K dicle hejmara 5 beşî erbî

Page 1

‫دجلة‬ ‫السنة األول‬

‫‪2017/011/20‬‬

‫العدد ‪5‬‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫في عام ‪1640‬م حتى ‪1910‬م عشرين‬

‫مذبحة كبيرة للعثمانيين ضد االيزديين‬

‫كانت سنجار تقع بين نهرين‬

‫طافت سفينة نوح عليه السالم ونطحت قمة سندلكلوب‬ ‫في يومنا الحاضر نعتبر نحن النساء أكثر من نعاني من آثار هذه الذهنية‬ ‫فقير ميرزا‪ :‬عائلة شيخ موس برأيي مدرسة للغناء الشنكالي األصيل‬



‫مجلة دجلة‬

‫دجلة‬ ‫البحث و التوثيق و التحليل‬ ‫العدد‪ 5 :‬بشرين الثاني(سبات)‪:‬‬ ‫‪2017‬‬

‫«في هذا العدد»‬

‫المدير المسؤول‪ :‬آرام كريم بابان‬

‫الديمقراطية(الحداثة هي ِ‬ ‫ٌ‬ ‫مراحل المدنية) ‪4 ..........................‬‬ ‫آخ ُر‬ ‫أبعاد العصرانية‬ ‫ِ‬

‫المدير المشرف‪ :‬سامي عمر قاسم‬

‫أينما أوطئت قدمك في شنكال تذكر سبقك الف قدم ‪18 ........................................‬‬

‫صاحبها‪ :‬علي حسين حجي‬

‫هيئة التحرير‬ ‫ـ حسين حجي نفسو‬

‫ماذا تعني اإليزيدية ‪20 .......................................................................................... ! ...‬‬ ‫بناء أسس المجتمع الديمقراطي مع انطالقة علم المرأة ‪24 ..................................‬‬

‫كومون المرأة أهمية و آلية عمله ‪27 .......................................................................‬‬

‫من هو البير؟ ‪30 ........................................................................................................‬‬ ‫المرأة و السياسة ‪31 .................................................................................................‬‬ ‫تاريخ سنجار في سطور ‪36.......................................................................................‬‬

‫المجتمع األخالقي ‪39 ...............................................................................................‬‬

‫ـ مديحه مراد نمر‬ ‫ـ شيرزاد شمو قاسم‬ ‫ـ حمد بشار خلف‬ ‫ـ مراد كاكا‬ ‫ـ جمال صبرى علي‬

‫تنفيذ و اخراج‪:‬‬

‫الهجمات على الشعب اإليزدي في التاريخ ‪11 ............................................................‬‬

‫دريا روناهي‬

‫العنوان‪ :‬شنكال(سنجار)‬ ‫تلفون‪07504197663 :‬‬ ‫‪07507782806‬‬ ‫‪07507174358‬‬ ‫‪E. mail: Diclepress13@gmail.com‬‬

‫فقير ميرزا‪ :‬عائلة شيخ موس برأيي مدرسة للغناء الشنكالي األصيل ‪41 ................‬‬


‫أبعاد العصرانية‬ ‫الديمقراطية‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الرأسمالية‬ ‫الحداثة‬ ‫هي ِ‬ ‫مراحل‬ ‫آخ ُر‬ ‫ِ‬ ‫المدنية‬

‫عبدالله أوجآالن‬

‫إني على قناع ٍة بأن حتليالتنا‪ ،‬وإىل جانب‬ ‫انتقاداتها الشاملة بشأن املدنية واحلداثة‪ ،‬فقد‬ ‫َسلَّ َطت الضوءَ قدرَ املستطاع على العصرانية‬ ‫الدميقراطية‪ ،‬بتناوُهلا إياها بالتداخل مع‬ ‫شكل‬ ‫تاريخ التقدم املديين واحلضاري على‬ ‫ِ‬ ‫بتعريف عناصرها األولية املختلفة‪.‬‬ ‫فصو ٍل تَقو ُم‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫بنحو‬ ‫ما سأج َه ُد لعمله هنا هو إظهار املوضوع ٍ‬ ‫وبشكل متكامل‪ .‬سوف‬ ‫أفضل بأبعاده الرئيسية‬ ‫ٍ‬ ‫أَُر ُّد على التساؤل‪ :‬كيف ميكن عرض العصرانية‬ ‫شكل أبعا ٍد رئيسية بالنظر إليها‬ ‫الدميقراطية على ِ‬ ‫َ‬ ‫مفهوم احلداثة األ َح ِديَّ ِة‪،‬‬ ‫من األعلى؟ حتطي ُم‬ ‫ِ‬ ‫وكشف النقاب عن كيانات اجملتمع التارخيي‬ ‫العظيمة اليت َح َجبَها ذاك املفهوم؛ ينبغي أن‬ ‫يَكو َن دعام َة َع َملِنا العلمي هذا‪ .‬تاري ُخ املدنية‬ ‫َ‬ ‫دامس الظالم‪ ،‬خيتَفي قَع ُره‬ ‫أشبَه ما يَ ُكون بِبِ ٍئر ِ‬ ‫َ‬ ‫كلما مت الغوص فيه‪ .‬فمهما دَأبنا على تنويره‪،‬‬ ‫تتبدى على الفور نقا ٌط أخرى من الظالم احلالك‪.‬‬ ‫باملقدور التخمني بأن الذاكرةَ (الضمري) االجتماعي َة‬ ‫َفات تُ َذ ِّك ُر بالثنايا َّ‬ ‫والطيَّات اليت‬ ‫ستتعرض لمُِضاع ٍ‬ ‫يف الدماغ حتت ِّ‬ ‫القصف األيديولوجي طيلة‬ ‫ظل‬ ‫ِ‬ ‫آالف السنني على يَ ِد االحتكارات احلاكمة‪ ،‬وأنها‬ ‫الدهاليز املطوية‬ ‫آالف من‬ ‫شكل ٍ‬ ‫ستت َك َّو ُن على ِ‬ ‫ِ‬ ‫وامللتوية مبا يُشبِ ُه الظاهرةَ املسماةَ بالوعي أو‬ ‫الشعور الباطين‪ .‬مع ذلك‪ ،‬جيب عدم اخلوف أو‬ ‫لعضو يف‬ ‫اهللع‪ .‬فمثلما أن‬ ‫التشخيص غريَ‬ ‫َ‬ ‫السليم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بشكل صحيح‪ ،‬كذلك ال‬ ‫اإلنسان ال ميكن معاجلته ٍ‬ ‫َ‬ ‫ميكن ألي ِة قضي ٍة اجتماعي ٍة بلوغ إمكاني ِة التحليل‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫(التشخيص) واحلل (العالج) السلي َمني‪ ،‬ما مَل‬ ‫يتم تنويرها كفاي ًة‪ .‬متاماً‪.‬‬ ‫عدم االستغراب‪ ،‬أش ُع ُر بضرورةِ التشديد‬ ‫ِ‬ ‫ألجل ِ‬ ‫ِمراراً‬ ‫االجتماع أو َّ‬ ‫أي ضاب ٍط علمي‬ ‫م‬ ‫عل‬ ‫أن‬ ‫لو‬ ‫‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫آخر مشاب ٍه كان جن َح بأهدافه املُثلى‪ ،‬مَلا َسقَ َطت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫القرون األربع ِة األخرية‬ ‫البشرية القائمة خالل‬ ‫ِ‬ ‫يف حالتها الراهنة‪ ،‬مبا فيها من هذه الدرج ِة‬ ‫َول ِة من احلروب‪ ،‬اإلبادات اجلماعية وإبادة‬ ‫املُه ِّ‬ ‫اجملتمعات‪ ،‬ا ُ‬ ‫هل َّوات الشاسعة بني الثراء والفقر‬ ‫املدقع‪ ،‬البطالة واهلجرة‪ ،‬التفسخ واالحنطاط‬ ‫الثقايف والالأخالقية‪ ،‬قوى االحتكار املسعورة‬ ‫واألفراد املُسقَطني لدرج ِة ال َعدم‪ ،‬والدمار البيئي‬ ‫َ ِّ‬ ‫عام ونظا ُم‬ ‫بيوم احملشر‪ .‬مخس ُة ِ‬ ‫آالف ٍ‬ ‫الذي يُذك ُر ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫املدني ِة العاملي يَكا ُد يَستَنفِذ كل الوسائل الثقافية‬ ‫املادية واملعنوية حصيل َة تحَ ا ُملِه عليها حتت‬ ‫ذريع ِة احلل‪ .‬فعربَ أداةِ احلرب‪ ،‬مل يَب َق مكا ٌن‬ ‫ميكن غزوه أو االستيالء أو السطو عليه جمدداً‪.‬‬ ‫وإ ْن قِي َل أنه موجود‪َ ،‬‬ ‫فضرَ ُره أكثر من َمك َسبِه‬ ‫بأضعاف مضاعَفة‪ .‬وما تَبَقَّى من أداةِ املدينة ليس‬ ‫ٍ‬ ‫سوى جمتم ٌع ٌّ‬ ‫زراعي يَس َعون لتفكيكه‬ ‫قروي ـ‬ ‫ٌّ‬ ‫وا ُ‬ ‫مدن‬ ‫عرب‬ ‫املآل‪،‬‬ ‫ة‬ ‫نهاي‬ ‫يف‬ ‫بالفناء‬ ‫حلكم عليه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الالمدن املتضخمة كالسرطان‪ .‬وما تَبَقَّى من األداة‬ ‫اليت يتشبث بها على أنها االقتصاد‪ ،‬هو يف‬ ‫االحتكارات العاملية اليت ال ميكن‬ ‫آخ ِر املطاف‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫احها‪ ،‬واليت باتت ُمتَوَ ِّرم ًة باألساليب‬ ‫ج‬ ‫ح‬ ‫كب َ مِ ِ‬ ‫َ‬ ‫كسب املال‬ ‫غري األخالقية على اإلطالق من قبِ ِ‬ ‫يل ِ‬ ‫باملال؛ وبق َي باملقابل العاطلون عن العمل والبؤساء‬ ‫املقهورون‪ ،‬الذين يُنا ِه ُز تعدادُهم املاليني‪،‬‬ ‫مرور كل عام‪ .‬أما ما تَبَقَّى من‬ ‫ويتضاعفون مع ِ‬ ‫األداة اليت يتشبث بها على أنها الدولة‪ ،‬فهو‬ ‫تتورم‬ ‫ُ‬ ‫احتكارات السلطة والدولة القومية‪ ،‬واليت َّ‬ ‫خرها املتواصل جملتمعها الداخلي‪ ،‬ومل يَ ُع ْد‬ ‫بِنَ ِ‬ ‫هلا ُّ‬ ‫شأن يُذ َكر؛ وباملقابل بَقِ َي حش ُد املواطنني‬ ‫أي ٍ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫الرعاع‪ ،‬الذين باتوا محقى كليا‪ ،‬وال عالقة هلم‬ ‫بتاتاً باجملتمع األخالقي والسياسي‪ .‬وما تَبَقَّى‬ ‫من األدوات األيديولوجية اليت يُعقَ ُد عليها األمل‬ ‫هو النزع ُة الديني ُة املفتَقِ َدةُ لوظيفتها األخالقية‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫مسامات‬ ‫مجيع‬ ‫ِ‬ ‫واجلنسوية اليت تنشُ ُر السلطُة يف ِ‬ ‫اجملتمع‪ ،‬والقوموية الغارقة يف الشوفينية مبا‬ ‫يُضاهي القَبَلي َة َ‬ ‫ألف مرة‪ ،‬والعلموية اليت مَل‬ ‫يَب َق هلا ٌ‬ ‫ُل الربح األعظمي‬ ‫هدف سوى إظهار ُسب ِ‬ ‫الحتكارات رأس املال والسلطة‪ .‬بينما ما تَبَقّى من‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫املشاعر‬ ‫س َّو‬ ‫الفن جمرد صناعة الثقافة اليت تُشيِّ ُئ مُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫وعواطف اجلمال‪ .‬يَبدو فيما يَبدو أن إحصائيةَ‬ ‫َ‬ ‫املدني ِة تلك هي الوض ُع املسمى بنهاية التاريخ‪.‬‬ ‫غضون‬ ‫عام عموماً‪ ،‬ويف‬ ‫وخالل اخلمس ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫آالف ٍ‬ ‫القرون األربع ِة األخريةِ على وجه اخلصوص‪،‬‬ ‫ِ‬

‫فكرية‬

‫‪5‬‬

‫وص َل نظا ُم املدني ِة واحلداثة العامليتَني قا َع األزم ِة‬ ‫الذهنية والبنيوية؛ مهما ُصيرَِّ اجملتم ُع بال ردو ِد‬ ‫مَ‬ ‫افرتاضي من خالل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫فعل بعد خنقه يف عالٍ‬ ‫االحتكارات اإلعالمية وتعريضه للضمور‪ ،‬ومهما‬ ‫خض َع للرقاب ِة املُ َشدَّدة وال َرصد املحُ َكم حتى‬ ‫أُ ِ‬ ‫ِّ‬ ‫أدق مساماته عرب أجهزة السلطة‪ .‬والرأمسالي ُة‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫برهان‬ ‫املالية الصائرة قوة كونية مهيمنة أسط ُع ٍ‬ ‫على ذلك‪ .‬أما مَ‬ ‫عجالتُه على ي ِد‬ ‫العال الذي تُدا ُر َ‬ ‫الرأمسالي ِة املالية‪ ،‬فهو عالمَُ األزمات املُتَ َخبِّط يف‬ ‫املآزق املسدودة‪.‬‬ ‫نظريات املأزق واألزمة‪ .‬وقد‬ ‫تطوير‬ ‫ال أرمي إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نظام‬ ‫َر ُ‬ ‫ُ‬ ‫كنت ع َّ‬ ‫فت الرأمسالية بأنها ليست جمرد ٍ‬ ‫يتسم باألزمات الدورية وحسب‪ ،‬بل هي َطو ُر‬ ‫لنظام املدنية املتأزم‬ ‫األزمًِة البنيوية املنهجية ً ِ‬ ‫َ‬ ‫ور‬ ‫دوريا وعلى املدى الطويل معا‪ .‬وإ ْن كان لِط ِ‬ ‫األزمة مستويات داخلية أش ّد ِح ّدةً يشتمل‬ ‫عليها‪ ،‬فاملرحل ُة املُعاش ُة حالياً هي تلك الفرتة‪.‬‬ ‫لدى تبياني لذلك‪ ،‬فمن الضروري القول أني‬ ‫لست من أولئك االشرتاكيني الذين يَعقِدون‬ ‫ُ‬ ‫آمالهَ م على الثورةِ النابعة من األزمات‪ ،‬والذين‬ ‫وقت ما‪ ،‬ورمبا هم كذلك اآلن‬ ‫كانوا كذلك يف ٍ‬ ‫الثورات وحسب‪ ،‬بل‬ ‫فاألزمات ال تُنتِ ُج‬ ‫أيضاً‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫والثورات املضادةَ أيضاً‪ .‬علماً أني أُقَيِّ ُم هكذا منطاً‬ ‫ِ‬ ‫من نظريات األزمة – الثورة – الثورة املضادة‬ ‫بأنها جهو ٌد بَالغي ٌة ودعائية أكثر من أ ْن تَ ُكون‬ ‫ُ‬ ‫أتشبث باملقولة اليت‬ ‫واقعية‪ .‬بالتالي‪ ،‬فأنا ال‬ ‫ً‬ ‫مفادها أن األجواءَ تَغدو منفتحة بسرعة أمام‬ ‫مرحلَتيَ‬ ‫العصرانية الدميقراطية‪ .‬بل إني أَقبَ ُل َ‬ ‫املأزق واألزمة على أنهما جمرد ظاهرة‪ .‬بينما ال‬ ‫أراهما عوامل مؤثرة لدرج ِة قدرتها على تولي ِد‬ ‫األحداث التارخيية‪ .‬كان النه ُج التقدمي الكوني‬ ‫وقت ما يولي األهمي َة الفائقة الستنبا ِط‬ ‫املطلق يف ٍ‬ ‫اجملتمع املتوجهة ُقدُماً من السيئ حنو‬ ‫أشكا ِل‬ ‫ِ‬ ‫األفضل‪ ،‬واستخراجها من نظريات األزمة‪ .‬لكن‬ ‫امللموس بذاته مل يؤيد مصداقي َة هذه‬ ‫الواقع‬ ‫َ‬ ‫النظري ِة كثريا‪ً.‬‬ ‫هذا ما معناه ضرورة البحث يف ميدان آخر‬ ‫عن العوامل ذات القيمة املحَُدِّدة حبالتها‬ ‫التارخيية والراهنة على السواء‪َ .‬‬ ‫وخيا ُر‬ ‫العصرانية الدميقراطية كان باألغلب حصيل َة‬ ‫مساعي البحث تلك‪ .‬ولدى عرضي إياه‪ ،‬ال‬ ‫أَبرَ ُح ُمر َغماً على التنويه ِمراراً إىل قناعيت بأن‬ ‫معرف َة اخلاصيات اليت ينفرد بها هذا ا َ‬ ‫خليا ُر‬ ‫ستَج َع ُل اجلهو َد املعني َة باملمارس ِة العملي ِة ُمث ِمرَة‪.‬‬ ‫باإلرث‬ ‫كما أني أُ ِك ُّن التقدير وااللتزا َم األقصى‬ ‫ِ‬ ‫الدميقراطي اإلجيابي للتاريخ‪ .‬بل وأَعتَبرِ ُ ذلك‬ ‫نقداً ذاتياً أيضاً بالنسبة لي‪ .‬ال أقتصر على القول‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫السنة األول‬

‫مجلة دجلة‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫سارية املفعول‬ ‫النقاط عي ُنها‬ ‫اجملتمع السياسي أيضاً‪.‬‬ ‫على‬ ‫ِ‬ ‫وضع اإلراد ِة البريوقراطي ِة‬ ‫فلدى ِ‬ ‫العمالقة للدولة القومية َّ‬ ‫حمل‬ ‫ٌ‬ ‫فاعلية‬ ‫السياسة‪ ،‬ال تبقى هناك‬ ‫وحك ُم‬ ‫دميقراطية للمجتمعات‪ُ .‬‬ ‫الدولة القومية املتغلغل حتى‬ ‫ِّ‬ ‫أدق مسامات اجملتمع ب َوض ِعه‬ ‫هذا‪ ،‬إمنا ُي َع رِّب عن احلال ِة‬ ‫للمجتمع‬ ‫املشلولة‬ ‫ِ‬

‫الدروس الالزمة‪ ،‬بل وأؤمن بأن‬ ‫طت‬ ‫بأني استَنبَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َع َم َل اللحظ ِة استناداً إىل التاريخ يتميز بِقيم ٍة‬ ‫نفس‬ ‫أسلوبي ٍة ال استغناء عنها‪ .‬بينما ال أُ ِك ُّن َ‬ ‫التقدير أو االلتزام جتاه ِّ‬ ‫كل فكرةٍ أو ممارس ٍة‬ ‫استيعاب ضرورةِ أ ْن يَ ُكو َن التاري ُخ‬ ‫عاجزة عن‬ ‫ِ‬ ‫اللحظ َة احلالية‪ ،‬وأ ّن اللحظ َة جيب أ ْن تَ ُكو َن‬ ‫التاريخَ‪ ،‬أياً كانت قيمتها ونتائجها‪ .‬ذلك أني ال‬ ‫أفكار وممارسات‪ .‬وإدراكاً مين بأن‬ ‫أؤمن بهكذا ٍ‬ ‫املستقبل مَي ُُّر من اللحظة‪ ،‬فإني ال أؤمن بوجو ِد‬ ‫مستقبل لمَِن هو عاج ٌز عن ِّ‬ ‫حتليل حلظته‪.‬‬ ‫حل أو‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫هذا التكرار املتواصل بشأن األسلوب يهدف إىل‬ ‫التشديد بإصرار على أنه ال يتم التفكري بالعصرانية‬ ‫الدميقراطية على أنها ُ‬ ‫عاش‬ ‫خيال «عصر ذهيب» ُم ٍ‬ ‫ماضياً‪ ،‬وال «يوتوبيا» معنية باملستقبل‪ .‬بل هي‬ ‫التعبري عن معنى منط احلياة املتحقق يف الفكر‬ ‫واملمارسة بوصفها احلاجة اليومية بل واللحظية‬ ‫املا ّسة‪ .‬ال هي استذكا ٌر للذكريات القدمية‪،‬‬ ‫وال هي ِسلوا ٌن وتَ َس ٍّل خبياالت املستقبل‪ .‬ال‬ ‫هي حال ُة الكيانات اللحظية‪ ،‬وال حال ُة نشوءِ‬ ‫احلقائق األبدية – األزلية‪ .‬قد يَ ُكو ُن من األنسب‬ ‫اص ٍة ضمن الفوارق‬ ‫نعت حالة النشوء كوحدةٍ ُمترَ َّ‬ ‫بآفاق احلرية العليا على أنها‬ ‫املتباينة املتميزة ِ‬ ‫ملَ‬ ‫عصرانية دميقراطية‪ ،‬بوصفها الذكاءَ ا ِر َن‬ ‫ُكم أن العصراني َة‬ ‫للطبيعة االجتماعية‪ .‬لكن‪ ،‬وبحِ ِ‬ ‫َ‬ ‫تعين العصر‪ ،‬فعلينا أال ننسى البتة أنها تكت ِس ُب‬ ‫الدياليكتيكي املقابل‬ ‫القطب‬ ‫وجودَها باعتبارها‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫لعصور املدنية الكالسيكية‪ ،‬وأنه علينا‬ ‫واملضاد‬ ‫ِ‬ ‫توحيدها مع هذا التعريف بكل تأكيد‪.‬‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫تاري ُخ املدني ِة مبعنى من املعاني‬ ‫ناق على‬ ‫هو تاري ُخ‬ ‫تضييق ا ِ‬ ‫خل ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجملتمع السياسي‪ ،‬وتهميشه‬ ‫ِب َش ِّل وظيفته وفاعليته‪ .‬حَ َ‬ ‫وت ُّو ُل‬ ‫اجملتمع طبقياً مل يَ ُكن ممكناً‬ ‫ِ‬ ‫إال بقمع النضال السياسي ِّ‬ ‫الشاق‬ ‫ِ‬ ‫لصاحل الدولة‪ .‬جيب‬ ‫واحلاسم‬ ‫ِ‬ ‫االنتباه بدق ٍة بالغ ٍة هلذا األمر‬ ‫فكيفما يتم التفكري باحلداثة العصرية على أنها‬ ‫بالقرون األربع ِة األخريةِ للمدنية‬ ‫تسمي ٌة خاص ٌة‬ ‫ِ‬ ‫الكالسيكية‪ ،‬باعتبارها عصرَ هيمن ِة الرأمسالية؛‬ ‫فباإلمكان التفكري بالعصرانية الدميقراطية أيضاً‬ ‫على أنها تسمي ٌة خاص ٌة‬ ‫بالقرون األربع ِة األخريةِ‬ ‫ِ‬ ‫للحضارة الدميقراطية‪.‬‬ ‫اخلاصي ُة األخرى اهلامة هي كون العصرانية‬ ‫مضاد يف ِّ‬ ‫الدميقراطية تُ ُ‬ ‫كل ساح ٍة‬ ‫عاش‬ ‫كقطب ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫شبكات (أجهزة) احلداث ِة‬ ‫وزمان تتواج ُد فيه‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الرأمسالية‪ .‬أي أن العصرانية الدميقراطية يف‬ ‫حال ِة وجو ٍد دائم يف ِّ‬ ‫وزمان ضمن أحشاءِ‬ ‫مكان ٍ‬ ‫كل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫احلداث ِة الرأمسالية‪ ،‬سواءً كانت منتصرةً أم‬ ‫فاشلة‪ ،‬مشحون ًة باحلرية أو بالعبودية‪ ،‬ضمن‬ ‫مَتاثُ ٍل أم تبايُن‪ ،‬بعيدةً عن املساواة أم قريب ًة‬ ‫منها‪ ،‬مكتسب ًة املعان َي األيكولوجي َة والفاميني َة أم‬ ‫مفتقدةً إياها؛ وباقتضاب‪ ،‬سواءً كانت قريب ًة من‬ ‫اجملتمع األخالقي والسياسي أم بعيدة‪.‬‬ ‫ميزةِ‬ ‫ِ‬ ‫املعارضني اليساريني أو‬ ‫أما فيما يتعلق مبناهج ِ‬ ‫خلق اجملتمعات عرب‬ ‫اليمينيني يف احلنني إىل ِ‬ ‫القيام بـ»اهلندسة‬ ‫املخططات املركزية من خالل ِ‬ ‫بغرض االستيالءِ على السلط ِة‬ ‫االجتماعية»‬ ‫ِ‬ ‫أوالً (وبالتالي الدولة) بوساط ِة الثورةِ أو الثورةِ‬ ‫ِ‬ ‫إدراج املخططات والربامح‬ ‫املضادة‪ ،‬ومن ثم‬ ‫اليت يتصورونها حي َز التنفيذ؛ فإني ال أَقتَ ِص ُر يف‬ ‫تقييمها على أنها باتت هذياناً‬ ‫وعبارات دعائية‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫التبيان‬ ‫(بَالغية) وحسب‪ ،‬بل إني مرغ ٌم على‬ ‫ِ‬ ‫بأهمية بأني أَن ُظ ُر إىل هذا النم َط على أنه ضمنياً‬

‫‪6‬‬

‫فكرية‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫وتطبيقات‬ ‫ألعوب ٌة من أالعيب الليربالية‪ ،‬أو أفكا ٌر‬ ‫ٌ‬ ‫لن تَلقى الليربالي ُة مشق ًة يف استيعابِها واحتوائها‬ ‫مر سبعون عاماً عليها‪.‬‬ ‫ضمن بوتقتها‪ ،‬حتى ولو َّ‬ ‫ً‬ ‫للطبيعات االجتماعي ِة أيضا شيفراتُها الوراثية‬ ‫الشبيهة مبا لدى الطبيعات البيولوجية‪.‬‬ ‫إني ٌ‬ ‫مدرك للنزع ِة األحيائية‪ ،‬وأعلَُم أن نَقلَها‬ ‫إىل الطبيعات االجتماعية يعين الداروينية‪،‬‬ ‫األدوات الفكري َة الالزم َة للهندسة‬ ‫وأنه يُؤَ ِّم ُن‬ ‫ِ‬ ‫االجتماعية بأكثر أشكا ِل املادي ِة فظاظة‪ .‬األمر‬ ‫حتدثت عنه يشري إىل املزايا اخلاصة اليت‬ ‫الذي‬ ‫ُ‬ ‫اجملتمعات التارخيية يف إمكاني ِة‬ ‫تتسم بها‬ ‫ُ‬ ‫تعديل ذاكرتها وخصائصها البنيوية األساسية‪،‬‬ ‫يار‬ ‫حتى ولو كانت منفتح ًة‬ ‫بالقدر نفسه أمام َخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫درجات‬ ‫احلرية بوصفها الطبيعة املتميزة بأعلى‬ ‫ِ‬ ‫الذكاء‪ .‬ال ميكننا إخضا َع اجملتمعات للتعديل‬ ‫َ‬ ‫خمتلف النباتات أو احليوانات‬ ‫مثلما نُرَبِّي‬ ‫بعد تعديل شيفرة مورثاتها اهلرموني ِة‪ .‬فذاكرةُ‬ ‫الطبيع ِة االجتماعية مل تحُ َ دِّد ذلك أصالً على‬ ‫اجملتمع األخالقي والسياسي عبثاً‪ .‬لذا‪،‬‬ ‫شكل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫االجتماعي‬ ‫من املهم للغاية التبيان بأن السبيل‬ ‫َّ‬ ‫للتغيري والتعديل ال ميكن رؤيته مشروعاً إال يف‬ ‫حال ِة رف ِعه من املستوى األخالقي والسياسي‬ ‫االجتماعي‪ ،‬وأنه يف حال العكس سوف يُسقِ ُط‬ ‫من مستوى اجملتمع األخالقي والسياسي‬ ‫عرب شتى األساليب التوتاليتارية الشمولية‬ ‫والسلطوية‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬ال ميكنه قَ َ‬ ‫بول شرعيته‪،‬‬ ‫أياً كانت نتائجه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫العصراني ُة الدميقراطية تتحلى خباصي ِة النظام‬ ‫سبيل التغيري‬ ‫الذي يُبقي الباب مفتوحاً أمام ِ‬ ‫الشرعي‪ .‬وارتفا ُع قيمته األخالقية والسياسية‬ ‫على ِصلَ ٍة وطيدةٍ جبوهره االنتظامي املنهجي‬ ‫جانب‬ ‫الشرعي بسي ٌط إىل‬ ‫التغيري‬ ‫هذا‪ .‬سبي ُل‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جمتمع‬ ‫عضو يف أي‬ ‫كونه هاماً جداً‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ومبقدور كل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تقديمَ مساهمات ِه يف هذا التغيري‪ ،‬أينما ومتى كان‪.‬‬ ‫اجملتمع النيولييت أو‬ ‫فالعض ُو الذي حَييا بقايا‬ ‫ِ‬ ‫حتى اجملتم َع الكالني‪ ،‬والعض ُو الذي حييا يف‬ ‫موسكو أو نيويورك‪ ،‬يتميزان بالطاق ِة الكامن ِة‬ ‫لتقديم املساهمة يف التغيري يف كل حلظة‪ .‬ومثلما‬ ‫ِ‬ ‫شت ُط السرو َد العظيم َة واملقدس َة‪،‬‬ ‫أن ذلك ال يَ رَ ِ‬ ‫آيات البطولة‪ .‬الشر ُط‬ ‫شت ُط أيضاً إبداءَ ِ‬ ‫فهو ال يَ رَ ِ‬ ‫الوحي ُد هو التحلي مبهارةِ التفكري والسلوك‬ ‫األخالقي والسياسي بوصفها حال ِة الوجود‬ ‫األساسية للطبيعة االجتماعية‪ ،‬وتفعي ُل هذه‬ ‫املهارةِ (الفضيل ِة ا َ‬ ‫حل َسنة) اليت نؤ ِم ُن بوجو ِدها‬ ‫يف كل فر ٍد ولو حبدو ِدها الدنيا‪ .‬ال ريب أني‬ ‫َ‬ ‫عدم أهمي ِة أو‬ ‫ال أود من خالل ذلك اإلشارة إىل ِ‬

‫جدوى السرود العظيمة واملقدسة البارزة للميدان‬ ‫على مر سياق اجملتمع التارخيي‪ ،‬واليت باتت‬ ‫سبيل التغيري‬ ‫تنوير ِ‬ ‫ُملكاً لذاكرةِ البشرية يف سبيل ِ‬ ‫الشرعي‪ .‬بل‪ ،‬وعلى النقيض‪ ،‬يَقَ ُع دو ٌر كب ٌري‬ ‫على عاتق هذه السرود‪ ،‬نظراً ألن االحتكارات‬ ‫َ‬ ‫سبيل‬ ‫األيديولوجية واملادية قد َسدَّت‬ ‫اجملال أمام ِ‬ ‫واملمارسات البطولية تتميز بِقِيم ٍة‬ ‫التغيري الشرعي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الدرب املؤدية‬ ‫مقدسة شبيهة ال غنى عنها على ِ‬ ‫حنو احلرية‪ .‬املهم هنا هو ُ‬ ‫تأمني‬ ‫إدراك استحال ِة ِ‬ ‫التغيري يف العصرانية الدميقراطية‪ ،‬دو َن وجو ِد‬ ‫املساعي املتكاملة للمجتمع التارخيي‪ .‬ال يتم هنا‬ ‫إنكار دور الشخصيات والتنظيمات اهلامة‪ .‬لكن‬ ‫ُصيرَّ ُملكاً‬ ‫هذا الدورَ لن يعين الكثري‪ ،‬ما مل ي َ‬ ‫اجملتمع األخالقي ِة والسياسية‪ ،‬وما مل‬ ‫ألنسج ِة‬ ‫ِ‬ ‫يمَُ َّرر من السبيل الشرعي‪.‬‬ ‫النقا ُط عينُها ساري ُة املفعول بالنسبة للثورات‬ ‫أيضاً‪ .‬إذ ينبغي عدم نعت التغيري املَُعبرِّ عن‬ ‫التطور االجتماعي بالذاتي ِة التلقائية للطبيع ِة‬ ‫االجتماعية‪ ،‬ما مل يمَ ُر من السبيل الشرعي وما‬ ‫مل يُصبِح ُملكاً للنسيج األخالقي والسياسي‪.‬‬ ‫اجملتمعات تُعاش‪ ،‬وال خُتلَق‪ .‬هذا وال‬ ‫ذلك أن‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫شك أنه مثة فرق بني حياةٍ وأخرى‪ .‬فكيفما أنه‬ ‫هناك حيا ٌة أكثر حري ًة ومساواةً ودميقراطية‪،‬‬ ‫وات تَئِ ُّن حتت وطأة العبودية‬ ‫فهناك أيضاً َحيَ ٌ‬ ‫والالمساواة والديكتاتورية اليت ال تُطاق‪ .‬ورمبا‬ ‫مثة املزي ُد من ا َ‬ ‫حليَوات‪ .‬والعصراني ُة الدميقراطي ُة‬ ‫ُ‬ ‫لجأ لشتى‬ ‫تُ َعبرُِّ عن الذهني ِة والبني ِة اليت تَ َ‬ ‫عل احلياةِ ممكن ًة مبنوا ٍل أكثر حريةً‬ ‫األساليب جِ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ومساواةً ودميقراطي ًة يف ظل كاف ِة تلك الظروف‪.‬‬ ‫كما أن إجنا َز ثورةٍ متبَقِّي ٍة َ‬ ‫يار وحي ٍد للتغيري‬ ‫كخ ٍ‬ ‫الشرعي ضمن إطار العصرانية الدميقراطية أم ٌر‬ ‫َ‬ ‫حجر عثرةٍ من الطريق‪ .‬مقابل‬ ‫قَيِّ ٌم أشبَ ُه بإزاح ِة ِ‬ ‫ذلك‪ ،‬فا َ‬ ‫والتصو ُف القَد َِر ُّي‬ ‫الص اإلهلي‪،‬‬ ‫خل ُ‬ ‫ُّ‬ ‫اإلطار نفسه‪،‬‬ ‫العبودي ال يتم التفك ُ‬ ‫ري بهما ضمن ِ‬ ‫بعني أخالقية‪ .‬وعلى هُدى‬ ‫بل وال يُن َظ ُر إليهما ٍ‬ ‫كفاحات احلرية‬ ‫ال ِعبرَ ِ اليت سوف نستَنب ُطها من‬ ‫ِ‬ ‫القرون‬ ‫غضون‬ ‫واملساواة والدميقراطية القائمة يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املستطاع تعزيز العصرانية‬ ‫األربع ِة األخرية‪ ،‬فمن‬ ‫ِ‬ ‫الدميقراطية‪ ،‬بل وحتى حتديثها يف بعض‬ ‫األحايني بإعادة إنشائها جمدداً يف مرحل ِة األزم ِة‬ ‫املنهجية والبنيوية هليمن ِة الرأمسالية املالية‬ ‫العاملية اليت مَنر بها‪ .‬بناءً عليه‪ ،‬فالتعمق يف‬ ‫األبعاد الرئيسية للعصرانية الدميقراطية‪ ،‬وتسليط‬ ‫ُنج ُح مساعينها يف هذا‬ ‫الضوء عليها‪ ،‬سوف ي ِ‬ ‫بنحو أكرب‪.‬‬ ‫املنحى ٍ‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫بُعد اجملتمع األخالقي والسياسي (اجملتمع‬ ‫الدميقراطي)‪:‬‬ ‫كيفما أنه باإلمكان التفكري باحلداث ِة الرأمسالية‬ ‫حتت ظل ثالث ِة أبعا ٍد هامة‪ ،‬فباملقدور سريان‬ ‫خبصوص العصرانية الدميقراطية‬ ‫تنا ُو ٍل شبي ٍه به‬ ‫ِ‬ ‫أيضاً‪ .‬فمقابل جمتمع اإلنتاج الرأمسالي‬ ‫واجملتمع الصناعي وجمتمع الدولة القومية‪،‬‬ ‫وماهيات خاص ٍة‬ ‫عات‬ ‫ٍ‬ ‫الذين يتم تَ َص ُّو ُرهم ك ُمتَقَ ِّط ٍ‬ ‫أولية بالنسبة للحداثة الرأمسالية؛ تَ ُرب ُز أبعا ُد‬ ‫اجملتمع األخالقي والسياسي واجملتمع‬ ‫األيكولوجي ـ الصناعي واجملتمع الدميقراطي‬ ‫الكونفدرالي للمقدمة يف العصرانية الدميقراطية‪.‬‬ ‫هذا وباملستطاع اإلكثار من تفاصيل األبعاد‬ ‫بالنسبة لِ ِكال النظا َمني‪ .‬إال أن هذه األبعا َد‬ ‫الثالثي َة قد تَفِي باملعنى من حيث تعريفهما‬ ‫باخلطوط العريضة‪ .‬وقد كانت أبعا ُد احلداث ِة‬ ‫لتحليالت شاملة يف‬ ‫خض َعت‬ ‫ٍ‬ ‫الرأمسالية قد أُ ِ‬ ‫إلظهار‬ ‫الفصول السابقة‪ .‬بينما بُ ِذلَت املساعي‬ ‫ِ‬ ‫سياق تَقَ ُّد ِمها‬ ‫العصرانية الدميقراطية من خالل ِ‬ ‫التارخيي وعناصرها األولية ومقارنتها مع املدنية‬ ‫واحلداثة الكالسيكيتَني‪ .‬لذا‪ ،‬فتقسي ُمها إىل أبعا ٍد‬ ‫كثب أكثر سوف يُ َع ِّز ُز‬ ‫رئيسية‪ ،‬وتعريفُها عن ٍ‬ ‫السر َد والتعاط َي العملي هلا‪.‬‬ ‫هذا وكان باملقدور َ‬ ‫اجملتمع األخالقي‬ ‫عرض‬ ‫ِ‬ ‫اجملتمع الدميقراطي‬ ‫شكل‬ ‫والسياسي على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(الكومونيالية الدميقراطية)‪ .‬إذ قد يَ ُكو ُن ذلك‬ ‫التناو َ‬ ‫األنسب مقابل اجملتمع‬ ‫التصنيفي‬ ‫ُل‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫نتجنَّ ْب استخدامَ اجملتمع‬ ‫الرأمسالي‪ .‬لكننا مل َ‬ ‫األخالقي والسياسي اصطالحاً تصنيفيِاً‬ ‫أكثر أساسي ًة‪ ،‬نظراً الحتوائه على اجملتمع‬ ‫الدميقراطي ضمن طبيعته‪ .‬وقد مت التنويه إىل‬ ‫املوضوع يف فصول خمتلفة‪ .‬لذا‪ ،‬فما سأقو ُم به هنا‬ ‫توصيف‬ ‫أولي له‪ .‬قب َل‬ ‫ِ‬ ‫مجع وإعدا ٍد ٍّ‬ ‫عبارة عن ٍ‬ ‫ُ‬ ‫اجملتمع األخالقي والسياسي‪ ،‬فمهما أ َك ِّر ُر نقط ًة‬ ‫ِ‬ ‫معني ًة مبضمونه‪ ،‬سيَ ُكون ذلك يف حمله‪ .‬أال وهي‬ ‫اجملتمع األخالقي والسياسي اجلوهري ُة‬ ‫عالق ُة‬ ‫ِ‬ ‫مع الفضيلة والسعادة والصواب واجلمال من‬ ‫جهة‪ ،‬ومع احلرية واملساواة والدميقراطية‬ ‫من اجلهة الثانية‪ .‬الفضيل ُة والسعادةُ باألصل‬ ‫ٌّ‬ ‫معين‬ ‫والصواب‬ ‫تُ َش ِّكالن جوهرَ األخالق‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫البحث عن احلقيق ِة خار َج‬ ‫باحلقيقة‪ .‬بينما‬ ‫نطاق اجملتمع األخالقي والسياسي جمرد عبث‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بالصفات األخالقية‬ ‫ذلك أن العاج َز عن التحلي‬ ‫ِ‬ ‫والسياسية يستحيل عليه العثور على احلقيقة‪.‬‬ ‫لعلم اجلمال‬ ‫أما اجلمال‪ ،‬فهو املصطل ُح املرام ِ‬

‫فكرية‬

‫‪7‬‬

‫َ‬ ‫اجلمال اخلار َج عن‬ ‫(األستَتيك)‪ .‬وأنا ال أَعتَبرِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫فاجلمال‬ ‫األخالقي والسياسي جمَ االً‪.‬‬ ‫اجملتمع‬ ‫ِّ‬ ‫الثالثي‬ ‫ة‬ ‫عالق‬ ‫أن‬ ‫حني‬ ‫يف‬ ‫!‬ ‫ي‬ ‫وسياس‬ ‫أخالقي‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫اآلخر‪ ،‬أي احلرية واملساواة والدميقراطية مع‬ ‫اجملتمع األخالقي والسياسي‪ ،‬قد ُحلِّلَت‬ ‫بإسهاب‪ .‬إذ ما من جمتمع قادر على ِ‬ ‫إنتاج‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫بقدر‬ ‫والدميقراطية‬ ‫واملساواة‬ ‫وتأمني احلرية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجملتمع األخالقي والسياسي‪.‬‬ ‫اجملتمع‬ ‫بآفاق‬ ‫موضو ُع اإلعدا ِد األول متعل ٌق ِ‬ ‫ِ‬ ‫األخالقي والسياسي يف القدرةِ على التغيرُّ‬ ‫والتحول‪ .‬بل وباملستطاع تَ َص ُّو َره جمتمعاً ذا‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫والتحول‪ ،‬ما مل يَ ُزل بُعدُه‬ ‫ُّ‬ ‫أوسع ِ‬ ‫اآلفاق يف التغيرُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫األخالقي والسياسي من الوسط بوصفه الكيان‬ ‫األساسي فيه‪ .‬ال ريب أنه ال يتم القضاء على‬ ‫األخالق والسياسة كلياً يف ِّ‬ ‫جمتمع كان‪.‬‬ ‫أي‬ ‫ٍ‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫السنة األول‬

‫مجلة دجلة‬

‫حسبما هو مفهوم‪ ،‬فال يتم خل ُق‬ ‫جمتمع جدي ٍد من قبيل‬ ‫من ِط‬ ‫ٍ‬ ‫الرأمسالية أو االشرتاكية من‬ ‫خالل العصرانية الدميقراطية‪.‬‬ ‫بل إنها ُتشري إىل أن هذه‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫دعائية‬ ‫اصطالحات‬ ‫املصطلحات‬ ‫ِ‬ ‫توصيف اجملتمع‬ ‫بعيد ٌة عن‬ ‫ِ‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫ُ‬ ‫عام ونظا ُم املدني ِة‬ ‫مخسة ِ‬ ‫آالف ٍ‬ ‫العاملي يَكا ُد يَستَن ِف ُذ َّ‬ ‫كل الوسائل‬ ‫َ‬ ‫حصيلة‬ ‫الثقافية املادية واملعنوية‬ ‫تحَ ا ُملِه عليها حتت ذريع ِة‬ ‫احلل‬

‫‪8‬‬

‫فكرية‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫ولكن‪ ،‬قد ي َ‬ ‫خلنا ُق على وظائفهما ألبع ِد‬ ‫ُضيَّ ُق ا ِ‬ ‫حد‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬فاألخال ُق والسياس ُة‬ ‫ُمسقَ َطتان إىل أدنى درج ٍة يف ِّ‬ ‫ظل حَ َ‬ ‫ت ُّك ِم الدولة‬ ‫القومية ضمن جمتمع احلداثة الرأمسالية‪ ،‬بل‬ ‫خلنا ُق عليهما لدرجة بلو ِغهما شفريَ‬ ‫وحتى ُضيِّ َق ا ِ‬ ‫ودوافع‬ ‫أسباب‬ ‫الفناء‪ .‬وقد كنا توقَّفنا كثرياً على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ونتائج ذلك‪ .‬فهل اجملتم ُع يَ ُكو ُن قد تَ َغيرََّ يف‬ ‫حوصر‪،‬‬ ‫هذه احلالة؟ ال‪ .‬وبالعكس‪ ،‬يَ ُكون قد ِ‬ ‫و ُكبِ َح مجا ُح تَ َغيرُّ ِه وتبايُنِه‪ ،‬بل وحتى أُر ِغمَ على‬ ‫النَ َمطية والتجانس و ُكتِ َمت ُ‬ ‫أنفاسه حتت وطأةِ‬ ‫األوضاع احلقوقية الصارمة للغاية‪ .‬لِنَ َد ْع آفا َق‬

‫التغيرُّ ِ جانباً‪ ،‬بل يَ ُكو ُن قد ُح ِّد َد نِ ُ‬ ‫طاقه واختُ ِز َل‬ ‫إىل مستوى قَرين ِة حنن‪َ .‬‬ ‫اآلخرون بذريع ِة النمطية‬ ‫سبيل تنشئ ِة موا ِط ٍن وثقاف ٍة من من ٍط واحد‪.‬‬ ‫يف ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫هذا ويُعرَض منظ ٌر متعد ُد األلوان وكأ َن اجملتم َع‬ ‫َّ‬ ‫العصري مَي ُُّر بتَ َغيرُّ ٍ ال حمدو ٍد ظاهرياً‪ .‬إن هذا‬ ‫ً‬ ‫املخفي‬ ‫ع‬ ‫الواق‬ ‫بينما‬ ‫‪.‬‬ ‫ا‬ ‫متام‬ ‫ودعائي‬ ‫إعالمي‬ ‫منظ ٌر‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬ ‫قريب من الرمادي‪ ،‬أو‬ ‫لون واحد؛ إما ٌ‬ ‫حتته ذو ٍ‬ ‫أسو ٌد حالك‪.‬‬ ‫مقابل ذلك‪ ،‬فاجملتم ُع الدميقراطي‪ ،‬الذي هو‬ ‫للمجتمع األخالقي‬ ‫حال ُة احلداث ِة العصري ِة‬ ‫ِ‬ ‫ُنات‬ ‫والسياسي‪ ،‬هو اجملتم ُع الذي حَييا التباي ِ‬ ‫والفوار َق بأوسع نطاقاتها فعالً‪ُّ .‬‬ ‫فكل جمموع ٍة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُنات‬ ‫اجتماعي ٍة مُيكنها‬ ‫العيش ضمن التباي ِ‬ ‫اليت ستَتَ َك َّو ُن ُملتَفّ ًة حول ثقافتها وهويتها‬ ‫الذاتية اخلاصة بها‪ ،‬ما دامت غريَ حمكوم ٍة‬ ‫بالثقاف ِة واملُوا َطن ِة ذات النمط الواحد‪ .‬كما‬ ‫َ‬ ‫الكشف عن طاقاتها الكامن ِة‬ ‫اجلماعات‬ ‫مبقدور‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وحتويلَها إىل حياةٍ فعال ٍة ونشيطة‪ ،‬بدءاً من‬ ‫ُنات السياسية‪ .‬كما ال‬ ‫ُنات اهلوية إىل التباي ِ‬ ‫تباي ِ‬ ‫ُ‬ ‫تتوج ُس أية مجاع ٍة من النمطية واملِثلية‪ .‬حيث‬ ‫َّ‬ ‫يُن َظر إىل أحادي ِة اللون على أنها سو ٌء ورذيلةٌ‬ ‫و َملَ ٌل وفقر‪ .‬بينما تعددي ُة األلوان حتتضن يف‬ ‫ماح َة واجلمال‪ .‬واملساواةُ‬ ‫والس َ‬ ‫أحشائها ال ِغنى َّ‬ ‫ِّ‬ ‫واحلري ُة تَ ُكونان راسختَني أكثر يف ظل هذه‬ ‫الظروف‪ .‬إذ أن املساواةَ واحلري َة ال تَ ُكونان‬ ‫قَيِّ َمتَني إال باستنادهما إىل التبايُن واالختالف‪.‬‬ ‫أما احلري ُة واملساواةُ املتحققتان على يد الدولة‬ ‫القومية‪ ،‬فهما أصالً من أجل االحتكارات فقط‪،‬‬ ‫التجارب القائمة ضمن العامل‬ ‫مثلما بُر ِه َن ذلك يف‬ ‫ِ‬ ‫أمجع‪ .‬ذلك أن احلريات واملساواة احلقيقية ال‬ ‫باحتكارات السلطة ورأس املال‪ .‬بل ال‬ ‫تُعطى‬ ‫ِ‬ ‫ميكن اكتسابهما إال بنم ِط السياسة الدميقراطية‬ ‫اجملتمع الدميقراطي‪ ،‬وال َصونهما إال بالدفاع‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫الذاتي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫السؤال التالي‪ :‬كيف ميكن لنظام حَ َ‬ ‫ت ُّم َل‬ ‫قد يُطرَح‬ ‫ٍ‬ ‫اجلواب الذي‬ ‫هذا الكم من التباين واالختالف؟‬ ‫ُ‬ ‫اجملتمع‬ ‫أساس‬ ‫سيُعطى هو أن الوحدةَ تَكمن يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫األخالقي والسياسي‪ .‬فالقيم ُة الوحيدةُ اليت لن‬ ‫يَدف َع ُّ‬ ‫أي فر ٍد أو مجاع ٍة مثنَها‪ ،‬هي اإلصرار‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫على البقاءِ جمتمعا أخالقيا وسياسيا‪ .‬فاجملتم ُع‬ ‫األخالقي والسياسي هو الشر ُط الوحيد الكايف‬ ‫من أجل التباين ومن أجل املساواة واحلرية‪.‬‬ ‫اجملتم ُع الدميقراطي يُثبِ ُت جدارتَه تدرجيياً‬ ‫بوصفه احلال ِة العصري َة للمجتمع التارخيي ذاك‪.‬‬ ‫تَستَخ ِد ُم الليربالي ُة كماً كبرياً من احلجج‬ ‫قلب هذه احلقيق ِة رأساً‬ ‫واألدوات يف سبيل ِ‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫على َعقِب‪ ،‬باعتبارها األيديولوجي َة املركزي َة‬ ‫لنظام النزع ِة العصري ِة الرمسي‪ ،‬حبيث تَكا ُد‬ ‫ِ‬ ‫تُطابِ ُق بني الليربالية والدميقراطية‪ ،‬خالق ًة‬ ‫مشوش ًة كلياً‪.‬‬ ‫بذلك أجواءً من االصطالحات َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وبالرغم من أن الليربالي َة أيديولوجية‪ ،‬فمطابَقتها‬ ‫ري‬ ‫مع الدميقراطية اليت هي نظا ٌم سياسي‪ ،‬خ ُ‬ ‫مثا ٍل على ذلك‪ .‬بينما هي يف مضمونها تَعين‬ ‫التدمريات اليت ال ميكن كب َح مجاحها‪ ،‬واليت‬ ‫ُ‬ ‫يتسبب بها الفر ُد جتاه اجملتمع‪ .‬وهذا بدوره‬ ‫ما يُبرَ ِه ُن سيادةَ‬ ‫االحتكارات وحاكميتَها على‬ ‫ِ‬ ‫اجملتمع‪ .‬شتى أنواع النزعة الفردية غري‬ ‫الدميقراطية تنزع حنو الديكتاتورية‪ ،‬بدءاً من‬ ‫العائلة وصوالً إىل الدولة‪ .‬بينما الشخصاني ُة‬ ‫الدميقراطي ُة خمتلفة‪ ،‬حيث تُولي األولوي َة للفرد‬ ‫الصوت والقرارَ املشرت َكني للمجتمع‪.‬‬ ‫بوصفه‬ ‫َ‬ ‫فالفر ُد ال يتميز بقيم ٍة ملحوظة‪ ،‬إال لدى عمله‬ ‫أساساً بهذا الصوت والقرار‪ .‬حينئذ حيتل مكان ًة‬ ‫قديرة يف اجملتمع‪ .‬إذن‪ ،‬واحلال هذه‪ ،‬فالفردي ُة‬ ‫الليربالي ُة منا ِهض ٌة للدميقراطية‪ ،‬باعتبارها ضرباً‬ ‫عد هلا وال َحصر‪.‬‬ ‫ضروب االحتكارات اليت ال َّ‬ ‫من ِ‬ ‫تعقيدات اصطالحي ٍة ليربالي ٍة أو‬ ‫وما ِمن ثرثرةٍ أو‬ ‫ٍ‬ ‫نيوليربالي ٍة (ليربالية حُمدَثة) مبقدورها تغيريَ‬ ‫خاصيتها األصلية هذه‪ .‬فالليربالي ُة املستخدَمة‪،‬‬ ‫واليت تعين حرفياً‬ ‫مذهب احلرية‪ ،‬قد أَثبَتَت‬ ‫َ‬ ‫يف التطبيق العملي عج َزها عن الذهاب بذلك إىل‬ ‫التطور الالحمدو ِد لالحتكارات فقط‪.‬‬ ‫أبعد من‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫فاحلري ُة املعروضة ظاهرا ُمكبَّلة عمليا باألصفاد‬ ‫واألغال ِل األيديولوجية واملادية املتعددة كثرياً مبا‬ ‫ال مثي َل هلا تارخيياً حتى يف أنظم ِة الفراعنة‪.‬‬ ‫اكتساب معناها يف‬ ‫فاحلري ُة احلقيقي ُة ال ميكنها‬ ‫َ‬ ‫جمتمع ما‪ ،‬إال لدى تدعيمها بالبُع ِد االجتماعي‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ري املدعوم ِة جمتمعياً‪ ،‬ال‬ ‫بينما‬ ‫ُ‬ ‫احلريات الفردي ُة غ ُ‬ ‫َ‬ ‫االحتكارات‬ ‫إلنصاف‬ ‫ميكن أن تعين إال التبعية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وضع يَ ُش ُّذ على‬ ‫عن‬ ‫بدوره‬ ‫وعدالتها‪ .‬وهذا ما يُ َعبرَُّ‬ ‫روح احلرية‪ .‬أما قضي ٌة كاملساواة‪ ،‬فالٍ تَش َغ ُل بالَ‬ ‫الليربالية بتاتاً‪.‬‬ ‫األخالقي احلال َة القصوى من‬ ‫يحَ يا اجملتم ُع‬ ‫ُّ‬ ‫احلصار والعطال ِة والضمور يف تارخيه ضمن‬ ‫ِ‬ ‫الشيفرات‬ ‫ظروف احلداثة الرأمسالية‪ .‬كما أُقِي َمت‬ ‫ُ‬ ‫احلقوقي ُة مقامَ القواع ِد األخالقي ِة فيه مبا ال مثيل‬ ‫له يف أي ِة مرحل ٍة تارخيية‪ .‬حيث تَف ُر ُ‬ ‫ض طبق ُة‬ ‫البورجوازي ِة حاكميتها الطبقية ِّ‬ ‫بأدق تفاصيلها‬ ‫بتشفريها حتت اسم احلقوق‪ ،‬بعد تهميشها‬ ‫َّ‬ ‫حمل‬ ‫لألخالق‪ ،‬لِيَ ُح َّل اجملتم ُع احلقوقي‬ ‫اجملتمع األخالقي‪ .‬إننا هنا وجهاً لوج ٍه أمام‬ ‫ِ‬ ‫جد هام‪ ،‬حيث تُصاد ُ‬ ‫َف مساعي القوننة‬ ‫تغيري ِّ‬ ‫ٍ‬

‫فكرية‬

‫‪9‬‬

‫تارخيياً‪ ،‬لكن أياً منها مل خُتنَ ْق يف التفاصيل مثلما‬ ‫احلال عليه يف حداث ِة البورجوازية‪ .‬فما يتحقق‬ ‫هنا يف احلقيق ِة هو بس ُط وخل ُق النزع ِة االحتكاري ِة‬ ‫الطبقية باسم احلقوق‪ .‬ذلك َّ‬ ‫أن إدارةَ طبيع ٍة معقَّدةٍ‬ ‫ري ممكن‪ .‬ال‬ ‫للغاية كاجملتمع عرب احلقوق أم ٌر غ ُ‬ ‫للحقوق مكانتُها يف اجملتمع‪ ،‬بشر ِط أ ْن‬ ‫ريب أنه‬ ‫ِ‬ ‫تَ ُكو َن عادلة‪ ،‬وحينها ال ميكن االستغناء عنها‪.‬‬ ‫لكن ما يُفرَ ُ‬ ‫ض على اجملتمع من قِبَ ِل الدولة باسم‬ ‫احلقوق الوضعي ِة ليس حقوقاً‪ ،‬بل هو احتكاري ُة‬ ‫ِ‬ ‫الطبق ِة واألم ِة احلاكم ِة املُ َض َّمنَ ُة ضمن احلقوق‪،‬‬ ‫األخالق ٌ‬ ‫رديف‬ ‫وهو قواع ُد الدولة القومية‪ .‬إفسا ُد‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ريات تؤيد مصداقية هذه‬ ‫لفسا ِد اجملتمع‪ .‬واملجُ ُ‬ ‫فاجملتمعات املُفَ َّضلَ ُة اليوم كالواليات‬ ‫احلقيقة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫املتحدة األمريكية وروسيا عاجز ٌة عن إحياءِ ذاتها‬ ‫األوضاع القالبية‪،‬‬ ‫ولو ساع ًة واحدة دون وجو ِد‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ويتحول‬ ‫أي دون القواع ِد احلقوقي ِة الرمسية‪.‬‬ ‫اجملتم ُع بني احلني َ‬ ‫واآلخر إىل ساح ٍة ُمرَ ِّوع ٍة‬ ‫نالح ُظ يف مراحل األزمة احلرجة‪.‬‬ ‫مثلما ِ‬ ‫يف حقيق ِة األمر‪ ،‬فهذا الوض ُع يُ َعبرُِّ عن حقيق ٍة‬ ‫تعريف الدولة القومية‬ ‫ما‪ .‬إذ كنا قد أشرنا لدى‬ ‫ِ‬ ‫اجملتمع‬ ‫احلرب املفروض ِة على‬ ‫إىل أنها حال ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُت برها ُن هذه احلقيقة يف‬ ‫حتى مساماته‪ .‬ويَثب ُ‬ ‫مراحل املأزقية واألزماتية‪ .‬فأعلى مستوى من‬ ‫احلقوق‬ ‫جمتمعات‬ ‫طاق ِة األزم ِة املستفحلة تحَ ِملُه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫والسبب هو افتقا ُرها للمبدأ األخالقي‪.‬‬ ‫الرمسية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وإ ْن كانت البيئ ُة حتيا األزم َة بأبعا ِدها الكارثية‪،‬‬ ‫حقوق‬ ‫تطوير‬ ‫فالسبب يف ذلك يَعُو ُد إىل عدم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫افتقارها للبُع ِد األخالقي‪ .‬علماً‬ ‫البيئ ِة بعد‪ ،‬مقاب َل ِ‬ ‫أن البيئ َة موضو ٌع ال ميكن محايتَه باحلقوق‪،‬‬ ‫َد ُد‬ ‫ري‬ ‫احلقوقي يحُ ِّ‬ ‫كونَها بال نهاية‪ ،‬بينما التأث ُ‬ ‫ُّ‬ ‫النطا َق ألقصى الدرجات‪ .‬بناءً عليه‪ ،‬ففي‬ ‫أساس القضي ِة األيكولوجي ِة يَكم ُن التَّ َج ُّر ُد من‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫عاجز عن‬ ‫جمتمع‬ ‫أي‬ ‫األخالقي‪.‬‬ ‫اجملتمع‬ ‫مبدأ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اجلدير ملبدأ اجملتمع األخالقي‪ ،‬هو‬ ‫الشأن‬ ‫ء‬ ‫إيال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جمتم ٌع مفتق ٌر للقدرةِ على الدميومة‪ ،‬سواءً ببنيته‬ ‫املرحلي يُوَ َّض ُح ذلك‬ ‫الداخلية أم ببيئته‪ .‬والواق ُع‬ ‫ُّ‬ ‫بأفضل األشكال‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫النقا ُط عينُها ساري ُ‬ ‫اجملتمع‬ ‫على‬ ‫املفعول‬ ‫ة‬ ‫ِ‬ ‫وضع اإلرادةِ البريوقراطي ِة‬ ‫السياسي أيضاً‪ .‬فلدى‬ ‫ِ‬ ‫العمالقة للدولة القومية َّ‬ ‫حمل السياسة‪ ،‬ال تبقى‬ ‫وحك ُم‬ ‫هناك فاعلي ٌة دميقراطية للمجتمعات‪ُ .‬‬ ‫الدولة القومية املتغلغل حتى ِّ‬ ‫أدق مسامات‬ ‫اجملتمع بوَض ِعه هذا‪ ،‬إمنا يُ َعبرِّ عن احلال ِة‬ ‫املشلولة للمجتمع‪ .‬فمجتم ٌع تَرَ َك َّ‬ ‫كل ممارساته‬ ‫ِ‬ ‫وأعماله املشرتكة للبريوقراطية‪ ،‬يمَ ُُّر فعالً حبال ِة‬ ‫شلل ثقيل ٍة ذهنياً وإرادةً على السواء‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫السنة األول‬

‫مجلة دجلة‬

‫اجملتم ُع الدميقراطي‪ ،‬الذي هو‬ ‫ُ‬ ‫للمجتمع‬ ‫حالة احلداث ِة العصري ِة‬ ‫ِ‬ ‫األخالقي والسياسي‪ ،‬هو اجملتم ُع‬ ‫ُنات والفوار َق‬ ‫الذي حَييا التباي ِ‬ ‫بأوسع نطاقاتها فعالً‪ُّ .‬‬ ‫فكل‬ ‫ِ‬ ‫جمموع ٍة اجتماعي ٍة يمُ كنها َ‬ ‫العيش‬ ‫ُنات اليت ستَتَ َك َّو ُن‬ ‫ضمن التباي ِ‬ ‫ُملتَفّ ًة حول ثقافتها وهويتها‬ ‫الذاتية اخلاصة بها‪ ،‬ما دامت‬ ‫ري حمكوم ٍة بالثقاف ِة واملُ َ‬ ‫واطن ِة‬ ‫غَ‬ ‫ذات النمط الواحد‬ ‫وأوروبا املنتبه ُة لذلك مل يَ ُك تَ َشبُّثُها بكل طاقتها‬ ‫باملبدأ السياسي الدميقراطي بال سبب‪ .‬وتَقَ ُّد ُمها‬ ‫لحِ َ ٍّد ما ـ وإ ْن كان حمدوداً ـ ينبع من تَر ِكها‬ ‫َ‬ ‫اجملال مفتوحاً أمام السياس ِة االجتماعية إىل‬ ‫جانب البريوقراطية‪.‬‬ ‫حسب دول ِة احلداث ِة القومية‪ ،‬فاجملتم ُع‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َد ُد وجودَها ووحدتها وتكا ُملها‪.‬‬ ‫السياسي خط ٌر يُه ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تضييق‬ ‫ق‬ ‫نطا‬ ‫َّت‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫اليت‬ ‫القومية‪،‬‬ ‫بَيْ َد أن الدولة‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫اخلناق على العنصر السياسي امل َعبرِّ ِ عن حال ِة‬ ‫وجو ِد اجملتمع لِتَجعلَه يف حال ٍة معطوب ٍة فعلياً‪،‬‬ ‫ال يَقتص ُر ُحك ُمها على تسلي ِط البريوقراطي ِة‬ ‫يف دميوقليس‪ ،‬بل ويخَ نُ ُق‬ ‫على‬ ‫اجملتمع َك َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫مدار الساعة‪ .‬ومثلما أن هذا‬ ‫اجملتم َع بها على ِ‬ ‫َ‬ ‫يُ َع ُّد قضي َة الفلسف ِة السياسي ِة األساسية على‬ ‫عائق على درب‬ ‫اإلطالق لراهننا‪ ،‬فهي أكرب ٍ‬ ‫نت‬ ‫كنت قد بَيَّ ُ‬ ‫احلياة عملياً بوصفها فاشية‪ُ .‬‬ ‫سابقاً أن هتلر شخصياً قد ُمنيِ َ بالفشل‪ ،‬لكن‬ ‫نظا َمه حظي بالنصر‪ .‬والدولتي ُة القومي ُة رديف ٌة‬ ‫لفاشي ِة هتلر من حيث كونها تعين القضاءَ على‬ ‫الشخص الذي أَعلَ َن‬ ‫اجملتمع السياسي (هتلر هو‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫شخص‬ ‫ذلك وتَبَنّاه رمسياً‪ ،‬ولو أنه ليس أول‬ ‫ٍ‬ ‫بشكل حمض)‪.‬‬ ‫جَن َح يف ذلك ٍ‬ ‫اجملتم ُع املفتق ُر إىل املبدأ السياسي‪ ،‬أو أنه‬ ‫معطوب لديه‪ ،‬أو ُمباد؛ هو ليس سوى جث ٌة‬ ‫ٌ‬ ‫هامدة‪ .‬ويف أحسن األحوال‪ ،‬فقد يُ َعبرُِّ عن‬ ‫اجملتمع املستَع َمر‪ .‬هلذا السبب بالذات‪،‬‬ ‫ِ‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪10‬‬

‫مشروع‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫فالوظيف ُة اليت أنا َط اجملتم ُع الدميقراطي املبدأَ‬ ‫السياسي بها تتسم بأهمي ٍة حياتية‪ .‬وتَفَ ُّو ُقه كنظام‬ ‫َّ‬ ‫أولي على ذلك‪.‬‬ ‫برهان‬ ‫خُ‬ ‫ري ٍ ٍّ‬ ‫تضييق‬ ‫تاري ُخ املدني ِة مبعنى من املعاني هو تاري ُخ‬ ‫ِ‬ ‫ناق على اجملتمع السياسي‪ ،‬وتهميشه بِ َشلِّ‬ ‫ا ِ‬ ‫خل ِ‬ ‫وت ُّو ُ‬ ‫وظيفته وفاعليته‪ .‬حَ َ‬ ‫اجملتمع طبقياً مل يَ ُكن‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ممكناً إال بقمع النضال السياسي ِّ‬ ‫الشاق واحلاسم‬ ‫ِ‬ ‫لصاحل الدولة‪ .‬جيب االنتباه بدق ٍة بالغ ٍة هلذا‬ ‫ِ‬ ‫األمر‪ .‬فحتى املاركسيون األكثر انشغاالً بقضي ِة‬ ‫تشخيص طبيع ِة‬ ‫الصراع الطبقي بَقَوا عاجزين عن‬ ‫ِ‬ ‫بشكل صحيح‪ .‬بل ومل يتمالكوا‬ ‫التحول الطبقي ٍ‬ ‫أنف َسهم من تقييم التحول الطبقي بأنه فضيلةٌ‬ ‫حَ ُ‬ ‫ت ُّث على تَقَد ُِّم احلضارةِ واملدنية‪ .‬واعتَ رَبوا‬ ‫تنا ُولَه كمرحل ٍة ضروري ٍة ينبغي على التاريخ أن‬ ‫بد‬ ‫يمَ َُّر منها‬ ‫بشكل ُمطلَق‪ ،‬وكعالق ٍة َج ْس ِريَّ ٍة ال َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ضرورات املادي ِة التارخيية‪.‬‬ ‫منها على أنه من‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الطبقي يف حتليالتي بشأن‬ ‫التحول‬ ‫مت‬ ‫لقد قَيَّ ُ‬ ‫َّ‬ ‫اجملتمع‬ ‫املدنية على أنه تضيي ُق‬ ‫ِ‬ ‫اخلناق على َ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫َّدت‬ ‫السياسي واألخالقي‪ ،‬وتعطيل له؛ وشد ُ‬ ‫بأهمي ٍة بالغ ٍة على أنه كلما تصاع َد التحولُ‬ ‫الطبقي‪ ،‬كلما َخ َض َع اجملتم ُع ملزي ٍد من هيمن ِة‬ ‫السلط ِة والدولة‪ .‬والتاري ُخ مبعناه هذا عبارة عن‬ ‫َ‬ ‫َد‬ ‫التحول‬ ‫طبقي حمتدم‪ .‬لكن‬ ‫الطبقي حِب ِّ‬ ‫َّ‬ ‫صراع ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ذاتِه‪ ،‬دعك من أ ْن يَكو َن تَقدُّما أو تَط ُّورا؛ بل‬ ‫هاو اجتماع ّي‪ .‬وأخالقياً‬ ‫بالعكس‪ ،‬هو تَ ُ‬ ‫راج ٌع وتَ ٍ‬ ‫سيئ‪ ،‬وليس َح َسناً‪ .‬أما الزع ُم بأن‬ ‫إنه تَ َط ُّو ٌر ٌ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫درب‬ ‫التحول‬ ‫َّ‬ ‫الطبقي حمطة ال مفر منها على ِ‬ ‫التقدم‪ ،‬بل وحتدي ُد ذلك بأنه تعب ٌري ماركسي؛‬ ‫إمنا هو خطأٌ َجسي ٌم يف نضا ِل احلرية‪.‬‬ ‫اجملتمعات‬ ‫السياسي مع‬ ‫لدى مقارنتنا اجملتم َع‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫تعريف له هو أنه مقاومتُه الدائمة‬ ‫الطبقية‪ ،‬فأسلَُم‬ ‫ٍ‬ ‫جتاه التحول الطبقي‪ .‬فاجملتم ُع الذي يجُ ري‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫مستوى من التحو ِل الطبقي‪ ،‬هو اجملتم ُع‬ ‫أقل‬ ‫بعدم‬ ‫األفضل‪ .‬وجنا ُح النضا ِل السياسي يتحدد ِ‬ ‫خضو ِعه للتحول الطبقي‪ .‬أي أنه ال ميكن‬ ‫ِ‬ ‫بعدم‬ ‫الكفاح‬ ‫الربهان على‬ ‫ِّ‬ ‫السياسي الناجح‪ ،‬إال ِ‬ ‫بعدم‬ ‫إخضا ِعه جمتم َعه للتحول الطبقي‪ ،‬بالتالي ِ‬ ‫ِّ‬ ‫األحادي اجلانب من ِقبَ ِل‬ ‫العنف‬ ‫إقحا ِمه حتت ِ‬ ‫ُ‬ ‫احلديث عن نضا ٍل‬ ‫أجهزةِ السلطة والدولة‪ .‬بينما‬ ‫اجملتمعات اليت تعاني من‬ ‫سياسي ناجح يف‬ ‫ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫عنف السلطةٍ والدولة حتى حلقِها‪ ،‬فهو ضاللٌ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫لعنف السلط ِة‬ ‫ا‬ ‫بتات‬ ‫اإلذعان‬ ‫عدم‬ ‫أما‬ ‫جدي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والدولة (بهذا املعنى‪ ،‬فال أهمي َة ملحوظة أل ْن‬ ‫يَ ُكو َن ُ‬ ‫العنف داخلياً أم خارجياً‪ ،‬قوموياً أم غريَ‬ ‫ُ‬ ‫االعرتاف بالسلط ِة والدولة اعتماداً جدي ٍد من قبيل الرأمسالية أو االشرتاكية من‬ ‫قوموي)‪ ،‬أو‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َددُه النضال خالل العصرانية الدميقراطية‪ .‬بل إنها تشري إىل‬ ‫ة‬ ‫حصيل‬ ‫َل‬ ‫د‬ ‫املتبا‬ ‫على الرضى‬ ‫وفاق حُي ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫اصطالحات دعائي ٌة بعيد ٌة‬ ‫املصطلحات‬ ‫هذه‬ ‫أن‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬

‫للمجتمع‬ ‫احملتدم؛ فهو الوض ُع األمثل بالنسبة‬ ‫ِ‬ ‫السياسي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫مراحل املدنية اليت‬ ‫آخ ُر‬ ‫احلداث ُة الرأمسالية هي ِ‬ ‫ِ‬ ‫يَ ِضي ُق فيها اخلنا ُق على اجملتمع السياسي‬ ‫استيعاب هذا األمر‬ ‫ويُ َع َّطل ألقصى حد‪ .‬ينبغي‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫السياسي‪ ،‬بل وحتى السياس ُة‬ ‫فالنضال‬ ‫جيداً‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫تعبري الليربالي ِة بوصفها‬ ‫حسب‬ ‫الدميقراطية‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫آلخ ِر‬ ‫ران‬ ‫متطو‬ ‫هما‬ ‫إمنا‬ ‫أيديولوجية‪،‬‬ ‫هيمن ًة‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫درجة يف عهدها‪ .‬هذه املزا ِع ُم اليت تتبدى‬ ‫صحيح ًة لدى النظر إليها من السطح‪ ،‬إمنا تُ َع رُِّب‬ ‫عن النقيض مضموناً‪ .‬فهو العه ُد الذي حييا فيه‬ ‫األخالقي والسياسي حالتَه املعطوبَ َة‬ ‫اجملتم ُع‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫األعظمي للنزعة‬ ‫التطوير‬ ‫القصوى‪ ،‬حصيلة‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الفردية واالحتكارية تارخيياً‪ .‬فالدول ُة القومي ُة‬ ‫باعتبارها السلط َة القُصوى‪ ،‬تعين اجملتم َع‬ ‫ِ‬ ‫الالسياسي لدرج ٍة قصوى‪ .‬أي أن الدول َة القومي َة‬ ‫َّ‬ ‫تُوَلِّ ُد جمتمعاً كهذا‪ .‬بل وال يَبقى يف الوسط شي ٌء‬ ‫امسه اجملتمع‪ .‬فكأن اجملتم َع مصهو ٌر يف بوتق ِة‬ ‫الدولة القومية والشركات املُتَ َعولمَِة‪ .‬وميشيل‬ ‫اجملتمع يف هذه النقطة‬ ‫فوكو يَعتَ رِ ُب الدفا َع عن‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫االفتقار إىل‬ ‫تقييم‬ ‫ِ‬ ‫أساسا للحرية‪ .‬وال يَقت ِص ُر َُيفَ ِ‬ ‫اجملتمع(من ِقبَ ِل الفردية املتط ِّرفة واالحتكارات‬ ‫ِ‬ ‫بوصفِها احلداث َة نف َسها) على أنه ُخسرا ٌن للحري ِة‬ ‫وحسب‪ ،‬بل ُ‬ ‫لإلنسان أيضاً‪.‬‬ ‫وخسرا ٌن‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫بهذا املعنى‪ ،‬فالعصرانية الدميقراطية املخرَ ُج‬ ‫بالتناس ِب طردياً مع مدى‬ ‫يل احلرية‬ ‫ُ‬ ‫الوحي ُد لِنَ ِ‬ ‫محاي ِة اجملتمع والدفاع عنه‪ .‬فاجملتم ُع املداف ُع‬ ‫طريق السياس ِة الدميقراطية (جتاه‬ ‫عن ذاته عن ِ‬ ‫النزعة الفردية والدولة القومية واالحتكارات)‪،‬‬ ‫ُصيرُِّ ذاتَه جمتمعاً دميقراطياً عصرياً من‬ ‫يَ‬ ‫نسيجه السياسي‪ .‬بينما اجملتمع‬ ‫خالل تفعيلِه َ‬ ‫ُّ‬ ‫العصري بدوره يُثبِ ُت تَفَ ُّوقَه بإحيائه‬ ‫الدميقراطي‬ ‫للتبايُن واالختالف والتعددية الثقافية‪ ،‬وإنعا ِشه‬ ‫للمساواة تأسيساً على ذلك‪ ،‬بوصفه اجملتم َع‬ ‫الذي يُفَ ِّك ُر ويُناقِ ُش مجي َع شؤونِه االجتماعية‪،‬‬ ‫إلدراجها حي َز التنفيذ‪.‬‬ ‫ويَتَّ ِخ ُذ قراراتِه بشأنها‬ ‫ِ‬ ‫هكذا‪ ،‬فالعصراني ُة الدميقراطية ال تَقتَ ِصر بذلك‬ ‫سليم‬ ‫خوض‬ ‫على ِ‬ ‫الصراع الطبقي على ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أساس ٍ‬ ‫خَ‬ ‫وحسب‪ ،‬بل وال تن ُق جمتم َعها بسلط ٍة أو دول ٍة‬ ‫جديدة (اخلطأُ‬ ‫ُّ‬ ‫التارخيي لالشرتاكية‬ ‫املأساوي‬ ‫ُّ‬ ‫املشيدة)‪ ،‬وال تَقَ ُع يف هذه املَصيَ َدةِ التارخيية‪.‬‬ ‫درك ٌة ألنه كلما حَ َ‬ ‫ت َّولَت إىل سلط ٍة أو دولة‪،‬‬ ‫فهي ُم ِ‬ ‫ُ‬ ‫الطبقي باملِثل‪ ،‬وبالتالي‪،‬‬ ‫فسيتنامى التحول‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫النضال الطبق ّي‪ .‬من هنا‪ ،‬عليها تَبيا َن‬ ‫فسيَخ َس ُر‬ ‫أهم مزاياها األولية‪.‬‬ ‫اإلدراك هذا على أنه أح َد ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫جمتمع‬ ‫ط‬ ‫من‬ ‫ق‬ ‫خل‬ ‫يتم‬ ‫فال‬ ‫مفهوم‪،‬‬ ‫هو‬ ‫حسبما‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الدميقراطية تتحلى‬ ‫العصرانية‬ ‫خباصي ِة النظام الذي ُيبقي الباب‬ ‫سبيل التغيري‬ ‫مفتوحاً أمام ِ‬ ‫الشرعي‬ ‫توصيف اجملتمع‪ .‬ال شك أنه يتم إجناز‬ ‫عن‬ ‫ِ‬ ‫دميقراطي‬ ‫جمتمع ما‪ .‬لكن هذا اجملتم َع جمتم ٌع‬ ‫ٌّ‬ ‫ٍ‬ ‫عصري يُؤدي فيه املبدأُ‬ ‫ٌّ‬ ‫والسياسي‬ ‫األخالقي‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫الطبقي فيه عن‬ ‫عجز التحول‬ ‫دوراً أعظميا‪ ،‬ويَ َ‬ ‫ُّ‬ ‫إجيا ِد فرص ٍة للتطور امللحو ِظ ضمنه‪ ،‬بالتالي‪،‬‬ ‫إما أن أجهزةَ السلط ِة والدولة تبقى عاجزةً عن‬ ‫فرض تَ َع ُّسفِها‪ ،‬أو أنها تتحقق بالتأسيس على‬ ‫ِ‬ ‫بوفاق مبتادَل‪ ،‬وتَنتَ ِع ُش فيه الوحدةُ‬ ‫اعرتاف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ضمن التبايُن‪ ،‬واملساواةُ واحلري ُة والشخصاني ُة‬ ‫(وليس النزعة الفردية) كخاصي ٍة للمجتمعية‪.‬‬ ‫ذلك أن املزي َد من املساواةِ واحلري ِة والدميقراطية‬ ‫والتطو ِر الذي أف َس َحت مؤسس ُة‬ ‫ُّ‬ ‫مثر ٌة للتغيرُّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُكم طبيع ِة‬ ‫السياسة الدميقراطية اجملال أمامه حِب ِ‬ ‫هذا اجملتمع‪.‬‬ ‫والسياسي يف ِّ‬ ‫وأماكن وجودنا‪.‬‬ ‫كل ذكرياتنا‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الفصول األخريةُ من اآلن فصاعداً سوف تُعنى بهذه‬ ‫املواضيع‪.‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫مشروع‬

‫‪11‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫السنة األول‬

‫مجلة دجلة‬

‫الهجمات على الشعب اإليزدي في التاريخ‬

‫داود ُمـراد خـتاري‬

‫آراء الباحثني حول احلمالت‬ ‫ما أورده أدناه هو آراء الباحثني من كافة‬ ‫القوميات وامللل منهم الرتك والفرس والعرب‬ ‫والكرد واالنكليز واألملان والروس والفرنسيني‪...‬‬ ‫اخل‪.‬‬ ‫مل يؤخذ رأي االيزديني خوفاً من االلتجاء إىل‬ ‫العاطفة لكون املصيبة حلت بأجدادهم‪ ،‬أ ّما ما‬ ‫كتبه الكتاب العثمانيني يف كتبهم و سالناماتهم‬ ‫ال يعترب إال وجهة نظر قادتهم وسالطينهم‪.‬‬ ‫األيزدية كما وصفها املرحوم أمحد مال خليل‬ ‫املشخيت وهو باحث تارخيي وابن عامل جليل‬ ‫من علماء الكورد املسلمني‪(:‬إن االيزديني قوم‬ ‫بسطاء مساملون بعكس ما كان الناس حيسبونهم‬ ‫قضيت كل عمري‬ ‫أغواالً يأكلون الناس‪ ،‬لقد‬ ‫ُ‬ ‫تقريباً بينهم ومعهم‪ ،‬فما رأيت منهم إال النبل‬ ‫والشهامة واألدب واألخالق الكرمية والكرم‬ ‫والشجاعة‪ ،‬وهُم مفرطون يف القناعة‪ ،‬حيث إن‬ ‫شعارهم يدل على كينونتهم (ئة م ئيَزدينة‪ ،‬ب‬ ‫قةتة كى نانى جةهي درازينة ـ حنن إيزيديون‬ ‫راضون بكسرة من خبز الشعري‪...)!..‬‬ ‫لكن هل تركوا ليأكلوا كسرة خبز الشعري‪..‬؟؟!!‪..‬‬ ‫كال‪ !..‬فقد اتهموهم بالكفر و‪ ...‬واستبيحت‬ ‫وح ّط البعض من أخالقهم وعاداتهم‪،‬‬ ‫دمائهم َ‬ ‫وبعدها حوربوا على م ّر العصور ومل يرمحهم‬ ‫احد‪ .‬شنوا عليهم حرباً شعواء‪ ،‬استعملوا فيها‬ ‫مجيع الطرق‪ ،‬و نكلوا بالقائمني عليها حتى‬ ‫أبادوا منهم مئات األلوف وشردوا اآلخرين‬ ‫حتت كل مساء حتى اضطروا إىل االنتساب‬ ‫جلنسية احلكام والقبائل القوية‪ ،‬وكانوا يريدون‬ ‫من وراء ذلك التخلص من الظلم واملضايقات‪،‬‬ ‫ولكن دون جدوى ـ قلدوهم يف بعض الشعائر‬ ‫والطقوس الدينية وسايروهم يف بعض املناسبات‬ ‫تسرتاً وإتقاءاً لكن دون فائدة!‪.‬‬ ‫مل يكتف الغزاة بالقتل والتشريد إمنا قاموا خبلق‬ ‫افرتاءات ال أساس هلا من الصحة بتاتاً‪ ،‬لعلهم‬

‫يؤلبون كل اإلنسانية ضدهم‪ ،‬يف الدين االيزدي‬ ‫ارث هائل من الطقوس واملراسيم اليت تضرب‬ ‫جبذورها يف بعض حلقاتها أعماق الزمن وهو‬ ‫قاسم مشرتك ملختلف األديان اليت عاشت‬ ‫ومترست بها الشعوب اآلرية‪ .‬أفال حيق لنا‬ ‫االحتفاظ بهذا اإلرث احلضاري؟ ثم أال حيق‬ ‫لنا أن نفتخر بهؤالء األبطال الذين صانوا ما كنا‬ ‫ندين به حنن الكرد؟ ليعلم من ال علم له وليعرف‬ ‫مدى الكوارث والنكبات اليت تعرض هلا إخواننا‬ ‫االيزديون وكم حتملوا من جور واضطهاد وظلم‬ ‫من الفرس‪ ،‬العرب‪ ،‬واألتراك‪ ،‬خاصة الذين كان‬ ‫يؤلبون إخوانهم الكرد املسلمني عليهم من باب‬ ‫فرق تسد‪.‬‬ ‫كانت كردستان قبل الفتح اإلسالمي تدين‬ ‫بالزردشتية واملثروية واملسيحية واليهودية‪ ،‬ويف‬ ‫سنة ‪ 20‬هجرية (‪ 640‬ميالدية) مت فتح معظم‬ ‫املناطق الكردية ومن ضمنها منطقة(داسانا أو‬ ‫داسري) كما كتب عنها صاحب فتوح البلدان‬ ‫ودخل قسم من سكنه املنطقة اإلسالم‪ ،‬وأبى‬ ‫آخرون ورضوا بدفع اجلزية وصاحلوا الفاحتني‬ ‫على ذلك‪ ،‬وليس لدينا معلومات عن إسالم كافة‬ ‫األكراد دفعة واحدة‪ ،‬حيث ظل قسم منهم على‬ ‫دينهم القديم وأبوا ترك معتقدهم وكان منهم‬ ‫(الداسنية)‪.‬‬ ‫عاش الكرد (الداسنيون) مع إخوانهم الكرد‬ ‫(املسلمون) فرتة طويلة من الزمن بهدوء وصفاء‬ ‫وطمأنينة مل يعكر صفوهم االختالف يف (الدين)‬ ‫بسب كونهم منحدرين من قبيلة وعشرية واحدة‪،‬‬ ‫اسلم قسم منهم ومل يسلم الباقون‪ ،‬حتى ظهور‬ ‫األتراك الذين استمروا يف السيطرة على اإلمارات‬ ‫الكردية‪ ،‬حينها استعملوا صالح الدين ضمن‬ ‫سياستهم (فرق تسد) وهكذا بدأت محالت‬ ‫اإلرهاب والقتل والتدمري حبق هؤالء املساكني‪.‬‬ ‫يقول الشاعر والباحث عبد الرمحن املزوري‪ :‬إ ّن‬ ‫تسرتَ االيزدية يوماً ما جبهة ما‪ ،‬ما هي إال خوفاً‬ ‫من حموهم وأبادتهم‪ ،‬بعد تعرضهم املستمر إىل‬ ‫القهر واهلولوكوست والفتاوى الظاملة‪.‬‬ ‫ويقول احملامي عباس العزاوي عن الويالت‬ ‫واحلمالت على أبناء هذه الديانة‪ :‬إ ّن انتزاع‬ ‫ليس باألمر اهلني أو السهل ‪َ ...‬مهما‬ ‫العقيدة َ‬ ‫كانت درجتها من الصحة‪ ،‬فال حيمل أمثال‬ ‫هذه الوقائع من شدة التمسك على األحقية بوجه‬ ‫وإمنا تفسر بان العقيدة طبيعية أو خلقية يف البشر‬

‫وإذا رسخت فال خترج بسهولة‪ ،‬حتى وال بقسر‬ ‫وقسوة‪.‬‬ ‫أما جرنوت فيسنر فيذكر‪ :‬إ ّن لكل أسرة ايزدية‬ ‫حكاية عن خطف النساء واألطفال من قبل الكرد‬ ‫والرتك والفرس‪.‬‬ ‫وتوما بوا يقول‪ :‬ويف القرن السابع عشر‪ ،‬مل تفد‬ ‫املذابح املكررة إال يف تعمق اليزيديني يف ممارسات‬ ‫واعتقادات‪.‬‬ ‫ويقول الشهيد أنور املايي‪ :‬لقد كانت نفوس‬ ‫الكرد األيزديني قبل قرن ونصف مليوناً وربع‬ ‫مليون ولكنهم حتطموا أمام أمواج التاريخ شيئاً‬ ‫فشيئاً إىل أن مل يبقى منهم سوى ثالمثئة ألف‪.‬‬ ‫ويبني املؤرخ صديق الدملوجي‪ :‬إ ّن أكثر من‬ ‫مليوني ايزيدي قتلوا حبد السيف ومل يرضوا‬ ‫التخلي عن دينهم وال اخلضوع للعدو‪.‬‬ ‫ويوصف املهندس املدني (كارسنت نيبور‬ ‫‪ )CARSTEN NEABUHR‬كاتب خمتص يف‬ ‫شؤون الشرق األوسط وهو أملاني دمنركي والذي‬ ‫زار املنطقة‪ ،‬الذي كان يعمل يف مناطق املوصل‬ ‫(‪1767 -1761‬م) يف (رحلته)‪ ..‬حيث يقول‬ ‫‪ ..‬ال يستطيع اإلنسان أن يوصف عمليات قتل‬ ‫وتعذيب االيزدية على يد املسلمني وال يستطيع‬ ‫اإلنسان أن ينقلها إىل األجيال والتاريخ‪ ،‬فعندما‬ ‫كانوا يأتون إىل املوصل‪ ،‬كانوا يعرفون من مشيتهم‬ ‫ومالبسهم‪ ،‬وكان األشقياء وراءهم وحيتالون‬ ‫عليهم ويأخذون منهم ما ميتلكون دائماً‪ ،‬كان‬ ‫الرتك والعرب يرفضون االيزدية لعدم وجود‬ ‫كتاب مقدس لديهم‪ ،‬فااليزدية كانوا جمربين‬ ‫على أداء مراسيمهم الدينية بعيداً عن األنظار‪.‬‬ ‫أما القاضي زهري كاظم عبود‪ :‬يف هذه احلمالت‬ ‫تعرض االيزدية وفق هذا املوروث إىل العديد من‬ ‫األقاويل واالتهامات‪ ،‬ذلك أن االيزدية كمجتمع‬ ‫تعرض للظلم والتهميش بشكل الفت النظر‪،‬‬ ‫مثلما تعرضت ديانتهم للتشويه واالفرتاءات‪،‬‬ ‫ومت استهدافهم من قبل غريهم ألسباب عديدة‪،‬‬ ‫ومل تكن فكرة الطاووس ملك بأقل من كل تلك‬ ‫اجلوانب األساسية يف الديانة االيزدية عرضة‬ ‫للتخرصات واالتهامات واألقاويل والقصص‬ ‫اليت ال متت إىل احلقيقة‪ ،‬وال لواقعيته الرمزية‬ ‫املعتمدة من قبلهم يف تكوين الشكل الرمزي‬ ‫لتمثال (طاووس ملك) بشيء‪ ،‬واىل ماذا يرمز‬ ‫وماذا يعين؟ ومل يتسنى لأليزدية إيصال صوتهم‬ ‫خارج إطار مساحتهم يف دحض االفرتاءات اليت‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪12‬‬

‫إن االيزديني قوم بسطاء‬ ‫مساملون بعكس ما كان الناس‬ ‫حيسبونهم أغواالً يأكلون‬ ‫الناس‪،‬‬ ‫قضيت كل عمري تقريباً‬ ‫لقد ُ‬ ‫بينهم ومعهم‪ ،‬فما رأيت منهم‬ ‫إال النبل والشهامة واألدب‬ ‫واألخالق الكرمية والكرم‬ ‫والشجاعة‬ ‫نالت من ديانتهم أو رموزهم الدينية‪ ،‬وحتى‬ ‫منحهم الفرصة لتوضيح حقائقهم للعامل دفعاَ‬ ‫للتشويه‪ ،‬لظروف ال تغيب عن بال العديد‬ ‫من املطلعني على ثنايا التاريخ العراقي وتاريخ‬ ‫االيزدية خصوصاً‪ ،‬وما حلقهم من جمازر ووقائع‬ ‫دامية كان فيها اإلنسان االيزدي مستهدفاَ بشراً‬ ‫ووجوداً وعقيدة ورمزاً‪ ،‬وبقيت املعادلة مبتورة‬ ‫يف اتهامات وصور خمتلفة ال جتد هلا رداً أو‬ ‫تفنيداً من اجلانب اآلخر‪ ،‬فقد ابتلي االيزدية‬ ‫بالدفاع الشرعي عن حياتهم ووجودهم‪ ،‬ومل تكن‬ ‫هلم فرصة للدفاع عن ديانتهم ورموزهم إالّ يف‬ ‫الفرتة األخرية من العقد احلالي‪ ،‬ولقي اجملتمع‬ ‫والديانة االيزدية بشكل عام تشويهاً منظماً‬ ‫وكثيفاً وتتطابقاً يف مواقف املغرضني‪ ،‬وتوحداً‬ ‫ظاملاً وبعيداً عن العدالة واملنطق‪ ،‬وقاسياً بقصد‬ ‫اإلساءة وخلط الصور‪ ،‬وتشويه أسس الديانة‬ ‫االيزدية‪ ،‬وقد حتقق الكثري من هذا التشويه‪،‬‬ ‫بسبب الضعف الذي عاشته االيزدية من خالل‬ ‫عدم التصدي هلذه التخرصات واألقاويل البعيدة‬ ‫عن احلقيقة والواقع‪ ،‬أو رمبا بسبب حالة‬ ‫اخلنوع اليت عاشها اجملتمع االيزدي فرتة‬ ‫طويلة مقموعاَ دينيا‪.‬‬ ‫وقومياً وسياسياً ومنذ فرتة احلكم العثماني‪،‬‬ ‫مروراً باحلكم امللكي والعهد اجلمهوري يف‬ ‫العراق‪ ،‬يف هذه العهود اليت كان فيها االيزدي‬ ‫حمروماً من احلقوق السياسية والتعليم واملعرفة‬ ‫والثقافة‪ ،‬ليعم اجلهل واألمية بني أكثر أبنائه‪،‬‬ ‫حيث نالت االيزدية ما مل تنل ُه األديان واملذاهب‬ ‫األخرى من الظلم والتنكيل والتخلف‪ ،‬وبالتالي‬

‫مشروع‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫نالتها األلسن واألقاويل‪ ،‬وصدرت حبقهم‬ ‫األحكام والفتاوى اليت تستبيح دماؤهم وحتلل‬ ‫قتلهم وإنهاء وجودهم وسلب ممتلكاتهم وسيب‬ ‫نسائهم‪ ،‬وعدم استحقاقهم للحياة‪ ،‬تعرضوا‬ ‫للرتحيل اإلجباري من مناطق سكناهم‪ ،‬وقامت‬ ‫السلطات بهدم قراهم ومسحها من الوجود‪،‬‬ ‫وختريب مزارعهم وبيوتهم وقلع أشجارهم‪ ،‬دون‬ ‫أن يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم على األقل‪،‬‬ ‫وهو حق شرعي وقانوني مقرر يف الشرائع واألنظمة‬ ‫القانونية‪ ،‬فهم كانوا مشروعاً مستباحاً للقتل‬ ‫والتنكيل‪ ،‬طيلة هذه الفرتات املظلمة من التاريخ‬ ‫اإلنساني‪ ،‬بغض النظر عن اجلرائم اليت يتم‬ ‫ارتكابها حبقهم من قبل املتطرفني واحلاقدين‪،‬‬ ‫ألنهم متهمون على الدوام دون جناية أو ذنب‪،‬‬ ‫وحني نبحث يف ثنايا الصخور املبثوثة واملنتشرة‬ ‫بني سهول كوردستان‪ ،‬سنعثر على لطخات‬ ‫متيبسة من دماء الضحايا اليت قدمها االيزدية‪،‬‬ ‫واملسفوحة دماؤهم ظلماً وعدواناً‪ ،‬وحني نتفقد‬ ‫الكهوف واملغارات يف اجلبال القصية واليت ال‬ ‫يصلها البشر إال بصعوبة‪ ،‬سنجد بقايا عظام‬ ‫االيزدية الذين فروا وحتصنوا يف هذه الكهوف‬ ‫أمالً باخلالص‪ ،‬فقضوا حنبهم عطشاً وجوعاً‬ ‫وخوفاً وبرداً واختناقاً‪ ،‬وحني نتمعن يف أطالل‬ ‫القرى اليت خربتها اجليوش وبقايا البيوت‬ ‫اليت مسحتها اجلرافات واآلليات العسكرية‬ ‫يف قصبات االيزدية الفقرية واملهملة‪ ،‬ستجد أن‬ ‫كل هذا كان بسبب معتقداتهم وطقوسهم وقيمهم‬ ‫الدينية وليس هلا سبب آخر‪.‬‬ ‫لكن أكرم ياسني بنايف يرى بأن هناك نقطة مهمة‬ ‫استفاد اإلنسان االيزدي منها وهو إميانه الراسخ‬ ‫بدينه وهم يعتقدون أنهم من دم آدم النظيف وان‬

‫أمهم إحدى حواري اجلنة‪ ،‬كما يعتقدون إنهم‬ ‫من أقدم الشعوب حيث مضى على ظهورهم أكثر‬ ‫من (‪ )4000‬أربعة آالف سنة‪ ،‬كما يعتقدون بان‬ ‫لغتهم الكوردية هي لغة أهل اجلنة‪ ،‬كل ذلك‬ ‫جعل اإلنسان االيزدي يرتبط بعقيدته ارتباطاً‬ ‫وثيقاً وهلذا فان االيزدي مل يكن مستعداَ للتنازل‬ ‫عن دينه مهما كلف الثمن والتضحيات‪ .‬ويقول‬ ‫ويل ديورانت يف كتابه (دروس التاريخ) يف حبثه‬ ‫حول التاريخ والدين‪ ( :‬للدين مئة روح‪ ،‬كل‬ ‫شيء إذ قضي عليه يف املرة األوىل‪ ،‬فانه سوف‬ ‫ميوت واىل األبد‪ ،‬إال الدين فإنه لو قضي عليه‬ ‫مئة مرة‪ ،‬فإنه رغم ذلك سيظهر وتنبعث فيه‬ ‫احلياة بعد ذلك)‪.‬‬ ‫ويصف اجلغرايف والرحالة الكبري ابن بطوطة‬ ‫(‪1355‬م)‪ ،‬حسب ما ذكره‪ :‬ج‪ .‬ار‪ .‬درايفر‪،‬‬ ‫و ب لرخ‪ :‬سكان جبل سنجار بالكرد الشجعان‬ ‫واملتساحمني وأهل الشهامة والزهد‪ ،‬وشيخهم‬ ‫الزاهد عبد اهلل الكردي كان شخصاً صاحب‬ ‫معجزات‪ ،‬وكان صائماً مدة أربعني يوماً وأنهى‬ ‫صيامه بكسرة من خبز الشعري‪.‬‬ ‫املؤرخ األرمين أرشاك سافر استيان‪ :‬جمازر‬ ‫مستمرة ارتكبت حبق االيزدية واالضطهاد الذي‬ ‫حل بهم من قبل الرتك‪.‬‬ ‫ويذكر الباحث اإليراني ميهرداد االيزدي مابني‬ ‫عام ‪1640‬م إىل ‪1910‬م عشرين مذحبة كبرية‬ ‫للعثمانيني ضد االيزدية فاملوتى ال حيصون‪،‬‬ ‫والعديد منهم التجئوا إىل املناطق الوعرة‪ ،‬والكثري‬ ‫من أصحاب األمالك والبساتني كانوا حيافظون‬ ‫على أرواحهم وممتلكاتهم ويستسلمون‪ ،‬يف سنة‬ ‫‪1858‬م كان عدد االيزديني يف إنطاكية ‪ /‬امانوس‬ ‫على البحر األبيض املتوسط (‪ )200000‬مئيت‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫ألف نسمة وكانوا ميثلون أكثرية سكان املنطقة‬ ‫ولكن يف تعداد ‪1938‬م بدالً من أن تتضاعف‬ ‫النسبة كان تعدادهم (‪ )60000‬ستون ألف‬ ‫نسمة‪ ،‬لكنهم أي االيزديني قاوموا الغزاة ومازالوا‬ ‫يعيشون يف العراق وتركيا واالحتاد السوفييت‬ ‫السابق وسوريا و إيران‪ ،‬يف مدن قوجان ودوغائي‬ ‫يف خورسان واذربيجان‪.‬‬ ‫والدكتور أديب معوض‪ :‬طاملا اضطهدتهم دول‬ ‫الشرق االسالمية على مدى األجيال‪ ،‬وعلى‬ ‫اخلصوص حديثاً يف عهد األتراك العثمانيني‪،‬‬ ‫وهو أمر ال خيلو اآلن يف القرن العشرين‪ ،‬من أثر‬ ‫حتى عند البعض من حكومات اإلسالم اجملاورة‬ ‫عينها‪ ،‬وهكذا األكراد من املسلمني أنفسهم‪،‬‬ ‫فأنهم كثرياً ما كانوا يناهضون االيزدية يف ما‬ ‫مضى‪ ،‬مدفوعني على األغلب بروح السياسة‬ ‫العثمانية‪ ،‬فكانت لذلك وقائع وحروب ومذابح‬ ‫راح فيها‪ ،‬ضحية ذلك التعصب املكروه آالف‬ ‫االيزدية الذين كانوا ال يرهبون شيئاً و ال كانت‬ ‫تغريهم مواعيد يف سبيل احلفاظ على كيانهم‬ ‫وديانتهم‪.‬‬ ‫أما من حيث االنتماء يقول أ‪.‬د‪ .‬بدرخان‬ ‫السندي‪ :‬االيزديون أحد املكونات األساسية‬ ‫لشعبنا الكردستاني العريق‪ ،‬وديانتهم هي إحدى‬ ‫الديانات الضاربة يف عمق التاريخ‪ ،‬لقد تلقت‬ ‫هذه الشرحية عرب تارخيها الكثري من الويالت‬ ‫والسيما أبان احلكم العثماني‪ ،‬ورغم ذلك فقد‬ ‫كانت أقوى من أن تتالشى أو تندثر‪ ،‬وهي‬ ‫شرحية مؤمنة بأصالة انتمائها إىل الكورد ومؤمنة‬ ‫حتى النخاع بكورديتها والقضية الكردية‬ ‫العادلة‪.‬‬ ‫ومجيع هذه احلمالت اليت كانت تبحث عن‬ ‫ذرائع وأسباب واهية لكي تنطلق اجليوش املعبأة‬ ‫باحلقد والكراهية لتقوم بدورها يف القصاص من‬ ‫األبرياء (الكفار) ولتنشر اإلسالم يف املناطق اليت‬ ‫استعصت عليهم‪.‬‬ ‫ويرى الباحث الشاب الدكتور علي ترت نريوي‪:‬‬ ‫كان هناك أسلوب سهل وبسيط للعثمانيني ضد‬ ‫االيزدية هو استعمال الدين لتحريض املسلمني‬ ‫عليهم‪ ،‬فبعض املاللي اجلهلة وحتت تأثري‬ ‫السياسة العثمانية أصدروا الفتاوى اليت حتلل‬ ‫قتل االيزدية‪ ،‬والناس البسطاء ال يعلمون بشيء‪،‬‬ ‫اذ كانوا يتبعون الفتوى ويطبقونها‪.‬‬ ‫ويعد األستاذ رشيد اخليون‪ :‬االيزديون الذين‬ ‫اعتصموا باجلبل والوادي طوال مئات السنني‪،‬‬ ‫مل تعد تلك البيئة عاصمة هلم من صوالت جيوش‬ ‫وفتاوى‪.‬‬

‫مقالة‬

‫‪13‬‬

‫ويصف د سعدي عثمان حسني‪ :‬بان سياسة‬ ‫العثمانيني جتاه االيزدية كانت تتسم بالعنف‬ ‫وتقوم على القمع املستمر ألبناء تلك اجلماعة‬ ‫السكانية‪ ،‬وعلى الرغم أن تلك احلمالت كانت‬ ‫توجه حبجج ودوافع خمتلفة ولكن الدافع‬ ‫الرئيسي يتمثل يف الدافع االقتصادي‪.‬‬ ‫ويقول امحد تاج خبش يف تاريخ الصفويني‪ :‬ا ّن‬ ‫أغلبية سكان شرقي كوردستان (غرب إيران)‬ ‫كانوا من الكورد األيزديني ومت إخالئهم إىل‬ ‫مناطق أخرى يف زمن القزلباش (العهد الصفوي)‪،‬‬ ‫ومل يبقى فرد ايزيدي يف هذه املنطقة‪.‬‬ ‫الروائي الرتكي املعروف يشار كمال يصف‬ ‫أحداث إحدى احلمالت على االيزدية‪ :‬يف‬ ‫الصباح عند عبور سهل الفرات‪ ،‬هاجرت عشرية‬ ‫ايزدية‪ ،‬وكانت مسرية القوافل االيزدية تتكون‬ ‫من األغنام واألبقار واحلمري واخليول والبغال‪،‬‬ ‫كانوا يذهبون إىل اجلبال‪ ،‬كانت مسرية طويلة‬ ‫ال ترى من البداية نهايتها‪ ،‬يف املقدمة الرجال‬ ‫املسلحني‪ ،‬وكان الرتك والعرب يهامجونهم‬ ‫ويأخذون ثرواتهم منهم عنوة ويهربون‪ ،‬ودام‬ ‫القتال يومني بلياليها‪ ،‬وقتل مجيع مقاتلي‬ ‫االيزدية‪ ،‬ورموا جثثهم يف ماء نهر دجلة‪ ،‬ثم‬ ‫عادوا إىل االيزدية غري املسلحني‪ ،‬مت جترديهم‬ ‫من األموال والثياب ثم قتلوهم مجيعاً ورموا‬ ‫جثثهم يف ماء نهر دجلة ايضا‪ ،‬ومن ثم نهبوا‬ ‫كافة ممتلكاتهم من األموال والذهب والفضة‬ ‫واجملوهرات ومت مجعهم حتت ظالل بعض‬ ‫األشجار‪ ،‬ثم وزعوها فيما بينهم‪ ،‬يف وقت مل‬ ‫تنفذ الدماء من نهري دجلة والفرات من جثث‬ ‫االيزدية أياماً واشهراً طويلة‪ ،‬وكانوا يقتلون كلما‬ ‫رأوا إنسان ايزيدي من عمر ‪ 7‬ـ ‪ 70‬سنة وتسبى‬ ‫نساؤهم وينهبون ثرواتهم‪.‬‬ ‫األستاذ الدكتور خليل إمساعيل حممد‪ :‬تعرض‬ ‫االيزديون خالل تارخيهم احلديث‪ ،‬إىل متاعب‬ ‫كثرية جراء مواقفهم الدينية والقومية بيد‬ ‫أن تنظيمهم الثيوقراطي ساعد على تنظيمهم‬ ‫الداخلي‪ ،‬وعلى وحدتهم األمر الذي تسبب يف‬ ‫تثبيت وجودهم واحلصول على اعرتاف اآلخرين‬ ‫بهم‪ ،‬ويبدو أن املذابح املتكررة اليت واجهها‬ ‫االيزديون منذ القرن السابع عشر من قبل‬ ‫العثمانيني مل تزدهم إال إصراراً على معتقداتهم‬ ‫وإمياناً مبواقفهم‪ ،‬وكانت املعضلة االيزدية حالة‬ ‫تارخيية معقدة يف حياة العثمانيني خالل القرن‬ ‫الثامن عشر امليالدي وقد خلفت الكثري من‬ ‫الصراعات الدموية‪ ،‬وتصاعدت محالت العنف‬ ‫خالل العقد االخري من القرن التاسع عشر ولعل (‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫السنة األول‬

‫مجلة دجلة‬

‫االيزدية كمجتمع‬ ‫تعرض للظلم والتهميش بشكل‬ ‫الفت النظر‪ ،‬مثلما تعرضت‬ ‫ديانتهم للتشويه‬ ‫واالفرتاءات‪،‬‬ ‫ومت استهدافهم من قبل غريهم‬ ‫ألسباب عديدة‬ ‫تل قوينجق) او (جمزرة الغنم) شاهد على ذلك‪.‬‬ ‫الروسي باسيل نيكيتني يقول نقالً عن املستشرق‬ ‫مار‪ :‬االيزدية هي الديانة الكردية االصلية‬ ‫وكانت تضم أكثرية االكراد قبل اعتناقهم الدين‬ ‫االسالمي‪ ،‬من املعلوم ان االكراد يف احلرب مل‬ ‫يكونوا يذحبون االيزديني بل كانوا يسرتقونهم‬ ‫عبيداً‪.‬‬ ‫د سيار كوكب اجلميل‪ :‬مل تنقطع الغارات على‬ ‫االيزدية منذ العهد احمللي للموصل (العهد‬ ‫اجلليلي ‪ 1726‬ـ ‪1834‬م) ومطاردتهم ألغراض‬ ‫دينية واقتصادية‪ /‬تارخيية واليت فجرت مذابح‬ ‫دموية مريعة‪.‬‬ ‫د عزيز احلاج‪ :‬لقد تعرضت هذه الديانة إىل‬ ‫اضطهادات عثمانية دموية فظة واىل أحداث‬ ‫رهيبة دفعتهم إىل أن يتمرسوا على القتال وان‬ ‫يلجئوا إىل املواقع املنيعة و ال سيما يف جبل‬ ‫سنجار‪.‬‬ ‫الصحفي الربيطاني ديفيد هريس‪ :‬حتدث عن‬ ‫االيزدية ونظرة املسلمني إليهم وتعجب من‬ ‫مقاومتهم وبقائهم وسط االرثودكسيات الكبرية‬ ‫(التعصب الديين) يف الشرق‪.‬‬ ‫د‪ .‬إبراهيم خليل أمحد‪ :‬متيزت الدولة العثمانية‬ ‫منذ نشأتها األوىل بالطابع العسكري الصرف‪،‬‬ ‫كما أمدتهم النظرة اإلسالمية يف اجلهاد‪ ،‬تلك‬ ‫اليت تقسم العامل إىل دار احلرب (دار الكفر) ودار‬ ‫السالم (دار اإلسالم) بالتربير النظري لتوسعاتهم‪.‬‬ ‫يوصف الرحالة اينجيجيان االيزدية خالل‬ ‫العهد العثماني‪ :‬بأنهم شعب شجاع ال خياف‬ ‫من السالح وكذلك أميون الجييدون القراءة‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪14‬‬

‫اجملتمع والديانة االيزدية‬ ‫بشكل عام تشويهاً‬ ‫منظماً وكثيفاً‬ ‫وتتطابقاً يف مواقف املغرضني‪،‬‬ ‫وتوحداً ظاملاً وبعيداً عن العدالة‬ ‫واملنطق‪ ،‬وقاسياً‬ ‫بقصد اإلساءة وخلط الصور‪،‬‬ ‫وتشويه أسس‬ ‫الديانة االيزدية‬

‫والكتابة‪ ،‬وميتلكون قوة ضخمة من الفرسان‬ ‫الشجعان‪ ،‬واحصائهم يف سنجار مئة ألف عائلة‬ ‫بينما يف تركيا مئيت ألف عائلة وهناك كتاب‬ ‫قد ذكروا بان تعدادهم مليون نسمة وااليزدية‬ ‫ميتهنون الزراعة وميتلكون األراضي اخلصبة‬ ‫والثروة احليوانية‪.‬‬ ‫الربوفيسور فيليب كرنبورك‪ :‬االيزديون هم طائفة‬ ‫كردية خارج نطاق اإلسالم‪ ،‬وهلم تاريخ طويل‬ ‫من االضطهاد‪.‬‬ ‫يقول حممد املندالوي‪:‬أن االيزديني الذين هم من‬ ‫الكورد الذين حافظوا على هذه الديانة القدمية‬ ‫على مر التاريخ كلفهم اإلحتفاظ بدينهم التوحيدي‬ ‫الكثري من الدماء والدموع خوفاً من اإلرهاب‬ ‫واالضطهاد‪ .‬أن أكثر احلمالت كانت تستهدف‬ ‫منطقة سنجار‪ ،‬نظرا ملوقعها اإلسرتاتيجي املهم‬ ‫لنقل البضائع وعبور اجليوش بني بغداد ودمشق‬ ‫واسطنبول ووجود الثروة الزراعية واحليوانية وان‬ ‫اجلبل ومنطقة سنجار منطقة سياحية بسبب‬ ‫اعتدال األجواء وعذوبة مياه الينابيع والعيون‬ ‫فيها‪ ،‬وكان أهالي اجلبل دائماً ميتنعون عن دفع‬ ‫الضرائب‪ ،‬ويف الوقت ذاته كان املعادون للسلطات‬ ‫يأوون إىل اجلبل‪ ،‬وكان هناك دائماً حوالي ستة‬ ‫أالف رجل مسلح بالبنادق عدا الفرسان املسلحني‬ ‫بالرماح‪ ،‬وميتلكون جبالً يوجد فيه العديد من‬

‫مقالة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫الكهوف واملالجئ‪ ،‬بالرغم من أن تلك اهلجمات‬ ‫كانت حمملة بالعدة والعدد‪.‬‬ ‫ويندهش املرء ويتساءل حبرية عن كيفية بقاء‬ ‫االيزدية وكيف حافظت على ديانتها وأصوهلا‬ ‫وعاداتها وتقاليدها‪ ،‬وخاصة إذا علمنا بان‬ ‫الكثري من اإلمرباطوريات واألقوام واألديان‬ ‫فقدت كياناتها ووجودها نتيجة احلمالت ومل‬ ‫يتحمل وزرها لذا انصهرت مع األقوام واألديان‬ ‫األخرى‪ ،‬أما حنن األيزديني فقد عشنا ظروفاَ يف‬ ‫غاية الصعوبة وجملابهة عدو دائم والذي قتل‬ ‫االيزدية وسبى نسائهم وأطفاهلم‪.‬‬ ‫لقد حاولت مجيع الدول واألنظمة اليت سيطرت‬ ‫على كوردستان مثل العباسية‪ ،‬العثمانية‪،‬‬ ‫الصفوية‪ ،‬إمارة اجلليليني‪ ،‬املماليك‪ ،‬إمارة‬ ‫سوران وبعض الكيانات احمللية‪ ...‬اخل إنهاء‬ ‫االيزدياتي بشتى الوسائل املمكنة وحاولت‬ ‫صهرهم أو تهجريهم من موطنهم كوردستان من‬ ‫اجل السيطرة على أمالكهم‪ ،‬وحمو أثارهم‪ ،‬فقد‬ ‫وضعوا قوانينهم حسب ما تقتضي مصلحتهم‬ ‫القومية‪ ،‬لذا غريوا كافة األمساء الكردية إىل‬ ‫أمساء قومياتهم واستولوا على أراضيهم عنوة‪،‬‬ ‫وغريوا أمساء امللكية ومزقوا املستمسكات الزراعية‬ ‫األصلية‪ ،‬ووزعوا األراضي على أتباعهم‪ ،‬لذا ال‬ ‫ميكن معرفة عدد نفوس االيزدية‪ ..‬أما ما يعلن‬ ‫عنه اآلن فهو من باب اعتقاد الناس فقط‪ ،‬ولدى‬ ‫دولة تركيا إحصاء سنة ‪1985‬م قدر عدد نفوس‬ ‫االيزدية بـ (‪ )22632‬نسمة‪ ،‬ويف تعداد سنة‬ ‫‪2000‬م كان (‪ )423‬نسمة فقط‪ ،‬واآلن اعتقد إن‬ ‫العدد اقل‪.‬‬ ‫من هم االيزديون؟‪...‬‬ ‫االيزديون‪ :‬هم العشائر الكوردية الباقية على‬ ‫اعتقادها األول‪.‬‬ ‫االيزدية‪ :‬هي الديانة الكوردية اليت تضرب‬ ‫جبذورها يف أعماق التاريخ االنساني‪ ،‬اعتنقها‬ ‫الكورد قبل ظهور األديان الكتابية‪ ،‬االيزدية كانوا‬ ‫ومازالوا يعبدون اهلل‪ ،‬وهي من األديان األوائل‬ ‫القدمية يف كوردستان‪ ،‬ويقول د‪ .‬عبدالرمحن‬ ‫قامسلو‪ :‬االيزدية يف األصل هي الزردشتية‬ ‫اليت كانت ديانة شعوب ايران‪ ،‬واعرتفت بهذه‬ ‫الديانة مجيع احلكومات والسلطات املتعاقبة‬ ‫على ارض كوردستان‪ ،‬ويقدر عدد االيزديني‬ ‫بأكثر من مليون شخص متواجدين يف العراق يف‬ ‫حمافظيت نينوى ودهوك‪ ،‬كما أنهم متواجدين‬ ‫يف سوريا وتركيا وأرمينيا وجورجيا ويعيشون‬

‫كجاليات يف أوربا‪ ،‬وال يوجد هناك إحصاء دقيق‬ ‫ألعدادهم يف العامل والرقم أعاله قد يزداد‪ ،‬وتقول‬ ‫الدكتورة خانا اومر خاال يف لقاء معها نشرته يف‬ ‫جملة زمزم اللش‪ ،‬بان تعداد االيزدية يف دول‬ ‫االحتاد السوفييت السابق نصف مليون نسمة‪.‬‬ ‫حسب تعداد سنة ‪1910‬م تبني ان تعداد االيزدية‬ ‫يف سنجار واملوصل واهلكاري (‪ )100000‬نسمة‬ ‫ويف مجهوريات قفقازيا (‪ )25000‬نسمة‪.‬‬ ‫الرحالة االنكليزي (روزيتافوريس) كتب يف‬ ‫مذكراته‪ :‬تعداد االيزدية ما يقارب (‪)400000‬‬ ‫اربعمائة الف نسمة مع وجود أعداد يف جبال‬ ‫قفقازيا بالقرب من حبر اخلزر وجبال التايا‬ ‫وكمجاتكا ونهجهم الديين ينحدر من الدين‬ ‫املانوي ولكنهم هم االقرب اىل الزردشتية‪.‬‬ ‫االيزدية ديانة غري تبشريية تتجسد فيها‬ ‫وحدانية اهلل‪ ،‬وهلا معبد رئيسي يدعى (اللش)‬ ‫يقع مشال قضاء الشيخان مسافة (‪ )13‬كلم‪.‬‬ ‫كانت االيزدية هدفاً للحمالت البشعة عرب‬ ‫تارخيها ألختالفها يف معتقدها عن ما جياورها‬ ‫من املعتقدات واليت رأت يف ذلك سبباً من بني‬ ‫االسباب اليت أدت إىل حماربتها رغم كونها‬ ‫وحب‬ ‫ديانة موحدة شعارها احملبة والتعاون ُ‬ ‫اهلل‪.‬‬ ‫وان أقدم ذكر لكلمة االيزدي ور َد يف اآلثار الكنجية‬ ‫السومرية حيث ذكر االسم مبعنى اإلنسان السوي‬ ‫السلوك املستقيم ـ الروح اخلرية غري املتلوثني ‪-‬‬ ‫الذين يسريون يف الطريق الصحيح‪.‬‬ ‫يف طالع كتاب الشرفنامه ما يؤيد ذلك وعد‬ ‫الشعب الكردي اىل كرمانج ولر وكلهر وكورانيني‬ ‫ان مجيع الكرد على املذهب الشافعي وذكر ان‬ ‫الطوائف التابعة اىل املوصل ومجيع الطوائف‬ ‫الكرد شافعية املذهب‪ ،‬اال ان بعض الطوائف‬ ‫التابعة للموصل والشام داسين وخالدي ويسيان‬ ‫وخبيت وحممودي ودنبلي وهم على املذهب‬ ‫اليزيدي وهؤالء مجلة مريدي الشيخ عدي بن‬ ‫مسافر ومرقده يف جبل اللش‪.‬‬ ‫من هم العثمانيون؟‪...‬‬ ‫الدولة العثمانية‪:‬‬ ‫اخلالفة العثمانية اإلسالمية (‪ 1299‬ـ ‪1924‬‬ ‫دولت علیّا عثمانیّه)(‪DEVLET-I ÂLIYE-YI‬‬ ‫ْ‬ ‫‪.)OSMÂNIYYE‬‬ ‫نظام احلكم‪ :‬خالفة يرأسها (سلطان) وبلغ عدد‬ ‫السالطني (‪ )40‬سلطان ودام حكمهم (‪ )625‬عام‬ ‫من ‪1299‬ـ ‪ .1924‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫المرأة‬

‫‪15‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫السنة األول‬

‫مجلة دجلة‬

‫االيزديون أحد املكونات‬ ‫األساسية لشعبنا‬ ‫الكردستاني العريق‪ ،‬وديانتهم‬ ‫هي إحدى الديانات‬ ‫الضاربة يف عمق التاريخ‪،‬‬ ‫لقد تلقت هذه الشرحية عرب‬ ‫تارخيها الكثري من الويالت‪.‬‬ ‫والسيما أبان احلكم العثماني‪،‬‬ ‫ورغم ذلك فقد كانت‬ ‫أقوى من أن تتالشى‬ ‫أو تندثر‬ ‫وشعارها (خالفة إىل األبد‪ ،‬دولت ابد مدت)‬ ‫(‪.)DEVLET-I EBED-MÜDDET‬‬ ‫اللغة الرمسية‪ :‬لغة تركية عثمانية‪ ،‬ونشيدهم‬ ‫(السالم السلطاني العثماني)‪ ،‬والعملة (لرية‬ ‫عثمانية)‪.‬‬ ‫العاصمة سوغوت (‪ 1299‬ـ ‪ ،)1326‬بورصة‬ ‫(‪ 1326‬ـ ‪ ،)1365‬أدرنة (‪ 1365‬ـ ‪،)1453‬‬ ‫إسطنبول (‪ 1453‬ـ ‪ ،)1922‬أما املقر‪ :‬ياني‬ ‫شهري‪ 1280 :‬ـ ‪ ،1366‬إدرنة (إدرين)‪:‬‬ ‫‪ 1366‬ـ ‪ ،1453‬إسطنبول‪ :‬منذ ‪1453‬‬ ‫الديانة‪ :‬اإلسالم بالعقيدة السنية (املذهب‬ ‫احلنفي)‬ ‫أول سلطان عثمان بن أرطغرل (‪ 1299‬ـ ‪)1326‬‬ ‫آخر سلطان عبد اجمليد الثاني (‪ 1922‬ـ ‪)1924‬‬ ‫أول صدر أعظم‪ ،‬عالء الدين باشا‬ ‫(‪ 1320‬ـ ‪)1331‬‬ ‫آخر صدر أعظم أمحد توفيق باشا‬ ‫(‪ 1920‬ـ ‪)1922‬‬ ‫املساحة ‪ 5.500.000‬كم‪( 2‬سنة ‪)1689‬‬ ‫السكان ‪ 35.350.000‬نسمة (سنة ‪)1856‬‬ ‫وكانت تشمل (كرواتيا‪ ،‬ألبانيا صربيا اليونان‬ ‫بلغاريا السعودية العراق األردن لبنان سوريا‬ ‫اجلزائر ليبيا مصر تونس فلسطني)‪.‬‬

‫أصوهلم ونشأة الدولة‬ ‫ينحدر العثمانيون من قبائل (أوغوز) الرتكمانية‪،‬‬ ‫مع موجة الغارات املغولية حتولوا عن مواطنهم‬ ‫يف منغوليا إىل ناحية الغرب‪ .‬أقامو منذ ‪1237‬م‬ ‫إمارة حربية يف بتيينيا (مشال األناضول‪ ،‬ومقابل‬ ‫جزر القرم)‪ .‬متكنوا بعدها من إزاحة السالجقة‬ ‫عن منطقة األناضول‪ .‬يف عهد السلطان عثمان‬ ‫األول (عثمان بن ارطغل) (‪ 1280‬ـ ‪1300‬م)‪،‬‬ ‫والذي محلت األسرة امسه‪ ،‬ثم خلفاءه من بعده‪،‬‬ ‫توسعت اململكة على حساب مملكة بيزنطة‬ ‫(احتالل بورصة‪1376 :‬م‪ ،‬إدرين‪1361 :‬م)‪.‬‬ ‫سنة ‪1354‬م وضع العثمانيون أقدامهم ألول‬ ‫مرة على أرض البلقان‪ .‬كانت مدينة غاليبولي‬ ‫(يف تركية) قاعدتهم األوىل‪ .‬شكل العثمانيون‬ ‫وحدات خاصة عرفت باسم اإلنكشارية (كان‬ ‫أكثر أعضاءها من منطقة البلقان)‪ .‬متكنوا بفضل‬ ‫هذه القوات اجلديدة من التوسع سريعا يف البلقان‬ ‫واألناضول معا (معركة نيكبوليس‪1389 :‬م)‪ .‬إال‬ ‫أنهم منوا بهزمية أمام قوات تيمورلنك يف أنقرة‬ ‫سنة ‪1402‬م‪ .‬تلت هذه اهلزمية فرتة اضطرابات‬ ‫وقالقل سياسية‪ .‬استعادت الدولة توازنها‬ ‫وتواصلت سياسة التوسع يف عهد مراد الثاني‬ ‫(‪ 1421‬ـ ‪1451‬م) ثم حممد الفاتح (‪ 1451‬ـ‬ ‫‪1481‬م) والذي استطاع أن يدخل القسطنطينية‬

‫سنة ‪1453‬م وينهي بذالك قرونا من التواجد‬ ‫البيزنطي يف املنطقة‪.‬‬ ‫بداية ظهور آل عثمان‬ ‫بعد وفاة أرطغرل قام السلطان عالء الدين‬ ‫السلجوقي بتنصيب األمري عثمان مكانه‪،‬‬ ‫وعثمان بن أرطغرل ولد عام ‪ 656‬هـ‪1258/‬م‬ ‫وتويف عام ‪726‬هـ‪1326 /‬م‪ .‬وهو من عشرية‬ ‫قايي‪ ،‬من قبيلة الغزا ألغوز الرتكية‪ .‬هاجر جده‬ ‫سليمان شاه‪ ،‬أمري عشرية قايي‪ ،‬مع عشريته‬ ‫من موطنه األصلي‪ ،‬يف آسيا الوسطى‪ ،‬ليستقر يف‬ ‫األناضول فتابع طريق التوسع بشجاعة خارقة‪،‬‬ ‫فكافأه السلطان عالء الدين‪ ،‬وك ّرمه بإعطائه‬ ‫شارات السالجقة‪ ،‬وهي الراية البيضاء واخللعة‬ ‫والطبل‪ ،‬ومنحه استقالالً‪ ،‬ولقب بك‪ ،‬ابتداء‬ ‫من سنة ‪ 688‬هـ‪1289 /‬م‪ ،‬ومسح له بأن يسك‬ ‫النقود بامسه (أى يكتب عليها امسه)‪ ،‬وبذكر‬ ‫امسه بعد اسم السلطان عالء الدين من على منابر‬ ‫املساجد واجلوامع السلجوقية‪ ،‬ومنحه السلطان‬ ‫السلجوقي عالء الدين كيقباد الثالث جهات‬ ‫أسكي شهر وإينونو‪ ،‬عام (‪1289‬م)‪ ..‬وقرر‬ ‫منحه ما يفتحه من أرضي البيزنطيني وغريهم‪،‬‬ ‫حاصر عثمان مدينة بورصة‪ ،‬املعروفة يف غرب‬ ‫األناضول‪ ،‬يف عام(‪1314‬م)‪ ،‬لكنه مل يتمكن من‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪16‬‬

‫تاريخ‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫‪ 8‬أغسطس ‪ 8 1648‬نوفمرب ‪1687‬‬ ‫االستيالء عليها‪ ،‬توسعت منطقة نفوذ عثمان عثمان بن أرطغل ‪ 1258‬ـ ‪ 1326‬‬ ‫‪ 1642‬ـ ‪ 1691‬‬ ‫سليمان الثاني ‬ ‫أو إمارته‪ ،‬فشملت مناطق سوغود‪ ،‬ودومانيج‪1326 1299 ،‬‬ ‫‪ 8‬نوفمرب ‪ 23 1687‬يونيو ‪1691‬‬ ‫ ‬ ‫وإينه كول‪ ،‬ويين شهر‪ ،‬وإن حصار‪ ،‬وقويون أورخان غازي ‬ ‫‪ 1643‬ـ ‪ 1695‬‬ ‫أمحد الثاني ‬ ‫حصار‪ ،‬وكوبري حصار‪ ،‬ويوند حصار‪ .‬وجعل ‪ 1284‬ـ ‪1359 1326 1359‬‬ ‫‪ 23‬يونيو ‪ 6 1691‬فرباير ‪1695‬‬ ‫يف عام(‪1300‬م)‪ ،‬يين شهر مركزاً لتلك اإلمارة‪ .‬مراد األول ‪ 1326‬ـ ‪ 1359 1389‬‬ ‫‪ 1664‬ـ ‪ 1703‬‬ ‫مصطفى الثاني ‬ ‫ونشأت صداقة بني عثمان األول‪ ،‬والقائد ‪ 28‬يونيو ‪1389‬‬ ‫‪ 6‬فرباير ‪ 22 1695‬أغسطس ‪1703‬‬ ‫البيزنطي كوسه ميخائيل حاكم قلعة (خرمن با يزيد األول الصاعقة ‪ 1357‬ـ ‪ 1403‬‬ ‫‪ 1673‬ـ ‪ 1736‬‬ ‫أمحد الثالث ‬ ‫قايا) الذي أسلم‪ ،‬وأنقذ عثمان من مؤامرة ‪ 28‬يونيو ‪20 1389‬يوليو ‪1402‬‬ ‫‪ 22‬أغسطس ‪ 1 1703‬أكتوبر ‪1730‬‬ ‫بيزنطية دُبرت له يف وليمة عرس بيزنطي‪ .‬ويف حممد األول السيد ‪ 1389‬ـ ‪ 1421‬‬ ‫‪ 1696‬ـ ‪ 1754‬‬ ‫حممود األول ‬ ‫تلك األثناء هاجم قازان املغولي املدن السورية‪ 20 ،‬يوليو ‪ 20 1402‬مايو ‪1421‬‬ ‫‪ 2‬أكتوبر ‪ 13 1730‬ديسمرب ‪1754‬‬ ‫ومدينة قونية‪ ،‬فاحتلها سنة ‪699‬هـ‪1299 /‬م‪ ،‬مراد الثاني (للمرة األوىل) ‪ 1402‬ـ ‪1451‬‬ ‫‪ 1696‬ـ ‪ 1757‬‬ ‫عثمان الثالث ‬ ‫وأنهى دولة سالجقة األناضول ووفد على عثمان ‪20‬مايو ‪ 1421‬أغسطس ‪1444‬‬ ‫‪ 13‬ديسمرب ‪ 30 1754‬أكتوبر ‪1757‬‬ ‫بن أرطغرل كثري من علماء الدولة السلجوقية حممد الثاني الفاتح ( للمرة األوىل)‬ ‫مصطفى الثالث ‪ 1717‬ـ ‪ 1774‬‬ ‫هرباً من املغول‪ ،‬وأقبل عليه أمراؤها وأعيانها ‪ 1432‬ـ ‪ 1 481‬أغسطس ‪1444‬ـ ‪1446‬‬ ‫‪ 30‬أكتوبر ‪ 21 1757‬يناير ‪1774‬‬ ‫وأثرياؤها‪ ،‬فأثروا إمارته وأنتقلت من جمرد مراد الثاني ( للمرة الثانية) ‪ 1402‬ـ ‪ 1451‬‬ ‫عبد احلميد األول ‪ 1725‬ـ ‪ 1789‬‬ ‫قبيلة وأمارة إىل أن تصبح هلا مقومات الدولة ‪ 3 1446‬فرباير ‪1451‬‬ ‫‪ 21‬يناير ‪ 7 1774‬أبريل ‪1789‬‬ ‫وبهذا احلدث ميكن القول أن سلطنة آل عثمان حممد الثاني (للمرة الثانية) ‪ 1432‬ـ ‪ 1481‬‬ ‫‪ 1761‬ـ ‪ 1808‬‬ ‫سليم الثالث ‬ ‫بدأت بهؤالء القادمني اهلاربني من وجه املغول ‪ 3‬فرباير ‪ 3 1451‬مايو ‪1481‬‬ ‫‪ 7‬أبريل ‪ 29 1789‬مايو ‪1807‬‬ ‫ ‪ 1447‬ـ ‪1512‬‬ ‫يف عام(‪708‬هـ‪1308/‬م)‪ ،‬أى عندما تويف آخر بايزيد الثاني‬ ‫‪ 1779‬ـ ‪ 1808‬‬ ‫مصطفى الرابع ‬ ‫سالطني سالجقة الروم السلطان غياث الدين ‪ 20‬مايو ‪ 25 1481‬أبريل ‪1512‬‬ ‫مسعود الثالث‪ ،‬حيث كانت اإلمارة العثمانية سليم األول (أول من محل لقب خادم احلرمني ‪ 29‬مايو ‪ 28 1807‬يوليو ‪1808‬‬ ‫‪ 1785‬ـ ‪ 1839‬‬ ‫حممود الثاني ‬ ‫الشريفني وخليفة املسلمني من آل عثمان)‬ ‫تابعة للدولة السلجوقية قبل ذلك‪..‬‬ ‫‪ 28‬يوليو ‪ 1 1808‬يوليو ‪1839‬‬ ‫‪ 1466‬ـ ‪ 25 1520‬أبريل ‪1512‬‬ ‫عبد اجمليد األول ‪ 1823‬ـ ‪ 1861‬‬ ‫‪ 22‬سبتمرب ‪1520‬‬ ‫االستيالء على بورصة‬ ‫‪ 25‬يونيو ‪1861‬‬ ‫‪ 1‬يوليو ‪ 1839‬‬ ‫سليمان األول القانوني ‪ 1495‬ـ ‪ 1566‬‬ ‫عبد العزيز األول ‪ 1830‬ـ ‪ 1876‬‬ ‫كان اهلدف األمسى‪ ،‬الذي يسعى األمري عثمان ‪22‬سبتمرب ‪ 6 1520‬سبتمرب ‪1566‬‬ ‫‪ 25‬يونيو ‪ 30 1861‬مايو ‪1876‬‬ ‫ ‪1574 - 1524‬‬ ‫لتحقيقه‪ ،‬هو احتالل مدينة بورصة واختاذها سليم الثاني‬ ‫‪ 1840‬ـ ‪ 1904‬‬ ‫مراد اخلامس ‬ ‫عاصمة للدولة العثمانية‪ .‬وظل هذا هدفاً يطمح ‪ 6‬سبتمرب ‪ 12 1566‬ديسمرب ‪1574‬‬ ‫‪ 30‬مايو ‪ 31 1876‬أغسطس ‪1876‬‬ ‫ ‪ 1546‬ـ ‪1595‬‬ ‫إليه األمري عثمان حتى آخر حياته ‪ ،‬فقد أمر‪ ،‬مراد الثالث‬ ‫عبد احلميد الثاني ‪ 1842‬ـ ‪ 1918‬‬ ‫وهو على فراش املوت‪ ،‬ولده أورخان بفرض ‪ 12‬ديسمرب ‪15 1 574‬يناير‪1595‬‬ ‫‪ 31‬أغسطس ‪ 27 1876‬أبريل ‪1909‬‬ ‫ ‪ 1566‬ـ ‪1603‬‬ ‫احلصار عليها‪ ،‬واالستماتة يف غزوها واالستيالء حممد الثالث‬ ‫‪ 1844‬ـ ‪ 1918‬‬ ‫حممد اخلامس ‬ ‫عليها‪ .‬وقد جنح أورخان يف ذلك‪ ،‬وطارت أنباء ‪ 15‬يناير ‪ 22 1 595‬ديسمرب ‪1603‬‬ ‫‪ 27‬أبريل ‪ 3 1909‬يوليو ‪1918‬‬ ‫ ‪ 1590‬ـ ‪1617‬‬ ‫االستيالء إىل األمري عثمان وهو جيود بأنفاسه أمحد األول‬ ‫‪ 1861‬ـ ‪ 1926‬‬ ‫حممد السادس ‬ ‫األخرية‪ .‬ونُقل جثمانه إىل مدينة بورصة ودفن ‪ 22‬ديسمرب ‪ 22 1603‬نوفمرب ‪1617‬‬ ‫‪ 1‬نوفمرب ‪1922‬‬ ‫بها عام(‪726‬ه ـ ‪/1324‬م)‪ ،‬بعد أن عاش سبعني مصطفى األول (للمرة األوىل) ‪ 1591‬ـ ‪ 3 1639‬يوليو ‪ 1918‬‬ ‫عبد اجمليد الثاني (آخر خليفة عثماني وبه‬ ‫عاماً‪ ،‬قضى منها ‪ 27‬عاماً على عرش السلطنة‪ 22 .‬نوفمرب ‪ 26 1617‬فرباير ‪1618‬‬ ‫انتهى عصر اخلالفة اإلسالمية)‪ 1868‬ـ ‪ 1944‬‬ ‫كان لعثمان األول ستة األوالد وبنت هم‪ :‬أورخان عثمان الثاني ‪ 1604‬ـ ‪ 1622‬‬ ‫‪ 1‬نوفمرب ‪ 3 1922‬مارس‬ ‫بيك‪ ،‬وعالء الدين بك‪ ،‬وجوبان بك‪ ،‬وحامد ‪ 26‬فرباير ‪ 20 1618‬مايو ‪1622‬‬ ‫بك‪ ،‬وفاطمة خاتون‪ ،‬وبازارلي بك‪ ،‬وملك بك‪ .‬مصطفى األول (للمرة الثانية) ‪ 1591‬ـ ‪ 1639‬‬ ‫نشيد اجليش العثماني‬ ‫بداية السلطنة العثمانية (‪ 699‬ـ ‪)726‬هـ‪1299/‬ـ ‪ 20‬مايو ‪ 10 1622‬سبتمرب ‪1623‬‬ ‫ ‪ 1609‬ـ ‪ 1640‬‬ ‫مراد الرابع‬ ‫‪1326‬م‪.‬‬ ‫هو النشيد الرمسي الذي كان ينشد ُه اجليش‬ ‫‪ 10‬سبتمرب ‪ 9 1623‬فرباير ‪1640‬‬ ‫إبراهيم األول فاتح جزيرة كريت ‪ 1615‬ـ العثماني وهذا حمتواه مرتمجا اىل العربية‪...‬‬ ‫قائمة السالطني‬ ‫يا خري جيش ‪ ...‬يا خري عسكر‬ ‫‪ 9 1648‬فرباير ‪ 1640‬‬ ‫أنت الشجاع ‪ ...‬يف البحر فاظفر‬ ‫قائمة السالطني واخللفاء العثمانيني ‪/‬احلاكم ‪ 8 /‬أغسطس ‪1648‬‬ ‫يف اليد درع ‪ ...‬يف اليد خنجر‬ ‫ ‪ 1642‬ـ ‪ 1693‬‬ ‫حممد الرابع‬ ‫احلياة ‪/‬بداية احلكم‪ /‬نهاية احلكم‪.‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫سر حنو األعادي ‪ ...‬يا خري عسكر‬ ‫ُنصر‬ ‫لو كان كل شيء ‪ ...‬يف البحر ي َ‬ ‫فنحن ننادي ‪ ...‬اهلل أكرب‬ ‫اهلل أكرب ‪ ...‬اهلل أكرب‬ ‫وليكن جيشنا ‪ ...‬دوماً ُم َظفّرَ‬ ‫أدى اجليش العثماني دوراً مهماً يف تأسيس‬ ‫الدولة وتوطيد أركانها‪ .‬وكان اجليش العثماني‬ ‫يقسم إىل ثالثة أقسام هي‪:‬‬ ‫‪1‬ـ القوات الربية‪ :‬وتتكون من الفرسان‬ ‫(اخليالة) واملدفعية‪ ،‬واإلنكشارية هي أشهر‬ ‫هذه الفرق‪ .‬وللتعرف إىل كيفية إعداد االنكشارية‬ ‫ودورها يف توسع الدولة واستقرارها‪.‬‬ ‫‪2‬ـ قوات الواليات‪ :‬تكونت هذه القوات من‬ ‫الفرسان(أصحاب العسكرية) وقوات القالع‬ ‫اليت رابطت يف خمتلف القالع‪ ،‬وأحياناً كان‬ ‫الوالة يشكلون قوات خاصة بهم عرفت بالقوات‬ ‫احمللية‪ ،‬وقد استفاد منهم الوالة يف توطيد‬ ‫سلطانهم وتوحيد والياتهم‪.‬‬ ‫‪3‬ـ القوات البحرية‪ :‬أبدى العثمانيون اهتماماً‬ ‫بالغاً بالقوات البحرية وال سيما بعد فتح‬ ‫القسطنطينية وقد أنشأ العديد من الرتسانات‬ ‫والقواعد البحرية يف عهد السلطان بايزيد‬ ‫الثاني‪ ،‬ووصل ذلك االهتمام أوجه بتعني خري‬ ‫الدين بربروس قائداً أعلى للقوات البحرية يف‬ ‫عهد السلطان سليمان القانوني إذ أصبح األسطول‬ ‫العثماني يف عهده أقوى أسطول يف البحر األبيض‬ ‫املتوسط‪.‬‬ ‫باإلضافة إىل قوات جوية ظهرت خالل احلرب‬ ‫العاملية األوىل‪.‬‬ ‫‪ .1‬السلطان‪ :‬من مهامه‪(:‬تطبيق الشريعة‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬قيادة اجليوش‪ ،‬تعيني الوزراء‬ ‫وعزهلم)‪.‬‬ ‫‪ .2‬الصدر األعظم‪ .‬كان مستشار السلطان يف‬ ‫بداية العهد العثماني‪.‬‬ ‫أصبح ممثل السلطان يف فرتة ضعف السالطني‪،‬‬ ‫والتحكم بالتعيينات والوظائف واألمور املتعلقة‬ ‫باجليش واإلدارة‪.‬‬

‫تاريخ‬

‫‪17‬‬

‫احلرب اإليطالية ‪ 1542‬ـ ‪1546‬تويف أورخان‬ ‫سنة ‪1359‬م فخلفه ابنه مراد األول الذي هاجم‬ ‫شبه جزيرة البلقان وأستوىل على أدرنة وقد قتل‬ ‫بعد أن تغلب على الصرب والبلغار يف معركة‬ ‫قوصوه (معركة كوسوفو) سنة ‪1389‬م‪.‬‬ ‫تغلب بايزيد األول على التحالف األوروبي‬ ‫الصلييب يف معركة نيقوبولس ‪1396‬م ضم شرق‬ ‫صوفيا عاصمة بلغاريا‪.‬‬ ‫ُفتحت القسطنطينية بقيادة حممد الفاتح‬ ‫عاصمة اإلمرباطورية البيزنطية يف الثالثاء ‪29‬‬ ‫مايو عام ‪ ،1453‬ويكتسب هذا االنتصار أهمية‬ ‫خاصة للمسلمني لورود فتح القسطنطينية يف‬ ‫حديث نبوي يُبشر بذلك‪ ،‬وبدخول العثمانيني‬ ‫القسطنطينية انتهى االستقالل السياسي‬ ‫لإلمرباطورية البيزنطية اليت عاشت أكثر من‬ ‫ألف عام‪ .‬وحاولوا غزو جنوب إيطاليا سنوات‬ ‫‪1481/1480‬م‪.‬‬ ‫التوسع يف العامل اإلسالمي‬

‫أصبح العثمانيون القوة الرائدة يف العامل اإلسالمي‪.‬‬ ‫وانتصر السلطان سليم األول (‪ 1512‬ـ ‪1520‬م)‬ ‫على الصفويني يف معركة جالديران مما مكنه من‬ ‫السيطرة على العراق وأذربيجان عام ‪1514‬م‪ ،‬ثم‬ ‫بالد الشام وفلسطني عام ‪1516‬م مبعركة مرج‬ ‫دابق‪ ،‬واستوىل على مصر بعد معركة الريدانية‬ ‫عام ‪1517‬م‪ .‬وبلغت الدولة أوجها يف عهد ابنه‬ ‫سليمان القانوني (‪ 1520‬ـ ‪1566‬م) الذي واصل‬ ‫غزو البلقان (اجملر عام ‪1519‬م‪ ،‬ثم حصار‬ ‫فيينا )‪ ،‬ويف عام ‪1532‬م‪ ،‬استوىل بعدها على‬ ‫الساحل الصومالي من البحر األمحر واستطاع‬ ‫بناء اسطول حبري لبسط سيطرته على البحر‬ ‫املتوسط مبساعدة خري الدين بربروس الذي قدم‬ ‫والءه للسلطان (بعد ‪ 1552‬مت اعالن انضمام‬ ‫الدول الثالث اجلزائر تونس وطرابلس إىل الدولة‬ ‫العثمانية‪ :‬وذلك بطلب من اجلزائر اليت كان هلا‬ ‫حكم ذاتي يف تصرفها عندما طلب خري الدين‬ ‫بربروس العام ‪ 1518‬املساعدة من األستانة عقب‬ ‫مقتل أخيه بابا عروج من طرف اإلسبان الذين‬ ‫توسع العثمانيني يف آسيا الصغرى‬ ‫احتلوا مدينة وهران وبعدها شواطئ تلمسان‬ ‫وس َع عثمان حدود السلطة حتى بلغ البحر ومستغامن وتنس ودلس وجباية حيث أخضعت‬ ‫االسود‪ .‬توىل الزعامة أبنه أورخان سنة ‪1326‬م طرابلس يف حدود عام ‪1551‬م)‪ .‬فأصبحت الدولة‬ ‫متتد على معظم ما يشكل اليوم الوطن العربي‬ ‫الذي أسس بنية اجليش األنكشاري‪.‬‬ ‫باستثناء وسط اجلزيرة ومراكش وعُمان بإإلضافة‬ ‫إىل امتدادها يف وسط آسيا وجنوب شرق أوروبا‪.‬‬ ‫تو ّسع العثمانيون يف أوروبا‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫السنة األول‬

‫مجلة دجلة‬

‫مل تنقطع الغارات على‬ ‫االيزدية منذ العهد احمللي‬ ‫للموصل ومطاردتهم ألغراض‬ ‫دينية واقتصادية‪ /‬تارخيية‬ ‫واليت فجرت مذابح دموية‬ ‫مريعة‪،‬ولقد تعرضت هذه‬ ‫الديانة إىل اضطهادات عثمانية‬ ‫دموية فظة واىل أحداث رهيبة‬ ‫دفعتهم إىل أن يتمرسوا على‬ ‫القتال وان يلجئوا إىل املواقع‬ ‫املنيعة و ال سيما يف‬ ‫جبل سنجار‬ ‫بعض املصطلحات العثمانية‬ ‫أبدال‪ :‬لقب يطلق احياناً على الدرويش املتجول‬ ‫وكذلك مرتبة يف بعض الطرق الصوفية‪.‬‬ ‫جارية‪ :‬عبدة أنثى ادنى مرتبة يف حريم‬ ‫السلطان‪.‬‬ ‫دفشرمة‪ :‬جتنيد أوالد املسيحيني العدادهم‬ ‫لتولي املناصب يف البالط أو االدارة أو اخلدمة يف‬ ‫القوات االنكشارية‪.‬‬ ‫ديوان همايون‪ :‬ديوان الصدر االعظم واجلهاز‬ ‫املركزي للحج‪.‬‬ ‫مري أخور‪ :‬أمري االسطبل يف البالط‪.‬‬ ‫نيشاجني‪ :‬أمني سر ديوان السلطاني الذي‬ ‫يتحقق من الطغراء على املراسيم واملكاتبات‬ ‫الرمسية‪.‬‬ ‫سنجق بكي‪ :‬حاكم سنجق من السناجق‪،‬‬ ‫والسنجق هي الوحدة االدارية االساسية يف الدولة‬ ‫العثمانية ‪ ،‬وحدة أو جزء من البك بكوية‪.‬‬ ‫تذكرة‪ :‬مذكرة من بك البكوات اىل احلكومة‬ ‫املركزية‪ ،‬تتضمن توصية مبنح تيمار‪.‬‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪18‬‬

‫تاريخ‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫أينما أوطئت قدمك في شنكال تذكر سبقك الف قدم‬

‫خيري شنكالي‬

‫هذا هو تاريخ شنكال وقدمها‪ ،‬ورد يف الكتاب املقدس ـ العهد القديم‬ ‫بأسم شنعار اليت كانت متتد كيانها حتى بابل‪ ،‬يف كل أألحوال تعود اىل‬ ‫ماقبل الطوفان وتفيد املعلومات التارخيية عندما طافت سفينة نوح عليه‬ ‫السالم ونطحت قمة سندلكلوب يف مشال اجلبل وثقبت بسبب أألصطدام‬ ‫مما تغري مسارها حنو الشمال ودارت يف احدى املنخفضات اليت تسمى‬ ‫(طيرَ َي)أي الدوران باللغة الكردية‪.‬‬ ‫شنكال كان مهد احلضارة قبل عصر الكتابة وهلذا السبب املدونات‬ ‫واللوحات الكتابية والنقوشات الزخرفية قليلة حبقها‪.‬‬ ‫قلعة بوالذ منوذجا‪ :‬أو ما يسمى بالكردية(‪ ،)KELEHA PULÊ‬قلعة‬ ‫شاخصة يف وسط احدى املضايق اجلبلية الوعرة اليت تقع يف اجلهة‬ ‫الشمالية الغربية من املدينة وتبعد عن مركز شنكال حوال (‪ )7‬كلم عندما‬ ‫خترج منها من خالل الطريق اجلبلي املؤدي اىل ناحية سنوني وقبل‬ ‫الوصول اىل املنعطفات‪ ،‬تنعطف مباشرة على الطريق الرتابي حنو الغرب‬ ‫مبنطقة قنديل ويقع يف املضيق الرابع املسمى بأمسها‪.‬وتسمية بوالذ نوع‬ ‫من املعادن احلديدية أألقوى من احلديد العادي‪.‬‬ ‫هناك العديد من الكهوف تقع يف أألسفل من القلعة ومن حوهلا وباحجام‬ ‫خمتلفة‪ ،‬كانت مؤى لألنسان البدائي وقد عاش فيها أألنسان قبل مخسة‬ ‫عشر الف عام‪ ،‬تبني من خالل الطبقات الرتابية املرتاكمة يف ارضية‬ ‫الكهوف مدى القدم واملراحل الزمنية املختلفة‪.‬ومبزيد من أألسف اقدم‬ ‫لصوص أألثار اىل حفر احداها بالكومربيشن وتفجري الديناميت وبعمق‬ ‫اكثر من مرتين واخرجوا اطنان من الرتاب‪ ،‬مما يعتقد سرقة أألثار منها‬ ‫وان ما نقوله نبش حديث وقد حصل قبل ايام او اشهر وحيوم الشكوك‬ ‫ألولئك املتنفذين املسيطرين على كل شاردة وواردة وملينجوا أألثار من‬ ‫ايديهم‪.‬‬ ‫بوالذ(‪ )POLAD‬كان امريا متمردا على أمارة شنكال وقد بنى القلعة‬ ‫واصبحت معروفة بأمسه واحاط بسور من الكلس واحلجارة العادية الغري‬ ‫املنقورة‪ ،‬كان موقعا عسكريا بالدرجة أألساس يف مساحة جغرافية تقدر‬ ‫حوالي ‪ 6000‬م‪ 2‬وبأرتفاع حوالي ‪ 250‬ـ ‪ 300‬م وسط مضيق حصني‬ ‫مسيطر على مجيع اجلهات من الناحية العسكرية واملراقبة والتتبع‬ ‫السري‪،‬تبني من اثاره الداخلية تواجد العوائل معهم ويف الكهوف‬ ‫اجملاورة وذلك من خالل وجود املقربة وكورة الفخار والتنانري واملقربة‬ ‫واحواض طحن احلبوب …‪.‬اخل‪.‬‬ ‫استخدم بوالذ القوة البشرية يف بناء هذه القلعة وتسخريهم يف انتاج‬ ‫الكلس ومجع احلجار ورفعها وبناء السور يف املواقع العالية واملرتفعة‬ ‫لسد الثغرات وبناء مدرج واحد يؤدي اىل الصعود والنزول اىل القلعة عبورا‬ ‫للبوابة النظامية التى ختضع كل شاردة وواردة للتفتيش‬ ‫توزيع نقاط احلراسة واملرقبة حول القلعة وبناء النقاط اخلاصة بهم‪،‬‬ ‫اضافة اىل وجود مرصد متكامل مع ملحقاته من مباني يف اجلهة الشمالية‬

‫من القلعة ومازالت اثاره شاخصا وهو مبثابة حمراب وجمموعة من أألبنية‬ ‫املطمورة‪،‬وقد نبشها لصوص أألثار والحظنا يف هذا املوقع بقايا العظام‬ ‫البشرية واحليوانية واواني اخلزف امللونة بأألخضر وأأللوان أألخرى‪.‬‬ ‫يستغرب املرىء عندما يالحظ تلك الصهاريج او ما يسمى خبزانات املياه‬ ‫التى حفرت من الصخر وبأسلوب فين رائع وبأحجام واعماق خمتلفة‬ ‫وعلى شكل التنور أي ضيقة الفوهة ومن ثم تتوسع حنو أألسفل وبعمق‬ ‫(‪ 2،5‬ـ ‪)3،5‬م ونصف قطر القاعدة الواحدة بني(‪ 1‬ـ ‪) 1،5‬م‪ ،‬ويقدر‬ ‫عدد تلك الصهاريج حوالي ستونا صهرجيا وقد حفرت لغرض خزن مياه‬ ‫وثلوج أألمطار لألستفادة منها لألستعماالت اليومية وحتسبا للحصار من‬ ‫أألعداء وحلسن احلظ شاهدنا صهرجيا واحدا مليئا باملياه‪.‬تقول بعض‬ ‫املصادر احمللية يف املنطقة‪ ،‬كان هناك نوعا من أألعشاب قد استخدم يف‬ ‫التفاعل مع الصخور وجعله عجينا مما سهل احلفر والدليل على ذلك‬ ‫اليوجد آثار الطرق واحلفر على تلك الصهاريج‪ .‬اضافة اىل وجود اثار‬ ‫العشرات من أألبنية املسقفة واملطمورة حتت الرتاب ومل يصل اليها يد‬ ‫أألنسان يف وقتنا احلالي ولكن لألسف عبث بها بعض النفوس الضعيفة‬ ‫ببعض السقوف لغرض الدخول اليها ومل يفلحوا بذلك‪.‬‬ ‫عندما تالحظ من فوق القلعة اىل اجلهة اجلنوبية الغربية‪ ،‬ترى اثار‬ ‫منزل مبين باحلجارة ذات حائط عريض وعلى شكل دائري بوابته حنو‬ ‫الغرب اظن ان تلك اخلربة حديثة العهد بالنسبة للقلعة‪ ،‬ولكن يف اجلهة‬ ‫الغربية من القلعة ويف قعر الوادي هناك اثار سد حلصر املياه الشتوية قد‬ ‫استخدمها بوالذ ومجاعته يف تلك الفرت ويقدر عرض السد املبين باحلجارة‬ ‫حوالي (‪)4‬م‪.‬وان صح التعبري هذا اول سد مائي أثري يتم العثور عليه يف‬ ‫منطقة شنكال واليت تعترب مصدرا للمياه واستغالهلا للثروة الزراعية انذك‪.‬‬ ‫تقول املصادر الشفاهية‪ ،‬كان بوالذ ميتلك عينا واحدا أي قد فقد احدى‬ ‫عينيه اثناء املعارك أو بسبب أألصابة مبرض اجلدري‪ ،‬وكان هو وامري‬ ‫شنكال يضعون شحوم املواشي داخل جواريب خاصة وحتت اقدامهم‬ ‫لغرض تقوية عيونهم‪ .‬كما كان هذا الشحم يسبب الطراوة يف اجللد‬ ‫والشعريات الدموية وأألعصاب املوجودة حتت أألقدام‪.‬‬ ‫ففي احدى أأليام وعندما كان أمري شنكال يتجه غربا حنو الشام بقافلة‬ ‫جتارية فاجئة بوالذ برجاله وغلبه بدون قتال وامر ان ينزل أألمري عن‬ ‫فرسه ويتوجه حنوه حافيا على أألقدام‪ ،‬فنفذ امري شنكال ذلك وبسبب‬ ‫طراوة اسفل قدميه سقط أألمري ميتا‪.‬وبعدها تفاوض ابناء أألمارة مع بوالذ‬ ‫لغرض املصاحلة وترك العداء ونسيان املاضي وطي صفحة جديدة من‬ ‫العالقات وتبادل الثقة فيما بني أأألمارة ومعارضيها من مجاعة بوالذ‪.‬‬ ‫ومبناسبة حفلة زواج يف هذه القلعة اقام بوالذ دعوى ألمارة شنكال‬ ‫للحضور فقد ارسل أألمري اجلديد اربعون شابا يف مقتبل العمر وقد ارتدوا‬ ‫ثياب الفتيات ومحل اجلميع اخلناجر وخبؤا حتت ثيابهم ألخذ ثأر‬ ‫امريهم الذي مات بسبب امري القلعة (بوالذ)عندما صعدوا القلعة الحظهم‬ ‫البواب بأن اجلميع يقدمون القدم أألمين على القدم أأليسر وهذه املالحظة‬ ‫يؤكد بأن هؤالء رجال وليسوا بفتيات‪،‬وقد وصل اخلرب لألمري ولكن اهمل‬ ‫ذلك‪ .‬بدء أألحتفال بالرقصات الشعبية على الطبل واملوسيقى ويف حلظة‬ ‫مفاجئة اقدم كل شاب بطعن شابني من القلعة أي قتل مثانون شابا من‬ ‫القلعة وانتهى عصيان بوالذ بأنهيار القلعة‪.‬‬ ‫عند أألقدام اىل كتابة موضوع تارخيي او اثري جيب اللجوء اىل املصادر‬ ‫التارخيية ولألسف مل حنصل على أي مصدر يشري اىل هذا املوقع‪.‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫تاريخ‬

‫‪19‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫السنة األول‬

‫مجلة دجلة‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪20‬‬

‫تاريخ‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫ماذا تعني اإليزيدية ‪...‬‬

‫سليمان جعفر‬

‫هقبل الكتابة أو احلديث عن أي موضوع‪ ،‬جيب‬ ‫التعريف به لكي يكون لدى القارىء أو املتلقي‬ ‫ولو فكرة بسيطة عن ذلك املوضوع‪ ،‬ومبا أن‬ ‫موضوعنا هنا يدور حول الديانة اإليزيدية فمن‬ ‫البدهي أن نقوم بالتعريف بهذه الديانة‪ ،‬ونبدأ‬ ‫بامسها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫كثرياً ماكنا نقرأ كتبا وأحباثا كتبها وألفها‬ ‫مؤرخون ومستشرقون‪ ،‬أومثقفون من غري‬ ‫اإليزيدية ينسبون الديانة اإليزيدية اىل أشخاص‬ ‫مثل يزيد بن معاوية أو اىل يزيد بن أنيسة أو‬ ‫اىل غريه‪ ،‬لسنا هنا بصدد احلديث عن يزيد بن‬ ‫معاوية‪ ،‬فهذا الرجل له مكانة كبرية يف التاريخ‬ ‫العربي بال شك‪ ،‬وليس لنا عليه أي مأخذ ونرتك‬ ‫ذلك لغرينا ممن يهمهم األمر‪ ،‬ولكن مل نسمع‪،‬‬ ‫أو مل يكتب التاريخ أن يزي َد بن معاوية هذا قد‬ ‫أسس ديانة‪ ،‬دان بها بعض الناس خالل فرتة‬ ‫حكمه اليت بلغت فقط ثالث سنوات ونصف‬ ‫تقريباً‪ ،‬أي يف الفرتة من سنة ‪ 680‬اىل ‪ 683‬م ‪،‬‬ ‫ولو كان قد فعل ذلك الختلف األمر‪ ،‬أو(رمبا)‬ ‫كنا سنغيرّ من تفكرينا وندقق يف ذلك أكثر لنصل‬ ‫اىل احلقيقة‪.‬‬ ‫واجلميع يعلم أن الديانة اإليزيدية كانت‬ ‫موجودة قبل امليالد حبوالي ‪ 3000‬عاما‪ ،‬أي‬ ‫قبل أن يرى يزيد بن معاوية النور بأكثر من‬ ‫‪ 4000‬عام تقريباً‪ .‬إذاً من أين جاءت كلمة‬ ‫إيزدي؟ وماذا تعين اإليزيدية؟ ومن هو نبيها‬ ‫ورسوهلا؟‪ ،‬علينا أن نبحث يف هذا األمر اآلن‪،‬‬ ‫رغم معرفتنا أن ذلك أمر شاق ويف غاية احلساسية‬ ‫بسبب عدم امتالكنا املصادر الكافية‪ ،‬ولكن أن‬ ‫نبدأ بالسري خطوة واحدة أفضل من أن نبقى‬ ‫واقفني يف مكاننا‪ ،‬فالوقوف أو عدم احلركة يعين‬ ‫املوت البطيء‪.‬‬ ‫ولكي النطيل الشرح حول نيب اإليزيدية أو‬ ‫رسوهلا‪ ،‬ولكي الندخل يف متاهات حنن بغنى‬ ‫عنها‪( ،‬على األقل اآلن) نقول إن اإليزيدية‬ ‫توصلت اىل معرفة اخلالق مباشرة بعد معرفتها‬

‫للفرق بني اخلري والشر‪ ،‬وحول هذا املوضوع‬ ‫كتب الباحث اإليزيدي الكبريالدكتور خليل‬ ‫جندي يقول‪ :‬الديانة اإليزيدية ديانة غنوصية‪،‬‬ ‫حيث يتم التع ّرف إىل اهلل والتقرب منه عن طريق‬ ‫القلب (املشاعر) والعقل‪ ،‬مبعنى أن العرفانية‬ ‫والصوفية تلعبان دوراً مهماً‪ ،‬ولذلك ال حتتاج‬ ‫اإليزيدية إىل نيب أو رسول يدهلم على خالقهم‪.‬‬ ‫مع العلم بأن النيب نوح‪ ،‬وجبهد بسيط يستطيع‬ ‫أي إنسان أن جيزم بأنه إيزيدي كردي‪ ،‬فاملنطقة‬ ‫اليت ولد وترعرع فيها‪ ،‬واليت بنى فيها سفينته‬ ‫واجلبل الذي اصطدمت به السفينة‪ ،‬وجبل‬ ‫جودي الذي رست عليه تلك السفينة‪ ،‬وعني‬ ‫املاء الذي أوجدها اهلل لكي يشرب منها نوحاً‬ ‫ومن معه‪ ،‬كلها تقع يف كردستان‪ ،‬وبشكل خاص‬ ‫هي املنطقة احمليطة أو القريبة من معبد اللش‪.‬‬ ‫وهناك أدلة عديدة أيضاً على أن النيب نوح هو‬ ‫من منطقة سكن الكرد‪ ،‬حيث أنه أثناء فرتة‬ ‫الطوفان اليت دامت أربعني يوماً فقد صام نوح‬ ‫خالل هذه املدة‪ ،‬وبعد أن رست السفينة على‬ ‫جبل جودي‪ ،‬نزل نوح منها وتوجه ومن معه‬ ‫اىل مدينة رب الشمس‪ ،‬واليت تدعى سيبارا‪،‬‬ ‫وهي كما يعتقد علماء اآلثار (اللش النوراني)‪،‬‬ ‫ودخل نوح وصحبه مغارة يف اللش تدعى مغارة‬ ‫(جلمريا ‪ )ÇEL MÊRA‬أي مغارة األربعني‬ ‫رجالً‪ ،‬وهي التزال موجودة‪ ،‬وقرر نوح على‬ ‫أن يصوم فيها أربعني يوماً أخرى شكراً هلل‪،‬‬ ‫ومنذ ذلك احلني واقتداءاً بالنيب نوح يصوم‬ ‫رجال الدين وبعض اإليزيديني صيام أربعينية‬ ‫الصيف وأربعينية الشتاء‪ ،‬وبدهي (واحلالة هذه)‬ ‫أن يكون النيب نوح إيزيدياً‪ ،‬وأن أوالده بدؤوا‬ ‫بنشر هذه الديانة يف منطقة آرارات بعد الفيضان‪،‬‬ ‫وكانوا يتحدثون باللغة الكردية‪.‬‬ ‫ومع ذلك اليقول اإليزيدي بأن النيب نوح هو‬ ‫نيب اإليزيدية وحدها‪ ،‬بل هو نيب لكل البشر‪،‬‬ ‫وأنه أبو البشرية الثاني‪ ،‬بعد آدم الذي يعترب‬ ‫أبو البشرية األول‪ .‬هذا يعين أن اإليزيدية‬ ‫ليست ديانة تبشريية (أي مل يب ّشر بها نيب أو‬ ‫رسول‪ ،‬ليعتنقها كل من مسع بها) بل هي ديانة‬ ‫توحيدية‪ ،‬وقد أخذت اإليزيدية فكرة التوحيد‬ ‫من جد األنبياء ابراهيم اخلليل‪ ،‬الذي يعتربه‬ ‫وصلة‪.‬‬ ‫اإليزديون منهم‪ِ ،‬‬ ‫الوصل بني اإليزيدي وبني اهلل هي العقل‪ ،‬أي‬

‫أن اإليزيدي الحيتاج اىل وسيط يقربه من اهلل‪،‬‬ ‫فهو عرف وحدانية اهلل بعقله الذي وهبه اهلل‬ ‫إياه‪ ،‬وإذا كان لإليزدية رسل‪ ،‬فهم مصلحون‬ ‫ظهروا بعد النيب ابراهيم اخلليل‪ ،‬يدعون‬ ‫أتباعهم اىل عمل اخلري وعبادة رب العاملني‪،‬‬ ‫وتعتقد اإليزيدية بأن اهلل يرسل كل ألف عام‪،‬‬ ‫رسول أو مصلح ديين يزيل السلبيات واألخطاء‬ ‫اليت دخلت اىل أدبيات ديانتهم‪ ،‬وبالتالي‬ ‫يصحح مسار هذه الديانة ويضعها على طريقها‬ ‫الصحيح‪( ،‬مع العلم أن اإليزيدية تؤمن بكافة‬ ‫األنبياء والرسل الذين أرسلهم اهلل من آدم وحتى‬ ‫آخر الرسل واألنبياء)‪.‬‬ ‫والرتاث الديين اإليزيدي من (أحاديث‬ ‫وأدعية وغريها) يؤ ّكد مبا اليدع جماالً للشك يف‬ ‫أن اإليزيدي يؤمن بإله واحد‪ ،‬ويؤمن بأن اهلل‬ ‫هو خالق كل شيء‪ ،‬وأنه الشريك له يف هذا‬ ‫الكون‪ ،‬والولد وال أب وال أم له‪ ،‬وهو اليأكل‬ ‫واليشرب والينام‪ ،‬والتدركه العقول واألبصار‬ ‫واليعرف أحد كيف يكون شكله أو لونه‪ ،‬هو يف‬ ‫كل مكان‪ ،‬والخيلو منه مكان سواءاً يف األرض أو‬ ‫يف السماوات‪ ،‬أو حتى يف أعماق البحار‪ ،‬وهذا‬ ‫واضح يف الشهادة الدينية اليت ينطق بها كل‬ ‫إيزيدي‪ ،‬وهي موجودة يف مكان آخر من هذا‬ ‫البحث‪.‬‬ ‫إن إيزي هو اسم من أمساء اهلل تعاىل باللغة‬ ‫الكردية القدمية اليت تبلغ الف اسم واسم منها‬ ‫(ايزيد ـ أزد ـ أزدا ـ إيزي ـ إيزدي ـ أزدام ـ‬ ‫يزد ـ ئيزدان ـ بادشا ـ نور ـ ريربـ هوستا ـ آرام‬ ‫ـ خري ـ هوما ـ هاي ـ هومان ـ خودا‪...‬اخل)‪.1‬‬ ‫وجاء يف حديث ألف اسم واسم (‪QEWLÊ‬‬ ‫‪ )HEZAR Û YEK NAVE‬ما يلي‪:‬‬ ‫‪SILTAN ÊZÎ BI XWE PADŞAYE‬‬ ‫‪HEZAR Û YEK NAV LI XWE‬‬ ‫‪DANAYE‬‬ ‫‪NAVÊ MEZIN HER‬‬ ‫‪XWEDAYE‬‬

‫أي‪ :‬السلطان إيزي هو امللك بعينه‬ ‫مسى نفسه بألف اسم واسم‬ ‫ّ‬ ‫االسم األكرب هو (خودا)‬ ‫***‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫‪PADŞÊ MIN HEZAR Û YEK‬‬ ‫‪NAVE‬‬ ‫‪EV DUNYA LI BA WÎ SE'ET Û‬‬ ‫‪GAVE‬‬ ‫‪PADŞÊ MIN ZANE LI BEHRA‬‬ ‫‪ÇEND KEŞKÛL AVE‬‬ ‫‪LI BESTA ÇEND KEVIR LI‬‬ ‫‪NAVE‬‬ ‫‪EWÎ HEWA KIR BÛK، ADEM‬‬ ‫‪KIR ZAVE‬‬

‫أي‪ :‬موالي له ألف أسم واسم‬ ‫هذه الدنيا لديه حلظة (برهة)‬ ‫هو يعلم كم نقطة ماء يف البحار‬ ‫وكم حجراً على وجه األرض‬ ‫هو من جعل حواء عروساً وجعل من آدم عريساً‪.‬‬ ‫من هنا يتضح لنا مباشرة مدى ارتباط اإليزيدية‬ ‫بفكرة وعقيدة التوحيد اليت التقبل النقاش حول‬ ‫وحدانية اخلالق ج ّل جالله‪ ،‬وعندما كانت‬ ‫شعوب اجلوار يصنعون التماثيل بأيديهم ومن ثم‬ ‫يعبدونها (حتى أن البعض كانوا يصنعون متاثيل‬ ‫آهلتهم من التمور‪ ،‬وعندما كانوا جيوعون كانوا‬ ‫يأكلون تلك التماثيل) كان اإليزديون يتوجهون‬ ‫يف صلواتهم حنو الشمس اليت يرون أنها نور‬ ‫اخلالق‪ .‬هلذا نرى حتى اآلن أن اإليزيديني‬ ‫يقدسون الشمس‪ ،‬طبعاً القدسية ليست عبادة‪،‬‬ ‫فالعبادة للذي خلق الشمس‪ ،‬وحياول اإليزيديون‬ ‫حياولون قدر اإلمكان أن اليكون هناك حاجزاً‬ ‫بينهم وبني الشمس حني يؤدون صلواتهم‪ ،‬مع‬ ‫العلم أن اإليزيدي عندما يؤدي ذلك الطقس‬ ‫فهو يقول سأقوم بالدعاء وليس بالصالة‪ ،‬وكلمة‬ ‫الصالة أعتقد أنها دخلت يف قاموس اإليزيدية‬ ‫بعد ظهور الديانة املسيحية أواإلسالمية اليت‬ ‫تأثر بهما اإليزيديون حبكم قوتهما واتساعهما‬ ‫وإحاطتهما لإليزدية من كافة جوانبها‪.‬‬ ‫ويف اآلونة األخرية اكتشف السيد لوفريه نابو‬ ‫اخلبري باآلثار واللغات السومرية ـ البابلية بأن‬ ‫كلمة (إيـ زي ـ دي) على الرقم الطيين الذي‬ ‫وجد يف بورسيبا حيث معبد إيزيدا‪ ،‬تعين‪:‬‬ ‫الروح اخلرية وغري امللوثني والذين ميشون على‬ ‫الطريق الصحيح ‪ .‬وحسب اعتقاده فإن تاريخ‬ ‫اإليزيدية يرجع اىل األلف الثالث قبل امليالد‪،‬‬ ‫وهم من بقايا ديانة كردية من منطقة احلضارات‬ ‫العظمى يف الشرق أي املعتقدات السومرية البابلية‬ ‫القدمية‪ ،‬ويؤكد ذلك أيضاً السيد جنم خالد الوني‬ ‫االستاذ املساعد يف جامعة صالح الدين يف العراق‪.‬‬ ‫ومتابعة ملعنى اإليزيدية يذكر االستاذ مرشد‬

‫تاريخ‬

‫‪21‬‬

‫اليوسف يف مؤلفه القيّم – دوموزي ‪ /‬طاووسي‬ ‫ملك ‪ /‬صفحة ‪ /91‬بأن عقيدة اإلله دوموزي‬ ‫(تاووسي ملك) انتقلت اىل اإلله ننجيزيدا يف‬ ‫عصر األمري السومري جوديا‪ ،‬عصر ساللة أور‬ ‫الثالثة حوالي ‪2350‬ق‪.‬م‪ ،‬ويعتقد األستاذ مرشد‬ ‫اليوسف بأن اسم اإلله ننجيزيدا اسم كردي‬ ‫حبت يتألف من أربعة مقاطع هي‪:‬‬ ‫‪ = NIN‬اإلله أو الرب يف السومرية‬ ‫‪ ÊY=GY‬الذي‬ ‫‪ JIY=ZIY‬احلياة‬ ‫‪ = DA‬وهب أو أعطى‬ ‫وجمموع االسم يعين اإلله الذي وهب احلياة‪،‬‬ ‫ومنه جاء اسم اإليزيدية‪ ،‬ويعين ملة اإلله‬ ‫ننجيزيدا‪.‬‬ ‫نصل اىل نتيجة‪ ،‬أن إيزي هو اسم من امساء‬ ‫اهلل‪ ،‬وهو املعبود‪ ،‬واإليزيدية هي ديانة قائمة‬ ‫حبد ذاتها‪ ،‬وأن إيزيدي أو إيزدي يعين عابد‬ ‫اهلل (أي الذي يعبد اهلل)‪.‬‬ ‫إن الديانة اليت كانت منتشرة يف ميزوبوتاميا هي‬ ‫ديانة مزديسنا (اإليزيدية) قبل ظهور الديانات‬ ‫اليهودية واملسيحية واالسالم‪ ،‬وأن الديانات اليت‬ ‫كانت تنتشر يف املنطقة (ميزوبوتاميا) هي فروع‬ ‫للديانة اإليزيدية‪ ،‬وأخذت منها (من اإليزيدية)‬ ‫الكثري من العادات والتقاليد واألعراف‪ ،‬ألن‬ ‫الديانة اإليزيدية انتشرت مع انتشار البشرية‬ ‫‪.2 /‬‬ ‫قبل أن أختم هذه الفقرة أقول بأن أول مصدر‬ ‫إسالمي ذكر اإليزيدية هو كتاب (األنساب) لعبد‬ ‫الكريم السمعاني يف القرن السادس اهلجري‪ ،‬وقد‬ ‫لفظ امسهم ب (اليزيدية) فسار اآلخرون عقبه يف‬ ‫هذه التسمية ‪.3/‬‬ ‫ولكي ندرك حجم ال ِغل واحلقد من قبل البعض‬ ‫ضد الديانة اإليزيدية فقد قام هذا (البعض‬ ‫احلاقد‪ ،‬وبالتأكيد اجلاهل) من انتزاع فصل‬ ‫كامل عن إمارة داسن اإليزيدية من كتاب‬ ‫الشرفنامة للبدليسي!!!‪ .‬فهل زالت اإليزيدية‬ ‫من الوجود جراء انتزاع ذلك الفصل الذي‬ ‫يتحدث عن اإليزيدية؟‪.‬‬ ‫ويُعتقد بأن أول من الصق تهمة عبادة إبليس‬ ‫(ش) باإليزيدية هو األب أنستانس الكرملي يف‬ ‫منتصف أربعينيات القرن املاضي‪ ،‬أعقبه املؤرخ‬ ‫العراقي عبد الرزاق احلسين‪ ،‬وبدأت اتهاماتهم‬ ‫تلقى رواجاً منقطع النظري منذ منتصف القرن‬ ‫املاضي حتى اآلن‪ ،‬رغم أن ذكر اسم (إبليس) أو‬ ‫عدم ذكره اليعين لإليزدية بشيئ‪ ،‬ولكن تكرار‬ ‫كلمة أو مجلة ما أمام شخص حبد ذاته قد تشعر‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫السنة األول‬

‫مجلة دجلة‬

‫بأن الشخص املعين يقدّس أو يعبد ذك االسم‬ ‫املكرر أمامه‪ ،‬وقد يصل األمر بالشخص ذاته بأن‬ ‫مايشاع عنه صحيح‪ ،‬يف الوقت الذي يكون ذلك‬ ‫جمرد افرتاءات وكذب ‪ .‬وأورد هنا مثاالً حول‬ ‫هذه النقطة‪:‬‬ ‫أثناء احلرب العاملية الثانية كان غوبلز وزيراً‬ ‫لإلعالم يف حكومة أودولف هتلر النازية‪ ،‬فكان‬ ‫غوبلز خيرتع ويفربك الشائعات عن انتصار‬ ‫النازية وقوتها وجربوتها‪ ،‬واليهدأ من الكذب‪،‬‬ ‫وكان يقول إكذب ثم إكذب ثم إكذب حتى‬ ‫يصدقك عدوك‪ ،‬حتى أن قائده هتلر الذي‬ ‫من املفروض أن يصدر اليه األوامر‪ ،‬كان يقف‬ ‫مشدوهاً أمام الشائعات اليت كان يطلقها وزيره‬ ‫فقال يف إحدى املرات‪ :‬من كثرة ما كذب غوبلز‬ ‫فقد كدت أن أصدقه أنا شخصياً‪.‬‬ ‫إن هذا املثال ينطبق على حال اإليزيديني‬ ‫يف مواجهة تهمة عبادتهم ل (إبليس) والذين‬ ‫ألصقوا هذه التهمة باإليزيديني هم من كانت هلم‬ ‫مصلحة يف التفريق بني شعوب املنطقة‪ ،‬فهل‬ ‫هناك إنسان عاقل يف هذا الزمان ميكن أن يعبد‬ ‫إبليساً وال يعبد اهلل؟‪.‬‬ ‫إن نظرة سريعة اىل كل نص أدبي أو تارخيي‬ ‫مت كتابته عن اإليزيدية‪ ،‬جند أنه خيضع‬ ‫لسيطرة القوى احلاكمة‪ ،‬فالسلطات قد أرغمت‬ ‫بل وترغم على الدوام كتّاب التاريخ أن يكتبوا‬ ‫وفق مصاحل عروشها ودوهلا‪ ،‬ال وفق احلقيقة‬ ‫والواقع‪ ،‬والتاريخ يُكتب حبد السيف‪ ،‬وكل من‬ ‫كتب عن اإليزيدية كان يفعل ذلك بهدف إزالة‬ ‫بل وإلغاء اإليزيدية من التاريخ كله ‪.‬‬ ‫كلمة أخرية حول هذا املوضوع أذ ّكر بها‬ ‫القارىء الكريم‪ ،‬بأن اإليزيديني يقولون‪EM :‬‬ ‫‪ÊZDÎNE CIL SIPÎNE BI OLA‬‬ ‫‪ XWE RAZÎNE‬أي‪ :‬حنن إيزديون بيضاءة‬

‫مالبسنا‪ ،‬راضون عن عقيدتنا‪.‬‬ ‫إن مجلة بيضاء مالبسنا ترمز اىل نظافة والقلب‬ ‫واللسان‪ ،‬وأيضاً ترمز اىل طهارة الروح لدى‬ ‫اإليزيدي‪ ،‬حيث أن أي بقعة غري بيضاء تظهر‬ ‫للعيان مباشرة إذا تلطخ بها الثوب األبيض‪.‬‬ ‫مبعنى أن (بيضاء مالبسنا) تعين أننا الحنيد عن‬ ‫طريق احلق واإلميان الذين دلّنا اليهما اخلالق‪.‬‬ ‫ومتى احنرفنا ولو قيد أمنلة فسيبدو ذلك للعيان‬ ‫مباشرة بأننا أخطأنا أو احنرفنا عن طريق احلق‪.‬‬ ‫ويذكر أنه وردت كلمة (إيزيدي) يف الكثري من‬ ‫املدونات البابلية والسومرية‪ ،‬وأن امللك البابلي‬ ‫محورابي كان قد حارب اإليزيدية كثرياً‬ ‫خالل الفرتة ‪ 1755 – 1785‬ق‪.‬م إلخضاعهم‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪22‬‬

‫تاريخ‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫وإرغامهم على االعرتاف بآهلة بابل بدالً من‬ ‫إيزيد إله اإليزيديني‪ ،‬ولكنه مل يفلح يف ذلك‪ ،‬أنت موجود يف األديرة ويف الكنائس‬ ‫أنت مع املطارنة‪ ،‬ومع القساوسة‬ ‫واستمر اإليزديون يعبدون إيزيد (اهلل)‪.‬‬ ‫ويف الوقت الذي الينتظر اإليزيديون هذه األيام أنت موجود حتى مع املساجني يف السجون‪.‬‬ ‫براءة ذمة من أحد حول معبودهم‪ ،‬ال ضري‬ ‫‪YA SILTAN ÊZÎ TU WÊ LI‬‬ ‫أن ندون هنا بعض الفقرات (السبقات) من‬ ‫‪ERDA، WÊ LI EZMANA‬‬ ‫األحاديث الدينية اإليزيدية الكثرية اليت تؤكد‬ ‫‪TU WÊ LI BEHRA، TU WÊ LI‬‬ ‫أن اإليزيدي يؤمن بإله واحد‪ ،‬الذي هو خالق‬ ‫‪BINYANA‬‬ ‫السماوات واألرض‪ ،‬وجاء يف قول ‪HEZAR U‬‬ ‫‪TU WÊ LI ZARA، TU WÊ LI‬‬ ‫‪ YEK NAVE‬ألف اسم واسم‪:‬‬ ‫‪YA SILTAN ÊZÎ TU WÊ LI‬‬ ‫‪BACÊRA، LI SÛKA‬‬ ‫‪TU WÊ LI MIFTA، WÊ LI‬‬ ‫‪SINDRÛKA‬‬ ‫‪TU WÊ LI GEL MEZINA، LI‬‬ ‫‪GEL BIÇÛKA‬‬

‫اهلي أنت موجود يف املدن واألسواق‬ ‫أنت القفل وأنت املفتاح‬ ‫أنت مع الصغار ومع الكبار‬ ‫***‬

‫‪YA SILTAN ÊZÎ TU WÊ LI GEL‬‬ ‫‪DÊRA، WÊ LI GEL KINÎSA‬‬ ‫‪TU WÊ LI GEL METRANA، LI‬‬ ‫‪GEL QESÎSA‬‬ ‫‪TU WÊ LI GEL ZÊNDANA، LI‬‬ ‫‪GEL HEBÎSA‬‬

‫اهلي خلق الدنيا من الدرر واجلواهر‬ ‫وخلق املالئكة السبعة اخلالدون‬ ‫وجعل طاوس ملك رئيساً عليهم‬ ‫***‬

‫‪PEDŞAYÊ MIN REBÊ‬‬ ‫‪SILÊMANE‬‬ ‫‪ÊZDANÊ INS Û CINANE‬‬ ‫‪HEMU BO WÎ SER KÊŞANE‬‬

‫اهلي هو‪ ،‬رب سليمان (النيب سليمان)‬ ‫رب األنس واجلان‬ ‫‪ZIMANA‬‬ ‫الكل له وحده يسجدون‬ ‫‪TU WÊ LI ÇIYA، TU WÊ LI‬‬ ‫***‬ ‫‪SIKANA‬‬ ‫ومن حديث العرش(‪)QEWLÊ TEXTA‬‬ ‫يا إهلي أنت موجود على األرض ويف السماوات نقرأ‪:‬‬ ‫‪PEDŞAYÊ MIN NAV TEXTÊ XO‬‬ ‫أنت يف الوديان ويف قيعان البحار‬ ‫‪ÊKÎ EKBERE‬‬ ‫أنت موجود يف كل لغة‪ ،‬وعلى كل األلسن‬ ‫‪JI BA WÎ DI ÊTIN NÛR Û‬‬ ‫أنت يف اجلبال ويف املدن‪.‬‬ ‫‪NEDERE‬‬ ‫***‬ ‫ومن حديث الباشا(‪PEDŞAYÊ MIN YÎ XUYAYE LI )QEWLÊ PEDŞAY‬‬ ‫‪HEMU DERE‬‬ ‫كلمة الباشا هنا تعين احلاكم األوحد‪:‬‬ ‫‪PEDŞAYÊ MIN DUNYA‬‬

‫‪ AVAKIR JI DUR Û GEWHERE‬ال أحد ينافس ربي على عرشه‬ ‫‪ SIPARTIBÛ HER HEFT SURRÊT‬النور والنظر من عنده‬ ‫اهلي موجود يف كل مكان‬ ‫‪HER Û HERE‬‬ ‫***‬ ‫‪TAWISÎ MELEK KIRE‬‬ ‫‪SERWERE‬‬

‫‪PEDŞAYE Û HER HEFT MELEK‬‬ ‫‪VÊRA‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫‪TEXTÊ NÛR Û ŞEV Û ROJ Û‬‬ ‫‪HEYV Û STÊRA‬‬ ‫‪PEDŞAYÊ MIN ŞERAB BI‬‬ ‫‪XO DIGÊRA‬‬

‫خملوق‪.‬‬

‫تاريخ‬

‫‪23‬‬

‫***‬

‫‪PADŞÊ MIN DUR MEKANE‬‬ ‫‪LI BA WÎ WA EYANE‬‬ ‫‪EWÎ HINER KIR ERD Û‬‬ ‫‪EZMANE‬‬

‫اهلي ومعه املالئكة السبعة‬ ‫هو من أعطانا النور والليل والشمس والقمر‬ ‫والنجوم‬ ‫اهلي الدر مكانه‬ ‫ّ‬ ‫اهلي هو الذي يلقن البشر العلم واملعرفة‬ ‫الشيء خيفى عليه‬ ‫***‬ ‫هو من خلق األرض والسماء‬ ‫ومن قول الشهور ‪QEWLÊ MEHAN‬‬ ‫***‬ ‫نقرأ‪:‬‬ ‫‪EVA BÛ CARA JI MÊJE‬‬ ‫‪PEDŞAYÊ MIN YEKÎ BI TENÊ‬‬ ‫‪EZÎZÊ MIN SEWIRAND ÇENDÎ‬‬ ‫‪DINÊ‬‬

‫اهلي هو الواحد األوحد‬ ‫هو من أوجد الدنيا وما عليها‬ ‫***‬

‫‪PADŞAYÊ MIN QONTARKIR‬‬ ‫‪ŞEV Û ROJE‬‬ ‫‪DI NAVDE DANÎ BEHIŞT Û‬‬ ‫‪DOJE‬‬

‫ومنذ األزل ‪ /‬اهلي أوجد الليل والنهار‬ ‫وأوجد اجلنة والنار‬ ‫‪DINYA DANA Û SEWIRAND‬‬ ‫عزيزي القارىء لنسأل أنفسنا‪ :‬من هو خالق‬ ‫‪DIPÎVA Û DIQEDIRAND‬‬ ‫النجوم والكواكب واألرض والسماء؟ من هو الذي‬ ‫ً‬ ‫‪HIJDE HEZAR MIXLUQ‬‬ ‫أوجد اثنان وسبعون قوما ومثانية عشر ألف كائن‬ ‫‪BI GIYA DI NAV XWE DE‬‬ ‫حي؟ ومن هو املوجود يف كل مكان وزمان ويف‬ ‫‪DEBIRAND‬‬ ‫قلب كل كائن‪ ،‬حتى يف أعماق البحار؟ من الذي‬ ‫أوجد الليل والنهار؟ إن اإليزيدية جتيب على‬ ‫أوجد الدنيا وصورها كما يريد‬ ‫هذه األسئلة بأن من قام بهذه األعمال هو اهلل‬ ‫قاسها وقدرها‬ ‫سبحانه وتعاىل‪.‬‬ ‫أوجد الكأل ليعيش عليه مثانية عشر ألف هذه الفقرات من األحاديث الدينية اإليزيدية‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫السنة األول‬

‫مجلة دجلة‬

‫تؤكد مبا اليدع جماالً للشك يف أن اإليزيديني‬ ‫يؤمنون باهلل الواحد القهار‪ ،‬وأن اهلل هو خالق‬ ‫اجلنة والنار‪ ،‬وواهب احلياة واملوت‪ ،‬وتنفي‬ ‫عنهم األباطيل والشائعات اليت يطلقها أصحاب‬ ‫النفوس الضعيفة‪ ،‬ولو سارت شائعاتهم ردحاً‬ ‫من الزمن فكان بسبب الظلم الذي يتعرض له‬ ‫اإليزيدي‪ ،‬حيث وصل اىل مرحلة بات فيها‬ ‫يرتعد من اخلوف إن هو نطق ولو بكلمة عن‬ ‫ديانته‪ ،‬ومبجرد التلفظ بأنين إيزيدي فهذا يعين‬ ‫أن نهايته قد قربت‪ ،‬حتى أن بعض األدعية قد‬ ‫مت ترمجتها اىل العربية خوفاً من بعض العرب‬ ‫املتعصبني اجملاورين هلم‪ ،‬وكانوا يعتقدون أنهم‬ ‫لو القوا أدعيتهم باللغة العربية سوف ّ‬ ‫يغض‬ ‫هؤالء القلة من العرب املتشددين الطرف عنهم‪،‬‬ ‫ويقولون بأن هؤالء هم من عباد اهلل‪.‬‬ ‫إزاء ذلك كان علينا القيام بواجبنا اإلنساني‪،‬‬ ‫وأن نعمل ولو باحلد األدنى من أجل إحياء‬ ‫ماميكن إحياءه من حقيقة اإليزيدية‪ ،‬السيما وأن‬ ‫نسائم احلرية بدأت تهب علينا نوعاً ما بعد‬ ‫دخولنا عصر املعلوماتية اليت أزالت (ولو باحلد‬ ‫األدنى أيضاً) الفوارق بني البشرية حتى أصبح‬ ‫العامل كله قرية صغرية‪ ،‬ولنستغل هذه الفرتة يف‬ ‫سبيل تعريف األجيال اإليزيدية القادمة على‬ ‫حقيقة ديانتهم وتراثهم‪ ،‬لكي يتجنبوا الويالت‬ ‫واإلجحاف الذي القته األجيال السالفة واحلالية‬ ‫من ظلم واحتقار وإهانة جملرد أنهم مل حييدوا‬ ‫عن عقيدتهم اليت وهبها هلم اخلالق عز وج ّل‪.‬‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪24‬‬

‫المراة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫بناء أسس المجتمع الديمقراطي مع انطالقة علم المرأة‬ ‫(‪)JINEOLOJÎ‬‬

‫سما امد‬

‫يلعب افتتاح األكادمييات دورا كبريا يف بناء‬ ‫اجملتمعات الدميقراطية‪ ،‬فمع كل انطالقة‬ ‫جديدة يف البناء بوسعنا مالحظة هذا الدور‬ ‫اهلام واألساسي الذي تقوم به األكادمييات‪،‬‬ ‫ففي القرن املاضي استطاعت العديد من‬ ‫الشعوب اليت حاربت من اجل حرب التحرير‬ ‫بناء جمتمعاتها جمددا عن طريق بناء‬ ‫األكادمييات واملعاهد التعليمية‪.‬‬ ‫ونستطيع القول بان بناء األكادمييات مل‬ ‫تكون اخلطوة األوىل يف البناء وإمنا سبق‬ ‫بناء األكادمييات األفكار والنظريات املوسعة‬ ‫اليت شكلت أرضية قوية لبناء األكادمييات‪،‬‬ ‫الن الفالسفة والعلماء والفنانون واملثقفون يف‬ ‫اجملتمع قاموا يف البداية ببناء الذهنية‪ ،‬وبعد‬ ‫ذلك قاموا بنقل هذه األفكار إىل تالميذهم‬ ‫وذلك يف األكادمييات واملدارس واملعابد‬ ‫الدينية(الكنيسة واجلامع)واجلامعات‪ .‬وبهذا‬ ‫الشكل قاموا بتدريب جمتمعاتهم‪.‬‬ ‫وبوسعنا القول بأنه على مر تاريخ احلضارة‬ ‫فقد تطورت هذه املؤسسات واملباني حتت‬ ‫مراقبة ونظر املتسلطني يف ذلك الوقت‪،‬‬ ‫ألنهم قاموا بتشكيل ذهنية اجملتمع وهندسة‬ ‫اجملتمع عن طريقهم‪ ،‬كذلك فعن طريق هذه‬ ‫املؤسسات واملباني مت إبعاد اجملتمع عن‬ ‫قيمه وأخالقه‪ ،‬وهكذا فكل تلميذ قد خرج‬ ‫من األكادمييات أصبح حتت خدمة حتقيق‬ ‫مصاحل املتسلطني‪ .‬ولكن يف اجلانب املقابل‬ ‫بإمكاننا القول بان أماكن تدريب اجملتمع‬ ‫اجلوهرية على مر التاريخ قد حافظت على‬ ‫مبادئها بشكل دائم‪.‬‬ ‫خاصة يف القرون األربعة األخرية قامت‬ ‫األنظمة املتسلطة يف الغرب بنشر الذهنية‬

‫الذكورية بني اجملتمع عن طريق هذه‬ ‫األكادمييات‪ ،‬فهي ذهنية معادية متاما للمرأة‬ ‫واجملتمع‪ ،‬ونستطيع القول بان األساس‬ ‫الذي شكل أرضية قوية حلدوث اإلبادات‬ ‫اجلماعية على اجملتمعات قد تشكل يف هذه‬ ‫األكادمييات واجلامعات واملدارس‪ .‬وبالتالي‬ ‫طبقت كافة الطرق والوسائل اخلاصة بالعلوم‬ ‫الوضعية(الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا‬ ‫والرياضيات واخل) على اجملتمع‪ ،‬وبذلك فقد‬ ‫متت تنشئة ذهنية كل من علماء االجتماع‬ ‫والنفس والفنانون والفالسفة وغريهم على‬ ‫أساس الذهنية الوضعية‪ ،‬أرادوا نشر التسلط‬ ‫واالضطهاد وعبودية املرأة يف عقول وذاكرة‬ ‫الناس‪ .‬ليس هذا وحسب وإمنا قاموا بتفسري‬ ‫األديان اليت ظهرت ضد الظلم والطغيان وفق‬ ‫رغباتهم وحتقيق مصاحلهم‪ ،‬وفرضوا عليهم‬ ‫تبين مبدأ القدرية وذلك لكي التنتفض‬ ‫الشعوب ضد املتسلطني واملستغلني ويقبلوا‬ ‫خبدمة املتسلطني خنوعني مذلولني‪.‬‬ ‫ويف يومنا احلاضر نعترب حنن النساء أكثر من‬ ‫نعاني من آثار هذه الذهنية‪ ،‬واهلدف األولي‬ ‫الذي يسعى علم املرأة إىل حتقيقه هو تصحيح‬ ‫جمرى العلوم ووضعها يف املسار الصحيح الذي‬ ‫خرجت منه‪ ،‬كذلك إعادة مجيع القيم اليت‬ ‫أبدعتها املرأة إىل اإلنسانية مرة أخرى بعدما‬ ‫تعرضت لالستغالل من قبل الرجل على مر‬ ‫تاريخ احلضارة اليت رزحت حتت تسلط‬ ‫الرجل‪ ،‬باإلضافة إىل كشف األقنعة عن وجه‬ ‫الذهنية املتسلطة وإظهار وجهها احلقيقي‬ ‫لإلنسانية‪ ،‬كذلك وضع األسس النظرية من‬ ‫اجل بناء الذهنية اجلديدة‪.‬‬ ‫من اجل بناء اجملتمع األخالقي والسياسي‬ ‫يشري القائد إىل بناء االكادمييات كخطوة‬ ‫أوىل على مر حتقيق املهام الثقافية‪ ،‬كذلك‬ ‫يبني بوضوح االختالفات املوجودة فيما بني‬ ‫أكادمييات اجملتمع الدميقراطي وأكادمييات‬ ‫املدنية املتسلطة‪ ،‬واىل جانب بناء األكادمييات‬ ‫سوف تفتتح املعاهد واملدارس واجلامعات‬ ‫واملدارس التحضريية وذلك من اجل القيام‬

‫بهذا الدور أي بناء اجملتمع األخالقي‬ ‫والسياسي‪.‬‬ ‫بإمكان اجملتمع الذي يقوم بتنظيم نفسه‬ ‫نتيجة القوة النابعة من جوهره‪ ،‬بناء‬ ‫األكادمييات واملدارس واملعاهد اخلاصة‬ ‫به وذلك باالعتماد على القوة الديناميكية‬ ‫اخلاصة به‪ .‬وقد حتققت هذه اإلمكانيات‬ ‫وتوفرت الفرص املناسبة مع ثورة روجافا‪،‬‬ ‫حيث يقوم اجملتمع عن طريق بناء الكومني‬ ‫واجملالس بتنظيم نفسه يف كافة اجملاالت‬ ‫احلياتية‪ .‬وهلذا السبب لكي يكون بوسعنا‬ ‫تنظيم أنفسنا وفق قيم جمتمعنا تظهر احلاجة‬ ‫املاسة والضرورية إىل بناء األكادمييات‪.‬‬ ‫فمع ثورة روجافا ظهرت احلاجة املاسة إىل‬ ‫تنظيم اجملتمع وبناء املؤسسات اخلاصة به‬ ‫من كافة اجلوانب‪ ،‬الن اجملتمع يف روجافا‬ ‫يتشكل من الكرد والعرب والسريان واالرمن‬ ‫واالشوريني والرتكمان أي انه جمتمع تعددي‬ ‫وغين من الناحية الثقافية‪ ،‬ولكنه على مر‬ ‫السنوات الطويلة اليت بقي فيها حتت حكم‬ ‫النظام السوري البعثي الشوفيين مل يستطيع‬ ‫تنظيم نفسه وبناء املؤسسات اخلاصة‪ .‬ولكن‬ ‫بعد حدوث الثورة يف روجافا نستطيع القول‬ ‫بأنه توجد العديد من املشكالت يف اجلوانب‬ ‫االقتصادية واحلماية والتدريب والثقافة‬ ‫والفن والدبلوماسية والسياسية واإلدارية‬ ‫وااليكولوجية والصحية والدميوغرافية‪،‬‬ ‫وبالتالي إذا شئنا أم أبينا فان طريق احلل‬ ‫األساسي للمشكالت سوف مير من بناء‬ ‫األكادمييات‪.‬‬ ‫فعلى سبيل املثال تواجه اجملتمعات العديد‬ ‫من املشكالت يف اجملال االقتصادي‪ ،‬وذلك‬ ‫الن النظام االقتصادي احلالي يدار وفق فلسفة‬ ‫املتسلطني‪ ،‬وان صح التعبري ميكننا القول بان‬ ‫النظام احلالي ليس نظاما اقتصاديا‪ ،‬وإمنا‬ ‫على العكس فهو نظام النهب والسلب‪.‬‬ ‫والمكان للمرأة يف هذا النظام‪ ،‬وان وجدت‬ ‫املرأة فإنها تعمل وسط الشروط والظروف‬ ‫الصعبة وتتم سرقة جهودها أو يتم إنكار‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫كافة جهودها مثلما تنكر جهود العبيد‪.‬‬ ‫وهذا اليشكل بأي حال من األحوال النظام‬ ‫االقتصادي‪ .‬ففي البداية يتطلب من املرأة‬ ‫رؤية دورها الكبري يف خلق واستمرار احلياة‪،‬‬ ‫ولعب دورها املبدع واخلالق يف اجملال‬ ‫االقتصادي كالسابق‪ ،‬وميكن حتقيق ذلك يف‬ ‫األكادمييات االقتصادية اليت ستفتتح بنظرة‬ ‫نابعة من علم املرأة‪ ،‬واىل جانب األكادمييات‬ ‫اخلاصة باملرأة تظهر احلاجة املاسة إىل بناء‬ ‫األكادمييات العامة وذلك من اجل بناء‬ ‫جمتمع تسود فيه مبادئ االقتصاد اجلماعي‬ ‫واملشرتك‪ .‬ونستطيع القول بان األكادمييات‬ ‫االقتصادية اليت ستفتتح سوف تعاجل العديد‬ ‫من املشكالت اليت تسود يف اجملتمع من‬ ‫الناحية االقتصادية‪ ،‬ألنها ستبحث عن‬ ‫إجياد احللول للمشكالت الكثرية‪ ،‬فعلى‬ ‫سبيل املثال سوف تبحث عن الطرق اليت‬ ‫يستطيع بها اجملتمع االستفادة من املنابع‬ ‫الطبيعة اخلاصة به‪ ،‬باإلضافة إىل حل مشكلة‬ ‫البطالة السائدة يف اجملتمع‪ ،‬والبحث عن‬ ‫الطرق اليت يتم بها توزيع الثروات املوجودة‬ ‫على اجملتمع‪ ،‬والطرق اليت سوف حتدد‬ ‫مبوجبها ملكية واستخدام األراضي‪...‬اخل‪.‬‬ ‫احلماية الذاتية‬ ‫إن احلماية الذاتية(الدفاع املشروع) يف الشرق‬ ‫األوسط تعترب مسالة أساسية‪ .‬الن الشعب‬ ‫الذي يفتقر إىل احلماية الذاتية يصبح عرضة‬ ‫لإلبادات اجلماعية واهلجمات املستمرة‬ ‫بشكل دائم‪ .‬ونستطيع القول بان اإلبادات‬ ‫اجلماعية اليت حصلت يف كل من شنكال‬ ‫واملوصل وغريها من املناطق األخرى أظهرت‬ ‫بعمق مدى احلاجة املاسة إىل احلماية الذاتية‪،‬‬ ‫وبالتالي كيف سيكون بوسع اجملتمع تامني‬ ‫محايته وكيف سيكون موقف اجملتمع جتاه‬ ‫القوى احمليطة به وغريها من النواحي‬ ‫األخرى سوف تناقش يف أكادمييات احلماية‬ ‫الذاتية(الدفاع املشروع)‪ ،‬خاصة تعد افتتاح‬ ‫أكادمييات احلماية الذاتية اخلاصة باملرأة‬ ‫حاجة ماسة وملحة‪ ،‬الن املرأة إذا تعرفت‬ ‫على طرق ووسائل محايتها سيكون مبقدورها‬ ‫تامني محاية اجملتمع أيضا‪ .‬يف الوقت نفسه‬ ‫سوف تنخفض نسبة العنف املوجودة يف‬ ‫اجملتمع إىل أدنى الدرجات‪.‬‬

‫المراة‬

‫‪25‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫السنة األول‬

‫مجلة دجلة‬

‫نظام التدريب‬ ‫مهما كان اجملتمع جمتمعا حرا فإذا مل ميلك‬ ‫نظام التدريب اخلاص به لن يكون بوسعه‬ ‫االستمرار حبياته وفق ثقافته وقيمه اخلاصة‬ ‫به‪ ،‬كذلك جيب أن يكون نظام التدريب‬ ‫اخلاص باجملتمع نابعا من مفهومه وذهنيته‬ ‫وليس نابعا من مفهوم وذهنية أنظمة أخرى‬ ‫وجمتمعات أخرى‪ .‬يف هذا اجلانب بإمكاننا‬ ‫القول بان جمتمعنا والشعوب الكردستانية‬ ‫تعيش وسط أنياب اإلبادة الثقافية‪ .‬حيث إن‬ ‫القوى احملتلة لكردستان تستخدم مؤسسات‬ ‫التدريب مبثابة وسائل اإلنكار واالنصهار‪،‬‬ ‫وبإمكاننا القول بان فتح األكادمييات واملعاهد‬ ‫سوف تشكل اخلطوة األوىل الدميقراطية على‬ ‫طريق إجراء التغيريات املطلوبة والضرورية‪،‬‬ ‫الن التدريب املبين على أساس ذهنية ومفهوم‬ ‫املرأة سوف يلعب دورا أساسيا من اجل‬ ‫تصحيح اجملتمع‪.‬‬ ‫جيب أن تنتشر أكادمييات التدريب يف كافة‬ ‫أصقاع الوطن أي جيب أن تنتشر يف كافة‬ ‫القرى والشوارع واملدن‪ ،‬الن اجملتمع قد ترك‬ ‫بدون تدريب جوهري يناسب طبيعته هلذا‬ ‫جيب نشر محالت التدريب يف كافة ميادين‬ ‫احلياة‪ .‬وبهذا الصدد ميكننا القول بان قائد‬ ‫الشعب الكردي عبد اهلل اوجالن يقرتح بشكل‬ ‫دائم افتتاح معاهد التدريب من اجل الفتيات‬ ‫الشابات‪ ،‬الن املرأة والشبيبة تشكل القوى‬ ‫الديناميكية األساسية اليت ستحقق أسس علم‬ ‫املرأة على ارض الواقع‪.‬‬ ‫صحة اجملتمع‬ ‫صحة اجملتمع يف يومنا احلاضر تكمن يف‬ ‫مستويات خطرية‪ ،‬الن الدول احملتلة‬ ‫واألنظمة الفاشية تلعب بشكل خاص بصحة‬ ‫اجملتمع وسالمته‪ ،‬حيث تفرض على الناس‬ ‫املرضى احلاجة إليها وكأنه لن يكون بوسعهم‬ ‫العيش واالستمرار يف احلياة بدون النظام‪ .‬الن‬ ‫النظام يقوم بتقوية دعائمه باالستناد إىل نشر‬ ‫األدوية وأدوات الصحة على اجملتمع‬ ‫املريض‪ ،‬وبالتالي فان أكادمييات الصحة‬ ‫سوف تنشر يف اجملتمع مفاهيم العيش بصحة‬ ‫وسالمة قبل أي شيء آخر‪ .‬ولتحقيق ذلك‬ ‫تظهر احلاجة إىل الربامج املوسعة‪ .‬ويتطلب‬ ‫تدريب اجملتمع وخاصة املرأة واألمهات‬

‫علم املرأة سوف حتمل على‬ ‫عاتقها مسؤوليات ثقيلة وخاصة‬ ‫يف معارف اجملتمع‪ ،‬فمنذ تاريخ‬ ‫املدنية املتسلطة وحتى يومنا‬ ‫احلاضر والذهنية قد تعرضت‬ ‫للتحوير يف كافة ميادين احلياة‪.‬‬ ‫ليس هذا وحسب وإمنا تعرضت‬ ‫أخالق اجملتمعات للفساد‬ ‫واالنهيار‪ ،‬وتعرضت مواقفهم‬ ‫السياسية للضعف والوهن‪ .‬وقد‬ ‫أوصلوا باإلنسان إىل احلالة اليت‬ ‫يعجز فيها عن بناء أي شيء يف‬ ‫حياتهم مبحض إرادتهم اخلاصة‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪26‬‬

‫لبناء اجملتمع األخالقي‬ ‫والسياسي يشري القائد إىل‬ ‫بناء االكادمييات كخطوة‬ ‫أوىل على مر حتقيق املهام‬ ‫الثقافية‪ ،‬كذلك يبني بوضوح‬ ‫االختالفات املوجودة فيما‬ ‫بني أكادمييات اجملتمع‬ ‫الدميقراطي وأكادمييات املدنية‬ ‫املتسلطة‪ ،‬وإىل جانب بناء‬ ‫األكادمييات سوف تفتتح املعاهد‬ ‫واملدارس واجلامعات واملدارس‬ ‫التحضريية وذلك من أجل القيام‬ ‫بهذا الدور أي بناء اجملتمع‬ ‫األخالقي والسياسي‬

‫المراة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫والفتيات الشابات‪.‬‬ ‫وإىل جانب األكادمييات اليت أتينا على‬ ‫ذكرها يف األعلى فانه تظهر احلاجة املاسة‬ ‫إىل افتتاح أكادمييات الفلسفة والدين‬ ‫واالكولوجيا والدميوغرافية واألخالق واجلمال‬ ‫والسياسة والثقافة والفن وكافة امليادين اليت‬ ‫تظهر احلاجة إليها‪ ،‬و من اجل تقوية أساس‬ ‫اجملتمع الدميقراطي سوف يتم تدريب الشعب‬ ‫يف هذه األكادمييات وذلك وفق مبادئ الثقافة‬ ‫اخلاصة بهم والقيم اجلوهرية اخلاصة بهم‪.‬‬ ‫ويف هذا اإلطار فان القائد عبد اهلل اوجالن‬ ‫يضع العديد من املبادئ واملقاييس الدقيقة من‬ ‫أجل األكادمييات‪ ،‬ويضع األسس اليت تسري‬ ‫مبوجبها قوة التدريب يف األكادمييات‪ ،‬كما‬ ‫يتوقف بشكل كبري على املنضمني إىل التدريب‬ ‫بدءا من أعمارهم وحتى دورهم ونشاطاتهم يف‬ ‫التدريب ومدة التدريب وغريها من املقاييس‬ ‫األساسية األخرى‪.‬‬ ‫إن أكادمييات علم املرأة سوف حتمل على‬ ‫عاتقها مسؤوليات ثقيلة وخاصة يف معارف‬ ‫اجملتمع‪ ،‬فمنذ تاريخ املدنية املتسلطة وحتى‬ ‫يومنا احلاضر والذهنية قد تعرضت للتحوير‬ ‫يف كافة ميادين احلياة‪ .‬ليس هذا وحسب‬ ‫وإمنا تعرضت أخالق اجملتمعات للفساد‬ ‫واالنهيار‪ ،‬وتعرضت مواقفهم السياسية‬ ‫للضعف والوهن‪ .‬وقد أوصلوا باإلنسان إىل‬

‫احلالة اليت يعجز فيها عن بناء أي شيء‬ ‫يف حياتهم مبحض إرادتهم اخلاصة‪ .‬ويف‬ ‫يومنا احلالي يعيش اجملتمع يف حالة صعبة‬ ‫ويعاني من الضعف والوهن‪ .‬والسبب يف ذلك‬ ‫يعود إىل ذهنية الرجل املتسلط‪.‬‬ ‫فهذا النظام املتسلط استطاع عن طريق‬ ‫األكادمييات نشر ذهنيته املتسلطة على عقول‬ ‫البشر وذاكرتهم ملئات السنني‪ .‬وهلذا السبب‬ ‫يعد ختريب املفاهيم اليت زرعها اجملتمع‬ ‫يف عقول الناس وإظهار مكانها ثقافة وقيم‬ ‫اجملتمع الطبيعي‪ ،‬وإخراج املرأة والقيم‬ ‫اخلاصة بها وسط القوالب الرجعية اليت‬ ‫المتت هلا بأي صلة‪ .‬مهام ومسؤوليات يف‬ ‫غاية األهمية‪ .‬وتتطلب التعمق فيها انطالقا‬ ‫من عقول بعيدة عن الذهنية املتسلطة والوضعية‬ ‫كذلك تتطلب أحباث موسعة ونقاشات قوية‪.‬‬ ‫وهنا مبقدورنا القول بان هذه األمور تشكل‬ ‫نظرة وتقربات علم املرأة نفسه‪.‬‬ ‫بقدر ما تعد هذه األعمال واملهام من مهام‬ ‫األكادمييني واملثقفني واملعلمني‪ ،‬فهي يف‬ ‫الوقت نفسه تشكل مهام الشعب حبد ذاته‪.‬‬ ‫الن العلم املنفصل عن الشعب لن يستطيع أبدا‬ ‫خدمة الشعب واجملتمع‪ .‬ففي األكادمييات‬ ‫إذا حقق كل من النساء األكادمييات والشعب‬ ‫سويا علم املرأة وقتها سوف تصل األكادمييات‬ ‫إىل معانيها األساسية و تقع حتت خدمة‬ ‫إنشاء اجملتمع الدميقراطي‪.‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫المراة‬

‫‪27‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫السنة األول‬

‫مجلة دجلة‬

‫كومون المرأة أهميته وآلية عمله‬

‫تكوشين اوزان‬

‫الثورة املندلعة يف روجآفا هي قفزة تارخيية كبرية‬ ‫بالنسبة للمرأة واإلنسانية مجعاء‪ .‬وبقدر انعكاس‬ ‫الثورة يف الرأي العام كمقاومات وانتصارات‬ ‫وحدات محاية الشعب ‪ YPG‬ووحدات محاية‬ ‫املرأة ‪ YPJ‬ضد هجمات داعش‪ .‬إال أن هذا‬ ‫الدفاع أبرز احلقيقة األساسية وهي التطورات‬ ‫املنبثقة من نظام األمة الدميقراطية‪ .‬اخلصوصية‬ ‫اهلامة لثورة روجآفا هي أنها ثورة املرأة‪ .‬فتعمق‬ ‫احلرية‪ ،‬املساواة‪ ،‬والدميقراطية تكون بأنضمام‬ ‫املرأة للثورة كماً ونوعاً‪ .‬بناء نظام األمة‬ ‫الدميقراطية املتمحور حول املرأة خلق مفهوم‬ ‫حديث العهد يف الشرق األوسط‪ ،‬خلق منط حياة‬ ‫جديدة‪ ،‬وواقع سياسي ودفاعي جديد‪.‬‬ ‫ولدى اختيار األمة الدميقراطية كالبديل واملرجح‬ ‫يف املنطقة‪ ،‬توضحت مدى تالؤمه مع اجملتمع‬ ‫ومع احلقائق التارخيية هلذه اجلغرافية‪ ،‬وخري‬ ‫شاهد على هذه احلقيقة هي قبوهلا وتطبيقها‬ ‫من قبل الشعب يف فرتة وجيزة‪ .‬دون شك مل‬ ‫تنتهي مرحلة بناء األمة الدميقراطية‪ ،‬فهي‬ ‫ستبقى منفتحة على التحول والتغيري اجلاري يف‬ ‫اجملتمع يف كل وقت‪ .‬سرعة التطور الديناميكي‬ ‫االجتماعي هي اليت ستوجه تنظيم وبناء األمة‬ ‫الدميقراطية‪ .‬ال بد من اجملتمع املشتت واملهرتئ‬ ‫بالفردانية‪ ،‬القوموية‪ ،‬الدينية‪ ،‬الدولتية‪،‬‬ ‫املذهبية‪ ،‬العرقية‪ ،‬واجلنسوية‪ ،‬من إعادة بناء‬ ‫ذاته جمدداً بناءً على قوته وتنظيمه الذاتيني‪.‬‬ ‫سيقرر اجملتمع بنفسه ما هو الصائب وما هو‬ ‫السيء‪ ،‬أي سيبين قيّمه األخالقية جمدداً‬ ‫بنفسه‪ ،‬دون االستناد إىل قوة اخرى‪ .‬وسيتحول‬ ‫إىل قوة حل جلميع مشاكله دون االعتماد على‬ ‫قوة اخرى‪ .‬عندئ ٍذ سيخطو التدريب‪ ،‬احلماية‪،‬‬ ‫نظام العدالة‪ ،‬وسيأسس االقتصاد خطوات مهمة‬ ‫بالوعي اجلوهري والتنظيم الذاتي‪.‬‬ ‫وبقدر قوة احلرية‪ ،‬املساواة‪ ،‬والدميقراطية يف‬ ‫اجملتمع‪ ،‬سيتعمق نظام األمة الدميقراطية‬ ‫وستزداد مشوليته بالعالقات احلرة‪ ،‬سيكون‬

‫التنظيم املبين حراً‪ .‬ولدى النظر هلذا التوجيه‬ ‫ال بد من التعبري عن مسألة وهي أن نظام األمة‬ ‫الدميقراطية ليس نظام طبقي‪ ،‬بل ينظم ويدير فيه‬ ‫اجملتمع نفسه بنفسه‪ .‬يف هذه النقطة سنواجه‬ ‫وجها لوجه حقيقة‪ ،‬وهي احلقيقة االجتماعية‬ ‫اليت استمرت طيلة مخسة آالف عام خارج وجود‬ ‫الدولة والسلطة يف تاريخ احلضارة الدميقراطية‬ ‫حبيث أوصلت ذاتها رغم كل سياسات اإلبادة‬ ‫واإلنكار إىل يومنا الراهن‪ .‬تسرب قوى السلطة يف‬ ‫الفرتات البينية أدى إىل متزق اجملتمع‪ ،‬ونسف‬ ‫قوته الدفاعية‪ .‬لذا يتطلب ألجل معاجلة هذا‬ ‫التمزق القيام ببناء النسيج اجملتمعي وفق ذهنية‬ ‫اجملتمع وأخالقه من جديد‪.‬‬ ‫جوهر اجملتمع املتمزق هو بذاته ميثل العالج‬ ‫الوايف جلميع أمراضه‪ .‬وإن إنبعاث هذا اجلوهر‬ ‫من جديد يعترب أمر حياتي يف سبيل النهوض‬ ‫باجملتمع وحتريره‪ .‬رفع مستوى اجملتمع من‬ ‫الناحية الذهنية أم ٌر هام جداً ألجل حتقيق‬ ‫دمقرطة اجملتمع‪ .‬كما وإن ابراز قوة الكلمة‬ ‫والعمل عرب السياسة الدميقراطية هو األمر‬ ‫اآلخر اهلام الذي يغين بنية اجملتمع ويسمو‬ ‫بنظامه‪ .‬فهم اخلاليا األساسية لنظام اجملتمع‬ ‫الدميقراطي والوصول إىل معناه احلقيقي دون‬ ‫التمييز يف الدين‪ ،‬اللغة‪ ،‬العرق‪ ،‬اجلنس هو‬ ‫من الشروط األساسية لبناء اجملتمع األخالقي‬ ‫والسياسي‪.‬‬ ‫لدميومة الثورة خصوصيتني اساسيتني‪ ،‬االوىل‪:‬‬ ‫مبدأ التمثيل واملشاركة املتساوية املتطورة الذي‬ ‫يرتسخ اثر التنظيم اخلاص للمرأة‪ ،‬املكتسب‬ ‫نتيجة نضال حرية املرأة‪ .‬واملبدأ الثاني‪:‬‬ ‫الكومون هو التنظيم الشامل والدميقراطي لكافة‬ ‫فئات وشرائح اجملتمع‪ .‬فالكومون عندما يصبح‬ ‫إدارة‪ ،‬تدريب‪ ،‬اكتفاء ومحاية اجملتمع‪ ،‬حينئذ‬ ‫سيفتح الطريق أمام تنظيم كومون املرأة ‪ -‬األكثر‬ ‫سحقاً يف اجملتمع الطبقي ‪ -‬الطريق حنو زلزلة‬ ‫أسس السلطة واالستعمار‪ .‬كومونات املرأة ضمان‬ ‫دميومة األمة الدميقراطية كنظام حياة‪.‬‬ ‫ما هو الكومون‪ :‬هو التنظيم آللية اختاذ القرار‬ ‫اجلماعي لتلبية احلاجات االساسية حلياة‬ ‫اجملتمع‪ ،‬كما إنه من أهم الطرق لتحقيق‬ ‫واالكتفاء الذاتي‪« .‬الكوم» هو جتمع يبحث‬ ‫فيه االعضاء اجملتمعون عن احلل املشرتك‬ ‫للمشاكل‪ .‬يناقش الكومون القضايا اليت يعاني‬

‫منها أعضاء الكومون ويتخذ قرارات يف الساحات‬ ‫االقتصادي‪ ،‬االجتماعي‪ ،‬السياسي‪ ،‬احلماية‪،‬‬ ‫العدالة‪ ،‬التدريب‪ ،‬االيكولوجيا‪ ،‬الوطنية‪،‬‬ ‫املسائل الدولية ويف مجيع ميادين احلياة املرتبطة‬ ‫بالكومون‪ .‬حتدد املبادئ والقواعد واألخالق‬ ‫اليت يشرتك مجيع أفراد الكومون يف حتديدها‬ ‫وتبنيها‪ ،‬كما ويف حال اخلروج عنها والعمل على‬ ‫حتريفها فإن الكومون يقوم بنفسه بأخذ التدابري‬ ‫الالزمة وإقرار املطلوب‪.‬‬ ‫كل عضو متساوي يف حقهم الختاذ القرارات ضمن‬ ‫الكومون‪ .‬ال حيق إلدارة الكومون أو الناطقني عن‬ ‫جلان الكومون‪ ،‬باختاذ القرارات وتطبيقها دون‬ ‫مشاركة اعضاء الكومون يف ذاك القرار‪ ،‬بل هي‬ ‫مسؤولة عن تنظيم فعاليات الكومون‪ ،‬ومراقبة‬ ‫قراراته‪ ،‬إىل جانب عقد اجتماعات الكومون‪،‬‬ ‫وتسهيل سري فعالياته‪ .‬الكومون هو التنظيم‬ ‫االساسي للقرية أو احلي يف امليدان االجتماعي أو‬ ‫حسب املهن‪ ،‬وحسب حاجة خصوصية كل فئة‬ ‫وفق التمييز أو االرتباط مبكان معني‪.‬‬ ‫الكومونات تطور قاعدتها اخلاصة بها حسب‬ ‫املهنة أو املكان أو الشرحية االجتماعية اليت‬ ‫تتضمنها‪ .‬يستند تنظيم الكومون على مبدأ‬ ‫الطواعية يف العمل يهدف إىل تنظيم ومشاركة‬ ‫كافة الفئات اجملتمعية املوجودة أو القاطنة يف‬ ‫املنطقة اليت يتم تأسيس الكومون فيها‪ .‬فالكومون‬ ‫املعرب عن إدارة اجملتمع لذاته تقوي من اجملتمع‬ ‫االخالقي ـ السياسي‪.‬‬ ‫اجملتمع األخالقي والسياسي هو اجملتمع‬ ‫الذي حيدد بذاته قيّمه األخالقية املوائمة‬ ‫لطبيعته والعاكسة حلقيقته‪ ،‬هو جمتم ٌع ينظم‬ ‫احلاضر واملستقبل‪ ،‬خمطط‪ ،‬يعيش حبرية‪.‬‬ ‫الكومونات اجملتمعية الكومينالية ال تستند ألي‬ ‫قوة خارجية‪ ،‬وال ترضخ ألي هيمنة‪ ،‬ال تقبل‬ ‫االنصهار او التطبيع‪ ،‬وال تفرض اهليمنة على‬ ‫اآلخر‪ ،‬بنضاهلا وقوى السلطة من معناها‪ .‬مبعنى‬ ‫آخر تقوم من خالل نشاطاتها بتحجيم سلطة‬ ‫الدولة وحتديد حدود سلطتها على اجملتمع‪.‬‬ ‫بقدر ما يتم حتجيم سلطة الدولة فإن إرادة‬ ‫اجملتمع تصبح أقوى عرب الكومون‪ .‬الكومون‬ ‫يقوي اجملتمع وجيعله متماسكاً‪.‬‬ ‫حيمي الكومون هويات االعضاء الوطنية‪،‬‬ ‫القومية‪ ،‬الدينية‪ ،‬املذهبية‪ ،‬الثقافية وكافة‬ ‫العوامل املتعلقة بالفرد ويطورها‪ .‬حيمي كل‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪28‬‬

‫حيمي الكومون هويات األعضاء‬ ‫الوطنية‪ ،‬القومية‪ ،‬الدينية‪،‬‬ ‫املذهبية‪ ،‬الثقافية وكافة العوامل‬ ‫املتعلقة بالفرد‬ ‫ويطورها‪ .‬حيمي كل ما تنتجه‬ ‫الثقافة ويراها ضمان لتطور‬ ‫الكيان االجتماعي‬ ‫ما تنتجه الثقافة ويراها ضمان لتطور الكيان‬ ‫االجتماعي‪ .‬يقوي آلية محاية الوجود يف مواجهة‬ ‫اإلبادة اجلسدية‪ ،‬الثقافية‪( ،‬والذهنية) مبعنى‬ ‫قوة الدفاع فقط‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬ميكن لألناس‬ ‫من أديان خمتلفة أو لغات‪ ،‬مذاهب‪ ،‬ثقافات‬ ‫مغايرة أو من ينتمون بنى اجتماعية خمتلفة‪،‬‬ ‫االنضمام للكومون‪ .‬يعين الثقافات املختلفة‬ ‫املنضوية حتت تنظيمات خمتلفة ميكن أن يكونوا‬ ‫اعضاء يف نفس الكومون‪.‬‬ ‫فالكومون يأخذ خاصية التمييز واالختالف بعني‬ ‫االعتبار‪ .‬وحريص حيال متثيل الفئات املختلفة‬ ‫يف اإلدارة وعمل اللجان‪ ،‬وتأخذ حاجتهم بعني‬ ‫االعتبار‪ .‬ولدى اختاذه (القرار حبق فئة معينة‪،‬‬ ‫عليه أن يأخذ قرارها) تلك الفئة اساساً‪ ( .‬يعمل‬ ‫الكومون العام ) املتكون من الرجال والنساء مببدأ‬ ‫املساواة‪ ،‬التمثيل واملشاركة للجنس‪ .‬الكومون‬ ‫العام ال يأخذ القرارات بشأن النساء‪ .‬وتتخذ‬ ‫القرارات اخلاصة بالنساء معاً من قبل النساء‬ ‫العضوات يف الكومون العام وعضوات الكومون‬ ‫اخلاص للمرأة ويقدمنه للكومون العام ولدى‬ ‫وجود اعرتاض على القرار‪ ،‬يتم مراجعة األمر‬ ‫من قبلهن‪ .‬والنساء يناقشن مع الرجال املشاكل‬ ‫املشرتكة‪ ،‬وحيلونها معاً‪ .‬والشبيبة ينظمون‬ ‫أنفسهم وفق خاصيتهم يف الكومون‪ ،‬وينضمون‬ ‫إلدارة الكومون كمكون‪.‬‬ ‫تشكل الكومونات جلانها اخلاصة بها وفق‬ ‫احلاجات‪ .‬والضرورات احلياتية األساسية‬ ‫مثل االقتصاد‪ ،‬األمن‪ ،‬التدريب‪ ،‬حل املشاكل‬ ‫االجتماعية‪ ،‬والعديد من القضايا االجتماعية‬ ‫حبيث تستطيع تشكيل جلان اخرى‪ .‬لدى تنظيم‬ ‫مجيع فعاليات اللجان وفق حاجات الكومون‪،‬‬ ‫حيق ألي عضوة (غري إدارية) أن تنضم ألي‬ ‫جلنة للعمل فيها بطواعية‪ ،‬والناطقات باسم‬

‫المراة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫اللجان هن املسؤوالت عن فعاليات اللجنة‪.‬‬ ‫وتتميز بنفس حقوق اعضاء اللجنة‪ .‬كل من‬ ‫تتجاوز السادسة عشرة من العمر ميكنها أخذ‬ ‫عضوية الكومون‪ .‬ومن هي دون سن السادس‬ ‫عشر متتلك نفس حقوق العضوات‪ ،‬وتشكل جزءاً‬ ‫من حياة الكومون‪ ،‬لكن ال تستطيع املشاركة يف‬ ‫آلية اختاذ القرارات‪.‬‬ ‫لكن على الكومون ‪ -‬لدى اختاذ القرارات حبق‬ ‫الصغار ما دون سن السادسة عشر ـ اخذ ميوهلن‬ ‫وتطلعاتهن بعني االعتبار‪ .‬والعمل على الوصول‬ ‫لقرارات ذات فائدة بشأن مستقبلهن الكومون‬ ‫مسؤول من هذه الناحية عن محاية الصغار وتلبية‬ ‫حاجاتهن‪ .‬يشكل الكومون كافة التنظيمات‬ ‫الضرورية والالزمة ألعضائه‪.‬‬ ‫الكومونات ليست تنظيمات حزبية‪ .‬وكل من له‬ ‫وجهات سياسية أو ايديولوجية خمتلفة ميكنهم‬ ‫ان يكونوا اعضاء الكومون‪ .‬إذ يتحرك الكومون‬ ‫وفق االنضمام الدميقراطي يف هذا املوضوع‪ .‬واعضاء‬ ‫الكومون يقرتبون بتفاهم من آراء بعضهم البعض‪،‬‬ ‫فهم منفتحون للنقاشات‪ ،‬ويسعون للوصول لنقاط‬ ‫مشرتكة‪ .‬هذا يعين بأن الكومون ال يتشكل على‬ ‫وجهة نظر سياسية معينة‪ .‬إمنا يناقش مجيع‬ ‫املشاكل السياسية‪ ،‬االيديولوجية‪ ،‬االجتماعية‪،‬‬ ‫الوطنية‪ ،‬والدولية‪ ،‬ويوضح تقرباته بشأنها‪ .‬ومنه‬ ‫تظهر النتيجة بأن الكومون ليس تنظيم حزبي‪،‬‬ ‫إال أن فعاليات الكومون هي فعاليات تقوم على‬ ‫تنظيم اجملتمع السياسي السياسة البعيدة عن‬ ‫السلطة‪.‬‬ ‫اجملتمع السياسي حبد تعريف قائد الشعب‬ ‫الكردي عبد اهلل أوجالن هو اجملتمع املفكر‬ ‫حبياته‪ ،‬املناقش واملخطط له‪ ،‬ألن اجملتمع‬ ‫األخالقي‪ -‬السياسي هو أساس احلياة احلرة‬ ‫بذاتها‪ .‬فالسياسة حسب براديغما العصرانية‬ ‫الدميقراطية تعين العمل والتفكري الدؤوب يف‬ ‫سبيل إدارة اجملتمع لذاته وتطوير حياته‬ ‫وإيصاهلا إىل األفضل‪ .‬ووفق هذا املعنى ال تقبل‬ ‫الكومونات السياسات السلطوية والتقربات‬ ‫احلزبية املقوقعة‪ ،‬وإمنا تقوم على تنظيم سياسة‬ ‫اجملتمع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كومونات املرأة‪ :‬هي الكومونات املشكلة من‬ ‫النساء فقط سعياً وراء معرفة حقيقة اجملتمع‬ ‫اجلنسوي‪ ،‬تتخذ القرارات بشأن ذاتها‪ ،‬تطور‬ ‫وعيها اجلوهري‪ ،‬حتقق اقتصاد مستقل عن‬ ‫الرجل‪ ،‬تضع إرادتها يف املسائل السياسية‪،‬‬ ‫االجتماعية‪ ،‬الدولية‪ ،‬والكونية‪ .‬املبادئ‬ ‫املوضحة يف األعلى بشأن الكومونات تطبق على‬ ‫كومونات املرأة يف الوقت نفسه‪ ،‬ولكنها تتعمق‬ ‫أكثر على حل مشاكل املرأة اخلاصة بها‪ .‬تتوىل‬

‫إدارة الكومونات مهامها عرب إجراء االنتخابات‪،‬‬ ‫إدارة الكومون هي مسؤولة عن عقد االجتماعات‬ ‫الدورية للكومون‪ ،‬تنسيق فعالياتها‪ ،‬تراقب‬ ‫عمل اللجان‪ ،‬وتنظيم عالقاتها مع الكومونات و‬ ‫اجملالس األخرى‪ .‬يعين أن مهام اإلدارة ليست‬ ‫مهمة فوقية أو طبقية‪ ،‬إمنا تولي املسؤولية‪،‬‬ ‫وتنسيق العمل‪ .‬ويف حال إهمال اإلدارة ملهامها‪،‬‬ ‫على عضوات الكومون أن يقمن بتغيري اإلدارة‬ ‫وانتخاب إدارة (اخرى دون انتظار املوعد‬ ‫احملدد للمهام) وينظم كومون املرأة االحتياجات‬ ‫االقتصادية وفق التعاونيات‪.‬‬ ‫وكل عضوة هلا احلق يف العمل ضمنها‪ .‬ولكل‬ ‫عضوة حق االستفادة من االنتاج الظاهر يف‬ ‫الكومون‪ .‬تشكيل التعاونيات يف الكومون يعترب‬ ‫أمر هام لكي يتمكن من حتقيق االكتفاء الذاتي‪.‬‬ ‫تطوير املشاريع االقتصادية من قبل اللجنة‬ ‫االقتصادية ضمن الكومون سيجعل العضوات‬ ‫تقرتبن اجتاه بعضهن بوعي ويقظة أكثر‪ .‬هذه‬ ‫املشاريع املبنية على اجلهد واإلنتاج اجلماعي‬ ‫التعاوني ستزيل الفروقات والرتاكم الطبقي من‬ ‫ضمن اجملتمع‪ .‬مبثل هذه املشاريع فقط ميكن‬ ‫أن تتحقق شروط حياة مرفّهة ألجل النساء‪،‬‬ ‫وستتوفر هلن إمكانية االستقالل االقتصادي‬ ‫كزراعة األراضي‪ ،‬تربية احليوانات واالستفادة‬ ‫من مواردها‪ ،‬تطوير األعمال اليدوية والكثري‬ ‫من املشاريع األخرى اليت ستتعاون النساء على‬ ‫إنشاءها سيؤمنون االكتفاء الذاتي لكافة عضوات‬ ‫الكومون‪.‬‬ ‫أحد أعمال الكومون األساسية أيضا هو الفعاليات‬ ‫التدريبية‪ .‬التدريب‪ ،‬النتاج الذهين والثقايف هي‬ ‫ليست كما جرى تعليمه ‪ -‬كمؤسسات الدولة بل‬ ‫جيب أن تكون مببادرة اجملتمع‪ .‬جلان التدريب‬ ‫تقوم بعملها من أجل عضوات الكومون وتعمل‬ ‫على رسم سياسات تدريبية على صعيد املنطقة‪،‬‬ ‫واألمة‪ .‬من مهامها حتضري املصادر ألجل تدريب‬ ‫العضوات‪ ،‬وتوضيح سياسة (نهج) تدريب‬ ‫االطفال والشبيبة‪ .‬فهي تسعى ألجل رفع سوية‬ ‫الوعي لدى العوائل‪ ،‬وتقوم بتنظيم االجتماعات‪،‬‬ ‫النقاشات وإلقاء احملاضرات‪ .‬اللجنة األساسية‬ ‫األخرى يف الكومون هي الدفاع الذاتي‪ ،‬تُكسب‬ ‫هذه اللجنة العضوات الوعي بشأن الدفاع الذاتي‬ ‫وتشكل وحدات احلماية الذاتية بهدف التصدي‬ ‫ألي هجوم خارجي‪.‬‬ ‫ومثلما تقاوم هذه الوحدات قوات الدولة‪ ،‬أو أي‬ ‫قوات مهددة ألمن اجملتمع‪ ،‬فهي بنفس الوقت‬ ‫تبدي املقاومة حيال أي اعتداء أو هجوم قائم‬ ‫جتاه املرأة أيضاً‪ .‬بل إن وظيفتها األساسية هي‬ ‫الوقوف والنضال ضد أي اعتداء يهدد حياة املرأة‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫المراة‬

‫‪29‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫السنة األول‬

‫مجلة دجلة‬

‫الكومون هو التنظيم آللية‬ ‫اختاذ القرار اجلماعي لتلبية‬ ‫احلاجات األساسية حلياة‬ ‫اجملتمع وحتقيق االكتفاء الذاتي‬

‫………‪.‬‬

‫الثقافات املختلفة املنضوية حتت‬ ‫تنظيمات خمتلفة ميكن أن‬ ‫يكونوا أعضاء يف نفس الكومون‬ ‫ويستغل كيانها وينكر إرادتها‪ .‬تنظم هذه‬ ‫الوحدات بشكل خاص باملرأة فقط‪ ،‬إال أنها يف‬ ‫حاالت الطوارئ تقوم بالتنسيق والتعاون مع‬ ‫الكومونات االخرى أو القوات الدفاعية املوجودة‪.‬‬ ‫اللجنة االخرى هي جلنة الصلح (املصاحلة)‪.‬‬ ‫تتشكل بهدف حل مشاكل املرأة النابعة من‬ ‫الذهنية اجلنسوية السلطوية‪ .‬تقدم هذه اللجنة‬ ‫احللول وفق مبادئ حرية املرأة‪ ،‬وفق اسلوب‬ ‫االقناع‪ .‬وتتخذ قرارات متوافقة مع القواعد‬ ‫احملددة‪.‬‬ ‫تتوصل للقرارات يف احلاالت املتعلقة بالعضوات‪،‬‬ ‫وتقوم باختاذ القرارات املشرتكة يف الكومون‬ ‫العام يف احلاالت املتعلقة بالرجال‪ .‬يأخذ‬ ‫الكومون العام قرارات جلنة الصلح يف كومون‬ ‫املرأة أساساً‪ ،‬حبيث يعمل الكومون العام على‬ ‫تقييم النتائج الصادرة حبق الرجل وفق مبادئ‬ ‫ومفهوم املساواة واحلياة الندية املشرتكة‪ .‬إحدى‬ ‫احلاجات االساسية للكومونات دون شك هي‬ ‫الصحة‪ .‬جلنة الصحة تقوم بتنظيم النشاطات‬ ‫ألخذ الوقاية الصحية والتوقف على املشاكل‬ ‫الصحية‪ .‬تعمل على تطوير سبل املعاجلة‬ ‫الطبيعة جمدداً‪ ،‬يف نفس الوقت تتطور العالقات‬ ‫مع املؤسسات الصحية االخرى‪.‬‬ ‫تهدف اىل تعليم مجيع العضوات على اإلسعافات‬ ‫األولية بتكليف املهمة لطبيبة أو ممرضة‪ .‬وتقوم‬ ‫بتوعية الكومون بصدد املشاكل الصحية‪.‬‬ ‫كومونات املرأة تتشكل يف االرضية أو اجلغرافية‬ ‫اليت تتشكل فيها الكومونات العامة‪ .‬وعليها‬ ‫لدى بناء الكومونات اخلاصة‪ ،‬توطد العالقات‬ ‫الدائمة مع الفئات االخرى‪ .‬مجيع النساء‬ ‫العضوات يف الكومون العام ه ْن يف نفس الوقت‬ ‫عضوات يف الكومون اخلاص أيضاً‪ .‬ولكن النساء‬

‫غري العضوات يف الكومون العام تستطعن ان تكن‬ ‫عضوات يف الكومون اخلاص‪ .‬مبعنى آخر مجيع‬ ‫النساء يف الكومون العام هن عضوات يف الكومون‬ ‫اخلاص‪ ،‬واليت ال حتبذ االنضمام للعام تستطيع‬ ‫االنضمام للخاص فقط‪ .‬تنضم العضوات وفق مبدأ‬ ‫التساوي يف املشاركة والتمثيل‪.‬‬ ‫اإلدارة اخلاصة بكومون املرأة ال تقدم تقرير‬ ‫فعالياتها للكومون العام‪ .‬كما وإنها ال ميكن‬ ‫توكيل اإلدارية يف الكومون اخلاص مبهام اإلدارة‬ ‫يف الكومون العام أيضا‪ .‬والرئيسة املشرتكة‬ ‫للكومون العام هي مسؤولة اجتاه الكومون‬ ‫اخلاص باملرأة وتقدم تقريرها عن فعالياتها‬ ‫اخلاصة يف الكومون العام‪ .‬أي أن املرأة اإلدارية‬ ‫يف الكومون العام تلعب دور اجلسر بني الكومون‬ ‫العام والكومون النسائي اخلاص‪ ،‬هلذا فهي‬ ‫تعترب عضوة يف اهليئة اإلدارية للكومون اخلاص‬ ‫أيضاً‪ .‬لدى تشكيل كومونات املرأة‪ ،‬ال بد من‬ ‫تعريف معنى كومونات املرأة‪ ،‬وشرح أهمية‬ ‫الكومونات يف الوجود االجتماعي وضرورته‪،‬‬ ‫وعليه ال بد من االنضمام الطوعي‪ .‬لدى تنظيم‬ ‫الكومون وتطويره وحتقيق األمن فيه سيتزايد‬ ‫انضمام النساء للكومون‪.‬‬ ‫آلية عمل الكومون األساسية‪ :‬الكومون دون‬ ‫شك يتخذ القرارات حبق ذاته بنفسه‪ .‬ال بد‬ ‫من توضيح بعض اخلصوص يف مبادئ احلياة‬ ‫احلرة الدميقراطية‪ ،‬اليت تسهل من عملية‬ ‫تشكيل الكومونات‪ ،‬وبناءً عليه كل من تتجاوز‬ ‫الـ ‪ 16‬من العمر تستطيع أن تكون عضوة يف‬ ‫كومون املرأة‪ ،‬تتكون الكومونات من ‪ 7‬عضوات‬ ‫كحد أدنى‪ ،‬وصوال اىل ‪ 200‬عضوة كحد أقصى‪.‬‬ ‫يتم اختيار اإلدارات عرب االنتخابات‪ .‬تتكون‬ ‫اإلدارة من مخسة عضوات‪ .‬ثالثة منهن جيرى‬

‫انتخابهن من الكومون‪ ،‬وهن مسؤولة الكومون‬ ‫ومساعدتيها‪ .‬والرئيسة املشرتكة للكومون العام‬ ‫يف املكان عينه هي عضوة يف إدارة كومون املرأة‬ ‫اخلاص‪ ،‬وتقدم تقريرها لالجتماع‪ .‬واملرأة الشابة‬ ‫هي صاحبة تنظيم خاص‪ ،‬هلذا تنضم كمكون‬ ‫إلدارة كومون املرأة‪ .‬تعقد اإلدارة اجتماعها كل‬ ‫اسبوع ملرة واحدة‪ ،‬كما يعقد إداريو الكومون‬ ‫اجتماعهم كل ‪ 15‬يوماً‪ ،‬ال ميكنها تولي مهامها‬ ‫يف الكومون العام‪.‬‬ ‫يتألف الكومون من مخس جلان وهن ‪ -1‬جلنة‬ ‫التدريب‪ -2 .‬جلنة الصحة‪ -3 .‬جلنة االقتصاد‪.‬‬ ‫‪ -4‬جلنة الدفاع الذاتي‪ -5 .‬جلنة الصلح‪ ،‬ميكن‬ ‫تشكيل وزيادة جلان اخرى لدى وجود احلاجة‬ ‫أو الضرورة‪ .‬ويتم اختيار ناطقة باسم كل جلنة‬ ‫باالنتخاب‪ ،‬وكل كومون ينظم أعداد العضوات‬ ‫يف كل اللجان حبسب احلاجة‪ ،‬حبيث تتحرك‬ ‫كل اللجان وفق مبادئ الكومون‪.‬‬ ‫كل كومون يعطي القرارات املتعلقة به‪ .‬وتقدم‬ ‫االقرتاحات للكومون العام أو اجمللس أو اجلهات‬ ‫املعنية بصدد املواضيع املتعلقة بالكومونات‬ ‫العامة‪ ،‬أو املواضيع اليت متس املنطقة واألمة‬ ‫والشؤون الدولية‪ .‬لكل عضوة احلرية يف التعبري‬ ‫عن ميوهلا السياسي والفكري يف الكومون‪ .‬لكنها‬ ‫ال ميكنها التصرف وفق النظام الداخلي ألي‬ ‫جهة‪ ،‬وال ميكنها االنضمام على هذا الشكل‪.‬‬ ‫الكل يطرح افكاره الشخصية‪ ،‬وينظر لالختالفات‬ ‫الفكرية كغنى‪ ،‬ويعمل على مشاركتها وإغنائها‪.‬‬ ‫جيري الكومون لقاءات مع جملس اخلطوط‬ ‫أو األحياء‪ ،‬إضافة إىل تطوير العالقات مع‬ ‫الكومونات االخرى‪ .‬ومتثل رئيسة الكومون عن‬ ‫كومونها يف جمالس اخلطوط أو األحياء‪ ،‬ويفرض‬ ‫عليها االنضمام الجتماع جملس احلي أيضا‪.‬‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪30‬‬

‫مقالة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫من هو البير؟‬

‫حاجي علو‬

‫البٍري باملفهوم اللغوي احلالي يعين ُمس ّن متقدم يف‬ ‫العمر سوا ٌء أكان نباتاً أم حيواناً أم إنساناً‪ ،‬وهنا‬ ‫موضوعنا اإلنسان‪ ،‬فاإلنسان املتقدم يف العمر كثري‬ ‫اخلربة‪ ،‬فهو األكثر خربةً وذكاءً وجيب أن يقود‬ ‫امللة ويرأسها‪ ،‬وهكذا هو احلال حتى العصر‬ ‫احلاضر ويف الدول الغربية (‪)PEER‬شيوخ‬ ‫ونواب الشعب‪ ،‬وهكذا كان يف كوردستان أيضاً‬ ‫يف نيسان ‪ 728‬قبل امليالد‪ ،‬جمموعة من‬ ‫سب) إختاروا دياكو زعيماً للدولة‬ ‫األبيار(ريه ـ يٍ‬ ‫امليدية اإليرانيّة‪ ،‬وهكذا على مدار العصور‬ ‫الرجال املسنون(بٍري) يقودون األمم‪ ،‬بالنسبة‪ ،‬لنا‬ ‫يف التاريخ هؤالء شكلو طبقة مسيطرة على‬ ‫العتبات الدينية املقدسة اليت كانت تقود‬ ‫الشعوب يف املاضي وكانت فوقية ذات سلطة‬ ‫دينية مقدسة‪.‬‬ ‫أما معنى البري يف الدين الكوردي القديم وحبسب‬ ‫توفيق وهيب‪ ،‬فهي مشتقة من بٍيرت (تاوس بٍيرت‬ ‫ــ مبعنى أب السماء أو رب السماء) أقدم إسم‬ ‫لطاوسي ملك احلالي‪ ،‬عرف عند الرومان ب(جو‬ ‫بٍيرت) كوكب املشرتي احلالي وكان يعين اهلل‬ ‫عندهم وعند اليونان‪ ،‬وعند اإليرانيني(حنن)‬ ‫تطورت هذه الكلمة إىل بري عند الكورد و بٍدر‪/‬أب‬ ‫عند الفرس‪ ،‬وبري أيضاً موجودة عند اجلميع‪.‬‬ ‫البري بعد اإلسالم‬ ‫بعد زحف اإلسالم على بالد الداسنيني الذي‬ ‫كان ميتد حتى جنوب العراق فقد أُبيدوا أو‬ ‫أسلموا أو هربوا ومن الطبيعي أن يكون لألغنياء‬

‫ُفرصاً أفضل للهرب واللجوء إىل أماكن أمينة يف‬ ‫مشال العراق اجلبلي ومل يتخلف ب ٌري واحد يف‬ ‫بالد املوصل كلّها والعائلة املالكة الشمسانية‬ ‫البريانية األوىل قد هربت قبل غريها ومن ختلّف‬ ‫قتل أو أسلم أو ختفّى يف طبق ٍة منبوذةٍ واحدة‬ ‫حتت سلطة اإلسالم فلم يبق فيها بري واحد كلهم‬ ‫كرمانج حرفيون داخل املوصل إستعربوا وتظاهروا‬ ‫باإلسالم تقيّ ًة حتى زمن لؤلؤ فأخرجهم مجيعاً‬ ‫من املوصل وكاد أن يُبيدهم لوال هوالكو وبفضله‬ ‫جنوا‪ ،‬هربوا مشاالً ثم توقفوا يف بعشيقة وحبزاني‬ ‫اخلالية من األبيار حتى اليوم بل قبل خروجهم‬ ‫من املوصل وإستقرارهم فيها‪ ،‬هم أصالً مل يبق‬ ‫بينهم بري واحد منذ بداية الزحف اإلسالمي يف‬ ‫القرن األول اهلجري‪ ،‬ومل يُف ّرقهم أو يطردهم‬ ‫أحد يف عني سفين مركز األبيار حتى اليوم‪.‬‬ ‫البري ليس املربي لألوالد ال توجد صفة مربي‬ ‫األطفال يف الدين الئيزدي‪ ،‬مجيع الوظائف‬ ‫الدينية عند مجيع األمم وحتى اليوم هي أرقى‬ ‫الوظائف يف اجملتمع‪ ،‬عندنا وظيفة املربي وهو‬ ‫ليس لألطفال كما يُفهم منها ككلمة عربية اآلن‪،‬‬ ‫املربي هي ترمجة من الكلمة الرتكية أتابك وهو‬ ‫يعين مربي احلاكم بل مستشاره واألتابكيون‬ ‫الذين حكموا يف املوصل هم هؤالء‪ ،‬شخوبكر كان‬ ‫أتابك الشيخ عدي الثاني أي كان مستشاره يف‬ ‫زعامة الئيزديني وليس مربي األطفال كما نسيءُ‬ ‫الفهم حنن اآلن‪ ،‬أليست أسرته هي املتزعة و‬ ‫حفيده اآلن أمريأً على الئيزديني؟‪.‬‬ ‫أما مسؤولية الشيوخ اآلدانيني يف التقليل من نفوذ‬ ‫طبقة البري أو حماربتهم‪ ،‬فهذا كال ٌم باطل‪ ،‬أنا‬ ‫ال أَتودد ألحد ال حباً به وال خوفاً منه‪ ،‬مل يكن‬ ‫هناك شيء إمسه بٍري أو داسين أو ئيزدي منذ‬ ‫الزحف اإلسالمي وحتى ظهور صالح الدين على‬ ‫اإلطالق إذا كان هناك بري فهو بٍري لنفسه يف‬ ‫كهف مغلق‪ ،‬أسرة ئيزدينة مري‪ ،‬كانت أرقى‬ ‫أسرة أبيار وزعامة الداسنيني مجيعاً تسكن يف‬ ‫مكريس وراء اجلبال وإن كانت األُسرة اآلدانية‬

‫قد جلأت إليهم يف بوزان سلفاً‪.‬‬ ‫دب النشاط يف األكراد‬ ‫بعد صالح الدين ّ‬ ‫الداسنيني وتزعمهم الشيخ عدي الثاني فنظمهم‬ ‫يف جيشه وبرز األبيار وبدأت طبخة الدين‬ ‫الئيزدي يف النضوج‪ ،‬وإجتمع إليه الداسنيون‬ ‫حدب وصوب فمن تظلل بظل الشيخ‬ ‫من كل ٍ‬ ‫ً‬ ‫عدي وإبنه الشيخ حسن عاد ئيزديّا باملذهب‬ ‫اجلديد واإلسم اجلديد‪ ،‬ومن مل يتظلل به هو‬ ‫اآلن من املسلمني مثل اآلالف من أبيار إيران بلدة‬ ‫بٍريان شهر اإليرانية اليت منها آفدل أومران فقط‬ ‫إلتحق بالشيخ عدي وسوريا العلوية والكاكئيني‬ ‫وكثريون أنا ال أعلمهم‪ ،‬الشيخوبكر وأقاربه‬ ‫الفقراء القاطانيون إلتحقوا به من خراسان عرب‬ ‫بغداد‪ ،‬وكثريون غريهم من أصقاع كوردستان‬ ‫ممن مل يسلمو بعد‪ ،‬ومن مل يلتحق به فهو اآلن‬ ‫من املسلمني سوا ٌء أكان برياً أم كرماجناً (مريد‬ ‫حالياً)أم ّ‬ ‫أي شيء‪ ،‬املصيبة الكربى أن األبيار‬ ‫الذين أسلموا واحتفظوا مبركزهم اإلجتماعي‬ ‫املرموق يف جمتمعهم الكوردي بعد إسالمهم ظلوا‬ ‫أبياراً لكن برتمج ٍة عربية فهو قد أصبح سيّداً‬ ‫ومبرور األجيال فالسيد هو حفيد (الرسول) إذاً‬ ‫عربي أصيل يتزعم األكراد املسلمني مثل‬ ‫فهو ٌّ‬ ‫الشيخ حممود احلفيد ويف نفس قصبة عني سفين‬ ‫كثريون منهم وغريها من بقاع كوردستان حتى‬ ‫بني الشيعة فهم أبيار زرادشتيون فرس أو كورد ‪.‬‬ ‫واملالئكة أمساء آرامية عربية ال عالقة لنا‬ ‫بهم‪ ،‬إمنا كل شيء أتى به سيف اإلسالم قد‬ ‫إعرتفنا به مرغمني‪ ،‬فمثالً جربائيل‪/‬جبار اهلل‬ ‫هو البطل اليهودي داؤود بن يسي الذي قتل‬ ‫جبار الفلسطينيني ًكوليات‪ ،‬عند بين يهوذا‬ ‫مبجل وعند إسرائيل غري معرتف به ومكروه ألن‬ ‫أعماله عندما ملَ َك اليهود أدت إيف النهاية إىل‬ ‫تقسيم اليهود إىل إسرائيل يف الناصرة ويهوذا يف‬ ‫أورشليم‪ ،‬هذا كمثل حنن مالئكتنا هم اخلاسون‬ ‫(جدود الشيوخ واألبيار وليس غريهم)‪.‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫المراة‬

‫‪31‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫السنة األول‬

‫مجلة دجلة‬

‫المرأة والسياسة‬

‫زاخو زاغروس‬

‫لقد شهدت هذه األرض أعظم الثورات بقيادة‬ ‫املرأة‪ .‬حيث قامت املرأة بتحقيق أول جمتمعية‪،‬‬ ‫خبزت أول خبز‪ ،‬غنت أول األغنيات‪ ،‬ألقت‬ ‫أول القصائد‪ ،‬وضعت أول القوانني األخالقية‪.‬‬ ‫هذا وكانت أول العاملات اليت قامت باخرتاع‬ ‫أول األدوية‪ ،‬أول األرقام وأول اآلالت‪ .‬كانت‬ ‫اآلهلة األم اليت تنتج‪ ،‬تربي‪ ،‬متنح القوة‬ ‫املعنوية للقبيلة‪ ،‬حتمي وتغذي اإلنسان‪ .‬فكلمة‬ ‫القدسية اليت تعود إىل كلمة القوت ظهرت يف‬ ‫هذه الفرتة‪ ،‬وألن املرأة كانت مجُ ِ ي َدةُ القوت‬ ‫والزاد‪ ،‬لذلك كانت بقدر القوت والزاد مقدسة و‬ ‫تضفي قدسيتها هذه على كل األفراد باحملبة‬ ‫واالحرتام والسعادة‪ .‬وألن العدالة واحلرية‬ ‫كانت من صفات تلك اجملتمعية لذلك عاشت‬ ‫اإلنسانية أعظم إبداعاتها واخرتاعاتها يف هذا‬ ‫العصر‪ .‬وبالرغم من مرور آالف السنني على ذلك‬ ‫العصر إال إن البشرية مازالت مديونة لتلك‬ ‫املرحلة الذهبية واليت بقيت يف خيال البشرية‬ ‫على إنها جزء من احلياة يف اجلنة‪.‬‬ ‫محالت اإلبادة اليت تعرضت هلا النساء بدءاً‬ ‫من اآلهلات وحتى آخر امرأة تعرضت للقتل‪،‬‬ ‫مل تتمكن من اإلخفاء عن حقيقة إن هذه األرض‬ ‫كانت يف يوماٍ ما مكاناً لنساء عظيمات‪ .‬وكأن‬ ‫الرسوم املنقوشة على األحجار‪ ،‬اللوحات‬ ‫الطينية اليت بقيت حتت الرتاب‪ ،‬التحف‬ ‫والتماثيل كانت قد أقسمت لآلهلة بأنها‬ ‫ستنطق يف يوماٍ مبا عاشته النساء من جمد‪،‬‬ ‫من حضارة‪ ،‬من مقاومة ومن عظمة‪ .‬يعين إن‬ ‫مكر الرجل‪ ،‬مهارة الكذب لديه‪ ،‬قوة احليلة‬ ‫واجلشع مل تنجح يف إخفاء تاريخ املرأة وإحماءه‬ ‫من ذاكرة هذه األرض‪.‬‬ ‫وكان ال بد من أن ينكشف النساء الكردستانيات‬ ‫من نقطة الصفر إىل قيادة الثورة عن احلقيقة‬ ‫اليت طاملا مت العمل على نسيانه وطمره من قبل‬ ‫النظام الذكوري‪ .‬هذا ومن األهمية القول بأنه‬ ‫مقاومة النساء مل تتوقف يف أي حقبة تارخيية‪،‬‬

‫ميكن أن تكون قد ُح ِرفَت من قبل الرجال‬ ‫املؤرخني‪ ،‬أو ميكن أن ال تكون منظمة مثل‬ ‫الكثري من التنظيمات املتعود عليها‪ ،‬إال إن‬ ‫النساء مل تستسلم للرجل‪.‬‬ ‫ففي كل مرحلة كانت هناك نساء تناضلن‬ ‫وتعملن من أجل احلرية‪ ،‬وقتل املاليني من‬ ‫النساء حتت الكثري من األمساء تؤكد على هذه‬ ‫احلقيقة‪ .‬لذلك حقيقة نساء ‪ 8‬آذار هي حلقة‬ ‫من هذه السلسلة التارخيية‪ .‬مقاومة هؤالء النساء‬ ‫هي رمز يعرب عن تاريخ طويل يتم إنكاره وبشكل‬ ‫واعي كي ال متنح النساء طموح الصراع واملقاومة‬ ‫ضد جربوت الرجل‪ .‬اجلدير بالذكر هو إن َعلَم‬ ‫مقاومة النساء مل ينحين أبداً ومت نقله من جيل‬ ‫إىل جيل آخر‪ .‬واملشعل الذي تركته لنا اآلهلات‬ ‫مل ينطفئ وبقي مشتعالً يف وجدان كل امرأة‪.‬‬ ‫واليوم تقوم النساء الكردستانيات برفع هذا‬ ‫العلم وهذه الشعلة‪ .‬وبدء مسرية املرأة العاملية من‬ ‫مدينة نصيبني الكردستانية يف هذه السنة يؤكد‬ ‫على هذه احلقيقة‪.‬‬ ‫املرأة الكردستانية حققت ثورة اجتماعية خالل‬ ‫األربعني سنة األخرية قامت املرأة الكردستانية‬ ‫واعتماداً على املرياث النضالي للمرأة على‬ ‫حتقيق مسرية تارخيية‪ .‬هذه املسرية اليت بدأت‬ ‫يف قرية فيس يف مدينة آمد يف شخص الرفيقة‬ ‫البطلة ساكينة جانسيز اليت كانت من املؤسسني‬ ‫حلزب العمال الكردستاني‪ ،‬حتولت ومع الزمن‬ ‫إىل ثورة اجتماعية تضم املاليني من النساء‪ .‬هذا‬ ‫باإلضافة إىل إن الرفاقية‪ ،‬اإلخالص والصدق‬ ‫الذي أبداه القائد عبد اهلل أوجالن بصدد قضية‬ ‫حترر املرأة‪ ،‬كان له الدور التارخيي يف دفع‬ ‫هذه املسرية إىل األمام وحتقيق ما ال ميكن أن‬ ‫يتخيله العقل‪.‬‬ ‫جدلية العالقة بني القائد أوجالن والنساء‬ ‫الكردستانيات كانت وستكون إىل مدة طويلة‬ ‫مسألة حبث‪ .‬ألن هذه العالقة اليت تعتمد على‬ ‫أخالق احلرية‪ ،‬على املساواة والعدالة فتحت‬ ‫الطريق أمام ثورة فكرية‪ ،‬فلسفية‪ ،‬ونهضة‬ ‫اجتماعية عظيمة‪ .‬البحث الدائم عن سؤال‬ ‫كيف جيب أن نعيش؟‪ ،‬أدى إىل تغيري كبري‬ ‫يف البنية االجتماعية‪ ،‬السياسية‪ ،‬األخالقية‬ ‫والثقافية للمجتمع الكردي‪ .‬نضال النساء‬ ‫الكردستانيات ضد التقاليد االجتماعية البالية‬ ‫ونضال القائد عبد اهلل أوجالن ضد الرجولة‬

‫الكالسيكية واملتعفنة‪ ،‬أدى إىل ظهور شخصية‬ ‫كردية جديدة‪ ،‬فلسفة حياة جديدة‪ ،‬ورؤية‬ ‫تارخيية جديدة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫إن كتاب املرأة والعائلة الذي أصدر يف عام‬ ‫‪ 1987‬من قبل القائد أوجالن‪ ،‬كان مبثابة‬ ‫اخلطوة األوىل من أجل حتقيق التغيري يف‬ ‫الرباديغما أي (النظرية املثلى) اليت كانت قد‬ ‫تقود حياة اجملتمع الكردي‪ .‬حيث كان الكرد‬ ‫يعيشون من أجل أهداف ونزوات بسيطة‪ .‬لقد‬ ‫كان التفكري فقط يف إطار كيفية حتقيق الزواج‪،‬‬ ‫تأسيس العائلة‪ ،‬جلب األوالد و انتظار القدر‪.‬‬ ‫إىل جانب النظرية املفروضة عليه القائمة على‬ ‫املفهوم املبني « بقدر ما تكون خادماً للدولة‬ ‫وللتقاليد تكون ذو قيمة» والذي كان مفهوماً‬ ‫مفروضاً على كافة اجملتمعات املضطهدة‪.‬‬ ‫لكن بعد إصدار هذا الكتاب واملئات من‬ ‫اجمللدات بهذا الصدد من قبل القائد أوجالن‪،‬‬ ‫مت البدء بنقاش جديد يف اجملتمع الكردي ومت‬ ‫طرح أسئلة مهمة‪ .‬على حنو ما هو دور العائلة‬ ‫يف كردستان‪ ،‬ملاذا سلب العدو كل شيء من‬ ‫جمتمعنا وملاذا يشجع فقط مؤسسة العائلة‪،‬‬ ‫ملاذا نهتم بالقضايا البسيطة والثانوية وال نكون‬ ‫أصحاب أهداف وطموحات كبرية‪ ،‬ملاذا العائلة‬ ‫تعترب خمفر من أجل العدو؟ العالقة املوجودة إىل‬ ‫أي درجة حترر وإىل أي درجة تقيد اجلنسني؟‪،‬‬ ‫بالطبع اجلواب على هذه األسئلة كان يعين‬ ‫حتقيق التغيري يف الفلسفة واإليديولوجية اليت‬ ‫كانت قد وضعت أمام األكراد من قبل الدول‬ ‫واحلكومات اليت تستعمر كردستان‪ .‬إن عملية‬ ‫البحث والتحقيق يف هذه املسألة كانت قد‬ ‫فتحت الطريق أمام ثورة اجتماعية‪.‬‬ ‫فاجملتمع الذي كان قد حتول إىل غصن يابس‬ ‫كان قد بدأ باالخضرار من جديد‪ .‬ألنه كان‬ ‫يتحرر يوميا من ما يكبله من أفكار و تقاليد‬ ‫بالية‪ .‬فانضمام املئات وبعدها اآلالف من‬ ‫الفتيات الكرديات للحركة التحررية‬ ‫الكردستانية‪ ،‬كانت قد حطمت الكثري من‬ ‫القوالب اليت كانت حتكم ذهن الرجل الكردي‬ ‫مقاومة الرفيقة ساكينة جانسيز أمام فاشية‪12‬‬ ‫أيلول الرتكية‪ ،‬انضمام الرفيقة دجلة كوباني‬ ‫بإكليلها و هي عروس‪ ،‬الشجاعة الكبرية اليت‬ ‫أبدتها الرفيقة بريفان‪ ،‬حرق طالبة كلية الطب‬ ‫ذكية ألكان لبدنها يف مدينة آمد ضد ممارسات‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫من خالل ما مت ذكره يف األعلى‬ ‫نرى بأن ما كان جيب أن خيلق‬ ‫يف عصر مت حتقيقه يف عدة‬ ‫سنوات‪ .‬بالطبع مل تتحقق هذه‬ ‫اخلطوات بسهولة‪ ،‬بل كل‬ ‫خطوة حتققت جبهد وتضحيات‬ ‫كبرية‪ .‬فإن استشهاد املئات‬ ‫من الرفيقات‪ ،‬وجرح اآلالف‬ ‫منهن هو الذي فتح الطريق أمام‬ ‫ثورة كهذه‪ .‬إن مقاومة النساء‬ ‫الكرديات ضد عدو شرس مثل‬ ‫داعش هز العامل‬

‫‪32‬‬

‫المراة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫الدولة الرتكية‪ ،‬إلقاء الرفيقة برييتان نفسها من‬ ‫املنحدر من أجل أن ال تستسلم للخيانة الكردية‪،‬‬ ‫حتول الرفيقة زيالن إىل قنبلة حية وانفجارها يف‬ ‫قلب الدولة الرتكية‪ ،‬كلها كانت مالحم و‬ ‫بطوالت تكسر يوميا مئات األحكام السيئة اليت‬ ‫كانت حُ َ‬ ‫تكم بها املرأة يف جمتمعنا‪.‬‬ ‫ليس هذا فحسب ففي كل عملية و كل خطوة‬ ‫تقوم بها النساء املناضالت‪ ،‬كانت املرأة والرجولة‬ ‫الكالسيكية تتقزم و تظهر مكانها إمرأة و رجولة‬ ‫جديدة‪ .‬كانت مقاييس احلياة تسمو يوميا يف‬ ‫اجملتمع الكردستاني‪ .‬فاملرأة الصامتة تركت‬ ‫مكانها للمرأة اليت تتكلم يف حماكم الفاشية‪،‬‬ ‫املرأة اليت كانت ختاف من ظلها تركت مكانها‬ ‫المرأة تقاوم اجليش الرتكي‪ ،‬املرأة اليت كانت‬ ‫ختجل تركت مكانها المرأة واثقة من ذاتها‪،‬‬ ‫املرأة اليت كانت ال حول هلا وال قوة هلا تركت‬ ‫مكانها المرأة متسلحة بكل أنواح األسلحة‬ ‫اإليديولوجية و الفكرية و العسكرية‪.‬‬ ‫أيضا الرجل الكردي الذي كان اجلندي الويف‬ ‫لألعداء أصبح حامي لشعبه‪ ،‬الرجل الذي‬ ‫كان يرى الرجولة يف حتقري وتصغري املرأة ترك‬ ‫مكانه لرجل يَ ّك ُن االحرتام للمرأة و يعظمها‪.‬‬ ‫الرجل الذي كان يرى املرأة كشيء ومتعة بدأ‬ ‫ينظر إليها كرفيقة درب‪ ،‬الرجل الذي كان‬ ‫مستسلما لغرائزه و شهواته أصبح يعيش من‬

‫أجل احلرية‪ .‬هذا يعين إن التغيري كان كبريا و‬ ‫جذريا‪ .‬حتولت املرأة إىل جيش‪ ،‬إىل حزب‪ ،‬إىل‬ ‫تنظيم كونفدرالي شامل و اليوم إىل نظام يهدف‬ ‫إىل حياة ندية حرة مع الرجل يف كافة جماالت‬ ‫احلياة‪ .‬حققت إجنازات كبرية و تغيريات‬ ‫نوعية يف اجملتمع الكردي‪.‬‬ ‫حبيث ال ميكن أن يتم التفكري بأي خطوة دون‬ ‫أن يكون للمرأة فيها دوراً طليعيا‪ .‬فأخذ النساء‬ ‫أماكنهن يف مجيع اجملاالت بنسبة متساوية‬ ‫مع الرجل‪ ،‬أيضا نظام الرئاسة الثنائية الذي‬ ‫بات يطبق يف مجيع جماالت احلياة‪ ،‬فتح‬ ‫الطريق أمام دمقرطة الذهنية الرجعية اليت‬ ‫كانت سائدة‪ .‬فاملرأة أصبحت تفكر‪ ،‬ختطط و‬ ‫تنفذ‪ .‬إنها مل تعد تُ َع نَي من قبل الرجل بل تقرر‬ ‫مصريها بنفسها‪ .‬هذه التغيريات اليت حصلت‬ ‫يف اجملتمع الكردستاني‪ ،‬أثرت وبشكل مباشر‬ ‫على املنطقة بشكل عام‪ .‬بالرغم من التجريد‬ ‫و التشهري الذي تعرضت له حركة املرأة‬ ‫الكردستانية‪ ،‬هذا باإلضافة إىل تنفيذ اجملازر‬ ‫حبقها من قبل الدول و القوى اليت تناهض‬ ‫ثورة املرأة مثل عملية قتل الرفيقة شيالن‬ ‫ورفاقها‪ ،‬وجمزرة باريس اليت استهدفت أول‬ ‫رفيقة بدأت بنضال احلرية يف صفوف حركتنا‬ ‫الرفيقة ساكينة جانسيز ورفيقاتها‪ .‬إال إن النظام‬ ‫السلطوي الرجولي مل ينجح يف القضاء على‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫هذه املقاومة و تأثرياتها على النساء يف كافة‬ ‫أصقاع العامل‪ .‬حتى بالعكس متاما كلما تكثفت‬ ‫اهلجمات فإن النساء الكردستانيات قمن مثل‬ ‫ورود الثلج الربفني مبواجهة كل أنواع الصقيع‬ ‫و العواصف و مل تستسلمن‪.‬‬ ‫ألي إعصار مهما كان قوته‪ .‬بقيت املرأة الكردية‬ ‫عاصية‪ ،‬جسورة و مرتبطة بقيمها و مرياثها‪.‬ثورة‬ ‫املرأة يف روجافا هي استمرارية ملسرية ساكينة‬ ‫جانسيز و نساء ‪ 8‬أذار اعتمادا على املرياث‬ ‫النضالي حلركة املرأة التحررية الكردستانية‪،‬‬ ‫تطورت يف غربي كردستان حركة نسائية كبرية‬ ‫بقيادة تنظيم احتاد ستار‪ ،‬هذا التنظيم الذي‬ ‫تأسس يف عام ‪ 2004‬قام و يف فرتة زمنية قصري‬ ‫بتحقيق قفزات نوعية يف اجملتمع الكردي‪ .‬ولن‬ ‫يكون املبالغة بالقول بأنه بالفعل مت حتقيق ثورة‬ ‫نسائية يف املقاطعات الكردية الثالث‪ .‬إن تنظيم‬ ‫املاليني من النساء بكل أعمارهن‪ ،‬ليس أمراً‬ ‫سهال‪.‬‬ ‫خاصة املمارسات العنيفة و اهلجمات املستمرة‬ ‫الذي كان يشنه نظام البعث على تنظيم احتاد‬ ‫ُصعب من األمر بشكل أكثر‪ .‬فالعمل‬ ‫ستار كان ي َ‬ ‫على تنظيم وتوعية النساء يف ظل نظام يقوم‬ ‫باعتقال النساء وتعذيبها و قتلها‪ ،‬يطلب‬ ‫جهدا‪ ،‬صربا و عزمية كبرية‪ ،‬ألن كل شيء‬ ‫كان قد حتول إىل ثورة مضادة تهاجم احلركة‬ ‫النسائية الكردية‪ .‬إال إن كادرات احتاد ستار‬ ‫بالرغم من كل هذه الضغوطات و اهلجمات‬ ‫الشرسة من قبل الدولة و التقاليد االجتماعية‪،‬‬ ‫مل تتخلى عن دورها يف الصراع ضد الذهنية‬ ‫الرجولية و مؤسساتها مبا فيها الدولة‪ ،‬العائلة‪،‬‬ ‫املدرسة و غريها‪.‬‬ ‫مقاومة النساء الكرديات يف سجون البعث‪،‬‬ ‫اخنراطهن يف صفوف العمل دون اخلوف من‬ ‫آليات الدولة‪ ،‬كان له تأثري كبري على منح‬ ‫اجلسارة لكل فئات اجملتمع لكي تستمر يف‬ ‫النضال بالرغم من كل شيء‪ .‬هذا يعين إن‬ ‫التطورات اليت حدثت يف السنني األخرية مل‬ ‫تظهر بني ليلة و ضحاها‪ ،‬بل إن نضال عشرات‬ ‫السنني للقائد عبداهلل أوجالن يف ساحة سورية‬ ‫و لبنان‪ ،‬أيضا نضال عشرات السنني للحركة‬ ‫التحررية للمرأة الكردستانية هي اليت أدت إىل‬ ‫أن تكون النساء الكردستانيات يف ىروج آفا‬ ‫مستعدة خلوض امتحان السنني األخرية بنجاح‪.‬‬ ‫األرضية الفلسفية و الفكرية‪ ،‬أيضا التنظيم الذي‬ ‫كان موجودا خالل سنني طوال‪ ،‬التضحيات‬ ‫اليت قدمت يف تلك السنوات كلها كانت تراكم‬

‫المراة‬

‫‪33‬‬

‫كمي من أجل التحول إىل تطور نوعي و الذي‬ ‫يعين الثورة‪ .‬ثورة املرأة يف روج آفا ليست ثورة‬ ‫نسائية ومقتصرة على النساء فقط بل إنها يف‬ ‫احلقيقة تعترب‪.‬‬ ‫ثورة سياسية ‪ ،‬ثقافية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬أخالقية و‬ ‫مجالية‪ .‬عندما نتوقف ولو باختصار على ما مت‬ ‫اجنازه يف هذه اجملاالت سيتم التعرف بشكل‬ ‫أكثر على حقيقة هذه الثورة و حمتواها الثورة‬ ‫السياسية‪ :‬يف احلقيقة منذ أن مت استيالء الرجل‬ ‫على السلطة‪ ،‬مت إبعاد النساء عن مراكز صنع‬ ‫القرار‪ ،‬و بالرغم من إن النساء يف املائة السنة‬ ‫األخرية كانت متلك حق االقرتاع و الرتشيح‪،‬‬ ‫إال إن الالمساواة و النظرة الدونية للمرأة اليت‬ ‫كانت سائدة يف كل جماالت احلياة كانت‬ ‫متنعها من ترشيح نفسها‪ .‬ففي أعوام التسعينات‬ ‫يتم مشاركة الرجال فقط يف املناطق الكردية يف‬ ‫االنتخابات و مل يتم ترشيح حتى امرأة واحدة‬ ‫يف تلك الوقت‪ .‬فاألدوار كانت معروفة و هي إن‬ ‫النساء ستصوت و الرجال هم الذين سَيرُ َشحون‪.‬‬ ‫فالنساء بالنسبة للرجال الذين يعملون يف‬ ‫جمال ) السياسة ( لسن سوى قوة احتياطية‬ ‫أو مستودع ألصوات ليس إال‪ .‬وهو اقرتاب‬ ‫منفعي و متخلف للغاية‪ .‬اجلدير بالذكر بأن‬ ‫كل من حركة اجملتمع الدميقراطي و حزب‬ ‫االحتاد الدميقراطي قمن بتغيري شامل من هذه‬ ‫الناحية‪ .‬فاملشاركة من قبل النساء يف أكثرية‬ ‫املؤسسات التابعة هلذه التنظيمات هي تقريبا‬ ‫‪ % 50‬و أيضا نظام الرئاسة الثنائية الذي بات‬ ‫قانونا طبيعيا‪ ،‬حقق للمرأة ليس فقط املشاركة‬ ‫يف مناقشة القرارات‪ ،‬بل القيام بالدور القيادي‬ ‫يف اجملال السياسي‪ .‬ومن خالل كل املؤسسات‬ ‫اليت تتشكل ميكن رؤية ذلك بشكل واضح‪.‬‬ ‫بهذا نرى بأن الرؤية اليت‪.‬‬ ‫كانت تؤكد بأن السياسة هي عمل الرجال و إن‬ ‫النساء ال تفهمن منه‪ ،‬كانت حيلة و خداع من‬ ‫قبل النظام الرجولي‪ ،‬قامت النساء‬ ‫الكردستانيات بالتأكيد على إن النساء متلكن‬ ‫قابلية العمل السياسي مثلهم مثل الرجال و‬ ‫حتى أحيانا أكثر من الرجال أيضا‪ .‬بالطبع‬ ‫عندما نتطرق هلذه التطورات‪ ،‬جيب أن ال‬ ‫ننسى بإن اقرتاب اجمللس الوطين الكردي‬ ‫السوري‪ ،‬مازال صاحب النظرة املتخلفة و‬ ‫الدونية للمرأة‪ .‬و مازال هناك استثمار فظيع‬ ‫جلهود املرأة‪ .‬حيث نرى بإن مشاركة النساء‬ ‫أحيانا يكون ‪ % 3 -1‬يف مراكز صنع القرار‪ .‬و‬ ‫عدم ترشيحهم ولو إلمرأة واحدة لتأخذ مكانها‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫السنة األول‬

‫مجلة دجلة‬

‫كلمة القدسية اليت تعود إىل‬ ‫كلمة القوت ظهرت يف هذه‬ ‫مي َدةُ‬ ‫الفرتة‪ ،‬وألن املرأة كانت جُ ِ‬ ‫القوت والزاد‪ ،‬لذلك كانت بقدر‬ ‫القوت والزاد مقدسة و تضفي‬ ‫قدسيتها هذه على كل األفراد‬ ‫باحملبة واالحرتام والسعادة‪.‬‬ ‫وألن العدالة واحلرية كانت‬ ‫من صفات تلك اجملتمعية لذلك‬ ‫عاشت اإلنسانية‬ ‫أعظم إبداعاتها واخرتاعاتها يف‬ ‫هذا العصر‬ ‫يف املرجعية السياسية يؤكد على اقرتابهم‬ ‫الالدميقراطي و الغري العادل من قضية املرأة‪.‬‬ ‫الثورة الثقافية‪:‬‬ ‫الثورة الثقافية تعين حتقيق تغيري يف التقاليد و‬ ‫العادات اليت باتت قوانني اجتماعية تطبق‬ ‫بشكل طوعي من قبل مجيع األفراد‪ .‬ففي‬ ‫جمتمعنا كانت الثقافة اجلنسوية هي السائدة‪.‬‬ ‫فاملرأة يف جمتمعنا كانت و حتى وقتا‬ ‫قريبا«الغصن املكسور‪ ،‬كانت الكائنة اليت جيب‬ ‫أن ال ينقص الضرب من على ظهرها و ينقص‬ ‫اجلنني يف رمحها‪ ،‬كانت ذو الشعر الطويل و‬ ‫العقل الناقص‪ .‬أيضا البطولة و الرجولة كانت‬ ‫قد توحدت يف نفس املصطلح(مرياني)» و ميكن‬ ‫زيادة املئات من هذه األمثال اليت كانت توجه‬ ‫للمرأة يوميا من أجل وضعها حتت ضغط نفسي‬ ‫لرتضى مبا تواجهها من ظلم و تعدي‪ .‬إن‬ ‫اجملتمع الذي يعامل نساءه بهذا الشكل‪ ،‬هل‬ ‫ميكن أن يتحدث عن اإلرادة‪ ،‬عن الرجولة‪،‬‬ ‫عن الشرف؟ غري ممكن بالطبع‪ ،‬ألن رجل‬ ‫يعيش مع امرأة ذو عقل ناقص ال ميكن أن‬ ‫يكون ذكيا و عاقال‪ ،‬أيضا الرجل الذي يقوم‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪34‬‬

‫على الدميقراطية‪ ،‬االحرتام‬ ‫املتبادل‪ ،‬احملبة‪ ،‬املساواة و‬ ‫العدالة تنظم نفسها يف خاليا‬ ‫النسيج االجتماعي‪.‬‬ ‫بذلك ميكن القول بأن الضمري‬ ‫اجلماعي بدأ يتشكل يف جمتمعنا‬ ‫و الوجدان الذي‬ ‫كان قد تعرض للضمور بدأ ومنذ‬ ‫تلك الفرتة باالنبعاث‬ ‫من جديد‬ ‫يوميا بشتم املرأة و ضربها و إهانتها‪ ،‬ال ميكن‬ ‫أن يَدّعي بانه إنسان مغرور و ذو كرامة‪ ،‬مبا إنه‬ ‫يعيش مع امرأة تهان يوميا‪.‬‬ ‫هذه الثقافة اجلنسوية اليت كانت حتكم حياتنا‬ ‫كانت قد أضعفت من النسيج االجتماعي‬ ‫جملتمعنا و حولت بنيته إىل بنية هشة و‬ ‫هزيلة‪ .‬يف حني نرى وبعد تقديم تضحيات‬ ‫جسام من قبل الفتيات الكرديات‪ ،‬بأن املرأة‬ ‫الكردية إذا ما اكتسبت املعرفة و إذا ما تنظمت‬ ‫و تدربت فإنها حتقق املعجزات‪ .‬إن املالحم‬ ‫البطولية اليت حتققت من قبل وحدات محاية‬ ‫املرأة يف السنتني األخريتني كانت قادرة على‬ ‫تغيري الكثري من األحكام اليت كانت تقال حبق‬ ‫املرأة‪ .‬فاملرأة الكردية أثبتت بأنها متلك القوة‬ ‫والشجاعة اليت ال ميلكها الكثري من الرجال‪.‬‬ ‫أيضا أثبتت بأن البطولة ليست من صفات‬ ‫الرجل فقط و إمنا من صفات املرأة أيضا إذا‬ ‫ما مت فتح اجملال أمامها لتعرب عن نفسها‪.‬‬ ‫الثورة االجتماعية و األخالقية‪ :‬قبل الثورة‬ ‫و نتيجة احلرب اخلاصة اليت مورست من‬ ‫قبل حزب البعث‪ ،‬تعرض اجملتمع الكردي‬ ‫لتشويه كبري من الناحية االجتماعية‪ .‬سياسة‬ ‫التجويع‪ ،‬الفقر والبطالة اليت طبقت و بشكل‬

‫المراة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫متعمد من قبل نظام البعث يف املناطق الكردية‪،‬‬ ‫أدت إىل متزق يف البنية االجتماعية‪ .‬االعتقاالت‬ ‫اليومية‪ ،‬احلرب النفسية اليت كانت تنفذ حبق‬ ‫الشعب الكردي‪ ،‬أدت إىل خلق الذعر و اخلوف‬ ‫و االبتعاد عن الفكر التحرري‪ .‬خاصة بعد‬ ‫اتفاقية أضنة ما بني سورية و تركية و أحداث‬ ‫القامشلي يف عام ‪ 2004‬مت العمل على تطبيق‬ ‫هذه السياسات بشكل مربمج ومنظم‪.‬‬ ‫ميكن القول بأن وضع العائلة الكردية قبل‬ ‫الثورة كان مزريا و متأزما للغاية كنتيجة لكل‬ ‫ما مت ذكره‪ .‬االحنطاط األخالقي الذي بات مثل‬ ‫مرض السرطان نتيجة تعامل الشبيبة باملخدرات‬ ‫و تورط قسم منها يف شبكات ال أخالقية‪ ،‬أيضا‬ ‫ممارسة الدعارة و التجارة بالنساء‪ ،‬زراعة‬ ‫احلشيش‪ ،‬العالقات املادية‪ ،‬تطور احلركات‬ ‫العميلة حتت اسم الدين‪ ،‬كلها كانت قد أدت‬ ‫باجملتمع الكردي إىل حافة اهلاوية واالنتحار‬ ‫الذي كان قد أصبح مثل الوباء يف صفوف النساء‬ ‫كان يعرب عن قمة األزمة االجتماعية السائدة‪.‬‬ ‫يف احلقيقة إن الثورة لعبت دور املنقذ واملسيح‪.‬‬ ‫ألن قوة املعنى كانت قد تالشت و احلقيقة‬ ‫فقدت مصداقيتها يف جمتمعنا و هذه احلالة‬ ‫تشكل أخطر احلاالت اليت ميكن أن يتعرض‬ ‫هلا جمتمع ما‪.‬‬ ‫لذلك الثورة كانت مداخلة راديكالية هلذه‬ ‫األزمة و الفوضى االجتماعية و األخالقية‪.‬‬ ‫فبعد أن مت البدأ بإخراج قوات نظام البعث من‬ ‫املناطق الكردية‪ ،‬ومت تأسيس وحدات محاية‬ ‫الشعب و محاية املرأة‪ ،‬أيضا عندما مت تأسيس‬ ‫قوات األسايش‪ ،‬مت إحداث التغيري يف العالقات‬ ‫االجتماعية أيضا‪ .‬فالعالقات املادية حتولت‬ ‫ومع الزمن إىل عالقات معنوية‪ ،‬انضمام كل‬ ‫أفراد العائلة للعملية الثورية و بناء املؤسسات‬ ‫االجتماعية أدى إىل خلق عالقات جديدة يف‬ ‫العائلة مبنية على االحرتام املتبادل و على‬ ‫أهداف و طموحات حياة جديدة‪ .‬العالقة بني‬ ‫الرجل و املرأة تغريت‪ ،‬ألن مشاركة املرأة يف كل‬ ‫اجملاالت‪ ،‬قيام مؤسسات املرأة كبيوت املرأة‬ ‫باالهتمام املباشر باملشاكل االجتماعية‪ ،‬محالت‬ ‫التوعية اليت تطورت يف أكادمييات احتاد‬ ‫ستار و أكادمييات نوري ديرمسي‪ ،‬استشهاد‬ ‫الرفيقات من أجل محاية القيم االجتماعية‪،‬‬ ‫كلها ساهمت يف تغيري املقاييس األخالقية‬ ‫الرجعية القدمية‪ .‬حبيث بدأت أخالق احلرية‬ ‫اليت تعتمد‪.‬‬ ‫على الدميقراطية‪ ،‬االحرتام املتبادل‪ ،‬احملبة‪،‬‬

‫املساواة و العدالة تنظم نفسها يف خاليا النسيج‬ ‫االجتماعي‪.‬بذلك ميكن القول بأن الضمري‬ ‫اجلماعي بدأ يتشكل يف جمتمعنا و الوجدان‬ ‫الذي كان قد تعرض للضمور بدأ ومنذ تلك‬ ‫الفرتة باالنبعاث من جديد‪ .‬بهذا نرى بأن‬ ‫الكثري من احلوادث األليمة اليت كانت حتدث‬ ‫مثل انتحار النساء‪ ،‬جرائم(الشرف)‪ ،‬التجارة‬ ‫بالنساء و التعامل باملخدرات اخنفضت إىل‬ ‫نسبة ال ميكن ان يتصورها العقل‪ .‬وهذا حبد‬ ‫ذاته ثورة اجتماعية أخالقية‪.‬‬ ‫الثورة اجلمالية‪:‬‬ ‫(أست تيك) يف اللغة الالتينية تعين‬ ‫اجلمالية َ‬ ‫قمة احلس أو الشعور‪ ،‬هناك عالقة عضوية‬ ‫بني اجلمالية وبني احلرية‪ ،‬كما هو األمر بني‬ ‫القبح و العبودية‪ .‬ألن اجلماليات واليت تضم يف‬ ‫داخلها الفن و اإلبداع‪ ،‬حباجة إىل قوة فكرية‬ ‫متحررة لكي تتمكن من إبداع شيء مجيل و‬ ‫رائع‪ .‬فاجملتمعات اليت ال متلك حريتها تكون‬ ‫حمرومة من قوة اجلمال‪ ،‬ألنها ال ميكن أن‬ ‫تبدع وهي مقيدة بألف قيد و قيد‪ .‬عندما يكون‬ ‫الفكر‪ ،‬اإلرادة و حرية اإلبداع حمبوسا‪ ،‬ال‬ ‫ميكن ألفراد ذلك اجملتمع أن يبدعوا‪ .‬حتى إذا‬ ‫أبدعوا فإنه يكون مقتصرا على أفراد فقط و ال‬ ‫يكون إبداعا مجاعيا‪ .‬يف حني اإلبداع اجلماعي‬ ‫هو الذي يؤدي إىل ثورة مجالية يف اجملتمع‬ ‫بشكل عام‪ .‬يعترب جمتمعنا من أكثر اجملتمعات‬ ‫تعرضا للتشوه‪ ،‬فكل شيء سلب منه وقبل كل‬ ‫شيء قوته اإلبداعية‪ .‬ألنه مضطر بأن يعيش من‬ ‫أجل الغري و أن ميوت من أجل الغري‪.‬‬ ‫فاملوسيقا و حتى فرتة كانت ممنوعة من قبل‬ ‫جمتمعنا و حتى من أجل النساء كان عارا كبريا‬ ‫أن حتمل آلة موسيقية‪ ،‬كما كانت كتابة الشعر‬ ‫باللغة الكردية ممنوعة أيضاً‪ .‬كان ال ميكن أن‬ ‫يقوم الرسامني الكرد بفتح معارض لرسوماتهم‪.‬‬ ‫بالطبع حصر اجلمال يف هذه اجملاالت سيكون‬ ‫سطحيا و ضيقا‪ .‬فاجلمال يبدأ من الفكر‪ ،‬من‬ ‫العاطفة وبعدها ينعكس على احلياة اليومية‪.‬‬ ‫ففي اجملتمع الذي يتعرض نسائه يوميا للضرب‬ ‫و تصلن لدرجة االنتحار‪ ،‬هل ميكن احلديث‬ ‫عن اجلمالية فيه‪.‬‬ ‫أيضا اجملتمع الذي يعيش العبودية حتى العنق‬ ‫هل ميكن أن يكون مبدعا؟‪ ،‬بالطبع ال ميكن‪،‬‬ ‫لذلك حتقيق احلرية‪ ،‬خلق اإلرادة هي اليت‬ ‫ختلق اجلمالية واإلبداع‪ .‬لذلك حتول املرأة‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫المراة‬

‫‪35‬‬

‫إىل حتررها من كل التأثريات اليت فرضها‬ ‫النظام الذكوري‪ ،‬إىل عشقها للحياة احلرة‪،‬‬ ‫الثورة الثقافية تعين حتقيق‬ ‫بطوالتها يف احلرب‪ ،‬قوة العزم و اإلرادة لديها‪.‬‬ ‫تغيري يف التقاليد و العادات اليت تنعكس مميزاتها هذه لتقاسيم ومالمح وجهها‪،‬‬ ‫حلركاتها وحتى لنظراتها فتجعلها مجيلة‬ ‫باتت قوانني اجتماعية تطبق‬ ‫جذابة‪ .‬فبقدر ما تكون املرأة متحررة تكون‬ ‫جذابة و مؤثرة و هذا ما حققته املرأة الكردية‪.‬‬ ‫بشكل طوعي من قبل مجيع‬ ‫من خالل ما مت ذكره يف األعلى نرى بأن ما‬ ‫األفراد‪ .‬ففي جمتمعنا كانت‬ ‫كان جيب أن خيلق يف عصر مت حتقيقه يف‬ ‫عدة سنوات‪ .‬بالطبع مل تتحقق هذه اخلطوات‬ ‫الثقافة اجلنسوية هي السائدة‪ .‬بسهولة‪ ،‬بل كل خطوة حتققت جبهد‬ ‫فاملرأة يف جمتمعنا كانت وحتى وتضحيات كبرية‪ .‬فإن استشهاد املئات من‬ ‫الرفيقات‪ ،‬وجرح اآلالف منهن هو الذي فتح‬ ‫وقتاً قريباً «الغصن املكسور‪،‬‬ ‫الطريق أمام ثورة كهذه‪ .‬إن مقاومة النساء‬ ‫الكرديات ضد عدو شرس مثل داعش هز‬ ‫كانت الكائنة اليت جيب أن ال العامل‪ .‬بطولة آرين مريكان‪ ،‬أوزغور عفرين‪،‬‬ ‫ينقص الضرب من على ظهرها و هبون ديريك‪ ،‬سالفا‪ ،‬كالن باطمان واملئات‬ ‫مثلهن أصبحن ميالداً جديداً من أجل مجيع‬ ‫ينقص اجلنني‬ ‫النساء‪ .‬إن قيام النساء يف كل العامل باملظاهرات‬ ‫من أجل التضامن مع وحدات محاية املرأة يف‬ ‫يف رمحها‬ ‫مقاومة كوباني مبا فيها النساء األفغانستانيات‬ ‫واألفريقيات‪ ،‬يعين بأن ثورة النساء الكرديات‬ ‫اكتسبت بعدا إقليمياً و كونياً بنفس الوقت‪.‬‬ ‫الكردية إىل رمز للجمال يف العامل يعود وقبل كل والبدء مبسرية املرأة العاملي يف ‪ 6‬آذار من مدينة‬ ‫شيء إىل املعرفة‪ ،‬الشجاعة‪ ،‬الثقة بذاتها‪ ،‬يعود نصيبني الكردية‪ .‬هو تأكيد على إن مقاومة‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫السنة األول‬

‫مجلة دجلة‬

‫املرأة الكردية ضد كل أنواع الظلم واالستبداد‬ ‫الرجولي جعلت املرأة الكردية طليعة يف ثورة‬ ‫املرأة العاملية‪ .‬من ناحية أخرى بدأت هذه‬ ‫املسرية على أرض موزبوتاميا (بالد الرافدين)‬ ‫له معنى تارخيي بالنسبة لنا كنساء هذه‬ ‫اجلغرافية‪ .‬ففي املكان اليت فقدت النساء فيه‬ ‫وألول مرة حريتها‪ ،‬القيام ببدء مسرية حرية‬ ‫املرأة منها بعد آالف يعين انتقام لكل اآلهلات‬ ‫ولكل النساء اللواتي حرقن وذحبن يف سبيل‬ ‫احلرية‪.‬‬ ‫هذا وتؤكد النساء بهذا الشكل على إن الثورة‬ ‫اإلنسانية األوىل اليت حتققت بقيادة النساء على‬ ‫هذه األرض ستتوج بثورة جديدة وهي ثورة العودة‬ ‫إىل جوهر اإلنسان‪ .‬مثلما متكنت جداتنا من هذا‬ ‫الشيء‪ ،‬فإن حفيداتهن مرشحات والئقات بدور‬ ‫كهذا أيضاً‪ .‬وخالل العقود األخرية أُثبتت هذه‬ ‫القدرة أكثر من مرة‪ .‬إذا ما قمنا بالوصول إىل قوة‬ ‫معرفة اآلهلات‪ ،‬وجسدنا يف نفسنا مقاومة املاليني‬ ‫من النساء اللواتي أحرقن وذحبن يف املعاقل‪،‬‬ ‫وتسلحنا بالشجاعة والبطولة اليت حتلت بها‬ ‫كل من البطالت زيالن‪ ،‬آرين وساكينة جانسيز‪،‬‬ ‫وكنا عاصيات مثل نساء ‪ 8‬آذار فال ميكن ألي‬ ‫قوة أن تهزمنا‪ .‬فالنصر سيكون ال حمال للحرية‪،‬‬ ‫للعدالة للمساواة‪ ،‬للمرأة‪.‬‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪36‬‬

‫تاريخ‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫تاريخ سنجار في سطور‬

‫بكر علي آل إبرهيم عيشو‬

‫سنجار(شنكال) واحدة من املدن املشهورة يف‬ ‫أقليم اجلزيرة‪ ،‬ومسيت باجلزيرة ألنها تقع بني‬ ‫نهري دجلة والفرات وتشمل ديار ربيعة وديار‬ ‫مضر وديار بكر‪ .‬وهي مدينة قدمية وتارخيية‪،‬‬ ‫وعمرها أكثر من ستة آالف سنة وتعترب ثاني‬ ‫أقدم مدينة يف الشرق األوسط بعد مدينة دمشق‪.‬‬ ‫وهناك دالئل كثرية تشري إىل ذلك‪ ،‬ومنها‬ ‫املنحوتات احلجرية مثل األواني احلجرية‬ ‫وآالت احلفر وغريها من مستلزمات احلياة اليت‬ ‫عثر عليها يف اجلبل واليت كانت تستخدم من‬ ‫قبل اإلنسان يف تلك الفرتة‪ .‬ومدينة سنجارهي‬ ‫الوحيدة يف العراق اليت تشمل على السهل‬ ‫واجلبل والوادي‪ .‬وتعرف هذه املدينة باسم‬ ‫سنجار نسبة إىل اجلبل املوجود على حماذاة‬ ‫املدينة‪ ،‬ويبلغ ارتفاع هذا اجلبل حوالي (‪)1463‬‬ ‫عن مستوى سطح البحر ومتتاز هذه املدينة‬ ‫بعذوبة مياهها ومناخها وكثرة خرياتها‪ ،‬وكانت‬ ‫حمطة اسرتاحة امللوك واالمراء على مدى التاريخ‬ ‫الذين كانوا يتصارعون عليها لألسباب اليت‬ ‫ذكرناها وملوقعها االسرتاتيجي واحلصني‪ .‬وكانت‬

‫سنجار تقع بني نهرين‪ ،‬أحدهما يسمى نهر‬ ‫احلتات وجيري من حتت السور الروماني‬ ‫ويصب يف الثرثار واآلخر نهر دار العني الذي‬ ‫كان يتجمع من مياه الينابيع الغزيرة املنحدرة من‬ ‫اجلبل ويشكل نهرا وجيري باجتاه اجلزيرة أي‬ ‫البادية وتسقي بساتني النخيل والكروم‬ ‫واحملاصيل الزراعية كالقمح والشعري والكتان‬ ‫والسمسم‪ .‬سنجار وحتديدا اجلبل من املصادر‬ ‫املنتجة واملصدرة الرئيسية يف املنطقة من حماصيل‬ ‫اجلوز وفرك اللوز والتني وذلك ملالءمة املناخ مع‬ ‫هذه احملاصيل وخلصوبة األرض ‪.‬وتعد تربتها‬ ‫أخصب يف العامل‪ ،‬وحلد هذا اليوم مل يذكر‬ ‫املؤرخون وال توجد هناك مصادر تشري إىل أول‬ ‫األقوام اليت بنت هذه املدينة‪ ،‬وأكثر املصادر‬ ‫تذكر تاريخ الذين سكنوها ومنذ األلف الثاني‬ ‫قبل امليالد هم امليتان ومن ثم احلثيون‪ ،‬عملوا‬ ‫أكرب مشروع اروائي يف العامل آنذاك‪ ،‬إال وهي‬ ‫نظام (الكهاريز) أو(القنى)‪ ،‬وهذه القنى عبارة‬ ‫عن عدة خطوط تنحدر من اجلبل وإىل أراضي‬ ‫اجلزيرة جنوبا وعددها (‪)11‬خط وكانت أكرب‬ ‫مصدر اروائي إىل جانب النهر لسقي املزروعات‬ ‫واليوجد هذا النظام يف العامل سابقا اال يف العراق‬ ‫وامريكا الالتينية وبالد فارس واليمن والدليل بان‬ ‫احلثيون هم الذين قاموا بإجناز هذا املشروع‬ ‫الضخم‪.‬‬ ‫رافقت االستاذ الدكتور والربوفيسور يف جامعة‬ ‫صالح الدين فؤاد العمري والذي عمل حبثا عن‬

‫هذا املشروع يف الثمانينيات من القرن املاضي‪،‬‬ ‫وتبني من خالل الدراسة بأن احلثيون هم الذين‬ ‫اجنزوا هذا املشروع وبدليل آالت احلفر املوجودة‬ ‫يف متحف املوصل اليت استخدمت يف حفر هذا‬ ‫املشروع‪ ،‬وهذه معلومة جديدة مل يذكرها باحث‬ ‫او مؤرخ سابقا‪.‬‬ ‫وكما ذكرنا أن أول األقوام اليت سكنت هذه‬ ‫املدينة وحسب أقول املؤرخني والرحالة أمثال‬ ‫ابن بطوطة وابن الزبري وآخرون‪ ،‬هم امليتان الذين‬ ‫اختذوا من هذه املدينة موقعا حصينا وكانت‬ ‫عاصمتهم على اخلابور‪ ،‬ومن ثم متكن االشوريني‬ ‫من السيطرة عليهم وانتزاع هذه املدينة من أيديهم‬ ‫وجعلوا منها قاعدة حربية أيضا وذلك ملوقعها‬ ‫اجلغرايف وحصانتها‪ ،‬وكان االشوريني على نزاع‬ ‫دائم مع احلثيني واستمرت حربهم وقتا طويال‪.‬‬ ‫وبسقوط االشوريني على يد الفرس االمخينيني‬ ‫عام (‪538‬ق م) اصبحت سنجار حتت سيطرة‬ ‫الفرس واختذوها معقال هلم ضد الرومان‪ ،‬وبعد‬ ‫معاهدة صلح مت التنازل من نصيبني وسنجار‬ ‫للرومان من قبل الفرس يف عام(‪363‬م) وكانت‬ ‫احلرب دائرة كره للرومان وكره للفرس‪ .‬ويف عام‬ ‫‪18‬هجري‪/639‬م‪ /‬أي عندما كانت بيد الفرس‬ ‫دخلها القائد عياض بن غنم يف عهد اخلليفة‬ ‫عمر بن اخلطاب باسم الفتح اإلسالمي‪ .‬وحكمت‬ ‫هذه املدينة الكثري من الدول واحلكام من أمثال‬ ‫احلمدانيني والعقيلني‪ .‬يف القرن الثالث والرابع‬ ‫اهلجري ومن ثم بدأ حكم االتابكة يف عام‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫‪521‬هجري\‪1127‬ميالدي‪ ،‬واستمر حكمهم إىل‬ ‫‪1229.‬م وتعترب فرتة حكم االتابكة فرتة العز‬ ‫واالزدهار‪ ،‬وملا بلغ منها الصيت يف مجيع بقاع‬ ‫االرض آنذاك‪ .‬وحكموا هذه املدينة على أحسن‬ ‫وجه بالعدل واملساواة‪ .‬عماد الدين الزنكي‬ ‫االتابكي هو أول من حكم هذه املدينة وجعل‬ ‫منها امارة مزدهرة‪ .‬وخالل فرتة حكمه أصدر‬ ‫عملة التزال آثارها موجودة حتى يومنا احلاضر‪،‬‬ ‫مدون عليها آيات قرآنية وأمساء امللوك واألمراء‬ ‫الذين حكموا هذه املدينة يف تلك الفرتة‪ ،‬وهذه‬ ‫العملة مصنوعة من النحاس‪ ،‬وكانوا يتداولونها‬ ‫يف تعامالتهم التجارية مع الدول اجملاورة‪.‬‬ ‫وأهتم أيضا بالعمران وجعلها من ضمن مخس‬ ‫امارات كانت حتت سيطرته‪ .‬ومن اآلثار‬ ‫الشاخصة لالتابكيني اليوم هو منارة سنجار وهي‬ ‫مئذنة سنجار يف ذلك الوقت وحمراب كوهكمت‬ ‫وهو على أغلب الظن مدرسة دينية‪ ،‬مت العثور‬ ‫على بعض االلواح الطينية والفخارية مكتوب‬ ‫عليها آيات قرانيه ويعتقد البعض االخر أنها‬ ‫كانت مدرسة حربية ويوجد فيها ضريح عماد‬ ‫الدين الزنكي األول‪ ،‬وبين هذا احملراب ختليدا‬ ‫ألعماله احلربية‪ ،‬ومن اآلثار الشاخصة اليوم‬ ‫ايضا باب اخلان‪ ،‬ويقع بني تلعفر وسنجار وهو‬ ‫أقرب إىل سنجار من املوصل و كان يسمى بفندق‬ ‫النصرانية أو دار اسرتاحة للمسافرين و التجار‬ ‫وطلبة العلم والسياح‪ ،‬وبين هذا اخلان يف أواسط‬ ‫القرن السابع اهلجري أي القرن الثالث عشر‬ ‫امليالدي‪،‬وشيده بدر الدين لؤلؤ وكما هو مدون‬ ‫على باب اخلان والسور الثاني على حد السور‬ ‫الروماني والذي هو اقل ارتفاعا منه ومت بناه يف‬ ‫عهدعماد الدين الزنكي االتابكي ‪ .‬وبنيت أكثر‬ ‫هذه املعامل األثرية يف عهد قطب الدين حممد‬ ‫بن عماد الدين الزنكي االتابكي الذي بنى منارة‬ ‫سنجار واليت هي مبثابة مئذنة ألكرب جامع يف‬ ‫سنجار يف عام‪598‬هجري أي يف عام‪1201‬م‬ ‫والذي تويف يف سنة ‪616‬هجري‪1219‬م‪.‬‬ ‫واستخدمت هذه املنارة الشاهقة آنذاك منربا‬ ‫للخطيب أضافة إىل مرصد لرتصد الغزوات من‬ ‫االعداء وكذلك منربا لقائد اجليش عند حدوث‬ ‫حدث طاري وجتمع اجليش لغرض ما‪ .‬ومن اآلثار‬ ‫الشاخصة أيضا السور الروماني كما ذكرنا والذي‬ ‫بناه االمرباطور الروماني اوريانوس يف عام‪136‬م‪،‬‬ ‫يبلغ طول السورحسب ما ذكره محداهلل‬ ‫املستويف‪750‬هجري) اثنتني وثالثني الف خطوة‪،‬‬ ‫فهذا يشري إىل ان املدينة أكرب مما هي عليه اآلن‪.‬‬ ‫و للسور أربعة أبواب‪ ،‬من جهة جنوب املدينة‬

‫تاريخ‬

‫‪37‬‬

‫ويسمى أحدهما باب املساء واألخر الباب اجلديد‬ ‫والذي يتوسط البابني وباب العتيق ومن جهة‬ ‫الشمال املقابل للجبل يسمى باب اجلبل‪ ،‬السور‬ ‫الثاني الذي هو أقل ارتفاعا من السور الروماني‬ ‫الذي بناه عماد الدين الزنكي االتابكي‪ ،‬وتوجد‬ ‫ايضا مرقد السيدة زينب والذي قام ببنائه بدر‬ ‫الدين لؤلؤ يف عام‪657‬هجري‪ ،‬وكذلك قبيت‬ ‫االخوين الذي يعتقد بانهما أوالد علي بن ابي‬ ‫طالب‪ ،‬ويعتقد أخرون بأنهما أوالد السيدة زينب‬ ‫عندما اخذوهم سبايا إىل الشام بعد انتهاء معركة‬ ‫الطف معركة احلق ضد الباط‪ ،‬ويف كل االحوال‬ ‫يعود تاريخ بنائهما إىل القرن السادس والسابع‬ ‫اهلجري وهما شاخصان إىل اليوم على الشارع‬ ‫العام ويف مدخل املدينة ‪.‬بقيت هذه املدينة حتت‬ ‫سيطرة االتابكيني إىل عام ‪1229‬ومن ثم سيطر‬ ‫على هذه املدينة القائد الكردي صالح الدين‬ ‫االيوبي‪ ،‬وعند انتهاء حكم االتابكه حكم هذه‬ ‫املدينة االيوبيني ومن أوالد صالح الدين االيوبي‪.‬‬ ‫وبعد األيوبيني حكمها املماليك لدى غزو املغول‬ ‫سقط شنكال عام‪660‬هجري‪1261‬م ودمرت هذه‬ ‫املدينة بالكامل ومت قتل ما فيها‪.‬‬ ‫ويف احلملة املغولية الثالثة عندما استوىل عليها‬ ‫تيمورلنك يف عام‪796‬هجري‪1393/‬م وصل عدد‬ ‫الدور فيها إىل أكثر من اثنتني وثالثني ألف دار‪.‬‬ ‫يف تلك الفرتة تصارعت الدول واملماليك على هذ‬ ‫املدينة وأصبحت مسرحا لألحداث إىل العهد‬ ‫العثماني الذين اكملوا املسرية لسلب خرياتها‬ ‫واذالل اهلها وبقيت سنجار حاهلا حال الدول‬ ‫اليت كانت حتت السيطرة العثمانية آنذاك وملده‬ ‫تتجاوز االربعة قرون ونصف وإىل ان تأسست‬ ‫الدولة العراقية يف عام‪1921‬م‪ .‬أما مكون اجملتمع‬ ‫السنجاري يف تلك الفرتات كان من الكورد‬ ‫الزراريني‪ ،‬وحسب قول الكثري من الرحالة‬ ‫واملؤرخني من أمثال ابن الزبري وابن بطوطة الذي‬ ‫يذكر يف رحلته ويقول أن أهل سنجار هم من‬ ‫الكورد وهم اهل كرم وجود وسخاء وشجاعة‪.‬‬ ‫وأما عن أصل تسمية هذه املدينة العريقة بهذه‬ ‫التسميه‪ ،‬فالروايات كثريه فهناك من يقول بان‬ ‫تسمية سنجار اتت من تسميات ذات اصول‬ ‫كوردية وعربية وتركية وفارسية وآرامية‪ ،‬وأن‬ ‫األمساء احلقيقية لكثري من هذه املواقع قد‬ ‫اختفت وذلك بسبب التحريف هذه التسميات‪.‬‬ ‫فمنهم من يقول انها اتت بعد طوفان نوح بعد ان‬ ‫اصطدمت سفينته جببل سنجار وقال ان سن هذا‬ ‫اجلبل جار علينا ومنها اشتق كلمة سنجار‪ ،‬وال‬ ‫ميكن األخذ بهذه الرواية الضعيفة لكون نيب‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫السنة األول‬

‫مجلة دجلة‬

‫من اآلثار الشاخصة لالتابكيني‬ ‫اليوم هو منارة سنجار وهي‬ ‫مئذنة سنجار يف ذلك الوقت‬ ‫وحمراب كوهكمت وهو على‬ ‫أغلب الظن مدرسة دينية‪،‬‬ ‫مت العثور على بعض االلواح‬ ‫الطينية والفخارية مكتوب‬ ‫عليها آيات قرانيه ويعتقد‬ ‫البعض االخر أنها كانت مدرسة‬ ‫حربية ويوجد فيها ضريح عماد‬ ‫الدين الزنكي األول‪ ،‬وبين‬ ‫هذا احملراب ختليدا ألعماله‬ ‫احلربية‬ ‫اهلل نوح كان يتكلم اللغة العربية واليتكم اللغة‬ ‫العربية‪ ،‬ومنهم من يرى أن أسم سنجار أتى من‬ ‫سنغارة حيث وردت على العملة اليت اصدرها‬ ‫عماد الدين الزنكي بن اق سنقر مؤسس اتابكية‬ ‫املوصل‪ ،‬ومن احملتمل ان سنجار هي تعريب ل‬ ‫سنكارو رمبا هي نفس سنكارا الواردة يف الكتب‬ ‫البابلية واألشورية يف حني اخطأ القزويين عندما‬ ‫قال بانها مسيت باسم السلطان سنجر السلجوقي‬ ‫وهذا أيضا غري صحيح‪ ،‬الن والدة هذا السلطان‬ ‫يف سنجار ويرى األب انستانس ماري الكرملي‬ ‫أن أصل تسمية سنجار فارسي لكون كانت تابعة‬ ‫للفرس ومسوها بهذا االسم نسبة إىل أحد الطيور‬ ‫اجلارحه وهو النسر وسبب التسميه يعود إىل‬ ‫اجلبل وان الالئذ به يصبح كالنسر منيعا امينا ال‬ ‫يرام وال ينال ‪.‬ويعتقد بعض الباحثني أن شنعار‬ ‫الواردة يف التوراة يف أكثر من موضع هي سنجار‬ ‫احلالية وكانت تضم مناطق جغرافية أوسع مما‬ ‫هي عليه اآلن‪ ،‬حيث كانت مملكة بابل وآكاد‬ ‫وارك يف ارض شنعار‪ .‬ويروي دانفيل أن اسم‬ ‫سنجار احلالي هو حتريف السم شنعار أو سنغار‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪38‬‬

‫مكون اجملتمع السنجاري‬ ‫يف تلك الفرتات كان من الكورد‬ ‫الزراريني‪ ،‬وحسب قول الكثري‬ ‫من الرحالة واملؤرخني من أمثال‬ ‫ابن الزبري وابن بطوطة الذي‬ ‫يذكر يف رحلته ويقول أن أهل‬ ‫سنجار هم من الكورد وهم اهل‬ ‫كرم وجود وسخاء وشجاعة‬ ‫وهناك من يرى ان اسم سنجار هو كردي حيث‬ ‫يسمونها شنكاري بإمالة الياء وكذلك شنكار اليت‬ ‫تفيد معناها النار اجلميلة‪ ،‬ورمبا األرض اجلميلة‪.‬‬ ‫وشنكال تعين ضمنا اجلهة اجلميلة أو الراية‬ ‫اجلميلة وأن الكلمة عربت إىل سنجار‪ .‬بينما يرى‬ ‫أخرون أن أصل االسم زنكار واليت تعين باللغة‬ ‫الكردية ره نكني أي اللون نسبة إىل جبلها الذي‬ ‫يتألأل عندما تضربها أشعة الشمس‪ ،‬وذلك بسبب‬ ‫املعادن الكثرية اليت تدخل يف تركيبه وخاصة‬ ‫احلديد وعلى ضوء ذلك هناك من ال يستبعد ان‬ ‫يكون االصل هو) اسنجار‪-‬ئاسنه جار (أي معدن‬ ‫احلديد‪ .‬كل هذه روايات وتوقعات املؤرخني‬ ‫والباحثني واجلغرافيني الذين ذكروا سنجار‬ ‫حسب الزمان واملكا‪ .‬وأنا اؤكد كردية املدينة‬ ‫وبدالئل دامغه ومنها كالم الرحالة أمثال ابن‬ ‫الزبري وابن بطوطة وانستانس الكرملي والقزويين‬ ‫واخرون من اجلغرافيني واملؤرخني والباحثني‬ ‫وعلى مر العصور واالزمان‪ ،‬حيث ذكروا أهلها‬ ‫وهم من الكرد ومن وجهاء هذه املدينة وعلمائها‬ ‫املتصوفني أمثال عبد اهلل الكردي إمام وخطيب‬ ‫جامع سنجار يف القرن السابع اهلجري وهو‬ ‫صاحب كرامات حسب قول الرحالة‪.‬‬ ‫واليوم توجد دالئل كثرية تؤكد كردية هذه املدينة‬ ‫العريقة‪ ،‬منها أمساء مناطقها‪ ،‬ينابيعها‪ ،‬كهوفها‬ ‫ومقابرها‪ ،‬ومل يذكر أحد وجود أي مقربة لقومية‬ ‫أخرى يف هذه املدينة وأمساء األحياء واحملالت‬ ‫والبساتني كلها أمساء كردية‪ ،‬وحتى حصص‬ ‫املياه من الينابيع كانت ومازالت موزعة على‬ ‫أهالي املدينة وهم أكراد‪ .‬هذا وكل حسب ما‬ ‫ميتلكه من األراضي الزراعية ومثبتة لدى دائرة‬ ‫التسجيل العقاري يف سنجار‪.‬‬

‫تاريخ‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫ثقافة‬

‫‪39‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫السنة األول‬

‫مجلة دجلة‬

‫المجتمع األخالقي‬

‫ِ‬ ‫َ‬ ‫حياة المجتمع‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫والديمقراطية األصلية‬ ‫األخالق‬ ‫ش ِه َد‬ ‫أن ‪ %98‬من‬

‫علي فرات‬

‫للمجتمع األخالقي والسياسي عالق ُة جوهري ُة‬ ‫إن‬ ‫ِ‬ ‫مع الفضيلة والسعادة واحلقيقة واجلمال من‬ ‫جهة‪ ،‬ومع احلرية واملساواة والدميقراطية من‬ ‫اجلهة الثانية‪ .‬فالفضيل ُة والسعادةُ باألصل‬ ‫ُ‬ ‫والبحث عن احلقيق ِة‬ ‫تُ َش ِّكالن جوهرَ األخالق‪.‬‬ ‫نطاق اجملتمع األخالقي والسياسي جمرد‬ ‫خار َج ِ‬ ‫بالصفات‬ ‫عبث‪ .‬ذلك أن العاج َز عن التحلي‬ ‫ِ‬ ‫األخالقية والسياسية يستحيل عليه العثور على‬ ‫احلقيقة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫األخالقي‬ ‫واجلمال اخلار َج عن اجملتمع‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫أخالقي‬ ‫فاجلمال‬ ‫والسياسي ليس مَجاالً‪.‬‬ ‫ٌّ‬ ‫الثالثي اآلخر‪،‬‬ ‫وسياس ّي! يف حني أن عالق ِة‬ ‫ِّ‬ ‫أي احلرية واملساواة والدميقراطية مع اجملتمع‬ ‫األخالقي والسياسي‪ ،‬متينة جدا‪.‬‬ ‫إذ ما من جمتمع قادر على ِ‬ ‫وتأمني احلرية‬ ‫إنتاج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫بقدر اجملتمع األخالقي‬ ‫واملساواة والدميقراطية ِ‬ ‫والسياسي‪ .‬ليس من اخلطأ القول إن اجملتم ُع‬ ‫احلصار‬ ‫األخالقي حَييا احلال َة القصوى من‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫والعطال ِة والضمور يف تارخيه ضمن ظروف‬ ‫الشيفرات‬ ‫احلداثة الرأمسالية‪ .‬فقد أُ ِقي َمت‬ ‫ُ‬ ‫احلقوقي ُة مقامَ القواع ِد األخالقي ِة فيه مبا ال مثيل‬ ‫له يف أي ِة مرحل ٍة تارخيية‪ .‬حيث تَف ُر ُ‬ ‫ض طبق ُة‬ ‫البورجوازي ِة حاكميتها الطبقية ِّ‬ ‫بأدق تفاصيلها‬ ‫حتت اسم احلقوق‪ ،‬بعد تهميشها لألخالق‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫اجملتمع‬ ‫حمل‬ ‫لِيَ ُح َّل اجملتم ُع احلقوقي‬ ‫ِ‬ ‫جد‬ ‫تغيري ِّ‬ ‫األخالقي‪ .‬إننا هنا وجهاً لوج ٍه أمام ٍ‬ ‫هام‪ ،‬حيث تُصاد ُ‬ ‫ً‬ ‫َف مساعي القوننة تارخييا‪،‬‬ ‫لكن أياً منها مل خُتنَ ْق يف التفاصيل مثلما احلال‬ ‫عليه يف حداث ِة البورجوازية‪ .‬فما يتحقق هنا هو‬ ‫بس ُط وخل ُق النزع ِة االحتكاري ِة الطبقية باسم‬ ‫احلقوق‪.‬‬ ‫أن ‪ %98‬من حياةِ اجملتمع‪َ ،‬ش ِه َد األخال َق‬ ‫والدميقراطي َة األصلية‪ .‬بل ما يُ َطبَّ ُق بنسب ٍة ساحق ٍة‬ ‫اجملتمع امل َشتَّتَ ِة واملَرتوك ِة لشأنِها إىل‬ ‫نات‬ ‫يف ُم َك ِّو ِ‬ ‫ِ‬

‫يومنا الراهن‪ ،‬أيضا هو األخال ُق‪ ،‬ال القانون‪.‬‬ ‫َ‬ ‫املستحيل‬ ‫أكمل وجه أنه من‬ ‫ينبغي‬ ‫ِ‬ ‫اإلدراك على ِ‬ ‫دون األخالق‪ ،‬حتى ولو أنها‬ ‫من‬ ‫ة‬ ‫احليا‬ ‫ر‬ ‫استمرا‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫نحلٌَّة و ُمترَ​َدِّية‪ ،‬بدءا من العائل ِة إىل األثنية‪،‬‬ ‫ُم َ‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫إجناز‬ ‫بل وصوال إىل أدق‬ ‫ِ‬ ‫تفاصيل القانون‪ ،‬وإىل ِ‬ ‫امليادين املؤسساتي ِة املُنَ َّظمة‪.‬‬ ‫من‬ ‫العمل يف العديد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫س‬ ‫مل‬ ‫ا‬ ‫ة‬ ‫القو‬ ‫أما‬ ‫كساء‪.‬‬ ‫د‬ ‫جمر‬ ‫ن‬ ‫فالقانو‬ ‫للعمل‬ ‫ة‬ ‫َيرَِّ‬ ‫ِ‬ ‫أساساً‪ ،‬فهي األخال ُق واي حديث خارج عن‬ ‫هذا اإلطار يفتقر إىل احلقيقة‪.‬‬ ‫إن إدارةَ طبيع ٍة معقَّدةٍ للغاية كاجملتمع عرب‬ ‫للحقوق‬ ‫ري ممكن‪ .‬ال ريب أنه‬ ‫احلقوق أم ٌر غ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫مكانتُها يف اجملتمع‪ ،‬بشر ِط أ ْن تَكو َن عادلة‪،‬‬ ‫وحينها ال ميكن االستغناء عنها‪.‬‬ ‫لكن ما يُف َر ُ‬ ‫ض على اجملتمع من ِقبَ ِل الدولة‬ ‫ً‬ ‫احلقوق الوضعي ِة ليس حقوقا‪ ،‬بل هو‬ ‫باسم‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫احتكارية الطبق ِة واألم ِة احلاكم ِة املض َّمنة ضمن‬ ‫احلقوق‪ ،‬أنها قواع ُد الدولة القومية بامتياز‪.‬‬ ‫ولذلك فان ما تقوم به احلداثة الربجوازية هو‬ ‫ٌ‬ ‫رديف‬ ‫األخالق وهذا بدون أدني شك‬ ‫إفسا ُد‬ ‫ِ‬ ‫لفسا ِد اجملتمع‪.‬‬ ‫سياق املدنية‪ُ ،‬‬ ‫تشخيص‬ ‫فأول‬ ‫ٍ‬ ‫لدى تمَ​َ ُّعنِنا يف ِ‬ ‫ُ‬ ‫املوضوع هو‬ ‫ينبغي القيامَ به من حيث هذا‬ ‫ِ‬ ‫معايري‬ ‫سريان‬ ‫احملاوالت الدائم ُة اهلادف ُة إىل‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ترتيب‬ ‫حساب األخالق‪ .‬وأول‬ ‫الدول ِة على‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫لوحِ‬ ‫ِّ‬ ‫اجملتمع السومري على‬ ‫للقواع ِد القانوني ِة يف‬ ‫ِ‬ ‫محورابي (األلواح الصخرية املكتوبة) يُوَ ِّض ُح هذا‬ ‫بأحسن األحوال‪.‬‬ ‫الوض َع‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫بسبب‬ ‫القانون‬ ‫ة‬ ‫ضرور‬ ‫عن‬ ‫احلديث‬ ‫ري‬ ‫ي‬ ‫قد جَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫عدم كفاي ِة األخالق‪ ،‬لك ّن اقرتابا كهذا خاطئ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫فالقضي ُة ليست عدمَ كفاي ِة األخالق‪ ،‬بل إفناءُ‬ ‫وتَ ِ ُ‬ ‫اجملتمع األخالق ّي‪.‬‬ ‫عريَة َ ِ‬ ‫رأس املا ِل والسلط ِة‬ ‫لقد بَدَأت‬ ‫ُ‬ ‫احتكارات ِ‬ ‫تتأس ُس على اجملتمع‪ ،‬وباتت القِيَ ُم‬ ‫املُضاعَف ُة َّ‬ ‫َب وتُسلَب‪ .‬ويف هذا‬ ‫االجتماعي ُة املُنتَ َج ُة تُنه ُ‬ ‫َ‬ ‫قصان األخالق‪،‬‬ ‫الوضع‪ ،‬ال ميكننا‬ ‫احلديث عن نُ ِ‬ ‫للتحكم والسيطرة‪ ،‬وعن‬ ‫اجملتمع‬ ‫إخضاع‬ ‫بل عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫تطبيق الضواب ِط‬ ‫ظل‬ ‫يف‬ ‫ل‬ ‫واالستغال‬ ‫للقمع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إتبا ِعه ِ‬ ‫القانوني ِة املسماةِ بالقواع ِد اإلداري ِة للدولة‪.‬‬ ‫بالتالي‪ ،‬فمساح ُة األخالق‪ ،‬وارتباطاً بذلك‬ ‫مساح ُة الدميقراطي ِة املباشرةِ تَ ِضي ُق تدرجيياً‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ​َّ‬ ‫وقانون الدولة‪.‬‬ ‫كم‬ ‫ِ‬ ‫ومقابل ذلك تت ِس ُع مساحة ُح ِ‬

‫أن ما يخَ َس ُره ٌ‬ ‫طرف يَك َسبُه َ‬ ‫أي َّ‬ ‫اآلخر‪ .‬أو باألصح‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫إرغام الدولة‪.‬‬ ‫سران على‬ ‫ُّ‬ ‫يتم فرض اخل ِ‬ ‫ِ‬ ‫األخالق بِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫بتضييق مساحتِه وإعاق ِة‬ ‫ع‬ ‫الوض‬ ‫هذا‬ ‫ق‬ ‫يتحق‬ ‫إذ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫األخالق‬ ‫ميدان‬ ‫على‬ ‫تطبيقه‪ .‬ويَستَ ِم ُّر التضيي ُق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫جمتمعات‬ ‫مجيع‬ ‫ِ‬ ‫(والدميقراطي ِة املباشرةِ أيضا) ُيف ِ‬ ‫القانون باستمرار‪.‬‬ ‫املدني ِة الالحقة‪ ،‬لِتَزدا َد ِح َّصة‬ ‫ِ‬ ‫وبطبيع ِة احلال‪ ،‬فَ َكو ُن املدني ِة الرومانية‪،‬‬ ‫العصور األوىل‬ ‫مدنيات‬ ‫آخ ِر‬ ‫اليت هي ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ضرب من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫للقانون‬ ‫واختصا ٌر هلا‪ ،‬تمَُثِّل ُحكمَ الدول ِة املطبِّقَ ِة‬ ‫ِ‬ ‫أكثرَ من غريها؛ إمنا يؤيِّ ُد صح َة هذه احلقيقة‪.‬‬ ‫القانون‬ ‫نات‬ ‫فقانو ُن روما ال ينفَ ُّك قائماً كإحدى لَبَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫يتعر ُ‬ ‫ض اجملتم ُع لمِ ا هو أشبَ ُه‬ ‫األساسية‪ .‬وسوف َّ‬ ‫القانون يف ِّ‬ ‫ظل املدني ِة األوروبية‪ ،‬وبإلقاء‬ ‫باستيالءِ‬ ‫ِ‬ ‫القرون األربع ِة األخرية‪ ،‬سنَ ِج ُد‬ ‫ة‬ ‫حداث‬ ‫نظرةً إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫لرأس املا ِل‬ ‫أ ّن ما تحَ َ قَّ َق هو الرتاك ُم‬ ‫ُّ‬ ‫األعظمي ِ‬ ‫والتكاثُ ُر األقصى للسلطة‪ .‬أو باألحرى‪ ،‬إنه‬ ‫تداخ ُل لِ ِكلَيهما‪ .‬فيتم بدهاء‬ ‫ُ‬ ‫التكديس الرتا ُك ِم ُّي املُ ِ‬ ‫وخبث إفراغ مساحة من كيان اجملتمع الذي‬ ‫ستُ َطبَّ ُق يف بنيته الرأمسالية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بالتالي‪ ،‬فما ي ُ‬ ‫اجملتمع إىل‬ ‫ُقال عن احتياج‬ ‫ِ‬ ‫بقدر ما هو ُحك ٌم‬ ‫ِ‬ ‫القانون‪ ،‬إمنا هو ريا ٌء فظي ٌع ِ‬ ‫الأخالق ّي‪ .‬بل على العكس فان كثرة القوانني‬ ‫اجلوفاء مفتعل لتقليص أهمية األخالق‪ ،‬وال ميكن‬ ‫َ‬ ‫عدم كفاي ِة األخالق‪ ،‬أو‬ ‫وضع‬ ‫احلديث بتاتاً عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُكم ت َعق ِد اجملتمع‬ ‫عدم قدرتِها على الفاعلي ِة حِب ِ‬ ‫ألن تعقد اجملتمع أصالً هو نتيجة كثرة القوانني‬ ‫الدخيلة‪.‬‬ ‫هنا أيضاً يت ّم تَفعي ُل قاعدةٍ بسيط ٍة من اهليمن ِة‬ ‫األيديولوجي ِة الليربالية‪ :‬قاعدةُ‬ ‫اإلنهاك األعلى‬ ‫ِ‬ ‫بغرض ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫تأثري املنافِ ِس الندّ‪.‬‬ ‫طريق الدعاي ِة ِ‬ ‫عن ِ‬ ‫شل ِ‬ ‫جلي ِّ‬ ‫بكل‬ ‫ة‬ ‫األيديولوجي‬ ‫ة‬ ‫الليربالي‬ ‫ة‬ ‫هيمن‬ ‫دو ُر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٌّ‬ ‫بشأن األخالق‪.‬‬ ‫املوقف ِ‬ ‫شكيل ِ‬ ‫املعاص ِر ِ‬ ‫سطوع يف تَ ِ‬ ‫أما ٍالقانو ُن الذي َح َّل محَ َ لَّه‪ ،‬ف َمن الذي ال يَعلمَ‬ ‫أنه عاج ٌز حقاً عن اإلدارةِ وا ُ‬ ‫حلكم‪ ،‬وأنه ملي ٌء‬ ‫بالقواع ِد اليت ال يَ َسعُها العق ُل وال الضمري؟‪.‬‬ ‫مكان أو مؤسس ٍة‬ ‫فتواج ُد القواع ُد القانوني ُة مثال يف ٍ‬ ‫ما‪ٌ ،‬‬ ‫واستغاللي‪،‬‬ ‫قمعي‬ ‫دليل على وجو ِد‬ ‫ٍّ‬ ‫احتكار ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫وأَ​َّو ُل خطوةٍ خَمط َّوةٍ يف كل مؤسس ٍة راهنة‪ ،‬تُؤَك ُد‬ ‫صح َة هذا األمر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫طرحه فيما يتعل ُق‬ ‫اهلام الذي ينبغي َ‬ ‫السؤال ُّ‬ ‫بشكل أفضل‪،‬‬ ‫باملوضوع هو‪ :‬أيهما حَي ُكم‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪40‬‬

‫ثقافة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫إن إدارةَ طبيع ٍة معقَّد ٍة للغاية‬ ‫كاجملتمع عرب احلقوق أم ٌر‬ ‫للحقوق‬ ‫ري ممكن‪ .‬ال ريب أنه‬ ‫غُ‬ ‫ِ‬ ‫مكان ُتها يف اجملتمع‪ ،‬بشر ِط أ ْن‬ ‫تَ ُكو َن عادلة‪ ،‬وحينها ال ميكن‬ ‫االستغناء عنها‬ ‫بالرغم من أ ّن سردَنا‬ ‫األخال ُق أم القانون؟‬ ‫ِ‬ ‫اجلواب على هذا السؤال‪ ،‬إال‬ ‫مبضمونه يُعطي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫القانون ُحكما باإلرغام يُوَ ِّض ُح احلقيقة إىل‬ ‫أ ّن َكو َن‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫القانون‬ ‫تعريف‬ ‫حد بعيد‪ .‬فكما هو معلوم‪ ،‬يُصا ُغ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫بأنه «تنفي ُ‬ ‫بإرغام الدولة»‪ .‬ولكن‪ ،‬ال‬ ‫د‬ ‫القواع‬ ‫ذ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تنفي َذ‬ ‫باإلرغام يف األخالق‪ .‬وباألصل‪ ،‬أي ُة قاعدةٍ‬ ‫ِ‬ ‫ال تُستَساغ ال مُي ِكن تسميتَها بالقاعدةِ األخالقية‪.‬‬ ‫واض ٌح أ ّن ال َكفَّ َة اليت سيَطغى عليها الفاض ُل‬ ‫األخالق ِّ‬ ‫بكل تأكيد لدى املقارن ِة بني‬ ‫َستَكو ُن كفَّ َة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫العنف واإلرغام وبني‬ ‫القانوني‬ ‫كم‬ ‫ِّ‬ ‫املرتكز إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫احل ِ‬ ‫إدارةِ األخالق‪.‬‬ ‫جُ‬ ‫ريات تؤيد مصداقي َة هذه احلقيقة‪.‬‬ ‫وامل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فاجملتمعات املف َّضلة اليوم كالواليات املتحدة‬ ‫ُ‬ ‫األمريكية وروسيا عاجز ٌة عن إحياءِ ذاتها ولو‬ ‫األوضاع القالبية‪،‬‬ ‫ساع ًة واحدة دون وجو ِد‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ويتحول‬ ‫أي دون القواع ِد احلقوقي ِة الرمسية‪.‬‬ ‫اجملتم ُع بني احلني َ‬ ‫واآلخر إىل ساح ٍة ُمرَ ِّوع ٍة‬ ‫نالح ُظ يف مراحل األزمة احلرجة‪.‬‬ ‫مثلما ِ‬ ‫يف حقيق ِة األمر‪ ،‬أنها حرب الدولة القومية على‬ ‫ُت برها ُن هذه‬ ‫اجملتمع حتى مساماته‪ .‬ويَثب ُ‬ ‫ِ‬ ‫احلقيقة يف األزمات املستعصية واحلالة احلرجة‬ ‫للبشرية واجملاعات واحلروب الكارثية املستفحلة‬ ‫والطبيعة اآليلة للزوال واملناخ املضطرب‪.‬‬ ‫فأعلى مستوى من طاق ِة األزم ِة املستفحلة حَت ِملُه‬ ‫والسبب هو افتقا ُرها‬ ‫احلقوق الرمسية‪.‬‬ ‫جمتمعات‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫للمبدأ األخالقي‪ ،‬ولتوضيح األمر أكثر من ذلك‪.‬‬ ‫فعلينا النظر إىل أعظم مشكلة يواجها العامل إال‬ ‫وهي مشكلة البيئة علماً أن البيئ َة موضو ٌع ال‬ ‫ميكن محايتَه باحلقوق‪ ،‬كونَها بال نهاية‪ ،‬بينما‬ ‫َد ُد النطا َق ألقصى الدرجات‪.‬‬ ‫ري‬ ‫احلقوقي حُي ِّ‬ ‫التأث ُ‬ ‫ُّ‬ ‫أساس القضي ِة األيكولوجي ِة يَكم ُن‬ ‫بناءً عليه‪ ،‬ففي ِ‬ ‫التَّ َج ُّر ُد من مبدأ اجملتمع األخالقي‪ .‬وبالتالي‬ ‫اجلدير‬ ‫عاجز عن إيالءِ الشأن‬ ‫فإن أي‬ ‫ِ‬ ‫جمتمع ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ملبدأ اجملتمع األخالقي‪ ،‬هو جمتم ٌع مفتق ٌر للقدر ِة‬ ‫على الدميومة‪ ،‬سواءً ببنيته الداخلية أم ببيئته‪.‬‬ ‫بأفضل األشكال‪.‬‬ ‫املرحلي يُوَ َّض ُح ذلك‬ ‫والواق ُع‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬

‫اجملتمع‬ ‫النقا ُط عينُها ساري ُة املفعول على‬ ‫ِ‬ ‫وضع اإلرادةِ البريوقراطي ِة‬ ‫السياسي أيضاً‪ .‬فلدى‬ ‫ِ‬ ‫العمالقة للدولة القومية َّ‬ ‫حمل السياسة‪ ،‬ال تبقى‬ ‫هناك فاعلي ٌة دميقراطية للمجتمعات‪.‬‬ ‫وحك ُم الدولة القومية املتغلغل حتى ِّ‬ ‫أدق‬ ‫ُ‬ ‫مسامات اجملتمع بوَض ِعه هذا‪ ،‬إمنا يُ َع رِّب عن‬ ‫احلال ِة املشلولة للمجتمع‪ .‬فمجتم ٌع تَرَ َك َّ‬ ‫كل‬ ‫ِ‬ ‫ممارساته وأعماله املشرتكة للبريوقراطية‪ ،‬مَي ُُّر‬ ‫شلل ثقيل ٍة ذهنياً وإرادةً على السواء‪.‬‬ ‫فعالً حبال ِة ٍ‬ ‫ُ‬ ‫وأوروبا املنتبه ُة لذلك مل يَك تَ َشبُّثُها بكل طاقتها‬ ‫باملبدأ السياسي الدميقراطي بال سبب‪ .‬وتَقَ ُّد ُمها‬ ‫لحِ َ ٍّد ما ـ وإ ْن كان حمدوداً ـ ينبع من تَر ِكها‬ ‫َ‬ ‫اجملال مفتوحاً أمام السياس ِة االجتماعية إىل‬ ‫جانب البريوقراطية‪.‬‬ ‫وحبسب دول ِة احلداث ِة القومية‪ ،‬فاجملتم ُع‬ ‫َ‬ ‫َد ُد وجودَها ووحدتَها‬ ‫األخالقي السياسي خط ٌر يُه ِّ‬ ‫وتكا ُملَها‪ .‬بَيْ َد أن الدولة القومية‪ ،‬تَ َعدَّت حدود‬ ‫اخلطر على وجو ِد اجملتمع لِتَجعلَه يف حال ٍة‬ ‫معطوب ٍة فعلياً‪ ،‬بل ويكاد ال يَبقى يف الوسط‬ ‫عائق على درب‬ ‫شي ٌء امسه اجملتمع‪ .‬فهي أكرب ٍ‬ ‫احلياة عملياً بوصفها فاشية‪ .‬ويف السياق يقول‬ ‫املفكر عبد اهلل أوجالن إن هتلر شخصياً قد ُم َ‬ ‫ن‬ ‫يِ‬ ‫والدولتيةُ‬ ‫بالفشل‪ ،‬لكن نظا َمه حظي بالنصر‪.‬‬ ‫القومي ُة رديف ٌة لفاشي ِة هتلر من حيث كونها‬ ‫اجملتمع السياسي وبالتالي‬ ‫تعين القضاءَ على‬ ‫ِ‬ ‫األخالقي‪ .‬فكأن اجملتم َع مصهو ٌر يف بوتق ِة‬ ‫الدولة القومية من جهة‪ .‬والشركات الرأمسالية‬

‫العابرات للقارات من جهة ثانية‪ .‬ويَعتَ رِ ُب ميشيل‬ ‫اجملتمع األخالقي يف هذه‬ ‫فوكو يف الدفا َع عن‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫املرحلة بالذات أساسا للحرية‪.‬‬ ‫ميكننا االستنتاج أن تاريخ احنالل األخالق‬ ‫هو ذاته تاري ُخ املدني ِة مبعنى من املعاني انه‬ ‫ناق على اجملتمع السياسي‪،‬‬ ‫بداية‬ ‫تضييق ا ِ‬ ‫خل ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتهميشه بِ َش ِّل وظيفته وفاعليته‪ .‬واجلدير بالذكر‬ ‫ت ُّو ُل اجملتمع ً ُ‬ ‫ً‬ ‫إن حَ َ‬ ‫بقمع‬ ‫طبقيا مل يَكن ممكنا إال ِ‬ ‫النضال السياسي ِ ِّ‬ ‫لصاحل الدولة‪،‬‬ ‫واحلاسم‬ ‫الشاق‬ ‫ِ‬ ‫جيب االنتباه بدق ٍة بالغ ٍة هلذا األمر‪ .‬فحتى‬ ‫املاركسيون األكثر انشغاالً بقضي ِة الصراع الطبقي‬ ‫تشخيص طبيع ِة التحول الطبقي‬ ‫بَقَوا عاجزين عن‬ ‫ِ‬ ‫بشكل صحيح‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫واألفظع من ذلك تقييم التحول الطبقي بأنه‬ ‫فضيل ٌة حَ ُ‬ ‫ت ُّث على تَقَد ُِّم احلضارةِ واملدنية‪.‬‬ ‫َ‬ ‫واعتَ رَبوا تنا ُوله كمرحل ٍة ضروري ٍة ينبغي على‬ ‫بشكل ُمطلَق‪ ،‬وكعالق ٍة‬ ‫التاريخ أن مَي َُّر منها‬ ‫ٍ‬ ‫اجملتمع‬ ‫اخلناق على‬ ‫جسريه ال أنه تضيي ُق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السياسي واألخالقي‪ ،‬ويؤكد املفكر عبد اهلل‬ ‫هاو‬ ‫أوجالن عكس ذلك بالقول‪ ،‬هو تَ ُ‬ ‫راج ٌع وتَ ٍ‬ ‫سيئ‪ ،‬وليس‬ ‫اجتماع ّي‪ .‬وأخالقي إنه تَ َط ُّو ٌر ٌ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫الطبقي حمطة ال‬ ‫التحول‬ ‫َح َسناً‪ .‬أما الزع ُم بأن‬ ‫َّ‬ ‫درب التقدم‪ ،‬بل وحتدي ُد ذلك‬ ‫مفر منها على ِ‬ ‫ٌ‬ ‫بأنه تعب ٌري ماركسي؛ إمنا هو خطأ َجسي ٌم يف‬ ‫نضا ِل احلرية‪ ،‬أما ما يدعو للتفاؤل إىل حد ما هو‬ ‫أنه ال يتم القضاء على األخالق والسياسة كلياً يف‬ ‫ِّ‬ ‫جمتمع كان‪.‬‬ ‫أي‬ ‫ٍ‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫ثقافة‬

‫‪41‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫السنة األول‬

‫مجلة دجلة‬

‫فقير ميرزا‪:‬‬

‫عائلة شيخ موس برأيي‬ ‫مدرسة للغناء الشنكالي‬ ‫األصيل‬

‫أجرت جملة دجلة لقاءا مع جنم األغنية‬ ‫الشنكالية األصيلة الفنان الشنكالي مريزا‬ ‫درويش حسن‪ ،‬أو مايعرف يف اجملتمع‬ ‫اإليزيدي باسم فقري مريزا صاحب احلنجرة‬ ‫الشنكالية‪ ،‬علم أوالده الفن الشنكالي األصيل‪،‬‬ ‫وألف أغنية أخذ كلماتها من والدته الراحلة‬ ‫بهار الياس‪ ،‬اليت كانت ترثي فيها ‪ 7‬رجال‬ ‫إيزيديني أعدموا داخل مدينة شنكال من قبل‬ ‫نظام البعث العراقي‪.‬‬ ‫إليكم نص اللقاء‪:‬‬

‫ا‪ :‬دخيل حربو‬ ‫ً‬ ‫«بداية اشكر جملة دجلة وأمتنى ان تكون‬ ‫قادرة على إيصال صوت شعبنا اإليزيدي اىل‬ ‫العامل»‬ ‫* حبذا لو تعرف قارئي جملتنا بنفسك ومتى‬ ‫كانت بداياتك؟‬ ‫ بكل تأكيد‪ .‬امسي مريزا درويش حسن‪ ،‬أما‬‫االسم الفين واملتعارف علي يف اجملتمع اإليزيدي‬ ‫هو فقري مريزا أبو صباح‪ .‬ولدت سنة ‪ 1966‬يف‬ ‫قرية مجي جفرا بالقرب من مزار شرفدين‪.‬‬

‫* من هم الفنانون الذين تأثرت بهم من جنوم‬ ‫الغناء الشنكالي األصيل؟‬ ‫ تأثرت بعائلة الشيخ موس‪ .‬هذه العائلة برأيي‬‫مدرسة للغناء الشنكالي األصيل‪ ،‬علما أنين‬ ‫تعلمت من املغنني الشنكاليني اآلخرين ايضاً‪،‬‬ ‫قوال شيخ موس برأيي هو مؤلف الغناء الشنكالي‬ ‫كذلك الراحل كاكا شيخ موس أيضاً كان لديه‬ ‫حنجرة ذهبية‪.‬‬

‫ثم التحقت باملدرسة يف ناحية سنوني‪ ،‬عندما‬ ‫جنحت إىل الصف الثالث املتوسط تأثرت بالغناء‬ ‫الشنكالي االصيل ولذلك بدأت بالعمل الفين‬ ‫واضطررت أن أترك مدرسيت ألجل ممارسة‬ ‫عملي اجلديد‪ .‬ويف عام ‪ 1982‬بدأت بذلك بشكل‬ ‫وسجلت اول كاسيت عام ‪ 1983‬يف مدينة‬ ‫رمسي‬ ‫ُ‬ ‫شنكال وبعد ذلك سجلت عددا من الكاسيتات يف‬ ‫معظم قرى شنكال إضاف َة إىل بعشيقة و حبزاني‬ ‫وخاصة يف احلفالت واألعياد»‪.‬‬ ‫«مارست عملي الفين بشكل مستمر وشاركت يف * كم عدد اطفالك؟‬ ‫عدة حفالت بالسليمانية ودهوك و زاخو‪ ،‬وكذلك ‪ -‬عائليت تتكون من ‪ 13‬نفر‪.‬‬ ‫يف مدينة وان بشمال كردستان‪ ،‬حيث شاركت يف‬ ‫مهرجان فين عام ‪ 2009‬وحققت جناحاً فيه» هل مارس أحد من أخوتك أو أي فرد آخر من‬ ‫العائلة هذا العمل الفين؟‬ ‫* ما هي األغنية املفضلة لديك من بني األغاني ‪ -‬خوه دي دا‪ ،‬واحد من أخوتي‪ ،‬كان يغين‬ ‫الشنكالية القدمية؟‬ ‫أحيانا لكن دون تسجيل‪ ،‬ومل يتخذ ذلك‬ ‫مفضلة‪،‬‬ ‫مجيعها‬ ‫القدمية‬ ‫الشنكالية‬ ‫ األغاني‬‫كعمل رئيسي له‪ .‬ابين قحطان عازف بزق‪،‬‬ ‫لكن بشرط أن تكون بصوت من لديه حنجرة كما أن سلمان‪ ،‬برهيم‪ ،‬صباح‪ ،‬بركات وابنيت‬ ‫الغناء الشنكالي‪ ،‬هذا مرياث ذهيب تركه لنا شهرستان‪ ،‬مجيعهم من أفراد عائليت‪ ،‬ميارسون‬ ‫أجدادنا وال ميكننا أن نقول بأن هذه األغنية هذا العمل‪.‬‬ ‫أحسن من غريها‪ ،‬ألن هذه املواويل كلها متتلك‬ ‫ثقافة ولغة وتارخيا عريقا‪.‬‬ ‫* ما هو آخر تسجيل لك؟‬ ‫‪ -‬آخر تسجيل لي كان يف ( بليستكي) يف‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2017/09/20‬‬

‫العدد ‪4‬‬

‫‪42‬‬

‫ثقافة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫عندما جنحت إىل الصف‬ ‫الثالث املتوسط تأثرت بالغناء‬ ‫الشنكالي االصيل ولذلك بدأت‬ ‫بالعمل الفين واضطررت أن‬ ‫أترك مدرسيت ألجل ممارسة‬ ‫عملي اجلديد‪ .‬ويف عام ‪1982‬‬ ‫بدأت بذلك بشكل رمسي‬ ‫ُ‬ ‫وسجلت اول كاسيت عام‬ ‫‪ 1983‬يف مدينة شنكال‬ ‫باعدري بدهوك العام احلالي وذلك يف جتمع‬ ‫لبعض االصدقاء‪.‬‬ ‫* ما هي كلمتك للفنانني؟‬ ‫ أمتنى من مجيع الفنانني أن ينقلوا الغناء‬‫الشنكالي بشكل صحيح وأال يغريوا منه مقابل‬ ‫القليل من املال‪ ،‬هذه هي ثقافتنا وهويتنا وجيب‬ ‫احلفاظ عليهما‪ ،‬علينا مجيعاً أن نعمل ألجل‬ ‫إيصال هذا الغناء إىل اآلخرين بشكل صحيح‬ ‫لطاملا أنه ميثل قسما كبريا من ثقافتنا وتارخينا‪،‬‬ ‫كما أمتنى من شبابنا احلفاظ على مالبسهم‬ ‫التقليدية وثقافتهم والوقوف بوجه احلروب اليت‬ ‫تستهدف هذه الثقافة‪.‬‬

‫األغاني الشنكالية القدمية‬ ‫مجيعها مفضلة‪ ،‬لكن بشرط أن‬ ‫تكون بصوت من لديه حنجرة‬ ‫الغناء الشنكالي‪ ،‬هذا مرياث‬ ‫ذهيب تركه لنا أجدادنا وال‬ ‫ميكننا أن نقول بأن هذه األغنية‬ ‫أحسن من غريها‬

‫* هل هناك أغاني من تأليفك؟‬ ‫ هناك أغنية أخذت كلماتها من والدتي‬‫الراحلة‪ ،‬بهار الياس‪ ،‬اليت كانت تغين أثناء‬ ‫مراسيم العزاء‪ .‬مضمون هذه األغنية يدور حول‬ ‫سبعة رجال وهم (بدلي عسوـ سليماني حممود ـ‬ ‫عمري مريخان ـ خلفي قامسكو ـ حجي عفدي‬ ‫علي حسني ـ برجسي حسني)‪ .‬هؤالء مت إعدامهم‬ ‫داخل مدينة شنكال من قبل نظام البعث‪،‬‬ ‫وكانت والدتي قد ألفت األغنية عنهم وغنته يف‬ ‫مراسيم العزاء وأنا اخذتها منها وقمت بتلحينها‬ ‫ثم غنيتها بأسلوب الغناء الشنكالي األصيل‪.‬‬ ‫وهناك أغنية أخرى من تأليفي (سي مامي بابي‬ ‫من) وهذه االغنية تروي قصة ثالثة من اعمام‬ ‫والدي الذين غدروا شنكال اثناء اندالع املعارك‬ ‫فيها‪ ،‬تسمى تلك املعركة مبعركة الداؤد وبعد‬ ‫فرتة عندما عاد أعمام والدي من مكان اللجوء يف‬ ‫جبل شنكال إىل مأواهم‪ ،‬كان هؤالء الثالثة من‬ ‫عناصر الداؤود الذين كان يقاتلون ضد السلطة‪،‬‬ ‫حينما جاء الثالثة إىل جبل شنكال‪ ،‬مل يكن‬ ‫لديهم حينها بيت ليناموا فيه وال شيئاً يأكلوه‪،‬‬ ‫لذلك جاء حجي رشي‪ ،‬أحد أعمام والدي من‬ ‫الذين أتوا من سوريا ليأخذ له وإلخوانه اخلبز‬ ‫بعد طريق شاق مشيا على القدميني والبقاء عدة‬ ‫أيام يف اجلبل دون أكل‪ ،‬وحينما وصل حجي‬ ‫إىل بيتنا‪ ،‬قامت أمي بإشعال النار لتخبز هلم‪،‬‬ ‫وحينما رأى أحد رجال استخبارات الدولة أنهم‬

‫يف بيتنا‪ ،‬أخربنا بأن الدولة ستعاقبنا إن بقي هذا‬ ‫الشخص يف ضيافتنا‪ ،‬األمر الذي أجرب حجي‬ ‫على املغادرة ليصل إىل أخوانه وينقذهم من‬ ‫اجلوع‪ ،.‬وكذلك للتخلص من الدولة وعناصرها‬ ‫من االستخبارات‪ .‬األمر األخر الذي جعل حجي‬ ‫يغادر بيتنا هو احلفاظ عليه وعدم تعريضه ألي‬ ‫أذى من قبل الدولة بسببه‪ ،‬وعندما وصل إىل‬ ‫إخوانه ومعه اخلبز‪ ،‬قرروا العودة مرة اخرى إىل‬ ‫سوريا هربا من الدولة‪ ،‬ويف إحدى الليالي قرر‬ ‫الثالثة مغادرة شنكال للمرة الثانية وحينما وصلوا‬ ‫إىل تل يسمى (كركي فقريا أو كركي اخيسريا)‬ ‫مبعنى تل االسرى‪ ،‬شاهدوا عددا من اخليم‬ ‫فظنوا بإنهم من اإليزيديني‪ ،‬لذلك قرروا الذهاب‬ ‫إليهم ليبقوا هناك ليلة ومن ثم املغادرة يف الصباح‬ ‫الباكر‪ ،‬لكن حينما وصلوا إليها‪ ،‬تفاجئوا بأنها‬ ‫مل تكن لإليزيديني‪ ،‬بل كانت للشرابيني وهي‬ ‫إحدى العشائر العربية‪ ،‬ولألسف قاموا أفراد‬ ‫العيشرية بقتلهم»‪ .‬يف هذا اإلطار أيضا ألفت‬ ‫أغنية عن اإلبادة اليت تعرض هلا شعبنا على يد‬ ‫داعش ومايزال هذا العمل قيد التنفيذ»‪.‬‬ ‫* شكرا لك على هذه املقابلة املمتعة اليت أتاحت‬ ‫لنا فرصة التعرف على حياتك الفنية‪...‬‬ ‫ أشكركم وأمتنى جمللتكم النجاح الباهر يف‬‫عملكم الذي ميكن من خالله إيصال صوت‬ ‫املغنيني الشنكاليني وثقافتهم إىل العامل‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.