بسم هللا الرحمن الرحيم التاريخ2020/03/30 :م
املوضوع :تقريرقانوني بخصوص أوضاع عقود العاملين في الشركات إثرتوقف العمل لجائحة كورونا السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته ،وبعد باإلشارة إلى املوضوع أعاله ،وبناء على ما تمر به البالد من أزمة تفش ي وباء فايروس كرونا املستجد األمر الذي دعا الدولة -أعزها هللا – إلى تعطيل العمل بالقطاع العام والخاص نود أن نبدي مالحظاتنا القانونية على عقود العمال فيما يلي: ً أوال :نطاق الدراسة القانونية: تم تحديد نطاق الدراسة القانونية على النحو التالي: • إبداء الرأي القانوني في اإلجراءات املتاحة للتعامل مع عقود العاملين في الشركة في ظل الظرف الطارئ الذي تعيشه اململكة العربية السعودية من تفش ي وباء كورونا وتعطل الحياة العملية ،ومن ضمنها فعاليات وأنشطة الشركةأو املنشأة ً ثانيا :الوقائع: • من ضمن اإلجراءات واالحترازات املعمول بها أعلنت الجهة املسؤولة تقييد الحضور إلى شركات القطاع الخاص ،إضافة إلى تعليق كثير من األنشطة التجارية. • مع هذا التقييد والتعليق توقفت أنشطة الشركة في تنفيذ وتنظيم أنشطتها التجارية؛ وهي األعمال التي تعد أساس نشاط الشركة ،ومصدر دخلها.
*مالحظات مهمة: .1يعد هذا الظرف الطارئ من األحداث النادرة التي مرت بها اململكة؛ لذلك فإن التصرف فيه وخاصة من الجهة القانونية فيه غموض على كل الجهات ومن ضمنها الجهات القضائية. .2قد تصدر أوامر أو قرارات عليا لها صفة تنظيمية؛ أو توجيهات من وزارة املوارد البشرية ،تنظم أحوال عقود العاملين في هذا الظرف الطارئ؛ وقد تكون ملزمة للشركات أو توجيهية.
ً ثالثا :الرأي القانوني: نبين فيما يلي الخيارات املتاحة للشركة في التعامل مع عقود عمل العاملين لديها؛ مع التنبيه إلى هذا الرأي سيتناول عقود العمل بدوام كامل فقط. -1منح العامل إجازته السنوية مدفوعة األجر في مدة التعليق: يفترض هذا الخيار أن تكون الشركة متشبثة بهذا العامل وحريصة على استمراره فيها ،كما يفترض تعاون العامل في تقديمه إلجازته في هذه الفترة؛ إذ يجيز نظام العمل في املادة ( )109لصاحب العمل تحديد وقت إجازة العامل إال أنه ألزمه بإخطاره قبل موعدها بثالثين يوما؛ وعليه فإن هذا الخيار يسلتزم تفهم العامل وتعاونه بتقديمه هو إلجازته ومن ثم موافقة الشركة عليها ،مع توضيح الوضع الحالي للشركة وأن من مصلحة الطرفين التعاون والتجاوب لتخرج الشركة من أزمتها ،وليحافظ العامل على عمله ووظيفته. من إيجابيات هذا الخيار؛ أنه خيار نظامي واضح املعالم وال عالقة كبيرة له بالجائحة الحالية ولن تكون هناك مشكلة نظامية في تطبيقه ،إضافة إلى استفادة الشركة من تقديم إجازة العامل السنوية في وقت توقف العمل في الشركة. لكن تكمن سلبية هذا الخيار؛ الكلفة املالية على الشركة خاصة في هذا الظرف الطارئ وتوقف العمل، باإلضافة إلى احتمالية استمرار الوضع الطارئ ملدة تزيد عن مدة إجازة العامل. -2منح العامل إجازة من غيرأجر: يفترض هذا الخيار أيضا أن تكون الشركة متشبثة بهذا العامل وحريصة على استمراره فيها ،كما أنه يفترض موافقة العامل؛ فال يجوز للشركة إلزام العامل به؛ إذ نصت املادة ( )116من نظام العمل على أنه " يجوز للعامل بموافقة صاحب العمل الحصول على إجازة دون أجر ،يتفق الطرفان على تحديد
مدتها" ،ويوضح للعامل كذلك وضع الشركة وأن األفضل للطرفين التفكير بهذا الخيار حفاظا على الشركة وحفاظا على وظيفة العامل. يتجاوز هذا الخيار سلبية الخيار السابق من الكلفة املالية ،كما يتجاوز سلبية استمرار هذا الظرف الطارئ ملدة طويلة؛ إذ إن نظام العمل أرجع تحديد املدة إلى تقدير الطرفين؛ فيجوز تحديد مدة تقريبية يتوقع فيها انتهاء الظرف الطارئ ،على أن تكون هذه املدة قابلة للتجديد. ويعد عقد العمل في فترة اإلجازة من غير أجر معلقا ال تترتب عليه أي آثار إلى حين استئنافه بعد انتهاء اإلجازة. لكن هذا الخيار أيضا يجب فيه موافقة العامل على هذا اإلجراء؛ وعليه فإننا نقترح الجمع بين هذا الخيار والخيار السابق إن أمكن؛ بحيث يقدم العامل بطلبين األول :يطلب فيه أن يتمتع برصيده املتبقي من اإلجازة السنوية ،والثاني يطلب فيه إجازة بدون أجرتتبع نهاية إجازة السنوية مباشرة. -3تعديل عقد العمل (تخفيض األجر وعدد الساعات): هذا الخيار يقوم على أساس التراض ي بين الطرفين من أجل تعديل العقد املبرم بين الطرفين؛ والذي يستلزم موافقة العامل الكتابية؛ بحيث تبرم اتفاقية "ملحق عقد" يعدل فيها عمل العامل وأجره ويوقع عليه الطرفان. ونقترح أيضا النظر في الجمع بين هذا الخيار والخيارات السابقة؛ إذ يمكن أن تتحمل الشركة دفع أجر اإلجازة السنوية فإذا انتهت اإلجازة ،يستأنف العامل العمل بالعقد الجديد املخفض ملدة شهر مثال ،ثم إذا استمرت األزمة الحالية إلى أكثر من تلك املدة؛ فيأخذ العامل إجازة بدون أجر ملدة شهرين مثال قابلة للتمديد .أو أي ترتيب آخر بين هذه الخيارات تراه الشركة يحقق املصلحة. مع التنبيه إلى أنه في حال تطبيق الجمع بين الخيارات فإنه يتفق مع العامل على جميع الخيارات التي سيعمل بها؛ فيقدم اإلجازة السنوية ،ويوقع عقد تخفيض األجور ،ويقدم إجازة بدون أجر دفعة واحدة بتواريخها؛ حتى تضمن الشركة عدم تخلف العامل عن هذ االتفاق الحقا. -4تعليق عقد العمل: هذا الخيار يشبه خيار منح العامل إجازة بدون أجر؛ إال أن هذا الخيار يختلف عنه من ناحية أن النظام لم ينص على هذا الخيار ،إضافة إلى أنه ال يجب فيه أخذ موافقة العامل. ويتمثل هذا الخيار في توجيه إخطار للعامل بتعليق العقد لحين انتهاء هذه األزمة الطارئة ،وال يجب على الشركة في هذه املدة دفع أي أجر للعامل؛ بناء على أن العقد معلق. من إيجابيات هذا الخيار؛ تخفف الشركة من أي تبعات مالية ،باإلضافة إلى الحفاظ على عقد العامل الستئنافه الحقا.
لكن هذا الخيار يحمل مخاطرة عدم نظاميته؛ إذ يمكن أن يلجأ العامل إلى القضاء لالعتراض على هذا اإلجراء ،أو أن يقدم شكوى لوزارة املوارد البشرية. أما القضاء فإننا نتوقع أن يتجه الحكم القضائي في مثل هذا الظرف إلى أحد أمرين؛ إما أن يحكم بصحة هذا اإلجراء وأن من حق الشركة تعليق العقد بناء على تضررها من هذا الظرف؛ وفي هذه الحالة يجب أن تثبت الشركة تضررها من استمرار العقد وأن هذا الظرف قد أثر في وضعها املالي ،وأن استمرار العقد يعد مرهقا لها. أو أن يحكم القاض ي ببطالن هذا اإلجراء؛ فيحكم حينها باستحقاق العامل ألجر مدة تعليق العقد. وأما وزارة املوارد البشرية فإنه قد تفرض غرامة أو عقوبة على الشرك التخاذها هذا اإلجراء بناء على أن هذا اإلجراء غير نظامي. -5فسخ عقد العمل وإنهاؤه: يحق للشركة في كل األحوال فسخ عقد العامل؛ لكن هذا الفسخ واإلنهاء قد يكون لسبب مشروع فال يجب على الشركة حينئذ تعويض العامل عن هذا اإلنهاء ،وقد يكون لغير سبب مشروع فيجب على الشركة تعويض العامل عن هذا اإلنهاء. والتعويض يختلف باختالف عقد العامل ومدة استمراره في العمل؛ فيجب في العقود محددة املدة تعويض العامل عن اإلنهاء غير املشروع تعويضا يساوي أجور بقية عقده؛ فإذا أنهت الشركة عقد العامل وبقي في عقده 4أشهر فإن التعويض للعامل يكون بقيمة أجور أربعة أشهر ،باإلضافة إلى مكافأة نهاية الخدمة ،وبقية املستحقات إن وجدت ،أما في العقود غير محددة املدة فيعوض العامل عند اإلنهاء غير املشروع بقيمة أجر 15يوما عن كل سنة من سنوات العمل مع الشركة .وفي كل الحاالت يجب أال يقل التعويض عن اإلنهاء غير املشروع عن قيمة أجر شهرين؛ وذلك ما نصت عليه املادة ()77 من نظام العمل. إذا ما هو السبب املشروع الذي يمكن أن يفسخ عقد العامل وينهى بناء عليه ،هناك عدة أسباب نصت عليها املادة ( )74من نظام العمل ومنها القوة القاهرة. لكن املشكلة في هذا الخيار أن القوة القاهرة ليست محددة بشكل واضح في نظام العمل؛ إذ يمكن تفسير هذا الظرف بحسب اجتهاد القاض ي وما يراه؛ فقد يكون هذا الظرف قوة قاهرة تجيز للشركة إنهاء العقد ويكون اإلنهاء لسبب مشروع ،وقد يكون ظرفا طارئا ال يجيز إنهاء العقد ويكون اإلنهاء لغير سبب مشروع. وعليه فإن هذا الخيار يحمل مخاطرة عدم مشروعية اإلنهاء؛ األمر الذي سيكلف الشركة تعويضات عن أي إنهاء ،كما يواجه مخاطرة تحمل هذه التعويضات دفعة واحدة.
لكن اإليجابي في هذا الخيار أنه ينهي العالقة العمالية مع العامل فال تتكبد الشركة خسائر دفع األجور مع توقف أنشطتها. ً رابعا :ملخص الرأي القانوني: .1تناول الرأي خمس خيارات في التعامل مع عقود العاملين في ظل هذا الظرف الطارئ. .2الخيار األول :منح العامل إجازة مدفوعة األجر ،بشرط أن يقدمها العامل بنفسه ،لكن الجانب السلبي في هذا الخيار هو عدم ضمان انتهاء األزمة قريبا. .3الخيار الثاني :منح العامل إجازة بال راتب ،ويجب فيه موافقة العامل أيضا على الخيار ،ويمكن أن تكون املدة محددة بأكثر من شهرين قابلة للتمديد. .4الخيار الثالث :تعديل عقد العمل بتخفيض األجور؛ ويمكن اتخاذ هذا اإلجراء بإبرام ملحق عقد يوقع عليه الطرفين ،ويجب في هذا الخيار أيضا موافقة العامل على هذا التعديل. .5يمكن للشركة الجمع بين خيار أو أكثر من هذه الخيارات الثالث ،بحسب ما تراه الشركة وتتفق مع العامل عليه. .6الخيار الرابع :تعليق عقد العمل ،وال يشترط فيه موافقة العامل ،لكنه يواجه مخاطرة عدم نظاميته وتتمثل املخاطرة في إجبار القاض ي الشركة على دفع أجر العامل مدة التعليق ،أو إلزام وزارة املوارد البشرية للشركة بغرامة أو عقوبة لعدم نظامية هذا اإلجراء. .7الخيار الخامس :إنهاء عقد العمل ،هذا الخيار إيجابي من ناحية تخفف الشركة من تبعات دفع األجور في ظل هذه األزمة ،لكنه يواجه مخاطرة اإلنهاء غير املشروع والذي قد يكلف الشركة تعويضات للعاملين جراء هذا اإلنهاء. مالحظة :تناول الرأي القانوني الحاالت العامة؛ وننصح (بشدة) بمراجعتنا عند العزم على تطبيق أي خيار من هذه الخيارات على عقود العاملين؛ إذ إن عقود العاملين وإن تشابهت في املواد لكن حاالت العاملين مختلفة واملخاطر متفاوتة في اتخاذ اإلجراءات بشأن عقودهم .خاصة في فسخ العقد وإنهائه.
(نرجو أال تتردوا في التواصل معنا؛ في حال وجود أي مالحظة أو استفسار) وتقبلوا خالص تحياتنا وتقديرنا وهللا يحفظكم ويرعاكم