Epsdajee 12 December 2021

Page 1


‫أخبار اإلبارشية‬ ‫تهاني‬

‫‪DIOCESE NEWS‬‬ ‫‪Congratulations‬‬

‫تهانينا القلبية لألب القس مايكل صليب الكاهن‬ ‫بكنيسة القديسة مريم بملبورن بمناسبة العيد‬ ‫السادس (األحد ‪ 19‬ديسمبر) لرسامته كاهناً ‪ ،‬ونصلي‬ ‫ويكثر من‬ ‫من أجل أن يحفظ الرب كهنوته وأبوته ُ‬ ‫الثمار الجيدة في خدمته لسنين عديدة قادمة‪.‬‬

‫‪Ordination of Full Deacons and Deacons at St Mina and St Marina Church, Melbourne – Sun 28/11/21‬‬

‫كوبتك هوب شاريتي ـ نداء عيد الميالد ‪2022‬‬ ‫األ َعالِ ي‪َ ،‬و َعلَ ى َ‬ ‫"ال َم ْج ُد هللِ ِفي َ‬ ‫ْ‬ ‫اس ْال َم َس َّر ُة" (لو ‪)14:2‬‬ ‫األ ْر ِض َّ‬ ‫الس َال ُم‪َ ،‬و ِبالنَّ ِ‬ ‫األ حباء شعب إيبارشية ملبورن وتوابعها‪،‬‬ ‫مع اقتراب الموسم المقدس لإلحتفال بعيد الميالد المجيد ‪ ،‬يسر "كوبتك هوب شاريتي" أن تعلن عن نداء سالل عيد الميالد‬ ‫لعام ‪.2022‬‬ ‫بفضل حب وكرم الشعب القبطي األرثوذكسي فإن نداء "كوبتك هوب شاريتي" لعيد الميالد يقوم بدعم إخوتنا وأخواتنا‬ ‫األقل حظاً ‪ ،‬عبر أفقر القرى والمحافظات في جميع أنحاء مصر‪ .‬وتؤكد "كوبتك هوب شاريتي" أن جميع التبرعات التي‬ ‫يتم جمعها الخاصة بسالل عيد الميالد هي توفير السالل التي يتم توزيعها على أكبر عدد ممكن من العائالت بما في ذلك‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ 695‬عائلة في برنامج الكفالة "أسرة ألسرة"‬ ‫دوالرا لكل سلة عيد الميالد سيقدم اللحم ‪،‬واألرز‪ ،‬والدقيق‪ ،‬والزبد‪ ،‬والحليب‪ ،‬والسكر‪ ،‬وغيرها مما يجعل‬ ‫تبرعك بقيمة ‪50‬‬ ‫ً‬ ‫اإل حتفال بعيد الميالد وقتً ا ُمميزاً ألخوتنا وأخواتنا األقل حظاً ‪ .‬للمساهمة في التبرع لنداء "كوبتك هوب تشاريتي لسالل‬ ‫" إلى الحساب‬ ‫عيد الميالد" أو المساعدة في الدعم المستمر ‪ ،‬يرجى التبرع مع ذكر "‬ ‫البنكى التالي‪:‬‬ ‫الخاص بنا على‪:‬‬ ‫أو عبر حساب‬ ‫سيتم إصدار إيصاالت لخصم الضرائب لجميع التبرعات التي تزيد عن ‪ 2‬دوالر عند االستالم‪.‬‬ ‫جميع األموال التي تجمعها ‪ Coptic Hope Charity‬هي للغرض الوحيد و هو الخدمات التي تقدمها ‪Coptic Hope‬‬ ‫‪ Charity‬لخدمة الفقراء والمعوزين‪.‬‬ ‫باإلنابة عن ‪ ، Coptic Hope Charity‬نود أن نشكركم على محبتكم وكرمكم ودعمكم‪.‬‬ ‫لمزيد من المعلومات ‪ ،‬يرجى االتصال بناجي بانوب على موبايل ‪ 0423 411 715‬أو البريد اإللكتروني‪:‬‬


COMPARATIVE THEOLOGY A Book by The Thrice Blessed


‫نقال عن مجلة الكرازة العدد‬ ‫ً‬ ‫(‪ 47‬و ‪ 3 )48‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫والفاخوري قال ‪. .‬‬ ‫القس غريغوريوس عوض‬

‫قد تبدو هذه العبارة ‪ -‬والتي هي شطرة من المديحة العربي الخاصة بشهر كهيك‪ ،‬والتي تُ قال على القطعة الثامنة من‬ ‫ثيؤطوكية األحد‪ ،‬والتي مطلعها "شيرى نى ماريا‪ .‬أبدي فيك بمديح " ‪ -‬مدعاة للتساؤل حول شخصية الفاخوري كمؤلف‬ ‫وخصوصا أنها ليست اإلشارة الوحيدة عنه في التسابيح الخاصة بشهر كيهك‪ ،‬فهناك إشارات‬ ‫وكاتب لمدائح السيدة العذراء‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أخرى‪ ،‬فعلى سبيل المثال ال الحصر‪:‬‬ ‫فيك الفاخوري"‪ ،‬وفي الطرح‬ ‫المديحة العربي على ثيؤطوكية يوم السبت‪" :‬أمدح في عذراء وبتول"‪ ،‬نجد فيها‪َ " :‬رتل‬ ‫ِ‬ ‫الواطس على ثيؤطوكية يوم الجمعة يرد‪" :‬كما قال الفاخوري‪." ...‬‬ ‫لخص مؤلفوا هذه المدائح العربية واحدة من أشهر الروايات‪ ،‬إن لم تكن أشهرها على اإلطاق حول مؤلف‬ ‫لقد ّ‬ ‫الثيؤطوكيات القبطية السبع‪ ،‬لكن السؤال هنا‪ّ :‬أية مدائح كتبها الفاخوري؟ هل هي الثيؤطوكيات السبع‪ ،‬أم مدائح أخرى‬ ‫أيضا‪ ،‬فأول أشارة في‬ ‫للسيدة العذراء؟ لألسف ال تجيبنا نصوص المدائح وال مؤلفوها‪ .‬وتقليدنا القبطي يعرف هذه الرواية ً‬ ‫تراثنا القبطي حول الفاخوري كمؤلف لمدائح للسيدة العذراء يعطينا إياها ابن كبر (‪ 1324 +‬م)‪ ،‬في عمله الهام ”مصباح‬ ‫الظلمة في إيضاح الخدمة“‪ ،‬فهو يذكر لنا عن مؤلف الثيؤطوكيات شخصين‪ ،‬ثانيهما‪ ،‬هو راهب من اإلسقيط يعطيه لقب‬ ‫جزءا منها‪.‬‬ ‫"‬ ‫قرموصيا = فاخوري"‪ُ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ويقال بأنه هو الذي رتب ألحانها أو كتب ً‬ ‫ورواية الفاخوري السرياني كمؤلف للثيؤطوكيات نجدها كذلك في التقليدين السرياني والحبشي‪ ،‬وملخص قصة‬ ‫‪ :‬أنه كان هناك شخص خائف اهلل يعيش في سوريا وكان يعمل بصناعة‬ ‫الفاخوري كما أوردها‬ ‫جدا في‬ ‫الفخار‪ ،‬وكان‬ ‫جدا وكان يمجدها من عمق قلبه‪ ،‬وظهرت له السيدة العذراء يوم االثنين باكراً ً‬ ‫محبا للسيدة العذراء ً‬ ‫ً‬ ‫قائلة‪" :‬السالم لك يا حبيبي وحبيب ابني‪ ،‬أنا جئت‬ ‫ً‬ ‫منظر مهيب وهي ملتحفة بالنور ومالئكة مصاحبين لها‪ ،‬وتكلمت اليه‬ ‫اليك اآلن لكي تمدحني أكثر ولكي تكون لي ذكرى دائمة "‪ ،‬فأجابها قائاً ‪" :‬يا سيدتي‪ ،‬أنا مسكين وحقير‪ ،‬كيف لي أن‬ ‫أمدحك؟ لكن باركيني بيديك المقدستين يا كنز (خزينة ( البركات "‪ .‬فقالت له‪" :‬بركة ابني وبركة أبيه وبركة الروح القدس‬ ‫تكون معك آمين‪ ، " .‬وبعدما قالت له هذا حلّ ت عليه نعمة الروح القدس‪ ،‬ففتح فمه وقال‪" :‬آدم الذي كان حزين القلب‬ ‫ومغموما‪ ،‬أراد الرب أن يخلصه ويرده مرة أخرى إلى مكانته األولى"‪ .‬ثم أنشد مديحة لمريم "ثيؤطوكية" ليوم االثنين‬ ‫ً‬ ‫حتى نهايتها كما تكلم الروح القدس على لسانه‪ .‬ولما انتهى من مدحها‪ ،‬باركته سيدتنا العذراء وأعطته السالم وصعدت‬ ‫بمجد عظيم إلى السماء‪.‬‬ ‫وفي يوم الثالثاء ظهرت له بنفس الطريقة وأمرته أن يمدحها اليوم كما يعطيه الروح القدس فأنشد ثيؤطوكية الثالثاء‪.‬‬ ‫وقد تكرر ظهورها له بنفس الطريقة باقي أيام األسبوع‪ ،‬وفي كل يوم كان يكتب مديحة لها (ثيوطوكية) اليوم‪ ،‬وهكذا‬ ‫تقريبا في‬ ‫أما في مساء السبت (ليلة األحد)‪ ،‬فقد ظهرت له السيدة العذراء والدة اإلله‪،‬‬ ‫ً‬ ‫من يوم االثنين الى يوم السبت‪ّ .‬‬ ‫منتصف الليل وقالت له‪" :‬لماذا ال تمجدني في هذا اليوم‪ ،‬الذي هو أعظم من باقي األيام‪ ،‬وتسبحته يجب أن تكون‬ ‫أطول من باقي التسابيح؟ "‪ ،‬فقال لها‪" :‬يا سيدتي‪ ،‬هذا اليوم هو (يوم السبت( يوم الراحة وال يعمل اإلنسان فيه أي‬ ‫عمل "‪ .‬فقالت له‪" :‬قم وال تخف وقف في مكان عملك وقل ما يعطيك إياه الروح القدس"‪ .‬فعندما قام باركته العذراء‬ ‫وقبل الصليب الذي كان بيدها ووقف في مكان عمله حيث يصنع الفخار وقال تسبحة أو ثيؤطوكية يوم األحد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فرحتني ومجدتني على األرض‪ ،‬سوف أفرحك أنا في‬ ‫ولما كان النهار‪ ،‬باركته العذراء وقالت له‪" :‬إفرح ياحبيبي‪ ،‬كما أنت ّ‬ ‫فرحا غير محدود في ملكوت السموات‬ ‫أيضا‬ ‫ملكوت السموات‪ .‬وكما صنعت ذكرى تمجيدي على األرض‪ ،‬سأمنحك ً‬ ‫ً‬ ‫كمكافأة على تعبك‪ ،‬وهكذا صار كما وعدته‪" .‬‬

‫وهناك مالحظات على هذه القصة‪:‬‬ ‫تقريبا بدايات الثيؤطوكيات‬ ‫أوال‪ :‬بدايات تسابيح الفاخوري عندما أيقظته السيدة العذراء وأمرته أن يمجدها‪ ،‬هي نفسها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫القبطية السبعة‪.‬‬ ‫جدا‪ ،‬أما‬ ‫ثانيا‪ :‬نالحظ من القصة أن السيدة العذراء قد أيقظت الفاخوري في كل يوم من أيام األسبوع الستة‬ ‫صباحا باكراً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ويمجد أطول من باقي أيام األسبوع‪.‬‬ ‫يوم األ حد فقد أيقظته في منتصف الليل‪ ،‬ربما ألن يوم األحد عليه أن ُيسبح ُ‬ ‫صباحا)‪،‬‬ ‫جدا (الرابعة‬ ‫ً‬ ‫هذه مالحظة طريفة نجدها حتي يومنا هذا في األديرة‪ ،‬ففي أيام األسبوع يستيقظ الرهبان باكراً ً‬ ‫صباحا) ألن تسبحة األحد أطول من تسبحة‬ ‫أما في تسبحة األحد فنجدهم يستقيظون بعد منتصف الليل بقليل (الثانية‬ ‫ً‬ ‫األيام‪).‬‬ ‫وفي النهاية نقول إنه ليس هناك ما يؤكد أن الفاخوري هو مؤلف أو كاتب الثيؤطوكيات القبطية‪ ،‬أما الكالم عن‬ ‫مؤلف‪ /‬مؤلفي الثيؤطوكيات القبطية وعالقة الثيؤطوكيات بالكتاب الحبشي "‪ "Weddase Mariam‬فهذا موضوع ال‬ ‫يتسع المجال لدراسته هنا‪.‬‬


‫المسيح في سفر إشعيا ء‬

‫كتا ب لمثلث الرحما ت‬ ‫األنبا بيشو ي مطران دمياط‬

‫تابع ما قبله في العدد قبل الماضي‪،‬‬

‫وبا ِم َن َّ‬ ‫ليوضح‬ ‫ّ‬ ‫اه ُم َص ًابا‪( " .‬إش‪ )4 :53‬يتكلم بلسان األمة اليهودية‬ ‫"ونَ ْح ُن َح ِس ْبنَ ُ‬ ‫الل ِه ‪ -‬فى قوله‪َ :‬‬ ‫اه ُم َص ًابا َم ْض ُر ً‬ ‫نَ ْح ُن َح ِس ْبنَ ُ‬ ‫أساسا إلى ما ورد في سفر التثنية عن المصلوب‬ ‫ترجع‬ ‫المسألة‬ ‫‪.‬‬ ‫المسيح‬ ‫السيد‬ ‫لصليب‬ ‫فهمهم‬ ‫في‬ ‫اليهود‬ ‫انحرف‬ ‫كيف‬ ‫ً‬ ‫أو المعلق على خشبة‪:‬‬ ‫م‬ ‫لقتَ ُه َعلى َخ َش َب ٍة‪َ .‬فال تَ ِب ْت ُج َّثتُ ُه َعلى َ‬ ‫الم ْو ُت َف ُقتِ ل َو َع ْ‬ ‫" َو ِإ َذا َك َ‬ ‫الخ َش َب ِة َبل تَ ْد ِفنُ ُه ِفي َذلِ َك َ‬ ‫ان َخ ِط َّي ٌة َح ُّق َها َ‬ ‫ان َعلى ِإنْ َس ٍ‬ ‫الي ْو ِ‬ ‫ون ِم َن اهللِ‪َ .‬فال تُ نَ ِّج ْس َأ ْر َض َك التِ ي ُي ْع ِط َ‬ ‫له َك نَ ِص ًيبا" (تث‪.)23 ،22 :21‬‬ ‫الم َع َ‬ ‫لع ٌ‬ ‫الر ُّب ِإ ُ‬ ‫يك َّ‬ ‫لق َم ُ‬ ‫َأل َّن ُ‬ ‫صلبا‪ .‬وعندما قال لهم بيالطس الوالي الروماني‪:‬‬ ‫أصر رؤساء الكهنة وقيادات اليهود على أن يتم قتل السيد المسيح ً‬ ‫لقد ّ‬ ‫"ال َي ُجوزُ لَ نَ ا َأ ْن نَ ْقتُ َل َأ َح ًدا" وعلّ ق إنجيل يوحنا على هذه‬ ‫وس ُك ْم"‪ .‬قال له اليهود‪َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫ام ِ‬ ‫اح ُك ُموا َعلَ ْي ِه َح َس َب نَ ُ‬ ‫وه َأنْ تُ ْم َو ْ‬ ‫"خ ُذ ُ‬ ‫وت" (يو‪.)32 ،31 :18‬‬ ‫ان ُمزْ ِم ًعا َأ ْن َي ُم َ‬ ‫وع الَّ ِذي َقالَ ُه ُم ِش ًيرا إلى َأ َّي ِة ِميتَ ٍة َك َ‬ ‫المناقشة "لِ َيتِ َّم َق ْو ُل َي ُس َ‬ ‫ينفذوا حكم الموت في السيد المسيح‪ ،‬ألنهم كانوا يرجمون المحكوم عليه بالموت مثلما فعلوا‬ ‫لقد رفض اليهود أن ّ‬ ‫مع القديس إستفانوس رئيس الشمامسة وأول الشهداء (انظر أع ‪ .)59 :7‬وكانوا كاذبين في كالمهم مع بيالطس عندما‬ ‫قالوا‪َ " :‬ال َي ُجوزُ لَ نَ ا َأ ْن نَ ْقتُ َل َأ َح ًدا" ألنهم قتلوا إستفانوس بحكم من مجمعهم وليس بحكم من السلطة الرومانية بعد ذلك‬ ‫مصلوبا ليثبتوا عليه اللعنة حسبما ورد في سفر التثنية أن‬ ‫بسنوات قليلة‪ .‬ولكن كان غرضهم هو أن يموت السيد المسيح‬ ‫ً‬ ‫ون ِم َن اهللِ" (تث ‪.)23 :21‬‬ ‫الم َع َ‬ ‫لع ٌ‬ ‫لق َم ُ‬ ‫" ُ‬ ‫ان َّ‬ ‫ون‬ ‫الش ْع ُب َو ِ‬ ‫ين َينْ ظُ ُر َ‬ ‫اق ِف َ‬ ‫يعيرون السيد المسيح وهو معلّ ق على الصليب ويسخرون منه " َو َك َ‬ ‫وبناء على ذلك كانوا ّ‬ ‫ً‬ ‫يح ُم ْختَ َار اهللِ" (لو‪.)35 :23‬‬ ‫ين‪َ :‬خلَّ َص َ‬ ‫ين َفلْ ُي َخلِّ ْص نَ ْف َس ُه ِإ ْن َك َ‬ ‫آخ ِر َ‬ ‫ون ِب ِه َقائِ لِ َ‬ ‫الر َؤ َس ُاء َأ ْي ًضا َم َع ُه ْم َي ْس َخ ُر َ‬ ‫ان ُه َو الْ َم ِس َ‬ ‫َو ُّ‬ ‫وبا ِم َن اللَّ ِه َو َم ْذلُ ً‬ ‫وال" (إش‪.)4 :53‬‬ ‫اه ُم َص ًابا َم ْض ُر ً‬ ‫تحققت كلمات إشعياء النبي " َونَ ْح ُن َح ِس ْبنَ ُ‬ ‫وفى الحقيقة إن السيد المسيح قد حمل لعنة خطايانا‪ ،‬لذلك قال معلمنا بولس الرسول عن اآلب السماوي‪َ " :‬ج َع َل الَّ ِذي‬ ‫يه" (‪2‬كو‪.)21 :5‬‬ ‫لَ ْم َي ْع ِر ْف َخ ِط َّي ًة‪َ ،‬خ ِط َّي ًة َأل ْجلِ نَ ا‪ ،‬لِ نَ ِص َير نَ ْح ُن ِب َّر اهللِ ِف ِ‬ ‫لَ‬ ‫َ‬ ‫الَّ‬ ‫الْ‬ ‫لَ‬ ‫الَّ‬ ‫ان ِض ًّدا نَ ا‪َ ،‬و َق ْد َر َف َع ُه‬ ‫الص َّك ِذي َع ْينَ ا ِفي َف َرائِ ِض‪ِ ،‬ذي ك َ‬ ‫لقد محا السيد المسيح لعنة الخطية كقول الكتاب "إذ محا َّ‬ ‫اج الْ ُمتَ َو ِّس َ َ‬ ‫"ونَ َق َض َحائِ َ‬ ‫امو َس الْ َو َص َايا‬ ‫او َة‪ُ .‬م ْب ِط ًال ِب َج َس ِد ِه نَ ُ‬ ‫ي الْ َع َد َ‬ ‫ط ِّ‬ ‫يب" (كو‪َ ،)14 :2‬‬ ‫اه ِب َّ‬ ‫ِم َن الْ َو َس ِط ُم َس ِّم ًرا َّإي ُ‬ ‫الصلِ ِ‬ ‫الس َي ِ‬ ‫ط‪ ،‬أ ِ‬ ‫اح ٍد َم َع‬ ‫يدا‪َ ،‬صانِ ًعا َسالَ ًما‪َ ،‬و ُي َصالِ َح‬ ‫ي َي ْخلُ َق‬ ‫االثني ِن ِفي َج َس ٍد َو ِ‬ ‫االثني ِن ِفي نَ ْف ِس ِه ِإنْ َسانً ا َو ِ‬ ‫ْ‬ ‫اح ًدا َج ِد ً‬ ‫ْ‬ ‫ِفي َف َرائِ َض‪ ،‬لِ َك ْ‬ ‫وس‪ِ ،‬إ ْذ َص َار لَ ْعنَ ًة‬ ‫يح ْ‬ ‫افتَ َدانَ ا ِم ْن لَ ْعنَ ِة النَّ ُ‬ ‫او َة ِب ِه" (أف‪ .)16 :2‬ويتضح األمر تما ًما في قوله‪" :‬الْ َم ِس ُ‬ ‫يب‪َ ،‬قاتِ ًال الْ َع َد َ‬ ‫اهللِ ِب َّ‬ ‫ام ِ‬ ‫الصلِ ِ‬ ‫ون ُك ُّل َم ْن ُعلِّ َق َعلَ ى َخ َش َب ٍة" (غل‪.)13 :3‬‬ ‫وب‪َ :‬ملْ ُع ٌ‬ ‫َأل ْجلِ نَ ا‪َ ،‬ألنَّ ُه َم ْكتُ ٌ‬ ‫ب ين الصليب والحية في البرية ‪ -‬لماذا رفع موسى الحية في البرية كرمز للصليب؛ مع أن الحية ترمز إلى الشيطان‪..‬؟!‬ ‫وسمر الخطية هناك ونزل عن الصليب وتركها‬ ‫المسألة أن السيد المسيح قد حمل خطايانا في جسده‪ ،‬وارتفع إلى الصليب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مسمرة‪ .‬وبعد قيامته ظهر في البستان لمريم المجدلية‪ .‬ليكون البستان هو بمثابة الفردوس الجديد بدون الحية القديمة‬ ‫ّ‬ ‫سمرت على الصليب‪ .‬بمعنى أن تعليم إبليس ال وجود له داخل كنيسة المسيح‪ ،‬والسيد المسيح هو المعلّ م الوحيد‪.‬‬ ‫التي ّ‬ ‫لذلك قالت له مريم المجدلية‪َ " :‬ر ُّبونِ ي الَّ ِذي تَ ْف ِس ُير ُه َيا ُم َعلِّ ُم" (يو‪.)16 :20‬‬ ‫كيف أزال اآلب السماوي ُشبهة اللعنة عن ابنه المحبوب؟‬ ‫لَ‬ ‫وب ِإلَ َه َآبائِ نَ ا‬ ‫ق‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫س‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫يم‬ ‫اه‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫إ‬ ‫ه‬ ‫إ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫"‬ ‫‪:‬‬ ‫لليهود‬ ‫الرسول‬ ‫بطرس‬ ‫اق ًضا َأ ْو َج َاع الْ َم ْو ِت" (أع‪ ،)24 :2‬وقال‬ ‫لقد َ‬ ‫ِ‬ ‫ام ُه اهللُ نَ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫"أق َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫وس‬ ‫ام َو ْج ِه ِب َ‬ ‫يالطُ َس َو ُه َو َح ِ‬ ‫وه َأ َم َ‬ ‫اك ٌم ِب ِإطْ َال ِق ِه‪َ .‬ولَ ِك ْن َأنْ تُ ْم َأنْ َك ْرتُ ُم الْ ُق ُّد َ‬ ‫وه َأنْ تُ ْم َو َأنْ َك ْرتُ ُم ُ‬ ‫وع الَّ ِذي َأ ْسلَ ْمتُ ُم ُ‬ ‫اه َي ُس َ‬ ‫َم َّج َد َفتَ ُ‬ ‫ام ُه اهللُ ِم َن َ‬ ‫ود لِ َذلِ َك" (أع ‪-13 :3‬‬ ‫األ ْم َو ِ‬ ‫يس الْ َح َي ِ‬ ‫الْ َب َّار َوطَ لَ ْبتُ ْم َأ ْن ُي َ‬ ‫ات َونَ ْح ُن ُش ُه ٌ‬ ‫وه الَّ ِذي َأ َق َ‬ ‫اة َقتَ لْ تُ ُم ُ‬ ‫وه َب لَ ُك ْم َر ُج ٌل َقاتِ ٌل‪َ .‬و َرئِ ُ‬ ‫‪.)15‬‬ ‫إذن حينما مات السيد المسيح فإنه مات ألجل خطايانا‪ ،‬وحينما قام من األموات في اليوم الثالث فإنه قام لسبب بره‬ ‫الشخصي‪ ،‬ولكي يعلن اآلب أن اللعنة لم تكن لعنته الشخصية بل لعنتنا نحن التي حملها نيابة عنا ومحاها بالصليب‪ .‬وقد‬ ‫مجد اآلب ابنه بالقيامة من األموات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نظرا ألن قدرة‬ ‫وركز اآلباء الرسل على عمل اآلب في إقامة االبن المتجسد مع أن االبن قد قام بسلطان الهوته‪ .‬ولكن ً‬ ‫واحدة هي لآلب واالبن والروح القدس‪ .‬لذلك أمكن أن يقال أن اآلب أقامه‪ ،‬أو أن الروح القدس أقامه‪ ،‬كما أنه هو أقام‬ ‫يم ُه‪َ .‬ف َق َ‬ ‫ي َه َذا الْ َه ْي َك ُل‬ ‫نفسه كقوله لليهود‪" :‬انْ ُق ُضوا َه َذا الْ َه ْي َك َل َو ِفي َ‬ ‫ود‪ِ :‬في ِس ٍّت َو َأ ْر َب ِع َ‬ ‫ال الْ َي ُه ُ‬ ‫ام ُأ ِق ُ‬ ‫ين َسنَ ًة ُبنِ َ‬ ‫ثالثَ ِة َأ َّي ٍ‬ ‫يم ُه؟‬ ‫َأ َف َأنْ َت ِفي َ‬ ‫ام تُ ِق ُ‬ ‫ثالثَ ِة َأ َّي ٍ‬ ‫ان َي ُق ُ‬ ‫ول َع ْن َه ْي َك ِل َج َس ِد ِه" (يو‪. )21-19 :2‬‬ ‫َو َأ َّما ُه َو َف َك َ‬

‫يتبع في العدد القادم ‪...‬‬


‫عظات القديس مقاريوس الكبير‬ ‫العظة الرابعة ‪ -‬السعي للملكوت األبدي محبة اهلل الشديدة لإلنسان‬ ‫تابع ما قبله في العدد الماضي‪،‬‬ ‫عواطفهن الحارة للعريس السماوي‪ .،‬فلم ُيزودن‬ ‫يقدمن‬ ‫حبهن ولم‬ ‫إذ قد ُربطن برباط العالم وبمحبة أرضية‪ ،‬لم يوجهن كل‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫بالزيت‪ .‬فالنفوس التي تطلب تقديس الروح الذي هو من خارج طبيعتها تُ َعلِ ق حبها كله بالرب وتسير في الرب‪ ،‬وفي الرب‬ ‫أهال لنوال زيت النعمة السماو َّية‪ ،‬وتنجح في‬ ‫ً‬ ‫تصلي‪ ،‬وبه تنشغل أفكارها‪ ،‬تاركين كل ما هو سواه‪ ،‬ولهذا السبب تُ حسب‬ ‫كامال للعريس السماوي‪ .‬وأما النفوس التي تكتفي بما لطبيعتها‬ ‫ً‬ ‫وإشباعا‬ ‫إرضاء‬ ‫عبور هذه الحياة بال سقوط مقدمين‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الخاصة فقط فإنها تهبط بفكرها على األرض‪ .‬وتنشغل أفكارها باألرض‪ ،‬ويكون عقلها كله في األرض‪ .‬وهي تظن في‬ ‫ذاتها أنها تطلب العريس وتتزين بكماالت ّبر الجسد‪ ،‬ولكنها غير مولودة من الروح القدس من فوق‪ ،‬ولم تنل زيت البهجة‪.‬‬ ‫حقا عذارى حكيمات حاصالت‬ ‫فحواس النفس الخمس العاقلة‪ ،‬إن هي حصلت من فوق على النعمة وتقديس الروح كانت ً‬ ‫بقين في راحة مكتفيات بطبيعتهن فإنهن يكن جاهالت وينكشف أنهن من أبناء‬ ‫على حكمة النعمة من فوق‪ .‬ولكن إن‬ ‫َّ‬ ‫يكن قد خلعن روح العالم‪ ،‬رغم أنه في ظنهن أنهن عرائس العريس بسبب بعض المظاهر الخاصة والشكل‬ ‫العالم‪ .‬إذ لم‬ ‫َّ‬ ‫الخارجي‪ .‬فكما أن النفوس التي تلتصق بكليتها بالرب تكون فيه بفكرها‪ ،‬تصلي فيه وتسير فيه وتشتاق لمحبة الرب‪ ،‬هكذا‬ ‫المقيدة والمربوطة بحب العالم‪ ،‬تريد أن تصرف وجودها على األرض وتسعى وتفكر فيها‬ ‫من الجهة األخرى‪ ،‬تلك النفوس ُ‬ ‫وهناك يسكن ويوجد عقلها‪ .‬ولهذا السبب فإنهم ال يقدرون أن يتحولوا إلى حكمة الروح الصالحة التي هي غريبة عن‬ ‫السماوية ‪ -‬التي يلزم أن تلتحم بطبيعتنا وتمتزج بها‪ ،‬لكي نستطيع الدخول مع الرب إلى عرس‬ ‫طبيعتهن ‪ -‬أعني النعمة‬ ‫َّ‬ ‫الملكوت السماوي ولننال الخالص األبدي‪ .‬ألنه بمعصية اإلنسان األول دخل فينا شيء غريب عن طبيعتنا‪ ،‬الذي هو كارثة‬ ‫الفساد واألهواء وقد اتخذ هذا الفساد مكانه كأنه جزء من طبيعتنا بطول العادة والميل‪ ،‬وهذا الشيء الغريب يجب أن‬ ‫السماوية‪ ،‬لكيما نستعيد النقاوة األصلية‪ ،‬وإن‬ ‫ُيطرد ثانية بواسطة الضيف اآلخر‪ ،‬ضيف طبيعتنا أي موهبة الروح القدس‬ ‫َّ‬ ‫لم نحصل اآلن على محبة الروح من السماء بالتضرع الكثير‪ ،‬والتوسل‪ ،‬واإليمان‪ ،‬والصالة‪ ،‬والتحول عن العالم‪ ،‬وإن لم تلتصق‬ ‫طبيعتنا ‪ -‬التي كانت قد تلوثت بالشر ‪ -‬إن لم تلتصق بالمحبة‪ ،‬التي هي الرب‪ ،‬وتتقدس بمحبة الروح‪ ،‬وإن لم نثبت إلى‬ ‫النهاية غير عاثرين‪ ،‬سالكين بجد وتدقيق في كل وصاياه‪ ،‬فال يمكننا الحصول على الملكوت السماوي‪.‬‬ ‫حنان اهلل ومحبته الشديدة لإلنسان‪ :‬وأريد أن أتكلم بعمق ودقة في هذا الموضوع بأقصى قدراتي‪ ،‬فاسمعوا لي إذن‬ ‫جسدا‪ ،‬بصالحه وحنانه الذي يفوق العقل‪ ،‬أي‬ ‫بانتباه وذكاء‪ :‬إن اهلل غير المحدود‪ ،‬الذي ال ُيدنى منه‪ ،‬غير المخلوق قد صار‬ ‫ً‬ ‫أنه أخلى نفسه من مجده الذي ال ُيدنى منه‪ ،‬ليتمكن من االتحاد بخالئقه المنظورة‪ ،‬مثل نفوس القديسين‪ ،‬والمالئكة‪،‬‬ ‫وذلك حتى يستطيعوا هم أن يشتركوا في حياة الالهوت‪ .‬فإن كل واحد من هذه (الخالئق)‪ ،‬بحسب نوعه‪ ،‬هو جسم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫نفسا أو شيطانً ا‪ .‬وبرغم لطافة طبيعة كل منهم بحسب نوعها‪ ،‬فإنهم في جوهرهم وصفاتهم‬ ‫مالكا أو‬ ‫سواء كان‬ ‫ً‬ ‫أجسام ا لطيفة‪ ،‬كما أن جسدنا هذا هو في جوهره جسم كثيف‪ .‬وأكثر من ذلك فإن النفس‪ ،‬التي‬ ‫وصورتهم‪ ،‬ال يزالون‬ ‫ً‬ ‫جدا‪ ،‬قد استعانت بالعين لتنظر بها‪ ،‬واألذن لتسمع بها‪ ،‬واللسان لتتكلم به‪ ،‬واليد‪ ،‬بل وكل الجسد وأعضاءه قد‬ ‫هي لطيفة ً‬ ‫استعانت بها النفس واتحدت بها‪ ،‬وعن طريقها تقوم بكل واجبات الحياة‪.‬‬ ‫و بنفس الطريقة‪ ،‬فإن اهلل غير المحدود‪ ،‬الذي يفوق اإلدراك‪ ،‬في صالحه ورحمته‪ ،‬أنقص نفسه (أخلى نفسه)‪ ،‬ولبس أعضاء‬ ‫جسدا‪ ،‬ويأخذ إليه النفوس‬ ‫متخليا عن المجد الذي ال ُيدنى منه‪ ،‬وبرأفته ومحبته لإلنسان يصير هو بنفسه‬ ‫هذا الجسد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ونفسا في‬ ‫واحدا كما قال الرسول بولس (‪ 1‬كو ‪)10 :6‬‬ ‫روحا‬ ‫المرضية األمينة‪ ،‬ويختلط معها‪ ،‬بل ويصير معها‬ ‫المقدسة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وجوهرا في جوهر‪ ،‬حتى أن النفس تستطيع أن تعيش في اتحاد‪ ،‬وتتذوق الحياة غير‬ ‫نفس‪ ،‬وإن أمكن أن أقول هكذا‪:‬‬ ‫ً‬ ‫المائتة وتصير شريكة في المجد الذي ال يفسد ‪ -‬أعني إذا كانت النفس مؤهلة ومرضية عنده‪ .‬فإن كان اهلل‪ ،‬مما لم يكن‪،‬‬ ‫قد خلق الخليقة المنظورة‪ ،‬بمثل هذا التنوع واالختالف‪ ،‬وقبل أن تُ خلق لم يكن لها وجود‪ -‬وهكذا شاء فصنع بسهولة‪ ،‬من‬ ‫وأيضا خلق‬ ‫ً‬ ‫العدم‪ ،‬جواهر كثيفة وجامدة‪ ،‬مثل األرض والجبال واألشجار ‪ -‬وها أنت ترى مدى الصالبة التي في الطبيعة ‪-‬‬ ‫أيضا مخلوقات ذات طبيعة ألطف‪ ،‬كالنار والرياح وأشياء أخرى تصل‬ ‫المياه المتوسطة‪ ،‬وأمر بأن تخرج منها الطيور ‪ -‬وصنع ً‬ ‫يعبر عنها ‪ -‬مهارة “حكمة‬ ‫في لطفاتها إلى حد عدم إمكان رؤيتها بعين الجسد‪ .‬فإن كانت المهارة غير المحدودة التي ال ّ‬ ‫كل بحسب نوع‬ ‫اهلل المتنوعة” (أف ‪ )10:3‬تستطيع أن تخلق من العدم‬ ‫أجساما كثيفة وأخرى لطيفة وأخرى ألطف ً‬ ‫ً‬ ‫جدا‪ٍ ،‬‬ ‫جدا‪ ،‬ذلك الذي يفعل كما يشاء وما يشاء‪ ،‬وبرحمته التي ال توصف‬ ‫جوهره‪ ،‬وذلك بحسب مشيئته‪ ،‬فهل ال يستطيع باألحرى ً‬ ‫يغير ويكيف النفوس المستحقة واألمينة‪ ،‬ويجعلها مشابهة له بواسطة الجسد الذي‬ ‫وصالحه الذي يفوق العقل‪ ،‬أن ّ‬ ‫اتخذه‪ ،‬حتى أنه وهو غير المنظور‪ ،‬يمكن أن ينظروه‪ ،‬وغير الملموس يحسوه على حسب لطافة طبيعة النفس ‪ -‬ولكيما‬ ‫نارا محرقة‬ ‫اختبارا‬ ‫يشعروا بحالوته ويختبروه‬ ‫حقيقيا إذ يتمتعون بجمال وبهاء نوره الذي يفوق الوصف؟ وحينما يريد يصير ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لكل هوى خبيث دخل إلى النفس‪“ ،‬ألن إلهنا نار آكلة” (عب ‪ .)29 :12‬وحينما يريد يصير راحة ال ُينطق بها وال ُيعبر عنها‪،‬‬ ‫ومعانقاً لها‪.‬‬ ‫فرحا‬ ‫ومدلِ ًال ُ‬ ‫وسالما للنفس‪ُ ،‬‬ ‫ً‬ ‫لكي تستريح النفس في راحة الالهوت الخاصة‪ .‬وحينما يريد يصير ً‬

‫يتبع في العدد القادم ‪...‬‬


‫الالهوت المقارن‬ ‫كتاب لمثلث الطوبى‬ ‫البابا األنبا شنوده الثالث‬ ‫تابع ما قبله في العدد الماضي‪،‬‬

‫وهنا استخدم الكتاب كلمة امرأة عن العذراء المخطوبة وكلمة امرأة تدل على األنوثة وليس على‬ ‫الزواج‪ .‬والواقع أن حواء سميت ً‬ ‫أوال امرأة ألنها من امرئ أخزت (تك‪ .)23:2‬وسميت حواء ألنها أم‬ ‫لكل حي (تك‪ .)20:3‬فكلمة امرأة تدل على خلقها وأنوثتها‪ .‬وكلمة حواء تدل على أمومتها‪.‬‬ ‫ودليل أن كلمة امرأة بالنسبة إلى العذراء كانت تدل على خطوبتها وليس زواجها‪ ،‬قول القديس‬ ‫حبلي " (لو‪،4 :2‬‬ ‫‪.‬‬ ‫أيضا من الجليل‪ ،‬ليكتتب مع امرأته المخطوبة وهي‬ ‫لوقا اإلنجيلي "فصعد يوسف ً‬ ‫‪ .)5‬إذن عبارة "ال تخف أن تأخذ مريم امرأتك" معناها خطيبتك‪..‬‬ ‫فمريم ُد ِع َيت امرأة ليس ألنها فقدت بتوليتها‪ ،‬حاشا‪ .‬فالكتاب يشهد أنه لم يعرفها‪ .‬ولكن دعيت‬ ‫هكذا‪ ،‬ألن هذا هو التعبير المألوف عند اليهود‪ ،‬أن تدعي الخطيبة امرأة‪ .‬بل األنثى كانت تدعي‬ ‫امرأة‪ .‬بدليل أن حواء عقب خلقها مباشرة دعيت امرأة‪ ،‬قبل الخطية والطرد من الجنة واإلنجاب‪..‬‬ ‫ونالحظ أن المالك لم يستخدم مع يوسف عبارة امرأتك بعد ميالد المسيح‪ ،‬وإنما قال له "قم خذ‬ ‫الصبي وأمه" (مت‪ .)13:2‬وفي عودته من مصر قال له "قم خذ الصبي وأمه" (مت‪ ..)20:2‬وفعل‬ ‫يوسف هكذا في السفر إلى مصر وفي الرجوع "قام وأخذ الصبي وأمه" (مت‪ .)21 ،14 :2‬ولم‬ ‫يستخدم عبارة امرأته‪.‬‬ ‫عبارة امرأته استخدمت قبل الحمل وأثناءه لكي تحفظ مريم فال يرجمها اليهود‪ ،‬إذ أنها قد حبلت‬ ‫وهي ليست امرأة لرجل‪ .‬أما بعد والدة المسيح‪ ،‬فلم يستخدم الوحي اإللهي هذه العبارة‪ ،‬ال بالنسبة‬ ‫إلى كالم المالك مع يوسف‪ ،‬وال بالنسبة إلى ما فعله يوسف‪ .‬وال بالنسبة إلى المجوس الذين‬ ‫"رأوا الصبي مع مريم أمه" (مت‪ .)11:2‬وال بالنسبة إلى الرعاة الذين "وجدوا مريم ويوسف‪ ،‬والطفل‬ ‫مضطجعا" (مت‪.)16:2‬‬ ‫ً‬ ‫قبل أن يجتمعا ‪ -‬هدف اإلنجيلي هو إثبات أن المسيح قد حبل به من عذراء لم تعرف ً‬ ‫رجال لسببين‪:‬‬ ‫‪ -)1‬إلثبات أن المولود‪ ،‬لم يولد والدة طبيعية من أبوين كباقي الناس‪ ،‬إنما والدته من عذراء دليل‬ ‫على الهوته‪ ،‬إذ يكون قد ولد من الروح القدس‪ .‬وهذا ما عبر عنه المالك بقوله "ألن الذي حبل به‬ ‫فيها هو من الروح القدس" (مت‪.)20:1‬‬ ‫قادرا‬ ‫يكون‬ ‫وبهذا‬ ‫لجدية‪.‬‬ ‫ا‬ ‫الخطية‬ ‫يرث‬ ‫لم‬ ‫أنه‬ ‫نؤمن‬ ‫تجعلنا‬ ‫بشر‪،‬‬ ‫‪ -)2‬ألن والدته من عذراء من غير زرع‬ ‫ً‬ ‫على خالصنا‪ ،‬ألنه إذ هو بال خطية يمكن أن يموت عن الخطاة‪.‬‬ ‫لذلك كان تركيز الرسول هو على أن العذراء لم تجتمع برجل قبل ميالد المسيح إلثبات ميالده‬ ‫العذراوي‪ ،‬أما كونها بعد ميالده لم تجتمع برجل فهذا أمر بديهي ال يحتاج إلى إثبات‪.‬‬ ‫لم يعرفها حتى ‪ -‬عبارة "حتى"‪ ،‬أو (إلى أن) ‪ Until‬تنسحب على ما قبلها‪ ،‬وال تعني عكسها فيما‬ ‫بعد‪ .‬ومثال ذلك‪:‬‬ ‫وطبعا بعد‬ ‫‪ )1‬قول الكتاب عن ميكال ابنة شاول الملك "ولم يكن لها ولد حتى ماتت" (‪2‬صم‪.)23:6‬‬ ‫ً‬ ‫أن ماتت لم يكن لها ولد‪..‬‬ ‫وطبعا بعد‬ ‫‪ )2‬وقول السيد المسيح "ها أنا معكم كل األيام وإلي انقضاء الدهر" (مت‪.)19:28‬‬ ‫ً‬ ‫انقضاء الدهر متى سيظل معنا‪ ،‬وكذلك قول الرب للمسيح "اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك‬ ‫وطبعا بعد هذا سيظل عن يمينه‪..‬‬ ‫تحت قدميك" (مز‪.)110‬‬ ‫ً‬ ‫يتبع في العدد القادم ‪...‬‬


‫‪ 12‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫‪ 3‬كيهك ‪1738‬‬

‫عدد رقم ‪848‬‬

‫َف َق َ‬ ‫ال َل ُه ْال َم َال ُك‪:‬‬ ‫" َال تَ َخ ْف َيا زَ َك ِر َّيا‪،‬‬ ‫َأل َّن ِط ْل َبتَ َك َق ْد‬ ‫ام َر َأتُ َك‬ ‫ُس ِم َع ْت‪َ ،‬و ْ‬ ‫ات َستَ ِل ُد‬ ‫يص َاب ُ‬ ‫َأ ِل َ‬ ‫يه‬ ‫َل َك ْابنً ا َوتُ َس ِّم ِ‬ ‫ون‬ ‫وحنَّ ا‪َ .‬و َي ُك ُ‬ ‫ُي َ‬ ‫اج‪،‬‬ ‫َل َك َف َر ٌح َو ْاب ِت َه ٌ‬ ‫ون‬ ‫ون َس َي ْف َر ُح َ‬ ‫َو َك ِث ُير َ‬ ‫ون‬ ‫ِب ِو َال َد ِت ِه‪َ ،‬ألنَّ ُه َي ُك ُ‬ ‫الر ِّب‪،‬‬ ‫يما َأ َم َ‬ ‫ام َّ‬ ‫َع ِظ ً‬ ‫َو َخ ْم ًرا َو ُم ْس ِك ًرا َال‬ ‫َي ْش َر ُب‪َ ،‬و ِم ْن َب ْ‬ ‫ط ِن‬ ‫ئ ِم َن‬ ‫ُأ ِّم ِه َي ْمتَ ِل ُ‬ ‫وح ْال ُق ُد ِس‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫الر ِ‬ ‫ين ِم ْن‬ ‫َو َي ُر ُّد َك ِث ِير َ‬ ‫َب ِني ِإ ْس َر ِائ َ‬ ‫يل ِإ َلى‬ ‫له ِه ْم‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫الر ِّب ِإ ِ‬ ‫َ‬ ‫ام ُه‬ ‫َو َيتَ َق َّد ُم أ َم َ‬ ‫وح ِإ ِيل َّيا َو ُق َّو ِت ِه‪،‬‬ ‫ِب ُر ِ‬ ‫اآلب ِاء‬ ‫وب َ‬ ‫ِل َي ُر َّد ُق ُل َ‬ ‫ِإ َلى َ‬ ‫األ ْبنَ ِاء‪،‬‬ ‫اة ِإ َلى ِف ْك ِر‬ ‫َو ْال ُع َص َ‬ ‫َ‬ ‫ئ‬ ‫ي ُي َه ِّي َ‬ ‫األ ْب َر ِار‪ِ ،‬ل َك ْ‬ ‫ِل َّلر ِّب َش ْع ًب ًا ُم ْستَ ِع ًّد ًا"‬ ‫تذكار دخول القديسة العذراء مريم إلى الهيكل‬

‫(‪ 3‬كيهك – ‪ 12‬ديسمبر)‬

‫(لوقا ‪)17-13 :1‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.