المختارات الأولى

Page 1

‫أ ـ ات ـﺎ ‬ ‫ ا ﺠـ ﺮة ا ـﺮ ‬ ‫ ـﺠ ‪2020‬‬



‫أصـوات شـابة‬ ‫من شبه الجـزيرة العـربية‬ ‫مـجموعة ‪2020‬‬



‫أصـوات شـابة‬ ‫من شبه الجـزيرة العـربية‬ ‫مـجموعة ‪2020‬‬

‫تقديم‬ ‫سمو الشيخة حصة بنت حمدان بن راشد آل مكتوم‬


‫تم شن� هذا الكتاب من قبل مؤسسة المارات آ‬ ‫للداب ف ي� عام ‪2021‬‬ ‫إ‬ ‫المارات العربية المتحدة‬ ‫د�‪ ،‬إ‬ ‫ص‪.‬ب‪ 24506 .‬ب ي‬ ‫الن� للنص © المؤلفون أ‬ ‫حقوق ش‬ ‫الفراد ‪2021‬‬ ‫أ‬ ‫حقوق ش‬ ‫الن� للرسوم التوضيحية © الرسامون الفراد ‪2021‬‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫والرسام�‪.‬‬ ‫للمؤلف�‬ ‫تم التأكيد عىل الحقوق المعنوية‬ ‫الحياء أو أ‬ ‫حقيقي�‪ ،‬سواء من أ‬ ‫جميع الشخصيات أ‬ ‫ين‬ ‫والحداث الواردة ف� هذا المنشور خيالية وأي تشابه بينها ي ن‬ ‫الموات‪،‬‬ ‫وب� أشخاص‬ ‫ي‬ ‫أو أحداث فعلية ما هو إال من محض الصدفة‪.‬‬ ‫ت‬ ‫اســـرجاع أو نقله بأي شـــكل أو وســـيلة‬ ‫كل الحقـــوق محفوظـــة‪ .‬ال يجـــوز إعادة إنتـــاج أي جزء من هـــذا المنشـــور أو تخزينه أو إدخاله ف ي� نظام‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ً‬ ‫(إلك�ونيـــة أو ميكانيكيـــة أو تصويـــر أو بالتســـجيل أو يغ� ذلـــك) دون الحصول عىل إذن خطي مســـبق من أصحـــاب حقوق النـــر‪ .‬وفقا لقانون‬ ‫النـــر الدول لعـــام ‪ ،1956‬وقانون حماية حقـــوق التأليف ش‬ ‫ش‬ ‫المـــارات العربية المتحدة رقم ‪ 7‬لعـــام ‪ ،2002‬وقد‬ ‫حقـــوق‬ ‫والن� االتحـــادي لدولة إ‬ ‫ي‬ ‫يتعـــرض أي شـــخص يقوم بأي عمل غـــر مرصح به فيما يخص هذا المنشـــور للمقاضـــاة الجنائية والمطالبـــات المدنية بالتعويـــض عن أ‬ ‫ال ض�ار‪.‬‬ ‫ي‬ ‫الدول (‪:)ISBN‬‬ ‫رقم الكتاب المعياري‬ ‫ي‬ ‫‪978-9948-8591-1-6‬‬ ‫ن‬ ‫المار ت يا�‪:‬‬ ‫معتمد من قبل المجلس‬ ‫الوط� للإعالم إ‬ ‫ي‬ ‫‪MC-03-01-7667829‬‬ ‫تصميم الغالف والكتاب‪ :‬هيفاء ملحس‬ ‫ت‬ ‫أديـــي غاندي‪ ،‬أحمد إســـماعيل زنداح‪،‬‬ ‫وهي‪،‬‬ ‫ســـر‬ ‫ار‬ ‫ر‬ ‫ك ّتـــاب القصص‪ :‬آمنة حمد ســـالم عبيد ســـيف الســـويدي‪ ،‬عبد الكريـــم عصمت غزال‪ ،‬أب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫اليازيـــة صـــاح الدين خميـــس هالل‬ ‫الكعـــي‪ ،‬هزاع محمد راشـــد العامري‪ ،‬إيوانـــا تيودوروفا ســـتيفانوفا‪ ،‬جوشـــوا ميلوين‪ ،‬لما إيهـــاب الموىس‪،‬‬ ‫بي‬ ‫الكع�‪،‬‬ ‫مطـــرة إبراهيـــم صالح صـــاح ي‬ ‫فـــروز‪ ،‬ماجيهنا ســـينثيل كومار‪ ،‬يم� فَـــراز‪ ،‬نور أحمـــد الخطيب‪ ،‬ســـايرا توماس‪ ،‬ســـعود أحمد ســـالم ب ي‬ ‫ن‬ ‫الحل�‬ ‫ي‬ ‫ساشـــي� مانيكندان ‪ ،‬شـــاهد فايس‪ ،‬ســـهيلة عبد الحليـــم منصور ‪ ،‬ورد وســـام ب ي‬ ‫فواخ�ي‪،‬‬ ‫رســـوم‪ :‬عائشـــة هالل‪ ،‬عليـــاء عبـــد الرحيـــم الحمـــادي‪ ،‬أري بوغوه‪ ،‬أســـماء عناية‪ ،‬أســـماء الحوســـان‪ ،‬عائشـــة الحمـــر ن يا�‪ ،‬دينـــا‬ ‫ي‬ ‫ســـي�تز‪ ،‬ســـورة غـــزوان عبد الجبا‪،‬‬ ‫ســـتايس‬ ‫الســـماعيل‪ ،‬ســـناء آل مكتوم‪ ،‬ســـارة محمد حماد‪،‬‬ ‫خديجة الســـعيدي‪ ،‬خلود غلوم الجانة‪ ،‬نوف إ‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫أم�الدين‪ ،‬وفاء إبراهيم‬ ‫طرفة خالد‪ ،‬تسنيم ي‬ ‫ف‬ ‫المارات العربية المتحدة بواسطة "المتحدة للطباعة ش‬ ‫والن�"‬ ‫تمت أعمال الطباعة والتجليد ي� دولة إ‬ ‫التصنيف العمري‪E :‬‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫الوط� للإعالم‬ ‫ال� تالئم محتوى الكتب وفقا لنظام التصنيف العمري الصادر عن المجلس‬ ‫ي‬ ‫تم تصنيف وتحديد الفئة العمرية ي‬ ‫تمت طباعة هذا الكتاب عىل ورق خال من الخشب وبحجم يقلل من نفايات الورق‬

‫‪Under the patronage of the‬‬

‫‪United Nations‬‬ ‫‪Educational, Scientific and‬‬ ‫‪Cultural Organization‬‬


‫الفهرس‬ ‫التقديم ‬

‫‪1‬‬

‫حصة بنت حمدان بن راشد آل مكتوم‬

‫سعود ولعبة الشطرنج ‬

‫‪5‬‬

‫الكع�‬ ‫تأليف سعود أحمد سالم ب ي‬ ‫رسوم صنعاء بنت ش‬ ‫ح� آل مكتوم‬

‫خ ّلك واعي ‬

‫‪17‬‬

‫تأليف عبدالكريم غزال‬ ‫رسوم خلود غلوم محمد حسن الجناحي‬

‫ساعدْ شهاب ‬ ‫ِل ُن ِ‬

‫‪33‬‬

‫تأليف أحمد إسماعيل زنداح‬ ‫رسوم آري بوجوه‬

‫‪v‬‬


‫المحاربة الخضراء ‬

‫‪45‬‬

‫تأليف سايرا توماس‬ ‫رسوم أسماء عناية‬

‫جميلة المحبوبة ‬

‫‪57‬‬

‫ت‬ ‫ساشي� مانيكندان‬ ‫تأليف‬ ‫ي‬ ‫ام�الدين‬ ‫رسوم تسنيم ي‬

‫لنكمل السلسلة ‬

‫‪69‬‬

‫تأليف شاهد فايس‬ ‫رسوم علياء الحمادي‬

‫ُ‬ ‫زايد الخير ‬ ‫أطفال ِ‬

‫‪79‬‬

‫تأليف سهيلة عبد الحليم منصور‬ ‫رسوم وفاء ابراهيم واشد‬

‫السحري ‬ ‫والح ّناء ِّ‬ ‫آمنة ِ‬

‫‪89‬‬

‫تأليف آمنة السويدي‬ ‫رسوم خديجة السعيدي‬

‫حماة البحار ‬

‫‪97‬‬

‫تأليف نور أحمد الخطيب‬ ‫رسوم نوف السماعيل‬

‫‪vi‬‬


‫ِسوار األمل ‬

‫‪109‬‬

‫الحل�‬ ‫تأليف ورد وسام ب ي‬ ‫رسوم ساره محمد حماد‬

‫عطاءٌ ال يَ ْن ُض ُب ‬

‫‪125‬‬

‫الكع�‬ ‫تأليف اليازيه صالح الدين خميس هالل ب ي‬ ‫رسوم علياء الحمادي‬

‫قائدُ األبطال ‬

‫‪141‬‬

‫تأليف لمى إيهاب‬

‫ن‬ ‫الحوس�‬ ‫رسوم أسماء ابراهيم‬ ‫ي‬

‫يوميــات مطــرة فــي الظفــرة ‬

‫‪149‬‬

‫تأليف مطرة إبراهيم صالح صالح يف�وز‬ ‫رسوم طرفة خالد‬

‫مجســات األمــل ‬

‫‪161‬‬

‫تأليف هزاع محمد راشد العامري‬ ‫رسوم رسى غزوان‬

‫أســتطيع القيــام بذلــك ‬

‫‪171‬‬

‫تأليف ماجيهنا سينثيل كومار‬ ‫رسوم عائشة دميثان‬

‫‪vii‬‬


‫إميلــي ومغامرتهــا البحريــة المدهشــة ‬

‫‪187‬‬

‫تأليف إيوانا تيودوروفا ستيفانوفا‬ ‫فواخ�ي‬ ‫رسوم دينا‬ ‫ي‬

‫حلمــي ‬

‫‪197‬‬

‫س�وهي‬ ‫تأليف أبرار ي‬ ‫رسوم رسى غزوان‬

‫ّ‬ ‫كل صــوت مهـم ‬ ‫ِ‬

‫‪211‬‬

‫تأليف يم� فراز‬ ‫سي�تز‬ ‫رسوم‬ ‫ستايس ب‬ ‫ي‬

‫صنـ ُ‬ ‫ـدوق األمَ ـل ‬

‫‪221‬‬

‫ت‬ ‫أدي� غاندي‬ ‫تأليف ي‬

‫رسوم عائشة سيف الحمر ن يا�‬

‫األرض ‬

‫‪233‬‬

‫تأليف جوشوا ميلوين‬ ‫رسوم آري بوجوه‬

‫‪viii‬‬


‫التقديم‬ ‫حصة بنت حمدان بن راشد آل مكتوم‬

‫متسـع‬ ‫مـا الـذي يُ ِّ‬ ‫خب ُئ ُـه لنـا المسـتقبل؟ وهـل مـا زال أمامنـا ّ‬ ‫مـن الوقـت إلحـداث الفـرق المنشـود؟‬ ‫مجموعـة مـن الكتـاب والكاتبـات‬ ‫توجهنـا بالسـؤال إىل‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ممـن شـاركوا ف ي� مسـابقة أصوات أجيال المسـتقبل‬ ‫الواعديـن ّ‬ ‫قصـرة تتنـاول أهـداف التنميـة المسـتدامة‬ ‫لكتابـة‬ ‫قصـص ي‬ ‫ٍ‬ ‫الـ� وضعتهـا أ‬ ‫ت‬ ‫بشـكل أو‬ ‫المـم المتحدة‪ ،‬وقد تضمن سـؤالنا‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� يرويهـا الكبار‬ ‫بآخـر دعـو ًة إىل فهـم واسـتيعاب القصص ي‬ ‫فـكل هـدف من هـذه أ‬ ‫الهـداف السـبعة ش‬ ‫عـن العالـم‪ُّ .‬‬ ‫ع�ة‬ ‫ٍ‬ ‫قصـةٌ مفتوحـة‪ ،‬وقـد دعـت أ‬ ‫ين‬ ‫المشـارك� إىل‬ ‫المـم المتحـدة‬ ‫خاتمـة لـكل منها‪.‬‬ ‫كتابـة‬ ‫ٍ‬ ‫‪1‬‬


‫يحتضـن هذا المجلـد القصص ش‬ ‫الع�يـن الفائزة (نصفها‬ ‫آ‬ ‫ال ي ز‬ ‫نجل�ية)‪ ،‬ولوال سـحر‬ ‫باللغة العربية ونصفها الخر باللغة إ‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫ال�جمـة لمـا أمكننـا ش‬ ‫باللغتـ� ووضعهـا‬ ‫نر هـذه القصـص‬ ‫ين‬ ‫بـ� أيديكـم لتجسـيد أهـداف التنميـة المسـتدامة بأسـلوب‬ ‫شـيق نسـجته أنامل الصغار‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫الـ� نجح كتابها‬ ‫ّ‬ ‫تعددت أسـباب اختيـار القصص الفائزة ي‬ ‫بـ� مختلـف أ‬ ‫الصغـار ف� الربـط ي ن‬ ‫ينـم عـن‬ ‫الهـداف‬ ‫بأسـلوب ّ‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫الخـر مهما َص ُغـر‪ ،‬وركّزوا‬ ‫الـذكاء‪ ،‬حيـث أبـرزوا أهميـة فعل ي‬ ‫على العمـل الجماعـي والتعـاون ي ن‬ ‫شـخصيات تختلـف‬ ‫بـ�‬ ‫ٍ‬ ‫بمواهبهـا إنمـا تتشـارك بقيمهـا‪ُ ،‬م ب�زيـن بذلك سـحر الثقافة‬ ‫العربيـة وجمالهـا‪ ،‬ولـم ينسـوا طبعـاً الحيوانـات والنباتـات‬ ‫ت‬ ‫الـ� تعيـش ف ي� منطقتنـا‪ ،‬ليقدمـوا ف ي� نهايـة المطـاف قصصاً‬ ‫ي‬ ‫بع�ها‪.‬‬ ‫وغنيـةً ب‬ ‫ثريّـةً بصورهـا ّ‬ ‫وقــد أجــاد المبدعــون الصغــار ف ي� كتابــة قصــص‬ ‫المغامــرات ّ‬ ‫تجســد‬ ‫بــكل مــا فيهــا مــن عنــارص ســاحرة ّ‬ ‫خيالهــم الواســع الــذي اعتمــدوا عليــه ف ي� رســم وتكويــن‬ ‫شــخصيات متمـ ي ز‬ ‫ـرة ف ي� إطــار حبكـ ٍـة قصصيـ ٍـة محكمــة تكشــف‬ ‫‪2‬‬


‫ـول رائعـ ٍـة تعــزز قيــم التعاطــف وتـ بـرز قــوة‬ ‫للقــارئ عــن حلـ ٍ‬ ‫االبتــكار‪.‬‬ ‫توضــح هــذه القصــص االرتبــاط بـ ي ن‬ ‫ـ� مشــاكل العالــم‪،‬‬ ‫فمــع أن االحتبــاس الحـراري هــو التهديــد أ‬ ‫الكـ بـر لنــا جميعاً‪،‬‬ ‫لكننــا نجــده مرتبط ـاً بالتلــوث وفقــدان التنــوع البيولوجــي‬ ‫(مــوت أنــواع وأنظمــة إيكولوجيــة بأكملهــا)‪ ،‬ولــو نظرنــا‬ ‫إىل التحديــات والتهديــدات لوجدنــا ارتباطــاً وثيقــاً بينهــا‪،‬‬ ‫ولوجدنــا أن التعليــم وإنهــاء الفقــر مــا همــا إال عنــرا‬ ‫أكــر تطــرح‬ ‫منظومــة تم�ابطــة أو حبــكات مختلفــة لقصــة ب‬ ‫الســؤال أ‬ ‫الهــم‪ :‬كيــف نجعــل مجتمعنــا ث‬ ‫أكــر اســتدامة؟‬

‫‪3‬‬


4


‫سعود ولعبة الشطرنج‬ ‫تأليف سعود أحمد سالم الكعبي‬

‫ت‬ ‫ف� لـــم يتجاوز التاســـعةَ‬ ‫مـــن عمـــره‪ ،‬ذو شب�ٍة‬ ‫ْ‬ ‫ســـعو ٌد ً‬ ‫ِح ْنطيـــة‪ ،‬عيناه واســـعتان يتدفق منهما النشـــاط والذكاء‪،‬‬ ‫يز‬ ‫والتفكـــر‪ ،‬وكان يحب اقتناء‬ ‫تم� بعشـــقه أللعاب الـــذكاء‬ ‫ي‬ ‫عاشـــق‬ ‫الكتـــب والقـــراءة‪ ،‬وبارع ف ي� اســـتخدام التقنيات‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫للكـــرة والمباريات‪ ،‬قرأ مـــرة ف ي� إحدى المجـــات عن مركز‬ ‫يتعلم هذه‬ ‫متخصـــص بالشـــطرنج‪ ،‬وكـــم كان يتمـــىن ْ‬ ‫أن َ‬ ‫أخـــر والده عن هذا‬ ‫اللعبة العجيبـــة المليئة بالتحديات‪،‬‬ ‫بَ‬ ‫المركز ورغبتـــه ف ي� االنضمام إليه ليتعلم الشـــطرنج‪ ،‬وعده‬ ‫قريبا لالطـــاع عىل المركز والتســـجيل‬ ‫ُ‬ ‫والـــده بأن يأخـــذه ً‬ ‫فيـــه‪ ،‬تواصل والـــده مع المركـــز‪ ،‬واســـتمع إىل معلومات‬ ‫‪5‬‬


‫سـعود أحمـد سـالم الكعبـي‬

‫تفصيليـــة عن الخدمات ت‬ ‫الـــي يقدمها‪ ،‬وكيفيـــة االنضمام‬ ‫ي‬ ‫إليه أ‬ ‫والشـــياء المطلوبة ليتـــم القبول‪.‬‬ ‫ف‬ ‫التـال ذهـب سـعو ٌد لزيـارة المركـز واالطلاع‬ ‫اليـوم‬ ‫و�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫المدربـ�‪ ،‬وأحس‬ ‫على مـا يقدمه مـن خدمات‪ ،‬وتعـرف عىل‬ ‫بالراحـة والسـعادة ألنـه وجـد مـا كان يبحث عنه‪ ،‬وفـوراً قام‬ ‫وأخـره المـدرب أنـه ف ي�‬ ‫بإجـراءات التسـجيل وانتهـى منهـا‪ ،‬ب‬ ‫غـدا ليبـدأ معـه رحلـة تعليـم الشـطرنج مـن البداية‬ ‫انتظـاره ً‬ ‫االحـراف‪ ،‬ف‬ ‫إىل ت‬ ‫و� طريـق العـودة طلب سـعود مـن والده أن‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫يشـري لـه رقعـة الشـطرنج ليطبق ما سـيتعلمه مـن المدرب‬ ‫كث�ا لتعلم الشـطرنج‪ ،‬وفتح شـبكة‬ ‫كل يوم‪ .‬تحمس سـعو ٌد ي ً‬ ‫معلومـات عـن الشـطرنج‪ ،‬وقـام بتطبيق‬ ‫المعلومـات وجمـع‬ ‫ٍ‬ ‫مـا تعلمـه اسـتعدا ًدا للغـد‪ ،‬وأحس بالسـعادة وهـو يطبق ما‬ ‫تع ّلمه ‪.‬‬ ‫تجهـز سـعو ٌد للذهـاب للمركـز‪ ،‬وهنـاك بدأ مـع المدرب‬ ‫أساسـيات الشـطرنج‪ ،‬وتعـرف على زمالئه ف ي� القاعـة‪ ،‬وتبادلوا‬ ‫الحديـث حـول مـا تعلموه‪ ،‬وتفاجـأ بأنهم منذ سـنوات وهم‬ ‫يتعلمـون الشـطرنج‪ ،‬وقـد أصبحـوا ت‬ ‫مح� ي ن‬ ‫فـ� فيـه‪ .‬وكـم‬ ‫سـعيدا بالتعـرف عليهـم والتعلـم منهـم‪ ،‬ولكنـه الحـظ‬ ‫كان‬ ‫ً‬ ‫‪6‬‬


‫سـعود ولعبـة الشـطرنج‬

‫ولـد ذو ش‬ ‫بعيدا‬ ‫جدا يجلـس ً‬ ‫برٍة سـمرا َء ً‬ ‫شـيئاً غريبـاً‪ ،‬فهنـاك ٌ‬ ‫عنهـم‪ ،‬وال يشـاركهم الحديث وال اللعب‪ ،‬ت‬ ‫اق�ب منه وسـلم‬ ‫عليـه فـر ّد عليـه السلام برسعـة‪ ،‬وقال لـه سـعود‪ّ “ :‬‬ ‫أعرفك‬ ‫بنفسـي أنـا سـعود"‪ ،‬فرد بخوف “وأنا عدنـان"‪ ،‬والتفت إىل‬ ‫الجهـة أ‬ ‫الخـرى‪ ،‬فلـم يسـتوعب سـعود مـا السـبب‪ ،‬وحينهـا‬ ‫آخـر ممـن تعرف عليهم اسـمه أحمـد‪ ،‬وقال‬ ‫رصخ عليـه ٌ‬ ‫ولـد ُ‬ ‫لـه “ابتعـد عنـه حتـى ال تصبـح مثلـه‪ ،‬واذهب بسـرعة‬ ‫واغسـل يديـك بالصابـون"‪ .‬لم يفهم سـعود ما يقصده‬ ‫أحمـد‪ ،‬لكنـه الحـظ االسـتياء والضيـق على وجـه عدنـان‪،‬‬ ‫فسـأل سـعود أحمـد عن قصده‪ ،‬ومـا ن‬ ‫مع� بـأن يصبح مثله‪،‬‬ ‫فـرد عليـه أحمـد “ أال تـرى لونـه إنـه أسـود كئيـب‪ ،‬وإذا‬ ‫جلسـت بجانبـه أو أمسـكت بـه فسـتنتقل إليـك الجراثيـم‬ ‫ُ‬ ‫وسـيهرب‬ ‫والفيروسـات‪ ،‬ويتغير لونُك وتصبح مثل لونه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫الـكل منـك ْ‬ ‫ولـن يصادقـك أحـد"‪.‬‬

‫حينهـا تضايـق سـعو ٌد مـن كلمـات أحمـد‪ ،‬ولـم يـرد عليه‬ ‫ألنـه الحـظ أن جميع مـن ف ي� الفريق يخافون مـن أحمد‪ ،‬وعاد‬ ‫سـعود للمنز ل وهـو يفكر ف ي� أمر عدنان‪ ،‬وكيـف يعامله من ف ي�‬ ‫والده عما حـدث ف ي� المركز‪ ،‬وعن مدى‬ ‫وأخـر سـعو ٌد َ‬ ‫المركـز‪ ،‬ب‬ ‫‪7‬‬


‫سـعود أحمـد سـالم الكعبـي‬

‫الضيـق الـذي يحـس بـه مـن موقفهـم تجـاه عدنان‪ ،‬وشـكره‬ ‫والـده على إحساسـه وعلى مشـاركته هـذه المشـكلة‪ ،‬وقـال‬ ‫لـه "هـل تعـرف أن ألواننـا وأشـكالنا هـي مـن صنـع الخالق‪،‬‬ ‫وليسـت مـن اختيارنـا‪ ،‬فكلنا نتشـابه من الداخـل ونملك قلوبًا‬ ‫ً‬ ‫أشـخاص‬ ‫وعقـول‪ ،‬إذًا مـا الـذي يسـتدعي أن نقلـل مـن قيمة‬ ‫ٍ‬ ‫لـم يختـاروا ألوانهم بأنفسـهم بل ولـدوا هكـذا‪ .‬فكلنا نعلم‬ ‫ين‬ ‫الخالقـ�‪ ،‬وأنـه صورنـا ف ي�‬ ‫أحسـن‬ ‫أن هللا سـبحانه وتعـاىل‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫أحسـن صـورة‪ ،‬فيجـب علينـا أن ال نتدخـل ف ي� ألـوان وأشـكال‬ ‫ت‬ ‫الـ� وهبهـا هللا‬ ‫يغ�نـا‪ ،‬بـل يجـب علينـا أن نركـز على النعـم ي‬ ‫لنـا ولهم‪ ،‬وتسـتدعي منا الشـكر كالصحة والعافيـة والعقل‪،‬‬ ‫والنجـازات‪ ،‬وال نلتفـت إىل لـون أو‬ ‫علينـا أن ننظـر للعمـل إ‬ ‫عـرق أو قبيلـة"‪ .‬فـرح سـعو ٌد بـكالم والـده ووعـد والـده بأن‬ ‫البر سـواء اختلفـوا معـه ف‬ ‫ت‬ ‫جميـع ش‬ ‫العرق‬ ‫أو‬ ‫اللـون‬ ‫�‬ ‫يحـرم‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفكـر أو الثقافـة‪.‬‬ ‫القبيلـة أو‬ ‫أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫انتظــر ســعود حافلــة المركــز لتأخــده إىل هنــاك‪ ،‬وعق ُلــه‬ ‫ـان‪ ،‬وكيــف ســيتعامل معــه‪ ،‬وكيــف ســيقنع‬ ‫مشــغول بعدنـ َ‬ ‫اللــوان أ‬ ‫الخريــن بكالمــه عــن أ‬ ‫آ‬ ‫والشــكال‪ .‬وعندمــا وصــل إىل‬ ‫جالســا‬ ‫المركــز انطلــق مرس ًعــا للقاعــة‪ ،‬وهنــاك شــاهد‬ ‫َ‬ ‫عدنان ً‬ ‫‪8‬‬


‫سـعود ولعبـة الشـطرنج‬

‫ـان‬ ‫وحــده يســتخدم جهــاز الحاســوب‪ ،‬وعندمــا أحــس عدنـ ُ‬ ‫ســعود توتــر وأغلــق الجهــاز‪ ،‬وذهــب ليجلــس‬ ‫بدخــول‬ ‫ٍ‬ ‫بعيـ ًـدا ف ي� مكانــه المعتــاد‪ .‬الحــظ ســعو ٌد مــا حصــل ولكنــه‬ ‫تجاهــل مــا رآه‪ ،‬وذهــب باتجــاه عدنــان وســلم عليــه وجلــس‬ ‫ـان طلــب منــه االبتعــاد‪ ،‬فســأله ســعو ٌد‬ ‫ـن عدنـ َ‬ ‫بجانبــه‪ ،‬لكـ ّ‬

‫َ‬ ‫ـوس معــك‬ ‫“لمــاذا تطلــب منــي االبتعــاد‪ ،‬فأنــا متحمــس للجلـ ِ‬ ‫والتعــرف عليــك ْ‬ ‫عــن قــرب‪ ،‬فأنــا واثــق بأنــك مختلــف وال‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫أقصــد أنــك مختلــف فــي لونــك أو شــكلك‪ ،‬بــل أقصــد أنــك‬ ‫ٌ‬ ‫متميــز فــي قدراتــك ومهاراتــك ومــا تقــوم بــه مــن أعمــال‬

‫وإنجــازات‪ ،‬فهــل تســمح لــي بــأن أصبح صديقك"‪ ،‬ابتســم‬ ‫البيضــاء‬ ‫صغــرة كشــفت عــن أســنا ِنه‬ ‫عدنــان ابتســامة‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الناصعــة‪ .‬تأمــل ســعود ابتســامته‪ ،‬وقــال لــه‪ “ :‬كـ ْـم أنــت‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ـامة تزيـ ُ‬ ‫ـن وجهــك‪ ،‬أنــت حقــا جميــل"‪ ،‬هنــا‬ ‫َجميــل واالبتسـ‬ ‫تحــدث عدنــان عــن نفســه والحــظ ســعود أن عدنــان يشـ تـرك‬ ‫معــه ف ي� هواياتــه بحبــه للق ـراءة واســتخدام التقنيــات وكــرة‬ ‫القــدم‪ ،‬وأبــدى ســعو ٌد إعجابــه بإنجــازات عدنــان فهــو مــن‬ ‫نجــم‬ ‫بجوائــز‬ ‫الفائزيــن‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ومســابقات مختلفــة‪ ،‬ومنهــا أنــه ُ‬ ‫أ‬ ‫عدنان عن ســبب‬ ‫الخــاق ف ي� المدرســة‪ ،‬وحينهــا ســأل ســعود‬ ‫َ‬ ‫‪9‬‬


‫سـعود أحمـد سـالم الكعبـي‬

‫تجنــب فريــق الشــطرنج لــه‪ ،‬وهــل هنــاك أســباب مقنعــة لما‬ ‫ـان أنــه ال يعــرف الســبب بالضبط‪،‬‬ ‫يقومــون بــه؟ رد عليــه عدنـ ُ‬ ‫ولكنــه انضــم للمركــز قبــل أســابيع قليلــة‪ ،‬وعندمــا حـرض ف ي�‬ ‫أول يــوم مــد يــده ليســلم عــى الجميــع‪ ،‬لكنهــم اســتمروا‬ ‫ف� النظــر إليــه بتقــزز‪ ،‬وقــال لــه أحمــد بصــوت عــال‪ ،‬رجـ ً‬ ‫ـاء‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫تقتــرب منــا‪ ،‬هــل تــرى الفــرق بيننــا وبينــك‪ ،‬ال نريــد ْ‬ ‫أن‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ـاب أحــدٌ‬ ‫ـرض أو يصـ َ‬ ‫ـببك‪ ،‬ثــم طلــب منــه‬ ‫ـ‬ ‫بس‬ ‫ـاألذى‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫من‬ ‫نمـ‬ ‫ِ‬

‫الجلــوس بعيـ ًـدا‪ ،‬وعندمــا طلــب المــدرب منــه اللعــب مــع‬ ‫ـأن مــن يلعــب معــه يجــب أن‬ ‫أحــد منهــم‪ ،‬ب‬ ‫أخ�هــم أحمــد بـ ّ‬ ‫ال يقـ تـرب منــه‪ ،‬وأن يغســل يديــه مبـ ش‬ ‫ـا�ة بعــد أن ينتهــي مــن‬ ‫اللعــب معــه‪ .‬وفجــأة دخــل أحمــد وبقيــة الفريــق‪ ،‬وطلــب‬ ‫ـاب‬ ‫ـعود أن يبتعــد عــن عدنـ َ‬ ‫أحمــد مــن سـ ٍ‬ ‫ـان قبــل أن يصـ َ‬ ‫أحمــد وأمــره‬ ‫ويتغــر لونُــه‪ .‬غضــب ســعو ٌد مــن‬ ‫بالمــرض‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫يَ‬ ‫بالتوقــف عــن كل هــذا‪ ،‬فليــس مــن حقــه أن يتعــدى عــى‬ ‫آ‬ ‫الخريــن ســواء اختلفــت ألوانهــم أو أشــكالهم‪ ،‬فهــم لــم‬ ‫يخلقــوا أنفســهم‪ ،‬لكــن أحمــد طلــب مــن ســعود الســكوت‪،‬‬ ‫وأن يبقــى مــع عدنــان وأن ال يقـ تـرب منهــم ألن عقلــه أصيــب‬ ‫ـان‪ .‬تضايــق ســعود مــن‬ ‫بالمــرض‪ ،‬وأصبــح يفكــر مثــل عدنـ َ‬ ‫‪10‬‬


‫سـعود ولعبـة الشـطرنج‬

‫كالمــه‪ ،‬وأخـ بـر المــدرب بمــا حصــل‪ ،‬وأخـ بـره المــدرب بأنــه‬ ‫حــاول مـرات ومـرات أن يقنعهــم بــأن مــا يقومــون بــه غـ يـر‬ ‫صحيــح لكنهــم ال يريــدون االســتماع ألحــد‪ ،‬وقــال لســعود‪:‬‬ ‫“صدق ـن ســتعلمهم أ‬ ‫اليــام والمواقــف"‪.‬‬ ‫ي‬ ‫سـعود لمركـز تعليـم‬ ‫شـهور مـن انضمـام‬ ‫وبعـد‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫المدرب‬ ‫الشـطرنج‪ ،‬وإتقا ِنـه لقواعـد لعبـة الشـطرنج‪ ،‬شـجع‬ ‫ّ‬ ‫فريقـه للمشـاركة ف ي� بطولـة الشـطرنج على مسـتوى الدولـة‪،‬‬ ‫ت‬ ‫الـ� سـيخوضونها‪ ،‬وعندمـا نـزل‬ ‫ليتعلمـوا مـن التحديـات ي‬ ‫كشـف أ‬ ‫السـماء‪ ،‬تفاجـأ أحمـد بـأن سـعود وعدنـان همـا مـن‬ ‫سـيذهبان معه للمشـاركة ف ي� البطولة‪ ،‬فذهـب أحمد للمدرب‬ ‫ين‬ ‫للمتسـابق� خاطـئ‪،‬‬ ‫وهـو غاضـب‪ ،‬وقـال لـه بـأن اختيـاره‬ ‫الكثـر مـن‬ ‫أحـدا آخـر‪ ،‬فالفريـق فيـه ي‬ ‫وأنـه يجـب أن يختـار ً‬ ‫يز‬ ‫المتم�يـن ف ي� اللعبـة‪ ،‬لكـن المـدرب قـال له بـأن االختيار تم‬ ‫عـن طريـق الفريـق المتخصـص الـذي زار المركـز منـذ ت‬ ‫فـرة‬ ‫غضب وانرصف‬ ‫لعدنان‬ ‫أحمد‬ ‫قصـرة‪ .‬نظـر ُ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫وسـعود نظـر ِات ٍ‬ ‫عنهما ‪.‬‬ ‫كثــراً ف ي�‬ ‫تجهــز ســعو ٌد‬ ‫وعدنــان للبطولــة‪ ،‬فقــد تدربــا ي‬ ‫ُ‬ ‫ـان‬ ‫بيــت ســعود بعــد أن تعــرف والــد ســعود عــى والــد عدنـ َ‬ ‫‪11‬‬


‫سـعود أحمـد سـالم الكعبـي‬

‫وأصبحــا أصحابــاً‪ ،‬وأصبحــت عالقتهمــا قويــة ببعضهمــا‬ ‫ف‬ ‫ال ت‬ ‫لك�ونيــة‬ ‫البعــض‪ ،‬وتدربــا ً‬ ‫أيضــا عــى اللعــب ي� المواقــع إ‬ ‫ت‬ ‫الــ� ي ز‬ ‫م�تهمــا عــن‬ ‫العالميــة‪ ،‬وحــازا‬ ‫ي‬ ‫الكثــر مــن النقــاط ي‬ ‫يغ�همــا‪ ،‬وعندمــا انطلقــت بهــم الحافلــة إىل موقــع البطولــة‬ ‫بعيــدا عنهمــا‪ ،‬وانشــغل باللعــب ف ي� جهــازه‬ ‫أحمــد‬ ‫جلــس‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫اللوحــي‪ ،‬وســعود وعدنــان يتبــادالن الحديــث والضحــكَ ‪.‬‬ ‫وقــام ســعود بتوزيــع الحلويــات عــى المــدرب وعدنــان‬ ‫وعندمــا وصــل إىل أحمــد رفــض أحمــد مشــاركتهم‪،‬‬ ‫وعندمــا وصلــوا لموقــع البطولــة نــزل المــدرب ً‬ ‫أول ثــم‬ ‫ســعود‪ ،‬وعندمــا جــاء عدنــان لي ـنز ل دفعــه أحمــد‬

‫فسقط من الحافلة ‬ ‫وتألــم كث ً‬ ‫يــرا‪،‬‬

‫‪12‬‬


‫سـعود ولعبـة الشـطرنج‬

‫ن‬ ‫ـر ف ي� ِر ْجلــه‪،‬‬ ‫وتــم إســعافه هنــاك‪ ،‬وتبـ يـ� أنــه تعــرض لكـ ٍ‬ ‫ـاح وينــى البطولــةَ وسيشــارك‬ ‫فطلــب منــه المــدرب أن يرتـ َ‬ ‫مــرة أخــرى ف ي� بطولــة قادمــة‪ ،‬لكنــه أرص عــى المشــاركة عــى‬ ‫الرغــم مــن أ‬ ‫اللــم الــذي يعانيــه‪ ،‬ولعــب عدنــان ف ي� الجولــة‬ ‫أ‬ ‫الوىل وتفــوق فيهــا‪ ،‬وانتقــل للجولــة التاليــة واجتــاز جميــع‬ ‫الجــوالت بنجــاح‪ ،‬وتجهــز الجميــع للتكريــم وتفاجــأ الجميــع‬ ‫بوجــود شــخصية مرموقــة يتمـىن الجميــع أن يقابلهــا ســتقوم‬ ‫بتكريــم الفائزيــن والتصويــر معهــم‪ ،‬وجــاءت لحظــة‬ ‫أ‬ ‫ول بجــدارة‪،‬‬ ‫التكريــم‪ ،‬وكان عدنــان هــو الفائــز بالمركـ ِـز ال ِ‬ ‫وجــاء ســعود ف ي� المركــز الثالــث ألنــه خــر ف ي� إحــدى‬ ‫الجــوالت‪ ،‬لكــن أحمــد فــاز ف ي� جولــة واحــدة مــن أصــل‬ ‫خمــس جــوالت ولــم يحصــل عــى مركــز متقــدم‪ ،‬وعندهــا‬ ‫أحمــد وســعو ٌد‬ ‫عدنــان أن يصعــد‬ ‫تفاجــأ أحمــد بطلــب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫معــه عــى المنصــة ليتــم تصويرهــم مع ـاً مــع الشــخصية‬ ‫جميعــا ف ي� نظــره فائــزون‪.‬‬ ‫المرموقــة‪ ،‬فهــم‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫لعدنـان ش‬ ‫مبا�ة عن‬ ‫واعتذر‬ ‫امتل�ت عينـا أحمـد بالدموع‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سـوء ترصفاتـه معـه‪ ،‬وأمسـك بيـده بقـوة‪ ،‬وقـال لـه‪ “ :‬إن‬ ‫أخالقنـا وإنجازاتنـا هـي مـا تمثلنـا‪ ،‬وليـس ألواننا وأشـكالنا"‪.‬‬ ‫‪13‬‬


‫سـعود أحمـد سـالم الكعبـي‬

‫ُ‬ ‫كالمــك صحيــح‪ ،‬فحتــى‬ ‫وقــال ســعود بــكل حمــاس‪“ :‬‬ ‫ّ‬ ‫تتكــو ُن مــن‬ ‫لعبــة الشــطرنج التــي نلعبهــا ونســتمتع بهــا‬ ‫ُ‬ ‫ـتطيع االســتغناء عــن أي‬ ‫ـود‪ ،‬وال نسـ‬ ‫ـض واألسـ ِ‬ ‫لونيــن األبيـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ـون منهمــا حتــى تكتمــل اللعبــة"‪.‬‬ ‫لـ ٍ‬

‫‪14‬‬


15



‫خ ّلك واعي‬ ‫تأليف عبدالكريم غزال‬

‫ف‬ ‫الشمس أشع َتها الصفرا َء‪ ،‬لتطرق‬ ‫بعثت‬ ‫‪،‬‬ ‫جميل‬ ‫يوم‬ ‫صباح‬ ‫�‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫والصغ� ًّ‬ ‫وكل الحباب‪.‬‬ ‫الكب�‬ ‫يَ‬ ‫النوافذ والبواب‪ ،‬وتوق َظ ي َ‬ ‫وكـم كانـت شإ�اق ُتهـا ف� هـذا اليـوم ي ز‬ ‫ممـرة‪ .‬فاليـوم هـو‬ ‫ي‬ ‫العالـم‪.‬‬ ‫تعـم االبتسـامة فيـه أرجـا َء‬ ‫يـوم‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السـعادة الـذي ّ‬ ‫أ‬ ‫جميلـة العمران‪ ،‬فعكسـت عىل‬ ‫بلاد‬ ‫ِ‬ ‫وصلـت الشـعة إىل ٍ‬ ‫أجمـل أ‬ ‫َ‬ ‫اللوان‪.‬‬ ‫مبانيهـا‬ ‫ف‬ ‫اشـد‬ ‫الخـر‪ ،‬عـاش ر ٌ‬ ‫أرض ي‬ ‫أرضهـا ِ‬ ‫ي� هـذه البلاد وعلى ِ‬ ‫ف‬ ‫كبـر وجميـل‪،‬‬ ‫الكـرى حصـةُ مـع والديهمـا ي� منز ٍل ٍي‬ ‫وأخ ُتـه ب‬ ‫تصميمـه ي ن‬ ‫ب�‬ ‫ال�اجيـل القديمـة‪ ،‬وجمـع‬ ‫أخـذ سـطحه شـكل ب‬ ‫ُ‬ ‫ض‬ ‫ض‬ ‫بصـورة جميلـة‪.‬‬ ‫الحـا�‬ ‫وجمـال‬ ‫المـا�‬ ‫اقـة‬ ‫ٍ‬ ‫عر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫‪17‬‬


‫عبدالكريــم غــزال‬

‫اشـد ذي ش‬ ‫العرِة أعوام‪،‬‬ ‫داعبـت نسـمات الهـواء نافذة ر ٍ‬ ‫فـأزاح خصلـةً مـن شـعره أ‬ ‫السـود الناعـم‪ ،‬كانـت قـد تدلـت‬ ‫ين‬ ‫الجميلتـ�‪ ،‬واسـتيقظ ف ي� نشـاط وحيويـة‪.‬‬ ‫فـوق عينيـه‬ ‫الكـرى حصة‪،‬‬ ‫ثـم أيقـظ والديـه‪ ،‬وأرسع إىل غرفـة أختـه ب‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫كث�اً‪ ،‬وتتشـارك معه‬ ‫تكـره‬ ‫بعامـ� وتشـبهه ي� مالمحـه ي‬ ‫الـ� ب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫كثـر مـن الصفـات‪ ،‬فكالهمـا مـرح وطيـب القلـب‪،‬‬ ‫أيضـاً ي� ي‬ ‫وكالهمـا يهـوى االستكشـاف والمغامـرة ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أخــذ راشــد ينــادي أخته‪“ :‬هيــا يــا حصــة‪ ،‬علينا اإلســراع‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫بيــوم‬ ‫مميــز‬ ‫احتفــال‬ ‫اليــوم‬ ‫للمدرســة‪ ،‬فســوف ُيقــام‬ ‫ِ‬ ‫الســعادة‪ ،‬وكــم أتشــوق لحضــوره! هيــا حصــو!"‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫قالـت حصةُ ‪“ :‬حسـنا حسـنا‪ ،‬لقد اسـتيقظت‪ ،‬اسـبقني‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫وسـوف ألحـق بك علـى الفور"‪.‬‬ ‫للخـارج‪،‬‬

‫ـت حصـةُ ِّ‬ ‫التحض�‬ ‫حمـاس تسـاعد أمهـا ف ي�‬ ‫بـكل‬ ‫ي‬ ‫قام ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ثـم َ‬ ‫للمدرسـة‪ ،‬وبينمـا هـي كذلـك‪ ،‬سـمعت صـوت المـاء وكأنـه‬ ‫ِ‬ ‫فأرسعـت لتبحـث عـن مصـدر الصـوت‪،‬‬ ‫يتسـاقط بغـزارة‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫يفـرش أسـنانَه تـاركاً صنبـور المـاء‬ ‫فوجـدت أخاهـا راشـداً ّ‬ ‫مفتوحـاً‪ ،‬والمـاء أ‬ ‫يمل� الحـوض‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ـتخدم كوبــا‬ ‫قالــت حصــةُ معاتبــةً أخاهــا‪“ :‬لمــاذا ال تسـ‬ ‫‪18‬‬


‫خ ّلـك واعي‬

‫ً‬ ‫ـل أســنانِك عوضــا عــن اســتهالك كل‬ ‫مــن المــاء فــي غسـ ِ‬ ‫هــذه الميــاه؟"‬

‫أجابهــا قائـاً‪“ :‬هنــاك الكثيـ ُـر مــن المــاء‪ ،‬وتطلبيــن منــي‬ ‫ّ‬ ‫ـتخدام كــوب واحــد فقــط! رجـ ً‬ ‫َ‬ ‫ـاء ال ُتضخمــي األمــور"‪.‬‬ ‫اسـ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ـت حصــةُ مــن موقــف أخيهــا‪ ،‬فهــي لــم تكــن توافقــه‬ ‫حزنـ ْ‬ ‫ف‬ ‫ـر عليــه‬ ‫ي� الكثـ يـر مــن طباعــه وترصفاتــه‪ ،‬لكنهــا كانــت تصـ ُب‬ ‫ألنهــا كانــت متأكــد ًة أنــه ســوف ت‬ ‫يــأ� يــوم ويصبــح فيــه‬ ‫ي‬ ‫أخوهــا أكـ ثـر انتباه ـاً‪.‬‬ ‫بعـد قليـل نـادى أ‬ ‫الب على ولديـه‪" :‬هيـا يـا أوالد‪ ،‬لقـد‬ ‫ٍ‬ ‫إغلاق أزرار الكهربـاء يـا راشـد"‪.‬‬ ‫تنـس‬ ‫َ‬ ‫تأخرنـا‪ ،‬ال َ‬ ‫ْ‬ ‫قـام راشـد بغلـق أضـواء المنز ل‪ ،‬ولكنـه لـم يغلـق‬ ‫التكييـف‪ ،‬وقال ف ي� نفسـه‪“ :‬سـوف أتركـه يعمل حتـى يكون‬ ‫ً‬ ‫البيـت بـاردا عنـد عودتنـا من الخـارج" وأرسع للحاق بأهله‪.‬‬ ‫ف ي� المدرسـة كانت أجواء االحتفال بيوم السـعادة رائعةً ‪،‬‬ ‫أ‬ ‫كثـرة‪ ،‬كالهريـس وال�ث يـد ذي‬ ‫وامتل� المـكان بـأكالت شـعبية ي‬ ‫البهـارات الخليجيـة الفواحـة‪ ،‬وحلويـات اللقيمـات الذهبيـة‬ ‫بنكهـة الزعفـران وعسـل التمـر اللذيـذ‪ ،‬ت ز‬ ‫وام�جـت رائحـة‬ ‫الحـواس‪،‬‬ ‫لتداعـب‬ ‫العـر�‬ ‫القهـوة العربيـة برائحـة البخـور‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫بي‬ ‫‪19‬‬


‫عبدالكريــم غــزال‬

‫وتقاليدهـا‪.‬‬ ‫البلاد‬ ‫عـادات‬ ‫بجمـال‬ ‫الجميـع‬ ‫ِّـر‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتذك َ‬ ‫أ‬ ‫ـأداء رقصـ ِـة (العيالــة)‪،‬‬ ‫وقامــت مجموعــة مــن الطفــال بـ ِ‬ ‫حيــث ارتــدوا مالبــس بيضــاء (الكنــدورة)‪ ،‬واصطفــوا ف ي�‬ ‫صفــوف متقابلــة‪ ،‬وأخــذوا يتمايلــون يمين ـاً ويســاراً‪ ،‬وهــم‬ ‫يلوحــون بالعــ� أ‬ ‫للمــام والخلــف عــى دقــات الطبــول‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫الجميلــة‪.‬‬ ‫وقامـت البنات برسـم نقوش الحنـاء الجميلة عىل أيديهن‬ ‫الصغ�ة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫وبعـد وقت قصـر‪ ،‬أ‬ ‫امتلت سـاحات المدرسـة بالباصات‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الـ� سـتنقل الجميـع إىل ت ز‬ ‫منـره المانجروف إلكمـال االحتفال‬ ‫ي‬ ‫ف ي� وسـط الطبيعـة الخالبـة للمحمية‪.‬‬ ‫وبـ� أحضـان البيئـة ال�يـة والبحريـة‪ ،‬شـعر أ‬ ‫ين‬ ‫الطفـال‬ ‫ب‬ ‫بـ� أ‬ ‫هنـاك بالسـعادة البالغـة‪ ،‬وهـم يتجولـون ي ن‬ ‫الشـجار‬ ‫ت‬ ‫كثـر ٌة من‬ ‫الـ� تسـتوطنها أنـوا ٌع ي‬ ‫المعمـرة والنباتـات النـادرة‪ ،‬ي‬ ‫الحيوانـات الجميلـة‪.‬‬ ‫الخر للمحمية‪ ،‬عرف أ‬ ‫و� الطرف آ‬ ‫ف‬ ‫الطفال بوجود العديد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫من الكائنات‬ ‫ِ‬ ‫البحرية‪ ،‬كال ِ‬ ‫سماك والروبيان والمحار‪ ،‬ي‬ ‫ب ئ‬ ‫تخت� ف ي� أحضان مياه الخليج النقية‪.‬‬ ‫‪20‬‬


‫خ ّلـك واعي‬

‫النشـاطات‪ ،‬فمنهم‬ ‫مختلـف‬ ‫بممارسـة‬ ‫الجميـع‬ ‫قـام‬ ‫ثـم َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أحـب ش‬ ‫أحب‬ ‫المـس والتنز َه والتقا َط‬ ‫الصـور‪ ،‬ومنهم ْ‬ ‫مـن َّ‬ ‫مـن َّ‬ ‫ِ‬ ‫يَ‬ ‫بقـوارب الكاياك‪.‬‬ ‫التجديـف‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ـف ف ي� أحـ ِـد‬ ‫ـار راشـ ٌـد مشــاركةَ أختـ ِـه حصــةَ بالتجديـ ِ‬ ‫اختـ َ‬ ‫ـان بـ ِّ‬ ‫ـكان‬ ‫ـوارب‪ ،‬وأخــذا ِّ‬ ‫ـكل قـ ٍ‬ ‫ـوة‪ ،‬وينتقــان ِمـ ْ‬ ‫ـن َمـ ٍ‬ ‫يجدفـ ِ‬ ‫القـ ِ‬ ‫ـرة‪.‬‬ ‫ـاف والمغامـ ِ‬ ‫إىل مــكان‪ ،‬وهمــا يشــعران بفرحـ ِـة االستكشـ ِ‬ ‫اشـد‬ ‫الجولـة‬ ‫وعندمـا انتهيـا مـن تلـك‬ ‫الجميلـة‪ ،‬شـعر ر ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يرب قنينة مـن الماء واحد ًة تلـو أ‬ ‫الخرى‪،‬‬ ‫َ‬ ‫بالعطـش‪ ،‬وأخـذ ش ُ‬ ‫ف‬ ‫البح�ِة!‬ ‫ثـم قام برمـي القنينات البالسـتيكية‬ ‫ميـاه ي‬ ‫الفارغة ي� ِ‬ ‫ِ‬

‫‪21‬‬


‫عبدالكريــم غــزال‬

‫َ ْ َ‬ ‫اسـتياء‪“ :‬لِـم فعلـت ذلـك؟! لقد‬ ‫صاحـت حصـةُ ف ي�‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬

‫ّ َ‬ ‫ّْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫منظرهـا الجميـل!"‬ ‫وشـوهت‬ ‫الميـاه‬ ‫لوثـت‬ ‫ُ‬ ‫الميـاه القنينـات الفارغـة‬ ‫عليـك سـتأخذ‬ ‫قـال لهـا‪ “ :‬ال‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫بعيـدا عنـا"‪.‬‬

‫ت‬ ‫المسـته�‪،‬‬ ‫شـعرت حصـة بالغضـب مـن هـذا التصرف‬ ‫تف�كتـه وذهبـت للعـب مـع صديقاتهـا‪.‬‬ ‫ش‬ ‫اشـد فأخـذَ‬ ‫ويتمى على رمـال‬ ‫يتجـو ُل ف ي� المـكان‬ ‫ّأمـا ر ٌ‬ ‫ّ‬ ‫أشـجار المانجـروف‪.‬‬ ‫الشـاطئ‪ ،‬الـذي تحيـط بـه‬ ‫ُ‬ ‫نظـر راشـد لهذه أ‬ ‫ُ‬ ‫نوع من‬ ‫أي‬ ‫تحمـل‬ ‫ال‬ ‫ووجدها‬ ‫شـجار‪،‬‬ ‫ال‬ ‫ٌ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫‪22‬‬


‫خ ّلـك واعي‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫األشـجار عديمـة الفائدة‪،‬‬ ‫الثمـار‪ ،‬فقال لنفسـه‪“ :‬تبدو هـذه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫المكان!"‬ ‫فلمـاذا تمأل‬

‫ثـم قـام بتكسـر أفـرع أ‬ ‫الصغـرة‪،‬‬ ‫للشـج� ِات‬ ‫غصـان‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأخـذ يلعـب بهـا ثـم رماهـا بعيـداً‪.‬‬ ‫وعندمـا أحـس بالتعـب‪ ،‬اسـتلقى على أ‬ ‫ال ِرض‪ ،‬وأخـذ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫السـحب الجميلة من‬ ‫بأشـكال‬ ‫مسـتمتع‬ ‫يتأمـل السـماء‪ ،‬وهـو‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فوقـه‪ ،‬وفجـأة!‬ ‫أ‬ ‫حوال‬ ‫اشـد‬ ‫المكان‪،‬‬ ‫السـكون أرجا َء‬ ‫َع ّـم‬ ‫وشـعر ر ٌ‬ ‫ُ‬ ‫بتبـدل ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِمـن حولـه‪ ،‬فقام يل�ى مـاذا يحـدث؟!‬ ‫الميـاه‪ ،‬وقـد تبـدل لونُهـا ل ّلون‬ ‫أمامـه فـإذا بـه يـرى‬ ‫ِ‬ ‫نظـر َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫نفسـه‪ ،‬كيـف‬ ‫يسـأل‬ ‫وأخـذ‬ ‫واندهـش‪،‬‬ ‫فاسـتغرب‬ ‫‪،‬‬ ‫سـود‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫حـدث ذلك؟!‬ ‫ـمس تـرض ُب عي َن ْيــه‬ ‫ـديد‪َّ ،‬‬ ‫ـس بالحـ ّـر الشـ ِ‬ ‫وكأن الشـ َ‬ ‫ثــم أحـ ّ‬ ‫ليبحــث عــن ّ‬ ‫ض�بــاً‬ ‫تحميــه‬ ‫شــجرة‬ ‫ظــل‬ ‫بأشــعتها‪ ،‬فــأرس َع‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫منهــا‪ ،‬ولكــن المــكان بــدا كصحــراء خاليــة مــن أ‬ ‫شــجار‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫حــرةً‪ ،‬وازداد خوفــاً‪.‬‬ ‫والغصــان‪ ،‬فــازداد ي‬ ‫أخـذ يبحـث عـن أختـه وهو يصرخ‪ “ :‬حصـة حصة‬

‫أنـت؟! مـاذا هناك‪ ...‬مـاذا يحدث؟!"‬ ‫أيـن ِ‬ ‫‪23‬‬


‫ثــم ّ ش‬ ‫بــسء ينخــزه ف ي� كتفــه‪ ،‬فالتفــت فــإذا بــه‬ ‫أحــس ي‬ ‫يــرى شــجر ي ن‬ ‫ت� مــن النخيــل تحارصانــه‪ ،‬وطــار عقلــه عندمــا‬ ‫تحدثتــا إليــه قائلتـ ي ن‬ ‫ـ�‪:‬‬ ‫وأخــذك إىل المحكمــة‬ ‫مطلــوب للقبــض عليــك‬ ‫"أنــت‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫عــى الفــور"‪.‬‬ ‫السـعف حـول ذراعيـه‪،‬‬ ‫النخلتـان بلـف أوراق‬ ‫وقامـت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بقـوة إىل المحكمـة‪.‬‬ ‫وسـحبتا ُه‬ ‫ٍ‬ ‫أخذتـه النخلتـان إىل سـاحة كبـرة‪ ،‬ف‬ ‫آخرهـا منصـة‬ ‫�‬ ‫ِ‬ ‫ي ي ِ‬ ‫ٌ‬ ‫عـادل‪.‬‬ ‫قـاض‬ ‫عظيمـة‪ ،‬يجلـس عندهـا ٍ‬ ‫قالـت النخلتـان‪" :‬سـيدي ض‬ ‫القـا� كوكـب‪ ،‬لقـد أح�ض ْنـا‬ ‫ي‬ ‫الم ّتهـم"‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫خلف القضبان‪،‬‬ ‫قال سـيد كوكـب بمنتهى الحزم "ضعـوه َ‬ ‫ونادوا عىل الشـاك أ‬ ‫الول"‪.‬‬ ‫ي‬ ‫دخلـت السـيدة شـجرة باكيـةً ‪ ،‬وأخـذت تتحـدث وهـي‬ ‫الصغـر َش ُّـجور‪ ،‬ذي الـذراع المكسـورة‪:‬‬ ‫تشـر إىل ابنهـا‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫القـا�‪ ،‬لقـد قـام ذلـك الولـد بالسـاءة ل أ‬ ‫ول ئ‬ ‫"سـيدي ض‬ ‫بنا�‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الصغـرة‪ ،‬وحرمهـم من‬ ‫الصغـار‪ ،‬وقـام بتقطيـع أغصانهـم‬ ‫ي‬ ‫حـق إنبـات أ‬ ‫الوراق الخرض اء‪ ،‬وقـام باالسـتهزاء ب ي� ووصفـي‬ ‫‪24‬‬


‫ت‬ ‫غـاز الحياة‪ ،‬وأحاف ُظ‬ ‫ِ‬ ‫الـ� أقوم بصنع ِ‬ ‫بعديمـة الفائـدة‪ ،‬وأنا ي‬ ‫على التـوازن البيئ ي "‪.‬‬ ‫وانتظـر ض‬ ‫القـا� سـيدة شـجرة ت‬ ‫انتهت من شـكواها‪،‬‬ ‫حى‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الثا�‪.‬‬ ‫ثـم طلـب سـما َع‬ ‫الشـاك ي‬ ‫ي‬ ‫كبـرٍة بداخلها‬ ‫قامـت‬ ‫أشـجار النخيـل بإدخـال أوعية مـاء ي‬ ‫ُ‬ ‫كثـرة‪ ،‬كلهـا تطالـب بحقِّها ف ي� الشـكوى‪.‬‬ ‫أسـماك ي‬ ‫قـال سـيد كوكـب‪" :‬فليتحـدث كبـر مجموعـة أ‬ ‫السـماك‬ ‫ِ‬ ‫ْ يُ‬ ‫ويـروي لنـا المشـكلة"‪.‬‬ ‫قـال سـيد سـموك‪" :‬إنهـا كارثة سـيدي ض‬ ‫القـا�‪ ،‬إننـا نكاد‬ ‫ي‬ ‫أن نقتـل! لقـد قـام ذلـك الولـد بإلقـاء أ‬ ‫البحـرة‪،‬‬ ‫الوسـاخ ف ي�‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫وامتل المكان بالمواد البالسـتيكية‪ ،‬وتعرضت‬ ‫فتلوثـت المياه‪،‬‬ ‫أ‬ ‫السـماك لالختناق‪."...‬‬ ‫ولـم يكـد سـيد سـموك ينتهـي مـن كالمـه ت‬ ‫ضجـت‬ ‫حى‬ ‫ِ‬ ‫المحكمـةُ‬ ‫ـكاء وصيـاح‪.‬‬ ‫بصـوت ب‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بمجموعـة من‬ ‫مصـدر الصـوت‪ ،‬فـإذا‬ ‫الجميـع إىل‬ ‫التفـت‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫تدخـل قاعـة المحكمة!‬ ‫الصغـار‬ ‫قال ض‬ ‫القا�‪":‬من أنتم؟ ولماذا تبكون؟!"‬ ‫ي‬ ‫‪25‬‬


‫عبدالكريــم غــزال‬

‫ُ‬ ‫الغـد‪ ،‬جئنـا إليكـم‬ ‫أطفـال‬ ‫الصغـار‪“ :‬نحـن‬ ‫أجـاب ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫الحزيـن الـذي قلـت‬ ‫المسـتقبل‬ ‫المسـتقبل‪ ،‬ذلـك‬ ‫ـن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫مـوارده وخيراتـه‪"...‬‬ ‫فقد سـاهم أحدهم ف� أ‬ ‫المس باسـتهالك الماء اسـتهالكاً‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫سـيئاً‪ ،‬وقـام بإهـدار المـاء‪ ،‬دون الحاجة السـتخدامه! إىل ْ‬ ‫ّ‬ ‫ق ّلـت موارد الميـاه‪ ،‬وتعطلت بذلـك الحياة‪.‬‬ ‫نسـتطيع أن‬ ‫ثـم عـادوا للبـكاء مـن جديـد‪ ،‬وقالـوا‪" :‬ال‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الحصـول‬ ‫نسـتطيع‬ ‫دائـم إىل المـدارس‪ ،‬وال‬ ‫ُ‬ ‫نذهـب بشـكل ٍ‬ ‫على خدمـات صحيـة جيـدة ف ي� المستشـفيات‪ ،‬فلا توجـد‬ ‫لدينـا طاقـةٌ كهربائيـة كافيـة لذلـك!‬ ‫يـركُ أ‬ ‫أن هنـاكَ مـن كان ف� ض‬ ‫المـا� ت‬ ‫الجهـز َة‬ ‫لقـد سـمعنا ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫الكهربائيـةَ‬ ‫لعملهـا‪،‬‬ ‫تعمـل‪ ،‬وتعمـل باسـتمرار دون الحاجـة ِ‬ ‫ت‬ ‫حى أوشـكت الكهربـا ُء على النفـاد!‬ ‫اشـد بـكل غضـب‪ ،‬وقـال‪" :‬هـل‬ ‫نظـر السـيد‬ ‫كوكـب إىل ر ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫دور ف ي� ذلـك؟"‬ ‫لـك ٌ‬ ‫ْ‬ ‫“نعـم يـا سـيدي‪،‬‬ ‫اشـد رأسـه وأجابـه ف ي� خجـل‪:‬‬ ‫خفـض ر ٌ‬ ‫مـع األسـف كان لـي دورٌ فـي ذلـك‪ ،‬ولكنـي أعتـذر‪".‬‬ ‫‪26‬‬


‫خ ّلـك واعي‬

‫عاد� ف‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫غسل‬ ‫عند‬ ‫ا‬ ‫مفتوح‬ ‫المياه‬ ‫صنبور‬ ‫ترك‬ ‫�‬ ‫أعتذر عن ي ي‬ ‫ِ‬ ‫أسنا�‪ ،‬وأعتذر عن عدم ق‬ ‫ن‬ ‫الخروج‬ ‫بعد‬ ‫التكييف‬ ‫لمفتاح‬ ‫إغال�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫كث�ٍة فعل ُتها دون انتباه"‪.‬‬ ‫من الم�نز ل‪ ،‬وأعتذر عن أشيا َء ي‬ ‫ـا�‪" :‬ومــاذا عــن إســاءتكَ لبـ ق‬ ‫ض‬ ‫ـا� أف ـراد البيئــة‬ ‫َِ‬ ‫ي‬ ‫قــال القـ ي‬

‫ـن حولــك؟"‬ ‫ِمـ ْ‬ ‫ُ‬ ‫“أعتــرف بــكل أخطائــي وأتعهــد‬ ‫قــال راشــد ف ي� نــدم‪:‬‬

‫ً‬ ‫رجــاء ســامحوني"‬ ‫باإلحســان لبيئتــي‪،‬‬

‫اشد‪ ،‬ولكن ‪...‬‬ ‫كث�اً يا ر ُ‬ ‫قال سيد كوكب‪" :‬لقد أخطأت ي‬ ‫‪27‬‬


‫عبدالكريــم غــزال‬

‫إذا قمنـا بإعطائـك فرصـة جديدة‪ ،‬هل سـتنتبه ف ي� المرات‬ ‫أ‬ ‫حد أفـراد البيئة؟‬ ‫القادمـة قبـل أن تقـدم عىل إ‬ ‫السـاءة ل ِ‬ ‫ستنتبه وتستيق ُظ يا راشد؟"‬ ‫هل‬ ‫ُ‬

‫ْ‬ ‫“استيقظ يا راشد‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫استيقظ يا راشد"‪.‬‬

‫النائم فوق رمال الشاطئ!‬ ‫صاحت حصة لتوق َظ أخاها َ‬ ‫اشـد عينيـه‪ ،‬وهـو يقـول‪“ :‬مـا هـذا َ‬ ‫أيـن أنـا؟! أيـن‬ ‫فتـح ر ٌ‬ ‫محكمـة البيئـة؟! أيـن سـيد كوكـب؟! أيـن الجميـع؟!"‬ ‫ُ‬ ‫تحلم يا عزيزي؟"‬ ‫ضحكت حصةُ وقالت‪“ :‬هل كنت‬

‫نظـر راشـد أ‬ ‫يحك‬ ‫أخذ‬ ‫باالطمئنـان‪،‬‬ ‫شـعر‬ ‫وعندما‬ ‫ختـه‪،‬‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫لهـا عمـا رآه ف ي� ُح ُل ِمه‪.‬‬ ‫ف‬ ‫نظـرت حصةُ مـن النافذة‬ ‫الرحلـة‪،‬‬ ‫العـودة مـن‬ ‫طريـق‬ ‫�‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫وشـدها روعـة المنظـر أمامهـا‪ ،‬فطلبـت مـن أخيها مشـارك َتها‬ ‫النظـر‪ ،‬ثـم قالت لـه‪“ :‬إن بيئتنـا جميلـة‪ ،‬وجميعنا يسـتحق‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اليوم‬ ‫أن ينعـم بالعيـش فيهـا وهـي جميلة‪ ،‬ويجـب أن تبقى‬ ‫ً‬ ‫وغـدا جميلة"‪.‬‬

‫ف� هذه اللحظة اتّخذ ر ف‬ ‫نفسه قراراً‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫اشد ي� ِ‬ ‫ي‬ ‫‪28‬‬


‫خ ّلـك واعي‬

‫ت‬ ‫ال�‬ ‫وأخــذ يفكــر ويفكــر لـ ي‬ ‫ـ� يســتطيع أن يجــد الطريقــة ي‬ ‫ســينفذ بهــا قــراره‪ .‬وأصبــح يقــض ي معظــم وقتــه بقــراءة‬ ‫ـازم‬ ‫ال�امــج الهادفــة‪ ،‬فهــو عـ ٌ‬ ‫الكتــب المفيــدة‪ ،‬ومشــاهدة ب‬ ‫عــى تنفيــذ ق ـراره‪.‬‬ ‫جمـع كل مـا درسـه ف ي� المدرسـة مـن علـوم لمسـاعدته ف ي�‬ ‫التفكـر‪،‬‬ ‫تنفيـذ قـراره‪ ،‬وطلـب مـن أختـه حصـة أن تشـاركه‬ ‫ي‬ ‫فقـال لهـا‪" :‬لقـد قـررت أن أبرهـن على ت ز‬ ‫ال�امـي بعهـدي مـع‬ ‫البيئـة‪ ،‬لذلـك سـأقوم ت‬ ‫باخـراع سـاعة تنبيـه تلبـس ف ي� اليـد‪،‬‬ ‫ذك‪ ،‬نقوم بب�مجته ليضم كل المشـاريع‬ ‫وتحتوي عىل تطبيق ي‬ ‫ش‬ ‫�ء يؤذيها‪ ،‬يقوم‬ ‫الصديقـة للبيئـة‪ ،‬وإذا تـم إ‬ ‫القـدام على ي‬ ‫التطبيـق بإصـدار جـرس تنبيـه وتحذير"‪.‬‬ ‫كث�اً‪ ،‬وقالـت‪“ :‬إنهـا فكـرة رائعة‬ ‫أعجبـت حصـة بالفكـرة ي‬

‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫عـط هـذا التطبيـق اسـم(خلك واعـي) مـا‬ ‫يـا راشـد! ولن ِ‬ ‫رأيـك؟"‪.‬‬

‫كثـــراً بهـــذا االســـم الجميـــل‪ ،‬وفـــرح‬ ‫فـــرح راشـــد ي‬ ‫بمســـاندة أختـــه لـــه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تابعـت حصـة‪“ :‬ويمكـن أيضـا أن نقـوم بعمـل حملات‬ ‫توعيـة بأهميـة الحفـاظ علـى البيئـة"‪.‬‬ ‫‪29‬‬


‫عبدالكريــم غــزال‬

‫“وجدتها!‬

‫سنسـتأذن‬ ‫فكر راشـد قليالً‪ ،‬ثم قـال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫زمالءنـا‬ ‫مدرسـي‪ ،‬ندعـو فيـه‬ ‫نـاد‬ ‫اإلدارة المدرسـية‪،‬‬ ‫لعقـد ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫األطفـال مـن كل مـكان للقـاء بشـكل دوري‪ ،‬نعبـر فيـه عـن‬ ‫ً‬ ‫آرائنـا‪ ،‬ونتبـادل األفـكار سـويّا‪ ،‬ونتعـاون في مشـاريع نخدم‬ ‫بهـا بيئتنـا وعالمنـا ووطننا"‪.‬‬

‫تحمسـت حصـةُ لـكل هـذه أ‬ ‫الفـكار الجميلـة‪ ،‬وقالـت‪:‬‬ ‫ْ‬

‫“سـنبدأ بالتنفيـذ مـن الغـد"‪.‬‬

‫ُ‬

‫اشد وقال‪“ :‬بل سنبدأ من اليوم"‪.‬‬ ‫ابتسم ر ٌ‬

‫أ‬ ‫الدارة المدرسـية‪،‬‬ ‫كبـر ًا مـن إ‬ ‫فـكار ترحيبـاً ي‬ ‫القـت ال ُ‬ ‫واسـتعدت المدرسـة لتقديـم الدعـم اللازم لمثـل هـذه‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫الـ� تهتـم بالبيئـة‪.‬‬ ‫الفـكار ي‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫المشارك�‪.‬‬ ‫طفال‬ ‫كما قررت المدرسة‬ ‫َ‬ ‫تكريم ال ِ‬ ‫ً‬ ‫اشـد جائزتـه قـال ف ي� نفسـه‪“ :‬حتمـا‬ ‫وعندمـا اسـتلم ر ٌ‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫يعلـم بمـا صنعـت!"‬ ‫كوكـب عندمـا‬ ‫السـيد‬ ‫سيسـعد‬

‫‪30‬‬



32


‫ُ‬ ‫ساعدْ شهاب‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ِ ِ‬ ‫تأليف أحمد إسماعيل زنداح‬

‫عامـــا‪ ،‬وأنا‬ ‫ومحـــب‬ ‫مجتهد‬ ‫أنا أحمـــد‬ ‫ي‬ ‫ٌ‬ ‫للخـــر‪ ،‬عمري ‪ً 12‬‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫بنية‪ .‬أحب‬ ‫اللـــون‬ ‫ب�‬ ‫ِ‬ ‫وعيـــو� ّ‬ ‫ي‬ ‫أبيـــض الب�ِة‪ ،‬وشـــعري ي ُّ‬ ‫الرياضـــة والتكنولوجيـــا‪ ،‬وأتمـــىن ف ي� المســـتقبل أن أكون‬ ‫ئ‬ ‫ت‬ ‫أصدقا�‬ ‫ووالـــد�‪ ،‬وأحـــب‬ ‫إعالميـــاً‪ ،‬أعيـــش مع والـــدي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫بشـــر وشـــهاب‪ ،‬وغالباً ما نقـــيض ي أوقاتًا رائعة‬ ‫خال‬ ‫ي‬ ‫وأوالد ي‬ ‫ث‬ ‫مرح‪.‬‬ ‫فنحن‬ ‫ثـــا� ٌ‬ ‫ي ٌّ‬ ‫تعالــوا أ‬ ‫ـال بشـ يـر وشــهاب‪ .‬لنبــدأ‬ ‫ـ‬ ‫خ‬ ‫أوالد‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫خ�‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫بشــهاب‪ ،‬عمــره ‪ 11‬عامــاً‪ .‬ت‬ ‫فــى ظريــف وطيــب وحنــون‬ ‫للغايــة‪ ،‬يحــب الطيــور والحيوانــات والطبيعــة‪ ،‬لكنــه يحــب‬ ‫الطعــام والحلويــات والطعــام الدســم أكـ ثـر‪ .‬لذلــك هــو‬ ‫‪33‬‬


‫أحمــد إســماعيل زنــداح‬

‫سـ ي ن‬ ‫ـم� جــداً‪ ،‬ولكنــه طويــل القامـ ِـة وصاحــب بـ شـرٍة حنطيـ ٍـة‬ ‫وشــعر أســو َد وعينـ ي ن‬ ‫ـ� ســوداوين‪ .‬أمــا بشـ يـر فعمــره ‪ 11‬عامـاً‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫شــعره أســو ُد ناعـ ٌـم‪ ،‬ش‬ ‫وب�تُــه بيضــا ُء وعينــاه ســوداوان‪ .‬يحب‬ ‫التكنولوجيــا وممارســة رياضــة كــرة القــدم‪.‬‬ ‫جـدي‪ ،‬وبالطبـع‬ ‫اعتدنـا ف ي� نهايـة ِّكل أسـبوع على‬ ‫زيـارة ّ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫أرس� متحمساً‪،‬‬ ‫سـألتقي ي‬ ‫ببشـر وشهاب‪ ،‬ذهبت بالسـيارة مع ي‬ ‫ف‬ ‫د�‪ ،‬وبينما نحـن بالطريق‪،‬‬ ‫وانطلقنـا مـن بيتنـا ي� عجمـان إىل يب‬ ‫سـاطع ف ي� السـماء‪ ،‬وقتهـا شـعرت أن الغيـوم‬ ‫بـر ٍق‬ ‫فـإذا ب‬ ‫ٍ‬ ‫تعـزف وتغنـي نشـيد المطـر‪( ...‬‬ ‫تيـك ‪ ..‬تيـك ‪ ..‬مطـر ‪ ..‬مطـر)‪،‬‬ ‫تيك‬ ‫مطر‬ ‫تيك‬ ‫مطر‬

‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫يـا إلهـي هطلـت أمطـار غزيـرة‪.‬‬ ‫قـال والـدي "يـا أحمـد إن هـذه أ‬ ‫المطـار ناتجـة عـن عمليـة‬ ‫ُ‬ ‫وتعت�‬ ‫المارات‬ ‫ُ‬ ‫االسـتمطار‪ ،‬حيث يسـود إ‬ ‫المناخ الصحراوي‪ ،‬ب‬ ‫‪34‬‬


‫ِل ُنسـ ِـاعدْ شــهاب‬

‫أ‬ ‫المـارات ببـذر‬ ‫المطـار نـادرة‪ ،‬لذلـك قامـت حكومـة دولـة إ‬ ‫أنـواع مـن أ‬ ‫الملاح داخـل السـحب بطريقـة معينـة لزيـادة‬ ‫ٍ‬ ‫قطـرات المـاء"‪ .‬كنـت أراقـب المطـر مـن نافـذة السـيارة‪،‬‬ ‫ن‬ ‫الثا� من‬ ‫رن ‪ ...‬رن إنـه هاتفـي المحمول‪ ،‬عىل الطرف ي‬ ‫مى سـنصل‪ ،‬فقلـت لـه‪ :‬ت‬ ‫يسـأل� ت‬ ‫ن‬ ‫اق�بنا‬ ‫بشـر‬ ‫االتصـال كان ي‬ ‫ي‬ ‫مـن المنطقـة ت‬ ‫جـدي‪ ،‬فقـال يل‪ :‬نحـن‬ ‫ال�اثيـة‪ ،‬حيـث بيـت ّ‬ ‫سـار ٌة لـك‪ ،‬ولمـا وصلنـا سـعدت‬ ‫بانتظاركـم وهنـاك مفاجـأ ٌة ّ‬ ‫عندمـا شـاهدت تلـك العيدان الخرض اء‪ ،‬هذه المفاجـأ ُة إذاً‪،‬‬ ‫ت‬ ‫بشـر وشـهاب‪ .‬دخلنـا البيـت‬ ‫الـ� زرعتهـا مـع ي‬ ‫إنهـا البـذور ي‬ ‫ت‬ ‫والـد�‬ ‫بشـر وشـهاب‪ ،‬بينمـا ذهبـت‬ ‫برسعـة‪ ،‬وذهبـت مـع ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫تحضـر مائـدة الطعـام‪.‬‬ ‫جـد� ف ي�‬ ‫ي‬ ‫لتسـاعد ي‬ ‫كان الجميــع ض‬ ‫لكــن‬ ‫حا�يــن وبدأنــا بتنــاول الطعــام‪ْ ،‬‬ ‫لفتــت انتباهــي طريقــةُ‬ ‫شــهاب ف ي� تنــاول الطعــام‪ ،‬يــأكل‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫طعامــاً بكميــات كثــرة‪ ،‬وبرسعــة كبــرة‪ ،‬فهمســت ف‬ ‫أذن‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ي ِ‬ ‫ـر‪ ،‬لمــاذا يــأكل شــهاب بهــذه الرسعــة العجيبــة؟ فقــال‬ ‫بشـ ي ٍ‬ ‫ـاعده حـ تـى يتوقــف عــن‬ ‫يل‪ :‬يــا َلهــا مــن مشــكلة‪ ،‬يجــب أن نسـ َ‬ ‫أ‬ ‫الكل بهــذه الطريقــة‪ ،‬قلــت لــه ســوف نراقبــه لنســاعده‪.‬‬ ‫وبعــد االنتهــاء مــن تنــاول الطعــام توجــه شــهاب ليغســل‬ ‫‪35‬‬


‫أحمــد إســماعيل زنــداح‬

‫يديــه بالمــاء والصابــون‪ ،‬ثــم عــاد مرسع ـاً إىل مــكان أطبــاق‬ ‫الحلويــات يــأكل مــن هــذا وذاك‪ ،‬يق ّلــب قطـ َـع الحلويــات‪،‬‬ ‫تنــاول قطعــةً تلــو قطعــة كأنــه ف ي� ســباق ‪...‬‬ ‫بحـزن شـديد‪ ،‬شـهاب سـيؤذي نفسـه‪ ،‬ال بـد من‬ ‫شـعرت‬ ‫ٍ‬ ‫وبشـر نفكـر ونفكر‪.‬‬ ‫طريقـة لمسـاعدته‪ ،‬وبدأنـا أنـا‬ ‫ي‬ ‫حـوال ‪ 12:00‬ليلاً‪ ،‬جـاء شـهاب‪ ،‬وقـال‪:‬‬ ‫كانـت السـاعة‬ ‫ي‬ ‫إننـي جائـع هيـا نذهب إلى المطبخ لنتنـاول بعض الطعام‪...‬‬

‫بش� وقلنا‪ :‬الااااااا !‬ ‫نظرت إىل ي ٍ‬

‫ش‬ ‫تم� نحو المطبخ‪،‬‬ ‫صوت أقدام شـهاب الرسيعـة وهي ي‬ ‫عصـراً وطبقاً‬ ‫وبرسعـة عا َد‬ ‫شـهاب مـن المطبخ‪ ،‬وهـو يحمل ي‬ ‫ٌ‬ ‫كب� ٌة من كيك الشـوكوالته‪.‬‬ ‫كبـراً فيـه قطعةٌ ي‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بشـر بصـوت منخفـض‪ :‬مـا ُ‬ ‫أغلـق‬ ‫رأيـك أن‬ ‫قـال يل ي‬ ‫َ‬ ‫الثالجة بالقفل‪ ،‬ثم أضع مفتاح القفل في جيبي‪ .‬سـأذهب‬ ‫ألحضـره‪ ،‬فقلـت لـه‪ :‬هيـا بسـرعة‪.‬‬

‫وأعدنـاه إىل‬ ‫وذهبنـا لشـهاب وأخذنـا منـه طبـق الطعـام ْ‬ ‫بشـر‪ ،‬وأخفينـا المفتـاح‪ .‬حاول شـهاب‬ ‫الثالجـة ثـم أغلقهـا ي‬ ‫أمـام توسلا ِته‪.‬‬ ‫نضع َـف َ‬ ‫ْ‬ ‫لـن ُ‬ ‫لكـن ْ‬ ‫أن يسـتعطفَنا ‪ْ ..‬‬ ‫ف‬ ‫شهاب الشقي‪ .‬لقد كرس‬ ‫و� الصباح اكتشفنا ما فعله‬ ‫ٌ‬ ‫ي‬ ‫‪36‬‬


‫ِل ُنسـ ِـاعدْ شــهاب‬

‫ففكرت أن أذهب أنا‬ ‫قفل الثالجة‪ ،‬وتناول الحلويات ف ي� الليل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫العم سالم ف ي� سوق‬ ‫ي‬ ‫وبش� لزيارة محل العطارة الخاص بجارنا ّ‬ ‫العم سالم‪،‬‬ ‫بد� لمساعدتنا‪ ،‬وعندما وصلنا رحب بنا ّ‬ ‫نايف ب ي‬ ‫وقصصنا له قصة شهاب ورغبتنا بمساعدته‪ ،‬فهز رأسه قليال ً‬ ‫ونظر إلينا‪ ،‬وقال عندي العالج انتظر ن يا� قليالً‪ ،‬وبعد قليل عاد‬ ‫صغ� ٍة جداً‪ ،‬وقال لنا‪ :‬استخدموا‬ ‫بعلبة‬ ‫زجاجية ي‬ ‫ٍ‬ ‫العم سالم ٍ‬ ‫ّ‬ ‫قطرة واحدة فقط على طعام شهاب المفضل‪ .‬شكرنا‬ ‫ّ‬ ‫العم سالم وعدنا للبيت لننفذ خطتنا‪.‬‬

‫قلت ف‬ ‫نفس‪ :‬المهم أن يكون مفعو ُله قوياً‪ ،‬وأعتقد أن‬ ‫�‬ ‫ُ ي‬ ‫ي‬ ‫الكب�‪ ،‬ووضعت ‪ 3‬قطرات‬ ‫قطرة واحدة ال تكفي شهاباً بحجمه ي‬ ‫شط�ة شهاب المفضلة دون علمه‪ ،‬ووضعناها‬ ‫من الدواء عىل ي‬ ‫ف� الميكروويف‪ ،‬فتعرضت أ‬ ‫للشعة الكهرومغناطيسية‪ ،‬وعندما‬ ‫ي‬ ‫الشط�ة ‪...‬فجأه تا تا تا تقلص حجمه وأصبح‬ ‫تناول شهاب‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫شهاب تماماً‪ ،‬فقد‬ ‫شهاب يرصخ‬ ‫ي‬ ‫ساعدو� إىل أن اختفى صوت ٍ‬ ‫أصبح بحجم حبة الحمص‪ ،‬أووه يا إلهي‪ ،‬رصخنا‬ ‫وبش� ما الذي حصل لشهاب؟ ماذا فعلنا ليتنا‬ ‫أنا ي‬ ‫سمعنا كالم العم سالم‪ ،‬ووضعنا قطرة واحدة ولم نضع‬ ‫الشط�ة بالميكروويف‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪37‬‬


‫أحمــد إســماعيل زنــداح‬

‫ُ‬ ‫صغ�ا‪،‬‬ ‫يقلق‪،‬‬ ‫طمأنـت شـهاباً بأن ال َ‬ ‫سـنترصف‪ْ ،‬‬ ‫لـن تبقى ي ً‬ ‫تختـ� تحـت الرسيـر ت‬ ‫ولكـن عليـك أن ب ئ‬ ‫حى نعـود‪ ،‬وخرجنـا‬ ‫العم سـالم ليسـاعدنا‪.‬‬ ‫برسعـة لمحـل ّ‬ ‫شـهاب خائفـاً تحت الرسيـر‪ ،‬وفجأة‬ ‫ف ي� أثنـاء ذلـك جلـس‬ ‫ٌ‬ ‫ت‬ ‫جـد�‪ ،‬وشـاهدت شـهاباً وظنتـه فـأراً‪ ،‬وأخذت‬ ‫ظهـرت قطـة ي‬ ‫تطـارد شـهاباً ت‬ ‫حى وجـد شـهاب علبـة دواء واختبـأ داخلهـا‬ ‫وهـو يرتجـف خوفاً‪.‬‬ ‫وبعد قليل دخلت نملة إىل علبة الدواء‪ ،‬ارتعب شهاب وخاف‬ ‫وأخذ ينادي ساعدوووني ‪ ...‬فقالت له النملة‪ :‬ال تخف يا‬ ‫شهاب‪ ،‬نظر شهاب مستغربًا‪ ،‬وقال‪ :‬هل تعرفيني؟ قالت‬ ‫كث�ا‪ ،‬ألنك‬ ‫النملة‪ :‬نعم يا شهاب‪ ،‬أنا نمولة النشيطة‪ ،‬وأحبك ي ً‬ ‫تهتم بحديقة الم�نز ل‪ ،‬وتغرس البذور ف� ت‬ ‫ال�بة لتنبت نباتات‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫جميلة تبقي عىل ش‬ ‫ولك�‬ ‫الح�ات والطيور‪ .‬أنت ال‬ ‫تعرف�‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫كبا� أ‬ ‫أعرفك أنت لست ق‬ ‫الطفال المؤذين الذين يقتلون ش‬ ‫الح�ات‬ ‫ي‬ ‫الصغ�ة الضعيفة‪ ،‬لقد رأيتك وأنت تنظر إىل بيت النمل‪،‬‬ ‫ي‬ ‫وتقول‪ :‬ماذا يفعل النمل ف ي� الداخل؟ وساعدتنا عندما كنت‬ ‫تأكل ويتساقط منك فتات الطعام الشهي‪ ،‬لذلك سأساعدك‬ ‫وسأكون صديقتك وأحميك ت‬ ‫ح� تعود لحجمك الطبيعي‪.‬‬ ‫‪38‬‬


‫ِل ُنسـ ِـاعدْ شــهاب‬

‫هيـا تعـال‬ ‫فـرح شـهاب بصداقـة نمولـة‪ ،‬فقالـت لـه‪ّ :‬‬ ‫معـي‪ ،‬سـآخذك ف‬ ‫وأعرفـك عىل صديقي‬ ‫النمل‪،‬‬ ‫لبيـت‬ ‫رحلـة‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫كثـراً‪.‬‬ ‫عصفـور الـدوري‪ ،‬سـيفرح بلقائـك ي‬ ‫ين‬ ‫متجهـ� إىل بيت النمـل‪ ،‬تعجب‬ ‫خـرج شـهاب مـع نمولـة‬ ‫حـ� شـاهد النمـل وهـو يق ّلـب ت‬ ‫شـهاب ي ن‬ ‫ال�بـة فيدخـل الهواء‬ ‫ٌ‬ ‫إليهـا‪ ،‬ويحـرك المـادة العضويـة ف� ت‬ ‫ال�بـة‪ ،‬ويلقـح الزهـور‬ ‫ي‬ ‫كبـر مـع‬ ‫ويسـر بنظـام وترتيـب ونظافـة‪ ،‬ويعمـل‬ ‫بتعـاون ي‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫بعضه‪ ،‬وكانت ملكة النمل موجودة‪ .‬فرح شـهاب بمشـاهدتها‪،‬‬ ‫نخلـة ف ي� الحديقـة ‪..‬‬ ‫وشـكرها ثـم خـرج‪ ،‬ووقـف إىل جـذع ٍ‬ ‫كان عصفـور الـدوري يبحـث عـن نمولـة فشـاهد شـهاباً‪،‬‬

‫‪39‬‬


‫أحمــد إســماعيل زنــداح‬

‫شـهاب صديقـي‪،‬‬ ‫فقـال العصفـور وهـو يرفـرف فرحـاً‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫فاسـتغرب شـهاب منـه‪ :‬هـل تعرفنـي؟‬ ‫قال العصفور‪ :‬نعم يا شهاب ف ي� كل يوم تت�ك يل أطراف‬ ‫بز‬ ‫الخ� عىل شباك غرفتك‪ ،‬آكل منه‪ ،‬وأطعم منه صغاري‪،‬‬ ‫وعندما كنت تضع الماء ف ي� الحديقة للطيور كنت شأ�ب منه‪.‬‬ ‫قال شهاب هل يمكنك مساعدتي؟ أريد العثور على أحمد‬

‫ً‬ ‫وبشير بأسرع وقت ممكن ألنهما تأخرا كثيرا‪ ،‬وأخشى أن‬

‫يتقلص حجمي أكثر وأكثر ويصل إلى حجم الذرة!‬

‫مسـتعد؟‬ ‫قـال العصفـور اصعـد على جناحـي‪ ،‬هل أنت‬ ‫ٌ‬ ‫الصغ�‪ ،‬هيا سـننطلق‪..‬‬ ‫جيـدا يـا صديقـي‬ ‫ي‬ ‫تمسـك ب ي� ً‬ ‫شـهاب حديقـةَ الم�نز ل‪،‬‬ ‫حلق عصفور الدوري ‪ ..‬فشـاهد‬ ‫ٌ‬ ‫ت‬ ‫ال� تـأكل ش‬ ‫وت�ب الماء الـذي وضعه‪،‬‬ ‫والحـظ وجـود الطيـور ي‬ ‫ت‬ ‫الـ� زرعهـا‪ ،‬وكيف أصبحـت بيئةً‬ ‫وعـرف أهميـة تلـك البـذور ي‬ ‫ش‬ ‫والح�ات‪.‬‬ ‫رائعةً للحيوانـات‬ ‫ف‬ ‫ط�ا ِن ِـه مـن جديـد‪ ،‬وبـدأ ت‬ ‫يقـرب مـن‬ ‫وأرسع العصفـور ي� ي‬ ‫أ‬ ‫الرض‪ ،‬فشـاهد شـهاب العديد من الحيوانـات بال�ية النادرة‪،‬‬ ‫وقـال‪ :‬يـا إلهـي إنـه حيـوان المهـا‪ .‬وذاك هـو الجمـل‪ ،‬وهناك‬ ‫ن‬ ‫العـر�‪ ،‬أيـن نحـن؟ فأجابـه العصفـور‬ ‫الوشـق‪ .‬يإ� أرى ال ّن ِم َـر ب ي‬ ‫‪40‬‬


‫ِل ُنسـ ِـاعدْ شــهاب‬

‫نحن نحلق فوق ت ز‬ ‫من�ه الشارقة الصحراوي‪ ،‬إنه محميةٌ طبيعيةٌ‬ ‫لبعـض الحيوانـات النادرة ليحافظـوا عليها مـن االنقراض‪.‬‬ ‫عاليا من جديد‪ ،‬فرح شهاب‬ ‫َ‬ ‫نفض العصفور جناحيه وح ّلق ً‬ ‫ً‬ ‫جدا بمغامرته‪ ،‬وفجأة قال شهاب‪ :‬يا إلهي إنه برج خليفة‪ ،‬إذا‬ ‫ً‬ ‫نحن في دبي‪ ،‬كم هو رائع ومدهش‪ ،‬وعاد العصفور يحلق‬

‫بمسافات أعلى ثم يقترب من األرض من جديد‪ ،‬فرصخ‬ ‫شهاب قائالً‪ :‬إنه حي الشندغة التاريخي‪ ،‬والذي يمتد‬ ‫نظر يا صديقي العصفور‪،‬‬ ‫عىل شواطئ خور ب ي‬ ‫د�‪ .‬يا إلهي اُ ْ‬ ‫إنها قرية ت‬ ‫ال�اث والغوص‪ ،‬ن يإ� أرى أيضاً بيت الشيخ سعيد‬ ‫آل مكتوم‪ ،‬وأرى أبر َاج الرياح التقليدية‪ .‬ت‬ ‫اق�بوا إىل منطقة‬ ‫ِ‬ ‫سوق نايف‪ ،‬حيث كان السوق‬ ‫وكب�اً‪ ،‬وكان من‬ ‫الشع� واسعاً ي‬ ‫بي‬ ‫وبش�‪ .‬قال العصفور‪ :‬دعنا نعود‬ ‫الصعب العثور عىل أحمد ي‬ ‫نبحث عنهم!‬ ‫إىل الم�نز ل ألنهم ربما عادوا‪ ،‬بينما كنا نحن‬ ‫ُ‬ ‫بشـهاب للمنز ل‪ ،‬وهـو سـعيد بتلـك‬ ‫رجـع العصفـور‬ ‫ٍ‬ ‫التجربـة الجميلـة‪ ،‬لكنـه يـود العـودة إىل مـا كان عليـه‪.‬‬ ‫ف� تلـك أ‬ ‫العـم سـالم‪،‬‬ ‫الثنـاء عدنـا أنـا‬ ‫ي‬ ‫وبشـر مـن عنـد ّ‬ ‫ي‬ ‫بعدمـا أعطانـا ت‬ ‫اخ�اعـاً عجيبـاً وهـو القالوم‪ ،‬وهـو عبارة عن‬ ‫قطـرة مـن الكركـم وخليـط الكلورفيـل أ‬ ‫الخ�ض ومكـون رسي‪،‬‬ ‫‪41‬‬


‫أحمــد إســماعيل زنــداح‬

‫فوضعنـا نقاطـاً مـن قطـرة القالـوم عىل شـهاب‪.‬‬ ‫شـهاب‬ ‫يك� مجد ًدا! فرح‬ ‫ثـم ‪ ... 3 ... 2 ... 1‬بـدأ شـهاب ب‬ ‫ٌ‬ ‫وشـكرنا وحىك لنا عـن مغامرته مع النملـة والعصفور‪...‬‬ ‫بالتفك� ف ي� حل منطقي لشهاب‪،‬‬ ‫وبش�‬ ‫ي‬ ‫بدأت من جديد أنا ي‬ ‫تفك� قررت أن أصنع تطبيقاً ت‬ ‫إلك�ونياً اسمه "لنساعد‬ ‫وبعد ي‬ ‫شهاب" ونضيفه اىل جوال شهاب‪ ،‬وقمت فعال ً بعمل التطبيق‪،‬‬ ‫حيث يشتمل عىل صورة تخيلية لشهاب بعد أن فقد وزنه الزائد‪،‬‬ ‫ثم تظهر له شاشة بها خيارات عديدة‪ ،‬منها البيانات الشخصية‬ ‫والطول والوزن والهوايات والعمر والطعام الصحي أ‬ ‫والنشطة‬ ‫الم�نز لية والتمارين الرياضية وأصدقاء التحدي ومبادرات بيئية‬ ‫لدي ت‬ ‫اق�اح مفيد‪ .‬قلت لشهاب‪ :‬ما رأيك بجعل‬ ‫واجتماعية‪ ،‬وكان ّ‬ ‫تطبيق "لنساعد شهاب" لخدمة المجتمع ليستفيد منه أ‬ ‫الطفال‬ ‫الذين يعانون من السمنة‪ ،‬ويكون بمبلغ ‪ 5‬دراهم يذهب ريعها‬ ‫لزراعة شجرة والحفاظ عىل البيئة‪ .‬وفعال ً تم تنفيذ ت‬ ‫االق�اح‪،‬‬ ‫وأصبح تطبيق "لنساعد شهاب" أ‬ ‫الك�ث شهرة وانتشاراً وشعبية‬ ‫ب� أ‬ ‫ين‬ ‫شهاب أن‬ ‫الطفال الذين يعانون من السمنة‪ ،‬واكتشف‬ ‫ٌ‬ ‫السبب الرئيس لزيادة وزنه هو لجهله بأهمية أ‬ ‫الكل الصحي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫والرياضة اليومية ي� حياتنا‪.‬‬ ‫‪42‬‬


‫ِل ُنسـ ِـاعدْ شــهاب‬

‫السـبوع أ‬ ‫وأخـراً نـزل شـهاب كيلوغرامـاً واحـداً ف� أ‬ ‫الول‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ٌ‬ ‫ي‬ ‫وحـرص شـهاب على شـغل وقتـه بـزرع أ‬ ‫الشـجار والتخلـص‬ ‫مـن النفايـات وتعلـم السـباحة والرياضـة‪ ،‬لتشـغله عـن‬ ‫غـر الصحـي‪ ،‬واللعـب عىل البالي ستيشـن‪.‬‬ ‫تنـاول الطعـام ي‬ ‫المثـال‪.‬‬ ‫وبالتدريـج حقـق حلمـه بالوصـول للـوزن‬ ‫ي‬ ‫اشـتقت كثـراً لشـهاب وبشـر وجدي وجـد ت�‪ ،‬فأنـا آ‬ ‫ال َن ال‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّي‬ ‫ونحن‬ ‫أسـتطيع أن أزورهم بسـبب يف�وس الكورونا المسـتجد‪ُ ،‬‬ ‫جميعـاً ف� بيوتنـا ال نتخالـط ت‬ ‫حى ال نصاب بالعـدوى‪ ،‬وننقلها‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫للخريـن‪ ،‬ونهتـم بالتعقيم وعدم الخروج من المنز ل‪ ،‬ولك ّننا‬ ‫على تواصـل مـع بعضنـا مـن خلال التطبيقـات إال ت‬ ‫لك�ونيـة‪،‬‬ ‫بدعـم أصدقائنـا ومجتمعنـا مـن خلال التوعيـة على‬ ‫وقمنـا‬ ‫ِ‬ ‫الف�وسـات وأهمية‬ ‫وسـائل التواصـل االجتماعـي حول مخاطر ي‬ ‫الحجر المنز يل‪.‬‬ ‫الفـروس‪،‬‬ ‫قريبـاً سـننتهي مـن هـذا ي‬ ‫بشـر‬ ‫جـدي‬ ‫بيـت ّ‬ ‫ونـزور َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وألعـب مـع ي ٍ‬ ‫ت‬ ‫تجربـ�‬ ‫تعلمـت مـن‬ ‫وشـهاب‪ .‬لقـد‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫"لنسـاعد شـهاب" أن أكـون فـرداً صالحـاً‬ ‫ومفيـداً للمجتمـع‪.‬‬ ‫‪43‬‬



‫المحاربة الخضراء‬ ‫تأليف سايرا توماس‬

‫الفصل األول‬

‫خرجـت سـلمى من الحافلة المدرسـية مرسعـةً ‪ ،‬وعندما غدت‬ ‫تلـوح ألصدقائهـا‬ ‫داخـل البوابـة‪ ،‬التفتـت إىل الـوراء وأخـذت ّ‬ ‫ت‬ ‫الـ� كانت‬ ‫أثنـاء توقـف الحافلـة‪ ،‬ثم‬ ‫ْ‬ ‫سـارعت لعنـاق والدتها ي‬ ‫ـك يـا‬ ‫يوم ِ‬ ‫والدتُهـا‪" :‬كيـف كان ُ‬ ‫تنتظرهـا عنـد البـاب‪ .‬سـألتها ً‬ ‫ت‬ ‫عزيـز�؟" ردت سـلمى‪“ :‬رائعـا! لقـد تعلمنـا عـن المهـا‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫العربـي‪ .‬هـل تعلميـن أنـه قبـل سـنوات عديـدة كان‬ ‫بإمكاننـا رؤيتهـا في صحارينا‪ .‬كانـت تعيش حولنا مثل‬ ‫ً‬ ‫مدهـش‪ ،‬أنـا متأكدة‬ ‫أمـر‬ ‫ٌ‬ ‫الجمـال تمامـا؟" "يـا سلام! إنـه ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫المشـوقة‬ ‫عبتهـا العديـد مـن القصـص‬ ‫مـن أن َج ّدتـك ي� ُج ِ‬ ‫ِّ‬ ‫‪45‬‬


‫ســايرا تومــاس‬

‫اليام‪ ،‬وبمـا أننا ف� إجازة نهاية أ‬ ‫تل�ويهـا لنـا عـن تلك أ‬ ‫السـبوع‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫فسنز ورها غـداً‪ ،‬كالمعتـاد‪ .‬لكـن آ‬ ‫تغتسل�‬ ‫أن‬ ‫يجـب‬ ‫ن‪،‬‬ ‫ال‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ويمكنـك الحقاً‬ ‫مسـاعد ت ي� ف ي� ري‬ ‫واسـتعدي لتنـاول الطعـام‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫نباتـات الحديقـة"‪ .‬سـارعت سـلمى لتفعـل كل مـا أوصتهـا به‬ ‫والدتها‪.‬‬ ‫ف ي� المسـاء‪ ،‬كانـت سـلمى ف ي� الحديقـة مـع والدتهـا‪،‬‬ ‫تسـاعدها ف ي� تقليـم الزهـور‪ ،‬بعـد أن أتمتـا ري النباتـات‪،‬‬ ‫وحرصتـا على االحتفـاظ بالسـيقان المقطوعـة ف ي� كومـة مرتبة‬ ‫ف ي� زاويـة مـن الزوايـا‪.‬‬ ‫كـم كان يسـعدها أن تبقـى ف ي� الحديقـة وسـط الزهـور‬ ‫كبـرة جـداً‪ ،‬لكنها‬ ‫والمسـاحات الخرض اء! لـم تكـن الحديقـة ي‬ ‫كانـت مورقـة‪ ،‬تـزدان جماال ً وبهـا ًء‪ ،‬رغم أنهم كانوا يعيشـون‬ ‫ف ي� الصحـراء‪ .‬نظـرت سـلمى مـن فـوق السـياج إىل الصحـراء‬ ‫الشاسـعة الممتـدة‪ ،‬المحيطـة بم�نز لهـا‪ ،‬فـرأت شـجرة الغاف‬ ‫على مسـافة بعيـدة‪ .‬كان هنـاك عـد ٌد ٌ‬ ‫الجمـال‬ ‫قليـل مـن ِ‬ ‫ت‬ ‫تسـريح تحـت تلـك الشـجرة‪ .‬أغمضـت عينيهـا وحاولـت‬ ‫تخي َـل قطيـع مـن المهـا العـر� يسرح ف� أ‬ ‫الرجـاء‪ .‬رسعـان‬ ‫َ َ ُّ‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫بيّ‬ ‫مـا سـيطر عليهـا خيا ُلهـا‪ ،‬ورأت أشـجاراً خرض ا َء ف ي� كل مـكان‪،‬‬ ‫‪46‬‬


‫المحارب ــة الخض ــراء‬

‫ملونـة تنقر حبات الفاكهة الشـهية‪ ،‬وشـاهدت أنواعاً‬ ‫وطيـوراً ّ‬ ‫ب� أ‬ ‫مختلفـة مـن الحيوانـات تلعـب "الغميضـة" ي ن‬ ‫الشـجار ‪...‬‬ ‫حدقـت‬ ‫تنهـدت‪" ،‬مـا أجمـل هـذا المـكان الهـادئ السـاحر!" ّ‬ ‫العـر� السـاحر المنظـر يعـدو‬ ‫ف ي� دهشـة‪ ،‬بينمـا كان المهـا‬ ‫يب‬ ‫نحوهـا‪ .‬مـدت يدهـا فقامـت المها بمسـح أنفها بكفهـا وكأنها‬ ‫َ‬ ‫عـال‪.‬‬ ‫تدغدغُهـا‪ ،‬فضحكـت بصـوت ٍ‬ ‫"سـلمى! لقـد تأخـر الوقـت‪ ،‬فلنعـد إىل الداخـل يـا‬ ‫ت‬ ‫عزيـز�"‪ ...‬أيقظهـا صـوت والدتهـا مـن حلمهـا الجميـل‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الظلام‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫وعندمـا فتحـت عينيهـا على مـا حولهـا‪ ،‬وجـدت ّ‬ ‫يخيـم على المـكان‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫كبـراً جـداً‪ ،‬لكنـه كان جميلا ً ورائعـاً‪،‬‬ ‫لـم يكـن منز ُل الجـدة ي‬ ‫ت� من أشـجار أ‬ ‫كب� ي ن‬ ‫ربمـا ألنـه كان محاطـاً بشـجر ي ن‬ ‫الكاسـيا‪،‬‬ ‫ت� ي‬ ‫العائل� اللذيـذ‪ ،‬مجالسـة‬ ‫سهـا‪ ،‬بعـد مأدبـة الغـداء‬ ‫ي‬ ‫وكـم َ َّ‬ ‫جدتهـا تحـت إحدى الشـجر ي ن‬ ‫حديث القلب‬ ‫ت�‪ ،‬وهي تحدثهـا‬ ‫َ‬ ‫للقلب ‪.‬‬ ‫جد ِتهـا وهـي تـروي لهـا حكايـا أيـام‬ ‫أحبـت االسـتما َع إىل ّ‬ ‫‪47‬‬


‫ســايرا تومــاس‬

‫طفولتهـا‪ .‬أخ�تهـا جدتها‪" :‬إنـه ف� تلك أ‬ ‫اليـام‪ ،‬كانت قطعان‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫العـر� ترعـى بالقرب مـن المنازل‪ ،‬خاصـة عندما يكون‬ ‫المهـا‬ ‫بي‬ ‫الطقـس لطيفـاً بـارداً‪ .‬لـم تكن الحياة سـهلة ف ي� ذلـك الزمان‪،‬‬ ‫كمـا هـي آ‬ ‫الن‪ ،‬وقـد اعتـاد النـاس على اصطيـاد الحيوانات‪،‬‬ ‫بقصـد الحصـول على لحومهـا‪ ،‬وكانـت أ‬ ‫المـوال المتأتيـة‬ ‫مـن بيـع الجلـود والقـرون مكافـأة إضافيـة لمـن يصيـد المها‬ ‫العـر�‪ .‬وهكـذا أصبـح المهـا هدفـاً سـهال ً للصيادين‪.‬‬ ‫بي‬ ‫ولكـن لحسـن الحظ‪ ،‬الحظـت السـلطات ف‬ ‫الخطر‬ ‫بالدنا‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫قبـل فـوات أ‬ ‫َ‬ ‫تدابـر فوريـة إلنقـاذ المها من‬ ‫الوان‪ ،‬واتخـذت‬ ‫َي‬ ‫ِ‬ ‫االنقراض"‪.‬‬ ‫ت‬ ‫قالـت سـلمى‪ :‬ب ن‬ ‫معلم� أن هناك جهـوداً عظيمة‬ ‫ي‬ ‫"أخ�ت ي‬ ‫العـر� إىل الصحراء‪ .‬كم سـيكون رائعاً أن نراها‬ ‫إلعـادة المهـا‬ ‫بي‬ ‫مجـدداً ف ي� منطقتنـا أيضـاً!" تنهـدت سـلمى بحـزن‪ ،‬فـردت‬ ‫الجـدة بابتسـامة حكيمة‪" :‬تذهب الحيوانـات إىل أ‬ ‫الماكن ت‬ ‫ال�‬ ‫ي‬ ‫تجد فيهـا الطعـام أ‬ ‫والمان"‪.‬‬ ‫ف ي� طريقهمـا إىل الم�نز ل‪ ،‬توصلت سـلمى إىل خطة‪ .‬ذهبت‬ ‫سـيقان نباتـات الـورد ال تـزال حيـث‬ ‫للتحقـق ممـا إذا كانـت‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫كب�ة‬ ‫تركتهـا والدتهـا ي� اليـوم السـابق‪ ،‬وكـم كانت سـعادتها ي‬ ‫‪48‬‬


‫المحارب ــة الخض ــراء‬

‫عندمـا وجدتهـا ف ي� مكانها‪.‬‬ ‫مـكان خارج‬ ‫أخـذت سـلمى بعضـاً مـن هـذه السـيقان إىل ٍ‬ ‫سـياج البيت‪ .‬جاء أصدقاؤها‪ ،‬الذين كانوا يلعبون ف ي� سـاحات‬ ‫منازلهـم‪ ،‬وتحلقـوا حولها وأخذوا يسـألونها عمـا تنوي فعله‪.‬‬ ‫وصفت لهم حلمها وأمنياتها ف� جعل محيطهم أخ�ض‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫وجميالً‪ .‬تشجعوا جميعاً‪ ،‬وتحمسوا لمساعدتها‪ ،‬طبعاً ما عدا‬ ‫المشاغب‪ ،‬الذي بادرهن‪" :‬الفتيات وأحالمهن‪،‬‬ ‫عبد هللا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫وأفكارهن الغبية! السخيفة! هل تعتقدن حقا أنه‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫السيقان في‬ ‫بعض‬ ‫لصق‬ ‫طريق‬ ‫عن‬ ‫العالم‬ ‫إنقاذ‬ ‫يمكنكن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرمال؟" فأجابته خديجة‪" :‬على األقل فإننا نحاول!" قالت‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫أفضل يا عبد الله؟" فأجابهن عبد‬ ‫زهرة‪" :‬هل لديك فكرة‬ ‫ً‬ ‫هللا “أيّا كان األمر‪ ،‬فهو ال يهمني! سأذهب للعب لعبة‬

‫الفيديو الجديدة"‪ ...‬وذهب‪.‬‬ ‫ظهرن له أنهن ي ن‬ ‫يعن� ما‬ ‫تعهدت خديجة للفتيات بأن يُ َ‬ ‫يفعلن‪ ،‬وقالت لهن‪“ :‬سوف نظهر له أن الفتيات لديهن‬ ‫ُ‬ ‫القدرة على تحقيق أحالمهن أيضاً‪ُ ،‬‬ ‫مثل األوالد!" زرعت‬ ‫سلمى وصديقاتها سيقان الورود‪ ،‬وسقينها و ُع ْد َن إىل الم�نز ل‬ ‫يملؤهن الرضا والرسور‪.‬‬ ‫‪49‬‬


‫ســايرا تومــاس‬

‫ف‬ ‫وكن‬ ‫ي� الليلة التالية‪ ،‬ذهبت الصديقات لتفقد النباتات‪َّ ،‬‬ ‫والدوات أ‬ ‫يحملن أوعية للري‪ ،‬أ‬ ‫الخرى الالزمة‪ .‬لكن المشهد‬ ‫بدت جميع النباتات‬ ‫الذي كان ينتظرهن كان حزيناً للغاية! ْ‬ ‫عبد هللا يراقبهن وهو يضحك‬ ‫ذابلة‪ .‬و ِل َح ِّظهن العاثر‪ ،‬كان ُ‬ ‫كب�ة‪“ .‬رائع! عمل رائع‪ ،‬أبدعتن كالعادة!" ضحك‬ ‫بسخرية ي‬ ‫ضحكاً‬ ‫هست�ياً ‪ ...‬شعرت سلمى بالرغبة ف ي� البكاء‪“ .‬مهالً!"‪،‬‬ ‫ي‬ ‫قالت خديجة‪“ ،‬ال تستسلمي بعد‪ ،‬أعتقد أنني أعرف الخطأ‬ ‫الذي ارتكبناه؛ َ‬ ‫ٌ‬ ‫شيء مهم علينا‬ ‫قبل أي مشروع‪ ،‬هناك‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫بعمليات‪"...‬‬ ‫القيام‬ ‫القيام به‪ .‬لقد نسينا جميعا‬ ‫ِ‬

‫هتفن جميعاً‬ ‫بصوت واحد‪ .‬إذ كان‬ ‫"البحث!!!!"‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ال� تنمو ف ي� الصحراء‪،‬‬ ‫عليهن أن‬ ‫َ‬ ‫يكتشفن أفضل النباتات ي‬ ‫لذلك قررت المجموعة االجتماع مرة أخرى ف� نهاية أ‬ ‫السبوع‬ ‫ي‬ ‫توصلن إليه جميعاً‪.‬‬ ‫المقبل‪ ،‬ومناقشة ما‬ ‫َ‬

‫الفصل الثالث‬

‫عيب‬ ‫أخ�ت سلمى والديها بما حدث‪ ،‬ب‬ ‫عندما ب‬ ‫أخ�اها أنه ال َ‬ ‫ف‬ ‫النجاح ت‬ ‫بدايةً‬ ‫يأ� لمن يداوم‬ ‫بأن‬ ‫نصحاها‬ ‫كما‬ ‫‪،‬‬ ‫الفشل‬ ‫�‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫التال‪ ،‬اصطحبتها والدتها للتسوق‬ ‫عىل المحاولة‪ .‬ي� اليوم ي‬ ‫‪50‬‬


‫المحارب ــة الخض ــراء‬

‫بعد المدرسة‪ ،‬ذهبتا إىل مشتل "الخ�ض ة" المجاور‪ ،‬حيث‬ ‫ت‬ ‫تش�ي والدتها كل مستلزمات الحديقة‪ .‬كان صاحب مشتل‬ ‫"الخ�ض ة" شيخاً ودوداً للغاية‪ ،‬وكان دائماً عىل استعداد‬ ‫ت‬ ‫ال� ال تنتهي حول كل نبات‬ ‫إ‬ ‫للجابة عن تساؤالت سلمى ي‬ ‫وزهرة ف ي� المشتل‪ .‬هذه المرة حدثته سلمى عن حلمها‪ .‬استمع‬ ‫الرجل العجوز الطيب باهتمام إىل حلمها ف ي� إنشاء المساحات‬ ‫الخ�ض اء حولها‪ .‬وعندما كانت سلمى ووالدتها عىل وشك‬ ‫المغادرة‪ ،‬طلب منها االتصال به إذا احتاجت إىل أي مساعدة‬ ‫ً‬ ‫ف ي� ش‬ ‫م�وعها‪ .‬ودعته سلمى قائلةً ‪“ :‬شكرا مع السالمة"‪.‬‬ ‫ف� نهاية هذا أ‬ ‫سبوع‪ ،‬التقت الصديقات ف ي� مقهى أرابيكانا‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫المفض َل لديهن‪،‬‬ ‫المخفوق‬ ‫الحليب‬ ‫يحتس�‬ ‫وهن‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ي نَ‬ ‫المحل‪َّ .‬‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫ويتناولن السمبوسة اللذيذة والمناقيش‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ناقشن النتائج ي‬ ‫الحديث قائلةً ‪:‬‬ ‫توصلن إليها باستفاضة‪ .‬واختتمت زهر ُة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫"فالشجار ت‬ ‫ال� يمكننا استخدامها هي النخيل‪ ،‬والعرعر‪،‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫وغ�ها"‪ .‬اتفقن جميعاً‬ ‫واللبان‪ ،‬والكاسيا‪ ،‬والغاف‪ ،‬والنيم‪ ،‬ي‬ ‫عىل ما ذكرته زهرة‪ .‬عادت سلمى إىل م�نز لها وأجرت اتصاال ً مع‬ ‫الشيخ الطيب ف ي� "مشتل الخ�ض ة"‪.‬‬ ‫بعد أيام قليلة‪ ،‬وبينما كانت سلمى ووالدتها ف ي� الحديقة‬ ‫‪51‬‬


‫ســايرا تومــاس‬

‫ترويان النباتات‪ ،‬ت‬ ‫اق�بت شاحنة من بوابة بيتهم‪ .‬كان العجوز‬ ‫الطيب الذي يعمل ف ي� المشتل قد أح�ض لسلمى ش‬ ‫ع�ين‬ ‫شتلة‪ ،‬من أشجار أ‬ ‫الكاسيا‪ ،‬والغاف والنخيل‪ ،‬والنيم‪ .‬يا‬ ‫لسعادتها وفرحها الغامر! وقد عرض عليها الرجل العجوز‬ ‫أن يوضح لها كيفية زرعها بالطريقة الصحيحة‪ .‬تبع والداها‬ ‫ين‬ ‫مسلح�‬ ‫والصديقات جميعهن سلمى والشيخ الطيب‪ ،‬وكانوا‬ ‫بعدة الزراعة‪( ،‬المجارف والمسجات‪ ،‬والسماد‪ ،‬ومستوعبات‬ ‫المياه‪ ،‬والشتالت‪ ،‬إلخ) فقاموا أوال ً بحفر ش‬ ‫ع�ين حفرة‪ ،‬ثم‬ ‫أضافوا السماد‪ ،‬وزرعوا الشتالت‪ .‬لقد تناوبوا عىل ريّها‪ .‬ت‬ ‫ح�‬ ‫عبد هللا كان متحمساً وأراد المساعدة‪.‬‬

‫‪52‬‬


‫المحارب ــة الخض ــراء‬

‫“ال‪ ،‬ال!"‬

‫قالت خديجة مازحة‪“ ،‬ليس بهذه السرعة‬ ‫أن ِّ‬ ‫الذكي‪ ،‬عليك ْ‬ ‫ّ‬ ‫تكرر “البنات هن األفضل"‬ ‫يا صديقي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ثالث مرات‪ ،‬اعتذارا صريحا على ما بدر منك‪ ."...‬ولم‬

‫يتوان عن فعل ما ُط ِلب منه ّ‬ ‫بكل رحابة صدر‪ ،‬واالبتسامة‬ ‫َ‬ ‫العريضة ترتسم عىل وجهه‪ ،‬وضحك الجميع بكل تلقائية‬ ‫وطيبة‪ .‬شكرت سلمى الرجل العجوز‪ ،‬الذي لم يغادر قبل أن‬ ‫يُذكِّرها ب�ض ورة ري الشتالت ّكل يوم‪ ،‬ووعد بجلب المزيد من‬ ‫الشتالت عندما تكون جاهزة‪.‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫ُ ت‬ ‫الـ� زرعوهـا أشـجاراً‬ ‫مـر ْت سـنوات‪ ،‬وأصبحـت‬ ‫ّ‬ ‫الشـتالت ي‬ ‫خرض ا َء تحيـط بهـم مـن كل حـدب وصـوب‪ .‬وقـد شـجع‬ ‫نجاحهـم صديقـات سـلمى وج�انهـا على زراعـة أ‬ ‫الشـجار‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫حـول منازلهم أيضـاً‪ .‬أصبح الحي بأكمله واحـةً غنا َء‪ ،‬وأصبح‬ ‫الهـواء نقيـاً ونظيفـاً‪.‬‬ ‫ض‬ ‫مكيفات الهواء‪ ،‬ت‬ ‫وي�كون‬ ‫الحا� ال يشغلون‬ ‫ف ي� الوقت‬ ‫ِ‬ ‫البارد‬ ‫بالهواء‬ ‫لالستمتاع‬ ‫النوافذ مفتوحة عىل مصاريعها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض‬ ‫تق� سلمى وصديقاتُها تف� َة بعد الظهر‬ ‫ُ‬ ‫الم ْن ِعش‪ .‬وعادة ما ي‬ ‫‪53‬‬


‫ســايرا تومــاس‬

‫ف� اللعب تحت ظالل أ‬ ‫المارة‬ ‫الشجار‪ .‬وغالباً ما يتوقف‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫للتساؤل عن رس المساحات الخ�ض اء ي� وسط‬ ‫المتعجبون‬ ‫ِ‬ ‫الصحراء‪ .‬وتنصحهم سلمى بالذهاب إىل مشتل صديقها‬ ‫اختيار‬ ‫الشيخ الطيب للحصول عىل أفضل الشتالت‪ ،‬وقد ّتم‬ ‫ُ‬ ‫ئ‬ ‫البي�‪ ،‬وهي المسؤولةُ عن زراعة‬ ‫سلمى لتكون قائد َة النادي ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أنحاء مدرستها‪.‬‬ ‫الشجار ي� جميع ِ‬ ‫بـ� أ‬ ‫شـجار مـع‬ ‫ال‬ ‫إنـه عصر يـوم رائـع‪ .‬سـلمى تتجـول ي ن َ‬ ‫ِ‬ ‫والديهـا يسـتمتعون جميعـاً بالنسـيم المعتدل‪ ،‬وبمشـاهدة‬ ‫الطيـور تنقـر حبـات التمـر‪ ،‬وتزقـزق بصخـب وفـرح‪ .‬فجـأة‪،‬‬ ‫ب� أ‬ ‫تالحـظ سـلمى حركة ي ن‬ ‫الشـجار بفضول‪ .‬ال تصـدق عينيها!‬ ‫وتشـر بيدهـا بحمـاس‪ .‬هنـاك‬ ‫“أمـي أبـي! انظـرا!"‬ ‫ي‬ ‫بـ� أ‬ ‫زوجـان مـن المهـا العربيـة يرعيـان ي ن‬ ‫الشـجار‪" .‬يـا إلهي!"‬ ‫يبادرهـا والدهـا‪" ،‬سـلمى يبـدو أن حلمك قد تحقـق بالفعل!‬ ‫الصغ�ة!" "المحاربة؟" تتسـاءل سـلمى‬ ‫بم�وك أيتها المحاربة‬ ‫ي‬ ‫بفضـول‪ .‬تبتسـم والدتهـا وتهمـس ف‬ ‫ت‬ ‫عزيـز�‪،‬‬ ‫"نعـم‬ ‫أذنهـا‪:‬‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫أنـت محاربـةُ‬ ‫تعـرف الخـوف‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الـ� ال ِ‬ ‫الطبيعـة‪ ،‬الباسـلة ي‬ ‫ين‬ ‫قضيـة نبيلـة‪ .‬إنـك المحاربة الخرض اء!"‬ ‫أجـل‬ ‫ٍ‬ ‫وتحاربـ� مـن ِ‬

‫‪54‬‬


‫المحارب ــة الخض ــراء‬

‫‪55‬‬


56


‫جميلة المحبوبة‬ ‫تأليف ساشيتي مانيكندان‬

‫الفصل األول‪ :‬حذار يصبح عمره سبع سنوات‬

‫لقــد كان يومـاً مثــراً للغايــة بالنســبة لحــذّ ار – وأكـ ثـر أ‬ ‫اليــام‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ـ� يتطلــع إليهــا طــوال العــام‪ ،‬لكــن هــذا العــام أكـ ثـر‬ ‫الـ ي‬ ‫يــوم ميــاده عطلــة نهايــة‬ ‫خصوصيــةً ‪ ،‬حيــث يصــادف ُ‬ ‫أ‬ ‫الســبوع ‪ -‬ســيبلغ الســابعةَ ! وســيذهب الجميــع لزيــارة جـ ّـده‬ ‫وجدتــه ليحتفلــوا معــا بيــوم ميــاده!‬ ‫ّ‬ ‫ف ي� الطريــق كان حــذّ ار غارقــاً ف ي� أفــكاره‪ ،‬يحلــم بهــذه‬ ‫الزيــارة‪ ،‬ولمــا أيقظــه والــده مــن أحــام اليقظــة تلــك‪ ،‬نظــر‬ ‫ن‬ ‫إىل‬ ‫المبــا� الطويلــة أصبحــت‬ ‫جانــ� الطريــق ليجــد أن‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫خلفهــم‪ ،‬ليحــل محلهــا كثبــان رمليــة ضخمــة‪ ،‬وصــور‬ ‫‪57‬‬


‫ساش ــيتي مانيكن ــدان‬

‫ت‬ ‫ـ� كانــت تلــوح مــن بعيــد‪ .‬كان حــذّ ار‬ ‫متداخلــة للجبــال الـ ي‬ ‫مفتونــاً بمــا يشــاهد‪ ،‬إذ أنــه كان يعيــش ف ي� المدينــة‪ ،‬ألن‬ ‫والديــه يعمــان هنــاك‪ ،‬ووجــدا ف ي� المدينــة مدرســة جيــدة‬ ‫لــه أيض ـاً‪ .‬كان الطفــل الوحيــد لوالديــه‪ ،‬وكان يتــوق دائم ـاً‬ ‫إىل عطلــة نهايــة أ‬ ‫الســبوع ت‬ ‫جديــه‪.‬‬ ‫حــى يتمكــن مــن زيــارة ّ‬ ‫حيــث‬ ‫فلطالمــا اســتمتع بزيارتهمــا ف ي� القريــة الصحراويــة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ـان الرمليــةُ الذهبيــة‪ ،‬وحيــث يســتمتع بأطبــاق جدتــه‬ ‫الكثبـ ُ‬ ‫اللذيــذة ذات النكهــة الرائعــة والرائحــة المدهشــة‪ ،‬وحيــث‬ ‫ات ف ي� الصح ـر ِاء‪ ،‬وعــى الكثبــان الرمليــة‪ ،‬ف ي� ســيارة‬ ‫المغام ـر ُ‬ ‫جـ ّـده ذات الدفــع الرباعــي‪ .‬وكان حــذّ ار عــى يقـ ي ن‬ ‫ـ� مــن أنــه‬ ‫ســيكون هنــاك الكثـ يـر مــن المفاجــآت ف ي� انتظــاره‪ .‬كان عيــد‬ ‫ميــاده أحــد أكـ ثـر أ‬ ‫اليــام ســحراً ف ي� حياتــه‪ ،‬ألنــه لــم يكــن‬ ‫يعــرف أبــداً مــا الــذي ينتظـ ُـره مــن مفاجــآت!‬

‫الفصل الثاني‪ :‬مفاجأة عيد الميالد‬

‫توقفـت السـيارة بعد أن ت ز‬ ‫اه�ت قليالً‪ ،‬قفز حذّ ار من السـيارة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ورصخ بحمـاس‪" :‬جـدي‪ ،‬جدتـي!" وبـدأت معدتـه تقرقـر‬ ‫عـال عندمـا وصلـت رائحـة الطعـام الشـهي القادم‬ ‫ٍ‬ ‫بصـوت ٍ‬ ‫‪58‬‬


‫جميل ــة المحبوب ــة‬

‫وجدتُـه‬ ‫جـده ّ‬ ‫مـن بيـت جـده لمسـام أنفـه‪ .‬بعـد أن غمـره ُّ‬ ‫بالعنـاق ت‬ ‫عيـد ميلاد‬ ‫وال�حيـب والقبلات الدافئـة‪ ،‬تمنيـا لـه َ‬ ‫أن هنـاك مفاجأة تنتظـره‪ .‬عصبا عينيه‬ ‫وأخـره ّ‬ ‫سـعيداً‪ ،‬ب‬ ‫جـده ّ‬ ‫واقتـاداه إىل مكانـه المفضـل‪ :‬المزرعة‪ .‬وعندمـا ت‬ ‫اق�ب‪ ،‬بدأت‬ ‫تتعـاىل أصوات القرقعـة والصهيل‪ ،‬وجلبةُ‬ ‫حركـة الحيوانات‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وعندمـا فتـح عينيـه‪ ،‬أطلـق رصخـةً عاليـة‪ ...‬إذ شـاهد أمامه‬ ‫صغـراً وديعـاً‪ُ ،‬و ِلـد َ‬ ‫سـاعة فقط‪.‬‬ ‫قبل‬ ‫جملا ً‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫بحماس‪:‬‬ ‫جده‬ ‫كان حذّ ار سعيداً‪ ،‬وبادر َّ‬ ‫ٍ‬

‫"جـدي! ّ‬ ‫ّ‬ ‫جـدي! ًهـل هـذه لـي؟ هـل يمكـن أن‬ ‫اختـار لهـا اسـما؟"‬

‫الجـد‪ ،‬وقـد غمرتـه السـعاد ُة أل ّن حفيـده أحـب هديـة‬ ‫قـال‬ ‫ُّ‬ ‫"نعم يـا حذّ ار! إنهـا لك‪ ،‬وبإمكانك تسـميتها بما‬ ‫عيـد ميلاده‪ْ :‬‬ ‫تحـب"‪ .‬توقـع حـذّ ار َّكل المفاجـآت الرائعـة ف ي� عيـد ميلاده‪،‬‬ ‫لكنـه لـم يتوقـع أبـداً مفاجـأة كهـذه‪ ...‬أ‬ ‫ولنهـا كانـت جميلـة‬ ‫جـداً‪ ،‬أطلـق عليهـا حـذّ ار اسـم "جميلـة"‪.‬‬ ‫والعجيــب أنــه عندمــا ناداها باســمها‪ ،‬أدارت رأســها ناحيته‬ ‫فــوراً‪ ،‬ونظــرت إليــه بمحبــة ولطــف‪ .‬عانــق حــذّ ار "جميلــة"‬ ‫بحــب كبـ يـر‪ .‬ف ي� هــذه اللحظــة كان أبــوه ينــادي عليــه لركــوب‬ ‫‪59‬‬


‫ساش ــيتي مانيكن ــدان‬

‫الجمــال‪ .‬سـ َ‬ ‫ـأل حــذّ ار جـ َّـده إن كان يمكنــه ركــوب جميلــة‪ ،‬قال‬ ‫ِ‬ ‫آ‬ ‫جــده‪" :‬ال يمكــن الن‪ ،‬مــا زالــت جميلة صغـ يـرة عــى الركوب"‪.‬‬ ‫ـ� عنهــا لــكل‬ ‫فســارع إىل أخــذ هاتــف والــده‬ ‫َ‬ ‫ليصورهــا‪ ،‬ويحـ ي‬ ‫أصدقائــه ف� اليــوم التــال‪ .‬لقــد كان عيــد ميــاده هــذا أ‬ ‫الكـ ث‬ ‫ـر‬ ‫ُ‬ ‫ِ ي‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫صديقتــه الجديــدة جميلــة‪.‬‬ ‫روعــةً بفضـ ِـل‬ ‫ِ‬

‫الفصل الثالث‪ :‬رحلة الركوب المنتظرة‬

‫ف‬ ‫التـال ف ي� المدرسـة‪ ،‬كانـت قصـةُ جميلـة تُـروى‬ ‫اليـوم‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف ي� كل فصـل‪ .‬لـم يسـتطع حـذّ ار مقاومـةَ رسد قصتهـا مـراراً‬ ‫وتكـراراً‪ ،‬وقـد كان صديقـه أحمـد متحمسـاً مثلـه لجميلـة‪.‬‬ ‫االسـراحة‪ ،‬اندفع الكث� مـن أ‬ ‫ت‬ ‫الوالد إليه ف ي� مجموعات‬ ‫وأثنـاء‬ ‫ي‬ ‫لمشـاهدة صـور جميلـة‪ ،‬واالسـتماع ألخبارهـا‪.‬‬ ‫صنــع طوق ـاً لهــا وحفـ َـر عليــه اسـ َـمها‪ ،‬وبعــد زيــارات‬ ‫قليلــة‪ ،‬الحــظ حــذّ ار أن جميلة نمت بشــكل كبـ يـر‪ ،‬وكان طوق‬ ‫حــذّ ار الــذي يحمــل اســمها يزيــن رقبتهــا‪ .‬كان جــده وجدتــه‬ ‫مرسوريــن لرؤيــة ت‬ ‫ال�ابــط الخــاص ي ن‬ ‫ب� حــذّ ار وجميلــة‪ .‬وذات‬ ‫َ‬ ‫مــرة طلــب جـ ُّـده منــه أن يركــب ناقتــه الصغـ يـرةَ‪ ،‬وقــد كان‬ ‫يتحــرق لذلــك‪.‬‬ ‫‪60‬‬


‫جميل ــة المحبوب ــة‬

‫‪...‬أخذتــه جميلــة ف ي� رحلــة عـ بـر الكثبان الرمليــة الضخمة‪.‬‬ ‫حبــه لهــا أثنــاء رحلتهمــا أكـ ثـر‪ ،‬وكانــت جميلــة‬ ‫وقــد تعمــق ّ‬ ‫تتهــادى صعــوداً وهبوط ـاً مــن مــكان لمــكان‪ ،‬حيــث كانــت‬ ‫ف‬ ‫الظـ ُ‬ ‫ـية دافئــة‬ ‫ـال ب‬ ‫ال�تقاليــة الســاحرة تحيــط بهمــا ي� أمسـ ٍ‬ ‫ـ�‬ ‫جميلــة‪ .‬مــا الــذي يمكــن أن يكـ َ‬ ‫ـون أفضـ َـل مــن هــذا لصـ ب ي ٍّ‬ ‫ـبع ســنوات؟‬ ‫يبلـ ُـغ مــن العمــر سـ َ‬

‫حذار‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬التغيير في حياة ِ‬ ‫ّ‬

‫ّ‬

‫َ‬

‫بحمـاس‬ ‫"جـدي! جدتـي!! جميلـة!!" بـدأ ينـادي‬ ‫ٍ‬ ‫حـزن‬ ‫وشـوق ي‬ ‫كب�يـن‪ ،‬ولكـن نـداءه تحـول فجـأة إىل ِ‬ ‫نـداء ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫جـده‪ ،‬فأرص على والـده أن يأخذَ ه‬ ‫وتسـاؤل عندمـا لـم يجـد ّ‬ ‫جده لم يكن ف ي� المزرعة أيضـاً‪ .‬رأيا المزارع‬ ‫إىل المزرعـة‪ ،‬لكـن ّ‬ ‫أخ�هما أن جميلة فقـدت الوعي فجأة‪،‬‬ ‫العجـوز عمـر‪ ،‬الذي ب‬ ‫الجـد أخذهـا إىل الطبيـب البيطـري‪.‬‬ ‫وأن َّ‬ ‫ووالـده إىل الطبيـب البيطـري‪ .‬سـارع حـذّ ار‬ ‫هـرع حـذّ ار‬ ‫ُ‬ ‫وعينـاه تدمعـان ليسـأل الطبيـب البيطـري‪:‬‬

‫"ماذا حدث لجميلة؟"‬ ‫‪61‬‬


‫ساش ــيتي مانيكن ــدان‬

‫أخـره الطبيـب أنهـا ابتلعـت كيسـاً بالسـتيكياً تركـه‬ ‫ب‬ ‫المت�نز هـون‪ .‬وأنـه أخذ صورة شـعاعية لحلـق جميلة لعالجها‪.‬‬ ‫سـأله حـذّ ار بقلـق شـديد‪ ،‬وبعيـون يملؤهـا الحـزن‪" :‬هـل‬ ‫سـتكون جميلـة بخيـر؟" طمأنـه الطبيـب البيطـري بأنهـا‬ ‫صغـرة ف ي�‬ ‫بخـر بعـد أن يجـري لهـا عمليـة جراحيـة‬ ‫ي‬ ‫سـتكون ي‬ ‫حلقهـا‪ .‬كان حـذّ ار قلقـاً للغايـة‪ ،‬وطلب من والده السـماح له‬ ‫ِ‬ ‫بالبقـاء مـع جـده وجدتـه لرعايـة جميلـة‪ ،‬ووافق والـده فوراً‪.‬‬ ‫تـم نقـل جميلـة إىل المستشـفى على الفـور وأجـرى‬ ‫الطبيـب البيطـري الجراحـة لحلـق جميلـة‪ .‬قىض حـذّ ار ليلة‬ ‫جداه‬ ‫بلا نوم‪ ،‬وقد بلل وسـادته بدموعه خوفاً عليها‪ .‬تسـلل ّ‬ ‫الص�‬ ‫الصغ�‬ ‫ي‬ ‫بصمت إىل غرفته‪ ،‬وشـعرا بالشـفقة عىل هـذا ب ي‬ ‫النبيـل الـذي كان يعتن بالحيـوان أ‬ ‫ال ث‬ ‫كـر تواجـداً ف ي� بيئتنـا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫همـس جـده لزوجتـه‪" :‬لقـد اختـار لـه والـداه اسـماً ينطبـق‬ ‫عليـه تمامـاً‪" :‬حـذّ ار"‪ -‬إنـه شـديد الحـذر‪ ،‬ويهتـم بالطبيعة‪،‬‬ ‫الكثـر مـن المـودة للحيوانـات"‪ .‬وقالـت لـه الجـدة‪:‬‬ ‫ويُظهـر ي‬ ‫"هـذا صحيـح! صحيـح تماماً"‪.‬‬ ‫و� أ‬ ‫يوم�‪ .‬ف‬ ‫مكـث حـذّ ار مع جـده وجدته لمـدة ي ن‬ ‫السـبوع‬ ‫ي‬ ‫التـال حمـل معـه حصالتـه عندمـا اتجـه لبيـت جـده‪ .‬ركـض‬ ‫ي‬ ‫‪62‬‬


‫جميل ــة المحبوب ــة‬

‫لـرى جميلـة ش‬ ‫تمـس إليـه مـع هديتـه‬ ‫باكيـاً إىل المزرعـة ي‬ ‫ي‬ ‫الخاصـة‪ ،‬الطـوق الـذي يزيـن رقبتهـا‪ .‬عانقها بدمـوع الفرح‪.‬‬ ‫كان الطبيـب البيطـري ف ي� زيـارة خاصـة للمزرعـة يك يقـوم‬ ‫بفحص جميلة‪ .‬أعطى حذّ ار حصال َته للطبيب البيطري‪ ،‬قائالً‪:‬‬ ‫ً‬ ‫"شـكرا لك!" شـكره الطبيب عىل نُبل مشاعره‪ ،‬وطلب منه أن‬ ‫أجـره الحقيقي "تجنب اسـتخدام‬ ‫يحتفـظ بنقـوده‪ ،‬ب‬ ‫وأخـره أن َ‬ ‫أ‬ ‫الكيـاس البالسـتيكية" وأضـاف‪" :‬وإذا اضطـررت السـتخدام‬ ‫واحـد منهـا‪ ،‬فعليك التخلص منه بالشـكل الصحيـح"‪ .‬وطلب‬ ‫ٍ‬ ‫ش‬ ‫الوعـي حـول هذه القضيـة‪ ،‬وأن‬ ‫ينر‬ ‫الطبيـب مـن حـذّ ار أن َ‬ ‫َ‬ ‫يشـجع آ‬ ‫التغي�‪ ،‬ألن البالسـتيك‬ ‫الخرين عىل‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ليس صديقـاً للبيئة‪.‬‬

‫‪63‬‬


‫ساش ــيتي مانيكن ــدان‬

‫يتم إلقاؤُه‬ ‫يتأثـر العديد من الحيوانات بالبالسـتيك الذي ّ‬ ‫الميـاه والصحـراء‪ .‬فهـم حذّ ار مـا قاله لـه الطبيب‪ ،‬ووعد‬ ‫ف ي�‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫أكـر‬ ‫الطبيـب بجديـة أنـه سـيفعل كل مـا ي� وسـعه إلنقـاذ ب‬ ‫َ‬ ‫عـدد ممكـن مـن الحيوانـات‪ .‬ثـم ركـض على الفـور‪ ،‬وعانـق‬ ‫َ‬ ‫جميلـة وقـال لها‪" :‬آسـف عزيزتـي جميلـة‪ْ .‬‬ ‫أسـتخدم‬ ‫لن‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫األكياس البالسـتيكية من اآلن فصاعدا"‪ .‬لمس رأسـها‬ ‫بيديـه ت‬ ‫حى تشـعر جميلة بحبـه وبدفء مشـاعره‪.‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬طفل صغير وتغيير كبير‬

‫ف‬ ‫تغيـر ملحـوظ‬ ‫التـال ف ي� المدرسـة‪ ،‬كان هنـاك‬ ‫اليـوم‬ ‫�‬ ‫ٌي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫تجنـب الكيـاس البالسـتيكية‪،‬‬ ‫عـن‬ ‫يتحـدث‬ ‫كان‬ ‫نشـاطه‪.‬‬ ‫�‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ومـدى خطـورة هـذه الكيـاس على الحيوانـات ي� الصحـراء‬ ‫ف‬ ‫و� المـاء إذا لـم يتـم التخلص منها بشـكل صحيـح‪ .‬تحدث‬ ‫ي‬ ‫وألمهـا‪.‬‬ ‫إىل أصدقائـه‬ ‫ي نَ‬ ‫المقربـ� عـن معانـاة جميلـة ِ‬ ‫وع�د أصدقاءه برحلـة إىل قريته الصحراوية لزيارة جميلة‪،‬‬ ‫إن هـم وعـدوا باسـتخدام أكيـاس وزجاجـات قابلـة إلعـادة‬ ‫االسـتخدام‪ .‬بـدأ الجميـع يُظهـر االهتمـام بمبـادرة حـذّ ار‪.‬‬ ‫الجمـال" لتقليـل‬ ‫شـك َّل أصدقـاؤه مجموعـة تسـمى "حفـ ُظ ِ‬ ‫‪64‬‬


‫جميل ــة المحبوب ــة‬

‫اسـتخدام أ‬ ‫الكيـاس البالسـتيكية‪ ،‬وإعـادة تدوير البالسـتيك‪.‬‬ ‫تغيـر ف ي� سـلوكهم‪،‬‬ ‫وبـدأ مع ّلموهـم يشـعرون بحـدوث‬ ‫ي‬ ‫وبـدؤوا بتشـجيع نشـاطهم‪ ،‬وبـدأت المدرسـة ف ي� مالحظـة‬ ‫عمـل حـذّ ار مـن أجـل البيئـة‪.‬‬ ‫قابلـــة إلعـــادة‬ ‫معدنيـــة‬ ‫زجاجـــات‬ ‫بـــدأ بتوزيـــع‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ـاس قم ــاش قابل ــة إلع ــادة االس ــتخدام‬ ‫االس ــتخدام‪ ،‬وأكي ـ ِ‬ ‫عــى جميــع الذيــن يعملــون عــى إعــادة تدويــر البالســتيك‪.‬‬ ‫كمـــا اســـتبدل والـــداه أ‬ ‫الدوات الم�نز ليـــة البالســـتيكية ف ي�‬ ‫المـــزنز ل بأخـــرى قابلـــة إلعـــادة االســـتخدام‪ ،‬وشـــجعوا‬ ‫ج�انهـــم عـــى فعـــل ش‬ ‫نفســـه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫الـــي ِء ِ‬ ‫ي‬ ‫نــر الوعــي حــول أ‬ ‫جعــل حــذّ ار هدفَــه ش‬ ‫الكيــاس‬ ‫َ‬ ‫البالســتيكية ف ي� محــات "الســوبر ماركــت" والبقالــة ف ي� الحــي‬ ‫الــذي يســكن فيــه‪ .‬وقــد دعـ َـم هــذه المبــادرة مــن خــال‬ ‫ـب اليدويـ ِـة المصنوعـ ِـة مــن‬ ‫تزويــد تلــك المحــات بالحقائـ ِ‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫المحليــ�‪.‬‬ ‫الحرفيــ�‬ ‫قبــل‬ ‫وجدتُ ــه ف ي� توف ـ يـر الحقائ ــب المصنوع ــة‬ ‫س ــاعد ُه ج ـ ُّـده ّ‬ ‫الح ــر ِف المحلي ــة‪ ،‬مم ــا س ــاعد الحرفي ـ ي ن‬ ‫ـن‬ ‫محلي ـاً م ــن مرك ــز ِ َ‬ ‫ين‬ ‫المحليـــن الفقـــراء عـــى االســـتفادة‪ ،‬إضافـــة إىل الحفـــاظ‬ ‫‪65‬‬


‫ساش ــيتي مانيكن ــدان‬

‫ت‬ ‫ـي تواج ــه االنقــراض‪.‬‬ ‫ع ــى ِ‬ ‫الح ـ َـر ِف اليدوي ــة المحلي ــة ال ـ ي‬ ‫البــل‪،‬‬ ‫أنشــأ هــو وأصدقــاؤه منظمــة غـ يـر حكوميــة إلنقــاذ إ‬ ‫وصمم ــوا ش ــعاراً له ــا لتقديم ــه كهدي ــة إىل ش ــباب البيئ ــة‪،‬‬ ‫وكان العديـــد مـــن أصدقائـــه فخوريـــن بوضـــع الشـــعار‬ ‫ع ــى صدوره ــم‪.‬‬ ‫الكثـر وأصبـح كل محيطـه صديقـاً للبيئـة‪،‬‬ ‫الكثـر ي‬ ‫تغـر ي‬ ‫ي‬ ‫وأصبـح الـكل يطلـق عليـه صديـق "جميلـة المحبوبـة"‪.‬‬

‫‪66‬‬


67


68


‫لنكمل السلسلة‬ ‫تأليف شاهد فايس‬

‫َ‬ ‫االنتقــال إىل فيــا‬ ‫شــعبان قــررت عائلــةُ حمــز َة‬ ‫ف ي� شــهر‬ ‫َ‬ ‫جديــدة ف ي� الشــارقة‪.‬‬ ‫خالد أحمد‪" :‬هل تسمع ذلك الصوت؟"‬ ‫سأل ٌ‬ ‫َ‬ ‫نظرة‬ ‫"أعتقــد أن جيراننــا الجــدد جــاؤوا!" هرعــا إللقــاء ٍ‬ ‫رسيعــة؛ كانــت ش�كــة النقــل تــن ز ُل أ‬ ‫الثــاث مــن الشــاحنة‪،‬‬ ‫ُ ِْ‬ ‫وكان حمــز ُة واقف ـاً مــع أبيــه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫نرحـب‬ ‫أحمـد‪ ،‬وهـذا أخـي خالـدٌ‪ .‬يسـعدنا أن‬ ‫"مرحبـا! أنـا‬ ‫بكم في ِّ‬ ‫حينا‪ ،‬ويسـعدنا أن نقدم لكم المسـاعدة إن كنتم‬ ‫بحاجـة إلـى ّ‬ ‫أي شـيء"‪.‬‬

‫ف‬ ‫ين‬ ‫حميم�‪.‬‬ ‫أصبح الثالثةُ أصدقا َء‬ ‫و� غضون بضع‬ ‫ٍ‬ ‫ساعات‪َ ،‬‬ ‫ي‬ ‫‪69‬‬


‫لنكم ــل السلس ــلة‬

‫كان أحمـ ُـد وحمــز ُة يبلغــان مــن العمــر ‪ 11‬عامـاً‪ ،‬وخالـ ٌـد‬ ‫ين‬ ‫ســنوات‪ .‬وكانــوا كلهــم أوالداً‬ ‫خلوقــ�‬ ‫يبلــغ مــن العمــر ‪9‬‬ ‫ٍ‬ ‫يحســنون التــرف‪...‬‬ ‫ـ� القلــب‪ِ ،‬‬ ‫وطيـ ب ي‬ ‫ين‬ ‫منشـغل� ف ي� ترتيب م�نز لهما الجديد‪،‬‬ ‫ولما كان والدا حمزة‬ ‫ّ‬ ‫ىض‬ ‫وخالد‪.‬‬ ‫أحمد‬ ‫الكث� من الوقت مـع َ‬ ‫ٍ‬ ‫ق حمـز ُة ي َ‬ ‫لقـد أحبـوا ال ّل ِعب ف ي� الم�نز ل‪ ،‬واسـتمتعوا بلعـب "الليغو"‬ ‫الطفال آ‬ ‫و"بلاي ستيشـن ‪ ،"4‬وبلعب كرة القدم مـع أ‬ ‫الخرين‬ ‫الحديقة المجاورة‪.‬‬ ‫ف ي�‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫غ�‬ ‫وذات‬ ‫صبـاح‪ ،‬أثنـا َء اللعب ي� الحديقـة‪ ،‬الحظوا نبتةً َي‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫عادية ي ن‬ ‫الشـج� ِات‪.‬‬ ‫ب�‬ ‫ي‬ ‫قـال أحمـد‪" :‬يـا إلهـي! انظـروا إلـى تلـك األوراق‬ ‫البيضاويـة الالمعـة! انظـروا إلـى الزهـور الحمـراء الزاهيـة!"‬ ‫َ‬ ‫قعقعـة عاليـة‪ ...‬وشـاهدوا صبيـاً‬ ‫فجـأة سـمعوا صـوت‬ ‫ٍ‬ ‫صغـراً سـاقطاً عـن دراجتـه‪ .‬ركضـوا برسعـة لمسـاعدته‪.‬‬ ‫ي‬ ‫وبـادره حمـزة‪" :‬هـل أنـت بخيـر؟ دعنـا نسـاعدك"‪ .‬نظروا‬ ‫ف‬ ‫يـد‬ ‫إليـه فالحظـوا أنـه أصيـب بكدمـات ي� ركبتـه‪ ،‬فمـدوا لـه َ‬ ‫ش‬ ‫والرجـوع إىل والديه‪.‬‬ ‫والمـس‬ ‫العـون‪ ،‬وسـاعدوه على القيام‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫خالد‪" ،‬هل تسـتطيعون أن‬ ‫"توقفـوا!" طلـب منهم ٌ‬ ‫‪70‬‬


‫شــاهد فايــس‬

‫ُ‬ ‫اندهـش‬ ‫صـدق!"‬ ‫تـروا مـا أراه؟" قـال حمـزة‪" :‬هـذا ال ُي‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫سـنتيم�ات ف ي�‬ ‫بضـع‬ ‫الوال ُد عندمـا رأوا أن النبـات قـد نمـا‬ ‫َ‬ ‫ش‬ ‫دقائـق فقط!‬ ‫عر‬ ‫َ‬ ‫وقـــت العـــودة إىل المـــزنز ل‪ ،‬قـــرروا‬ ‫وعندمـــا حـــان‬ ‫ُ‬ ‫المج ــيء ف‬ ‫ـال لمعاين ـ ِـة النب ــات‪ ،‬ال ــذي أطلق ــوا‬ ‫ـ‬ ‫الت‬ ‫ـوم‬ ‫ـ‬ ‫الي‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫عليـــه اســـم ي ز‬ ‫"تـــزار"‪.‬‬ ‫مــرت أ‬ ‫ـام رمضــان‪ ،‬وقــرروا جميعـاً‬ ‫اليــام‪ ،‬وجــاء ُ‬ ‫أول أيـ ِ‬ ‫تن ـ َ‬ ‫الفط ــار معــاً ف ي� الحديق ــة م ــع عائالته ــم‪ .‬حــرض ّ ت‬ ‫ـاول إ‬ ‫والهريـــس‪،‬‬ ‫لفائـــف الشـــاورما اللذيـــذة‪،‬‬ ‫والـــدة حمـــز َة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وخالـــد‬ ‫وأعـــدت الكُ نافـــة‪ ،‬بينمـــا طهـــت والـــدة أحمـــد‬ ‫ٍ‬ ‫مجبـــوس الضـــأن‪ ،‬وأعـــدت البسبوســـة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وجـدوا مكانـاً مريحـاً بالقـرب مـن نبـات ي ز‬ ‫تـرار‪ ،‬وبعـد‬ ‫بعـض الطعام إلطعـام القطة‬ ‫العشـاء‪ ،‬أخـذ‬ ‫أحمـد وحمز ُة َ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫بالقـرب مـن النبتـة‪ .‬ثـم قـال أحمـد والدهشـةُ‬ ‫تمل� وجهـه‪:‬‬ ‫" ْ‬ ‫َ‬ ‫بضـع‬ ‫انظـر! كيـف حـدث ذلـك؟" قـال حمـزة‪ :‬نمـت "تيـزار"‬ ‫َ‬ ‫أمـام أعيننـا‪.‬‬ ‫سـنتيمترات مـرة أخـرى‬

‫ساعات ف ي�‬ ‫بطريقة غريبة‪ ...‬لقد أمضوا‬ ‫النبات ينمو‬ ‫إن‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ف‬ ‫أن النبات ينمو‬ ‫ي‬ ‫التفك� ي� هذا النبات يغ� العادي‪ .‬أدركوا ّ‬ ‫‪71‬‬


‫لنكم ــل السلس ــلة‬

‫خ� بالقرب منه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫برسعة هائلة عندما يقوم أي شخص بعمل ي ٍ‬ ‫أو يقوم بأي لفتة إنسانية لطيفة‪.‬‬ ‫خالد‪" :‬لذا‪ ...‬إذا كنا نهتم وساعدنا الناس والبيئة‪،‬‬ ‫قال ٌ‬ ‫فإن هذا النبات سينمو بحلول العيد ليغدو شجرة كبيرة"‪.‬‬ ‫ين‬ ‫متحمس� للغاية‪،‬‬ ‫وأحمد وحمز ُة‬ ‫خالد‬ ‫كان‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وناقشوا العديد من الطرائق لمساعدة النبات‬ ‫المزيد من‬ ‫كونوا‬ ‫َ‬ ‫عىل النمو بشكل أرسع‪ .‬لقد ّ‬ ‫أ‬ ‫الصدقاء ف ي� الحي‪ ،‬وقاموا معاً بإعداد قائمة‪:‬‬

‫‪72‬‬


‫شــاهد فايــس‬

‫قال أحمد لجميع أ‬ ‫الطفال الذين أرادوا االنضمام‬ ‫ُ‬ ‫للمساعدة ف‬ ‫بشكل أرسع‪" :‬إن المساحة‬ ‫تنمو‬ ‫الشجرة‬ ‫جعل‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الفارغة مخصصة لكم إلضافة أفكاركم"‪( .‬وأنتم أيها‬ ‫القرا ُء تستطيعون إضافةَ أفكاركم أيضاً)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بنشاط األصدقاء"‪.‬‬ ‫خالد‪" :‬دعونا نبدأ‬ ‫قال ٌ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫تصبــح صديقــاً‬ ‫أن‬ ‫تكمــن فكــر ُة نشــاط "الصدقــاء" ي� ْ‬ ‫َ‬ ‫لطفــل آخــر ف ي� الحــي‪ ،‬وتســاعده عــى تعلــم ش‬ ‫� ٍء جديــد‪.‬‬ ‫ي‬ ‫كان أحمـ ُـد بارع ـاً ف ي� الرســم‪ ،‬وخالـ ٌـد يحــب الق ـراءة‪ ،‬وحمــز ُة‬ ‫ـدم جيــد‪.‬‬ ‫العــب كــرة قـ ٍ‬ ‫دون جميــع أ‬ ‫الطفــال مهارا ِتهــم‪ ،‬وأفضـ َـل مــا يمك ُنهــم‬ ‫ّ‬ ‫ـام بــه‪ ،‬وقــرروا االجتمــاع ف ي� الحديقــة القريبــة مــن النبتة‬ ‫القيـ ُ‬ ‫ـرار" كل مســاء ف� الســاعة ‪ 4‬لتعليــم آ‬ ‫"تـ ي ز‬ ‫الخريــن مهاراتهــم‪.‬‬ ‫ي‬ ‫بشــكل أرسع‪ ،‬وبــدأ ف ي�‬ ‫النبــات ينمــو‬ ‫بهــذه الطريقــة بــدأ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫إنتــاج المزيــد مــن الزهــور‪ .‬اســتمتع أطفــال الحــي بتعلــم‬ ‫أشــياء جديــدة‪ ،‬وأصبحــوا أكـ ثـر براعــةً ف ي� عمــل الكثـ يـر مــن‬ ‫انتــرت أ‬ ‫أ‬ ‫ونموهــا‪ .‬ش‬ ‫الخبــار‪...‬‬ ‫الشــياء‪،‬‬ ‫وطــوروا مواهبهــم ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطفــال مــن المناطــق المجــاورة أ‬ ‫وبــدأ أ‬ ‫الخــرى باالنضمــام‬ ‫ألنشــطة أ‬ ‫الصدقــاء‪.‬‬ ‫‪73‬‬


‫لنكم ــل السلس ــلة‬

‫قــام أ‬ ‫الصدقــاء بتأليــف قصيــدة تتضمــن القيــم‬ ‫النســانية ت‬ ‫الــ� يتبنونهــا‪:‬‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫نحب أن نكون مشاركين‬ ‫ولآلخرين مهتمين‬ ‫نحب أن نكون لطيفين‬ ‫وبأفكارنا مراعين‬ ‫الروايـات‪ٍّ .‬‬ ‫لـكل‬ ‫شـخصيات ف ي�‬ ‫يترصفـون وكأنهـم‬ ‫وبـدؤوا‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫دوره‪ ،‬واختاروا اسـماً لمجموعتهـم‪ ،‬إذ قرروا أن يطلقوا عليها‬ ‫ُ‬ ‫اسـم "حلقـة الفكـر"‪ ،‬واسـتمروا ف ي� القيـام بأنشـطة أخـرى‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫التـرع بالوجبـات‬ ‫مـن النشـطة المدونـة ي� القائمـة‪ ،‬مثـل ب‬ ‫الـ� تسـعد آ‬ ‫واللعـاب‪ ،‬أ‬ ‫أ‬ ‫وبالشـياء المفيـدة ت‬ ‫الخريـن‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أيـام حافلـة بالفـرح‬ ‫شـهر الصيـام وانتهـاء ٍ‬ ‫بعـد ِ‬ ‫إتمـام ِ‬ ‫حـل عيـد الفطـر‪ ،‬وبـدا جميـع أ‬ ‫والعطـاء‪ّ ،‬‬ ‫الطفـال ف ي� أجمـل‬ ‫بمالبـس جديـدة‪ ،‬وعندمـا التقـوا ف ي� الحديقـة بعـد‬ ‫حلـة‬ ‫َ‬ ‫خالـد إىل الشـجرة‪ ،‬ثـم قال مندهشـاً‪:‬‬ ‫صلاة العيـد‪ ،‬التفـت ٌ‬ ‫ِ‬

‫"انظـروا‪ ...‬انظـروا ‪ ...‬الزهـور بـدأت تتفتـح"‪.‬‬ ‫‪74‬‬


‫شــاهد فايــس‬

‫الزهـور خالبـاً‪ ،‬مـع أنهـم لـم يتأكـدوا مـن الثمـار‬ ‫منظـر‬ ‫كان‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫الـ� سـتجود بها الشـجرة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ـري النبـات‪ ،‬واسـتمروا ف ي�‬ ‫قـام فريـق " حلقـة الفكـر" ِب ّ‬ ‫والخ�‪ .‬واسـتمرت النبتة‬ ‫القيـام بأعمال المشـاركة إ‬ ‫والحسـان ي‬ ‫بالنمـو بشـكل مذهـل ت‬ ‫غـدت شـجر ًة جميلـة‪.‬‬ ‫حى‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫مــر شــهران فقــط‪ ،‬وكانــا كأنهمــا عــام بالنســبة لهــم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫نظــروا إىل الشــجرة ورأوا ثمــر ًة ناضجــة‪ .‬ي� البدايــة‪ ،‬شــعروا‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫تعــط ثمــاراً كمــا‬ ‫بــس ٍء مــن إ‬ ‫الحبــاط‪ ،‬لن الشــجرة لــم ِ‬ ‫ي‬ ‫توقعــوا‪ .‬اعتقــد خالــد أنهــا ســتكون فاكهــة كبـ يـرة المعــة‪،‬‬ ‫ظــن أحمــد أنهــا ســتبدو ثمــر ًة ســاحر ًة تتوهــج ف ي�‬ ‫بينمــا َّ‬ ‫الظــام‪ ،‬وقــد اتضــح أنهــا فاكهــةٌ حمـرا ُء داكنــة ومســتديرة‬ ‫الشــكل‪ .‬بــدا أ‬ ‫بتفاحــة حمــراء عاديــة‪.‬‬ ‫المــر وكأنهــا أشــبه‬ ‫ِ‬ ‫أخـذوا الثمـرة معهـم وسـارعوا لمنازلهـم‪ ،‬وبعـد أن‬ ‫تفحصوهـا‪ ،‬أدركـوا أنهـا نـو ٌع خـاص مـن الرمـان‪.‬‬ ‫تذوقوهــا مــع أهلهــم‪ ،‬وكان طعمهــا لذيــذاً! وتعلمــوا‬ ‫مــن أهلهــم أن الرمــان فاكهــة مغذيــة للغايــة‪ ،‬ثــم تعاقبــت‬ ‫أ‬ ‫اليــام أ‬ ‫أ‬ ‫وذات‬ ‫وال‬ ‫شــهر‪ ،‬وانشــغل الطفــال باالمتحانــات‪َ .‬‬ ‫ُ‬ ‫ـوم‪ ،‬شــعر أحمــد بالفضــول لمعرفــة مــدى نمــو "تـ ي ز‬ ‫ـرار"‪،‬‬ ‫يـ ٍ‬ ‫‪75‬‬


‫لنكم ــل السلس ــلة‬

‫وذهــب إىل الحديقــة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫بكث�‪.‬‬ ‫أقرص ي‬ ‫ولكن يا َل ْلغرابة‪ ،‬الح َظ ّ‬ ‫ْ‬ ‫أن النبتة أصبحت َ‬ ‫ف‬ ‫التـال‪ ،‬اسـتدعى "حلقـة الفكـر" للحديقـة‪.‬‬ ‫اليـوم‬ ‫و�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫نمت‬ ‫فاسـتغرب‬ ‫ُ‬ ‫الجميـع ممـا رأوا‪ ،‬فقـد كانـوا يتوقعـون أنهـا ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أفضـل‪.‬‬ ‫وترعرعـت بشـكل‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫مريـب للغايـة‪ ،‬وبـدؤوا يفكّـرون فيمـا‬ ‫� ٌء‬ ‫ٌ‬ ‫كان هنـاك ي‬ ‫يجـب عليهـم فع ُلـه‪ .‬كانوا يعلمون بـأن أ‬ ‫سـيكون صعباً‪،‬‬ ‫مر‬ ‫ال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ َ‬ ‫لذلـك وضعـوا قائمـة ألنشـطة البحـث‪:‬‬

‫ُ‬ ‫تقصر الشجرة؟‬ ‫‪ .1‬لماذا‬ ‫ٌ‬ ‫نبات ُ‬ ‫آخر يسلك ذات السلوك في النمو؟‬ ‫‪ .2‬هل هناك‬ ‫َ‬ ‫‪.3‬ماذا يمكننا ْ‬ ‫لمساعدة البيئة؟‬ ‫نفعل‬ ‫أن‬ ‫ِ‬

‫و� اليـوم التـال اجتمعـت الحلقـةُ لمناقشـة أ‬ ‫ف‬ ‫السـئلة‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫المطروحـة وتقديـم إجابـات شـافية لهـا‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أقصر ألننا توقفنا عن أعمال‬ ‫ ‪1.‬أصبحت الشجرة‬ ‫اإلحسان والخير واللطف بسبب انشغالنا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪76‬‬


‫شــاهد فايــس‬

‫ ‪2.‬ال يمكننا معرفة سلوك النباتات األخرى إال‬ ‫عندما نقوم بإنشاء حلقة أكبر على مستوى‬ ‫العالم للقيام بأعمال اإلحسان والخير مع‬ ‫الناس والنباتات والحيوانات‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ ‪3.‬هنــاك طرائـ ُ‬ ‫ـق عديــدة للمســاعدة‪ .‬يجــب علــى‬ ‫ّ‬ ‫أن يتعهـ َ‬ ‫كل واحــد منــا ْ‬ ‫ـام بــدوره‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫بالقي‬ ‫ـد‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫تكـر مـرة أخـرى‪،‬‬ ‫للغايـة لرؤيـة‬ ‫كانـوا سـعدا َء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشـجرة ب ُ‬ ‫ف‬ ‫رعايـة الطبيعـة بـكل طريقـة ممكنـة‪.‬‬ ‫وقـرروا أن يسـتمروا ي� ِ‬ ‫قـد نجـد نباتـات مشـابهة ف ي� أي مـكان أخر‪ ،‬وقـد ال نجد‪،‬‬ ‫لكـن كل النباتـات والحيوانات ف ي� هذا العالم تسـتحق اللطف‬ ‫والرعايـة‪ .‬دعونـا ش ئ‬ ‫ننـس حلقـات أخـرى و"نكمـل السلسـلة"‬ ‫للعنايـة ببيئتنا‪.‬‬

‫‪77‬‬


78


‫ُ‬ ‫زايد الخير‬ ‫أطفال‬ ‫ِ‬ ‫تأليف سهيلة عبد الحليم منصور‬

‫تبــدأ قصتنــا ف ي� يــوم مــن أيــام العيــد الســعيد بدولــة‬ ‫ـات تتجمــع‬ ‫إ‬ ‫المــارات العربيــة المتحــدة‪ ،‬عندمــا كانــت العائـ ُ‬ ‫وتفــرح بهــذه المناســبة الجميلــة وتتقــارب‪ ،‬احتفلــت شــيخةُ‬ ‫وعائل ُتهــا بالعيــد وأفراحــه وطقوســه الجميلــة الـ تـ� تتمـ ي ز‬ ‫ـر بها‬ ‫ي‬ ‫المــارات مــن إعــداد الحلــوى والمأكــوالت ال ّلذيــذة‪،‬‬ ‫دولــة إ‬ ‫وإعــداد المالبـ ِـس الجديــدة للعيــد‪.‬‬ ‫المـارات العربيـة‬ ‫شـيخةُ فتـاة‬ ‫صغـرة تعيـش بدولـة إ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫تتكـون مـن والدهـا ووالدتهـا‬ ‫الـ�‬ ‫ُ‬ ‫المتحـدة مـع عائلتهـا ي‬ ‫وأخويهـا حمـدان وحمـد‪ .‬ف ي� يـوم وقفة العيد المبـارك بدأت‬ ‫العـداد أليـام العيـد الثالثـة القادمة‪ ،‬حيث‬ ‫شـيخةُ وعائل ُتهـا إ‬ ‫‪79‬‬


‫ســهيلة عبــد الحليــم منصــور‬

‫أ‬ ‫يعـد أ‬ ‫كالت الشـعبية‬ ‫ال‬ ‫هـال بدولـة إ‬ ‫المـارات العربيـة ال ِ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫وغ�هـا‬ ‫المعروفـة مثـل (اللقيمـات – الهريـس – ال ّنخـي ‪ ...‬ي‬ ‫مـن المأكوالت الشـعبية ال ّلذيـذة)‪ ،‬كما تقوم الفتيات برسـم‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫كعـادة‬ ‫الحنـاء‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫معروفة بـدول الخليج‪ ،‬وإعـداد المالبس ي‬ ‫لتوزيعها عىل‬ ‫سـوف يلبسـنها بأيـام العيد‪ ،‬وإعـداد الحلـوى‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫الطفـال بعـد صلاة العيـد‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� أول أيام العيد استيقظت العائلة مبكراً‪ ،‬حيث‬ ‫ي‬ ‫توضؤوا وارتدوا مالبسهم الجديدة‪ ،‬وصلوا صبحهم‪ ،‬وبعد‬ ‫ذلك بدؤوا االستعداد للذهاب لمصىل العيد القريب منهم‬ ‫بإمارة الشارقة‪ ،‬وعندما وصلوا إىل هناك صلوا صالتهم‪ ،‬وبدأ‬ ‫الناس بالسالم عىل بعضهم البعض‪ .‬بدأت شيخة بتوزيع‬ ‫الطفال الموجودين‪ ،‬وكان جميع أ‬ ‫الحلوى عىل أ‬ ‫الطفال ي ن‬ ‫فرح�‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫بالعيد وبجمال الحلوى وبالمالبس الجديدة‪ .‬نظرت شيخة‬ ‫وغ�‬ ‫مالبس بالية‪ ،‬ي‬ ‫بعيد فوجدت هناك بنتاً ي‬ ‫من ٍ‬ ‫صغ�ة ترتدي َ‬ ‫سعيدة بالعيد وفرحته مثل بقية أ‬ ‫الطفال‪ ،‬ت‬ ‫فاق�بت شيخة‬ ‫سبب‬ ‫منها‪ ،‬وأعطتها الحلوى وجلست بجانبها وسألتها عن ِ‬ ‫حزنها‪ ،‬ولماذا تجلس وحدها وليس هناك أصدقاء لها‪ .‬بدأت‬ ‫الطفلة بالبكاء‪ ،‬وبالحديث مع شيخة قائلة‪“ :‬أنا طفلة يتيمة‬ ‫‪80‬‬


‫ُ‬ ‫زايـد الخيـر‬ ‫أطفـال ِ‬

‫أعيش مع ّ‬ ‫جدتي المريضة‪ ،‬وال نملك المال الكافي لكي‬ ‫أحضر المالبس الجديدة أو أحتفل بالعيد وفرحته‪ ،‬ولكن‬

‫كب�اً بقصتها‪،‬‬ ‫الحمد لله على كل حال"‪ ،‬فتأثرت شيخة تأثرأ ي‬ ‫ت‬ ‫وتخ�‬ ‫ال� أعطاها لها والدها‪ ،‬ب‬ ‫وفكرت أن تساعدها بعيديتها ي‬ ‫إخوانها بذلك لك ت‬ ‫يش�كوا معها‪ ،‬وبالفعل قامت بإعطائها‬ ‫ي‬ ‫الحلوى وقالت لها “خذي هذه النقود عيدية مني"‪ ،‬فقبلت‬ ‫الصغ�ة ذلك وشكرتها‪ ،‬وقالت لها شيخة ما اسمك‬ ‫منها الفتاة‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ين‬ ‫ُ‬ ‫بمكان‬ ‫وأسكن‬ ‫عفراء‪،‬‬ ‫تعيش�؟ فقالت لها “اسمي‬ ‫وأين‬ ‫ٍ‬ ‫عرفت شيخةُ المكان الذي تعيش فيه‪،‬‬ ‫قريب من هنا"‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫قريب من م�نز لها ففرحت بذلك‪ ،‬وقالت‬ ‫المكان‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫ووجدت ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫وزيارتها باستمرار"‪.‬‬ ‫أقوم بمساعدتها‬ ‫“سوف‬ ‫ِ‬

‫‪81‬‬


‫ســهيلة عبــد الحليــم منصــور‬

‫وذهبـت شـيخة لبيتهـا وأكملـوا فرحـة العيـد‪ ،‬وذهبـوا‬ ‫وجدهم للسلام عليهما‪ ،‬وكان يوماً جميال ً بالنسـبة‬ ‫لجدتهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫لشـيخة وعائلتهـا‪ .‬وبعـد مـرور عـدة أيـام بـدأت شـيخة‬ ‫جدتهـا المريضـة‬ ‫بالذهـاب لبيـت عفـراء لمسـاعدتها‪ ،‬ورأت ّ‬ ‫وأخـر ْت إخوانها‬ ‫جـدة حنوناً طيبـة‪ ،‬ب‬ ‫وتعرفـت عليهـا‪ ،‬فكانـت ّ‬ ‫ْ‬ ‫بذلـك‪ ،‬ففرحـوا وقـرروا أيضـاً مسـاعدتها مع شـيخة‪ ،‬وبدؤوا‬ ‫بمسـاعدتها يوميـاً بالطعـام أ‬ ‫واللعـاب والكسـاء‪ .‬ف‬ ‫و� أحـد‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫تبك�‪ ،‬فقالوا لهـا “مـاذا حدث‬ ‫جالسـة‬ ‫اء‬ ‫ر‬ ‫عفـ‬ ‫وجـدوا‬ ‫يـام‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫عفـراء؟" قالـت “ ّ‬ ‫ُ‬ ‫جدتـي مريضـة جـدا‪ ،‬وال أعـرف مـاذا‬ ‫يـا‬ ‫من‬ ‫أفعـل"‪ ،‬ففكـروا رسيعـاً وذهبـوا للمنز ل وأخـذوا النقـو َد ْ‬ ‫بالطبيب‪ .‬جاء الطبيـب للمكان وفحص‬ ‫مدخراتهـم‪ ،‬واتصلـوا‬ ‫ِ‬ ‫للجدة‪،‬‬ ‫الجـد َة وكتـب الـدوا َء لهـا‪ ،‬وأحرض وه مـن الصيدليـة‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫الجد ُة وشـعرت بالتحسـن‪ ،‬ففرحت عفرا ُء وشـكرتهم‬ ‫وأخذته ّ‬ ‫الجد ُة‬ ‫لمـا يقدمـوه لها من يد العون والمسـاعدة‪ ،‬وشـكرتهم ّ‬ ‫بالنجـاح والتوفيق ف ي� حياتهم‪ ،‬وبعد مرور شـهر‬ ‫ودعـت لهـم‬ ‫ِ‬ ‫الب أ‬ ‫مـن ذلـك شـعر أ‬ ‫والم بـأن ترصفـات أبنائهـم مختلفـة‪،‬‬ ‫أن‬ ‫وهنـاك أشـياء تختفـي مـن المنز ل‪ ،‬فقـال‬ ‫الوالـد "ال ّ‬ ‫ُ‬ ‫بـد ْ‬ ‫اقبهـم أل َ‬ ‫عـرف مـاذا يحـدث"‪ ،‬وبالفعل وجدهـم قد أخذوا‬ ‫أر َ‬ ‫‪82‬‬


‫ُ‬ ‫زايـد الخيـر‬ ‫أطفـال ِ‬

‫قريـب مـن م�نز لهـم‪ ،‬وقابلـوا فتـاة‬ ‫بيـت‬ ‫طعامـاً‪ ،‬وذهبـوا إىل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫صغـرة هنـاك‪ ،‬وأعطوهـا أ‬ ‫ال َكل وانرصفـوا‪ .‬اسـتغرب الوالـد‬ ‫ي‬ ‫بيـت الفتـاة‪،‬‬ ‫مـن هـذا الفعـل وبعـد أن خـرج أبنـاؤه مـن ِ‬ ‫ت‬ ‫الـ�‬ ‫ذهـب اىل المنز ل وطـرق البـاب وفتحـت الفتـاة ُ‬ ‫نفسـها ي‬ ‫كبـرة تعيـش معهـا‪،‬‬ ‫قابلـت أبنـا َءه هنـاك‪ ،‬ووجـد سـيدة ي‬ ‫أنـت؟" قالت “أنا‬ ‫والبيـت‬ ‫ٌ‬ ‫متواضـع جـداً‪ ،‬فسـأل الوالـد "من ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫عفـراء وهـذه َج ّدتـي‪ ،‬ومـن تكـون أنـت يـا سـيدي؟" قـال‬ ‫الـ� أحرض ت لـك الطعـام آ‬ ‫ت‬ ‫وذهبـت"‪،‬‬ ‫ال َن‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫"أنـا والـد الفتـاة ي‬ ‫َ‬ ‫ـم ُ‬ ‫قالـت ن“ ِْع َ‬ ‫الجميلـة التـي تسـاعدنا‬ ‫الطيبـة‬ ‫والـد شـيخة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وجدتـي منـذ فتـرة"‪ ،‬ففـرح أ‬ ‫أنـا ّ‬ ‫الب فرحـاً شـديداً بمـا يفعله‬ ‫ولكن عاب‬ ‫أوالده‪ ،‬وأنـه أحسـن تربيتهـم وأحسـنوا التصرف‪ْ ،‬‬ ‫أنـت‬ ‫عليهـم أنهـم لـم ب‬ ‫يخـروه بذلـك‪ ،‬وسـأل الفتـاة "هـل ِ‬ ‫ت‬ ‫حبيبـ� أم ال؟" فقالـت‪“ :‬ال"‪ .‬قالـت الجـدة‬ ‫بالمدرسـة يـا‬ ‫ي‬ ‫نعـم ت‬ ‫"إن‬ ‫ال�بيـة"‪ ،‬وقالـت لـه‪َّ :‬‬ ‫"تفضـل يـا سـيدي فـأوال ُدك َ‬ ‫تذهـب للمدرسـة ألننـا فقـرا ُء‪ ،‬والمدرسـة تحتاج إىل‬ ‫عفـرا َء ال‬ ‫ُ‬ ‫نقـود‪ ،‬ونحـن ال نملكهـا بسـبب ض‬ ‫مـر�‪ ،‬وليـس هنـاك مصدر‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫سـيد�‪ ،‬وسـلم‬ ‫"خـر إن شـاء اللـه يـا‬ ‫ي‬ ‫رزق لنـا"‪ ،‬فقـال لهـا‪ :‬ي ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ذهـب للمنز ل"‪.‬‬ ‫عليهمـا‪ ،‬ثم‬ ‫َ‬ ‫‪83‬‬


‫ســهيلة عبــد الحليــم منصــور‬

‫وعندمـا عـاد إىل الم�نز ل كانت شـيخة وإخوانهـا بغرفتهم‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أن شـيخة وإخوانها‬ ‫ووجـد ال ّم فحكى لهـا مـا جـرى‪ ،‬وكيـف ّ‬ ‫وجدتَهـا‪ ،‬وكيف أنهم‬ ‫يسـاعدون تلـك الفتـاة‬ ‫الصغ�ة عفـرا َء ّ‬ ‫ي‬ ‫أعطوهمـا الطعـام والمـال مـن أ‬ ‫المـوال ت‬ ‫الـ� ادخروهـا مـن‬ ‫ي‬ ‫عيديتهـم‪ ،‬وأنهـم مسـتمرون على ذلـك بشـكل شـبه يومـي‪،‬‬ ‫ففرحـت أ‬ ‫الم فرحـاً ال يوصـف بمـا فعلـه أبناؤهـا الصغـار‪،‬‬ ‫ولكـن أ‬ ‫الب قـال لهـا‪" :‬سـوف نبلغهـم أننـا عرفنـا‪ ،‬ونعلمهم‬ ‫يخ�ونـا بمـا يفعلونـه أوالً‪ ،‬وأن ال يتعاملـوا مـع‬ ‫بـد أن ب‬ ‫أنـه ال َّ‬ ‫الغربـاء بـدون ِعلمنـا‪ ،‬ت‬ ‫خـراً‪ ،‬ونحن‬ ‫ح� ولـو كان ذلك العمل ي‬ ‫سـوف نسـاعدهم بذلك"‪.‬‬ ‫ونـادى أ‬ ‫الب أبنـا َءه فحرض وا جميعـاً‪ ،‬وقـال لهـم "مـاذا‬ ‫العـزاء؟" وبصفتهم الطيبـة‪ ،‬أ‬ ‫أبنا� أ‬ ‫ئ‬ ‫ولنهم‬ ‫فعلتـم َ‬ ‫اليوم يـا ي‬ ‫عفراء ّ‬ ‫َ‬ ‫وجد َتها"‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫ال يعرفون الكذب قالوا‪“ :‬كنا نسـاعد‬ ‫ُ‬ ‫عفـراء‬ ‫وجدتهـا وكيف تسـاعدونهما‪ ،‬قالـوا‪“ :‬‬ ‫مـن هي عفـرا ُء ّ‬ ‫ٌ‬ ‫فتـاة تعرفنـا عليهـا فـي أول أيـام العيـد‪ ،‬وكنـا نسـاعدها‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫والمالبـس"‪ ،‬ونسـاعدها بالمـال الـذي‬ ‫الطعـام‬ ‫بإعطائهـا‬

‫ٌ‬ ‫جميـل منكم ذلـك‪ ،‬ولكن يجب‬ ‫ادخرنـاه مـن عيديتنـا‪ ،‬قـال‪":‬‬ ‫عليكـم أن ب ن‬ ‫وأن ال تتعاملـوا مـع الغربـاء‬ ‫و� بذلـك أوالً‪ْ ،‬‬ ‫تخـر ي‬ ‫‪84‬‬


‫ُ‬ ‫زايـد الخيـر‬ ‫أطفـال ِ‬

‫بـدون علمنـا"‪ ،‬قالـوا‪“ :‬نعـم يـا والـدي نأسـف علـى ذلـك‪،‬‬

‫ولكـن خفنـا أن ال تسـمح لنـا بذلك"‪ ،‬قـال‪" :‬كيف ذلك وأنتم‬ ‫ن‬ ‫الخـر الـذي‬ ‫الخـر‪،‬‬ ‫دولتنـا ُ‬ ‫ُ‬ ‫زايـد ي‬ ‫تفعلـون ي‬ ‫وبـا� ِ‬ ‫ووالدنـا ي‬ ‫بالدولـة وخارجهـا‪ ،‬ونحـن جميعـاً تعلمنـا‬ ‫الجميـع‬ ‫سـاعد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫منـه ذلك‪ ،‬وأنا سـعيد جـداً بما فعلتمـوه‪ ،‬ولكن كنـت أُف َّض ُل‬ ‫أن ب ن‬ ‫بالخـر‪ ،‬ولـن أرفـض لكـم طلباً‪،‬‬ ‫و� مـادام عملكـم‬ ‫ي‬ ‫تخـر ي‬ ‫ن‬ ‫بـأ� ذهبت خلفكـم‪ ،‬وعرفت مكان‬ ‫وبهـذه المناسـبة أعلمكم ي‬ ‫أسـاعدهما‬ ‫وجد ِتهـا وتحدثت معهمـا‪ ،‬وقررت أيضاً أن‬ ‫َ‬ ‫عفـرا َء ّ‬ ‫مثلكـم"‪ ،‬قالـوا “كيـف ستسـاعدهما أبـي الحبيـب"‬ ‫قال "سوف ُ‬ ‫أدخل عفرا َء المدرسة‪ ،‬وسوف أصلح م�نز لهما‬ ‫الذي تعيشان فيه‪ ،‬وأيضاً سوف أح�ض‬ ‫الطبيب للجدة يك‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫الخ�‪.‬‬ ‫يكشف عليها"‪ .‬فرح البناء فرحاً شديداً بذلك ب‬ ‫سـجل والدهـم عفـرا َء بنفـس‬ ‫وبعـد عـدة أيـام بالفعـل ّ‬ ‫مدرسـة أبنائـه‪ ،‬والتحقـت عفـراء بالمدرسـة بالصـف أ‬ ‫الول‪،‬‬ ‫وكانـت شـيخة بالصـف الخامـس وحمـد بالصـف الرابـع‪،‬‬ ‫الول بنفـس صـف عفـراء‪ ،‬وبـدأ أ‬ ‫وحمـدان بالصـف أ‬ ‫الطفـال‬ ‫يذهبون لمدرسـتهم كل يوم‪ ،‬ويقابلون عفراء وهي فرحة بما‬ ‫غـروا حياتها وسـاعدوها‬ ‫فعلـوه لهـا‪ ،‬وكيـف أنهـم وعائلتهم ي‬ ‫‪85‬‬


‫ســهيلة عبــد الحليــم منصــور‬

‫هـي وجدتهـا‪ ،‬وأخـذوا بيدهمـا مـن هـذا الفقـر الـذي كانـا‬ ‫فيـه‪ ،‬وحمـوا عفـراء مـن الجهل‪ ،‬وهـي آ‬ ‫الن تذهب للمدرسـة‬ ‫َ‬ ‫الطفـال آ‬ ‫وتتعلـم كبقيـة أ‬ ‫الخريـن‪ ،‬ولن تنىس ذلـك لهم أبداً‪.‬‬ ‫انتظمـت بمدرسـتها‪ ،‬ولكـن كان هنـاك بعـض‬ ‫وبعـد ذلـك‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫فقـرة‪ ،‬ولكن‬ ‫الطفـال الذيـن يتنمـرون عليهـا لنها مـن عائلة ي‬ ‫حمـدان رأى ذلـك وطلـب مـن هـؤالء أ‬ ‫الطفـال بـأن ال يقولـوا‬ ‫وأخ� شـيخةَ بما‬ ‫ذلـك لعفـراء‪ ،‬ولكنهـم لـم يسـمعوا كالمـه‪ ،‬ب‬ ‫حـدث بالصـف‪ ،‬فقالت‪“ :‬ال ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بـد ْ‬ ‫وأدافـع عنها"‪.‬‬ ‫أذهـب أنـا‬ ‫أن‬ ‫وبالفعـل ف‬ ‫وأخ�تهـا بمـا‬ ‫اليـوم‬ ‫�‬ ‫التـال ذهبـت للمعلمـة ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫يحـدث‪ ،‬ومـاذا قـال ال ُ‬ ‫طفال لعفـراء‪ ،‬فغضبـت المعلمة من‬ ‫هـذا التصرف المرفـوض إنسـانياً وأخالقياً‪ ،‬وذهبـت المعلمة‬ ‫للصـف‪ ،‬وقالـت لهم‪" :‬أنـا عرفت بما حدث مع عفـراء‪ ،‬وكيف‬ ‫أنكـم تنمرتـم عليها‪ ،‬وهـذا الفعل مرفـوض إسلامياً وأخالقياً‪.‬‬ ‫ف‬ ‫يـن َآم ُنـوا َل‬ ‫قـال اللـه تعـاىل ي� كتابـه الكريـم‪﴿ :‬يَـا أَيُّ َهـا ا َّل ِذ َ‬ ‫سى أَن يَكُونُوا خَ ي ْ ً�ا ِّم ْن ُه ْم َو َل ِن َسـا ٌء‬ ‫يَ ْسـخَ ْر َق ْ‬ ‫ـو ٌم ِّمن َق ْو ٍم َع َ ٰ‬ ‫ـن َو َل تَ ْل ِم ُزوا أَنف َُسـك ُْم َو َل‬ ‫ـرا ِّم ْن ُه َّ‬ ‫ِّمـن ن َِّس ٍ‬ ‫س أَن يَك َُّن خَ ي ْ ً‬ ‫ـاء َع َ ٰ‬ ‫تَنابـزوا ب ْ أ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َـاب ِب ْئ َس ِال ْس ُـم ا ْلف ُ​ُس ُ‬ ‫ـان َو َمن‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ـوق بَ ْع َـد ْ ِإ‬ ‫ال َيم ِ‬ ‫َ َ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّلـم يتـب َفأُو َٰلئـكَ هُ ـم الظَّالمـون﴾ آ‬ ‫(اليـة ‪ 11‬سـورة الحجـرات)‪،‬‬ ‫ُِ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ َُ ْ‬ ‫‪86‬‬


‫ُ‬ ‫زايـد الخيـر‬ ‫أطفـال ِ‬

‫ومرفـوض نهائيـاً بدولـة إالمـارات العربيـة المتحـدة‪ ،‬ألن هذا‬ ‫ليـس مـن صفـات وأخلاق أهلها"‪ ،‬فشـعر أ‬ ‫بالذنب‪،‬‬ ‫طفـال‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الترصف‬ ‫بأن هـذا‬ ‫وقامـوا جميعـاً باالعتـذار لعفـرا َء‪ ،‬ووعدوا ّ‬ ‫لـن يتكـرر مـر ًة أخرى‪.‬‬ ‫تسـتمر عفـرا ُء بدراسـتها بـكل حـب‪ ،‬وتبـدأ‬ ‫بعـد ذلـك‬ ‫ُّ‬ ‫وتصبـح مـن أوائـل الطلبـة‬ ‫والتفـو ِق ف ي� دراسـتها‪،‬‬ ‫بالنجـاح‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫بالمدرسـة‪ ،‬وتُكَ ّـر ُم دائمـاً مـن إدارة المدرسـة‪ .‬فرحـت شـيخة‬ ‫كثـراً بذلك هـي وعائلتها‪ ،‬وكيف أنهـم بفعلهم الطيب يغ�وا‬ ‫ي‬ ‫حيـاة عفـراء‪ ،‬وكيف أصبحـت آ‬ ‫الناجحات‬ ‫الن من المتفوقـات‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تغمرهـا َ‬ ‫وجدتهـا‪.‬‬ ‫هـي‬ ‫ف ي� حياتهـا‪ ،‬والسـعادة‬

‫‪87‬‬



‫السـحري‬ ‫والح ّناء ِّ‬ ‫آمنة‬ ‫ِ‬ ‫تأليف آمنة السويدي‬

‫ـتعد الســتقبال‬ ‫أن تسـ ّ‬ ‫غــداً أول أيــام عيــد الفطــر‪ ،‬وعىل آمنة ْ‬ ‫ت‬ ‫الــ� طــال انتظارهــا “اممــم‪...‬‬ ‫هــذه المناســبة الســعيدة ي‬

‫ُ‬ ‫ـيت أن أضـ َ‬ ‫الحنّــاء‬ ‫ـع‬ ‫مالبســي‪ ...‬حذائــي‪ ...‬يــا إلهــي لقــد نسـ‬ ‫ِ‬ ‫علــى يـ ّ‬ ‫ـب مــن أمهــا‬ ‫ـدي" تمتمــت آمنــة‪ .‬أرسعــت آمنــة لتطلـ َ‬ ‫ٌ‬ ‫متســع‬ ‫المســاعدة‪" .‬ال تقلقــي يــا صغيرتــي‪ ،‬ال يــزال لدينــا‬

‫مــن الوقــت"‪ .‬طمأنــت أ‬ ‫الم ابنتهــا آمنــة‪ .‬بــدأت أم آمنــة‬ ‫ـن دون جــدوى‪ .‬إنهــا ليلــة‬ ‫باالتصــال بمحــات الحنــاء ولكـ ْ‬ ‫العيــد والجميــع مشــغولون والطرقــات مزدحمــة‪ .‬حزنــت‬ ‫ت�يــن بالحنــاء ف� كل أ‬ ‫العيــاد‪،‬‬ ‫آمنــة كثـ يـراً‪ ،‬فقــد اعتــادت أن ت ز َ‬ ‫ي‬ ‫ـ� بمفردهــا‪ .‬ثــم هرولــت باتجــاه صديقهــا جمــول‬ ‫وظلــت تبـ ي‬ ‫‪89‬‬


‫آمنـة السـويدي‬

‫لتخــره عــن ســبب ضيقهــا‪ .‬جمــول هــو الجمــل الـ ف‬ ‫ـو� الــذي‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫صغ�ة تـ بـرق ف ي�‬ ‫والدهــا‪ .‬لمحــت آمنــة ورقــة ي‬ ‫يعيــش ي� زريبــة ِ‬ ‫ـح النهــار‪ ،‬قــد ألقيــت عــى الرمــل ف ي� مزرعتهــم‪ ،‬همــت‬ ‫وضـ ِ‬ ‫ـب عليهــا "نقشــات أم أحمــد"‪ .‬كادت‬ ‫بالتقاطهــا‪ ،‬وكان قــد ك ُِتـ َ‬ ‫تطــر فرحــاً بعــد عثورهــا عــى هــذه البطاقــة‪،‬‬ ‫آمنــة أن ي‬ ‫حيــث إن والدتهــا لــم تتصـ ْـل بهــذا المحــل‪ ،‬وطلبــت مــن‬ ‫صديقهــا جمــول أن يرافقهــا للبحــث عــن مــكان هــذا المحــل‬ ‫وســط الصح ـراء‪.‬‬ ‫العنوان‬ ‫امتطـت آمنة ظهر جمـول بحذر‪ ،‬ومضيا يتبعـان ُ‬ ‫ت‬ ‫الـ� ع�ث ت عليهـا‪ .‬وبعد مض ي نصف‬ ‫الم ّ‬ ‫ُ‬ ‫ـدون على البطاقـة ي‬ ‫سـاعة ظهـرت من بعيـد خيمةٌ ملونـة‪ ،‬وكان الضبـاب الكثيف‬ ‫أ‬ ‫المثبتـة‬ ‫الالفتـة‬ ‫يمل� المـكان‪ .‬حاولـت آمنـة جاهـدة قـراءة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف ي� وسـطها‪ ،‬ثـم رصخـت قائلـة‪“ :‬لقـد وصلنـا يـا جمـول! يـا‬ ‫َ‬ ‫لسـعادتي‪ ،‬انتظرنـي فـي الخـارج يـا جمـول ريثمـا أنتهـي‬ ‫الحنّـاء"‪ ،‬حدثـت آمنـة جمـول‪ .‬دخلـت آمنـة إىل‬ ‫مـن وضـع ِ‬

‫ت‬ ‫الـ� كانـت تقـف ف ي� وسـط الخيمـة‬ ‫الخيمـة‪ .‬نـادت أم أحمـد ي‬ ‫آمنـة قائلـة‪" :‬ال ف‬ ‫ت‬ ‫واجلس�"‪.‬‬ ‫بقـر�‬ ‫تعـال‬ ‫‪،‬‬ ‫عزيـز�‬ ‫يـا‬ ‫تخـا�‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫جلسـت آمنـة بجانـب العجـوز تم�قبـة ما سـوف يحـدث‪ .‬ثم‬ ‫‪90‬‬


91


‫آمنـة السـويدي‬

‫بـدأت أم أحمد برسـم نقشـات حنـاء جميلة عىل يـدي آمنة‪.‬‬ ‫انتهـت أم أحمـد من رسـم الحناء‪ ،‬فشـكرتها آمنـة قائلة‪:‬‬ ‫“يـا لهـا مـن نقشـات رائعـة"‪ ،‬أردفـت أم أحمـد‪:‬‬ ‫ي ت‬ ‫سه بنفسـك‬ ‫"إنـه حنـاء سـحري يـا‬ ‫صغـر ي� ‪ ,‬عليك اكتشـاف ِ ّ‬ ‫يز‬ ‫وسـرول مفعو ُلـه بعـد أن يختفـي مـن يديـك"‪.‬‬

‫“أرسعـي يـا آمنـة‪ ،‬فعلينـا أن نعـود إىل المنز ل برسعـة"‬ ‫هـذه الكلمـات‪ ،‬وقد تفاجـأت آمنة وتسـاءلت‪:‬‬ ‫أطلـق جمـول ِ‬

‫َ‬ ‫“مـاذا؟؟!! هـل تسـتطيع التحـدث يـا جمـول؟؟"‬

‫"نعم ‪ ..‬هذا بفضل الحناء السـحري"‪ ،‬أجاب جمول بسـعادة‬ ‫‪92‬‬


‫السـحري‬ ‫والح ّنـاء ِّ‬ ‫آمنـة ِ‬

‫وثقـة‪ .‬ف ي� طريـق عودتهمـا‪ ،‬وبينمـا كانـا يتبـادالن أطـراف‬ ‫الحديـث‪ ،‬شـاهد جمـول وآمنة جمال ً عىل جانـب الطريق كان‬ ‫يبك� متألمـاً‪" .‬هـذا صديقـي حسـون‪ ،‬إنـه يشـكو من ألـم ف ي�‬ ‫ي‬ ‫الكث� مـن أصحابنا‬ ‫بطنـه منـذ مـدة طويلـة‪ ،‬وهـذا هو حـال ي‬ ‫َْ‬ ‫الجمـال"‪ ،‬قـال جمول بحـزن‪“ .‬يـا للجمـل المسـكين‪ ،‬ليتني‬ ‫أعـرف سـبب ألمـه ألسـاعده" أردفـت آمنـة بحـزن‪ .‬أكمـل‬ ‫الصديقـان رحلتهمـا فتوقـف جمـول فجـأة وأنـزل رأسـه‪ ،‬ثـم‬ ‫فتح فمه ليأكل كيسـاً بالسـتيكياً قد ُرِمي ي ن‬ ‫ب� الرمال‪ .‬فصاحت‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫آمنـة محـذرة‪“ :‬توقـف يـا جمـول‪ ،‬ال يمكنـك تناولـه‪ ،‬إنـه‬ ‫مناسـب للأكل"‪" ،‬لكنـه بمثابـة وجبـة خفيفـة قبـل‬ ‫غيـر‬ ‫ٍ‬ ‫أن حسـوناً كان‬ ‫العشـاء" قـال جمـول بسـذاجة‪" .‬ال‬ ‫عجـب ّ‬ ‫َ‬ ‫بالسـتيك آخـر"‪ ،‬أضافـت آمنـة‪.‬‬ ‫لكيـس‬ ‫يتألـم بسـبب أكلـه ٍ‬ ‫ي‬ ‫"هـل هـو فعلا ً ُم�ض ِ ؟" قـال جمول باسـتغراب‪ .‬ثـم واصلت‬ ‫آمنـة حديثهـا قائلة‪" :‬ليس هـذا الكيس فحسـب‪ ،‬بل جميع‬ ‫إيجـاد ّ‬ ‫ُ‬ ‫أنـواع النفايـات غيـر صالحـة للأكل‪ّ ،‬‬ ‫حـل لهـذه‬ ‫علـي‬

‫المشـكلة‪ ،‬ومسـاعدة هـذه الجمـال المسـكينة"‪.‬‬ ‫ف ي� الصبـاح احتفلـت آمنـة بـأول أيـام عيـد الفطـر مـع‬ ‫عائلتهـا وصديقهـا جمـول‪ ،‬وتناولـت ألـذّ أ‬ ‫الطبـاق ت‬ ‫الـ�‬ ‫ي‬ ‫‪93‬‬


‫آمنـة السـويدي‬

‫أعدتهـا والدتهـا‪ .‬ف‬ ‫و� المسـاء اسـتقبلت آمنـة صديقتيها علياء‬ ‫ي‬ ‫وفاطمـة ي ن‬ ‫اللتـ� أعجبتـا بحناء أم أحمد الجميـل‪ .‬الحقاً وقبل‬ ‫عمـا كان يؤرقهـا‪،‬‬ ‫إخبارهمـا ّ‬ ‫أن تـو ّدع آمنـة صديقتيهـا قـررت َ‬ ‫حلـول مناسـبة‪ .‬فقالـت‬ ‫وعـن محاوالتهـا الجـادة إليجـاد‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫"صديقتـي العزيزتيـن‪ ،‬عندمـا كنت‬ ‫نـرة حـزن‪:‬‬ ‫بصـوت فيـه ب‬ ‫ً‬ ‫برفقـة صديقـي جمـول‪ ،‬رأيـت عـددا مـن الجمـال التـي تبـدو‬

‫متعبـة وشـاحبة اللـون‪ ،‬وهنـاك ظاهـرة غريبـة قـد تفشـت‬ ‫بينهـا‪ ،‬وهـي ظاهـرة أكل األكيـاس البالسـتيكية والنفايـات‬ ‫المرميـة فـي الصحـراء"‪ ،‬فـردت عليـاء‪" :‬لقـد قـرأت مؤخرا‬ ‫معلومـة تخـص هـذه الظاهـرة‪ ،‬وهـي أن خمسـين بالمئـة‬ ‫مـن الجمـال فـي دولـة اإلمـارات تمـوت بسـبب تناولهـا‬ ‫ألكيـاس النفايـات"‬

‫ً‬ ‫"إذن مـا رأيكمـا بـأن نتعـاون سـويا‪ ،‬ونسـاهم فـي‬

‫تنظيـف الصحـراء مـن هـذه النفايـات الخطيـرة؟"‪ ،‬قالـت‬ ‫آمنـة بـإرصار‪ .‬تعاونـت الصديقـات الثلاث ف‬ ‫التـال‬ ‫اليـوم‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫على تنظيـف الصحراء‪ ،‬ووضعـن الفتات إرشـادية تنبه الناس‬ ‫للحفـاظ على البيئـة‪ ،‬ورمـي النفايـات ف� أ‬ ‫الماكـن المخصصة‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫لهـا‪ .‬وال ننسى صديقنـا جمـول الـذي سـاهم أيضـاً ي� هـذه‬ ‫‪94‬‬

‫ً‬


‫السـحري‬ ‫والح ّنـاء ِّ‬ ‫آمنـة ِ‬

‫الحملـة‪ ،‬وقـام بتقديـم المسـاعدة آلمنـة وصديقتيهـا‪.‬‬ ‫بـدأت الحنـاء تـزول شـيئاً فشـيئاً مـن يـدي آمنـة‪ ،‬وبذلك‬ ‫بـدأ مفعولها السـحري يختفي تمامـاً‪ ،‬كما قالت لها أم أحمد‪.‬‬

‫ً‬ ‫"هـا هـي الحنـاء قـد اختفـت تمامـا‪ .‬إنهـا ال تـدوم طويلا ً يـا‬ ‫َ‬ ‫أصدقـاء إلـى األبـد‪ ،‬وربمـا ألتقي ّ‬ ‫بأم‬ ‫جمـول‪ ،‬ولكننـا سـنبقى‬ ‫ً‬ ‫أحمـد مجـددا فـي عيـد األضحى"‪.‬‬

‫‪95‬‬


96


‫حماة البحار‬ ‫تأليف نور أحمد الخطيب‬

‫ف ي� مدينـ ٍـة صغـ يـرٍة ُو ِلـ َـد ْت فتــا ٌة جميلــةٌ فــرح بهــا والداهــا‪،‬‬ ‫وأســمياها لؤلــؤة لجمــال عينيهــا‪ .‬كانــت أمهــا جميلــة جــداً‪،‬‬ ‫وتعمــل مضيفــة طـ يـران‪ .‬كانــت لؤلــؤة تشــتاق ألمهــا كثـ يـراً‪،‬‬ ‫عمرهــا ثــاث ســنوات‪ ،‬ومازالــت لؤلؤة‬ ‫وكـ بـرت لؤلــؤة وأصبــح ُ‬ ‫تشــتاق ألمهــا‪ .‬كانــت لؤلــؤة تحتــاج للرعايــة واالهتمــام‪ .‬لــذا‬ ‫أ‬ ‫أن ت‬ ‫تــرك عملهــا ِلتعتــن ي َ بابنتهــا‪ ،‬وتعتمــد‬ ‫اضطــرت الم ْ‬ ‫عــى المبلــغ الــذي يرســله أ‬ ‫الب لهمــا كل شــهر‪ .‬وعاشــوا‬ ‫عــى هــذه الحــال حـ تـى أصبــح عمــر لؤلــؤة أربــع ســنوات‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫قالــت لؤلــؤة لمهــا‪“ :‬أمــي قــد مللــت مــن قضــاء الوقــت‬ ‫فــي المنــزل‪ ،‬وأريــد دخـ َ‬ ‫ـول المدرســة واللعـ َ‬ ‫ـال‬ ‫ـ‬ ‫األطف‬ ‫ـع‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـب‬ ‫ِ‬ ‫‪97‬‬


‫نـور أحمـد الخطيـب‬

‫دخلــت لؤلــؤ ُة المدرســةَ وتعرفــت‬ ‫هنــاك"‪ .‬وبعــد أســبوع‬ ‫ْ‬ ‫عــى صديقــة وكانــت تدعوهــا ميمــي‪ ،‬لكــن اســمها الحقيقــي‬ ‫هــو مريــم‪ .‬ف‬ ‫أن‬ ‫ـ‬ ‫الت‬ ‫ـوم‬ ‫ـ‬ ‫الي‬ ‫�‬ ‫ـال اتفقــت ميمــي ولؤلــؤة عــى ْ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫تخ�‬ ‫تحــاول ميمــي إقنــاع والدتهــا لخذها لبيــت لؤلــؤة‪ ،‬وأن ب‬ ‫لؤلــؤة والدتَهــا برغبتهــا باســتقبال ميمــي ف ي� بيتهــم الصغـ يـر‪.‬‬ ‫وبالفعــل نجحــت كل مــن لؤلــؤة وميمــي ف ي� إقنــاع والدتيهمــا‪.‬‬ ‫ف‬ ‫المـدرس‪ ،‬ذهبت‬ ‫الـدوام‬ ‫انتهاء‬ ‫وبعـد‬ ‫‪،‬‬ ‫التـال‬ ‫اليـوم‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ميمـي إىل بيـت لؤلـؤة‪ .‬والحظـت ميمـي عـدم وجـود والـد‬ ‫لؤلـؤة‪ ،‬فسـألتها “أيـن ُ‬ ‫والـدك؟" قالـت لؤلـؤة “إنـه مسـافر‬ ‫ولـم أره منـذ مـدة"‪ .‬كانـت عالمـات الحـزن على وجهها‪ ،‬ثم‬ ‫قالـت‪“ :‬ال تهتمـي لألمـر"‪ ،‬ثـم بدأتـا باللهـو واللعـب‪ .‬لقـد‬ ‫حظيتـا بأمتـع أوقاتهمـا‪ .‬ف‬ ‫و� السـاعة الخامسـة عصراً أصبـح‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الـ� كانـت بنيـة‬ ‫العشـاء جاهـزاً‪ ،‬وذهبتـا لمائـدة الطعـام ي‬ ‫اس‪ .‬كان الطعـام شـهياً رغـم‬ ‫اللـون ومحاطـة بأربعـة كـر ي ّ‬ ‫بسـاطته‪ .‬بعدمـا أكملتـا طعامهمـا ذهبتـا للدراسـة ثـم قرأتـا‬ ‫كتبـاً وقصصـاً‪ ،‬ف‬ ‫و� السـاعة السادسـة والنصف مسـا ًء ذهبت‬ ‫ي‬ ‫ميمـي لم�نز لهـا‪.‬‬ ‫وبعـد عـدة أيـام أعلنت المدرسـة عن رحلة سـتقيمها إىل‬ ‫‪98‬‬


‫حمـاة البحـار‬

‫الخـر ذهبـت فـوراً إىل‬ ‫الشـاطئ‪ .‬حينمـا علمـت لؤلـؤة بذلـك ب‬ ‫الخـر؟ نحـن ذاهبـون ف ي�‬ ‫ميمـي فرحـةً وقالـت "هـل سـمعت ب‬ ‫خ�‬ ‫رحلـة إىل الشـاطئ!" ردت ميمـي قائلةً "نعـم! هذا أجمل ب‬ ‫سـمعته ف� ت‬ ‫أخ�ت ٌّكل‬ ‫حيـا� كلهـا!"‪ .‬وعندما عادتـا إىل م�نز ليهما ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫مـن لؤلـؤة وميمـي والدتيهما عـن الرحلة‪ ،‬ووافقـت والدتاهما‬ ‫ين‬ ‫متحمسـت� جـداً لذلـك اليـوم‪ .‬وعندمـا‬ ‫على ذهابهمـا‪ .‬كانتـا‬ ‫تأ� اليـوم المنتظـر حزمـت ٌّكل مـن ميمـي ولؤلـؤة أمتعتهمـا‪،‬‬ ‫وذهبتـا إىل الحافلـة وجلسـتا بجانـب بعضهمـا‪ ،‬ثـم بدأتـا‬ ‫بالتخطيـط لما تريدان فعله فـور وصولهما إىل هناك‪ .‬فاتفقتا‬ ‫على أن تبـدآ بالبحـث عـن كائنـات حية وأصـداف ي ز‬ ‫ممـرة فور‬ ‫وصولهمـا‪ .‬كان الطريـق إىل الشـاطئ ممتعـاً‪ ،‬فقـد أمضتـا‬ ‫الوقـت بالغنـاء وتبـادل أطـراف الحديـث‪ .‬ي ن‬ ‫وحـ� وصولهمـا‬ ‫بدأتـا فـوراً بالبحث عن كائنات حية وأصداف‪ . .‬كانت نسـمات‬ ‫البحـر العليلـةُ تداعـب شـعر لؤلـؤة‬ ‫الذهـ�‪ ،‬وكان البحـر‬ ‫بي‬ ‫أ‬ ‫يتل� أل تحـت أشـعة الشـمس ش‬ ‫الم�قـة‪ .‬يـا لهـا مـن سـعادة‬ ‫غامـرة‪ ،‬وبعـد لعـب طويـل‪ ،‬قررتا أن ت‬ ‫تسـريحا وتجلسـا عىل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عصـر فارغة‪ ،‬وبعض‬ ‫علب ي‬ ‫شـاطئ البحـر‪ .‬رأت لؤلـؤة وميمي َ‬ ‫علـب البالسـتيك مرميـة على الشـاطئ فتعاونتـا على إزالتها‪،‬‬ ‫‪99‬‬


‫نـور أحمـد الخطيـب‬

‫ً‬ ‫عندهـا سـمعت كل منهمـا كلمـة “شـكرا"‪ ،‬وظنـت كل‬

‫واحـدة أن أ‬ ‫الخـرى هـي من قالتها‪ ،‬فتسـتغرب وتسـألها‪ ،‬لكن‬ ‫أ‬ ‫الخـرى تجيـب “أنـا لـم أقـل ذلـك!" ولـم تجـدا أمامهمـا‬ ‫صغـرٍة‪ ،‬هـل يعقـل أن‬ ‫سـلحفاة‬ ‫سـوى‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫السـلحفاة هـي مـن شـكرتهما؟ لقـد‬ ‫تفاجأتـا أن كلمـة شـكراً كانـت‬ ‫فعلا ً صـادرة عنهـا‪،‬‬

‫‪100‬‬


‫حمـاة البحـار‬

‫ألنه ‪ -‬وحسب معرفتهما ‪ -‬أن السالحف ال تتكلم‪ .‬فركت لؤلؤة‬ ‫عينيهـا لتتأكـد مـن صحـة مـا رأتـه‪ ،‬وسـألتها باسـتغراب “هل‬ ‫أنـت من شـكرنا؟" فقالـت السـلحفاة‪“ :‬نعم"‪ ،‬فسـألتها لؤلؤة‬ ‫ِ‬ ‫شـكرتنا؟" فقالت‬ ‫وعالمـات الدهشـة على وجهها‬ ‫“ولكـن ِل َـم ْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫“لنكمـا أزلتمـا القمامـة من عىل الشـاطئ" ‪ ،‬ثـم تابعت قائلة‬ ‫ن‬ ‫اتبعـا�"‪ ،‬قالـت ميمـي “نتبعـك؟ ولكـن كيف سـنتنفس‬ ‫“هيـا‬ ‫ي‬ ‫تحـت المـاء؟" فردت السـلحفاة ت‬ ‫“سـرين"‪ ،‬فتبعتاها بع� نفق‬ ‫يـؤدي إىل عمـق البحـر بحمـاس ودهشـة‪ ،‬وفجـأة بـدأ يظهـر‬ ‫ين‬ ‫سـمكت�‪ ،‬فصاحت ميمي‬ ‫لهمـا زعانف وخياشـيم وتحولتا اىل‬ ‫قائلـة “هـذا ٌ‬ ‫رائـع لقـد أصبحنـا سـمكتين! هكـذا‬ ‫نسـتطيع التنفـس تحـت المـاء إذن" قالـت السـلحفاة "نعم‬

‫‪101‬‬


‫نـور أحمـد الخطيـب‬

‫هـذا صحيـح يـا ميمـي‪ ،‬آه صحيـح لقـد نسـيت أن أعرفكمـا‬ ‫بنفس�‪ ،‬أنـا ِا ْسـمي سـلحوفة وأنـا مـن فصيلـة السلاحف‬ ‫ي‬ ‫الخرض اء‪ ،‬لقـد الحظت أنكمـا تحبان النظافةَ ‪ ،‬لـذا أح�ض تكما‬ ‫الكث� من النفايات ف ي� البحر‪.‬‬ ‫أن إ‬ ‫نسـان يرمي ي‬ ‫ال َ‬ ‫لتشـاهدا كيف ّ‬ ‫كأن البحـر أصبـح مكبـاً للقمامة"‪ .‬انبهرت لؤلـؤة وميمي ألنهما‬ ‫تسـتطيعان التنفـس تحـت المـاء‪ ،‬ولكن ما فاجأهمـا أك�ث هو‬ ‫أن البحـر لـم يكـن كمـا يبـدو عليـه مـن الخـارج‪ ،‬فلقـد كان‬ ‫مليئـاً أ‬ ‫بالوسـاخ‪ .‬وبعـد قليـل أتت حوريـة البحـر مرجانة‪ .‬كان‬ ‫أحمـر‬ ‫مجعـد‬ ‫وشـعر‬ ‫لـون أخرض َ المـع‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫لمرجانـة ذيـل ذو ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ت‬ ‫صديقـ�‬ ‫اللـون‪ .‬قالـت مرجانـة للؤلـؤة وميمـي "أح�ض تْكمـا‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫عـر هـذا البـاب (بـاب الزمـن)‪،‬‬ ‫سـلحوفة إىل هنـا يك تدخلا ب‬ ‫ين‬ ‫وتريـا كيـف كان البحـر َ‬ ‫السـن�"‪.‬‬ ‫آالف‬ ‫قبـل ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫واحـد “يـا للروعـة! ّ‬ ‫هيـا بنـا"‪،‬‬ ‫بصـوت‬ ‫قالتـا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫(بـاب الزمـن)‪ .‬كان الباب‬ ‫فقادتهـم حوريـة البحـر مرجانـةُ إىل ِ‬ ‫يخطـف أ‬ ‫البصـار‪،‬‬ ‫ذهـ� المـع‬ ‫أزرق‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫يـق ب ٍي‬ ‫اللـون ومحاطـاً بب� ٍ‬ ‫عـر الزمـن‪ .‬وعندمـا‬ ‫ممـا زاد حماسـة ميمـي ولؤلـؤة للرجـوع ب‬ ‫فتحتـا البـاب ودخلتـا بـدأ البـاب بالـدوران برسعـة تفـوق‬ ‫وعم الهـدوء‪ ،‬وكانـت الصدمة‬ ‫الخيـال‪ ،‬وفجـأة هـدأ البـاب ّ‬ ‫‪102‬‬


‫حمـاة البحـار‬

‫وكأن أحدهـم أيقظهمـا مـن الحلـم‪ ،‬فلقد كان البحـر كزجاج‬ ‫شـفاف ذي لـون تركوازي وملء أ‬ ‫الصغـرة الجميلة‬ ‫بالسـماك‬ ‫ي‬ ‫ٍّ ي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ت‬ ‫الـ� تلعب ف ي� المرجـان‪ ،‬كان البحر أجمل من أي بحر‬ ‫الملونـة ي‬ ‫قـد رأتـاه ف ي� حياتهمـا‪ .‬وبعـد أن تجولتـا ف ي� المـكان رأت ميمـي‬ ‫أسـنان حـا ّدة قادمـاً باتجاههمـا‪،‬‬ ‫فجـأ ًة قرشـاً ضخمـاً لديـه‬ ‫ٌ‬ ‫قـادم‬ ‫قـرش‬ ‫قالـت ميمـي للؤلـؤة بذعـر‪" :‬يـا إلهـي! هنـاك ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ين‬ ‫خائفتـ� جـداً‪ ،‬وكانتـا تفكـران ف ي� ٍّ‬ ‫حـل لهذه‬ ‫نحونـا!" أصبحتـا‬ ‫المصيبـة وبطريقـة للهـرب مـن دون أن يراهمـا‪ ،‬ثـم فجـأ ًة‬ ‫قالـت لؤلـؤة "وجدتهـا! أتذكريـن عندمـا أخذنـا ف ي� درس‬ ‫العلـوم أن القـروش لها حاسـة بصر ضعيفة؟" فـردت ميمي‬ ‫"نعـم" فأكملـت لؤلـؤة قائلة‪" :‬حسـناً‪ ،‬علينا أال نسـبح برسعة‬ ‫ألن هـذا سـوف يلفـت نظـره‪ ،‬بل يجـب علينا أن نسـبح ببطء‬ ‫يحـس بنـا"‪ ،‬فقالـت ميمـي "نعم‬ ‫باتجـاه البـاب يك ال يرانـا أو ّ‬ ‫شـديد ت‬ ‫حى وصلتا‬ ‫ببطء‬ ‫ٍ‬ ‫ـت!"‪ ،‬ومـن ثـم بدأتـا بالتحـرك ٍ‬ ‫أصب ِ‬ ‫ْ‬ ‫أخ� ًة على البحر الخلاب‪ ،‬ثم عادتا‬ ‫إىل البـاب‪ ،‬وألقتـا نظـر ًة ي‬ ‫الحـال‪ ،‬وقالت لؤلؤة لسـلحوفة‬ ‫عـر البـاب إىل عالـم البحار‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫"لقـد عزمـت على أن أسـاعدكم ف ي� تنظيـف البحر"‪ .‬فشـكرتها‬ ‫السـلحفاة ومـن ثم بـدؤوا جميعهم بالتخلص من أ‬ ‫الوسـاخ‪،‬‬ ‫‪103‬‬


‫نـور أحمـد الخطيـب‬

‫وحينمـا انتهـوا مـن التنظيـف‪ ،‬سـمعت لؤلؤة سـلحوفة تقول‬ ‫لهمـا‪" :‬أتعلمـان مـا الـذي فعلتمـاه آ‬ ‫الن؟ "فقالـت لؤلؤة‬ ‫"مـاذا؟" فـردت السـلحفاة قائلـة‪" :‬لقـد أنقذتم‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫صديقا� السلاحف"‪ .‬فسـألت‬ ‫حيا� وحياة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ميمـي "ولكن كيف؟ "فقالت‬ ‫السـلحفاة أ‬ ‫"لن السلاحف‬ ‫تظن أن البالسـتيك وبعض‬ ‫ت‬ ‫طعام‬ ‫النسـان هي‬ ‫الـ� يرميها إ‬ ‫ٌ‬ ‫النفايـات ي‬ ‫لهـن‪ ،‬وبذلـك يختنقـن عندمـا يأكلنهـا‪ ،‬وهكذا‬ ‫تكونـون قـد أنقذتمونـا مـن االختنـاق"‪ .‬فقالـت لؤلـؤة‬ ‫َْ‬ ‫بانبهـار‪“ :‬يـا للعجـب!"‪ .‬وبعـد قليـل صاحـت‬ ‫ميمـي قائلـة‪“ :‬لقـد تأخرنـا! لربمـا يالحظـون‬ ‫اختفاءنـا!" وهكـذا شـكرت ميمـي ولؤلؤة سـلحوفة‬ ‫المثـرة‪ ،‬وودعتهم سـلحوفة‪،‬‬ ‫على هـذه المغامـرة ي‬ ‫وقالـت "بـل أنـا من يجـب عليه شـكركما"‪ .‬ولكـن يبدو‬ ‫تنتـه بعـد‪ ،‬فأثناء سـباحتهما للعودة إىل‬ ‫أن المغامـرة لـم ِ‬ ‫اليابسـة علـق كيـس بالسـتيك بزعنفـة لؤلـؤة‪ ،‬وكانـت لحظـة‬ ‫مرعبـة حقـاً للؤلـؤة‪ ،‬ولحسـن الحـظ شـاهدت سـلحوفة‬ ‫‪104‬‬


‫حمـاة البحـار‬

‫ومرجانـة مـا حـدث‪ ،‬فهبتـا فـوراً يك تسـاعدا لؤلـؤة‪ ،‬وحاولتـا‬ ‫إزالـة الكيـس والتخلـص منـه‪ .‬وبعـد عنـاء طويـل تمكنتـا من‬ ‫وع�تـا النفق‬ ‫ذلـك‪ .‬ثـم ودعت لؤلـؤة وميمي سـلحوفة‪ ،‬ب‬ ‫للعـودة إىل الشـاطئ‪.‬‬ ‫بذهـول‪ ،‬وقالـت‬ ‫نظـرت ميمـي إىل البحـر‬ ‫ٍ‬ ‫نعـر عـن‬ ‫"ال أكاد أصـدق مـا حـدث! يجـب ْ‬ ‫أن ب ّ‬ ‫موقفنـا ممـا يحصـل لهـذه الكائنـات المسـكينة‬ ‫بحمـاس “علينـا أن ننشـر‬ ‫بسـببنا"‪ .‬ردت لؤلـؤة‬ ‫ٍ‬ ‫الوعـي بضـرورة الحفـاظ علـى البحـار!"‪ .‬ولمعـت‬ ‫ف ي� ذهنهـا فكـرة رائعـة "لمـاذا ال نؤسـس ناديـاً ف ي� المدرسـة‬ ‫لتعريـف الطلاب بمخاطـر رمـي أ‬ ‫وسـاخ ف ي� البحر؟"‪.‬‬ ‫ال‬ ‫َِ‬ ‫فقفـزت ميمـي عاليـاً‪ ،‬وقالـت “يـا لهـا م ْ‬ ‫فكـرة‬ ‫ـن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬

‫مذهلة! (نادي لؤلؤة وميمي حماة‬ ‫البحـار) مـا رأيـك بهـذا االسـم؟" فـردت‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫سـم‬ ‫لؤلـؤة بابتسـامة عريضة “يـا لـه ِمن اِ ٍ‬ ‫رائـع!"‪.‬‬

‫تضيــع لؤلــؤة وميمــي الوقــت‪،‬‬ ‫لــم‬ ‫ْ‬ ‫ت‬ ‫واق�حتــا الفكــر َة عــى معلمـ ِـة العلــوم‪ ،‬فأعجبــت‬ ‫‪105‬‬


‫نـور أحمـد الخطيـب‬

‫المعلمــة كثـ يـراً بهــذه الفكــرة‪ ،‬وســاعدتهما بتنفيذهــا‪ .‬وهكــذا‬ ‫نظــم النــادي رحــات دوريــة لتنظيــف الشــواطئ‪ ،‬وقــام‬ ‫لوائــح عــن أهميــة‬ ‫أعضــا ُء النــادي مــن الطالبــات بكتابــة‬ ‫َ‬ ‫اس‬ ‫الحفــاظ عــى البيئـ ِـة البحريــة‪ .‬ومــع نهايــة العــام الــدر ي‬ ‫ـان إنجازهمــا بفخــر‪ ،‬لقــد عــاد‬ ‫وقفــت لؤلــؤة وميمــي تتأمـ ِ‬ ‫ـاطئ جمي ـا ً كمــا كان‪ ،‬وفجــأ ًة لمحتــا ُس ـ َل ْحفا ًة خ ـرض ا َء‬ ‫الشـ ُ‬ ‫بــ� أ‬ ‫ين‬ ‫المــواج تنظــر إليهمــا وتبتســم‪ ،‬ثــم اختفــت هــذه‬ ‫الســلحفا ُة عــر أ‬ ‫فــق البعيــد‪.‬‬ ‫ال‬ ‫بَ‬ ‫ِ‬

‫‪106‬‬


‫حمـاة البحـار‬

‫‪107‬‬



‫ِسوار األمل‬ ‫تأليف ورد وسام الحلبي‬

‫ـوف‪ ...‬بـــــوم‪...‬‬ ‫ائحـةُ َخ ٍ‬ ‫بـوم ‪ ...‬طـااخ‪ ...‬طـااخ‪ ...‬ر َ‬

‫أووف ‪...‬سـاعدوني! يـا إلهـي!‬

‫عقل وأمل يسمعانه َ‬ ‫كان ٌ‬ ‫طوال الوقت‪.‬‬ ‫هذا ما َ‬ ‫كان هنـاك طفلان توأمـان همـا عقل وأمل‪ ،‬يتشـاركان كل‬ ‫َ‬ ‫ش‬ ‫�ء بال ّتسـاوي‪ ،‬يتصفـان بالذكاء والنشـاط‪.‬‬ ‫ي‬ ‫اخ�اعـاً مــن ت‬ ‫ف� ّكل ركــن مــن أركان البيــت تجــد ت‬ ‫اخ�اعــات‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ـتعص‬ ‫عقــل‪ ،‬أيض ـاً ي� بيــوت القــارب والجـ يـران‪ ،‬فمــن يسـ ي‬ ‫ش‬ ‫�ء يطلــب النجــدة مــن عقــل‪ ،‬أمــا الحزيــن أو‬ ‫عليــه أي ي‬ ‫ت‬ ‫الــ�‬ ‫المريــض فيحصــل عــى‬ ‫ِ‬ ‫البلســم مــن أمــل‪ ،‬فهــي ي‬ ‫والص بــر‪.‬‬ ‫تمدهــم بالتفــاؤل ّ‬ ‫‪109‬‬


‫ورد وســام الحلبــي‬

‫(سـحرية ُربّمـا)‪،‬‬ ‫غريبـة‬ ‫اشـتهر التوأمـان بحمـل أدوات‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ف‬ ‫يعمـه الحـرب ً‬ ‫بـدل مـن‬ ‫إ‬ ‫بالضافـة إىل أنهمـا يعيشـان ي� ٍ‬ ‫بلـد ّ‬ ‫السلام‪.‬‬ ‫ّ‬

‫ً‬ ‫ليل‬

‫ـاب‬ ‫الســاعة الثامنــة ليـ ًـا‪ ،‬قــال عقــل‪ :‬حـ َ‬ ‫ّ‬ ‫ـان وقــت الذّ هـ ِ‬ ‫السي‪ .‬‬ ‫إىل‬ ‫ب‬ ‫المخت� ّ ّ‬ ‫ريق‪.‬‬ ‫أمل‪ :‬أنا سأراقب لك ال ّط َ‬ ‫كان المختـر السري يقـع ف‬ ‫المقابـل لبيته‪،‬‬ ‫الجبل‬ ‫كهـف‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ب ّ‬ ‫ِ‬ ‫عقـل وأمل‪.‬‬ ‫ال َ‬ ‫أحـد يعرفه سـوى ٍ‬ ‫وتدمره‬ ‫وبينمـا كان عقـل يعمل‪ ،‬تقع قذيفة على ب‬ ‫مخت�ه‪ّ ،‬‬ ‫بالكامل‪.‬‬ ‫أمل تركض خائفة وترصخ‪ :‬عقل هل أصابك َمكْروه؟‬ ‫تسمع صوتاً خافتا ينادي‪ :‬أمل أنا هنا‪ ،‬ف� أ‬ ‫السفل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ي‬ ‫رصت هكذا؟‬ ‫أمل‪ :‬ماذا‬ ‫فعلت بنفسكَ يا أخي؟ كيف َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ـ�‬ ‫عقــل‪ :‬لقــد ش�بــت َعقــار التصغـ يـر الــذي اخ�عتــه‪ ،‬لـ ي‬ ‫أخــرج مــن الكهــف‪ ،‬و آ‬ ‫الن ســأعود إىل طبيعـ ت‬ ‫ـى بتنــاول الع ّقــار‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ـرت مختـ بـري‪.‬‬ ‫نفســه‪.‬لكن للســف لقــد خـ ُ‬ ‫‪110‬‬


‫ِسـوار األمل‬

‫سنجد مكانًا آخر‪.‬‬ ‫تحزن‬ ‫ُ‬ ‫أمل‪ :‬ال ْ‬ ‫ويعود الطفالن ُم ي ْ ن‬ ‫رسع� إىل البيت‪.‬‬

‫صباحً ا‬

‫ين‬ ‫متفائل�‪.‬‬ ‫الدرج‬ ‫يوم جديد‪ ،‬أمل وعقل ي�نزالن ّ‬ ‫صباح ٍ‬ ‫ها هو ُ‬ ‫ش‬ ‫ـنم�‬ ‫أمــل‪ :‬مــا رأيــك سـرن كب الحافلــةَ اليـ َ‬ ‫ـوم؟ أم سـ ي‬ ‫عــى أ‬ ‫القــدام؟‬ ‫عقـل ضاحـكًا‪ :‬مشـيا على أ‬ ‫ٌ‬ ‫القـدام كالعـادة‪ ،‬فالحافلـة‬ ‫ً‬ ‫ت‬ ‫تـأ� لعـدم توفّـر الوقـود‪ ،‬وبذلـك نشـعر بالـدفء ث‬ ‫أك�‬ ‫لـن ي َ‬ ‫الرصاص‪.‬‬ ‫أثنـاء الحركـة‪،‬‬ ‫فلنجر وبذلك نكون ً‬ ‫أيضـا أرسع َ‬ ‫من ّ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ّ‬ ‫ريـق تسـأل أمـل مندهشـة‪ :‬عقـل هـل الحظت‬ ‫ط‬ ‫ال‬ ‫و�‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫اختفت؟‬ ‫جانـى الطريق قـد‬ ‫ْ‬ ‫بـأن الشـجار على ب ي‬ ‫يسـتخدمون حطـب‬ ‫النـاس‬ ‫َ‬ ‫عقـل‪ :‬نعـم‪ ،‬بـكل أسـف‪ُ ،‬‬ ‫أ‬ ‫لتحضر الطعـام أو للـدفء‪ ،‬لذلـك‬ ‫الشـجار وقـو ًدا‪ ،‬إمـا‬ ‫ي‬ ‫قامـوا بقطـع أ‬ ‫الشـجار‪.‬‬ ‫وهنا يشعر الطفالن بالحزن الشديد‪.‬‬ ‫البوابـة مغلقة‪،‬‬ ‫وصـل الطفلان إىل المدرسـة‪ ،‬فوجـدا ّ‬ ‫وقـد ُع ّلقـت عليهـا الفتـةٌ‬ ‫مكتـوب عليهـا‪( :‬نعتـذر منكم يا‬ ‫ٌ‬ ‫‪111‬‬


‫ورد وســام الحلبــي‬

‫تالميذَ نـا الصغـار‪ :‬المدرسـة مغلقـة ت‬ ‫حى إشـعار آخر)‪.‬‬ ‫عقــل بالغضــب‪ ،‬ويســأل أمــل‪ :‬إىل ت‬ ‫ٌ‬ ‫مــى‬ ‫يشــعر‬ ‫سيســتمر هــذا الحــال؟؟‬ ‫ّ‬ ‫سيجد الحل‪.‬‬ ‫أمل‪ :‬أنا متأكّدة بأنّك َم ْن‬ ‫ُ‬

‫مساءً‬

‫حـل المسـاء‪ ،‬يدخـل أ‬ ‫وعندمـا ّ‬ ‫الب وترتسـم على وجهـه‬ ‫عالمـات الفـرح‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫تسأل أ‬ ‫الم‪ :‬بَ ش ّ�نا‬ ‫أ‬ ‫الب‪ :‬الحمــد هلل لقــد حصلــت عــى عمــل ف ي� دولــة‬ ‫َ‬ ‫خــال‬ ‫إالمــارات العربيــة المتحــدة‪ ،‬وســننتقل إىل هنــاك‬ ‫أســبوع‪.‬‬ ‫ين‬ ‫الطفل�‪.‬‬ ‫الفرحة تغمر وجه‬ ‫أجد ّ‬ ‫الحل هناك‪.‬‬ ‫وقت المغامرة‪ ،‬ال ّبد أن َ‬ ‫عقل‪ :‬حان ُ‬ ‫أ‬ ‫مرة ينامان بهدوء‪.‬‬ ‫ولول ٍ‬

‫توديع األصدقاء‬

‫ف‬ ‫التال‪ ،‬عقل وأمل يودعان أصدقاءهما‪.‬‬ ‫اليوم‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪112‬‬


‫ِسـوار األمل‬

‫ن‬ ‫ئ‬ ‫عاهـدو� يـا‬ ‫يـوم شـجرة‪،‬‬ ‫عقـل‪:‬‬ ‫أصدقـا� أن تزرعـوا ّكل ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫مشـاكلنا‪.‬‬ ‫لجميـع‬ ‫وأعدكـم بأنن ي سـأجد َح ًّلا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أمـل‪ :‬هـذا السـوار ت‬ ‫اخ�عـه عقـل سألبسـه حـول معصمي‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫فكلمـا زرعتـم شـجرة؛ ض‬ ‫وتتحـول إىل طاقـة‪،‬‬ ‫سـت�ء ِسـواري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫يسـتخدمها عقـل ف� ت‬ ‫اخ�اعاتـه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫عاهد أ‬ ‫الصدقاء أمل وعقل بأنهم ي ز‬ ‫دوما‪.‬‬ ‫س�رعون الشجار ً‬

‫الوصول إلى أرض اإلمارات‬

‫ف‬ ‫المـارات‪ ،‬ومـن‬ ‫ي� غضـون أسـبوع‪ ،‬وصلـت العائلـة إىل أرض إ‬ ‫اللحظـة أ‬ ‫ين‬ ‫العامل�‬ ‫حارا مـن جميع‬ ‫العائلة‬ ‫ّـت‬ ‫ق‬ ‫تل‬ ‫وىل‬ ‫ال‬ ‫ترحيبا ًّ‬ ‫ً‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫(حياكـم ي� بلدكم)‪ ،‬هي‬ ‫وأفضلها‬ ‫جميلة‬ ‫ات‬ ‫ر‬ ‫عبـا‬ ‫المطـار‪،‬‬ ‫�‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الـ� زادت من بهجتهم وأزالـت الخوف من قلوبهم‪.‬‬ ‫العبـارة ي‬ ‫ً‬ ‫تتوقـف عيناهمـا عـن النظـر يمينـاً‬ ‫وشـمال ورؤيـة‬ ‫لـم‬ ‫ْ‬ ‫طـور الموجـود‪ ،‬والذي يدل عىل اهتمـام الدولة ت‬ ‫واح�امها‬ ‫ال ّت ّ‬ ‫النسـان‪.‬‬ ‫لحقـوق إ‬ ‫ف ي� هذه الليلة لم يستطع كل من عقل وأمل ال ّنوم‪ ،‬ولكن‬ ‫نـران الحـرب‪ ،‬بل‬ ‫الصقيـع أو خوفـاً مـن ي‬ ‫ليـس بسـبب شـدة ّ‬ ‫مـن تشـوقهما لليوم أ‬ ‫الول ف ي� المدرسـة‪ ،‬كيف هي المدرسـة؟‬ ‫ّ‬ ‫‪113‬‬


‫ورد وســام الحلبــي‬

‫هـل سـيكون لنا أصدقاء؟ هل سـنجد ًّ‬ ‫حل لمشـاكلنا؟‬

‫اليوم األول في المدرسة‬

‫لـم يختلـف اليـوم أ‬ ‫الول ف ي� المدرسـة عن اليـوم الذي وصال‬ ‫المـارات‪ ،‬ذات ت‬ ‫ال�حيـب (حياكـم ف ي� بلدكـم) وذات‬ ‫بـه إىل إ‬ ‫الدهشة‪.‬‬ ‫ين‬ ‫للطفلـ� حـول مرافـق‬ ‫تقـوم المعلمـة بجولـة تعريفيـة‬ ‫المدرسـة (المالعـب‪ -‬المكتبـة‪ -‬الصفـوف‪ -‬المقصـف – غرفـة‬ ‫المختـر)‪.‬‬ ‫الرسـم‪ -‬العيـادة الطبيـة‪ -‬وأهمهـا‬ ‫ب‬ ‫ثـم يدخالن الفصـل وتعـرف المعلمة التالميـذ بال ّط ي ن‬ ‫فل�‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ِ ت‬ ‫الـ� يتح ّليان بهـا وأهمها الدب‬ ‫الجديديـن‪ ،‬ذاكـر ًة‬ ‫الصفـات ي‬ ‫والذّ كاء‪.‬‬ ‫يرحب التالميذ بهما ي ن‬ ‫قائل�‪:‬‬ ‫ّ‬

‫أهال ً وسهال!ً‬ ‫‪welcome!, Bienvenue!’,‬‬ ‫‪‘Herzlich Willkommen!’,‬‬ ‫’!‪‘Huanying!’, ‘Bienvenido‬‬

‫سمعاها بكل لغات العالم‪.‬‬ ‫‪114‬‬


‫ِسـوار األمل‬

‫السوار الغريب‬ ‫ِّ‬

‫ب� ي ن‬ ‫يتوهج ي ن‬ ‫حـ� وآخر‪ ،‬فكانوا‬ ‫دائمـا كان التالميـذ يرون ِسـواراً ّ‬ ‫السـوار‪.‬‬ ‫رس هذا ِ‬ ‫يرغبون بمعرفة ّ‬ ‫همسـت سـارة زميلـةُ أمـل ف ي� أذنهـا قائلـة‪ :‬أمـل مـا هـذا‬ ‫ش ف‬ ‫يـدك؟‬ ‫الـ� ُء ي� ِ‬ ‫ي‬ ‫أمل‪ :‬هذا ِسوار‪.‬‬ ‫والصدقاء آ‬ ‫زاد فضول سارة‪ ،‬أ‬ ‫الخرين‪.‬‬ ‫السوار أيضاً!‬ ‫قالت أخرى‪ :‬وأنا أريد أن أعرف ما هذا ِّ‬ ‫أ‬ ‫السوار‪ ،‬ومن صنعه‬ ‫شت�ح أمل للصدقاء سبب ارتداء ِّ‬ ‫‪115‬‬


‫ورد وســام الحلبــي‬

‫لها‪ ،‬فيشارك أ‬ ‫الطفال أمل حزنها عىل أطفال بلدها‪ ،‬ويق َّرر‬ ‫الجميع بأن يوم أ‬ ‫الرض‪ ،‬سيكون الموعد النطالق حملتهم‬ ‫ت‬ ‫التشج�‪.‬‬ ‫ال� تشجع التالميذ عىل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫السـوار‪ ،‬فاسـتطاع عقـل اكتسـاب‬ ‫وبفضلهـم زاد ّ‬ ‫توهـج ِّ‬ ‫الطاقـة للبـدء ت‬ ‫باخ�اعاتـه‪.‬‬

‫إلهــــــام‬

‫مختـر المدرسـة‪،‬‬ ‫وفعلا ً بـدأ عقـل بالعمـل الجـا ّد يوميـاً ف ي�‬ ‫ب‬ ‫بع�د أن طلبـ م�ن إدارة المدرس�ة إعط�اءه الوقـت ف‬ ‫الـكا�‬ ‫ي‬ ‫للقيـام بالتجـارب‪.‬‬ ‫ولكـن أ‬ ‫فمـر ًة‬ ‫ناجحـة‪،‬‬ ‫غـر‬ ‫التجـارب‬ ‫جميـع‬ ‫كانـت‬ ‫سـف‬ ‫لل‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫بوجه أخرض َ ‪ ،‬وأخرى يخرج‬ ‫يظهر بشـعر منكـوش‪ ،‬ومرة يظهر ٍ‬ ‫قبـل ظهـور الدخـان‪ ،‬وأحيانـا بعـده‪ ،‬مـع هـذا وكلـه‪ ،‬عندمـا‬ ‫بخ�"‪.‬‬ ‫بخر‪ ،‬أنـا ي‬ ‫يهـرع أصدقـاؤه إليـه يـردد مبتسـماً‪" :‬أنا ي‬ ‫ف‬ ‫توهجه ضعيف‪ ،‬تف�سـل‬ ‫بأن‬ ‫أمل‬ ‫تشـعر‬ ‫يوم‬ ‫و�‬ ‫السـوار ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫رسـالة لصدقائهـا ي� الوطـن‪ ،‬فيجيبونهـا‪" :‬المـر يزداد سـو ًءا‬ ‫وظالمـا‪ ،‬هـل من حـل قريب؟"‬ ‫ً‬ ‫هذه الكلمات كادت تشعر ً‬ ‫عقل بالهزيمة!‬ ‫‪116‬‬


‫ِسـوار األمل‬

‫عقل‪ :‬هل فات أ‬ ‫الوان؟‬ ‫يفـت! ان ُظـر حولـك فالـكل يدعمنـا‬ ‫أمـل‪ :‬ال يـا أخـي لـم ْ‬ ‫هنـا‪ ،‬وكلنـا نثـق بـك‪ .‬مـا بقـي إال القليـل‪.‬‬ ‫ّثم يعود الطفالن إىل الفصل‪.‬‬ ‫المع ّلمـة‪ :‬درسـنا اليـوم عـن (مدينـة مصـدر) ف‬ ‫�‬ ‫أبوظـى‪،‬‬ ‫ي‬ ‫َُْ‬ ‫بي‬ ‫وهـي أول مدينـة تعتمـد على الطاقـة ال ّنظيفـة‪.‬‬ ‫فيها التجمعات السـكانية المسـتدامة‪ ،‬خالية من الكربون‬ ‫والنفايـات‪ ،‬تعمـل بالطاقـة الشمسـية‪ ،‬فهـي تسـتفيد مـن‬ ‫ت‬ ‫وتـأ� هـذه المدينـة ضمـن‬ ‫أشـعة الشـمس لتوليـد الطاقـة‪ ،‬ي‬ ‫مبـادرة (الحيـاة على كوكـب واحد)‪.‬‬ ‫ارتسـمت على وجـه عقـل بشـائر التفـاؤل مـن جديـد‪،‬‬ ‫فهـذه المدينـة ألهمتـه للتوصـل إىل الحـل‪.‬‬ ‫عقل‪ :‬لماذا ليست جميع المدن مستدامة؟‬ ‫المعلمـة‪ :‬هـذا مـا نطمـح لـه ف ي� بلدنـا‪ ،‬لكـن ليـس مـن‬ ‫السـهل الحصـول على طاقـة صديقـة للبيئـة وكافيـة‪ ،‬كالطاقة‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫الـى نحصـل عليهـا من أشـكال الوقود المسـتخرجة مـن النفط‪.‬‬ ‫ي‬ ‫نعيش ف ي�‬ ‫عقـل‪ :‬أعـدك بأن�ن ي سـأجد الحـل‪ ،‬فمن ح ّقنـا أن َ‬ ‫مدن سـعيدة‪.‬‬ ‫‪117‬‬


‫ورد وســام الحلبــي‬

‫الوفاء بالعهد‬

‫يعـــود التوأمـــان إىل المختـــر‪ ،‬تصدر بعـــض أ‬ ‫الصوات‪،‬‬ ‫ب‬ ‫يظهـــر الدخان‪ ،‬أيـــن أنت يـــا عقل؟‬ ‫ٌ‬ ‫عقل يغ� موجود‪.‬‬ ‫نفس�"‪ ،‬إن هـذا‬ ‫عقـل‪ :‬ال تقلقـي‪ ،‬أنـا ي‬ ‫بخر "لقـد َص ّغـرت ي‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫الحجـم‬ ‫سيسـاعد� يك أتمكـن من صنـع‬ ‫أجهز� بشـكل دقيق‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫مسـتخدماً تقنيـة (ال ّنانـو)‪ ،‬ومـا أريـده منـك فقـط العـودة إىل‬ ‫المختر صباحا مـع أ‬ ‫التطورات‪.‬‬ ‫الصدقاء‪ ،‬ألطلعكم على آخر‬ ‫ب‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫عقل ف ي�‬ ‫صبـاح اليـوم ي‬ ‫التـال جاء الجميـع متل ّه يف� للقـاء ٍ‬ ‫المخت� ‪.‬‬ ‫ب‬ ‫عقـل‪ :‬صبـاح الخيـر يـا أصدقائـي‪( ...‬مسـتخدماً‬ ‫مكراً للصـوت)‪.‬‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫الصدقاء‪ :‬أين أنت يا عقل؟‬ ‫ت‬ ‫رؤيـى على‬ ‫عقـل‪ :‬أنـا داخـل الحاسـوب؟ تعالـوا يمكنكـم ي‬ ‫ن‬ ‫الشاشـة‪ ،‬أريـد منكـم ْأن‬ ‫تسـاعدو�‪.‬‬ ‫ي‬ ‫طبعا يا عقل‪.‬‬ ‫يرحب الجميع‪ً :‬‬ ‫ّ‬ ‫عقل‪ :‬ليس من هناك‪ ،‬بل من هنا‪.‬‬ ‫أ‬ ‫الصدقاء‪ :‬ما قصدك؟‬ ‫‪118‬‬


‫ِسـوار األمل‬

‫بتصغر‬ ‫عقـل‪ :‬يجـب أن تصبحـوا بحجمـي! أمـل قومـي‬ ‫ي‬ ‫الصدقـاء آ‬ ‫أ‬ ‫الن‪.‬‬ ‫العقاق� لخالد وعمر‪.‬‬ ‫تعطي أمل‬ ‫ي‬ ‫عمــر‪ :‬لطالمــا تمنيــت أن أكــون شــخصية رئيســية ف ي� لعبــة‪،‬‬ ‫هــل أســتطيع يــا عقــل أن ألعــب بعــض أ‬ ‫اللعــاب الموجــودة‬ ‫ف ي� الحاســوب؟‬ ‫عقــل‪ :‬ليــس قبــل أن أتأكــد مــن برمجــة اللعبــة‪ ،‬وأنــك‬ ‫بخــر‪.‬‬ ‫ســتكون ي‬ ‫وهكذا بدأ الجميع العمل كخلية النحل‪.‬‬ ‫عقل يُ ْر ِشد‪ :‬أدر هذا الجانب‪ ،‬ضع هذه هنا‪.‬‬ ‫عقـل ينادي أمـل‪ :‬اضغطـي بإصبعك على ش‬ ‫ال�يحة‪ ،‬لكن‬ ‫انتبهـي ال تضغطـي علينـا‪ ,‬يضحك الجميع هـا ها ها‬ ‫حسـناً هـذا جيـد‪ ،‬كـرري المحاولـة‪ ،‬إمممـم‪ ...‬رائـع إنـه‬ ‫يعمـل‪.‬‬ ‫آ‬ ‫الن أرجـوك غن ّ ي ‪ ،‬ص ّفقـي‪ ،‬اقفزي‪( .‬تقـوم أمل بتنفيذ كل‬ ‫الحركات)‪ .‬‬ ‫عقل‪ :‬وهذا يعمل أيضاً‪ ...‬لقد نجحنا‪.‬‬ ‫وفجأة نظر عقل حوله‪ ،‬وقال‪ :‬أين اختفى خالد؟‬ ‫‪119‬‬


‫ورد وســام الحلبــي‬

‫عمر‪ :‬أيعقل أن يكون ذهب ليلعب (باك – مان)؟‬ ‫اذه� إىل شاشة الحاسوب‪ ،‬وافتحي‬ ‫عقل‪ :‬يا إلهي‪ ،‬أمل ب ي‬ ‫اللعبة‪ ،‬أنا وعمر سوف ندخل وننقذ خالداً‪.‬‬ ‫أمل‪ :‬حس ًنا‪.‬‬ ‫تراقـب أمـل عقل وتقوم بإرشـادهم إىل ال ّطريق الصحيح‬ ‫يز‬ ‫الدهال� ألن بـاك مان يالحقهم‪...‬‬ ‫مـن خالل‬ ‫عقل‪ :‬لقد وجدنا خالداً‪ ،‬آه‪ ...‬إنه في مشكلة‪ ،‬فقد‬ ‫بالتحرك‪.‬‬ ‫الف�وسات ولم تسمح له‬ ‫تجمعت حوله ي‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫الف�وسـات‬ ‫عقـل‪ :‬أمـل عليـك أن‬ ‫تدخل� إىل هنا لن هذه ي‬ ‫ي‬ ‫وجهنـا عليها الطاقة‪.‬‬ ‫كمـا أعلـم‪ ،‬ال تُق َت ُـل ّإل إذا ّ‬ ‫تصغـر أمـل نفسـها وتدخـل‬ ‫أمـل‪ :‬ال تقلقـوا‪ ،‬أرجوكـم‪ّ ...‬‬ ‫عقلا و أ‬ ‫اللعبـة‪ ،‬تجـد ً‬ ‫الصدقـاء‪.‬‬ ‫يصيح عقل‪ :‬هيــا يا أمــل‪ّ ،‬‬ ‫وجهي س َ‬ ‫ك نحــو‬ ‫ــوار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫الفيروسات واقضي عليها‪.‬‬ ‫ِ‬

‫أمل تنقذ الجميع ِبسوارها‪.‬‬ ‫المختـر‪ ،‬وتقـول‪ :‬أيـن الجميـع؟ وفجأ ًة‬ ‫تدخـل المعلمـة‬ ‫ب‬ ‫ويخ�وهـا بمـا حصل‪.‬‬ ‫تظهـر أمـل والجميـع‪ ،‬ب‬ ‫ً‬ ‫المعلمة (بذعر)‪ :‬يا إلهي!!! حمدا لله على السالمة‪.‬‬ ‫‪120‬‬


‫ِسـوار األمل‬

‫المعلمة‪ :‬وهل توصلت يا عقل إىل ما تريد؟‬ ‫عقل‪ :‬نعم‪.‬‬ ‫المعلمة‪ :‬هيا يا عقل ِا ش�ح لنا عن ت‬ ‫اخ�اعك‪.‬‬ ‫أ‬ ‫عن‬ ‫عقـل‪ :‬هـا ُهمـا جهـازان ي‬ ‫صغرا الحجـم‪ ،‬ال ُول ِ(عبـار ٌة ْ‬ ‫توضـع تحـت‬ ‫يحـول الضغـ َط إىل طاقـة‪ ،‬يمكـن أن‬ ‫َ‬ ‫ش� َ‬ ‫ائـح ) ّ‬ ‫الطرقـات لتمـر عليهـا الشـاحنات والسـيارات‪ ،‬أو ف ي� المـدارس‬ ‫حـى يلعـب فوقهـا أ‬ ‫ت‬ ‫الوالد‪ ،‬أو ف ي� المالعـب الرياضية‪ ،‬ومضمار‬ ‫الخيـول‪ ،‬ت‬ ‫حـى ف ي� المـزارع‪ ،‬حيـث تتحـرك الماشـية‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ويحولـه إىل طاقة‪،‬‬ ‫يتحسـس‬ ‫جهاز‬ ‫الثـا� فهو ٌ‬ ‫َ‬ ‫الصـوت ّ‬ ‫أمـا ي‬ ‫ُ‬ ‫سـيتحول إىل طاقـة نظيفة‪ ،‬ت‬ ‫ح�‬ ‫فضجيـج المعامل والسـيارات‬ ‫ّ‬ ‫الطفال‪ ،‬الموسـيقى‪ ،‬أ‬ ‫ضحكات أ‬ ‫ال ن‬ ‫العصاف�‪ ،‬أيضا‬ ‫غـا�‪ ،‬زقزقة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫تنر دروب الطفـال‬ ‫أصـوات االنفجـارات سـتتحول إىل طاقـة ي‬ ‫وتمدهـم أ‬ ‫بالمل‪.‬‬ ‫المعلمة‪ :‬لقد وفَيت بعهدك ألصدقا ِئك ولبلدك‪.‬‬ ‫ت‬ ‫معلمـى َ‬ ‫أول‬ ‫عقـل‪ :‬ليـس فقـط لبلـدي‪ ،‬هـل تذكريـن يـا‬ ‫ي‬ ‫كلمـة ترحيـب (حياكـم ف ي� بلدكـم)‪ ،‬فهـذه أيضـاً بلـدي‪ ،‬وعىس‬ ‫االخراع ر ّداً للجميـل‪ ،‬وكـم ن‬ ‫ت‬ ‫أتمـى أن يسـافر‬ ‫يكـون هـذا‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫د� للعطاء‪،‬‬ ‫اخ�اعـي‪ ،‬ويحـط ي� كل أرجاء العالم عىل جناحي يب‬ ‫‪121‬‬


‫ورد وســام الحلبــي‬

‫ود� صنـاع أ‬ ‫ُّ‬ ‫أطفـال العالـم‪.‬‬ ‫كل‬ ‫منـه‬ ‫ليسـتفيد‬ ‫مـل‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫بي ّ‬ ‫ِ‬ ‫عندمـا سـمع أ‬ ‫الصدقا ُء مـا تم ّناه عقل‪ ،‬وهـم من مختلف‬ ‫البلـدان‪ ،‬رافقـوا عقلا ً بالسـفر مـع ت‬ ‫اخ�اعـه حـول العالـم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫وناشـدوا المنظمـات العالميـة لتوقـف الحـرب ي� بلـده‪.‬‬ ‫وهكـذا نجـح الجميـع بإحلال أ‬ ‫المـن والسلام ف ي� كل بقـاع‬ ‫الرض‪ ،‬وبفضـل هـذه أ‬ ‫أ‬ ‫الجهـزة توقفـت كل أشـكال التلـوث‬ ‫الناجمـة عـن اسـتخراج النفـط والغـاز‪.‬‬ ‫أ‬ ‫وضعـه عىل قمة‬ ‫قرر جميـع الطفال َ‬ ‫ّأمـا ِسـوار أمـل فقد ّ‬ ‫بـرج خليفـة‪ ،‬ليؤكّـد للعالـم بتوهجـه بأننـا كوكـب واحـد‬ ‫مسـتدام سـعيد‪.‬‬ ‫سـتعمل وتدفـأ كل المـدارس والمستشـفيات والبيـوت‪،‬‬ ‫وسـتظل أ‬ ‫الشـجار تنمـو بأمـان لتالمـس السـماء‪.‬‬ ‫ش‬ ‫�ء‪ ،‬ونتغلـب‬ ‫بالعقـل واألمـل يمكننـا أن‬ ‫َ‬ ‫نحقـق ّكل ي‬ ‫على مصاعبنـا‪ ،‬ونبن ي مسـتقب َلنا لنصـل ّ‬ ‫لـكل أهدافنـا‪ ،‬كمـا‬ ‫فعـل بطالنـا ف ي� القصـة‪.‬‬

‫‪122‬‬


123


124


‫عطاءٌ ال يَ ْن ُض ُب‬ ‫تأليف اليازيه صالح الدين خميس هالل الكعبي‬

‫مســـا ٌء بـــار ٌد وجميل‪ ،‬أكـــواب الشـــاي والقهـــوة تتصارع‬ ‫ت‬ ‫الـــي التهمناها كانـــت لذيذة جداً‬ ‫مـــع ّ‬ ‫الدلت‪ ،‬الحلـــوى ي‬ ‫جـــد ت ي� ‪ -‬رحمها هللا ‪ -‬تصنعهـــا لنا ف ي�‬ ‫– اللقيمـــات – كانت ّ‬ ‫رمضـــان‪ ،‬ولكننا لم نعـــد نتذوقها كما‬ ‫أيـــام‬ ‫َ‬ ‫كل يـــوم من ِ‬ ‫جـــد ت ي� تصنعها‪ ،‬كانت ‪ -‬رحمهـــا هللا ‪ -‬ال تحب العمل‬ ‫كانت ّ‬ ‫َ‬ ‫أجمـــل رائحةَ‬ ‫خـــارج المـــزنز ل‪ ،‬ما‬ ‫والطبـــخ إال عـــى النار‬ ‫َ‬ ‫ثيابها المعتقـــة بالدخان!‬ ‫تع� عن غرورها وفرحها بسبب قدوم‬ ‫أوراق أشجار النخيل ب ّ‬ ‫الشجار أ‬ ‫فصل الخريف‪ ،‬ألن أوراق أ‬ ‫الخرى قد تساقطت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يث� أصواتاً مخيفة أحياناً‪ .‬أما أوراق شجر‬ ‫وتحولت إىل ٍّ‬ ‫قش ي‬ ‫‪125‬‬


‫اليازيـه صلاح الديـن خميـس هلال الكعبـي‬

‫الشجار أ‬ ‫النخيل فال تتساقط كما تتساقط أوراق أ‬ ‫الخرى‪.‬‬ ‫كب�ة‪،‬‬ ‫جدي وكأّن تجاعيد وجهه أصبحت ي‬ ‫كنا نجلس بجوار ّ‬ ‫وكما ت‬ ‫لوغ�ته الحمراء ت ز‬ ‫جدي‪ ،‬فهو يفضل‬ ‫ام�ج لونها بلون وجه ّ‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫التسع� من عمره‪،‬‬ ‫الغ�ة الحمرا َء عن يغ�ها‪ ،‬نعم لقد تجاوز‬ ‫أصبحت ثقيلةً جداً‪ ،‬حيث رصاع الوجود ومشقة الحياة‬ ‫وحرك ُته‬ ‫ْ‬ ‫العر�‪ ،‬وبيعه ف ي�‬ ‫اليومية ابتدا ًء من صيد اللؤلؤ ف ي� الخليج‬ ‫يب‬ ‫أ‬ ‫كث�اً‪ .‬وأك�ث‬ ‫الكويت وعبوره الصحاري بالرجل فقط أثرت عليه ي‬ ‫أ‬ ‫عدة من أجل‬ ‫ما كان يؤلمه أنهم يعملون ليال ً ونهاراً وليام ّ‬ ‫ت‬ ‫قص� يل�بح أضعاف‬ ‫يأ� تاجر ما بوقت ي‬ ‫صيد اللؤلؤ‪ ،‬ومن ثم ي‬ ‫أضعاف كل الصيادين‪ .‬ولكنه يريد أن يخفي ِك ب َ َ� ِس ِّنه وتقدمه ف ي�‬ ‫العمر من خالل شإ�افه الكامل عىل مفاصل جلساتنا‪ ،‬بعد وفاة‬ ‫جد ت ي� ‪ -‬رحمها هللا ‪ -‬كنت أسمع أنينه ف ي� الليل من مفاصل أرجله‬ ‫ّ‬ ‫وظهره‪ ،‬وال يأخذ الدواء إال من عشبة مالزمة له‪.‬‬ ‫ئ‬ ‫أبنا�"‪.‬‬ ‫"سآتيكم بالحطب يا ي‬ ‫“نحن نتكفل به يا ّ‬ ‫جدي"‪.‬‬ ‫ت‬ ‫تعلمون كيف تأتون به‪ ،‬ربما‬ ‫سآ� به‪ ،‬أنتم ال‬ ‫َ‬ ‫"ال ال أنا ي‬ ‫تجرحكم بعض العيدان"‪.‬‬ ‫“وبماذا تريد أن نساعدك يا ّ‬ ‫جدي؟"‬ ‫‪126‬‬


‫عطـاءٌ ال يَ ْن ُض ُـب‬

‫ئ‬ ‫"ال ش�ء‪ .‬كل ش�ء ض‬ ‫أبنا�"‪.‬‬ ‫سيم� عىل ما يرام يا ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫"أين الشـاي والقهوة‪ ...‬اللقيمات‪ ...‬الهريس‪“ "...‬حسـنا‬ ‫سـنجدها" – "تحبون أن تبقوا أ‬ ‫ال ن‬ ‫وا� فارغة؟"‬ ‫ي‬ ‫“وراءك يا ّ‬ ‫جدي"‪.‬‬ ‫جدي – فارغة – حسناً ويقول‪" :‬من يحب الشاي‬ ‫يضحك ّ‬ ‫مثل؟"‬ ‫ي‬ ‫جميعنا‪ “ ...‬أنا أنا أنا ‪"...‬‬ ‫مثل؟"‬ ‫"ومن يحب القهوة ي‬ ‫“ أنا! أنا! أنا!"‬ ‫"أنتم تحبون الشاي والقهوة أل ن‬ ‫ن� أحبها‪"...‬‬ ‫ي‬ ‫“ نعم يا ّ‬ ‫جدي ‪"...‬‬ ‫كثـراً‪ ...‬رحـم هللا جدتكم‪ .‬كان الشـاي من‬ ‫أحبكـم ي‬ ‫"وأنـا ّ‬ ‫يديهـا لـه طعـم آخـر – هللا – دنيـا – ال علينا"‪.‬‬ ‫ت‬ ‫الـ� يتك�ئ ُ عليهـا‪ ،‬هـذه‬ ‫‪ ...‬كعادتـه يحـرك َ‬ ‫النـار بالعصـا ي‬ ‫ت‬ ‫الـ� ال تفارقـه أصبحـت مالصقـة لظ ّلـه‪ ،‬يحملهـا أينما‬ ‫العصـا ي‬ ‫ّ‬ ‫يتك عليها ف ي� مشـيته‪ ،‬وأحياناً يجمع بها الحطب‬ ‫حل أو ارتحل‪ ،‬ئ ُ‬ ‫المتناثـر‪ ،‬ويحـرك النـار بهـا‪ ،‬ت‬ ‫حى إذا ذهـب ف ي� سـيارته يضعها‬ ‫ّ‬ ‫الغال‪.‬‬ ‫بجـواره‪ .‬يـا َلهـا مـن صديقـة يحافـظ عليها هـذا الجـد ي‬ ‫‪127‬‬


‫اليازيـه صلاح الديـن خميـس هلال الكعبـي‬

‫“ لماذا تحمل العصا يا جدي؟ "‬ ‫ين‬ ‫المع�‬ ‫قال إنها جزء من تاريخنا وديننا وأصالتنا‪ .‬فهي‬ ‫ف� السفر‪" .‬ذات مرة قتلت بها أفعى‪ ،‬كانت أ‬ ‫الفعى صفراء‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫قوي جداً‬ ‫ومميت‬ ‫ي‬ ‫ٌ‬ ‫كب�ة ومخيفة تخرج لسانها كاللص‪ّ ،‬‬ ‫سمها ٌّ‬ ‫برسعة‪ ،‬لو لم تتمكن منها ش‬ ‫مبا�ة الستعجلتك وووو‪"...‬‬ ‫“ أطال الله عمرك يا ّ‬ ‫جدي"‬ ‫"ومـر ًة رفعتهـا أل ض�ب ذئْبـاً بريّـاً ‪ -‬يشـبه الكلـب تماماً لكن‬ ‫ّ‬ ‫عينيـه جاحظتـان ث‬ ‫أكـر ‪ -‬فابتعد خائفـاً‪ ،‬قطعتها قبـل ي ن‬ ‫أربع�‬ ‫عامـاً مـن شـجرة الغاف"‪ .‬صمـت مطبق‪.‬‬ ‫جـدي يتحـدث إىل النـار وكأنهـا مؤنسـته‪ ،‬ولكنـه كان‬ ‫ّ‬ ‫ث ت‬ ‫ث‬ ‫يسـتوي الطعـام الـذي‬ ‫بحاجـة إىل حطـب أكـر وأكـر حى ّ‬ ‫يقـوم بشـوائه‪.‬‬ ‫“ ّ‬ ‫جدي أريد أن تجيبني"‬ ‫ت‬ ‫ابن� ‪"...‬‬ ‫ي‬ ‫"تفضل يا ي‬ ‫إل وقـد بـدت الدموع تنهمر من عينيـه من الدخان‬ ‫ينظـر ي ّ‬ ‫ت‬ ‫جد� – ال أعلم‪.‬‬ ‫أم تذكـر ي‬ ‫“ كيـف للعصـا أن تكـون صديقة لك‪ ،‬وفي الوقت‬ ‫ّ‬ ‫وعصيها‪،‬‬ ‫نفسه أنت تحرق أغصان األشجار وورقها‬ ‫‪128‬‬


‫عطـاءٌ ال يَ ْن ُض ُـب‬

‫كـي ّ‬ ‫تجهز لنا الطعام"‪.‬‬ ‫ينظـر إل جـدي ف‬ ‫و� عينيـه قافلـة مـن العتـاب‪ ،‬ولكنـه‬ ‫ّ ي‬ ‫يّ‬ ‫يتابـع تحريـك النـار‪.‬‬ ‫وبعد الطعام جلسنا جميعاً بجانب النار‪.‬‬ ‫الكل صامت ال أدري ما السبب؟‬ ‫جدي يحاول أن يردد كلمات ال أفهمها‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫“جدي ماذا تقول؟ "‬ ‫ت‬ ‫ابن�"‬ ‫"ال ‪ ،‬ال أقول شيئاً يا ي‬ ‫حاولـت أن أسـتمع إليـه وهـو يتمتـم‪ ،‬سـمعته يقـول ‪-‬‬ ‫الغـاف ‪ -‬الغـاف إنهـا أ‬ ‫الم‪.‬‬ ‫“مـا الغـاف يـا ّ‬ ‫جـدي؟ اليـوم المدرسـة كلفتنـا بـأن ت‬ ‫نـأ�‬ ‫ي‬ ‫بمشـاريع للعنايـة بشـجرة الغـاف‪ ،‬ونحـن ال ُ‬ ‫نعـرف شـيئاً عن‬ ‫شـجر الغـاف ت‬ ‫نكتب عنه‪ ،‬وسـتمنح المدرسـة المشـاريع‬ ‫حى َ‬ ‫الفائـزة جوائـز ماديّـة – ‪ 3000-‬درهـم"‪.‬‬ ‫ابنـ� ن‬ ‫ت‬ ‫أخوك‬ ‫سـأل� ِ‬ ‫ي‬ ‫أخـرج جـدي نفسـاً عميقـاً وقـال‪" :‬يـا ي‬ ‫العربيـة‬ ‫المـار ِات‬ ‫قبـل المغـرب‪ ،‬لمـاذا‬ ‫اعتمـدت دولـةُ إ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫المتحـدة على شـعار الغـاف؟ ومـا الغـاف؟"‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫وأنت ِ ن‬ ‫ال� أحملها‪ ،‬وعن الحطب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫سألت ي� عن العصا ي‬ ‫‪129‬‬


‫اليازيـه صلاح الديـن خميـس هلال الكعبـي‬

‫“وهل هناك توافق بين سؤالي وسؤال أخي يا ّ‬ ‫جدي؟"‬

‫ت‬ ‫ابن�"‪.‬‬ ‫"بالطبع يا ي‬ ‫“وما هو يا ّ‬ ‫جدي؟"‬ ‫أحبـا�‪ .‬ولكن تذكرت شـيئاً‬ ‫"سـأحك لكـم قصـة جميلة يا ب ي‬ ‫ي‬ ‫قبـل القصة"‪.‬‬ ‫ئ‬ ‫ت‬ ‫أبنا�‪.‬‬ ‫ال� تقدمها لكم المدرسة مبلغ جميل يا ي‬ ‫"الجائزة ي‬ ‫ت‬ ‫اس� ك َّلها بكل مراحلها لم تكلف ن يْ� إال‬ ‫هل تعلمون أن در ي‬ ‫‪50‬درهماً؟" ويضحك جدي ويستذكر كيف كانوا يكتبون عىل‬ ‫كب�ة‪" .‬أما‬ ‫ورق الشجر وعىل حائط الفصل‪ .‬كانت معاناتنا ي‬ ‫ش‬ ‫�ء وقدموه لكم‪،‬‬ ‫أنتم بفضل هللا وشيوخنا وفروا لكم كل ي‬ ‫يز‬ ‫والتم� رداً للجميل الذي‬ ‫ولكننا نريد منكم المزيد من التفوق‬ ‫تقدمه دولتنا وحكامنا الكرام"‪.‬‬ ‫“أطال الله في أعمارهم وعمرك يا جدي‪ .‬بعون الله‬ ‫سنكون من المتفوقين"‪.‬‬ ‫“ما القصة يا ّ‬ ‫جدي؟؟"‬

‫النار رائعاً‪ ،‬وصوت‬ ‫تح ّلق الجميع حول ّ‬ ‫جدي‪ .‬كان ُ‬ ‫منظر ِ‬ ‫جدي‪.‬‬ ‫يغل داخل إ‬ ‫ولكن عيونَنا متوجهةٌ إىل ّ‬ ‫البريق‪َّ ،‬‬ ‫الماء ي‬ ‫“تفضل يا ّ‬ ‫جدي‪ ،‬تفضل"‪.‬‬ ‫‪130‬‬


‫عطـاءٌ ال يَ ْن ُض ُـب‬

‫"كانـت امـرأة تسـكن ف ي� الصحراء بعيـداً عن ديارنـا وحيدة‬ ‫تغـر ْت أحوا ُلهـا‪ ،‬فـإن كانـت‬ ‫تغـر طبعهـا مهمـا ي‬ ‫صامتـة‪ ،‬ال ي ّ ُ‬ ‫غنيـة أغنـت مـن جاءها"‪.‬‬ ‫ي‬ ‫فقـرة أعطـت‪ ،‬وإن كانـت ّ‬ ‫ُّ‬ ‫"كل من جاء إليها تطعمه دون سـؤال‪ ،‬وتسـقيه‪ ،‬وال تت�كه‬ ‫وسـن� ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫‪.‬و�‬ ‫يعـود إىل بلاده وأهله‪ ،‬ح� وإن طال مقامه أياماً ي ي‬ ‫تقـدم لنـا أطيـب الطعـام‪ ،‬فطعامهـا شـفاء ش‬ ‫و�ابهـا‬ ‫النهـار ّ‬ ‫دواء‪ ،‬وفيؤهـا غيمـة‪ ،‬ت‬ ‫ح� ال نتعرض ألشـعة الشـمس"‪.‬‬ ‫“يا إلهي إنها امرأة عظيمة يا جدي"‪.‬‬ ‫"نعم عظيمة وكريمة"‪.‬‬ ‫"وذات يـوم هاجمهـا قطيـع من الحيوانـات فأطعمتهم‪،‬‬ ‫وسـقتهم وآوتهم‪ ،‬ولم يغادروهـا إال وقت أ‬ ‫امتلت بطونهم‪،‬‬ ‫وارتووا مـن مائها"‪.‬‬ ‫“بمفردها واجهت كل هذه الحيوانات يا ّ‬ ‫جدي؟"‬ ‫ن‬ ‫نهـر�‬ ‫ابتسـم ّ‬ ‫جـدي دون إجابـة وتابـع حديثـه‪ ،‬بعـد ّ أن ي‬ ‫ض‬ ‫الحـا�ون “ال تقطعـي حديـث جـدي"‪.‬‬ ‫"وذات مـرة عندمـا كنـا أطفـاال ً ‪ 11‬أو ‪ 12‬سـنة مرض أخي‬ ‫يوسـف مرضاً شديداً‪"...‬‬ ‫“يعني جدي يوسف؟"‬ ‫‪131‬‬


‫اليازيـه صلاح الديـن خميـس هلال الكعبـي‬

‫"نعـم ‪ ...‬وهنـا بـدأت المغامـرة‪ ،‬فحملتـه على ظهـري‪،‬‬ ‫ليلا‪ ،‬كنـا فقـراء ف� تلـك أ‬ ‫اليـام يـا ئ‬ ‫أبنـا� ولم‬ ‫وذهبـت إليهـا ً ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أكـن أملـك راحلة"‪.‬‬ ‫“ألم تخف من الذهاب إليها يا ّ‬ ‫جدي؟"‬ ‫ت‬ ‫ابنـ�‪ ،‬معظـم سـفرنا يكـون ف ي� الليـل بسـبب‬ ‫"ال‪ ،‬يـا ي‬ ‫الحـر الشـديد ف ي� النهـار‪ ،‬ونحـن قـد تعودنـا على العيشـة ف ي�‬ ‫الصحـراء‪ ،‬وألفناهـا وألفتنـا"‪.‬‬ ‫يرصخ أ‬ ‫الوالد‪“ ،‬ألم نقل لك ال تقطعي الحديث على‬ ‫ّ‬ ‫جدي؟!"‬ ‫ئ‬ ‫أبنا�‪ ...‬سأتابع ‪"...‬‬ ‫"كفى يا ي‬ ‫“وهل شفي ّ‬ ‫جدي يوسف؟"‬ ‫"نعم بفضل هللا ‪"...‬‬ ‫“هل ذهبتم إلى المرأة؟"‬ ‫"نعم"‪.‬‬ ‫“هل هي طبيبة؟"‬ ‫"نعم‪ ...‬طبيبة وكريمة‪ ،‬إنها امرأة رائعة"‬ ‫"تابـع ّ‬ ‫ْ‬ ‫جـدي‪ ،‬تفضـل آسـفون علـى مقاطعتـك‪ ،‬ولكننـا‬

‫أردنـا أن نفهـم بشـكل أكبـر"‪.‬‬ ‫‪132‬‬


‫عطـاءٌ ال يَ ْن ُض ُـب‬

‫ئ‬ ‫أبنا� ‪ ,‬قدمت لنا الطعام ش‬ ‫وال�اب‪،‬‬ ‫"عندما وصلنا إليها يا ي‬ ‫وأهدتنا م�نزال ً طوال تف�ة عالج جدكم يوسف رحمه هللا‪ ،‬كاد أن‬ ‫يموت وكان جسمه نحيالً‪ ،‬ولم أسمع له همسا ً طول الطريق‬ ‫ت‬ ‫ح� ظننته أنه قد مات عدة مرات‪ .‬ولكن أنفاسه الدافئة ترد‬ ‫ن‬ ‫بأذ�‪ ،‬الحمد هلل إنه عىل قيد الحياة‪ .‬إنه سكن‬ ‫ثانية لتهمس ي‬ ‫مريح بعد هذا التعب"‪.‬‬ ‫“يا إلهي حتى المساكن تقدمها لكم"‬ ‫ابن� ت‬ ‫ت‬ ‫ح� المساكن"‪.‬‬ ‫"نعم يا ي‬ ‫"و� اليـوم أ‬ ‫ف‬ ‫الول مـن وصولنـا إليهـا‪ ،‬سـهرت ولـم تنـم‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫حى أعطـت الـدواء‪ ،‬وأطعمتنـا وسـقتنا‪ ،‬وأهدتن ي هـذه‬ ‫الـ� أحتفـظ بهـا إىل آ‬ ‫ت‬ ‫الن"‪.‬‬ ‫العصـا ي‬ ‫ّ‬ ‫“جدي‪ ,‬أال يوجد من يساعدها من أبنائها؟"‬ ‫“فقط هي من تقوم على رعاية الضيوف؟ "‬ ‫“أال تحتاج إلى النوم؟"‬ ‫“متى تنام يا ّ‬ ‫جدي؟"‬ ‫أ‬ ‫جـدي‪ ،‬وكأن بريـق‬ ‫وانهالـت سلسـلة مـن السـئلة على ّ‬ ‫عينيـه يقـول‪ :‬اسـألوا ‪ ..‬اسـألوا ‪...‬ولكـن بقـي صامتـاً ‪...‬وصمـت‬ ‫الجميع لحظـة ‪..‬‬ ‫‪133‬‬


‫اليازيـه صلاح الديـن خميـس هلال الكعبـي‬

‫ئ‬ ‫أبنا� من هي؟"‬ ‫ب‬ ‫"سأخ�كم يا ي‬ ‫“أنعرفها يا جدي؟"‬ ‫"نعم تعرفونها‪ ...‬إنّها‪ ...‬إنّها‪ّ .....‬أمكم"‬

‫“ماذا‪..‬؟"‬

‫"نعم ّأمكم؟"‬ ‫“من يا ّ‬ ‫جدي؟"‬ ‫"أمنا‪"...‬‬ ‫ُّ‬ ‫الجميـع أصبـح يتحـدث مـع نفسـه ‪ُّ ...‬‬ ‫“أمنـا ‪ "...‬ألول‬ ‫ش‬ ‫بـسء مـن الغضـب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مـرة يراقبنـا ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ئ‬ ‫ت‬ ‫ال� نعيش‬ ‫ويقول "يا ي‬ ‫أبنا� ال ّم الوىل َم ْن تلدنا‪ ،‬والدولة ي‬ ‫عليها ت‬ ‫ون�ب� فيها هي أمنا‪ ،‬ولغتنا وعاداتنا وتقاليدنا هي أمنا"‬ ‫“تقصد األم بالمجاز أم بالحقيقة؟"‬

‫"بل الحقيقة والمجاز"‪.‬‬

‫“إذا ً من هذه األم يا ّ‬ ‫جدي‪ ...‬قتلنا الفضول لمعرفتها‪"...‬‬

‫"سنذهب غداً إليها لنشكرها"‪.‬‬ ‫“متى سنذهب يا ّ‬ ‫جدي؟"‬ ‫"اذهبوا إىل النوم وغداً بعد صالة الفجر ننطلق لنشكر َّأمنا‪"...‬‬ ‫“موافقون يا ّ‬ ‫جدي‪"...‬‬ ‫‪134‬‬


‫عطـاءٌ ال يَ ْن ُض ُـب‬

‫ف‬ ‫الجد بانتظاره‪.‬‬ ‫و� الصبـاح تح ّلق الجميع حول سـيارة ّ‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫مصمم�؟"‬ ‫"أما زلتم‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫لنشكرها"‪.‬‬ ‫“نعم أرجوك‪ ...‬خذنا إليها‬ ‫وسنقدم لها هديةً جميلة‪ .‬أليست َّأمكم؟"‬ ‫"سنذهب‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أي كلمة‪.‬‬ ‫ينظر إليه الجميع‪ ،‬ولكن بدون ّ‬ ‫جـدي باتجـاه الصحـراء‪ ،‬وكلمـا رأينـا شـي ًئا‬ ‫انطلقنـا مـع ّ‬ ‫النسـان ظننـا أنهـا هـي المقصـودة‪.‬‬ ‫يشـبه إ‬ ‫ت‬ ‫تـأ� إلينـا‪“ ،‬هـل المقصـود‬ ‫أصبحـت خواطـر عديـدة ي‬ ‫أمـي‪ ..‬ال‪ّ ...‬‬ ‫ّ‬ ‫جدي يتحدث‬ ‫أمـي ال تتـرك البيت إال لزيـارة‪ ..‬ال ّ‬ ‫ش‬ ‫آخـر ‪ "...‬الطريـق ليـس طويلاً‪ ،‬ولكـن قررنـا أن‬ ‫� ٍء َ‬ ‫عـن ي‬ ‫ت‬ ‫كبـرة‪.‬‬ ‫نسـريح تحـت ظـل شـجرة ي‬ ‫جدي‪" :‬سنصل إليها ولم يبق إال القليل"‪.‬‬ ‫قال ّ‬ ‫أصبحنا ننظر ّ‬ ‫بكل اتجاه‪ ،‬أين هذه المرأة الكريمة؟‬ ‫“أين هي‪...‬؟"‬ ‫جـدي مـن جيبـه قماشـة بيضـاء مرسـوم عليهـا‬ ‫أخـرج ّ‬ ‫كبـرة‪.‬‬ ‫شـعار – الغـاف – ووضعـه على سـارية ي‬ ‫الكل تي�قب جدي‪.‬‬ ‫قـال لـه أخـي‪“ :‬سـألتك باألمـس عـن شـعار دولتنا‬ ‫‪135‬‬


‫اليازيـه صلاح الديـن خميـس هلال الكعبـي‬

‫لهـذا العـام ولـم تجـب‪ ،‬واآلن يـا ّ‬ ‫جـدي‪ ...‬مـا معنـى‬ ‫شـعار الغـاف؟ أجبنـي قبـل أن نصـل إلـى المـرأة؟"‬ ‫“أرجوك يا ّ‬ ‫جدي‪"...‬‬ ‫قال الجد‪" :‬سأجيبكم جميعاً"‪.‬‬ ‫أ‬ ‫"الم ت‬ ‫الـ� حدثّتكـم عنهـا تسـتظلون بظلهـا" ‪ -‬الكل نظر‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫جـدي‪...‬‬ ‫إىل العلى إنها شـجرة يا ّ‬ ‫جدي‪" :‬إنها شجرة الغاف"‪.‬‬ ‫قال ّ‬ ‫قال أخي‪“ :‬لقد أجاب ّ‬ ‫جدي عن سؤالي الحمد لله‪"...‬‬ ‫فر ّد الجد‪ :‬لقد أجبت عن أسئلتكم كلها ‪...‬‬ ‫“شجرة الغاف ‪ ...‬أعليها قصتك؟"‬ ‫"نعـم‪ ،‬إنهـا شـجرة الغـاف إنهـا أ‬ ‫الم – ورقهـا طعـام‬ ‫ودواء وأغصانهـا حطـب لطعامنـا‪ ،‬أجدادنـا بنوا منهـا البيوت‪،‬‬ ‫واسـتظلوا بظلهـا‪ ...‬كونهـا ظلـت شـجرة صامـدة منـذ ي ن‬ ‫سـن�‬ ‫ولن أ‬ ‫الحوال الجويـة والبيئية القاسـية‪ ..‬أ‬ ‫طويلـة رغـم أ‬ ‫الجداد‬ ‫رووهـا بعرقهـم فأضحـت رمـزاً للصمـود ف� حيـاة إالمار ي ن‬ ‫اتيـ�‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫�ء عن تفاصيـل حياتها‪ ،‬بدءاً من‬ ‫الذيـن أصبحـوا يتقنون كل ي‬ ‫نمـو بذرتهـا وتفتـح أزهارهـا‪ ،‬ت‬ ‫وحى مراحـل نموهـا المتأخرة‪".‬‬ ‫ئ‬ ‫أبنـا� رمـز مهـم ف ي� حياتنـا فقـد كانـت تمثل‬ ‫"بـل هـي يـا ي‬ ‫‪136‬‬


‫عطـاءٌ ال يَ ْن ُض ُـب‬

‫بالضافـة إىل أنهـا كانـت تحتضـن‬ ‫مجلـس القـوم قديمـاً‪ ،‬إ‬ ‫الفـراح وتسـتضيف أ‬ ‫أ‬ ‫التـراح‪ ،‬فأثـرت ف� حياتنـا‪ ،‬ت‬ ‫حى أصبحنا‬ ‫ي‬ ‫جدي‬ ‫نتباهـى بمـا يملكـه كل فـرد مـن أشـجار الغـاف‪ .‬ورفـع ّ‬ ‫عصـاه عاليـاً‪ ،‬وقـال وهـذه عصـاي أتباهـى بهـا"‪.‬‬ ‫ئ‬ ‫ـا�‪ .‬هــل علمتــم لمــاذا اختــارت دولتنــا‬ ‫"نعــم يــا أحبـ ي‬ ‫شــعار شــجرة الغــاف؟"‬ ‫بعد صمت وتجميع أفكار‪.‬‬ ‫“نعم‪ ،‬نعم‪ ،‬سنحافظ عليها بعون الله بقلوبنا‬ ‫وصدورنا إنها أمنا‪"...‬‬

‫‪137‬‬


‫اليازيـه صلاح الديـن خميـس هلال الكعبـي‬

‫جـدي قطعناهـا جميعـاً‬ ‫نزلـت دمعـة فـرح مـن عين ي ّ‬ ‫جـدي‪ ...‬ودعائـه‬ ‫باحتضـان ّ‬ ‫"اللهـم بـارك بهـذه الشـجرة المباركـة‪ ،‬اللهم بـارك بهذه‬ ‫أ‬ ‫الم ت‬ ‫الـ� تعطـي وال تأخـذ‪ ...‬عطـا ًء متجدداً"‪.‬‬ ‫ي‬ ‫"نريـد لكـم أن تفـوزوا جميعـاً‪ ،‬ومن لم يفـز تقفون معه‬ ‫ لـه نصيـب – موافقون يـا أحفادي"‬‫“نعم يا جدي‪ ,‬بشرط أن تحضر التكريم"‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� الطابـور الصباحـي – سـنذكر المشـاريع الفائـزة‬ ‫ي‬ ‫الجـد الـذي يقـف بجـوار المديـر ضيفـاً‪.‬‬ ‫ويتلهـف‬ ‫ُّ‬ ‫‪ - 1‬الفائز أ‬ ‫القص�ة "عطاء ال ينضب"‬ ‫الول‪ :‬القصة‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الثا�‪ :‬نستلهم من ض‬ ‫ن‬ ‫لنب� المستقبل‬ ‫‪ - 2‬الفائز ي‬ ‫الما� ي‬ ‫ي‬ ‫‪ - 3‬الفائز الثالث‪ :‬ش‬ ‫م�وع معاً لديمومة الغاف‬ ‫وجاء دور تسليم الجوائز‬ ‫الجائـزة أ‬ ‫الجـد لتقـدم إليـه الهديـة‬ ‫الوىل‪ :‬نـودي على‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫مجتمعـ� على هـذا‬ ‫الوىل دون علمـه‪ ،‬أل ّن أحفـاده عملـوا‬ ‫ش‬ ‫الجـد فقامـوا‬ ‫المروع‪ ،‬وكـون قصـة الغـاف تلقّوهـا مـن‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫بكتابتهـا‪ ،‬ت‬ ‫الجد‪،‬‬ ‫واشـرطوا ي� حـال الفوز أن يتسـلم الجائـزة ُّ‬ ‫الدارة على طلبهـم‪.‬‬ ‫فوافقـت إ‬ ‫‪138‬‬


‫عطـاءٌ ال يَ ْن ُض ُـب‬

‫جميـع‬ ‫نـودي على اسـمه مـرة ثانيـة – أصبـح‬ ‫ُ‬ ‫وحينمـا ِ‬ ‫ُ‬ ‫الطلاب يـردد بصـوت واحـد – َج ّدنـا َعطا ٌء متجـد ٌد – غافنا‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫عطـاء ال ينضـب‪.‬‬

‫‪139‬‬


140


‫قائدُ األبطال‬ ‫تأليف لمى إيهاب‬

‫كان هنــاك ولــد اســمه محمــد‪ ،‬مجتهــد ف ي� المدرســة محبــوب‬ ‫بــ� أصدقائــه‪ .‬ي ن‬ ‫ين‬ ‫حــ� يذهــب إىل المدرســة ش‬ ‫يمــس عــى‬ ‫ي‬ ‫الرصيــف النظيــف بجانــب جــدار نظيــف‪ .‬ي ن‬ ‫حــ� تلمســه ال‬ ‫تجــد غبــارا عليــه‪ ،‬يتأمــل أ‬ ‫الشــجار الخــرض اء وقــد بنــت‬ ‫ً‬ ‫أعشاشــا جميلــة بــكل ســعادة‪ ،‬وكان يمــرح‬ ‫العصافـ يـر فوقهــا‬ ‫ً‬ ‫مــع أصدقائــه القطــط ف ي� الشــارع‪.‬‬ ‫متحمســا لــدرس اليوم‪،‬‬ ‫ـورا ببلدتــه الجميلــة‪ ،‬كان‬ ‫كان فخـ ً‬ ‫ً‬ ‫حيــث كان عــن حقــوق الطفــل‪ ،‬فقــد ســأل والـ َـده عــن هــذه‬ ‫التعليــم‪ ،‬ممــا جعلــه‬ ‫الحقــوق‪ ،‬وعــرف أن أهمهــا هــو‬ ‫ُ‬ ‫ـعيدا وهــو ذاهــب إىل المدرســة ليشــارك برأيــه‪،‬‬ ‫متحمســا سـ ً‬ ‫ً‬ ‫‪141‬‬


‫لمــى إيهــاب‬

‫ويحـ ّـدث معلمتــه عــن ذلــك‪.‬‬ ‫ف� يـــوم مـــن أ‬ ‫اليام جـــاءت عاصفة رمليـــة و ُعرف أنها‬ ‫ي‬ ‫ســـتبقى ت‬ ‫لفـــرٍة‪ ،‬فجاء قرار المدرســـة بأن يغيـــب الطالب‬ ‫الغد‪.‬‬ ‫حرصـــا عىل ســـامتهم ابتدا ًء مـــن ِ‬ ‫ً‬ ‫محمد للمدرســـة كعادته‪،‬‬ ‫ف ي� ذلك اليـــوم كان قد خرج‬ ‫ٌ‬ ‫ش‬ ‫�ء من مكانه‪ ،‬فطلبت‬ ‫وكان الجـــو عاصفًا يكاد يحـــرك كل ي‬ ‫منه أمـــه أن يرتدي نظـــارة ووشـــاحاً ليحمياه مـــن الغبار‬ ‫حرصـــا منها عـــى صحة طفلها وســـامته ففعـــل محمد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأرص والـــده عـــى أن يوصله الســـائق بالســـيارة خوفًا من‬ ‫َّ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ســـره وهو‬ ‫و� أثناء ي‬ ‫و� الطريق ي‬ ‫أحوال الطقـــس الصعبة‪ ،‬ي‬ ‫بالرض مليئةً أ‬ ‫ينظر من النافـــذة تفاجأ أ‬ ‫والجدار‬ ‫بالوســـاخ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بالط� والغبار‪ ،‬أ‬ ‫الجميل مـــ� ٌء ي ن‬ ‫ُ‬ ‫شـــجار وقد ســـقطت‬ ‫وال‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫أوراقهـــا وكـــرت أغصانهـــا‪ ،‬وغـــادرت الطيـــور الجميلة‬ ‫مكانها‪ ،‬وفقدت الســـماء لونهـــا أ‬ ‫الزرق‪ ،‬وكانت الرياح تهب‬ ‫َ‬ ‫بقوة‪ .‬نظر فل���م يجد أصدق���ا َءه القطط‪.‬‬ ‫ليخـــر والديـــه اللّذَ يْـــن أنصتا له‬ ‫محمـــد وعاد‬ ‫حـــزن‬ ‫ب‬ ‫ٌ‬ ‫جيدا‪ ،‬وتفهمـــا حزنه وشـــاركاه خوفه عـــى بلدته‪ ،‬فذهب‬ ‫ً‬ ‫والـــداه إىل عمـــدة البلدة ليســـأاله عن أ‬ ‫المـــر‪ ،‬فأكد لهما‬ ‫‪142‬‬


‫قائـدُ األبطـال‬

‫أن المدينة ســـوف تتعرض لعاصفة ســـتؤثر عىل نظافتها‪،‬‬ ‫ويتعطل عمـــل عمال النظافـــة فيها‪.‬‬ ‫ســـيحدث‪ ،‬وأن البلدة‬ ‫وأخ�اه بما‬ ‫رجـــع والدا‬ ‫ُ‬ ‫محمـــد‪ ،‬ب‬ ‫ٍ‬ ‫ســـوف تتعطل فيها الحيـــاة والنظافة بســـبب العاصفة‪،‬‬ ‫بالوســـاخ أ‬ ‫وتمتلئ أ‬ ‫والور ِاق أليام‪.‬‬ ‫وأص أن يقدم شـــي ًئا‬ ‫حـــزن‬ ‫ٌ‬ ‫محمد وتألم لما ســـمعه‪ّ ،‬‬ ‫لبلدتـــه وبيئتـــه‪ .‬وأخذ يفكـــر فوقعت عيناه عـــى حصالة‬ ‫النقـــود وخطرت له فكـــرة‪ ،‬فركض مرس ًعا وأخـــذ الحصالة‬ ‫ليخـــره بفكرته‪.‬‬ ‫واتجه لوالده‬ ‫ب‬ ‫محمد عىل والده الذي كان ينظر من النافذة إىل‬ ‫دخل‬ ‫ٌ‬ ‫منظر الشارع المدمر‪ ،‬وقد ظهرت عىل وجهه عالمات أ‬ ‫السف‪،‬‬ ‫متحمسا‪ :‬هل تسمح لي أن أتحدث معك‬ ‫فسأله محمد‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ب� ماذا عندك؟ فقال‬ ‫يا والدي؟‪ ،‬فأجابه والده‪ :‬حسناً يا ي‬ ‫محمد‪ :‬لقد أخبرتني يا والدي من قبل أن األطفال من حقهم‬ ‫ٌ‬ ‫أن ال يجبروا على العمل في سنهم الصغير‪ ،‬ولكن يمكن‬ ‫أن يساهموا في العمل التطوعي البيئي لخدمة وطنهم‬ ‫ومجتمعهم‪ ،‬لقد قررت أن نتطوع أنا وأصدقائي في الحي‬ ‫ً‬ ‫جميعا‪ .‬وكل ما نحتاج إليه‬ ‫لتنظيف الحي‪ ،‬وسوف نشترك‬ ‫‪143‬‬


‫لمــى إيهــاب‬

‫بعض األدوات وأكياس القمامة التي سوف نشتريها من‬ ‫السوق‪ ،‬وسأتحدث ألصدقائي في الحي وأعرض عليهم‬

‫الفكرة فما رأيك؟ أعجب والده بهذه الفكرة وقرر أن يساعده‬ ‫ف ي� فكرته‪ ،‬وشجعه عليها دون تردد‪ ،‬وقرر أن يبدأ العمل ف ي�‬ ‫أرسع وقت ممكن‪ .‬‬ ‫و بعـــد ي ن‬ ‫محمد ف ي� الصبـــاح وقد هدأت‬ ‫يوم� اســـتيقظ‬ ‫ٌ‬ ‫العاصفة واســـتقر الجو‪ ،‬فقـــرر أن يبدأ العمل‪.‬‬ ‫محمد مع والده ت‬ ‫واش�ى مجموعة من المكانس‬ ‫خرج‬ ‫ٌ‬ ‫أ‬ ‫والكياس القماشية وصناديق ورقية‪ ،‬وكان حريصاً عىل أن‬ ‫ال يستخدم أكياس البالستيك الم�ض ة بالبيئة‪ ،‬واتجه نحو‬ ‫أصدقائه ف ي� الحي ليعرض عليهم المساهمة ف ي� تنظيف الحي‬ ‫وتنظيمه من جديد‪ ،‬تحمس أطفال الحي وأعجبوا بالفكرة‪،‬‬ ‫وقرروا المساعدة وجلب كل منهم المزيد من أ‬ ‫الدوات‪،‬‬ ‫محمد الذي قام بتوزيعهم عىل مجموعات‬ ‫واتجهوا لم�نز ل‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫جد ومحبة فقاموا بجمع‬ ‫وبدؤوا بالعمل‪ .‬عمل الصدقاء بكل ٍّ‬ ‫الوراق المتساقطة أ‬ ‫أ‬ ‫والغصان المكسورة وجمعوا الزجاج‬ ‫المكسور والنفايات البالستيكية والمعدنية بمساعدة آبائهم‪،‬‬ ‫ووضعوها ف� أكياس وأغلقوها جيداً ت‬ ‫ح� ال تؤذي أحداً‪،‬‬ ‫ي‬ ‫‪144‬‬


‫قائـدُ األبطـال‬

‫ت‬ ‫وح� يرسلوها إلعادة التدوير‪ ،‬وأح�ض وا خراطيم المياه‬ ‫ذات المقابض الرشاشة يك ال يرسفوا باستهالك الماء‪ ،‬ونظفوا‬ ‫ان والشوارع‪.‬‬ ‫الجدر َ‬ ‫بينمـــا كانوا يعملون بجد ســـمعوا أصواتـــاً من الضحك‬ ‫ت‬ ‫محمد‪:‬‬ ‫نحو الصـــوت‪ ،‬فصاح‬ ‫ٌ‬ ‫تأ� من أول الشـــارع‪ .‬نظروا َ‬ ‫ي‬ ‫نصغـــي لهم‪ ،‬ولن‬ ‫ســـعيد ومجموعتـــه‪ ،‬لن‬ ‫يـــا إلهي هذا‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫نهتم لهم يـــا أصدقاء‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ت‬ ‫يبتســم‬ ‫محمــد وأصدقائــه‪ ،‬وهــو‬ ‫اقــرب ســعيد مــن‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫بســخرية قائــاً‪ :‬هههــه محمــدٌ ومــن معــه تحولــوا إلــى‬ ‫عمــال نظافــة‪ ،‬منظركــم وقــد تلطخــت مالبســكم بالتــراب‬

‫يثيــر الشــفقة‪ ،‬مــا هــذا الغبــاء؟!‬

‫‪145‬‬


‫لمــى إيهــاب‬

‫محمــد بثقــة‪ :‬يشــرفني أن أكــون عامــا ً مــن‬ ‫ر ّد عليــه‬ ‫ٌ‬ ‫عمــال الوطــن الرائعيــن‪ ،‬فلوالهــم لمــا كانــت مدينتــك‬ ‫ً‬ ‫جميلــة‪ ،‬وال كان شــارعك نظيفــا‪ ،‬أمــا هــذا التــراب فقــد جــاء‬ ‫بالعمــل والجــد وليــس باللعــب والتخريــب‪ ،‬غــادروا المــكان‬ ‫ودعونــا لعملنــا‪.‬‬

‫تجمد سعيد ومن معه من هذه الكلمات‪ ،‬وعرفوا أنهم‬ ‫ّ‬ ‫محمد وأصدقائه‪ ،‬وتركوا المكان ورحلوا‪.‬‬ ‫بإغضاب‬ ‫لن ينجحوا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫تابــع أ‬ ‫ض‬ ‫الفــو� ف ي�‬ ‫البطــال الصغــار عم َلهــم‪ ،‬ونظمــوا‬ ‫اســتمر العمــل يومــاً كامــا ً مــع‬ ‫بشــكل مدهــش‪.‬‬ ‫المــكان‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫تشــجيع ش‬ ‫وإ�اف آبائهــم الذيــن كانــوا يراقبــون العمــل‬ ‫صنــع أطبــاق مــن‬ ‫تنــس أمهاتهــم‬ ‫َ‬ ‫باهتمــام‪ ،‬كمــا لــم َ‬ ‫الحلــوى والكعــك اللذيــذ‪ ،‬وتقديمهــا ألبطالهــم الصغــار‬ ‫بــكل حــب وســعادة‪ .‬ت‬ ‫الحــي‬ ‫أصبــح‬ ‫حــى إذا جــا َء المســا ُء‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫جــدا ونظيفًــا ومر ًتبــا‪.‬‬ ‫يبــدو‬ ‫جميــا ً‬ ‫خرج أهل الحي وتفاجؤوا بجمال الحي ونظافته‪ ،‬وكانوا‬ ‫جدا بهذا العمل الرائع‪ ،‬وفخورين بأوالد حيهم‬ ‫فخورين ً‬ ‫جيدا كيف يحبون وطنهم وبيئتهم‪ .‬أما عمدة‬ ‫الذين يعرفون ً‬ ‫الحي فقد كان فرحاً بأبناء بلدته‪ ،‬فقدم لهم شهادات شكر‬ ‫‪146‬‬


‫قائـدُ األبطـال‬

‫عىل مجهودهم وعملهم الرائع‪ ،‬وس ّلم محمداً درعاً تقديراً له‬ ‫عىل جهوده ف� حفل جميل اجتمع فيه كل أ‬ ‫هال‪ ،‬وشكره عىل‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ت‬ ‫سعيد وأصدقاؤُه‬ ‫ال� جعلته فخوراً بهم جميعاً‪ .‬كان‬ ‫ٌ‬ ‫فكرته ي‬ ‫أ‬ ‫فرحا‬ ‫بحرسة من بعيد‪ ،‬لكن والد‬ ‫يراقبون‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫محمد كان الك�ث ً‬ ‫ً‬ ‫التعاون‬ ‫واعيا‪ ،‬يحب‬ ‫عظيما‬ ‫قائدا‬ ‫بولده الذي كان ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫وطفل ً‬ ‫مع أصدقائه ت‬ ‫أن‬ ‫ويح� ُم الطبيعةَ ويعرف حقوقَها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فاستحق ْ‬ ‫الوطن‪.‬‬ ‫يفتخر به‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫‪147‬‬


148


‫يوميات مطرة في الظفرة‬ ‫تأليف مطرة إبراهيم صالح صالح فيروز‬

‫كانـــت هنـــاك طفلـــةٌ نشـــيطةٌ وذكية تعيـــش ف ي� دولة‬ ‫المـــارات العربيـــة المتحدة‪ ،‬دولة الســـام والتســـامح‪،‬‬ ‫إ‬ ‫أسســـها المغفور له الشـــيخ زايد بن ســـلطان آل نهيان‪،‬‬ ‫ت‬ ‫االحـــرام المتبا َدل مـــع الجميع‪.‬‬ ‫عىل مبـــادئ‬ ‫اسمها مطرة‪ ،‬طفلةٌ محبوبةٌ لدى عائلتها وصديقاتها‬ ‫تحب السباحةَ‬ ‫الشعر‪ ،‬وتعيش ف ي�‬ ‫والسفر وإلقا َء ِّ‬ ‫ومعلماتها‪ّ .‬‬ ‫َ‬ ‫صغ� وجميل ف ي� مدينة مصدر‪ ،‬وهي أول مدينة تعتمد‬ ‫م�نز ل ي‬ ‫عىل الطاقة النظيفة والمتجددة ف� العالم‪ ،‬وهي تجمع ن‬ ‫سك�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫مستدام تم إنشاؤه ف ي� إمارة‬ ‫أبوظ�‪ ،‬مع والدتها ووالدها‬ ‫يب‬ ‫الخمسة أعوام‪.‬‬ ‫ذات‬ ‫وأختها‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫الصغ�ة مريم ِ‬ ‫‪149‬‬


‫مطــرة إبراهيــم صالــح صــاح فيــروز‬

‫بعـد عودتهـا مـن المدرسـة يومياً تتنـاول وجبة الغـداء مع‬ ‫أفراد عائلتها‪ ،‬ثم تذهب لتستذكر دروسها‪ ،‬ثم تمارس هوايتها‬ ‫ف ي� السـباحة مـع مدربتهـا الخاصـة ف ي� المنز ل‪ ،‬ثـم تلعـب مـع‬ ‫أختهـا مريـم‪ ،‬وتقوم بأعمال فنية كالرسـم عىل الـورق المعاد‬ ‫تدويره‪ ،‬أو صناعة الزخارف الفنية من البالسـتيك المسـتعمل‪،‬‬ ‫ثـم تشـاهد بعـض أفالم الكرتـون عىل آ‬ ‫اليبـاد أو التلفـاز‪ .‬ف‬ ‫و�‬ ‫ي‬ ‫السـاعة السـابعة والنصف مسـاء يسـتمتع أفـراد أ‬ ‫الرسة بتناول‬ ‫ً‬ ‫الحاديث الممتعة ومناقشـة أ‬ ‫طعام العشـاء‪ ،‬ويتبادلون أ‬ ‫المور‬ ‫االجتماعيـة والدراسـية‪ ،‬ثـم تذهـب لغرفتها لتنام بعد سـماع‬ ‫شـوقة مـن والدتهـا أو والدهـا‪ ،‬وتسـتيقظ ف ي� الصبـاح‬ ‫قصـة ُم ّ‬ ‫باكـرا بـكل نشـاط وحيويـة‪ ،‬ترتـب رسيرهـا وتغسـل وجههـا‬ ‫ً‬ ‫وتنظف أسـنانها بالفرشـاة والمعجـون‪ ،‬وتتناول وجبـة إالفطار‬ ‫ت‬ ‫الـ� تحتوي عىل جميـع العنـارص الغذائية كالخضار‬ ‫الصحيـة ي‬ ‫ت‬ ‫بن‬ ‫والجـ� الذي يحتوي‬ ‫الـ� تحتوي على الفيتامينات‪،‬‬ ‫والفواكـه ي‬ ‫وتـ� الذي يسـاعدها عىل بناء الجسـم‪ ،‬ب ز‬ ‫على بال� ي ن‬ ‫والخ� الذي‬ ‫ت‬ ‫الـ� تمدهـا بالطاقـة‪ ،‬والحليـب‬ ‫يحتـوي على الكربوهيـدرات ي‬ ‫الغن ي بالكالسـيوم لسلامة عظامهـا وأسـنانها‪ ،‬وتبـدأ يومـاً‬ ‫جديـداً ممتعاً‪.‬‬ ‫‪150‬‬


‫يوميــات مطــرة فــي الظفــرة‬

‫و� يوم من أ‬ ‫ف‬ ‫اليام كانت مطر ُة ف ي� غرفتها تستذكر دروسها‪،‬‬ ‫ي‬ ‫سمعت طرق الباب طق طق طق‬ ‫مطرة‪ :‬من؟‬ ‫أ‬ ‫الم‪ :‬أنا يا مطرة‪.‬‬ ‫مطرة‪ :‬تفضلي يا ّ‬ ‫أمي‪.‬‬ ‫أ‬ ‫السالم عليكم ورحمةُ هللا وبركاته‪.‬‬ ‫الم‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫مطرة‪ :‬وعليكم السالم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أخ�ك موضو ًعا‪.‬‬ ‫الم‪ :‬مطرة أريد أن ب‬ ‫مطرة‪ :‬تفضلي يا أمي العزيزة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫أخ�تن‬ ‫كبـرا للطالبات‬ ‫أن هنـاكَ‬ ‫م‪:‬‬ ‫ال‬ ‫مخيمـا ًي‬ ‫ب‬ ‫صديقـ� ّ‬ ‫ً‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وبحاجـة لمتطوعات‪.‬‬ ‫ابنـ� نأ� مبـادرة ف� أ‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫العمـال التطوعيـة‬ ‫وكمـا‬ ‫تعلمـ� يـا ي ي‬ ‫ي‬ ‫وأحـب عمـل الخ� ومسـاعدة آ‬ ‫وأشـجعك دائماً عىل‬ ‫الخرين‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫العمـل التطوعي‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫جميل يا ّ‬ ‫أمي‪.‬‬ ‫مطرة‪:‬‬ ‫أ‬ ‫ال ّم‪ :‬ولكـن يـا مطـرة المـكان بعيـد ف ي� منطقـة الظفـرة ف ي�‬ ‫نمكث مـن ثمانية إىل ش‬ ‫عرة أيام‬ ‫منطقـة صحراويـة‪ ،‬وسـوف ُ‬ ‫ف� إجـازة فصـل الشـتاء‪ ،‬وسـوف آخذُ كما معـي كمر ي ن‬ ‫افق�‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪151‬‬


‫مطــرة إبراهيــم صالــح صــاح فيــروز‬

‫مطـرة‪ّ :‬‬ ‫أمـي تجربـة جديـدة ألتعـرف مـن خاللهـا علـى‬ ‫مناطـق جديـدة فـي دولتـي‪ ،‬اإلمـارات العربيـة المتحـدة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أذهـب معـك بـكل تأكيـد‪.‬‬ ‫وسـوف‬

‫شـوق موعـد الرحلـة‪ ،‬وكانـت‬ ‫كانـت مطـرة تنتظـر بـكل ٍ‬ ‫كثـراً‪ ،‬مـاذا سـوف تفعـل هنـاك؟‬ ‫تفكـر ي‬

‫وبعد مرور شهر‪...‬‬

‫ف‬ ‫و� أول يـوم مـن أيـام عطلـة فصـل الشـتاء بـدأ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫االستعداد للرحلة‪ .‬كانت الم مشغولة ي� ترتيب الحقائب‪،‬‬ ‫ومطـرة تختـار أ‬ ‫اللعـاب والكتـب والقصـص المسـلية‬ ‫أ‬ ‫ال ت‬ ‫مريـم‪ ،‬وح�ض ت‬ ‫لك�ونيـة‪ ،‬وتسـاعدها أخ ُتهـا‬ ‫والجهـزة إ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫الم لتسـاعدهما ف ي� االختيـار‪.‬‬ ‫صغـاري نحـن ذاهبـون لمنطقـة مختلفـة عـن حيـاة‬ ‫مالئمـا للمـكان‪ ،‬فلا‬ ‫المدينـة‪ ،‬واختيارنـا يجـب أن يكـون ً‬ ‫أ‬ ‫لك�ونيـة‪ ،‬ض‬ ‫ال ت‬ ‫حـا� يـا ّأمـي‪.‬‬ ‫أفضـل أخـذ الجهـزة إ‬ ‫أ‬ ‫ال ت‬ ‫لك�ونية‬ ‫مريم باستبدال الجهزة إ‬ ‫نصحت مطرة أخ َتها َ‬ ‫أ‬ ‫مريم عىل رأي مطرة‪.‬‬ ‫باللعاب الحركية‪ ،‬ووافقت ُ‬

‫‪152‬‬


‫يوميــات مطــرة فــي الظفــرة‬

‫في صباح اليوم الثاني‪...‬‬

‫اجتمعـت جميـع المتطوعـات والمر ي ن‬ ‫افقـ� ف ي� نقطـة التجمـع‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫الـ� كانت‬ ‫ركـب الجميـع الحافلات‬ ‫متجه� لمنطقـة الظفرة ي‬ ‫وتعتـر منطقـة الظفرة من‬ ‫تعـرف سـابقًا بالمنطقـة الغربيـة‪،‬‬ ‫ب‬ ‫أغىن مناطـق الدولـة بحقـول النفـط والغـاز‪ ،‬كما تمتـاز أيضاً‬ ‫ب�ث وتهـا الزراعيـة والحيوانيـة المختلفة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� الطريـق إىل الظفـرة تـم التعـارف وتبـادل الحديـث‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫لالسـراحة ي� منطقـة‬ ‫بـ� المتطوعـات‪ ،‬وتوقفـت الحافلـة‬ ‫السـر‪ ،‬ومن‬ ‫بينونـة لمـدة نصـف سـاعة‪ ،‬وواصلت بعـد ذلك ي‬ ‫خلال النافـذة شـاهدت مطرة مناظـر جميلة للكثبـان الرملية‬ ‫و(الجمـل) سـفينة الصحـراء‪ ،‬الـذي أطلـق عليـه هذا االسـم‬ ‫سـره‪ ،‬حيث يتمايل عىل رمـال الصحراء كتمايل‬ ‫نظـراً لطريقة ي‬ ‫يز‬ ‫ويتمـر بضخامـة جسـمه وقـوة‬ ‫السـفينة على أمـواج البحـر‪،‬‬ ‫سـنام فـوق‬ ‫بنيتـه وارتفـاع قامتـه وطـول عنقـه‪ .‬ويوجـد لـه ٌ‬ ‫ت‬ ‫الـ� يقـوم باسـتخدامها كمصـدر‬ ‫ظهـره لتخزيـن الدهـون ي‬ ‫ت‬ ‫يز‬ ‫الـ� يسـتطيع مـن خاللهـا‬ ‫للطاقـة‪،‬‬ ‫ويتمـر بذاكرتـه القويـة ي‬ ‫معرفـة أ‬ ‫الماكـن ومعرفـة صاحبـه وهـو ش‬ ‫يمـس بكل ثقـة‪ .‬حقًا‬ ‫ي‬ ‫إنـه منظـر مدهـش يـا ّأمي‪.‬‬ ‫‪153‬‬


‫مطــرة إبراهيــم صالــح صــاح فيــروز‬

‫وصلت الحافلة لمنطقة المخيم‪ ،‬اندهشت مطر ُة من‬ ‫المنظر الجميل الخالب الذي يقع ف ي� قلب الصحراء‪ ،‬وكانت‬ ‫سعيدة جداً واالبتسامة عىل شفتيها‪ ،‬إنه مكان واسع يحتوي‬ ‫الصغ�ة‪ ،‬وخيام بيت الشعر‬ ‫كب� جداً من الخيم‬ ‫ي‬ ‫عىل عدد ي‬ ‫الكب�ة ومطعم ومرافق عامة‪ .‬استقبلت مديرة المخيم جميع‬ ‫ي‬ ‫المتطوعات بكل حب ت‬ ‫واح�ام‪ ،‬وتم ش�ح آلية المخيم الذي‬ ‫كب�ا من طالبات الجامعات والمعاهد‪،‬‬ ‫سوف يستقبل عد ًدا ي ً‬ ‫وبدأ تسليم الخيم لكل متطوعة ومرافقيها‪.‬‬ ‫تس� خلفهما‪.‬‬ ‫أرسعت مطر ُة وأخ ُتها إىل الخيمة‪ ،‬ووالدتهما ي‬ ‫فتحت مطرة الخيمة وتفاجأت من المنظر‪ .‬ال يوجد سوى‬ ‫ئ‬ ‫كهربا� ف ي� الخيمة‪ ،‬والمرافق العامة‬ ‫ومصباح‬ ‫مكان للنوم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍي‬ ‫ٍ‬

‫‪154‬‬


‫يوميــات مطــرة فــي الظفــرة‬

‫توجد خارج الخيمة مثل دورات المياه والمطعم‪.‬‬ ‫حاولت أ‬ ‫ال ّم أن تساعدهما ف ي� التأقلم مع المكان‪ ،‬وطلبت‬ ‫من مطرة أن تساعدها ف ي� ترتيب الخيمة ووضع الحقائب‪.‬‬ ‫بعد يوم متعب خلدت مطر ُة للنوم ف ي� حضن والدتها مع‬ ‫مريم خائفةً من المكان كونُه جديداً‪ ،‬وكانت‬ ‫أختها مريم‪ .‬كانت ُ‬ ‫تحك لها عن أجدادنا الذين سكنوا قديماً هذه الخيم‬ ‫مطرة ي‬ ‫المصنوعة من شعر الماعز الذي يخلط بالصوف‪ .‬وكانت الخيمة‬ ‫تحميهم من أشعة الشمس الحارة والرياح والمطر‪.‬‬

‫ُ‬ ‫يوم بالمخيم‪...‬‬ ‫أول‬ ‫ٍ‬

‫مبكـرا‪ ،‬وذهبت مع والدتها لتبـدأ مهامها ف ي�‬ ‫اسـتيقظت مطـرة ً‬ ‫كبـر من الطالبـات عىل دفعات‬ ‫المخيـم‪ ،‬مـن اسـتقبال عدد ي‬ ‫وتسـليم الخيـم وتقديـم الطعـام‪ .‬كانـت مطـرة سـعيدة‬ ‫بمهـام المتطوعـات وتحـاول مسـاعدة الجميع‪ ،‬واسـتطاعت‬ ‫مطـرة إقناع مديرة المخيم بالعمـل معهن ضمن المتطوعات‬ ‫على الرغـم مـن صغـر سـنها‪ ،‬وال يوجـد متطوعـات بعمرها‪،‬‬ ‫الداريـات ف ي� أعمال‬ ‫ورحبـت بمطـرة كأصغـر متطوعة تسـاعد إ‬ ‫المخيـم‪ ،‬وإرشـاد الطالبـات إىل مرافـق المخيم‪.‬‬ ‫‪155‬‬


‫مطــرة إبراهيــم صالــح صــاح فيــروز‬

‫أيام المخيم‪...‬‬ ‫ثاني ِ‬

‫بـدأت الطالبـات ف‬ ‫التجمـع لرفـع العلـم‪ ،‬وإلقـاء النشـيد‬ ‫�‬ ‫ُ ي‬ ‫ِ‬ ‫النشـيد بـكل فخـر وسـعادة‪،‬‬ ‫الوطن ي ‪ .‬وكانـت مطـرة تـر ّد ُد‬ ‫َ‬ ‫وبصـوت مرتفـع ف ي� صحـراء الظفـرة‪.‬‬ ‫ش‬ ‫ـاش اتِّ َحا ُد ِإ َم َارا ِت َنا‬ ‫ي� ِب َل ِدي َعـ َ‬ ‫ِع ِ ي‬ ‫عب‬ ‫ِع ْش ِت ِل َش ٍ‬ ‫ال ْسـ َـا ُم َه ْديُ ُه الق ُْرآن‬ ‫ِدي ُن ُه ْ ِإ‬ ‫َح َّص ْن ُتكَ ِب ْاسـ ِـم هللا يَا َو َط ُن‬ ‫ِبـ َـا ِدي ِب َل ِدي ِب َل ِدي ِب َل ِدي‬ ‫ـاك ْ ِإ ش‬ ‫الز َمان‬ ‫ور َّ‬ ‫َح َمـ ِ‬ ‫� َ‬ ‫ال َل ُه ُ ُ‬ ‫َ ن‬ ‫َ‬ ‫� نَ ْع َمل‬ ‫أق َْسـ ْـم َنا أ ْن نَ ْب ِ ي َ‬ ‫نَ ْع َمل نُ ْخ ِلــص نَ ْع َمل نُ ْخ ِلص‬ ‫َم ْه َما ِع ْش ـ َنا نُ ْخ ِل ْص نُ ْخ ِل ْص‬ ‫أ‬ ‫ـاش ا ْل َع َلم يَا ِإ َم َارا ِت َنا‬ ‫ان َو َعـ َ‬ ‫َد َام ْال َ َم ُ‬ ‫َر ْم َز ا ْل ُع ُروبَة‬ ‫يك‬ ‫ـك ِب ِّ‬ ‫الد َماء نَ ْر ِو ِ‬ ‫ُك ُّل َنا نَف ِْديـ ِ‬ ‫نفْديــكَ ب ْ أ‬ ‫َ‬ ‫اح يَا َو َطن‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪156‬‬


‫يوميــات مطــرة فــي الظفــرة‬

‫ثم انطلقت فعاليات المخيم من حرف تراثية كالسدو‬ ‫والتل وصناعة الدخون‪ ،‬وحرف يدوية كالفخار‪ ،‬ومرسم حر‬ ‫ي‬ ‫وأنشطة رياضية كالرماية وركوب الخيل‪ .‬وبعد غياب الشمس‬ ‫مسابقات ف ي� إلقاء الشعر‬ ‫بدأ حفل السمر الذي كان يضم‬ ‫ٍ‬ ‫الكث�‪ ،‬سألت مطر ُة والدتَها‪ :‬أمي لماذا ال‬ ‫وغ� ُه ي‬ ‫والخطابة‪ ،‬ي ُ‬ ‫نشارك في هذه الفعاليات؟‬

‫مطرة‪ :‬ألن المخيم خاص للطالبات الجامعيات والصفوف‬ ‫غدا سوف أحاول حل هذا الموضوع مع مديرة‬ ‫ولكن ً‬ ‫العليا‪ْ ،‬‬ ‫المخيم‪ ،‬وخصوصاً أن هناك عدداً قليال من أ‬ ‫الطفال‪.‬‬ ‫ً‬

‫ُ‬ ‫ثالث أيّ ِام المخيم‪....‬‬

‫اسـتيقظ الجميـع باكـرا لالسـتمتاع أ‬ ‫بالنشـطة المقدمـة ف ي�‬ ‫ً‬ ‫المخيـم بـكل نشـاط‪ .‬ذهبت والـدة مطرة إىل مديـرة المخيم‬ ‫لمناقشـة وضـع أ‬ ‫أنشـطة لهـم‪.‬‬ ‫وتوفـر‬ ‫الطفـال‪،‬‬ ‫ِي‬ ‫ٍ‬ ‫وافقت عىل الفور ألنهم جزء من نجاح المخيم‪ ،‬وبدأت‬ ‫بوضع خطة وإعداد أنشطة تناسب قدراتهم وإمكانياتهم‪،‬‬ ‫أ‬ ‫بالخ� السعيد‪ .‬وتم‬ ‫أرسعت الم لمطرة ومريم وأبلغتهما ب‬ ‫وضع مسابقات خاصة أ‬ ‫للطفال من رسم وتشكيل ي ن‬ ‫بالط� وإلقاء‬ ‫‪157‬‬


‫مطــرة إبراهيــم صالــح صــاح فيــروز‬

‫الشعر أ‬ ‫ومريم‬ ‫والناشيد‪ .‬شاركت مطر ُة ف ي� مسابقة إلقاء الشعر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫والحرف‪،‬‬ ‫نشطة‬ ‫ف ي� مسابقة الرسم‪ .‬انضمت مطر ُة‬ ‫ِ‬ ‫ومريم إىل ال ِ‬ ‫ُ‬ ‫وتع ّلمت السدو وهو أحد أنواع النسيج اليدوي التقليدي‪،‬‬ ‫يعت� من فنون التطريز ف ي�‬ ‫والتل ب‬ ‫ويستخدم لحياكة الخيم‪ .‬ي‬ ‫المارات‪ ،‬ويستخدم إىل آ‬ ‫ل� ي ن‬ ‫الن ت ز‬ ‫ي� المالبس النسائية‪ .‬وصناعة‬ ‫إ‬ ‫الدخون‪ ،‬وهي مهنة تقليدية‪ ،‬حيث يستخدم أهل إالمارات‬ ‫لتعط� البيوت والثياب‪ ،‬ويصنع من أعواد‬ ‫الدخون بشكل يومي‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫العود ومجموعة من العطور الزيتية‪ .‬واستمتعت مطرة بجميع‬ ‫الحرف وقامت بالتطبيق والتدريب عليها والفرحة والسعادة‬ ‫تغمرها أ‬ ‫والطفال المتواجدين بالمخيم‪.‬‬ ‫لدي رغبةٌ ف ي� عمل‬ ‫ْ‬ ‫ذهبت مطر ُة إىل الخيمة‪ ،‬وقالت‪ّ :‬أمي ّ‬ ‫سماد طبيعي من بقايا الطعام إذا أمكن‪ ،‬فهناك بقايا طعام‬ ‫قص�ا‬ ‫وقشور فاكهة بكميات ي‬ ‫كب�ة‪ ،‬ولقد شاهدت سابقاً ً‬ ‫فيلما ي ً‬ ‫سماد طبيعي‪.‬‬ ‫عن طريقة تحويل بعض بقايا الطعام إىل ٍ‬ ‫الفطار قشور‬ ‫سوف أجمع كل صباح بعد وجبة إ‬ ‫البيض وأطحنها بالحجر إىل أن تصبح مسحوقاً‬ ‫كب� ف ي� التسميد‪ ،‬وذلك‬ ‫يستخدم بشكل ي‬ ‫كب�ة من الكالسيوم‪ ،‬ما‬ ‫الحتوائها عىل كمية ي‬ ‫‪158‬‬


‫يوميــات مطــرة فــي الظفــرة‬

‫شاء هللا‪ ،‬فكر ٌة ممتاز ٌة يا مطرة‪ ،‬وسوف أساعدك أنا ومريم‬ ‫عىل ذلك‪ ،‬سوف نتعاون ف ي� تجميع قشور البيض وطحنها‬ ‫ووضعها ف ي� أكياس الستخدامها ف ي� تسميد تربة شجر الغاف‬ ‫ت‬ ‫المارات‪ ،‬كونها شجرة‬ ‫ال� تحظى بمكانة خاصة لدى أهل إ‬ ‫ي‬ ‫سن� طويلة رغم أ‬ ‫صحراوية صامدة منذ ي ن‬ ‫الحوال الجوية‬ ‫ف‬ ‫والبيئية القاسية‪ ،‬وساهمت ف‬ ‫ش‬ ‫الثقا�‪ ،‬يلتقي‬ ‫الوعي‬ ‫ن�‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫تحتها المثقفون أ‬ ‫والدباء والشعراء‪ .‬واليوم ُ‬ ‫نقول بكل ثقة إن‬ ‫ت‬ ‫ال� زرعها بابا‬ ‫شجرة الغاف هي رمز التسامح وبذرة المحبة ي‬ ‫زايد ف ي� وجدان الوطن ونهج القيادة الرشيدة‪ ،‬وهي جزء أصيل‬ ‫المار ت يا�‪.‬‬ ‫من إرث الشعب إ‬ ‫وبعد أن كانت ض‬ ‫تق� إجازتها بالسفر خارج الدولة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫سنوات‬ ‫ثالث‬ ‫اق�حت عىل والدتها بأن تشارك كل عام‬ ‫ٍ‬ ‫ولمدة ِ‬ ‫ِ‬ ‫شكرت مطر ُة‬ ‫التوال لالنضمام إىل هذا المخيم التطوعي‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫عىل ي‬ ‫وفخرها لقادة وحكومة‬ ‫شكرها‬ ‫هللاَ عىل هذه‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫النعمة‪ ،‬وقدمت َ‬ ‫المارات العربية المتحدة وعائلتها‪ ،‬وبعد عودتها‬ ‫دولة إ‬ ‫نقلت تجرب َتها الرائعةَ‬ ‫إجازة فصل الشتاء‪،‬‬ ‫للمدرسة بعد‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ال� عاشتها ف ي� الظفرة لجميع صديقاتها بكل فخر‪،‬‬ ‫والجميلةَ ي‬ ‫الجميع متشوقاً‬ ‫يوميات َم َطرة ف ي� الظفرة‪.‬‬ ‫قصة‬ ‫وكان‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫لسماع ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪159‬‬


160


‫مجســات األمــل‬ ‫تأليف هزاع محمد راشد العامري‬

‫ال� سـأرويها لكـم‪ ،‬ت ت‬ ‫ت‬ ‫لـدي ت‬ ‫الـ� تحفل‬ ‫ّ‬ ‫قص� ي‬ ‫ي‬ ‫قصـ� المذهلـةُ ي‬ ‫ي‬ ‫أ ف‬ ‫لكن أوال ً اسـمحوا يل‬ ‫بالدهشـة وتحتفـي بالمـل ي� المسـتقبل‪ْ ،‬‬ ‫أن أرحـب بكـم ف‬ ‫ت‬ ‫ظـ�‬ ‫أبـو‬ ‫�‬ ‫مدينـ� الحبيبة‪ .‬أهال ً وسـهالً!‬ ‫‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫المارات العربية المتحدة‪ ،‬ي� ش‬ ‫ال�ق‬ ‫ظ� ي� دولة إ‬ ‫تقع أبو ب ي‬ ‫أ‬ ‫سبق لكم‬ ‫الوسط طبعاً‪ ،‬عىل ساحل الخليج‬ ‫العر�‪ .‬هل َ‬ ‫يب‬ ‫المارات العربية‬ ‫المارات؟ يعتقد معظم الناس أن إ‬ ‫أن زرتم إ‬ ‫كثبان ذهبيةُ اللون تتوزع فيها‬ ‫المتحدة مجر ُد صحرا َء رملية‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫الجمال‪ ،‬لكننا هنا نعيش ف ي� مدينة ُم َتح�ض ة عىل مستوى من‬ ‫ِ‬ ‫الكث� من دول‬ ‫التقدم يفوق ي‬ ‫العالم المتقدمة‪ ،‬ولدينا‬ ‫‪161‬‬


‫هـزاع محمـد راشـد العامـري‬

‫الف�وزية‬ ‫الكث� ل�ن اه‪ ،‬ونستمتع به‪ .‬فهناك‬ ‫الشواطئ الزرقاء ي‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫الدالف�‪ ،‬وأبقار‬ ‫ال� تعج بالحياة البحرية الرائعة‪ ،‬حيث نجد‬ ‫ي‬ ‫البحر‪ ،‬وأسماكَ القرش‪ ،‬والشعاب المرجانية المزدهرة‪ ،‬وكل‬ ‫أشكال الحياة المائية المتنوعة‪ .‬وقد غدوت شغوفاً بعالم‬ ‫البحار؛ ف‬ ‫حص َلت ت‬ ‫قص� المدهشة‪.‬‬ ‫ائعة‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫البقعة‬ ‫هذه‬ ‫و�‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫بـدأت ت‬ ‫قصـ� برحلة إىل الشـاطئ‪ ،‬المـكان المفضل لدي‪،‬‬ ‫ي‬ ‫فقـد اعتدنـا أن نذهـب إىل هنـاك ف� إجـازة نهايـة أ‬ ‫السـبوع‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫وانفعـاال� لنن ي أشـعر‬ ‫وعـادة ال أسـتطيع احتـواء مشـاعري‬ ‫ي‬ ‫بالحماس الشـديد ف ي� كل مرة‪ .‬ف ي� هذا اليوم بالذات‪ ،‬ولسـبب‬ ‫غريـب‪ ،‬اسـتيقظت مبكـراً عن المعتـاد‪ .‬كان كل مـن ف ي� الم�نز ل‬ ‫ال يزالـون يبحـرون بعيـداً ف ي� أحالمهـم‪ ،‬لذلـك أخـذت على‬ ‫عاتقـي ْأن أوقظهـم جميعـاً‪ ،‬وهتفـت‪" :‬اسـتيقظوا‪ ،‬إنـه‬ ‫ً‬ ‫ت‬ ‫أخـ�‪" :‬كـن هادئـا!"‬ ‫يـوم الشـاطئ!" صاحـت ي‬ ‫وبرسعـة فائقـة جمعـت المعـدات الخاصـة بالشـاطئ‬ ‫والبحـار‪ ،‬ت‬ ‫(والـ� تتضمن منظـاراً‪ ،‬ومصفاةً‪ ،‬ودلـواً‪ ،‬ومجرفةً )‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫‪...‬ثـم ذهبنـا إىل الشـاطئ! إنهـا رحلـة هادئـة‪ ،‬حيـث يمـر‬ ‫الطريـق الرسيـع فـوق البحـر‪ ،‬وتـرى أشـجار المنغـروف من‬ ‫ناحيـة‪ ،‬والشـاطئ المفتـوح مـن ناحيـة أخـرى‪ .‬وقـد اعتدنـا‬ ‫‪162‬‬


‫مجسـات األمـل‬

‫أن نذهـب دائمـاً إىل شـاطئ جزيـرة السـعديات؛ إنـه أفضـل‬ ‫شـاطئ ف ي�‬ ‫أبوظـ�‪ ،‬يسـتقبلك برماله البيضـاء الرائعة ومياهه‬ ‫يب‬ ‫الزرقـاء الصافيـة‪.‬‬ ‫حماس‬ ‫أسـتطع إخفـا َء‬ ‫بمجـرد أن أوقَـف ب يأ� السـيارة لـم‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫أخـ� بعيـداً‪ ،‬وانطلقـت شـا ّقاً طريقـي ت‬ ‫ُ ت‬ ‫ح�‬ ‫وتأهـ�‪.‬‬ ‫دفعـت ي‬ ‫بي‬ ‫ست رائحـة الهـواء المالح‬ ‫أتمكـن مـن الخـروج مـن السـيارة‪َ َ .‬‬ ‫على الفـور إىل أنفـي‪ ،‬وبـدأ النسـيم البـارد يتحـرك‪ .‬وبـدأت‬ ‫تتل أل فـوق أ‬ ‫الشـمس بوهجهـا ال�تقـال أ‬ ‫بمشـهد رائع‪،‬‬ ‫المواج‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ب ي‬ ‫الطالق‪.‬‬ ‫يُ َعـد مـن أجمـل المشـاهد على إ‬ ‫ت‬ ‫حقيبـ� مـن صنـدوق السـيارة‪ ،‬على الفـور‪،‬‬ ‫أخـذت‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫حـذا�؛ يـا لـه مـن إحسـاس‬ ‫وانطلقـت إىل الشـاطئ‪ .‬خلعـت‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ائـع‪ ،‬عندمـا تالمـس أصابـع قدمـي الرمـال الناعمة البـاردة‪.‬‬ ‫ر ٍ‬ ‫قدمـي ف ي� الرمـال‪،‬‬ ‫أصابـع‬ ‫وبينمـا كنـت أقـف هنـاك‪ ،‬أحـرك‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫نظـرت نحـو المحيـط أ‬ ‫الزرق‪ ،‬وأخـذت نفسـاً عميقـاً‪ ،‬ورحـت‬ ‫ف‬ ‫الغـوص للبحـث عـن اللؤلـؤ‪.‬‬ ‫جـدي عـن‬ ‫أفكّـر ي� قصـص ّ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫البطانيـات‬ ‫بعـض‬ ‫عائلـ� أمتع َتهـا‪ ،‬ووضعـت‬ ‫أفرغـت‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫على الرمـال ت‬ ‫وجبة دسـمة‪،‬‬ ‫ح� نتنـاول وجبة إ‬ ‫الفطـار‪َ ،‬‬ ‫وبعد ٍ‬ ‫غـدوت مسـتعداً لمغامـر ت يا� الشـاطئية!‬ ‫‪163‬‬


‫هـزاع محمـد راشـد العامـري‬

‫ت‬ ‫رسب من طيور‬ ‫أخرجت منظاري من‬ ‫ُ‬ ‫حقيب�‪ ،‬ونظرت إىل ٍ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تضج بالحيوية والحماس‪ ،‬وهي تحلق فوق‬ ‫النورس ي‬ ‫الشاطئ‪ ،‬وال تلبث تغوص بحثاً عن أ‬ ‫السماك‪ ،‬لتتناول هي‬ ‫أس� بع� الرمال للبحث عن حبيبات‬ ‫أيضاً وجبة إفطارها‪ .‬بدأت ي‬ ‫صغ�ة كالخرز‪.‬‬ ‫البالستيك الميكروية‪ ،‬وهي حبيبات بالستيكية ي‬ ‫تعد من الخطوات أ‬ ‫أي من المنتجات البالستيكية‪.‬‬ ‫وىل‬ ‫ال‬ ‫ُ َ ُّ‬ ‫لصنع ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫لقد تعلمت عن حبيبات البالستيك الميكروية عندما تطوعت‬ ‫َ‬ ‫تجاهل‬ ‫ف ي� حملة تنظيف للشاطئ‪ .‬ومنذ ذلك اليوم ال أستطع‬ ‫أ‬ ‫استخدمت المصفا َة‬ ‫الصغ�ة ف ي� الرمال‪ .‬لقد‬ ‫شياء‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫هذه ال ِ‬ ‫لغربلة الرمل وفصله عن تلك الحبيبات‪ ،‬وبعد العثور عىل‬ ‫القليل منها‪ ،‬وضعتها ف‬ ‫دلو كان معي‪.‬‬ ‫�‬ ‫ي ٍ‬ ‫عندما توغلت ف� الرمال أك�ث ‪ ،‬ليس بعيداً عن ت‬ ‫كث�اً‪،‬‬ ‫عائل� ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أصوات طيور النورس‪ ،‬لذا أخرجت المنظار‬ ‫ضجيج‬ ‫سمعت‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫أيت‬ ‫بشغف لرى ما كان يحدث‪ .‬نظرت من خالل المنظار ور ُ‬ ‫طيور النورس تدور َ ش‬ ‫� ٍء ال يبدو طبيعياً بالنسبة يل‪.‬‬ ‫حول ي‬ ‫ك� مراراً وتكراراً أل ن‬ ‫حاولت بقلق تعديل ت‬ ‫ال� ي ز‬ ‫ن� لم أصدق‬ ‫ي‬ ‫ح� ت‬ ‫ما كنت أراه بالفعل! نزلت ف� الماء‪ ،‬ت‬ ‫ركب� أللقي نظرة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫أن� رأيته‪ ،‬بدا أنه مجسات (لوامس)‬ ‫فاحصة عىل ما ظننت ي‬ ‫‪164‬‬


‫مجسـات األمـل‬

‫وتلوح يل! نظرت من خالل المنظار‬ ‫حمراء تخرج من الماء‪ِّ ،‬‬ ‫تعد تظهر‪ .‬نظرت مرة أخرى فرأيت المجسات‬ ‫مرة أخرى فلم ْ‬ ‫ت‬ ‫ثوان ثم تعود للظهور‬ ‫تق� ُب قليالً‪ ،‬كانت تختفي‬ ‫لبضع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أقرب‪.‬‬ ‫وتصبح َ‬ ‫أهـا! لقـد كان أخطبوطـاً عمالقـاً أحمـر اللـون يقبـع عنـد‬ ‫ن‬ ‫قلـ� ينبـض بشـدة‪.‬‬ ‫قدمـي! لقـد أذهل ي مشـهده‪ ،‬وأخـذ ب ي‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫خـارج المـاء‪ ،‬ولكـن‬ ‫للوهلـة الوىل‪ ،‬لـم أفكـر سـوى بالقفـز‬ ‫َ‬ ‫تلتف حول ق‬ ‫إل‪:‬‬ ‫يتوسـل‬ ‫وبدأ‬ ‫‪،‬‬ ‫سـا�‬ ‫أذرعه‬ ‫كانت ّ‬ ‫اللزجة ْ‬ ‫ِ‬ ‫إحدى ِ‬ ‫ي‬ ‫يّ‬

‫ُ‬ ‫أحتاج إلى مسـاعدتك!"‬ ‫"من فضلك ال تذهب‪،‬‬

‫وغـر قادر على الكالم‪،‬‬ ‫وعلى الرغـم مـن أنن ي كنت مرتبـكاً‪ ،‬ي‬ ‫لـم أكـن خائفـاً‪ .‬كان أ‬ ‫ش‬ ‫آخـر بعيـداً‬ ‫ُ‬ ‫ء‬ ‫�‬ ‫إىل‬ ‫يشـر‬ ‫ط‬ ‫خطبـو‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ف ي� المـاء‪ .‬مـا رأيتـه بعـد ذلـك كان شـيئاً ال يصـدق! أط ّلـت‬ ‫سـمكة قـرش عمالقـة برأسـها‪ ،‬وحـرك أ‬ ‫الخطبو ُط ذراعـه يومئ‬ ‫لهـا بلفتـة مشـجعة‪ .‬ما زلـت ف ي� حالة صدمة‪ ،‬لم أكـن متأكداً‬ ‫التفكـر فيه!‬ ‫يجـب فعلـه أو قولـه أو‬ ‫ي‬ ‫ممـا ُ‬ ‫أخـذ أ‬ ‫الخطبـوط على عاتقـه أن يعرفن ي على نفسـه‬ ‫وعلى سـمكة القـرش العمالقـة‪" .‬اسـمي كينـي‪ ،‬وصديقتـي‬ ‫المفضلـة‪ ،‬سـمكة القـرش‪ ،‬اسـمها (راي راي)‪ .‬إنهـا ليسـت‬ ‫‪165‬‬


‫هـزاع محمـد راشـد العامـري‬

‫ً‬ ‫علـى مـا يـرام‪ ،‬ولـم تـأكل‪ ،‬وحالتها تزداد سـوءا كل لحظة‪،‬‬

‫وتحتـاج علـى الفـور إلـى المسـاعدة!"‪.‬‬ ‫نفس� رسيعـاً إىل‬ ‫بقلـق شـديد‪ ،‬لذلـك قدمـت‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫شـعرت ٍ‬ ‫كين أ‬ ‫الخطبـوط‪" .‬اسـمي هـزاع‪ ،‬وأنـا علـى اسـتعداد‬ ‫ي‬ ‫أخـرت كين ي ‪ ،‬وأنـا‬ ‫للمسـاعدة بـأي طريقـة ممكنـة!" ب‬ ‫والـدي ألنن‬ ‫عل� الذهـاب إلحضـار‬ ‫أشـعر باالضطـراب‪ ،‬أن ي‬ ‫ّ ي‬ ‫ركضـت بـأرس َع مـا يمكـن أن‬ ‫ال أسـتطيع المسـاعدة بمفـردي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫أنفـاس تتقطـع‪...‬‬ ‫تأخـذ� سـاقاي‪ ،‬وبـدأت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫عالم أحيـاء بحريـة‪ ،‬ويمكنه‬ ‫لحسـن الحـظ‪ ،‬فـإن والـدي ُ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫المناسـب� للحصـول على‬ ‫على الفـور االتصـال بالشـخاص‬ ‫مسـاعدة إضافيـة طارئـة أ‬ ‫نضيعه‪.‬‬ ‫وقـت‬ ‫لدينـا‬ ‫يكـن‬ ‫لـم‬ ‫نـه‬ ‫ل‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫سبحنا أنا وبابا بأرسع ما يمكن نحو (راي راي) لتهدئتها‪.‬‬ ‫ن‬ ‫صغ�ة بجوار سمكة‬ ‫بأن� كنملة ي‬ ‫وعند وصولنا إليها شعرت ي‬ ‫كي� أ‬ ‫ن‬ ‫يخ� ن ي� ش‬ ‫ب�ء‬ ‫بقر�‬ ‫خطبوط‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫قرش عمالقة‪ .‬وكان ي‬ ‫من التوتر‪(" :‬راي راي) صديقتي المفضلة منذ والدتنا‪،‬‬ ‫ونسافر عبر المحيطات الشاسعة معا ً"‪ .‬وتابع كي�ن‬ ‫ي‬ ‫ليخ� ن ي� عن قصص مغامراتهما المؤثرة‪ .‬بينما كنا‬ ‫حديثه ب َ‬ ‫ننتظر ف ي� المياه‪ ،‬ارتفعت الشمس الحارقة وتوسطت كبد‬ ‫‪166‬‬


‫مجسـات األمـل‬

‫السماء‪ ،‬وأصبحت شب�تنا برونزية‪ .‬وصلت سفينةٌ للمساعدة‬ ‫أخ�اً‪ .‬قام مسعفون من مشاة البحرية بربط (راي راي) برافعة‬ ‫ي‬ ‫خاصة تستخدم لرفع الحيتان‪ ،‬ورفعوها عىل ت ن‬ ‫م� السفينة‪.‬‬ ‫ورسعان ما أعطى الطبيب البيطري أ‬ ‫للحياء المائية دوا ًء لراي‬ ‫راي لتخفيف آالمها‪ ،‬وأجرى عىل الفور جراحة ف ي� بطنها‪.‬‬ ‫اكتشف الطبيب البيطري المشكلة بمجرد أن نظر إىل‬ ‫كب�ة من‬ ‫محتويات معدة (راي راي)‪ .‬وعرف أنها ابتلعت كمية ي‬ ‫شعرت‬ ‫حبيبات البالستيك الميكروية واللدائن الدقيقة‪ .‬لقد‬ ‫ُ‬ ‫بصدمة شديدة لما رأيتها‪ ،‬وحزنت لما كانت تمر به‪ .‬نظراً أل ّن‬ ‫القرش تتغذى ت‬ ‫كب�ة من الماء‬ ‫أسماكَ‬ ‫بال�شيح‪ ،‬وتبتلع كمية ي‬ ‫ِ‬ ‫يومياً‪ ،‬فإنها تخاطر باستهالك اللدائن والحبيبات البالستيكية‬ ‫الدقيقة أيضاً‪.‬‬ ‫البيطري معظم القطع البالستيكية‬ ‫الطبيب‬ ‫بمجرد أن أزال‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫من معدة (راي راي)‪ ،‬انتهت العملية الجراحية‪ .‬وأطلقوا (راي‬ ‫راي) مرة أخرى ف ي� الماء ووضع لها جهاز تتبع‪ .‬وبمجرد أن‬ ‫للتعب� عن‬ ‫اصطدمت بالمياه‪ ،‬ن�ث ت المياه حول السفينة‬ ‫ي‬ ‫مدى امتنانها لكل الذين أنقذوا حياتها‪.‬‬ ‫بعد أيام من حالة الطوارئ هذه‪ ،‬ما زلت ال أتخيل كيف‬ ‫‪167‬‬


‫هـزاع محمـد راشـد العامـري‬

‫تعا� (راي راي) والحيوانات البحرية أ‬ ‫ن‬ ‫الخرى بصمت‪ .‬لطالما‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫البي� للمحيطات‬ ‫علمت أن البالستيك يشكل تهديداً للنظام ي‬ ‫لكن� لم أدرك ذلك تماماً ت‬ ‫ن‬ ‫بنفس‪.‬‬ ‫ح� شاهدتُه‬ ‫ي‬ ‫والبحار‪ ،‬ي‬ ‫نتيجة لذلك‪ ،‬قمت أنا ووالدي بتنظيم حمالت حول مخاطر‬ ‫البالستيك ف ي� محيطاتنا‪ .‬قمنا أيضاً بتنظيم عمليات تنظيف‬ ‫للشواطئ تكاتف فيها المجتمع من أجل قضية مهمة جداً‪.‬‬ ‫ف ي� أحد أيام نزهاتنا الشاطئية العائلية‪ ،‬انطلقت مرة أخرى‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫مغامر� عىل الشاطئ‪ .‬أخرجت منظاري‪ ،‬ونظرت إىل المياه‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫دهش�‪ ،‬رأيت ذيل (راي راي)‬ ‫الف�وزية المتللئة‪ .‬يا لشدة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن ن‬ ‫كي� مرة أخرى بلف مجساته اللزجة‬ ‫الرمادية تلوح يل!‬ ‫ي‬ ‫وفاجأ� ي‬ ‫حول ق‬ ‫ح� ت‬ ‫سا� وتسلق طريقه ت‬ ‫رقب�‪" .‬مرحبا كيني!"‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫‪168‬‬


‫مجسـات األمـل‬

‫حول‪ ،‬إنه‬ ‫هتفت ُم ِّرحبا‪ .‬ثم قام بلف جميع ذرعانه الثمانية ي‬ ‫عناق أخطبوط نيابة عنه وعن (راي راي)! وذكر ل أن ي ن‬ ‫االثن�‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� أنقذت أفضل‬ ‫سعيدان وشاكران للمساعدة الكريمة ي‬ ‫صديق له‪.‬‬ ‫باستخدام المعلومات الموجودة عىل جهاز التتبع‪ ،‬يمكن‬ ‫لوالدي دائماً فحص (راي راي) للتأكد من صحتها‪ .‬وهي‬ ‫ح� آ‬ ‫سعيدة وبصحة جيدة ت‬ ‫الن‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬يمكن أن يحدث‬ ‫هذا الوضع المروع ألي حيوان بحري ف ي� أي وقت‪ .‬توقفت‬ ‫ت‬ ‫استخدام البالستيك الذي يستخدم لمرة واحدة‬ ‫عائل� عن‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ف ي� جميع تفاصيل حياتنا‪ ،‬وستواصل القيام بذلك‪ .‬لقد أنشأنا‬ ‫عرف‬ ‫أيضاً مجموعةً نلتقي من خاللها بأفراد المجتمع‪ ،‬ونُ ِّ‬ ‫الناس بمخاطر المواد البالستيكية ف ي� البحار والمحيطات‪.‬‬ ‫كلما ّ‬ ‫استخدام البالستيك زادت قدرتنا عىل إنقاذ‬ ‫قل‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫محيطاتنا الجميلة والحياة البحرية‪ .‬من خالل المجموعات ي‬ ‫تعمل معاً ف� جميع أنحاء العالم‪ ،‬يمكننا جميعاً إنقاذ أ‬ ‫الرض‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تلحق ال�ض ر بالبحار والمحيطات‬ ‫من المواد البالستيكية ي‬ ‫كب�اً‪ُ ،‬‬ ‫وآمل أن‬ ‫الجميلة‪ .‬أعتقد أن ما نفعله سيحدث فرقاً ي‬ ‫التغي� المنشود‪.‬‬ ‫إحداث‬ ‫يعمل الجميع للمساعدة ف ي�‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫‪169‬‬



‫أستطيع القيام بذلك‬ ‫تأليف ماجيهنا سينثيل كومار‬

‫لنتعرف مع ًا على ميرا‬

‫مـرا فتـاة قويـة الرادة؛ ليـس لديهـا الكثـر مـن أ‬ ‫الصدقـاء‪،‬‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫يُ‬ ‫لكـن لديهـا موهبـة ف ي� الرياضـة‪ ،‬وخاصـة كـرة السـلة‪ .‬تريـد‬ ‫أن تكـون قـدو ًة للفتيـات أ‬ ‫الخريـات‪ ،‬ومثاال ً يحتـذى ف� ي ن‬ ‫تمك�‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫يتنمـرون عليها‬ ‫الفتيـات‪ .‬يحبهـا والداهـا ي‬ ‫كثـراً‪ ،‬لكـن الطفال ّ‬ ‫باسـتمرار بسـبب مظهرهـا النحيف وطـول قامتهـا‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫فهـي ال ت‬ ‫بنظـرة حـا ّد ٍة‪ .‬إن‬ ‫تكـرث لتنمرهـم أبـداً‪ ،‬وتبادرهـم‬ ‫ٍ‬ ‫أسـوأ عـدو لهـا هـو عمـاد‪ .‬دعونـا نتعـرف على قصتهـا معه!‬

‫لنبدأ الحكاية‪...‬‬ ‫‪171‬‬


‫ماجيهنـا سـينثيل كومـار‬

‫عر ربيعـاً ت‬ ‫مـرا ابنـة الثالثـةَ ش‬ ‫سـاعة متأخـرة‪،‬‬ ‫حى‬ ‫لـم تنـم ي‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫وهـا هـي مسـتيقظةٌ‬ ‫حـوال السـاعة الثانيـة صباحـاً‪ ،‬تـدور‬ ‫ي‬ ‫بخلدهـا أسـئلة عديـدة‪:‬‬ ‫اللعاب أ‬ ‫ك� على المـرأة ف� أ‬ ‫لمـاذا لـم يتـم ت‬ ‫ال� ي ز‬ ‫والنشـطة‬ ‫ي‬ ‫الرياضية الرئيسـة؟‬ ‫ُ‬ ‫الرجال أقوى من النساء؟‬ ‫لماذا يُ َع ُّد‬ ‫أنهـن ف ي� ِمحنـة أو‬ ‫لمـاذا يتـم تصويـر النسـاء دائمـاً على ّ‬ ‫ين‬ ‫نقـص ما؟‬ ‫يعانـ� مـن ٍ‬ ‫مـرا الوحيـدة ف� العالـم ف� ي ن‬ ‫تمكـ� المـرأة‪.‬‬ ‫تتمثـل أمنيـة ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أرادت أن تكـون قائـدة عظيمـة‪ ،‬مثـل مثلهـا أ‬ ‫العلى "ملاال‬ ‫يوسـفزاي"‪ .‬ف ي� محيطهـا الـذي كانـت تعيـش فيـه‪ ،‬ف ي� منطقـة‬ ‫مـرا‬ ‫الكثـر لتفعلـه‪ .‬كل مـا كانـت ي‬ ‫ب‬ ‫ال�شـاء‪ ،‬لـم ْ‬ ‫يكـن هنـاك ي ُ‬ ‫التفك� ف ي� مسـألة‬ ‫تقـوم بـه هـو لعب كرة السـلة مع مداومـة‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫المسـاواة ي ن‬ ‫الجنسـ�‪.‬‬ ‫بـ�‬ ‫لفضـاء غرفتهـا‪ ،‬بـدأت‬ ‫‪ ...‬وعندمـا تسـلل ضـوء الفجـر‬ ‫ِ‬ ‫أكـر‪.‬‬ ‫مـرا تفكـر‬ ‫بعمـق ب‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ن‬ ‫فعــل ش� ٍء مــن أجــل المســاواة ي ن‬ ‫بــ�‬ ‫ِ‬ ‫ُ ي‬ ‫"هــل يمكنــ ي‬ ‫ين‬ ‫الجنســ� ؟"‬ ‫‪172‬‬


‫أسـتطيع القيـام بذلـك‬

‫عــد المــرأ ُة ضعيفــة بالرغــم مــن أنهــا قويــة‪،‬‬ ‫لمــاذا تُ ّ‬ ‫جســدياً وعقليــاً؟‬ ‫ساعات قليلة‪ ،‬وعندما بدأت تستسلم للنوم‪ ،‬بدأت‬ ‫بعد‬ ‫ٍ‬ ‫المنبهات تعلو‪:‬‬ ‫أصوات‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬

‫بيب‪ ...‬بيب‪ ...‬بيب‪...‬‬

‫السـفل‪" ،‬ميـرا! حان‬ ‫وهتفـت أمهـا من الطابـق‬ ‫ي‬ ‫وقـت النهـوض" ‪...‬‬ ‫مـرا ش‬ ‫تخى المدرسـة‪ ،‬لكـن لـم يكـن لديهـا خيـار‬ ‫كانـت ي‬ ‫والمثـر للدهشـة أنهـا شـعرت باالنتعـاش‬ ‫سـوى النهـوض‪.‬‬ ‫ي‬ ‫وكانـت على مـا يـرام مـع أنهـا كانـت مسـتيقظة لمـدة أربـع‬ ‫ش‬ ‫وع�يـن سـاعة متواصلـة‪ .‬نظفـت أسـنانها بالفرشـاة‪،‬‬ ‫واسـتحمت‪ ،‬وارتـدت مالبسـها‪.‬‬ ‫الفطـار‪.‬‬ ‫وأرسعـت إىل الطابـق‬ ‫السـفل لتتنـاول فطائـر إ‬ ‫ي‬ ‫"مامـا! كل يـوم 'يتنمـر' ّ‬ ‫علـي الجميـع لكونـي طويلـة‬ ‫ت‬ ‫‪180‬سـنتيم�اً! طويلـة جـداً‬ ‫القامـة!" نعـم! لقـد كان طولهـا‬ ‫بالنسـبة لطالبـة ف ي� الصـف الثامـن‪.‬‬ ‫تتماسك�! المتنمـرون‬ ‫"مـرا‪ ،‬عليـك أن‬ ‫كان رد والدتهـا ي‬ ‫ي‬ ‫شـخص‬ ‫تنم َـر‬ ‫يريـدون اسـتفزازك لرصـد ردود فعلـك‪ْ .‬‬ ‫إن ّ‬ ‫ٌ‬ ‫‪173‬‬


‫ماجيهنـا سـينثيل كومـار‬

‫عليـك مـرة أخـرى‪ ،‬يرجـى إبالغـي بذلـك‪ ،‬وسـأبلغ معلمتـك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫لـن يتـم التسـامح مـع التنمـر ف ي� المـدارس أبـداً"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مــرا أن تقــول ألمهــا‪" :‬حســنا يــا‬ ‫قبــل أن تســتطيع ي‬ ‫تعال إىل الســيارة‪ ،‬ال أســتطيع‬ ‫أمــي"‪ ،‬ناداهــا والدهــا‪" :‬مـ يـرا! ي‬ ‫ـار ِك طــوال اليــوم!"‬ ‫انتظـ َ‬

‫‪174‬‬


‫أسـتطيع القيـام بذلـك‬

‫يوم النادي‬

‫عندمــا وصلــت إىل المدرســة‪ ،‬تذكــرت أنــه يــوم النــادي‪.‬‬ ‫لقــد انتظــرت هــذا اليــوم منــذ أن كانــت ف ي� التاســعة! ثــم‬ ‫تســاءلت‪“ :‬مــاذا لــو لــم أجــد ناديــا ً يعجبنــي حقــاً؟ مــاذا لــو‬ ‫ـول إلــى النــادي؟" لــم‬ ‫لــم يســمحوا لــي بالدخـ ِ‬ ‫ـال! "لــن يحــدث‬ ‫تــدرك أنهــا كانــت تــردد ذلــك بصـ ٍ‬ ‫ـوت عـ ٍ‬ ‫ش‬ ‫�ء مــن هــذا القبيــل يــا مـ يـرا!" طمأنهــا والدهــا‪.‬‬ ‫ي‬ ‫مــرا مــن الســيارة‪ ،‬وركضــت إىل المبــىن ‪ ،‬ثــم‬ ‫نزلــت ي‬ ‫وصلــت إىل صالــة أ‬ ‫اللعــاب الرياضيــة‪ .‬جالــت بنظرهــا ف ي�‬ ‫ت‬ ‫ـ� تحمــل اســم النــادي‬ ‫أرجــاء الغرفــة بحثـاً عــن‬ ‫ّ‬ ‫المنصــة الـ ي‬ ‫ض‬ ‫الريــا�"‪.‬‬ ‫المفضــل لديهــا‪" :‬النــادي‬ ‫ي‬ ‫لطالمــا أحبــت الرياضــة‪ ،‬وكــرة الســلة ف ي� الغالــب‪ ،‬ألنهــا‬ ‫كانــت تســتطيع أن تحــرز العديــد مــن أ‬ ‫الهــداف بســهولة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وذلــك بفضــل طولهــا!‬ ‫كانت ال تزال تبحث‪“ ...‬نادي التراث اإلماراتي‪ ...‬النادي‬

‫الموسيقي‪ ...‬النادي العلمي‪ ...‬ثم‪ ...‬النادي الرياضي"‪.‬‬

‫اسمها ف� ورقة التسجيل‪ ،‬ت‬ ‫اع�ضها‬ ‫وعندما كانت ّ‬ ‫تهم بتدوين ِ ي‬ ‫ض‬ ‫الريا�‪:‬‬ ‫عماد‪ ،‬الذي كان قائد الفريق‬ ‫ي‬ ‫‪175‬‬


‫ماجيهنـا سـينثيل كومـار‬

‫“أوه! ال ُي ْ‬ ‫س َم ُح للفتيات االشتراك في هذا النادي"‪.‬‬

‫مـرا “لكـن المـدرب (السـيد كبيـر) قـال بإنـه يمكـن‬ ‫ردت ي‬

‫للفتيـات اإلنضمـام يـا عمـاد!" بعـد ذلـك‪ ،‬جـاء المـدرب‬ ‫"كبـر" إىل المنصـة المخصصـة للنـادي وقـام بمعاينـة ورقـة‬ ‫ي‬ ‫التسـجيل‪ ،‬وسـأل عمـاد‪" :‬لمـاذا ال يوجـد أسـماء بنـات ف ي�‬ ‫الورقـة؟"‬

‫ف‬ ‫و� اللحظــة ت‬ ‫تخــر المــدرب‬ ‫مــرا أن ب‬ ‫الــ� أرادت فيهــا ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫بأنهــا ســتنضم للنــادي‪ ،‬تدخــل عمــاد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫“حسـنا‪ ،‬ال يوجـد فتيـات يرغبـن فـي التسـجيل‪ ،‬وأرادت‬

‫ميـرا منـي فقـط أن أطلـب منـك تخصيـص النـادي الرياضـي‬

‫للأوالد فقط"‪.‬‬ ‫‪176‬‬


‫أسـتطيع القيـام بذلـك‬

‫ـز� مــرا‪ ،‬ســأفكر ف� ذلــك أ‬ ‫المــر‪.‬‬ ‫قــال لهــا المــدرب‪" :‬عزيـ ت ي ي‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫ـاد"‪.‬‬ ‫ـك االشـ تـراكُ ي� أي نـ ٍ‬ ‫ولكــن الن يمك ُنـ ِ‬ ‫لقــد ُصدمــت مــن كــذب عمــاد عــى مــدرب الفريــق‬ ‫بشــأن اشـ تـراكها‪ ،‬واشـ تـراكات الفتيــات‪ ،‬لكنهــا لــم تســتطع‬ ‫االنتقــام لذاتهــا‪ .‬اغرورقــت عيناهــا بالدمــوع‪ ،‬كان الغضــب‬ ‫يتصاعــد بداخلهــا‪ .‬ركضــت مـ يـرا إىل ركــن ف ي� الغرفة وأجهشــت‬ ‫ف‬ ‫أي ناد‪.‬وقــد‬ ‫بالبــكاء‪ ...‬لقــد ذهبــت فرص ُتهــا ي� االنضمــام إىل ّ‬ ‫اليجابيــةـ إذ كانــت تتطلــع إىل هــذا اليــوم‬ ‫تهــاوت روحهــا إ‬ ‫منــذ أن كانــت ف ي� الصــف الثالــث‪.‬‬ ‫مـرا لوالدتهـا‪ ،‬بعـد أن اندفعـت داخـل الغرفـة‬ ‫قالـت ي‬ ‫كالـركان‪“ :‬مامـا‪ ...‬ماما‪ !...‬لقد قال عمـاد للمدرب أنني‬ ‫ب‬ ‫ً‬ ‫أريـد أن يكـون النـادي الرياضـي مخصصـا للأوالد فقـط!"‬

‫مــن شــدة حزنهــا وإحباطهــا لــم تنتظــر مجــيء والداهــا‬ ‫بالســيارة‪ ،‬بــل ركضــت إىل المــنز ل‪ ،‬وتركــت أباهــا ينتظــر‬ ‫خــارج المدرســة‪ ،‬وعندمــا تذكــرت بــدأت تكــرر‪“ :‬يــا أبــي‬ ‫المســكين!‪ ...‬أبــي المســكين!"‬

‫ت‬ ‫عزيــز�‪ ،‬ســأتحدث مــع‬ ‫قالــت والدتهــا‪" :‬حســناً يــا‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ـ�" ذهبــت وجلســت بجانــب‬ ‫ـال بقـ ب ي‬ ‫مدربــك‪ ،‬تعـ ي‬ ‫ـر� يــا حبيبـ ي‬ ‫‪177‬‬


‫ماجيهنـا سـينثيل كومـار‬

‫والدتهــا عــى أ‬ ‫الريكة‪،‬فقالــت لهــا والدتهــا وهــي تعانقهــا‪" :‬ال‬ ‫عليــك آ‬ ‫الن! لكــن يجــب أن تكـ ن‬ ‫ـو� أكـ ثـر قــوة وصالبــة"‪.‬‬ ‫ي‬ ‫سمحت لها والدتها بالنوم طوال اليوم‪ .‬وجاء والدها‬ ‫متعباً إىل الم�نز ل‪ .‬بعد التحقق من عودة م�ا‪ ،‬نام عىل أ‬ ‫الريكة‬ ‫ي‬ ‫عىل الفور‪ ...‬تنهدت أ‬ ‫الم وهي ث‬ ‫تر� لحا ِلهما‪...‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ـال‪ ،‬قالــت لزوجهــا‪" :‬أرجــوك أخـ بـر‬ ‫ـ‬ ‫الت‬ ‫ـوم‬ ‫ـ‬ ‫الي‬ ‫ـاح‬ ‫ـ‬ ‫صب‬ ‫و�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫مـ يـرا أنهــا بحاجــة إىل التماســك والمواجهــة"‪ .‬ش‬ ‫و�حــت لــه‬ ‫كل مــا حــدث‪ .‬قالــت لــه "شـ ِّـجعها! واطلــب منهــا االنضمــام‬ ‫ض‬ ‫الريــا�"‪ ،‬واتفقــا عــى دفعهــا التخــاذ القــرار‬ ‫إىل النــادي‬ ‫ي‬ ‫المالئــم لرغبتهــا‪.‬‬

‫مباراة‬

‫"كبـر" عـن بطولة لكرة السـلة سـتقام ي ن‬ ‫ب�‬ ‫أخ�هـم المـدرب ي‬ ‫ب‬ ‫المـدارس‪ ،‬وذكـر لهم أن مدرسـتهم سـتلعب الشـهر المقبل‬ ‫مـع أكاديميـة ريـدوود! قـال عمـاد ألصدقائـه‪" :‬يـا شـباب‪،‬‬ ‫ين‬ ‫الالعبـ�"‪.‬‬ ‫أكاديميـة ريـدوود لديهـا أفضـل‬ ‫وتابــع المــدرب‪" :‬ســيحصل الفائــزون عــى كأس ضخــم‪،‬‬ ‫ومكافــأة نقديــة بقيمــة ‪ 25000‬درهــم! وســوف يمثــل كل‬ ‫‪178‬‬


‫أسـتطيع القيـام بذلـك‬

‫خ�يــة‪ .‬ســتمثل مدرســتنا هــذا العــام رابطــة‬ ‫فريــق منظمــة ي‬

‫حقــوق المــرأة‪ ،‬وســيتم التـ بـرع بجائزتنــا النقديــة للرابطــة‪.‬‬ ‫آ‬ ‫ين‬ ‫الالعبــ� الذيــن تــم اختيارهــم‪:‬‬ ‫والن أعلــن لكــم أســماء‬ ‫أحمــد‪ ،‬وعمــر‪ ،‬وســام‪ ،‬وجــاك‪ ،‬وعمــاد"‪.‬‬ ‫مـرا لنفسـها‪ .‬بعـد أن شـعرت‬ ‫“نعـم!!" قالـت ي‬ ‫بتحسـن بسـيط للتشـجيع الذي قدمه لها والدها ف ي� السـيارة‪.‬‬ ‫ورغـم أن الطلبـة بـدؤوا ف ي� صفهـا يتذمـرون فقـد أرادوا‬ ‫أ‬ ‫مـرا نجمـة ف ي� لعبـة كـرة‬ ‫المكافـأة الماليـة لنفسـهم‪.‬ومع أن ي‬ ‫السـلة‪ ،‬إال أنـه لـم يتـم اختيارهـا‪ ،‬بسـبب عمـاد!‬ ‫صغ� آخر‪ ،‬ولك ْنه‬ ‫قال المدرب بعد ذلك‪" :‬لدي‬ ‫ٌ‬ ‫إعالن ي ٌ‬ ‫هام‪ :‬ستكون يم�ا العبة احتياطية"‪ .‬ثم قال مبتسماً‪ ،‬وهو ينظر‬ ‫إليها نظرة ذات ن‬ ‫مع�‪" :‬بما أنه لم تُتح لها الفرصة للحضور إىل‬ ‫النادي ض‬ ‫الريا�‪ ،‬فهذا أقل ما ن‬ ‫يمكن� ِفع ُله لها"‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫وأ�‪.‬‬ ‫شـعرت بالفرح‪ ،‬وقالت ي� نفسـها‪ .‬شـكراً جزيال ً أمي يب‬ ‫كان قلبهـا يرقـص ويغن ي فرحـاً‪ ،‬وكانـت ترض ب بيديهـا على‬ ‫سـاقيها وقـد غمرتهـا مشـاعر السـعادة‪ .‬ثـم قـام المـدرب‬ ‫"كبـر" بفصـل الصـف‪ ،‬وأرسـل البنـات إىل المكتبـة وبـدأ ف ي�‬ ‫ي‬ ‫تدريـب أ‬ ‫الوالد‪ .‬أخـذت يم�ا تسـتجمع شـجاعتها لطلب مكان‬ ‫‪179‬‬


‫ماجيهنـا سـينثيل كومـار‬

‫لهـا ف‬ ‫ض‬ ‫الريـا�‪ ،‬ثـم قالـت للمـدرب‪" :‬هـل يمكننـي‬ ‫النـادي‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫االلتحـاق بالنـادي الرياضـي؟" ثـم ذكـرت لـه مـا حـدث بـكل‬ ‫تخ�ين ي من قبل؟‬ ‫التفاصيـل‪ .‬قـال المـدرب‪" :‬أوه‪ ،‬لماذا لم ب‬ ‫على كل حـال‪ ،‬يمكنـك االنضمـام إىل النـادي"‪ .‬ثـم نـادى‬ ‫عمـاد وقـال‪" :‬عمـاد‪،‬أود الحديث معـك الحقاً اليـوم"‪ .‬فتأوه‬ ‫عمـاد‪ ...‬وبـدا عليـه التوتـر واالنزعـاج‪.‬‬

‫فرصة أخرى‬

‫"جم�ا‬ ‫مـر شـهر وحـان وقـت البطولـة‪ .‬جلس جميـع طلاب ي‬ ‫هـاي" و"أكاديميـة ريـدوود" على المقاعـد‪ ،‬والملعـب بأكملـه‬ ‫يعج بالنشـاط!‬ ‫ّ‬ ‫الفرق تسـتعد‬ ‫كان‬ ‫عون يغنـون ويهتفـون‪ ،‬وكانت ُ‬ ‫المشـج َ‬ ‫ّ‬ ‫جان� الملعـب‪ ،‬وعازفو العـود يعزفون‪.‬‬ ‫وتتهيـأ على ب ي‬ ‫جالسـ� ف� الصـف أ‬ ‫ن‬ ‫الول‪ ،‬ويرددان‬ ‫وطبعـاً كان والدا يم�ا‬ ‫ي ي‬ ‫مـرا تتجـول حـول الملعـب وكان‬ ‫ترنيمـة خاصـة بهمـا! كانـت ي‬ ‫عمـاد يركـض ف� الملعـب‪ ،‬عندمـا ث ف‬ ‫(غ�‬ ‫تعـر ي� ربـاط حذائـه ي‬ ‫ي‬ ‫المربـوط)‪ ،‬والتـوى كاحله‪ ،‬وسـقط!‬ ‫هـرع الفريـق الطـ� الـذي يقـف ف‬ ‫تأهـب على‬ ‫حالـة‬ ‫�‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫بي‬ ‫‪180‬‬


‫أسـتطيع القيـام بذلـك‬

‫الخطـوط الجانبيـة إليـه‪ ،‬وبعـد معاينتـه وجـدوا التـوا ًء ف ي�‬ ‫كاحلـه‪ .‬قالـت لـه الممرضـة‪" :‬كـم أنـا آسـفة‪ ،‬ال يمكنـك‬ ‫اللعـب"‪ .‬وأضافـت‪" :‬إنـك بحاجـة إىل راحـة كاملـة لمـدة‬ ‫ين‬ ‫بحرسة‪" :‬لكن المبـاراة‪."...‬‬ ‫أسـبوع� تقريباً"‪ .‬فبادرها عمـاد‬ ‫ٍ‬ ‫كان يريـد أن يكـون النجـم! المهاجـم! الشـخص الـذي‬ ‫سـيحرز الرميـة الفائـزة! لكنـه لـم يسـتطع‪.‬‬ ‫آ‬ ‫"كبـر"‪،‬‬ ‫لمـرا أن تلعـب! نظـر إليهـا المـدرب ي‬ ‫الن يمكـن ي‬ ‫وطلـب منهـا أن تلعـب بـدل عمـاد‪ .‬فوافقـت على الفـور‬ ‫بسـعادة غامـرة‪ ،‬ممـا أسـعد والديهـا‪ ...‬وقـد كانـت المبـاراة‬ ‫على وشـك البـدء‪.‬‬ ‫لحظات أعلنت الصافرة بدء المباراة‪.‬‬ ‫وبعد‬ ‫ٍ‬

‫المباراة‬

‫تز‬ ‫ان�عـت أكاديميـة ريـدوود الكـرة ثـم سـددتها نحـو السـلة‪،‬‬ ‫مـرا ت‬ ‫اع�ضـت الكرةَ‪ ،‬وسـددتها بقـوة باتجاه سـلة فريق‬ ‫لكـن ي‬ ‫الخصـم‪ ،‬وأحـرزت هدفـاً ش‬ ‫مبـا�ة‪.‬‬ ‫فهلـل الحضـور‪ ،‬وصفقـوا‪ ،‬وتعالـت هتافـات الفـرح‬ ‫والعجـاب‪.‬‬ ‫إ‬ ‫‪181‬‬


‫ماجيهنـا سـينثيل كومـار‬

‫مـرا‪ ...‬ليـس هنـاك‬ ‫راقـب عمـا ٌد مذهـوال ً كل مـا فعلتـه ي‬ ‫أفضـل مـن عمـاد آ‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫الن ف ي� نظـر الجميـع‪.‬‬ ‫مـرا‬ ‫شـكٌّ ي� أن ي‬ ‫ٍ‬ ‫بعــد الجولــة أ‬ ‫الوىل‪ ،‬اسـ تـراحوا جميعـاً بعد شــوط متعب‬ ‫مــرا كانــت ف ي� موقــع‬ ‫وغــر متوقــع‪ ،‬وعــى الرغــم مــن أن ي‬ ‫ي‬ ‫الهجــوم والتهديــف ف ي� الفريــق‪ ،‬لــم يلتفــت إليهــا أحــد مــن‬ ‫فريقهــا‪“ .‬أنــت مجــرد فتــاة‪ .‬لســت بنفــس قوتنــا!"‬ ‫قــال لهــا أحــد أ‬ ‫الوالد‪ .‬لكنهــا كبحــت جمــاح غضبهــا‪ ،‬ونظرت‬ ‫إليــه بـ بـرود‪.‬‬ ‫بــدأت الجولة الثانية‪.‬‬ ‫اس ــتمرت اللعب ــة بسالس ــة‪ .‬م ــر الوق ــت برسع ــة‪ ...‬ول ــم‬ ‫يبـــق ســـوى ش‬ ‫دقائـــق عـــى نهايـــة المبـــاراة‪ ،‬والنتيجـــة‬ ‫عـــر‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫التعـ��ادل (‪.)30 - 30‬‬ ‫وكان المشــاهدون مشــدودين‪ ،‬ويســيطر عليهــم التوتــر‪:‬‬ ‫أنفاســه‪ ...‬وهناك‬ ‫ـن يَعـ ّ‬ ‫فهنــاك َمـ ْ‬ ‫ـض أظافـ َـره‪ ،‬أو مــن تتعــاىل ُ‬ ‫مــن يبتهــل بالدعــاء والصــاة‪ .‬كان الالعبــون يراوغــون برسعــة‬ ‫كبــرة لدرجــة أنهــم نســوا مــكان حلقــات أ‬ ‫الهــداف! ولحســن‬ ‫ي‬ ‫الحــظ‪ ،‬كان المــدرب يذكرهــم دائمـاً بهــا‪.‬‬

‫‪182‬‬


‫أسـتطيع القيـام بذلـك‬

‫أنا قوية‬

‫احتدمــت المنافســة ‪ ،‬وغــدت المبــاراة أكـ ثـر تحدي ـاً‪،‬وكان مــن‬ ‫الصعــب توقــع نتيجتهــا‪ ،‬والحمــد هلل أن حــدة التميـ ي ز‬ ‫ـر ضــد‬ ‫مـ يـرا ف ي� فريقهــا‪ ،‬فريــق جمـ يـرا هــاي‪ ،‬قــد َتدنّــت‪ ،‬وبــدأ الجميــع‬ ‫يمــرر الكــرة لهــا‪.‬‬ ‫عندها فقط‪ ،‬سـمعت شـخصاً يناديها‪ ،‬وعندما استدارت‪،‬‬

‫ضرب أحدهم الكرة في وجهها!‬

‫ُصـدم الجميـع‪ ،‬سـوى أعضـاء فريـق أكاديميـة ريـدوود‪.‬‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫مـرا‬ ‫هـرع الجميـع إليهـا‪ ،‬بمـا ي� ذلـك جميـع البـاء! شـعرت ي‬ ‫وكأنهـا كانـت تسـقط ف ي� حفـرة عميقـة‪.‬‬ ‫هـرع الفريـق‬ ‫مـرا‪:‬‬ ‫الطـ� إليهـا‪ .‬همسـت لهـم ي‬ ‫بي‬

‫“أخبروهـم بـأن يمنحونـي رميـة حـرة‪ ،‬رميـة‬ ‫واحـدة فقـط!" نعـم! كان تصميمهـا ال يهـزم‪.‬‬ ‫ت‬ ‫عزيـز�‪ ،‬قـد تنتهـي‬ ‫"كبـر‪" :‬آسـف يـا‬ ‫قـال لهـا المـدرب ي‬ ‫ي‬ ‫المبـاراة بالتعـادل‪ ،‬لـم يبـق سـوى ي ن‬ ‫ثالثـ� ثانيـة"‪.‬‬ ‫بـدأت كل أ‬ ‫الفـكار تجـول ف ي� خاطرها ‪...‬هدفهـا ف ي� الحياة‪،‬‬ ‫ظلـم الفريـق لهـا‪ ،‬ويـوم النـادي‪ ،‬وكيـف قـام الجميـع‬ ‫بمضايقتهـا‪ ،‬وبرابطـة حقـوق المـرأة‪...‬‬ ‫‪183‬‬


‫ماجيهنـا سـينثيل كومـار‬

‫بعزم كبير‪ ،‬وسددت‬ ‫ثم ما لبثت أن نهضت ٍ‬ ‫الكرة بقوة‬

‫ً‬ ‫وأحرزت هدفا!‬

‫"جمـرا هـاي" بالفـرح الغامـر‪،‬‬ ‫ضجـت مقاعـد مدرسـة‬ ‫ي‬ ‫المدرسـة مـن الفـرح‪ ،‬لقـد فـازوا‬ ‫وبالهتافـات‪ ،‬وقفـز العبـو‬ ‫ِ‬ ‫فعل ّ ش‬ ‫بنتيجـة ‪ !30 – 32‬لـم يسـتطع فريق "ريـدوود" َ‬ ‫�ء‬ ‫أي ي‬ ‫سـوى الشـكوى والتذمـر‪.‬‬ ‫ض‬ ‫الحا�يــن مــن المدرســة يهتفــون لهــا‬ ‫وقــف كل‬ ‫ويهنئونهــا بحفــاوة بالغــة! ت‬ ‫حــى عمــاد وأصدقــاؤه كانــوا‬ ‫عــال!‬ ‫يصفقــون‬ ‫ٍ‬ ‫بصــوت ٍ‬ ‫المــدوي‪ ،‬وكانــت دمــوع‬ ‫التصفيــق‬ ‫مــرا مــن‬ ‫ُصدمــت ي‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫الفــرح ف ي� عينيهــا‪ .‬لقــد قامــت بدورهــا كمــا ينبغــي‪ ،‬عــى‬ ‫تكــن لطيفــة معهــا‪ ،‬إال أنهــا‬ ‫الرغــم مــن ّ‬ ‫أن الحيــاة لــم ْ‬ ‫واجهتهــا كفتــاة وأثبتــت أنهــا قويــة جســدياً وعقليــاً‪ ،‬إنهــا‬

‫فتــاة قويــة‪.‬‬

‫‪184‬‬



186


‫إميلي ومغامرتها‬ ‫البحرية المدهشة‬ ‫تأليــف إيوانــا تيودوروفا ســتيفانوفا‬

‫ساعة المنبه ترن!!!!‬

‫بتثــاؤب‪ ،‬ونهضــت مــن رسيرهــا‬ ‫إميــ�‬ ‫اســتيقظت‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫العــا�‬ ‫الخشــ�‪ .‬كانــت متعبــةً مــن حفــل عيــد ميالدهــا‬ ‫بي‬ ‫أ‬ ‫وجههــا ذي البـ شـرِة البيضــاء‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫غس‬ ‫إىل‬ ‫ـادرت‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫ث‬ ‫ـس‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫بال‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ـقر‬ ‫وعينيهــا ي‬ ‫الف�وزيتـ يـ� الالمعتـ يـ�‪ ،‬ومشــطت شــعرها الشـ َ‬ ‫الســفل لتحــرض ِّ فطورهــا‪.‬‬ ‫الطويــل‪ ،‬ونزلــت إىل الطابــق‬ ‫يّ‬ ‫بعـد أن أنهـت إميل� طعامهـا‪ ،‬ذهبـت إىل النافـذة ت‬ ‫لـرى‬ ‫ي‬ ‫مـا إذا كان الطقـس لطيفـاً بالخـارج‪ ،‬على الشـاطئ‪ .‬وقـد‬ ‫‪187‬‬


‫إيوانـا تيودوروفـا سـتيفانوفا‬

‫كان يومـاً جميلا ً بالفعـل‪ ،‬لـذا ذهبت لتسـأل والديهـا إذا كان‬ ‫الخـروج ل َّلعـب والسـباحة‪ .‬قـال والداهـا‪" :‬حسـناً‪،‬‬ ‫بإمكانهـا‬ ‫ُ‬ ‫إميل�‪:‬‬ ‫ولكـن تذكـري‪ ،‬أال تتأخـري على الغـداء"‪ .‬أجابـت‬ ‫ي‬ ‫“بالتأكيـد"‪ ،‬ثـم خرجـت‪.‬‬ ‫قـررت إميل� أن ش‬ ‫قص�ة عىل الشـاطئ‪...‬‬ ‫تتمى لمسـافة ي‬ ‫ي‬ ‫وبينمـا كانـت ش‬ ‫كبـرة وجميلـة‬ ‫تمـس‪ ،‬وجـدت قطعـة‬ ‫صـدف ي‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫قـد جرفهـا البحـر‪ .‬ثـم وجـدت مكانـاً رائعـاً أمـام م�نز لها عىل‬ ‫الشـاطئ لتبن ي قلعـة مـن الرمال‪ .‬أتمـت بناء قلعتهـا الرملية‪،‬‬ ‫ومنعشـة ف ي� البحر‪.‬‬ ‫بسـباحة رائعـة‬ ‫للتمتـع‬ ‫ثـم ذهبـت‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫إميل� إىل مكانهـا المفضل‪ ،‬حيث تسـتقر سـفينةٌ‬ ‫سـبحت ي‬ ‫خشـبيةٌ قديمـة غارقـة‪ .‬كانـت تحـب استكشـاف السـفينة‪،‬‬ ‫والنظـر إىل أ‬ ‫السـماك ت‬ ‫الـ� تسـبح حولهـا وداخلهـا‪ ،‬ولطالمـا‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫إميل تسـبح ي� السـفينة‪،‬‬ ‫تمنـت أن تفعـل مثلهـا‪ .‬بينما كانت ي‬ ‫علقـت سـاقها ف ي� شـبكة صيـد قديمـة‪ ،‬ولـم تفلـح محاولتهـا‬ ‫الفلات منهـا‪ ،‬إذ أصبحـت الشـبكة ث‬ ‫أكـر التفافـاً وتشـابكاً‪.‬‬ ‫إ‬ ‫بـدأ الخـوف يتسـلل لنفسـها‪ ،‬فعلى الرغـم مـن أنهـا‬ ‫سـباحةٌ ماهـرة‪ ،‬ويمكنها أن تحبس أنفاسـها ت‬ ‫لفـرة طويلة‪ ،‬إال‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يمـر برسعـة‪.‬‬ ‫أن الوقـت كان ُّ‬ ‫‪188‬‬


‫إميلـي ومغامرتهـا البحريـة غيـر العاديـة‬

‫ش‬ ‫�ء غريـب‪ .‬إذ تمكنـت مـن التنفـس تحـت‬ ‫ثـم حـدث ي‬ ‫ش‬ ‫�ء تحـت المـاء بوضـوح!‬ ‫المـاء‪ ،‬بـل وأصبحـت تـرى كل ي‬ ‫إميل� سـعيدة وخائفـة ف ي� الوقت نفسـه‪ .‬سـعيدة ألنها‬ ‫كانـت ي‬ ‫أن لديهـا إمكانيـات خارقـة! وخائفـة ألن مـا يحدث‬ ‫اكتشـفت ّ‬ ‫خطـراً‪ ...‬ولكـن بعـد أن أدركـت أنها تسـتطيع‬ ‫لهـا قـد يكـون ي‬ ‫التنفـس‪ ،‬أصبـح لديهـا الوقـت ف‬ ‫الـكا�‪ ،‬بـل ث‬ ‫كاف‪،‬‬ ‫أكـر مـن ٍ‬ ‫ي‬ ‫لتفـك نفسـها وتصعـد فـوق المـاء‪.‬‬ ‫أخـراً مـن الصعـود فـوق سـطح المـاء‪ ،‬ورأت‬ ‫تمكنـت ي‬ ‫إميل بخوف شـديد تخالطه‬ ‫زعنفـةً قادمـة من بعيد‪ .‬شـعرت ي‬ ‫الريبةُ والدهشـةُ ‪ ،‬وبدأت تسـبح نحو الشـاطئ‪ .‬ولكن الزعنفة‬ ‫ت‬ ‫ث‬ ‫ث‬ ‫ت‬ ‫إميل� تزيد‬ ‫كانـت تقـرب أكـر فأكـر‪ .‬وكلمـا اق�بـت‪ ،‬كانـت ي‬ ‫لكـن الزعنفـة‬ ‫مـن رسعتهـا علهـا تسـبقها إىل شـاطئ النجـاة‪ّ ،‬‬ ‫بكثـر‪ ،‬وأصبحـت أمامها ش‬ ‫مبـا�ة‪ ،‬وأظهرت‬ ‫كانـت أرسع منهـا ي‬ ‫السـمكة الضخمـة صاحبـه الزعنفـة رأسـها فـوق المـاء‪ ،‬فـإذا‬ ‫بهـا دلفيـن قـاروري األنـف!‬ ‫إميل� باالرتيـاح عندمـا رأت دلفينـاً وليس سـمكةَ‬ ‫شـعرت ي‬ ‫ً‬ ‫ين‬ ‫الدلفـ� ُم ِّرحباً‪.‬‬ ‫ابتسـمت وقالـت‪“ :‬مرحبـا"‪ .‬أجابهـا‬ ‫قـرش‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫لـم تـدرك كيف أنها تتحـدث معه‪ ،‬فهـي ال يمكنها أن تتنفس‬ ‫‪189‬‬


‫إيوانـا تيودوروفـا سـتيفانوفا‬

‫تحت الماء فحسـب‪ ،‬إنما تسـتطيع أن تتحدث مع الحيوانات‬ ‫ين‬ ‫صديقـ�‪.‬‬ ‫أن يصبحـا‬ ‫وتفهمهـا! سـألته إذا كان مـن الممكـن ْ‬ ‫الدلفـ�‪“ :‬ل َ‬ ‫ـم ال؟" ثـم أمضيـا وقتـاً ف ي� التعرف عىل‬ ‫أجـاب‬ ‫ين ِ‬ ‫بعضهمـا البعـض‪ ،‬وبـدآ باللعـب‪ .‬وبينمـا كانـا يلعبـان‪ ،‬رأت‬ ‫كبـر‪ ...‬ولكنها عندمـا ت‬ ‫منـه‪ ،‬وألقت نظرة‬ ‫اق�بت ُ‬ ‫قنديـل بحر ي‬ ‫بالسـتيك ضخم‪...‬‬ ‫كيـس‬ ‫متفحصـة‪ ،‬وجـدت أنـه مجر ُد ٍ‬ ‫ي‬ ‫شـعرت باالرتيـاح ف� ذلـك اليـوم‪ .‬لقـد لعبـا ت‬ ‫فـر ًة طويلة‬ ‫ْ‬ ‫ِ ي‬ ‫إميل� بالتعـب‪ ،‬فوضعهـا صديقهـا عىل ظهره‬ ‫إىل ْ‬ ‫أن ّ‬ ‫أحسـت ي‬ ‫الدلفـ� وركضـت‬ ‫إميل�‬ ‫وسـبح بهـا إىل الشـاطئ‪ .‬شـكرت‬ ‫ي نَ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫المثـرة‪.‬‬ ‫يغمرهـا الفـرح‬ ‫لتخـر والديهـا بمغامرتهـا ي‬ ‫بَ‬

‫‪190‬‬


‫إميلـي ومغامرتهـا البحريـة غيـر العاديـة‬

‫َ‬ ‫إميل� والديهـا بمـا حـدث‬ ‫أخـرت‬ ‫وقـت الغـداء ب‬ ‫خلال ِ‬ ‫ي‬ ‫أخ�تهمـا عـن صديقهـا "فين ي "‪ .‬كان والداهـا‬ ‫بالتفصيـل‪ .‬ب‬ ‫سـعيدين بتمكنهـا مـن الخـروج مـن المـاء بعـد أن حدثتهـم‬ ‫عـن مـا حـدث لهـا ف ي� السـفينة الغارقـة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫إميل� الذهـاب للسـباحة مـرة‬ ‫قـررت‬ ‫‪،‬‬ ‫التـال‬ ‫اليـوم‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أخـرى ت‬ ‫حى تتأكد مـن أن الذي حدث بالمس لـم يكن حلماً‪.‬‬ ‫وعندمـا كانـت تسـبح ف ي� المـاء رأت سـلحفاة بحريـة‪ .‬سـألت‬ ‫ُ‬ ‫ـك؟" أجابت السـلحفاة‪“ :‬أنا‬ ‫إميل� السـلحفاة‪“ :‬كيف حال ِ‬ ‫ي‬ ‫إميل� مـا قالتـه السـلحفاة‪.‬‬ ‫بخيـر"‪ ،‬وبطريقـة مـا‪ ،‬فهمـت‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫إميل‬ ‫تحدثتـا لفـرة طويلـة‪ .‬وبينمـا كانتـا تتحدثان‪ ،‬الحظـت ي‬ ‫أنـه خلال تلـك ت‬ ‫الوقـت كانـت تتنفـس‬ ‫الفـرة الطويلـة مـن‬ ‫ِ‬ ‫بشـكل طبيعـي تحـت المـاء‪ ،‬وعرفـت أن مـا حـدث لهـا لـم‬ ‫ٍ‬ ‫يكـن حلمـاً‪ ،‬لقـد كان حقيقـة ال يمكـن تجاهلهـا‪.‬‬ ‫ـ� إىل المدرســة‪ ،‬تعلمــت ف ي� الحصــة‬ ‫عندمــا ذهبــت إميـ ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫الكائنــات البحريــةَ‬ ‫أن‬ ‫الوىل‪ ،‬ي� درس المعلومــات‪ ،‬كيــف ّ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫إميــ�‪“ :‬مــا هــي األخطــار التــي‬ ‫ســألت‬ ‫‪.‬‬ ‫كبــر‬ ‫خطــر‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫"ســؤال رائــع"‪ .‬ش‬ ‫ٌ‬ ‫و�حــت‬ ‫تواجههــا؟" أجابــت معلمتهــا‪:‬‬ ‫لهــم‪" :‬يلقــي النــاس القمامــة ف ي� البحــر‪ ،‬وتعتقــد الحيوانات‪،‬‬ ‫‪191‬‬


‫إيوانـا تيودوروفـا سـتيفانوفا‬

‫مثــل الســاحف البحريــة‪ ،‬أن أ‬ ‫الكيــاس البالســتيكية ومــا‬ ‫يشــابهها قناديـ ُـل بحــر‪ ،‬لــذا يأكلونهــا وهــذا يــؤدي بهــم إىل‬ ‫ـ�‪ ،‬وتذكــرت أنهــا كانــت خائفــة مــن‬ ‫المــوت"‪ .‬شــهقت إميـ ي‬ ‫ـبه قنديــل البحــر!‬ ‫ـتيك يشـ ُ‬ ‫كيـ ٍـس بالسـ ي‬ ‫إميل إىل الم�نز ل‪.‬‬ ‫اس‪ ،‬عادت ي‬ ‫عندما انتهى اليوم الدر ي‬ ‫أخ�ت والديها بما تعلمته ف� حصة درس المعلومات‪ .‬ف‬ ‫و�‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الليل‪ ،‬عندما َخ َلدت للنوم‪ ،‬هاجمتها كوابيس مروعة حول‬ ‫السالحف البحرية المسكينة‪ ،‬والمخلوقات البحرية أ‬ ‫الخرى‬ ‫ت‬ ‫ال� أصبحت حياتُها ف ي� خطر‪ ...‬وعندما استيقظت‪ ،‬فكرت عىل‬ ‫ي‬ ‫الفور بافتتاح مدرسة تحت الماء‪ ،‬وأسمتها‪ :‬مدرسة البحر‪.‬‬ ‫بـدأت إميل� ف‬ ‫ملونـة لتعليـم‬ ‫وصـور‬ ‫ملصقـات‬ ‫صنـع‬ ‫�‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ي ي‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الكائنـات البحريـة الفـرق ي ن‬ ‫ب� ما يصلح طعامـاً‪ ،‬وما ال يصلح‪،‬‬ ‫وعندمـا انتهـت‪ ،‬قامـت بتغليـف الملصقـات ت‬ ‫تتلف ف ي�‬ ‫حى ال َ‬ ‫المـاء‪ ،‬وذهبـت لتعـرض الملصقـات لوالديهـا لتأخـذ رأيهمـا‬ ‫كثـراً‪.‬‬ ‫فيمـا تقـوم به‪ ،‬وقـد أحبـا فكرتها ي‬ ‫أعمـاق‬ ‫إميل� بالذهـاب إىل‬ ‫منـذ ذلـك اليـوم‪ ،‬بـدأت‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫يوم‬ ‫دروسـها‪َ .‬‬ ‫ذات ٍ‬ ‫البحـر لتعليـم جميـع الكائنـات البحريـة َ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫درس خـاص لسـماك القـرش؛ كانـت تعلمها كيفية‬ ‫كان لديهـا ٌ‬ ‫‪192‬‬


‫إميلـي ومغامرتهـا البحريـة غيـر العاديـة‬

‫التميـر ي ن‬ ‫يز‬ ‫إميل� قصـةً عـن‬ ‫أخ�تهـا‬ ‫بـ� الطعـام والنفايـات‪ .‬ب‬ ‫ي‬ ‫كيفيـة إلقـاء النـاس للنفايـات ف ي� البحـر‪ ،‬ش‬ ‫و�حـت لهـا كيـف‬ ‫التلـو ُث‪ ،‬وأنها تسـعى لالعتناء ببيئتهـا يك تحدث فرقاً‬ ‫ُ‬ ‫يحـدث ّ‬ ‫كبـراً‪ .‬ف‬ ‫درس خـاص ألسـماك الطبـاق‬ ‫لديهـا‬ ‫كان‬ ‫آخـر‬ ‫يـوم‬ ‫�‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ي ي‬ ‫َ‬ ‫الالسـعة (اللخمة)‪ .‬أخ�تها عن أ‬ ‫الشـياء ت‬ ‫تلسعها‬ ‫ب‬ ‫ال� يجب أن َ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫والشـياء ت‬ ‫الـ� يجـدر بهـا أن تتجنبها‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫الدالفـ� المنقاريـة‪ .‬علمتهـا‬ ‫وكان درسـها المفضـل مـع‬ ‫مـا علمتـه لجميـع الحيوانـات أ‬ ‫الخـرى‪ ،‬وقـد عرضـت عليهـا‬ ‫والكث�‬ ‫بعـض حيلهم‪ ،‬مثل اللعب بالكـرة‬ ‫تعليمهـا َ‬ ‫ي‬ ‫ي نُ‬ ‫الدالفـ� َ‬ ‫مـن الحيـل أ‬ ‫الخرى‪.‬‬ ‫تتمثـل حيل ألعاب الكرة بموازنـة الكرة عىل الرأس أ‬ ‫والنف‬ ‫والذيـل ضمـن ثالثـة مسـتويات مختلفـة‪ .‬ف� المسـتوى أ‬ ‫الول‬ ‫ي‬ ‫الدلفـ� موازنـة الكـرة على أ‬ ‫ف‬ ‫النـف‪ .‬و� ن‬ ‫ين‬ ‫الثـا� موازنـة‬ ‫يتعلـم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الكـرة على الجبهـة‪ ،‬ف‬ ‫و� المسـتوى الثالـث يقـوم بموازنتهـا‬ ‫ي‬ ‫على زعنفـة الذيـل‪ .‬عندمـا وصلـوا إىل المسـتوى الثالـث‪،‬‬ ‫إميل إىل نفسـها وابتسـمت قائلة‪“ :‬ليـس لدي ذيل‬ ‫نظـرت ي‬ ‫أو زعانـف‪ .‬كيـف يفتـرض بي أن ألعـب اللعبة؟" أجابتها‬ ‫ين‬ ‫ورجليـك"‪.‬‬ ‫يديـك‬ ‫الدالفـ�‪“ :‬يمكنـك اسـتخدام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪193‬‬


‫إيوانـا تيودوروفـا سـتيفانوفا‬

‫ين‬ ‫الدالفــ� مــن تعليــم حيلهــا‪ ،‬عــادت‬ ‫وعندمــا انتهــت‬ ‫ين‬ ‫الدالفــ� وهــي‬ ‫إميــ� إىل المــنز ل بمســاعدة أصدقا ِئهــا‬ ‫ي‬ ‫بمنتهــى الســعادة‪ .‬أخـ بـرت عائل َتهــا عــن يومهــا الرائــع‪ .‬ومــا‬ ‫أن لديهــا‬ ‫كادت تنهــي قصتهــا‪ ،‬حـ تـى بــادر والداهــا ي‬ ‫بتذك�هــا ّ‬ ‫يومــاً دراســياً ف ي� الغــد‪ ،‬وأنهــا بحاجــة إىل النــوم‪ .‬تنهــدت‬ ‫إميــ� وســارعت إىل فراشــها‪...‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫إميل متحمسـة للغايـة لن حصتها‬ ‫كانت‬ ‫التـال‬ ‫اليـوم‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الوىل هـي درس المعلومـات‪ ،‬وذهبـت لفصلها بـكل حماس‪.‬‬ ‫ين‬ ‫عمـا إذا كان‬ ‫الواصلـ�! سـألت‬ ‫وكانـت أول‬ ‫إميل� معلمتهـا َّ‬ ‫ي‬ ‫صغـر إىل الفصـل‪ .‬وافقـت معلمتهـا‬ ‫عـرض‬ ‫يمكنهـا‬ ‫ي‬ ‫تقديـم ٍ‬ ‫ُ‬ ‫على الفور‪...‬انتظـرت ت‬ ‫جميـع زمالئهـا وزميالتهـا‪،‬‬ ‫حى جـاء‬ ‫ُ‬ ‫عـرض حـول كيفيـة إصابـة آالف الحيوانات‬ ‫وبـادرت‬ ‫بتقديـم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫بـالذى‪ .‬تحدثـت طويلاً‪ ،‬وقبـل ختـام عرضها‪ ،‬سـألت طلبة‬ ‫الصـف عمـا إذا كانـوا سيسـاعدونها ف ي� الحفـاظ على سلامة‬ ‫الحيوانـات‪ ،‬فوجدتهـم جميعـاً يقفـون على كراسـيهم‬ ‫ويهتفـون معـاً‪:‬‬

‫“نعمممممممممم!"‬ ‫‪194‬‬


‫إميلـي ومغامرتهـا البحريـة غيـر العاديـة‬

‫ت‬ ‫واق�حــت المعلمــة إدراج عرضهــا التقديمــي ف ي� يــوم‬ ‫إميــ� فــوراً‪.‬‬ ‫تجمــع الطلبــة‪ ،‬فوافقــت‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ف� يــوم التجمــع‪ ،‬كانــت إميــ� هــي أ‬ ‫الوىل عــى خشــبة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫المــرح‪ .‬قدمــت عرضهــا بــكل اقتــدار‪ ...‬وعندمــا انتهــى‬ ‫التجمــع‪ ،‬هنأهــا والداهــا بمــا أنجزتــه‪ ،‬وقــد كانــا فخوريــن‬ ‫ـت م ـىض ‪.‬‬ ‫أي وقـ ٍ‬ ‫بهــا أكـ ثـر مــن ّ‬ ‫الطفـال معـاً ف� عطلـة نهايـة أ‬ ‫اجتمـع جميـع أ‬ ‫السـبوع‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫لبـدء تنظيـف الشـاطئ‪ ،‬وإنقـاذ الحيوانـات‪ .‬أطلقـوا‬ ‫التاليـة ِ‬ ‫عىل أنفسـهم‪ُ :‬‬ ‫الحيوانـات"‪ ...‬ومنـذ ذلك اليوم‬ ‫“منقـذو‬ ‫ِ‬ ‫سـبت لتنظيـف الشـاطئ‪ .‬ت‬ ‫حى‬ ‫يـوم ٍ‬ ‫أصبحـوا يجتمعـون ّكل ِ‬ ‫إنهـم دعـوا أشـخاصاً آخريـن لالنضمـام إىل مجموعتهـم‪.‬‬ ‫ورسعــان مــا‬ ‫الكثــر مــن النــاس‪،‬‬ ‫لقــد اســتقطبوا‬ ‫َ‬ ‫يَ‬ ‫أصبحــت مجموعتهــم مشــهورة‪ .‬وأصبــح لديهــم الكثـ يـر مــن‬ ‫ين‬ ‫المتابعــ� مــن كل دول العالــم‪.‬‬ ‫كل هــذه المنج ـزات قادتهــا فتــاة صغـ يـرة‪،‬‬ ‫ـوة‬ ‫لــم تتجــاوز العـ شـر ســنوات‪ ،‬تتمتــع بقـ ٍ‬ ‫ـر عاديــة‪.‬‬ ‫غـ ي ِ‬

‫‪195‬‬


196


‫حلمي‬ ‫تأليف أبرار سيروهي‬

‫ف‬ ‫ـن مــن خاللهــا رؤيــةُ الجبــال البعيــدة‪،‬‬ ‫أعيــش ي� مدينـ ٍـة يمكـ ُ‬ ‫ِ ت‬ ‫ومالحظــةُ‬ ‫ــر‬ ‫الــ� بــدأت تختفــي ببــطء‪ْ .‬‬ ‫ويع ب ُ‬ ‫الغابــات ي‬ ‫المدينــةَ نهــر كبـ يـر‪ ،‬يمــر مــن وســطها مبـ ش‬ ‫ـن النهـ َـر‬ ‫ـا�ة‪ ،‬لكـ ّ‬ ‫ُملـ ّـوث‪ ،‬ويبــدو قاتم ـاً‪.‬‬ ‫ف� أحـد أ‬ ‫ت‬ ‫الجلوس معاً‪،‬‬ ‫وعائلـ�‬ ‫أنا‬ ‫قررت‬ ‫الماطـرة‪،‬‬ ‫يـام‬ ‫ال‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫فيلـم من اختيـار أخي ال بك� جيمـس‪ ،‬الذي اختار‬ ‫ومشـاهد َة ٍ‬ ‫فيلمـاً وثائقياً عـن نهاية العالم‪.‬‬ ‫ش‬ ‫الـسء‪ ،‬لك ّنـه مـع ذلـك فيلم‬ ‫كان‬ ‫الفيلـم مخيفـاً َ‬ ‫ُ‬ ‫بعـض ي‬ ‫جيـد‪ .‬بعـد مشـاهدته‪ ،‬تناولـت كوباً مـن الحليب ف ئ‬ ‫الـدا�‪ ،‬ثم‬ ‫ٌ‬ ‫نمت رسيعاً‪ .‬وبدأت أحلم كالمعتاد‪ ،‬وكان حلمي‬ ‫مـا لبثـت أن ُ‬ ‫‪197‬‬


‫أبــرار ســيروهي‬

‫ف‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مالبس‪،‬‬ ‫تديت‬ ‫ر‬ ‫وا‬ ‫اسـتحممت‪،‬‬ ‫‪...‬‬ ‫ا‬ ‫جد‬ ‫ا‬ ‫عادي‬ ‫ا‬ ‫حلمـ‬ ‫البدايـة‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ركبـت الحافلةَ إىل‬ ‫وذهبـت إىل المطبـخ لتنـاول إ‬ ‫الفطار‪ ...‬ثم ُ‬ ‫ش‬ ‫غريب حقـاً‪ .‬تعطلت‬ ‫� ٌء ٌ‬ ‫المدرسـة‪ ،‬ولكـن بعد ذلك حـدث ي‬ ‫الحافلـة أمـام غابـة مشـتعلة ف ي� منتصـف الرحلـة‪ ،‬وبـدا أن‬ ‫ت‬ ‫المح�قـةَ ُ ش‬ ‫مروعاً‪ .‬يمكنك‬ ‫الغابـة‬ ‫�ء‪ .‬كان المشـهد ّ‬ ‫تبتلع كل ي‬ ‫ِ ت‬ ‫الـ� فقـدت مناز َلهـا‬ ‫تشـعر بألـم وحـزن ِّكل‬ ‫أن‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫الحيوانـات ي‬ ‫وأحبا َءها بسـبب جشـع ش‬ ‫البر وإهما ِلهـم وتجاهلهم للبيئة‪.‬‬

‫تحــدث حرائــق الغابــات ف� كثــر مــن أ‬ ‫الحيــان بســبب‬ ‫ي ي‬ ‫اســتهالك الطاقــة لدينــا‬ ‫عــادات‬ ‫ولكــن‬ ‫طبيعيــة‪،‬‬ ‫كــوارث‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫‪198‬‬


‫حلمـي‬

‫تتســبب ف‬ ‫ـب‬ ‫ـ‬ ‫الصع‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـح‬ ‫ـ‬ ‫ويصب‬ ‫ـارع‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫متس‬ ‫ـدل‬ ‫ـ‬ ‫بمع‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫حدوثه‬ ‫�‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ـا�‪.‬‬ ‫ـات ب‬ ‫عــى الغابـ ِ‬ ‫وال�يـ ِـة التعـ ي‬ ‫ـان مــا أدركــت‬ ‫اسـ‬ ‫ـب عرقـاً‪ ،‬لكـن ي رسعـ َ‬ ‫ُ‬ ‫ـتيقظت وأنــا أتصبـ ُ‬ ‫الفطــار وركبــت‬ ‫أنــن ي كنــت أرى كابوســاً‪ .‬تناولــت طعــام إ‬ ‫الحافلــة وذهبــت إىل المدرســة‪ .‬قابلــت صديقــي محمــد‪،‬‬ ‫وأخ�تــه بـ ّ ش‬ ‫� ٍء عــن الحلــم خــال اسـ تـراحة‬ ‫المخـ تـرع‪ ،‬ب‬ ‫ـكل ي‬ ‫الكابــوس مــن أن‬ ‫منــع‬ ‫ِ‬ ‫الغــداء‪ .‬كالنــا كان مصممــاً عــى ِ‬ ‫يصبــح حقيقــة؛ يمكنـن ي االعتمــاد عــى محمــد بمــا لديــه مــن‬ ‫آالت وأدوات ت‬ ‫يخ�عهــا‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وإخباره بأننا بحاجة إىل مساعدته‪،‬‬ ‫المدير‬ ‫قررنا التوجه إىل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫عندهـا‪ ،‬ش�ح لنا أهداف التنمية المسـتدامة أ‬ ‫للمم المتحدة‪،‬‬ ‫فسـألناه كيـف يمكنه تنفيذ بعض أهداف التنمية المسـتدامة‬ ‫ف ي� مدرسـتنا‪ ،‬قـال أنـه سـيبذل قصـارى جهـده لتنفيـذ هدف‬ ‫التنميـة المسـتدامة (‪ )12‬الصـادر عـن أ‬ ‫المـم المتحـدة بمـا‬ ‫والنتاج‪ ،‬والمسـؤوليات ت‬ ‫الم�تبـة عليهما‪،‬‬ ‫يخـص االسـتهالك‪ ،‬إ‬ ‫صناديـق إعـادة التدويـر ف ي� جميـع‬ ‫توزيـع‬ ‫خلال‬ ‫وذلـك مـن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أنحـاء المدرسـة‪ ،‬وتقييد اسـتخدام البالسـتيك الـذي ال يُعاد‬ ‫استخدامه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪199‬‬


‫أبــرار ســيروهي‬

‫"لكـن سـيدي‪ ،‬مـاذا عـن الهـدف السـابع‪ :‬طاقـة نظيفـة‬ ‫وبأسـعار معقولـة؟ كمـا يجـب أن تكـون الكهربـا ُء الالزمـة‬ ‫ن‬ ‫المبـا� والمنـازل والمصانـع مسـتدامة‪ ،‬وليسـت‬ ‫لتشـغيل‬ ‫ي‬ ‫باهظـةَ الثمـن"‪.‬‬ ‫الحلـــول المتاحـــة حاليـــاً‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫مثـــل‬ ‫"أنـــا آســـف‪ ،‬لكـــن‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫الهـــواء‪ ،‬وســـدود الطاقـــة‬ ‫وطواحـــن‬ ‫اللـــواح الشمســـية‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الكهرومائي ــة‪ ،‬ليس ــت رخيص ــةً كم ــا ه ــو متوق ـ ٌـع‪ ،‬وال يمكنن ــا‬ ‫تحمـــل تكاليفهـــا بعـــد"‪.‬‬ ‫وبعـد ذلـك اعتـذر المديـر لنا بسـبب انشـغا ِله‪ ،‬وتوجهنا‬ ‫ت‬ ‫والـد� إذا‬ ‫سـألت‬ ‫اس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫إىل الفصـل‪ .‬عندمـا انتهـى اليوم الدر ي‬ ‫محمد للعمل‬ ‫كان يمكنهـا السـماح يل بقضاء المسـاء ف ي� منز ل‬ ‫ٍ‬ ‫ت‬ ‫على ش‬ ‫والـد�‪ ،‬فانطلقـت إىل م�نز له‪...‬‬ ‫مروع جديـد‪ .‬وافقـت‬ ‫ي‬ ‫محمـد‪ ،‬تناولنـا بعـض الوجبـات‬ ‫وصـول إىل منز ل‬ ‫وبمجـرد‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫الخفيفـة‪ ،‬وتوجهنـا ش‬ ‫مبـا�ة إىل ورشـة كـراج والده‪.‬‬ ‫بدأنا العمل عىل بعض النماذج أ‬ ‫الولية بأسعار معقولة‬ ‫ألشياء مثل أ‬ ‫اللواح الشمسية ت‬ ‫ال� تستمد الطاقة من أشعة‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫ال� تستمد الطاقة من هبوب‬ ‫الشمس‪،‬‬ ‫وطواح� الهواء ي‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫ال� تستمد الطاقة من تدفق المياه‪.‬‬ ‫الرياح‪،‬‬ ‫وطواح� المياه ي‬ ‫‪200‬‬


‫حلمـي‬

‫ت‬ ‫عـود� إىل المنز ل‪ ،‬كنـا قـد أكملنـا نمـاذج‬ ‫وبحلـول وقـت‬ ‫ي‬ ‫أوليـة مصغـرة أ‬ ‫لللـواح الشمسـية ت‬ ‫الـ� تعمـل تحـت مصبـاح‬ ‫ي‬ ‫مكتـ�‪ ،‬وطاحونـة هوائيـة تعمـل بالنفـخ عليهـا‪ ،‬وطاحونـة‬ ‫بي‬ ‫مائيـة تعمـل عـن طريـق تشـغيلها تحـت صنبـور المـاء‪.‬‬ ‫ف‬ ‫التــال‪ ،‬عرضنــا تصميماتنــا عــى معلمــة‬ ‫اليــوم‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫عمــا إذا كان مــن الممكــن تنفيــذ هــذه‬ ‫العلــوم‪ ،‬وســألناها َّ‬ ‫أ‬ ‫ـن‬ ‫النمــاذج الوليــة عــى نطــاق أوســع‪ .‬قالــت إن ذلــك ممكـ ٌ‬ ‫ت‬ ‫ـ� قدمناهــا رائعــة‪،‬‬ ‫بالطبــع‪ ،‬وذكــرت لنــا بــأن النمــاذج الـ ي‬ ‫ممــا زودنــا أ‬ ‫بالمــل‪ ،‬ذهبنــا إىل المديــر وســألناه كيــف يمك ُننــا‬ ‫جعــل النمــاذج أ‬ ‫ُ‬ ‫الوليــة حقيقــة واقعــة‪.‬‬ ‫ت‬ ‫الت�عـات‪ ،‬أو التوجه‬ ‫اقـرح المديـر البـد َء‬ ‫بحملـة لجمـع ب‬ ‫ٍ‬ ‫خ�يـة للمسـاعدة ف ي� الحصول عىل المـوارد الالزمة‬ ‫لمؤسسـة ي‬ ‫ش‬ ‫وإطالق‬ ‫بتصميم‬ ‫للمروع‪ .‬بمجـرد وصولنا إىل الم�نز ل‪ ،‬قمنـا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ن‬ ‫الت�عات شي�ح مـا نريد القيام‬ ‫صغ� لجمـع ب‬ ‫و� ي‬ ‫موقـع إلكـر ي‬ ‫ٍ‬ ‫بـه‪ ،‬ولماذا نحتاج إىل المسـاعدة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫صغ�ة‪،‬‬ ‫التال‪ ،‬أقمنـا أنا‬ ‫اليـوم‬ ‫صبـاح‬ ‫�‬ ‫ومحمد أكشـاكاً ي‬ ‫ٌ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الفتـات ي� المدرسـة‪ ،‬وقررنـا تسـمية ش‬ ‫م�وعنـا "بـاور‬ ‫وعلقنـا‬ ‫ٍ‬ ‫أونيكـس" وأخـرت أخـي أ‬ ‫ال بك�‪ ،‬جيمـس‪ ،‬بما نفعله‪ ،‬وسـألته‬ ‫ب‬ ‫‪201‬‬


‫أبــرار ســيروهي‬

‫عمـا إذا كان يمكنـه المسـاعدة‪ .‬وافـق على مسـاعدتنا ف ي�‬ ‫مهمتنـا‪ .‬ف� أ‬ ‫اليـام القليلـة التاليـة‪ ،‬جمعنا ثالثتنا مـوارد كافية‬ ‫ي‬ ‫لبنـاء بعـض النمـاذج بالحجـم الطبيعـي‪ .‬لقـد تواصلنـا مـع‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫والمح� ي ن‬ ‫والبنائـ� لطلـب مسـاعدتهم ف ي�‬ ‫فـ�‬ ‫بعـض الهـواة‬ ‫بنـاء نماذجنـا‪ .‬ت‬ ‫أحدهم سـمح لنا باسـتخدام ورشـته‬ ‫إن َ‬ ‫حى ّ‬ ‫ومكائنـه لبنا ِئها‪.‬‬ ‫قمنـا ببنـاء نماذجنـا أ‬ ‫موضـع التنفيـذ‬ ‫الوىل‪ ،‬ووضعناهـا‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫والنهـر القريـب‪ .‬قمنـا تب�كيـب عـدادات كهربـاء‬ ‫المدرسـة‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫صغـرة عىل النمـاذج ي ن‬ ‫ال� تنتجها‪.‬‬ ‫ي‬ ‫لنب� للناس كمية الكهربـاء ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫التـرع لمبادرتنا‪ ،‬ت‬ ‫ح� إن‬ ‫ي� النهايـة‪ ،‬بـدأ المزيد من الناس ي� ب‬ ‫البعـض ش‬ ‫نر عن المبـادرة عىل وسـائل التواصـل االجتماعي‪.‬‬ ‫طـوال الوقـت‪ ،‬كنـا ننتـج المزيـد مـن النمـاذج‪ ،‬ف‬ ‫و� كل مـرة‬ ‫ي‬ ‫كانـت النمـاذج الجديـدة تتفـوق على سـابقاتها‪ .‬ش‬ ‫انترت‬ ‫نماذجنـا ف ي� جميـع أنحـاء مدينتنـا‪ ،‬ممـا أدى إىل تقليل بصمتنا‬ ‫التغيـر‪.‬‬ ‫كبـر‪ .‬ومـع ذلـك‪ ،‬رفـض آخـرون‬ ‫ي‬ ‫الكربونيـة بشـكل ي‬ ‫أ‬ ‫تدمـر البيئـة ثـم تركهـا للجيل‬ ‫كان مـن السـهل على النـاس ي‬ ‫القـادم لمواجهـة العواقب‪.‬‬ ‫الشـخاص لهـذا أ‬ ‫تصـدى العديـد مـن أ‬ ‫المـر‪ ،‬وتحولـوا‬ ‫‪202‬‬


‫حلمـي‬

‫إىل أسـلوب حيـاة مسـتدام لتقديـم أمثلـة تحتـذى آ‬ ‫للخريـن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الذيـن لـم يهتمـوا‪ .‬لقـد قدمنـا نصائـح هامـة‪ ،‬مثـل "ركـوب‬ ‫الدراجـة ف� التنقلات القريبـة"‪ ،‬و"إعـادة اسـتخدام أ‬ ‫الشـياء‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫نز‬ ‫الـ� يمكـن التخلـص‬ ‫داخـل الم ل"‪ ،‬و"اسـتبدال العنـارص ي‬ ‫منهـا‪ ،‬مثـل أكـواب القهـوة‪ ،‬أو أ‬ ‫الكيـاس البالسـتيكية‪ ،‬بطـرق‬ ‫ث‬ ‫بالتغي�‪،‬‬ ‫أكـر اسـتدامة"‪ .‬ورسعـان مـا أقنعنا معظـم النـاس‬ ‫ي‬ ‫وبـدأ المزيـد مـن المـدارس والبلـدات تتبىن هـذه أ‬ ‫النمـاط‬ ‫السـلوكية البيئيـة‪ ،‬ت‬ ‫عندها‬ ‫أخـراً إىل‬ ‫شـعر َ‬ ‫حى وصلنـا ي‬ ‫ٍ‬ ‫مرحلة َ‬ ‫وتمويل هـذه أ‬ ‫ُ‬ ‫الفكار‬ ‫دعـم‬ ‫ُ‬ ‫الجميـع أنـه يجـب على الحكومة ُ‬ ‫ت‬ ‫الـ� يتبنونها‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أمامنـا عقبـةٌ واحـدة‪ُ ...‬‬ ‫أعمال ثري لـه مصالحه‬ ‫كان َ‬ ‫رجـل ٍ‬ ‫التأثـر على الحكومـة‪ .‬لقـد كان‬ ‫الخاصـة‪ ،‬وكان قـادراً على‬ ‫ي‬ ‫يعيـق خط َطنـا ألن التحـول إىل مصـدر طاقـة مسـتدام مـن‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫التكسـر‬ ‫الـ� تعمـل ف ي� مجـال‬ ‫ي‬ ‫شـأنه أن يهـدد بقـاء �كتـه ي‬ ‫الهيدروليك� وتعديـن الفحـم‪.‬‬ ‫ي‬ ‫الهيدروليك� هـو ممارسـة سـيئة تنطـوي على‬ ‫التكسـر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫تكسـر طبقـات الصخـور عميقـاً لعمـل ثقـوب يمكـن مـن‬ ‫ي‬ ‫خاللهـا إخـراج مـواد مثـل الغـاز الطبيعـي والنفـط ت‬ ‫والب�ول‪.‬‬ ‫‪203‬‬


‫أبــرار ســيروهي‬

‫لــذا‪ ،‬لمحاولــة إيقافنــا‪ ،‬منــع الحكومــة مــن تمويلنــا‪،‬‬ ‫واشــرى قطــع أ‬ ‫الرض ت‬ ‫ت‬ ‫الــ� كنــا بصــدد بنــاء مصانعنــا‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ـ� الهــواء‪ ،‬أ‬ ‫وإقامــة طواحـ ي ن‬ ‫واللــواح الشمســية عليهــا‪ ،‬ومنعنــا‬ ‫مــن مواصلــة ش‬ ‫ـاعات نفكــر كيــف يمكننــا‬ ‫م�وعنــا‪ .‬أمضينــا سـ ٍ‬ ‫مواصلــة مهمتنــا‪ ،‬لكــن لعــدم وجــود خيــارات أخــرى‪ ،‬قررنــا‬ ‫التحــدث إليــه شــخصياً‪ .‬أخذنــا ســيارتنا إىل مقــر ش�كتــه‪،‬‬ ‫أخ�تنــا أنــه يمكننــا‬ ‫وذهبنــا إىل ســكر يت�ته‪ ،‬وطلبنــا موعــداً‪ .‬ب‬ ‫مقابلتــه عــى الفــور‪.‬‬ ‫رسنـا إىل مكتبـه وقررنـا أن يدخـل إليـه واحد منـا فقط‪...‬‬ ‫فذهبت أنـا إليه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫عميق أجش‪" :‬ادخل"‬ ‫طرقت الباب‪...‬‬ ‫فبادر� صوت ٌ‬ ‫ي‬ ‫مؤســ�(باور‬ ‫الخــر‪ ،‬ال بــد أن تكــون أحــد‬ ‫"صبــاح‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أونيكــس)‪.‬‬ ‫ش‬ ‫�ء يمنعنــا مــن التقــدم‬ ‫"نعــم‪ ،‬وأود أن أســألك عــن ي‬ ‫كمجتمــع"‪.‬‬ ‫"وماذا يمكن أن يكون؟"‬ ‫"لقــد الحظنــا أنــك تشـ تـري المصانــع والــورش‪ ،‬وقطــع‬ ‫الر ضا� الـ تـ� كنــا بصــدد بنــاء أ‬ ‫أ‬ ‫اللــواح الشمســية وطواحـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ي ي‬ ‫‪204‬‬


‫حلمـي‬

‫الهــواء عليهــا‪ ،‬وهنــاك شــائعات بأنــك تؤثــر عــى الحكومــة‬ ‫تدعمنــا"‪.‬‬ ‫حـ تـى ال َ‬ ‫ش ت‬ ‫ت‬ ‫ك� بأكملها‬ ‫"انظـر‪ ،‬يا فى‪ ،‬لو واصلتم عملكم‪ ،‬فـإن � ي‬ ‫سـتتوقف عن العمل‪ ،‬وال يمكنن ي ترك ذلك يحدث"‪.‬‬ ‫عل االنزعاج‪" :‬ولكن ماذا عن المستقبل؟!"‬ ‫قلت‪ ،‬وقد بدا ي ّ‬ ‫المسـتقبل‪ ،‬وبحلـول ذلـك‬ ‫"سـتكون هـذه مشـكلة جيـل‬ ‫ِ‬ ‫رحلـت عـن عالمكم‪ ،‬بعـد حيـاة ثرية"‪.‬‬ ‫الوقـت‪ ،‬سـأكون قـد‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫أطفــال‬ ‫االحــرام‪ ،‬مــاذا عــن أطفالــك أو‬ ‫"مــع ِّكل‬ ‫ِ‬ ‫آ‬ ‫عواقــب إهمالــك‬ ‫تريدهــم أن يواجهــوا‬ ‫الخريــن! هــل ُ‬ ‫َ‬ ‫وعــدم ت‬ ‫اك�اثــك؟!"‪.‬‬ ‫صمت وتردد قليالً‪ ،‬ثم قال‪:‬‬ ‫"حســناً‪ ،‬اتصــل ب� ف� غضــون ي ن‬ ‫يومــ�‪ ،‬مــع حــل يفيــد‬ ‫ي ي‬ ‫أ‬ ‫ش ت‬ ‫كــ�‪ ،‬و يرفــد االقتصــاد‪ ،‬ويســاعد الشــخاص أيضــاً‬ ‫� ي‬ ‫عــى التحــول إىل أســلوب حيــاة مســتدامة‪ ،‬وربمــا بعــد‬ ‫ذلــك ســأدعم ش‬ ‫م�وعكــم‪ .‬إذا لــم تتمكــن مــن إيجــاد حــل‬ ‫ـامة‬ ‫بالرسعــة الكافيــة‪ ،‬فــا تزعجـن ي مــرة أخــرى"‪ .‬قــال بابتسـ ٍ‬ ‫متعجرفــة‪ ،‬مشــككاً ف ي� إمكانيــة إيجــاد أي حــل‪.‬‬ ‫ثم س ّل َم ن ي� ورقة مالحظات ك ُِتب عليها رقم هاتف‪.‬‬ ‫‪205‬‬


‫أبــرار ســيروهي‬

‫يكون لديك الحل"‪.‬‬ ‫"هذا رقمي‬ ‫الشخص‪ ،‬اتصل ب ي� عندما ُ‬ ‫ي‬ ‫خالل ي ن‬ ‫"حسناً‪ ،‬سأتصل َ‬ ‫يوم� ومعي الحل‪ .‬شكراً لوقتك"‪.‬‬ ‫بمحمــد خــارج المبــىن ‪،‬‬ ‫غــادرت المكتــب‪ ،‬والتقيــت‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫وأخ�تــه عــن االجتمــاع برمتــه‪ .‬وبدأنــا نفكــر بعمــق إليجــاد‬ ‫ب‬ ‫حــل يمكــن أن نقدمــه لرجــل أ‬ ‫التفكــر‬ ‫العمــال‪ .‬أخذنــا‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ئ‬ ‫ـا� يقـ تـرب‪ ،‬ولــم يكــن لدينــا ســوى فكــرة‬ ‫وكان الموعــد النهـ ي‬ ‫نقدمــه لــه‪ .‬ف ي� غضــون‬ ‫تقريبيــة عــن الحــل الــذي يمكــن أن َ‬ ‫الســاعات القليلــة أ‬ ‫ن‬ ‫الثــا�‪ ،‬خطــرت يل‬ ‫اليــوم‬ ‫مــن‬ ‫ة‬ ‫خــر‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫فكــرة‪ :‬إذا قمنــا ببســاطة باســتبدال الفحــم والنفــط فلــن‬ ‫التغيــر‪.‬‬ ‫الكثــر مــن‬ ‫تحتــاج بقيــة السلســلة إىل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫بـدال ً من االسـتثمار ف ي� آالت التنقيب والتعدين‪ ،‬وتشـغيل‬ ‫العمـال ف� مثـل هـذه الظـروف‪ ،‬يمكـن االسـتثمار ف� أ‬ ‫اللـواح‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫ونواعـر الماء‪ ،‬وكذلك السـدود‬ ‫وطواحـ� الهـواء‪،‬‬ ‫الشمسـية‬ ‫ي‬ ‫الكبـرة للطاقـة الكهرومائيـة‪ .‬ف ي� المقابـل‪ ،‬نحصـل على‬ ‫ي‬ ‫الكهربـاء لتشـغيل (وإعـادة توجيـه) المصانـع المسـتدامة‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫تحسـ� النمـاذج)‪.‬‬ ‫(الـ� مـن شـأنها‬ ‫وورش التصميـم ي‬ ‫ت‬ ‫أكـر‬ ‫التصميمـات الجديـدة‬ ‫الـ� تنتـج طاقـة ب‬ ‫ّ‬ ‫والمحسـنة ي‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫بيع‬ ‫أسـهل‬ ‫لـكل نمـوذج‪ ،‬أو تكون‬ ‫وأرخص ي� التصنيـع‪ ،‬يمكن ُ‬ ‫َ‬ ‫‪206‬‬


‫حلمـي‬

‫الطاقـة والسـلع‪ .‬يمكـن ت‬ ‫حى بيـع التصاميـم للمجتمعات أو‬ ‫المـدن ت ز‬ ‫ل�ويـد جميـع المنازل بالطاقة بشـكل أك�ث اسـتدامة‪.‬‬ ‫كان أ‬ ‫التفك�‪ .‬هنـاك أمثلة‬ ‫المـر بسـيطاً جـداً‪ ،‬ولقـد بالغنـا ف ي�‬ ‫ي‬ ‫ف ي� عالمنـا على اسـتثمار الطاقـة المسـتدامة‪ ،‬ف ي� دول مثـل‬ ‫أيسـلندا والسـويد‪ ،‬يتـم فيهمـا التشـغيل بواسـطة طاقـة‬ ‫مسـتدامة بنسـبة ‪ ٪ 100‬تقريبـاً‪ ،‬وتُسـتخدم أسـاليب الزراعة‬ ‫المسـتدامة‪ ،‬وكال البلديـن مسـتقران من الناحيـة االقتصادية‪.‬‬ ‫ف‬ ‫اتصلـت بالرقـم الموجـود ف ي� الورقـة‪،‬‬ ‫التـال‬ ‫اليـوم‬ ‫�‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫واصطحبـت معـي الفـكار والمثلـة وبعـض المخططـات‬ ‫الجديـدة‪ ،‬بعـد بضـع ثـوان مـن االنتظـار المتوتـر‪ ،‬أجـاب‬ ‫أ‬ ‫لدي حلا ً فطلب‬ ‫الصـوت العميـق الجـش ذاتـه‪ .‬قلت لـه ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫السـيارة‬ ‫سـمعت ذلـك وسـارعت إىل‬ ‫من ي مقابلتـه ف ي� مكتبـه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وتوجهـت إىل هنـاك على الفـور‪.‬‬ ‫وصول إىل مكتبه‪ ،‬عرضت عليه تصاميمي‪.‬‬ ‫بمجرد‬ ‫ي‬ ‫توقف‪ ،‬وفكر‪ ،‬ثم قال‪:‬‬ ‫"سأسـمح لـك بالبنـاء على قطـع أ‬ ‫ال� ت‬ ‫الر ضا� ت‬ ‫اشـريتها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ي ي‬ ‫عمل"‪.‬‬ ‫أحـد المصانع‬ ‫ُ‬ ‫لن ي‬ ‫وسـأقرضك َ‬ ‫ِ‬ ‫الخاصة ب ي�‪ ،‬لكنن ي ْ‬ ‫أغ� ي‬ ‫أن َ‬ ‫أسأل لماذا؟"‬ ‫"لكن سيدي‪ ،‬هل يل ْ‬ ‫‪207‬‬


‫أبــرار ســيروهي‬

‫ـدا� ت‬ ‫"هــل فكــرت ف� جميــع معـ ت‬ ‫وآال�‪ ،‬وكل مــا أنجزتُــه‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫حــى آ‬ ‫ت‬ ‫الن؟"‬ ‫ش‬ ‫�ء يمكـن إعـادة توجيهـه لغـرض آخر‪ ،‬إن‬ ‫"سـيدي‪ ،‬كل ي‬ ‫ض‬ ‫المـا� وراءنـا‪ ،‬ولم يفت‬ ‫لـم يكـن إعـادة تدويره‪ .‬لقد بـات‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫التغي�"‪.‬‬ ‫الوان على‬ ‫ي‬ ‫ـن أتغـ يـر‪ .‬لقــد أعطي ُتــك أر ٍاض ومصنع ـاً‪.‬‬ ‫"قلـ ُ‬ ‫ـت لــك لـ ْ‬ ‫لقــد اتخــذت ق ـراري‪ .‬ال تزعج ـن ي مــرة أخــرى"‪.‬‬ ‫بالحباط‪.‬‬ ‫تنهدت‪ ،‬وشعرت إ‬ ‫"شكراً لوقتك‪ .‬ن‬ ‫تعيد النظر ف ي� أفكارك"‪.‬‬ ‫أتم� أن َ‬ ‫وأخ�تـه أن لدينا موار َد‬ ‫غـادرت المبىن ‪ ،‬والتقيت‬ ‫بمحمـد ب‬ ‫ٍ‬ ‫الن‪ .‬أخ�تـه أيضـاً كيـف رفـض رجـل أ‬ ‫آ‬ ‫العمال حلولنـا‪ ،‬وكيف‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ّـر� بأن‬ ‫بالحبـاط‪ .‬ركـز محمـد على إ‬ ‫شـعرت إ‬ ‫اليجابيـات‪ ،‬وذك ي‬ ‫آ‬ ‫خـراً رائعاً‪ .‬ابتهجت‬ ‫لدينـا الن مـوارد‪ ،‬وأن ذلـك كان بالفعل ب‬ ‫قليلا ً ‪ ...‬وواصلنـا العمل على ش‬ ‫م�وعنا‪.‬‬ ‫بعـد بضعـة أسـابيع‪ ،‬تلقيـت مكالمـة مـن رجـل أ‬ ‫العمال‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫الـ� قدمتهـا لـه‪ .‬شـعرت‬ ‫يسـأل عـن مخططـات الحلـول ي‬ ‫أ‬ ‫تتغـر شـيئاً‬ ‫بالسـعادة لنـه أعـاد النظـر‪ .‬بدأنـا نـرى ش�كتـه ي‬ ‫فشـيئاً‪ ،‬ت‬ ‫تتغـر ش�كتـه‬ ‫حى أصبحـت مسـتدامة تمامـاً‪ .‬لـم ي‬ ‫‪208‬‬


‫حلمـي‬

‫بكث�؛ أصبـح أك�ث‬ ‫فحسـب‪ ،‬بـل أصبـح أيضاً شـخصاً أفضـل ي‬ ‫اهتمامـاً بمـن حولـه ت‬ ‫تغـر!‬ ‫وحى صوتـه ي‬ ‫هـذا يوضـح أن َّكل شـخص لديـه بعـض أ‬ ‫الشـياء الجيدة‬ ‫ٍ‬ ‫ت‬ ‫والـ� تظهـر إذا أتيحـت لهـا الفرصة‪ .‬فالتـوازن هو‬ ‫بداخلـه‪ ،‬ي‬ ‫نور بـدون ظالم‪.‬‬ ‫المفتـاح‪ :‬فلا‬ ‫َ‬ ‫ظلام بـدون نـور‪ ،‬وال َ‬ ‫ين‬ ‫جاعلـ� البيئة‬ ‫واصلنـا التوسـع ف ي� جميـع أنحـاء منطقتنا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫النظيفـةَ‬ ‫هـدف كل خطوة نقـوم بها‪.‬‬ ‫ث‬ ‫ش‬ ‫أكـر نظافـةً‬ ‫� ٍء على مـا يـرام‪ ،‬وبـدا النهـر َ‬ ‫أصبـح كل ي‬ ‫ف‬ ‫تتعـا�‪ ،‬وأصبحـت السـما ُء زرقـا َء‬ ‫بكثـر‪ ،‬وبـدأت الغابـات‬ ‫ي‬ ‫تنتـه بعـد‪ .‬ال يـزال أمـام‬ ‫صافيـةً جميلـة‪ .‬لكـن المهمـة لـم ِ‬ ‫ومهمـات يجـب القيـام بهـا‪ ،‬علينـا ُ‬ ‫بـذل‬ ‫مسـؤوليات‬ ‫كل منـا‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ت‬ ‫ال� نعيـش بها بيئةً مسـتدامةً‬ ‫قصـارى جهدنـا لجعـل البيئة ي‬ ‫ف‬ ‫التعـا�‪.‬‬ ‫كوكبنـا على‬ ‫قـدر إ‬ ‫ال ِ‬ ‫ي‬ ‫مـكان لمسـاعدة ِ‬

‫‪209‬‬


210


‫ّ‬ ‫كل صوت مهم‬ ‫ِ‬ ‫تأليــف ميــر فــراز‬

‫توقفــت جيمــا للحظــات‪ ،‬وأنصتــت! تــكاد تجــزم أنهــا‬ ‫ـ�‬ ‫ـكات غريبـ ٍـة تشــبه رنـ ي ن َ‬ ‫ـكات ‪ ،‬ضحـ ٍ‬ ‫ســمعت أصــوات ضحـ ٍ‬ ‫أ‬ ‫المــكان‪،‬‬ ‫فكــرت أن هنــاك غربــاء قــد دخلــوا‬ ‫الجــراس‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫والخــوف‬ ‫للريبــة‬ ‫لكنهــا رفضــت الفكــرة ولــم تســمح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن يتســلال إليهــا‪ .‬كانــت متحمســة لمعرفــة مــا يحــدث‪،‬‬ ‫وعيناهــا الواســعتان يملؤهمــا الفضــول‪.‬‬ ‫الم�امية أ‬ ‫كانت جيما‪ ،‬كعادتها‪ ،‬تلعب ف� الغابة ت‬ ‫الطراف‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫المفضل‪ ،‬وهي تحب أن‬ ‫ال� تحيط بقرصها‪ ،‬فالغابة مكانُها‬ ‫ي‬ ‫ذات الفراء‪ ،‬حيث تكون محاطةً‬ ‫تكون بصحبة‬ ‫الحيوانات ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ�ض ‪ ،‬بدال من الرمادي‪ ،‬وتحب أيضاً النهر أ‬ ‫باللون أ‬ ‫الزرق‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫‪211‬‬


‫ّ‬ ‫كل صـوت مهـم‬ ‫ِ‬

‫المتل ئل‪ ،‬والنباتات النابضة بالحياة‪ ،‬أ‬ ‫أ‬ ‫والشجار‬ ‫بلونه السماوي‬ ‫ِ‬ ‫الزمردية الطويلة‪ ّ .‬أ‬ ‫هم من ذلك ك ِّله‪ ،‬أنها ال تريد‬ ‫ولعل ال َّ‬ ‫وركن ف ي� المكان كما تعرفه‬ ‫ْ‬ ‫أن يعرف أحد سواها كل ز ٍ‬ ‫اوية ٍ‬ ‫هي‪ .‬فهي تعرف أين توجد أفضل أ‬ ‫الشجار لتتسلقها‪ ،‬وتعرف‬ ‫َ‬ ‫ش‬ ‫�ء‪ :‬الطرق‬ ‫مكان ُش ي‬ ‫ج�ة ِ‬ ‫التوت المفضلة لديها‪ ،‬وتعرف َّكل ي‬ ‫المخترصة‪ ،‬أ‬ ‫والماكن المشمسة لقراءة الكتب‪.‬‬ ‫ن‬ ‫غ� عن القول‪ ،‬إنها لم ّ‬ ‫تضل يوماً طريقها ف ي� الغابة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الخاص‪ ،‬بمثابة‬ ‫الرسي‬ ‫فقد كانت الغابةُ الخ�ض ا ُء‪ ،‬مالذَها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عالمنا‬ ‫ٍ‬ ‫جنة خ�ض ا َء‪ ،‬ما زالت تحتفظ بجمالها رغم ما يعانيه ُ‬ ‫اليوم‪ .‬عندما يفكر معظم الناس ف ي� الغابة‪ ،‬فإنهم يفكرون ف ي�‬ ‫الملء بالمخاوف‪ ،‬والمكان البعيد الذي‬ ‫ذلك المكان الكئيب ي‬ ‫ش‬ ‫� ٌء‬ ‫يكتنفُه المجهول‪ ،‬ويعتقدون أنه ال يمكن ْ‬ ‫أن يحدث فيها ي‬ ‫جيد أبداً‪ .‬ف� الغابة التقى الذئب بذات الرداء أ‬ ‫الحمر‪ ،‬ووجد‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫"هانسيل" و"جريتل" بيت ب ز‬ ‫لكن جيما كانت ترى‬ ‫خ� الزنجبيل‪ّ .‬‬ ‫صديق مقرب‪.‬‬ ‫يغ� ذلك‪ ،‬إذ كانت الغابة بالنسبة لها مثل‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫أحد سـواها يزور هـذا المكان‬ ‫ولنهـا كانـت تعتقد بـأن ال َ‬ ‫كبـر عندمـا سـمعت تلـك‬ ‫الطلاق‪ ،‬شـعرت‬ ‫على إ‬ ‫ٍ‬ ‫بفضـول ي ٍ‬ ‫الضحـكات الرنانـة‪ ،‬وربمـا شب�ء مـن خيبة أ‬ ‫مـل‪ ،‬أل ّن هناك‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫‪212‬‬


‫ميــر فراز‬

‫ُ‬ ‫تتجـول ف ي� خريطة الغابة‬ ‫مـن يشـاركها أرض العجائـب‪ .‬بدأت‬ ‫الدروب‬ ‫المحفوظـة ف ي� ذهنهـا‪ ،‬وتتنقـل ف ي� محيطهـا‪ ،‬وتسـلك‬ ‫َ‬ ‫نحـو تلـك الضحـكات الرنانة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫يكــن ســهالً‪ ،‬ولكــن فجــأة‬ ‫مــن المؤكــد ّ‬ ‫أن المــر لــم ْ‬ ‫تو ّقــف الصــوت‪ .‬جلســت جيمــا عــى غصــن شــجرة لتنظــر‬ ‫وتفكــر َم ِل ّيــا بمــا يحــدث‪ ...‬هــل مــن الممكــن أن‬ ‫حولهــا‬ ‫َ‬ ‫يكــون مــن نســج خيالهــا؟ تن ّهــدت جيمــا‪ ،‬وقــررت المغــادرة‪،‬‬ ‫أن ضــوءاً ذهبي ـاً لمحتــه بطــرف عينهــا أوقفهــا ف ي� مكانهــا‬ ‫إال َّ‬ ‫أ‬ ‫ـث‪ ،‬وال تصــدق مــا‬ ‫مذهولــة‪ ،‬فنظــرت إىل العــى وهــي تلهـ ُ‬ ‫تحولــت لشــجرة‪.‬‬ ‫تــرى‪ .‬حيــث كانــت هنــاك هضبــة صغـ يـرة ّ‬ ‫لكنهــا لــم تكــن شــجر ًة عاديــة ‪ -‬كانــت أعظــم وأكــر أ‬ ‫ـجار‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫ال‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫بَ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أمامهــا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫جميعهــا‪ ،‬وبــدا أن جميــع الشــجار الخــرى تنح ـن ي َ‬ ‫أ‬ ‫أبواب‪،‬‬ ‫ل ّن لهــا هالــةً من الســحر‪ ،‬ولهــذه الشـ ِ‬ ‫ـواب‪ٌ ...‬‬ ‫ـجرة أبـ ٌ‬ ‫ونوافــذُ ‪ ،‬ش‬ ‫و�فــات حقيقيــة ف ي� ّكل مــكان‪.‬‬ ‫اندهشــت جيمــا ألنهــا ال تعــرف شــيئاً عــن هذه الشــجرة‪،‬‬ ‫مــع أنهــا كانــت تفتخــر دومــاً بمعرفــة ّكل ِش بــر ف ي� هــذه‬ ‫ش‬ ‫�ء كهــذا ف ي� هــذا‬ ‫الغابــة‪ .‬كانــت متأكــدة مــن عــدم وجــود ي‬ ‫المــكان إال منــذُ لحظــات؛ ثــم مــا لبــث أن همــس صــوت‬ ‫‪213‬‬


‫ّ‬ ‫كل صـوت مهـم‬ ‫ِ‬

‫ف‬ ‫كادت تســقط مــن غصــن الشــجرة‬ ‫ي� أذنهــا‪ ...‬فاجأهــا‪ ،‬حـ تـى ْ‬ ‫الــذي تجلــس عليــه‪" .‬جيمــا جاكســون!"‪ ..‬كان الصــوت يعلو‪.‬‬ ‫اســتدارت‪ ،‬وكادت تســقط مــر ًة أخــرى عندمــا رأت ِج ِّن ّيــة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الج ِّن َيــة‬ ‫أمامهــا‪“ ،‬تعالــي معــي!" فوجــدت نفســها تتبــع ِ‬ ‫الســحريّة‪.‬‬ ‫إىل داخــل الشـ ِ‬ ‫ـجرة ّ‬ ‫ببنت َشفة‪ ،‬فما‬ ‫تنب ْس ِ‬ ‫ّ‬ ‫خيم الذهول عىل جيما‪ ،‬ولم ِ‬ ‫ن‬ ‫شهدتْه كان مذهالً؛ كان ن‬ ‫الطوابق‪.‬‬ ‫الشكل‪ ،‬متعد َد‬ ‫أسطوا�‬ ‫مب�‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي َّ‬ ‫الغرف‪...‬فحدثت‬ ‫يقفن جميعاً ف ي� غرفة من‬ ‫ْ‬ ‫وكانت الجنيات َ‬ ‫نفسها‪“ :‬ال ب ُ َّ‬ ‫الج ّنية‬ ‫لها‬ ‫أشارت‬ ‫‪.‬‬ ‫استقبال"‬ ‫حفل‬ ‫أنه‬ ‫د‬ ‫ِ‬ ‫بأن تصعد درجاً فضياً نحو أ‬ ‫العىل‪ .‬ومع صعودها بدأت جيما‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫تستوعب ما يحدث حولها‪ ...‬مع أن الذهول كان يسيطر عىل‬ ‫كث� ٌة‬ ‫حواسها‪ .‬رأت‬ ‫َ‬ ‫كتب ي‬ ‫طوابق عديدة ‪ -‬مكتبة ضخمة بها ٌ‬ ‫كل ّ‬ ‫ومخت�اً‪ ،‬وأيضاً ثالثةَ‬ ‫طوابق ال يوجد‬ ‫جداً؛ ومستشفى الجنيات‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫فيها أي ش�ء سوى أ‬ ‫خمنت ّأن هذه هي أماكن َسكن‬ ‫ال‬ ‫بواب‪ّ .‬‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الج ِّنيات‪ ،‬إضافة للعديد من الطوابق الخرى‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫نيـات ي� ّكل االتجاهـات‪ ،‬وكـن جميعهـن‬ ‫الج ِ‬ ‫ِ‬ ‫شـاهدت ِ‬ ‫بألـوان مختلفة‪ ،‬واسـتطاعت‬ ‫فسـات�‬ ‫كـن يرتديـن‬ ‫ي‬ ‫ي نَ‬ ‫صغـر ٍات‪ّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بـأن الج ّنيـات ت‬ ‫ين‬ ‫جيمـا أن ي ز‬ ‫الفسـات�‬ ‫لـون‬ ‫تديـن َ‬ ‫تمـر ّ‬ ‫اللا� ير َ‬ ‫ي‬ ‫‪214‬‬


‫ميــر فراز‬

‫فجميع الجنيات ت‬ ‫لهن ي ز‬ ‫تدين‬ ‫م� ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ات متشـابهة ‪َ -‬‬ ‫اللوا� ير َ‬ ‫نفسـها ّ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫والجنيات‬ ‫الفسـات� الخرض اء‬ ‫لديهـن نَ َم ٌ‬ ‫َ‬ ‫ـش على وجوههـن‪ِ ،‬‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ّ‬ ‫الجنيـات ف ي�‬ ‫وكل‬ ‫‪،‬‬ ‫ء‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫سـم‬ ‫ة‬ ‫بر‬ ‫لهـن‬ ‫اء‬ ‫ر‬ ‫الصفـ‬ ‫الفسـات�‬ ‫�‬ ‫ٌ‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫كبـرة‪.‬‬ ‫لهـن‬ ‫عيـون عسـلية ي‬ ‫ٌ‬ ‫الفسـات� البنيـة ّ‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫الــ� سيســتغرقها‬ ‫بــدأت جيمــا‬ ‫تتســاءل عــن المــدة ي‬ ‫المـ ش‬ ‫ـس‪ ،‬عندمــا توقفــن أمــام مرصاعــي بــاب مرتفــع ِ نســبياً‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫انتظــارك"‪ .‬فاجأهــا‬ ‫الجنيــة‪“ :‬الملكــة فــي‬ ‫قالــت ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ـاب بقلـ ٍـق‪ ،‬توقفــت‬ ‫المــر‪ ،‬وغــدت متوتــر ًة جــداً؟ طرقــت البـ َ‬ ‫جميــع أ‬ ‫الصــوات عــى الفــور‪ ،‬ور ّد صــوت‪ ،‬فيــه ش‬ ‫� ٌء مــن‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫الخشــونة‪ ،‬كصــوت الجنيــات أ‬ ‫الخريــات‪ ،‬لك ّنــه يحمــل‬ ‫ُِ‬ ‫بالســلطة‪“ ،‬ادخــل!"‬ ‫إحساســاً ُ‬ ‫كانــت القاعــة كبــرة‪ ،‬ولهــا نوافــذُ ممتــد ٌة مــن أ‬ ‫الرض‬ ‫ي‬ ‫ان فكانــت مغطــا ًة بالصــور‪،‬‬ ‫حـ تـى أعــى الســقف‪ّ .‬أمــا الجــدر ُ‬ ‫مهيب جلســت‬ ‫ربمــا صــور الملــكات الســابقات‪ .‬وعــى عـ ٍ‬ ‫ـرش ٍ‬ ‫الجنيــة‪ .‬بادرتهــا الملكــة‪“ :‬جيمــا جاكســون"‪ ...‬بــدت‬ ‫الملكــة ِ‬ ‫ـن ســلوكها كان يقتـض ي االحـ تـر َام‪ .‬كانــت ترتــدي‬ ‫عطوفــة‪ ،‬لكـ ّ‬ ‫فســتاناً ذهبيـاً ملكيـاً أنيقـاً أ‬ ‫متللئـاً‪ ،‬وتضــع عــى رأســها تاجـاً‬ ‫المعـاً‪ .‬تقدمــت جيمــا إىل أ‬ ‫المــام‪ ،‬وقالــت بخجــل‪" :‬مرحبــا"‪.‬‬ ‫‪215‬‬


‫ّ‬ ‫كل صـوت مهـم‬ ‫ِ‬

‫أن هــذا أمــر محـ يـر للغاية‪،‬‬ ‫الجنيــة‪" :‬أعلــم ّ‬ ‫ابتســمت الملكــةُ ِ‬ ‫أن شأ� َح لــك"‪.‬‬ ‫اســمحي يل ْ‬ ‫ش‬ ‫كن‬ ‫بعـد‬ ‫ِ‬ ‫�ء‪ .‬الجنيـات َّ‬ ‫نصـف سـاعة‪ ،‬فهمـت جيمـا َّكل ي‬ ‫اللـوا� يعشـن هنـا‪ ،‬ف� "الشـجرة أ‬ ‫ت‬ ‫البديّة"‪.‬‬ ‫حارسـات الغابـة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الخ�ض‬ ‫الجنيـات ُ‬ ‫وكان لـكل نـوع مـن الجنيـات ٌ‬ ‫دور ُمختلـف ‪ِ -‬‬ ‫والجنيات‬ ‫الزرق‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫والجنيات ُ‬ ‫مسـؤوالت عن الميـاه‪ِ ،‬‬ ‫محاربـات‪ِ ،‬‬ ‫الصفـر عـن الضـوء‪ ،‬والجنيـات أ‬ ‫رجوانيـة عـن الريـاح‪ ،‬أمـا‬ ‫ال‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬

‫ين‬ ‫يعتنـ�‬ ‫وال�تقاليـة‬ ‫الجنيـات الورديـة‬ ‫فيعتنـ� بالنباتـات‪ ،‬ب‬ ‫ي نَ‬ ‫ِ‬ ‫البنيـات فقـد كـن يصنعـن الغبار‬ ‫بالحيوانـات‪ .‬أمـا ِ‬ ‫الجنيـات ُ‬ ‫الط�ان‪،‬‬ ‫السـحري الـذي يسـتخدم لمسـاعدة‬ ‫الجنيات على ي‬ ‫ِ‬ ‫والجنيات البيضاء يسـيطرن عىل السـديم‪ ،‬وهو غبار سـحري‬ ‫ِ‬ ‫‪216‬‬


‫ميــر فراز‬

‫الجنيـات رساً خفيـاً‪ ،‬وال يسـتطع ش‬ ‫البر رؤيـة الشـجرة‬ ‫يبقـي ِ‬ ‫البديـة‪ ،‬وال يـرون سـوى تلة مـن أ‬ ‫أ‬ ‫الرض‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫كشـفت لي عـن عال ِمكن؟"‬ ‫واسـتفرست جيما‪“ :‬لماذا‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫لمسـاعدتك‪.‬‬ ‫نحـن بحاجـة‬ ‫ِ‬ ‫ردت الملكـةُ الجنيـةُ ‪" :‬يـا جيمـا‪ُ ،‬‬ ‫أنفسـنا ش‬ ‫سـبب اختيـارك‬ ‫لكـن‬ ‫نتجنـب الكشـف عـن ِ‬ ‫للبر‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫اقبـك منذ وقـت‪ .‬لم نشـاهد أبداً‬ ‫لمسـاعدتنا هـو أننـا كنـا نر ُ‬ ‫بإمكانك‬ ‫نعتقـد أنك‬ ‫إنسـاناً يهتـم بالطبيعة أك�ث َ منك‪ ،‬لذلك‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫إنقـا َذ غابتنا الحبيبةَ ‪ .‬فمنذُ‬ ‫والـداك إىل الغابة مع‬ ‫أسـبوع جاء‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫رجـل أعمـال‪ ،‬ش‬ ‫مصانع"‪،‬‬ ‫لبنـاء‬ ‫َ‬ ‫وأخ� أنه سـيبيع هذه الرض ِ‬ ‫ِ‬ ‫بقلق شـديد‪.‬‬ ‫كانـت الملكـة تحـدث جيما ٍ‬ ‫قالــت جيمــا‪“ :‬ال! ال يمكنُهــم فعـ ُ‬ ‫ـل ذلــك!" ثــم‬ ‫ســألتها “مــاذا تريديننــي ْ‬ ‫أن أفعــل؟"‬ ‫قالـت الملكـة‪" :‬جيمـا‪ ،‬أ‬ ‫مر ليس سـهالً‪ .‬يجب أن تقنعي‬ ‫ال‬ ‫ُ‬ ‫بيع هـذه الغابة‪ .‬إنه أم ُلنـا الوحيد!"‬ ‫والديـك بعـدم ِ‬ ‫عل�‪،‬‬ ‫بعمـق‪ ،‬وقالـت‪:‬‬ ‫تنفسـت جيمـا‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫"يمكنـك االعتمـا ُد ي ّ‬ ‫أعـدك!" ودون أن تضيـف كلمـة أخـرى‪ ،‬خرجـت مرسعـة مـن‬ ‫مكـروه يحـدث‬ ‫أي‬ ‫ٍ‬ ‫البـاب عائـدة إىل قرصهـا‪ .‬لـم ْ‬ ‫تكـن لتـد َع ّ‬ ‫قرصهـا‪...‬‬ ‫برهـة‬ ‫ْ‬ ‫لهـذه الغابـة‪ ،‬وبعـد ٍ‬ ‫وصلـت إىل ِ‬ ‫‪217‬‬


‫ّ‬ ‫كل صـوت مهـم‬ ‫ِ‬

‫بدأت أتساءل أين‬ ‫"جيما!" نادتها والدتُها باستغراب‪" ،‬لقد ُ‬ ‫كنت! ف‬ ‫ين‬ ‫تركض�؟"‬ ‫كنت‬ ‫انتظري!‬ ‫أخرى؟‬ ‫مرة‬ ‫الغابة‬ ‫�‬ ‫تمهل! هل ِ‬ ‫ِ ي‬ ‫ي‬ ‫ـث بشــدة‪“ ،‬أمــي‪ ،‬ال يمكنكــم‬ ‫قالــت جيمــا‪ ،‬وهــي تلهـ ُ‬ ‫بيـ ُـع الغابــة! ال يمكنكــم ذلــك!" والحظــت جيمــا تعبـ يـرات‬ ‫غريبــة عــى وجــوه والديهــا‪ ،‬ثــم اضطــرت للكــذب‪ ،‬وقالــت‬ ‫لهمــا‪“ :‬ســمعتكما تتحدثــان"‪.‬‬ ‫ون�ة ملكية‪" :‬ولماذا كل هذا؟"‬ ‫بادرها والدها بحزم ب‬ ‫قالت جيما بصوت حزين‪“ :‬ألنني ُّ‬ ‫أحب الغابة!"‬ ‫ٍ‬ ‫حـ ّـدق والـ ُـد جيمــا مــن خلــف الجريــدة‪" :‬وهــل تعتقديــن‬ ‫ت‬ ‫ـيأ�‬ ‫ـيد ســتون سـ ي‬ ‫أن السـ َ‬ ‫ـيغ� رأيَــه بســبب طفلـ ٍـة صغـ يـرة؟ سـ ي‬ ‫أ‬ ‫ـات مقضي ـاً!" واختفــى خلـ َـف‬ ‫عمالــه إىل هنــا غــداً‪ .‬المـ ُـر بـ َ‬ ‫ّ‬ ‫جريدتــه مــن جديــد‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ـن جيمــا رفضــت االستســام‪“ :‬عليــك ْ‬ ‫أن تســتمع إلـ ّ‬ ‫ـي‬ ‫لكـ ّ‬ ‫أبــي! صحيــح أننــي طفلــة‪ ،‬لكننــي أســتحق أن ُيسـ َـمع صوتــي!‬ ‫ُ‬ ‫الغابــة مهمــة للغايــة! الغابــات هــي ِرئــة األرض‪ ،‬فهــي تمدنــا‬ ‫باألوكســجين‪ .‬إذا ذهبــت كل األشــجار‪ ،‬فلــن يكــون لدينــا ٌّ‬ ‫أي‬ ‫ِ‬ ‫منهــا! والمصانــع التــي يتــم قطــع هــذه األشــجار مــن أجلهــا‬ ‫َ‬ ‫تســبب المزيــد مــن الضــرر! الدخــان يســبب التلــوث‪ ،‬إنهــا‬ ‫‪218‬‬


‫ميــر فراز‬

‫ّ‬ ‫َ‬ ‫تــؤذي األرض! فكــر فــي جميــع الحيوانــات التــي لــن يكــون‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫ـزل بعــد اآلن – قــرار بيــع الغابــة ليــس صحيحــا!" انتهت‬ ‫لهــا منـ‬ ‫ِ‬

‫ف‬ ‫والدهــا عــن قـراره‪.‬‬ ‫جيمــا‪ ،‬وهــي غاضبــة‪ ،‬وتأمــل ي� أن ينثـن ي ُ‬ ‫أصيب والدا جيما بالصدمة! كيف تجاوزت ي ن‬ ‫سن� عمرها‪.‬‬ ‫قالــت والــدة جيمــا‪ ،‬وصوتُهــا متوتــر‪" :‬لــم أفكــر فيمــا‬ ‫ـ� أبــداً‪ .‬كــم كنــا ُم ْخ ِطئـ ي ن‬ ‫تقولـ ي ن‬ ‫ـ�!"‬ ‫ونظــرت إىل زوجهــا‪ ،‬الــذي أومــأ برأســه موافقــاً‪" .‬لــم‬ ‫ـت ُمحقــة تماماً‪،‬‬ ‫نــدركْ أبــداً حجــم عواقــب هــذا إ‬ ‫الجـراء‪ .‬أنـ ِ‬ ‫صغــرة ال يعــن ي أنــه ال يمكنــك إقنــاع العقــول‬ ‫وكونــك‬ ‫ي‬ ‫ومالمســة القلــوب بكالمــك‪ .‬نحــن لــن نبيـ َـع الغابــة‪ .‬كيــف‬ ‫فكرنــا بذلــك؟ الغابــة ســتبقى!"‬ ‫ً‬ ‫قفزت جيما من الفرح‪“ :‬نعم! شكرا جزيال ًلكما!" عانقت‬ ‫لتخ� أصدقا َءها الجد َد بأنها نجحت‪ .‬ف ي�‬ ‫جيما والديها‪ ،‬وعادت ب َ‬ ‫احتفال ضخم ف� الشجرة أ‬ ‫ٌ‬ ‫البدية‪.‬‬ ‫ذلك اليوم‪ ،‬كان هناك‬ ‫ِ‬ ‫ٌ ي‬ ‫الغابـة‪ ،‬لكنهـا كانـت‬ ‫بعـد ذلـك‪ ،‬واصلـت جيمـا زيـارة‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫مـح‬ ‫تصطحـب والديهـا معهـا‪ .‬ي� ِ‬ ‫بعـض الحيـان‪ ،‬كانـت ت ْل ُ‬ ‫أن‬ ‫أثـراً ذهبيـاً وتبتسـم‪ ...‬لقـد أثبتـت بـأن‬ ‫الصغـار يمكنهم ْ‬ ‫َ‬ ‫يُ ْح ِدثـوا الفـرق المنشـود‪.‬‬ ‫‪219‬‬


220


‫ُ‬ ‫صندوق األمَ ل‬ ‫تأليف أديتي غاندي‬

‫رحلــةُ أ‬ ‫صغــرة‪ .‬هكــذا بــدأت‬ ‫بخطــوة‬ ‫ميــل تبــدأ‬ ‫لــف‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫ـزة المــم المتحــدة للمواطنــة‬ ‫رحلــة المـرأة الحائــزة عــى جائـ ِ‬ ‫العالميــة لهــذا العــام‪...‬‬ ‫كانـت نبيلـةُ تقـرأ كتابـاً‪ ،‬وهي جالسـة بجوار شـباك الفيال‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫د�‪ .‬إنهـا فتاة لطيفة‪ ،‬وصاحبـة قلب ف ٍ ئ‬ ‫دا�‪،‬‬ ‫الـ� تقيـم بها ي� يب‬ ‫ي‬ ‫وجدهـا‪،‬‬ ‫تبلـغ مـن العمـر ‪ 12‬عامـاً‪ ،‬وتعيـش مـع والديهـا ّ‬ ‫كبـر بعـد عطلـة الربيـع الطويلة‪.‬‬ ‫وتنتظـر المدرسـة‬ ‫بشـوق ي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ف� اليوم التال أثنا َء ت‬ ‫احة الغداء‪ ،‬بينما كان أصدقاؤها‬ ‫اس� ِ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الـ� قضوهـا‪ ،‬كانـت نظـرة‬ ‫يتحدثـون عـن إ‬ ‫الجـازة الممتعـة ي‬ ‫بسـتا� المدرسـة القديمة الجالـس ف‬ ‫ن‬ ‫مكان‬ ‫�‬ ‫نبيلـة مركـز ًة على‬ ‫ي ٍ‬ ‫ي ِّ‬ ‫‪221‬‬


‫ُ‬ ‫صنـدوق األمَ ل‬

‫قريـب تحـت شـجرة‪ .‬شـعرت بأنه لم يكـن عىل ما يـرام ولم‬ ‫ٍ‬ ‫بنشـاطه المعهود‪.‬‬ ‫يكن‬ ‫ِ‬ ‫“السـ ُ‬ ‫ـألت‬ ‫ـام عليكــم يــا عبداللــه‪ ،‬هــل أنــت بخيــر؟" سـ ْ‬ ‫ـر نحــوه‪.‬‬ ‫وهــي تسـ ي ُ‬ ‫لتناول‬ ‫للتـو‬ ‫"وعليكـم السلام يا نبيلة‪ .‬أنا ي‬ ‫بخ�‪ .‬جلسـت ّ‬ ‫ِ‬ ‫غـداء رسيعة"‪.‬‬ ‫وجبة ٍ‬ ‫ِ‬ ‫رأت نبيلـةُ علبـةً‬ ‫صغـرة من البسـكويت ف ي� يديْه‪ ،‬وسـألته‬ ‫ي‬ ‫عمـا إذا كان هـذا هـو ُّكل مـا يأكلـه‪ .‬أجـاب عبدهللا بأنـه يقلل‬ ‫رمضـان ت‬ ‫توفـر المال‪ ،‬إلرسـال‬ ‫اقـرب‪ ،‬وأراد‬ ‫مـن وجباتـه أل ّن‬ ‫َي‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫المغـرب عنه‪ .‬بعـد التحدث‬ ‫هدايـا العيـد لعائلتـه ف ي� وطنـه‬ ‫إليـه‪ ،‬علمـت نبيلـة أن لديـه أربعـةَ‬ ‫وأن دخ َلـه‬ ‫أطفـال‪ّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ين‬ ‫َ‬ ‫الصبيـ� إىل المدرسـة‪ ،‬بينمـا‬ ‫الضئيـل ال يكفـي إال إلرسـال‬ ‫اكتشـفت‬ ‫بقيـت الفتاتـان ف ي� المنز ل لمسـاعدة والدتهـن‪ .‬كما‬ ‫ْ‬ ‫آ‬ ‫أن َ‬ ‫ويكافحون من‬ ‫خريـن ف ي� وضـع مماثـل‪،‬‬ ‫عمـال‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫المدرسـة ال َ‬ ‫المـال لعائالتهـم‪.‬‬ ‫توفـر‬ ‫ِ‬ ‫أجـل ي ِ‬ ‫مشـاعرها‪ ،‬وانهمـرت الدمـو ُع مـن‬ ‫قصـة عبـدهللا حركـت‬ ‫َ‬ ‫أن ي ن‬ ‫فتاتـ�‪ ،‬ف ي�‬ ‫بالحـزن عندمـا‬ ‫عينيهـا‪ .‬شـعرت نبيلـة‬ ‫علمـت ّ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫االبتـدا�‪ .‬كانـت‬ ‫تعليمهمـا‬ ‫عمرهـا تقريبـاً‪ ،‬لـم تتلقيـا‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫نفـس ِ‬ ‫‪222‬‬


‫تأليــف أديتــي غانــدي‬

‫َ‬ ‫بجـد‬ ‫أن‬ ‫تفعـل شـيئاً لجميـع العمـال الذيـن يعملـون ٍّ‬ ‫تتمىن ْ‬ ‫َّكل يـوم‪.‬‬ ‫جدها‪ ،‬الذي تحبه‬ ‫عندما عادت نبيلةُ إىل الم�نز ل‪ ،‬استقبلها ُّ‬ ‫بدفء وحنان‪ .‬وكانا ف ي�‬ ‫كث�اً‪ ،‬بابتسامته المعتادة‪ ،‬واحتضنها‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ف‬ ‫ولكن ألن نبيلة كانت‬ ‫العادة يتجوالن ي� الحديقة ّكل يوم‪ْ .‬‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫جدها اصطحابَها‬ ‫ب� ٍء من إ‬ ‫الحباط ي� ذلك اليوم‪ ،‬قرر ُّ‬ ‫تشعر ي‬ ‫حي‬ ‫الجوهر‬ ‫مكان عريق‪ ،‬يحتضن‬ ‫إىل ٍ‬ ‫الحقيقي ب ي‬ ‫َ‬ ‫لد� القديمة – ّ‬ ‫ّ‬ ‫المجاور رائعاً‪ ،‬وتزيّنه‬ ‫المسجد‬ ‫مشهد‬ ‫البستكية التاريخي! كان‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نقوش غاية ف� الجمال‪ ،‬وتَ ب�ز قبته بكل روعة ي ن‬ ‫ب� المشاهد‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫القوارب التقليديةُ المهيبةُ تبحر ي� الخور‪،‬‬ ‫المحيطة‪ .‬وكانت‬ ‫ُ‬ ‫تتأرجح مع النسيم العليل‪.‬‬ ‫وأشجار النخيل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وتمل� أ‬ ‫أ‬ ‫النـورس برفرفـة أجنحتهـا وأصواتها‬ ‫طيـور‬ ‫الجـوا َء‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫الـ� ت‬ ‫ت‬ ‫ال�اجيل‬ ‫تحـدق ي� ب‬ ‫تخـرق السـماء الهادئـة‪ .‬كانت نبيلـة ّ‬ ‫ي‬ ‫مفتونـةً باختلاف هـذا المـكان ي ز‬ ‫وتم�ه عـن المدينـة الحديثة‪،‬‬ ‫ناطحـات‬ ‫حيـث يتوجـب عليـك أن ترفـع رأسـك لمشـاهدة‬ ‫ِ‬ ‫السـحاب! كان لـدى نبيلـة رغبـة لمعرفـة المزيـد عـن ثقافتها‬ ‫ِ‬ ‫وعاداتهـا‪ .‬سـألت نبيلـة َج ّدهـا عـن رمضان‪.‬‬ ‫بالحيـاة السـعيدة‪،‬‬ ‫فقـال لهـا‪" :‬لقـد أنعـم هللا علينـا‬ ‫ِ‬ ‫‪223‬‬


‫ُ‬ ‫صنـدوق األمَ ل‬

‫ُ‬ ‫أفضـل‬ ‫وقـت‬ ‫وبالعـادات والتقاليـد الغنيـة‪ ،‬وليـس هنـاك‬ ‫ٌ‬ ‫وقت‬ ‫رمضـان‬ ‫لتجربـة هـذه العـادات مـن شـهر‬ ‫َ‬ ‫المبارك‪ .‬إنـه ُ‬ ‫ِ‬ ‫الروحـي‪ ،‬وتطويـر الـذات‪.‬‬ ‫والتأمـل‬ ‫والصلاة‪،‬‬ ‫الصيـام‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السلام الخمسـة‪ ،‬ت‬ ‫وح� ٌ‬ ‫صغ�‬ ‫الصدقةُ هي أحد أركان إ‬ ‫عمل ي ٌ‬ ‫يصنـع العجائب‪ ،‬كما‬ ‫أن‬ ‫واحـد مـن اللطف إ‬ ‫والحسـان يمكن ْ‬ ‫َ‬ ‫ين‬ ‫التمـور مـن هـذه‬ ‫أجمـع‬ ‫كنـت‬ ‫ُ‬ ‫كنـت طفلاً‪ُ ،‬‬ ‫تعلمـ�‪ ،‬عندمـا ُ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫المحتاجـ�"‪.‬‬ ‫وأوز ُعهـا على‬ ‫الشـجار ذاتهـا ّ‬ ‫لكـن نبيلـة كانت شـاردة الذهـن‪ ،‬تفكر ف‬ ‫مـكان آخر‪ .‬نظر‬ ‫�‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫جدهـا وهـي تائهـةٌ ف ي� أفكارهـا‪ ،‬وسـألها بفضـول‪" :‬مـا‬ ‫إليهـا ُّ‬ ‫بك؟مـاذا حـدث؟" روت لـه نبيلـة حدي َثهـا مع عبـدهللا‪ .‬فقال‬ ‫ِ‬ ‫ببعـض الطعـام لغـداء الغد؟ أنا‬ ‫ّ‬ ‫الجـد‪" :‬لمـاذا ال تفاجئينـه ِ‬ ‫متأكـد من أنـه سـيكون سـعيداً للغاية"‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ـال‪ ،‬أثنــا َء فـ تـرة االسـ تـراحة‪ ،‬ركضــت نبيلــة‬ ‫ـ‬ ‫الت‬ ‫ـوم‬ ‫ـ‬ ‫الي‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫حيــث يجلــس عبــدهللا‪ ،‬وهــي تحمــل معهــا‬ ‫بلهفــة إىل‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ن‬ ‫ـام‪،‬‬ ‫ـتا� الطعـ َ‬ ‫الطعــام‪ ،‬وســلمته إيــاه‪ .‬بعــد أن أخــذ البسـ ي‬ ‫فــرح وشــكرها كثـ يـراً‪ .‬ثــم ذهبــت حيــث صديقاتهــا‪ ،‬ورسدت‬ ‫لهــن حكايــة عبــدهللا وكل العمــال آ‬ ‫الخريــن‪ ،‬وطلبــت منهــن‬ ‫ّ‬ ‫أفــكاراً لمســاعدتهم جميع ـاً‪.‬‬ ‫‪224‬‬


‫تأليــف أديتــي غانــدي‬

‫رررررررررررن‪...‬‬ ‫ت‬ ‫احة‪ ،‬فتوجهـت نبيلـةُ‬ ‫الجـرس معلنـاً نهايـة‬ ‫رن‬ ‫َّ‬ ‫االسـر ِ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫يرغـ� ف ي� التأخـر عـن‬ ‫نهـن لـم ب ن َ‬ ‫وصديقاتهـا إىل الصـف‪ ،‬ل َّ‬ ‫الفنـون والحـرف‪.‬‬ ‫هـن التاليـة‪ ،‬حصـة‬ ‫ِ‬ ‫حصت َّ‬ ‫ِ‬ ‫مقاعدهن‪،‬‬ ‫وجلسـن ف ي�‬ ‫وصلـن ف ي� الوقت المناسـب تماماً‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هن‪ ،‬السـيد ُة شـاما‪ .‬اسـتفرست قائلة‪" :‬حسـناً‪،‬‬ ‫ودخلت معلم ُت َّ‬ ‫ِ ت‬ ‫الـ� طلب ُتها؟" أجـاب الفصل بأكمله‪:‬‬ ‫تـن‬ ‫هـل أح�ض َّ‬ ‫النفايات ي‬ ‫ت‬ ‫معلمـ�!"‪ ،‬ردت السـيدة شـاما‪" :‬جيـد‪ ،‬فل ُنبـدع‪،‬‬ ‫"نعـم‬ ‫ي‬ ‫ونصنـع شـيئاً مفيـداً مـن المـواد القابلـة إلعـادة التدويـر‬ ‫ت‬ ‫الـ� تـم جمعهـا‪ ،‬بـدال ً مـن التخلـص منهـا ببسـاطة‪ ،‬فل ُن ِع ْد‬ ‫ي‬ ‫اسـتخدامها!"‬ ‫َ‬ ‫وإخالص‪،‬‬ ‫جد‬ ‫بـدأت الفتيات بابتكار‬ ‫منتجـات ِحرفية بكل ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ف‬ ‫قدمـوا مـا صنعـوه‪ .‬ولمعت فكـرة رائعة ف ي�‬ ‫و� نهايـة الـدرس ّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ر ِأس نبيلـة‪ ،‬كمـا لـو أن مصباحاً قد أضـا َء ي� دماغها‪.‬‬ ‫بينمــا كانــت نبيلــة وجميــع أصدقائهــا يسـ يـرون عائديــن‬ ‫ـاس عــن خطتهــا‪“ .‬تذكـ َ‬ ‫ـرن‬ ‫إىل المـنز ل‪ ،‬ب‬ ‫أخ�تهــم نبيلــة بحمـ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أخبرت َّ‬ ‫بشــيء لمســاعدة‬ ‫القيــام‬ ‫علينــا‬ ‫يجــب‬ ‫أنــه‬ ‫كــن‬ ‫أننــي‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ـراء‬ ‫ـ‬ ‫لش‬ ‫ـال‬ ‫ـ‬ ‫الم‬ ‫ـض‬ ‫العامليــن بالمدرســة؟ لمــاذا ال نجمــع بعـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪225‬‬


‫ُ‬ ‫صنـدوق األمَ ل‬

‫هدايــا العيــد لهــم؟" قالــت صديقتهــا آمنــة بســعادة غامــرة‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫“لكــن كيـ َ‬ ‫ـنحصل علــى المــال؟"‬ ‫ـف سـ‬

‫قالــت نبيلــةُ وعيناهــا أ‬ ‫تتــ� آلن فرحــاً‪“ :‬حســناً‪ ،‬أعـ ُ‬ ‫ـرف‬ ‫َ‬ ‫ـض الفتيــات الموهوبــات الالتــي يمكنهــن صنـ ُـع أشـ َ‬ ‫ـياء‬ ‫بعـ‬

‫رائعــة مــن النفايــات القابلــة للتدوير‪،‬ويمكننــا ُ‬ ‫بيعهــا لكســب‬ ‫ٍ‬ ‫ـم أردفــت قائلــة‪“ :‬مــن منــا ال يريــد أن يكــون لديــه‬ ‫المــال"‪ .‬ثـ ّ‬ ‫مثـ ُ‬ ‫ـة فــي منزلِــه؟"‬ ‫ـ‬ ‫األعم‬ ‫ـذه‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫ـل‬ ‫ـة الجميلـ ِ‬ ‫ـال الفنيـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫قالـت فاطمـةُ ‪“ :‬نعـم‪ ،‬أنـت ُمحقـة يـا نبيلـة‪ ،‬ويمكننـا ْ‬ ‫أن‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫نطلـب مـن السـيدة شـاما مسـاعدتنا!"‬

‫ف‬ ‫التـال‪ ،‬اندفعـت جميـع الفتيـات نحـو‬ ‫اليـوم‬ ‫صبـاح‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وأخ�نهـا ِّ‬ ‫بكل مـا حدث‪،‬‬ ‫الفـن لمقابلـة السـيدة شـاما‪ ،‬ب‬ ‫غرفـة ّ‬ ‫يخططـن للقيـام به‪.‬‬ ‫ومـا‬ ‫َ‬ ‫وأنهـت آمنـة الحديـث بقولهـا‪“ :‬نأمـل ْ‬ ‫أن ترشـدينا فـي‬ ‫هـذا المشـروع"‪.‬‬

‫عريضة قالت السـيدة شـاما‪" :‬هذه فكرة بارعة!‬ ‫بابتسـامة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫المدرسـة‬ ‫نسـتخدم معـرض‬ ‫بكـن! لمـاذا ال‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫أنـا فخـورة جـداً َّ‬ ‫ِ ت‬ ‫الـ� تصنعنها؟ ولـن أتفاجأ‬ ‫المنتجـات‬ ‫القـادم لبيـع‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫اليدوية ي‬ ‫حول أ‬ ‫الزبائـن َ‬ ‫الكشـاك!"‬ ‫الكثـر من‬ ‫برؤيـة ي‬ ‫ِ‬ ‫‪226‬‬


‫تأليــف أديتــي غانــدي‬

‫َ‬ ‫حملـة ف ي�‬ ‫إطلاق‬ ‫موعـد المعـرض بشـهر‪ ،‬تـم‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫قبـل ِ‬ ‫يز‬ ‫لتحفـر الطالبـات على إيـداع المـواد القابلـة‬ ‫المدرسـة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫لعـادة التدويـر‪ ،‬مثـل أ‬ ‫الوعيـة البالسـتيكية‪ ،‬والزجاجـات‬ ‫إ‬ ‫الفارغـة‪ ،‬والصحـف‪ ،‬والمجلات‪ ،‬والكرتون‪ ،‬ومـواد أخرى‪ ،‬ف ي�‬ ‫أماكـن خاصـة‪ ،‬وجمعهـا للحملـة‪ .‬وقـد ترافـق هـذا مـع شن�‬ ‫الوعـي َ‬ ‫حـول االسـتدامة‪ ،‬وفـرز النفايـات‪ ،‬وإعـادة التدويـر‪.‬‬ ‫ف ي� كل صبـاح‪ ،‬كانـت نبيلـة وصديقاتهـا يـزرن فصـوال ً مختلفة‬ ‫ت‬ ‫االسـراتيجيات الثالث‪ :‬تقليل‬ ‫لتثقيـف الطالبات حـول أهمية‬ ‫وشـجعنهن‬ ‫النفايـات‪ ،‬وإعـادة اسـتخدامها‪ ،‬وإعادة تدويرها‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫على االنضمـام إىل المبـادرة‪ .‬وضمـن مجموعـة أصدقائهـا‪،‬‬ ‫كانـت نصرة مصابـة بالتوحـد‪ ،‬ولكنهـا ت ز‬ ‫مل�مـة أيضـاً بإحداث‬ ‫التغيـر المنشـود‪ ،‬ت‬ ‫واع�افاً وتقديراً لموهبتها بالرسـم‪ ،‬كلفتها‬ ‫ي‬ ‫نبيلـة بمهمـة صنـع ملصقـات ملونـة لحملـة التوعيـة‪ .‬كانـت‬ ‫نبيلـة مصممـة على تحقيق مهمتها عىل أكمـل وجه‪ ،‬ونجحت‬ ‫ف‬ ‫إلهـام الجميع ّ‬ ‫بـكل إخالص‪.‬‬ ‫مـن خلال الجهـود الجماعية ي� ِ‬ ‫أسـابيع مـن العمـل الـدؤوب‪ ،‬ابتكـرت الطالبـات‬ ‫بعـد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وأصبحـت المنتجـات ت‬ ‫الى يمكـن بيعهـا‬ ‫مصنوعـات رائعـة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أخـراً‪.‬‬ ‫جاهـزة ي‬ ‫‪227‬‬


‫ُ‬ ‫صنـدوق األمَ ل‬

‫ب� ي ن‬ ‫ف� يوم المهرجان‪ ،‬قامت نبيلة وصديقاتها ت ز‬ ‫ي� الكشك‬ ‫ي‬ ‫بحماس‪ ،‬وعرضن إبداعاتهن بأناقة‪ :‬مصابيح جميلة مصنوعة‬ ‫ن‬ ‫أوا�‬ ‫من مالعق وأكواب بالستيكية‪ ،‬مجوهرات خرزية‪ ،‬ي‬ ‫حديقة‪ ،‬حامالت أقالم‪ ،‬مزهريات‪ ،‬ش‬ ‫مؤ�ات كتب‪ ،‬حاويات‬ ‫مرور ساعة‬ ‫الكث�‪َ .‬‬ ‫وغ�ها ي‬ ‫تخزين‪ ،‬إطارات للصور‪ ،‬ي‬ ‫بعد ِ‬ ‫عىل المعرض‪ ،‬كان الكشك مكتظاً‪ ،‬وكانت المعروضات تُبا ُع‬

‫‪228‬‬


‫تأليــف أديتــي غانــدي‬

‫يعت‪،‬‬ ‫برسعة‪ .‬بحلول نهاية اليوم‪ ،‬كانت جميع القطع قد ِب ْ‬ ‫وأخذت الصديقات يحتضن بعضهن البعض ف ي� فرح وابتهاج!‬ ‫ف‬ ‫ساعدت السيد ُة شاما الطالبات ف ي� ش�اء‬ ‫التال‪،‬‬ ‫اليوم‬ ‫�‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الجيدة‪ ،‬مثل اللعاب‪ ،‬والكتب‪ ،‬والمالبس‪ ،‬والحقائب‬ ‫شياء‬ ‫ِ‬ ‫ال ِ‬ ‫أ‬ ‫طفال العمال‪ .‬وقمن بتعبئتها‬ ‫المدرسية‪ ،‬والقرطاسية ل ِ‬ ‫اسم‬ ‫صناديق‬ ‫ف ي�‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫مزينة بشكل جميل‪ .‬أطلقت عليها نبيلة َ‬ ‫"صناديق أ‬ ‫المل"‪ .‬ت‬ ‫مبلغ من‬ ‫ح� بعد ش�اء الهدايا‪ ،‬بقي معهن ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقررن َم ْن َحه إىل عبدهللا إلرسال بناته إىل المدرسة‪.‬‬ ‫المال‪،‬‬ ‫َ‬ ‫و� أ‬ ‫ف‬ ‫كب�اً‬ ‫سـبوع‬ ‫ال‬ ‫التـال‪ ،‬ن َّظمت مدير ُة المدرسـة احتفاال ً ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫والبسـتاني�‪،‬‬ ‫العاملـ�‪ ،‬وعمـال النظافـة‪،‬‬ ‫دعـت إليـه جميع‬ ‫وتكريمـاً لهـم على عملهـم الجـاد‪ ،‬وتفانيهـم‪ ،‬ت ز‬ ‫وال�امهـم‪.‬‬ ‫وتـم تأثيـث مسرح المدرسـة ليصبـح مثـل المجلـس‪ ،‬إذ ّتم‬ ‫وضـع أ‬ ‫الرائـك والوسـائد على السـجاد الذي ظهـر بتصاميم‬ ‫ُ‬ ‫عربيـة جميلـة‪ ،‬وتـم تقديـم القهوة والتمـر لـكل ض‬ ‫الحا�ين‪.‬‬ ‫أمـا الموسـيقى الهادئـة فكانـت تضفـي ارتياحـاً على المـكان‪،‬‬ ‫وتـم وضع علـب الهدايـا الثمينة بجانب المنصـة تحت الفتة‬ ‫ً‬ ‫كُتـب عليها “شـكرا"‪.‬‬ ‫أخـرت‬ ‫ف ي� كلمـة ألقتهـا مديـر ُة‬ ‫المدرسـة َ‬ ‫أمـام الحفـل‪ ،‬ب‬ ‫ِ‬ ‫‪229‬‬


‫ُ‬ ‫صنـدوق األمَ ل‬

‫كفريـق‬ ‫الطالبـات‬ ‫عملـت‬ ‫الجميـع عـن جهـود نبيلـة‪ ،‬وكيـف‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫واحـد لتحويـل فكـرة رائعـة إىل حقيقـة واقعـة‪ .‬لـم يقتصر‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫مـر على دعمهـن لقضيـة نبيلـة‪ ،‬بـل قمـن أيضـاً بتعزيـز‬ ‫ال‬ ‫ُ‬ ‫العلان عـن أن مقصـف المدرسـة‬ ‫االسـتدامة البيئيـة‪ .‬وتـم إ‬ ‫ِ‬ ‫إفطـار مجانيـةً لجميـع العمـال خالل شـهر‬ ‫وجبـات‬ ‫سـيقدم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫الطلاق كانـت عندما‬ ‫ولكـن اللحظـة الفضـل على إ‬ ‫َ‬ ‫رمضـان‪ّ .‬‬ ‫ُ‬ ‫تقد ُمـه مـن إعـادة‬ ‫تـم الكشـف عـن أن معـرض‬ ‫"أفضـل مـا ّ‬ ‫تخصيـص‬ ‫وسـيتم‬ ‫التدويـر" سـيصبح حدثـاً دوريـاً منتظمـاً‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫العاملـ� ف ي� المدرسـة‪.‬‬ ‫الح ْرفيـة لمسـاعدة‬ ‫ي نَ‬ ‫ريـع منتجا ِتـه ِ‬ ‫ِ‬ ‫آ‬ ‫ين‬ ‫خر إىل خشـبة المرسح‪،‬‬ ‫تمت دعو ُة‬ ‫ْ‬ ‫العامل� واحداً َ‬ ‫تلو ال ِ‬ ‫وقامـت نبيلـة وصديقاتهـا بتقديـم صناديـق أ‬ ‫المـل لهم بكل‬ ‫ُ‬ ‫"صنـدوق‬ ‫وأخـراً‪ ،‬وعندمـا تلقـى عبـد هللا‬ ‫سـعادة ورسور‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫المـل"‪ ،‬ت‬ ‫وفيةٌ‬ ‫"أنـت‬ ‫وهتف‪:‬‬ ‫فرحـة‪،‬‬ ‫بدمـوع‬ ‫نبيلة‬ ‫مـن‬ ‫ب‬ ‫اقـر‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫السـمك يـا نبيلـة ‪ -‬فأنـت حقاً نبيلـة وعطوفة وطيبـة القلب"‪.‬‬ ‫ولكـن ف ي� تلك‬ ‫قابل‬ ‫مـا‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫للتفسـر‪ْ .‬‬ ‫شـعرت بـه نبيلة كان ي َ‬ ‫غ� ٍ‬ ‫اللحظـة‪ ،‬أدركـت مـدى الرضـا عن رسـم االبتسـامة عىل وجه‬ ‫شـخص مـا‪ ،‬مـن خلال "صنـدوق أ‬ ‫أدركـت نبيلـةُ أنها‬ ‫مـل"‪،‬‬ ‫ال‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫وجـدت هدفها!‬ ‫‪230‬‬


231


232


‫األرض‬ ‫تأليف جوشوا ميلوين‬

‫أ ف‬ ‫ف‬ ‫أحمد‪ ،‬وإخوته‬ ‫يعلم‬ ‫أحد اليام ي� إ‬ ‫ُ‬ ‫ي� فجر ِ‬ ‫المارات‪ ،‬لم ْ‬ ‫ن‬ ‫سيغ�‬ ‫بالتب�‪" :‬توم"‪ ،‬و"تيم"‪ ،‬و"كيفن" أن هذا اليوم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫حياتهم‪ ،‬وطريقةَ إدراكهم لما ينفع‪ ،‬وي�ض أمنا أ‬ ‫الرض‪ .‬كان‬ ‫َ‬ ‫الخو ُة أ‬ ‫ين‬ ‫أحمد‬ ‫حميم�‪ ،‬عىل الرغم من أن‬ ‫الربعةُ أصدقا َء‬ ‫إ‬ ‫َ‬ ‫وتيم قد ال يتفقان ف� بعض أ‬ ‫الحيان‪ ،‬فهما يتنافسان دائماً‪.‬‬ ‫ِ ي‬ ‫ف‬ ‫يفسد صداقتهما‪.‬‬ ‫كان تيم يبالغ ي� الثقة بنفسه‪ ،‬لكن ذلك لم ْ‬ ‫وكان أ‬ ‫جميعهم يالزمون بعضهم عىل الدوام‪.‬‬ ‫الخوة‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫االنتهـاء مـن ي ن‬ ‫الروت� الصباحـي‪ ،‬قرروا‬ ‫و� الصبـاح‪ ،‬بعـد‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫بصوت‬ ‫أن يذهبـوا إىل الملعـب‪ ،‬وبـدؤوا يلعبـون‪ .‬قـال تيـم‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫سـاخر‪" :‬ال يمكنُـك ْ‬ ‫أن تمسـك بـي يـا أحمـد"‬ ‫‪233‬‬


‫األرض‬

‫أ‬ ‫ش‬ ‫سـود‪ ،‬ووجد‬ ‫اللون ال ِ‬ ‫وفجـأة ّ‬ ‫� ٍء حولهـم إىل ِ‬ ‫تحـول ُّكل ي‬ ‫أ‬ ‫الخـوة أنفسـهم يقفون ف‬ ‫ين‬ ‫ملعـب يمتل�ئ‬ ‫بالفضائي�!‬ ‫وسـط‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ين‬ ‫أشـكال غريبـة‪.‬‬ ‫الفضائيـ� ذوي‬ ‫جمهـور مـن‬ ‫وكان لديهـم‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫بعضهـم يشـبه الطيـور‪ ،‬والبعـض آ‬ ‫جسـات‪،‬‬ ‫م‬ ‫لديـه‬ ‫خـر‬ ‫ال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫والبعـض آ‬ ‫خـر يشـبه ش‬ ‫البر‪.‬‬ ‫ال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫"ألعاب المهمالت"‪:‬‬ ‫مقد ُم مسابقة‬ ‫قال "مات مارشميلو"‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫نقـدم لكـم أقـوى أبطـال أ‬ ‫الرض‪ ،‬الذيـن سـيخاطرون‬ ‫بحياتهـم ف ي� "ألعـاب المهمالت" السـنوية‪ .‬أظنكم تتسـاءلون‬ ‫"ألعـاب المهملات"‪ ،‬حسـناً! تمثـل ألعـاب المهملات‬ ‫عـن‬ ‫ِ‬ ‫سلسـلةً مـن التحديـات"‪ .‬وأضـاف‪" :‬سـيحصل الفائـزون عىل‬ ‫ديارهـم‪ ،‬أمـا الخـارسون فعليهـم البقـا ُء‬ ‫ٍ‬ ‫كأس ويعـودون إىل ِ‬ ‫ُ‬ ‫والعمـل ف ي� مركـز إعـادة التدويـر على هـذا الكوكـب"‪.‬‬ ‫أحمـد‪“ :‬لكننـا لسـنا أقـوى أبطـال األرض‪ ،‬نحـن ّ‬ ‫مجر ُد‬ ‫قـال‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫أطفـال"‪ .‬قالـت إحـدى المتطوعـات‪" :‬هـذا جيـد‪ ،‬سـوف‬ ‫تنافسـون أطفاال ً من كواكب أخرى"‪ .‬سـألها كيفن‪“ :‬سـيدتي‪،‬‬ ‫َم ْ‬ ‫ـن أنـت وأيـن ُ‬ ‫نحـن اآلن؟"‪ .‬قالت المتطوعـة‪" :‬أنا متطوعةٌ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وأنتـم ف ي� ملعـب فضـاء على كوكـب "منـت روكـس"‪ ،‬وأنتـم‬ ‫مسـابقات مختلفة؛ هنـاك أربعةُ فرق‬ ‫هنـا للمشـاركة ف ي� ثالث‬ ‫ٍ‬ ‫‪234‬‬


‫جوشــوا ميلويــن‬

‫ين‬ ‫شـديدة التلوث"‪.‬‬ ‫مختلفـة‬ ‫كواكب‬ ‫ثالثـة‬ ‫مـن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫المشـارك�‪ ،‬مـن ِ‬ ‫َ‬ ‫آخـر‪" :‬سـتقيمون جميعـاً ف ي� مقصوراتكـم‪،‬‬ ‫قـال متطـو ٌع ُ‬ ‫وسـيتم إبالغُكـم بالتحـدي أ‬ ‫الول‪ ،‬إذا كنتـم بحاجـة إىل أي‬ ‫ش�ء‪ ،‬فلا ت‬ ‫السـاعات‬ ‫بواسـطة هـذه‬ ‫االتصـال بنـا‬ ‫تـرددوا ف ي�‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ثالثيـة البعـاد"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫نحـن َ‬ ‫ُ‬ ‫أول مـن‬ ‫قـال تـوم‪“ :‬رائـع! هـذا مذهـل! ربمـا نكـون‬ ‫بالكائنـات الفضائيـة مـن البشـر"‪.‬‬ ‫يلتقـي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫كوكـب األرض‪ .‬قـف!‬ ‫خـارج‬ ‫الحيـاة‬ ‫قـال كيفـن‪“ :‬إنهـا‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اُنظـر إلـى هـذه المقصـورة‪ ،‬تبدو جميلـة لكنّها صغيـرة نوعا‬ ‫َ‬ ‫غرفت ْ‬ ‫ـي نَ ْـوم"‪.‬‬ ‫مـا‪ ،‬وال يوجـد سـوى‬ ‫ٌ‬ ‫تسـاءل تيـم‪“ :‬نحـن أربعـة‪ ،‬فأيـن ننـام؟" هتـف أحمـد‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫أس َّـرة بطابقيـن!"‬ ‫“تعالـوا وشـاهدوا‪ ،‬لدينـا ِ‬

‫قـرر أ‬ ‫الحديـث‬ ‫تقاسـم الغـرف‪ .‬تجاذبـوا أطـر َاف‬ ‫الخـوة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫لبعـض الوقـت‪ ،‬ثـم ما لبثوا أن شـعروا بالتعـب‪ ،‬فذهبوا إىل‬ ‫ِ‬ ‫للنوم بسلام‪.‬‬ ‫الفـراش وخلـدوا ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫رفـاق‪ ،‬لقـد وصلـت المهمة‬ ‫قـال كيفـن بحماس‪“ :‬مرحبـا يـا‬ ‫األولـى"‪ .‬قـال تـوم بحزم‪“ :‬من الـذي سـيقرأ المالحظة؟"‬ ‫عـال‪“ .‬التحـدي األول هو‬ ‫بـدأ توم بقـراءة المالحظـة‬ ‫ٍ‬ ‫بصوت ٍ‬ ‫‪235‬‬


‫األرض‬

‫السـباق الذي سـيقام في "كاندي بارك" الليلة‪ ،‬حيث سـيتم‬ ‫َ‬ ‫اصطحـاب ِّ‬ ‫ُ‬ ‫كل فريـق علـى مركبـة فضائيـة وقـت الظهر"‪.‬‬

‫سـأل تيـم‪" :‬أين مركبتنـا الفضائية؟" وهـو ينظر إىل الوقت‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫تسـتعجل"‪.‬‬ ‫أحمد‪" :‬سـتصل قريبا‪ ،‬ال‬ ‫الص�‪ .‬قال ُ‬ ‫بفـارغ ب‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫"يا رفاق‪ ،‬إنها هنا!" رصخ توم مرسوراً‪.‬‬ ‫ُْ‬ ‫قال تيم باستغراب‪" :‬واو‪ ،‬إنها مذهلة"‪.‬‬ ‫وصـل أ‬ ‫المقـدم "مـات‬ ‫الخـو ُة إىل كانـدي بـارك‪ ...‬وبـدأ‬ ‫ُ‬ ‫السـيدات والسـادة‪ ،‬مرحبـاً بكـم ف ي�‬ ‫مارشـميلو"‪ ..." :‬أيّهـا‬ ‫ُ‬ ‫التحـدي أ‬ ‫الول أللعـاب المهملات‪ ،‬والـذي سـيكون اليـوم‬ ‫منافسـة ف ي� سـباق الجـري"‪ .‬وتقـدم حكـم المبـاراة ليقـدم‬ ‫الفـرق‪" :‬الفـرق المشـاركة هـي فريق"دراكـس"‪ ،‬وفريـق‬ ‫"سـكيلز"‪ ،‬وفريـق "دوت" وفريـق أ‬ ‫الرض‪ .‬عليكـم توخـي‬ ‫أ‬ ‫ائحـة‬ ‫الحـذر لن أرضيـات كانـدي بـارك لزجـةٌ جـداً‪ُ ،‬‬ ‫وذات ر ٍ‬ ‫َ‬ ‫الفريق‬ ‫يحصـل‬ ‫"يجـب أن‬ ‫كريهـة‪ ،‬مثـل القمامـة"‪ .‬ثـم قـال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫على المركـز الثالـث على أ‬ ‫ال ّ‬ ‫قـل ليكـون مـن الفائزيـن!"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫"سـأهز ُمك فـي السـباق"‪.‬‬ ‫بابتسـامة ُم َت َك ّلفَـة‪:‬‬ ‫قـال تيـم‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫أحمـد‪" :‬ال‪ ،‬أنـا َم ْ‬ ‫سـيهزمك" وبـدأ صوتهمـا يعلـو‪.‬‬ ‫ـن‬ ‫قـال‬ ‫ُ‬ ‫وقت‬ ‫صـاح كيفـن‪" :‬يـا أخوتـي‪ ،‬توقفـوا عـن الشـجار"‪َ .‬‬ ‫حـان ُ‬ ‫َ‬ ‫‪236‬‬


‫جوشــوا ميلويــن‬

‫ف‬ ‫جميـع الفـرق حالةَ‬ ‫أخـذت‬ ‫العـد‪.‬‬ ‫الحكَـم ي� ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫السـباق‪ ،‬وبـدأ َ‬ ‫ِ‬ ‫الحكـم‪:‬‬ ‫هتـف‬ ‫االسـتعداد‪ .‬ثـم َ‬ ‫ُ‬

‫“ ّ‬ ‫هيا جاهزون‪ ،‬انطلقوا! انطلقوا!"‬

‫تحمـل‬ ‫أحمـد‪" :‬ال‬ ‫بـدأت الفـرق بالجـري‪ .‬قـال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أسـتطيع ُّ‬ ‫ائحـة‪ ،‬إنهـا ُ‬ ‫ائحـة أماكـن تجميـع القمامـة‬ ‫مثـل ر ِ‬ ‫هـذه الر ِ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف� كوكبنـا‪ ،‬أ‬ ‫ف‬ ‫خـر‪،‬‬ ‫الرض"‪ .‬ظـل‬ ‫ُ‬ ‫فريـق ال ِرض ي� المركـز ال ي‬ ‫ي‬ ‫ائحـة‪ ،‬على الرغـم مـن حقيقـة‬ ‫فلـم يتمكنـوا مـن تَ َح ُّم ِـل الر ِ‬ ‫ين‬ ‫متقدمـ�‪“ .‬أوه ال!" قـال كيفـن‪،‬‬ ‫أن تيـم وأحمـد كانـا‬

‫ْ‬ ‫“لقـد علقـت قدمـي فـي ميـاه الصـرف الصحـي!"‬ ‫ف‬ ‫قدمـه من مياه الصرف الصحي‪.‬‬ ‫سـاعد تـوم كيفـن ي� إخراج ِ‬ ‫"جئنـا فـي المرتبـة الثانيـة!" صـاح تيـم وأحمد‪.‬‬ ‫فريقكُما‬ ‫قـال الحكم‪" :‬يجب عىل ِ‬ ‫عبور خـ ّط النهاية"‪.‬‬ ‫بأكملـه ُ‬

‫‪237‬‬


‫األرض‬

‫أ‬ ‫وصـل ق‬ ‫فريق دراكس‬ ‫أخـراً‪ .‬كان ُ‬ ‫بـا� أعضاء فريـق الرض ي‬ ‫ي‬ ‫ف� المركـز أ‬ ‫الول‪ ،‬وجـاء فريـق سـكيلز ثانيـاً‪ ،‬وفريـق دوت �ف‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫فريـق‬ ‫"لسـوء الحـ ّظ‪ ،‬خسر‬ ‫المركـز الثالـث‪ .‬قـال الحكـم‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫الرض"‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫معجزة كـي تنقذنـا اآلن"‪ .‬بعد ذلك‪،‬‬ ‫"نحتـاج إلى‬ ‫قـال تيم‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫إن‬ ‫سـمعوا نـدا ًء صوتيـاً‪:‬‬ ‫"انتظر‪ ،‬فريق سـكيلز قـام بالغش‪ّ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫مقـاوم لاللتصاق!"‬ ‫مطاط عجيـب‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أحذي َتهـم مصنوعـةٌ مـن ٍ‬ ‫تـم اسـتبعاد فريـق سـكيلز‪ ،‬مما مهـد الطريق لفريـق أ‬ ‫الرض‬ ‫ّ‬ ‫والم� قُدمـاً ف� ق‬ ‫لالنتقـال إىل المركـز الثالث‪ ،‬ض‬ ‫با� التحديات‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ي ُ ي يْ‬ ‫الخـو ُة إىل مقصورتهـم‪ ،‬وهـم يشـعرون باالسـتياء لنأ‬ ‫عـاد أ‬ ‫َ‬ ‫الماكـن على أ‬ ‫معظـم أ‬ ‫الرض مليئـة بالقمامـة‪ .‬وقـال لهـم‬ ‫َ‬ ‫كيفـن‪" :‬لقـد كنـا محظوظيـن اليـوم‪ .‬إذا أردنـا العـودة إلـى‬ ‫ُ‬ ‫كوكبنـا‪ ،‬علينـا أن نبـذل قصـارى جهدنـا‪ ،‬وأن نعمـل معـا‬ ‫ً‬ ‫بعضنا البعض"‪ .‬قررت‬ ‫ضد‬ ‫التنافس‬ ‫من‬ ‫كفريـق واحـد بدال‬ ‫ِ‬

‫آ‬ ‫التلـوث وإعـادة التدوير‬ ‫المجموعـة الن معرفـة المزيـد عـن ّ‬ ‫ين‬ ‫المتطوعـ�‬ ‫بقيـة التحديـات‪ ،‬وقـد أطلعهـم أحـد‬ ‫لمواجهـة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫الـ� سـيواجهونها‪.‬‬ ‫على التحديـات ي‬ ‫وصلـت رسـالةُ‬ ‫المهمـة التالية‪ ،‬وقـد كان توم متلهفـاً لمعرفة‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫‪238‬‬

‫ً‬


‫جوشــوا ميلويــن‬

‫الصـر‪" :‬مـا هـو‬ ‫بفـارغ‬ ‫ينتظرهـم‪ ،‬وسـأل‬ ‫التحـدي الـذي‬ ‫ُ‬ ‫بِ‬ ‫ِ‬

‫أحمـد لهـم جميعـاً‪" :‬إن التحـدي‬ ‫التحـدي القـادم؟"‪ ،‬وقـرأ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫سـيكون تحـدي إعـادة التدويـر‪ .‬سـتقلنا المركبـة‬ ‫التالـي‬

‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫سـيكون التحدي‬ ‫الفضائيـة مثـل المـرة األولى‪ ،‬وهذه المرة‬ ‫ُ‬ ‫مركـز إعـادة التدويـر"‪.‬‬ ‫مـكان يسـمى‬ ‫فـي‬ ‫ٍ‬

‫وصـل أ‬ ‫إعـادة التدويـر‪ .‬رحـب "مـات‬ ‫الخـوة إىل مركـز‬ ‫ِ‬ ‫إعـادة التدويـر‪ ،‬وكان‬ ‫مارشـميلو" بالفـرق‪ .‬لقـد كان تحديـاً ف ي�‬ ‫ِ‬ ‫ورميها‬ ‫الفـرق إعـاد ُة تدويـر‬ ‫على‬ ‫ِ‬ ‫النفايـات عن طريـق فرزهـا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫الصناديـق الصحيحـة‪.‬‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫رفاق‪ ،‬لقـد ْ‬ ‫أحمـد‪ّ :‬‬ ‫وأوضح تيم‪:‬‬ ‫علمنـا بهـذا"‪.‬‬ ‫"هيا يـا‬ ‫هتـف‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫"تذكـروا ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫األسـود‬ ‫والرمـادي أو‬ ‫اللـون األزرق للـورق‪،‬‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫واألصفـر‬ ‫واألخضـر للزجـاج‪،‬‬ ‫واألحمـر للبالسـتيك‪،‬‬ ‫للعلـب‪،‬‬

‫َ‬ ‫َّ‬ ‫الليموني لمخلفـات الطعام"‪ .‬بدأ‬ ‫واألخضـر‬ ‫للمنسـوجات‪،‬‬ ‫تحـدي إعـادة التدوير‪ ،‬وجـاء فريـق أ‬ ‫الرض ف ي� المرتبة الثانية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫فريـق دراكس‪ .‬بعد‬ ‫كفريـق هـذه المرة‪،‬‬ ‫حيـث عملـوا‬ ‫وخسر ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫يـوم شـاق‪ ،‬عـاد فريـق أ‬ ‫ال ِرض إىل مقصورته‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫سـمعوا أحدهـم يطـرق البـاب‪ ،‬وفتـح تيـم البـاب‪...‬‬ ‫أ‬ ‫خ�كـم أن‬ ‫يالدهشـتهم‪ ،‬كان "مـات مارشـميلو"‪" .‬أنـا هنـا ل ب‬ ‫‪239‬‬


‫األرض‬

‫أ‬ ‫الفائز‬ ‫خـر غـداً ف ي� ملعب مينت روكس‪ ،‬وسـيعو ُد‬ ‫التحـدي ال ي‬ ‫ُ‬ ‫والتلـو ِث‪،‬‬ ‫التدويـر‬ ‫كوكبـه‪ .‬سـيكون اختبـاراً حـول إعـادة‬ ‫ّ‬ ‫إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫لـذا اسـتعدوا"‪ .‬ناقـش أ‬ ‫المعلومـات َ‬ ‫حول‬ ‫المزيد مـن‬ ‫الخـوة‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫والتلـوث ثـم ذهبـوا إىل الفـراش‪.‬‬ ‫إعـادة التدويـر‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ملعـب مينـت‬ ‫إىل‬ ‫اصطحابهـم‬ ‫تـم‬ ‫‪،‬‬ ‫التـال‬ ‫اليـوم‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الملعـب بفخر ت ز‬ ‫المتأهل�‬ ‫واع�از‪ ،‬لنهـم من‬ ‫روكـس‪ .‬ودخلوا‬ ‫ي نَ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫التحدي بالحديـث‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫مسـؤول‬ ‫للتصفيـات النهائيـة‪ .‬بدأ‬ ‫ّ‬ ‫ين‬ ‫نفسـها على الفـوز‪ ،‬اجلسـوا عىل‬ ‫ِ"كال‬ ‫الفريقـ� لهمـا القـدر ُة ُ‬ ‫"يجـب على‬ ‫قواعـد المسـابقة‪:‬‬ ‫مقاعدكـم"‪ ،‬ثـم ش� َح لهـم‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الجابـة‪ ،‬وإذا‬ ‫الفريـق الضغـ ُط على‬ ‫الجـرس إذا كان يعـرف إ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آ‬ ‫للجابـة"‪.‬‬ ‫أخطـأ‪ ،‬سـيكون لـدى الفريـق الخـر فرصـةٌ إ‬ ‫السـؤال أ‬ ‫َ‬ ‫ال َول‪" :‬كيـف يمك ُننـا‬ ‫الخبـر‬ ‫االختبـار‪ .‬وطـرح‬ ‫بـدأ‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫حمايـةُ المياه الجوفية؟" ض�ب فريـق أ‬ ‫الجرس‪ ،‬وأجاب‬ ‫رض‬ ‫ال‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫تيـم‪“ :‬بشـرب كميـة َّ‬ ‫أقـل مـن الميـاه"‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫آسـف‪ ،‬هـذا خطـأ" لـذا تـم‬ ‫خبـر االختبـار‪" :‬أنـا ٌ‬ ‫أجـاب ي ُ‬ ‫تمريـر السـؤال إىل فريـق دوت‪ ،‬فأجـاب فريـق دوت‪" :‬يمكننا‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫بالميـاه‬ ‫الـ� تختلـ ُط‬ ‫اسـتخدام المـوا ّد‬ ‫تقليـل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫الكيميائيـة ي‬ ‫الخبـر‪.‬‬ ‫الجابـة الصحيحـة!" هتـف‬ ‫الجوفيـة"‪" .‬هـذه هـي إ‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫‪240‬‬


‫جوشــوا ميلويــن‬

‫اسـتمرت المسـابقةُ ‪ ،‬ف‬ ‫ين‬ ‫الفريقـ�‬ ‫أن كال‬ ‫تبـ� ّ‬ ‫و� النهايـة ي ّ ن َ‬ ‫ي‬ ‫السـؤال‬ ‫لطـرح‬ ‫الخبـر‪" :‬لقـد حـان الوقـت‬ ‫أعلـن‬ ‫ي‬ ‫متعـادالن‪َ .‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سـماع ذلـك‪ ،‬جلـس الفريقـان على حافـة‬ ‫الحاسـم" عنـد‬ ‫ِ‬ ‫شـديد‪.‬‬ ‫مقاع ْدهمـا بتوتّ ٍـر‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫يمكـن‬ ‫"كيـف‬ ‫سـؤال مفتـوح‪:‬‬ ‫السـؤال عبـار ًة عـن‬ ‫كان‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫التلـو ِث؟" ض�ب فريـق دوت‬ ‫وقـف‬ ‫طفـال المسـاعد ُة ي� ِ‬ ‫ّ‬ ‫لل ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫أطفـال فقـط"‪ .‬أجـاب‬ ‫نحـن‬ ‫الجـرس‪ ،‬وقـال‪“ :‬ال يمكنُنـا‪،‬‬ ‫السـؤال إىل‬ ‫تمرير‬ ‫الخب�‪":‬أنـا ٌ‬ ‫لـدي ٌ‬ ‫آسـف‪ ،‬ليـس ّ‬ ‫ِ‬ ‫يُ‬ ‫خيار سـوى ِ‬ ‫فريـق أ‬ ‫الرض"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫بأشـياء‬ ‫القيـام‬ ‫بحمـاس‪“ :‬يمكننـا‬ ‫فريـق ال ِرض‬ ‫أجـاب‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫الصناديـق‬ ‫ووضعهـا فـي‬ ‫التقـاط القمامـة‪،‬‬ ‫مثـل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بسـيطة ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحيحـة "‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ٌ‬ ‫رائـع!‪ ...‬فـاز فريـقُ‬ ‫الخبـر‪“ :‬هـذا‬ ‫قـال‬ ‫ي‬ ‫األرض !"‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ن‬

‫يوص ُـف‪ ،‬حالمـا‬ ‫مصد ي‬ ‫غـر ّ‬ ‫قفـز الخـوةُ‪ ،‬ي‬ ‫قـ�‪ ،‬بفـرح ال َ‬ ‫بفخـر‪:‬‬ ‫سـمعوا صـوت "مـات مارشـميلو" وهـو يعلـن‬ ‫ٍ‬

‫“سـيداتي وسـادتي‪ ،‬هـؤالء األطفـال قـد فـازوا‬ ‫ألعـاب المهملات!" صفـق الجميـع‬ ‫بمسـابقة‬ ‫ِ‬ ‫‪241‬‬


‫األرض‬

‫عيد‬ ‫الـكأس المصنوعة من مـوا َّد أُ َ‬ ‫بحمـاس‪" .‬تسـتحقون هـذه َ‬ ‫لكوكب ِهـم وم�نز ِلهم‬ ‫تدويرهـا‪ "،‬ثـم ب‬ ‫أخ�هم بأنهم سـيعودون ِ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫"سـيتم نق ُلكم الن فوراً إىل م�نز ِلكـم"‪ .‬وقد غدا الخو ُة‬ ‫قائلاً‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫ف‬ ‫أصبـح ُّكل ش‬ ‫� ٍء أسـو َد مـن جديد‪،‬‬ ‫ة‬ ‫وفجـأ‬ ‫السـعادة‪.‬‬ ‫غايـة‬ ‫�‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫أنفسـهم ي� بيتهـم‪.‬‬ ‫ووجـدوا َ‬

‫رصخ أالخـوة‪“ :‬أمـي‪ ...‬أبـي‪،‬‬

‫لقـد تـم نقلنـا إلـى‬

‫ً‬ ‫كوكـب غريب‪،‬وهـا قـد عدنـا أخيـرا بهذه الكأس بعد أسـبوع‬ ‫ٍ‬

‫طويـل ملـيء بالتحديـات والمسـابقات!"‬

‫"يــا َل َخيال ُكــم الواســع!" قالــت ُّأمهــم‪" ...‬لقــد تركتكــم‬ ‫ـاعة واحــدة فقــط"‬ ‫منــذ سـ ٍ‬

‫‪242‬‬


‫نبذة عن أصوات أجيال المستقبل‬ ‫أصـوات أجيـال المسـتقبل مبـادرة كتابة فريـدة تم إطالقهـا من أجل تعزيز االسـتدامة‬ ‫وتوطيـد لـكل مـا ورد ف� اتفاقيـة أ‬ ‫المـم المتحـدة لحقـوق الطفـل‪ .‬والمبـادرة ف ي� إطارها‬ ‫ي‬ ‫سـف�ة النوايا‬ ‫إ‬ ‫القليمـي برعايـة سـمو الشـيخه حصـه بنت حمـدان بن راشـد آل مكتوم‪ ،‬ي‬ ‫ف‬ ‫العر�‪.‬‬ ‫الحسـنة للمبـادرة ي� منطقة الخليـج ب ي‬ ‫الـدول عـام ‪ ،2014‬إال أنهـا ما تزال‬ ‫تـم إطلاق المبـادرة ألول مـرة على الصعيد‬ ‫ي‬ ‫أ ف‬ ‫ف‬ ‫العر�‪.‬‬ ‫ي� عامهـا الول ي� منطقـة الخليـج ب ي‬ ‫تتضمـن أصـوات أجيـال المسـتقبل مسـابقة كتابيـة للطلاب الذيـن ت‬ ‫تـراوح‬ ‫أعمارهـم ي ن‬ ‫بـ� ‪12-8‬عامـاً‪ ،‬وتشـجع الك ّتـاب الشـباب على المشـاركة ف ي� أهـداف التنميـة‬ ‫المسـتدامة‪ ،‬ودعـم اتفاقيـة أ‬ ‫ين‬ ‫تضمـ� هدف من‬ ‫المـم المتحـدة لحقوق الطفـل‪ ،‬وعىل‬ ‫تلـك أ‬ ‫الهـداف أو ث‬ ‫أكـر ف ي� قصصهـم‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫تركـز المبـادرة على إ‬ ‫البـداع والخيال‪ ،‬حيـث تركز القصـص عىل الشـخصيات ي‬ ‫ت‬ ‫الـ� تواجهها‪ ،‬كمـا ف ي� جميع حكايـات المغامـرات الجيدة‪.‬‬ ‫تتغلـب على التحديـات ي‬ ‫‪Under the patronage of the‬‬

‫‪United Nations‬‬ ‫‪Educational, Scientific and‬‬ ‫‪Cultural Organization‬‬

‫‪243‬‬


‫القضاء عىل‬ ‫الفقر بجميع‬ ‫أشكاله ف ي� كل‬ ‫مكان‪.‬‬

‫القضاء عىل‬ ‫وتوف�‬ ‫الجوع ي‬ ‫أ‬ ‫ئ‬ ‫الغذا�‬ ‫المن‬ ‫ي‬ ‫والتغذية‬ ‫المحسنة‬ ‫ّ‬ ‫وتعزيز الزراعة‬ ‫المستدامة‪.‬‬

‫ضمان تم ّتع‬ ‫الجميع بأنماط‬ ‫عيش صحية‬ ‫وبالرفاهية ف ي�‬ ‫جميع أ‬ ‫العمار‪.‬‬

‫‪244‬‬

‫ضمان التعليم‬ ‫الجيد المنصف‬ ‫والشامل للجميع‬ ‫وتعزيز فرص‬ ‫التعلّم مدى‬ ‫الحياة للجميع‪.‬‬

‫تحقيق المساواة‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫الجنس�‬ ‫ب�‬ ‫ن‬ ‫وتمك� كل‬ ‫ي‬

‫ضمان توافر‬ ‫المياه وخدمات‬ ‫الرصف الصحي‬ ‫للجميع‪.‬‬

‫ضمان حصول‬ ‫الجميع بتكلفة‬ ‫ميسورة عىل‬ ‫خدمات الطاقة‬ ‫الحديثة‬ ‫الموثوقة‬ ‫والمستدامة‪.‬‬

‫تعزيز النمو‬ ‫االقتصادي‬ ‫المطرد والشامل‬ ‫للجميع‬ ‫والمستدام‪،‬‬ ‫والعمالة الكاملة‬ ‫والمنتجة‪،‬‬ ‫وتوف� العمل‬ ‫ي‬ ‫الالئق للجميع‪.‬‬


‫إقامة نب�‬ ‫تحتية قادرة‬ ‫عىل الصمود‪،‬‬ ‫يز‬ ‫وتحف� التصنيع‬ ‫الشامل للجميع‬ ‫والمستدام‪،‬‬ ‫وتشجيع االبتكار‪.‬‬

‫جعل المدن‬ ‫والمستوطنات‬ ‫ش‬ ‫الب�ية‬ ‫شاملة للجميع‬ ‫وآمنة وقادرة‬ ‫عىل الصمود‬ ‫ومستدامة‪.‬‬

‫الحد من انعدام‬ ‫المساواة داخل‬ ‫البلدان وفيما‬ ‫بينها‪.‬‬

‫ضمان وجود‬ ‫أنماط استهالك‬ ‫وإنتاج مستدامة‪.‬‬

‫اتخاذ إجراءات‬ ‫عاجلة لمكافحة‬ ‫تغ� المناخ‬ ‫ي‬ ‫وآثاره من‬ ‫خالل تنظيم‬ ‫االنبعاثات‬ ‫وتعزيز‬ ‫التطورات �ف‬ ‫ي‬ ‫مجال الطاقة‬ ‫المتجددة‪.‬‬

‫حفظ المحيطات‬ ‫والبحار والموارد‬ ‫البحرية‬ ‫واستخدامها عىل‬ ‫نحو مستدام‬ ‫لتحقيق التنمية‬ ‫المستدامة‪.‬‬

‫‪245‬‬

‫حماية النظم‬ ‫اليكولوجية‬ ‫إ‬ ‫ال�ية وترميمها‬ ‫ب‬ ‫وتعزيز‬ ‫استخدامها‬ ‫عىل نحو‬ ‫مستدام‪ ،‬وإدارة‬ ‫الغابات عىل‬ ‫نحو مستدام‪،‬‬ ‫ومكافحة‬ ‫التصحر‪،‬‬ ‫ووقف تدهور‬ ‫أ ض‬ ‫ا� وعكس‬ ‫الر ي‬ ‫مساره‪ ،‬ووقف‬ ‫فقدان التنوع‬ ‫البيولوجي‪.‬‬

‫تشجيع إقامة‬ ‫مجتمعات‬ ‫سلمية وشاملة‬ ‫للجميع من أجل‬ ‫تحقيق التنمية‬ ‫المستدامة‪،‬‬ ‫وتوف� إمكانية‬ ‫ي‬ ‫الوصول إىل‬ ‫العدالة للجميع‬ ‫وبناء مؤسسات‬ ‫فعالة وخاضعة‬ ‫للمساءلة‬ ‫وشاملة للجميع‬ ‫عىل جميع‬ ‫المستويات‪.‬‬

‫إحياء ش‬ ‫ال�اكة‬ ‫العالمية من‬ ‫أجل التنمية‬ ‫المستدامة‪.‬‬


‫المؤلف ــون الصغار‬ ‫أحمد إسـماعيل زنداح‬

‫(‪ 12‬عاماً)‬

‫إيوانا سـتيفانوفا‬

‫(‪ 9‬أعوام)‬

‫ت‬ ‫أدي� غـانـدي‬ ‫ي‬

‫س�وهي‬ ‫أبرار ي‬

‫عبدالكريـم عصمت‬ ‫غزال‬

‫هزاع العامري‬

‫آمنة حمد سـالم عبيد‬ ‫سيف السويدي‬

‫اليازيـة صالح الدين‬ ‫لكع�‬ ‫ا بي‬

‫(‪ 12‬عاماً)‬

‫(‪ 10‬عاماً)‬

‫(‪ 12‬عاماً)‬

‫(‪ 12‬عاماً)‬

‫‪246‬‬

‫(‪ 11‬عاماً)‬

‫(‪ 11‬عاماً)‬


‫لمـى إيهاب الموىس‬ ‫(‪ 9‬أعوام)‬

‫جوشوا ميلوين‬ ‫(‪ 12‬عاماً)‬

‫ن ن‬ ‫ما� كاندام‬ ‫ساشـي� ي‬ ‫ي‬

‫الحل�‬ ‫ورد وسام‬ ‫بي‬

‫ميغنا سـينثيل كومار‬

‫مطرة إبراهيم‬

‫يم� فراز‬

‫نـور أحمد الخطيب‬

‫سايرا توماس‬

‫الكع�‬ ‫سـعود أحمد‬ ‫بي‬

‫شاهيد فايس‬

‫سـهيلة عبد الحليم‬ ‫منصور‬

‫(‪ 9‬أعوام)‬

‫(‪ 9‬أعوام)‬

‫(‪ 8‬أعوام)‬

‫(‪ 8‬أعوام)‬

‫(‪ 11‬عاماً)‬

‫(‪ 11‬عاماً)‬

‫(‪ 10‬عاماً)‬

‫(‪ 11‬عاماً)‬

‫‪247‬‬

‫(‪ 12‬عاماً)‬

‫(‪ 11‬عاماً)‬




‫مختــارات مليئــة بالمغامرات تحتفي بالفائزين بمســابقة أصوات أجيال المســتقبل‬ ‫الرسق ‬ ‫ ‬ ‫االوســط‪ .‬وتشــتمل مشــاركات ‬ ‫االوىل ىڡ ‬ ‫عرسة فائزين عن فئــة اللغة العربية‬ ‫اال ‬ ‫ ‬ ‫نجلرىيــة‪ ،‬يحوي هذا المجلد رســومات جميلة لقصص ىڡ‬ ‫وعرسة عــن فئة اللغة ‬ ‫ ‬ ‫وىڡ رحاب الفضاء‪ ،‬ويستكشــف الســمات التقليدية والمالمح الحديثة‬ ‫أعماق البحار ‬ ‫اال ‬ ‫نســاىى‬ ‫الكثرى مــن مظاهر اللطف ‬ ‫للمنطقــة‪ ،‬ويقــدم ®عرى القصــص المختلفــة ‬ ‫ ‬ ‫الخرىة‪.‬‬ ‫والمبادرات ِ ‬ ‫وعــالوة عــىل كل مــا ذكــر‪ ،‬فــإن المختــارات تجســد المواهــب الواعــدة للك ّتاب‬ ‫الشــباب‪،‬والىى تمثل تطلعات وأهــداف ‬ ‫¾‬ ‫االمم المتحدة للتنمية المســتدامة‪.‬ومهما‬ ‫ ‬ ‫كانــت المغامرات خيالية فإنها تقدم لنا حلوال واقعية يمكن لشــباب اليوم تنفيذها‬ ‫التغيرى المنشود‪.‬‬ ‫بإحداث‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫يعد من‬ ‫" إن الحماس الذي استقبل به االطفال الدعوة للكتابة عن أهداف التنمية المستدامة ُ‬ ‫كبرىاً لكافة القضايا‪،‬‬ ‫عالمات المستقبل الواعدة‪ .‬القصص الفائزة مليئة بالخيال وتظهر فهماً ‬ ‫وإنه لمن دواعي رسوري قراءتها "‪.‬‬ ‫االمارات العربية المتحدة‪.‬‬ ‫دىى وزير المالية ‪ -‬بدولة ‬ ‫سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم ـ نائب حاكم ‬

‫"عىل الك ّتاب الذين شاركوا ىڡ مسابقة أصوات أجيال المستقبل‪ -‬الخليج‪ ،‬أن يفخروا‬ ‫بإنجازاتهم‪ .‬حيث يوضح هذا ‪ª‬‬ ‫المرسوع الرائع مدى وعي الشباب بالقضايا البيئية وطريقة‬ ‫ ‬ ‫العرىى"‪.‬‬ ‫ ‬ ‫تفكرىهم ىڡ مستقبل الخليج ‪ ³‬‬ ‫مؤسسة حمدان بن راشد آل مكتوم ‬ ‫ ‬ ‫المتمرى‬ ‫لالداء التعليمي‬

‫"إن الحب الذي أظهروه الكتاب ىڡ هذه القصص تجاه البيئة واالهتمام ‬ ‫باالنواع‬ ‫ّ ‬ ‫المعرضة للخطر أمر مشجع للغاية"‪.‬‬ ‫د‪ .‬‬ ‫جںى غودال‬

‫‪Lorem ipsum‬‬

‫‪Under the patronage of the‬‬

‫‪United Nations‬‬ ‫‪(GXFDWLRQDO 6FLHQWL¿F DQG‬‬ ‫‪Cultural Organization‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.