنوع بيئاته الحضارية ،وتجدرد مشكلته الزمنية ..وأنها ظلت القانون المعمول به في بلرد السلم حوالي ثلثة عشر قراًنا من الزمان ،إلى أن جاء الستعمار الغربي الذي استبدلها بالتشريعات
الوضعية"!! ..
فإذا كان ذلك حال العدل والشريعة زمن الخلفة الراشدة ،فعُترى كيف كان الشأن زمن النبوة؟" .روى أبو حاتم وابن مرردويه عن أبي السورد قال :اختصم رجلن إلى النبي فقضى بينهما ،فقال الذي عُقضي عليه :عُرةّردنا إلى عمر بن الخطاب ،فأتيا إليه فقال
الرجل:
قضى لي رسول ا على هذا فقال عُرردنا إلى عمر ،فقال عمر :أكذلك؟ قال الثاني :نعم، قال عمر :مكانكما حتى أخرج إليكما ،فخرج إليهما عُمشتمل اً سيفه فضرب الذي قال عُرردنا إلى عمر فقتله ،وأردبر الخر فقال :يا رسول ا قتل عمر صاحبي ،فقال )ص( :ما كنت أظن أن عمر يجترئ على قتل مؤمن ،فأنزل ا» :فل وربك ل يؤمنون حتى يحكموك فيما جا مما قضيت ويسلموا شجر بينهم ثم ل يجدوا في أنفسهم حر اً
ما« ]النساء.[65 : تسلي اً
لدينا هنا صحابيان صديقان مسلمان مؤمنان ،اختلفا في مسألة ما ،فذهبا يتقاضيان بموردة حكم ضده أنه لم يأخذ حقه ،فطلب الستئنا ف لدى عمر بن عند النبي ،ورأى الذي عُ الخطاب ،الذي ساءه الستئنا ف فقتل الرجل ،ذهب يشكو فقتلوه ،وننزعج من شرطة عا بلردنا عندما يذهب ضعيف الشأن يشكو طالاًبا حقه فيلبسوه قضية؟! ،وفر الثاني راج اً عا على صاحبه ،وعقب النبي أنه ما ظن أن عمر يقتل مؤماًنا ،لكن لم للنبي يشكو عماًرا عُملتا اً توقع أي عقوبة على ابن الخطاب؛ ولحل المشكلة جاءت اليات تؤكد أن على المسلم الرضى بما يقضي به النبي ردون مراجعة ول مناقشة ،وهي الية التي عُتستخدم اليوم لتأكيد جا مما سيقضون به ونسلم الستسلم للقضاء والحكم بشرع ا ،وأل نجد في أنفسنا حر اً ي وإنما أنا بشر ما!! ،هذا بينما النبي نفسه قال في حديثه الصحيح" :إنكم لتختصمون إل ةّ تسلي اً
مثلكم ،وعسى أن يكون بعضكم ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه ،فإنما أقطع له قطعة من نار ،فليأخذها أو يتركها"، وهو ما يعني أن النبي نفسه قد يخطئ في تطبيق الشرع ،وهو القاضي الول في السلم ،والعار ف بالخبايا باتصاله بخبر السماء عبر جبريل ،فما بالنا بإسلميي اليوم؟!، ما متمكاًنا من اللحن جا في العترا ف بجواز خطأ أحكامه ،وأن مسل اً كان النبي ل يجد حر اً كن النبي من والعرض المرتب لحجته يمكن أن يخدعه ليكسب قضيته؛ وهو مما ل يم ةّ التأكد من عدالة أحكامه ،تاراًكا للمحكوم له أن يختار حسب ضميره ،رغم أن ضميره هذا لم يمنعه من اللحن لكسب قضيته ردون عدل؟ فهل يجوز مع هذا كله إطلق الزعم بضمان الشريعة للعدل والمن والسلم؟ ول زال لنا قول بشأن القانون والشريعة ..عُيتبع