2011 - فرباير
DOSSIER
4
التقومي والتح�صيل الدرا�سي
العدد
مـلــف
العدد
4
N°
يف امللف
التقومي الرتبوي ــ �س�ؤال املاهية والوظيفة
•
دور التقومي الرتبوي يف تطوير فعاليات كفايات التدري�س
•
التقومي الزمة �إجناح املدر�سة املغربية وجتديدها امل�ستمر
•
تقومي مردودية التعليم على )امل�ستوى امل�ؤ�س�ساتي (ترجمة لتقومي الوطني الربنامج التح�صيل الدرا�سي مقاربة: التعلمات تقومي التقومي �أ�شكال لت�صنيف )(بالفرن�سية : التقومي يف خدمة التعلمات ت�أمالت حول بع�ض ال�صعوبات )(بالفرن�سية التقـويـم و�ضبـط التعلمـات )(بالفرن�سية حتليل التحكم يف التح�صيل الدرا�سي باملغرب ح�سب درا�سة ) (بالفرن�سيةTIMSS تقومي التعلمات يف قطاع التكوين املهني من منظور )املقاربات بالكفايات (بالفرن�سية
•
قراءة يف كتاب «طرق التقومي »املدر�سي قراءة يف كتاب «التقومي هو طلب التجديد على م�ستوى »املمار�سة
•
الرتبية افتحا�ص
•
• • • • • •
�شهادات قراءات •
جتارب متميزة
م�ؤ�س�سات تقومي والتكوين بوا�سطة اجلودة
Evaluation et apprentissage scolaire
N°
4
Février - 2011
Dossier :
• L’évaluation des
apprentissages: essai de typologie • L’évaluation au service des apprentissages : réflexion sur quelques obstacles • L’évaluation et la régulation des apprentissages • Analyse de la performance des acquis scolaires au Maroc à travers l’enquête TIMSS • Evaluation des apprentissages de la formation professionnelle en contexte APC • L’évaluation pédagogique : finalités et fonctions (en arabe) • L’évaluation au service de l’école marocaine et de son renouvellement constant: un exercice nécessaire (en arabe) • Rôle de l’évaluation pédagogique dans le développement des compétences de l’enseignement (en arabe) • Evaluation du rendement scolaire au niveau institutionnel (en arabe) • Programme national d’évaluation des acquis des élèves(en arabe)
درهما15 dh
دفاتر الرتبية والتكوين
من�شورات دورية ت�صدر ثالث مرات يف ال�سنة
املدير امل�س�ؤول
عبد اللطيف املودين
رئي�س التحرير حماين �أقفلي
هيئة التحرير
ادري�س اليعقوبي ،ادري�س كثري ،عبد احلق من�صف ،عبد اللطيف الفاربي، عبد اللطيف املودين ،عز الدين اخلطابي ،ن�رص الدين احلايف
�سكرتري التحرير
عمر الأزمي الإدري�سي
النا�شر
املجل�س الأعلى للتعليم
التحرير
املجمع الإداري مل�ؤ�س�سة حممد ال�ساد�س للنهو�ض بالأعمال االجتماعية للرتبية والتكوين، جنـــاح �أ� ،2شـــارع عــالل الفا�سـي ،مدينـــة العرفـــان ،الربـــاط �ص.ب ،6535الربـــاط -املعـــاهـد تلفون05 37 77 44 25 : فاك�س05 37 77 46 12 : dafatir@cse.ma الربيد الإلكرتوين: http://dafatir.cse.ma املوقع الإلكرتوين:
�إجناز وطبع
مكتبة املدار�س � ،12شارع احل�سن الثاين ــ الدار البي�ضاء الهاتف 0522.26.67.41 / 42 / 43 :ــ الفاك�س 0522.20.10.03 : الربيد الإلكرتوين lipadec@almadariss.ma : www.almadariss.ma الوب : املوقع على ِ
توزيع
�سابري�س جميع الآراء الواردة يف «دفاتر الرتبية والتكوين» تعرب عن وجهات نظر �أ�صحابها، وال تعك�س بال�رضورة موقف الدفاتر جميع حقوق الن�رش حمفوظة للمجل�س الأعلى للتعليم ال ي�سمح ب�إعادة ن�رش املواد املت�ضمنة يف هذا الإ�صدار ولو جزئيا رقم الإيداع القانوين : ملف ال�صحافة � 09/22 :ص.ح ردمــــد 2028 - 0955 :
2009 PE 0120
املحــتـويـــات مع القارئ
2
ملف العدد التقومي والتح�صيل الدرا�سي
3
• التقومي الرتبوي ـــ �س�ؤال املاهية والوظيفة
6
• التقومي الزمة �إجناح املدر�سة وجتديدها امل�ستمر
14
• دور التقومي الرتبوي يف تطوير فعالية كفايات التدري�س
20
• تقومي مردودية التعليم على امل�ستوى امل�ؤ�س�ساتي
27
• الربنامج الوطني لتقومي التح�صيل الدرا�سي � :آلية جديدة لتقومي مكت�سبات التالميذ باملنظومة الوطنية للرتبية والتكوين
34
�شهادات
37
عبد العزيز قري�ش
عبد اللطيف املودين
عبد العزيز العلوي الأمراين
ترجمة :م�صطفى ح�سني
�إعداد :هيئة التحرير
• �آراء حول التقومي بالتعليم الثانوي الت�أهيلي
38
• كالم �آخر عن التقومي
41
• املتعلم (ة) من زاوية التقومي التكويني
43
• تقومي التعلمات باملدر�سة االبتدائية بالو�سط القروي وفق مقاربة الإدماج :طموح الت�صور و�إكراهات التفعيل
47
•التقومي ودروب اال�ستماع باحلياة
51
• �إىل �أي مدى ميكن اعتماد مقاربة العمل بامل�شروع �أداة لتقومي �أداء امل�ؤ�س�سة التعليمية ؟
54
قراءات
57
•قراءة يف كتاب «طرق التقومي املدر�سي» مل�ؤلفه � :إيفان �أبرنو
58
• قراءة يف كتاب «التقومي هو طلب التجديد على م�ستوى املمار�سة» مل�ؤلفته :دينا �سان�سي
61
جتارب متميزة
63
عبد اهلل الوايل العلمي علي رحيمي
العربي �آيت املاليل
حممد �آيت ابريك
كرمي اعا
حممد حكيمي
عز الدين اخلطابي �إدري�س كثري
• تقومي م�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين بوا�سطة افتحا�ص اجلودة
64
مفاهيم مفتاحية
67
بيبليوغرافيا
75
ملفي العددين املقبلني من «دفاتر الرتبية والتكوين»
78
عائ�شة �أنو�س
«مع القارئ» يف �إطار التوا�صل امل�ستمر مع قراء «دفاتر الرتبية والتكوين» ،و�ضمانا لتي�سري �إطالعهم على �آخر م�ستجداتها ،بادرت هيئة التحرير �إىل �إحداث موقع �إلكرتوين خا�ص بالدفاتر حتت عنوان .http ://dafatir.cse.ma يهدف هذا املوقع �إىل: • الإعالن عن حماور الأعداد املقبلة ون�رش الدعوة �إىل امل�ساهمة فيها ،ق�صد �إطالع القراء على م�ضامينها و�إتاحة الفر�صة �أمامهم للم�ساهمة؛ • ا�ستطالع �آراء واقرتاحات القراء يف �ش�أن هذا الإ�صدار عن طريق ا�ستقبال ر�سائلهم الإلكرتونية وا�ستمارة التقومي املعدة لهذا الغر�ض ،يف ارتباط بكل عدد؛ • و�ضع حمتويات الأعداد القدمية رهن �إ�شارة القراء ق�صد الإطالع عليها ،وذلك تعميما للفائدة؛ • ن�رش املقاالت التي تو�صلت بها هيئة التحرير ،والتي مل يت�أت ن�رشها يف الإ�صدار الورقي� ،رشيطة ا�ستيفاءها ل�رشوط الن�رش؛ • تكوين �شبكة من الباحثني والكفاءات الفكرية يف ميدان الرتبية والتكوين ،ق�صد ا�ستكتابهم واال�ستفادة من خرباتهم النظرية وامليدانية. يف هذا ال�صدد ،تدعو هيئة التحرير القراء الكرام �إىل زيارة املوقع الإلكرتوين للدفاتر، مرحبة بكل مالحظاتهم ومقرتحاتهم التي من �ش�أنها الإ�سهام يف التطوير امل�ستمر لهذا امل�رشوع الرتبوي.
ملـف العـدد التقومي والتح�صيل الدرا�سي
تقديـم يعد التقومي عملية �أ�سا�سية من عمليات التعليم والتعلم ومقوم ًا رئي�سا لها .ويهدف �إىل الرفع امل�ستمر من جودة الرتبية والتعليم عرب ت�شخي�ص م�شكالت التعلم والتدخل لعالجها ،وحتديد مدى حتقيق �أهداف العملية التعليمية التعلمية .وعلى م�ستوى �أعم ،ميكن التقومي من قيا�س جودة املنظومة الرتبوية وتقدير مردوديتها الداخلية واخلارجية. التقومي مفهوم متعدد الدالالت واال�ستعماالت .قد ين�صب على املتعلم وحت�صيله الدرا�سي ،من خالل �صيغ خمتلفة كالتقومي التكويني والتقومي الإ�شهادي ،وقد ين�صب على امل�ؤ�س�سة الرتبوية بغاية تقدير جناعتها بالنظر �إىل الأهداف املر�سومة لها� ،سواء من حيث جوانبها البيداغوجية (الربامج واملناهج واملقاربات البيداغوجية� ،)...أو التدبريية (الإدارة الرتبوية والتمويل واحلكامة واملردودية الداخلية واخلارجية للمنظومة.)... من هذا املنطلق ،ي�أتي اختيار هيئة حترير «دفاتر الرتبية والتكوين» ملو�ضوع «التقومي والتح�صيل الدرا�سي» حمورا مللف العدد الرابع ،وذلك رغبة منها يف ت�سليط ال�ضوء على مو�ضوع ما فتئ يثري اهتمام الفاعلني يف ميدان الرتبية والتكوين ،ف�ضال عن كونه ي�شكل مادة خ�صبة للبحث والدر�س والتفكري ،بالنظر �إىل �أهميته وراهنيته .وميكن معاجلة هذا املو�ضوع من خالل املحاور التالية:
-1مفهوم التقومي و�أ�س�سه النظرية يبحث هذا املحور يف الإطار النظري للتقومي من خالل �أ�س�سه ومرجعياته ،وذلك با�ستح�ضار النظريات التي حاولت �أن ت�ؤ�س�س لهذا املفهوم بو�صفه جزءا ال يتجز�أ من عملية التعليم والتعلم، ومكونا �أ�سا�سيا من مكونات ال�سيا�سة الرتبوية احلديثة.
-2واقع التقومي يف املدر�سة املغربية يبحث هذا املحور يف التقومي كما ميار�س يف املنظومة الرتبوية املغربية� :أنواعه و�أدواته والظروف املادية واملعنوية التي يتم فيها ومدى ا�ستجابته لل�رشوط العلمية والرتبوية التي ينبغي �أن تتوفر يف التقومي الناجع.
-3دور التقومي يف حت�سني التح�صيل الدرا�سي يعترب التقومي املنتظم لتعلمات التالميذ و�إجنازاتهم عامال مهما من عوامل الرفع من م�ستواهم الدرا�سي .ومن ثم ميكن طرح الأ�سئلة التالية :كيف ،وب�أية �آليات ،ي�سهم التقومي يف حت�سني التح�صيل الدرا�سي والرفع من جودة التعلمات ؟ ما دوره يف ت�شخي�ص م�شكالت التعلم و�صعوباته، ويف اختيار الأ�ساليب وال�صيغ العالجية الناجعة لتجاوزها ؟
-4دور التقومي يف الرفع من مردودية املنظومة الرتبوية ي�سائل التقومي امل�ؤ�س�ستي �أداء املنظومة الرتبوية ككل ومردوديتها� ،إن على م�ستوى املناهج بكل مكوناتها� ،أو على م�ستوى التدبري .فما هي الأ�ساليب املعتمدة يف تقومي منظومتنا الرتبوية ؟ ما هو دور تلك الأ�ساليب يف حت�سني �أدائها بالنظر �إىل الأهداف املر�سومة لها ،ويف الرفع من مردوديتها الداخلية واخلارجية ؟ كيف ميكن للتقومي امل�ؤ�س�ستي �أن ي�ساهم يف توجيه ال�سيا�سة العمومية يف جمال الرتبية والتكوين ؟
العدد
4
• فرباير
2011
5
التقومي الرتبوي ــ �س�ؤال املاهية والوظيفة ــ
عبد العزيز قري�ش مفت�ش التعليم االبتدائي نيابة تاونات
� -1س�ؤال الولوج كثرية هي الأدبيات الرتبوية التي ا�شتغلت على حقل التقومي عامة والتقومي الرتبوي خا�صة، وف�صلت فيه ال�شيء الكثري من الزاويتني النظرية والتطبيقية .غري �أنه يظل جماال للتطور ال�رسيع مع التطورات املت�سارعة التي ت�شهدها احلقول املعرفية ،مبا فيها احلقل البيداغوجي والرتبوي ،ملا يعرفه من م�ستجدات تت�ساوق والق�ضايا التي تعي�شها منظومات الرتبية والتكوين يف العامل ب�أ�رسه. واملنظومة الرتبوية والتكوينية املغربية تعي�ش نقلة نوعية وكمية يف جهازها املفاهيمي ويف جهازها الأداتي ويف مو�ضوعها ومداخلها الفكرية والعملية ،مما ي�سمح مب�سوغات الت�سا�ؤل عن ماهية التقومي الرتبوي ووظيفته يف النظام التعليمي املغربي :هل التقومي الرتبوي املمار�س يف املدر�سة املغربية هو تقومي باملفهوم العلمي� ،أم جمرد اختبارات وامتحانات ؟ وما وظيفته ؟ وهل هو مبفهومه وم�ستوعب لدى جمموع مكونات املنظومة الرتبوية والتكوينية ؟ و�إىل �أي حد ي�ساهم مفعل َ العلمي ّ َ يف جتليات الواقع التعليمي ومعاجلته وتطويره ؟ ...كلها �أ�سئلة قابلة للطرح من خالل �س�ؤال املاهية والوظيفة ،لت�رشيح واقع التقومي املعي�ش يف املدر�سة املغربية .وقبل الإجابة عنها ،البد من البحث يف ماهية التقومي ووظيفته.
-2ماهية التقومي الرتبوي قبل التعر�ض ملاهية التقومي الرتبوي ،البد من الإ�شارة �إىل �أنه ال حديث عن الفعل التعليمي التعلمي دون احلديث عن التقومي الرتبوي ،الذي يلعب دورا فعاال وم�ؤثرا يف توجيه عمليتي التعليم والتعلم و�إثرائهما .فعملية التقومي وثيقة االرتباط بهاتني العمليتني؛ فهي ت�ؤثر فيهما وتت�أثر بهما يف �إطار املنظومة التعليمية املتكاملة( .)1لذا ،فالتقومي �إجراء �أ�سا�سي يف كل منظومة تربوية وتكوينية. فما معنى التقومي ؟ التقومي لغة من «ق و م» ،وهو م�صدر له من املعاين املعجمية الكثري؛ ن�أخذ منها التقومي الزمني ،ويعني :جمموعة قواعد التوفيق بني ال�سنة املدنية وال�سنة اال�ستوائية ،وتق�سيم الأزمنة. -1د� .صالح الدين حممود عالم ،دليل يف تقومي الطلبة يف الدرا�سات االجتماعية ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،م�رص، ،1417/1997ط � ،1ص.9 :.
6
ومنها �أي�ضا �إزالة االعوجاج والتعديل()2؛ والتقومي م�شتق من مزيد فعل «قام» �أي ق ّ َوم ال�شيء. �أما خال�صة معاين املدخل املعجمي للتقومي الرتبوي ،فتدل على التوفيق بني احلالة الواقعية واحلالة امل�ستهدفة من خالل تقومي �سريورة الفعل بينهما والرفع من جودتها الأدائية .كما تت�ضمن تويل �أمر العملية التعليمية التعلمية من خالل الك�شف عنها و�إزالة اعوجاجها وتعزيز �إيجابياتها ف�ضال عن انت�صاب �أمرها .ميكن ا�ستك�شاف ذلك عرب التحديدات اال�صطالحية التالية التي �أعطيت للتقومي: • «جمموعة من الإجراءات والعمليات امل�ستعملة لأدوات من طرف �شخ�ص تكلف بتعليم فئات معينة �أو �شخ�ص �آخر �أو املتعلم ذاته ،والتي تكون مبنية متكن امل�ستهدف بالتقومي من �أداء مهام �أو اجلواب عن �أ�سئلة �أو تنفيذ �إجنازات ميكن فح�صها من قيا�س درجة تنفيذها و�إ�صدار احلكم عليها وعلى منفذها واتخذ قرار يخ�صه �أو يخ�ص عملية تعلمية ذاتها». • حكم و�صفي �أو كمي حول قيمة �شخ�ص �أو مو�ضوع �أو عمليات �أو و�ضعية �أو تنظيم عن طريق مقارنة اخل�صائ�ص امللحوظة مع معايري معدة انطالقا من معايري وا�ضحة ...وذلك ق�صد تقدمي معطيات مفيدة يف اتخاذ قرارات حول متابعة الأهداف ...والتقومي كذلك عملية جمع ومعاجلة ملعلومات كيفية �أو كمية ترمي �إىل تقدير م�ستوى التعليم الذي يبلغه ال�شخ�ص بالن�سبة لأهداف معينة ،وذلك ق�صد احلكم على املراحل التي �أجنزت �سابقا ،واتخاذ �أف�ضل القرارات بالن�سبة للخطوات الالحقة. • ي�شمل التقومي الرتبوي العمليات التي ن�ستطيع �أن نتعرف بوا�سطتها على مدى حتقيق الأهداف الرتبوية لفرتة زمنية� ،أو منهاج تعليمي معني ،فنتعرف على ما مت حتقيقه وما مل يتم. • التقومي هو ال�سريورة التي تهدف �إىل تقدير احلكم على و�ضعية تلميذ من حيث بع�ض جوانب منوه من �أجل اتخاذ �أف�ضل القرارات املمكنة املتعلقة مب�ساره امل�ستقبلي(.)3 • «التقومي عملية منهجية منظمة جلمع البيانات وتف�سري الأدلة مبا ي�ؤدي �إىل �إ�صدار �أحكام تتعلق بالطالب �أو الربامج ،مما ي�ساعد يف توجيه العمل لرتبوي واتخاذ الإجراءات املنا�سبة يف �ضوء ذلك(.)4 • من الناحية الإجرائية ميكن حتديد التقومي يف م�ستويني: م�ستوى املنظومة الرتبوية والتكوينية يف �شموليتها ،حيث يتحدد مبجموع اخلطط والإجراءات العملية التي تك�شف عن ناجت ال�سريورة الرتبوية والتكوينية يف جمملها قيا�سا بامل�ستهدف من
-2املنجد يف اللغة والأعالم ،دار امل�رشق ،بريوت ،لبنان ،ط � ،29ص�.ص 663 :.ـ .664 -3عبد العزيز قريش ،يف نقد برامج املدر�سة الأ�سا�سية ،منشورات صدى التضامن ،الدار البيضاء ،المغرب ،2001 ،ط ،1 ص.57 : -4صالح الدين محمود عالم ،دليل يف تقومي الطلبة يف الدرا�سات االجتماعية ،مرجع سابق،ص 9 :ـ .10
العدد
4
• فرباير
2011
7
املنظومة الرتبوية والتكوينية مقارنة مع و�ضعية االنطالق لأجل اتخاذ القرارات املنا�سبة يف التعزيز والدعم والتعديل واملراجعة طلبا جلودة الأداء الرتبوي والتكويني وناجته. يتطلب هذا التعريف تخطيطا وهند�سة و�إجراءات عملية كا�شفة عن ناجت ال�سريورة الرتبوية والتكوينية؛ كما ي�سمح بقيا�س النتائج مع الأهداف� ،أي يقي�س الفارق بني و�ضعية االنطالق والو�ضعية امل�ستهدفة .يف هذا ال�سياق ،ي�سمح التقومي باتخاذ القرارات املنا�سبة لأجل تعزيز النتائج �أو دعمها �أو معاجلتها �أو مراجعتها �أو تطويرها ،وي�ستهدف بالتايل جودة الفعل الرتبوي والتكويني وناجته .من جهة �أخرى ،ي�شتغل التقومي هنا على املنظومة الرتبوية والتكوينية كلية وي�شمل خمتلف مكوناتها بدءا بالتخطيط وانتهاء بالنتائج واحل�صيلة ،مرورا بالتنفيذ؛ كما ي�سمح بالتغذية الراجعة ال�شاملة. م�ستوى املمار�سة البيداغوجية ،حيث يتحدد التقومي بـ «جمموع الإجراءات التي ميار�سها املعلم اجتاه و�ضعية تعليمية تعلمية التخاذ قرارات يف �ش�أنها» .ويقوم هذا التعريف على اعتبار قرار التقومي جمموع �إجراءات خمتلفة ومتنوعة يف النوع والكم ،ميار�سها املعلم /املقوم ،بغاية اتخاذ ٍ يف �ش�أن مو�ضوع التقومي. وبهذا ،ف�إن التقومي تخطيط وفعل تبنى عليه التغذية الراجعة( .)5كما يتطلب قبل اتخاذ القرار تف�سري النتائج وحتليلها وا�ستخراج القوانني العامة منها عند تكرارها ظواهر حا�صلة يف نتائج التقومي. وال�س�ؤال الذي يطرح نف�سه ب�إحلاح هو� :أي ت�صور للتقومي �أخذت به املنظومة الرتبوية والتكوينية باملغرب ؟ لكي جنيب عن هذا ال�س�ؤال ،من املفرو�ض �أن ن�ستقرئ تاريخ الأدبيات الرتبوية والتكوينية املغربية الر�سمية .غري �أننا �سنكتفي بتحليل الوثائق الر�سمية لوزارة الرتبية الوطنية .تفيد م�صوغة تكوين �أ�ساتذة التعليم االبتدائي يف بيداغوجيا الإدماج �أن التقومي هو« :عملية جمع املعلومات من منتوج املتعلم ،ق�صد فح�ص درجة توافقها مع جمموعة من املعايري وامل�ؤ�رشات بهدف اتخاذ قرار»( .)6وهو تعريف ينح�رص يف الفعل التعليمي التعلمي دون �أن يكون �شامال حلقل التقومي بكامله .غري �أن وزارة الرتبية الوطنية �ستتبنى مفهوم التقومي ال�شامل يف ظل الربنامج اال�ستعجايل، لأنها نهجت التدبري بالنتائج والتتبع .ولعل التقوميات التي �أجرتها يف املو�سم 2010 - 2009 تندرج �ضمن التقومي مبفهومه ال�شامل ،ولو مل تتبعه تغذية راجعة على م�ستوى اال�ستدراك امليداين ،وال �سيما بخ�صو�ص جيل مدر�سة النجاح �أو ال�سنة الثالثة �إعدادي �أو البكالوريا ...علما ب�أن التقومي ال�شامل ي�سمح للوزارة ب�أن جتعل ما تقوم به من تدابري و�إجراءات مو�ضوع تقومي ذاتي. -5عبد العزيز قري�ش ،مرجع �سابق� ،ص.58 :. -6املركز الوطني للتجديد الرتبوي والتجريب ،م�صوغة تكوين �أ�ساتذة التعليم االبتدائي يف بيداغوجيا الإدماج ،وزارة الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي ،الرباط ،املغرب� ،ص.41 :
8
-3وظائف التقومي للتقومي مبفهومه اال�صطالحي �أو الإجرائي عدة وظائف ،تعددت بتعدد جماالت ا�ستخدامه، نذكر منها: • وظيفة تقومي عائد التح�صيل الدرا�سي ،وفيها يتم ر�صد املعارف والقدرات التي يكت�سبها التلميذ، وتقييم �أوجه التقدم التي يحققها يف حت�صيله الدرا�سي ،من�سوبة �إىل م�ستواه ال�شخ�صي ،وحتديد م�ستوى نتائجه يف حلظة معينة ،وذلك باملقارنة مع: ــ م�ستوى نتائج ال�صف الدرا�سي �أو املجموعة التي يعمل معها ؛ ــ م�ستوى نتائج ال�صفوف الدرا�سية املوازية لل�صف الدرا�سي للتلميذ واملوجودة يف نف�س املدر�سة؛ ــ م�ستوى نتائج ال�صفوف الدرا�سية املوازية لل�صف الدرا�سي للتلميذ واملوجودة يف مدار�س �أخرى ،قد توجد مثال يف مناطق �أو �أقاليم خمتلفة �أو تخدم فئات اجتماعية خمتلفة «مناطق ريفية، مناطق ح�رضية ،فئات اجتماعية». • وظيفة ت�شخي�صية ،وفيها يتم التحقق من جوانب امل�ضامني التي ال ي�ستوعبها التلميذ �أو يجد �صعوبة يف ا�ستيعابها� ،أو التحقق من القدرات التي ال يتمكن من امتالك نا�صيتها بقدر كاف ،حتى يتاح بذلك دعم �أ�شكال التعلم ذات ال�صلة. كما يتم حتديد الأ�سباب التي جتعل تلميذا ما �أو جمموعة تالميذ يالقون �صعوبات حمددة يف جمال درا�سي معني ،والتو�صل �إىل تف�سري �أ�سباب هذه ال�صعوبات. • وظيفة تقديرية ،وفيها يتم التحقق مما �إذا كان التلميذ ح�سن التكيف مع امل�ستوى املدر�سي الذي هو فيه ومما �إذا كان ب�إمكانه �أن يتابع مرحلة الحقة بنجاح ،وتقييم قدرات التلميذ الفكرية ومعارفه من �أجل االنتقال �إىل م�ستوى �أعلى ملادة درا�سية معينة �أو االنتقال �إىل مرحلة درا�سية �أعلى(.)7 كما ح�رص كورين « »Quernet.Jوظائف التقومي يف �ستة �أ�سا�سية
()8
هي :الوظيفة
الت�شخي�صية ،والوظيفة التوقعية ،والوظيفة ال�ضبطية ،والوظيفة الإنتاجية ،والوظيفة الفح�صية، والوظيفة التوا�صلية .وكل وظيفة حتقق تقوميا ثالثيا :تقومي �أويل ،وتطوري ،ونهائي ،وذلك عرب م�سالك و�أداءات �إجرائية معينة( .)9وهناك من �ألح على ثالث �أدوار للتقومي هي( :)10الدور البنائي التتبعي ،والدور الت�شخي�صي العالجي ،والدور اخلتامي التجميعي.
-7روجيه �سيغان ،و�ضع املقررات الدرا�سية وتنفيذها؛ دليل منهجي ،اليون�سكو ،ق�سم التعليم والبحوث� ،ص 61 :ـ .62 -8انظر التفا�صيل يف :عبد اللطيف الفاربي و�آخرون ،معجم علوم الرتبية� ،سل�سلة علوم الرتبية 9ـ ،1994 ،10ط � ،1ص.121 : -9عبد العزيز قري�ش ،مرجع �سابق� ،ص.59 : -10انظرتف�صيل ذلك يف :د� .صالح الدين حممـود عالم ،دليـل يف تقويـم الطلبـة يف الـدرا�سـات االجتمـاعيـة ،مرجـع �سابـق، �ص 11 :ـ .12
العدد
4
• فرباير
2011
9
و�أما بالن�سبة للن�صو�ص الوزارية ،ف�إن وظائف التقومي يف املدر�سة تتحدد يف: الوظيفة التوجيهية :وتطابق التقومي الت�شخي�صي ،الذي ينجز قبل بداية التعلم ،ويهتم بر�صد ا�ستعدادات املتعلمني وم�ؤهالتهم؛ الوظيفة التعديلية :وتطابق التقومي التكويني الذي ينجز �أثناء التعلم ويعتمد البحث عن اخللل من �أجل معاجلته؛ الوظيفة الإ�شهادية :وتخ�ص التقومي الإجمايل الذي يتم يف �آخر �أ�شواط التعلم لي�سلط ال�ضوء على مواطن القوة لدى املتعلم (.)11
-4جماالت التقومي تختلف جماالت التقومي باختالف موا�ضيعها ،وتهم املجال املعريف واملجال الوجداين واملجال ال�سيكو-حركي واملجال القيمي من �شخ�صية املتعلم .غري �أن التقومي ح�سب وظائفه امل�ؤ�س�سية ي�ستهدف املوا�ضيع التالية: • ا�ستعدادات وم�ؤهالت املتعلمات واملتعلمني؛ • االختالل؛ • مواطن القوة عند املتعلم. كما ي�ستهدف التقومي ح�سب املذكرة 74بتاريخ � 9أبريل ،2010املوارد والكفايات(.)12 والواقع �أن التقومي الإ�شهادي ينبغي �أن ي�ستهدف الكفايات الأ�سا�سية فقط دون املوارد ،لأنه ال بناء للكفايات دون موارد ،كما �أنه ال �إدماج ملن يفتقر �إىل املوارد وفق ال�سائد يف الأدبيات الرتبوية.
� -5أمناط التقومي ميكن حتديد �أمناط التقومي بناء على معايري حمددة مثل جن�س التقومي �أو نوعه والزمن والوظيفة واجلهة؛ و�إذا اكتفينا بجرد بع�ض هذه الأمناط ،خ�صو�صا على م�ستوى النوع وال�سريورة الزمنية ،فيمكن ح�رصها يف ثالثة �أ�شكال ،هي: • التقومي املعياري :ويتمثل يف ترتيب املتعلمني ترتيبا ت�صاعديا �أو تنازليا ح�سب نتائجهم؛ وهو تقليدي وب�سيط وي�ستخدم امتحانات �شفهية �أو كتابية �أو اختبارات �أو ا�ستبيانات؛ • تقومي الإعداد :ويخ�ص التحقق من مدى قدرة املتعلم على معاجلة �صعوبات العمل املنوط به، �أي اكت�ساب الكفاية .وله وظيفة ت�شخي�صية؛ -11املركز الوطني للتجديد الرتبوي والتجريب ،م�صوغة تكوين �أ�ساتذة التعليم االبتدائي يف بيداغوجيا الإدماج ،مرجع �سابق، �ص.41: -12نف�س املرجع� ،ص.41 :
10
• تقومي تكويني/بنائي :ينجز �أثناء التعلم ويعتمد البحث عن اخللل من �أجل معاجلته كما ر�أينا �سابقا؛ • تقومي �إجمايل :ويهم احل�صول على بيانات �إجمالية عن ح�صيلة مقرر �أو ف�صل �أو �سنة درا�سية، ويتم بوا�سطة امتحانات واختبارات ،يتم توا�صل نتائجها مع الآباء و�أولياء الأمور(.)13
� -6أ�س�س التقومي هناك العديد من الأ�س�س التي يقوم عليها التقومي ،وتتنوع بتنوع املجال الذي ميار�س فيه؛ وميكن �إجماال ح�رص �أهم هذه الأ�س�س فيما يلي: • �أن ين�صب على القدرات والكفايات امل�ستهدفة؛ ويجب �أن نربطه يف املدر�سة املغربية بالكفايات املرحلية والأ�سا�سية� .إال �أن الن�صو�ص امل�ؤ�س�سية الر�سمية ربطته باملوارد والكفايات. • �أن يغطي مداخل الكفاية من معرفة وقيم و�سلوك وخربة وقدرات واجتاهات� ...إلخ .وهذا التف�صيل جعل امل�رشع املدر�سي املغربي ي�أخذ بتقومي املوارد .وهنا البد من الإ�شارة �إىل �أن تقومي الكفاية البد �أن يرتكز على بنائها على مداخلها حتى يت�سنى تغطيتها. • �أن ي�ساير الفعل التعليمي التعلمي ،بدءا بالتخطيط حتى التنفيذ والتقومي ،مبعنى �أن يغطي مراحل الفعل التعليمي التعلمي و�أ�شكاله وتفا�صيله .وهو ما ذهبت �إليه املذكرة � 74سالفة الذكر. • �أن يت�سم باخل�صائ�ص املتعارف عليها يف التقومي من �صدق وثبات ومو�ضوعية وال�شمولية .وهذا، ما حاولت بيداغوجيا الإدماج �أن متار�سه حني ركزت على �شبكات التحقق و�شبكات الت�صحيح، وعلى املعايري وامل�ؤ�رشات .ويجب الإ�شارة �إىل �أن ال�صدق يكون بقيا�س مالءمة �أداة التقومي مع ما و�ضعت من �أجل قيا�سه� ،أي �أن تقي�س مو�ضوع التقومي الذي �صممت من �أجله .كما �أن الثبات يعني� :أن نتيجة التقومي تكون نف�سها عندما نطبقه على جمموعات متكافئة .يف حني تعني املو�ضوعية انتفاء ذاتية املقوم عن نتائج التقومي� ،أي عدم ت�أثر النتائج بذاتية املقوم .وهذا ما ذهبت �إليه بيداغوجيا الإدماج عندما �أخذت باملعايري وامل�ؤ�رشات .وميكن هنا التذكري ب�أن م�س�ألة املو�ضوعية ن�سبية ومفتوحة يف العلوم الإن�سانية� .أما ال�شمولية ،فتتحقق بتقدير التقومي م�ستهدفه على نحو ال�شمول والكمال ،مبعنى املثالية يف امل�ستهدف من الكفايات .و�أجد هذا يف التقومي الذي ذهبت �إليه بيداغوجيا الإدماج عند اعتبارها للمعايري مبا هي (�صفات املنتوج املنتظر)(،)14 التي «يتم حتديدها عند �صياغة الكفاية ،وتت�صف بكونها :جمرة ،عامة ،من قبيل املثالية»(.)15 • �أن ي�ستح�ضـر التقويـم الفروق الفرديـة بني املتعلمني خـا�صة يف ظـل املقاربـة بالكفـايـات مبدخلها املنهجي املتعلق ببيداغوجيا الإدماج التي تدعي لنف�سها الإن�صاف بني املتعلمني واملتعلمات. -13عبد العزيز قري�ش ،مرجع �سابق� ،ص 61 :ـ .62 -14املركز الوطني للتجديد الرتبوي والتجريب ،م�صوغة تكوين �أ�ساتذة التعليم االبتدائي يف بيداغوجيا الإدماج ،مرجع �سابق، �ص .42 : -15نف�س املرجع� ،ص.42 :
العدد
4
• فرباير
2011
11
• �أن يكون التقـومي دميقراطـيا ،مبعنى �أن يتيح للمتعلمـات واملتعلمني تقويـم �أنف�سهم ب�أنف�سهـم مع �ضمان العدل بينهم ،و�ضمان م�شاركتهم يف حتديد معايري الأداء .وهذا ما ي�ستهدفه التقومي يف بيداغوجيا الإدماج من خالل �شبكات التحقق حيث يقف املتعلم على منتوجه التعلمي بنف�سه ويقومه وفق �شبكة التحقق ،فيرتبى على التقومي الذاتي وتنغر�س فيه ثقافته وقيمه. وتبـقى هناك �أ�س�س �أخرى تراجع يف �أ�صولها الوثائقية مع الإ�شارة �إىل �أن التف�صيالت الدقيقة يف �ش�أنه تكون يف غالبها الأعم حول �أدوات التقومي وجماله وامل�ستهدف به ومنه و�رشوطه.
� -7أدوات التقومي مبا �أن التقومي ميار�س يف جماالت خمتلفة ومتنوعة ،ف�إن �أدواته تتنوع ح�سب جماالته وغاياته .فمنها ما هو متداول يف ال�ساحة ،وما ميكن اخرتاعه وو�ضعه وفق متطلبات وموا�صفات جمال التقومي و�أهدافه ،وا�ستخدامه يف التطور ال�شخ�صي واالجتماعي والتح�صيلي والأدائي للمتعلم .وميكن هنا الإ�شارة باقت�ضاب �إىل �أ�سماء بع�ضها فيما يلي: • املالحظة ،واملق�صود بها املالحظة العلمية ال العابرة والعفوية ،امل�رشوطة ب�أدواتها ومناهجها؛ بتبي داللة التقومي؛ املقوم املق ّ َوم وفق م�ؤ�رشات معينة ت�سمح نُّ • املناق�شة ،حيث يناق�ش ِّ • املقابلة ،وفق املتعارف عليه يف �أدبياتها؛ • البطاقة املدر�سية املح�صلة بالتتبع والدرا�سة وفق بنود معينة؛ • االختبارات ال�شفهية؛ • االختبارات الكتابية ،ومنها :اختبار الأجوبة الق�صرية؛ اختبار املقال؛ اختبار التكملة؛ اختبار الرديف الثنائي؛ اختبار الرديف املتعدد؛ اختبار املزاوجة؛ اختبار االختيار من متعدد؛ اختبار التحرير الداخلي؛ اختبار التحرير اخلارجي؛ اختبار الذات .وهي كلها مف�صلة �أدبياتها يف م�صادر ومراجع التقومي خا�صة الإح�صاء ومناهج البحث والقيا�س(.)16
خامتة: بعد هذه الإطاللة الوجيزة جدا واملركزة عن التقومي ووظيفته و�أ�ساليبه ،ميكن �أن ن�ستقرئ التقومي يف املدر�سة املغربية لكي جنيب عن �أ�سئلة الولوج .ففي املدر�سة املغربية ميار�س التقومي مبفهوم �ضيق مرادف يف �أغلب الأحيان لالختبار الذي ي�ستهدف املعارف يف الأغلب الأعم ،ويركز عليها دون �أن ي�ضمن �أ�س�سه وموا�صفاته .غري �أين �أجد نقلة نوعية يف التقومي مع بيداغوجيا الإدماج ،التي املقوم �إىل التمركز حول املو�ضوع املق ّ َوم« ،وهو يف النهاية املتعلم �ستنقله� ،أوال ،من التمركز حول ذات ِّ -16عبد العزيز قري�ش ،مرجع �سابق� ،ص.63 :
12
من خالل الكفايات»؛ مما �سي�ضمن مو�ضوعية التقومي .كما �ستنقله ،ثانيا� ،إىل التقومي الذاتي، و�ست�ضمن له ال�شمولية ب�شمولية الكفاية ومعايريها وال�صدق مبمار�سته على جمموعات متكافئة من املتعلمني عرب الرتاب الوطني .و�ستنقله ،ثالثا ،من تقومي �ضيق املفهوم �إىل تقومي عام و�شامل يعتمد على �أدوات علمية ت�سمح بتف�سري النتائج وقراءتها يف ظل معطياتها و�آفاقها. كما �أن التقومي داخل �إطار هذه البيداغوجيا ي�سمح بالك�شف عن الواقع التعليمي التعلمي داخل امل�ؤ�س�سات التعليمية� ،سواء تعلق الأمر بالتخطيط �أو التنفيذ �أو التقومي؛ ذلك �أن اال�شتغال ب�أدوات علمية ومعقلنة وم�ضبوطة بعفي من ال�سقوط يف االرجتال والتخبط .ولي�س املقام هنا مقام تف�صيل املقال ،فالإ�شارة كافية عن التفا�صيل .ولكن قويل هذا قول ينطلق من مبادئ و�أ�س�س التقومي الواردة يف بيداغوجيا الإدماج� .أما كيفية ت�رصيفها ميدانيا ف�شيء �آخر البد �أن تعرت�ضه ال�صعوبات والإكراهات واالجتهادات التي قد حتيد به عن مداخله النظرية والتطبيقية .وتبقى الإ�شارة واجبة هنا �إىل �أن م�ؤ�رشات االنتقال النوعي يف مفهوم التقومي ووظيفته و�أدواته و�أ�س�سه قوية وجلية من خالل م�صوغة التكوين يف بيداغوجيا الإدماج؛ وهي الإطار املنهجي لت�رصيف املنهاج يف املدر�سة املغربية .ويبقى علينا الإميان ب�أن هذه النقلة النوعية جديرة باحت�ضانها ومناق�شتها ودرا�ستها ونقدها من �أجل تطويرها وحت�سينها مقابل ن�رش الوعي بها وت�رشب ثقافتها بيننا .فهي �ست�سمح مبعاجلة الكثري من امل�شاكل املتعلقة بالتقومي يف املدر�سة املغربية.
العدد
4
• فرباير
2011
13
التقومي الزمة �إجناح املدر�سة وجتديدها امل�ستمر عبد اللطيف املودين يف �سياق التطور املتالحق للم�ؤ�س�سات والتنظيمات والتجدد امل�ستمر للمقاربات الهادفة �إىل االرتقاء ب�سريها وح�سن تدبريها ،عرف مفهوم التقومي امتدادا يف دالالته وتنوعا يف معانيه وتوظيفاته .هكذا ،مل يعد ا�ستعمال هذا املفهوم مرتبطا فقط باختبارات التح�صيل وقيا�س املكت�سبات الدرا�سية والتكوينية �أي مبختلف العمليات املندرجة عموما يف �إطار علم االمتحانات �أو الدو�سيمولوجيا ،la docimologieو�إمنا ات�سع مدلوله لي�شمل تقومي امل�ؤ�س�سات واملنظومات والربامج وامل�شاريع وال�سيا�سات. بذلك �أ�ضحى التقومي اليوم ركنا من �أركان التدبري الناجع ،واحلكامة اجليدة ،والزما ع�ضويا لكل �إ�صالح ،و�أ�سلوبا برهنت املمار�سات اجليدة ،التي �أتبتث جدارتها ،على قيمته امل�ضافة العالية يف حتقيق جناح املنظومات وتر�سيخ جناعة امل�ؤ�س�سات� ،سواء تعلق الأمر مبيدان الرتبية والتكوين �أو بغريه من القطاعات.
-1ما املدلول العام للتقومي ؟ كيف ي�شتغل ؟ ولأية �أهداف ؟ يعد التقومي ،يف �إحدى معانيه العامة� ،آلية م�ساعدة على اتخاذ القرار ،ملا يتيحه �إعماله من ّ من معلومات ب�ش�أن واقع املو�ضوع امل�ستهدف به ،ومقارنة هذه املعلومات باملعايري املالئمة ،يف اجتاه الإعداد التخاذ القرارات وتفعيل الإجراءات املرتبطة بها ،وذلك باعتبار �أن هذه العملية تعد يف مكمال �رضوريا للتخطيط املعقلن. جوهرها ّ يتخذ التقومي �صبغة كمية كلما ا�ستند �إىل معطيات ون�سب �إح�صائية ،ق�صد توجيه قرارات تغيري �أو تعديل �أو تراجع �أو تقّ دم ،ح�سب مو�ضوع التقومي و�أهدافه .يف هذا ال�سياق ،يكون املنطلق براغماتيا وملمو�سا يتوخى �أكرب قدر من املو�ضوعية. كما �أن التقومي قد تكون له �صبغة كيفية ،حينما يعتمد التحليل والفح�ص الكيفي ،الذي ي�ستمد مقوماته مما تتيحه بع�ض املعارف من �أدوات ومناهج الت�شخي�ص والتحليل والتقدير، واملقارنة واالفرتا�ض والت�أويل ،وذلك ا�ستنادا �إىل اختيارات نظرية تتالءم ونوعية مو�ضوع التقومي و�أهدافه .يف هذه احلالة يكون املنطلق عقالنيا م�شبعا باملنطق ،الذي ي�ستنبط من ت�ضافر معطيات نظرية ،ترتكز على عمليات التمحي�ص الذهني ،وعلى �آليات اال�ستدالل املتوافرة عادة يف العلوم الإن�سانية املطبقة على ظواهر الواقع �أو امل�ؤ�س�سات �أو الربامج �أو مردود الأ�شخا�ص واملجموعات� ،أو على �أداء منظومة ب�أكملها. 14
مهما كانت نوعية التقومي املتبع ،ف�إن غايته الأ�سا�س تكمن يف تثمني مواطن القوة وجتاوز مكامن ال�ضعف فيما يتم تقوميه ،وكذا قيا�س جناعة ما يتم توظيفه من موارد ،وما تتم برجمته من م�شاريع ،ليت�أتى الت�أكد من تقدير جدوى االختيارات املر�سومة لبناء تلك امل�شاريع. لكي تكت�سي عملية التقومي م�صداقيتها ،يتعني �إخ�ضاعها لقاعدتني على الأقل :ا�ستعمال املناهج العلمية ،و�ضمان ا�ستقاللية الهيئة امل�رشفة على التقومي وحيادها �إزاء الربامج �أو ال�سيا�سات مو�ضوع التقومي .ت�ستمد هاتان القاعدتان م�رشوعيتهما من الطموح نحو ت�أ�سي�س ثقافة تقومي مبنية على �رشوط النزاهة واملو�ضوعية ،واالحرتافية ،يتقا�سمها جمموع �أطراف العملية ومتتد يف خمتلف مكونات املنظومة التي تعنيها .من ثم ،البد �أن تتوافر للعملية ،يف ظل هذه الثقافة ،ال�رشوط ال�رضورية ل�ضمان امل�صداقية والنزاهة ،وال�سيما على م�ستوى ما ت�سفر عنه من نتائج ،وذلك بعيدا تدخل خارجي قد ي�ؤثر �سلبا �أو �إيجابا يف �سريها. عن �أي ّ ي�صعب الت�سليم بجدوى منهاج تقومي ما وبنجاعته مبجرد �أن يكون ذائع ال�صيت �أو يكون قد �أثبث فعاليته يف �إحدى املجاالت؛ �إذ ال بد �أن يرتكز اختياره �أو تركيبه على حتليل م�سبق للمنظومة امل�ستهدفة بالتقومي ،ليت�أتى تكييفه مع الإطار املالئم لإعمال مناهج التقومي و�أدواته. حني يتعلق الأمر بتقومي م�ؤ�س�ساتي ،كما هو ال�ش�أن بالن�سبة للتقومي الرتبوي املتعلق بامل�ؤ�س�سات املعنية بهذا املجال ،يكون الق�صد هو حتديد املعلومات املتوخى بلوغها ،الكفيلة ب�إ�صدار �أحكام قيمة مو�ضوعية ذات �أهمية بالن�سبة للقرارات الواجب �أو املحتمل �أو املمكن اتخاذها .الأمر الذي ي�ستدعي تقوميا للإطار الذي جتري فيه العملية ،وتقوميا ملختلف املداخل املرتبطة مبو�ضوع هذا التقومي (ال�سياق ،الفاعلون ،املناهج ،املنتوج ،الإ�صالح ،العمليات� ،إلخ). من بني �رشوط �إجراء عملية التقومي يف املجال الرتبوي : • حتديد جمال التقومي ومو�ضوعه ،مما يتطلب القيام باختيارات يتعني حت�صينها ب�أق�صى �رشوط املو�ضوعية واجلدوى والكفاية ؛ • حتديد امل�ستهدفني و�إ�رشاكهم يف عملية التقومي ؛ • االختيار الناجع للقائمني بالتقومي ،مع و�ضع مبادئ �صارمة من �ش�أنها ت�أمني �أكرب قدر من التجرد واحلياد واال�ستقاللية؛ • حتديد الهدف من التقومي .وهو �رشط �أ�سا�س للت�شخي�ص واملقاربة وللتمكن من بلوغ ا�ستنتاجات جمدية ،وت�أويالت غري بعيدة عن الهدف املتوخى من التقومي. تبعا ملو�ضوع التقومي يف املجال الرتبوي ،ف�إن الأهداف املتوخاة منه تتمايز عموما كما يلي: • تطوير وحتديث و�سائل ومناهج و�إجراءات تدبري ال�ش�أن الرتبوي ؛ • تو�ضيح مهام الفاعلني واخت�صا�صاتهم ودور كل واحد منهم يف اتخاذ القرار؛ العدد
4
• فرباير
2011
15
• البحث عن �سبل التخفي�ض من ن�سب الهدر الرتبوي ،بوا�سطة تفعيل بيداغوجيا �أكرث مالءمة؛ • النهو�ض بالبحث من خالل و�ضع �سيا�سة مالئمة يف جماالت مهمة كالتوظيف والتكوين والتجهيز، الخ ؛ • الزيادة يف املوارد الب�رشية واملالية ،ويف غريهما من الو�سائل ؛ • حت�سني ظروف العمل وبنيات اال�ستقبال بامل�ؤ�س�سة ،للحد من �آفة الر�سوب وهدر الطاقات ؛ • الرفع من اجلودة ،وحت�سني املردود الداخلي واخلارجي للمنظومة الرتبوية ... من بني �رشوط �إجناز عملية التقومي كذلك� ،أن يتم التخطيط لها ب�إحكام ،من خالل حتديد حقلها ومو�ضوعها ،ومنهجيتها ،والقائمني عليها والربجمة الزمنية لإجرائها ،ومراحل تتبعها من بدايتها �إىل غاية ا�ستخراج نتائجها ،وتكلفتها... ،
-2ما �أهمية تقومي املنظومة الرتبوية ؟ يعد التقومي مكونا جوهريا للمنظومة الرتبوية .تتجلى �أهميته يف كونه يتيح لذوي القرار املعنيني ولكل الفاعلني الرتبويني قدرا وافرا من املعلومات التي متكن من مراقبة جناعة �أداء املنظومة الرتبوية وتتبع �سريها مبختلف مكوناتها البيداغوجية والتدبريية والتنظيمية ،يف ارتباطها مبحيطها االقت�صادي وال�سيا�سي واالجتماعي. من ثم ،فحينما يتعلق الأمر ب�إ�صدار حكم على مكون من مكونات املنظومة الرتبوية يكون من املهم حتديد املعايري التي �ستعتمد لبلوغ هذه النتيجة ،بناء على قواعد ومبادئ دقيقة .وعلى العك�س من ذلك ،فالتقومي الع�شوائي يفتقر �إىل املوثوقية والإن�صاف .من ثم ،تربز عدم �صالحيته لبلورة قرارات �سيا�سية �أو بيداغوجية يف املجال الرتبوي .تكمن �أهمية التقومي بالن�سبة ملنظومة الرتبية والتكوين يف كونه �آلية ا�سرتاتيجية لتوجيه اتخاذ القرار والتجديد ،و�ضمان جناعة القيادة ال�شمولية للمنظومة. التقومي واتخاذ القرار
➢
يف جمال الرتبية ،حيث يرتبط التقومي ب�أهداف تتعلق باتخاذ قرارات ،يكون للتقومي انعكا�سات قوية على الفاعلني الرتبويني وعلى مكونات املنظومة الرتبوية برمتها .لذا ،فمن ال�رضوري حتديد مو�ضوع التقومي واملعايري املعتمدة لإ�صدار احلكم املالئم .ويف امليدان الرتبوي ،كما يف غريه من امليادين ،البد �أن يكون التقومي ن�سقيا وم�ؤ�س�سا على مبادئ موجهة ،وم�ستندا �إىل ا�ستعمال دقيق ومالئم ملعايري وم�ؤ�رشات وا�ضحة ،دقيقة ،متعارف عليها وقابلة للقيا�س. التقومي والتجديد
➢
ميكن التخطيط للتقومي بالنظر العتبارين على الأقل: يتمثل �أولهما يف تف�سري املمار�سات اجلارية بغية تزكيتها .يف هذه احلالة ي�ستعمل التقومي 16
للح�صول على تغذية راجعة �إزاء ما نحن ب�صدد تقوميه .على �أن الهدف يكمن يف ر�صد �أ�سباب جناح مو�ضوع التقومي وفعاليته ،وذلك لإثبات �صالحية ما هو قائم ،وتعليل املمار�سات احلالية؛ • �أما االعتبار الثاين ،فتجليه �أهمية جتميع املعطيات واملعلومات الكفيلة ب�إدخال امل�ستجدات والتغيريات (امل�ستجدات تعنى هنا التغيريات املربجمة واملخطط لها) .وهنا ي�صبح مفهوم التقومي ومفهوم التجديد مرتابطني بحيث يغذيان بع�ضهما البع�ض.
� -3أية عالقة بني التقومي وبني قيادة املنظومة الرتبوية ؟ تعد املنظومة الرتبوية بنيانا متفم�صال ،ترتابط هياكله وم�ستوياته و�أمناطه يف ن�سق متما�سك. ومراقبتها ب�صفة منتظمة وم�ستمرة ،من �أجل تتبع �سريها و�أدائها يف �شموليته �أمر بالغ الأهمية .هذا النوع من املراقبة يندرج �ضمن جناعة القيادة الكلية واملتكاملة للمنظومة. ميكن التمييز بني ثالثة �أنواع من القيادة: • القيادة الإدارية :التي ت�ضطلع باحرتام املقت�ضيات القانونية والتدبري الإداري ال�سليم من قبيل : اال�ستعمال اجليد لالعتمادات املمنوحة ،توظيف الأطر ذات املوا�صفات واجلانبيات املطلوبة، مراقبة التالميذ امل�سجلني ...؛ • القيادة التكوينية :هذا النوع من القيادة موجه باخل�صو�ص للفاعلني ،البحث عن ال�صعوبات التي يواجهها حميط تعليمي معني بالنظر �إىل كفايات وم�ؤهالت املوارد الب�رشية و�إيجاد احللول لها ؛ • قيادة املردودية� :أداء امل�ؤ�س�سات التعليمية ومردود املنظومة الرتبوية بخ�صو�ص املعارف واملهارات وال�سلوكات ،مع الأخذ بعني االعتبار جمموعة من امل�ؤ�رشات خا�صة بالتالميذ واملدر�سة واملدر�سني والت�سيري الإداري واملايل. لـكـي ينجـح التقـويـم يف قـيـادة املنظـومـة التــربـويـة مبختلـف مكونـاتهـا يتعيـن و�ضع معـايـيـر ( )standardsوم�ؤ�شـرات ( )indicateursذات جـودة عالية ومتعـارف عليهـا وطنيـا ودوليـا ،مع اال�ستنـاد �إىل �أنظمـة مرجعيـة ( )référentielsمن �ش�أنــهـا �أن ت�شــكل لوحـات قيــادة ) (tableaux de bordتغطي جميع جماالت املنظومة الرتبوية. ميكن �أن ت�شمل امل�ؤ�رشات : • ن�سبة التمدر�س ،وامل�سارات الدرا�سية للتالميذ ( )input؛ • خمرجات املنظومة الرتبوية ( )output؛ • مكت�سبات التالميذ ؛ • امل�ؤ�س�سات التعليمية ،وتال�ؤمها مع حميطها االجتماعي واملهني والعلمي والثقايف ؛ • موارد املنظومة الرتبوية ونفقاتها ؛ العدد
4
• فرباير
2011
17
• مواقف وتطلعات امل�ستفيدين من املنظومة الرتبوية و�رشكائهم ؛ • جودة الأطر الرتبوية والتكوينات� ،سواء منها الأ�سا�سية �أو امل�ستمرة ؛ • املردود الداخلي :نتائج املتعلمني ومكت�سباتهم ،ن�سب الهدر ...؛ • املردود اخلارجي :االنعكا�سات االقت�صادية واالجتماعية املنظومة الرتبوية ،مردود معادلة ال�شهادات وقيمتها. �أما الأنظمة املرجعية فتتعلق �أ�سا�سا مبا يلي : • نظام مرجعي متعلق بنجاعة النتائج؛ • نظام مرجعي متعلق باملطابقة ويهدف �إىل قيا�س التطبيق اجليد للتوجهات والتدابري؛ • نظام مرجعي متعلق مبالءمة املوارد ال�رضورية وتلك املتاحة؛ • نظام مرجعي متعلق بالكفاية والفعالية بالنظر �إىل النتائج يف عالقتها بالكلفة؛ • نظام مرجعي متعلق بالتدبري اال�سرتاتيجي للإ�صالح.
-4ب�أي معنى ي�شكل التقومي رافعة لالرتقاء بنجاعة املدر�سة ؟ ال حاجة لت�أكيد �أن تقومي املنظومات الرتبوية ،لكي يت�سم بالنجاعة ويحقق � َأثره امللمو�س يف امل�ساعدة على توجيه ال�سيا�سات التعليمية ،ولكي ُي�سهم يف الرفع املطرد من جودة الرتبية والتكوين، ينبغي �أن ينبني �إجماال على املرتكزات الأربعة التالية: • يتمثل �أولها يف القَبول اجلماعي بالتقومي ،بو�صفه قيمة تهدف �إىل التطوير والتقدم ،وثقافة تتوخى �أن تكون متقا�سمة ،وجماال م�ستمرا للبحث العلمي التخ�ص�صي والعمل امليداين ،وال�سيما يف جمال الرتبية والتكوين ،الذي يطرح �صعوبات خا�صة ،حينما يراد قيا�سه وتقوميه وفق م�ؤ�رشات قابلة للتكميم. • يتمثل املرتكز الثاين يف اعتماد �آليات و�أدوات للتقومي ،م� ّ َؤ�س َ�سة منهجيا وعلميا ،تت�سم بال�شفافية وامل�صداقية ،وتراعي �رشوط املنظومة وامل�ؤ�س�سات وانتظارات الفاعلني الرتبويني وال�رشكاء ،وال�سيما �آباء التالميذ و�أُ�رسهم. • يتحدد املرتكز الثالث يف الأهمية الق�صوى مل�أ�س�سة التبادل املنتظم والإ�صغاء املتفاعل ،املبني على حتقيق قيمة م�ضافة بني الهيئة امل�ضطلعة بالتقومي وبني القطاعات وامل�ؤ�س�سات امل�رشفة على الرتبية والتكوين؛ وذلك من منطلق �أن عملية التقومي لي�ست جمرد ر�صد لالختالالت ،بل �إن دورها ينبغي �أن يتجه� ،أوال وقبل كل �شيء ،نحو ا�ستدراك التعرثات وتوطيد الإجنازات وتطويرها، والبحث امل�ستمر عن ال�سبل الكفيلة بتح�سني �أدائها ومردودها الداخلي واخلارجي.
18
جتدر الإ�شارة يف هذا الإطار� ،إىل �أن املغرب حر�ص منذ �سنة 2006على الإحداث الفعلي لهيئة وطنية للتقومي تتمتع بكامل اال�ستقاللية ،لدى املجل�س الأعلى للتعليم بو�صفه م�ؤ�س�سة د�ستورية ،ت�ضم يف ع�ضويته ممثلني عن كافة الفاعلني واملتدخلني يف �ش�ؤون الرتبية ،وباعتباره �آلية دميقراطية تتيح ف�ضا ًء ي ّ َت�سع الحت�ضان نقا�ش حر وتعددي ،من �أجل تقدمي �إجابات ب ّ َناءة حول ق�ضايا املدر�سة املغربية وا�سرتاتيجيات �إ�صالحها ،عالوة على ا�ضطالعه بتقومي يقظ ومنتظم للمنظومة الوطنية للرتبية والتكوين. وحر�صا من املجل�س الأعلى للتعليم ،يف نطاق اخت�صا�صاته ومهامه ،على جت�سيد هذه العالقة التالزمية بني الإ�صالح الرتبوي وبني تقوميه ،عالوة على �أهمية توفري �إطار مرجعي وطني لتقـومي منظومـة الرتبية والتكويـن ،فقد �أ�صدر تقـريـره الأول حـول حـالـة هذه املنظومـة و�آفـاقها �سنة 12008؛ وذلك اقتناعا منه بكون التقومي املنتظم للمنظومة ي�شكل الزمة لإجناح املدر�سة وجتديدها امل�ستمر. يف ارتباط بذلك ،ومن منطلق كون خمتلف النظريات واملقاربات البيداغوجية ت�ؤكد اليوم �رضورة جعل املتعلم وحاجاته يف قلب اجلهود املبذولة ،واعتباره حمور عمليات الرتبية والتكوين، فقد �أر�سى املجل�س الأعلى للتعليم ،من خالل الهيئة الوطنية للتقومي لديه برناجما وطنيا طموحا غايته التقومي املنتظم للتح�صيل الدرا�سي والتكويني. وهو برنامج مت تخ�صي�ص طبعته الأوىل ال�صادرة �سنة 2009لتقومي مكت�سبات تالميذ التعليم االبتدائي والثانوي الإعدادي2؛ يف �أفق تو�سع جمال ا�ستهدافه لي�شمل بالتدريج يف امل�ستقبل املتعلمني بالتعليم الثانوي الت�أهيلي والطلبة اجلامعيني ومتدربي التكوين املهني. • عالوة على املرتكزات الثالثة �سالفة الذكر ،هناك مرتكز رابع يتعني مراعاته يف الربامج التقوميية املرتبطة بال�ش�أن الرتبوي ،يتمثل يف قدرة التقومي على الإ�سهام يف تقوية التعبئة حول ق�ضايا املدر�سة ،من خالل �إخبار �صانعي القرار والفاعلني الرتبويني و�أُ�رس املتعلمني عن الواقع الرتبوي والتكويني ،يف اجتاه �إذكاء نقا�ش مو�سع وب ّ َناء حول ال�سبل الكفيلة بتح�سني �إجنازية م�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين ،والرفع من جودتها ،و�ضبط معايري �ضمان �إن�صافها �أمام اجلميع ب�أكرب قدر ممكن من �رشوط تكاف�ؤ الفر�ص.
-1اململكة املغربية ،املجل�س الأعلى للتعليم ،التقرير الأول حول حالة املنظومة الوطنية للرتبية والتكوين و�آفاقها.2008 ، -2اململكة املغربية ،املجل�س الأعلى للتعليم ،الهيئة الوطنية لللتقومي ،الربنامج الوطني الأول لتقومي التح�صيل الدرا�سي (.2008 ،)PNEA
العدد
4
• فرباير
2011
19
دور التقومي الرتبوي يف تطوير فعالية كفايات التدري�س عبد العزيز العلوي الأمــراين ثانوية وادي الذهب نيابة اخلمي�سات
تقـدمي لعل من �أكرث الأخطاء انت�شارا و�شيوعا بني الغالبية العظمى من املربني والفاعلني الرتبويني داخل املنظومة التعليمية ،اعتبار التلميذ هو املعني الأول واملبا�رش بعملية التقومي الرتبوي .وهو ت�صور يعك�س مظهرا مهما من مظاهر االختالل التي تعرتي العملية التعليمية التعلمية يف بالدنا. فقد اختزلت املمار�سة التقوميية يف جمرد اختبارات وامتحانات يخ�ضع لها التالميذ من حني لآخر، وفق ما حتدده املذكرات املنظمة التي ت�صدرها الوزارة الو�صية على قطاع الرتبية والتعليم ،مع العلم �أن معظم هذه الن�صو�ص التنظيمية يغلب عليها الهاج�س التنظيمي ال�ضبطي ،حيث ت�سود لغة قانونية جتعل من التقومي عملية تنفيذ حكم نهائي ،يف حني يتم �إغفال اجلوانب والأبعاد الرتبوية احلقيقية .وهو الأمر الذي �أدى يف النهاية �إىل ت�ضخيم هاج�س التقومي ،الذي �أ�صبح ميثل عبئا ثقيال وخطريا على التلميذ واملدر�س والإدارة الرتبوية على حد �سواء غري�أن الذي يجب التنبيه �إليه يف ظل املمار�سة التعليمية الراهنة� ،أن التقومي الرتبوي انحرف كثريا عن م�ساره الرتبوي ال�صحيح. فقد �أ�صبحت عمليات التقومي منف�صلة ومنقطعة عن غريها من العمليات الرتبوية الأخرى ،حيث جند �أ�ساليب التدري�س املتبعة من قبل املدر�س يف عملية �إعداد واجناز الدرو�س داخل جماعة الف�صل يف خانة ،و�أن�شطة التقومي يف خانة ثانية ،مما يطرح �إ�شكالية التفاعل واالندماج الوظيفي الذي من املفرت�ض �أن يكون بني مكونات وعنا�رص املثلث الديداكتيكي. �إن التقومي الرتبوي باعتباره احللقة الأ�سا�سية الرابطة بني خمتلف �أطراف العملية التعليمية التعلمية ،يعد م�ؤ�رشا داال عن مدى جناح �أو ف�شل كل الفاعلني الأ�سا�سيني يف املنظومة الرتبوية. لذلك فان �آثار ونتائج عملية التقومي ال تهم املتعلم وحده ،بل تطال املدر�س كذلك باعتباره امل�س�ؤول املبا�رش عن تدبري وتوجيه الأن�شطة التعليمية مبا ي�سهل وينمي عمليات التعلم والتح�صيل الدرا�سي عند املتعلم. يف هذا ال�صدد ميكن النظر �إىل التقومي باعتباره مدخال مهما لتنمية وتطوير الكفايات املهنية للمدر�س. ملاذا م�س�ألة التقومي يف ال�سياق الرتبوي احلايل؟ يكت�سب هذا ال�س�ؤال م�رشوعيته العلمية وامل�ؤ�س�ساتية من اعتبار التقومي املدر�سي �أحد �أهم مكونات املنهاج الرتبوي قدميا وحديثا .فاملمار�سة 20
التقوميية تعك�س ،يف جانب مهم منها ،جممل التوجهات واالختيارات الإ�سرتاتيجية التي حتددها ال�سيا�سات الرتبوية يف كل بلد من بلدان العامل� .إن كل منهاج تربوي لي�س يف واقع الأمر �سوى جمموعة من املدخالت (�أهداف ،معارف نظرية وتطبيقية ،طرائق و�أ�ساليب اال�شتغال ،دعامات وو�سائل متنوعة)...؛ ومن البديهي �أن يكون التقومي من �أهم خمرجات هذا املنهاج .لذلك ،فان احلكم على القيمة الوظيفية امل�ضافة لكل منهاج تربوي� ،إما جناحا �أو ف�شال ،ينطلق من مكون التقومي؛ فقيا�س مدى فعالية كل منهاج تعليمي جديد ت�ستند �إىل النتائج الكمية واملعارف النوعية التي يح�صل عليها التالميذ( .)1كما �أ�صبح التقومي يف الآونة الأخرية واحدا من �أكرب الإ�شكاالت التي تواجهها برامج ومناهج التكوين ،و�أكرثها تعقيدا ،وقد �أثارت هذه الإ�شكالية الكثري من الكتابات العلمية والدرا�سات النظرية ،تتفاوت �أهميتها وقيمتها ب�سبب اختالفاتها املرجعية ،مما خلق حالة من االرتباك واخللط بني جموع املكونني واملربني .ومما يزيد الأمر تعقيدا و�صعوبة� ،أن هذا االلتبا�س واخللط م�س املجال النظري واملمار�سات العملية على ال�سواء( .)2وعليه ،فان ثمة هوة وا�سعة بني االنتاجات والكتابات النظرية التي تتناول بالدرا�سة وال�رشح مو�ضوع التقومي الرتبوي وق�ضاياه املختلفة من جهة ،وبني الفقر ال�شديد ،الذي يالحظ على م�ستوى املمار�سات الرتبوية من جهة ثانية .الأمر الذي قاد ،يف نهاية الأمر �إىل حالة من �سوء الفهم لدى �أغلب الفاعلني الرتبويني، و�سيادة متثالت وت�صورات م�سبقة وخاطئة تعيق كل فهم جيد ومعقول للدرا�سات النظرية؛ وهو الأمر الذي حدا بـ «ج.م.باربيي» (� )J.M.Barbierإىل الدعوة ب�أنه �أ�صبح من الواجب تقومي فكرة التقومي ذاتها(� .)3إن هذا االلتبا�س يطال حتى موقف �أولياء �أمور التالميذ الذين ال يرون يف التقومي الرتبوي لأبنائهم يف املدار�س �سوى الفرتات الع�صيبة التي يعي�شها �أبنا�ؤهم خالل فرتة االمتحانات، فال يهمهم يف النهاية �سوى النقطة التي يح�صل عليها ه�ؤالء الأبناء. لقد �أ�صبحت ظاهرة االمتحانات واالختبارات تهيمن وت�سيطر على كل مظاهر الفعل الرتبوي، وو�سيلة ملراقبة مردودية التعليم والتعلم ،مما حول م�سار العملية التعليمية التعلمية عن م�سارها الطبيعي ،حيث انتقلت من عملية تكوينية �إىل جمرد عملية تخزين وحفظ معارف حمددة عن ظهر قلب ،و�إعادة ا�سرتجاعها وت�سويقها بطريقة مبا�رشة يوم انعقاد �سوق االمتحانات( ،)4مما يت�سبب كثريا من الإرهاق الفكري والنف�سي للتالميذ.
-1التقومي الرتبوي :مفهوم واحد ب�أ�شكال متعددة ما يزال مفهوم التقومي يثري كثريا من االلتبا�س يف حتديد معانيه ودالالته .ففي كثري
1- Xavier Roegiers, L’école et l’évaluation, des situations pour évaluer les compétences des élèves, édit De Boeck université, Bruxelles,2004, p :105. -2عبد احلق من�صف ،رهانات البيداغوجيا املعا�رصة :درا�سة يف ق�ضايا التعلم والثقافة املدر�سية� ،إفريقيا ال�رشق،الدار البي�ضاء، � ،2007ص .108 3- J.M.Barbier, l’évaluation en formation, Puf, Paris,1990, p: 9-15 كذلك :رهانات البيداغوجيا املعا�رصة ــ مرجع مذكور� .ص.108 : -4حممد بوبكري ،ق�ضايا تربوية ،دار الثقافة ،الدار البي�ضاء� ،2003 ،ص.69 :
العدد
4
• فرباير
2011
21
من الأحيان يتم توظيف عدة مفاهيم وم�صطلحات ت�شري كلها �إىل عملية التقومي .ثمة مفاهيم خمتلفة متجاورة تنتمي جميعها �إىل احلقل املفاهيمي لفعل التقومي مثل :التقييم ،االختبار ،الرائز، االمتحان ،املراقبة...الخ .فكيف نحدد مفهوم التقومي الرتبوي وما عالقته باملفاهيم الأخرى ؟ يحـدد الدكتـور �أحـمـد �أوزي يف معجمـه املو�سـوعي لعلـوم الرتبية( )5مفهـوم التقـويـم ( ،)l’évaluationباعتباره �أحد املكونات الأ�سا�سية يف العملية التعليمية التعلمية ،بل �إنه �أحد مرتكزاتها الهامة ،التي ال ت�ستقيم بدونها �إذا �أرادت �أن تكون عملية تت�سم بال�ضبط واملو�ضوعية. والتقييم يف الت�صور احلديث ال يقت�رص على �إ�سناد النقط �أو �إ�صالح اعوجاج ،بل يوظف من �أجل خلق دينامية �إيجابية يف كل ن�شاط تعليمي تعلمي .فهو ي�ستعمل من �أجل ت�شخي�ص امل�ستوى احلقيقي عند التلميذ والذي �ستبنى عليه الكفاءة اجلديدة .كما ي�ستعمل �أثناء الدر�س من �أجل �إزالة بع�ض العوائق وال�صعوبات التي حتول دون الو�صول �إىل الهدف .كما يطبق يف النهاية من �أجل معرفة ما حتقق وما مل يتحقق بعد كل ن�شاط درا�سي حمدد وهادف .ومبوازاة مع هذا، فالتقييم املدر�سي يوظف ليوفر للتلميذ وللمدر�س معا معطيات وقاعدة بيانات مهمة لإعادة النظر يف مناهج وطرائق عملهما. كما ت�شري بع�ض املعاجم الرتبوية(� )6إىل �أن مفهوم التقومي ظهر يف الأدبيات الرتبوية يف �أوا�سط القرن الع�رشين يف البلدان الأجنلو�ساك�سونية .فقد انتقل �إىل جمال التعليم بعدما كان متداوال يف الدرا�سات االقت�صادية منذ القرن التا�سع ع�رش ،خا�صة يف املجال ال�صناعي� .أما يف جمال الرتبية والتعليم ،فقد ارتبط توظيف مفهوم التقومي ببيداغوجيا الأهداف .فالتقومي ي�ستهدف ،من خالل و�سائل علمية ،قيا�س ومراقبة �آثار ونتائج املمار�سة البيداغوجية بالأهداف التي �سبق حتديدها. كما نعرث يف الدليل البيداغوجي للدي�سيمولوجيا على تعريف حمدد للتقييم باعتباره كل ن�شاط يهدف �إىل حتليل وت�أويل نتائج �أو عالمات �آتية من القيا�س ،وذلك من �أجل اتخاذ قرارات جيدة. فالتقييم يعني �إعطاء قيمة لنتيجة يف مقابل معيار حمدد .لكي نقيم يجب �أن تكون لدينا نتيجة القيا�س من جهة ،ومن جهة �أخرى معيارا �أو قانونا للمقارنة ،وذلك حتى ن�ضع النتيجة يف �إطارها املرجعي(.)7 لقد الحظ الدكتور حل�سن مادي يف درا�سته القيمة حول التقييم الدرا�سي(� )8أن معظم التعاريف التي قدمت لهذا املفهوم يف املعاجم الرتبوية الأجنبية �أنها ال تتناول م�س�ألة �إ�صالح االعوجاج مقارنة باملعاجم اللغة العربية؛ فالأدبيات الرتبوية الأجنبية اختزلت مفهوم التقومي يف توفري معطيات ت�ستغل التخاذ القرارات .لذلك ،ف�إن هدف التقومي �أو التقييم يف املجال الرتبوي والتعليمي يقت�رص على اتخاذ قرارات مالئمة و�صحيحة وم�ضبوطة يف حق املتعلم يف �أوقات منا�سبة
-5د�.أحمد �أوزي :املعجم املو�سوعي لعلوم الرتبية ،مطبعة النجاح اجلديدة ،الدار البي�ضاء� ،2006 ،ص .101 6- Dictionnaire de la pédagogie et de l’éducation. , 3édit, Bordas/Sejer, 2007, p 144 7- Guide docimologique , introduction à la mesure et à l’évaluation - Publié par le service général des communications de M.E.N , Québec 1975, p5 -8مادي حل�سن ،التقييم الدرا�سي� ،أنواعه وتطبيقاته ،مطبعة بابل ،الرباط� ،1991 ،ص.21-22 :
22
ولوظائف خمتلفة .وانطالقا من خمتلف التعاريف التي �أعطيت ملفهوم التقييم ،ميكن ا�ستخال�ص جمموعة من التحديدات ،نوردها فيما يلي: • �إن التقومي ي�سعى �إىل �إعطاء قيمة لعمل معني �أو اجناز ما؛ • �إنه يحيل على �إجراء عملية لتجاوز اخللل �أو االعوجاج� ،أي البث يف احلالة من �أجل ت�صحيحها ح�سب معيار معني يحدد م�ساحات القبول والرف�ض؛ • �إنه خمتلف ومتنوع يف ارتباط مع عامل الزمن واملجال واملو�ضوع املقوم؛ • �إن عملية التقومي هي ت�أويل ،يتم وفق مبادئ وقواعد حتيل على التبادل الداخلي� ،أي �أنها عملية مرتبطة بالذات املقومة يف �إطار �إنتاج حكم عرب م�سار للتدقيق واملو�ضعة �ضمن �سلم �أو معيار معني(.)9 وبعيدا عن كل هذه التعاريف والت�صنيفات املختلفة ملفهوم التقومي ،ف�إنه من الوا�ضح �أن هذا املفهوم يرتبط بخريطة مركبة ومعقدة من املفاهيم املتجاورة املتداخلة واملت�شابكة مثل :مفهوم االختبار، االمتحان ،املراقبة ،القيا�س ،الرائز...الخ؛ مع العلم �أن خمتلف هذه املفاهيم حتيل جميعها على فعل التقومي ،رغم اختالفاتها التقنية واملنهجية .مما يفر�ض على امل�شتغل يف املجال الرتبوي الكثري من احلذر املعريف واملنهجي خالل عملية توظيف وا�ستعمال مفهوم التقومي .ولذلك مييز» كزافييه روجر�س» بني نوعني من التقومي :التقومي البيداغوجي( ،)l’évaluation pédagogiqueويهم عمل املدر�س، ومن �أهم �أنواعه :التقومي الت�شخي�صي ،التقومي التكويني ،التقومي املعياري ،والتقومي الو�صفي .والتقومي غري النظامي ،وهو تقومي غري معلن يخ�ص املتعلم ()l’évaluation informelle؛ ومن �أهم �أ�شكاله نذكر :التقومي الذاتي ،التقومي اخلفي ،التوجيه الذاتي ،امليتا -معرفية ).(10)(métacognition وعموما ،فان الغاية من هذا املقال لي�ست �إثارة �إ�شكالية التقومي الرتبوي ،وال التدقيق يف التعاريف اللغوية واال�صطالحية لهذا املفهوم .بل الوقوف عند الدور الذي ميكن �أن يلعبه التقومي املدر�سي يف تطوير �أركان العملية التعليمية التعلمية يف �إطار منهاج تربوي -تكويني ،مبا يرفع من جودة التح�صيل الدرا�سي لدى املتعلمني من جهة ،وتنمية الكفايات التدري�سية للمدر�س من جهة ثانية. �إن ال�س�ؤال الرئي�سي الذي �سنحاول الإجابة عنه يف هذا ال�صدد هو كالآتي :كيف ميكن للتقومي الرتبوي �أن يكون دعامة تربوية قيمة للرفع من جودة الأداء املهني للمدر�سني ؟
-2دور التقومي الرتبوي يف تطوير كفايات املدر�س يعترب تقومي �إجنازات املتعلمني و�أن�شطتهم املدر�سية واحدا من �أهم الأدوار واملهام التي ترتبط
-9عبد الرحيم ال�ضاقية ،مكونات الفعل الرتبوي :تلميذ ـ مدر�س ـ معرفة ،من�شورات �صدى الت�ضامن ،الدار البي�ضاء2006 ، �ص.69 : 10- Xavier Roegiers : L’école et l’évaluation. op .cit.p97
العدد
4
• فرباير
2011
23
مبهنة املدر�س و�أكرثها ح�سا�سية وتعقيدا ،نظرا للعالقة اجلوهرية بني فعل التدري�س وفعل التقومي. لذلك ،فان معظم الربامج اخلا�صة بتكوين املدر�سني تويل عناية كبرية ومهمة مل�س�ألة التقومي الرتبوي خالل مرحلة الإعداد والت�أهيل املهني للمدر�س ،فالتمكن والإتقان اجليد ملهارات التقومي الرتبوي يعد من �أهم مكونات كفايات التدري�س ،حيث يتوجب على املدر�س �أن يكون قادرا على : • بناء اختبارات لقيا�س وتقومي م�ستوى التح�صيل عند التالميذ؛ • التحكم يف منهجيات التقومي ب�أنواعه املختلفة وتوظيفها؛ • �صياغة االختبارات �صياغة دقيقة ووا�ضحة؛ • بناء �شبكة خا�صة مبعايري التقومي؛ • ت�شخي�ص �صعوبات املتعلمني وت�صنيفها؛ • و�ضع خطط للعالج املنا�سب لكل فئة(.)11
-1.2التقومي الرتبوي عملية م�صاحبة للأن�شطة التدري�سية: �إذا كان جوهر فعل التدري�س هو قيام املدر�س بتوفري وتنظيم �رشوط التعلم( ،)12فيجب �أن تن�صب كفاياته التدري�سية اليوم ،على و�ضع ا�سرتاتيجيات تعليمية فعالة ،تنطلق من ت�صورات حمددة وهادفة ،جتعل من املتعلم منطلقها وحمور الأن�شطة التعليمية ،وذلك عرب توفري و�سائل ديداكتيكية منا�سبة لت�سهيل عملية التعلم وتنميتها .فاملدر�س الكفء هو من ي�ستطيع ،وبنجاح، حتفيز تالميذه من �أجل الرفع من م�ستوى حت�صيلهم للمعارف ،وامتالكهم القدرة على ا�ستيعابها ومعاجلتها ،ثم توظيفها بكيفية فعالة يف حل امل�شكالت التي تعرت�ضهم يف حياتهم. �إن كل الأفعال والإجراءات البيداغوجية والديداكتيكية التي يتخذها املدر�س خالل مرحلة �إجناز الدر�س ،باعتباره مدر�سا ا�سرتاتيجيا ( )l’enseignant stratégiqueت�ستهدف متكني املتعلم من امتالك عدة �أ�شكال من املعرفة ،وال �سيما :املعارف املعلنة (les connaissances )déclarativesوهي كل املعـارف املرتبطـة بامل�ضـامني واملحتويـات الدرا�سيـة؛ ثم املعارف ال�سيـاقية ( ،)les connaissances conditionnellesوهي معارف متكن املتعلم من القدرة على حتويل وتعبئة معارفه ال�سابقة يف و�ضعيات وظروف جديدة� .أمـا ال�صنـف الثالث ،فهو املعارف الإجرائية ( )les connaissances procéduralesوهي معارف منهجية تتعلق بكيفية تدبري املتعلم وتنظيم مكت�سباته وتعلماته التي يدجمها يف ذاكرته ملدة طويلة؛ ومن ثمة ،فهي مت�س قدرة املتعلم على تطوير وتنمية اال�سرتاتيجيات املعرفية وامليتا -معرفية الفعالة ،التي متكنه وبطريقة ذات معنى -11فاطمة ح�سيني ،كفايات التدري�س وتدري�س الكفايـات� ،آليات التح�صيل ومعايري التقومي ،الدار العاملية للكتاب� ،2005 ،ص: .136 12- Marc Bru.l’enseignant, organisateur des conditions d’apprentissage. In : La pédagogie : une encyclopédie pour aujourd’hui, sous la direction de Jean Houssaye, 6 édition, ESF éditeur, Paris, 2005, p : 103.
24
من معاجلة امل�ضامني الدرا�سية( .)13وعليه ،ميكن القول �إن املدر�س ،ومن منظور البيداغوجيا املعا�رصة القائمة على املنظور اال�سرتاتيجي لعمليتي التعليم والتعلم ،يقوم بوظيفتني مرتابطتني خالل عملية تدري�س مادة درا�سية معينة :فهو ي�ضع الأهداف وينظم امل�ضامني الدرا�سية التي �سيتعلمها التالميذ من جهة ،ويزودهم وميكنهم من معرفة اال�سرتاتيجيات املعرفية وامليتا -معرفية التي يحتاجونها يف معاجلة املعارف التي يتلقونها �أو يبنونها يف �أن�شطتهم التعلمية من جهة �أخرى .لذلك ف�إن عملية التقومي التي يقوم بها املدر�س ال يجب �أن تقف عند حدود املعارف واملحتويات الدرا�سية ،بل يجب �أن تطال طرائق اال�شتغال الذهني للمتعلم واال�سرتاتيجيات املنهجية التي يوظفها يف عمله ،وذلك بغاية ت�صحيح و�إعادة توجيه �أن�شطة التعلم .فعلى خالف ما يعتقده الكثري من امل�شتغلني بالرتبية والتعليم ،الذين يرون �أن التقومي هو �آخر مرحلة من مراحل عمل املدر�س ،يبدو وا�ضحا �أنه عملية ال تتوقف منذ بداية الأن�شطة التعليمية و�إىل نهايتها .فالأ�صل يف التقومي ،هو �إن يتثبت املدر�س من مدى تقدم التعلمات ،وذلك مبا يطابق الأهداف التي مت حتديدها م�سبقا ،والتي لي�ست يف حقيقة الأمر �سوى ترجمة لكفايات التعلم.
-2.2التقومي الرتبوي �أداة لتطوير مهنية املدر�س : �إن جوهر مهنة املدر�س هو فعل التدري�س؛ وتطوير مهنية املدر�س تعني �أ�سا�سا الرفع من م�ستوى �أدائه ومهامه التدري�سية داخل جماعة الف�صل مبا يخدم فعل التعلم .لذلك ،فقد �أ�صبح احلديث عن مهنية املدر�س يف برامج ومقررات تكوين املدر�سني ،مرتبطا �أ�سا�سا بتطوير الكفايات املهنية للمدر�س ،وهي جمموع املعارف املهنية املرتبطة مبزاولة مهنة التدري�س (املعارف املدر�سة، �شبكات حتليل الو�ضعيات ،املعارف الإجرائية وامل�سطرية� ،إدراك املدر�س خطاطات و�ضع الت�صورات والتحليل واالقرتاح والتخطيط والتقومي)؛ وهي معارف يقوم املدر�س بتعبئتها يف و�ضعيات حمددة( .)14وميكن �إبراز دور عملية التقومي الرتبوي يف تطوير كفايات لتدري�س من خالل العنا�رص التالية: �أ -على م�ستوى مهارات التخطيط للدر�س: • تقومي مدى و�ضوح �أهداف التعلم :يقدم التقومي الرتبوي معطيات حقيقية قد ت�ساعد املدر�س يف تبيان مدى و�ضوح الأهداف التعلمية التي �سبق حتديدها يف بداية الأن�شطة ال�صفية ،ومدى ا�ستجابتها للحاجيات احلقيقية للمتعلم؛ • تقومي خطة تدبري الأن�شطة التعليمية� :إعادة تكييف الت�صميم املرحلي للدر�س وذلك بو�ضع ت�صميم ديداكتيكي للأن�شطة ال�صفية ،بال�شكل الذي ي�سهل ويي�رس عمليات التعلم واالكت�ساب عند املتعلم ،مع مراعاة م�ستوى قدراته وا�ستعداداته الذاتية وحاجاته النف�سية والفكرية؛ 13- J.Tardif. Pour un enseignement stratégique. L’apport de la psychologie cognitive. Les Editions Logiques.1997- p : 298. ?14- M.Altet et Autres, Former des enseignants professionneles, Quelles stratégies Quelles compétences?3 édit. Edition De Boeck Université . Bruxelles . 2001. p15
العدد
4
• فرباير
2011
25
• �إعادة النظر يف مدى مالءمة الدعامات الديداكتيكية والو�سائل التعليمية املتاحة .فالتقومي الرتبوي ميكن املدر�سني من ك�شف مواطن ال�ضعف التي قد تتخلل عملية تفاعل املتعلمني مع الو�سائل التعليمية املختلفة .مما قد يدفعه �إىل البحث عن و�سائل تعليمية جديدة ومتنوعة تغني خربة املتعلمني وترفع من درجة التح�صيل لديهم. ب -على م�ستوى مهارات التنفيذ: • ميكن املدر�س من قيا�س مدى فعالية الأ�سلوب التدري�سي الذي يتبعه؛ فعلى �ضوء نتائج التقومي الرتبوي الهادف ي�ستطيع املدر�س من م�ساءلة الطريقة املتبعة خالل عملية اجناز الدر�س داخل جماعة الف�صل؛ • التقومي الرتبوي ي�ساعد املدر�س يف معرفة �أهمية وفعالية التعزيز والتحفيز يف الرفع من م�ستوى التح�صيل الدرا�سي والقدرة على التعلم عند التلميذ ،فالتعزيز مينح التعلمات القوة واال�ستمرارية؛ • ا�ستثمار نتائج التقومي الرتبوي يف �إعادة النظر يف دينامية العالقات الرتبوية و�أ�شكال احلوار والتوا�صل الرتبوي بني املدر�س باعتباره و�سيطا وحمفزا ومن�شطا وموجها للعملية التعليمية التعلمية ،واملتعلم باعتباره فاعال وم�شاركا يف بناء تعلماته وكفاياته .فح�صول التلميذ على درجة �ضعيفة يف مادة درا�سية معينة ال يعني بال�رضورة عجزه عن م�سايرة التعلم ،بل �أحيانا جند تف�سريا لذلك يف طبيعة العالقة الرتبوية التي يقيمها املدر�س مع تالميذه داخل الف�صل، واملناخ النف�سي واالجتماعي الذي مييز هذه العالقة الرتبوية. يت�ضح �إذن� ،أن التقومي الرتبوي ي�شكل ،بالن�سبة للم�سار التكويني لعمل املدر�س داخل الف�صل، دعامة حقيقية ميكن ا�ستثمارها ب�شكل �أف�ضل يف حت�سني فعالية التدري�س وتطوير كفاياته املهنية. وهو الأمر الذي يبينه الدكتور الدريج حينما �أ�شار �إىل �أن التقومي الهادف ال يهتم فقط بت�صنيف الطالب �إىل متفوقني وغري متفوقني ،بقدر ما يهتم �أي�ضا بتقومي العمل الرتبوي وطرائقه و�أ�ساليبه لإك�سابها الفعالية املتوخاة( .)15غري �أنه ،وعلى الرغم من �أهمية التقومي الرتبوي يف جمال التكوين املهني للمدر�س ،ف�إن معظم مراكز التكوين الرتبوي ،واملدار�س العليا للأ�ساتذة ببالدنا ،ال تقدم لطلبتها �إال النزر القليل من املعارف النظرية واملهارات التقنية اخلا�صة مبجال التقومي الرتبوي .و�أحيانا يق�ضي الطلبة الأ�ساتذة مرحلة التكوين والإعداد وهم ال يعلمون �أي �شيء عن مبادئ و�أ�س�س التقومي مما يرتك فراغا كبريا يف ال�شخ�صية املهنية للمدر�س .و�رسعان ما يلج�أ �أغلب املدر�سني بعد مرحلة التخرج �إىل �إجناز �أن�شطة تقومي تعتمد على مبد�أ تقليد وحماكاة ما هو �سائد بني املدر�سني القدماء ،مما يكر�س واقع الع�شوائية واالرجتال ،الذي تتخبط فيه املنظومة التعليمية.
� -15أحمد الدريج ،حتليل العملية التعليمية وتكوين املدر�سني.الطبعة .2من�شورات املعرفة للجميع .الرباط .2004 �ص.240 :
26
تقومي مردودية التعليم على ()1 امل�ستوى امل�ؤ�س�ساتي ترجمة :م�صطفى ح�سني �أ�ستاذ التعليم الثانوي الت�أهيلي ثانوية ابن هانئ ــ �سال
تقدمي للمرتجم يطرح هذا الن�ص جمموعة من الت�سا�ؤالت حول حمددات امل�سار املدر�سي للتلميذ ،اذ يبدو �أن امل�صري املدر�سي للتلميذ يف خمتلف مراحله يتحقق �أحيانا عرب �سريورة متعار�ضة و�أحيانا �أخرى متناق�ضة �سواء �أثناء الولوج� ،أو طيلة مراحل التمدر�س �أو عند اخلروج من النظام .وانطالقا من ذلك ،ف�إن طرح م�س�ألة �إدماج التلميذ داخل املنظومة الرتبوية ،هو �أي�ضا حماولة لتقييم درجة حتقق �أهداف امل�ؤ�س�سة .فاملردودية وفعالية النظام التعليمي ،جناح وف�شل التلميذ ،جميعا تفر�ض بحثا تكميليا و�رضوريا .فالتلميذ ،يف �إطار النظام التعليمي املغربي ال يتطور ب�صفة طبيعية ،وفقا لقدراته اخلا�صة ،طيلة مرحلة متدر�سه ،ولكنه يخ�ضع للقيود املفرو�ضة واملعقدة لتدبري تدفقات الأعداد. �إن التقومي امل�ؤ�س�ساتي مل�س�ألة املردودية ي�سمح لنا بتقييم اجلهد املبذول من قبل النظام يف �سبيل التكوين ،كما �أنه ي�ؤدي �إىل ا�ستخدام جمموعة من امل�ؤ�رشات التي من �ش�أنها �أن متكننا من و�صف وتف�سري نتئج ال�سيا�سة التعليمية.
التال�ؤم مع الطلب وتوازن النظام �إن املالحظات املتعلقة مبردودية النظام املدر�سي املغربي تتوقف غالبا عند م�ستوى املعاينة الب�سيطة للواقع� .إن احت�ساب تدفقات الأعداد و الأفواج من التالميذ مقاربة قد تر�ضي املخطط. فال�صورة املقدمة عادة ما تعك�س التدبري الآيل امليكانيكي للأعداد بدال من قيا�س عنا�رصاملردودية يف املنظومة الرتبوية.. حتيلنا درا�سة �أداء املنظومة على مفهوم متعدد املعاين والدالالت ،قريب من مفاهيم املردودية والنجاعة واالنتاجية والفاعلية. بينما يحيلنا التعليم على مفاهيم النجاح والف�شل املدر�سي �أو اجلامعي ،يهتم التقومي مبختلف �أ�شكال التدبري واختالالته� .إن النظام املدر�سي يحدد عرب �آلياته وتنظيماته م�سالك للتكوين يفرت�ض فيها �أن تكون منتظمة ومتما�شية مع االرتقاء املدر�سي للتلميذ الناجح. -1ميثل هذا الن�ص الف�صل الرابع من الق�سم الثاين من كتاب: : Souali, Mohamed, L’institutionnalisation du système de l’enseignement au Maroc Evaluation d’une politique éducative, Ed,. L’Harmattan, 2004. pp.89-105
العدد
4
• فرباير
2011
27
وحينما تكون النتائج غري مثمرة ،وكلما يكون هناك تخل �أو انقطاع عن الدرا�سة �أو رف�ض للتعلم� ،أو عندما تكون مراحل التمدر�س ال تخ�ضع للوترية امل�سطرة لها ،ف�إننا نتحدث حينئذ عن م�سار درا�سي م�ضطرب� ،سواء تعلق الأمر بالأهمية املتنامية التي �أ�صبحت حتظى بها تقوميات املنظومات �أو �أوباالهتمام بالدرا�سات املخ�ص�صة لأهداف التكوين وتقومي املكت�سبات ،يتبني �أن تدبري الرتبية �أ�ضحى يخ�ص�ص مكانة متميزة لكل ما يتعلق بالأداء املدر�سي ومردوديته .ويتعلق الأمر بالتحكم فعال يف �سريورة التكوين والعمليات التي من خاللها ي�ضبط التلميذ ويكيف �إمكانياته حتى ت�ستجيب للإجنازات املدر�سية املطلوبة .وقد تو�سع ا�ستعمال مفهوم املردودية �إىل هذه املجاالت املذكورة انطالقا من االقت�صاد ،حيث يطبق عادة على الأن�شطة الإنتاجية. من الوا�ضح �أن ا�ستثمارات ال�سلطات العمومية املختلفة يف جمال التعليم قد �أ�صبحت �ضخمة ب�شكل مل ي�سبق له مثيل .ومن الطبيعي نتيجة لذلك� ،أن تنكب الأبحاث ودرا�سات الأجهزة العمومية منذ �أكرث من ن�صف قرن على هذه امل�س�ألة كما لو �أن التفكري انطالقا من الإن�سية التقليدية حول الرتبية الأكرث مالئمة لتكوين الإن�سان قد ترك الأولوية لتفكري �أكرث تقنية حول مكانة املردودية يف �صريورة التنمية االجتماعية واالقت�صادية( .)2على �أن �أبعاد هذه االن�شغاالت ،كما هو الأمر بالن�سبة لدالالتها كان لها وقع خمتلف نظرا لو�ضعيات وخ�صو�صيات خمتلف النظم الرتبوية. �إن املردودية عندما يتم تقديرها على امل�ستوى الداخلي ،فهي تدل على ن�سب االرتقاء داخل جمموعة من التالميذ ون�سبة اخلريجني مع اعتبارمدد تواجدهم داخل النظام املدر�سي .واملردودية هي كذلك �أحد م�ؤ�رشات الفاعلية ،حتدد من خالل ن�سب تكرار الأق�سام وتراكماته ،واالنقطاعات عن الدرا�سة .هذا مع الأخذ بعني االعتبار طبيعة النظم امل�ؤ�س�ساتية التي متيز بني املنظومات ذات االرتقاء الآيل والأنظمة التي ت�سمح بالتكرار. ومن بني م�ؤ�رشات �إنتاجية املنظومة املعتمدة يف كثري من الأحيان ،يوجد معدل النجاح يف االمتحانات من �أجل االنتقال ون�سب التمدر�س �أثناء االنتقال من ال�سلك وتوزيع الأعمار يف كل م�ستوى درا�سي� ،إلخ. وتقا�س املردودية على م�ستوى هياكل املنظومة بالن�سبة جلموع املتمدر�سني من خالل حركية االرتقاءات والأفواج. ويتم تقديرها كذلك على م�ستوى املكت�سبات واملعارف واملهارات املدر�سية .ففي امل�ستوى الأول ندرج معايري التكلفة� ،سنوات التمدر�س لكل طالب ن�سب التقدم ،ن�سب االرتقاء ،ن�سب املردودية الظاهرة ،ن�سب االحتفاظ ون�سب الهدر .ويتم تقدير املردودية اخلارجية �أي�ضا لقيا�س مدى فعالية املنظومة يف الإ�ستجابة حلاجيات االقت�صاد واملجتمع.
2- Bourdieu P, passer J.C, la comparabilité des systèmes d’enseignement, n R. castel, J.C Passeron, éducatrice, développement et démocratie P 21-28, ed. Mouton, Paris 1967.
28
ففي مرحلة الت�شخي�ص ،متكن هذه التقديرات من الك�شف عن الت�أخرات ومراكز االختناق واالختالالت الأكرث و�ضوحا� ،أما فيما يرتبط بقيا�س املكت�سبات واالجنازات يف االمتحانات واملالءمة البيداغوجية ،ف�إن الأمر يتعلق ،يف معظم الأحيان ،مبعيار نوعي� .إذ يكون ملفهوم املردودية داللة اقت�صادية للنظام املدر�سي حيث تعترب االنتاجية نتيجة للعالقة بني املنتوج والعوامل التي �أفرزته، فالتقومي والقيا�سات الن�سقية ت�سمح بتقديراجلهد الذي تبذله املنظومة لفائدة التكوين .ومن الأح�سن �أن ترتبط انتاجية الرتبية مب�ساهمة هذه الأخرية يف التنمية ال�شاملة .من جهة اخرى ف�إن الإنتاجية يف جمال الرتبية ت�ؤكد على املردودية الداخلية وعلى فعاليتها� .إن فعالية النظام تتمثل يف قدرته على �إنتاج �أق�صى ما ميكن من النتائج بجهد م�ستمر وثابت �أو االكتفاء باحلد االدنىمن اجلهد من �أجل نتائج م�ستقرة. ويتم تقييم املردودية املدر�سية �أي�ضا باملقارنة بني تدفقات الطالب والتالميذ عند الدخول اىل املنظومة �أو عند مغادرتها وتعترب يف هذه احلالة كمردودية ظاهرة� .أما تقومي املردودية احلقيقية فت�أخذ يف احل�سبان جمموعة التالميذ الناجحني واملكررين �أو املنقطعني .يف م�سار الأفواج ويعتربالنظام التعليمي فعاال عندما يكون قادرا على ا�ستقبال جميع االطفال يف �سن التمدر�س وي�ستجيب لطموحاتهم الفردية وطموحات ذويهم وي�ؤهلهم وفقا ملتطلبات التنمية االقت�صادية واالجتماعية ،و يوفرلهم تعليما مطابقا للنموذج املجتمعي املقبول وللقيم الثقافية والروحية الأ�سا�سية وي�ستجيب حلاجيات التغيري ،والتحديث الذي ت�سعى �إليه كل دينامية تاريخية. و�إذا كان نظام التمدر�س ال ي�صل اىل جميع الأطفال يف �سن التمدر�س ،و�إذا كانت املجموعات تنقطع عن الدرا�سة خالل مرحلة االبتدائي� ،أو تتخلى عن الدرا�سة كلما ا�صطدمت بحواجز االختناق �أو التكرار وتراكم الت�أخرات ،ف�إن هذا النظام يهدر �سنوات التالميذ� .إن عر�ض الرتبية والأ�سالك غري املكتملة والفوارق يف العر�ض بني املناطق القروية واملناطق احل�رضية ،وبني الذكور والإناث ،تن�ضاف اىل عوامل �أخرى يفرزها ت�شخي�ص الواقع كت�شتت ال�سكن يف الأرياف وعدم مالءمة حمتويات ولغة التعلم للو�سط القروي. ومن الناحية الإح�صائية ،ف�إن كل انقطاع عن الدرا�سة ميكن اعتباره هدرا مدر�سيا ،لكونه مي�س التلميذ الذي يغادر املدر�سة قبل نهاية املرحلة الأخرية من ال�سلك املتمدر�س فيه� .إن االعتبارات املتعلقة مب�ستوى التكوين املتو�صل �إليه ،مثل احتمال االرتداد �إىل الأمية .ترتبط ،مبفهوم مراكمة املعارف يف حني �أن قيا�س الهدر ي�سعى �إىل تقومي حركية املجموعات املدر�سية. وتبعا ل�رصامة االجراءات القانونية املتعلقة ب�إجبارية التعليم .ف�إن االنقطاعات املدر�سية داخل الدول املتقدمة ينبغي �أن تتخذ داللة مغايرة لتلك التي جندها يف معظم الدول النامية. يعترب التكرار مبثابة هدر لأن التلميذ جمرب على ق�ضاء �سنة �أخرى يف نف�س امل�ستوى و�إعادة نف�س درو�س ال�سنة املا�ضية .وهذا يقل�ص من عدد املقاعد الدرا�سية املتوفرة ،ويرفع تكلفة الرتبية. باال�ضافة اىل كونه يعترب ت�أخراً يف امل�سار الدرا�سي للتلميذ ويرجئ مواعيد تكوينه .وتبقى التكرارات العدد
4
• فرباير
2011
29
واالنقطاعات املدر�سية م�ؤ�رشات كمية على الهدر املدر�سي� .أما التحليل الدقيق لهذه الظاهرة فيتمثل يف درا�سة �سلوك التالميذ مبتابعة امل�سار الدرا�سي لكل واحد منهم ،وهذه تقنية حتليلية تبدو مكلفة علميا وماديا حتى و�إن توفرت الو�سائل� .أما فيما يتعلق بقيا�س تطور الأعداد تبعا للفئات العمرية ،فهو يفرت�ض تقابال دقيقا بني ال�سن وامل�ستوى املدر�سي ،وهو �أمر ال يت�أتى دائما يف بالدنا .وميكن �أن تتم درا�سة الأفواج من خالل توزيع الأعداد على امل�ستويات الدرا�سية يف �سنة معينة تكون هي �سنة �أ 1ثم درا�سة توزيع امل�سجلني اجلدد واملكررين على امل�ستويات الدرا�سية يف ال�سنة املوالية �أ ،2وهذه �أف�ضل �أداة للقيا�س وخا�صة عندما توجد فوارق هامة بني �سن التلميذ وم�ستواه الدرا�سي ،كما هو احلال عندما يتم التعامل بكثري من الليونة مع �سن التمدر�س �أوعندما يكون تكرار الأق�سام �شائعا. �إن تقييم املردودية ي�ستدعي بال�رضورة ا�ستخدام امل�ؤ�رشات يف و�صف وتف�سري و حتليل عنا�رص هذه املردودية :كنتاج ل�سيا�سية ما� ،أو عوامل الكلفة وجودة املكت�سبات والتفاوتات اجلهوية والتجربة املدر�سية وت�أثريات عوامل املحيط االقت�صادي واالجتماعي والدميوغرايف فيها .ويتم حتليل هذه املردودية انطالقا من درا�سة ن�سب ومعدالت التمدر�س �أو مدى ا�ستجابة النظام للطلب وذلك من خالل معاينة هرمية التمدر�س ،وم�ؤ�رش ال�سن �إمكانية خمتلف الفئات العمرية الدخول واال�ستمرار داخل امل�سارات الدرا�سية ،ومن خالل �أعمار التالميذ ودرجة ت�أخرهم املدر�سي...الخ. �إن مفهوم الفعالية يلتقي مع اختيارات املنظومة الهادفة �إىل التكيف مع الأهداف االجتماعية واالقت�صادية امل�سطرة ،وقدرتها على اال�ستخدام املنا�سب للموارد املو�ضوعة رهن �إ�شارتها� .إن كل مقاربة للمردودية ينبغي �أن تهتم بنف�س الدرجة باملدخالت (التكلفة ،عدد التالميذ املمدر�سني) وبالفعالية يف املخرجات من خالل تقومي درجة حتقيق الأهداف. اقت�صاديا ،ي�شكل الهدر املدر�سي خ�سارة خال�صة ال تعو�ض ،فت�سليط ال�ضوء على عوامل املردودية املدر�سية يف البلدان النامية ،يرتبط ارتباطا وثيقا باال�شغال الأوىل التي �أجنزت يف جمال التخطيط التطبيقي على النظام التعليمي كوحدة تتم مقاربتها ب�شكل �شمويل على م�ستوى بلد معني� .إنها التحليالت املاكروتقنية والتي تهتم بتتبع تطور الأفواج معتمدة يف ذلك على اخلريطة املدر�سية ك�أداة �إدارية والهدف الذي الذي يرجى حتقيقه يتمثل يف الرفع من �إمكانيات اال�ستقبال ك�أف�ضل طريقة لال�ستجابة للطلب على التمدر�س ،مع العمل يف نف�س الوقت على حت�سني ن�سب التدفق .ويعترب هذا املجهود املطلوب القيام به �إجنازا �ضخما وا�ستثنائيا .لقد كانت ن�سب التمدر�س هدفا �أوليا بالن�سبة لل�سلطات العمومية� ،أما فيما يتعلق باحلظوظ املمكنة للتلميذ من �أجل �إنهاء تعليمه الأ�سا�سي ،فقد ظلت غري م�ضبوطة .وع�صية على املراقبة.
الفروق بني اجلهات وبني الأو�ساط احل�ضرية والقروية حتى لو اعتقدنا ب�أن التكرارات والت�أخرات املدر�سية ميكن جتاوزها و�إلغا�ؤها بتدابري �إدارية �أو عن طريق االرتقاءات الآلية ،و�أن االنقطاعات املدر�سية ميكن احلد منها ب�إقرار فعلي لإلزامية 30
التعليم ،فمن الوا�ضح �أن هذه الظواهر هي ،يف الواقع ،مرتبطة ب�أالو�ضاع املاكرو-اجتماعية والظروف االقت�صادية والدميغرافية و بالتوزيع املن�صف للو�سائل الرتبوية يف بالدنا. ومن خالل املعطيات العامة يتبني �أن ال�سكان يف بالدنا ال ي�ستفيدون بطريقة متكافئة من التمدر�س ويتجلى ذلك يف الفوارق بني اجلهات �أو بني الو�سط احل�رضي والقروي .هكذا ف�إننا نالحظ تراجعا يف ن�سب التمدر�س كلما ازداد البعد عن املدن الرئي�سيةِ ،واال�ستثناءات تكون نتيجة لآثار التعمري املحلية املرتبطة بالتطور االقت�صادي .وعموما ،فان اجلهات التي تعرف ن�شاطا اقت�صاديا مكثفا كاجلهة الو�سطى والو�سط الغربي ،للمغرب هي التي ميكن �أن تالحظ فيها �أعلى ن�سب التمدر�س. مع �أننا نالحظ يف هذه اجلهات نف�سها اختالفات بني الأو�ساط احل�رضية والأو�ساط القروية، �سواء على م�ستوى الولوج �إىل املدر�سة �أو على م�ستوى اال�ستمرار فيها .ومتتد هذه االختالفات �إىل ما بعد التعليم االبتدائي ،كما تتغري م�ؤ�رشات االنتقاء يف التعليم الثانوي من جهة لأخرى .ويف الواقع ،ف�إن التفاوتات املرتبطة بالأ�صل اجلهوي تزداد قوة كلما ارتفع امل�ستوى الدرا�سي. �إن االنقطاع املدر�سي( )3يف التعليم االبتدائي يكاد يكون منعدما يف الو�سط احل�رضي ،ف�إىل حدود �سنة ،1992كان ميثل ن�سبة %℅56يف الو�سط القروي ،ف�إىل جانب العامل االقت�صادي اجلهوي ،يجب �أن ي�ضاف �إليه ال�سلوك الدميغرايف للجهة املعنية ،فن�سب االنقطاع املرتفعة مت�س، باخل�صو�ص ،امل�ؤ�س�سات املوجودة يف املناطق ذات التو�سع الدميغرايف املحدود (.)4 ورغم الأولوية الذي كان يحظى بها التعليم يف الو�سط القروي يف جميع خمططات التنمية، فان ن�سب التمدر�س و�إىل حدود 1995بلغت يف املتو�سط .℅%52وتبني الدرا�سات التي �أجنزتها وزارة الرتبية الوطنية �أن ولوج التعليم االبتدائي والرتدد عليه ال يعاين من عراقيل خا�صة. �إن طلب الرتبية يعترب عامال يخ�ضع ملتغريات متعددة ،ويندرج يف املجال االقت�صادي والثقايف للجهة ،بل يعترب هو كذلك متغريا مرتبطا بعوامل �أخرى ,ونالحظ �أنه كلما انت�رش التعليم االبتدائي ،كلما ت�أثر التمدر�س بالظروف الثقافية القائمة. يرجع املخططون �أ�سباب التعرثات التي عرفها التمدر�س يف الفرتات بني 1966و � 1973إىل حتفظ ال�ساكنة القروية وعدم اهتمامها بامل�ؤ�س�سة املدر�سية .وقد �أكدت الدرا�سات التي �أجنزتها فيما بعد اخلربة الدولية التي كانت تعمل لفائدة االدارة املغربية اخل�صو�صيات الوطنية املتعلقة بت�شتت ال�سكن ،القروي وببنيته املفككة. وقد واجهت تطبيقات اخلريطة املدر�سية �إكراهات من ال�صعب جتاوزها .وهكذا خالل عقد 3- Salmi.J. crise de l’enseignement et de production sociale au Maroc, Ed. Maghrèbines, casablanca,1985 4- Souali M, «les disparités du niveau de scolarisation entre régions et entre milieux »urbaine et rurale au MAROC», un actes du colloque «education et formation prof
العدد
4
• فرباير
2011
31
ال�سبعينات ،وقد مكن اجلهد املايل املبذول وبناء املن�ش�آت وفق منهجية �أكرث عقالنية من حتقيق تقدم يف التمدر�س بالو�سط القروي ،ال�سيما بالن�سبة للفتيات .وقد حثت مرحلة الرتاجع القوي يف م�ؤ�رشات التمدر�س التي �سجلت يف الفرتة ما بني 1984و ،1990االدارة بناء على طلب الهيئات الدولية املمولة على االنكباب على ت�سليط ال�ضوء وبعمق �أكرب على حمددات التمدر�س يف هذا الو�سط .وقد انتهت هذه الدرا�سات والتو�صيات يف نهاية الت�سعينيات باالدارة الو�صية اىل �سن �سيا�سة �إرادية ملواجهة الو�ضعية. • من بني املحددات التي طرحتها هذه الأبحاث ،ميكن ت�سجيل دور الفوارق اجلغرافية واملناخية بني اجلهات� ،سواء كانت معزولة� ،أو توجد يف مناطق جبلية �أو مناطق مفتوحة على خمتلف و�سائل النقل والتوا�صل. • ويتعلق الأمر �أي�ضا بالطابع اخلا�ص لتمدر�س مكثف حديث العهد �أجنز يف وقت مل يكن فيها الن�سيج االقت�صادي م�ستعدا ملواجهة متطلباته ويف فرتة كان فيه حتديث املجال االقت�صادي واالجتماعي يف بدايته. • �إن درا�سة �آثار التباينات ينبغي �أن ي�أخذ بعني االعتبار كذلك عدم جتان�س العوامل امل�ؤثرة كاخل�صائ�ص الثقافية واللغوية للجهة وحمفزات الولوج اىل املدر�سة واال�ستمرار يف الدرا�سة ،وم�ستوى التجهيز اجلهوي ودرجة الت�أطري االداري العمومي فيه ،وم�ستوى بنيته التحتية ال�صحية� ...إلخ. • وهناك كذلك دور امل�ستوى املعي�شي لل�ساكنة بهذه املناطق التي يغلب عليها الطابع القروي ،حيث متثل �أعباء متدر�س الأطفال بالن�سبة �إليهم نق�صا ماديا ينبغي تداركه .وهذا الأمر يعك�س م�ستوى وفرة املوارد على امل�ستوى املحلي� .إن تداعيات ا�ستغالل الأطفال يف الأعمال الزراعية �أو ال�صناعة التقليدية يف عدم انتظام متدر�س االطفال ويف الن�سب املرتفعة لالنقطاعات التي متيز ال�سنوات الأوىل من التمدر�س. ويبدو �أن عامل م�ستوى العي�ش ي�ؤثر �سلبا ب�شكل كبري على متدر�س الفتيات .وقد ك�شفت التحقيقات الدورية حول ا�ستهالك الأ�رس �أن متدر�س الفتيات يت�أثر مب�ستوى الدخل بحدة �أكرث يف املناطق القروية باملقارنة مع الو�سط احل�رضي. • ويعك�س متدر�س الأطفال روح احلداثة واالنفتاح لدى اال�رس وم�ستواها التعليمي ،ويتجلى ذلك يف املواقف والت�صورات االجتماعية �إزاء املدر�سة .وتربز االختالفات يف ت�صور �أهمية ال�شهادات املدر�سية بني املنطقة احل�رضية والأرياف وب�إح�سا�س �ضئيل للأ�رس ب�رضورة متدر�س الفتيات. ف�إذا كان ينظر اىل املدر�سة يف املناطق احل�رضية كو�سيلة لالرتقاء االجتماعي ،ف�إن �أولياء الأمور يف املناطق القروية ،على العك�س من ذلك ،ال ي�أملون يف �أن يروا �أطفالهم املمدر�سني ي�شتغلون يف الفالحة� .إن هذه العوامل النوعية واملرتبطة بالتفاعل الثقايف بني املدر�سة والو�سط تاخذ �أبعادا هامة بفعل اخل�صو�صيات اجلهوية املرتبطة بالهوية الثقافية املحلية :وينظراىل املدر�سة كف�ضاء للمثاقفة �أو االن�سالخ عن الهوية الثقافية ناهيك عن العنف الذي يتم ال�شعور به من 32
جراء اخليارات احلداثية �إىل جانب �صعوبة ن�رش لغة �أجنبية ،والتعامل مع ازدواجية اللغة العربية بني الدارجة والف�صحى وما ينجم عن ذلك من عوائق حتول دون جعلها �أداة مالئمة للتعلمات واملكانة و املكانة امللتب�سة والغام�ضة املخ�ص�صة للهجات املحلية ،الخ. • �إن خ�صائ�ص النظام التعليمي ال ي�سمح بالتكيف مع التنوع يف البيئات :ف�صالبة النظام ومظهره املرتا�ص والأحادي املبادئ وانتقائيته املفرطة اىل جانب عدم مالءمة الربامج ،كلها عوامل ت�ساهم يف نفور تالميذ بع�ض اجلهات ،كما �أن ابتعاد الربامج عن احلقائق املحلية و واختالالت التوجيه املدر�سي ب�سبب غياب ت�شخي�ص عقالين ملهارات التالميذ كلها عوامل تزيد من حدة ت�أثريات املظاهر الأخرى للتباينات اجلهوية امل�شار �إليها �سابقا. تربز املحددات املختلفة التي مت حتليلها �أن االختيارات الذاتية لأولياء الأمور ولأطفالهم تعك�س �إىل حد كبري ال�رشوط املو�ضوعية للظروف االجتماعية واالقت�صادية املحلية و وكذا الظروف التي توفرها املنظومة الرتبوية .وبعبارة �أخرى ،ف�إن الأمر مل يعد يتعلق بحواجز قاطعة بقدر ما يتعلق االمر بخ�صو�صيات بع�ض �أمناط العي�ش اجلهوية �أو املحلية� ،إن الأمر يتعلق باعتبار له طابع عام يطرح �إ�شكالية اندماج نظام التعليم داخل الو�سط ،وتثبيثه وامكانية ا�ستجابته لأهداف تكوين مالئم والنتظارات امل�ستفيدين. حتيل املردودية املدر�سية با�ستمرار �إىل دور املحددات ذات الطابع املجتمعي وامل�ؤ�س�ساتي� ،إذ غالبا ما ميكن تف�سري امل�سار املدر�سي للتلميذ بطبيعة النظام املدر�سي ذاته وبالعوامل النف�سية �أو االجتماعية امل�ؤثرة على امل�ستوى الفردي و الأ�رسي. جتمع معظم النظريات يف جمال التخطيط حول الفكرة التي تق�ضي ب�أن توافر املوارد الرتبوية من بني العوامل الأ�سا�سية التي تف�رس جزئيا �إمكانيات الولوج �إىل الرتبية ،وتعك�س االختالفات بني البلدان وبني اجلهات يف هذا املجال� .إن الولوج �إىل املعرفة ،و�إىل التمدر�س و�إىل النجاح املدر�سي يتحدد بحجم الو�سائل التي توفر للتعليم .فالولوج �إىل املعرفة هو �أمر م�رشوط �أي�ضا مبجموعة معقدة من امل�ؤ�س�سات االجتماعية ،والتي ترتبط هي االخرى بنمط توزيع الفائ�ض االقت�صادي يف البالد.
العدد
4
• فرباير
2011
33
الربنامج الوطني لتقومي التح�صيل الدرا�سي: �آلية جديدة لتقومي مكت�سبات التالميذ باملنظومة الوطنية للرتبية والتكوين من �إعداد: هيئة التحرير متثل هذه الورقة مقتطفا من التقرير الرتكيبي للربنامج الوطني لتقومي التح�صيل الدرا�سي الذي �أجنزته الهيئة الوطنية للتقـومي لدى املجل�س الأعلى للتعليـم بر�سم �سنة ،2008والذي ارت�أت هيئة التحرير �أن تن�رشه ،يف �صيغته الأ�صلية ،لكونه يقدم تعريفا �شامال ووافيا لهذا الربنامج الذي يعد جتربة متميزة يف تقومي التح�صيل الدرا�سي باملنظومة الوطنية للرتبية والتكوين. اعتبارا لكون التقومي يعد مكونا حموريا للعملية الرتبوية ،وممار�سة تهدف بالأ�سا�س �إىل الرفع امل�ستمر من جودة الرتبية والتعليم ،كما ن�ص على ذلك امليثاق الوطني للرتبية والتكوين بو�صفه الإطار املرجعي للإ�صالح ،من خالل ت�أكيده �أن نظام الرتبية والتكوين يخ�ضع برمته للتقومي املنتظم، من حيث مردوديته الداخلية واخلارجية ،الرتبوية والإدارية؛ ف�إن تعزيز ثقافة التقومي وتطوير �أ�ساليبه يف املنظومة ،ي�شكل �أحد اخليارات الإ�سرتاتيجية لربح رهانات املدر�سة املغربية اجلديدة .وهو خيار ج�سده املجل�س الأعلى للتعليم من خالل تقريره الأول ال�صادر �سنة 2008حول «حالة منظومة الرتبية والتكوين و�آفاقها» ،حيث �أكد ،بهذا اخل�صو�ص�« ،رضورة التوفر على �أداة مو�ضوعية ،فعالة وموحدة على ال�صعيد الوطني لتقومي مكت�سبات التالميذ مبختلف امل�ستويات الدرا�سية». لذلك ،عمل املجل�س الأعلى للتعليم على �إر�ساء الربنامج الوطني لتقومي التح�صيل الدرا�سي، بدعم علمي من الهيئة الوطنية للتقومي ،التي ت�ضطلع ب�إجناز تقوميات �شمولية �أو قطاعية �أو مو�ضوعاتية للمنظومة الوطني للرتبية والتكوين وقيا�س جناعتها ،عرب �إجراء تقديرات �إجمالية للمعارف والكفايات املكت�سبة من قبل املتعلمني يف خمتلف �أ�سالك التعليم ،وحتليل تطور املردودية الداخلية واخلارجية للمنظومة وحت�سني جودتها. وقد �أجنز هذا الربنامج بتعاون مع وزارة الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي ،من خالل املركز الوطني لالمتحانات والتقومي ،ومب�ساهمة الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين ،والنيابات الإقليمية ،والإدارة الرتبوية للم�ؤ�س�سات التعليمية ،واملفت�شني واملدر�سني املعنيني .وهو برنامج يزاوج بني قيا�س مكت�سبات التالميذ يف املواد الدرا�سية الأ�سا�سية� ،ضمن �سنوات حا�سمة من م�سارهم الدرا�سي :ال�سنة الرابعة وال�ساد�سة ابتدائي ،وال�سنة الثانية والثالثة �إعدادي؛ وبني حتديد املتغريات املدر�سية والأ�رسية وال�سو�سيو اقت�صادية ذات العالقة بالتح�صيل الدرا�سي ،وذلك يف �أفق و�ضع ا�سرتاتيجيات ناجعة لال�ستدراك والتعديل واملعاجلة الناجعة. 34
الأهداف : يتوخى املجل�س ،من خالل �إر�ساء برنامج وطني لتقومي التح�صيل الدرا�سي ،حتقيق جملة من الأهداف تبتغي الرفع من جودة مردودية املدر�سة املغربية� ،أهمها: • الوقوف على م�ستوى التح�صيل الدرا�سي لدى التالميذ ،يف مواد درا�سية �أ�سا�سية ،ويف حمطات هامة من م�ساراتهم الدرا�سية؛ • توفري �آلية وطنية ،جديدة ،ناجعة ،منتظمة ودورية ،مبنية على مقاربة علمية ت�ستند �إىل م�ؤ�رشات وا�ضحة ومتفق عليها للقيا�س ب�أدوات جمربة ،من �ش�أنها �أن ت�شكل مرجعية علمية للباحثني والفاعلني يف حقل الرتبية والتكوين؛ • �إ�شاعة ثقافة التقومي يف خمتلف مكونات املنظومة الوطنية للرتبية والتكوين و�أو�ساطها؛ • متكني ذوي القرار من التعرف على واقع التعلمات ،وم�ساعدتهم على القيام باال�ستدراكات و�إيجاد احللول املالئمة؛ • مالءمة عمليات التقومي مع املعايري الدولية املتعارف عليها؛ • �إر�ساء املقومات الأ�سا�سية لربنامج وطني طموح ،يكون هدفه �إجراء تقومي منتظم للتح�صيل الدرا�سي وتتبع مكت�سبات املتعلمني ،يف �ضوء املتغريات املدر�سية والبيداغوجية للمنظومة الرتبوية الوطنية ،والعوامل ال�سو�سيواقت�صادية والثقافية امل�ؤثرة فيها؛ • �إذكاء نقا�ش وطني ر�صني وبناء حول واقع التح�صيل الدرا�سي للتالميذ املغاربة ،من �أجل الإ�سهام اجلماعي يف متكينهم من �أف�ضل �رشوط التعلم والإقبال على الدرا�سة والتح�صيل املتني بفر�ص متكافئة. ومن منطلق االقتناع ب�أن جودة الرتبية والتعليم ت�شكل م�سارا ُتبنى �أ�س�سه على امل�ستوى املحلي ،وال�سيما يف امل�ؤ�س�سات التعليمية ،وذلك من خالل املمار�سات البيداغوجية داخل الف�صول الدرا�سية ،ف�إن الربنامج الوطني لتقومي التح�صيل الدرا�سي ل�سنة ،2008ي�ضع على عاتقه م�س�ؤولية مزدوجة االجتاه: • يروم االجتاه الأول ،الإ�سهام يف بلورة قيادة فعالة للجودة البيداغوجية يف املنظومة الوطنية للرتبية والتكوين ،على م�ستوى �سلكي االبتدائي والثانوي الإعدادي؛ • �أما االجتاه الثاين ،فيتوخى حت�سي�س خمتلف املتدخلني يف العملية التعليمية-التعلمية ،وخ�صو�صا املدر�سني ،والتالميذ ،و�أ�رسهم ،بالتعرثات وال�صعوبات القائمة بغاية البحث عن الأ�ساليب العالجية الناجعة ،يف �إطار ثقافة قوامها حتمل امل�س�ؤولية وامل�ساءلة والتحفيز. جتدر الإ�شارة �إىل �أن انطالق الربنامج الوطني لتقومي التح�صيل الدرا�سي يعترب ا�ستمرارا لعمل العدد
4
• فرباير
2011
35
املجل�س الهادف �إىل الوقوف املنتظم على واقع املنظومة الوطنية للرتبية والتكوين ،وا�ست�رشاف �آفاقها، وذلك من خالل تعزيز هذا العمل بتقوميات مو�ضوعاتية جلوانب خا�صة من مكونات املنظومة ووظائفها .وذلك هو ال�ش�أن بالن�سبة لهذا الربنامج الذي يتوخى النفاذ �إىل عمليات حت�صيل املعارف والكفايات الأ�سا�سية يف التعليم املدر�سي الإلزامي ،مبا يرتبط بها من ممار�سات وعالقات بيداغوجية، وما حتققه مكت�سبات التالميذ داخل الف�صول الدرا�سية.
36
�شهادات
�آ راء حول التقومي بالتعليم الثانوي الت�أهيلي عبد اهلل الوايل العلمي �أ�ستاذ التعليم الثانوي الت�أهيلي �إن املفهوم اجلديد للمدر�سة يجعل
لي�س بال�شيء الهني ،خا�صة يف مادة اللغة
وظيفتها ال تنح�رص يف حت�صيل املعارف
العربية حيث يكون الأ�ستاذ مطالبا بتقومي
وال�سلوكات ،بل تتعداه �إىل �ضمان القواعد
جمموعة من اجلوانب يف �آن واحد ،وحتى �إن
املحيط
حدد م�سبقا معايري التقومي ،ف�إنه يجد نف�سه
االقت�صادي واالجتماعي .وهو ما لن يت�أتى �إال
يتماهى مع ت�صحيح الأخطاء الإمـالئية
ال�رضورية
الندماج
الن�شء
يف
بتعليم رفيع ميكن من بلوغ م�ستوى راق من
والنحوية ،حتى و�إن كان مو�ضوع التقومي ال
املعارف والكفاءات.
يتعلق باللغة والنحو ،وبالتايل ال ي�ستطيع
وحيث �إن التقومي يوجد يف �صلب العملية التعليمية التع ُّلمية ف�إنه ي�شكل حجر الزاوية يف
�أ�ستاذ اللغة العربية ،يف نظره� ،أن يلتزم مبعايري
الإ�صالح الرتبوي ،وتعديل الأداء البيداغوجي، خا�صة عملية تقومي تعلمات التالميذ .ومعلوم �أن التقومي ثالثة �أنواع: .1تقومي ت�شخي�صي ،ينجز قبل انطالق العملية التعليمية التعلمية؛ .2تقومي تكويني ،يتخلل هذه الأخرية بكل مراحلها؛ .3ثم تقومي نهائي يتم بعد مرحلة التعلم. لكن كيف ينظر املدر�س لعملية التقومي ؟ للإجابة على هذا ال�س�ؤال ا�ستقينا �آراء يدر�سون مواد خمتلفة جمموعة من الأ�ساتذة ِّ يف ال�سلك الثانوي الت�أهيلي.
• يقول �سعيد� ،أ�ستاذ اللغة العربية منذ 17 �سنة :التقومي يف العملية التعليمية التعلمية 38
معينة� .أما فيما يخ�ص التقومي الت�شخي�صي ف�إنها عملية ال تنال االهتمام الالزم بها ،بل �إن التقومي التكويني يف حد ذاته ،ي�صري عملية ي�صعب القيام بها يف �أح�سن حال ب�سبب م�شكل االكتظاظ و�إكراهات �إمتام املقرر الدرا�سي يف الأجل املحدد. • ترى �سعاد� ،أ�ستاذة اللغة الفرن�سية منذ �سنة ،2001ب�أن التقومي الت�شخي�صي الذي تقوم به غالبا ما يثبت النق�ص احلاد الذي يعاين منه التالميذ يف هذه املادة ،خا�صة خالل ال�سنوات الأخرية ،وبالتايل جتد نف�سها يف حرية كبرية ،هل تتقيد مبا هو حمدد يف املقرر ؟ �أم تقوم بدعم التالميذ ل�سد الثغرات امل�سجلة وت�أهيلهم من جديد ؟ �أما التوفيق بني الأمرين فيتطلب جمهودا م�ضاعفا ،ال�شيء الذي ي�صعب القيام به يف ظل الظروف احلالية التي تعي�شها املدر�سة املغربية؛ من قبيل االكتظاظ وكرثة �ساعات العمل.
• يعتقد ح�سن� ،أ�ستاذ مادة الفل�سفة منذ 27
الذي يجعل التلميذ ،خا�صة يف مادة الرتبية
�سنة� ،أن جمال�س الأق�سام من بني الأ�شياء
الإ�سالمية ،ال يهتم باملادة �إال يف ال�سنة الأوىل
التي قد ت�ساعد على تقومي جوانب متعددة
باكلوريا حيث �سيمتحن يف نهاية ال�سنة،
لدى التلميذ ،فهي تعد من حيث املبد�أ
�أما تالميذ ال�سنة الثانية باكلوريا وب�سبب
ميدانا للتقومي الإجمايل للتالميذ وللعملية
�إدراكهم لعدم وجود امتحان يف املادة نهاية
التعليمية التعلمية برمتها .لكنها تظل ب�صفة
ال�سنة فهم ال يولونها �أدنى اهتمام ،وهذا �أمر
عامة ،وح�سب طبيعتها و�أ�سلوب عملها
ينطبق على كافة املواد املدر�سة يف الثانوي
�شكلية وغري مفيدة ،يف حني من املفرو�ض �أن
الت�أهيلي� .إن �إيالء االمتحان الأهمية الكربى
يكون انعقادها منا�سبة لتقومي �شامل �سواء
يرتتب عنه ظهور جمموعة من الظواهر
للتالميذ �أو املقررات .ويعترب ح�سن �أنه حتى
ال�سلبية ،مثل جلوء التالميذ �إىل الغ�ش يف
�إن عقدت هذه املجال�س ،ف�إنها تخ�ص�ص يف
االمتحان واخلداع يف �إجناز الواجبات ،هذا
بع�ض الأحيان خم�س دقائق لق�سم بكامله،
بالإ�ضافة �إىل �أن ارتباط التقومي يف ذهن
وقد ال يح�رض لهذا املجل�س كافة الأ�ساتذة،
املتعلم باجلزاء النهائي يجعله ال يعري �أهمية
�ش�أنه �ش�أن جمل�س التدبري الذي يوفر فر�صة
للمواد ذات املعامالت ال�ضعيفة ،كما ال يعري
�سانحة لتقومي �شمويل للم�ؤ�س�سة التعليمية.
للمراقبة امل�ستمرة �أهمية تذكر.
• �أن�س� ،أ�ستاذ مادة الفل�سفة ،مار�س التدري�س
وي�ضيف �أحمد �أن عدد احل�ص�ص
ك�أ�ستاذ التعليم االبتدائي ملدة خم�س �سنوات
املخ�ص�صة لتدري�س املادة ،بالن�سبة لبع�ض
ثم انتقل للعمل بالثانوي الت�أهيلي يف �سنة
التخ�ص�صات ،خا�صة العلمية منها ال ي�ساعد على
،2007يرى �أن املو�ضوع املقايل ،وهو �أكرث
القيام بعملية تقومي علمية ،فح�صة واحدة خالل
�أنواع التقومي انت�شارا يف مادة الفل�سفة،
الأ�سبوع ال ت�سمح حتى بالتعرف على التالميذ،
يعترب نوعا �ضئيل ال�صدق والثبات .كما �أن
خ�صو�صا �إذا علمنا �أنه قد ي�صل عدد التالميذ
الأ�سئلة التي قد يتناولها املو�ضوع املقايل ال
�إىل خم�سني تلميذا داخل الق�سم الواحد.
تغطي �سوى جانب حمدد من املقرر ،وكثريا ما يجد التالميذ �صعوبة يف فهم و�إدراك املطلوب ،وهذا ما يف�رس خروج العديد من التالميذ عن املو�ضوع يف العديد من احلاالت .كما �أن ت�صحيح املو�ضوع املقايل يتطلب وقتا طويال ،وتربز الذاتية ب�شكل كبري �أثناء ت�صحيحه.
• جمال مدر�س مادة اللغة الإجنليزية منذ ت�سع �سنوات ،يدعو �إىل تقومي املناهج الرتبوية واملقررات ب�إ�رشاك الأ�ستاذ املمار�س واملحتك الأول بها ،ويعترب �أنه يجب اال�ستفادة من جتارب الدول الأنكلو�سك�سونية يف هذا الباب ،مثل جتارب الواليات املتحدة الأمريكية؛ فحاالت الغ�ش مثال ،يف �صفوف
• يعترب �أحمد� ،أ�ستاذ مادة الرتبية الإ�سالمية
التالميذ �أو الطالب بالواليات املتحدة
ملدة ت�سع �سنوات� ،أن من �أهم عيوب نظام
الأمريكية قليلة �أو نادرة عك�س احلاالت التي
التقومي املعتمد حاليا يف املدر�سة املغربية هو
يتم �ضبطها باملغرب ،وهذا راجع �إىل طبيعة نظام التقومي املعتمد داخل هذا البلد.
�إيال�ؤه �أهمية كبرية لالمتحان النهائي ،ال�شيء
العدد
4
• فرباير
2011
39
• �أما يو�سف� ،أ�ستاذ مادة التاريخ واجلغرافيا
املناهج اجلديدة ،والتي تدعو �إىل الرتكيز
ملدة ع�رش �سنوات ،فريى �أن عملية التقومي
على التنمية ال�شاملة للمتعلم وعدم االكتفاء
عملية معقدة ومركبة ،وتتطلب التنويع
باكت�ساب املعارف فح�سب.
يف الو�سائل املعتمدة خ�صو�صا يف مادة االجتماعيات .لكن حجم املقرر و�إلزام الأ�ستاذ ب�رضورة �إنهائه يف وقت حمدد �سلفا ،ال ي�سمح بالقيام بعملية التقومي بطريقة علمية و�شمولية و التنويع يف و�سائلها .وي�ضيف يو�سف �أنه بالرغم من الأهمية الكربى للعملية ف�إن معظم التكوينات التي تقوم بها هيئة التفتي�ش لأ�ساتذة املادة نادرا ما تتطرق للمو�ضوع ،و�إن مت ذلك فيكون ب�شكل مقت�ضب ويقت�رص فقط على اجلانب النظري الذي ي�صعب يف الكثري من الأحيان تطبيقه على �أر�ض الواقع.
و�إذا كنا ن�ؤمن ب�أن العملية التعليمية التعلمية هي مبثابة �سل�سلة مرتبطة ال تقت�رص على الأ�ستاذ والتلميذ فح�سب ،ف�إن التقومي عملية ال تنح�رص هي �أي�ضا عند املدر�س والتلميذ فقط ،بل ت�شمل كل الفاعلني يف احلقل الرتبوي ،وتتطلب بالإ�ضافة �إىل الأ�شياء الواردة يف �آراء الأ�ساتذة كالتكوين امل�ستمر وتوفري الظروف املالئمة لإجناح العملية والتنويع يف و�سائل التقومي ،كما تتطلب �إعطاء الأهمية لبع�ض الو�سائل ،والتي قد تبدو للبع�ض على �أنها ذات �أهمية كمجل�س التدبري واملجال�س الرتبوية وجمال�س الأق�سام ...فهذه الأخرية ،ذات �أهمية كربى وينبغي �إعطا�ؤها
�إنها عملية تتطلب تكوينا �أ�سا�سيا
املكانة التي ت�ستحقها باعتبارها و�سائل تقومي
وتكوينا م�ستمرا جلميع الفاعلني يف احلقل
مبنظور �شمويل للم�ؤ�س�سة التعليمية ،وهذا حتى
الرتبوي حتى يواكب اجلميع ما جد يف العملية،
ال تنح�رص عملية التقومي يف مفهومها التقليدي
كما تتطلب توفري الظروف املالئمة لها.
املعتمد على الفرو�ض واالمتحانات ،فهي تتداخل
�إن التقومي �أحد الركائز الأ�سا�سية من �أجل حت�سني نوعية التعليم ومردود املنظومة الرتبوية ككل� ،إنه ثقافة يجب تثمينها وتدعيمها لدى كافة املتدخلني يف العملية الرتبوية ،وينبغي
مع حتديد احلاجيات واالفتحا�ص وهي كلها عمليات ت�سعى �إىل تطوير �أو حتويل �شخ�ص �أو م�ؤ�س�سة �أو منتوج من و�ضعية �آنية �إىل و�ضعية مبتغاة.
العمل على حت�سني �أ�ساليب وو�سائل التقومي
�إن التقومي عن�رص �أ�سا�سي من عنا�رص
احلالية جلعلها تن�سجم وروح الإ�صالح الذي
العملية التعليمية التعلمية ،ويتطلب اهتماما
�رشع فيه .كما �أن العالقة وطيدة بني ممار�سة
�أكرب و�إ�رشاك كافة الفاعلني يف احلقل الرتبوي
التقومي وعملية التعليم ،ومن الأهمية مبا كان
واالنفتاح على التجارب الناجحة يف هذا
�أن تكون عملية التقومي متجان�سة وخ�صو�صيات
املجال ،حتى تعطي العملية ما هو متوخى منها.
40
كالم �آخر عن التقومي علي رحيمي �أ�ستاذ التعليم االبتدائي� -أموكر� -إمل�شيل من نافلة القول �إن التقومي ب�صفة عامة،
�إىل الوعي الكبري مبا متثله املدر�سة له�ؤالء
والتقييم ب�صفة خا�صة يعد من �أهم عنا�رص
املنحدرين من و�سط خربت انتظاراته وهمومه،
املنظومة البيداغوجية ،ومن الأ�س�س واللبنات
فكان البحث املتوا�صل وال�سعي احلثيث وراء
الأ�سا�سية يف العملية التعليمية التعلمية
االغرتاف من اخلربات املرتاكمة يف جمال
الرتباطه بكفايات التعليم ،بل لكونه احلجر
الرتبية والتعليم .كم كانت �سعادتي كبرية و�أنا
الأ�سا�س لت�شخي�ص و�ضعية التعليم و�إظهار
�أكت�شف �أنني �أمار�س طرائق بيداغوجية من
مكامن القوة وال�ضعف فيه.
قبيل الإدماج والفارقية دون �أن �أعي ذلك
و�إذا كان التقومي هو تثمني املنجز وتقييمه، ف�إن التقييم هو �إعطاء قيمة غالبا ما تكون عددية مبنية على معايري قيا�سية حمددة. �إن تلك الأيام املفعمة باجلد التي ق�ضيناها يف مركز تكوين املعلمني واملعلمات ،حيث االنكباب احلثيث على حت�صيل امل�ستجدات والتدقيق يف امل�صطلحات الرتبوية والبحث املتوا�صل لتح�صيل ثقافة بيداغوجية تكون
�رصاحة و�أقوم بالت�أ�سي�س لها معرفيا ومنهجيا. مل يعد التقومي يف ممار�ستي منح�رصا يف ا�سرتجاع الكم الكبري من املعلومات التي يح�شو بها تالمذتي �أدمغتهم ،بل �صار بوابة لقيا�س مدى �إعداد ما �أقدمه له�ؤالء ال�صغار لالنخراط يف عامل جديد يحمل تقدير الذات واحرتام الآخر ،وفر�صة ل�صقل خرباتي البيداغوجية والرقي بها �إىل م�ستويات احرتافية.
ال�سند عند التخرج ومبا�رشة العمل امليداين ،لن
مل �أطلق املراقبة امل�ستمرة ،ومل �أن�ضم
تن�سيني �أبدا تلك الده�شة التي و�سمت ممار�ستي
يوما �إىل طابور امل�شككني يف عملية التقومي �أو
املبا�رشة ملهنة التدري�س .ف�أول يوم داخل الف�صل
امل�ستهرتين بها والذين يعتربونها عبئا �إ�ضافيا.
الدرا�سي اتخذ عنوانا له التقومي الت�شخي�صي،
وهنا حت�ضرُ ين بع�ض الق�ص�ص التي جعلت
وبدل جعل التلميذ حمور هذه العملية
التقومي ينتقل من ميدان املعارف والكفايات
وجدتني جمربا على تقييم خرباتي ومراجعة
الرتبوية �إىل �ساحات �أخرى كال�ساعات الإ�ضافية
�أدواتي الرتبوية ومفاهيمي الديداكتيكية بغية
الإجبارية وخدمات ال�سخرة التي يقدمها
�إيجاد حل للمعيقات اليومية التي عاي�شتها يف
الأطفال ال�صغار ل�شيوخهم داخل �أ�سوار
مدار�س �أعايل اجلبال.
املدر�سة وخارجها.
جتربتي املتوا�ضعة قابلها �شغف كبري
�أت�ساءل مرات عدة عن جدوى التقومي
باملهنة وحب لنبل الر�سالة التي حتملها� ،إ�ضافة
مادام ح�صي�ص الناجحني يحدد بعيدا عن العدد
4
• فرباير
2011
41
اعتبارات التح�صيل ال�سليم والنتائج التي يفرزها. �أت�ساءل كيف تتغلب املعطيات الكمية مل�صالح اخلريطة املدر�سية على املجهودات البيداغوجية النوعية للأ�ساتذة والأ�ستاذات املخل�صني. �إن التقومي ال�سليم يفر�ض �أوال الإميان الفعلي للمدر�س وكل املتدخلني يف العملية الرتبوية بدورهم يف ن�رش املعرفة وبناء الوعي احلقيقي ،ان�سجاما مع نبل الر�سالة وعظمة م�س�ؤوليتهم يف تكوين �أجيال حتمل هم الوطن والإن�سانية جمعاء. املطلوب من كل فاعل تربوي االطالع على كل امل�ستجدات الرتبوية بعني املخت�ص الناقد ولي�س امل�ستهلك املقلد.
42
�إبداع �أ�سلوب تقوميي مثمر وبناء دائما ما يكون ثمرة بحث وتنقيب جادين يف �أمهات الكتب املخت�صة بغية فهم ما يجري وبناء معرفة ممنهجة ،وبالتايل ممار�سة تكون يف م�ستوى واقعنا التعليمي الزاخر بالتحديات والعقبات. �إجماال ينبغي �أن نتجاوز فهمنا ال�ضيق للتقومي باعتباره مرادفا لالمتحانات� ،أو كونه عملية نهائية ت�أتي يف نهاية كل ف�صل درا�سي، وتتناول معارف التالميذ بغية اتخاذ قرار النجاح �أو التكرار� ،...إىل اعتبار التقومي عملية منظمة و�شاملة ومق�صودة وعلمية بغية اتخاذ �إجراءات منا�سبة لت�سهيل جناح اندماج املتعلم يف واقعه مع و�سمه بطابعه الفردي املبدع.
املتعلم(ة) من زاوية التقومي التكويني العربي �آيت املاليل مفت�ش التعليم الثانوي نيابة احلاجب يعد التقومي �أحد املكونات الوازنة يف املنظومة الرتبوية� ،إذ يرافقها يف خمتلف حمطاتها وعملياتها ك�ضابط لإيقاعاتها ،وحمك حقيقي للوقوف على مدى فعالية املناهج الدرا�سية والنجاعتني الداخلية واخلارجية للمدر�سة .وهو ما يفر�ض ح�صول متثالت �إيجابية جتاه مكون التقومي وخمرجاته لدى الفاعلني الرتبويني، كل ح�سب موقعه يف تدبري العملية التعليمية التعلمية .ويحيلنا هذا على طرح �س�ؤالني �أ�سا�سيني هما :ما هي متثالت الفاعل الرتبوي وبقية �أطراف العملية التعليمية التعلمية للتقومي التكويني كممار�سة عملية ميدانية ؟ وكيف ينظر �إىل املتعلم من زاوية التقومي التكويني ؟ �إنهما �س�ؤاالن �سيتو�سالن �إجابتهما يف ح�صيلة جتربة ميدانية للتفتي�ش والت�أطري الرتبوي ،غذتها ا�ستنتاجات لقاءات تربوية وزيارات �صفية وتوا�صل مبا�رش مع بع�ض الفاعلني الرتبويني وممثلني عن ال�رشيك احلقيقي للم�ؤ�س�سة التعليمية وبع�ض التالميذ. دون الغو�ص يف كل وظائف التقومي و�آلياته و�أ�ساليبه نكتفي بالتقومي يف بعده التكويني وما ي�صدر من قرار على �إثر حت�صيل نتائجه يف حق التلميذ ،من قبيل؛ تلميذ(ة) متفوق(ة) وتلميذ(ة) متعرث(ة) ،وبينها يوجد التلميذ(ة) املتفوق احلقيقي والتلميذ(ة) املتفوق غري احلقيقي الذي يوظف متكنه
من ثقافة املدر�سة ،ونظرته اال�ستباقية لأ�سئلة االمتحانات ،وتوجيهه املركز يف �إبراز تفوقه، والتلميذ(ة) املتعرث احلقيقي ،والتلميذ(ة) املتعرث غري احلقيقي الذي قد يف�رس و�ضعه باعتماد �أ�ساليب تقومي ال تنا�سب قدراته. ففي معر�ض نقا�ش �ساخن على هام�ش لقاء تربوي نظم لفائدة �أ�ساتذة التعليم الثانوي الإعدادي حول التقومي الرتبوي ،ت�ساءل الأ�ستاذ «خالد» عن جناعة التقومي املعتمد يف املدر�سة الإعدادية وقدرته على التمييز بني التلميذ(ة) املتفوق(ة) احلقيقي والآخر(ى) املتعرث(ة) احلقيقي .و�أ�شار �إىل ان �أ�ساليب التقومي املعتمدة حاليا يف املراقبة امل�ستمرة ك�آلية للتقومي التكويني، ومنها االختبارات ،تنخرط يف جمال اكت�ساب املعرفة .وهي جمرد عينات من التمارين والأ�سئلة املمكنة يف قيا�س ما نحن ب�صدد قيا�سه ،و تفيد ك�أدوات للقيا�س يف فح�ص ما �إذا كان مبقدور املتعلم(ة) �أم ال� ،أن يتذكر وي�ست�شهد مبعارف وبيانات دقيقة �أو يتعرف عليها باعتبارها �إجابة عن �أ�سئلة معينة يكون منتوجها معلوما� .إ�ضافة �إىل االهتمام بقيا�س جمال بع�ض املهارات العملية ،دون �إيالء املكون الوجداين ما ي�ستحقه من �أهمية .ومل يخف الأ�ستاذ �أي�ضا �أن هذا يحيلنا على بيداغوجيا الأهداف ذات ال�صلة ب�إجناز تعلمات جمز�أة ومنتظمة مطابقة لأهداف معلنة ،حيث الوقوف عند تقومي املكت�سبات الأكادميية للمتعلم(ة) .والظاهر �أن ما يطلب العدد
4
• فرباير
2011
43
يف غالب الأحيان ،هو ر�صف املعارف واملهارات العملية بع�ضها جنبا �إىل جنب بع�ض ،فيطرح حول كل منها مثال �س�ؤال خمتلف ،بحيث ي�ؤطرها مو�ضوع ين�شد ال�شمولية يف تقومي املكت�سب لدى املتعلم(ة) .يف حني يتطلب الأمر بناء �أداة�/أدوات قيا�س متكن من مف�صلتها (املعارف واملهارات العملية والتعاملية) وتوليفها لإجناز �إنتاج معني �أو التو�صل �إىل احلل املنتظر. واحلالة هذه ،ت�ساءلت الأ�ستاذة «فاطمة» عن حدود االلتزام مبنطوق مذكرات التقومي الرتبوي التي ت�ؤكد على الدور املتميز للمراقبة امل�ستمرة يف تتبع حتقيق الأهداف التعلمية وتنمية الكفايات لدى املتعلمات واملتعلمني ور�صد تعرثاتهم من �أجل معاجلتها وحتقيق الإن�صاف بينهم. و�أ�ستح�رض هنا جتربتي املتوا�ضعة يف عمل قادته منظمة للتعاون الدويل حول التقومي وفق مقاربة املالءمة� ،إذ عملت على بناء �أدوات للتقومي التكويني وجتريبها بهدف التحقق من درجة مناء الكفاية لدى املتعلم(ة) .والرقي �إىل م�ستوى عقلنة ت�شخي�ص تعرثات التالميذ وبناء خطة حمكمة للدعم واملعاجلة ،وبالتايل الك�شف عن الفروق بني املتعلمات واملتعلمني، والعمل على تقلي�صها عن طريق م�ساعدتهم على حت�سني نتائجهم الدرا�سية .وقد �أ�سهمت التجربة يف �إ�شاعة ثقافة التعلم املالئم و�سبل عقلنة م�سار اكت�ساب التعلمات وتقوميها يف �إطار املقاربة بالكفايات بني عدد من الأ�ساتذة الذين انخرطوا �إيجابا يف التجربة ذاتها .و�أتذكر جيدا مدى ت�أكيد �أن�شطة الدورات التكوينية و�إحلاح ور�شات الإنتاج على الإن�صاف مبدءا �أ�سا�س يف �سريورة العملية التعليمية التعلمية بناءا للتعلمات وتقوميا للمكت�سب والكفاية. وهو املبد�أ نف�سه الذي ن�صت عليه املذكرات الر�سمية حول التقومي الرتبوي. 44
و�سنحت فر�صة مناق�شة در�س جتريبي حول ت�صحيح فر�ض كتابي حمرو�س وا�ستثمار نتائج املتعلمني� ،إثارة �إ�شكال احرتام مبد�إ الإن�صاف يف التقومي املعتمد يف املدر�سة املغربية. وكان للأ�ستاذ «حممد» حكم خا�ص مفاده �أن التقومي احلايل ي�ضمن ت�ساوي كل من املتعلم(ة) املتفوق احلقيقي واملتعلم(ة) املتفوق غري احلقيقي ،مادامت املجهودات التي يبذلها كل منهما يف �أدائه التقوميي تظل يف غالب الأحيان حبي�سة التعامل مع املجزئ .وبالتايل ت�ضيع معه فر�صة دعم ومعاجلة املتعلم(ة) املتفوق غري احلقيقي ،مما يخل بالبناء ال�سليم لتعلماته اجلديدة .ويرجع ذلك �إىل �صعوبة �إيجاد ت�صنيف دقيق للمتعرثين الفعليني والذهاب نحو تخطيط وتفعيل ا�سرتاتيجية وا�ضحة للدعم و املعاجلة يف �أفق تنفيذ املذكرة الوزارية اخلا�صة باملو�ضوع. و�أ�ضاف الأ�ستاذ �أن ما يحفظ ع�ضوية التقومي هو �ضمان توافر امل�صداقية والثبات وال�صالحية باعتبارها �صفات للقيا�س ت�ضمن ر�صد العوامل امل�ؤثرة يف وجود �أخطاء القيا�س الثابتة منها وغري املنتظمة ،و بدونها ال ميكن ت�أويل نتائج �أفراد العينة بكل دقة ومو�ضوعية و�أمانة وحتقيق الإن�صاف بني املتعلمات واملتعلمني� .إذ اخلا�رس الأكرب يف هذا املجال هو التلميذ املتعرث غري احلقيقي الذي ميتلك قدرات و�إمكانات ذاتية مل ت�ستثمر يف بعدها الوظيفي، نتيجة �إقحامه يف م�سار ديداكتيكي ال ي�ساير ويوافق طبيعة قدرات �سريورته الذهنية ،و�أ�سلوب تعلمه وتقوميه .وت�ساءل الأ�ستاذ مرة �أخرى عن مدى ح�ضور الإن�صاف يف جمال التقومي .ومل يتوان الأ�ستاذ «ر�شيد» عن الإدالء ب�شهادة ت�ؤكد ذلك ملخ�صها تف�سري قدمه �أحد التالميذ بخ�صو�ص �ضعف �أدائه يف �أن�شطة التقومي ،وكان على �إثر حوار مفتوح يف نهاية ن�شاط ت�صحيح فر�ض كتابي حمرو�س ،حيث عرب عن �شعوره
(التلميذ) باغرتاب جتاه معظم �أ�سئلة التقومي التي توجه �إليه باعتبارها ال حتفزه على تقدمي �إنتاج ي�ستجيب الهتماماته ،فيكون جمربا على �إر�ضاء امل�صحح �أمال يف احل�صول على نقطة تبعده عن �أن ي�صنف �ضمن خانة املغ�ضوب عليهم. وقد نتو�سل خريا يف جتربة التقومي يف بيداغوجيا الإدماج التي �أ�شارك فيها ب�إ�سهامات متوا�ضعة .فهي الأخرى تن�شد حتقيق �إن�صاف املتعلم(ة) املتفوق منه واملتعرث ،وذلك ما �رصحت به الأ�ستاذة «عتيقة» (عاينت مرحلة التجريب املحدود وتعاي�ش الآن مرحلة التجريب املو�سع يف �إطار تنفيذ �إر�ساء خمطط بيداغوجيا الإدماج)� ،أثناء لقاء تقوميي حل�صيلة تتبع تدبري �أ�سبوعي ،و�أكدت �أن التقومي يف ظل اعتماد بيداغوجيا الإدماج ين�شد امل�ستوى التكويني قبل الإ�شهادي .فهو ال يقرتن حتما بجزاء ،و�إمنا يركز على الإجراءات واملهام والإنتاج �أكرث من النتائج ،وعلى ر�صد �أخطاء املتعلم(ة) وجماالت تعرثه ق�صد معاجلتها وحت�سني وتطوير �أدائه. كما مينح املدر�س �سلطات وا�سعة يف ممار�سته ا�ستنادا �إىل �أدوات قيا�س خمالفة ملا هو �سائد، ف�ضال عن الرتكيز على كل مكونات �شخ�صية املتعلم(ة) (املجال املعريف املهاري و الوجداين)، والدعوة �إىل قيام �أ�شكال العمل الديداكتيكي على مبد�إ التعلم الذاتي واملبادرة والتق�صي والبحث والتجربة امليدانية .و�أ�ضافت الأ�ستاذة �أن هذا يقت�ضي دعوة �إىل تقومي املتعلم(ة) من زاوية قدرته على التعامل مع املركب لإبراز درجة مناء كفايته .ومير ذلك عرب �إقداره على تعبئة موارده التي اكت�سبها ب�شكل منف�صل ودجمها لي�ستثمرها يف معاجلة و�ضعيات مركبة تدعى و�ضعيات �إدماجية كبديل عن التقومي بالأهداف، حيث االقت�صار على التعامل مع املجزئ حينما يتم خماطبة املكت�سب من املعارف لدى التالميذ مبعزل عن املهارات وال�سلوك واملواقف .ويتبنى
هذا التقومي معايري حمددة وم�ضبوطة ترتجمها م�ؤ�رشات ينظر من خاللها كل من املتعلم(ة) �أو الأ�ستاذ(ة) �إىل �إنتاج املتعلم .ونبه الأ�ستاذ «عمر» �إىل �أن جناح التقومي يف جتربة بيداغوجيا الإدماج يتوقف على مدى جناعة �سريورة �أر�ساء املوارد وما يرافقها من �إدماج جزئي. ومل تخف الأ�ستاذة �أن جديد التقومي وفق بيداغوجيا الإدماج ،دعوة �رصيحة لت�أهيل الأ�ساتذة ا�ستجابة ملتطلبات التعامل مع ُع َّدة التقومي يف بيداغوجيا الإدماج .ولن يح�صل ذلك دون انخراط جاد يف م�سار التكوين امل�ستمر املنظم القتحام ال�سريورة هاته ،بغية ت�أهيل املتعلم(ة) و�إك�سابه القدرة على اال�ستقالل يف التفكري وح�سن الت�رصف ،واتخاذ املواقف املنا�سبة جتاه الق�ضايا وامل�شاكل التي تواجهه يف حياته .وا�ستح�رض هنا االهتمام نف�سه الذي مت اال�شتغال عليه مع منظمة التعاون الدويل امل�شار �إليها �سابقا ،و�أجد �أن التجربة �أكدت على �أنه اليكفي �أن نقوم املكت�سبات الأكادميية للمتعلم(ة) فقط ،بل البد من الك�شف عن مدى عمق تعلمه وارتباطه مبواقف احلياة ،وب�شموليته واندماجه .ذلك �أن تقومي قدرة املتعلم(ة) على ت�شغيل تعلماته يف احلياة يعد تقوميا لكفايات قابلة لأن تنقل �إىل احلياة وتتكيف معها. ويف حتديد ملفهوم تقومي التعلم املالئم �أ�شارت (التجربة) �أن «التقومي يكون من�صبا على التعلم املالئم كلما كانت الو�ضعيات املطلوب �إجنازها من لدن املتعلم(ة) ت�ستوجب �أداءات ومهام م�ستمدة من احلياة .وهو بذلك تقومي يجعل املتعلم يف و�ضعية حتثه على ا�ستخدام تعلماته يف املجاالت احلياتية� ،أو �إظهار قدراته على نقل كفاياته من �سياق �إىل �آخر� ،أو تكييفها مع حاالت خمتلفة». والراجح �أن مبد�أ الإن�صاف الذي ين�شده العدد
4
• فرباير
2011
45
التقومي يف بيداغوجيا الإدماج ،مطلب �أ�سا�س متليه احلاجة يف واقع م�ؤ�س�ساتنا التعليمية .وهو ما �أورده الأ�ستاذ «�إدري�س» �أي�ضا ،مو�ضحا �أن التجربة �أبانت �أن التلميذ(ة) املتفوق احلقيقي قادر على نقل وحتويل مكت�سباته بتلقائية ،ما ي�ؤهله للتعامل ال�سل�س مع املركب ،يف حني �أن املتعلم(ة) الذي نعت �سابقا باملتعرث غري احلقيقي، قد يجد �ضالته يف اال�شتغال على الو�ضعيات الإدماجية و �إبراز قدرته على التفكري وح�سن الت�رصف ،وبذلك يلتحق ب�صفوف املتفوقني احلقيقيني بحكم �أهليته(ها) لال�شتغال على املركب� ،رشيطة �أن تفي مرحلة �إر�ساء املوارد ب�أدوارها وت�ؤكد جناعتها لديه(ها) .ويف املقابل يتعرث املتفوق غري احلقيقي نظرا لعدم قدرته على اال�شتغال على و�ضعيات مركبة ،مما يتيح فر�صة ر�صد تعرثاته و معاجلتها وت�أهيله لي�ساير �إيقاعات م�سار التعلم والتعليم .ويبقى املتعلم(ة) املتعرث احلقيقي الذي ك�شف عنه التقومي ،بوا�سطة التمارين ،متعرثا بعد تقومي �أدائه من خالل اال�شتغال على الو�ضعيات الإدماجية ،وهو ما ي�ستوجب تدخال خا�صا ملعاجلة تعرثه. ويتقا�سم بع�ض �أفراد هي�أة الإدارة الرتبوية نف�س الآراء ال�سابقة بخ�صو�ص ق�صور �أداء التقومي التكويني املعتمد يف املمار�سة التعليمية التعلمية .ففي اجتماع للفريق املحلي مل�رشوع امل�ؤ�س�سة ،لتفعيل خطة الدعم واملعاجلة �ضمن �أن�شطة امل�رشوع� ،أقر «حممد» ــ مدير ثانوية ت�أهيلية ــ دون تردد� ،أن ممار�سات التقومي يف بعده التكويني ال تالم�س خمتلف م�ستوياته العملية .فا�ستثمار نتائج التقومي ال ت�سعف يف �إيجاد ت�صنيف مو�ضوعي و حقيقي للتالميذ �إىل فئات ح�سب �أ�صناف املتفوقني واملتعرثين منهم ،كما هو وارد يف املو�ضوع ،وال متكن من ر�صد دقيق ملجاالت تعرثاتهم .وبذلك ت�ضعف حلقة الدعم واملعاجلة وت�ضيع معها اخلطة التي 46
تعترب الهدف املتوخى يف التقومي التكويني ،دون �إغفال الإكراهات املادية والتنظيمية و�ضغط الغالف الزمني .و�أ�ضاف �أي�ضا �أنه �إذا كان اال�ستناد �إىل الأطر املرجعية يف كل مادة قد �أك�سب التقومي م�صداقية ،وجعل منه �أدوات للتوا�صل ،ف�إن جهل الآباء ب�شقيها البيداغوجي والقانوين ي�ضعنا �أمام م�س�ؤوليات كربى مادامت املذكرات الوزارية بخ�صو�ص التقومي ،تدعو �إىل ت�أ�سي�س تعاقد �إيجابي بني كافة الفاعلني الرتبويني وال�رشكاء .و�شاطره الر�أي ممثل عن جمعية �آباء و�أولياء التالميذ ،و�أكد على �ضعف التوا�صل بني اجلمعية وامل�ؤ�س�سة التعليمية على م�ستوى التقومي الرتبوي ،ويزكيه غيابها عن عمليات ا�ستثمار نتائج التقومي وت�شخي�ص تعرثات املتعلمات واملتعلمني وبناء خطة الدعم واملعاجلة� .إذ غالبا ما ت�صبح امل�ؤ�س�سة التعليمية حمط اهتمام اجلمعية عند حلول فرتات التقومي الإ�شهادي و�إعالن نتائج التالميذ. ويبدو �أن الأ�ساليب املعتمدة يف التقومي التكويني ا�ستنفذت �أدوارها يف تقومي املكت�سبات املعرفية واملهارية وعك�ست حمدودية �أدائها يف واقع املمار�سات ال�صفية على م�ستوى تقدمي �أدوات ميار�س عربها املتعلم(ة) كفايته فيربز درجة منائها ،وبذلك عجزت عن حتقيق الإن�صاف لدى املتعلمني وتقومي كفاياتهم. والظاهر �أن جتربة بيداغوجيا الإدماج ،بف�ضل عدة التقومي والأ�ساليب التي هي�أتها لتمكن املتعلم من ممار�سة قدراته و�إمكاناته الذاتية للتعامل مع املركب و�إبراز درجة مناء كفايته و�إن�صافه، قد فتحت املجال ملمار�سة تقومي تكويني فعال يرقى �إىل م�ستوى طموحات منطوق املذكرات الوزارية اخلا�صة بالتقومي الرتبوي الداعية �إىل تتبع حتقيق الأهداف التعلمية وتنمية الكفايات لدى املتعلمات واملتعلمني ور�صد تعرثاتهم من �أجل معاجلتها وحتقيق الإن�صاف بينهم.
تقومي التعلمات باملدر�سة االبتدائية بالو�سط القروي وفق مقاربة الإدماج : طموح الت�صور و�إكراهات التفعيل حممد �آيت ابريك مدير م/م �سيدي بوعمرو احلاجب ال �شك �أن املتتبع لل�ش�أن الرتبوي ببالدنا �سيالحظ �أن هناك اهتماما متزايدا من قبل كل املتدخلني وامل�س�ؤولني عن قطاع الرتبية والتكوين ،وان�شغاال متوا�صال بالو�ضعية التي تعي�شها املنظومة الرتبوية والتي مل ت�ستطع حتقيق انتظارات املجتمع املغربي واملعرب عنها من خالل مقا�صد ومرامي امليثاق الوطني للرتبية والتكوين. ويف �سياق الإ�صالحات اجلارية منذ �صدور امليثاق الوطني �سنة ،1999وعالقة مبطلب االرتقاء بجودة التعلم ،فقد تبنت الوزارة الو�صية منهجية العمل بامل�رشوع لت�رسيع وترية الإ�صالح املن�شود ،ف�أطلقت الربنامج اال�ستعجايل وبد�أت يف تنزيل م�شاريعه ابتداء من �سنة ،2009و�رشعت يف تطبيق بيداغوجيا الإدماج كخيار منهجي لتجويد املنتوج الرتبوي ببالدنا .والأكيد �أن هذه املقاربة واكبتها جمموعة من امل�ستجدات على امل�ستوى البيداغوجي والديداكتيكي ،و�أثارت كثريا من الت�سا�ؤالت خالل مرحلتي التجريب والتعميم. وكانت �أهم املو�ضوعات التي حظيت بكثري من اجلدل يف �أو�ساط ن�ساء ورجال التعليم العاملني مب�ؤ�س�سات التعليم االبتدائي التي
انطلق فيها تطبيق هذه املقاربة ،هو تقومي مكت�سبات املتعلمني. وانطالقا من جتربتي امليدانية كمدير مل�ؤ�س�سة عا�شت خما�ض تنزيل هذه املقاربة، �سوف �أقدم ما ا�ستنتجته من خالل مواكبتي ملراحل تفعيلها على �أر�ض الواقع ،م�ستح�رضا �أهمية التقومي يف املجال الرتبوي ودوره يف حت�سني العملية التعليمية يف كل م�ستوياتها. يف هذا ال�سياق ال بد من �إثارة جملة من الت�سا�ؤالت التي ظلت تراودين منذ ال�رشوع يف هذه التجربة من قبيل :ما م�آل التقومي الرتبوي بعد تعميم بيداغوجيا الإدماج ؟ ما �أ�ساليبه و�أمناطه وفقا لهذه املقاربة ؟ هل هو امتداد ملا كان معموال به قبل تطبيق هذه البيداغوجيا ؟ �أم �أن الأمر يتعلق مبعايري و�أمناط جديدة يف التقومي والإ�شهاد ؟ وهل التقومي يف هذه املنهجية مو�ضوعي ويراعي مبد�أ تكاف�ؤ الفر�ص بني الو�سطني احل�رضي والقروي ؟ وكيف مت ا�ستيعابه وتنفيذه من طرف املدر�سني ؟ وكيف يتم تدبري خمتلف العمليات املرتبطة به تربويا و�إداريا ؟ لقد �شكلت املذكرة الوزارية رقم 74 العدد
4
• فرباير
2011
47
ال�صادرة بتاريخ � 04أبريل 2010الدليل
الإدارية ملدير امل�ؤ�س�سة والتي �أبعدته عن
املرجعي لنظام التقومي واالمتحانات يف
االهتمام الكايف باجلوانب الرتبوية ،حيث
التعليم االبتدائي وفق مقاربة الإدماج التي
�إنه �أ�صبح منهمكا يف تدبر ومعاجلة امللفات
مت اعتمادها ك�إطار منهجي لتفعيل املقاربة
الإدارية التي واكبت تنفيذ م�شاريع الربنامج
بالكفايات .وبناء على مقت�ضيات وتوجيهات
اال�ستعجايل .ناهيك عن االكراهات التي
هذه املذكرة ف�إن التقومي مل يعد يقت�رص على
تعرفها املجموعات املدر�سية بالو�سط القروي،
املوارد فقط ،و�إمنا ي�شمل �أي�ضا الكفايات ،لذلك
والتي ال ت�ساعد رئي�س امل�ؤ�س�سة على
فهو ي�سعى �إىل قيا�س مدى ا�ستيعاب التلميذ
املواكبة امليدانية بحيث جتده يرتاق�ص بني
للموارد من جهة ،وقدرته على ا�ستغاللها يف
خمتلف الوحدات املدر�سية ،ال�صعبة امل�سالك
فك �أو حل و�ضعية �إدماجية من جهة ثانية. وبالتايل ف�أمناط التقومي بح�سب هذه املذكرة يف م�ستويات التعليم االبتدائي منها ما هو م�شرتك ي�شمل جميع امل�ستويات الدرا�سية كاملراقبة امل�ستمرة �أو ما ا�صطلح عليه بتقومي املوارد و�أي�ضا تقومي الكفايات من �صنف (�أ) و�صنف (ب) .وهناك ما هو خا�ص مب�ستويات دون �أخرى كالفرو�ض املوحدة على �صعيد امل�ؤ�س�سة والتي همت امل�ستويات الزوجية �إ�ضافة �إىل امل�ستوى ال�ساد�س والثاين والرابع .لكن واقع املمار�سة يطرح �إ�شكاال حول دور الإدارة الرتبوية وموقعها وحدود م�س�ؤولياتها ومدى انخراطها يف تتبع �آليات و�أ�ساليب التقومي، علما �أن هي�أة التدري�س مل تعب�أ بالقدر الكايف لالنخراط الفعال لإجناح �سريورة التنفيذ. الواقع �أن امل�ؤ�س�سة التعليمية ،ب�أطرها الإدارية والرتبوية ،عا�شت حلظات من االرتباك مبا�رشة بعد اطالعها على هذه املذكرة وذلك نتيجة جمموعة من االعتبارات :
يف بع�ض الأحيان ،وبني املدر�سة املركزية والنيابة ،خ�صو�صا �إذا ا�ستح�رضنا الكثري من املهام اجلديدة التي جاءت بها املذكرات التي تنا�سلت ب�شكل الفت م�ؤخرا ،والتي جتعله �سجني مكتبه من�شغال يف تعبئة املطبوعات و�إجناز البيانات والرد على املرا�سالت ،فال يجد فر�صة ملبا�رشة مهامه الرتبوية بنجاح. وهكذا مل تكن الإدارة الرتبوية م�ؤهلة مل�صاحبة الأ�ستاذ ومل يكن مبقدورها تتبع وتقومي مهامه الرتبوية .فاملدير ،يف �أح�سن الأحوال ،يغني معارفه من خالل التكوين الذاتي واالحتكاك مع زمالئه والتوا�صل مع الأ�ساتذة ،ومن ثمة يحاول ا�ستيعاب بع�ض املفاهيم املرتبطة مبنهجية تفعيل هذه املقاربة (مثل التخطيط املرحلي – �أ�سابيع الإر�ساء – �أ�سابيعالإدماج– معايريالتقومي :معيار املالءمة، االن�سجام ،اال�ستعمال ال�سليم للموارد ثم جودة املنتوج). � .2أما بالن�سبة لهي�أة التدري�س ،فرغم ا�ستفادتها
.1مل ت�ستفد الإدارة الرتبوية من �أي ت�أطري
خالل املو�سم الدرا�سي 2009/2008من
بيداغوجي حول هذه املقاربة ،ومل ت�شارك
دورات تكوينية يف مو�ضوع بيداغوجيا
يف دورات تكوينية يف هذا املجال ،ال�شيء
الإدماج� ،إال �أن االنطباع ال�سائد لدى
الذي مل يي�رس لها �سبل فهم وا�ستيعاب
�أغلبيتها هو �أن ما ا�ستفادت منه ال يعدو �أن
انتظارات هذه املذكرة� .إ�ضافة لالن�شغاالت
يكون حت�سي�سيا فح�سب .لذلك فقد ا�ستغرب
48
معظمها ل�صدور هذه املذكرة ب�شكل مت�أخر
ال ي�أخذ بعني االعتبار التفاوت واالختالف
من املو�سم الدرا�سي 2009/2008وتعني
احلا�صل بني امل�ؤ�س�سات التعليمية احل�رضية
اعتمادها يف تنظيم االمتحانات الإ�شهادية.
والقروية مبا ي�ضمن مبد�أ تكاف�ؤ الفر�ص.
فرغم املجهودات املبذولة من قبل �أطر هي�أة
فاملدر�سة بالو�سط القروي الزالت تعاين �ضعفا
الت�أطري واملراقبة الرتبوية بنيابة احلاجب،
يف التجهيز وتفتقد �إىل املقومات الالزمة لأداء
وتعاملها اجلدي مع هذه املذكرة حيث قامت
الأدوار املنتظرة منها .فالفوارق يف البنيتني
بو�ضع برنامج يت�ضمن لقاءات على �صعيد
املادية والرتبوية له انعكا�س على املردودية
الدوائر واملقاطعات من �أجل تقريب الفهم
وم�ستوى التح�صيل لدى التالميذ� .إال �أن
وتو�ضيح م�ضامينها وتوجيهاتها ،واجتهدت
عملية التقومي تكاد ت�ساوي بني تالميذ تتم
كثريا يف تب�سيط �آليات اال�شتغال عليها،
تن�شـئتهم االجتماعية يف بيئتني خمتلفتني،
�إال �أن الوقت الذي خ�ص�ص لهذه العملية
وغري متكافئتني ،ف�أطفال الو�سط احل�رضي
كان غري كاف .ال�شيء الذي جعل ال�صورة
ي�ستفيدون من التعليم الأويل ومن تنوع
غري وا�ضحة بالن�سبة لبع�ض الأ�ساتذة وا�ستع�صى على �أغلبهم التعامل معها �سواء يف اجلانب املتعلق ب�أمناط التقومي ومعايريه، �أو يف اجلانب املرتبط بكيفية احت�ساب املعدل ال�سنوي .لذلك �أعتقد �أن الت�أطري النظري تظل نتائجه متوا�ضعة �إذا مل يدعم مب�صاحبة ميدانية وت�أطري تطبيقي داخل الف�صول الدرا�سية.
م�صادر التعلم ،التي ت�ساعدهم على تنمية قدراتهم و�صقل مواهبهم (املكتبة املدر�سية، قاعة متعددة الو�سائط ،املرافق الريا�ضية ،).... �أما �أقرانهم بالقرى فهم حمرومون من كثري من هذه الفر�ص... وجدير بالذكر �أن الأ�ستاذ مل ي�ستوعب بعد هذه املقاربة اجلديدة ،ومل يدرك ب�شكل عميق الق�صد من تخطيط مرحلي لأجل �إر�ساء
باملقابل ف�إنني �صادفت يف مدر�ستنا ثلة
موارد متكن املتعلم من اكت�ساب قيم ومهارات
من املدر�سني الذين يتمتعون بقدر غري ي�سري من
ومواقف �ستكون مو�ضوعا للتقومي .ويبقى
الكفاءة املهنية ،التي راكموها من خالل التجربة
ال�س�ؤال املطروح هل متكن التلميذ باملدر�سة
واملمار�سة الفعلية �أوال ،وعرب التكوين الذاتي
القروية من ا�ستثمار هذه الكفايات خالل �أ�سابيع
ثانيا .ه�ؤالء ،على قلتهم ،تفاعلوا ب�إيجابية
الإدماج من خالل و�ضعيات واقعية ؟ وهل
مع هذه املقاربة ،يف حني جند �آخرين يعانون
هذا التلميذ القروي ينعم بف�ضاءات تربوية تدعم
من �صعوبات كثرية يف ا�ستيعابها� ،سواء على
التعلم وتي�رس عمليات �إدماج الكفايات التي مت
م�ستوى املنهجية وما يرتبط بديداكتيك املواد
�إر�سا�ؤها وتنميتها ؟
�أو على م�ستوى البعد ال�سيا�سي واالجتماعي واالقت�صادي ،كانتظارات و�آفاق يطمح �إليها املجتمع.
فنجاح تطبيق هذه البيداغوجية متوقف على مدى تفاعل الأ�ستاذ مع هذه املقاربة، وقدرته على �إر�ساء املوارد خالل �ستة �أ�سابيع
�إن احلديث عن التقومي واالمتحانات
(علما �أن هذه الأ�سابيع تربمج بناء على
الإ�شهادية كما نعي�شه يف مدار�سنا االبتدائية،
تخطيط ال ي�ستح�رض بع�ض الطوارئ والتي العدد
4
• فرباير
2011
49
ت�ستدعي غياب الأ�ستاذ ،ا�ستجابة لدعوته
يف التلميذ ،بح�سب مقاربة الإدماج� ،أن يتمتع
للتكوين مثال �أو غياب الأ�ستاذ واملتعلم معا
بتن�شئة اجتماعية متميزة وينعم بف�ضاءات
اعتبارا لظروف مناخية ،)...متكن التلميذ من
تربوية تتيح له فر�ص ا�ستثمار تعلماته و�إعطائها
تنمية كفايات �أ�سا�سية جتعله ينخرط بنجاح
مدلولها العملي ،عرب مواجهته لو�ضعيات
خالل �أ�سابيع الإدماج ويكون �أكرث ا�ستعدادا
�إدماجية معي�شية� .إنها �إحدى املقومات
على مواجهة الو�ضعيات الإدماجية.
الأ�سا�سية التي ت�ساعد التلميذ على الت�سلح
�إن تقومي تعلمات التالميذ باملدر�سة االبتدائية ،وفق مقاربة الإدماج ،يبدو مو�ضوعا �شائكا ومعقدا خ�صو�صا �إذا تعلق الأمر باملدر�سة االبتدائية بالو�سط القروي .فاملفرت�ض
50
بكفايات وقدرات ملواجهة متطلبات احلياة اليومية والتي الزالت امل�ؤ�س�سة بالو�سط القروي تن�شدها وت�سعى لبلوغها.
التقومي ودروب اال�ستمتاع باحلياة كرمي اعا �أ�ستاذ ب�أعايل الأطل�س الكبري كلما وقعت عيناي على من�شور يحمل التقومي مو�ضوعا له� ،أو اخرتقت م�سامعي مناق�شات حول ذات املو�ضوع� ،إال ومتلملت يف دواخلي م�شاعر ميتزج فيها الفرح العميق و�شيء من الأ�سف الذي ال ي�صل درجة الندم �أو ال�شعور بالذنب. مرد الفرح انتزاع عدد من �أبناء هذا الأطل�س الكبري ال�شامخ واملعاند من براثني الأمية ومتكينهم من �أوىل �أدوات احلفر يف الثقافة واملعرفة الإن�سانيتني� .أما الأ�سف فنتيجة لبقاء العديد من ه�ؤالء خارج دائرة االنتفاع بخريات هذا الوطن وا�ضطرارهم المتهان حرف ال تتطلب تكوينا يذكر ،وت�ستدعي الع�ضلة قبل العقل ،والقوة قبل املنطق ،واالن�صياع بدل احلرية ،وكل القيم ال�سلبية التي كثريا ما حاربتها عرب الدرو�س والواجبات التي �أثقلت كاهل تالمذتي ل�سنني طويلة. �أتذكر جيدا كيف كنت �أجهد نف�سي يف تقدمي �سور القر�آن الكرمي لتالمذتي يف ال�سنة الأوىل ابتدائي ،وكيف كنت �أحاول �أن �أعرب بهم �إىل عامل روحاين يخاطب القلب �أكرث من ارتكازه على العقل امل�شكك ،وكيف كانت الأ�رس امل�سكينة تكابد عناء حتفيظ �سور عديدة لأبنائها ،وتقريب �صور الثناء والعقاب لعقولهم ال�صغرية ،وكيف ،وكيف ،...ويف �آخر ال�سنة الدرا�سية كيف يفاجئني بع�ض ال�صغار ب�أ�سئلتهم عن الإله ،مكانه� ،شكله ،خلقه ،عدله�....أ�سئلة
ال جتدها يف كتبنا املدر�سية وال يف �أ�شكال التقومي املقرتحة. كيف كان اجلميع يتناف�سون حلفظ وا�سرتجاع جدول ال�رضب ،و�إجناز عمليات اجلمع والطرح والق�سمة ،وكيف كان �أنبه تلميذ يعود من مهمة �رشاء ملواد غذائية فاغرا فاه ،غري عارف ملاهية عملية يتقنها بالدرهم وتغيب عنه كلما حتول هذا الأخري �إىل «الريال» .كيف كان التالميذ يجمعون الألف ومئات الآالف يف حني ال يتجاوز ال�شجر واحلجر واحليوان والإن�س املئات بهذه البلدة التي �أغفلتها كتب التاريخ .كيف يقي�س املتقدمون منهم �رسعة الطائرة وال�صاروخ وهم الذين مل يركبوا عربة يوما ما ،وجل معرفتهم بو�سائل النقل تقت�رص على بغل �أو حمار �أو ظهر مكابرة �أو �ساقان قويتان تدكان الأر�ض. تقفز �إىل ذهني النقط املتميزة التي يح�صل عليها املتعلمون يف درو�س الإمالء والتعبري وقواعد اللغة ،وكيف كانت العربية خجولة وال ت�ستطيع �أن تخرج عن جدران حجرة الدر�س. فال عامية حا�رضة هنا ،بل ل�سان �أمازيغي يكابد وي�صارع ال�ستيعاب مقررات وم�ضامني ال يربطها بواقعه ،يف الكثري من الأحيان �إال �إ�رصار مذكرات وتوجيهات ر�سمية .موا�ضيع �إن�شاء تتحدث عن القطار والبحر واحلفالت وعطل ال�صيف و...و... بينما خارج الف�صل �شجريات تقا�سي العط�ش �صيفا وال�صقيع �شتاء .امتحانات تعيد اجرتار مقررات ال �أعلم بال�ضبط �أي متثالت يكون العدد
4
• فرباير
2011
51
تالمذتي حول م�ضامينها ،متارين ت�ضمر املثل
روجرز يف التنظري الكت�ساب كفايات توا�صلية
الرائج يف �صفوف عدد كبري من رواد مدار�سنا
متكن املتعلمني من حمادثة الغرباء عن املنطقة
امل�سكينة «بالتكرار يتعلم .»...
بعاميتهم �أو بف�صحاهم الر�صينة� ،أو حتى بل�سان
حت�رضين التجارب العلمية التي تنجز بالطب�شورة على اللوح الأ�سود ،والدارات الكهربائية التي يفلح تالمذتي يف فك �ألغازها رغم ان�شغالهم ليال بتوفري ال�شمع �أو قنينة الغاز لإنارة ظلمة ليلهم احلالكة .كم كانت ا�ستجابتهم كبرية لدرو�س ال�سل�سلة الغذائية ،واحليوانات العا�شبة والالحمة ،و�أنواع النباتات والأ�شجار والأوراق. كم كانت فرحتهم كبرية وهم يق�ضمون قطعا من فواكه مل ي�سبق لهم �أن اكت�شفوها ،وكم ي�شعرون بفخر كبري وهم يخربون �أترابهم عن �شكل هذه �أو تلك من الأدوات املنزلية التي تر�سخت �صورها املعرو�ضة يف �أذهانهم. كانت تقنية �سقراط ال�س�ؤالية دربنا اليومي للعبور نحو عامل �آخر ،بعيدا عن الهم اليومي الذي يحا�رصنا يف دائرته ال�ضيقة .كنت دائم ال�س�ؤال عن قدرة تالمذتي على جمابهة العامل احلقيقي ،واالندماج يف م�سالكه الوعرة .يف قريتهم هاته ،لي�سوا مطالبني باتخاذ احليطة واحلذر وهم يعربون الطريق ،رغم ا�سرتجاعهم عن ظهر قلب دالالت ال�ضوء الأخ�رض والأ�صفر والأحمر ،ومهام �رشطي املرور .لي�سوا مطالبني بالتوج�س من الغرباء ،لأن جميع الأبواب تظل م�رشعة ومرحبة بكل الغرباء� .أت�ساءل �أحيانا عن نوع العامل الذي �أريد نقلهم �إليه و�إك�سابهم �آليات ولوجه ب�أقل الأعطاب املمكنة .كيف �سيرتكون قريتهم الهادئة ،غري امللوثة ،حيث ال متايزات اجتماعية وا�ضحة ،ال تطاحنات وال �شجارات عنيفة� ،إىل ف�ضاء ي�سري ب�رسعة �ضوئية� ،صاخب ومعقد. العجائز يف هذه القرى النائية �سبقت 52
فرن�سي� ،إجنليزي �أو �إ�سباين �أو غريه ،متكنهم من ك�سب لقمة عي�ش دون اال�ضطرار لعبور ال�صحراء وقدوم خريف العمر دون ا�ستئذان ويف غري موعده ،متكنهم من مناولة الأ�شياء الكثرية التي �سمعن عنها وعن �إجنازاتها العجيبة واملريحة، متكنهم من �إن�صاف �أمهاتهم الغارقات يف �أعمال �سخرة ال تنتهي حتى تبد�أ من جديد .كفايات �أ�سا�سية ،تقييم اكت�سابها الأول والأخري هو ما تتيحه من �إمكانيات لتح�سني ظروف احلياة واالرتقاء مب�ستوى عي�ش هذه الأ�رس املتوا�ضعة و�أبنائها ،و�إحداث تغيري يف طريقة تفكريها ويف العالقات التي حتكم �أفرادها وتوجه �صالتها مبحيطها اخلارجي. الكثريون منا كانوا يرون التقومي �سيفا م�سلطا على رقاب التالميذ ،وعبئ ًا ثقيال على كاهلهم كممار�سني للتدري�س ،بينما يتحدثون عن التفتي�ش كلما تعلق الأمر بتقييم �أعمالهم ال�صفية .حت�رضين التقارير النمطية التي ال �أميز بينها �إال بتواريخها وعناوين الدرو�س التي كانت مو�ضوعا لها ،وكيف كان اال�ستظهار واال�سرتجاع ع�صب الزاوية يف توجيهاتها .كنت دائم ال�س�ؤال عن ال�رس يف اعتماد تر�سانة من الوثائق لتقييم �أدائي املهني ،ومالحظات رئي�س مبا�رش يغيب ليح�رض ،وغري مالك ل�سلطة غري حترير التف�سريات واالنقطاعات عن العمل ،عن ال�رس يف مطالبتنا باعتماد مقاربات جديدة دون تكوين يذكر حول مغزاها والقيمة امل�ضافة التي متيزها عن �سابقاتها� .أ�سئلة متنا�سلة جتعل التقييم يف �صلب التحديات التي تنت�صب �أمام املمار�سني بحب و�شغف لهذه املهنة النبيلة التي لن تفقد بريقها رغم كل ال�صعوبات والتعرثات.
الإميان بغد �أف�ضل ل�صغار هذا الوطن وبثقل امل�س�ؤولية التي تقع على كاهل كل من اختار(ت) هذا امل�سار احلارق كاجلمر ،يدفعنا للتفكري يف �صيغ جمددة لفعلنا الرتبوي ولطرائقنا البيداغوجية ،وهو ما �سينعك�س �إيجابا على �أ�ساليبنا التقوميية� ،سواء توجهت للتلميذ �أو للأ�ستاذ .الرتبية هي �أحد امليادين الرئي�سية للخلق والإبداع ،وخ�صوبة التجارب التي تخرتقها ،بعيدا عن اجلغرافيا ،واللغة ،والعرق ،واجلن�س ،والدين خ�صو�صا مع تقدم و�سائط االت�صال واالطالع منجم للإرادة احلرة وللعقل الناقد الباحث عن جتويد �أدائه الرتبوي والتعليمي. التقومي م�س�ألة �شمولية تبد�أ منذ اللحظة الأوىل للتخرج من مراكز تكوين الأ�ساتذة ،منذ اليوم الأول لولوج املتعلم املدر�سة ،وال تنتهي بتعبئة بيانات النقط� ،أو بت�سلق درجات العلم وخمتلف الأ�سالك التعليمية .املطلوب جعل التقييم مرادفا لال�ستمتاع باحلياة ،مدر�س يتفانى
لإعداد جيل يعاك�س خيبات نظام تعليمي راكم العديد من الأعطاب ،وخلف العديد من ال�ضحايا ،و�صغار ي�ضمرون قيما نبيلة وعطاءات قمينة ب�إدخالهم �سريورة امل�ساهمة الفعالة والكبرية يف تقدم هذا الوطن الرائع. ربط التقومي باحلياة بكل معانيها و�أ�شكالها هو القادر على جعله ناب�ضا باحليوية، �إذ بتجددها الدائم وتعدد �أ�شكالها وتنوعها ميكن له �أن يتجدد ويتطور .فالتقومي احلقيقي بحاجة لثورة مفاهيمية ولروح �شقية قادرة على جتاوز القوالب اجلاهزة والأحكام القبلية� ،إنه مر�آة ل�صدق ممار�ساتنا ال�صفية ولنبل وج�سامة امل�س�ؤولية امللقاة على كاهلنا .اخلال�صة النهائية لأدائنا هم ال�شباب الذين �سن�ضع م�صري هذا العامل بني �أيديهم ،فلن�صد باب الندم ما دام ب�إمكاننا ذلك .وحتية �صدق واحرتام لكل املدر�سني واملدر�سات امل�ؤمنني بر�سالتهم وبغد �أف�ضل للكائن الإن�ساين.
العدد
4
• فرباير
2011
53
�إىل �أي مدى ميكن اعتماد مقاربة العمل بامل�شروع �أداة لتقومي �أداء امل�ؤ�س�سة التعليمية ؟ حممد حكيمي من�سق الفريق الإقليمي مل�رشوع امل�ؤ�س�سة بنيابة الر�شيدية
قد ي�شتكي الكثري من مديري امل�ؤ�س�سات
مل�رشوع امل�ؤ�س�سة على امتداد املو�سم الدرا�سي
التعليمية ،ونحن يف خ�ضم تنفيذ تدابري وم�شاريع الربنامج اال�ستعجايل ،من جمموعة من العوائق والإكراهات التي حتول دون التنزيل امليداين الأمثل لهذا الربنامج ،خا�صة ما يتعلق بامل�رشوع اخلا�ص بتح�سني جودة احلياة املدر�سية ،وحتديدا مكون تعميم العمل مب�رشوع امل�ؤ�س�سة ك�أداة لتفعيل �أدوار احلياة املدر�سية وحت�سني جودتها.
،2010 – 2009ف�إن حت�سني �أداء امل�ؤ�س�سة من
وبالنظر لتجربتي املتوا�ضعة يف التتبع واملواكبة امليدانية للعمل مب�رشوع امل�ؤ�س�سة يف خمتلف الأ�سالك التعليمية التابعة للنفوذ الرتابي لنيابة الر�شيدية� ،سواء يف �إطار م�شاريع التعاون الدويل� ،أو كمن�سق للفريق الإقليمي للقيادة والت�أطري مل�رشوع امل�ؤ�س�سة املكلف مبختلف عمليات التنزيل امليداين ملكونات م�رشوع حت�سني جودة احلياة املدر�سية، والتي اقت�ضت تنظيم لقاءات توا�صلية مكثفة وور�شات عمل مع خمتلف الفاعلني الرتبويني املعنيني ،وبخا�صة مديري امل�ؤ�س�سات التعليمية مبختلف الأ�سالك ،باعتبارهم �أول امل�ستهدفني من هذه العملية ،بحكم �أدوارهم القيادية يف �إدارة ال�ش�أن الرتبوي حمليا ،والذين �شاركوا يف �أغلب حمطات الإر�ساء والتفعيل امليداين 54
خالل بلورة م�رشوع واقعي وتنفيذه ،يقت�ضي وقفة ت�أمل وتقومي ملا يقارب �أكرث من �سنتني من اال�شتغال ،وذلك منذ التبني الر�سمي للوزارة الو�صية لهذه املقاربة والتن�صي�ص على تعميمها بجميع الأ�سالك التعليمية. جدير بالذكر �أن املنهجية املتبعة خالل مرحلة الإر�ساء قد ركزت بالأ�سا�س على حت�سي�س �أطر الإدارة الرتبوية وتعبئتهم لالنخراط الإيجابي .كما �شكل العمل مب�رشوع امل�ؤ�س�سة �أداة عملية تتيح �إ�رشاك خمتلف مكونات املجتمع املدر�سي امل�صغر و�رشكاء املدر�سة الفعليني واملحتملني يف امل�ساهمة اجلماعية لالرتقاء ب�أدوار اخلدمات املدر�سية جت�سيدا ملقولة «املدر�سة �ش�أن اجلميع». ورغم املجهودات املبذولة من طرف خمتلف املتدخلني يف هذا امل�رشوع ،فقد مت ت�سجيل �إخفاقات وتعرثات كثرية ،مرتبطة �أ�سا�سا ب�ضعف التكوين يف جمال م�رشوع امل�ؤ�س�سة وعدم متلك املنهجية العملية املتبعة يف بناء خمتلف مراحله ،واملقاربات الداعمة لبلورته وتدبري خمتلف حمطاته� ،إ�ضافة �إىل �ضعف
انخراط معظم الفاعلني الرتبويني املبا�رشين من �أطر الإدارة الرتبوية ،وهيئة التدري�س يف عمليات الإعداد والإجناز ،والتتبع واملواكبة امليدانية اليومية املطلوبة لتج�سيده على �أر�ض الواقع .وقد �أتيحت يل فر�صة الوقوف على هذه احلقيقة من خالل م�صاحبتي للم�ؤ�س�سات التعليمية التابعة لإقليم الر�شيدية؛ كما وقفت عند جتارب متميزة ،عرفت كيف ت�ستثمر م�رشوع امل�ؤ�س�سة يف حت�سني م�ؤ�رشاتها الرتبوية ونتائجها املدر�سية ب�شكل الفت ،وقد متكنت �إحداها من الفوز باجلائزة الأوىل يف امل�سابقة الوطنية الأوىل مل�رشوع امل�ؤ�س�سة. من خالل معرفتي ال�شخ�صية مبديري امل�ؤ�س�سات التعليمية ،وم�شاركتي يف ت�أطري اللقاءات التوا�صلية املنظمة يف هذا ال�سياق، وزياراتي امليدانية املتعددة ،تبني يل �أن العمل بهذه املقاربة �ساعد جمموعة من القيادات الرتبوية على حت�سني طرقها التدبريية ومكنها من ربط عالقات تعاون مثمرة و�رشاكات تربوية �ساهمت يف انفتاح م�ؤ�س�ستهم على حميطها االجتماعي ،و�أتاحت للمتعلمني فر�ص اال�ستفادة من م�صادر �أخرى للتعلم والدعم .ويح�رضين يف معر�ض هذا احلديث ،مدير ثانوية الوحدة الإعدادية ،باعتباره واحدا من املدراء املجددين، الذين عرفوا كيف يجعلون من هذه املقاربة �أداة لبعث دينامية جديدة يف م�ؤ�س�ستهم ،وو�سيلة لتح�سني مردودها الرتبوي كما وكيفا ،بالرغم من �أن هذه امل�ؤ�س�سة تقع بو�سط قروي �ضمن املجال اجلغرايف الواحي بكل �إكراهاته الطبيعية وال�سو�سيو جمالية .وت�أكد يل من خالل هذه التجربة �أن النجاح يف مثل هذه املهام يحتاج، لي�س للمقاربات و�أدوات العمل فح�سب ،بل كذلك �إىل جمموعة من املوا�صفات ال�شخ�صية واملهنية واملعرفية والتوا�صلية .فكل التجارب
الرائدة التي �صادفتها على �أر�ض الواقع جتد من ورائها روادا يف الإدارة الرتبوية ،من طينة مدير �إعدادية الوحدة ،م�سلحني بكفايات تدبريية ومت�شبعني بقيم اجتماعية ومهنية عالية ،جعلوا من ف�ضاء م�ؤ�س�ساتهم جماال خ�صبا لبلورتها وجت�سيدها خدمة لأهداف �إ�صالح منظومة الرتبية والتكوين. ب�صورة عامة ،ف�إن النجاح يف �إر�ساء م�رشوع امل�ؤ�س�سة لي�س بالأمر الهني وال يتوقف على حجم ونوع التكوين املخ�ص�ص لهذه العملية ،بل البد من ت�ضافر جملة من العوامل الذاتية واملو�ضوعية ،ميكن ح�رص �أهمها يف النقط التالية: • متتع �شخ�صية املدير ب�صفة القائد الرتبوي الناجح وت�شبعه بروح املواطنة الرا�سخة والإخال�ص يف العمل؛ • مواكبته للم�ستجدات الرتبوية بالتكوين الذاتي والبحث الرتبوي؛ • ت�شبعه بروح املبادرة واخللق والإبداع يف خمتلف اجلوانب املتعلقة بتفعيل �أدوار احلياة املدر�سية؛ • تفاعله التلقائي مع املحيط وعمله املتوا�صل يف التح�سي�س والتعبئة االجتماعية بهدف �إ�رشاك خمتلف الفاعلني الرتبويني وال�رشكاء لالنخراط ماديا ومعنويا يف الأن�شطة التي تنظمها امل�ؤ�س�سة؛ • تبني العمل بالفريق يف كل الأن�شطة والعمليات وانخراط هيئة التدري�س يف خمتلف العمليات املرتبطة ب�أن�شطة الأندية الرتبوية؛ • العمل وفق مبد�أ «ا�ستح�ضار املجتمع يف قلب املدر�سة» كما ي�ؤكد على ذلك امليثاق العدد
4
• فرباير
2011
55
الوطني للرتبية والتكوين ،وذلك بتنظيم �أن�شطة م�شرتكة مع بع�ض فعاليات املجتمع املدين خارج وداخل امل�ؤ�س�سة وفتح الف�ضاء املدر�سي الحت�ضان �أن�شطتها. من هنا ميكن اجلزم �أن مقاربة العمل بامل�رشوع ،ت�شخي�صا وتخطيطا وتنفيذا وتتبعا وتقييما ،ت�شكل مدخال �أ�سا�سيا لتقومي �أداء
56
امل�ؤ�س�سات التعليمية و�أداة فعالة يف تتبع �شبكة املتغريات وامل�ؤ�رشات الرتبوية املعتمدة يف قيا�س املردودية الداخلية واخلارجية .وبالتايل فم�رشوع امل�ؤ�س�سة يتيح �إمكانية مقارنة امل�ؤ�س�سات التعليمية وت�صنيفها وترتيبها وفق معايري دقيقة قد ت�ساعد على خلق تناف�سية يف جمال جتويد اخلدمات املدر�سية.
قـراءات
قراءة يف كتاب «طرق التقومي املدر�سي» مل�ؤلفه � :إيفان �أبرنو عز الدين اخلطابي �أ�ستاذ باحث املدر�سة العليا لتكوين الأ�ساتذة ــ مكنا�س اعترب «�إيفان �أبرنو» ،م�ؤلف كتاب «طرق التقومي املدر�سي»( ،)1ب�أن هذا العمل موجه �أ�سا�سا �إىل املدر�سني ،لأنه يتناول بالبحث تطبيق طرق التقومي املدر�سي ومدى مالءمتها للو�ضعيات التعلمية. كما �أقر ب�أن الهدف املتوخى من الكتاب ،هو جعل الأبحاث النظرية احلالية يف جمال التقومي، مفهومة وقابلة للتطبيق من طرف املدر�سني ،بحيث �سيكون ب�إمكانهم اختيار الطرق الأكرث فعالية لتقومي �إجنازات املتعلمني. وقد توزعت ق�ضايا الكتاب على مدى ثالث «مراحل» متمف�صلة فيما بينها .فاملرحلة الأوىل هي مبثابة عر�ض تركيبي للم�شاكل الكال�سيكية املرتبطة بعمليات التقومي ،وهو ما ت�ضمنه الف�صل الأول ،وعنوانه�« :إ�شكالية التقومي»� .أما املرحلة الثانية فت�شمل الق�ضايا املتعلقة بخ�صو�صيات التقومي وم�شاكله واحللول املقرتحة لها ،لكي تكون العملية التقوميية �أكرث عدال .وقد عوجلت هذه امل�سائل يف الف�صلني الثاين والثالث ،وهما على التوايل« :مميزات وخ�صو�صيات التقومي» و«تطبيقات حالية». وتت�ضمن املرحلة الثالثة مقرتحات وتطبيقات للطرق والتقنيات املقرتحة من طرف املدر�سني �أنف�سهم، علما ب�أن الكتاب هو خال�صة لعمل ميداين يف امل�ؤ�س�سات التعليمية ومتابعة لدورات تدريبية وتكوينية فاق املائة .لهذا توزعت هذه املعطيات على �أربعة ف�صول وهي« :تعديل املمار�سات احلالية»« ،بلورة الأهداف»« ،اختيار �أدوات التقومي وفق الأهداف» و»التقومي التكويني والبيداغوجيا الفارقية». و�سنحاول عر�ض م�ضامني هذه الف�صول ب�إيجاز ،لإبراز قيمة هذا العمل املتمثلة �أ�سا�سا يف املزاوجة بني املعطيات النظرية والنماذج التطبيقية.
-1
�إ�شكالية التقومي
�إن �أول �صعوبة تواجه الباحث يف جمال التقومي املدر�سي هي م�س�ألة حتديد امل�صطلح .ف�إذا ما اعتربنا ب�أن العملية التقوميية هي مبثابة قيا�س �أو تقدير ملنتوج تربوي وفق معايري حمددة ،ف�إنه يتعني علينا التمييز بني لفظتي «قيا�س» و «تقدير» ،لأن الأوىل حتيل على الطريقة الكمية ،يف حني حتيل الثانية على الطريقة الكيفية ،فكيف ميكن التوفيق بينهما ؟ 1- Yvan Abernot, Les méthodes d’évaluation scolaire, Paris, Bordas, 1988, 128 pages.
58
من جهة �أخرى ،ف�إن التقومي يهم الإجناز� ،أي الإنتاجات واملجهودات املبذولة .واحلال �أن الإجناز هو نتاج للكفاية وال يعرب �إال على جزء منها ،فما مدى متثيله لها ؟ علما ب�أن الهدف من تقومي �إن�شاء مكتوب �أو �أجوبة �شفوية مثال ،هو التعرف على مدى اكت�ساب الكفاية.
-2
مميزات و�صعوبات التقومي
تندرج درا�سة مميزات التقومي �ضمن ما يعرف بالدو�سيمولوجيا ،وهي الدرا�سة املنظمة لالمتحانات اعتمادا على �شبكات القيا�س والتنقيط .وتلخ�ص عمليات تقومي االمتحانات يف ثالثة مفاهيم �أ�سا�سية وهي :الأمانة ،ال�صالحية واحل�سا�سية .فقد �أكد الدو�سيمولوجيون على �أن بع�ض �أدوات التقومي ،كما هو ال�ش�أن بالن�سبة للأ�سئلة ذات االختيارات املتعددة ،ميكن �أن حتمي التقومي من االعتبارات الذاتية وت�ضفي على عملية الت�صحيح نوعا من الأمانة .ويرتبط مفهوم ال�صالحية مبا يعرف بن�سبية التقوميات ح�سب املعايري املتبعة والأهداف املحددة والتقديرات املمنوحة للأوراق امل�صححة ،ف�ضال عن اختالف مرجعيات التقومي لدى املدر�سني .ورغم ذلك تظل هناك «رابطة فعلية بني املنتوج والنقطة املمنوحة له ،حتى ولو مل يح�صل �إجماع بني امل�صححني»(� .)2أما مفهوم احل�سا�سية فهو وثيق ال�صلة بالذاتية �أي بالت�أثريات ال�سيكولوجيا على عملية التقومي التي تتطلب درا�سة مواقف و�سلوكات وردود �أفعال امل�صححني واملمتحنني على حد �سواء.
-3املمار�سات احلالية و�إمكانية تعديلها يتعر�ض امل�ؤلف هنا (وحتديدا يف الف�صلني الثالث والرابع) ملجموعة من الطرق املتبعة يف عملية تقومي ح�صيلة املتعلمني ،مثل املراقبة امل�ستمرة والت�صحيح املزدوج واعتماد �شبكات الت�صحيح الخ ...معتربا ب�أن هذه الطرق جميعها ميكن �أن تكون مفيدة �رشيطة عدم تطبيقها ب�شكل �آيل .فمما ال �شك فيه �أن مراقبة منتوج املتعلم يف فرتات متقاربة� ،ستقلل من �إمكانيات اخلط�أ �أثناء تقوميه �إجماليا (يف نهاية الدورة �أو ال�سنة) .كما �أن عملية الت�صحيح املزدوج ت�سمح ب�إ�ضفاء م�صداقية �أكرب على النقطة املمنوحة وحتث املدر�سني على مناق�شة املعايري املتبعة من طرفه ،ومن جهة �أخرى ،ت�شكل �شبكات الت�صحيح عن�رصا تكميليا للعملية ال�سابقة وت�ساهم يف �إ�ضفاء دقة �أقرب �إىل املو�ضوعية �أثناء ت�صحيح الأوراق. ولكي تكون هذه الإجراءات مفيدة ،يجب �أن تدعم بتداريب تكوينية ولقاءات بني الفاعلني الرتبويني وب�أبحاث ميدانية حول ق�ضايا التقومي وم�شاكله .وي�ؤكد امل�ؤلف على �أنه ال ميكن �أن نفر�ض على املدر�سني طريقة حمددة يف التقومي� ،إال �أن ذلك ال مينع من تقدمي مقرتحات لتح�سني املمار�سات التقوميية .و�أول مقرتح هو العمل على التمييز بني الإجنازات القابلة للقيا�س وتلك القابلة للتقدير ،لأن الفكرة الرائجة حول �إمكانية تقومي كل منتوج تربوي اعتمادا على النقطة فقط ،تعترب خاطئة ،خ�صو�صا عندما يتعلق الأمر ب�إجناز امل�شاريع �أو بحل امل�شكالت( .)3لذلك يتعني حتديد معايري التقومي بدقة ح�سب طبيعة العمل املنجز والإقرار بن�سبية تقدير امل�صحح ،خ�صو�صا عندما يتعلق الأمر بالتقومي التكويني ،ومتابعة م�سار املتعلمني من خالل النتائج املح�صل عليها و�إ�رشاك 2- Ibidem, p. 37 3- Ibid., p. 52
العدد
4
• فرباير
2011
59
�أوليائهم يف مراقبة التمارين املنزلية وامل�شاريع التي كلفوا ب�إجنازها ،وعقد لقاءات بني ه�ؤالء الأولياء واملدر�سني ،لكي يتحمل اجلميع م�س�ؤولية النتائج املح�صل عليها من طرف التالميذ.
-4
بلورة الأهداف واختيار الأدوات
ميكن تعريف التقومي باعتباره قيا�سا ملدى حتقق الأهداف ،لأن الفعل البيداغوجي يقت�ضي توجيها وطرقا لالكت�ساب وتقوميا ملا مت اكت�سابه .وال تت�ضمن العملية تقوميا لإجنازات التلميذ فح�سب ،بل �أي�ضا تقوميا للمدر�س ولطرقه يف التدري�س وللأهداف التي يروم حتقيقها .ويالحظ امل�ؤلف بهذا ال�صدد ،ب�أن الكفاية ال ميكنها �أن تكون معرفية فقط وال �سو�سيو وجدانية وال �سيكو- حركية ،بل هي تركيب لها جميعها .لذلك ,ف�إن تقومي الكفاية مير عرب التفكري يف التمف�صالت القائمة بني الأهداف ويف ان�سجامها يف ما بينها ومع غايات الرتبية ب�شكل عام( .)4وكما �سبقت الإ�شارة �إىل ذلك ,يتم تقومي الكفاية جزئيا من خالل الإجناز الذي ي�شمل م�ضمونا ميكن قيا�سه و�شكال ميكن تقديره ،مما يعني �أن عملية التقومي ت�ستند �إىل معطيات كمية وكيفية يف الآن نف�سه ،وت�شهد على تنوع الأهداف وتعقدها .ف�إذا ما رجعنا �إىل �صنافة الأهداف البيداغوجية لبلوم مثال( ،)5ف�سنالحظ ب�أن القدرات الثالث الأوىل يف املجال املعريف ،وهي املعرفة والفهم والتطبيق ،قابلة للقيا�س كميا؛ �أما القدرات الثالث الأخرية ،وهي التحليل والرتكيب والتقومي ،فتعترب قابلة للتقدير كيفيا .هكذا، ميكن بالن�سبة للفئة الأوىل ،اعتماد الأدوات التقوميية التالية :الأ�سئلة ذات االختيارات املتعددة والأ�سئلة الكال�سيكية والتمارين� .أما بالن�سبة للفئة الثانية ،فيمكن اعتماد امل�شكلة واملو�ضوع الرتكيبي والإن�شاء .طبعا� ،إن �أ�شكال التقومي املقرتحة تظل جمرد �أمثلة وميكنها �أن حتفز املقومني على �إبداع �أ�شكال �أخرى ،وهو ما انتبه �إليه «�أندري دوبريتي» عند معاجلته للتقومي التكويني(.)6 وهذه النقطة هي التي خ�ص�ص لها امل�ؤلف الف�صل الأخري من كتابه حول التقومي التكويني والبيداغوجيا الفارقية ،حيث عمل �أوال على و�ضع متييز بني التقومي التكويني والإجمايل ،لينفتح بعد ذلك على و�ضعية التقومي يف �إطار البيداغوجيا الفارقية وبيداغوحيا التحكم واملراقبة الذاتية لتطور الإجنازات ،م�شريا �إىل �أن �إدماج التقومي التكويني �ضمن هذه البيداغوجيات ،ميكن �أن ي�ساهم يف حت�سني مكت�سبات خمتلف فئات التالميذ ويف حتكم �أف�ضل و�أطول يف املعارف والإتقانات .هذا مع العلم ب�أن نظام التقومي التكويني يف �إطار البيداغوجيا الفارقية لي�س حال �سحريا مل�شاكل التقومي وال طريقة منوذجية وحيدة ،بل هو �أ�سا�سا عبارة عن عقلية قائمة بذاتها(.)7 واخلال�صة هي �أن الهدف من الكتاب ،وكما �أقر امل�ؤلف بذلك ،هو الوعي بكون التقومي ي�شكل جزءا �أ�سا�سيا �ضمن النظام الرتبوي ويقوم بوظيفتني بارزتني وهما :التكوين واالنتقاء .وب�صيغة �أخرى، ف�إنه يقوم بوظيفة مزدوجة :بيداغوجية واجتماعية .من جانب �آخر ،ف�إن حت�سني طرق التقومي يعتمد على التمييز ال�رضوري بني القيا�س والتقدير ،وعلى تعدد الأدوات التقوميية ،وعلى �رضورة الإقرار بتنوع الأهداف والكفايات و�أهمية اال�ستفادة من معطيات البيداغوجيا الفارقية ب�شكل خا�ص. 4- Ibid., p. 81 5- Bloom, B. et autres, Taxonomie des objectifs pédagogiques, 1, Domaine cognitif, Montréal, éducation nouvelle, 1969 6- De Peretti, A., Receuil d’instruments et de processus d’évaluation formative, Paris, I.N.R.P., 1980 7- Yvan Abernot, Op. Cit. , p. 119
60
قراءة يف كتاب
«التقومي هو طلب التجديد على م�ستوى املمار�سة»
مل�ؤلفته :دينا �سان�سي
�إدري�س كثري �أ�ستاذ التعليم الثانوي الت�أهيلي يتكون كتاب «تقومي م�شاريع التجديد يف الرتبية»( )1لدينا �سان�سي (بلجيكا) من ثالثة �أق�سام. يتناول الق�سم الأول املقاربة النظرية للتقومي ويتطرق الق�سم الثاين للمقاربة الإ�سرتاتيجية للتقومي، �أما الق�سم الثالث فيقرتح مقاربة عملية تطبيقية. -1التقومي مفهوم ملتب�س .فهو ي�شري ح�سب القامو�س �إىل حتديد ثمن �شيء ما �أو �إىل قيمته وفق معايري اقت�صادية �أو اجتماعية �أو �أخالقية �أو دينية �أو فنية ...ومن مرادفاته املخابرة واملحا�سبة واملراقبة واملقادرة. والهدف من التقومي هو حتقيق العقالنية وحت�سني املردودية والرفع من اجلودة .ولبلوغ هذه الأغرا�ض ،البد من االنتباه �إىل �أن التقومي يف مفهومه اجلديد هو «تقومي للتغري» �أو «تقومي للتجديد والإبداع» .وعليه فالتقومي علم وفن. متيز التقومي �سابقا بنزعته الو�ضعية مقلدا التجريب يف العلوم الطبيعية ومعتمدا على القيا�س �أي على املنهج الفر�ضي اال�ستنباطي الذي ال يخلو من �أدوات �إح�صائية .لذا كان يو�صف بالتقومي الكمي (مثلما طبق يف اجلمعية العاملية للتقومي �ص .)17 : �أما بعد بروز املقاربات الهريمونيطيقية واملناهج الأنرتوبولوجية واالجتاهات الفينومنولوجية، طغت املناهج الكيفية يف الدرا�سات التقوميية (خا�صة منها تلك التي تقوم الربامج االجتماعية) مناهج تراعي احلاالت اخلا�صة وتنتبه ل�صريورات التجديد وتفاو�ض انطالقا من ال�سياقات .وت�سمى التقومي الطبيعاين �أو التكويني �أو الإملعي ،و�أهمها التقومي امل�ستجاب والإدماجي ،فبات امل�شكل هو الذي يحدد املنهاج ولي�س العك�س. مع نهاية ال�سبعينات ،ظهر براديغم جديد يف التقومي هو «امل�ساعدة على اتخاذ القرارات» والعمل على �أن يكون التقومي نافعا و�صاحلا .وذالك اعتمادا على القرارات الأربعة التالية: -1قرار التخطيط؛ -2البنينية؛ -3قرار التطبيق؛ -4قرار املراجعة. 1- DINA SENSI, Evaluer des projets d’innovation en éducation.col. Education 2000, Ed. Labror. 1990.
العدد
4
• فرباير
2011
61
ويبقى ال�س�ؤال الأ�سا�س غري منح�رص يف املنفعة ومدى حتققها فقط ،بل هو مرتبط �أكرث بال�س�ؤال :ملن هو نافع ؟ �إنه كذالك للمقوم نف�سه ثم للم�س�ؤولني ال�سيا�سيني والإداريني وللفاعلني �ضمن امل�رشوع التجديدي كاملدر�سني والعمال ،و�أخريا لبناء املجتمع الدميقراطي .ومبا �أن الرباديغم هو �إطار فكري ي�سمح ب�رشح بع�ض �أوجه الواقع ،و�أم هذا الإطار هو �صحيح بالن�سبة ملن يرتهنون به ،و�أن الرباديغمات يف تغري م�ستمر ،فالبد من دعوة �إىل الإدماج. املقاربة الإدماجية (� )intégrativeأوالتقومي �إالدماجي يتحدد مبالقاة ذات املقوم لذاتها وفهم �إطارات �إحاالتها ومرجعياتها .و�إدراك حقيقتها وتاريخها وخماوفها ورهاناتها (�ص .)31فالتجارب تتغري وبتغريها برزت براديغمات جديدة .وال ي�ستقيم هذا اجلانب العلمي يف التقومي �إال ب�إدماجه للجانب الفني املرتكز على احلد�س والإبداع الذاتي. -2التقومي ا�سرتاتيجيته ت�ستمد �سلطتها من التدخل يف الن�سق التنظيمي للم�ؤ�س�سات وبالتايل للمجتمع ،وال يتم هذا التدخل �إال مبعرفة من يطلب التقومي ملن ؟ ولأي غر�ض يتم ؟ هذه املقدمات �رضورية لأنها هي التي حتدد الطابع التفاو�ضي للتقومي بني اجلهات امل�س�ؤولة والطالبة وبني املعنيني بالتقومي .ومادام رهان التقومي هو فهم و�إدراك التغري والتحول االجتماعي وتقرير �أهميته فاملنطق املتحكم يف كل تقومي هو منطق �إخباري توا�صلي ومنطق تكويني وتفاو�ضي .دون �أن يغيب عن �أذهاننا �أن التقومي هو دوما �إ�سرتاتيجية رهانها ال�سلطة. -3عمليا ،التقومي هو حتليل وتنظيم لواقع معقد .يتوقف على منظمات عدة متداخلة ومتعددة الأبعاد كما يتوقف على النزعة احلوارية والتوا�صلية وعلى النزعة الإ�ستعادية ...وت�سمى هذه املبادئ ب�إ�سم �إدغار موران) .ميكن تطبيقها وممار�ستها وفق حماور كربى هي حمور الزمان املن�ساب ويهتم بالتغري وحمور حقل �أو ف�ضاء البحث ويركز على الإ�شكالية والأهداف وحمور �سلوكات املقوم ويت�صل بقدرة هذا الأخري على التفاو�ض. ولقد اقرتحت امل�ؤلفة جملة مقرتحات عملية (�أنظر املالحق رقم 2و 3و )4ميكن اعتبارها خطة عملية وتطبيقية للتقومي .ر�صدت فيها الأ�سئلة املتعلقة ب�إ�شكالية التقومي والأخرى املرتبطة بالأهداف والثالثة املتعلقة ب�أن�شطة املمار�سة املقومة ومعايريها مع اقرتاح جماالت خا�صة للتقومي، كح�ساب ميزانية التكوين وتقومي التكوين املهني للن�ساء العامالت.
62
جتارب متميزة
تقومي م�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين بوا�سطة افتحا�ص اجلودة عائ�شة �أنو�س مفت�شة تربوية مكلفة بالتن�سيق املركزي وزارة الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي ت�شكل مقارنة منظومة الرتبية والتكوين يف بالدنا مبنظومات تربوية تنتمي لبلدان �أخرى، ونتائج التقارير الدولية والوطنية حول �أداء هذه املنظومة ،دافعا للتحقق من م�ستوى اجلودة مب�ؤ�س�ساتنا الرتبوية .ويعد االفتحا�ص و�سيلة �أ�سا�سية لت�شخي�ص واقع هذه امل�ؤ�س�سات ،لأنه الأداة الفعالة للتحقق من جودة منتج �أو نظام �أو ن�سق �أو م�ؤ�س�سة ما .فالهدف من االفتحا�ص، هو التحقق من جناعة الإجراءات املعتمدة يف حتقيق الأهداف امل�سطرة ،و معرفة مدى دراية العاملني �أو امل�سئولني بامل�ؤ�س�سة ،مبعايري اجلودة وتطبيقهم لها .كما ميكن �أن يكون االفتحا�ص �أي�ضا �أداة لت�شخي�ص مدى فعالية امل�ساطر �أو الإجراءات املعتمدة ،وحتديد النتائج (�أو املخاطر )les risquesالتي قد تنجم عن عدم مواءمتها للأهداف (�أو ملعايري اجلودة) .وتكمن �أهمية االفتحا�ص ب�صفة خا�صة ،يف متكني امل�ؤ�س�سة من اكت�شاف نقط �ضعفها ،ومواطن قوتها التي ميكن تطويرها و دعمها لتح�سني اجلودة . يف هذا الإطار متت عملية افتحا�ص عدد من م�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين يف املو�سم الدرا�سي املن�رصم� ،أ�رشفت عليها «الوحدة املركزية لالرتقاء بجودة الرتبية والتكوين» ،بوزارة الرتبية الوطنية ،وتعد هذه التجربة جديدة يف املنظومة الرتبوية ،من حيث املقاربة والأهداف.
خمطط ا�سرتاتيجي للجودة: تندرج عملية االفتحا�ص هذه� ،ضمن املخطط اال�سرتاتيجي للوحدة املركزية لالرتقاء بجودة الرتبية والتكوين ،والذي انطلق ببناء «مرجعية وطنية للجودة» عملت الوحدة من خاللها ،على تقدمي منظورها اخلا�ص للجودة ومعايريها ،حيث اعتمدت «مفهوم اجلودة ال�شاملة» باعتبارها «طريقة يف تدبري امل�ؤ�س�سة، حمورها اجلودة و�أ�سا�سها م�شاركة جميع الأطراف ،وهدفها النجاح على املدى البعيد من خالل �إر�ضاء جميع الأطراف املعنية وحتقيق املنفعة جلميع �أع�ضاء امل�ؤ�س�سة واملجتمع»(.)1 ويحيل هذا التعريف �إىل معيارين ،معيار كمي يربط اجلودة بالتطبيق ال�صارم والدقيق لقواعد وقوانني ومقايي�س حمددة ب�شكل قبلي ،يف �إطار «ت�أمني اجلودة» ،ومعيار كيفي يتعلق بالبناء التدريجي ،لثقافة اجلودة و بالتح�سني امل�ستمر لها. هذا االختيار ملفهوم «اجلودة ال�شاملة» �أو تدبري اجلودة ،يعك�س املقاربة ال�شمولية التي تتبناها الوحدة ،عن جودة امل�ؤ�س�سة الرتبوية� ،إذ ال تق�رصها على الربامج �أو طرق التدري�س ،و�إمنا تربطها مبجموع �أن�شطة و عمليات و�صريورات التدبري والت�سيري ،دون �إغفال البعد الإن�ساين والعالئقي يف �إر�ساء اجلودة وحت�سينها ،ويتجلى
-1املرجعية الوطنية للجودة مطبعة وزارة الرتبية الوطنية �ص 2غ�شت .2009
64
ذلك من خالل معايري اجلودة وم�ؤ�رشاتها، املت�ضمنة يف املرجعية املقرتحة ،والتي تتوزع على العمليات الأ�سا�سية يف ت�سيري م�ؤ�س�سة الرتبية والتكوين وهي : • امتالك ر�ؤيا �أو ت�صورعن احلاجات الآنية وامل�ستقبلية ،والتخطيط اال�سرتاتيجي لتلبية هذه احلاجات؛ • تعريف موا�صفات املوارد الب�رشية واملادية وتدبريها؛ • جتـديـد املمــار�سـات وتنميـط الإجـراءات وال�صريورات الفعالة؛ • تقييم النتائج والتخطيط للم�ستقبل . وحتيل هذه املعايري �إىل طريقة يف تدبري اجلودة ،تعرف ب Plan-Do-check-PDCA )� (Act/Adjustأو ما يعرف بعجلة دميينغ(،)2 التي ت�شخ�ص املراحل الأ�سا�سية لتح�سني اجلودة، وتبد�أ مبرحلة التخطيط والإعداد ،تليها مرحلة التنفيذ والعمل ثم التحقق واملراقبة ،و�أخريا التعديل والتح�سني بو�ضع خمطط جديد، وهكذا تدور العجلة.
افتحا�ص جودة امل�ؤ�س�سة الرتبوية: قبل انطالق عملية افتحا�ص امل�ؤ�س�سات الرتبوية ،قامت الوحدة املركزية لالرتقاء بجودة الرتبية والتكوين ،بتنظيم دورة تكوينية يف افتحا�ص اجلودة ،Audit-qualitéب�رشاكة مع �شعبة «تدبري جودة الرتبية والتكوين» التابعة لليون�سكو ،يف الفرتة املمتدة مابني 6و � 9أبريل ،2010مت فتحها �أمام كل الراغبني ،من مفت�شني و�أطر �إدارية� ،..أطرها خرباء يف االفتحا�ص، حر�صوا على تقدمي املعرفة النظرية والعملية ،عن االفتحا�ص وتقنياته عموما وافتحا�ص جودة املنظومة الرتبوية خ�صو�صا.
وتوجت هذه الدورة التكوينية ،باختبار نظري وعملي �أدى �إىل اختيار 20مفتح�صا �شكلوا «فرق االفتحا�ص» ،التي قامت خالل �شهر ماي ،2010بافتحا�ص ما يقرب من �أربعني م�ؤ�س�سة للتعليم الثانوي �ألت�أهيلي تتوزع بني الو�سط احل�رضي والقروي وتنتمي لأربع �أكادمييات وهي � :أكادميية مكنا�س-تافياللت، و�أكادميية الغرب �رشاردة بني ح�سن ،و�أكادميية ال�شاوية ورديغة ،و�أكادميية �سو�س ما�سة درعة. وتعترب هذه العملية ،جتربة جديدة وخمتلفة، عن عمليات افتحا�ص �أخرى خ�ضعت لها م�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين� ،إذ مل ت�ستهدف �إ�صدار تقارير عن و�صف �أو مراقبة حالة �أو و�ضعية امل�ؤ�س�سات ــ مو�ضوع االفتحا�ص ــ و�إمنا وجهتها الأهداف الآتية: • جتريب «م�رشوع املرجعية الوطنية جلودة الرتبية والتكوين» ،من خالل ا�ستمارات افتحا�ص اجلودة ،روعي يف بنائها ،انطالقا من هذه املرجعية ،خ�صو�صية امل�ؤ�س�سة مو�ضوع االفتحا�ص (�أكادميية �أو نيابة �أو م�ؤ�س�سة تعليمية) ؛ • ت�شخي�ص واقع امل�ؤ�س�سة و تقييم �أدائها، من خالل فح�ص دقيق جلميع العمليات والإجراءات التي تعتمدها لتحقيق �أهدافها (�أو الأهداف املحددة من طرف الوزارة )؛ • ن�رش و�إ�شاعة ثقافة اجلودة بتح�سي�س امل�ؤ�س�سة املفتح�صة ،ب�أهمية املقاربة ال�شمولية يف تدبري اجلودة وبالفرق بني م�ستوى اجلودة املتحقق واجلودة املنتظرة (معايري اجلودة).
منهجية االفتحا�ص : متيزت جتربة االفتحا�ص ،التي خ�ضعت لها م�ؤ�س�سات للرتبية والتكوين ،بالتزامها مبجموعة
-2يكمن �رس اجلودة بالن�سبة الدوارد دومينغ (1993 - 1900) Edouard Demmingيف التح�سني امل�ستمر للجودة ويف املقاربة الن�سقية وال�شمولية للتدبري .و�صورة العجلة هي ت�شخي�ص لهذه الن�سقية بحيث �أن كل مرحلة من املراحل الأربع ت�ستدعي الأخرى .
العدد
4
• فرباير
2011
65
من القواعد لتي تفر�ضها �أخالقيات االفتحا�ص وتقنياته ،ومنها تعبري امل�ؤ�س�سة ،عن رغبتها يف امل�شاركة يف التجربة ومعرفتها امل�سبقة ب�أهداف االفتحا�ص وتاريخه ،ومبعايري اجلودة والتعاقد بني فريق االفتحا�ص واملفتح�صني ،على ال�شفافية (يف تقدمي الأجوبة ووثائق الإثبات من طرف امل�ؤ�س�سة) وال�رسية (من طرف فريق االفتحا�ص)، واحرتام املدة الزمنية املخ�ص�صة لالفتحا�ص ،وهي يوم واحد ينطلق بجل�سة االفتتاح ويختتم بجل�سة ختامية مع م�سئويل التدبري بامل�ؤ�س�سة ،مو�ضوع االفتحا�ص� .أما املنهجية التي مت اعتمادها يف هذه العملية فيمكن تلخي�صها يف اخلطوات الآتية: • جمع املعطيات :مبالحظة ومعاينة مرافق امل�ؤ�س�سات و�أن�شطتها ؛ ومقابلة م�سئويل التدبري بامل�ؤ�س�سة ،من مديرين و ر�ؤ�ساء �أق�سام وم�صالح؛ وفح�ص الوثائق التي تثبت فيها جميع العمليات والإجراءات �أو ت�ؤكدها ( وثائق الإثبات)؛ • حتليل املعطيات :انطالقا من مقارنة املعطيات واملعلومات والوثائق املح�صل عليها ,مع معايري املرجعية وم�ؤ�رشاتها؛ • ت�شخي�ص حالة امل�ؤ�س�سة :من خالل ت�سجيل الفوارق بني العمليات وال�صريورات املعتمدة ،ومعايري املرجعية ،و حتديد �أ�سباب تعرث �أو جناح امل�ؤ�س�سة ،بالك�شف عن نقط ال�ضعف لديها ونقط التح�سني (�أي العمليات وال�صريورات التي ميكن تطويرها وحت�سينها) ؛ • تقدمي االقرتاحات :بتوجيه م�س�ؤويل التدبري انطالقا من نتائج الت�شخي�ص ،نحو اجلوانب التي ميكن ا�ستثمارها يف حت�سني جودة امل�ؤ�س�سة ؛ • �صياغة تركيبة :من خالل تقرير كتابي، يقدم وب�شكل تف�صيلي نتائج الت�شخي�ص وي�شتمل على االقرتاحات والتوجيهات التي
66
ميكن �أن ت�ساعد امل�ؤ�س�سة على حت�سني تدبريها للجودة. �إن ما ميكن ا�ستخال�صه من هذه التجربة، هو �أن «االفتحا�ص» �شكل �أ�سا�سي من �أ�شكال تقومي امل�ؤ�س�سة الرتبوية ،لكنه �شكل خا�ص من التقومي لأنه: • ينطلق من «مرجعية» حتدد �سلفا معايري وم�ؤ�رشات اجلودة املطلوبة ؛ • ين�صب على ال�صريورات والإجراءات وال يتعلق بالأ�شخا�ص ؛ • يعتمد معايري وم�ؤ�رشات ،قابلة لقيا�س كيفي �أكرث منه قيا�سا كميا ،من خالل املقارنة والت�شخي�ص والتحليل؛ • يهدف �إىل م�ساعدة امل�ؤ�س�سة ،على «فهم» م�صادر التعرث و «التعرف» على املعيقات التي حتول دون حتقيقها للجودة املطلوبة و�إدراك مواطن قوتها ؛ • يوجه م�سئويل التدبري ،يف امل�ؤ�س�سة ،نحو اتخاذ القرارات ،التي يرونها منا�سبة ،لتجاوز التعرثات واملعيقات وتطوير نقط القوة ،ب�أنف�سهم.
خال�صة �إن افتحا�ص اجلودة ،الذي قامت به الوحدة املركزية لالرتقاء بجودة الرتبية والتكوين ،هو تقومي تكويني ــ �إن �صح التعبري ــ يرمي من خالل عمل تفاعلي وت�شاركي ،بني فريق االفتحا�ص وفريق التدبري بامل�ؤ�س�سة� ،إىل توجيه امل�ؤ�س�سة الرتبوية نحو اتخاذ القرارات واحللول املالئمة ،حلاجاتها الآنية وامل�ستقبلية ،وملحيطها ولإمكاناتها الب�رشية واملادية .وهذه خطوة �أ�سا�سية يف �إر�ساء نظام للجودة لن تكتمل �إال مب�صاحبة امل�ؤ�س�سة وتتبعها حتى تتمكن من اكت�ساب اال�ستقاللية ،يف الت�سيري والتدبري وفق معايري اجلودة املطلوبة ،وهو ما �أخذته الوحدة املركزية لالرتقاء باجلودة ،يف برنامج عملها للمو�سم احلايل.
مفاهيم مفتاحية �إعداد :هيئة التحرير
• • • • • •
التقومي الت�شخي�صي التقومي التكويني التقومي الإجمايل الدو�سيمولوجيا االفتحا�ص البيداغوجي القيا�س
يت�ضمن هذا الركن تعريفات مقت�ضبة لبع�ض املفاهيم ذات ال�صلة مبواد العدد .وهي تعريفات �إجرائية ال تدعي الإحاطة مبختلف �أبعاد املفاهيم املدرجة يف هذا الباب، وال تغني عن �رضورة البحث يف الدالالت والأبعاد املختلفة لها.
التقويـــم التقومي الرتبوي عملية منظمة تهدف �إىل حتديد مدى حتقيق الأهداف املحددة للعملية التعليمية ــ التعلمية .ويفيد التقومي ،لغة ،معاين احلكم والقيمة والتقدير والت�صويب. يفرت�ض �إجناز التقومي جمع املعلومات الكمية والكيفية حول ال�شيء بوا�سطة �أداة للقيا�س �أو غريها بغاية �إ�صدار حكم قيمة عليه ،واتخاذ قرار ب�ش�أنه .والتقومي بهذا املعنى �أ�شمل من القيا�س لأن هذا الأخري ال يتعدى الو�صف الكمي لل�شيء. وميكن للتقومي �أن يكون داخليا �إذا �أجنزه ال�شخ�ص �أو الأ�شخا�ص املكلفون ب�إجناز العملية التعليمية ،وخارجيا �إذا �أ�سندت تلك املهمة لغريهم. وميكن �أن ين�صب التقومي على نتائج العملية التعليمية ــ التعلمية؛ وي�سمى يف هذه احلالة تقومي املنتوج .كما ميكن �أن ين�صب على تلك العملية نف�سها �إذا كان الغر�ض منه هو معرفة مدى مالءمة الإ�سرتاتيجيا املعتمدة للأهداف الرتبوية املتوخاة� ،أو مدى �صالحية الأدوات الديداكتيكية والبيداغوجية امل�ستعملة �إلخ� ،..أو على ال�رشوط املحيطة بالفعل الرتبوي والتعليمي .ويكون مو�ضوعه ،يف هذه احلالة الأخرية ،هو امل�ؤ�س�سة� ،أو احلكامة الرتبوية� ،أو الن�سق الرتبوي ب�شكل عام� ،أو بع�ض �أو كل تلك الأبعاد. وملا كانت العملية التعلمية ت�شمل ثالث مراحل رئي�سية ،هي حتديد الأهداف الرتبوية والتعليمية، واختيار الإ�سرتاتيجيا والطرق املالئمة لتحقيق تلك الأهداف ،ثم حتديد احل�صيلة النهائية ملا يرتتب عنها من تعلمات ،ف�إن عملية التقومي تتخذ ثالثة �أ�شكال خمتلفة تبعا للوقت الذي تتم فيه والأهداف املتوخاة منها .وعلى هذا الأ�سا�س ،منيز عادة بني ثالثة �أنواع من التقومي هي: التقومي القبلي �أو الت�شخي�صي ،والتقومي التكويني ،والتقومي الإجمايل �أو الإ�شهادي.
التقومي الت�شخي�صي يتم التقومي الت�شخي�صي ،عادة ،قبل بداية العملية التعلمية �أو التكوينية .لذلك ي�سمى� ،أي�ضا، التقومي القبلي �أو تقومي االنطالقة .وي�سعى هذا النوع من التقومي �إىل التعرف على م�ستوى التالميذ وحاجاتهم يف مادة معينة ويف م�ستوى درا�سي معني لأخذه بعني االعتبار يف التخطيط للدرو�س والتعلمات املقبلة .لذلك ،يركز على مدى متكن التالميذ من املعارف والكفايات ال�رضورية للإقبال على التعلمات واملقررات اجلديدة ب�أكرب قدر ممكن من حظوظ النجاح .وميكن للتقومي الت�شخي�صي �أن ين�صب ،كذلك ،على دوافع التالميذ واهتماماتهم ون�ضجهم املعريف والعاطفي؛ وعلى كل ما ميكن �أن يفيد يف التخطيط للعملية التعليمية. والوظيفة الرئي�سة للتقومي الت�شخي�صي هي م�ساعدة املدر�س على تكييف الأهداف التعليمية واملحتويات الدرا�سية مع م�ستوى التالميذ ومكت�سباتهم املعرفية ،واختيار اال�سرتاتيجيات 68
والطرق التعليمية املالئمة لتحقيق تلك الأهداف .وميكن للمدر�س �أن يلج�أ كذلك �إىل هذا النوع من التقومي لتكوين جمموعات امل�ستوى ،وتطبيق البيداغوجيا الفارقية� ،إذا كانت ال�رشوط املحيطة بالعملية التعليمة ت�سمح بذلك. ويتخذ التقومي الت�شخي�صي طابعا و�صفيا �إذا كان هدفه يقت�رص على معرفة مكت�سبات التالميذ وكفاياتهم ،وطابعا �إتيولوجيا �إذا كان ي�سعى �إىل معرفة �أ�سباب ما ميكن �أن يعرتي تلك املعارف والكفايات من نق�ص ،والعمل على جتاوزه.
التقومي التكويني التقومي التكويني جزء ال يتجز�أ من العملية الرتبوية العادية .فهو يرتكز على فر�ضية �أ�سا�سية مفادها �أن ال�صعوبات التعليمية التي قد يعاين منها بع�ض التالميذ� ،أو جلهم ،ال تدل بال�رضورة على نق�ص يف قدراتهم �أو ا�ستعداداتهم الفكرية بقدر ما ميكن �أن تكون ناجتة عن خلل يف املنهاج الرتبوي �أو الطريقة الرتبوية� ،أو غري ذلك مما يرتبط بظروف التعلم و�رشوطه. ولهذا ي�سعى التقومي التكويني �إىل تزويد املدر�س باملعلومات الكفيلة مب�ساعدته على �إعادة النظر يف ا�سرتاتيجيته التعليمية ،وتكييف �أهدافه وطرق تدري�سه مع متطلبات التالميذ وحاجاتهم وم�ستواهم ،و�أخذ الفوارق الفردية والثقافية املوجودة بينهم بعني االعتبار. وي�سمى تقوميا تكوينيا لأن الغاية الأ�سا�سية التي ي�سعى �إىل حتقيقها هي حت�سني العملية التعليمية والتكوينية والرفع من مردوديتها. يتم التقومي التكويني �أثناء العملية التعليمية ــ التعلمية .وميكن �أن يتم مبا�رشة بعد االنتهاء من در�س �أو من وحدة تعليمية معينة .ويهدف �إىل �ضبط تعلمات التالميذ �أو الطالب وتنظيمها بغية: • م�ساعدة املدر�س على معرفة مدى حتقيقه للأهداف الرتبوية املحددة لدر�س �أو وحدة تربوية معينة؛ • م�ساعدته على معرفة التالميذ الذين يعانون من �صعوبات يف التعلم ،وت�شخي�ص تلك ال�صعوبات مل�ساعدتهم على تخطيها والتقدم يف التعلم؛ • م�ساعدته على معرفة مواطن اخللل يف العملية التعليمية والتعلمية والتدخل لعالجها. وي�ساعد التقومي التكويني ،كذلك ،املتعلم على اكت�شاف مواطن �ضعفه ويحفزه على العمل من �أجل جتاوزها؛ كما ي�ساعد امل�س�ؤولني و�آباء التالميذ و�أولياءهم على تتبع امل�سار التعليمي لأبنائهم ومعرفة مدى تقدمهم يف تعلماتهم ،وما ميكن �أن يعرت�ضهم يف ذلك من �صعوبات، واتخاذ الإجراءات املالئمة لعالجها .وميكن �أن تكون تلك الإجراءات من طبيعة ديداكتيكية �أو بيداغوجية �أو اجتماعية �أو نف�سية. العدد
4
• فرباير
2011
69
ومبا �أن التقومي التكويني يقوم بدوره بوظيفة ت�شخي�صية ،ف�إن بع�ض الباحثني يخلطون بينه وبني التقومي الت�شخي�صي.
التقومي الإجمايل يجمع التقومي الإجمايل بني الوظائف الإ�شهادية واالنتقائية والتوجيهية .ويتم يف نهاية �سلك �أو مرحلة درا�سية معينة .ويهدف �إىل قيا�س ح�صيلة املعارف والكفايات التي اكت�سبها املتعلمون خالل تلك املرحلة بغاية التقرير يف م�صريهم التعليمي �أو املهني .ويتم ذلك من خالل الت�أكد من مدى توفرهم على املعارف واملهارات ال�رضورية لالنتقال من م�ستوى تعليمي �إىل �آخر� ،أو ملتابعة الدرا�سة يف �أ�سالك �أو تخ�ص�صات معينة� ،أو ملزاولة مهنة �أو ن�شاط معني. وقد يتوج هذا التقومي ،يف بع�ض مراحل التعليم ،ب�شهادة تخول ل�صاحبها حقوقا و�إمكانات مهنية �أو تكوينية معينة .لذلك ي�سمى� ،أي�ضا ،التقومي الإ�شهادي.
الدو�سيمولوجيا �إن الدو�سيمولوجيا هي الدرا�سة املنظمة لالمتحانات� ،أي درا�سة طرق التنقيط ونزاهة امل�صححني والدرجات املمنوحة لإجنازات املتعلمني .والكلمة م�شتقة من اللفظة اليونانية dokiméوتعني: االختبار .وقد �صيغت يف ع�رشينيات القرن املا�ضي من طرف «هرني بيريون» ،الذي كان من �أوائل الباحثني يف م�سائل ت�صحيح االختبارات وحتديد �أدوات القيا�س التي ت�سمح بتكميم �إجنازات التالميذ ،من منطلق �أن لكل �إنتاج تربوي قيمة معينة ،ميكن حتديدها ب�شكل تقريبي .وقد انتقد بيريون طرق االمتحان التقليدية وعقم نتائجها ،مالحظا يف هذا الإطار ب�أن االهتمام باالمتحانات طيلة مدة التمدر�س ،حولها �إىل غاية يف ذاتها ،ت�ستقطب اهتمام الفاعلني الرتبويني والتالميذ و�آبائهم .لكن ،تخللت هذا االهتمام م�شاكل وثغرات ،م�ست يف جمملها م�صداقية االمتحان ومبد�أ تكاف�ؤ الفر�ص .وقد تبني �أن الثقة املطلقة املمنوحة للم�صححني وجلان الت�صحيح ،مل تكن دائما مفيدة .وهنا طرحت م�س�ألة م�صداقية التنقيط، حيث �أثبتت الدرا�سات والأبحاث �أن نتائج ت�صحيح االختبارات غري قارة� ،إذ تختلف من م�صحح لآخر ،بالن�سبة لنف�س املادة و�إزاء نف�س الإجابة ،بل هي تختلف لدى امل�صحح ذاته يف حالة قيامه بت�صحيح الورقة يف زمنني خمتلفني وحالتني نف�سيتني متباينتني .وهو ما يدعوه «دوالند�شري» بالت�أثريات ال�سيكولوجية على عملية التقومي والتي تتطلب درا�سة مواقف و�سلوكات وردود �أفعال امل�صححني واملمتحنني على حد �سواء (ال�رصامة �أو الت�ساهل يف التنقيط ،اخلوف من االمتحانات ،التخوف من ردود �أفعال التالميذ الخ .)..ويف هذا الإطار، خل�ص الدو�سيمولوجيون عملية تقومي االختبارات يف ثالثة مفاهيم �أ�سا�سية وهي :الأمانة وال�صالحية واحل�سا�سية .هكذا ،ف�إن املدر�س املقوم يواجه دوما بالأ�سئلة التالية: 70
• هل �ستظل النقطة التي منحتها هي نف�سها ،لو �أنني �صححت ورقة االمتحان مرة �أخرى، بعد �شهر مثال ؟ وهل �ستكون هي نف�س النقطة التي قد مينحها زميلي من نف�س املادة، لهذه الورقة ؟ • هل يت�سم �سلم الت�صحيح املتبع بامل�صداقية ؟ • �أال ت�ؤثر العوامل الذاتية يف تقدير �أجوبة املمتحنني وبالتايل يف مو�ضوعية الت�صحيح ؟ لتفادي هذه ال�صعوبات ،ا�شرتطت الدرا�سات الدو�سيمولوجية �سالمل م�ضبوطة للتقومي ،عرب �إخ�ضاع عمليات الت�صحيح ل�شبكات منظمة للقيا�س والتنقيط.
االفتحا�ص البيداغوجي االفتحا�ص L’auditيف مفهومه العام ن�شاط منهجي م�ستقل للمراقبة واال�ست�شارة قوامه احل�صول على معطيات وبيانات ومعلومات مو�ضوعية حول منظومة ما من �أجل حتديد ما �إذا كانت العنا�رص املكونة لهذه املنظومة متوافقة مع متطلبات املرجعية املعتمدة يف هذا املجال .كما �أنه عملية �إ�صدار حكم على كيفية تنظيم كيان ما �أو على �إجراءات معينة �أو عملية حمددة� .إنه ،بالدرجة الأوىل� ،أداة متكن من التطوير والتح�سني امل�ستمرين لهذه املنظومة بالنظر لكونه ي�سمح بجرد ما هو موجود وقائم (احلالة الراهنة) بغية الوقوف على مكامن ال�ضعف �أو مظاهر عدم التوافق بالرجوع ،طبعا� ،إىل املرجعية املعتمدة يف االفتحا�ص ،وكذا الك�شف عن مظاهر اخللل وت�شخي�ص املخاطر .والهدف من كل ذلك هو اقرتاح الإجراءات املنا�سبة التي متكن من ت�صحيح الفوارق امللحوظة وجتاوز مظاهر عدم التوافق القائمة. بناء على ذلك ،ميكن تعريف االفتحا�ص البيداغوجي l’audit pédagogiqueعلى �أنه العملية املنهجية واملنظمة التي تنطلق من �إطار مرجعي حمدد ،والتي تهدف �إىل جمع املعطيات ال�رضورية واملنا�سبة حول التنظيم البيداغوجي ،بحيث متكن من ت�شخي�ص نقاط ال�ضعف وعدم التوافق ،والتحديد الدقيق ملظاهر اخللل التي تعرتيه ،من �أجل التو�صل �إىل اقرتاح الآليات املنا�سبة لتجاوزها وحتديد �سبل حت�سني اخلدمات البيداغوجية واالرتقاء بفاعلية التنظيم يف اجتاه حتقيق اجلودة. لذلك ،من بني �أهم ما ينبغي �أن يتميز به نظام االفتحا�ص البيداغوجي ما يلي: • �أن تتوافق العنا�رص التي يعتمدها مع متطلبات املنظومة املطلوب افتحا�صها؛ • �أن يكون قادرا على حتقيق الأهداف املحددة؛ • �أن يكون مبقدوره امل�ساهمة يف حت�سني املنظومة والرفع من فاعليتها. العدد
4
• فرباير
2011
71
وعلى غرار ما هو موجود يف املجاالت الأخرى التي ي�شملها االفتحا�ص ،ميكن التمييز يف االفتحا�ص البيداغوجي بني الأمناط الثالثة التالية: • افتحـا�ص التـوافق ،l’audit de conformitéالـذي يـركــز على البـعـد الـقانوين والت�رشيعي؛ • افتحا�ص الفاعلية والنجاعة ،l’audit d’efficacitéويركز على املظاهر املتعلقة بالتكوين والتوا�صل والتدبري التوقعي للموارد الب�رشية؛ • االفتحا�ص الإ�سرتاتيجي الذي ي�شكل مظهرا من املظاهر التي ترتجم الإ�سرتاتيجية البيداغوجية املعتمدة يف �صيغة خطط وبرامج. وغالبا ما يتخذ االفتحا�ص البيداغوجي �صيغة تقومي� ،أي �شكل مراقبة ت�ستند �إىل التعليمات ال�صادرة عن مراكز القرار املعنية بالأمر ،فتكت�سي ،نتيجة لذلك� ،شكل الدعوة �إىل االن�ضباط للتوجيهات .بيد �أنه قد يهدف �أي�ضا �إىل توفري الو�سائل املنا�سبة التي من �ش�أنها امل�ساعدة على التدبري والقيادة. وميكن �أن يقوم االفتحا�ص يف املجال البيداغوجي على �أ�سا�س ت�شاركي ،وذلك من خالل �إ�رشاك الفاعلني املعنيني بالأمر يف خمتلف املراحل .ويفرت�ض هذا الأمر ما يلي: • �أن يتم االفتحا�ص بطلب من امل�س�ؤول ذاته عن التنظيم �أو املنظومة البيداغوجية؛ • �أن يتم الطلب من خالل عملية تفاو�ض؛ • �أن يتوافر امل�س�ؤولون عن املنظومة البيداغوجية على قدر وافر من حرية الت�رصف �إزاء التو�صيات املتو�صل �إليها يف نهاية عملية االفتحا�ص؛ • �أن يتوافق املعنيون بالأمر على املحافظة على �رسية نتائج الإفتحا�ص.
القيا�س القيا�س لغة من قا�س مبعنى قد ّر ال�شيء بغريه؛ ويف معناه العام عملية حتديد خ�صائ�ص �أو �أبعاد �شيء �أو مو�ضوع ما ،ماديا كان �أم غري مادي ،وذلك با�ستعمال �أداة موحدة ومعيارية ق�صد احل�صول على معلومات حول هذا املو�ضوع� .أما معناه العلمي ،فيدل على «التحقق بالتجربة �أو االختبار من الدرجة �أو الكمية بو�ساطة �أداة قيا�س معيارية؛ فالقيا�س عملية ن�صف بها الأ�شياء و�صفا كميا». والقيا�س يف معناه الرتبوي العادي يعني العالمة �أو الرمز الذي يح�صل عليه املتعلم نتيجة �إجابته عن الأ�سئلة .وهو العملية التي مبقت�ضاها يتم احل�صول على معطيات كمية �أو كيفية حمددة تتعلق بقدرات متعلم ما ــ �أو عدة متعلمني ــ الذهنية �أو اجل�سدية �أو غريها 72
(عمليات �أو �إجنازات) تعلم ،وذلك با�ستعمال �أداة منا�سبة لطبيعة املو�ضوع املطلوب قيا�سه وانطالقا من قاعدة �أو معيار وا�ضح. �أما يف ا�صطالح علم التقومي فهو عملية من عمليات التقومي يتم بف�ضلها تقدير �أداء املتعلم �أو �إجنازه ما تقديرا كميا يف �ضوء وحدة قيا�س معينة �أو ن�سبة �إىل �أ�سا�س معني ووفق �رشوط �أو قواعد حمددة .ويت�ضمن هذا التعريف عنا�رص حتدد مدلول القيا�س وهي: • القيا�س تقدير �أداء املتعلم �أو �إجنازه تقديرا كميا يف �ضوء وحدة قيا�س� ،أي �أن القيا�س تعبري عن اخل�صائ�ص وال�سمات باعتماد قيمة كمية. • يعتمد القيا�س على عملية مقارنة �أ�شياء معينة بوحدة �أو مقدار معياري ،بهدف معرفة عدد الوحدات املعيارية التي توجد فيه .ولذلك يتم القيا�س اعتمادا على املحكات Critèresوامل�ستويات Niveauxواملعايري Normesلتقدير مدى كفاية الأداءات ودقتها وفعاليتها. • غر�ض القيا�س هو جمع معطيات حول املو�ضوع املقا�س باالنطالق من قاعدة حمددة �أو معيار معني. • يتميز القيا�س بثبات يف وحدات القيا�س.
الفرق بني القيا�س وبني التقومي التقومي
القيـا�س جزء من التقومي
�أ�شمل من القيا�س
يهتم بو�صف ال�سلوك
يحكم على قيمته
حمدود ببع�ض املعلومات عن مو�ضوع القيا�س عملية ت�شخي�صية وعالجية يف �آن واحد ي�صف ال�سلوك و�صفا كميا بناء على �أن القيا�س ي�صف ال�سلوك و�صفا كميا ونوعيا عدد ووحدة و�صف �أكرث مو�ضوعية لل�سمات �أو ال�سلوك �أو التقومي يعطي تقديرا لقيمة القيا�س اخل�صائ�ص يعتمد على الدقة الرقمية
يعتمد الت�شخي�ص والعالج
يتخذ القيا�س �أ�شكاال متعددة ،بحيث يكون على النحو التايل : • معياريا توظف معطياته لرتتيب املتعلمني �أو حمكيا ينطلق من �أهداف حمددة ليقي�س �أداء متعلم �أو جمموعة من املتعلمني؛ العدد
4
• فرباير
2011
73
• �شامال ين�صب على �إجنازات املتعلم املرتبطة مبجموعة من املواد الدرا�سية �أو من �أن�شطة التعلم� ،أو جزئيا يهم حلظة �أو حلظات حمددة من التعلم.
ت�صنيف املقايي�س املقيا�س الإ�سمي
ت�صنيف الظواهر �أو مو�ضوعات القيا�س �إىل فئات �أو جمموعات رقمية
مقيا�س الرتب
ت�صنيف مو�ضوعات القيا�س ح�سب �أهميتها و�أف�ضليتها تنازلي ًا �أو ت�صاعدي ًا دون �أن يعك�س ذلك مدى الفروق بني كل فئة و�أخرى
مقيا�س الفرتات
ت�صنيف مو�ضوعات القيا�س �إىل فئات ح�سب �أهميتها و�أف�ضليتها تنازلي ًا �أو ت�صاعدي ًا ولكنه يعك�س مدى الفروق احلقيقية يف ذلك الت�صنيف
ميكن ت�صنيف �أنواع �أدوات القيا�س �إىل: • اختبارات حمكية املرجع :وهي حتديد املعيار �أو املعايري من قبل املعلم �أو الأخ�صائي وتو�ضع بنا ًء على ما يتوقع من املفحو�ص ،ويكرث ا�ستخدام هذا النوع من االختبارات يف ميدان الرتبية اخلا�صة؛ • اختبارات معيارية املرجع :وهي مقارنة �أداء الفرد ب�أداء املجموعة العمرية التي ينتمي �إليها، وت�ستخدم هذه االختبارات يف �أغرا�ض ت�صنيف املتعلمني وحتديد مواقعهم على منحنى التوزيع الطبيعي . • �أدوات القيا�س امل�سحية املبدئية :مثل اختبار مهارة القراءة والكتابة ،واختبار «دوريل» ل�صعوبات القراءة ،واختبارات «�سلنفرد» لل�صعوبات اللغوية اخلا�صة. • �أدوات القيا�س املقننة :وتت�صف ب�أن لها دالالت �صدق وثبات ومعايري خا�صة بها ،مثل مقيا�س «�ستانفورد بينيه»� ،أو «وك�سلر»� ،أو مقيا�س «توران�س» للتفكري الإبداعي� ،أو مقيا�س ال�سلوك التكيفي� ،أو مقيا�س «بريك�س» لتقدير ال�سلوك
74
بيبليـوغـرافيـا �إعداد :هيئة التحرير
يهدف هذا الركن �إىل متكني القارئ من الئحة بيبليوغرافية مقرتحة ،من �ش�أنها �أن ت�ساعد على تعميق البحث والدرا�سة يف املوا�ضيع املدرجة يف ملف العدد. وهي الئحة خمت�رصة ال ت�ستويف كل العناوين ،وال تغني عن �أهمية �إثرائها مبختلف املراجع والدرا�سات ذات ال�صلة.
مراجع باللغة العربية : •
توما جورج خوري ،القيا�س والتقومي يف الرتبية والتعليم ،من�شورات جمد.2008 ،
•
حل�سن مادي ،الأهداف والتقييم يف الرتبية ،بابل للطباعة والن�رش والتوزيع ،الرباط.1992 ،
•
حممد الدريج ،حتليل العملية التعليمية ،مطبعة النجاح اجلديدة ،الدار البي�ضاء ،ط.1988 .
•
حممد فاحتي ،مناهج القيا�س و�أ�ساليب التقييم ،من�شورات ديداكتيكا ،الدار البي�ضاء.1995 ،
•
نبيل �أحمد عبد الهادي ،القيا�س والتقومي الرتبوي وا�ستخدامه يف جمال التدري�س ال�صفي ،دار وائل للن�رش2001 ،؛
•
عبد اللطيف الفارابي وحممد �أيت موحى ،بيداغوجية التقومي والدعم� ،سل�سلة علوم الرتبية ،عدد.1991 ،6 :
• عبد الواحد املزكلدي ،التقومي الرتبوي يف النظام التعليمي باملغرب :درا�سة نف�سية تربوية حول �أثر االمتحانات املدر�سية على تكوين بع�ض االجتاهات النف�سية لدى التالميذ ،مطبعة ف�ضالة ،املحمدية.1996 ،
•
�سيد �أحمد عبد املجيد من�صور ،التقومي الرتبوي :الأ�س�س والتطبيقات ،دار الأمني.1996 ،
مراجع باللغة الفرن�سية: • Abernot, Y. «Les méthodes d’évaluation scolaire», Paris , Bordas, 1988. • Abrecht, R. «L’évaluation formative : une analyse critique», • BACHER, F., «La docimologie in REUCHLIN (M)», Traité de psychologie appliquée Volume VI, Paris, 1975.
• Cardinet, Jean. «Evaluation scolaire et mesure», Bruxelles, DE Boeck- wesmael, 1986.
• Cardinet, Jean. «Evaluation scolaire et pratique», Bruxelles, DE Boeck-wesmael, 1986.
• Bonboir, A. «La docimologie», Paris, PUF, 1972. • Delandsheere,G. «Dictionnaire de l’évaluation et de la recherche en éducation», Paris, PUF, 1979.
• Delorme Ch. Et autres, «L’évaluation en questions», Paris, ESF, 1987 • Ketele, J.M. Docimologie. Introduction aux concepts et aux pratiques, Louvainla-Neuve, Cabay, 1982.
76
• De Ketele, J.M. «L’évaluation, approche descriptive ou presprictive», Bruxelles, DE Boeck,1987.
• De Perretti, A. «Recueil d’instruments et de processus d’évaluation formative», Paris, I.N.R.P. 1980.
• LANDHEERE (G. de). «Evaluation continue et examen. Précis de docimologie», Bruxelle-Labor, Paris - F. Nathan, 1972.
• Linda,A. et autres, «L’évaluation formative dans un enseignement différencié», Berne, Peter Lang, 1979.
• Mager, R.F. «Comment mesurer les résultats de l’enseignement», Paris, Bordas, 1986.
• Perrenoud, P. «Enseigner : agir dans l’urgence, décider dans l’incertitude». Paris, ESF, 1996.
• Piéron, H. «Examens et docimologie», Paris, PUF, 1963. • Noizet, G. & Caverni, J.P.. «Psychologie de l’évaluation scolaire». Paris, PUF, 1978.
• Reuchlin, M. «Problèmes d’évaluation», In M. Debesse & G. Mialaret (Eds.), Traité des sciences pédagogiques, Vol. 4, Psychologie de l’éducation, 1974.
• Vogler, J. «L’évaluation», Hachette Education, Paris, 1997. • Weiss, J. «L’évaluation : problème de communication», Cousset, Fribourg : Delval1, 1991.
77
2011
• فرباير
4
العدد
ملفي العددين المقبلين من «دفاتر التربية والتكوين »
t
ملف العـــدد الخــــام�س
المدر�سة وقيم المواطنة وال�سلوك المدني
t
ملف العـــدد ال�ســاد�س الإدارة التربوية وم�شروع الم�ؤ�س�سة
Thème du cinquième numéro t
l’école et les valeurs de citoyenneté et de civisme
Thème du sixième numéro
78
t
L’administration scolaire et le projet d’établissement