أ ـ ات ـﺎ ا ﺠـ ﺮة ا ـﺮ ـﺠ 2020
أصـوات شـابة من شبه الجـزيرة العـربية مـجموعة 2020
أصـوات شـابة من شبه الجـزيرة العـربية مـجموعة 2020
تقديم سمو الشيخة حصة بنت حمدان بن راشد آل مكتوم
تم شن� هذا الكتاب من قبل مؤسسة المارات آ للداب ف ي� عام 2021 إ المارات العربية المتحدة د� ،إ ص.ب 24506 .ب ي الن� للنص © المؤلفون أ حقوق ش الفراد 2021 أ حقوق ش الن� للرسوم التوضيحية © الرسامون الفراد 2021 ين ين والرسام�. للمؤلف� تم التأكيد عىل الحقوق المعنوية الحياء أو أ حقيقي� ،سواء من أ جميع الشخصيات أ ين والحداث الواردة ف� هذا المنشور خيالية وأي تشابه بينها ي ن الموات، وب� أشخاص ي أو أحداث فعلية ما هو إال من محض الصدفة. ت اســـرجاع أو نقله بأي شـــكل أو وســـيلة كل الحقـــوق محفوظـــة .ال يجـــوز إعادة إنتـــاج أي جزء من هـــذا المنشـــور أو تخزينه أو إدخاله ف ي� نظام ت ش ً (إلك�ونيـــة أو ميكانيكيـــة أو تصويـــر أو بالتســـجيل أو يغ� ذلـــك) دون الحصول عىل إذن خطي مســـبق من أصحـــاب حقوق النـــر .وفقا لقانون النـــر الدول لعـــام ،1956وقانون حماية حقـــوق التأليف ش ش المـــارات العربية المتحدة رقم 7لعـــام ،2002وقد حقـــوق والن� االتحـــادي لدولة إ ي يتعـــرض أي شـــخص يقوم بأي عمل غـــر مرصح به فيما يخص هذا المنشـــور للمقاضـــاة الجنائية والمطالبـــات المدنية بالتعويـــض عن أ ال ض�ار. ي الدول (:)ISBN رقم الكتاب المعياري ي 978-9948-8591-1-6 ن المار ت يا�: معتمد من قبل المجلس الوط� للإعالم إ ي MC-03-01-7667829 تصميم الغالف والكتاب :هيفاء ملحس ت أديـــي غاندي ،أحمد إســـماعيل زنداح، وهي، ســـر ار ر ك ّتـــاب القصص :آمنة حمد ســـالم عبيد ســـيف الســـويدي ،عبد الكريـــم عصمت غزال ،أب ي ي اليازيـــة صـــاح الدين خميـــس هالل الكعـــي ،هزاع محمد راشـــد العامري ،إيوانـــا تيودوروفا ســـتيفانوفا ،جوشـــوا ميلوين ،لما إيهـــاب الموىس، بي الكع�، مطـــرة إبراهيـــم صالح صـــاح ي فـــروز ،ماجيهنا ســـينثيل كومار ،يم� فَـــراز ،نور أحمـــد الخطيب ،ســـايرا توماس ،ســـعود أحمد ســـالم ب ي ن الحل� ي ساشـــي� مانيكندان ،شـــاهد فايس ،ســـهيلة عبد الحليـــم منصور ،ورد وســـام ب ي فواخ�ي، رســـوم :عائشـــة هالل ،عليـــاء عبـــد الرحيـــم الحمـــادي ،أري بوغوه ،أســـماء عناية ،أســـماء الحوســـان ،عائشـــة الحمـــر ن يا� ،دينـــا ي ســـي�تز ،ســـورة غـــزوان عبد الجبا، ســـتايس الســـماعيل ،ســـناء آل مكتوم ،ســـارة محمد حماد، خديجة الســـعيدي ،خلود غلوم الجانة ،نوف إ ب ي أم�الدين ،وفاء إبراهيم طرفة خالد ،تسنيم ي ف المارات العربية المتحدة بواسطة "المتحدة للطباعة ش والن�" تمت أعمال الطباعة والتجليد ي� دولة إ التصنيف العمريE : ن ت الوط� للإعالم ال� تالئم محتوى الكتب وفقا لنظام التصنيف العمري الصادر عن المجلس ي تم تصنيف وتحديد الفئة العمرية ي تمت طباعة هذا الكتاب عىل ورق خال من الخشب وبحجم يقلل من نفايات الورق
Under the patronage of the
United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization
الفهرس التقديم
1
حصة بنت حمدان بن راشد آل مكتوم
سعود ولعبة الشطرنج
5
الكع� تأليف سعود أحمد سالم ب ي رسوم صنعاء بنت ش ح� آل مكتوم
خ ّلك واعي
17
تأليف عبدالكريم غزال رسوم خلود غلوم محمد حسن الجناحي
ساعدْ شهاب ِل ُن ِ
33
تأليف أحمد إسماعيل زنداح رسوم آري بوجوه
v
المحاربة الخضراء
45
تأليف سايرا توماس رسوم أسماء عناية
جميلة المحبوبة
57
ت ساشي� مانيكندان تأليف ي ام�الدين رسوم تسنيم ي
لنكمل السلسلة
69
تأليف شاهد فايس رسوم علياء الحمادي
ُ زايد الخير أطفال ِ
79
تأليف سهيلة عبد الحليم منصور رسوم وفاء ابراهيم واشد
السحري والح ّناء ِّ آمنة ِ
89
تأليف آمنة السويدي رسوم خديجة السعيدي
حماة البحار
97
تأليف نور أحمد الخطيب رسوم نوف السماعيل
vi
ِسوار األمل
109
الحل� تأليف ورد وسام ب ي رسوم ساره محمد حماد
عطاءٌ ال يَ ْن ُض ُب
125
الكع� تأليف اليازيه صالح الدين خميس هالل ب ي رسوم علياء الحمادي
قائدُ األبطال
141
تأليف لمى إيهاب
ن الحوس� رسوم أسماء ابراهيم ي
يوميــات مطــرة فــي الظفــرة
149
تأليف مطرة إبراهيم صالح صالح يف�وز رسوم طرفة خالد
مجســات األمــل
161
تأليف هزاع محمد راشد العامري رسوم رسى غزوان
أســتطيع القيــام بذلــك
171
تأليف ماجيهنا سينثيل كومار رسوم عائشة دميثان
vii
إميلــي ومغامرتهــا البحريــة المدهشــة
187
تأليف إيوانا تيودوروفا ستيفانوفا فواخ�ي رسوم دينا ي
حلمــي
197
س�وهي تأليف أبرار ي رسوم رسى غزوان
ّ كل صــوت مهـم ِ
211
تأليف يم� فراز سي�تز رسوم ستايس ب ي
صنـ ُ ـدوق األمَ ـل
221
ت أدي� غاندي تأليف ي
رسوم عائشة سيف الحمر ن يا�
األرض
233
تأليف جوشوا ميلوين رسوم آري بوجوه
viii
التقديم حصة بنت حمدان بن راشد آل مكتوم
متسـع مـا الـذي يُ ِّ خب ُئ ُـه لنـا المسـتقبل؟ وهـل مـا زال أمامنـا ّ مـن الوقـت إلحـداث الفـرق المنشـود؟ مجموعـة مـن الكتـاب والكاتبـات توجهنـا بالسـؤال إىل ٍ ّ ممـن شـاركوا ف ي� مسـابقة أصوات أجيال المسـتقبل الواعديـن ّ قصـرة تتنـاول أهـداف التنميـة المسـتدامة لكتابـة قصـص ي ٍ الـ� وضعتهـا أ ت بشـكل أو المـم المتحدة ،وقد تضمن سـؤالنا ٍ ي ت ال� يرويهـا الكبار بآخـر دعـو ًة إىل فهـم واسـتيعاب القصص ي فـكل هـدف من هـذه أ الهـداف السـبعة ش عـن العالـمُّ . ع�ة ٍ قصـةٌ مفتوحـة ،وقـد دعـت أ ين المشـارك� إىل المـم المتحـدة خاتمـة لـكل منها. كتابـة ٍ 1
يحتضـن هذا المجلـد القصص ش الع�يـن الفائزة (نصفها آ ال ي ز نجل�ية) ،ولوال سـحر باللغة العربية ونصفها الخر باللغة إ ت ين ال�جمـة لمـا أمكننـا ش باللغتـ� ووضعهـا نر هـذه القصـص ين بـ� أيديكـم لتجسـيد أهـداف التنميـة المسـتدامة بأسـلوب شـيق نسـجته أنامل الصغار. ّ ت الـ� نجح كتابها ّ تعددت أسـباب اختيـار القصص الفائزة ي بـ� مختلـف أ الصغـار ف� الربـط ي ن ينـم عـن الهـداف بأسـلوب ّ ي ٍ الخـر مهما َص ُغـر ،وركّزوا الـذكاء ،حيـث أبـرزوا أهميـة فعل ي على العمـل الجماعـي والتعـاون ي ن شـخصيات تختلـف بـ� ٍ بمواهبهـا إنمـا تتشـارك بقيمهـاُ ،م ب�زيـن بذلك سـحر الثقافة العربيـة وجمالهـا ،ولـم ينسـوا طبعـاً الحيوانـات والنباتـات ت الـ� تعيـش ف ي� منطقتنـا ،ليقدمـوا ف ي� نهايـة المطـاف قصصاً ي بع�ها. وغنيـةً ب ثريّـةً بصورهـا ّ وقــد أجــاد المبدعــون الصغــار ف ي� كتابــة قصــص المغامــرات ّ تجســد بــكل مــا فيهــا مــن عنــارص ســاحرة ّ خيالهــم الواســع الــذي اعتمــدوا عليــه ف ي� رســم وتكويــن شــخصيات متمـ ي ز ـرة ف ي� إطــار حبكـ ٍـة قصصيـ ٍـة محكمــة تكشــف 2
ـول رائعـ ٍـة تعــزز قيــم التعاطــف وتـ بـرز قــوة للقــارئ عــن حلـ ٍ االبتــكار. توضــح هــذه القصــص االرتبــاط بـ ي ن ـ� مشــاكل العالــم، فمــع أن االحتبــاس الحـراري هــو التهديــد أ الكـ بـر لنــا جميعاً، لكننــا نجــده مرتبط ـاً بالتلــوث وفقــدان التنــوع البيولوجــي (مــوت أنــواع وأنظمــة إيكولوجيــة بأكملهــا) ،ولــو نظرنــا إىل التحديــات والتهديــدات لوجدنــا ارتباطــاً وثيقــاً بينهــا، ولوجدنــا أن التعليــم وإنهــاء الفقــر مــا همــا إال عنــرا أكــر تطــرح منظومــة تم�ابطــة أو حبــكات مختلفــة لقصــة ب الســؤال أ الهــم :كيــف نجعــل مجتمعنــا ث أكــر اســتدامة؟
3
4
سعود ولعبة الشطرنج تأليف سعود أحمد سالم الكعبي
ت ف� لـــم يتجاوز التاســـعةَ مـــن عمـــره ،ذو شب�ٍة ْ ســـعو ٌد ً ِح ْنطيـــة ،عيناه واســـعتان يتدفق منهما النشـــاط والذكاء، يز والتفكـــر ،وكان يحب اقتناء تم� بعشـــقه أللعاب الـــذكاء ي عاشـــق الكتـــب والقـــراءة ،وبارع ف ي� اســـتخدام التقنيات، ٌ للكـــرة والمباريات ،قرأ مـــرة ف ي� إحدى المجـــات عن مركز يتعلم هذه متخصـــص بالشـــطرنج ،وكـــم كان يتمـــىن ْ أن َ أخـــر والده عن هذا اللعبة العجيبـــة المليئة بالتحديات، بَ المركز ورغبتـــه ف ي� االنضمام إليه ليتعلم الشـــطرنج ،وعده قريبا لالطـــاع عىل المركز والتســـجيل ُ والـــده بأن يأخـــذه ً فيـــه ،تواصل والـــده مع المركـــز ،واســـتمع إىل معلومات 5
سـعود أحمـد سـالم الكعبـي
تفصيليـــة عن الخدمات ت الـــي يقدمها ،وكيفيـــة االنضمام ي إليه أ والشـــياء المطلوبة ليتـــم القبول. ف التـال ذهـب سـعو ٌد لزيـارة المركـز واالطلاع اليـوم و� ي ي ين المدربـ� ،وأحس على مـا يقدمه مـن خدمات ،وتعـرف عىل بالراحـة والسـعادة ألنـه وجـد مـا كان يبحث عنه ،وفـوراً قام وأخـره المـدرب أنـه ف ي� بإجـراءات التسـجيل وانتهـى منهـا ،ب غـدا ليبـدأ معـه رحلـة تعليـم الشـطرنج مـن البداية انتظـاره ً االحـراف ،ف إىل ت و� طريـق العـودة طلب سـعود مـن والده أن ي ت يشـري لـه رقعـة الشـطرنج ليطبق ما سـيتعلمه مـن المدرب كث�ا لتعلم الشـطرنج ،وفتح شـبكة كل يوم .تحمس سـعو ٌد ي ً معلومـات عـن الشـطرنج ،وقـام بتطبيق المعلومـات وجمـع ٍ مـا تعلمـه اسـتعدا ًدا للغـد ،وأحس بالسـعادة وهـو يطبق ما تع ّلمه . تجهـز سـعو ٌد للذهـاب للمركـز ،وهنـاك بدأ مـع المدرب أساسـيات الشـطرنج ،وتعـرف على زمالئه ف ي� القاعـة ،وتبادلوا الحديـث حـول مـا تعلموه ،وتفاجـأ بأنهم منذ سـنوات وهم يتعلمـون الشـطرنج ،وقـد أصبحـوا ت مح� ي ن فـ� فيـه .وكـم سـعيدا بالتعـرف عليهـم والتعلـم منهـم ،ولكنـه الحـظ كان ً 6
سـعود ولعبـة الشـطرنج
ولـد ذو ش بعيدا جدا يجلـس ً برٍة سـمرا َء ً شـيئاً غريبـاً ،فهنـاك ٌ عنهـم ،وال يشـاركهم الحديث وال اللعب ،ت اق�ب منه وسـلم عليـه فـر ّد عليـه السلام برسعـة ،وقال لـه سـعودّ “ : أعرفك بنفسـي أنـا سـعود" ،فرد بخوف “وأنا عدنـان" ،والتفت إىل الجهـة أ الخـرى ،فلـم يسـتوعب سـعود مـا السـبب ،وحينهـا آخـر ممـن تعرف عليهم اسـمه أحمـد ،وقال رصخ عليـه ٌ ولـد ُ لـه “ابتعـد عنـه حتـى ال تصبـح مثلـه ،واذهب بسـرعة واغسـل يديـك بالصابـون" .لم يفهم سـعود ما يقصده أحمـد ،لكنـه الحـظ االسـتياء والضيـق على وجـه عدنـان، فسـأل سـعود أحمـد عن قصده ،ومـا ن مع� بـأن يصبح مثله، فـرد عليـه أحمـد “ أال تـرى لونـه إنـه أسـود كئيـب ،وإذا جلسـت بجانبـه أو أمسـكت بـه فسـتنتقل إليـك الجراثيـم ُ وسـيهرب والفيروسـات ،ويتغير لونُك وتصبح مثل لونه، َ ّ الـكل منـك ْ ولـن يصادقـك أحـد".
حينهـا تضايـق سـعو ٌد مـن كلمـات أحمـد ،ولـم يـرد عليه ألنـه الحـظ أن جميع مـن ف ي� الفريق يخافون مـن أحمد ،وعاد سـعود للمنز ل وهـو يفكر ف ي� أمر عدنان ،وكيـف يعامله من ف ي� والده عما حـدث ف ي� المركز ،وعن مدى وأخـر سـعو ٌد َ المركـز ،ب 7
سـعود أحمـد سـالم الكعبـي
الضيـق الـذي يحـس بـه مـن موقفهـم تجـاه عدنان ،وشـكره والـده على إحساسـه وعلى مشـاركته هـذه المشـكلة ،وقـال لـه "هـل تعـرف أن ألواننـا وأشـكالنا هـي مـن صنـع الخالق، وليسـت مـن اختيارنـا ،فكلنا نتشـابه من الداخـل ونملك قلوبًا ً أشـخاص وعقـول ،إذًا مـا الـذي يسـتدعي أن نقلـل مـن قيمة ٍ لـم يختـاروا ألوانهم بأنفسـهم بل ولـدوا هكـذا .فكلنا نعلم ين الخالقـ� ،وأنـه صورنـا ف ي� أحسـن أن هللا سـبحانه وتعـاىل ّ ُ أحسـن صـورة ،فيجـب علينـا أن ال نتدخـل ف ي� ألـوان وأشـكال ت الـ� وهبهـا هللا يغ�نـا ،بـل يجـب علينـا أن نركـز على النعـم ي لنـا ولهم ،وتسـتدعي منا الشـكر كالصحة والعافيـة والعقل، والنجـازات ،وال نلتفـت إىل لـون أو علينـا أن ننظـر للعمـل إ عـرق أو قبيلـة" .فـرح سـعو ٌد بـكالم والـده ووعـد والـده بأن البر سـواء اختلفـوا معـه ف ت جميـع ش العرق أو اللـون � يحـرم َ ِ ي ِ ِ الفكـر أو الثقافـة. القبيلـة أو أو ِ ِ انتظــر ســعود حافلــة المركــز لتأخــده إىل هنــاك ،وعق ُلــه ـان ،وكيــف ســيتعامل معــه ،وكيــف ســيقنع مشــغول بعدنـ َ اللــوان أ الخريــن بكالمــه عــن أ آ والشــكال .وعندمــا وصــل إىل جالســا المركــز انطلــق مرس ًعــا للقاعــة ،وهنــاك شــاهد َ عدنان ً 8
سـعود ولعبـة الشـطرنج
ـان وحــده يســتخدم جهــاز الحاســوب ،وعندمــا أحــس عدنـ ُ ســعود توتــر وأغلــق الجهــاز ،وذهــب ليجلــس بدخــول ٍ بعيـ ًـدا ف ي� مكانــه المعتــاد .الحــظ ســعو ٌد مــا حصــل ولكنــه تجاهــل مــا رآه ،وذهــب باتجــاه عدنــان وســلم عليــه وجلــس ـان طلــب منــه االبتعــاد ،فســأله ســعو ٌد ـن عدنـ َ بجانبــه ،لكـ ّ
َ ـوس معــك “لمــاذا تطلــب منــي االبتعــاد ،فأنــا متحمــس للجلـ ِ والتعــرف عليــك ْ عــن قــرب ،فأنــا واثــق بأنــك مختلــف وال ِ َ أقصــد أنــك مختلــف فــي لونــك أو شــكلك ،بــل أقصــد أنــك ٌ متميــز فــي قدراتــك ومهاراتــك ومــا تقــوم بــه مــن أعمــال
وإنجــازات ،فهــل تســمح لــي بــأن أصبح صديقك" ،ابتســم البيضــاء صغــرة كشــفت عــن أســنا ِنه عدنــان ابتســامة ي ُ ِ َ الناصعــة .تأمــل ســعود ابتســامته ،وقــال لــه “ :كـ ْـم أنــت َ ُ ً ـامة تزيـ ُ ـن وجهــك ،أنــت حقــا جميــل" ،هنــا َجميــل واالبتسـ تحــدث عدنــان عــن نفســه والحــظ ســعود أن عدنــان يشـ تـرك معــه ف ي� هواياتــه بحبــه للق ـراءة واســتخدام التقنيــات وكــرة القــدم ،وأبــدى ســعو ٌد إعجابــه بإنجــازات عدنــان فهــو مــن نجــم بجوائــز الفائزيــن ٍ َ ومســابقات مختلفــة ،ومنهــا أنــه ُ أ عدنان عن ســبب الخــاق ف ي� المدرســة ،وحينهــا ســأل ســعود َ 9
سـعود أحمـد سـالم الكعبـي
تجنــب فريــق الشــطرنج لــه ،وهــل هنــاك أســباب مقنعــة لما ـان أنــه ال يعــرف الســبب بالضبط، يقومــون بــه؟ رد عليــه عدنـ ُ ولكنــه انضــم للمركــز قبــل أســابيع قليلــة ،وعندمــا حـرض ف ي� أول يــوم مــد يــده ليســلم عــى الجميــع ،لكنهــم اســتمروا ف� النظــر إليــه بتقــزز ،وقــال لــه أحمــد بصــوت عــال ،رجـ ً ـاء ٍ ٍ ي ْ تقتــرب منــا ،هــل تــرى الفــرق بيننــا وبينــك ،ال نريــد ْ أن ال َ ـاب أحــدٌ ـرض أو يصـ َ ـببك ،ثــم طلــب منــه ـ بس ـاألذى ـ ب ـا ـ من نمـ ِ
الجلــوس بعيـ ًـدا ،وعندمــا طلــب المــدرب منــه اللعــب مــع ـأن مــن يلعــب معــه يجــب أن أحــد منهــم ،ب أخ�هــم أحمــد بـ ّ ال يقـ تـرب منــه ،وأن يغســل يديــه مبـ ش ـا�ة بعــد أن ينتهــي مــن اللعــب معــه .وفجــأة دخــل أحمــد وبقيــة الفريــق ،وطلــب ـاب ـعود أن يبتعــد عــن عدنـ َ أحمــد مــن سـ ٍ ـان قبــل أن يصـ َ أحمــد وأمــره ويتغــر لونُــه .غضــب ســعو ٌد مــن بالمــرض َ ِ يَ بالتوقــف عــن كل هــذا ،فليــس مــن حقــه أن يتعــدى عــى آ الخريــن ســواء اختلفــت ألوانهــم أو أشــكالهم ،فهــم لــم يخلقــوا أنفســهم ،لكــن أحمــد طلــب مــن ســعود الســكوت، وأن يبقــى مــع عدنــان وأن ال يقـ تـرب منهــم ألن عقلــه أصيــب ـان .تضايــق ســعود مــن بالمــرض ،وأصبــح يفكــر مثــل عدنـ َ 10
سـعود ولعبـة الشـطرنج
كالمــه ،وأخـ بـر المــدرب بمــا حصــل ،وأخـ بـره المــدرب بأنــه حــاول مـرات ومـرات أن يقنعهــم بــأن مــا يقومــون بــه غـ يـر صحيــح لكنهــم ال يريــدون االســتماع ألحــد ،وقــال لســعود: “صدق ـن ســتعلمهم أ اليــام والمواقــف". ي سـعود لمركـز تعليـم شـهور مـن انضمـام وبعـد ٍ ٍ المدرب الشـطرنج ،وإتقا ِنـه لقواعـد لعبـة الشـطرنج ،شـجع ّ فريقـه للمشـاركة ف ي� بطولـة الشـطرنج على مسـتوى الدولـة، ت الـ� سـيخوضونها ،وعندمـا نـزل ليتعلمـوا مـن التحديـات ي كشـف أ السـماء ،تفاجـأ أحمـد بـأن سـعود وعدنـان همـا مـن سـيذهبان معه للمشـاركة ف ي� البطولة ،فذهـب أحمد للمدرب ين للمتسـابق� خاطـئ، وهـو غاضـب ،وقـال لـه بـأن اختيـاره الكثـر مـن أحـدا آخـر ،فالفريـق فيـه ي وأنـه يجـب أن يختـار ً يز المتم�يـن ف ي� اللعبـة ،لكـن المـدرب قـال له بـأن االختيار تم عـن طريـق الفريـق المتخصـص الـذي زار المركـز منـذ ت فـرة غضب وانرصف لعدنان أحمد قصـرة .نظـر ُ ي َ ٍ وسـعود نظـر ِات ٍ عنهما . كثــراً ف ي� تجهــز ســعو ٌد وعدنــان للبطولــة ،فقــد تدربــا ي ُ ـان بيــت ســعود بعــد أن تعــرف والــد ســعود عــى والــد عدنـ َ 11
سـعود أحمـد سـالم الكعبـي
وأصبحــا أصحابــاً ،وأصبحــت عالقتهمــا قويــة ببعضهمــا ف ال ت لك�ونيــة البعــض ،وتدربــا ً أيضــا عــى اللعــب ي� المواقــع إ ت الــ� ي ز م�تهمــا عــن العالميــة ،وحــازا ي الكثــر مــن النقــاط ي يغ�همــا ،وعندمــا انطلقــت بهــم الحافلــة إىل موقــع البطولــة بعيــدا عنهمــا ،وانشــغل باللعــب ف ي� جهــازه أحمــد جلــس ً ُ اللوحــي ،وســعود وعدنــان يتبــادالن الحديــث والضحــكَ . وقــام ســعود بتوزيــع الحلويــات عــى المــدرب وعدنــان وعندمــا وصــل إىل أحمــد رفــض أحمــد مشــاركتهم، وعندمــا وصلــوا لموقــع البطولــة نــزل المــدرب ً أول ثــم ســعود ،وعندمــا جــاء عدنــان لي ـنز ل دفعــه أحمــد
فسقط من الحافلة وتألــم كث ً يــرا،
12
سـعود ولعبـة الشـطرنج
ن ـر ف ي� ِر ْجلــه، وتــم إســعافه هنــاك ،وتبـ يـ� أنــه تعــرض لكـ ٍ ـاح وينــى البطولــةَ وسيشــارك فطلــب منــه المــدرب أن يرتـ َ مــرة أخــرى ف ي� بطولــة قادمــة ،لكنــه أرص عــى المشــاركة عــى الرغــم مــن أ اللــم الــذي يعانيــه ،ولعــب عدنــان ف ي� الجولــة أ الوىل وتفــوق فيهــا ،وانتقــل للجولــة التاليــة واجتــاز جميــع الجــوالت بنجــاح ،وتجهــز الجميــع للتكريــم وتفاجــأ الجميــع بوجــود شــخصية مرموقــة يتمـىن الجميــع أن يقابلهــا ســتقوم بتكريــم الفائزيــن والتصويــر معهــم ،وجــاءت لحظــة أ ول بجــدارة، التكريــم ،وكان عدنــان هــو الفائــز بالمركـ ِـز ال ِ وجــاء ســعود ف ي� المركــز الثالــث ألنــه خــر ف ي� إحــدى الجــوالت ،لكــن أحمــد فــاز ف ي� جولــة واحــدة مــن أصــل خمــس جــوالت ولــم يحصــل عــى مركــز متقــدم ،وعندهــا أحمــد وســعو ٌد عدنــان أن يصعــد تفاجــأ أحمــد بطلــب ُ َ معــه عــى المنصــة ليتــم تصويرهــم مع ـاً مــع الشــخصية جميعــا ف ي� نظــره فائــزون. المرموقــة ،فهــم ً أ لعدنـان ش مبا�ة عن واعتذر امتل�ت عينـا أحمـد بالدموع، َ َ سـوء ترصفاتـه معـه ،وأمسـك بيـده بقـوة ،وقـال لـه “ :إن أخالقنـا وإنجازاتنـا هـي مـا تمثلنـا ،وليـس ألواننا وأشـكالنا". 13
سـعود أحمـد سـالم الكعبـي
ُ كالمــك صحيــح ،فحتــى وقــال ســعود بــكل حمــاس“ : ّ تتكــو ُن مــن لعبــة الشــطرنج التــي نلعبهــا ونســتمتع بهــا ُ ـتطيع االســتغناء عــن أي ـود ،وال نسـ ـض واألسـ ِ لونيــن األبيـ ِ ُ ـون منهمــا حتــى تكتمــل اللعبــة". لـ ٍ
14
15
خ ّلك واعي تأليف عبدالكريم غزال
ف الشمس أشع َتها الصفرا َء ،لتطرق بعثت ، جميل يوم صباح � ٍ ُ ي ٍ أ أ والصغ� ًّ وكل الحباب. الكب� يَ النوافذ والبواب ،وتوق َظ ي َ وكـم كانـت شإ�اق ُتهـا ف� هـذا اليـوم ي ز ممـرة .فاليـوم هـو ي العالـم. تعـم االبتسـامة فيـه أرجـا َء يـوم ُ ِ ِ السـعادة الـذي ّ أ جميلـة العمران ،فعكسـت عىل بلاد ِ وصلـت الشـعة إىل ٍ أجمـل أ َ اللوان. مبانيهـا ف اشـد الخـر ،عـاش ر ٌ أرض ي أرضهـا ِ ي� هـذه البلاد وعلى ِ ف كبـر وجميـل، الكـرى حصـةُ مـع والديهمـا ي� منز ٍل ٍي وأخ ُتـه ب تصميمـه ي ن ب� ال�اجيـل القديمـة ،وجمـع أخـذ سـطحه شـكل ب ُ ض ض بصـورة جميلـة. الحـا� وجمـال المـا� اقـة ٍ عر ِ ِ ي 17
عبدالكريــم غــزال
اشـد ذي ش العرِة أعوام، داعبـت نسـمات الهـواء نافذة ر ٍ فـأزاح خصلـةً مـن شـعره أ السـود الناعـم ،كانـت قـد تدلـت ين الجميلتـ� ،واسـتيقظ ف ي� نشـاط وحيويـة. فـوق عينيـه الكـرى حصة، ثـم أيقـظ والديـه ،وأرسع إىل غرفـة أختـه ب ف ت ين كث�اً ،وتتشـارك معه تكـره بعامـ� وتشـبهه ي� مالمحـه ي الـ� ب ي ف كثـر مـن الصفـات ،فكالهمـا مـرح وطيـب القلـب، أيضـاً ي� ي وكالهمـا يهـوى االستكشـاف والمغامـرة . ُ أخــذ راشــد ينــادي أخته“ :هيــا يــا حصــة ،علينا اإلســراع ٌ ٌ َ بيــوم مميــز احتفــال اليــوم للمدرســة ،فســوف ُيقــام ِ الســعادة ،وكــم أتشــوق لحضــوره! هيــا حصــو!" ً ً ُ ْ قالـت حصةُ “ :حسـنا حسـنا ،لقد اسـتيقظت ،اسـبقني ُ َ َ وسـوف ألحـق بك علـى الفور". للخـارج،
ـت حصـةُ ِّ التحض� حمـاس تسـاعد أمهـا ف ي� بـكل ي قام ْ ٍ ثـم َ للمدرسـة ،وبينمـا هـي كذلـك ،سـمعت صـوت المـاء وكأنـه ِ فأرسعـت لتبحـث عـن مصـدر الصـوت، يتسـاقط بغـزارة، ْ يفـرش أسـنانَه تـاركاً صنبـور المـاء فوجـدت أخاهـا راشـداً ّ مفتوحـاً ،والمـاء أ يمل� الحـوض. ُ ً ُ ـتخدم كوبــا قالــت حصــةُ معاتبــةً أخاهــا“ :لمــاذا ال تسـ 18
خ ّلـك واعي
ً ـل أســنانِك عوضــا عــن اســتهالك كل مــن المــاء فــي غسـ ِ هــذه الميــاه؟"
أجابهــا قائـاً“ :هنــاك الكثيـ ُـر مــن المــاء ،وتطلبيــن منــي ّ ـتخدام كــوب واحــد فقــط! رجـ ً َ ـاء ال ُتضخمــي األمــور". اسـ ٍ ٍ
ـت حصــةُ مــن موقــف أخيهــا ،فهــي لــم تكــن توافقــه حزنـ ْ ف ـر عليــه ي� الكثـ يـر مــن طباعــه وترصفاتــه ،لكنهــا كانــت تصـ ُب ألنهــا كانــت متأكــد ًة أنــه ســوف ت يــأ� يــوم ويصبــح فيــه ي أخوهــا أكـ ثـر انتباه ـاً. بعـد قليـل نـادى أ الب على ولديـه" :هيـا يـا أوالد ،لقـد ٍ إغلاق أزرار الكهربـاء يـا راشـد". تنـس َ تأخرنـا ،ال َ ْ قـام راشـد بغلـق أضـواء المنز ل ،ولكنـه لـم يغلـق التكييـف ،وقال ف ي� نفسـه“ :سـوف أتركـه يعمل حتـى يكون ً البيـت بـاردا عنـد عودتنـا من الخـارج" وأرسع للحاق بأهله. ف ي� المدرسـة كانت أجواء االحتفال بيوم السـعادة رائعةً ، أ كثـرة ،كالهريـس وال�ث يـد ذي وامتل� المـكان بـأكالت شـعبية ي البهـارات الخليجيـة الفواحـة ،وحلويـات اللقيمـات الذهبيـة بنكهـة الزعفـران وعسـل التمـر اللذيـذ ،ت ز وام�جـت رائحـة الحـواس، لتداعـب العـر� القهـوة العربيـة برائحـة البخـور َ ّ بي 19
عبدالكريــم غــزال
وتقاليدهـا. البلاد عـادات بجمـال الجميـع ِّـر َ ِ ِ ِ ِ وتذك َ أ ـأداء رقصـ ِـة (العيالــة)، وقامــت مجموعــة مــن الطفــال بـ ِ حيــث ارتــدوا مالبــس بيضــاء (الكنــدورة) ،واصطفــوا ف ي� صفــوف متقابلــة ،وأخــذوا يتمايلــون يمين ـاً ويســاراً ،وهــم يلوحــون بالعــ� أ للمــام والخلــف عــى دقــات الطبــول ّ ي الجميلــة. وقامـت البنات برسـم نقوش الحنـاء الجميلة عىل أيديهن الصغ�ة. ي وبعـد وقت قصـر ،أ امتلت سـاحات المدرسـة بالباصات ي ت الـ� سـتنقل الجميـع إىل ت ز منـره المانجروف إلكمـال االحتفال ي ف ي� وسـط الطبيعـة الخالبـة للمحمية. وبـ� أحضـان البيئـة ال�يـة والبحريـة ،شـعر أ ين الطفـال ب بـ� أ هنـاك بالسـعادة البالغـة ،وهـم يتجولـون ي ن الشـجار ت كثـر ٌة من الـ� تسـتوطنها أنـوا ٌع ي المعمـرة والنباتـات النـادرة ،ي الحيوانـات الجميلـة. الخر للمحمية ،عرف أ و� الطرف آ ف الطفال بوجود العديد ِ ِ ي ِ أ ت ال� من الكائنات ِ البحرية ،كال ِ سماك والروبيان والمحار ،ي ب ئ تخت� ف ي� أحضان مياه الخليج النقية. 20
خ ّلـك واعي
النشـاطات ،فمنهم مختلـف بممارسـة الجميـع قـام ثـم َ ُ ِ ِ ِ أحـب ش أحب المـس والتنز َه والتقا َط الصـور ،ومنهم ْ مـن َّ مـن َّ ِ يَ بقـوارب الكاياك. التجديـف َ ِ ـف ف ي� أحـ ِـد ـار راشـ ٌـد مشــاركةَ أختـ ِـه حصــةَ بالتجديـ ِ اختـ َ ـان بـ ِّ ـكان ـوارب ،وأخــذا ِّ ـكل قـ ٍ ـوة ،وينتقــان ِمـ ْ ـن َمـ ٍ يجدفـ ِ القـ ِ ـرة. ـاف والمغامـ ِ إىل مــكان ،وهمــا يشــعران بفرحـ ِـة االستكشـ ِ اشـد الجولـة وعندمـا انتهيـا مـن تلـك الجميلـة ،شـعر ر ٌ ِ ِ يرب قنينة مـن الماء واحد ًة تلـو أ الخرى، َ بالعطـش ،وأخـذ ش ُ ف البح�ِة! ثـم قام برمـي القنينات البالسـتيكية ميـاه ي الفارغة ي� ِ ِ
21
عبدالكريــم غــزال
َ ْ َ اسـتياء“ :لِـم فعلـت ذلـك؟! لقد صاحـت حصـةُ ف ي� ْ ٍ
ّ َ ّْ َ َ َ منظرهـا الجميـل!" وشـوهت الميـاه لوثـت ُ الميـاه القنينـات الفارغـة عليـك سـتأخذ قـال لهـا “ :ال ِ ً بعيـدا عنـا".
ت المسـته�، شـعرت حصـة بالغضـب مـن هـذا التصرف تف�كتـه وذهبـت للعـب مـع صديقاتهـا. ش اشـد فأخـذَ ويتمى على رمـال يتجـو ُل ف ي� المـكان ّأمـا ر ٌ ّ أشـجار المانجـروف. الشـاطئ ،الـذي تحيـط بـه ُ نظـر راشـد لهذه أ ُ نوع من أي تحمـل ال ووجدها شـجار، ال ٌ ِ َّ ٍ 22
خ ّلـك واعي
َ ُ األشـجار عديمـة الفائدة، الثمـار ،فقال لنفسـه“ :تبدو هـذه ُ َ المكان!" فلمـاذا تمأل
ثـم قـام بتكسـر أفـرع أ الصغـرة، للشـج� ِات غصـان ال ي ي ي ِ ِ وأخـذ يلعـب بهـا ثـم رماهـا بعيـداً. وعندمـا أحـس بالتعـب ،اسـتلقى على أ ال ِرض ،وأخـذ َّ ِ السـحب الجميلة من بأشـكال مسـتمتع يتأمـل السـماء ،وهـو ٌ ِ ِ فوقـه ،وفجـأة! أ حوال اشـد المكان، السـكون أرجا َء َع ّـم وشـعر ر ٌ ُ بتبـدل ال ِ ِ ِ َ ُ ِمـن حولـه ،فقام يل�ى مـاذا يحـدث؟! الميـاه ،وقـد تبـدل لونُهـا ل ّلون أمامـه فـإذا بـه يـرى ِ نظـر َ َ أ نفسـه ،كيـف يسـأل وأخـذ واندهـش، فاسـتغرب ، سـود ال ِ َ حـدث ذلك؟! ـمس تـرض ُب عي َن ْيــه ـديدَّ ، ـس بالحـ ّـر الشـ ِ وكأن الشـ َ ثــم أحـ ّ ليبحــث عــن ّ ض�بــاً تحميــه شــجرة ظــل بأشــعتها ،فــأرس َع َ ِ ٍ ِ منهــا ،ولكــن المــكان بــدا كصحــراء خاليــة مــن أ شــجار ال َ ٍ ّ َ ِ أ حــرةً ،وازداد خوفــاً. والغصــان ،فــازداد ي أخـذ يبحـث عـن أختـه وهو يصرخ “ :حصـة حصة
أنـت؟! مـاذا هناك ...مـاذا يحدث؟!" أيـن ِ 23
ثــم ّ ش بــسء ينخــزه ف ي� كتفــه ،فالتفــت فــإذا بــه أحــس ي يــرى شــجر ي ن ت� مــن النخيــل تحارصانــه ،وطــار عقلــه عندمــا تحدثتــا إليــه قائلتـ ي ن ـ�: وأخــذك إىل المحكمــة مطلــوب للقبــض عليــك "أنــت ِ ٌ عــى الفــور". السـعف حـول ذراعيـه، النخلتـان بلـف أوراق وقامـت ِ ِ بقـوة إىل المحكمـة. وسـحبتا ُه ٍ أخذتـه النخلتـان إىل سـاحة كبـرة ،ف آخرهـا منصـة � ِ ي ي ِ ٌ عـادل. قـاض عظيمـة ،يجلـس عندهـا ٍ قالـت النخلتـان" :سـيدي ض القـا� كوكـب ،لقـد أح�ض ْنـا ي الم ّتهـم". ُ خلف القضبان، قال سـيد كوكـب بمنتهى الحزم "ضعـوه َ ونادوا عىل الشـاك أ الول". ي دخلـت السـيدة شـجرة باكيـةً ،وأخـذت تتحـدث وهـي الصغـر َش ُّـجور ،ذي الـذراع المكسـورة: تشـر إىل ابنهـا ي ي القـا� ،لقـد قـام ذلـك الولـد بالسـاءة ل أ ول ئ "سـيدي ض بنا� إ ي ي ي الصغـرة ،وحرمهـم من الصغـار ،وقـام بتقطيـع أغصانهـم ي حـق إنبـات أ الوراق الخرض اء ،وقـام باالسـتهزاء ب ي� ووصفـي 24
ت غـاز الحياة ،وأحاف ُظ ِ الـ� أقوم بصنع ِ بعديمـة الفائـدة ،وأنا ي على التـوازن البيئ ي ". وانتظـر ض القـا� سـيدة شـجرة ت انتهت من شـكواها، حى ْ ي ن الثا�. ثـم طلـب سـما َع الشـاك ي ي كبـرٍة بداخلها قامـت أشـجار النخيـل بإدخـال أوعية مـاء ي ُ كثـرة ،كلهـا تطالـب بحقِّها ف ي� الشـكوى. أسـماك ي قـال سـيد كوكـب" :فليتحـدث كبـر مجموعـة أ السـماك ِ ْ يُ ويـروي لنـا المشـكلة". قـال سـيد سـموك" :إنهـا كارثة سـيدي ض القـا� ،إننـا نكاد ي أن نقتـل! لقـد قـام ذلـك الولـد بإلقـاء أ البحـرة، الوسـاخ ف ي� ُ ي ُ أ وامتل المكان بالمواد البالسـتيكية ،وتعرضت فتلوثـت المياه، أ السـماك لالختناق."... ولـم يكـد سـيد سـموك ينتهـي مـن كالمـه ت ضجـت حى ِ المحكمـةُ ـكاء وصيـاح. بصـوت ب ِ ٍ بمجموعـة من مصـدر الصـوت ،فـإذا الجميـع إىل التفـت ُ ٍ ِ ُ تدخـل قاعـة المحكمة! الصغـار قال ض القا�":من أنتم؟ ولماذا تبكون؟!" ي 25
عبدالكريــم غــزال
ُ الغـد ،جئنـا إليكـم أطفـال الصغـار“ :نحـن أجـاب ِّ َ ِ ّ ْ ُ م َ ُ الحزيـن الـذي قلـت المسـتقبل المسـتقبل ،ذلـك ـن ِ ِ ُ مـوارده وخيراتـه"... فقد سـاهم أحدهم ف� أ المس باسـتهالك الماء اسـتهالكاً ي أن سـيئاً ،وقـام بإهـدار المـاء ،دون الحاجة السـتخدامه! إىل ْ ّ ق ّلـت موارد الميـاه ،وتعطلت بذلـك الحياة. نسـتطيع أن ثـم عـادوا للبـكاء مـن جديـد ،وقالـوا" :ال ُ َ الحصـول نسـتطيع دائـم إىل المـدارس ،وال ُ نذهـب بشـكل ٍ على خدمـات صحيـة جيـدة ف ي� المستشـفيات ،فلا توجـد لدينـا طاقـةٌ كهربائيـة كافيـة لذلـك! يـركُ أ أن هنـاكَ مـن كان ف� ض المـا� ت الجهـز َة لقـد سـمعنا ّ ي ي ُ الكهربائيـةَ لعملهـا، تعمـل ،وتعمـل باسـتمرار دون الحاجـة ِ ت حى أوشـكت الكهربـا ُء على النفـاد! اشـد بـكل غضـب ،وقـال" :هـل نظـر السـيد كوكـب إىل ر ٍ ٌ دور ف ي� ذلـك؟" لـك ٌ ْ “نعـم يـا سـيدي، اشـد رأسـه وأجابـه ف ي� خجـل: خفـض ر ٌ مـع األسـف كان لـي دورٌ فـي ذلـك ،ولكنـي أعتـذر". 26
خ ّلـك واعي
عاد� ف ت ً غسل عند ا مفتوح المياه صنبور ترك � أعتذر عن ي ي ِ أسنا� ،وأعتذر عن عدم ق ن الخروج بعد التكييف لمفتاح إغال� ي ي ِ كث�ٍة فعل ُتها دون انتباه". من الم�نز ل ،وأعتذر عن أشيا َء ي ـا�" :ومــاذا عــن إســاءتكَ لبـ ق ض ـا� أف ـراد البيئــة َِ ي قــال القـ ي
ـن حولــك؟" ِمـ ْ ُ “أعتــرف بــكل أخطائــي وأتعهــد قــال راشــد ف ي� نــدم:
ً رجــاء ســامحوني" باإلحســان لبيئتــي،
اشد ،ولكن ... كث�اً يا ر ُ قال سيد كوكب" :لقد أخطأت ي 27
عبدالكريــم غــزال
إذا قمنـا بإعطائـك فرصـة جديدة ،هل سـتنتبه ف ي� المرات أ حد أفـراد البيئة؟ القادمـة قبـل أن تقـدم عىل إ السـاءة ل ِ ستنتبه وتستيق ُظ يا راشد؟" هل ُ
ْ “استيقظ يا راشد، ْ استيقظ يا راشد".
النائم فوق رمال الشاطئ! صاحت حصة لتوق َظ أخاها َ اشـد عينيـه ،وهـو يقـول“ :مـا هـذا َ أيـن أنـا؟! أيـن فتـح ر ٌ محكمـة البيئـة؟! أيـن سـيد كوكـب؟! أيـن الجميـع؟!" ُ تحلم يا عزيزي؟" ضحكت حصةُ وقالت“ :هل كنت
نظـر راشـد أ يحك أخذ باالطمئنـان، شـعر وعندما ختـه، ل ي لهـا عمـا رآه ف ي� ُح ُل ِمه. ف نظـرت حصةُ مـن النافذة الرحلـة، العـودة مـن طريـق � ْ ِ ِ ي ِ وشـدها روعـة المنظـر أمامهـا ،فطلبـت مـن أخيها مشـارك َتها النظـر ،ثـم قالت لـه“ :إن بيئتنـا جميلـة ،وجميعنا يسـتحق َ َ اليوم أن ينعـم بالعيـش فيهـا وهـي جميلة ،ويجـب أن تبقى ً وغـدا جميلة".
ف� هذه اللحظة اتّخذ ر ف نفسه قراراً. ٌ اشد ي� ِ ي 28
خ ّلـك واعي
ت ال� وأخــذ يفكــر ويفكــر لـ ي ـ� يســتطيع أن يجــد الطريقــة ي ســينفذ بهــا قــراره .وأصبــح يقــض ي معظــم وقتــه بقــراءة ـازم ال�امــج الهادفــة ،فهــو عـ ٌ الكتــب المفيــدة ،ومشــاهدة ب عــى تنفيــذ ق ـراره. جمـع كل مـا درسـه ف ي� المدرسـة مـن علـوم لمسـاعدته ف ي� التفكـر، تنفيـذ قـراره ،وطلـب مـن أختـه حصـة أن تشـاركه ي فقـال لهـا" :لقـد قـررت أن أبرهـن على ت ز ال�امـي بعهـدي مـع البيئـة ،لذلـك سـأقوم ت باخـراع سـاعة تنبيـه تلبـس ف ي� اليـد، ذك ،نقوم بب�مجته ليضم كل المشـاريع وتحتوي عىل تطبيق ي ش �ء يؤذيها ،يقوم الصديقـة للبيئـة ،وإذا تـم إ القـدام على ي التطبيـق بإصـدار جـرس تنبيـه وتحذير". كث�اً ،وقالـت“ :إنهـا فكـرة رائعة أعجبـت حصـة بالفكـرة ي
ْ ّ ُ عـط هـذا التطبيـق اسـم(خلك واعـي) مـا يـا راشـد! ولن ِ رأيـك؟".
كثـــراً بهـــذا االســـم الجميـــل ،وفـــرح فـــرح راشـــد ي بمســـاندة أختـــه لـــه. ً تابعـت حصـة“ :ويمكـن أيضـا أن نقـوم بعمـل حملات توعيـة بأهميـة الحفـاظ علـى البيئـة". 29
عبدالكريــم غــزال
“وجدتها!
سنسـتأذن فكر راشـد قليالً ،ثم قـال: َ ٍّ زمالءنـا مدرسـي ،ندعـو فيـه نـاد اإلدارة المدرسـية، لعقـد ٍ ِ َ األطفـال مـن كل مـكان للقـاء بشـكل دوري ،نعبـر فيـه عـن ً آرائنـا ،ونتبـادل األفـكار سـويّا ،ونتعـاون في مشـاريع نخدم بهـا بيئتنـا وعالمنـا ووطننا".
تحمسـت حصـةُ لـكل هـذه أ الفـكار الجميلـة ،وقالـت: ْ
“سـنبدأ بالتنفيـذ مـن الغـد".
ُ
اشد وقال“ :بل سنبدأ من اليوم". ابتسم ر ٌ
أ الدارة المدرسـية، كبـر ًا مـن إ فـكار ترحيبـاً ي القـت ال ُ واسـتعدت المدرسـة لتقديـم الدعـم اللازم لمثـل هـذه أ ت الـ� تهتـم بالبيئـة. الفـكار ي أ ين المشارك�. طفال كما قررت المدرسة َ تكريم ال ِ ً اشـد جائزتـه قـال ف ي� نفسـه“ :حتمـا وعندمـا اسـتلم ر ٌ
ُ ُ ُ ٌ ُ يعلـم بمـا صنعـت!" كوكـب عندمـا السـيد سيسـعد
30
32
ُ ساعدْ شهاب ن ل ِ ِ تأليف أحمد إسماعيل زنداح
عامـــا ،وأنا ومحـــب مجتهد أنا أحمـــد ي ٌ للخـــر ،عمري ً 12 ٌ ن ن ش بنية .أحب اللـــون ب� ِ وعيـــو� ّ ي أبيـــض الب�ِة ،وشـــعري ي ُّ الرياضـــة والتكنولوجيـــا ،وأتمـــىن ف ي� المســـتقبل أن أكون ئ ت أصدقا� ووالـــد� ،وأحـــب إعالميـــاً ،أعيـــش مع والـــدي ي ي بشـــر وشـــهاب ،وغالباً ما نقـــيض ي أوقاتًا رائعة خال ي وأوالد ي ث مرح. فنحن ثـــا� ٌ ي ٌّ تعالــوا أ ـال بشـ يـر وشــهاب .لنبــدأ ـ خ أوالد ـن ـ ع ـم ـ ك خ� ل ب َ ي بشــهاب ،عمــره 11عامــاً .ت فــى ظريــف وطيــب وحنــون للغايــة ،يحــب الطيــور والحيوانــات والطبيعــة ،لكنــه يحــب الطعــام والحلويــات والطعــام الدســم أكـ ثـر .لذلــك هــو 33
أحمــد إســماعيل زنــداح
سـ ي ن ـم� جــداً ،ولكنــه طويــل القامـ ِـة وصاحــب بـ شـرٍة حنطيـ ٍـة وشــعر أســو َد وعينـ ي ن ـ� ســوداوين .أمــا بشـ يـر فعمــره 11عامـاً. ٍ شــعره أســو ُد ناعـ ٌـم ،ش وب�تُــه بيضــا ُء وعينــاه ســوداوان .يحب التكنولوجيــا وممارســة رياضــة كــرة القــدم. جـدي ،وبالطبـع اعتدنـا ف ي� نهايـة ِّكل أسـبوع على زيـارة ّ ِ ت أرس� متحمساً، سـألتقي ي ببشـر وشهاب ،ذهبت بالسـيارة مع ي ف د� ،وبينما نحـن بالطريق، وانطلقنـا مـن بيتنـا ي� عجمـان إىل يب سـاطع ف ي� السـماء ،وقتهـا شـعرت أن الغيـوم بـر ٍق فـإذا ب ٍ تعـزف وتغنـي نشـيد المطـر( ... تيـك ..تيـك ..مطـر ..مطـر)، تيك مطر تيك مطر
ٌ ْ ٌ يـا إلهـي هطلـت أمطـار غزيـرة. قـال والـدي "يـا أحمـد إن هـذه أ المطـار ناتجـة عـن عمليـة ُ وتعت� المارات ُ االسـتمطار ،حيث يسـود إ المناخ الصحراوي ،ب 34
ِل ُنسـ ِـاعدْ شــهاب
أ المـارات ببـذر المطـار نـادرة ،لذلـك قامـت حكومـة دولـة إ أنـواع مـن أ الملاح داخـل السـحب بطريقـة معينـة لزيـادة ٍ قطـرات المـاء" .كنـت أراقـب المطـر مـن نافـذة السـيارة، ن الثا� من رن ...رن إنـه هاتفـي المحمول ،عىل الطرف ي مى سـنصل ،فقلـت لـه :ت يسـأل� ت ن اق�بنا بشـر االتصـال كان ي ي مـن المنطقـة ت جـدي ،فقـال يل :نحـن ال�اثيـة ،حيـث بيـت ّ سـار ٌة لـك ،ولمـا وصلنـا سـعدت بانتظاركـم وهنـاك مفاجـأ ٌة ّ عندمـا شـاهدت تلـك العيدان الخرض اء ،هذه المفاجـأ ُة إذاً، ت بشـر وشـهاب .دخلنـا البيـت الـ� زرعتهـا مـع ي إنهـا البـذور ي ت والـد� بشـر وشـهاب ،بينمـا ذهبـت برسعـة ،وذهبـت مـع ي ي ت تحضـر مائـدة الطعـام. جـد� ف ي� ي لتسـاعد ي كان الجميــع ض لكــن حا�يــن وبدأنــا بتنــاول الطعــامْ ، لفتــت انتباهــي طريقــةُ شــهاب ف ي� تنــاول الطعــام ،يــأكل َ ٍ طعامــاً بكميــات كثــرة ،وبرسعــة كبــرة ،فهمســت ف أذن � ي ي ٍ ٍ ي ِ ـر ،لمــاذا يــأكل شــهاب بهــذه الرسعــة العجيبــة؟ فقــال بشـ ي ٍ ـاعده حـ تـى يتوقــف عــن يل :يــا َلهــا مــن مشــكلة ،يجــب أن نسـ َ أ الكل بهــذه الطريقــة ،قلــت لــه ســوف نراقبــه لنســاعده. وبعــد االنتهــاء مــن تنــاول الطعــام توجــه شــهاب ليغســل 35
أحمــد إســماعيل زنــداح
يديــه بالمــاء والصابــون ،ثــم عــاد مرسع ـاً إىل مــكان أطبــاق الحلويــات يــأكل مــن هــذا وذاك ،يق ّلــب قطـ َـع الحلويــات، تنــاول قطعــةً تلــو قطعــة كأنــه ف ي� ســباق ... بحـزن شـديد ،شـهاب سـيؤذي نفسـه ،ال بـد من شـعرت ٍ وبشـر نفكـر ونفكر. طريقـة لمسـاعدته ،وبدأنـا أنـا ي حـوال 12:00ليلاً ،جـاء شـهاب ،وقـال: كانـت السـاعة ي إننـي جائـع هيـا نذهب إلى المطبخ لنتنـاول بعض الطعام...
بش� وقلنا :الااااااا ! نظرت إىل ي ٍ
ش تم� نحو المطبخ، صوت أقدام شـهاب الرسيعـة وهي ي عصـراً وطبقاً وبرسعـة عا َد شـهاب مـن المطبخ ،وهـو يحمل ي ٌ كب� ٌة من كيك الشـوكوالته. كبـراً فيـه قطعةٌ ي ي َ َ بشـر بصـوت منخفـض :مـا ُ أغلـق رأيـك أن قـال يل ي َ الثالجة بالقفل ،ثم أضع مفتاح القفل في جيبي .سـأذهب ألحضـره ،فقلـت لـه :هيـا بسـرعة.
وأعدنـاه إىل وذهبنـا لشـهاب وأخذنـا منـه طبـق الطعـام ْ بشـر ،وأخفينـا المفتـاح .حاول شـهاب الثالجـة ثـم أغلقهـا ي أمـام توسلا ِته. نضع َـف َ ْ لـن ُ لكـن ْ أن يسـتعطفَنا ْ .. ف شهاب الشقي .لقد كرس و� الصباح اكتشفنا ما فعله ٌ ي 36
ِل ُنسـ ِـاعدْ شــهاب
ففكرت أن أذهب أنا قفل الثالجة ،وتناول الحلويات ف ي� الليل، ُ العم سالم ف ي� سوق ي وبش� لزيارة محل العطارة الخاص بجارنا ّ العم سالم، بد� لمساعدتنا ،وعندما وصلنا رحب بنا ّ نايف ب ي وقصصنا له قصة شهاب ورغبتنا بمساعدته ،فهز رأسه قليال ً ونظر إلينا ،وقال عندي العالج انتظر ن يا� قليالً ،وبعد قليل عاد صغ� ٍة جداً ،وقال لنا :استخدموا بعلبة زجاجية ي ٍ العم سالم ٍ ّ قطرة واحدة فقط على طعام شهاب المفضل .شكرنا ّ العم سالم وعدنا للبيت لننفذ خطتنا.
قلت ف نفس :المهم أن يكون مفعو ُله قوياً ،وأعتقد أن � ُ ي ي الكب� ،ووضعت 3قطرات قطرة واحدة ال تكفي شهاباً بحجمه ي شط�ة شهاب المفضلة دون علمه ،ووضعناها من الدواء عىل ي ف� الميكروويف ،فتعرضت أ للشعة الكهرومغناطيسية ،وعندما ي الشط�ة ...فجأه تا تا تا تقلص حجمه وأصبح تناول شهاب ي ن شهاب تماماً ،فقد شهاب يرصخ ي ساعدو� إىل أن اختفى صوت ٍ أصبح بحجم حبة الحمص ،أووه يا إلهي ،رصخنا وبش� ما الذي حصل لشهاب؟ ماذا فعلنا ليتنا أنا ي سمعنا كالم العم سالم ،ووضعنا قطرة واحدة ولم نضع الشط�ة بالميكروويف. ي 37
أحمــد إســماعيل زنــداح
ُ صغ�ا، يقلق، طمأنـت شـهاباً بأن ال َ سـنترصفْ ، لـن تبقى ي ً تختـ� تحـت الرسيـر ت ولكـن عليـك أن ب ئ حى نعـود ،وخرجنـا العم سـالم ليسـاعدنا. برسعـة لمحـل ّ شـهاب خائفـاً تحت الرسيـر ،وفجأة ف ي� أثنـاء ذلـك جلـس ٌ ت جـد� ،وشـاهدت شـهاباً وظنتـه فـأراً ،وأخذت ظهـرت قطـة ي تطـارد شـهاباً ت حى وجـد شـهاب علبـة دواء واختبـأ داخلهـا وهـو يرتجـف خوفاً. وبعد قليل دخلت نملة إىل علبة الدواء ،ارتعب شهاب وخاف وأخذ ينادي ساعدوووني ...فقالت له النملة :ال تخف يا شهاب ،نظر شهاب مستغربًا ،وقال :هل تعرفيني؟ قالت كث�ا ،ألنك النملة :نعم يا شهاب ،أنا نمولة النشيطة ،وأحبك ي ً تهتم بحديقة الم�نز ل ،وتغرس البذور ف� ت ال�بة لتنبت نباتات ي ن ن جميلة تبقي عىل ش ولك� الح�ات والطيور .أنت ال تعرف� ،ي ي كبا� أ أعرفك أنت لست ق الطفال المؤذين الذين يقتلون ش الح�ات ي الصغ�ة الضعيفة ،لقد رأيتك وأنت تنظر إىل بيت النمل، ي وتقول :ماذا يفعل النمل ف ي� الداخل؟ وساعدتنا عندما كنت تأكل ويتساقط منك فتات الطعام الشهي ،لذلك سأساعدك وسأكون صديقتك وأحميك ت ح� تعود لحجمك الطبيعي. 38
ِل ُنسـ ِـاعدْ شــهاب
هيـا تعـال فـرح شـهاب بصداقـة نمولـة ،فقالـت لـهّ : معـي ،سـآخذك ف وأعرفـك عىل صديقي النمل، لبيـت رحلـة � ي ّ كثـراً. عصفـور الـدوري ،سـيفرح بلقائـك ي ين متجهـ� إىل بيت النمـل ،تعجب خـرج شـهاب مـع نمولـة حـ� شـاهد النمـل وهـو يق ّلـب ت شـهاب ي ن ال�بـة فيدخـل الهواء ٌ إليهـا ،ويحـرك المـادة العضويـة ف� ت ال�بـة ،ويلقـح الزهـور ي كبـر مـع ويسـر بنظـام وترتيـب ونظافـة ،ويعمـل بتعـاون ي ي ٍ بعضه ،وكانت ملكة النمل موجودة .فرح شـهاب بمشـاهدتها، نخلـة ف ي� الحديقـة .. وشـكرها ثـم خـرج ،ووقـف إىل جـذع ٍ كان عصفـور الـدوري يبحـث عـن نمولـة فشـاهد شـهاباً،
39
أحمــد إســماعيل زنــداح
شـهاب صديقـي، فقـال العصفـور وهـو يرفـرف فرحـاً: ٌ فاسـتغرب شـهاب منـه :هـل تعرفنـي؟ قال العصفور :نعم يا شهاب ف ي� كل يوم تت�ك يل أطراف بز الخ� عىل شباك غرفتك ،آكل منه ،وأطعم منه صغاري، وعندما كنت تضع الماء ف ي� الحديقة للطيور كنت شأ�ب منه. قال شهاب هل يمكنك مساعدتي؟ أريد العثور على أحمد
ً وبشير بأسرع وقت ممكن ألنهما تأخرا كثيرا ،وأخشى أن
يتقلص حجمي أكثر وأكثر ويصل إلى حجم الذرة!
مسـتعد؟ قـال العصفـور اصعـد على جناحـي ،هل أنت ٌ الصغ� ،هيا سـننطلق.. جيـدا يـا صديقـي ي تمسـك ب ي� ً شـهاب حديقـةَ الم�نز ل، حلق عصفور الدوري ..فشـاهد ٌ ت ال� تـأكل ش وت�ب الماء الـذي وضعه، والحـظ وجـود الطيـور ي ت الـ� زرعهـا ،وكيف أصبحـت بيئةً وعـرف أهميـة تلـك البـذور ي ش والح�ات. رائعةً للحيوانـات ف ط�ا ِن ِـه مـن جديـد ،وبـدأ ت يقـرب مـن وأرسع العصفـور ي� ي أ الرض ،فشـاهد شـهاب العديد من الحيوانـات بال�ية النادرة، وقـال :يـا إلهـي إنـه حيـوان المهـا .وذاك هـو الجمـل ،وهناك ن العـر� ،أيـن نحـن؟ فأجابـه العصفـور الوشـق .يإ� أرى ال ّن ِم َـر ب ي 40
ِل ُنسـ ِـاعدْ شــهاب
نحن نحلق فوق ت ز من�ه الشارقة الصحراوي ،إنه محميةٌ طبيعيةٌ لبعـض الحيوانـات النادرة ليحافظـوا عليها مـن االنقراض. عاليا من جديد ،فرح شهاب َ نفض العصفور جناحيه وح ّلق ً ً جدا بمغامرته ،وفجأة قال شهاب :يا إلهي إنه برج خليفة ،إذا ً نحن في دبي ،كم هو رائع ومدهش ،وعاد العصفور يحلق
بمسافات أعلى ثم يقترب من األرض من جديد ،فرصخ شهاب قائالً :إنه حي الشندغة التاريخي ،والذي يمتد نظر يا صديقي العصفور، عىل شواطئ خور ب ي د� .يا إلهي اُ ْ إنها قرية ت ال�اث والغوص ،ن يإ� أرى أيضاً بيت الشيخ سعيد آل مكتوم ،وأرى أبر َاج الرياح التقليدية .ت اق�بوا إىل منطقة ِ سوق نايف ،حيث كان السوق وكب�اً ،وكان من الشع� واسعاً ي بي وبش� .قال العصفور :دعنا نعود الصعب العثور عىل أحمد ي نبحث عنهم! إىل الم�نز ل ألنهم ربما عادوا ،بينما كنا نحن ُ بشـهاب للمنز ل ،وهـو سـعيد بتلـك رجـع العصفـور ٍ التجربـة الجميلـة ،لكنـه يـود العـودة إىل مـا كان عليـه. ف� تلـك أ العـم سـالم، الثنـاء عدنـا أنـا ي وبشـر مـن عنـد ّ ي بعدمـا أعطانـا ت اخ�اعـاً عجيبـاً وهـو القالوم ،وهـو عبارة عن قطـرة مـن الكركـم وخليـط الكلورفيـل أ الخ�ض ومكـون رسي، 41
أحمــد إســماعيل زنــداح
فوضعنـا نقاطـاً مـن قطـرة القالـوم عىل شـهاب. شـهاب يك� مجد ًدا! فرح ثـم ... 3 ... 2 ... 1بـدأ شـهاب ب ٌ وشـكرنا وحىك لنا عـن مغامرته مع النملـة والعصفور... بالتفك� ف ي� حل منطقي لشهاب، وبش� ي بدأت من جديد أنا ي تفك� قررت أن أصنع تطبيقاً ت إلك�ونياً اسمه "لنساعد وبعد ي شهاب" ونضيفه اىل جوال شهاب ،وقمت فعال ً بعمل التطبيق، حيث يشتمل عىل صورة تخيلية لشهاب بعد أن فقد وزنه الزائد، ثم تظهر له شاشة بها خيارات عديدة ،منها البيانات الشخصية والطول والوزن والهوايات والعمر والطعام الصحي أ والنشطة الم�نز لية والتمارين الرياضية وأصدقاء التحدي ومبادرات بيئية لدي ت اق�اح مفيد .قلت لشهاب :ما رأيك بجعل واجتماعية ،وكان ّ تطبيق "لنساعد شهاب" لخدمة المجتمع ليستفيد منه أ الطفال الذين يعانون من السمنة ،ويكون بمبلغ 5دراهم يذهب ريعها لزراعة شجرة والحفاظ عىل البيئة .وفعال ً تم تنفيذ ت االق�اح، وأصبح تطبيق "لنساعد شهاب" أ الك�ث شهرة وانتشاراً وشعبية ب� أ ين شهاب أن الطفال الذين يعانون من السمنة ،واكتشف ٌ السبب الرئيس لزيادة وزنه هو لجهله بأهمية أ الكل الصحي ي ف والرياضة اليومية ي� حياتنا. 42
ِل ُنسـ ِـاعدْ شــهاب
السـبوع أ وأخـراً نـزل شـهاب كيلوغرامـاً واحـداً ف� أ الول، ي ٌ ي وحـرص شـهاب على شـغل وقتـه بـزرع أ الشـجار والتخلـص مـن النفايـات وتعلـم السـباحة والرياضـة ،لتشـغله عـن غـر الصحـي ،واللعـب عىل البالي ستيشـن. تنـاول الطعـام ي المثـال. وبالتدريـج حقـق حلمـه بالوصـول للـوزن ي اشـتقت كثـراً لشـهاب وبشـر وجدي وجـد ت� ،فأنـا آ ال َن ال ّ ي ي ّي ونحن أسـتطيع أن أزورهم بسـبب يف�وس الكورونا المسـتجدُ ، جميعـاً ف� بيوتنـا ال نتخالـط ت حى ال نصاب بالعـدوى ،وننقلها ي آ للخريـن ،ونهتـم بالتعقيم وعدم الخروج من المنز ل ،ولك ّننا على تواصـل مـع بعضنـا مـن خلال التطبيقـات إال ت لك�ونيـة، بدعـم أصدقائنـا ومجتمعنـا مـن خلال التوعيـة على وقمنـا ِ الف�وسـات وأهمية وسـائل التواصـل االجتماعـي حول مخاطر ي الحجر المنز يل. الفـروس، قريبـاً سـننتهي مـن هـذا ي بشـر جـدي بيـت ّ ونـزور َ ُ ُ وألعـب مـع ي ٍ ت تجربـ� تعلمـت مـن وشـهاب .لقـد ُ ي "لنسـاعد شـهاب" أن أكـون فـرداً صالحـاً ومفيـداً للمجتمـع. 43
المحاربة الخضراء تأليف سايرا توماس
الفصل األول
خرجـت سـلمى من الحافلة المدرسـية مرسعـةً ،وعندما غدت تلـوح ألصدقائهـا داخـل البوابـة ،التفتـت إىل الـوراء وأخـذت ّ ت الـ� كانت أثنـاء توقـف الحافلـة ،ثم ْ سـارعت لعنـاق والدتها ي ـك يـا يوم ِ والدتُهـا" :كيـف كان ُ تنتظرهـا عنـد البـاب .سـألتها ً ت عزيـز�؟" ردت سـلمى“ :رائعـا! لقـد تعلمنـا عـن المهـا ي ّ العربـي .هـل تعلميـن أنـه قبـل سـنوات عديـدة كان بإمكاننـا رؤيتهـا في صحارينا .كانـت تعيش حولنا مثل ً مدهـش ،أنـا متأكدة أمـر ٌ الجمـال تمامـا؟" "يـا سلام! إنـه ٌ ِ ف المشـوقة عبتهـا العديـد مـن القصـص مـن أن َج ّدتـك ي� ُج ِ ِّ 45
ســايرا تومــاس
اليام ،وبمـا أننا ف� إجازة نهاية أ تل�ويهـا لنـا عـن تلك أ السـبوع َ ي فسنز ورها غـداً ،كالمعتـاد .لكـن آ تغتسل� أن يجـب ن، ال ْ ي ويمكنـك الحقاً مسـاعد ت ي� ف ي� ري واسـتعدي لتنـاول الطعـام، َ ِ نباتـات الحديقـة" .سـارعت سـلمى لتفعـل كل مـا أوصتهـا به والدتها. ف ي� المسـاء ،كانـت سـلمى ف ي� الحديقـة مـع والدتهـا، تسـاعدها ف ي� تقليـم الزهـور ،بعـد أن أتمتـا ري النباتـات، وحرصتـا على االحتفـاظ بالسـيقان المقطوعـة ف ي� كومـة مرتبة ف ي� زاويـة مـن الزوايـا. كـم كان يسـعدها أن تبقـى ف ي� الحديقـة وسـط الزهـور كبـرة جـداً ،لكنها والمسـاحات الخرض اء! لـم تكـن الحديقـة ي كانـت مورقـة ،تـزدان جماال ً وبهـا ًء ،رغم أنهم كانوا يعيشـون ف ي� الصحـراء .نظـرت سـلمى مـن فـوق السـياج إىل الصحـراء الشاسـعة الممتـدة ،المحيطـة بم�نز لهـا ،فـرأت شـجرة الغاف على مسـافة بعيـدة .كان هنـاك عـد ٌد ٌ الجمـال قليـل مـن ِ ت تسـريح تحـت تلـك الشـجرة .أغمضـت عينيهـا وحاولـت تخي َـل قطيـع مـن المهـا العـر� يسرح ف� أ الرجـاء .رسعـان َ َ ُّ ي ٍ بيّ مـا سـيطر عليهـا خيا ُلهـا ،ورأت أشـجاراً خرض ا َء ف ي� كل مـكان، 46
المحارب ــة الخض ــراء
ملونـة تنقر حبات الفاكهة الشـهية ،وشـاهدت أنواعاً وطيـوراً ّ ب� أ مختلفـة مـن الحيوانـات تلعـب "الغميضـة" ي ن الشـجار ... حدقـت تنهـدت" ،مـا أجمـل هـذا المـكان الهـادئ السـاحر!" ّ العـر� السـاحر المنظـر يعـدو ف ي� دهشـة ،بينمـا كان المهـا يب نحوهـا .مـدت يدهـا فقامـت المها بمسـح أنفها بكفهـا وكأنها َ عـال. تدغدغُهـا ،فضحكـت بصـوت ٍ "سـلمى! لقـد تأخـر الوقـت ،فلنعـد إىل الداخـل يـا ت عزيـز�" ...أيقظهـا صـوت والدتهـا مـن حلمهـا الجميـل، ي الظلام أن َ وعندمـا فتحـت عينيهـا على مـا حولهـا ،وجـدت ّ يخيـم على المـكان.
الفصل الثاني
كبـراً جـداً ،لكنـه كان جميلا ً ورائعـاً، لـم يكـن منز ُل الجـدة ي ت� من أشـجار أ كب� ي ن ربمـا ألنـه كان محاطـاً بشـجر ي ن الكاسـيا، ت� ي العائل� اللذيـذ ،مجالسـة سهـا ،بعـد مأدبـة الغـداء ي وكـم َ َّ جدتهـا تحـت إحدى الشـجر ي ن حديث القلب ت� ،وهي تحدثهـا َ للقلب . جد ِتهـا وهـي تـروي لهـا حكايـا أيـام أحبـت االسـتما َع إىل ّ 47
ســايرا تومــاس
طفولتهـا .أخ�تهـا جدتها" :إنـه ف� تلك أ اليـام ،كانت قطعان ب ي العـر� ترعـى بالقرب مـن المنازل ،خاصـة عندما يكون المهـا بي الطقـس لطيفـاً بـارداً .لـم تكن الحياة سـهلة ف ي� ذلـك الزمان، كمـا هـي آ الن ،وقـد اعتـاد النـاس على اصطيـاد الحيوانات، بقصـد الحصـول على لحومهـا ،وكانـت أ المـوال المتأتيـة مـن بيـع الجلـود والقـرون مكافـأة إضافيـة لمـن يصيـد المها العـر� .وهكـذا أصبـح المهـا هدفـاً سـهال ً للصيادين. بي ولكـن لحسـن الحظ ،الحظـت السـلطات ف الخطر بالدنا � ي َ قبـل فـوات أ َ تدابـر فوريـة إلنقـاذ المها من الوان ،واتخـذت َي ِ االنقراض". ت قالـت سـلمى :ب ن معلم� أن هناك جهـوداً عظيمة ي "أخ�ت ي العـر� إىل الصحراء .كم سـيكون رائعاً أن نراها إلعـادة المهـا بي مجـدداً ف ي� منطقتنـا أيضـاً!" تنهـدت سـلمى بحـزن ،فـردت الجـدة بابتسـامة حكيمة" :تذهب الحيوانـات إىل أ الماكن ت ال� ي تجد فيهـا الطعـام أ والمان". ف ي� طريقهمـا إىل الم�نز ل ،توصلت سـلمى إىل خطة .ذهبت سـيقان نباتـات الـورد ال تـزال حيـث للتحقـق ممـا إذا كانـت ُ ف كب�ة تركتهـا والدتهـا ي� اليـوم السـابق ،وكـم كانت سـعادتها ي 48
المحارب ــة الخض ــراء
عندمـا وجدتهـا ف ي� مكانها. مـكان خارج أخـذت سـلمى بعضـاً مـن هـذه السـيقان إىل ٍ سـياج البيت .جاء أصدقاؤها ،الذين كانوا يلعبون ف ي� سـاحات منازلهـم ،وتحلقـوا حولها وأخذوا يسـألونها عمـا تنوي فعله. وصفت لهم حلمها وأمنياتها ف� جعل محيطهم أخ�ض ي َ وجميالً .تشجعوا جميعاً ،وتحمسوا لمساعدتها ،طبعاً ما عدا المشاغب ،الذي بادرهن" :الفتيات وأحالمهن، عبد هللا، َ ً وأفكارهن الغبية! السخيفة! هل تعتقدن حقا أنه ُ ّ السيقان في بعض لصق طريق عن العالم إنقاذ يمكنكن ِ ِ الرمال؟" فأجابته خديجة" :على األقل فإننا نحاول!" قالت ٌ ُ أفضل يا عبد الله؟" فأجابهن عبد زهرة" :هل لديك فكرة ً هللا “أيّا كان األمر ،فهو ال يهمني! سأذهب للعب لعبة
الفيديو الجديدة" ...وذهب. ظهرن له أنهن ي ن يعن� ما تعهدت خديجة للفتيات بأن يُ َ يفعلن ،وقالت لهن“ :سوف نظهر له أن الفتيات لديهن ُ القدرة على تحقيق أحالمهن أيضاًُ ، مثل األوالد!" زرعت سلمى وصديقاتها سيقان الورود ،وسقينها و ُع ْد َن إىل الم�نز ل يملؤهن الرضا والرسور. 49
ســايرا تومــاس
ف وكن ي� الليلة التالية ،ذهبت الصديقات لتفقد النباتاتَّ ، والدوات أ يحملن أوعية للري ،أ الخرى الالزمة .لكن المشهد بدت جميع النباتات الذي كان ينتظرهن كان حزيناً للغاية! ْ عبد هللا يراقبهن وهو يضحك ذابلة .و ِل َح ِّظهن العاثر ،كان ُ كب�ة“ .رائع! عمل رائع ،أبدعتن كالعادة!" ضحك بسخرية ي ضحكاً هست�ياً ...شعرت سلمى بالرغبة ف ي� البكاء“ .مهالً!"، ي قالت خديجة“ ،ال تستسلمي بعد ،أعتقد أنني أعرف الخطأ الذي ارتكبناه؛ َ ٌ شيء مهم علينا قبل أي مشروع ،هناك ً َ بعمليات"... القيام القيام به .لقد نسينا جميعا ِ
هتفن جميعاً بصوت واحد .إذ كان "البحث!!!!" ٍ َ ت ال� تنمو ف ي� الصحراء، عليهن أن َ يكتشفن أفضل النباتات ي لذلك قررت المجموعة االجتماع مرة أخرى ف� نهاية أ السبوع ي توصلن إليه جميعاً. المقبل ،ومناقشة ما َ
الفصل الثالث
عيب أخ�ت سلمى والديها بما حدث ،ب عندما ب أخ�اها أنه ال َ ف النجاح ت بدايةً يأ� لمن يداوم بأن نصحاها كما ، الفشل � ّ َ ي ي ف التال ،اصطحبتها والدتها للتسوق عىل المحاولة .ي� اليوم ي 50
المحارب ــة الخض ــراء
بعد المدرسة ،ذهبتا إىل مشتل "الخ�ض ة" المجاور ،حيث ت تش�ي والدتها كل مستلزمات الحديقة .كان صاحب مشتل "الخ�ض ة" شيخاً ودوداً للغاية ،وكان دائماً عىل استعداد ت ال� ال تنتهي حول كل نبات إ للجابة عن تساؤالت سلمى ي وزهرة ف ي� المشتل .هذه المرة حدثته سلمى عن حلمها .استمع الرجل العجوز الطيب باهتمام إىل حلمها ف ي� إنشاء المساحات الخ�ض اء حولها .وعندما كانت سلمى ووالدتها عىل وشك المغادرة ،طلب منها االتصال به إذا احتاجت إىل أي مساعدة ً ف ي� ش م�وعها .ودعته سلمى قائلةً “ :شكرا مع السالمة". ف� نهاية هذا أ سبوع ،التقت الصديقات ف ي� مقهى أرابيكانا ال ي ِ المفض َل لديهن، المخفوق الحليب يحتس� وهن َ ّ ي نَ المحلَّ . َ ي ت ال� ويتناولن السمبوسة اللذيذة والمناقيش، َ ناقشن النتائج ي الحديث قائلةً : توصلن إليها باستفاضة .واختتمت زهر ُة َ َ أ "فالشجار ت ال� يمكننا استخدامها هي النخيل ،والعرعر، ي أ وغ�ها" .اتفقن جميعاً واللبان ،والكاسيا ،والغاف ،والنيم ،ي عىل ما ذكرته زهرة .عادت سلمى إىل م�نز لها وأجرت اتصاال ً مع الشيخ الطيب ف ي� "مشتل الخ�ض ة". بعد أيام قليلة ،وبينما كانت سلمى ووالدتها ف ي� الحديقة 51
ســايرا تومــاس
ترويان النباتات ،ت اق�بت شاحنة من بوابة بيتهم .كان العجوز الطيب الذي يعمل ف ي� المشتل قد أح�ض لسلمى ش ع�ين شتلة ،من أشجار أ الكاسيا ،والغاف والنخيل ،والنيم .يا لسعادتها وفرحها الغامر! وقد عرض عليها الرجل العجوز أن يوضح لها كيفية زرعها بالطريقة الصحيحة .تبع والداها ين مسلح� والصديقات جميعهن سلمى والشيخ الطيب ،وكانوا بعدة الزراعة( ،المجارف والمسجات ،والسماد ،ومستوعبات المياه ،والشتالت ،إلخ) فقاموا أوال ً بحفر ش ع�ين حفرة ،ثم أضافوا السماد ،وزرعوا الشتالت .لقد تناوبوا عىل ريّها .ت ح� عبد هللا كان متحمساً وأراد المساعدة.
52
المحارب ــة الخض ــراء
“ال ،ال!"
قالت خديجة مازحة“ ،ليس بهذه السرعة أن ِّ الذكي ،عليك ْ ّ تكرر “البنات هن األفضل" يا صديقي ً ً ثالث مرات ،اعتذارا صريحا على ما بدر منك ."...ولم
يتوان عن فعل ما ُط ِلب منه ّ بكل رحابة صدر ،واالبتسامة َ العريضة ترتسم عىل وجهه ،وضحك الجميع بكل تلقائية وطيبة .شكرت سلمى الرجل العجوز ،الذي لم يغادر قبل أن يُذكِّرها ب�ض ورة ري الشتالت ّكل يوم ،ووعد بجلب المزيد من الشتالت عندما تكون جاهزة.
الفصل الرابع
ُ ت الـ� زرعوهـا أشـجاراً مـر ْت سـنوات ،وأصبحـت ّ الشـتالت ي خرض ا َء تحيـط بهـم مـن كل حـدب وصـوب .وقـد شـجع نجاحهـم صديقـات سـلمى وج�انهـا على زراعـة أ الشـجار ي ِ حـول منازلهم أيضـاً .أصبح الحي بأكمله واحـةً غنا َء ،وأصبح الهـواء نقيـاً ونظيفـاً. ض مكيفات الهواء ،ت وي�كون الحا� ال يشغلون ف ي� الوقت ِ البارد بالهواء لالستمتاع النوافذ مفتوحة عىل مصاريعها ِ ِ ِ ض تق� سلمى وصديقاتُها تف� َة بعد الظهر ُ الم ْن ِعش .وعادة ما ي 53
ســايرا تومــاس
ف� اللعب تحت ظالل أ المارة الشجار .وغالباً ما يتوقف َ ّ ي ف للتساؤل عن رس المساحات الخ�ض اء ي� وسط المتعجبون ِ الصحراء .وتنصحهم سلمى بالذهاب إىل مشتل صديقها اختيار الشيخ الطيب للحصول عىل أفضل الشتالت ،وقد ّتم ُ ئ البي� ،وهي المسؤولةُ عن زراعة سلمى لتكون قائد َة النادي ي أ ف أنحاء مدرستها. الشجار ي� جميع ِ بـ� أ شـجار مـع ال إنـه عصر يـوم رائـع .سـلمى تتجـول ي ن َ ِ والديهـا يسـتمتعون جميعـاً بالنسـيم المعتدل ،وبمشـاهدة الطيـور تنقـر حبـات التمـر ،وتزقـزق بصخـب وفـرح .فجـأة، ب� أ تالحـظ سـلمى حركة ي ن الشـجار بفضول .ال تصـدق عينيها! وتشـر بيدهـا بحمـاس .هنـاك “أمـي أبـي! انظـرا!" ي بـ� أ زوجـان مـن المهـا العربيـة يرعيـان ي ن الشـجار" .يـا إلهي!" يبادرهـا والدهـا" ،سـلمى يبـدو أن حلمك قد تحقـق بالفعل! الصغ�ة!" "المحاربة؟" تتسـاءل سـلمى بم�وك أيتها المحاربة ي بفضـول .تبتسـم والدتهـا وتهمـس ف ت عزيـز�، "نعـم أذنهـا: � ي ي ت أنـت محاربـةُ تعـرف الخـوف، ِ ِ الـ� ال ِ الطبيعـة ،الباسـلة ي ين قضيـة نبيلـة .إنـك المحاربة الخرض اء!" أجـل ٍ وتحاربـ� مـن ِ
54
المحارب ــة الخض ــراء
55
56
جميلة المحبوبة تأليف ساشيتي مانيكندان
الفصل األول :حذار يصبح عمره سبع سنوات
لقــد كان يومـاً مثــراً للغايــة بالنســبة لحــذّ ار – وأكـ ثـر أ اليــام ي ت ـ� يتطلــع إليهــا طــوال العــام ،لكــن هــذا العــام أكـ ثـر الـ ي يــوم ميــاده عطلــة نهايــة خصوصيــةً ،حيــث يصــادف ُ أ الســبوع -ســيبلغ الســابعةَ ! وســيذهب الجميــع لزيــارة جـ ّـده وجدتــه ليحتفلــوا معــا بيــوم ميــاده! ّ ف ي� الطريــق كان حــذّ ار غارقــاً ف ي� أفــكاره ،يحلــم بهــذه الزيــارة ،ولمــا أيقظــه والــده مــن أحــام اليقظــة تلــك ،نظــر ن إىل المبــا� الطويلــة أصبحــت جانــ� الطريــق ليجــد أن ي بي خلفهــم ،ليحــل محلهــا كثبــان رمليــة ضخمــة ،وصــور 57
ساش ــيتي مانيكن ــدان
ت ـ� كانــت تلــوح مــن بعيــد .كان حــذّ ار متداخلــة للجبــال الـ ي مفتونــاً بمــا يشــاهد ،إذ أنــه كان يعيــش ف ي� المدينــة ،ألن والديــه يعمــان هنــاك ،ووجــدا ف ي� المدينــة مدرســة جيــدة لــه أيض ـاً .كان الطفــل الوحيــد لوالديــه ،وكان يتــوق دائم ـاً إىل عطلــة نهايــة أ الســبوع ت جديــه. حــى يتمكــن مــن زيــارة ّ حيــث فلطالمــا اســتمتع بزيارتهمــا ف ي� القريــة الصحراويــة، ُ ـان الرمليــةُ الذهبيــة ،وحيــث يســتمتع بأطبــاق جدتــه الكثبـ ُ اللذيــذة ذات النكهــة الرائعــة والرائحــة المدهشــة ،وحيــث ات ف ي� الصح ـر ِاء ،وعــى الكثبــان الرمليــة ،ف ي� ســيارة المغام ـر ُ جـ ّـده ذات الدفــع الرباعــي .وكان حــذّ ار عــى يقـ ي ن ـ� مــن أنــه ســيكون هنــاك الكثـ يـر مــن المفاجــآت ف ي� انتظــاره .كان عيــد ميــاده أحــد أكـ ثـر أ اليــام ســحراً ف ي� حياتــه ،ألنــه لــم يكــن يعــرف أبــداً مــا الــذي ينتظـ ُـره مــن مفاجــآت!
الفصل الثاني :مفاجأة عيد الميالد
توقفـت السـيارة بعد أن ت ز اه�ت قليالً ،قفز حذّ ار من السـيارة ّ ّ ورصخ بحمـاس" :جـدي ،جدتـي!" وبـدأت معدتـه تقرقـر عـال عندمـا وصلـت رائحـة الطعـام الشـهي القادم ٍ بصـوت ٍ 58
جميل ــة المحبوب ــة
وجدتُـه جـده ّ مـن بيـت جـده لمسـام أنفـه .بعـد أن غمـره ُّ بالعنـاق ت عيـد ميلاد وال�حيـب والقبلات الدافئـة ،تمنيـا لـه َ أن هنـاك مفاجأة تنتظـره .عصبا عينيه وأخـره ّ سـعيداً ،ب جـده ّ واقتـاداه إىل مكانـه المفضـل :المزرعة .وعندمـا ت اق�ب ،بدأت تتعـاىل أصوات القرقعـة والصهيل ،وجلبةُ حركـة الحيوانات، ِ وعندمـا فتـح عينيـه ،أطلـق رصخـةً عاليـة ...إذ شـاهد أمامه صغـراً وديعـاًُ ،و ِلـد َ سـاعة فقط. قبل جملا ً ي ِ بحماس: جده كان حذّ ار سعيداً ،وبادر َّ ٍ
"جـدي! ّ ّ جـدي! ًهـل هـذه لـي؟ هـل يمكـن أن اختـار لهـا اسـما؟"
الجـد ،وقـد غمرتـه السـعاد ُة أل ّن حفيـده أحـب هديـة قـال ُّ "نعم يـا حذّ ار! إنهـا لك ،وبإمكانك تسـميتها بما عيـد ميلادهْ : تحـب" .توقـع حـذّ ار َّكل المفاجـآت الرائعـة ف ي� عيـد ميلاده، لكنـه لـم يتوقـع أبـداً مفاجـأة كهـذه ...أ ولنهـا كانـت جميلـة جـداً ،أطلـق عليهـا حـذّ ار اسـم "جميلـة". والعجيــب أنــه عندمــا ناداها باســمها ،أدارت رأســها ناحيته فــوراً ،ونظــرت إليــه بمحبــة ولطــف .عانــق حــذّ ار "جميلــة" بحــب كبـ يـر .ف ي� هــذه اللحظــة كان أبــوه ينــادي عليــه لركــوب 59
ساش ــيتي مانيكن ــدان
الجمــال .سـ َ ـأل حــذّ ار جـ َّـده إن كان يمكنــه ركــوب جميلــة ،قال ِ آ جــده" :ال يمكــن الن ،مــا زالــت جميلة صغـ يـرة عــى الركوب". ـ� عنهــا لــكل فســارع إىل أخــذ هاتــف والــده َ ليصورهــا ،ويحـ ي أصدقائــه ف� اليــوم التــال .لقــد كان عيــد ميــاده هــذا أ الكـ ث ـر ُ ِ ي َ ي صديقتــه الجديــدة جميلــة. روعــةً بفضـ ِـل ِ
الفصل الثالث :رحلة الركوب المنتظرة
ف التـال ف ي� المدرسـة ،كانـت قصـةُ جميلـة تُـروى اليـوم � ي ي ف ي� كل فصـل .لـم يسـتطع حـذّ ار مقاومـةَ رسد قصتهـا مـراراً وتكـراراً ،وقـد كان صديقـه أحمـد متحمسـاً مثلـه لجميلـة. االسـراحة ،اندفع الكث� مـن أ ت الوالد إليه ف ي� مجموعات وأثنـاء ي لمشـاهدة صـور جميلـة ،واالسـتماع ألخبارهـا. صنــع طوق ـاً لهــا وحفـ َـر عليــه اسـ َـمها ،وبعــد زيــارات قليلــة ،الحــظ حــذّ ار أن جميلة نمت بشــكل كبـ يـر ،وكان طوق حــذّ ار الــذي يحمــل اســمها يزيــن رقبتهــا .كان جــده وجدتــه مرسوريــن لرؤيــة ت ال�ابــط الخــاص ي ن ب� حــذّ ار وجميلــة .وذات َ مــرة طلــب جـ ُّـده منــه أن يركــب ناقتــه الصغـ يـرةَ ،وقــد كان يتحــرق لذلــك. 60
جميل ــة المحبوب ــة
...أخذتــه جميلــة ف ي� رحلــة عـ بـر الكثبان الرمليــة الضخمة. حبــه لهــا أثنــاء رحلتهمــا أكـ ثـر ،وكانــت جميلــة وقــد تعمــق ّ تتهــادى صعــوداً وهبوط ـاً مــن مــكان لمــكان ،حيــث كانــت ف الظـ ُ ـية دافئــة ـال ب ال�تقاليــة الســاحرة تحيــط بهمــا ي� أمسـ ٍ ـ� جميلــة .مــا الــذي يمكــن أن يكـ َ ـون أفضـ َـل مــن هــذا لصـ ب ي ٍّ ـبع ســنوات؟ يبلـ ُـغ مــن العمــر سـ َ
حذار الفصل الرابع :التغيير في حياة ِ ّ
ّ
َ
بحمـاس "جـدي! جدتـي!! جميلـة!!" بـدأ ينـادي ٍ حـزن وشـوق ي كب�يـن ،ولكـن نـداءه تحـول فجـأة إىل ِ نـداء ٍ ٍ جـده ،فأرص على والـده أن يأخذَ ه وتسـاؤل عندمـا لـم يجـد ّ جده لم يكن ف ي� المزرعة أيضـاً .رأيا المزارع إىل المزرعـة ،لكـن ّ أخ�هما أن جميلة فقـدت الوعي فجأة، العجـوز عمـر ،الذي ب الجـد أخذهـا إىل الطبيـب البيطـري. وأن َّ ووالـده إىل الطبيـب البيطـري .سـارع حـذّ ار هـرع حـذّ ار ُ وعينـاه تدمعـان ليسـأل الطبيـب البيطـري:
"ماذا حدث لجميلة؟" 61
ساش ــيتي مانيكن ــدان
أخـره الطبيـب أنهـا ابتلعـت كيسـاً بالسـتيكياً تركـه ب المت�نز هـون .وأنـه أخذ صورة شـعاعية لحلـق جميلة لعالجها. سـأله حـذّ ار بقلـق شـديد ،وبعيـون يملؤهـا الحـزن" :هـل سـتكون جميلـة بخيـر؟" طمأنـه الطبيـب البيطـري بأنهـا صغـرة ف ي� بخـر بعـد أن يجـري لهـا عمليـة جراحيـة ي سـتكون ي حلقهـا .كان حـذّ ار قلقـاً للغايـة ،وطلب من والده السـماح له ِ بالبقـاء مـع جـده وجدتـه لرعايـة جميلـة ،ووافق والـده فوراً. تـم نقـل جميلـة إىل المستشـفى على الفـور وأجـرى الطبيـب البيطـري الجراحـة لحلـق جميلـة .قىض حـذّ ار ليلة جداه بلا نوم ،وقد بلل وسـادته بدموعه خوفاً عليها .تسـلل ّ الص� الصغ� ي بصمت إىل غرفته ،وشـعرا بالشـفقة عىل هـذا ب ي النبيـل الـذي كان يعتن بالحيـوان أ ال ث كـر تواجـداً ف ي� بيئتنـا. ِ ي همـس جـده لزوجتـه" :لقـد اختـار لـه والـداه اسـماً ينطبـق عليـه تمامـاً" :حـذّ ار" -إنـه شـديد الحـذر ،ويهتـم بالطبيعة، الكثـر مـن المـودة للحيوانـات" .وقالـت لـه الجـدة: ويُظهـر ي "هـذا صحيـح! صحيـح تماماً". و� أ يوم� .ف مكـث حـذّ ار مع جـده وجدته لمـدة ي ن السـبوع ي التـال حمـل معـه حصالتـه عندمـا اتجـه لبيـت جـده .ركـض ي 62
جميل ــة المحبوب ــة
لـرى جميلـة ش تمـس إليـه مـع هديتـه باكيـاً إىل المزرعـة ي ي الخاصـة ،الطـوق الـذي يزيـن رقبتهـا .عانقها بدمـوع الفرح. كان الطبيـب البيطـري ف ي� زيـارة خاصـة للمزرعـة يك يقـوم بفحص جميلة .أعطى حذّ ار حصال َته للطبيب البيطري ،قائالً: ً "شـكرا لك!" شـكره الطبيب عىل نُبل مشاعره ،وطلب منه أن أجـره الحقيقي "تجنب اسـتخدام يحتفـظ بنقـوده ،ب وأخـره أن َ أ الكيـاس البالسـتيكية" وأضـاف" :وإذا اضطـررت السـتخدام واحـد منهـا ،فعليك التخلص منه بالشـكل الصحيـح" .وطلب ٍ ش الوعـي حـول هذه القضيـة ،وأن ينر الطبيـب مـن حـذّ ار أن َ َ يشـجع آ التغي� ،ألن البالسـتيك الخرين عىل ي َ ليس صديقـاً للبيئة.
63
ساش ــيتي مانيكن ــدان
يتم إلقاؤُه يتأثـر العديد من الحيوانات بالبالسـتيك الذي ّ الميـاه والصحـراء .فهـم حذّ ار مـا قاله لـه الطبيب ،ووعد ف ي� ِ ف أكـر الطبيـب بجديـة أنـه سـيفعل كل مـا ي� وسـعه إلنقـاذ ب َ عـدد ممكـن مـن الحيوانـات .ثـم ركـض على الفـور ،وعانـق َ جميلـة وقـال لها" :آسـف عزيزتـي جميلـةْ . أسـتخدم لن ً َ َ َ األكياس البالسـتيكية من اآلن فصاعدا" .لمس رأسـها بيديـه ت حى تشـعر جميلة بحبـه وبدفء مشـاعره.
الفصل الخامس :طفل صغير وتغيير كبير
ف تغيـر ملحـوظ التـال ف ي� المدرسـة ،كان هنـاك اليـوم � ٌي ي ي أ ف تجنـب الكيـاس البالسـتيكية، عـن يتحـدث كان نشـاطه. � ُ ي ِ أ ف ومـدى خطـورة هـذه الكيـاس على الحيوانـات ي� الصحـراء ف و� المـاء إذا لـم يتـم التخلص منها بشـكل صحيـح .تحدث ي وألمهـا. إىل أصدقائـه ي نَ المقربـ� عـن معانـاة جميلـة ِ وع�د أصدقاءه برحلـة إىل قريته الصحراوية لزيارة جميلة، إن هـم وعـدوا باسـتخدام أكيـاس وزجاجـات قابلـة إلعـادة االسـتخدام .بـدأ الجميـع يُظهـر االهتمـام بمبـادرة حـذّ ار. الجمـال" لتقليـل شـك َّل أصدقـاؤه مجموعـة تسـمى "حفـ ُظ ِ 64
جميل ــة المحبوب ــة
اسـتخدام أ الكيـاس البالسـتيكية ،وإعـادة تدوير البالسـتيك. تغيـر ف ي� سـلوكهم، وبـدأ مع ّلموهـم يشـعرون بحـدوث ي وبـدؤوا بتشـجيع نشـاطهم ،وبـدأت المدرسـة ف ي� مالحظـة عمـل حـذّ ار مـن أجـل البيئـة. قابلـــة إلعـــادة معدنيـــة زجاجـــات بـــدأ بتوزيـــع ٍ ٍ ٍ ـاس قم ــاش قابل ــة إلع ــادة االس ــتخدام االس ــتخدام ،وأكي ـ ِ عــى جميــع الذيــن يعملــون عــى إعــادة تدويــر البالســتيك. كمـــا اســـتبدل والـــداه أ الدوات الم�نز ليـــة البالســـتيكية ف ي� المـــزنز ل بأخـــرى قابلـــة إلعـــادة االســـتخدام ،وشـــجعوا ج�انهـــم عـــى فعـــل ش نفســـه. ي الـــي ِء ِ ي نــر الوعــي حــول أ جعــل حــذّ ار هدفَــه ش الكيــاس َ البالســتيكية ف ي� محــات "الســوبر ماركــت" والبقالــة ف ي� الحــي الــذي يســكن فيــه .وقــد دعـ َـم هــذه المبــادرة مــن خــال ـب اليدويـ ِـة المصنوعـ ِـة مــن تزويــد تلــك المحــات بالحقائـ ِ ين ين المحليــ�. الحرفيــ� قبــل وجدتُ ــه ف ي� توف ـ يـر الحقائ ــب المصنوع ــة س ــاعد ُه ج ـ ُّـده ّ الح ــر ِف المحلي ــة ،مم ــا س ــاعد الحرفي ـ ي ن ـن محلي ـاً م ــن مرك ــز ِ َ ين المحليـــن الفقـــراء عـــى االســـتفادة ،إضافـــة إىل الحفـــاظ 65
ساش ــيتي مانيكن ــدان
ت ـي تواج ــه االنقــراض. ع ــى ِ الح ـ َـر ِف اليدوي ــة المحلي ــة ال ـ ي البــل، أنشــأ هــو وأصدقــاؤه منظمــة غـ يـر حكوميــة إلنقــاذ إ وصمم ــوا ش ــعاراً له ــا لتقديم ــه كهدي ــة إىل ش ــباب البيئ ــة، وكان العديـــد مـــن أصدقائـــه فخوريـــن بوضـــع الشـــعار ع ــى صدوره ــم. الكثـر وأصبـح كل محيطـه صديقـاً للبيئـة، الكثـر ي تغـر ي ي وأصبـح الـكل يطلـق عليـه صديـق "جميلـة المحبوبـة".
66
67
68
لنكمل السلسلة تأليف شاهد فايس
َ االنتقــال إىل فيــا شــعبان قــررت عائلــةُ حمــز َة ف ي� شــهر َ جديــدة ف ي� الشــارقة. خالد أحمد" :هل تسمع ذلك الصوت؟" سأل ٌ َ نظرة "أعتقــد أن جيراننــا الجــدد جــاؤوا!" هرعــا إللقــاء ٍ رسيعــة؛ كانــت ش�كــة النقــل تــن ز ُل أ الثــاث مــن الشــاحنة، ُ ِْ وكان حمــز ُة واقف ـاً مــع أبيــه. ً ُ َ نرحـب أحمـد ،وهـذا أخـي خالـدٌ .يسـعدنا أن "مرحبـا! أنـا بكم في ِّ حينا ،ويسـعدنا أن نقدم لكم المسـاعدة إن كنتم بحاجـة إلـى ّ أي شـيء".
ف ين حميم�. أصبح الثالثةُ أصدقا َء و� غضون بضع ٍ ساعاتَ ، ي 69
لنكم ــل السلس ــلة
كان أحمـ ُـد وحمــز ُة يبلغــان مــن العمــر 11عامـاً ،وخالـ ٌـد ين ســنوات .وكانــوا كلهــم أوالداً خلوقــ� يبلــغ مــن العمــر 9 ٍ يحســنون التــرف... ـ� القلــبِ ، وطيـ ب ي ين منشـغل� ف ي� ترتيب م�نز لهما الجديد، ولما كان والدا حمزة ّ ىض وخالد. أحمد الكث� من الوقت مـع َ ٍ ق حمـز ُة ي َ لقـد أحبـوا ال ّل ِعب ف ي� الم�نز ل ،واسـتمتعوا بلعـب "الليغو" الطفال آ و"بلاي ستيشـن ،"4وبلعب كرة القدم مـع أ الخرين الحديقة المجاورة. ف ي� ِ ف غ� وذات صبـاح ،أثنـا َء اللعب ي� الحديقـة ،الحظوا نبتةً َي َ ٍ عادية ي ن الشـج� ِات. ب� ي قـال أحمـد" :يـا إلهـي! انظـروا إلـى تلـك األوراق البيضاويـة الالمعـة! انظـروا إلـى الزهـور الحمـراء الزاهيـة!" َ قعقعـة عاليـة ...وشـاهدوا صبيـاً فجـأة سـمعوا صـوت ٍ صغـراً سـاقطاً عـن دراجتـه .ركضـوا برسعـة لمسـاعدته. ي وبـادره حمـزة" :هـل أنـت بخيـر؟ دعنـا نسـاعدك" .نظروا ف يـد إليـه فالحظـوا أنـه أصيـب بكدمـات ي� ركبتـه ،فمـدوا لـه َ ش والرجـوع إىل والديه. والمـس العـون ،وسـاعدوه على القيام ي ِ خالد" ،هل تسـتطيعون أن "توقفـوا!" طلـب منهم ٌ 70
شــاهد فايــس
ُ اندهـش صـدق!" تـروا مـا أراه؟" قـال حمـزة" :هـذا ال ُي َ أ ت سـنتيم�ات ف ي� بضـع الوال ُد عندمـا رأوا أن النبـات قـد نمـا َ ش دقائـق فقط! عر َ وقـــت العـــودة إىل المـــزنز ل ،قـــرروا وعندمـــا حـــان ُ المج ــيء ف ـال لمعاين ـ ِـة النب ــات ،ال ــذي أطلق ــوا ـ الت ـوم ـ الي � ي ي عليـــه اســـم ي ز "تـــزار". مــرت أ ـام رمضــان ،وقــرروا جميعـاً اليــام ،وجــاء ُ أول أيـ ِ تن ـ َ الفط ــار معــاً ف ي� الحديق ــة م ــع عائالته ــم .حــرض ّ ت ـاول إ والهريـــس، لفائـــف الشـــاورما اللذيـــذة، والـــدة حمـــز َة َ َ وخالـــد وأعـــدت الكُ نافـــة ،بينمـــا طهـــت والـــدة أحمـــد ٍ مجبـــوس الضـــأن ،وأعـــدت البسبوســـة. َ وجـدوا مكانـاً مريحـاً بالقـرب مـن نبـات ي ز تـرار ،وبعـد بعـض الطعام إلطعـام القطة العشـاء ،أخـذ أحمـد وحمز ُة َ ُ أ بالقـرب مـن النبتـة .ثـم قـال أحمـد والدهشـةُ تمل� وجهـه: " ْ َ بضـع انظـر! كيـف حـدث ذلـك؟" قـال حمـزة :نمـت "تيـزار" َ أمـام أعيننـا. سـنتيمترات مـرة أخـرى
ساعات ف ي� بطريقة غريبة ...لقد أمضوا النبات ينمو إن ّ َ ٍ ٍ ف أن النبات ينمو ي التفك� ي� هذا النبات يغ� العادي .أدركوا ّ 71
لنكم ــل السلس ــلة
خ� بالقرب منه، ٍ برسعة هائلة عندما يقوم أي شخص بعمل ي ٍ أو يقوم بأي لفتة إنسانية لطيفة. خالد" :لذا ...إذا كنا نهتم وساعدنا الناس والبيئة، قال ٌ فإن هذا النبات سينمو بحلول العيد ليغدو شجرة كبيرة". ين متحمس� للغاية، وأحمد وحمز ُة خالد كان ُ ٌ وناقشوا العديد من الطرائق لمساعدة النبات المزيد من كونوا َ عىل النمو بشكل أرسع .لقد ّ أ الصدقاء ف ي� الحي ،وقاموا معاً بإعداد قائمة:
72
شــاهد فايــس
قال أحمد لجميع أ الطفال الذين أرادوا االنضمام ُ للمساعدة ف بشكل أرسع" :إن المساحة تنمو الشجرة جعل � ي ٍ ِ الفارغة مخصصة لكم إلضافة أفكاركم"( .وأنتم أيها القرا ُء تستطيعون إضافةَ أفكاركم أيضاً). ّ بنشاط األصدقاء". خالد" :دعونا نبدأ قال ٌ ِ أ ف تصبــح صديقــاً أن تكمــن فكــر ُة نشــاط "الصدقــاء" ي� ْ َ لطفــل آخــر ف ي� الحــي ،وتســاعده عــى تعلــم ش � ٍء جديــد. ي كان أحمـ ُـد بارع ـاً ف ي� الرســم ،وخالـ ٌـد يحــب الق ـراءة ،وحمــز ُة ـدم جيــد. العــب كــرة قـ ٍ دون جميــع أ الطفــال مهارا ِتهــم ،وأفضـ َـل مــا يمك ُنهــم ّ ـام بــه ،وقــرروا االجتمــاع ف ي� الحديقــة القريبــة مــن النبتة القيـ ُ ـرار" كل مســاء ف� الســاعة 4لتعليــم آ "تـ ي ز الخريــن مهاراتهــم. ي بشــكل أرسع ،وبــدأ ف ي� النبــات ينمــو بهــذه الطريقــة بــدأ ُ ٍ إنتــاج المزيــد مــن الزهــور .اســتمتع أطفــال الحــي بتعلــم أشــياء جديــدة ،وأصبحــوا أكـ ثـر براعــةً ف ي� عمــل الكثـ يـر مــن انتــرت أ أ ونموهــا .ش الخبــار... الشــياء، وطــوروا مواهبهــم ّ ّ الطفــال مــن المناطــق المجــاورة أ وبــدأ أ الخــرى باالنضمــام ألنشــطة أ الصدقــاء. 73
لنكم ــل السلس ــلة
قــام أ الصدقــاء بتأليــف قصيــدة تتضمــن القيــم النســانية ت الــ� يتبنونهــا: إ ي نحب أن نكون مشاركين ولآلخرين مهتمين نحب أن نكون لطيفين وبأفكارنا مراعين الروايـاتٍّ . لـكل شـخصيات ف ي� يترصفـون وكأنهـم وبـدؤوا َ ٌ ِ دوره ،واختاروا اسـماً لمجموعتهـم ،إذ قرروا أن يطلقوا عليها ُ اسـم "حلقـة الفكـر" ،واسـتمروا ف ي� القيـام بأنشـطة أخـرى أ ف التـرع بالوجبـات مـن النشـطة المدونـة ي� القائمـة ،مثـل ب الـ� تسـعد آ واللعـاب ،أ أ وبالشـياء المفيـدة ت الخريـن. ي أيـام حافلـة بالفـرح شـهر الصيـام وانتهـاء ٍ بعـد ِ إتمـام ِ حـل عيـد الفطـر ،وبـدا جميـع أ والعطـاءّ ، الطفـال ف ي� أجمـل بمالبـس جديـدة ،وعندمـا التقـوا ف ي� الحديقـة بعـد حلـة َ خالـد إىل الشـجرة ،ثـم قال مندهشـاً: صلاة العيـد ،التفـت ٌ ِ
"انظـروا ...انظـروا ...الزهـور بـدأت تتفتـح". 74
شــاهد فايــس
الزهـور خالبـاً ،مـع أنهـم لـم يتأكـدوا مـن الثمـار منظـر كان ُ ِ ت الـ� سـتجود بها الشـجرة. ي ـري النبـات ،واسـتمروا ف ي� قـام فريـق " حلقـة الفكـر" ِب ّ والخ� .واسـتمرت النبتة القيـام بأعمال المشـاركة إ والحسـان ي بالنمـو بشـكل مذهـل ت غـدت شـجر ًة جميلـة. حى ْ ٍ مــر شــهران فقــط ،وكانــا كأنهمــا عــام بالنســبة لهــم. ّ ف نظــروا إىل الشــجرة ورأوا ثمــر ًة ناضجــة .ي� البدايــة ،شــعروا أ ش تعــط ثمــاراً كمــا بــس ٍء مــن إ الحبــاط ،لن الشــجرة لــم ِ ي توقعــوا .اعتقــد خالــد أنهــا ســتكون فاكهــة كبـ يـرة المعــة، ظــن أحمــد أنهــا ســتبدو ثمــر ًة ســاحر ًة تتوهــج ف ي� بينمــا َّ الظــام ،وقــد اتضــح أنهــا فاكهــةٌ حمـرا ُء داكنــة ومســتديرة الشــكل .بــدا أ بتفاحــة حمــراء عاديــة. المــر وكأنهــا أشــبه ِ أخـذوا الثمـرة معهـم وسـارعوا لمنازلهـم ،وبعـد أن تفحصوهـا ،أدركـوا أنهـا نـو ٌع خـاص مـن الرمـان. تذوقوهــا مــع أهلهــم ،وكان طعمهــا لذيــذاً! وتعلمــوا مــن أهلهــم أن الرمــان فاكهــة مغذيــة للغايــة ،ثــم تعاقبــت أ اليــام أ أ وذات وال شــهر ،وانشــغل الطفــال باالمتحانــاتَ . ُ ـوم ،شــعر أحمــد بالفضــول لمعرفــة مــدى نمــو "تـ ي ز ـرار"، يـ ٍ 75
لنكم ــل السلس ــلة
وذهــب إىل الحديقــة. َ بكث�. أقرص ي ولكن يا َل ْلغرابة ،الح َظ ّ ْ أن النبتة أصبحت َ ف التـال ،اسـتدعى "حلقـة الفكـر" للحديقـة. اليـوم و� ي ي نمت فاسـتغرب ُ الجميـع ممـا رأوا ،فقـد كانـوا يتوقعـون أنهـا ْ َ َ أفضـل. وترعرعـت بشـكل ْ ش مريـب للغايـة ،وبـدؤوا يفكّـرون فيمـا � ٌء ٌ كان هنـاك ي يجـب عليهـم فع ُلـه .كانوا يعلمون بـأن أ سـيكون صعباً، مر ال ُ ُ ّ َ لذلـك وضعـوا قائمـة ألنشـطة البحـث:
ُ تقصر الشجرة؟ .1لماذا ٌ نبات ُ آخر يسلك ذات السلوك في النمو؟ .2هل هناك َ .3ماذا يمكننا ْ لمساعدة البيئة؟ نفعل أن ِ
و� اليـوم التـال اجتمعـت الحلقـةُ لمناقشـة أ ف السـئلة ِ ي ي المطروحـة وتقديـم إجابـات شـافية لهـا: ُ َ أقصر ألننا توقفنا عن أعمال 1.أصبحت الشجرة اإلحسان والخير واللطف بسبب انشغالنا. ِ 76
شــاهد فايــس
2.ال يمكننا معرفة سلوك النباتات األخرى إال عندما نقوم بإنشاء حلقة أكبر على مستوى العالم للقيام بأعمال اإلحسان والخير مع الناس والنباتات والحيوانات. ٌ ُ 3.هنــاك طرائـ ُ ـق عديــدة للمســاعدة .يجــب علــى ّ أن يتعهـ َ كل واحــد منــا ْ ـام بــدوره. ـ بالقي ـد ٍ ِ تكـر مـرة أخـرى، للغايـة لرؤيـة كانـوا سـعدا َء ِ ِ الشـجرة ب ُ ف رعايـة الطبيعـة بـكل طريقـة ممكنـة. وقـرروا أن يسـتمروا ي� ِ قـد نجـد نباتـات مشـابهة ف ي� أي مـكان أخر ،وقـد ال نجد، لكـن كل النباتـات والحيوانات ف ي� هذا العالم تسـتحق اللطف والرعايـة .دعونـا ش ئ ننـس حلقـات أخـرى و"نكمـل السلسـلة" للعنايـة ببيئتنا.
77
78
ُ زايد الخير أطفال ِ تأليف سهيلة عبد الحليم منصور
تبــدأ قصتنــا ف ي� يــوم مــن أيــام العيــد الســعيد بدولــة ـات تتجمــع إ المــارات العربيــة المتحــدة ،عندمــا كانــت العائـ ُ وتفــرح بهــذه المناســبة الجميلــة وتتقــارب ،احتفلــت شــيخةُ وعائل ُتهــا بالعيــد وأفراحــه وطقوســه الجميلــة الـ تـ� تتمـ ي ز ـر بها ي المــارات مــن إعــداد الحلــوى والمأكــوالت ال ّلذيــذة، دولــة إ وإعــداد المالبـ ِـس الجديــدة للعيــد. المـارات العربيـة شـيخةُ فتـاة صغـرة تعيـش بدولـة إ ي ت تتكـون مـن والدهـا ووالدتهـا الـ� ُ المتحـدة مـع عائلتهـا ي وأخويهـا حمـدان وحمـد .ف ي� يـوم وقفة العيد المبـارك بدأت العـداد أليـام العيـد الثالثـة القادمة ،حيث شـيخةُ وعائل ُتهـا إ 79
ســهيلة عبــد الحليــم منصــور
أ يعـد أ كالت الشـعبية ال هـال بدولـة إ المـارات العربيـة ال ِ ُ ي وغ�هـا المعروفـة مثـل (اللقيمـات – الهريـس – ال ّنخـي ...ي مـن المأكوالت الشـعبية ال ّلذيـذة) ،كما تقوم الفتيات برسـم ت ال� كعـادة الحنـاء ٍ ٍ معروفة بـدول الخليج ،وإعـداد المالبس ي لتوزيعها عىل سـوف يلبسـنها بأيـام العيد ،وإعـداد الحلـوى ِ أ الطفـال بعـد صلاة العيـد. ف و� أول أيام العيد استيقظت العائلة مبكراً ،حيث ي توضؤوا وارتدوا مالبسهم الجديدة ،وصلوا صبحهم ،وبعد ذلك بدؤوا االستعداد للذهاب لمصىل العيد القريب منهم بإمارة الشارقة ،وعندما وصلوا إىل هناك صلوا صالتهم ،وبدأ الناس بالسالم عىل بعضهم البعض .بدأت شيخة بتوزيع الطفال الموجودين ،وكان جميع أ الحلوى عىل أ الطفال ي ن فرح� ُ ِ بالعيد وبجمال الحلوى وبالمالبس الجديدة .نظرت شيخة وغ� مالبس بالية ،ي بعيد فوجدت هناك بنتاً ي من ٍ صغ�ة ترتدي َ سعيدة بالعيد وفرحته مثل بقية أ الطفال ،ت فاق�بت شيخة سبب منها ،وأعطتها الحلوى وجلست بجانبها وسألتها عن ِ حزنها ،ولماذا تجلس وحدها وليس هناك أصدقاء لها .بدأت الطفلة بالبكاء ،وبالحديث مع شيخة قائلة“ :أنا طفلة يتيمة 80
ُ زايـد الخيـر أطفـال ِ
أعيش مع ّ جدتي المريضة ،وال نملك المال الكافي لكي أحضر المالبس الجديدة أو أحتفل بالعيد وفرحته ،ولكن
كب�اً بقصتها، الحمد لله على كل حال" ،فتأثرت شيخة تأثرأ ي ت وتخ� ال� أعطاها لها والدها ،ب وفكرت أن تساعدها بعيديتها ي إخوانها بذلك لك ت يش�كوا معها ،وبالفعل قامت بإعطائها ي الحلوى وقالت لها “خذي هذه النقود عيدية مني" ،فقبلت الصغ�ة ذلك وشكرتها ،وقالت لها شيخة ما اسمك منها الفتاة ي ُ ين ُ بمكان وأسكن عفراء، تعيش�؟ فقالت لها “اسمي وأين ٍ عرفت شيخةُ المكان الذي تعيش فيه، قريب من هنا". ْ ٍ قريب من م�نز لها ففرحت بذلك ،وقالت المكان أن َ ووجدت ّ ٌ ُ وزيارتها باستمرار". أقوم بمساعدتها “سوف ِ
81
ســهيلة عبــد الحليــم منصــور
وذهبـت شـيخة لبيتهـا وأكملـوا فرحـة العيـد ،وذهبـوا وجدهم للسلام عليهما ،وكان يوماً جميال ً بالنسـبة لجدتهم ّ ّ لشـيخة وعائلتهـا .وبعـد مـرور عـدة أيـام بـدأت شـيخة جدتهـا المريضـة بالذهـاب لبيـت عفـراء لمسـاعدتها ،ورأت ّ وأخـر ْت إخوانها جـدة حنوناً طيبـة ،ب وتعرفـت عليهـا ،فكانـت ّ ْ بذلـك ،ففرحـوا وقـرروا أيضـاً مسـاعدتها مع شـيخة ،وبدؤوا بمسـاعدتها يوميـاً بالطعـام أ واللعـاب والكسـاء .ف و� أحـد ي أ تبك� ،فقالوا لهـا “مـاذا حدث جالسـة اء ر عفـ وجـدوا يـام ال ي ً ٌ عفـراء؟" قالـت “ ّ ُ جدتـي مريضـة جـدا ،وال أعـرف مـاذا يـا من أفعـل" ،ففكـروا رسيعـاً وذهبـوا للمنز ل وأخـذوا النقـو َد ْ بالطبيب .جاء الطبيـب للمكان وفحص مدخراتهـم ،واتصلـوا ِ للجدة، الجـد َة وكتـب الـدوا َء لهـا ،وأحرض وه مـن الصيدليـة ّ ِ الجد ُة وشـعرت بالتحسـن ،ففرحت عفرا ُء وشـكرتهم وأخذته ّ الجد ُة لمـا يقدمـوه لها من يد العون والمسـاعدة ،وشـكرتهم ّ بالنجـاح والتوفيق ف ي� حياتهم ،وبعد مرور شـهر ودعـت لهـم ِ الب أ مـن ذلـك شـعر أ والم بـأن ترصفـات أبنائهـم مختلفـة، أن وهنـاك أشـياء تختفـي مـن المنز ل ،فقـال الوالـد "ال ّ ُ بـد ْ اقبهـم أل َ عـرف مـاذا يحـدث" ،وبالفعل وجدهـم قد أخذوا أر َ 82
ُ زايـد الخيـر أطفـال ِ
قريـب مـن م�نز لهـم ،وقابلـوا فتـاة بيـت طعامـاً ،وذهبـوا إىل ٍ ٍ صغـرة هنـاك ،وأعطوهـا أ ال َكل وانرصفـوا .اسـتغرب الوالـد ي بيـت الفتـاة، مـن هـذا الفعـل وبعـد أن خـرج أبنـاؤه مـن ِ ت الـ� ذهـب اىل المنز ل وطـرق البـاب وفتحـت الفتـاة ُ نفسـها ي كبـرة تعيـش معهـا، قابلـت أبنـا َءه هنـاك ،ووجـد سـيدة ي أنـت؟" قالت “أنا والبيـت ٌ متواضـع جـداً ،فسـأل الوالـد "من ِ َ ُ عفـراء وهـذه َج ّدتـي ،ومـن تكـون أنـت يـا سـيدي؟" قـال الـ� أحرض ت لـك الطعـام آ ت وذهبـت"، ال َن َ ْ ِ "أنـا والـد الفتـاة ي َ ـم ُ قالـت ن“ ِْع َ الجميلـة التـي تسـاعدنا الطيبـة والـد شـيخة ِ ِ وجدتـي منـذ فتـرة" ،ففـرح أ أنـا ّ الب فرحـاً شـديداً بمـا يفعله ولكن عاب أوالده ،وأنـه أحسـن تربيتهـم وأحسـنوا التصرفْ ، أنـت عليهـم أنهـم لـم ب يخـروه بذلـك ،وسـأل الفتـاة "هـل ِ ت حبيبـ� أم ال؟" فقالـت“ :ال" .قالـت الجـدة بالمدرسـة يـا ي نعـم ت "إن ال�بيـة" ،وقالـت لـهَّ : "تفضـل يـا سـيدي فـأوال ُدك َ تذهـب للمدرسـة ألننـا فقـرا ُء ،والمدرسـة تحتاج إىل عفـرا َء ال ُ نقـود ،ونحـن ال نملكهـا بسـبب ض مـر� ،وليـس هنـاك مصدر ٍ ي ت سـيد� ،وسـلم "خـر إن شـاء اللـه يـا ي رزق لنـا" ،فقـال لهـا :ي ٌ ٍ ذهـب للمنز ل". عليهمـا ،ثم َ 83
ســهيلة عبــد الحليــم منصــور
وعندمـا عـاد إىل الم�نز ل كانت شـيخة وإخوانهـا بغرفتهم، أ أن شـيخة وإخوانها ووجـد ال ّم فحكى لهـا مـا جـرى ،وكيـف ّ وجدتَهـا ،وكيف أنهم يسـاعدون تلـك الفتـاة الصغ�ة عفـرا َء ّ ي أعطوهمـا الطعـام والمـال مـن أ المـوال ت الـ� ادخروهـا مـن ي عيديتهـم ،وأنهـم مسـتمرون على ذلـك بشـكل شـبه يومـي، ففرحـت أ الم فرحـاً ال يوصـف بمـا فعلـه أبناؤهـا الصغـار، ولكـن أ الب قـال لهـا" :سـوف نبلغهـم أننـا عرفنـا ،ونعلمهم يخ�ونـا بمـا يفعلونـه أوالً ،وأن ال يتعاملـوا مـع بـد أن ب أنـه ال َّ الغربـاء بـدون ِعلمنـا ،ت خـراً ،ونحن ح� ولـو كان ذلك العمل ي سـوف نسـاعدهم بذلك". ونـادى أ الب أبنـا َءه فحرض وا جميعـاً ،وقـال لهـم "مـاذا العـزاء؟" وبصفتهم الطيبـة ،أ أبنا� أ ئ ولنهم فعلتـم َ اليوم يـا ي عفراء ّ َ وجد َتها" ،قال: ال يعرفون الكذب قالوا“ :كنا نسـاعد ُ عفـراء وجدتهـا وكيف تسـاعدونهما ،قالـوا“ : مـن هي عفـرا ُء ّ ٌ فتـاة تعرفنـا عليهـا فـي أول أيـام العيـد ،وكنـا نسـاعدها َ َ والمالبـس" ،ونسـاعدها بالمـال الـذي الطعـام بإعطائهـا
ٌ جميـل منكم ذلـك ،ولكن يجب ادخرنـاه مـن عيديتنـا ،قـال": عليكـم أن ب ن وأن ال تتعاملـوا مـع الغربـاء و� بذلـك أوالًْ ، تخـر ي 84
ُ زايـد الخيـر أطفـال ِ
بـدون علمنـا" ،قالـوا“ :نعـم يـا والـدي نأسـف علـى ذلـك،
ولكـن خفنـا أن ال تسـمح لنـا بذلك" ،قـال" :كيف ذلك وأنتم ن الخـر الـذي الخـر، دولتنـا ُ ُ زايـد ي تفعلـون ي وبـا� ِ ووالدنـا ي بالدولـة وخارجهـا ،ونحـن جميعـاً تعلمنـا الجميـع سـاعد َ َ ِ منـه ذلك ،وأنا سـعيد جـداً بما فعلتمـوه ،ولكن كنـت أُف َّض ُل أن ب ن بالخـر ،ولـن أرفـض لكـم طلباً، و� مـادام عملكـم ي تخـر ي ن بـأ� ذهبت خلفكـم ،وعرفت مكان وبهـذه المناسـبة أعلمكم ي أسـاعدهما وجد ِتهـا وتحدثت معهمـا ،وقررت أيضاً أن َ عفـرا َء ّ مثلكـم" ،قالـوا “كيـف ستسـاعدهما أبـي الحبيـب" قال "سوف ُ أدخل عفرا َء المدرسة ،وسوف أصلح م�نز لهما الذي تعيشان فيه ،وأيضاً سوف أح�ض الطبيب للجدة يك َ أ الخ�. يكشف عليها" .فرح البناء فرحاً شديداً بذلك ب سـجل والدهـم عفـرا َء بنفـس وبعـد عـدة أيـام بالفعـل ّ مدرسـة أبنائـه ،والتحقـت عفـراء بالمدرسـة بالصـف أ الول، وكانـت شـيخة بالصـف الخامـس وحمـد بالصـف الرابـع، الول بنفـس صـف عفـراء ،وبـدأ أ وحمـدان بالصـف أ الطفـال يذهبون لمدرسـتهم كل يوم ،ويقابلون عفراء وهي فرحة بما غـروا حياتها وسـاعدوها فعلـوه لهـا ،وكيـف أنهـم وعائلتهم ي 85
ســهيلة عبــد الحليــم منصــور
هـي وجدتهـا ،وأخـذوا بيدهمـا مـن هـذا الفقـر الـذي كانـا فيـه ،وحمـوا عفـراء مـن الجهل ،وهـي آ الن تذهب للمدرسـة َ الطفـال آ وتتعلـم كبقيـة أ الخريـن ،ولن تنىس ذلـك لهم أبداً. انتظمـت بمدرسـتها ،ولكـن كان هنـاك بعـض وبعـد ذلـك ْ أ أ فقـرة ،ولكن الطفـال الذيـن يتنمـرون عليهـا لنها مـن عائلة ي حمـدان رأى ذلـك وطلـب مـن هـؤالء أ الطفـال بـأن ال يقولـوا وأخ� شـيخةَ بما ذلـك لعفـراء ،ولكنهـم لـم يسـمعوا كالمـه ،ب حـدث بالصـف ،فقالت“ :ال ّ َ َ بـد ْ وأدافـع عنها". أذهـب أنـا أن وبالفعـل ف وأخ�تهـا بمـا اليـوم � التـال ذهبـت للمعلمـة ب ي ي أ يحـدث ،ومـاذا قـال ال ُ طفال لعفـراء ،فغضبـت المعلمة من هـذا التصرف المرفـوض إنسـانياً وأخالقياً ،وذهبـت المعلمة للصـف ،وقالـت لهم" :أنـا عرفت بما حدث مع عفـراء ،وكيف أنكـم تنمرتـم عليها ،وهـذا الفعل مرفـوض إسلامياً وأخالقياً. ف يـن َآم ُنـوا َل قـال اللـه تعـاىل ي� كتابـه الكريـم﴿ :يَـا أَيُّ َهـا ا َّل ِذ َ سى أَن يَكُونُوا خَ ي ْ ً�ا ِّم ْن ُه ْم َو َل ِن َسـا ٌء يَ ْسـخَ ْر َق ْ ـو ٌم ِّمن َق ْو ٍم َع َ ٰ ـن َو َل تَ ْل ِم ُزوا أَنف َُسـك ُْم َو َل ـرا ِّم ْن ُه َّ ِّمـن ن َِّس ٍ س أَن يَك َُّن خَ ي ْ ً ـاء َع َ ٰ تَنابـزوا ب ْ أ َ ْ َـاب ِب ْئ َس ِال ْس ُـم ا ْلف ُُس ُ ـان َو َمن ق ل ال ـوق بَ ْع َـد ْ ِإ ال َيم ِ َ َ ُ ِ ِ َّلـم يتـب َفأُو َٰلئـكَ هُ ـم الظَّالمـون﴾ آ (اليـة 11سـورة الحجـرات)، ُِ َ ُ ِ ْ َُ ْ 86
ُ زايـد الخيـر أطفـال ِ
ومرفـوض نهائيـاً بدولـة إالمـارات العربيـة المتحـدة ،ألن هذا ليـس مـن صفـات وأخلاق أهلها" ،فشـعر أ بالذنب، طفـال ال ِ ِ ِ َ الترصف بأن هـذا وقامـوا جميعـاً باالعتـذار لعفـرا َء ،ووعدوا ّ لـن يتكـرر مـر ًة أخرى. تسـتمر عفـرا ُء بدراسـتها بـكل حـب ،وتبـدأ بعـد ذلـك ُّ وتصبـح مـن أوائـل الطلبـة والتفـو ِق ف ي� دراسـتها، بالنجـاح ُ ّ ِ بالمدرسـة ،وتُكَ ّـر ُم دائمـاً مـن إدارة المدرسـة .فرحـت شـيخة كثـراً بذلك هـي وعائلتها ،وكيف أنهـم بفعلهم الطيب يغ�وا ي حيـاة عفـراء ،وكيف أصبحـت آ الناجحات الن من المتفوقـات ِ ُ ُ ُ تغمرهـا َ وجدتهـا. هـي ف ي� حياتهـا ،والسـعادة
87
السـحري والح ّناء ِّ آمنة ِ تأليف آمنة السويدي
ـتعد الســتقبال أن تسـ ّ غــداً أول أيــام عيــد الفطــر ،وعىل آمنة ْ ت الــ� طــال انتظارهــا “اممــم... هــذه المناســبة الســعيدة ي
ُ ـيت أن أضـ َ الحنّــاء ـع مالبســي ...حذائــي ...يــا إلهــي لقــد نسـ ِ علــى يـ ّ ـب مــن أمهــا ـدي" تمتمــت آمنــة .أرسعــت آمنــة لتطلـ َ ٌ متســع المســاعدة" .ال تقلقــي يــا صغيرتــي ،ال يــزال لدينــا
مــن الوقــت" .طمأنــت أ الم ابنتهــا آمنــة .بــدأت أم آمنــة ـن دون جــدوى .إنهــا ليلــة باالتصــال بمحــات الحنــاء ولكـ ْ العيــد والجميــع مشــغولون والطرقــات مزدحمــة .حزنــت ت�يــن بالحنــاء ف� كل أ العيــاد، آمنــة كثـ يـراً ،فقــد اعتــادت أن ت ز َ ي ـ� بمفردهــا .ثــم هرولــت باتجــاه صديقهــا جمــول وظلــت تبـ ي 89
آمنـة السـويدي
لتخــره عــن ســبب ضيقهــا .جمــول هــو الجمــل الـ ف ـو� الــذي ب ي ف صغ�ة تـ بـرق ف ي� والدهــا .لمحــت آمنــة ورقــة ي يعيــش ي� زريبــة ِ ـح النهــار ،قــد ألقيــت عــى الرمــل ف ي� مزرعتهــم ،همــت وضـ ِ ـب عليهــا "نقشــات أم أحمــد" .كادت بالتقاطهــا ،وكان قــد ك ُِتـ َ تطــر فرحــاً بعــد عثورهــا عــى هــذه البطاقــة، آمنــة أن ي حيــث إن والدتهــا لــم تتصـ ْـل بهــذا المحــل ،وطلبــت مــن صديقهــا جمــول أن يرافقهــا للبحــث عــن مــكان هــذا المحــل وســط الصح ـراء. العنوان امتطـت آمنة ظهر جمـول بحذر ،ومضيا يتبعـان ُ ت الـ� ع�ث ت عليهـا .وبعد مض ي نصف الم ّ ُ ـدون على البطاقـة ي سـاعة ظهـرت من بعيـد خيمةٌ ملونـة ،وكان الضبـاب الكثيف أ المثبتـة الالفتـة يمل� المـكان .حاولـت آمنـة جاهـدة قـراءة ِ ِ ف ي� وسـطها ،ثـم رصخـت قائلـة“ :لقـد وصلنـا يـا جمـول! يـا َ لسـعادتي ،انتظرنـي فـي الخـارج يـا جمـول ريثمـا أنتهـي الحنّـاء" ،حدثـت آمنـة جمـول .دخلـت آمنـة إىل مـن وضـع ِ
ت الـ� كانـت تقـف ف ي� وسـط الخيمـة الخيمـة .نـادت أم أحمـد ي آمنـة قائلـة" :ال ف ت واجلس�". بقـر� تعـال ، عزيـز� يـا تخـا� ب ي ي ي ي ي جلسـت آمنـة بجانـب العجـوز تم�قبـة ما سـوف يحـدث .ثم 90
91
آمنـة السـويدي
بـدأت أم أحمد برسـم نقشـات حنـاء جميلة عىل يـدي آمنة. انتهـت أم أحمـد من رسـم الحناء ،فشـكرتها آمنـة قائلة: “يـا لهـا مـن نقشـات رائعـة" ،أردفـت أم أحمـد: ي ت سه بنفسـك "إنـه حنـاء سـحري يـا صغـر ي� ,عليك اكتشـاف ِ ّ يز وسـرول مفعو ُلـه بعـد أن يختفـي مـن يديـك".
“أرسعـي يـا آمنـة ،فعلينـا أن نعـود إىل المنز ل برسعـة" هـذه الكلمـات ،وقد تفاجـأت آمنة وتسـاءلت: أطلـق جمـول ِ
َ “مـاذا؟؟!! هـل تسـتطيع التحـدث يـا جمـول؟؟"
"نعم ..هذا بفضل الحناء السـحري" ،أجاب جمول بسـعادة 92
السـحري والح ّنـاء ِّ آمنـة ِ
وثقـة .ف ي� طريـق عودتهمـا ،وبينمـا كانـا يتبـادالن أطـراف الحديـث ،شـاهد جمـول وآمنة جمال ً عىل جانـب الطريق كان يبك� متألمـاً" .هـذا صديقـي حسـون ،إنـه يشـكو من ألـم ف ي� ي الكث� مـن أصحابنا بطنـه منـذ مـدة طويلـة ،وهـذا هو حـال ي َْ الجمـال" ،قـال جمول بحـزن“ .يـا للجمـل المسـكين ،ليتني أعـرف سـبب ألمـه ألسـاعده" أردفـت آمنـة بحـزن .أكمـل الصديقـان رحلتهمـا فتوقـف جمـول فجـأة وأنـزل رأسـه ،ثـم فتح فمه ليأكل كيسـاً بالسـتيكياً قد ُرِمي ي ن ب� الرمال .فصاحت َ ْ آمنـة محـذرة“ :توقـف يـا جمـول ،ال يمكنـك تناولـه ،إنـه مناسـب للأكل"" ،لكنـه بمثابـة وجبـة خفيفـة قبـل غيـر ٍ أن حسـوناً كان العشـاء" قـال جمـول بسـذاجة" .ال عجـب ّ َ بالسـتيك آخـر" ،أضافـت آمنـة. لكيـس يتألـم بسـبب أكلـه ٍ ي "هـل هـو فعلا ً ُم�ض ِ ؟" قـال جمول باسـتغراب .ثـم واصلت آمنـة حديثهـا قائلة" :ليس هـذا الكيس فحسـب ،بل جميع إيجـاد ّ ُ أنـواع النفايـات غيـر صالحـة للأكلّ ، حـل لهـذه علـي
المشـكلة ،ومسـاعدة هـذه الجمـال المسـكينة". ف ي� الصبـاح احتفلـت آمنـة بـأول أيـام عيـد الفطـر مـع عائلتهـا وصديقهـا جمـول ،وتناولـت ألـذّ أ الطبـاق ت الـ� ي 93
آمنـة السـويدي
أعدتهـا والدتهـا .ف و� المسـاء اسـتقبلت آمنـة صديقتيها علياء ي وفاطمـة ي ن اللتـ� أعجبتـا بحناء أم أحمد الجميـل .الحقاً وقبل عمـا كان يؤرقهـا، إخبارهمـا ّ أن تـو ّدع آمنـة صديقتيهـا قـررت َ حلـول مناسـبة .فقالـت وعـن محاوالتهـا الجـادة إليجـاد ٍ ّ "صديقتـي العزيزتيـن ،عندمـا كنت نـرة حـزن: بصـوت فيـه ب ً برفقـة صديقـي جمـول ،رأيـت عـددا مـن الجمـال التـي تبـدو
متعبـة وشـاحبة اللـون ،وهنـاك ظاهـرة غريبـة قـد تفشـت بينهـا ،وهـي ظاهـرة أكل األكيـاس البالسـتيكية والنفايـات المرميـة فـي الصحـراء" ،فـردت عليـاء" :لقـد قـرأت مؤخرا معلومـة تخـص هـذه الظاهـرة ،وهـي أن خمسـين بالمئـة مـن الجمـال فـي دولـة اإلمـارات تمـوت بسـبب تناولهـا ألكيـاس النفايـات"
ً "إذن مـا رأيكمـا بـأن نتعـاون سـويا ،ونسـاهم فـي
تنظيـف الصحـراء مـن هـذه النفايـات الخطيـرة؟" ،قالـت آمنـة بـإرصار .تعاونـت الصديقـات الثلاث ف التـال اليـوم � ي ي على تنظيـف الصحراء ،ووضعـن الفتات إرشـادية تنبه الناس للحفـاظ على البيئـة ،ورمـي النفايـات ف� أ الماكـن المخصصة ي ف لهـا .وال ننسى صديقنـا جمـول الـذي سـاهم أيضـاً ي� هـذه 94
ً
السـحري والح ّنـاء ِّ آمنـة ِ
الحملـة ،وقـام بتقديـم المسـاعدة آلمنـة وصديقتيهـا. بـدأت الحنـاء تـزول شـيئاً فشـيئاً مـن يـدي آمنـة ،وبذلك بـدأ مفعولها السـحري يختفي تمامـاً ،كما قالت لها أم أحمد.
ً "هـا هـي الحنـاء قـد اختفـت تمامـا .إنهـا ال تـدوم طويلا ً يـا َ أصدقـاء إلـى األبـد ،وربمـا ألتقي ّ بأم جمـول ،ولكننـا سـنبقى ً أحمـد مجـددا فـي عيـد األضحى".
95
96
حماة البحار تأليف نور أحمد الخطيب
ف ي� مدينـ ٍـة صغـ يـرٍة ُو ِلـ َـد ْت فتــا ٌة جميلــةٌ فــرح بهــا والداهــا، وأســمياها لؤلــؤة لجمــال عينيهــا .كانــت أمهــا جميلــة جــداً، وتعمــل مضيفــة طـ يـران .كانــت لؤلــؤة تشــتاق ألمهــا كثـ يـراً، عمرهــا ثــاث ســنوات ،ومازالــت لؤلؤة وكـ بـرت لؤلــؤة وأصبــح ُ تشــتاق ألمهــا .كانــت لؤلــؤة تحتــاج للرعايــة واالهتمــام .لــذا أ أن ت تــرك عملهــا ِلتعتــن ي َ بابنتهــا ،وتعتمــد اضطــرت الم ْ عــى المبلــغ الــذي يرســله أ الب لهمــا كل شــهر .وعاشــوا عــى هــذه الحــال حـ تـى أصبــح عمــر لؤلــؤة أربــع ســنوات. ُ أ قالــت لؤلــؤة لمهــا“ :أمــي قــد مللــت مــن قضــاء الوقــت فــي المنــزل ،وأريــد دخـ َ ـول المدرســة واللعـ َ ـال ـ األطف ـع ـ م ـب ِ 97
نـور أحمـد الخطيـب
دخلــت لؤلــؤ ُة المدرســةَ وتعرفــت هنــاك" .وبعــد أســبوع ْ عــى صديقــة وكانــت تدعوهــا ميمــي ،لكــن اســمها الحقيقــي هــو مريــم .ف أن ـ الت ـوم ـ الي � ـال اتفقــت ميمــي ولؤلــؤة عــى ْ ي ي أ تخ� تحــاول ميمــي إقنــاع والدتهــا لخذها لبيــت لؤلــؤة ،وأن ب لؤلــؤة والدتَهــا برغبتهــا باســتقبال ميمــي ف ي� بيتهــم الصغـ يـر. وبالفعــل نجحــت كل مــن لؤلــؤة وميمــي ف ي� إقنــاع والدتيهمــا. ف المـدرس ،ذهبت الـدوام انتهاء وبعـد ، التـال اليـوم � ي ي ي ميمـي إىل بيـت لؤلـؤة .والحظـت ميمـي عـدم وجـود والـد لؤلـؤة ،فسـألتها “أيـن ُ والـدك؟" قالـت لؤلـؤة “إنـه مسـافر ولـم أره منـذ مـدة" .كانـت عالمـات الحـزن على وجهها ،ثم قالـت“ :ال تهتمـي لألمـر" ،ثـم بدأتـا باللهـو واللعـب .لقـد حظيتـا بأمتـع أوقاتهمـا .ف و� السـاعة الخامسـة عصراً أصبـح ي ت الـ� كانـت بنيـة العشـاء جاهـزاً ،وذهبتـا لمائـدة الطعـام ي اس .كان الطعـام شـهياً رغـم اللـون ومحاطـة بأربعـة كـر ي ّ بسـاطته .بعدمـا أكملتـا طعامهمـا ذهبتـا للدراسـة ثـم قرأتـا كتبـاً وقصصـاً ،ف و� السـاعة السادسـة والنصف مسـا ًء ذهبت ي ميمـي لم�نز لهـا. وبعـد عـدة أيـام أعلنت المدرسـة عن رحلة سـتقيمها إىل 98
حمـاة البحـار
الخـر ذهبـت فـوراً إىل الشـاطئ .حينمـا علمـت لؤلـؤة بذلـك ب الخـر؟ نحـن ذاهبـون ف ي� ميمـي فرحـةً وقالـت "هـل سـمعت ب خ� رحلـة إىل الشـاطئ!" ردت ميمـي قائلةً "نعـم! هذا أجمل ب سـمعته ف� ت أخ�ت ٌّكل حيـا� كلهـا!" .وعندما عادتـا إىل م�نز ليهما ب ي ي مـن لؤلـؤة وميمـي والدتيهما عـن الرحلة ،ووافقـت والدتاهما ين متحمسـت� جـداً لذلـك اليـوم .وعندمـا على ذهابهمـا .كانتـا تأ� اليـوم المنتظـر حزمـت ٌّكل مـن ميمـي ولؤلـؤة أمتعتهمـا، وذهبتـا إىل الحافلـة وجلسـتا بجانـب بعضهمـا ،ثـم بدأتـا بالتخطيـط لما تريدان فعله فـور وصولهما إىل هناك .فاتفقتا على أن تبـدآ بالبحـث عـن كائنـات حية وأصـداف ي ز ممـرة فور وصولهمـا .كان الطريـق إىل الشـاطئ ممتعـاً ،فقـد أمضتـا الوقـت بالغنـاء وتبـادل أطـراف الحديـث .ي ن وحـ� وصولهمـا بدأتـا فـوراً بالبحث عن كائنات حية وأصداف . .كانت نسـمات البحـر العليلـةُ تداعـب شـعر لؤلـؤة الذهـ� ،وكان البحـر بي أ يتل� أل تحـت أشـعة الشـمس ش الم�قـة .يـا لهـا مـن سـعادة غامـرة ،وبعـد لعـب طويـل ،قررتا أن ت تسـريحا وتجلسـا عىل ٍ ٍ عصـر فارغة ،وبعض علب ي شـاطئ البحـر .رأت لؤلـؤة وميمي َ علـب البالسـتيك مرميـة على الشـاطئ فتعاونتـا على إزالتها، 99
نـور أحمـد الخطيـب
ً عندهـا سـمعت كل منهمـا كلمـة “شـكرا" ،وظنـت كل
واحـدة أن أ الخـرى هـي من قالتها ،فتسـتغرب وتسـألها ،لكن أ الخـرى تجيـب “أنـا لـم أقـل ذلـك!" ولـم تجـدا أمامهمـا صغـرٍة ،هـل يعقـل أن سـلحفاة سـوى ي ٍ السـلحفاة هـي مـن شـكرتهما؟ لقـد تفاجأتـا أن كلمـة شـكراً كانـت فعلا ً صـادرة عنهـا،
100
حمـاة البحـار
ألنه -وحسب معرفتهما -أن السالحف ال تتكلم .فركت لؤلؤة عينيهـا لتتأكـد مـن صحـة مـا رأتـه ،وسـألتها باسـتغراب “هل أنـت من شـكرنا؟" فقالـت السـلحفاة“ :نعم" ،فسـألتها لؤلؤة ِ شـكرتنا؟" فقالت وعالمـات الدهشـة على وجهها “ولكـن ِل َـم ْ ِ ْ أ “لنكمـا أزلتمـا القمامـة من عىل الشـاطئ" ،ثـم تابعت قائلة ن اتبعـا�" ،قالـت ميمـي “نتبعـك؟ ولكـن كيف سـنتنفس “هيـا ي تحـت المـاء؟" فردت السـلحفاة ت “سـرين" ،فتبعتاها بع� نفق يـؤدي إىل عمـق البحـر بحمـاس ودهشـة ،وفجـأة بـدأ يظهـر ين سـمكت� ،فصاحت ميمي لهمـا زعانف وخياشـيم وتحولتا اىل قائلـة “هـذا ٌ رائـع لقـد أصبحنـا سـمكتين! هكـذا نسـتطيع التنفـس تحـت المـاء إذن" قالـت السـلحفاة "نعم
101
نـور أحمـد الخطيـب
هـذا صحيـح يـا ميمـي ،آه صحيـح لقـد نسـيت أن أعرفكمـا بنفس� ،أنـا ِا ْسـمي سـلحوفة وأنـا مـن فصيلـة السلاحف ي الخرض اء ،لقـد الحظت أنكمـا تحبان النظافةَ ،لـذا أح�ض تكما الكث� من النفايات ف ي� البحر. أن إ نسـان يرمي ي ال َ لتشـاهدا كيف ّ كأن البحـر أصبـح مكبـاً للقمامة" .انبهرت لؤلـؤة وميمي ألنهما تسـتطيعان التنفـس تحـت المـاء ،ولكن ما فاجأهمـا أك�ث هو أن البحـر لـم يكـن كمـا يبـدو عليـه مـن الخـارج ،فلقـد كان مليئـاً أ بالوسـاخ .وبعـد قليـل أتت حوريـة البحـر مرجانة .كان أحمـر مجعـد وشـعر لـون أخرض َ المـع، ٌ لمرجانـة ذيـل ذو ٍ ُ ٌ ت صديقـ� اللـون .قالـت مرجانـة للؤلـؤة وميمـي "أح�ض تْكمـا ِ ي عـر هـذا البـاب (بـاب الزمـن)، سـلحوفة إىل هنـا يك تدخلا ب ين وتريـا كيـف كان البحـر َ السـن�". آالف قبـل ِ ْ َ واحـد “يـا للروعـة! ّ هيـا بنـا"، بصـوت قالتـا ٍ ٍ ِ (بـاب الزمـن) .كان الباب فقادتهـم حوريـة البحـر مرجانـةُ إىل ِ يخطـف أ البصـار، ذهـ� المـع أزرق ُ َ ِ يـق ب ٍي اللـون ومحاطـاً بب� ٍ عـر الزمـن .وعندمـا ممـا زاد حماسـة ميمـي ولؤلـؤة للرجـوع ب فتحتـا البـاب ودخلتـا بـدأ البـاب بالـدوران برسعـة تفـوق وعم الهـدوء ،وكانـت الصدمة الخيـال ،وفجـأة هـدأ البـاب ّ 102
حمـاة البحـار
وكأن أحدهـم أيقظهمـا مـن الحلـم ،فلقد كان البحـر كزجاج شـفاف ذي لـون تركوازي وملء أ الصغـرة الجميلة بالسـماك ي ٍّ ي ٍ ٍ ٍ ت الـ� تلعب ف ي� المرجـان ،كان البحر أجمل من أي بحر الملونـة ي قـد رأتـاه ف ي� حياتهمـا .وبعـد أن تجولتـا ف ي� المـكان رأت ميمـي أسـنان حـا ّدة قادمـاً باتجاههمـا، فجـأ ًة قرشـاً ضخمـاً لديـه ٌ قـادم قـرش قالـت ميمـي للؤلـؤة بذعـر" :يـا إلهـي! هنـاك ٌ ٌ ين خائفتـ� جـداً ،وكانتـا تفكـران ف ي� ٍّ حـل لهذه نحونـا!" أصبحتـا المصيبـة وبطريقـة للهـرب مـن دون أن يراهمـا ،ثـم فجـأ ًة قالـت لؤلـؤة "وجدتهـا! أتذكريـن عندمـا أخذنـا ف ي� درس العلـوم أن القـروش لها حاسـة بصر ضعيفة؟" فـردت ميمي "نعـم" فأكملـت لؤلـؤة قائلة" :حسـناً ،علينا أال نسـبح برسعة ألن هـذا سـوف يلفـت نظـره ،بل يجـب علينا أن نسـبح ببطء يحـس بنـا" ،فقالـت ميمـي "نعم باتجـاه البـاب يك ال يرانـا أو ّ شـديد ت حى وصلتا ببطء ٍ ـت!" ،ومـن ثـم بدأتـا بالتحـرك ٍ أصب ِ ْ أخ� ًة على البحر الخلاب ،ثم عادتا إىل البـاب ،وألقتـا نظـر ًة ي الحـال ،وقالت لؤلؤة لسـلحوفة عـر البـاب إىل عالـم البحار ب ي "لقـد عزمـت على أن أسـاعدكم ف ي� تنظيـف البحر" .فشـكرتها السـلحفاة ومـن ثم بـدؤوا جميعهم بالتخلص من أ الوسـاخ، 103
نـور أحمـد الخطيـب
وحينمـا انتهـوا مـن التنظيـف ،سـمعت لؤلؤة سـلحوفة تقول لهمـا" :أتعلمـان مـا الـذي فعلتمـاه آ الن؟ "فقالـت لؤلؤة "مـاذا؟" فـردت السـلحفاة قائلـة" :لقـد أنقذتم ت ت صديقا� السلاحف" .فسـألت حيا� وحياة ي ي ميمـي "ولكن كيف؟ "فقالت السـلحفاة أ "لن السلاحف تظن أن البالسـتيك وبعض ت طعام النسـان هي الـ� يرميها إ ٌ النفايـات ي لهـن ،وبذلـك يختنقـن عندمـا يأكلنهـا ،وهكذا تكونـون قـد أنقذتمونـا مـن االختنـاق" .فقالـت لؤلـؤة َْ بانبهـار“ :يـا للعجـب!" .وبعـد قليـل صاحـت ميمـي قائلـة“ :لقـد تأخرنـا! لربمـا يالحظـون اختفاءنـا!" وهكـذا شـكرت ميمـي ولؤلؤة سـلحوفة المثـرة ،وودعتهم سـلحوفة، على هـذه المغامـرة ي وقالـت "بـل أنـا من يجـب عليه شـكركما" .ولكـن يبدو تنتـه بعـد ،فأثناء سـباحتهما للعودة إىل أن المغامـرة لـم ِ اليابسـة علـق كيـس بالسـتيك بزعنفـة لؤلـؤة ،وكانـت لحظـة مرعبـة حقـاً للؤلـؤة ،ولحسـن الحـظ شـاهدت سـلحوفة 104
حمـاة البحـار
ومرجانـة مـا حـدث ،فهبتـا فـوراً يك تسـاعدا لؤلـؤة ،وحاولتـا إزالـة الكيـس والتخلـص منـه .وبعـد عنـاء طويـل تمكنتـا من وع�تـا النفق ذلـك .ثـم ودعت لؤلـؤة وميمي سـلحوفة ،ب للعـودة إىل الشـاطئ. بذهـول ،وقالـت نظـرت ميمـي إىل البحـر ٍ نعـر عـن "ال أكاد أصـدق مـا حـدث! يجـب ْ أن ب ّ موقفنـا ممـا يحصـل لهـذه الكائنـات المسـكينة بحمـاس “علينـا أن ننشـر بسـببنا" .ردت لؤلـؤة ٍ الوعـي بضـرورة الحفـاظ علـى البحـار!" .ولمعـت ف ي� ذهنهـا فكـرة رائعـة "لمـاذا ال نؤسـس ناديـاً ف ي� المدرسـة لتعريـف الطلاب بمخاطـر رمـي أ وسـاخ ف ي� البحر؟". ال َِ فقفـزت ميمـي عاليـاً ،وقالـت “يـا لهـا م ْ فكـرة ـن ٍ ِ
مذهلة! (نادي لؤلؤة وميمي حماة البحـار) مـا رأيـك بهـذا االسـم؟" فـردت
َ ُ ْ سـم لؤلـؤة بابتسـامة عريضة “يـا لـه ِمن اِ ٍ رائـع!".
تضيــع لؤلــؤة وميمــي الوقــت، لــم ْ ت واق�حتــا الفكــر َة عــى معلمـ ِـة العلــوم ،فأعجبــت 105
نـور أحمـد الخطيـب
المعلمــة كثـ يـراً بهــذه الفكــرة ،وســاعدتهما بتنفيذهــا .وهكــذا نظــم النــادي رحــات دوريــة لتنظيــف الشــواطئ ،وقــام لوائــح عــن أهميــة أعضــا ُء النــادي مــن الطالبــات بكتابــة َ اس الحفــاظ عــى البيئـ ِـة البحريــة .ومــع نهايــة العــام الــدر ي ـان إنجازهمــا بفخــر ،لقــد عــاد وقفــت لؤلــؤة وميمــي تتأمـ ِ ـاطئ جمي ـا ً كمــا كان ،وفجــأ ًة لمحتــا ُس ـ َل ْحفا ًة خ ـرض ا َء الشـ ُ بــ� أ ين المــواج تنظــر إليهمــا وتبتســم ،ثــم اختفــت هــذه الســلحفا ُة عــر أ فــق البعيــد. ال بَ ِ
106
حمـاة البحـار
107
ِسوار األمل تأليف ورد وسام الحلبي
ـوف ...بـــــوم... ائحـةُ َخ ٍ بـوم ...طـااخ ...طـااخ ...ر َ
أووف ...سـاعدوني! يـا إلهـي!
عقل وأمل يسمعانه َ كان ٌ طوال الوقت. هذا ما َ كان هنـاك طفلان توأمـان همـا عقل وأمل ،يتشـاركان كل َ ش �ء بال ّتسـاوي ،يتصفـان بالذكاء والنشـاط. ي اخ�اعـاً مــن ت ف� ّكل ركــن مــن أركان البيــت تجــد ت اخ�اعــات ي ٍ أ ف ـتعص عقــل ،أيض ـاً ي� بيــوت القــارب والجـ يـران ،فمــن يسـ ي ش �ء يطلــب النجــدة مــن عقــل ،أمــا الحزيــن أو عليــه أي ي ت الــ� المريــض فيحصــل عــى ِ البلســم مــن أمــل ،فهــي ي والص بــر. تمدهــم بالتفــاؤل ّ 109
ورد وســام الحلبــي
(سـحرية ُربّمـا)، غريبـة اشـتهر التوأمـان بحمـل أدوات ٍ ٍ ف يعمـه الحـرب ً بـدل مـن إ بالضافـة إىل أنهمـا يعيشـان ي� ٍ بلـد ّ السلام. ّ
ً ليل
ـاب الســاعة الثامنــة ليـ ًـا ،قــال عقــل :حـ َ ّ ـان وقــت الذّ هـ ِ السي . إىل ب المخت� ّ ّ ريق. أمل :أنا سأراقب لك ال ّط َ كان المختـر السري يقـع ف المقابـل لبيته، الجبل كهـف � ي ب ّ ِ عقـل وأمل. ال َ أحـد يعرفه سـوى ٍ وتدمره وبينمـا كان عقـل يعمل ،تقع قذيفة على ب مخت�هّ ، بالكامل. أمل تركض خائفة وترصخ :عقل هل أصابك َمكْروه؟ تسمع صوتاً خافتا ينادي :أمل أنا هنا ،ف� أ السفل. ً ي رصت هكذا؟ أمل :ماذا فعلت بنفسكَ يا أخي؟ كيف َ َ ت ـ� عقــل :لقــد ش�بــت َعقــار التصغـ يـر الــذي اخ�عتــه ،لـ ي أخــرج مــن الكهــف ،و آ الن ســأعود إىل طبيعـ ت ـى بتنــاول الع ّقــار ي أ ـرت مختـ بـري. نفســه.لكن للســف لقــد خـ ُ 110
ِسـوار األمل
سنجد مكانًا آخر. تحزن ُ أمل :ال ْ ويعود الطفالن ُم ي ْ ن رسع� إىل البيت.
صباحً ا
ين متفائل�. الدرج يوم جديد ،أمل وعقل ي�نزالن ّ صباح ٍ ها هو ُ ش ـنم� أمــل :مــا رأيــك سـرن كب الحافلــةَ اليـ َ ـوم؟ أم سـ ي عــى أ القــدام؟ عقـل ضاحـكًا :مشـيا على أ ٌ القـدام كالعـادة ،فالحافلـة ً ت تـأ� لعـدم توفّـر الوقـود ،وبذلـك نشـعر بالـدفء ث أك� لـن ي َ الرصاص. أثنـاء الحركـة، فلنجر وبذلك نكون ً أيضـا أرسع َ من ّ ِ ف ّ ريـق تسـأل أمـل مندهشـة :عقـل هـل الحظت ط ال و� ي ِ أ اختفت؟ جانـى الطريق قـد ْ بـأن الشـجار على ب ي يسـتخدمون حطـب النـاس َ عقـل :نعـم ،بـكل أسـفُ ، أ لتحضر الطعـام أو للـدفء ،لذلـك الشـجار وقـو ًدا ،إمـا ي قامـوا بقطـع أ الشـجار. وهنا يشعر الطفالن بالحزن الشديد. البوابـة مغلقة، وصـل الطفلان إىل المدرسـة ،فوجـدا ّ وقـد ُع ّلقـت عليهـا الفتـةٌ مكتـوب عليهـا( :نعتـذر منكم يا ٌ 111
ورد وســام الحلبــي
تالميذَ نـا الصغـار :المدرسـة مغلقـة ت حى إشـعار آخر). عقــل بالغضــب ،ويســأل أمــل :إىل ت ٌ مــى يشــعر سيســتمر هــذا الحــال؟؟ ّ سيجد الحل. أمل :أنا متأكّدة بأنّك َم ْن ُ
مساءً
حـل المسـاء ،يدخـل أ وعندمـا ّ الب وترتسـم على وجهـه عالمـات الفـرح. ُ تسأل أ الم :بَ ش ّ�نا أ الب :الحمــد هلل لقــد حصلــت عــى عمــل ف ي� دولــة َ خــال إالمــارات العربيــة المتحــدة ،وســننتقل إىل هنــاك أســبوع. ين الطفل�. الفرحة تغمر وجه أجد ّ الحل هناك. وقت المغامرة ،ال ّبد أن َ عقل :حان ُ أ مرة ينامان بهدوء. ولول ٍ
توديع األصدقاء
ف التال ،عقل وأمل يودعان أصدقاءهما. اليوم � ي ي 112
ِسـوار األمل
ن ئ عاهـدو� يـا يـوم شـجرة، عقـل: أصدقـا� أن تزرعـوا ّكل ٍ ي ي مشـاكلنا. لجميـع وأعدكـم بأنن ي سـأجد َح ًّلا ِ ِ أمـل :هـذا السـوار ت اخ�عـه عقـل سألبسـه حـول معصمي، ِّ فكلمـا زرعتـم شـجرة؛ ض وتتحـول إىل طاقـة، سـت�ء ِسـواري، ّ ي يسـتخدمها عقـل ف� ت اخ�اعاتـه. ي أ عاهد أ الصدقاء أمل وعقل بأنهم ي ز دوما. س�رعون الشجار ً
الوصول إلى أرض اإلمارات
ف المـارات ،ومـن ي� غضـون أسـبوع ،وصلـت العائلـة إىل أرض إ اللحظـة أ ين العامل� حارا مـن جميع العائلة ّـت ق تل وىل ال ترحيبا ًّ ً ف ف (حياكـم ي� بلدكم) ،هي وأفضلها جميلة ات ر عبـا المطـار، � ّ ي ت الـ� زادت من بهجتهم وأزالـت الخوف من قلوبهم. العبـارة ي ً تتوقـف عيناهمـا عـن النظـر يمينـاً وشـمال ورؤيـة لـم ْ طـور الموجـود ،والذي يدل عىل اهتمـام الدولة ت واح�امها ال ّت ّ النسـان. لحقـوق إ ف ي� هذه الليلة لم يستطع كل من عقل وأمل ال ّنوم ،ولكن نـران الحـرب ،بل الصقيـع أو خوفـاً مـن ي ليـس بسـبب شـدة ّ مـن تشـوقهما لليوم أ الول ف ي� المدرسـة ،كيف هي المدرسـة؟ ّ 113
ورد وســام الحلبــي
هـل سـيكون لنا أصدقاء؟ هل سـنجد ًّ حل لمشـاكلنا؟
اليوم األول في المدرسة
لـم يختلـف اليـوم أ الول ف ي� المدرسـة عن اليـوم الذي وصال المـارات ،ذات ت ال�حيـب (حياكـم ف ي� بلدكـم) وذات بـه إىل إ الدهشة. ين للطفلـ� حـول مرافـق تقـوم المعلمـة بجولـة تعريفيـة المدرسـة (المالعـب -المكتبـة -الصفـوف -المقصـف – غرفـة المختـر). الرسـم -العيـادة الطبيـة -وأهمهـا ب ثـم يدخالن الفصـل وتعـرف المعلمة التالميـذ بال ّط ي ن فل� ّ أ ِ ت الـ� يتح ّليان بهـا وأهمها الدب الجديديـن ،ذاكـر ًة الصفـات ي والذّ كاء. يرحب التالميذ بهما ي ن قائل�: ّ
أهال ً وسهال!ً welcome!, Bienvenue!’, ‘Herzlich Willkommen!’, ’!‘Huanying!’, ‘Bienvenido
سمعاها بكل لغات العالم. 114
ِسـوار األمل
السوار الغريب ِّ
ب� ي ن يتوهج ي ن حـ� وآخر ،فكانوا دائمـا كان التالميـذ يرون ِسـواراً ّ السـوار. رس هذا ِ يرغبون بمعرفة ّ همسـت سـارة زميلـةُ أمـل ف ي� أذنهـا قائلـة :أمـل مـا هـذا ش ف يـدك؟ الـ� ُء ي� ِ ي أمل :هذا ِسوار. والصدقاء آ زاد فضول سارة ،أ الخرين. السوار أيضاً! قالت أخرى :وأنا أريد أن أعرف ما هذا ِّ أ السوار ،ومن صنعه شت�ح أمل للصدقاء سبب ارتداء ِّ 115
ورد وســام الحلبــي
لها ،فيشارك أ الطفال أمل حزنها عىل أطفال بلدها ،ويق َّرر الجميع بأن يوم أ الرض ،سيكون الموعد النطالق حملتهم ت التشج�. ال� تشجع التالميذ عىل ي ي السـوار ،فاسـتطاع عقـل اكتسـاب وبفضلهـم زاد ّ توهـج ِّ الطاقـة للبـدء ت باخ�اعاتـه.
إلهــــــام
مختـر المدرسـة، وفعلا ً بـدأ عقـل بالعمـل الجـا ّد يوميـاً ف ي� ب بع�د أن طلبـ م�ن إدارة المدرس�ة إعط�اءه الوقـت ف الـكا� ي للقيـام بالتجـارب. ولكـن أ فمـر ًة ناجحـة، غـر التجـارب جميـع كانـت سـف لل ي ُ َ ّ بوجه أخرض َ ،وأخرى يخرج يظهر بشـعر منكـوش ،ومرة يظهر ٍ قبـل ظهـور الدخـان ،وأحيانـا بعـده ،مـع هـذا وكلـه ،عندمـا بخ�". بخر ،أنـا ي يهـرع أصدقـاؤه إليـه يـردد مبتسـماً" :أنا ي ف توهجه ضعيف ،تف�سـل بأن أمل تشـعر يوم و� السـوار ُ ِّ ي أ أ ف رسـالة لصدقائهـا ي� الوطـن ،فيجيبونهـا" :المـر يزداد سـو ًءا وظالمـا ،هـل من حـل قريب؟" ً هذه الكلمات كادت تشعر ً عقل بالهزيمة! 116
ِسـوار األمل
عقل :هل فات أ الوان؟ يفـت! ان ُظـر حولـك فالـكل يدعمنـا أمـل :ال يـا أخـي لـم ْ هنـا ،وكلنـا نثـق بـك .مـا بقـي إال القليـل. ّثم يعود الطفالن إىل الفصل. المع ّلمـة :درسـنا اليـوم عـن (مدينـة مصـدر) ف � أبوظـى، ي َُْ بي وهـي أول مدينـة تعتمـد على الطاقـة ال ّنظيفـة. فيها التجمعات السـكانية المسـتدامة ،خالية من الكربون والنفايـات ،تعمـل بالطاقـة الشمسـية ،فهـي تسـتفيد مـن ت وتـأ� هـذه المدينـة ضمـن أشـعة الشـمس لتوليـد الطاقـة ،ي مبـادرة (الحيـاة على كوكـب واحد). ارتسـمت على وجـه عقـل بشـائر التفـاؤل مـن جديـد، فهـذه المدينـة ألهمتـه للتوصـل إىل الحـل. عقل :لماذا ليست جميع المدن مستدامة؟ المعلمـة :هـذا مـا نطمـح لـه ف ي� بلدنـا ،لكـن ليـس مـن السـهل الحصـول على طاقـة صديقـة للبيئـة وكافيـة ،كالطاقة ّ ت الـى نحصـل عليهـا من أشـكال الوقود المسـتخرجة مـن النفط. ي نعيش ف ي� عقـل :أعـدك بأن�ن ي سـأجد الحـل ،فمن ح ّقنـا أن َ مدن سـعيدة. 117
ورد وســام الحلبــي
الوفاء بالعهد
يعـــود التوأمـــان إىل المختـــر ،تصدر بعـــض أ الصوات، ب يظهـــر الدخان ،أيـــن أنت يـــا عقل؟ ٌ عقل يغ� موجود. نفس�" ،إن هـذا عقـل :ال تقلقـي ،أنـا ي بخر "لقـد َص ّغـرت ي ن ت الحجـم سيسـاعد� يك أتمكـن من صنـع أجهز� بشـكل دقيق، ي ي مسـتخدماً تقنيـة (ال ّنانـو) ،ومـا أريـده منـك فقـط العـودة إىل المختر صباحا مـع أ التطورات. الصدقاء ،ألطلعكم على آخر ب ً ّ ن عقل ف ي� صبـاح اليـوم ي التـال جاء الجميـع متل ّه يف� للقـاء ٍ المخت� . ب عقـل :صبـاح الخيـر يـا أصدقائـي( ...مسـتخدماً مكراً للصـوت). ب أ الصدقاء :أين أنت يا عقل؟ ت رؤيـى على عقـل :أنـا داخـل الحاسـوب؟ تعالـوا يمكنكـم ي ن الشاشـة ،أريـد منكـم ْأن تسـاعدو�. ي طبعا يا عقل. يرحب الجميعً : ّ عقل :ليس من هناك ،بل من هنا. أ الصدقاء :ما قصدك؟ 118
ِسـوار األمل
بتصغر عقـل :يجـب أن تصبحـوا بحجمـي! أمـل قومـي ي الصدقـاء آ أ الن. العقاق� لخالد وعمر. تعطي أمل ي عمــر :لطالمــا تمنيــت أن أكــون شــخصية رئيســية ف ي� لعبــة، هــل أســتطيع يــا عقــل أن ألعــب بعــض أ اللعــاب الموجــودة ف ي� الحاســوب؟ عقــل :ليــس قبــل أن أتأكــد مــن برمجــة اللعبــة ،وأنــك بخــر. ســتكون ي وهكذا بدأ الجميع العمل كخلية النحل. عقل يُ ْر ِشد :أدر هذا الجانب ،ضع هذه هنا. عقـل ينادي أمـل :اضغطـي بإصبعك على ش ال�يحة ،لكن انتبهـي ال تضغطـي علينـا ,يضحك الجميع هـا ها ها حسـناً هـذا جيـد ،كـرري المحاولـة ،إمممـم ...رائـع إنـه يعمـل. آ الن أرجـوك غن ّ ي ،ص ّفقـي ،اقفزي( .تقـوم أمل بتنفيذ كل الحركات) . عقل :وهذا يعمل أيضاً ...لقد نجحنا. وفجأة نظر عقل حوله ،وقال :أين اختفى خالد؟ 119
ورد وســام الحلبــي
عمر :أيعقل أن يكون ذهب ليلعب (باك – مان)؟ اذه� إىل شاشة الحاسوب ،وافتحي عقل :يا إلهي ،أمل ب ي اللعبة ،أنا وعمر سوف ندخل وننقذ خالداً. أمل :حس ًنا. تراقـب أمـل عقل وتقوم بإرشـادهم إىل ال ّطريق الصحيح يز الدهال� ألن بـاك مان يالحقهم... مـن خالل عقل :لقد وجدنا خالداً ،آه ...إنه في مشكلة ،فقد بالتحرك. الف�وسات ولم تسمح له تجمعت حوله ي ّ أ الف�وسـات عقـل :أمـل عليـك أن تدخل� إىل هنا لن هذه ي ي وجهنـا عليها الطاقة. كمـا أعلـم ،ال تُق َت ُـل ّإل إذا ّ تصغـر أمـل نفسـها وتدخـل أمـل :ال تقلقـوا ،أرجوكـمّ ... عقلا و أ اللعبـة ،تجـد ً الصدقـاء. يصيح عقل :هيــا يا أمــلّ ، وجهي س َ ك نحــو ــوار ِ ِ
الفيروسات واقضي عليها. ِ
أمل تنقذ الجميع ِبسوارها. المختـر ،وتقـول :أيـن الجميـع؟ وفجأ ًة تدخـل المعلمـة ب ويخ�وهـا بمـا حصل. تظهـر أمـل والجميـع ،ب ً المعلمة (بذعر) :يا إلهي!!! حمدا لله على السالمة. 120
ِسـوار األمل
المعلمة :وهل توصلت يا عقل إىل ما تريد؟ عقل :نعم. المعلمة :هيا يا عقل ِا ش�ح لنا عن ت اخ�اعك. أ عن عقـل :هـا ُهمـا جهـازان ي صغرا الحجـم ،ال ُول ِ(عبـار ٌة ْ توضـع تحـت يحـول الضغـ َط إىل طاقـة ،يمكـن أن َ ش� َ ائـح ) ّ الطرقـات لتمـر عليهـا الشـاحنات والسـيارات ،أو ف ي� المـدارس حـى يلعـب فوقهـا أ ت الوالد ،أو ف ي� المالعـب الرياضية ،ومضمار الخيـول ،ت حـى ف ي� المـزارع ،حيـث تتحـرك الماشـية. ن ويحولـه إىل طاقة، يتحسـس جهاز الثـا� فهو ٌ َ الصـوت ّ أمـا ي ُ سـيتحول إىل طاقـة نظيفة ،ت ح� فضجيـج المعامل والسـيارات ّ الطفال ،الموسـيقى ،أ ضحكات أ ال ن العصاف� ،أيضا غـا� ،زقزقة ي ي أ تنر دروب الطفـال أصـوات االنفجـارات سـتتحول إىل طاقـة ي وتمدهـم أ بالمل. المعلمة :لقد وفَيت بعهدك ألصدقا ِئك ولبلدك. ت معلمـى َ أول عقـل :ليـس فقـط لبلـدي ،هـل تذكريـن يـا ي كلمـة ترحيـب (حياكـم ف ي� بلدكـم) ،فهـذه أيضـاً بلـدي ،وعىس االخراع ر ّداً للجميـل ،وكـم ن ت أتمـى أن يسـافر يكـون هـذا أن َ ف ت د� للعطاء، اخ�اعـي ،ويحـط ي� كل أرجاء العالم عىل جناحي يب 121
ورد وســام الحلبــي
ود� صنـاع أ ُّ أطفـال العالـم. كل منـه ليسـتفيد مـل ال َ بي ّ ِ عندمـا سـمع أ الصدقا ُء مـا تم ّناه عقل ،وهـم من مختلف البلـدان ،رافقـوا عقلا ً بالسـفر مـع ت اخ�اعـه حـول العالـم، ّ ف وناشـدوا المنظمـات العالميـة لتوقـف الحـرب ي� بلـده. وهكـذا نجـح الجميـع بإحلال أ المـن والسلام ف ي� كل بقـاع الرض ،وبفضـل هـذه أ أ الجهـزة توقفـت كل أشـكال التلـوث الناجمـة عـن اسـتخراج النفـط والغـاز. أ وضعـه عىل قمة قرر جميـع الطفال َ ّأمـا ِسـوار أمـل فقد ّ بـرج خليفـة ،ليؤكّـد للعالـم بتوهجـه بأننـا كوكـب واحـد مسـتدام سـعيد. سـتعمل وتدفـأ كل المـدارس والمستشـفيات والبيـوت، وسـتظل أ الشـجار تنمـو بأمـان لتالمـس السـماء. ش �ء ،ونتغلـب بالعقـل واألمـل يمكننـا أن َ نحقـق ّكل ي على مصاعبنـا ،ونبن ي مسـتقب َلنا لنصـل ّ لـكل أهدافنـا ،كمـا فعـل بطالنـا ف ي� القصـة.
122
123
124
عطاءٌ ال يَ ْن ُض ُب تأليف اليازيه صالح الدين خميس هالل الكعبي
مســـا ٌء بـــار ٌد وجميل ،أكـــواب الشـــاي والقهـــوة تتصارع ت الـــي التهمناها كانـــت لذيذة جداً مـــع ّ الدلت ،الحلـــوى ي جـــد ت ي� -رحمها هللا -تصنعهـــا لنا ف ي� – اللقيمـــات – كانت ّ رمضـــان ،ولكننا لم نعـــد نتذوقها كما أيـــام َ كل يـــوم من ِ جـــد ت ي� تصنعها ،كانت -رحمهـــا هللا -ال تحب العمل كانت ّ َ أجمـــل رائحةَ خـــارج المـــزنز ل ،ما والطبـــخ إال عـــى النار َ ثيابها المعتقـــة بالدخان! تع� عن غرورها وفرحها بسبب قدوم أوراق أشجار النخيل ب ّ الشجار أ فصل الخريف ،ألن أوراق أ الخرى قد تساقطت، ّ يث� أصواتاً مخيفة أحياناً .أما أوراق شجر وتحولت إىل ٍّ قش ي 125
اليازيـه صلاح الديـن خميـس هلال الكعبـي
الشجار أ النخيل فال تتساقط كما تتساقط أوراق أ الخرى. كب�ة، جدي وكأّن تجاعيد وجهه أصبحت ي كنا نجلس بجوار ّ وكما ت لوغ�ته الحمراء ت ز جدي ،فهو يفضل ام�ج لونها بلون وجه ّ ت ين التسع� من عمره، الغ�ة الحمرا َء عن يغ�ها ،نعم لقد تجاوز أصبحت ثقيلةً جداً ،حيث رصاع الوجود ومشقة الحياة وحرك ُته ْ العر� ،وبيعه ف ي� اليومية ابتدا ًء من صيد اللؤلؤ ف ي� الخليج يب أ كث�اً .وأك�ث الكويت وعبوره الصحاري بالرجل فقط أثرت عليه ي أ عدة من أجل ما كان يؤلمه أنهم يعملون ليال ً ونهاراً وليام ّ ت قص� يل�بح أضعاف يأ� تاجر ما بوقت ي صيد اللؤلؤ ،ومن ثم ي أضعاف كل الصيادين .ولكنه يريد أن يخفي ِك ب َ َ� ِس ِّنه وتقدمه ف ي� العمر من خالل شإ�افه الكامل عىل مفاصل جلساتنا ،بعد وفاة جد ت ي� -رحمها هللا -كنت أسمع أنينه ف ي� الليل من مفاصل أرجله ّ وظهره ،وال يأخذ الدواء إال من عشبة مالزمة له. ئ أبنا�". "سآتيكم بالحطب يا ي “نحن نتكفل به يا ّ جدي". ت تعلمون كيف تأتون به ،ربما سآ� به ،أنتم ال َ "ال ال أنا ي تجرحكم بعض العيدان". “وبماذا تريد أن نساعدك يا ّ جدي؟" 126
عطـاءٌ ال يَ ْن ُض ُـب
ئ "ال ش�ء .كل ش�ء ض أبنا�". سيم� عىل ما يرام يا ي ي ي ي ً "أين الشـاي والقهوة ...اللقيمات ...الهريس“ "...حسـنا سـنجدها" – "تحبون أن تبقوا أ ال ن وا� فارغة؟" ي “وراءك يا ّ جدي". جدي – فارغة – حسناً ويقول" :من يحب الشاي يضحك ّ مثل؟" ي جميعنا “ ...أنا أنا أنا "... مثل؟" "ومن يحب القهوة ي “ أنا! أنا! أنا!" "أنتم تحبون الشاي والقهوة أل ن ن� أحبها"... ي “ نعم يا ّ جدي "... كثـراً ...رحـم هللا جدتكم .كان الشـاي من أحبكـم ي "وأنـا ّ يديهـا لـه طعـم آخـر – هللا – دنيـا – ال علينا". ت الـ� يتك�ئ ُ عليهـا ،هـذه ...كعادتـه يحـرك َ النـار بالعصـا ي ت الـ� ال تفارقـه أصبحـت مالصقـة لظ ّلـه ،يحملهـا أينما العصـا ي ّ يتك عليها ف ي� مشـيته ،وأحياناً يجمع بها الحطب حل أو ارتحل ،ئ ُ المتناثـر ،ويحـرك النـار بهـا ،ت حى إذا ذهـب ف ي� سـيارته يضعها ّ الغال. بجـواره .يـا َلهـا مـن صديقـة يحافـظ عليها هـذا الجـد ي 127
اليازيـه صلاح الديـن خميـس هلال الكعبـي
“ لماذا تحمل العصا يا جدي؟ " ين المع� قال إنها جزء من تاريخنا وديننا وأصالتنا .فهي ف� السفر" .ذات مرة قتلت بها أفعى ،كانت أ الفعى صفراء ي ّ قوي جداً ومميت ي ٌ كب�ة ومخيفة تخرج لسانها كاللصّ ، سمها ٌّ برسعة ،لو لم تتمكن منها ش مبا�ة الستعجلتك وووو"... “ أطال الله عمرك يا ّ جدي" "ومـر ًة رفعتهـا أل ض�ب ذئْبـاً بريّـاً -يشـبه الكلـب تماماً لكن ّ عينيـه جاحظتـان ث أكـر -فابتعد خائفـاً ،قطعتها قبـل ي ن أربع� عامـاً مـن شـجرة الغاف" .صمـت مطبق. جـدي يتحـدث إىل النـار وكأنهـا مؤنسـته ،ولكنـه كان ّ ث ت ث يسـتوي الطعـام الـذي بحاجـة إىل حطـب أكـر وأكـر حى ّ يقـوم بشـوائه. “ ّ جدي أريد أن تجيبني" ت ابن� "... ي "تفضل يا ي إل وقـد بـدت الدموع تنهمر من عينيـه من الدخان ينظـر ي ّ ت جد� – ال أعلم. أم تذكـر ي “ كيـف للعصـا أن تكـون صديقة لك ،وفي الوقت ّ وعصيها، نفسه أنت تحرق أغصان األشجار وورقها 128
عطـاءٌ ال يَ ْن ُض ُـب
كـي ّ تجهز لنا الطعام". ينظـر إل جـدي ف و� عينيـه قافلـة مـن العتـاب ،ولكنـه ّ ي يّ يتابـع تحريـك النـار. وبعد الطعام جلسنا جميعاً بجانب النار. الكل صامت ال أدري ما السبب؟ جدي يحاول أن يردد كلمات ال أفهمها... ّ ّ “جدي ماذا تقول؟ " ت ابن�" "ال ،ال أقول شيئاً يا ي حاولـت أن أسـتمع إليـه وهـو يتمتـم ،سـمعته يقـول - الغـاف -الغـاف إنهـا أ الم. “مـا الغـاف يـا ّ جـدي؟ اليـوم المدرسـة كلفتنـا بـأن ت نـأ� ي بمشـاريع للعنايـة بشـجرة الغـاف ،ونحـن ال ُ نعـرف شـيئاً عن شـجر الغـاف ت نكتب عنه ،وسـتمنح المدرسـة المشـاريع حى َ الفائـزة جوائـز ماديّـة – 3000-درهـم". ابنـ� ن ت أخوك سـأل� ِ ي أخـرج جـدي نفسـاً عميقـاً وقـال" :يـا ي العربيـة المـار ِات قبـل المغـرب ،لمـاذا اعتمـدت دولـةُ إ ْ ِ المتحـدة على شـعار الغـاف؟ ومـا الغـاف؟" ِ ت وأنت ِ ن ال� أحملها ،وعن الحطب. ِ سألت ي� عن العصا ي 129
اليازيـه صلاح الديـن خميـس هلال الكعبـي
“وهل هناك توافق بين سؤالي وسؤال أخي يا ّ جدي؟"
ت ابن�". "بالطبع يا ي “وما هو يا ّ جدي؟" أحبـا� .ولكن تذكرت شـيئاً "سـأحك لكـم قصـة جميلة يا ب ي ي قبـل القصة". ئ ت أبنا�. ال� تقدمها لكم المدرسة مبلغ جميل يا ي "الجائزة ي ت اس� ك َّلها بكل مراحلها لم تكلف ن يْ� إال هل تعلمون أن در ي 50درهماً؟" ويضحك جدي ويستذكر كيف كانوا يكتبون عىل كب�ة" .أما ورق الشجر وعىل حائط الفصل .كانت معاناتنا ي ش �ء وقدموه لكم، أنتم بفضل هللا وشيوخنا وفروا لكم كل ي يز والتم� رداً للجميل الذي ولكننا نريد منكم المزيد من التفوق تقدمه دولتنا وحكامنا الكرام". “أطال الله في أعمارهم وعمرك يا جدي .بعون الله سنكون من المتفوقين". “ما القصة يا ّ جدي؟؟"
النار رائعاً ،وصوت تح ّلق الجميع حول ّ جدي .كان ُ منظر ِ جدي. يغل داخل إ ولكن عيونَنا متوجهةٌ إىل ّ البريقَّ ، الماء ي “تفضل يا ّ جدي ،تفضل". 130
عطـاءٌ ال يَ ْن ُض ُـب
"كانـت امـرأة تسـكن ف ي� الصحراء بعيـداً عن ديارنـا وحيدة تغـر ْت أحوا ُلهـا ،فـإن كانـت تغـر طبعهـا مهمـا ي صامتـة ،ال ي ّ ُ غنيـة أغنـت مـن جاءها". ي فقـرة أعطـت ،وإن كانـت ّ ُّ "كل من جاء إليها تطعمه دون سـؤال ،وتسـقيه ،وال تت�كه وسـن� ف ت ن .و� يعـود إىل بلاده وأهله ،ح� وإن طال مقامه أياماً ي ي تقـدم لنـا أطيـب الطعـام ،فطعامهـا شـفاء ش و�ابهـا النهـار ّ دواء ،وفيؤهـا غيمـة ،ت ح� ال نتعرض ألشـعة الشـمس". “يا إلهي إنها امرأة عظيمة يا جدي". "نعم عظيمة وكريمة". "وذات يـوم هاجمهـا قطيـع من الحيوانـات فأطعمتهم، وسـقتهم وآوتهم ،ولم يغادروهـا إال وقت أ امتلت بطونهم، وارتووا مـن مائها". “بمفردها واجهت كل هذه الحيوانات يا ّ جدي؟" ن نهـر� ابتسـم ّ جـدي دون إجابـة وتابـع حديثـه ،بعـد ّ أن ي ض الحـا�ون “ال تقطعـي حديـث جـدي". "وذات مـرة عندمـا كنـا أطفـاال ً 11أو 12سـنة مرض أخي يوسـف مرضاً شديداً"... “يعني جدي يوسف؟" 131
اليازيـه صلاح الديـن خميـس هلال الكعبـي
"نعـم ...وهنـا بـدأت المغامـرة ،فحملتـه على ظهـري، ليلا ،كنـا فقـراء ف� تلـك أ اليـام يـا ئ أبنـا� ولم وذهبـت إليهـا ً ّ ي ي أكـن أملـك راحلة". “ألم تخف من الذهاب إليها يا ّ جدي؟" ت ابنـ� ،معظـم سـفرنا يكـون ف ي� الليـل بسـبب "ال ،يـا ي الحـر الشـديد ف ي� النهـار ،ونحـن قـد تعودنـا على العيشـة ف ي� الصحـراء ،وألفناهـا وألفتنـا". يرصخ أ الوالد“ ،ألم نقل لك ال تقطعي الحديث على ّ جدي؟!" ئ أبنا� ...سأتابع "... "كفى يا ي “وهل شفي ّ جدي يوسف؟" "نعم بفضل هللا "... “هل ذهبتم إلى المرأة؟" "نعم". “هل هي طبيبة؟" "نعم ...طبيبة وكريمة ،إنها امرأة رائعة" "تابـع ّ ْ جـدي ،تفضـل آسـفون علـى مقاطعتـك ،ولكننـا
أردنـا أن نفهـم بشـكل أكبـر". 132
عطـاءٌ ال يَ ْن ُض ُـب
ئ أبنا� ,قدمت لنا الطعام ش وال�اب، "عندما وصلنا إليها يا ي وأهدتنا م�نزال ً طوال تف�ة عالج جدكم يوسف رحمه هللا ،كاد أن يموت وكان جسمه نحيالً ،ولم أسمع له همسا ً طول الطريق ت ح� ظننته أنه قد مات عدة مرات .ولكن أنفاسه الدافئة ترد ن بأذ� ،الحمد هلل إنه عىل قيد الحياة .إنه سكن ثانية لتهمس ي مريح بعد هذا التعب". “يا إلهي حتى المساكن تقدمها لكم" ابن� ت ت ح� المساكن". "نعم يا ي "و� اليـوم أ ف الول مـن وصولنـا إليهـا ،سـهرت ولـم تنـم ي ت حى أعطـت الـدواء ،وأطعمتنـا وسـقتنا ،وأهدتن ي هـذه الـ� أحتفـظ بهـا إىل آ ت الن". العصـا ي ّ “جدي ,أال يوجد من يساعدها من أبنائها؟" “فقط هي من تقوم على رعاية الضيوف؟ " “أال تحتاج إلى النوم؟" “متى تنام يا ّ جدي؟" أ جـدي ،وكأن بريـق وانهالـت سلسـلة مـن السـئلة على ّ عينيـه يقـول :اسـألوا ..اسـألوا ...ولكـن بقـي صامتـاً ...وصمـت الجميع لحظـة .. 133
اليازيـه صلاح الديـن خميـس هلال الكعبـي
ئ أبنا� من هي؟" ب "سأخ�كم يا ي “أنعرفها يا جدي؟" "نعم تعرفونها ...إنّها ...إنّهاّ .....أمكم"
“ماذا..؟"
"نعم ّأمكم؟" “من يا ّ جدي؟" "أمنا"... ُّ الجميـع أصبـح يتحـدث مـع نفسـه ُّ ... “أمنـا "...ألول ش بـسء مـن الغضـب. ّ مـرة يراقبنـا ي أ أ ئ ت ال� نعيش ويقول "يا ي أبنا� ال ّم الوىل َم ْن تلدنا ،والدولة ي عليها ت ون�ب� فيها هي أمنا ،ولغتنا وعاداتنا وتقاليدنا هي أمنا" “تقصد األم بالمجاز أم بالحقيقة؟"
"بل الحقيقة والمجاز".
“إذا ً من هذه األم يا ّ جدي ...قتلنا الفضول لمعرفتها"...
"سنذهب غداً إليها لنشكرها". “متى سنذهب يا ّ جدي؟" "اذهبوا إىل النوم وغداً بعد صالة الفجر ننطلق لنشكر َّأمنا"... “موافقون يا ّ جدي"... 134
عطـاءٌ ال يَ ْن ُض ُـب
ف الجد بانتظاره. و� الصبـاح تح ّلق الجميع حول سـيارة ّ ي ين مصمم�؟" "أما زلتم ْ ْ َ لنشكرها". “نعم أرجوك ...خذنا إليها وسنقدم لها هديةً جميلة .أليست َّأمكم؟" "سنذهب ُ ُ أي كلمة. ينظر إليه الجميع ،ولكن بدون ّ جـدي باتجـاه الصحـراء ،وكلمـا رأينـا شـي ًئا انطلقنـا مـع ّ النسـان ظننـا أنهـا هـي المقصـودة. يشـبه إ ت تـأ� إلينـا“ ،هـل المقصـود أصبحـت خواطـر عديـدة ي أمـي ..الّ ... ّ جدي يتحدث أمـي ال تتـرك البيت إال لزيـارة ..ال ّ ش آخـر "...الطريـق ليـس طويلاً ،ولكـن قررنـا أن � ٍء َ عـن ي ت كبـرة. نسـريح تحـت ظـل شـجرة ي جدي" :سنصل إليها ولم يبق إال القليل". قال ّ أصبحنا ننظر ّ بكل اتجاه ،أين هذه المرأة الكريمة؟ “أين هي...؟" جـدي مـن جيبـه قماشـة بيضـاء مرسـوم عليهـا أخـرج ّ كبـرة. شـعار – الغـاف – ووضعـه على سـارية ي الكل تي�قب جدي. قـال لـه أخـي“ :سـألتك باألمـس عـن شـعار دولتنا 135
اليازيـه صلاح الديـن خميـس هلال الكعبـي
لهـذا العـام ولـم تجـب ،واآلن يـا ّ جـدي ...مـا معنـى شـعار الغـاف؟ أجبنـي قبـل أن نصـل إلـى المـرأة؟" “أرجوك يا ّ جدي"... قال الجد" :سأجيبكم جميعاً". أ "الم ت الـ� حدثّتكـم عنهـا تسـتظلون بظلهـا" -الكل نظر ي أ جـدي... إىل العلى إنها شـجرة يا ّ جدي" :إنها شجرة الغاف". قال ّ قال أخي“ :لقد أجاب ّ جدي عن سؤالي الحمد لله"... فر ّد الجد :لقد أجبت عن أسئلتكم كلها ... “شجرة الغاف ...أعليها قصتك؟" "نعـم ،إنهـا شـجرة الغـاف إنهـا أ الم – ورقهـا طعـام ودواء وأغصانهـا حطـب لطعامنـا ،أجدادنـا بنوا منهـا البيوت، واسـتظلوا بظلهـا ...كونهـا ظلـت شـجرة صامـدة منـذ ي ن سـن� ولن أ الحوال الجويـة والبيئية القاسـية ..أ طويلـة رغـم أ الجداد رووهـا بعرقهـم فأضحـت رمـزاً للصمـود ف� حيـاة إالمار ي ن اتيـ� ي ش �ء عن تفاصيـل حياتها ،بدءاً من الذيـن أصبحـوا يتقنون كل ي نمـو بذرتهـا وتفتـح أزهارهـا ،ت وحى مراحـل نموهـا المتأخرة". ئ أبنـا� رمـز مهـم ف ي� حياتنـا فقـد كانـت تمثل "بـل هـي يـا ي 136
عطـاءٌ ال يَ ْن ُض ُـب
بالضافـة إىل أنهـا كانـت تحتضـن مجلـس القـوم قديمـاً ،إ الفـراح وتسـتضيف أ أ التـراح ،فأثـرت ف� حياتنـا ،ت حى أصبحنا ي جدي نتباهـى بمـا يملكـه كل فـرد مـن أشـجار الغـاف .ورفـع ّ عصـاه عاليـاً ،وقـال وهـذه عصـاي أتباهـى بهـا". ئ ـا� .هــل علمتــم لمــاذا اختــارت دولتنــا "نعــم يــا أحبـ ي شــعار شــجرة الغــاف؟" بعد صمت وتجميع أفكار. “نعم ،نعم ،سنحافظ عليها بعون الله بقلوبنا وصدورنا إنها أمنا"...
137
اليازيـه صلاح الديـن خميـس هلال الكعبـي
جـدي قطعناهـا جميعـاً نزلـت دمعـة فـرح مـن عين ي ّ جـدي ...ودعائـه باحتضـان ّ "اللهـم بـارك بهـذه الشـجرة المباركـة ،اللهم بـارك بهذه أ الم ت الـ� تعطـي وال تأخـذ ...عطـا ًء متجدداً". ي "نريـد لكـم أن تفـوزوا جميعـاً ،ومن لم يفـز تقفون معه لـه نصيـب – موافقون يـا أحفادي"“نعم يا جدي ,بشرط أن تحضر التكريم". ف و� الطابـور الصباحـي – سـنذكر المشـاريع الفائـزة ي الجـد الـذي يقـف بجـوار المديـر ضيفـاً. ويتلهـف ُّ - 1الفائز أ القص�ة "عطاء ال ينضب" الول :القصة ي ن الثا� :نستلهم من ض ن لنب� المستقبل - 2الفائز ي الما� ي ي - 3الفائز الثالث :ش م�وع معاً لديمومة الغاف وجاء دور تسليم الجوائز الجائـزة أ الجـد لتقـدم إليـه الهديـة الوىل :نـودي على ّ أ ين مجتمعـ� على هـذا الوىل دون علمـه ،أل ّن أحفـاده عملـوا ش الجـد فقامـوا المروع ،وكـون قصـة الغـاف تلقّوهـا مـن ّ ف بكتابتهـا ،ت الجد، واشـرطوا ي� حـال الفوز أن يتسـلم الجائـزة ُّ الدارة على طلبهـم. فوافقـت إ 138
عطـاءٌ ال يَ ْن ُض ُـب
جميـع نـودي على اسـمه مـرة ثانيـة – أصبـح ُ وحينمـا ِ ُ الطلاب يـردد بصـوت واحـد – َج ّدنـا َعطا ٌء متجـد ٌد – غافنا ُ ٌ عطـاء ال ينضـب.
139
140
قائدُ األبطال تأليف لمى إيهاب
كان هنــاك ولــد اســمه محمــد ،مجتهــد ف ي� المدرســة محبــوب بــ� أصدقائــه .ي ن ين حــ� يذهــب إىل المدرســة ش يمــس عــى ي الرصيــف النظيــف بجانــب جــدار نظيــف .ي ن حــ� تلمســه ال تجــد غبــارا عليــه ،يتأمــل أ الشــجار الخــرض اء وقــد بنــت ً أعشاشــا جميلــة بــكل ســعادة ،وكان يمــرح العصافـ يـر فوقهــا ً مــع أصدقائــه القطــط ف ي� الشــارع. متحمســا لــدرس اليوم، ـورا ببلدتــه الجميلــة ،كان كان فخـ ً ً حيــث كان عــن حقــوق الطفــل ،فقــد ســأل والـ َـده عــن هــذه التعليــم ،ممــا جعلــه الحقــوق ،وعــرف أن أهمهــا هــو ُ ـعيدا وهــو ذاهــب إىل المدرســة ليشــارك برأيــه، متحمســا سـ ً ً 141
لمــى إيهــاب
ويحـ ّـدث معلمتــه عــن ذلــك. ف� يـــوم مـــن أ اليام جـــاءت عاصفة رمليـــة و ُعرف أنها ي ســـتبقى ت لفـــرٍة ،فجاء قرار المدرســـة بأن يغيـــب الطالب الغد. حرصـــا عىل ســـامتهم ابتدا ًء مـــن ِ ً محمد للمدرســـة كعادته، ف ي� ذلك اليـــوم كان قد خرج ٌ ش �ء من مكانه ،فطلبت وكان الجـــو عاصفًا يكاد يحـــرك كل ي منه أمـــه أن يرتدي نظـــارة ووشـــاحاً ليحمياه مـــن الغبار حرصـــا منها عـــى صحة طفلها وســـامته ففعـــل محمد، ً وأرص والـــده عـــى أن يوصله الســـائق بالســـيارة خوفًا من َّ ف ف ســـره وهو و� أثناء ي و� الطريق ي أحوال الطقـــس الصعبة ،ي بالرض مليئةً أ ينظر من النافـــذة تفاجأ أ والجدار بالوســـاخ، ُ بالط� والغبار ،أ الجميل مـــ� ٌء ي ن ُ شـــجار وقد ســـقطت وال ُ ي أوراقهـــا وكـــرت أغصانهـــا ،وغـــادرت الطيـــور الجميلة مكانها ،وفقدت الســـماء لونهـــا أ الزرق ،وكانت الرياح تهب َ بقوة .نظر فل���م يجد أصدق���ا َءه القطط. ليخـــر والديـــه اللّذَ يْـــن أنصتا له محمـــد وعاد حـــزن ب ٌ جيدا ،وتفهمـــا حزنه وشـــاركاه خوفه عـــى بلدته ،فذهب ً والـــداه إىل عمـــدة البلدة ليســـأاله عن أ المـــر ،فأكد لهما 142
قائـدُ األبطـال
أن المدينة ســـوف تتعرض لعاصفة ســـتؤثر عىل نظافتها، ويتعطل عمـــل عمال النظافـــة فيها. ســـيحدث ،وأن البلدة وأخ�اه بما رجـــع والدا ُ محمـــد ،ب ٍ ســـوف تتعطل فيها الحيـــاة والنظافة بســـبب العاصفة، بالوســـاخ أ وتمتلئ أ والور ِاق أليام. وأص أن يقدم شـــي ًئا حـــزن ٌ محمد وتألم لما ســـمعهّ ، لبلدتـــه وبيئتـــه .وأخذ يفكـــر فوقعت عيناه عـــى حصالة النقـــود وخطرت له فكـــرة ،فركض مرس ًعا وأخـــذ الحصالة ليخـــره بفكرته. واتجه لوالده ب محمد عىل والده الذي كان ينظر من النافذة إىل دخل ٌ منظر الشارع المدمر ،وقد ظهرت عىل وجهه عالمات أ السف، متحمسا :هل تسمح لي أن أتحدث معك فسأله محمد ً ن ب� ماذا عندك؟ فقال يا والدي؟ ،فأجابه والده :حسناً يا ي محمد :لقد أخبرتني يا والدي من قبل أن األطفال من حقهم ٌ أن ال يجبروا على العمل في سنهم الصغير ،ولكن يمكن أن يساهموا في العمل التطوعي البيئي لخدمة وطنهم ومجتمعهم ،لقد قررت أن نتطوع أنا وأصدقائي في الحي ً جميعا .وكل ما نحتاج إليه لتنظيف الحي ،وسوف نشترك 143
لمــى إيهــاب
بعض األدوات وأكياس القمامة التي سوف نشتريها من السوق ،وسأتحدث ألصدقائي في الحي وأعرض عليهم
الفكرة فما رأيك؟ أعجب والده بهذه الفكرة وقرر أن يساعده ف ي� فكرته ،وشجعه عليها دون تردد ،وقرر أن يبدأ العمل ف ي� أرسع وقت ممكن . و بعـــد ي ن محمد ف ي� الصبـــاح وقد هدأت يوم� اســـتيقظ ٌ العاصفة واســـتقر الجو ،فقـــرر أن يبدأ العمل. محمد مع والده ت واش�ى مجموعة من المكانس خرج ٌ أ والكياس القماشية وصناديق ورقية ،وكان حريصاً عىل أن ال يستخدم أكياس البالستيك الم�ض ة بالبيئة ،واتجه نحو أصدقائه ف ي� الحي ليعرض عليهم المساهمة ف ي� تنظيف الحي وتنظيمه من جديد ،تحمس أطفال الحي وأعجبوا بالفكرة، وقرروا المساعدة وجلب كل منهم المزيد من أ الدوات، محمد الذي قام بتوزيعهم عىل مجموعات واتجهوا لم�نز ل ٍ أ جد ومحبة فقاموا بجمع وبدؤوا بالعمل .عمل الصدقاء بكل ٍّ الوراق المتساقطة أ أ والغصان المكسورة وجمعوا الزجاج المكسور والنفايات البالستيكية والمعدنية بمساعدة آبائهم، ووضعوها ف� أكياس وأغلقوها جيداً ت ح� ال تؤذي أحداً، ي 144
قائـدُ األبطـال
ت وح� يرسلوها إلعادة التدوير ،وأح�ض وا خراطيم المياه ذات المقابض الرشاشة يك ال يرسفوا باستهالك الماء ،ونظفوا ان والشوارع. الجدر َ بينمـــا كانوا يعملون بجد ســـمعوا أصواتـــاً من الضحك ت محمد: نحو الصـــوت ،فصاح ٌ تأ� من أول الشـــارع .نظروا َ ي نصغـــي لهم ،ولن ســـعيد ومجموعتـــه ،لن يـــا إلهي هذا ٌ َ نهتم لهم يـــا أصدقاء. َّ ت يبتســم محمــد وأصدقائــه ،وهــو اقــرب ســعيد مــن ٍ ُ بســخرية قائــاً :هههــه محمــدٌ ومــن معــه تحولــوا إلــى عمــال نظافــة ،منظركــم وقــد تلطخــت مالبســكم بالتــراب
يثيــر الشــفقة ،مــا هــذا الغبــاء؟!
145
لمــى إيهــاب
محمــد بثقــة :يشــرفني أن أكــون عامــا ً مــن ر ّد عليــه ٌ عمــال الوطــن الرائعيــن ،فلوالهــم لمــا كانــت مدينتــك ً جميلــة ،وال كان شــارعك نظيفــا ،أمــا هــذا التــراب فقــد جــاء بالعمــل والجــد وليــس باللعــب والتخريــب ،غــادروا المــكان ودعونــا لعملنــا.
تجمد سعيد ومن معه من هذه الكلمات ،وعرفوا أنهم ّ محمد وأصدقائه ،وتركوا المكان ورحلوا. بإغضاب لن ينجحوا ٍ ِ تابــع أ ض الفــو� ف ي� البطــال الصغــار عم َلهــم ،ونظمــوا اســتمر العمــل يومــاً كامــا ً مــع بشــكل مدهــش. المــكان َّ ٍ تشــجيع ش وإ�اف آبائهــم الذيــن كانــوا يراقبــون العمــل صنــع أطبــاق مــن تنــس أمهاتهــم َ باهتمــام ،كمــا لــم َ الحلــوى والكعــك اللذيــذ ،وتقديمهــا ألبطالهــم الصغــار بــكل حــب وســعادة .ت الحــي أصبــح حــى إذا جــا َء المســا ُء َ ّ ً جــدا ونظيفًــا ومر ًتبــا. يبــدو جميــا ً خرج أهل الحي وتفاجؤوا بجمال الحي ونظافته ،وكانوا جدا بهذا العمل الرائع ،وفخورين بأوالد حيهم فخورين ً جيدا كيف يحبون وطنهم وبيئتهم .أما عمدة الذين يعرفون ً الحي فقد كان فرحاً بأبناء بلدته ،فقدم لهم شهادات شكر 146
قائـدُ األبطـال
عىل مجهودهم وعملهم الرائع ،وس ّلم محمداً درعاً تقديراً له عىل جهوده ف� حفل جميل اجتمع فيه كل أ هال ،وشكره عىل ال ي ٍ ي ٍ ت سعيد وأصدقاؤُه ال� جعلته فخوراً بهم جميعاً .كان ٌ فكرته ي أ فرحا بحرسة من بعيد ،لكن والد يراقبون ٍ ٍ محمد كان الك�ث ً ً التعاون واعيا ،يحب عظيما قائدا بولده الذي كان ً َ ً وطفل ً مع أصدقائه ت أن ويح� ُم الطبيعةَ ويعرف حقوقَها، ّ فاستحق ْ الوطن. يفتخر به ُ َ
147
148
يوميات مطرة في الظفرة تأليف مطرة إبراهيم صالح صالح فيروز
كانـــت هنـــاك طفلـــةٌ نشـــيطةٌ وذكية تعيـــش ف ي� دولة المـــارات العربيـــة المتحدة ،دولة الســـام والتســـامح، إ أسســـها المغفور له الشـــيخ زايد بن ســـلطان آل نهيان، ت االحـــرام المتبا َدل مـــع الجميع. عىل مبـــادئ اسمها مطرة ،طفلةٌ محبوبةٌ لدى عائلتها وصديقاتها تحب السباحةَ الشعر ،وتعيش ف ي� والسفر وإلقا َء ِّ ومعلماتهاّ . َ صغ� وجميل ف ي� مدينة مصدر ،وهي أول مدينة تعتمد م�نز ل ي عىل الطاقة النظيفة والمتجددة ف� العالم ،وهي تجمع ن سك� ي ي مستدام تم إنشاؤه ف ي� إمارة أبوظ� ،مع والدتها ووالدها يب الخمسة أعوام. ذات وأختها ي ِ الصغ�ة مريم ِ 149
مطــرة إبراهيــم صالــح صــاح فيــروز
بعـد عودتهـا مـن المدرسـة يومياً تتنـاول وجبة الغـداء مع أفراد عائلتها ،ثم تذهب لتستذكر دروسها ،ثم تمارس هوايتها ف ي� السـباحة مـع مدربتهـا الخاصـة ف ي� المنز ل ،ثـم تلعـب مـع أختهـا مريـم ،وتقوم بأعمال فنية كالرسـم عىل الـورق المعاد تدويره ،أو صناعة الزخارف الفنية من البالسـتيك المسـتعمل، ثـم تشـاهد بعـض أفالم الكرتـون عىل آ اليبـاد أو التلفـاز .ف و� ي السـاعة السـابعة والنصف مسـاء يسـتمتع أفـراد أ الرسة بتناول ً الحاديث الممتعة ومناقشـة أ طعام العشـاء ،ويتبادلون أ المور االجتماعيـة والدراسـية ،ثـم تذهـب لغرفتها لتنام بعد سـماع شـوقة مـن والدتهـا أو والدهـا ،وتسـتيقظ ف ي� الصبـاح قصـة ُم ّ باكـرا بـكل نشـاط وحيويـة ،ترتـب رسيرهـا وتغسـل وجههـا ً وتنظف أسـنانها بالفرشـاة والمعجـون ،وتتناول وجبـة إالفطار ت الـ� تحتوي عىل جميـع العنـارص الغذائية كالخضار الصحيـة ي ت بن والجـ� الذي يحتوي الـ� تحتوي على الفيتامينات، والفواكـه ي وتـ� الذي يسـاعدها عىل بناء الجسـم ،ب ز على بال� ي ن والخ� الذي ت الـ� تمدهـا بالطاقـة ،والحليـب يحتـوي على الكربوهيـدرات ي الغن ي بالكالسـيوم لسلامة عظامهـا وأسـنانها ،وتبـدأ يومـاً جديـداً ممتعاً. 150
يوميــات مطــرة فــي الظفــرة
و� يوم من أ ف اليام كانت مطر ُة ف ي� غرفتها تستذكر دروسها، ي سمعت طرق الباب طق طق طق مطرة :من؟ أ الم :أنا يا مطرة. مطرة :تفضلي يا ّ أمي. أ السالم عليكم ورحمةُ هللا وبركاته. الم: ُ مطرة :وعليكم السالم ورحمة الله وبركاته. أ أخ�ك موضو ًعا. الم :مطرة أريد أن ب مطرة :تفضلي يا أمي العزيزة. أ ت أخ�تن كبـرا للطالبات أن هنـاكَ م: ال مخيمـا ًي ب صديقـ� ّ ً ي ي وبحاجـة لمتطوعات. ابنـ� نأ� مبـادرة ف� أ ت ين العمـال التطوعيـة وكمـا تعلمـ� يـا ي ي ي وأحـب عمـل الخ� ومسـاعدة آ وأشـجعك دائماً عىل الخرين، ي ِ ّ العمـل التطوعي. ٌ جميل يا ّ أمي. مطرة: أ ال ّم :ولكـن يـا مطـرة المـكان بعيـد ف ي� منطقـة الظفـرة ف ي� نمكث مـن ثمانية إىل ش عرة أيام منطقـة صحراويـة ،وسـوف ُ ف� إجـازة فصـل الشـتاء ،وسـوف آخذُ كما معـي كمر ي ن افق�. ي 151
مطــرة إبراهيــم صالــح صــاح فيــروز
مطـرةّ : أمـي تجربـة جديـدة ألتعـرف مـن خاللهـا علـى مناطـق جديـدة فـي دولتـي ،اإلمـارات العربيـة المتحـدة، ُ أذهـب معـك بـكل تأكيـد. وسـوف
شـوق موعـد الرحلـة ،وكانـت كانـت مطـرة تنتظـر بـكل ٍ كثـراً ،مـاذا سـوف تفعـل هنـاك؟ تفكـر ي
وبعد مرور شهر...
ف و� أول يـوم مـن أيـام عطلـة فصـل الشـتاء بـدأ ي أ ف االستعداد للرحلة .كانت الم مشغولة ي� ترتيب الحقائب، ومطـرة تختـار أ اللعـاب والكتـب والقصـص المسـلية أ ال ت مريـم ،وح�ض ت لك�ونيـة ،وتسـاعدها أخ ُتهـا والجهـزة إ ُ أ الم لتسـاعدهما ف ي� االختيـار. صغـاري نحـن ذاهبـون لمنطقـة مختلفـة عـن حيـاة مالئمـا للمـكان ،فلا المدينـة ،واختيارنـا يجـب أن يكـون ً أ لك�ونيـة ،ض ال ت حـا� يـا ّأمـي. أفضـل أخـذ الجهـزة إ أ ال ت لك�ونية مريم باستبدال الجهزة إ نصحت مطرة أخ َتها َ أ مريم عىل رأي مطرة. باللعاب الحركية ،ووافقت ُ
152
يوميــات مطــرة فــي الظفــرة
في صباح اليوم الثاني...
اجتمعـت جميـع المتطوعـات والمر ي ن افقـ� ف ي� نقطـة التجمـع. ت ين الـ� كانت ركـب الجميـع الحافلات متجه� لمنطقـة الظفرة ي وتعتـر منطقـة الظفرة من تعـرف سـابقًا بالمنطقـة الغربيـة، ب أغىن مناطـق الدولـة بحقـول النفـط والغـاز ،كما تمتـاز أيضاً ب�ث وتهـا الزراعيـة والحيوانيـة المختلفة. ف و� الطريـق إىل الظفـرة تـم التعـارف وتبـادل الحديـث ي ف ت ين لالسـراحة ي� منطقـة بـ� المتطوعـات ،وتوقفـت الحافلـة السـر ،ومن بينونـة لمـدة نصـف سـاعة ،وواصلت بعـد ذلك ي خلال النافـذة شـاهدت مطرة مناظـر جميلة للكثبـان الرملية و(الجمـل) سـفينة الصحـراء ،الـذي أطلـق عليـه هذا االسـم سـره ،حيث يتمايل عىل رمـال الصحراء كتمايل نظـراً لطريقة ي يز ويتمـر بضخامـة جسـمه وقـوة السـفينة على أمـواج البحـر، سـنام فـوق بنيتـه وارتفـاع قامتـه وطـول عنقـه .ويوجـد لـه ٌ ت الـ� يقـوم باسـتخدامها كمصـدر ظهـره لتخزيـن الدهـون ي ت يز الـ� يسـتطيع مـن خاللهـا للطاقـة، ويتمـر بذاكرتـه القويـة ي معرفـة أ الماكـن ومعرفـة صاحبـه وهـو ش يمـس بكل ثقـة .حقًا ي إنـه منظـر مدهـش يـا ّأمي. 153
مطــرة إبراهيــم صالــح صــاح فيــروز
وصلت الحافلة لمنطقة المخيم ،اندهشت مطر ُة من المنظر الجميل الخالب الذي يقع ف ي� قلب الصحراء ،وكانت سعيدة جداً واالبتسامة عىل شفتيها ،إنه مكان واسع يحتوي الصغ�ة ،وخيام بيت الشعر كب� جداً من الخيم ي عىل عدد ي الكب�ة ومطعم ومرافق عامة .استقبلت مديرة المخيم جميع ي المتطوعات بكل حب ت واح�ام ،وتم ش�ح آلية المخيم الذي كب�ا من طالبات الجامعات والمعاهد، سوف يستقبل عد ًدا ي ً وبدأ تسليم الخيم لكل متطوعة ومرافقيها. تس� خلفهما. أرسعت مطر ُة وأخ ُتها إىل الخيمة ،ووالدتهما ي فتحت مطرة الخيمة وتفاجأت من المنظر .ال يوجد سوى ئ كهربا� ف ي� الخيمة ،والمرافق العامة ومصباح مكان للنوم ٍ ٍي ٍ
154
يوميــات مطــرة فــي الظفــرة
توجد خارج الخيمة مثل دورات المياه والمطعم. حاولت أ ال ّم أن تساعدهما ف ي� التأقلم مع المكان ،وطلبت من مطرة أن تساعدها ف ي� ترتيب الخيمة ووضع الحقائب. بعد يوم متعب خلدت مطر ُة للنوم ف ي� حضن والدتها مع مريم خائفةً من المكان كونُه جديداً ،وكانت أختها مريم .كانت ُ تحك لها عن أجدادنا الذين سكنوا قديماً هذه الخيم مطرة ي المصنوعة من شعر الماعز الذي يخلط بالصوف .وكانت الخيمة تحميهم من أشعة الشمس الحارة والرياح والمطر.
ُ يوم بالمخيم... أول ٍ
مبكـرا ،وذهبت مع والدتها لتبـدأ مهامها ف ي� اسـتيقظت مطـرة ً كبـر من الطالبـات عىل دفعات المخيـم ،مـن اسـتقبال عدد ي وتسـليم الخيـم وتقديـم الطعـام .كانـت مطـرة سـعيدة بمهـام المتطوعـات وتحـاول مسـاعدة الجميع ،واسـتطاعت مطـرة إقناع مديرة المخيم بالعمـل معهن ضمن المتطوعات على الرغـم مـن صغـر سـنها ،وال يوجـد متطوعـات بعمرها، الداريـات ف ي� أعمال ورحبـت بمطـرة كأصغـر متطوعة تسـاعد إ المخيـم ،وإرشـاد الطالبـات إىل مرافـق المخيم. 155
مطــرة إبراهيــم صالــح صــاح فيــروز
أيام المخيم... ثاني ِ
بـدأت الطالبـات ف التجمـع لرفـع العلـم ،وإلقـاء النشـيد � ُ ي ِ النشـيد بـكل فخـر وسـعادة، الوطن ي .وكانـت مطـرة تـر ّد ُد َ وبصـوت مرتفـع ف ي� صحـراء الظفـرة. ش ـاش اتِّ َحا ُد ِإ َم َارا ِت َنا ي� ِب َل ِدي َعـ َ ِع ِ ي عب ِع ْش ِت ِل َش ٍ ال ْسـ َـا ُم َه ْديُ ُه الق ُْرآن ِدي ُن ُه ْ ِإ َح َّص ْن ُتكَ ِب ْاسـ ِـم هللا يَا َو َط ُن ِبـ َـا ِدي ِب َل ِدي ِب َل ِدي ِب َل ِدي ـاك ْ ِإ ش الز َمان ور َّ َح َمـ ِ � َ ال َل ُه ُ ُ َ ن َ � نَ ْع َمل أق َْسـ ْـم َنا أ ْن نَ ْب ِ ي َ نَ ْع َمل نُ ْخ ِلــص نَ ْع َمل نُ ْخ ِلص َم ْه َما ِع ْش ـ َنا نُ ْخ ِل ْص نُ ْخ ِل ْص أ ـاش ا ْل َع َلم يَا ِإ َم َارا ِت َنا ان َو َعـ َ َد َام ْال َ َم ُ َر ْم َز ا ْل ُع ُروبَة يك ـك ِب ِّ الد َماء نَ ْر ِو ِ ُك ُّل َنا نَف ِْديـ ِ نفْديــكَ ب ْ أ َ اح يَا َو َطن و ر ال َ َ ِ ْ ِ ِ 156
يوميــات مطــرة فــي الظفــرة
ثم انطلقت فعاليات المخيم من حرف تراثية كالسدو والتل وصناعة الدخون ،وحرف يدوية كالفخار ،ومرسم حر ي وأنشطة رياضية كالرماية وركوب الخيل .وبعد غياب الشمس مسابقات ف ي� إلقاء الشعر بدأ حفل السمر الذي كان يضم ٍ الكث� ،سألت مطر ُة والدتَها :أمي لماذا ال وغ� ُه ي والخطابة ،ي ُ نشارك في هذه الفعاليات؟
مطرة :ألن المخيم خاص للطالبات الجامعيات والصفوف غدا سوف أحاول حل هذا الموضوع مع مديرة ولكن ً العلياْ ، المخيم ،وخصوصاً أن هناك عدداً قليال من أ الطفال. ً
ُ ثالث أيّ ِام المخيم....
اسـتيقظ الجميـع باكـرا لالسـتمتاع أ بالنشـطة المقدمـة ف ي� ً المخيـم بـكل نشـاط .ذهبت والـدة مطرة إىل مديـرة المخيم لمناقشـة وضـع أ أنشـطة لهـم. وتوفـر الطفـال، ِي ٍ وافقت عىل الفور ألنهم جزء من نجاح المخيم ،وبدأت بوضع خطة وإعداد أنشطة تناسب قدراتهم وإمكانياتهم، أ بالخ� السعيد .وتم أرسعت الم لمطرة ومريم وأبلغتهما ب وضع مسابقات خاصة أ للطفال من رسم وتشكيل ي ن بالط� وإلقاء 157
مطــرة إبراهيــم صالــح صــاح فيــروز
الشعر أ ومريم والناشيد .شاركت مطر ُة ف ي� مسابقة إلقاء الشعر، ُ أ والحرف، نشطة ف ي� مسابقة الرسم .انضمت مطر ُة ِ ومريم إىل ال ِ ُ وتع ّلمت السدو وهو أحد أنواع النسيج اليدوي التقليدي، يعت� من فنون التطريز ف ي� والتل ب ويستخدم لحياكة الخيم .ي المارات ،ويستخدم إىل آ ل� ي ن الن ت ز ي� المالبس النسائية .وصناعة إ الدخون ،وهي مهنة تقليدية ،حيث يستخدم أهل إالمارات لتعط� البيوت والثياب ،ويصنع من أعواد الدخون بشكل يومي ي َ العود ومجموعة من العطور الزيتية .واستمتعت مطرة بجميع الحرف وقامت بالتطبيق والتدريب عليها والفرحة والسعادة تغمرها أ والطفال المتواجدين بالمخيم. لدي رغبةٌ ف ي� عمل ْ ذهبت مطر ُة إىل الخيمة ،وقالتّ :أمي ّ سماد طبيعي من بقايا الطعام إذا أمكن ،فهناك بقايا طعام قص�ا وقشور فاكهة بكميات ي كب�ة ،ولقد شاهدت سابقاً ً فيلما ي ً سماد طبيعي. عن طريقة تحويل بعض بقايا الطعام إىل ٍ الفطار قشور سوف أجمع كل صباح بعد وجبة إ البيض وأطحنها بالحجر إىل أن تصبح مسحوقاً كب� ف ي� التسميد ،وذلك يستخدم بشكل ي كب�ة من الكالسيوم ،ما الحتوائها عىل كمية ي 158
يوميــات مطــرة فــي الظفــرة
شاء هللا ،فكر ٌة ممتاز ٌة يا مطرة ،وسوف أساعدك أنا ومريم عىل ذلك ،سوف نتعاون ف ي� تجميع قشور البيض وطحنها ووضعها ف ي� أكياس الستخدامها ف ي� تسميد تربة شجر الغاف ت المارات ،كونها شجرة ال� تحظى بمكانة خاصة لدى أهل إ ي سن� طويلة رغم أ صحراوية صامدة منذ ي ن الحوال الجوية ف والبيئية القاسية ،وساهمت ف ش الثقا� ،يلتقي الوعي ن� � ي ي تحتها المثقفون أ والدباء والشعراء .واليوم ُ نقول بكل ثقة إن ت ال� زرعها بابا شجرة الغاف هي رمز التسامح وبذرة المحبة ي زايد ف ي� وجدان الوطن ونهج القيادة الرشيدة ،وهي جزء أصيل المار ت يا�. من إرث الشعب إ وبعد أن كانت ض تق� إجازتها بالسفر خارج الدولة، ي ت سنوات ثالث اق�حت عىل والدتها بأن تشارك كل عام ٍ ولمدة ِ ِ شكرت مطر ُة التوال لالنضمام إىل هذا المخيم التطوعي. ْ عىل ي وفخرها لقادة وحكومة شكرها هللاَ عىل هذه ِ َ النعمة ،وقدمت َ المارات العربية المتحدة وعائلتها ،وبعد عودتها دولة إ نقلت تجرب َتها الرائعةَ إجازة فصل الشتاء، للمدرسة بعد ْ ِ ت ال� عاشتها ف ي� الظفرة لجميع صديقاتها بكل فخر، والجميلةَ ي الجميع متشوقاً يوميات َم َطرة ف ي� الظفرة. قصة وكان َ ُ ِ لسماع ِ ِ 159
160
مجســات األمــل تأليف هزاع محمد راشد العامري
ال� سـأرويها لكـم ،ت ت ت لـدي ت الـ� تحفل ّ قص� ي ي قصـ� المذهلـةُ ي ي أ ف لكن أوال ً اسـمحوا يل بالدهشـة وتحتفـي بالمـل ي� المسـتقبلْ ، أن أرحـب بكـم ف ت ظـ� أبـو � مدينـ� الحبيبة .أهال ً وسـهالً! ، ب ي ي ي ف ف المارات العربية المتحدة ،ي� ش ال�ق ظ� ي� دولة إ تقع أبو ب ي أ سبق لكم الوسط طبعاً ،عىل ساحل الخليج العر� .هل َ يب المارات العربية المارات؟ يعتقد معظم الناس أن إ أن زرتم إ كثبان ذهبيةُ اللون تتوزع فيها المتحدة مجر ُد صحرا َء رملية. ٌ الجمال ،لكننا هنا نعيش ف ي� مدينة ُم َتح�ض ة عىل مستوى من ِ الكث� من دول التقدم يفوق ي العالم المتقدمة ،ولدينا 161
هـزاع محمـد راشـد العامـري
الف�وزية الكث� ل�ن اه ،ونستمتع به .فهناك الشواطئ الزرقاء ي ي ُ ت ين الدالف� ،وأبقار ال� تعج بالحياة البحرية الرائعة ،حيث نجد ي البحر ،وأسماكَ القرش ،والشعاب المرجانية المزدهرة ،وكل أشكال الحياة المائية المتنوعة .وقد غدوت شغوفاً بعالم البحار؛ ف حص َلت ت قص� المدهشة. ائعة ر ال البقعة هذه و� َ ي ي بـدأت ت قصـ� برحلة إىل الشـاطئ ،المـكان المفضل لدي، ي فقـد اعتدنـا أن نذهـب إىل هنـاك ف� إجـازة نهايـة أ السـبوع. ي أ ت وانفعـاال� لنن ي أشـعر وعـادة ال أسـتطيع احتـواء مشـاعري ي بالحماس الشـديد ف ي� كل مرة .ف ي� هذا اليوم بالذات ،ولسـبب غريـب ،اسـتيقظت مبكـراً عن المعتـاد .كان كل مـن ف ي� الم�نز ل ال يزالـون يبحـرون بعيـداً ف ي� أحالمهـم ،لذلـك أخـذت على عاتقـي ْأن أوقظهـم جميعـاً ،وهتفـت" :اسـتيقظوا ،إنـه ً ت أخـ�" :كـن هادئـا!" يـوم الشـاطئ!" صاحـت ي وبرسعـة فائقـة جمعـت المعـدات الخاصـة بالشـاطئ والبحـار ،ت (والـ� تتضمن منظـاراً ،ومصفاةً ،ودلـواً ،ومجرفةً ) إ ي ...ثـم ذهبنـا إىل الشـاطئ! إنهـا رحلـة هادئـة ،حيـث يمـر الطريـق الرسيـع فـوق البحـر ،وتـرى أشـجار المنغـروف من ناحيـة ،والشـاطئ المفتـوح مـن ناحيـة أخـرى .وقـد اعتدنـا 162
مجسـات األمـل
أن نذهـب دائمـاً إىل شـاطئ جزيـرة السـعديات؛ إنـه أفضـل شـاطئ ف ي� أبوظـ� ،يسـتقبلك برماله البيضـاء الرائعة ومياهه يب الزرقـاء الصافيـة. حماس أسـتطع إخفـا َء بمجـرد أن أوقَـف ب يأ� السـيارة لـم ْ ي أخـ� بعيـداً ،وانطلقـت شـا ّقاً طريقـي ت ُ ت ح� وتأهـ�. دفعـت ي بي ست رائحـة الهـواء المالح أتمكـن مـن الخـروج مـن السـيارةَ َ . على الفـور إىل أنفـي ،وبـدأ النسـيم البـارد يتحـرك .وبـدأت تتل أل فـوق أ الشـمس بوهجهـا ال�تقـال أ بمشـهد رائع، المواج َ ٍ ب ي الطالق. يُ َعـد مـن أجمـل المشـاهد على إ ت حقيبـ� مـن صنـدوق السـيارة ،على الفـور، أخـذت ُ ي ئ حـذا�؛ يـا لـه مـن إحسـاس وانطلقـت إىل الشـاطئ .خلعـت ُ ي ائـع ،عندمـا تالمـس أصابـع قدمـي الرمـال الناعمة البـاردة. ر ٍ قدمـي ف ي� الرمـال، أصابـع وبينمـا كنـت أقـف هنـاك ،أحـرك َ ّ نظـرت نحـو المحيـط أ الزرق ،وأخـذت نفسـاً عميقـاً ،ورحـت ف الغـوص للبحـث عـن اللؤلـؤ. جـدي عـن أفكّـر ي� قصـص ّ ِ ت البطانيـات بعـض عائلـ� أمتع َتهـا ،ووضعـت أفرغـت َ ْ ِ ي على الرمـال ت وجبة دسـمة، ح� نتنـاول وجبة إ الفطـارَ ، وبعد ٍ غـدوت مسـتعداً لمغامـر ت يا� الشـاطئية! 163
هـزاع محمـد راشـد العامـري
ت رسب من طيور أخرجت منظاري من ُ حقيب� ،ونظرت إىل ٍ ي ت ال� تضج بالحيوية والحماس ،وهي تحلق فوق النورس ي الشاطئ ،وال تلبث تغوص بحثاً عن أ السماك ،لتتناول هي أس� بع� الرمال للبحث عن حبيبات أيضاً وجبة إفطارها .بدأت ي صغ�ة كالخرز. البالستيك الميكروية ،وهي حبيبات بالستيكية ي تعد من الخطوات أ أي من المنتجات البالستيكية. وىل ال ُ َ ُّ لصنع ٍّ ِ لقد تعلمت عن حبيبات البالستيك الميكروية عندما تطوعت َ تجاهل ف ي� حملة تنظيف للشاطئ .ومنذ ذلك اليوم ال أستطع أ استخدمت المصفا َة الصغ�ة ف ي� الرمال .لقد شياء ي ُ هذه ال ِ لغربلة الرمل وفصله عن تلك الحبيبات ،وبعد العثور عىل القليل منها ،وضعتها ف دلو كان معي. � ي ٍ عندما توغلت ف� الرمال أك�ث ،ليس بعيداً عن ت كث�اً، عائل� ي ي ي أصوات طيور النورس ،لذا أخرجت المنظار ضجيج سمعت ِ َ أ أيت بشغف لرى ما كان يحدث .نظرت من خالل المنظار ور ُ طيور النورس تدور َ ش � ٍء ال يبدو طبيعياً بالنسبة يل. حول ي ك� مراراً وتكراراً أل ن حاولت بقلق تعديل ت ال� ي ز ن� لم أصدق ي ح� ت ما كنت أراه بالفعل! نزلت ف� الماء ،ت ركب� أللقي نظرة ي ي ن أن� رأيته ،بدا أنه مجسات (لوامس) فاحصة عىل ما ظننت ي 164
مجسـات األمـل
وتلوح يل! نظرت من خالل المنظار حمراء تخرج من الماءِّ ، تعد تظهر .نظرت مرة أخرى فرأيت المجسات مرة أخرى فلم ْ ت ثوان ثم تعود للظهور تق� ُب قليالً ،كانت تختفي لبضع ٍ ِ أقرب. وتصبح َ أهـا! لقـد كان أخطبوطـاً عمالقـاً أحمـر اللـون يقبـع عنـد ن قلـ� ينبـض بشـدة. قدمـي! لقـد أذهل ي مشـهده ،وأخـذ ب ي ّ أ خـارج المـاء ،ولكـن للوهلـة الوىل ،لـم أفكـر سـوى بالقفـز َ تلتف حول ق إل: يتوسـل وبدأ ، سـا� أذرعه كانت ّ اللزجة ْ ِ إحدى ِ ي يّ
ُ أحتاج إلى مسـاعدتك!" "من فضلك ال تذهب،
وغـر قادر على الكالم، وعلى الرغـم مـن أنن ي كنت مرتبـكاً ،ي لـم أكـن خائفـاً .كان أ ش آخـر بعيـداً ُ ء � إىل يشـر ط خطبـو ال ي ٍ ْ َ ي ف ي� المـاء .مـا رأيتـه بعـد ذلـك كان شـيئاً ال يصـدق! أط ّلـت سـمكة قـرش عمالقـة برأسـها ،وحـرك أ الخطبو ُط ذراعـه يومئ لهـا بلفتـة مشـجعة .ما زلـت ف ي� حالة صدمة ،لم أكـن متأكداً التفكـر فيه! يجـب فعلـه أو قولـه أو ي ممـا ُ أخـذ أ الخطبـوط على عاتقـه أن يعرفن ي على نفسـه وعلى سـمكة القـرش العمالقـة" .اسـمي كينـي ،وصديقتـي المفضلـة ،سـمكة القـرش ،اسـمها (راي راي) .إنهـا ليسـت 165
هـزاع محمـد راشـد العامـري
ً علـى مـا يـرام ،ولـم تـأكل ،وحالتها تزداد سـوءا كل لحظة،
وتحتـاج علـى الفـور إلـى المسـاعدة!". نفس� رسيعـاً إىل بقلـق شـديد ،لذلـك قدمـت ُ ي شـعرت ٍ كين أ الخطبـوط" .اسـمي هـزاع ،وأنـا علـى اسـتعداد ي أخـرت كين ي ،وأنـا للمسـاعدة بـأي طريقـة ممكنـة!" ب والـدي ألنن عل� الذهـاب إلحضـار أشـعر باالضطـراب ،أن ي ّ ي ركضـت بـأرس َع مـا يمكـن أن ال أسـتطيع المسـاعدة بمفـردي. ُ ن أنفـاس تتقطـع... تأخـذ� سـاقاي ،وبـدأت ي ي عالم أحيـاء بحريـة ،ويمكنه لحسـن الحـظ ،فـإن والـدي ُ ِ أ ين المناسـب� للحصـول على على الفـور االتصـال بالشـخاص مسـاعدة إضافيـة طارئـة أ نضيعه. وقـت لدينـا يكـن لـم نـه ل ٌ ّ سبحنا أنا وبابا بأرسع ما يمكن نحو (راي راي) لتهدئتها. ن صغ�ة بجوار سمكة بأن� كنملة ي وعند وصولنا إليها شعرت ي كي� أ ن يخ� ن ي� ش ب�ء بقر� خطبوط ال ب ب ي ي قرش عمالقة .وكان ي من التوتر(" :راي راي) صديقتي المفضلة منذ والدتنا، ونسافر عبر المحيطات الشاسعة معا ً" .وتابع كي�ن ي ليخ� ن ي� عن قصص مغامراتهما المؤثرة .بينما كنا حديثه ب َ ننتظر ف ي� المياه ،ارتفعت الشمس الحارقة وتوسطت كبد 166
مجسـات األمـل
السماء ،وأصبحت شب�تنا برونزية .وصلت سفينةٌ للمساعدة أخ�اً .قام مسعفون من مشاة البحرية بربط (راي راي) برافعة ي خاصة تستخدم لرفع الحيتان ،ورفعوها عىل ت ن م� السفينة. ورسعان ما أعطى الطبيب البيطري أ للحياء المائية دوا ًء لراي راي لتخفيف آالمها ،وأجرى عىل الفور جراحة ف ي� بطنها. اكتشف الطبيب البيطري المشكلة بمجرد أن نظر إىل كب�ة من محتويات معدة (راي راي) .وعرف أنها ابتلعت كمية ي شعرت حبيبات البالستيك الميكروية واللدائن الدقيقة .لقد ُ بصدمة شديدة لما رأيتها ،وحزنت لما كانت تمر به .نظراً أل ّن القرش تتغذى ت كب�ة من الماء أسماكَ بال�شيح ،وتبتلع كمية ي ِ يومياً ،فإنها تخاطر باستهالك اللدائن والحبيبات البالستيكية الدقيقة أيضاً. البيطري معظم القطع البالستيكية الطبيب بمجرد أن أزال ُّ ُ من معدة (راي راي) ،انتهت العملية الجراحية .وأطلقوا (راي راي) مرة أخرى ف ي� الماء ووضع لها جهاز تتبع .وبمجرد أن للتعب� عن اصطدمت بالمياه ،ن�ث ت المياه حول السفينة ي مدى امتنانها لكل الذين أنقذوا حياتها. بعد أيام من حالة الطوارئ هذه ،ما زلت ال أتخيل كيف 167
هـزاع محمـد راشـد العامـري
تعا� (راي راي) والحيوانات البحرية أ ن الخرى بصمت .لطالما ي ئ البي� للمحيطات علمت أن البالستيك يشكل تهديداً للنظام ي لكن� لم أدرك ذلك تماماً ت ن بنفس. ح� شاهدتُه ي والبحار ،ي نتيجة لذلك ،قمت أنا ووالدي بتنظيم حمالت حول مخاطر البالستيك ف ي� محيطاتنا .قمنا أيضاً بتنظيم عمليات تنظيف للشواطئ تكاتف فيها المجتمع من أجل قضية مهمة جداً. ف ي� أحد أيام نزهاتنا الشاطئية العائلية ،انطلقت مرة أخرى ف ت مغامر� عىل الشاطئ .أخرجت منظاري ،ونظرت إىل المياه � ي ي أ ت دهش� ،رأيت ذيل (راي راي) الف�وزية المتللئة .يا لشدة ي ي ن ن كي� مرة أخرى بلف مجساته اللزجة الرمادية تلوح يل! ي وفاجأ� ي حول ق ح� ت سا� وتسلق طريقه ت رقب�" .مرحبا كيني!" ي ي
168
مجسـات األمـل
حول ،إنه هتفت ُم ِّرحبا .ثم قام بلف جميع ذرعانه الثمانية ي عناق أخطبوط نيابة عنه وعن (راي راي)! وذكر ل أن ي ن االثن� ي ت ال� أنقذت أفضل سعيدان وشاكران للمساعدة الكريمة ي صديق له. باستخدام المعلومات الموجودة عىل جهاز التتبع ،يمكن لوالدي دائماً فحص (راي راي) للتأكد من صحتها .وهي ح� آ سعيدة وبصحة جيدة ت الن ،ومع ذلك ،يمكن أن يحدث هذا الوضع المروع ألي حيوان بحري ف ي� أي وقت .توقفت ت استخدام البالستيك الذي يستخدم لمرة واحدة عائل� عن ِ ي ف ي� جميع تفاصيل حياتنا ،وستواصل القيام بذلك .لقد أنشأنا عرف أيضاً مجموعةً نلتقي من خاللها بأفراد المجتمع ،ونُ ِّ الناس بمخاطر المواد البالستيكية ف ي� البحار والمحيطات. كلما ّ استخدام البالستيك زادت قدرتنا عىل إنقاذ قل ُ ت ال� محيطاتنا الجميلة والحياة البحرية .من خالل المجموعات ي تعمل معاً ف� جميع أنحاء العالم ،يمكننا جميعاً إنقاذ أ الرض ي ت ال� تلحق ال�ض ر بالبحار والمحيطات من المواد البالستيكية ي كب�اًُ ، وآمل أن الجميلة .أعتقد أن ما نفعله سيحدث فرقاً ي التغي� المنشود. إحداث يعمل الجميع للمساعدة ف ي� ي ِ 169
أستطيع القيام بذلك تأليف ماجيهنا سينثيل كومار
لنتعرف مع ًا على ميرا
مـرا فتـاة قويـة الرادة؛ ليـس لديهـا الكثـر مـن أ الصدقـاء، إ ي يُ لكـن لديهـا موهبـة ف ي� الرياضـة ،وخاصـة كـرة السـلة .تريـد أن تكـون قـدو ًة للفتيـات أ الخريـات ،ومثاال ً يحتـذى ف� ي ن تمك� ي أ يتنمـرون عليها الفتيـات .يحبهـا والداهـا ي كثـراً ،لكـن الطفال ّ باسـتمرار بسـبب مظهرهـا النحيف وطـول قامتهـا ،ومع ذلك فهـي ال ت بنظـرة حـا ّد ٍة .إن تكـرث لتنمرهـم أبـداً ،وتبادرهـم ٍ أسـوأ عـدو لهـا هـو عمـاد .دعونـا نتعـرف على قصتهـا معه!
لنبدأ الحكاية... 171
ماجيهنـا سـينثيل كومـار
عر ربيعـاً ت مـرا ابنـة الثالثـةَ ش سـاعة متأخـرة، حى لـم تنـم ي ٍ َ وهـا هـي مسـتيقظةٌ حـوال السـاعة الثانيـة صباحـاً ،تـدور ي بخلدهـا أسـئلة عديـدة: اللعاب أ ك� على المـرأة ف� أ لمـاذا لـم يتـم ت ال� ي ز والنشـطة ي الرياضية الرئيسـة؟ ُ الرجال أقوى من النساء؟ لماذا يُ َع ُّد أنهـن ف ي� ِمحنـة أو لمـاذا يتـم تصويـر النسـاء دائمـاً على ّ ين نقـص ما؟ يعانـ� مـن ٍ مـرا الوحيـدة ف� العالـم ف� ي ن تمكـ� المـرأة. تتمثـل أمنيـة ي ي ي أرادت أن تكـون قائـدة عظيمـة ،مثـل مثلهـا أ العلى "ملاال يوسـفزاي" .ف ي� محيطهـا الـذي كانـت تعيـش فيـه ،ف ي� منطقـة مـرا الكثـر لتفعلـه .كل مـا كانـت ي ب ال�شـاء ،لـم ْ يكـن هنـاك ي ُ التفك� ف ي� مسـألة تقـوم بـه هـو لعب كرة السـلة مع مداومـة ي ين المسـاواة ي ن الجنسـ�. بـ� لفضـاء غرفتهـا ،بـدأت ...وعندمـا تسـلل ضـوء الفجـر ِ أكـر. مـرا تفكـر بعمـق ب ي ٍ ن فعــل ش� ٍء مــن أجــل المســاواة ي ن بــ� ِ ُ ي "هــل يمكنــ ي ين الجنســ� ؟" 172
أسـتطيع القيـام بذلـك
عــد المــرأ ُة ضعيفــة بالرغــم مــن أنهــا قويــة، لمــاذا تُ ّ جســدياً وعقليــاً؟ ساعات قليلة ،وعندما بدأت تستسلم للنوم ،بدأت بعد ٍ المنبهات تعلو: أصوات ُ ِ
بيب ...بيب ...بيب...
السـفل" ،ميـرا! حان وهتفـت أمهـا من الطابـق ي وقـت النهـوض" ... مـرا ش تخى المدرسـة ،لكـن لـم يكـن لديهـا خيـار كانـت ي والمثـر للدهشـة أنهـا شـعرت باالنتعـاش سـوى النهـوض. ي وكانـت على مـا يـرام مـع أنهـا كانـت مسـتيقظة لمـدة أربـع ش وع�يـن سـاعة متواصلـة .نظفـت أسـنانها بالفرشـاة، واسـتحمت ،وارتـدت مالبسـها. الفطـار. وأرسعـت إىل الطابـق السـفل لتتنـاول فطائـر إ ي "مامـا! كل يـوم 'يتنمـر' ّ علـي الجميـع لكونـي طويلـة ت 180سـنتيم�اً! طويلـة جـداً القامـة!" نعـم! لقـد كان طولهـا بالنسـبة لطالبـة ف ي� الصـف الثامـن. تتماسك�! المتنمـرون "مـرا ،عليـك أن كان رد والدتهـا ي ي شـخص تنم َـر يريـدون اسـتفزازك لرصـد ردود فعلـكْ . إن ّ ٌ 173
ماجيهنـا سـينثيل كومـار
عليـك مـرة أخـرى ،يرجـى إبالغـي بذلـك ،وسـأبلغ معلمتـك. ِ لـن يتـم التسـامح مـع التنمـر ف ي� المـدارس أبـداً". ً مــرا أن تقــول ألمهــا" :حســنا يــا قبــل أن تســتطيع ي تعال إىل الســيارة ،ال أســتطيع أمــي" ،ناداهــا والدهــا" :مـ يـرا! ي ـار ِك طــوال اليــوم!" انتظـ َ
174
أسـتطيع القيـام بذلـك
يوم النادي
عندمــا وصلــت إىل المدرســة ،تذكــرت أنــه يــوم النــادي. لقــد انتظــرت هــذا اليــوم منــذ أن كانــت ف ي� التاســعة! ثــم تســاءلت“ :مــاذا لــو لــم أجــد ناديــا ً يعجبنــي حقــاً؟ مــاذا لــو ـول إلــى النــادي؟" لــم لــم يســمحوا لــي بالدخـ ِ ـال! "لــن يحــدث تــدرك أنهــا كانــت تــردد ذلــك بصـ ٍ ـوت عـ ٍ ش �ء مــن هــذا القبيــل يــا مـ يـرا!" طمأنهــا والدهــا. ي مــرا مــن الســيارة ،وركضــت إىل المبــىن ،ثــم نزلــت ي وصلــت إىل صالــة أ اللعــاب الرياضيــة .جالــت بنظرهــا ف ي� ت ـ� تحمــل اســم النــادي أرجــاء الغرفــة بحثـاً عــن ّ المنصــة الـ ي ض الريــا�". المفضــل لديهــا" :النــادي ي لطالمــا أحبــت الرياضــة ،وكــرة الســلة ف ي� الغالــب ،ألنهــا كانــت تســتطيع أن تحــرز العديــد مــن أ الهــداف بســهولة، َ وذلــك بفضــل طولهــا! كانت ال تزال تبحث“ ...نادي التراث اإلماراتي ...النادي
الموسيقي ...النادي العلمي ...ثم ...النادي الرياضي".
اسمها ف� ورقة التسجيل ،ت اع�ضها وعندما كانت ّ تهم بتدوين ِ ي ض الريا�: عماد ،الذي كان قائد الفريق ي 175
ماجيهنـا سـينثيل كومـار
“أوه! ال ُي ْ س َم ُح للفتيات االشتراك في هذا النادي".
مـرا “لكـن المـدرب (السـيد كبيـر) قـال بإنـه يمكـن ردت ي
للفتيـات اإلنضمـام يـا عمـاد!" بعـد ذلـك ،جـاء المـدرب "كبـر" إىل المنصـة المخصصـة للنـادي وقـام بمعاينـة ورقـة ي التسـجيل ،وسـأل عمـاد" :لمـاذا ال يوجـد أسـماء بنـات ف ي� الورقـة؟"
ف و� اللحظــة ت تخــر المــدرب مــرا أن ب الــ� أرادت فيهــا ي ي ي بأنهــا ســتنضم للنــادي ،تدخــل عمــاد. ً “حسـنا ،ال يوجـد فتيـات يرغبـن فـي التسـجيل ،وأرادت
ميـرا منـي فقـط أن أطلـب منـك تخصيـص النـادي الرياضـي
للأوالد فقط". 176
أسـتطيع القيـام بذلـك
ـز� مــرا ،ســأفكر ف� ذلــك أ المــر. قــال لهــا المــدرب" :عزيـ ت ي ي ي آ ف ـاد". ـك االشـ تـراكُ ي� أي نـ ٍ ولكــن الن يمك ُنـ ِ لقــد ُصدمــت مــن كــذب عمــاد عــى مــدرب الفريــق بشــأن اشـ تـراكها ،واشـ تـراكات الفتيــات ،لكنهــا لــم تســتطع االنتقــام لذاتهــا .اغرورقــت عيناهــا بالدمــوع ،كان الغضــب يتصاعــد بداخلهــا .ركضــت مـ يـرا إىل ركــن ف ي� الغرفة وأجهشــت ف أي ناد.وقــد بالبــكاء ...لقــد ذهبــت فرص ُتهــا ي� االنضمــام إىل ّ اليجابيــةـ إذ كانــت تتطلــع إىل هــذا اليــوم تهــاوت روحهــا إ منــذ أن كانــت ف ي� الصــف الثالــث. مـرا لوالدتهـا ،بعـد أن اندفعـت داخـل الغرفـة قالـت ي كالـركان“ :مامـا ...ماما !...لقد قال عمـاد للمدرب أنني ب ً أريـد أن يكـون النـادي الرياضـي مخصصـا للأوالد فقـط!"
مــن شــدة حزنهــا وإحباطهــا لــم تنتظــر مجــيء والداهــا بالســيارة ،بــل ركضــت إىل المــنز ل ،وتركــت أباهــا ينتظــر خــارج المدرســة ،وعندمــا تذكــرت بــدأت تكــرر“ :يــا أبــي المســكين! ...أبــي المســكين!"
ت عزيــز� ،ســأتحدث مــع قالــت والدتهــا" :حســناً يــا ي ت ـ�" ذهبــت وجلســت بجانــب ـال بقـ ب ي مدربــك ،تعـ ي ـر� يــا حبيبـ ي 177
ماجيهنـا سـينثيل كومـار
والدتهــا عــى أ الريكة،فقالــت لهــا والدتهــا وهــي تعانقهــا" :ال عليــك آ الن! لكــن يجــب أن تكـ ن ـو� أكـ ثـر قــوة وصالبــة". ي سمحت لها والدتها بالنوم طوال اليوم .وجاء والدها متعباً إىل الم�نز ل .بعد التحقق من عودة م�ا ،نام عىل أ الريكة ي عىل الفور ...تنهدت أ الم وهي ث تر� لحا ِلهما... ي ف ـال ،قالــت لزوجهــا" :أرجــوك أخـ بـر ـ الت ـوم ـ الي ـاح ـ صب و� ي ي مـ يـرا أنهــا بحاجــة إىل التماســك والمواجهــة" .ش و�حــت لــه كل مــا حــدث .قالــت لــه "شـ ِّـجعها! واطلــب منهــا االنضمــام ض الريــا�" ،واتفقــا عــى دفعهــا التخــاذ القــرار إىل النــادي ي المالئــم لرغبتهــا.
مباراة
"كبـر" عـن بطولة لكرة السـلة سـتقام ي ن ب� أخ�هـم المـدرب ي ب المـدارس ،وذكـر لهم أن مدرسـتهم سـتلعب الشـهر المقبل مـع أكاديميـة ريـدوود! قـال عمـاد ألصدقائـه" :يـا شـباب، ين الالعبـ�". أكاديميـة ريـدوود لديهـا أفضـل وتابــع المــدرب" :ســيحصل الفائــزون عــى كأس ضخــم، ومكافــأة نقديــة بقيمــة 25000درهــم! وســوف يمثــل كل 178
أسـتطيع القيـام بذلـك
خ�يــة .ســتمثل مدرســتنا هــذا العــام رابطــة فريــق منظمــة ي
حقــوق المــرأة ،وســيتم التـ بـرع بجائزتنــا النقديــة للرابطــة. آ ين الالعبــ� الذيــن تــم اختيارهــم: والن أعلــن لكــم أســماء أحمــد ،وعمــر ،وســام ،وجــاك ،وعمــاد". مـرا لنفسـها .بعـد أن شـعرت “نعـم!!" قالـت ي بتحسـن بسـيط للتشـجيع الذي قدمه لها والدها ف ي� السـيارة. ورغـم أن الطلبـة بـدؤوا ف ي� صفهـا يتذمـرون فقـد أرادوا أ مـرا نجمـة ف ي� لعبـة كـرة المكافـأة الماليـة لنفسـهم.ومع أن ي السـلة ،إال أنـه لـم يتـم اختيارهـا ،بسـبب عمـاد! صغ� آخر ،ولك ْنه قال المدرب بعد ذلك" :لدي ٌ إعالن ي ٌ هام :ستكون يم�ا العبة احتياطية" .ثم قال مبتسماً ،وهو ينظر إليها نظرة ذات ن مع�" :بما أنه لم تُتح لها الفرصة للحضور إىل النادي ض الريا� ،فهذا أقل ما ن يمكن� ِفع ُله لها". ي ي ف وأ�. شـعرت بالفرح ،وقالت ي� نفسـها .شـكراً جزيال ً أمي يب كان قلبهـا يرقـص ويغن ي فرحـاً ،وكانـت ترض ب بيديهـا على سـاقيها وقـد غمرتهـا مشـاعر السـعادة .ثـم قـام المـدرب "كبـر" بفصـل الصـف ،وأرسـل البنـات إىل المكتبـة وبـدأ ف ي� ي تدريـب أ الوالد .أخـذت يم�ا تسـتجمع شـجاعتها لطلب مكان 179
ماجيهنـا سـينثيل كومـار
لهـا ف ض الريـا� ،ثـم قالـت للمـدرب" :هـل يمكننـي النـادي � ي ي
االلتحـاق بالنـادي الرياضـي؟" ثـم ذكـرت لـه مـا حـدث بـكل تخ�ين ي من قبل؟ التفاصيـل .قـال المـدرب" :أوه ،لماذا لم ب على كل حـال ،يمكنـك االنضمـام إىل النـادي" .ثـم نـادى عمـاد وقـال" :عمـاد،أود الحديث معـك الحقاً اليـوم" .فتأوه عمـاد ...وبـدا عليـه التوتـر واالنزعـاج.
فرصة أخرى
"جم�ا مـر شـهر وحـان وقـت البطولـة .جلس جميـع طلاب ي هـاي" و"أكاديميـة ريـدوود" على المقاعـد ،والملعـب بأكملـه يعج بالنشـاط! ّ الفرق تسـتعد كان عون يغنـون ويهتفـون ،وكانت ُ المشـج َ ّ جان� الملعـب ،وعازفو العـود يعزفون. وتتهيـأ على ب ي جالسـ� ف� الصـف أ ن الول ،ويرددان وطبعـاً كان والدا يم�ا ي ي مـرا تتجـول حـول الملعـب وكان ترنيمـة خاصـة بهمـا! كانـت ي عمـاد يركـض ف� الملعـب ،عندمـا ث ف (غ� تعـر ي� ربـاط حذائـه ي ي المربـوط) ،والتـوى كاحله ،وسـقط! هـرع الفريـق الطـ� الـذي يقـف ف تأهـب على حالـة � ِ ي ٍ بي 180
أسـتطيع القيـام بذلـك
الخطـوط الجانبيـة إليـه ،وبعـد معاينتـه وجـدوا التـوا ًء ف ي� كاحلـه .قالـت لـه الممرضـة" :كـم أنـا آسـفة ،ال يمكنـك اللعـب" .وأضافـت" :إنـك بحاجـة إىل راحـة كاملـة لمـدة ين بحرسة" :لكن المبـاراة."... أسـبوع� تقريباً" .فبادرها عمـاد ٍ كان يريـد أن يكـون النجـم! المهاجـم! الشـخص الـذي سـيحرز الرميـة الفائـزة! لكنـه لـم يسـتطع. آ "كبـر"، لمـرا أن تلعـب! نظـر إليهـا المـدرب ي الن يمكـن ي وطلـب منهـا أن تلعـب بـدل عمـاد .فوافقـت على الفـور بسـعادة غامـرة ،ممـا أسـعد والديهـا ...وقـد كانـت المبـاراة على وشـك البـدء. لحظات أعلنت الصافرة بدء المباراة. وبعد ٍ
المباراة
تز ان�عـت أكاديميـة ريـدوود الكـرة ثـم سـددتها نحـو السـلة، مـرا ت اع�ضـت الكرةَ ،وسـددتها بقـوة باتجاه سـلة فريق لكـن ي الخصـم ،وأحـرزت هدفـاً ش مبـا�ة. فهلـل الحضـور ،وصفقـوا ،وتعالـت هتافـات الفـرح والعجـاب. إ 181
ماجيهنـا سـينثيل كومـار
مـرا ...ليـس هنـاك راقـب عمـا ٌد مذهـوال ً كل مـا فعلتـه ي أفضـل مـن عمـاد آ ف ُ الن ف ي� نظـر الجميـع. مـرا شـكٌّ ي� أن ي ٍ بعــد الجولــة أ الوىل ،اسـ تـراحوا جميعـاً بعد شــوط متعب مــرا كانــت ف ي� موقــع وغــر متوقــع ،وعــى الرغــم مــن أن ي ي الهجــوم والتهديــف ف ي� الفريــق ،لــم يلتفــت إليهــا أحــد مــن فريقهــا“ .أنــت مجــرد فتــاة .لســت بنفــس قوتنــا!" قــال لهــا أحــد أ الوالد .لكنهــا كبحــت جمــاح غضبهــا ،ونظرت إليــه بـ بـرود. بــدأت الجولة الثانية. اس ــتمرت اللعب ــة بسالس ــة .م ــر الوق ــت برسع ــة ...ول ــم يبـــق ســـوى ش دقائـــق عـــى نهايـــة المبـــاراة ،والنتيجـــة عـــر َ ِ التعـ��ادل (.)30 - 30 وكان المشــاهدون مشــدودين ،ويســيطر عليهــم التوتــر: أنفاســه ...وهناك ـن يَعـ ّ فهنــاك َمـ ْ ـض أظافـ َـره ،أو مــن تتعــاىل ُ مــن يبتهــل بالدعــاء والصــاة .كان الالعبــون يراوغــون برسعــة كبــرة لدرجــة أنهــم نســوا مــكان حلقــات أ الهــداف! ولحســن ي الحــظ ،كان المــدرب يذكرهــم دائمـاً بهــا.
182
أسـتطيع القيـام بذلـك
أنا قوية
احتدمــت المنافســة ،وغــدت المبــاراة أكـ ثـر تحدي ـاً،وكان مــن الصعــب توقــع نتيجتهــا ،والحمــد هلل أن حــدة التميـ ي ز ـر ضــد مـ يـرا ف ي� فريقهــا ،فريــق جمـ يـرا هــاي ،قــد َتدنّــت ،وبــدأ الجميــع يمــرر الكــرة لهــا. عندها فقط ،سـمعت شـخصاً يناديها ،وعندما استدارت،
ضرب أحدهم الكرة في وجهها!
ُصـدم الجميـع ،سـوى أعضـاء فريـق أكاديميـة ريـدوود. آ ف مـرا هـرع الجميـع إليهـا ،بمـا ي� ذلـك جميـع البـاء! شـعرت ي وكأنهـا كانـت تسـقط ف ي� حفـرة عميقـة. هـرع الفريـق مـرا: الطـ� إليهـا .همسـت لهـم ي بي
“أخبروهـم بـأن يمنحونـي رميـة حـرة ،رميـة واحـدة فقـط!" نعـم! كان تصميمهـا ال يهـزم. ت عزيـز� ،قـد تنتهـي "كبـر" :آسـف يـا قـال لهـا المـدرب ي ي المبـاراة بالتعـادل ،لـم يبـق سـوى ي ن ثالثـ� ثانيـة". بـدأت كل أ الفـكار تجـول ف ي� خاطرها ...هدفهـا ف ي� الحياة، ظلـم الفريـق لهـا ،ويـوم النـادي ،وكيـف قـام الجميـع بمضايقتهـا ،وبرابطـة حقـوق المـرأة... 183
ماجيهنـا سـينثيل كومـار
بعزم كبير ،وسددت ثم ما لبثت أن نهضت ٍ الكرة بقوة
ً وأحرزت هدفا!
"جمـرا هـاي" بالفـرح الغامـر، ضجـت مقاعـد مدرسـة ي المدرسـة مـن الفـرح ،لقـد فـازوا وبالهتافـات ،وقفـز العبـو ِ فعل ّ ش بنتيجـة !30 – 32لـم يسـتطع فريق "ريـدوود" َ �ء أي ي سـوى الشـكوى والتذمـر. ض الحا�يــن مــن المدرســة يهتفــون لهــا وقــف كل ويهنئونهــا بحفــاوة بالغــة! ت حــى عمــاد وأصدقــاؤه كانــوا عــال! يصفقــون ٍ بصــوت ٍ المــدوي ،وكانــت دمــوع التصفيــق مــرا مــن ُصدمــت ي ّ ِ الفــرح ف ي� عينيهــا .لقــد قامــت بدورهــا كمــا ينبغــي ،عــى تكــن لطيفــة معهــا ،إال أنهــا الرغــم مــن ّ أن الحيــاة لــم ْ واجهتهــا كفتــاة وأثبتــت أنهــا قويــة جســدياً وعقليــاً ،إنهــا
فتــاة قويــة.
184
186
إميلي ومغامرتها البحرية المدهشة تأليــف إيوانــا تيودوروفا ســتيفانوفا
ساعة المنبه ترن!!!!
بتثــاؤب ،ونهضــت مــن رسيرهــا إميــ� اســتيقظت ٍ ي ش العــا� الخشــ� .كانــت متعبــةً مــن حفــل عيــد ميالدهــا بي أ وجههــا ذي البـ شـرِة البيضــاء ـل ـ غس إىل ـادرت ـ ب ـم ـ ث ـس. ـ م بال ِ أ ن ن ـقر وعينيهــا ي الف�وزيتـ يـ� الالمعتـ يـ� ،ومشــطت شــعرها الشـ َ الســفل لتحــرض ِّ فطورهــا. الطويــل ،ونزلــت إىل الطابــق يّ بعـد أن أنهـت إميل� طعامهـا ،ذهبـت إىل النافـذة ت لـرى ي مـا إذا كان الطقـس لطيفـاً بالخـارج ،على الشـاطئ .وقـد 187
إيوانـا تيودوروفـا سـتيفانوفا
كان يومـاً جميلا ً بالفعـل ،لـذا ذهبت لتسـأل والديهـا إذا كان الخـروج ل َّلعـب والسـباحة .قـال والداهـا" :حسـناً، بإمكانهـا ُ إميل�: ولكـن تذكـري ،أال تتأخـري على الغـداء" .أجابـت ي “بالتأكيـد" ،ثـم خرجـت. قـررت إميل� أن ش قص�ة عىل الشـاطئ... تتمى لمسـافة ي ي وبينمـا كانـت ش كبـرة وجميلـة تمـس ،وجـدت قطعـة صـدف ي ٍ ي قـد جرفهـا البحـر .ثـم وجـدت مكانـاً رائعـاً أمـام م�نز لها عىل الشـاطئ لتبن ي قلعـة مـن الرمال .أتمـت بناء قلعتهـا الرملية، ومنعشـة ف ي� البحر. بسـباحة رائعـة للتمتـع ثـم ذهبـت ٍ ٍ ِ إميل� إىل مكانهـا المفضل ،حيث تسـتقر سـفينةٌ سـبحت ي خشـبيةٌ قديمـة غارقـة .كانـت تحـب استكشـاف السـفينة، والنظـر إىل أ السـماك ت الـ� تسـبح حولهـا وداخلهـا ،ولطالمـا ي ف إميل تسـبح ي� السـفينة، تمنـت أن تفعـل مثلهـا .بينما كانت ي علقـت سـاقها ف ي� شـبكة صيـد قديمـة ،ولـم تفلـح محاولتهـا الفلات منهـا ،إذ أصبحـت الشـبكة ث أكـر التفافـاً وتشـابكاً. إ بـدأ الخـوف يتسـلل لنفسـها ،فعلى الرغـم مـن أنهـا سـباحةٌ ماهـرة ،ويمكنها أن تحبس أنفاسـها ت لفـرة طويلة ،إال ّ َ َ يمـر برسعـة. أن الوقـت كان ُّ 188
إميلـي ومغامرتهـا البحريـة غيـر العاديـة
ش �ء غريـب .إذ تمكنـت مـن التنفـس تحـت ثـم حـدث ي ش �ء تحـت المـاء بوضـوح! المـاء ،بـل وأصبحـت تـرى كل ي إميل� سـعيدة وخائفـة ف ي� الوقت نفسـه .سـعيدة ألنها كانـت ي أن لديهـا إمكانيـات خارقـة! وخائفـة ألن مـا يحدث اكتشـفت ّ خطـراً ...ولكـن بعـد أن أدركـت أنها تسـتطيع لهـا قـد يكـون ي التنفـس ،أصبـح لديهـا الوقـت ف الـكا� ،بـل ث كاف، أكـر مـن ٍ ي لتفـك نفسـها وتصعـد فـوق المـاء. أخـراً مـن الصعـود فـوق سـطح المـاء ،ورأت تمكنـت ي إميل بخوف شـديد تخالطه زعنفـةً قادمـة من بعيد .شـعرت ي الريبةُ والدهشـةُ ،وبدأت تسـبح نحو الشـاطئ .ولكن الزعنفة ت ث ث ت إميل� تزيد كانـت تقـرب أكـر فأكـر .وكلمـا اق�بـت ،كانـت ي لكـن الزعنفـة مـن رسعتهـا علهـا تسـبقها إىل شـاطئ النجـاةّ ، بكثـر ،وأصبحـت أمامها ش مبـا�ة ،وأظهرت كانـت أرسع منهـا ي السـمكة الضخمـة صاحبـه الزعنفـة رأسـها فـوق المـاء ،فـإذا بهـا دلفيـن قـاروري األنـف! إميل� باالرتيـاح عندمـا رأت دلفينـاً وليس سـمكةَ شـعرت ي ً ين الدلفـ� ُم ِّرحباً. ابتسـمت وقالـت“ :مرحبـا" .أجابهـا قـرش. ْ لـم تـدرك كيف أنها تتحـدث معه ،فهـي ال يمكنها أن تتنفس 189
إيوانـا تيودوروفـا سـتيفانوفا
تحت الماء فحسـب ،إنما تسـتطيع أن تتحدث مع الحيوانات ين صديقـ�. أن يصبحـا وتفهمهـا! سـألته إذا كان مـن الممكـن ْ الدلفـ�“ :ل َ ـم ال؟" ثـم أمضيـا وقتـاً ف ي� التعرف عىل أجـاب ين ِ بعضهمـا البعـض ،وبـدآ باللعـب .وبينمـا كانـا يلعبـان ،رأت كبـر ...ولكنها عندمـا ت منـه ،وألقت نظرة اق�بت ُ قنديـل بحر ي بالسـتيك ضخم... كيـس متفحصـة ،وجـدت أنـه مجر ُد ٍ ي شـعرت باالرتيـاح ف� ذلـك اليـوم .لقـد لعبـا ت فـر ًة طويلة ْ ِ ي إميل� بالتعـب ،فوضعهـا صديقهـا عىل ظهره إىل ْ أن ّ أحسـت ي الدلفـ� وركضـت إميل� وسـبح بهـا إىل الشـاطئ .شـكرت ي نَ َ ي المثـرة. يغمرهـا الفـرح لتخـر والديهـا بمغامرتهـا ي بَ
190
إميلـي ومغامرتهـا البحريـة غيـر العاديـة
َ إميل� والديهـا بمـا حـدث أخـرت وقـت الغـداء ب خلال ِ ي أخ�تهمـا عـن صديقهـا "فين ي " .كان والداهـا بالتفصيـل .ب سـعيدين بتمكنهـا مـن الخـروج مـن المـاء بعـد أن حدثتهـم عـن مـا حـدث لهـا ف ي� السـفينة الغارقـة. ف إميل� الذهـاب للسـباحة مـرة قـررت ، التـال اليـوم � ي ي ي أ أخـرى ت حى تتأكد مـن أن الذي حدث بالمس لـم يكن حلماً. وعندمـا كانـت تسـبح ف ي� المـاء رأت سـلحفاة بحريـة .سـألت ُ ـك؟" أجابت السـلحفاة“ :أنا إميل� السـلحفاة“ :كيف حال ِ ي إميل� مـا قالتـه السـلحفاة. بخيـر" ،وبطريقـة مـا ،فهمـت ي ت إميل تحدثتـا لفـرة طويلـة .وبينمـا كانتـا تتحدثان ،الحظـت ي أنـه خلال تلـك ت الوقـت كانـت تتنفـس الفـرة الطويلـة مـن ِ بشـكل طبيعـي تحـت المـاء ،وعرفـت أن مـا حـدث لهـا لـم ٍ يكـن حلمـاً ،لقـد كان حقيقـة ال يمكـن تجاهلهـا. ـ� إىل المدرســة ،تعلمــت ف ي� الحصــة عندمــا ذهبــت إميـ ي أ ف الكائنــات البحريــةَ أن الوىل ،ي� درس المعلومــات ،كيــف ّ ِ ف إميــ�“ :مــا هــي األخطــار التــي ســألت . كبــر خطــر � ي ي ي ٍ "ســؤال رائــع" .ش ٌ و�حــت تواجههــا؟" أجابــت معلمتهــا: لهــم" :يلقــي النــاس القمامــة ف ي� البحــر ،وتعتقــد الحيوانات، 191
إيوانـا تيودوروفـا سـتيفانوفا
مثــل الســاحف البحريــة ،أن أ الكيــاس البالســتيكية ومــا يشــابهها قناديـ ُـل بحــر ،لــذا يأكلونهــا وهــذا يــؤدي بهــم إىل ـ� ،وتذكــرت أنهــا كانــت خائفــة مــن المــوت" .شــهقت إميـ ي ـبه قنديــل البحــر! ـتيك يشـ ُ كيـ ٍـس بالسـ ي إميل إىل الم�نز ل. اس ،عادت ي عندما انتهى اليوم الدر ي أخ�ت والديها بما تعلمته ف� حصة درس المعلومات .ف و� ب ي ي الليل ،عندما َخ َلدت للنوم ،هاجمتها كوابيس مروعة حول السالحف البحرية المسكينة ،والمخلوقات البحرية أ الخرى ت ال� أصبحت حياتُها ف ي� خطر ...وعندما استيقظت ،فكرت عىل ي الفور بافتتاح مدرسة تحت الماء ،وأسمتها :مدرسة البحر. بـدأت إميل� ف ملونـة لتعليـم وصـور ملصقـات صنـع � ٍ ٍ ي ي ٍ ِ الكائنـات البحريـة الفـرق ي ن ب� ما يصلح طعامـاً ،وما ال يصلح، وعندمـا انتهـت ،قامـت بتغليـف الملصقـات ت تتلف ف ي� حى ال َ المـاء ،وذهبـت لتعـرض الملصقـات لوالديهـا لتأخـذ رأيهمـا كثـراً. فيمـا تقـوم به ،وقـد أحبـا فكرتها ي أعمـاق إميل� بالذهـاب إىل منـذ ذلـك اليـوم ،بـدأت ي ِ يوم دروسـهاَ . ذات ٍ البحـر لتعليـم جميـع الكائنـات البحريـة َ ِ أ درس خـاص لسـماك القـرش؛ كانـت تعلمها كيفية كان لديهـا ٌ 192
إميلـي ومغامرتهـا البحريـة غيـر العاديـة
التميـر ي ن يز إميل� قصـةً عـن أخ�تهـا بـ� الطعـام والنفايـات .ب ي كيفيـة إلقـاء النـاس للنفايـات ف ي� البحـر ،ش و�حـت لهـا كيـف التلـو ُث ،وأنها تسـعى لالعتناء ببيئتهـا يك تحدث فرقاً ُ يحـدث ّ كبـراً .ف درس خـاص ألسـماك الطبـاق لديهـا كان آخـر يـوم � ٍ ٌ ي ي َ الالسـعة (اللخمة) .أخ�تها عن أ الشـياء ت تلسعها ب ال� يجب أن َ ي أ والشـياء ت الـ� يجـدر بهـا أن تتجنبها. ي ين الدالفـ� المنقاريـة .علمتهـا وكان درسـها المفضـل مـع مـا علمتـه لجميـع الحيوانـات أ الخـرى ،وقـد عرضـت عليهـا والكث� بعـض حيلهم ،مثل اللعب بالكـرة تعليمهـا َ ي ي نُ الدالفـ� َ مـن الحيـل أ الخرى. تتمثـل حيل ألعاب الكرة بموازنـة الكرة عىل الرأس أ والنف والذيـل ضمـن ثالثـة مسـتويات مختلفـة .ف� المسـتوى أ الول ي الدلفـ� موازنـة الكـرة على أ ف النـف .و� ن ين الثـا� موازنـة يتعلـم ي ي الكـرة على الجبهـة ،ف و� المسـتوى الثالـث يقـوم بموازنتهـا ي على زعنفـة الذيـل .عندمـا وصلـوا إىل المسـتوى الثالـث، إميل إىل نفسـها وابتسـمت قائلة“ :ليـس لدي ذيل نظـرت ي أو زعانـف .كيـف يفتـرض بي أن ألعـب اللعبة؟" أجابتها ين ورجليـك". يديـك الدالفـ�“ :يمكنـك اسـتخدام ِ ِ 193
إيوانـا تيودوروفـا سـتيفانوفا
ين الدالفــ� مــن تعليــم حيلهــا ،عــادت وعندمــا انتهــت ين الدالفــ� وهــي إميــ� إىل المــنز ل بمســاعدة أصدقا ِئهــا ي بمنتهــى الســعادة .أخـ بـرت عائل َتهــا عــن يومهــا الرائــع .ومــا أن لديهــا كادت تنهــي قصتهــا ،حـ تـى بــادر والداهــا ي بتذك�هــا ّ يومــاً دراســياً ف ي� الغــد ،وأنهــا بحاجــة إىل النــوم .تنهــدت إميــ� وســارعت إىل فراشــها... ي أ ف إميل متحمسـة للغايـة لن حصتها كانت التـال اليـوم � ي ي ي أ الوىل هـي درس المعلومـات ،وذهبـت لفصلها بـكل حماس. ين عمـا إذا كان الواصلـ�! سـألت وكانـت أول إميل� معلمتهـا َّ ي صغـر إىل الفصـل .وافقـت معلمتهـا عـرض يمكنهـا ي تقديـم ٍ ُ على الفور...انتظـرت ت جميـع زمالئهـا وزميالتهـا، حى جـاء ُ عـرض حـول كيفيـة إصابـة آالف الحيوانات وبـادرت بتقديـم ٍ ِ أ بـالذى .تحدثـت طويلاً ،وقبـل ختـام عرضها ،سـألت طلبة الصـف عمـا إذا كانـوا سيسـاعدونها ف ي� الحفـاظ على سلامة الحيوانـات ،فوجدتهـم جميعـاً يقفـون على كراسـيهم ويهتفـون معـاً:
“نعمممممممممم!" 194
إميلـي ومغامرتهـا البحريـة غيـر العاديـة
ت واق�حــت المعلمــة إدراج عرضهــا التقديمــي ف ي� يــوم إميــ� فــوراً. تجمــع الطلبــة ،فوافقــت ّ ي ف� يــوم التجمــع ،كانــت إميــ� هــي أ الوىل عــى خشــبة ي ي المــرح .قدمــت عرضهــا بــكل اقتــدار ...وعندمــا انتهــى التجمــع ،هنأهــا والداهــا بمــا أنجزتــه ،وقــد كانــا فخوريــن ـت م ـىض . أي وقـ ٍ بهــا أكـ ثـر مــن ّ الطفـال معـاً ف� عطلـة نهايـة أ اجتمـع جميـع أ السـبوع ِ ي لبـدء تنظيـف الشـاطئ ،وإنقـاذ الحيوانـات .أطلقـوا التاليـة ِ عىل أنفسـهمُ : الحيوانـات" ...ومنـذ ذلك اليوم “منقـذو ِ سـبت لتنظيـف الشـاطئ .ت حى يـوم ٍ أصبحـوا يجتمعـون ّكل ِ إنهـم دعـوا أشـخاصاً آخريـن لالنضمـام إىل مجموعتهـم. ورسعــان مــا الكثــر مــن النــاس، لقــد اســتقطبوا َ يَ أصبحــت مجموعتهــم مشــهورة .وأصبــح لديهــم الكثـ يـر مــن ين المتابعــ� مــن كل دول العالــم. كل هــذه المنج ـزات قادتهــا فتــاة صغـ يـرة، ـوة لــم تتجــاوز العـ شـر ســنوات ،تتمتــع بقـ ٍ ـر عاديــة. غـ ي ِ
195
196
حلمي تأليف أبرار سيروهي
ف ـن مــن خاللهــا رؤيــةُ الجبــال البعيــدة، أعيــش ي� مدينـ ٍـة يمكـ ُ ِ ت ومالحظــةُ ــر الــ� بــدأت تختفــي ببــطءْ . ويع ب ُ الغابــات ي المدينــةَ نهــر كبـ يـر ،يمــر مــن وســطها مبـ ش ـن النهـ َـر ـا�ة ،لكـ ّ ُملـ ّـوث ،ويبــدو قاتم ـاً. ف� أحـد أ ت الجلوس معاً، وعائلـ� أنا قررت الماطـرة، يـام ال ُ ِ َ ي ي أ فيلـم من اختيـار أخي ال بك� جيمـس ،الذي اختار ومشـاهد َة ٍ فيلمـاً وثائقياً عـن نهاية العالم. ش الـسء ،لك ّنـه مـع ذلـك فيلم كان الفيلـم مخيفـاً َ ُ بعـض ي جيـد .بعـد مشـاهدته ،تناولـت كوباً مـن الحليب ف ئ الـدا� ،ثم ٌ نمت رسيعاً .وبدأت أحلم كالمعتاد ،وكان حلمي مـا لبثـت أن ُ 197
أبــرار ســيروهي
ف ً ً ً مالبس، تديت ر وا اسـتحممت، ... ا جد ا عادي ا حلمـ البدايـة � ي ي ركبـت الحافلةَ إىل وذهبـت إىل المطبـخ لتنـاول إ الفطار ...ثم ُ ش غريب حقـاً .تعطلت � ٌء ٌ المدرسـة ،ولكـن بعد ذلك حـدث ي الحافلـة أمـام غابـة مشـتعلة ف ي� منتصـف الرحلـة ،وبـدا أن ت المح�قـةَ ُ ش مروعاً .يمكنك الغابـة �ء .كان المشـهد ّ تبتلع كل ي ِ ت الـ� فقـدت مناز َلهـا تشـعر بألـم وحـزن ِّكل أن ْ َ الحيوانـات ي وأحبا َءها بسـبب جشـع ش البر وإهما ِلهـم وتجاهلهم للبيئة.
تحــدث حرائــق الغابــات ف� كثــر مــن أ الحيــان بســبب ي ي اســتهالك الطاقــة لدينــا عــادات ولكــن طبيعيــة، كــوارث َ ِ ٍ ِ ّ 198
حلمـي
تتســبب ف ـب ـ الصع ـن ـ م ـح ـ ويصب ـارع، ـ متس ـدل ـ بمع ـا ـ حدوثه � ٍ ي ِ ف ـا�. ـات ب عــى الغابـ ِ وال�يـ ِـة التعـ ي ـان مــا أدركــت اسـ ـب عرقـاً ،لكـن ي رسعـ َ ُ ـتيقظت وأنــا أتصبـ ُ الفطــار وركبــت أنــن ي كنــت أرى كابوســاً .تناولــت طعــام إ الحافلــة وذهبــت إىل المدرســة .قابلــت صديقــي محمــد، وأخ�تــه بـ ّ ش � ٍء عــن الحلــم خــال اسـ تـراحة المخـ تـرع ،ب ـكل ي الكابــوس مــن أن منــع ِ الغــداء .كالنــا كان مصممــاً عــى ِ يصبــح حقيقــة؛ يمكنـن ي االعتمــاد عــى محمــد بمــا لديــه مــن آالت وأدوات ت يخ�عهــا. ٍ وإخباره بأننا بحاجة إىل مساعدته، المدير قررنا التوجه إىل َ ِ عندهـا ،ش�ح لنا أهداف التنمية المسـتدامة أ للمم المتحدة، فسـألناه كيـف يمكنه تنفيذ بعض أهداف التنمية المسـتدامة ف ي� مدرسـتنا ،قـال أنـه سـيبذل قصـارى جهـده لتنفيـذ هدف التنميـة المسـتدامة ( )12الصـادر عـن أ المـم المتحـدة بمـا والنتاج ،والمسـؤوليات ت الم�تبـة عليهما، يخـص االسـتهالك ،إ صناديـق إعـادة التدويـر ف ي� جميـع توزيـع خلال وذلـك مـن ِ ِ ِ أنحـاء المدرسـة ،وتقييد اسـتخدام البالسـتيك الـذي ال يُعاد استخدامه. ُ 199
أبــرار ســيروهي
"لكـن سـيدي ،مـاذا عـن الهـدف السـابع :طاقـة نظيفـة وبأسـعار معقولـة؟ كمـا يجـب أن تكـون الكهربـا ُء الالزمـة ن المبـا� والمنـازل والمصانـع مسـتدامة ،وليسـت لتشـغيل ي باهظـةَ الثمـن". الحلـــول المتاحـــة حاليـــاًَ ، َ مثـــل "أنـــا آســـف ،لكـــن أ ين الهـــواء ،وســـدود الطاقـــة وطواحـــن اللـــواح الشمســـية، ِ الكهرومائي ــة ،ليس ــت رخيص ــةً كم ــا ه ــو متوق ـ ٌـع ،وال يمكنن ــا تحمـــل تكاليفهـــا بعـــد". وبعـد ذلـك اعتـذر المديـر لنا بسـبب انشـغا ِله ،وتوجهنا ت والـد� إذا سـألت اس، ُ ي إىل الفصـل .عندمـا انتهـى اليوم الدر ي محمد للعمل كان يمكنهـا السـماح يل بقضاء المسـاء ف ي� منز ل ٍ ت على ش والـد� ،فانطلقـت إىل م�نز له... مروع جديـد .وافقـت ي محمـد ،تناولنـا بعـض الوجبـات وصـول إىل منز ل وبمجـرد ٍ ِ ي الخفيفـة ،وتوجهنـا ش مبـا�ة إىل ورشـة كـراج والده. بدأنا العمل عىل بعض النماذج أ الولية بأسعار معقولة ألشياء مثل أ اللواح الشمسية ت ال� تستمد الطاقة من أشعة ي ت ين ال� تستمد الطاقة من هبوب الشمس، وطواح� الهواء ي ت ين ال� تستمد الطاقة من تدفق المياه. الرياح، وطواح� المياه ي 200
حلمـي
ت عـود� إىل المنز ل ،كنـا قـد أكملنـا نمـاذج وبحلـول وقـت ي أوليـة مصغـرة أ لللـواح الشمسـية ت الـ� تعمـل تحـت مصبـاح ي مكتـ� ،وطاحونـة هوائيـة تعمـل بالنفـخ عليهـا ،وطاحونـة بي مائيـة تعمـل عـن طريـق تشـغيلها تحـت صنبـور المـاء. ف التــال ،عرضنــا تصميماتنــا عــى معلمــة اليــوم � ي ي عمــا إذا كان مــن الممكــن تنفيــذ هــذه العلــوم ،وســألناها َّ أ ـن النمــاذج الوليــة عــى نطــاق أوســع .قالــت إن ذلــك ممكـ ٌ ت ـ� قدمناهــا رائعــة، بالطبــع ،وذكــرت لنــا بــأن النمــاذج الـ ي ممــا زودنــا أ بالمــل ،ذهبنــا إىل المديــر وســألناه كيــف يمك ُننــا جعــل النمــاذج أ ُ الوليــة حقيقــة واقعــة. ت الت�عـات ،أو التوجه اقـرح المديـر البـد َء بحملـة لجمـع ب ٍ خ�يـة للمسـاعدة ف ي� الحصول عىل المـوارد الالزمة لمؤسسـة ي ش وإطالق بتصميم للمروع .بمجـرد وصولنا إىل الم�نز ل ،قمنـا ِ ِ ت ن الت�عات شي�ح مـا نريد القيام صغ� لجمـع ب و� ي موقـع إلكـر ي ٍ بـه ،ولماذا نحتاج إىل المسـاعدة. ف صغ�ة، التال ،أقمنـا أنا اليـوم صبـاح � ومحمد أكشـاكاً ي ٌ ي ي ف الفتـات ي� المدرسـة ،وقررنـا تسـمية ش م�وعنـا "بـاور وعلقنـا ٍ أونيكـس" وأخـرت أخـي أ ال بك� ،جيمـس ،بما نفعله ،وسـألته ب 201
أبــرار ســيروهي
عمـا إذا كان يمكنـه المسـاعدة .وافـق على مسـاعدتنا ف ي� مهمتنـا .ف� أ اليـام القليلـة التاليـة ،جمعنا ثالثتنا مـوارد كافية ي لبنـاء بعـض النمـاذج بالحجـم الطبيعـي .لقـد تواصلنـا مـع ت ين والمح� ي ن والبنائـ� لطلـب مسـاعدتهم ف ي� فـ� بعـض الهـواة بنـاء نماذجنـا .ت أحدهم سـمح لنا باسـتخدام ورشـته إن َ حى ّ ومكائنـه لبنا ِئها. قمنـا ببنـاء نماذجنـا أ موضـع التنفيـذ الوىل ،ووضعناهـا َ ف والنهـر القريـب .قمنـا تب�كيـب عـدادات كهربـاء المدرسـة � ي ِ ت صغـرة عىل النمـاذج ي ن ال� تنتجها. ي لنب� للناس كمية الكهربـاء ي ف ف التـرع لمبادرتنا ،ت ح� إن ي� النهايـة ،بـدأ المزيد من الناس ي� ب البعـض ش نر عن المبـادرة عىل وسـائل التواصـل االجتماعي. طـوال الوقـت ،كنـا ننتـج المزيـد مـن النمـاذج ،ف و� كل مـرة ي كانـت النمـاذج الجديـدة تتفـوق على سـابقاتها .ش انترت نماذجنـا ف ي� جميـع أنحـاء مدينتنـا ،ممـا أدى إىل تقليل بصمتنا التغيـر. كبـر .ومـع ذلـك ،رفـض آخـرون ي الكربونيـة بشـكل ي أ تدمـر البيئـة ثـم تركهـا للجيل كان مـن السـهل على النـاس ي القـادم لمواجهـة العواقب. الشـخاص لهـذا أ تصـدى العديـد مـن أ المـر ،وتحولـوا 202
حلمـي
إىل أسـلوب حيـاة مسـتدام لتقديـم أمثلـة تحتـذى آ للخريـن ٍ ِ الذيـن لـم يهتمـوا .لقـد قدمنـا نصائـح هامـة ،مثـل "ركـوب الدراجـة ف� التنقلات القريبـة" ،و"إعـادة اسـتخدام أ الشـياء ي ت نز الـ� يمكـن التخلـص داخـل الم ل" ،و"اسـتبدال العنـارص ي منهـا ،مثـل أكـواب القهـوة ،أو أ الكيـاس البالسـتيكية ،بطـرق ث بالتغي�، أكـر اسـتدامة" .ورسعـان مـا أقنعنا معظـم النـاس ي وبـدأ المزيـد مـن المـدارس والبلـدات تتبىن هـذه أ النمـاط السـلوكية البيئيـة ،ت عندها أخـراً إىل شـعر َ حى وصلنـا ي ٍ مرحلة َ وتمويل هـذه أ ُ الفكار دعـم ُ الجميـع أنـه يجـب على الحكومة ُ ت الـ� يتبنونها. ي أمامنـا عقبـةٌ واحـدةُ ... أعمال ثري لـه مصالحه كان َ رجـل ٍ التأثـر على الحكومـة .لقـد كان الخاصـة ،وكان قـادراً على ي يعيـق خط َطنـا ألن التحـول إىل مصـدر طاقـة مسـتدام مـن ت ش التكسـر الـ� تعمـل ف ي� مجـال ي شـأنه أن يهـدد بقـاء �كتـه ي الهيدروليك� وتعديـن الفحـم. ي الهيدروليك� هـو ممارسـة سـيئة تنطـوي على التكسـر ي ي تكسـر طبقـات الصخـور عميقـاً لعمـل ثقـوب يمكـن مـن ي خاللهـا إخـراج مـواد مثـل الغـاز الطبيعـي والنفـط ت والب�ول. 203
أبــرار ســيروهي
لــذا ،لمحاولــة إيقافنــا ،منــع الحكومــة مــن تمويلنــا، واشــرى قطــع أ الرض ت ت الــ� كنــا بصــدد بنــاء مصانعنــا، ي ـ� الهــواء ،أ وإقامــة طواحـ ي ن واللــواح الشمســية عليهــا ،ومنعنــا مــن مواصلــة ش ـاعات نفكــر كيــف يمكننــا م�وعنــا .أمضينــا سـ ٍ مواصلــة مهمتنــا ،لكــن لعــدم وجــود خيــارات أخــرى ،قررنــا التحــدث إليــه شــخصياً .أخذنــا ســيارتنا إىل مقــر ش�كتــه، أخ�تنــا أنــه يمكننــا وذهبنــا إىل ســكر يت�ته ،وطلبنــا موعــداً .ب مقابلتــه عــى الفــور. رسنـا إىل مكتبـه وقررنـا أن يدخـل إليـه واحد منـا فقط... فذهبت أنـا إليه. ُ ن عميق أجش" :ادخل" طرقت الباب... فبادر� صوت ٌ ي مؤســ�(باور الخــر ،ال بــد أن تكــون أحــد "صبــاح ي ي أونيكــس). ش �ء يمنعنــا مــن التقــدم "نعــم ،وأود أن أســألك عــن ي كمجتمــع". "وماذا يمكن أن يكون؟" "لقــد الحظنــا أنــك تشـ تـري المصانــع والــورش ،وقطــع الر ضا� الـ تـ� كنــا بصــدد بنــاء أ أ اللــواح الشمســية وطواحـ ي ن ـ� ي ي 204
حلمـي
الهــواء عليهــا ،وهنــاك شــائعات بأنــك تؤثــر عــى الحكومــة تدعمنــا". حـ تـى ال َ ش ت ت ك� بأكملها "انظـر ،يا فى ،لو واصلتم عملكم ،فـإن � ي سـتتوقف عن العمل ،وال يمكنن ي ترك ذلك يحدث". عل االنزعاج" :ولكن ماذا عن المستقبل؟!" قلت ،وقد بدا ي ّ المسـتقبل ،وبحلـول ذلـك "سـتكون هـذه مشـكلة جيـل ِ رحلـت عـن عالمكم ،بعـد حيـاة ثرية". الوقـت ،سـأكون قـد ُ ت أطفــال االحــرام ،مــاذا عــن أطفالــك أو "مــع ِّكل ِ آ عواقــب إهمالــك تريدهــم أن يواجهــوا الخريــن! هــل ُ َ وعــدم ت اك�اثــك؟!". صمت وتردد قليالً ،ثم قال: "حســناً ،اتصــل ب� ف� غضــون ي ن يومــ� ،مــع حــل يفيــد ي ي أ ش ت كــ� ،و يرفــد االقتصــاد ،ويســاعد الشــخاص أيضــاً � ي عــى التحــول إىل أســلوب حيــاة مســتدامة ،وربمــا بعــد ذلــك ســأدعم ش م�وعكــم .إذا لــم تتمكــن مــن إيجــاد حــل ـامة بالرسعــة الكافيــة ،فــا تزعجـن ي مــرة أخــرى" .قــال بابتسـ ٍ متعجرفــة ،مشــككاً ف ي� إمكانيــة إيجــاد أي حــل. ثم س ّل َم ن ي� ورقة مالحظات ك ُِتب عليها رقم هاتف. 205
أبــرار ســيروهي
يكون لديك الحل". "هذا رقمي الشخص ،اتصل ب ي� عندما ُ ي خالل ي ن "حسناً ،سأتصل َ يوم� ومعي الحل .شكراً لوقتك". بمحمــد خــارج المبــىن ، غــادرت المكتــب ،والتقيــت ُ ٍ وأخ�تــه عــن االجتمــاع برمتــه .وبدأنــا نفكــر بعمــق إليجــاد ب حــل يمكــن أن نقدمــه لرجــل أ التفكــر العمــال .أخذنــا ي َ ئ ـا� يقـ تـرب ،ولــم يكــن لدينــا ســوى فكــرة وكان الموعــد النهـ ي نقدمــه لــه .ف ي� غضــون تقريبيــة عــن الحــل الــذي يمكــن أن َ الســاعات القليلــة أ ن الثــا� ،خطــرت يل اليــوم مــن ة خــر ال ي ي فكــرة :إذا قمنــا ببســاطة باســتبدال الفحــم والنفــط فلــن التغيــر. الكثــر مــن تحتــاج بقيــة السلســلة إىل ي ي بـدال ً من االسـتثمار ف ي� آالت التنقيب والتعدين ،وتشـغيل العمـال ف� مثـل هـذه الظـروف ،يمكـن االسـتثمار ف� أ اللـواح ي ي ين ونواعـر الماء ،وكذلك السـدود وطواحـ� الهـواء، الشمسـية ي الكبـرة للطاقـة الكهرومائيـة .ف ي� المقابـل ،نحصـل على ي الكهربـاء لتشـغيل (وإعـادة توجيـه) المصانـع المسـتدامة، ت ين تحسـ� النمـاذج). (الـ� مـن شـأنها وورش التصميـم ي ت أكـر التصميمـات الجديـدة الـ� تنتـج طاقـة ب ّ والمحسـنة ي ف َ بيع أسـهل لـكل نمـوذج ،أو تكون وأرخص ي� التصنيـع ،يمكن ُ َ 206
حلمـي
الطاقـة والسـلع .يمكـن ت حى بيـع التصاميـم للمجتمعات أو المـدن ت ز ل�ويـد جميـع المنازل بالطاقة بشـكل أك�ث اسـتدامة. كان أ التفك� .هنـاك أمثلة المـر بسـيطاً جـداً ،ولقـد بالغنـا ف ي� ي ف ي� عالمنـا على اسـتثمار الطاقـة المسـتدامة ،ف ي� دول مثـل أيسـلندا والسـويد ،يتـم فيهمـا التشـغيل بواسـطة طاقـة مسـتدامة بنسـبة ٪ 100تقريبـاً ،وتُسـتخدم أسـاليب الزراعة المسـتدامة ،وكال البلديـن مسـتقران من الناحيـة االقتصادية. ف اتصلـت بالرقـم الموجـود ف ي� الورقـة، التـال اليـوم � ُ ي ي أ أ واصطحبـت معـي الفـكار والمثلـة وبعـض المخططـات الجديـدة ،بعـد بضـع ثـوان مـن االنتظـار المتوتـر ،أجـاب أ لدي حلا ً فطلب الصـوت العميـق الجـش ذاتـه .قلت لـه ّ أن ّ السـيارة سـمعت ذلـك وسـارعت إىل من ي مقابلتـه ف ي� مكتبـه. ُ ِ وتوجهـت إىل هنـاك على الفـور. وصول إىل مكتبه ،عرضت عليه تصاميمي. بمجرد ي توقف ،وفكر ،ثم قال: "سأسـمح لـك بالبنـاء على قطـع أ ال� ت الر ضا� ت اشـريتها، ُ ي ي عمل". أحـد المصانع ُ لن ي وسـأقرضك َ ِ الخاصة ب ي� ،لكنن ي ْ أغ� ي أن َ أسأل لماذا؟" "لكن سيدي ،هل يل ْ 207
أبــرار ســيروهي
ـدا� ت "هــل فكــرت ف� جميــع معـ ت وآال� ،وكل مــا أنجزتُــه ي ي ي حــى آ ت الن؟" ش �ء يمكـن إعـادة توجيهـه لغـرض آخر ،إن "سـيدي ،كل ي ض المـا� وراءنـا ،ولم يفت لـم يكـن إعـادة تدويره .لقد بـات ي أ التغي�". الوان على ي ـن أتغـ يـر .لقــد أعطي ُتــك أر ٍاض ومصنع ـاً. "قلـ ُ ـت لــك لـ ْ لقــد اتخــذت ق ـراري .ال تزعج ـن ي مــرة أخــرى". بالحباط. تنهدت ،وشعرت إ "شكراً لوقتك .ن تعيد النظر ف ي� أفكارك". أتم� أن َ وأخ�تـه أن لدينا موار َد غـادرت المبىن ،والتقيت بمحمـد ب ٍ الن .أخ�تـه أيضـاً كيـف رفـض رجـل أ آ العمال حلولنـا ،وكيف ب ن ّـر� بأن بالحبـاط .ركـز محمـد على إ شـعرت إ اليجابيـات ،وذك ي آ خـراً رائعاً .ابتهجت لدينـا الن مـوارد ،وأن ذلـك كان بالفعل ب قليلا ً ...وواصلنـا العمل على ش م�وعنا. بعـد بضعـة أسـابيع ،تلقيـت مكالمـة مـن رجـل أ العمال، َ َ ِ ت الـ� قدمتهـا لـه .شـعرت يسـأل عـن مخططـات الحلـول ي أ تتغـر شـيئاً بالسـعادة لنـه أعـاد النظـر .بدأنـا نـرى ش�كتـه ي فشـيئاً ،ت تتغـر ش�كتـه حى أصبحـت مسـتدامة تمامـاً .لـم ي 208
حلمـي
بكث�؛ أصبـح أك�ث فحسـب ،بـل أصبـح أيضاً شـخصاً أفضـل ي اهتمامـاً بمـن حولـه ت تغـر! وحى صوتـه ي هـذا يوضـح أن َّكل شـخص لديـه بعـض أ الشـياء الجيدة ٍ ت والـ� تظهـر إذا أتيحـت لهـا الفرصة .فالتـوازن هو بداخلـه ،ي نور بـدون ظالم. المفتـاح :فلا َ ظلام بـدون نـور ،وال َ ين جاعلـ� البيئة واصلنـا التوسـع ف ي� جميـع أنحـاء منطقتنا، َ النظيفـةَ هـدف كل خطوة نقـوم بها. ث ش أكـر نظافـةً � ٍء على مـا يـرام ،وبـدا النهـر َ أصبـح كل ي ف تتعـا� ،وأصبحـت السـما ُء زرقـا َء بكثـر ،وبـدأت الغابـات ي تنتـه بعـد .ال يـزال أمـام صافيـةً جميلـة .لكـن المهمـة لـم ِ ومهمـات يجـب القيـام بهـا ،علينـا ُ بـذل مسـؤوليات كل منـا ٌ ٌ ت ال� نعيـش بها بيئةً مسـتدامةً قصـارى جهدنـا لجعـل البيئة ي ف التعـا�. كوكبنـا على قـدر إ ال ِ ي مـكان لمسـاعدة ِ
209
210
ّ كل صوت مهم ِ تأليــف ميــر فــراز
توقفــت جيمــا للحظــات ،وأنصتــت! تــكاد تجــزم أنهــا ـ� ـكات غريبـ ٍـة تشــبه رنـ ي ن َ ـكات ،ضحـ ٍ ســمعت أصــوات ضحـ ٍ أ المــكان، فكــرت أن هنــاك غربــاء قــد دخلــوا الجــراس. َ ْ والخــوف للريبــة لكنهــا رفضــت الفكــرة ولــم تســمح ِ ِ أن يتســلال إليهــا .كانــت متحمســة لمعرفــة مــا يحــدث، وعيناهــا الواســعتان يملؤهمــا الفضــول. الم�امية أ كانت جيما ،كعادتها ،تلعب ف� الغابة ت الطراف ي ت ُ المفضل ،وهي تحب أن ال� تحيط بقرصها ،فالغابة مكانُها ي ذات الفراء ،حيث تكون محاطةً تكون بصحبة الحيوانات ِ ِ الخ�ض ،بدال من الرمادي ،وتحب أيضاً النهر أ باللون أ الزرق ً َ 211
ّ كل صـوت مهـم ِ
المتل ئل ،والنباتات النابضة بالحياة ،أ أ والشجار بلونه السماوي ِ الزمردية الطويلة ّ .أ هم من ذلك ك ِّله ،أنها ال تريد ولعل ال َّ وركن ف ي� المكان كما تعرفه ْ أن يعرف أحد سواها كل ز ٍ اوية ٍ هي .فهي تعرف أين توجد أفضل أ الشجار لتتسلقها ،وتعرف َ ش �ء :الطرق مكان ُش ي ج�ة ِ التوت المفضلة لديها ،وتعرف َّكل ي المخترصة ،أ والماكن المشمسة لقراءة الكتب. ن غ� عن القول ،إنها لم ّ تضل يوماً طريقها ف ي� الغابة، ي الخاص ،بمثابة الرسي فقد كانت الغابةُ الخ�ض ا ُء ،مالذَها ّ ّ عالمنا ٍ جنة خ�ض ا َء ،ما زالت تحتفظ بجمالها رغم ما يعانيه ُ اليوم .عندما يفكر معظم الناس ف ي� الغابة ،فإنهم يفكرون ف ي� الملء بالمخاوف ،والمكان البعيد الذي ذلك المكان الكئيب ي ش � ٌء يكتنفُه المجهول ،ويعتقدون أنه ال يمكن ْ أن يحدث فيها ي جيد أبداً .ف� الغابة التقى الذئب بذات الرداء أ الحمر ،ووجد ٌ ِ ي "هانسيل" و"جريتل" بيت ب ز لكن جيما كانت ترى خ� الزنجبيلّ . صديق مقرب. يغ� ذلك ،إذ كانت الغابة بالنسبة لها مثل ٍ أ أحد سـواها يزور هـذا المكان ولنهـا كانـت تعتقد بـأن ال َ كبـر عندمـا سـمعت تلـك الطلاق ،شـعرت على إ ٍ بفضـول ي ٍ الضحـكات الرنانـة ،وربمـا شب�ء مـن خيبة أ مـل ،أل ّن هناك ال ِ ِ ٍ ي 212
ميــر فراز
ُ تتجـول ف ي� خريطة الغابة مـن يشـاركها أرض العجائـب .بدأت الدروب المحفوظـة ف ي� ذهنهـا ،وتتنقـل ف ي� محيطهـا ،وتسـلك َ نحـو تلـك الضحـكات الرنانة. أ يكــن ســهالً ،ولكــن فجــأة مــن المؤكــد ّ أن المــر لــم ْ تو ّقــف الصــوت .جلســت جيمــا عــى غصــن شــجرة لتنظــر وتفكــر َم ِل ّيــا بمــا يحــدث ...هــل مــن الممكــن أن حولهــا َ يكــون مــن نســج خيالهــا؟ تن ّهــدت جيمــا ،وقــررت المغــادرة، أن ضــوءاً ذهبي ـاً لمحتــه بطــرف عينهــا أوقفهــا ف ي� مكانهــا إال َّ أ ـث ،وال تصــدق مــا مذهولــة ،فنظــرت إىل العــى وهــي تلهـ ُ تحولــت لشــجرة. تــرى .حيــث كانــت هنــاك هضبــة صغـ يـرة ّ لكنهــا لــم تكــن شــجر ًة عاديــة -كانــت أعظــم وأكــر أ ـجار ـ ش ال ْ َ ْ بَ ِ أ أ أمامهــا، ِ جميعهــا ،وبــدا أن جميــع الشــجار الخــرى تنح ـن ي َ أ أبواب، ل ّن لهــا هالــةً من الســحر ،ولهــذه الشـ ِ ـوابٌ ... ـجرة أبـ ٌ ونوافــذُ ،ش و�فــات حقيقيــة ف ي� ّكل مــكان. اندهشــت جيمــا ألنهــا ال تعــرف شــيئاً عــن هذه الشــجرة، مــع أنهــا كانــت تفتخــر دومــاً بمعرفــة ّكل ِش بــر ف ي� هــذه ش �ء كهــذا ف ي� هــذا الغابــة .كانــت متأكــدة مــن عــدم وجــود ي المــكان إال منــذُ لحظــات؛ ثــم مــا لبــث أن همــس صــوت 213
ّ كل صـوت مهـم ِ
ف كادت تســقط مــن غصــن الشــجرة ي� أذنهــا ...فاجأهــا ،حـ تـى ْ الــذي تجلــس عليــه" .جيمــا جاكســون!" ..كان الصــوت يعلو. اســتدارت ،وكادت تســقط مــر ًة أخــرى عندمــا رأت ِج ِّن ّيــة َ َ ْ الج ِّن َيــة أمامهــا“ ،تعالــي معــي!" فوجــدت نفســها تتبــع ِ الســحريّة. إىل داخــل الشـ ِ ـجرة ّ ببنت َشفة ،فما تنب ْس ِ ّ خيم الذهول عىل جيما ،ولم ِ ن شهدتْه كان مذهالً؛ كان ن الطوابق. الشكل ،متعد َد أسطوا� مب� ِ ِ ي َّ الغرف...فحدثت يقفن جميعاً ف ي� غرفة من ْ وكانت الجنيات َ نفسها“ :ال ب ُ َّ الج ّنية لها أشارت . استقبال" حفل أنه د ِ بأن تصعد درجاً فضياً نحو أ العىل .ومع صعودها بدأت جيما َ ْ تستوعب ما يحدث حولها ...مع أن الذهول كان يسيطر عىل كث� ٌة حواسها .رأت َ كتب ي طوابق عديدة -مكتبة ضخمة بها ٌ كل ّ ومخت�اً ،وأيضاً ثالثةَ طوابق ال يوجد جداً؛ ومستشفى الجنيات، َ ب فيها أي ش�ء سوى أ خمنت ّأن هذه هي أماكن َسكن ال بوابّ . ِ ي أ الج ِّنيات ،إضافة للعديد من الطوابق الخرى. ِ ف نيـات ي� ّكل االتجاهـات ،وكـن جميعهـن الج ِ ِ شـاهدت ِ بألـوان مختلفة ،واسـتطاعت فسـات� كـن يرتديـن ي ي نَ صغـر ٍاتّ ، ٍ بـأن الج ّنيـات ت ين جيمـا أن ي ز الفسـات� لـون تديـن َ تمـر ّ اللا� ير َ ي 214
ميــر فراز
فجميع الجنيات ت لهن ي ز تدين م� ٌ ِ ات متشـابهة َ - اللوا� ير َ نفسـها ّ ِ ي ين والجنيات الفسـات� الخرض اء لديهـن نَ َم ٌ َ ـش على وجوههـنِ ، ف ن ش ّ الجنيـات ف ي� وكل ، ء ا ر سـم ة بر لهـن اء ر الصفـ الفسـات� � ٌ ي ُ ِ ي ين كبـرة. لهـن عيـون عسـلية ي ٌ الفسـات� البنيـة ّ ت ُ الــ� سيســتغرقها بــدأت جيمــا تتســاءل عــن المــدة ي المـ ش ـس ،عندمــا توقفــن أمــام مرصاعــي بــاب مرتفــع ِ نســبياً. ي ُ ُ انتظــارك" .فاجأهــا الجنيــة“ :الملكــة فــي قالــت ِ ِ أ ـاب بقلـ ٍـق ،توقفــت المــر ،وغــدت متوتــر ًة جــداً؟ طرقــت البـ َ جميــع أ الصــوات عــى الفــور ،ور ّد صــوت ،فيــه ش � ٌء مــن ُ ي الخشــونة ،كصــوت الجنيــات أ الخريــات ،لك ّنــه يحمــل ُِ بالســلطة“ ،ادخــل!" إحساســاً ُ كانــت القاعــة كبــرة ،ولهــا نوافــذُ ممتــد ٌة مــن أ الرض ي ان فكانــت مغطــا ًة بالصــور، حـ تـى أعــى الســقفّ .أمــا الجــدر ُ مهيب جلســت ربمــا صــور الملــكات الســابقات .وعــى عـ ٍ ـرش ٍ الجنيــة .بادرتهــا الملكــة“ :جيمــا جاكســون" ...بــدت الملكــة ِ ـن ســلوكها كان يقتـض ي االحـ تـر َام .كانــت ترتــدي عطوفــة ،لكـ ّ فســتاناً ذهبيـاً ملكيـاً أنيقـاً أ متللئـاً ،وتضــع عــى رأســها تاجـاً المعـاً .تقدمــت جيمــا إىل أ المــام ،وقالــت بخجــل" :مرحبــا". 215
ّ كل صـوت مهـم ِ
أن هــذا أمــر محـ يـر للغاية، الجنيــة" :أعلــم ّ ابتســمت الملكــةُ ِ أن شأ� َح لــك". اســمحي يل ْ ش كن بعـد ِ �ء .الجنيـات َّ نصـف سـاعة ،فهمـت جيمـا َّكل ي اللـوا� يعشـن هنـا ،ف� "الشـجرة أ ت البديّة". حارسـات الغابـة، ِ ي ي الخ�ض الجنيـات ُ وكان لـكل نـوع مـن الجنيـات ٌ دور ُمختلـف ِ - والجنيات الزرق ٌ ٌ والجنيات ُ مسـؤوالت عن الميـاهِ ، محاربـاتِ ، الصفـر عـن الضـوء ،والجنيـات أ رجوانيـة عـن الريـاح ،أمـا ال ُّ ِ ّ
ين يعتنـ� وال�تقاليـة الجنيـات الورديـة فيعتنـ� بالنباتـات ،ب ي نَ ِ البنيـات فقـد كـن يصنعـن الغبار بالحيوانـات .أمـا ِ الجنيـات ُ الط�ان، السـحري الـذي يسـتخدم لمسـاعدة الجنيات على ي ِ والجنيات البيضاء يسـيطرن عىل السـديم ،وهو غبار سـحري ِ 216
ميــر فراز
الجنيـات رساً خفيـاً ،وال يسـتطع ش البر رؤيـة الشـجرة يبقـي ِ البديـة ،وال يـرون سـوى تلة مـن أ أ الرض. ٍ َ ُ ّ كشـفت لي عـن عال ِمكن؟" واسـتفرست جيما“ :لماذا ْ ِ لمسـاعدتك. نحـن بحاجـة ِ ردت الملكـةُ الجنيـةُ " :يـا جيمـاُ ، أنفسـنا ش سـبب اختيـارك لكـن نتجنـب الكشـف عـن ِ للبرّ ، َ اقبـك منذ وقـت .لم نشـاهد أبداً لمسـاعدتنا هـو أننـا كنـا نر ُ بإمكانك نعتقـد أنك إنسـاناً يهتـم بالطبيعة أك�ث َ منك ،لذلك ُ ِ إنقـا َذ غابتنا الحبيبةَ .فمنذُ والـداك إىل الغابة مع أسـبوع جاء ِ ٍ أ رجـل أعمـال ،ش مصانع"، لبنـاء َ وأخ� أنه سـيبيع هذه الرض ِ ِ بقلق شـديد. كانـت الملكـة تحـدث جيما ٍ قالــت جيمــا“ :ال! ال يمكنُهــم فعـ ُ ـل ذلــك!" ثــم ســألتها “مــاذا تريديننــي ْ أن أفعــل؟" قالـت الملكـة" :جيمـا ،أ مر ليس سـهالً .يجب أن تقنعي ال ُ بيع هـذه الغابة .إنه أم ُلنـا الوحيد!" والديـك بعـدم ِ عل�، بعمـق ،وقالـت: تنفسـت جيمـا ْ ِ ٍ "يمكنـك االعتمـا ُد ي ّ أعـدك!" ودون أن تضيـف كلمـة أخـرى ،خرجـت مرسعـة مـن مكـروه يحـدث أي ٍ البـاب عائـدة إىل قرصهـا .لـم ْ تكـن لتـد َع ّ قرصهـا... برهـة ْ لهـذه الغابـة ،وبعـد ٍ وصلـت إىل ِ 217
ّ كل صـوت مهـم ِ
بدأت أتساءل أين "جيما!" نادتها والدتُها باستغراب" ،لقد ُ كنت! ف ين تركض�؟" كنت انتظري! أخرى؟ مرة الغابة � تمهل! هل ِ ِ ي ي ـث بشــدة“ ،أمــي ،ال يمكنكــم قالــت جيمــا ،وهــي تلهـ ُ بيـ ُـع الغابــة! ال يمكنكــم ذلــك!" والحظــت جيمــا تعبـ يـرات غريبــة عــى وجــوه والديهــا ،ثــم اضطــرت للكــذب ،وقالــت لهمــا“ :ســمعتكما تتحدثــان". ون�ة ملكية" :ولماذا كل هذا؟" بادرها والدها بحزم ب قالت جيما بصوت حزين“ :ألنني ُّ أحب الغابة!" ٍ حـ ّـدق والـ ُـد جيمــا مــن خلــف الجريــدة" :وهــل تعتقديــن ت ـيأ� ـيد ســتون سـ ي أن السـ َ ـيغ� رأيَــه بســبب طفلـ ٍـة صغـ يـرة؟ سـ ي أ ـات مقضي ـاً!" واختفــى خلـ َـف عمالــه إىل هنــا غــداً .المـ ُـر بـ َ ّ جريدتــه مــن جديــد. َ ـن جيمــا رفضــت االستســام“ :عليــك ْ أن تســتمع إلـ ّ ـي لكـ ّ أبــي! صحيــح أننــي طفلــة ،لكننــي أســتحق أن ُيسـ َـمع صوتــي! ُ الغابــة مهمــة للغايــة! الغابــات هــي ِرئــة األرض ،فهــي تمدنــا باألوكســجين .إذا ذهبــت كل األشــجار ،فلــن يكــون لدينــا ٌّ أي ِ منهــا! والمصانــع التــي يتــم قطــع هــذه األشــجار مــن أجلهــا َ تســبب المزيــد مــن الضــرر! الدخــان يســبب التلــوث ،إنهــا 218
ميــر فراز
ّ َ تــؤذي األرض! فكــر فــي جميــع الحيوانــات التــي لــن يكــون ً ٌ ـزل بعــد اآلن – قــرار بيــع الغابــة ليــس صحيحــا!" انتهت لهــا منـ ِ
ف والدهــا عــن قـراره. جيمــا ،وهــي غاضبــة ،وتأمــل ي� أن ينثـن ي ُ أصيب والدا جيما بالصدمة! كيف تجاوزت ي ن سن� عمرها. قالــت والــدة جيمــا ،وصوتُهــا متوتــر" :لــم أفكــر فيمــا ـ� أبــداً .كــم كنــا ُم ْخ ِطئـ ي ن تقولـ ي ن ـ�!" ونظــرت إىل زوجهــا ،الــذي أومــأ برأســه موافقــاً" .لــم ـت ُمحقــة تماماً، نــدركْ أبــداً حجــم عواقــب هــذا إ الجـراء .أنـ ِ صغــرة ال يعــن ي أنــه ال يمكنــك إقنــاع العقــول وكونــك ي ومالمســة القلــوب بكالمــك .نحــن لــن نبيـ َـع الغابــة .كيــف فكرنــا بذلــك؟ الغابــة ســتبقى!" ً قفزت جيما من الفرح“ :نعم! شكرا جزيال ًلكما!" عانقت لتخ� أصدقا َءها الجد َد بأنها نجحت .ف ي� جيما والديها ،وعادت ب َ احتفال ضخم ف� الشجرة أ ٌ البدية. ذلك اليوم ،كان هناك ِ ٌ ي الغابـة ،لكنهـا كانـت بعـد ذلـك ،واصلـت جيمـا زيـارة ِ أ ف مـح تصطحـب والديهـا معهـا .ي� ِ بعـض الحيـان ،كانـت ت ْل ُ أن أثـراً ذهبيـاً وتبتسـم ...لقـد أثبتـت بـأن الصغـار يمكنهم ْ َ يُ ْح ِدثـوا الفـرق المنشـود. 219
220
ُ صندوق األمَ ل تأليف أديتي غاندي
رحلــةُ أ صغــرة .هكــذا بــدأت بخطــوة ميــل تبــدأ لــف ال ي ٍ ِ ٍ أ ـزة المــم المتحــدة للمواطنــة رحلــة المـرأة الحائــزة عــى جائـ ِ العالميــة لهــذا العــام... كانـت نبيلـةُ تقـرأ كتابـاً ،وهي جالسـة بجوار شـباك الفيال ف ت د� .إنهـا فتاة لطيفة ،وصاحبـة قلب ف ٍ ئ دا�، الـ� تقيـم بها ي� يب ي وجدهـا، تبلـغ مـن العمـر 12عامـاً ،وتعيـش مـع والديهـا ّ كبـر بعـد عطلـة الربيـع الطويلة. وتنتظـر المدرسـة بشـوق ي ٍ ٍ ف� اليوم التال أثنا َء ت احة الغداء ،بينما كان أصدقاؤها اس� ِ ي ي ت الـ� قضوهـا ،كانـت نظـرة يتحدثـون عـن إ الجـازة الممتعـة ي بسـتا� المدرسـة القديمة الجالـس ف ن مكان � نبيلـة مركـز ًة على ي ٍ ي ِّ 221
ُ صنـدوق األمَ ل
قريـب تحـت شـجرة .شـعرت بأنه لم يكـن عىل ما يـرام ولم ٍ بنشـاطه المعهود. يكن ِ “السـ ُ ـألت ـام عليكــم يــا عبداللــه ،هــل أنــت بخيــر؟" سـ ْ ـر نحــوه. وهــي تسـ ي ُ لتناول للتـو "وعليكـم السلام يا نبيلة .أنا ي بخ� .جلسـت ّ ِ غـداء رسيعة". وجبة ٍ ِ رأت نبيلـةُ علبـةً صغـرة من البسـكويت ف ي� يديْه ،وسـألته ي عمـا إذا كان هـذا هـو ُّكل مـا يأكلـه .أجـاب عبدهللا بأنـه يقلل رمضـان ت توفـر المال ،إلرسـال اقـرب ،وأراد مـن وجباتـه أل ّن َي َ ت المغـرب عنه .بعـد التحدث هدايـا العيـد لعائلتـه ف ي� وطنـه إليـه ،علمـت نبيلـة أن لديـه أربعـةَ وأن دخ َلـه أطفـالّ ، ٍ ين َ الصبيـ� إىل المدرسـة ،بينمـا الضئيـل ال يكفـي إال إلرسـال اكتشـفت بقيـت الفتاتـان ف ي� المنز ل لمسـاعدة والدتهـن .كما ْ آ أن َ ويكافحون من خريـن ف ي� وضـع مماثـل، عمـال َ ّ ِ المدرسـة ال َ المـال لعائالتهـم. توفـر ِ أجـل ي ِ مشـاعرها ،وانهمـرت الدمـو ُع مـن قصـة عبـدهللا حركـت َ أن ي ن فتاتـ� ،ف ي� بالحـزن عندمـا عينيهـا .شـعرت نبيلـة علمـت ّ ْ ِ ئ االبتـدا� .كانـت تعليمهمـا عمرهـا تقريبـاً ،لـم تتلقيـا ِ َ ي نفـس ِ 222
تأليــف أديتــي غانــدي
َ بجـد أن تفعـل شـيئاً لجميـع العمـال الذيـن يعملـون ٍّ تتمىن ْ َّكل يـوم. جدها ،الذي تحبه عندما عادت نبيلةُ إىل الم�نز ل ،استقبلها ُّ بدفء وحنان .وكانا ف ي� كث�اً ،بابتسامته المعتادة ،واحتضنها ي ٍ ف ولكن ألن نبيلة كانت العادة يتجوالن ي� الحديقة ّكل يومْ . ف ش جدها اصطحابَها ب� ٍء من إ الحباط ي� ذلك اليوم ،قرر ُّ تشعر ي حي الجوهر مكان عريق ،يحتضن إىل ٍ الحقيقي ب ي َ لد� القديمة – ّ ّ المجاور رائعاً ،وتزيّنه المسجد مشهد البستكية التاريخي! كان ُ ِ ِ نقوش غاية ف� الجمال ،وتَ ب�ز قبته بكل روعة ي ن ب� المشاهد ي ُ ف القوارب التقليديةُ المهيبةُ تبحر ي� الخور، المحيطة .وكانت ُ تتأرجح مع النسيم العليل. وأشجار النخيل ُ ُ وتمل� أ أ النـورس برفرفـة أجنحتهـا وأصواتها طيـور الجـوا َء ِ ُ ف الـ� ت ت ال�اجيل تحـدق ي� ب تخـرق السـماء الهادئـة .كانت نبيلـة ّ ي مفتونـةً باختلاف هـذا المـكان ي ز وتم�ه عـن المدينـة الحديثة، ناطحـات حيـث يتوجـب عليـك أن ترفـع رأسـك لمشـاهدة ِ السـحاب! كان لـدى نبيلـة رغبـة لمعرفـة المزيـد عـن ثقافتها ِ وعاداتهـا .سـألت نبيلـة َج ّدهـا عـن رمضان. بالحيـاة السـعيدة، فقـال لهـا" :لقـد أنعـم هللا علينـا ِ 223
ُ صنـدوق األمَ ل
ُ أفضـل وقـت وبالعـادات والتقاليـد الغنيـة ،وليـس هنـاك ٌ وقت رمضـان لتجربـة هـذه العـادات مـن شـهر َ المبارك .إنـه ُ ِ الروحـي ،وتطويـر الـذات. والتأمـل والصلاة، الصيـام، ِ ِ ّ ّ السلام الخمسـة ،ت وح� ٌ صغ� الصدقةُ هي أحد أركان إ عمل ي ٌ يصنـع العجائب ،كما أن واحـد مـن اللطف إ والحسـان يمكن ْ َ ين التمـور مـن هـذه أجمـع كنـت ُ كنـت طفلاًُ ، تعلمـ� ،عندمـا ُ َ أ ين المحتاجـ�". وأوز ُعهـا على الشـجار ذاتهـا ّ لكـن نبيلـة كانت شـاردة الذهـن ،تفكر ف مـكان آخر .نظر � ٍ ي جدهـا وهـي تائهـةٌ ف ي� أفكارهـا ،وسـألها بفضـول" :مـا إليهـا ُّ بك؟مـاذا حـدث؟" روت لـه نبيلـة حدي َثهـا مع عبـدهللا .فقال ِ ببعـض الطعـام لغـداء الغد؟ أنا ّ الجـد" :لمـاذا ال تفاجئينـه ِ متأكـد من أنـه سـيكون سـعيداً للغاية". ف ـال ،أثنــا َء فـ تـرة االسـ تـراحة ،ركضــت نبيلــة ـ الت ـوم ـ الي � ي ي حيــث يجلــس عبــدهللا ،وهــي تحمــل معهــا بلهفــة إىل ُ ٍ ن ـام، ـتا� الطعـ َ الطعــام ،وســلمته إيــاه .بعــد أن أخــذ البسـ ي فــرح وشــكرها كثـ يـراً .ثــم ذهبــت حيــث صديقاتهــا ،ورسدت لهــن حكايــة عبــدهللا وكل العمــال آ الخريــن ،وطلبــت منهــن ّ أفــكاراً لمســاعدتهم جميع ـاً. 224
تأليــف أديتــي غانــدي
رررررررررررن... ت احة ،فتوجهـت نبيلـةُ الجـرس معلنـاً نهايـة رن َّ االسـر ِ ُ أ يرغـ� ف ي� التأخـر عـن نهـن لـم ب ن َ وصديقاتهـا إىل الصـف ،ل َّ الفنـون والحـرف. هـن التاليـة ،حصـة ِ حصت َّ ِ مقاعدهن، وجلسـن ف ي� وصلـن ف ي� الوقت المناسـب تماماً، َّ َ َ هن ،السـيد ُة شـاما .اسـتفرست قائلة" :حسـناً، ودخلت معلم ُت َّ ِ ت الـ� طلب ُتها؟" أجـاب الفصل بأكمله: تـن هـل أح�ض َّ النفايات ي ت معلمـ�!" ،ردت السـيدة شـاما" :جيـد ،فل ُنبـدع، "نعـم ي ونصنـع شـيئاً مفيـداً مـن المـواد القابلـة إلعـادة التدويـر ت الـ� تـم جمعهـا ،بـدال ً مـن التخلـص منهـا ببسـاطة ،فل ُن ِع ْد ي اسـتخدامها!" َ وإخالص، جد بـدأت الفتيات بابتكار منتجـات ِحرفية بكل ٍّ ٍ ٍ ف قدمـوا مـا صنعـوه .ولمعت فكـرة رائعة ف ي� و� نهايـة الـدرس ّ ي ف ر ِأس نبيلـة ،كمـا لـو أن مصباحاً قد أضـا َء ي� دماغها. بينمــا كانــت نبيلــة وجميــع أصدقائهــا يسـ يـرون عائديــن ـاس عــن خطتهــا“ .تذكـ َ ـرن إىل المـنز ل ،ب أخ�تهــم نبيلــة بحمـ ٍ ُ ُ أخبرت َّ بشــيء لمســاعدة القيــام علينــا يجــب أنــه كــن أننــي ٍ َ ـراء ـ لش ـال ـ الم ـض العامليــن بالمدرســة؟ لمــاذا ال نجمــع بعـ ِ ِ 225
ُ صنـدوق األمَ ل
هدايــا العيــد لهــم؟" قالــت صديقتهــا آمنــة بســعادة غامــرة: ُ “لكــن كيـ َ ـنحصل علــى المــال؟" ـف سـ
قالــت نبيلــةُ وعيناهــا أ تتــ� آلن فرحــاً“ :حســناً ،أعـ ُ ـرف َ ـض الفتيــات الموهوبــات الالتــي يمكنهــن صنـ ُـع أشـ َ ـياء بعـ
رائعــة مــن النفايــات القابلــة للتدوير،ويمكننــا ُ بيعهــا لكســب ٍ ـم أردفــت قائلــة“ :مــن منــا ال يريــد أن يكــون لديــه المــال" .ثـ ّ مثـ ُ ـة فــي منزلِــه؟" ـ األعم ـذه ـ ه ـل ـة الجميلـ ِ ـال الفنيـ ِ ِ ٌ ّ قالـت فاطمـةُ “ :نعـم ،أنـت ُمحقـة يـا نبيلـة ،ويمكننـا ْ أن ِ ِ ََ َ نطلـب مـن السـيدة شـاما مسـاعدتنا!"
ف التـال ،اندفعـت جميـع الفتيـات نحـو اليـوم صبـاح � ي ي وأخ�نهـا ِّ بكل مـا حدث، الفـن لمقابلـة السـيدة شـاما ،ب غرفـة ّ يخططـن للقيـام به. ومـا َ وأنهـت آمنـة الحديـث بقولهـا“ :نأمـل ْ أن ترشـدينا فـي هـذا المشـروع".
عريضة قالت السـيدة شـاما" :هذه فكرة بارعة! بابتسـامة ٍ ٍ المدرسـة نسـتخدم معـرض بكـن! لمـاذا ال ُ ِ أنـا فخـورة جـداً َّ ِ ت الـ� تصنعنها؟ ولـن أتفاجأ المنتجـات القـادم لبيـع َ ِ اليدوية ي حول أ الزبائـن َ الكشـاك!" الكثـر من برؤيـة ي ِ 226
تأليــف أديتــي غانــدي
َ حملـة ف ي� إطلاق موعـد المعـرض بشـهر ،تـم ُ ٍ قبـل ِ يز لتحفـر الطالبـات على إيـداع المـواد القابلـة المدرسـة، ِ لعـادة التدويـر ،مثـل أ الوعيـة البالسـتيكية ،والزجاجـات إ الفارغـة ،والصحـف ،والمجلات ،والكرتون ،ومـواد أخرى ،ف ي� أماكـن خاصـة ،وجمعهـا للحملـة .وقـد ترافـق هـذا مـع شن� الوعـي َ حـول االسـتدامة ،وفـرز النفايـات ،وإعـادة التدويـر. ف ي� كل صبـاح ،كانـت نبيلـة وصديقاتهـا يـزرن فصـوال ً مختلفة ت االسـراتيجيات الثالث :تقليل لتثقيـف الطالبات حـول أهمية وشـجعنهن النفايـات ،وإعـادة اسـتخدامها ،وإعادة تدويرها، َّ على االنضمـام إىل المبـادرة .وضمـن مجموعـة أصدقائهـا، كانـت نصرة مصابـة بالتوحـد ،ولكنهـا ت ز مل�مـة أيضـاً بإحداث التغيـر المنشـود ،ت واع�افاً وتقديراً لموهبتها بالرسـم ،كلفتها ي نبيلـة بمهمـة صنـع ملصقـات ملونـة لحملـة التوعيـة .كانـت نبيلـة مصممـة على تحقيق مهمتها عىل أكمـل وجه ،ونجحت ف إلهـام الجميع ّ بـكل إخالص. مـن خلال الجهـود الجماعية ي� ِ أسـابيع مـن العمـل الـدؤوب ،ابتكـرت الطالبـات بعـد َ َ وأصبحـت المنتجـات ت الى يمكـن بيعهـا مصنوعـات رائعـة، ِ ٍ أخـراً. جاهـزة ي 227
ُ صنـدوق األمَ ل
ب� ي ن ف� يوم المهرجان ،قامت نبيلة وصديقاتها ت ز ي� الكشك ي بحماس ،وعرضن إبداعاتهن بأناقة :مصابيح جميلة مصنوعة ن أوا� من مالعق وأكواب بالستيكية ،مجوهرات خرزية ،ي حديقة ،حامالت أقالم ،مزهريات ،ش مؤ�ات كتب ،حاويات مرور ساعة الكث�َ . وغ�ها ي تخزين ،إطارات للصور ،ي بعد ِ عىل المعرض ،كان الكشك مكتظاً ،وكانت المعروضات تُبا ُع
228
تأليــف أديتــي غانــدي
يعت، برسعة .بحلول نهاية اليوم ،كانت جميع القطع قد ِب ْ وأخذت الصديقات يحتضن بعضهن البعض ف ي� فرح وابتهاج! ف ساعدت السيد ُة شاما الطالبات ف ي� ش�اء التال، اليوم � ِ ي ي أ أ الجيدة ،مثل اللعاب ،والكتب ،والمالبس ،والحقائب شياء ِ ال ِ أ طفال العمال .وقمن بتعبئتها المدرسية ،والقرطاسية ل ِ اسم صناديق ف ي� َ ٍ مزينة بشكل جميل .أطلقت عليها نبيلة َ "صناديق أ المل" .ت مبلغ من ح� بعد ش�اء الهدايا ،بقي معهن ٌ ِ ِ وقررن َم ْن َحه إىل عبدهللا إلرسال بناته إىل المدرسة. المال، َ و� أ ف كب�اً سـبوع ال التـال ،ن َّظمت مدير ُة المدرسـة احتفاال ً ي ي ي ِ ين ين والبسـتاني�، العاملـ� ،وعمـال النظافـة، دعـت إليـه جميع وتكريمـاً لهـم على عملهـم الجـاد ،وتفانيهـم ،ت ز وال�امهـم. وتـم تأثيـث مسرح المدرسـة ليصبـح مثـل المجلـس ،إذ ّتم وضـع أ الرائـك والوسـائد على السـجاد الذي ظهـر بتصاميم ُ عربيـة جميلـة ،وتـم تقديـم القهوة والتمـر لـكل ض الحا�ين. أمـا الموسـيقى الهادئـة فكانـت تضفـي ارتياحـاً على المـكان، وتـم وضع علـب الهدايـا الثمينة بجانب المنصـة تحت الفتة ً كُتـب عليها “شـكرا". أخـرت ف ي� كلمـة ألقتهـا مديـر ُة المدرسـة َ أمـام الحفـل ،ب ِ 229
ُ صنـدوق األمَ ل
كفريـق الطالبـات عملـت الجميـع عـن جهـود نبيلـة ،وكيـف َ ُ ِ ٍ واحـد لتحويـل فكـرة رائعـة إىل حقيقـة واقعـة .لـم يقتصر ٍ أ مـر على دعمهـن لقضيـة نبيلـة ،بـل قمـن أيضـاً بتعزيـز ال ُ العلان عـن أن مقصـف المدرسـة االسـتدامة البيئيـة .وتـم إ ِ إفطـار مجانيـةً لجميـع العمـال خالل شـهر وجبـات سـيقدم ِ ٍ أ الطلاق كانـت عندما ولكـن اللحظـة الفضـل على إ َ رمضـانّ . ُ تقد ُمـه مـن إعـادة تـم الكشـف عـن أن معـرض "أفضـل مـا ّ تخصيـص وسـيتم التدويـر" سـيصبح حدثـاً دوريـاً منتظمـاً، ُّ ُ العاملـ� ف ي� المدرسـة. الح ْرفيـة لمسـاعدة ي نَ ريـع منتجا ِتـه ِ ِ آ ين خر إىل خشـبة المرسح، تمت دعو ُة ْ العامل� واحداً َ تلو ال ِ وقامـت نبيلـة وصديقاتهـا بتقديـم صناديـق أ المـل لهم بكل ُ "صنـدوق وأخـراً ،وعندمـا تلقـى عبـد هللا سـعادة ورسور. َ ي أ المـل" ،ت وفيةٌ "أنـت وهتف: فرحـة، بدمـوع نبيلة مـن ب اقـر ِ ّ ٍ السـمك يـا نبيلـة -فأنـت حقاً نبيلـة وعطوفة وطيبـة القلب". ولكـن ف ي� تلك قابل مـا ي ْ للتفسـرْ . شـعرت بـه نبيلة كان ي َ غ� ٍ اللحظـة ،أدركـت مـدى الرضـا عن رسـم االبتسـامة عىل وجه شـخص مـا ،مـن خلال "صنـدوق أ أدركـت نبيلـةُ أنها مـل"، ال ْ ِ ِ ِ َ ْ وجـدت هدفها! 230
231
232
األرض تأليف جوشوا ميلوين
أ ف ف أحمد ،وإخوته يعلم أحد اليام ي� إ ُ ي� فجر ِ المارات ،لم ْ ن سيغ� بالتب�" :توم" ،و"تيم" ،و"كيفن" أن هذا اليوم ي ي حياتهم ،وطريقةَ إدراكهم لما ينفع ،وي�ض أمنا أ الرض .كان َ الخو ُة أ ين أحمد حميم� ،عىل الرغم من أن الربعةُ أصدقا َء إ َ وتيم قد ال يتفقان ف� بعض أ الحيان ،فهما يتنافسان دائماً. ِ ي ف يفسد صداقتهما. كان تيم يبالغ ي� الثقة بنفسه ،لكن ذلك لم ْ وكان أ جميعهم يالزمون بعضهم عىل الدوام. الخوة ُ ف االنتهـاء مـن ي ن الروت� الصباحـي ،قرروا و� الصبـاح ،بعـد ِ ي بصوت أن يذهبـوا إىل الملعـب ،وبـدؤوا يلعبـون .قـال تيـم ٍ َ ُ سـاخر" :ال يمكنُـك ْ أن تمسـك بـي يـا أحمـد" 233
األرض
أ ش سـود ،ووجد اللون ال ِ وفجـأة ّ � ٍء حولهـم إىل ِ تحـول ُّكل ي أ الخـوة أنفسـهم يقفون ف ين ملعـب يمتل�ئ بالفضائي�! وسـط � ي ٍ ين أشـكال غريبـة. الفضائيـ� ذوي جمهـور مـن وكان لديهـم ٌ ٍ بعضهـم يشـبه الطيـور ،والبعـض آ جسـات، م لديـه خـر ال ُ ُ ُ ِ َّ ُ والبعـض آ خـر يشـبه ش البر. ال ُ ُ َ "ألعاب المهمالت": مقد ُم مسابقة قال "مات مارشميلو"ّ ، ِ نقـدم لكـم أقـوى أبطـال أ الرض ،الذيـن سـيخاطرون بحياتهـم ف ي� "ألعـاب المهمالت" السـنوية .أظنكم تتسـاءلون "ألعـاب المهملات" ،حسـناً! تمثـل ألعـاب المهملات عـن ِ سلسـلةً مـن التحديـات" .وأضـاف" :سـيحصل الفائـزون عىل ديارهـم ،أمـا الخـارسون فعليهـم البقـا ُء ٍ كأس ويعـودون إىل ِ ُ والعمـل ف ي� مركـز إعـادة التدويـر على هـذا الكوكـب". أحمـد“ :لكننـا لسـنا أقـوى أبطـال األرض ،نحـن ّ مجر ُد قـال ُ ِ أطفـال" .قالـت إحـدى المتطوعـات" :هـذا جيـد ،سـوف تنافسـون أطفاال ً من كواكب أخرى" .سـألها كيفن“ :سـيدتي، َم ْ ـن أنـت وأيـن ُ نحـن اآلن؟" .قالت المتطوعـة" :أنا متطوعةٌ ، ِ وأنتـم ف ي� ملعـب فضـاء على كوكـب "منـت روكـس" ،وأنتـم مسـابقات مختلفة؛ هنـاك أربعةُ فرق هنـا للمشـاركة ف ي� ثالث ٍ 234
جوشــوا ميلويــن
ين شـديدة التلوث". مختلفـة كواكب ثالثـة مـن ِ ٍ المشـارك� ،مـن ِ َ آخـر" :سـتقيمون جميعـاً ف ي� مقصوراتكـم، قـال متطـو ٌع ُ وسـيتم إبالغُكـم بالتحـدي أ الول ،إذا كنتـم بحاجـة إىل أي ش�ء ،فلا ت السـاعات بواسـطة هـذه االتصـال بنـا تـرددوا ف ي� ِ ِ ِ ي أ ثالثيـة البعـاد". ِ نحـن َ ُ أول مـن قـال تـوم“ :رائـع! هـذا مذهـل! ربمـا نكـون بالكائنـات الفضائيـة مـن البشـر". يلتقـي ِ ُ َ كوكـب األرض .قـف! خـارج الحيـاة قـال كيفـن“ :إنهـا ِ ً ً اُنظـر إلـى هـذه المقصـورة ،تبدو جميلـة لكنّها صغيـرة نوعا َ غرفت ْ ـي نَ ْـوم". مـا ،وال يوجـد سـوى ٌ تسـاءل تيـم“ :نحـن أربعـة ،فأيـن ننـام؟" هتـف أحمـد، ٌ أس َّـرة بطابقيـن!" “تعالـوا وشـاهدوا ،لدينـا ِ
قـرر أ الحديـث تقاسـم الغـرف .تجاذبـوا أطـر َاف الخـوة ِ َ لبعـض الوقـت ،ثـم ما لبثوا أن شـعروا بالتعـب ،فذهبوا إىل ِ للنوم بسلام. الفـراش وخلـدوا ِ ً ُ ْ ُ رفـاق ،لقـد وصلـت المهمة قـال كيفـن بحماس“ :مرحبـا يـا األولـى" .قـال تـوم بحزم“ :من الـذي سـيقرأ المالحظة؟" عـال“ .التحـدي األول هو بـدأ توم بقـراءة المالحظـة ٍ بصوت ٍ 235
األرض
السـباق الذي سـيقام في "كاندي بارك" الليلة ،حيث سـيتم َ اصطحـاب ِّ ُ كل فريـق علـى مركبـة فضائيـة وقـت الظهر".
سـأل تيـم" :أين مركبتنـا الفضائية؟" وهـو ينظر إىل الوقت ً ْ تسـتعجل". أحمد" :سـتصل قريبا ،ال الص� .قال ُ بفـارغ ب ِ ُ "يا رفاق ،إنها هنا!" رصخ توم مرسوراً. ُْ قال تيم باستغراب" :واو ،إنها مذهلة". وصـل أ المقـدم "مـات الخـو ُة إىل كانـدي بـارك ...وبـدأ ُ السـيدات والسـادة ،مرحبـاً بكـم ف ي� مارشـميلو" ..." :أيّهـا ُ التحـدي أ الول أللعـاب المهملات ،والـذي سـيكون اليـوم منافسـة ف ي� سـباق الجـري" .وتقـدم حكـم المبـاراة ليقـدم الفـرق" :الفـرق المشـاركة هـي فريق"دراكـس" ،وفريـق "سـكيلز" ،وفريـق "دوت" وفريـق أ الرض .عليكـم توخـي أ ائحـة الحـذر لن أرضيـات كانـدي بـارك لزجـةٌ جـداًُ ، وذات ر ٍ َ الفريق يحصـل "يجـب أن كريهـة ،مثـل القمامـة" .ثـم قـال: ُ ُ على المركـز الثالـث على أ ال ّ قـل ليكـون مـن الفائزيـن!". ِ ِ "سـأهز ُمك فـي السـباق". بابتسـامة ُم َت َك ّلفَـة: قـال تيـم ٍ ِ ُ أحمـد" :ال ،أنـا َم ْ سـيهزمك" وبـدأ صوتهمـا يعلـو. ـن قـال ُ وقت صـاح كيفـن" :يـا أخوتـي ،توقفـوا عـن الشـجار"َ . حـان ُ َ 236
جوشــوا ميلويــن
ف جميـع الفـرق حالةَ أخـذت العـد. الحكَـم ي� ّ ُ ْ السـباق ،وبـدأ َ ِ الحكـم: هتـف االسـتعداد .ثـم َ ُ
“ ّ هيا جاهزون ،انطلقوا! انطلقوا!"
تحمـل أحمـد" :ال بـدأت الفـرق بالجـري .قـال ُ ُ أسـتطيع ُّ ائحـة ،إنهـا ُ ائحـة أماكـن تجميـع القمامـة مثـل ر ِ هـذه الر ِ أ أ ف� كوكبنـا ،أ ف خـر، الرض" .ظـل ُ فريـق ال ِرض ي� المركـز ال ي ي ائحـة ،على الرغـم مـن حقيقـة فلـم يتمكنـوا مـن تَ َح ُّم ِـل الر ِ ين متقدمـ�“ .أوه ال!" قـال كيفـن، أن تيـم وأحمـد كانـا
ْ “لقـد علقـت قدمـي فـي ميـاه الصـرف الصحـي!" ف قدمـه من مياه الصرف الصحي. سـاعد تـوم كيفـن ي� إخراج ِ "جئنـا فـي المرتبـة الثانيـة!" صـاح تيـم وأحمد. فريقكُما قـال الحكم" :يجب عىل ِ عبور خـ ّط النهاية". بأكملـه ُ
237
األرض
أ وصـل ق فريق دراكس أخـراً .كان ُ بـا� أعضاء فريـق الرض ي ي ف� المركـز أ الول ،وجـاء فريـق سـكيلز ثانيـاً ،وفريـق دوت �ف ِ ي ي فريـق "لسـوء الحـ ّظ ،خسر المركـز الثالـث .قـال الحكـم: ُ ِ ِ أ الرض". َ ُ معجزة كـي تنقذنـا اآلن" .بعد ذلك، "نحتـاج إلى قـال تيم: ٍ إن سـمعوا نـدا ًء صوتيـاً: "انتظر ،فريق سـكيلز قـام بالغشّ ، ْ مقـاوم لاللتصاق!" مطاط عجيـب، ٍ أحذي َتهـم مصنوعـةٌ مـن ٍ تـم اسـتبعاد فريـق سـكيلز ،مما مهـد الطريق لفريـق أ الرض ّ والم� قُدمـاً ف� ق لالنتقـال إىل المركـز الثالث ،ض با� التحديات. ِ ي ُ ي يْ الخـو ُة إىل مقصورتهـم ،وهـم يشـعرون باالسـتياء لنأ عـاد أ َ الماكـن على أ معظـم أ الرض مليئـة بالقمامـة .وقـال لهـم َ كيفـن" :لقـد كنـا محظوظيـن اليـوم .إذا أردنـا العـودة إلـى ُ كوكبنـا ،علينـا أن نبـذل قصـارى جهدنـا ،وأن نعمـل معـا ً بعضنا البعض" .قررت ضد التنافس من كفريـق واحـد بدال ِ
آ التلـوث وإعـادة التدوير المجموعـة الن معرفـة المزيـد عـن ّ ين المتطوعـ� بقيـة التحديـات ،وقـد أطلعهـم أحـد لمواجهـة ِ ِ ت الـ� سـيواجهونها. على التحديـات ي وصلـت رسـالةُ المهمـة التالية ،وقـد كان توم متلهفـاً لمعرفة ْ ِ 238
ً
جوشــوا ميلويــن
الصـر" :مـا هـو بفـارغ ينتظرهـم ،وسـأل التحـدي الـذي ُ بِ ِ
أحمـد لهـم جميعـاً" :إن التحـدي التحـدي القـادم؟" ،وقـرأ ُ ُ ّ ُ سـيكون تحـدي إعـادة التدويـر .سـتقلنا المركبـة التالـي
ّ ُ سـيكون التحدي الفضائيـة مثـل المـرة األولى ،وهذه المرة ُ مركـز إعـادة التدويـر". مـكان يسـمى فـي ٍ
وصـل أ إعـادة التدويـر .رحـب "مـات الخـوة إىل مركـز ِ إعـادة التدويـر ،وكان مارشـميلو" بالفـرق .لقـد كان تحديـاً ف ي� ِ ورميها الفـرق إعـاد ُة تدويـر على ِ النفايـات عن طريـق فرزهـا ِ ِ ف الصناديـق الصحيحـة. � ي ِ ُ رفاق ،لقـد ْ أحمـدّ : وأوضح تيم: علمنـا بهـذا". "هيا يـا هتـف ُ َ َ ْ "تذكـروا ّ َ َّ األسـود والرمـادي أو اللـون األزرق للـورق، أن َ َ َ واألصفـر واألخضـر للزجـاج، واألحمـر للبالسـتيك، للعلـب،
َ َّ الليموني لمخلفـات الطعام" .بدأ واألخضـر للمنسـوجات، تحـدي إعـادة التدوير ،وجـاء فريـق أ الرض ف ي� المرتبة الثانية، ُ ِ فريـق دراكس .بعد كفريـق هـذه المرة، حيـث عملـوا وخسر ُ َ ٍ يـوم شـاق ،عـاد فريـق أ ال ِرض إىل مقصورته. ٍّ ٍ سـمعوا أحدهـم يطـرق البـاب ،وفتـح تيـم البـاب... أ خ�كـم أن يالدهشـتهم ،كان "مـات مارشـميلو"" .أنـا هنـا ل ب 239
األرض
أ الفائز خـر غـداً ف ي� ملعب مينت روكس ،وسـيعو ُد التحـدي ال ي ُ والتلـو ِث، التدويـر كوكبـه .سـيكون اختبـاراً حـول إعـادة ّ إىل ِ ِ لـذا اسـتعدوا" .ناقـش أ المعلومـات َ حول المزيد مـن الخـوة َ ِ والتلـوث ثـم ذهبـوا إىل الفـراش. إعـادة التدويـر ِ ف ملعـب مينـت إىل اصطحابهـم تـم ، التـال اليـوم � ي ِ ي أ الملعـب بفخر ت ز المتأهل� واع�از ،لنهـم من روكـس .ودخلوا ي نَ َ ٍ ُ التحدي بالحديـث ،وقال: مسـؤول للتصفيـات النهائيـة .بدأ ّ ين نفسـها على الفـوز ،اجلسـوا عىل ِ"كال الفريقـ� لهمـا القـدر ُة ُ "يجـب على قواعـد المسـابقة: مقاعدكـم" ،ثـم ش� َح لهـم َ ُ الجابـة ،وإذا الفريـق الضغـ ُط على الجـرس إذا كان يعـرف إ ِ ِ آ للجابـة". أخطـأ ،سـيكون لـدى الفريـق الخـر فرصـةٌ إ السـؤال أ َ ال َول" :كيـف يمك ُننـا الخبـر االختبـار .وطـرح بـدأ ي ُ حمايـةُ المياه الجوفية؟" ض�ب فريـق أ الجرس ،وأجاب رض ال ُ ِ ِ َ تيـم“ :بشـرب كميـة َّ أقـل مـن الميـاه". ٍ ِ آسـف ،هـذا خطـأ" لـذا تـم خبـر االختبـار" :أنـا ٌ أجـاب ي ُ تمريـر السـؤال إىل فريـق دوت ،فأجـاب فريـق دوت" :يمكننا ت ُ بالميـاه الـ� تختلـ ُط اسـتخدام المـوا ّد تقليـل ِ ِ ّ الكيميائيـة ي الخبـر. الجابـة الصحيحـة!" هتـف الجوفيـة"" .هـذه هـي إ ي ّ 240
جوشــوا ميلويــن
اسـتمرت المسـابقةُ ،ف ين الفريقـ� أن كال تبـ� ّ و� النهايـة ي ّ ن َ ي السـؤال لطـرح الخبـر" :لقـد حـان الوقـت أعلـن ي متعـادالنَ . ِ ِ سـماع ذلـك ،جلـس الفريقـان على حافـة الحاسـم" عنـد ِ شـديد. مقاع ْدهمـا بتوتّ ٍـر ٍ ِ ُ يمكـن "كيـف سـؤال مفتـوح: السـؤال عبـار ًة عـن كان َ ُ ٍ أ ف التلـو ِث؟" ض�ب فريـق دوت وقـف طفـال المسـاعد ُة ي� ِ ّ لل ِ ٌ ُ أطفـال فقـط" .أجـاب نحـن الجـرس ،وقـال“ :ال يمكنُنـا، السـؤال إىل تمرير الخب�":أنـا ٌ لـدي ٌ آسـف ،ليـس ّ ِ يُ خيار سـوى ِ فريـق أ الرض". ِ أ َ ُ بأشـياء القيـام بحمـاس“ :يمكننـا فريـق ال ِرض أجـاب ُ ٍ َ الصناديـق ووضعهـا فـي التقـاط القمامـة، مثـل ٍ ِ ِ بسـيطة ِ ِ الصحيحـة ". ِ
ٌ رائـع! ...فـاز فريـقُ الخبـر“ :هـذا قـال ي األرض !" ِ أ ن
يوص ُـف ،حالمـا مصد ي غـر ّ قفـز الخـوةُ ،ي قـ� ،بفـرح ال َ بفخـر: سـمعوا صـوت "مـات مارشـميلو" وهـو يعلـن ٍ
“سـيداتي وسـادتي ،هـؤالء األطفـال قـد فـازوا ألعـاب المهملات!" صفـق الجميـع بمسـابقة ِ 241
األرض
عيد الـكأس المصنوعة من مـوا َّد أُ َ بحمـاس" .تسـتحقون هـذه َ لكوكب ِهـم وم�نز ِلهم تدويرهـا "،ثـم ب أخ�هم بأنهم سـيعودون ِ ُ أ آ "سـيتم نق ُلكم الن فوراً إىل م�نز ِلكـم" .وقد غدا الخو ُة قائلاً: ُّ ف أصبـح ُّكل ش � ٍء أسـو َد مـن جديد، ة وفجـأ السـعادة. غايـة � ً ِ َ ي ي ف أنفسـهم ي� بيتهـم. ووجـدوا َ
رصخ أالخـوة“ :أمـي ...أبـي،
لقـد تـم نقلنـا إلـى
ً كوكـب غريب،وهـا قـد عدنـا أخيـرا بهذه الكأس بعد أسـبوع ٍ
طويـل ملـيء بالتحديـات والمسـابقات!"
"يــا َل َخيال ُكــم الواســع!" قالــت ُّأمهــم" ...لقــد تركتكــم ـاعة واحــدة فقــط" منــذ سـ ٍ
242
نبذة عن أصوات أجيال المستقبل أصـوات أجيـال المسـتقبل مبـادرة كتابة فريـدة تم إطالقهـا من أجل تعزيز االسـتدامة وتوطيـد لـكل مـا ورد ف� اتفاقيـة أ المـم المتحـدة لحقـوق الطفـل .والمبـادرة ف ي� إطارها ي سـف�ة النوايا إ القليمـي برعايـة سـمو الشـيخه حصـه بنت حمـدان بن راشـد آل مكتوم ،ي ف العر�. الحسـنة للمبـادرة ي� منطقة الخليـج ب ي الـدول عـام ،2014إال أنهـا ما تزال تـم إطلاق المبـادرة ألول مـرة على الصعيد ي أ ف ف العر�. ي� عامهـا الول ي� منطقـة الخليـج ب ي تتضمـن أصـوات أجيـال المسـتقبل مسـابقة كتابيـة للطلاب الذيـن ت تـراوح أعمارهـم ي ن بـ� 12-8عامـاً ،وتشـجع الك ّتـاب الشـباب على المشـاركة ف ي� أهـداف التنميـة المسـتدامة ،ودعـم اتفاقيـة أ ين تضمـ� هدف من المـم المتحـدة لحقوق الطفـل ،وعىل تلـك أ الهـداف أو ث أكـر ف ي� قصصهـم. ت ال� تركـز المبـادرة على إ البـداع والخيال ،حيـث تركز القصـص عىل الشـخصيات ي ت الـ� تواجهها ،كمـا ف ي� جميع حكايـات المغامـرات الجيدة. تتغلـب على التحديـات ي Under the patronage of the
United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization
243
القضاء عىل الفقر بجميع أشكاله ف ي� كل مكان.
القضاء عىل وتوف� الجوع ي أ ئ الغذا� المن ي والتغذية المحسنة ّ وتعزيز الزراعة المستدامة.
ضمان تم ّتع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية ف ي� جميع أ العمار.
244
ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلّم مدى الحياة للجميع.
تحقيق المساواة ين ين الجنس� ب� ن وتمك� كل ي
ضمان توافر المياه وخدمات الرصف الصحي للجميع.
ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة عىل خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة.
تعزيز النمو االقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوف� العمل ي الالئق للجميع.
إقامة نب� تحتية قادرة عىل الصمود، يز وتحف� التصنيع الشامل للجميع والمستدام، وتشجيع االبتكار.
جعل المدن والمستوطنات ش الب�ية شاملة للجميع وآمنة وقادرة عىل الصمود ومستدامة.
الحد من انعدام المساواة داخل البلدان وفيما بينها.
ضمان وجود أنماط استهالك وإنتاج مستدامة.
اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغ� المناخ ي وآثاره من خالل تنظيم االنبعاثات وتعزيز التطورات �ف ي مجال الطاقة المتجددة.
حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها عىل نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة.
245
حماية النظم اليكولوجية إ ال�ية وترميمها ب وتعزيز استخدامها عىل نحو مستدام ،وإدارة الغابات عىل نحو مستدام، ومكافحة التصحر، ووقف تدهور أ ض ا� وعكس الر ي مساره ،ووقف فقدان التنوع البيولوجي.
تشجيع إقامة مجتمعات سلمية وشاملة للجميع من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وتوف� إمكانية ي الوصول إىل العدالة للجميع وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع عىل جميع المستويات.
إحياء ش ال�اكة العالمية من أجل التنمية المستدامة.
المؤلف ــون الصغار أحمد إسـماعيل زنداح
( 12عاماً)
إيوانا سـتيفانوفا
( 9أعوام)
ت أدي� غـانـدي ي
س�وهي أبرار ي
عبدالكريـم عصمت غزال
هزاع العامري
آمنة حمد سـالم عبيد سيف السويدي
اليازيـة صالح الدين لكع� ا بي
( 12عاماً)
( 10عاماً)
( 12عاماً)
( 12عاماً)
246
( 11عاماً)
( 11عاماً)
لمـى إيهاب الموىس ( 9أعوام)
جوشوا ميلوين ( 12عاماً)
ن ن ما� كاندام ساشـي� ي ي
الحل� ورد وسام بي
ميغنا سـينثيل كومار
مطرة إبراهيم
يم� فراز
نـور أحمد الخطيب
سايرا توماس
الكع� سـعود أحمد بي
شاهيد فايس
سـهيلة عبد الحليم منصور
( 9أعوام)
( 9أعوام)
( 8أعوام)
( 8أعوام)
( 11عاماً)
( 11عاماً)
( 10عاماً)
( 11عاماً)
247
( 12عاماً)
( 11عاماً)
مختــارات مليئــة بالمغامرات تحتفي بالفائزين بمســابقة أصوات أجيال المســتقبل الرسق االوســط .وتشــتمل مشــاركات االوىل ىڡ عرسة فائزين عن فئــة اللغة العربية اال نجلرىيــة ،يحوي هذا المجلد رســومات جميلة لقصص ىڡ وعرسة عــن فئة اللغة وىڡ رحاب الفضاء ،ويستكشــف الســمات التقليدية والمالمح الحديثة أعماق البحار اال نســاىى الكثرى مــن مظاهر اللطف للمنطقــة ،ويقــدم ®عرى القصــص المختلفــة الخرىة. والمبادرات ِ وعــالوة عــىل كل مــا ذكــر ،فــإن المختــارات تجســد المواهــب الواعــدة للك ّتاب الشــباب،والىى تمثل تطلعات وأهــداف ¾ االمم المتحدة للتنمية المســتدامة.ومهما كانــت المغامرات خيالية فإنها تقدم لنا حلوال واقعية يمكن لشــباب اليوم تنفيذها التغيرى المنشود. بإحداث يعد من " إن الحماس الذي استقبل به االطفال الدعوة للكتابة عن أهداف التنمية المستدامة ُ كبرىاً لكافة القضايا، عالمات المستقبل الواعدة .القصص الفائزة مليئة بالخيال وتظهر فهماً وإنه لمن دواعي رسوري قراءتها ". االمارات العربية المتحدة. دىى وزير المالية -بدولة سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم ـ نائب حاكم
"عىل الك ّتاب الذين شاركوا ىڡ مسابقة أصوات أجيال المستقبل -الخليج ،أن يفخروا بإنجازاتهم .حيث يوضح هذا ª المرسوع الرائع مدى وعي الشباب بالقضايا البيئية وطريقة العرىى". تفكرىهم ىڡ مستقبل الخليج ³ مؤسسة حمدان بن راشد آل مكتوم المتمرى لالداء التعليمي
"إن الحب الذي أظهروه الكتاب ىڡ هذه القصص تجاه البيئة واالهتمام باالنواع ّ المعرضة للخطر أمر مشجع للغاية". د . جںى غودال
Lorem ipsum
Under the patronage of the
United Nations (GXFDWLRQDO 6FLHQWL¿F DQG Cultural Organization