أصوات السنة الرابعة العدد الخامس
تصوير :هالة ذياب
احملتويات أحب الطبخ هالك أخبار مسرح احلرية سافرت الى غزة غزة غزة وحيده قراءة في ورقة من غزة لغسان كنفاني أرنا مير خميس أشالء احلمام حتقول هي رسم على ورق مقابلة نساء ثائرات قصص نسائية مقاومه
فداء زيدان هاله ذياب
روال عرفات هديل عجاوي رقية ذياب مصطفى شتا
سعاد شواهنه خلود طنوس رزان عرفات عواد سعاد شواهنه
م�سرح احلرية
4 5 6 7 8 9 10 12 13 14 15 16 18 20
مسرح مجتمعي ومركز ثقافي في مخيم جنين لالجئين في الضفة الغربية المحتلة .انطالقا من قناعة المسرح بأن للفنون دور حاسم في بناء مجتمع حر وصحي وسليم ،يقوم مسرح الحرية بتقديم برنامج فريد من نوعه من األنشطة المختلفة في مجال الفنون المسرحية والوسائط المتعددة بما في ذلك التمثيل ،الدراما العالجية ،مسرح البالي باك ،صناعة األفالم ،التصوير الفوتوغرافي، والكتابة اإلبداعية. يعمل مسرح الحرية في مخيم جنين لالجئين في شمال الضفة الغربية ،في منطقة تعرضت لعقود من االحتالل اإلسرائيلي ،والعزلة الواسعة ثقافيا ،واقتصاديا ،وسياسيا .يتعمق هذا الشعور بالعزلة في المخيم ويؤثر على األجيال الشابة سلبا في مختلف نواحي الحياة. ومن هذا المنطلق ،يقوم مس���رح الحرية بدور مهم في تقوية وتعزيز األمل بواس���طة المس���اهمة في إثراء الحياة الثقافية والمعنوية وتدعيم صمود هذه األجيال الشابة بوسائله الثقافية وانكشافه على العالم .افتتح المسرح أبوابه في عام ،2006وساهم ذلك في إحياء الحياة الثقافية والفنية بش���كل كبير .زار المسرح أكثر من 100ألف من مشارك محلي ودولي (فنانون ،مشاهدون ،زوار ،داعمون، وأصدقاء) جاؤوا جميعهم لينضموا ،ويبدعوا ،ويس���اهموا في إحياء الحياة الثقافية في فلس���طين .قدم المس���رح المئات من العروض المسرحية واصدر العديد من الكتب والمجالت ،باإلضافة لمعارض الصور واألفالم القصيرة التي ساهمت في إحياء الثقافة ،ومقاومة االحتالل في فلسطين من خالل هذه التجربة الفريدة والعميقة .كما وساهم المسرح في إعداد العشرات من الممثلين والفنانين من خالل مدرسة التمثيل في المسرح ،والذين قاموا بأدوار كبيرة محلية وعالمية.
تم إنتاج هذه المجلة من قبل مسرح الحرية وبدعم من منظمة اليونسكو .ما ورد في هذه المجلة من أفكار وآراء ال يعبر إال عن موقف المؤلفين وليس منظمة اليونسكو والمنظمة غير ملتزمة بتلك األفكار واآلراء
تم إنتاج هذه المجلة من قبل مسرح الحرية وبتمويل من وزارة الخارجية النرويجية .ما ورد في هذه المجلة من أفكار وآراء ال يعبر إال عن موقف المؤلفين وليس وزارة الخارجية النرويجية ووزارة الخارجية غير ملتزمة بتلك األفكار واآلراء
تحرير وإشراف :تيسير خطيب تصميم المجلة :محمد معاويه بدعم من:
Ramallah Office United Nations Educational,
Scientific
and Cultural Organization
1
من منشورات جمعية املرأة العاملة الفلسطينية
مرسوم رقم ( )19لسنة 2009م بشأن املصادقة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال المتييز ضد املرأة “سيداو” رئيس دولة فلسطين رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية استناداً ألحكام القانون األساسي المعدل لسنة 3002م وتعديالته ،وبنا ًء على الصالحيات المخولة لنا ،وتحقيقا للمصلحة العامة ،رسمنا بما هو آت : مادة ()1 المصادقة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو” بما ينسجم وأحكام القانون األساسي الفلسطيني. مادة ()2 على الجهات المختصة كافة ،كل فيما يخصه ،تنفيذ أحكام هذا المرسوم ،ويعمل به من تاريخ صدوره ،وينشر في الجريدة الرسمية. صدر في مدينة رام هللا بتاريخ 2009/30/08 :ميالدية .لموافق/12 :ربيع األول 1430/هجرية .محمود عباس رئيس دولة
كفل القانون الدولي حقوق المرأة ابتداء باإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الذي أكد على المساواة بين الجنسين وأكد على حق المرأة في العمل ،التعليم وحرية اختيار الشريك ليأتي بعده العديد من االتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة ،ومن أبرزها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي ضمنت مساواة الرجل والمرأة في حق التمتع بجميع الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية. أما بالنسبة للقانون الفلسطيني الخاص بالمرأة فان المحصلة العامة للتشريعات ،ايجابية ومنصفة فيما يتعلق بالحقوق ،المواطنة، الشخصية القانونية ،العدالة االجتماعية و المساواة أمام القانون في ميادين العمل والتعليم والوظائف ولكن تقف العادات والتقاليد، والثقافة الذكورية ،والنظرة التقليدية للمرأة ودورها كعوامل معيقة لهذه الحقوق.
2
3
أحب الطبخ
هالك هاله ذياب
فداء زيدان
كنك غريبة ،وهيلي من الدمع حفنة ،وطلعتي من البيت وما ودعتي خياتك. (تهليلة للعروس من منطقة عين المالح) لتذهبي الى مكان آخر .ستقومين فيه بقلي البصل ،ووضعه على الدجاج ثم تسكبين الماء وكمية من البهارات المالئمة ،وبعدها تستطيعين أن تختاري إما أوراق الملوخية أو أن تسكبي ماء الدجاج لتقدري و ُتعدي كميّة الرز الكافية لجميع أفراد العائلة زوجك، أطفالك ،ولربما أيضا عشيقات زوجك األخريات! في مكان ليس كاألماكن ،ماء وكهرباء ،أغطية ومكيفات .أي انه المكان الحقيقي الوحيد الذي يعبر عن صورة حياة الفلسطيني اليوم. وشيء واحد أيضا عليه أن يرافقك ،تجعدات لطيفة حول اللمى الجميلة توحي برضائك بالقضاء والقدر كي تطمئني ِم َمن تصرفاته اتجاهك مهددة .ولكي ال تنسي ،ثمة من يرافقك هناك في الضحكة كما يرافقك لبقية األمكنة خوفا عليه. أما األطفال ،فبعد مرورك االمتحان األول وإنجاب المسمّى عليه ليكبر ويصبح كأبيه ،فهم يصبحون المح ّفز الوحيد للطبخ واستقبال اقتحام الجيش في برد اللّيل بروح صابرة. ال تتوهمي أّني إذا جئت إليك محملة بجميع وسائل الوعي واإلدعاء ،بمجمل تمارين المسرح الجميلة المالئمة لك ،لكي أفرحك وأقدم لك المزيد لتقوي ..فهذا ال يعني أنني مختلفة عنك. إنني يا غاليتي أتكلم عن نفسي أيضا فأنا مثلك تمامًا ،وآتي إليك لنفس السبب الذي تعتقدين إنني آتية إليك به. والمسرح ...المسرح يُغدو المساحة ما بين المعاناة والحلم.
مهاجر بغير أوانه.. حمام ب َتف ُر الدموع من عيني كسر ِ ٍ ٍ من قل ٍ مستمع إلى قلب أ ُ ٍم مكسورة ،مفجوعة بأغلى ما لديها.. ب ٍ إبنها مجد.. “مجد” الذي أجبرته الغصات التي خلفتها الحرب في وطنه غزة ليترك أهله وأرضه باحثا ً عما تبقى له من حياة. نخر عِ ظامها ..لكنها مخيم تفوح منه رائح ُة “مجد” الذي تربى بين جدارن وطن يحتضر؛ تربى وسط عائلة َت َم َّك َن منها الفقر حتى َ ٍ ٍ أصرت على تعليمه وإخوته مهما كانت الظروف ،لع ّل في ذلك طوق نجا ٍة لهم مما هم فيه ..ولم يعلموا أنّ القدر خطط كل هذا ليكون سبب الهالك.. “مجد” ابن الخامسة والعشرين حزم أمتعته وودع عائلته ليصارع أمواج البحر التي أودت به إلى هذا المصير المجهول.. ليترك خلفه أ ُ ّما ً يتمزق فؤادها أشال ًء أمام العالمين. إس َت ُ معت الى أُم مج ٍد على إحدى اإلذاعات.. بعدَ أن َط َر َق ْ ت كل سبل البحث عن فلذة كبدها.. مجد اختفت آثاره ..ال هو مع األموات وال هو مع الناجين.. ويا لحيرة هذه المرأة وحسرة قلبها ومرارة حديثها.. أستم ُع اليها وأشرعة قلبي تتمزق.. أتخيلُها.. كيف لشواطئ عينيها أن تستكين!! َ ً كل زاوي ٍة من زوايا بيتها لتذكر موقفا له كان هنا.. أتخيلها ودموعها تنهمر من عينيها ،تقف في ِ وتتذكر كم من مرة حمدت ربها لنجاته من الحرب اللعينة. مضت أيام على خبر غرق السفينة واختفاء آثار مجد. وهذه األم حائرة ال تعلم أيُّ مصير مجهول هذا الذي اقتحم حياتها وأوقفها ،بل أوقف الزمن ودوران األرض! ال تعلم ماذا عساها تفعل.. وليس أمامها سوى اإلنتظار ..انتظار أيّ خبر من أيّ كان ،لعلها ترتق به أشالء قلبها الذي بات ممزقاً ،و ُتطمئن به روحها التي باتت عالقة ما بين األرض والسماء...
تصوير :هالة ذياب تصوير :رقية ذياب
2 24
5
أخبارمسرح احلرية
سافرت الى غزة روال عرفات
المقاومة الثقافية في فلسطين تركزت قلوبنا وعقولنا خالل فصل الصيف على غزة .فبينما كانت القنابل اإلسرائيلية تمطر على السكان المحاصرين ،ألغينا جميع أنشطتنا المخطط لها وشاركنا في حملة توعية مكثفة ،وانضممنا الى المبادرات الشعبية المحلية والدولية ،كما وقمنا بعدة فعاليات في الشارع في جنين لدعم حملة المقاطعة إلسرائيل ،BDSوكتب موظفو وأعضاء المسرح العديد من المقاالت ،وانضموا لالعتصامات وتحدثوا في المظاهرات ،دعما لغزة. نعود اليوم لنتابع أنشطتنا األساسية ونقوم بتحضير ثالثة انتاجات مسرحية جديدة في وقت واحد .جميعها تهدف لمواجهة وتحدي اإلستراتيجية اإلسرائيلية لتفتيت المجتمع الفلسطيني.
التواني بعد النجاح الذي حققته مسرحية “الحجر هو رمزنا” ،التي استندت على قصص النضال الشعبي من قرية النبي صالح ،يعود مسرح الحرية إلى المنطقة (ج) لتوثيق الحياة الناس ومقاومتهم في قرية التواني في تالل جنوب الخليل ،والتي تخضع للسيطرة المدنية والعسكرية اإلسرائيلية الكاملة .جري تطوير المسرحية في أعقاب مقابالت مع أفراد المجتمع ،مع التركيز بشكل خاص على النساء اللواتي يلعبن دورا مركزيا في النضال في التواني. سيكون افتتاح مسرحية التواني في 14اكتوبر في سينما جنين ،في الساعة 6:00مساءا وستعرض الحقا في البلدات والمخيمات: تواني ،الجفتلك ،نعلين ،مخيم عايدة ،مخيم العروب ،النبي صالح.
تصوير :براء شرقاوي
سافرت اليوم إلى غزة عبر الميناء .وصلت الى الشاطئ ووضعت نفسي بين أضالع الشاطئ .عانقت القوارب وتجاعيد الصيادين. قبلت حوريات البحر الصغيرات.. اليوم سافرت إلى غزة وتسكعت في أزقتها وكتبت على حيطانها جميعها أحبك غزة .لعبت الغميضة مع األطفال في الشجاعية، فوجدتهم في حي التفاح يقهقهون وأنا ابحث عنهم ،فسبقتهم الى تل الهوى وضحكنا معا ،كنا جميعنا الرابحون ..قفزت بعدها بالكرة ورميتها الى صديقي في خانيونس ،ومررها الى صديقه في دير البلح ،وعدت وسرقتها منه وأحرزت هدفا في مرمى دير البلح.. كنت في غزة.. حلمت أنني في غزة ،استفقت من الحلم فوجدت نفسي في غزة ،لكن ليست كغزة التي كانت في حلمي! فالميناء محطم ..واألحياء مدمرة ،وأشالء أصدقائي األطفال تحييني بدمائها التي ال زالت األحياء تشهد رائحتها ..والكرة التي مررناها ألنفسنا من حي إلى حي ،تحولت إلى صواريخ يتراشقها العدو من حي إلى حي ..غاب أصدقائي جميعهم ،وحورية البحر تبكي بالقرب من جثث الصيادين وترثيهم! وتلك الحيطان التي مألت زواياها بالكلمات الغزلية لغزة لم أجدها ،فقد كانت بقايها تترنح على األرض تلوح لي بأنها ما عادت واقفة! استفقت ،ألجد نفسي في سريري في نابلس .وشريط األخبار مليء بالشهداء والدمار والجرحى .وكرة في منتصف الشارع تنتظرني ورفاقي..
العنف القائم على النوع االجتماعي المسرحية الثانية التي تركز على موضوع العنف القائم على النوع االجتماعي .المشروع ،بدعم من اليونسكو .يجري تحضير المسرحية من خالل ورش عمل مسرحية تفاعلية مع النساء في المجتمعات المهمشة في مختلف أنحاء الضفة الغربية .يتم ابتكار المسرحية باالعتماد على قصص النساء في هذه المجتمعات .ستعرض المسرحية في المناطق الريفية ،التجمعات البدوية ومخيمات الالجئين ،وسيوزع أثناء العروض ُكتيبات تعليمية على الجمهور والمعلمين. ستفتتح المسرحية في جنين في 5نوفمبر ومن ثم ستنطلق العروض في جولة الضفة الغربية.
السلطة /السم مسرحية لألطفال تركز على عالقات األشقاء ،تحت االحتالل .المسرحية تتعامل مع الخوف من الهجران والفراق الذي هو شائع بين جميع األطفال -ولكن في فلسطين يتفاقم هذا الخوف بسبب االعتقاالت وعمليات القتل التعسفية التي تفصل األطفال من اآلباء واألمهات .السلطة /السم يلقي الضوء على كيفية نسخ األطفال لواقع يرونه من حولهم في مخيم جنين ،وكيفية تأثير سلوك الكبار على تصور األطفال لمستقبلهم. ستعرض مسرحية السلطة /السم لجمهور المدعوين في األول من 2أكتوبر .سيكون االفتتاح الرسمي في يناير كانون الثاني عام ،2015وستقوم بعد ذلك بجولة عروض في انحاء الضفة الغربية.
6
تحولت إلى صواريخ يتراشقها العدو من حي إلى حي 17
7
وحيدة
غزة ...غزة!
رقية ذياب
هديل عجاوي استيقظت من حلمي وأنا أرى الحقيقة ...أرى نفسي ...أرى السماء مزر ّقة يا غزة فأين سهولك الخضراء؟ أين حدائقك الغ ّناء؟ يا أجمل مدينة وأجمل شاطئ إسمكِ غزة لن ننساه وعيونكِ التي كانت تبكي من أولئك الذين انتصروا عليكِ ّ يا أعظم مدينة ...يا أعز مدينة شبابكِ المناضلون الذين بقوا على أرضك ودافعوا عنك حتى النهاية حتى النهاية لم يستسلموا ما أجمل ورودك . . . ما أطيب قلبكِ الجميل األبيض ما أجمل أشجاركِ وحشائشكِ الخضراء يا غزة يا غزة... لن ننسى تلك األيام الصعبة التي عشناها حتى جرحنا لم يشفى... حتى قلوبنا قد دمرت وتحطمت كل شيء قد تحطم لماذا تبدو الحياة قاسية ؟! ألنهم ال يفهمون معنى الحياة ويقتلون األطفال على أرض غزة وهم ال يبكون بل يضحكون على دمائنا التي تنزف من جسمنا وأهل غزة عيونهم لم تتوقف عن البكاء أرى نفسي في قضبان من السجن كأني في قفص العصافير ...أتعذب فيه وأصرخ... وأصرخ بصوت عالي :ياهلل ...يا هللا نزلت علينا يد خائفة ،خائنة ،يد مترددة ،يد فاشلة
أرى يدي معلقتين أرى نفسي معلقة على الحائط أرى الدم ينزل مثل المطر كأني في حلم كان وجعي يؤلمني كثيرا وعذابي في السجن يزيد وقلبي قد تكسر وتحطم ولكن غزة في النهاية صمدت وشبابها صمدوا ودافعوا حتى النهاية وسيهزم المحتلون في النهاية وستنتصر غزة
الساعة الثانية بعد منتصف الليلَ .ه َج َر النوم عينيها .وكعادتها تجلس في سريرها.. تترامى نظراتها في جميع أنحاء غرفتها ممتلئة بكل شيء سواها.. تحدق بتلك الجدران المهترئة.. التي أمضت بداخلها ستين عاما ً إلى اآلن! بكم تمر أمامها سنين عمرها المحشوة ٍ هائل من الفراغ ،لتنخر الوحدة عظامها ً مسببة هشاشة روح باتت قابلة لإلنكسار في أية لحظة. تتنهد ،تتوارى خلف نفسها ،يترغرغ الدمع في عينيها ،وبدون أدنى إرادة، تنهار بالبكاء. وم��ا من ي � ٍد تخترق ظلمة تلك الليلة لتمسح دم��وع��ه��ا ..إال يدها المجعدة بتوقيع سنوات مريرة. سنوات مرت ببطء سلحفاة قد تجاوز عمر مسيرها فوق أوتار األيام عامين فوق المئة.. ُ ال شيء يؤنس أوقاتها غير أمنيات باتت مستحيلة رغم تواضعها. أمنيات كانت أقصاها روح�ا ً تشاركها الحياة ،طف ٌل أو زو ٌج أو أخ.. رو ٌح تتكئ عليها عندما تضيق بها دنياها. تتصاعد تنهيداتها ،تبلغ عنان السماء وأكثر ،لتعود مرتد ًة خائبة إلى حنجر ٍة باتت مهترئة.. غير قادرة إال على كتم كل شيء بداخلها دون أن يشعر بها أحد. تسرح بمخيلتها ليباغتها النعاس ،وينقلها إلى يوم آخر ،شبيه بسابقه ،بل مطابق له باأللم..
شبابكِ المناضلون الذين بقوا على أرضك ودافعوا عنك
تصوير :هالة ذياب
8
9
قراءة في ورقة من غزة لغسان كنفاني مصطفى شتا
العام ،1956أرسل غسان كنفاني رسالته الى صديقه مصطفى الذي يدرس في جامعة أمريكية ،فقد كان مصطفى قد أتم كل ما يلزم غسان لإلقامة هناك في عاصمة كاليفورنيا ساكرمنتو “ ،”Sacramentoغسان حسم أمره ولن يتجه للواليات المتحدة االمريكية ،بل قال انه سيبقى في غزة ولن يبرح مكانه ابداً ،لم يكن ذلك قراراً سهالً فرغم االحالم الوردية التي نسجها الصديقان معا ً في حي الشجاعية بمدينة غزة ،ذلك المكان الذي هو اساس تلك االحالم ،وهنا كان القرار باالستمرار في أرض األحالم دون النفاذ الى ارض الواقع ،لم يكن مصطفى الوحيد الذي يرغب في الهروب اإلجباري من قطاع غزة ،ولكن العمل في الكويت واالنتقال من مطار القاهرة ما هو إال محطة لتحقيق جزء من احالم شاب ّ غزي. لم يخف غسان حنقه على قبول صديقه للعمل في الكويت وتركه مع راتب مدارس وكالة الغوث الدولية والتي لم تكن تكفي إلعالة العائلة رغم ما كان قد أرسله الصديق في الغربة من مبالغ مالية صغيرة للمساعدة دون االنتقاص من كرامته ..رحيل الصديق زاد من بؤس حياة غسان التي لم تكن تنتظر سوى نهاية الشهر الستقبال الراتب الضئيل وإجباره على محاولة التكيف الصعبة في بلد يتلذذ االعداء في ضربه ،فمع ضرب الصهاينة لغزة زاد اليقين لدى غسان بضرورة ترك هذا الوطن للعيش في امريكا، فقد كانت غزة كالبلد المقتول على لوحات فاشلة رسمها بالدهان الرمادي انسان مريض ،وسيرسل للعائلة ما يعينهم على الحياة، وسيكون في بلد بعيدة عن رائحة الهزيمة ،وعن أمه وزوجة أخيه المرحوم وأوالدها األربعة التي تربطه بهم الشفقة والتي تشده دوما ً الى تحت ،بل يجب ان يمضي في حياة أكثر ألوانا وأعمق سلواناً. غزة هي غزة وقرار الرحيل عنها حاضر لم يتبدل ،الحياة هنا أضيق من نفس نائم أصابه كابوس مريع ،لكن رغبة نادية الجريحة ابنة األخ المرحوم ،بأن يزورها في مستشفى غزة، غيّرت من قراره بالرحيل ،فهو يحب نادية الجميلة ذات األعوام الثالثة عشر ،فقد اعتاد أن يحب كل ذلك الجيل الذي رضع الهزيمة والتشرد إلى حد حسب فيه أن الحياة السعيدة ضرب من
الشذوذ االجتماعي ،نادية لم تكن طفلة عادية بل كانت قديسة، فشعرها منثور كفروة ثمينة وعيناها واسعتان ووجهها كوجه نبي معذب ،ولكنها أصبحت بساق مبتورة من أعلى الفخذ. غزة بساق نادية المبتورة كانت جديدة كأنه لم يرها من قبل، فالشارع الرئيسي ،لم يكن إال بداية صغيرة لشارع طويل طويل يصل إلى صفد ،فنادية الصغيرة فقدت ساقها لتنقذ اخوتها الصغار من قصف الصهاينة وكان قرارها الفدائي باستمرارهم كاملين وهي مبتورة الساق ،ساق نادية هي الحياة يا صديقي ،وهي من انهضت عمالقا ً يبحث عن نفسه بين انقاض الهزيمة البشعة. العام 58 ...2014سنة بعد بتر ساق نادية ،ورسالة غسان ما زالت حاضرة ،فرغم حجم الجريمة في غزة اال ان ما اقدمت عليه نادية أصبح نهجا ً ألهل غزة ،مستمرون رغم تلك الصعوبات في الحياة والحصار ،فـ 2147شهيد و18070جريح خالل العدوان االخير على غزة ،كانوا عنوانا ً لالستمرار في استنهاض ذلك العمالق الذي تحدث عنه غسان كنفاني في ورقته من غزة، فالتضحية بجزء من الجسد حتى يعيش اآلخرين هو نسف لكل األفكار األخرى الدافعة للرحيل من جحيم رائحته الدم وهو استمرار بالتشبث باالرض وهذا ما ختم به غسان في دعوته لصديقه مصطفى بأننا في انتظارك امراً اياه بالعودة. ساق نادية المبتورة من أعلى الفخذ كانت بوصلة أليمة لترشد الى طريق الخالص من االحتالل فقد رأها غسان الدرب المؤدي الى صفد ...الى فلسطين من قلب الشجاعية ،تلك الشجاعية التي كانت مسرحا ً لجريمة إسرائيلية بشعة استهدفت الحياة بألوانها القاتمة هناك ،وكانت منبراً حيا ً لمقاومة العدوان بقذائفه ولهبه، فقد كانت المقاومة حاضرة لتشكل مدخالً أللوان أخرى للحياة وتحطيما ً لتلك اللوحة البشعة التي عبقتها الهزيمة والفقر. نادية تلك الطفلة التي لم تستطع ان تنقذ 530طفل اضحوا شهداء ،كان بينهم 1101نادية (أطفال جرحى سيعانون من إعاقات دائمة) أصبحت تلك “النادية” رمز جيل رضع التحدي والفداء والبطولة ،لتكون غزة مدخالً للنصر والحرية والحب والفرح والحياة.
تصوير :هالة ذياب
10
77
أشالء احلمام سعاد شواهنه
رسم :رقية ذياب
ارنا مير خميس
ناشطة يهودية ناضلت من أجل حقوق الفلسطينيين .قامت بإنشاء مشروع فريد من نوعه خالل االنتفاضة األولى يدعى الرعاية والتعليم والذي كان يستخدم المسرح والفن لمعالجة الخوف المزمن واالكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة والتوتر الذي يعيشه األطفال في مخيم جنين ،بسبب االحتالل اإلسرائيلي. . كرست آرنا مير خميس حياتها لتناضل من اجل الحرية ونيل حقوق اإلنسان ال سيما في فلسطين المحتلة. اختارت آرنا التي ولدت لعائلة يهودية ،العيش والعمل بحيوية ونشاط وإنسانية في صفوف الفلسطينيين .حثت وشجعت األطفال على خلق إمكانيات لواقع بديل ،للذي يعيشونه في ظل االحتالل اإلسرائيلي .فازت آرنا بجائزة نوبل البديلة في عام 1993واعتبرت هذه الجائزة بمثابة التزام عاطفي للدفاع عن األطفال وتعليمهم في فلسطين ،حيث استخدمت مبلغ الجائزة التي حصلت عليها لتأسيس مسرح الحجر والذي دمّر في وقت الحق في االجتياح اإلسرائيلي لمخيم جنين لالجئين عام .2002
812
أَيرخصُ دم الزهور! أين السالم حماة السالمَ ... دعاة السالم ...ترهبكم صرخة أرواحنا وال ضير أن تطير أشالء الحمام! أَتقطفونها؟! ما زالت خضراء ..هذه السنابل ال تبكوا غزة. ما عادت ترتضي دمع عاجز حرّ ة ما زالت تقاتل يا قاتل الزهر، ستنجب ألف زهرة ،إن كان الزهر يذبح يا كاتم الصوت ،حتما صرخة الروح يوما ستصدح يا قاتل الزهر، عد لبيتك واحكِ لطفلك، عن أشالء طفل ُتلُون بالدم، أجنحة السالم!! يا ساكني الحي، ماذا أخبر العيد اذا ما ناداكم؟ يا ساكني الحي، قولوا ألطفالكم أن الحي يفتقد خطاكم.. صرخة الحجر تدّوي بأُذني، د ُم عذراء العروبة أنطقني، كبّري غزة رغم الجراح.. األحوال، وأخبريهم عن ِ قولي لهم، أين أطفالي؟ ثمّة امرأة ت ّم ُد ذراعيها صباح عيدَ : أخبريهم ،هنا من يغتسل بالدماء وهنا من يقبّل ابنه محتضنا القبور أين قبلة عيدي؟ َ أنت يا حلوى العيد.. وأب آخر :طفلي َ أَ ُ لي السؤال: يحق َ هنا ن ّقدم أشالء الزهور أَيرخص دم الزهور؟ تصوير :رقية ذياب
13
حتقول هي خلود طنوس
تقول هي: لمّا كان عمري 13سنة ون��صّ ،كنت ألعب في الحارة مع أصحابي ووالد وبنات مدرستي ،أنا بحبّ المريول كثير وكان ّ وخطبوني إيّاه، نفسي أكم ّل دراسة ،لح ّد ما أجى شبّ أكبر م ّني ّ خطبوني وأنا لساتني بلعب في الحارة ،لدرجة إ ّنه كان يجي يشوفني وأنا ما أرضى أترك الحارة واللعبة ،صاحباتي كانوا يحكوا لي “قومي إلعبي مع خطيبك” ،بس أنا ما كنت أرضى ،ما بعرفه وما بحبّ ألعب مع والد أكبر م ّني. خطبني 20يوم وبعدها تزوّ جني .بعد الزيجة ضلّيت بدّي ألعب مع والد عمي ،كانوا إخوة زوجي من جيلي ،كان يجي عليّ وإحنا منتباطح ومنلعب سوا ،بشي يوم ،صار بدّه يلعب معي، حكى لي الزم نكتب دفتر مذ ّكرات ،بلّشنا نكتب ك ْل يوم قصصنا يلّي كانت دايمًا تنتهي في مشكلة بسبب إمّه وأبوه”. أقول أنا: أنا خلود ،لم ألعب مع أخوة زوجي ولم أتشاجر مع والديّ زوجي، أنا حتى لم أخطب أو أتزوّ ج بعد .لك ّني أتذكر فترة المدرسة ،زيّ المدرسة وشخصيّات ما زالت عالقة في قاع ذاكرتي حتى هذا اليوم. لمّا كان عمري 13سنة ونصّ ،لم ألعب مع بقيّة جيلي ،ال في الحارة وال في المدرسة ،لم أكن أحب المدرسة ،لم أكن أحبّ الحارة ولم أكن أحبّ ح ّتى نفسي. ترعرعت في مدينة كبيرة ،تتكلّم لغة غير لغتي ،ال تعرف هويّتي وال تاريخي ،كان ك ّل ما فيها من طاقة ،بعيد ك ّل البعد عن دفء جدّتي ،إيقاعها أسرع من رجليّ الصغيرتين ،ورائحة مصانعها تطغى على رائحة التراب عند الشتاء األول ،أو هبوب ريح في مساء أيلول. كان اإلحساس بالغربة هو األكبر ،كانت المدينة تسرق م ّني ك ّل يوم عند خروجي من البيت ،كوبين من الطفولة ،ح ّتى لم يبق لي منها إلاّ أمل صغير بارتداء مريول مدرسة كمريولها ،يعيد لي طفولتي في مكان آخر يشبهني. كان يبدو ،بعد ما التقيت بها ،بحكم البعد الجغرافي ،وجهلي للمكان الذي تأتي منه ،أن هنالك فروقات كثيرة وكبيرة بيني وبينها ،لنجد وجه التشابه بين عنف اإلحتالل والمؤسسات الرأسماليّة وعنف مجتمعنا الذكوري.
رسم على ورق رزان عرفات عواد
وقع غصن الزيتون وتلطخ بدماء الحمامة ،التي أصبحت بريشها األحمر لعبة لطفل يعرج! يتمدد بجانب والده يحاول أن يوقظه .يركض نحو أخته يبكي لكي تلعب معه .يذهب ليوقظ أمه ل ُتسكت جوعه .لم يستيقظ احد! ركض نحو بيته ،لكن ال بيت هنا! البيت كان هنا ألبارحة، اما اليوم... ذهب الى بيت جيرانه ،الذي طالما لعب بين جدرانه ،ليرى زوجة الجار على تجلس على ركام بيتها تبحث عن أجزاء صديقه لتلبسه ثوب العيد ،وبجانبها علبة حلوى كانت قد ابتاعتها له ليأكل منها بعد اإلفطار ،ويطعم أصدقاءه. تابع المسير ،ليرى رجال يحمل ورقة بيده ،كانت ستدخل ابنه الجامعة ليدرس مهندسا ،لكنها اآلن ملطخة بدمائه. أثناء سيره في الحي ،رأى طفلة ترتدي حلة كانت بيضاء لم تعد تعرف لها لون ،وفي يدها لعبة قطع رأسها وتناثر قطنها ،وهي تمسح دمعة تلو األخرى وتنظر الى لعبتها. ظل يمشي ويمشي ويمشي فوق حجارة كانت باألمس بيوت لعائالت اجتمعت لتتحدث عن هدايا العيد في غزة ،لتناقش إفطار اليوم الذي يليه ،ومن سيزرون في العيد! لكن العيد لم يأت.. األيام تمر ،تبدأ والدراسة ،فال يجد الطفل مكانا يذهب إليه ،ال مدرسة وال كرسي ،ال معلم وزميل .لماذا سيذهب ،من سيلبسه المالبس ،ومن سيحضر له الساندويشات؟! ال لن يذهب. تخفت األضواء و ُترسم الحكاية على ورق رمادي وبحبر ازرق يرسم طفل في وسطها صورة وقصة عن مدينة لها بحر ،وعن أطفال يلهون على شاطئه ،وعن لون الدم في بحر غزة .لم تنتهي القضية ،سيبقى هو وستبقى القضية! يا ناقش الحبر ،ارسم طفال في وسط الورقة ،بجانبه أم ،وبجانبه اآلخر أب ،وأمامه أخت .ارسم حمامة تحمل بمنقارها غصن الزيتون مكسور فوق عائلة صغيرة ،كانت ذات يوم عائلة..
تصوير :رقية ذياب
14
15
مقابلة
أجرت المقابلة :سعاد شواهنة على مسافة أحد عشر كيلو مترا ال أكثر يحدث أن تختلف األحالم ،وتخرج من حدود ما هو ممكن ومتاح ومقبول .هو الحلم ال ينظر إلى نفسه إال في مرآة المستحيل ،ذاك المستحيل الذي ينقب في الروح عن تحد لم نكن يوما ندركه في النفس .في قرية الزبابدة إلى الجنوب الشرقي من مدينة جنين تبدأ الحكايات رسم صورتها في مرآة الحلم ،فأحالم براءة الشرقاوي ال تكتفي بالسير في شوارع الزبابدة الهادئة وتأمل أديرتها والمآذن ،وتأمل الطرقات من خلف زجاج نافذتها .فلها روح أخرى في عتمة آلة التصوير ،وصورة امرأة في مرآتها تستحق إذ ال زالت تحلم بوجود أكثر بريقا ،وأكثر تألقا. “ال تقف األيام بنا عند حد معين ،كل يوم يترك فيك بصمته، ويصنع فيك شيئا جديدا” ،هكذا بدأت براء الشرقاوي من بلدة الزبابدة حديثها .براء مدربة تصوير فوتوغرافي في مسرح الحرية ،تخرجت من قسم اللغة العربية واإلعالم في الجامعة العربية األمريكية في العام .2012
16
واألسواق الشعبية المزدحمة .ال زالت المرأة اليوم تحتاج إلى أخذ زمام أمورها بنفسها لتفرض حقها في الوجود.
التصوير أكثر ،تسجيال للتراث اإلنساني الفلسطيني مثال ،كما أن بعض الشابات بتن ينظرون إلى الصورة بوعي تام.
كيف تعاملت مع هذا الرفض العائلي لطبيعة ومكان عملك؟ كانت البداية مرهقة جدا ،لم أكذب تماما ،لكني كنت مضطرة إلخفاء بعض األشياء ليس ألنها غير صحيحه بل ألنها لم تكن مقبولة في البداية من العائلة ،وبمرور الوقت تعززت ثقتي بنفسي وبدأت اخذ قراراتي الخاصة بشكل مستقل وأصبحت هويتي الذاتية أكثر وضوحا في مرآة نفسي وأمام المجتمع.
ما هي رسالتك التي ترسليها من خلف عدسة كاميرتك إلى األهل والمجتمع؟ رسالتي إلى األهل هي دوما وبقوة أنا قادرة وأنا استطيع ،وأصبح لدي الوعي الكافي التخاذ قراراتي بنفسي وتحقيقي استقالليتي، أنا براء صرت قادرة على النجاح وتفكيري لم يعد محدودا. بكلمة واحدة أنا أقوى خلف عدسة الكاميرا.
كيف تقيمين دور الكاميرا في عصرنا؟ التصوير بات تعبيرا قويا وصارخا وأكثر قدرة على الكالم من أي لغة أخرى .التصوير أيضا تعبير إنساني عن فداحة المأساة فال يشترط أن يقتصر التصوير على األحداث الكبيرة كالمظاهرات واألحداث السياسية ،روح التصوير تسكن في األماكن الضيقة والحكايات المهملة .التصوير سجل آخر للحكايات والنضال.
أما رسالتي إلى المجتمع ،فتتلخص ،ومن خالل تجربتي ،بكون المرأة كيان راسخ وله الحق في الوجود وهي ليست شيئا يخفى داخل الخزانة وفي العتمة.
وعن البدايات تقول :كان لدراستي اإلعالم في الجامعة دورا في بداية اكتشافي آللة التصوير حيث درست مادة التصوير في الجامعة وهذه كانت البداية التي شجعتني الحقا لخوض تجربة التصوير على نطاق أوسع في مسرح الحرية من خالل دورة تدريبية استمرت لثمانية شهور .وقد كان لهذه التجربة األثر في انفتاحي أكثر على المجتمع وخوض غمار التصوير في الميدان واألماكن العامة األسواق الشعبية .هذه كانت البداية التي تابعت بعدها العمل كمدربة تصوير في المسرح حيث تعرفت على روح المسرح وأخذت قبسا من نوره في آلة التصوير ،حيث صورت الكثير من العروض المسرحية والتدريبات.
كيف تتعامل المرأة معك ومع الصورة حين تكون هي بطلتها؟ تعامل المرأة مع الصورة ال زال خجوال خاصة أمام المصور الذي تعرفه من نفس المنطقة أو المحيط .أحيانا كثيرة أواجه رفضا من بعض السيدات لفكرة تصويرهن ،وهناك البعض اآلخر الذي بات يعرف دور الصورة في توثيق الوجود اإلنساني الفلسطيني فنجده متعاونا وهذا متفاوت من منطقة ألخرى ومن جيل آلخر ،في بعض األوقات تتقبل السيدات الكبيرات في العمر
كيف تصفين العالقة بين المرأة والمجتمع ودورك كمصورة وصحافية؟ في بداية توجهي نحو التصوير واجهت بعض المشكالت تكمن في طبيعة نظرة المجتمع للتصوير كعمل ،حيث ال زال يفضل وجود المرأة في األماكن المحدودة وال يسمح لها بتعزيز وجودها في أماكن غير تلك التي يتقبلها .بالنسبة لي واجهت بعض الصعوبات مع أخي فقد كان يرفض وجودي وتصويري في األماكن العامة
تصوير :رقية ذياب
من هي المرأة القدوة بالنسبة لك في فلسطين؟ أرى في السيدة ليلى غنام شخصية قوية وقادرة على فرض وجودها ما هو طموحك الخاص على الجانب الشخصي؟ لدي الكثير من الطموحات التي أتمنى تحقيقها ،وأكثر ما أفكر في تحقيقه هو أن يكون لي معرضي الخاص الذي أسجل فيه نضاالت المرأة العاملة في كافة المجالت ،ال سيما تلك المرأة التي تعمل في األسواق الشعبية واألماكن العامة وخلف ماكينة الخياطة وغيرها من األعمال البسيطة.
17
نساء ثائرات
لم تتعلم عنهن في املدرسة تحدث التاريخ عن الرجال الثوار وعن أعمالهم البطولية ونسي ان يتحدث عن النساء اللواتي قدن العديد من الثورات واالنتصارات وقدمن تضحيات وخاطرن أكثر من الرجال .فيما يلي عينة صغيرة من أولئك النساء القائدات الثائرات وهناك اآلالف األخريات منهن في جميع العالم
بترا هيرارا (في بدايات )1990 خالل الثورة المكسيكية عرفت المجندات باسم سولداديرس وحاربن جنبا الى جنب مع الرجال بالرغم من انه حتى الرجال كانوا يتعرضون لإليذاء .من أشهر المجندات كانت بترا هيرارا التي اخفت جنسها وأطلقت على نفسها اسم بيدرو هيرارا وعينت كل النساء برتبة لواء.
(اسماء محفوظ )1985 اسماء محفوظ امرأة ثورية في العصر الحديث أشعلت ثورة يناير من 2011من خالل نشر فيديو يشجع االنضمام اليها لالحتجاج والتظاهر في ميدان التحرير .تعتبر واحدة من قادة الثورة المصرية وهي عضو بارز في ائتالف شباب الثورة.
الكشمي ساهجال ()2012-1914 كانت الكشمي ساهجال امرأة ثورية تعمل لصالح حركة االستقالل الهندية ،وعينت في وقت الحق كضابط في الجيش الوطني الهندي ،وأصبحت بعد ذلك وزيرة شؤون المرأة في الحكومة .في األربعينيات أصبحت ساهجال قائدة لكتيبة من النساء تعمل من اجل إطاحة الحكم البريطاني في الهند المستعمرة .كانت هذه الكتيبة واحدة من عدد قليل جدا من الكتائب القتالية التي تتكون كلها من اإلناث من الحرب العالمية الثانية.
18
سيليا سانشيز ()1980-1920 معظم الناس يعرفون تشي غيفارا ،ولكن ليس الكثير منهم سمعوا عن سيليا سانشيز ،المرأة في قلب الثورة الكوبية التي سبق وان أشيع عنها انها صانعة القرار الرئيسي .وكانت مؤسسة حركة 62يوليو وزعيمة فرق قتالية طوال الثورة.
كورازون أكينو () 2009-1933 كورازون “كوري” اكينو امرأة فلبينية قادت في عام 6891أول حكومة منتخبة ديمقراطيا في الفلبين منذ ما قبل االحتالل الياباني. كانت شخصية بارزة في ثورة سلطة الشعب ،التي شاركت فيها الراهبات وعائالت بأكملها ،بما في ذلك األطفال ضد الدكتاتور فرديناند ماركوس.
هارييت توبمان ()1913-1822 هارييت توبمان كانت من العبيد األميركيين األفارقة الذين فروا من العبودية لتصبح شخصية بارزة في حركة إلغاء الرق .قادت المئات الى الحرية وكانت القائد األكثر شهرة على شبكة سكة حديدية تحت األرض ،وهي شبكة سرية معقدة من البيوت اآلمنة التي نظمت لهذا الغرض.
19
قصص نسائية مقاومة أمنة ياسر سالم العدرة :بدنا نبني الروضة غصنب عنهم (من قرية تواني ،جنوب اخلليل) ما طحت على الروضة إال هو جاي دائرة التنظيم اإلسرائيلي ما كان جيش وال أشي لما اجا التنظيم اإلسرائيلي حجز العمال وقال ممنوع وال حدا يشتغل وبعدين اجو الجيش قالوا بدنا نوخذ خالطة الباطون والحديد .انا ولوالد لصغار صرنا ننقل الحديد ونبعده عن الجيش .احنا كنا اربع نسوان قعدن على 5طون من الحديد اللي كان كلو مربوط في بعضو وعملنا منه مقعد. نقلنا الخشب كمان ،يعني ينمكن وزنه كان 7طن صرت انقله عند الزتون لمنا ابعدناه .بعدين نقلنا العرباي ونزلنا منها كل الخشب وأبعدناها عن الجيش .ظلت خالطة الباطون ،ظل في مشاكل عليها ولما اجت الشرطة واجا الجيش واجت قوات كبيرة ضلينا عاملين معهم طوشه .النسوان قاعدات على الحديد وانا طلعت عند الخالطة صاروا هم يركبوا في الشناكل وأنا آفك فيهن ،الجيش يركب وانا افك ،زهقتهم وانا افك في الشناكل وص��اروا يدفشوني وان��ا غصبن عنهم ماسكة في الخالطة والشرطة تدفشني .مسكت الشرطي ودفعتو على طول ايدي وقلتلو شو يعني انتى شرطي وانا كمان شرطية ،زيك اجا تبع التنظيم دفعتو بايدي ،قال لي انا من التنظيم ،قلتلو وما تكون من تنظيم ،يعني علشان البسلي اواعي سويل والفرد على جنبك، اقلع عن صباحي .مسكتو ودفعتو لوخري .ظلينا على الخالطة يمكن ربع ساعة .الحين ظليت مشعلقة فيها لمنهم حطوها في الونش ظليت مشعلقة في الكوابل تعات الحديد لمنو حطوها في الونش بعدين طلعنا في الونش انا وكمان مرة وبنتها وكانوا بدهم يوخذو مكينة لحام الحديد ،اجا صابر قلهم هاي مش للبنا هاي لمية ماكروت وضليت اسحب وهو يقلي انا شرطي وانا اقلوا طز على الشرطة لمني اختها منوا .عصب الشرطي ولحقني انا شردت وانا روحت تخبيت وسط النسوان وسط الحديد اجا يصورني غطيت ربطتي على وجهي قلتلو صور الحين على الحديد بدهم يوخذو .بعد لزالم قالوا اوعن يوخذو الحديد يوخذو العرباي مش مشكلة .ظلينا نتمشكل معاهم على شان الحديد لما
قصص نسائية مقاومة رندا :هاي بالدنا ،والكرز والطريق النا مش للحرامي املستوطن (من قرية تواني ،جنوب اخلليل)
أجا الجيش مسكت شوية قظبان وانا ادفشهم اجن في صدر الجندي .صار محمود حسين يحكي سوتيلنا مشكلة قلتلو ما يسوو مشكلة احنا بدنا روضة للوالد يتهنو فيها ،همي عندهم روضات ووالدهم مكيفين وهاي مش أول مرة مواجهه مع الجيش خلصنا معهم اخذو العرباي وضل الحديد وضل الخشب الحين فزعوا الشباب صاروا يخبو في الحديد في الزيتون. يعني انا الحين مطلوبة يعني كل هاذ االشي بعنيلي انو الروضه ما وقفنا الشغل فيها وقربت تجهز على عنيهم وغصبن عنهم. قالولنا انتو ابنو واحنا بنهد! بس انشاء هللا مابصير هاذ الكالم وان شاء هللا السنة الجاية والد الروضة بقرو فيها وبعدين في ناس بحكولي ليش تروحي بالش يعتقلوكي النو مش كل النسوان بفزعن يعني انا واكمن وحده والباقي بستنن بعيد وفي ناس بحكو وهللا انو هاي المرة شاطرة بس أنا ما برد على الناس هاذ إلي هللا كتبلي إياه وبدي اعمله ألنو المستوطنين هدول بهابو من النسوان اكثر من لزالم .زمان بقينا انا وسالفاتي بنات نعيم العدرة نقاوم وبعدين صارن النسوان يتشجعن شوي شوي لما صارن يقاومن معنا بس مش كلهن يعني بس احنا اجتنا الفكرة انو ننبطح على الحديد .كانت في مرة ناصحة ما قدرو يزيحوها عنوا وللحين هويت ابن عمي معاهم صارلها ثالث شهور وبدهم ياني أروح اسلم حالي وأنا مش راح أروح. أول ما فاتت إسرائيل قبل األجانب كانوا أكثير متوحشين علينا كانوا يهدموا البيوت ويطلعوا كل الناس بره ويبهدلوهم بقينى نخاف إحنا ولوالدة ضلينا نقاوم شوي شوي بعديها صار االشي عادي عنا يعني في هذا الوقت والدنا صاروا اقوى منا ألنهم تعلموا انهم ما يخافوا من الجيش لما كانوا يشوفونا شو بنسوي لزالم دورهم اذا فش جيش بظربو المستوطنين وبشردو ألنهم إذا اجو الجيش بعتقلوهم يعني كل رجل في التواني عليه وقف تنفيذ من الجانب اإلسرائيلي تتراوح ما بين 5-3سنين ولما بنطلع على المسيره بنقول :ال ال لالستيطان !
لما كنا مروحين من االمتحان في المدرسة ،تأخر الجيش علينا نص ساعة قعدنا نستنى ،كان هناك في عرب بشتغلو في الكرز. العربيات الي بشتغلن في الكرم صارن يحكن معانا وحنا صرنا نحكي معاهن .اال هم جايين المستوطنين بحكولنا انتو سرقتو الكرز وحنا ال قربنا على الكرز وال أكلنا منو .استدعوا الجيش اجى وحنا روحنا على شان نروح مع الجيش .اجا المستوطن يصيح ويهدد انتو سرقتو الكرز! احنا ما قربنا على الكرز ،احنا كنا نديون مع العربيات الي بشتغلن في الكرز .صارو يحكوا بالعبري واجا الجيش واجا جاديليا المستوطن اللي بيزرع الكرم وصار يصور فينا وخالنا تقريبا ساعة واحنا في الشمس وهم يحكولنا انتو الي سرقتو الكرز وبعدين جابولنا الشرطة وودو أربع أوالد صغار مع الجيش وصلوهم وعاودو رجعوا .اجا الشرطي بحكينا بالعبري واحنا ما بنفهم عبري الشرطي بسال فينا ومرديناش علي ضلينا ساكتين حكالنا انتن األربعة على الجيب طلعونا في (سيارة الشرطة دي ماكس) وروحوا كل االوالد وضلينا لحالنا قاعدين يمكن ساعة واألجانب يصورونا. وكان واقف عزرا وجاديليا وبعدين جابولنا حرس الحدود وبعدين حطو كل بنتين في سيارة وأخذونا على مستوطنة كريات اربع .قعدنا ساعة هناك وبعدين بدهم يخلونا نوقع على وراق مكتوبة بالعبري .نادى علي قلي وقعي هان قلتلو انا ما بوقع الى لما يكون في محامي وعليش بدك ياني اوقع ال بعرف اقرأ عبري شو بفهمنا شو مكتوب .سألني شو اسمك ،قلتلو رندا شحادة سالمة خالد ،سألني قديش عمرك قلتلو 13سنة قلي وين ساكنة قلتلو في مغاير العبيد قلي اقعدي محلك ونادا على الثانية وسألها نفس االسئلة ،وقالتلو ما بوقعش اال لما يكون في محامي .انا فهمتلو بدو ايانا نوقع على الكالم الي قالو المستوطن اليهودي على شان يقول انو احنا سرقنا الكرز ،وقلنالو ما بنوقع لحين نعرف شو هاي الورقة .نادو علينا كمان مره ،وحدة من البنات كانت خرسة قالولو هاي ما بتحكي واجانا كمان واحد وصار يسألنا عن االسماء وقلي قديش عمرك قلتلو قلي اعطيني رقم ابوكي وانا كنت حافظة رقم ابوي سال صاحبيتي شو اسمك قالتلو انشراح راح على النت طال كل اسماء اخوتها وسألها عن اخوتها وخواتها وانا شفت القائمة بعني سأل قديش عمرك قالتلو 12وسأل عن البنت الخرسا قالولو عمرها 13 وما بتحكي شو بدك تحقق معها ليش هاذي بتعرفش وبعدين
قال انتي على شان زغيرة وانتي على شان بتحكيش خليكن هان اخذوني انا واختي كل وحدة عند محقق صار يسأل فيه انتي فتحتي الشبك تبع الكرز قتلوا انا ما فتحتوش وال قبت علية قلتلو يعني انتو بس بدكو تشوفو شغله على الفلسطينية وبدكو تلبسونا الموضوع احنا ال فتحنا الشيك وال اشي بس قصدهم من كل الي عملوا نهم يمنعونا نيجي هاي الطريق على شان كل هاذ احنا بنيجي من هاي الطريق وسألني كمان مره انتو سرقتو الكرز قلتلو انا ال قربت على الكرز وال وصلت الكرز وانو احنا بنروح وبنيجي زي دايما وبعدين سألتو وين الدليل الي ضدنا الى هو بقول في صور .فش النا صور عندهم لو في النا صور بقول انو الكو حق تحكوا انو احنا خشينا على الكرز فش معو دليل فش مع واشي ليش تايخلينا محجوزات وهيك العام سوو فينا مع والد زغار قال انتن خشيتن قلنالو بدنا مقص من وين النا مقص على شان نقص الشيك ونخش على الكرم نسرق كرز .قلنالو هاذ من زمان مفتوح وانتو بس بدكو تحطوا الحق علينا والحين لما زمان كان الجيش والمستوطنين يضربونا هان لما نشكي عليهم ما بصير وال اشي اما الفلسطينية اذا بعملو أي اشي مع الجيش او المستوطنين بروحو على مستوطنة كريات اربع وما بعرف شو والحين صاروا يضحكوا خلصنا من التحقيق واختي كمان سألها نفس األسئلة وخلصنا وطحنا تحت .يمكن ساعة وكان عزرا هناك مرضوش يسلمونا لعزرا قالو بنسلمكو لإلدارة المدنية وهي بتسلمكو في الخليل .أخذونا اإلسرائيلية في سيراتهم ودونا على اإلدارة المدنية واإلدارة المدنية ودونا على شرطة الخليل وستنينا عند شرطة الخليل 3ساعات وحكالنا الشرطي انا ما بروحكن الى لما يجي ابوكن قلتلو ابوي في المسافر وما بقدر يجي وابوي يتصل وكثير كان قلقان علينا .قلتلو ابوي كيف بدك ياه يجي من المسافر ال في سيارات وال في اشي كيف بدو يجي! اعطيتو رقم ابوي رن على ابوي قلو انتا الزم تيجي توخذ بناتك قلو ابوي انا في المسافر فش سيارات ،كيف بدي اجيك يعني لو بدي اجيك مشي بدي للمغرب او للعشى ايمتا بدي أصلك. وبعدين أجا ناس من البلد وروحنا على الدار على الساعة 8 وصلنا الدار بس إحنا ما خفنا ألنو ما عملنا اشي من األول بس الهدف تبعهم انو يمنعونا نيجي هاي الطريق ،بس غصبن عنهم راح نضل نمشي في هاي الطريق.
تصوير :هاله ذياب
20
21
فرصتك لمشاركتنا همومك ومشاكلك حيث اآلذان الصاغية والسرية التامة ،مساحة آمنة لك ولعائلتك. اتصلي اآلن على الرقم المجاني 1800606060 جمعية المرأة العاملة الفلسطينية
تصوير :براء شرقاوي