التقويم والتحصيل الدراسي

Page 1

2011 - ‫فرباير‬

DOSSIER

4

‫التقومي والتح�صيل الدرا�سي‬

‫العدد‬

‫مـلــف‬

‫العدد‬

4

‫يف امللف‬

‫التقومي الرتبوي ــ �س�ؤال املاهية‬ ‫والوظيفة‬

‫دور التقومي الرتبوي يف تطوير‬ ‫فعاليات كفايات التدري�س‬

‫التقومي الزمة �إجناح املدر�سة‬ ‫املغربية وجتديدها امل�ستمر‬

‫تقومي مردودية التعليم على‬ )‫امل�ستوى امل�ؤ�س�ساتي (ترجمة‬ ‫لتقومي‬ ‫الوطني‬ ‫الربنامج‬ ‫التح�صيل الدرا�سي‬ ‫ مقاربة‬: ‫التعلمات‬ ‫تقومي‬ ‫التقومي‬ ‫�أ�شكال‬ ‫لت�صنيف‬ )‫(بالفرن�سية‬ : ‫التقومي يف خدمة التعلمات‬ ‫ت�أمالت حول بع�ض ال�صعوبات‬ )‫(بالفرن�سية‬ ‫التقـويـم و�ضبـط التعلمـات‬ )‫(بالفرن�سية‬ ‫حتليل التحكم يف التح�صيل‬ ‫الدرا�سي باملغرب ح�سب درا�سة‬ )‫ (بالفرن�سية‬TIMSS ‫تقومي التعلمات يف قطاع‬ ‫التكوين املهني من منظور‬ )‫املقاربات بالكفايات (بالفرن�سية‬

‫قراءة يف كتاب «طرق التقومي‬ »‫املدر�سي‬ ‫قراءة يف كتاب «التقومي هو‬ ‫طلب التجديد على م�ستوى‬ »‫املمار�سة‬

‫الرتبية‬ ‫افتحا�ص‬

• • • • • •

‫�شهادات‬ ‫قراءات‬ •

‫جتارب متميزة‬

‫م�ؤ�س�سات‬ ‫تقومي‬ ‫والتكوين بوا�سطة‬ ‫اجلودة‬

Evaluation et apprentissage scolaire

4

Février - 2011

Dossier :

• L’évaluation des

apprentissages: essai de typologie • L’évaluation au service des apprentissages : réflexion sur quelques obstacles • L’évaluation et la régulation des apprentissages • Analyse de la performance des acquis scolaires au Maroc à travers l’enquête TIMSS • Evaluation des apprentissages de la formation professionnelle en contexte APC • L’évaluation pédagogique : finalités et fonctions (en arabe) • L’évaluation au service de l’école marocaine et de son renouvellement constant: un exercice nécessaire (en arabe) • Rôle de l’évaluation pédagogique dans le développement des compétences de l’enseignement (en arabe) • Evaluation du rendement scolaire au niveau institutionnel (en arabe) • Programme national d’évaluation des acquis des élèves(en arabe)

‫ درهما‬15 dh


‫دفاتر الرتبية والتكوين‬

‫من�شورات دورية ت�صدر ثالث مرات يف ال�سنة‬

‫املدير امل�س�ؤول‬

‫عبد اللطيف املودين‬

‫رئي�س التحرير‬ ‫حماين �أقفلي‬

‫هيئة التحرير‬

‫ادري�س اليعقوبي‪ ،‬ادري�س كثري‪ ،‬عبد احلق من�صف‪ ،‬عبد اللطيف الفاربي‪،‬‬ ‫عبد اللطيف املودين‪ ،‬عز الدين اخلطابي‪ ،‬ن�رص الدين احلايف‬

‫�سكرتري التحرير‬

‫عمر الأزمي الإدري�سي‬

‫النا�شر‬

‫املجل�س الأعلى للتعليم‬

‫التحرير‬

‫املجمع الإداري مل�ؤ�س�سة حممد ال�ساد�س للنهو�ض بالأعمال االجتماعية للرتبية والتكوين‪،‬‬ ‫جنـــاح �أ‪� ،2‬شـــارع عــالل الفا�سـي‪ ،‬مدينـــة العرفـــان‪ ،‬الربـــاط‬ ‫�ص‪.‬ب ‪ ،6535‬الربـــاط ‪ -‬املعـــاهـد‬ ‫تلفون‪05 37 77 44 25 :‬‬ ‫فاك�س‪05 37 77 46 12 :‬‬ ‫‪dafatir@cse.ma‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين‪:‬‬ ‫‪http://dafatir.cse.ma‬‬ ‫املوقع الإلكرتوين‪:‬‬

‫�إجناز وطبع‬

‫مكتبة املدار�س‬ ‫‪� ،12‬شارع احل�سن الثاين ــ الدار البي�ضاء‬ ‫الهاتف ‪ 0522.26.67.41 / 42 / 43 :‬ــ الفاك�س ‪0522.20.10.03 :‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪lipadec@almadariss.ma :‬‬ ‫‪www.almadariss.ma‬‬ ‫الوب ‪:‬‬ ‫املوقع على ِ‬

‫توزيع‬

‫�سابري�س‬ ‫جميع الآراء الواردة يف «دفاتر الرتبية والتكوين» تعرب عن وجهات نظر �أ�صحابها‪،‬‬ ‫وال تعك�س بال�رضورة موقف الدفاتر‬ ‫جميع حقوق الن�رش حمفوظة للمجل�س الأعلى للتعليم‬ ‫ال ي�سمح ب�إعادة ن�رش املواد املت�ضمنة يف هذا الإ�صدار ولو جزئيا‬ ‫رقم الإيداع القانوين ‪:‬‬ ‫ملف ال�صحافة ‪� 09/22 :‬ص‪.‬ح‬ ‫ردمــــد ‪2028 - 0955 :‬‬

‫‪2009 PE 0120‬‬


‫املحــتـويـــات‬ ‫مع القارئ‬

‫‪2‬‬

‫ملف العدد‬ ‫التقومي والتح�صيل الدرا�سي‬

‫‪3‬‬

‫• التقومي الرتبوي ـــ �س�ؤال املاهية والوظيفة‬

‫‪6‬‬

‫• التقومي الزمة �إجناح املدر�سة وجتديدها امل�ستمر‬

‫‪14‬‬

‫• دور التقومي الرتبوي يف تطوير فعالية كفايات التدري�س‬

‫‪20‬‬

‫• تقومي مردودية التعليم على امل�ستوى امل�ؤ�س�ساتي‬

‫‪27‬‬

‫• الربنامج الوطني لتقومي التح�صيل الدرا�سي ‪� :‬آلية جديدة لتقومي مكت�سبات التالميذ‬ ‫باملنظومة الوطنية للرتبية والتكوين‬

‫‪34‬‬

‫�شهادات‬

‫‪37‬‬

‫عبد العزيز قري�ش‬

‫عبد اللطيف املودين‬

‫عبد العزيز العلوي الأمراين‬

‫ترجمة ‪ :‬م�صطفى ح�سني‬

‫�إعداد ‪ :‬هيئة التحرير‬

‫• �آراء حول التقومي بالتعليم الثانوي الت�أهيلي‬

‫‪38‬‬

‫• كالم �آخر عن التقومي‬

‫‪41‬‬

‫• املتعلم (ة) من زاوية التقومي التكويني‬

‫‪43‬‬

‫• تقومي التعلمات باملدر�سة االبتدائية بالو�سط القروي وفق مقاربة الإدماج ‪ :‬طموح الت�صور‬ ‫و�إكراهات التفعيل‬

‫‪47‬‬

‫•التقومي ودروب اال�ستماع باحلياة‬

‫‪51‬‬

‫• �إىل �أي مدى ميكن اعتماد مقاربة العمل بامل�شروع �أداة لتقومي �أداء امل�ؤ�س�سة التعليمية ؟‬

‫‪54‬‬

‫قراءات‬

‫‪57‬‬

‫•قراءة يف كتاب «طرق التقومي املدر�سي» مل�ؤلفه ‪� :‬إيفان �أبرنو‬

‫‪58‬‬

‫• قراءة يف كتاب «التقومي هو طلب التجديد على م�ستوى املمار�سة» مل�ؤلفته ‪ :‬دينا �سان�سي‬

‫‪61‬‬

‫جتارب متميزة‬

‫‪63‬‬

‫عبد اهلل الوايل العلمي‬ ‫علي رحيمي‬

‫العربي �آيت املاليل‬

‫حممد �آيت ابريك‬

‫كرمي اعا‬

‫حممد حكيمي‬

‫عز الدين اخلطابي‬ ‫�إدري�س كثري‬

‫• تقومي م�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين بوا�سطة افتحا�ص اجلودة‬

‫‪64‬‬

‫مفاهيم مفتاحية‬

‫‪67‬‬

‫بيبليوغرافيا‬

‫‪75‬‬

‫ملفي العددين املقبلني من «دفاتر الرتبية والتكوين»‬

‫‪78‬‬

‫عائ�شة �أنو�س‬


‫«مع القارئ»‬ ‫يف �إطار التوا�صل امل�ستمر مع قراء «دفاتر الرتبية والتكوين»‪ ،‬و�ضمانا لتي�سري �إطالعهم‬ ‫على �آخر م�ستجداتها‪ ،‬بادرت هيئة التحرير �إىل �إحداث موقع �إلكرتوين خا�ص بالدفاتر‬ ‫حتت عنوان ‪.http ://dafatir.cse.ma‬‬ ‫يهدف هذا املوقع �إىل‪:‬‬ ‫• الإعالن عن حماور الأعداد املقبلة ون�رش الدعوة �إىل امل�ساهمة فيها‪ ،‬ق�صد �إطالع القراء‬ ‫على م�ضامينها و�إتاحة الفر�صة �أمامهم للم�ساهمة؛‬ ‫• ا�ستطالع �آراء واقرتاحات القراء يف �ش�أن هذا الإ�صدار عن طريق ا�ستقبال ر�سائلهم‬ ‫الإلكرتونية وا�ستمارة التقومي املعدة لهذا الغر�ض‪ ،‬يف ارتباط بكل عدد؛‬ ‫• و�ضع حمتويات الأعداد القدمية رهن �إ�شارة القراء ق�صد الإطالع عليها‪ ،‬وذلك تعميما‬ ‫للفائدة؛‬ ‫• ن�رش املقاالت التي تو�صلت بها هيئة التحرير‪ ،‬والتي مل يت�أت ن�رشها يف الإ�صدار‬ ‫الورقي‪� ،‬رشيطة ا�ستيفاءها ل�رشوط الن�رش؛‬ ‫• تكوين �شبكة من الباحثني والكفاءات الفكرية يف ميدان الرتبية والتكوين‪ ،‬ق�صد‬ ‫ا�ستكتابهم واال�ستفادة من خرباتهم النظرية وامليدانية‪.‬‬ ‫يف هذا ال�صدد‪ ،‬تدعو هيئة التحرير القراء الكرام �إىل زيارة املوقع الإلكرتوين للدفاتر‪،‬‬ ‫مرحبة بكل مالحظاتهم ومقرتحاتهم التي من �ش�أنها الإ�سهام يف التطوير امل�ستمر لهذا‬ ‫امل�رشوع الرتبوي‪.‬‬


‫ملـف العـدد‬ ‫التقومي والتح�صيل الدرا�سي‬


‫تقديـم‬ ‫يعد التقومي عملية �أ�سا�سية من عمليات التعليم والتعلم ومقوم ًا رئي�سا لها‪ .‬ويهدف �إىل الرفع امل�ستمر‬ ‫من جودة الرتبية والتعليم عرب ت�شخي�ص م�شكالت التعلم والتدخل لعالجها‪ ،‬وحتديد مدى حتقيق‬ ‫�أهداف العملية التعليمية التعلمية‪ .‬وعلى م�ستوى �أعم‪ ،‬ميكن التقومي من قيا�س جودة املنظومة‬ ‫الرتبوية وتقدير مردوديتها الداخلية واخلارجية‪.‬‬ ‫التقومي مفهوم متعدد الدالالت واال�ستعماالت‪ .‬قد ين�صب على املتعلم وحت�صيله الدرا�سي‪ ،‬من‬ ‫خالل �صيغ خمتلفة كالتقومي التكويني والتقومي الإ�شهادي‪ ،‬وقد ين�صب على امل�ؤ�س�سة الرتبوية‬ ‫بغاية تقدير جناعتها بالنظر �إىل الأهداف املر�سومة لها‪� ،‬سواء من حيث جوانبها البيداغوجية (الربامج‬ ‫واملناهج واملقاربات البيداغوجية‪� ،)...‬أو التدبريية (الإدارة الرتبوية والتمويل واحلكامة واملردودية‬ ‫الداخلية واخلارجية للمنظومة‪.)...‬‬ ‫من هذا املنطلق‪ ،‬ي�أتي اختيار هيئة حترير «دفاتر الرتبية والتكوين» ملو�ضوع «التقومي والتح�صيل‬ ‫الدرا�سي» حمورا مللف العدد الرابع‪ ،‬وذلك رغبة منها يف ت�سليط ال�ضوء على مو�ضوع ما فتئ يثري‬ ‫اهتمام الفاعلني يف ميدان الرتبية والتكوين‪ ،‬ف�ضال عن كونه ي�شكل مادة خ�صبة للبحث والدر�س‬ ‫والتفكري‪ ،‬بالنظر �إىل �أهميته وراهنيته‪ .‬وميكن معاجلة هذا املو�ضوع من خالل املحاور التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬مفهوم التقومي و�أ�س�سه النظرية‬ ‫يبحث هذا املحور يف الإطار النظري للتقومي من خالل �أ�س�سه ومرجعياته‪ ،‬وذلك با�ستح�ضار‬ ‫النظريات التي حاولت �أن ت�ؤ�س�س لهذا املفهوم بو�صفه جزءا ال يتجز�أ من عملية التعليم والتعلم‪،‬‬ ‫ومكونا �أ�سا�سيا من مكونات ال�سيا�سة الرتبوية احلديثة‪.‬‬

‫‪ -2‬واقع التقومي يف املدر�سة املغربية‬ ‫يبحث هذا املحور يف التقومي كما ميار�س يف املنظومة الرتبوية املغربية‪� :‬أنواعه و�أدواته والظروف‬ ‫املادية واملعنوية التي يتم فيها ومدى ا�ستجابته لل�رشوط العلمية والرتبوية التي ينبغي �أن تتوفر يف‬ ‫التقومي الناجع‪.‬‬

‫‪ -3‬دور التقومي يف حت�سني التح�صيل الدرا�سي‬ ‫يعترب التقومي املنتظم لتعلمات التالميذ و�إجنازاتهم عامال مهما من عوامل الرفع من م�ستواهم‬ ‫الدرا�سي‪ .‬ومن ثم ميكن طرح الأ�سئلة التالية‪ :‬كيف‪ ،‬وب�أية �آليات‪ ،‬ي�سهم التقومي يف حت�سني‬ ‫التح�صيل الدرا�سي والرفع من جودة التعلمات ؟ ما دوره يف ت�شخي�ص م�شكالت التعلم و�صعوباته‪،‬‬ ‫ويف اختيار الأ�ساليب وال�صيغ العالجية الناجعة لتجاوزها ؟‬


‫‪ -4‬دور التقومي يف الرفع من مردودية املنظومة الرتبوية‬ ‫ي�سائل التقومي امل�ؤ�س�ستي �أداء املنظومة الرتبوية ككل ومردوديتها‪� ،‬إن على م�ستوى املناهج بكل‬ ‫مكوناتها‪� ،‬أو على م�ستوى التدبري‪ .‬فما هي الأ�ساليب املعتمدة يف تقومي منظومتنا الرتبوية ؟ ما هو‬ ‫دور تلك الأ�ساليب يف حت�سني �أدائها بالنظر �إىل الأهداف املر�سومة لها‪ ،‬ويف الرفع من مردوديتها‬ ‫الداخلية واخلارجية ؟ كيف ميكن للتقومي امل�ؤ�س�ستي �أن ي�ساهم يف توجيه ال�سيا�سة العمومية يف‬ ‫جمال الرتبية والتكوين ؟‬

‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪5‬‬


‫التقومي الرتبوي‬ ‫ــ �س�ؤال املاهية والوظيفة ــ‬

‫عبد العزيز قري�ش‬ ‫مفت�ش التعليم االبتدائي‬ ‫نيابة تاونات‬

‫‪� -1‬س�ؤال الولوج‬ ‫كثرية هي الأدبيات الرتبوية التي ا�شتغلت على حقل التقومي عامة والتقومي الرتبوي خا�صة‪،‬‬ ‫وف�صلت فيه ال�شيء الكثري من الزاويتني النظرية والتطبيقية‪ .‬غري �أنه يظل جماال للتطور ال�رسيع‬ ‫مع التطورات املت�سارعة التي ت�شهدها احلقول املعرفية‪ ،‬مبا فيها احلقل البيداغوجي والرتبوي‪ ،‬ملا‬ ‫يعرفه من م�ستجدات تت�ساوق والق�ضايا التي تعي�شها منظومات الرتبية والتكوين يف العامل ب�أ�رسه‪.‬‬ ‫واملنظومة الرتبوية والتكوينية املغربية تعي�ش نقلة نوعية وكمية يف جهازها املفاهيمي ويف‬ ‫جهازها الأداتي ويف مو�ضوعها ومداخلها الفكرية والعملية‪ ،‬مما ي�سمح مب�سوغات الت�سا�ؤل عن‬ ‫ماهية التقومي الرتبوي ووظيفته يف النظام التعليمي املغربي‪ :‬هل التقومي الرتبوي املمار�س يف املدر�سة‬ ‫املغربية هو تقومي باملفهوم العلمي‪� ،‬أم جمرد اختبارات وامتحانات ؟ وما وظيفته ؟ وهل هو مبفهومه‬ ‫وم�ستوعب لدى جمموع مكونات املنظومة الرتبوية والتكوينية ؟ و�إىل �أي حد ي�ساهم‬ ‫مفعل‬ ‫َ‬ ‫العلمي ّ َ‬ ‫يف جتليات الواقع التعليمي ومعاجلته وتطويره ؟ ‪ ...‬كلها �أ�سئلة قابلة للطرح من خالل �س�ؤال املاهية‬ ‫والوظيفة‪ ،‬لت�رشيح واقع التقومي املعي�ش يف املدر�سة املغربية‪ .‬وقبل الإجابة عنها‪ ،‬البد من البحث‬ ‫يف ماهية التقومي ووظيفته‪.‬‬

‫‪ -2‬ماهية التقومي الرتبوي‬ ‫قبل التعر�ض ملاهية التقومي الرتبوي‪ ،‬البد من الإ�شارة �إىل �أنه ال حديث عن الفعل التعليمي‬ ‫التعلمي دون احلديث عن التقومي الرتبوي‪ ،‬الذي يلعب دورا فعاال وم�ؤثرا يف توجيه عمليتي التعليم‬ ‫والتعلم و�إثرائهما‪ .‬فعملية التقومي وثيقة االرتباط بهاتني العمليتني؛ فهي ت�ؤثر فيهما وتت�أثر بهما يف‬ ‫�إطار املنظومة التعليمية املتكاملة(‪ .)1‬لذا‪ ،‬فالتقومي �إجراء �أ�سا�سي يف كل منظومة تربوية وتكوينية‪.‬‬ ‫فما معنى التقومي ؟‬ ‫التقومي لغة من «ق و م»‪ ،‬وهو م�صدر له من املعاين املعجمية الكثري؛ ن�أخذ منها التقومي‬ ‫الزمني‪ ،‬ويعني‪ :‬جمموعة قواعد التوفيق بني ال�سنة املدنية وال�سنة اال�ستوائية‪ ،‬وتق�سيم الأزمنة‪.‬‬ ‫‪ -1‬د‪� .‬صالح الدين حممود عالم‪ ،‬دليل يف تقومي الطلبة يف الدرا�سات االجتماعية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬م�رص‪،‬‬ ‫‪ ،1417/1997‬ط ‪� ،1‬ص‪.9 :.‬‬

‫‪6‬‬


‫ومنها �أي�ضا �إزالة االعوجاج والتعديل(‪)2‬؛ والتقومي م�شتق من مزيد فعل «قام» �أي ق ّ َوم ال�شيء‪.‬‬ ‫�أما خال�صة معاين املدخل املعجمي للتقومي الرتبوي‪ ،‬فتدل على التوفيق بني احلالة الواقعية‬ ‫واحلالة امل�ستهدفة من خالل تقومي �سريورة الفعل بينهما والرفع من جودتها الأدائية‪ .‬كما تت�ضمن‬ ‫تويل �أمر العملية التعليمية التعلمية من خالل الك�شف عنها و�إزالة اعوجاجها وتعزيز �إيجابياتها‬ ‫ف�ضال عن انت�صاب �أمرها‪ .‬ميكن ا�ستك�شاف ذلك عرب التحديدات اال�صطالحية التالية التي �أعطيت‬ ‫للتقومي‪:‬‬ ‫• «جمموعة من الإجراءات والعمليات امل�ستعملة لأدوات من طرف �شخ�ص تكلف بتعليم فئات‬ ‫معينة �أو �شخ�ص �آخر �أو املتعلم ذاته‪ ،‬والتي تكون مبنية متكن امل�ستهدف بالتقومي من �أداء مهام‬ ‫�أو اجلواب عن �أ�سئلة �أو تنفيذ �إجنازات ميكن فح�صها من قيا�س درجة تنفيذها و�إ�صدار احلكم‬ ‫عليها وعلى منفذها واتخذ قرار يخ�صه �أو يخ�ص عملية تعلمية ذاتها»‪.‬‬ ‫• حكم و�صفي �أو كمي حول قيمة �شخ�ص �أو مو�ضوع �أو عمليات �أو و�ضعية �أو تنظيم عن طريق‬ ‫مقارنة اخل�صائ�ص امللحوظة مع معايري معدة انطالقا من معايري وا�ضحة‪ ...‬وذلك ق�صد تقدمي‬ ‫معطيات مفيدة يف اتخاذ قرارات حول متابعة الأهداف‪ ...‬والتقومي كذلك عملية جمع ومعاجلة‬ ‫ملعلومات كيفية �أو كمية ترمي �إىل تقدير م�ستوى التعليم الذي يبلغه ال�شخ�ص بالن�سبة لأهداف‬ ‫معينة‪ ،‬وذلك ق�صد احلكم على املراحل التي �أجنزت �سابقا‪ ،‬واتخاذ �أف�ضل القرارات بالن�سبة‬ ‫للخطوات الالحقة‪.‬‬ ‫• ي�شمل التقومي الرتبوي العمليات التي ن�ستطيع �أن نتعرف بوا�سطتها على مدى حتقيق الأهداف‬ ‫الرتبوية لفرتة زمنية‪� ،‬أو منهاج تعليمي معني‪ ،‬فنتعرف على ما مت حتقيقه وما مل يتم‪.‬‬ ‫• التقومي هو ال�سريورة التي تهدف �إىل تقدير احلكم على و�ضعية تلميذ من حيث بع�ض جوانب‬ ‫منوه من �أجل اتخاذ �أف�ضل القرارات املمكنة املتعلقة مب�ساره امل�ستقبلي(‪.)3‬‬ ‫• «التقومي عملية منهجية منظمة جلمع البيانات وتف�سري الأدلة مبا ي�ؤدي �إىل �إ�صدار �أحكام تتعلق‬ ‫بالطالب �أو الربامج‪ ،‬مما ي�ساعد يف توجيه العمل لرتبوي واتخاذ الإجراءات املنا�سبة يف �ضوء‬ ‫ذلك(‪.)4‬‬ ‫• من الناحية الإجرائية ميكن حتديد التقومي يف م�ستويني‪:‬‬ ‫م�ستوى املنظومة الرتبوية والتكوينية يف �شموليتها‪ ،‬حيث يتحدد مبجموع اخلطط والإجراءات‬ ‫العملية التي تك�شف عن ناجت ال�سريورة الرتبوية والتكوينية يف جمملها قيا�سا بامل�ستهدف من‬

‫‪ -2‬املنجد يف اللغة والأعالم‪ ،‬دار امل�رشق‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪� ،29‬ص‪�.‬ص‪ 663 :.‬ـ ‪.664‬‬ ‫‪ -3‬عبد العزيز قريش‪ ،‬يف نقد برامج املدر�سة الأ�سا�سية‪ ،‬منشورات صدى التضامن‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،2001 ،‬ط ‪،1‬‬ ‫ص‪.57 :‬‬ ‫‪ -4‬صالح الدين محمود عالم‪ ،‬دليل يف تقومي الطلبة يف الدرا�سات االجتماعية‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪ 9 :‬ـ ‪.10‬‬

‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪7‬‬


‫املنظومة الرتبوية والتكوينية مقارنة مع و�ضعية االنطالق لأجل اتخاذ القرارات املنا�سبة يف التعزيز‬ ‫والدعم والتعديل واملراجعة طلبا جلودة الأداء الرتبوي والتكويني وناجته‪.‬‬ ‫يتطلب هذا التعريف تخطيطا وهند�سة و�إجراءات عملية كا�شفة عن ناجت ال�سريورة الرتبوية‬ ‫والتكوينية؛ كما ي�سمح بقيا�س النتائج مع الأهداف‪� ،‬أي يقي�س الفارق بني و�ضعية االنطالق‬ ‫والو�ضعية امل�ستهدفة‪ .‬يف هذا ال�سياق‪ ،‬ي�سمح التقومي باتخاذ القرارات املنا�سبة لأجل تعزيز النتائج‬ ‫�أو دعمها �أو معاجلتها �أو مراجعتها �أو تطويرها‪ ،‬وي�ستهدف بالتايل جودة الفعل الرتبوي والتكويني‬ ‫وناجته‪ .‬من جهة �أخرى‪ ،‬ي�شتغل التقومي هنا على املنظومة الرتبوية والتكوينية كلية وي�شمل خمتلف‬ ‫مكوناتها بدءا بالتخطيط وانتهاء بالنتائج واحل�صيلة‪ ،‬مرورا بالتنفيذ؛ كما ي�سمح بالتغذية الراجعة‬ ‫ال�شاملة‪.‬‬ ‫م�ستوى املمار�سة البيداغوجية‪ ،‬حيث يتحدد التقومي بـ «جمموع الإجراءات التي ميار�سها‬ ‫املعلم اجتاه و�ضعية تعليمية تعلمية التخاذ قرارات يف �ش�أنها»‪ .‬ويقوم هذا التعريف على اعتبار‬ ‫قرار‬ ‫التقومي جمموع �إجراءات خمتلفة ومتنوعة يف النوع والكم‪ ،‬ميار�سها املعلم‪ /‬املقوم‪ ،‬بغاية اتخاذ ٍ‬ ‫يف �ش�أن مو�ضوع التقومي‪.‬‬ ‫وبهذا‪ ،‬ف�إن التقومي تخطيط وفعل تبنى عليه التغذية الراجعة(‪ .)5‬كما يتطلب قبل اتخاذ القرار‬ ‫تف�سري النتائج وحتليلها وا�ستخراج القوانني العامة منها عند تكرارها ظواهر حا�صلة يف نتائج‬ ‫التقومي‪.‬‬ ‫وال�س�ؤال الذي يطرح نف�سه ب�إحلاح هو‪� :‬أي ت�صور للتقومي �أخذت به املنظومة الرتبوية‬ ‫والتكوينية باملغرب ؟ لكي جنيب عن هذا ال�س�ؤال‪ ،‬من املفرو�ض �أن ن�ستقرئ تاريخ الأدبيات الرتبوية‬ ‫والتكوينية املغربية الر�سمية‪ .‬غري �أننا �سنكتفي بتحليل الوثائق الر�سمية لوزارة الرتبية الوطنية‪ .‬تفيد‬ ‫م�صوغة تكوين �أ�ساتذة التعليم االبتدائي يف بيداغوجيا الإدماج �أن التقومي هو‪« :‬عملية جمع‬ ‫املعلومات من منتوج املتعلم‪ ،‬ق�صد فح�ص درجة توافقها مع جمموعة من املعايري وامل�ؤ�رشات بهدف‬ ‫اتخاذ قرار»(‪ .)6‬وهو تعريف ينح�رص يف الفعل التعليمي التعلمي دون �أن يكون �شامال حلقل التقومي‬ ‫بكامله‪ .‬غري �أن وزارة الرتبية الوطنية �ستتبنى مفهوم التقومي ال�شامل يف ظل الربنامج اال�ستعجايل‪،‬‬ ‫لأنها نهجت التدبري بالنتائج والتتبع‪ .‬ولعل التقوميات التي �أجرتها يف املو�سم ‪2010 - 2009‬‬ ‫تندرج �ضمن التقومي مبفهومه ال�شامل‪ ،‬ولو مل تتبعه تغذية راجعة على م�ستوى اال�ستدراك‬ ‫امليداين‪ ،‬وال �سيما بخ�صو�ص جيل مدر�سة النجاح �أو ال�سنة الثالثة �إعدادي �أو البكالوريا ‪ ...‬علما‬ ‫ب�أن التقومي ال�شامل ي�سمح للوزارة ب�أن جتعل ما تقوم به من تدابري و�إجراءات مو�ضوع تقومي ذاتي‪.‬‬ ‫‪ -5‬عبد العزيز قري�ش‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.58 :.‬‬ ‫‪ -6‬املركز الوطني للتجديد الرتبوي والتجريب‪ ،‬م�صوغة تكوين �أ�ساتذة التعليم االبتدائي يف بيداغوجيا الإدماج‪ ،‬وزارة الرتبية‬ ‫الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪� ،‬ص‪.41 :‬‬

‫‪8‬‬


‫‪ -3‬وظائف التقومي‬ ‫للتقومي مبفهومه اال�صطالحي �أو الإجرائي عدة وظائف‪ ،‬تعددت بتعدد جماالت ا�ستخدامه‪،‬‬ ‫نذكر منها‪:‬‬ ‫• وظيفة تقومي عائد التح�صيل الدرا�سي‪ ،‬وفيها يتم ر�صد املعارف والقدرات التي يكت�سبها التلميذ‪،‬‬ ‫وتقييم �أوجه التقدم التي يحققها يف حت�صيله الدرا�سي‪ ،‬من�سوبة �إىل م�ستواه ال�شخ�صي‪ ،‬وحتديد‬ ‫م�ستوى نتائجه يف حلظة معينة‪ ،‬وذلك باملقارنة مع‪:‬‬ ‫ــ م�ستوى نتائج ال�صف الدرا�سي �أو املجموعة التي يعمل معها ؛‬ ‫ــ م�ستوى نتائج ال�صفوف الدرا�سية املوازية لل�صف الدرا�سي للتلميذ واملوجودة يف نف�س املدر�سة؛‬ ‫ــ م�ستوى نتائج ال�صفوف الدرا�سية املوازية لل�صف الدرا�سي للتلميذ واملوجودة يف مدار�س‬ ‫�أخرى‪ ،‬قد توجد مثال يف مناطق �أو �أقاليم خمتلفة �أو تخدم فئات اجتماعية خمتلفة «مناطق ريفية‪،‬‬ ‫مناطق ح�رضية‪ ،‬فئات اجتماعية»‪.‬‬ ‫• وظيفة ت�شخي�صية‪ ،‬وفيها يتم التحقق من جوانب امل�ضامني التي ال ي�ستوعبها التلميذ �أو يجد‬ ‫�صعوبة يف ا�ستيعابها‪� ،‬أو التحقق من القدرات التي ال يتمكن من امتالك نا�صيتها بقدر كاف‪ ،‬حتى‬ ‫يتاح بذلك دعم �أ�شكال التعلم ذات ال�صلة‪.‬‬ ‫كما يتم حتديد الأ�سباب التي جتعل تلميذا ما �أو جمموعة تالميذ يالقون �صعوبات حمددة‬ ‫يف جمال درا�سي معني‪ ،‬والتو�صل �إىل تف�سري �أ�سباب هذه ال�صعوبات‪.‬‬ ‫ • وظيفة تقديرية‪ ،‬وفيها يتم التحقق مما �إذا كان التلميذ ح�سن التكيف مع امل�ستوى املدر�سي الذي‬ ‫هو فيه ومما �إذا كان ب�إمكانه �أن يتابع مرحلة الحقة بنجاح‪ ،‬وتقييم قدرات التلميذ الفكرية ومعارفه‬ ‫من �أجل االنتقال �إىل م�ستوى �أعلى ملادة درا�سية معينة �أو االنتقال �إىل مرحلة درا�سية �أعلى(‪.)7‬‬ ‫كما ح�رص كورين «‪ »Quernet.J‬وظائف التقومي يف �ستة �أ�سا�سية‬

‫(‪)8‬‬

‫هي ‪ :‬الوظيفة‬

‫الت�شخي�صية‪ ،‬والوظيفة التوقعية‪ ،‬والوظيفة ال�ضبطية‪ ،‬والوظيفة الإنتاجية‪ ،‬والوظيفة الفح�صية‪،‬‬ ‫والوظيفة التوا�صلية‪ .‬وكل وظيفة حتقق تقوميا ثالثيا‪ :‬تقومي �أويل‪ ،‬وتطوري‪ ،‬ونهائي‪ ،‬وذلك عرب‬ ‫م�سالك و�أداءات �إجرائية معينة(‪ .)9‬وهناك من �ألح على ثالث �أدوار للتقومي هي(‪ :)10‬الدور البنائي‬ ‫التتبعي‪ ،‬والدور الت�شخي�صي العالجي‪ ،‬والدور اخلتامي التجميعي‪.‬‬

‫‪ -7‬روجيه �سيغان‪ ،‬و�ضع املقررات الدرا�سية وتنفيذها؛ دليل منهجي‪ ،‬اليون�سكو‪ ،‬ق�سم التعليم والبحوث‪� ،‬ص‪ 61 :‬ـ ‪.62‬‬ ‫‪ -8‬انظر التفا�صيل يف‪ :‬عبد اللطيف الفاربي و�آخرون‪ ،‬معجم علوم الرتبية‪� ،‬سل�سلة علوم الرتبية ‪ 9‬ـ ‪ ،1994 ،10‬ط ‪� ،1‬ص‪.121 :‬‬ ‫‪ -9‬عبد العزيز قري�ش‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.59 :‬‬ ‫‪ -10‬انظرتف�صيل ذلك يف‪ :‬د‪� .‬صالح الدين حممـود عالم‪ ،‬دليـل يف تقويـم الطلبـة يف الـدرا�سـات االجتمـاعيـة‪ ،‬مرجـع �سابـق‪،‬‬ ‫�ص‪ 11 :‬ـ ‪.12‬‬

‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪9‬‬


‫و�أما بالن�سبة للن�صو�ص الوزارية‪ ،‬ف�إن وظائف التقومي يف املدر�سة تتحدد يف‪:‬‬ ‫الوظيفة التوجيهية‪ :‬وتطابق التقومي الت�شخي�صي‪ ،‬الذي ينجز قبل بداية التعلم‪ ،‬ويهتم بر�صد‬ ‫ا�ستعدادات املتعلمني وم�ؤهالتهم؛‬ ‫الوظيفة التعديلية‪ :‬وتطابق التقومي التكويني الذي ينجز �أثناء التعلم ويعتمد البحث عن‬ ‫اخللل من �أجل معاجلته؛‬ ‫الوظيفة الإ�شهادية‪ :‬وتخ�ص التقومي الإجمايل الذي يتم يف �آخر �أ�شواط التعلم لي�سلط ال�ضوء‬ ‫على مواطن القوة لدى املتعلم (‪.)11‬‬

‫‪ -4‬جماالت التقومي‬ ‫تختلف جماالت التقومي باختالف موا�ضيعها‪ ،‬وتهم املجال املعريف واملجال الوجداين واملجال‬ ‫ال�سيكو‪-‬حركي واملجال القيمي من �شخ�صية املتعلم‪ .‬غري �أن التقومي ح�سب وظائفه امل�ؤ�س�سية‬ ‫ي�ستهدف املوا�ضيع التالية‪:‬‬ ‫• ا�ستعدادات وم�ؤهالت املتعلمات واملتعلمني؛‬ ‫• االختالل؛‬ ‫• مواطن القوة عند املتعلم‪.‬‬ ‫كما ي�ستهدف التقومي ح�سب املذكرة ‪ 74‬بتاريخ ‪� 9‬أبريل ‪ ،2010‬املوارد والكفايات(‪.)12‬‬ ‫والواقع �أن التقومي الإ�شهادي ينبغي �أن ي�ستهدف الكفايات الأ�سا�سية فقط دون املوارد‪ ،‬لأنه ال بناء‬ ‫للكفايات دون موارد‪ ،‬كما �أنه ال �إدماج ملن يفتقر �إىل املوارد وفق ال�سائد يف الأدبيات الرتبوية‪.‬‬

‫‪� -5‬أمناط التقومي‬ ‫ميكن حتديد �أمناط التقومي بناء على معايري حمددة مثل جن�س التقومي �أو نوعه والزمن‬ ‫والوظيفة واجلهة؛ و�إذا اكتفينا بجرد بع�ض هذه الأمناط‪ ،‬خ�صو�صا على م�ستوى النوع وال�سريورة‬ ‫الزمنية‪ ،‬فيمكن ح�رصها يف ثالثة �أ�شكال‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫• التقومي املعياري‪ :‬ويتمثل يف ترتيب املتعلمني ترتيبا ت�صاعديا �أو تنازليا ح�سب نتائجهم؛ وهو‬ ‫تقليدي وب�سيط وي�ستخدم امتحانات �شفهية �أو كتابية �أو اختبارات �أو ا�ستبيانات؛‬ ‫• تقومي الإعداد‪ :‬ويخ�ص التحقق من مدى قدرة املتعلم على معاجلة �صعوبات العمل املنوط به‪،‬‬ ‫�أي اكت�ساب الكفاية‪ .‬وله وظيفة ت�شخي�صية؛‬ ‫‪ -11‬املركز الوطني للتجديد الرتبوي والتجريب‪ ،‬م�صوغة تكوين �أ�ساتذة التعليم االبتدائي يف بيداغوجيا الإدماج‪ ،‬مرجع �سابق‪،‬‬ ‫�ص‪.41:‬‬ ‫‪ -12‬نف�س املرجع‪� ،‬ص‪.41 :‬‬

‫‪10‬‬


‫• تقومي تكويني‪/‬بنائي ‪ :‬ينجز �أثناء التعلم ويعتمد البحث عن اخللل من �أجل معاجلته كما ر�أينا‬ ‫�سابقا؛‬ ‫• تقومي �إجمايل‪ :‬ويهم احل�صول على بيانات �إجمالية عن ح�صيلة مقرر �أو ف�صل �أو �سنة درا�سية‪،‬‬ ‫ويتم بوا�سطة امتحانات واختبارات‪ ،‬يتم توا�صل نتائجها مع الآباء و�أولياء الأمور(‪.)13‬‬

‫‪� -6‬أ�س�س التقومي‬ ‫هناك العديد من الأ�س�س التي يقوم عليها التقومي‪ ،‬وتتنوع بتنوع املجال الذي ميار�س فيه؛‬ ‫وميكن �إجماال ح�رص �أهم هذه الأ�س�س فيما يلي‪:‬‬ ‫• �أن ين�صب على القدرات والكفايات امل�ستهدفة؛ ويجب �أن نربطه يف املدر�سة املغربية بالكفايات‬ ‫املرحلية والأ�سا�سية‪� .‬إال �أن الن�صو�ص امل�ؤ�س�سية الر�سمية ربطته باملوارد والكفايات‪.‬‬ ‫• �أن يغطي مداخل الكفاية من معرفة وقيم و�سلوك وخربة وقدرات واجتاهات‪� ...‬إلخ‪ .‬وهذا‬ ‫التف�صيل جعل امل�رشع املدر�سي املغربي ي�أخذ بتقومي املوارد‪ .‬وهنا البد من الإ�شارة �إىل �أن تقومي‬ ‫الكفاية البد �أن يرتكز على بنائها على مداخلها حتى يت�سنى تغطيتها‪.‬‬ ‫• �أن ي�ساير الفعل التعليمي التعلمي‪ ،‬بدءا بالتخطيط حتى التنفيذ والتقومي‪ ،‬مبعنى �أن يغطي‬ ‫مراحل الفعل التعليمي التعلمي و�أ�شكاله وتفا�صيله‪ .‬وهو ما ذهبت �إليه املذكرة ‪� 74‬سالفة الذكر‪.‬‬ ‫ • �أن يت�سم باخل�صائ�ص املتعارف عليها يف التقومي من �صدق وثبات ومو�ضوعية وال�شمولية‪ .‬وهذا‪،‬‬ ‫ما حاولت بيداغوجيا الإدماج �أن متار�سه حني ركزت على �شبكات التحقق و�شبكات الت�صحيح‪،‬‬ ‫وعلى املعايري وامل�ؤ�رشات‪ .‬ويجب الإ�شارة �إىل �أن ال�صدق يكون بقيا�س مالءمة �أداة التقومي مع ما‬ ‫و�ضعت من �أجل قيا�سه‪� ،‬أي �أن تقي�س مو�ضوع التقومي الذي �صممت من �أجله‪ .‬كما �أن الثبات‬ ‫يعني‪� :‬أن نتيجة التقومي تكون نف�سها عندما نطبقه على جمموعات متكافئة‪ .‬يف حني تعني‬ ‫املو�ضوعية انتفاء ذاتية املقوم عن نتائج التقومي‪� ،‬أي عدم ت�أثر النتائج بذاتية املقوم‪ .‬وهذا ما‬ ‫ذهبت �إليه بيداغوجيا الإدماج عندما �أخذت باملعايري وامل�ؤ�رشات‪ .‬وميكن هنا التذكري ب�أن م�س�ألة‬ ‫املو�ضوعية ن�سبية ومفتوحة يف العلوم الإن�سانية‪� .‬أما ال�شمولية‪ ،‬فتتحقق بتقدير التقومي م�ستهدفه‬ ‫على نحو ال�شمول والكمال‪ ،‬مبعنى املثالية يف امل�ستهدف من الكفايات‪ .‬و�أجد هذا يف التقومي‬ ‫الذي ذهبت �إليه بيداغوجيا الإدماج عند اعتبارها للمعايري مبا هي (�صفات املنتوج املنتظر)(‪،)14‬‬ ‫التي «يتم حتديدها عند �صياغة الكفاية‪ ،‬وتت�صف بكونها‪ :‬جمرة‪ ،‬عامة‪ ،‬من قبيل املثالية»(‪.)15‬‬ ‫• �أن ي�ستح�ضـر التقويـم الفروق الفرديـة بني املتعلمني خـا�صة يف ظـل املقاربـة بالكفـايـات مبدخلها‬ ‫املنهجي املتعلق ببيداغوجيا الإدماج التي تدعي لنف�سها الإن�صاف بني املتعلمني واملتعلمات‪.‬‬ ‫‪ -13‬عبد العزيز قري�ش‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ 61 :‬ـ ‪.62‬‬ ‫‪ -14‬املركز الوطني للتجديد الرتبوي والتجريب‪ ،‬م�صوغة تكوين �أ�ساتذة التعليم االبتدائي يف بيداغوجيا الإدماج‪ ،‬مرجع �سابق‪،‬‬ ‫�ص ‪.42 :‬‬ ‫‪ -15‬نف�س املرجع‪� ،‬ص‪.42 :‬‬

‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪11‬‬


‫• �أن يكون التقـومي دميقراطـيا‪ ،‬مبعنى �أن يتيح للمتعلمـات واملتعلمني تقويـم �أنف�سهم ب�أنف�سهـم مع‬ ‫�ضمان العدل بينهم‪ ،‬و�ضمان م�شاركتهم يف حتديد معايري الأداء‪ .‬وهذا ما ي�ستهدفه التقومي يف‬ ‫بيداغوجيا الإدماج من خالل �شبكات التحقق حيث يقف املتعلم على منتوجه التعلمي بنف�سه‬ ‫ويقومه وفق �شبكة التحقق‪ ،‬فيرتبى على التقومي الذاتي وتنغر�س فيه ثقافته وقيمه‪.‬‬ ‫وتبـقى هناك �أ�س�س �أخرى تراجع يف �أ�صولها الوثائقية مع الإ�شارة �إىل �أن التف�صيالت الدقيقة‬ ‫يف �ش�أنه تكون يف غالبها الأعم حول �أدوات التقومي وجماله وامل�ستهدف به ومنه و�رشوطه‪.‬‬

‫‪� -7‬أدوات التقومي‬ ‫مبا �أن التقومي ميار�س يف جماالت خمتلفة ومتنوعة‪ ،‬ف�إن �أدواته تتنوع ح�سب جماالته‬ ‫وغاياته‪ .‬فمنها ما هو متداول يف ال�ساحة‪ ،‬وما ميكن اخرتاعه وو�ضعه وفق متطلبات وموا�صفات‬ ‫جمال التقومي و�أهدافه‪ ،‬وا�ستخدامه يف التطور ال�شخ�صي واالجتماعي والتح�صيلي والأدائي‬ ‫للمتعلم‪ .‬وميكن هنا الإ�شارة باقت�ضاب �إىل �أ�سماء بع�ضها فيما يلي‪:‬‬ ‫• املالحظة‪ ،‬واملق�صود بها املالحظة العلمية ال العابرة والعفوية‪ ،‬امل�رشوطة ب�أدواتها ومناهجها؛‬ ‫بتبي داللة التقومي؛‬ ‫املقوم املق ّ َوم وفق م�ؤ�رشات معينة ت�سمح نُّ‬ ‫• املناق�شة‪ ،‬حيث يناق�ش ِّ‬ ‫• املقابلة‪ ،‬وفق املتعارف عليه يف �أدبياتها؛‬ ‫• البطاقة املدر�سية املح�صلة بالتتبع والدرا�سة وفق بنود معينة؛‬ ‫• االختبارات ال�شفهية؛‬ ‫• االختبارات الكتابية‪ ،‬ومنها‪ :‬اختبار الأجوبة الق�صرية؛ اختبار املقال؛ اختبار التكملة؛ اختبار‬ ‫الرديف الثنائي؛ اختبار الرديف املتعدد؛ اختبار املزاوجة؛ اختبار االختيار من متعدد؛ اختبار‬ ‫التحرير الداخلي؛ اختبار التحرير اخلارجي؛ اختبار الذات‪ .‬وهي كلها مف�صلة �أدبياتها يف م�صادر‬ ‫ومراجع التقومي خا�صة الإح�صاء ومناهج البحث والقيا�س(‪.)16‬‬

‫خامتة‪:‬‬ ‫بعد هذه الإطاللة الوجيزة جدا واملركزة عن التقومي ووظيفته و�أ�ساليبه‪ ،‬ميكن �أن ن�ستقرئ التقومي‬ ‫يف املدر�سة املغربية لكي جنيب عن �أ�سئلة الولوج‪ .‬ففي املدر�سة املغربية ميار�س التقومي مبفهوم �ضيق‬ ‫مرادف يف �أغلب الأحيان لالختبار الذي ي�ستهدف املعارف يف الأغلب الأعم‪ ،‬ويركز عليها دون‬ ‫�أن ي�ضمن �أ�س�سه وموا�صفاته‪ .‬غري �أين �أجد نقلة نوعية يف التقومي مع بيداغوجيا الإدماج‪ ،‬التي‬ ‫املقوم �إىل التمركز حول املو�ضوع املق ّ َوم‪« ،‬وهو يف النهاية املتعلم‬ ‫�ستنقله‪� ،‬أوال‪ ،‬من التمركز حول ذات ِّ‬ ‫‪ -16‬عبد العزيز قري�ش‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.63 :‬‬

‫‪12‬‬


‫من خالل الكفايات»؛ مما �سي�ضمن مو�ضوعية التقومي‪ .‬كما �ستنقله‪ ،‬ثانيا‪� ،‬إىل التقومي الذاتي‪،‬‬ ‫و�ست�ضمن له ال�شمولية ب�شمولية الكفاية ومعايريها وال�صدق مبمار�سته على جمموعات متكافئة من‬ ‫املتعلمني عرب الرتاب الوطني‪ .‬و�ستنقله‪ ،‬ثالثا‪ ،‬من تقومي �ضيق املفهوم �إىل تقومي عام و�شامل يعتمد‬ ‫على �أدوات علمية ت�سمح بتف�سري النتائج وقراءتها يف ظل معطياتها و�آفاقها‪.‬‬ ‫كما �أن التقومي داخل �إطار هذه البيداغوجيا ي�سمح بالك�شف عن الواقع التعليمي التعلمي داخل‬ ‫امل�ؤ�س�سات التعليمية‪� ،‬سواء تعلق الأمر بالتخطيط �أو التنفيذ �أو التقومي؛ ذلك �أن اال�شتغال ب�أدوات‬ ‫علمية ومعقلنة وم�ضبوطة بعفي من ال�سقوط يف االرجتال والتخبط‪ .‬ولي�س املقام هنا مقام تف�صيل‬ ‫املقال‪ ،‬فالإ�شارة كافية عن التفا�صيل‪ .‬ولكن قويل هذا قول ينطلق من مبادئ و�أ�س�س التقومي‬ ‫الواردة يف بيداغوجيا الإدماج‪� .‬أما كيفية ت�رصيفها ميدانيا ف�شيء �آخر البد �أن تعرت�ضه ال�صعوبات‬ ‫والإكراهات واالجتهادات التي قد حتيد به عن مداخله النظرية والتطبيقية‪ .‬وتبقى الإ�شارة واجبة‬ ‫هنا �إىل �أن م�ؤ�رشات االنتقال النوعي يف مفهوم التقومي ووظيفته و�أدواته و�أ�س�سه قوية وجلية من‬ ‫خالل م�صوغة التكوين يف بيداغوجيا الإدماج؛ وهي الإطار املنهجي لت�رصيف املنهاج يف املدر�سة‬ ‫املغربية‪ .‬ويبقى علينا الإميان ب�أن هذه النقلة النوعية جديرة باحت�ضانها ومناق�شتها ودرا�ستها‬ ‫ونقدها من �أجل تطويرها وحت�سينها مقابل ن�رش الوعي بها وت�رشب ثقافتها بيننا‪ .‬فهي �ست�سمح‬ ‫مبعاجلة الكثري من امل�شاكل املتعلقة بالتقومي يف املدر�سة املغربية‪.‬‬

‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪13‬‬


‫التقومي الزمة �إجناح املدر�سة‬ ‫وجتديدها امل�ستمر‬ ‫عبد اللطيف املودين‬ ‫يف �سياق التطور املتالحق للم�ؤ�س�سات والتنظيمات والتجدد امل�ستمر للمقاربات الهادفة �إىل‬ ‫االرتقاء ب�سريها وح�سن تدبريها‪ ،‬عرف مفهوم التقومي امتدادا يف دالالته وتنوعا يف معانيه‬ ‫وتوظيفاته‪ .‬هكذا‪ ،‬مل يعد ا�ستعمال هذا املفهوم مرتبطا فقط باختبارات التح�صيل وقيا�س‬ ‫املكت�سبات الدرا�سية والتكوينية �أي مبختلف العمليات املندرجة عموما يف �إطار علم االمتحانات‬ ‫�أو الدو�سيمولوجيا ‪ ،la docimologie‬و�إمنا ات�سع مدلوله لي�شمل تقومي امل�ؤ�س�سات واملنظومات‬ ‫والربامج وامل�شاريع وال�سيا�سات‪.‬‬ ‫بذلك �أ�ضحى التقومي اليوم ركنا من �أركان التدبري الناجع‪ ،‬واحلكامة اجليدة‪ ،‬والزما ع�ضويا‬ ‫لكل �إ�صالح‪ ،‬و�أ�سلوبا برهنت املمار�سات اجليدة‪ ،‬التي �أتبتث جدارتها‪ ،‬على قيمته امل�ضافة العالية‬ ‫يف حتقيق جناح املنظومات وتر�سيخ جناعة امل�ؤ�س�سات‪� ،‬سواء تعلق الأمر مبيدان الرتبية والتكوين‬ ‫�أو بغريه من القطاعات‪.‬‬

‫‪ -1‬ما املدلول العام للتقومي ؟ كيف ي�شتغل ؟ ولأية �أهداف ؟‬ ‫يعد التقومي‪ ،‬يف �إحدى معانيه العامة‪� ،‬آلية م�ساعدة على اتخاذ القرار‪ ،‬ملا يتيحه �إعماله من‬ ‫ّ‬ ‫من معلومات ب�ش�أن واقع املو�ضوع امل�ستهدف به‪ ،‬ومقارنة هذه املعلومات باملعايري املالئمة‪ ،‬يف اجتاه‬ ‫الإعداد التخاذ القرارات وتفعيل الإجراءات املرتبطة بها‪ ،‬وذلك باعتبار �أن هذه العملية تعد يف‬ ‫مكمال �رضوريا للتخطيط املعقلن‪.‬‬ ‫جوهرها‬ ‫ّ‬ ‫يتخذ التقومي �صبغة كمية كلما ا�ستند �إىل معطيات ون�سب �إح�صائية‪ ،‬ق�صد توجيه قرارات‬ ‫تغيري �أو تعديل �أو تراجع �أو تقّ دم‪ ،‬ح�سب مو�ضوع التقومي و�أهدافه‪ .‬يف هذا ال�سياق‪ ،‬يكون املنطلق‬ ‫براغماتيا وملمو�سا يتوخى �أكرب قدر من املو�ضوعية‪.‬‬ ‫كما �أن التقومي قد تكون له �صبغة كيفية‪ ،‬حينما يعتمد التحليل والفح�ص الكيفي‪ ،‬الذي‬ ‫ي�ستمد مقوماته مما تتيحه بع�ض املعارف من �أدوات ومناهج الت�شخي�ص والتحليل والتقدير‪،‬‬ ‫واملقارنة واالفرتا�ض والت�أويل‪ ،‬وذلك ا�ستنادا �إىل اختيارات نظرية تتالءم ونوعية مو�ضوع التقومي‬ ‫و�أهدافه‪ .‬يف هذه احلالة يكون املنطلق عقالنيا م�شبعا باملنطق‪ ،‬الذي ي�ستنبط من ت�ضافر معطيات‬ ‫نظرية‪ ،‬ترتكز على عمليات التمحي�ص الذهني‪ ،‬وعلى �آليات اال�ستدالل املتوافرة عادة يف العلوم‬ ‫الإن�سانية املطبقة على ظواهر الواقع �أو امل�ؤ�س�سات �أو الربامج �أو مردود الأ�شخا�ص واملجموعات‪� ،‬أو‬ ‫على �أداء منظومة ب�أكملها‪.‬‬ ‫‪14‬‬


‫مهما كانت نوعية التقومي املتبع‪ ،‬ف�إن غايته الأ�سا�س تكمن يف تثمني مواطن القوة وجتاوز‬ ‫مكامن ال�ضعف فيما يتم تقوميه‪ ،‬وكذا قيا�س جناعة ما يتم توظيفه من موارد‪ ،‬وما تتم برجمته من‬ ‫م�شاريع‪ ،‬ليت�أتى الت�أكد من تقدير جدوى االختيارات املر�سومة لبناء تلك امل�شاريع‪.‬‬ ‫لكي تكت�سي عملية التقومي م�صداقيتها‪ ،‬يتعني �إخ�ضاعها لقاعدتني على الأقل‪ :‬ا�ستعمال‬ ‫املناهج العلمية‪ ،‬و�ضمان ا�ستقاللية الهيئة امل�رشفة على التقومي وحيادها �إزاء الربامج �أو ال�سيا�سات‬ ‫مو�ضوع التقومي‪ .‬ت�ستمد هاتان القاعدتان م�رشوعيتهما من الطموح نحو ت�أ�سي�س ثقافة تقومي مبنية‬ ‫على �رشوط النزاهة واملو�ضوعية‪ ،‬واالحرتافية‪ ،‬يتقا�سمها جمموع �أطراف العملية ومتتد يف خمتلف‬ ‫مكونات املنظومة التي تعنيها‪ .‬من ثم‪ ،‬البد �أن تتوافر للعملية‪ ،‬يف ظل هذه الثقافة‪ ،‬ال�رشوط‬ ‫ال�رضورية ل�ضمان امل�صداقية والنزاهة‪ ،‬وال�سيما على م�ستوى ما ت�سفر عنه من نتائج‪ ،‬وذلك بعيدا‬ ‫تدخل خارجي قد ي�ؤثر �سلبا �أو �إيجابا يف �سريها‪.‬‬ ‫عن �أي ّ‬ ‫ي�صعب الت�سليم بجدوى منهاج تقومي ما وبنجاعته مبجرد �أن يكون ذائع ال�صيت �أو يكون‬ ‫قد �أثبث فعاليته يف �إحدى املجاالت؛ �إذ ال بد �أن يرتكز اختياره �أو تركيبه على حتليل م�سبق‬ ‫للمنظومة امل�ستهدفة بالتقومي‪ ،‬ليت�أتى تكييفه مع الإطار املالئم لإعمال مناهج التقومي و�أدواته‪.‬‬ ‫حني يتعلق الأمر بتقومي م�ؤ�س�ساتي‪ ،‬كما هو ال�ش�أن بالن�سبة للتقومي الرتبوي املتعلق بامل�ؤ�س�سات‬ ‫املعنية بهذا املجال‪ ،‬يكون الق�صد هو حتديد املعلومات املتوخى بلوغها‪ ،‬الكفيلة ب�إ�صدار �أحكام‬ ‫قيمة مو�ضوعية ذات �أهمية بالن�سبة للقرارات الواجب �أو املحتمل �أو املمكن اتخاذها‪ .‬الأمر الذي‬ ‫ي�ستدعي تقوميا للإطار الذي جتري فيه العملية‪ ،‬وتقوميا ملختلف املداخل املرتبطة مبو�ضوع هذا‬ ‫التقومي (ال�سياق‪ ،‬الفاعلون‪ ،‬املناهج‪ ،‬املنتوج‪ ،‬الإ�صالح‪ ،‬العمليات‪� ،‬إلخ)‪.‬‬ ‫من بني �رشوط �إجراء عملية التقومي يف املجال الرتبوي ‪:‬‬ ‫• حتديد جمال التقومي ومو�ضوعه‪ ،‬مما يتطلب القيام باختيارات يتعني حت�صينها ب�أق�صى �رشوط‬ ‫املو�ضوعية واجلدوى والكفاية ؛‬ ‫• حتديد امل�ستهدفني و�إ�رشاكهم يف عملية التقومي ؛‬ ‫• االختيار الناجع للقائمني بالتقومي‪ ،‬مع و�ضع مبادئ �صارمة من �ش�أنها ت�أمني �أكرب قدر من التجرد‬ ‫واحلياد واال�ستقاللية؛‬ ‫• حتديد الهدف من التقومي‪ .‬وهو �رشط �أ�سا�س للت�شخي�ص واملقاربة وللتمكن من بلوغ ا�ستنتاجات‬ ‫جمدية‪ ،‬وت�أويالت غري بعيدة عن الهدف املتوخى من التقومي‪.‬‬ ‫تبعا ملو�ضوع التقومي يف املجال الرتبوي‪ ،‬ف�إن الأهداف املتوخاة منه تتمايز عموما كما يلي‪:‬‬ ‫• تطوير وحتديث و�سائل ومناهج و�إجراءات تدبري ال�ش�أن الرتبوي ؛‬ ‫• تو�ضيح مهام الفاعلني واخت�صا�صاتهم ودور كل واحد منهم يف اتخاذ القرار؛‬ ‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪15‬‬


‫• البحث عن �سبل التخفي�ض من ن�سب الهدر الرتبوي‪ ،‬بوا�سطة تفعيل بيداغوجيا �أكرث مالءمة؛‬ ‫• النهو�ض بالبحث من خالل و�ضع �سيا�سة مالئمة يف جماالت مهمة كالتوظيف والتكوين والتجهيز‪،‬‬ ‫الخ ؛‬ ‫• الزيادة يف املوارد الب�رشية واملالية‪ ،‬ويف غريهما من الو�سائل ؛‬ ‫• حت�سني ظروف العمل وبنيات اال�ستقبال بامل�ؤ�س�سة‪ ،‬للحد من �آفة الر�سوب وهدر الطاقات ؛‬ ‫• الرفع من اجلودة‪ ،‬وحت�سني املردود الداخلي واخلارجي للمنظومة الرتبوية ‪...‬‬ ‫من بني �رشوط �إجناز عملية التقومي كذلك‪� ،‬أن يتم التخطيط لها ب�إحكام‪ ،‬من خالل حتديد‬ ‫حقلها ومو�ضوعها‪ ،‬ومنهجيتها‪ ،‬والقائمني عليها والربجمة الزمنية لإجرائها‪ ،‬ومراحل تتبعها من‬ ‫بدايتها �إىل غاية ا�ستخراج نتائجها‪ ،‬وتكلفتها‪... ،‬‬

‫‪ -2‬ما �أهمية تقومي املنظومة الرتبوية ؟‬ ‫يعد التقومي مكونا جوهريا للمنظومة الرتبوية‪ .‬تتجلى �أهميته يف كونه يتيح لذوي القرار‬ ‫املعنيني ولكل الفاعلني الرتبويني قدرا وافرا من املعلومات التي متكن من مراقبة جناعة �أداء املنظومة‬ ‫الرتبوية وتتبع �سريها مبختلف مكوناتها البيداغوجية والتدبريية والتنظيمية‪ ،‬يف ارتباطها مبحيطها‬ ‫االقت�صادي وال�سيا�سي واالجتماعي‪.‬‬ ‫من ثم‪ ،‬فحينما يتعلق الأمر ب�إ�صدار حكم على مكون من مكونات املنظومة الرتبوية يكون من‬ ‫املهم حتديد املعايري التي �ستعتمد لبلوغ هذه النتيجة‪ ،‬بناء على قواعد ومبادئ دقيقة‪ .‬وعلى العك�س‬ ‫من ذلك‪ ،‬فالتقومي الع�شوائي يفتقر �إىل املوثوقية والإن�صاف‪ .‬من ثم‪ ،‬تربز عدم �صالحيته لبلورة قرارات‬ ‫�سيا�سية �أو بيداغوجية يف املجال الرتبوي‪ .‬تكمن �أهمية التقومي بالن�سبة ملنظومة الرتبية والتكوين يف‬ ‫كونه �آلية ا�سرتاتيجية لتوجيه اتخاذ القرار والتجديد‪ ،‬و�ضمان جناعة القيادة ال�شمولية للمنظومة‪.‬‬ ‫التقومي واتخاذ القرار‬

‫➢‬

‫يف جمال الرتبية‪ ،‬حيث يرتبط التقومي ب�أهداف تتعلق باتخاذ قرارات‪ ،‬يكون للتقومي انعكا�سات‬ ‫قوية على الفاعلني الرتبويني وعلى مكونات املنظومة الرتبوية برمتها‪ .‬لذا‪ ،‬فمن ال�رضوري حتديد‬ ‫مو�ضوع التقومي واملعايري املعتمدة لإ�صدار احلكم املالئم‪ .‬ويف امليدان الرتبوي‪ ،‬كما يف غريه من‬ ‫امليادين‪ ،‬البد �أن يكون التقومي ن�سقيا وم�ؤ�س�سا على مبادئ موجهة‪ ،‬وم�ستندا �إىل ا�ستعمال دقيق‬ ‫ومالئم ملعايري وم�ؤ�رشات وا�ضحة‪ ،‬دقيقة‪ ،‬متعارف عليها وقابلة للقيا�س‪.‬‬ ‫التقومي والتجديد‬

‫➢‬

‫ميكن التخطيط للتقومي بالنظر العتبارين على الأقل‪:‬‬ ‫يتمثل �أولهما يف تف�سري املمار�سات اجلارية بغية تزكيتها‪ .‬يف هذه احلالة ي�ستعمل التقومي‬ ‫‪16‬‬


‫للح�صول على تغذية راجعة �إزاء ما نحن ب�صدد تقوميه‪ .‬على �أن الهدف يكمن يف ر�صد �أ�سباب‬ ‫جناح مو�ضوع التقومي وفعاليته‪ ،‬وذلك لإثبات �صالحية ما هو قائم‪ ،‬وتعليل املمار�سات احلالية؛‬ ‫• �أما االعتبار الثاين‪ ،‬فتجليه �أهمية جتميع املعطيات واملعلومات الكفيلة ب�إدخال امل�ستجدات‬ ‫والتغيريات (امل�ستجدات تعنى هنا التغيريات املربجمة واملخطط لها)‪ .‬وهنا ي�صبح مفهوم التقومي‬ ‫ومفهوم التجديد مرتابطني بحيث يغذيان بع�ضهما البع�ض‪.‬‬

‫‪� -3‬أية عالقة بني التقومي وبني قيادة املنظومة الرتبوية ؟‬ ‫تعد املنظومة الرتبوية بنيانا متفم�صال‪ ،‬ترتابط هياكله وم�ستوياته و�أمناطه يف ن�سق متما�سك‪.‬‬ ‫ومراقبتها ب�صفة منتظمة وم�ستمرة‪ ،‬من �أجل تتبع �سريها و�أدائها يف �شموليته �أمر بالغ الأهمية‪ .‬هذا‬ ‫النوع من املراقبة يندرج �ضمن جناعة القيادة الكلية واملتكاملة للمنظومة‪.‬‬ ‫ميكن التمييز بني ثالثة �أنواع من القيادة‪:‬‬ ‫• القيادة الإدارية‪ :‬التي ت�ضطلع باحرتام املقت�ضيات القانونية والتدبري الإداري ال�سليم من قبيل ‪:‬‬ ‫اال�ستعمال اجليد لالعتمادات املمنوحة‪ ،‬توظيف الأطر ذات املوا�صفات واجلانبيات املطلوبة‪،‬‬ ‫مراقبة التالميذ امل�سجلني ‪ ...‬؛‬ ‫• القيادة التكوينية ‪ :‬هذا النوع من القيادة موجه باخل�صو�ص للفاعلني‪ ،‬البحث عن ال�صعوبات التي‬ ‫يواجهها حميط تعليمي معني بالنظر �إىل كفايات وم�ؤهالت املوارد الب�رشية و�إيجاد احللول لها ؛‬ ‫• قيادة املردودية‪� :‬أداء امل�ؤ�س�سات التعليمية ومردود املنظومة الرتبوية بخ�صو�ص املعارف واملهارات‬ ‫وال�سلوكات‪ ،‬مع الأخذ بعني االعتبار جمموعة من امل�ؤ�رشات خا�صة بالتالميذ واملدر�سة واملدر�سني‬ ‫والت�سيري الإداري واملايل‪.‬‬ ‫لـكـي ينجـح التقـويـم يف قـيـادة املنظـومـة التــربـويـة مبختلـف مكونـاتهـا يتعيـن و�ضع‬ ‫معـايـيـر (‪ )standards‬وم�ؤ�شـرات (‪ )indicateurs‬ذات جـودة عالية ومتعـارف عليهـا وطنيـا‬ ‫ودوليـا‪ ،‬مع اال�ستنـاد �إىل �أنظمـة مرجعيـة (‪ )référentiels‬من �ش�أنــهـا �أن ت�شــكل لوحـات قيــادة‬ ‫)‪ (tableaux de bord‬تغطي جميع جماالت املنظومة الرتبوية‪.‬‬ ‫ميكن �أن ت�شمل امل�ؤ�رشات ‪:‬‬ ‫• ن�سبة التمدر�س‪ ،‬وامل�سارات الدرا�سية للتالميذ (‪ )input‬؛‬ ‫• خمرجات املنظومة الرتبوية (‪ )output‬؛‬ ‫• مكت�سبات التالميذ ؛‬ ‫• امل�ؤ�س�سات التعليمية‪ ،‬وتال�ؤمها مع حميطها االجتماعي واملهني والعلمي والثقايف ؛‬ ‫• موارد املنظومة الرتبوية ونفقاتها ؛‬ ‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪17‬‬


‫• مواقف وتطلعات امل�ستفيدين من املنظومة الرتبوية و�رشكائهم ؛‬ ‫• جودة الأطر الرتبوية والتكوينات‪� ،‬سواء منها الأ�سا�سية �أو امل�ستمرة ؛‬ ‫• املردود الداخلي‪ :‬نتائج املتعلمني ومكت�سباتهم‪ ،‬ن�سب الهدر ‪ ...‬؛‬ ‫• املردود اخلارجي‪ :‬االنعكا�سات االقت�صادية واالجتماعية املنظومة الرتبوية‪ ،‬مردود معادلة‬ ‫ال�شهادات وقيمتها‪.‬‬ ‫�أما الأنظمة املرجعية فتتعلق �أ�سا�سا مبا يلي ‪:‬‬ ‫• نظام مرجعي متعلق بنجاعة النتائج؛‬ ‫• نظام مرجعي متعلق باملطابقة ويهدف �إىل قيا�س التطبيق اجليد للتوجهات والتدابري؛‬ ‫• نظام مرجعي متعلق مبالءمة املوارد ال�رضورية وتلك املتاحة؛‬ ‫• نظام مرجعي متعلق بالكفاية والفعالية بالنظر �إىل النتائج يف عالقتها بالكلفة؛‬ ‫• نظام مرجعي متعلق بالتدبري اال�سرتاتيجي للإ�صالح‪.‬‬

‫‪ -4‬ب�أي معنى ي�شكل التقومي رافعة لالرتقاء بنجاعة املدر�سة ؟‬ ‫ال حاجة لت�أكيد �أن تقومي املنظومات الرتبوية‪ ،‬لكي يت�سم بالنجاعة ويحقق � َأثره امللمو�س يف‬ ‫امل�ساعدة على توجيه ال�سيا�سات التعليمية‪ ،‬ولكي ُي�سهم يف الرفع املطرد من جودة الرتبية والتكوين‪،‬‬ ‫ينبغي �أن ينبني �إجماال على املرتكزات الأربعة التالية‪:‬‬ ‫• يتمثل �أولها يف القَبول اجلماعي بالتقومي‪ ،‬بو�صفه قيمة تهدف �إىل التطوير والتقدم‪ ،‬وثقافة تتوخى‬ ‫�أن تكون متقا�سمة‪ ،‬وجماال م�ستمرا للبحث العلمي التخ�ص�صي والعمل امليداين‪ ،‬وال�سيما يف‬ ‫جمال الرتبية والتكوين‪ ،‬الذي يطرح �صعوبات خا�صة‪ ،‬حينما يراد قيا�سه وتقوميه وفق م�ؤ�رشات‬ ‫قابلة للتكميم‪.‬‬ ‫• يتمثل املرتكز الثاين يف اعتماد �آليات و�أدوات للتقومي‪ ،‬م� ّ َؤ�س َ�سة منهجيا وعلميا‪ ،‬تت�سم بال�شفافية‬ ‫وامل�صداقية‪ ،‬وتراعي �رشوط املنظومة وامل�ؤ�س�سات وانتظارات الفاعلني الرتبويني وال�رشكاء‪ ،‬وال�سيما‬ ‫�آباء التالميذ و�أُ�رسهم‪.‬‬ ‫• يتحدد املرتكز الثالث يف الأهمية الق�صوى مل�أ�س�سة التبادل املنتظم والإ�صغاء املتفاعل‪ ،‬املبني على‬ ‫حتقيق قيمة م�ضافة بني الهيئة امل�ضطلعة بالتقومي وبني القطاعات وامل�ؤ�س�سات امل�رشفة على الرتبية‬ ‫والتكوين؛ وذلك من منطلق �أن عملية التقومي لي�ست جمرد ر�صد لالختالالت‪ ،‬بل �إن دورها‬ ‫ينبغي �أن يتجه‪� ،‬أوال وقبل كل �شيء‪ ،‬نحو ا�ستدراك التعرثات وتوطيد الإجنازات وتطويرها‪،‬‬ ‫والبحث امل�ستمر عن ال�سبل الكفيلة بتح�سني �أدائها ومردودها الداخلي واخلارجي‪.‬‬

‫‪18‬‬


‫جتدر الإ�شارة يف هذا الإطار‪� ،‬إىل �أن املغرب حر�ص منذ �سنة ‪ 2006‬على الإحداث الفعلي‬ ‫لهيئة وطنية للتقومي تتمتع بكامل اال�ستقاللية‪ ،‬لدى املجل�س الأعلى للتعليم بو�صفه م�ؤ�س�سة‬ ‫د�ستورية‪ ،‬ت�ضم يف ع�ضويته ممثلني عن كافة الفاعلني واملتدخلني يف �ش�ؤون الرتبية‪ ،‬وباعتباره‬ ‫�آلية دميقراطية تتيح ف�ضا ًء ي ّ َت�سع الحت�ضان نقا�ش حر وتعددي‪ ،‬من �أجل تقدمي �إجابات ب ّ َناءة‬ ‫حول ق�ضايا املدر�سة املغربية وا�سرتاتيجيات �إ�صالحها‪ ،‬عالوة على ا�ضطالعه بتقومي يقظ ومنتظم‬ ‫للمنظومة الوطنية للرتبية والتكوين‪.‬‬ ‫وحر�صا من املجل�س الأعلى للتعليم‪ ،‬يف نطاق اخت�صا�صاته ومهامه‪ ،‬على جت�سيد هذه‬ ‫العالقة التالزمية بني الإ�صالح الرتبوي وبني تقوميه‪ ،‬عالوة على �أهمية توفري �إطار مرجعي وطني‬ ‫لتقـومي منظومـة الرتبية والتكويـن‪ ،‬فقد �أ�صدر تقـريـره الأول حـول حـالـة هذه املنظومـة و�آفـاقها‬ ‫�سنة ‪12008‬؛ وذلك اقتناعا منه بكون التقومي املنتظم للمنظومة ي�شكل الزمة لإجناح املدر�سة‬ ‫وجتديدها امل�ستمر‪.‬‬ ‫يف ارتباط بذلك‪ ،‬ومن منطلق كون خمتلف النظريات واملقاربات البيداغوجية ت�ؤكد اليوم‬ ‫�رضورة جعل املتعلم وحاجاته يف قلب اجلهود املبذولة‪ ،‬واعتباره حمور عمليات الرتبية والتكوين‪،‬‬ ‫فقد �أر�سى املجل�س الأعلى للتعليم‪ ،‬من خالل الهيئة الوطنية للتقومي لديه برناجما وطنيا طموحا‬ ‫غايته التقومي املنتظم للتح�صيل الدرا�سي والتكويني‪.‬‬ ‫وهو برنامج مت تخ�صي�ص طبعته الأوىل ال�صادرة �سنة ‪ 2009‬لتقومي مكت�سبات تالميذ‬ ‫التعليم االبتدائي والثانوي الإعدادي‪2‬؛ يف �أفق تو�سع جمال ا�ستهدافه لي�شمل بالتدريج يف‬ ‫امل�ستقبل املتعلمني بالتعليم الثانوي الت�أهيلي والطلبة اجلامعيني ومتدربي التكوين املهني‪.‬‬ ‫• عالوة على املرتكزات الثالثة �سالفة الذكر‪ ،‬هناك مرتكز رابع يتعني مراعاته يف الربامج التقوميية‬ ‫املرتبطة بال�ش�أن الرتبوي‪ ،‬يتمثل يف قدرة التقومي على الإ�سهام يف تقوية التعبئة حول ق�ضايا‬ ‫املدر�سة‪ ،‬من خالل �إخبار �صانعي القرار والفاعلني الرتبويني و�أُ�رس املتعلمني عن الواقع الرتبوي‬ ‫والتكويني‪ ،‬يف اجتاه �إذكاء نقا�ش مو�سع وب ّ َناء حول ال�سبل الكفيلة بتح�سني �إجنازية م�ؤ�س�سات‬ ‫الرتبية والتكوين‪ ،‬والرفع من جودتها‪ ،‬و�ضبط معايري �ضمان �إن�صافها �أمام اجلميع ب�أكرب قدر‬ ‫ممكن من �رشوط تكاف�ؤ الفر�ص‪.‬‬

‫‪ -1‬اململكة املغربية‪ ،‬املجل�س الأعلى للتعليم‪ ،‬التقرير الأول حول حالة املنظومة الوطنية للرتبية والتكوين و�آفاقها‪.2008 ،‬‬ ‫‪ -2‬اململكة املغربية‪ ،‬املجل�س الأعلى للتعليم‪ ،‬الهيئة الوطنية لللتقومي‪ ،‬الربنامج الوطني الأول لتقومي التح�صيل الدرا�سي‬ ‫(‪.2008 ،)PNEA‬‬

‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪19‬‬


‫دور التقومي الرتبوي‬ ‫يف تطوير فعالية كفايات التدري�س‬ ‫عبد العزيز العلوي الأمــراين‬ ‫ثانوية وادي الذهب‬ ‫نيابة اخلمي�سات‬

‫تقـدمي‬ ‫لعل من �أكرث الأخطاء انت�شارا و�شيوعا بني الغالبية العظمى من املربني والفاعلني الرتبويني‬ ‫داخل املنظومة التعليمية‪ ،‬اعتبار التلميذ هو املعني الأول واملبا�رش بعملية التقومي الرتبوي‪ .‬وهو‬ ‫ت�صور يعك�س مظهرا مهما من مظاهر االختالل التي تعرتي العملية التعليمية التعلمية يف بالدنا‪.‬‬ ‫فقد اختزلت املمار�سة التقوميية يف جمرد اختبارات وامتحانات يخ�ضع لها التالميذ من حني لآخر‪،‬‬ ‫وفق ما حتدده املذكرات املنظمة التي ت�صدرها الوزارة الو�صية على قطاع الرتبية والتعليم‪ ،‬مع العلم‬ ‫�أن معظم هذه الن�صو�ص التنظيمية يغلب عليها الهاج�س التنظيمي ال�ضبطي‪ ،‬حيث ت�سود لغة‬ ‫قانونية جتعل من التقومي عملية تنفيذ حكم نهائي‪ ،‬يف حني يتم �إغفال اجلوانب والأبعاد الرتبوية‬ ‫احلقيقية‪ .‬وهو الأمر الذي �أدى يف النهاية �إىل ت�ضخيم هاج�س التقومي‪ ،‬الذي �أ�صبح ميثل عبئا‬ ‫ثقيال وخطريا على التلميذ واملدر�س والإدارة الرتبوية على حد �سواء غري�أن الذي يجب التنبيه �إليه‬ ‫يف ظل املمار�سة التعليمية الراهنة‪� ،‬أن التقومي الرتبوي انحرف كثريا عن م�ساره الرتبوي ال�صحيح‪.‬‬ ‫فقد �أ�صبحت عمليات التقومي منف�صلة ومنقطعة عن غريها من العمليات الرتبوية الأخرى‪ ،‬حيث‬ ‫جند �أ�ساليب التدري�س املتبعة من قبل املدر�س يف عملية �إعداد واجناز الدرو�س داخل جماعة الف�صل‬ ‫يف خانة‪ ،‬و�أن�شطة التقومي يف خانة ثانية‪ ،‬مما يطرح �إ�شكالية التفاعل واالندماج الوظيفي الذي من‬ ‫املفرت�ض �أن يكون بني مكونات وعنا�رص املثلث الديداكتيكي‪.‬‬ ‫�إن التقومي الرتبوي باعتباره احللقة الأ�سا�سية الرابطة بني خمتلف �أطراف العملية التعليمية‬ ‫التعلمية‪ ،‬يعد م�ؤ�رشا داال عن مدى جناح �أو ف�شل كل الفاعلني الأ�سا�سيني يف املنظومة الرتبوية‪.‬‬ ‫لذلك فان �آثار ونتائج عملية التقومي ال تهم املتعلم وحده‪ ،‬بل تطال املدر�س كذلك باعتباره امل�س�ؤول‬ ‫املبا�رش عن تدبري وتوجيه الأن�شطة التعليمية مبا ي�سهل وينمي عمليات التعلم والتح�صيل الدرا�سي‬ ‫عند املتعلم‪.‬‬ ‫يف هذا ال�صدد ميكن النظر �إىل التقومي باعتباره مدخال مهما لتنمية وتطوير الكفايات املهنية‬ ‫للمدر�س‪.‬‬ ‫ملاذا م�س�ألة التقومي يف ال�سياق الرتبوي احلايل؟ يكت�سب هذا ال�س�ؤال م�رشوعيته العلمية‬ ‫وامل�ؤ�س�ساتية من اعتبار التقومي املدر�سي �أحد �أهم مكونات املنهاج الرتبوي قدميا وحديثا‪ .‬فاملمار�سة‬ ‫‪20‬‬


‫التقوميية تعك�س‪ ،‬يف جانب مهم منها‪ ،‬جممل التوجهات واالختيارات الإ�سرتاتيجية التي حتددها‬ ‫ال�سيا�سات الرتبوية يف كل بلد من بلدان العامل‪� .‬إن كل منهاج تربوي لي�س يف واقع الأمر �سوى‬ ‫جمموعة من املدخالت (�أهداف‪ ،‬معارف نظرية وتطبيقية‪ ،‬طرائق و�أ�ساليب اال�شتغال‪ ،‬دعامات‬ ‫وو�سائل متنوعة‪)...‬؛ ومن البديهي �أن يكون التقومي من �أهم خمرجات هذا املنهاج‪ .‬لذلك‪ ،‬فان‬ ‫احلكم على القيمة الوظيفية امل�ضافة لكل منهاج تربوي‪� ،‬إما جناحا �أو ف�شال‪ ،‬ينطلق من مكون‬ ‫التقومي؛ فقيا�س مدى فعالية كل منهاج تعليمي جديد ت�ستند �إىل النتائج الكمية واملعارف النوعية‬ ‫التي يح�صل عليها التالميذ(‪ .)1‬كما �أ�صبح التقومي يف الآونة الأخرية واحدا من �أكرب الإ�شكاالت‬ ‫التي تواجهها برامج ومناهج التكوين‪ ،‬و�أكرثها تعقيدا‪ ،‬وقد �أثارت هذه الإ�شكالية الكثري من‬ ‫الكتابات العلمية والدرا�سات النظرية‪ ،‬تتفاوت �أهميتها وقيمتها ب�سبب اختالفاتها املرجعية‪ ،‬مما‬ ‫خلق حالة من االرتباك واخللط بني جموع املكونني واملربني‪ .‬ومما يزيد الأمر تعقيدا و�صعوبة‪� ،‬أن‬ ‫هذا االلتبا�س واخللط م�س املجال النظري واملمار�سات العملية على ال�سواء(‪ .)2‬وعليه‪ ،‬فان ثمة هوة‬ ‫وا�سعة بني االنتاجات والكتابات النظرية التي تتناول بالدرا�سة وال�رشح مو�ضوع التقومي الرتبوي‬ ‫وق�ضاياه املختلفة من جهة‪ ،‬وبني الفقر ال�شديد‪ ،‬الذي يالحظ على م�ستوى املمار�سات الرتبوية من‬ ‫جهة ثانية‪ .‬الأمر الذي قاد‪ ،‬يف نهاية الأمر �إىل حالة من �سوء الفهم لدى �أغلب الفاعلني الرتبويني‪،‬‬ ‫و�سيادة متثالت وت�صورات م�سبقة وخاطئة تعيق كل فهم جيد ومعقول للدرا�سات النظرية؛ وهو‬ ‫الأمر الذي حدا بـ «ج‪.‬م‪.‬باربيي» (‪� )J.M.Barbier‬إىل الدعوة ب�أنه �أ�صبح من الواجب تقومي فكرة‬ ‫التقومي ذاتها(‪� .)3‬إن هذا االلتبا�س يطال حتى موقف �أولياء �أمور التالميذ الذين ال يرون يف التقومي‬ ‫الرتبوي لأبنائهم يف املدار�س �سوى الفرتات الع�صيبة التي يعي�شها �أبنا�ؤهم خالل فرتة االمتحانات‪،‬‬ ‫فال يهمهم يف النهاية �سوى النقطة التي يح�صل عليها ه�ؤالء الأبناء‪.‬‬ ‫لقد �أ�صبحت ظاهرة االمتحانات واالختبارات تهيمن وت�سيطر على كل مظاهر الفعل الرتبوي‪،‬‬ ‫وو�سيلة ملراقبة مردودية التعليم والتعلم‪ ،‬مما حول م�سار العملية التعليمية التعلمية عن م�سارها‬ ‫الطبيعي‪ ،‬حيث انتقلت من عملية تكوينية �إىل جمرد عملية تخزين وحفظ معارف حمددة عن ظهر‬ ‫قلب‪ ،‬و�إعادة ا�سرتجاعها وت�سويقها بطريقة مبا�رشة يوم انعقاد �سوق االمتحانات(‪ ،)4‬مما يت�سبب‬ ‫كثريا من الإرهاق الفكري والنف�سي للتالميذ‪.‬‬

‫‪ -1‬التقومي الرتبوي ‪ :‬مفهوم واحد ب�أ�شكال متعددة‬ ‫ما يزال مفهوم التقومي يثري كثريا من االلتبا�س يف حتديد معانيه ودالالته‪ .‬ففي كثري‬

‫‪1- Xavier Roegiers, L’école et l’évaluation, des situations pour évaluer les compétences‬‬ ‫‪des élèves, édit De Boeck université, Bruxelles,2004, p :105.‬‬ ‫‪ -2‬عبد احلق من�صف‪ ،‬رهانات البيداغوجيا املعا�رصة‪ :‬درا�سة يف ق�ضايا التعلم والثقافة املدر�سية‪� ،‬إفريقيا ال�رشق‪،‬الدار البي�ضاء‪،‬‬ ‫‪� ،2007‬ص ‪.108‬‬ ‫‪3- J.M.Barbier, l’évaluation en formation, Puf, Paris,1990, p: 9-15‬‬ ‫كذلك‪ :‬رهانات البيداغوجيا املعا�رصة ــ مرجع مذكور‪� .‬ص‪.108 :‬‬ ‫‪ -4‬حممد بوبكري‪ ،‬ق�ضايا تربوية‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬الدار البي�ضاء‪� ،2003 ،‬ص‪.69 :‬‬

‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪21‬‬


‫من الأحيان يتم توظيف عدة مفاهيم وم�صطلحات ت�شري كلها �إىل عملية التقومي‪ .‬ثمة مفاهيم‬ ‫خمتلفة متجاورة تنتمي جميعها �إىل احلقل املفاهيمي لفعل التقومي مثل ‪ :‬التقييم‪ ،‬االختبار‪ ،‬الرائز‪،‬‬ ‫االمتحان‪ ،‬املراقبة‪...‬الخ‪ .‬فكيف نحدد مفهوم التقومي الرتبوي وما عالقته باملفاهيم الأخرى ؟‬ ‫يحـدد الدكتـور �أحـمـد �أوزي يف معجمـه املو�سـوعي لعلـوم الرتبية(‪ )5‬مفهـوم التقـويـم‬ ‫(‪ ،)l’évaluation‬باعتباره �أحد املكونات الأ�سا�سية يف العملية التعليمية التعلمية‪ ،‬بل �إنه �أحد‬ ‫مرتكزاتها الهامة‪ ،‬التي ال ت�ستقيم بدونها �إذا �أرادت �أن تكون عملية تت�سم بال�ضبط واملو�ضوعية‪.‬‬ ‫والتقييم يف الت�صور احلديث ال يقت�رص على �إ�سناد النقط �أو �إ�صالح اعوجاج‪ ،‬بل يوظف من �أجل‬ ‫خلق دينامية �إيجابية يف كل ن�شاط تعليمي تعلمي‪ .‬فهو ي�ستعمل من �أجل ت�شخي�ص امل�ستوى‬ ‫احلقيقي عند التلميذ والذي �ستبنى عليه الكفاءة اجلديدة‪ .‬كما ي�ستعمل �أثناء الدر�س من �أجل‬ ‫�إزالة بع�ض العوائق وال�صعوبات التي حتول دون الو�صول �إىل الهدف‪ .‬كما يطبق يف النهاية من‬ ‫�أجل معرفة ما حتقق وما مل يتحقق بعد كل ن�شاط درا�سي حمدد وهادف‪ .‬ومبوازاة مع هذا‪،‬‬ ‫فالتقييم املدر�سي يوظف ليوفر للتلميذ وللمدر�س معا معطيات وقاعدة بيانات مهمة لإعادة النظر‬ ‫يف مناهج وطرائق عملهما‪.‬‬ ‫كما ت�شري بع�ض املعاجم الرتبوية(‪� )6‬إىل �أن مفهوم التقومي ظهر يف الأدبيات الرتبوية يف �أوا�سط‬ ‫القرن الع�رشين يف البلدان الأجنلو�ساك�سونية‪ .‬فقد انتقل �إىل جمال التعليم بعدما كان متداوال يف‬ ‫الدرا�سات االقت�صادية منذ القرن التا�سع ع�رش‪ ،‬خا�صة يف املجال ال�صناعي‪� .‬أما يف جمال الرتبية‬ ‫والتعليم‪ ،‬فقد ارتبط توظيف مفهوم التقومي ببيداغوجيا الأهداف‪ .‬فالتقومي ي�ستهدف‪ ،‬من خالل‬ ‫و�سائل علمية‪ ،‬قيا�س ومراقبة �آثار ونتائج املمار�سة البيداغوجية بالأهداف التي �سبق حتديدها‪.‬‬ ‫كما نعرث يف الدليل البيداغوجي للدي�سيمولوجيا على تعريف حمدد للتقييم باعتباره كل ن�شاط‬ ‫يهدف �إىل حتليل وت�أويل نتائج �أو عالمات �آتية من القيا�س‪ ،‬وذلك من �أجل اتخاذ قرارات جيدة‪.‬‬ ‫فالتقييم يعني �إعطاء قيمة لنتيجة يف مقابل معيار حمدد‪ .‬لكي نقيم يجب �أن تكون لدينا نتيجة‬ ‫القيا�س من جهة‪ ،‬ومن جهة �أخرى معيارا �أو قانونا للمقارنة‪ ،‬وذلك حتى ن�ضع النتيجة يف �إطارها‬ ‫املرجعي(‪.)7‬‬ ‫لقد الحظ الدكتور حل�سن مادي يف درا�سته القيمة حول التقييم الدرا�سي(‪� )8‬أن معظم‬ ‫التعاريف التي قدمت لهذا املفهوم يف املعاجم الرتبوية الأجنبية �أنها ال تتناول م�س�ألة �إ�صالح‬ ‫االعوجاج مقارنة باملعاجم اللغة العربية؛ فالأدبيات الرتبوية الأجنبية اختزلت مفهوم التقومي يف‬ ‫توفري معطيات ت�ستغل التخاذ القرارات‪ .‬لذلك‪ ،‬ف�إن هدف التقومي �أو التقييم يف املجال الرتبوي‬ ‫والتعليمي يقت�رص على اتخاذ قرارات مالئمة و�صحيحة وم�ضبوطة يف حق املتعلم يف �أوقات منا�سبة‬

‫‪ -5‬د‪�.‬أحمد �أوزي‪ :‬املعجم املو�سوعي لعلوم الرتبية‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البي�ضاء‪� ،2006 ،‬ص ‪.101‬‬ ‫‪6- Dictionnaire de la pédagogie et de l’éducation. , 3édit, Bordas/Sejer, 2007, p 144‬‬ ‫‪7- Guide docimologique , introduction à la mesure et à l’évaluation - Publié par le ser‬‬‫‪vice général des communications de M.E.N , Québec 1975, p5‬‬ ‫‪ -8‬مادي حل�سن‪ ،‬التقييم الدرا�سي‪� ،‬أنواعه وتطبيقاته‪ ،‬مطبعة بابل‪ ،‬الرباط‪� ،1991 ،‬ص‪.21-22 :‬‬

‫‪22‬‬


‫ولوظائف خمتلفة‪ .‬وانطالقا من خمتلف التعاريف التي �أعطيت ملفهوم التقييم‪ ،‬ميكن ا�ستخال�ص‬ ‫جمموعة من التحديدات‪ ،‬نوردها فيما يلي‪:‬‬ ‫• �إن التقومي ي�سعى �إىل �إعطاء قيمة لعمل معني �أو اجناز ما؛‬ ‫• �إنه يحيل على �إجراء عملية لتجاوز اخللل �أو االعوجاج‪� ،‬أي البث يف احلالة من �أجل ت�صحيحها‬ ‫ح�سب معيار معني يحدد م�ساحات القبول والرف�ض؛‬ ‫• �إنه خمتلف ومتنوع يف ارتباط مع عامل الزمن واملجال واملو�ضوع املقوم؛‬ ‫• �إن عملية التقومي هي ت�أويل‪ ،‬يتم وفق مبادئ وقواعد حتيل على التبادل الداخلي‪� ،‬أي �أنها عملية‬ ‫مرتبطة بالذات املقومة يف �إطار �إنتاج حكم عرب م�سار للتدقيق واملو�ضعة �ضمن �سلم �أو معيار‬ ‫معني(‪.)9‬‬ ‫وبعيدا عن كل هذه التعاريف والت�صنيفات املختلفة ملفهوم التقومي‪ ،‬ف�إنه من الوا�ضح �أن هذا‬ ‫املفهوم يرتبط بخريطة مركبة ومعقدة من املفاهيم املتجاورة املتداخلة واملت�شابكة مثل‪ :‬مفهوم االختبار‪،‬‬ ‫االمتحان‪ ،‬املراقبة‪ ،‬القيا�س‪ ،‬الرائز‪...‬الخ؛ مع العلم �أن خمتلف هذه املفاهيم حتيل جميعها على فعل‬ ‫التقومي‪ ،‬رغم اختالفاتها التقنية واملنهجية‪ .‬مما يفر�ض على امل�شتغل يف املجال الرتبوي الكثري من‬ ‫احلذر املعريف واملنهجي خالل عملية توظيف وا�ستعمال مفهوم التقومي‪ .‬ولذلك مييز» كزافييه روجر�س»‬ ‫بني نوعني من التقومي‪ :‬التقومي البيداغوجي(‪ ،)l’évaluation pédagogique‬ويهم عمل املدر�س‪،‬‬ ‫ومن �أهم �أنواعه‪ :‬التقومي الت�شخي�صي‪ ،‬التقومي التكويني‪ ،‬التقومي املعياري‪ ،‬والتقومي الو�صفي‪ .‬والتقومي‬ ‫غري النظامي‪ ،‬وهو تقومي غري معلن يخ�ص املتعلم (‪)l’évaluation informelle‬؛ ومن �أهم �أ�شكاله‬ ‫نذكر‪ :‬التقومي الذاتي‪ ،‬التقومي اخلفي‪ ،‬التوجيه الذاتي‪ ،‬امليتا ‪ -‬معرفية )‪.(10)(métacognition‬‬ ‫وعموما‪ ،‬فان الغاية من هذا املقال لي�ست �إثارة �إ�شكالية التقومي الرتبوي‪ ،‬وال التدقيق يف‬ ‫التعاريف اللغوية واال�صطالحية لهذا املفهوم‪ .‬بل الوقوف عند الدور الذي ميكن �أن يلعبه التقومي‬ ‫املدر�سي يف تطوير �أركان العملية التعليمية التعلمية يف �إطار منهاج تربوي ‪ -‬تكويني‪ ،‬مبا يرفع من‬ ‫جودة التح�صيل الدرا�سي لدى املتعلمني من جهة‪ ،‬وتنمية الكفايات التدري�سية للمدر�س من جهة ثانية‪.‬‬ ‫�إن ال�س�ؤال الرئي�سي الذي �سنحاول الإجابة عنه يف هذا ال�صدد هو كالآتي‪ :‬كيف ميكن‬ ‫للتقومي الرتبوي �أن يكون دعامة تربوية قيمة للرفع من جودة الأداء املهني للمدر�سني ؟‬

‫‪ -2‬دور التقومي الرتبوي يف تطوير كفايات املدر�س‬ ‫يعترب تقومي �إجنازات املتعلمني و�أن�شطتهم املدر�سية واحدا من �أهم الأدوار واملهام التي ترتبط‬

‫‪ -9‬عبد الرحيم ال�ضاقية‪ ،‬مكونات الفعل الرتبوي‪ :‬تلميذ ـ مدر�س ـ معرفة‪ ،‬من�شورات �صدى الت�ضامن‪ ،‬الدار البي�ضاء‪2006 ،‬‬ ‫�ص‪.69 :‬‬ ‫‪10- Xavier Roegiers : L’école et l’évaluation. op .cit.p97‬‬

‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪23‬‬


‫مبهنة املدر�س و�أكرثها ح�سا�سية وتعقيدا‪ ،‬نظرا للعالقة اجلوهرية بني فعل التدري�س وفعل التقومي‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬فان معظم الربامج اخلا�صة بتكوين املدر�سني تويل عناية كبرية ومهمة مل�س�ألة التقومي الرتبوي‬ ‫خالل مرحلة الإعداد والت�أهيل املهني للمدر�س‪ ،‬فالتمكن والإتقان اجليد ملهارات التقومي الرتبوي يعد‬ ‫من �أهم مكونات كفايات التدري�س‪ ،‬حيث يتوجب على املدر�س �أن يكون قادرا على ‪:‬‬ ‫• بناء اختبارات لقيا�س وتقومي م�ستوى التح�صيل عند التالميذ؛‬ ‫• التحكم يف منهجيات التقومي ب�أنواعه املختلفة وتوظيفها؛‬ ‫• �صياغة االختبارات �صياغة دقيقة ووا�ضحة؛‬ ‫• بناء �شبكة خا�صة مبعايري التقومي؛‬ ‫• ت�شخي�ص �صعوبات املتعلمني وت�صنيفها؛‬ ‫• و�ضع خطط للعالج املنا�سب لكل فئة(‪.)11‬‬

‫‪ -1.2‬التقومي الرتبوي عملية م�صاحبة للأن�شطة التدري�سية‪:‬‬ ‫�إذا كان جوهر فعل التدري�س هو قيام املدر�س بتوفري وتنظيم �رشوط التعلم(‪ ،)12‬فيجب �أن‬ ‫تن�صب كفاياته التدري�سية اليوم‪ ،‬على و�ضع ا�سرتاتيجيات تعليمية فعالة‪ ،‬تنطلق من ت�صورات‬ ‫حمددة وهادفة‪ ،‬جتعل من املتعلم منطلقها وحمور الأن�شطة التعليمية‪ ،‬وذلك عرب توفري و�سائل‬ ‫ديداكتيكية منا�سبة لت�سهيل عملية التعلم وتنميتها‪ .‬فاملدر�س الكفء هو من ي�ستطيع‪ ،‬وبنجاح‪،‬‬ ‫حتفيز تالميذه من �أجل الرفع من م�ستوى حت�صيلهم للمعارف‪ ،‬وامتالكهم القدرة على ا�ستيعابها‬ ‫ومعاجلتها‪ ،‬ثم توظيفها بكيفية فعالة يف حل امل�شكالت التي تعرت�ضهم يف حياتهم‪.‬‬ ‫�إن كل الأفعال والإجراءات البيداغوجية والديداكتيكية التي يتخذها املدر�س خالل مرحلة‬ ‫�إجناز الدر�س‪ ،‬باعتباره مدر�سا ا�سرتاتيجيا (‪ )l’enseignant stratégique‬ت�ستهدف متكني‬ ‫املتعلم من امتالك عدة �أ�شكال من املعرفة‪ ،‬وال �سيما‪ :‬املعارف املعلنة (‪les connaissances‬‬ ‫‪ )déclaratives‬وهي كل املعـارف املرتبطـة بامل�ضـامني واملحتويـات الدرا�سيـة؛ ثم املعارف ال�سيـاقية‬ ‫(‪ ،)les connaissances conditionnelles‬وهي معارف متكن املتعلم من القدرة على حتويل‬ ‫وتعبئة معارفه ال�سابقة يف و�ضعيات وظروف جديدة‪� .‬أمـا ال�صنـف الثالث‪ ،‬فهو املعارف الإجرائية‬ ‫(‪ )les connaissances procédurales‬وهي معارف منهجية تتعلق بكيفية تدبري املتعلم‬ ‫وتنظيم مكت�سباته وتعلماته التي يدجمها يف ذاكرته ملدة طويلة؛ ومن ثمة‪ ،‬فهي مت�س قدرة املتعلم‬ ‫على تطوير وتنمية اال�سرتاتيجيات املعرفية وامليتا ‪ -‬معرفية الفعالة‪ ،‬التي متكنه وبطريقة ذات معنى‬ ‫‪ -11‬فاطمة ح�سيني‪ ،‬كفايات التدري�س وتدري�س الكفايـات‪� ،‬آليات التح�صيل ومعايري التقومي‪ ،‬الدار العاملية للكتاب‪� ،2005 ،‬ص‪:‬‬ ‫‪.136‬‬ ‫‪12- Marc Bru.l’enseignant, organisateur des conditions d’apprentissage. In : La pédagogie :‬‬ ‫‪une encyclopédie pour aujourd’hui, sous la direction de Jean Houssaye, 6 édition, ESF‬‬ ‫‪éditeur, Paris, 2005, p : 103.‬‬

‫‪24‬‬


‫من معاجلة امل�ضامني الدرا�سية(‪ .)13‬وعليه‪ ،‬ميكن القول �إن املدر�س‪ ،‬ومن منظور البيداغوجيا املعا�رصة‬ ‫القائمة على املنظور اال�سرتاتيجي لعمليتي التعليم والتعلم‪ ،‬يقوم بوظيفتني مرتابطتني خالل عملية‬ ‫تدري�س مادة درا�سية معينة‪ :‬فهو ي�ضع الأهداف وينظم امل�ضامني الدرا�سية التي �سيتعلمها التالميذ‬ ‫من جهة‪ ،‬ويزودهم وميكنهم من معرفة اال�سرتاتيجيات املعرفية وامليتا ‪ -‬معرفية التي يحتاجونها يف‬ ‫معاجلة املعارف التي يتلقونها �أو يبنونها يف �أن�شطتهم التعلمية من جهة �أخرى‪ .‬لذلك ف�إن عملية‬ ‫التقومي التي يقوم بها املدر�س ال يجب �أن تقف عند حدود املعارف واملحتويات الدرا�سية‪ ،‬بل يجب‬ ‫�أن تطال طرائق اال�شتغال الذهني للمتعلم واال�سرتاتيجيات املنهجية التي يوظفها يف عمله‪ ،‬وذلك‬ ‫بغاية ت�صحيح و�إعادة توجيه �أن�شطة التعلم‪ .‬فعلى خالف ما يعتقده الكثري من امل�شتغلني بالرتبية‬ ‫والتعليم‪ ،‬الذين يرون �أن التقومي هو �آخر مرحلة من مراحل عمل املدر�س‪ ،‬يبدو وا�ضحا �أنه عملية ال‬ ‫تتوقف منذ بداية الأن�شطة التعليمية و�إىل نهايتها‪ .‬فالأ�صل يف التقومي‪ ،‬هو �إن يتثبت املدر�س من‬ ‫مدى تقدم التعلمات‪ ،‬وذلك مبا يطابق الأهداف التي مت حتديدها م�سبقا‪ ،‬والتي لي�ست يف حقيقة‬ ‫الأمر �سوى ترجمة لكفايات التعلم‪.‬‬

‫‪ -2.2‬التقومي الرتبوي �أداة لتطوير مهنية املدر�س ‪:‬‬ ‫�إن جوهر مهنة املدر�س هو فعل التدري�س؛ وتطوير مهنية املدر�س تعني �أ�سا�سا الرفع من‬ ‫م�ستوى �أدائه ومهامه التدري�سية داخل جماعة الف�صل مبا يخدم فعل التعلم‪ .‬لذلك‪ ،‬فقد �أ�صبح‬ ‫احلديث عن مهنية املدر�س يف برامج ومقررات تكوين املدر�سني‪ ،‬مرتبطا �أ�سا�سا بتطوير الكفايات‬ ‫املهنية للمدر�س‪ ،‬وهي جمموع املعارف املهنية املرتبطة مبزاولة مهنة التدري�س (املعارف املدر�سة‪،‬‬ ‫�شبكات حتليل الو�ضعيات‪ ،‬املعارف الإجرائية وامل�سطرية‪� ،‬إدراك املدر�س خطاطات و�ضع الت�صورات‬ ‫والتحليل واالقرتاح والتخطيط والتقومي)؛ وهي معارف يقوم املدر�س بتعبئتها يف و�ضعيات‬ ‫حمددة(‪ .)14‬وميكن �إبراز دور عملية التقومي الرتبوي يف تطوير كفايات لتدري�س من خالل العنا�رص‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫�أ‪ -‬على م�ستوى مهارات التخطيط للدر�س‪:‬‬ ‫• تقومي مدى و�ضوح �أهداف التعلم‪ :‬يقدم التقومي الرتبوي معطيات حقيقية قد ت�ساعد املدر�س يف‬ ‫تبيان مدى و�ضوح الأهداف التعلمية التي �سبق حتديدها يف بداية الأن�شطة ال�صفية‪ ،‬ومدى‬ ‫ا�ستجابتها للحاجيات احلقيقية للمتعلم؛‬ ‫• تقومي خطة تدبري الأن�شطة التعليمية‪� :‬إعادة تكييف الت�صميم املرحلي للدر�س وذلك بو�ضع ت�صميم‬ ‫ديداكتيكي للأن�شطة ال�صفية‪ ،‬بال�شكل الذي ي�سهل ويي�رس عمليات التعلم واالكت�ساب عند‬ ‫املتعلم‪ ،‬مع مراعاة م�ستوى قدراته وا�ستعداداته الذاتية وحاجاته النف�سية والفكرية؛‬ ‫‪13- J.Tardif. Pour un enseignement stratégique. L’apport de la psychologie cognitive.‬‬ ‫‪Les Editions Logiques.1997- p : 298.‬‬ ‫?‪14- M.Altet et Autres, Former des enseignants professionneles, Quelles stratégies‬‬ ‫‪Quelles compétences?3 édit. Edition De Boeck Université . Bruxelles . 2001. p15‬‬

‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪25‬‬


‫• �إعادة النظر يف مدى مالءمة الدعامات الديداكتيكية والو�سائل التعليمية املتاحة‪ .‬فالتقومي الرتبوي‬ ‫ميكن املدر�سني من ك�شف مواطن ال�ضعف التي قد تتخلل عملية تفاعل املتعلمني مع الو�سائل‬ ‫التعليمية املختلفة‪ .‬مما قد يدفعه �إىل البحث عن و�سائل تعليمية جديدة ومتنوعة تغني خربة‬ ‫املتعلمني وترفع من درجة التح�صيل لديهم‪.‬‬ ‫ب‪ -‬على م�ستوى مهارات التنفيذ‪:‬‬ ‫• ميكن املدر�س من قيا�س مدى فعالية الأ�سلوب التدري�سي الذي يتبعه؛ فعلى �ضوء نتائج التقومي‬ ‫الرتبوي الهادف ي�ستطيع املدر�س من م�ساءلة الطريقة املتبعة خالل عملية اجناز الدر�س داخل‬ ‫جماعة الف�صل؛‬ ‫• التقومي الرتبوي ي�ساعد املدر�س يف معرفة �أهمية وفعالية التعزيز والتحفيز يف الرفع من م�ستوى‬ ‫التح�صيل الدرا�سي والقدرة على التعلم عند التلميذ‪ ،‬فالتعزيز مينح التعلمات القوة واال�ستمرارية؛‬ ‫• ا�ستثمار نتائج التقومي الرتبوي يف �إعادة النظر يف دينامية العالقات الرتبوية و�أ�شكال احلوار‬ ‫والتوا�صل الرتبوي بني املدر�س باعتباره و�سيطا وحمفزا ومن�شطا وموجها للعملية التعليمية‬ ‫التعلمية‪ ،‬واملتعلم باعتباره فاعال وم�شاركا يف بناء تعلماته وكفاياته‪ .‬فح�صول التلميذ على‬ ‫درجة �ضعيفة يف مادة درا�سية معينة ال يعني بال�رضورة عجزه عن م�سايرة التعلم‪ ،‬بل �أحيانا‬ ‫جند تف�سريا لذلك يف طبيعة العالقة الرتبوية التي يقيمها املدر�س مع تالميذه داخل الف�صل‪،‬‬ ‫واملناخ النف�سي واالجتماعي الذي مييز هذه العالقة الرتبوية‪.‬‬ ‫يت�ضح �إذن‪� ،‬أن التقومي الرتبوي ي�شكل‪ ،‬بالن�سبة للم�سار التكويني لعمل املدر�س داخل الف�صل‪،‬‬ ‫دعامة حقيقية ميكن ا�ستثمارها ب�شكل �أف�ضل يف حت�سني فعالية التدري�س وتطوير كفاياته املهنية‪.‬‬ ‫وهو الأمر الذي يبينه الدكتور الدريج حينما �أ�شار �إىل �أن التقومي الهادف ال يهتم فقط بت�صنيف‬ ‫الطالب �إىل متفوقني وغري متفوقني‪ ،‬بقدر ما يهتم �أي�ضا بتقومي العمل الرتبوي وطرائقه و�أ�ساليبه‬ ‫لإك�سابها الفعالية املتوخاة(‪ .)15‬غري �أنه‪ ،‬وعلى الرغم من �أهمية التقومي الرتبوي يف جمال التكوين‬ ‫املهني للمدر�س‪ ،‬ف�إن معظم مراكز التكوين الرتبوي‪ ،‬واملدار�س العليا للأ�ساتذة ببالدنا‪ ،‬ال تقدم‬ ‫لطلبتها �إال النزر القليل من املعارف النظرية واملهارات التقنية اخلا�صة مبجال التقومي الرتبوي‪ .‬و�أحيانا‬ ‫يق�ضي الطلبة الأ�ساتذة مرحلة التكوين والإعداد وهم ال يعلمون �أي �شيء عن مبادئ و�أ�س�س‬ ‫التقومي مما يرتك فراغا كبريا يف ال�شخ�صية املهنية للمدر�س‪ .‬و�رسعان ما يلج�أ �أغلب املدر�سني بعد‬ ‫مرحلة التخرج �إىل �إجناز �أن�شطة تقومي تعتمد على مبد�أ تقليد وحماكاة ما هو �سائد بني املدر�سني‬ ‫القدماء‪ ،‬مما يكر�س واقع الع�شوائية واالرجتال‪ ،‬الذي تتخبط فيه املنظومة التعليمية‪.‬‬

‫‪� -15‬أحمد الدريج‪ ،‬حتليل العملية التعليمية وتكوين املدر�سني‪.‬الطبعة ‪ .2‬من�شورات املعرفة للجميع‪ .‬الرباط ‪.2004‬‬ ‫�ص‪.240 :‬‬

‫‪26‬‬


‫تقومي مردودية التعليم على‬ ‫(‪)1‬‬ ‫امل�ستوى امل�ؤ�س�ساتي‬ ‫ترجمة‪ :‬م�صطفى ح�سني‬ ‫�أ�ستاذ التعليم الثانوي الت�أهيلي‬ ‫ثانوية ابن هانئ ــ �سال‬

‫تقدمي للمرتجم‬ ‫يطرح هذا الن�ص جمموعة من الت�سا�ؤالت حول حمددات امل�سار املدر�سي للتلميذ‪ ،‬اذ يبدو‬ ‫�أن امل�صري املدر�سي للتلميذ يف خمتلف مراحله يتحقق �أحيانا عرب �سريورة متعار�ضة و�أحيانا �أخرى‬ ‫متناق�ضة �سواء �أثناء الولوج‪� ،‬أو طيلة مراحل التمدر�س �أو عند اخلروج من النظام‪ .‬وانطالقا من‬ ‫ذلك‪ ،‬ف�إن طرح م�س�ألة �إدماج التلميذ داخل املنظومة الرتبوية‪ ،‬هو �أي�ضا حماولة لتقييم درجة حتقق‬ ‫�أهداف امل�ؤ�س�سة‪ .‬فاملردودية وفعالية النظام التعليمي‪ ،‬جناح وف�شل التلميذ‪ ،‬جميعا تفر�ض بحثا‬ ‫تكميليا و�رضوريا‪ .‬فالتلميذ‪ ،‬يف �إطار النظام التعليمي املغربي ال يتطور ب�صفة طبيعية‪ ،‬وفقا لقدراته‬ ‫اخلا�صة‪ ،‬طيلة مرحلة متدر�سه‪ ،‬ولكنه يخ�ضع للقيود املفرو�ضة واملعقدة لتدبري تدفقات الأعداد‪.‬‬ ‫�إن التقومي امل�ؤ�س�ساتي مل�س�ألة املردودية ي�سمح لنا بتقييم اجلهد املبذول من قبل النظام يف‬ ‫�سبيل التكوين‪ ،‬كما �أنه ي�ؤدي �إىل ا�ستخدام جمموعة من امل�ؤ�رشات التي من �ش�أنها �أن متكننا من‬ ‫و�صف وتف�سري نتئج ال�سيا�سة التعليمية‪.‬‬

‫التال�ؤم مع الطلب وتوازن النظام‬ ‫�إن املالحظات املتعلقة مبردودية النظام املدر�سي املغربي تتوقف غالبا عند م�ستوى املعاينة‬ ‫الب�سيطة للواقع‪� .‬إن احت�ساب تدفقات الأعداد و الأفواج من التالميذ مقاربة قد تر�ضي املخطط‪.‬‬ ‫فال�صورة املقدمة عادة ما تعك�س التدبري الآيل امليكانيكي للأعداد بدال من قيا�س عنا�رصاملردودية‬ ‫يف املنظومة الرتبوية‪..‬‬ ‫حتيلنا درا�سة �أداء املنظومة على مفهوم متعدد املعاين والدالالت‪ ،‬قريب من مفاهيم املردودية‬ ‫والنجاعة واالنتاجية والفاعلية‪.‬‬ ‫بينما يحيلنا التعليم على مفاهيم النجاح والف�شل املدر�سي �أو اجلامعي‪ ،‬يهتم التقومي مبختلف‬ ‫�أ�شكال التدبري واختالالته‪� .‬إن النظام املدر�سي يحدد عرب �آلياته وتنظيماته م�سالك للتكوين يفرت�ض‬ ‫فيها �أن تكون منتظمة ومتما�شية مع االرتقاء املدر�سي للتلميذ الناجح‪.‬‬ ‫‪ -1‬ميثل هذا الن�ص الف�صل الرابع من الق�سم الثاين من كتاب‪:‬‬ ‫‪: Souali, Mohamed, L’institutionnalisation du système de l’enseignement au Maroc‬‬ ‫‪Evaluation d’une politique éducative, Ed,. L’Harmattan, 2004. pp.89-105‬‬

‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪27‬‬


‫وحينما تكون النتائج غري مثمرة‪ ،‬وكلما يكون هناك تخل �أو انقطاع عن الدرا�سة �أو رف�ض‬ ‫للتعلم‪� ،‬أو عندما تكون مراحل التمدر�س ال تخ�ضع للوترية امل�سطرة لها‪ ،‬ف�إننا نتحدث حينئذ عن‬ ‫م�سار درا�سي م�ضطرب‪� ،‬سواء تعلق الأمر بالأهمية املتنامية التي �أ�صبحت حتظى بها تقوميات‬ ‫املنظومات �أو �أوباالهتمام بالدرا�سات املخ�ص�صة لأهداف التكوين وتقومي املكت�سبات‪ ،‬يتبني �أن تدبري‬ ‫الرتبية �أ�ضحى يخ�ص�ص مكانة متميزة لكل ما يتعلق بالأداء املدر�سي ومردوديته‪ .‬ويتعلق الأمر‬ ‫بالتحكم فعال يف �سريورة التكوين والعمليات التي من خاللها ي�ضبط التلميذ ويكيف �إمكانياته‬ ‫حتى ت�ستجيب للإجنازات املدر�سية املطلوبة‪ .‬وقد تو�سع ا�ستعمال مفهوم املردودية �إىل هذه املجاالت‬ ‫املذكورة انطالقا من االقت�صاد‪ ،‬حيث يطبق عادة على الأن�شطة الإنتاجية‪.‬‬ ‫من الوا�ضح �أن ا�ستثمارات ال�سلطات العمومية املختلفة يف جمال التعليم قد �أ�صبحت �ضخمة‬ ‫ب�شكل مل ي�سبق له مثيل‪ .‬ومن الطبيعي نتيجة لذلك‪� ،‬أن تنكب الأبحاث ودرا�سات الأجهزة‬ ‫العمومية منذ �أكرث من ن�صف قرن على هذه امل�س�ألة كما لو �أن التفكري انطالقا من الإن�سية التقليدية‬ ‫حول الرتبية الأكرث مالئمة لتكوين الإن�سان قد ترك الأولوية لتفكري �أكرث تقنية حول مكانة املردودية‬ ‫يف �صريورة التنمية االجتماعية واالقت�صادية(‪ .)2‬على �أن �أبعاد هذه االن�شغاالت‪ ،‬كما هو الأمر‬ ‫بالن�سبة لدالالتها كان لها وقع خمتلف نظرا لو�ضعيات وخ�صو�صيات خمتلف النظم الرتبوية‪.‬‬ ‫�إن املردودية عندما يتم تقديرها على امل�ستوى الداخلي‪ ،‬فهي تدل على ن�سب االرتقاء داخل‬ ‫جمموعة من التالميذ ون�سبة اخلريجني مع اعتبارمدد تواجدهم داخل النظام املدر�سي‪ .‬واملردودية‬ ‫هي كذلك �أحد م�ؤ�رشات الفاعلية‪ ،‬حتدد من خالل ن�سب تكرار الأق�سام وتراكماته‪ ،‬واالنقطاعات‬ ‫عن الدرا�سة‪ .‬هذا مع الأخذ بعني االعتبار طبيعة النظم امل�ؤ�س�ساتية التي متيز بني املنظومات ذات‬ ‫االرتقاء الآيل والأنظمة التي ت�سمح بالتكرار‪.‬‬ ‫ومن بني م�ؤ�رشات �إنتاجية املنظومة املعتمدة يف كثري من الأحيان‪ ،‬يوجد معدل النجاح يف‬ ‫االمتحانات من �أجل االنتقال ون�سب التمدر�س �أثناء االنتقال من ال�سلك وتوزيع الأعمار يف كل‬ ‫م�ستوى درا�سي‪� ،‬إلخ‪.‬‬ ‫وتقا�س املردودية على م�ستوى هياكل املنظومة بالن�سبة جلموع املتمدر�سني من خالل حركية‬ ‫االرتقاءات والأفواج‪.‬‬ ‫ويتم تقديرها كذلك على م�ستوى املكت�سبات واملعارف واملهارات املدر�سية‪ .‬ففي امل�ستوى الأول‬ ‫ندرج معايري التكلفة‪� ،‬سنوات التمدر�س لكل طالب ن�سب التقدم‪ ،‬ن�سب االرتقاء‪ ،‬ن�سب املردودية‬ ‫الظاهرة‪ ،‬ن�سب االحتفاظ ون�سب الهدر‪ .‬ويتم تقدير املردودية اخلارجية �أي�ضا لقيا�س مدى فعالية‬ ‫املنظومة يف الإ�ستجابة حلاجيات االقت�صاد واملجتمع‪.‬‬

‫‪2- Bourdieu P, passer J.C, la comparabilité des systèmes d’enseignement, n R. castel, J.C‬‬ ‫‪Passeron, éducatrice, développement et démocratie P 21-28, ed. Mouton, Paris 1967.‬‬

‫‪28‬‬


‫ففي مرحلة الت�شخي�ص‪ ،‬متكن هذه التقديرات من الك�شف عن الت�أخرات ومراكز االختناق‬ ‫واالختالالت الأكرث و�ضوحا‪� ،‬أما فيما يرتبط بقيا�س املكت�سبات واالجنازات يف االمتحانات واملالءمة‬ ‫البيداغوجية‪ ،‬ف�إن الأمر يتعلق‪ ،‬يف معظم الأحيان‪ ،‬مبعيار نوعي‪� .‬إذ يكون ملفهوم املردودية داللة‬ ‫اقت�صادية للنظام املدر�سي حيث تعترب االنتاجية نتيجة للعالقة بني املنتوج والعوامل التي �أفرزته‪،‬‬ ‫فالتقومي والقيا�سات الن�سقية ت�سمح بتقديراجلهد الذي تبذله املنظومة لفائدة التكوين‪ .‬ومن الأح�سن‬ ‫�أن ترتبط انتاجية الرتبية مب�ساهمة هذه الأخرية يف التنمية ال�شاملة‪ .‬من جهة اخرى ف�إن الإنتاجية‬ ‫يف جمال الرتبية ت�ؤكد على املردودية الداخلية وعلى فعاليتها‪� .‬إن فعالية النظام تتمثل يف قدرته‬ ‫على �إنتاج �أق�صى ما ميكن من النتائج بجهد م�ستمر وثابت �أو االكتفاء باحلد االدنىمن اجلهد‬ ‫من �أجل نتائج م�ستقرة‪.‬‬ ‫ويتم تقييم املردودية املدر�سية �أي�ضا باملقارنة بني تدفقات الطالب والتالميذ عند الدخول‬ ‫اىل املنظومة �أو عند مغادرتها وتعترب يف هذه احلالة كمردودية ظاهرة‪� .‬أما تقومي املردودية‬ ‫احلقيقية فت�أخذ يف احل�سبان جمموعة التالميذ الناجحني واملكررين �أو املنقطعني‪ .‬يف م�سار الأفواج‬ ‫ويعتربالنظام التعليمي فعاال عندما يكون قادرا على ا�ستقبال جميع االطفال يف �سن التمدر�س‬ ‫وي�ستجيب لطموحاتهم الفردية وطموحات ذويهم وي�ؤهلهم وفقا ملتطلبات التنمية االقت�صادية‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬و يوفرلهم تعليما مطابقا للنموذج املجتمعي املقبول وللقيم الثقافية والروحية الأ�سا�سية‬ ‫وي�ستجيب حلاجيات التغيري‪ ،‬والتحديث الذي ت�سعى �إليه كل دينامية تاريخية‪.‬‬ ‫و�إذا كان نظام التمدر�س ال ي�صل اىل جميع الأطفال يف �سن التمدر�س‪ ،‬و�إذا كانت املجموعات‬ ‫تنقطع عن الدرا�سة خالل مرحلة االبتدائي‪� ،‬أو تتخلى عن الدرا�سة كلما ا�صطدمت بحواجز االختناق‬ ‫�أو التكرار وتراكم الت�أخرات‪ ،‬ف�إن هذا النظام يهدر �سنوات التالميذ‪� .‬إن عر�ض الرتبية والأ�سالك غري‬ ‫املكتملة والفوارق يف العر�ض بني املناطق القروية واملناطق احل�رضية‪ ،‬وبني الذكور والإناث‪ ،‬تن�ضاف‬ ‫اىل عوامل �أخرى يفرزها ت�شخي�ص الواقع كت�شتت ال�سكن يف الأرياف وعدم مالءمة حمتويات ولغة‬ ‫التعلم للو�سط القروي‪.‬‬ ‫ومن الناحية الإح�صائية‪ ،‬ف�إن كل انقطاع عن الدرا�سة ميكن اعتباره هدرا مدر�سيا‪ ،‬لكونه‬ ‫مي�س التلميذ الذي يغادر املدر�سة قبل نهاية املرحلة الأخرية من ال�سلك املتمدر�س فيه‪� .‬إن االعتبارات‬ ‫املتعلقة مب�ستوى التكوين املتو�صل �إليه‪ ،‬مثل احتمال االرتداد �إىل الأمية‪ .‬ترتبط‪ ،‬مبفهوم مراكمة‬ ‫املعارف يف حني �أن قيا�س الهدر ي�سعى �إىل تقومي حركية املجموعات املدر�سية‪.‬‬ ‫وتبعا ل�رصامة االجراءات القانونية املتعلقة ب�إجبارية التعليم‪ .‬ف�إن االنقطاعات املدر�سية داخل‬ ‫الدول املتقدمة ينبغي �أن تتخذ داللة مغايرة لتلك التي جندها يف معظم الدول النامية‪.‬‬ ‫يعترب التكرار مبثابة هدر لأن التلميذ جمرب على ق�ضاء �سنة �أخرى يف نف�س امل�ستوى و�إعادة‬ ‫نف�س درو�س ال�سنة املا�ضية‪ .‬وهذا يقل�ص من عدد املقاعد الدرا�سية املتوفرة‪ ،‬ويرفع تكلفة الرتبية‪.‬‬ ‫باال�ضافة اىل كونه يعترب ت�أخراً يف امل�سار الدرا�سي للتلميذ ويرجئ مواعيد تكوينه‪ .‬وتبقى التكرارات‬ ‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪29‬‬


‫واالنقطاعات املدر�سية م�ؤ�رشات كمية على الهدر املدر�سي‪� .‬أما التحليل الدقيق لهذه الظاهرة فيتمثل‬ ‫يف درا�سة �سلوك التالميذ مبتابعة امل�سار الدرا�سي لكل واحد منهم‪ ،‬وهذه تقنية حتليلية تبدو مكلفة‬ ‫علميا وماديا حتى و�إن توفرت الو�سائل‪� .‬أما فيما يتعلق بقيا�س تطور الأعداد تبعا للفئات العمرية‪ ،‬فهو‬ ‫يفرت�ض تقابال دقيقا بني ال�سن وامل�ستوى املدر�سي‪ ،‬وهو �أمر ال يت�أتى دائما يف بالدنا‪ .‬وميكن �أن تتم‬ ‫درا�سة الأفواج من خالل توزيع الأعداد على امل�ستويات الدرا�سية يف �سنة معينة تكون هي �سنة �أ‪ 1‬ثم‬ ‫درا�سة توزيع امل�سجلني اجلدد واملكررين على امل�ستويات الدرا�سية يف ال�سنة املوالية �أ‪ ،2‬وهذه �أف�ضل �أداة‬ ‫للقيا�س وخا�صة عندما توجد فوارق هامة بني �سن التلميذ وم�ستواه الدرا�سي‪ ،‬كما هو احلال عندما‬ ‫يتم التعامل بكثري من الليونة مع �سن التمدر�س �أوعندما يكون تكرار الأق�سام �شائعا‪.‬‬ ‫�إن تقييم املردودية ي�ستدعي بال�رضورة ا�ستخدام امل�ؤ�رشات يف و�صف وتف�سري و حتليل‬ ‫عنا�رص هذه املردودية‪ :‬كنتاج ل�سيا�سية ما‪� ،‬أو عوامل الكلفة وجودة املكت�سبات والتفاوتات اجلهوية‬ ‫والتجربة املدر�سية وت�أثريات عوامل املحيط االقت�صادي واالجتماعي والدميوغرايف فيها‪ .‬ويتم حتليل‬ ‫هذه املردودية انطالقا من درا�سة ن�سب ومعدالت التمدر�س �أو مدى ا�ستجابة النظام للطلب وذلك‬ ‫من خالل معاينة هرمية التمدر�س‪ ،‬وم�ؤ�رش ال�سن �إمكانية خمتلف الفئات العمرية الدخول واال�ستمرار‬ ‫داخل امل�سارات الدرا�سية‪ ،‬ومن خالل �أعمار التالميذ ودرجة ت�أخرهم املدر�سي‪...‬الخ‪.‬‬ ‫�إن مفهوم الفعالية يلتقي مع اختيارات املنظومة الهادفة �إىل التكيف مع الأهداف االجتماعية‬ ‫واالقت�صادية امل�سطرة‪ ،‬وقدرتها على اال�ستخدام املنا�سب للموارد املو�ضوعة رهن �إ�شارتها‪� .‬إن كل‬ ‫مقاربة للمردودية ينبغي �أن تهتم بنف�س الدرجة باملدخالت (التكلفة‪ ،‬عدد التالميذ املمدر�سني)‬ ‫وبالفعالية يف املخرجات من خالل تقومي درجة حتقيق الأهداف‪.‬‬ ‫اقت�صاديا‪ ،‬ي�شكل الهدر املدر�سي خ�سارة خال�صة ال تعو�ض‪ ،‬فت�سليط ال�ضوء على عوامل‬ ‫املردودية املدر�سية يف البلدان النامية‪ ،‬يرتبط ارتباطا وثيقا باال�شغال الأوىل التي �أجنزت يف جمال‬ ‫التخطيط التطبيقي على النظام التعليمي كوحدة تتم مقاربتها ب�شكل �شمويل على م�ستوى بلد‬ ‫معني‪� .‬إنها التحليالت املاكروتقنية والتي تهتم بتتبع تطور الأفواج معتمدة يف ذلك على اخلريطة‬ ‫املدر�سية ك�أداة �إدارية والهدف الذي الذي يرجى حتقيقه يتمثل يف الرفع من �إمكانيات اال�ستقبال‬ ‫ك�أف�ضل طريقة لال�ستجابة للطلب على التمدر�س‪ ،‬مع العمل يف نف�س الوقت على حت�سني ن�سب‬ ‫التدفق‪ .‬ويعترب هذا املجهود املطلوب القيام به �إجنازا �ضخما وا�ستثنائيا‪ .‬لقد كانت ن�سب التمدر�س‬ ‫هدفا �أوليا بالن�سبة لل�سلطات العمومية‪� ،‬أما فيما يتعلق باحلظوظ املمكنة للتلميذ من �أجل �إنهاء‬ ‫تعليمه الأ�سا�سي‪ ،‬فقد ظلت غري م�ضبوطة‪ .‬وع�صية على املراقبة‪.‬‬

‫الفروق بني اجلهات وبني الأو�ساط احل�ضرية والقروية‬ ‫حتى لو اعتقدنا ب�أن التكرارات والت�أخرات املدر�سية ميكن جتاوزها و�إلغا�ؤها بتدابري �إدارية‬ ‫�أو عن طريق االرتقاءات الآلية‪ ،‬و�أن االنقطاعات املدر�سية ميكن احلد منها ب�إقرار فعلي لإلزامية‬ ‫‪30‬‬


‫التعليم‪ ،‬فمن الوا�ضح �أن هذه الظواهر هي‪ ،‬يف الواقع‪ ،‬مرتبطة ب�أالو�ضاع املاكرو‪-‬اجتماعية والظروف‬ ‫االقت�صادية والدميغرافية و بالتوزيع املن�صف للو�سائل الرتبوية يف بالدنا‪.‬‬ ‫ومن خالل املعطيات العامة يتبني �أن ال�سكان يف بالدنا ال ي�ستفيدون بطريقة متكافئة من‬ ‫التمدر�س ويتجلى ذلك يف الفوارق بني اجلهات �أو بني الو�سط احل�رضي والقروي‪ .‬هكذا ف�إننا‬ ‫نالحظ تراجعا يف ن�سب التمدر�س كلما ازداد البعد عن املدن الرئي�سيةِ ‪ ،‬واال�ستثناءات تكون‬ ‫نتيجة لآثار التعمري املحلية املرتبطة بالتطور االقت�صادي‪ .‬وعموما‪ ،‬فان اجلهات التي تعرف ن�شاطا‬ ‫اقت�صاديا مكثفا كاجلهة الو�سطى والو�سط الغربي‪ ،‬للمغرب هي التي ميكن �أن تالحظ فيها �أعلى‬ ‫ن�سب التمدر�س‪.‬‬ ‫مع �أننا نالحظ يف هذه اجلهات نف�سها اختالفات بني الأو�ساط احل�رضية والأو�ساط القروية‪،‬‬ ‫�سواء على م�ستوى الولوج �إىل املدر�سة �أو على م�ستوى اال�ستمرار فيها‪ .‬ومتتد هذه االختالفات �إىل‬ ‫ما بعد التعليم االبتدائي‪ ،‬كما تتغري م�ؤ�رشات االنتقاء يف التعليم الثانوي من جهة لأخرى‪ .‬ويف‬ ‫الواقع‪ ،‬ف�إن التفاوتات املرتبطة بالأ�صل اجلهوي تزداد قوة كلما ارتفع امل�ستوى الدرا�سي‪.‬‬ ‫�إن االنقطاع املدر�سي(‪ )3‬يف التعليم االبتدائي يكاد يكون منعدما يف الو�سط احل�رضي‪ ،‬ف�إىل‬ ‫حدود �سنة ‪ ،1992‬كان ميثل ن�سبة ‪ %℅56‬يف الو�سط القروي‪ ،‬ف�إىل جانب العامل االقت�صادي‬ ‫اجلهوي‪ ،‬يجب �أن ي�ضاف �إليه ال�سلوك الدميغرايف للجهة املعنية‪ ،‬فن�سب االنقطاع املرتفعة مت�س‪،‬‬ ‫باخل�صو�ص‪ ،‬امل�ؤ�س�سات املوجودة يف املناطق ذات التو�سع الدميغرايف املحدود (‪.)4‬‬ ‫ورغم الأولوية الذي كان يحظى بها التعليم يف الو�سط القروي يف جميع خمططات التنمية‪،‬‬ ‫فان ن�سب التمدر�س و�إىل حدود ‪ 1995‬بلغت يف املتو�سط ‪ .℅%52‬وتبني الدرا�سات التي �أجنزتها‬ ‫وزارة الرتبية الوطنية �أن ولوج التعليم االبتدائي والرتدد عليه ال يعاين من عراقيل خا�صة‪.‬‬ ‫�إن طلب الرتبية يعترب عامال يخ�ضع ملتغريات متعددة‪ ،‬ويندرج يف املجال االقت�صادي‬ ‫والثقايف للجهة‪ ،‬بل يعترب هو كذلك متغريا مرتبطا بعوامل �أخرى‪ ,‬ونالحظ �أنه كلما انت�رش التعليم‬ ‫االبتدائي‪ ،‬كلما ت�أثر التمدر�س بالظروف الثقافية القائمة‪.‬‬ ‫يرجع املخططون �أ�سباب التعرثات التي عرفها التمدر�س يف الفرتات بني ‪ 1966‬و ‪� 1973‬إىل‬ ‫حتفظ ال�ساكنة القروية وعدم اهتمامها بامل�ؤ�س�سة املدر�سية‪ .‬وقد �أكدت الدرا�سات التي �أجنزتها فيما‬ ‫بعد اخلربة الدولية التي كانت تعمل لفائدة االدارة املغربية اخل�صو�صيات الوطنية املتعلقة بت�شتت‬ ‫ال�سكن‪ ،‬القروي وببنيته املفككة‪.‬‬ ‫وقد واجهت تطبيقات اخلريطة املدر�سية �إكراهات من ال�صعب جتاوزها‪ .‬وهكذا خالل عقد‬ ‫‪3- Salmi.J. crise de l’enseignement et de production sociale au Maroc, Ed. Maghrèbines,‬‬ ‫‪casablanca,1985‬‬ ‫‪4- Souali M, «les disparités du niveau de scolarisation entre régions et entre milieux‬‬ ‫»‪urbaine et rurale au MAROC», un actes du colloque «education et formation prof‬‬

‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪31‬‬


‫ال�سبعينات‪ ،‬وقد مكن اجلهد املايل املبذول وبناء املن�ش�آت وفق منهجية �أكرث عقالنية من حتقيق‬ ‫تقدم يف التمدر�س بالو�سط القروي‪ ،‬ال�سيما بالن�سبة للفتيات‪ .‬وقد حثت مرحلة الرتاجع القوي يف‬ ‫م�ؤ�رشات التمدر�س التي �سجلت يف الفرتة ما بني ‪ 1984‬و ‪ ،1990‬االدارة بناء على طلب الهيئات‬ ‫الدولية املمولة على االنكباب على ت�سليط ال�ضوء وبعمق �أكرب على حمددات التمدر�س يف هذا‬ ‫الو�سط‪ .‬وقد انتهت هذه الدرا�سات والتو�صيات يف نهاية الت�سعينيات باالدارة الو�صية اىل �سن‬ ‫�سيا�سة �إرادية ملواجهة الو�ضعية‪.‬‬ ‫• من بني املحددات التي طرحتها هذه الأبحاث‪ ،‬ميكن ت�سجيل دور الفوارق اجلغرافية واملناخية بني‬ ‫اجلهات‪� ،‬سواء كانت معزولة‪� ،‬أو توجد يف مناطق جبلية �أو مناطق مفتوحة على خمتلف و�سائل‬ ‫النقل والتوا�صل‪.‬‬ ‫• ويتعلق الأمر �أي�ضا بالطابع اخلا�ص لتمدر�س مكثف حديث العهد �أجنز يف وقت مل يكن فيها‬ ‫الن�سيج االقت�صادي م�ستعدا ملواجهة متطلباته ويف فرتة كان فيه حتديث املجال االقت�صادي‬ ‫واالجتماعي يف بدايته‪.‬‬ ‫• �إن درا�سة �آثار التباينات ينبغي �أن ي�أخذ بعني االعتبار كذلك عدم جتان�س العوامل امل�ؤثرة كاخل�صائ�ص‬ ‫الثقافية واللغوية للجهة وحمفزات الولوج اىل املدر�سة واال�ستمرار يف الدرا�سة‪ ،‬وم�ستوى التجهيز‬ ‫اجلهوي ودرجة الت�أطري االداري العمومي فيه‪ ،‬وم�ستوى بنيته التحتية ال�صحية‪� ...‬إلخ‪.‬‬ ‫• وهناك كذلك دور امل�ستوى املعي�شي لل�ساكنة بهذه املناطق التي يغلب عليها الطابع القروي‪ ،‬حيث‬ ‫متثل �أعباء متدر�س الأطفال بالن�سبة �إليهم نق�صا ماديا ينبغي تداركه‪ .‬وهذا الأمر يعك�س م�ستوى‬ ‫وفرة املوارد على امل�ستوى املحلي‪� .‬إن تداعيات ا�ستغالل الأطفال يف الأعمال الزراعية �أو ال�صناعة‬ ‫التقليدية يف عدم انتظام متدر�س االطفال ويف الن�سب املرتفعة لالنقطاعات التي متيز ال�سنوات‬ ‫الأوىل من التمدر�س‪.‬‬ ‫ويبدو �أن عامل م�ستوى العي�ش ي�ؤثر �سلبا ب�شكل كبري على متدر�س الفتيات‪ .‬وقد ك�شفت‬ ‫التحقيقات الدورية حول ا�ستهالك الأ�رس �أن متدر�س الفتيات يت�أثر مب�ستوى الدخل بحدة �أكرث يف‬ ‫املناطق القروية باملقارنة مع الو�سط احل�رضي‪.‬‬ ‫• ويعك�س متدر�س الأطفال روح احلداثة واالنفتاح لدى اال�رس وم�ستواها التعليمي‪ ،‬ويتجلى ذلك‬ ‫يف املواقف والت�صورات االجتماعية �إزاء املدر�سة‪ .‬وتربز االختالفات يف ت�صور �أهمية ال�شهادات‬ ‫املدر�سية بني املنطقة احل�رضية والأرياف وب�إح�سا�س �ضئيل للأ�رس ب�رضورة متدر�س الفتيات‪.‬‬ ‫ف�إذا كان ينظر اىل املدر�سة يف املناطق احل�رضية كو�سيلة لالرتقاء االجتماعي‪ ،‬ف�إن �أولياء الأمور‬ ‫يف املناطق القروية‪ ،‬على العك�س من ذلك‪ ،‬ال ي�أملون يف �أن يروا �أطفالهم املمدر�سني ي�شتغلون‬ ‫يف الفالحة‪� .‬إن هذه العوامل النوعية واملرتبطة بالتفاعل الثقايف بني املدر�سة والو�سط تاخذ‬ ‫�أبعادا هامة بفعل اخل�صو�صيات اجلهوية املرتبطة بالهوية الثقافية املحلية‪ :‬وينظراىل املدر�سة‬ ‫كف�ضاء للمثاقفة �أو االن�سالخ عن الهوية الثقافية ناهيك عن العنف الذي يتم ال�شعور به من‬ ‫‪32‬‬


‫جراء اخليارات احلداثية �إىل جانب �صعوبة ن�رش لغة �أجنبية‪ ،‬والتعامل مع ازدواجية اللغة العربية‬ ‫بني الدارجة والف�صحى وما ينجم عن ذلك من عوائق حتول دون جعلها �أداة مالئمة للتعلمات‬ ‫واملكانة و املكانة امللتب�سة والغام�ضة املخ�ص�صة للهجات املحلية‪ ،‬الخ‪.‬‬ ‫• �إن خ�صائ�ص النظام التعليمي ال ي�سمح بالتكيف مع التنوع يف البيئات‪ :‬ف�صالبة النظام ومظهره‬ ‫املرتا�ص والأحادي املبادئ وانتقائيته املفرطة اىل جانب عدم مالءمة الربامج‪ ،‬كلها عوامل ت�ساهم‬ ‫يف نفور تالميذ بع�ض اجلهات‪ ،‬كما �أن ابتعاد الربامج عن احلقائق املحلية و واختالالت التوجيه‬ ‫املدر�سي ب�سبب غياب ت�شخي�ص عقالين ملهارات التالميذ كلها عوامل تزيد من حدة ت�أثريات‬ ‫املظاهر الأخرى للتباينات اجلهوية امل�شار �إليها �سابقا‪.‬‬ ‫تربز املحددات املختلفة التي مت حتليلها �أن االختيارات الذاتية لأولياء الأمور ولأطفالهم‬ ‫تعك�س �إىل حد كبري ال�رشوط املو�ضوعية للظروف االجتماعية واالقت�صادية املحلية و وكذا الظروف‬ ‫التي توفرها املنظومة الرتبوية‪ .‬وبعبارة �أخرى‪ ،‬ف�إن الأمر مل يعد يتعلق بحواجز قاطعة بقدر ما يتعلق‬ ‫االمر بخ�صو�صيات بع�ض �أمناط العي�ش اجلهوية �أو املحلية‪� ،‬إن الأمر يتعلق باعتبار له طابع عام‬ ‫يطرح �إ�شكالية اندماج نظام التعليم داخل الو�سط‪ ،‬وتثبيثه وامكانية ا�ستجابته لأهداف تكوين‬ ‫مالئم والنتظارات امل�ستفيدين‪.‬‬ ‫حتيل املردودية املدر�سية با�ستمرار �إىل دور املحددات ذات الطابع املجتمعي وامل�ؤ�س�ساتي‪� ،‬إذ‬ ‫غالبا ما ميكن تف�سري امل�سار املدر�سي للتلميذ بطبيعة النظام املدر�سي ذاته وبالعوامل النف�سية �أو‬ ‫االجتماعية امل�ؤثرة على امل�ستوى الفردي و الأ�رسي‪.‬‬ ‫جتمع معظم النظريات يف جمال التخطيط حول الفكرة التي تق�ضي ب�أن توافر املوارد الرتبوية‬ ‫من بني العوامل الأ�سا�سية التي تف�رس جزئيا �إمكانيات الولوج �إىل الرتبية‪ ،‬وتعك�س االختالفات بني‬ ‫البلدان وبني اجلهات يف هذا املجال‪� .‬إن الولوج �إىل املعرفة‪ ،‬و�إىل التمدر�س و�إىل النجاح املدر�سي‬ ‫يتحدد بحجم الو�سائل التي توفر للتعليم‪ .‬فالولوج �إىل املعرفة هو �أمر م�رشوط �أي�ضا مبجموعة‬ ‫معقدة من امل�ؤ�س�سات االجتماعية‪ ،‬والتي ترتبط هي االخرى بنمط توزيع الفائ�ض االقت�صادي يف‬ ‫البالد‪.‬‬

‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪33‬‬


‫الربنامج الوطني لتقومي التح�صيل الدرا�سي‪:‬‬ ‫�آلية جديدة لتقومي مكت�سبات التالميذ‬ ‫باملنظومة الوطنية للرتبية والتكوين‬ ‫من �إعداد‪:‬‬ ‫هيئة التحرير‬ ‫متثل هذه الورقة مقتطفا من التقرير الرتكيبي للربنامج الوطني لتقومي التح�صيل‬ ‫الدرا�سي الذي �أجنزته الهيئة الوطنية للتقـومي لدى املجل�س الأعلى للتعليـم بر�سم‬ ‫�سنة ‪ ،2008‬والذي ارت�أت هيئة التحرير �أن تن�رشه‪ ،‬يف �صيغته الأ�صلية‪ ،‬لكونه يقدم‬ ‫تعريفا �شامال ووافيا لهذا الربنامج الذي يعد جتربة متميزة يف تقومي التح�صيل‬ ‫الدرا�سي باملنظومة الوطنية للرتبية والتكوين‪.‬‬ ‫اعتبارا لكون التقومي يعد مكونا حموريا للعملية الرتبوية‪ ،‬وممار�سة تهدف بالأ�سا�س �إىل الرفع‬ ‫امل�ستمر من جودة الرتبية والتعليم‪ ،‬كما ن�ص على ذلك امليثاق الوطني للرتبية والتكوين بو�صفه‬ ‫الإطار املرجعي للإ�صالح‪ ،‬من خالل ت�أكيده �أن نظام الرتبية والتكوين يخ�ضع برمته للتقومي املنتظم‪،‬‬ ‫من حيث مردوديته الداخلية واخلارجية‪ ،‬الرتبوية والإدارية؛ ف�إن تعزيز ثقافة التقومي وتطوير �أ�ساليبه‬ ‫يف املنظومة‪ ،‬ي�شكل �أحد اخليارات الإ�سرتاتيجية لربح رهانات املدر�سة املغربية اجلديدة‪ .‬وهو خيار‬ ‫ج�سده املجل�س الأعلى للتعليم من خالل تقريره الأول ال�صادر �سنة ‪ 2008‬حول «حالة منظومة‬ ‫الرتبية والتكوين و�آفاقها»‪ ،‬حيث �أكد‪ ،‬بهذا اخل�صو�ص‪�« ،‬رضورة التوفر على �أداة مو�ضوعية‪ ،‬فعالة‬ ‫وموحدة على ال�صعيد الوطني لتقومي مكت�سبات التالميذ مبختلف امل�ستويات الدرا�سية»‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬عمل املجل�س الأعلى للتعليم على �إر�ساء الربنامج الوطني لتقومي التح�صيل الدرا�سي‪،‬‬ ‫بدعم علمي من الهيئة الوطنية للتقومي‪ ،‬التي ت�ضطلع ب�إجناز تقوميات �شمولية �أو قطاعية �أو‬ ‫مو�ضوعاتية للمنظومة الوطني للرتبية والتكوين وقيا�س جناعتها‪ ،‬عرب �إجراء تقديرات �إجمالية‬ ‫للمعارف والكفايات املكت�سبة من قبل املتعلمني يف خمتلف �أ�سالك التعليم‪ ،‬وحتليل تطور املردودية‬ ‫الداخلية واخلارجية للمنظومة وحت�سني جودتها‪.‬‬ ‫وقد �أجنز هذا الربنامج بتعاون مع وزارة الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر‬ ‫والبحث العلمي‪ ،‬من خالل املركز الوطني لالمتحانات والتقومي‪ ،‬ومب�ساهمة الأكادمييات اجلهوية‬ ‫للرتبية والتكوين‪ ،‬والنيابات الإقليمية‪ ،‬والإدارة الرتبوية للم�ؤ�س�سات التعليمية‪ ،‬واملفت�شني واملدر�سني‬ ‫املعنيني‪ .‬وهو برنامج يزاوج بني قيا�س مكت�سبات التالميذ يف املواد الدرا�سية الأ�سا�سية‪� ،‬ضمن‬ ‫�سنوات حا�سمة من م�سارهم الدرا�سي‪ :‬ال�سنة الرابعة وال�ساد�سة ابتدائي‪ ،‬وال�سنة الثانية والثالثة‬ ‫�إعدادي؛ وبني حتديد املتغريات املدر�سية والأ�رسية وال�سو�سيو اقت�صادية ذات العالقة بالتح�صيل‬ ‫الدرا�سي‪ ،‬وذلك يف �أفق و�ضع ا�سرتاتيجيات ناجعة لال�ستدراك والتعديل واملعاجلة الناجعة‪.‬‬ ‫‪34‬‬


‫الأهداف ‪:‬‬ ‫يتوخى املجل�س‪ ،‬من خالل �إر�ساء برنامج وطني لتقومي التح�صيل الدرا�سي‪ ،‬حتقيق جملة من‬ ‫الأهداف تبتغي الرفع من جودة مردودية املدر�سة املغربية‪� ،‬أهمها‪:‬‬ ‫• الوقوف على م�ستوى التح�صيل الدرا�سي لدى التالميذ‪ ،‬يف مواد درا�سية �أ�سا�سية‪ ،‬ويف حمطات‬ ‫هامة من م�ساراتهم الدرا�سية؛‬ ‫• توفري �آلية وطنية‪ ،‬جديدة‪ ،‬ناجعة‪ ،‬منتظمة ودورية‪ ،‬مبنية على مقاربة علمية ت�ستند �إىل م�ؤ�رشات‬ ‫وا�ضحة ومتفق عليها للقيا�س ب�أدوات جمربة‪ ،‬من �ش�أنها �أن ت�شكل مرجعية علمية للباحثني‬ ‫والفاعلني يف حقل الرتبية والتكوين؛‬ ‫• �إ�شاعة ثقافة التقومي يف خمتلف مكونات املنظومة الوطنية للرتبية والتكوين و�أو�ساطها؛‬ ‫• متكني ذوي القرار من التعرف على واقع التعلمات‪ ،‬وم�ساعدتهم على القيام باال�ستدراكات و�إيجاد‬ ‫احللول املالئمة؛‬ ‫• مالءمة عمليات التقومي مع املعايري الدولية املتعارف عليها؛‬ ‫• �إر�ساء املقومات الأ�سا�سية لربنامج وطني طموح‪ ،‬يكون هدفه �إجراء تقومي منتظم للتح�صيل‬ ‫الدرا�سي وتتبع مكت�سبات املتعلمني‪ ،‬يف �ضوء املتغريات املدر�سية والبيداغوجية للمنظومة الرتبوية‬ ‫الوطنية‪ ،‬والعوامل ال�سو�سيواقت�صادية والثقافية امل�ؤثرة فيها؛‬ ‫• �إذكاء نقا�ش وطني ر�صني وبناء حول واقع التح�صيل الدرا�سي للتالميذ املغاربة‪ ،‬من �أجل الإ�سهام‬ ‫اجلماعي يف متكينهم من �أف�ضل �رشوط التعلم والإقبال على الدرا�سة والتح�صيل املتني بفر�ص‬ ‫متكافئة‪.‬‬ ‫ومن منطلق االقتناع ب�أن جودة الرتبية والتعليم ت�شكل م�سارا ُتبنى �أ�س�سه على امل�ستوى‬ ‫املحلي‪ ،‬وال�سيما يف امل�ؤ�س�سات التعليمية‪ ،‬وذلك من خالل املمار�سات البيداغوجية داخل الف�صول‬ ‫الدرا�سية‪ ،‬ف�إن الربنامج الوطني لتقومي التح�صيل الدرا�سي ل�سنة ‪ ،2008‬ي�ضع على عاتقه م�س�ؤولية‬ ‫مزدوجة االجتاه‪:‬‬ ‫• يروم االجتاه الأول‪ ،‬الإ�سهام يف بلورة قيادة فعالة للجودة البيداغوجية يف املنظومة الوطنية‬ ‫للرتبية والتكوين‪ ،‬على م�ستوى �سلكي االبتدائي والثانوي الإعدادي؛‬ ‫• �أما االجتاه الثاين‪ ،‬فيتوخى حت�سي�س خمتلف املتدخلني يف العملية التعليمية‪-‬التعلمية‪ ،‬وخ�صو�صا‬ ‫املدر�سني‪ ،‬والتالميذ‪ ،‬و�أ�رسهم‪ ،‬بالتعرثات وال�صعوبات القائمة بغاية البحث عن الأ�ساليب العالجية‬ ‫الناجعة‪ ،‬يف �إطار ثقافة قوامها حتمل امل�س�ؤولية وامل�ساءلة والتحفيز‪.‬‬ ‫جتدر الإ�شارة �إىل �أن انطالق الربنامج الوطني لتقومي التح�صيل الدرا�سي يعترب ا�ستمرارا لعمل‬ ‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪35‬‬


‫املجل�س الهادف �إىل الوقوف املنتظم على واقع املنظومة الوطنية للرتبية والتكوين‪ ،‬وا�ست�رشاف �آفاقها‪،‬‬ ‫وذلك من خالل تعزيز هذا العمل بتقوميات مو�ضوعاتية جلوانب خا�صة من مكونات املنظومة‬ ‫ووظائفها‪ .‬وذلك هو ال�ش�أن بالن�سبة لهذا الربنامج الذي يتوخى النفاذ �إىل عمليات حت�صيل املعارف‬ ‫والكفايات الأ�سا�سية يف التعليم املدر�سي الإلزامي‪ ،‬مبا يرتبط بها من ممار�سات وعالقات بيداغوجية‪،‬‬ ‫وما حتققه مكت�سبات التالميذ داخل الف�صول الدرا�سية‪.‬‬

‫‪36‬‬


‫�شهادات‬


‫�آ راء حول التقومي بالتعليم الثانوي الت�أهيلي‬ ‫عبد اهلل الوايل العلمي‬ ‫�أ�ستاذ التعليم الثانوي الت�أهيلي‬ ‫�إن املفهوم اجلديد للمدر�سة يجعل‬

‫لي�س بال�شيء الهني‪ ،‬خا�صة يف مادة اللغة‬

‫وظيفتها ال تنح�رص يف حت�صيل املعارف‬

‫العربية حيث يكون الأ�ستاذ مطالبا بتقومي‬

‫وال�سلوكات‪ ،‬بل تتعداه �إىل �ضمان القواعد‬

‫جمموعة من اجلوانب يف �آن واحد‪ ،‬وحتى �إن‬

‫املحيط‬

‫حدد م�سبقا معايري التقومي‪ ،‬ف�إنه يجد نف�سه‬

‫االقت�صادي واالجتماعي‪ .‬وهو ما لن يت�أتى �إال‬

‫يتماهى مع ت�صحيح الأخطاء الإمـالئية‬

‫ال�رضورية‬

‫الندماج‬

‫الن�شء‬

‫يف‬

‫بتعليم رفيع ميكن من بلوغ م�ستوى راق من‬

‫والنحوية‪ ،‬حتى و�إن كان مو�ضوع التقومي ال‬

‫املعارف والكفاءات‪.‬‬

‫يتعلق باللغة والنحو‪ ،‬وبالتايل ال ي�ستطيع‬

‫وحيث �إن التقومي يوجد يف �صلب العملية‬ ‫التعليمية التع ُّلمية ف�إنه ي�شكل حجر الزاوية يف‬

‫�أ�ستاذ اللغة العربية‪ ،‬يف نظره‪� ،‬أن يلتزم مبعايري‬

‫الإ�صالح الرتبوي‪ ،‬وتعديل الأداء البيداغوجي‪،‬‬ ‫خا�صة عملية تقومي تعلمات التالميذ‪ .‬ومعلوم‬ ‫�أن التقومي ثالثة �أنواع‪:‬‬ ‫‪ .1‬تقومي ت�شخي�صي‪ ،‬ينجز قبل انطالق‬ ‫العملية التعليمية التعلمية؛‬ ‫‪ .2‬تقومي تكويني‪ ،‬يتخلل هذه الأخرية‬ ‫بكل مراحلها؛‬ ‫‪ .3‬ثم تقومي نهائي يتم بعد مرحلة‬ ‫التعلم‪.‬‬ ‫لكن كيف ينظر املدر�س لعملية التقومي ؟‬ ‫للإجابة على هذا ال�س�ؤال ا�ستقينا �آراء‬ ‫يدر�سون مواد خمتلفة‬ ‫جمموعة من الأ�ساتذة‬ ‫ِّ‬ ‫يف ال�سلك الثانوي الت�أهيلي‪.‬‬

‫• يقول �سعيد‪� ،‬أ�ستاذ اللغة العربية منذ ‪17‬‬ ‫�سنة‪ :‬التقومي يف العملية التعليمية التعلمية‬ ‫‪38‬‬

‫معينة‪� .‬أما فيما يخ�ص التقومي الت�شخي�صي‬ ‫ف�إنها عملية ال تنال االهتمام الالزم بها‪ ،‬بل‬ ‫�إن التقومي التكويني يف حد ذاته‪ ،‬ي�صري‬ ‫عملية ي�صعب القيام بها يف �أح�سن حال‬ ‫ب�سبب م�شكل االكتظاظ و�إكراهات �إمتام‬ ‫املقرر الدرا�سي يف الأجل املحدد‪.‬‬ ‫• ترى �سعاد‪� ،‬أ�ستاذة اللغة الفرن�سية منذ �سنة‬ ‫‪ ،2001‬ب�أن التقومي الت�شخي�صي الذي تقوم‬ ‫به غالبا ما يثبت النق�ص احلاد الذي يعاين‬ ‫منه التالميذ يف هذه املادة‪ ،‬خا�صة خالل‬ ‫ال�سنوات الأخرية‪ ،‬وبالتايل جتد نف�سها يف‬ ‫حرية كبرية‪ ،‬هل تتقيد مبا هو حمدد يف‬ ‫املقرر ؟ �أم تقوم بدعم التالميذ ل�سد الثغرات‬ ‫امل�سجلة وت�أهيلهم من جديد ؟ �أما التوفيق بني‬ ‫الأمرين فيتطلب جمهودا م�ضاعفا‪ ،‬ال�شيء‬ ‫الذي ي�صعب القيام به يف ظل الظروف‬ ‫احلالية التي تعي�شها املدر�سة املغربية؛ من‬ ‫قبيل االكتظاظ وكرثة �ساعات العمل‪.‬‬


‫• يعتقد ح�سن‪� ،‬أ�ستاذ مادة الفل�سفة منذ ‪27‬‬

‫الذي يجعل التلميذ‪ ،‬خا�صة يف مادة الرتبية‬

‫�سنة‪� ،‬أن جمال�س الأق�سام من بني الأ�شياء‬

‫الإ�سالمية‪ ،‬ال يهتم باملادة �إال يف ال�سنة الأوىل‬

‫التي قد ت�ساعد على تقومي جوانب متعددة‬

‫باكلوريا حيث �سيمتحن يف نهاية ال�سنة‪،‬‬

‫لدى التلميذ‪ ،‬فهي تعد من حيث املبد�أ‬

‫�أما تالميذ ال�سنة الثانية باكلوريا وب�سبب‬

‫ميدانا للتقومي الإجمايل للتالميذ وللعملية‬

‫�إدراكهم لعدم وجود امتحان يف املادة نهاية‬

‫التعليمية التعلمية برمتها‪ .‬لكنها تظل ب�صفة‬

‫ال�سنة فهم ال يولونها �أدنى اهتمام‪ ،‬وهذا �أمر‬

‫عامة‪ ،‬وح�سب طبيعتها و�أ�سلوب عملها‬

‫ينطبق على كافة املواد املدر�سة يف الثانوي‬

‫�شكلية وغري مفيدة‪ ،‬يف حني من املفرو�ض �أن‬

‫الت�أهيلي‪� .‬إن �إيالء االمتحان الأهمية الكربى‬

‫يكون انعقادها منا�سبة لتقومي �شامل �سواء‬

‫يرتتب عنه ظهور جمموعة من الظواهر‬

‫للتالميذ �أو املقررات‪ .‬ويعترب ح�سن �أنه حتى‬

‫ال�سلبية‪ ،‬مثل جلوء التالميذ �إىل الغ�ش يف‬

‫�إن عقدت هذه املجال�س‪ ،‬ف�إنها تخ�ص�ص يف‬

‫االمتحان واخلداع يف �إجناز الواجبات‪ ،‬هذا‬

‫بع�ض الأحيان خم�س دقائق لق�سم بكامله‪،‬‬

‫بالإ�ضافة �إىل �أن ارتباط التقومي يف ذهن‬

‫وقد ال يح�رض لهذا املجل�س كافة الأ�ساتذة‪،‬‬

‫املتعلم باجلزاء النهائي يجعله ال يعري �أهمية‬

‫�ش�أنه �ش�أن جمل�س التدبري الذي يوفر فر�صة‬

‫للمواد ذات املعامالت ال�ضعيفة‪ ،‬كما ال يعري‬

‫�سانحة لتقومي �شمويل للم�ؤ�س�سة التعليمية‪.‬‬

‫للمراقبة امل�ستمرة �أهمية تذكر‪.‬‬

‫• �أن�س‪� ،‬أ�ستاذ مادة الفل�سفة‪ ،‬مار�س التدري�س‬

‫وي�ضيف �أحمد �أن عدد احل�ص�ص‬

‫ك�أ�ستاذ التعليم االبتدائي ملدة خم�س �سنوات‬

‫املخ�ص�صة لتدري�س املادة‪ ،‬بالن�سبة لبع�ض‬

‫ثم انتقل للعمل بالثانوي الت�أهيلي يف �سنة‬

‫التخ�ص�صات‪ ،‬خا�صة العلمية منها ال ي�ساعد على‬

‫‪ ،2007‬يرى �أن املو�ضوع املقايل‪ ،‬وهو �أكرث‬

‫القيام بعملية تقومي علمية‪ ،‬فح�صة واحدة خالل‬

‫�أنواع التقومي انت�شارا يف مادة الفل�سفة‪،‬‬

‫الأ�سبوع ال ت�سمح حتى بالتعرف على التالميذ‪،‬‬

‫يعترب نوعا �ضئيل ال�صدق والثبات‪ .‬كما �أن‬

‫خ�صو�صا �إذا علمنا �أنه قد ي�صل عدد التالميذ‬

‫الأ�سئلة التي قد يتناولها املو�ضوع املقايل ال‬

‫�إىل خم�سني تلميذا داخل الق�سم الواحد‪.‬‬

‫تغطي �سوى جانب حمدد من املقرر‪ ،‬وكثريا‬ ‫ما يجد التالميذ �صعوبة يف فهم و�إدراك‬ ‫املطلوب‪ ،‬وهذا ما يف�رس خروج العديد‬ ‫من التالميذ عن املو�ضوع يف العديد من‬ ‫احلاالت‪ .‬كما �أن ت�صحيح املو�ضوع املقايل‬ ‫يتطلب وقتا طويال‪ ،‬وتربز الذاتية ب�شكل‬ ‫كبري �أثناء ت�صحيحه‪.‬‬

‫• جمال مدر�س مادة اللغة الإجنليزية منذ ت�سع‬ ‫�سنوات‪ ،‬يدعو �إىل تقومي املناهج الرتبوية‬ ‫واملقررات ب�إ�رشاك الأ�ستاذ املمار�س واملحتك‬ ‫الأول بها‪ ،‬ويعترب �أنه يجب اال�ستفادة‬ ‫من جتارب الدول الأنكلو�سك�سونية يف‬ ‫هذا الباب‪ ،‬مثل جتارب الواليات املتحدة‬ ‫الأمريكية؛ فحاالت الغ�ش مثال‪ ،‬يف �صفوف‬

‫• يعترب �أحمد‪� ،‬أ�ستاذ مادة الرتبية الإ�سالمية‬

‫التالميذ �أو الطالب بالواليات املتحدة‬

‫ملدة ت�سع �سنوات‪� ،‬أن من �أهم عيوب نظام‬

‫الأمريكية قليلة �أو نادرة عك�س احلاالت التي‬

‫التقومي املعتمد حاليا يف املدر�سة املغربية هو‬

‫يتم �ضبطها باملغرب‪ ،‬وهذا راجع �إىل طبيعة‬ ‫نظام التقومي املعتمد داخل هذا البلد‪.‬‬

‫�إيال�ؤه �أهمية كبرية لالمتحان النهائي‪ ،‬ال�شيء‬

‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪39‬‬


‫• �أما يو�سف‪� ،‬أ�ستاذ مادة التاريخ واجلغرافيا‬

‫املناهج اجلديدة‪ ،‬والتي تدعو �إىل الرتكيز‬

‫ملدة ع�رش �سنوات‪ ،‬فريى �أن عملية التقومي‬

‫على التنمية ال�شاملة للمتعلم وعدم االكتفاء‬

‫عملية معقدة ومركبة‪ ،‬وتتطلب التنويع‬

‫باكت�ساب املعارف فح�سب‪.‬‬

‫يف الو�سائل املعتمدة خ�صو�صا يف مادة‬ ‫االجتماعيات‪ .‬لكن حجم املقرر و�إلزام الأ�ستاذ‬ ‫ب�رضورة �إنهائه يف وقت حمدد �سلفا‪ ،‬ال‬ ‫ي�سمح بالقيام بعملية التقومي بطريقة علمية‬ ‫و�شمولية و التنويع يف و�سائلها‪ .‬وي�ضيف‬ ‫يو�سف �أنه بالرغم من الأهمية الكربى‬ ‫للعملية ف�إن معظم التكوينات التي تقوم‬ ‫بها هيئة التفتي�ش لأ�ساتذة املادة نادرا‬ ‫ما تتطرق للمو�ضوع‪ ،‬و�إن مت ذلك فيكون‬ ‫ب�شكل مقت�ضب ويقت�رص فقط على اجلانب‬ ‫النظري الذي ي�صعب يف الكثري من الأحيان‬ ‫تطبيقه على �أر�ض الواقع‪.‬‬

‫و�إذا كنا ن�ؤمن ب�أن العملية التعليمية‬ ‫التعلمية هي مبثابة �سل�سلة مرتبطة ال تقت�رص على‬ ‫الأ�ستاذ والتلميذ فح�سب‪ ،‬ف�إن التقومي عملية ال‬ ‫تنح�رص هي �أي�ضا عند املدر�س والتلميذ فقط‪ ،‬بل‬ ‫ت�شمل كل الفاعلني يف احلقل الرتبوي‪ ،‬وتتطلب‬ ‫بالإ�ضافة �إىل الأ�شياء الواردة يف �آراء الأ�ساتذة‬ ‫كالتكوين امل�ستمر وتوفري الظروف املالئمة لإجناح‬ ‫العملية والتنويع يف و�سائل التقومي‪ ،‬كما تتطلب‬ ‫�إعطاء الأهمية لبع�ض الو�سائل‪ ،‬والتي قد تبدو‬ ‫للبع�ض على �أنها ذات �أهمية كمجل�س التدبري‬ ‫واملجال�س الرتبوية وجمال�س الأق�سام‪ ...‬فهذه‬ ‫الأخرية‪ ،‬ذات �أهمية كربى وينبغي �إعطا�ؤها‬

‫�إنها عملية تتطلب تكوينا �أ�سا�سيا‬

‫املكانة التي ت�ستحقها باعتبارها و�سائل تقومي‬

‫وتكوينا م�ستمرا جلميع الفاعلني يف احلقل‬

‫مبنظور �شمويل للم�ؤ�س�سة التعليمية‪ ،‬وهذا حتى‬

‫الرتبوي حتى يواكب اجلميع ما جد يف العملية‪،‬‬

‫ال تنح�رص عملية التقومي يف مفهومها التقليدي‬

‫كما تتطلب توفري الظروف املالئمة لها‪.‬‬

‫املعتمد على الفرو�ض واالمتحانات‪ ،‬فهي تتداخل‬

‫�إن التقومي �أحد الركائز الأ�سا�سية من �أجل‬ ‫حت�سني نوعية التعليم ومردود املنظومة الرتبوية‬ ‫ككل‪� ،‬إنه ثقافة يجب تثمينها وتدعيمها لدى‬ ‫كافة املتدخلني يف العملية الرتبوية‪ ،‬وينبغي‬

‫مع حتديد احلاجيات واالفتحا�ص وهي كلها‬ ‫عمليات ت�سعى �إىل تطوير �أو حتويل �شخ�ص �أو‬ ‫م�ؤ�س�سة �أو منتوج من و�ضعية �آنية �إىل و�ضعية‬ ‫مبتغاة‪.‬‬

‫العمل على حت�سني �أ�ساليب وو�سائل التقومي‬

‫�إن التقومي عن�رص �أ�سا�سي من عنا�رص‬

‫احلالية جلعلها تن�سجم وروح الإ�صالح الذي‬

‫العملية التعليمية التعلمية‪ ،‬ويتطلب اهتماما‬

‫�رشع فيه‪ .‬كما �أن العالقة وطيدة بني ممار�سة‬

‫�أكرب و�إ�رشاك كافة الفاعلني يف احلقل الرتبوي‬

‫التقومي وعملية التعليم‪ ،‬ومن الأهمية مبا كان‬

‫واالنفتاح على التجارب الناجحة يف هذا‬

‫�أن تكون عملية التقومي متجان�سة وخ�صو�صيات‬

‫املجال‪ ،‬حتى تعطي العملية ما هو متوخى منها‪.‬‬

‫‪40‬‬


‫كالم �آخر عن التقومي‬ ‫علي رحيمي‬ ‫�أ�ستاذ التعليم االبتدائي‪� -‬أموكر‪� -‬إمل�شيل‬ ‫من نافلة القول �إن التقومي ب�صفة عامة‪،‬‬

‫�إىل الوعي الكبري مبا متثله املدر�سة له�ؤالء‬

‫والتقييم ب�صفة خا�صة يعد من �أهم عنا�رص‬

‫املنحدرين من و�سط خربت انتظاراته وهمومه‪،‬‬

‫املنظومة البيداغوجية‪ ،‬ومن الأ�س�س واللبنات‬

‫فكان البحث املتوا�صل وال�سعي احلثيث وراء‬

‫الأ�سا�سية يف العملية التعليمية التعلمية‬

‫االغرتاف من اخلربات املرتاكمة يف جمال‬

‫الرتباطه بكفايات التعليم‪ ،‬بل لكونه احلجر‬

‫الرتبية والتعليم‪ .‬كم كانت �سعادتي كبرية و�أنا‬

‫الأ�سا�س لت�شخي�ص و�ضعية التعليم و�إظهار‬

‫�أكت�شف �أنني �أمار�س طرائق بيداغوجية من‬

‫مكامن القوة وال�ضعف فيه‪.‬‬

‫قبيل الإدماج والفارقية دون �أن �أعي ذلك‬

‫و�إذا كان التقومي هو تثمني املنجز وتقييمه‪،‬‬ ‫ف�إن التقييم هو �إعطاء قيمة غالبا ما تكون‬ ‫عددية مبنية على معايري قيا�سية حمددة‪.‬‬ ‫�إن تلك الأيام املفعمة باجلد التي ق�ضيناها‬ ‫يف مركز تكوين املعلمني واملعلمات‪ ،‬حيث‬ ‫االنكباب احلثيث على حت�صيل امل�ستجدات‬ ‫والتدقيق يف امل�صطلحات الرتبوية والبحث‬ ‫املتوا�صل لتح�صيل ثقافة بيداغوجية تكون‬

‫�رصاحة و�أقوم بالت�أ�سي�س لها معرفيا ومنهجيا‪.‬‬ ‫مل يعد التقومي يف ممار�ستي منح�رصا يف‬ ‫ا�سرتجاع الكم الكبري من املعلومات التي يح�شو‬ ‫بها تالمذتي �أدمغتهم‪ ،‬بل �صار بوابة لقيا�س‬ ‫مدى �إعداد ما �أقدمه له�ؤالء ال�صغار لالنخراط‬ ‫يف عامل جديد يحمل تقدير الذات واحرتام‬ ‫الآخر‪ ،‬وفر�صة ل�صقل خرباتي البيداغوجية‬ ‫والرقي بها �إىل م�ستويات احرتافية‪.‬‬

‫ال�سند عند التخرج ومبا�رشة العمل امليداين‪ ،‬لن‬

‫مل �أطلق املراقبة امل�ستمرة‪ ،‬ومل �أن�ضم‬

‫تن�سيني �أبدا تلك الده�شة التي و�سمت ممار�ستي‬

‫يوما �إىل طابور امل�شككني يف عملية التقومي �أو‬

‫املبا�رشة ملهنة التدري�س‪ .‬ف�أول يوم داخل الف�صل‬

‫امل�ستهرتين بها والذين يعتربونها عبئا �إ�ضافيا‪.‬‬

‫الدرا�سي اتخذ عنوانا له التقومي الت�شخي�صي‪،‬‬

‫وهنا حت�ضرُ ين بع�ض الق�ص�ص التي جعلت‬

‫وبدل جعل التلميذ حمور هذه العملية‬

‫التقومي ينتقل من ميدان املعارف والكفايات‬

‫وجدتني جمربا على تقييم خرباتي ومراجعة‬

‫الرتبوية �إىل �ساحات �أخرى كال�ساعات الإ�ضافية‬

‫�أدواتي الرتبوية ومفاهيمي الديداكتيكية بغية‬

‫الإجبارية وخدمات ال�سخرة التي يقدمها‬

‫�إيجاد حل للمعيقات اليومية التي عاي�شتها يف‬

‫الأطفال ال�صغار ل�شيوخهم داخل �أ�سوار‬

‫مدار�س �أعايل اجلبال‪.‬‬

‫املدر�سة وخارجها‪.‬‬

‫جتربتي املتوا�ضعة قابلها �شغف كبري‬

‫�أت�ساءل مرات عدة عن جدوى التقومي‬

‫باملهنة وحب لنبل الر�سالة التي حتملها‪� ،‬إ�ضافة‬

‫مادام ح�صي�ص الناجحني يحدد بعيدا عن‬ ‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪41‬‬


‫اعتبارات التح�صيل ال�سليم والنتائج التي يفرزها‪.‬‬ ‫�أت�ساءل كيف تتغلب املعطيات الكمية‬ ‫مل�صالح اخلريطة املدر�سية على املجهودات‬ ‫البيداغوجية النوعية للأ�ساتذة والأ�ستاذات‬ ‫املخل�صني‪.‬‬ ‫�إن التقومي ال�سليم يفر�ض �أوال الإميان‬ ‫الفعلي للمدر�س وكل املتدخلني يف العملية‬ ‫الرتبوية بدورهم يف ن�رش املعرفة وبناء الوعي‬ ‫احلقيقي‪ ،‬ان�سجاما مع نبل الر�سالة وعظمة‬ ‫م�س�ؤوليتهم يف تكوين �أجيال حتمل هم الوطن‬ ‫والإن�سانية جمعاء‪.‬‬ ‫املطلوب من كل فاعل تربوي االطالع‬ ‫على كل امل�ستجدات الرتبوية بعني املخت�ص‬ ‫الناقد ولي�س امل�ستهلك املقلد‪.‬‬

‫‪42‬‬

‫�إبداع �أ�سلوب تقوميي مثمر وبناء دائما‬ ‫ما يكون ثمرة بحث وتنقيب جادين يف‬ ‫�أمهات الكتب املخت�صة بغية فهم ما يجري‬ ‫وبناء معرفة ممنهجة‪ ،‬وبالتايل ممار�سة تكون‬ ‫يف م�ستوى واقعنا التعليمي الزاخر بالتحديات‬ ‫والعقبات‪.‬‬ ‫�إجماال ينبغي �أن نتجاوز فهمنا ال�ضيق‬ ‫للتقومي باعتباره مرادفا لالمتحانات‪� ،‬أو كونه‬ ‫عملية نهائية ت�أتي يف نهاية كل ف�صل درا�سي‪،‬‬ ‫وتتناول معارف التالميذ بغية اتخاذ قرار‬ ‫النجاح �أو التكرار‪� ،...‬إىل اعتبار التقومي عملية‬ ‫منظمة و�شاملة ومق�صودة وعلمية بغية اتخاذ‬ ‫�إجراءات منا�سبة لت�سهيل جناح اندماج املتعلم‬ ‫يف واقعه مع و�سمه بطابعه الفردي املبدع‪.‬‬


‫املتعلم(ة) من زاوية التقومي التكويني‬ ‫العربي �آيت املاليل‬ ‫مفت�ش التعليم الثانوي‬ ‫نيابة احلاجب‬ ‫يعد التقومي �أحد املكونات الوازنة يف‬ ‫املنظومة الرتبوية‪� ،‬إذ يرافقها يف خمتلف‬ ‫حمطاتها وعملياتها ك�ضابط لإيقاعاتها‪ ،‬وحمك‬ ‫حقيقي للوقوف على مدى فعالية املناهج الدرا�سية‬ ‫والنجاعتني الداخلية واخلارجية للمدر�سة‪ .‬وهو‬ ‫ما يفر�ض ح�صول متثالت �إيجابية جتاه مكون‬ ‫التقومي وخمرجاته لدى الفاعلني الرتبويني‪،‬‬ ‫كل ح�سب موقعه يف تدبري العملية التعليمية‬ ‫التعلمية‪ .‬ويحيلنا هذا على طرح �س�ؤالني‬ ‫�أ�سا�سيني هما ‪ :‬ما هي متثالت الفاعل الرتبوي‬ ‫وبقية �أطراف العملية التعليمية التعلمية للتقومي‬ ‫التكويني كممار�سة عملية ميدانية ؟ وكيف ينظر‬ ‫�إىل املتعلم من زاوية التقومي التكويني ؟‬ ‫�إنهما �س�ؤاالن �سيتو�سالن �إجابتهما يف‬ ‫ح�صيلة جتربة ميدانية للتفتي�ش والت�أطري‬ ‫الرتبوي‪ ،‬غذتها ا�ستنتاجات لقاءات تربوية‬ ‫وزيارات �صفية وتوا�صل مبا�رش مع بع�ض‬ ‫الفاعلني الرتبويني وممثلني عن ال�رشيك احلقيقي‬ ‫للم�ؤ�س�سة التعليمية وبع�ض التالميذ‪.‬‬ ‫دون الغو�ص يف كل وظائف التقومي‬ ‫و�آلياته و�أ�ساليبه نكتفي بالتقومي يف بعده‬ ‫التكويني وما ي�صدر من قرار على �إثر حت�صيل‬ ‫نتائجه يف حق التلميذ‪ ،‬من قبيل؛ تلميذ(ة)‬ ‫متفوق(ة) وتلميذ(ة) متعرث(ة)‪ ،‬وبينها يوجد‬ ‫التلميذ(ة) املتفوق احلقيقي والتلميذ(ة)‬ ‫املتفوق غري احلقيقي الذي يوظف متكنه‬

‫من ثقافة املدر�سة‪ ،‬ونظرته اال�ستباقية لأ�سئلة‬ ‫االمتحانات‪ ،‬وتوجيهه املركز يف �إبراز تفوقه‪،‬‬ ‫والتلميذ(ة) املتعرث احلقيقي‪ ،‬والتلميذ(ة) املتعرث‬ ‫غري احلقيقي الذي قد يف�رس و�ضعه باعتماد‬ ‫�أ�ساليب تقومي ال تنا�سب قدراته‪.‬‬ ‫ففي معر�ض نقا�ش �ساخن على هام�ش‬ ‫لقاء تربوي نظم لفائدة �أ�ساتذة التعليم الثانوي‬ ‫الإعدادي حول التقومي الرتبوي‪ ،‬ت�ساءل الأ�ستاذ‬ ‫«خالد» عن جناعة التقومي املعتمد يف املدر�سة‬ ‫الإعدادية وقدرته على التمييز بني التلميذ(ة)‬ ‫املتفوق(ة) احلقيقي والآخر(ى) املتعرث(ة)‬ ‫احلقيقي‪ .‬و�أ�شار �إىل ان �أ�ساليب التقومي املعتمدة‬ ‫حاليا يف املراقبة امل�ستمرة ك�آلية للتقومي التكويني‪،‬‬ ‫ومنها االختبارات‪ ،‬تنخرط يف جمال اكت�ساب‬ ‫املعرفة‪ .‬وهي جمرد عينات من التمارين والأ�سئلة‬ ‫املمكنة يف قيا�س ما نحن ب�صدد قيا�سه‪ ،‬و تفيد‬ ‫ك�أدوات للقيا�س يف فح�ص ما �إذا كان مبقدور‬ ‫املتعلم(ة) �أم ال‪� ،‬أن يتذكر وي�ست�شهد مبعارف‬ ‫وبيانات دقيقة �أو يتعرف عليها باعتبارها �إجابة‬ ‫عن �أ�سئلة معينة يكون منتوجها معلوما‪� .‬إ�ضافة‬ ‫�إىل االهتمام بقيا�س جمال بع�ض املهارات‬ ‫العملية‪ ،‬دون �إيالء املكون الوجداين ما ي�ستحقه‬ ‫من �أهمية‪ .‬ومل يخف الأ�ستاذ �أي�ضا �أن هذا‬ ‫يحيلنا على بيداغوجيا الأهداف ذات ال�صلة‬ ‫ب�إجناز تعلمات جمز�أة ومنتظمة مطابقة لأهداف‬ ‫معلنة‪ ،‬حيث الوقوف عند تقومي املكت�سبات‬ ‫الأكادميية للمتعلم(ة)‪ .‬والظاهر �أن ما يطلب‬ ‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪43‬‬


‫يف غالب الأحيان‪ ،‬هو ر�صف املعارف واملهارات‬ ‫العملية بع�ضها جنبا �إىل جنب بع�ض‪ ،‬فيطرح‬ ‫حول كل منها مثال �س�ؤال خمتلف‪ ،‬بحيث‬ ‫ي�ؤطرها مو�ضوع ين�شد ال�شمولية يف تقومي‬ ‫املكت�سب لدى املتعلم(ة)‪ .‬يف حني يتطلب الأمر‬ ‫بناء �أداة‪�/‬أدوات قيا�س متكن من مف�صلتها‬ ‫(املعارف واملهارات العملية والتعاملية) وتوليفها‬ ‫لإجناز �إنتاج معني �أو التو�صل �إىل احلل املنتظر‪.‬‬ ‫واحلالة هذه‪ ،‬ت�ساءلت الأ�ستاذة «فاطمة» عن‬ ‫حدود االلتزام مبنطوق مذكرات التقومي الرتبوي‬ ‫التي ت�ؤكد على الدور املتميز للمراقبة امل�ستمرة يف‬ ‫تتبع حتقيق الأهداف التعلمية وتنمية الكفايات‬ ‫لدى املتعلمات واملتعلمني ور�صد تعرثاتهم من‬ ‫�أجل معاجلتها وحتقيق الإن�صاف بينهم‪.‬‬ ‫و�أ�ستح�رض هنا جتربتي املتوا�ضعة يف‬ ‫عمل قادته منظمة للتعاون الدويل حول التقومي‬ ‫وفق مقاربة املالءمة‪� ،‬إذ عملت على بناء �أدوات‬ ‫للتقومي التكويني وجتريبها بهدف التحقق من‬ ‫درجة مناء الكفاية لدى املتعلم(ة)‪ .‬والرقي �إىل‬ ‫م�ستوى عقلنة ت�شخي�ص تعرثات التالميذ‬ ‫وبناء خطة حمكمة للدعم واملعاجلة‪ ،‬وبالتايل‬ ‫الك�شف عن الفروق بني املتعلمات واملتعلمني‪،‬‬ ‫والعمل على تقلي�صها عن طريق م�ساعدتهم‬ ‫على حت�سني نتائجهم الدرا�سية‪ .‬وقد �أ�سهمت‬ ‫التجربة يف �إ�شاعة ثقافة التعلم املالئم و�سبل‬ ‫عقلنة م�سار اكت�ساب التعلمات وتقوميها يف‬ ‫�إطار املقاربة بالكفايات بني عدد من الأ�ساتذة‬ ‫الذين انخرطوا �إيجابا يف التجربة ذاتها‪ .‬و�أتذكر‬ ‫جيدا مدى ت�أكيد �أن�شطة الدورات التكوينية‬ ‫و�إحلاح ور�شات الإنتاج على الإن�صاف مبدءا‬ ‫�أ�سا�س يف �سريورة العملية التعليمية التعلمية‬ ‫بناءا للتعلمات وتقوميا للمكت�سب والكفاية‪.‬‬ ‫وهو املبد�أ نف�سه الذي ن�صت عليه املذكرات‬ ‫الر�سمية حول التقومي الرتبوي‪.‬‬ ‫‪44‬‬

‫و�سنحت فر�صة مناق�شة در�س جتريبي‬ ‫حول ت�صحيح فر�ض كتابي حمرو�س وا�ستثمار‬ ‫نتائج املتعلمني‪� ،‬إثارة �إ�شكال احرتام مبد�إ‬ ‫الإن�صاف يف التقومي املعتمد يف املدر�سة املغربية‪.‬‬ ‫وكان للأ�ستاذ «حممد» حكم خا�ص مفاده �أن‬ ‫التقومي احلايل ي�ضمن ت�ساوي كل من املتعلم(ة)‬ ‫املتفوق احلقيقي واملتعلم(ة) املتفوق غري‬ ‫احلقيقي‪ ،‬مادامت املجهودات التي يبذلها كل‬ ‫منهما يف �أدائه التقوميي تظل يف غالب الأحيان‬ ‫حبي�سة التعامل مع املجزئ‪ .‬وبالتايل ت�ضيع‬ ‫معه فر�صة دعم ومعاجلة املتعلم(ة) املتفوق‬ ‫غري احلقيقي‪ ،‬مما يخل بالبناء ال�سليم لتعلماته‬ ‫اجلديدة‪ .‬ويرجع ذلك �إىل �صعوبة �إيجاد ت�صنيف‬ ‫دقيق للمتعرثين الفعليني والذهاب نحو تخطيط‬ ‫وتفعيل ا�سرتاتيجية وا�ضحة للدعم و املعاجلة‬ ‫يف �أفق تنفيذ املذكرة الوزارية اخلا�صة باملو�ضوع‪.‬‬ ‫و�أ�ضاف الأ�ستاذ �أن ما يحفظ ع�ضوية‬ ‫التقومي هو �ضمان توافر امل�صداقية والثبات‬ ‫وال�صالحية باعتبارها �صفات للقيا�س ت�ضمن‬ ‫ر�صد العوامل امل�ؤثرة يف وجود �أخطاء القيا�س‬ ‫الثابتة منها وغري املنتظمة‪ ،‬و بدونها ال ميكن‬ ‫ت�أويل نتائج �أفراد العينة بكل دقة ومو�ضوعية‬ ‫و�أمانة وحتقيق الإن�صاف بني املتعلمات‬ ‫واملتعلمني‪� .‬إذ اخلا�رس الأكرب يف هذا املجال هو‬ ‫التلميذ املتعرث غري احلقيقي الذي ميتلك قدرات‬ ‫و�إمكانات ذاتية مل ت�ستثمر يف بعدها الوظيفي‪،‬‬ ‫نتيجة �إقحامه يف م�سار ديداكتيكي ال ي�ساير‬ ‫ويوافق طبيعة قدرات �سريورته الذهنية‪ ،‬و�أ�سلوب‬ ‫تعلمه وتقوميه‪ .‬وت�ساءل الأ�ستاذ مرة �أخرى عن‬ ‫مدى ح�ضور الإن�صاف يف جمال التقومي‪ .‬ومل‬ ‫يتوان الأ�ستاذ «ر�شيد» عن الإدالء ب�شهادة‬ ‫ت�ؤكد ذلك ملخ�صها تف�سري قدمه �أحد التالميذ‬ ‫بخ�صو�ص �ضعف �أدائه يف �أن�شطة التقومي‪ ،‬وكان‬ ‫على �إثر حوار مفتوح يف نهاية ن�شاط ت�صحيح‬ ‫فر�ض كتابي حمرو�س‪ ،‬حيث عرب عن �شعوره‬


‫(التلميذ) باغرتاب جتاه معظم �أ�سئلة التقومي التي‬ ‫توجه �إليه باعتبارها ال حتفزه على تقدمي �إنتاج‬ ‫ي�ستجيب الهتماماته‪ ،‬فيكون جمربا على �إر�ضاء‬ ‫امل�صحح �أمال يف احل�صول على نقطة تبعده عن‬ ‫�أن ي�صنف �ضمن خانة املغ�ضوب عليهم‪.‬‬ ‫وقد نتو�سل خريا يف جتربة التقومي يف‬ ‫بيداغوجيا الإدماج التي �أ�شارك فيها ب�إ�سهامات‬ ‫متوا�ضعة‪ .‬فهي الأخرى تن�شد حتقيق �إن�صاف‬ ‫املتعلم(ة) املتفوق منه واملتعرث‪ ،‬وذلك ما �رصحت‬ ‫به الأ�ستاذة «عتيقة» (عاينت مرحلة التجريب‬ ‫املحدود وتعاي�ش الآن مرحلة التجريب املو�سع‬ ‫يف �إطار تنفيذ �إر�ساء خمطط بيداغوجيا‬ ‫الإدماج)‪� ،‬أثناء لقاء تقوميي حل�صيلة تتبع تدبري‬ ‫�أ�سبوعي‪ ،‬و�أكدت �أن التقومي يف ظل اعتماد‬ ‫بيداغوجيا الإدماج ين�شد امل�ستوى التكويني‬ ‫قبل الإ�شهادي‪ .‬فهو ال يقرتن حتما بجزاء‪ ،‬و�إمنا‬ ‫يركز على الإجراءات واملهام والإنتاج �أكرث من‬ ‫النتائج‪ ،‬وعلى ر�صد �أخطاء املتعلم(ة) وجماالت‬ ‫تعرثه ق�صد معاجلتها وحت�سني وتطوير �أدائه‪.‬‬ ‫كما مينح املدر�س �سلطات وا�سعة يف ممار�سته‬ ‫ا�ستنادا �إىل �أدوات قيا�س خمالفة ملا هو �سائد‪،‬‬ ‫ف�ضال عن الرتكيز على كل مكونات �شخ�صية‬ ‫املتعلم(ة) (املجال املعريف املهاري و الوجداين)‪،‬‬ ‫والدعوة �إىل قيام �أ�شكال العمل الديداكتيكي‬ ‫على مبد�إ التعلم الذاتي واملبادرة والتق�صي‬ ‫والبحث والتجربة امليدانية‪ .‬و�أ�ضافت الأ�ستاذة‬ ‫�أن هذا يقت�ضي دعوة �إىل تقومي املتعلم(ة) من‬ ‫زاوية قدرته على التعامل مع املركب لإبراز درجة‬ ‫مناء كفايته‪ .‬ومير ذلك عرب �إقداره على تعبئة‬ ‫موارده التي اكت�سبها ب�شكل منف�صل ودجمها‬ ‫لي�ستثمرها يف معاجلة و�ضعيات مركبة تدعى‬ ‫و�ضعيات �إدماجية كبديل عن التقومي بالأهداف‪،‬‬ ‫حيث االقت�صار على التعامل مع املجزئ حينما‬ ‫يتم خماطبة املكت�سب من املعارف لدى التالميذ‬ ‫مبعزل عن املهارات وال�سلوك واملواقف‪ .‬ويتبنى‬

‫هذا التقومي معايري حمددة وم�ضبوطة ترتجمها‬ ‫م�ؤ�رشات ينظر من خاللها كل من املتعلم(ة)‬ ‫�أو الأ�ستاذ(ة) �إىل �إنتاج املتعلم‪ .‬ونبه الأ�ستاذ‬ ‫«عمر» �إىل �أن جناح التقومي يف جتربة بيداغوجيا‬ ‫الإدماج يتوقف على مدى جناعة �سريورة �أر�ساء‬ ‫املوارد وما يرافقها من �إدماج جزئي‪.‬‬ ‫ومل تخف الأ�ستاذة �أن جديد التقومي‬ ‫وفق بيداغوجيا الإدماج‪ ،‬دعوة �رصيحة لت�أهيل‬ ‫الأ�ساتذة ا�ستجابة ملتطلبات التعامل مع ُع َّدة‬ ‫التقومي يف بيداغوجيا الإدماج‪ .‬ولن يح�صل‬ ‫ذلك دون انخراط جاد يف م�سار التكوين‬ ‫امل�ستمر املنظم القتحام ال�سريورة هاته‪ ،‬بغية‬ ‫ت�أهيل املتعلم(ة) و�إك�سابه القدرة على اال�ستقالل‬ ‫يف التفكري وح�سن الت�رصف‪ ،‬واتخاذ املواقف‬ ‫املنا�سبة جتاه الق�ضايا وامل�شاكل التي تواجهه‬ ‫يف حياته‪ .‬وا�ستح�رض هنا االهتمام نف�سه الذي‬ ‫مت اال�شتغال عليه مع منظمة التعاون الدويل‬ ‫امل�شار �إليها �سابقا‪ ،‬و�أجد �أن التجربة �أكدت على‬ ‫�أنه اليكفي �أن نقوم املكت�سبات الأكادميية‬ ‫للمتعلم(ة) فقط‪ ،‬بل البد من الك�شف عن مدى‬ ‫عمق تعلمه وارتباطه مبواقف احلياة‪ ،‬وب�شموليته‬ ‫واندماجه‪ .‬ذلك �أن تقومي قدرة املتعلم(ة) على‬ ‫ت�شغيل تعلماته يف احلياة يعد تقوميا لكفايات‬ ‫قابلة لأن تنقل �إىل احلياة وتتكيف معها‪.‬‬ ‫ويف حتديد ملفهوم تقومي التعلم املالئم �أ�شارت‬ ‫(التجربة) �أن «التقومي يكون من�صبا على التعلم‬ ‫املالئم كلما كانت الو�ضعيات املطلوب �إجنازها‬ ‫من لدن املتعلم(ة) ت�ستوجب �أداءات ومهام‬ ‫م�ستمدة من احلياة‪ .‬وهو بذلك تقومي يجعل‬ ‫املتعلم يف و�ضعية حتثه على ا�ستخدام تعلماته‬ ‫يف املجاالت احلياتية‪� ،‬أو �إظهار قدراته على‬ ‫نقل كفاياته من �سياق �إىل �آخر‪� ،‬أو تكييفها مع‬ ‫حاالت خمتلفة»‪.‬‬ ‫والراجح �أن مبد�أ الإن�صاف الذي ين�شده‬ ‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪45‬‬


‫التقومي يف بيداغوجيا الإدماج‪ ،‬مطلب �أ�سا�س‬ ‫متليه احلاجة يف واقع م�ؤ�س�ساتنا التعليمية‪ .‬وهو‬ ‫ما �أورده الأ�ستاذ «�إدري�س» �أي�ضا‪ ،‬مو�ضحا �أن‬ ‫التجربة �أبانت �أن التلميذ(ة) املتفوق احلقيقي‬ ‫قادر على نقل وحتويل مكت�سباته بتلقائية‪ ،‬ما‬ ‫ي�ؤهله للتعامل ال�سل�س مع املركب‪ ،‬يف حني �أن‬ ‫املتعلم(ة) الذي نعت �سابقا باملتعرث غري احلقيقي‪،‬‬ ‫قد يجد �ضالته يف اال�شتغال على الو�ضعيات‬ ‫الإدماجية و �إبراز قدرته على التفكري وح�سن‬ ‫الت�رصف‪ ،‬وبذلك يلتحق ب�صفوف املتفوقني‬ ‫احلقيقيني بحكم �أهليته(ها) لال�شتغال على‬ ‫املركب‪� ،‬رشيطة �أن تفي مرحلة �إر�ساء املوارد‬ ‫ب�أدوارها وت�ؤكد جناعتها لديه(ها)‪ .‬ويف املقابل‬ ‫يتعرث املتفوق غري احلقيقي نظرا لعدم قدرته‬ ‫على اال�شتغال على و�ضعيات مركبة‪ ،‬مما يتيح‬ ‫فر�صة ر�صد تعرثاته و معاجلتها وت�أهيله لي�ساير‬ ‫�إيقاعات م�سار التعلم والتعليم‪ .‬ويبقى املتعلم(ة)‬ ‫املتعرث احلقيقي الذي ك�شف عنه التقومي‪ ،‬بوا�سطة‬ ‫التمارين‪ ،‬متعرثا بعد تقومي �أدائه من خالل‬ ‫اال�شتغال على الو�ضعيات الإدماجية‪ ،‬وهو ما‬ ‫ي�ستوجب تدخال خا�صا ملعاجلة تعرثه‪.‬‬ ‫ويتقا�سم بع�ض �أفراد هي�أة الإدارة الرتبوية‬ ‫نف�س الآراء ال�سابقة بخ�صو�ص ق�صور �أداء‬ ‫التقومي التكويني املعتمد يف املمار�سة التعليمية‬ ‫التعلمية‪ .‬ففي اجتماع للفريق املحلي مل�رشوع‬ ‫امل�ؤ�س�سة‪ ،‬لتفعيل خطة الدعم واملعاجلة �ضمن‬ ‫�أن�شطة امل�رشوع‪� ،‬أقر «حممد» ــ مدير ثانوية‬ ‫ت�أهيلية ــ دون تردد‪� ،‬أن ممار�سات التقومي يف‬ ‫بعده التكويني ال تالم�س خمتلف م�ستوياته‬ ‫العملية‪ .‬فا�ستثمار نتائج التقومي ال ت�سعف يف‬ ‫�إيجاد ت�صنيف مو�ضوعي و حقيقي للتالميذ‬ ‫�إىل فئات ح�سب �أ�صناف املتفوقني واملتعرثين‬ ‫منهم‪ ،‬كما هو وارد يف املو�ضوع‪ ،‬وال متكن من‬ ‫ر�صد دقيق ملجاالت تعرثاتهم‪ .‬وبذلك ت�ضعف‬ ‫حلقة الدعم واملعاجلة وت�ضيع معها اخلطة التي‬ ‫‪46‬‬

‫تعترب الهدف املتوخى يف التقومي التكويني‪ ،‬دون‬ ‫�إغفال الإكراهات املادية والتنظيمية و�ضغط‬ ‫الغالف الزمني‪ .‬و�أ�ضاف �أي�ضا �أنه �إذا كان‬ ‫اال�ستناد �إىل الأطر املرجعية يف كل مادة قد‬ ‫�أك�سب التقومي م�صداقية‪ ،‬وجعل منه �أدوات‬ ‫للتوا�صل‪ ،‬ف�إن جهل الآباء ب�شقيها البيداغوجي‬ ‫والقانوين ي�ضعنا �أمام م�س�ؤوليات كربى مادامت‬ ‫املذكرات الوزارية بخ�صو�ص التقومي‪ ،‬تدعو‬ ‫�إىل ت�أ�سي�س تعاقد �إيجابي بني كافة الفاعلني‬ ‫الرتبويني وال�رشكاء‪ .‬و�شاطره الر�أي ممثل عن‬ ‫جمعية �آباء و�أولياء التالميذ‪ ،‬و�أكد على �ضعف‬ ‫التوا�صل بني اجلمعية وامل�ؤ�س�سة التعليمية‬ ‫على م�ستوى التقومي الرتبوي‪ ،‬ويزكيه غيابها‬ ‫عن عمليات ا�ستثمار نتائج التقومي وت�شخي�ص‬ ‫تعرثات املتعلمات واملتعلمني وبناء خطة الدعم‬ ‫واملعاجلة‪� .‬إذ غالبا ما ت�صبح امل�ؤ�س�سة التعليمية‬ ‫حمط اهتمام اجلمعية عند حلول فرتات التقومي‬ ‫الإ�شهادي و�إعالن نتائج التالميذ‪.‬‬ ‫ويبدو �أن الأ�ساليب املعتمدة يف التقومي‬ ‫التكويني ا�ستنفذت �أدوارها يف تقومي املكت�سبات‬ ‫املعرفية واملهارية وعك�ست حمدودية �أدائها‬ ‫يف واقع املمار�سات ال�صفية على م�ستوى‬ ‫تقدمي �أدوات ميار�س عربها املتعلم(ة) كفايته‬ ‫فيربز درجة منائها‪ ،‬وبذلك عجزت عن حتقيق‬ ‫الإن�صاف لدى املتعلمني وتقومي كفاياتهم‪.‬‬ ‫والظاهر �أن جتربة بيداغوجيا الإدماج‪ ،‬بف�ضل‬ ‫عدة التقومي والأ�ساليب التي هي�أتها لتمكن املتعلم‬ ‫من ممار�سة قدراته و�إمكاناته الذاتية للتعامل‬ ‫مع املركب و�إبراز درجة مناء كفايته و�إن�صافه‪،‬‬ ‫قد فتحت املجال ملمار�سة تقومي تكويني فعال‬ ‫يرقى �إىل م�ستوى طموحات منطوق املذكرات‬ ‫الوزارية اخلا�صة بالتقومي الرتبوي الداعية �إىل‬ ‫تتبع حتقيق الأهداف التعلمية وتنمية الكفايات‬ ‫لدى املتعلمات واملتعلمني ور�صد تعرثاتهم من‬ ‫�أجل معاجلتها وحتقيق الإن�صاف بينهم‪.‬‬


‫تقومي التعلمات باملدر�سة االبتدائية‬ ‫بالو�سط القروي وفق مقاربة الإدماج ‪:‬‬ ‫طموح الت�صور و�إكراهات التفعيل‬ ‫حممد �آيت ابريك‬ ‫مدير م‪/‬م �سيدي بوعمرو احلاجب‬ ‫ال �شك �أن املتتبع لل�ش�أن الرتبوي ببالدنا‬ ‫�سيالحظ �أن هناك اهتماما متزايدا من قبل‬ ‫كل املتدخلني وامل�س�ؤولني عن قطاع الرتبية‬ ‫والتكوين‪ ،‬وان�شغاال متوا�صال بالو�ضعية التي‬ ‫تعي�شها املنظومة الرتبوية والتي مل ت�ستطع‬ ‫حتقيق انتظارات املجتمع املغربي واملعرب عنها‬ ‫من خالل مقا�صد ومرامي امليثاق الوطني‬ ‫للرتبية والتكوين‪.‬‬ ‫ويف �سياق الإ�صالحات اجلارية منذ‬ ‫�صدور امليثاق الوطني �سنة ‪ ،1999‬وعالقة‬ ‫مبطلب االرتقاء بجودة التعلم‪ ،‬فقد تبنت‬ ‫الوزارة الو�صية منهجية العمل بامل�رشوع لت�رسيع‬ ‫وترية الإ�صالح املن�شود‪ ،‬ف�أطلقت الربنامج‬ ‫اال�ستعجايل وبد�أت يف تنزيل م�شاريعه‬ ‫ابتداء من �سنة ‪ ،2009‬و�رشعت يف تطبيق‬ ‫بيداغوجيا الإدماج كخيار منهجي لتجويد‬ ‫املنتوج الرتبوي ببالدنا‪ .‬والأكيد �أن هذه املقاربة‬ ‫واكبتها جمموعة من امل�ستجدات على امل�ستوى‬ ‫البيداغوجي والديداكتيكي‪ ،‬و�أثارت كثريا من‬ ‫الت�سا�ؤالت خالل مرحلتي التجريب والتعميم‪.‬‬ ‫وكانت �أهم املو�ضوعات التي حظيت بكثري‬ ‫من اجلدل يف �أو�ساط ن�ساء ورجال التعليم‬ ‫العاملني مب�ؤ�س�سات التعليم االبتدائي التي‬

‫انطلق فيها تطبيق هذه املقاربة‪ ،‬هو تقومي‬ ‫مكت�سبات املتعلمني‪.‬‬ ‫وانطالقا من جتربتي امليدانية كمدير‬ ‫مل�ؤ�س�سة عا�شت خما�ض تنزيل هذه املقاربة‪،‬‬ ‫�سوف �أقدم ما ا�ستنتجته من خالل مواكبتي‬ ‫ملراحل تفعيلها على �أر�ض الواقع‪ ،‬م�ستح�رضا‬ ‫�أهمية التقومي يف املجال الرتبوي ودوره يف‬ ‫حت�سني العملية التعليمية يف كل م�ستوياتها‪.‬‬ ‫يف هذا ال�سياق ال بد من �إثارة جملة‬ ‫من الت�سا�ؤالت التي ظلت تراودين منذ ال�رشوع‬ ‫يف هذه التجربة من قبيل‪ :‬ما م�آل التقومي‬ ‫الرتبوي بعد تعميم بيداغوجيا الإدماج ؟ ما‬ ‫�أ�ساليبه و�أمناطه وفقا لهذه املقاربة ؟ هل هو‬ ‫امتداد ملا كان معموال به قبل تطبيق هذه‬ ‫البيداغوجيا ؟ �أم �أن الأمر يتعلق مبعايري و�أمناط‬ ‫جديدة يف التقومي والإ�شهاد ؟ وهل التقومي يف‬ ‫هذه املنهجية مو�ضوعي ويراعي مبد�أ تكاف�ؤ‬ ‫الفر�ص بني الو�سطني احل�رضي والقروي ؟ وكيف‬ ‫مت ا�ستيعابه وتنفيذه من طرف املدر�سني ؟ وكيف‬ ‫يتم تدبري خمتلف العمليات املرتبطة به تربويا‬ ‫و�إداريا ؟‬ ‫لقد �شكلت املذكرة الوزارية رقم ‪74‬‬ ‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪47‬‬


‫ال�صادرة بتاريخ ‪� 04‬أبريل ‪ 2010‬الدليل‬

‫الإدارية ملدير امل�ؤ�س�سة والتي �أبعدته عن‬

‫املرجعي لنظام التقومي واالمتحانات يف‬

‫االهتمام الكايف باجلوانب الرتبوية‪ ،‬حيث‬

‫التعليم االبتدائي وفق مقاربة الإدماج التي‬

‫�إنه �أ�صبح منهمكا يف تدبر ومعاجلة امللفات‬

‫مت اعتمادها ك�إطار منهجي لتفعيل املقاربة‬

‫الإدارية التي واكبت تنفيذ م�شاريع الربنامج‬

‫بالكفايات‪ .‬وبناء على مقت�ضيات وتوجيهات‬

‫اال�ستعجايل‪ .‬ناهيك عن االكراهات التي‬

‫هذه املذكرة ف�إن التقومي مل يعد يقت�رص على‬

‫تعرفها املجموعات املدر�سية بالو�سط القروي‪،‬‬

‫املوارد فقط‪ ،‬و�إمنا ي�شمل �أي�ضا الكفايات‪ ،‬لذلك‬

‫والتي ال ت�ساعد رئي�س امل�ؤ�س�سة على‬

‫فهو ي�سعى �إىل قيا�س مدى ا�ستيعاب التلميذ‬

‫املواكبة امليدانية بحيث جتده يرتاق�ص بني‬

‫للموارد من جهة‪ ،‬وقدرته على ا�ستغاللها يف‬

‫خمتلف الوحدات املدر�سية‪ ،‬ال�صعبة امل�سالك‬

‫فك �أو حل و�ضعية �إدماجية من جهة ثانية‪.‬‬ ‫وبالتايل ف�أمناط التقومي بح�سب هذه املذكرة‬ ‫يف م�ستويات التعليم االبتدائي منها ما هو‬ ‫م�شرتك ي�شمل جميع امل�ستويات الدرا�سية‬ ‫كاملراقبة امل�ستمرة �أو ما ا�صطلح عليه بتقومي‬ ‫املوارد و�أي�ضا تقومي الكفايات من �صنف (�أ)‬ ‫و�صنف (ب)‪ .‬وهناك ما هو خا�ص مب�ستويات‬ ‫دون �أخرى كالفرو�ض املوحدة على �صعيد‬ ‫امل�ؤ�س�سة والتي همت امل�ستويات الزوجية �إ�ضافة‬ ‫�إىل امل�ستوى ال�ساد�س والثاين والرابع‪ .‬لكن‬ ‫واقع املمار�سة يطرح �إ�شكاال حول دور الإدارة‬ ‫الرتبوية وموقعها وحدود م�س�ؤولياتها ومدى‬ ‫انخراطها يف تتبع �آليات و�أ�ساليب التقومي‪،‬‬ ‫علما �أن هي�أة التدري�س مل تعب�أ بالقدر الكايف‬ ‫لالنخراط الفعال لإجناح �سريورة التنفيذ‪.‬‬ ‫الواقع �أن امل�ؤ�س�سة التعليمية‪ ،‬ب�أطرها‬ ‫الإدارية والرتبوية‪ ،‬عا�شت حلظات من االرتباك‬ ‫مبا�رشة بعد اطالعها على هذه املذكرة وذلك‬ ‫نتيجة جمموعة من االعتبارات ‪:‬‬

‫يف بع�ض الأحيان‪ ،‬وبني املدر�سة املركزية‬ ‫والنيابة‪ ،‬خ�صو�صا �إذا ا�ستح�رضنا الكثري من‬ ‫املهام اجلديدة التي جاءت بها املذكرات التي‬ ‫تنا�سلت ب�شكل الفت م�ؤخرا‪ ،‬والتي جتعله‬ ‫�سجني مكتبه من�شغال يف تعبئة املطبوعات‬ ‫و�إجناز البيانات والرد على املرا�سالت‪ ،‬فال‬ ‫يجد فر�صة ملبا�رشة مهامه الرتبوية بنجاح‪.‬‬ ‫وهكذا مل تكن الإدارة الرتبوية م�ؤهلة‬ ‫مل�صاحبة الأ�ستاذ ومل يكن مبقدورها تتبع‬ ‫وتقومي مهامه الرتبوية‪ .‬فاملدير‪ ،‬يف �أح�سن‬ ‫الأحوال‪ ،‬يغني معارفه من خالل التكوين‬ ‫الذاتي واالحتكاك مع زمالئه والتوا�صل مع‬ ‫الأ�ساتذة‪ ،‬ومن ثمة يحاول ا�ستيعاب بع�ض‬ ‫املفاهيم املرتبطة مبنهجية تفعيل هذه املقاربة‬ ‫(مثل التخطيط املرحلي – �أ�سابيع الإر�ساء –‬ ‫�أ�سابيعالإدماج– معايريالتقومي‪ :‬معيار املالءمة‪،‬‬ ‫االن�سجام‪ ،‬اال�ستعمال ال�سليم للموارد ثم‬ ‫جودة املنتوج)‪.‬‬ ‫‪� .2‬أما بالن�سبة لهي�أة التدري�س‪ ،‬فرغم ا�ستفادتها‬

‫‪ .1‬مل ت�ستفد الإدارة الرتبوية من �أي ت�أطري‬

‫خالل املو�سم الدرا�سي ‪ 2009/2008‬من‬

‫بيداغوجي حول هذه املقاربة‪ ،‬ومل ت�شارك‬

‫دورات تكوينية يف مو�ضوع بيداغوجيا‬

‫يف دورات تكوينية يف هذا املجال‪ ،‬ال�شيء‬

‫الإدماج‪� ،‬إال �أن االنطباع ال�سائد لدى‬

‫الذي مل يي�رس لها �سبل فهم وا�ستيعاب‬

‫�أغلبيتها هو �أن ما ا�ستفادت منه ال يعدو �أن‬

‫انتظارات هذه املذكرة‪� .‬إ�ضافة لالن�شغاالت‬

‫يكون حت�سي�سيا فح�سب‪ .‬لذلك فقد ا�ستغرب‬

‫‪48‬‬


‫معظمها ل�صدور هذه املذكرة ب�شكل مت�أخر‬

‫ال ي�أخذ بعني االعتبار التفاوت واالختالف‬

‫من املو�سم الدرا�سي ‪ 2009/2008‬وتعني‬

‫احلا�صل بني امل�ؤ�س�سات التعليمية احل�رضية‬

‫اعتمادها يف تنظيم االمتحانات الإ�شهادية‪.‬‬

‫والقروية مبا ي�ضمن مبد�أ تكاف�ؤ الفر�ص‪.‬‬

‫فرغم املجهودات املبذولة من قبل �أطر هي�أة‬

‫فاملدر�سة بالو�سط القروي الزالت تعاين �ضعفا‬

‫الت�أطري واملراقبة الرتبوية بنيابة احلاجب‪،‬‬

‫يف التجهيز وتفتقد �إىل املقومات الالزمة لأداء‬

‫وتعاملها اجلدي مع هذه املذكرة حيث قامت‬

‫الأدوار املنتظرة منها‪ .‬فالفوارق يف البنيتني‬

‫بو�ضع برنامج يت�ضمن لقاءات على �صعيد‬

‫املادية والرتبوية له انعكا�س على املردودية‬

‫الدوائر واملقاطعات من �أجل تقريب الفهم‬

‫وم�ستوى التح�صيل لدى التالميذ‪� .‬إال �أن‬

‫وتو�ضيح م�ضامينها وتوجيهاتها‪ ،‬واجتهدت‬

‫عملية التقومي تكاد ت�ساوي بني تالميذ تتم‬

‫كثريا يف تب�سيط �آليات اال�شتغال عليها‪،‬‬

‫تن�شـئتهم االجتماعية يف بيئتني خمتلفتني‪،‬‬

‫�إال �أن الوقت الذي خ�ص�ص لهذه العملية‬

‫وغري متكافئتني‪ ،‬ف�أطفال الو�سط احل�رضي‬

‫كان غري كاف‪ .‬ال�شيء الذي جعل ال�صورة‬

‫ي�ستفيدون من التعليم الأويل ومن تنوع‬

‫غري وا�ضحة بالن�سبة لبع�ض الأ�ساتذة‬ ‫وا�ستع�صى على �أغلبهم التعامل معها �سواء‬ ‫يف اجلانب املتعلق ب�أمناط التقومي ومعايريه‪،‬‬ ‫�أو يف اجلانب املرتبط بكيفية احت�ساب‬ ‫املعدل ال�سنوي‪ .‬لذلك �أعتقد �أن الت�أطري‬ ‫النظري تظل نتائجه متوا�ضعة �إذا مل يدعم‬ ‫مب�صاحبة ميدانية وت�أطري تطبيقي داخل‬ ‫الف�صول الدرا�سية‪.‬‬

‫م�صادر التعلم‪ ،‬التي ت�ساعدهم على تنمية‬ ‫قدراتهم و�صقل مواهبهم (املكتبة املدر�سية‪،‬‬ ‫قاعة متعددة الو�سائط‪ ،‬املرافق الريا�ضية ‪،)....‬‬ ‫�أما �أقرانهم بالقرى فهم حمرومون من كثري من‬ ‫هذه الفر�ص‪...‬‬ ‫وجدير بالذكر �أن الأ�ستاذ مل ي�ستوعب‬ ‫بعد هذه املقاربة اجلديدة‪ ،‬ومل يدرك ب�شكل‬ ‫عميق الق�صد من تخطيط مرحلي لأجل �إر�ساء‬

‫باملقابل ف�إنني �صادفت يف مدر�ستنا ثلة‬

‫موارد متكن املتعلم من اكت�ساب قيم ومهارات‬

‫من املدر�سني الذين يتمتعون بقدر غري ي�سري من‬

‫ومواقف �ستكون مو�ضوعا للتقومي‪ .‬ويبقى‬

‫الكفاءة املهنية‪ ،‬التي راكموها من خالل التجربة‬

‫ال�س�ؤال املطروح هل متكن التلميذ باملدر�سة‬

‫واملمار�سة الفعلية �أوال‪ ،‬وعرب التكوين الذاتي‬

‫القروية من ا�ستثمار هذه الكفايات خالل �أ�سابيع‬

‫ثانيا‪ .‬ه�ؤالء‪ ،‬على قلتهم‪ ،‬تفاعلوا ب�إيجابية‬

‫الإدماج من خالل و�ضعيات واقعية ؟ وهل‬

‫مع هذه املقاربة‪ ،‬يف حني جند �آخرين يعانون‬

‫هذا التلميذ القروي ينعم بف�ضاءات تربوية تدعم‬

‫من �صعوبات كثرية يف ا�ستيعابها‪� ،‬سواء على‬

‫التعلم وتي�رس عمليات �إدماج الكفايات التي مت‬

‫م�ستوى املنهجية وما يرتبط بديداكتيك املواد‬

‫�إر�سا�ؤها وتنميتها ؟‬

‫�أو على م�ستوى البعد ال�سيا�سي واالجتماعي‬ ‫واالقت�صادي‪ ،‬كانتظارات و�آفاق يطمح �إليها‬ ‫املجتمع‪.‬‬

‫فنجاح تطبيق هذه البيداغوجية متوقف‬ ‫على مدى تفاعل الأ�ستاذ مع هذه املقاربة‪،‬‬ ‫وقدرته على �إر�ساء املوارد خالل �ستة �أ�سابيع‬

‫�إن احلديث عن التقومي واالمتحانات‬

‫(علما �أن هذه الأ�سابيع تربمج بناء على‬

‫الإ�شهادية كما نعي�شه يف مدار�سنا االبتدائية‪،‬‬

‫تخطيط ال ي�ستح�رض بع�ض الطوارئ والتي‬ ‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪49‬‬


‫ت�ستدعي غياب الأ�ستاذ‪ ،‬ا�ستجابة لدعوته‬

‫يف التلميذ‪ ،‬بح�سب مقاربة الإدماج‪� ،‬أن يتمتع‬

‫للتكوين مثال �أو غياب الأ�ستاذ واملتعلم معا‬

‫بتن�شئة اجتماعية متميزة وينعم بف�ضاءات‬

‫اعتبارا لظروف مناخية‪ ،)...‬متكن التلميذ من‬

‫تربوية تتيح له فر�ص ا�ستثمار تعلماته و�إعطائها‬

‫تنمية كفايات �أ�سا�سية جتعله ينخرط بنجاح‬

‫مدلولها العملي‪ ،‬عرب مواجهته لو�ضعيات‬

‫خالل �أ�سابيع الإدماج ويكون �أكرث ا�ستعدادا‬

‫�إدماجية معي�شية‪� .‬إنها �إحدى املقومات‬

‫على مواجهة الو�ضعيات الإدماجية‪.‬‬

‫الأ�سا�سية التي ت�ساعد التلميذ على الت�سلح‬

‫�إن تقومي تعلمات التالميذ باملدر�سة‬ ‫االبتدائية‪ ،‬وفق مقاربة الإدماج‪ ،‬يبدو مو�ضوعا‬ ‫�شائكا ومعقدا خ�صو�صا �إذا تعلق الأمر‬ ‫باملدر�سة االبتدائية بالو�سط القروي‪ .‬فاملفرت�ض‬

‫‪50‬‬

‫بكفايات وقدرات ملواجهة متطلبات احلياة‬ ‫اليومية والتي الزالت امل�ؤ�س�سة بالو�سط القروي‬ ‫تن�شدها وت�سعى لبلوغها‪.‬‬


‫التقومي ودروب اال�ستمتاع باحلياة‬ ‫كرمي اعا‬ ‫�أ�ستاذ ب�أعايل الأطل�س الكبري‬ ‫كلما وقعت عيناي على من�شور يحمل‬ ‫التقومي مو�ضوعا له‪� ،‬أو اخرتقت م�سامعي‬ ‫مناق�شات حول ذات املو�ضوع‪� ،‬إال ومتلملت‬ ‫يف دواخلي م�شاعر ميتزج فيها الفرح العميق‬ ‫و�شيء من الأ�سف الذي ال ي�صل درجة الندم �أو‬ ‫ال�شعور بالذنب‪.‬‬ ‫مرد الفرح انتزاع عدد من �أبناء هذا‬ ‫الأطل�س الكبري ال�شامخ واملعاند من براثني‬ ‫الأمية ومتكينهم من �أوىل �أدوات احلفر يف‬ ‫الثقافة واملعرفة الإن�سانيتني‪� .‬أما الأ�سف فنتيجة‬ ‫لبقاء العديد من ه�ؤالء خارج دائرة االنتفاع‬ ‫بخريات هذا الوطن وا�ضطرارهم المتهان حرف‬ ‫ال تتطلب تكوينا يذكر‪ ،‬وت�ستدعي الع�ضلة‬ ‫قبل العقل‪ ،‬والقوة قبل املنطق‪ ،‬واالن�صياع بدل‬ ‫احلرية‪ ،‬وكل القيم ال�سلبية التي كثريا ما حاربتها‬ ‫عرب الدرو�س والواجبات التي �أثقلت كاهل‬ ‫تالمذتي ل�سنني طويلة‪.‬‬ ‫�أتذكر جيدا كيف كنت �أجهد نف�سي يف‬ ‫تقدمي �سور القر�آن الكرمي لتالمذتي يف ال�سنة‬ ‫الأوىل ابتدائي‪ ،‬وكيف كنت �أحاول �أن �أعرب‬ ‫بهم �إىل عامل روحاين يخاطب القلب �أكرث‬ ‫من ارتكازه على العقل امل�شكك‪ ،‬وكيف كانت‬ ‫الأ�رس امل�سكينة تكابد عناء حتفيظ �سور عديدة‬ ‫لأبنائها‪ ،‬وتقريب �صور الثناء والعقاب لعقولهم‬ ‫ال�صغرية‪ ،‬وكيف‪ ،‬وكيف‪ ،...‬ويف �آخر ال�سنة‬ ‫الدرا�سية كيف يفاجئني بع�ض ال�صغار ب�أ�سئلتهم‬ ‫عن الإله‪ ،‬مكانه‪� ،‬شكله‪ ،‬خلقه‪ ،‬عدله‪�....‬أ�سئلة‬

‫ال جتدها يف كتبنا املدر�سية وال يف �أ�شكال‬ ‫التقومي املقرتحة‪.‬‬ ‫كيف كان اجلميع يتناف�سون حلفظ‬ ‫وا�سرتجاع جدول ال�رضب‪ ،‬و�إجناز عمليات‬ ‫اجلمع والطرح والق�سمة‪ ،‬وكيف كان �أنبه تلميذ‬ ‫يعود من مهمة �رشاء ملواد غذائية فاغرا فاه‪ ،‬غري‬ ‫عارف ملاهية عملية يتقنها بالدرهم وتغيب عنه‬ ‫كلما حتول هذا الأخري �إىل «الريال»‪ .‬كيف كان‬ ‫التالميذ يجمعون الألف ومئات الآالف يف حني‬ ‫ال يتجاوز ال�شجر واحلجر واحليوان والإن�س املئات‬ ‫بهذه البلدة التي �أغفلتها كتب التاريخ‪ .‬كيف‬ ‫يقي�س املتقدمون منهم �رسعة الطائرة وال�صاروخ‬ ‫وهم الذين مل يركبوا عربة يوما ما‪ ،‬وجل معرفتهم‬ ‫بو�سائل النقل تقت�رص على بغل �أو حمار �أو ظهر‬ ‫مكابرة �أو �ساقان قويتان تدكان الأر�ض‪.‬‬ ‫تقفز �إىل ذهني النقط املتميزة التي يح�صل‬ ‫عليها املتعلمون يف درو�س الإمالء والتعبري‬ ‫وقواعد اللغة‪ ،‬وكيف كانت العربية خجولة وال‬ ‫ت�ستطيع �أن تخرج عن جدران حجرة الدر�س‪.‬‬ ‫فال عامية حا�رضة هنا‪ ،‬بل ل�سان �أمازيغي يكابد‬ ‫وي�صارع ال�ستيعاب مقررات وم�ضامني ال يربطها‬ ‫بواقعه‪ ،‬يف الكثري من الأحيان �إال �إ�رصار مذكرات‬ ‫وتوجيهات ر�سمية‪ .‬موا�ضيع �إن�شاء تتحدث عن‬ ‫القطار والبحر واحلفالت وعطل ال�صيف و‪...‬و‪...‬‬ ‫بينما خارج الف�صل �شجريات تقا�سي العط�ش‬ ‫�صيفا وال�صقيع �شتاء‪ .‬امتحانات تعيد اجرتار‬ ‫مقررات ال �أعلم بال�ضبط �أي متثالت يكون‬ ‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪51‬‬


‫تالمذتي حول م�ضامينها‪ ،‬متارين ت�ضمر املثل‬

‫روجرز يف التنظري الكت�ساب كفايات توا�صلية‬

‫الرائج يف �صفوف عدد كبري من رواد مدار�سنا‬

‫متكن املتعلمني من حمادثة الغرباء عن املنطقة‬

‫امل�سكينة «بالتكرار يتعلم ‪.»...‬‬

‫بعاميتهم �أو بف�صحاهم الر�صينة‪� ،‬أو حتى بل�سان‬

‫حت�رضين التجارب العلمية التي تنجز‬ ‫بالطب�شورة على اللوح الأ�سود‪ ،‬والدارات‬ ‫الكهربائية التي يفلح تالمذتي يف فك �ألغازها رغم‬ ‫ان�شغالهم ليال بتوفري ال�شمع �أو قنينة الغاز لإنارة‬ ‫ظلمة ليلهم احلالكة‪ .‬كم كانت ا�ستجابتهم كبرية‬ ‫لدرو�س ال�سل�سلة الغذائية‪ ،‬واحليوانات العا�شبة‬ ‫والالحمة‪ ،‬و�أنواع النباتات والأ�شجار والأوراق‪.‬‬ ‫كم كانت فرحتهم كبرية وهم يق�ضمون قطعا من‬ ‫فواكه مل ي�سبق لهم �أن اكت�شفوها‪ ،‬وكم ي�شعرون‬ ‫بفخر كبري وهم يخربون �أترابهم عن �شكل هذه‬ ‫�أو تلك من الأدوات املنزلية التي تر�سخت �صورها‬ ‫املعرو�ضة يف �أذهانهم‪.‬‬ ‫كانت تقنية �سقراط ال�س�ؤالية دربنا اليومي‬ ‫للعبور نحو عامل �آخر‪ ،‬بعيدا عن الهم اليومي‬ ‫الذي يحا�رصنا يف دائرته ال�ضيقة‪ .‬كنت دائم‬ ‫ال�س�ؤال عن قدرة تالمذتي على جمابهة العامل‬ ‫احلقيقي‪ ،‬واالندماج يف م�سالكه الوعرة‪ .‬يف‬ ‫قريتهم هاته‪ ،‬لي�سوا مطالبني باتخاذ احليطة‬ ‫واحلذر وهم يعربون الطريق‪ ،‬رغم ا�سرتجاعهم‬ ‫عن ظهر قلب دالالت ال�ضوء الأخ�رض والأ�صفر‬ ‫والأحمر‪ ،‬ومهام �رشطي املرور‪ .‬لي�سوا مطالبني‬ ‫بالتوج�س من الغرباء‪ ،‬لأن جميع الأبواب تظل‬ ‫م�رشعة ومرحبة بكل الغرباء‪� .‬أت�ساءل �أحيانا عن‬ ‫نوع العامل الذي �أريد نقلهم �إليه و�إك�سابهم �آليات‬ ‫ولوجه ب�أقل الأعطاب املمكنة‪ .‬كيف �سيرتكون‬ ‫قريتهم الهادئة‪ ،‬غري امللوثة‪ ،‬حيث ال متايزات‬ ‫اجتماعية وا�ضحة‪ ،‬ال تطاحنات وال �شجارات‬ ‫عنيفة‪� ،‬إىل ف�ضاء ي�سري ب�رسعة �ضوئية‪� ،‬صاخب‬ ‫ومعقد‪.‬‬ ‫العجائز يف هذه القرى النائية �سبقت‬ ‫‪52‬‬

‫فرن�سي‪� ،‬إجنليزي �أو �إ�سباين �أو غريه‪ ،‬متكنهم‬ ‫من ك�سب لقمة عي�ش دون اال�ضطرار لعبور‬ ‫ال�صحراء وقدوم خريف العمر دون ا�ستئذان ويف‬ ‫غري موعده‪ ،‬متكنهم من مناولة الأ�شياء الكثرية‬ ‫التي �سمعن عنها وعن �إجنازاتها العجيبة واملريحة‪،‬‬ ‫متكنهم من �إن�صاف �أمهاتهم الغارقات يف �أعمال‬ ‫�سخرة ال تنتهي حتى تبد�أ من جديد‪ .‬كفايات‬ ‫�أ�سا�سية‪ ،‬تقييم اكت�سابها الأول والأخري هو ما‬ ‫تتيحه من �إمكانيات لتح�سني ظروف احلياة‬ ‫واالرتقاء مب�ستوى عي�ش هذه الأ�رس املتوا�ضعة‬ ‫و�أبنائها‪ ،‬و�إحداث تغيري يف طريقة تفكريها ويف‬ ‫العالقات التي حتكم �أفرادها وتوجه �صالتها‬ ‫مبحيطها اخلارجي‪.‬‬ ‫الكثريون منا كانوا يرون التقومي �سيفا‬ ‫م�سلطا على رقاب التالميذ‪ ،‬وعبئ ًا ثقيال على‬ ‫كاهلهم كممار�سني للتدري�س‪ ،‬بينما يتحدثون‬ ‫عن التفتي�ش كلما تعلق الأمر بتقييم �أعمالهم‬ ‫ال�صفية‪ .‬حت�رضين التقارير النمطية التي ال �أميز‬ ‫بينها �إال بتواريخها وعناوين الدرو�س التي‬ ‫كانت مو�ضوعا لها‪ ،‬وكيف كان اال�ستظهار‬ ‫واال�سرتجاع ع�صب الزاوية يف توجيهاتها‪ .‬كنت‬ ‫دائم ال�س�ؤال عن ال�رس يف اعتماد تر�سانة من‬ ‫الوثائق لتقييم �أدائي املهني‪ ،‬ومالحظات رئي�س‬ ‫مبا�رش يغيب ليح�رض‪ ،‬وغري مالك ل�سلطة غري‬ ‫حترير التف�سريات واالنقطاعات عن العمل‪ ،‬عن‬ ‫ال�رس يف مطالبتنا باعتماد مقاربات جديدة‬ ‫دون تكوين يذكر حول مغزاها والقيمة امل�ضافة‬ ‫التي متيزها عن �سابقاتها‪� .‬أ�سئلة متنا�سلة جتعل‬ ‫التقييم يف �صلب التحديات التي تنت�صب �أمام‬ ‫املمار�سني بحب و�شغف لهذه املهنة النبيلة التي‬ ‫لن تفقد بريقها رغم كل ال�صعوبات والتعرثات‪.‬‬


‫الإميان بغد �أف�ضل ل�صغار هذا الوطن‬ ‫وبثقل امل�س�ؤولية التي تقع على كاهل كل من‬ ‫اختار(ت) هذا امل�سار احلارق كاجلمر‪ ،‬يدفعنا‬ ‫للتفكري يف �صيغ جمددة لفعلنا الرتبوي‬ ‫ولطرائقنا البيداغوجية‪ ،‬وهو ما �سينعك�س �إيجابا‬ ‫على �أ�ساليبنا التقوميية‪� ،‬سواء توجهت للتلميذ �أو‬ ‫للأ�ستاذ‪ .‬الرتبية هي �أحد امليادين الرئي�سية للخلق‬ ‫والإبداع‪ ،‬وخ�صوبة التجارب التي تخرتقها‪ ،‬بعيدا‬ ‫عن اجلغرافيا‪ ،‬واللغة‪ ،‬والعرق‪ ،‬واجلن�س‪ ،‬والدين‬ ‫خ�صو�صا مع تقدم و�سائط االت�صال واالطالع‬ ‫منجم للإرادة احلرة وللعقل الناقد الباحث عن‬ ‫جتويد �أدائه الرتبوي والتعليمي‪.‬‬ ‫التقومي م�س�ألة �شمولية تبد�أ منذ اللحظة‬ ‫الأوىل للتخرج من مراكز تكوين الأ�ساتذة‪ ،‬منذ‬ ‫اليوم الأول لولوج املتعلم املدر�سة‪ ،‬وال تنتهي‬ ‫بتعبئة بيانات النقط‪� ،‬أو بت�سلق درجات العلم‬ ‫وخمتلف الأ�سالك التعليمية‪ .‬املطلوب جعل‬ ‫التقييم مرادفا لال�ستمتاع باحلياة‪ ،‬مدر�س يتفانى‬

‫لإعداد جيل يعاك�س خيبات نظام تعليمي‬ ‫راكم العديد من الأعطاب‪ ،‬وخلف العديد من‬ ‫ال�ضحايا‪ ،‬و�صغار ي�ضمرون قيما نبيلة وعطاءات‬ ‫قمينة ب�إدخالهم �سريورة امل�ساهمة الفعالة والكبرية‬ ‫يف تقدم هذا الوطن الرائع‪.‬‬ ‫ربط التقومي باحلياة بكل معانيها‬ ‫و�أ�شكالها هو القادر على جعله ناب�ضا باحليوية‪،‬‬ ‫�إذ بتجددها الدائم وتعدد �أ�شكالها وتنوعها‬ ‫ميكن له �أن يتجدد ويتطور‪ .‬فالتقومي احلقيقي‬ ‫بحاجة لثورة مفاهيمية ولروح �شقية قادرة على‬ ‫جتاوز القوالب اجلاهزة والأحكام القبلية‪� ،‬إنه‬ ‫مر�آة ل�صدق ممار�ساتنا ال�صفية ولنبل وج�سامة‬ ‫امل�س�ؤولية امللقاة على كاهلنا‪ .‬اخلال�صة النهائية‬ ‫لأدائنا هم ال�شباب الذين �سن�ضع م�صري هذا‬ ‫العامل بني �أيديهم‪ ،‬فلن�صد باب الندم ما دام‬ ‫ب�إمكاننا ذلك‪ .‬وحتية �صدق واحرتام لكل‬ ‫املدر�سني واملدر�سات امل�ؤمنني بر�سالتهم وبغد‬ ‫�أف�ضل للكائن الإن�ساين‪.‬‬

‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪53‬‬


‫�إىل �أي مدى ميكن اعتماد مقاربة العمل‬ ‫بامل�شروع �أداة‬ ‫لتقومي �أداء امل�ؤ�س�سة التعليمية ؟‬ ‫حممد حكيمي‬ ‫من�سق الفريق الإقليمي مل�رشوع امل�ؤ�س�سة‬ ‫بنيابة الر�شيدية‬

‫ ‬

‫قد ي�شتكي الكثري من مديري امل�ؤ�س�سات‬

‫مل�رشوع امل�ؤ�س�سة على امتداد املو�سم الدرا�سي‬

‫التعليمية‪ ،‬ونحن يف خ�ضم تنفيذ تدابري‬ ‫وم�شاريع الربنامج اال�ستعجايل‪ ،‬من جمموعة‬ ‫من العوائق والإكراهات التي حتول دون‬ ‫التنزيل امليداين الأمثل لهذا الربنامج‪ ،‬خا�صة‬ ‫ما يتعلق بامل�رشوع اخلا�ص بتح�سني جودة‬ ‫احلياة املدر�سية‪ ،‬وحتديدا مكون تعميم العمل‬ ‫مب�رشوع امل�ؤ�س�سة ك�أداة لتفعيل �أدوار احلياة‬ ‫املدر�سية وحت�سني جودتها‪.‬‬

‫‪ ،2010 – 2009‬ف�إن حت�سني �أداء امل�ؤ�س�سة من‬

‫وبالنظر لتجربتي املتوا�ضعة يف التتبع‬ ‫واملواكبة امليدانية للعمل مب�رشوع امل�ؤ�س�سة يف‬ ‫خمتلف الأ�سالك التعليمية التابعة للنفوذ‬ ‫الرتابي لنيابة الر�شيدية‪� ،‬سواء يف �إطار م�شاريع‬ ‫التعاون الدويل‪� ،‬أو كمن�سق للفريق الإقليمي‬ ‫للقيادة والت�أطري مل�رشوع امل�ؤ�س�سة املكلف‬ ‫مبختلف عمليات التنزيل امليداين ملكونات‬ ‫م�رشوع حت�سني جودة احلياة املدر�سية‪،‬‬ ‫والتي اقت�ضت تنظيم لقاءات توا�صلية مكثفة‬ ‫وور�شات عمل مع خمتلف الفاعلني الرتبويني‬ ‫املعنيني‪ ،‬وبخا�صة مديري امل�ؤ�س�سات التعليمية‬ ‫مبختلف الأ�سالك‪ ،‬باعتبارهم �أول امل�ستهدفني‬ ‫من هذه العملية‪ ،‬بحكم �أدوارهم القيادية يف‬ ‫�إدارة ال�ش�أن الرتبوي حمليا‪ ،‬والذين �شاركوا‬ ‫يف �أغلب حمطات الإر�ساء والتفعيل امليداين‬ ‫‪54‬‬

‫خالل بلورة م�رشوع واقعي وتنفيذه‪ ،‬يقت�ضي‬ ‫وقفة ت�أمل وتقومي ملا يقارب �أكرث من �سنتني من‬ ‫اال�شتغال‪ ،‬وذلك منذ التبني الر�سمي للوزارة‬ ‫الو�صية لهذه املقاربة والتن�صي�ص على تعميمها‬ ‫بجميع الأ�سالك التعليمية‪.‬‬ ‫جدير بالذكر �أن املنهجية املتبعة خالل‬ ‫مرحلة الإر�ساء قد ركزت بالأ�سا�س على‬ ‫حت�سي�س �أطر الإدارة الرتبوية وتعبئتهم‬ ‫لالنخراط الإيجابي‪ .‬كما �شكل العمل مب�رشوع‬ ‫امل�ؤ�س�سة �أداة عملية تتيح �إ�رشاك خمتلف‬ ‫مكونات املجتمع املدر�سي امل�صغر و�رشكاء‬ ‫املدر�سة الفعليني واملحتملني يف امل�ساهمة‬ ‫اجلماعية لالرتقاء ب�أدوار اخلدمات املدر�سية‬ ‫جت�سيدا ملقولة «املدر�سة �ش�أن اجلميع»‪.‬‬ ‫ورغم املجهودات املبذولة من طرف‬ ‫خمتلف املتدخلني يف هذا امل�رشوع‪ ،‬فقد مت‬ ‫ت�سجيل �إخفاقات وتعرثات كثرية‪ ،‬مرتبطة‬ ‫�أ�سا�سا ب�ضعف التكوين يف جمال م�رشوع‬ ‫امل�ؤ�س�سة وعدم متلك املنهجية العملية املتبعة يف‬ ‫بناء خمتلف مراحله‪ ،‬واملقاربات الداعمة لبلورته‬ ‫وتدبري خمتلف حمطاته‪� ،‬إ�ضافة �إىل �ضعف‬


‫انخراط معظم الفاعلني الرتبويني املبا�رشين‬ ‫من �أطر الإدارة الرتبوية‪ ،‬وهيئة التدري�س يف‬ ‫عمليات الإعداد والإجناز‪ ،‬والتتبع واملواكبة‬ ‫امليدانية اليومية املطلوبة لتج�سيده على �أر�ض‬ ‫الواقع‪ .‬وقد �أتيحت يل فر�صة الوقوف على‬ ‫هذه احلقيقة من خالل م�صاحبتي للم�ؤ�س�سات‬ ‫التعليمية التابعة لإقليم الر�شيدية؛ كما وقفت‬ ‫عند جتارب متميزة‪ ،‬عرفت كيف ت�ستثمر‬ ‫م�رشوع امل�ؤ�س�سة يف حت�سني م�ؤ�رشاتها الرتبوية‬ ‫ونتائجها املدر�سية ب�شكل الفت‪ ،‬وقد متكنت‬ ‫�إحداها من الفوز باجلائزة الأوىل يف امل�سابقة‬ ‫الوطنية الأوىل مل�رشوع امل�ؤ�س�سة‪.‬‬ ‫من خالل معرفتي ال�شخ�صية مبديري‬ ‫امل�ؤ�س�سات التعليمية‪ ،‬وم�شاركتي يف ت�أطري‬ ‫اللقاءات التوا�صلية املنظمة يف هذا ال�سياق‪،‬‬ ‫وزياراتي امليدانية املتعددة‪ ،‬تبني يل �أن العمل‬ ‫بهذه املقاربة �ساعد جمموعة من القيادات‬ ‫الرتبوية على حت�سني طرقها التدبريية ومكنها‬ ‫من ربط عالقات تعاون مثمرة و�رشاكات تربوية‬ ‫�ساهمت يف انفتاح م�ؤ�س�ستهم على حميطها‬ ‫االجتماعي‪ ،‬و�أتاحت للمتعلمني فر�ص اال�ستفادة‬ ‫من م�صادر �أخرى للتعلم والدعم‪ .‬ويح�رضين‬ ‫يف معر�ض هذا احلديث‪ ،‬مدير ثانوية الوحدة‬ ‫الإعدادية‪ ،‬باعتباره واحدا من املدراء املجددين‪،‬‬ ‫الذين عرفوا كيف يجعلون من هذه املقاربة �أداة‬ ‫لبعث دينامية جديدة يف م�ؤ�س�ستهم‪ ،‬وو�سيلة‬ ‫لتح�سني مردودها الرتبوي كما وكيفا‪ ،‬بالرغم‬ ‫من �أن هذه امل�ؤ�س�سة تقع بو�سط قروي �ضمن‬ ‫املجال اجلغرايف الواحي بكل �إكراهاته الطبيعية‬ ‫وال�سو�سيو جمالية‪ .‬وت�أكد يل من خالل هذه‬ ‫التجربة �أن النجاح يف مثل هذه املهام يحتاج‪،‬‬ ‫لي�س للمقاربات و�أدوات العمل فح�سب‪ ،‬بل‬ ‫كذلك �إىل جمموعة من املوا�صفات ال�شخ�صية‬ ‫واملهنية واملعرفية والتوا�صلية‪ .‬فكل التجارب‬

‫الرائدة التي �صادفتها على �أر�ض الواقع جتد من‬ ‫ورائها روادا يف الإدارة الرتبوية‪ ،‬من طينة مدير‬ ‫�إعدادية الوحدة‪ ،‬م�سلحني بكفايات تدبريية‬ ‫ومت�شبعني بقيم اجتماعية ومهنية عالية‪ ،‬جعلوا‬ ‫من ف�ضاء م�ؤ�س�ساتهم جماال خ�صبا لبلورتها‬ ‫وجت�سيدها خدمة لأهداف �إ�صالح منظومة‬ ‫الرتبية والتكوين‪.‬‬ ‫ب�صورة عامة‪ ،‬ف�إن النجاح يف �إر�ساء‬ ‫م�رشوع امل�ؤ�س�سة لي�س بالأمر الهني وال يتوقف‬ ‫على حجم ونوع التكوين املخ�ص�ص لهذه‬ ‫العملية‪ ،‬بل البد من ت�ضافر جملة من العوامل‬ ‫الذاتية واملو�ضوعية‪ ،‬ميكن ح�رص �أهمها يف‬ ‫النقط التالية‪:‬‬ ‫• متتع �شخ�صية املدير ب�صفة القائد الرتبوي‬ ‫الناجح وت�شبعه بروح املواطنة الرا�سخة‬ ‫والإخال�ص يف العمل؛‬ ‫• مواكبته للم�ستجدات الرتبوية بالتكوين‬ ‫الذاتي والبحث الرتبوي؛‬ ‫• ت�شبعه بروح املبادرة واخللق والإبداع يف‬ ‫خمتلف اجلوانب املتعلقة بتفعيل �أدوار‬ ‫احلياة املدر�سية؛‬ ‫• تفاعله التلقائي مع املحيط وعمله املتوا�صل‬ ‫يف التح�سي�س والتعبئة االجتماعية بهدف‬ ‫�إ�رشاك خمتلف الفاعلني الرتبويني وال�رشكاء‬ ‫لالنخراط ماديا ومعنويا يف الأن�شطة التي‬ ‫تنظمها امل�ؤ�س�سة؛‬ ‫ • تبني العمل بالفريق يف كل الأن�شطة والعمليات‬ ‫وانخراط هيئة التدري�س يف خمتلف العمليات‬ ‫املرتبطة ب�أن�شطة الأندية الرتبوية؛‬ ‫• العمل وفق مبد�أ «ا�ستح�ضار املجتمع يف‬ ‫قلب املدر�سة» كما ي�ؤكد على ذلك امليثاق‬ ‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪55‬‬


‫الوطني للرتبية والتكوين‪ ،‬وذلك بتنظيم‬ ‫�أن�شطة م�شرتكة مع بع�ض فعاليات املجتمع‬ ‫املدين خارج وداخل امل�ؤ�س�سة وفتح الف�ضاء‬ ‫املدر�سي الحت�ضان �أن�شطتها‪.‬‬ ‫من هنا ميكن اجلزم �أن مقاربة العمل‬ ‫بامل�رشوع‪ ،‬ت�شخي�صا وتخطيطا وتنفيذا وتتبعا‬ ‫وتقييما‪ ،‬ت�شكل مدخال �أ�سا�سيا لتقومي �أداء‬

‫‪56‬‬

‫امل�ؤ�س�سات التعليمية و�أداة فعالة يف تتبع‬ ‫�شبكة املتغريات وامل�ؤ�رشات الرتبوية املعتمدة يف‬ ‫قيا�س املردودية الداخلية واخلارجية‪ .‬وبالتايل‬ ‫فم�رشوع امل�ؤ�س�سة يتيح �إمكانية مقارنة‬ ‫امل�ؤ�س�سات التعليمية وت�صنيفها وترتيبها وفق‬ ‫معايري دقيقة قد ت�ساعد على خلق تناف�سية يف‬ ‫جمال جتويد اخلدمات املدر�سية‪.‬‬


‫قـراءات‬


‫قراءة يف كتاب‬ ‫«طرق التقومي املدر�سي»‬ ‫مل�ؤلفه ‪� :‬إيفان �أبرنو‬ ‫عز الدين اخلطابي‬ ‫�أ�ستاذ باحث‬ ‫املدر�سة العليا لتكوين الأ�ساتذة ــ مكنا�س‬ ‫اعترب «�إيفان �أبرنو»‪ ،‬م�ؤلف كتاب «طرق التقومي املدر�سي»(‪ ،)1‬ب�أن هذا العمل موجه �أ�سا�سا �إىل‬ ‫املدر�سني‪ ،‬لأنه يتناول بالبحث تطبيق طرق التقومي املدر�سي ومدى مالءمتها للو�ضعيات التعلمية‪.‬‬ ‫كما �أقر ب�أن الهدف املتوخى من الكتاب‪ ،‬هو جعل الأبحاث النظرية احلالية يف جمال التقومي‪،‬‬ ‫مفهومة وقابلة للتطبيق من طرف املدر�سني‪ ،‬بحيث �سيكون ب�إمكانهم اختيار الطرق الأكرث فعالية‬ ‫لتقومي �إجنازات املتعلمني‪.‬‬ ‫وقد توزعت ق�ضايا الكتاب على مدى ثالث «مراحل» متمف�صلة فيما بينها‪ .‬فاملرحلة الأوىل‬ ‫هي مبثابة عر�ض تركيبي للم�شاكل الكال�سيكية املرتبطة بعمليات التقومي‪ ،‬وهو ما ت�ضمنه الف�صل‬ ‫الأول‪ ،‬وعنوانه‪�« :‬إ�شكالية التقومي»‪� .‬أما املرحلة الثانية فت�شمل الق�ضايا املتعلقة بخ�صو�صيات التقومي‬ ‫وم�شاكله واحللول املقرتحة لها‪ ،‬لكي تكون العملية التقوميية �أكرث عدال‪ .‬وقد عوجلت هذه امل�سائل‬ ‫يف الف�صلني الثاين والثالث‪ ،‬وهما على التوايل‪« :‬مميزات وخ�صو�صيات التقومي» و«تطبيقات حالية»‪.‬‬ ‫وتت�ضمن املرحلة الثالثة مقرتحات وتطبيقات للطرق والتقنيات املقرتحة من طرف املدر�سني �أنف�سهم‪،‬‬ ‫علما ب�أن الكتاب هو خال�صة لعمل ميداين يف امل�ؤ�س�سات التعليمية ومتابعة لدورات تدريبية‬ ‫وتكوينية فاق املائة‪ .‬لهذا توزعت هذه املعطيات على �أربعة ف�صول وهي‪« :‬تعديل املمار�سات‬ ‫احلالية»‪« ،‬بلورة الأهداف»‪« ،‬اختيار �أدوات التقومي وفق الأهداف» و»التقومي التكويني والبيداغوجيا‬ ‫الفارقية»‪.‬‬ ‫و�سنحاول عر�ض م�ضامني هذه الف�صول ب�إيجاز‪ ،‬لإبراز قيمة هذا العمل املتمثلة �أ�سا�سا يف‬ ‫املزاوجة بني املعطيات النظرية والنماذج التطبيقية‪.‬‬

‫‪-1‬‬

‫�إ�شكالية التقومي‬

‫�إن �أول �صعوبة تواجه الباحث يف جمال التقومي املدر�سي هي م�س�ألة حتديد امل�صطلح‪ .‬ف�إذا‬ ‫ما اعتربنا ب�أن العملية التقوميية هي مبثابة قيا�س �أو تقدير ملنتوج تربوي وفق معايري حمددة‪ ،‬ف�إنه‬ ‫يتعني علينا التمييز بني لفظتي «قيا�س» و «تقدير»‪ ،‬لأن الأوىل حتيل على الطريقة الكمية‪ ،‬يف حني‬ ‫حتيل الثانية على الطريقة الكيفية‪ ،‬فكيف ميكن التوفيق بينهما ؟‬ ‫‪1- Yvan Abernot, Les méthodes d’évaluation scolaire, Paris, Bordas, 1988, 128 pages.‬‬

‫‪58‬‬


‫من جهة �أخرى‪ ،‬ف�إن التقومي يهم الإجناز‪� ،‬أي الإنتاجات واملجهودات املبذولة‪ .‬واحلال �أن‬ ‫الإجناز هو نتاج للكفاية وال يعرب �إال على جزء منها‪ ،‬فما مدى متثيله لها ؟ علما ب�أن الهدف من‬ ‫تقومي �إن�شاء مكتوب �أو �أجوبة �شفوية مثال‪ ،‬هو التعرف على مدى اكت�ساب الكفاية‪.‬‬

‫‪-2‬‬

‫مميزات و�صعوبات التقومي‬

‫تندرج درا�سة مميزات التقومي �ضمن ما يعرف بالدو�سيمولوجيا‪ ،‬وهي الدرا�سة املنظمة‬ ‫لالمتحانات اعتمادا على �شبكات القيا�س والتنقيط‪ .‬وتلخ�ص عمليات تقومي االمتحانات يف ثالثة‬ ‫مفاهيم �أ�سا�سية وهي‪ :‬الأمانة‪ ،‬ال�صالحية واحل�سا�سية‪ .‬فقد �أكد الدو�سيمولوجيون على �أن بع�ض‬ ‫�أدوات التقومي‪ ،‬كما هو ال�ش�أن بالن�سبة للأ�سئلة ذات االختيارات املتعددة‪ ،‬ميكن �أن حتمي التقومي‬ ‫من االعتبارات الذاتية وت�ضفي على عملية الت�صحيح نوعا من الأمانة‪ .‬ويرتبط مفهوم ال�صالحية‬ ‫مبا يعرف بن�سبية التقوميات ح�سب املعايري املتبعة والأهداف املحددة والتقديرات املمنوحة للأوراق‬ ‫امل�صححة‪ ،‬ف�ضال عن اختالف مرجعيات التقومي لدى املدر�سني‪ .‬ورغم ذلك تظل هناك «رابطة‬ ‫فعلية بني املنتوج والنقطة املمنوحة له‪ ،‬حتى ولو مل يح�صل �إجماع بني امل�صححني»(‪� .)2‬أما مفهوم‬ ‫احل�سا�سية فهو وثيق ال�صلة بالذاتية �أي بالت�أثريات ال�سيكولوجيا على عملية التقومي التي تتطلب‬ ‫درا�سة مواقف و�سلوكات وردود �أفعال امل�صححني واملمتحنني على حد �سواء‪.‬‬

‫‪ -3‬املمار�سات احلالية و�إمكانية تعديلها‬ ‫يتعر�ض امل�ؤلف هنا (وحتديدا يف الف�صلني الثالث والرابع) ملجموعة من الطرق املتبعة يف‬ ‫عملية تقومي ح�صيلة املتعلمني‪ ،‬مثل املراقبة امل�ستمرة والت�صحيح املزدوج واعتماد �شبكات الت�صحيح‬ ‫الخ‪ ...‬معتربا ب�أن هذه الطرق جميعها ميكن �أن تكون مفيدة �رشيطة عدم تطبيقها ب�شكل �آيل‪ .‬فمما‬ ‫ال �شك فيه �أن مراقبة منتوج املتعلم يف فرتات متقاربة‪� ،‬ستقلل من �إمكانيات اخلط�أ �أثناء تقوميه‬ ‫�إجماليا (يف نهاية الدورة �أو ال�سنة)‪ .‬كما �أن عملية الت�صحيح املزدوج ت�سمح ب�إ�ضفاء م�صداقية �أكرب‬ ‫على النقطة املمنوحة وحتث املدر�سني على مناق�شة املعايري املتبعة من طرفه‪ ،‬ومن جهة �أخرى‪ ،‬ت�شكل‬ ‫�شبكات الت�صحيح عن�رصا تكميليا للعملية ال�سابقة وت�ساهم يف �إ�ضفاء دقة �أقرب �إىل املو�ضوعية‬ ‫�أثناء ت�صحيح الأوراق‪.‬‬ ‫ولكي تكون هذه الإجراءات مفيدة‪ ،‬يجب �أن تدعم بتداريب تكوينية ولقاءات بني الفاعلني‬ ‫الرتبويني وب�أبحاث ميدانية حول ق�ضايا التقومي وم�شاكله‪ .‬وي�ؤكد امل�ؤلف على �أنه ال ميكن �أن‬ ‫نفر�ض على املدر�سني طريقة حمددة يف التقومي‪� ،‬إال �أن ذلك ال مينع من تقدمي مقرتحات لتح�سني‬ ‫املمار�سات التقوميية‪ .‬و�أول مقرتح هو العمل على التمييز بني الإجنازات القابلة للقيا�س وتلك القابلة‬ ‫للتقدير‪ ،‬لأن الفكرة الرائجة حول �إمكانية تقومي كل منتوج تربوي اعتمادا على النقطة فقط‪ ،‬تعترب‬ ‫خاطئة‪ ،‬خ�صو�صا عندما يتعلق الأمر ب�إجناز امل�شاريع �أو بحل امل�شكالت(‪ .)3‬لذلك يتعني حتديد‬ ‫معايري التقومي بدقة ح�سب طبيعة العمل املنجز والإقرار بن�سبية تقدير امل�صحح‪ ،‬خ�صو�صا عندما‬ ‫يتعلق الأمر بالتقومي التكويني‪ ،‬ومتابعة م�سار املتعلمني من خالل النتائج املح�صل عليها و�إ�رشاك‬ ‫‪2- Ibidem, p. 37‬‬ ‫‪3- Ibid., p. 52‬‬

‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪59‬‬


‫�أوليائهم يف مراقبة التمارين املنزلية وامل�شاريع التي كلفوا ب�إجنازها‪ ،‬وعقد لقاءات بني ه�ؤالء الأولياء‬ ‫واملدر�سني‪ ،‬لكي يتحمل اجلميع م�س�ؤولية النتائج املح�صل عليها من طرف التالميذ‪.‬‬

‫‪-4‬‬

‫بلورة الأهداف واختيار الأدوات‬

‫ميكن تعريف التقومي باعتباره قيا�سا ملدى حتقق الأهداف‪ ،‬لأن الفعل البيداغوجي يقت�ضي‬ ‫توجيها وطرقا لالكت�ساب وتقوميا ملا مت اكت�سابه‪ .‬وال تت�ضمن العملية تقوميا لإجنازات التلميذ‬ ‫فح�سب‪ ،‬بل �أي�ضا تقوميا للمدر�س ولطرقه يف التدري�س وللأهداف التي يروم حتقيقها‪ .‬ويالحظ‬ ‫امل�ؤلف بهذا ال�صدد‪ ،‬ب�أن الكفاية ال ميكنها �أن تكون معرفية فقط وال �سو�سيو وجدانية وال �سيكو‪-‬‬ ‫حركية‪ ،‬بل هي تركيب لها جميعها‪ .‬لذلك‪ ,‬ف�إن تقومي الكفاية مير عرب التفكري يف التمف�صالت القائمة‬ ‫بني الأهداف ويف ان�سجامها يف ما بينها ومع غايات الرتبية ب�شكل عام(‪ .)4‬وكما �سبقت الإ�شارة �إىل‬ ‫ذلك‪ ,‬يتم تقومي الكفاية جزئيا من خالل الإجناز الذي ي�شمل م�ضمونا ميكن قيا�سه و�شكال ميكن‬ ‫تقديره‪ ،‬مما يعني �أن عملية التقومي ت�ستند �إىل معطيات كمية وكيفية يف الآن نف�سه‪ ،‬وت�شهد على‬ ‫تنوع الأهداف وتعقدها‪ .‬ف�إذا ما رجعنا �إىل �صنافة الأهداف البيداغوجية لبلوم مثال(‪ ،)5‬ف�سنالحظ‬ ‫ب�أن القدرات الثالث الأوىل يف املجال املعريف‪ ،‬وهي املعرفة والفهم والتطبيق‪ ،‬قابلة للقيا�س كميا؛‬ ‫�أما القدرات الثالث الأخرية‪ ،‬وهي التحليل والرتكيب والتقومي‪ ،‬فتعترب قابلة للتقدير كيفيا‪ .‬هكذا‪،‬‬ ‫ميكن بالن�سبة للفئة الأوىل‪ ،‬اعتماد الأدوات التقوميية التالية‪ :‬الأ�سئلة ذات االختيارات املتعددة‬ ‫والأ�سئلة الكال�سيكية والتمارين‪� .‬أما بالن�سبة للفئة الثانية‪ ،‬فيمكن اعتماد امل�شكلة واملو�ضوع‬ ‫الرتكيبي والإن�شاء‪ .‬طبعا‪� ،‬إن �أ�شكال التقومي املقرتحة تظل جمرد �أمثلة وميكنها �أن حتفز املقومني‬ ‫على �إبداع �أ�شكال �أخرى‪ ،‬وهو ما انتبه �إليه «�أندري دوبريتي» عند معاجلته للتقومي التكويني(‪.)6‬‬ ‫وهذه النقطة هي التي خ�ص�ص لها امل�ؤلف الف�صل الأخري من كتابه حول التقومي التكويني‬ ‫والبيداغوجيا الفارقية‪ ،‬حيث عمل �أوال على و�ضع متييز بني التقومي التكويني والإجمايل‪ ،‬لينفتح‬ ‫بعد ذلك على و�ضعية التقومي يف �إطار البيداغوجيا الفارقية وبيداغوحيا التحكم واملراقبة الذاتية‬ ‫لتطور الإجنازات‪ ،‬م�شريا �إىل �أن �إدماج التقومي التكويني �ضمن هذه البيداغوجيات‪ ،‬ميكن �أن ي�ساهم‬ ‫يف حت�سني مكت�سبات خمتلف فئات التالميذ ويف حتكم �أف�ضل و�أطول يف املعارف والإتقانات‪ .‬هذا‬ ‫مع العلم ب�أن نظام التقومي التكويني يف �إطار البيداغوجيا الفارقية لي�س حال �سحريا مل�شاكل التقومي‬ ‫وال طريقة منوذجية وحيدة‪ ،‬بل هو �أ�سا�سا عبارة عن عقلية قائمة بذاتها(‪.)7‬‬ ‫واخلال�صة هي �أن الهدف من الكتاب‪ ،‬وكما �أقر امل�ؤلف بذلك‪ ،‬هو الوعي بكون التقومي ي�شكل‬ ‫جزءا �أ�سا�سيا �ضمن النظام الرتبوي ويقوم بوظيفتني بارزتني وهما‪ :‬التكوين واالنتقاء‪ .‬وب�صيغة �أخرى‪،‬‬ ‫ف�إنه يقوم بوظيفة مزدوجة‪ :‬بيداغوجية واجتماعية‪ .‬من جانب �آخر‪ ،‬ف�إن حت�سني طرق التقومي يعتمد‬ ‫على التمييز ال�رضوري بني القيا�س والتقدير‪ ،‬وعلى تعدد الأدوات التقوميية‪ ،‬وعلى �رضورة الإقرار بتنوع‬ ‫الأهداف والكفايات و�أهمية اال�ستفادة من معطيات البيداغوجيا الفارقية ب�شكل خا�ص‪.‬‬ ‫‪4- Ibid., p. 81‬‬ ‫‪5- Bloom, B. et autres, Taxonomie des objectifs pédagogiques, 1, Domaine cognitif, Montréal,‬‬ ‫‪éducation nouvelle, 1969‬‬ ‫‪6- De Peretti, A., Receuil d’instruments et de processus d’évaluation formative, Paris,‬‬ ‫‪I.N.R.P., 1980‬‬ ‫‪7- Yvan Abernot, Op. Cit. , p. 119‬‬

‫‪60‬‬


‫قراءة يف كتاب‬

‫«التقومي هو طلب التجديد على م�ستوى املمار�سة»‬

‫مل�ؤلفته‪ :‬دينا �سان�سي‬

‫�إدري�س كثري‬ ‫�أ�ستاذ التعليم الثانوي الت�أهيلي‬ ‫يتكون كتاب «تقومي م�شاريع التجديد يف الرتبية»(‪ )1‬لدينا �سان�سي (بلجيكا) من ثالثة �أق�سام‪.‬‬ ‫يتناول الق�سم الأول املقاربة النظرية للتقومي ويتطرق الق�سم الثاين للمقاربة الإ�سرتاتيجية للتقومي‪،‬‬ ‫�أما الق�سم الثالث فيقرتح مقاربة عملية تطبيقية‪.‬‬ ‫‪ -1‬التقومي مفهوم ملتب�س‪ .‬فهو ي�شري ح�سب القامو�س �إىل حتديد ثمن �شيء ما �أو �إىل قيمته وفق‬ ‫معايري اقت�صادية �أو اجتماعية �أو �أخالقية �أو دينية �أو فنية ‪ ...‬ومن مرادفاته املخابرة واملحا�سبة‬ ‫واملراقبة واملقادرة‪.‬‬ ‫والهدف من التقومي هو حتقيق العقالنية وحت�سني املردودية والرفع من اجلودة‪ .‬ولبلوغ‬ ‫هذه الأغرا�ض‪ ،‬البد من االنتباه �إىل �أن التقومي يف مفهومه اجلديد هو «تقومي للتغري» �أو «تقومي‬ ‫للتجديد والإبداع»‪ .‬وعليه فالتقومي علم وفن‪.‬‬ ‫متيز التقومي �سابقا بنزعته الو�ضعية مقلدا التجريب يف العلوم الطبيعية ومعتمدا على القيا�س‬ ‫�أي على املنهج الفر�ضي اال�ستنباطي الذي ال يخلو من �أدوات �إح�صائية‪ .‬لذا كان يو�صف بالتقومي‬ ‫الكمي (مثلما طبق يف اجلمعية العاملية للتقومي �ص ‪.)17 :‬‬ ‫�أما بعد بروز املقاربات الهريمونيطيقية واملناهج الأنرتوبولوجية واالجتاهات الفينومنولوجية‪،‬‬ ‫طغت املناهج الكيفية يف الدرا�سات التقوميية (خا�صة منها تلك التي تقوم الربامج االجتماعية)‬ ‫مناهج تراعي احلاالت اخلا�صة وتنتبه ل�صريورات التجديد وتفاو�ض انطالقا من ال�سياقات‪ .‬وت�سمى‬ ‫التقومي الطبيعاين �أو التكويني �أو الإملعي‪ ،‬و�أهمها التقومي امل�ستجاب والإدماجي‪ ،‬فبات امل�شكل هو‬ ‫الذي يحدد املنهاج ولي�س العك�س‪.‬‬ ‫مع نهاية ال�سبعينات‪ ،‬ظهر براديغم جديد يف التقومي هو «امل�ساعدة على اتخاذ القرارات»‬ ‫والعمل على �أن يكون التقومي نافعا و�صاحلا‪ .‬وذالك اعتمادا على القرارات الأربعة التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬قرار التخطيط؛ ‪ -2‬البنينية؛ ‪ -3‬قرار التطبيق؛ ‪ -4‬قرار املراجعة‪.‬‬ ‫‪1- DINA SENSI, Evaluer des projets d’innovation en éducation.col. Education 2000, Ed.‬‬ ‫‪Labror. 1990.‬‬

‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪61‬‬


‫ويبقى ال�س�ؤال الأ�سا�س غري منح�رص يف املنفعة ومدى حتققها فقط‪ ،‬بل هو مرتبط �أكرث‬ ‫بال�س�ؤال‪ :‬ملن هو نافع ؟‬ ‫�إنه كذالك للمقوم نف�سه ثم للم�س�ؤولني ال�سيا�سيني والإداريني وللفاعلني �ضمن امل�رشوع‬ ‫التجديدي كاملدر�سني والعمال‪ ،‬و�أخريا لبناء املجتمع الدميقراطي‪ .‬ومبا �أن الرباديغم هو �إطار فكري‬ ‫ي�سمح ب�رشح بع�ض �أوجه الواقع‪ ،‬و�أم هذا الإطار هو �صحيح بالن�سبة ملن يرتهنون به‪ ،‬و�أن‬ ‫الرباديغمات يف تغري م�ستمر‪ ،‬فالبد من دعوة �إىل الإدماج‪.‬‬ ‫املقاربة الإدماجية (‪� )intégrative‬أوالتقومي �إالدماجي يتحدد مبالقاة ذات املقوم لذاتها وفهم‬ ‫�إطارات �إحاالتها ومرجعياتها‪ .‬و�إدراك حقيقتها وتاريخها وخماوفها ورهاناتها (�ص ‪ .)31‬فالتجارب‬ ‫تتغري وبتغريها برزت براديغمات جديدة‪ .‬وال ي�ستقيم هذا اجلانب العلمي يف التقومي �إال ب�إدماجه‬ ‫للجانب الفني املرتكز على احلد�س والإبداع الذاتي‪.‬‬ ‫‪ -2‬التقومي ا�سرتاتيجيته ت�ستمد �سلطتها من التدخل يف الن�سق التنظيمي للم�ؤ�س�سات وبالتايل‬ ‫للمجتمع‪ ،‬وال يتم هذا التدخل �إال مبعرفة من يطلب التقومي ملن ؟ ولأي غر�ض يتم ؟ هذه‬ ‫املقدمات �رضورية لأنها هي التي حتدد الطابع التفاو�ضي للتقومي بني اجلهات امل�س�ؤولة والطالبة‬ ‫وبني املعنيني بالتقومي‪ .‬ومادام رهان التقومي هو فهم و�إدراك التغري والتحول االجتماعي‬ ‫وتقرير �أهميته فاملنطق املتحكم يف كل تقومي هو منطق �إخباري توا�صلي ومنطق تكويني‬ ‫وتفاو�ضي‪ .‬دون �أن يغيب عن �أذهاننا �أن التقومي هو دوما �إ�سرتاتيجية رهانها ال�سلطة‪.‬‬ ‫‪ -3‬عمليا‪ ،‬التقومي هو حتليل وتنظيم لواقع معقد‪ .‬يتوقف على منظمات عدة متداخلة ومتعددة‬ ‫الأبعاد كما يتوقف على النزعة احلوارية والتوا�صلية وعلى النزعة الإ�ستعادية‪ ...‬وت�سمى هذه‬ ‫املبادئ ب�إ�سم �إدغار موران)‪ .‬ميكن تطبيقها وممار�ستها وفق حماور كربى هي حمور الزمان‬ ‫املن�ساب ويهتم بالتغري وحمور حقل �أو ف�ضاء البحث ويركز على الإ�شكالية والأهداف وحمور‬ ‫�سلوكات املقوم ويت�صل بقدرة هذا الأخري على التفاو�ض‪.‬‬ ‫ولقد اقرتحت امل�ؤلفة جملة مقرتحات عملية (�أنظر املالحق رقم ‪ 2‬و ‪ 3‬و ‪ )4‬ميكن اعتبارها‬ ‫خطة عملية وتطبيقية للتقومي‪ .‬ر�صدت فيها الأ�سئلة املتعلقة ب�إ�شكالية التقومي والأخرى املرتبطة‬ ‫بالأهداف والثالثة املتعلقة ب�أن�شطة املمار�سة املقومة ومعايريها مع اقرتاح جماالت خا�صة للتقومي‪،‬‬ ‫كح�ساب ميزانية التكوين وتقومي التكوين املهني للن�ساء العامالت‪.‬‬

‫‪62‬‬


‫جتارب متميزة‬


‫تقومي م�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين‬ ‫بوا�سطة افتحا�ص اجلودة‬ ‫عائ�شة �أنو�س‬ ‫مفت�شة تربوية مكلفة بالتن�سيق املركزي‬ ‫وزارة الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي‬ ‫ت�شكل مقارنة منظومة الرتبية والتكوين‬ ‫يف بالدنا مبنظومات تربوية تنتمي لبلدان �أخرى‪،‬‬ ‫ونتائج التقارير الدولية والوطنية حول �أداء هذه‬ ‫املنظومة‪ ،‬دافعا للتحقق من م�ستوى اجلودة‬ ‫مب�ؤ�س�ساتنا الرتبوية‪ .‬ويعد االفتحا�ص و�سيلة‬ ‫�أ�سا�سية لت�شخي�ص واقع هذه امل�ؤ�س�سات‪ ،‬لأنه‬ ‫الأداة الفعالة للتحقق من جودة منتج �أو نظام‬ ‫�أو ن�سق �أو م�ؤ�س�سة ما‪ .‬فالهدف من االفتحا�ص‪،‬‬ ‫هو التحقق من جناعة الإجراءات املعتمدة يف‬ ‫حتقيق الأهداف امل�سطرة‪ ،‬و معرفة مدى دراية‬ ‫العاملني �أو امل�سئولني بامل�ؤ�س�سة‪ ،‬مبعايري اجلودة‬ ‫وتطبيقهم لها‪ .‬كما ميكن �أن يكون االفتحا�ص‬ ‫�أي�ضا �أداة لت�شخي�ص مدى فعالية امل�ساطر �أو‬ ‫الإجراءات املعتمدة‪ ،‬وحتديد النتائج (�أو املخاطر‬ ‫‪ )les risques‬التي قد تنجم عن عدم مواءمتها‬ ‫للأهداف (�أو ملعايري اجلودة)‪ .‬وتكمن �أهمية‬ ‫االفتحا�ص ب�صفة خا�صة‪ ،‬يف متكني امل�ؤ�س�سة‬ ‫من اكت�شاف نقط �ضعفها‪ ،‬ومواطن قوتها التي‬ ‫ميكن تطويرها و دعمها لتح�سني اجلودة ‪.‬‬ ‫يف هذا الإطار متت عملية افتحا�ص‬ ‫عدد من م�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين يف املو�سم‬ ‫الدرا�سي املن�رصم‪� ،‬أ�رشفت عليها «الوحدة املركزية‬ ‫لالرتقاء بجودة الرتبية والتكوين»‪ ،‬بوزارة الرتبية‬ ‫الوطنية‪ ،‬وتعد هذه التجربة جديدة يف املنظومة‬ ‫الرتبوية‪ ،‬من حيث املقاربة والأهداف‪.‬‬

‫خمطط ا�سرتاتيجي للجودة‪:‬‬ ‫تندرج عملية االفتحا�ص هذه‪� ،‬ضمن‬ ‫املخطط اال�سرتاتيجي للوحدة املركزية لالرتقاء‬ ‫بجودة الرتبية والتكوين‪ ،‬والذي انطلق ببناء‬ ‫«مرجعية وطنية للجودة» عملت الوحدة من‬ ‫خاللها‪ ،‬على تقدمي منظورها اخلا�ص للجودة‬ ‫ومعايريها‪ ،‬حيث اعتمدت «مفهوم اجلودة‬ ‫ال�شاملة» باعتبارها «طريقة يف تدبري امل�ؤ�س�سة‪،‬‬ ‫حمورها اجلودة و�أ�سا�سها م�شاركة جميع‬ ‫الأطراف‪ ،‬وهدفها النجاح على املدى البعيد من‬ ‫خالل �إر�ضاء جميع الأطراف املعنية وحتقيق‬ ‫املنفعة جلميع �أع�ضاء امل�ؤ�س�سة واملجتمع»(‪.)1‬‬ ‫ويحيل هذا التعريف �إىل معيارين‪ ،‬معيار كمي‬ ‫يربط اجلودة بالتطبيق ال�صارم والدقيق لقواعد‬ ‫وقوانني ومقايي�س حمددة ب�شكل قبلي‪ ،‬يف‬ ‫�إطار «ت�أمني اجلودة»‪ ،‬ومعيار كيفي يتعلق‬ ‫بالبناء التدريجي‪ ،‬لثقافة اجلودة و بالتح�سني‬ ‫امل�ستمر لها‪.‬‬ ‫هذا االختيار ملفهوم «اجلودة ال�شاملة»‬ ‫�أو تدبري اجلودة‪ ،‬يعك�س املقاربة ال�شمولية التي‬ ‫تتبناها الوحدة‪ ،‬عن جودة امل�ؤ�س�سة الرتبوية‪� ،‬إذ‬ ‫ال تق�رصها على الربامج �أو طرق التدري�س‪ ،‬و�إمنا‬ ‫تربطها مبجموع �أن�شطة و عمليات و�صريورات‬ ‫التدبري والت�سيري‪ ،‬دون �إغفال البعد الإن�ساين‬ ‫والعالئقي يف �إر�ساء اجلودة وحت�سينها‪ ،‬ويتجلى‬

‫‪ -1‬املرجعية الوطنية للجودة مطبعة وزارة الرتبية الوطنية �ص ‪ 2‬غ�شت ‪.2009‬‬

‫‪64‬‬


‫ذلك من خالل معايري اجلودة وم�ؤ�رشاتها‪،‬‬ ‫املت�ضمنة يف املرجعية املقرتحة‪ ،‬والتي تتوزع على‬ ‫العمليات الأ�سا�سية يف ت�سيري م�ؤ�س�سة الرتبية‬ ‫والتكوين وهي ‪:‬‬ ‫• امتالك ر�ؤيا �أو ت�صورعن احلاجات الآنية‬ ‫وامل�ستقبلية‪ ،‬والتخطيط اال�سرتاتيجي لتلبية‬ ‫هذه احلاجات؛‬ ‫• تعريف موا�صفات املوارد الب�رشية واملادية‬ ‫وتدبريها؛‬ ‫• جتـديـد املمــار�سـات وتنميـط الإجـراءات‬ ‫وال�صريورات الفعالة؛‬ ‫• تقييم النتائج والتخطيط للم�ستقبل ‪.‬‬ ‫وحتيل هذه املعايري �إىل طريقة يف تدبري‬ ‫اجلودة‪ ،‬تعرف ب ‪Plan-Do-check-PDCA‬‬ ‫)‪� (Act/Adjust‬أو ما يعرف بعجلة دميينغ(‪،)2‬‬ ‫التي ت�شخ�ص املراحل الأ�سا�سية لتح�سني اجلودة‪،‬‬ ‫وتبد�أ مبرحلة التخطيط والإعداد‪ ،‬تليها مرحلة‬ ‫التنفيذ والعمل ثم التحقق واملراقبة‪ ،‬و�أخريا‬ ‫التعديل والتح�سني بو�ضع خمطط جديد‪،‬‬ ‫وهكذا تدور العجلة‪.‬‬

‫افتحا�ص جودة امل�ؤ�س�سة الرتبوية‪:‬‬ ‫قبل انطالق عملية افتحا�ص امل�ؤ�س�سات‬ ‫الرتبوية‪ ،‬قامت الوحدة املركزية لالرتقاء بجودة‬ ‫الرتبية والتكوين‪ ،‬بتنظيم دورة تكوينية يف‬ ‫افتحا�ص اجلودة ‪ ،Audit-qualité‬ب�رشاكة‬ ‫مع �شعبة «تدبري جودة الرتبية والتكوين» التابعة‬ ‫لليون�سكو‪ ،‬يف الفرتة املمتدة مابني ‪ 6‬و ‪� 9‬أبريل‬ ‫‪ ،2010‬مت فتحها �أمام كل الراغبني‪ ،‬من مفت�شني‬ ‫و�أطر �إدارية‪� ،..‬أطرها خرباء يف االفتحا�ص‪،‬‬ ‫حر�صوا على تقدمي املعرفة النظرية والعملية‪ ،‬عن‬ ‫االفتحا�ص وتقنياته عموما وافتحا�ص جودة‬ ‫املنظومة الرتبوية خ�صو�صا‪.‬‬

‫وتوجت هذه الدورة التكوينية‪ ،‬باختبار‬ ‫نظري وعملي �أدى �إىل اختيار ‪ 20‬مفتح�صا‬ ‫�شكلوا «فرق االفتحا�ص»‪ ،‬التي قامت خالل‬ ‫�شهر ماي ‪ ،2010‬بافتحا�ص ما يقرب من‬ ‫�أربعني م�ؤ�س�سة للتعليم الثانوي �ألت�أهيلي تتوزع‬ ‫بني الو�سط احل�رضي والقروي وتنتمي لأربع‬ ‫�أكادمييات وهي ‪� :‬أكادميية مكنا�س‪-‬تافياللت‪،‬‬ ‫و�أكادميية الغرب �رشاردة بني ح�سن‪ ،‬و�أكادميية‬ ‫ال�شاوية ورديغة‪ ،‬و�أكادميية �سو�س ما�سة درعة‪.‬‬ ‫وتعترب هذه العملية‪ ،‬جتربة جديدة وخمتلفة‪،‬‬ ‫عن عمليات افتحا�ص �أخرى خ�ضعت لها‬ ‫م�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين‪� ،‬إذ مل ت�ستهدف‬ ‫�إ�صدار تقارير عن و�صف �أو مراقبة حالة �أو‬ ‫و�ضعية امل�ؤ�س�سات ــ مو�ضوع االفتحا�ص ــ‬ ‫و�إمنا وجهتها الأهداف الآتية‪:‬‬ ‫ • جتريب «م�رشوع املرجعية الوطنية جلودة‬ ‫الرتبية والتكوين»‪ ،‬من خالل ا�ستمارات‬ ‫افتحا�ص اجلودة‪ ،‬روعي يف بنائها‪ ،‬انطالقا من‬ ‫هذه املرجعية‪ ،‬خ�صو�صية امل�ؤ�س�سة مو�ضوع‬ ‫االفتحا�ص (�أكادميية �أو نيابة �أو م�ؤ�س�سة‬ ‫تعليمية) ؛‬ ‫• ت�شخي�ص واقع امل�ؤ�س�سة و تقييم �أدائها‪،‬‬ ‫من خالل فح�ص دقيق جلميع العمليات‬ ‫والإجراءات التي تعتمدها لتحقيق �أهدافها‬ ‫(�أو الأهداف املحددة من طرف الوزارة )؛‬ ‫• ن�رش و�إ�شاعة ثقافة اجلودة بتح�سي�س امل�ؤ�س�سة‬ ‫املفتح�صة‪ ،‬ب�أهمية املقاربة ال�شمولية يف تدبري‬ ‫اجلودة وبالفرق بني م�ستوى اجلودة املتحقق‬ ‫واجلودة املنتظرة (معايري اجلودة)‪.‬‬

‫منهجية االفتحا�ص ‪:‬‬ ‫متيزت جتربة االفتحا�ص‪ ،‬التي خ�ضعت لها‬ ‫م�ؤ�س�سات للرتبية والتكوين‪ ،‬بالتزامها مبجموعة‬

‫‪ -2‬يكمن �رس اجلودة بالن�سبة الدوارد دومينغ ‪ (1993 - 1900) Edouard Demming‬يف التح�سني امل�ستمر للجودة ويف‬ ‫املقاربة الن�سقية وال�شمولية للتدبري‪ .‬و�صورة العجلة هي ت�شخي�ص لهذه الن�سقية بحيث �أن كل مرحلة من املراحل الأربع‬ ‫ت�ستدعي الأخرى ‪.‬‬

‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪65‬‬


‫من القواعد لتي تفر�ضها �أخالقيات االفتحا�ص‬ ‫وتقنياته‪ ،‬ومنها تعبري امل�ؤ�س�سة‪ ،‬عن رغبتها يف‬ ‫امل�شاركة يف التجربة ومعرفتها امل�سبقة ب�أهداف‬ ‫االفتحا�ص وتاريخه‪ ،‬ومبعايري اجلودة والتعاقد‬ ‫بني فريق االفتحا�ص واملفتح�صني‪ ،‬على ال�شفافية‬ ‫(يف تقدمي الأجوبة ووثائق الإثبات من طرف‬ ‫امل�ؤ�س�سة) وال�رسية (من طرف فريق االفتحا�ص)‪،‬‬ ‫واحرتام املدة الزمنية املخ�ص�صة لالفتحا�ص‪ ،‬وهي‬ ‫يوم واحد ينطلق بجل�سة االفتتاح ويختتم بجل�سة‬ ‫ختامية مع م�سئويل التدبري بامل�ؤ�س�سة‪ ،‬مو�ضوع‬ ‫االفتحا�ص‪� .‬أما املنهجية التي مت اعتمادها يف هذه‬ ‫العملية فيمكن تلخي�صها يف اخلطوات الآتية‪:‬‬ ‫• جمع املعطيات ‪ :‬مبالحظة ومعاينة مرافق‬ ‫امل�ؤ�س�سات و�أن�شطتها ؛ ومقابلة م�سئويل‬ ‫التدبري بامل�ؤ�س�سة‪ ،‬من مديرين و ر�ؤ�ساء‬ ‫�أق�سام وم�صالح؛ وفح�ص الوثائق التي‬ ‫تثبت فيها جميع العمليات والإجراءات �أو‬ ‫ت�ؤكدها ( وثائق الإثبات)؛‬ ‫• حتليل املعطيات‪ :‬انطالقا من مقارنة‬ ‫املعطيات واملعلومات والوثائق املح�صل‬ ‫عليها‪ ,‬مع معايري املرجعية وم�ؤ�رشاتها؛‬ ‫• ت�شخي�ص حالة امل�ؤ�س�سة‪ :‬من خالل‬ ‫ت�سجيل الفوارق بني العمليات وال�صريورات‬ ‫املعتمدة‪ ،‬ومعايري املرجعية‪ ،‬و حتديد �أ�سباب‬ ‫تعرث �أو جناح امل�ؤ�س�سة‪ ،‬بالك�شف عن نقط‬ ‫ال�ضعف لديها ونقط التح�سني‬ ‫(�أي العمليات وال�صريورات التي ميكن‬ ‫تطويرها وحت�سينها) ؛‬ ‫• تقدمي االقرتاحات ‪ :‬بتوجيه م�س�ؤويل‬ ‫التدبري انطالقا من نتائج الت�شخي�ص‪ ،‬نحو‬ ‫اجلوانب التي ميكن ا�ستثمارها يف حت�سني‬ ‫جودة امل�ؤ�س�سة ؛‬ ‫• �صياغة تركيبة ‪ :‬من خالل تقرير كتابي‪،‬‬ ‫يقدم وب�شكل تف�صيلي نتائج الت�شخي�ص‬ ‫وي�شتمل على االقرتاحات والتوجيهات التي‬

‫‪66‬‬

‫ميكن �أن ت�ساعد امل�ؤ�س�سة على حت�سني‬ ‫تدبريها للجودة‪.‬‬ ‫�إن ما ميكن ا�ستخال�صه من هذه التجربة‪،‬‬ ‫هو �أن «االفتحا�ص» �شكل �أ�سا�سي من �أ�شكال‬ ‫تقومي امل�ؤ�س�سة الرتبوية‪ ،‬لكنه �شكل خا�ص من‬ ‫التقومي لأنه‪:‬‬ ‫• ينطلق من «مرجعية» حتدد �سلفا معايري‬ ‫وم�ؤ�رشات اجلودة املطلوبة ؛‬ ‫• ين�صب على ال�صريورات والإجراءات وال‬ ‫يتعلق بالأ�شخا�ص ؛‬ ‫• يعتمد معايري وم�ؤ�رشات‪ ،‬قابلة لقيا�س كيفي‬ ‫�أكرث منه قيا�سا كميا‪ ،‬من خالل املقارنة‬ ‫والت�شخي�ص والتحليل؛‬ ‫• يهدف �إىل م�ساعدة امل�ؤ�س�سة‪ ،‬على «فهم»‬ ‫م�صادر التعرث و «التعرف» على املعيقات التي‬ ‫حتول دون حتقيقها للجودة املطلوبة و�إدراك‬ ‫مواطن قوتها ؛‬ ‫ • يوجه م�سئويل التدبري‪ ،‬يف امل�ؤ�س�سة‪ ،‬نحو اتخاذ‬ ‫القرارات‪ ،‬التي يرونها منا�سبة‪ ،‬لتجاوز التعرثات‬ ‫واملعيقات وتطوير نقط القوة‪ ،‬ب�أنف�سهم‪.‬‬

‫خال�صة‬ ‫�إن افتحا�ص اجلودة‪ ،‬الذي قامت به الوحدة‬ ‫املركزية لالرتقاء بجودة الرتبية والتكوين‪ ،‬هو تقومي‬ ‫تكويني ــ �إن �صح التعبري ــ يرمي من خالل عمل‬ ‫تفاعلي وت�شاركي‪ ،‬بني فريق االفتحا�ص وفريق‬ ‫التدبري بامل�ؤ�س�سة‪� ،‬إىل توجيه امل�ؤ�س�سة الرتبوية‬ ‫نحو اتخاذ القرارات واحللول املالئمة‪ ،‬حلاجاتها‬ ‫الآنية وامل�ستقبلية‪ ،‬وملحيطها ولإمكاناتها الب�رشية‬ ‫واملادية‪ .‬وهذه خطوة �أ�سا�سية يف �إر�ساء نظام‬ ‫للجودة لن تكتمل �إال مب�صاحبة امل�ؤ�س�سة وتتبعها‬ ‫حتى تتمكن من اكت�ساب اال�ستقاللية‪ ،‬يف الت�سيري‬ ‫والتدبري وفق معايري اجلودة املطلوبة‪ ،‬وهو ما‬ ‫�أخذته الوحدة املركزية لالرتقاء باجلودة‪ ،‬يف برنامج‬ ‫عملها للمو�سم احلايل‪.‬‬


‫مفاهيم مفتاحية‬ ‫�إعداد ‪ :‬هيئة التحرير‬

‫ •‬ ‫ • ‬ ‫ • ‬ ‫ • ‬ ‫ • ‬ ‫ • ‬

‫التقومي الت�شخي�صي‬ ‫التقومي التكويني‬ ‫التقومي الإجمايل‬ ‫الدو�سيمولوجيا‬ ‫االفتحا�ص البيداغوجي‬ ‫القيا�س‬

‫يت�ضمن هذا الركن تعريفات مقت�ضبة لبع�ض املفاهيم‬ ‫ذات ال�صلة مبواد العدد‪ .‬وهي تعريفات �إجرائية ال تدعي‬ ‫الإحاطة مبختلف �أبعاد املفاهيم املدرجة يف هذا الباب‪،‬‬ ‫وال تغني عن �رضورة البحث يف الدالالت والأبعاد‬ ‫املختلفة لها‪.‬‬


‫التقويـــم ‬ ‫التقومي الرتبوي عملية منظمة تهدف �إىل حتديد مدى حتقيق الأهداف املحددة للعملية‬ ‫التعليمية ــ التعلمية‪ .‬ويفيد التقومي‪ ،‬لغة‪ ،‬معاين احلكم والقيمة والتقدير والت�صويب‪.‬‬ ‫يفرت�ض �إجناز التقومي جمع املعلومات الكمية والكيفية حول ال�شيء بوا�سطة �أداة للقيا�س �أو‬ ‫غريها بغاية �إ�صدار حكم قيمة عليه‪ ،‬واتخاذ قرار ب�ش�أنه‪ .‬والتقومي بهذا املعنى �أ�شمل من‬ ‫القيا�س لأن هذا الأخري ال يتعدى الو�صف الكمي لل�شيء‪.‬‬ ‫وميكن للتقومي �أن يكون داخليا �إذا �أجنزه ال�شخ�ص �أو الأ�شخا�ص املكلفون ب�إجناز العملية‬ ‫التعليمية‪ ،‬وخارجيا �إذا �أ�سندت تلك املهمة لغريهم‪.‬‬ ‫وميكن �أن ين�صب التقومي على نتائج العملية التعليمية ــ التعلمية؛ وي�سمى يف هذه احلالة‬ ‫تقومي املنتوج‪ .‬كما ميكن �أن ين�صب على تلك العملية نف�سها �إذا كان الغر�ض منه هو معرفة‬ ‫مدى مالءمة الإ�سرتاتيجيا املعتمدة للأهداف الرتبوية املتوخاة‪� ،‬أو مدى �صالحية الأدوات‬ ‫الديداكتيكية والبيداغوجية امل�ستعملة �إلخ‪� ،..‬أو على ال�رشوط املحيطة بالفعل الرتبوي‬ ‫والتعليمي‪ .‬ويكون مو�ضوعه‪ ،‬يف هذه احلالة الأخرية‪ ،‬هو امل�ؤ�س�سة‪� ،‬أو احلكامة الرتبوية‪� ،‬أو‬ ‫الن�سق الرتبوي ب�شكل عام‪� ،‬أو بع�ض �أو كل تلك الأبعاد‪.‬‬ ‫وملا كانت العملية التعلمية ت�شمل ثالث مراحل رئي�سية‪ ،‬هي حتديد الأهداف الرتبوية والتعليمية‪،‬‬ ‫واختيار الإ�سرتاتيجيا والطرق املالئمة لتحقيق تلك الأهداف‪ ،‬ثم حتديد احل�صيلة النهائية ملا‬ ‫يرتتب عنها من تعلمات‪ ،‬ف�إن عملية التقومي تتخذ ثالثة �أ�شكال خمتلفة تبعا للوقت الذي تتم‬ ‫فيه والأهداف املتوخاة منها‪ .‬وعلى هذا الأ�سا�س‪ ،‬منيز عادة بني ثالثة �أنواع من التقومي هي‪:‬‬ ‫التقومي القبلي �أو الت�شخي�صي‪ ،‬والتقومي التكويني‪ ،‬والتقومي الإجمايل �أو الإ�شهادي‪.‬‬

‫التقومي الت�شخي�صي ‬ ‫يتم التقومي الت�شخي�صي‪ ،‬عادة‪ ،‬قبل بداية العملية التعلمية �أو التكوينية‪ .‬لذلك ي�سمى‪� ،‬أي�ضا‪،‬‬ ‫التقومي القبلي �أو تقومي االنطالقة‪ .‬وي�سعى هذا النوع من التقومي �إىل التعرف على م�ستوى‬ ‫التالميذ وحاجاتهم يف مادة معينة ويف م�ستوى درا�سي معني لأخذه بعني االعتبار يف‬ ‫التخطيط للدرو�س والتعلمات املقبلة‪ .‬لذلك‪ ،‬يركز على مدى متكن التالميذ من املعارف‬ ‫والكفايات ال�رضورية للإقبال على التعلمات واملقررات اجلديدة ب�أكرب قدر ممكن من حظوظ‬ ‫النجاح‪ .‬وميكن للتقومي الت�شخي�صي �أن ين�صب‪ ،‬كذلك‪ ،‬على دوافع التالميذ واهتماماتهم‬ ‫ون�ضجهم املعريف والعاطفي؛ وعلى كل ما ميكن �أن يفيد يف التخطيط للعملية التعليمية‪.‬‬ ‫والوظيفة الرئي�سة للتقومي الت�شخي�صي هي م�ساعدة املدر�س على تكييف الأهداف التعليمية‬ ‫واملحتويات الدرا�سية مع م�ستوى التالميذ ومكت�سباتهم املعرفية‪ ،‬واختيار اال�سرتاتيجيات‬ ‫‪68‬‬


‫والطرق التعليمية املالئمة لتحقيق تلك الأهداف‪ .‬وميكن للمدر�س �أن يلج�أ كذلك �إىل هذا‬ ‫النوع من التقومي لتكوين جمموعات امل�ستوى‪ ،‬وتطبيق البيداغوجيا الفارقية‪� ،‬إذا كانت‬ ‫ال�رشوط املحيطة بالعملية التعليمة ت�سمح بذلك‪.‬‬ ‫ويتخذ التقومي الت�شخي�صي طابعا و�صفيا �إذا كان هدفه يقت�رص على معرفة مكت�سبات‬ ‫التالميذ وكفاياتهم‪ ،‬وطابعا �إتيولوجيا �إذا كان ي�سعى �إىل معرفة �أ�سباب ما ميكن �أن يعرتي‬ ‫تلك املعارف والكفايات من نق�ص‪ ،‬والعمل على جتاوزه‪.‬‬

‫التقومي التكويني ‬ ‫التقومي التكويني جزء ال يتجز�أ من العملية الرتبوية العادية‪ .‬فهو يرتكز على فر�ضية �أ�سا�سية‬ ‫مفادها �أن ال�صعوبات التعليمية التي قد يعاين منها بع�ض التالميذ‪� ،‬أو جلهم‪ ،‬ال تدل‬ ‫بال�رضورة على نق�ص يف قدراتهم �أو ا�ستعداداتهم الفكرية بقدر ما ميكن �أن تكون ناجتة عن‬ ‫خلل يف املنهاج الرتبوي �أو الطريقة الرتبوية‪� ،‬أو غري ذلك مما يرتبط بظروف التعلم و�رشوطه‪.‬‬ ‫ولهذا ي�سعى التقومي التكويني �إىل تزويد املدر�س باملعلومات الكفيلة مب�ساعدته على �إعادة‬ ‫النظر يف ا�سرتاتيجيته التعليمية‪ ،‬وتكييف �أهدافه وطرق تدري�سه مع متطلبات التالميذ‬ ‫وحاجاتهم وم�ستواهم‪ ،‬و�أخذ الفوارق الفردية والثقافية املوجودة بينهم بعني االعتبار‪.‬‬ ‫وي�سمى تقوميا تكوينيا لأن الغاية الأ�سا�سية التي ي�سعى �إىل حتقيقها هي حت�سني العملية‬ ‫التعليمية والتكوينية والرفع من مردوديتها‪.‬‬ ‫يتم التقومي التكويني �أثناء العملية التعليمية ــ التعلمية‪ .‬وميكن �أن يتم مبا�رشة بعد االنتهاء‬ ‫من در�س �أو من وحدة تعليمية معينة‪ .‬ويهدف �إىل �ضبط تعلمات التالميذ �أو الطالب‬ ‫وتنظيمها بغية‪:‬‬ ‫• م�ساعدة املدر�س على معرفة مدى حتقيقه للأهداف الرتبوية املحددة لدر�س �أو وحدة‬ ‫تربوية معينة؛‬ ‫• م�ساعدته على معرفة التالميذ الذين يعانون من �صعوبات يف التعلم‪ ،‬وت�شخي�ص تلك‬ ‫ال�صعوبات مل�ساعدتهم على تخطيها والتقدم يف التعلم؛‬ ‫• م�ساعدته على معرفة مواطن اخللل يف العملية التعليمية والتعلمية والتدخل لعالجها‪.‬‬ ‫وي�ساعد التقومي التكويني‪ ،‬كذلك‪ ،‬املتعلم على اكت�شاف مواطن �ضعفه ويحفزه على العمل‬ ‫من �أجل جتاوزها؛ كما ي�ساعد امل�س�ؤولني و�آباء التالميذ و�أولياءهم على تتبع امل�سار التعليمي‬ ‫لأبنائهم ومعرفة مدى تقدمهم يف تعلماتهم‪ ،‬وما ميكن �أن يعرت�ضهم يف ذلك من �صعوبات‪،‬‬ ‫واتخاذ الإجراءات املالئمة لعالجها‪ .‬وميكن �أن تكون تلك الإجراءات من طبيعة ديداكتيكية‬ ‫�أو بيداغوجية �أو اجتماعية �أو نف�سية‪.‬‬ ‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪69‬‬


‫ومبا �أن التقومي التكويني يقوم بدوره بوظيفة ت�شخي�صية‪ ،‬ف�إن بع�ض الباحثني يخلطون بينه‬ ‫وبني التقومي الت�شخي�صي‪.‬‬

‫التقومي الإجمايل ‬ ‫يجمع التقومي الإجمايل بني الوظائف الإ�شهادية واالنتقائية والتوجيهية‪ .‬ويتم يف نهاية‬ ‫�سلك �أو مرحلة درا�سية معينة‪ .‬ويهدف �إىل قيا�س ح�صيلة املعارف والكفايات التي اكت�سبها‬ ‫املتعلمون خالل تلك املرحلة بغاية التقرير يف م�صريهم التعليمي �أو املهني‪ .‬ويتم ذلك من‬ ‫خالل الت�أكد من مدى توفرهم على املعارف واملهارات ال�رضورية لالنتقال من م�ستوى تعليمي‬ ‫�إىل �آخر‪� ،‬أو ملتابعة الدرا�سة يف �أ�سالك �أو تخ�ص�صات معينة‪� ،‬أو ملزاولة مهنة �أو ن�شاط معني‪.‬‬ ‫وقد يتوج هذا التقومي‪ ،‬يف بع�ض مراحل التعليم‪ ،‬ب�شهادة تخول ل�صاحبها حقوقا و�إمكانات‬ ‫مهنية �أو تكوينية معينة‪ .‬لذلك ي�سمى‪� ،‬أي�ضا‪ ،‬التقومي الإ�شهادي‪.‬‬

‫الدو�سيمولوجيا ‬ ‫�إن الدو�سيمولوجيا هي الدرا�سة املنظمة لالمتحانات‪� ،‬أي درا�سة طرق التنقيط ونزاهة امل�صححني‬ ‫والدرجات املمنوحة لإجنازات املتعلمني‪ .‬والكلمة م�شتقة من اللفظة اليونانية ‪ dokimé‬وتعني‪:‬‬ ‫االختبار‪ .‬وقد �صيغت يف ع�رشينيات القرن املا�ضي من طرف «هرني بيريون»‪ ،‬الذي كان من‬ ‫�أوائل الباحثني يف م�سائل ت�صحيح االختبارات وحتديد �أدوات القيا�س التي ت�سمح بتكميم‬ ‫�إجنازات التالميذ‪ ،‬من منطلق �أن لكل �إنتاج تربوي قيمة معينة‪ ،‬ميكن حتديدها ب�شكل‬ ‫تقريبي‪ .‬وقد انتقد بيريون طرق االمتحان التقليدية وعقم نتائجها‪ ،‬مالحظا يف هذا الإطار‬ ‫ب�أن االهتمام باالمتحانات طيلة مدة التمدر�س‪ ،‬حولها �إىل غاية يف ذاتها‪ ،‬ت�ستقطب اهتمام‬ ‫الفاعلني الرتبويني والتالميذ و�آبائهم‪ .‬لكن‪ ،‬تخللت هذا االهتمام م�شاكل وثغرات‪ ،‬م�ست‬ ‫يف جمملها م�صداقية االمتحان ومبد�أ تكاف�ؤ الفر�ص‪ .‬وقد تبني �أن الثقة املطلقة املمنوحة‬ ‫للم�صححني وجلان الت�صحيح‪ ،‬مل تكن دائما مفيدة‪ .‬وهنا طرحت م�س�ألة م�صداقية التنقيط‪،‬‬ ‫حيث �أثبتت الدرا�سات والأبحاث �أن نتائج ت�صحيح االختبارات غري قارة‪� ،‬إذ تختلف من‬ ‫م�صحح لآخر‪ ،‬بالن�سبة لنف�س املادة و�إزاء نف�س الإجابة‪ ،‬بل هي تختلف لدى امل�صحح ذاته‬ ‫يف حالة قيامه بت�صحيح الورقة يف زمنني خمتلفني وحالتني نف�سيتني متباينتني‪ .‬وهو ما‬ ‫يدعوه «دوالند�شري» بالت�أثريات ال�سيكولوجية على عملية التقومي والتي تتطلب درا�سة مواقف‬ ‫و�سلوكات وردود �أفعال امل�صححني واملمتحنني على حد �سواء (ال�رصامة �أو الت�ساهل يف‬ ‫التنقيط‪ ،‬اخلوف من االمتحانات‪ ،‬التخوف من ردود �أفعال التالميذ الخ ‪ .)..‬ويف هذا الإطار‪،‬‬ ‫خل�ص الدو�سيمولوجيون عملية تقومي االختبارات يف ثالثة مفاهيم �أ�سا�سية وهي‪ :‬الأمانة‬ ‫وال�صالحية واحل�سا�سية‪ .‬هكذا‪ ،‬ف�إن املدر�س املقوم يواجه دوما بالأ�سئلة التالية‪:‬‬ ‫‪70‬‬


‫• هل �ستظل النقطة التي منحتها هي نف�سها‪ ،‬لو �أنني �صححت ورقة االمتحان مرة �أخرى‪،‬‬ ‫بعد �شهر مثال ؟ وهل �ستكون هي نف�س النقطة التي قد مينحها زميلي من نف�س املادة‪،‬‬ ‫لهذه الورقة ؟‬ ‫• هل يت�سم �سلم الت�صحيح املتبع بامل�صداقية ؟‬ ‫• �أال ت�ؤثر العوامل الذاتية يف تقدير �أجوبة املمتحنني وبالتايل يف مو�ضوعية الت�صحيح ؟‬ ‫لتفادي هذه ال�صعوبات‪ ،‬ا�شرتطت الدرا�سات الدو�سيمولوجية �سالمل م�ضبوطة للتقومي‪ ،‬عرب‬ ‫�إخ�ضاع عمليات الت�صحيح ل�شبكات منظمة للقيا�س والتنقيط‪.‬‬

‫االفتحا�ص البيداغوجي ‬ ‫االفتحا�ص ‪ L’audit‬يف مفهومه العام ن�شاط منهجي م�ستقل للمراقبة واال�ست�شارة قوامه‬ ‫احل�صول على معطيات وبيانات ومعلومات مو�ضوعية حول منظومة ما من �أجل حتديد‬ ‫ما �إذا كانت العنا�رص املكونة لهذه املنظومة متوافقة مع متطلبات املرجعية املعتمدة يف‬ ‫هذا املجال‪ .‬كما �أنه عملية �إ�صدار حكم على كيفية تنظيم كيان ما �أو على �إجراءات معينة‬ ‫�أو عملية حمددة‪� .‬إنه‪ ،‬بالدرجة الأوىل‪� ،‬أداة متكن من التطوير والتح�سني امل�ستمرين لهذه‬ ‫املنظومة بالنظر لكونه ي�سمح بجرد ما هو موجود وقائم (احلالة الراهنة) بغية الوقوف‬ ‫على مكامن ال�ضعف �أو مظاهر عدم التوافق بالرجوع‪ ،‬طبعا‪� ،‬إىل املرجعية املعتمدة يف‬ ‫االفتحا�ص‪ ،‬وكذا الك�شف عن مظاهر اخللل وت�شخي�ص املخاطر‪ .‬والهدف من كل ذلك هو‬ ‫اقرتاح الإجراءات املنا�سبة التي متكن من ت�صحيح الفوارق امللحوظة وجتاوز مظاهر عدم‬ ‫التوافق القائمة‪.‬‬ ‫بناء على ذلك‪ ،‬ميكن تعريف االفتحا�ص البيداغوجي ‪ l’audit pédagogique‬على‬ ‫�أنه العملية املنهجية واملنظمة التي تنطلق من �إطار مرجعي حمدد‪ ،‬والتي تهدف �إىل جمع‬ ‫املعطيات ال�رضورية واملنا�سبة حول التنظيم البيداغوجي‪ ،‬بحيث متكن من ت�شخي�ص نقاط‬ ‫ال�ضعف وعدم التوافق‪ ،‬والتحديد الدقيق ملظاهر اخللل التي تعرتيه‪ ،‬من �أجل التو�صل �إىل‬ ‫اقرتاح الآليات املنا�سبة لتجاوزها وحتديد �سبل حت�سني اخلدمات البيداغوجية واالرتقاء‬ ‫بفاعلية التنظيم يف اجتاه حتقيق اجلودة‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬من بني �أهم ما ينبغي �أن يتميز به نظام االفتحا�ص البيداغوجي ما يلي‪:‬‬ ‫• �أن تتوافق العنا�رص التي يعتمدها مع متطلبات املنظومة املطلوب افتحا�صها؛‬ ‫• �أن يكون قادرا على حتقيق الأهداف املحددة؛‬ ‫• �أن يكون مبقدوره امل�ساهمة يف حت�سني املنظومة والرفع من فاعليتها‪.‬‬ ‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪71‬‬


‫وعلى غرار ما هو موجود يف املجاالت الأخرى التي ي�شملها االفتحا�ص‪ ،‬ميكن التمييز يف‬ ‫االفتحا�ص البيداغوجي بني الأمناط الثالثة التالية‪:‬‬ ‫• افتحـا�ص التـوافق ‪ ،l’audit de conformité‬الـذي يـركــز على البـعـد الـقانوين‬ ‫والت�رشيعي؛‬ ‫• افتحا�ص الفاعلية والنجاعة ‪ ،l’audit d’efficacité‬ويركز على املظاهر املتعلقة‬ ‫بالتكوين والتوا�صل والتدبري التوقعي للموارد الب�رشية؛‬ ‫• االفتحا�ص الإ�سرتاتيجي الذي ي�شكل مظهرا من املظاهر التي ترتجم الإ�سرتاتيجية‬ ‫البيداغوجية املعتمدة يف �صيغة خطط وبرامج‪.‬‬ ‫وغالبا ما يتخذ االفتحا�ص البيداغوجي �صيغة تقومي‪� ،‬أي �شكل مراقبة ت�ستند �إىل التعليمات‬ ‫ال�صادرة عن مراكز القرار املعنية بالأمر‪ ،‬فتكت�سي‪ ،‬نتيجة لذلك‪� ،‬شكل الدعوة �إىل االن�ضباط‬ ‫للتوجيهات‪ .‬بيد �أنه قد يهدف �أي�ضا �إىل توفري الو�سائل املنا�سبة التي من �ش�أنها امل�ساعدة‬ ‫على التدبري والقيادة‪.‬‬ ‫وميكن �أن يقوم االفتحا�ص يف املجال البيداغوجي على �أ�سا�س ت�شاركي‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫�إ�رشاك الفاعلني املعنيني بالأمر يف خمتلف املراحل‪ .‬ويفرت�ض هذا الأمر ما يلي‪:‬‬ ‫ • �أن يتم االفتحا�ص بطلب من امل�س�ؤول ذاته عن التنظيم �أو املنظومة البيداغوجية؛‬ ‫ • �أن يتم الطلب من خالل عملية تفاو�ض؛‬ ‫• �أن يتوافر امل�س�ؤولون عن املنظومة البيداغوجية على قدر وافر من حرية الت�رصف �إزاء‬ ‫التو�صيات املتو�صل �إليها يف نهاية عملية االفتحا�ص؛‬ ‫• �أن يتوافق املعنيون بالأمر على املحافظة على �رسية نتائج الإفتحا�ص‪.‬‬

‫القيا�س ‬ ‫القيا�س لغة من قا�س مبعنى قد ّر ال�شيء بغريه؛ ويف معناه العام عملية حتديد خ�صائ�ص �أو‬ ‫�أبعاد �شيء �أو مو�ضوع ما‪ ،‬ماديا كان �أم غري مادي‪ ،‬وذلك با�ستعمال �أداة موحدة ومعيارية‬ ‫ق�صد احل�صول على معلومات حول هذا املو�ضوع‪� .‬أما معناه العلمي‪ ،‬فيدل على «التحقق‬ ‫بالتجربة �أو االختبار من الدرجة �أو الكمية بو�ساطة �أداة قيا�س معيارية؛ فالقيا�س عملية‬ ‫ن�صف بها الأ�شياء و�صفا كميا»‪.‬‬ ‫والقيا�س يف معناه الرتبوي العادي يعني العالمة �أو الرمز الذي يح�صل عليه املتعلم نتيجة‬ ‫�إجابته عن الأ�سئلة‪ .‬وهو العملية التي مبقت�ضاها يتم احل�صول على معطيات كمية �أو‬ ‫كيفية حمددة تتعلق بقدرات متعلم ما ــ �أو عدة متعلمني ــ الذهنية �أو اجل�سدية �أو غريها‬ ‫‪72‬‬


‫(عمليات �أو �إجنازات) تعلم‪ ،‬وذلك با�ستعمال �أداة منا�سبة لطبيعة املو�ضوع املطلوب قيا�سه‬ ‫وانطالقا من قاعدة �أو معيار وا�ضح‪.‬‬ ‫�أما يف ا�صطالح علم التقومي فهو عملية من عمليات التقومي يتم بف�ضلها تقدير �أداء املتعلم‬ ‫�أو �إجنازه ما تقديرا كميا يف �ضوء وحدة قيا�س معينة �أو ن�سبة �إىل �أ�سا�س معني ووفق‬ ‫�رشوط �أو قواعد حمددة‪ .‬ويت�ضمن هذا التعريف عنا�رص حتدد مدلول القيا�س وهي‪:‬‬ ‫• القيا�س تقدير �أداء املتعلم �أو �إجنازه تقديرا كميا يف �ضوء وحدة قيا�س‪� ،‬أي �أن القيا�س‬ ‫تعبري عن اخل�صائ�ص وال�سمات باعتماد قيمة كمية‪.‬‬ ‫• يعتمد القيا�س على عملية مقارنة �أ�شياء معينة بوحدة �أو مقدار معياري‪ ،‬بهدف معرفة‬ ‫عدد الوحدات املعيارية التي توجد فيه‪ .‬ولذلك يتم القيا�س اعتمادا على املحكات‬ ‫‪ Critères‬وامل�ستويات ‪ Niveaux‬واملعايري ‪ Normes‬لتقدير مدى كفاية الأداءات‬ ‫ودقتها وفعاليتها‪.‬‬ ‫• غر�ض القيا�س هو جمع معطيات حول املو�ضوع املقا�س باالنطالق من قاعدة حمددة �أو‬ ‫معيار معني‪.‬‬ ‫• يتميز القيا�س بثبات يف وحدات القيا�س‪.‬‬

‫الفرق بني القيا�س وبني التقومي‬ ‫التقومي‬

‫القيـا�س‬ ‫جزء من التقومي‬

‫�أ�شمل من القيا�س‬

‫يهتم بو�صف ال�سلوك‬

‫يحكم على قيمته‬

‫حمدود ببع�ض املعلومات عن مو�ضوع القيا�س عملية ت�شخي�صية وعالجية يف �آن واحد‬ ‫ي�صف ال�سلوك و�صفا كميا بناء على �أن القيا�س ي�صف ال�سلوك و�صفا كميا ونوعيا‬ ‫عدد ووحدة‬ ‫و�صف �أكرث مو�ضوعية لل�سمات �أو ال�سلوك �أو التقومي يعطي تقديرا لقيمة القيا�س‬ ‫اخل�صائ�ص‬ ‫يعتمد على الدقة الرقمية‬

‫يعتمد الت�شخي�ص والعالج‬

‫يتخذ القيا�س �أ�شكاال متعددة‪ ،‬بحيث يكون على النحو التايل ‪:‬‬ ‫• معياريا توظف معطياته لرتتيب املتعلمني �أو حمكيا ينطلق من �أهداف حمددة ليقي�س‬ ‫�أداء متعلم �أو جمموعة من املتعلمني؛‬ ‫العدد‬

‫‪4‬‬

‫• فرباير‬

‫‪2011‬‬

‫‪73‬‬


‫• �شامال ين�صب على �إجنازات املتعلم املرتبطة مبجموعة من املواد الدرا�سية �أو من �أن�شطة‬ ‫التعلم‪� ،‬أو جزئيا يهم حلظة �أو حلظات حمددة من التعلم‪.‬‬

‫ت�صنيف املقايي�س‬ ‫املقيا�س الإ�سمي‬

‫ت�صنيف الظواهر �أو مو�ضوعات القيا�س �إىل فئات �أو جمموعات رقمية‬

‫مقيا�س الرتب‬

‫ت�صنيف مو�ضوعات القيا�س ح�سب �أهميتها و�أف�ضليتها تنازلي ًا �أو‬ ‫ت�صاعدي ًا دون �أن يعك�س ذلك مدى الفروق بني كل فئة و�أخرى‬

‫مقيا�س الفرتات‬

‫ت�صنيف مو�ضوعات القيا�س �إىل فئات ح�سب �أهميتها و�أف�ضليتها‬ ‫تنازلي ًا �أو ت�صاعدي ًا ولكنه يعك�س مدى الفروق احلقيقية يف ذلك‬ ‫الت�صنيف‬

‫ميكن ت�صنيف �أنواع �أدوات القيا�س �إىل‪:‬‬ ‫• اختبارات حمكية املرجع‪ :‬وهي حتديد املعيار �أو املعايري من قبل املعلم �أو الأخ�صائي‬ ‫وتو�ضع بنا ًء على ما يتوقع من املفحو�ص‪ ،‬ويكرث ا�ستخدام هذا النوع من االختبارات‬ ‫يف ميدان الرتبية اخلا�صة؛‬ ‫• اختبارات معيارية املرجع‪ :‬وهي مقارنة �أداء الفرد ب�أداء املجموعة العمرية التي ينتمي �إليها‪،‬‬ ‫وت�ستخدم هذه االختبارات يف �أغرا�ض ت�صنيف املتعلمني وحتديد مواقعهم على منحنى‬ ‫التوزيع الطبيعي ‪.‬‬ ‫• �أدوات القيا�س امل�سحية املبدئية‪ :‬مثل اختبار مهارة القراءة والكتابة‪ ،‬واختبار «دوريل»‬ ‫ل�صعوبات القراءة‪ ،‬واختبارات «�سلنفرد» لل�صعوبات اللغوية اخلا�صة‪.‬‬ ‫• �أدوات القيا�س املقننة‪ :‬وتت�صف ب�أن لها دالالت �صدق وثبات ومعايري خا�صة بها‪ ،‬مثل‬ ‫مقيا�س «�ستانفورد بينيه»‪� ،‬أو «وك�سلر»‪� ،‬أو مقيا�س «توران�س» للتفكري الإبداعي‪� ،‬أو مقيا�س‬ ‫ال�سلوك التكيفي‪� ،‬أو مقيا�س «بريك�س» لتقدير ال�سلوك‬

‫‪74‬‬


‫بيبليـوغـرافيـا‬ ‫�إعداد ‪ :‬هيئة التحرير‬

‫يهدف هذا الركن �إىل متكني القارئ من الئحة‬ ‫بيبليوغرافية مقرتحة‪ ،‬من �ش�أنها �أن ت�ساعد على تعميق‬ ‫البحث والدرا�سة يف املوا�ضيع املدرجة يف ملف العدد‪.‬‬ ‫وهي الئحة خمت�رصة ال ت�ستويف كل العناوين‪ ،‬وال‬ ‫تغني عن �أهمية �إثرائها مبختلف املراجع والدرا�سات ذات‬ ‫ال�صلة‪.‬‬


‫مراجع باللغة العربية‪ :‬‬ ‫•‬

‫توما جورج خوري‪ ،‬القيا�س والتقومي يف الرتبية والتعليم‪ ،‬من�شورات جمد‪.2008 ،‬‬

‫•‬

‫حل�سن مادي‪ ،‬الأهداف والتقييم يف الرتبية‪ ،‬بابل للطباعة والن�رش والتوزيع ‪ ،‬الرباط‪.1992 ،‬‬

‫•‬

‫حممد الدريج‪ ،‬حتليل العملية التعليمية‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البي�ضاء‪ ،‬ط‪.1988 .‬‬

‫•‬

‫حممد فاحتي‪ ،‬مناهج القيا�س و�أ�ساليب التقييم‪ ،‬من�شورات ديداكتيكا‪ ،‬الدار البي�ضاء‪.1995 ،‬‬

‫•‬

‫نبيل �أحمد عبد الهادي‪ ،‬القيا�س والتقومي الرتبوي وا�ستخدامه يف جمال التدري�س ال�صفي‪ ،‬دار وائل للن�رش‪2001 ،‬؛‬

‫•‬

‫عبد اللطيف الفارابي وحممد �أيت موحى‪ ،‬بيداغوجية التقومي والدعم‪� ،‬سل�سلة علوم الرتبية‪ ،‬عدد‪.1991 ،6 :‬‬

‫• عبد الواحد املزكلدي‪ ،‬التقومي الرتبوي يف النظام التعليمي باملغرب ‪ :‬درا�سة نف�سية تربوية حول �أثر االمتحانات‬ ‫املدر�سية على تكوين بع�ض االجتاهات النف�سية لدى التالميذ‪ ،‬مطبعة ف�ضالة‪ ،‬املحمدية‪.1996 ،‬‬

‫•‬

‫�سيد �أحمد عبد املجيد من�صور‪ ،‬التقومي الرتبوي‪ :‬الأ�س�س والتطبيقات‪ ،‬دار الأمني‪.1996 ،‬‬

‫مراجع باللغة الفرن�سية‪:‬‬ ‫‪• Abernot, Y. «Les méthodes d’évaluation scolaire», Paris , Bordas, 1988.‬‬ ‫‪• Abrecht, R. «L’évaluation formative : une analyse critique»,‬‬ ‫‪• BACHER, F., «La docimologie in REUCHLIN (M)», Traité de psychologie‬‬ ‫‪appliquée Volume VI, Paris, 1975.‬‬

‫‪• Cardinet, Jean. «Evaluation scolaire et mesure», Bruxelles, DE Boeck- wesmael,‬‬ ‫‪1986.‬‬

‫‪• Cardinet, Jean. «Evaluation scolaire et pratique», Bruxelles, DE Boeck-wesmael,‬‬ ‫‪1986.‬‬

‫‪• Bonboir, A. «La docimologie», Paris, PUF, 1972.‬‬ ‫‪• Delandsheere,G. «Dictionnaire de l’évaluation et de la recherche en éducation»,‬‬ ‫‪Paris, PUF, 1979.‬‬

‫‪• Delorme Ch. Et autres, «L’évaluation en questions», Paris, ESF, 1987‬‬ ‫‪• Ketele, J.M. Docimologie. Introduction aux concepts et aux pratiques, Louvain‬‬‫‪la-Neuve, Cabay, 1982.‬‬

‫‪76‬‬


• De Ketele, J.M. «L’évaluation, approche descriptive ou presprictive», Bruxelles, DE Boeck,1987.

• De Perretti, A. «Recueil d’instruments et de processus d’évaluation formative», Paris, I.N.R.P. 1980.

• LANDHEERE (G. de). «Evaluation continue et examen. Précis de docimologie», Bruxelle-Labor, Paris - F. Nathan, 1972.

• Linda,A. et autres, «L’évaluation formative dans un enseignement différencié», Berne, Peter Lang, 1979.

• Mager, R.F. «Comment mesurer les résultats de l’enseignement», Paris, Bordas, 1986.

• Perrenoud, P. «Enseigner : agir dans l’urgence, décider dans l’incertitude». Paris, ESF, 1996.

• Piéron, H. «Examens et docimologie», Paris, PUF, 1963. • Noizet, G. & Caverni, J.P.. «Psychologie de l’évaluation scolaire». Paris, PUF, 1978.

• Reuchlin, M. «Problèmes d’évaluation», In M. Debesse & G. Mialaret (Eds.), Traité des sciences pédagogiques, Vol. 4, Psychologie de l’éducation, 1974.

• Vogler, J. «L’évaluation», Hachette Education, Paris, 1997. • Weiss, J. «L’évaluation : problème de communication», Cousset, Fribourg : Delval1, 1991.

77

2011

‫• فرباير‬

4

‫العدد‬


‫ملفي العددين المقبلين‬ ‫من «دفاتر التربية والتكوين »‬

‫‪t‬‬

‫ملف العـــدد الخــــام�س‬

‫المدر�سة وقيم المواطنة وال�سلوك المدني‬

‫‪t‬‬

‫ملف العـــدد ال�ســاد�س‬ ‫الإدارة التربوية وم�شروع الم�ؤ�س�سة‬

‫‪Thème du cinquième numéro‬‬ ‫‪t‬‬

‫‪l’école et les valeurs de citoyenneté et de civisme‬‬

‫‪Thème du sixième numéro‬‬

‫‪78‬‬

‫‪t‬‬

‫‪L’administration scolaire et le projet d’établissement‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.