الأسس والمنطلقات

Page 1


‫اسم الكتاب‪ :‬األس�س والمنطلقات ‪ ،‬في تحليل وتفصيل غوامض فقه التحوالت‪،‬‬ ‫وما يرتبط به من س�نن المواقف والدالالت ‪ ،‬المس�تنبطة من أشراط‬ ‫الساعة وأحاديثها البينات‬ ‫اسم المؤلف‪ :‬أبوبكر العدني ابن علي بن أبي بكر المشهور‬ ‫رقم الطبعة‪ :‬الطبعة األولى ‪ 1431‬هـ ‪ 2010 -‬م‬ ‫عدد الصفحات‪ 475 :‬صفحة‬ ‫قياس القطع‪ 24 × 17 :‬سم‬

‫يمكن مراسلة المؤلف على العنوان التالي ‪info@goraba.net‬‬ ‫الناشر ‪ :‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫مركز اإلبداع الثقافي للدراسات وخدمة التراث‬

‫الجمهورية اليمنية ‪ -‬عدن ‪+9672 251089‬‬

‫ص‪.‬ب ‪ 70014 : .‬‬

‫للمالحظات الفنية ‪ /‬العلمية ‪ /‬عزو النصوص وتخريج األحاديث لإلفادة منها في الطبعة القادمة‬ ‫‪ahmadalkaff@gmail.com‬‬

‫جمي�ع الحق�وق محفوظ�ة‪ ،‬ال يس�مح بإع�ادة إص�دار ه�ذا الكت�اب أو أي جزء من�ه أو تخزين�ه في نطاق اس�تعادة‬ ‫ المعلومات أو نقله بأي شكل من األشكال دون إذن خطي مسبق من المؤلف‬ ‫‪All rights reserved. No part of this book may be reproduced, stored in a retrieval‬‬ ‫‪system or transmitted in any form by any means without prior permission in writing‬‬ ‫‪the Author‬‬



‫المحتويات‬ ‫الجزء األول‬ ‫تعريف الساعة وما يتعلق بها‬ ‫محور الموضوع حديث جبريل (أم السنة)‬ ‫أركان الدين الثالثة وعالقتها بالركن الرابع‬ ‫أركان العلم بعالمات الساعة‬ ‫الفرق بين الساعة وعالماتها‬ ‫الفرق بين الساعة والعلم بعالمات الساعة‬ ‫مفهوم فقه التحوالت‬ ‫تأصيل فقه التحوالت من الكتاب والسنة‬ ‫أقسام فقه التحوالت‬ ‫عالقة فقه التحوالت بالدعوة إلى الله‬ ‫سنة المواقف وسنة الداللة وموقعها من فقه التحوالت‬ ‫غياب العلـم بفقه التحوالت وما ترتب عليه‬ ‫مفهوم الخلفاء في فقه التحوالت‬ ‫من هم النمط األوسط ؟‬ ‫مواقف النمط األوسط من طرفي اإلفراط والتفريط‬ ‫علماء فقه التحوالت وعالمات الساعة‬ ‫كركن من أركان الدين؟‬ ‫لم سكت العلماء عن اإلفصاح الواضح لعالمات الساعة‬ ‫ٍ‬ ‫موقع األمثلة والرموز والشعارات والشارات واأللوان في فقه التحوالت‬

‫الجزء الثاني‬ ‫التفصيل الجامع ألركان العلم بعالمات الساعة‬ ‫الركن األول العلم الالزم بالعالمات الوسطى‬ ‫أقسام مرحلة الملك العضوض‬ ‫قراءة مرحلة الغثاء والوهن من واقع فقه التحوالت‬ ‫التقسيم الشرعي للمرحلة الغثائية‬


‫فتنة الدهيماء‪ ..‬مرحلة االستهتار‬ ‫الفتنة الرابعة‪ ..‬العمياء البكماء الصماء‬ ‫مرحلة االستثمار‪ ..‬األلفية الثالثة‬ ‫مالحظة على هامش المرحلة الغثائية‬ ‫الركن الثاني العلم المطلق بالعالمات الصغرى‬ ‫نماذج من العالمات الصغرى في مرحلتي الدهيماء والفتنة الرابعة‬ ‫قراءة نبوية لألحداث والوقائع ومواقف األمة‬ ‫عرض عام لبقية العالمات الصغرى‬ ‫التسلسل الزمني الشرعي الجامع لسير العالمات واألمارات إلى قيام الساعة‬ ‫ما بعد الفتنة الرابعة‪ ..‬مرحلة االستنفار‬ ‫موقف المسلم المستبصر من الفتن وأئمتها المضلين‬ ‫الركن الثالث العلم الواجب بالعالمات الكبرى‬ ‫المرحلة المهدية (المهدي المبشر به)‬ ‫المرحلة الدجالية ‪ :‬ظهور المسيخ الدجال‬ ‫نهاية الدجال ودولة اليهود‬ ‫وسائل الحفظ من الدجال‬ ‫المرحلة العيسوية ‪ /‬المرحلة اليأجوجية‬ ‫رحلة عيسى من الشام إلى المناسك‬ ‫ظواهر ما بين مرحلة اإلمام المنتظر حتى نهاية مرحلة عيسى عليه السالم‬ ‫مرحلة االنهيار والعود إلى الجاهلية‬ ‫الدابة ‪ /‬الريح القابضة للمؤمنين‬ ‫هدم الكعبة ‪ /‬الدخان‬ ‫الخسوفات الثالثة‬ ‫طلوع الشمس من مغربها وانقطاع التوبة‬ ‫النار الحاشرة‬ ‫اندراس اإلسالم ثم اندراس كلمة التوحيد‬ ‫العالمة األخيرة‪ ..‬النفخ في الصور‬ ‫تنبيه‪ :‬أثناء القراءة ولالستزادة في فهم مصطلحات الكتاب يمكن الرجوع‬ ‫قه التحو ِ‬ ‫والتعريفات المستجدَّ ِة في فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت) ص‪433‬‬ ‫األلفاظ‬ ‫(قاموس‬ ‫إلى‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬


‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫مقدمة النارش‬ ‫ت َ ْو ِطئَة ٌ ُم ِفي َدة ٌ‬

‫اعت�اد المصنف�ون عل�ى ذكر عش�رة مبادئ ف�ي بداي�ة كل فن‪ ،‬ضمنوه�ا تعريف‬

‫العل�م وفائدت�ه وموضوع�ه ‪ ،‬ث�م ذكر مصدر اس�تمداده وأس�مائه وحكم الش�ارع‬ ‫فيه‪ ،‬ووضعوها في الحواش�ي والش�روحات لتس�هيل تصور العلم على المبتدئين‬

‫وتشجيعهم على خوض غماره ‪ ،‬وهي بحق طريقة مفيدة تسمح للقارئ بأخذ فكرة‬ ‫ع�ن العلم ووضع تص�ور إجمالي له في ذهنه قبل البدء فيه‪ ،‬والمرور على خالصة‬

‫سريعة عن أبعاده تشجعه على إكمال المسيرة االطالعية‪.‬‬

‫وقد اعتادوا على صياغتها وفق األس�س العلمي�ة ‪ ،‬فالتعريف مثال البد أن يكون‬

‫دقيق�ا ضابط�ا لكل تصورات الفن بحيث ال يختلط مع غيره‪ ،‬وبالتعبير المنطقي أن‬

‫يكون جامعا مانعا لكي يكتمل تعريفا نهائيا للفن‪.‬‬

‫ونظرا ألن هذا الفن مستجد ولم يتبلور بعد وربما يحتاج إلى العديد من الجهود‬

‫في المستقبل والخدمة من األجيال المعاصرة والقادمة فقد آثرنا أن نعرض المبادئ‬ ‫هذه خالية من المصطلحات قدر اإلمكان ‪ ،‬وش�يخنا أبوبكر المش�هور مؤلف هذا‬

‫ـمـا كانت مرحل ُة الدعوة كانت س�ابق ًة لمرحلة التدوين للعلوم‪،‬‬ ‫الكت�اب يرى أنه َل َّ‬ ‫فإن في إفرادها بالقراءة بعيدا عن التأصيالت التي ظهرت فيما بعد تدوين المذاهب‬ ‫نه�ج محم�و ٌد((( ال يس�تقيم بديال ع�ن المنهج العلم�ي بل هو ردي�ف ومكمل ذو‬ ‫ٌ‬ ‫((( وبذلك استطاع إضافة سنة المواقف كسنة رابعة للتقسيم األصولي‪ :‬السنة القولية والفعلية‬ ‫والتقريري�ة‪ ،‬وكل م�ا فعل�ه ه�و العودة بالس�نة إلى األصل اللغ�وي واالبتعاد ع�ن التعريف‬


‫فائ�دة دعوية فحس�ب‪ ،‬إذ إن الدعوة س�بقت تدوين العل�وم وتأصيل االصطالح‪،‬‬

‫ونص�وص النب�ي الكريم صلى الله عليه آله وس�لم هي جوام�ع الكلم‪ ،‬واالنطالق‬ ‫منه�ا في أصله�ا الوضعي في وضع الفكرة لهذا الفن المس�تجد خي�ر بداية‪ ،‬و«لن‬

‫يصلح آخر هذه األمة إال بما صلح به أولها» ينسحب الحكم فيه حتى على عرض‬ ‫المادة العلمية تصور ًا وتصديق ًا طلب ًا لفائدة مخصوصة‪.‬‬

‫نعم لقد نش�أت بذرة األصول ف�ي «ورقات» اإلمام الش�افعي‪ ،‬وتطورت العلوم‬

‫األصولي�ة حت�ى نضجت في «مس�تصفى» اإلم�ام الغزالي ‪ ،‬ثم تس�امت في عالها‬ ‫وبلغ�ت ذرى المج�د في «موافقات» اإلمام الش�اطبي(((‪ ،‬واليوم نش�هد مؤتمرات‬

‫التط�ور الفقه�ي في ش�تى المج�االت من فقه�اء العصر‪ ،‬ولك�ن هذا الت�راث الثر‬ ‫الغزير يعنى بالتش�ريع ويقوم بوظائف المجتهد‪ ،‬أما وقد ألغي القرار اإلسالمي في‬

‫حي�اة المس�لمين وتغلغل الخراب في البي�وت فإن هذا الكتاب يضع بذرة دراس�ة‬

‫نص�وص فق�ه الركن الرابع ‪ ،‬الت�ي تُعنى برفع الوعي الذاتي لألف�راد والمجتمعات‬ ‫وتضع المسلم المستبصر أمام مسؤولياته‪ ،‬بالربط بين التاريخ والديانة‪ ،‬كما سيأتي‬ ‫ف�ي فص�ول الكتاب‪ .‬وليس في هذا الطرح أي دع�وى للتجديد بتجاوز كالم األمة‬

‫والعلماء‪ ،‬ومخطئ من جمد على (النتائج) التي توصل إليها األقدمون ولم يلحظ‬

‫ما استجد من (أشياء) ‪ ،‬فهناك (الثابت) و(المتغير)‪.‬‬

‫االصطالح�ي الذي ظهر فيما بعد تدوي�ن المذاهب وعن التعريف العقدي الذي تبلور بعد‬ ‫احت�دام االصطدام بين الفرق! وس�اقه لذلك تأمل دقيق وإع�ادة تأصيل للنصوص النبوية ‪،‬‬

‫راجع الفصل المخصص لها في هذا الكتاب ص‪.97‬‬

‫((( انظر كالم المؤلف ونقله عن الشاطبي ضرورة االلتزام بما أتى به أهل العلم وعدم المخالفة‬ ‫ص‪.37‬‬


‫لقد استشرت بين بعض المعتنين بالحديث الشريف ظاهرة الحكم بالنكارة على‬

‫أغلب نصوص هذا الفقه الغض الطري‪ ،‬وهم بذلك طرحوه أرض ًا وحرموا أنفسهم‬ ‫(والحق أن هذا النوع م�ن األحكام ال ينبغي (الجمود)‬ ‫فرص�ة الغوص في معانيه‪،‬‬ ‫ُّ‬

‫عليه‪ ،‬وأن ما وجد وما يستجد من (أحداث) له صلة بفحص كالم األئمة األعالم‪،‬‬

‫م�ع عدم مس (قواع�د التجريح) و(الترجي�ح) و(االس�تنباط)‪ ،‬فالقواعد هي هي‪،‬‬ ‫ولك�ن الحكم بالنكارة وعدمها يتغير في مثل هذا النوع من ش�خص لش�خص‪ ،‬إذ‬

‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫(المتأخ ُر)‬ ‫ي�درك‬ ‫(الم َلكَ�ة)‪ ،‬وتختلف أيضا من زم�ان لزمان‪ ،‬وقد‬ ‫إن مر َّده�ا إل�ى َ‬ ‫ِ‬ ‫بزيادة عل ٍم عنده عليه‪ ،‬وإنما بما ُي ِح ُّسه‬ ‫المتبح ُر‪ ،‬ال‬ ‫المتأه ُل ما ال يدركُه (المتقدِّ ُم)‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ويشاهدُ ه‬ ‫ويدور حواليه)(((‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫الجهل‪ ،‬فقد ِصرنا‬ ‫نعتذر من‬ ‫ق�ال اإلم�ام ابن قتيبة (ت ‪ 276‬هـ )((( ‪ :‬قد كُنا زمان ًا‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والداللة‪،‬‬ ‫بالتنبي�ه‬ ‫الناس‬ ‫�كر‬ ‫نحت�اج إل�ى‬ ‫اآلن‬ ‫ُ‬ ‫االعتذار من العل� ِم!! وكنا نُؤ ِّمل ُش َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫األح�وال‪ ،‬وال ُينك َُر مع‬ ‫انقالب‬ ‫بعجيب م�ع‬ ‫بالسلامة‪ ،‬وليس هذا‬ ‫فصرن�ا نرض�ى‬

‫المس َت َع ُ‬ ‫ان‪.‬‬ ‫تغ ُّير الزمان‪ ،‬وفي ال ّٰل ِه َخ َل ٌ‬ ‫ف‪ ،‬وهو ُ‬

‫((( «العراق في أحاديث وآثار الفتن» ألبي عبيدة مش�هور حس�ن سلمان (‪ ،)323 :1‬وقد أطال‬ ‫النفس في هذا المعنى وأجاد في النقل عن تراث األجداد‪.‬‬

‫((( في مقدمة كتابه «إصالح الغلط» ص‪.74-64‬‬


‫شةِ‬ ‫ن َ ْظ ُم املَب َ ِاد ِئ العَ رَ َ‬

‫إِنَّ َم َب ِ‬ ‫ـر ْة‬ ‫ادي ُك ِّل َف ٍّ‬ ‫ـن َعشْ َ‬ ‫الو ِ‬ ‫َو َف ْض ُل ُه َونِ ْس َب ٌ‬ ‫ــع‬ ‫ــة َو َ‬ ‫اض ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫بالبعض اكتَفى‬ ‫والبعض‬ ‫َم َسائِ ٌل‬

‫َ‬ ‫ـر ْة‬ ‫احلدُّ َو‬ ‫ُ‬ ‫ـم ال َّث َم َ‬ ‫املوضوع ُث َّ‬ ‫َوالاِ ْس ُم الاِ ْستِ ْم َد ُاد ُح ْك ُم َّ‬ ‫ـارع‬ ‫الش ْ‬

‫حاز رَّ َ‬ ‫َ‬ ‫الش َفا‬ ‫اجلميع‬ ‫و َمن َد َرى‬ ‫َ‬

‫اسمه‪:‬‬

‫ •فقه الساعة‬

‫(((‬

‫ •فقه أمارات‪/‬أعالم ‪/‬أشراط الساعة‬

‫(((‬

‫ُ‬ ‫العلم بام َ‬ ‫حده (ترعيفه)‪:‬‬ ‫تقوم‬ ‫الساعة((( ‪.‬‬ ‫كان وما هو ٌ‬ ‫كائن إىل أن َ‬ ‫ُ‬

‫موضوعه‪:‬‬

‫التحوالت التارخيية يف النصوص الرشعية(((‪.‬‬

‫((( م�ن ق�ول ابن مس�عود لم�ا أراد أن يتلقى ه�ذا العلم عن النب�ي ‪ m‬فيم�ا رواه الطبراني في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لس�ا َع ِة‬ ‫الر ْح َم ِن‪َ ،‬ه ْل ل َّ‬ ‫الكبير (‪ ،)10404‬قال ابن مس�عود‪َ :‬س ْ�ل َيا َس� ْعد ُّي‪َ ،‬ف ُق ْل ُت‪َ :‬أ َبا َع ْبدَ َّ‬ ‫ف بِ ِه الس�ا َع ُة وك َ ِ‬ ‫اس�ت َ​َوى َجالِ ًسا‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬يا َس ْع ِد ُّي‪َ ،‬س َأ ْلتَنِي َع َّما َس َأ ْل ُت‬ ‫ِم ْن ِع ْل ٍم ُت ْع َر ُ‬ ‫َ‬ ‫َان ُمتَّك ًئا َف ْ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ذه وس� َّلم‪ُ ،‬ق ْل ُت‪ :‬يا رس َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َعنْ�ه رس َ ِ‬ ‫ف بِ ِه‬ ‫لس�ا َع ِة ِم ْن ِع ْل� ٍم ُت ْع َر ُ‬ ‫�ول ال َّله‪َ ،‬ه ْل ل َّ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫�ول ال َّله َص َّلى ال َّل ُه َ َ َ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لسا َعة َأ ْش َرا ًطا‪َ ،‬أال َوإ َّن م ْن َأ ْعال ِم‬ ‫لس�ا َعة َأ ْعال ًما‪َ ،‬وإ َّن ل َّ‬ ‫الس�ا َع ُة َف َق َال لي‪َ :‬يا ا ْب َن َم ْس ُعود‪ ،‬إ َّن ل َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫السا َعة‪ ...‬الحديث‪.‬‬ ‫َّ‬

‫((( م�ن ق�ول جبريل ش‪ :‬فأخبرني عن أماراته�ا‪ .‬ومن قول النبي ‪ m‬البن مس�عود‪َ « :‬يا ا ْب َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫لسا َع ِة َأ ْش َرا ًطا» الطبراني في الكبير (‪.)10404‬‬ ‫لسا َعة َأ ْعال ًما‪َ ،‬وإِ َّن ل َّ‬ ‫َم ْس ُعود‪ ،‬إِ َّن ل َّ‬ ‫َان وبِم�ا هو ك ِ‬ ‫َائ ٌن ‪،‬‬ ‫((( م�ن ق�ول عمرو ب�ن أخطب في صحيح مس�لم (‪َ :)5149‬ف َأ ْخ َب َرنَا بِ َما ك َ َ َ ُ َ‬ ‫ومن قول حذيفة في صحيح مسلم (‪َ :)5148‬أ ْخ َب َرنِي َر ُس ُ‬ ‫ول ال َّل ِه َص َّلى ال َّل ُه َع َل ْي ِه َو َس َّل َم بِ َما‬ ‫ِ‬ ‫السا َع ُة‪.‬‬ ‫ُه َو كَائ ٌن إِ َلى َأ ْن َت ُقو َم َّ‬

‫((( وه�و المس�مى في ه�ذا الكت�اب بـ(التاريخ الش�رعي) ‪ ،‬والمعنى مأخوذ من مس�ند البزار‬ ‫(‪ )2447‬ع�ن حذيف�ة ب�ن اليمان رضي الله عنه أن�ه قال ‪ :‬كان فينا رس�ول الله ‪ ، m‬فكلما‬ ‫حض�رت صلاة نزل فصلى ‪ ،‬ثم عاد إل�ى مقامه فحدثنا بما هو كائن من ل�دن مقامه إلى أن‬


‫ثمرته وفائدته‪:‬‬

‫ •امتثال األمر الشرعي((( ونيل السعادة في الدارين‬

‫(((‬

‫ •معال�م تنير الطريق عند اش�تداد الفتن((( وترفع الوعي للمس�لم المس�تبصر‬ ‫حتى ال يقع فيها‬

‫(((‬

‫ •زي�ادة اإليمان في آخ�ر الزمان((( والحفاظ على نس�بة من الصالح والتقوى‬ ‫في أزمنة الفتن «تسلسل الضنائن»(((‪.‬‬

‫تقوم الساعة ما من أمير على مائة فأعلى ضل وال اهتدى إال وقد سماه لنا رسول الله ‪. m‬‬

‫((( لقول�ه تعال�ى‪( :‬ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‬

‫ﯾ ) [األنفال‪. ]25:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫((( من حديث المقداد بن األسود في سنن أبي داود ( ‪َ )3719‬ق َال‪ :‬ا ْي ُم ال َّله َل َقدْ َسم ْع ُت َر ُس َ‬ ‫ول‬ ‫�عيدَ َلمن جنِّب ا ْل ِفت َِن إِ َّن الس ِ‬ ‫�عيدَ َلمن جنِّب ا ْل ِف َتن إِ َّن الس ِ‬ ‫�ول‪« :‬إِ َّن الس ِ‬ ‫ال َّل ِ‬ ‫�ه ‪َ m‬ي ُق ُ‬ ‫�عيدَ َل َم ْن‬ ‫َ ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّب ا ْل ِف َت ُن َو َل َم ْن ا ْبت ُِل َي َف َص َب َر َف َو ًاها»‪.‬‬ ‫ُجن َ‬ ‫((( من حديث س�مرة بن جندب في مس�ند أحمد(‪َ )19318‬ذكَر فِي ُخ ْط َبتِ ِه َح ِدي ًثا َع ْن رس ِ‬ ‫�ول‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّل ِه ‪َ m‬ف َق َال‪ :‬و َلن يك َ ِ‬ ‫ورا َي َت َفا َق ُم َش ْ�أن َُها في َأ ْن ُفسك ُْم َوت َ​َسا َء ُل َ‬ ‫ون‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ُون َذل َك ك َ​َذل َك َحتَّى ت َ​َر ْوا ُأ ُم ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َب ْينَك ُْم َه ْل ك َ‬ ‫َان نَبِ ُّيك ُْم َذك َ​َر َلك ُْم من َْها ذك ًْرا ‪.‬‬ ‫((( مس�ند البزار (‪ )2447‬عن حذيفة بن اليمان ؤ أنه قال ‪ :‬فأما أنا فإني قد تعلمت الش�ر‬

‫فحفظته فعلمت أني إذا حفظت الشر اجتنبته فلم أقع إال في الخير‪.‬‬ ‫((( ف�ي المعج�م الكبير للطبراني (‪َ :)6939‬ق َال َر ُس ُ‬ ‫ف ت َ​َر ْو َن َق ْب َ�ل َأ ْن َت ُقو َم‬ ‫�ول ال َّل ِه‬ ‫�و َ‬ ‫‪«:m‬س ْ‬ ‫َ‬ ‫السا َع ُة َأ ْش َيا َء ت َْس َتن ِْك ُرون َ​َها ِع َظا ًما‪َ ،‬ت ُقو ُل َ‬ ‫ون‪َ :‬ه َل ْكنَا‪ُ ،‬حدِّ ْثنَا بِ َه َذا‪َ ،‬فإِ َذا َر َأ ْيت ُْم َذلِ َك‪َ ،‬فا ْذك ُ​ُروا ال َّل َه‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السا َعة»‪.‬‬ ‫َت َعا َلى‪َ ،‬وا ْع َل ُموا َأن َ​َّها َأ َوائ ُل َّ‬ ‫((( م�ن حدي�ث ا ْب ِن ُع َم َر في المعج�م الكبير للطبران�ي (‪َ )13244‬ع ِن النَّبِ َّي ‪َ m‬ق َ‬ ‫�ال‪:‬إِ َّن لِ َّل ِه‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اه ْم إِ َلى َجنَّتِ ِه ُأو َل ِئ َك ا َّل ِذي� َن َي ُم ُّر َع َل ْي ِه ُم ا ْل ِف َت ُن‬ ‫َضنَائ� َن م� ْن َخ ْلقه ُي ْح ِي ِيه ْم في َعاف َي�ة ‪َ ،‬وإِ َذا ت َ​َو َّف ُ‬ ‫ك َِق َط ِع ال َّل ْي ِل ا ْل ُم ْظ ِل ِم‪َ ،‬و ُه ْم فِ َيها ِمنْ ُه فِي َعافِ َي ٍة‪.‬‬

‫وحدي�ث أم المؤمني�ن زينب بنت جحش في المعج�م الكبير للطبران�ي (‪َ )19637‬ق َال‬ ‫ان ن َ​َز َل ِ‬ ‫�ذا وال َّل ِ‬ ‫�ت‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫�ه َأ َو ٌ‬ ‫�ول ال َّل ِه‪َ ،‬أن َْه ِل ُ‬ ‫�ك َوفِينَا‬ ‫�ت‪َ :‬ف ُق ْل ُ‬ ‫�ت ا ْل ِفتَ� ُن ا ْل ِع َظ�ا ُم» َقا َل ْ‬ ‫َ‬ ‫‪«:m‬ه َ َ‬


‫ •معرفة دالئل النبوة فيما أخبر بوقوعه صلى الله عليه وآله وسلم‬

‫(((‬

‫ •من أساليب الوعظ والتزهيد في الدنيا والترهيب منها(((‪.‬‬ ‫استمداده‪ :‬من اآليات القرآنية والسنن واآلثار(((‪.‬‬ ‫الصالِ ُح َ‬ ‫ون َق َال‪َ «:‬ن َع ْم‪ُ ،‬ث َّم ُين ََّجى ا َّل ِذي َن ا َّت َقوا»‪.‬‬ ‫َّ‬

‫((( وفي هذا أفرد علماء اإلسالم الكثير من المصنفات التي سردوا فيها عالمات الساعة تحت‬ ‫اعتبار إعجاز السنة النبوية كان من أبرزها «دالئل النبوة» لإلمام البيهقي‪.‬‬

‫((( وفي هذا أفرد علماء اإلسلام الكثير من المصنفات التي س�ردوا فيها عالمات الساعة على‬ ‫أنه�ا م�ن جزء من اإليمان باليوم اآلخر ‪ ،‬كان من أبرزه�ا «التذكرة في أحوال الموتى وأمور‬

‫اآلخرة» لإلمام القرطبي و«لوامع األنوار البهية» للسفاريني الحنبلي‪ ،‬وهذا المعنى المذكور‬ ‫َان َر ُس ُ‬ ‫(الترهيب بها) مستفاد من أحاديث عدة كحديث َجابِ ِر ْب ِن َع ْب ِد ال َّل ِه َق َال‪ :‬ك َ‬ ‫ول ال َّل ِه ‪m‬‬ ‫ول‪« :‬من يه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ي ُق ُ ِ‬ ‫�د ِه ال َّل ُه فَلاَ ُم ِض َّل َل ُه‬ ‫�و َأ ْه ُل ُه ُث َّم َي ُق ُ َ ْ َ ْ‬ ‫�ول ف�ي ُخ ْط َبته َي ْح َم�دُ ال َّل َه َو ُي ْثني َع َل ْيه بِ َما ُه َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َاب ال َّله َو َأ ْح َس� َن ا ْل َهدْ ِي َهدْ ُي ُم َح َّمد َو َش ُّ�ر‬ ‫َو َم ْن ُي ْضل ْل ُه فَلاَ َهاد َي َل ُه إِ َّن َأ ْصدَ َق ا ْل َحديث كت ُ‬ ‫�ور محدَ َثاتُها وك ُُّل محدَ َث ٍ‬ ‫�ة بِدْ َع ٌة َوك ُُّل بِدْ َع ٍة َضلاَ َل ٌة َوك ُُّل َضلاَ َل ٍة فِي الن َِّار ُث َّم َي ُق ُ‬ ‫ول ُب ِع ْث ُت‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫الأْ ُ ُم ِ ُ ْ‬ ‫الس�ا َع ُة ك َ​َها َت ْي ِن َوك َ‬ ‫اح َم َّ�ر ْت َو ْجنَتَا ُه َو َعلاَ َص ْو ُت ُه َو ْاش�تَدَّ َغ َض ُب ُه ك َ​َأ َّن ُه‬ ‫الس�ا َع َة ْ‬ ‫َان إِ َذا َذك َ​َر َّ‬ ‫َأنَا َو َّ‬ ‫ن َِذ ُير َج ْي ٍ‬ ‫ش َي ُق ُ‬ ‫ول َص َّب َحك ُْم َم َّساك ُْم ُث َّم َق َال َم ْن ت َ​َر َك َمالاً َفلأِ َ ْه ِل ِه َو َم ْن ت َ​َر َك َد ْينًا َأ ْو َض َيا ًعا َفإِ َل َّي‬ ‫َأ ْو َع َل َّي َو َأنَا َأ ْو َلى بِا ْل ُم ْؤ ِمنِي َن»‪ .‬سنن النسائي (‪.)1560‬‬ ‫ولو جمع الباحث أطراف حديث «يأتي على الناس زمان» لوقف على عشرات أحاديث‬

‫عالمات الساعة المفيدة في الخطاب الوعظي‪.‬‬

‫((( ه�ذا الركن متغير في معانيه وليس ثابت ًا كاإلسلام واإليم�ان‪ ،‬لذا فال يمكن اعتبار نصوصه‬ ‫مصدرا لالحتجاج الشرعي أو التعبد والديانة‪ ،‬إنما هي معالم في الطريق يستنير بها المسلم‬

‫المس�تبصر لدين�ه ويأخذ العب�رة والعظة ‪ ،‬فهي في منزل�ة أحاديث الترغي�ب والترهيب من‬ ‫(وإِ َّن ُه َل َيك ُ‬ ‫ُون ِمنْ ُه َّ‬ ‫�ي ُء َقدْ‬ ‫حي�ث الس�عة ف�ي روايتها ‪ ،‬بل وأكثر من ذل�ك‪ ،‬يقول حذيف�ة ‪َ :‬‬ ‫الش ْ‬ ‫ِ‬ ‫الر ُج ِ‬ ‫�م إِ َذا َرآ ُه َع َر َف ُه)‪ .‬صحيح‬ ‫�ل إِ َذا َغ َ‬ ‫اب َعنْ ُه ُث َّ‬ ‫الر ُج ُل َو ْج َه َّ‬ ‫نَس�ي ُت ُه َف َ�أ َرا ُه َف َأ ْذك ُ​ُر ُه ك َ​َم�ا َي ْذك ُ​ُر َّ‬ ‫(و َل ْن َيك َ‬ ‫ُون َذلِ َك ك َ​َذلِ َك‬ ‫مس�لم (‪ ،)5147‬وفي حديث آخر عن حديث س�مرة بن جندب‪َ :‬‬ ‫ون َب ْينَك ُْم َه ْل ك َ‬ ‫ورا َي َت َفا َق ُم َش ْ�أن َُها فِي َأ ْن ُف ِس�ك ُْم َوت َ​َس�ا َء ُل َ‬ ‫ُ�م َذك َ​َر َلك ُْم ِمن َْها‬ ‫َان نَبِ ُّيك ْ‬ ‫َحتَّ�ى ت َ​َر ْوا ُأ ُم ً‬ ‫ِذك ًْرا) مسند أحمد(‪ .)19318‬فنصوص الركن الرابع قد تم الحكم عليها من البداية (ذاكرة‬


‫الصحاب�ي والراوي) باختالط الرواية وضعف الس�ند وعدم الضبط‪ ،‬إذ إن ذلك من ش�أنها‬ ‫وم�ن طبيعتها الذاتية‪ ،‬وهي بذلك تمتاز عن أحاديث األحكام المحتج بصحيحها في ركني‬

‫اإلسالم واإليمان والمتعبد بثبوتها ديانة‪.‬‬

‫وإنما قلنا‪ :‬متغير المعاني ؛ ألن بعضهم فهم خطأ أو تعمدا أن كونه ركنا ومتغيرا تناقض!‬

‫والحقيقة أنه ركن في ذاته متغير في معطياته‪ ،‬ولو افترضنا الخطأ في التسمية فال مشاحة في‬ ‫االصطالح ولكن على المعترض نقد الفكرة ال البحث عن عيوب األسماء‪.‬‬

‫لذا فإن المهم في هذا العلم هو ثبوت الحديث عن النبي ‪ m‬س�واء كان ضعيف الس�ند‬

‫أو حس�نه ‪ ،‬فربم�ا يأتي من الواقع ما يجبر ضعف الس�ند بالحكم بصح�ة المعنى في المتن‪،‬‬ ‫وعدم الثبوت هو كون الحديث موضوع ًا أو من كالم أهل الكتاب واإلسرائيليات كروايات‬ ‫كعب ووهب ونحو ذلك ‪ ،‬ثم ينبغي تمييز اآلثار عن السنن ‪ ،‬واآلثار ما ورد عن السلف من‬

‫الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم (النصوص األبوية) والس�نن هي األحاديث الش�ريفة‬

‫(النص�وص النبوية)‪ ،‬وتعامل آثار الس�لف معاملة الش�روح المس�اعدة لفه�م النص النبوي‬ ‫وسائر المعاني الشرعية‪.‬‬

‫قال ابن حجر في «تعجيل المنفعة» ص‪ 277‬الهندية في ترجمة (عبيد بن قرة البغدادي)‪:‬‬

‫نظر‪ ،‬فإنه من‬ ‫(زعم الذهبي في الميزان أن حديث الليث المذكور باطل)‪ ،‬قال‪( :‬وفي كالمه ٌ‬

‫ُ‬ ‫البيهقي في «الدالئل» [‪ ]518 :6‬عليه‪)...‬؛‬ ‫مصداق ذلك‪ ،‬واعتمد‬ ‫وقع‬ ‫أعلا ِم النبوة‪ ،‬وقد َ‬ ‫ُّ‬ ‫فتأمل!‬

‫وم�ن المتأخري�ن الذين ي�رون هذا الرأي ويتس�عون ف�ي االستش�هاد بأحاديث عالمات‬

‫الس�اعة ودالئ�ل النبوة الش�يخ التويجري ف�ي كتابه «إتح�اف الجماعة في صحيح أش�راط‬ ‫الس�اعة» حي�ث ذك�ر ف�ي مقدمته إي�راده للكثي�ر م�ن األحاديث ضعيف�ة الس�ند إذا أتى من‬

‫الواقع ما يصحح معناها‪ ،‬ومثله الش�يخ مقبل الوادعي في «الصحيح المسند لدالئل النبوة»‬ ‫للبيهقي حيث بين في المقدمة‪ :‬أنه ترك فصل الدالئل النبوية فيما أخبر عنه ‪ m‬مما س�يقع‬ ‫دون تخري�ج ول�م يحمله رواياته على فالن أو فالن من الضعف�اء ألنه قد يتحقق في الواقع‬

‫حكم النكارة‬ ‫وأزاح‬ ‫الواقع ش�د َة الضعف‬ ‫ويبين صحة متن الحديث ومعناه‪ .‬أي‪ :‬ربما جبر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫فحسب‪.‬‬ ‫ُ‬

‫وأما المناداة بتصحيح الحديث بنا ًء على موافقة الواقع واتخاذه أساس ًا للقبول والتضعيف‬


‫نسبته (مرتبته من العلوم األخرى)‪ :‬الركن الرابع من أركان الدين المذكورة في‬

‫حديث جبريل «أم السنة»‪.‬‬

‫واضعه (أي‪ :‬أول من فصل مسائله) ‪ :‬الشيخ أبوبكر املشهور(((‪.‬‬

‫فضهل‪ :‬به يعرف النقض الذي حيصل لعرى اإلسالم واإليامن واإلحسان(((‪.‬‬

‫حكم الشارع فيه ‪ :‬فرض كفاية يف آخر الزمان(((‪.‬‬

‫مس��ائهل‪ :‬كثيرة ‪ ،‬مثل تش�خيص الوقائع واألحداث ووضع المخارج المناسبة‬

‫لها بهدف إيقاف التحريش بين المصلين وسنتي المواقف والداللة وغيرها‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫وتجاوز ‪ ،‬وانظر في هذا المعنى كالم ًا نفيس ًا نقله أبوعبيدة مشهور حسن سلمان في‬ ‫فخطأ‬ ‫له‬ ‫ٌ‬

‫كتاب�ه «العراق في أحاديث وآثار الفتن» (‪ )323 :1‬عن كتاب «في ضوابط منهجية للتعامل‬ ‫أس�بق من الحدث (الواقع) ‪ ،‬وأكثر منه‬ ‫النص‬ ‫ُ‬ ‫مع النص الش�رعي» ص‪ 12-11‬مفاده ‪ :‬أن َّ‬ ‫ونص ش�أنُه كذلك ينبغ�ي أن َي ْحك َُم على‬ ‫اس�تيعاب ًا‪ ،‬إذ هو للحاضر والماضي والمس�تقبل‪ٌّ ،‬‬

‫العكس‪.‬‬ ‫منحرف منه ‪ ،‬وليس‬ ‫اعوجاجه ‪ ،‬وما هو‬ ‫ويعالج‬ ‫ويصححه ‪،‬‬ ‫الواقع فيعدِّ ُل ُه ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫((( وذل�ك في كتبه المطبوعة «الركن الرابع من أركان الدين‪ :‬الثوابت والمتغير» وبعده «التليد‬ ‫والط�ارف ش�رح منظوم�ة فقه التح�والت وس�نة المواقف» وبع�ده هذا الكتاب «األس�س‬ ‫والمنطلقات في شرح فقه التحوالت» واآلن «دوائر اإلعادة» تحت الطبع‪.‬‬

‫((( جاء بفضله جبريل ش بنفس�ه‪ ،‬وأخذ يس�أل النبي ‪ m‬ثم يصدقه ‪ ،‬وخصص لهذا الركن‬ ‫سؤالين اثنين وضرب له مثلين اثنين‪ ،‬بينما اكتفى بسؤال واحد وجملة واحدة لألركان التي‬

‫قبله دون ضرب أمثلة‪.‬‬

‫((( عن جابر أن النبي ‪ m‬قال ‪ « :‬إذا لعن آخر هذه األمة أولها ‪ ،‬فمن كان عنده علم ‪ ،‬فليظهره ‪،‬‬ ‫فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله عز وجل على محمد ‪« » m‬اإلبانة الكبرى» البن‬

‫بطة (‪.)47‬‬


‫ﺍﳉﺰﺀ ﺍﻷﻭﻝ‬

‫ﺑﻘﲅ �ﺎﺩﻡ ﺍﻟﺴﻠﻒ‬

‫ﻋﻔﺎ ﷲ ﻋﻨﻪ‬


‫ٱلْمَطل َ‬ ‫القرْآن‬ ‫ع‬ ‫ْ ُ ُ‬ ‫ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ‬

‫ﭘﭙﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬ ‫ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ‬ ‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬

‫ﭷﮊ‬

‫[األنعام‪]١٥٨ :‬‬

‫‪15‬‬


‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ٱل‬ ‫ع‬ ‫ٱلْم َْطل ُ َّ ُّ‬

‫عبد ِ‬ ‫ع�ن ِ‬ ‫بن ِ‬ ‫عمرو ِ‬ ‫الله ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع�اص ء قال‪ :‬نادى‬ ‫بن‬ ‫الله ى «الصلا َة ِ‬ ‫رس�ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫جامع� ًة»؛ فاجتمعنا إلى‬ ‫ُمنادي‬ ‫ّ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله ى فقال ‪:‬‬ ‫ي�د َّل ُأ َّمته على‬ ‫نبي قبلي إال ح ّق� ًا عليه أن ُ‬ ‫« إ ّن�ه لم يكُ�ن ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يعلمه لهم ‪ّ ..‬‬ ‫وإن ُأ َّم َتكم‬ ‫خير ما ُ‬ ‫يعلمه لهم و ُينذ َرهم َش َّر ما ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مور‬ ‫هذه ُجع َل عافي ُتها في َّأولها وس� ُيص ُ‬ ‫آخرها بال ٌء و ُأ ٌ‬ ‫يب َ‬ ‫نكرونه�ا وتج�يء ِ‬ ‫ُت ِ‬ ‫بعضها بعض� ًا ‪ ،‬وتجي ُء‬ ‫الفتن� ُة ف ُي َر ِّق ُ‬ ‫�ق ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫حزح‬ ‫فمن‬ ‫الفتن� ُة‬ ‫أح�ب أن ُي َز َ‬ ‫َّ‬ ‫فيقول المؤم� ُن‪ :‬هذه هذه ‪َ ،‬‬ ‫يؤمن ِ‬ ‫ويدخ َل الجنَّ َة فلتأتِ ِه منِي ُته وهو ِ‬ ‫ُ‬ ‫بالله واليو ِم‬ ‫عن الن ِّار‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫ِ‬ ‫اآلخ ِر »‪.‬‬ ‫رواه مسلم (‪)4882‬‬

‫‪16‬‬


‫ٱلْمَطلَع ٱلأَ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫ُّ‬ ‫ْ ُ‬

‫األرض ِم�ن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مش�هور‬ ‫ظاهر‬ ‫قائ ٍم ل ّل ِه بِ ُح َّج ٍة إما‬ ‫«ال تخل�و‬ ‫ُ‬ ‫مغمور لِئلاّ تب ُط َل حجج ِ‬ ‫خائ ٍ‬ ‫أو ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الله وب ِّينا ُته‪ ،‬وكم وأين‬ ‫�ف‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫ون عدد ًا األع َظمون عن�د ِ‬ ‫أولئك؟ أولئ�ك األق ُّل َ‬ ‫الله َقدر ًا‪،‬‬

‫�ه ح َّت�ى ي َؤدوها إل�ى ُن َظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫رائ ِه ْم‬ ‫ُ ُّ َ‬ ‫�ع ال ّل ُه ع�ن ُح َج ِج َ‬ ‫�م َي ْد َف ُ‬ ‫بِ ِه ْ‬ ‫وب َأ ْشب ِ‬ ‫اه ِه ْم»‬ ‫و َي ْز َر ُع َ‬ ‫وها في ُق ُل ِ َ‬ ‫ٍ‬ ‫طالب ؤ‬ ‫علي ب ُن أبي‬ ‫اإلما ُم ُّ‬ ‫أخرجه أبونعيم في الحلية (‪ )76-1:75‬في وصيته ؤ للكميل بن زياد‬ ‫(‪ )243‬وأخرجه الحافظ المزي في تهذيب الكمال (‪ )417 :15‬في ترجمة‬ ‫الكميل ‪ ،‬وللحافظ ابن القيم رحمه الله شرح مفيد على هذه الوصية في كتابه‬ ‫مفتاح دار السعادة (‪)163-123 :1‬‬

‫‪17‬‬


‫َش ِاه ُد ٱلحال‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن ُحذي َف َة ِ‬ ‫«والله ما أدري َأ َن ِس َي‬ ‫اليمان ؤ قال‪:‬‬ ‫بن‬ ‫الله ‪ m‬من ِ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫والله ما َ‬ ‫ُ‬ ‫قائ ِد‬ ‫ترك‬ ‫تناس�وا‪،‬‬ ‫أصحابي أم َ‬ ‫ِ‬ ‫فِ ٍ‬ ‫تن�ة إلى أن ِ‬ ‫َ‬ ‫فصاعد ًا‬ ‫ثالث ِم َئ ٍة‬ ‫الدني�ا يب ُل ُغ َمن معه‬ ‫تنقض َي ُّ‬ ‫باسم ِه واس ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫أبيه واس ِم قبي َلتِ ِه‪»...‬‬ ‫سما ُه‬ ‫إال قد َّ‬ ‫رواه أبو داود (‪ )4245‬بإسناد حسن‪ ،‬د‪ .‬همام العمري‬ ‫موسوعة أحاديث الفتن وأشراط الساعة ص‪343‬‬

‫‪18‬‬


‫ملَا َ‬ ‫ح َظة ٌ‬ ‫ُ‬

‫لا أدَّعي ِ‬ ‫العلـم َ والاجتِهَـا َد ‪ ،‬ولا حتّى أ ْن َ‬ ‫طالبـ ِعل ٍم ‪،‬‬ ‫أوص َف بِفَقيه ٍ أو ُمتَفَقِّهٍ‪ ،‬أان‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وخلال َ َطلَبي ِ‬ ‫المتواصلةِ‬ ‫ِ‬ ‫جمعت ما تهيّأ يـل صوابُهُ ُمست َ ِدلّا ً ح َسبَ فَهمي‬ ‫ود َراستي‬ ‫ُ‬ ‫ت في بحثي هذا‪.‬‬ ‫بما هو ُمثب َ ٌ‬

‫فوس ـ أو ِ‬ ‫البحث مثير للن ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعضها ـ ولكنّها في ِ‬ ‫نفس‬ ‫مواضيع‬ ‫كثيرا ِمن‬ ‫ولا‬ ‫شكـ أنّ ً‬ ‫َّ‬ ‫ِ ُ ٌ‬ ‫حي َرةِ ّ ِ‬ ‫الوقتِ عامل ِ‬ ‫مساع ٌد لآخري َن كيـ يخرجوا من ال َ‬ ‫العقو ِل والأذها ِن‪.‬‬ ‫الضاربة على ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٱلل ـ موَف َّ ًقا فيما أش���رت إليهِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ٱللَ‬ ‫وبحثت شأنَهُ‪،‬‬ ‫وأستغفر هّٰ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فعس���ى أن أكـون ـ بإذ ِن هّٰ ُ‬ ‫فس���ي أو أن أخال ِ َف منهَ َج العل َ ِ‬ ‫ماء الأ ِ‬ ‫من َس���و َرةِ ن َ ِ‬ ‫ثبات الذين خدموا الشريعة َ ونشروها‬ ‫ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫عوب ‪.‬‬ ‫بين ال ُّ‬

‫ِ‬ ‫وٱلل ِمن ِ‬ ‫القصد‪..‬‬ ‫وراء‬ ‫هّٰ ُ‬

‫‪19‬‬


‫ِٱل ْإه ْ َد ُاء‬

‫من َط ٍ‬ ‫لقات‬ ‫ُ‬

‫ُأه��دي إلى ُأ َّمتِنا المرحوم ْة‬ ‫ِ‬ ‫ق��ول ر ِّب��ي وكذا‬ ‫ِم َّما أتى في‬

‫بالهدى‬ ‫ُ‬

‫مزموم ْة‬

‫ٍ‬ ‫ِم��ن س��ن ٍ‬ ‫واض��ح��ة مفهوم ْة‬ ‫َّ��ة‬ ‫ُ‬ ‫بِما ج��رى في ُأم ٍ‬ ‫���ة مظلوم ْة‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫الوصف َة المعدوم ْة‬ ‫في البحث تلقى َ‬

‫بوع وال ُع َ‬ ‫قول َأ َم ً‬ ‫ال‬ ‫الر َ‬ ‫تُحيِي ُّ‬ ‫وح ِّقق ما تـرا ُه واص َطبِر‬ ‫ُخذها َ‬

‫ِ‬ ‫أرك��ان ُيبدي شام ًة مكتوم ْة‬

‫درس�� ُه كرابِ ِع الـ‬ ‫ك��ن‬ ‫ُر ٌ‬ ‫جدير ُ‬ ‫ٌ‬

‫ت َ‬ ‫ُنبيك عن سلب َّي ٍة مشؤوم ْة‬ ‫خير ًا تليد ًا ُيصلِ ُح المنظوم ْة‬

‫غرى شأنُها‬ ‫ك َُبرى ُ‬ ‫ووس َطى ُث َّم ُص َ‬

‫ٍ‬ ‫للورى‬ ‫وعن بِ��ش��ارات تُعيدُ َ‬

‫إش��ك��ال ال��ز ِ‬ ‫َ‬ ‫ُي ُ‬ ‫َّم��ان ُك َّل ُه‬ ‫��زي��ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫��ن أنَّ���ه ُم‬ ‫��ج��اه��دٌ‬ ‫��م��ن َي�� ُظ ُّ‬ ‫م َّ‬ ‫ـلم ِ‬ ‫ـع ِ‬ ‫َـل بِ ِ‬ ‫لكِــنَّــ ُه ُمسـتـغـفـ ٌ‬ ‫ـه‬ ‫ِ‬ ‫��ي‬ ‫أو‬ ‫جامدٌ‬ ‫مذهبي َع َ‬ ‫��ص��بِ ٌّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٍ‬ ‫تفر َقت‬ ‫أو‬ ‫غ��ي��ر ُه م��ن ُأ َّم���ة َّ‬ ‫ُ‬ ‫اختالفهاتِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ك‬ ‫تاهتوضاعتفي‬

‫الرؤى المسموم ْة‬ ‫فينا وفي أهل ُّ‬

‫السنَّ َة المرقوم ْة‬ ‫في اهللِ ُيحيي ُّ‬

‫ــب أن تلوم ْه‬ ‫ــس َيصــ ُع ُ‬ ‫ُم َســ َّي ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ــشـتـغ ٌ‬ ‫ـرقــة محموم ْة‬ ‫ـل ب ُف‬ ‫ُم‬ ‫ف��ي شأنِها كأنَّها مهزوم ْة‬ ‫��ج��ت�� ُه فِ��رق�� ٌة مدعوم ْة‬ ‫أج َ‬ ‫ق��د َّ‬ ‫الحضار ِة المزعوم ْة‬ ‫في ُل َّج ِة‬ ‫َ‬ ‫نقلتُه ع��ن ح��ج ٍ‬ ‫��ة معصوم ْة‬ ‫ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫األرك��ان ِمن معلوم ْة‬ ‫في راب ِع‬

‫يا قارئي مهما تكُن ُم ِ‬ ‫ستغرق ًا‬ ‫َفلتست َِفق وان ُظر فهذا َخ َب ٌر‬ ‫الجميع ع��ود ًة لما أتى‬ ‫تدعو‬ ‫َ‬

‫‪20‬‬


‫الش ِ‬ ‫بين ُّ‬ ‫عوب أو ُذ َرى الحكوم ْة‬

‫َاجــها‬ ‫أصــو ُلها تفـصــيـ ُلها َنت ُ‬

‫فليقرأِ‬ ‫األس��اس بالدّ يموم ْة‬ ‫َ‬

‫دخ ً‬ ‫ال ُمح َّقق ًا‬ ‫َمن رام فيها َم َ‬

‫ه��د َّي�� ٌة ِم��نّ��ي لِ��ك ِّ‬ ‫ُ��ل حاك ٍم‬

‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ودارس‬ ‫وب��اح��ث‬ ‫وط��ال��ب‬

‫وع���ال��� ٍم ُم��ح�� ِّق ٍ‬ ‫ع��ل��وم�� ْه‬ ‫��ق‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الحالة المأزوم ْة‬ ‫حائر في‬ ‫أو‬

‫ِ‬ ‫المصط َفى‬ ‫وإنَّما من ن َِّص ٰط َه ُ‬

‫��ة ب��ي ٍ‬ ‫ب��ح��ج ٍ‬ ‫��ن��ة محسوم ْة‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ ِّ‬

‫ٍ‬ ‫نزعة موسوم ْة‬ ‫قد يدَّ ِعي ذو‬

‫ال أ َّدع��ي فيها اجتِهاد ًا مث َلما‬

‫كما أتى عن َط ِّي ِ‬ ‫ب األَ ُروم�� ْة‬ ‫تن َفعنا في ِ‬ ‫الفتن َِة المضروم ْة‬ ‫ُ‬

‫��ؤص ً‬ ‫تكام ً‬ ‫�لا‬ ‫أرج��و بها‬ ‫ال ُم َّ‬ ‫ُ‬

‫تكون ُح َّج ًة‬ ‫سألت ر ِّب��ي أن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫ٍ‬ ‫نلقى ر َّبنا‬ ‫ع��ون يوم‬ ‫سن‬ ‫وح َ‬ ‫ُ‬ ‫ٰ‬ ‫جهل م ِ‬ ‫زيل ك َّ‬ ‫وأن ُي َ‬ ‫فس ٍد‬ ‫ُ��ل‬ ‫ٍ ُ‬ ‫ِ‬ ‫أتباعه‬ ‫ويجمع اإلس�لا َم في‬ ‫َ‬

‫أخ��ب��ار ُه مكتوم ْة‬ ‫ف��ي ع��ال�� ٍم‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫لحــالــة مذموم ْة‬ ‫أودى بــنــا‬

‫على الهدى والم َّل ِة المزموم ْة‬

‫بش ٍ‬ ‫م��ن جاءنا ِ‬ ‫رعة مخدوم ْة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫على ال ّط ِ‬ ‫مفهوم ْه‬ ‫واضح ًا‬ ‫ريق‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫صطفى‬ ‫الم‬ ‫والختم‬ ‫ٰ‬ ‫بالمختار ٰطه ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫��م تاب ٍع‬ ‫واآلل‬ ‫واألص��ح��اب ُث ّ‬

‫المؤ ِّلف‬ ‫ُ‬

‫ ‬

‫‪21‬‬


‫ٱل ْ ُمق َ ِّد ِمةُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعتنى اإلسلام بِ ِف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫تاريخ األُ َم ِم ُّ‬ ‫المراح ِل وبِ ِ‬ ‫ساالت‬ ‫الر‬ ‫�عوب ش�أ ُن ُه‬ ‫والش‬ ‫قه‬ ‫ش�أن ِّ‬ ‫ُ‬ ‫اعتناء اإلسالم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫بفقه المراحل‬ ‫السابقة ‪ ..‬بل صار ال ُق ُ‬ ‫العظيم الذي ﮋ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬ ‫رآن‬ ‫ُ‬ ‫�ماو َّية ّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫الوظائ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّكليفات التَّع ُّب ِد َّي ِة وثيق ًة شرع ّي ًة لِ َع ِ‬ ‫ف َّ‬ ‫رض‬ ‫�رع َّي ِة والت‬ ‫مع ما َل ُه ِمن‬ ‫ﮛﮜ ﮊ َ‬ ‫وح ِ‬ ‫ِ‬ ‫�عوب من َ‬ ‫الخ ِير أو َّ‬ ‫فظ ما س�ارت عليه األُ َم ُم ُّ‬ ‫الش ِّ�ر ‪ ،‬وهذا ما نحن بِ َصدَ ِد‬ ‫والش‬ ‫ُ‬ ‫رعي المثب ِ‬ ‫لم ِه َّ ِ‬ ‫مكنونات ِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت في‬ ‫االهتِما ِم به وإعا َد ِة ِدراس�تِه والنَّ َظ ِر الواعي في‬ ‫الش ِّ ُ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫لمي بين (الدِّ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫يانة والت ِ‬ ‫ّاريخ)‬ ‫الرب�ط الع ِّ‬ ‫وس�نَّة نب ِّيه ‪ . m‬وذلك من خالل َّ‬ ‫كت�اب الله ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الالح ِق وهو ما‬ ‫اإلسالمي‬ ‫التاريخ‬ ‫الس�ابق أو‬ ‫اإلنس�اني‬ ‫بالتاريخ‬ ‫س�وا ًء فيما يتع َّل ُق‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫(بعالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت) ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫(بف ِ‬ ‫راس�ة ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�مي في ِ‬ ‫َّ‬ ‫وألن هذا‬ ‫اعة)‪..‬‬ ‫والعل ِم‬ ‫هذه الدِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ِّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫مواضيع ِه‬ ‫الم َّط ِلعي�ن على‬ ‫س�مى جديدٌ في ُ‬ ‫تناول�ه بهذه القاعدة فإننَّ�ا نرجو من ُ‬ ‫الم َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وكمال التَّأنِّي و ُع َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫نخر َج مع ًا بما‬ ‫وأقسام ِه ُحس َن النَّ َظ ِر‬ ‫مق القرا َءة الواع َية ‪ .‬عسى أن ُ‬ ‫والمسل ِمين ِمن ِ‬ ‫المفاهي ِم بما ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫داخ ِل‬ ‫يخد ُم اإلسلا َم‬ ‫يب‬ ‫يجدِّ ُد لنا المعاني و ُيعيدُ ترت َ‬ ‫ِ‬ ‫ِديانَتِهم َّ‬ ‫بارك َِة‪.‬‬ ‫الم َ‬ ‫الشرع َّية ُ‬

‫عهد ال َف ِ‬ ‫�ة إلى ِ‬ ‫عهد البع َث ِ‬ ‫ص�وص بدَ اء ًة من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫للحياة اإلسلام َّي ِة ُ‬ ‫ناء‬ ‫بالخ‬ ‫إن دراس�تَنا‬ ‫َ‬ ‫ِ َ َ‬ ‫ٍ‬ ‫وضروري لن�ا ُ ٍ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رس�الة‬ ‫تحملت مس�ؤولِ َّي َة‬ ‫أم�ر ُم ِه ٌّم‬ ‫ِ ٌّ‬ ‫كأ َّمة َخات َمة َّ‬ ‫بالس�ا َعة ٌ‬ ‫الموع�ود ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خاتِ َم ٍة ُع ِهدَ إليها َح ُ‬ ‫والمحا َف َظ ُة عليها حتى يو ِم َّ‬ ‫ظمى ﮋ ﭒ‬ ‫الش�ها َدة ال ُع َ‬ ‫مل األمانَة ُ‬

‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﮊ [المائدة‪.]109 :‬‬

‫الجذري ِ‬ ‫�ة الدِّ راس ِ‬ ‫وال ب�أس هن�ا م�ن اإلش�ار ِة إلى أهمي ِ‬ ‫�ة ‪ ،‬وهي إع�ا َد ُة ال ُعلو ِم‬ ‫�ة‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِّ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أهمية الدراسة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجذرية‬ ‫َّصورات النّات َجة عنها إلى ُأ ُصولها األساس� َّية س�ا َع َة ُو ُقوعها‬ ‫و َث َم�رات الق�را َءة والت ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ي‪ ،‬والن ِ‬ ‫َّص‬ ‫م�رات ِمن‬ ‫َّظر إلى هذه ال َّث‬ ‫خالل (الن ِّ‬ ‫�ي‪ ،‬أو س�ا َع َة تدوينها المرحل ِّ‬ ‫الز َمن ِّ‬ ‫‪22‬‬


‫ِ​ِ‬ ‫زئي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ (((‬ ‫حيث َّ‬ ‫المعت َ​َم ِد) ُ‬ ‫َّ�ص األ َبو ِّي‬ ‫ات التي‬ ‫�وي ذاته) أو (الن ِّ‬ ‫النَّ َب ِّ‬ ‫والج ّ‬ ‫َّفرع�ات ُ‬ ‫إن الت ُّ‬ ‫ُ‬

‫وكثر ُة الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّعليل قد َ‬ ‫ب‬ ‫انحدرت إليها األقال ُم وغرا َب ُة الت‬ ‫مور َخلط ًا يص ُع ُ‬ ‫خلط األُ َ‬ ‫َّحليل َ‬ ‫الزم ِن من ضبابي ِ‬ ‫ات الباطِ ِل‬ ‫َّمييز الواعي‪،‬‬ ‫مع�ه الت ُ‬ ‫ّ‬ ‫وضاع َ‬ ‫َ‬ ‫عبر َّ َ‬ ‫الح ُّق ال َب َل ُج بم�ا اكتنَ َف ُه َ‬ ‫فق انتِماءاتِهم وتوجهاتِهم ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأهل ِه‪ ،‬وح ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفكر َّي ِة‪.‬‬ ‫ذف‬ ‫وإضافات َح َم َل ِة األقال ِم َو َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ويب�دو ل�ي ـ والله أعل�م ـ َّ‬ ‫المش�ار‬ ‫عوامل مع َّينَ� ًة ت َُؤ ِّدي إلى هذا التَّجنِّي‬ ‫أن هناك‬ ‫إلي�ه ‪ ،‬ويج�ب أن يفتَ�ح الحوار بش�أنِ ِه ليت َِّض�ح األمر ج ِلي� ًا‪ِ ،‬‬ ‫ومن ذلك ع�د ُم النَّ َظ ِر‬ ‫ُ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫�ة المعنِي ِ‬ ‫�ات المرح َل ِ‬ ‫زئي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ونق�اط الن ِ‬ ‫كإص�دار األح�كا ِم ال ُعموم َّي ِة‬ ‫ُّ�ور فيها ‪،‬‬ ‫�ة‬ ‫َّ‬ ‫ف�ي ُج ّ‬ ‫ِ‬ ‫�ة ‪ِ ،‬مما يؤدي إلى َ ِ‬ ‫الف َئ ِ‬ ‫�ة أو المجمو َع ِة أو ِ‬ ‫عل�ى المرح َل ِ‬ ‫إضفاء‬ ‫الم َت َع َّم ِد في‬ ‫ّ ُ ِّ‬ ‫الخل�ط ُ‬ ‫َّفريط و َطر ِ‬ ‫اإلفراط والت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫االعتدال‬ ‫ف‬ ‫َّمييز بين َط َر َف ِي‬ ‫ب الت ُ‬ ‫نوح على الك ُِّل ويص ُع ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الواح�دَ ِة والمرح َل ِة المحدَّ د ِة ‪ ،‬فهناك م�ن ي ِ‬ ‫تعريف‬ ‫طل ُق‬ ‫والسلا َم ِة ف�ي المجمو َع ِة‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المرحلة وما فيها و َمن فيها‪ ،‬فيعتَبِ ُر َّ‬ ‫مرحلة بني ُأ َم َّي َة مث ً‬ ‫أن ك َُّل‬ ‫خرجات‬ ‫ال على كا َّف ِة ُم‬ ‫ب�رز في هذه الفتر ِة إنَّما هو ِخدم ٌة لسياس ِ‬ ‫لم�ي واجتِ ٍ‬ ‫ن ٍ ِ ِ‬ ‫�ة بني ُأ َم َّي َة‪..‬‬ ‫هاد‬ ‫مذهبي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫َت�اج ع ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫المثال َش ِ‬ ‫أن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مع العل ِم َّ‬ ‫ومجموعات‬ ‫�م َلت إفراط ًا وتفريط ًا‬ ‫س�بيل‬ ‫هذه المرح َل َة على‬

‫((( لف�ظ (األبوة في الدين) واضح ومعلوم ‪ ،‬وهو من ممزيات هذه األمة ‪ ،‬فليس�ت كالنصارى‬

‫جعلوا أبوتهم في الكنيسة وأعطوا البابا من الصالحيات األلوهية الوضعية الكثير‪ ،‬بل تظهر‬ ‫العلم من ك ُِّل َخ َل ٍ‬ ‫«يحم ُل هذا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف ُعدو ُل ُه»‬ ‫األبوة بمعناها الشرعي في تسلسل العلم باألسانيد‬ ‫َ‬ ‫حتى تتجنب (الخطر الداهم) ممن س�ماهم النب�ي ‪( :m‬األئمة المضلين) وهم أهل الفتن‬ ‫المعروفون بعلماء الفتنة في كل عصر وزمان‪.‬‬

‫ويؤكد هذه األبوة وكونها مرتبطة بالتسلس�ل الش�رعي لإلس�ناد في مقابل�ة أئمة الضالل‬

‫الحدي�ث الس�ابع ف�ي مقدم�ة صحيح مس�لم‪« :‬يك�ون في آخ�ر الزم�ان دجال�ون كذابون‪،‬‬

‫يأتونك�م م�ن األحاديث بما لم تس�معوا أنتم وال آباؤكم‪ ،‬فإياكم وإياه�م‪ ،‬ال يضلونكم وال‬

‫يفتنونكم»‪.‬‬

‫‪23‬‬

‫ضياع الحق بين‬ ‫ركام األقالم‬

‫عوامل التجني‬ ‫على التاريخ‪:‬‬ ‫الخلط المتعمد‬ ‫واألحكام العمومية‬


‫باعتبار س ِ‬ ‫دائر ِة الم ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫فالم ُ‬ ‫�لطة‬ ‫خاص‬ ‫لك ال َع‬ ‫اعت�دال‬ ‫لك ال َع ُ‬ ‫ضوض ٌّ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ض�وض‪ُ ،‬‬ ‫داخ�ل َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫الق�رار كقولِ�ه ‪َ « :m‬أ َّو ُل ِدينِك ُْم ُن ُب َّو ٌة َو َر ْح َم ٌة ‪ُ ،‬ث َّم ُم ْل ٌك َو َر ْح َم ٌة ‪ُ ،‬ث َّم ُم ْل ٌك َأ ْع َف ُر ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫جال النَّم ِ‬ ‫فغير ذلك‪ ،‬وفيهم َح َم َل ُة األمان َِة ِ‬ ‫وت»(((‪ ،‬أ ّما ُ‬ ‫ط‬ ‫ُم ْل ٌك َو َج َب ُر ٌ‬ ‫ور ُ َ‬ ‫الرعايا ُ‬ ‫حال َّ‬

‫األوس ِ‬ ‫ط‪.‬‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫وهذه األمان ُة المش�ار إليها متنو َع ُة المس�ؤولي ِ‬ ‫َّكليف�ات ‪ .‬ولكنَّها مجت َِمع ٌة‬ ‫ات والت‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫الش ِ‬ ‫قاع�دَ ِة الر ِ‬ ‫ف�ي ِ‬ ‫حيث نج�دُ َّ‬ ‫َّاري�خ )((( ‪ُ ،‬‬ ‫بط َّ‬ ‫ِ‬ ‫�رع ِّي بي� َن ( الدِّ يان َِة والت‬ ‫أن في العا َل ِم‬ ‫َّ‬ ‫قرا َءت ِ‬ ‫َين‪:‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّحوالت‬ ‫جر َد ٌة ‪ ..‬وهي ما ن َُس ِّميها في فقه الت ُّ‬ ‫األولى ‪ :‬قرا َء ٌة تاريخ َّي ٌة ما ِّد َّي ٌة َعقالن َّي ٌة ُم َّ‬ ‫القراءة المادية‬ ‫قائيةِ‬ ‫ِّفاقي ِة واالنتِ ِ‬ ‫الوضعي ِة» ‪ ،‬وما تفرع عنها ِمن المفاهي ِم الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلبليسيةِ‬ ‫ِ‬ ‫«بالقراء ِة األَن َِويةِ‬ ‫ِ‬ ‫العقالنية‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رافات الكافِر ِة والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المسيس ِ‬ ‫بحديث «إذا‬ ‫المعنِ َّي ِة‬ ‫لحدَ ِة‬ ‫االنح‬ ‫�ة لمص َل َح ِة‬ ‫الموسدَ ة ‪َ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َّ َ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الله قال‪« :‬إذا ُو ِّسد‬ ‫وكيف إضاعتُها يا‬ ‫الساع َة» قال ‪:‬‬ ‫ُأ ِضي َعت األما َن ُة‬ ‫َ‬ ‫فانتظر َّ‬ ‫غير ِ‬ ‫األمر إلى ِ‬ ‫أهل ِه»(((‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫َّحوالت «بالقرا َء ِة‬ ‫وجه ٌة ‪ .‬وهي ما ن َُس ِّميها في فقه الت ُّ‬ ‫القراءة الشرعية ال َّثاني ُة ‪ :‬قرا َء ٌة ش�رع َّي ٌة غيب َّي ٌة ُم َّ‬ ‫�رعي ِة المس�نَدَ ِة» ومفتاحه�ا قو ُله تعالى في أو ِل ٍ‬ ‫َّبوي ِة َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الموجهة‬ ‫آي�ة ُأ ِنزلت على‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األَ َب ِو َّي�ة الن ِ َّ‬ ‫الش َّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫تأصيل‬ ‫تفر َع عنه�ا من‬ ‫رس�ول الل�ه ‪( :m‬ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ) [العل�ق‪ ]1:‬وم�ا َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مما ُ‬ ‫يدخ ُل تحت معنى قولِ ِه ‪:m‬‬ ‫وتفصيل‬ ‫«يحم ُل‬ ‫ش�رعي مدعو ٍم بأد َّلته ودالالته َّ‬ ‫ٍّ‬

‫((( وتمامه ‪« :‬يستحل فيها الخمر والحرير»‪ ،‬إسناده جيد‪« ،‬تخريج أحاديث المصابيح» للمناوي‬ ‫(‪ ، )443 :4‬وانظر إتحاف التويجري (‪.)210 :1‬‬

‫((( وهذا ما نحن بصدد إظهاره وإبرازه في كافة المراحل‪.‬‬ ‫((( صحيح البخاري (‪. )59‬‬

‫‪24‬‬


‫العلم من ك ُِّل َخ َل ٍ‬ ‫هذا ِ‬ ‫ف ُعدو ُل ُه»(((‪.‬‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫تكون إال باس� ِم الرب ‪ ،‬وهي م�ا ُأ ِ‬ ‫ُ‬ ‫طل َق عليه‬ ‫اإلسلامي ال‬ ‫تاريخن�ا‬ ‫فالق�را َء ُة ف�ي‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫القراءة ال تكون‬ ‫مفه�وم ( الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ؤون الحيات ِ‬ ‫فصل إال باسم الرب‬ ‫َين وال َ‬ ‫بط بي�ن الدِّ يان َِة والت ِ‬ ‫َّاريخ) وبها ُت َف َّس ُ�ر كا َّف ُة ُش‬ ‫ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫راس ُة‬ ‫الحياة اإلنسانِ َّي ِة واإلسلام َّي ِة ِدراس ًة ن َِّص َّي ًة ‪ ..‬ومعنى‬ ‫بين َُهما ‪ .‬ومن ش�روطها د َ‬ ‫ِ‬ ‫�ة النَّصي ِ‬ ‫( الدِّ راس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الحياة من كا َّف ِة‬ ‫كأصل في ق�را َء ِة‬ ‫المث َب ِتة‬ ‫ناؤها بالن‬ ‫�ة ) اعتِ ُ‬ ‫ِّ َّ‬ ‫ُّص�وص ُ‬ ‫َ‬

‫األحداث والتَّحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت عليه�ا ‪ .‬وتصني ُفها من ُ‬ ‫حيث عال َقتُها‬ ‫ع�رض‬ ‫أوج ِهه�ا ‪ُ ..‬ث َّم‬ ‫ُ‬ ‫َ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫اآلن ِ‬ ‫َّاريخ لدى ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العكس كما هو َ‬ ‫الحي�اة والت ِ‬ ‫كثير‬ ‫تفس�ير‬ ‫قائ ٌم في‬ ‫ُّص�وص وليس‬ ‫بالن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫ُقس ُم الحياة‬ ‫من المس�لمين وغير ِالمس�لمين ‪ ،‬وبهذه الدِّ راسة والقرا َءة الشرع َّية ت َّ‬ ‫مومها إلى ِ‬ ‫بِع ِ‬ ‫مراح َل‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫((( إسناده صحيح ‪« ،‬شرف أصحاب الحديث» ص‪ 51‬لإلمام أحمد‪.‬‬

‫((( المقصود بهذا أن كثير من المس�لمين يصفون اإلسلام والعالقات والمحبة والبغض على‬ ‫سير األحداث وما جرى في المراحل من التحوالت ‪.‬‬

‫واألص�ل أن ما جرى من االختالف في المراحل واألحداث المترتبة على ذلك ال يكون‬

‫أس�اس الوالء والبراء وإنما يكون الوالء والبراء بالنص�وص القرآنية والنبوية ويضاف إليها‬ ‫بع�د ذلك مجري�ات األحداث بش�روط‪ .‬وأن المختصي�ن بالنص وإن ج�رت عليهم الفتنة‬

‫كأصحاب الجمل من كبار الصحابة ئ فإن حصانتهم تلزم المسلم عدم القدح فيهم‬ ‫‪ .‬وأم�ا غيره�م فالقدح أيضا يكون بالنص فيهم كما هو في قتلة عمار بن ياس�ر في قوله ‪m‬‬ ‫‪( :‬عم�ار تقتل�ه الفئ�ة الباغية)‪ ،‬وقول النبي ‪( : m‬بش�ر قاتل ابن صفية بالن�ار) وابن صفية‬

‫ه�و الزبي�ر بن العوام وقد قتله أحد تابعي اإلمام علي ؤ وجاء يخبر اإلمام بقتله‪ ،‬فقال‬ ‫ل�ه اإلمام عل�ي بقول النبي ‪ m‬فغضب وق�ال‪ :‬إن قاتلناكم في الن�ار وإن قاتلنا من يقاتلكم‬ ‫فف�ي النار ‪ ،‬فأمر اإلمام علي بقتله قصاصا ب�دم الزبير بن العوام ألن اإلمام أخذ بالنص وإن‬

‫كان الرجل من أتباعه‪ ،‬ونقل البرزنجي في اإلش�اعة ص‪ 54‬عن علي ؤ قوله عن قتلى‬ ‫صفي�ن‪ ( :‬قتالن�ا وقتالهم في الجنة)‪ ،‬وقال‪ ( :‬م�ن كان يريد وجه الله منا ومنهم نجا) ‪.‬اهـ‪.‬‬

‫وهذا يحفظ شرف كثير من القتلى فيمن سماهم في النص اآلخر (الفئة الباغية)‪.‬‬

‫‪25‬‬

‫أهمية القراءة‬ ‫النصية‬


‫ِ‬ ‫َ‬ ‫خلال حياتِ ِه ‪ m‬ما‬ ‫المبارك َِة‬ ‫الم َح َّم ِد َّي ِة‬ ‫المرح َل� ُة األُول�ى ‪ :‬هي َ‬ ‫َ‬ ‫الرس�الة ُ‬ ‫مرح َل ُة ِّ‬ ‫مرحلة الرسالة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اله ِ‬ ‫دي َّ‬ ‫صم ُة)‪،‬‬ ‫الش�رع ِّي ( َ‬ ‫المحمدية بين َم َّك َة والمدينَة ‪ ،‬وقوا ُم هذه المرحلة في َ‬ ‫حي و الع َ‬ ‫الو ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫باعتبارها‬ ‫زات‪ ،‬وكان ال َبد ُء بها‬ ‫األخالق‬ ‫األساس ‪ ،‬ويليها النُّ ُب َّو ُة ‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫وهو‬ ‫والمعج ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الش�رعي ِة للر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المشت َ‬ ‫راسة َّ‬ ‫ِ‬ ‫األزم ِنة‬ ‫عبر‬ ‫بط بين ( الدِّ يانة‬ ‫َرك في الدِّ‬ ‫والتاريخ ) َ‬ ‫َّ َّ‬ ‫�م ُ‬ ‫القاس َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫الالح َق ِة ‪.‬‬ ‫واألزمنة‬ ‫ابقة‬ ‫َّ‬

‫الوفاة لِ‬ ‫ِ‬ ‫المرحل� ُة ال ّثاني� ُة‪ِ :‬م�ن ِ‬ ‫الله ‪ m‬إل�ى ِقيا ِم الس ِ‬ ‫رس�ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫عهد‬ ‫�اعة‪ ،‬وتُعدُّ هذه‬ ‫َّ‬ ‫مرحلة ما بعد‬ ‫ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫مراح ِل التَّحو ِل اإليجابي والسلبي‪ .‬و ُك ُّلها مجموع ٌة في أركانِ‬ ‫ِ‬ ‫الرسالة إلى قيام المرحل ُة من أص َع‬ ‫ُّ‬ ‫َّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الساعة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫غرى ‪.‬‬ ‫والوس َطى ُّ‬ ‫ُبرى ُ‬ ‫والص َ‬ ‫الساعة الك َ‬ ‫العل ِم بِعالمات َّ‬ ‫مرحلة ما قبل‬ ‫البعث‬

‫المرحل ُة ال َّثالِ َث ُة ‪ :‬وهي الدِّ راس ُة النَّصي ُة ِمن بع َث ِة النَّبِي ‪ m‬نَص ًا إلى ِ‬ ‫عهد آد َم ش‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وابنِ ِه َ‬ ‫وخلق َح َّوا َء‬ ‫الجنَّ َة‬ ‫قابيل‬ ‫وس�كنا ُه َ‬ ‫وهابيل وما ترت َ‬ ‫َّب على تعلي ِم آ َد َم األس�ما َء ُ‬ ‫صور المت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتسليط َّ‬ ‫َالح َق ِة ‪.‬‬ ‫الشيطان للغوا َية ‪ ،‬وما تال ُه من الت َ​َّح ُّوالت في ال ُع ِ ُ‬

‫ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫يث فِ ِ‬ ‫أحاد ِ‬ ‫ويستفاد من ِدراس ِة ِ‬ ‫الم َر ِ‬ ‫الت َّ‬ ‫الكيف َّي ِة‬ ‫احل تأتي على‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أن حصا َن َة َ‬ ‫َ‬ ‫الت ِ‬ ‫َّالية‪:‬‬

‫‪ -1‬مرحل ُة الرسا َل ِة‪ ..‬الوحي ‪ِ ،‬‬ ‫العصم ُة ‪ ،‬الم ِ‬ ‫ُ‬ ‫األخالق‬ ‫زات‪،‬‬ ‫عج ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫الخ َل ِ‬ ‫اشدَ ِة‪ ،‬االجتهاد ‪ ،‬نُصوص النُّبو ِة ‪ِ ،‬‬ ‫الخالفة الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫فاء‪.‬‬ ‫‪ -2‬مرحل ُة‬ ‫مواق ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫فظ ب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يضة اإلسلا ِم ‪ ،‬إقام ُة‬ ‫الملك ال َعضوض وحتّى مرحلة ال ُغثاء‪ ،‬ح ُ َ‬ ‫‪ -3‬مرحل� ُة ُ‬ ‫سبيل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله‪.‬‬ ‫الجهاد في‬ ‫فرض‬

‫ِ‬ ‫والعل ِم‪ ،‬وإنَّما يبقى ِ‬ ‫نقض الحك ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ور ِ‬ ‫الح ُ‬ ‫فظ‬ ‫موزها بعد‬ ‫ِ ُ‬ ‫وال حصا َن َة لمرح َلة ال ُغثاء ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الع�ام ل ُ ِ‬ ‫الم َط ِر‪ :‬ال ُيدْ َرى َأ َّو ُل ُه‬ ‫أل َّمة على ص َفة ال ُعمو ِم من قوله ‪َ « :m‬م َث ُ�ل ُأ َّمتي َم َث ُل َ‬ ‫ُّ‬

‫‪26‬‬


‫ِ‬ ‫الخويص ِة والخاص ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ويص ِة‬ ‫�ة في قولِ ِه ‪:m‬‬ ‫«فعليك بِ ُخ َ‬ ‫َّ‬ ‫َخ ْي ٌ�ر َأ ْم آخ ُر ُه»((( وعلى ص َفة ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫نفس َك»(((‪.‬‬

‫ِ‬ ‫إن الدِّ راس� َة النَّصي� َة هي أس�اس ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫َّقار ِ‬ ‫ّ‬ ‫ب بين‬ ‫الحضارات‬ ‫وار بي�ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ َّ‬ ‫وأس�اس الت ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نبي‬ ‫الج َس ِد‬ ‫األديان‬ ‫وأس�اس ُمعالجة االنهيارات المتالحقة في َ‬ ‫ُ‬ ‫اإلسالمي منذ وفاة ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫المعاصر ِة المقيدَ ِة نَص ًا بِمسمى ( ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عهد‬ ‫مرح َلتِنا‬ ‫َّ‬ ‫الساعة‪ ،‬مرور ًا بِ َ‬ ‫َّ ُ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫األُ َّمة ‪ m‬حتَّى قيا ِم َّ‬ ‫ِ‬ ‫الغثائ َّي ِة ) ‪.‬‬

‫الدراسة النصية‬ ‫أساس حوار‬ ‫الحضارات‬ ‫وتقارب األديان‬

‫ق�ه التَّحو ِ‬ ‫الجديدة المس�م ِاة بـ ( فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت )‬ ‫دراس�تِنا‬ ‫ُّ‬ ‫وه�ذا م�ا جمعنا ُه َّ‬ ‫َّ‬ ‫وفصلنا ُه في َ‬ ‫ين والحاوي على ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أركان الدِّ ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫العل ِم‬ ‫الرابِ ِع من‬ ‫كن َّ‬ ‫لم القائ ُم على دراسة ( ُّ‬ ‫وهو الع ُ‬ ‫عالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬ ‫اعة ) ‪.‬‬ ‫َّ‬

‫ِ‬ ‫مق ِ‬ ‫راس َة ُمستقا ٌة من ُع ِ‬ ‫وأعت َِقدُ ‪-‬والل ُه أع َل ُم – ّ‬ ‫اإلسالمي‬ ‫للواق ِع‬ ‫القرا َء ِة‬ ‫أن هذه‬ ‫الدِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫الدراسة الجديدة‬ ‫وعرض هذه القراء ِة على ما سبق لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رسول الله ‪ m‬أن تك َّل َم عنه واستعرضه للركن الرابع‬ ‫تمز ِق ‪،‬‬ ‫الم ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وأهميتها‬ ‫ش�ار إليها ( بِ ِف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫والح ِقها ‪ .‬وال ِ‬ ‫ِ‬ ‫قه‬ ‫نجاح‬ ‫أج�ز ُم بِتما ِم‬ ‫الحوادث‬ ‫س�ابق‬ ‫ِم�ن‬ ‫الفكرة ُ‬ ‫َ‬ ‫أجزم بنجاحها ج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومعالجتِها ولو ِمن ِ‬ ‫الخاص ِة‬ ‫زاو َيتِي‬ ‫زئ ّي ًا‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الت ُّ‬ ‫َّح�والت ) ُك ِّلي ًا ‪ ،‬وإنَّما ِ ُ‬ ‫األحداث والتَّحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الت ‪.‬‬ ‫بهمات‬ ‫لكثير من ُم‬ ‫ُّ‬

‫الذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمر معاناتي الخاص ِ‬ ‫ِ‬ ‫�و ِة َّ‬ ‫�ة ُ‬ ‫وق َّي ِة‬ ‫وكان�ت بداي� ُة هذا‬ ‫حيث ُ‬ ‫كنت وليدَ ثقا َفة األُ ُب َّ‬ ‫َّ‬ ‫التقليدي ِة وأحدَ المنتَمين إلى آل الب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المهاج ِر‬ ‫يت النَّ َب ِو ِّي من ذراري اإلما ِم‬ ‫والمذهبِ َّي ِة‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ين ِ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫أحمدَ ِ‬ ‫علي ‪ n‬أجمعين ‪.‬‬ ‫بن عيسى المنتمي إلى اإلما ِم ُ‬ ‫بن ٍّ‬

‫((( إسناده صحيح ‪ ،‬تفسير القرآن البن كثير (‪.)493 :7‬‬

‫((( إس�ناده صحيح لغيره ‪« ،‬موس�وعة أحاديث الفتن وأش�راط الس�اعة» للدكتورين همام وابنه‬ ‫(‪.)1644‬‬

‫‪27‬‬

‫مع المؤلف في‬ ‫مسيرة المعاناة‬


‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫وأذه َل َعقلي ‪َ ،‬‬ ‫دركاتي‬ ‫ُ‬ ‫سيرتي ال َع َم ِل َّية والعلم َّية ما أق َل َقني َ‬ ‫وش َّو َش ُم َ‬ ‫ورأيت في َم َ‬ ‫ادئ ذي ب ٍ‬ ‫األكاد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫راس�ي ِة َّ ِ ِ‬ ‫دء وخاص ًة في مرح َلتِي الدِّ ِ‬ ‫يم َّي ِة‬ ‫راس ِة‬ ‫َب ِ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫الشرع َّية وربطها بالدِّ َ‬ ‫ِ‬ ‫َين وأيدُ ُل ِ‬ ‫وج َّيت ِ‬ ‫ين وثقافت ِ‬ ‫�طر ِ‬ ‫َين ‪ ..‬وأما‬ ‫الحديث�ة ‪ ..‬وكانت ال َي َم ُن حينَها ُم َج َّزأ ًة إلى َش َ‬

‫الش ِ‬ ‫مدر َس�تِي األبو َّي ِة الن ِ‬ ‫ذات�ي و َعقلي وثقا َفت�ي َف ُمت ِ‬ ‫َّبو َّي ِة َّ‬ ‫�رع َّي ِة وبإحكا ٍم‬ ‫َمحو َر ٌة في َ‬ ‫ِ‬ ‫والت�زا ٍم َأ َب ِو ٍّي تَر َب ِو ٍّي ِ‬ ‫االرتباط بِ َع َج َل ِة‬ ‫صار ٍم ‪ ،‬وكان ال ُبدَّ ل�ي في تِلكُم المرح َل ِة من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫باالستقرار‪..‬‬ ‫الحياة ويح ُلمون‬ ‫يطمحون في‬ ‫الحياة العلم َّية الحدي َثة م َثل غيري م َّمن َ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جت من ال ُك ِّل َّي ِة‬ ‫المتَدَ ِّر ِج‬ ‫تخر ُ‬ ‫بالمدر َس�ة األكاديم َّية حت�ى َّ‬ ‫َ‬ ‫ف�كان لي َح ُّظ االلتحاق ُ‬ ‫هم�ي لِدَ رج ِ‬ ‫ولع�ل َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫الم َو ِّقعين عل�ى ش�ها َد ِة ال ُك ِّل َّي ِة‪..‬‬ ‫�ة‬ ‫بامتي�از‬ ‫َ َ‬ ‫غي�ر َفه� ِم ُ‬ ‫االمتياز ُ‬

‫�رعي ِة على س�لبي ِ‬ ‫�ة األَب ِوي ِة َّ ِ‬ ‫فاالمتي�از ال�ذي أن�ا بِصدَ ِد ِه ه�و انتِص�ار الدِّ راس ِ‬ ‫ات‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫الش َّ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والعالقات‬ ‫والعادات‬ ‫قافات‬ ‫الوضع َّي ِة وأيض ًا على مجمو َع ِة ال َّث‬ ‫راسات اإلنسانِ َّي ِة‬ ‫الدِّ‬ ‫بعي ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّزاو ِج‬ ‫�ة‪ ..‬ول�م يك�ن‬ ‫الض�دِّ ِّ‬ ‫معر َك َة ِّ‬ ‫للضدِّ ‪ ..‬وإنم�ا هي معرك� ُة الت ُ‬ ‫ال َّط َّ‬ ‫االنتص�ار َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّداخ ِل وإغناء إيجابِي ِ‬ ‫ِ‬ ‫المدر َست ِ‬ ‫قل وال َق ِ‬ ‫دوائر ال َع ِ‬ ‫الز َ‬ ‫والت ُ‬ ‫مان‬ ‫َين في‬ ‫ات‬ ‫ب َّ‬ ‫لب بما ُيناس ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫والمواهب وال ُقدُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الح ُّق سبحا َن ُه وتعالى أن ُي َه ِّي َئ لي‬ ‫رات‬ ‫المكان‬ ‫و‬ ‫واإلمكان‪ ،‬وشاء َ‬ ‫َ‬ ‫الف ِ‬ ‫حيث كان بها منب ُت ِ‬ ‫الش�ري َف ِ‬ ‫الح َر َم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين ُ‬ ‫ين َّ‬ ‫هور‬ ‫الم َقدَّ َر َة إلى‬ ‫َ َ‬ ‫أرض َ‬ ‫كرة و ُظ ُ‬ ‫َ‬ ‫الرح َل َة ُ‬ ‫ِّ‬ ‫المتناق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضات‬ ‫حصى م�ن‬ ‫�ي‬ ‫ُ‬ ‫ورأيت في تلك البِي َئ�ة ما ال ُي َحدُّ وال ُي َ‬ ‫الت َ​َّص ُّ‬ ‫�و ِر اإليجابِ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتزمت ِ‬ ‫والتَّنا ُق ِ‬ ‫اإلعالمي ِة الم ِ‬ ‫عاص َر ِة ‪.‬‬ ‫للمدرسة اإلسالم َّي ِة‬ ‫الواع َي َة‬ ‫القرا َء َة‬ ‫ضات‬ ‫ُ‬ ‫َّ ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقفت في�ه َخطيب ًا‬ ‫والمنب�ر ال�ذي‬ ‫كن�ت في�ه إمام ًا‬ ‫المس�ج ِد الذي‬ ‫رح�اب‬ ‫وف�ي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫االعتراضات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫روس العلم َّية َّ‬ ‫الخواص‬ ‫ومجالسة ومنا َق َشة‬ ‫الخاص والعا ِّم‬ ‫للمحيط‬ ‫واالحتجاجات والدُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫الش�رع َّية ُ‬ ‫بين األمة‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫وحدَ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫الخواص والعوا ِّم وكا َّف ِة‬ ‫وخواص‬ ‫أجناس المس�لمين القادمين من ك ُِّل َف ٍّج َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫لماذا ؟‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بيت ِ‬ ‫إلى ِ‬ ‫ُ‬ ‫واالعتراضات‬ ‫والسال ِم‬ ‫حم ٍد عليه‬ ‫الله الحرا ِم‬ ‫أفضل ّ‬ ‫الصالة ّ‬ ‫وزيارة النَّبِ ِّي ُم َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمعت َِرضين‬ ‫الم َت َع ِّلمي َن ُ‬ ‫واالحتجاجات اليوم َّية وش�به اليوم َّية فيما بيننا و َع َش�رات ُ‬ ‫‪28‬‬


‫الذ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمخالِ ِفين ِمن ُأ َّم ِة اإلسال ِم َتك ََّو َن َه ٌّم في ّ‬ ‫اإلحساس‪..‬‬ ‫ات و َأ َل ٌم في‬ ‫والموافقين ُ‬ ‫ُ‬ ‫ي ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تكون‬ ‫تكون الدِّ يا َن ُة‪..‬؟ أهكذا‬ ‫سائ ُلني‪ :‬أهكذا الدِّ ي ُن ‪..‬؟ أهكذا اإلسال ُم ‪..‬؟ أهكذا‬ ‫ُ‬ ‫ات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مراح ٍل‬ ‫لم‬ ‫وشرع أم تولِي َف ُ‬ ‫األمان ُة ‪..‬؟ هل صوف َّيتُنا َح ٌّق أم باط ٌل ! هل َ‬ ‫ٌ‬ ‫مذهبِ َّيتُنا ع ٌ‬

‫قادح ِ‬ ‫ِ‬ ‫سول ِ‬ ‫! هل انتِ ُ لآِ ِ ِ‬ ‫يت ر ِ‬ ‫شام ٌل ! ‪..‬‬ ‫الله ‪َ m‬ش َر ٌ‬ ‫ف أم ٌ‬ ‫ماؤنا ل َب َ‬

‫ِ‬ ‫وإس�فاف‬ ‫إرجاف‬ ‫والمس�ام َع؟‬ ‫القلب‬ ‫يط�ر ُق‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫م�اذا ي�دور في الواق� ِع ‪..‬؟ وم�اذا ُ‬ ‫األولياء والع َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫نكاف !!‬ ‫ماء‬ ‫وتجر ٌؤ على‬ ‫واستخفاف!‪..‬‬ ‫واستهزا ٌء‬ ‫واحتقار واستِ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫حير ٌة بين المص ِّلين وهم وغم ِ‬ ‫الف‪!...‬‬ ‫الف واختِ ٌ‬ ‫وخ ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬

‫وبي�ن هذا وذاك ‪ ..‬كانت ِ‬ ‫وكنت‬ ‫مري الموعو َد ‪..‬‬ ‫الفكر ُة‬ ‫ُ‬ ‫�م لتب ُل َغ مداها ال ُع َّ‬ ‫َ‬ ‫تتزاح ُ‬ ‫باب ِ‬ ‫ِ‬ ‫«صحيح ُمسل ٍم» من ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫حديث‪:‬‬ ‫الفت َِن‬ ‫والقارئ يقر ُأ في‬ ‫الحديث‬ ‫درس‬ ‫يو َمها في‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫�ك ُ‬ ‫(يوش ُ‬ ‫أه�ل‬ ‫رهم‪،‬‬ ‫الع�راق أن ال يج�ي َء إليهم ـ وف�ي‬ ‫رواية ُيج َب�ى ـ ٌ‬ ‫قفي�ز وال د ٌ‬ ‫ِ‬ ‫الحديث ‪ ،‬وكانت‬ ‫قلن�ا‪ :‬م�ن أين ذاك؟ قال‪ :‬من ِق َب ِل ال َع َج ِم يمنع�ون ذلك(((‪)..‬الخ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االقتصادي على‬ ‫بالحص�ار‬ ‫ف حينَه�ا‬ ‫الم‬ ‫ع�اش ما ُع ِر َ‬ ‫ِّ‬ ‫المعرك� ُة الدائ�ر ُة ف�ي الواق ِع ُ‬ ‫بن أحمدَ الس َّق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عبدالقادر ِ‬ ‫فسألت َ‬ ‫اف ـ َر ِح َم ُه ال ّل ُه‬ ‫الحبيب‬ ‫شيخنا العلاّ َم َة‬ ‫العراق ‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫المجل ِ‬ ‫الحديث ين َطبِ ُق على ما يجري َ‬ ‫ُ‬ ‫اآلن في‬ ‫س‪ :‬س ِّيدي‪ ..‬هل‬ ‫َر ْح َم َة األَ ْب َر ِار ـ في‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نيه ًة ُثم قال‪ :‬نعم ‪ِ ،‬‬ ‫األحاديث ُ‬ ‫وحها ‪.‬‬ ‫أطراف‬ ‫راج ْع‬ ‫العراق؟‪..‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وش ُر َ‬ ‫فسكت ُه َ َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المعر َف ِة‪،‬‬ ‫ب‬ ‫وراجعت أ ّيام ًا وليالِ َي‬ ‫فراجع�ت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫�ب األحداث وغرائ َ‬ ‫فوجدت عجائ َ‬ ‫ِ‬ ‫إن اإلم�ام الن ِ‬ ‫ب�ل َّ‬ ‫ِ‬ ‫الحدي�ث ‪( :‬وه�ذا قد ُو ِج�دَ ف�ي زمانِنا في‬ ‫ش�رح‬ ‫َّ�وو َّي ق�ال في‬

‫ِ‬ ‫العراق)(((‪.‬‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)7499‬‬

‫((( شرح النووي على مسلم (‪.)20 :18‬‬

‫‪29‬‬

‫بداية االنطالق في‬ ‫فقه التحوالت‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫باب جدي�دٌ وتع ُّل ٌم‬ ‫َي�ت بع�د هذا‬ ‫واعتن ُ‬ ‫َ�ح لي ٌ‬ ‫الس�اعة وعالماتها‪ ،‬وانفت َ‬ ‫بأب�واب َّ‬

‫شرعي ُمفيدٌ ‪..‬‬ ‫ٌّ‬ ‫تقرير الحالة‬

‫المدخل إلى‬ ‫معرفة الركنية‬ ‫الرابعة‬

‫ِ‬ ‫أحببت‬ ‫األرض فس�اد ًا‪ ،‬وإنَّما‬ ‫ب وال أس�عى في‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ولس�ت بِ ُمدَّ ٍع اجتهاد ًا‪ ،‬وال أر َغ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫العلم َّ ِ‬ ‫أعي�ش ِ‬ ‫َّب ِ‬ ‫َ‬ ‫اإل َ‬ ‫فقرأت‬ ‫وغوائ َل ُه ‪..‬‬ ‫�ي‬ ‫أن‬ ‫ُ‬ ‫الش�رع َّي من داخل�ه وأتجن َ‬ ‫فك الوضع َّ‬ ‫َ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫تركيز الجمي ِع‬ ‫وم�ر ًة بعدَ أخرى كان يش� َغ ُلني‬ ‫حديث‬ ‫ق�رأت‬ ‫فيم�ا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫جبريل ش ‪َّ .‬‬ ‫على أركانِ ِه ال َّث ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫قلت‪َّ :‬‬ ‫الراب ِع ‪َ ،‬‬ ‫إن‬ ‫الثة‬ ‫َب َش َطط ًا إن ُ‬ ‫وخ ِش ُ‬ ‫يت أن أرك َ‬ ‫وإهمال المعادل َّ‬ ‫وجدت ِ‬ ‫عالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لم بِ‬ ‫القائ َل‬ ‫�اعة ‪ ..‬ولكن‬ ‫ُ‬ ‫الرك� َن الرابِ َ‬ ‫َّ‬ ‫�ع من أركان الدِّ ين هو الع ُ‬ ‫ُّ‬

‫دراسة الركنِي ِة ومالب ِ‬ ‫ِ‬ ‫لهذا هو ر ُ ِ‬ ‫سات‬ ‫فأخذت في‬ ‫الم َؤ ِّكدُ عليه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ َّ‬ ‫س�ول الله ‪ m‬وهو ُ‬ ‫َ‬ ‫االهتما ِم ب�ه ‪ ..‬فكان لي ِ ِ‬ ‫صور التي حجزت الس�ابِقين عن ِ‬ ‫ال ُع ِ‬ ‫َّحوالت‬ ‫معر َف ُة فقه الت ُّ‬ ‫َّ‬ ‫س و المن َط َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكتاب الذي أسمي ُت ُه بـ «األُ ُس ِ‬ ‫قات»‬ ‫و ُم َت َع َّلقاتِ ِه‪ ،‬وها أنا ذا َأ َض ُع ُه في هذا‬ ‫ُ‬

‫َّرتيب والح ِ‬ ‫بع�د َز َم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الجم ِع والت ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّركيب آم ً‬ ‫لا أن ين َف َع الل ُه به َمن‬ ‫ذف والت‬ ‫�ن‬ ‫َ‬ ‫طويل من َ‬ ‫له َم ِ‬ ‫َّفع واالس�تفا َدةَ‪ ،‬وأن ُي ِ‬ ‫ِ‬ ‫والكتاب‬ ‫الس�ن َِّة‬ ‫الص َ‬ ‫قار َئ ُه َّ‬ ‫َه َّي َ�أ له الن َ‬ ‫واب إلى ما جا َء في ُّ‬ ‫واإلفر ِ‬ ‫اط والت ِ‬ ‫َّفريط‪..‬‬ ‫بعيد ًا عن ال ُغ ُل ِّو ِ َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وأعت َِق�دُ َّ‬ ‫خالل وض ِع‬ ‫م�ات الها َّم ِة التي َف ِهمتُها‬ ‫وضع‬ ‫الواجب‬ ‫أن من‬ ‫الم َقدِّ‬ ‫َ‬ ‫بعض ُ‬ ‫مقدمات هامة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫لتكون َم َ‬ ‫دخ ً‬ ‫وسنَد ًا أكيد ًا‬ ‫راس�ة‬ ‫المبتَد ِئ‪َ ..‬‬ ‫ال ُمفيد ًا وتمهيد ًا َس�ديد ًا للقار ِئ ُ‬ ‫لقراءة عالمات هذه الدِّ َ‬ ‫الساعة‬ ‫س�ن مالح َظتِ ِ‬ ‫ِ ِ​ِ‬ ‫حي�ث نحتاج لِر ِأي ِ‬ ‫للم َت َع ِّم ِ‬ ‫َخ ِّص ِ‬ ‫ُ‬ ‫المت َ‬ ‫�ه‪ ،‬والل ُه‬ ‫�ه‬ ‫�ص ‪..‬‬ ‫وح ِ ُ َ‬ ‫ومعر َفته ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫�ق ُ‬ ‫ُ‬ ‫الم َو ِّف ُق‪.‬‬ ‫ُ‬

‫لعالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫فأقول ‪ :‬مع ِ‬ ‫كثرة الت ِ‬ ‫تعليل ال َّظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫واهر‬ ‫َّجاو ِز في‬ ‫�اعة‬ ‫َّناول‬ ‫حصل ُ‬ ‫بعض الت ُ‬ ‫َّ‬ ‫أهل ِ‬ ‫ِ‬ ‫بع�ض ال ُكت ِ‬ ‫أث�ار َ‬ ‫العل� ِم الحريصين‬ ‫َّ�اب والباحثين في‬ ‫واس�تعج َل ُ‬ ‫َ‬ ‫مما َ‬ ‫تفس�يرها َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحاوية على‬ ‫س�ائل‬ ‫الر‬ ‫على سلامة الدِّ يانة من ال َع َبث والجرأة ‪ ،‬وصدرت ُجمل ٌة من َّ‬ ‫‪30‬‬


‫ِ‬ ‫ال�رد الم ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمت ِ‬ ‫َناولين هذا ال َف َّن‬ ‫للم َت َك ِّلفي�ن ُ‬ ‫تفاوت بي َن االعتدال وبي� َن ال ُغ ُل ِّو في النَّقد ُ‬ ‫َّ ِّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِ‬ ‫َ‬ ‫والخ ُ‬ ‫يش َ‬ ‫المسائ َل((( التي يك ُث ُر فيها ال َّط ُ‬ ‫لط ووضع‬ ‫الباحثِين‬ ‫الم َع َّقدَ ‪ ،‬وقد‬ ‫أجمل ُ‬ ‫ُ‬ ‫الضوابِ َط التالي َة ‪:‬‬ ‫لها َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫�ف إيجا َدها‬ ‫دائرة التَّو ُّق� ِع‬ ‫األش�راط ف�ي‬ ‫‪ -1‬أن تب َق�ى هذه‬ ‫المظنون دون أن نتك َّل َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أمور كون َّي ٌة َقدَ ر َّي ٌة واقع ٌة ال محال َة ‪ ،‬ولم نُخا َطب‬ ‫بإجراءات من عند أن ُفس�نا ‪ ،‬وأنَّها ٌ‬ ‫ِ‬ ‫باستخراجها من عا َل ِم ال َغ ِ‬ ‫يب إلى عالم َّ‬ ‫الشها َد ِة ‪.‬‬

‫تبقى األشراط‬ ‫في دائرة التوقع‬ ‫المظنون‬

‫ِ‬ ‫لتسلس ِ‬ ‫ُصوص‬ ‫األش�راط طِبق ًا لم�ا َد َّلت عليه ن‬ ‫�ل‬ ‫الزمنِ ُّي‬ ‫َّرتيب َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -2‬أن ُيراع�ى الت ُ‬ ‫ُ‬ ‫مراعاة الترتيب‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ٍ‬ ‫�ريف وعَ�دَ ُم ال َقط ِع بِ‬ ‫ِ‬ ‫ترتيب م�ا ال َ‬ ‫ِ‬ ‫الوح�ي َّ‬ ‫زمن�ه وترتيبِ ِه إال‬ ‫دليل على‬ ‫زم�ان أو‬ ‫الزمني لألشراط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بتعيين ترتيبه�ا مث ً‬ ‫ال (‬ ‫ُّص�وص‬ ‫األش�راط الت�ي قطعت الن‬ ‫َّخمي�ن ‪ ،‬فمن‬ ‫بِال َّظ� ِّن والت‬ ‫ُ‬ ‫الدَّ َّج ُال ‪ ،‬يليه ُ‬ ‫ومأجوج )‬ ‫وج‬ ‫ُ‬ ‫يأج ُ‬ ‫نزول عيسى‪ ،‬يليه ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعيين ترتيبها بالنِّس� َب ِة لما‬ ‫مات إجمال َّي� ٌة ُذ ِكرت دون‬ ‫وأخ�رى م�ن‬ ‫العالمات مقدِّ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫كانحس�ار ال ُف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أرض ال َع َر ِ‬ ‫رات عن َج َب ٍل من َذ َه ٍ‬ ‫ب‬ ‫وعودة‬ ‫ب‪،‬‬ ‫األش�راط ‪،‬‬ ‫ُيت َ​َو َّق ُع من‬ ‫ُم ُروج ًا وأنهار ًا ‪ِ ،‬‬ ‫وغير ذلك(((‪.‬‬

‫‪ -3‬أن ال يؤ ِّثر هذا التَّر ُّقب سلب ًا على ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوقت وتكاليف َّ‬ ‫عو ِة‬ ‫الشر ِع‬ ‫واجب‬ ‫أداء‬ ‫كالدَّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫عدم تأثير الترقب‬ ‫والج ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫العل ِم ِ‬ ‫و َط َل ِ‬ ‫على واجب‬ ‫هاد انتظار ًا ُلوقوعها ‪.‬‬

‫اقتراب الس ِ‬ ‫‪ -4‬االنتباه إلى الن ِ‬ ‫اعة ‪َّ ،‬‬ ‫الزمانِ َّي ِة عند الكال ِم عن‬ ‫رب وال ُبعدَ‬ ‫ِّسبة َّ‬ ‫ُ‬ ‫فإن ال ُق َ‬ ‫ِ َّ‬ ‫أمر نِسبِ ٌّي ‪ ،‬و َمن يدري َّ‬ ‫السني َن ال يع َل ُمها إال الل ُه‪.‬‬ ‫لعل بيننا وبينها آالف ًا من ِّ‬ ‫كالهما ٌ‬

‫‪ -5‬ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫االحتمال على واق� ٍع ُم َع َّي ٍن إال بعد‬ ‫يطر ُقها‬ ‫إس�قاط الن‬ ‫يمك ُن‬ ‫ُّص�وص التي ُ‬

‫((( في كتاب (فقه أشراط الساعة) لمحمد إسماعيل المقدم‪.‬‬ ‫((( فقه عالمات الساعة ص‪.187‬‬

‫‪31‬‬

‫الوقت‬


‫ِ‬ ‫وانقضائها‪.‬‬ ‫ُوقوعها‬

‫ث�م قال الباحث‪ :‬فقد كان هدي الس� َل ِ‬ ‫َ‬ ‫ف رحمهم الل�ه – أنهم ال ُين َِّز َ‬ ‫أحاديث‬ ‫لون‬ ‫َ ُ َّ‬ ‫هدي السلف أمام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أصدق تفس�ير لها وقو َعها ُمطاب َق ًة ل َخ َبر النَّب ِّي‬ ‫يرون‬ ‫فقه التحوالت الفتَن على واق ٍع حاضر ‪ ،‬وإنما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ m‬ولذلك ن ِ‬ ‫أن عا َّمة ِ‬ ‫ُالح ُظ َّ‬ ‫األحاديث َّ‬ ‫شرحها‬ ‫الشري َف ِة كانوا ُي ِفيضون في‬ ‫شارحي‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أمسكُوا‬ ‫‪،‬واستنباط األحكا ِم منها ‪ ،‬حتى إذا َأتَوا على‬ ‫السا َعة َ‬ ‫أبواب الفت َِن وأشراط َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بشرح‬ ‫الحديث واك َت َفوا‬ ‫تحقيق‬ ‫ور َّبما اقت َ​َصروا على‬ ‫أو اقت َ​َصدوا في شرحها للغاية ‪ُ ،‬‬ ‫غريبِ ِه ‪.‬اهـ ‪.‬‬

‫َ‬ ‫يطر ُق‬ ‫تكون الن‬ ‫وق�ال ‪ ( :‬وال ُب�دَّ من أن‬ ‫ُّصوص التي ُي َط َّب ُق عليها هذا َّ‬ ‫ُ‬ ‫مما ُ‬ ‫الضابِ ُط َّ‬ ‫النصوص‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المحك َ​َمة التي َد َّل الدَّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫لي�ل على المراد منها‬ ‫االحتمال ‪ ،‬بخالف الن‬ ‫وعالقتها بما دال َلتَ� ُه‬ ‫ُ‬ ‫ُّص�وص ُ‬ ‫يطرقه االحتمال‬ ‫ِ‬ ‫مثل ن ُ​ُز ِ‬ ‫الضابط ‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫المس�يح ش‬ ‫ول‬ ‫تخض ُع لهذا‬ ‫�س على َأ َح ٍد ‪ ،‬فإنها َ‬ ‫بحي�ث التلتَبِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البيضاء ِ‬ ‫المهد ِّي ‪َ ،‬‬ ‫ومثل‬ ‫خل�ف‬ ‫بح‬ ‫المنار ِة‬ ‫الس�ماء عند‬ ‫من‬ ‫َ‬ ‫بد ِم ْش َ‬ ‫الص َ‬ ‫�ق ‪ ،‬وصال ُت ُه ُّ‬ ‫َ‬ ‫روج الدَّ َّج ِ‬ ‫ُخ ِ‬ ‫ال بِ ِص َفتِ ِه التي أخبر عنها النَّبِ ُّي ‪. m‬‬ ‫حصر‬ ‫مصادرالتلقي‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كاألحاديث‬ ‫وإه�دار ما ع�داه‬ ‫ش�رع َّي ٌة‬ ‫مص�اد ِر التَّل ِّق�ي فيما هو ُح َّج ٌة‬ ‫حص�ر‬ ‫‪-6‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُعار ُض ما عندنا أو التي ُأ ِمرنا بالتَّو ُّق ِ‬ ‫واالس�رائيلي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات التي ت ِ‬ ‫ف‬ ‫والموضو َع ِة‬ ‫الضعي َف ِة‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬

‫فيها ‪.‬‬

‫أشكل عليك ِ‬ ‫َ‬ ‫فكل ُه إلى عالِ ِم ِه ‪..‬‬ ‫‪ -7‬ما‬

‫ال نعطل السنن‬ ‫واألسباب‬

‫ٍ‬ ‫لوس�كت َمن ال ِ‬ ‫ف َّ‬ ‫لاف‪ ،‬ومن َق ُص َر‬ ‫حام�د الغزالِ ُّي ‪« :‬‬ ‫وق�ال أب�و‬ ‫قل االختِ ُ‬ ‫يع�ر ُ‬ ‫َ‬ ‫وض�اق نظره ع�ن كالم ع ِ‬ ‫ِ‬ ‫لماء األُم ِ‬ ‫يدريه‬ ‫�ة واال ِّطال ِع فما له ولل َّت َك ُّل� ِم فيما ال‬ ‫با ُع� ُه‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ​ُ‬ ‫َّ‬ ‫خول فيما ال ِ‬ ‫والدُّ ِ‬ ‫وحق ِم ِ‬ ‫كوت) ‪.‬‬ ‫يعنيه ‪ُّ ،‬‬ ‫الس َ‬ ‫ثل هذا أن َ‬ ‫يلز َم ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب في هذا‬ ‫بح َّج ِة‬ ‫السن َن‬ ‫انتظار المهد ِّي‪ ،‬وما أصدَ َق ما نُس َ‬ ‫واألسباب ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ -8‬ال ُن َع ِّط ُل ُّ‬ ‫‪32‬‬


‫إلى جع َف ٍر الص ِ‬ ‫اد ِق رحمه الله من قولِ ِه لمن خاض في األحكا ِم ال َقدَ ِر َّي ِة وانش َغ َل بها‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوقت‪ّ ( :‬‬ ‫إن الل َه أراد بنا أشيا َء وأرا َد ِمنّا أشيا َء‪ ،‬فما أراده بنا أخفا ُه َعنَّا ‪،‬‬ ‫واجب‬ ‫عن‬ ‫وما أراده ِمنَّا بينَه لنا ‪ ،‬فما با ُلنا َ ِ‬ ‫عما أراده ِمنّا) (((‪.‬‬ ‫َ َّ ُ‬ ‫ننشغ ُل بما أرا َد ُه بنا َّ‬ ‫التأصيل الم ِ‬ ‫فيد والها ِّم الذي نقلناه عن الحريصي َن‬ ‫قلت ـ والله أعلم ـ ‪ :‬ومع هذا‬ ‫ُ‬ ‫ِ ُ‬ ‫الله وس�ن َِّة رس�ولِ ِه ِمن العب ِ‬ ‫كتاب ِ‬ ‫ـ إن ش�اء الل�ه ـ عل�ى ِ‬ ‫االنفعالي َّ‬ ‫ف�إن األَقال َم‬ ‫�ث‬ ‫َ​َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬

‫بإدراك أو ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫الوقو ِع فيما ُين َت َق�دُ لدى َ‬ ‫َّناو ِل‬ ‫اآلخ ِرين‬ ‫ذاتَه�ا‬ ‫خالل الت ُ‬ ‫بغيره لم تس� َلم من ُ‬ ‫ٍ‬ ‫لمواضي ِع الس ِ‬ ‫اعة وعالماتِها بِ‬ ‫صورة أو أخرى ‪.‬‬ ‫َّ‬

‫رأي المؤلف فيما‬ ‫سبق من الضوابط‬

‫ِ‬ ‫البعض باط ً‬ ‫مالح َق ِة م�ا وجدناه من‬ ‫لا وال‬ ‫المداف َع ِة عم�ا يراه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ولس�نا هنا بِ َص�دَ د ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ب في نز ِع َف ِ‬ ‫االش�تعال‬ ‫تيل‬ ‫الجنُوح�ات ف�ي الموضوع�ات المطرو َق�ة ‪ ،‬وإنما نر َغ ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫عتاد بين ال َغ ِ‬ ‫المش�ت َ​َرك َِة في ِخد َم ِة‬ ‫الح ِّق النَّاص ِع ل ُيس� َت َفا َد من ُ‬ ‫يورين على َ‬ ‫الجهود ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وإنقاذ م�ا ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإصلاح ما ي ِ‬ ‫األُم ِ‬ ‫مك ُن إنقا ُذ ُه ‪ ،‬والنَّ َظ ِ‬ ‫األهداف‬ ‫�ر إلى‬ ‫إصالح ُه‬ ‫مك� ُن‬ ‫�ة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألش�راط وتجاو ِز الجزئي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عاالت إلى ما هو‬ ‫واالنف‬ ‫ات‬ ‫العالمات‬ ‫دراس�ة‬ ‫ال ُعليا من‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحبيب ‪m‬‬ ‫مقوالت‬ ‫الجميع‬ ‫يتفه�م‬ ‫ُ‬ ‫أول�ى وأجدى ‪ ،‬والذي هو أولى وأجدى أن َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االختالف على‬ ‫بس�بب‬ ‫الصحيح َة في الموضو ِع حتى ال ُن َف ِّو َت الحقيق َة‬ ‫وأحادي َث� ُه َّ‬ ‫ِ‬ ‫الناس اليوم إلى من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العالمات على‬ ‫حقائق‬ ‫ف‬ ‫الوصول إليها ‪ ..‬وحاج ُة‬ ‫َ‬ ‫يكش ُ‬ ‫طريق ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أكثر من حاجتهم إلى َمن ُي َش ِّو ُش العالق َة بين الباحثين عنها ‪..‬‬ ‫بساط المعرفة ُ‬

‫ٍ‬ ‫طوي�ل فإنِّ�ي َأ ِجدُ َّ‬ ‫أن‬ ‫م�دى َز َمنِ ٍّي‬ ‫اش�تغلت بهذا الموض�و ِع على‬ ‫وبم�ا أنَّن�ي قد‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّعقيدات التي‬ ‫أيس ُر وأن َف ُع من متا َب َع ِة الت‬ ‫متابع َة األحاديث ذاتها واس�تقراءها الواض َح َ‬ ‫ِ‬ ‫البع�ض من َح َم َل ِة األقلا ِم ِحرص ًا على ما ُ‬ ‫يق�ال عنه أنَّه َع َب ٌ‬ ‫بالعالمات‬ ‫�ث‬ ‫وض َعه�ا‬ ‫ُ‬

‫((( ص‪ 203‬فقه عالمات الساعة ‪.‬‬

‫‪33‬‬

‫متابعة الحاديث‬ ‫أيسر وأولى من‬ ‫متابعة تعقيدات‬ ‫العلماء‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعج ُلوها حرص ًا على‬ ‫واألشراط ‪ ،‬فالعابثون باألشراط كفاهم َف َش ُل مقوالتهم التي َّ‬ ‫ِ‬ ‫هر ِة وال ُّظ ِ‬ ‫ألن الت ِ‬ ‫خير من الت ِ‬ ‫يح والتَّشني ِع َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّصر ِ‬ ‫يح‬ ‫َّصر َ‬ ‫هور ‪ ،‬والت ُ‬ ‫َّلميح في معا َت َبتهم ٌ‬ ‫الش َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫المخل ُص َ‬ ‫الم َت َق ِّولي َن على‬ ‫الص‬ ‫خطير ل�و أراد‬ ‫باب‬ ‫والت‬ ‫ادقون َ‬ ‫ون َّ‬ ‫َّش�نيع ٌ‬ ‫َ‬ ‫فتح باب�ه ضدَّ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫التلميح خير من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫التصريح في‬ ‫المس�أ َل ُة إلى م�ا ال ُيرضي العديدَ من‬ ‫المعاص َرة ‪ ..‬وقد تَص ُل‬ ‫غيره�م في‬ ‫َ‬ ‫المرح َل�ة ُ‬ ‫المعاتبة‬ ‫ِ‬ ‫المتَحدِّ ثي�ن اليوم باس� ِم الدِّ فا ِع عن الس�ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫العالمات‬ ‫تناو ِل‬ ‫عن�د‬ ‫ة‬ ‫وخاص‬ ‫والكتاب‬ ‫َّة‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫واألش�راط بِ َت َف ُّق ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫�ه وا ٍع و َن َظ ٍ‬ ‫عمي�ق‬ ‫�ر‬ ‫ألقوال َم�ن ال ينطِ ُق عن اله�وى ‪ m‬مما يزيدُ‬ ‫ال ِّطين َب َّل ًة والتحدِّ َي ُأوار ًا واشتعاالً‪..‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫وظاه َر َة الن َِّبز والت َ​َّش ِّفي‪،‬‬ ‫واآلخ َر ِة‬ ‫للسال َم ِة في الدُّ نيا‬ ‫االحتناك‬ ‫ظاه َر َة‬ ‫واالحتكار َّ‬ ‫ظاهرة االحتناك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واالحتكار وظاه َر َة الت ِ‬ ‫يوب و َغمط المحاس ِ‬ ‫َّركيز على ال ُع ِ‬ ‫الساعة ُر َّبما‬ ‫�ن ‪ ..‬عالم ٌة من عالمات َّ‬ ‫للسالمة‬ ‫ظاه ِر ال ُغ ِ‬ ‫القار ُئ في متابعتَنا لهذه الن ِ‬ ‫َّماذ ِج في كتابِنا هذا عند تناولِنا لِم ِ‬ ‫الح َظها ِ‬ ‫ثائ َّي ِة‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫االش�تغال بها ِ‬ ‫ِ‬ ‫الو َه ِ‬ ‫َ‬ ‫�ن والتَّداعي ‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫وش‬ ‫الم َص ِّلي� َن ـ من ك ُِّل‬ ‫داخ َ�ل‬ ‫وأن‬ ‫�مول َ‬ ‫حظيرة ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المذاه ِ‬ ‫ٌ‬ ‫والموع َظ ِة‬ ‫كم ِة‬ ‫تحريش‬ ‫بـ‬ ‫نماذ ِج‬ ‫ش�يطاني‪ ،‬إال إذا ج�اءت على ص َفة الح َ‬ ‫ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المخطِئ فض ً‬ ‫ال‬ ‫الح َس�نَ ُة ِمن‬ ‫مظاه ِرها ال َّت َل ُّط ُ‬ ‫كم� ُة والموع َظ ُة َ‬ ‫َ‬ ‫�ف مع ُ‬ ‫الح َس�نَة‪ ،‬والح َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِص ِ‬ ‫ِ‬ ‫الملحمي‬ ‫وسيرها‬ ‫المراحل‬ ‫توجيه‬ ‫يب ‪ ،‬وأ ّما ما نحا ُه َح َم َل ُة األقال ِم من‬ ‫ِّ‬ ‫عن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫السلبِ َّي ِة‪.‬‬ ‫السا َعة وأشراطها َّ‬ ‫فأمر يربِ ُطنا بعالمات َّ‬ ‫المتَّجهات الفكر َّية ٌ‬ ‫لصال ِح ُ‬

‫(((‬

‫األشراط‬ ‫المجهولة‬ ‫وموقعنا من‬ ‫معارضتها‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعضها‬ ‫الز َمنِ ِّي‬ ‫والعالمات مجهول ُة الت‬ ‫األش�راط‬ ‫وبعض‬ ‫والمكاني ‪ ..‬وأما ُ‬ ‫َّحديد َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيمك ُن ِ‬ ‫المتأنِّي‪..‬‬ ‫بالم َ‬ ‫معر َف ُت ُه ُ‬ ‫الح َظة واالستقراء ُ‬

‫الل�ه ‪ m‬ف�ي ِ‬ ‫رس�ول ِ‬ ‫كم�ا ورد ع�ن ج ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفت َِن الت�ي وقعت في‬ ‫أصحاب‬ ‫مل�ة م�ن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫((( الملحم�ي م�ن المالح�م وه�ي الح�روب العام�ة والفت�ن الكب�رى الجائح�ة‪ ،‬وخاصة بين‬ ‫المسلمين والكفار‪.‬‬

‫‪34‬‬


‫ِ‬ ‫ُع ِ‬ ‫َ‬ ‫الز َم َن ُّ‬ ‫فلما َر َأوها‬ ‫والش‬ ‫بالوقو ِع ولكن‬ ‫يجهلون َّ‬ ‫َ‬ ‫صورهم‪ ،‬كانوا على عل ٍم ُ‬ ‫�خوص َّ‬ ‫َعيان� ًا ق�ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫اليم�ان ؤ ـ "‪« :‬إِ ْن ُك ْن ُت َ‬ ‫أل َرى َّ‬ ‫قائ ُلهم ـ وه�و ُحذي َف ُة ب ُن‬ ‫�ي َء َقدْ‬ ‫الش ْ‬ ‫َن ِس ُ َ‬ ‫اب َع ْن ُه َف َرآ ُه َف َع َر َف ُه»(((‪.‬‬ ‫الر ُج ُل إِ َذا َغ َ‬ ‫يت ‪َ ،‬فأ ْع ِر ُف َما َي ْع ِر ُف َّ‬

‫الع�وا ِم ؤ ‪« :‬نزل�ت هذه اآلي� ُة ونح ُن‬ ‫وع�ن الحس�ن ق�ال‪ :‬ق�ال ُّ‬ ‫بير ب� ُن َّ‬ ‫الز ُ‬ ‫ِ‬ ‫رس�ول الل�ه ‪ m‬ﮋ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﮊ‬ ‫ُمتوافِرون مع‬ ‫ِ‬ ‫[األنفال‪ ]٢٥ :‬فجعلنا ُ‬ ‫تقع ُ‬ ‫حيث وقعت» (((‪.‬‬ ‫نقول ‪ :‬ما هذه الفتنَ ُة؟ وما نش ُع ُر أنَّها ُ‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وم�ا تناو َله�ا ‪َ m‬‬ ‫جم�ة إال لتُصبِ َح إحدى‬ ‫وخ َط َ‬ ‫ب بها أما َم المأل وفي ُمناس�بات ّ‬ ‫إحراج�ات وتحدِّ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫م�واد ِ‬ ‫بصرف النَّ َظ ِ‬ ‫يات ‪ ..‬وإذا‬ ‫عما تحم ُل ُه من‬ ‫اإلسلامي‬ ‫الفقه‬ ‫ِّ‬ ‫�ر َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�رعي ًا ُي ِ‬ ‫َ‬ ‫يات عام ً‬ ‫واألش�راط ‪،‬‬ ‫العالمات‬ ‫إغفال‬ ‫لز ُمنا‬ ‫ال‬ ‫كانت‬ ‫ات والتَّحدِّ ُ‬ ‫اإلحراج ُ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّلميح م�ن ِ‬ ‫�كوت عنه�ا أو حتى الت ِ‬ ‫تجاو ِزها‬ ‫والس‬ ‫أجل ُ‬ ‫فق�د كان ‪ m‬أولى بإغفالها ُّ‬ ‫والص ِ‬ ‫مت ِحيا َلها‪..‬‬ ‫َّ‬

‫لماذا تناول النبي‬ ‫‪ m‬العالمات؟‬ ‫لم لم يسكت‬ ‫عنها أو يخف من‬ ‫إشهارها؟‬

‫المعامالت وبِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تأصيل َع َم ِل ٍّي ألس ُل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ناء‬ ‫وب‬ ‫رسول الله ‪ m‬مرحل َة‬ ‫لقد كانَت مرحل ُة‬ ‫مرحلة الرسول‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪ m‬تأصيل‬ ‫والعالمات‪،‬‬ ‫األشراط‬ ‫وس ِير‬ ‫يتناس ُ‬ ‫�ب مع الت َ​َّح ُّوالت َ‬ ‫المواقف بين َم َّك َة والمدينة بما َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يخصها بِ ُخ َط ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫�ي ‪، m‬‬ ‫ب‬ ‫ف�كان ‪ُّ m‬‬ ‫الم َنز َلة على النَّبِ ِّ‬ ‫الرس�الة ُ‬ ‫واألش�راط ُج�ز ٌء من ِّ‬

‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الحام َل ِة هذا النَّمو َذ َج َّ‬ ‫رع َّي‬ ‫أهم َّي َة األوع َي ِة‬ ‫واختبارات‬ ‫وتعريفات‬ ‫َ‬ ‫ومواقف ت َُؤ ِّكدُ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأهم َّي َة األُ‬ ‫للش ِ‬ ‫ِ‬ ‫سلوب المب ِّل ِغ ُّ‬ ‫عوب ِحيا َلها ‪.‬‬ ‫الحوادث‪،‬‬ ‫تفسير‬ ‫من‬ ‫ِّ‬

‫أن فِقه التَّحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أركان الدِّ ِ‬ ‫ين‬ ‫الت اليو َم ُي َعدُّ م�ن َأ َه ِّم‬ ‫ُّ‬ ‫ب�ل إِنَّن�ي أعتَقدُ ـ والله أعل�م ـ َّ َ‬

‫((( البخاري (‪.)6604‬‬

‫((( إسناده صحيح ‪ ،‬تحقيق «السنن الواردة في الفتن» ألبي عمرو الداني للدكتور محمد إدريس‬ ‫المباركفوري (‪.)205 :1‬‬

‫‪35‬‬

‫فقه التحوالت‬ ‫اليوم من أهم‬ ‫أركان الدين‬


‫ِ‬ ‫األركان الثال َث َة قد ُخ ِدمت وح ِف َظت و ُقررت واستوعبها كا َّف ُة ا ُل ِ‬ ‫َ‬ ‫األربعة؛ َّ‬ ‫مسلمين‬ ‫ألن‬ ‫ُ‬ ‫ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َّفريع‪ ،‬وهي ـ بال‬ ‫يف والت‬ ‫وغي�ر ا ُل‬ ‫مس�لمين‪ ،‬وأك َث ُروا فيها الكتا َب َة والتَّصنِ َ‬ ‫َّأصي�ل والت َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َش ٍّ‬ ‫باعتباره�ا ُركن ًا ـ فهي ِوعا ُء‬ ‫الس�ا َع ِة ـ‬ ‫األعمال والطا َع ِة؛ أما‬ ‫�ك ـ م�ا َّد ُة‬ ‫ُ‬ ‫عالمات َّ‬

‫الم�اد ِة ‪ ،‬وكم ِمن ِو ٍ‬ ‫�ه َظ َّل ِ‬ ‫عاء لم تُعرف حقيق ُة سلامتِ ِه ونزاهتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ألركان الدِّ ِ‬ ‫حام ً‬ ‫ين‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الثالثة وهو ال َي ِدي ُن بها حقيق ًة وإنما ُمجامل ًة أو ت َِق َّي ًة أو نِفاق ًا أو سياس� ًة أو تسييس� ًا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خدمة الدَّ َج ِل والدَّ ِ‬ ‫جاج َل ِة َ‬ ‫بل ُر َّبما كان ُ‬ ‫خيمة اإلسال ِم!!‬ ‫داخل‬ ‫يعمل على‬

‫ِ‬ ‫وعالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫قه التَّح�و ِ‬ ‫دراس�ة فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫�اعة ِ‬ ‫بالعالم�ات تِلكُم‬ ‫ف‬ ‫الت‬ ‫ولكنَّن�ا عند‬ ‫نعر ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫فقه التحوالت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االنحراف واإليمانِ‬ ‫ِ‬ ‫والسلامة عن‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫يعرفنا باألوعية األوعي َة كما نعر ُ‬ ‫تصنيف العدا َلة من فاقديها ّ‬ ‫الحاملة للعلم من الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِّفاق سوا ًء في حياتِنا العا َّم ِة أو في قرا َء ِة الت ِ‬ ‫المكتوب‬ ‫والتاريخ‬ ‫المكتوب‪،‬‬ ‫َّاريخ‬ ‫ُ‬

‫ومكانتها العلمية‬

‫قه التَّحو ِ‬ ‫بط ِبف ِ‬ ‫يحتاج إلى إعاد ِة ر ٍ‬ ‫الت‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬

‫وخاص� ًة َّ ِ‬ ‫�ب الذي�ن كتب�وا أو ق�رؤوا الت َ‬ ‫ّاري�خ وأحدا َث�ه ـ بعيد ًا ع�ن قرا َء ِة‬ ‫أن غال َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫�اعة وفِ ِ‬ ‫عالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫بإدراك أو ِ‬ ‫الحك ِم‬ ‫الت ـ َي َقعون‬ ‫بغير إدراك في ُمشكلة ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫موز فيها بم�ا ُيوافِ ُق المفهوم لديهم م�ن ِخ ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫َّ‬ ‫الحياة‬ ‫الل‬ ‫َ‬ ‫ات�ي عل�ى المرحل�ة أو ُّ‬ ‫الذ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫كري الدَّ ِ‬ ‫ذاتِها َبدء ًا من َع ِ‬ ‫ائر في‬ ‫بالصرا ِع الف ِّ‬ ‫جرياتها التاريخ َّية ونهاي ًة ِّ‬ ‫الرسالة و ُم َ‬ ‫صر ِّ‬ ‫مواق ِ‬ ‫األزمن َِة إل�ى اليو ِم‪ ،‬وليس من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف النَّبِ ِّي ‪َ m‬‬ ‫حيال‬ ‫عبر‬ ‫َ‬ ‫الحي�اة الدِّ ين َّية والدُّ نيو َّية َ‬ ‫الحديث النَّب ِوي الخاص بالتَّحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الت‪.‬‬ ‫تاريخ‬ ‫َص عليه‬ ‫خوص‬ ‫الش‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ ِّ‬ ‫والمراحل‪ ،‬وما ن َّ‬

‫والعل ِم وعن فِ ِ‬ ‫ُفصح عن مسير ِة الحك ِم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫قه ِ‬ ‫حيث َّ‬ ‫ُ‬ ‫سير‬ ‫إن ن‬ ‫َ ُ‬ ‫َّحوالت ت ُ‬ ‫ُصوص فقه الت ُّ‬ ‫َ‬ ‫نصوص فقه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سيؤ ُ‬ ‫ول إليه‬ ‫الم َقدَّ َرة في عل ِم الله ‪ ،‬سوا ًء في حياته أو بعدَ وفاته ‪ ،m‬وما ُ‬ ‫التحوالت تُعنى األحداث ُ‬ ‫بمسيرة الحكم‬ ‫ِ‬ ‫نوح�ات‪ ،‬أو ما يترتَّب عليه من ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وتحو ِل‬ ‫االبتالء‬ ‫نماذ ِج‬ ‫وج‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫أم�ر األُ َّمة من انحرافات ُ‬ ‫ُ‬ ‫والعلم‬

‫إنفاذ م ِ‬ ‫أجل ِ‬ ‫ف أو تضيي ِع ٍ‬ ‫المواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫صبر لدى ٍ‬ ‫س�يبر ُز من ٍ‬ ‫آخر من ِ‬ ‫راد‬ ‫أمانة‪ ،‬أو ما‬ ‫ُ‬ ‫فريق َ‬ ‫ُ‬ ‫‪36‬‬


‫قه التَّحو ِ‬ ‫ُّصوص الخاص ِة ِبف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت‪.‬‬ ‫وفق الن‬ ‫الم َقدَّ ِر َ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫الله ُ‬

‫والعقائ ِد تُعنَ�ى بِ ِ‬ ‫بناء ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمعامالت والس ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫الق َي ِم‬ ‫�لوك‬ ‫ُص�وص التَّش�ري ِع واألحكا ِم‬ ‫إن ن‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالو ِ‬ ‫س�ول‬ ‫الر‬ ‫صم ِة في‬ ‫والعبادات والع�ادات والمعامالت المضبوطة َ‬ ‫عصر َّ‬ ‫حي والع َ‬ ‫ِ‬ ‫أصحاب�ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وآل بيتِ ِه و ُمح ِّبيه في ُّ‬ ‫الص َو ِر‬ ‫�عوب‪ ،‬على‬ ‫الش‬ ‫‪ m‬وم�ا يبني�ه ‪ m‬في‬ ‫أفض�ل ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والعالقات القائمة ُبأ ُس ٍ‬ ‫تفر َع عنها بعد‬ ‫�س على فقه اإلسلا ِم واإليمان واإلحسان وما َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وتقعيد وتفريعٍ‪.‬‬ ‫وتأصيل‬ ‫واجتهادات مذهبِ َّي ٍة‬ ‫أقوال‬ ‫ذلك من‬ ‫أمر الحك� ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والعل ِم‬ ‫المس�تقبل وما‬ ‫فيض ُع خريط َة‬ ‫َّح�والت َ‬ ‫يك�ون من ِ ُ‬ ‫أم�ا فقه الت ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجنوح َّ‬ ‫ِ‬ ‫باألمر بي�ن َح َم َل ِة‬ ‫العدال�ة منها أو‬ ‫والمواق�ف وموق� ِع‬ ‫المس�تَبِدِّ‬ ‫والش� َطط ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فسادها‪.‬‬ ‫المراحل أو‬ ‫وسالمة‬ ‫واألخالق‬ ‫والسن َِّة‬ ‫الكتاب ُّ‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إن م ِ‬ ‫حي�اة النَّبِ�ي ‪ m‬عند ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫الح َ‬ ‫عرضه�ا بِ ٍ‬ ‫قراءة‬ ‫س�ن‬ ‫الوقائ� ِع في‬ ‫�ظ‬ ‫وعي ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ب�ل َّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫قراءة واعية‬ ‫س�تؤول إليه األُ َّم ُة إال أنَّ�ه ‪ m‬لم يعترض عليها‪،‬‬ ‫�ف للجمي� ِع أمور ًا ها َّم ًة مما‬ ‫تكش ُ‬ ‫لألحداث حاضرا‬ ‫لب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إصدار ُحك ٍم أو َث ِ‬ ‫استنقاص‬ ‫فرد أو َلعنِ ِه او‬ ‫ووقائ َعها دون‬ ‫وإنما كش�ف أحدا َثها‬ ‫ومستقبال‬ ‫وق ِفه‪ ،‬بينما في ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ألفاظ ال َّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ب وال َّث ِ‬ ‫ُ‬ ‫واالس�تنقاص‬ ‫لب‬ ‫ف أخرى تجري‬ ‫مواق َ‬ ‫والس ِّ‬ ‫عن َّ‬ ‫َ‬ ‫حياة النبي ‪m‬‬

‫ٍ‬ ‫جاملة أو تر ُّد ٍد أو ِ‬ ‫تور َي ٍة ‪.‬‬ ‫منه ‪ m‬في َح ِّق آخري َن دون ُم‬

‫مش�حون بالع َش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن فِق�ه التَّح�و ِ‬ ‫�رات م�ن‬ ‫الس�اعة‬ ‫وعالم�ات‬ ‫الت‬ ‫ٌ َ‬ ‫ُّ‬ ‫إضاف� ًة إل�ى َّ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّبو َّي ِة المش�ير ِة إلى ما يس�ت ِ‬ ‫األحادي�ث الن ِ‬ ‫اكتش�اف واخترا ٍع و ُعل�و ٍم ِصناع َّي ٍة‬ ‫َجدُّ من‬ ‫ُ َ‬ ‫ٍ‬ ‫معرفة‪ ،‬وفي هذا الباب ن ِ‬ ‫َجدُ َّ‬ ‫الش َ‬ ‫أن َّ‬ ‫يخ‬ ‫وزراع َّي ٍة وفضائ َّي ٍة لم يكن بها سابِ ُق ِعل ٍم وال‬

‫ِ‬ ‫الصدِّ ِيق ال ُغ ِ‬ ‫�ف كتا َب ُه « ُمطا َب َق ُة‬ ‫الح َس�نِ َّي((( قد أ َّل َ‬ ‫مار َّي َ‬ ‫محمد بن ِّ‬ ‫العلاَّ م� َة أحم�دَ ب َن َّ‬ ‫((( ه�و العالم�ة المجتهد الحافظ مج�دد علم الحديث أبوالفيض الس�يد أحمد بن الصديق بن‬ ‫أحمد بن قاسم بن محمد بن محمد بن عبد المؤمن الغماري الحسني اإلدريسي المغربي‪.‬‬

‫‪37‬‬


‫االختراع�ات العصري ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الكتاب َأ َّو َل‬ ‫يكون ه�ذا‬ ‫�ة لما أخبر به س� ِّيدُ البر َّي ِة» ويكا ُد أن‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ظواهر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الواردة على ا ُلمست ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الحديث‬ ‫العل ِم‬ ‫َجدِّ من‬ ‫األحاديث‬ ‫تنزيل‬ ‫ف في‬ ‫كتاب ُع ِر َ‬

‫ِ‬ ‫وتغي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجزاء‪ ،‬وقد بس�ط في كتابه‬ ‫خي�ر‬ ‫�رات‬ ‫المذك�ور فوائدَ‬ ‫ُّ‬ ‫المراح�ل‪ ،‬ج�زا ُه الل ُه َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القرآن وعالقتِها با ُلمس�ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َجدِّ من‬ ‫آي�ات‬ ‫بعض‬ ‫تفس�ير‬ ‫وخاص� ًة في النَّ َظ ِر إلى‬ ‫جليل� ًة‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وباألحاديث الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ال ُعلو ِم‬ ‫َّبو َّي ِة‬ ‫يكون فيه‪.‬‬ ‫المستق َب ِل وما‬ ‫العجيب‬ ‫وكشفها‬ ‫ألسرار ُ‬

‫كان وال�ده رحم�ه الل�ه تعالى معتنيا به أش�د االعتناء ويذاكره في ش�تى الفن�ون ويحثه على‬

‫الطل�ب والتع�ب في التحصيل‪ ،‬ولما أم�ر والده اإلخوان المتجردي�ن بالزاوية الصديقية أن‬

‫يحفظ�وا القرآن الكريم كت�ب كتابا في فضل القرآن الكريم وحفظه وتالوته س�ماه «رياض‬ ‫التنزيه في فضل القرآن وحامليه» وهو أول ما صنف وكان دون العشرين‪.‬‬

‫وفي سنة ‪1339‬هـ وصل للقاهرة للدراسة على علماء األزهر المعمور حسب توجيهات‬

‫والده‪ ،‬فعاود قراءة الفقه المالكي ثم الش�افعي‪ .‬ومن ش�يوخه بمصر الش�يخ محمد إمام بن‬ ‫إبراهيم الس�قا الش�افعي وكان يتعجب من ذكائه وس�رعة فهمه وش�دة حرصه على التعلم ‪،‬‬

‫وكان أحيان�ا يق�ول له لما يرى حرصه على قراءة الكتب الت�ي تدرس في أقرب وقت‪ :‬أنت‬ ‫تريد أن تشرب العلم‪ ،‬وله مشايخ آخرون بمصر منهم مفتي الديار المصرية ومفخرتها الشيخ‬ ‫محمد بخيت المطيعي ‪ ،‬وقرأ على المسند المحدث عمر حمدان التونسي المدني‪.‬‬

‫وفي سنة ‪1354‬هـ رجع إلى المغرب بسبب وفاة والده رحمه الله تعالى فاستلم الزاوية‬

‫وق�ام بالخالف�ة عن والده واعتنى بتدريس كتب الس�نة المطهرة م�ع بعض كتب المصطلح‬ ‫وأقرأ بعضا من كتب التخريج واألجزاء والمشيخات والمسلسالت وأملى مجالس حديثية‬

‫بالجام�ع الكبير بطنجة‪ .‬وحث الناس على العمل بالس�نة الش�ريفة‪ .‬وكان يحارب الس�فور‬ ‫والم�دارس العصري�ة والتش�به بالكف�ار وله في ذلك جزء س�ماه «االس�تنفار لغزو التش�به‬

‫بالكفار» جمع فيه األحاديث التي تنهى عن التشبه بالكفار‪.‬‬

‫ول�م يكن صاحب الترجمة رحم�ه الله تعالى من الذين قصروا أنفس�هم على العلم فقط‬

‫؛ بل حارب االس�تعمار وس�عى في إخراجه‪ ،‬وس�جن بسبب ذلك لعدة س�نوات‪ ،‬وفي يوم‬ ‫األح�د غ�رة جمادى الثانية س�نة ‪ 1380‬انتقل رحمه الل�ه تعالى ودفن بالقاه�رة رحمه الله‬

‫تعالى وأثابه رضاه‪.‬‬

‫‪38‬‬


‫األح�داث والتَّحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إن فِق�ه التَّح�و ِ‬ ‫الت ‪،‬‬ ‫الرجو َل ِة أما َم‬ ‫لمواق�ف‬ ‫لم ضابِ ٌط‬ ‫الت ِع‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫فقه التحوالت‬ ‫�راد ِ‬ ‫�ه إدان ًة على م ِ‬ ‫جوه ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلفراط م�ن ك ُِّل و ِ‬ ‫علم ضابط‬ ‫الله كما ُيدي� ُن الت َ‬ ‫َ‬ ‫َّفريط من‬ ‫ل�م ُيدي� ُن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وع ٌ‬ ‫ِ لمواقف الرجولة‬ ‫ِ‬ ‫الله ورس�ولِ ِه ف�ي جمي ِع ِ‬ ‫راد ِ‬ ‫�ه إدانَ� ًة عل�ى م ِ‬ ‫جوه ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ة و ِ‬ ‫مراح ِ‬ ‫الحياة اإلنس�ان َّية‬ ‫�ل‬ ‫كا َّف ُ‬ ‫ُ‬ ‫�ة أو ِ‬ ‫بعي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فهمنا َّ‬ ‫اتي‬ ‫واإلسلام َّي ِة‪ ،‬وليس كما ن�راه‬ ‫ونفهم ُه بِ ُعقولن�ا وانتماءاتنا ال َّط َّ‬ ‫الذ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫للقضايا التاريخ َّي ِة‪.‬‬ ‫ذاء والدَّ ِ‬ ‫والغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫للماء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واء؛ َّ‬ ‫ألن‬ ‫حاجتِن�ا‬ ‫أكثر من َ‬ ‫وكأنَّن�ا في َ‬ ‫حاجتنا لهذا العل ِم اليو َم َ‬ ‫ِ‬ ‫ف�ي هذا ِ‬ ‫ِ‬ ‫غ�رات التي دخل ِ‬ ‫ُ‬ ‫تحريش َّ‬ ‫�يطان بين ا ُلمص ِّلين‪،‬‬ ‫الش‬ ‫منها‬ ‫العل ِم َس�دَّ كا َّف ِة ال َّث‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫جتهدين وق�و َد فِتن ٍَة بين ِ‬ ‫وق�د َ‬ ‫ُ‬ ‫جعل َّ‬ ‫أهل‬ ‫الش‬ ‫�يطان بها من عل ِم ال ُعلم�اء واجتهاد ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الواعدَ ِة‪ ..‬لماذا؟‬ ‫والرسا َل ِة‬ ‫الم ّلة الواحدة ِّ‬

‫قه التَّحو ِ‬ ‫نصوص فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ألن الذين لم ُيعيدوا االحتكا َم في ِ‬ ‫َّ‬ ‫الت‬ ‫المسائل إلى‬ ‫مثل هذه‬ ‫ُّ‬ ‫والحواد ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعي من عند ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُصوص‬ ‫ث بعد قرا َء ِة ن‬ ‫لألمور‬ ‫أنفسهم‬ ‫اصطدموا بالت‬ ‫َّحليل ال َّط ِّ‬ ‫وصريحة؛ ولكن األح�كام في مجر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫المناق ِ‬ ‫والفضائ ِ‬ ‫يات‬ ‫صحيح�ة‬ ‫ُصوص‬ ‫�ل كن‬ ‫�ب‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ َ‬

‫ُصوص فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قه‬ ‫�ي لم تصدُ ر به�ا وال ِمن خاللها‪ ،‬وإنَّما جاءت عل�ى ن‬ ‫َّح�ول التَّاريخ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ادر ِة من لِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّص‬ ‫�ق عن الهوى ‪ ، m‬فبها‬ ‫س�ان من ال ينطِ ُ‬ ‫يع�ار ُض الن ُّ‬ ‫َّح�والت َّ‬ ‫الت ُّ‬ ‫الص َ‬ ‫بنصوص ِ‬ ‫الخلفاء العم َل بالنَّص كم�ا فعل ِ‬ ‫النَّ�ص أو ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫مناقبِهم‬ ‫األطهار‬ ‫األئ َّم ُة‬ ‫وق ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ف ُ ُ َ​َ‬ ‫ِ‬ ‫باالقتداء بهم حج ًة كي يح َف َظ الم ِ‬ ‫س�ل ُم لسا َن ُه وقل َب ُه‬ ‫وارت َ​َضوا سلا َم َة األُ َّم ِة ‪ ،‬وكفى‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ‬

‫مواق ِ‬ ‫وينال برك َة الجمي ِع وثواب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِض َّل ِة َ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫وحاض َر ُه ومستقب َل ُه من ُ‬ ‫الوقو ِع في الفت َِن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السلا َم ِة لدى ِ‬ ‫القضاء وال َقدَ ِر فيما يجريه على ال َب َش ِر إلى‬ ‫أمر‬ ‫السلامة ‪ ،‬و َيك َل َ‬ ‫أهل َّ‬ ‫َّ‬ ‫المولى سبحانه وتعالى وهو حسيب ِ‬ ‫ووكيل ِ‬ ‫ُ‬ ‫أمرهم سبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫عباده‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫المؤ ِّل ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪39‬‬

‫حاجتنا لهذا العلم‬ ‫أكثر من حاجتنا‬ ‫للماء والغذاء‬


40


‫�﷽‬

‫المنطل َ ُق‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫معادلِهما ال َّثالِ ِ‬ ‫ين و ِ‬ ‫الحمدُ ِ‬ ‫لله الذي جمع في األص َل ِ‬ ‫واألواخ ِر‪،‬‬ ‫األوائ ِل‬ ‫عالج‬ ‫ث‬ ‫َ‬ ‫وأس�اس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وظاه ٍ‬ ‫العل� ِم ل�ك ُِّل ٍ‬ ‫أمر باطِ ٍ‬ ‫المباه ِج‬ ‫والسلا ُم عل�ى َس� ِّي ِد‬ ‫�ن‬ ‫�ر‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫والصال ُة َّ‬ ‫المعار ِ‬ ‫ب�ن ِ‬ ‫�ر‪ ،‬محم ِ‬ ‫ِ‬ ‫عبد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�د ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫أفض َ�ل‬ ‫س�ول الل�ه‬ ‫الله َر‬ ‫الموهوب م�ن َر ِّب ِه َ‬ ‫والمفاخ ِ ُ َ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ف العلو ِم‪ ،‬صلى الله عليه وعلى ِ‬ ‫آله وأصحابِه أهل َّ‬ ‫جاعة وال ُفهو ِم‪ ،‬وعلى‬ ‫الش‬ ‫ُ‬ ‫وأشر َ ُ‬ ‫َ‬ ‫بإحسان إلى يو ِم ال ِّل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫قاء المعلو ِم‪..‬‬ ‫التَّابعين لهم‬

‫ِ‬ ‫ف�إن م�ن أه�م المهم ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫وبع�دُ ‪َّ :‬‬ ‫�رورات عو َد ُة‬ ‫الض‬ ‫أل�ز ِم َّ‬ ‫مان وم�ن َ‬ ‫ات ف�ي ه�ذا َّ‬ ‫ِّ ُ َّ‬ ‫كتاب ِ‬ ‫ِ‬ ‫المس�لمين إلى األساسي ِ‬ ‫قراءة ِ‬ ‫الله الذي ﮋ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫ات‪ ،‬وهي تجديدُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫السن َِّة الن ِ‬ ‫َّبو َّي ِة التي َص َّحت‬ ‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮊ ‪ ،‬وإعا َد ُة دراسة ُّ‬

‫الذاتِي ِة ا ُلمش�ت َِم ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫لة على ما‬ ‫َس�نَد ًا عن من ال ينطِ ُق عن الهوى ‪، m‬‬ ‫ودراس� ُة مواقفه َّ َّ‬ ‫َ‬ ‫ات س ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خروج الجمي ِع‬ ‫�لوك ِه ‪ ، m‬ففي ه�ذه اإلعا َد ِة‬ ‫ع�ر ُ‬ ‫ُ‬ ‫ف بالنُّ ُب َّوة وهي ُخصوص َّي ُ ُ‬ ‫ُي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وركا ِم الت ِ‬ ‫َّفر َق ِة الذي َّ‬ ‫حل‬ ‫م�ن ظاهرة االحت�دا ِم واالختالف على فرع َّيات المس�ائ ِل ُ‬

‫بعض الع�داو َة وتوار ُثوا ِ‬ ‫بعضهم لِ ٍ‬ ‫الحق�دَ والبغضا َء إلى‬ ‫بالمس�لمين حتى‬ ‫اكتس�ب ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َر ِ‬ ‫واالختالف‬ ‫واألذواق‪ ،‬وم�ا كان ذلك االحت�دا ُم‬ ‫اآلداب‬ ‫وس� َع ِة‬ ‫ُ‬ ‫ح�ب األخلاق َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫إال ألنَّه�م خلط�وا ُعلومه�م ِ‬ ‫بع على َّ‬ ‫بنتائ ِ‬ ‫الش�ر ِع‬ ‫�ب ال َّط ُ‬ ‫ف�رزات طباعهم َفتغ َّل َ‬ ‫�ج ُم َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫االختالف�ات ِجي ً‬ ‫الش�يطان بذل�ك ُعقو َل ُهم‬ ‫واختر َق‬ ‫جي�ل‬ ‫ال بعد‬ ‫وتراكم�ت ُفه�و ُم‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫بوسواس ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتحريش�ه حت�ى ﮋ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬ ‫�ه‬ ‫و ُق ُلو َبهم‬ ‫‪41‬‬

‫العودة إلى‬ ‫األساسيات من‬ ‫أهم المهمات‬


‫ِ‬ ‫الفري�ق المس�تثنَى بِمن َِّك و َف ِ‬ ‫وكرم َك يا‬ ‫ضل�ك‬ ‫�م اجعلن�ا م�ن هذا‬ ‫ﯖﮊ‪ُ .‬‬ ‫َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫الله َّ‬ ‫الراحمين‪.‬‬ ‫أرحم َّ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وألن اإلع�ا َد َة الصحيح َة لقرا َء ِة األص َل ِ‬ ‫َّ‬ ‫معرفة‬ ‫لم ُمم َّي ٌز؛ فال ُبدَّ من‬ ‫ين ومعادلهما ع ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫سم ِ‬ ‫ين‪:‬‬ ‫وسائل القرا َءة‪ ،‬وهي تن َقس ُم إلى ق َ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫قراءة العلماء‬ ‫َ‬ ‫لم‬ ‫ووسعوا‬ ‫البحث فيه ‪ ،‬وهو ما يخد ُم ع َ‬ ‫‪ -1‬قرا َءة لما قد سبق لل ُعلماء أن خدموه َّ‬ ‫ألصول الديانة‬ ‫ف ل�دى الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالس�ن َِّة‬ ‫‪:‬‬ ‫صول‬ ‫األ‬ ‫م‬ ‫عل‬ ‫في‬ ‫لماء‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫وما‬ ‫‪،‬‬ ‫واإلحس�ان‬ ‫واإليمان‬ ‫م‬ ‫اإلسلا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫كانت على ضوء‬ ‫الع ِ‬ ‫َّقريري ِة‪ ،‬وما تفرع من ِخدمتها ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫لم َّي ِة‪.‬‬ ‫َّ َ‬ ‫الثوابت الثالثة الفعل َّية والقول َّية والت ِ َّ‬

‫‪ -2‬ما لم يسبِق للع َل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وتبيين‪ ،‬وهو ما يتع َّل ُق‬ ‫بتفصيل‬ ‫ماء تأصي ُل ُه وخدم ُت ُه ودراس ُت ُه‬ ‫ُ‬ ‫قراءتنا لعالمات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّب‬ ‫الس�اعة ومواقف ِرجال الن َ​َّمط‬ ‫األوسط و ُعدول األُ َّمة ‪ ،‬وما ترت َ‬ ‫َ‬ ‫الساعة تأتي على بالعل ِم بعالمات َّ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫ف ِبف ِ‬ ‫إبراز ٍ‬ ‫أنها ركن خاص على دراس�تِ‬ ‫ِ‬ ‫خاص ٍة هما ُسنَّتا‬ ‫الت‬ ‫عر‬ ‫ي‬ ‫خاص‬ ‫فقه‬ ‫من‬ ‫ها‬ ‫ُ‬ ‫‪.‬وس�ن ٍَن َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫بالتحوالت‬

‫ِ‬ ‫ف والدِّ ال َل ِة‪َ ،‬ت َتب ُ ِ‬ ‫المواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫طويل‪ُ ،‬مبتدئ ًا بِ‬ ‫ٍ‬ ‫دراسة‬ ‫مدى َز َمنِ ٍّي‬ ‫راس�تَها وبح َثها على ً‬ ‫َّ‬ ‫عت د َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أركان الدِّ ِ‬ ‫َ‬ ‫األربعة على ما ورد في‬ ‫ين‬ ‫حديث‬ ‫اعة من‬ ‫جبريل‪ ،‬وهو أحدُ‬ ‫َّ‬ ‫الحديث َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ َّط ِ‬ ‫عمر بن َ‬ ‫اجتمع عليه‬ ‫تابعت ما‬ ‫اب ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫نص‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫الشريف الذي روا ُه س ِّيدُ نا ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫والمسانيد ِ‬ ‫وإضافات في ُكت ِ‬ ‫ِ‬ ‫عالمات‬ ‫أخبار‬ ‫تفصيل‬ ‫وغيرها من‬ ‫السن َِن‬ ‫زيادات‬ ‫من‬ ‫ُب ُّ‬ ‫ِ‬ ‫الس�ا َع ِة وما يترتَّ�ب عليها من ٍ‬ ‫لكثير من ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الحي�اة المع َّقدَ ِة‪،‬الذي‬ ‫أمور‬ ‫وإيض�اح‬ ‫بيان‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آخر‬ ‫االختالف‬ ‫ُس ِّي َس فيه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وخرج عن مبدأ القواس ِم المشت َ​َركة في اإلسال ِم إلى مبدأ َ‬ ‫تنطل ُق م�ن و ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّفر ِ‬ ‫والع�داوة المر َّكب ِة التي ِ‬ ‫جهة ِ‬ ‫َّحري�ش والت ِ‬ ‫ِ‬ ‫نظر‬ ‫قة‬ ‫سياس� ُة الت‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫تَحك ُ​ُم�ه َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(فرق ت َُسد) وبهذا المبدأِ َّ‬ ‫َّ‬ ‫الشيطانِ ِّي تح َّققت‬ ‫الش�يطان الدَّ اعي إلى المبدَ أ المعروف ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫المع�ادي أن َي ِص َل‬ ‫المص ِّلين واس�تطاع هذا‬ ‫المخلوق ُ‬ ‫الس�يا َد ُة اإلبليس� َّي ُة على ك ُِّل ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫اس�تعباد ال ُك َّف ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمش�ركين‬ ‫ار‬ ‫إلى أهدافِ ِه في المس�لمين باختالفِهم‪ ،‬كما وصل إلى‬ ‫‪42‬‬


‫للش ِ‬ ‫بِك ِ‬ ‫يطان عقيدت ِ‬ ‫ُفرهم‪ ،‬حيث َّ‬ ‫إن َّ‬ ‫َين‪:‬‬

‫�عوب الوثني ِة والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُفر ‪ ،‬وهو ما يمارس� ُه مع ُّ‬ ‫الكتاب الذين‬ ‫وأهل‬ ‫لحدَ ِة‬ ‫الش‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -1‬الك ُ‬ ‫عقائد الشيطان‬ ‫القرآن ِ‬ ‫ِ‬ ‫في البشرية‬ ‫ُ‬ ‫انحرا َف ُهم ‪.‬‬ ‫وأثبت‬ ‫وحر ُفوا ُك ُت َبهم‬ ‫َ‬ ‫كفروا بمخالفتهم دعو َة أنبِيائهم َّ‬ ‫ِ‬ ‫الف‪ ،‬وهو ما ِ‬ ‫‪ -2‬الت ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ُ‬ ‫يمار ُس ُه مع ُّ‬ ‫َّحريش) ‪.‬‬ ‫المسلمة (الت‬ ‫عوب‬ ‫َّفر َق ُة واالختِ ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نص َر ِ‬ ‫ُ‬ ‫االحتناك وال ُقعو ُد على‬ ‫الحياة اإلنس�ان َّي ِة‬ ‫للش�يطان في‬ ‫ين يتح َّق ُق‬ ‫وبهذين ال ُع َ‬ ‫الص ِ‬ ‫راط المستقي ِم‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تاريخ�ي ّ‬ ‫الح ِّق‬ ‫ف‬ ‫والبش�ر َّي ُة ُك ُّله�ا رجاالً ونس�ا ًء َه�دَ ٌ‬ ‫للش�يطان منذ اس�تخالف َ‬ ‫ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للمالئكة‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ‬ ‫األرض ومنذ أن ق�ال الل ُه تعال�ى‬ ‫س�بحانه وتعال�ى آل َد َم في‬ ‫واالختلاف والت ِ‬ ‫َّفر َق� ُة قد ُيؤ ِّدي في‬ ‫ﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﮊ‪،‬‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الموت على ِ‬ ‫غي�ر ِد ٍ‬ ‫االنحراف‬ ‫األم�ر إلى‬ ‫ين وخصوص ًا إذا بلغ‬ ‫دائ�رة اإلسلا ِم إلى‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فض للدِّ يان َِة استحس�ان ًا لما عند ال ُك َّف ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫الصرا ِع ال َع َق ِد ِّي‬ ‫ار أو ِّ‬ ‫الف ِّ‬ ‫كري كاإللحاد أو َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والقطيعة بي�ن األرحا ِم و ُع ِ‬ ‫َّب علي�ه من الت ِ‬ ‫ق�وق الوالِدَ ِ‬ ‫ين‬ ‫َّش�ريك‬ ‫َّكفير والت‬ ‫وم�ا ترت َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكبائ ِر‪.‬‬ ‫وغيرها من‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبطبيعة ِ‬ ‫ٌ‬ ‫الو ِ‬ ‫عي‬ ‫مخلوق ُم‬ ‫اإلنس�ان فهو‬ ‫حال‬ ‫وج ٌه سوا ًء كان في دائرة َ‬ ‫ستجيب و ُم َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫هذ ِ‬ ‫دعوة في َ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسلامي َّ‬ ‫ين‬ ‫الوضعي‪ ،‬وما من‬ ‫اإلنساني‬ ‫الوعي‬ ‫دائرة‬ ‫رع ِّي أو في‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫�كال ِ‬ ‫ي�ن إال ولِ ِ‬ ‫الدائ َرت ِ‬ ‫الجانِ َب ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ومكان ‪ ،‬وقد اختلط الحابِ ُ�ل بالنَّابِ ِل في‬ ‫�ع‬ ‫َين فيها موق ٌ‬ ‫ِ‬ ‫والو َه ِن) و ( َع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�ما ُه ‪m‬‬ ‫صر تداعي‬ ‫العصر‬ ‫هذا‬ ‫بـ(عص�ر ال ُغثاء َ‬ ‫األخير وهو الذي َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وغيرها من المسم ِ‬ ‫ِ‬ ‫األعداء)(((‪ِ ،‬‬ ‫المهابة من ُق ِ‬ ‫لوب‬ ‫(عصر نَز ِع‬ ‫األُ َم ِم) و‬ ‫يات التي ال‬ ‫ُ َّ‬ ‫((( أخذا من حديث ثوبان ؤ قال‪« :‬يوشك أن تداعى عليكم األمم من كل أفق كما تداعى‬ ‫ٍ‬ ‫يومئذ؟ قال‪« :‬أنتم يومئذ كثير‬ ‫األكل�ة إلى قصعته» ‪،‬قال ‪ :‬قلنا‪ :‬يا رس�ول الله‪ ..‬أومن قلة بن�ا‬

‫‪43‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫�ة فِ ِ‬ ‫ف وال تُقر ُأ إال بِدراس ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بوضوح‬ ‫الس�اعة ‪ ،‬وبها َي َت َب َّي ُن‬ ‫وعالمات‬ ‫الت‬ ‫ُعر ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إظهار العلم ت َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المرحلة أيض ًا من‬ ‫وموق ُع‬ ‫وموق ُع األُ َّم ِة‬ ‫س�ر ِة‬ ‫بالعالمات مهمة موق ُ‬ ‫الر ُج ِل وموق ُع المرأة وموق ُع األُ َ‬ ‫�ع َّ‬ ‫شرعية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وألجل هذا صار ِمن‬ ‫واالرتكاس فيه‪،‬‬ ‫َّحريش‬ ‫لامة وااللتزا ِم به‪ ،‬ومبدأِ الت‬ ‫الس‬ ‫مبدأ َّ‬

‫العلم بالركنِي ِة الر ِ‬ ‫ُظه�ر ون ُِبر َز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أركان الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين كما‬ ‫ابعة م�ن‬ ‫الو‬ ‫ُ‬ ‫َ ُّ َّ َّ‬ ‫ج�وب علينا بمكان أن ن ِ َ‬ ‫آخر هذه ُ‬ ‫فمن كان‬ ‫المرسلين ‪ m‬في قولِه ‪« :‬إذا َ‬ ‫األ َّم ِة َّأولها َ‬ ‫دعا إلى ذلك س ِّيدُ ُ‬ ‫لعن ِ ُ‬ ‫فإن كاتِ َم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫لم فل ُيظ ِهر ُه َّ‬ ‫لم‬ ‫وحديث‪:‬‬ ‫حم ٍد»((( ‪،‬‬ ‫الع ِ‬ ‫يومئذ ككاتِ ِم ما ُأن ِز َل على ُم َّ‬ ‫عنده ِع ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لم فل ُي ِ‬ ‫ظهره»(((‪.‬‬ ‫وس َّ‬ ‫فمن كان عنده ع ٌ‬ ‫ب أصحابي َ‬ ‫«إذا َك ُثرت الف َت ُن ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحدي�ث ـ كما ِ‬ ‫الس�ا َع ِة‬ ‫وجوب‬ ‫فهمنا ُه ـ‬ ‫وم�ن معاني هذا‬ ‫ُ‬ ‫إظهار العل ِم بعالمات َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ق�ه الدَّ ِ ِ ِ‬ ‫كمنهج ِلف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بأركان الدِّ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫�ير‬ ‫وتأصيلها‬ ‫ي�ن‬ ‫وربطِه�ا‬ ‫َ‬ ‫المب ِّينَة َس َ‬ ‫عوة وخد َمة ُفروعه ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫والفت َِن وم ِضلاَّ ِ‬ ‫واألشراط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شارات ِ‬ ‫والمالح ِم والبِ‬ ‫وغيرها‪ ،‬ألنَّها‬ ‫الفت َِن‬ ‫العالمات‬ ‫ُ‬

‫أساسها تخدُ م فِقه الدَّ ِ‬ ‫في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البشر َّي ِة منذ ال َبع َث ِة إلى قيا ِم‬ ‫تاريخ‬ ‫عوة اإلسالم َّي ِة على مدى‬ ‫ُ َ‬ ‫الس ِ‬ ‫(((‬ ‫حيث يقولُ فيها ‪« :m‬بُعِثتُ أنا وال َّ‬ ‫اعة ُ‬ ‫شير إليه (فِق ُه‬ ‫قوله ‪« :m‬بعثت َّ‬ ‫ساعةُ كهاتَينِ» وهذا ما ُي ُ‬ ‫لدراس ِ‬ ‫تاب والس�ن َِّة ِ‬ ‫الفقه المؤص ُل من ِ‬ ‫الت هو ِ‬ ‫الت)‪ ،‬وفِقه التَّحو ِ‬ ‫أنا والساعة التَّحو ِ‬ ‫الك ِ‬ ‫�ة كا َّف ِة‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫كهاتين»‬

‫عهد آدم إلى يو ِم الب ِ‬ ‫البش�ري ِة من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عث والن ُ​ُّش ِ‬ ‫�ور‪ ،‬وما َّد ُت ُه‪:‬‬ ‫الحياة‬ ‫�ؤون الت َ​َّح ُّو ِل في‬ ‫ُش‬ ‫َ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َ​َ‬

‫ولك�ن تكون�ون غثاء كغثاء الس�يل ‪ ،‬ينت�زع المهابة من قلوب أعدائك�م ويجعل في قلوبكم‬

‫الوهن؟ قال‪ :‬حب الدنيا وكراهية الموت»‪ .‬رواه أحمد‬ ‫الوهن‪ ،‬قال ‪ :‬قلنا‪ :‬يا رسول الله وما ْ‬ ‫ْ‬ ‫بإسناد صحيح (‪ ، )4297‬وانظر «موسوعة أحاديث الفتن» (‪. )950‬‬

‫((( إس�ناده ال ب�أس ب�ه ‪« ،‬الكامل في الضعفاء» البن ع�دي (‪ )355 :5‬وفي رواية أخرى رجال‬ ‫إسنادها ثقات‪« :‬فمن كتم حديثا فقد كتم ما أنزل الله» ‪« ،‬تهذيب السنن» (‪.)93 :10‬‬

‫((( إس�ناده ضعي�ف ‪ ،‬تحقي�ق «الس�نن ال�واردة ف�ي الفت�ن» ألبي عم�رو الدان�ي للمباركفوري‬ ‫(‪.)287‬‬

‫((( متفق عليه ‪ ،‬البخاري (‪ )39‬ومسلم (‪.)2042‬‬

‫‪44‬‬


‫ومن س�ن َِّة نَبِي ِ‬ ‫الله تعالى ِ‬ ‫كتاب ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫�أن من ِ‬ ‫تقر َر في هذا َّ‬ ‫�ه ُم َح َّم ٍد ‪ ،m‬وما َخدَ َم ُه‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫م�ا َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّصنيف فيها‪.‬‬ ‫العالمات والت‬ ‫ال ُع َلما ُء من تقسي ِم‬

‫ِ‬ ‫وقد َ‬ ‫العالمات التي ت ُ‬ ‫َخ ُّص ُه‬ ‫أهم َّيتِها‪ ،‬ومنها‬ ‫ُ‬ ‫ش�ير إلى ِّ‬ ‫كان ‪ m‬يعتني بالعالمات و ُي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ف�ي مجرى حياتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ه ‪ ، m‬ومن ذلك ما رواه عبدُ الر ِ‬ ‫زاق َّ‬ ‫س�عد عن‬ ‫�يخان واب ُن‬ ‫والش‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫غير ُه�م « َّ‬ ‫أن‬ ‫�ور ُة ﮋ ﭱ‬ ‫الس َ‬ ‫رس�ول الله ‪ m‬منذ نزلت عليه ُّ‬ ‫عائش� َة ‪ b‬وروا ُه ُ‬

‫ب وال يجي ُء إال قال‬ ‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﮊ كان ال يق�و ُم وال يق ُع�دُ وال َ‬ ‫يذه ُ‬ ‫ـ وف�ي لفظ لعائش�ة‪ :‬كان يكثر في آخر عمره م�ن قول ـ ‪ُ :‬س� ْب َحان َ​َك َر َّبنَا َوبِ َح ْم ِد َك‬ ‫ْت التَّواب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫رس�ول ِ‬ ‫َ‬ ‫الله‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬ ‫يم ((( ‪ ..‬قالت عائش� ُة‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫الرح ُ‬ ‫�م ا ْغف ْر لي إِن َ​َّك َأن َ َّ ُ َّ‬ ‫ال َّل ُه َّ‬

‫ِ‬ ‫قول‪ :‬س�بحان ِ‬ ‫تُكثِر من ِ‬ ‫وأتوب إليه ما لم تكن تف َع ُله قبل‬ ‫أس�تغفر الل َه‬ ‫وبحمد ِه‬ ‫الله‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الي�و ِم فق�ال‪َّ « :‬‬ ‫بحمد َر ِّبك‬ ‫بعالمة في ُأ َّمتي فقال ‪ :‬إذا رأيتَها َف َس� ِّبح‬ ‫إن ر ِّبي أخ َب َرني‬ ‫ِ‬ ‫واستغفر ُه ‪ ،‬فقد رأيتُها ﮋ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﮊ الخ السورة » ((( ‪.‬‬

‫((( مسند أحمد (‪)3791‬‬

‫((( س�بل اله�دى والرش�اد (‪ )230 :12‬وأص�ل الحدي�ث في البخ�اري مع الفت�ح (‪-951 :8‬‬ ‫‪.)952‬‬

‫‪45‬‬


‫ت َ رْ ِ‬ ‫ٱلساعَةِ َوم َا يَتَعَل َّ ُق بِهَا‬ ‫يف َّ‬ ‫ع ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫مان ويع َّب ُ�ر بها عن‬ ‫(الس�اع ُة ُجز ٌء من أج�زاء َّ‬ ‫الراغ ُ‬ ‫�ب في «المف�ردات»‪َّ :‬‬ ‫ق�ال َّ‬ ‫تعريف الساعة‬ ‫ِ‬ ‫القيامة‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﮋﮬﮭﮊ [القمر‪ ،]1 :‬وقال تعالى‪ :‬ﮋﯜﯝﯞﮊ‬ ‫[الزخرف‪.(((]85 :‬‬

‫ِ‬ ‫س�ياق المعنى في اآلية َّ‬ ‫ش�ار بها‬ ‫ويفه ُم من‬ ‫ُ‬ ‫قل�ت ـ والل�ه أعلم ـ ‪َ :‬‬ ‫الم َ‬ ‫أن الس�ا َع َة ُ‬ ‫الحياة البشري ِة‪ ،‬وأما لفظ ُة الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعة ـ أي‪:‬‬ ‫لحظة في‬ ‫آلخر‬ ‫تعريف‬ ‫القيامة هي‬ ‫إلى يوم‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫من‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮓ ﮔ‬ ‫الوقت ـ فهو‬ ‫الج�ز ُء م�ن‬ ‫َعار ُ‬ ‫ُ‬ ‫ف عليه من َّ‬ ‫المت َ‬ ‫الوقت ُ‬ ‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮊ [الروم‪.]55 :‬‬

‫ِ‬ ‫القيام�ة والثاني ُة ف�ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القليل من‬ ‫الوق�ت‬ ‫اآلية بمعن�ى‬ ‫اآلي�ة بمعن�ى‬ ‫فاألُول�ى ف�ي‬ ‫الز ِ‬ ‫مان‪.‬‬ ‫َّ‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أوجه‪:‬‬ ‫ثالث‬ ‫الساع ُة التي هي القيا َم ُة على‬ ‫وقال ُ‬ ‫بعضهم‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُبرى‪ ،‬وهي َب ُ‬ ‫حاسبة‪.‬‬ ‫للم‬ ‫عث‬ ‫الناس ُ‬ ‫السا َع ُة الك َ‬ ‫‪َّ -1‬‬ ‫ِ‬ ‫موت أهل ال َق ِ‬ ‫الواحد‪ ،‬ويؤ ِّيدُ ُه ُ‬ ‫قول عائش َة ‪b‬‬ ‫رن‬ ‫الساع ُة الوسطى‪ ،‬وهي ُ‬ ‫‪َّ -2‬‬ ‫رس�ول الله ‪ m‬س�ألوه عن الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال�ت‪َ :‬‬ ‫�اعة‪ ،‬متى‬ ‫األع�راب إذا َق ِد ُم�وا عل�ى‬ ‫(كان‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫إنس�ان منهم فقال‪« :‬إن َي ِعش هذا ل�م ُي ِ‬ ‫اله َر ُم قامت‬ ‫أحدث‬ ‫فنظ�ر إلى‬ ‫الس�اع ُة‬ ‫درك ُه َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫عليكُ�م س�اعتُكم»((( ‪ ،‬والمراد بِس�ا َعتِهم‪ :‬موتُهم ـ أي‪ :‬س�ا َع ُة المخا َطبِين آنذاك ـ‬ ‫كما جاء في فتح الباري‪.‬‬

‫((( المفردات للراغب ص‪.248‬‬

‫((( متفق عليه ‪ ،‬البخاري (‪ )6511‬ومسلم (‪. )7598‬‬

‫‪46‬‬


‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫المشار‬ ‫إنسان مو ُت ُه‪ ،‬وهي‬ ‫اإلنسان‪ ،‬فساع ُة ك ُِّل‬ ‫موت‬ ‫غرى‪ ،‬وهي ُ‬ ‫‪ -3‬الساع ُة ُّ‬ ‫ُ‬ ‫الص َ‬

‫إليها بقوله‪ :‬ﮋ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮊ [األنعام ‪.]31‬‬

‫أن ك َُّل مي ٍ‬ ‫علماؤنا ‪ :‬واعلم َّ‬ ‫�ت فقد قامت قيا َمتُه‬ ‫�ي رحمه الله‪( :‬ق�ال‬ ‫ُ‬ ‫َ ِّ‬ ‫ق�ال ال ُقر ُطبِ ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫خاصتِ ِه من‬ ‫غرى هي ما يقو ُم ك ُُّل إنس�ان ف�ي َّ‬ ‫ُبرى ‪ُّ ،‬‬ ‫فالص َ‬ ‫ولكنَّه�ا قيام� ٌة ُصغ�رى وك َ‬ ‫س�عي ِه وحصولِ ِه على َعم ِل ِ‬ ‫خ�روج ر ِ‬ ‫وفراق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ه إن َ‬ ‫فخير‬ ‫أهل ِه وانقطا ِع‬ ‫وح ِه‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫كان خير ًا ٌ‬ ‫وتأخ ُذهم َأ َ‬ ‫َّاس ُ‬ ‫خذ ًة واحدةً)‬ ‫ُبرى هي التي َت ُع ُّم الن َ‬ ‫وإن كان َش َّ�ر ًا َف َش ٌّ�ر‪ ،‬والقيا َم ُة الك َ‬

‫اهـ‪.‬‬

‫َ‬ ‫الموت‬ ‫الوس�طى‬ ‫قل�ت ـ والل�ه أعلم‪ :‬وال ُيس�تب َعدُ في المعنى أن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تك�ون القيا َم ُة ُ‬ ‫ِ‬ ‫السابِ َق ِ‬ ‫بالمعنَ َي ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّرتيب على النَّحو‬ ‫ين‪،‬‬ ‫فيكون الت ُ‬ ‫ين َّ‬ ‫الجماع ُّي إذا أخذنا ما قاله العلماء َ‬ ‫التالي‪:‬‬

‫أخذ ًة ِ‬ ‫وتأخ ُذهم َ‬ ‫الناس ُ‬ ‫واحدَ ةً‪.‬‬ ‫‪ -1‬القيام ُة الكُبرى هي التي َت ُع ُّم َ‬

‫(((‬

‫ِ‬ ‫العالمات‬ ‫المنصوص عليه في‬ ‫المجهز‬ ‫وت‬ ‫والم ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الوس� َطى هي َ‬ ‫‪ -2‬القيام ُة ُ‬ ‫اله ْر ُج َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السا َع ِة‪.‬‬ ‫وهو‬ ‫ُ‬ ‫اإلبادات الجماع َّي ُة وهي من عالمات َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ (((‬ ‫ُ‬ ‫روج ُر ِ‬ ‫وفراق أهله‪.‬‬ ‫المرء‬ ‫وح‬ ‫الصغرى هي ُخ ُ‬ ‫‪ -3‬القيام ُة ُّ‬ ‫األخير ُة في‬ ‫الس�ا َع ِة التي هي ال َّلح َظ� ُة‬ ‫َ‬ ‫تدور حول مفهو ِم َّ‬ ‫وه�ذه المعاني ال َّثال َث� ُة ُ‬ ‫حياة ال َب َش ِر َّي ِة التي ال َز َم َن بعدها‪.‬اهـ‪.‬‬

‫((( «التذكرة في أحوال الموتى وأمور اآلخرة» نقال عن «فقه أش�راط الس�اعة» د‪ .‬محمد أحمد‬ ‫إسماعيل المقدم ص‪.15‬‬

‫((( نقل�ت الفكرة مع ش�يء من التصرف من كتاب فقه أش�راط الس�اعة للدكت�ور محمد أحمد‬ ‫إسماعيل المقدم‪.‬‬

‫‪47‬‬

‫أقسام القيامة‬


‫ِ‬ ‫رز ِ‬ ‫األمارات إلى ثال َث ِة أقسا ٍم ‪:‬‬ ‫نج ُّي في «اإلشاعة» (ص‪)27‬‬ ‫و َق َّس َم اإلما ُم ال َب َ‬ ‫انقسام األمارات‬ ‫إلى ثالثة أقسام‬

‫األمارات البعيدةُ‪.‬‬ ‫قسم ظهر وانقضى وهي‬ ‫ُ‬ ‫‪ٌ -1‬‬

‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ينقض بل ال ُ‬ ‫ويتكامل‪.‬‬ ‫قسم ظهر ولم‬ ‫يزال يتزايدُ‬ ‫‪ٌ -2‬‬ ‫األمارات الكبير ُة ‪..‬‬ ‫الساع ُة وهي‬ ‫‪-3‬‬ ‫ُ‬ ‫وقسم تع ُق ُبه ّ‬ ‫ٌ‬

‫ِ‬ ‫تعريفها إلى أقسا ٍم ‪:‬‬ ‫العالمات في‬ ‫تنقسم‬ ‫كما‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪1- 1‬فِ َت ٌن‬ ‫ُ‬ ‫وأشراط‬ ‫‪2- 2‬‬

‫وعالمات‬ ‫‪3- 3‬‬ ‫ٌ‬

‫ِ‬ ‫ومالح ُم‬ ‫وأمارات‬ ‫‪4- 4‬‬ ‫ٌ‬ ‫‪5- 5‬وبِ‬ ‫شارات‬ ‫ٌ‬ ‫معنى الفتن‬

‫َ�ن)‪ ،‬والمقصود ِ‬ ‫‪ِ -1‬‬ ‫الفتَ� ُن‪ :‬إ ّما (فِ َت ٌن أو ُم ِضلاّ ُت فِت ٍ‬ ‫االبتالءات العا ّم ُة‬ ‫بالفت َِن هي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫انحراف أو تح�و ٍل مخالِ ٍ‬ ‫ف ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حص�ول‬ ‫ويكون بها‬ ‫ُصي�ب الفر َد أو األُ َّم� َة‬ ‫الت�ي ت‬ ‫ألمر‬ ‫ُ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫�ريعة‪ ،‬وم�ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألجر عن�د ِ‬ ‫الفت ِ‬ ‫اختبار للمس�ل ِم ُ‬ ‫ّ‬ ‫صبر ِه‬ ‫�واب‬ ‫َ�ن ما هو‬ ‫الش‬ ‫ين�ال به ال َّث َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫واحتس�ابِه ِ‬ ‫والمال والو َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫األهل‬ ‫لل�ه تعالى كما هو في فِتن َِة‬ ‫�د ‪ ،‬ومن هذا النَّمو َذ ِج ما‬ ‫ِ َ‬

‫أشار الل ُه به لألنبياء‪ :‬ﮋ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮊ وقال‬ ‫لس ِّي ِدنا موسى‪ :‬ﮋ ﮈ ﮉ ﮊ [طه‪.]٤٠ :‬‬ ‫تعالى َ‬

‫وأم�ا م ِضّل�اّ ُت ِ‬ ‫الفت ِ‬ ‫َ�ن فهي ما خرج به الف�ر ُد أو الجماع ُة أو األُس�ر ُة أو القبيل ُة أو‬ ‫ُ‬ ‫معنى مضالت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�ر والدَّ َّج ِ‬ ‫األُ َّم ُة عن جا ّدة ال َّط ِ‬ ‫الفتن‬ ‫ال َّ‬ ‫والش�يطان‪ ،‬وقد أمر‬ ‫ريق المش�روعة إلى خدمة َّ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫النَّبِي ‪ m‬بالتعو ِذ من م ِضلاّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫المس�يخ‬ ‫والممات ومن فِتن َِة‬ ‫الفت َِن ومن فِتن َِة المحيا‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫�ة على الدُّ ِ‬ ‫الحاوي ِ‬ ‫يق�ول ‪ m‬ف�ي بعض أحاديثِ ِ‬ ‫الدَّ َّج ِ‬ ‫ُ‬ ‫أردت‬ ‫ع�اء «وإذا‬ ‫�ه‬ ‫�ال ‪ ،‬وكان‬ ‫َ‬ ‫َِ‬

‫‪48‬‬


‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مفتون»(((‪.‬‬ ‫غير‬ ‫بعبادك فتنَ ًة فاقبِضني إليك َ‬

‫الش�يء ِ‬ ‫األش�راط‪ :‬جمع َش�ر ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أش�راط َّ‬ ‫أوائ ُل ُه(‬ ‫ط ( بفتحتين) وهي العال َم ُة ‪،‬و‬ ‫‪-2‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫معنى األشراط‬ ‫وأشراط الس ِ‬ ‫اعة عالماتُها ) قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ﰂ ﮊ [محمد ‪.]18:‬‬

‫العالمات التي يع ُقبها قيام الس ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫اعة ) (((‪.‬‬ ‫حجر ‪ ( :‬هي‬ ‫الحافظ ابن‬ ‫قال‬ ‫ُ‬ ‫ُ ّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األم�ارات الدَّ ا َّل ِة‬ ‫واآليات هي‬ ‫اآلي�ات‪،‬‬ ‫اس�م‬ ‫األش�راط‬ ‫بعضهم على‬ ‫وق�د َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أطلق ُ‬ ‫َ‬ ‫كاألمارات التي تُنصب في الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حراء دا َّل ًة على ال َّط ِ‬ ‫توضع على‬ ‫ريق أو‬ ‫الش�يء‬ ‫على‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫الس ُفن ‪ .‬اهـ((( ‪.‬‬ ‫الشاطيء لتهدي ُّ‬ ‫ووصفت أيضا بلفظ المش�اريط في بعض روايات الحديث‪ ،‬ففهي مس�ند أحمد‬

‫(‪ )386‬عن حذيفة ؤ قال‪ :‬س�ئل رس�ول الله ‪ m‬عن الس�اعة فقال‪ :‬علمها‬

‫عند ربي ال يجليها لوقتها إال هو؛ ولكن أخبركم بمشاريطها وما يكون بين يديها‪.‬‬

‫ِ‬ ‫وبالجمل�ة فالمقص�و ُد به�ا ‪ :‬الظاه�ر ُة الكون َّي� ُة أو الظاه�ر ُة المرحل َّي� ُة المرتبط� ُة‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالتَّحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫األحاديث َّ‬ ‫ريفة‪.‬‬ ‫المنصوص عليها في‬ ‫الت‬ ‫ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫لوك ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الم َم ِّي َز ُة ُس َ‬ ‫مرحلة‬ ‫جماعة أو‬ ‫فرد أو‬ ‫العالمات‪:‬‬ ‫‪-3‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الس َم ُة ُ‬ ‫جمع عالمة‪ ،‬وهي ِّ‬ ‫عالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعة‪.‬‬ ‫أحاديث‬ ‫يتطابق مع ما َذك َ​َر ُه ‪ m‬في‬ ‫بما‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الحدَ ُ‬ ‫أخبر‬ ‫ث‬ ‫األم�ارات‪:‬‬ ‫‪-4‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫جمع أمارة‪ ،‬واألمار ُة هي َ‬ ‫ُ‬ ‫المطاب�ق لحالة أو كيف َّية َ‬

‫((( س�نن الترمذي (‪ ، )3235‬صحح إس�ناده جملة من المحدثين وضعفه آخرون‪ ،‬انظر تحقيق‬ ‫«الطرق الحسان» البن رجب ألبي أنس عادل بن سعد محمد مطاوع ص ‪.15-13‬‬

‫((( فتح الباري ‪.79/13‬‬

‫((( ص‪13‬المصدر السابق بتصرف ‪.‬‬

‫‪49‬‬

‫معنى العالمات‬

‫معنى األمارات‬


‫عنها ‪ m‬في «شؤون الس ِ‬ ‫وتحوالتها» ‪.‬‬ ‫اعة‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬

‫‪ -5‬البِ‬ ‫سات المرحل َّي ُة التي ُيجري الل ُه فيها نُصر َت ُه وتأييدَ ُه لعباده‬ ‫شارات‪ :‬هي التَّن ُّف ُ‬ ‫ُ‬ ‫معنى البشارات‬ ‫س�الة ‪ ،‬وخالفةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر‬ ‫ّ‬ ‫الصالحي�ن وتمكينه�م في األرض‪.‬ك ُظهور اإلسلا ِم ف�ي عصر ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وص ِ‬ ‫وظهور‬ ‫األمر ‪،‬‬ ‫الح َس ِن بعد احتدا ِم‬ ‫مر بن عبد‬ ‫لح اإلما ِم َ‬ ‫العزيز في بني ُأ َم َّي َة ‪ُ ،‬‬ ‫ُع َ‬ ‫الخالف�ة العثماني ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبي‬ ‫اإلسلامي ‪،‬‬ ‫القرار‬ ‫�ة بع�د ت َ​َم ُّز ِق‬ ‫َّ‬ ‫وظه�ور صالح الدِّ ي�ن األ ُّي ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫المهدي بعد ُش ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ور في العالم ‪.‬‬ ‫وظهور اإلما ِم‬ ‫للصليبِ ِّيين ‪،‬‬ ‫مول َ‬ ‫ِّ‬ ‫وهزيمته َّ‬

‫ق�ه التَّحو ِ‬ ‫َّعريفات في فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت ضب ُطها َّ‬ ‫المراحل ‪،‬‬ ‫لظواهر‬ ‫�رعي‬ ‫وفائ�د ُة ه�ذه الت‬ ‫ُّ‬ ‫الش ُّ‬ ‫الت وعالقتِها بالس ِ‬ ‫وتحديدُ هوي ُة التَّحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫العكس من ذلك‪ ،‬فحي ُثما‬ ‫المرج َّو ِة أو‬ ‫المة‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫كان نَ�ص التَّحوالت يش�ير إلى ٍ‬ ‫منهج في َس ِ‬ ‫ٍ‬ ‫واألمكنة‬ ‫األزمنة‬ ‫�ير‬ ‫جماعة أو‬ ‫ف�رد أو‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ُ‬

‫ِ‬ ‫َّجديد أو ال َع ِ‬ ‫فاألمر كذلك‪ ،‬وإال ّ‬ ‫دل‬ ‫بالسلا َم ِة أو الت‬ ‫السلا ِم من‬ ‫ويص ُفه َّ‬ ‫فإن دعوى َّ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫المراحل و َمن فيها‪.‬‬ ‫َّص الذي ُي َف ِّس ُر‬ ‫فرد أو جماعة مردود ٌة عليهم بِ ُحك ِم الن ِّ‬

‫الع َّ�ز َة والنُّصر َة ِ‬ ‫مواقفهم ِ‬ ‫لا كانوا يدَّ عون السلام َة ويرون ف�ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫فالخ�وار ُج مث ً‬ ‫لله‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َّ‬ ‫ب�ة‪ ،‬لكن نُصوص التَّحو ِ‬ ‫الكاذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت‬ ‫ولرس�ولِه ‪ ،m‬ومات�وا وهم على تلك الدَّ عوى‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح ِّق‬ ‫نوحهم عن َ‬ ‫وج َ‬ ‫للمتأ ِّم ِل كَذ َبهم وعد َم سلا َمتهم ُ‬ ‫الس�اعة ُي ِبر ُز ُ‬ ‫وفق َه عالمات ّ‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وتَعدِّ يهم على ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وز َم ٍن ‪،‬‬ ‫مرحلة‬ ‫أش�باههم وأمثالِه�م في ك ُِّل‬ ‫أهله‪ ،‬وهكذا في‬ ‫وعصر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص�ل ِ‬ ‫والظواه ِ‬ ‫والق�ول ال َف ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الح ُّق‬ ‫�ر‪ ،‬وبها‬ ‫العالمات‬ ‫يرج ُع إلى ما قاله ‪ m‬من‬ ‫يكون َ‬ ‫ِ‬ ‫األزمان‪ ،‬وإلى أن ِ‬ ‫ُ‬ ‫يقض َي الل ُه أمر ًا كان مفعوالً‪.‬‬ ‫والباطل َق ِص ّي ًا على َم َم ِّر‬ ‫َجل ّي ًا‬

‫‪50‬‬


‫ِ‬ ‫حوَر ٱلْم َْو ُض ِ‬ ‫وع َ‬ ‫السنَّةِ’‬ ‫ث ِجب ْ ِريْل َ ‘ ُأم ُّ ُّ‬ ‫ح ِدي ْ ُ‬ ‫م ْ ُ‬

‫رسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن ُع َم َر ِ‬ ‫بن الخ َّط ِ‬ ‫الله ‪ m‬إذ طلع‬ ‫وس عند‬ ‫اب ؤ قال‪ :‬بينا نحن ُج ُل ٌ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫بياض ال ِّث ِ‬ ‫علينا ٌ‬ ‫سواد َّ‬ ‫فر وال يعر ُفه‬ ‫ياب شديدُ‬ ‫رجل شديدُ‬ ‫الش َع ِر ال ُيرى عليه َأ َث ُر َّ‬ ‫يديه على َف ِ‬ ‫َيه ووضع ِ‬ ‫َيه إلى ركبت ِ‬ ‫منّا َأحدٌ ‪ ،‬فأسندَ ركبت ِ‬ ‫خ َذ ِيه وقال‪ :‬يا ُم َح َّمدُ أخبِرني‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫عن اإلسال ِم؟‬

‫ِ‬ ‫رس�ول ِ‬ ‫ُ‬ ‫ق�ال‪« :‬أن تش�هدَ أن ال إل�ه إال الل ُه َّ‬ ‫الله و إق�ا ُم‬ ‫وأن ُم َح َّمد ًا‬ ‫الصالة وإيتا ُء‬ ‫رمضان وحج الب ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫َ‬ ‫صدقت‪ .‬قالوا‪:‬‬ ‫اس�تطاع إليه س�بيالً»‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫يت من‬ ‫كاة وصو ُم‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإليمان؟‬ ‫فعجبنا له يسأ ُل ُه و ُيصدِّ ُقه ‪ ،‬قال ‪ :‬أخبِرني عن‬

‫ورس�له وباليو ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫تؤمن ِ‬ ‫قال‪ :‬أن ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآلخ ِر وبال َقدَ ِر ِ‬ ‫خير ِه َ‬ ‫وش ِّ�ر ِه‬ ‫ومالئكته و ُكتُبِه‬ ‫بالله‬ ‫َ‬ ‫م�ن ِ‬ ‫صدقت ‪ ،‬قال‪ :‬فأخبِرني عن اإلحس�ان؟‪ ،‬قال‪« :‬أن تَع ُبدَ الل َه‬ ‫الله تعالى»‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫صدقت‪ ،‬قال‪ :‬أخبِرني عن الس ِ‬ ‫َّ�ك ت�را ُه فإن لم تكن ترا ُه فإنَّه َ‬ ‫كأن َ‬ ‫�اعة‪،‬‬ ‫يراك » ‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬

‫ُ‬ ‫الس ِائ ِل»‪ ،‬قال‪ :‬أخبِرني عن أماراتِها؟‪ ،‬قال‪« :‬أن‬ ‫قال‪« :‬ما‬ ‫المس�ؤول عنها بِأع َل َم من َّ‬ ‫ِ‬ ‫الحفا َة ال ُعرا َة العا َل َة ِرعا َء َّ‬ ‫الشاء يتطاولون في البنيان »‪.‬‬ ‫تَلدَ األ َم ُة َر َّبتها ‪ ،‬وأن ترى ُ‬

‫انطلق َفلبِ ُ ِ‬ ‫ائل» َ‬ ‫الس ُ‬ ‫لت‪ :‬الل ُه ورسو ُل ُه‬ ‫ثم‬ ‫َ‬ ‫قال‪ُ :‬ق ُ‬ ‫مر أتدري َمن ّ‬ ‫ثت َمل ّي ًا ‪ ،‬فقال‪« :‬يا ُع ُ‬ ‫ُ‬ ‫أمور دينِكم »‪.‬‬ ‫أعلم‪ ،‬قال ‪« :‬ذاك‬ ‫جبريل أتاكُم ُيع ِّل ُمكم َ‬ ‫ُ‬ ‫وفي ِ‬ ‫ِ‬ ‫السن َِن ‪ « :‬فإ َّن ُه ِج ُ‬ ‫لفظ ُمسل ٍم‬ ‫بريل أتاكم ُيع ِّل ُمكم دينَكم » (((‪.‬‬ ‫وأصحاب ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫رواية‪« :‬هذا‬ ‫وفي‬ ‫الناس دينَهم» (((‪.‬‬ ‫جبريل جا َء ل ُي َع ِّل َم َ‬

‫((( مسلم (‪.)102‬‬

‫((( البخاري (‪.)4777‬‬

‫‪51‬‬

‫دراسة حديث‬ ‫جبريل‬


‫رج�ل فجلس عند ركبت ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫َي�ه‪ ،‬فقال‪ :‬يا‬ ‫«س� ُلوني» ‪ ،‬فها ُبوه‪ ،‬فجاء‬ ‫ُ َ‬ ‫وف�ي رواية ق�ال‪َ :‬‬ ‫رس�ول ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫جبري�ل أراد أن تَع َلموا إذا‬ ‫الل�ه ما اإلسلا ُم؟ وذكر نحوه إلى أن قال ‪« :‬هذا‬ ‫لم ت َ‬ ‫َسألوا» (((‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ّ�اس دينَهم ‪ ،‬والذي‬ ‫آخ�ر «هذا‬ ‫رواية أحمدَ من‬ ‫وف�ي‬ ‫جبريل جا َء ل ُيع ِّل َم الن َ‬ ‫طريق َ‬ ‫نفس ُم َح َّم ٍد بِ َي ِده ما جاءني َق ُّط إال وأنا ِ‬ ‫الم َّرةَ»(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أعر ُفه إال أن يكون هذه َ‬

‫ور ٍة َق ُّط إال عرف ُت ُه إال في هذه‬ ‫وفي الطبراني الكبير عن ابن عمر ( ما جاءني في ُص َ‬ ‫الص ِ‬ ‫ورة)((( ‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫َ‬ ‫شك َّ‬ ‫وال َّ‬ ‫جبريل ش كما هو بين أيدينا يفت َُح لنا آفاق ًا واسع ًة‬ ‫لحديث‬ ‫أن قرا َءتنا‬ ‫ِ‬ ‫النهاية إلى فه ِم التَّراب ِ‬ ‫ِ‬ ‫م�ن التأم ِل والمتابع ِ‬ ‫الموضوع ِّي في هذا‬ ‫ط‬ ‫�ة‪ ،‬التي تب ُل ُغ بنا في‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ​َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لعالمات‬ ‫أهم َّي ٍة ُمح َّق َق ٍة‬ ‫الحدي�ث من ك ُِّل جوانبه ‪ ،‬وما يترت ُ‬ ‫َّ�ب على هذا التَّرا ُبط من ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّقريرات َّ‬ ‫الش�رع َّي ِة‬ ‫ص�ول العل�و ِم والت‬ ‫أب�واب و ُف‬ ‫العديد من‬ ‫�اعة ودخولِه�ا ف�ي‬ ‫ّ‬

‫تداو َل ِة ‪.‬‬ ‫الم َ‬ ‫ُ‬

‫َّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫الحديث لنا ‪:‬‬ ‫أوضح ُه‬ ‫أهم ما‬ ‫َ‬ ‫ولعل من ِّ‬

‫ُ‬ ‫وسلوك ًا‪.‬‬ ‫ظهر بها‬ ‫‪ِّ -1‬‬ ‫جبريل على القو ِم صور ًة ولباس ًا وكيف َّي ًة ُ‬ ‫الص َف ُة التي َ‬ ‫لرسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله ‪.m‬‬ ‫والمخاطبة‬ ‫الجلوس‬ ‫‪ -2‬أسلو ُب ُه في‬ ‫‪ -3‬كونه يسأ ُل ُه ويصدِّ ُق ُه‪.‬‬

‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫ُ‬ ‫إيضاح‬ ‫اللفظ�ة‬ ‫�ائل‪ ،‬وفي ه�ذه‬ ‫المس�ؤول عنه�ا‬ ‫لي�س‬ ‫ٌ‬ ‫‪ -4‬قو ُل�ه‪َ :‬‬ ‫بأعل�م من َّ‬ ‫َ‬ ‫((( مسلم (‪.)108‬‬

‫((( مس�ند أحم�د (‪ ،)17631‬وق�ال الهيثم�ي ف�ي «المجمع» (‪ :)45 :1‬وفي إس�ناده ش�هر بن‬ ‫حوشب‪.‬‬

‫((( مجمع الزوائد (‪.)12 :1‬‬

‫‪52‬‬


‫ِ‬ ‫باألم�ر أو عَ�دَ ِم ِع ِ‬ ‫جبري�ل ف�ي ِ‬ ‫للس�امعين ع�ن ه ِوي ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫لحقيقة‬ ‫وكش�ف‬ ‫لم�ه‪،‬‬ ‫علم ِه‬ ‫�ة‬ ‫ٌ‬ ‫ُ َّ‬ ‫لرسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫المخاطِ ِ‬ ‫الله ‪. m‬‬ ‫ب‬ ‫األمارات وليس معرف َة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكون‪.‬‬ ‫نهاية‬ ‫‪ -5‬تأكيدُ َط َلبِ ِه معرف َة‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العالمات بِنمو َذ َج ِ‬ ‫الحفاةَ‪.‬‬ ‫‪ -6‬تحديدُ‬ ‫ين فقط‪ :‬أن تَلدَ األَ َم ُة‪ ..‬وأن ترى ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫إيضاحات إضاف َّي ٍة‪.‬‬ ‫البيان دون‬ ‫جبريل بعد هذا‬ ‫انطالق‬ ‫‪-7‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ُ -8‬‬ ‫األحاديث حتى‬ ‫المشار إليه في ُجم َل ِة‬ ‫األمر‬ ‫بوقائ ِع‬ ‫الصحابة ئ‬ ‫جهل‬

‫الس ُ‬ ‫برز ُس ُ‬ ‫ائل؟‪.‬‬ ‫َّبي ‪ m‬لس ِّيدنا ُع َم َر بقوله‪ :‬أتدري َمن ّ‬ ‫ؤال الن ِّ‬

‫عمر ؤ بقوله‪ :‬الل ُه ورسو ُله أع َل ُم‪.‬‬ ‫‪ -9‬ر ُّد َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمر ُك ِّله وعَدَ ُم‬ ‫جريات‬ ‫الصحابة ئ عن ُم‬ ‫سكوت‬ ‫‪ -10‬و ُيستفا ُد من هذا‬ ‫ُ‬ ‫بري�ل أو ما طر َأ عليهم م�ن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫مس�اء َل ِة ِ‬ ‫ش�خص َّي ِة ِج َ‬ ‫غفلة في عدم‬ ‫البعض في‬ ‫بعضه�م‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫معرفتِه‪ ،‬مع ُظ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُش�ير إلى َّ‬ ‫اإلش�ارات بحقيقتِه‪ ،‬مع َّ‬ ‫رسول‬ ‫أن‬ ‫هور‬ ‫أن َ‬ ‫الروايات ت ُ‬ ‫بعض ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حادثة ِج َ‬ ‫بريل‪.‬‬ ‫ثالثة أ ّيا ٍم من ُم‬ ‫الله ‪ m‬سأل ُع َم َر ؤ بعد‬ ‫ِ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله ‪ m‬على أن ُم ِه َّم َة ِج َ‬ ‫الحديث وما قيل فيه له‬ ‫بريل في هذا‬ ‫‪ -11‬تأكيدُ‬

‫أمر دينِكُم‪ ،‬أو ( ُي َع ِّل ُمكُم ِدينَكُم)‪.‬‬ ‫وظيف ٌة محدَّ َدةٌ‪ ،‬وهو‬ ‫تعليمكُم َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ف�ظ النَّ َب ِ‬ ‫‪ -12‬وال َّل ُ‬ ‫أمر دينِك�م) فيه إش�ار ٌة واضح ٌة إلى‬ ‫�و ُّي م�ن قول�ه‪ُ ( :‬يع ِّل ُمكم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أمور ِ‬ ‫األمة ‪ ،‬وال‬ ‫دين‬ ‫ُ‬ ‫تم�از ِج (األركان األربعة المذكورة في الحدي�ث) وأنَّها ُك َّلها ُ‬ ‫فصل بين ُر ٍ‬ ‫َ‬ ‫وآخر‪.‬‬ ‫كن‬ ‫َ‬

‫وألن هذه الحقيق َة ال غبار عليها ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َجدُ ال ُعلو َم ّ‬ ‫تفصيل‬ ‫الشرع َّي َة المخدوم َة في‬ ‫‪-13‬‬ ‫َ‬ ‫كن الراب ِع ومت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بعض برغم‬ ‫بعضها في‬ ‫األركان الثالثة‬ ‫متماز َج ًة ك َُّل الت ُ‬ ‫َداخ ٌل ُ‬ ‫ُ‬ ‫بالر ِ َّ‬ ‫َّماز ِج ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫َّ‬ ‫الثالثة األخرى ‪ ،‬ولكنه‬ ‫األركان‬ ‫الراب ِع بعيد ًا عن‬ ‫كن َّ‬ ‫أن ال ُعلم�ا َء ق�د تركوا َحيث َّي َة ُّ‬ ‫ف�رض ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّدوين وعلى أهل األُ‬ ‫ِ‬ ‫صول وال ُفروعِ‪ ،‬فما من ٍ‬ ‫باب من‬ ‫موق َعه ومكان�ه على الت‬ ‫َ‬ ‫‪53‬‬


‫عالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫�اعة عالِ َق ٌة به ُمرتَبِ َط ٌة بتفصيالتِه‪ ،‬ومن ذلك‬ ‫وأحاديث‬ ‫أبواب العل ِم إال‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫عالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ما ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫بأحاديث ت ُ‬ ‫�اعة كما هو‬ ‫ص‬ ‫الفقهاء في ُكتُبهم‬ ‫اس�تدالل‬ ‫َجدُ ُه من‬ ‫َخ ُّ‬ ‫ّ‬ ‫في‪:‬‬

‫باب ِ‬ ‫ • ِ‬ ‫العل ِم‬

‫ِ‬ ‫ • ِ‬ ‫الحدود‬ ‫كتاب‬ ‫الذ ِ‬ ‫ • ِ‬ ‫كتاب ِّ‬ ‫كر‬

‫ِ‬ ‫ • ِ‬ ‫عامالت‬ ‫الم‬ ‫كتاب ُ‬ ‫ • ِعل ِم الت ِ‬ ‫َّفسير‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّوحيد‬ ‫العقائد والت‬ ‫ • ِعل ِم‬ ‫ِ‬ ‫الرؤيا‬ ‫ •‬ ‫أبواب ُّ‬

‫سبيل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله‬ ‫والغزو في‬ ‫الجهاد‬ ‫أبواب‬ ‫ •‬ ‫أبواب ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفت َِن‬ ‫ •‬ ‫الز ِ‬ ‫ • ِ‬ ‫كاة‬ ‫باب َّ‬

‫ٍ‬ ‫ف�إذا م�ا اس�تَدَ َّل العلم�اء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أركان اإلسلا ِم‬ ‫بحدي�ث من‬ ‫األبواب‬ ‫لواح ٍد من ه�ذه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫نقض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العل ِم أو ِ‬ ‫ِ‬ ‫قبض ِه‬ ‫المع ِّب َر ِة عن‬ ‫واإليمان واإلحسان َش َفعوه بِ ُجملة من األحاديث ُ‬ ‫وق َّل ِة الرجال وكثر ِة الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزنا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األذكار‬ ‫الحديث عن‬ ‫ِّساء ‪ ،‬وعند‬ ‫كثر ِة‬ ‫�و ِّ‬ ‫الجهل و ُف ُش ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫أو َ‬ ‫ِ‬ ‫�ة ِ‬ ‫َ�ن الم ِض َّل ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والولد‪،‬‬ ‫واأله�ل‬ ‫المال‬ ‫والفتن َِة ف�ي‬ ‫تأت�ي‬ ‫أحادي�ث االس�تعاذة من الفت ِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫والممات‪ ،‬ومن فِتن َِة المغر ِم والمأ َث ِم ومن فِتن َِة الدَّ َّج ِ‬ ‫ال‪،‬‬ ‫واالستعا َذ ُة من فِتن َِة المحيا‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الربا وال َغ ِّش وما‬ ‫المعامالت يأتي خالل ُد‬ ‫وفي‬ ‫روس ال ُبيو ِع ومعامالته في أحاديث ِّ‬ ‫ذكرها في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المعامالت الحرا ِم التي ال ُبدَّ من ِ‬ ‫ُ‬ ‫أصناف‬ ‫يؤول إليه المسلمون من‬ ‫نماذ ِج‬ ‫ِ‬ ‫المعامالت‪.‬‬ ‫‪54‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الحدود‬ ‫إسقاط‬ ‫تتناول‬ ‫األحاديث التي‬ ‫الحدود الشرع َّي ِة تأتي ُجمل ُة‬ ‫روس‬ ‫وعند ُد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آخ�ر َّ ِ‬ ‫بتس�م َي ِته ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف�ي ِ‬ ‫اس�مه ‪ ،‬وإلى غير‬ ‫بغير‬ ‫الخمر‬ ‫الربا وعلى‬ ‫الزمان والتَّحا ُي ِل على ِّ‬ ‫�ة ِ‬ ‫بعض َط َلب ِ‬ ‫ُ‬ ‫العل ِم للنَّ َظ ِر ف�ي مواضي ِع ال َّثال َث ِة‬ ‫ذلك‪ ..‬وكم‬ ‫تجر َد ُ‬ ‫َ‬ ‫س�يكون ُمفي�د ًا لو َّ‬

‫ِ‬ ‫أحاديث ال َّثوابِ ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫األركان َّ‬ ‫ضبط أركانها الشرع َّي ِة وما تناو َل ُه‬ ‫ت في‬ ‫رع َّي ِة وما َج َم َعت ُه‬ ‫عالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العلماء من الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�اعة‬ ‫أحاديث‬ ‫وحصر‬ ‫األبواب‪،‬‬ ‫َّفصيل في هذه‬ ‫َّقعيد والت‬ ‫ّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫وفِ ِ‬ ‫الت في ك ُِّل ٍ‬ ‫باب و َف ٍ‬ ‫َّشريعات‪،‬‬ ‫العالمات بهذه األحكا ِم والت‬ ‫وعالقة‬ ‫صل‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫نماذ ِج ِ‬ ‫الت في كا َّف ِة ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫وألصحاب ال ُفرو ِع حضور فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ليتأ َّكدَ ل ُ‬ ‫العل ِم‬ ‫ألصولِ ِّيين‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وأبوابِه‪.‬‬

‫بعالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫َج�دُ فِقه التَّحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫جانب آخر ن ِ‬ ‫َ‬ ‫مع عل ِم‬ ‫�اعة‬ ‫الت والعل ِم‬ ‫وم�ن‬ ‫يتداخ ُل َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ َ‬ ‫�اعة ِ‬ ‫بعالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫اإلحس�ان ُ‬ ‫عام ً‬ ‫تداخ ً‬ ‫ال‬ ‫اإلحس�ان للعالم‬ ‫علم‬ ‫بحيث‬ ‫ال تا ّم ًا‬ ‫ّ‬ ‫يصير ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫س�ن التَّصر ِ‬ ‫القض�اء وال َق�دَ ِر ‪ِ َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ف و ُط ِ‬ ‫لح ِ‬ ‫لم‬ ‫جريات‬ ‫�ول النَّ َظ ِر ف�ي ُم‬ ‫رجح� ًا ُ‬ ‫ُم ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ألن ع َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للعباد بِ ُح ِ‬ ‫س�ن‬ ‫النظر‬ ‫وسلامة‬ ‫ل�م الت َ​َّح ُّق ِق بِ َث َمرات الطا َع ِة والعبا َد ِة‬ ‫اإلحس�ان هو ع ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫صري‬ ‫الخ ُل�ق‪ ،‬وكان‬ ‫غال�ب ُعلماء فقه الت ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َّح�والت من رجال عل ِم اإلحس�ان في َع َ‬ ‫اش�دَ ِة ‪ِ ،‬‬ ‫والخالفة الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وم َّم�ن ُيقتَدى بهم و ُيهتَ�دى ِ‬ ‫بهديهم‪ ،‬فما ترى‬ ‫صدراإلسلا ِم‬ ‫َّ‬

‫�راد الله في ِ‬ ‫م�ق َأدبِهم مع م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خلق�ه ‪ ،‬بينما‬ ‫ُس�لوكَهم ومواق َفه�م إال ش�اهدَ ًة عل�ى ُع ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َج�دُ أقم�اع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫الفت ِ‬ ‫والس�ن َِّة أحيان ًا ولكن من‬ ‫ور َ‬ ‫موز ِّ‬ ‫َ‬ ‫الص�را ِع هم من َح َم َلة ال ُق�رآن ُّ‬ ‫َ�ن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫للش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مما يجع ُلهم هدف ًا َّ‬ ‫يطان‬ ‫الس�اعة‪ّ ،‬‬ ‫غير ارتباط بعل ِم اإلحس�ان وال بعل ِم عالمات ّ‬ ‫ِ‬ ‫االعتراض على ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫الت وم ِضلاّ ِ‬ ‫والتَّحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫قضائ ِه و َقدَ ِره‬ ‫الله وعلى‬ ‫الفت َِن ‪ ،‬بل سبب ًا في‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّحو ِل وال َّت َغ ُّي ِر‪.‬‬ ‫في ُمجريات الت ُّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫تناولنا لمفهو ِم‬ ‫وحتّ�ى ال‬ ‫حو ِر الموضو ِع نبد ُأ ف�ي ُ‬ ‫يط�ول بنا التأ ُّم ُل والتَّدَ ُّب ُ�ر في م َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫المو ِّف ُق‪.‬‬ ‫الركن َّية التي نح ُن بِ َصدَ دها ‪ ،‬والل ُه ُ‬ ‫ُّ‬ ‫‪55‬‬


‫أركان ال ِّد ِين الثَّلاثَةُ وعلاقَتُها ابلرُّكنِ الر َّ ِ‬ ‫ابع‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الموق ِن ِ‬ ‫ين أربع ٌة بِ‬ ‫أركان الدِّ ِ‬ ‫بأمر الدِّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ين أن يعلم َّ‬ ‫اعتبار‬ ‫ب�أن‬ ‫المس�ل ِم‬ ‫م�ن واجبات ُ‬ ‫الوحدة‬ ‫ين‪ :‬ثوابتٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�م ِ‬ ‫�م إلى ق َ‬ ‫ذك�ر ُه‪ ،‬و تن َقس ُ‬ ‫الموضوعية بين َوحدَ ته�ا الموضوع َّي�ة ف�ي الحدي�ث اآلنف ُ‬ ‫األركان األربعة ومتغي ٍ‬ ‫رات‪.‬‬ ‫ُ ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫تفر َع عن‬ ‫ت هي ما اشتملت عليه‬ ‫فال َّثوابِ ُ‬ ‫أركان اإلسال ِم واإليمان واإلحسان وما َّ‬ ‫ومراتب الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫العقيدة َّ‬ ‫والشري َع ِة‬ ‫هذه ال َّثال َث ِة من ُعلو ِم‬ ‫لوك‪.‬‬ ‫ِ ُّ‬

‫الثوابت والمتغير‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أوج ِهها ال َّثال َث ِة ‪:‬‬ ‫رات ‪ :‬ما اشتمل عليها‬ ‫والمتَغ ِّي ُ‬ ‫الساعة‪ .‬على ُ‬ ‫العلم بعالمات ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الرسا َل ِة‪.‬‬ ‫‪ُ -1‬م َت َغ ِّي ٌ‬ ‫رات على َعهد ِّ‬ ‫سالة إلى ِقيا ِم الس ِ‬ ‫عهد الر ِ‬ ‫رات ما بعد ِ‬ ‫اعة‪.‬‬ ‫‪ُ -2‬م َت َغ ِّي ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫قبل الرسا َل ِة المحم ِدي ِة تصا ُع ِدي ًا إلى ِ‬ ‫عهد آد َم ش ‪.‬‬ ‫‪ُ -3‬م َت َغ ِّي ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ َّ َّ‬ ‫رات ما َ ِّ‬

‫أركان الدِّ ِ‬ ‫وعلى هذا الت ِ‬ ‫ُ‬ ‫وليس‬ ‫الشرعي تُع َت َب ُر‬ ‫َّرتيب‬ ‫َّص ـ َ‬ ‫ين أربع ًة ـ كما هو في الن ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ثالث ًة كما يتناو ُلها بعض الع ِ‬ ‫لماء ‪ ،‬ودلي ُلنا على ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫األركان ِ‬ ‫(الوحدَ ُة الموضوع َّي ُة)‬ ‫باع َّي ِة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذهاب ِج َ‬ ‫الحديث ُ‬ ‫بريل‪ :‬يا‬ ‫َّص قو ُل ُه ‪ m‬بعد‬ ‫َّبي ‪ m‬في‬ ‫حيث ورد في الن ِّ‬ ‫من َلفظ الن ِّ‬

‫ُعمر أتدري من الس ِ‬ ‫�ائ ُل؟ قال‪ :‬الل ُه ورس�و ُله أع َل ُم‪ ،‬قال‪ :‬ذاك ِج ُ‬ ‫بريل أتاكم ُي َع ِّل ُمكم‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ٍ‬ ‫رواية ( ُيع ِّل ُمكم دينَكم)‪ .‬أخرجه مسلم وأصحاب السنن‪.‬‬ ‫أمور دينِكُم‪ ،‬وفي‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫فال َّل ُ‬ ‫ثوابت وليس ثالث ًة‪ ،‬وبهذا َيت َ​َأ َّكدُ أن‬ ‫أربعة‬ ‫َّص يأتي بعد‬ ‫َ‬ ‫ف�ظ النَّ َب ِو ُّي في هذا الن ِّ‬

‫األصول الثالثة‬ ‫وتدرج المكلف‬ ‫فيها‬

‫أصول الدِّ ِ‬ ‫أركان الدِّ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫�ت الدِّ ين أربع ٌة كما هو في‬ ‫ي�ن ـ كم�ا ُيع َّب ُر عنه�ا ـ أو‬ ‫ين أو َثوابِ َ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحديث َّ‬ ‫ريف‪.‬‬ ‫سياق‬

‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المدلول والمعنى‬ ‫أصول ثابت� ُة‬ ‫واإلحس�ان‬ ‫واإليمان‬ ‫فاألصول ال َّثال َث ُة اإلسلا ُم‬ ‫‪56‬‬


‫ب الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�لوك َ‬ ‫العقيدة َّ‬ ‫وينش ُ�أ عليها‬ ‫�ؤون‬ ‫ف في ُش‬ ‫المك َّل ُ‬ ‫والش�ريعة ومرات ِ ُّ‬ ‫يت�در ُج بها ُ‬ ‫َّ‬ ‫باعتبارها ِ‬ ‫العلم ال َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الواج ِ‬ ‫ُ‬ ‫ب‪.‬‬ ‫رض َّي‬ ‫األجيال‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّكليف‬ ‫َّدر ِج في الت‬ ‫أم�ا‬ ‫الرابِ ُ‬ ‫غير ُمرتَبِ ٌط بِ ُمتَع َّلق�ات الت ُّ‬ ‫(فم َت َغ ِّي ٌر) أي‪ :‬إ َّن ُه ُ‬ ‫�ع ُ‬ ‫األصل َّ‬

‫بأمر ِ‬ ‫ين‪:‬‬ ‫وإنَّما يخت ُّ‬ ‫َص َ‬

‫بأمر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جريات التَّحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكائنة ِ‬ ‫الله‬ ‫واألش�راط‬ ‫والعالمات‬ ‫الت الكونِ َّي ِة‬ ‫كش�ف ُم‬ ‫‪-1‬‬ ‫ُّ‬ ‫الركن الرابع هو‬ ‫قبل قيا ِم الس ِ‬ ‫كشف مجريات‬ ‫اعة‪.‬‬ ‫ّ‬

‫ِ ٍ ِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّب على‬ ‫س�رد‬ ‫‪-2‬‬ ‫وتعلي�ل الحوادث وم�ا يرتَبِ ُط بها من ص َّحة وفس�اد‪ ،‬وم�ا يترت ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أحوال ال ُك َّف ِ‬ ‫ودالالت ش�رع َّي ٍة للت ِ‬ ‫والمنافِقين‬ ‫َّمييز بي�ن‬ ‫إش�ارات نبو َّي ٍة‬ ‫ذل�ك من‬ ‫�ار ُ‬ ‫ِ‬ ‫وموق ِعهم من التَّحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وموق ِعهم أيض ًا من‬ ‫الت‪ ،‬وبين المسلمين المؤمنين‬ ‫وأشباههم‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫واآلخرة‪.‬‬ ‫المة في الدُّ نيا‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫وألهمي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫واإليمان‬ ‫�ؤون اإلسلا ِم‬ ‫جبريل ش وم�ا َت َط َّر َق إليه من ُش‬ ‫حدي�ث‬ ‫�ة‬ ‫ِّ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المس�ل ِم أن ِ‬ ‫ف‬ ‫يعر َ‬ ‫الس�اعة ص�ار من اللاز ِم عل�ى ُ‬ ‫واإلحس�ان والعل� ِم بعالم�ات ّ‬ ‫ِ‬ ‫وارتب�اط ِ‬ ‫األركان األربع� َة ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫بعضها بِ َب‬ ‫أهم َّيته�ا‬ ‫ه�ذه‬ ‫ع�ض‪ ،‬فهي‬ ‫معر َف� ًة تتلا َء ُم م�ع ِّ‬

‫ِ‬ ‫أس�اس مقو ِ‬ ‫األمانة التي قال عنها س�بحانه وتعال�ى‪ :‬ﮋ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬ ‫م�ات‬ ‫ُ ُ ِّ‬

‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬ ‫ﯱﮊ [األحزاب‪.]٧٢ :‬‬

‫إلبراز ُخ ُط ِ‬ ‫ِ‬ ‫وما اعتنى فِقه التَّحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ورة ال َف ِ‬ ‫صل بين‬ ‫األربعة ُمجت َِم َع ًة إال‬ ‫باألركان‬ ‫الت‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والر ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عبر‬ ‫واإليمان‬ ‫المت َغ ِّي ِر ‪ ،‬فاإلسلا ُم‬ ‫واإلحس�ان َ‬ ‫الرابِ ِع ُ‬ ‫كن َّ‬ ‫األركان ال ّثالثة الثابتة ُّ‬ ‫تاريخ البِ ِ‬ ‫َّقض ِ‬ ‫َكسات و َأ َز ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ناء َّ ِ‬ ‫بض والن ِ‬ ‫مات كال َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫والخدا ِع‬ ‫تعر َض لِن‬ ‫الش�رع ِّي للدِّ يانَة َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المسل ِم مع أخيه‬ ‫أوجدَ ُه َّو ًة سحيق ًة بين‬ ‫َّحريف والت‬ ‫والت‬ ‫مما َ‬ ‫َّس�ييس وما شابه ذلك‪َّ ،‬‬ ‫‪57‬‬

‫التحوالت‬


‫ٍ ِ ٍ‬ ‫الم ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ؤمن في‬ ‫ؤمن مع أخيه ُ‬ ‫المس�ل ِم في قضايا َفه ِم اإلسلا ِم ك َعقيدَ ة وديانَة وبين ُ‬ ‫ُ‬ ‫كتصديق باليقيني ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ات الكون َّي ِة التي ال تق َب ُل َّ‬ ‫َّقض ‪ ،‬ومث ُل ُه‬ ‫اإليمان‬ ‫مفهوم‬ ‫الش َّك وال الن َ‬ ‫ّ‬ ‫ذوقي ٍة ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلحسان ُ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وآداب‪ ،‬وهي التي صارت في زمانِنا‬ ‫وق َي ٍم‬ ‫في مفهو ِم‬ ‫كزهد و ُعلو ٍم َّ‬

‫وحقائ ِقها العم ِلي ِة الممارس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البعض وس�بب ًا في النِّزا ِع‬ ‫�ة لدى‬ ‫ُمس�تق َب َح ًة في ُص َو ِرها‬ ‫َ َ َّ ُ َ َ‬ ‫المف َت َع ِل ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫وله�ذا َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الر ِ‬ ‫ش�رع ٍّي لهذه‬ ‫اعتبار‬ ‫أركان الدِّ ين هي إعا َد ُة‬ ‫الراب ِع م�ن‬ ‫ك�ن َّ‬ ‫راس� َة ُّ‬ ‫فإن د َ‬ ‫الركن الرابع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫نوح في المسلمين‬ ‫األص ِّح واألت َِّم وتَبيي ٌن ُمد ِّل ٌل على مواق ِع ُ‬ ‫وأهمية دراسته ال َّثوابت على الوجه َ‬ ‫معر َف ِة هذه ال َّثوابِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بابتعادهم عن ِ‬ ‫ت‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫الحاضر والماضي لس ِ‬ ‫وم�ا ترتَّب عل�ى هذا الب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫�لوك‬ ‫خاطيء ف�ي‬ ‫تعلي�ل‬ ‫ع�د من‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أهل ِ‬ ‫المس�لمين ِض�دَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بع�ض ِ‬ ‫البع�ض وما ص�در ويص�دُ ر من‬ ‫بعضه�م‬ ‫العل� ِم ِضدَّ‬

‫ِ‬ ‫المذهب والن ِ‬ ‫والرؤى‪.‬‬ ‫مخالِ ِفيهم في‬ ‫َّهج ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نقائض‬ ‫أخبر عنها ‪ m‬وبين واق ِع األُ َّم ِة في‬ ‫الساعة التي َ‬ ‫فعند المقارنة بين عالمات ّ‬ ‫والعبادات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العقائ ِ‬ ‫ِ‬ ‫واآلداب ن ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َج�دُ ّ‬ ‫كن‬ ‫والق َي ِم‬ ‫والع�ادات‬ ‫�د‬ ‫أخبر عنه ‪ m‬في ُّ‬ ‫أن ما َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫باألس�باب‬ ‫جهل َب ِّي ٍن‬ ‫�ؤون األُ َّم ِة مع‬ ‫تفر َع عنه حقيق� ٌة واقع ٌة في كا َّف ِة ُش‬ ‫الرابِ� ِع وم�ا َّ‬ ‫َّ‬

‫ِ‬ ‫الت وعَدَ ِم الر ِ‬ ‫قه التَّح�و ِ‬ ‫دراس�ة فِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫والن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّتائ ِج‪ ،‬وذلك لِ ُف ِ‬ ‫األربعة ‪،‬‬ ‫األركان‬ ‫بط بين‬ ‫قدان‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫قول الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫االنح ِ‬ ‫ِ‬ ‫معر َف ُة ُر ِ‬ ‫هماء ـ ِ‬ ‫لماء ـ فض ً‬ ‫ومواق ِع‬ ‫راف‬ ‫موز‬ ‫ال عن الدَّ‬ ‫غاب عن ُع ِ ُ‬ ‫لهذا َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأهل ِ‬ ‫أهل ِ‬ ‫وفساد ُش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وحير ُة ِ‬ ‫ؤون‬ ‫انجرافات‬ ‫تفسير‬ ‫العل ِم في‬ ‫الله‬ ‫االنحدار وأسبابِها‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عوب�ة الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫بع�ض ما ي�دور في الواق� ِع الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألش�راط‬ ‫األمارات‬ ‫بط بين‬ ‫عاص ِر‪ ،‬مع ُص‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المطابِ َق ِة لما قاله ‪.m‬‬ ‫والظواهر والوقائ ِع الكائنة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫أركان‬ ‫الراب ِع من‬ ‫َص في‬ ‫المخت ِّ‬ ‫إن الق�را َءة الواع َي�ة لفقه الت ُّ‬ ‫كن َّ‬ ‫تحلي�ل ُّ‬ ‫َّحوالت ُ‬ ‫‪58‬‬


‫(عالمات السا َع ِة) علم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدِّ ِ‬ ‫البراهين‪ ،‬ومب ِّي ٌن المسا َف َة‬ ‫واسع المدى و ُمد َّل ُل‬ ‫شرع ٌّي‬ ‫ين‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وثوابت‬ ‫ثوابت اإلسلا ِم‬ ‫الز َمنِ َّي� َة والمس�ا َف َة المعن َِو َّي َة الت�ي انحدرت فيها األُ َّم ُة عن‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البدائ َل السي َئ َة التي وصلت إليها ُأم ُة ال ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رآن‬ ‫اإلحسان‪ ،‬ومب ِّينَ ٌة أيض ًا‬ ‫وثوابت‬ ‫اإليمان‬ ‫َّ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫انحدار في كا َّف ِة ُش ُؤ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ون حياتِها الدِّ ينِ َّي ِة والدُّ ِ‬ ‫ِم َثل ِ‬ ‫نيو َّي ِة ‪.‬‬ ‫غيرها من األُ َم ِم من‬

‫ؤوس األقال ِم المبين َِة م ِهم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫راس ِة هذا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات‬ ‫َّفصيل ال ُبدَّ من وض ِع ُر‬ ‫األمر بالت‬ ‫ُ ِّ ُ ّ‬ ‫وألجل د َ‬ ‫ِد ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫َّب عليه ومنها‪:‬‬ ‫الراب ِع وما يترت ُ‬ ‫كن َّ‬ ‫راسة ُّ‬ ‫َ‬

‫ف بذلك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫موق ُع‬ ‫جبريل‪،‬‬ ‫لحديث‬ ‫الواع َي ُة‬ ‫راس ُة‬ ‫عر َ‬ ‫َّ‬ ‫الراب ِع ل ُي َ‬ ‫وخاص ًة في ركنه َّ‬ ‫‪ -1‬الدِّ َ‬ ‫ال َّثوابِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وأهميتُها ‪ ،‬ثم ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫الم َت َغ ِّي ِر‪.‬‬ ‫ت‬ ‫الرابِ ِع ُ‬ ‫كن َّ‬ ‫معر َف ُة نقائضها من ُّ‬ ‫ِّ‬

‫األحادي�ث الخاص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫باألجيال المتحو َل ِ‬ ‫�ة‬ ‫‪ -2‬دراس� ُة‬ ‫حديث‬ ‫�ة وعالقتُها بمفه�و ِم‬ ‫َّ‬ ‫ِ ُ َ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫رواية ُمسل ٍم ‪.‬‬ ‫(ر َّبها) في‬ ‫جبريل‪،‬وقو ُله ‪ ( : m‬أن تَلدَ األَ َم ُة َر َّبتَها ) ‪.‬أو َ‬

‫ِ‬ ‫ؤون الحضار ِة المادي ِة ال َّط ِ‬ ‫‪ -3‬دراس ُة ُش ِ‬ ‫المجتمعات العرب َّي ِة واإلسالم َّي ِة‬ ‫اغ َي ِة على‬ ‫ِّ َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حدي�ث ِج َ‬ ‫ُ‬ ‫الحف�ا َة ال ُعرا َة‬ ‫وموق ِعه�ا من‬ ‫ص�وص‬ ‫بالخ‬ ‫بريل في قول�ه ‪ ( :m‬أن ترى ُ‬ ‫العا َل� َة ِرعاء َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العالمات‬ ‫الحديث من‬ ‫تف�ر َع عن هذا‬ ‫َ‬ ‫الش�اة يتطاولون في ال ُبنيان) وما َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألمارات ِ‬ ‫األخذ بها وما‬ ‫َّوس� ِع في‬ ‫وغيرها من األحاديث التي تربِ ُط بين الدُّ نيا والت ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وهالك ُم َح َّق ٌق‪.‬‬ ‫ودمار‬ ‫انحرافات‬ ‫َّب على ذلك من‬ ‫يترت ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫‪ -4‬دراس ُة فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المنصوص‬ ‫واألحاديث‬ ‫العلم بها‬ ‫الواجب‬ ‫اآليات‬ ‫الت في‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫غرى‪.‬‬ ‫ووس َطى ُ‬ ‫ُبرى ُ‬ ‫وص َ‬ ‫عليها في ُسنَّة النَّبِ ِّي ‪ m‬كعالمات ك َ‬ ‫الباب اإلم�ام ال َب َ ِ‬ ‫�ي في كتابه «اإلش�اعة» ‪ ،‬كما َف َّص َ�ل كثير ًا‬ ‫وق�د خ�دم هذا‬ ‫َ‬ ‫رزنج ُّ‬ ‫ُ‬ ‫من هذه األقس�ا ِم إجماالً العديدُ من ع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحديث في ُكت ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫والمس�انيد‬ ‫حاح‬ ‫لماء‬ ‫ُ‬ ‫ُب ِّ‬ ‫اعة‪ ،‬باب ِ‬ ‫والسن َِن وبوبوا لها أبواب ًا خاص ًة منها ‪ :‬باب عالمات الس ِ‬ ‫الفت َِن والمالحم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫‪59‬‬

‫رؤوس األقالم‬ ‫المبينة مهمات‬ ‫الركن الرابع‬


‫ِ‬ ‫يحم ُل اسم ِ‬ ‫اد كتاب ًا خاص ًا ِ‬ ‫بن حم ٍ‬ ‫(الفت َِن)‬ ‫وغير ذلك ‪ ،‬كما أفرد ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫بعض العلماء كنُ َعي ِم ِ َّ‬ ‫ُ‬ ‫المعروف «بمعاِلم ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكتاب أبي ٍ‬ ‫الفت َِن» وغيرها ‪.‬‬ ‫عمرو الدَّ اني‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والض ِ‬ ‫إال َّ‬ ‫الص ِ‬ ‫ويمك ُن‬ ‫متروك ‪،‬‬ ‫عيف وا َل‬ ‫والح َس ِن َّ‬ ‫حيح َ‬ ‫ُب جمعت بين َّ‬ ‫أن هذه ال ُكت َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بمجموعها لوض ِع ُأس ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫االستفا َد ُة من هذه ال ُكت ِ‬ ‫ب‬ ‫ُب‬ ‫َّحوالت بما ُيناس ُ‬ ‫س فقه عل ِم الت ُّ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مراعاة مراتِ ِ‬ ‫األحاديث م�ن ُ‬ ‫والح َس� ُن‬ ‫�ب‬ ‫وتح�و ٍل م�ع‬ ‫مرحل�ة‬ ‫ك َُّل‬ ‫حيح َ‬ ‫الص ُ‬ ‫حيث َّ‬ ‫ُّ‬ ‫عيف ‪.‬‬ ‫والض ُ‬ ‫َّ‬

‫‪60‬‬


‫ساعةِ‬ ‫أركان ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع ِلم بِ‬ ‫علامات ال ّ‬ ‫ُ‬

‫(((‬

‫عالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫أركان ِ‬ ‫العل ِم بِ‬ ‫ُ‬ ‫اعة ثالث ٌة ‪:‬‬ ‫ّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شر الكُبرى‪،‬‬ ‫ُبرى ‪ ،‬وهي‬ ‫لم‬ ‫ُ‬ ‫الواج ُ‬ ‫كن َّ‬ ‫الر ُ‬ ‫العالمات ال َع ُ‬ ‫ب بالعالمات الك َ‬ ‫األو ُل الع ُ‬ ‫ُّ‬

‫وسيأتي تفصي ُلها‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العالم�ات الحامل ُة ِص َف َة‬ ‫الوس�طى‪ ،‬وهي‬ ‫ُ‬ ‫ل�م اللاَّ ِز ُم بالعالمات ُ‬ ‫الر ُ‬ ‫كن ال َّثاني الع ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫�ط َّ ِ‬ ‫التَّوس ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصغرى وم�ا يأتي بعدَ ها من‬ ‫�ي بين ما س�ب َقها ِمن‬ ‫بع�ض العالمات ُّ‬ ‫الز َمن ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫العالمات الكُبرى‪ ،‬وسيأتي تفصي ُلها ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الركن ال َّثالِ ُ ِ‬ ‫العالم�ات‬ ‫جم ُ�ل‬ ‫المط َل ُ‬ ‫�ق بالعالم�ات ُّ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫الصغ�رى ‪ ،‬وه�ي ُم َ‬ ‫ل�م ُ‬ ‫ث الع ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ميالده ونهاي ًة بالن ِ‬ ‫ور‪..‬‬ ‫َّبي ‪ُ m‬مبت َِدئ ًة بما قبل‬ ‫َّفخ في ُّ‬ ‫أخبر عنها الن ُّ‬ ‫المت َِّنو َعة التي َ‬ ‫ُ‬ ‫وقيا ِم الس ِ‬ ‫اعة‪ ،‬وسيأتي تفصي ُلها ‪..‬‬ ‫ّ‬

‫((( لما صار العلم بعالمات الساعة أمرا الزما باعتبار موقعه من األركان فإننا نحتاج إلى خدمة‬ ‫ه�ذا الركن الرابع وإعادة تأصيل مواضيعه الكثيرة ليصبح علما مس�تقال من كل الوجوه‪ ،‬له‬

‫أركان�ه وثوابت�ه وتفريعاته‪ ،‬فكان بادئ ذي بدء النظر في العالمات ذاتها وتقس�يمها باعتباره‬ ‫مادة العلم الواسع بهذه األمور‪ ،‬وقد رجعنا إلى ما كتبه العلماء في هذا الصدد فلم نجد شيئا‬

‫يب�رز مفهوم الركنية لدى أحد منهم ‪ ،‬فأخذنا على عاتقنا وضع هذا التعليل خدمة لإلسلام‬

‫والمسلمين بعد االستقراء التام للعالمات‪.‬‬

‫‪61‬‬

‫أركان العلم‬ ‫بعالمات الساعة‬ ‫العلم الواجب‬ ‫العلم الالزم‬

‫العلم المطلق‬


‫ساعةِ وعلاماتِها‬ ‫الفَ ُ‬ ‫رق بين ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫حديث ِج َ‬ ‫بري�ل ش ال�ذي روا ُه س� ِّيدُ نا ُع َم ُ�ر قو ُل�ه ‪ُ m‬مجيب ًا على‬ ‫ج�اء ف�ي‬ ‫الفرق بين الساعة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وعالماتها ج َ‬ ‫أعلم‬ ‫الس�اعة) قال‪ :‬ما‬ ‫المس�ؤول عنها بِ َ‬ ‫بريل ش عندما س�أ َل ُه‪( :‬أخبِرني عن ّ‬ ‫ِ‬ ‫أن النَّبِي ‪َ m‬ف ِهم من س ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫َ‬ ‫جبريل ما يتع َّل ُق باليو ِم‬ ‫ؤال‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ائل‪ .‬وفي هذا إشار ٌة إلى َّ َّ‬ ‫من َّ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫اآلخ ِ‬ ‫ور وما بعدَ ُه‪ ،‬فكان جوا ُب ُه َّ‬ ‫�ر‪ ،‬وهو الن ُ‬ ‫األمر ال يع َل ُم ُه إال الل ُه‬ ‫َّفخ في ُّ‬ ‫أن هذا َ‬ ‫ؤال وهو ما يتع َّل ُق بتحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫المقصود من الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ،‬فسأله ِج ُ‬ ‫الت‬ ‫األمر‬ ‫مر ًة أخرى عن‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫بريل َّ‬ ‫ِ‬ ‫م�ا َ‬ ‫اآلخر ُ‬ ‫َّبي ‪ m‬عن هذه‬ ‫حيث قال‪( :‬أخبرني عن أماراتِها؟)‬ ‫قب�ل اليو ِم‬ ‫َ‬ ‫فأجاب الن ُّ‬

‫الج ِ‬ ‫زئ َّي ِة بِ َعال َمت ِ‬ ‫َين‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ •(أن ت َِلدَ األَ َم ُة َر َّبتَها أو َر َّبها) (((‪.‬‬ ‫إذا ولدت األمة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ربتها ‪/‬ربها‬ ‫الحفا َة ال ُعرا َة العا َل َة رعا َء َّ‬ ‫الشاة يتطاولون في ال ُبنيان)‪.‬‬ ‫ •(أن ت َ​َرى ُ‬

‫العل ِم بما بين يدَ ي الس ِ‬ ‫َين وما دار في معناها تقرر مفهوم ِ‬ ‫َين العال َمت ِ‬ ‫وبهات ِ‬ ‫�اعة من‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫ٍ‬ ‫تح�و ٍ‬ ‫وأش�راط من جه�ة‪ ٍ،‬فالعال َم ُة األولى هي م�ا َع َّب َر عنه ‪ m‬ب�أن ت َِلدَ األ َم ُة‬ ‫الت‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وش�رح ٌ‬ ‫طويل‬ ‫العب�ارة كال ٌم‬ ‫«ر َّبه�ا»‪ ،‬ولمعنى هذه‬ ‫ٌ‬ ‫الروا َي�ة األخ�رى َ‬ ‫ر َّبتَه�ا ‪ ،‬وف�ي ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫جم ُل ُه ‪:‬‬ ‫َص بمفهو ِم فقه الت ُّ‬ ‫ُم َف َّص ٌل يخت ُّ‬ ‫َّحوالت‪ ،‬و ُم َ‬

‫األَ َمة في فقه‬ ‫التحوالت‬

‫امرأة‪ ،‬ولف َظ ُة (ربتَها) يط َل ُق على ك ُِّل ٍ‬ ‫لفظ يط َل ُق على ك ُِّل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫امرأة تمت َِل ُك‬ ‫َ َّ ُ‬ ‫أن لفظ َة األ َمة ٌ ُ‬ ‫ِ‬ ‫للمال أو ِرئاس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�ات أو ِ‬ ‫غير‬ ‫المؤس‬ ‫�ة‬ ‫االمتالك‬ ‫المنزل أو‬ ‫والقرار س�وا ًء في‬ ‫الس�يا َد َة‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الحديث ُي ِبر ُز َّأو َل ٍ‬ ‫إش�ار ٌة واضح ٌة إلى َّ‬ ‫يظه ُر‬ ‫أن مفه�و َم‬ ‫ذلك‪ ،‬وفي هذا المعنى‬ ‫خطر َ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وانحراف�ات التَّربِ َي ِة والتَّعلي ِم‬ ‫والر ُج ِل‬ ‫ف�ي ُأ َّمة ُم َح َّمد ‪ m‬وهو ما يت َع َّل ُق بش�أن المرأة َّ‬ ‫((( متفق عليه ‪ ،‬البخاري (‪ ، )4777‬ومسلم بلفظ «إذا ولدت األمة ربها» (‪.)102‬‬

‫‪62‬‬


‫ف أساليب ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجنس ِ‬ ‫العال َق ِة‬ ‫�ين في‬ ‫صيب كال‬ ‫مان حتى تخت َِل َ‬ ‫الحق َّ‬ ‫ُ‬ ‫واإلعال ِم الذي ُي ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألب وابنِ ِه‪ ،‬ويحص َ�ل الصراع ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫ِ‬ ‫واالجتماع ُّي‪...‬‬ ‫�ي‬ ‫بي�ن األُ ِّم وبنتِه�ا‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫كر ُّي وال َّثقاف ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المرتَبِ َط ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعي ِ‬ ‫وو ِ‬ ‫إلخ بين ِ‬ ‫ين‬ ‫عي‬ ‫المرتبِط بال َّثقافة التَّقليد َّية َ‬ ‫االبن و البِنت ُ‬ ‫األب و األُ ِّم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحديث ِدال َل ٌة ِ‬ ‫واض َح ٌة على َّ‬ ‫الحديثة‪ ،‬وفي َش ِ‬ ‫أن القصدَ الذي تناو َل ُه‬ ‫رح هذا‬ ‫قافات‬ ‫بال َّث‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االنح ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله ‪ m‬في َأح ِد معانيه عن َأولِ ِ‬ ‫سول ِ‬ ‫َر ُ‬ ‫المرأة ‪ ،‬وله‬ ‫بانحراف‬ ‫راف في ُاأل َّم ِة‬ ‫يات‬ ‫َّ‬ ‫َ‬

‫حيح قو ُله ‪َّ :m‬‬ ‫الص ِ‬ ‫«إن‬ ‫ما ُي َؤ ِّكدُ ُه من كالمه ‪ m‬فيما تتش�ابه فيه األُ َم ُم ‪ ،‬فقد ورد في َّ‬ ‫إسرائيل من الن ِ‬ ‫َ‬ ‫ِّساء‪ ،‬فاتَّقوا الدُّ نيا واتَّقوا النِّسا َء»(((‪.‬‬ ‫َّأو َل فِتن ٍَة كانت في بني‬

‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫جبريل ‪ ،‬فقو ُله ‪( m‬اتَّقوا‬ ‫حديث‬ ‫َفس المفهو ِم الذي في‬ ‫وه�ذا‬ ‫�ع ن َ‬ ‫يجم ُ‬ ‫الحديث َ‬ ‫الش ِ‬ ‫الحفا َة ال ُعرا َة العال َة ِرعا َء َّ‬ ‫�اة يتطاولون‬ ‫الدنيا) يقاب ُله في المعنى قو ُله (وأن ترى ُ‬

‫تطابق جزئية‬ ‫العالمات مع‬ ‫حديث بني‬ ‫إسرائيل‬

‫ِ‬ ‫شرحه‪.‬‬ ‫في ال ُبنيان) كما سيأتي ُ‬

‫(واتَّقوا النِّس�ا َء) يقابِ ُله قو ُله ‪ m‬في حديث جبريل (أن ت َِلدَ األ َم ُة ر َّبتَها) ويندَ ِر ُج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫والمس�انيد‬ ‫والس�ن َِن‬ ‫َص في ِّ‬ ‫تح�ت هذا المعن�ى كا َّف ُة األحاديث التي تخت ُّ‬ ‫حاح ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالعالمات‪.‬‬ ‫بالمرأة وعال َقتِها‬

‫ٍ‬ ‫الس ِ‬ ‫�ير بال‬ ‫الحف�ا ُة‬ ‫ُ‬ ‫الحف�اةَ) ُ‬ ‫قو ُل� ُه ‪( : m‬وأن ت�رى ُ‬ ‫جمع ح�اف ـ وهي كناي ٌة عن َّ‬ ‫ع�ال ـ وه�ي ِ‬ ‫نِ ٍ‬ ‫ظاه َ�ر ٌة معروف ٌة كان�ت لدى الع�رب لِ َف ِ‬ ‫قره�م‪ ،‬و(ال ُع�راةُ)‪ :‬الذين ال‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الز ِّي‬ ‫�ورةَ‪ ،‬وهذه إح�دى‬ ‫ظواهر ِّ‬ ‫تكتَم ُ�ل ألبِ َس�تُهم على أجس�ادهم إال ما يس�ت ُ​ُر ال َع َ‬ ‫قير‪ُ ،‬م َش�ت ٌَّق من (العيلة) في قوله تعالى‪ :‬ﮋ ﭭ‬ ‫ال َبدَ ِو ِّي‬ ‫الر ُج ُل ال َف ُ‬ ‫العربي‪( ،‬العا َل ُة) َّ‬ ‫ِّ‬

‫ِ ِ‬ ‫(رعاء َّ ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫عي‬ ‫الش�اة) إش�ار ًة إلى ظاه َرة َّ‬ ‫ﭮ ﭯ ﮊ [التوبة‪ ]٢٨ :‬أي ‪ :‬حاج ًة وفقر ًا ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫التي ُي ِ‬ ‫البداو ُة ف�ي صحاريهم‪َّ ،‬‬ ‫األع�راب الذين كانوا على هذه‬ ‫هؤالء‬ ‫وأن‬ ‫مار ُس�ها‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫األمر من‬ ‫َّطو ِر الما ِّد ِّي‪،‬‬ ‫الحياة‬ ‫أس�باب‬ ‫فات تن َفتِ ُح لهم‬ ‫َّ‬ ‫والحضارة والت ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫فيتحو ُل ُ‬ ‫َ‬ ‫((( صحيح مسلم (‪ ، )7124‬وانظر إتحاف التويجري (‪.)773 :1‬‬

‫‪63‬‬

‫معنى «وأن‬ ‫ترى الحفاة‪..‬‬ ‫الحديث»‬


‫ِ‬ ‫حياة الت ِ‬ ‫�ة إل�ى ِ‬ ‫البائس ِ‬ ‫الحياة ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمنافس�ة على الدُّ نيا والتَّطاو ِل ف�ي الب ِ‬ ‫نيان‪ ،‬وفي‬ ‫َّرف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫خرجاتِها‪ ،‬وفي قولِه‬ ‫والحافي‬ ‫اع�ي‬ ‫بالحضارة الما ِّد َّي�ة و ُم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الر َ‬ ‫مرحل�ة ُمفاج َئة تربِ ُط َّ‬ ‫األم�وال في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لح ٌ‬ ‫آخ ِر‬ ‫المطبِ ِق عل�ى ُملاَّ ِك‬ ‫�ظ ه�ا ٌّم إلى‬ ‫‪( : m‬يتطاول�ون) َم َ‬ ‫الجه�ل ُ‬ ‫ِ‬ ‫فاة الع ِ‬ ‫هؤالء الح ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫بحي�ث ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫راة‬ ‫وانش�غال‬ ‫يصرفون أموالهم في ما ال داعي له ‪،‬‬ ‫م�ان‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحلال والحرا ِم ُّ‬ ‫االس�تثمارات‬ ‫والش� َب ِه وصرفِها في‬ ‫األم�وال من‬ ‫ؤوس‬ ‫بجم� ِع ُر‬ ‫َ‬ ‫تكون حاج ُة األُم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للمال فيما هو َأ َه ُّم من ذلك َ‬ ‫ُ‬ ‫مثل‬ ‫�ة‬ ‫َّطاو ِل‪ ،‬بينما‬ ‫والمنافس�ات والت ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االقتصاد َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذاتي في ُّ‬ ‫صرف‬ ‫�عوب‪ ،‬وإلى‬ ‫الش‬ ‫الم َؤ ِّدي إل�ى االكتفاء‬ ‫إقام�ة‬ ‫ِّ‬ ‫الش�رع ِّي ُ‬ ‫عائ�دات ال َّثر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وات في‬ ‫واس�تغالل‬ ‫المش�ت َ​َر ِك ع�ن قضايا األُ َّم ِة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫األم�وال في الدِّ فا ِع ُ‬ ‫ِ‬ ‫الزراعي ِة والص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بتحس�ين‬ ‫ناع َّي ِة الكفي َل ِة‬ ‫االجتماعي‪ ،‬وتش�جي ِع‬ ‫بناء التَّكا ُف ِل‬ ‫ِّ‬ ‫األعمال ِّ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫المعيش ِة ل ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الحياة‪.‬‬ ‫ب في‬ ‫مطلوب‬ ‫مما هو‬ ‫وواج ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫أل َّمة‪ ،‬إلى غير ذلك َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وق�وع األُ َّم ِة في ٍ‬ ‫األش�راط‬ ‫كثير من هذه‬ ‫األمارات‬ ‫وق�د تب َّي� َن م�ن حديثِه ‪ m‬في‬ ‫ُ‬ ‫وقوع الظاهرة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫ُ‬ ‫حقيقة في مرحلتنا‬ ‫السلب َّية ولألسف ‪ ،‬ويندَ ِر ُج‬ ‫الج ِّل‬ ‫واش�تغال ُ‬ ‫األوس ِع من المسلمين بهذه ال َّظاه َرة َّ‬ ‫َ‬ ‫المعاصرة‬ ‫َّبوي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحاح‬ ‫�ة في‬ ‫الس�اعة ُجمل� ُة األحاديث الن ِ َّ‬ ‫تح�ت الجزئ َّي�ة ال َّثان َية من عالمات ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمسانيد ِ‬ ‫والس ِ‬ ‫تفر َع عن ذلك ‪.‬‬ ‫نن‬ ‫وغيرها حول عال َقة األُ َّمة بالدُّ نيا والمال وما َّ‬ ‫ُّ‬

‫((( كما أن من معاني التطاول دفع األموال والمخصصات المادية إلذكاء الصراع الشيطاني بين‬ ‫الشعوب ( ظاهرة التحريش ) الطبقي واالعتقادي والطائفي وهلم جرا ‪.‬‬

‫فترى كثيرا من هؤالء التجار وحملة رؤوس األموال ينفقون على الجماعات واألحزاب‬

‫والفئ�ات م�ا يمكنه�م م�ن زرع الفتن وتفريق الش�عوب وإس�الة الدم�اء وهم يظن�ون أنهم‬ ‫يخدمون الديانة؛ لجهلم بثوابت الدين من جهة وجهلهم بالفتن ومضالتها من جهة أخرى‪،‬‬

‫ولو علموا ذلك لما فعلوا‪ ،‬وحاش�ا أن يفعل مسلم ما يضره في دينه وآخرته وهو يعلم ذلك‬ ‫يقينا ولكنها الفتنة والتحريش‪ ،‬نسأل الله السالمة‪.‬‬

‫‪64‬‬


‫ساعةِ‬ ‫ساعةِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والع ِلم‬ ‫ُ‬ ‫بعلامات ال ّ‬ ‫الفرق بين ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّب‬ ‫الساعة ‪ ،‬وترت َ‬ ‫الساعة وبين العل ِم بعالمات ّ‬ ‫كثير من الباحثين بين مفهو ِم ّ‬ ‫َخ َل َط ٌ‬ ‫اإليمان باليو ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بط الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعضهم‬ ‫اآلخ ِر‪،‬‬ ‫بمسألة‬ ‫والعالمات‬ ‫اعة‬ ‫وكتب ُ‬ ‫َ‬ ‫على هذا الفه ِم َر ُ ّ‬ ‫بعالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫أركان‬ ‫�اعة رك ٌن من‬ ‫(اإليمان‬ ‫األمر قو َل ُه تحت هذا المفهو ِم‪:‬‬ ‫ف�ي هذا‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫أشراط الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫اعة‪.‬وكتب َ‬ ‫اإليمان‬ ‫آخ ُرون‪:‬‬ ‫القيامة وبي َن‬ ‫أسماء يوم‬ ‫وجمع بين‬ ‫اإليمان)‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫اإليمان باليو ِم ِ‬ ‫بأشراط الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإليمان بال َغ ِ‬ ‫اعة ٌ‬ ‫يب‪.‬‬ ‫اآلخ ِر فهي من‬ ‫داخل ِضم َن‬ ‫ّ‬

‫�اعة ال عالق َة له بِركنِي ِة اليو ِم ِ‬ ‫بعالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألصل ّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫اآلخ ِر وإنما عال َق ُت ُه‬ ‫لم‬ ‫ُ َّ‬ ‫ّ‬ ‫أن الع َ‬ ‫ِ‬ ‫باإليم�ان بالي�و ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإليم�ان بال َغ ِ‬ ‫حيث ُ‬ ‫اآلخ ِر م�ن ُ‬ ‫لم‬ ‫أصل‬ ‫ي�ب فقط ‪ ،‬أم�ا حقيقتُه فع ٌ‬

‫ِ‬ ‫حديث حذيف َة بن الي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫«والله‬ ‫القائل‪:‬‬ ‫مان‬ ‫خاص ٍة به ‪ ،‬و ُيؤ ِّكدُ ذلك‬ ‫ُم َف َّص ٌل في ن‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُصوص َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ (((‬ ‫�م الن ِ‬ ‫فذكر حذيف ُة في‬ ‫َّاس بِك ُِّل فتنَة هي كائنَ ٌة فيما بيني وبين ّ‬ ‫إِنِّ�ي ألَع َل ُ‬ ‫الس�اعة» ‪َ ،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫حديث ِج َ‬ ‫ُ‬ ‫الرابِ ِع من‬ ‫خاص ًا ُمس�ت َِقلاّ ً وهو ما ت َ​َض َّمنَ ُه‬ ‫الحدي�ث علم ًا ّ‬ ‫كن َّ‬ ‫بريل ف�ي ُّ‬ ‫الحديث‪ ،‬وأما السا َع ُة كنِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أركان الدِّ ِ‬ ‫َ‬ ‫هاية‬ ‫وذكر‬ ‫ين وهو قوله (أخبِرني عن أماراتِها؟)‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫�ط باليو ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآلخ ِ‬ ‫باعتبار َّ‬ ‫لم يرتَبِ ُ‬ ‫ور هي‬ ‫�ر‬ ‫أن النَّفخ َة ف�ي ُّ‬ ‫للك�ون وما بع�دَ ه فهو ع ٌ‬ ‫ِ‬ ‫حياة ال َف ِ‬ ‫الموت نهاي ُة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لإلنسان كما‬ ‫بالنسبة‬ ‫رد‬ ‫الحياة اإلنس�ان َّي ِة وس�اع َة‬ ‫عالم ُة نِها َي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّب عليه ‪.‬‬ ‫أنَّها ُمبتد ُأ ما بعد الحياة المعروف باليو ِم اآلخ ِر و ما يترت ُ‬

‫ِ‬ ‫الك�ون غي�ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫واآلي�ات تَ�دُ ُّل عل�ى َّ‬ ‫بعالم�ات‬ ‫العل� ِم‬ ‫الس�ا َع َة وه�ي نِها َي� ُة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أن ّ‬ ‫الس�ا َع ِة وهي الو ِ‬ ‫ُ‬ ‫الس�ابِ َق ُة لها ق�ال تعالى‪ :‬ﮋ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬ ‫قائ ُع‬ ‫َ‬ ‫واألحداث َّ‬ ‫ّ‬

‫ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)7444‬‬

‫‪65‬‬

‫مشكلة الخلط‬ ‫بين الساعة وبين‬ ‫العلم بعالماتها‬


‫ﰉﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﮊ‬

‫[األع�راف ‪ .]187 :‬وق�ال تعال�ى‪ :‬ﮋ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ‬

‫ﰅ ﰆ ﮊ [النازعات ‪.]43-42 :‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآليات تَدُ ُّل على َّ‬ ‫ف في‬ ‫الس�اع َة المقصو َد بها نهاي ُة‬ ‫ك ُُّل هذه‬ ‫الكون وأنَّها تخت َِل ُ‬ ‫أن ّ‬ ‫ِ‬ ‫بعالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫قهها عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫فِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫الكون‪،‬‬ ‫الس�ابِ َق ُة لِنِها َي ِة‬ ‫الوقائ ُع‬ ‫�اعة وهي‬ ‫العل ِم‬ ‫واألحداث ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫األحاديث هذا المفهو َم تفصي ً‬ ‫كحديث ُحذيف َة ؤ الذي‬ ‫ال تا َّم�ا‪،‬‬ ‫وق�د َف َّصل�ت‬ ‫ِ‬ ‫ُ (((‬ ‫الر ُ‬ ‫السا َعة»‬ ‫سول ‪ m‬بما هو كائ ٌن الى أن تقو َم ّ‬ ‫س�لم قال‪« :‬أخ َب َرني َّ‬ ‫رواه اإلما ُم ُم ٌ‬ ‫ِ‬ ‫الس�ا َع ِة إال‬ ‫َّب�ي ‪ُ m‬خط َب� ًة م�ا ت�رك فيها ش�يئ ًا إلى قي�ا ِم ّ‬ ‫وحدي�ث «لق�د َخ َط َبن�ا الن ُّ‬ ‫َذك َ​َره»(((‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بهذا يع َلم َّ ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫الرابِ ِع‬ ‫كن َّ‬ ‫الساعة ُرك ٌن َشرع ٌّي ُمستَق ٌّل ينطوي تحت ُّ‬ ‫لم بعالمات ّ‬ ‫أن الع َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫األشراط في‬ ‫واألم�ارات والعالماتِ‬ ‫ِ‬ ‫جبريل ويختَص بما س�بق ِذكره من األش�راطِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫حديث مكحول م�ن حديث‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫والفت َِن وم ِضلاَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫والمالح ِم والبِ‬ ‫ُ‬ ‫مكحول‪ :‬قال‬ ‫حديث‬ ‫ش�ارات‪ .‬ويؤ ِّي�دُ هذا‬ ‫الفت َِن‬ ‫ُ‬ ‫سول ِ‬ ‫ُ‬ ‫الساع ُة فقال َر ُ‬ ‫المسؤول عنها بِأع َل َم‬ ‫الله ‪ « :m‬ما‬ ‫أعرابي‪ :‬يا رسول الله متى ّ‬ ‫ٌّ‬

‫نبات ‪ ،‬وظهور ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫الغي َب ِة‬ ‫تقار ُب‬ ‫األس�واق ‪ ،‬و َم َط ٌر وال َ‬ ‫ُ‬ ‫�ائل » ولك َّن أش�را َطها ‪ُ :‬‬ ‫من َّ‬ ‫ِ‬ ‫أصوات ال ُفس ِ‬ ‫ِ‬ ‫المساج ِد‬ ‫�اق في‬ ‫وتعظيم َر ِّب المال ‪ ،‬و ُع ُل ُّو‬ ‫هور أوالد ال َغ َّي ِة((( ‪،‬‬ ‫‪ ،‬و ُظ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫المنك َِر على ِ‬ ‫وظه�ور ِ‬ ‫الز َ‬ ‫فرغ بِدينِ ِه‬ ‫‪،‬‬ ‫فمن أدرك ذلك َّ‬ ‫م�ان فل َي َ‬ ‫أهل المع�روف‪َ ،‬‬ ‫أه�ل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وليكُن ِحلس ًا من‬ ‫أحالس بيتِه» (((‪.‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪.)7447‬‬

‫((( صحيح البخاري (‪.)6604‬‬

‫((( أي‪ :‬أوالد الزنا‪.‬‬

‫((( م�ن مراس�يل مكحول ‪ ،‬أصل معناه ف�ي الصحيح ‪ ،‬تحقيق ِ‬ ‫الفتَن لنعيم ب�ن حماد ( ‪)1796‬‬

‫‪66‬‬


‫ِ ِ‬ ‫حو ِ‬ ‫لات‬ ‫مفهوم فقه الت َّ ُّ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت َفهم ما يجري من سن َِن التَّغي ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫يقصدُ ِبف ِ‬ ‫المراح ِل‬ ‫والحوادث في‬ ‫رات‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َقض أو َق ٍ‬ ‫َّحو ِل من ن ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫صالح أو‬ ‫بض أو‬ ‫َّب على ذلك الت ُّ‬ ‫المتق ِّل َبة عبر األزمنَة‪ ،‬وما يترت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فساد أو بِ‬ ‫شارات‪.‬‬

‫ذكره‬ ‫َحول ‪َّ ،‬‬ ‫َّحو ِل‪ُ :‬مشت ٌَّق من (ت َّ‬ ‫والت ُّ‬ ‫يتحو ُل) أي‪( :‬تَغ َّير‪ ،‬يت َغ َّير)‪ ،‬ومعناه ـ كما سبق ُ‬ ‫ٍ‬ ‫حال إلى ٍ‬ ‫تحو ٌل َزمنِي من ٍ‬ ‫تحو ٌل فِ ِ‬ ‫قاس عليه‬ ‫حال‪ ،‬أو ُّ‬ ‫كر ٌّي من ُرؤية إلى أخرى‪ ،‬و ُي ُ‬ ‫ـ ُّ َ ٌّ‬ ‫�ق ِ‬ ‫َّحو ِل والتَّبدُّ ِل‪ ،‬قال تعالى في هذا المفهو ِم‪ :‬ﮋﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬ ‫ك ُُّل م�ا يتع َّل ُ‬ ‫بأمر الت ُّ‬

‫مفهوم فقه‬ ‫التحوالت‬

‫اشتقاق اللفظة‬

‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﮊ الرعد‪١١ :‬‬

‫أحاديث الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫وس�رد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويعتم�دُ فِق�ه التَّحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫�اعة‬ ‫وقائ ِع�ه على ُجم َل ِة‬ ‫الت في تأصيله‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫والفت َِن و ُم ِضلاّ تِها التي تك َّلم عنها ‪.m‬‬

‫مادة فقه‬ ‫التحوالت‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫هم‪.‬‬ ‫وأما كَل َم ُة الفقه في ال ُّل َغة فهي ال َف ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المترت ِ‬ ‫ُ‬ ‫وف�ي االصطِ ِ‬ ‫الم َق َّر ِر‪ ،‬قال‬ ‫الح ال َع�ا ِّم‪:‬‬ ‫ِّب على ن�و ِع العل ِم ُ‬ ‫إدراك المقصود ُ‬ ‫‪َ « :m‬من ُي ِر ِد الل ُه به َخير ًا ُي َف ِّقه ُه في الدِّ ِ‬ ‫ين»(((‪.‬‬

‫الج ِ‬ ‫عامالت وفِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ق�ه ِ‬ ‫نايات أو‬ ‫الم‬ ‫فالفق� ُه هن�ا ال َ‬ ‫ينحص ُر على فق�ه العبادات وفق�ه ُ‬ ‫ص�ول‪ ،‬وإنما يفه�م ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المن�دَ ِر ِج تحت عل� ِم األُ‬ ‫الفق ُه في‬ ‫الم َ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫ذهبِ ِّي ُ‬ ‫غيره�ا م�ن الفق�ه َ‬ ‫الحدي�ث تدُ ُّل على كا َّف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ق�ه التَّحو ِ‬ ‫تأصي�ل فِ ِ‬ ‫�ة ُعلو ِم الدِّ ِ‬ ‫بأن ك َِل َم� َة الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت َّ‬ ‫ين‬ ‫ين في‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫�ن المن َط ِوي ِ‬ ‫ِ‬ ‫أركان الدِّ ِ‬ ‫األربعة ‪ ،‬وفي ذلك ُ‬ ‫يقول س�بحانه‬ ‫ي�ن‬ ‫�ة تحت مفه�و ِم‬ ‫والتَّدَ ُّي ِ ُ َ‬ ‫لمجدي منصور‪.‬‬

‫((( متفق عليه ‪ ،‬البخاري (‪ )10‬ومسلم (‪.)2436‬‬

‫‪67‬‬

‫الفقه في اللغة‬ ‫واالصطالح‬


‫وتعالى‪ :‬ﮋﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﮊ [آل عمران‪.]١٩ :‬‬

‫الخمس ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫�ة لقول�ه تعالى‪ :‬ﮋ ﭯ ﭰ ﭱ‬ ‫أوس ُ‬ ‫�ع من مفهو ِم أركانه َ َ‬ ‫فاإلسلا ُم هنا َ‬

‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﮊ [آل عمران‪.]٨٥ :‬‬

‫فالمعن�ى الع�ا ُّم لإلسلا ِم كالمعنى الع�ا ِّم للدِّ ِ‬ ‫الرس�ا َل ُة‬ ‫ين‪ ،‬وه�و ك ُُّل ماجاءت به ِّ‬ ‫اإلسالم في معناه‬ ‫ِ‬ ‫العام‬ ‫الم َح َّمد َّي ُة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فيسمى اإلسال ُم ـ كما َع َّر َفه‬ ‫ُفس ُر اإلسال َم والدِّ ي َن في المفهو ِم ُ‬ ‫زئي َّ‬ ‫الج ِّ‬ ‫وأما عندما ن ِّ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫العلماء ـ (االنقياد لألحكا ِم َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّناو ُل‬ ‫مسة)‪ ،‬وال زال الت ُ‬ ‫ُ‬ ‫الشرع َّية وااللتزا ُم باألركان َ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َثير من‬ ‫س�مى (فقه الت ُّ‬ ‫َّح�والت) في َّأول مرحلة األَخذ به‪ ،‬وله�ذا فهناك الك ُ‬ ‫الم َّ‬ ‫لهذ ُ‬ ‫العلم إلى م ٍ‬ ‫عرفِي الذي يحتاج فيه هذا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ؤصل منه‬ ‫تابعة‬ ‫ال ُق‬ ‫وتأصيل لما لم ُي َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الم ِ ِّ‬ ‫ص�ور َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ ِ‬ ‫لمي بين ال َّظ ِ‬ ‫وخاص ًة َّ‬ ‫تجاوزوا‬ ‫واألحاديث‪،‬‬ ‫واه ِر‬ ‫المؤ ِّلفي َن قد َ‬ ‫َّ‬ ‫أن كثير ًا من ُ‬ ‫ورب�ط ع ٍّ‬ ‫َ‬ ‫بط بينها وبين ِ‬ ‫اعة والر ِ‬ ‫عالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األحوال حتى‬ ‫وقائ ِع‬ ‫تفسير‬ ‫المش�روع في‬ ‫الحدَّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َّحليل والت ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّعليل‪.‬‬ ‫ُحمدُ ُعقبا ُه في الت‬ ‫أ َّدى ذلك إلى ماال ت َ‬

‫شرعي مو َّث ٌق في ِ ِ‬ ‫اعة ِعلم ِ‬ ‫بعالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫وسن َِّة نَبِ ِّي ِه ُم َح َّم ٍد‬ ‫لم‬ ‫كتاب الله تعالى ُ‬ ‫ٌّ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫إن الع َ‬ ‫العلم بعالمات‬ ‫�س المعا َلجةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الساعة علم ‪ m‬وفي�ه من التَّبيين�ات والتَّفصيالت والتأصيالت ما ُيفص ُح عن ُأ ُس ِ ُ َ‬ ‫شرعي موثق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وخاص ًة‬ ‫واإلقليم ِّي والعا َل ِم ِّي‪،‬‬ ‫الم َح ِّل ِّي‬ ‫حيحة‬ ‫الص‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫لمش�اكل الحياة على ا ُلمس�تَوى َ‬ ‫الكتاب والسنة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫سن َأ َد ٍ‬ ‫دراسة هذا الفقه بِ َر ِو َّية ٍّ‬ ‫َّص النَّ َب ِو ِّي‬ ‫ب مع الن ِّ‬ ‫وتأن ُ‬ ‫عندما يعو ُد ال ُعلما ُء الى َ‬

‫بالله سبحانه وتعالى لخدم ِة هذا ِ‬ ‫العالقة ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسلامة تَوج ِه النِّي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫فيكون به‬ ‫العل ِم‬ ‫ات في‬ ‫َّ‬ ‫َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫�م ش�رع َّي ٍة‬ ‫الباطل‬ ‫�ق من‬ ‫الح ِّ‬ ‫ُ‬ ‫إيض�اح َ‬ ‫ُ‬ ‫وجمع كَل َمة ال ُعلماء من هذه األُ َّمة على َقواس َ‬ ‫ُس�هم في ر ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫واألجيال بعا َل ِمي ِة ((( منه ِج النُّبو ِة الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بط ُّ‬ ‫�عوب‬ ‫الش‬ ‫ديد ـ ولو ِمن‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫واع َية ت ِ ُ‬ ‫ُ َّ َّ‬ ‫((( العالمي�ة ف�ي منهج النبوة يقابل في معالجته واس�تيعابه الواس�ع مراح�ل العلمانية والعلمنة‬

‫‪68‬‬


‫ِ‬ ‫الش�عوب في ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫ِ‬ ‫حيث َّ‬ ‫ج�وه((( ـ ُ‬ ‫َّبي ‪ m‬قد أعذر ُّ‬ ‫الو‬ ‫وخاطب‬ ‫مان‬ ‫آخ ِر َّ‬ ‫بع�ض ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إن الن َّ‬ ‫ثل قولِه ‪« :m‬إِ َّنكُم في َزم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اإلعذار ِمن ِم ِ‬ ‫َ‬ ‫ان َم ْن ت َ​َر َك ِمنْك ُْم ُع ْش َ�ر‬ ‫األو َل بهذا‬ ‫الجي�ل َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ما ُأ ِم َر بِ ِه َه َل َك‪ُ ،‬ث َّم َي ْأتِي َز َم ٌ‬ ‫ان َم ْن َع ِم َل ِمنْك ُْم بِ ُع ْش ِر َما ُأ ِم َر بِ ِه َف َقدْ ن َ​َجا»(((‪.‬‬

‫ق�ه التَّحو ِ‬ ‫َّج�اة هو العم ُ�ل ‪ ،‬وهذا موضوع ه�ام في فِ ِ‬ ‫واألس�اس ف�ي الن ِ‬ ‫الت وهو‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ َ ٌّ‬ ‫َ​َ‬ ‫األعم�ال الصالِح ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ة في ِ‬ ‫باألعم�ال) ُ‬ ‫آخر‬ ‫س�تعاض عن‬ ‫حيث ُي‬ ‫موض�وع (المب�ا َد َر ِة‬ ‫ُ‬ ‫ِ َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫م�ان َ ِ‬ ‫حاج َج ِة وا َل ِ‬ ‫والصرا ِع‬ ‫َّ‬ ‫َّب عليها م�ن عوام ِل النِّزا ِع ِّ‬ ‫بغي وما ت َ​َرت َ‬ ‫والم َ‬ ‫بالج�دَ ل ُ‬ ‫ِ‬ ‫واالختالف الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫فنذكر‬ ‫كثير ٌة‬ ‫الباب‬ ‫واالقتتال ‪ ،‬وفي هذا‬ ‫الحرب‬ ‫فضي إلى‬ ‫ُ‬ ‫أحاديث َ‬ ‫ُ‬ ‫منها قو َل ُه ‪: m‬‬

‫باألعم�ال فتن ًا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كق َط� ِع ال َّل ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫جل مؤمن ًا و ُيمس�ي‬ ‫«ب�اد ُروا‬ ‫‪-1‬‬ ‫المظل� ِم‪ُ ،‬يصبِ ُح َّ‬ ‫يل ُ‬

‫يبيع أحدُ هم دينَه بِ َع َر ٍ‬ ‫ض من الدُّ نيا ٍ‬ ‫قليل»(((‪.‬‬ ‫كافر ًا‪ ،‬و ُيمسي مؤمن ًا و ُيصبِ ُح كافر ًا ‪ُ ،‬‬

‫نس�ي ًا ‪ ،‬أو ِغن�ى م ِ‬ ‫باألعمال س�بع ًا‪ ،‬ه�ل تنتَظِرون إال َفقر ًا م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫طغي َا ‪ ،‬أو‬ ‫«ب�ادروا‬ ‫‪-2‬‬ ‫ً ُ‬ ‫ُ‬ ‫جهزا ‪ ،‬أو الدَّ ج َال َف َش�ر ِ‬ ‫َم َرض� ًا ُم ْف ِس�د ًا ‪ ،‬أو َه َرم� ًا ُمفنِّد ًا ‪ ،‬أو موت ًا ُم ِ‬ ‫غائ ٍ‬ ‫ب ُين َت َظ ُر ‪ ،‬أو‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬

‫والعولم�ة باعتبار أن ه�ذه التعريفات مراحل جزئية وضعتها الظروف السياس�ية المتحولة‪،‬‬ ‫أم�ا عالمي�ة منهج النبوة ( العالمية) فهي كالم الله تعالى وس�نة نبي�ه ‪ m‬المحصن بالوحي‬ ‫والعصمة ‪.‬‬

‫((( والمقص�ود بقولن�ا ‪ :‬ول�و من بعض الوجوه‪ ،‬أي‪ :‬م�ن جهة تأصيل منهجي�ة الدعوة إلى الله‬ ‫الجامعة ألمة اإلسلام على قواسمها المشتركة‪ ،‬ولو اختلفت فهومها واستنباطاتها الفقهية‬ ‫باختلاف اجتهاداته�ا‪ ،‬فإن للدعوة إلى الله في هذه القاعدة المتنوعة المتباينة وجوه جامعة‬ ‫ووشائج متداخلة‪ ،‬يمكن بها رأب الصدع وإصالح الطبع‪ ،‬والتزام أدب الشرع‪.‬‬

‫((( الترمذي (‪ ، )2267‬إسناده صحيح ‪ ،‬السلسلة الصحيحة لأللباني (‪.)2510‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪.)328‬‬

‫‪69‬‬

‫األساس في‬ ‫النجاة هو العمل‬

‫«بادروا باألعمال»‬ ‫وما يترتب على‬ ‫مفهوم المبادرة‬


‫والسا َع ُة أدهى و َأ َم ُّر»(((‪.‬‬ ‫السا َع َة ّ‬ ‫ّ‬

‫قه التَّحو ِ‬ ‫واق ِع فِ ِ‬ ‫باس�تفاض ٍة ولكنَّا ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحديث معانِ َي ُه‬ ‫اح‬ ‫الت نزيدُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫تناو َل ُش َّ�ر ُ‬ ‫وقد َ‬

‫الموضوع جال ًء وبيان ًا‪:‬‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫األحاديث ال ِ‬ ‫للمستق َب ِل ُ‬ ‫َ‬ ‫األَ َّو ُل‪َّ :‬‬ ‫حيث‬ ‫إن ِم َثل هذه‬ ‫تحم ُل ُ‬ ‫تشاؤم ًا وال صور ًة قاتم ًة ُ‬ ‫�رعي ِة التي ِ‬ ‫هل بالمعاني َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫البعض َ‬ ‫يكش� ُفها‬ ‫ي ُظ ُّن‬ ‫ُ‬ ‫الش َّ‬ ‫مثل هذه األوها َم النَّاتج َة عن َ‬ ‫والهلاك‪ ،‬فاإلفصاح البي�ن عن ِ‬ ‫‪m‬ل ُ ِ‬ ‫هذ ِه األُ ُم ِ‬ ‫َ‬ ‫�ور ُ‬ ‫تتو َّق�ى َ‬ ‫يدخ ُل‬ ‫الخ َط َر‬ ‫ُ َ ِّ ُ‬ ‫أل َّم�ة ك�ي َ‬

‫الج) والنَّبي ‪ m‬م ِ‬ ‫(الوقاي ُة خير م�ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫الع ِ‬ ‫ومأذون له من عند‬ ‫مأم�ور‬ ‫نذ ٌر‬ ‫تح�ت مب�دأ ِ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫تشاؤم ًا‪.‬‬ ‫فكيف‬ ‫ر ِّب ِه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫يكون بيا ُن ُه ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ�اس فيها ِ‬ ‫بأمر ِه‬ ‫ال َّثاني‪ :‬أنَّ� ُه ‪ m‬يأ ُم ُ�ر العب�ا َد في المرح َل�ة التي يقو ُده�ا ويأتَم ُر الن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والعمل‬ ‫والمب�ا َد َر َة إلي�ه ‪،‬‬ ‫ورس�ا َلته أن يك�ون َه ُّمه�م في حياته�م ال َع َم َ�ل َّ‬ ‫الصال َح ُ‬ ‫العبادات َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫�رعي ِة بل يش�م ُل مفهوم العم ِل في ُش ِ‬ ‫ؤون‬ ‫الصالِ ُح ال يقت َِص ُر فقط على‬ ‫الش َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الحديث ذا ُت ُه الى‬ ‫ش�ير‬ ‫الدِّ يانَة وفي ُش�ؤون الحياة الدُّ نيو َّية التي ال بد منها ‪ ،‬حيث ُي ُ‬ ‫اإلش�ارات الت�ي أخبر عن و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوعها ‪ ،‬فكأن�ه ‪ m‬ـ كما في‬ ‫خالل‬ ‫ه�ذا المفه�و ِم من‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫ِ‬ ‫لألعمال وعَدَ ِم‬ ‫المبا َد َر ِة‬ ‫اإلشارة النبوية الحديثين السابقين ـ يقول‪ :‬فهل تنتَظ ُرون ـ عندَ انقطا ِع ُ‬

‫إلى ما يحل‬ ‫باألمة عند انقطاع ((( س�نن الترمذي (‪ ، )2306‬قال الذهبي في ميزان االعتدال (‪ :)443 :3‬فيه محرز بن هارون‬ ‫األعمال‬ ‫ذكر من جرحه‪ ،‬وروي بإس�ناد أصلح من هذا ‪ .‬وحس�نه ابن باز في مجموع الفتاوى (‪:16‬‬

‫‪.)336‬‬

‫((( وهم�ا ف�ي الصفحة الماضي�ة قوله ‪« : m‬ب�ادروا باألعمال فتنا كقطع اللي�ل المظلم يصبح‬

‫الرجل مؤمنا ويمس�ي كافرا ويمس�ي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دين�ه بعرض من الدنيا قليل»‬ ‫وقوله ‪« : m‬بادروا باألعمال سبعا‪ ،‬هل تنتظرون إال فقرا منسيا ‪ ،‬أو غنى مطغيا ‪ ،‬أو مرضا‬ ‫مفس�دا ‪ ،‬أو هرما مفندا ‪ ،‬أو موتا مجهزا ‪ ،‬أو الدجال فش�ر غائب ينتظر ‪ ،‬أو الساعة والساعة‬

‫أدهى وأمر»‪.‬‬

‫‪70‬‬


‫ِ‬ ‫النَّ َظ ِ‬ ‫المترت ِ‬ ‫خطير ًة‬ ‫ِّ�ب على المبا َد َر ِة والمس�ار َعة ِـ إال أم�ور ًا‬ ‫َ‬ ‫�ر الواعي ال�ى ا ُلمراد ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫سياسة‬ ‫شير ِضمن ًا إلى‬ ‫وش�ؤون ًا تُدَ َّب ُر في الخفاء ضدَّ كم في كا َّفة ُش�ؤونكم ـ وكأنَّه ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫وأتباع ِه و ُعم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫احتناك ُّ‬ ‫َّ‬ ‫عوب بالتَّجويع والتَّروي ِع‬ ‫الئ ِه الذين يعملون على‬ ‫يطان‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيجر ُعونكم‬ ‫والتَّطبي� ِع والتَّطوي ِع ـ حتى يمتَلكون رقا َبكم وحاض َركم و ُمس�تَق َبلكم ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ُغ َّص َة ال َف ِ‬ ‫المطغي ‪..‬إلخ)‪.‬‬ ‫المنسي ـ كما َس َّماه ‪ m‬ـ والغنَى ُ‬ ‫قر ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وهذا ما ُ‬ ‫االقتصاد ِّي‬ ‫ياس�ات الدَّ َج ِل‬ ‫ويعيش� ُه العالم ُك ُّل ُه من ِس‬ ‫تعيش�ه األُ َّم ُة اليو َم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫�ي وإلى ِ‬ ‫�وي والدَّ َج ِ‬ ‫غير‬ ‫�ل‬ ‫الر َب ِّ‬ ‫�ي والدِّ ين ِّ‬ ‫والسياس ِّ‬ ‫�ي وال َّثقاف ِّي ِّ‬ ‫اإلعالم�ي والتَّعليم ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫فالم َتنَ ِّفذون ِمن َح َم َل ِة ال َق ِ‬ ‫االقتصادي ف�ي العالم ُي ِعدُّ ون ال ُعدَّ َة‬ ‫�ي‬ ‫ِّ‬ ‫السياس ِّ‬ ‫رار ِّ‬ ‫ذل�ك‪ُ ،‬‬ ‫المهالك بِك َِل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّبي ‪ُ m‬ي ِّ‬ ‫حذ ُر ُّ‬ ‫جيز ٍة‬ ‫عوب من هذه‬ ‫مات َو َ‬ ‫الش َ‬ ‫الم َبر َم ِج والن ُّ‬ ‫لهذا ال َف َش ِل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫عميقة المعنى‪.‬‬ ‫قصير ِة المبنى‬ ‫بارات‬ ‫وع‬ ‫َ‬

‫معنى «الفقر‬ ‫المنسي»‬

‫ولعل من معاني ال َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫وجماهير ال َع َر ِ‬ ‫َّ‬ ‫المنس�ي ما ُ‬ ‫واألعراب‬ ‫ب‬ ‫المسلمون‬ ‫ُ‬ ‫يعيش ُه ُ‬ ‫قر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر َب ِو ِّي‬ ‫ف�ي‬ ‫تفعي�ل ِّ‬ ‫المتهالكَة باالقتص�اد ِّ‬ ‫المجتمع�ات ُ‬ ‫الصرا ِع االقتص�اد ِّي داخ َل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫واالقتصاد الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ياس ِّي ُّ‬ ‫االقتصاد َّي ِة‬ ‫َّوليفات‬ ‫يوع ِّي وما شابه ذلك من الت‬ ‫أسمالي‬ ‫الر‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫اآلداب ِ‬ ‫ش�عوب األُم ِة ِ‬ ‫نس�ي ِة لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العيش وفي‬ ‫قم ِة‬ ‫والق َي ِم والدِّ يان َِة من‬ ‫قواعدَ‬ ‫الم َ‬ ‫أج�ل ُل َ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ُ‬

‫ب ‪ ،‬وذاك ي َقع ف�ي ِ‬ ‫تحصيله�ا‪ ،‬فهذا يض َطر للحي َل ِة والرش�و ِة والك ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ�ذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخيان َِة‬ ‫س�بيل‬ ‫َ ُ‬ ‫ِّ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لألمان ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ع عن ِ‬ ‫والس ِ‬ ‫َ�ة والن ِ‬ ‫نظر َّي ِة‬ ‫الصائ َم ُيداف ُ‬ ‫�ي َّ‬ ‫الم َص ِّل َ‬ ‫المس�ل َم ُ‬ ‫�لب‪ .‬بل وتَجدُ ُ‬ ‫َّهب َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نتيج َة‬ ‫أوالرأسمالي وكأنَّها من ِم َّل ِة‬ ‫االش�تراكي‬ ‫االقتصاد‬ ‫صاحب الدِّ يانَة اإلسالم َّية َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ال َف ِ‬ ‫الحديث‪.‬‬ ‫شار إليه في‬ ‫قر ا ُلمنسي ‪ُ ،‬‬

‫ِ‬ ‫َه�ب ث�ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وات ُّ‬ ‫التوس� ِع‬ ‫وإقامة‬ ‫�عوب‬ ‫الش‬ ‫المطغ�ي القائ� ِم على ن ِ َ‬ ‫وكذل�ك الغن�ى ُ‬ ‫ُّ‬ ‫لالس�تثمارات ِ‬ ‫ِ‬ ‫الطائ َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذات ال َّطابِ� ِع‬ ‫�ة‬ ‫األم�وال‬ ‫وانص�راف‬ ‫�روب‬ ‫الح‬ ‫�ي بِ ُ‬ ‫السياس ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫‪71‬‬

‫معنى «الغنى‬ ‫المطغي»‬


‫للقي ِم َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والراعي للن ِ‬ ‫االستهالكي والت ِ‬ ‫َّسي ِ‬ ‫َّواز ِع‬ ‫المدَ ِّم ِر َ‬ ‫الشرع َّية َّ‬ ‫قافي ُ‬ ‫يس اإلعالم ِّي وال َّث ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫غير الم ِ‬ ‫َّ‬ ‫المجتمعات‬ ‫سل َم ِة أو في‬ ‫المجتمعات ِ ُ‬ ‫والش�هوات ال َّطبع َّية ‪ ،‬سوا ًء في عا َل ِم ُ‬ ‫اإلسلامي ِة ذاتِها وخاص ًة عند النَّ َظ ِر في ُط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألعمال فيما ُي ِنف ُقونه‬ ‫المال‬ ‫رجال‬ ‫غيان‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬

‫ِ‬ ‫الحي�اة المتر َف ِة كالمش�اري ِع الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫�هوات وال َّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عل�ى َّ‬ ‫ومواق ِع‬ ‫�ياح َّي ِة‬ ‫وأس�باب‬ ‫ذائ ِذ‬ ‫الش‬ ‫ِّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ال َّل ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫نح َّل ِة والمش�اري ِع‬ ‫الم َ‬ ‫ه�و والغناء ‪ ،‬والنَّ َظر ِأيض ًا في مدفوعات األنظ َمة لل َّثقافات ُ‬ ‫لألموال دون ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعتبار ٍّي َم ِ‬ ‫االقتصاد َّي ِة الن َِّاز َف ِة‬ ‫صير ٍّي ‪.‬‬ ‫عائ ٍد‬ ‫تركنا للصناعات‬ ‫اإلنتاجية‬ ‫والثروات وهجرنا‬ ‫لمبدأ االكتفاء‬ ‫الذاتي جعلنا‬ ‫(سوقا استهالكيا)‬ ‫وهذا ما أدى إلى‬ ‫الغنى المطغي‬

‫ِ‬ ‫واالعتِ‬ ‫َ‬ ‫بالزرا َع ِة‬ ‫ش�أن األُ َّم ِة أم�ام‬ ‫المصي�ري م�ا ير َف ُع‬ ‫ب�اري‬ ‫أعدائه�ا كاالهتِم�ا ِم ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّحويلي ِة وإقام ِة مبدأِ االكتِ َف ِ‬ ‫ومنتَجاتها ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫اء َّ‬ ‫عوب بدي ً‬ ‫الذاتِ ِّي في ُّ‬ ‫ال عن‬ ‫وصناعاتها الت‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االعتماد على ال َغ ِير الذي ت ِ‬ ‫االستيراد‬ ‫ياس ِة‬ ‫ُمار ُس� ُه األُ َّم ُة اليوم بما هو‬ ‫ٌ‬ ‫معروف في س َ‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�يء حتى صار العا َلم ال َعربِي واإلسلامي م َجر َد س ٍ‬ ‫للبضائ ِع‬ ‫استهالك َّي ٍة‬ ‫�وق‬ ‫لِك ُِّل‬ ‫ُّ ُ َّ ُ‬ ‫ُ َ ُّ‬ ‫الم�وارد الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اخ ِل َّي ِة‬ ‫ضعف في‬ ‫الخارج َّي ِة م�ع‬ ‫ناع�ات‬ ‫والص‬ ‫وتربية‬ ‫للزرا َع ِة‬ ‫وإهم�ال ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الحي ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ُ‬ ‫المطغي»‪.‬‬ ‫وان ‪ ،‬وك ُُّل هذا‬ ‫َ​َ‬ ‫شار إليه بـ«الغنى ُ‬ ‫يدخل في هذا المعنى ُ‬ ‫وي�زداد َخ َطر ِ‬ ‫الغنى المطغي عندما ي ِجدُ الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫المصير َّي َة ـ ك َق ِض َّي ِة‬ ‫س�ل ُم َأ َّن القضاي�ا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االحتالل‬ ‫وإعطاء‬ ‫المطغ�ي”‬ ‫فِ َلس�طي َن ـ قد تظا َف َر عل�ى إضا َعتِها‬ ‫ُ‬ ‫أصحاب “الغنى ُ‬ ‫هيمي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫�ة على َّ‬ ‫األعز ِل في فِ َلس�طي َن ‪،‬‬ ‫�عب‬ ‫الح ِّ‬ ‫َ‬ ‫�ق في حربِ�ه ال َب َّ‬ ‫�ع َ‬ ‫�ي موق َ‬ ‫ُّ‬ ‫الصهيون ِّ‬

‫واز ٍع وال ِ‬ ‫غي�ر ِ‬ ‫�هدَ العا َل ُم َع َلن ًا وفي ِ‬ ‫حتى َش ِ‬ ‫راد ٍع َب َ‬ ‫هيوني بال ُع َّز ِل من‬ ‫الص‬ ‫طش ال َعدُ ِّو ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ج�ال والن ِ‬ ‫واألطفال في « َغ َّزةَ» خلال مرح ِلتَنا الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫عاص َ�ر ِة وما قب َلها وما قد‬ ‫ِّس�اء‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫س�يأتي بعدها من ُخ َط ِ‬ ‫لب والن ِ‬ ‫والس ِ‬ ‫ط ال َب ِ‬ ‫تستطيع أما َم ُه‬ ‫َّهب واالعتِدَ ِاء الذي ال‬ ‫ُ‬ ‫طش َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المحت َِّل‬ ‫ُد َو ُل العا َل ِم ال َع َربِ ِّي واإلسلام ِّي أن َتتَّخ َذ قرار ًا ُمش�ت َ​َرك ًا ضدَّ ُطغيان ال َعدُ ِّو ُ‬ ‫ول العا َل ِم اإلنس�انِي بِص ِ‬ ‫ب�ل وحتى َب ِق َّي ِة ُد ِ‬ ‫رف النَّ َظ ِر عن كونِها ُمؤ ِّي�دَ ًة أو َغ َير ُم َؤ ِّيدَ ٍة‬ ‫ِّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحال‪.‬‬ ‫لوقائ ِع‬ ‫‪72‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّبي ‪ m‬في ِم ِ‬ ‫َّ‬ ‫كبي�ر ًة َ‬ ‫طير ًة تُبدي‬ ‫إن‬ ‫وخ َ‬ ‫ثل ه�ذا الحديث تحم ُل مضامي َن َ‬ ‫عب�ار َة الن ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الر َ‬ ‫س�ول ‪ m‬حول ُمس�تق َب ِل األُ َّم ِة إذ هو لم َي ِقف عند‬ ‫حقيق َة االهتما ِم الذي َش� َغ َل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ال َف ِ‬ ‫َّب عليه ويرتَبِ ُ‬ ‫�ط به فقال‪( :‬أو‬ ‫المطغي بل أش�ار إلى م�ا يترت ُ‬ ‫المنس�ي والغنى ُ‬ ‫ق�ر ُ‬

‫معنى (المرض‬ ‫المفسد)‬

‫فس�دً ا‪ )..‬والمر ُض الم ِ‬ ‫مرض ًا م ِ‬ ‫والش ُع ِ‬ ‫فس�دُ ‪ :‬الذي ُي ْف ِس�دُ حيا َة األُ َم ِم ُّ‬ ‫ف‬ ‫وب وال َي ِق ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكيماو َّي ِة‬ ‫يشم ُل أمراض ًا ناتِ َج ًة عن ُسمو ِم الموا ِّد‬ ‫عند اآلفات واألوبِ َئة الح ِّس َّية ‪ ،‬بل َ‬

‫ِ‬ ‫الوراثِي ِة ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خلف‬ ‫دور‬ ‫َ‬ ‫الصنا َع�ة و َع َبث ال ُعلم�اء بالجين�ات ِ َّ‬ ‫و ُمخ َّلف�ات َّ‬ ‫وغيرها م َّم�ا َي ُ‬ ‫�ة الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح َّي ِة‬ ‫الكوالي�س‪ ،‬إضاف� ًة إل�ى‬ ‫األم�راض المعنو َّية النات َج�ة عن انع�دا ِم التَّربِ َي ُّ‬ ‫ِ‬ ‫أم�راض اجتماعي� ٌة خطير ٌة يت َفج�ر بها ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫َّزكي ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ة َّ‬ ‫اإلسلام ُّي‬ ‫الواق ُع‬ ‫�رع َّي ِة وهي‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫والت َ‬ ‫َّ ُ‬ ‫النعدا ِم ِ‬ ‫واإلنسانِي ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫الج لها‪ ،‬مع حصول فساد لدى بعض المرضى في عالقتهم‬ ‫ُّ‬ ‫بالل�ه والدي�ن والمجتم�ع ‪ ،‬لقل�ة ثب�ات اإليم�ان وحص�ول فس�اد آخ�ر باإلحباط‬ ‫واالكتئاب وغير ذلك‪.‬‬

‫أه�ل ِ‬ ‫ِ‬ ‫(أو َه َر ًم�ا ُم َفنِّ�دً ا) اله�رم هو الكب�ر والعجز ‪ ،‬قال ُ‬ ‫األصل‪:‬‬ ‫اللغة‪ :‬ال َفنَ�دُ في‬ ‫الك ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الرجل‬ ‫الرجل‪ ،‬إذا كبر حتى يتك ّلم بما ال ُيحتاج إليه‪ ،‬وفنَّدت‬ ‫َ�ذ َب ‪ ،‬يق�ال‪ :‬أفندَ‬ ‫تفنيد ًا‪ ،‬إذا خ ّطأته ورددت عليه قوله(((‪.‬‬

‫الخر ِ‬ ‫ف‪ ،‬والمعنى الثاني‪ :‬الر ُّد على ِ‬ ‫ُ‬ ‫كبير‬ ‫فالمعنى‬ ‫األول ‪ :‬الهر ُم الذي يؤ ِّدي إلى َ َ‬ ‫ِ‬ ‫المجتمعات اليوم‬ ‫وزجره‪ ،‬وإذا أخذنا ه�ذا المعنى و َط َّب ْقنَاه عل�ى‬ ‫الس� ِّن وتخطئتُ�ه‬ ‫ُ‬ ‫عزل ِ‬ ‫ِ‬ ‫فقد ت ََّم ُ‬ ‫المالجئ‬ ‫واألسري وتحوي ُلهم إلى‬ ‫االجتماعي‬ ‫كبار الس� ِّن عن الواق ِع‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألمهات في بعض ِ‬ ‫ُ‬ ‫أس�ر‬ ‫يش�مل اآلبا َء‬ ‫الخاص�ة‪ ،‬وربما يكون ِم ُثل هذا‬ ‫والبي�وت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحضارية ِ‬ ‫ِ‬ ‫المباشرة بمثل هذه الظاهرة‪،‬‬ ‫العالقة‬ ‫ذات‬ ‫المس�لمين المتأثري َن بالحياة‬

‫((( جمهرة اللغة (‪.)361 :1‬‬

‫‪73‬‬

‫معنى (الهرم‬ ‫المفند)‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫معظ�م األبنا َء في تل�ك الدول أنه من األس�ل ِم‬ ‫الغربي�ة يرى‬ ‫البل�دان‬ ‫صعي�د‬ ‫فعل�ى‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لآلباء تس�ليمهم إل�ى مصح ِ‬ ‫ِ‬ ‫بكبار الس� ِّن وال َع َج َز ِة‪.‬‬ ‫العناي�ة‬ ‫ات‬ ‫اجتماعي� ًا وصحي� ًا‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫طويلة‪ ،‬ألن االهتما َم بهم‬ ‫لس�اعات‬ ‫اليومي‬ ‫بالعمل‬ ‫ويع ّل ُل األبنا ُء ذلك بانش�غالهم‬ ‫ِّ‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫العمل‪.‬‬ ‫يعوق‬

‫ِ‬ ‫أكبر‬ ‫المعروف أن‬ ‫ومن‬ ‫األواصر األس�ري َة في عال ِم المس�لمين متماسك ٌة إلى حدٍّ َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫للعمل‬ ‫بش�كل واس� ٍع‬ ‫اتجهت فيه المرأ ُة‬ ‫الغربي الذي‬ ‫بكثير من مثيالتِها في العال ِم‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬

‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض‬ ‫األمر موجود أيض ًا عند‬ ‫وترك أبنائها في الحضانة أو عند مربية خاصة‪ .‬وهذا ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بنس�بة َّ‬ ‫الصناعية‬ ‫المجتمع�ات‬ ‫بكثير عن�ه في‬ ‫أقل‬ ‫األس�ر ف�ي العالم العرب�ي ولكن‬ ‫ِ‬ ‫المتقدمة‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تنعكس على‬ ‫الصغ�ر‬ ‫الوقت الكافي في‬ ‫ه�م‬ ‫إعط�اء‬ ‫نتائ�ج عد ِم‬ ‫إن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الوالدين أبنا َء ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلش�ارة هن�ا إل�ى ّ‬ ‫أن األ َّم تبقى أ ًَما‬ ‫الكبر‪ ،‬مع‬ ‫األبن�اء بوالديهم ف�ي‬ ‫عالق�ة ه�ؤالء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫الظروف‬ ‫الفرق يكم ُن في‬ ‫األموم�ة ال تنطبق على أ ٍّم دون غيرها‪ ،‬لك�ن‬ ‫وأن ظاه�ر َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األس�رية ‪ ،‬وحت�ى في داخل‬ ‫العالقات‬ ‫األموم�ة على‬ ‫بواجبات‬ ‫المصاحب�ة للقي�ا ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أعضاء‬ ‫عالق�ة‬ ‫وحرارة‬ ‫طبيع�ة‬ ‫الواح�د فإنن�ا نجدُ ثم� َة فرق ًا واضح� ًا في‬ ‫المجتم� ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الريف‪.‬‬ ‫القاطنة في‬ ‫المدينة عن تلك‬ ‫األسرة التي تسك ُن في‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االجتماعي) ‪ ،‬وهي‬ ‫الضمان‬ ‫(دولة‬ ‫الغربية مفهو ُم‬ ‫الدول‬ ‫ظهر اليو َم في‬ ‫ِّ‬ ‫ولذا فقد َ‬ ‫يعيش�ون عل�ى م َخص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫صات‬ ‫العجزة الذين‬ ‫كبيرة م�ن‬ ‫نس�بة‬ ‫ذات‬ ‫أن‬ ‫تصب�ح الدول� ُة َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اج ٍع‬ ‫وكمث�ال فقد‬ ‫االجتماع�ي ‪،‬‬ ‫الضم�ان‬ ‫ْ‬ ‫أعلنت حكوم� ُة ألمانيا أنها تعان�ي من ت َ​َر ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫العاملة ويؤدي‬ ‫والقوة‬ ‫االقتصاد‬ ‫يؤثر س�لب ًا على‬ ‫المواليد‬ ‫معدالت‬ ‫حا ٍّد في‬ ‫بش�كل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫“ش�يخوخة” المجتمعِ‪ّ ،‬‬ ‫بـ(مؤسسة‬ ‫تراجع ما َس َّم ْو ُه‬ ‫أهم أس�بابه‬ ‫أيضا إلى‬ ‫ُ‬ ‫وأن أحدَ ِّ‬ ‫‪74‬‬


‫ِ‬ ‫بأي ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫األمان‬ ‫حال‬ ‫وتوصلت إلى أن‬ ‫ال�زواج)(((‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫(دعائم دولتنا االجتماعي َة لن ت َْمن َ​َح ِّ‬ ‫َ‬

‫الذي ت َُو ِّف ُر ُه األسر ُة التقليدي ُة)‪.((( ،‬‬

‫الجماعي بالعم ِلي ِ‬ ‫ِ‬ ‫جهز ًا) وهو نمو َذج من ِ‬ ‫ِ‬ ‫(أو موت� ًا ُم ِ‬ ‫نماذ ِج ال َق ِ‬ ‫االنتحار َّي ِة‬ ‫ات‬ ‫ت�ل‬ ‫ِّ َ َ َّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ ِ‬ ‫وعالج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وخاص ًة‬ ‫آثار ِه‬ ‫ب تفاديه‬ ‫والمزار ِع و َمن فيها‬ ‫للمدُ ِن‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫بحيث يص ُع ُ‬ ‫والحرق العا ِّم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سفور َّي ُة ـ وأعت َِقدُ َّ‬ ‫والحار َق ُة وال ُف‬ ‫المد ِّم َر ُة‬ ‫أن هذا النَّمو َذ َج‬ ‫ما ُيستخدَ ُم فيها األسل َح ُة ُ‬

‫ِ‬ ‫تعر ُض للم ِ‬ ‫المرئ َّي ُة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�اهدين‬ ‫فاألجه َز ُة‬ ‫ش�ار إليه لم َي ُعد َخافي ًا ُوقو ُع ُه على َأ َح ٍد ـ‬ ‫ُ‬ ‫الم َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫األرض‪..‬‬ ‫أرجاء‬ ‫جه ِز ما ال مزيدَ عليه ك َُّل يو ٍم في‬ ‫الموت ُ‬ ‫من هذا َ‬

‫معنى (الموت‬ ‫المجهز)‬

‫ِ‬ ‫(أو الدَّ ج َال َف َش�ر ِ‬ ‫غائ ٍ‬ ‫الحديث تُعيدُ نا َم َّر ًة أخرى إلى‬ ‫العبار ُة م�ن‬ ‫ب ُين َت َظ ُر) وهذه‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫الدجال شر غائب‬ ‫ِ‬ ‫ينتظر‬ ‫ٌ‬ ‫مخلوق ُمن َت َظ ٌر ولكنه َش ُّر‬ ‫الحديث‪( :‬فهل تنتَظِرون) إذ ًا فالدَّ َّج ُال‬ ‫قولِه ‪ m‬في َأ َّو ِل‬ ‫الت ِ‬ ‫والمح ِن والتَّح�و ِ‬ ‫الفت َِن ِ‬ ‫م�ن ين َت َظ�ر لما يجري بين يديه م�ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫تدمير‬ ‫القائ َم ِة على‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وخاص ًة َّ‬ ‫االنحرافات إنَّما‬ ‫أن كا َّف َة‬ ‫باألعمال” في كا َّف ِة ُص َو ِرها اإليجابِ َّي ِة‬ ‫“المبا َد َر ِة‬ ‫َّ‬ ‫رغمها على االت ِ‬ ‫ِ‬ ‫سيخ الدَّ َّج ِ‬ ‫تنتظره ُّ‬ ‫للم ِ‬ ‫اإلجباري نحو‬ ‫ِّجاه‬ ‫ال الذي‬ ‫ِّ‬ ‫الش ُ‬ ‫عوب ل ُي َ‬ ‫ُ‬ ‫ت َُم ِّهدُ َ‬ ‫«ج ِ‬ ‫ب»‪َ ،‬‬ ‫السال َم َة‪.‬‬ ‫حر َّ‬ ‫الض ِّ‬ ‫ُ‬ ‫نسأ ُل الل َه َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دورة‬ ‫بكامله وانتها ُء‬ ‫اإلنساني‬ ‫الكون‬ ‫والساع ُة أدهى و َأ َم ُّر) وهي نهاي ُة‬ ‫ِّ‬ ‫(الساع ُة ّ‬ ‫أو ّ‬

‫((( وهي تس�مية حديث�ة ُأطلقت على مظاهر الزواج التقليدي بعد أن ش�عروا بأهميته‪ ،‬ويقابلها‬ ‫ما تم تقنينه لديهم مؤخرا كزواج المثليين (الرجال بالرجال والنساء بالنساء) ‪ ،‬وسائر أنواع‬

‫العالقات المشبوهة التي أقيمت لها مؤسسات الخنا والفجور بحماية الحكومات‪.‬‬ ‫يائس�ة لتش�جي ِع ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلنجاب من‬ ‫الش�عب عل�ى‬ ‫أبناء‬ ‫بمحاوالت‬ ‫((( واآلن تق�و ُم هذه الحكومات‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العمل‬ ‫الوالدين تس�هيالت في‬ ‫ومنح‬ ‫واألطفال‬ ‫المعونات المخصصة لألس�رة‬ ‫زيادة‬ ‫خالل‬ ‫ِ‬ ‫والضريبة ‪ ،‬وينادي البعض باالس�تعانة بالعمال األجانب بالهجرة والتجنيس لس�د الفجوة‬ ‫التي تتركها معدالت تراجع المواليد؛ ولكن الخوف من فقدان فرص العمل يجبر الكثيرين‬

‫على رفض هذه الفكرة‪.‬‬

‫‪75‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مجال‬ ‫تدور في المعنى ال‬ ‫الحياة‪.‬‬ ‫الح َرك َِة المألو َف ِة في‬ ‫َ‬ ‫وهناك ُجم َل ٌة من األحاديث ُ‬ ‫الحديث كنَمو َذ ٍج الجتما ِع َأهم م ِهم ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِ ِذ ِ‬ ‫ات المعاني‬ ‫كره�ا‪ ،‬وإنَّما اقت َ​َصرنا على هذا‬ ‫َ ِّ ُ َّ‬ ‫الم َت َف ِّر َق ِة فيه‪ ،‬والل ُه أع َل ُم ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪76‬‬


‫ِ ِ‬ ‫والسنَّةِ‬ ‫حو ِ‬ ‫ِ‬ ‫لات من‬ ‫الكتاب ُّ‬ ‫تأصيل فقه الت َّ ُّ‬ ‫قال تعال�ى‪ :‬ﮋ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬

‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬ ‫ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﮊ‪.‬‬ ‫وق�ال تعال�ى‪ :‬ﮋ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ ﰆ‬

‫ﰇ ﰈ ﮊ [محمد‪.]١٨ :‬‬

‫وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﮊ [الزخرف‪. ((( ]٦١ :‬‬

‫((( ه�ذه اآلي�ة الكريم�ة حجة بينة على أهمية علم الس�اعة‪ ،‬وضرب األمثلة لمعرفتها ومناقش�ة‬ ‫ش�ؤون مس�تقبلها‪ ،‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﮊ ق�ال في التفس�ير‪ :‬أي‪ :‬إن عيس�ى‬ ‫عالمة على قرب الساعة‪ ،‬سواء من حيث نزوله من السماء وكشف كذب اليهود والنصارى‬

‫القائلي�ن بقتل�ه وصلب�ه‪ ،‬أو م�ن حيث إقامته الش�ريعة اإلسلامية عل�ى دين ورس�الة النبي‬ ‫محم�د ‪ ، m‬وكال األمري�ن ال يدركهم�ا الكف�ار والمش�ركون إال كم�ا يس�معون ذلك من‬

‫اليه�ود والنص�ارى بتفس�ير مخالف للحقيقة‪ ،‬وله�ذا لما قال تعالى‪ :‬ولم�ا ضرب ابن مريم‬ ‫مثلا إذا قوم�ك منه يصدون أي‪ :‬لما ذكر عيس�ى بن مريم في الق�رآن كمثل لما عبده الكافر‬

‫م�ن اآلله�ة م�ن دون الله ‪ ،‬إذا مش�ركو قريش يضجون وترتف�ع أصواتهم بالصي�اح قائلين‪:‬‬ ‫أه�ذا لنا وآللهتنا أم لجميع األمم؟ فقال ‪ :m‬هو لك�م وآللهتكم ولجميع األمم‪ ،‬فقال ابن‬

‫الزبع�رى‪ :‬ق�د خصمتك ورب الكعبة؟ أليس�ت النص�ارى تعبد المس�يح؟ واليهود يعبدون‬

‫عزيرا‪ ،‬فإن كان هؤالء في النار فقد رضينا أن نكون نحن معهم وآلهتنا معهم! فسكت النبي‬ ‫‪ m‬وضحك المش�ركون وضجوا وارتفعت أصواتهم فأنزل الله‪ :‬ﮋ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬

‫ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﮊ ‪ ،‬ق�ال القرطبي‪ :‬ولو تأمل ابن الزعبري اآلية ما اعترض‬ ‫عليه�ا ألنه تعالى ق�ال‪ :‬ﮋ ﮢ ﮣ ﮤ ﮊ ول�م يقل ‪ :‬ومن تعب�دون وإنما أراد‬ ‫األصن�ام ونحوه�ا مما ال يعقل ولم يرد المس�يح وال المالئكة؛ ألنها مما يعقل‪ ،‬فنفى معنى‬

‫اآلية عنها‪ ..‬كما اعتقدوا‪ .‬اهـ صفوة التفاسير (‪. )162 :3‬‬

‫‪77‬‬

‫تأصيل فقه‬ ‫التحوالت في‬ ‫الكتاب والسنة‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وطول‬ ‫دراس�تِها‬ ‫اآليات ومث ُلها‬ ‫وه�ذه‬ ‫ُ‬ ‫الس�اعة وضرورة َ‬ ‫أهم َّية عل ِم ّ‬ ‫إش�ار ٌة إل�ى ِّ‬ ‫َ‬ ‫اآليات القرآنية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومسيرة الت ِ‬ ‫َّاريخ‬ ‫تحوالت األزمنَة‬ ‫المعبرة عن أهمية التَّأ ُّم ِل في معانيها المع ِّب َرة عن حال‬ ‫البش�ر َّية أما َم ُّ‬ ‫َ‬ ‫وكفرها ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫علم الساعة وكذا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ساالت والقوانين ِ‬ ‫بالله والنُّ ُب َّو ِة‪،‬‬ ‫اإلله َّي ِة‬ ‫الر‬ ‫موق ُ‬ ‫ف اإلنسان َّية من قضايا ِّ‬

‫ُ‬ ‫ومث�ل ذل�ك قو ُل�ه تعال�ى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﮊ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم َؤ ِّد ِية‬ ‫الس�اعة ُ‬ ‫[األنبي�اء‪ ، ]1 :‬فال َغف َل� ُة هنا هي ما يجري عليهم من أش�راط وعالمات ّ‬ ‫واإلعراض عن القيام بالمسؤولِي ِ‬ ‫اإلعراض عن ت َ​َذك ُِّر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات‬ ‫اآلخ َر ِة من ِج َه ٍة‪،‬‬ ‫بهم إلى‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫َّ‬ ‫الحياة الدُّ نيا من ِج َه ٍة أخرى ‪.‬‬ ‫رع َّي ِة في‬

‫عالقة القرآن‬ ‫العظيم بفقه‬ ‫التحوالت‬

‫رس�ول ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫�رآن العظي ِم ِبف ِ‬ ‫ومم�ا ي َؤ ِّكدُ عال َق َة ال ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله‬ ‫الت نزو ُل ُه ُمن ََّجم ًا على‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫والوقائ ِع والتَّحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رآن نزل على ر ِ‬ ‫أن ال ُق َ‬ ‫حيث ثبت َّ‬ ‫الت ُ‬ ‫سول‬ ‫الحوادث‬ ‫�ب‬ ‫ُّ‬ ‫‪َ m‬ح َس َ‬ ‫َ‬ ‫ثالثة ِ‬ ‫الل�ه منَجم ًا ـ أي‪ :‬مفرق ًا ـ في ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وع ِ‬ ‫س�مى ال ُق ُ‬ ‫�رآن الذي نزل قبل‬ ‫ُ َّ‬ ‫ش�ري َن عام ًا‪ ،‬ف ُي َّ‬ ‫ُ َّ‬

‫العل� ِم في فِ ِ‬ ‫أهل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالمدَ نِ ِّي وق�د كتب ُ‬ ‫قه‬ ‫ِّ�ي والذي ن�زل بعد‬ ‫الهج�رة َ‬ ‫َ‬ ‫بالمك ِّ‬ ‫الهج�رة َ‬ ‫رون م ِهم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القرآن و ما َج َم َعت ُه‬ ‫ات‬ ‫والم َف ِّس َ ُ َّ‬ ‫النُّزول وأسبابِه ُكتُب ًا عديدةً‪.‬و َق َّس َم ال ُعلما ُء ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أخبار بما ال مزيدَ عليه ‪.‬‬ ‫وترغيب و‬ ‫وترهيب‬ ‫واآليات من أحكا ٍم‬ ‫الس َو ُر‬ ‫وعقائدَ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تجم ُع بين قضايا العقيدَ ِة َّ‬ ‫وأحكامها‬ ‫والش�ري َع ِة‬ ‫ب ُس َ‬ ‫وتكا ُد غال ُ‬ ‫�و ِر ال ُقرآن ال َعظي ِم َ‬ ‫التحوالت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يب و َمرات ِ‬ ‫ي�ب والتَّرغ ِ‬ ‫البشرية والغايات والتَّره ِ‬ ‫َّح�والت ‪ ،‬وهي ما‬ ‫الس�لوك م�ن ج َهة‪ ،‬وبين فقه الت ُّ‬ ‫ب ُّ‬ ‫المصيرية في‬ ‫الش ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫بالقرا َء ِة َّ‬ ‫رع َّي ِة للت ِ‬ ‫اإلنساني من ِج َه ٍة أخرى‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫َّاريخ‬ ‫عر ُ‬ ‫ِّ‬ ‫القرآن من فقه ُي َ‬ ‫التحوالت‬

‫قائ� ِع والتَّحو ِ‬ ‫ث والو ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪َ -1‬‬ ‫الت في‬ ‫َ َ ُّ‬ ‫الح�واد َ َ‬ ‫الس�ا َعة َوعالقته�ا بِ َ‬ ‫�ار ُة إِ َل�ى ذك ِْر ّ‬ ‫اإلش َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ور الس�ابِ َق ِة لِلإْ ِ سلا ِم كَما هو فِي س ِ‬ ‫الكهف لدى ِح ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫لصاحبه‪:‬‬ ‫جل‬ ‫�ورة‬ ‫َ ُ َ‬ ‫وار َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ال ُع ُص ِ ّ‬

‫(ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ )‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الكهف على ِ‬ ‫إلظهار ِ‬ ‫الحق بعد‬ ‫عصر‬ ‫أهل‬ ‫أهل‬ ‫الحق س�بحان ُه وتعالى‬ ‫وفي إِش�ارة ِّ‬ ‫[الكه�ف‪]36:‬‬

‫‪78‬‬


‫ٍ‬ ‫ثالثمئة ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سنوات فقال سبحانه‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬ ‫وتسع‬ ‫س�نة‬ ‫منامهم‬ ‫َ‬ ‫ﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ‬

‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫[الكه�ف‪ ، ]21:‬وفي اآلية إش�ار ٌة إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫حال ِ‬ ‫والمروق وما‬ ‫الكفر‬ ‫مرحلة‬ ‫الكهف ف�ي‬ ‫أهل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بدينِه�م ليكُونُوا ِ‬ ‫صبرهم وهروبِهم ِ‬ ‫ترتب�ت على ِ‬ ‫الحقة َي ْظ َه ُر فيها ُ‬ ‫أهل‬ ‫لمرحلة‬ ‫آلية‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫�ي ُم َحدَّ ٍد (ﭔ‬ ‫يكون ه�ذا‬ ‫واإليم�ان أو‬ ‫الدي�ن‬ ‫الظهور موعود ًا ب�ه ل َهدَ ف َر ّبان ٍّ‬ ‫ُ‬

‫ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ) ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومصير ِ‬ ‫ومصير‬ ‫وأحوال‬ ‫واآلخ َر ِة‪،‬‬ ‫اإليمان في الدُّ ني�ا‬ ‫أهل‬ ‫أحوال‬ ‫وص�ف‬ ‫‪ -2‬‬ ‫ُ‬ ‫ال ُك َّف ِ‬ ‫ار في الحيات ِ‬ ‫َين‪.‬‬

‫بالمس�ؤولي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخليقة ال َب َش ِ‬ ‫ِ‬ ‫األرض وما‬ ‫ات والخال َف ُة على‬ ‫�ر َّي ِة وعال َقتُها‬ ‫‪َ -3‬بد ُء‬ ‫ُ َّ‬ ‫ابتالءات ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وح َك ٍم ُم َتن َِّو َع ٍة‪.‬‬ ‫َّب على ذلك من‬ ‫ت َ​َرت َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رض هذا‬ ‫�ي‬ ‫‪ -4‬ثوابِ ُ‬ ‫وإبداعات الخالِ ِق س�بحانه وتعال�ى و َع ُ‬ ‫�ت النِّظ�ا ِم الكون ِّ‬ ‫َّقرير بالنِّع ِم والت ِ‬ ‫اإلبدا ِع على ِص َف ِة الت َ​َّحدِّ ي حين ًا وعلى ِص َف ِة الت ِ‬ ‫َّعداد لها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫األخير للعا َل ِم اإلنس�انِي والتَّحدُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الب�رزخِ والقيا َم ِة‬ ‫ث عن‬ ‫المصير‬ ‫وص�ف‬ ‫‪ -5‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫واب ِ‬ ‫رض ِ‬ ‫وال َع ِ‬ ‫والع ِ‬ ‫والجن َِّة والن َِّار وال َّث ِ‬ ‫والح ِ‬ ‫قاب‪.‬‬ ‫ساب َ‬

‫ت�اب ومحاججتُه�م ف�ي كا َّف ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ة ُّ‬ ‫�ؤون الت�ي ك ََّذ ُب�وا به�ا‬ ‫الش‬ ‫‪ -6‬إدانَ� ُة‬ ‫أه�ل الك ِ ُ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأباطيلهم حين ًا‬ ‫أقاويلهم‬ ‫ور ُّد‬ ‫َّفصيل‪.‬‬ ‫باإلجمال ‪ ..‬وحين ًا بالت‬ ‫َ‬ ‫وج َحدوها‪َ ،‬‬ ‫‪ -7‬إدانَ� ُة المنافِ ِقي�ن والم ِ‬ ‫َش�ف أحوالِهم‬ ‫رج ِفين والذين في ُق ُلوبهم َم َر ٌض وك ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫وإنذار ُهم‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والر ِ‬ ‫الرس�االت‬ ‫س�ل وما عانَو ُه في‬ ‫‪ -8‬‬ ‫ُ‬ ‫س�بيل ِّ‬ ‫وصف مواقف وأحوال األنبياء ُّ‬ ‫مع ُأ َم ِم ِهم الكافِ َر ِة‪.‬‬ ‫‪79‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ووسائلها األَن َِو َّي ِة ِضدَّ ال َب َش ِ‬ ‫وتحذير األُ َم ِم‬ ‫�ر َّي ِة‬ ‫اإلبليس� َّي ِة‬ ‫المدرسة‬ ‫كش�ف‬ ‫‪ -9‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫والش ِ‬ ‫ودعوتِه ِّ‬ ‫عوب من أثر َّ‬ ‫ُّ‬ ‫رير ِة‪.‬‬ ‫واحتناك ِه‬ ‫يطان‬ ‫َ‬ ‫الش َ‬ ‫ومواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫وص ِ‬ ‫أحوال ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -10‬استخدا ُم األُ‬ ‫ِ‬ ‫س�لوب ال َق َص ِص ِّي لِ َش ِ‬ ‫ف الخلي َق ِة‬ ‫فات‬ ‫�رح‬

‫ِ‬ ‫وجهها النَّب ِوي األَب ِوي َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫في ِ‬ ‫والر ُس ِ‬ ‫وأحوال‬ ‫�ل‪،‬‬ ‫الش�رع ِّي كما هو في َق َص َ‬ ‫َ ِّ َ ِّ‬ ‫ص األنبياء ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صف فِ‬ ‫وجهها األَن َِوي اإلبليسي كما هو في و ِ‬ ‫الخليقة في ِ‬ ‫َ‬ ‫ومواقف‬ ‫َّمروذ‬ ‫رعون والن‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫وقارون ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وغيرهم‪.‬‬ ‫وهامان‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كم�ا َّ‬ ‫األزمان‬ ‫كر‬ ‫أن في‬ ‫بع�ض النَّب ِّيي َن ورس�االتِهم وتحديدُ‬ ‫بعض ُس َ‬ ‫�و ِر ال ُقرآن ذ ُ‬ ‫معاناة األنبياء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الجن�وح واالنحراف الذي وقع�ت فيه األُ َم ُم‬ ‫كنوح ش ونماذ ُج‬ ‫والرسل مع الت�ي عاش�وها‬ ‫أقوامهم جزء من‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫باختالف أنوا ِع الك ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُفر‬ ‫ف من ُأ َّم ٍة إلى ُأ َّم ٍة‬ ‫قوبات‬ ‫َّب عليه من ُع‬ ‫وعذاب يخت َِل ُ‬ ‫وم�ا ترت َ‬ ‫فقه التحوالت‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كمعاناة موس�ى مع بني‬ ‫والر ُس ُ�ل أيضا من أقوامهم‬ ‫واالنحراف ‪ ،‬وما عاناه األنبيا ُء ُّ‬ ‫ِ‬ ‫إسرائيل‪ ،‬ومعانا ُة يونُس مع ِ‬ ‫قومه‪ِ ،‬‬ ‫َ‬ ‫االبتالءات‬ ‫وغيرهم من األُ َم ِم التي أجرى الله لها‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألنبياء عن بعضهم والتأكيد على ذلك في ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫أكثر من‬ ‫س�ل‬ ‫واالختبارات‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وتمييز ُّ‬ ‫داللة في ِ‬ ‫آيات ال ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتفضيلهم عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫كتمييز ِ‬ ‫سور ِة‬ ‫أهل ال َعز ِم‬ ‫رآن‪،‬‬ ‫غيرهم وما جرى في َ‬ ‫ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والخ ِضر من مراتِ ِ‬ ‫الكهف بين موس�ى َ‬ ‫االختبار في‬ ‫والمعر َف ِة القائمة على‬ ‫العل� ِم‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫تسمية‬ ‫خاص ًة في‬ ‫لوك وليس في ما َّد ِة‬ ‫تقر َر من معاني َّ‬ ‫المعر َفة ذاتها‪ .‬كذلك وما َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُس ِ‬ ‫كسورة ال َب َق َر ِة والن ِ‬ ‫َّمل‬ ‫خاص ٍة‬ ‫القرآن وما تدُ ُّل عليه هذه الت‬ ‫ور‬ ‫ُ‬ ‫َّسميات من دالالت َّ‬ ‫ِ‬ ‫ومراد ِ‬ ‫ِ‬ ‫والفيل وغيرها ِمما يش�ير إلى ُخصوصي ِ‬ ‫ِ‬ ‫والن ِ‬ ‫الله فيها‬ ‫األسماء‬ ‫ات‬ ‫ومريم‬ ‫َّحل‬ ‫َّ‬ ‫َّ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّحليل والت ِ‬ ‫ِ‬ ‫دالالت ها َّم ٍة تربِ ُط بين االس ِم‬ ‫َّعليل من‬ ‫األمر عند الت‬ ‫َّب على هذا‬ ‫وما يترت ُ‬ ‫ِ‬ ‫شير ِة إلى ذلك‪.‬‬ ‫الم َ‬ ‫مسمى وما تعنيه دالل ُة اآليات ُ‬ ‫وا ُل َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المجت َِهدُ أحمدُ ب ُن‬ ‫وم�ن ذلك ما اعتنى به ُ‬ ‫بع�ض ال ُعلماء وفي ُمقدِّ َمتهم العلاَّ َم� ُة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ماري الحس�نِي في كتابِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُم َح َّم ِد ِ‬ ‫العصر َّي ِة لما‬ ‫االختراعات‬ ‫�ه ( ُمطا َب َق ِة‬ ‫بن ِّ‬ ‫الصدِّ ِيق ال ُغ ِ ُّ َ َ ُّ‬ ‫‪80‬‬


‫ِ‬ ‫َجدَّ ِ‬ ‫أخب�ر به س�يدُ الب ِري ِة) واعتنائُ�ه بالر ِ‬ ‫بط الواعي بي�ن مس�ت ِ‬ ‫االختراعات وبين‬ ‫ات‬ ‫َ َ َ ِّ َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫االستقرائي للمعاني بما لم يسبِق له ٌ‬ ‫مثيل‪.‬‬ ‫اآليات ال ُقرآنِ َّي ِة وتعلي ُل ُه‬ ‫مفهو ِم‬ ‫ُّ‬ ‫ثال‪ :‬قو ُله في ص‪ 6‬بعد ذكره لِعدَ ٍد من مختَر ِ‬ ‫سبيل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫عات ال َع ِ‬ ‫ِ‬ ‫صر‬ ‫فمن ذلك على‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫كالس�ك َِّة الحديدي ِة وسي ِ‬ ‫والبواخ ِر ِ‬ ‫ارات الن ِ‬ ‫أخبر بها‬ ‫والس� ُف ِن‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫وغيرها فقال‪ :‬وقد َ‬ ‫َّقل ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّبوي ِة‪ ،‬أما في ال ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثالث‬ ‫رآن ففي‬ ‫‪ m‬ووردت‬ ‫اإلشار ُة إليها في ال ُقرآن واألحاديث الن ِ َّ َّ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫آيات حس َبما َح َض َرنا َ‬ ‫اآلن‪:‬‬

‫األولى‪ :‬قو ُله تعال�ى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬ ‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﮊ [ي�س‪ ]٤٢ - ٤١ :‬أي‪َ :‬خ َلقن�ا له�م ِم َّم�ا ُيماثِ ُل ال ُف َ‬ ‫لك المش�حون‬ ‫لك المش�حون في ِكب ِر ِه وكَث�ر ِة ِ‬ ‫م�ا يركبون ب�ه في ال َب ِّر‪ ،‬وال�ذي ُيماثِ ُل ال ُف َ‬ ‫حمل ِه هو‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ارات الن ِ‬ ‫بضائ ِعهم‬ ‫كاب مع‬ ‫الس�ك َِّة الحديد َّي ِة وس� َّي ُ‬ ‫َّقل التي تحم ُل َع َشرات ُّ‬ ‫بابور ِّ‬ ‫وحاجياتِه�م‪ ..‬إل�خ ‪ ..‬إل�ى أن قال‪ :‬وكذلك بابور الس�ك َِّة الحديدي ِ‬ ‫�ة ‪ ،‬بل هو أولى‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫مثلي ِة لل ُف ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ ِ‬ ‫المشحون‪.‬‬ ‫لك‬ ‫بالش َبه وال َّ‬

‫أم�ا الم َفس�رون الذي�ن َفس�روا ِ‬ ‫الم َثل ف�ي اآلية ِ‬ ‫باإلبِ ِ‬ ‫�ل فمعذورون ألنَّ�ه لم يكن‬ ‫َّ ُ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ال�ر ِ‬ ‫لح ِ‬ ‫لك في َح ِ‬ ‫ف�ي زمانِه�م ما ُيش�بِ ُه ال ُف َ‬ ‫مل اآلية‬ ‫والبضائعِ‪،‬‬ ‫كاب‬ ‫فاضط�روا َ‬ ‫ُّ‬ ‫م�ل ُّ‬ ‫لك المش�حون ِ‬ ‫عل�ى ِ‬ ‫ال مقطوع ًا بِ ُبطالنه؛ َّ‬ ‫ألن ال ُف َ‬ ‫اإلبِ ِل وإن كان حم ُله�ا باطِ ً‬ ‫يحم ُل‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع َش ِ‬ ‫والبضائعِ‪ ،‬وهذا‬ ‫الس� َل ِع‬ ‫ويحم ُل مع ذلك‬ ‫�رات من الناس بأثقالِهم‬ ‫َ‬ ‫الكثير من ِّ‬ ‫َ‬ ‫بالنِّس�ب ِة لم�ا كان ف�ي زمانِهم‪ ،‬أما ما حدث ف�ي زمانِنا فالس�فينَ ُة ِ‬ ‫اآلالف من‬ ‫تحم ُل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الن ِ‬ ‫الس� ُف ُن التي كانت في زمانِهم أيضا‬ ‫َّاس ومن‬ ‫المقن َط َرة من البضائعِ‪ ،‬ثم ُّ‬ ‫القناطير ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألثقال كانت تجري ف�ي ال َب ِ‬ ‫وحملها لِ ٍ‬ ‫الر ِ‬ ‫حر َجري ًا حثيث ًا‬ ‫كاب‬ ‫م�ع ِك َب ِره�ا‬ ‫كثير من ُّ‬

‫بالر ِ‬ ‫ياح كما قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﮊ [الشورى‪.]٣٢ :‬‬ ‫ِّ‬ ‫‪81‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص�ف ِ‬ ‫ُّ‬ ‫وحم ُلها ال‬ ‫�ف لِ َو‬ ‫وكل ذل�ك ُمخالِ ٌ‬ ‫فمش� ُيها َبط�ي ٌء َ‬ ‫المخا َل َفة‪َ ،‬‬ ‫اإلبِ ِل تَم�ا َم ُ‬ ‫ق�اس بِ َح ِ‬ ‫الس� ُف ِن‪ ،‬فكيف ُت َف َّس ُ�ر اآلي ُة به�ا؟ بل ذلك باطِ ٌل قطع� ًا ‪ ،‬وقد قال اب ُن‬ ‫ُي ُ‬ ‫مل ُّ‬ ‫َع َّب ٍ‬ ‫والض َّح ُ‬ ‫أن اآلي َة المذكور َة (وخلقنا لهم ُس� ُفن ًا َ‬ ‫اك وجماع� ٌة َّ‬ ‫أمثال‬ ‫والح َس� ُن َّ‬ ‫اس َ‬

‫ِ‬ ‫اإلس�ناد عن ِ‬ ‫تِ َ‬ ‫ابن‬ ‫�اس‪ :‬وهذا َأ َص ُّح ألنَّ� ُه ُمت َِّص ُل‬ ‫الس� ُف ِن يركبونه�ا) وقال الن ََّّح ُ‬ ‫ل�ك ُّ‬ ‫ِ‬ ‫اس ء و َن َظ ِر ِه بِ ِ‬ ‫�فوف َن َظ ِر اب� ُن ع َّب ٍ‬ ‫َع َّب ٍ‬ ‫�اس‪ ،‬وه�ذا َيدُ ُّل على ُش‬ ‫ن�ور الله تعالى‬ ‫رآن العظي ِم‪ ،‬تصديق ًا لِدُ ِ‬ ‫س�ول ِ‬ ‫ف�ي معان�ي ال ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله ‪« :m‬الله�م َف ِّقه ُه في الدِّ ِ‬ ‫ين‬ ‫عاء َر‬ ‫و َع ِّلم ُه الت َ‬ ‫َّأويل»(((‪.‬‬

‫واآلي ُة ال َّثاني ُة‪ :‬ﮋﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﮊ‬ ‫والزين َِة‪ ،‬وهي أيض�ا تُركَب وت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫[النح�ل‪ ]٨ :‬أي‪ِ :‬م�ن ِج ِ‬ ‫َحم ُل‬ ‫للر‬ ‫ك�وب ِّ‬ ‫ُ‬ ‫نس المذكورات ُّ‬ ‫األثقال‪ ،‬فاآلي ُة صريح ٌة في جمي ِع أنوا ِع العج ِل والعر ِ‬ ‫َ‬ ‫بات‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ​َ‬

‫ِ‬ ‫الس َف ِر عليها‬ ‫واآلي ُة ال َّثال َث ُة‪ :‬قو ُله تعالى‪ :‬ﮋ ﭝ ﭞ ﭟ ﮊ [التكوير‪ ]٤ :‬أي‪ :‬عن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس� َف ِر ون ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫البضائ ِع عليها‬ ‫َقل‬ ‫َ‬ ‫م�ل األثقال أيضا‪ ..‬إلى أن ق�ال‪ :‬وإنَّما ُع ِّط َلت عن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ارات ِ‬ ‫جود السي ِ‬ ‫بِو ِ‬ ‫الحديد ا‪ .‬هـ ص‪.8-7‬‬ ‫وسك َِّة‬ ‫َّ َّ‬ ‫ُ‬ ‫وم ُثل ذلك تفس�يره ِ‬ ‫ِ‬ ‫رات الحربِ َّي ُة وما‬ ‫آلية ﮋ ﮑ ﮒ ﮊ [المرسلات‪ ]١ :‬بأنَّها ال َّط ِائ ُ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ِ‬ ‫وتخويفها‪.‬‬ ‫تفع ُل ُه بِقنابِ ِلها‬

‫كر اإلش�ار ِة لهذا ال َفه ِم الم ِ‬ ‫للز ِ‬ ‫ونقت َِص ُر هنا على ِذ ِ‬ ‫ناس ِ‬ ‫مان وما يجري فيه ‪َّ ،‬‬ ‫وأن‬ ‫�ب َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وعالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫ذلك جزء من مفهو ِم ِقراء ِة فِ ِ‬ ‫اعة‪.‬‬ ‫الت‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ٌ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫رآن ِبف ِ‬ ‫وبالجم َل ِ‬ ‫�ة فعالق� ُة ال ُق ِ‬ ‫الت عظيم ٌة وال تزال حتى َ‬ ‫َعج َم ًة‬ ‫اآلن ُمس�ت َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫((( مس�ند أحم�د (‪ ، )2439‬ل�ه طريق�ان في مس�ند أحمد رجالهم�ا رجال الصحي�ح‪« ،‬مجمع‬ ‫الزوائد» للهيثمي (‪.)279 :9‬‬

‫‪82‬‬


‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الز ِ‬ ‫َّ‬ ‫م�ان َمن‬ ‫�ب وين َبغ�ي ـ‬ ‫�ي ف�ي ُمس�تق َب ِل َّ‬ ‫وغي�ر مخدوم�ة ـ كم�ا َي ِج ُ‬ ‫ولع�ل أن يأت َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وس�ن َِن الدِّ ال َل ِة‬ ‫�و ِر م�ن‬ ‫فس ُ�ر َ‬ ‫منظ�ور واق� ِع فق�ه الت ُّ‬ ‫والس َ‬ ‫َّح�والت ُ‬ ‫بع�ض اآلي�ات ُّ‬ ‫ُي ِّ‬ ‫بعض الو ِ‬ ‫والمواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫حيث إنَّنا لو َن َظرنا إلى َب ِ‬ ‫جوه ـ ُ‬ ‫�و ِر القرآنِ َّي ِة‬ ‫�ف ـ ول�و ِمن‬ ‫الس َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫عض ُّ‬

‫صوصي ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫مجاال عظيم ًا للن ِ‬ ‫ً‬ ‫وما ُخ َّصت به من ُ‬ ‫َّظر في هذا َّ‬ ‫أن‪،‬‬ ‫ات لكانت وحدَ ها‬ ‫الخ‬ ‫َّ‬ ‫سورة الكهف‬ ‫ِ‬ ‫ال تُسن لنا قراءتُها ك َُّل جمع ٍة ‪ ،‬وورد في ِ‬ ‫أحاديث كثير ٌة وما وما تشتمل عليه‬ ‫ُ‬ ‫فضلها‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫فسور ُة الكَهف مث ً َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫من دروس فقه‬ ‫ِ‬ ‫ه�ذه الس�ور ُة إال جم َل ٌة من التَّحو ِ‬ ‫ٌ‬ ‫وثيق بما‬ ‫الخطي�ر ِة التي لها‬ ‫التاريخ َّي ِة‬ ‫الت‬ ‫ارتباط ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫التحوالت‬ ‫الف ِ‬ ‫والشر في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلنساني العا َل ِم ِّي‪ ،‬أ َّما‬ ‫قه‬ ‫الحياة اإلنسان َّي ِة من ِصرا ٍع بين‬ ‫يدور في‬ ‫ِّ‬ ‫الخير َّ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمنافِ َق ِة‬ ‫�ور ُة التَّوبة مثال وقد بدأت بال َبرا َءة وكَشف األقن َعة عن ُ‬ ‫الوجوه الكاف َرة ُ‬ ‫ُس َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومواق ِفه�ا ‪ ،‬فه�ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫للج ِ‬ ‫برز‬ ‫نوح‬ ‫تحم ُ�ل‬ ‫واالنح�راف الذي َ‬ ‫مدلول المناقش�ة الواعية ُ‬ ‫ٍ‬ ‫وصري�ح من ال ُك َّف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عصر ِه ‪m‬‬ ‫ٍ‬ ‫والمنافِ ِقين حتى صار‬ ‫ش�ديد‬ ‫وبأس�لوب‬ ‫جل ّي ًا في‬ ‫�ار ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح ِّج‪:‬‬ ‫قر ُؤها في َ‬ ‫من أس�ماءها (الفاض َح ُة) وقال عنها ‪ m‬حين بعث َس� ِّيدَ نا َعل ّي ًا َي َ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫ِ‬ ‫يقر ُؤه�ا إال أن�ا أو َر ُج ٌل من‬ ‫أهم َّي ِة‬ ‫«ال َ‬ ‫أه�ل بيتي» ‪ ،‬وفي هذا دالل� ٌة عظيم ٌة على ِّ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫دراس�ة فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت في المرح َلت ِ‬ ‫َين َم َّك َة والمدين َِة‪ ،‬ومثلها سور ُة‬ ‫�ور ِة في‬ ‫ُّ‬ ‫الس َ‬ ‫هذه ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫المنافقون التي تَبنَّت َ‬ ‫الج ِ‬ ‫ممن‬ ‫تعليل‬ ‫وتحليل مواقف ُ‬ ‫نوح واالنحراف لدى األفراد َّ‬ ‫أصلوا وأسس�وا مدرس� َة الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫تسلس ٍ‬ ‫ِ‬ ‫منهج ٍّي‬ ‫�ل‬ ‫التأصيل ِمن‬ ‫َّب على هذا‬ ‫ِّفاق وما يترت ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عبر الت ِ‬ ‫َّار ِ‬ ‫خالل تشا ُب ِه‬ ‫يخ ُك ِّله من‬ ‫َأن َِو ٍّي‬ ‫يمة اإلسلام َّية َ‬ ‫للمنافقين داخ َل َ َ‬ ‫إبليس�ي ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫ص�ف ِ‬ ‫ِ‬ ‫الموص�وف في هذه الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ف والس ِ‬ ‫المواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله تعال�ى للمنافقي َن‬ ‫كو‬ ‫�لوك‬ ‫�ورة َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ُّ‬

‫بقول�ه‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬ ‫ﭞ ﭟ ﮊ [المنافقون‪ ]٥ :‬أي‪ :‬بمعنى أنَّهم يقولون اس�تكبار ًا واس�تِحقار ًا لِر ِ‬ ‫سول‬ ‫َ‬ ‫الله ‪( :m‬ال نريدُ بيننا وبين ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومثل ذلك ُ‬ ‫الله واسط ًة) ‪ُ ،‬‬ ‫قول المنافِقين ﮋ ﮋ ﮌ‬ ‫((( مسند أحمد ‪ ،‬إسناده حسن ‪ ،‬تحقيق المسند ألحمد شاكر (‪.)322 :2‬‬

‫‪83‬‬


‫ِ‬ ‫واالعتداد‬ ‫سياس� ُة التَّما ُي ِز‬ ‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮊ [المنافقون‪ ]٨ :‬وهي َ‬ ‫ِ‬ ‫س الن ِ‬ ‫ظواه ِر ِ‬ ‫مدار ِ‬ ‫ِّفاق إلى اليو ِم‪.‬‬ ‫بالموا َطن َِة وهي إحدى‬ ‫ُ‬

‫ومث�ل قولِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫�ه تعال�ى‪ :‬ﮋ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬ ‫المنافقون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المنافقين التَّاريخ َّي�ة الدَّ اعية إلى مفهو ِم‬ ‫ياس�ة ُ‬ ‫ومفهوم الحصار ﭿ ﮊ [المنافق�ون‪ ]٧ :‬وفيه�ا إش�ار ٌة لس َ‬ ‫االقتصادي‬ ‫صار االقتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وب‬ ‫المعنى‬ ‫و‬ ‫وه‬ ‫»‪،‬‬ ‫عك‬ ‫ب‬ ‫يت‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫كل‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫«ج‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫الما‬ ‫يق‬ ‫َّضي‬ ‫ت‬ ‫وال‬ ‫ي‬ ‫صاد‬ ‫الح‬ ‫ُ‬ ‫الم ْق ُل ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫بد ِ‬ ‫ِمن َقو ِل َع ِ‬ ‫ول و ِ‬ ‫أصحاب النَّبِي ‪ِ m‬م َن الم ِ‬ ‫ابن ُأ َب ِّي ِ‬ ‫الله ِ‬ ‫هاج ِري َن ا ّل ِذي َن‬ ‫اصف ًا‬ ‫َ‬ ‫بن َس ُل ٍ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫�ك يع ِقر َك »‪ ،‬بل إنَّنا إذا َن َظرنا إلى ِ‬ ‫آووا إِل�ى ِ ِ‬ ‫آخ ِر س�و ِر ال ُق ِ‬ ‫رآن‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫�م ْن َك ْل َب َ َ ْ ْ‬ ‫المدينَة ‪َ « :‬س ِّ‬ ‫َ‬ ‫أعاجيب الو ِ‬ ‫�ور ُة الن ِ‬ ‫َّاس وقد ختم الل ُه بها ال ُق َ‬ ‫صف في‬ ‫�رآن ُك َّل ُه وما فيها من‬ ‫ِ َ‬ ‫وهي ُس َ‬

‫معنى (الصدور)‬

‫ِ‬ ‫�يطان ـ حتى على عا َل ِم ِ‬ ‫َّاس والخن ِ‬ ‫األزلي بين الن ِ‬ ‫َّاس وأ َث ِر ذلك َّ‬ ‫الج ِّن ـ‬ ‫الش‬ ‫الص�را ِع‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫قول ِ‬ ‫بعض معاني ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله تعال�ى‪ :‬ﮋ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫ف�ي‬

‫ق�ه التَّحو ِ‬ ‫في تفسير صورة ﮗ ﮘ ﮙ ﮊ [الن�اس‪ ]٦ - ٥ :‬فالص�دور ـ ف�ي مفهو ِم فِ ِ‬ ‫الت ـ هم‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫الناس‬

‫الوس�واس في ُص ِ‬ ‫وأعيان ِ‬ ‫دور الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإل ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّاس‬ ‫والج ِّن وقا َدتُهم‪ ،‬وبهذا‬ ‫ُوجه�ا ُء ال َق�و ِم‬ ‫نس َ‬ ‫ُ‬ ‫ضم� ُن َّ‬ ‫الرعايا واألتب�ا ِع وكيف يج َع ُ�ل الل ُه تعالى في االس�تعا َذ ِة‬ ‫الش‬ ‫�يطان إفس�ا َد َّ‬ ‫َي َ‬ ‫در ال َف ِ‬ ‫فظ التَّام من َخ َط ِر الوسو ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫س�ة س�وا ًء في َص ِ‬ ‫�رد ذاتِ ِه أو في‬ ‫به تعالى َش َ�ر َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫دور و ِ‬ ‫جهاء المجتَم ِ‬ ‫عات‪.‬‬ ‫ُص ِ ُ‬ ‫ُ َ‬

‫ِ‬ ‫عجائ ِ ِ ِ‬ ‫مش�حون بِ ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫ٌ‬ ‫وال ُق ُ‬ ‫وسن َِن‬ ‫س�ن التَّد ُّب ِر‬ ‫ب فقه الت ُّ‬ ‫رآن ُك ُّل ُه عند التَّأ ُّم ِل ُ‬ ‫َّحوالت ُ‬ ‫ِ‬ ‫المواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫الالت‪ ،‬وقد قال سبحانه وتعالى عن كتابِ ِه‬ ‫ف كما هو أيضا‬ ‫مشحون بِ ُسن َِن الدِّ‬ ‫ِ‬ ‫إن م�ن معانِ ِيه ِّ‬ ‫العزي�ز‪ :‬ﮋ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﮊ أي‪َّ :‬‬ ‫كار‪،‬‬ ‫ك�رى‬ ‫واالعتبار واال ِّد ُ‬ ‫ُ‬ ‫الذ َ‬

‫قه التَّح�و ِ‬ ‫معان كثيرة في فِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫الت ﮋ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬ ‫والذك�رى لها‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫أن فِقه التَّحو ِ‬ ‫َّعليل ال ُقرآنِي ن ِ‬ ‫ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﮊ ‪ ،‬وعل�ى ه�ذا الت ِ‬ ‫الت‬ ‫ُّ‬ ‫َج�دُ َّ َ‬ ‫ِّ‬ ‫المراح َل اإلنسانِي َة ُك َّلها حسب الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّقسيم التّالي‪:‬‬ ‫يشم ُل‬ ‫َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫‪84‬‬


‫ِ ِ‬ ‫حو ِ‬ ‫لات‬ ‫أقسام فقه الت َّ ُّ‬ ‫ُ‬

‫ين َق ِسم فِقه التَّحو ِ‬ ‫الت إلى ثال َث ِة أقسا ٍم‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والعصم ِ‬ ‫ح�ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫صاح ِ‬ ‫الو ِ‬ ‫�ب‬ ‫حي�اة‬ ‫�ة ف�ي‬ ‫َّح�والت عل�ى َعه�د َ‬ ‫‪ -1‬دراس� ُة فق�ه الت ُّ‬ ‫َ‬ ‫الرسا َل ِة‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫هد البع َث ِة إلى ِ‬ ‫الت من َع ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫‪ -2‬دراس ُة فِ ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫عهد الن ِ‬ ‫ور‪.‬‬ ‫َّفخ في ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ومواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫‪ -3‬دراس�ة فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف األُ َم ِم‬ ‫السابِ َق ِة‬ ‫الت في‬ ‫ُّ‬ ‫والرساالت َّ‬ ‫تاريخ األنبياء ِّ‬

‫والش ِ‬ ‫ُّ‬ ‫عوب فيها ‪.‬‬

‫والحضارات الو ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫تحت هذا ِ‬ ‫الحضارات َّ‬ ‫ضع َّي ِة‬ ‫�رع َّي ِة‬ ‫القس� ِم دراس� ُة‬ ‫وينطوي َ‬ ‫َ‬

‫عبر الت ِ‬ ‫ّاريخ‪.‬‬ ‫َ‬

‫الش ِ‬ ‫الحضار ُة َّ‬ ‫رع َّي ُة‬ ‫*‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫الحضارات التي ربطت بي�ن الدِّ يان َِة والت ِ‬ ‫ّاريخ ‪ ،‬ولم تخالِف األنبيا َء‬ ‫مجموع‬ ‫ه�ي‬ ‫ُ‬ ‫الش�ري َف ُة بالو ِ‬ ‫ُ‬ ‫الس�نَّ ُة َّ‬ ‫صف‬ ‫حضارات أش�اد بها‬ ‫والر ُس َ�ل ‪ ،‬ومنه�ا‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫الق�رآن وتناولتها ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫اإليجابي‪ ،‬كحضار ِة ِ‬ ‫قبل ك ِ‬ ‫وحضار ِة َس َبأٍ َ‬ ‫عهد َس� ِّي ِدنا داو َد و ُس َل َ‬ ‫ُفرهم‪،‬‬ ‫يمان ي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬

‫الحضارة الشرعية‬

‫وحض�ار ِة قو ِم يونُس بع�د إيمانِ‬ ‫َي�ن ِ‬ ‫هم‪.‬وحضار ِة ذي ال َقرن ِ‬ ‫وغيرهم ‪ ،‬و ُك ُّلها تنطوي‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الش ِ‬ ‫تحت مفهو ِم دراس ِة التَّحو ِ‬ ‫للمدارس األَ َب ِو َّي ِة الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّبو َّي ِة َّ‬ ‫رع َّي ِة‪.‬‬ ‫الت اإليجاب َّي ِة‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الوضع َّي ُة‬ ‫الحضار ُة‬ ‫*‬ ‫َ‬

‫يخ ُم َج َّر َد ًة ع�ن الدِّ يان َِة أو ُم ِ‬ ‫الحض�ار ُة التي برزت في الت ِ‬ ‫َّار ِ‬ ‫حار َب ًة لها ‪ ،‬وهي‬ ‫وه�ي‬ ‫َ‬ ‫حض�ارات كثير ٌة ومتنَوع� ٌة وكان مصيرها الدَّ مار والع�ذاب ‪ ،‬كالحضار ِة ِ‬ ‫الفرعونِ َّي ِة‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫العراق‪ ،‬والحضارة اليمنِ َّي ِة في َس� َبأٍ بعد ك ِ‬ ‫ُفرهم‬ ‫والحضار ِة الكَنعانِ َّي ِة والكَلدانِ َّي ِة في‬ ‫َ‬ ‫‪85‬‬

‫الحضارة‬ ‫الوضعية‬ ‫الحضارة‬ ‫الكنعانية‬ ‫والكلدانية‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�لبِ َّي ِة‬ ‫أش�باهها في‬ ‫وغيرها‪ ،‬ويط َل ُق عليها وعلى‬ ‫المس�يرة التّاريخ َّية بالت ُّ‬ ‫َّحوالت َّ‬ ‫َ‬ ‫اإلبليسي ِة الو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضع َّي ِة‪.‬‬ ‫والحضارات الما ِّد َّي ِة األَن َِو َّي ِة‬ ‫َّ َ‬

‫مادية قوم نوح‬ ‫والطوفان‬

‫�ه أن ي ِبر َز التَّوا ُف َق الم ِ‬ ‫رآن في تِبيانِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وي�كا ُد ال ُق ُ‬ ‫الحض�ار ِة الما ِّد َّي ِة‬ ‫س�لوب‬ ‫الئ َم بين ُأ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫العذاب الم ِ‬ ‫�ب ِ‬ ‫ناس ِ‬ ‫ألهلها‪ ،‬فق�و ُم ٍ‬ ‫حضارتُه�م قائم ًة على‬ ‫نوح كانت‬ ‫الكافِ َ�ر ِة وبين‬ ‫َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫وطول األَم ِل ‪ ،‬فعا َقبه�م الله بال ُّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتأليه ال َع ِ‬ ‫وفان‬ ‫الجدَ لِ َّي ِة‬ ‫األوث�ان‬ ‫عب�ا َد ِة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫قل وعل�ى َ‬ ‫َ‬ ‫وكان أغ َل ُبهم من ُذ ِّر َّي ِة َ‬ ‫قابيل‪.‬‬

‫ٍ ِ ٍ ِ ِ ٍ‬ ‫وقوم ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫عاد كانوا َ‬ ‫استغالل‬ ‫س�ن‬ ‫أهل‬ ‫للموار ِد ال َب َش ِر َّي ِة‬ ‫حضارة زراع َّية وعمران َّية ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫حضارة قوم عاد‬ ‫وض َخامةِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫�وة و َب ٍ‬ ‫حضارتُه�م أيض� ًا‬ ‫والريح العقيم وكان�ت‬ ‫حض�ار َة ُق َّ‬ ‫طش بِ ُحك� ِم كم�ال أبدانه�م َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫بالر ِ‬ ‫يح العقي ِم‪.‬‬ ‫أجسادهم‪َ ،‬ف َع َّذ َب ُهم الل ُه ِّ‬ ‫ِ‬ ‫قائم ًة على اإلبدا ِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫خر‬ ‫وأ َّما ثمو ُد فكانت‬ ‫عمار ِّي والنَّحت في َّ‬ ‫حضارتُهم َ‬ ‫ُ‬ ‫إبداعات قوم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والسدود ِ‬ ‫وغير ذلك م َّما يحتاجون إليه في حياتهم‪ ،‬ف َع َّذ َبهم‬ ‫المدُ ن والمباني ُّ‬ ‫ثمود والصيحة وإشا َدة ُ‬ ‫يح ِة فأصبحوا في ِ‬ ‫دارهم جاثِمين‪..‬‬ ‫بالص َ‬ ‫الل ُه َّ‬

‫فاهي ِة والم َت ِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وخاص ًة أن‬ ‫الح ِّس� َّي ِة‬ ‫وأم�ا‬ ‫َّ‬ ‫الر َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حضار ُة ق�و ِم لوط فكانت قائ َم ًة عل�ى َّ‬ ‫شهوانية قوم لوط‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫والحجارة بالده�م كان�ت بال َد أنهار وبس�اتي َن وهواء َط ِّيب ‪ ،‬وهي في نواحي َّ‬ ‫الش�ا ِم ففس�قوا‬ ‫ِ‬ ‫ومارس�وا ُّ‬ ‫مجام ِعهم ونواديه�م وهو ما‬ ‫الش�ذو َذ ال�ذي كان عا َد ًة م�ن عاداتهم ف�ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األخالق ِّي ‪ ،‬وقد َّ‬ ‫بالر ِ‬ ‫جار ِة‪.‬‬ ‫ف بالت َ​َّح ُّل ِل‬ ‫عر ُ‬ ‫مي بالح َ‬ ‫عذ َبهم الله َّ‬ ‫ُي َ‬

‫قائم ًة على الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والح ِ‬ ‫وأما قو ُم ُش ٍ‬ ‫بوب‬ ‫�عيب فكانت‬ ‫الس� َل ِع ُ‬ ‫ِّجارة وتبا ُدل ِّ‬ ‫َ‬ ‫حضارتُهم َ‬ ‫َ‬ ‫تجارة قوم شعيب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المكس ِ‬ ‫والرجفة‬ ‫ب الما ِّد ِّي ‪َّ ،‬‬ ‫ولكنَّهم كانوا يتعا َم ُل َ‬ ‫فعذ َب ُهم الل ُه‬ ‫ون بالغ ِّش والتَّطفيف َبحث ًا عن‬ ‫َ‬ ‫بالرج َف ِة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫عمران قوم سبأ‬ ‫والسيل العرم‬

‫إنجاح ِّ ِ‬ ‫وأما قوم س�بأٍ كانت حضارتُهم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫المتفر َع ِة‬ ‫ناعات‬ ‫والص‬ ‫قائ َم ٌة على‬ ‫ُ‬ ‫الزرا َعة ِّ‬ ‫َّ ُ َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫‪86‬‬


‫المعم�ار ـ كما هو ف�ي َع ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي�س ـ إال َأنَّهم كفروا‬ ‫عنه�ا واإلب�دا ِع ال َفنِّ�ي ف�ي‬ ‫�رش َبلق َ‬ ‫فعذ َب ُهم الل ُه بِ َس ِ‬ ‫وأعرضوا َّ‬ ‫السدَّ وكان سبب ًا في ِهجراتِهم وانقطا ِع‬ ‫يل ال َع ِر ِم الذي َهدَّ م َّ‬ ‫حضارتِهم ِ‬ ‫سور ِة الن ِ‬ ‫الواس� َع ِة وكانوا يع ُبدُ ون َّ‬ ‫َّمل‪ ،‬بقوله‬ ‫�مس َ‬ ‫الش َ‬ ‫ووص َفهم الله في َ‬ ‫َ‬ ‫ده ِد ُس َل َ‬ ‫يمان‪ :‬ﮋ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬ ‫ُم َع ِّبر ًا عن قول ُه ُ‬

‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﮊ [النمل‪.]٢٤ :‬‬

‫ٍ‬ ‫الفرعونِي� ُة فكانت ِ‬ ‫وأم�ا الحض�ار ُة ِ‬ ‫الزرا َع ُة‬ ‫إبداع�ات ُمت َِّنو َع ًة ومنه�ا‬ ‫قائ َم� ًة على‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫الحضارة‬ ‫ِ‬ ‫المعاد ِن ونِظا ِم الري والس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي الفرعونية وتعدد‬ ‫ِ‬ ‫�دود والنِّظا ِم‬ ‫واس�تخراج‬ ‫البناء‬ ‫والصنا َع� ُة و َف ُّن‬ ‫اإلدار ِّ‬ ‫َّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫العقوبات‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫حر أمامه َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫فعذ َبهم‬ ‫وبعث الله لهم موسى ش‬ ‫فكذ ُبو ُه وأظهروا مهاراتهم في ِّ‬ ‫والض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حضارتِهم‬ ‫فاد ِع والدَّ ِم ‪ُ ،‬ث َّم كانت نِها َي ُة‬ ‫العذاب‬ ‫بأصناف‬ ‫الله‬ ‫كالجراد وال ُق َّم ِل َّ‬ ‫ِ‬ ‫رعون وجن ِ‬ ‫إغراق فِ‬ ‫المعروف (بِ َب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُود ِه في ال َب ِ‬ ‫ُ‬ ‫حر ال َق َلز ِم)‪.‬‬ ‫األحمر‬ ‫حر‬ ‫َ ُ‬

‫إس�رائيل ـ وكانت بادي ذي ب ٍ‬ ‫اليهودي� ُة ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫دء‬ ‫الع ِبر َّي ُة وهي حضار ُة بني‬ ‫والحض�ار ُة‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫صور متعدِّ ٍ‬ ‫قائم ًة على الر ِ‬ ‫َ‬ ‫بط بين الدِّ يان َِة والت ِ‬ ‫إس�رائيل بين‬ ‫دة ـ ولك َّن بني‬ ‫ّاريخ عبر ُع ٍ ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫عذاب ِ‬ ‫الحي�ن والحين كان�وا يخالِفون الدِّ يان َة فيت َع َّرض�ون لِ ِ‬ ‫الله و َغ َضبِ�ه‪َ ،‬بدء ًا ِمن‬

‫صر موس�ى وما تلاه من ال ُع ِ‬ ‫َع ِ‬ ‫َ�و ِع معاصيهم ‪ ،‬وقد‬ ‫صور‪ ،‬وكان عذا ُب ُه�م ُم َتن َِّوع ًا بِ َتن ُّ‬ ‫أكثر ِمن س�ور ٍة ‪ِ ،‬‬ ‫العزيز في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن ذلك قت ُلهم ألن ُف ِس�هم‬ ‫وص�ف الل ُه ذل�ك في كتابه‬ ‫َ‬ ‫بت ‪ ،‬وضيا ُعهم في الت ِ‬ ‫يد السم ِك عليهم يوم الس ِ‬ ‫الله وتحريم ص ِ‬ ‫بأمر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّيه أربعي َن عام ًا‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َّ َ‬

‫الش�حو ِم عليهم ‪ ،‬وهذا ُك ُّله في َع ِ‬ ‫وتحريم ُّ‬ ‫تعرضوا‬ ‫‪،‬‬ ‫صر موس�ى ‪ ،‬وفي ما بعد ذلك َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للم ِ‬ ‫الكريم�ة وكما ورد في‬ ‫اآليات‬ ‫بعض‬ ‫س�خ ِق َ�ر َد ًة‬ ‫وخنازير وصاروا كما ذك�رت ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف ف�ي ال َع ِ‬ ‫صر‬ ‫يعر ُ‬ ‫ُكتُ�ب الحدي�ث وس�ائ َل لتَحري�ف الكَل ِم ع�ن مواضعه وه�و ما َ‬

‫عهود ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحدي�ث بالدَّ َج ِ‬ ‫أنبيائ ِهم‬ ‫الحقائ ِق ‪ ،‬وقد اس�ت َ​َم ُّروا على ذلك من�ذ‬ ‫وتزييف‬ ‫�ل‬ ‫ِ‬ ‫ماوي ِة والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫األرض إلى‬ ‫فسدون في‬ ‫الس ِ َّ‬ ‫ُ‬ ‫حرفو ال ُكتُب َّ‬ ‫حتّى اليو َم وهم َق َت َل ُة األنبياء و ُم ِّ‬ ‫‪87‬‬

‫الحضارة العبرية‬ ‫وتنوع اآليات‬


‫ِ‬ ‫صر الدَّ َّج ِ‬ ‫نِها َي ِة َع ِ‬ ‫اإلسراء بقوله ‪ :‬ﮋ ﮀ‬ ‫وص َفهم الله بذلك في س�ورة‬ ‫ال‪ ،‬وقد َ‬

‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮊ [اإلسراء‪.]٤ :‬‬

‫مصاد ِر فِقه التَّحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت تأصي ً‬ ‫الس�نَّ ُة ّ‬ ‫وسرد ًا‬ ‫الش�ري َف ُة مصدر ًا ها ّم ًا من‬ ‫ُّ‬ ‫ال َ‬ ‫كما تُع َت َب ُر ُّ‬ ‫السنة الشريفة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم َح َّمد َّي�ة تصا ُعد ّي ًا إلى (آد َم) أو‬ ‫تناول َ‬ ‫واعتناؤها بفقه تاريخ ّي� ًا س�وا ًء في ُ‬ ‫الرس�الة ُ‬ ‫مرح َلة ما قبل ِّ‬ ‫التحوالت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫باركَة التي عاشها ‪ m‬في َم َّك َة‬ ‫والمدينة أوفيما أخبر عنه ‪ m‬عن‬ ‫الم َ‬ ‫تقرير ًا للمرحلة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫والفت َِن وم ِضلاّ ِ‬ ‫�اعة وأش�راطِها ِ‬ ‫عالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ساحة الحياة‬ ‫الفت َِن التي تكون على‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إلى قيام الس ِ‬ ‫حديث ِ‬ ‫ِ‬ ‫عمرو‬ ‫«صحيح ُمسل ٍم» من‬ ‫�اعة ‪ ،‬ويؤ ِّيدُ هذا المعنى ما ورد في‬ ‫ّ‬ ‫األنصاري رضي الله عنه قال‪ :‬ص َّلى بنا ر ُ ِ‬ ‫جر ‪ ،‬وصعد‬ ‫أخطب‬ ‫بن‬ ‫ِ ِّ‬ ‫َ‬ ‫سول الله ‪ m‬ال َف َ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحدي�ث ‪ ،‬وفيه ق�ال ‪َ « :‬فأخ َب َرنا بما‬ ‫هر ‪ ...‬إلخ‬ ‫المن َب َ�ر َف َخ َط َبن�ا حتّى حض�رت ال ُّظ ُ‬ ‫كان وبما هو ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫تأصيل فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫ِ‬ ‫وش�اهدُ نا هنا َ‬ ‫كائ ٌن ‪ ،‬فأع َل ُمنا أح َف ُظنا »‬ ‫الت‬ ‫حول‬ ‫ُّ‬ ‫صر ِه ‪ « m‬وما هو ِ‬ ‫قبل َع ِ‬ ‫تصا ُع ِد ّي ًا قو ُل ُه « فأخ َب َرنا بما كان» ‪ ،‬أي‪ :‬ما َ‬ ‫كائ ٌن» أي‪ :‬في‬ ‫ِ‬ ‫عهد ِه ‪ m‬وما يأتي بعدَ ه إلى قيا ِم الس ِ‬ ‫اعة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سم ِ‬ ‫ين‪:‬‬ ‫السنَّة في فقه الت ُّ‬ ‫َّحوالت واالستدالل بها فين َقس ُم الى ق َ‬ ‫وأما مفهو ُم ُّ‬

‫وقواع�دَ ‪ :‬وه�و م�ا ُأص َل ب�ه فِق�ه التَّح�و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الت وتم َّي َز ب�ه قراء ًة‬ ‫تأصي�ل‬ ‫قس�م‬ ‫‪-1‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫واستِدالالً‪.‬‬ ‫رعي وتعلي ُلها ورب ُطها بما ي ِ‬ ‫ّاريخ َّ ِ‬ ‫‪ -2‬سرد ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫وقائ ِع الت ِ‬ ‫مان‪.‬‬ ‫ناس ُبها من َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الش ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والز ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫للس�ن َِّة َّ‬ ‫والمكان دون‬ ‫مان‬ ‫أساس هذا العلم‬ ‫َّص َّ‬ ‫بط الواعي بين الن ِّ‬ ‫ُ‬ ‫الش�ري َفة َّ‬ ‫وأس�اس القرا َءة ُّ‬ ‫هو الربط الواعي‬ ‫�هر والس�ن َِة بل ت َُذكِّ�ر بِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الز َمنِ َّي ِة باليو ِم َّ‬ ‫ِ‬ ‫موم َّيتِها لما‬ ‫األفراد أو الت‬ ‫تحدي�د‬ ‫َّواريخ َّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫والش ِ َّ‬ ‫بعموم الزمان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دون‬ ‫أو المكان‬ ‫في ذلك من التَّش�ا ُبه الذي ال ُيمك ُن معر َف ُت ُه بالتَّخمين والتَّقدير ال َعقالن ِّي ‪ ،‬وفي هذا‬

‫تحديد‪ ،‬فالتحديد‬ ‫مزلة كبرى‬ ‫((( صحيح مسلم (‪ ، )7449‬وانظر إتحاف التويجري (‪.)14 :1‬‬

‫‪88‬‬


‫عالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األشخاص‬ ‫اعة‪ ،‬فمنهم َمن َر َب َط بين‬ ‫المت َ​َحدِّ ثين عن‬ ‫ّ‬ ‫كثير من ُ‬ ‫الباب َز َّل ٌ‬ ‫الحديث كالم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مرحلة وبين من أشار إلى ُظ ِ ِ‬ ‫هد ِّي على سبيل المثال‪،‬‬ ‫َص‬ ‫في‬ ‫هورهم ن ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫غير مسم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫كر َ‬ ‫يات‪.‬‬ ‫الخ َب ِر تقريبِ ّي ًا من ِ ُ َ َّ‬ ‫فالمعت َ​َمدُ ذ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ش�رع ّي ًا كما سبق‬ ‫واعتبارها فِقه ًا‬ ‫وركنِ َّيتِ ِه‬ ‫ف‬ ‫عر ُ‬ ‫الس�اعة ُ‬ ‫تأصيل العل ِم بِعالمات ّ‬ ‫و ُي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الس�ا َع ِة» ‪ ،‬قال ما‬ ‫لحديث‬ ‫خالل ِقرا َءتِن�ا‬ ‫ذك�ر ُه م�ن‬ ‫جبري�ل ش ‪« :‬أخبِرني عن ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫ُ‬ ‫�ائل قال ‪ :‬أخبِرن�ي عن أماراتِها‪ ،‬ق�ال ‪ :‬أن ت َِلدَ األَ َم ُة‬ ‫المس�ؤول عنه�ا بِأع َل َم من َّ‬

‫ربتَه�ا وأن ت�رى الحفا َة العرا َة ِرعاء َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثت‬ ‫�م‬ ‫َ‬ ‫انطلق ف َلبِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫الش�اة يتطاول�ون في ال ُبنيان ‪ُ ،‬ث َّ‬ ‫َ‬ ‫م ِلي� ًا ‪ ،‬ق�ال ‪ :‬ي�ا ُعمر أت�دري من الس ِ‬ ‫�م ‪ ،‬قال ‪ :‬ذاك‬ ‫�ائ ُل ؟ ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫قلت ‪ :‬الل ُه ورس�و ُل ُه أع َل ُ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬ ‫‪.‬وحديث األعرابي الس ِ‬ ‫ِج ُ‬ ‫ُ‬ ‫�ائ ِل‬ ‫أمور دينِكُم ‪ ،‬أو ُي َع ِّل ُمكُم دينَكُم‬ ‫ِّ ّ‬ ‫بري�ل أتاكم ُيع ِّل ُمكم َ‬ ‫ِ‬ ‫السا َع َة»‪ ،‬قال‪ :‬كيف إضا َعتُها؟‬ ‫الس�اعة فقال ‪« : m‬فإذا ُض ِّيعت األما َن ُة فانتظر ّ‬ ‫عن ّ‬ ‫ِ‬ ‫قال‪« :‬إذا وسدَ األمر إلى ِ ِ ِ‬ ‫السا َع َة»(((‪.‬‬ ‫غير أهله فانتَظ ِر ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬

‫صول التَّحو ِ‬ ‫وهذه ِ‬ ‫وإش�ارات بينَ ُة المقص ِد ِ‬ ‫واض َح ُة المعنى في ُح ِ‬ ‫الت على‬ ‫مالم ُح‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ثمرة الدراسة لفقه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م ِ‬ ‫َقض ُع َرى الدِّ ِ‬ ‫اإلسلام َّي ِة ون ِ‬ ‫ال له أعلى مراتِ ِ‬ ‫التحوالت‬ ‫ين و َت َب ُّو ِؤ الذين ليسوا أه ً‬ ‫ب‬ ‫الحياة‬ ‫حيط‬ ‫ُ‬ ‫الكون إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واالنحراف و ُق ِ‬ ‫القيا َم ِة‪.‬‬ ‫رب نِها َي ِة‬ ‫االنحدار‬ ‫قرار ِه‪ ،‬وأنَّها عالم ٌة تدُ ُّل على‬ ‫األمر أن ي ِنق َذ المرء ما ي ِ‬ ‫مك ُن إنقا ُذ ُه م�ن ِ‬ ‫أمر ُ‬ ‫الم َع َّب ِر عنه في‬ ‫يص ِة‬ ‫الخ َو‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫و َث َم َ�ر ُة ه�ذا ِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ثمرة هذا العلم‬ ‫َّخ َذ المرء لِن ِ‬ ‫َفس َك» أو أن يت ِ‬ ‫الله ‪ِ m‬من قوله‪« :‬فعليك بِ ُخويص ِة ن ِ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َفس ِه‬ ‫حديث‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫لجأ ِمن ِ‬ ‫َمالذ ًا أو َم ً‬ ‫ُ‬ ‫قضائ ِه و َقدَ ِر ِه‬ ‫ويسأل الل َه العافي َة فيما ُيجريه ِمن‬ ‫الفت َِن و ُم ِضلاّ تِها‪،‬‬

‫ِ ِ‬ ‫يض َة اإلسلا ِم من ه ِ‬ ‫عل�ى ِع ِ‬ ‫حرفون‬ ‫باده ويح َف َظ َب َ‬ ‫يمنَ�ة الدَّ َج ِل والدَّ جاج َل�ة الذين ُي ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫األرض َفساد ًا والله ال ي ِحب الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫فسدين‪.‬‬ ‫الك َِل َم عن مواضعه و َيس َعون في‬ ‫ُ ُّ ُ‬ ‫((( البخاري (‪.)59‬‬

‫‪89‬‬


‫َ ِ ِ‬ ‫لات ابلدَّعوَةِ إلى هّٰ ِ‬ ‫حو ِ‬ ‫ٱلل‬ ‫علاقةُ فقه الت َّ ُّ‬

‫عالقة فقه‬ ‫التحوالت‬ ‫بالدعوة إلى الله‬

‫�رعي لمجرى التَّحو ِ‬ ‫َّرتيب َّ ِ‬ ‫يأت�ي فِقه الدَّ ع�و ِة إلى ِ‬ ‫الله في الت ِ‬ ‫الت س�ابق ًا لعل ِم‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الش ِّ‬ ‫إن فِقه الدَّ عو ِة إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫األُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الله بدأ‬ ‫َّدوين التي ُع ِر َفت فيما بعدُ ‪،‬‬ ‫ص�ول ومرح َل ِة الت‬ ‫َ‬ ‫حي�ث َّ َ‬

‫ِ ِ‬ ‫�رآن في ِ ِ‬ ‫ُزول ال ُق ِ‬ ‫من�ذ ن ِ‬ ‫ُ‬ ‫عو ُة ف�ي َم َّك َة وما حولها‬ ‫غار حرا َء‪ ،‬وبهذا الفقه انتش�رت الدَّ َ‬ ‫بالمدينة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫تأصيل َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أثناء‬ ‫سنوات‬ ‫شر‬ ‫ثالث َة َع َش َر عام ًا قبل‬ ‫الشريعة ال َع َمل َّية واألحكا ِم و َع َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسنَّ َة نب ِّي ِه‬ ‫َّكليفات الشرع َّي ِة ال َع َم ِل َّي ِة واألحكا ِم‪ ،‬وكان‬ ‫الت‬ ‫أساس هذا الفقه َ‬ ‫ُ‬ ‫كتاب الله ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم َح َّم ِد َّي� َة‪ ،‬قال تعالى عن ه�ذه ال َّثال َث ِة األُ‬ ‫‪m‬‬ ‫َ‬ ‫عو ِة‪:‬‬ ‫صول في فق�ه الدَّ َ‬ ‫واألخلاق ُ‬ ‫ﮋ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﮊ [األنع�ام‪ ، ]٨٩ :‬وقوله تعالى‪ :‬ﮋ ﭞ ﭟ‬

‫ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ‬

‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﮊ [الجمعة‪.]٢ :‬‬

‫ٍ‬ ‫الف ِ‬ ‫واستمر العم ُل بهذا ِ‬ ‫ووسيلة للمعام َل ِة بين الجميع قبل ُظ ِ‬ ‫قه ُ‬ ‫ٍ‬ ‫هور ِعل ِم‬ ‫سلوب‬ ‫كأ‬ ‫َ َّ َ َ‬ ‫حيث كان فِقه الدَّ عو ِة إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫األُ‬ ‫ص�ول وم�ا َت َف َّر َع عنه ُ‬ ‫الله وعا ًء لكا َّف ِة ال ُعلو ِم َيت َ​َح َّق ُق به‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�روعي ِة الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫دون ِ‬ ‫المس�ن َِد‬ ‫نجاح َم‬ ‫غي�ر ِه‬ ‫عوة إلى الل�ه في المجتمعات على َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫الوجه ُ‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المت َِّص ِل بال َّثوابِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عو ِة ‪،‬‬ ‫ت ال َّثال َث ِة‪:‬‬ ‫الس�نَّة ‪ ،‬النَّ ُب َّوة) وبانعدامه ـ أي‪ :‬فقه الدَّ َ‬ ‫(الكتاب ‪ُّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫الثوابت الثالثة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتفسدُ‬ ‫في فقه الدعوة والذي هو أيض ًا فق ُه الت ُّ‬ ‫تفسدُ عال َق ُة الدَّ اعي والعال ِم ُ‬ ‫َّحوالت ـ ُ‬ ‫بالمجت َ​َمعات ُ‬ ‫إلى الله‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫سلاح و‬ ‫وه ْي َمن َِة‬ ‫عو ِة والدَّ اعي‬ ‫وتتحو ُل الدعو ُة إلى ُس�ل َطة َ‬ ‫َّ‬ ‫المجت َ​َمعات بالدَّ َ‬ ‫عال َق ُة ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وهد ٍم ـ‬ ‫وو َه ٍن َ‬ ‫جاهات و ُطموحات‪ ،‬أو إلى ُخضو ٍع واستسلا ٍم واس�تتبا ٍع و ُعن�ف َ‬

‫جلسة بين‬ ‫األنبياء والرسل‬ ‫ناقشوا فيها فقه‬ ‫التحوالت‬

‫المراح ِل السابِ َق ِة ـ وكما نشهدُ ه اليوم في ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإلسالمي‪.‬‬ ‫العربي‬ ‫الواق ِع‬ ‫كما جرى في‬ ‫َ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إن االهتمام ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�اعة َ‬ ‫بل َّ‬ ‫األمور التي نَا َق َش�ها‬ ‫وعالمات‬ ‫التحوالت‬ ‫بفقه‬ ‫كان أحدَ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رس�ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والمعراج مع ن ْ‬ ‫ِ‬ ‫والرسل ‪ ،‬كما ورد في‬ ‫األنبياء‬ ‫ُخ َب ٍة ِم َن‬ ‫اإلس�راء‬ ‫الله ‪ m‬ليل َة‬ ‫‪90‬‬


‫ٍ‬ ‫�ول ال ّل ِه ‪ِ m‬لقي إِب ِ‬ ‫�ري بِرس ِ‬ ‫«لما كان ل ْيل َة ُأ ْس ِ‬ ‫ابن ماج ْه عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫راهيم‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ابن مس�عود قال‪ّ :‬‬ ‫وموس�ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫فلم ي ُك ْن ِعنْد ُه‬ ‫وعيسى ‪،‬‬ ‫الساعة فبدؤوا بِإِ ْبراهيم فس�أ ُلو ُه عنْها ‪ْ ،‬‬ ‫فتذاكروا ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِمنْها ِع ْلم ‪ُ ،‬ثم س�أ ُلوا موس�ى فلم ي ُكن ِعنْده ِمنْها ِع ْلم ‪ ،‬فرد ا ْل ِ‬ ‫حد ُ‬ ‫يث إِلى ِعيسى ا ْب ِن‬ ‫ٌ ُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ ّ‬ ‫ِ‬ ‫مري�م فق�ال ‪ :‬قدْ ُع ِهد إِ ِ‬ ‫لمها إِلاّ ال ّل ُه‪ ،‬فذكر‬ ‫وجبتها فأ ّما ْ‬ ‫ل�ي فيما ُدون ْ‬ ‫وجبتُها فلا ي ْع ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫وج‬ ‫فيس�ت ْقبِ ُل ُه ْم ْيأ ُج ُ‬ ‫فير ِج ُع الن ُ‬ ‫ّاس إِلى بِالده ْم ْ‬ ‫ُخ ُ�روج الدّ ّجال قال‪ :‬فأن ِْز ُل فأ ْق ُت ُل� ُه ‪ْ ،‬‬ ‫حدب ين ِْس� ُلون ‪ ،‬فال يم�رون بِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ماء إِلاّ‬ ‫ش�ي ٍء‬ ‫�م ِم� ْن ك ُِّل‬ ‫�وج ُ‬ ‫ومأ ُج ُ‬ ‫ش�ر ُبو ُه وال بِ ْ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫وه ْ‬

‫أن ي ِميتهم فتنْتُ�ن الأْ ر ُض ِمن ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫يح ِه ْم‬ ‫ْ‬ ‫إِلاّ أ ْفس�دُ و ُه ‪ْ ،‬‬ ‫ُ ْ‬ ‫�أرون إِل�ى ال ّله فأ ْد ُعو ال ّل�ه ْ ُ ُ ْ‬ ‫فيج ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بح ِر ‪،‬‬ ‫فيحم ُل ُه ْم ف ُي ْلق ِيه ْم في ا ْل ْ‬ ‫السماء بِا ْلماء ْ‬ ‫ْ‬ ‫فيج ُأرون إِلى ال ّله فأ ْد ُعو ال ّله ‪ ،‬ف ُي ْرس ُ�ل ّ‬

‫ِ‬ ‫ْس�ف ا ْل ِج ُ‬ ‫الساع ُة‬ ‫ُث ّم ُتن ُ‬ ‫لي متى كان ذلِك ْ‬ ‫كانت ّ‬ ‫بال وتُمدُّ الأْ ْر ُض مدّ الأْ دي ِم ‪ ،‬ف ُع ِهد إِ ّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِم ْن الن ِ‬ ‫جؤ ُه ْم بِ ِوالدتِها» (((‪.‬‬ ‫أه ُلها متى ت ْف ُ‬ ‫ّاس كا ْلحام ِل ا ّلتي ال يدْ ِري ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إبراهيم وموس�ى‬ ‫األربعة‬ ‫األنبياء‬ ‫عالق�ة‬ ‫الحديث إش�ار ٌة واضح ٌة إلى‬ ‫وفي ه�ذا‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫محمد ‪m‬‬ ‫الحديث َب َّي َن َّ‬ ‫أن َ‬ ‫وعلومها‪ ..‬إال َّ‬ ‫أن مخاطب َة‬ ‫سياق‬ ‫ بالساعة‬ ‫وعيسى ونب ِّينا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الساعة كانت َ‬ ‫َ‬ ‫بذلك‬ ‫لهم‬ ‫إبراهيم وموسى عن‬ ‫َ‬ ‫حول َو ْج َبتها ‪ ،‬أي‪ :‬قيامها ‪ ،‬فلم َي ُك ْن ْ‬ ‫َ‬ ‫علم‪ ..‬أما عيسى فقد َ‬ ‫اإلشكال بأمرين‪:‬‬ ‫أزال‬ ‫ٌ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫علم ِ‬ ‫كغيره‪.‬‬ ‫(‪َ )1‬أ َّن ُه أسندَ ع ْل َم الساعة في قيامها إلى الله ولم يك ْن ل ُه بها ٌ‬

‫الساعة فيما ُع ِهدَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫كشف عن ِ‬ ‫إليه وخاص ًة‬ ‫فقه الت َ​َّح ُّوالت والعل ِم بعالمات‬ ‫(‪َ )2‬أ َّن ُه‬ ‫َ‬ ‫أمر الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫في ِ‬ ‫ِ‬ ‫المتقار ِ‬ ‫ب حتّى ِق َي ِامها ‪.‬‬ ‫الزمن‬ ‫ومأجوج وما َب ِق َي م َن‬ ‫ويأجوج‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الس�اعة وعالماتها‬ ‫بالكش�ف عن‬ ‫المعني‬ ‫النبي محمدٌ ‪ m‬هو‬ ‫وعلى هذا‬ ‫ُّ‬ ‫فيكون ُّ‬

‫فيم�ا‬ ‫يخص الزم َن ُك َّل ُه ‪ ،‬وقد َأ ْف َص َح ‪ m‬عن هذا العل ِم كما س�يأتي َحتّى َص َار َأ َحدَ‬ ‫ُّ‬ ‫((( ابن ماج ْه (‪ ، )4071‬إسناده صحيح ‪« ،‬موسوعة الفتن» (‪.)135‬‬

‫‪91‬‬


‫ِ‬ ‫�ر الدَّ ْع�و ِة إلى ِ‬ ‫اع ِ‬ ‫َقو ِ‬ ‫ِ‬ ‫�د ن َْش ِ‬ ‫ِ‬ ‫مراح�ل الت َ​َّح ُّو ِل‬ ‫ش�ؤون األم� ِم في‬ ‫ومعالجة‬ ‫الل�ه تعالى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫والوه ِن وال ُغ َث ِ‬ ‫اء‪.‬‬ ‫َ َ‬

‫ترتكز الدعوة إلى‬ ‫الله على عاملين‬ ‫اساسيين‬

‫ين ِ‬ ‫َك ُز على ِ‬ ‫الله ترت ِ‬ ‫إن منه ِجي َة الدَّ عو ِة الى ِ‬ ‫أساس َّي ِ‬ ‫عام َل ِ‬ ‫ين‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ َّ‬ ‫ِ‬ ‫المت َِّص ِل ‪.‬‬ ‫عو ِة‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ -1‬فق ُه الدَّ َ‬ ‫بالسنَد ُ‬ ‫والسنَّ ُة َّ‬ ‫الكتاب ُّ‬ ‫األخالق الن ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّبو َّي ِة ـ واالستقا َم ُة‪.‬‬ ‫‪ -2‬فِق ُه الدَّ اعي‪ :‬النُّ ُب َّو ُة ـ أي‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�روط في ُح ِ‬ ‫واالهتداء بالمتبو ِع األع َظ ِم ‪ُ m‬‬ ‫ُ‬ ‫وتتحدَّ ُد هذه ُّ‬ ‫حيث‬ ‫االقتداء‬ ‫س�ن‬ ‫الش‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫تفر َع عنها ما وجب على‬ ‫إن حياتَ� ُه في ( َم َّك َة والمدينة) ُك َّلها في أساس�ها َد َ‬ ‫عوةٌ‪ُ ،‬ث َّم َّ‬ ‫واجبات شرعي ٍة ومس�ؤولِي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫األساس‬ ‫‪،‬فيكون على هذا‬ ‫ات اجتماع َّي ٍة‬ ‫المس�لمين ِمن‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫وحام ِل فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫فِقه الدَّ عو ِة َشرط ًا سابق ًا ِ‬ ‫ِ‬ ‫قه األُ‬ ‫لحام ِل َّ‬ ‫الشري َع ِة‬ ‫صول‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫دليل فقه الدعوة‬

‫ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫عو ِة قول�ه تعالى‪ :‬ﮋ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬ ‫ودلي�ل ذلك في فقه الدَّ َ‬

‫دليل فقه الداعي‬

‫دليل فِ ِ‬ ‫أن َ‬ ‫كما َّ‬ ‫ق�ه الدَّ اعي قوله تعالى‪ :‬ﮋ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬

‫ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﮊ [النحل‪.]١٢٥ :‬‬

‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﮊ [األحزاب‪.]٢١ :‬‬

‫والموع َظ ُة الحس�نَ ُة والمجاد َل ُة بالتي هي أحس�ن ف�ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآلية األولى فِق ُه‬ ‫كم� ُة‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫فالح َ‬ ‫دعو ٍة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫سول ِ‬ ‫واالقتداء واالهتِداء بِر ِ‬ ‫الله في اآل َي ِة ال ّثانِ َي ِة فِق ُه الدَّ اعي‪.‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬

‫شرط الداعي‬ ‫الحق‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبِهم�ا مع ًا يتح َّق ُق اإلسلا ُم في ُّ‬ ‫ش�روط‬ ‫وصورةً‪ ،‬ولهذا َفإِ َّن من‬ ‫معنى‬ ‫الش‬ ‫َ‬ ‫�عوب ً‬ ‫الش ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فقه الدَّ ِ ِ‬ ‫انتقال ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّسلس ِل َّ‬ ‫رع ِّي في‬ ‫َ‬ ‫عوة وفقه الدَّ اعي من مرحلة إلى مرحلة ُوجو ُد الت ُ‬ ‫الجانِ َب ِ‬ ‫ين‪:‬‬ ‫‪92‬‬


‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أوالً‪ :‬التَّسلس ُل َّ ِ‬ ‫عو ِة‪.‬‬ ‫بالسنَد في فقه الدَّ َ‬ ‫الشرع ُّي َّ‬ ‫ُ‬ ‫�رعي بالس�ن َِد في فِ ِ‬ ‫ثانيا‪ :‬التَّسلس ُ�ل َّ ِ‬ ‫قه الدَّ اعي‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭴ ﭵ ﭶ‬ ‫الش ُّ َّ‬ ‫ُ‬

‫ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫المت َِّص ِل ‪.‬‬ ‫[الجمعة‪]٤ - ٣ :‬‬ ‫السنَد ُ‬ ‫واإللحاق في َأ َحد معانيه إشار ٌة إلى َّ‬

‫س�اري َة الذي كان من ِ‬ ‫حديث ِ‬ ‫آخ ِ‬ ‫رباض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫�ر ما تك َّل َم به ‪ m‬في‬ ‫الع‬ ‫و ُيؤ ِّك�دُ ذل�ك‬ ‫بن ِ َ‬ ‫قه التَّح�و ِ‬ ‫صول فِ ِ‬ ‫حياتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ه وه�و ٌ‬ ‫الت ن َّص ًا وتطبيق ًا‪ ،‬فأ ّم�ا ن َُّص ُه فهو‪« :‬خط َبنا‬ ‫أصل من ُأ‬ ‫ُّ‬ ‫حديث العرباض‬ ‫س�ول ِ‬ ‫القلوب‪ُ ،‬قلنا‪ :‬ابن سارية وموقعه‬ ‫َر ُ‬ ‫الل�ه ‪ُ m‬خط َب ًة َبلي َغ� ًة ‪َ ،‬ذ َر َفت منها ال ُع ُ‬ ‫وو ِج َلت منه�ا‬ ‫ُ‬ ‫ي�ون ‪َ ،‬‬ ‫من فقه التحوالت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يا َر ُ‬ ‫والس�م ِع‬ ‫س�ول الل�ه ‪ ،‬ل َع َّلها ُخط َب ُة ُم�و ِّد ٍع ‪ ،‬فأوصنا؟ قال‪ُ :‬أوصيكُم بِتَقوى الله َّ‬ ‫وال َّطا َع ِ‬ ‫�ة ‪ ،‬وإن تَأ َّم َ�ر عليك�م عَب�دٌ ‪ ،‬إنَّ�ه َم�ن َي ِع�ش ِمنكم فس�يرى اختِالف� ًا كثير ًا ‪،‬‬ ‫الخ َل ِ‬ ‫اش ِدين الم ِ‬ ‫فاء الر ِ‬ ‫هد ِّيي َن ‪َ ،‬ع ُّضوا عليها بالن ِ‬ ‫وسن َِّة ُ‬ ‫َّواج ِذ ‪ ،‬وإ ّياكم‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫فع َليكُم بِ ُس�نَّتي ُ‬

‫ومحدَ ِ‬ ‫ثات األُ ِ‬ ‫مور ‪َ ،‬فإِ َّن ك َُّل بِد َع ٍة َضال َل ٌة»(((‪.‬‬ ‫ُ‬

‫وفي رواية أخرى‪« :‬اع ُبدوا الل َه وال ت ِ‬ ‫أمركم‬ ‫ُشركوا به شيئ ًا‪ ،‬وأطيعوا َمن ولاَّ ُه الل ُه َ‬

‫‪ ،‬وال ت ِ‬ ‫األمر أه َل ُه ولو كان َعبد ًا أس�و َد ‪ ،‬وعليكم بما ِ‬ ‫تعرفون من س�نة نبيكم‬ ‫ُنازعوا َ‬ ‫والخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لفاء الر ِ‬ ‫المهد ِّيين َع ُّضوا على ن ِ‬ ‫ُ‬ ‫َواج ِذكم‬ ‫اشدين‬ ‫بالحق»(((‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫تعرف�ون» كأنَّ�ه يري�دُ بها (م�ن س�نَّتي) أي‪ِ :‬‬ ‫وقول�ه‪« :‬بم�ا ِ‬ ‫حديث‬ ‫مواقفي‪ ،‬وف�ي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫واضح ٌة إلى َ ِ‬ ‫ومسلم إشار ٌة ِ‬ ‫ِ‬ ‫السم ِع وال َّطا َع ِة عند‬ ‫البخاري‬ ‫الباهلي الذي رواه‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫مسأ َلة َّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫حيث قال‪« :‬وال ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫القرار ُ‬ ‫األمر أه َل ُه وإن كان لكم»‪.‬‬ ‫االختالف على‬ ‫ُنازعوا َ‬

‫بتأصيل فِ ِ‬ ‫رواية مس�ل ٍم عن ُعقب� َة ابن ِ‬ ‫ِ‬ ‫عام ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫حديث َ‬ ‫قه‬ ‫آخ َر ل�ه عال َق ٌة ها َّم� ٌة‬ ‫�ر‬ ‫وف�ي‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫((( رواه أبوداود (‪ )4609‬والترمذي (‪.)2891‬‬

‫((( تاريخ دمشق (‪ )177 :40‬وقال فيه ابن عساكر ‪ :‬له متابعة‪.‬‬

‫‪93‬‬


‫التَّح�و ِ‬ ‫لس�ت أخش�ى عليكم أن ت ِ‬ ‫ُش�ركوا بعدي ‪ ،‬ولكن‬ ‫الت وه�و قو ُل ُه ‪« :m‬إنِّي‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫أخشى عليكم الدُّ نيا أن تنا َف ُسوا فيها فتَقتَتِلوا فتَه َلكوا كما هلك َمن كان قب َلكم»(((‪.‬‬ ‫قال ُعقب ُة‪ :‬فكانت آخر ما رأيت ‪ m‬على ِ‬ ‫المن َب ِر‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫قه التَّحو ِ‬ ‫تأصيل هام في فِ ِ‬ ‫الت ألُ ُم ٍ‬ ‫ين الحدي َث ِ‬ ‫هذ ِ‬ ‫وفي َ‬ ‫ور‪:‬‬ ‫ين‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ ٌّ‬ ‫تأصيل فهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّحوالت واالختالفات في َ‬ ‫فقه التحوالت‬ ‫القرار‬ ‫مسأ َلة‬ ‫‪-1‬‬ ‫تخصيص الحديث لما يجري من الت ُّ‬ ‫ُ‬ ‫لألحاديث‬ ‫(قرار الحك ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫والعل ِم) وليس في ن‬ ‫ُصوص ِه التَّع ُّب ِد َّي ِة فقط‪.‬‬ ‫ِ ُ‬ ‫السابقة‬

‫قه التَّحو ِ‬ ‫�ة فِ ِ‬ ‫تخ�دم فِقه الدَّ عو ِة في ِدراس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الت وهي ُس�نَّ ُة‬ ‫تأصي�ل ُس�ن ٍَّة َع َم ِل َّي ٍة‬ ‫‪-2‬‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫المواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‪.‬‬

‫قه الدَّ ِ‬ ‫تأصيل س�ن ٍَّة أخرى من فِ ِ‬ ‫(س�نَّ ُة الدِّ ال َل ِة)‬ ‫تفر َع عن هذا ال َفه ِم‬ ‫َ‬ ‫عوة وهي ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫كما َّ‬ ‫إقامة الدعوة وأمة‬ ‫رس�ول اللهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫عوة إلى الله تعالى ُم ُ‬ ‫نذ أن كان‬ ‫اإلجابة‬ ‫َّحوالت بالدَّ َ‬ ‫وبه�ذا َتت َ​َجدَّ ُد عال َق ُة فقه الت ُّ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫رع َّي ِ‬ ‫قه ِ‬ ‫ين َّ‬ ‫ين‪.‬‬ ‫‪ m‬في َم َّك َة والمدينَة َي َض ُع ألُ َّمته الف َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ •فِقه الدَّ ِ‬ ‫عو ِة ‪.‬‬ ‫عوة إلى الله بين ُأ َّمة اإلجا َبة و ُأ َّمة الدَّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ •فِقه العلو ِم َّ ِ ِ‬ ‫وس ٌ‬ ‫لوك ‪.‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫الشرع َّية عقيدَ ٌة وشريع ٌة ُ‬

‫ين كمادتَي ِعل ِم تَعب ٍد وديان ٍَة فقد حدَّ د ِ‬ ‫وكما وضع ‪ m‬ثوابِ َت ه َذ ِ ِ‬ ‫قه ِ‬ ‫أوع َيتها‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ين الف َ‬ ‫ف‪ ،‬وعند دراستِنا لِ ِ‬ ‫الموق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َب َش ِ‬ ‫الحام َل َة عنه سال َم َة الن ِ‬ ‫نماذ ِج التَّقسي ِم‬ ‫َّهج وعدا َل َة‬ ‫�ر َّي َة‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الش�ري َف ِة ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�نَّ َة الت ِ‬ ‫َجدُ َّ‬ ‫للس�ن َِّة َّ‬ ‫السنَّ ُة التي جرت‬ ‫َّقر ِير َّي َة هي ُّ‬ ‫أن ُّ‬ ‫لدى ُعلماء األُصول ُّ‬

‫ِ‬ ‫عل َب ِ‬ ‫لس�ان أو فِ ِ‬ ‫الس�ن َِّة‬ ‫الصحا َب ِة ئ‬ ‫على‬ ‫حصانات‬ ‫عض َّ‬ ‫وأقرها ‪ m‬وصارت ُجزء ًا من ُّ‬ ‫َّ‬ ‫النبي ‪m‬‬ ‫الش ِ‬ ‫َّ‬ ‫رع َّي ِة‪.‬‬ ‫لبعض أصحابه‬ ‫�ة بالتَّحو ِ‬ ‫�ف ذات العال َق ِ‬ ‫المواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتجريحه آخرين وف�ي ه�ذا ِ‬ ‫ضمار ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َج�دُ َّ‬ ‫الت قد‬ ‫أن ال َعديدَ ِمن‬ ‫الم‬ ‫ُّ‬ ‫وأهمية ذلك في‬ ‫فقه الدعوة‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)6117‬‬

‫‪94‬‬


‫ف وس ِ‬ ‫مواق ِ‬ ‫راج ِ‬ ‫بينت عَدَ م ِ‬ ‫ِ‬ ‫اند ِ‬ ‫وخاص ًة‬ ‫الصحا َب ِة ئ كاس ٍم ُم َج َّر ٍد‬ ‫�لوك‬ ‫َّ‬ ‫بعض َّ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّبي ‪ m‬أقوا َلهم‬ ‫الس�ن َِّة‬ ‫التقرير َّية ب�ل دمغ الن ُّ‬ ‫م َّم�ن وقعوا في دائ َرة النِّفاق في َمفهو ِم ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّبي ‪m‬‬ ‫وأب�ر َز إحدا َثهم وبِد َعتَه�م وت َ​َم َّي ُزوا عن‬ ‫َّبي ال ُع�دُ ول بما قال الن ّ‬ ‫أصحاب الن ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫فيهم‪ ،‬كقولِ ِه ‪ m‬في أحدهم ‪:‬‬ ‫«أو ُل َمن‬ ‫«يخر ُج من ضئضىء هذا أقوا ٌم»((( وقوله ‪َّ :‬‬ ‫ُ‬ ‫ي َغي�ر س�نَّتي رج ٍل من بني ُف ٍ‬ ‫الن » (((‪ ..‬وقوله ‪« :‬لو ُقتِ َ�ل اليوم ما اختلف رج ِ‬ ‫الن من‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ ِّ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫السنَّ ُة الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّبي‬ ‫َّقرير َّي ِة بِ ُخ‬ ‫ُأ َّمتي » (((‪ ...‬الخ وبهذه القواعد َّ‬ ‫أقر الن ُّ‬ ‫صوص الذين َّ‬ ‫تأصلت ُّ‬ ‫�ف فقد أصلت ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّب�ي ‪ m‬من أولئك‬ ‫أقوا َل ُه�م وأفعا َل ُهم‪ ،‬وأ َّما ُس�نَّ ُة‬ ‫مواق َ‬ ‫المواق ُ‬ ‫َّ‬ ‫ف الن ِّ‬ ‫الس�ن َِّة إلى البِد َع ِة سوا ًء كانوا أفراد ًا أو‬ ‫الذين خرجت أقوا ُلهم وأفعا ُلهم عن مفهو ِم ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫جماعات ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولهم تَسلس ٌ�ل في مقار َف ِة البِد َع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َب‬ ‫كقول ُح‬ ‫�ة القولِ َّي ِة‬ ‫س�مة وما تَرت َّ‬ ‫رقوص في الق َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ئضئ هذا » أي‪ :‬على مثالِ ِه ِ‬ ‫قول النَّبي ‪« : m‬يخرج من ِض ِ‬ ‫على ذلك من ِ‬ ‫ومن نمو َذ ِج‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫علي ِة كبِدع ِة ِ‬ ‫مدرس�تِ ِه وفِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الض ِ‬ ‫َّبي ‪m‬‬ ‫بناء‬ ‫مس�ج ِد ِّ‬ ‫َ‬ ‫ك�ره ‪ ،‬والبِد َعة الف َّ‬ ‫�رار الذي أمر الن ِّ‬ ‫َ َ َ‬

‫يدهم للي ِ‬ ‫وتأي ِ‬ ‫دم ِه ‪ ،‬والبِد َع ِة الت ِ ِ‬ ‫بِه ِ‬ ‫المنافِ ِقي َن ِ‬ ‫كموا َف َقتِهم َ‬ ‫هود والنَّصارى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أفعال ُ‬ ‫َّقرير َّية ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإقرارهم على الك ِ‬ ‫أقر ُه‬ ‫و ُمدعي النُّ ُب َّو ِة‬ ‫َّبي ‪ m‬وأصحابِه ‪ ،‬وما َّ‬ ‫ُفر فيما فع ُلو ُه ضدَّ الن ِّ‬ ‫والفاس ِقين ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫تأييد م ِ‬ ‫ويدخ ُل في البِد َع ِة الت ِ‬ ‫سيل َم َة الك ََّذ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّقرير َّي ِة‬ ‫اب ‪،‬‬ ‫المنافِ ِقين‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫بعض ُ‬ ‫آل الب ِ‬ ‫مواق ِ‬ ‫تأييد ِ‬ ‫تأخرين من ِ‬ ‫وار ِضدَّ ُع َ ِ‬ ‫ف ال ُّث ِ‬ ‫يت ت ِ‬ ‫َبرئ ًة‬ ‫م�ا يك ُت ُبه ُ‬ ‫ثمان وضدَّ ِ َ‬ ‫الم ِّ َ‬ ‫بعض ُ‬ ‫ِ‬ ‫ض�وض ومناه َض ًة للنَّم ِ‬ ‫أصحاب الم ِ‬ ‫لل َّظ َلم ِ‬ ‫وح َم َل ِة َم ِ‬ ‫نهج‬ ‫ط‬ ‫لك ال َع‬ ‫�ة ِم�ن‬ ‫ِ ُ َ‬ ‫األوس�ط َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫َ‬

‫((( صحيح مسلم (‪)2500‬‬

‫((( عزاه األلباني في السلسلة الصحيحة (‪ )329 :4‬إلى ابن أبي عاصم وحسن إسناده ‪.‬‬

‫((( رواه أحمد (‪ ، )42 :5‬وإسناده صحيح على شرط مسلم ‪« ،‬العراق في أحاديث الفتن» ألبي‬ ‫عبيدة مشهور حسن سلمان (‪. )53 :1‬‬

‫‪95‬‬

‫بعض البدع‬ ‫المدموغة من‬ ‫عهد الرسالة‬


‫الش ِ‬ ‫بعض الباحثين الم ِ‬ ‫الخال َف ِة األَ َب ِو ِّي النَّ َب ِو ِّي َّ‬ ‫عاصرين وينالون به‬ ‫رع ِّي‪ ،‬أو ما يكت ُب ُه ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫األكاديمي ِة والمراتِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بض والن ِ‬ ‫لمدارس ال َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّقض‬ ‫ُصر ٍة‬ ‫هادات‬ ‫الش‬ ‫َّ‬ ‫ب العلم َّية من تأييد ون َ‬ ‫الذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫عاصر ِة في ه ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫در َستِهم َّ‬ ‫وق َّي ِة‬ ‫جمتهم البِدع َّية على آل ال َبيت النَّ َب ِو ِّي ومن ار َت َب َط بِ َم َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الش ِ‬ ‫ب أهل السن َِّة والجما َع ِة ِ‬ ‫بعض ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫ِ‬ ‫مذاه ِ‬ ‫قه َّي ِة َّ‬ ‫رع َّي ِة‪.‬‬ ‫‪ ،‬أو ما اع َتنَقوه ِمن‬ ‫ُّ‬

‫‪96‬‬


‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫حو ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫لات‬ ‫وسنَّةُ ال ِّدلالة وموق ُعها من فقه الت َّ ُّ‬ ‫ُسنَّةُ المواقف ُ‬

‫ِ‬ ‫والجمع‬ ‫والس َير ِة حميد ًة كانت أو ذميم ًة‪،‬‬ ‫الس�نَّ ُة ُلغ ًة بال َّطري َق ِة‬ ‫ُ‬ ‫واألسلوب ّ‬ ‫ُع ِّر َفت ُّ‬

‫(س�نَ ٌن) ‪ ،‬ق�ال تعال�ى‪ :‬ﮋﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ‬ ‫ُ‬ ‫ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﮊ [الكه�ف‪ ]٥٥ :‬وس�نَّ ُة األولي�ن ِ‬ ‫مواق ُفه�م‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫�ير ِة وال َفه ِم والت ِ‬ ‫ُ‬ ‫المكا َب َر َة‬ ‫َّعليل‪ ،‬وق�د‬ ‫وماذه�ب إليه ُ‬ ‫تكون ُ‬ ‫والس َ‬ ‫آباؤهم من ال َّطريقة ِّ‬

‫العذاب فطلب المش�ركون‬ ‫األولين أنَّهم عاينوا‬ ‫والتَّح�دِّ َي‪ ،‬كما قال َّ‬ ‫َ‬ ‫اج‪ُ :‬س�نَّ ُة َّ‬ ‫الز َّج ُ‬ ‫أن قالوا‪ :‬اللهم إن كان هذا هو الح َّق من عندك فأمطِر علينا ِحجار ًة من الس ِ‬ ‫ماء‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬

‫غير َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرواي ُة من ِ‬ ‫فظ «في اإلسالم» َف َل ُه‬ ‫وفي الحديث‪َ « :‬من َس َّن ُسنَّ ًة َح َسنَ ًة وهذه ِّ‬ ‫أجرها‬ ‫وأجر َمن َع ِم َل بها»((( ومعنى « َمن َس� َّن ُس�نَّ ًة» يري�دُ عم َلها ل ُيقتدى به فيها ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وك ُُّل َمن ابتد َأ أمر ًا َع ِم َل به قو ٌم بعده قيل ‪ :‬هو الذي َسنَّ ُه‪.‬‬

‫ِ ِ‬ ‫تص�رف من لفظه�ا‪ ،‬قال اب�ن منظور‪:‬‬ ‫الس�ن َِّة وما‬ ‫َّ‬ ‫ك�ر ُّ‬ ‫تك�ر َر ف�ي الحديث ذ ُ‬ ‫وق�د َّ‬ ‫االصطالح َّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫فالس�نَّ ُة إنما ُيرا ُد بها‬ ‫والس�يرةُ‪ ،‬وأما في‬ ‫الش�رع ِّي ُّ‬ ‫(واألصل فيه ال َّطريق ُة ِّ‬ ‫ال وتقرير ًا ِم َّما لم ينطِق به ال ُق ُ‬ ‫َّبي ‪ m‬وندب إليه قوالً وفع ً‬ ‫رآن أو ما َل ِز َم‬ ‫م�ا أم�ر به الن ُّ‬ ‫تفسير ُه وتعلي ُل ُه من معانيه‪ ،‬ولهذا ُي ُ‬ ‫ُ‬ ‫قال في أد َّل ِة َّ‬ ‫القرآن‬ ‫والسنَّ ُة) أي‪:‬‬ ‫الشر ِع‬ ‫ُ‬ ‫(الكتاب ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫كضابط ن َِّص ٍّي لألحكا ِم‬ ‫األساس َّيان للتَّشري ِع‬ ‫والحديث) انتهى(((‪ .‬وهما المصدران‬ ‫رة لدى ع َل ِ‬ ‫منذ ِ‬ ‫المقر ِ‬ ‫ِ‬ ‫بداية َع ِ‬ ‫ماء األُ‬ ‫صول ُ‬ ‫صر التَّدوين‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ‬

‫((( أصل الحديث في مسلم (‪ )6975‬وهذه رواية مسند أحمد (‪.)19721‬‬ ‫ِ‬ ‫يم ًة‪،‬‬ ‫�ير ُة َح ِميدَ ًة كَان ْ‬ ‫َت َأ ْو َذم َ‬ ‫الس َ‬ ‫الس�نَّ ُة ِّ‬ ‫الس�نَّ ُة ال َّط ِري َق ُة َو ُّ‬ ‫((( لس�ان العرب (‪ ، )220 :13‬وفيه‪َ :‬و ُّ‬ ‫وا ْلجمع سنَن ِم ْث ُل ‪ُ :‬غر َف ٍة و ُغر ٍ‬ ‫ف‪.‬‬ ‫َ َ ْ ُ ُ ٌ‬ ‫ْ َ َ‬

‫‪97‬‬

‫التعريف بلفظ‬ ‫«السنة» لغة‬ ‫واصطالحا‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وتجعل ِع ْل َم‬ ‫المواق�ف ‪،‬‬ ‫الس�نَّ َة مفهو َم‬ ‫م�ع أن َ‬ ‫بع�ض ِروايات األحادي�ث ُت ْعطي ُّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اًّ‬ ‫بصدَ ِدها‪ ،‬فقد َر َوى‬ ‫الحديث‬ ‫مس�تقل عنها‪ ،‬وهو ما ُي َؤ ِّيدُ ُس�نَّ َة المواقف ا ّلتي نح ُن َ‬ ‫ِ‬ ‫علي ‪ v‬قال‪َ :‬خ َر َج‬ ‫والخطيب‬ ‫الطبراني‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫والرا َم ُه ْر ُم ِز ُّي بأسانيدهم عن ٍّ‬ ‫البغدادي ّ‬ ‫ُّ‬

‫رسول ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫خلفاؤ َك‬ ‫الله و َمن‬ ‫قلت‪ :‬يا‬ ‫«الله َّم ْار َح ْم ُخ َل َف ِائي»‪ ،‬قال‪ُ :‬‬ ‫ُ‬ ‫رسول الله ‪ m‬فقال‪ُ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُون ِمن َب ْع ِدي َي ْر ُو َ‬ ‫قال‪« :‬ا َّل ِذي َن َي ْأت َ‬ ‫َّاس»(((‪.‬‬ ‫ون َأ َحاديثي َو ُسنَّتي َو ُي َع ِّل ُمون َ​َها الن َ‬ ‫ِ‬ ‫غاير له�ا‪ ،‬والتي هي‬ ‫الحديثي هنا (أحاديثي)‬ ‫فالن�ص‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫(س�نَّتي) و ُم ٌ‬ ‫للس�ن َِن ُ‬ ‫س�ابق ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫األمر ما رواه‬ ‫حي�ث‬ ‫ومنفص�ل عنها من‬ ‫المواق�ف) ‪،‬‬ ‫(س�ن ُن‬ ‫ُ‬ ‫التعريف ‪ ،‬و ُي َؤ ِّيدُ ه�ذا َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫«يكون َب ْع ِدي َأ ِئ َّم ٌة َي ْهتَ�دُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ون بِ َهدْ ِيي وال‬ ‫حدي�ث‬ ‫حجر في «الفتح» من‬ ‫الحاف�ظ اب� ُن‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّون بِ ُس�نَّتِي»‪ ،‬والمعل�و ُم ّ‬ ‫َي ْس� َتن َ‬ ‫الش�ريف وما‬ ‫بالحديث‬ ‫العلم‬ ‫النبوي ه�و‬ ‫الهدي‬ ‫أن‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المواقف‬ ‫الحديثية‪ ،‬وإنما هي‬ ‫بالنص�وص‬ ‫الس�نَّ ُة هنا فال عالق َة لها‬ ‫ُ‬ ‫َت َف َّ�ر َع عنه ‪ ،‬وأما ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فس�نَّ ُة‬ ‫الخاص ُة به صلى الله عليه وآله وس�لم في‬ ‫تطبيق العل ِم وثمراته ‪ ،‬وعلى هذا ُ‬

‫سنة المواقف‬ ‫وسنة الداللة‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وس ُ‬ ‫وخلفائه ‪ m‬فيما يعا َم ُل‬ ‫فات المتبو ِع األع َظ ِم‬ ‫َصر ُ‬ ‫�لوك وت ُّ‬ ‫المواقف هي طريق ُة ُ‬ ‫الموق ِ‬ ‫ِ‬ ‫األخذ بالجرير ِة وات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والم ِ‬ ‫ف‬ ‫ِّخاذ‬ ‫األخلاق وعَدَ ِم‬ ‫عار ُض ِمن َس� َع ِة‬ ‫َ‬ ‫المواف ُق ُ‬ ‫به ُ‬ ‫ِ‬ ‫رس�ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ناس ِ‬ ‫الو ِ‬ ‫وحصانة‬ ‫الل�ه ‪، m‬‬ ‫واألخالق في‬ ‫صم ِة‬ ‫�ب بِحصانَ�ة َ‬ ‫ح�ي والع َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫قه الدَّ عو ِة إلى ِ‬ ‫الخلفاء‪ ،‬وهي أساس فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله‪.‬‬ ‫والعدالة في‬ ‫والسند‬ ‫والتوفيق‬ ‫االجتهاد‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫المهديين فه�ي م�ا اجته�دوا فيه ِم�ن ات ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأم�ا سنَّ ُة ُخ َلفائِ ِه الر ِ‬ ‫الموقف‬ ‫ِّخاذ‬ ‫اشدين‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫انحياز وال َغ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫للسن َِن ِ‬ ‫الوار َد ِة بما تقتضيه المص َل َح ُة العا َّم ُة من ِ‬ ‫مط َح ٍّق‬ ‫غير‬ ‫بعد النَّ َظ ِر ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تفريط‪.‬‬ ‫إفراط وال‬ ‫لأِ َ َح ٍد وال‬ ‫((( ضعيف ‪ ،‬من مراسيل الحسن ‪" ،‬صون الشرع الحنيف" ‪ ،‬عمرو عبدالمنعم‪ ،‬والحظ رواية‬

‫الخطيب البغدادي في شرف أصحاب الحديث «اللذين يحيون سنتي من بعدي ويعلمونها‬ ‫عباد الله» وقد تقدمت في فصل علماء الفتنة وفقه التحوالت ‪.‬‬

‫‪98‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫موقف اإلما ِم عل�ي ‪ v‬في ِ‬ ‫قبول ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخلفاء‬ ‫والعم�ل ِبه مع‬ ‫الخالفة‬ ‫قرار‬ ‫ومنه�ا‬ ‫ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البعض‬ ‫احتج به‬ ‫وسلامة‬ ‫االس�تقرار‬ ‫تحقيق‬ ‫على‬ ‫ُ‬ ‫النص الذي َّ‬ ‫االستمرار مع وجود ِّ‬ ‫ِ‬ ‫دون ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وج�وب خالفتِ�ه َ‬ ‫الخلفاء الراش�دي َن‪،‬‬ ‫س�نن‬ ‫غيره‪ ،‬فموق ُفه يعدُّ س�ن ًة من‬ ‫عل�ى‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫يحمل البيع َة العام َة‬ ‫الخالفة وهو‬ ‫الحسن ‪ v‬في تنازلِه عن‬ ‫موقف اإلما ِم‬ ‫ومنها‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫الحس�ين ‪ v‬بخروج�ه من أرض الحجاز‬ ‫موقف اإلما ِم‬ ‫من المس�لمين‪ ،‬ومنها‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قض�اء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫الله‬ ‫يتأخر عن‬ ‫مقت�ول‪ ،‬فلم‬ ‫يعل�م أنه‬ ‫والحرب وهو‬ ‫الدم�اء‬ ‫لتجنيبِه�ا َم َغ َّب� َة‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫دون ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫حرب أو ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫البيت َ‬ ‫قتال‪،‬‬ ‫رغبة في‬ ‫جملة م�ن آل‬ ‫العراق مع‬ ‫خرج إلى‬ ‫وق�دره‪ ،‬بل َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وفريق‬ ‫فري�ق المحبي� َن المتخاذلي َن‬ ‫الح َّج َة على‬ ‫وإنم�ا‬ ‫ٌ‬ ‫نبوي أقا َم ب�ه ُ‬ ‫أبوي ٌّ‬ ‫موق�ف ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫المبغضي َن القاتلي َن‪َّ ،‬‬ ‫الدين‪.‬‬ ‫بإحسان إلى َي ْو ِم‬ ‫البيت و َمن تب َعهم‬ ‫وظل درس ًا آلل‬ ‫عو ِة بِ ُشروطِ ِه‪.‬‬ ‫والرشدُ هو‬ ‫تسلس ُل فقه الدَّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫واالهتداء هو تسلس ُل سن َِد فِ ِ‬ ‫قه الدَّ اعي بِ ُشروطِ ِه‪.‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬

‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النبوي‬ ‫الهدي‬ ‫ودالل�ة وبين‬ ‫كموقف‬ ‫الس�ن َِّة‬ ‫و ُي َؤ ِّي�دُ هذا المعنى في‬ ‫ِّ‬ ‫التفصيل بي َن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حديث حذيف َة ِ‬ ‫َ‬ ‫اليم�ان من قوله ‪:v‬‬ ‫بن‬ ‫كأحادي�ث وعل�و ٍم وأحكا ٍم م�ا ور َد في‬

‫رس�ول ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الش�ر َم َخا َف َة َأ ْن‬ ‫الل�ه ‪ m‬عن الخير وكنت أس�أله عن‬ ‫يس�ألون‬ ‫الن�اس‬ ‫كان‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫خير؟ قال‪ :‬قال ‪َ :‬نعم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشر من ٍ‬ ‫وفيه‬ ‫ُيدْ ِركَني ‪ ...‬إلى أن قال‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫فقلت‪ :‬هل بعدَ ذلك ِّ‬ ‫ُّون بِ َغ ْي ِر ُس�نَّتِي َو َي ْهتَ�دُ َ‬ ‫َد َخ� ٌن‪ ،‬قال‪َ :‬و َما َد َخنُ ُه؟ قال‪ :‬قو ٌم َي ْس� َتن َ‬ ‫ف‬ ‫ون بِ َغ ْي ِر َهدْ ِيي َت ْع ِر ُ‬

‫ِمن ُْه ْم َو ُتن ِْك ُر(((‪ .‬وفي حديث مس�لم اآلخر ‪َ :‬أ َّن َر ُس َ‬ ‫�ول ال َّل ِه ‪َ m‬ق َال‪َ :‬ما ك َ‬ ‫َان ِم ْن نَبِ ٍّي‬ ‫ون بِ َهدْ ِي ِه َو َي ْس َتن َ‬ ‫ون َي ْهتَدُ َ‬ ‫َان َل ُه َح َو ِار ُّي َ‬ ‫إِلاَّ َو َقدْ ك َ‬ ‫ُّون بِ ُسنَّتِ ِه(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشريف وما َت َف َّر َع عنه‬ ‫بالحديث‬ ‫العلم‬ ‫النبوي هو‬ ‫الهدي‬ ‫والمعلو ُم كما س�بق أن‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫((( مسلم (‪.)3434‬‬ ‫((( مسلم (‪. )50‬‬

‫‪99‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحديثية‪،‬‬ ‫بالنص�وص‬ ‫�مى ال عالق َة له‬ ‫فم َس ًّ‬ ‫من األحكا ِم الش�رعية‪ ،‬وأما الس�ن ُة هنا ُ‬ ‫ِ‬ ‫تطبي�ق العل� ِم وثمراتِه‪ ،‬وتم ُّي ُ�زه ‪ m‬في‬ ‫المواق�ف الخاص ُة ب�ه ‪ m‬في‬ ‫وإنم�ا ه�ي‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبالناس‪.‬‬ ‫باألمور‬ ‫معامالتِه واهتماماتِه‬

‫عبد ِ‬ ‫بن ِ‬ ‫ِ‬ ‫حديث ِ‬ ‫جابر ِ‬ ‫الله َأ َّن النَّبِ َّي ‪َ m‬ق َال لِ َك ْع ِ‬ ‫ب ْب ِن ُع ْج َرةَ‪َ :‬أ َعا َذ َك ال َّل ُه ِم ْن‬ ‫وف�ي‬ ‫اء ‪َ ،‬ق َال‪ :‬وما إِمار ُة الس� َفه ِ‬ ‫إِم�ار ِة الس� َفه ِ‬ ‫ُون بع ِ‬ ‫اء ؟ َق َ‬ ‫�دي لَ َي ْقتَدُ َ‬ ‫ون‬ ‫�ال ‪ُ :‬أ َم َرا ُء َيكُون َ َ ْ‬ ‫َ َ َ َ ُّ َ‬ ‫َ َ ُّ َ‬ ‫بِ َهدْ ِيي َولَ َي ْس� َتن َ‬ ‫ُّون بِ ُس�نَّتِي ‪َ ،‬ف َم ْن َصدَّ َق ُه ْم بِك َِذبِ ِه ْم َو َأ َعان َُه ْم َع َل�ى ُظ ْل ِم ِه ْم َف ُأو َل ِئ َك‬ ‫َل ْي ُسوا ِمنِّي َو َل ْس ُت ِمن ُْه ْم(((‪.‬‬ ‫والسنَّ ُة على هذا المعنى ت ُ‬ ‫واألساليب)‪ ،‬وهي ‪:‬‬ ‫(المواقف‬ ‫ص‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َخ ُّ‬ ‫ُّ‬

‫س�نن النبي ‪ m‬وأصحابِ�ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫وآل بيتِه ومن‬ ‫مواق�ف وس�ن ٌن نبوي ٌة رحماني ٌة من‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫بإحسان‪،‬‬ ‫تَبِ َع ُه ْم‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلفك‬ ‫وأه�ل‬ ‫الدجاجلة والمفس�دي َن‬ ‫ومواق�ف وس�ن ٌن ش�يطاني ٌة من ُس�ن َِن‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫«س� َيك ُ‬ ‫ُون َب ْعدَ أصحابي فتن� ٌة َي ْغ ِف ُر َه�ا الل ُه لهم‬ ‫والمنافقي�ن‪ ،‬يق�ول فيه�ا وآل بيت�ه ‪َ :‬‬ ‫بمحبتِهم إياي‪ ،‬ثم يس َتن بها قوم من ِ‬ ‫َ‬ ‫بعدهم‬ ‫النار» (((‪.‬‬ ‫َ ْ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫فيدخلون بهم َ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫الملل األخرى كما ف�ي حديث البخاري الش�هير ( َلتتب ُع َّن‬ ‫ومنها س�ن ُن أصح�اب‬

‫ُسنن َمن كان قب َلكم‪.((( )..‬‬

‫((( صحيح ‪ ،‬الحافظ ابن حجر ‪ ،‬األمالي المطلقة (‪. )213‬‬

‫((( تفس�ير القرطب�ي (‪ ،)391 :7‬والفتن�ة هي القتال الذي وقع بي�ن الصحابة رضي الله عنهم‪،‬‬ ‫وقد تقدم الكالم عن تحصين النصوص للصحابة ص‪. 25‬‬

‫((( قال الحافظ في الفتح‪ :‬بفتح الس�ين لألكثر ‪ ،‬وقال ابن التين‪ :‬قرأناه بضمها‪ ،‬وقال المهلب‪:‬‬ ‫قلت ‪ :‬وليس اللفظ األخير‬ ‫بالفتح أولى ألنه الذي يستعمل فيه الذراع والشبر وهو الطريق ‪ُ .‬‬

‫ببعيد من ذلك‪ .‬اهـ (‪.)378 : 20‬‬

‫‪100‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قسمين‪:‬‬ ‫المواقف) إلى‬ ‫تنقسم (سن ُن‬ ‫التفصيل‬ ‫وعلى هذا‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫خلفائ�ه الراش�دي َن‬ ‫ومواق�ف‬ ‫النب�ي ‪ m‬ومواق ُف�ه‬ ‫سن ٌة نبوي ٌة أبوي ٌة‪ ،‬وه�ي س�ن ُة‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫المهديي َن إلى يو ِم‬ ‫الدين(((‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمنافقين‪ ،‬وتقا ُبلها‬ ‫والكفار‬ ‫الدجاجلة‬ ‫ومواقف‬ ‫وسن ٌة أنوي ٌة شيطاني ٌة‪ ،‬وهي سن ُة‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫س�نن‬ ‫األمور‪ ،‬وهي ما يجري من‬ ‫ومحدثات‬ ‫الش�رعي (البدع ُة الس�يئ ُة)‬ ‫في المعنى‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمنافقين ويس�ت ُّن بها المس�لمون‬ ‫والدجاجلة‬ ‫الكفار‬ ‫ومواقف على أيدي أولئك‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعل ٍم أو ِ‬ ‫َّاس‬ ‫بغير عل ٍم‪ .‬وفي ذلك يقول ‪َ : m‬م ْن َأ ْح َيا ُس�نَّ ًة م ْن ُس�نَّتي َف َعم َل بِ َها الن ُ‬

‫ِ‬ ‫ك َ ِ‬ ‫ص ِم ْن ُأ ُج ِ‬ ‫ور ِه ْم َش� ْي ًئا ‪َ ،‬و َم ْن ا ْبتَدَ َع بِدْ َع ًة َف ُع ِم َل‬ ‫َان َل ُه م ْث ُل َأ ْج ِر َم ْن َعم َل بِ َها لاَ َينْ ُق ُ‬ ‫ِ‬ ‫بِها ك َ ِ‬ ‫ص ِم ْن َأ ْو َز ِار َم ْن َع ِم َل بِ َها َش ْي ًئا(((‪.‬‬ ‫َان َع َل ْيه َأ ْو َز ُار َم ْن َعم َل بِ َها لاَ َينْ ُق ُ‬ ‫َ‬ ‫قلت‪ :‬رحم الله ابن التين والمهلب لو رأوا زماننا وما فيه‪ ..‬إن ما وقفنا عليها من النصوص‬ ‫ُ‬

‫ذات المعاني المستجدة يرجح رواية الضم للسين التي ذكرها ابن التين ويبعد رواية الفتح‪.‬‬

‫فما وقعنا فيه نحن المس�لمين ليس تتبع الوسائل التي مضى عليها النصارى واليهود وليس‬

‫تقليده�م ف�ي تطوير دولهم وخط�وات التنمية في تعليمه�م وتربيتهم وثقافته�م وكأننا نتبع‬ ‫طريقهم‪ ،‬بل لقد تش�ربنا تفكيرهم حتى صارت س�يرنا كس�يرهم وتطابقن�ا معهم في الوالء‬

‫والبراء للدنيا والمال وكراهية الموت بل وفي مواقفنا من كل ما استجد تمام المطابقة‪.‬أي‪:‬‬

‫ربما كنا ننتهج أساليبهم كخارطة طريق في مرحلة العلمنة ‪ ،‬وأما اآلن فنحن نسخة منهم‪.‬‬

‫((( وم�ن س�نن الخلف�اء المهديين التي س�تأتي المواقف النبوي�ة في العدل الت�ي يحييها اإلمام‬ ‫المه�دي عند مجيئه والتي بها ينش�ر الخير في أرجاء المعم�ورة‪ ،‬ففي «المنار المنيف»‪... :‬‬ ‫فيقس�م المال ويعمل في الناس بس�نة نبيهم ويلقي اإلسلام بجرانه في األرض ‪ .‬وإس�ناده‬

‫حسن كما ذكر ابن القيم (‪.)110‬‬

‫والجميل أن اإلمام أبوعوانة اإلس�فراييني (‪ 316‬هـ) صاحب المس�تخرج على صحيح‬

‫وترجم ف�ي كتاب األم�راء (‪ )420 :4‬بقوله‪ :‬بيان ذكر الخب�ر الموجب طاعة‬ ‫ْ�و َن‬ ‫مس�لم َعن َ‬ ‫َ‬ ‫اإلمام وإن لم يهتد بهدي النبي ‪ m‬ولم يستن بسنته وإن ضرب ظهور رعيته‪.‬‬

‫((( صحيح لغيره ‪ ،‬األلباني ‪ ،‬صحيح ابن ماجه (‪.)174‬‬

‫‪101‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫موقعه‬ ‫البدعة إلى‬ ‫تعريف‬ ‫الس�اعة قد أعا َد‬ ‫وعالمات‬ ‫التحوالت‬ ‫وبهذا يكون فق ُه‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الشرعية للنبي‬ ‫المواقف‬ ‫فتكون البدع ُة األنوي ُة هي مخالف ُة‬ ‫السياس�ي‪،‬‬ ‫األساس�ي ال‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪m‬‬ ‫الش�رعية التي‬ ‫البدعة‬ ‫الدين‪ ،‬أما مفهو ُم‬ ‫وخلفائه الراش�دي َن المهديي َن إلى يو ِم‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�ن َِن‬ ‫الهدي‬ ‫َأ َّص َل َها الفقها ُء فهي مخالف ُة‬ ‫ِّ‬ ‫النبوي واألحكا ِم الش�رعية لما َث َب َت من ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األصول ومخرجاتِه وثمراتِه‪.‬‬ ‫المرتبطة بعل ِم‬ ‫والتقريرية‬ ‫والفعلية‬ ‫القولية‬

‫عفان يو َم ِ‬ ‫النبي ‪m‬‬ ‫الدار ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫نفسه وقال له‪ :‬ال ت ْ‬ ‫َخ َل ْعها‬ ‫عثمان ب َن‬ ‫أن َي ْخ َل َع َ‬ ‫ولهذا نهى ُّ‬ ‫لعثمان يو َم ِ‬ ‫�م ذل�ك اليو َم ُت ْفطِ ْر ِعن ِْدي‪ .‬قال عبدُ الله ب ُن ُع َم ٍ‬ ‫�ر ‪v‬‬ ‫َ‬ ‫الدار‪ :‬فال‬ ‫َو ُص ْ‬ ‫َخ َلع َق ِميص ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عليك‬ ‫الله‬ ‫فيكون ُسنَّ ًة ‪ُ :‬ك َّلما ك َِر َه قو ٌم خليف ًة َخ َل ُعو ُه َو َق َت ُلو ُه(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ت ْ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وق�د ت َ​َر َّس َ‬ ‫العباس�ي ‪ ،‬وكلما ك َِر َه‬ ‫العهد‬ ‫الضعف من‬ ‫مرحل�ة‬ ‫�خ ْت هذه البدع ُة في‬ ‫ِّ‬

‫العجم خليف ًة َخ َل ُعوه أو َق َت ُلو ُه‪.‬‬ ‫ُ‬

‫الموقف س�نَّ ٌة ش�يطاني ٌة نَهى عبدُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعلى هذا ُ‬ ‫َ‬ ‫عثمان‬ ‫الله ب ُن ُع َم َر س�يدَ نا‬ ‫فمثل هذا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الموت والشهادةَ‪.‬‬ ‫واختار له‬ ‫‪ c‬عن فِ ْع ِلها‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وس�ن َِّة‬ ‫فالحديث‬ ‫وعلى هذا المعنى‬ ‫يجعل من مفهو ِم قوله ‪« :m‬عليكم بِ ُس�نَّتي ُ‬ ‫المهديين» غير المفهو ِم المتداو ِل لدى ع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخلفاء الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫لماء األُ‬ ‫صول‪ ،‬ف ُع َلما ُء‬ ‫اش�دين‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األُ‬ ‫الس�ن َِّة‬ ‫صول يتناولون في هذا الحديث ما ترت َ‬ ‫الس�نَّة ُأصولي ًا إلى ُّ‬ ‫َّب على تقس�ي ِم ُّ‬ ‫ِ‬ ‫علي ِة والت ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫الحديث لمن َف ِه َم ذلك‪،‬‬ ‫أحدُ معاني‬ ‫َّقرير َّية) وهو ـ بال َش ٍّك ـ َ‬ ‫(القول َّية والف َّ‬ ‫الخ ِ‬ ‫اش ِ‬ ‫لفاء الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت فيتناو ُل ِ‬ ‫أما فِقه التَّحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�ول ‪m‬‬ ‫ف ُ‬ ‫الر‬ ‫�دين((( من‬ ‫ومواق َ‬ ‫مواق َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ف َّ‬

‫((( ذكره القرطبي في التذكرة ص‪.597‬‬

‫((( وق�د أث�ر هذا المعنى عن عبد الله بن نعيم المغافري قال‪ :‬س�معت المش�يخة يقولون‪ ( :‬من‬ ‫أمر بمعروف ونهى عن منكر فهو خليفة الله في األرض وخليفة كتابه وخليفة رسوله ‪)m‬‬ ‫اهـ الفتن (‪.)103 :1‬‬

‫‪102‬‬


‫األخالق ِ‬ ‫ِ‬ ‫والق َي ُم ال ِمن ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المكتوب‪.‬‬ ‫َّص‬ ‫حيث‬ ‫حيث ما َّد ُة الن ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فه ُم َّ‬ ‫ف) ويؤ ِّكدُ ذلك ما‬ ‫قصدُ بها‬ ‫(الموق ُ‬ ‫الس�نَّة في هذا الحديث ُي َ‬ ‫وبهذا ُي َ‬ ‫أن لف َظ َة ُّ‬ ‫أن الس�نَّ َة هي لدى الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫لماء ُ‬ ‫وتقرير ُه ال‬ ‫رس�ول الل�ه ‪ m‬وفع ُل ُه‬ ‫«قول‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ه�و معلو ٌم من َّ ُّ‬ ‫غير ذلك»‪.‬‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ص ُ‬ ‫شير إلى ُسن ٍَّة ت ُ‬ ‫َّبي‬ ‫لك َّن‬ ‫َخ ُّ‬ ‫غير ُسنَّة الن ِّ‬ ‫الخلفا َء‪ ،‬فهل هناك ُسنَّ ٌة أخرى ُ‬ ‫الحديث ُي ُ‬ ‫للخ َل َف ِ‬ ‫‪ُ m‬‬ ‫اء؟‬

‫فقه الدَّ ِ ِ‬ ‫أن مفهوم الس�ن َِّة هنا ـ ف�ي ِ‬ ‫والج�واب‪َّ :‬‬ ‫غير مفهو ِم‬ ‫عوة وفقه الت ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّح�والت ـ ُ‬ ‫َ ُّ‬ ‫الخ ِ‬ ‫الس�ن َِّة عن�د ع ِ‬ ‫لفاء ه�ي ِ‬ ‫صول الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫لماء األُ‬ ‫وس�نَّ ُة ُ‬ ‫مواق ُفهم عند‬ ‫ُ‬ ‫َّبي ُ‬ ‫قر َرة‪َ ،‬ف ُس�نَّ ُة الن ِّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ف عليه ل�دى العلماء ‪،‬‬ ‫ور َّبم�ا خالف�وا‬ ‫تع�ار َ‬ ‫َ‬ ‫الم َ‬ ‫المألوف ُ‬ ‫االختلاف واالحت�دا ِم ‪ُ ،‬‬ ‫ِ ِ (((‬ ‫ُ‬ ‫حي�ث َّ‬ ‫ُ‬ ‫يق�ول‪َ « :‬ع ُّضوا عليه�ا بالنَّواجذ»‬ ‫وله�ذا‬ ‫ُّص�وص ُمخت َِل َف� ٌة و ُمت َِّنو َع ٌة‬ ‫إن الن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫المش�روعة‪ ،‬أ َّما‬ ‫جهات النَّ َظ ِر‬ ‫وو‬ ‫المواق ُ‬ ‫ويج�ري االجتها ُد مجرا ُه من االختالف ُ‬

‫المواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فه�ي االجتها ُد َّ‬ ‫ف‬ ‫تقر َر بعده�ا من‬ ‫الس�ن َِن الواردة وما َّ‬ ‫الذاتي بع�د النَّ َظ ِر في ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الزكاة وتنازل اإلمام‬ ‫محاربة مانعي‬ ‫الصديق ‪ v‬ف�ي‬ ‫أبوبكر‬ ‫كم�ا فعل الخليفة‬ ‫ُ‬ ‫الحسن ‪ v‬عن الخالفة‪.‬‬

‫واآلم�ر بالمع�روف والناه�ي عن المنك�ر في هذا األثر م�ن اجتمعت فيه ش�روط الهدى‬

‫والرش�د بلا خالف‪ ،‬ويؤي�د هذا المعنى حدي�ث عن علي ؤ ق�ال ‪( :‬جعلت في هذه‬ ‫األمة خمس فتن‪ :‬فتنة عامة‪ ،‬ثم فتنة خاصة‪ ،‬ثم فتنة عامة‪ ،‬ثم فتنة خاصة‪ ،‬ثم الفتنة الس�وداء‬

‫المظلم�ة الت�ي يصير فيها الن�اس كالبهائم‪ ،‬ثم هدنة‪ ،‬ثم دعاة إلى الضالل�ة ‪ ،‬فإن بقي يومئذ‬ ‫خليف�ة فالزمه)‪ .‬والش�اهد هنا مفه�وم الخليفة المأخوذ م�ن الهدى والرش�د ‪ ،‬والرواية في‬

‫مصن�ف عبدالرزاق (‪ ، )20733‬وهي حس�نة اإلس�ناد ‪« ،‬العراق ف�ي أحاديث الفتن» ألبي‬

‫عبيدة مشهور (‪.)540 :2‬‬

‫((( سنن أبي داود (‪. )4609‬‬

‫‪103‬‬

‫مفهوم السنة‬ ‫كموقف في‬ ‫حديث «عليكم‬ ‫بسنتي»‬


‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المواقف هي ُسنَّ ُة الت ِ‬ ‫فيتأص ُل بهذا المفهو ِم َّ‬ ‫عو ِة‬ ‫أن ُسنَّ َة‬ ‫َّطبيق األخالق ِّي في فقه الدَّ َ‬ ‫َّ‬ ‫سنة المواقف هي‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�ن َِن القول َّي�ة والفعل َّي�ة والت ِ‬ ‫تف�ر َع عنها م�ن اجتهادات في‬ ‫َّقرير َّي�ة وما َّ‬ ‫التطبيق األخالقي لمجم�و ِع ُّ‬ ‫في فقه الدعوة‬ ‫وضابِط ًا ِبف ِ‬ ‫ِ‬ ‫صول وفِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األُ‬ ‫المذاه ِ‬ ‫قه‬ ‫قه‬ ‫عو ِة ِوعاء ًا جامع ًا َ‬ ‫ب ‪ ،‬وبهذا ال َفه ِم يكون فق ُه الدَّ َ‬

‫صول وع َل ِ‬ ‫�لوك ع ِ‬ ‫التَّحو ِ‬ ‫المذهبِي ِة في عال َقتِهم بِب ِ‬ ‫لماء األُ‬ ‫عض ِهم ال َب ِ‬ ‫عض‬ ‫ماء‬ ‫ِ ُ‬ ‫الت لِ ُس ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والم ِ‬ ‫ض وعال َقتِهم بِت ِ‬ ‫عار ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫الشري َع ِة في ُّ‬ ‫َطبيق َّ‬ ‫عوب‪.‬‬ ‫بالمخالف ُ‬ ‫وعالقاتهم ُ‬

‫رعي وإقام ِة ح ٍ‬ ‫ِ‬ ‫تكون قانون ًا أو دس�تور ًا لِ َف ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫دود فهي‬ ‫فالش�ري َع ُة قبل أن‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫رض نظا ٍم َش ٍّ‬ ‫وانعكاسات َش ِ‬ ‫ومعصومة وس ٌ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫رع َّي ٌة‬ ‫دو ٍة َح َس�ن ٍَة‬ ‫لذات ُم َط َّه َر ٍة‬ ‫ف َد َع ِو َّي ٌة‬ ‫مواق ُ‬ ‫ٌ‬ ‫�لوك ل ُق َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫لِ َو ٍ‬ ‫ُصوص‬ ‫الس�تفزازات ال َّطب� ِع أو تطوي ِع ن‬ ‫مجال فيها‬ ‫إيماني ال‬ ‫�م ٍّو‬ ‫ٍّ‬ ‫وس ُ‬ ‫اني َ‬ ‫ح�ي َر َّب ٍّ‬

‫َّ‬ ‫الش�رعِ‪ ،‬قال فيه تعال�ى‪ :‬ﮋﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ‬

‫ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮊ [القلم‪.]٤ - ١ :‬‬

‫الش ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫شرعي في فِ ِ‬ ‫أما س�نَّ ُة الدِّ ال َل ِة فهي ضابِ ٌط ِ‬ ‫الت ُي َحدِّ ُد ُه ِو َّي َة فِ ِ‬ ‫عل َّ‬ ‫يء أو‬ ‫ُّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫سنة الداللة ضابط‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َص ُقرآن ٍّي أو حديث َن َب ِو ٍّي بِقرينَة يندَ ِر ُج‬ ‫شرعي لم يندرج تركه من‬ ‫عوة إلى الله استقرا ًء لن ٍّ‬ ‫وسائل الدَّ َ‬ ‫تحت ضوابط معناها في النَّص كَج ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫زء من ِ‬ ‫االختالف على ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أمر ُم َع َّي ٍن لم يندَ ِرج‬ ‫ستفاد عند‬ ‫الم‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫الع‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫علم األصول‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المس�ت َِد ِّل بقولِه‪ :‬هذا لم يكن‬ ‫تحت ضوابِط عل ِم األُصول عند ال ُعلماء كاس�تدالل ُ‬ ‫الله وال َع ِ‬ ‫سول ِ‬ ‫على ِ‬ ‫عهد َر ُ‬ ‫هد صحا َبتِ ِه ‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫قه التَّحو ِ‬ ‫ؤون “فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�رعي ًة لما لم يتأصل من ُش ِ‬ ‫ُ‬ ‫الت”‬ ‫فتكون ُس�نَّ ُة الدِّ ال َل ِة هنا ُح َّج ًة‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ب الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫العقيدة َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لوك‪.‬‬ ‫في‬ ‫والشري َعة ومرات ِ ُّ‬

‫واالس�م ُمش�ت ٌَّق م�ن‪ :‬الدَّ لاّ ِل بين‬ ‫المحيط»‪( :‬الدِّ ال َل ُة َمصدَ ٌر‬ ‫ُ‬ ‫ق�ال في «القاموس ُ‬ ‫كون َّ ِ‬ ‫يلزم م�ن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الح‪ :‬ه�ي ُ‬ ‫والمش�تَري ‪ ،‬وف�ي االصطِ ِ‬ ‫العل ِم بها‬ ‫الش�يء بحا َلة َ ُ‬ ‫البائ� ِع ُ‬ ‫الش ِ‬ ‫وأصل ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫ُ‬ ‫َشي ٌء َ‬ ‫عل ( َد َّل َيدُ ُّل) من َد َّل على َّ‬ ‫يء ‪ ،‬أي‪ :‬أشار إليه‪ ،‬وهو أيض ًا‬ ‫آخ ُر‪.‬‬ ‫‪104‬‬


‫المس� َتنَدُ َّ ِ‬ ‫االس�تدالل عليه من ٍ‬ ‫ِ‬ ‫قول أو فِ ٍ‬ ‫عل‬ ‫الم َع ِّب ُر على ِص َّح ِة ما ُيرا ُد من‬ ‫الش�رع ُّي ُ‬ ‫ُ‬ ‫غي�ر ذلك وهو عند ُف َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫موق ٍ‬ ‫تقري�ر أو ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ف أو ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ه�اء ِعل ِم األُ‬ ‫َّوص ُل‬ ‫أو‬ ‫صول ما ُيمك� ُن الت ُّ‬ ‫بِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫مطلوب َخ ِير ٍّي‪.‬‬ ‫صحيح النَّ َظ ِر فيه إلى‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يتو َّفر له ٌ‬ ‫عو ِة‬ ‫دليل من فقه الدَّ َ‬ ‫َّحوالت تُع َت َب ُر (الدِّ ال َل ُة) ُبرهان ًا على مالم َ‬ ‫وفي فقه الت ُّ‬ ‫القائ ِم على السن َِن القولِي ِة ِ‬ ‫صول ِ‬ ‫إلى ِ‬ ‫والف ِ‬ ‫ِ‬ ‫عل َّي ِة والت ِ‬ ‫الله ِضم َن ِعل ِم األُ‬ ‫بمعنى‬ ‫َّقرير َّي ِة‪ ،‬أو‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫عل أو ت ٍ‬ ‫ِ‬ ‫للر ِ‬ ‫السن َِّة في فِ ٍ‬ ‫َ‬ ‫َرك لم يندَ ِرج تحت ِعل ِم‬ ‫آخ َر (الدِّ ال َل ُة)‬ ‫مز من القرآن أو ُّ‬ ‫تفسير َّ‬ ‫ٌ‬

‫سنة الداللة في‬ ‫فقه التحوالت‬

‫ص�ول ِضمن ًا أو تصريح ًا‪ .‬وهي ـ أي‪( :‬س�نَّ ُة الدِّ ال َل ِة) ـ س�نَّ ٌة ترتَبِ ُط ارتِباط ًا ِ‬ ‫ِ‬ ‫األُ‬ ‫واعي ًا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حديث ُعقب َة ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لس�ت أخش�ى عليكم أن ت ِ‬ ‫بِ‬ ‫ُش�ركوا‬ ‫ذكر ُه وفيه‪« :‬إنِّي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الس�ابِ ِق ُ‬ ‫بن عام ٍر َّ‬ ‫رك في ُاألم ِة من ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫بعدي‪ ،(((»..‬وهو تفس�ير ِ‬ ‫بعد ِه‪ ،‬وإنَّما الت ِ‬ ‫َّشر ُ‬ ‫شرع ٌّي النعدا ِم ِّ‬ ‫يك‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬

‫ِ ِ‬ ‫أمر ِ‬ ‫ين‪:‬‬ ‫ُهم ٌة في األُ َّمة ُبن َيت على َ‬ ‫إن جاء من بعده ‪ m‬فإنَّما هو ت َ‬ ‫ ‬

‫سياس� ُة التَّنا ُف ِ‬ ‫�س ف�ي الدني�ا ‪ ،‬وهي م�ا ع َّبر عن�ه ‪ m‬بقولِ ِه ف�ي الحديث‬ ‫• َ‬

‫الس�ابق‪ ...« :‬ولكن أخش�ى عليكم الدُّ نيا أن تنا َف ُس�وا فيها ‪ ، (((»...‬فتب َّي َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫المتنافِ َس� ُة على ِ‬ ‫نفي ما ألصقت ُه ال ُع ُ‬ ‫قرار‬ ‫به�ذه الدِّ اللة في فقه الدَّ َ‬ ‫قول ُ‬ ‫ع�وة ُ‬

‫ ‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫والعل ِم من تُهم ِة ِّ ِ‬ ‫الحك ِم ِ‬ ‫الحك ِم‬ ‫زو ذلك ُ‬ ‫الش�رك في ُأ َّمة ُم َح َّمد ‪ ، m‬و َع ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أركان الدِّ ِ‬ ‫بالر ِ‬ ‫ين‪.‬‬ ‫الرابِ ِع من‬ ‫إلى‬ ‫كن َّ‬ ‫غياب العل ِم ُّ‬ ‫الش� ْي َط َ‬ ‫•فتن�ة التحري�ش المنصوص عليها في قول�ه ‪« : m‬إِ َّن َّ‬ ‫ان َأ ِي َس َأ ْن‬ ‫ب ِ‬ ‫ون في َج ِز َير ِة ال َع َر ِ‬ ‫ولك ْن في الت َّْح ِر ِ‬ ‫الم َص ُّل َ‬ ‫يش َب ْين َُه ْم»(((‪.‬‬ ‫َي ْع ُبدَ ُه ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّجه االستفاد ُة من سن َِّة الدِّ ال َل ِة في منه ِج الدَّ ِ‬ ‫سم ِ‬ ‫ين‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫و َتت ِ ُ‬ ‫عوة إلى الله على ق َ‬ ‫ُ‬ ‫((( البخاري (‪ ، )6590‬ومسلم (‪.)2296‬‬ ‫((( البخاري (‪ )4042‬ومسلم (‪. )2296‬‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)2812‬‬

‫‪105‬‬

‫االستدالل بسنة‬ ‫الداللة على ما لم‬ ‫يكن له سابق مثال‬


‫قاعدَ ِة الس�ن َِّة الحس ِ‬ ‫يدخ ُل تحت ِ‬ ‫ُ‬ ‫االس�تدالل به�ا عل�ى َّ‬ ‫أن ك َُّل م�ا ُ‬ ‫�نة عند‬ ‫األو ُل‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ع َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ماء األُ‬ ‫ِ‬ ‫صول ولو لم يكن له ِم ٌ‬ ‫الكتاب‬ ‫ثال س�ابِ ٌق وإنَّما َد َّلت عليه ِدال َل ٌة ن َِّص َّي ٌة من‬ ‫ُ‬ ‫ف ُ ِ‬ ‫الل بِ َش ِ‬ ‫مواق ِ‬ ‫أو الس�ن َِّة أو ِ‬ ‫والض ِ‬ ‫�رط‬ ‫أمر‬ ‫صحيح ال عالق َة له بالبِد َع ِة َّ‬ ‫ٌ‬ ‫الخلفاء فهو ٌ‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الصحا َب ُة ئ بعد‬ ‫َص‬ ‫يطمئ ُّن إليه َّ‬ ‫عار َضة لن ٍّ‬ ‫صحيح‪ .‬ومن ذلك ما كان َ‬ ‫الم َ‬ ‫عَدَ ِم ُ‬ ‫س�ول ِ‬ ‫اس�تقرائهم لما وراء ال َّلف َظ ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫والعبار ِة التي تجري على لِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله ‪ m‬ومنها‬ ‫س�ان َر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قو ُل�ه ف�ي الرؤي�ا الصالحة ‪ :‬إنَّها من المب ِّش ِ‬ ‫�رات لم�ا تَدُ ُّل علي�ه ‪ ،‬وفيها يقول ‪:m‬‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫الم ِّ‬ ‫الصالِ َح ُة »(((‪.‬‬ ‫«ل�م َ‬ ‫الم َب ِّش ُ‬ ‫الرؤي�ا َّ‬ ‫�رات‪ ،‬قال‪ُّ :‬‬ ‫بش�رات ‪ ،‬قالوا‪ :‬وما ُ‬ ‫يبق بعدي إال ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والح ُل ُم من َّ‬ ‫الح ُل َم‬ ‫الشيطان ‪ ،‬فإن َح َل َم أحدُ كم ُ‬ ‫الصال َح ُة من الله ‪ُ ،‬‬ ‫الرؤيا َّ‬ ‫وحديث « ُّ‬ ‫يس�ار ِه وليس�ت َِعذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بصق عن‬ ‫بالله منه فل�ن َي ُض َّر ُه» (((وفي رواي�ة « فل َيت ُفل‬ ‫يكر ُه� ُه فل َي ُ‬ ‫َ‬ ‫يس�ار ِه ثالث� ًا ‪ ،‬وليتعوذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�يطان َ‬ ‫بالله من َّ‬ ‫وش ِّ�رها وال ُيحدِّ ث بها أح�د ًا فإنَّها‬ ‫الش‬ ‫ع�ن‬ ‫َّ‬ ‫فلما‬ ‫تض ُّ�ره»‪ ،‬ق�ال أبو َس� َل َم َة‪ :‬إن ك ُ‬ ‫ال ُ‬ ‫علي م�ن َ‬ ‫الج َبل ‪َّ ،‬‬ ‫الرؤيا هي أث َق ُل َّ‬ ‫ُن�ت ألرى ُّ‬ ‫َ‬ ‫عت هذا‬ ‫ُنت ُأباليها(((‪.‬‬ ‫الحديث فما ك ُ‬ ‫َس ِم ُ‬

‫سول ِ‬ ‫قه الدِّ ِ‬ ‫ومن فِ ِ‬ ‫اللة ‪ :‬ما رواه أبو هرير َة رضي الله عنه قال‪ :‬قال َر ُ‬ ‫الله ‪ « m‬من‬

‫َحدَّ َ‬ ‫ث حديث ًا ف َع َط َس فهو َح ٌّق »(((‪.‬‬

‫االنحرافات ِ‬ ‫ِ‬ ‫والفت ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ�ن و ُم ِضلاّ تِها وم�ا ينت ُ​ُج عنها من‬ ‫االس�تدالل به�ا عل�ى‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫البدعة الدينية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ودمار وفساد في الدِّ يانة والتَّد ُّي ِن وإفساد في العالقات واالرتباطات ون ٍ‬ ‫َقض‬ ‫َحو ٍل‬ ‫والبدعة الدنيوية ت ُّ‬ ‫كالهما مذمومان‬ ‫بض للع ِ‬ ‫بول الب ِ‬ ‫وإعداد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الواق ِع المخدو ِع لِ َق ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نح ِر َف ِة في التَّربِ َي ِة‬ ‫ج‬ ‫رام‬ ‫لماء‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ل�‬ ‫للع‬ ‫الم َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫إذا انعدمت‬ ‫ضوابطهما‬ ‫الشرعية‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )6990‬‬ ‫((( صحيح البخاري (‪. )3292‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪. )6037‬‬

‫((( ضعيف ‪« ،‬مجمع الزوائد» للهيثمي (‪.)62 :8‬‬

‫‪106‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االجتماع َّي ِة‪َّ ،‬‬ ‫اإلدخاالت‬ ‫وأن هذه‬ ‫والحياة‬ ‫ِّجار ِة واإلعال ِم‬ ‫والتَّعلي� ِم واالقتصاد والت َ‬ ‫َّأصيل َّ ِ‬ ‫�ة أمر بِ ِ‬ ‫م�ور الحياتِي ِ‬ ‫ف�ي األُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫أمري‬ ‫وإح�داث في قواع�د الت‬ ‫دع ٌّي‬ ‫َّ‬ ‫الش�رع ِّي في َ‬ ‫ٌ‬ ‫خالل اس�تِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األحادي�ث الن ِ‬ ‫واآليات القرآن َّي ِة‬ ‫َّبو َّي ِة‬ ‫قراء‬ ‫ف ذلك من‬ ‫ويعر ُ‬ ‫الدِّ ين والدُّ نيا َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫تبر ُز بها‬ ‫الرابِعِ‪َ ،‬و َ‬ ‫ف�ق مفهو ِم الدِّ ال َلة التي ُ‬ ‫كن َّ‬ ‫المنصوص عليها في اس�تدالالت ُّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫صر من ُع ِ‬ ‫نوح في ك ُِّل َع ٍ‬ ‫والج ِ‬ ‫صور الت ِ‬ ‫تبر ُز بها‬ ‫ور االنحراف ُ‬ ‫ُص ُ‬ ‫َّاريخ اإلسالم ِّي ‪ ،‬كما ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُصور الن ِ‬ ‫ِ (((‬ ‫فات ال ُق ِ‬ ‫المريض ِة التي وصفها الل ُه في ال ُقرآن‬ ‫لوب‬ ‫واإلرجاف‬ ‫ِّفاق‬ ‫وتصر ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫جال والن ِ‬ ‫واه ِر وما دون ذلك من ِ‬ ‫على مستوى ِ‬ ‫وتعليل ال َّظ ِ‬ ‫حياة الر ِ‬ ‫العل ِم وال َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّساء‬ ‫رار‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الوجه‬ ‫ف بها في‬ ‫وجماعات و ُأ َّم� ًة على مدى‬ ‫أفراد ًا و ُأ َس�ر ًا‬ ‫يع�ر ُ‬ ‫تاريخ الت ُّ‬ ‫َّحول كما َ‬ ‫لفائ ِه الر ِ‬ ‫وخ ِ‬ ‫رس�ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المقابِ ِ‬ ‫الله ‪ُ m‬‬ ‫المنه ِ‬ ‫اش�دين‬ ‫صحابة‬ ‫المع َت َب ِر عند‬ ‫�ل سلام ُة َ‬ ‫َّ‬ ‫�ج ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُفر ُز طِبا ُعهم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحقدَ والكَر ِ‬ ‫ِ‬ ‫المت َق ِّولين الذين ت ِ‬ ‫اه َي َة فيس�ت َِنقصون‬ ‫َ‬ ‫‪،‬ور ُّد َت َق ُّول ُ‬ ‫المهد ِّيين َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للص ِ‬ ‫م�ن مراتِ ِ‬ ‫وخاص ًة الذين‬ ‫األو ِل‬ ‫َّ‬ ‫�در َّ‬ ‫الصح َبة ويقدَ حون في سلامة االجتهاد َّ‬ ‫ب ُّ‬ ‫َّبي ‪ m‬في حياتِ ِه ‪.‬‬ ‫حصن َُتهم ن‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُصوص الن ِّ‬

‫ِ‬ ‫ات العلو ِم والمختَر ِ‬ ‫َجدَّ ِ‬ ‫االس�تدالل به�ا على مس�ت ِ‬ ‫ُ‬ ‫ال َّث ُ‬ ‫واالكتش�افات‪،‬‬ ‫عات‬ ‫الث‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫جديدها ما نرى ونس�مع ون ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫والس�ن َِّة‬ ‫دالالت في‬ ‫ُش�اهدُ من‬ ‫لكثي�ر ِم�ن‬ ‫وأن‬ ‫َ ُ‬ ‫الكتاب ُّ‬ ‫َّفس�ير على ِعل ٍم بها لِعدَ ِم و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لم يكن ال ُعلما ُء عند َوض ِع ِعل ِم األُ‬ ‫جودها في‬ ‫صول والت‬ ‫َ ُ‬ ‫واألحادي�ث الن ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّبو َّي ِة‬ ‫اآلي�ات القرآنِ َّي ُة‬ ‫زمانِه�م؛ ولكنَّها ظه�رت فيما بعدُ ‪ ،‬وصارت‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تفس�يرها بما في‬ ‫الم َت َقدِّ مين في‬ ‫ور َّبما دلت على فس�اد َفه ِم ُ‬ ‫تَ�دُ ُّل دالل� ًة عليها‪ .‬ب�ل ُ‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫زمانِهم أو َربطِها بِ َب ِ‬ ‫َ‬ ‫الفصل ال َعلاَّ َم ُة‬ ‫الس�ابِ َق ِة‪ ،‬وقد أش َب َع هذا‬ ‫عض التَّعليالت الكون َّية َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أحمدُ ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫العصر َّي ِة لما أخبر به َس ِّيدُ ال َب ِر َّي ِة»‪.‬‬ ‫االختراعات‬ ‫«مطابقة‬ ‫مار ُّي في كتابِ ِه‬ ‫((( في سورة (براءة) و(المنافقون) وغيرها من سور العالمات الخاصة بفقه التحوالت‪.‬‬

‫‪107‬‬

‫االستدالل بسنة‬ ‫الداللة على‬ ‫مسنجدات العلوم‬


‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن هذه الس�نَّ َة تَدُ ُّل أيض ًا على َّ ِ‬ ‫كما َّ‬ ‫ياس� ٌة ال ِديا َن ٌة‪،‬‬ ‫أن ظاه َر َة التَّش�ريك والتَّكف ِير س َ‬ ‫ُّ‬ ‫ظاهرة التشريك‬ ‫ف�اء واالهتِداءِ‬ ‫والهلاك كما أنَّه�ا أيض ًا ِدال َل ٌة عل�ى االقتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب ف�ي االقتتالِ‬ ‫ليست ديانة وأنَّه�ا َس� َب ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّصوص واالس�تِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوجه‬ ‫دالل بها عل�ى َغ ِير‬ ‫َحريف الن‬ ‫باألُ َم� ِم الكافِ َر ِة التي س�بقت بِت‬ ‫الخ َل ِ‬ ‫فاء الر ِ‬ ‫بمواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫الص ِ‬ ‫اشدين‬ ‫َّبي ‪ m‬وال عال َق َة لها‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫حيح إذ ال عال َق َة لها بِ ُس�نَّة الن ِّ‬ ‫هديي�ن ِم�ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مكان أن ت ِ‬ ‫رور ِة بِ‬ ‫بعد ِه‪َّ ،‬‬ ‫ور ُة القاتِ َم ُة التي‬ ‫وإن ِمن َّ‬ ‫�ي هذه ُّ‬ ‫َ‬ ‫الم ِّ‬ ‫الص َ‬ ‫َنجل َ‬ ‫الض َ‬ ‫َ‬ ‫مدارس القبض‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ميع إلى ِ‬ ‫أصاب�ت األُ َّم َة اإلسلام َّي َة في َع ِ‬ ‫والنقض‬ ‫األمر‬ ‫معر َفة‬ ‫الج ُ‬ ‫والو َه ِن ويع�و َد َ‬ ‫صر ال ُغثاء َ‬

‫ِ‬ ‫وظاهرة تحريف عل�ى ُأصولِ ِه َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لم األُ‬ ‫ص�ول و ُفرو ُع ُه عن ِع َّل ٍة َ‬ ‫أدخ َلتها‬ ‫الش�رع َّية‪ ،‬وبهذا ال َفه ِم َي َت َط َّه ُر ع ُ‬ ‫النصوص‬ ‫غير حجة‪ٍ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّقض إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫بض والن ِ‬ ‫مدار ُس ال َق ِ‬ ‫الجس� ِم اإلسلام ِّي والعل ِم َّ‬ ‫الش�رع ِّي على ِ ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫وهي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف األُ َّم ِة‪.‬‬ ‫تحريف الن‬ ‫ظاه َر ُة‬ ‫حيح ِة التي عاش عليها َس َل ُ‬ ‫الص َ‬ ‫ُّصوص وال ُفهو ِم َّ‬

‫ِ‬ ‫قاعدَ ةٌ‪:‬‬ ‫سالم ُة المرح َل ِة‪:‬‬ ‫بالن َِّّص‬ ‫ِ‬ ‫سالم ُة َّ‬ ‫الذوات‪:‬‬ ‫َ‬ ‫رعيةِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالحصانَة َّ َّ‬ ‫الشهادات‬ ‫الشرعية من‬ ‫لسان رسول الله‬ ‫‪ m‬لصحابته‬

‫والمقصود بِـ«س� َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّبي ‪m‬‬ ‫ُ‬ ‫الق�رون‪:‬‬ ‫ف األُ َّم ِة»‬ ‫األجيال ال َّثال َث ُة التي ع�اش فيها الن ُّ‬ ‫ُ َ‬ ‫س�ول ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بإحس�ان كما َش ِ‬ ‫�هدَ لهم َر ُ‬ ‫الله ‪ m‬بِ َسلا َمتِهم وسلا َم ِة‬ ‫والتَّابِ ُعون وتابِ ُعوهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صحيح‪.‬‬ ‫َص‬ ‫ٌ‬ ‫مرح َلتهم ؛ ما عدا َمن صدر في َح ِّقه ن ٌّ‬ ‫َ‬ ‫الش ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّص ‪ ،‬وسال َم ُة َّ‬ ‫وات ‪ :‬بالحصان َِة َّ‬ ‫رع َّي ِة ‪.‬‬ ‫قاعدَ ةٌ‪ :‬سالم ُة المرح َلة ‪ :‬بالن ِّ‬

‫وافق مفهوم ِ‬ ‫ِ‬ ‫القاعدَ ِة َسنَدَ ًا وأخالق ًا ‪ ،‬وهم‬ ‫بار ُة على َمن بعدَ ُهم إال ما َ‬ ‫َ‬ ‫وال تن َطبِ ُق الع َ‬ ‫ٍ‬ ‫المتابِعون لهم‬ ‫بإحس�ان إلى يو ِم الدِّ ين‪ ،‬قال تعال�ى‪ :‬ﮋﭖﭗﮊ [التوبة‪، ]١٠٠:‬‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وشرف االلتِزا ِم‬ ‫المت َِّص ِل‬ ‫والمتَّبِعون‬ ‫َ‬ ‫بإحسان هم الذين َح َملوا َش َر َ‬ ‫السنَد ُ‬ ‫ف االتِّبا ِع بِ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫باألخالق واالستقا َم ِة‪.‬‬

‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫إن ُس�نَّ َة الدِّ الل َة تس�ت ِ‬ ‫َّ‬ ‫عو ِة‬ ‫َقر ُئ ن‬ ‫والمدَ ن َّية في شأن فقه الدَّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُصوص المرح َلة الم ِّك َّية َ‬ ‫سول ِ‬ ‫�هادات َّ ِ‬ ‫إلى ِ‬ ‫�رعي ُة التي صدرت من لِ ِ‬ ‫س�ان ر ِ‬ ‫الله وتُع َت َب ُر َّ‬ ‫الش‬ ‫الله ‪ m‬توثيق ًا‬ ‫ُ‬ ‫الش َّ‬ ‫َ‬ ‫حصانة ال تنقضها‬ ‫الخال َفةِ‬ ‫َّاقضين لِسالم ِة مرح َل ِة ِ‬ ‫لعدا َل ِة صحابتِه بل وتقدَ ح في ُعمو ِم المعت َِرضين والن ِ‬ ‫األحداث‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫‪108‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األول�ى مهما كانت حجتُهم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجار َي ِة‪،‬كما تُعيدُ هذه‬ ‫األحداث‬ ‫ص�ف‬ ‫القائ َم ُة على َو‬ ‫ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ث وهندَ س ِ‬ ‫الحواد ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسلامي ُمقت َِرن ًا بِت ِ‬ ‫الس�نَّ ُة ق�را َء َة الت ِ‬ ‫اإلش�ارات التي‬ ‫�ة‬ ‫َمييز‬ ‫َّاريخ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫هد ِه إلى قيا ِم الس ِ‬ ‫َّاس من َع ِ‬ ‫الله ‪ m‬على س ِ‬ ‫س�ول ِ‬ ‫�لوك الن ِ‬ ‫َد َّل َل بها َر ُ‬ ‫اعة ما بي َن ُم ِح ٍّق‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ؤم ٍن ومنافِ ٍق‪ ،‬كما ت ِ‬ ‫ب وم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الم َس َّي َس َة‪،‬‬ ‫َكش ُ‬ ‫سير َة الدَّ َّجال َّي َة ُ‬ ‫الم َ‬ ‫�ف َ‬ ‫ُ‬ ‫و ُمبط ٍل وصادق وكاذ ٍ ُ‬ ‫الخطير الم ِ‬ ‫وتَربِ ُط بين النَّص النَّب ِوي ساع َة ِ‬ ‫كشف ِه لل َّظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عمي‬ ‫واندراجها‬ ‫واه ِر الدَّ َّجالِ َّي ِة‬ ‫ِّ َ ِّ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رافات والتَّحا ُلفات بين‬ ‫االنح‬ ‫اإلسلام َّي ِة حتى اليو َم وما يت َب ُعه�ا من‬ ‫ظير ِة‬ ‫ضم َن َ‬ ‫الح َ‬ ‫َّهج َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدَّ ِ ِ ِ‬ ‫وي على مدى الت ِ‬ ‫حيح ِة والن ِ‬ ‫َّاريخ‪.‬‬ ‫الس ِّ‬ ‫الص َ‬ ‫جاج َلة ضدَّ الدِّ يانة َّ‬ ‫الشرع ِّي َّ‬

‫المواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت ـ بسنَّت ِ‬ ‫إن فِقه التَّحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف والدِّ ال َل ِة ـ ُي ِبر ُز بِ‬ ‫ٍ‬ ‫االعتدال‬ ‫وضوح مدرس َة‬ ‫َيه‪ُ :‬سن َِّة‬ ‫ُّ‬ ‫َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫اإلفراط والت ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫رع َّي ِة في ُأ َّم ِة اإلسال ِم بعيد ًا عن َ‬ ‫والو َسطِ َّي ِة َّ‬ ‫َّفريط‬ ‫وض في َط َر َف ِي‬ ‫َ‬ ‫بعض الم ِ‬ ‫س�واء كان بي�ن الم ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫س�لمين في ُم ُيوله�م َ‬ ‫طير‬ ‫س�لمين أن ُف ِس�هم أو بي�ن‬ ‫ِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومش�اريع ِه األَن َِو َّي ِة‪ ،‬المش�اري ِع التي ن َ‬ ‫االجتماع َّي‬ ‫َّركيب‬ ‫َخ َرت الت‬ ‫لالنحراف الكافِ ِر‬ ‫َ‬ ‫والدِّ ين�ي واالقتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫دار ِ‬ ‫س الجانِ َح ِة‬ ‫صاد َّي‬ ‫ور َ‬ ‫المعاص َر والت�ي أبرزت َد َ‬ ‫واإلعالمي ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫هور مرح َل ِة ال ُغ ِ‬ ‫عبر التَّسلس ِل الت ِ‬ ‫ومنذ ُظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّاريخ ِّي بال ُعمو ِم ُ‬ ‫ثاء ُ‬ ‫صوص ‪.‬‬ ‫بالخ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫�ة فِ ِ‬ ‫�ف مقرونَ� ًة بدراس ِ‬ ‫المواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قه‬ ‫وس�ن َِّة‬ ‫لق�د تع َّينَ�ت َ‬ ‫َ‬ ‫أه ِّم َّي� ُة العل� ِم بِ ُس�نَّة الدِّ ال َل�ة ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫أركان‬ ‫الرابِ ِع من‬ ‫در ُس فقه الت ُّ‬ ‫الت ُّ‬ ‫ك�ن َّ‬ ‫َّحوالت مقرون ًا بِ َمش�روع َّية ُّ‬ ‫َّح�والت كما ُي َ‬ ‫البعض إنما هو ِ‬ ‫الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫خار ٌج‬ ‫الس�لبِ َّي لهذا الموضو ِع ل�دى‬ ‫ي�ن وعلى هذا َفإِ َّن الت ُ‬ ‫َّناو َل َّ‬

‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫دالل َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫دائر َة االستِ ِ‬ ‫كر ِة‬ ‫الشرع ِّي الذي نحن بِ َصدَ ده ‪ ،‬أي‪ :‬بمعنى أن المناق َش ل َفساد الف َ‬ ‫َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ث ِم�ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫للج ِ‬ ‫المن�از َع فيها إنما َيت َ​َحدَّ ُ‬ ‫هل بهذه‬ ‫أو‬ ‫خار ِج الموضو ِع الذي نحن بِ َصدَ ده َ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫�رع ِّي ‪ ،‬وإال َّ‬ ‫فإن ثوابِ َت َّ‬ ‫�ي لِ َقبولها ال َّ‬ ‫الش�ر ِع قد ب َّينت‬ ‫ال َّثوابِ�ت أو رفض�ه ال َّطبع ِّ‬

‫�ت ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم َع ِّل ُم األع َظ ُم ‪m‬‬ ‫يبق إال ال َق ُ‬ ‫باع َّي َة‬ ‫األركان ولم َ‬ ‫بالن ِّ‬ ‫بول لما ج�اء به ُ‬ ‫َّ�ص ال َّثابِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّب‬ ‫ُث َّم التَّدَ ُّر ُج في َفه ِم‬ ‫يحص َل اإللما ُم التَّا ُّم بما يترت ُ‬ ‫الركن َّية وتفريعاتها حتى ُ‬ ‫تفاصيل ُّ‬ ‫‪109‬‬

‫مدرسة االعتدال‬ ‫والوسطية‬ ‫وموقعها من فقه‬ ‫التحوالت‬

‫الذي ينازع ما‬ ‫نحن بصدده إما‬ ‫لجهله بالركن‬ ‫الرابع أو لرفضه‬ ‫ال َّط ْبعي له‬


‫ِ ِ‬ ‫ب مع وظي َفتِ ِه‪.‬‬ ‫تتناس ُ‬ ‫على هذا الفقه الدَّ َع ِو ِّي من ُسن ٍَن َ‬

‫َّقلي�دي ـ لِع َل ِ‬ ‫لم�ي الت ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م�اء األُ‬ ‫َّ‬ ‫ص�ول‬ ‫الس�ا َع ِة ف�ي‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫القام�وس الع ِّ‬ ‫إن عالم�ات ّ‬ ‫موقع عالمات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الساعة من علماء وال ُفرو ِع ـ ليست فقه ًا وال عالق َة لها بالفقه اإلسالم ِّي من ُ‬ ‫المنصوص‬ ‫حيث قواعدُ ُه‬ ‫ُ‬ ‫الفقه التقليدي عليها عند ع َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ماء األُ‬ ‫أركان الدِّ ين بِ ِص َل ٍة‪،‬‬ ‫صول‪ ،‬ولهذا فهي أيضا عندهم ال ت َُم ُّت إلى‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫يخ على ال َّثوابِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عبر الت ِ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫َّار ِ‬ ‫إيمان ‪،‬‬ ‫الثالثة (إسلا ٌم ‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ألن ثوابِ َت الدِّ يانَة لديهم قامت َ‬ ‫ٌ‬ ‫إحسان)‪ .‬وإنما تذكر في مصنفاتهم تحت باب (اإليمان باليوم اآلخر)‪.‬‬

‫ِ‬ ‫والجماعات والرؤى المذهبِي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫مواقف ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجديدة في الجانِ ِ‬ ‫ب‬ ‫�ة‬ ‫ئ�ات‬ ‫ب�ل وحتَّى‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫موقف الجماعات‬ ‫َّوحيد‪ ،‬بنَت حكمها إما على العاطِ َف ِة المجردةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجديدة من فقه‬ ‫وتسييس الت‬ ‫والقرار‬ ‫بالحك ِم‬ ‫ُ َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫الخاص ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ َ ّ‬ ‫قه التَّح�و ِ‬ ‫ف في فِ ِ‬ ‫والمواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫التحوالت أوعل�ى عَ�دَ ِم ِ‬ ‫الت ‪ ،‬أي‪َ :‬بنَت‬ ‫العل ِم بِمفهو ِم ُس�ن َِّة الدِّ ال َل ِة‬ ‫ُّ‬ ‫الش ِ‬ ‫ين عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫دائ َر ِة الت ِ‬ ‫أركان الدِّ ِ‬ ‫ياب ُر ٍ‬ ‫كمها بِ ِغ ِ‬ ‫َّقرير َّ‬ ‫رع ِّي‪.‬‬ ‫كن من‬ ‫ُح َ‬

‫بينم�ا عندم�ا نعود بِر ِوي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫�ة إلى (األُ‬ ‫ص�ول الن َِّّص َّي ِة)((( الت�ي بنى عليه�ا ال ُع َلما ُء فِق َه‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي�ن ذاتِها ن ِ‬ ‫أركان الدِّ ِ‬ ‫َج�دُ َّ‬ ‫وجزء ًا‬ ‫أحدَ ُم ِه َّم�ات المرح َلة ُ‬ ‫الس�اعة كانت َ‬ ‫أن عالمات ّ‬

‫والمواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫والعالقات والس ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫من ثوابِتِها ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‪،‬‬ ‫لوك‬ ‫إصدار األحكا ِم والفتاوى‬ ‫لم َّي ِة في‬ ‫ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫صور ٍة ِ‬ ‫في‬ ‫الز َمنِ ُّي اللاّ ِح ُق واالستحوا ُذ‬ ‫رح ُل َّ‬ ‫غير ُمع َلنَة‪ ،‬حتى جاء الت َ​َّم ُ‬ ‫المعر ُّ‬ ‫ولك ْن بِ َ‬ ‫العالمات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هام ِش� ّي ًا‬ ‫كر‬ ‫الماح ُ‬ ‫�ق فحصر التن ُ‬ ‫َّاو َل في ال َّثوابِت ال َّثال َثة فقط حتى صار ذ ُ‬ ‫غيان َأ َث ِر الم ِ‬ ‫َّدوين و ُط ِ‬ ‫وخاص ًة بعد َع ِ‬ ‫ضوض في الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين‬ ‫لك ال َع‬ ‫صر الت‬ ‫اله ِو َّي ِة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ومن َف ِر َد ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الج َبروتِ َّي ِة‪.‬‬ ‫والدَّ و َلة َ‬

‫�ة م َؤكِّدي�ن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فائدَ َة‬ ‫وله�ذا فإنَّ�ا ن َ​َض ُع هذه المس�أ َل َة على بِس�اط البح�ث بقناعة تا َّم ُ‬ ‫إعادة القراءة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫لرباعية األركان ال َع َم ِ‬ ‫الرابِ ِع إلى موقعه َّ‬ ‫الش�رع ِّي من األركان و ُملزمين الدَّ ار َس‬ ‫كن َّ‬ ‫�ل على إعا َدة ُّ‬ ‫ضرورة ملحة‬

‫((( األصول النصية‪ :‬أسس االستنباط كالحديث النبوي والقرآن‪.‬‬

‫‪110‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الركنِ َّي ِة وفِ ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫قهها َ‬ ‫باختصاص ِه‬ ‫كن‬ ‫الخ ِّ‬ ‫وال َّطال َ‬ ‫اص مع ت َ​َم ُّي ِز هذا ُّ‬ ‫ب أن يربِ َط بين هذه ُّ‬ ‫أن هذا ِ‬ ‫قه الدَّ عو ِة إلى ِ‬ ‫َّوع�ي (فِ ِ‬ ‫الن ِ‬ ‫الفق َه مس�ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫باعتبار َّ‬ ‫َجدٌّ وال عال َق َة‬ ‫الله تعالى)‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الخاص بالسن َِن القولِي ِة ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫والف ِ‬ ‫عل َّي ِة‬ ‫له أل َب َّت َة بما قد َ‬ ‫َّ‬ ‫س�بق تأصي ُل ُه لدى ال ُعلماء من الفقه َ ِّ‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫ذات العال َق ِ‬ ‫�ة ِ‬ ‫َّقريري ِ‬ ‫ِ‬ ‫حيث ِ‬ ‫�ة بِ ِعل ِم األُ‬ ‫وقواع ِد ِه إال من ُ‬ ‫الوح�دَ ُة ال َعا َّم ُة في‬ ‫ص�ول‬ ‫والت ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فهم‪.‬‬ ‫االرتباط‬ ‫والسنَّة‪ ،‬فل ُي َ‬ ‫بالكتاب ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ويترتَّ�ب على ه�ذا ِ‬ ‫�رع َّي ِة (إعا َد ُة الن ِ‬ ‫العل ِم وتفصيالتِ ِه َّ‬ ‫مس�ائ ِل‬ ‫الكام ِل) في‬ ‫َّظر‬ ‫ُ‬ ‫الصراع التاريخي‬ ‫قت الصراع بين (ع َل ِ‬ ‫ماء المذهبِي ِة بِع ِ‬ ‫واالختالف التي َعم ِ‬ ‫ِ‬ ‫مومهم)‪ ،‬وكذلك بين المذاهب‬ ‫الخال َف ِة‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َّ ُ‬ ‫ِّ َ‬ ‫َّ‬ ‫يحتاج إلى إعادة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذهبِ ّي ًا‬ ‫َّمرح ِل‬ ‫كالصرا ِع التَّاريخ ِّي سياس� ّي ًا و َم َ‬ ‫االجتماعي‪ِّ ،‬‬ ‫�ميات الت ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الصرا ِع بين ُم َس َّ‬ ‫نظر‬ ‫ِ‬ ‫�لفي ِة والصوفي ِ‬ ‫ِ‬ ‫بي�ن (الس�ن َِّة ِّ ِ‬ ‫مجموعات‬ ‫�ة)‪ ،‬وبين غيرهم م�ن‬ ‫ّ َّ‬ ‫(الس َّ‬ ‫والش�ي َعة) وبين َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالم ِّي‬ ‫الج َس ِد‬ ‫التَّكت ُِّل‬ ‫المعلول‪.‬‬ ‫االنفعالي داخ َل َ‬ ‫ِّ‬

‫السلا َم ِة وعَدَ ِمه�ا في العال َق ِة مع الكافِ ِ‬ ‫َّب عليه ِ‬ ‫�ر َّ‬ ‫الذ ِّم ِّي والكافِ ِر‬ ‫كم�ا يترت ُ‬ ‫معر َف ُة َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مع قوى االستِ ِ‬ ‫عمار‬ ‫الحربي‪ ،‬وحدُ ود هذه العالقات‪ ،‬ومش�روع َّية التَّعا ُم ِل أو عَدَ مه َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والو َه ِن‪،‬‬ ‫واالس�تهتار‬ ‫المس�يط َرة على ُم َقدَّ رات األُ َّمة في مراح ِل ال ُغثاء َ‬ ‫واالستثمار ُ‬ ‫واالستتبا ِع أو عَدَ ِم ِه‪ ،‬وتداعي األُ َم ِم (األَ َك َل ِة) على َقص َع ِة ال َّطعا ِم‪ ،‬فلعل وعسى‪.‬‬

‫‪111‬‬


‫لات وم َا تَرتَّبَ عَلَيهِ‬ ‫الع ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ياب ِ‬ ‫حو ِ‬ ‫ْ‬ ‫لـم ِبفقه الت َّ ُّ‬ ‫غ ُ‬

‫الش�رعي لم�ا وراء ِ‬ ‫ق�ه التَّح�و ِ‬ ‫العل� ِم ِبف ِ‬ ‫�ات ِ‬ ‫م�ن م ِهم ِ‬ ‫الت ِ‬ ‫الحك� ِم َّ‬ ‫الق َرا َء ِة‬ ‫معر َف ُة ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫وتنزيل المعان�ي الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّص�وص وما يترتَّ�ب على ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫راد‬ ‫تحديد األح�كا ِم‬ ‫الق�را َء ِة من‬ ‫للن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عامالت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والم‬ ‫بها ف�ي الن‬ ‫والق َي� ِم‪ ،‬وقد وقع العديدُ‬ ‫ُّصوص على العقائ�د والعبادات ُ‬ ‫م�ن (ع َل ِ‬ ‫الفتن َِة) في َش�ر ُف ِ‬ ‫ماء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تنزيل المعاني‬ ‫وتحميله�ا عند‬ ‫ُّصوص‬ ‫هومهم لهذه الن‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بمراحل‬ ‫ّأوي�ل‪َ ،‬بدء ًا‬ ‫وس�وء الت‬ ‫والوه ِم‬ ‫واألح�كا ِم على ما َب�دَ َر ل ُعقولهم من ال َفه ِم َ‬ ‫ِ‬ ‫الت ِ‬ ‫ّأصيل‪.‬‬ ‫َّنزيل و ُمرور ًا بِ َمرح َل ِة الت‬

‫ِ ِ‬ ‫�م ما وقع في�ه (أولئك) ُش� َب ُه الت ِ‬ ‫�ح و َب ِّي ٌن‬ ‫َّكفير ومقا ُله�ا عند‬ ‫الخوارج واض ٌ‬ ‫وأع َظ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫و(الس� َب ِئ َّي ُة)‬ ‫(الرافِ َض ُة)‬ ‫كم�ا هو ف�ي ن‬ ‫ُصوص فق�ه الت ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َّح�والت‪ ،‬ومث ُله ما وق�ع في�ه َّ‬ ‫ِ‬ ‫وأش�باه ُهم وأمثا ُلهم في ال ُع ِ‬ ‫الس�ابِ َق ِة‪،‬‬ ‫و(القرام َط ُة) و(الباطِنِ َّي ُة)‬ ‫و(المعت َِز َل� ُة)‬ ‫ُ‬ ‫صور ّ‬ ‫ُ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫العل ِم بِ ِف ِ‬ ‫وسببه ِغياب ِ‬ ‫الت‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َُ​ُ‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كما كان لِ ِغ ِ‬ ‫كبير ٌة‬ ‫طور ٌة َ‬ ‫المجت َ​َمعات ال َع َربِ َّية واإلسالم َّية ُخ َ‬ ‫ياب هذا العل ِم اليو َم في ُ‬ ‫ماذا حصل من‬ ‫هماء ـ فيما أخبر عنه ‪ m‬من الوهن وال ُغثاءِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخطأ بغياب فقه أ َّدت إلى ُوقو ِع ال ُع َلماء ـ َفض ً‬ ‫ال عن الدَّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫التحوالت‬ ‫أمر التَّحو ِ‬ ‫الت أو عَدَ ِم الت ِ‬ ‫بالح َير ِة في ِ‬ ‫واس�تتبا ِع األُ َم ِم‪َ ،‬‬ ‫َّمييز في‬ ‫ُّ‬ ‫اص ًة فيما يتع َّل ُق َ‬ ‫وخ َّ‬ ‫الباطل المنت ِ‬ ‫سالمة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َحلين صف َة‬ ‫وأهل‬ ‫مواق ِفهم‪،‬‬ ‫المنصوص على‬ ‫الح ِّق‬ ‫معر َفة ألسنَة َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫ُصوص فِ ِ‬ ‫الحق ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأهل ِه‪ ،‬وفي ذلك ُ‬ ‫ُ‬ ‫«ستكون فِ َت ٌن ُيصبِ ُح‬ ‫الت‪:‬‬ ‫يقول ‪ m‬في ن‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ ((( ِ‬ ‫ل�م هنا في َأ َح ِد‬ ‫الر ُج ُ�ل فيها مؤمن ًا و ُيمس�ي كافر ًا إال َمن أحي�ا ُه الل ُه بالعل ِم» والع ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّحوالت والل ُه أع َل ُم‪.‬‬ ‫لم بفقه الت ُّ‬ ‫معانيه الع ُ‬ ‫((( اب�ن ماج�ه (‪ ، )4089‬والطبراني في الكبير (‪ ، )7910‬إس�ناده ضعيف ‪« ،‬موس�وعة الفتن»‬ ‫(‪.)89‬‬

‫‪112‬‬


‫َ‬ ‫الر ُج ُل‬ ‫وف�ي هذا المعن�ى وردت ِعدَّ ُة‬ ‫أحاديث منها حديث «س�تكون ِفت ٌَن ُيصبِ ُح َّ‬ ‫الله ِ‬ ‫فيه�ا ُمؤمن� ًا و ُيمس�ي كافر ًا إال ُم ِ‬ ‫ل�م»((( ‪ ،‬ومعناه َم�ن حما ُه الل ُه‬ ‫ؤمن ًا حش�ا ُه ُ‬ ‫بالع ِ‬ ‫ِ‬ ‫وصا َنه وح ِف َظه ِ‬ ‫ُ‬ ‫صاح ُبه ُ‬ ‫«ستكون‬ ‫محش ّو ًا به‪ ،‬وفي «فيض القدير» ‪:‬‬ ‫بالعل ِم بأن يكون‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫الله ِ‬ ‫ناوي‪:‬‬ ‫الر ُجل فيها مؤمن ُا و ُيمسي كافر ًا إال من أحياه ُ‬ ‫بالع ِ‬ ‫الم ُّ‬ ‫لم» ‪ ،‬قال ُ‬ ‫ِفت ٌَن ُيصبِ ُح َّ‬ ‫مواق َع ِ‬ ‫فيتج َّن ُب ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الفت َِن بما يع َل ُم ِم ّما يس�تَ نبِ ُط ُه‬ ‫أل َّنه على‬ ‫بصيرة من أمره و َب ِّين ٍَة من َر ِّب ِه َ‬ ‫من األحكا ِم(((‪.‬‬

‫ِ‬ ‫األم�ر َح َرج� ًا بعد ن ِ‬ ‫اإلسلامي من أيدي المس�لمين ُعموم ًا إلى‬ ‫القرار‬ ‫َقض‬ ‫وزاد‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّبي ‪ m‬ف�ي أحاديثِه‬ ‫اليهود والنَّص�ارى‬ ‫أعدائه�م م�ن‬ ‫أي�دي‬ ‫َّ‬ ‫س�ماه الن ُّ‬ ‫وخاص ًة فيما َّ‬ ‫ق�ه التَّحو ِ‬ ‫حيح�ة ب�ـ (تداعي األُم� ِم) وتداعي األُم� ِم إذا قرأن�اه ِمن واق ِع فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت‬ ‫الص‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بحديث‪ِ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(يوش ُ‬ ‫�ك أن تداعى عليكم‬ ‫الواع َي ِة َس�ن َِجدُ ُه يرتَبِ ُط ارتباط ًا وثيق ًا‬ ‫ودراس�تِ ِه‬ ‫َ‬ ‫سول ِ‬ ‫األُ َم ُم كما تداعى األَ َك َل ُة على َقص َعتِها‪ ،‬قالوا‪َ :‬أ ِمن ِق َّل ٍة نحن يا َر َ‬ ‫الله؟ قال‪ :‬ال‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الس ِ‬ ‫الو َه ُن يا‬ ‫الو َه ُن‪ .‬قالوا‪ :‬وما َ‬ ‫يل ُيلقى عليكم َ‬ ‫كثير ولكنَّكُم ُغثا ٌء َك ُغثاء َّ‬ ‫أنتم يومئذ ٌ‬ ‫وكراهي ُة الم ِ‬ ‫ر َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وت)(((‪.‬‬ ‫ب الدُّ نيا‬ ‫سول الله؟ قال‪ُ :‬ح ُّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬

‫بعالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�مى في َع ِ‬ ‫صرنا‬ ‫ُش�ير إلى ما ُي‬ ‫�اعة إنّما ت‬ ‫وهذه المرحل ُة عند ربطِها‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫عالقة فقه‬ ‫ِ‬ ‫ديث) وما نتج عنها من س�لبِي ِ‬ ‫صر الح ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫بـ(مرحلة ال َّث ِ‬ ‫ِ‬ ‫التحوالت‬ ‫�قوط‬ ‫ات ُس‬ ‫َ َّ‬ ‫الصناع َّية) و(ال َع ِ َ‬ ‫ورة ِّ‬ ‫َ‬ ‫بقراءة المرحلة‬ ‫الخالفة اإلسالمي ِة وب ِ‬ ‫دء مرح َل ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫العلمانِي ِة التي ُأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قرار‬ ‫علنَت من تُركيا و كانت آنذاك‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫المعاصرة‬ ‫مرحلة االس�تِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخال َف ِ‬ ‫عاصم� َة ِ‬ ‫ِ‬ ‫مر على المس�لمين والعا َل ِم‬ ‫�ة ُق َب َيل‬ ‫عمار ونهاي� ًة بما َّ‬ ‫َ‬ ‫صاد والسياس ِ‬ ‫والعل� ِم واالقتِ ِ‬ ‫�ؤون الحك ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإلسلامي من ن ٍ‬ ‫�ة‬ ‫َقض ف�ي ُش‬ ‫�ي‬ ‫ُ‬ ‫ِّ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ال َع َربِ ِّ‬ ‫العلمانِي ِة والعلمن َِة ُثم العو َل ِ‬ ‫مراح ِل ِ‬ ‫�ة والتَّعلي ِم واإلعال ِم في ما تالها من ِ‬ ‫والتَّربِي ِ‬ ‫مة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫((( «صفة النفاق وذم المنافقين» للفريابي (‪.)102 :1‬‬ ‫((( فيض القدير (‪. )133 :4‬‬

‫((( أبوداود (‪ ، )4297‬وسكت عنه ‪ ،‬فإسناده صالح‪.‬‬

‫‪113‬‬


‫باالعتماد عل�ى مخرج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ات‬ ‫األمر‬ ‫ُ َ َ‬ ‫وال ُيمك� ُن ِّ‬ ‫فس َ�ر ه�ذا ُ‬ ‫ب�أي حال من األحوال أن ُي َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي�ن ال َّثال َث ِة وحدَ ها وإنَّما يعر ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫أركان الدِّ ِ‬ ‫المغ َّي ِ‬ ‫(عالمات‬ ‫ب‬ ‫الرابِ ِع ُ‬ ‫ك�ن َّ‬ ‫راس�ة ُّ‬ ‫ف بِد َ‬ ‫ُ َ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫تأصيل ش�رعي ِلف ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫الت) وفي ذلك ُيؤ ِّكدُ ‪m‬‬ ‫ٍ‬ ‫�اعة وما ترتَّب عليها من‬ ‫ُّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ف الذي ِ‬ ‫الموق ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫األمانات وعال َقتِها‬ ‫يح ُّل باألُ َّم ِة عند َضيا ِع هذه‬ ‫طور َة‬ ‫ضياع األمانات في َّ‬ ‫حيح ُخ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وموقع ذلك من بِ ُق ِ‬ ‫َّبي ‪m‬‬ ‫الص ِ‬ ‫الس�اعة‪ ،‬فقد ورد في َّ‬ ‫�رب َ‬ ‫حيح عن أب�ي هرير َة قال‪َ « :‬بينَما الن ُّ‬ ‫مرح َلة ّ‬ ‫س�ول ِ‬ ‫فقه التحوالت في ِ‬ ‫مجل ٍ‬ ‫الله ‪m‬‬ ‫الس�اع ُة فمضى َر ُ‬ ‫س ُيحدِّ ُ‬ ‫ث القو َم جا َءه‬ ‫أعرابي فقال‪ :‬متى ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ُيحدِّ ُ‬ ‫يسمع‪،‬‬ ‫بعض القو ِم‪َ :‬س ِم َع ما قال فك َِر َه ما قال‪ ،‬وقال ُ‬ ‫ث‪ ،‬فقال ُ‬ ‫بعضهم‪ :‬بل لم َ‬ ‫رسول ِ‬ ‫�ائل عن الس ِ‬ ‫َ‬ ‫الس ُ‬ ‫الله‪،‬‬ ‫اعة» قال‪ :‬ها أنا يا‬ ‫ّ‬ ‫حتّى إذا قضى حدي َثه قال‪« :‬أين ُأرا ُه َّ‬

‫األمر‬ ‫الس�ا َع َة‪ ،‬قال‪ :‬كيف إضا َعتُها؟ قال‪ :‬إذا ُو ِّسدَ‬ ‫ُ‬ ‫قال‪ :‬فإذا ُض ِّيعت األما َن ُة فانتظر ّ‬ ‫ِ‬ ‫إلى ِ ِ ِ‬ ‫السا َع َة»(((‪.‬‬ ‫غير أهله فانتَظ ِر ّ‬

‫ِ‬ ‫الواعي ِة لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫عالمات‬ ‫األحاديث التي تُؤ ِّي�دُ إعا َد َة الق�را َء ِة‬ ‫الحديث من أع َظ� ِم‬ ‫وه�ذا‬ ‫َ‬ ‫كشف فقه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف إال من م ِ‬ ‫ثل هذا الحديث ُ‬ ‫التحوالت‬ ‫أبر َز‬ ‫توضيحات‬ ‫الساعة ففيها‬ ‫ُعر ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫حيث َ‬ ‫وتفصيالت ال ت َ‬ ‫ّ‬ ‫الشرعي لمرحلة‬ ‫�ريف وجود تآم ٍر مش�تَر ٍك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الحديث َّ‬ ‫هذا‬ ‫اإلسالمي ‪ ،‬وهو ما ُس ِّمي‬ ‫القرار‬ ‫داخ َل‬ ‫الش ُ ُ َ ُ ُ َ‬ ‫ِّ‬ ‫التوسيد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتدخ ٍل ِ‬ ‫ُّ‬ ‫القرار‬ ‫خارج ٍّي للدَّ ف ِع بِ َح َم َلة‬ ‫المدَ ون َ​َمة‪،‬‬ ‫َّحوالت بِ َم َ‬ ‫في فقه الت ُّ‬ ‫رح َلة الخال َفة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫غير ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمر إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫االستعمار(((‪.‬‬ ‫تثبيت‬ ‫مرحلة‬ ‫أهل ِه في‬ ‫وتوسيد‬ ‫إلى تضيي ِع األمان َِة‬ ‫((( البخاري (‪.)59‬‬

‫((( والتوس�يد ل�ه معان كثي�رة ودالالت خطيرة‪ ،‬ربما برز بدراس�تها على ض�وء فقه التحوالت‬ ‫تحديد ماهية األمر المتحدث عنه في الحديث‪ ،‬وتحديد ماهية األهل المشار إليها في سياق‬

‫الن�ص‪ ،‬ثم معرفة (سياس�ة التوس�يد) بمعانيها لنق�رأ صفحات المراح�ل الغثائية التي مرت‬

‫بعالمنا العربي واإلسلامي منذ مرحلة (التوس�يد السياسي العلماني) حتى مرحلة (الضياع‬ ‫الت�ام لألمانات) في المرحلة العولمية المعاصرة‪ ،‬بيقي�ن حصول االنحرافات المتنوعة في‬

‫موقع القرار‪.‬‬

‫‪114‬‬


‫آخر يعبر عنه في فِ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الص ِ‬ ‫قه‬ ‫حيح إلى‬ ‫الحك ِم عن‬ ‫مس�اره َّ‬ ‫قرار ُ‬ ‫مس�ار َ َ ُ َّ ُ‬ ‫أخر َج َ‬ ‫وهو ما َ‬ ‫التَّحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫االستعمار) وهي المرح َل ُة التي اشتملت على ما يلي‪:‬‬ ‫الت (بمرح َل ِة‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫أهل ِه‪.‬مح ِّلي ًا ِ‬ ‫غير ِ‬ ‫نقض ِ‬ ‫األمر إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ • ِ‬ ‫وإقليمي ًا وعا َل ِمي ًا ‪.‬‬ ‫وتوسيد‬ ‫الحك ِم‬ ‫قرار ُ‬ ‫َ‬

‫العل� ِم وتَضيي� ِع األمان َِة‪.‬وم�ن ص�ور ِه إضا َع� ُة الم ُث َّل ِ‬ ‫نق�ض ق�رار ِ‬ ‫ِ‬ ‫المدموج‬ ‫�ث‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫عادل الرابِعِ‪ ،‬و«الم َث َّل ُث المدموج» هو‪ :‬التَّربِي ُة والتَّعليم والدَّ عو ُة إلى ِ‬ ‫والم ِ‬ ‫الله‪ ،‬وأ َّما‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرابِعِ» فهو‪ :‬االكتف�ا ُء َّ‬ ‫روري من القوت‪،‬‬ ‫الض‬ ‫الذات ُّي في‬ ‫الح�دِّ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫تحصيل َ‬ ‫«المع�اد ُل َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والو َه ِ‬ ‫ُ‬ ‫�ي وتعظي ِم‬ ‫حي�ث اس�ت َ‬ ‫ُعيض عنه منذ َب�دء مرح َلة ال ُغث�اء َ‬ ‫�ن بالتَّعلي ِم الخدمات ِّ‬ ‫ف ِ‬ ‫وللحر ِ‬ ‫ِ‬ ‫العل�و ِم المادي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫واحتقار لِ ُعلو ِم الدِّ ِ‬ ‫والم َه ِن‬ ‫ي�ن‬ ‫اس�تصغار‬ ‫الم َج َّر َد ِة ‪ ،‬م ِع‬ ‫�ة‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ضياع مبدأ‬ ‫�ة النَّافِع ِ‬ ‫اليدَ ِوي ِ‬ ‫�ة التي قال في ِ‬ ‫بعضه�ا ‪ْ « : m‬‬ ‫ألن ُ‬ ‫ح ْز َم ِة االكتفاء الذاتي‬ ‫فيأتي بِ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫يأخ َذ أحدُ كم َح ْب َل� ُه َ‬ ‫(((‬

‫الحطب على ِ‬ ‫ِ‬ ‫خير له من أن َ‬ ‫َّاس أع َطو ُه‬ ‫ظهره فيبي َعها‬ ‫َّ‬ ‫يسأل الن َ‬ ‫فيكف الل ُه بها َ‬ ‫وجهه ٌ‬

‫أم َمنَ ُعو ُه» (((‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المريض((( بِ َي ِد ( َأ َك َل ِة ال َقص َع ِة)(((‪.‬‬ ‫الر ُج ِل‬ ‫ •تداعي األُ َم ِم‬ ‫وتقسيم ت َِركَة َّ‬ ‫ُ‬

‫((( المقص�ود بالمثل�ث المدم�وج‪ :‬الثالث�ة الثواب�ت المتداخلة في بن�اء األجيال وه�ي التربية‬ ‫والتعلي�م والدع�وة الى الله‪ .‬ومعن�ى المدموج‪ :‬أي المتداخل بعضه في بعض عند دراس�ته‬

‫كالتداخل في دراسة اإلسالم واإليمان واإلحسان‪.‬‬

‫((( البخاري (‪.)1471‬‬

‫((( ترك�ة الرجل المريض‪ :‬هي رقعة العالم اإلسلامي التي كانت تحت الدولة العثمانية حاملة‬ ‫الق�رار اإلسلامي قبيل مرحل�ة االس�تعمار وقد تكالب�ت عليها األم�م األوروبي�ة واليهود‬ ‫وأطلقوا عليها في رس�ائلهم (تركة الرجل المريض) رغبة منهم في تقس�يمها والتهامها وقد‬

‫فعلوا ذلك خالل الحربين العالميتين األولى ثم الثانية‪.‬‬

‫((( أكل�ة القصعة‪ :‬تعريف نبوي لألمم األوروبية المش�تركة في نزع القرار اإلسلامي وتقس�يم‬ ‫بلاد المس�لمين والس�يطرة على ثرواته�ا التي عبر عنه�ا ‪ m‬بمفهوم (القصع�ة) وعبر عن‬ ‫المستعمرين بمفهوم (األكلة)‪.‬‬

‫‪115‬‬

‫في مرحلتنا‬ ‫المعاصرة‬


‫وهذا الت ُ‬ ‫َّعليل ال يعني َّ‬ ‫الصناع َة والحضار َة أو يأباها وإنَّما ُي َب ِّي ُن‬ ‫أن اإلسال َم ير ُف ُض ِّ‬ ‫ثمرات (تداعي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمم)‬ ‫ُ‬ ‫الحك� ِم والعل ِم في حياة ُّ‬ ‫الو َه ِن‬ ‫�عوب واألُ َم ِم و‬ ‫الش‬ ‫اس�تغالل َ‬ ‫تس�ييس َح َم َل�ة قرار ُ‬ ‫َ‬ ‫وال ُغ ِ‬ ‫َقض ثوابِ ِ‬ ‫رض ِ‬ ‫ت الدِّ يان َِة و َف ِ‬ ‫ث�اء لِن ِ‬ ‫قرار التَّداعي واالس�تِتبا ِع حتى ُيصبِ َح العا َل ُم‬ ‫دمات واالس�تِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإلسلامي تابع� ًا بعد أن كان متبوع ًا وس�وق ًا ِ‬ ‫ِ‬ ‫هالك مع‬ ‫للخ‬ ‫�ي‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ال َع َربِ ِّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذاتِي ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ ِ‬ ‫اإلسالم َّي ِة ‪.‬‬ ‫والع َّز ِة‬ ‫الذ َّلة بعد أن كان موقع ًا للق َي ِم والبِناء والتَّنم َية واالكت َفاء َّ ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع ِ ِ‬ ‫أن ِ‬ ‫كما َّ‬ ‫المس�لمين‬ ‫َّحوالت ُي ِّ‬ ‫لم بفقه الت ُّ‬ ‫صح ُح ال ُفهو َم الخاط َئ َة التي َف َّرقت بين ُ‬ ‫َ‬ ‫دور فقه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التحوالت في ف�ي قضاي�ا الخال َفة بعد َرس�ول الله ‪ m‬وموق ِع ُ‬ ‫الراش�دين م�ن القرار في‬ ‫الخ َلفاء َّ‬ ‫تصحيح الفهوم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والقرار في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحك ِم‬ ‫مشروع َّي َة‬ ‫العل ِم ـ كما ُي َب ِّي ُن أيض ًا ـ‬ ‫الحك ِم‬ ‫المراحل اإليجابِ َّية في ُ‬ ‫ُ‬ ‫الخاطئة عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخالفة‬ ‫السلبِ َّية فيها‪.‬‬ ‫والعل ِم وكذلك المراح ِل َّ‬

‫أهمية فقه‬ ‫التحوالت في‬ ‫ربط الجميع‬ ‫بمرحلتي مكة‬ ‫والمدينة‬

‫مس�ألة ال ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫العلم ِبف ِ‬ ‫أن ِ‬ ‫كما َّ‬ ‫الز َمنِ َّي ِة‬ ‫الت يج َع ُل ِمن‬ ‫سو ِة بالمرح َل ِة َّ‬ ‫دوة واألُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّب في هات ِ‬ ‫َين‬ ‫َّبي ‪ m‬والمرح َل�ة المكان َّية بين َم َّك َة والمدينة وم�ا ترت َ‬ ‫التي عاش�ها الن ُّ‬ ‫ش�رعي ٍة هي األساس في معا َلج ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َين من ِ‬ ‫المرح َلت ِ‬ ‫حياة األُ َّم ِة‬ ‫وس�ن ٍَن‬ ‫مواق َ‬ ‫وقواعدَ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ف ُ‬

‫ِ‬ ‫الز َمنِ َّي ِة األخرى‪.‬‬ ‫الم َح َّم ِد َّي ِة في َب ِق َّي ِة‬ ‫المراح ِل َّ‬ ‫ُ‬

‫ِ ِ‬ ‫الت ودراستِ ِه ِدراس ًة ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫فوائ ِد ِقراء ِة فِ ِ‬ ‫إن من ِ‬ ‫كما َّ‬ ‫وسن َِّة‬ ‫واع َي ًة من‬ ‫ُّ‬ ‫كتاب الله ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫المراح ِل ال َّث ِ‬ ‫ِ‬ ‫الث‪:‬‬ ‫نَبِ ِّي ِه ُم َح َّم ٍد ‪ m‬يربِ ُط بين‬ ‫الله ‪ m‬إلى َع ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫�ل األَب ِوي ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ة َّ‬ ‫ه�د آد َم ش‬ ‫عصر َر‬ ‫�رع َّي ِة م�ن‬ ‫ •المراح ِ َ َّ‬ ‫الخ ِ‬ ‫وبدا َي ِة َ‬ ‫لق‪.‬‬

‫والهج�ر ِة إلى وفاتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ه ‪ m‬وم�ا َه َّي َأ الل� ُه فيهما من َو ٍ‬ ‫وس�ن ٍَن‬ ‫حي ُ‬ ‫ •عه�د ال َبع َث�ة ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الميالد حتى ال َبع َث ِة له ‪. m‬‬ ‫راس ُة مرح َل ِة ما بين‬ ‫ف و ُي‬ ‫ُ‬ ‫ومواق َ‬ ‫ضاف إليها د َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫الو ِ‬ ‫السا َع ِة‪.‬‬ ‫ •مرح َلة ما بعد َ‬ ‫حي من َعهد وفاته ‪ m‬إلى قيا ِم ّ‬ ‫‪116‬‬


‫معر َف� َة ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي�ن ِ‬ ‫أركان الدِّ ِ‬ ‫لم َ‬ ‫القرا َء ِة‬ ‫الرابِ َع ِة م�ن‬ ‫الخ ُّ‬ ‫بالركن َّي�ة َّ‬ ‫�اص ُّ‬ ‫وق�د أفا َدن�ا ه�ذا الع ُ‬ ‫ِ‬ ‫للحياة اإلنس�انِي ِة بِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المت ِ‬ ‫َعار َضت ِ‬ ‫المدر َست ِ‬ ‫َين فيها‬ ‫وموق َع‬ ‫مومها‬ ‫حيح ِة‬ ‫َّ ُ‬ ‫الص َ‬ ‫التاريخ َّية َّ‬ ‫َين ُ‬ ‫َ‬

‫وهما‪:‬‬

‫َّبوي� ُة األب ِوي ُة َّ ِ‬ ‫وو َّرا ُثهم من‬ ‫ •‬ ‫والر ُس ُ�ل ُ‬ ‫الش�رع َّي ُة َّ‬ ‫َ َّ‬ ‫المدرس� ُة الن ِ َّ‬ ‫ورواده�ا األنبيا ُء ُّ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫�ط بهم على َم َنه ِج االتِّبا ِع م�ن ِ‬ ‫المس�ن َِد أو َمن ار َت َب َ‬ ‫إفراط وال‬ ‫غير‬ ‫أه�ل العل ِم ُ‬ ‫ٍ‬ ‫تفريط‪.‬‬

‫القائم ُة على مب�دأِ (أنا خير منه) ومبدأِ‬ ‫ضعي ُة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الو َّ‬ ‫ •المدرس� ُة اإلبليس� َّي ُة األَن َِو َّي ُة َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫تفرع عنها م�ن عقيدَ ِة الك ِ‬ ‫األخالق ِّي‬ ‫ُف�ر والتَّح ُّل ِل‬ ‫(اإلغ�واء واالحتن�اك) وما َّ‬ ‫َّاحي ِة العم ِلي ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فض لل َغيبِي ِ‬ ‫والر ِ‬ ‫ف‬ ‫ات‪ ،‬ويرتَبِ ُط أيض ًا بهذه‬ ‫مواق ُ‬ ‫المدرس�ة من الن َ َ َ َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مدرس�ة الن ِ‬ ‫َّحريش و َب ِق َّي ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫مدار ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحام َل ِة لِوا َء‬ ‫َّس�ييس والدَّ َج ِل ‪..‬‬ ‫س الت‬ ‫ِّفاق والت‬ ‫ِ‬ ‫َّفر َق ِة والصرا ِع ِ‬ ‫ِش ِ‬ ‫عار الت ِ‬ ‫داخ َل َ‬ ‫اإلسالم َّي ِة ‪.‬‬ ‫يم ِة‬ ‫ِّ‬ ‫الخ َ‬

‫المدرسة النبوية‬ ‫األبوية الشرعية‬

‫المدرسة األنوية‬ ‫الوضعية‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وخاص ًة أولئك‬ ‫ي�رةُ‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫حم ٌة باألُ َّمة الت�ي عصفت بها َ‬ ‫الح َ‬ ‫وف�ي ُمتا َب َع�ة هذا العل� ِم َر َ‬ ‫�لوك الم ِ‬ ‫اكتش�اف ِسر هذا الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ؤمنين الر ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫تناق ِ‬ ‫المخلوق ال َب َش ِر ِّي‬ ‫ض في‬ ‫اغبين في‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫وسائ ُل ُه؟‬ ‫يكون؟ وما هي‬ ‫عالج؟ وكيف‬ ‫ومخرجاتِ ِه‪ ..‬وهل هناك من‬

‫ِ‬ ‫األس�ئ َل ِة يجيب عليها فِقه التَّحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلجابات‪ ..‬وإنَّما‬ ‫الت؛ ولكنه ال َيصن َُع‬ ‫ك ُُّل هذه‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫للكيفي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلنسان أمام مسؤولياتِ ِه‪ ،‬ويمنَحه نصيب ًا من ِ‬ ‫َ‬ ‫ات ال َع َم ِل َّي ِة‬ ‫الواع َي ِة‬ ‫القرا َء ِة‬ ‫يضع‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫س�اعدَ ِة على الت ِ ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫وسلامة ُف َ�ر ِ‬ ‫علي لِ ُف َر ِ‬ ‫ص المعا َل َج ِة‪ ،‬وهذا‬ ‫السلا َم ِة‬ ‫ص َّ‬ ‫َّطبيق الف ِّ‬ ‫ُ‬ ‫الت مقرون ًا بِ ِف ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫�ة فِ ِ‬ ‫مق الواعي لِدَ راس ِ‬ ‫ِ‬ ‫عرف إال بال ُع ِ‬ ‫قه‬ ‫لم‬ ‫ُّ‬ ‫ٌّ‬ ‫َ‬ ‫خاص ال ُي َ‬ ‫وحده ع ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلحسان ُ‬ ‫صوص‪ ..‬لماذا؟‬ ‫بالخ‬

‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫يكش ُ ِ‬ ‫الت ِ‬ ‫ألن فِق�ه التَّح�و ِ‬ ‫بالو ِ‬ ‫عي َّ‬ ‫والج ِ‬ ‫�رع ِّي وفِق َه‬ ‫ن�وح َ‬ ‫�ف س َّ�ر االنح�راف ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ َ‬ ‫‪117‬‬

‫هل ثمة عالج؟‬ ‫وكيف وما هي‬ ‫وسائله؟ هذا‬ ‫الفقه يجيب‬ ‫على األسئلة‬ ‫ولكن ال يصنع‬ ‫اإلجابات‪،‬وإنما‬ ‫يضع اإلنسان أمام‬ ‫مسؤولياته‬


‫ِ‬ ‫بعي ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫األمر‬ ‫�ج‬ ‫َ‬ ‫اإلحس�ان ُيعال ُ‬ ‫ويبر ُز س َّ�ر القض�اء وال َقدَ ِر فيما يج�ري به ُ‬ ‫المن�ز َع ال َّط َّ‬ ‫بعي ًة أو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تحقيق ال ُّط ِ‬ ‫شرع َّي ًة‪.‬‬ ‫الرغ َب ِة في‬ ‫موح واألماني‪ ،‬سوا ًء كانت َط َّ‬ ‫الر َّبان ُّي أمام َّ‬ ‫َّ‬

‫الخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لفاء الر ِ‬ ‫وهذا هو ِس�ر الخال َف ِة‪ِ ،‬‬ ‫المهد ِّيين‪ ،‬الذين ُي ِ‬ ‫وس ُّ�ر مفهو ِم ُ‬ ‫لز ُمنا‬ ‫اش�دين‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫الله ‪ m‬أن نلت َِزم بِسنَّتِهم ِ‬ ‫رس�ول ِ‬ ‫وش ِ‬ ‫ُ‬ ‫االختالف ُ‬ ‫الصرا ِع‬ ‫لم َّي ِة وال َع َم ِل َّي ِة عند‬ ‫مول ِّ‬ ‫َ ُ‬ ‫الخ َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫اش ِ‬ ‫فاء الر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وس�ن َِّة ُ‬ ‫المهد ِّيين ِمن بعدي ‪َ ،‬ع ُّضوا‬ ‫�دين‬ ‫َّ‬ ‫والخالف‪« .‬عليكم بِ ُس�نَّتي ُ‬ ‫عليها بالن ِ‬ ‫َّواج ِذ ‪َّ ،‬‬ ‫فإن من َي ِعش منكم فسيرى اختِالف ًا كثير ًا»(((‪.‬‬

‫((( الترمذي (‪ )2676‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬

‫‪118‬‬


‫َ ِ ِ ِ‬ ‫حو ِ‬ ‫لات‬ ‫مفهوم ُ‬ ‫الخـلفاء في فقه الت َّ ُّ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫حديث ِ‬ ‫ِ‬ ‫بن ٍ‬ ‫وحديث ُعق َب َة ِ‬ ‫يش�ير ‪ m‬في الحدي َث ِ‬ ‫ِ‬ ‫عامر إلى ما سيجري‬ ‫رباض‬ ‫الع‬ ‫ين‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اختالف حول ِ‬ ‫َّب على ذلك من ِصرا ٍع‬ ‫في األُ َّم ِة من‬ ‫(الحك ِم والعل ِم) وما سيترت ُ‬ ‫قرار ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫بأمر ِ‬ ‫القرار ِ‬ ‫ين‪:‬‬ ‫شير ‪ m‬إلى‬ ‫بين أهل‬ ‫ضرورة االلتزا ِم َ‬ ‫َ‬ ‫ين ‪ ،‬وعند ذلك ُي ُ‬ ‫َ‬

‫مفهوم الخلفاء‬ ‫في فقه التحوالت‬

‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫غير ُمكت َِم ِل ُّ‬ ‫روط‬ ‫مع وال ّطاع ُة‬ ‫الس ُ‬ ‫للقرار القائ ِم ولو كان صاح ُبه أو حام ُله َ‬ ‫‪َّ -1‬‬ ‫أهل الح ِّل والع ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫قد‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الشرع َّية لدى ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫القرار‬ ‫االختالف في‬ ‫المعا َل َج ِة لما ينت ُ​ُج عنه‬ ‫ُ‬ ‫والسكون ُ‬ ‫سن ُ‬ ‫‪ -2‬التزا ُم الهدوء ُّ‬ ‫وهو ما عبر عنه ‪ m‬بقولِ ِه‪« :‬عليكم بِسنَّتي وسن َِّة ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫المهد ِّيين»(((‪.‬‬ ‫الراشدين‬ ‫َ َّ‬ ‫الخلفاء َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫(((‬

‫الخ َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�مى ُ‬ ‫ُ‬ ‫فاء األرب َع ِة‬ ‫والخلفا ُء هنا ليس الذين َ‬ ‫والس� َي ِر بِ ُم ّ‬ ‫تتناو ُلهم ُكتُب العل ِم ِّ‬ ‫الخلفاء األربع ُة((( نمو َذج من الخال َف ِة التي جمعت بين الحك ِم ِ‬ ‫والعل ِم في‬ ‫َ​َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫فه�ؤالء ُ ُ‬ ‫الشرعيون لل َّثال َث ِة ال َّثوابِ ِ‬ ‫صر َص ِ‬ ‫َع ِ‬ ‫الو ّر ُ‬ ‫در اإلسال ِم‪ ،‬أ ّما بعد ذلك ُ‬ ‫ت‬ ‫اث َّ ُّ‬ ‫فالخلفا ُء هم ُ‬

‫ِ‬ ‫س�ول بقولِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫«يحم ُل هذا‬ ‫�ه‪:‬‬ ‫وس�نَّة نب ِّيه‪ ،‬واألخالق)‪ ،‬الذين َخ َّصهم َّ‬ ‫(كت�اب الله‪ُ ،‬‬ ‫العلم من ك ُِّل َخ َل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫ف ُعدو ُله»((( ‪ ،‬فالعدا َل ُة في فِ ِ‬ ‫الت ُمق َّيدَ ٌة وليست ُمط َل َق ًة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬

‫من هم الخلفاء؟‬ ‫وكم عددهم؟‬

‫العدالة في فقه‬ ‫التحوالت مقيدة‬ ‫((( ليس المقصود بالس�كون ترك الخدمة لإلسلام والمس�لمين‪ ،‬وإنما ترك المنازعة في ش�أن وليست مطلقة‬ ‫القرار واالهتمام بشأن عوامل االستقرار ‪.‬‬

‫((( سبق تخريجه ‪.‬‬

‫((( الخلف�اء األربعة في التقس�يم األصلي ينحصر ف�ي الخليفة األول أبي بكر ثم عمر ثم عثمان‬ ‫ث�م عل�ي ‪ ،n‬أما فقه التحوالت فيجعل الخالفة الراش�دة في خمس�ة وآخرهم اإلمام‬ ‫الحس�ن بن علي وهو الخليفة الخامس بالنص النب�وي ‪( :‬الخالفة ثالثون عاما) ‪ ،‬ثم يلحق‬

‫بهم الخليفة السادس عمر بن عبد العزيز في مرحلة الحكم العضوض‪.‬‬

‫((( سبق تخريجه ‪.‬‬

‫‪119‬‬


‫الخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقد تبين لنا ِمن سلام ِة ِ‬ ‫مواق ِفهم ما يؤ ِّكدُ َّ‬ ‫ف لدى ُ‬ ‫لفاء ُس�نَّ ٌة مش�روع ٌة‬ ‫أن‬ ‫المواق َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫علي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قد ت ِ‬ ‫�ة والت ِ‬ ‫َّقرير َّي ِة في َب ِ‬ ‫األحوال كما‬ ‫عض‬ ‫للس�نَّة القول َّية والف َّ‬ ‫هم ال ُعلماء ُّ‬ ‫ُعار َض َف َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّصوص عند َمن ُ‬ ‫يقول (بخالفته) وااللتزا ِم‬ ‫توقيف ِه الن‬ ‫علي من‬ ‫هو في موقف س� ِّيدنا ٍّ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫بما الت َ​َزم به ُ‬ ‫أهل ُّ‬ ‫غير‬ ‫وتعاونِ ِه معهم في‬ ‫الش�ورى‪،‬‬ ‫تس�يير َد َّفة ُ‬ ‫ُ‬ ‫الحك ِم والعل ِم راضي ًا َ‬ ‫موقف اإلمام‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫كره‪ ،‬وهذه ُسنَّ ُة موقف ُيقتَدى بها ‪.‬‬ ‫علي ‪ v‬من ُم َ‬ ‫الخالفة‬

‫موقف اإلمام‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّن�از ِل عن ِ‬ ‫الح َس�ن ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫مل‬ ‫وموق ُ‬ ‫بن َع ِل ٍّي ؤ بالت ُ‬ ‫�ف َ‬ ‫الحك ِم بع�د ال َبي َعة َ‬ ‫قرار ُ‬ ‫ياس�ي ِة لِ َغ ِيره ‪ ..‬مع المحاف َظ ِة على َش�ر ِ‬ ‫الخال َف ِة الس ِ‬ ‫َرك ِ‬ ‫اجتهاده ف�ي ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫أمانَتِه�ا ُث َّم‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫قن ِد ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ماء الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫موقف ُيقتَدَ ى بها ‪.‬‬ ‫سلمين‪ ،‬وهذه ُسنَّ ُة‬ ‫النُّ ُب َّو ِة‬ ‫واألخالق َ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫رع ِّي من قولِ ِه ‪َّ :m‬‬ ‫ص َّ‬ ‫«إن ابني هذا‬ ‫الح َس ِن هذا‬ ‫وموق ُ‬ ‫وم َعدَّ ٌل بال َّن ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫مدعوم ُ‬ ‫ف َ‬

‫الم ِ‬ ‫الحسن ‪َ v‬س ِّيدٌ وس ُي ِ‬ ‫الله به بين ِف َئت ِ‬ ‫سلمين» ‪.‬‬ ‫صل ُح ُ‬ ‫َين من ُ‬ ‫من الحكم‬

‫(((‬

‫الخ ِ‬ ‫الت هو ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫واإلمام الحسن في فِ ِ‬ ‫لفاء الذين جمعوا بين ِ‬ ‫آخ ُر ُ‬ ‫الحك ِم‬ ‫قرار ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫الخ ِ‬ ‫لفاء الذين عَدَّ َل ِ‬ ‫والعل� ِم وهو ِ‬ ‫ِ‬ ‫آخ ُ�ر ُ‬ ‫مواق َفهم نَبِ ُّين�ا ُم َح َّمدٌ ‪ ،m‬وأما من جاء من‬ ‫الذاتِي في قضايا الحك� ِم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أصاب فله‬ ‫والعل ِم َف َمن‬ ‫بع�د ِه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فاألمر قائ ٌم عل�ى االجتهاد َّ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َّعليل ال يق َتبس من فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قه‬ ‫األصول وإنَّما‬ ‫أجر واحدٌ (((‪ ،‬وهذا الت ُ ُ َ ُ‬ ‫أج�ران و َمن أخ َط َأ فله ٌ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫المعروف ِبف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الت ‪.‬‬ ‫السا َع ِة‬ ‫ُع ِر َ‬ ‫ُّ‬ ‫ف من فقه عالمات ّ‬

‫ِ‬ ‫ف ف�ي فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قه‬ ‫عر ُ‬ ‫وس�نَّ ُة َّ‬ ‫ُ‬ ‫الراش�دين م�ن بعده هي م�ا ُي َ‬ ‫وس�نَّ ُة الخلف�اء َّ‬ ‫الرس�ول ‪ُ m‬‬ ‫موق ٍ‬ ‫�ف‪ ،‬وهو االلتِزام بِ َفح�وى النَّص أو اتِّخ�ا ُذ ِ‬ ‫المواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫التَّح�و ِ‬ ‫ف ِحيالِ ِه‬ ‫الت بِ ُس�ن َِن‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫((( البخاري (‪.)3692‬‬

‫((( ه�ذا فيم�ا يتعلق بالفرد والذات‪ ،‬أما ما يتعلق بسلامة المرحلة أو عدمها فيرجع إلى ش�رط‬ ‫آخ�ر‪ ،‬وه�و (حف�ظ بيضة اإلسلام وقيام ف�رض الجهاد في س�بيل الله) بص�رف النظر عن‬ ‫الذوات وعدالتها المحصنة أو عدمها‪.‬‬

‫‪120‬‬


‫ِ‬ ‫ب ُم َع َّي ٍ‬ ‫�ف ال َع َم�ل به لِ َس� َب ٍ‬ ‫�ن‪ ،‬وقد تقدم ال�كالم عنها في فصل (س�نة المواقف‬ ‫يوق ُ‬

‫والداللة)‪.‬‬

‫ف إم�ا ٍم ِ‬ ‫موق ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫�رع َّي ِة بِ َس� َب ِ‬ ‫ُّصوص َّ‬ ‫عاد ٍل َر ِض َي‬ ‫ف ال َع َم ُل به من الن‬ ‫وك ُّلم�ا تو َّق َ‬ ‫ففق�ه التَّحو ِ‬ ‫منص�وص ِ‬ ‫االلتِ َ�زام بالتَّو ُّق ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الت يج َع ُ�ل من هذا‬ ‫تن�از َل ع�ن َح ٍّق‬ ‫�ف أو َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫َجدِّ سنَّ ًة يقتَدى بها إلى يوم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫القيا َم ِة‪ ،‬كماهو في ُص ِ‬ ‫الح َسن‬ ‫لح اإلما ِم َ‬ ‫المست ِ ُ ُ‬ ‫الموقف ُ‬ ‫بيل الِ ِ‬ ‫على َس ِ‬ ‫مثال‪.‬‬

‫يجوز لأِ َح ٍد أن يعيب اإلمام الحسن بن َع ِلي في ُ ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫حيث ال‬ ‫الحك ِم لِ َغ ِير ِه‬ ‫تنازله عن ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ٍّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫اختيار ِه ُ‬ ‫روج على‬ ‫الخ‬ ‫الح َسي َن في‬ ‫يعيب اإلما َم‬ ‫وهو َأ َح ُّق به‪ ،‬كما ال يجوز لأِ َ َح ٍد أن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫اإلمام الحسين‬ ‫ال َّظالِمين بِ َبي َع ِة ِ ِ ِ‬ ‫‪ v‬في‬ ‫اإلصالح فكان في ُ‬ ‫الس ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫روج‬ ‫�عي إليهم راغب ًا في‬ ‫أهل العراق ُث َّم َّ‬ ‫خروجه ال يعاب‬ ‫َخ�اذل الم ِحبي�ن وب ْغي المب ِغ ِضين ِمما َأدى إلى استِ ْش�ه ِ‬ ‫اد ِه َو َم ْن َم َع� ُه َر ِح َم ُه ُم الل ُه‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ّ َّ‬ ‫ُ ُ ِّ َ َ ُ ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫األبرار َو َعا َم َل َأعْدَ ا َء ُه ْم بِ َعدْ لِ ِه‪.‬‬ ‫َر ْح َم َة‬ ‫ِ‬ ‫ف الجدَ ُل في َ ِ‬ ‫ُّصوص بذلك‬ ‫علي بالخال َف ِة لمن َف ِه َم الن‬ ‫َ‬ ‫مسأ َلة َ‬ ‫َويتو َّق ُ َ‬ ‫أح ِّق َّية اإلما ِم ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َص‬ ‫الس‬ ‫َّب عليه ن ُّ‬ ‫�كون وااللتزا َم بم�ا ترت َ‬ ‫لي ذا ُت ُه ُّ‬ ‫�ي اإلما ُم َع ٌّ‬ ‫والت�زم به�ا بعد أن َرض َ‬ ‫رف النَّ َظ ِر عن المبر ِ‬ ‫الت بِص ِ‬ ‫ق�ه التَّح�و ِ‬ ‫فِ ِ‬ ‫رات التي َأ َّدت إلى ذلك أو كانت س�بب ًا في‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫خاص� ٌة ال يع َل ُمها إال‬ ‫َّحو ُ‬ ‫الت في فقه العالمات لها ُس�نَّ ٌة َّ‬ ‫َص�رف الخال َف�ة عنه‪ ،‬فالت ُّ‬ ‫األثبات من هذا النَّم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلحسان ومراتِ ِ‬ ‫المسؤول من ِ‬ ‫اإليقان‪.‬‬ ‫ب‬ ‫أهل‬ ‫ط‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫َّاريخ السلبِي ِة أو من تَبِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫الخاص ِة‬ ‫ُّصوص‬ ‫عات قرا َء ِة الن‬ ‫َّ‬ ‫الركا َم من حوادث الت ِ َّ َّ‬ ‫إن هذا ُّ‬ ‫�ل التَّحو ِ‬ ‫الل ِ‬ ‫َ�ة آل الب ِ‬ ‫ق�وق ومكان ِ‬ ‫بِ ُح ِ‬ ‫مراح ِ‬ ‫ي�ت وما ُظ ِلموا في�ه ِخ َ‬ ‫الت ف�ي الت ِ‬ ‫َّاريخ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ساح ِة‬ ‫اإلسالمي‬ ‫وجعل ال َب َ‬ ‫األمر قض َّي َة الدِّ يانَة ُك ِّلها؛ لن ُيعيدَ َآل ال َبيت إلى َ‬ ‫عض هذا َ‬ ‫ِّ‬ ‫واق ِفهم وص ِبرهم إلى يو ِم ِ‬ ‫الحرك َِة وقد ذهبوا بِم ِ‬ ‫القيا َم ِة ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫‪121‬‬


‫ال عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫مذاه ِ‬ ‫ذه ِ‬ ‫�ب َ‬ ‫�اص بدي ً‬ ‫ب اإلسلا ِم‬ ‫الم َ‬ ‫الخ ِّ‬ ‫نس ُ‬ ‫�ب إليهم من َ‬ ‫ول�م َيص ّح م�ا ُي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مقبول ف�ي ِ‬ ‫ٌ‬ ‫واآلخذين عنه ‪ ،‬منهم ومن َغ ِيرهم ‪،‬‬ ‫أهل ِه‬ ‫الخاص‬ ‫ب‬ ‫فالم َ‬ ‫ُّ‬ ‫ذه ُ‬ ‫المع َت َب َ�رة‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألخذ والتَّل ِّقي ِ‬ ‫المذاه ِ‬ ‫ُ‬ ‫بار عليه‪.‬‬ ‫أمر‬ ‫لغير ِه من‬ ‫ٌ‬ ‫صحيح أيض ًا وال ُغ َ‬ ‫ب اإلسالم َّية ٌ‬

‫ث ِ‬ ‫الم َص ِّلي َن و ُي ِ‬ ‫ور ُ‬ ‫والعداو َة وال َّث َأر‬ ‫الحق�دَ‬ ‫َ‬ ‫وإنَّم�ا َس�لبِ َّي ُت ُه كو ُن ُه ُيف ِّع ُل ِّ‬ ‫الصرا ِع بي�ن ُ‬ ‫باألمر ما س�وى ال َغير ِة ال َّط ِ‬ ‫بع َّي ِة على ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتفسير‬ ‫اآلل‬ ‫بين المس�لمين ِم َّمن ال عال َق َة لهم‬ ‫َ‬

‫داة الت ِ‬ ‫ط» اله ِ‬ ‫ط األوس ِ‬ ‫ف «النَّم ِ‬ ‫مواق ِ‬ ‫ُّصوص بعيد ًا عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّقاة‪.‬‬ ‫الن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫�ل والدَّ ِ‬ ‫إن م�ن ُع ِ‬ ‫م�ق فِ ِ‬ ‫ط�ور َة الدَّ َج ِ‬ ‫ب�ل َّ‬ ‫المراح ِل‬ ‫جاج َل ِة ف�ي‬ ‫قهه�م وق�د َر َأوا ُخ َ‬ ‫ِ‬ ‫المواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫المتَحو َل ِ‬ ‫الواع َي ِة أم�ام ُمطا َل َبتِهم‬ ‫ف‬ ‫األخض َ�ر واليابِ َس اتِّخ�ا َذ‬ ‫�ة وأنه س�يأك ُ​ُل‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ِّ‬ ‫بالح ِ‬ ‫الخاص ِة ‪ ،‬لِتبقى ُح ُ‬ ‫قوق اإلسلا ِم العا َّم� ُة ُمصا َن ًة ومحفوظ ًة من ك ُِّل ت َ​َه ُّج ٍم‬ ‫قوق‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وخيان ٍَة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الم ْج َم ِع عليه�ا َح ْي ُثما ن َ​َز ُلوا من‬ ‫وأكثرهم في‬ ‫َوانْ�دَ َر َج غال ُبه�م‬ ‫مذاهب اإلسلا ِم ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫خاص بهم ماعدا ما البد منه‬ ‫بمذهب‬ ‫الشعوب‬ ‫بالد اإلسال ِم‪ ،‬ولم َي ُش ُّذوا أو ُي ْل ِز ُموا‬ ‫ٍّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المشتركة في سبيله‪.‬‬ ‫والخدمة‬ ‫واالرتباط في الله‬ ‫والحب وال َّتك ِْر َم ِة‬ ‫الوالء‬ ‫من‬ ‫ِّ‬

‫‪122‬‬


‫م َن هم النَّم َُط الأو َس ُط ؟‬

‫ِ‬ ‫�ط هم ِ‬ ‫ط األوس ِ‬ ‫أهل النَّم ِ‬ ‫وي‬ ‫األئ َّم ُة ال ُع َلم�ا ُء والعارفون‬ ‫ُ‬ ‫األثبات من آل ال َبيت النَّ َب ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫والصحا َب ِة ئ ال ُع ِ‬ ‫أوعية‬ ‫بإحس�ان إلى يوم الدين ‪..‬‬ ‫دول والتّابِعين و َمن تَبِ َعهم‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫واألخلاق الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّبو َّي ِة الذين يندَ ِرجون ف�ي معنى قوله تعالى‪ :‬ﮋ ﯚ‬ ‫والس�ن َِّة‬ ‫الكتاب ُّ‬

‫من هم النمط‬ ‫األوسط؟‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لم من ك ُِّل‬ ‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﮊ [األنعام‪ ، ]٨٩ :‬وفي قوله ‪« : m‬يحم ُل هذا الع َ‬ ‫َخ َل ٍ‬ ‫ف ُعدو ُل ُه»((( ‪.‬‬

‫والسلا َم ِة ولم ُي ِ‬ ‫نازعوا قرار ًا شرع ّي ًا وال عالم ًا‬ ‫وهم الذين س�لكوا مس َل َك ُ‬ ‫الهدى َّ‬ ‫ِ‬ ‫الخ َلفاء الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّسلس ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ل‬ ‫المهد ُّيون َع َبر‬ ‫اش�دون‬ ‫تاريخ الت ُ‬ ‫أو إمام� ًا َأ َب ِو ّي ًا َن َب ِو ّي� ًا َر َّبان ّي ًا‪ .‬هم ُ ُ َّ‬ ‫�رعي المسن َِد ‪ ،‬من حصنَتهم النُّصوص ونالوا بها مراتِب ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫الخال َف ِة واإلما َم ِة ‪ ،‬أو‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫الش ِّ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ين على ِ‬ ‫وه ِ‬ ‫بإحسان إلى يو ِم الدِّ ِ‬ ‫حرفين‪.‬‬ ‫َمن تَبِ َعهم‬ ‫نهجهم َ‬ ‫غير ُمبدِّ لين وال ُم ِّ‬ ‫ديهم َ‬ ‫خير الناس من هذا الن َ​َّم ُط‬ ‫وفي ُم َصن َ‬ ‫علي رض�ي الله عنه‪ُ « :‬‬ ‫َّف ابن أبي ش�يب َة عن ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫يلح ُق بهم التّالي‬ ‫ويرج ُع إليهم الغالي»(((‪.‬‬ ‫األوس ُط‪َ ،‬‬ ‫َ‬

‫معر َف ِة ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫�ط في فِ ِ‬ ‫ط األوس ِ‬ ‫معر َف ِة النَّم ِ‬ ‫الت ِ‬ ‫جوب ِ‬ ‫وأهم َّي� ُة ِ‬ ‫الك ِ‬ ‫تاب‬ ‫واج َب� ٌة ُو َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫الش ِ‬ ‫والسن َِّة ألنَّهم ِ‬ ‫ِ‬ ‫أوع َيتُها َّ‬ ‫سمان‪:‬‬ ‫رع َّي ُة‪ ،‬وهم ِق‬ ‫ُّ‬ ‫لح ِ‬ ‫ألم ِة واستمرار ًا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فظ األمان َِة‪.‬‬ ‫السال َم َة وكان موق ُف ُه رحم ًة ل ُ َّ‬ ‫سم التزم َّ‬ ‫‪ -1‬ق ٌ‬ ‫ِ‬ ‫سم التز َم االجتها َد في ُ‬ ‫مصير ُه َّ‬ ‫الخ ِ‬ ‫الشها َد َة ‪.‬‬ ‫روج على ال َّظ َل َم ِة وكان‬ ‫ُ‬ ‫‪ -2‬ق ٌ‬ ‫ِ‬ ‫واألخالق وهم ُ‬ ‫الخ َلفا ُء‬ ‫منهج النُّ ُب َّو ِة في ال َع َم ِل‬ ‫والن َ​َّم ُط‬ ‫األوس ُط هم الذين التزموا َ‬ ‫َ‬

‫((( سبق تخريجه ‪.‬‬

‫((( المصنف (‪.)35639‬‬

‫‪123‬‬

‫مقولة اإلمام علي‬ ‫‪ v‬عن النمط‬ ‫األوسط‬ ‫أهمية معرفة‬ ‫علماء النمط‬ ‫األوسط‬


‫المهديون ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫بعد ِه ‪ m‬ويأتي في ُم َقدِّ َمتِهم‪:‬‬ ‫اشدون‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬

‫الخال َف ِة ِ ِ ِ‬ ‫صر ِ‬ ‫َهجهم في َع ِ‬ ‫ • ُ‬ ‫الصحا َب ِة‬ ‫الراش�دَ ة من َّ‬ ‫الخل َف�ا ُء األر َب َع ُة و َم�ن ن َ​َه َج ن َ‬ ‫َّ‬ ‫وآل الب ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يت ئ و َمن تَبِ َعهم بإِ‬ ‫حسان‪.‬‬ ‫َ‬

‫رجال النمط‬ ‫األوسط‬

‫المذاهب‬ ‫اإلسالمية‬

‫ِ‬ ‫ • ُآل الب ِ‬ ‫ٍ‬ ‫طالب وفاطِ َم ُة‬ ‫علي ب ُن أب�ي‬ ‫ي�ت‬ ‫َ‬ ‫األطه�ار‪ ،‬ويأتي ف�ي ُم َقدِّ َمتهم اإلما ُم ُّ‬ ‫ُ‬

‫َ‬ ‫ارتبط بهم وس�ار‬ ‫والح َس�ي ُن و ذراريه�م و َمن‬ ‫َّ‬ ‫والح َس� ُن ُ‬ ‫�اس َ‬ ‫الزه�را ُء وال َع َّب ُ‬ ‫عود إلش�ا َع ِة منه ِج السلام ِة واالبتِ ِ‬ ‫القيا ِم وال ُق ِ‬ ‫ديهم في ِ‬ ‫عل�ى َه ِ‬ ‫عاد عن ال ُغ ُل ِّو‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫واإلفراط والت ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّفريط‪.‬‬

‫ِ‬ ‫المذاه ِ‬ ‫ب اإلسلام َّي ِة التي برزت بعد ُص ِ‬ ‫لح اإلما ِم‬ ‫المعت َِدل من‬ ‫الم َنه ِج ُ‬ ‫ •دعا ُة َ‬ ‫ِ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المذاهب‬ ‫أصح�اب‬ ‫والجما َع ِة) ومنهم‬ ‫س�مى‬ ‫ُ‬ ‫الس�نَّة َ‬ ‫َ‬ ‫(أهل ُّ‬ ‫�ن تحت ُم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بمذاهب ِ‬ ‫الح َس ُن‬ ‫المعروفة‬ ‫األرب َع ِة‬ ‫السنَّة والذين َر ُضوا ما َرض َي ُه اإلما ُم َ‬ ‫أهل ُّ‬ ‫قن الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫ماء‪.‬‬ ‫و َمن جاء ِمن بعده على‬ ‫السال َمة َ‬ ‫طريق َّ‬

‫أهل اإلفراط‬ ‫والتفريط ال‬ ‫يدخلون في‬ ‫مسمى النمط‬ ‫األوسط‬

‫ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫االعتدال والتَّوس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كمذه ِ‬ ‫المذاه ِ‬ ‫اإلمام َّي ِة‪،‬‬ ‫يد َّي ِة أو‬ ‫خرى‬ ‫ط من‬ ‫ •دعا ُة‬ ‫ب َّ‬ ‫َ‬ ‫ب األُ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫والس� َب ِئ َّي ِة أو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أم�ا ما َش َّ‬ ‫بإفراط‬ ‫غيره�ا‬ ‫داخل ه�ذه‬ ‫�ذ من‬ ‫كالراف َضة َّ‬ ‫المذاه�ب َّ‬ ‫ٍ‬ ‫وتفري�ط فال ُ‬ ‫يدخ ُل تحت هذا التَّقس�ي ِم‪ ،‬بل ربما صار مس�ؤوالً ُمباش�ر ًا عن‬ ‫داخلها‪ ،‬بإِثار ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ودمار األُم ِة من ِ‬ ‫نقائ ِ‬ ‫ض الت ِ‬ ‫َّاريخ التي تجاوزها‬ ‫الفت َِن و ُم ِضلاّ تِها‬ ‫َ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ط األوس ِ‬ ‫جال النَّم ِ‬ ‫ط ِحفاظ ًا على سال َم ِة الدِّ يان َِة ل ُ‬ ‫أل َّم ِة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وسكت عنها ِر ُ َ‬

‫دائي ِة للمخالِ ِ‬ ‫المجموعات الغالِي ِة اعتمادها على الن ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫عالمات هذه‬ ‫ومن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّظرة الع َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الم َبر ِم من ُأ ِ‬ ‫روب‪ ،‬أو ال ُغ ُل ِّو في األحكا ِم ون ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫مور الدِّ يان َِة في ُّ‬ ‫عوب‪،‬‬ ‫وإثارة ُ‬ ‫َقض ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يات الو ِ‬ ‫ّاري�خ ومجر ِ‬ ‫حواد ِ‬ ‫ِ‬ ‫المواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫قائ ِع‬ ‫ث الت‬ ‫والبراء على‬ ‫والوالء‬ ‫ف‬ ‫واعتما ُدها ف�ي‬ ‫َ‬ ‫ِ ُ َ‬ ‫والمواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫والح�واد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف التي‬ ‫ث وليس االحتكا َم لما جاء عنها في النُّصوص الش�رع َّي ِة‬ ‫‪124‬‬


‫آل الب ِ‬ ‫ِ‬ ‫يت خالل األحداث المست ِ‬ ‫ات َ‬ ‫َجدَّ ِة‪.‬‬ ‫َّخ َذها َأئ َّم ُة ِ َ‬ ‫ُ‬

‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وغيرها من‬ ‫سمى‬ ‫والمعت َِز َل ُة ُ‬ ‫الخوار ُج والقرام َط ُة والباطن َّي ُة ُ‬ ‫الم َّ‬ ‫ويدخ ُل تحت هذا ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ورج َع عن‬ ‫الم َ‬ ‫تاب َ‬ ‫الح َرك َّية‪ ،‬إال َمن َ‬ ‫ذهبِ َّية اإلسلام َّية َ‬ ‫نماذ ِج اإلفراط والتَّفريط في َ‬ ‫والتز َم االعتِ َ‬ ‫دال ‪.‬‬ ‫إفراطِ ِه وتفريطِ ِه َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكذلك ِ‬ ‫المرتَبِ َط ِة‬ ‫والعلمانية وما َت َف َّر َع عنها من ال َع ْل َمن َِة وال َع ْو َل َم ِة‬ ‫اإللحاد‬ ‫مدار ُس‬ ‫ُ‬ ‫المدارس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫�م ال َع َربِ َّي الخارجة عن‬ ‫ياس�ة ( َأ َك َل�ة ال َقص َعة) وه�م الذين ُيو ِّط�دون العا َل َ‬ ‫ف�ي مرح َل�ة ال ُغث�اء بِس َ‬ ‫النمط األوسط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�يخ الدَّ ج ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫عو ُة إلى‬ ‫َّ‬ ‫�ال‪ ،‬ومن عالماته�م‪ :‬الدَّ َ‬ ‫واإلسلام َّي للدَّ ّج�ال أو لمرحلة َ‬ ‫أتباع ِه وتحرير المر َأ ِة بال َضوابِ َط َش ِ‬ ‫يوب ِ‬ ‫ين وإش�ا َع ِة ِ‬ ‫ُمخا َل َف ِة الدِّ ِ‬ ‫نواق ِض�ه و ُع ِ‬ ‫�رع َّي ٍة‬ ‫ُ‬

‫الش ِ‬ ‫وإسقاط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫الق َي ِم َّ‬ ‫رع َّي ِة‬ ‫االشتراك َّي ِة ‪،‬‬ ‫الملك َّي ِة العا َّم ِة في مفهوم‬ ‫واستباح ُة‬ ‫منصوصة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫في ال َّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتفسير الت ِ‬ ‫واألديان تفسير ًا ما ِّد ّي ًا بحت ًا ‪.‬‬ ‫َّاريخ‬ ‫بقات االجتماع َّي ِة‪،‬‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫الحر َب ِ‬ ‫المجموعات ف�ي العا َل َم ِ‬ ‫ين‬ ‫وقد انتش�رت هذه‬ ‫ُ‬ ‫ين ال َع َربِ ِّي واإلسلام ِّي بعد َ‬ ‫ِ‬ ‫�ة ِ‬ ‫كأذر َع ٍة مسيس ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبرامجه في الماضي‬ ‫االس�تعمار‬ ‫لخد َم ِة‬ ‫العالم َّي�ة األولى وال ّثان َية ِ ُ َ َّ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وإدراك أو بِ َغ ِيرهما ‪.‬‬ ‫والمستَق َب ِل بِ ِعل ٍم‬ ‫والحاض ِر ُ‬

‫مايات المسيس ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ة ِمن ن ِ‬ ‫َقض‬ ‫ترز ُح في ه�ذه ال َع‬ ‫وإل�ى اليو ِم وم�ا بعدَ اليو ِم واألُ َّم� ُة َ‬ ‫ُ َ َّ َ‬ ‫َقض ِ‬ ‫العل ِم إلى ن ِ‬ ‫الحك ِم إلى ن ِ‬ ‫وه َل َّم َج ّر ًا‪.‬‬ ‫َقض ال ُعرى ُ‬ ‫ُ‬

‫واق ِ‬ ‫�ط» واالهتمام بِم ِ‬ ‫ط األوس ِ‬ ‫س�أ َل َة «النَّم ِ‬ ‫َ‬ ‫إن َم َ‬ ‫مس�أ َل ٌة لم ِ‬ ‫يعتن بها َأ ُ‬ ‫َّ‬ ‫هل‬ ‫ف ِرجالِ ِه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫المذاهب‬ ‫ِ‬ ‫اإلسلامي ِة الم ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المذاه ِ‬ ‫ش�رع َّي ٍة اإلسالمية لم‬ ‫أي َأ َه ِّم َّي ٍة‬ ‫ب‬ ‫�مى َّ‬ ‫الم َس َّ‬ ‫تناز َعة‪ ،‬بل ُر َّبما لم ُيو ُلوا هذا ُ‬ ‫َّ ُ‬ ‫تول أهل النمط‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ٌ ُ​ُ‬ ‫الرافِ َض ِة َّ ِ ُ‬ ‫اندر َج في مواقف آل ال َبيت ُغال ُة َّ‬ ‫حت�ى َ‬ ‫والس� َبئ َّية و َمن كان له إفراط وغل ٌّو األوسط أهمية‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النعدام المعرفة‬ ‫االستدالل َّ‬ ‫رع ِّي‪..‬‬ ‫مقيت في‬ ‫ب‬ ‫ٌ‬ ‫َطبع ٌّي أو َت َع ُّص ٌ‬ ‫ط األوس ِ‬ ‫األطهار ِمم�ن نَهج منه�ج «النَّم ِ‬ ‫األئم ِ‬ ‫ِ‬ ‫م�ع ِ‬ ‫العل� ِم َّ‬ ‫�ط» التزموا‬ ‫�ة‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫أن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ َّ‬ ‫أتباع َّ‬ ‫‪125‬‬

‫بفقه التحوالت‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتأكي�د ِه «فِق ُه‬ ‫تقرير ِه‬ ‫�ح عن‬ ‫م�ا التز َم� ُه األئ َّم ُة ‪ n‬وأرضاه�م ‪ ،‬وهذا ما ُيفص ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التَّحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ُصوص ِه‪.‬‬ ‫األخذ به واال ّطال ِع على ن‬ ‫طويل في‬ ‫باع‬ ‫الت»‬ ‫وآلل ال َبيت ٌ‬ ‫ُّ‬

‫‪126‬‬


‫ِ‬ ‫الإفراط والت َّ ِ‬ ‫فريط‬ ‫مواقِ ُف النَّم َِط الأو َس ِط ِمن َط َرفَي ِ‬

‫ط األوس ِ‬ ‫(أهل النَّم ِ‬ ‫اإلفراط أو الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫كان ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫�ط) في اعتدالِهم‬ ‫مناز َع ُة‬ ‫أهل‬ ‫موق ُ‬ ‫َّفريط َ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِّخاذ ِ‬ ‫�ط م�ن ات ِ‬ ‫ط األوس ِ‬ ‫جال النَّم ِ‬ ‫وتَوس�طِهم المش�روعِ‪ ،‬وله�ذا كان ال ُبدَّ لِ ِر ِ‬ ‫ف‬ ‫مواق َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شرعي ٍة تَح َف ُظ ِدماء الم ِ‬ ‫هؤالء‬ ‫واإلفساد‪ ،‬وهذا ما َف َع َل ُه‬ ‫الفساد‬ ‫سلمين و َمقا َم النُّ ُب َّو ِة من‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ط األوس ِ‬ ‫الت بـ(النَّم ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫ج�ال المعبر عنهم في فِ ِ‬ ‫�ط)‪ ،‬والذين انط َب َق عليهم‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الر ُ ُ َّ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫بي ‪ m‬قال ‪َّ « :‬‬ ‫«سنَنِ ِه» َّ‬ ‫إن بين يدي‬ ‫الحديث الذي‬ ‫معنى‬ ‫أخرج ُه ابن َ‬ ‫َ‬ ‫ماجه في ُ‬ ‫أن ال َّن َّ‬

‫القدوة واألسوة‬ ‫في سلوك أهل‬ ‫النمط األوسط‬

‫اله َر ُج ونرى أ َّنه َ‬ ‫الك ِذ ُب‪ ،‬قال ‪ :‬ال َق ُ‬ ‫تل‪ ،‬قالوا ‪ :‬وما يكفينا‬ ‫الس َ‬ ‫له َرج ًا » قالوا ‪ :‬وما َ‬ ‫اع ِة َ‬ ‫ّ‬

‫أن نق ُت َل ُك َّل عا ٍم كذا وكذا من المشركين قال‪ « :‬ليس ذلك ‪ ،‬ولكن قت َل ُكم ُ‬ ‫أنف َس ُكم‪،‬‬

‫�ة ُع ُ‬ ‫الز ِ‬ ‫عام ُ‬ ‫َّ‬ ‫وس�يؤخ ُر‬ ‫مان‪،‬‬ ‫قول أهلِ ذلك َّ‬ ‫َس َّ‬ ‫قال�وا ‪ :‬وم�ا ُعقو ُلنا ق�ال ‪ « :‬إِ َّنها ُتخ َتن ُ‬ ‫ٍ‬ ‫باء من ال ّن ِ‬ ‫ش�يء ‪ ،‬وما ُأ َر ُاهم إال َس� ُتد ِر ُكني وإ ّياكم‪ ،‬وما‬ ‫�اس َي َرون أ َّنهم على‬ ‫له�ا َه ٌ‬ ‫كيوم َد َخ ْلنا فيها»‬ ‫نخر َج منها َ‬ ‫َ‬ ‫المخ�ر ُج لي ولكم منها فيما َع ِهدَ إلينا َنبِ ُّينا ‪ m‬إال أن ُ‬

‫فس ِ‬ ‫�ن ‪ « :‬وم�ا ُ‬ ‫�ل َمت ُق ُلو ُبهم‬ ‫الح َس ُ‬ ‫روج منها َ‬ ‫ق�ال َ‬ ‫الخ ُ‬ ‫السلا َم ُة َ‬ ‫كيوم دخلوا فيها إال َّ‬ ‫ِ‬ ‫واق ِ‬ ‫�ط بالم ِ‬ ‫ط األوس ِ‬ ‫جال النَّم ِ‬ ‫(((‬ ‫وأيديه�م ِ‬ ‫األخالق َّي ِة‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وألس� َن ُتهم» ‪ .‬وبهذا يتم َّي ُ�ز ِر ُ َ‬ ‫�روف ‪ ،‬وتت َل َّخص أهم ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫مواق ِفهم بما‬ ‫السلا َم ِة في ك ُِّل ال ُّظ‬ ‫ُ َ ُّ‬ ‫الش�رع َّية وااللتزا ِم بِ َم َنه ِج َّ‬ ‫يلي‪:‬‬

‫ِ‬ ‫الخال َف ِة ِ ِ‬ ‫صر ِ‬ ‫أهل الب ِ‬ ‫ • ِ‬ ‫يت في َع ِ‬ ‫الحك ِم‪ ،‬والموا َف َق ِة‬ ‫مواق ُ‬ ‫الراش�دَ ة في مس�أ َلة ُ‬ ‫ف ِ َ‬ ‫َّ‬ ‫قد‪ ،‬وعَ�دَ ِم الم َ ِ‬ ‫أهل الح ِّل والع ِ‬ ‫والرضى‬ ‫َ‬ ‫أجم َع علي�ه ُ َ‬ ‫ناز َعة في ذلك‪ِّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫عل�ى ما َ‬ ‫ِ‬ ‫الرضى في‬ ‫بما َر ِض َي به المسلمون‪،‬‬ ‫وتجاو ِز ما اعترى ال َب َ‬ ‫ُ‬ ‫عض منهم من عَدَ ِم ِّ‬

‫((( سنن ابن ماجه (‪ ، )3959‬إسناده صحيح ‪« ،‬موسوعة الفتن» (‪.)1070‬‬

‫‪127‬‬

‫ملخص مواقف‬ ‫أهل منهج‬ ‫السالمة‬


‫الخال َف ِة الر ِ‬ ‫لمراحل ِ‬ ‫األمر إلى الموا َف َق ِة ود ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تناز ِل‬ ‫عمهم التَّا ِّم‬ ‫بِدا َي ِة‬ ‫اشدَ ِة حتّى ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬

‫الح َس ِن(((‪.‬‬ ‫اإلما ِم َ‬

‫اإلمام علي‬ ‫‪ v‬في عهد‬ ‫الخالفة‬

‫قبول اإلما ِم علي ؤ المشار َك َة الدَّ ِائم َة في ِ‬ ‫ • ُ‬ ‫بناء دو َل ِة اإلسال ِم والن ِ‬ ‫ُّصح لها‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫مرح َل ِة ِخال َف ِة َس� ِّي ِدنا أبي ٍ‬ ‫بكر و ُع َم َر و ُع َ‬ ‫ثمان ‪ ،، n‬و َقبو ُل ُه ال َبي َع َة‬ ‫طي َل َة َ‬ ‫ِ‬ ‫مكن إنقا ُذه ِمن منه ِج النَّم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرح َل ِة ِخال َفت َِه‪،‬‬ ‫ط‬ ‫األوس�ط في َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫بعدَ ُه�م إلنقاذ ما ُي ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وه�ذا م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّصوص التي‬ ‫ش�ير إلى مس�أ َل ِة الن‬ ‫وق ٌ‬ ‫ف ُيقتَدَ ى به بِ َصرف النَّ َظ ِر َع َّمن ُي ُ‬ ‫َ‬ ‫الح َّق له في الخال َف ِة‪..‬‬ ‫تَج َع ُل َ‬

‫اإلمام الحسن‬ ‫‪ v‬إمام القرار‬

‫ف اإلما ِم الحس ِن ؤ من ِ‬ ‫ • ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفت َِن والتَّنا ُف ِ‬ ‫وتنازلِ ِه عنه في‬ ‫س على‬ ‫موق ُ‬ ‫القرار ُ‬ ‫َ َ‬ ‫جود ِه ِحفاظ ًا على ِد ِ‬ ‫َّاس إلى و ِ‬ ‫ماء الم ِ‬ ‫حاج ِة الن ِ‬ ‫سلمين وسال َم ِة ِوحدَ تِهم‬ ‫ُ‬ ‫َأ َشدِّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫مع ِ‬ ‫المدينة حتى وفاتِ ِه ؤ دون ُخ ٍ‬ ‫روج‬ ‫أهل َبيتِ ِه من العراق إلى‬ ‫وانتقال�ه َ‬ ‫ِ‬ ‫ناز َع ٍ‬ ‫الهالك‬ ‫�ة‪ُ ،‬محا َف َظ� ًة منه على الدِّ يان َِة واألمان َِة‪ ،‬وتَجنِيب� ًا لِ َح َم َلتِها ِمن‬ ‫أو ُم َ‬ ‫ِّفاق والتّآم ِر على ِ‬ ‫والمنا َفس ِة‪ ،‬بِرغ ِم ن ِ‬ ‫اآلخ ِر عَهدَ االت ِ‬ ‫َكث الجانِ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫حياة اإلما ِم‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫الس ِّم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الح َسن بِدَ ِّس ُّ‬

‫اإلمام الحسين‬ ‫إمام البيعة‬

‫أهل الب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ • ِ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫الس َ‬ ‫يت‬ ‫موق ُ‬ ‫كون في المدينة م َثل َغ ِيره من ِ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ين ش والتزا ُم ُه ُّ‬ ‫أهل ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإخراج ِه ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ابتعاث ِ‬ ‫أجلها‬ ‫سؤول َّياتِها‬ ‫راق له بِال َبي َع ِة‬ ‫حتّى‬ ‫وتحميل ِه َم ُ‬ ‫ِ‬ ‫المدينة إلى ما قضاه الل ُه و َقدَّ َر ُه من استشهاده ؤ بِكَربال َء‪.‬‬ ‫من‬

‫ِ‬ ‫ • ِ‬ ‫علي ِ‬ ‫الر ُج َل‬ ‫موق ُ‬ ‫زين العابِدين وهو الذي َش ِهدَ معر َك َة كربال َء و كان َّ‬ ‫ف اإلما ِم ٍّ‬

‫((( وعل�ى هذا الموقف يلتزم أهل النمط األوس�ط ما التزمه س�لفهم الصالح من عدم الخوض‬ ‫أو الطعن في الخالفة الراشدة إلى يوم الدين‪ ،‬ومن طعن فيها أو نازع بعلم أو بغير علم فقد‬ ‫خالف منهج النمط األوسط ونحى إلى اإلفراط والتفريط ‪.‬‬

‫‪128‬‬


‫ّاج�ي من المعرك ِ‬ ‫ِ‬ ‫السلا َم ِة وااللتزا َم‬ ‫َ‬ ‫َ�ة ‪ ،‬واتخا ُذ ُه فيم�ا بعدُ‬ ‫طريق َّ‬ ‫الوحي�دَ الن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِمنه ِج النَّم ِ‬ ‫المطا َل َب ِة بال َق ِ‬ ‫رار‬ ‫ط‬ ‫َ َ‬ ‫األوس�ط واالعتنا َء في إقامة َم َنه ِج النُّ ُب َّوة دون ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫َ‬ ‫الو ِص َّي َة بذلك ‪.‬‬ ‫أو‬ ‫االقتتال من أجله أو َ‬

‫المعروف بالتَّصو ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫الموق ِ‬ ‫ِ‬ ‫وانتشر بعد ذلك في‬ ‫ف‬ ‫هد‬ ‫تفر َع عن هذا‬ ‫ُ‬ ‫ف َم َنه ُج ُّ‬ ‫َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫وقد َّ‬ ‫ط األوس ِ‬ ‫جال النَّم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ط‪.‬‬ ‫َ‬ ‫السلا َمة لك ُِّل من ا َّت َب َع ِر َ َ‬ ‫المعتَد َلة كنَمو َذ ٍج من نماذ ِج َّ‬ ‫صورته ُ‬ ‫األئم� ُة أغ َلب من جاء ِم�ن ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫بعدهم ِمن ِ‬ ‫آل‬ ‫ُ َ‬ ‫المس� َل َك الذي َس� َل َك ُه هؤالء َّ‬ ‫َس� َل َك هذا َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي�ت ِ‬ ‫الب ِ‬ ‫وتالميذهم و َمن َ‬ ‫يخرج عن‬ ‫وأتباعهم‬ ‫الكرا ِم‬ ‫َ‬ ‫ُثر‪ ،‬ولم ُ‬ ‫أخذ عنهم‪ ،‬وهم َقو ٌم ك ٌ‬ ‫الجتهاد يتلاءم مع ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أزمنَتِهم و َمن فيها ولم‬ ‫خروجهم‬ ‫القاعدَ ِة إال أفرا ٌد‪ ،‬وكان‬ ‫ه�ذه‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫الله‪ ،‬وال يطعن في م ِ‬ ‫سبيل ِ‬ ‫ِ لأِ ٍ‬ ‫مر‪ ،‬بل ُقتِلوا واست ِ‬ ‫ِ‬ ‫واق ِفهم‬ ‫ُشهدوا في‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫يستَقم َ َحد منهم َأ ٌ‬

‫ط األوس ِ‬ ‫جال النَّم ِ‬ ‫روجهم‪ ،‬بل هي ِ‬ ‫وال في ُخ ِ‬ ‫ط ِخ َ‬ ‫مرح َل ِة‬ ‫مواق ُ‬ ‫الل َ‬ ‫َ‬ ‫ف اس�تفا َد منها ِر ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ف السالم ِة وال ي ِح ُّق لأِ َح ٍد ِمن بعدهم أن يت ِ‬ ‫ِ‬ ‫لك ال َع‬ ‫َّخ َذها‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ضوض و َث َبت َْت بها َمواق ُ َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ال يحق لمن‬ ‫كتاب ( ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفت ِ‬ ‫الصراعِ‪ ،‬و ُي َؤ ِّيدُ هذا المعنى ما ورد في ِ‬ ‫َن ) لِنُ َعي ِم بعدهم أن يتخذوا‬ ‫�دو ًة ُ‬ ‫للخ ِ‬ ‫وإثارة ِّ‬ ‫ُق َ‬ ‫�روج َ‬ ‫اجتهادهم قدوة‬ ‫بن حم ٍ‬ ‫اد عن يزيدَ ِ‬ ‫بن أبي َح ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بيب قال‪ :‬قال‬ ‫رسول الله ‪َ : m‬‬ ‫ِ َ َّ‬ ‫«س َيكُون َب ْعدَ أصحابي إلثارة الصراع إال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بشروط‬ ‫إياي‪ ،‬ثم يس�ت ُّن بها قو ٌم من بعده�م فيدخلون بهم‬ ‫فتن� ٌة َي ْغف ُر َه�ا الل ُه له�م بمح َّبتهم َ‬ ‫النار» (((‪.‬‬ ‫َ‬

‫((( تفسير القرطبي (‪.)391 :7‬‬

‫‪129‬‬


‫عل َ ِ ِ‬ ‫ساعَةِ‬ ‫حو ِ‬ ‫لات‬ ‫وعلامات ال ّ‬ ‫ُ‬ ‫ماء فقه الت َّ ُّ‬ ‫ُ ُ‬

‫علماء فقه‬ ‫التحوالت‬

‫أحاديث العلم‬ ‫بالساعة‬

‫ِ‬ ‫ُّصوص ِ‬ ‫ِ‬ ‫اختِ َص ِ‬ ‫الوار َد ُة في ُكت ِ‬ ‫الحديث إلى ْ‬ ‫الصحا َب ِة ئ‬ ‫اص‬ ‫ُب‬ ‫ُشير الن‬ ‫بعض َّ‬ ‫ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫وعبد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح َذي َف َة ِ‬ ‫الله‬ ‫رير َة‬ ‫علي ؤ ُ‬ ‫بن اليمان وأبي ُه َ‬ ‫في ش�أن هذا العل ِم كاإلمام ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫مس�عود ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ب�ن‬ ‫أحادي�ث النَّبِ ِّي ‪ m‬عن‬ ‫المبثوث في‬ ‫لم‬ ‫وغيرهم ‪ ،‬كما تم َّي َ�ز هذا الع ُ‬

‫والعالم�ات‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عالم�ات الس�ا َع ِة بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫فمنها ما‬ ‫لألش�راط‬ ‫إبالغ ِه‬ ‫ف ُم َتن َِّو َع ٍة س�اع َة‬ ‫مواق َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫مر ًة أو َم َّرت ِ‬ ‫ُ‬ ‫حديث‬ ‫ش�ير‬ ‫ذكر ُه في يو ٍم واحد‪ ،‬وإلى ذلك ُي ُ‬ ‫َي�ن‪ ،‬ومنها ما َ‬ ‫تح�دَّ ث عن�ه َّ‬ ‫ِ‬ ‫اليمان الذي أخرجه ال ُب ِ‬ ‫ُ‬ ‫رس�ول‬ ‫خار ُّي في «صحيحه» من قوله‪« :‬قام فينا‬ ‫ُحذي َف َة بن‬

‫ُ‬ ‫الس�اعة إال حدّ ث به‪،‬‬ ‫الل�ه ‪ m‬مقام� ًا ما ترك ش�يئ ًا‬ ‫يك�ون في مقامه ذلك إل�ى قيا ِم ّ‬ ‫وحديث ِ‬ ‫عمرو ِ‬ ‫ُ‬ ‫األنصاري ؤ‬ ‫ب‬ ‫َح ِف َظ ُه َمن َح ِف َظ ُه ون َِس َي ُه َمن ن َِس َي»(((‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫بن أخ َط َ‬ ‫ِ‬ ‫رسول ِ‬ ‫الله ‪m‬‬ ‫ُ‬ ‫هر‪،‬‬ ‫قال‪( :‬ص َّلى بنا‬ ‫نبر‪ ،‬فخ َط َبنا حتى حضرت ال ُّظ ُ‬ ‫الفجر وصعد الم َ‬ ‫َ‬ ‫العصر ثم نزل فص َّلى ثم صعد‬ ‫ثم نزل فص َّلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت‬ ‫ُ‬

‫((( وه�ذا ال يعن�ي أن غيره�م ل�م يس�معوا الحدي�ث وإنم�ا كانوا ه�م أكثر حفظا وس�ؤاال عن‬ ‫العالمات‪ ،‬كما في قول حذيفة بن اليمان ‪ v‬في ما أخرجه مس�لم في الفتن وغيره قال‪:‬‬ ‫(أنا أعلم الناس بكل فتنة هي كائنة إلى يوم القيامة وما بي أن يكون رسول الله ‪ m‬أسر إلي‬ ‫في ذلك شيئا لم يحدث به غيري ولكن رسول الله ‪ m‬حدث مجلسا أنا فيه عن الفتن التي‬

‫يكون منها صغار ومنها كبار فذهب أولئك الرهط كلهم غيري) رواه مسلم (‪ ،)2891‬وفي‬

‫رواية أخرى قال‪( :‬ما من صاحب فتنة ييلغون ثالثمائة إنسان إال ولو شئت أن أسميه باسمه‬ ‫واس�م أبيه ومس�كنه إلى يوم القيامة كل ذلك مما علمنيه رس�ول الل�ه ‪ ،m‬قالوا‪:‬بأعيانها؟‬ ‫ق�ال‪ :‬وأش�باهها ‪ ،‬يعرفه�ا الفقهاء ـ أو قال ‪ :‬العلماء ـ إنكم كنتم تس�ألون الرس�ول ‪ m‬عن‬

‫الخير وأسأله عن الشر ‪ ،‬وتسألونه عما كان وأسأله عما يكون) وقد سبق تخريجه في مطلع‬

‫الكتاب‪.‬‬

‫((( البخاري (‪ ،)664‬وانظر «العراق في أحاديث الفتن» لمشهور حسن (‪.)327 :1‬‬

‫‪130‬‬


‫فأخبرنا بما كان وبما هو ِ‬ ‫كائ ٌن فأع َل ُمنا أح َف ُظنا)((( ‪.‬‬ ‫فخطبنا حتى غربت‬ ‫ُ‬ ‫الشمس َ َ َ‬

‫وروى أب�و يعلى عن أبي الدَّ ِ‬ ‫س�ول ِ‬ ‫الله ‪m‬‬ ‫رداء رضي الله عنه قال‪« :‬لقد ت َ​َركَنا َر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ناح ِيه إال ذكر لنا منه ِعلم ًا»(((‪.‬‬ ‫يطير بِ َج َ‬ ‫السماء َط ٌير ُ‬ ‫وما في َّ‬

‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫اإلفصاح التَّ�ا ِّم َج َع َل ال ُعلما َء‬ ‫الصحا َب ِة ‪ n‬و َمن بعدهم عن‬ ‫ولع�ل َص َ‬ ‫م�ت َّ‬ ‫الصمت المطبق‬ ‫تفصيل هذا ِ‬ ‫ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫األذهان عن عالمات‬ ‫ِ‬ ‫العل ِم وإش�ا َعتِ ِه حتى صار غريب ًا على‬ ‫بعدهم يس� ُكتُون عن‬

‫وغريب� ًا حتّى بين ِ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫مس�لم عن أبي هرير َة من‬ ‫حديث رواه‬ ‫فس ُ�ر ُه‬ ‫ٌ‬ ‫أهل العل ِم وهذا ما ُي ِّ‬ ‫قولِ ِه ‪« :m‬بد َأ اإلسلام غريب ًا وسيعود كما بدأ غريب ًا فطوبى لل ُغر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫رواية‬ ‫باء»((( وفي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫«ب�دَ َأ َغ ِريبا وير ِجع َغ ِريبا َف ُطوبى لِ ْل ُغرب ِ‬ ‫اء ا َّل ِذي َن ُي ْص ِل ُح َ‬ ‫َّاس ِم ْن َب ْع ِدي‬ ‫ون َما َأ ْف َس�دَ الن ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً َ​َْ ُ‬ ‫َ‬

‫الساعة وما ترتب‬ ‫على ذلك‬

‫ِم ْن ُسنَّتِي»(((‪.‬‬

‫ق�ه التَّح�و ِ‬ ‫الحدي�ث وربطناه ِبف ِ‬ ‫الت َلو َجدن�ا َّ‬ ‫أن الدِّ ي� َن بأركانِ ِه‬ ‫ول�و تأ َّملن�ا ه�ذا‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ​َ ُ‬ ‫وق ِع�ه ِمن ر ِ‬ ‫�ه وربطِ ِه بِم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األركان َس� َي َظ ُّل‬ ‫باع َّي ِة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫األر َب َع�ة ب�دأ غريب� ًا‪ ،‬وحتى عند إعا َدت َ‬ ‫العل ِم‪« :‬فطوبى لل ُغر ِ‬ ‫إبراز هذا ِ‬ ‫يقول ‪ m‬ـ لأِ َ َه ِّم َّي ِة ِ‬ ‫غريب ًا كما بدأ‪ ،‬وفي هذا ُ‬ ‫باء الذين‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّبي‬ ‫ُيحي�ون»((( ‪ ،‬أي‪ُ :‬يعيدون َش َ�ر َ‬ ‫ف ُرباع َّي�ة األركان التي أماتها الن ُ‬ ‫َّاس من ُس�نَّة الن ِّ‬ ‫((( مسلم (‪.)2892‬‬

‫((( رواه الطبراني وقال الهيمثي‪ :‬رجاله رجال الصحيح ‪ ،‬انظر إتحاف التويجري (‪. )18 :1‬‬ ‫((( مسلم (‪.)389‬‬

‫((( الترم�ذي (‪ ، )2630‬وف�ي رواية أحمد ‪« :‬طوبى للغرباء»‪ ،‬فقيل‪ :‬من الغرباء يا رس�ول الله؟‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫س�وء كثير‪ ،‬م�ن يعصيهم أكث�ر ممن يطيعهم» ‪ ،‬وإس�ناده‬ ‫أناس‬ ‫«أن�اس صالح�ون في‬ ‫ق�ال‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫صحيح لغيره ‪« ،‬موسوعة الفتن» (‪.)1743‬‬

‫((( ه�ذه الزي�ادة أخرجها الخطيب البغدادي في ش�رف أصحاب الحدي�ث‪ ،‬وتتمتها ‪« :‬اللذين‬ ‫يحي�ون س�نتي من بع�دي ويعلمونه�ا عباد الل�ه» ‪ ،‬وانظ�ر «إتح�اف الجماع�ة» للتويجري‬

‫(‪.)65 :1‬‬

‫‪131‬‬

‫بدأ الدين غريبا‬ ‫وسيعود غريبا‬ ‫كما بدأ‬


‫إن كثير ًا من الع َل ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫التعليل خاص ِبف ِ‬ ‫ُ‬ ‫حيث َّ‬ ‫الت فقط ُ‬ ‫ماء قد َف َّسروا‬ ‫‪ ،m‬وهذا‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ُغرب َة الدِّ ين بِم ٍ‬ ‫خالف على ذلك‪.‬‬ ‫عان أخرى ‪ ،‬وال‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫الثة ‪ِ ،‬‬ ‫األركان ال َّث ِ‬ ‫وقد اجتهد ُع َلماء المسلمين في ِخدم ِة هذا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن‬ ‫العل ِم ُمن َف ِرد ًا عن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫الوارد ِة في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫سعيد‬ ‫عثمان بن‬ ‫الفت َِن» أبوعمرو‬ ‫ذلك ما َج َم َع ُه صاحب‬ ‫«الس�ن َِن ِ َ‬ ‫كتاب ُّ‬ ‫مقدمة الداني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صاحب كتاب‬ ‫بالم َقدِّ َمة فقال فيها ‪َ :‬م َ‬ ‫عش َ�ر إخواننا المس�لمين‬ ‫الم ُ‬ ‫ق�رئ الدّ ان ُّي ‪ ،‬وق�د َ‬ ‫افتتح كتا َب ُه ُ‬ ‫ُ‬ ‫«السنن الواردة جع َلن�ا الله وإياكم على النِّع ِم ش�اكرين وعند البلوى ِ‬ ‫والم َح ِ‬ ‫�ن صابرين ‪ ،‬فقد ظهر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫في الفتن»‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫في وقتِنا وفش�ا في َزمنِنا من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واختالف ال ُق ِ‬ ‫لوب‬ ‫وفساد الدِّ ين‬ ‫األحوال‬ ‫وتغيير‬ ‫الفت َِن‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�ا َع ِة‬ ‫الس�ن َِن ما َد َّل على‬ ‫انق�راض الدُّ نيا وزوالها‪ ،‬و َمجيء ّ‬ ‫وإحي�اء البِدَ ِع وإماتَة ُّ‬ ‫َ‬ ‫وظه َر‪ ،‬قد أع َل َمنا به نَبِ ُّينا‬ ‫واقتِرابِها‪ ،‬إذ ك ُُّل ما قد تواتر من ذلك وتتا َب َع‬ ‫وانتش َر‪ ،‬وفشا َ‬ ‫‪ m‬وخو َفناه وس ِ‬ ‫�م َع ُه منه صحا َبتُه رضوان الله عليهم‪ ،‬وأ َّدا ُه عنهم التَّابعون رحم ُة‬ ‫َّ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ور َوو ُه لنا عن َأ َّوليه�م‪ ،‬وقد َب َع َثني ما‬ ‫الل�ه عليه�م‪ ،‬ونق َل ُه َأئ َّمتُنا إلينا عن أسلافهم‪َ ،‬‬

‫العل ِم والر ِ‬ ‫أهل ِ‬ ‫الميثاق والع ِ‬ ‫ِ‬ ‫واية في ن ِ‬ ‫هد على ِ‬ ‫أخذ ُه الل ُه َع َّز َّ‬ ‫َ‬ ‫َش�ر ما َع ِلموه‬ ‫وجل من‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الوارد ِة في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفت َِن‬ ‫أجم َع في هذا‬ ‫الس�ن َِن ِ َ‬ ‫الكتاب ُجم َل ًة كاف َي ًة من ُّ‬ ‫وأداء ما َس�م ُعوه أن َ‬ ‫المؤمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫العاق ُل‪،‬‬ ‫والس�ا َع ِة وأش�راطِها لكي َيتَأ َّد َب بها‬ ‫ُ‬ ‫وغوائلها واألزمنَة وفس�ادها ّ‬ ‫َفس ُه بِ ِرعا َيتِها و ُي ِ‬ ‫ُ‬ ‫عظيم‬ ‫جهدَ ها في استعمالِها والت َ​َّم ُّس ِك بها‪ ،‬ويتب َّي َن له بذلك‬ ‫ُ‬ ‫ويأخ َذ ن َ‬

‫�فك الدِّ ِ‬ ‫وأهل ِه من س ِ‬ ‫ما ح َّل باإلسلا ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح َر ِم ) ِ‬ ‫ماء ون ِ‬ ‫َهب‬ ‫وغير‬ ‫َ‬ ‫األموال واستباحة ( ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ذهب الدِّ ين وي ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫إصالح ش�أنِ ِه َخوف ًا منه‬ ‫نفس� ُه في‬ ‫ف‬ ‫ضع ُ‬ ‫ُ‬ ‫مما ُي ُ‬ ‫اإليمان ‪ ،‬ف ُيعم ُل َ‬ ‫ذلك ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ​ِ‬ ‫ُنيب وال‬ ‫نتوك َُّل وهو حس ُبنا وإليه ن ُ‬ ‫على فساد دينه وذهابِه ‪ ،‬وما توفي ُقنا إال بالله عليه َ‬ ‫حول وال ُقو َة إال ِ‬ ‫َ‬ ‫العلي العظي ِم ‪.‬‬ ‫بالله‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬

‫رز ِ‬ ‫يخ العلاّ م ُة محمدُ ب ُن ر ٍ‬ ‫الش ُ‬ ‫وكتب َّ‬ ‫الح َسينِ ُّي في ُم َقدِّ َم ِة كتابه َقو َله‬ ‫سول ال َب َ‬ ‫نج ُّي ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫مقدمة البرزنجي‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫دار إقا َمة ‪ ،‬وإنما هي َمنز ٌل‬ ‫لكتابه «اإلشاعة» (ص‪ : )26‬ولم�ا كانت الدُّ نيا لم تُخ َلق لل َبقاء ول�م َتكُن َ‬


‫�رض على ِ‬ ‫اآلخر ِة ج ِع َل�ت للت َ​َّزو ِد منه�ا إلى ِ‬ ‫من�از ِل ِ‬ ‫م�ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله‬ ‫اآلخ َ�ر ِة ‪ ،‬والت َ​َّه ُّي ِئ لل َع‬ ‫ُّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫شيع أشرا َطها‬ ‫وو َّلت‪ ،‬لذا كان َح ّق ًا على ك ُِّل عال ٍم أن ُي َ‬ ‫ولقائه‪ ،‬وقد آ َذنَت باالنصرا ِم َ‬ ‫واألخبار ِ‬ ‫َ‬ ‫و َي ُب َّ‬ ‫س�ر َدها َم َّ�ر ًة بعد أخرى على‬ ‫األحادي�ث‬ ‫�ث‬ ‫الوار َد َة فيها بين األنا ِم و َي ُ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫بعض ال ُق ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫بعض ُّ‬ ‫لوب و َينتَبِهوا من‬ ‫ال َع َوا ِّم فعس�ى أن َينتَهوا عن‬ ‫نوب وتَلي َن منهم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الوه َل ِة‪.‬‬ ‫المه َل َة قبل َ‬ ‫سنَة ال َغف َلة و َيغتَنموا ُ‬

‫عض الب ِ‬ ‫سط ولو أ َّدى إلى الت ِ‬ ‫أبس َط فيها ال َق َ‬ ‫َّكرار ال ك َ​َمن‬ ‫ول َب َ َ‬ ‫فدعاني ذلك إلى أن ُ‬ ‫ِ‬ ‫االختص�ار ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتذك َ�ر ًة ألولي‬ ‫االغترار‬ ‫أله�ل‬ ‫تبص َر ًة‬ ‫س�بيل‬ ‫�ع فيه�ا أوراق ًا على‬ ‫َج َم َ‬ ‫ار ‪ ،‬و َذري َع� ًة إلى دار ال َق ِ‬ ‫الج َّب ِ‬ ‫ِ‬ ‫�رار ‪ .‬والل َه َ‬ ‫أس�أ ُل أن‬ ‫ووس�يل ًة إل�ى ِرض�ى َ‬ ‫األبص�ار ‪َ ،‬‬

‫ات ‪ ،‬وإنَّما ُل ِ‬ ‫األعم�ال بالنِّي ِ‬ ‫خل�ص نِيتي وي ِ‬ ‫ي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫امرئ ما نوى‪،‬‬ ‫�ك ِّل‬ ‫حس� َن َط ِو َّيتي فإنَّما‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫وأن ين َف�ع به عامة المؤمنين ‪ ،‬وأن ِ‬ ‫يغف َر لي وآلبائي وإلخواني وألوالدي ِدين ًا و ُدنيا‬ ‫َ‬ ‫َّ‬

‫أجمعين آمين ‪.‬‬

‫ي�ض أحمدُ ب ُن ُم َح َّم ِد ِ‬ ‫المجت َِهدُ الحافِ ُظ أبوال َف ِ‬ ‫الش ُ‬ ‫وكتب َّ‬ ‫الصدِّ ِيق‬ ‫بن ِّ‬ ‫َ‬ ‫�يخ العلاَّ َم ُة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ال ُغ ِ‬ ‫االختراعات ال َع ِ‬ ‫صر َّي ِة لما أخبر به‬ ‫الح َسنِ ُّي ص‪ 2‬في ُم َقدِّ َم ِة كتابه « ُمطا َب َق ِة‬ ‫مار ُّي َ‬ ‫َس ِّيدُ ال َب ِر َّي ِة»‪:‬‬

‫يب وإطالع ِ‬ ‫أما بعدُ ‪ِ َّ ،‬‬ ‫َّبي ‪ m‬بال َغ ِ‬ ‫ُ‬ ‫الله تعالى إ َّيا ُه على ما َ‬ ‫يكون‬ ‫كان وما‬ ‫َ‬ ‫لم الن ِّ‬ ‫فإن ع َ‬ ‫منازلهم من الجن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفريقان إل�ى ِ‬ ‫َّ�ة أو النَّار‪ ،‬بل وما‬ ‫صير‬ ‫َ‬ ‫الس�ا َعة وإل�ى أن َي َ‬ ‫إل�ى قيا ِم ّ‬ ‫ألهل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإليمان‪،‬‬ ‫العل ِم‬ ‫�رور ِة‬ ‫بع�د ذلك إلى م�ا ال نِها َي َة له من‬ ‫األزمان؛ معلو ٌم َّ‬ ‫بالض َ‬ ‫المعر َف ِ‬ ‫�ف في ذلك منهم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اثنان‪ ،‬وال َي ُش ُّ‬ ‫�ك فيه‬ ‫�ة‬ ‫واإليقان‪ ،‬ال يخت َِل ُ‬ ‫مقط�وع ب�ه ِعندَ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫البراهي�ن على ما هنالك‪ ،‬ويكفي ُ‬ ‫قول‬ ‫منه�م فضالن‪ ،‬لِتَظا ُف ِر األَ ِد َّل ِة بذلك‪ ،‬وتكا ُث ِر‬

‫الله تعال�ى‪ :‬ﮋ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﮊ‬


‫الم َت َي َّق ِ‬ ‫َ‬ ‫�ن المقط�و ِع ب�ه عل�ى َّ‬ ‫المرت َ​َضي َن منهم‬ ‫أن‬ ‫أفض�ل ُ‬ ‫[الج�ن‪ ]٢٧ - ٢٦ :‬م�ع اإلجم�ا ِع ُ‬ ‫اإلطالق هو س� ِّيدُ نا م َحم�دٌ ‪ m‬بدون نِزا ٍع وال ِش ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أفض ُل‬ ‫وس� ِّيدُ هم على‬ ‫�قاق‪ ،‬فهو َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫بإخبار ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بإخبار ِه هو ‪َّ m‬‬ ‫أن الل َه تعالى أط َل َع ُه‬ ‫الله تعالى ُث َّم‬ ‫أظه َ�ر ُه الل ُه على َغيبِ ِه‬ ‫َم�ن َ‬

‫�يء‪ ،‬وج َّلى له ك َُّل َش ٍ‬ ‫ش�يء وآتاه ِعلم ك ُِّل َش ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫�يء‪ ،‬وتج َّلى ل�ه َف َع ِل َم ما بين‬ ‫عل�ى ك ُِّل‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫واألرض وم�ا كان وما هو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األخبار‪،‬‬ ‫كائ ٌن إلى غير ذل�ك ِم َّما َص َّحت به‬ ‫�ماوات‬ ‫الس‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫جموع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وصدَّ َقه ال َع ُ‬ ‫ي�ان‪ ،‬في ُوقو ِع‬ ‫األحاديث‬ ‫�ه‬ ‫وتوات�رت بِ َم‬ ‫واآلثار‪ ،‬و َأ َّي�دَ ُه الواق ُع َ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫�نين‬ ‫أخبر به ‪ِ m‬م َّما س�يأتي بع�دَ ُه َو َ‬ ‫فق ما قال وط َبق ما أخبر به على َم ِّر ِّ‬ ‫ك ُِّل م�ا َ‬ ‫ِ‬ ‫َ�ر الدُّ ِ‬ ‫فأخبر أصحا َب� ُه بِك ُِّل ما هو‬ ‫واألزمان‪ ،‬وقد ق�ام ‪ m‬خطيب ًا‬ ‫هور‬ ‫َ‬ ‫واألع�وا ِم وك ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحا َب ِة ئ َك ُع َم َر ِ‬ ‫الخ َّط ِ‬ ‫بن َ‬ ‫وحذي َف َة‬ ‫كائ ٌن كما َص َّح عن‬ ‫اب ُ‬ ‫طريق جما َعة من َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اليمان وأبي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سعيد ُ‬ ‫مسعود وغيرهم‪.‬‬ ‫در ِّي وابن‬ ‫األنصار ِّي وأبي‬ ‫زيد‬ ‫بن‬

‫ُ ِ‬ ‫ثم قال ص‪ٌ :3‬‬ ‫يحر ُك‬ ‫فصل ‪ ،‬ولهذا قال أبو َذ ٍّر ؤ‪ :‬لقد ت َ​َركَنا‬ ‫رسول الله ‪ m‬وما َّ‬ ‫طائر بِجنَاح ِيه في الس ِ‬ ‫س�عد في ال َّط ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بقات‪،‬‬ ‫�ماء إال ذكر لنا منه ِعلم ًا ‪ .‬رواه أحمدُ واب ُن‬ ‫ٌ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫وكذلك قال أبوالدَّ ِ‬ ‫رداء ؤ فيما رواه عنه أبويعلى وال َّطبرانِ ُّي في الكبير‪.‬‬

‫أن النَّبي ‪ m‬أخبر أصحابه بِك ُِّل ما هو ِ‬ ‫كائ ٌن بعده مما أط َل َع ُه الله عليه‪،‬‬ ‫َُ‬ ‫والمقصو ُد َّ َّ‬ ‫ُ‬ ‫صداق ك ُِّل ما أخبر به ِم َّما سيأتي بعده إلى‬ ‫وحدَّ ث بذلك أصحا َب ُه ‪ n‬وظهر ِم‬ ‫ِ‬ ‫يومنا هذا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ة فتك َّف َ�ل بِ ِذ ِ ِ‬ ‫الماضي ِ‬ ‫فأم�ا م�ا ظهر ف�ي ال ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫�يرتِ ِه‬ ‫رون‬ ‫َ‬ ‫كره جما َع� ٌة م َّمن أ َّلفوا في س َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وفضائ ِل ِه وم ِ‬ ‫وخصائ ِصه ‪ ،m‬و َب َّينوا ذلك َ‬ ‫وح َّققوه‪.‬‬ ‫عجزاتِ ِه‬ ‫وش َرحوه و َع َّينوه َ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األخالق و َت َبدُّ لِها‬ ‫وفساد‬ ‫األحوال و َت َغ ُّي ِرها‬ ‫انقالب‬ ‫وأما ما وقع في زمانِنا هذا من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وم�ا ظهر من األُ ِ‬ ‫العجيبة فلم َأ َر‬ ‫َرع�ات‬ ‫الجس�يم ِة والمخت‬ ‫والحوادث‬ ‫العظيمة‬ ‫مور‬ ‫َ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألحاديث‬ ‫اآليات القرآن َّي ِة‬ ‫ش�ير من‬ ‫لجمع ِه‬ ‫أحد ًا ت َ​َصدَّ ى‬ ‫واس�تخراج ما َين ُّ‬ ‫ُص أو ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّبو َّي ِة إليه‪ ،‬وإن كان ُج ُّل ذلك مذكور ًا في ُكت ِ‬ ‫واوين‬ ‫السا َع ِة وأبوابِها من َد‬ ‫ُب أشراط ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب الن ِ‬ ‫تطبيقها على ما وردت‬ ‫َّاس َم َع ُه إلى‬ ‫السنَّة؛ لكنَّها مسرو َد ٌة َسرد ًا ال يهتدي غال ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫شير بها إليه‪.‬‬ ‫فيه‪ ،‬وال تنزيلها على ما ُأ َ‬

‫ِ‬ ‫فإنَّ�ه ‪ m‬أخب�ر بذلك َم َّ�ر ًة بِ ٍ‬ ‫َّش�بيه والت ِ‬ ‫ٍ‬ ‫صريح ‪ ،‬وأخ�رى على ِج َه ِة الت‬ ‫طريق‬ ‫َّمثيل‬ ‫ٍ‬ ‫ويفه ُم ُه ُ‬ ‫واإلش�ار ِة والت ِ‬ ‫زم�ان ألنَّه ‪ m‬أوتي‬ ‫أهل ك ُِّل‬ ‫َّلويح حس�بما يقتضيه المق�ا ُم َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫جوام َع الك َِل ِم واخت ُِص َر له الكال ُم اختِصار ًا‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األحاديث وش�رحوها بِ َح َس�ب ما أدركَت ُه‬ ‫تفس�ير تلك‬ ‫ولذلك خاض ال ُعلما ُء في‬ ‫ٍ‬ ‫ُعقو ُله�م ووصلت إليه أفها ُمهم‪ ،‬وحملها ُ‬ ‫زمان على ما قد كان في زمانِهم‬ ‫أهل ك ُِّل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المبتَدَ عات‪ ،‬وهي‬ ‫وط َّبقوه�ا على ما ظهر في�ه من الحوادث والتَّغ ُّيرات واألح�وال ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحقيق�ة ِ‬ ‫صالح لذل�ك إال َّ‬ ‫الزمان‪،‬‬ ‫وار ٌد في هذا‬ ‫أكثرها في‬ ‫وإن كان فيه�ا م�ا هو‬ ‫ٌ‬ ‫أن َ‬ ‫فه�و ف�ي أحوالِه وحوادثِه كالنَّص‪ ،‬وفيما ذكروه كال َّظ ِ‬ ‫اه ِ‬ ‫والم َؤ َّو ِل‪ ،‬بل فيها ما هو‬ ‫ِّ‬ ‫�ر ُ‬ ‫ِ‬ ‫حوادث زمانِنا ال يق َب ُل حم َلهم وال يحت َِم ُل الت َ‬ ‫َّأويل‪.‬‬ ‫َص قاطِ ٌع في‬ ‫ن ٌّ‬

‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫األحاديث التي أش�ار بها ‪ m‬إلى‬ ‫ذكرت فيه ما وق�ع لي من‬ ‫فص�ل ‪ ،‬وهذا ُج�ز ٌء‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫العظيم�ة والمختَر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫م�ان ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظه�ر من األُ ِ‬ ‫العجيبة فيه‬ ‫ع�ات‬ ‫مور‬ ‫وأهل ِه وما‬ ‫ح�ال هذا َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫وذلك على َح َس ِ‬ ‫�ب ما َب َل َغ ُه ِعلمي ووصل إليه إدراكي و َفهمي‪ ،‬وقد يفت َُح الل ُه على‬

‫ِ‬ ‫االختراعات‬ ‫وسمي ُت ُه «مطا َب َق َة‬ ‫أوس ُ‬ ‫�ع من ذلك‪ ،‬و َأ َد ُّل على ما هنالك‪َّ .‬‬ ‫غيري بما هو َ‬ ‫ِ‬ ‫العصر َّي ِة لما أخبر به َس ِّيدُ ال َب ِر َّي ِة»‪.‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الواضح ل ِ‬ ‫سكوت العل َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫علامات‬ ‫الإفصاح‬ ‫ماء عن‬ ‫ب‬ ‫ُ ُ‬ ‫ما هو سب َ ُ‬ ‫ساعةِ ركُك ٍن من أركا ِن ال ِّد ِين؟‬ ‫ال ّ‬

‫سبب سكوت‬ ‫العلماء عن‬ ‫اإلفصاح‬ ‫بالعالمات‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫الخطير م�ن ُ‬ ‫حيث أحدا ُث ُه‬ ‫كن‬ ‫كان َّ‬ ‫الصحا َب� ُة ‪ n‬عل�ى عل ٍم واس� ٍع بهذا ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�خوص ُه‪ ،‬ولكنَّه�م كانوا يكتُمون ِس َّ�ر ُه َ‬ ‫ُ‬ ‫َّب‬ ‫وش‬ ‫وخ َب َ�ر ُه عن العا َّمة والدَّ هم�اء لما يترت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َشر ِه في ال ُع ِ‬ ‫على ن ِ‬ ‫مما قد‬ ‫المعاص َرة ورجالها ّ‬ ‫صور األولى من كَشف عن األحداث ُ‬ ‫الش ِ‬ ‫ُي َؤ ِّدي إلى ِد ٍ‬ ‫أن ُ‬ ‫اإلفصاح‪ ،‬وفي هذا َّ‬ ‫ِ‬ ‫يقول أبو هرير َة في ما رواه في‬ ‫مار ُم َح َّق ٍق عند‬ ‫رسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله ‪ِ m‬وعا َء ِ‬ ‫ين فأ ّما أحدُ هما َف َب َثث ُت ُه وأ ّما َ‬ ‫الص ِ‬ ‫اآلخ ُر فلو‬ ‫ظت من‬ ‫«ح ِف ُ‬ ‫حيح‪َ :‬‬ ‫َّ‬ ‫ب َثث ُته ُقطِ�ع هذا البلعوم»(((‪ ،‬وفي ِ ِ‬ ‫الصحا َب ِة» ألب�ي ُن َعي ٍم األصبهانِ ِّي(((بلفظ‪:‬‬ ‫«معر َفة َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ ُ‬

‫س�ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫فأخرجت منها ِجرا َب ِ‬ ‫خمس ُج َر ٍ‬ ‫الله ‪m‬‬ ‫أخرجت‬ ‫ين‪ ،‬ولو‬ ‫ب‪،‬‬ ‫ظت ِمن َر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫«ح ِف ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جار ِة» ‪.‬‬ ‫ال ّثال َث َلر َجمتُموني بالح َ‬

‫ِ ِ‬ ‫�م م�ن هذا ومن َغ ِير ِه َّ‬ ‫أهم معانيه‬ ‫أن المقصود بهذا الكتمان ه�و ما يتع َّل ُق في ِّ‬ ‫و ُف ِه َ‬ ‫قه التَّح�و ِ‬ ‫ف بِ ِف ِ‬ ‫عالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬ ‫الت‪ ،‬ويؤ ِّيدُ هذا المعنى ما قاله أبوهرير َة‬ ‫�اعة أو ما ُع ِر َ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫رواية اإلس�ماعيلي في قولِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف أس�ماء ُهم (من بني ُف ٍ‬ ‫(وكأن أباهرير َة ِ‬ ‫َّ‬ ‫الن‬ ‫�ه‪:‬‬ ‫ِم�ن‬ ‫يعر ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫و ُف ٍ‬ ‫الن) وكان ذلك من ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫راب الذي لم ُيحدِّ ث به)(((‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عما س�كت عنه‬ ‫صر الت‬ ‫َّدوين ووضع ال ُعلما ُء قواعدَ األُصول س�كتوا ّ‬ ‫ولما جاء َع ُ‬ ‫بع�ض الصحاب ِة ئ لِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وغير ُه‬ ‫المحاذير التي أش�ار إليها‬ ‫قاء‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫حدي�ث أبي هرير َة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫في ذلك ال َع ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫وذكر ِه‬ ‫والمس�انيد‬ ‫والس�ن َِن‬ ‫صر واك َت َفوا بِت‬ ‫َدوين معلوماته في ِّ‬ ‫حاح ُّ‬ ‫((( البخاري (‪)120‬‬

‫((( معرفة الصحابة (‪)4237‬‬

‫((( فتح الباري البن حجر ‪.62/ 20‬‬


‫مبس�وط فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫كر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َعرض� ًا في س ِ‬ ‫ِ‬ ‫للعالمات عن�د ِذ ِ‬ ‫قه اإلسلا ِم‬ ‫أخبارها في‬ ‫مواق ِع‬ ‫�ردهم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإلحسان‪.‬‬ ‫واإليمان‬

‫كوت الع َل ِ‬ ‫واعتبره بعض ع ِ‬ ‫العل ِم لِس ِ‬ ‫صول من َشا ِّذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لماء األُ‬ ‫إظهار ِه ُركن ًا من‬ ‫ماء عن‬ ‫َ​َ ُ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫مقولة لإلمام‬ ‫ِ‬ ‫أركان الدِّ ين حتَّى قال ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم َت َقدِّ مين الشاطبي حول‬ ‫المخا َل َف ُة ل َع َم ِل ُ‬ ‫بي رحمه الله ‪َ ( :‬ق َّلما َت َق ُع ُ‬ ‫الش�اط ُّ‬ ‫جديد العلم‬ ‫ِ‬ ‫((( ِ‬ ‫نفس� ُه في ِ‬ ‫إال ِم َّم�ن َ‬ ‫لي‬ ‫أدخ َل َ‬ ‫أهل االجتهاد َغ َلط ًا أو ُمغا َل َط� ًة ) ‪ ،‬و ُأث َر عن اإلما ِم َع ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫ف وتواطأت‬ ‫لم ما ُع ِر َ‬ ‫عر ُ‬ ‫بن ُ‬ ‫ف من العل ِم ‪ ،‬إنَّما الع ُ‬ ‫لم ما ال ُي َ‬ ‫ين قو ُل ُه ( ليس الع ُ‬ ‫أهل ِ‬ ‫ِ‬ ‫العل ِم بِ َر ٍ‬ ‫واالنفرا ُد عن ِ‬ ‫ُ‬ ‫أي في َّ‬ ‫والقول بما‬ ‫الشر ِع‬ ‫بعضهم ‪:‬‬ ‫األلس� ُن) وقال ُ‬ ‫عليه ُ‬ ‫جال ِ‬ ‫ل�م ي ُقل ب�ه َأحدٌ فيه ينبِ ِ‬ ‫األقوال من ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ئان عن َخ َل ٍل في ال َع ِ‬ ‫قل) ُ‬ ‫العل ِم‬ ‫ومثل ه�ذه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫أمر الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫باألركان ـ كما‬ ‫وإلحاقه�ا‬ ‫�اعة‬ ‫وتش�دُّ ِدهم في ه�ذا‬ ‫األمر َح َج َ‬ ‫ب الكال َم في ِ ّ‬ ‫ِ‬ ‫�ول بِركنِي ِة عالمات الس ِ‬ ‫نَعت َِق�دُ والل� ُه أع َل ُم ـ مع َّ‬ ‫وإلحاقها بالموضو ِع ال‬ ‫�اعة‬ ‫أن ال َق َ ُ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫أه�ل ِ‬ ‫َّرهيب وإنَّما عال َق ُت ُه ِ‬ ‫ِ‬ ‫عال َق� َة له بما َذك َ​َر ُه ُ‬ ‫بقول َمن ال ينطِ ُق‬ ‫عبارات الت‬ ‫العل ِم من‬ ‫ع�ن اله�وى ‪ (m‬أتاكم ِج ُ‬ ‫بريل ُي َع ِّل ُمكم دينَكم ) و بكتمانِ ِه ُيؤ َث ُم العالِ ُم بعد أن ثبت‬

‫ِ‬ ‫ع�ن النَّبي ‪ m‬تقريره وتأكيدُ ه‪ ،‬أما فِقه ِعل ِم الس ِ‬ ‫�اعة فقد تناو َلت ُه كا َّف ُة ُكت ِ‬ ‫الحديث‬ ‫ُب‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ألركان الدِّ ِ‬ ‫(والساع ُة ُجز ٌء‬ ‫ين وكتب في تبويبه‪:‬‬ ‫البخاري الذي َب َّوب‬ ‫صحيح‬ ‫ومنها‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫من الدِّ ِ‬ ‫ين)‪.‬‬

‫وتن�اول العدي�دُ من الع َل ِ‬ ‫�ة كماد ٍة ِع ِ‬ ‫فات عام ٍة أو خاص ٍ‬ ‫الفق�ه في مؤ َّل ٍ‬ ‫ماء هذا ِ‬ ‫لم َّي ِة‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫�رعي ٍة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِّ‬ ‫تأخرين ـ في‬ ‫واآلخ َر ِة فقط‪ ،‬حتى صار لدى‬ ‫بالقيامة‬ ‫ارتباط‬ ‫ذات‬ ‫َش َّ‬ ‫بعض ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬ ‫اإلثار ِة للم ِ‬ ‫بالج ِ‬ ‫سل ِمين‬ ‫الساعة واتِّها ُم ُه َ‬ ‫َف َترة َز َمن َّية ـ ُ‬ ‫هل أو ِ َ ُ‬ ‫المت َك ِّل ِم في عالمات ّ‬ ‫قدح ُ‬

‫أخبار اإلما ِم المن َت َظ ِر وعيسى والدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ِ‬ ‫خاض في‬ ‫وغيرها‪..‬‬ ‫وخاص ًة عندما ُي ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫((( الموافقات للشاطبي (‪.)286 :3‬‬

‫‪137‬‬

‫ركنية فقه‬ ‫التحوالت مقولة‬ ‫عمن ال ينطق عن‬ ‫الهوى ‪ m‬وليس‬ ‫اجتهاد العلماء‬


‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الج ُ‬ ‫بعض‬ ‫كن ومعلوماتِ ِه حتى صار غريب ًا ومجهوالً‪ ،‬بل صار في‬ ‫وعم َ‬ ‫هل بهذا ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالد ال َع َر ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫هل‬ ‫نشر ُه على المنابِ ِر والمؤ َّلفات نتيج َة َ‬ ‫ب والمس�لمي َن علم ًا ممنوع ًا ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ​ِ ِ‬ ‫المراح ِل وتق ُّلباتها‪ُ ،‬ث َّم الش�تمالِ ِه على‬ ‫�ب مع‬ ‫تتناس ُ‬ ‫ب�ه َّأوالً‪ُ ،‬ث َّم عَدَ ُم خد َمته خد َم ًة َ‬ ‫األرض من الح�كّا ِم والع ِ‬ ‫لماء وال َّظ َلم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ة و َمن له نُفو ٌذ‬ ‫المفس�دين في‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫بع�ض أحوال ُ‬ ‫ِ‬ ‫�كون عن ِذ ِ‬ ‫ُ‬ ‫كر ِه كما ق�ال أبو هريرة ‪:v‬‬ ‫والس‬ ‫الص ُ‬ ‫ف�ي الواقعِ‪ ،‬فس�ا َد بذلك َّ‬ ‫مت ُّ‬ ‫(ل�و بثثتُ�ه َل ُقطِع ِمنِّي هذا الحلقوم)‪ ،‬وأما إظهارنا له بع�د أن تهي َأ لنا بِ َف ِ ِ‬ ‫هم‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ضل الله َف ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أهل األُ‬ ‫عار َض ِة ِ‬ ‫األركان فال ُ‬ ‫صول‬ ‫موق ِع�ه م�ن‬ ‫يدخ ُل تح�ت ُمخا َل َفة َمن َس� َب َق وال ُم َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫حاجتِه قبل‬ ‫والحدي�ث‪ ،‬وإنم�ا هو إتما ٌم‬ ‫وإكم�ال لما هم وأتبا ُع ُهم وتالم َذتُه�م في َ‬ ‫ِ‬ ‫َغ ِيره�م من ع�وا ِّم الن ِ‬ ‫فقأت َعي َن‬ ‫ل�ي ‪« : v‬إنِّي ُ‬ ‫َّاس وتجدي�دٌ وا ٍع لقول اإلما ِم َع ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫الفتن َِة»(((‪.‬‬

‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪ ،)38889‬وفي رواية سندها غريب ألبي نعيم في الحلية (‪:)206 :4‬‬ ‫أنا فقأت عين الفتنة‪.‬‬

‫‪138‬‬


‫ِّعارات والش ِ‬ ‫موقِع الأمثِلَةِ والرُّمو ِز والش ِ‬ ‫ّارات‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫حو ِ‬ ‫لات‬ ‫والألوا ِن في فقه الت َّ ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن�د النَّ َظ ِ‬ ‫إش�ار ّي ًا ‪ ،‬فك ُُّل‬ ‫معنى‬ ‫�ر‬ ‫العميق في فق�ه الت ُّ‬ ‫َّحوالت ذاته�ا نَجدُ ها تحم ُل ً‬ ‫ٍ‬ ‫اس� ٍم منها أو فيها يخف�ي أك َثر من هدَ ٍ‬ ‫ف و َغ َر ٍ‬ ‫مقص�ود‪ ،‬فإ ّما أن يكون المقصو ُد‬ ‫ض‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّحليل‪ِ ،‬‬ ‫�هل ال َفه� ِم م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َس َ‬ ‫وس ُّ�ر‬ ‫ع�ب ال َفه� ِم ُم َع َّقدَ الت‬ ‫مك� َن الت‬ ‫َّحليل وإ َّم�ا أن يكون َص َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أمر ِ‬ ‫اإلخف�اء للمعان�ي ِ‬ ‫الله في َس ِ‬ ‫يرج ُع إلى ُمقت َ​َض�ى ِ‬ ‫قضائ ِه و َق�دَ ِر ِه‪ ،‬كما َّ‬ ‫أن في‬ ‫�ير‬ ‫غاة والب ِ‬ ‫بعض ال ُّط ِ‬ ‫للعب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نماذ ِج الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّور َي ِة لِ َب ِ‬ ‫اد المؤمنين ِمن َب ِ‬ ‫غاة‬ ‫طش‬ ‫عض‬ ‫ُ‬ ‫األمور سالم ًة َ‬

‫الرموز‬ ‫واإلشارات سلبية‬ ‫وإيجابية فال‬ ‫تختص بالمسلم‬ ‫وحده‬

‫والحكّا ِم والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫األرض‪.‬‬ ‫فسدين في‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ونماذ ِجها ال ت ُ‬ ‫اإليجابي وحدَ ُه‪،‬‬ ‫�ب‬ ‫واإلش�ار ُة بِ�ك ُِّل أنواعها‬ ‫موز‬ ‫والر ُ‬ ‫ص الجان َ‬ ‫َخ ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫وح ِ‬ ‫الالت لِزياد ِة ِعل ِم المسل ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خاص ًة باختِ ِ‬ ‫فظ‬ ‫زال‬ ‫المعلومات والدِّ‬ ‫َ‬ ‫أي‪ :‬إنَّها ليست َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫األخيار‬ ‫َّفاه ُم بين الناس‬ ‫ؤم ِن وحدَ ُه‪ ،‬وإنَّما هي ُل ُ‬ ‫َّفاه ِم فيما يستَح ُّق فيه الت ُ‬ ‫غات الت ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ‪ ،‬وكذلك بين الن ِ‬ ‫مار ِ‬ ‫ب ُل َغ َة ال َع َم ِل‬ ‫َّاس‬ ‫األشرار بما ُيناس ُ‬ ‫بما يناس ُ‬ ‫الم َ‬ ‫ب ُلغ َة ال َع َم ِل ُ‬

‫مار ِ‬ ‫س بينهم أيضا‪.‬‬ ‫الم َ‬ ‫ُ‬

‫ٍ‬ ‫بالر ِ‬ ‫ارتباط ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫َّنجيم والكَها َن ُة َّ‬ ‫مز وال ِّط َّلس ِم‬ ‫ذات‬ ‫�عو َذ ُة‬ ‫أعمال ُ‬ ‫والش َ‬ ‫كبير َّ‬ ‫�حر والت ُ‬ ‫فالس ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ق�د والن ِ‬ ‫والع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف بِ ِعل ِم‬ ‫َّف�ث وغيرها‪ ،‬وك َِق�را َء ِة‬ ‫ع�ر ُ‬ ‫َ‬ ‫األب�راج وال َّطوال� ِع والنُّجو ِم وما ُي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّحضيرات ِمن َض َر ٍر َ‬ ‫وخ َط ٍر‬ ‫االنفعاالت والت‬ ‫َّب على هذه‬ ‫الك ِّ‬ ‫والحرف‪ ،‬وم�ا يترت ُ‬ ‫َف َ‬

‫ٍ‬ ‫و َف ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫خطير َ‬ ‫وص َف ُه‬ ‫وش ٍّر ُم‬ ‫ذات َض َر ٍر‬ ‫األرض‬ ‫ساد في‬ ‫وإفساد‪ُ ،‬ك ُّلها ُعلو ٌم َسلبِ َّي ٌة ُ‬ ‫ستطير َ‬ ‫الله في كتابِ ِه بقوله‪ :‬ﮋﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ‬ ‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬

‫‪139‬‬

‫السحر والتنجيم‬ ‫والطالسم وقراءة‬ ‫الكف واألبراج‬ ‫علوم سلبية‬


‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ‬ ‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ‬ ‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ‬

‫ﮢﮊ [البقرة‪. ]١٠٢ :‬‬

‫الرمز باألفعى‬ ‫والشمس‬

‫رموز العمالت‬ ‫وأعالم الدول‬ ‫والمنظمات‬

‫المدرستان‬ ‫األنوية واألبوية‬ ‫لكل منهما لغته‬ ‫ورموزه‬

‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّماثيل‬ ‫�م ِة والت‬ ‫واإلش�ار ِة ما نراه في َب‬ ‫م�ز‬ ‫الص َ‬ ‫ع�ض ُّ‬ ‫الم َج َّس َ‬ ‫�و ِر ُ‬ ‫َ‬ ‫وم�ن َس�لبِ ّيات َّ‬ ‫وش�ارات ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ور ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ذات َمعن ًَى‪،‬‬ ‫موز‬ ‫ُّقوش‬ ‫المنحوت َِة والن‬ ‫الم َع ِّب َرة عن معان َّ‬ ‫خاصة ُ‬ ‫القديمة ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫والر ِ‬ ‫والر ِ‬ ‫كالر ِ‬ ‫واختالط َب ِ‬ ‫مز باألفعى عند ال َب ِ‬ ‫بالش ِ‬ ‫مز َّ‬ ‫عض هذه‬ ‫هر ِة‬ ‫مز َّ‬ ‫بالز َ‬ ‫�مس َّ‬ ‫عض َّ‬ ‫َّ‬

‫مز ق�د بلغت في عا َل ِم السياس ِ‬ ‫ع�ض‪ ،‬بل َّ ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫�ة مب َلغ ًا خطير ًا ال‬ ‫م�وز في َب‬ ‫ِّ َ‬ ‫إن َقض َّي َة َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ف مدى ُخطورتِ ِ‬ ‫المخت َِّصين في قرا َء ِة ُر ِ‬ ‫َي ِ‬ ‫َحو َل ِة‪،‬‬ ‫ع�ر ُ‬ ‫�ه إال ُ‬ ‫المت ِّ‬ ‫ياس�ة ُ‬ ‫الس َ‬ ‫م�وز ِّ‬ ‫بع�ض ُ‬ ‫َ‬ ‫ايات والمن َّظ ِ‬ ‫ملات والر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ونش�هدُ ُه من ُر ِ‬ ‫ويدخ ُ�ل ف�ي هذا ِ‬ ‫ُ‬ ‫مات‬ ‫موز ال ُع‬ ‫األمر ما نرا ُه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬

‫أم�ر معي ٍن وفِكر ٍة مح�دَّ د ٍة ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ذات مغزى في عا َل ِم‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫واألنظ َم�ة وال�دُّ َو ِل‪ ،‬و ُك ُّلها َتن ُُّم عن ٍ ُ َ َّ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫الك ِ‬ ‫�حر أو عا َل ِم ِعب�ا َد ِة َّ‬ ‫�يطان أو مغزى من مغ�ازي االنتقا ِم أو‬ ‫الش‬ ‫ُف�ر أو عال�م ِّ‬ ‫ِ‬ ‫نف أو ال َّت َطر ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫تل أو ِ‬ ‫ف أو ال َق ِ‬ ‫الح َي ُ‬ ‫وان في هذه ال ُّل َغ ِة لِ ُي َع ِّب َر ك ُُّل‬ ‫غير ذلك‪ ..‬بل ُأدخ َل َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫نَو ٍع منها عن مغزى وهدَ ٍ‬ ‫ف وغا َي ٍة‪.‬‬ ‫ً َ‬

‫وكل هذا يعيدُ نا إلى ما س�بقت اإلش�ار ُة إليه في أو ِل كتابِنا عن انقسا ِم ِ‬ ‫ُّ‬ ‫القرا َء ِة في‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫مدر َست ِ‬ ‫َين‪:‬‬ ‫العا َل ِم‬ ‫اإلنساني إلى َ‬ ‫ِّ‬

‫ِ ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫موزها وشاراتُها ومعانيها(((‪.‬‬ ‫ور ُ‬ ‫‪ -1‬مدرسة َأن َِو َّية إبليس َّية َوضع َّية لها ُل َغتُها ُ‬

‫((( وم�ن هذه اإلش�ارات والرموز ما نش�هده ف�ي بعض ش�عارات الدول والمنظم�ات الكافرة‬ ‫وفي ألويتهم وعمالتهم وش�ارات شركاتهم ومؤسساتهم‪ ،‬ومنها شارة الصليب كرمز اتخذ‬ ‫لعقيدة التثليث وصلب المسيح ومجسم مريم العذراء لدى النصارى‪.‬‬

‫‪140‬‬


‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫موزها وشاراتُها ومعانيها‪.‬‬ ‫ور ُ‬ ‫‪ -2‬ومدرسة َن َب ِو َّية َأ َب ِو َّية َشرع َّية ولها ُل َغتُها ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َين بِ ُع ٍ‬ ‫َين ال ُّل َغت ِ‬ ‫دراس ُة هات ِ‬ ‫َص‬ ‫المخت ُّ‬ ‫ومن ُم ِه َّمات فقه الت ُّ‬ ‫مق وتَدَ ُّب ٍر ليت َ​َم َّك َن ُ‬ ‫َّحوالت َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العل ِم من ِ ِ‬ ‫في هذا ِ‬ ‫يستطيع ِ‬ ‫�م ِة َّ‬ ‫معر َف َة‬ ‫�ار ِة‪ ،‬بل وبها‬ ‫ُ‬ ‫والش َ‬ ‫والس َ‬ ‫معر َفة الدِّ اللة بالعالمة ِّ‬ ‫الخ ِير‪ ،‬وبهذا ِ‬ ‫الش�ر ِمن ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُر ِ‬ ‫عاة َ‬ ‫العل ِم وحدَ ُه‬ ‫ُ‬ ‫ورعا َة َّ ِّ‬ ‫الس�لبِ ِّي في العالم ُ‬ ‫موز التَّحا ُلف َّ‬

‫دراسة هذه الرموز‬ ‫من فروع فقه‬ ‫التحوالت‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وق َع َّ‬ ‫وجنو َد ُه سوا ًء‬ ‫ور َ‬ ‫موز ُه وأتبا َع ُه ُ‬ ‫الشيطان والدَّ َّجال وسماس َر َت ُه وعساك َر ُه ُ‬ ‫يعر ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫العاد َل ِة‪ ،‬كما ورد‬ ‫المقاتِ َل ِة‪ ..‬أو كانوا ف�وق منابِ ِر الدِّ يان َِة‬ ‫كان�وا في ُصفوف ُ‬ ‫يوش ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِم ُ‬ ‫أحز َن ُه وأبكاه‬ ‫ثال ذلك في‬ ‫حديث َمن ال ينطِ ُق عن الهوى‪ ..‬وقد رأى في المنا ِم ما َ‬ ‫«رأيت ِ‬ ‫‪ ..m‬فق�ال‪:‬‬ ‫الق َر َد َة والخنازير ينزون على منبري كما تنزو القردة»(((‪ ،‬وفي‬ ‫ُ‬

‫ن�زول س�ورة القدر قام رجل إلى الحس�ن ب�ن علي ‪ c‬فقال ‪ :‬يا مس�ود وجه‬

‫المؤمنين ‪ ،‬فقال الحس�ن ؤ‪« :‬ال تؤنبني رحمك الله ‪ ،‬فإن رس�ول الله ‪ m‬قد‬

‫رمزية القردة‬ ‫والخنازير على‬ ‫المنبر النبوي‬

‫رأى بني أمية يخطبون على منبره رجال رجال ‪ ،‬فساءه ذلك فنزلت (ﮆ ﮇ‬

‫ﮈ ) نهر في الجنة ‪ ،‬ونزلت (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬ ‫ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ) تملكها بنو أمية فحسبنا ذلك ‪ ،‬فإذا هو ال يزيد وال‬ ‫ينقص »(((‪.‬‬

‫ولم�ا نزل�ت س�ور ُة الن ِ‬ ‫َّص�ر ﮋ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﮊ [النص�ر‪ ]1 :‬اختل�ف‬ ‫اس ‪ c‬وفي ِ‬ ‫ِ‬ ‫مر ب ُن الخ َّط ِ‬ ‫اب اب َن ع َّب ٍ‬ ‫َ‬ ‫مجل ِسه‬ ‫تفس�يرها ‪،‬‬ ‫الصحا َب ُة في‬ ‫َّ‬ ‫وس�أل ُع ُ‬ ‫سول ِ‬ ‫األشياخ عن مغزى السور ِة فقال‪« :‬هو َأ َج ُل ر ِ‬ ‫ُ‬ ‫الله ‪.((( »m‬‬ ‫َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫((( الحاك�م (‪ )5:389‬وأق�ره الذهب�ي‪ ،‬وفي تفس�ير ابن أب�ي حاتم (‪ )13696‬رواي�ة فيها تتمة‬ ‫لتفسير الرؤيا‪« :‬فقيل له‪ :‬إنما هم بنو ٍ‬ ‫فالن‪ ،‬وإنما هي دنيا ُأعطوها‪َ ،‬ف ُس ِّر َي عنه ‪. »m‬‬ ‫((( الترمذي (‪ )3350‬وقال‪ :‬غريب‪.‬‬

‫((( الدر المنثور (‪ )375 :10‬وال زالت كتب التفسير ترمز ألوائل السور المستعجم فهمها على‬

‫‪141‬‬

‫رمزية النصر‬ ‫والفتح‬


‫رجل ُخي�ر بين ما في الدُّ نيا وبي�ن ما عند ِ‬ ‫رمزية الرجل‬ ‫الله‬ ‫َّب�ي ‪ m‬يوم�ا وقال عن‬ ‫ٍ ِّ َ‬ ‫وخط�ب الن ُّ‬ ‫الذي خير بين فاختار ما عند ِ‬ ‫الله ‪ ،‬فبكى أبوبكر ؤ حتى قال ُع َم ُر ؤ ‪ :‬ما ُ‬ ‫بال هذا َّ‬ ‫الش ِ‬ ‫يخ‬ ‫الدنيا واآلخرة في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بارة َّ‬ ‫الر ُج َل الذي ُخ ِّي َر هو‬ ‫أبوبكر ؤ‬ ‫خطبة النبي ‪ m‬يبكي؟ وقد َف ِه َم‬ ‫والر َ‬ ‫أن َّ‬ ‫مز في الع َ‬ ‫اإلشار َة َّ‬ ‫َ‬ ‫رسول الله ‪ m‬فاختار ِ‬ ‫ُ‬ ‫اآلخ َر َة على الدُّ نيا(((‪.‬‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والر ِ‬ ‫م�وز‬ ‫وق�ام فق� ُه الت ُّ‬ ‫راس�ته عل�ى العالم�ات ُّ‬ ‫َّح�والت ال�ذي نح�ن بِ َص�دَ د د َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫َ‬ ‫المس�كوت‬ ‫الراب ِع‬ ‫واإلش�ارات ب�دء ًا م�ن حديث‬ ‫ك�ن َّ‬ ‫جبري�ل وما فيه م�ن ما َّدة ُّ‬ ‫ِ‬ ‫والصغرى وما انط�وت عليه من ال ُعلو ِم‬ ‫والوس� َطى ُّ‬ ‫فقه التحوالت عن�ه ونها َي ًة بالعالمات الكُبرى ُ‬ ‫يدرس العالمات‬ ‫س�ول ‪ m‬البن صي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومالح َق ُت ُه‬ ‫اد‬ ‫الر‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫واإلشارات وال ُفه�و ِم والدِّ الالت والمواقف‪ ،‬ومنها متا َبع ُة َّ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫في نصوص‬ ‫الص ِ‬ ‫حيح «ذها ُب ُه ‪ m‬مع‬ ‫موز‬ ‫ف حقي َق َت ُه عن‬ ‫ليعر َ‬ ‫واإلش�ارة ‪ ،‬وقد ورد في َّ‬ ‫َ‬ ‫طريق ُّ‬ ‫المعصوم ‪m‬‬

‫ابن صي ٍ‬ ‫ع�ض الصحاب ِة نح�و ِ‬ ‫طائ َف ِة الن ِ‬ ‫اد فصاحت‪:‬‬ ‫وما انطوت عليه َب‬ ‫فلما كان قريب ًا منه رأت ُه ُأ ُّم ِ َ ّ‬ ‫ِ َّ َ‬ ‫َّخل ‪ّ ،‬‬ ‫سول ِ‬ ‫ٍ‬ ‫صياد من مر َق ِد ِه وقال ‪ :m‬لو تركتِ ِه ل َب ّي َن ‪ ،‬وس�أ َله َر ُ‬ ‫الله‬ ‫من المواقف هذا ُم َح َّمدٌ ‪ ،‬فقام اب ُن‬ ‫والدالالت‬ ‫ِ‬ ‫‪m‬‬ ‫‪m‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫إبليس‪ ،‬ث َّم قال‬ ‫‪ :‬ماذا ترى؟ قال ‪ :‬أرى َعرشا على الماء‪ ،‬فقال ‪ :‬ذاك َعرش‬ ‫َ‬

‫�أت لك خبيئ ًا فقال‪ :‬هو ال�دُّ ُّخ ‪ ،‬وكان النَّبي ‪ m‬قد َخب َأ له ك َِلم َة (الدُّ ِ‬ ‫خان)‬ ‫ل�ه ‪َ :‬خ َب ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫در َك»(((‪.‬‬ ‫خسأ فلن تَعدُ َو َق َ‬ ‫سورة الدُّ خان‪ ،‬فقال له ‪ : m‬ا َ‬ ‫أو معنى ما في َ‬

‫رمزية طول اليد‬

‫ِ​ِ ِ​ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫طو ُل ُك َّن‬ ‫اإليجابي قال‬ ‫الجانب‬ ‫وفي‬ ‫رس�ول الله ‪ m‬لنس�ائه ‪َّ « :‬أو ُل ُك َّن َلحاق ًا بي َأ َ‬ ‫ِّ‬ ‫العلماء والمفس�رين بقولهم‪ :‬الله أعلم بالمراد به‪ ،‬لما في الرسم واالسم من داللة مجهولة‬

‫المعنى والهدف‪ ،‬مع أن بعض المفس�رين اجتهدوا ف�ي فك الرمز المقصود ولم يقطع أحد‬ ‫بصح�ة المعنى المس�تنبط فهمه‪ ،‬بل كان التفس�ير مجرد محاولة وتقري�ب لمعنى يعتقد فيه‬ ‫الص�واب وعدم�ه‪ ،‬ويدخل في ه�ذا المعنى الرمزي األل�وان واألرق�ام والرايات واألعالم‬

‫والمالبس والعمامة والسيوف وغيرها من الوسائل‪.‬‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )466‬‬

‫((( متفق عليه ‪ ،‬البخاري (‪ )1354‬ومسلم (‪ )7538‬بعدة روايات مختلفة ‪.‬‬

‫‪142‬‬


‫ول ِ‬ ‫رن ف�ي ال ُّط ِ‬ ‫ي�د ًا»((( فذهبت النِّس�ا ُء َين ُظ َ‬ ‫الح ِّس�ي لأليدي كما َف ِهمنَ� ُه من المعنى‬ ‫للع ِ‬ ‫اه ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ّظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫غير َذلِ َك إنَّما ُ‬ ‫اإلحسان‪.‬‬ ‫َثر ِة‬ ‫طول ال َي ِد َر ُ‬ ‫مز لإلنفاق وك َ‬ ‫األمر َ‬ ‫بارة‪ ،‬وكان ُ‬ ‫َ‬

‫الذ ِ‬ ‫واإلش�ار ُة في اإلسلا ِم بِ َسلا َم ِة َّ‬ ‫رع م�ن فرو ِع ِعل ِم‬ ‫مز‬ ‫الر ُ‬ ‫وق بل هو َف ٌ‬ ‫َ‬ ‫ويرتَبِ ُط َّ‬ ‫المس�ل ِم في ه�ذا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلحس�ان و َث َم َر ٌة من َث َمراتِ ِه ‪ ،‬وبِ ِم ِ‬ ‫قدار ت َ​َر ِّقي‬ ‫الخاص يزدا ُد‬ ‫العل ِم‬ ‫ِّ‬ ‫الذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلش�اري‪ ،‬وهذا ما يمي ُز الم ِ‬ ‫هم ُه َّ‬ ‫اإلحس�ان‬ ‫س�ل ِمين في ِعل ِم‬ ‫وق ُّي ويرتقي وع ُي ُه‬ ‫ِ ُّ‬ ‫ُ َ ِّ ُ‬ ‫َف ُ‬

‫ِ‬ ‫وق في ال َفه ِم الباطِ ِن وال َّظ ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫الخاص‪ ،‬ومنه سال َم ُة َّ‬ ‫اه ِر‪ ،‬و ُك َّلما ارتقى‬ ‫بالعل ِم ال َّلدُ ن ِِّّي‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫يظه ُر له من‬ ‫موز‬ ‫واإلش�ارة والعال َم�ة َكت َ​َم ما َ‬ ‫الم َّطل ُ‬ ‫َ‬ ‫�ع على العل ِم ال َّلدُ ن ِِّّي في ثنايا ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ف بالله‪ ،‬أو (من العارفين ِ‬ ‫ِس ِّ�ر المعاني حتى يقال له‪ِ :‬‬ ‫بالله) ‪ ،‬وفي هذا المعنى‬ ‫عار ٌ‬ ‫يأتي ما يسمى بِمر َتب ِة ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫رفان (((‪.‬‬ ‫ُ َّ َ َ‬ ‫((( البخاري (‪)1420‬‬

‫((( كت�ب عن هذا األمر الدقي�ق الخاص اإلمام العالمة عبدالرحمن ب�ن عبدالله بلفقيه العلوي‬ ‫الش�افعي الحضرمي رسالة س�ماها‪ :‬فتح بصائر اإلخوان في شرح دوائر اإلسالم واإليمان‬ ‫واإلحسان والعرفان‪ ،‬وكأني بهذا السيد العالمة الذي أطلق عليه الحبيب عبدالله بن علوي‬ ‫الحداد (عالمة الدنيا) قد أدرك المعنى اإلشاري في العلم بعالمات الساعة وفقه التحوالت‬

‫وم�ا يترتب على ه�ذا العلم من ضرورة الكتمان وعدم الكش�ف واإليض�اح لمنافذ النفس‬

‫والهوى والدنيا والش�يطان‪ ،‬فحلق بالمريدين فوق مس�توى العيوب والنقائص إلى الحكمة‬ ‫الت�ي أجرى الله بها س�ر الدفع والجل�ب والنفع والضر والخير والش�ر وأطلق على ثمرات‬ ‫المزيج الحالي من علم اإلسلام واإليمان واإلحس�ان (العلم العالي‪ :‬علم مرتبة العرفان)‬

‫فهاهو يمهد لهذا العلم اللدني بقوله‪:‬‬

‫فإن العبد إذا تمكن في اإلسالم واإليمان ‪ ،‬وأخذ طرفا صالحا من العلوم الشرعية الواردة‬

‫ف�ي الس�نة والقرآن ‪ ،‬فاتس�ع علم�ه ‪ ،‬وانفتح فهمه ‪ ،‬وانش�رح صدره ‪ ،‬عرف نفس�ه ‪ ،‬فعرف‬

‫ربه‪ ،‬وطلب رضاه وقربه ‪ .‬فإنه يش�هد عجزه ‪ ،‬وذله ‪ ،‬وش�دة افتقاره وجهله ‪ .‬فإنه كغيره من‬

‫األكوان‪ ،‬خلق من عدم وراجع إلى عدم ‪ ،‬في غاية اإلحتياج واإلضطرار ‪ ،‬ليس له استقالل‬ ‫بقدرة وال اختيار ‪ ،‬وال وجود وال بقاء ‪ ،‬وال فضل وال جود ‪ ،‬إال بواجب الوجود‪ ،‬في جميع‬

‫‪143‬‬

‫علم اإلحسان‬ ‫يزيد الفهم‬ ‫الذوقي والوعي‬ ‫اإلشاري‬


‫ِ‬ ‫المتَدَ ِّرج�ون بال ُعلو ِم ال َّثال َث ِة ‪:‬‬ ‫وه�ي مر َت َب ُة الكَمال النِّس�بِ ِّي التي يب ُل ُغه�ا العارفون ُ‬ ‫ات ال َّثال َث ِ‬ ‫�س اليقينِي ِ‬ ‫كر ِ‬ ‫وعل ِم ِ‬ ‫كر ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫�كر‪ ،‬على ُأ ُس ِ‬ ‫ِعل� ِم ِّ‬ ‫وعل ِم ُّ‬ ‫اليقين‬ ‫�ة‪ِ :‬عل ِم‬ ‫ّ‬ ‫وألن هذه العلوم ُعلوم ال َقو ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و َع ِ‬ ‫َّ‬ ‫خير لنا ولمن‬ ‫اليقين‪،‬‬ ‫وح ِّق‬ ‫ين‬ ‫اليقين َ‬ ‫الراس�خين َف ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬

‫ر ِغب المعر َف َة من ِ‬ ‫االحتمال‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫فيرج ُع إلى‬ ‫روف‬ ‫معدنها أال َيش�ت ََّط ب�ه‬ ‫الخيال وال ُص ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫موض فيها‬ ‫الو‬ ‫ضوح ال َب ِّي ِن التي ال ُغ َ‬ ‫م�ا نحن بِ َصدَ ده من قرا َءة األركان األر َب َعة بِ ُل َغة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ب التَّام في ك ُِّل ٍ‬ ‫ش�رط األَ َد ِ‬ ‫َ‬ ‫حال‪َّ ،‬‬ ‫الم َث َّقفون‬ ‫إش�كال مع‬ ‫وال‬ ‫فإن َّ‬ ‫الز َل َل الذي وقع فيه ُ‬ ‫ِّ‬ ‫الش�ان ‪ .‬ف�إن وجوده ودوام�ه ‪ ،‬وكل كماله في�ه ‪ ،‬وفعله وانفعاله ‪ ،‬حتى قع�وده وقيامه ‪ ،‬من‬

‫فضل الله وإنعامه ‪ .‬فيعرف نعمة الله عليه ‪ ،‬وأن المنة لله – سبحانه – إذ وفقه لشكره وذكره‬

‫ف�ى كل طاعة وإحس�ان ‪ ،‬فال يطالب جزاء فيه�ا ‪ ،‬وال ينظر إليها ‪ ،‬بل يخاف من وجودها مع‬ ‫القلة والتقصير في شكرها ‪ .‬وما شكرها إال اإلعتراف وشهود المنة فيها ‪.‬‬

‫إل�ى أن قال‪ :‬فعند ذلك تس�طع عليه أنوار الحقيقة ‪ ،‬وي�ذوق جنى معاني الوحي والنبوة ‪،‬‬

‫في مقامات القرب والوالية والفتوة ‪ ،‬فيشهد حقائق التنزيل على التفصيل ‪ ،‬ويعرف معارف‬ ‫التفريع والتأصيل ‪ ،‬ويفهم بالله عن الله كل مش�كلة ‪ ،‬ويتضح له بنور الله حل كل معضلة ؛‬

‫وذلك ثمرة التقوى ‪ ،‬واليقين‪ ،‬وصحبة أهل الله المتقين ‪.‬‬

‫ق�ال الل�ه تعالى ‪( :‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ) أي من كل مش�كل ومعضل ‪( ،‬ﮡ )‬

‫علما وفهما ‪( ،‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ )[الطالق‪. ]3-2:‬‬

‫وقال أيضا‪ :‬وقال أيضا ( ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ) [البقرة‪. ]282:‬‬

‫وق�ال تعال�ى ‪( :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [األنف�ال‪ ]29:‬وباللـ�ه‬

‫التـوفـــيق ‪ ،‬وذلك ثمرة الطريق ‪ ،‬وزبدة التحقيق‪ ،‬وفي ثنايا الرس�الة عبارات ال يتس�ع لها‬

‫فهم المتأخرين تجاوزنا ذكرها‪ ،‬لعدم الحاجة لها فيما نحن بصدده‪.‬‬

‫وق�د تن�اول العالم�ة المذكور ف�ي رس�الة خاصة س�ماها «عم�دة المحقق ف�ي العقائد»‬

‫ال زال�ت مخطوط�ة ـ وفي الفصلين الس�ابع والثامن ـ موضوعي الحش�ر والنش�ر ‪ ،‬وجعل‬

‫موضوع الحشر فصال منظوما بكل ما يختص بعالمات الساعة والنفخة األولى حتى انتهاء‬ ‫الكون‪ ،‬وأما النشر فهو كل ما يخص األمور اآلتية بعد النفخة الثانية ‪ ،‬وما يترتب على ذلك‬

‫من مسائل اإليمان والبعث والنشور والقبر ونعيمه وما إلى ذلك‪.‬‬

‫‪144‬‬


‫ِ‬ ‫الحك ِم عل�ى الر ِ‬ ‫جال أك َب َر من‬ ‫�طح ًا في ُ‬ ‫ب لهم َش َ‬ ‫الحروف َس� َّب َ‬ ‫والمتع ِّلم�ون و ُق َّرا ُء ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫جال في ِ‬ ‫ِ‬ ‫طح الر ِ‬ ‫ذوقهم النِّسبِ ِّي من ِ‬ ‫الكمال‪.‬‬ ‫وار ِد‬ ‫َش ِ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أهل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫مز َّي ُة بين ِ‬ ‫واألتقياء على‬ ‫واألصفياء‬ ‫األولي�اء‬ ‫الله من‬ ‫والمعركَ� ُة‬ ‫اإلش�ار َّي ُة َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫الجن َِّة وبين َع َبدَ ِة َّ‬ ‫طريق‬ ‫والكذابِين على‬ ‫والمن َِّجمي�ن‬ ‫الس َ‬ ‫طري�ق َ‬ ‫�ح َرة ُ‬ ‫الش�يطان من َّ‬ ‫ِ‬ ‫الباطل ُمست َِم َّر ٌة َأ َبدَ اآلباد ‪.‬‬

‫علم اإلشارة‬ ‫والرمز معركة‬ ‫أبدية بين األخيار‬ ‫واألشرار‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وهي وحدَ ها فِقه يختَص بما هو معلوم له من التَّحو ِ‬ ‫واألمارات‬ ‫والعالمات‬ ‫الت‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫الحديث بهذه ال ُّل ِ‬ ‫وخير لنا وله وألمثالِنا عندهم ‪ :‬الغاية‬ ‫ُ‬ ‫غة َم َعنا‪،‬‬ ‫ب عليه‬ ‫ومن لم َيفهم المعنى يص ُع ُ‬ ‫ٌ‬ ‫تبرر الوسيلة‬ ‫ِ‬ ‫نخوض البحر بالو ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�ائ ِ‬ ‫وأش�باهنا أن‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ل‪ ،‬والغاية ُت َق ِّر ُر الوس�ي َل َة كما هو في شعاراتنا وعندنا‪ :‬الغاية‬ ‫تقرر الوسيلة‬ ‫الن ِ‬ ‫َّبو َّي ِة األَ َب ِو َّي ِة‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ش�عارات المدرس ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلبليس� َّي ِة فالغا َي� ُة ُت َب ِّر ُر الوس�ي َل َة‪ٌ ،‬‬ ‫وفرق بين‬ ‫�ة األَن َِو َّي ِة‬ ‫أم�ا في‬ ‫َ َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المدر َست ِ‬ ‫فخير‬ ‫شعار‬ ‫َين‪ ،‬و َمن لم َي َّط ِلع على‬ ‫شعارات‬ ‫يفهم َر َ‬ ‫مدرستَه ولم َ‬ ‫مز ُهو َّيته ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫له أن يس�ت َِمع الحكم َة من ِ‬ ‫ويس�ير في ِ‬ ‫ركب أس�اطينِها لِ َيس� َل َم من ال َغ َر ِق في‬ ‫أهلها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫طوفان األَن َِوي ِة الم ِ‬ ‫هل ِك الفاتِ ِك‪.‬‬ ‫َّ ُ‬

‫يعرف حقيق َة المعنى ِ‬ ‫وأنَّى لقارئ ذلك‪ ..‬وهو بعدُ لم ِ‬ ‫ِ‬ ‫القائ ِل‪ :‬ال َع ُ‬ ‫القلب‬ ‫ليم في‬ ‫الس ُ‬ ‫قل َّ‬ ‫ِ‬ ‫أن الحقي َق َة لديك‪ُ :‬‬ ‫عار حقيق ٌة؟ أم َّ‬ ‫السلي ِم‪ ،‬فهل هذا ِّ‬ ‫ليم‪،‬‬ ‫الس ُ‬ ‫ليم في الجس ِم َّ‬ ‫الس ُ‬ ‫العقل َّ‬ ‫الش ُ‬ ‫َّ‬ ‫فتعرف على رجالِها تَس َلم‪،‬‬ ‫واإلشار ُة والعالم ُة‬ ‫مز‬ ‫فالر ُ‬ ‫مدرس ٌة عظيم ٌة في اإلسال ِم‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إذن َّ‬ ‫ال‪ ،‬مدرس ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫األعو ِر الدَّ َّج ِ‬ ‫�ة َّ‬ ‫والو ِ‬ ‫عي المنسوخِ ‪ ،‬فلها‬ ‫مدرس�ة‬ ‫وإياك من‬ ‫وق الممسوخِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫مز وال َّل ِ‬ ‫والر ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ون َّ‬ ‫المت َ​َأ ِّم ُل في‬ ‫مكان‪ ،‬و َأ َث ٌر‬ ‫والش َار ِة‬ ‫في عا َل ِم‬ ‫اإلشارة َّ‬ ‫َ‬ ‫وتأثير ‪ ،‬ومتى ما تأ َّم َل ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ايات والب ِ‬ ‫َّقدي ِة‪ ،‬والر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُر ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ارات ِّ‬ ‫واأللو َي ِة ال َعس�ك َِر َّي ِة َّ‬ ‫عارات‬ ‫والش‬ ‫والش‬ ‫نود‬ ‫ُ‬ ‫موز ال ُعمالت الن َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫المنسو َب ِة لِ َب ِ‬ ‫جاب‪.‬‬ ‫ب ال ُع َ‬ ‫عض الدُّ َو ِل واإلمبراطور َّيات َل َر َأى ال َع َج َ‬ ‫‪145‬‬

‫عندهم‪ :‬العقل‬ ‫السليم في الجسم‬ ‫السليم‬ ‫وعندنا‪ :‬العقل‬ ‫السليم في القلب‬ ‫السليم‬


‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أتب�اع الدِّ يا َنت ِ‬ ‫صليب النصارى ب�ل َّ‬ ‫وش�ارات لم‬ ‫ش�عارات‬ ‫والمس�يح َّي ِة جعلوا لهما‬ ‫اليهود َّي ِة‬ ‫َين‬ ‫إن‬ ‫َ‬ ‫ونجمة اليهود‬ ‫ِ‬ ‫ليب عند النَّصارى‪ ،‬ون ِ‬ ‫ٍ‬ ‫كالص ِ‬ ‫اليهود‪ ،‬و ُك ُّلها‬ ‫داو َد عند‬ ‫َجمة ُ‬ ‫شعاران دينيان ُي ِنز ِل الله بها من ُسلطان‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسياسيان‬ ‫ياسي ودينِ ٍّي ُم َع َّي ٍن‪.‬‬ ‫عارات‬ ‫ِش‬ ‫وضع َّي ٌة ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ذات َهدَ ف س ٍّ‬ ‫أفضل الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫الة‬ ‫الرس�ا َل ِة على صاحبِه�ا‬ ‫ش�عارات اإلسلا ِم‬ ‫أ َّما‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫وخاص ًة على َعهد ِّ‬

‫ص فيما يلي‪:‬‬ ‫والسالم فكانت قليل ًة ومحدودةً‪ ،‬وتت َل َّخ ُ‬ ‫َّ‬ ‫الح ِ‬ ‫ُ‬ ‫رب‪.‬‬ ‫عارات‬ ‫‪ِ -1‬ش‬ ‫ٌ‬ ‫وألفاظ ت َُر َّد ُد في َ‬ ‫ِ‬ ‫رايات ِ‬ ‫واألنصار‪.‬‬ ‫وألو َي ٌة تر ُم ُز إلى المهاجرين‬ ‫‪-2‬‬ ‫ٌ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكم َس�ن َِجدُ من ُر ِ‬ ‫�عارات الن ِ‬ ‫�عارات األَن َِو َّي ِة ِّ‬ ‫موز ِّ‬ ‫مالمح‬ ‫َّبو َّي ِة األَ َب ِو َّي ِة من‬ ‫والش‬ ‫الش‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وغايات‪ُ ،‬‬ ‫وخذ على هذا أمثِ َل ًة ُم َص َّو َرةً‪.‬‬ ‫وأهداف‬

‫‪146‬‬


‫خاتم عرش بريطانيا‬ ‫لالستزادة انظر مراجع المادة في موسوعة ‪ wikipedia.org‬تحت مسمى‬ ‫‪Royal coat of arms of the United Kingdom‬‬

‫الشعار المسمى (خاتم أمريكا األعظم)‪ ،‬وهو موجود خلف الورقة فئة الدوالر الواحد‬ ‫لالستزادة انظر مراجع المادة في موسوعة ‪ wikipedia.org‬تحت مسمى‬ ‫‪Great Seal of the United States‬‬

‫ﺍﳋﻠﻔﻲ‬

‫ﺍﻷﻣﺎﻣﻲ‬

‫‪147‬‬


‫شعار الخالفة العثمانية‬ ‫انظر شرح تفاصيله ص ‪178‬‬

‫‪148‬‬


149


150


‫ﺍﳉﺰﺀ ﺍﻟﺜﺎﱐ‬

‫ﺑﻘﲅ �ﺎﺩﻡ ﺍﻟﺴﻠﻒ‬

‫ﻋﻔﺎ ﷲ ﻋﻨﻪ‬ ‫‪151‬‬


152


‫ساعةِ‬ ‫التَّفصيل ِ‬ ‫الجامع لأركا ِن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع ِلم‬ ‫بعلامات ال ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫عالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫أركان ِ‬ ‫العل ِم بِ‬ ‫َ‬ ‫ُع ِل َم ِم َّما َت َقدَّ َم َّ‬ ‫اعة ثال َث ٌة‪:‬‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُبرى‪.‬‬ ‫لم‬ ‫الواج ُ‬ ‫َّ‬ ‫ب بالعالمات الك َ‬ ‫األو ُل‪ :‬الع ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوس َطى‪.‬‬ ‫لم اللاّ ِز ُم بالعالمات ُ‬ ‫ال َّثاني‪ :‬الع ُ‬

‫ِ‬ ‫ال َّثالِ ُ ِ‬ ‫غرى‪.‬‬ ‫المط َل ُق بالعالمات ُّ‬ ‫الص َ‬ ‫لم ُ‬ ‫ث‪ :‬الع ُ‬

‫موقعها في ِ‬ ‫باعتبار ِ‬ ‫آخ�ر الب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ع الت َ‬ ‫آخ ِر‬ ‫حث‬ ‫ُبرى َ َ‬ ‫ون َ​َض ُ‬ ‫َّفصيل الكام َل للعالمات الك َ‬ ‫الز ِ‬ ‫مان‪.‬‬ ‫َّ‬

‫َّرتيب االستِ ِ‬ ‫�ب الت ِ‬ ‫قرائ ِّي الذي‬ ‫أما‬ ‫ُ‬ ‫غرى فسنَذك ُ​ُرها َح َس َ‬ ‫الوس� َطى ُّ‬ ‫العالمات ُ‬ ‫والص َ‬ ‫الت مس�ت ِ‬ ‫قه التَّحو ِ‬ ‫واق ِع فِ ِ‬ ‫َف ِهمن�اه من ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ما َس� َب َقت ِخد َمتُه على أيدي‬ ‫َفيدين من‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫واألش�راط؛ إال أنَّنا َف َّرقنا بين‬ ‫العالمات‬ ‫موضوع‬ ‫تناولوا‬ ‫َ‬ ‫ال ُع َلم�اء والباحثين الذي�ن َ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّن�او ُل له عند ِ‬ ‫أهل هذا‬ ‫عما َس� َب َق الت ُ‬ ‫الوس� َطى ُّ‬ ‫العالم�ات ُ‬ ‫غرى بقاعدَ ة ُمختَل َفة َّ‬ ‫والص َ‬ ‫ِ‬ ‫العل ِم‪.‬‬

‫‪153‬‬

‫أركان عالمات‬ ‫الساعة‬


‫الرُّكن الأ َّول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوسطى‬ ‫ابلعلامات‬ ‫م‬ ‫ز‬ ‫ّا‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫لم‬ ‫الع‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّوسط‬ ‫االستقراء الزمني وقد اعت َ​َمدنا في تحديدها على اس�تقراء المعنى المقصود ُ‬ ‫بالوسطى أي الت ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هو الذي حدد‬ ‫العالمات‬ ‫وارتباط هذه‬ ‫الصغرى ابتدا ًء والكُبرى اختِتام� ًا‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫جرياتها بي�ن ُّ‬ ‫لم َ‬ ‫الز َمن�ي ُ‬ ‫توسط العالمات‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالقرار ِ‬ ‫ونواق َض‪ ،‬كما‬ ‫ثواب�ت‬ ‫َّ�ب عليها من‬ ‫الحك ِم‬ ‫ي�ن‬ ‫َ‬ ‫وق�رار العل ِم وما يترت ُ‬ ‫ق�رار ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الصغرى فوضعناها‬ ‫عالم�ات وضعها‬ ‫الوس�طى‬ ‫ُ‬ ‫البعض ف�ي ُّ‬ ‫أضفن�ا الى العالمات ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫في الوس�طى لمناس�ب ِة ِ‬ ‫والز َم ِن ا ُل ِ‬ ‫مشار إليه‬ ‫جريات‬ ‫المتالئ ِم من ُم‬ ‫موق ِعها‬ ‫األحداث َّ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫قرار الحك ِم و َق ِ ِ‬ ‫األحاديث الن ِ‬ ‫بالقرار ِ‬ ‫عالمات‬ ‫َّبو َّي ِة‬ ‫َقرأنا من‬ ‫ي�ن‪ُ ِ :‬‬ ‫رار العل ِم‪ ،‬بل واس�ت َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫العالم�ات الوس�طى ألهمي ِ‬ ‫ِ‬ ‫إضافي ٍ‬ ‫�ة عال َقتِه�ا بالت ُّ ِ‬ ‫�ي‬ ‫�ة وضعناه�ا ف�ي‬ ‫َّ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫السياس ِّ‬ ‫َّحول ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المن َت َظ ِر‪.‬‬ ‫َّبي ‪ m‬وبِدا َية العالمات الكُبرى باإلما ِم ُ‬ ‫واالجتماعي ما بين َبع َثة الن ِّ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مصادره�ا ‪ .‬و ُك ُّلها‬ ‫الوس�طى مجموع� ًة كما اس�تقرأناها من‬ ‫وس�نبد ُأ بالعالمات ُ‬ ‫العالم�ات المرتَبِ َط ِة بِمرح َل ٍة ِ‬ ‫ِ‬ ‫تتك�ر ُر ما عدا عال َمتَي‬ ‫واحدَ ٍة وال‬ ‫تندَ ِر ُج تحت ِقس� ِم‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫كري ِة الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تالح َق ِة ‪.‬‬ ‫فِتن َِة‬ ‫الخوار ِج ‪ ،‬والفت َِن الف ِ َّ ُ‬

‫بَعْثَةُ الن َّ ِبي ‪m‬‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ثت أنا‬ ‫الو ْس� َطى َب ْع َث ُة النَّبِ ِّي ‪ ، m‬وفيها‬ ‫يق�ول ‪ُ « : m‬ب ِع ُ‬ ‫الس�ا َعة ُ‬ ‫ُأو َل�ى َعلاَ َمات َّ‬ ‫بعثة النبي محمد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫والس�ا َع ُة كهات ِ‬ ‫‪ m‬عالمة وسطى‬ ‫الزمان ‪،‬‬ ‫َّبي ‪ m‬ألنَّه نَبِ ُّي آخ ِر َّ‬ ‫ّ‬ ‫َين» ‪ ..‬قال ال ُقر ُطبِ ُّي ‪َّ ( :‬أو ُلها َبع َث ُة الن ِّ‬ ‫وق�د ُب ِع َ‬ ‫وحى إليه بِ َش�رعٍ) (((‪ ،‬وق�ال اب ُن َح َج ٍر في‬ ‫�ث وليس بينه وبين القيامة نَبِ ٌّي ُي َ‬ ‫((( البخاري (‪. )6504‬‬

‫((( التذكرة في أحوال الموتى وأموراآلخرة ص ‪ ، 626‬ونقل بتصرف بإضافة (نبي يوحى إليه‬ ‫بشرع) لتمام اإلفادة‪.‬‬

‫‪154‬‬


‫ُّعمان أنَّه قال ‪( :‬أو ُل أش�راطِها بع َث ُة محم ٍ‬ ‫ت�ح» ع�ن الن َ‬ ‫«ال َف ِ‬ ‫�د ‪ ،((( )m‬وقال ال َب َغ ِو ُّي‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ َ َّ‬ ‫أش�راط الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫«السنن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّبي ‪ m‬من‬ ‫الوار َد ِة في‬ ‫�اعة)((( ‪ .‬وفي‬ ‫ّ‬ ‫في «تفس�يره» ‪( :‬وكان الن ُّ‬

‫ِ‬ ‫الفت َِن» ألبي ٍ‬ ‫الداني‪ :‬عن أبي ِع َ‬ ‫الجونِ ِّي قال ‪ :‬قال رسول الله ‪ « m‬حين‬ ‫عمرو‬ ‫مران ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ال و َأ َّخ َر ِرج ً‬ ‫ور فأهوى به إلى فِ ِيه و َقدَّ َم ِرج ً‬ ‫ال ينتَظِ ُر‬ ‫إلي ُبع َث إلى صاحب ُّ‬ ‫ُبع َث َّ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫مت�ى ُيؤ َم ُ�ر فين ُف ُخ ‪ ،‬أال فاتَّق�وا الن َ‬ ‫أمر‬ ‫تأس َ‬ ‫�س ُ‬ ‫َّفخ َة» ‪ .‬وفيما بين ال َبعث و َموته ‪َّ m‬‬ ‫الدَّ عو ِة إلى ِ‬ ‫الله فيما بين َم َّك َة والمدين َِة‪.‬‬ ‫َ‬

‫َين تأسس الدِّ ين ُك ُّله َف ِهي مرح َل ٌة هام ٌة من ك ُِّل الو ِ‬ ‫وألن ما بين هات ِ‬ ‫َّ‬ ‫جوه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َين العال َمت ِ َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ين األربع ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ب�ل هي قا َع ِ‬ ‫ِ‬ ‫وألركان الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّأصيل لل ُعلو ِم َّ‬ ‫�ة ُمجت َِم َع ًة أو‬ ‫�رع َّي ِة ُك ِّلها‬ ‫�د ُة الت‬ ‫َ​َ‬ ‫ِ‬ ‫َّبي ‪m‬‬ ‫ُم َت َف ِّر َق ًة ُ‬ ‫(بالو ِ‬ ‫ويض ُع ثوابِتَها‬ ‫صم ِة) ِ َ‬ ‫أمر األُ َّم�ة َ‬ ‫ُ‬ ‫حي والع َ‬ ‫يس�وس َ‬ ‫حيث كان الن ُّ‬

‫ِ​ِ‬ ‫ويحذر ويبين ِ‬ ‫ويرس ُم َم َنه َج َ‬ ‫مواق َع َّ‬ ‫بارك َِة‬ ‫الخ ِير َّي ِة بِ ُشروطِ ِه‪،‬‬ ‫الش ِّر سوا ًء في َ‬ ‫ِّ ُ ِّ ُ‬ ‫الم َ‬ ‫مرح َلته ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المراح ِل إلى يو ِم الدِّ ِ‬ ‫مظاه ِر هذه المرح َل ِة تحصي ُن‬ ‫ين‪ ،‬وكان من‬ ‫أو فيما يتلوها من‬ ‫أهمية التحصين‬ ‫والمواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحا َب ِة ال ُع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‪.‬‬ ‫ُّصوص‬ ‫دول ئ بالن‬ ‫َّ‬ ‫بتحصين النَّب�ي ‪ m‬لمن ص ِحبه ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتعدي ِله إ ّياه‬ ‫أتباع ِه‬ ‫ُّصوص) أي‪:‬‬ ‫ومعن�ى (الن‬ ‫َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫للخ َل ِ‬ ‫اش ِ‬ ‫فاء الر ِ‬ ‫كبش�ارتِه بالجن ِ‬ ‫أهل َب ٍ‬ ‫�دين ِ‬ ‫وغيرهم ‪ ،‬وقولِه في ِ‬ ‫�در‪َّ :‬‬ ‫َّ�ة ُ‬ ‫لع‬ ‫«إن الله ا َّط َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫غفرت لك�م)(((» ‪ ،‬ودف ِع تُهم ِ‬ ‫�ة الن ِ‬ ‫أهل َب ٍ‬ ‫عل�ى ِ‬ ‫فقال‪(:‬اعملوا ما ِش�ئتُم فقد‬ ‫�در‬ ‫ِّفاق‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫والخيان ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المش�هور ِة ع�ا َم ال َف ِ‬ ‫تح‪ ،‬وقولِ ِه‬ ‫حاط�ب بن أبي َبل َت َع َة في ِق َّصتِ ِه‬ ‫َ�ة بذل�ك عن‬ ‫َ‬

‫((( فتح الباري (‪.)350 :11‬‬ ‫((( تفسير البغوي (‪. )8 :4‬‬

‫((( الس�نن ألب�ي عم�رو الداني بتحقي�ق المباركف�وري (‪ ، )764 :2‬وقال المحقق‪ :‬مرس�ل في‬ ‫إسناده لين‪.‬‬

‫((( صحيح البخاري (‪.)3007‬‬

‫‪155‬‬

‫الشرعي للصحابة‬ ‫وما يترتب عليه‬


‫كن�ت مت ِ‬ ‫َّخذ ًا خلي ً‬ ‫لا الت‬ ‫ف�ي أب�ي بك�ر ؤ ‪« :‬لو‬ ‫َّخذت أب�ا بك�ر» ((( ‪ ،‬وقوله في‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُعمر ؤ ‪« :‬وا َّل ِذي َن ْف ِس�ي ِ‬ ‫ُ‬ ‫بيده ما َل ِق َي َك َّ‬ ‫�يطان َق ُّط س�الك ًا َف ًّجا إالّ َس َل َك َف ًّجا‬ ‫الش‬ ‫َ​َ‬ ‫ِ‬ ‫�ك»((( ‪ ،‬وقول�ه في ُع َ‬ ‫غي�ر َف ِّج َ‬ ‫ثمان ؤ ‪« :‬تس�تحي من�ه‬ ‫المالئ َك ُة» ((( و« َب ِّش�ر ُه‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫(((‬ ‫لي ؤ ‪« :‬أنت ِمنِّي بِ َم ِنز َل ِة هارون من‬ ‫َ‬ ‫بالجنَّة على بلوى تُصي ُب ُه» ‪ ،‬وقوله في َع ٍّ‬ ‫هت َخ ِ‬ ‫موس�ى»((( وقوله في َج ٍ‬ ‫لقي ُ‬ ‫وخ ُلقي» ((( ‪ ،‬وقولِه في أبي‬ ‫عفر ؤ ‪« :‬أش� َب َ‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الجر ِ‬ ‫اح» (((‪ ،‬وقولِ ِه‬ ‫ُع َبي�دَ َة ؤ ‪« :‬لك ُِّل ُأ َّمة أمي ٌن ‪ ،‬وأمي ُن هذه األ َّم�ة أبوعبيد َة ب ُن َّ‬ ‫الصحا َب ِة ئ‪« :‬ال ت َُس� ُّبوا َأصحابي ‪ ،‬فلو َّ‬ ‫أن َأ َحدَ كُ�م َأن َف َق ِم َثل ُأ ُح ٍد‬ ‫ف�ي ُعمو ِم ّ‬ ‫َذ َه ًبا َما َب َل َغ ُمدَّ َأ َح ِد ِهم وال ن َِصي َفه»(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ف فعدَ م َق ِ‬ ‫بالمواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫دح ِه في َب ِ‬ ‫خاص ًا‬ ‫وأ ّما تحصينُ ُه‬ ‫غم اتِّخاذهم رأي ًا ّ‬ ‫عض أصحابِه َر َ‬ ‫َ ُ‬ ‫اب ؤ في عَ�دَ ِم الص ِ‬ ‫وق ِ‬ ‫األحوال كم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الة على ِ‬ ‫ف ُع َم َ�ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ َّط ِ‬ ‫بن َ‬ ‫ابن‬ ‫بع�ض‬ ‫ف�ي‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُأ َب ٍّي ‪ُ ،‬ث َّم وا َف َق ُه ال ُق ُ‬ ‫رآن بذلك‪.‬‬ ‫((( صحيح البخاري (‪.)466‬‬

‫((( صحيح البخاري (‪.)3294‬‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)6362‬‬

‫((( صحيح البخاري (‪.)3674‬‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)6370‬‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )2699‬‬ ‫((( صحيح البخاري (‪.)4382‬‬

‫ِ‬ ‫َّح�والت ُيعدّ ل المرحلة وما اجته�ده فيها الصحابة‬ ‫((( البخ�اري (‪ ، )3673‬وذل�ك ألن فقه الت ُّ‬ ‫الع�دول ئ ‪ ،‬بم�ا أث�ر عن النبي ‪ m‬م�ن النص في سلامة المرحل�ة ورجالها‪ ،‬وهذا‬

‫ال يتع�ارض مع فقه المناق�ب والخصوصيات‪ ،‬فالمناقب تبرز حقائ�ق مراتب الرجال‪ ،‬وال‬ ‫يص�در به�ا حكم مخالف عل�ى مجتهد معدل بنص مش�ابه‪ ،‬ويلتزم فيها بم�ا التزمه الخلفاء‬

‫العدول‪.‬‬

‫‪156‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫الصح َب ِة دون معناها ال َع َم ِل ِّي‬ ‫دح في‬ ‫اسم ُّ‬ ‫بعض األتبا ِع َّ‬ ‫إن ال َق َ‬ ‫والصحا َبة الحاملين َ‬ ‫وانقطاع الحصان َِة عنهم نِسبِي ًا يتَح َّق ُق ِ‬ ‫بواح ٍد من َس َب َب ِ‬ ‫ين‪:‬‬ ‫ّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫دح ال َّلفظِي‪.‬‬ ‫ •ال َق ُ‬ ‫ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫اتي‪.‬‬ ‫ •‬ ‫الموق ُ‬ ‫الذ ِّ‬

‫القدح في معنى‬ ‫الصحبة إما أن‬ ‫يحصل بقول‬ ‫لفظي أو موقف‬ ‫ذاتي‬

‫عامر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ر الر ِ‬ ‫الفاس ِ‬ ‫ب “بأب�ي ٍ‬ ‫اه ِ‬ ‫و َم َث ُ�ل ال َق ِ‬ ‫�ق”‪ .‬و َم َث ُل‬ ‫�ي َتكْن َيتُ� ُه ‪ m‬لعام ِ َّ‬ ‫�دح ال َّلفظ ِّ‬ ‫غيالن لِنِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الموق ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ف ّ‬ ‫الطائف ذلك ّ‬ ‫سائ ِه‬ ‫نت‬ ‫اتي نَف ُي ُه ‪ m‬إلى‬ ‫اب الذي وصف بِ َ‬ ‫الش َّ‬ ‫الذ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫جاب منه‪.‬‬ ‫فأ َم َر َه ُّن باالحت ُ‬

‫ت الن َّ ِبي ‪m‬‬ ‫م َْو ُ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّبي ‪ m‬لقولِ ِه ‪ُ « : m‬اعدُ د ِس ّت ًا بين َيدَ ِي‬ ‫الو ْس َط ٰى ُ‬ ‫الس�ا َعة ُ‬ ‫موت الن ِّ‬ ‫َوم ْن َعلاَ َمات َّ‬ ‫ِ‬ ‫المصائ ِ‬ ‫ب في‬ ‫السا َع ِة ‪ :‬موتي‪ ...‬الحديث »(((‪ .‬قال في «اإلشاعة» ‪ :‬وهو من أع َظ ِم‬ ‫ّ‬ ‫الدِّ ين ‪ ،‬بل أع َظمها ‪ ،‬ومن َثم قال ‪ « : m‬إذا ُأصيب َأحدُ كم بِم ٍ‬ ‫صيبة فليذكُر ُمصي َبتَه‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ب » رواه ابن س ٍ‬ ‫ِ‬ ‫رباح(((‪ ،‬وعن ِ‬ ‫المصائ ِ‬ ‫عطاء بن ٍ‬ ‫�عد عن‬ ‫ب�ي فإِنَّه�ا من أع َظ ِم‬ ‫عائ َش� َة‬ ‫ُ َ‬ ‫أن رس�ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫رض�ي الله عنها ‪َّ :‬‬ ‫الن�اس أو من المؤمني َن‬ ‫الل�ه ‪ m‬قال ‪َ « :‬أ ُّي َما أحدٌ من‬

‫موت النبي ‪m‬‬ ‫عالمة وسطى‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫المصيبة التي ت ُِصي ُب ُه بغي�ري ّ‬ ‫فإن أحد ًا من‬ ‫بمصيب�ة َف ْل َي َت َع َّز بمصيبتِه بي ع�ن‬ ‫ي�ب‬ ‫ُأص َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫صاب‬ ‫عليه ِمن مصيبتِي »(((‪.‬‬ ‫بمصيبة بعدي َأ َشدَّ‬ ‫أ َّمتي لن ُي َ‬

‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫وق�د أش�ار ‪ m‬إلى َّ‬ ‫ب فيه‬ ‫َّحو ِل ال�ذي َي ِج ُ‬ ‫أن ما بع�د موته مصدَ ٌر من مص�اد ِر الت ُّ‬ ‫�لوك الموج ِه منه وخاص ًة ألصحابِ ِ‬ ‫ط الس ِ‬ ‫االلت�زام بِ َضوابِ ِ‬ ‫�ه وآل َبيتِ ِه ئ‪ ،‬ومن‬ ‫َّ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫((( البخاري (‪.)3176‬‬

‫((( الدارمي في الجامع (‪ ، )53 :1‬إسناده صحيح ‪ ،‬صحيح الجامع لأللباني (‪.)347‬‬

‫((( رواه ابن ماجه ‪ ،‬إسناده صحيح ‪ ،‬صحيح ابن ماجه لأللباني (‪. )1310‬‬

‫‪157‬‬

‫المواقف‬ ‫المطلوبة بعد‬ ‫موت النبي ‪m‬‬


‫رس�ول ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الل�ه فما تأ ُم ُرنا؟‬ ‫وأمور ُتن ِْك ُرونَها» قالوا‪ :‬يا‬ ‫«س�تكون َأ َث َر ٌة‬ ‫ذل�ك قو ُل ُه ‪:m‬‬ ‫ٌ‬ ‫الح َّق ا َّل ِذي َع َل ْيك ُْم‪َ ،‬وت َْس َأ ُل َ‬ ‫قال‪« :‬ت َُؤ ُّد َ‬ ‫ون الل َه ا َّل ِذي َلك ُْم»((( ‪.‬‬ ‫ون َ‬

‫وق ِ‬ ‫رار والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحديث يضبِ ُط ُس َ‬ ‫ُ‬ ‫ف منها‬ ‫األفراد في‬ ‫�لوك‬ ‫وهذا‬ ‫الس�ل َطة وال َق ِ َ‬ ‫مس�أ َلة ُّ‬ ‫ِ‬ ‫بع�د موتِ ِ‬ ‫اآلخ ِ‬ ‫الحديث َ‬ ‫�ر‪« :‬إنَّكم َس� َت ْل َق ْو َن َب ْع ِدي َأ َث َ�ر ًة فاصبِروا حتى‬ ‫�ه ‪ ، m‬وفي‬

‫تل َقونَني» (((‪.‬‬

‫األحادي�ث وأمثا ُله�ا جعلت الجمي�ع يقب ُل س�ير التَّح�و ِ‬ ‫ُ‬ ‫الت ويرضى بها‬ ‫وه�ذه‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ويش�ار ُك األُ َّم� َة في سلا َمتِها‪ ،‬خالف ًا لمن جاء من المس�لمين ُعلم�ا َء و َدهما َء فيما‬ ‫اش�دَ ِة وب ِ‬ ‫مرحلة الخال َف ِة الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫دء مرح َل ِة‬ ‫وخاص ًة ما ابت ُِل َي به المس�لمون في نها َي ِة‬ ‫بعدُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ضوض وما شاع وذاع من ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفتن َِة بينهم‪.‬‬ ‫لك ال َع‬ ‫ُ‬

‫ُ‬ ‫«س�يكون بعدي ُأم�را ُء فتعرفون‬ ‫مس�لم من حدي�ث ُأ ِّم َس� َل َم َة مرفوع ًا ‪:‬‬ ‫وأخ�رج‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتنك�رون‪ ،‬فم�ن ك َِر َه َب ِ‬ ‫�ع» قالوا‪ :‬أفال‬ ‫�رئ‪ ،‬ومن أنكر َس�ل َم‪ ،‬ولكن َم�ن َرض َي وتا َب َ‬ ‫ٍ‬ ‫رواية‪« :‬وإذا رأيتم من ُوالتِكم ش�يئ ًا تكرهونه‬ ‫نقاتِ ُلهم؟ قال‪« :‬ال‪ ..‬ما َص َّلوا» ‪ ،‬وفي‬ ‫فاكرهوا َع َم َل ُه وال ِ‬ ‫تنزعوا يد ًا من طا َع ٍة»(((‪.‬‬ ‫الت الس ِ‬ ‫ف أمام التَّحو ِ‬ ‫المواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ياس� َّي ِة‬ ‫ضوابط‬ ‫األحاديث كما أش�رنا ومث ُلها‬ ‫وه�ذه‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫بعد موتِ ِه ‪ ،m‬وأش�دُّ ما في المعار َض ِة الس ِ‬ ‫ياس� َّي ِة قو ُل ُه ‪َ « :m‬م ْن ك َِر َه ِم ْن َأ ِم ِير ِه َش ْي ًئا‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َف ْليصبِر َفإِ َّنه من َخرج ِمن الس� ْل َط ِ‬ ‫ات ِمي َت ًة ج ِ‬ ‫حديث‬ ‫اه ِل َّي ًة»((( ‪ ،‬وقو ُل ُه في‬ ‫ان ِش� ْب ًرا َم َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ْ ُ َ ْ َ َ ْ ُّ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ات َو َل ْي َس فِي‬ ‫�و َم ا ْل ِق َيا َم ِة لاَ ُح َّج َة َل ُه َو َم ْن َم َ‬ ‫آخ َ�ر‪َ « :‬م� ْن َخ َل َع َيدً ا م ْن َطا َعة َلق َي ال َّل َه َي ْ‬ ‫((( البخاري (‪ ، )3603‬وانظر تحقيق المباركفوري لفتن الداني (‪.)131‬‬ ‫((( البخاري (‪ ، )6163‬وانظر تحقيق المباركفوري لفتن الداني (‪.)10‬‬ ‫((( مسلم (‪. )4910‬‬

‫((( البخاري (‪.)6530‬‬

‫‪158‬‬


‫اه ِلي� ًة»((( قال ِ‬ ‫�ه بيع ٌة م َ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكرمانِ ُّي‪ :‬أي‪ :‬ما فارق الجماع َة َأ َحدٌ إال وقع‬ ‫ات مي َت ًة َج َّ‬ ‫ُعنُق َ ْ َ َ‬ ‫له كذا وكذا‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ومنه‬ ‫فار َق الجماعة ِش�بر ًا فقد َخ َل َع ِرب َق َة اإلسلا ِم من ُعن ُِق ِه»((( وق َّيدَ‬ ‫حديث « َمن َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫َ‬ ‫ريح ِة‬ ‫والص َبر في‬ ‫ةالص َ‬ ‫المخا َل َف َّ‬ ‫سول ‪ m‬ال َّطا َع َة َّ‬ ‫أحاديث أخرى بطا َعة الله وعدم ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُنكرون وي ِ‬ ‫ج�ال يعرفو َنكُم ما ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نكرون‬ ‫ُ‬ ‫موركُم من بعدي ِر ٌ ُ ِّ‬ ‫«س� َيلي ُأ َ‬ ‫للدِّ ين‪ ،‬كحديث َ‬ ‫ٍ‬ ‫عليكم ما ِ‬ ‫رواية ‪« :‬فليس ألولئك عليكم‬ ‫تعرفون ‪ ،‬فال طاع َة لمن عصى الل َه» ‪ ،‬وفي‬ ‫طاع ٌة»(((‪.‬‬

‫ال ِخالفة الر ِ‬ ‫اش َدةُ‬ ‫َّ‬

‫اشدَ ُة ‪ ،‬وتبدأ الخالف ُة الر ِ‬ ‫الخالفة الر ِ‬ ‫ات السا َع ِة الوس َطى ِ‬ ‫و ِمن َعلاَ م ِ‬ ‫اشدَ ُة بخال َف ِة‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ْ ٰ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫نات البِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي�ق ؤ كأو ِل َلبِ ٍنة م�ن َلبِ ِ‬ ‫الصدِّ ِ‬ ‫الراش�دة‬ ‫الخالفة‬ ‫لمرحلة‬ ‫ن�اء‬ ‫َّ‬ ‫أب�ي بك�ر ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫المدعوم�ة بالنَّ�ص َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المثبِت َِة‬ ‫الش�رع ِّي‪ ،‬ومواق�ف َّ‬ ‫ِّ‬ ‫الصحاب�ة واآلل الك�را ِم ئ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المع َت َبرة‪ ،‬وهي‬ ‫الرس�الة ال�ى مرحلة الخالفة بِ ُش�روطها ُ‬ ‫النتق�ال األمانة من مرحلة ِّ‬

‫الخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫باالجتهاد المشروعِ‪ ،‬وبالص ِ‬ ‫ِ‬ ‫«سلام ُة ُ‬ ‫َّص النَّ َب ِو ِّي خالل‬ ‫حبة‬ ‫لفاء»‬ ‫المحصنَة بالن ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ�ص أيض ًا‬ ‫مرحل�ة الرس�الة‪ ،‬وبسلامة المرحل�ة ـ أي‪ :‬مرحل�ة الخالف�ة ـ ذاتها بالن ِّ‬ ‫يقول ‪ِ : m‬‬ ‫ِ‬ ‫�ف الصحاب ِ‬ ‫ومواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإجماعهم ئ‪ ،‬وفيها ُ‬ ‫«خالف� ُة النُّ ُب َّو ِة ثالثون‬ ‫�ة‬ ‫َّ َ‬ ‫الم َ‬ ‫لك ـ أو‪ :‬ملكه ـ َمن يشا ُء»(((‪.‬‬ ‫سن ًة ُث َّم يؤتي الل ُه ُ‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)3441‬‬

‫((( أبو داود (‪ ، )4758‬إسناده ضعيف ‪« ،‬موسوعة الفتن» (‪.)1902‬‬

‫((( ابن ماجه (‪ ، )956 :2‬إس�ناده جيد وعلى ش�رط مس�لم ‪ ،‬السلس�لة الصحيحة لأللباني (‪:2‬‬ ‫‪.)139‬‬

‫((( سنن أبي داود (‪ ، )4646‬إسناده ضعيف ‪« ،‬موسوعة الفتن» (‪. )571‬‬

‫‪159‬‬

‫الخالفة الراشدة‬ ‫عالمة وسطى‬


‫وفي ذلك ورد ما أخرجه الت ِ‬ ‫ِّرم ِذ ُّي من قول سفين َة مولى الر ِ‬ ‫سول ‪ُ m‬‬ ‫نصوص عدالة‬ ‫يقول‪ :‬قال‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫مرحلة الخالفة‬ ‫الله ‪ « : m‬ا ْل ِ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫خلاَ َف ُة فِي ُأ َّمتِي ثَلاَ ُث َ‬ ‫رواية‬ ‫ون َسنَ ًة ُث َّم ُم ْل ٌك َب ْعدَ َذلِ َك »((( ‪ ،‬وفي‬ ‫الراشدة ورد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شبه القدح في عن ُحذي َف َة ِ‬ ‫بن اليمان ؤ قال‪ :‬قال َر ُ‬ ‫سول الله ‪َ « :m‬أ َّول دينك ُْم ُن ُب َّوة َو َر ْح َمة ‪،‬‬ ‫سالمتها‬

‫(((‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يك�ون ِخلاَ َف ًة َو َر ْح َم ًة ‪ُ ،‬ث َّم ُم ْل ٌك َو َر ْح َم ٌة ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫�م‬ ‫لما‬ ‫ُث َّ‬ ‫يكون ُم ْلك ًا َو َج ْب ِر َّي ًة » وورد‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫رس�ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله ‪m‬‬ ‫ُ‬ ‫فو َض َعه ُث َّم جاء ُع َم ُر بِ َح َج ٍر‬ ‫بنى‬ ‫مسجدَ المدينَة جاء أبو بكر بِ َح َج ٍر َ‬ ‫رسول الله ‪ « : m‬هؤالء ي ُلون ِ‬ ‫ُ‬ ‫فو َض َعه َ‬ ‫فو َض َعه ُث َّم جاء ُع ُ‬ ‫الخال َف َة‬ ‫فقال‬ ‫َ‬ ‫ثمان بِ َح َج ٍر َ‬ ‫َ‬

‫بعدي»(((‪.‬‬

‫أش�ه ٍر إال َعش�ر َل ٍ‬ ‫كثير‪ :‬كانت خالف ُة أبي ٍ‬ ‫قال اب ُن ٍ‬ ‫بكر ؤ َس�نَت ِ‬ ‫يال‪.‬‬ ‫َين وأرب َع َة ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أش�ه ٍر وأرب َع َة أ ّيا ٍم‪ .‬وخال َف ُة ُع َ‬ ‫ثمان‬ ‫ش�ر س�ني َن وس� َّت َة ُ‬ ‫وكانت خالف ُة ُع َم َر ؤ َع َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫طالب‬ ‫علي ب�ن أبي‬ ‫ش�ر َة َس�نَ ًة إال اثنَي َع َش َ�ر يوم ًا‪ .‬وكان�ت خالف ُة ِّ‬ ‫ؤ اثنت�ا َع َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�هر ِ‬ ‫وتكم ُ‬ ‫الح َس�ن بن‬ ‫ين‪ .‬ثم قال‪:‬‬ ‫ؤ‬ ‫ي�ل ال َّثالثي َن بِخال َفة َ‬ ‫َ‬ ‫خم�س س�ني َن إال َش َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫أشه ٍر حتى نزل عنها لِ ُم ِ‬ ‫عاو َي َة عا َم أربعي َن من ِ‬ ‫جر ِة‪.‬‬ ‫علي ؤ نحو ًا من ستَّة ُ‬ ‫اله َ‬ ‫ٍّ‬

‫ِ‬ ‫فَتح بَيتِ‬ ‫المقد ِس‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات الس�ا َع ِة الوس� َطى َفتح ب ِ‬ ‫و ِمن َعلاَ م ِ‬ ‫المقد ِ‬ ‫لقوله ‪ُ « : m‬اعدُ د ِس� ّت ًا بين‬ ‫س‪،‬‬ ‫يت‬ ‫ُ ْ ٰ ُ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫فتح بين المقدس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫المقدسِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الساعة ‪..‬‬ ‫يت‬ ‫المقدس» ‪ ،‬وقد ُفت َح َب ُ‬ ‫الحديث» ‪ ،‬وذكر فيه « َف َ‬ ‫عالمة وسطى َيدَ ِي ّ‬ ‫تح َبيت َ‬ ‫ِ‬ ‫على َع ِ‬ ‫�ت من ِ‬ ‫الخليفة ُع َم َر بن الخ ّط ِ‬ ‫جر ِة ‪ ،‬وذهب ُع َم ُر‬ ‫هد‬ ‫اب ؤ س�نة ِس ٍّ‬ ‫اله َ‬ ‫((( سنن الترمذي (‪ ، )2512‬وفيه‪ :‬ثم قال لي سفين ُة‪ِ :‬‬ ‫أمسك‪ ..‬خالف ُة أبي بكر‪ُ ..‬ث َّم قال‪ :‬وخالف َة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫علي‪ ..‬فوجدناها ثالثين سن ًة‪ .‬وللحديث تتم ٌة‪.‬‬ ‫ُع َم َر وخالف ُة‬ ‫عثمان‪ُ ..‬ث َّم أمسك‪ ..‬خالف ُة ٍّ‬ ‫((( شرح ثالثيات المسند (‪ )544 :2‬للسفاريني ‪ ،‬وإسناده حسن‪.‬‬ ‫((( مجمع الزوائد (‪ ، )176 :5‬وقال الهيثمي‪ :‬رجاله رجال الصحيح إال التابعي فإنه لم يسم‪.‬‬ ‫((( البخاري (‪ ،)3176‬وذكر هذه العالمة د‪ .‬يوسف الوابل في فقه أشراط الساعة ص‪.85‬‬

‫‪160‬‬


‫ِ‬ ‫ؤ إليها ِ‬ ‫اليهود والنَّصارى وبنى بها‬ ‫وطهرها من‬ ‫بنفس�ه‬ ‫وصالح أه َلها وفتحها َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫مسجد ًا في ِقب َل ِة ِ‬ ‫المقد ِ‬ ‫س‪.‬‬ ‫بيت‬

‫طاعون ِع َ‬ ‫مواس‬ ‫ُ‬

‫و ِمن َعلاَ م ِ‬ ‫رز ِ‬ ‫أدر َج�ه البِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫وغير ُه‬ ‫نج ُّي‬ ‫مواس‪ ،‬وقد‬ ‫طاعون ِع‬ ‫الو ْس� َط ٰى‬ ‫الس�ا َع ِة‬ ‫ات‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫طاعون عمواس‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�ر ِ‬ ‫خالفة ُع َم َر بن عالمة وسطى‬ ‫جر ِة في‬ ‫في العالمات ُ‬ ‫لله َ‬ ‫الوس�طى‪ ،‬وقد وقع في س�نة ثمان َي َة َع َ‬ ‫الخ َّط ِ‬ ‫خمس� ٌة وعش�رون ألف ًا منه�م عَدَ ٌد من‬ ‫�اب ؤ ومات فيه من المس�لمين‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الج َّر ِ‬ ‫اح أمي ُن هذه األُ َّم ِة(((‪.‬‬ ‫الصحا َبة ئ‪ ،‬ومنهم أبو ُع َبيدَ َة بن َ‬ ‫َّ‬

‫مقتَل عمَرَ بنـ َ‬ ‫الخ َّط ِ‬ ‫اب ؤ‬ ‫ُ ُ‬

‫ِ‬ ‫و ِمن َعلاَ م ِ‬ ‫الخ َّط ِ‬ ‫الو ْس� َط ٰى مقت ُ‬ ‫الخليفة ال َّثاني ُع َم َر ب�ن َ‬ ‫اب ؤ‬ ‫َ�ل‬ ‫الس�ا َع ِة‬ ‫ات‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫مقتل الخليفة‬ ‫( َغ َل ِ ِ ِ‬ ‫حدي�ث ال ُب ِ‬ ‫(أن ُع َم َر س�أل ُحذي َف َة ء عن عمر بن الخطاب‬ ‫خار ِّي ‪َّ :‬‬ ‫ُ‬ ‫ش�ير‬ ‫�ق الفتنَة) وإليها ُي ُ‬ ‫‪ v‬عالمة‬ ‫ِ‬ ‫وج ال َب ِ‬ ‫بأس عليك منها َّ‬ ‫كم ِ‬ ‫إن بينك‬ ‫الفتن َِة التي‬ ‫أمير المؤمنين ال َ‬ ‫ُ‬ ‫حر‪ ،‬فقال ‪ :‬يا َ‬ ‫تموج َ‬ ‫وسطى‬ ‫كس ُ�ر ‪ ،‬قال ‪ :‬ذاك أحرى‬ ‫وبينها باب ًا ُمغ َلق ًا ‪ ..‬قال ‪َ :‬أ ُيفت َُح‬ ‫ُ‬ ‫كس ُ�ر قال ‪ :‬بل ُي َ‬ ‫الباب أم ُي َ‬ ‫أن ال ُيغ َل َق ‪ ..‬وفيه َّ‬ ‫ُ‬ ‫أن‬ ‫وحديث أبي َذ ٍّر ؤ قال‪ :‬قال‬ ‫الباب هو ُع َم ُر ؤ)((( ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫رس�ول الله ‪( : m‬ال تُصي ُبكم فِتنَ ٌة ما دام هذا فيكم ‪ ،‬وأش�ار إلى ُع َم َر ؤ ((() ‪.‬‬ ‫الشر ِ‬ ‫ُ‬ ‫وت ُع َم َر ؤ » عن‬ ‫فراس َخ إال َم ُ‬ ‫رس َل عليكم َّ ُّ‬ ‫وحديث « ما بينَكم وبين أن ُي َ‬ ‫حذيفة (((‪.‬‬

‫((( ذكر هذه العالمة د‪ .‬يوسف الوابل في فقه أشراط الساعة ص‪.68‬‬ ‫((( صحيح البخاري (‪. )7096‬‬

‫((( المعجم األوسط للطبراني (‪ ،)1945‬إسناده صحيح ‪« ،‬در السحابة» للشوكاني (‪.)103‬‬ ‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪.)38445‬‬

‫‪161‬‬


‫مقتل الخليفة‬ ‫عثمان ‪v‬‬ ‫عالمة وسطى‬ ‫وهو اختراق‬ ‫لموقع القرار وبه‬ ‫تكون أول قرن‬ ‫َّ‬ ‫من الخوارج‬

‫ثمان بن عَف َّ َ‬ ‫م َقتَل ُع َ‬ ‫ان ؤ‬ ‫ُ‬

‫الخليفة ال َّثالِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثم�ان بن َع َّف َ‬ ‫َ‬ ‫ان ؤ ‪:‬‬ ‫ث ُع‬ ‫الو ْس� َط ٰى َمقت َُل‬ ‫الس�ا َعة ُ‬ ‫َوم� ْن َعلاَ َمات َّ‬ ‫ِ‬ ‫وفيها يقول ‪« : m‬أو ُل ِ‬ ‫روج الدَّ َّج ِ‬ ‫الفت َِن َق ُتل ُع َ‬ ‫ال‪..‬والذي نفس�ي‬ ‫ثمان ‪ ،‬وآخ ُرها ُخ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ َي ِد ِه ما ِمن َأ َح ٍد في َقلبِ ِه ِم ُ‬ ‫ثقال َح َّب ٍة من مقت َِل ُع َ‬ ‫أدركَه‪،‬‬ ‫ثمان إال ُحش َر مع الدَّ َّجال إن َ‬

‫وإن لم ُي ِ‬ ‫درك ُه آ َم َن به في ِ‬ ‫قبر ِه»(((‪.‬‬

‫ياسة الت ِ‬ ‫وفي مقت َِل ِه عال َق ٌة وطيدَ ٌة بِمبدأ ِس ِ‬ ‫َّمهيد للدَّ َّج ِ‬ ‫ال في األُ َّم ِة‪ ،‬بِ ِ‬ ‫المنافِ ِقين‬ ‫نجاح ُ‬ ‫َ‬ ‫راق ِ‬ ‫رن من ُق ِ‬ ‫والتأثير عليه‪ ،‬وتكو ِن أو ِل َق ٍ‬ ‫في اختِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫موق ِع ال َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخوار ِج ‪.‬‬ ‫رون‬ ‫رار‬ ‫ُّ َّ‬

‫موقِعَةُ ال َ‬ ‫جمَلِ‬

‫موقعة الجمل‬ ‫وصون أم‬ ‫المؤمنين ‪b‬‬ ‫عالمة وسطى‬

‫موقع ُة الجم ِل وفيها جم َل ٌة من ِ‬ ‫ات الس�ا َع ِة الوس َطى ِ‬ ‫و ِمن َعلاَ م ِ‬ ‫ِ‬ ‫المنصوص‬ ‫الفت َِن‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ ْ ٰ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫روج ِ‬ ‫عالم�ات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫الز َب ِ‬ ‫عائ َش� َة ‪ b‬ومقت ِ‬ ‫�اعة ُ‬ ‫‪،‬كخ ِ‬ ‫لح� َة‬ ‫عليه�ا ف�ي‬ ‫َ�ل ُّ‬ ‫ي�ر و َط َ‬ ‫ّ‬

‫ء‪.‬‬

‫للزب ِير ؤ‪ :‬يا أبا عبدَ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الله ما جاء بِكُم؟ ض َّيعتُم الخلي َف َة‬ ‫ط�رف قال‪ُ :‬قلنا ُّ َ‬ ‫فع�ن ُم ِّ‬ ‫الزبير‪« :‬إن�ا َقرأناها على َع ِ‬ ‫َ�ل ُثم ِجئتُ�م تط ُلبون بِدَ ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ه؟ َ‬ ‫س�ول الله‬ ‫هد َر‬ ‫َ‬ ‫قال ُّ َ ُ‬ ‫حت�ى َقت َ َّ‬ ‫‪ m‬وأبي َب ٍ‬ ‫َ‬ ‫ثم�ان ﮋﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﮊ‬ ‫ك�ر و ُع َم َر و ُع‬ ‫ِ‬ ‫ب أنّا أه ُلها حتى وقعت ِمنّا ُ‬ ‫حيث وقعت‪.((( »..‬‬ ‫[األنفال‪ ]٢٥ :‬لم نكن نحس ُ‬

‫الز ِ‬ ‫ُ‬ ‫عل�ي ؤ‪َ « :‬لتُقاتِ َلنَّه وأنت له‬ ‫بير وقو ُله له عن‬ ‫ومنه�ا‬ ‫َّب�ي ‪ m‬مع ُّ‬ ‫ٍّ‬ ‫حديث الن ِّ‬

‫((( ذكره الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (‪ )200 :4‬من طريق ابن عساكر‪.‬‬

‫((( مجم�ع الزوائ�د (‪ ، )27 :7‬وق�ال الهيثم�ي‪ :‬رواه أحم�د بإس�نادين رج�ال أحدهم�ا رجال‬ ‫الصحيح‪.‬‬

‫‪162‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الز َب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي�ر‬ ‫ظالِ ٌم»((( وكانت هذه المقو َل ُة َس� َبب ًا في‬ ‫أحدُ‬ ‫اعتزال ُّ‬ ‫الج َم ِل ‪ُ ،‬ث َّم َلق َي ُه َ‬ ‫لجيش َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المعادي ـ وجاء ُي َب ِّش ُ�ر‬ ‫باعتبار ِه م�ن‬ ‫ل�ي ؤ ف َق َت َله ـ‬ ‫الجيش ُ‬ ‫أصح�اب اإلم�ا ِم َع ٍّ‬ ‫رس�ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الله ‪َ « :m‬ب ِّش�ر‬ ‫وقال‪ :‬قال‬ ‫علي ؤ‬ ‫اإلما َم بِ َق ِتل ِه ُّ‬ ‫للز َب ِير‪ ،‬ف َغض َ‬ ‫ب اإلما ُم ٌّ‬ ‫قاتِ َل ِ ِ‬ ‫بالز َب ِير ء(((‪.‬‬ ‫الحدَّ و َق َت َله اإلما ُم َع ِل ٌّي ُّ‬ ‫ابن َصف َّي َة بالن َِّار»(((‪ ،‬وأقام عليه َ‬

‫وف�ي ُخ ِ ِ‬ ‫ُص�وص ِم ُثل قولِ ِه ‪m‬‬ ‫علي ؤ ن‬ ‫ٌ‬ ‫روج عائ َش� َة ‪ b‬على اإلم�ا ِم ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫لِنِ ِ‬ ‫الحو َأ ِ‬ ‫سائ ِه‪:‬‬ ‫ب»((( ‪.‬‬ ‫الب َ‬ ‫«ويح ُك َّن أ ُّي ُك َّن تَن َب ُحها ك ُ‬ ‫َ‬

‫وع�ن ِ‬ ‫زي�د ِ‬ ‫ب�ن َو ٍ‬ ‫ح�ول ُحذي َف َة ؤ إذ َ‬ ‫َ‬ ‫ق�ال‪« :‬كيف أنتم‬ ‫هب ق�ال‪ :‬بينما نح ُن‬ ‫بعض بالس ِ‬ ‫أهل ب ِ‬ ‫َين َي ِ‬ ‫يت نَبِ ِّيكم فِر َقت ِ‬ ‫�يف؟!» ف ُقلنا‪:‬‬ ‫بعضهم ُوجو َه‬ ‫ضر ُب ُ‬ ‫وقد خرج ُ َ‬ ‫ٍ َّ‬ ‫عض أصحابِ ِه‪ :‬يا أبا عب�دَ ِ‬ ‫وإن ذل�ك َلك ِ‬ ‫ي�ا أبا عبد الله ّ‬ ‫فكيف نَصن َُع‬ ‫الله‬ ‫َ‬ ‫َائ ٌن؟ فقال َب ُ‬

‫مان؟ قال‪« :‬ان ُظروا ِ‬ ‫الز َ‬ ‫فالزموها فإنَّها‬ ‫الفرق َة التي تدعو إلى أمر َع ِل ٍّي َ‬ ‫أدركنا ذلك َّ‬ ‫ُ‬ ‫إن َ‬

‫الهدى»(((‪.‬‬ ‫على ُ‬

‫أن ر َ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫طالب ؤ ‪«:‬إنَّه‬ ‫لعلي بن أبي‬ ‫س�ول الله ‪ m‬قال ِّ‬ ‫وعن أبي راف ٍع ؤ َّ َ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الله؟!! قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬أنا أشقاهم‬ ‫أمر» قال‪ :‬أنا يا‬ ‫سيكون بين َ​َك وبي َن عائ َش َة ٌ‬ ‫رس�ول ِ‬ ‫الله؟ قال‪« :‬ال ‪ ،‬ولك�ن إذا كان ذلك فار ُددها إل�ى مأ َمنِها» ((( ‪ ،‬وعن ِ‬ ‫َ‬ ‫ي�ا‬ ‫ابن‬ ‫ِ‬ ‫الله ‪ m‬لِنِ ِ‬ ‫س�ول ِ‬ ‫َع َّب ٍ‬ ‫قال َر ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫�اس ء َ‬ ‫صاح َب ُة‬ ‫س�ائ ِه ‪« :‬ليت ِش�عري أ َّي ُت ُك َّن‬

‫((( ذكره البيهقي في دالئل النبوة (‪ )414 :6‬من طريقين أحدهما مرسل والآلخر موصول‪.‬‬ ‫((( مسند أحمد (‪)692‬‬

‫((( رواه ابن أبي عاصم في «السنة» (‪. )610 :2‬‬

‫((( مجم�ع الزوائ�د (‪ ، )237 :7‬وق�ال الهيثم�ي ‪ :‬رواه أحمد وأبويعلى والب�زار ورجال أحمد‬ ‫رجال الصحيح‪.‬‬

‫((( مجمع الزوائد (‪ ، )239 :7‬وقال الهيثمي ‪ :‬رواه البزار ورجاله ثقات ‪.‬‬

‫((( مجمع الزوائد (‪ ، )237 :7‬وقال الهيثمي ‪ :‬رواه أحمد والبزار والطبراني ورجاله ثقات‪.‬‬

‫‪163‬‬

‫خروج عائشة‬ ‫‪ b‬وموقف‬ ‫اإلمام علي‬ ‫‪ v‬وأهميته‬ ‫في فقه التحوالت‬


‫ب ‪ ،‬يقت َُل عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ل األد َب ِ‬ ‫الج َم ِ‬ ‫يس�ارها‬ ‫يمينِها وعن‬ ‫الحو َأ ِ ُ‬ ‫الب َ‬ ‫تخر ُج فتن َب ُحه�ا ك ُ‬ ‫َ‬ ‫�ب ‪ُ ،‬‬ ‫كثير ‪ُ ،‬ث َّم تنجو بعد ما كادت»(((‪.‬‬ ‫َقتلى ٌ‬

‫ِ‬ ‫يج�ر ُح عدا َلتَها ك َُأ ٍّم‬ ‫األمر ف�ي ُأ ِّم المؤمني�ن عائ َش� َة ‪ b‬وال َ‬ ‫وال يق�دَ ُح ه�ذا ُ‬ ‫خروج عائشة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫زوج ُة رس�ولِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ b‬ال يقدح‬ ‫وج�ة ل َرس�ول الل�ه ‪ m‬ل َحصانَتها بالن‬ ‫للمؤمني�ن َ‬ ‫ُّص�وص‪ ،‬وأنها َ‬ ‫وز َ‬ ‫ُ‬ ‫في عدالتها‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لي‬ ‫َّب على‬ ‫اعتذاره�ا فيما بعدَ َ‬ ‫الل�ه في الدُّ نيا واآلخ َرة ولما ترت َ‬ ‫الج َم ِل من اإلمام َع ٍّ‬ ‫ؤ(((‪.‬‬

‫موقِعَةُ ِصفِّي َن‬

‫موقعة صفين‬ ‫عالمة وسطى‬

‫ات الس�ا َع ِة الوس� َطى ِ‬ ‫و ِمن َعلاَ م ِ‬ ‫«ش ُّ�ر ٍ‬ ‫موق َع ُة ِص ِّفي َن ‪ ،‬وفيها ُ‬ ‫يقول ‪َ :m‬‬ ‫قتيل بين‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ ْ ٰ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬

‫لك»(((‪ ،‬وفيها َق ُتل َع َّم ٍ‬ ‫َص َّف ِ‬ ‫الم َ‬ ‫ار الذي قال فيه ‪َ « : m‬ع َّم ٌار تق ُت ُله‬ ‫ين‪ ،‬أحدُ هما يط ُل ُ‬ ‫ب ُ‬ ‫الف َئ� ُة ِ‬ ‫ِ‬ ‫�أن َذكَ�ر نُعيم بن حم ٍ‬ ‫الش ِ‬ ‫الباغ َي ُة»((( ‪ ،‬وفيها ُخد َع ُة التَّحكي ِم ‪ ،‬وفي هذا َّ‬ ‫اد عن‬ ‫َ ُ ُ َ َّ‬ ‫الجيشانِ ِّي َ‬ ‫عت َع ِل ّي ًا ؤ بالكو َف ِة يقول‪« :‬إنِّي ُأقاتِ ُل على َح ٍّق‬ ‫قال‪َ :‬س ِم ُ‬ ‫أبي سال ٍم َ‬ ‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪. .)38940‬‬

‫((( وهذا ما يميز فقه التحوالت عن غيره‪ ،‬فالظالمون لعائشة ‪ b‬ساقوا في كتبهم ما ينتقد‬ ‫من سلوك طبعي جرى من أم المؤمنين‪ ،‬وجعلوا من حصيلة هذا فقها يؤيد ما حملته نفوسهم‬

‫الطبعية نحوها‪ ،‬وهم ال يعلمون الفرق بين أم المؤمنين وبين غيرها من النس�اء الالتي ليس‬ ‫له�ن مناق�ب أو حصان�ة من النبي ‪ ،m‬أم�ا الذي كان يعلم ذل�ك كاإلمام علي ؤ فقد‬ ‫كانت معاملته لها وفق النصوص ووفق األدب مع من س�ماها عمار بن ياس�ر (زوجة النبي‬

‫ف�ي الدني�ا واآلخ�رة) كما ف�ي البخ�اري (‪ )3488‬؛ ألن اإلمام عليا ؤ م�ن رجال فقه‬ ‫التح�والت ب�ل حت�ى حديث�ه ؤ عن «الخ�وارج» يدل على سلامة قلبه ع�ن الضغينة‬ ‫والحقد والتشفي‪ ،‬وهذه هي مواقف الرجولة لدى رجال النمط األوسط ‪.n‬‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )447‬‬

‫((( حديث متواتر اإلسناد ‪« ،‬سير أعالم النبالء» للذهبي (‪.)421 :1‬‬

‫‪164‬‬


‫لت ألصحابي ‪ :‬ما المق�ا ُم هاهنا ‪ ،‬وقد‬ ‫ال يق�و ُم ول�ن يقو َم ‪،‬‬ ‫واألمر لهم»‪ .‬ق�ال‪ :‬ف ُق ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫أخ َب َرنا َّ‬ ‫صر ‪َ ،‬فأ ِذ َن لمن شا َء ِمنَّا وأعطى ك َُّل َر ُج ٍل‬ ‫األمر ليس لهم فاستأ َذنَّا ُه إلى م َ‬ ‫أن َ‬ ‫ألف درهم ‪ ،‬وأقام معه ِ‬ ‫طائ َف ٌة منا(((‪.‬‬ ‫ِمنّا َ‬ ‫وكان من نتائجها ِ‬ ‫انقسا ُم المسلمين إلى ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ -1‬أتبا ِع النَّم ِ‬ ‫علي ‪ُ v‬‬ ‫ط‬ ‫وآل َبيتِ ِه‪.‬‬ ‫األوسط‪ ،‬وهم اإلما ُم ٌّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ألزموا اإلمام َع ِل ّيا ‪ v‬بِ َق ِ‬ ‫بول التَّحكي ِم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪ -2‬شي َعة التَّحكيم‪ ،‬وهم الذين َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫‪-3‬‬ ‫َّحكيم‪.‬‬ ‫لما َر ِض َي الت‬ ‫َ‬ ‫الخوار ِج ‪ ،‬وهم الذين َخ َرجوا على اإلما ِم ‪ّ v‬‬

‫َ�ة ِ‬ ‫�ة وفِتن ِ‬ ‫الح�وادث اللاّ ِح َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫دائ�ر ُة ه�ذه ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفت ِ‬ ‫الف َئ ِة‬ ‫َ�ن وكانت َس� َبب ًا ف�ي‬ ‫واتَّس� َعت َ‬ ‫ِ‬ ‫المار َق ِة‪.‬‬

‫هور الخوا ِرج ِ و َوقعَةُ النَّهروا ِن‬ ‫ُظ ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واستمرار فِتنَتِهم‬ ‫َّهروان‬ ‫ووق َع ُة الن‬ ‫هور‬ ‫الخوار ِج َ‬ ‫السا َعة ُ‬ ‫ُ‬ ‫الو ْس َط ٰى ُظ ُ‬ ‫َوم ْن َعلاَ َمات َّ‬ ‫ال‪ ،‬وهم أو ُل من ك َّفر الم ِ‬ ‫صر الدَّ َّج ِ‬ ‫إلى َع ِ‬ ‫بالذ ِ‬ ‫سلمين ُّ‬ ‫نوب و ُيك ِّفرون َمن خا َل َفهم في‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫بِد َعتِهم ويست ِ‬ ‫َح ُّلون َد َم ُه وما َل ُه‪ ،‬قال ال ُب ِ‬ ‫َ‬ ‫وكان ابن ُع َم َر ء‬ ‫خار ُّي في صحيحه‪:‬‬

‫ظهور الخوارج‬ ‫ومقتلة النهروان‬ ‫عالمة وسطى‬

‫وقال ‪ :‬إنَّهم ان َط َلقوا الى ٍ‬ ‫لق ِ‬ ‫آيات نزلت في ال ُك َّف ِ‬ ‫يراهم َش َّر َخ ِ‬ ‫الله‪َ ،‬‬ ‫ار فج َعلوها على‬

‫المؤمني َن(((‪.‬‬

‫ِ‬ ‫وفِتنَتُه�م م�ن ِ‬ ‫الفت ِ‬ ‫ٍ‬ ‫األزمنَ� َة وامت�دَّ ت جي ً‬ ‫جي�ل وصارت‬ ‫ال بعد‬ ‫َ�ن التي تج�اوزت‬ ‫فتنة الخوارج‬ ‫ِ‬ ‫عرفون تجاوزت الزمان‬ ‫نح ِر َف ًة في اإلسال ِم َع َبر الت ِ‬ ‫ّاريخ‬ ‫مدرس ًة ُم َ‬ ‫اإلسالمي ُك ِّله إلى اليو ِم وما بعده و ُي َ‬ ‫ِّ‬ ‫والمكان‬

‫((( الفتن (‪ ، )300‬وقال المحقق‪ :‬إسناده ليس به بأس ‪.‬‬

‫((( انظ�ر صحي�ح البخاري مع الفت�ح (‪ ، )350 :12‬وقد وصل الطبري هذا التعليق في مس�ند‬ ‫علي من «تهذيب اآلثار» ‪ ،‬وسنده صحيح كما قال الحافظ في الفتح (‪.)354 :12‬‬

‫‪165‬‬


‫المدرسة‬ ‫الحرقوصية‬ ‫التميمية‬

‫ِ‬ ‫بالعالم�ات‪ ،‬وبِد َعتُهم كانت أو َل بِد َع ٍة حدَ َثت في اإلسلا ِم ‪ ،‬وأو ُل َق ٍ‬ ‫رن َظ َه َر فيهم‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫الله ‪ m‬كان ذا ُ ِ ِ‬ ‫سول ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّميمي((( الذي طعن في ِقسم ِة ِ‬ ‫هد ر ِ‬ ‫غنائ ِم‬ ‫َ َ‬ ‫الخ َويص َرة الت َّ‬ ‫على َع َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّبي ‪:m‬‬ ‫َه َ‬ ‫�واز َن‪ ،‬وقال ل َرس�ول الل�ه ‪ :m‬ات َِّق الل َه واعدل فإنَّك لم تَع�دل‪ ،‬فقال الن ُّ‬

‫�رت إن لم ِ‬ ‫عد ُل إذا لم َأكُن ِ‬ ‫«وي َل َك أو ويح َك ‪ ،‬ومن ي ِ‬ ‫بت َ‬ ‫أعدل»‬ ‫وخ ِس ُ‬ ‫أعد ُل‪ ،‬قد ِخ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫سول ِ‬ ‫ائذ ْن لي فيه ِ‬ ‫ُ‬ ‫أضر ْب ُعنُ َق ُه‪َ ،‬‬ ‫الخ َّطاب ‪ : v‬يا َر َ‬ ‫الله َ‬ ‫فقال ُع َم ُر بن َ‬ ‫رسول‬ ‫قال‬ ‫فإن له أصحاب� ًا ِ‬ ‫الل�ه ‪َ « :m‬دع� ُه ‪َّ ،‬‬ ‫يحق ُر أحدُ كم صال َت ُه مع صالتِه�م ‪ ،‬وصيا َم ُه مع‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫�رآن ال ُي ِ‬ ‫يق�ر ُؤون ال ُق َ‬ ‫يمر ُق‬ ‫يمر ُق�ون من اإلسلا ِم كما ُ‬ ‫ج�او ُز تراقيهم ‪ُ ،‬‬ ‫صيامه�م ‪َ ،‬‬ ‫الر ِم َّي ِة»(((‪.‬‬ ‫هم من َّ‬ ‫الس ُ‬ ‫َّ‬

‫ِ‬ ‫االنتهاء من معرك َِة ِص ِّفي َن وات ِ‬ ‫ِّفاق ِ‬ ‫أهل َّ‬ ‫الشا ِم‬ ‫هورها فقد كان بعد‬ ‫وأما‬ ‫َ‬ ‫انتشارها و ُظ ُ‬ ‫ُ‬ ‫بدء ظهور مدرسة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والعراق على التَّحكي ِم بين ال َّطائ َفت ِ‬ ‫الخوارج‬ ‫الس�لبِ َّية ضدَّ‬ ‫عار َضة َّ‬ ‫للم َ‬ ‫َين‪ ،‬وكانت َّأو َل نمو َذ ٍج ُ‬ ‫المرحلة ثماني َة ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آالف ـ وقيل‪ِ :‬س� َّت َة َع َش َ�ر‬ ‫الحاك ِم‪ ،‬وقد َب َل َغ عد ُدهم في هذه‬ ‫الق�رار‬ ‫ِ ِ‬ ‫ألف� ًا ـ نزلوا مكان ًا يس�مى “حروراء” وهي قري ٌة على ب ِ‬ ‫عد ِمي َل ِ‬ ‫�ب‬ ‫ين من الكو َفة ونُس َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫بالح ِ‬ ‫ِ‬ ‫رور َّية‪.‬‬ ‫وس ُّموا َ‬ ‫الخوار ُج إليها ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األحاديث منها ما ِ‬ ‫يبر ُز ُس َ‬ ‫الخوار ِج إ ّب َ‬ ‫الرسا َل ِة‬ ‫ف‬ ‫لوك‬ ‫وجمل ُة هذه‬ ‫ومواق َ‬ ‫ُ‬ ‫ان مرحلة ِّ‬ ‫االمتداد الطبيعي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�ير إلى الخوار ِج فيما بعد وفاته ‪m‬‬ ‫للمدارس‬ ‫ذاتَه�ا كم�ا هو في ذي ُ‬ ‫الخ َويص َرة ‪ ،‬ومنها ما ُي ُ‬ ‫الخارجية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�ير إلى َعو َد ِة‬ ‫وامت�داد فِتنَتِه�م في ُع‬ ‫ص�ور َّ‬ ‫الصحا َبة ئ والتّابِعين‪ ،‬ومنها ما ُي ُ‬ ‫حتى يظهر في‬

‫أعراضهم الدجال بِد َعتِهم في ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫يكون آخرهم مع الدَّ َّج ِ‬ ‫ال‪ ..‬وفيهم ُ‬ ‫يقول‬ ‫مان بِ ُص َو ٍر ش�تَّى حتى‬ ‫آخ ِر َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫((( ذوالخويص�رة التميم�ي هو ذات�ه حرقوص بن زهير الس�عدي كما أش�ارت إلى ذلك بعض‬ ‫المصادر منها «أس�د الغابة» (‪ ،)1541‬و«المس�تفاد» ألبي زرعة (‪ ،)1292 :2‬وهذا يجمع‬ ‫المدرستين في هدف واحد ‪ :‬المدرسة الحرقوصية‪ ..‬ومدرسة ذي الخويصرة التميمية‪.‬‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)2505‬‬

‫‪166‬‬


‫َ‬ ‫يقرؤون‬ ‫«يخر ُج من ُأ َّمتي قو ٌم ُيسيؤون‬ ‫‪ m‬فيما روا ُه اب ُن ُع َم َر ‪:c‬‬ ‫األعمال ‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رآن ال ُي ِ‬ ‫عم َل ُه مع َع َم ِلهم ‪ ،‬يقتُلون َ‬ ‫ال ُق َ‬ ‫أهل اإلسال ِم‬ ‫جاو ُز حناج َرهم ‪ ،‬يحق ُر َأ َحدَ كم َ‬

‫ف�إذا خرج�وا فاقتُلوه�م ‪ ،‬فطوبى لمن َق َت َله�م وطوبى لمن َقتَل�وه ‪ُ ،‬ك َّلما طلع منهم‬ ‫رس�ول ِ‬ ‫ُ‬ ‫َق ٌ‬ ‫الله ‪ِ m‬عش�رين َم َّر ًة أو أك َث َر وأنا‬ ‫�رن َق َط َع�ه الل� ُه» ‪ ،‬فر َّد َد ذلك‬ ‫أس�م ُع(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫رواه أحمد ‪ ،‬وفي رواية ابن ماجه يقول‪ُ « :‬ك َّلما خرج َق ٌ ِ‬ ‫أكثر من ِع ِ‬ ‫ش�رين‬ ‫رن ُقط َع – َ‬ ‫مرةً‪ -‬حتى يخرج في ِع ِ‬ ‫راضهم الدَّ َّج ُال»(((‪.‬‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َّ‬

‫ٍ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫س�عيد ُ‬ ‫طالب ؤ‬ ‫علي بن أبي‬ ‫در ِّي رضي الله عنه ق�ال ‪:‬‬ ‫وعن أبي‬ ‫«بعث ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫تحصل من تُرابِها‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫إل�ى‬ ‫رس�ول الله ‪ m‬من ال َي َم ِن بِ ُذ َهي َبة في َأدي� ٍم مقروظ لم ُ‬ ‫�س‪ِ ،‬‬ ‫ف َقس�مها بين أرب ِ‬ ‫بن َب ٍ‬ ‫وأقرع ِ‬ ‫عة َن َف ٍر بي�ن ُع َيينَ َة ِ‬ ‫بن حابِ ٍ‬ ‫الخ ِ‬ ‫وزيد َ‬ ‫والراب ِع‬ ‫در‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يل‪َّ ،‬‬ ‫َّ َ‬ ‫ِ‬ ‫بن ُعال َث َة وإما ِ‬ ‫إ ّم�ا َعل َق َم َة ِ‬ ‫عام َر ب َن ال ُّط َف ِ‬ ‫يل‪َ ،‬‬ ‫أح َّق‬ ‫فق�ال َر ُج ٌل من أصحابِه‪ُ :‬كنَّا نحن َ‬ ‫ّ‬

‫َّبي ‪ m‬فق�ال‪« :‬ال تأمنوني وأنا أمي� ُن َمن في‬ ‫به�ذا م�ن هؤالء‪ ،‬ق�ال‪ :‬فب َل َغ ذل�ك الن ُّ‬ ‫�ماء ‪ ،‬يأتيني َخبر الس ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫�ماء صباح ًا ومس�اء» قال‪ :‬فقام رج ٌل ِ‬ ‫َين ُم ِ‬ ‫غائ ُر ال َعين ِ‬ ‫ف‬ ‫شر ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ً‬ ‫َ ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫الوجنَت ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫اإلزار فقال‪ :‬يا َر َ‬ ‫ُ‬ ‫الج َبه ِة ك ُّ‬ ‫س�ول‬ ‫�م ُر‬ ‫َث ال ِّلح َي ِة‬ ‫َي�ن ناش ُ�ز َ‬ ‫َ‬ ‫أس ُم َش ِّ‬ ‫محلوق َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أح َّق َ‬ ‫األرض أن َيت َِّق َي الل َه» ‪ ،‬قال‪ُ :‬ث َّم و ّلى‬ ‫أهل‬ ‫«وي َل َك َأ َو َل ُ‬ ‫س�ت َ‬ ‫الله ات َِّق الل َه‪ ،‬قال ‪َ :‬‬ ‫سول ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله أال ِ‬ ‫الوليد‪ :‬يا َر َ‬ ‫ُ‬ ‫يكون‬ ‫أضر ُب ُعنُ َق ُه قال‪« :‬ال ‪ ،‬لع َّله‬ ‫الر ُج ُل‪ ،‬فقال خالِدُ ب ُن‬ ‫َّ‬ ‫سول ِ‬ ‫يقول بِ ِلسانِ ِه ما ليس في قلبِ ِه‪ ،‬فقال َر ُ‬ ‫ُيص ِّلي»‪ ،‬فقال خالدٌ ‪ :‬وكم من ُم َص ٍّل ُ‬ ‫الله‬

‫ب ع�ن ُقلوب الن ِ‬ ‫�ق ُبطونهم»‪ ،‬ق�ال‪ُ :‬ث َّم نظر‬ ‫ّاس وال ُأ َش َّ‬ ‫‪« :m‬إنِّ�ي ل�م ُأؤمر أن ُأ َن ِّق َ‬ ‫ئضئ هذا َق�وم يتلون كتاب ِ‬ ‫ق�ف فقال‪« :‬إنَّه يخ�رج من ِض ِ‬ ‫الل�ه َرطب ًا ال‬ ‫إلي�ه وهو ُم ٍّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ُي ِ‬ ‫الر ِم َّي ِة – وأظنُّه قال‪:-‬‬ ‫�هم من َّ‬ ‫الس ُ‬ ‫يمر ُق َّ‬ ‫‪،‬يمرقون من الدِّ ين كما ُ‬ ‫ج�او ُز حناج َرهم ُ‬ ‫((( مسند أحمد (‪.)5694‬‬

‫((( إسناده حسن ‪ ،‬األلباني (‪.)179‬‬

‫‪167‬‬


‫َل ِئن أدركتُهم ألق ُت َلنَّهم َ‬ ‫قتل َثمو َد»(((‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫(الض ِ‬ ‫ِ‬ ‫زيادات‪ ،‬قال َ‬ ‫ئض ُئ)‬ ‫ابي واب ُن‬ ‫وايات ِعدَّ ٍة فيها‬ ‫وورد بِ ِر‬ ‫ٌ‬ ‫األثير وغيرهما‪ِّ :‬‬ ‫الخ َّط ُّ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ُ‬ ‫األص�ل‪ ،‬ق�ال َ‬ ‫يخر ُج من‬ ‫الخ َّطابِ ُّ‬ ‫يخر ُج من نس�له الذين هو َّأو ُله�م أو ُ‬ ‫�ي‪( :‬يريد أنَّه ُ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذه َبهم على‬ ‫أصل َقولِ ِه)‪.‬‬ ‫أصحابِه وأتباعه الذين يقتَدون به و َيبنُون رأ َي ُهم و َم َ‬ ‫أرج ُح ‪ ،‬ويؤ ِّيدُ ُه قو ُل ُه‬ ‫(قلت ‪ :‬وهذا‬ ‫ف «إتحاف الجماعة» تعليق ًا‪:‬‬ ‫قال ُم َؤ ِّل ُ‬ ‫ُ‬ ‫األخير َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫«إن ل�ه أصحاب� ًا ِ‬ ‫‪َّ : m‬‬ ‫صيامهم»‪،‬‬ ‫يحق ُ�ر أحدُ كم صالتَه م�ع صالتِهم وصيا َمه م�ع‬ ‫ِ‬ ‫اآلخ ِر ‪َّ :‬‬ ‫الحديث َ‬ ‫وقو ُل ُه في‬ ‫يخرجوا منه»(((‪.‬‬ ‫«إن له ش�ي َع ًة يت َع َّمقون في الدِّ ين حتى ُ‬

‫َّحليق ال يزالون يخرجون حتى يخرج ِ‬ ‫ٍ‬ ‫آخ ُرهم‪ ،‬فإذا‬ ‫خرى‬ ‫‪(:‬سيماهم الت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫وفي رواية ُأ َ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫رأيتُموه�م فاقتُلوهم (قالها ثالثا) َش ُّ�ر َ‬ ‫رواية‬ ‫ل�ق والخلي َق ِة (قالها ثالث�ا)‪ .‬وفي‬ ‫ِ‬ ‫آخرهم م�ع الدَّ َّج ِ‬ ‫�ال»‪ .‬ورواه أبو داود‬ ‫يخر َج ُ‬ ‫يخرجون حت�ى ُ‬ ‫أحم�دَ ‪« :‬ال يزال�ون ُ‬

‫والطيالسي والنسائي بنحوه (((‪.‬‬

‫رس�ول ِ‬ ‫وعن َأن ٍ‬ ‫َ‬ ‫أس�مع ُه منه‪َّ :-‬‬ ‫َس ؤ قال‪ُ :‬ذ ِك َر لي َّ‬ ‫«إن‬ ‫الله ‪ m‬قال –ولم‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫يمرقون من‬ ‫ب بهم الن ُ‬ ‫عج َ‬ ‫فيكم قوم ًا يتع َّبدون َف َيد َأبون حتى ُي َ‬ ‫َّاس وتُعج ُبهم أن ُف ُسهم ُ‬ ‫الدِّ ين ُم َ‬ ‫الر ِم َّي ِة» (((‪.‬‬ ‫السه ِم من َّ‬ ‫روق َّ‬ ‫ُ‬ ‫رس�ول الله ‪:m‬‬ ‫ك�ر َة ع�ن أبيه رضي الل�ه عنه ق�ال‪ :‬قال‬ ‫وع�ن ُمس�ل ِم ب�ن أبي َب َ‬ ‫أحدَّ اء ِ‬ ‫أحداث ِ‬ ‫جاو ُز ِ‬ ‫أشدَّ اء ذلي َق ٌة ِ‬ ‫رآن ال ُي ِ‬ ‫ألسنَتُهم يقرأون ال ُق َ‬ ‫ٌ‬ ‫«سيخر ُج قو ٌم‬ ‫تراقيهم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫((( البخاري (‪)7432‬‬

‫((( إتحاف الجماعة ‪. 280/1‬‬ ‫((( إتحاف الجماعة ‪.290/1‬‬ ‫((( مسند أحمد (‪. )13223‬‬

‫‪168‬‬


‫ِ‬ ‫ؤج ُر قاتِ ُلهم»(((‪ ،‬واإلنام ُة‬ ‫ف�إذا َلقيتُموهم فأنيموهم ُث َّم إذا لقيتُموهم فاقتُلوهم فإنَّه ُي َ‬

‫ُ‬ ‫القتل‪.‬‬

‫ِ ِ‬ ‫وه َزمهم في وقع ِة النَّهر ِ‬ ‫ِ‬ ‫وان وفيها‬ ‫علي ؤ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫الخوار َج في عهده َ َ‬ ‫وقد قاتل اإلما ُم ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫تال ثال َث ٍة‪ :‬الن ِ‬ ‫ق�ال اإلم�ام علي ؤ ‪ُ « :‬أ ِمرنا بِ ِق ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمارقين‪ ،‬فقد‬ ‫والقاس�طين‬ ‫ّاكثين‬ ‫ُ ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫َلت الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫المارقين» (((‪ ،‬وفيها َم ُ‬ ‫والقاسطين ‪ ،‬وأنا ُمقاتِ ٌل إن شاء الل ُه‬ ‫َّاكثين‬ ‫قتل ذي‬ ‫قات ُ‬

‫س�ول ِ‬ ‫ال َّث ِد َّيت ِ‬ ‫مما َذك َ​َره َر ُ‬ ‫الله ‪ « :m‬وآي ُة ذلك َّ‬ ‫أن فيهم َر ُج ً‬ ‫ال له َع ُضدٌ‬ ‫َين وهو عالم ٌة ّ‬ ‫رأس َع ُض ِد ِه ِم ُثل ح َلم ِ‬ ‫ِ‬ ‫راع عل�ى ِ‬ ‫�ة ال َّث ِ‬ ‫يض »((( وعن‬ ‫دي عليه َش� َع ٌ‬ ‫رات بِ ٌ‬ ‫لي�س في�ه ذ ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫ٍ‬ ‫مار َق ٌة عند فِر َق ٍة من الم ِ‬ ‫«تمر ُق ِ‬ ‫س�لمين ف َيق ُت ُلها َأو َل�ى ال َّط ِائ َفت ِ‬ ‫َين‬ ‫ُ‬ ‫أب�ي س�عيد ؤ‪ُ :‬‬

‫ِ‬ ‫(((‬ ‫ٌ‬ ‫رج�ل‪ :‬الحمدُ لله ال�ذي أبا َد ُهم‬ ‫علي قال‬ ‫بالح ِّ‬ ‫َ‬ ‫�ق» ولم�ا فرغ م�ن َقتلهم اإلم�ا ُم ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫علي ؤ‪ « :‬ال والذي نفسي بِ َي ِد ِه‪َّ ،‬‬ ‫أصالب‬ ‫إن فيهم َل َمن في‬ ‫وأراحنا منهم‪ ،‬فقال ٌّ‬ ‫تحمله النِّساء بعدُ وليكو َنن ِ‬ ‫جال لم ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫آخ ُرهم لِصاص ًا حرادي َن »(((‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬

‫موقف اإلمام‬ ‫‪ v‬من‬ ‫الخوارج في‬ ‫النهروان‬

‫رس�ول ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫س�عيد ُ‬ ‫تمر ُق‬ ‫الله ‪« : m‬‬ ‫در ُّي ؤ أنه قال‪ :‬قال‬ ‫وحديث رواه أبو‬ ‫ُ‬ ‫مسمى الحرورية‬ ‫مار َق ٌة عند فِر َق ٍة من الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫سل ِمين يق ُت ُلها َأو َلى ال َّط ِائ َفت ِ‬ ‫نسبة إلى حروراء‬ ‫بالح ِّق» ((( ‪.‬‬ ‫َين َ‬ ‫ُ‬ ‫الحروري ُة ؟ س ِ‬ ‫ِ‬ ‫عت‬ ‫الحرور َّي ِة قال ‪ :‬ال أدري ما‬ ‫ووعنه ؤ أنَّه لما ُس ِ�ئ َل عن‬ ‫�م ُ‬ ‫ِ َّ َ‬ ‫يق�ول ‪ «:‬يخرج في هذه األُم ِة – ول�م ي ُقل منها – قوم ِ‬ ‫َّب�ي ‪m‬‬ ‫ُ‬ ‫تحقرون صالتَكم‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫الن َّ‬

‫((( مسند أحمد (‪)20986‬‬

‫((( المعجم الكبير (‪)4049‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪)2516‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪)2507‬‬

‫((( مسند عبدالرزاق (‪)18655‬‬

‫((( صحيح مسلم (‪ ، )2507‬وهي إشارة إلى معركتهم مع اإلمام علي في وقعة النهروان‪.‬‬

‫‪169‬‬


‫ِ‬ ‫رآن ال ُي ِ‬ ‫م�ع صالتِهم ‪ ،‬يقرؤون ال ُق َ‬ ‫يمرقون من الدِّ ين‬ ‫جاو ُز ُح ُلو َقهم أو حناج َرهم ‪ُ ،‬‬ ‫روق السه ِم من ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫طالئ َعهم في َع ِ‬ ‫صر ِه‬ ‫علي ؤ‬ ‫َّ‬ ‫ُم َ َّ‬ ‫الرم َّية ‪ ، »..‬ولما قات َ​َل اإلما ُم ٌّ‬ ‫وق�ال ألصحابِ ِ‬ ‫�ه ‪« :‬اط ُلبوا َر ُج ً‬ ‫ال ِص َف ُت ُه كذا وكذا» ‪ ،‬فط َلب�وه فلم َي ِجدوه ‪ُ ،‬ث َّم طلبوه‬

‫فقال رج ٌل‪ :‬الحم�دُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ذكر ُه‬ ‫لله الذي‬ ‫رس�ول الل�ه ‪ُ َ َ ، m‬‬ ‫فوج�دوه عل�ى النَّعت الذي َ‬

‫تحديد هوية‬ ‫الخوارج على‬ ‫لسان اإلمام علي‬ ‫‪v‬‬

‫علي ؤ ‪« :‬كال ‪ ..‬والذي نفسي بيده َّ‬ ‫إن منهم لمن‬ ‫أبا َدهم‬ ‫َ‬ ‫وأراحنا منهم ‪ ..‬فقال ٌّ‬ ‫تحمله النِّساء بعدُ وليكُو َنن ِ‬ ‫جال لم ِ‬ ‫أصالب الر ِ‬ ‫في‬ ‫آخ ُرهم لِصاص ًا وحرادي َن»((( ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫وعن َط ِ‬ ‫اب ‪َ ،‬ق َال ‪ُ :‬كن ُْت ِعنْدَ َع ِلي ‪َ ،‬ف ُس ِ�ئ َل َع ْن َأ ْه ِل الن َ​َّه ِر‪ :‬أ ُم ْش ِ‬ ‫�ه ٍ‬ ‫�رك َ‬ ‫ُون‬ ‫ار ِق ْب ِن ش َ‬ ‫هم؟‬

‫َق َال ‪ِ :‬م َن ِّ‬ ‫الش ْر ِك َف ُّروا ‪،‬‬ ‫ِق َيل ‪َ :‬ف ُمنَافِ ُق َ‬ ‫ون ُه ْم ؟‬ ‫َق َال ‪ :‬إِ َّن ا ْل ُمنَافِ ِقي َن الَ َي ْذك ُ​ُر َ‬ ‫ون ال َّل َه إِالَّ َق ِلي ً‬ ‫ال ‪،‬‬ ‫ِق َيل َل ُه ‪َ :‬ف َما ُه ْم ؟‬

‫َق َال ‪َ :‬ق ْو ٌم َب َغ ْوا َع َل ْينَا(((‪.‬‬

‫ِ‬ ‫َّب�ي ‪ m‬وفيهم وف�ي أمثالِهم ُ‬ ‫يقول‬ ‫الخ�وار ِج ِم َّم�ن لم‬ ‫�ب‬ ‫َ‬ ‫وكان أغ َل ُ‬ ‫يصح�ب الن َّ‬ ‫الخ َّط ِ‬ ‫ُع َم ُ�ر ب ُن َ‬ ‫ور ِّب الكَع َب ِة متى يه َل ُ‬ ‫�ك ال َع َر ُب!! إذا َولِ َي‬ ‫اب ؤ‪« :‬ق�د َع ِل ُ‬ ‫مت َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر َ‬ ‫أمر‬ ‫أمر ُهم َمن لم‬ ‫الجاه ِل َّي ِة»(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫سول ‪ m‬ولم ُيعالج َ‬ ‫يصحب َّ‬ ‫َ‬ ‫�در َك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومما ي َؤ ِّكدُ نَص ًا اس�تمرار ِ‬ ‫تاريخي ًا حتى ُي ِ‬ ‫ِ‬ ‫آخ ُرهم الدَّ َّج َال‬ ‫الخوار ِج‬ ‫ظاه َ�ر ِة‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫((( صحيح البخاري (‪.)6931‬‬

‫((( مسند عبدالرزاق (‪)18655‬‬

‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪.)79093‬‬ ‫((( المستدرك للحاكم (‪)8318‬‬

‫‪170‬‬


‫رس�ول ِ‬ ‫ُ‬ ‫ينش ُ�أ نَ�ش ٌء يقرأون ال ُق َ‬ ‫الله ‪َ « : m‬‬ ‫رآن‬ ‫م�ا روا ُه اب ُن ُع َم َر ‪ c‬قال‪ :‬قال‬ ‫رس�ول ِ‬ ‫رن ُقطِع » قال ابن ُعمر‪ :‬س ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله ‪m‬‬ ‫َ‬ ‫عت‬ ‫ال‬ ‫�م ُ‬ ‫يج�او ُز ت َ​َراقيه�م ُك َّلم�ا َخ َر َج َق ٌ َ‬ ‫ُ َ​َ َ‬

‫ِ‬ ‫يق�ول‪ُ « :‬ك َّلم�ا خرج َق ٌ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫أعراضهم‬ ‫يخ�ر َج في‬ ‫َ‬ ‫�رن ُقط َع (أك َث َر من عش�رين َم َّرةً) حتى ُ‬ ‫أخاف عل�ى هذه ُاألم ِة من م ِ‬ ‫الدَّ َّج ُ‬ ‫�ال»(((‪ ،‬وفيه�م أيض ًا ُ‬ ‫ؤم ٍن‬ ‫يقول ُع َم ُر ؤ‪« :‬ما‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ينه�اه إيمانُه وال ِمن ِ‬ ‫فاس ٍ‬ ‫ال ق�رأ ال ُق َ‬ ‫أخاف عليها َر ُج ً‬ ‫رآن حتى‬ ‫�ق َب ِّي ٍن فِس� ُق ُه ‪ ،‬ولك�ن‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫تأو َله على غير‬ ‫تأويله»(((‪.‬‬ ‫أز َل َقه بِلسانه ُث َّم َّ‬

‫َ‬ ‫ِ‬ ‫علي ؤ‬ ‫مقتلُ اإلمام ٍّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الطبراني عن‬ ‫علي ؤ ‪ ،‬وفيه روى‬ ‫السا َعة ُ‬ ‫ُّ‬ ‫الو ْس َط ٰى مقت َُل اإلما ِم ٍّ‬ ‫َوم ْن َعلاَ َمات َّ‬

‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫�م َر َة ؤ قال‪ :‬قال‬ ‫علي ‪ ،‬إنَّك ُم َؤ َّم ٌر ُمس�تَخ َل ٌ‬ ‫رس�ول الله ‪« : m‬يا ُّ‬ ‫جابر بن َس ُ‬ ‫وإن هذه مخضوب ٌة من هذه» يعني‪ :‬لِحيتَه من ِ‬ ‫ٌ‬ ‫مقتول ‪َّ ،‬‬ ‫وإنَّك‬ ‫رأس ِه((( ‪.‬‬ ‫َ‬

‫وكان مق َت ُله ؤ في يوم الجم ِ‬ ‫َ‬ ‫س�ابع َ‬ ‫رمضان سنة أربعي َن من الهجرة ‪،‬‬ ‫عش َ�ر‬ ‫عة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫�رادي من ِ‬ ‫لج ٍم الم ِ‬ ‫حمن ب ُن م ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخوار ِج ‪ ،‬وقال في َق ِتل ِه ‪َّ :m‬‬ ‫«إن‬ ‫طائ َف ِة‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫الر ِ ُ‬ ‫ق َت َل�ه عبدُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫س�تغد ُر بك بعدي ‪ ،‬وأنت ُ‬ ‫تعيش على ِم َّلتي وتُقت َُل على ُس�نَّتي ‪ ،‬ومن أح َّب َك‬ ‫األُ َّم َة‬ ‫ُخضب من هذا ‪..‬يعني لِحي َته من ِ‬ ‫أح َّبني ومن أب َغ َضك أب َغ َضني ‪َّ ،‬‬ ‫رأس ِه»‬ ‫وإن هذه ست َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫أخرجه الحاكم(((‪.‬‬

‫((( سنن ابن ماجه (‪)179‬‬

‫((( كنز العمال (‪)29404‬‬

‫((( المعجم األوسط (‪.)7318‬‬ ‫((( المستدرك (‪.)4686‬‬

‫‪171‬‬

‫مقتل اإلمام علي‬ ‫‪ v‬عالمة‬ ‫وسطى‬


‫ِ َ َ‬ ‫علي ‪c‬‬ ‫ُص ُ‬ ‫لح اإلمام الحسنِ بن ٍّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫علي ‪ ،c‬وفيه قال‬ ‫لح اإلما ِم َ‬ ‫الو ْس َط ٰى ُص ُ‬ ‫الس�ا َعة ُ‬ ‫الح َس ِن بن ٍّ‬ ‫َوم ْن َعلاَ َمات َّ‬ ‫صلح اإلمام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫«إن ابني هذا َس ِّيدٌ ‪ ،‬وس ُيصل ُح الله به بين ف َئت ِ‬ ‫الحسن ‪َّ :m v‬‬ ‫َين من المسلمين» ‪.‬‬ ‫عالمة وسطى‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وف�ي ُص ِ‬ ‫الص�را ِع فيما بين‬ ‫معركَة ِّ‬ ‫الح َس�ن ؤ َم َ‬ ‫ل�ح اإلما ِم َ‬ ‫لح ٌظ ه�ا ٌّم بإنه�اء َ‬ ‫َّناز ِل في قولِه‪« :‬أ ُّيها‬ ‫الح َس� ُن ؤ في ُخط َب ِة الت ُ‬ ‫المس�لمين‪ ،‬وهو ما َق َصدَ ُه اإلما ُم َ‬ ‫إن الل�ه هداك�م بأولِنا وح َقن ِدماءكُ�م ِ‬ ‫وإن ُم ِ‬ ‫بآخ ِرنا‪ّ ،‬‬ ‫ناز َعني أمر ًا أنا‬ ‫عاو َي� َة َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ�اس‪َ َّ ،‬‬ ‫الن ُ‬ ‫َ‬ ‫َأح ُّق به ‪ ،‬وإنِّي تَرك ُته حقن ًا لِ ِد ِ‬ ‫ماء المسلمين و َط َلب ًا لما عند ِ‬ ‫الله »(((‪.‬‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫للح َس ِ‬ ‫حمن ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫�ن‬ ‫بن ُج َب ِير ب�ن ُن َف ٍير ؤ عن أبيه ؤ قال‪ُ :‬ق ُ‬ ‫لت َ‬ ‫وع�ن عب�دِ َّ‬ ‫إن النّاس يقولون إنّك تُري�دُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫علي ‪ّ :c‬‬ ‫جماج ُم‬ ‫الخالف َة‪ ،‬فقال‪« :‬قد كانت‬ ‫َ‬ ‫ب�ن ٍّ‬ ‫سالمت ‪ .‬تركتُها ابتغاء و ِ‬ ‫ِ‬ ‫جه‬ ‫بت و ُيسالِمون َمن‬ ‫ال َع َرب في يدي‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫حار ُ‬ ‫َ َ‬ ‫يحاربون َمن َ‬

‫اس َأه ِل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح َج ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫از؟! »(((‪.‬‬ ‫قن دماء ُأ َّمة ُم َح َّمد ‪ m‬ثم َأ ْبت َُّز َها بِ َأ ْت َي ِ ْ‬ ‫الله تعالى َ‬

‫((( البخاري (‪. )3692‬‬

‫((( أسد الغابة البن األثير (‪. )261 :1‬‬

‫((( المستدرك للحاكم (‪ ،)4795‬وانظر إتحاف الجماعة (‪.)96 :2‬‬

‫‪172‬‬


‫ﺍﻷﻣﻮﻳﻮﻥ‬

‫ﺍﻷﻣﻮﻳﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺸﺎﻡ ‪ ١٣٢ - ٤١‬ﻫـ‬ ‫ﺃﻭﳍﻢ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﺃﰊ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﻭﺁﺧﺮﻫﻢ ﻣﺮﻭﺍﻥ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬

‫ﺃﻣﻴﺔ ﺑﻦ ﺷﻤﺲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﻣﻨﺎﻑ‬

‫ﻣﻊ ﺗﺮﻗﻴﻢ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻮﱃ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺗﺎﺭﳜﻪ‬

‫ﺣﺮﺏ ﺑﻦ ﺃﻣﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﻌﺎﺹ ﺑﻦ ﺃﻣﻴﺔ‬

‫ﺃﺑﻮﺳﻔﻴﺎﻥ ﺻﺨﺮ ﺑﻦ ﺣﺮﺏ‬

‫ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺎﺹ‬

‫ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﺃﰊ ﺳﻔﻴﺎﻥ‬

‫ﻋﺒﺪﺍﷲ )ﺍﳊﻜﻢ(‬

‫ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺴﻔﻴﺎﲏ‬

‫‪ ٤‬ﻣﺮﻭﺍﻥ ﺑﻦ ﺍﳊﻜﻢ‬ ‫‪٦٤‬‬

‫‪١‬‬ ‫ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ )ﺍﻷﻭﻝ( ﺑﻦ ﺃﰊ ﺳﻔﻴﺎﻥ‬ ‫ﺍﺑﻦ ﺣﺮﺏ ﺑﻦ ﺃﻣﻴﺔ‬ ‫‪٤١‬‬

‫ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﳌﺮﻭﺍﲏ‬

‫‪٢‬‬ ‫ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ‬ ‫‪٦٠‬‬ ‫‪٣‬‬ ‫ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ )ﺍﻟﺜﺎﲏ( ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ‬ ‫‪٦٤‬‬

‫ﻋﺒﺪﺍﻟﻌﺰﻳﺰ‬ ‫‪ ٨‬ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻌﺰﻳﺰ‬ ‫‪٩٩‬‬ ‫‪١٠‬‬

‫ﻣﺮﻭﺍﻥ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬

‫‪١٤ ١٣٢ - ١٢٧‬‬

‫‪٦‬‬ ‫ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﳌﻠﻚ‬ ‫‪٨٦‬‬

‫‪٩‬‬ ‫ﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﺜﺎﲏ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﳌﻠﻚ‬ ‫‪١٠١‬‬

‫ﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺑﻦ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ‬ ‫‪١٢٦‬‬

‫‪١١‬‬ ‫ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﺜﺎﲏ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ‬ ‫‪١٢٥‬‬

‫ﻫﺸﺎﻡ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﳌﻠﻚ‬ ‫‪١٠٥‬‬ ‫ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﻫﺸﺎﻡ‬

‫‪ ٥‬ﻋﺒﺪﺍﳌﻠﻚ‬ ‫‪٦٥‬‬

‫ﳏﻤﺪ‬

‫‪١٢‬‬

‫ﻋﺒﺪﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﺑﻦ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﻫﺸﺎﻡ‬ ‫)ﺍﻷﻣﻮﻳﻮﻥ ﰲ ﺍﻷﻧﺪﻟﺲ(‬ ‫‪١٣٨‬‬

‫‪٧‬‬ ‫ﺳﻠﻴﲈﻥ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﳌﻠﻚ‬ ‫‪٩٦‬‬ ‫‪١٣‬‬

‫ﺇﻳﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬ ‫‪١٢٦‬‬

‫مشجر األمويين ‪ ،‬تمت إعادة الرسم مع شيء من التصرف ‪« ،‬أطلس تاريخ العرب» ص‪46‬‬

‫‪173‬‬


‫كل بني أُم َيَّة َ‬ ‫ُم ُ‬

‫ملك بني أمية‬ ‫عالمة وسطى‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضوض) ‪ ،‬وفيه ُ‬ ‫(الم ُ‬ ‫الو ْس� َط ٰى ُم ُ‬ ‫يقول‬ ‫لك ال َع ُ‬ ‫الس�ا َعة ُ‬ ‫لك بني ُأ َم َّي َة ُ‬ ‫َوم ْن َعلاَ َمات َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ (((‬ ‫‪« : m‬ب�دأ ه�ذا‬ ‫حم ٍة ‪ ،‬ثم ُمل�ك ًا َعضوض ًا ‪ ،‬ثم‬ ‫ور َ‬ ‫األم�ر بِنُ ُب َّوة َ‬ ‫ُ‬ ‫ور َ‬ ‫�م خال َفة َ‬ ‫حمة ُث َّ‬ ‫وج ِبر َّي ًة» (((‪.‬‬ ‫ُعت ُّو ًا َ‬ ‫يشم ُل مرحل َة بني ُأ َم َّي َة وبني ال َع ّب ِ‬ ‫ُ‬ ‫اس‪.‬‬ ‫وهذا‬ ‫الحديث َ‬

‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫الم َ‬ ‫لك ـ أو‪ :‬ملكه ـ َمن يشا ُء»(((‪،‬‬ ‫وحديث «خالف ُة النُّ ُب َّوة ثالثون سن ًة ُث َّم يؤتي الل ُه ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالل�ه من ِ‬ ‫ُ‬ ‫رأس‬ ‫«تعوذوا‬ ‫أحادي�ث‬ ‫وأم�ا‬ ‫االختص�اص بِ َبن�ي ُأ َم َّي َة فمنه�ا قو ُل� ُه ‪َّ : m‬‬ ‫السبعين ِ‬ ‫ومن إمار ِة الص ِ‬ ‫بيان»(((‪.‬‬ ‫َ ِّ‬ ‫َّ َ‬ ‫الح َك ِم َي ُنزون على‬ ‫وعن أبي ُه َر َير َة ؤ قال‪ :‬قال رسول الله ‪:m‬‬ ‫ُ‬ ‫«رأيت بني َ‬ ‫رؤيا النبي ‪m‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ (((‬ ‫َّبي ‪ m‬ضاحك ًا حتى ت ُ​ُوفي ‪.‬‬ ‫للقردة والخنازير من َبري كما ُ‬ ‫تنزو الق َر َدةُ» قال‪ :‬فما ُر ِؤ َي الن ُّ‬ ‫تتنزى على منبره‬

‫((( وقول�ه ‪( : m‬خالف�ة ورحمة) يش�ير إل�ى مرحلة تنازل اإلمام الحس�ن وما يك�ون في تلك‬ ‫المرحلة من السكون والهدوء بعد القلق واالحتدام‪.‬‬

‫وكان من مظاهر الخالفة موقف اإلمام الحسن الجامع بين خالفتي الحكم والعلم‪ ،‬ومن‬

‫مظاهر الرحمة حفظه لدماء المسلمين وتضحيته بصنمية الحكم التي يعبدها المقاتلون من‬

‫أجلها‪.‬‬

‫ومن فوائد تنازل اإلمام الحس�ن ؤ كش�ف حقيق�ة المطالبة بدم عثم�ان كذبا وزورا‬

‫حي�ث إنه�م بع�د أن ملكوا الحكم بتنازل الحس�ن لم نس�مع ع�ن مطالبتهم بث�أر عثمان بل‬ ‫اشترك جملة من قتلة عثمان وقتلة اإلمام علي في ترسيخ دولة الملك العضوض‪.‬‬

‫((( اإلشاعة‪. 364/‬‬

‫((( سنن أبي داود (‪.)4028‬‬ ‫((( مسند أحمد (‪. )8543‬‬

‫((( المستدرك للحاكم (‪. )8481‬‬

‫‪174‬‬


‫الم َس َّي ِ‬ ‫َّبي ‪ m‬بني ُأ َم َّي َة على ِمن َب ِر ِه فسا َء ُه ذلك ‪،‬‬ ‫ب ؤ قال ‪ :‬رأى الن ُّ‬ ‫وعن ابن ُ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫فأوح َي إليه ( إنَّما هي ُدنيا ُأعطوها ) َف َق َّرت عينُ ُه ‪.‬‬

‫وعن ُع َم َار ِة ِ‬ ‫عت عل ّي ًا ؤ ُ‬ ‫بت ِمن إخوانِنا‬ ‫يقول‪َ « :‬ع ِج ُ‬ ‫فص َة قال‪َ :‬س ِم ُ‬ ‫بن أبي َح َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫بن�ي ُأ َم َّي� َة‪َّ ،‬‬ ‫نصرون‬ ‫المنافقي�ن ‪ ،‬وهم ُي َ‬ ‫عوتَهم َد َ‬ ‫دعو ُة المؤمني�ن ‪ ،‬و َد َ‬ ‫عوتَنا َ‬ ‫إن َد َ‬ ‫عو ُة ُ‬ ‫علينا»(((‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سم ِ‬ ‫ين‪:‬‬ ‫وتن َقس ُم هذه المرحل ُة إلى ق َ‬ ‫السفيانِ ُّي األُ َم ِو ُّي‪ ،‬ويبدَ ُأ بِ ُم ِ‬ ‫روان ِ‬ ‫عاو َي َة وينتهي بِ َم َ‬ ‫الح َك ِم‪.‬‬ ‫بن َ‬ ‫‪ -1‬ال َعهدُ ُّ‬ ‫بدالم ِل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ي األُ َم ِ‬ ‫روان ِ‬ ‫�ك ِ‬ ‫روان وينتَه�ي بِ َم َ‬ ‫بن َم َ‬ ‫بن‬ ‫�و ُّي‪ ،‬ويبدأ بِ َع َ‬ ‫‪ -2‬ال َعه�دُ المروان ُّ‬ ‫ُم َح َّم ٍد‪.‬‬

‫َ‬ ‫م َقتَل اإلما ِم ُ َ‬ ‫لي ‪c‬‬ ‫الحسينِ بنِ ع ٍّ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ين ِ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫لي (((‪ ،c‬ففي‬ ‫الو ْس� َط ٰى َمقت َُل اإلما ِم ُ‬ ‫الس�ا َعة ُ‬ ‫بن َع ٍّ‬ ‫َوم ْن َعلاَ َمات َّ‬ ‫رس�ول ِ‬ ‫«إن ِج َ‬ ‫ُ‬ ‫الله ‪َّ :m‬‬ ‫بري�ل أخ َب َرني‬ ‫األث�ر ورد ع�ن ُأ ِّم َس� َل َم َة ر قالت‪ :‬قال‬ ‫أن ابني هذا –يعني الحس�ين‪ -‬يقت َُل وأنَّه اش�تَدَّ َغ َضب ِ‬ ‫َّ‬ ‫الله على َمن يق ُت ُله» رواه ابن‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫عساكر(((‪.‬‬

‫الله ‪ِ « : m‬‬ ‫سول ِ‬ ‫وعن م ِ‬ ‫أمسك يا ُمعا ُذ و َأ ِ‬ ‫عاذ بن َج َب ٍل ؤ قال‪ :‬قال َر ُ‬ ‫فلما‬ ‫حص َّ‬ ‫ُ‬

‫((( تفسير ابن أبي حاتم حديث رقم (‪.)13696‬‬ ‫((( الفتن لنعيم بن حماد ص‪.305‬‬

‫((( قتل ؤ يوم عاش�وراء بكربالء وكان يوم الس�بت س�نة ‪ 61‬س�نة هـ وكان عمره يوم قتل‬ ‫ثمان وخمسين سنة ؤ‪.‬‬

‫((( تاريخ دمشق (‪)193 :14‬‬

‫‪175‬‬

‫مقتل اإلمام‬ ‫الحسين بن علي‬ ‫ؤ‬


‫ب َل َغ َخمس� ًا – يعني من ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫إلي ُح َس�ي ٌن‬ ‫َ‬ ‫الخ َلفاء – قال ‪ :‬يزيدُ ‪ ،‬ال بارك الل ُه في يزيدَ ‪ ،‬نُع َي َّ‬ ‫رت بقاتِ ِله ‪ ،‬والذي نفسي بِ َي ِده ال ُيقت َُل بين َظهرانِي قو ٍم ال يمنَعونه‬ ‫تيت بِتُر َبتِه و ُأخبِ ُ‬ ‫و ُأ ُ‬ ‫ِ‬ ‫رارهم وأل َب َس ُهم ِش َيع ًا» ((( ‪.‬‬ ‫إال‬ ‫َ‬ ‫وس َّل َط عليهم ش َ‬ ‫خالف الل ُه بين ُصدُ ورهم و ُق ُلوبِهم َ‬

‫حرةِ‬ ‫َوقعَةُ ال َ َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحا َب ِة‬ ‫الح َّ�رة ‪ ،‬وهي مرحل� ُة ُفق�دان َّ‬ ‫الو ْس� َط ٰى َوق َع ُة َ‬ ‫الس�ا َعة ُ‬ ‫وقعة الحرة عالمة َوم� ْن َعلاَ َم�ات َّ‬ ‫ِ‬ ‫ثالث ِ‬ ‫ٍ‬ ‫لثالث ب ِقين من ذي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وسطى‬ ‫وستِّين للهجرة‪ ،‬قال‬ ‫الح َّج ِة س�نة‬ ‫األربعاء‬ ‫ئ‪ ،‬يو َم‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يقال له�ا الحالِ َق ُة ال ُ‬ ‫لح َم ٌة ُ‬ ‫أقول‬ ‫فيه�ا ‪« :m‬والذي نفس�ي بِ َيده َل َيكو َن َّن بالمدين�ة َم َ‬ ‫در ٍ‬ ‫ِ‬ ‫المدينة ولو على َق ِ‬ ‫الش َع ِر ولكن حالِ َق ُة الدِّ ِ‬ ‫بريد و َل َه ُ‬ ‫حالِ َق َة َّ‬ ‫الك‬ ‫فاخرجوا من‬ ‫ين ‪ُ ..‬‬ ‫ُأ َّمتي على َي ِد ُأ َغ ِيل َم ٍة من ُق َر ٍ‬ ‫يش»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫الح َّر ِة ُقت َِّل ُ‬ ‫المدينة حتى كاد‬ ‫أهل‬ ‫�ن قال‪« :‬لما كان َيو ُم َ‬ ‫البيهق ُّي عن َ‬ ‫وأخرج َ‬

‫((( قلت‪ :‬وهذا الحديث ـ كما قال صاحب االشاعة ـ ‪( :‬ذم للذين بايعوه وأخرجوه ثم أسلموه‬ ‫إل�ى الع�دو ولم يمنعوه)‪ .‬وفيه إش�ارة لنتيجة مقتل الحس�ين ؤ بين تخ�اذل المحبين‬

‫وبغ�ض المبغضي�ن وما يترتب على فعلهم م�ن دمار فيما بينهم وال ش�يء غير ذلك إلى أن‬

‫يقضي الله أمرا كان مفعوال‪.‬‬

‫وهذا ما حل بالقوم من المبغضين ومن المحبين المتخاذلين من ذلك اليوم حتى مرحلتنا‬

‫المعاص�رة‪ ،‬ومث�ل ه�ذا الن�ص درس لمن القى الس�مع وهو ش�هيد‪ ،‬والص�راع كما هو في‬ ‫الحديث عقوبة وليس نصرة لإلمام الحسين وال آلل البيت كما يفيد الحديث الشريف‪.‬‬

‫وعن ش�هر بن حوش�ب قال ‪ :‬س�معت أم س�لمة ‪ b‬حين جاء نعي الحسين بن علي‬

‫لعنت أهل العراق وقالت ‪ :‬قتلوه قتلهم الله عز وجل غروه ودلوه لعنهم الله‪ .‬اهـ‪.‬‬ ‫ء‬ ‫ْ‬

‫رواه أحمد والطبراني قال الهيثمي ورجاله موثوقون‪ .‬وعن عائش�ة أو أم س�لمة ‪ b‬أن‬ ‫النبي ‪ m‬قال إلحداهما‪( :‬لقد دخل علي البيت ملك لم يدخل علي قبلها قال‪ :‬إن ابنك هذا‬

‫حس�ين مقتول وإن ش�ئت أريتك من تربة األرض التي يقتل بها ‪ ،‬قال ‪ :‬فأخرج تربة حمراء)‬

‫رواه اإلمام أحمد قال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح‪ .‬اهـ إتحاف الجماعة (‪. )238 :1‬‬

‫‪176‬‬


‫َس قال‪ُ « :‬قتِ َل يوم الحر ِة سبع ِ‬ ‫ال ين َف ِل ُت منهم َأحدٌ » وأخرج عن ِ‬ ‫مالك بن أن ٍ‬ ‫مئة َر ُج ٍل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫خالف�ة يزيدَ » وفيه زيادة‬ ‫الصحا َب ِة وذلك في‬ ‫القرآن منهم‬ ‫م�ن َح َم َل ِة‬ ‫ثلاث م َئة من َّ‬ ‫(((‬ ‫الس ِ‬ ‫«عل�ى ِ‬ ‫الس�اع ُة حتى ُيلت َ​َم ُس‬ ‫رأس ِّ‬ ‫�تين »‪ ،‬وفيها تو َّل�ى يزيدُ ‪ .‬وورد‪« :‬ال تقو ُم ّ‬ ‫الر ُ‬ ‫الضا َّل ُة »(((‪.‬‬ ‫جل من أصحابي كما تُلت َ​َم ُس َّ‬ ‫َّ‬

‫ب قال‪( :‬وقع�ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�عيد ِ‬ ‫الم َس� ِّي ِ‬ ‫الفتنَ ُة األولى –يعني مقت ُ‬ ‫َ�ل ُع َ‬ ‫ثمان‪ -‬فلم‬ ‫وعن‬ ‫بن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح َّ�رةَ‪ -‬فلم ت ِ‬ ‫أصحاب َب ٍ‬ ‫ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُبق من‬ ‫ُب�ق م�ن‬ ‫در أح�د ًا ‪ُ ،‬ث َّم وقعت الفتنَ� ُة ال ّثان َي ُة –يعني َ‬ ‫ِ‬ ‫الحدَ يبِ َي ِة أحد ًا‪ ،‬ثم وقعت ال َّثالِ َث ُة فلم ترت َِفع ولِلن ِ‬ ‫َّاس َط ٌ‬ ‫باخ)(((‪.‬‬ ‫أصحاب ُ‬ ‫أصحاب َب ٍ‬ ‫قال الحافِ ُظ في قولِه‪( :‬لم ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫در َأ َحد ًا) أي ‪ :‬إنَّهم ماتوا ُ‬ ‫منذ قامت‬ ‫ُبق من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفتنَ� ُة بمقت ِ‬ ‫َ�ل ُع َ‬ ‫آخر َمن مات‬ ‫ثمان إلى أن قامت الفتنَ ُة األخرى بِ َوق َع�ة َ‬ ‫الح َّرة وكان ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِمن ال َب ِ‬ ‫در ِّيين سعدَ ب َن أبي و ّق ٍ‬ ‫الح َّر ِة بِبِض ِع ِسني َن(((‪.‬‬ ‫اص ؤ ومات قبل وقعة َ‬

‫فِتنَةُ ابنِ الزُّبَي ِر‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الز َب ِير‪ ،‬فعن ُع َم َ�ر بن ٍ‬ ‫الو ْس� َط ٰى فِتنَ ُة ِ‬ ‫دينار قال‪ :‬قال أبو‬ ‫ابن ُّ‬ ‫الس�ا َعة ُ‬ ‫َوم ْن َعلاَ َمات َّ‬ ‫يصات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُه َر َير َة ؤ ‪« :‬فِتنَ ُة ِ‬ ‫يص ٌة ِمن َح‬ ‫الفت َِن»(((‪.‬‬ ‫ابن ُّ‬ ‫الز َب ِير َح َ‬

‫قال‪ :‬لما كان ابن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ومروان َّ‬ ‫الز َب ِير بِ َم َّك َة‬ ‫زياد‬ ‫ب اب ُن ُّ‬ ‫وو َث َ‬ ‫بالش�ا ِم َ‬ ‫ُ‬ ‫وع�ن أبي المنهال َ ّ‬ ‫رز َة األس� َل ِم ِّي حت�ى َد َخلنا عليه‬ ‫صر ِة‬ ‫ُ‬ ‫انطلق�ت مع أبي إلى أبي َب َ‬ ‫وو َث َ‬ ‫�ب ال ُق َّ�را ُء بال َب َ‬

‫((( اإلشاعة ص‪.68‬‬

‫((( مسند أحمد (‪.)731‬‬

‫((( صحيح البخاري (‪.)4024‬‬ ‫((( فتح الباري (‪.)325 :7‬‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )473‬‬

‫‪177‬‬

‫فتنة ابن الزبير‬ ‫ومقتله عالمة‬ ‫وسطى‬


‫فأنش�أ أبي يس�ت ِ‬ ‫ف�ي ِ‬ ‫دار ِه وه�و َجالِ ٌس في ظِ ِّل ُع َل َّي ٍة له من َق َص ٍ‬ ‫َطع ُمه‬ ‫ب َف َج َلس�نا اليه‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫فأو ُل شيء َس ِمع ُت ُه َت َك َّلم به‪:‬‬ ‫الحديث‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا َب َ‬ ‫َّاس؟ َّ‬ ‫رزةَ!أال ترى ما وقع فيه الن ُ‬ ‫ِ‬ ‫�بت عند ِ‬ ‫عش َ�ر ال َع َر ِ‬ ‫س�اخط ًا أحيا َء ُق َر ٍ‬ ‫يش ‪ ،‬إنَّكم يا َم َ‬ ‫ب‬ ‫حت‬ ‫الله أنِّي أص َب ُ‬ ‫إنِّي احت َ​َس ُ‬

‫الذ َّل َة ِ‬ ‫ِ‬ ‫والضال َل َة َّ‬ ‫الحال الذي َع ِلمتُم منها ِّ‬ ‫وإن الله َأن َق َذكُم باإلسال ِم‬ ‫كُنتُم على‬ ‫والق َّل َة َّ‬ ‫وبِمحم ٍ‬ ‫أفس�دَ ت بينكم‪َّ .‬‬ ‫�غ بكم ما ت َ​َر َ‬ ‫�د ‪ m‬حتى إذا َب َل َ‬ ‫إن ذاك‬ ‫ون وهذه الدُّ نيا التي َ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫ِ‬ ‫الشا ِم والله إن ُيقاتِ ُل إال على الدُّ نيا ‪َّ .‬‬ ‫الذي بِ َّ‬ ‫والله إن‬ ‫ظه ِركم‬ ‫وإن هؤالء الذين بين َأ ُ‬

‫ِ‬ ‫يقاتِلون إال على الدُّ نيا ‪ ،‬وإن ذاك الذي بِ َم َّك َة‬ ‫والله إن ُيقاتِ ُل إال على الدُّ نيا(((‪.‬‬

‫ابن ُعمر ‪ c‬أنَّه قال لِرج ٍل يس�أ ُله عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الق ِ‬ ‫الح َّج ِ‬ ‫اج أو‬ ‫تال مع َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫وع�ن ناف� ٍع عن ِ َ َ‬ ‫أي ال َفري َقين‬ ‫لت في َل َظ ًى)(((‪،‬‬ ‫قاتلت َف ُقتِ َ‬ ‫َ‬ ‫م�ع ُّ‬ ‫الز َب ِير فقال له اب ُن ُع َم َر ‪( : c‬مع ِّ‬ ‫ُ ِ‬ ‫وما قال ابن ُعمر ما قال ِ‬ ‫َّب على ِق ِ‬ ‫كراه َي ًة ِ‬ ‫تال‬ ‫الز َب ِير وإنَّما‬ ‫البن ُّ‬ ‫يخاف الفتنَ َة وما يترت ُ‬ ‫ُ َ​َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّبي ‪ m‬في ذلك‪ ،‬وفي قولِ ِه إشار ٌة إلى َّ‬ ‫السال َم َة‬ ‫أن َّ‬ ‫للمسل ِم‪ ،‬وما ورد عن الن ِّ‬ ‫المسل ِم ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الوقو ِع مع َأ َح ٍد ال َّط َر َف ِ‬ ‫ين في الن ِّار‪.‬‬ ‫من الفت َِن أولى من ُ‬

‫ِخالفَةُ عمَرَ بن ِ‬ ‫عبد العزي ِز‬ ‫ُ‬

‫ات الس�ا َع ِة الوس� َطى ِخال َف ُة ُعمر بن ِ‬ ‫و ِمن َعلاَ م ِ‬ ‫ِ‬ ‫العزيز ‪ ،‬فعن ناف ٍع قال‪ :‬قال‬ ‫عبد‬ ‫َ ْ‬ ‫َ​َ‬ ‫ُ ْ ٰ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫خالفة عمر بن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(يكون َر ُج ٌل من َو َلدي بِ َو ِ‬ ‫الخ َّط ِ‬ ‫ُ‬ ‫عبدالعزيز ‪ُ v‬ع َم ُر بن َ‬ ‫جهه َشي ٌن َيلي َف َيملأَ ُها َعدالً‪،‬‬ ‫اب ؤ ‪:‬‬ ‫عالمة وسطى قال نافِ‬ ‫ِ‬ ‫وال‬ ‫‪:‬‬ ‫ع‬ ‫العزيز)(((‪.‬‬ ‫أحس َبنَّه إال ُع َم َر بن عبدَ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬

‫ال ِ‬ ‫ب قال ‪( :‬دخل ُعمر بن ِ‬ ‫ِ‬ ‫مر َة ِ‬ ‫بن َشو َذ ٍ‬ ‫العزيز اص َطب ً‬ ‫ألبيه َف َش َّج ُه َف َر ٌس‬ ‫عبد‬ ‫َُ‬ ‫وعن َض َ‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )7112‬‬

‫((( المستدرك للحاكم (‪ . )8452‬وانظر إتحاف الجماعة (‪. )124 :1‬‬

‫((( تاريخ دمشق (‪. )155 :45‬‬

‫‪178‬‬


‫تسيل على ِ‬ ‫ألبيه فخرج والدِّ ما ُء ُ‬ ‫ُ‬ ‫تكون َ‬ ‫أش َّج بني ُأ َم َّي َة)(((‪،‬‬ ‫وجهه‪ ،‬فقال أبوه ‪ :‬لع َّلك‬ ‫الش ِ‬ ‫�مول َعدلِ ِه وكَث�ر ُة ِ‬ ‫ِ‬ ‫وق�د ورد في ُكت ِ‬ ‫الس� َي ِر ُش ُ‬ ‫أوج ِه ِه َّ‬ ‫إنفاق ِه‬ ‫�رع َّي ِة((( ‪،‬‬ ‫للمال في ُ‬ ‫َ‬ ‫ُب ِّ‬ ‫العالمات الوس�طى للس ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرحلة خال َف ِة ُعمر بن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومما يؤ ِّكدُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�اعة‪،‬‬ ‫العزيز من‬ ‫عبد‬ ‫موق َع‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ​َ‬ ‫َّ‬

‫ِ‬ ‫لت لِط�اووس ‪ُ :‬عمر بن ِ‬ ‫ِ‬ ‫إبراهيم ِ‬ ‫المهد ُّي ؟‬ ‫العزيز‬ ‫عبد‬ ‫م�ا ورد عن‬ ‫يس َ�ر َة قال ‪ُ :‬ق ُ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫بن َم َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫يس�تكمل ال َع َ‬ ‫ق�ال ‪ :‬ال ‪ ،‬إنَّ�ه لم‬ ‫دل ُك َّل� ُه((( ‪ ،‬وبرقم ‪ 1040‬عن إبراهيم بن ميس�رة بن‬ ‫ِ‬ ‫العزيز م ِ‬ ‫هد ّي� ًا وليس به ‪ّ ،‬‬ ‫إن‬ ‫ط�اوس ق�ال‪ ( :‬قد كان ُع َم ُر ب ُن عبد‬ ‫المهد َّي إذا كان ِزيدَ‬ ‫ِ َ‬ ‫حسن في إحسانِه وتِيب على الم ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫سيء من إساءتِ ِه)((( ‪ .‬ويعدُّ الخليف ُة ُعمر بن ِ‬ ‫عبد‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫لس َل ِة ُ ِ‬ ‫ادس في ِس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِاشدين‪.‬‬ ‫الس َ‬ ‫الخ َلفاء َّ‬ ‫العزيز الخلي َف َة ّ‬

‫كل بني العَبَّاس‬ ‫ُم ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(الم ُ‬ ‫الو ْس� َط ٰى ُم ُ‬ ‫ل�ك ال َعضوض) ‪ ،‬فعن‬ ‫الس�ا َعة ُ‬ ‫ل�ك بني ال َع َّباس ُ‬ ‫َوم ْن َعلاَ َمات َّ‬ ‫«ويل لأِ ُ َّمتِي ِم ْن َبنِ�ي ال َع َّب ِ‬ ‫عل�ي ؤ قال‪ٌ :‬‬ ‫اس» ((( ‪ ،‬وفي رواية أخرى‪َّ « :‬‬ ‫إن لبني‬ ‫ٍّ‬

‫((( طبقات ابن سعد (‪.)331 :5‬‬

‫((( وف�ي الفت�ن لنعيم بن حم�اد ( ‪ )221 :1‬مقارنة بين الخليفة عمر بن عب�د العزيز وبين اإلمام‬

‫المهدي فيما يش�ير إلى كونهما من عالمات الس�اعة‪ :‬حدثنا ضمرة عن ابن شوذب عن مطر‬

‫ق�ال ذك�ر عن�ده عمر بن عب�د العزيز فق�ال بلغنا أن المهدي يصنع ش�يئا ل�م يصنعه عمر بن‬ ‫عب�د العزي�ز قلنا ما هو ؟ قال يأتيه رجل فيس�أله فيقول ادخل بيت المال فخذ فيدخل فيأخذ‬

‫فيخ�رج فيرى الناس ش�باعا فيندم فيرجع إليه فيقول خذ م�ا أعطيتني فيأبى ويقول إنا نعطي‬ ‫وال نأخذ‪.‬‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪.)1042‬‬

‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪.)38807‬‬

‫((( ذكره الذهبي في ميزان االعتدال ‪ ،‬وفيه يزيد بن ربيعة وذكر من جرحه‪.‬‬

‫‪179‬‬

‫ملك بني العباس‬ ‫عالمة وسطى‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العباس لراي ًة ال ت َُر ُّد »((( ‪ ،‬وفي أخرى‪َّ :‬‬ ‫وولده كسا ًء‬ ‫العباس‬ ‫النبي ‪ m‬جعل على‬ ‫أن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اللهم‬ ‫تغادر ذنب ًا ‪،‬‬ ‫وولده مغف�ر ًة ظاهر ًة وباطن ًة ‪ ،‬وال‬ ‫للعباس‬ ‫اغفر‬ ‫ث�م قال ‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫«اللهم ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫األحاديث الأُ َو ُل ‪ -‬إن َص َّحت‪ -‬على‬ ‫ُحم ُل‬ ‫اخ ُل ْف� ُه في ولده»(((‪ ،‬قال‬ ‫البرزنجي‪ :‬فت َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أخيارهم‬ ‫شرارهم ‪ ،‬وهذا وأمثا ُل ُه على‬

‫(((‬

‫‪.‬‬

‫وف�ي رواي�ة أخ�رى‪« :‬ليكون�ن ف�ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولع�ل في ِ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫مث�ل هذه‬ ‫مل�وك»‪،‬‬ ‫العب�اس‬ ‫ول�د‬ ‫َّ‬ ‫وح ِ‬ ‫اإلسالمي ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عض ُع ِ‬ ‫إش�ار ًة إلى ما ُأ ِقيم في َب ِ‬ ‫فظ‬ ‫توحات‬ ‫صورهم من ال ُف‬ ‫األحاديث‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫يض ِة اإلسال ِم‪.‬‬ ‫َب َ‬

‫((( لسان الميزان (‪ ، )518 :2‬قال ابن حجر ‪ :‬فيه الحارث بن شبل ‪ ،‬قال العقيلي‪ :‬ضعيف ‪.‬‬

‫((( ذكره الذهبي في «س�ير أعالم النبالء» (‪ )89 :2‬وقال ‪ :‬إسناده جيد‪ .‬ومع ذلك فقد ذكر جل‬ ‫أهل الحديث بأنه لم يصح في روايات بني العباس ش�يء واتهموا أكثر أس�انيدها بالنكارة‪.‬‬ ‫وهذا مما ينبغي اعتباره لوجود عامل التسييس في الثورة ضد األمويين‪.‬‬

‫((( اإلشاعة ‪. 78‬‬

‫‪180‬‬


‫ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻮﻥ‬

‫ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻮﻥ ‪ ٦٥٦ - ١٣٢‬ﻫـ‬ ‫ﺃﻭﳍﻢ ﺃﺑﻮﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺍﻟﺴﻘﺎﺡ ﻭﺁﺧﺮﻫﻢ ﺍﳌﺴﺘﻌﺼﻢ ﺑﺎﷲ‬

‫ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﳌﻄﻠﺐ‬

‫ﻣﻊ ﺗﺮﻗﻴﻢ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻮﱃ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺗﺎﺭﳜﻪ‬

‫ﻋﺒﺪﺍﷲ‬ ‫ﻋﲇ‬ ‫ﺳﻠﻴﲈﻥ‬

‫ﻣﻮﺳﻰ‬

‫ﻋﺒﺪﺍﷲ‬ ‫‪ ٢‬ﺍﳌﻨﺼﻮﺭ‬ ‫‪١٣٦‬‬ ‫‪ ٣‬ﺍﳌﻬﺪﻱ‬ ‫‪١٥٨‬‬

‫ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﳌﻨﺼﻮﺭ‬ ‫‪ ٨‬ﺍﳌﻌﺘﺼﻢ‬ ‫‪٢١٨‬‬ ‫ﳏﻤﺪ‬ ‫‪ ١٢‬ﺍﳌﺴﺘﻌﲔ‬ ‫‪٢٤٨‬‬

‫‪ ٩‬ﺍﻟﻮﺍﺛﻖ‬ ‫‪٢٢٧‬‬ ‫‪ ١٤‬ﺍﳌﻬﺘﺪﻱ‬ ‫‪٢٥٥‬‬

‫‪ ٥‬ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ‬ ‫‪١٧٠‬‬

‫ﳏﻤﺪ‬ ‫ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ‬

‫ﺍﻟﺴﻔﺎﺡ ‪١‬‬ ‫‪١٣٢‬‬

‫‪ ٤‬ﺍﳍﺎﺩﻱ‬ ‫‪١٦٩‬‬ ‫‪ ٧‬ﺍﳌﺄﻣﻮﻥ‬ ‫‪١٩٨‬‬

‫‪ ٦‬ﺍﻷﻣﲔ‬ ‫‪١٩٣‬‬

‫‪ ١٠‬ﺍﳌﺘﻮﻛﻞ‬ ‫‪٢٣٢‬‬

‫‪ ١١‬ﺍﳌﻨﺘﴫ‬ ‫‪٢٤٧‬‬

‫‪ ١٣‬ﺍﳌﻌﺘﺰ‬ ‫‪٢٥٢‬‬

‫ﺍﺑﻦ ﺍﳌﻌﺘﺰ‬

‫‪ ١٧‬ﺍﳌﻜﺘﻔﻲ‬ ‫‪٢٨٩‬‬

‫‪ ٢١‬ﺍﳌﻜﺘﻔﻲ‬ ‫‪٣٣٣‬‬

‫‪ ١٥‬ﺍﳌﻌﺘﻤﺪ‬ ‫‪٢٥٦‬‬ ‫ﺍﳌﻔﻮﺽ‬ ‫‪ ١٨‬ﺍﳌﻘﺘﺪﺭ‬ ‫‪٢٩٥‬‬ ‫‪ ٢٣‬ﺍﳌﻄﻴﻊ‬ ‫‪٣٣٤‬‬

‫‪ ٢٤‬ﺍﻟﻄﺎﺋﻊ‬ ‫‪٣٦٣‬‬

‫ﺍﳌﻮﻓﻖ‬ ‫ﺍﳌﻌﺘﻀﺪ ‪١٦‬‬ ‫‪٢٧٩‬‬ ‫‪ ١٩‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺮ‬ ‫‪٣٢٠‬‬ ‫‪ ٢٢‬ﺍﳌﺘﻘﻲ ‪٢٠‬‬ ‫‪٣٢٩‬‬ ‫‪ ٢٥‬ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‬ ‫‪٣٨١‬‬

‫ﺍﻟﺮﺍﴈ‬ ‫‪٣٢٢‬‬

‫‪ ٢٦‬ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ‬ ‫‪٤٢٢‬‬

‫‪ ٢٧‬ﺍﳌﻘﺘﺪﻱ‬ ‫‪٤٦٧‬‬

‫‪ ٢٨‬ﺍﳌﺴﺘﻈﻬﺮ‬ ‫‪٤٨٧‬‬ ‫‪ ٣١‬ﺍﳌﻘﺘﻔﻲ‬ ‫‪٥٣٠‬‬

‫‪ ٣٢‬ﺍﳌﺴﺘﻨﺠﺪ‬ ‫‪٥٥٥‬‬

‫‪ ٣٣‬ﺍﳌﺴﺘﴤﺀ‬ ‫‪٥٦٦‬‬ ‫‪ ٣٤‬ﺍﻟﻨﺎﴏ‬ ‫‪٥٧٥‬‬

‫‪ ٣٥‬ﺍﻟﻨﺎﴏ‬ ‫‪٦٢٢‬‬ ‫‪ ٣٦‬ﺍﳌﺴﺘﻨﴫ‬ ‫‪٦٢٣‬‬

‫‪ ٣٧‬ﺍﳌﺴﺘﻌﺼﻢ‬ ‫‪٦٥٦ - ٦٤٠‬‬

‫مشجرالعباسيين ‪ ،‬تمت إعادة الرسم مع شيء من التصرف‪ ،‬المصدر السابق ص‪72‬‬

‫‪181‬‬

‫ﺍﳌﺴﱰﺷﺪ ‪٢٩‬‬ ‫‪٥١٢‬‬ ‫ﺍﻟﺮﺍﺷﺪ ‪٣٠‬‬ ‫‪٥٢٩‬‬


‫أقسام رمحلةِ الم ِ‬ ‫لكـ العَ ِ‬ ‫ضوض‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مراح ِل الم ِ‬ ‫َّبوي ِة حول ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫ِ‬ ‫مان‬ ‫العضوض‬ ‫ل�ك‬ ‫وموق ِعها من َّ‬ ‫باس�تقراء النُّصوص الن ِ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫أن مرحل� َة الم ِ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫تب َّي� َن ّ‬ ‫علي‬ ‫لك العض�وض ُممتَدَّ ٌة من‬ ‫عه�د ُ‬ ‫تناز ِل اإلما ِم َ‬ ‫�ن بن ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫عهد التَّداعي والوه ِن وال ُغ ِ‬ ‫ؤ إلى ِ‬ ‫ثاء‪.‬‬ ‫َ َ‬

‫حديث َل ِ‬ ‫المراح ُل طويل ُة المدى م ِ‬ ‫ِ‬ ‫تباعدَ ُة ّ ِ‬ ‫يث ِ‬ ‫ُ‬ ‫بن أبي ُس� َلي ٍم‬ ‫يجم ُعها‬ ‫وهذه‬ ‫الزمان َ‬ ‫ُ‬ ‫«إن هذا األمر ب�دأ ُنبو ًة ورحم ًة‪ ،‬وإنَّ�ه ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ع�ن ِ‬ ‫َّب�ي ‪ّ : m‬‬ ‫كائ ٌن رحم ًة‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ابن س�ابط عن الن ِّ‬ ‫كائن ملك ًا عضوض ًا‪ ،‬و ُعتُو ًا وج ِبري ًة‪ ،‬وفس�اد ًا في األُم ِة‪ ،‬يس�ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫َح ُّلون‬ ‫ّ َ َّ‬ ‫َّ‬ ‫وخالف� ًة‪ ،‬وإن�ه ٌ ُ‬

‫ُ‬ ‫مور‬ ‫رزقون عليه حتى يل َق ُوا الل َه» (((‪.‬‬ ‫روج و ُي َ‬ ‫والحرير وال ُف َ‬ ‫َ‬ ‫الخ َ‬

‫قل�ت والل�ه أع َل�م ‪ :‬وين َظر إل�ى معنى (الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بتفصي�ل كما هو في‬ ‫العضوض)‬ ‫ل�ك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫مناقشة لمعاني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(الملك‬ ‫ُّصوص و َتن َُّو ِع عباراتها‪.‬‬ ‫نماذ ِج الن‬ ‫العضوض)‬

‫فالمس�مى العام للم ِ‬ ‫ِ‬ ‫رح َلتَي بني ُأ َم َّي� َة وبني ال َع ّب ِ‬ ‫ل�ك‬ ‫اس‬ ‫العضوض ُيط َل ُق عل�ى َم َ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫االنهي�ار وال ُغ ِ‬ ‫ض�وض إل�ى َع ِ‬ ‫بعضه�م المعن�ى للم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث�اء‬ ‫ه�د‬ ‫ل�ك ال َع‬ ‫ُعموم ًا‪،‬و َم�دَّ َ‬ ‫ُ‬ ‫والتَّداعي‪.‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمعلو ُم َّ‬ ‫ب أن ُتن ََّز َل‬ ‫األلفاظ في الن‬ ‫أن َتن َُّو َع‬ ‫ُّصوص تحم ُل َتن َُّو َع المعاني‪ ،‬ويص ُع ُ‬ ‫المراح ِل دون أن ي�در َك مقصود ال َّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫فظ النَّ َب ِ‬ ‫األلف�اظ الن ِ‬ ‫�و ِّي على َو ِ‬ ‫ُ‬ ‫جه ِه‪،‬‬ ‫َّبو َّي ُة عل�ى‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن هناك ِ‬ ‫األحاديث‪ ،‬وعلى ال َّلف َظت ِ‬ ‫وخاص ًة ّ‬ ‫مدار‬ ‫ألفاظ‬ ‫(خالف ًة و ُن ُب َّوةً) كما هو في‬ ‫َّ‬ ‫َين ُ‬ ‫((( الحدي�ث صحي�ح به�ذا اللف�ظ‪ ،‬أورده الدان�ي في (الس�نن الواردة ف�ي الفت�ن) تحقيق أبي‬ ‫عم�ر العبوش�ي‪ ،‬وكذل�ك رواه الطبراني ف�ي الكبي�ر(‪ .)367‬والبيهقي فى ش�عب اإليمان‬

‫(‪.)5616‬‬

‫‪182‬‬


‫ِ‬ ‫األمر ُك ِّل ِه‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫حيح‪،‬‬ ‫قصدُ به�ا َم َنه ُج الدِّ يانَة َّ‬ ‫رار ‪ ،‬والنُّ ُب َّو ُة ُي َ‬ ‫قص�دُ بها ُ‬ ‫فالخال َف� ُة ُي َ‬ ‫كم وال َق ُ‬ ‫الح ُ‬ ‫راد ِ‬ ‫ف�ق م ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألص�ل أن يجت َِمعا في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الله‪ ،‬وعندما‬ ‫حام ِل‬ ‫ياس�ة مرحلته َو َ ُ‬ ‫القرار وفي س َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االمتالك ّ‬ ‫َّ‬ ‫والحك ِم‬ ‫والرغ َب ُة في‬ ‫ب في الخال َفة ُ‬ ‫الراغ َ‬ ‫وح ُّ‬ ‫يتدخ ُل ال َّط َم ُع ُ‬ ‫فإن ّ‬ ‫ب الدُّ نيا َّ‬ ‫راد ِ‬ ‫�ة وم ِ‬ ‫يتخ ّط�ى مفهوم األمان َِة في مس�مى الن ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫�ف المعاني‬ ‫األمر‪،‬‬ ‫الله في‬ ‫فيتعس ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّبو َّي ُ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫َ‬

‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويتأ َّم ُر بذلك على الن ِ‬ ‫ُ‬ ‫الم ُ‬ ‫الخالفة َّ‬ ‫رع َّي ِة‬ ‫يخر ُج معنى‬ ‫ّاس‪،‬‬ ‫لك‪ ،‬أي‪ُ :‬‬ ‫فيكون بذلك ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عاض ًا أو ُملك ًا عضوض ًا‪ ،‬و ُي َف ِّس ُ�ر‬ ‫س�مى ش�رع ًا ُملك ًا ّ‬ ‫إل�ى معنى االمتالك ال َّطبع ِّي ف ُي َّ‬ ‫راش الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫وت‬ ‫�ن مع أخيه اإلما ِم ُ‬ ‫هذا المعنى مقو َل ُة اإلما ِم َ‬ ‫ين وهو على ف ِ َ‬

‫ِ​ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يجم َع الل ُه لنا الخال َف َة والنُّ ُب َّوةَ‪ ،‬فال أرى ُس� َفها َء‬ ‫في س�ياق حديثه « وإنِّ�ي ألرى أال َ‬ ‫الكو َف ِة يست ِ‬ ‫ونك ف ُي ِ‬ ‫َخ ّف َ‬ ‫خرجوك‪.(((»...‬‬

‫رسول ِ‬ ‫قاعدَ ٌة ِ‬ ‫وهذه الرؤي ُة من اإلما ِم الحس ِن ؤ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله‬ ‫شرع َّي ٌة ُت َف ِّس ُر معنى كال ِم‬ ‫ُّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫رث ِ‬ ‫اإل ِ‬ ‫الخال َف ِة في الحك ِم وعن معنى النُّبو ِة في َشر ِ‬ ‫‪ m‬عن معنى ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫للعل ِم‪.‬‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�رع ّي ًا لِ َسلا َم ِة‬ ‫حيح ِة ضابط ًا‬ ‫المراح ِل وعَدَ ِم سال َمتِها‪،‬‬ ‫الص َ‬ ‫وكفى بهذه األلفاظ َّ‬ ‫رس�ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول ُحذي َف َة ِ‬ ‫ُ‬ ‫ومن ذلك َق ُ‬ ‫ُ‬ ‫«تكون النُّ ُب َّو ُة‬ ‫الله ‪: m‬‬ ‫اليمان ؤ قال‪ :‬قال‬ ‫بن‬ ‫ُ‬ ‫تك�ون ِخال َف ٌة على‬ ‫�م ير َف ُعها إذا ش�اء أن ير َف َعها‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫فيك�م ما ش�اء الل�ه أن تكون‪ُ ،‬ث َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِم ِ‬ ‫تكون‪ُ ،‬ث َّم ير َف ُعها إذا ش�اء أن ير َف َعها‪ُ ،‬ث َّم تكون‬ ‫فتكون ما ش�اء الل ُه أن‬ ‫نهاج النُّ ُب َّو ِة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫تكون‬ ‫يكون‪ُ ،‬ث َّم ير َف ُعها إذا ش�اء أن ير َف َعها‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫فيكون ما ش�اء الل ُه أن‬ ‫عاض ًا‪،‬‬ ‫ُمل�ك ًا ّ‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫تكون‬ ‫تكون‪ُ ،‬ث َّم ير َف ُعها إذا شاء أن ير َف َعها‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫فتكون ما شاء الله أن‬ ‫وج ِبر َّي ًة ‪،‬‬ ‫ُملك ًا َ‬

‫((( االستيعاب البن عبدالبر (‪.)376 :1‬‬

‫‪183‬‬


‫ِخال َف ٌة على ِم ِ‬ ‫َت»((( ‪.‬‬ ‫نهاج النُّ ُب َّو ِة‪ُ ..‬ث َّم َسك َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عه�د ُع َم َر ِ‬ ‫ف�إن ُأ ِخ َ‬ ‫عبدالعزيز‬ ‫ب�ن‬ ‫�ذت هذه المعان�ي على م�ا َف ِه َم ُه أولئ�ك على‬ ‫ِ‬ ‫�ع عن تلك ال ُع ِ‬ ‫ُ‬ ‫مر‬ ‫الروا َي ِة‪ :‬قال‬ ‫صور‬ ‫ٌ‬ ‫ه�م ُمن َقط ٌ‬ ‫فلما قام ُع ُ‬ ‫حبي�ب‪ّ :‬‬ ‫حي�ث زاد في ِّ‬ ‫فال َف ُ‬ ‫ِ‬ ‫العزيز وكان يزيدُ بن الن ِ‬ ‫بن بِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُّعمان ِ‬ ‫الحديث‬ ‫فكتبت إليه بهذا‬ ‫ش�ر في صحا َبتِ ِه‬ ‫بن عبدُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫عبدالعزيز بعد‬ ‫أمير المؤمنين يعني ُع َم َر بن‬ ‫ُأ َذك ُِّره إ َّيا ُه‪ُ ،‬‬ ‫فقلت له‪ :‬إنِّي ألرجو أن يكون ُ‬ ‫دخل كتابي على ُعمر بن ِ‬ ‫العاض والج ِبري ِة‪َ ،‬فأ ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأعج َب ُه‪.‬‬ ‫العزيز‪َ ،‬ف ُس َّر به‬ ‫عبد‬ ‫لك‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ​َ‬ ‫ُ‬

‫الخال َف ِة الر ِ‬ ‫�ل المعنِي ِة بعد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المراح ِ‬ ‫اش�دَ ِة فخاتِ َم ُة‬ ‫امتداد‬ ‫وإن أخذن�ا المعنى عل�ى‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫نهاج النُّبو ِة ف�ي ُأخر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫مان‪َّ ،‬‬ ‫ولعل هذا هو ما‬ ‫يات َّ‬ ‫ُش�ير إلى خال َفة على م ِ ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫الحديث ت ُ‬ ‫يكون ِ‬ ‫ِ‬ ‫وغير ُه عن االثنَي َع َش َر أمير ًا من ُق َر ٍ‬ ‫ُ‬ ‫آخ ُرهم اإلما ُم‬ ‫يش‪،‬‬ ‫السيوط ُّي ُ‬ ‫َف َّس َر ُه اإلما ُم ُّ‬

‫المهدي في ِ‬ ‫ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫مان‪.‬‬ ‫آخ ِر َّ‬ ‫ُّ‬

‫آخر ّ‬ ‫األخير َة على َم َنه ِج النُّ ُب َّو ِة هي مرح َل ُة الدَّ و َل ُة ال ُعثمانِ َّي ِة‬ ‫فإن الخال َف َة‬ ‫َ‬ ‫وفي معنى َ‬ ‫سبيل ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫في ر ِ‬ ‫فعها ِشعار ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله‪ُ ،‬‬ ‫وخصوص ًا بعد َف ِ‬ ‫تح ال ُقس َطنطِينِ َّي ِة إلى مرح َل ِة‬ ‫هاد في‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فمراح ُل لها ما ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خرى‪.‬‬ ‫ناس ُبها من الن‬ ‫االنهيار‪ ،‬وأ ّما بعدَ ها‬ ‫ُ‬ ‫ُّصوص األُ َ‬ ‫وفي (المستدرك) عن ُع َم َر ِ‬ ‫الخ َّط ِ‬ ‫اب ؤ كان ُ‬ ‫يقول ّ‬ ‫بن َ‬ ‫األمر‬ ‫‪(:‬إن الله بدأ هذا َ‬ ‫حي�ن ب�دأ بِنُبو ٍة ورحم ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ورحم ٍة ‪ ،‬وثم‬ ‫�لطان‬ ‫�ة‪ ،‬ثم يعو ُد إلى خال َف ٍة‪ ،‬ث�م يعو ُد إلى ُس‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ َ َ‬

‫ِ‬ ‫ورحم ًة‪ ،‬ثم يعو ُد َج ِبر َّي� ًة فتتكا َدمون تكا ُد َم‬ ‫يع�و ُد ُمل�ك ًا‬ ‫يظه ُر ـ‬ ‫الحمي�ر)(((‪ ،‬فالذي َ‬ ‫َ‬

‫أن الت َ‬ ‫ش�ار إليه فيم�ا رواه الحاكم ّ‬ ‫والل�ه أعلم ـ ّ‬ ‫صر‬ ‫أن النُّ ُب َّ‬ ‫حم َة َع ُ‬ ‫والر َ‬ ‫�و َة َّ‬ ‫الم َ‬ ‫ّفصيل ُ‬ ‫�در الرس�ا َل ِة‪ُ ،‬ثم الخال َف ُة الر ِ‬ ‫اش�دَ ُة ‪ ،‬ثم ِ‬ ‫األمر من مفهو ِم اجتم�ا ِع ك َِل َمتِها‬ ‫يرج ُ‬ ‫�ع ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َص ِ ِّ‬

‫((( مسند أحمد (‪.)18903‬‬ ‫((( المستدرك (‪.)8459‬‬

‫‪184‬‬


‫هاد وإن كان القرار معلوالً بِ ِع َّل ِة الم ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫واستمرار ِ‬ ‫إلى ِح ِ‬ ‫راية ِ‬ ‫ِ‬ ‫لك‬ ‫يض ِة اإلسال ِم‬ ‫فظ َب َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(س�لطان ًا ورحم ًة)‬ ‫�ي‪ ،‬ففيها مرح َل ٌة تُدعى ُ‬ ‫العضوض خالل ال َعهد األُ َم ِو ِّي وال َع َّباس ِّ‬ ‫هد المرح َل ِة العب ِ‬ ‫آخر المرح َل ِة األُم ِوي ِة وأو َل َع ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس َّي ِة ‪،‬‬ ‫َ َّ‬ ‫َ َّ َّ‬ ‫تشم ُل َ‬ ‫ثم تعو ُد ُملك ًا ورحم ًة ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫تتحو ُل بعدُ إلى‬ ‫ث�م يع�و ُد َج ِبر َّي ًة‪ ، ،‬وفيها ورد قو ُل ُه‪ :‬ثم تتكا َدمون تكا ُد َم‬ ‫الحمير‪ ،‬ثم َّ‬ ‫وض ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرح َل ِة‬ ‫عف الدَّ و َل ِة‪.‬‬ ‫االنهيار َ‬

‫س�بيل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(الجه�اد وال َغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله)‬ ‫زو في‬ ‫الحدي�ث وبين‬ ‫وق�د ربط س� ِّيدُ نا ُع َم ُ�ر بين هذا‬ ‫بالج ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن منهج النُّبو ِة في ِ‬ ‫قائم ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�بيل‬ ‫هاد في‬ ‫َ‬ ‫ش�ير والل ُه أع َل ُم إل�ى َّ َ َ َ ُ َّ‬ ‫أحد معانيه ٌ‬ ‫وكأ َّن ُه ُي ُ‬ ‫يض ِة اإلسال ِم في ك ُِّل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫دولة إسالم َّي ٍة ونظا ٍم‪َّ ،‬‬ ‫وإن‬ ‫أهم َّي ِة الدِّ فا ِع عن َب َ‬ ‫الله‪ ،‬وفيه َم َ‬ ‫لح ٌظ ِّ‬ ‫هادها‪ ،‬أو َض ِ‬ ‫عف ِج ِ‬ ‫�ة بِ َض ِ‬ ‫ع�ف الدَّ و َل ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫رارها َّ ِ‬ ‫�رعي‪َ ،‬ف ِقيام ِ‬ ‫ع�ف ِر ِ‬ ‫جال َق ِ‬ ‫هاد‬ ‫َض َ‬ ‫ُ‬ ‫الش ِّ‬ ‫ِ‬ ‫َيان ب َ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِك ِش ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمحا َف َظ ِة على‬ ‫علي أمام األعداء واألضداد مع حفظ ك َ‬ ‫يضة اإلسال ِم ُ‬ ‫عار ف ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ ِ‬ ‫َ‬ ‫المقبول من ِم ِ‬ ‫نهاج النُّ ُب َّو ِة في المرح َل ِة‪.‬‬ ‫الحدَّ‬ ‫قيم َ‬ ‫الشعائ ِر واحترا ِم المشاع ِر ُي ُ‬

‫مراح ِل الم ِ‬ ‫بع�ض ِ‬ ‫العض�وض بمعنى من معاني ال َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫لك‬ ‫بول النِّس�بِ ِّي أيض ًا‬ ‫وتتق َّي�دُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫حديث (األئمة‬ ‫جود ُأم ِ‬ ‫كما هو في النَّص بِو ِ‬ ‫راء ُق َر ٍ‬ ‫أمر ُأ َّمتي صالح ًا حتى بعدي اثناعشر‬ ‫يش من قوله ‪« :m‬ال ُ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫يزال ُ‬ ‫َ‬ ‫كلهم من قريش)‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يمض َي اثنا َع َش َ�ر خليف ًة ُك ُّلهم من ُق َر ٍ‬ ‫رواية‪« :‬ال ُ‬ ‫األمر قائم ًا» ‪،‬‬ ‫يش»‪ .‬وف�ي‬ ‫يزال هذا ُ‬ ‫ٍ‬ ‫عشر خليف ًة ُك ُّلهم من ُق ٍ‬ ‫وحديث‪« :‬ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫يزال‬ ‫ريش‪،‬‬ ‫وفي رواية «عزيز ًا» حتى يكون اثنا َ‬

‫ناو َأهم عليه اثنا َع َش َ�ر خليف ًة ُك ُّلهم من ُق َر ٍ‬ ‫يش»‬ ‫نص ُ�رون على من َ‬ ‫األمر عزيز ًا ُي َ‬ ‫ه�ذا ُ‬ ‫متفق عليه(((‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫األمر ماضي� ًا» وأخرى «ال ُ‬ ‫يزال اإلسلا ُم عزي�ز ًا» وفي‬ ‫وف�ي رواي�ة‪« :‬ال يزال ه�ذا ُ‬ ‫ٍ‬ ‫رواية «ال ُ‬ ‫الس�يوطِ ُّي‬ ‫األمر صالح ًا إلى اثني َع َش َ�ر خليف ًة»‪ ،‬وقد َ‬ ‫تناو َل اإلما ُم ُّ‬ ‫يزال هذا ُ‬

‫((( البخاري (‪ )7222‬ومسلم (‪.)4815‬‬

‫‪185‬‬


‫الحديث ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمر قائم ًا من ِ‬ ‫عصر‬ ‫ش�رح هذا‬ ‫عياض وغيرهم‬ ‫والقاض�ي ُ‬ ‫َ‬ ‫وغيره واعتب�روا َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المهدي في ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأن ِ‬ ‫الر ِاش�دَ ِة وما بعدَ ه�ا(((‪ّ .‬‬ ‫آخ ِر‬ ‫األمراء هو اإلم�ا ُم‬ ‫هؤالء‬ ‫آخ َر‬ ‫ُّ‬ ‫الخال َف�ة ّ‬ ‫الز ِ‬ ‫مان‪.‬اهـ‪.‬‬ ‫ّ‬

‫األحاديث معنى األُم ِ‬ ‫أن ِ‬ ‫ِ‬ ‫تحديد األمراء‬ ‫راء االثنَي عشر ّ‬ ‫آخ َرهم‬ ‫قلت ـ والله أعلم‪ :‬ال ُيستفا ُد من‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫االثني عشر‬ ‫واقع النَّص ذاتِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫�ه‪ ،‬فاأل َمرا ُء االثنا َع َش َ�ر ُك ُّلهم‬ ‫لمخا َل َف ِة هذا‬ ‫ومراحلهم اإلم�ا ُم‬ ‫األم�ر َ ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫المه�دي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م�ن ُق َر ٍ‬ ‫لألحاديث‬ ‫االس�تقراء‬ ‫�ب‬ ‫الحك ِم‬ ‫العضوض و َينتَهي َح َس َ‬ ‫يش خالل مراح ِل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جم ِة الت ِ‬ ‫األمر بعد ذلك‬ ‫اس�ي على يد هوالكو‪ ،‬ويستَم ُّر ُ‬ ‫َّتار وإس�قاط الخلي َفة ال َع َّب ِّ‬ ‫بِ َه َ‬

‫ُ‬ ‫و(اله ْر ُج) ال‬ ‫و(الج ِبر َّي ُة)‬ ‫اله ْر ُج‪ .‬و(ال ُعت ُُّو)‬ ‫وج ِبر َّي ًة كما عبر عنه ‪ :m‬ثم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يكون َ‬ ‫ُعت َُّو ًا َ‬ ‫ِ‬ ‫(بقاء ِ‬ ‫أمر اإلسال ِم عزيز ًا )‪.‬‬ ‫َقيم مع‬ ‫يست ُ‬

‫وين َقطِ�ع األمر عن ُأم ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ق الدَّ و َل ِ‬ ‫يش النقطا ِع ن َ​َس ِ‬ ‫وتحو ِل ِ‬ ‫راء ُق َر ٍ‬ ‫األمر إلى‬ ‫الواحدَ ِة‬ ‫�ة‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫عهد ِ‬ ‫يش م َقس�م ًة على ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫الخال َف ِة‬ ‫يلات ُم َم َّز َق ٍة‪،‬‬ ‫ُد َو‬ ‫فتكون مرحل� ُة الخال َفة ألُ َمراء ُق َر ٍ ُ َّ َ‬ ‫ِ‬ ‫اس‪ ،‬بِص ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫األس�ماء‬ ‫�رف النَّ َظ ِر عن‬ ‫وعه�د بن�ي ُأ َم َّي َة‬ ‫اش�دَ ِة‬ ‫وبع�ض َعهد بن�ي ال َع َّب ِ َ‬ ‫ّ‬

‫مرحلة الهرج‬ ‫واالنفصام‬

‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫�م ِاة في الحديث‪،‬‬ ‫وسلا َمة الت ُّ‬ ‫مس َّ‬ ‫َّوج�ه ال َعا ِّم أو عدم سلا َمته‪ ،‬ثم مرحل�ة ا َل َه ْر ِج ا ُل َ‬ ‫ِ‬ ‫�ة العثمانِي ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض‬ ‫األخير ِة في‬ ‫اإلسلام َّي ِة‬ ‫راع َي ُة الخال َف ِة‬ ‫مرح َل ُة الدَّ و َل ُ َّ‬ ‫وتأت�ي بعدها َ‬ ‫َ‬ ‫الحميد ال ّثاني(((‪ ،‬أما ما بعدها فمرح َل ُة ُغ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الخليفة ِ‬ ‫ِ‬ ‫المرحلة إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫َتنَ ُّف ِ‬ ‫عبد‬ ‫عهد‬ ‫سات‬ ‫ثاء‬

‫((( قال القاضي عياض‪ :‬لعل المراد باالثني عش�ر في هذه األحاديث وما ش�ابهها أنهم يكونون‬ ‫في مدة عزة الخالفة وقوة اإلسالم واستقامة أموره واالجتماع على من يقوم بالخالفة‪.‬‬

‫((( ارتبطت الدولة العثمانية بالخالفة على مراحل‪:‬‬

‫األولى‪ :‬مرحلة استعادة شرف الدولة اإلسالمية بالجهاد في سبيل الله من عهد المؤسس‬

‫طغرل بك إلى عهد السلطان بايزيد‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬مرحلة حفظ بيضة اإلسلام وإقامة ش�عيرة الجهاد في س�بيل الل�ه واالنطواء تحت‬

‫راية الخالفة العباس�ية وتبدأ بانتصار الس�لطان بايزيد األول في معرك�ة نيكوبولي في بلغاريا‬

‫‪186‬‬


‫قرار الحك ِم ِ‬ ‫والعل ِم‪.‬‬ ‫وو َه ٍن َ‬ ‫وضيا ِع أما َنتَي ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫وفرنسا ووصول أخبار االنتصار إلى مصر ومنها إلى الخليفة العباسي المتوكل والذي أرسل‬

‫جوابا وتشريفا وخلعة وسيفا إلى بايزيد‪ ،‬ومعناه االعتراف ببايزيد سلطانا تحت إمرة الخليفة‪،‬‬

‫وبذلك أصبح بايزيد أول عثماني يحمل لقب سلطان في آل عثمان باسم الخالفة‪.‬‬

‫الثالثة‪ :‬عندم�ا أمر الس�لطان المملوكي (جقمق) باس�م الخالفة العباس�ية أن يذكر اس�م‬

‫الس�لطان مراد الثاني في خطبة الجمعة ويدعى له بعد الخليفة العباس�ي كما يدعى لش�هداء‬

‫الجنود العثمانيين بعد انتصارات مراد الثاني على ش�واطئ البحر األس�ود على األوروبيين‬

‫عام ‪ 848‬هـ (‪1444‬م)‪.‬‬

‫الرابعة‪ :‬بع�د انتص�ار الس�لطان محم�د الفات�ح ع�ام ‪ 874‬ه�ـ (‪ 1453‬م) وفت�ح مدين�ة‬

‫الفس�طنطينية وتسميته لها (إسالمبول) أي‪ :‬مدينة اإلسلام‪ ،‬وإرساله الرسائل إلى عواصم‬

‫بالد اإلسلام باالنتصار ومنها رس�الة إلى ش�ريف مكة وقراءة الرس�الة أمام الكعبة ودعاء‬ ‫المسلمين للفاتح بالنصر والتأييد‪.‬‬

‫الخامسة‪ :‬عن�د تولي الس�لطان س�ليم األول مقاليد الدولة في ‪ 933‬ه�ـ (‪ 1512‬م) ومد‬

‫نفوذ الدولة إلى كثير من البالد األوروبية ودفاعه المستميت عن البالد العربية أمام هجمات‬

‫البرتغال ثم مس�اندته للمماليك في ذلك‪ ،‬واس�تقرت به الش�ام ومصر حتى جرى الخالف‬

‫مجراه بين المماليك والس�لطان س�ليم ونش�بت الحرب مع الس�لطان الغوري وانتهت في‬

‫رج�ب ‪ 922‬ه�ـ بمعرك�ة م�رج دابق الت�ي قتل فيه�ا الس�لطان المملوكي الغ�وري وانتصر‬ ‫س�ليم األول وتوجه إلى مصر واس�تولى عليها وأنهى حكم المماليك واجتمعت له رايات‬ ‫الجميع وأرس�ل ش�ريف مكة أبونمي ولده إلى القاهرة ومعه مفاتيح مكة والمدينة (الكعبة‬ ‫والحجرات الشريفة) اعترافا بالخالفة العثمانية‪.‬‬

‫وعاد الس�لطان س�ليم األول إلى إسلامبول ومعه الخليفة المت�وكل وقاضي قضاة مصر‬

‫وجمل�ة من الوجه�اء والعلماء‪ ،‬وأقي�م حفل التنازل م�ن الخليفة المت�وكل وتولية الخليفة‬

‫العثمان�ي س�ليم األول ف�ي جامع أب�ي أيوب األنص�اري ‪ ،‬وق�ام الخليفة المت�وكل بإلباس‬ ‫الخليف�ة العثمان�ي الخلعة وقلده الس�يف على مرأى ومس�مع م�ن علماء الدول�ة العثمانية‬

‫وعلماء مصر والش�ام وانتقلت الخالفة رسميا من العباس�يين إلى العثمانيين وأصبح سليم‬ ‫األول أول خليف�ة عثماني يحكم دولة الخالفة اإلسلامية ‪ ،‬واس�تمر م�ن بعده الخلفاء بين‬ ‫الق�وة والضعف حتى عه�د الخليفة عبدالحمي�د الثاني وكان آخر خلف�اء الدولة العثمانية‪،‬‬

‫‪187‬‬


‫مرحلة المهدي‬ ‫مستقلة بذاتها عن‬ ‫مدلول مرحلة‬ ‫األمراء االثني‬ ‫عشر‬

‫بحديث األُم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫راء‬ ‫المهد ِّي فهي عال َم ٌة ُمس�ت َِق َّل ٌة بِذاتِه�ا ال تَرتَبِ ُط‬ ‫أم�ا مرح َل ُة اإلما ِم‬ ‫َ‬ ‫اله َر ِج اآلتِ َي ِة بين المرحلت ِ‬ ‫االثنا َع َش َ�ر من ُق َر ٍ‬ ‫يش َّ‬ ‫َي�ن قد َف َصلت بين َُهما‪،‬‬ ‫ألن مرح َل� َة َ‬ ‫يزال ه�ذا األمر قائم ًا حتى ي ِ‬ ‫حديث «ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫مضي اثنا َع َش َ�ر خلي َف ًة‬ ‫ويؤ ِّي�دُ ه�ذا المعنى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُك ُّلهم من ُق ٍ‬ ‫«فلما رجع إلى َم ِنزلِه ‪َ m‬أتَت ُه ُق َر ٌ‬ ‫يش قالوا‪:‬‬ ‫ريش» وعند أبي داود زيا َدةُ‪ّ :‬‬ ‫(((‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يك�ون ماذا؟ ق�ال ‪ :‬ثم‬ ‫ث�م‬ ‫الس�يوطِ ُّي إل�ى أن مرح َل َة‬ ‫يكون َ‬ ‫اله َر ُج؟» ‪ ،‬وقد أش�ار ُّ‬ ‫ؤذ َن ُة بِقيا ِم الس ِ‬ ‫الف َتن الم ِ‬ ‫الهر ِج هي ِ‬ ‫روج الدَّ َّج ِ‬ ‫اعة من ُخ ِ‬ ‫ال وما بعده‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َْ‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُّصوص والل ُه أع َل ُم ّ‬ ‫ور َّبما‬ ‫اله ْر َج كان س�ابق ًا لذلك‬ ‫واألقر ُب إلى فه ِم الن‬ ‫أن َ‬ ‫بكثير ُ‬ ‫َ‬ ‫مبتدأ مرحلة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫والصليبِ ِّيين وانقس�ا ِم‬ ‫اله ْ�ر ِج بِ َهجمات التَّتار‬ ‫وتيمورلنك َّ‬ ‫الهرج المنصوص َص َّح االس�تقرا ُء أن ُمبتَدَ َأ َ‬ ‫عليه بالهجمات‬ ‫ِ‬ ‫تناز َع ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫�ة و ُمت ِ‬ ‫يلات ُم ِ‬ ‫�قوط‬ ‫َحار َب ٍة‪ ،‬أي‪ :‬بدأت المرحل ُة بِ ُس‬ ‫اإلسلام ِّي إلى ُد َو‬ ‫العا َل� ِم‬ ‫المغولية‬ ‫والصليبية‬

‫تح ال ُقسطنطينِي ِة‪ ،‬وتبدأ مرح َل ُة ِح ِ‬ ‫الفة العب ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس َّي ِة على َي ِد الت ِ‬ ‫َّتار وانتهت بِ َف ِ‬ ‫يض ِة‬ ‫فظ َب َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األو ِل عام‬ ‫السلطان سلي ٍم َّ‬ ‫مر ًة أخرى على َيد ُّ‬ ‫اإلسال ِم و ُع ُل ِّو راية الخال َفة اإلسالم َّية َّ‬ ‫ولة الخال َف ِة العثمانِي ِة بِس ِ‬ ‫نهاية د ِ‬ ‫‪ 923‬هـ ‪ 1517 /‬م‪ ،‬واستمرت حتى ِ‬ ‫قوط الس ِ‬ ‫لطان‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َّ ُ‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المهدي‬ ‫المراحل‪ .‬أما عهدُ اإلما ِم‬ ‫بعض‬ ‫وو َه ٍن في‬ ‫ِّ‬ ‫عبدالحميد ال َّثاني ‪ ،‬على َضعف َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أعلم‪.‬‬ ‫َف ُم َتنَ َّف ٌس ُمست َِق ٌّل بذاتِ ِه له أحادي ُث ُه‬ ‫المناس ُ‬ ‫الخاص ُة وف ُ‬ ‫َّ‬ ‫ب والل ُه ُ‬ ‫قه ُه ُ‬

‫ِ​ِ‬ ‫لطو َل الل� ُه ذلك اليو َم حتى ُيب َع َث فيه‬ ‫وم�ن أحاديثه‪«:‬ل�و لم َي َبق من الدنيا إال يو ٌم َّ‬ ‫ٍ‬ ‫أهل بيتي يواطِئ اس�مه ِ‬ ‫ِ‬ ‫حديث‬ ‫اسم أبي» زا َد في‬ ‫اسمي‬ ‫ُ​ُ‬ ‫َر ُج ٌل منِّي أو من ِ َ ُ‬ ‫واسم أبيه َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫آخ َر‪( :‬يم ُ‬ ‫َ‬ ‫أل‬ ‫وجور ًا»(((‪.‬‬ ‫األرض قسط ًا و َعدالً كما ُمل َئت ُظلم ًا َ‬ ‫وأما بعده فكان ثالثة سالطين تحت إمرة االتحاديين ومن معهم من يهود الدونمة‪.‬‬

‫((( سنن أبي داود (‪.)4283‬‬

‫((( سنن أبي داود (‪ ، )4284‬وتتلخص حصانة هذه المراحل في ثالثة أنواع‪:‬‬

‫‪ -1‬حصانة مرحلة الخالفة الراشدة‪ ،‬بالنص «ثالثون عاما» وباالجتهاد وبالمواقف‪.‬‬

‫‪188‬‬


‫ِ‬ ‫جم ِة الت ِ‬ ‫قوط ِ‬ ‫(‪ُ )19‬س ُ‬ ‫َّتار‬ ‫قرار الخالفة بِ َه َ‬

‫ِ‬ ‫تاريخ اإلسلا ِم‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫قرار األُ َّم ِة‬ ‫المراحل في‬ ‫وهذه المرحلة من َأش�دِّ‬ ‫حيث َ‬ ‫تج َّزأ فيها ُ‬ ‫عاصم َة ِ‬ ‫ٍ‬ ‫إلى دو ٍ‬ ‫َّتار ِ‬ ‫وإمارات صغير ٍة‪ ،‬وكان مبتَدَ ُأ ذلك بِدُ ِ‬ ‫خول الت ِ‬ ‫الخال َف ِة بغدا َد‬ ‫يالت‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫رق البِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫ِ‬ ‫الد و َق ِ‬ ‫سنة ‪ 565‬هـ و َق ِ‬ ‫وتدمير‬ ‫والصالحين‬ ‫تل ال ُع َلماء ّ‬ ‫تل الخليفة الع ّباس ِّي َ‬ ‫الع ِ‬ ‫المكتبات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫السيوطِ ُّي في «تاريخ‬ ‫خراب‬ ‫والمساج ِد وما تالها من‬ ‫لم َّي ِة‬ ‫ودمار ‪ ،‬قال ُّ‬ ‫الخ ِ‬ ‫الخ َب ِر الم ِ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫لف�اء» عن هذا َ‬ ‫ُ‬ ‫األخبار‬ ‫وخبر يطوي‬ ‫األحاديث‬ ‫حديث يأك ُ​ُل‬ ‫فجعِ‪ :‬هو‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬

‫ناز َل� ًة ِ‬ ‫وناز َل ٌة ت َُص ِّغ ُر ك َُّل ِ‬ ‫َّواريخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫األرض وتم َل ُؤها ما‬ ‫تطوف‬ ‫وفاد َح ٌة‬ ‫وتاريخ ُينس�ي الت‬ ‫ُ‬ ‫بين ال ُّط ِ‬ ‫ول وال َع ِ‬ ‫رض‪ .‬اهـ ‪ .‬وفي ذلك ُ‬ ‫يقول ‪ّ : m‬‬ ‫ب ُأ َّمتي‬ ‫«إن بني قنطورا َّأو ُل من َس َل َ‬ ‫ِ‬ ‫حديث ُم ِ‬ ‫ِ‬ ‫عاو َي َة‪ ،‬قال اب ُن َح َج ٍر في‬ ‫الطبراني من‬ ‫ُملكَهم» أخرجه‬ ‫«الفتح»‪ :‬وكأنه ُيريدُ‬ ‫ُّ‬

‫المحنَ ُة ِ‬ ‫�ب ال ُأم ُة الدَّ عو ِة‪ .‬اهـ‪ .‬و َفتَحت ه�ذه ِ‬ ‫يق�ول‪ُ « :‬أ َّمتي» ُأ َّم ُة الن َ​َّس ِ‬ ‫أبواب‬ ‫والفتنَ ُة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫والالح َق ِة‪ ،‬حتى َع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ودة ال َق ِ‬ ‫اإلسالمي بِ َبني ُع َ‬ ‫ثمان سنة ‪ 874‬هـ‪.‬‬ ‫رار‬ ‫السابِ َق ِة‬ ‫ِّ‬ ‫الفت َِن َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صالح الدِّ ِ‬ ‫المرح َلت ِ‬ ‫وبي�ن هات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين‬ ‫كانتص�ار‬ ‫الوقائ ِع اإليجاب َّي ِة‬ ‫بع�ض‬ ‫َي�ن‬ ‫َين وقعت ُ‬ ‫َ‬ ‫س‪ ،‬وكاجتما ِع ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وفتح ب ِ‬ ‫المقد ِ‬ ‫صر ّ‬ ‫والش�ا ِم على‬ ‫ي�ت‬ ‫الصليبِ ِّيي َن ِ َ‬ ‫�ي عل�ى َّ‬ ‫أهل م َ‬ ‫األ ُّيوبِ ِّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ (((‬ ‫ِ‬ ‫قاو َم ِة التَّتار‬ ‫الس‬ ‫كم ِة‬ ‫�لطان ُق َ‬ ‫لم َ‬ ‫طز الذي ُل ِّق َ‬ ‫َ‬ ‫الم َظ َّف ِر ُ‬ ‫بالملك ُ‬ ‫ب َ‬ ‫تعيين ُّ‬ ‫واستطاع بِح َ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫زيم َة الت ِ‬ ‫معرك َِة َع ِ‬ ‫جالوت َّ‬ ‫هير ِة‬ ‫ين‬ ‫َ‬ ‫الش َ‬ ‫َّتار في َ‬ ‫والرعايا َه َ‬ ‫قا َدته واجتما ِع كَل َمة ال ُع َلماء َّ‬ ‫‪ -2‬حصانة مرحلة الملك العضوض‪ ،‬بحفظ بيضة اإلسالم وقيام الجهاد في سبيل الله‪.‬‬

‫‪ -3‬حصان�ة مراح�ل الدويالت والغثاء‪ ،‬لي�س حصانة للقرار‪ ،‬وإنما بحفظ اإلسلام في‬

‫الخويصة والخاصة‪ ،‬وبقاء الخير في األمة‪.‬‬

‫((( أجم�ع المؤرخون على أن المماليك بقيادة الس�لطان قطز قد انتصروا على المغول انتصارا‬ ‫عالميا في معركة (عين جالوت) حيث عجزت كل من الدولة الخوارزمية والدولة العباسية‬ ‫ع�ن مقاومتهم‪ ،‬وبهذا اكتس�بت دول�ة المماليك مركز الصدارة بين دويلات العالم العربي‬ ‫واإلسالمي آنذاك‪.‬‬

‫‪189‬‬

‫سقوط قرار‬ ‫الخالفة على‬ ‫يد التتار عالمة‬ ‫وسطى‬


‫�لطان بيبرس وتس�مى بالم ِل ِك ال َّظ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫اه ِر‪،‬‬ ‫الس‬ ‫في ‪15‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫رمضان س�ن َة ‪ 658‬هـ‪ ،‬ثم تع َّي َن ُّ‬ ‫قبل من أن ينت َِص َر على ُج ِ‬ ‫بيبرس من ُ‬ ‫الصليبِ ِّيين الذين تحا َلفوا مع‬ ‫وق�د تم َّك َن‬ ‫يوش َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الت ِ‬ ‫الشا ِم وأقام َدول ًة ِ‬ ‫المدَ ن العديدَ َة في َّ‬ ‫للمماليك حتى وفاتِ ِه‬ ‫قو َّي ًة‬ ‫َّتار واس�تر َّد منهم ُ‬ ‫سنة ‪ 676‬هـ (‪ 1278‬م) ‪.‬‬

‫‪190‬‬


‫معركة عين جالوت ‪ ،‬المصدر أطلس التاريخ الحديث ص‪8‬‬

‫ِ‬ ‫وهك�ذا ظ َّلت بال ُد المس�لمين ُم َج َّ�زأ َة ال َق ِ‬ ‫االس�تقرار ُ‬ ‫اآلفات‬ ‫تنخ ُرها‬ ‫عديم َة‬ ‫�رار‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫والز ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫والف َتن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫رادشتِ َّي ِة‬ ‫كر َّي ُة‬ ‫والمعت َِز َل ِة والباطِنِ َّي ِة َّ‬ ‫ُ‬ ‫القديم ُة والجديد ُة كفتنَة القرام َطة ُ‬ ‫َ‬ ‫والهندوس�ي ِة والقاديانِي ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ة والرافِ َض ِ‬ ‫�ة والمانَوي ِ‬ ‫والمودكي ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ة والن ِ‬ ‫َّواص ِ‬ ‫�ة‬ ‫والس� َب ِئ َّي ِة‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫�ب َّ‬ ‫ِ‬ ‫والبهائ َّي ِة ِ‬ ‫وغيرها‪.‬‬

‫ترويه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويص�دُ ُق فيه�ا َق ُ‬ ‫عائ َش� ُة ؤا‪َّ :‬‬ ‫�ق عن اله�وى ‪ m‬فيما‬ ‫أن‬ ‫ول َمن ال ينطِ ُ‬ ‫َّهار مشت َِم ً ِ‬ ‫رسول ِ‬ ‫َ‬ ‫حم َّر ٍة عيناه وهو ينادي‬ ‫ذات َيو ٍم نِ َ‬ ‫الله ‪ m‬خرج َ‬ ‫ال بِ َثوبِه ُم َ‬ ‫صف الن ِ ُ‬ ‫الف َتن ِ‬ ‫بأعل�ى صوتِ ِه‪« :‬أيه�ا النَّاس‪ ،‬أظ َّلتكُ�م ِ‬ ‫ِ‬ ‫كق َط ِع ال َّل ِ‬ ‫َّاس‪ ،‬لو‬ ‫المظل ِم‪ ،‬أ ُّيه�ا الن ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ي�ل ُ‬ ‫وض ِحكتم قليالً»(((‪.‬‬ ‫تعلمون ما أع َل ُم ل َبكَيتُم كثير ًا َ‬

‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وع�ن أب�ي هرير َة ؤ َّ‬ ‫�م ل َبكَيتم‬ ‫أن‬ ‫رس�ول الل�ه ‪ m‬قال‪« :‬ل�و تعلمون ما أع َل ُ‬ ‫كثي�ر ًا َ ِ‬ ‫يظه ُر الن ُ‬ ‫َّهم األمي ُن‪،‬‬ ‫ولضحكتُم قليالً‪َ ،‬‬ ‫حم ُة و ُيت ُ‬ ‫الر َ‬ ‫ِّفاق وتُر َف ُع األما َن ُة وتُق َب ُض َّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الج ُ‬ ‫الج ُ‬ ‫األمين‪ُ ،‬‬ ‫ون) قالوا‪ :‬وما ُّ‬ ‫أناخ بكم ُّ‬ ‫رسول‬ ‫ون يا‬ ‫غير‬ ‫الش ُ‬ ‫الش ْر ُ‬ ‫رف ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ويؤت َ​َم ُن ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يل الم ِ‬ ‫ظل ِم» رواه ابن حبان(((‪.‬‬ ‫الله؟ قال‪« :‬ف َت ٌن كَق َط ِع ال َّل ِ ُ‬

‫ِ‬ ‫ف وهي النَّا َق ُة ا ُل ِ‬ ‫شار ٍ‬ ‫ِ‬ ‫جمع ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫�رف ‪-‬بِ َض ِّم ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫مسنَّ ُة‪،‬‬ ‫وبالفاء‪-‬‬ ‫الر ِاء‬ ‫والش ُ‬ ‫ُ‬ ‫وسكون َّ‬ ‫ين ُ‬ ‫ِ‬ ‫األثير‪( :‬ش�به ِ‬ ‫وامتداد أوقاتِها بالن ِ‬ ‫ِ‬ ‫والج ُ‬ ‫ُّوق‬ ‫الف َت َن في اتِّصالها‬ ‫الس�و ُد ‪ ،‬قال اب ُن‬ ‫َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ون ‪ُّ :‬‬ ‫بالقاف ‪-‬يعني ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الم ِسن َِّة الس ِ‬ ‫ُ‬ ‫الفت َِن التي تجي ُء من ِج َه ِة‬ ‫الحديث‬ ‫روى هذا‬ ‫ود)((( و ُي َ‬ ‫المشرق(((‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫((( مسند أحمد (‪.)25255‬‬

‫((( صحيح ابن حبان (‪.)6706‬‬

‫((( النهاية (‪. )1142 :2‬‬

‫((( إتحاف الجماعة (‪.)66 :1‬‬

‫‪191‬‬


‫أحاديث الفتن‬

‫بعضكم بعض ًا» وق�د روا ُه اب ُن ِح َّب َ‬ ‫ُ‬ ‫ان في صحيحه‬ ‫وحديث «س�تأتوني أفناد ًا ُيفنِي ُ‬ ‫رسول الله ‪ m‬وهو يوحى إليه فقال‪« :‬إنِّي غير البِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ث‬ ‫ولف ُظ ُه قال‪ُ « :‬كنَّا ُجلوس ًا عند‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فيك�م ولس�تُم البِثين بعدي إال قلي ً‬ ‫بعضكم بعض ًا‪ ،‬وبين‬ ‫ال ‪ ،‬وس�تأتوني أفناد ًا ُيفن�ي ُ‬

‫يدي الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫اعة‬ ‫الز ِل»(((‪.‬‬ ‫موتان شديدٌ وبعده َسن ُ‬ ‫َوات َّ‬ ‫ّ‬

‫المرحلة ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪ )20‬قيام د ِ‬ ‫وفتح ال ُقس َطنطينِ َّي ِة ُق َ‬ ‫ثائ َّي ِة‪:‬‬ ‫بيل‬ ‫ولة الخال َف ِة اإلسالم َّي ِة‬ ‫األخيرة ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫فتح القسطنطينية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّمزق والدُّ ويالت عو َد ُة القراراإلسلام ِّي‬ ‫الوس�طى في آخ ِ�ر مراح ِل الت ُّ‬ ‫عالمة وسطى ومن العالمات ُ‬ ‫مدينة ال ُقس َطنطينِي ِة التي وعَدَ ‪ m‬المسلمين بِ َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫تحها‪.‬‬ ‫وفتح‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫العا َلمي‪ُ ،‬‬

‫ِ‬ ‫القرار اإلسالمي على ِ‬ ‫ِ‬ ‫األتراك ال ُعثمانِ ِّيين الذين َ‬ ‫آباؤهم‬ ‫يد‬ ‫وكان ُمبتَدَ ُأ عو َد ِة‬ ‫دخل ُ‬ ‫ِّ‬ ‫تال الت ِ‬ ‫ُّرك قال‪« :‬وت ِ‬ ‫ذك�ر ِه لِ ِق ِ‬ ‫َّبي ‪ m‬بعد ِ‬ ‫إل�ى اإلسلا ِم ‪ ،‬وفيهم ين َطبِ ُق َق ُ‬ ‫َجدون‬ ‫ول الن ِّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّاس أش�دَّ هم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم�ن َخ ِير الن ِ‬ ‫يارهم‬ ‫كراه َي ًة لهذا‬ ‫األم�ر حتى َي َق َع فيه‪ ،‬والن ُ‬ ‫ّ�اس َمعاد ُن خ ُ‬

‫ِ​ِ ِ ِ‬ ‫يارهم في اإلسلا ِم»(((‪ ،‬وكان من ِخ ِ‬ ‫يارهم بال َش ٍّ‬ ‫ؤس ُس الدَّ و َل ِة‬ ‫في الجاهل َّية خ ُ‬ ‫�ك ُم ِّ‬ ‫ال ُعثمانِ َّية(((‪.‬‬ ‫((( صحيح ابن حبان (‪. )6646‬‬ ‫((( صحيح البخاري (‪.)3588‬‬

‫((( عثم�ان بن طغرل ال�ذي وصفته مراجع التاري�خ بالعدل والحكمة والوفاء والصبر والش�جاعة‪،‬‬ ‫ولم يؤس�س عثمان دولته حبا في الس�لطة وإنما حبا في نشر اإلسلام‪ ،‬ويقول أوغلو‪ :‬لقد كان‬ ‫عثمان بن أرطغرل يؤمن إيمانا عميقا بأن وظيفته الوحيدة في الحياة هي الجهاد في س�بيل الله‬

‫إلعلاء كلم�ة الل�ه ‪ ،‬وق�د كان مندفعا بكل حواس�ه وقواه نح�و تحقيق هذا اله�دف‪ .‬اهـ‪ .‬وفي‬ ‫التاري�خ العثماني المصور عبارات هامة في وصية عثمان ألبنائه وأصدقائه تبرز مقومات دولته‬

‫اإلسلامية الثابتة‪ ،‬فهاهو يقول‪ :‬وارعوا علو الدين اإلسلامي الجليل بإدامة الجهاد في س�بيل‬

‫الله‪ ،‬أمس�كوا راية اإلسلام الش�ريفة في األعلى بأكمل جهاد‪ ،‬اخدموا اإلسلام دائما‪ ،‬اذهبوا‬ ‫بكلمة التوحيد إلى أقصى البلدان بجهادكم في سبيل الله‪ .‬وفي كتاب «مأساة بني عثمان» نجد‬

‫وصي�ة أخ�رى لولده يقول فيها‪ :‬ي�ا بني إني أنتقل إل�ى جوار ربي وأنا فخور بك بأنك س�تكون‬

‫‪192‬‬


‫ِ‬ ‫وفيه�ا أي‪ :‬ف�ي مرح َل ِ‬ ‫َّب�ي ‪ m‬بِ َف ِ‬ ‫ت�ح‬ ‫�ة ال ُعثمانِ ِّيي�ن‬ ‫األت�راك تح َّق َ‬ ‫�ق أيض� ًا وع�دُ الن ِّ‬ ‫لطان العثمانِي الساب ِع في ِس ِ‬ ‫ال ُقس َطنطِينِي ِة على ي ِد محم ٍد الفاتِ ِح ‪ ،‬الس ِ‬ ‫لس َل ِة آل ُع َ‬ ‫ثمان‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ ُ َ َّ‬ ‫وواس� ِع ِهمتِ ِه و ُق ِ‬ ‫يوش ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫وال�ذي تَم َّكن بِ َف ِ ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫للج ِ‬ ‫عزيمتِ ِه من‬ ‫َّ‬ ‫س�ن إعداده ُ‬ ‫ضل الله ُ‬ ‫َ َ‬ ‫�وة َ‬ ‫َّ‬

‫ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫دء َحم َلتِ ِه العس�ك َِر َّي ِة في ‪ 13‬رمضان س�نة ‪ 805‬هـ ُمبت َِدئ ًا بِ ِح ِ‬ ‫واإلعداد‬ ‫صار المدين َِة‬ ‫َ‬ ‫حامه�ا حت�ى تَم َّكن من ذل�ك وتح َّق َق ال َفتح على ي ِ‬ ‫القتِ ِ‬ ‫�د ِه‪ ،‬وجع َلها ِ‬ ‫عاص َم� َة الدَّ و َل ِة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫فتح ال ُقسطنطِينِ َّي ِة‬ ‫ب «إسالم بول» أي‪ :‬مدين َة اإلسال ِم‪ .‬و ُيع َت َب ُر ُ‬ ‫ال ُعثمان َّية وأط َل َق عليها َل َق َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫العالمي ُ‬ ‫أحداث الت ِ‬ ‫تاريخ أوروبا وعالقتِها باإلسال ِم‪.‬‬ ‫وخصوص ًا‬ ‫ّاريخ‬ ‫من َأ َه ِّم‬ ‫َ‬

‫رس�ول ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله ‪ m‬في قوله‪َ « :‬لتُفت َ​َح َّن‬ ‫لس�ان‬ ‫َّصر الموعو ُد على‬ ‫وتح َّق َق على َيده الن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الج ُ‬ ‫يش َج ُ‬ ‫ع�م‬ ‫يش�ها» رواه أحمد (((‪ .‬وفي‬ ‫ع�م َ‬ ‫أميرها‪ ،‬و َلن َ‬ ‫األمير ُ‬ ‫ُ‬ ‫ال ُقس� َطنطين َّي ُة‪َ ،‬ف َلن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫الجيش‬ ‫عم‬ ‫عم‬ ‫أميره�ا و َلن َ‬ ‫األمير ُ‬ ‫ُ‬ ‫رواي�ة ‪َ « :‬لتُفت َ​َح َّن ال ُقس� َطنطين َّي ُة على َي�د َر ُج ٍل‪َ ،‬ف َلن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫َ‬ ‫واس�تم َّر بعدها في َف ِ‬ ‫ذل�ك‬ ‫واليون�ان ورومانيا وألبانيا‬ ‫رب‬ ‫الجيش»(((‪.‬‬ ‫تح بِالد ِّ‬ ‫َ‬ ‫عادال في الرعية مجاهدا في سبيل الله لنشر دين اإلسالم ‪ .‬يا بني‪ ..‬أوصيك بعلماء األمة ‪ ..‬أدم‬

‫رعايتهم وأكثر من تبجيلهم وانزل على مشورتهم فإنهم ال يأمرون إال بخير‪ .‬يابني إياك أن تفعل‬ ‫أمرا ال يرضي الله عز وجل‪ ،‬وإذا صعب عليك أمر فاسأل علماء الشريعة فإنهم سيدلونك على‬ ‫الخي�ر‪ ،‬واعل�م يا بني أن طريقنا الوحيد في هذه الدنيا هو نش�ر دين الله‪ ،‬وأننا لس�نا طالب جاه‬ ‫وال دنيا ‪ .‬اهـ‪.‬انظر «الدولة العثمانية‪ ..‬عوامل النهوض وأسباب السقوط» ص‪ .52‬وكانت هذه‬

‫الوصية منهاجا سار عليه العثمانيون منذ مبتدأ أمرهم حتى عهد االنهيار والضعف‪.‬‬

‫((( مسند أحمد (‪.)19471‬‬

‫((( ولع�ل الوقوف عند هذا الحديث الش�ريف وما يحمله من معان عظيمة في ش�رف المعركة‬ ‫والمرحلة والجيش واألمير يعيد لنا ش�يئا من ش�رف هذه الرس�الة العظيمة وما يحمله فيها‬

‫فقه التحوالت من بشائر وإشارات يجري تحقيقها على أيدي جنود الله في الوقت المحدد‬

‫بأم�ر الله ‪ ،‬ومن ثم يمك�ن متابعة قراءة وقائع المعارك والفتوحات وإس�قاط دالالتها على‬ ‫عظمة النصوص النبوية المعبرة عن سير الحركة التاريخية المرتبطة بشرف الديانة‪.‬‬

‫‪193‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫باألستا َن َة ‪.‬‬ ‫والبوسنة والهرسك حتى وفاته في ربيع األول عام ‪ 886‬هـ و ُدفِ َن‬

‫َّسر‬ ‫الكبير‪ .‬وأوصى الفاتِ ُح ابنه بايزيدَ‬ ‫بعض األوروب ِّيين عن وفاته‪َ :‬‬ ‫وكتب ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫مات الن ُ‬ ‫ٍ‬ ‫بِو ِصي ٍ‬ ‫آس�ف ألني ِ‬ ‫تار ٌك َخ َلف ًا ِمث َل َك‪.‬‬ ‫أموت‪ ،‬ولكني غير‬ ‫عظيم ٍة قال فيها‪ :‬ها أنذا‬ ‫�ة‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫عادالً صالِح ًا ر ِحيم ًا ‪ ،‬وابس�ط على الر ِعي ِ‬ ‫كن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫واعمل على‬ ‫تمييز‪،‬‬ ‫�ة ِحما َيتَك بِدُ ون‬ ‫َّ َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫واجب الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫فإن هذا هو ِ‬ ‫األرض‪َ ،‬قدِّ ِم االهتما َم بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫نشر الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالم ِّي‪َّ ،‬‬ ‫أمر‬ ‫لوك على‬ ‫ين‬ ‫ُ ُ‬ ‫الدِّ ين على ك ُِّل َش ٍ‬ ‫�يء‪ ،‬وال تَفتُر في الموا َظب ِة عليه‪ ،‬وال تس�ت ِ‬ ‫األشخاص الذين‬ ‫َخدم‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ال يهت َُّمون بِ ِ‬ ‫حش‪ ،‬وجانِ ِ‬ ‫الكبائ َر وين َغ ِمس�ون في ال ُف ِ‬ ‫ب البِدَ َع‬ ‫أمر الدِّ ين وال َيجتَنِبون‬

‫بالج ِ‬ ‫وباع�د الذي�ن يحرضونك عليها ‪ ،‬وس�ع رقع َة البِ ِ‬ ‫فس�دَ ةَ‪ِ ،‬‬ ‫الم ِ‬ ‫لاد ِ‬ ‫واحرس‬ ‫هاد‬ ‫َ ِّ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫أم�وال ب ِ‬ ‫اك أن تَمدَّ َيدَ َك إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫المال من أن تت َبدَّ َد‪ ،‬إ ّي َ‬ ‫مال َأ َح ٍد من َر ِع َّيتِك إال بِ َح ِّق‬ ‫ي�ت‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫وابذل إكرام َك للمست ِ‬ ‫للم ِ‬ ‫عوزين ُقوت َُهم‪ُ ،‬‬ ‫َح ِّقين ‪.‬‬ ‫اإلسال ِم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫واضمن ُ‬ ‫َ‬

‫المبثوث�ة في ِجس� ِم الدَّ و َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبم�ا َّ‬ ‫�ة‪َ ،‬ف َع ِّظ�م جانِ َبهم‬ ‫�و ِة‬ ‫أن ال ُع َلم�ا َء ه�م بِ َمثا َب�ة ال ُق َّ‬ ‫آخر فاست ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫إليك ِ‬ ‫َقدم ُه َ‬ ‫َ‬ ‫وأكرم ُه‬ ‫بالمال‪.‬‬ ‫وش ِّجعهم ‪ ،‬وإذا َس ِم َ‬ ‫عت بِ َأ َحد منهم في َب َلد َ َ‬ ‫المال وال الجندُ ‪ ،‬وإياك أن ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يغرن َ​َّك ُ‬ ‫ُبعدَ أهل َّ‬ ‫الشري َع ِة عن بابِ َك‪،‬‬ ‫حذار‬ ‫ُ‬ ‫حذار ‪ ،‬ال ُّ‬ ‫ف�إن الدِّ ي َن غا َيتُنا ‪ِ ،‬‬ ‫وإ َّي�اك أن ت َ‬ ‫الش�ري َع ِة‪َّ ،‬‬ ‫ف أحكا َم َّ‬ ‫والهدا َي َة‬ ‫أي َع َم ٍل ُيخالِ ُ‬ ‫َميل إلى ِّ‬

‫َم َنه ُجنا ‪ ،‬وبذلك انت َ​َصرنا‪.‬‬

‫ُخذ ِمنِّي هذه ِ‬ ‫صغير ٍة‪ ،‬فأعطاني الل ُه تعالى هذه‬ ‫رت هذه البال َد َكنَم َل ٍة‬ ‫الع َبرةَ‪َ :‬ح َض ُ‬ ‫َ‬ ‫واحذ َح ِ‬ ‫تعزيز هذا الدِّ ين وت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َوقير‬ ‫واعمل على‬ ‫ذوي ‪،‬‬ ‫فالزم َمس َلكي‪،‬‬ ‫النِّ َع َم الجليل َة‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫أموال الدَّ و َل ِة في تَ�ر ٍ‬ ‫أهل ِ‬ ‫ِ‬ ‫لهو وأك َث َر ِمن َق ِ‬ ‫ف أو ٍ‬ ‫�ه وال ِ‬ ‫َ‬ ‫در ال ُّلزو ِم َفإِ َّن ذلك ِمن‬ ‫تصرف‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الهالك‪.‬‬ ‫أسباب‬ ‫أع َظ ِم‬

‫‪194‬‬


‫مخطط توسع الدولة العثمانية ‪ ،‬أطلس التاريخ الحديث ص‪62‬‬

‫‪195‬‬


‫ﺳﻼﻃﲔ ﺁﻝ ﻋﺜﲈﻥ‬ ‫»ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻘﻮﺓ«‬ ‫ﺳﻠﻴﲈﻥ‬

‫ﺃﺭﻃﻐﺮﻝ‬ ‫‪ ١‬ﻋﺜﲈﻥ ﺍﻷﻭﻝ‬ ‫‪٧٢٥ - ٦٥٠‬‬ ‫‪ ٢‬ﺃﻭﺭﺧﺎﻥ‬ ‫‪٧٦٢ - ٧٢٥‬‬ ‫‪ ٣‬ﻣﺮﺍﺩ ﺍﻷﻭﻝ‬ ‫‪٧٩٢-٧٦٣‬‬ ‫‪ ٤‬ﺑﺎﻳﺰﻳﺪ ﻳﻠﺪﺭﻡ ‪ -‬ﺍﻟﺼﺎﻋﻘﺔ‬ ‫‪٨٠٠-٧٩٢‬‬ ‫ﻓﱰﺓ ﺧﻼﻓﺎﺕ ﺑﲔ ﺃﻭﻻﺩ ﺑﺎﻳﺰﻳﺪ ﻭﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﺍﻷﺟﻨﺒﻲ )ﻣﻐﻮﻝ(‬ ‫‪٨٢٥-٨١٦‬‬ ‫‪ ٥‬ﳏﻤﺪ ﺍﻷﻭﻝ‬

‫ﺳﻠﻴﲈﻥ‬

‫ﻣﻮﺳﻰ‬

‫ﺛﻢ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﳌﻐﻮﻝ ﻭﺍﻧﻔﺮﺩ ﳏﻤﺪ ﺍﻷﻭﻝ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ‬ ‫‪٨٢٥-٨١٦‬‬ ‫‪ ٦‬ﻣﺮﺍﺩ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬ ‫‪٨٥٥-٨٢٥‬‬ ‫‪ ٧‬ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺜﺎﲏ ‪ -‬ﺍﻟﻔﺎﺗﺢ‬ ‫‪٨٨٦-٨٥٥‬‬ ‫‪ ٨‬ﺑﺎﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬ ‫‪٩١٨-٨٨٦‬‬ ‫‪ ٩‬ﺳﻠﻴﻢ ﺍﻷﻭﻝ‬ ‫‪٩٢٦-٩١٨‬‬ ‫‪ ١٠‬ﺳﻠﻴﲈﻥ ﺍﻷﻭﻝ ‪ -‬ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﲏ‬ ‫‪٩٧٤-٩٢٦‬‬ ‫‪ ١١‬ﺳﻠﻴﻢ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬ ‫‪٩٨٢-٩٧٤‬‬ ‫‪ ١٢‬ﻣﺮﺍﺩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‬

‫المشجر العام آلل عثمان في دور القوة ‪ ،‬المرجع السابق ص‪26‬‬

‫‪196‬‬


‫ ‬ ‫محمد الثاني (الفاتح)‬

‫ ‬

‫ ‬

‫ ‬ ‫السلطان بايزيد‬

‫عثمان األول‬

‫سليمان القانوني‬

‫محمد السادس‬ ‫أخذت الصور عن المصدر السابق ص‪65-64‬‬

‫‪197‬‬


‫ِشعَار الدُّ ْولَةِ العَ ِليَّةِ العثْمَانِيَّةِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪٢٩‬‬

‫‪٢٨‬‬

‫‪٢٧‬‬

‫‪٣٠‬‬

‫‪١‬‬

‫‪٢‬‬

‫‪٣‬‬

‫‪٢٦‬‬

‫‪٤‬‬

‫‪٢٥‬‬

‫‪٥‬‬

‫‪٢٤‬‬

‫‪٦‬‬

‫‪٢٣‬‬

‫‪٧‬‬

‫‪٢٢‬‬

‫‪٨‬‬

‫‪٢١‬‬

‫‪٩‬‬ ‫‪٢٠‬‬

‫‪١٠‬‬

‫‪١٩‬‬ ‫‪١٨‬‬

‫‪١١‬‬ ‫‪١٧‬‬

‫‪١٦‬‬

‫‪١٥‬‬

‫‪١٤‬‬

‫‪١٣‬‬

‫‪١٢‬‬

‫شعار الدولة العثمانية ‪ ،‬صمم أصله واعتمده السلطان عبدالحميد الثاني عام ‪ 1882‬م‬ ‫ترجم الشرح عن اللغة التركية ‪ ،‬لالستزادة انظر المادة في موسوعة ‪ wikipedia.com‬باسم‬ ‫‪Osmanli-nisani‬‬

‫‪ -1‬نموذج للشمس حول الطغراء (التوقيع) وتعبر عن تشبيه السلطان بالشمس ‪.‬‬

‫‪ -2‬طغراء الس�لطان عبدالحميد الثاني‪ ،‬وف�ي الهالل األخضر مكتوب بالتركية عبارة‬

‫قريبة من ‪ :‬توفيقات الربانية ملك الدولة العثمانية‪.‬‬

‫‪198‬‬


‫‪ -3‬طربوش له طرة (ريشة)‪ :‬يعبر عن عثمان الغازي وعرشه‪.‬‬ ‫‪ -4‬علم الخالفة األخضر‪.‬‬

‫‪ -5‬بندقية ذات حربة مدببة كانت بمثابة سالح أصيل للجيش العثماني هي والنظم الحديثة‪.‬‬ ‫‪ -7‬طبنجة (مسدس) لها مقبض‪.‬‬

‫ ‬ ‫‪ -6‬فأس مزدوج‪ ،‬له جهتان‪.‬‬

‫‪ -8‬ميزان‪ :‬في األساس هو الرمح والعصا‪ ،‬ويمثل العدالة‪.‬‬ ‫‪ -9‬في األعلى‪ :‬القرآن الكريم‪ ،‬وفي األسفل‪ :‬القوانين‪.‬‬

‫‪ -10‬وسام االمتياز‪ ،‬كان يمنح لرجال العلم الذين يقدمون خدمات جليلة للدولة هم‬

‫واإلداريين والعسكريين‪.‬‬

‫‪ -11‬وس�ام عثماني قرره السلطان عبدالعزيز عام ‪ 1862‬م وكان يمنح لمن يوفق في‬

‫خدمة الدولة‪.‬‬

‫‪ -12‬الرمح (سالح قديم) والعصا‪.‬‬

‫‪ -14‬نفير البركة‪ -15 .‬وسام االفتخار‪.‬‬

‫‪ -13‬المرساة‪ ،‬شعار البحرية العثمانية‪.‬‬ ‫‪ -16‬قوس‪.‬‬

‫‪ -18‬بوق‪ :‬آلة للعزف من الفرق الموسيقية الحديثة‪.‬‬

‫‪ -17‬وسام مجيدي‪.‬‬

‫‪ -19‬وس�ام الش�فقة‪ ،‬أوجده الس�لطان عبدالحمي�د الثاني س�نة ‪ 1878‬م وكان يمنح‬

‫للنساء اللواتي يقدمن خدمات للدولة والشعب في المحن والمصائب الكبرى‪.‬‬ ‫‪ -20‬قذائف مدفعية (توجد على بعض الشارات)‪ .‬‬ ‫‪ -22‬قذيفة‪ ،‬تعبر عن فيلق المدفعية‪.‬‬

‫‪ -21‬سيف‪.‬‬

‫‪ -23‬س�يف بدرع يدوي لالحتفاالت‪ ،‬لم يكن سيفا تركيا تقليديا‪ ،‬وكان يستخدم من‬

‫قبل الضباط في هذا الوقت‪ .‬‬

‫‪ -25‬بلط�ة مزدوج�ة‪ ،‬كان�ت تس�تخدم باعتباره�ا‬

‫‪ -24‬مزراق (رمح)‪.‬‬

‫نموذجا للرفعة من قبل المنتسبين ذوي المراتب العليا‬ ‫من الجيش‪.‬‬

‫‪ -26‬فأس (بلطة) لها جانب واحد‪ -27 .‬البيرق‪.‬‬

‫‪ -28‬العل�م العثمان�ي‪ ،‬الراي�ة الحم�راء ذات الهالل والنجم�ة هي راية بن�ي عثمان‪،‬‬

‫والراية الخضراء ذات األهلة الثالثة هي الراية اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -29‬مزراق (رمح) ‪ ،‬يرمز إلى ألوية المشاة الذين يحملون الرماح في العصور المتأخرة‪.‬‬

‫‪ -30‬درع ذهبي يحيط بالطغراء‪.‬‬

‫‪199‬‬


‫السلطان عبدالحميد الثاني ‪ ،‬السلطان ‪ 34‬للدولة العثمانية‪ ،‬تولى الحكم عام ‪1876‬م ‪،‬‬ ‫حتى تنازله اإلجباري ‪ 1909‬م ‪ ،‬ثم نفي إلى البلقان (اليونان) ومكث تسع سنين في المنفى‬ ‫حتى توفي عام ‪ 1918‬م عن ستة وسبعين عاما رحمه الله ‪ ،‬دامت مدة حكمه ‪ 33‬عاما‬

‫طغراء السلطان عبدالحميد الثاني‪ ،‬وهو نموذج من أختام سالطين آل عثمان وتوقيعاتهم‬ ‫الرسمية‪ ،‬ونصه‪ :‬المظفر دائما عبدالحميد بن عبدالحميد خان الغازي‪ ،‬المصدر‪ :‬موقع‬ ‫‪ tugra.org‬للباحث التركي إركان منسز‬

‫‪200‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسلامي‬ ‫القرار‬ ‫اإلسلام َّي ِة واجتما ِع‬ ‫توحات‬ ‫رمز ال ُف‬ ‫وظ َّل�ت الدَّ و َل� ُة ال ُعثمانِ َّي ُة َ‬ ‫ِّ‬ ‫تنامي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫أرض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِخ َ‬ ‫فار َس بعد‬ ‫�ة ‪ ،‬ففتحت بال َد ال َقر ِم وبالد ال َع َج ِم م�ن‬ ‫الم َ‬ ‫لال مراحله�ا ُ‬

‫تمر ِدهم‪ ،‬وفتحت المجر وغزت الس ِ‬ ‫واح َل اإليطال َّي َة والفرنس َّي َة واإلسبان َّي َة ‪ ،‬وطار َد‬ ‫َّ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫ُّ‬ ‫حيط ِ‬ ‫مياه الم ِ‬ ‫لطان القانوني البرتغالِيين في ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبحر ال َع َر ِ‬ ‫الس ُ‬ ‫الهند ِّي‬ ‫ب(((‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬

‫((( قام�ت دول�ة البرتغ�ال ع�ام ‪ 1415‬م بغ�زو المغ�رب األقصى‪ ،‬وكان�ت هذه بداية سلس�لة‬

‫الغ�زو البرتغال�ي عل�ى الش�مال اإلفريق�ي‪ ،‬ث�م إل�ى المحيط األطلس�ي وااللتف�اف حول‬

‫العالم اإلسلامي بدوافع صليبية تؤكدها مقوالت بعض زعمائه�م وهو (البوكيرك) القائد‬ ‫البرتغال�ي‪ :‬نح�ن عل�ى يقين لو انتزعن�ا تجارة (ملق�ا) هذه م�ن أيديهم ـ أي‪ :‬المس�لمين ـ‬

‫ألصبحت كل من القاهرة ومكة أثرا بعد عين‪ .‬اهـ‪ .‬وقال‪ :‬كان هدفنا الوصول إلى األماكن‬ ‫المقدس�ة للمس�لمين واقتحام المسجد النبوي وأخذ رفات النبي محمد رهينة لنساوم عليه‬

‫العرب من أجل استرداد القدس‪ .‬اهـ ‪.‬‬

‫وهذا يظهر للباحث في الغزو البرتغالي أنه عامل مهم من العوامل التي دفعت البرتغاليين‬

‫الرتي�اد البح�ار وااللتف�اف ح�ول العالم اإلسلامي مصدرين المراس�م واألوامر ورس�م‬ ‫الصلي�ب والمدفع كش�عار للحمالت‪ ،‬واس�تعانوا ف�ي حمالتهم باليهود الذين اس�تخدموا‬

‫كجواس�يس‪ ،‬ونجح البرتغاليون في خططهم وتمكنوا من الس�يطرة على معابر التجارة في‬ ‫الساحل اإلفريقي والخليج العربي وبحر العرب‪ ،‬وشهدت المناطق التي وصلوا إليها كثيرا‬ ‫من المجازر والتدمير واالعتداء على الحرمات ومنع المسلمين من الجمع وهدم المساجد‬

‫عليهم‪ ،‬وقد واجه العثمانيون البرتغاليين بشجاعة نادرة وتمكنوا من استرداد بعض الموانئ‬ ‫اإلسالمية في البحر األحمر والساحل اإلفريقي والخليج العربي وبحر الهند وبحر العرب‬

‫وخلي�ج عدن‪ ،‬وت�م ط�رد البرتغاليين وإيقافه�م بعيدا ع�ن الممالك اإلسلامية والحد من‬

‫نش�اطهم وحماية األماكن المقدس�ة‪ .‬اهـ‪ .‬بتصرف من «الدولة العثمانية‪ ..‬عوامل النهوض‬

‫وأسباب السقوط» ص‪.266-260‬‬

‫‪201‬‬


‫ﺳﻼﻃﲔ ﺁﻝ ﻋﺜﲈﻥ‬ ‫»ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻀﻌﻒ«‬ ‫‪ ١٣‬ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‬ ‫‪١٠١٢-١٠٠٣‬‬ ‫‪ ١٤‬ﺃﲪﺪ ﺍﻷﻭﻝ‬ ‫‪١٠٢٦-١٠١٢‬‬

‫‪ ١٥‬ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﻷﻭﻝ‬ ‫‪ ١٠٢٧-١٠٢٦‬ﻭ ‪١٠٣٣-١٠٣٢‬‬

‫‪ ١٦‬ﻋﺜﲈﻥ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬ ‫‪١٠٣١-١٠٢٧‬‬

‫‪ ١٧‬ﻣﺮﺍﺩ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ‬ ‫‪١٠٤٩-١٠٣٢‬‬

‫‪ ١٩‬ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ‬ ‫‪١٠٩٩-١٠٥٨‬‬

‫‪ ٢٠‬ﺳﻠﻴﲈﻥ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬ ‫‪١١٠٢-١٠٩٩‬‬

‫‪ ١٨‬ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻷﻭﻝ‬ ‫‪١٠٥٨-١٠٤٩‬‬ ‫‪ ٢١‬ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬ ‫‪١١٠٦-١١٠٢‬‬ ‫‪ ٢٣‬ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‬ ‫‪١١٤٣-١١١٥‬‬

‫‪ ٢٢‬ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬ ‫‪١١١٥-١١٠٦‬‬ ‫‪ ٢٤‬ﳏﻤﻮﺩ ﺍﻷﻭﻝ‬ ‫‪١١٦٨-١١٤٣‬‬

‫‪ ٢٥‬ﻋﺜﲈﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‬ ‫‪١١٧١-١١٦٨‬‬

‫‪ ٢٧‬ﻋﺒﺪﺍﳊﻤﻴﺪ ﺍﻷﻭﻝ‬ ‫‪١٢٠٣-١١٨٧‬‬

‫‪ ٢٦‬ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‬ ‫‪١١٨٧-١١٧١‬‬ ‫‪ ٢٨‬ﺳﻠﻴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‬ ‫‪١٢٢٢-١٢٠٣‬‬

‫‪ ٣٠‬ﳏﻤﻮﺩ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬ ‫‪١٢٥٥-١٢٢٣‬‬

‫‪ ٢٩‬ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ‬ ‫‪١٢٢٣-١٢٢٢‬‬

‫‪ ٣٢‬ﻋﺒﺪﺍﻟﻌﺰﻳﺰ‬ ‫‪١٢٩٣-١٢٧٧‬‬

‫‪ ٣١‬ﻋﺒﺪﺍﳌﺠﻴﺪ ﺍﻷﻭﻝ‬ ‫‪١٢٧٧-١٢٥٥‬‬ ‫‪ -٣٣‬ﻣﺮﺍﺩ ﺍﳋﺎﻣﺲ‬ ‫‪١٢٩٣‬‬

‫‪٣٣‬‬

‫‪ -٣٤‬ﻋﺒﺪﺍﳊﻤﻴﺪ ﺍﻟﺜﺎﲏ ‪ -٣٥‬ﳏﻤﺪ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﺭﺷﺎﺩ ‪ -٣٥‬ﳏﻤﺪ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﺭﺷﺎﺩ‬ ‫‪١٣٣٧-١٣٢٨‬‬ ‫‪١٣٣٧-١٣٢٨‬‬ ‫‪١٢٩٣‬‬

‫‪٣٤‬‬

‫‪٣٦‬‬

‫‪٣٥‬‬

‫‪ -٣٦‬ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ‬ ‫‪١٣٤١-١٣٣٧‬‬

‫‪٣٧‬‬

‫‪ -٣٧‬ﻋﺒﺪﺍﳌﺠﻴﺪ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬ ‫‪ ١٣٤٣-١٣٤١‬ﻫـ‬ ‫‪ ١٩٢٤-١٩٢٢ ٣٨‬ﻡ‬ ‫)ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﳋﻼﻓﺔ(‬

‫المشجر العام آلل عثمان في دور الضعف ‪ ،‬أطلس التاريخ الحديث ص‪63‬‬

‫‪202‬‬


‫وهكذا استمرت دو َل ًة إسالمي ًة عزيز ًة لِ ِعدَّ ِة ُق ٍ‬ ‫عف إلى الدَّ و َل ِة‬ ‫الض ُ‬ ‫رون حتى سرى َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أواخ ِر َع ِ‬ ‫في ِ‬ ‫اكتشاف ِ‬ ‫الصالِ ِح‬ ‫أطماع الدُّ َو ِل األورو ِّب َّي ِة بعد‬ ‫هدها وبدأت‬ ‫الرجاء َّ‬ ‫ُ‬ ‫رأس َّ‬ ‫االنهيار والس ِ‬ ‫خاري ِة‪ ،‬حتى تهيأت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و ُظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫باألسباب التَّال ِ َي ِة‪:‬‬ ‫قوط‬ ‫عوام ُل‬ ‫َّ‬ ‫هور اآل َلة ال ُب ِ َّ‬ ‫ُّ‬

‫عوامل الضعف‬ ‫واالنهيار لبني‬ ‫عثمان‬

‫بالش�ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وات والر ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪ )1‬تأ ُّث ِ‬ ‫كون إلى‬ ‫عناص ِر الدّ و َل ِة‬ ‫�ر‬ ‫بالحضارة ال َغربِـ َّية والتم ُّت ِع َّ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫سبيل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدَّ َع ِة وت ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله‪.‬‬ ‫الجهاد في‬ ‫َرك‬

‫س�لمين باألوربيي�ن‪ ،‬وكَثر ِة البع َث ِ‬ ‫ِّصال المفكِّرين والم َث َّقفين الم ِ‬ ‫(‪ )2‬ات ِ‬ ‫ات إلى‬ ‫َ َ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫واالنغماس في مفاهي ِم الحري ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات األوروبـ َّي ِة‪.‬‬ ‫أوربا‬ ‫ُ ِّ ّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صولهم من‬ ‫وو‬ ‫السياس َّية‪ُ ،‬‬ ‫ونمة في الجمع ّيات والتّكتُّالت ِّ‬ ‫(‪ )3‬تَغل ُغ ِل يهود الدّ َ‬ ‫رار‪ ،‬وتش�جي ِع هذه الجمعي ِ‬ ‫الحزبِي ِة إلى ِ‬ ‫خالل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مواق ِع ال َق ِ‬ ‫واختراق‬ ‫ات على الن ُ​ُّم ِّو‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التقليد ِّي‪.‬‬ ‫الواق ِع‬ ‫�ة الت ِ‬ ‫كسياس ِ‬ ‫ات التي روج لها اليهود‪ِ ،‬‬ ‫القومي ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪ )4‬التأ ُّث ِر األعمى بِ ِسياس ِ‬ ‫َّتريك‬ ‫�ة‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫عوب الب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المسيح َّي ِة‪.‬‬ ‫لقان‬ ‫االنفصال‪،‬‬ ‫وح َرك َِة‬ ‫والت‬ ‫وخاص ًة في ُش ِ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّعريب َ‬ ‫ند بِدَ عو ِة ِ‬ ‫الط العثماني والج ِ‬ ‫طانات الب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحكَّا ِم وبِ‬ ‫العلمانِ َّي ِة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫(‪ )5‬تأ ُّث ِر العديد من ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ين عن الدَّ و َل ِ‬ ‫ص�ل الدِّ ِ‬ ‫« َف ِ‬ ‫�ة»‪ ،‬وهو ما كانت ت َُر ِّو ُج له الدُّ َو ُل األورو ِّب َّي ُة إِ َّب َ‬ ‫ان مرح َل ِة‬ ‫ناعي ِة من مفاهي ِم الحري ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رلمان‪.‬‬ ‫ات والدِّ يمقراطِ َّي ِة و َدو َل ِة ال َب‬ ‫ُ ِّ َّ‬ ‫الص َّ‬ ‫ال َّثورة ِّ‬

‫�ان مرح َل ِ‬ ‫الحمي�د ال ّثان�ي دو َل� َة الخال َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ة إ ّب َ‬ ‫�ة ِخال َفت َِه‬ ‫ع�ز َز الخليف� ُة عبدُ‬ ‫وق�د َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وحز ٍم‪،‬‬ ‫العدي�دة‬ ‫باإلصالح�ات‬ ‫ياس� َة األورو ِّب َّي� َة واليهود َّي َة بِ َثب�ات َ‬ ‫َ‬ ‫الس َ‬ ‫وواج� َه ِّ‬ ‫ِ‬ ‫اإلجبار ِّي في السادس من‬ ‫تنازل ِ ِه‬ ‫َّوازن ُمدَّ َة ِخال َفت َِه حتى ُ‬ ‫واستطاع أن ُيعيدَ لها الت ُ‬ ‫َ‬ ‫ربيع اآلخر عام ‪ 1327‬هـ (‪ 1909 /4/27‬م) لالتحاديين‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القائ ِم على ِ‬ ‫القس�ري ِ‬ ‫الدونم َّي ِة دخل العا َل ُم‬ ‫اليهود َّي ِة‬ ‫والحبك َِة‬ ‫الخدا ِع‬ ‫وبتنازل ِ ِه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِّ‬ ‫الحك ِم و َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫القرار ِ‬ ‫رار‬ ‫ين ‪:‬‬ ‫خطير ًة في مس�توى‬ ‫واإلسلامي مرح َل ًة‬ ‫�ي‬ ‫ق�رار ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ال َع َربِ ُّ‬ ‫‪203‬‬

‫بدء ظهور‬ ‫العلمنة‪ :‬إفراط‬ ‫المسلمين في‬ ‫االنبهار بعلمانية‬ ‫الغرب‬

‫بدء ظهور‬ ‫العلمانية وفصل‬ ‫الدين عن الدولة‬ ‫مع سقوط القرار‬ ‫اإلسالمي‬


‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫آثار‬ ‫المدَ ون َ​َم ِة(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وتداعيات ما ُس ِّمي بالخالفة ُ‬ ‫العل ِم‪ ،‬وظهرت ُ‬

‫ِ‬ ‫عبدالحميد ال َّثاني من ع�ا ِم ‪ 1879‬وانتهى عام ‪ 1909‬م ودا َم‬ ‫وكان ُمبتَ�دَ ُأ ُحك� ِم‬ ‫نبذة عن السلطان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�ل َطنَ ُة ُمث َق َل ًة بالمتاع ِ‬ ‫عبدالحميد الثاني‬ ‫واألزمات‪ ،‬فقام‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫حكمه ثالث ًة وثالثي َن عام ًا‪ ،‬حيث كانت َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والس�ك َِّة الحديد َّي ِة‬ ‫بِ ُم ِه َّم�ة الخال َف�ة ف�ي عهده و َعم َ�ل على زيا َدة نَش�اط ال ُعم�ران ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإنش�اء َخ ِّط ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫والمرافِ ِ‬ ‫جاز ّ‬ ‫الجام َع َة اإلسلام َّي َة لِ َل ِّم‬ ‫والش�ا ِم وأنش�أ‬ ‫الم َت َعدِّ َد ِة‬ ‫�ئ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ث العا َل ِم اإلسالمي ووقوفِ ِه ص ّف ًا واحد ًا أمام المؤام ِ‬ ‫َشع ِ‬ ‫والدسائ ِ‬ ‫س‪ ،‬وفي عام‬ ‫رات‬ ‫َ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫‪ 1897‬م َعر َض ِهرتِزل م َؤسس الدَّ و َل ِة الصهيونِي ِة على الس ِ‬ ‫عبدالحميد إنشا َء‬ ‫لطان‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ِّ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫هود في فِ َلسطِين و َتعهدَ له بِت ِ‬ ‫القومي للي ِ‬ ‫ِ‬ ‫َسديد كا َّف ِة د ِ‬ ‫يون الدَّ و َل ِة وتقدي ِم َمب َل ٍغ‬ ‫الو َط ِن‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الس ُ‬ ‫َص الوثيقة‪.‬‬ ‫ور َّد عليه ‪ ،‬وهذه صورة عن ن ِّ‬ ‫لطان ال َّط َل َ‬ ‫ب َ‬ ‫للسلطان‪َ ،‬فر َف َض ُّ‬ ‫كبير ُّ‬ ‫((( ويطل�ق ه�ذا التعريف على المرحلة الخطيرة التي تولى فيها االتحاديون سياس�ة األمور ومن‬ ‫ارتبط بهم ونهج منهجهم من يهود الدونمة في تسييس قرار الخالفة اإلسالمية وتمزيق دولته‬ ‫الواسعة وإلهاب نار الفتنة القومية بين األتراك والعرب وما ترتب على ذلك من ثورة الشعوب‬

‫العربية ضد األتراك وسياستهم‪ ،‬والوقوع بسبب ذلك في مخطط االستعمار ووعوده الكاذبة‪،‬‬

‫مم�ا أدى إل�ى الفصل بين القرار اإلسلامي العالمي وبين العرب الثائري�ن ‪ ،‬وكان بها تمزيق‬ ‫أوصال األمة وبدء استتباعها السياسي واالقتصادي للقرار العالمي الكافر‪.‬‬

‫وق�د بدأت الخالف�ة المدونمة بعد التن�ازل اإلجباري للس�لطان عبدالحمي�د الثاني عام‬

‫‪ 1909‬م ‪ ،‬وانتهت بإلغاء أتاتورك للخالفة عام ‪ 1924‬م ‪ ،‬وفي هذه السنوات الخمسة عشر‬ ‫ظهرت سياسة التتريك (‪ 1911‬م) التي كانت أحد مولدات التيار العربي القومي‪ ،‬ودخلت‬ ‫الدول�ة العثمانية في الحرب العالمية األولى (‪ 1914‬م) إلى جانب ألمانيا‪ ،‬ووقعت مذابح‬

‫العثمانيين لألرمن (‪ 1915‬م) ‪ ،‬وفي اإلجمال فقد أشرف الدونمة على قرارات ‪ 3‬سالطين‬

‫عثمانيين‪ :‬محمد الخامس ‪ ،‬محمد السادس ‪ ،‬وعبدالمجيد الثاني الذي ألغيت الخالفة في‬

‫عهده إلغاء رس�ميا عام ‪ 1924‬م‪ .‬وعلى وجه التدقيق فيها فقد دا َمت س�يطرة الدونمة على‬ ‫ٍ‬ ‫س�نوات َبي َن عا َم�ي (‪1909‬م‪1919 -‬م) ‪ .‬ثم ‪ 5‬س�نوات رضخ�ت فيها تركيا‬ ‫القرار عش�ر‬ ‫لحكم عساكر الحلفاء بقيادة بريطانيا (‪1919‬م‪1924 -‬م)‪.‬‬

‫‪204‬‬


‫رد السلطان عبدالحميد الثاني على هرتزل مؤسس الصهيونية‬

‫‪205‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكان�ت الدُّ ُ‬ ‫�لطان‬ ‫الس‬ ‫ول األورو ِّب َّي ُة (فرنس�ا ‪ ،‬انكلترا ‪ ،‬روس�يا) غاض َب ًة من َع َم ِل ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الخ ِّ‬ ‫امتيازات َ‬ ‫لِ َم ِ‬ ‫اس�تانبول وبغ�دا َد أللمانيا‪ ،‬فدَ َأ َبت‬ ‫الواصل بين‬ ‫الحديدي‬ ‫�ط‬ ‫ن�ح‬ ‫ِّ‬ ‫إلعلان ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ر الم ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صيان‪،‬‬ ‫الع‬ ‫الس ِّ�ر َّي ِة‬ ‫عار َض�ة و َمدِّ ها بالمعونات ِّ‬ ‫عل�ى تحريك العناص ِ ُ‬

‫ِ‬ ‫ناوء ٌة للس ِ‬ ‫اليهود الم ِ‬ ‫تظاه ِرين باإلسال ِم على‬ ‫بعض‬ ‫وتأس َست‬ ‫لطان ‪ ،‬وكان ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫أحزاب ُم ِ َ ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ومي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫�ة لدى ال َع َر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫واألكراد واألر َم ِن‬ ‫ب‬ ‫وح ال َق َّ‬ ‫المفس�دين‪ ،‬إضا َف ًة إلى تَغذ َية ُّ‬ ‫رأس ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫راكس ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ش�عارات إصالح َّي ًة ُم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وأحزاب ات َ‬ ‫غر َض ًة ومنها‬ ‫َّخ َذت لها‬ ‫واألرن�اؤوط‬ ‫�ة‬ ‫والش َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ستور وخرجوا‬ ‫عو ِة للدُّ‬ ‫(سلانيك) الذي س�عى إلى الدَّ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫زب االتِّحاد والت َ​َّر ِّقي في ُ‬ ‫ستور‪ ،‬كما كان لإلرسالي ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الس َ‬ ‫ات‬ ‫لطان على إعا َد ِة الدُّ‬ ‫َّ‬ ‫في مظاهرات صاخبة م َّما َح َم َل ُّ‬ ‫الح ِ‬ ‫نار ِ‬ ‫َف�خ في الر ِ‬ ‫نص ِلي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتأجي�ج لِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والم�دار ِ‬ ‫ات ن ٌ‬ ‫قد‬ ‫ماد‬ ‫عث�ات‬ ‫وال َب‬ ‫ٌ‬ ‫س األجنَبِ َّي�ة وال ُق َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫والصرا ِع ِضدَّ الس ِ‬ ‫كالجام َع ِة اإلسالم َّي ِة‪.‬‬ ‫لطان وما يدعو إليه‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ور َف�ع ِح�زب االت ِ‬ ‫ِّحاد والتَّر ِّق�ي بدي ً‬ ‫(الح ِّر َّي ِة –‬ ‫ال عن الجام َعة اإلسلام َّية مب�ادئ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫الش ِائ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عات ‪ ،‬واخ َت َلقوا األخبار عن ُظل ِم الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ساواة) وأك َثروا حو َلها َّ‬ ‫لطان‬ ‫الم‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ال َعدل – ُ‬ ‫َ‬ ‫م�ر) ُزور ًا وك َِذب� ًا و َكيدَ ًا‪،‬‬ ‫(الس‬ ‫والرعاي�ا و َق ِتله�م حتى‬ ‫الص ُح ُ‬ ‫�لطان َ‬ ‫أس�مت ُه ُّ‬ ‫األح َ‬ ‫ف ُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫وتنامت هذه ِ‬ ‫العناصر بِ َخل ِع الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫لطان‪.‬‬ ‫وتالح َقت حتى طا َل َبت هذه‬ ‫الف َت ُن‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫�وى لِ ِكتا َب ِة الت ِ‬ ‫�ي بما‬ ‫�لطان تس�ا َب َقت‬ ‫الس‬ ‫األحزاب وال ُق َ‬ ‫ُ‬ ‫السياس ِّ‬ ‫َّاريخ ِّ‬ ‫وعندما ُخل َع ُّ‬ ‫أن ِح�زب االت ِ‬ ‫وخال َفت ِ‬ ‫�لطان ِ‬ ‫يخ�دم اإلث�ار َة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والفتنَ� َة ِضدَّ َع ِ‬ ‫َ�ه‪ ،‬واع َت َبروا َّ‬ ‫ِّحاد‬ ‫الس‬ ‫َ‬ ‫صر ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ألم ِ‬ ‫الم ِنق ُ‬ ‫االس�تبداد‬ ‫�ة م�ن‬ ‫الحمي�د ُّي = عهدُ‬ ‫الحمي�د ِّي (العه�دُ‬ ‫�ذ ل ُ َّ‬ ‫والتَّر ِّق�ي ه�و ُ‬ ‫االعتراف بِ ِف َلسطِين كو َط ٍن َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وم ٍّي‬ ‫الكار َثتان بعد ذلك ‪ :‬األولى‬ ‫الحميد) ‪ ،‬وكانت‬ ‫عبد‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫س�ين بعد أن و َعدوه ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ريف ُح ٍ‬ ‫ُ‬ ‫إس�قاط َّ‬ ‫بالخال َف ِة ال َع َربِ َّي ِة ودفعوا به‬ ‫لليهود‪ ،‬والثانية‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ور ِة ِضدَّ هم‪.‬‬ ‫حار َبة األتراك وإعالن ال َّث َ‬ ‫إلى ُم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫اليهود َّي ِة في ُسلانيك ف�ي البلقان‬ ‫ص�ور‬ ‫�لطان ُو ِض َع ف�ي َأ َح ِد ال ُق‬ ‫الس‬ ‫ولم�ا ُخل َ‬ ‫�ع ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح َّر ِ‬ ‫(اليون�ان)‪ُ ،‬‬ ‫اس َأ َحدُ‬ ‫راس� ُة في إقام�ة َج ِبر َّية‪ ،‬وكان من بي�ن ُ‬ ‫وش�دِّ َدت عليه الح َ‬ ‫‪206‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يخ الس ِ‬ ‫أتبا ِع َّ‬ ‫الش ِ‬ ‫طريق ِه ت ََّمت المواص َل ُة‬ ‫لطان عبدالحميد ‪ ،‬وعن‬ ‫�يخ أبي الشامات َش ِ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رس�ائ ِل الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫مان ل ُ‬ ‫الز ُ‬ ‫�لطان َّ‬ ‫والش ِ‬ ‫لطان المخلو ِع‬ ‫أل َّم ِة إحدى‬ ‫الس‬ ‫وح ِف َظ َّ‬ ‫�يخ َ‬ ‫ُّ‬ ‫س ّ�ر ًا بين ُّ‬ ‫التي أرس�لها إلى َش ِ‬ ‫�يخ ِه‪ .‬ومكث في منفاه تس�ع س�نين حتى توفي في ‪ 28‬من ربيع‬ ‫اآلخر عام ‪ 1336‬هـ (‪ 1918/2/10‬م) عن ٍ‬ ‫ستة وسبعي َن عام ًا رحمه الله‪.‬‬ ‫أس�باب ن ِ‬ ‫وه�ذا ي َؤ ِّكدُ عال َق َة الدَّ و َل ِة العثمانِي ِة بالتَّصو ِف ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعنا َيتَها به‪َّ ،‬‬ ‫َكث‬ ‫وأن َأ َّو َل‬ ‫َ ُّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الخالفة ل ُيصبِ َح‬ ‫الق�رار في‬ ‫إس�قاط َر ُج ِل‬ ‫اإلحس�ان‬ ‫هود لهذه األمان َِة وهي َمر َت َب ُة‬ ‫ُ‬ ‫�ة و ُعم ِ‬ ‫�ة عند الصهيونِي ِ‬ ‫الحميدي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف َأح�دَ تَبِ ِ‬ ‫الئها‪ ،‬والذي َع ِم َل‬ ‫المرحلة‬ ‫عات‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫�و ُ َ‬ ‫الت َ​َّص ُّ‬ ‫َ‬ ‫أوراق ِ‬ ‫ِ‬ ‫وخ ِ‬ ‫�ه لِ َي ِص َل فيما بعدُ إلى ما َ‬ ‫حار َبتِه َ‬ ‫وصل إليه من‬ ‫لط‬ ‫ُ‬ ‫الجمي�ع فيما بعدُ على ُم َ‬ ‫بـ(الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫والضال َل ِة)‪.‬‬ ‫تعريف ِه‬ ‫رك َّ‬

‫‪207‬‬


‫رسالة السلطان عبدالحميد الثاني في المنفى إلى شيخه عام ‪ 1911‬م (باللغة التركية)‬ ‫�﷽‬ ‫العالمين وعلى آلِهِ‬ ‫الحمد ِ‬ ‫َ‬ ‫العالمين َ‬ ‫َ‬ ‫���ليم على َس���يِّدان م َ‬ ‫الصلاةِ وأَتَم ُّ التَّس ِ‬ ‫حمَّدٍ َرس���و ِل َر ِّب‬ ‫هلل َر ِّب‬ ‫وأفضلُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وصح ِبهِ أجمعين والتَّابعين إلى يو ِم ال ِّد ِين‪.‬‬ ‫فيض الر ِ‬ ‫َ‬ ‫وح والحياةِ‪ ،‬وإلى َش ِ‬ ‫عريضتي هذه إلى َش ِ‬ ‫العليَّةِ الش ِ ِ‬ ‫الطيقَةِ ِ‬ ‫َ‬ ‫���يخ أهل‬ ‫���ع‬ ‫���يخ رَّ‬ ‫���اذليَّةِ‪ ،‬إل���ى ُم ِ ُّ‬ ‫أرف ُ‬ ‫عَصرِهِ الش ِ‬ ‫َّ���يخ محمود أفندي أبي الش ِ‬ ‫َّامات‪ ،‬و ُأقَبِّل ي َ َديهِ المبا َر َ‬ ‫الصال ِ َحةِ‪ .‬بعد ِ‬ ‫تقديم‬ ‫كـتَي ِن ً‬ ‫راجيا َدعَواتِهِ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫احترامي أعر ُِض أني تلقَّيت ِ‬ ‫السنَةِ الحالية‪ ،‬و َ‬ ‫كـتَابَكم‬ ‫َّ‬ ‫المؤرخَ في ‪ 22‬مارس من َّ‬ ‫ح ِم ُ‬ ‫ُ‬ ‫دت المولى وشكرتُهُ‬ ‫حة ٍ وسلام َة ٍ دائِمَتَي ِن‪.‬‬ ‫أنَّكم بِ ِص َّ‬ ‫ِ‬ ‫هللا تعالى مدا ِوم على قِرا َءةِ‬ ‫���ق ِ‬ ‫َس���يِّدي ‪ِ :‬إنَّن���ي بِت َ ِ‬ ‫الأوراد الش ِ‬ ‫وفي ِ‬ ‫لت‬ ‫َّ���اذلِيَّةِ ليلا ً ً‬ ‫ُ ٌ‬ ‫ونهارا‪ ،‬وأع���ر ُِض أنَّني ما ِز ُ‬ ‫حتاجا ل ِ َدعَواتِكم القل ِبيَّةِ بصو َرة ٍ دائِمَةٍ‪.‬‬ ‫ُم‬ ‫ً‬ ‫الس���ما َ ِ‬ ‫الس���ليمَةِ المس���ألَة َ الم ِهمَّة َ‬ ‫َ‬ ‫المق َ ِّدم َةِ أعر ُِض ل ِ َر َش���ا َدتِكم وإلى أمثالِكم‬ ‫والعقو ِل َّ‬ ‫أصحاب َّ‬ ‫حة ُ‬ ‫ُ‬ ‫بعد هذه ُ‬ ‫الآتِيَة َ كأمانَة ٍ في ِذمةِ الت ّ ِ‬ ‫اريخ‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ ِ​ِ‬ ‫جمعيَّةِ الات ِ‬ ‫َِ‬ ‫َ َ‬ ‫ب الم َضايَقَةِ من ر ِ‬ ‫ؤساء ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِّحاد‬ ‫ُ‬ ‫إنَّني لم أتخل َّعن الخلافة الإسلاميَّة ل َسبَبٍ ما‪ ،‬سوى أنني ‪ -‬ب َسب ِ ُ‬ ‫هؤلاء الات ِ‬ ‫َِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رت على ت َ ِ‬ ‫ِّحاديِّين قد‬ ‫رك ال ِخلاف���ةِ‪ .‬إنَّ‬ ‫ِرت و ُأج ِب ُ‬ ‫ٱضط ُ‬ ‫المرعوفة باِ س ِ���م (جون ت���ورك) وتهديدهم‪ -‬رُ‬ ‫ِ‬ ‫أَ َصروا وأَ َصروا عَلَي بأن ُأ ِ‬ ‫���يس َو َط ٍن ق َ ِ‬ ‫الأرض المقَدَّ َسةِ (فِل َ ِ‬ ‫صاد َق على تأس ِ‬ ‫ِ‬ ‫لليهود في‬ ‫وم ٍّي‬ ‫سطين)‪ ،‬و َرغم َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫كليف‪ ،‬وأخيرا َوعَ���دوا بِت َ ِ‬ ‫َ‬ ‫إصرا ِره���م فلم أقبَ���ل بِصو َرة ٍ ق َ ِ‬ ‫طعيَّة ٍ ه���ذا الت َّ ِ‬ ‫مليون ليرة ٍ‬ ‫قديم ‪ 150‬مائة وخمس���ين‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ‬ ‫كليف بِصو َرة ٍ ِ‬ ‫ضت هذا الت َّ َ‬ ‫طعي الآتي‪( :‬إنَّكم‬ ‫أيضا‪ ،‬وأجبتُهم بهذا‬ ‫قطعيَّةِ ً‬ ‫إنجليزيَّة ٍ ذهَ ًبا‪ ،‬فرف ُ‬ ‫الجواب الق ِّ‬ ‫رض َذهَ ًبا ‪ -‬فَضلا ً عن ‪ 150‬مائة وخمس���ين مليون لي���رة ٍ إنجليزيَّة ٍ َذهَبا ‪ -‬فلن أقبَل َ بِت َ ِ‬ ‫ل���و َدفَعتُم ِمل َء الأَ ِ‬ ‫كليف ُكم‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫مت الِملَّة َ الإس���لاميَّة َ والم َ ِ َ‬ ‫هذا بوجه ٍ‬ ‫���ود صحائِ َف‬ ‫يزيد عن ثلاثين َس���نَة ً فلم ُأ َس ِّ‬ ‫قطعي‪ ،‬لقد خ َد ُ‬ ‫حمَّديَّة ما ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍّ‬

‫‪208‬‬


‫الس���لاطي ِن وال ُخل َ ِ‬ ‫فاء العثمانِيِّين‪ ،‬لهذا لن أقبَل َ تكليفَ ُكم بوجه ٍ ق َ ِ‬ ‫أيضا)‪.‬‬ ‫طع ٍّي ً‬ ‫المس���لمين آابئي وأجدادي من َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫لت بهذا الت َّ ِ‬ ‫ِ َ‬ ‫كليف‬ ‫(سلانيك) فق َ ِب ُ‬ ‫وبعد جوابي القطع ِّي اتَّفقوا على خلعي‪ ،‬وأبلغوني أنهم َس ُيبعدونَني إلى ُ‬ ‫ِ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫الأخي ِر‪ .‬هذا و َ‬ ‫ي بهذا العا ِر‬ ‫ح ِم ُ‬ ‫دت المولى وأحم َُده أنَّني لم أقبَل بأن ُأل ِّطخ الدَّولة ُ‬ ‫العثمانيَّة والعالم َ الإسلام َّ‬ ‫َ‬ ‫تكليفهم بإقام َةِ َدولَة ٍ ِ‬ ‫ي الن َّ ِ‬ ‫يهوديَّة ٍ في الأراضي المقَدَّ َس���ةِ فلس َ‬ ‫ِ‬ ‫���طين… وقد كان بعد ذلك ما‬ ‫���ئ عن‬ ‫اش ِ‬ ‫الأب َ ِد ِّ‬ ‫ُ‬ ‫حم َد والثَّنا َء عل���ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫كان‪ ،‬ول���ذا فإنَّنِ���ي أُكرَ ُِّر ال َ‬ ‫هللا المتَعا ِل‪ ،‬وأعت َ ِق ُد أنَّ ما عرضتُ���هُ ٍ‬ ‫الموضوع‬ ‫كاف في هذا‬ ‫ُ‬ ‫الهامِّ‪ ،‬وبه أختِم ِرسالَتي هذه‪ .‬أَلثُم ي َ َدي ُكم المبا َركَتَي ِن‪ ،‬وأرجو وأست َ ِ‬ ‫ضلوا بِقَبو ِل احتِرامي ب ِ َسلامي‬ ‫رح ُم أن تَتَفَ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫والأصدقاء‪ِ.‬‬ ‫ج ِ‬ ‫على َ‬ ‫ميع الإخوا ِن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫حيط س���ما َ‬ ‫���ت عليكم الت َّ ِحيَّةَ‪ ،‬ولكن َدفَعَني لهذه الإطالَةِ أن ن ُ َ‬ ‫لما‪،‬‬ ‫حتَكم ِع ً‬ ‫المعَظَّ ُم لقد أ َطل ُ‬ ‫اي ُأس���تاذي ُ‬ ‫ون ُ َ‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫لما ً‬ ‫حيط جماعَتَكم بذلك ِع ً‬ ‫والسلام عليكم ورحمةُ هّٰ ِ‬ ‫للا وبركاتُهُ‬ ‫ُ‬ ‫في ‪ 22‬أيلول ‪1329‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫المسلمين‬ ‫خاد ُم‬ ‫ِ‬ ‫الحميد بن ِ‬ ‫ِ‬ ‫المجيد‬ ‫عبد‬ ‫عبد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪209‬‬


‫ثاء والوهنِ من واقِ ِع فِقهِ‬ ‫الغ ِ‬ ‫التحولات‬ ‫قِراءةُ رمحلةِ ُ‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫عاص ِ‬ ‫شار إ َليها هي مرحل ُة حياتِنا الم ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫رة ‪ ،‬ولها ارتِ ٌ‬ ‫بِما َّ‬ ‫وثيق‬ ‫باط ٌ‬ ‫ُ‬ ‫أن مرحل َة ال ُغثاء ُ‬ ‫قه التحو ِ‬ ‫الس�اعة الوس�طى والصغرى وما يتفرع عنها من مفاهي ِم فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت ‪،‬‬ ‫بعالمات‬ ‫ُّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫النبي ‪m‬‬ ‫وفي شأنِها َ‬ ‫فصل ًة ‪ ،‬فيبقى ع َلينا أما َم ذلِ َك‬ ‫األخبار‬ ‫واآلثار ُمجمل ًة و ُم َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بسط ُّ‬ ‫الزمن ال ُغثائي ووضعه في م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحك ِم‬ ‫الصحيح ِم َن الن‬ ‫وق ِعه‬ ‫ترتيب‬ ‫ُّصوص ‪ ،‬سوا ٌء في ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫تاريخ التحو ِ‬ ‫الحياة بِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫أو ِ‬ ‫العل ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت‬ ‫مومها ؛ لأِ َّن مرحل َة ال ُغثاء مرحل ٌة مفصل َّي ٌة في‬ ‫أو‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫ُك ِّلها ‪ ،‬ولها أهمي ٌة عظيم ٌة في كا َّف ِة ُشؤونِها المتحو ِلة والمتحص ِ‬ ‫َ‬ ‫تفصل‬ ‫لة ‪ ،‬وتكا ُد أن‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫قرار ِ‬ ‫الحك ِم » أولاً ‪ ،‬و« ِ‬ ‫تما ًما ـ في شأنَي ‪ِ « :‬‬ ‫ِ‬ ‫األبوي‬ ‫التاريخ‬ ‫العل ِم » ثان ًيا ـ َبي َن‬ ‫ِّ‬ ‫قرار ُ‬

‫الش�رعي الم ِ‬ ‫س�ند بِرجالِه ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوضعي‬ ‫األنوي‬ ‫التاري�خ‬ ‫وأهله برغ� ِم اختالفِهم ‪ ،‬وبي َن‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫وسد األمر‬ ‫إذا ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األم�ر بيد ِ‬ ‫ِ‬ ‫غير أهله ‪ ،‬كم�ا ع َّب َر عن ذل َك َم�ن ال ينط ُق ِ‬ ‫إلى غَير أهله‬ ‫عن الهوى‬ ‫وس�د وس�قوط‬ ‫الم َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكيف‬ ‫األمان�ة ـ ُمجي ًبا على َمن س�أ َله ‪:‬‬ ‫الس�اعة وتضيي ِع‬ ‫عالمة‬ ‫‪ m‬ف�ي قولِه ع�ن‬ ‫َ‬ ‫قال ‪ « :‬إذا وسدَ األمر إلى َغ ِير ِ‬ ‫إضاعتُها؟ـ َ‬ ‫أهله »((( ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬

‫ِ‬ ‫َّوس�يد » وبلف�ظ « اإلس�ناد » كم�ا هو ف�ي صحيح البخ�اري برقم‬ ‫((( الحدي�ث ورد بلف�ظ « الت‬ ‫(‪ ،)6015‬ع�ن أب�ي هريرة ؤ قال ‪ :‬قال رس�ول الله ‪« : m‬إذا ُض ِّي َع�ت األمان ُة فانتظِ ِر‬ ‫الس�اع َة» ‪ .‬قال ‪ :‬كيف إضاعتها يا رس�ول الله ؟ قال ‪« :‬إذا ُأس�نِدَ األمر إلى َغ ِير ِ‬ ‫أهله فانتظِ ِر‬ ‫ُ‬ ‫الساع َة» ‪.‬‬

‫وف�ي ِ‬ ‫«فتح الباري» البن حجر ‪ :‬قال الكرمان�ي ‪ :‬أجاب عن كيفية اإلضاعة بما يدل على‬

‫الجواب ؛ ألنه يل�ز ُم منه ُ‬ ‫المذكور ‪ ،‬وقد‬ ‫بيان أن كيفيتَها هي اإلس�نا ُد‬ ‫يتضمن‬ ‫الزم�ان ؛ ألن�ه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬

‫تقدّ م هناك بلفظ « ُو ِّس�دَ » مع ش�رحه ‪ ،‬والمراد من «األمر» جنس األمور التي تتعلق بالدين‬ ‫كالخالفة واإلمارة والقضاء واإلفتاء وغير ذلك ‪ ،‬وقوله ‪«:‬إلى َغ ِير ِ‬ ‫أهله» قال الكرمانِي ‪ :‬أتى‬

‫بكلمة «إلى» بدل الالم ؛ ليدل على تضمين معنى اإلسناد‪.‬‬

‫قوله ‪ « :‬فانتظر الس�اعة » ‪ ،‬الفاء للتفريع ‪ ،‬أو جواب ش�رط محذوف‪ ،‬أي ‪ :‬إذا كان األمر‬

‫‪210‬‬


‫التعليل خطير وهام ِجدًّ ا ِجدًّ ا ِعن�دَ ِقراءتِنا لِلتحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأعتق�دُ ِ‬ ‫َ‬ ‫جاز ًم�ا َّ‬ ‫الت في‬ ‫أن هذا‬ ‫ُّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫المرحل�ة ‪ ،‬ويكاد أن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تاريخه‬ ‫عر َفها اإلسلا ُم ف�ي‬ ‫�ف ع�ن‬ ‫ه�ذه‬ ‫يكش َ‬ ‫ُ‬ ‫أخطر ُمؤامرة َ‬ ‫األبوي ‪ ،‬كما ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُفر‬ ‫تاريخ�ي غنِ َمه‬ ‫مكس�ب‬ ‫أهم‬ ‫يكش ُ‬ ‫ِّ‬ ‫الش�يطان والدَّ َّج ُال والك ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫�ف عن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫آالف‬ ‫المخل�وق‬ ‫انتظره‬ ‫تاريخهما‬ ‫ف�ي‬ ‫اإلرهابي َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫�دار الذي َ‬ ‫األن�وي ‪ ،‬وبد َأ بِه االنح ُ‬ ‫عهد « ِ‬ ‫منذ ِ‬ ‫عهد ِ‬ ‫والشيطان ‪ ،‬إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫«الح ِ‬ ‫السنين ُ‬ ‫الحق ُسبحانَه‬ ‫وار‬ ‫األو ِل » َبي َن ِّ‬ ‫وار َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ديني َبي َن ِ‬ ‫وار اللاَّ‬ ‫س�مى «‬ ‫وأهل‬ ‫الحضارات‬ ‫أهل‬ ‫األديان َ‬ ‫تحت ُم َّ‬ ‫ُّ‬ ‫األخير»‪ ،‬وهو الح ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الحضارات » ‪.‬‬ ‫وار‬ ‫ُ‬ ‫تقارب الديانات وح ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المرحلة‬ ‫المحاورون ِم�ن كال الطر َفين في‬ ‫ي�س كما يبدو ‪ ،‬وال كم�ا يتناو ُله‬ ‫فاألم�ر َل َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫المعاص ِ‬ ‫ِ‬ ‫تحقيقه لرس� ِم السال ِم‬ ‫رة ‪ ،‬س�وا ٌء كانوا ُمخلصين فيما ذه ُبوا إ َليه واجتهدُ وا في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أطراف ال ُّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫والدولية ‪،‬‬ ‫اإلقليمية‬ ‫عبة‬ ‫العالمي ‪ ،‬أو كانوا ُم َس َّيسين و ُمهندسين أساس ِّيين في‬ ‫ِّ‬

‫ٌ‬ ‫السمع وهو شهيدٌ ‪.‬‬ ‫لمن ألقى‬ ‫فالمرحل ُة ُك ُّلها‬ ‫َ‬ ‫َوني َ‬ ‫مفصل ها ٌّم وخ َط ٌير في التاريخِ الك ِّ‬

‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫نحو « ُج ِ‬ ‫وبديانة‬ ‫إدراك ‪،‬‬ ‫بإدراك أو بِ َغ ِير‬ ‫الضب »‬ ‫حر‬ ‫الس ِير‬ ‫ِّ‬ ‫اإلجباري َ‬ ‫ِّ‬ ‫إنها مرحل ٌة َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ش�رعية أو ِخ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األخير ‪،‬‬ ‫المصير‬ ‫نح�و‬ ‫وكرها‬ ‫فالجمي�ع ُيح َّفزون َطو ًعا‬ ‫وضعية ‪،‬‬ ‫يان�ة‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫ٍ‬ ‫إيجابية وتن ُّف ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫موعودة ‪.‬‬ ‫سات‬ ‫المرحلة ِمن مقاطِ َع‬ ‫يكون في‬ ‫عما‬ ‫بصرف‬ ‫النظر َّ‬

‫ِ‬ ‫العبارات ِعندَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�تفتح آفا ًقا جديد ًة‬ ‫اإليجابية‬ ‫فهمها وتت ُّب ِع ثمراتِها‬ ‫وأجز ُم أن هذه‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫في ِق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مسارها‬ ‫وثقافات إلى‬ ‫ُوج ُه أقال ًما‬ ‫اإلنس�اني‬ ‫التاريخ‬ ‫راءة‬ ‫واإلسالمي ‪ ،‬كما س�ت ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫ٍ‬ ‫التاريخ األبوي الشرعي الم ِ‬ ‫الصحيح في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وثقافات‬ ‫وستدفع بأقال ٍم ُأخرى‬ ‫سند ‪،‬‬ ‫كتابة‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫قدر ال َّل ِه في ُّ‬ ‫نقض‬ ‫عوب من‬ ‫رفض هذه المعاني ؛ لين ُف َذ بهذا‬ ‫عقرى إلى‬ ‫الرفض ُ‬

‫كذلك فانتظِر ‪ .‬قال ابن ب ّطال ‪ :‬معنى « ُأس�نِدَ األمر إلى َغ ِير ِ‬ ‫أهله » أن األئمة قد ائتمنهم الله‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬

‫على عباده ‪ ،‬وفرض عليهم النصيحة لهم ؛ فينبغي لهم تولي ُة أهل الدين ‪ ،‬فإذا قلدوا غير أهل‬

‫الدين ؛ فقد ضيعوا األمانة التي قلدهم الله تعالى إياها ‪.‬‬

‫‪211‬‬

‫مرحلة السير‬ ‫اإلجباري نحو‬ ‫الضب‬ ‫ُجحر‬ ‫ِّ‬ ‫فِقه التحو ِ‬ ‫الت‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫يفتح آفاقا جديد ًة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫في قراءة التاريخِ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اله ِ‬ ‫ِ‬ ‫صحيح‬ ‫النبي ‪ m‬في‬ ‫األنوي‬ ‫يكل‬ ‫ِّ‬ ‫األمان�ة وبِناء َ‬ ‫س�ماه ُّ‬ ‫وس�د ‪ ،‬كما َّ‬ ‫الم َّ‬ ‫الوضعي ُ‬ ‫ِّ‬ ‫قه التحو ِ‬ ‫األحاديث الخاص ِة ِبف ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت ‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫الف ِ‬ ‫ِغياب ِ‬ ‫قه‬ ‫ُ‬ ‫الشرعي‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫جرأَ‬ ‫ُّ‬ ‫للتحوالت َّ‬ ‫المترسمين على‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫المصلين‬

‫الف ِ‬ ‫كان غياب هذا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إذ َ‬ ‫أشباههم‬ ‫بالدين على‬ ‫المترس�مين‬ ‫تطاول‬ ‫الش�رعي س�ب ًبا في‬ ‫قه‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫كان س�ببا في ُط ِ‬ ‫غيان ِ‬ ‫واإللح�اد والك ِ‬ ‫مدار ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ُفر‬ ‫الش�ك‬ ‫س‬ ‫وأمثاله�م م� َن المص ِّلين ‪ ،‬كما َ ً‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صفوف ِ‬ ‫ِ‬ ‫والن ِ‬ ‫والمس�تثم ِر ‪ ،‬حتَّى غدا‬ ‫المس�تعم ِر والمس�تهتِ ِر‬ ‫األمة بدف ِع‬ ‫واختراقها‬ ‫ِّفاق‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫اس�تقرارا إلاَّ بم�ا ترضاه ُقوى‬ ‫ق�رارا وال ُيح ِّق ُق‬ ‫العرب�ي‬ ‫العال�م‬ ‫ً‬ ‫واإلسلامي ال يمل ُك ً‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫يمنة على مجمو ِع ِ‬ ‫العالمية المه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ستضعفة ‪ ،‬ولِئلاَّ‬ ‫حياة ُّ‬ ‫الم‬ ‫الحركة‬ ‫يفوت على‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫عوب ُ‬ ‫المعاص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫الش�أن فقد وض َعنا‬ ‫فات على من س�ب َقهم في هذا‬ ‫س�لمين في مرحلتِنا‬ ‫رة ما َ‬ ‫ُ‬ ‫لمرحلة ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثاء وما تالها ‪،‬‬ ‫ش�رعي‬ ‫هاهنا اس�تقرا ًء كاملاً لِما وص َفه ‪ m‬من تقس�ي ٍم‬ ‫ٍّ‬

‫رس�ول ال َّل ِه ‪ « : m‬ي ِ‬ ‫ُ‬ ‫وفِيها ُ‬ ‫وش ُ‬ ‫مم كما تداعى األكل ُة‬ ‫يقول‬ ‫ُ‬ ‫�ك أن تداعى ع َليكم األُ ُ‬ ‫ٍِ‬ ‫عل�ى قصعتِه�ا » ‪ .‬قالوا ‪ِ :‬أمن ِق ٍ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ؟ َ‬ ‫َ‬ ‫كثير ‪،‬‬ ‫لة نحن يا‬ ‫ق�ال ‪ « :‬ال أنتم يومئذ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫َ‬ ‫رسول ال َّل ِه؟‬ ‫يكم الوه ُن » ‪ .‬قالوا ‪ :‬وما الوه ُن يا‬ ‫يل ُيلقى ع َل ُ‬ ‫ولكنَّكم ُغثا ٌء ك ُغثاء َّ‬ ‫ق�ال ‪ « :‬ح�ب الدنيا وكراهي ُة الم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫رواي�ة ‪ « :‬وت َُنز ُع المهاب ُة من ُص ِ‬ ‫َ‬ ‫دور‬ ‫وت »((( ‪ .‬وفي‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫أعدائكم »((( ‪.‬‬ ‫الغثائية من‬ ‫حديث ثوبان‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫كيف َ‬ ‫قصعة‬ ‫مم كتداعيكم على‬ ‫بك يا‬ ‫وفي‬ ‫رواية ‪َ « :‬‬ ‫يكم األُ ُ‬ ‫ثوبان ‪ ،‬إذا تدا َعت ع َل ُ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ِأمن ِق ٍ‬ ‫لة بنا؟ َ‬ ‫َ‬ ‫الطعا ِم يصيبون ِمنه »‪َ .‬‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫أنت وأمي يا‬ ‫قال‬ ‫ثوبان‪ :‬بأبي َ‬

‫ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫َ‬ ‫كم الوه ُن » ‪َ .‬‬ ‫رس�ول‬ ‫قال ‪ :‬وما الوه ُن يا‬ ‫كثير ‪ ،‬ولكن ُيلقى في قلوبِ ُ‬ ‫« ال أنتم يومئذ ٌ‬ ‫قال ‪ « :‬حبكم للدُّ نيا وكراهيتُكم لِ ِ‬ ‫لق ِ‬ ‫ال َّل ِه ‪َ ،‬‬ ‫تال » ((( ‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫((( سنن أبي داود (‪.)4299‬‬ ‫((( مسند أحمد (‪.)23060‬‬ ‫((( مسند أحمد (‪.)8947‬‬

‫‪212‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحديث ِ‬ ‫ِ‬ ‫وغيره يتحدَّ ُد االستقرا ُء بتكا ُل ِ‬ ‫ب األُم ِم على اإلسال ِم‬ ‫النظر إلى هذا‬ ‫وعندَ‬ ‫ثمانية ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�لمين ِخ َ‬ ‫االس�تعمار ‪ ،‬ولأِ ن‬ ‫مرحلة‬ ‫وبدء‬ ‫الخالفة ال ُع‬ ‫نقض‬ ‫مرحلة‬ ‫الل‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫التداعيات‬ ‫معرفة أقس�ا ِم ه�ذه‬ ‫عديدة فال ُبدَّ من‬ ‫بتداعيات‬ ‫م�رت‬ ‫ه�ذه المرحل َة قد َّ‬ ‫ِ‬ ‫النحو التالي ‪:‬‬ ‫على‬

‫‪213‬‬


‫الغثائيةِ‬ ‫الشرعي للمرحلةِ ُ‬ ‫التقسيم ُّ‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫األحالس‬ ‫مرحل ُة‬ ‫والمؤامر ُة على‬ ‫ِ‬ ‫الرج ِل‬ ‫ِتركة ُ‬ ‫ِ‬ ‫المريض‬

‫ِ‬ ‫وهرب‬ ‫حرب‬ ‫األحالس‬ ‫(‪ )1‬مرحل ُة‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حامية ِ‬ ‫َ‬ ‫وكان ُمبتدَ ُأ‬ ‫اإلسلامية ‪،‬‬ ‫الخالفة‬ ‫قرار‬ ‫العلي�ة‬ ‫الدولة‬ ‫ضعف‬ ‫وه�ي مرحل� ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الضع�ف م ِ‬ ‫األوربية وات ِ‬ ‫ِّفاق ُد ِ‬ ‫الداخلي ـ على‬ ‫مع خالفِها‬ ‫للنهض�ة‬ ‫عاص ًرا‬ ‫ول أوربا ـ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأطلق األوربيون على هذا االتِّفاق « المس�أل َة‬ ‫ثمانية ‪،‬‬ ‫الدول�ة ال ُع‬ ‫تفكيك وتقس�ي ِم‬ ‫َ‬ ‫الواق ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�رقي َة » ‪ ،‬أي ‪ :‬مش�كل َة ال�دُّ ِ‬ ‫ع�ة في‬ ‫الش�رق ِم�ن أوربا ‪ .‬اه�ـ ‪ .‬وع َّب َر عنها‬ ‫الحديث بـ « فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫األحالس » ‪.‬‬ ‫تنة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتمويه ‪ .‬وهذه‬ ‫الخفاء‬ ‫الثياب إشار ًة إلى‬ ‫تحت‬ ‫بس ُط َ‬ ‫« والح ْل ُس » في اللغة ‪ :‬ما ُي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األحداث ـ المرحل ُة الت�ي تحركَت فِيها ُقوى‬ ‫اس�تقراء‬ ‫حس�ب‬ ‫المرحل ُة يبدو أنها ـ‬ ‫َ‬ ‫وإطالق مس�مى « ِتر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرجل‬ ‫كة‬ ‫الصناعي�ة‬ ‫الثورة‬ ‫ظه�ور‬ ‫االس�تعمار‬ ‫األورب�ي ُب َعيدَ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫المريض » على ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإلسلامي ‪ ،‬وبدْ ِء وض ِع ُ‬ ‫والمؤامرات‬ ‫طط‬ ‫العربي‬ ‫بالد العال ِم‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االس�تراتيجية ‪ ،‬من‬ ‫ومواق ِعه‬ ‫واالس�تيالء عل�ى ثرواتِ�ه‬ ‫السياس�ية‬ ‫لتفكي�ك وحدتِه‬

‫لدراسة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الواق ِع‬ ‫بلوماس�ي‬ ‫والعمل‬ ‫االستش�راقي ‪،‬‬ ‫النش�اط‬ ‫خالل بدْ ِء‬ ‫السياس�ي الدُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمؤامرات فيه ‪ ،‬بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبذر ِ‬ ‫واإلسالمي ‪ِ ،‬‬ ‫الف ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحرية‬ ‫الدعوة إلى‬ ‫مطلب‬ ‫إثارة‬ ‫تن‬ ‫العربي‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الثقافية‬ ‫الحضارية كالعل�و ِم‬ ‫الحي�اة‬ ‫وإدخال ُعل�و ِم‬ ‫القان�ون ‪،‬‬ ‫وس�يادة‬ ‫والمس�اواة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والعسكرية ِ‬ ‫والديانة ‪.‬‬ ‫كذريعة لهد ِم القي ِم‬ ‫وغيرها‬ ‫والزراعية‬ ‫والصناعية‬

‫ِ‬ ‫الغزو‬ ‫بدء‬ ‫ُ‬ ‫ُغالي‬ ‫ت‬ ‫ر‬ ‫ال ُب‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العربية كما‬ ‫البلاد‬ ‫أطراف‬ ‫البرتغالي على‬ ‫الغ�زو‬ ‫المرحلة بد َأ‬ ‫أو ِل ه�ذه‬ ‫ُ‬ ‫وف�ي َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫فق�ال ٌ‬ ‫الحديث ِمن قولِه ‪َ : m‬‬ ‫ك�ره ‪ ،‬وإلى َ‬ ‫قائل ‪ :‬وما فِتن ُة‬ ‫ش�ير معنى‬ ‫ذلك ُي ُ‬ ‫س�بق ذ ُ‬ ‫ِ‬ ‫والحرب كانا ِ‬ ‫بار َز ِ‬ ‫ِ‬ ‫األحلاس ؟ َ‬ ‫هجمات‬ ‫ين في‬ ‫واله�رب‬ ‫وحرب » ‪.‬‬ ‫هرب‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫قال ‪ٌ « :‬‬ ‫‪214‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وحديث ‪:‬‬ ‫الس�يطرة ع َليه�ا ‪،‬‬ ‫العربي�ة طم ًع�ا في‬ ‫البلاد‬ ‫س�واحل‬ ‫ال ُبرتُغاليي�ن عل�ى‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وهرب ‪ُ ،‬ث َّم بعدها فِ َت ٌن‬ ‫حرب‬ ‫يكون فِيها‬ ‫األحالس)‬ ‫«ستكون بعدي فِ َت ٌن ِمنها (فِتن ُة‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫تكون فِتن ٌة ُك َّلما َ‬ ‫ُ‬ ‫بيت إلاَّ دخ َلته ‪،‬‬ ‫أش�دُّ ِمنها ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫قيل انقط َعت عا َدت ‪ ،‬حتَّى ال يبقى ٌ‬ ‫(((‬ ‫يخرج ٌ‬ ‫رجل ِمن ِعت َْرتي »‬ ‫مسلم إلاَّ سكَّته حتَّى‬ ‫وال‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬

‫ِ‬ ‫�ت ِ‬ ‫ق�ال الخطاب�ي ‪ :‬إنَّما ُأضي َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وط�ول ُلبثِها ‪ُ ،‬يقال‬ ‫لدوامها‬ ‫األحلاس‬ ‫الفتن ُة إلى‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫لأِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للرج ِ‬ ‫�ل إذا َ‬ ‫فترش ‪،‬‬ ‫كان يل�ز ُم بيتَ�ه ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫يبرح منه ‪ « :‬ه�و ح ْل ُس بيت�ه » ‪ .‬ن الح ْل َس ُي َ‬ ‫طول ُلبثِها اس�تمرار ُخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيبق�ى عل�ى‬ ‫طط‬ ‫المكان ما دا َم ال ُير َف ُع((( ‪ .‬والمقصو ُد من‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آخر ‪.‬‬ ‫المؤامرة االستعمارية ‪ ،‬مرحل ًة بعدَ ُأخرى ‪ ،‬وجيلاً بعدَ َ‬

‫معنى الحلس‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫االس�تعمارية‬ ‫الحروب‬ ‫ظه�ور‬ ‫األح�داث المتتالي� ُة ‪ :‬بد ًءا ِمن‬ ‫وه�ذا م�ا أثبتَته‬ ‫حملة نابليون‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫الش�رقية » ‪ ،‬المسألة الشرقية ‪،‬‬ ‫المس�ألة‬ ‫رورا بـ«‬ ‫كحمل�ة نابِلي�ون على م َ‬ ‫صر س�نة ‪ 1798‬م ‪ ،‬و ُم ً‬ ‫سايكس بيكو‪،‬‬ ‫كلها تحوالت‬ ‫متتالية ذات طابع‬ ‫تآمري‬

‫((( الفتن (‪. )95‬‬

‫((( معالم السنن (‪.)337 :4‬‬

‫((( وهي من ظواهر مرحلة األحالس ‪ ،‬فالحملة الفرنس�ية على مصر عام ‪1213‬هـ (‪ 1798‬م)‬ ‫ج�اءت بعيد تده�ور الدولة العثمانية وبروز مرحلة الضعف فيه�ا ‪ ،‬وكان هذا الهجوم يعتبر‬

‫أول هج�وم صليب�ي على والية عربي�ة من واليات الدول�ة العثمانية ف�ي التاريخ الحديث‪،‬‬

‫وعلى الفور أعلن السلطان سليم الثالث الجهاد ضد الفرنسيين الصليبيين ‪ ،‬وتكونت جبهة‬ ‫حربية إسلامية في مواجهة الفرنسيين ‪ ،‬وقامت العديد من المعارك التي اشترك فيها علماء‬ ‫األزهر والمس�لمون من كافة البالد ؛ لمحاولة إعادة مصر إلى حظيرة الخالفة اإلسلامية‪،‬‬ ‫وق�د واجهته�ا الحملة الفرنس�ية باالنتق�ام والقوة والهدم والتنكيل بالش�عب ع�دة مرات ‪،‬‬

‫حيث دارت رحى الجهاد ضد الفرنس�يين في مصر مرات عديدة ‪ ،‬ولم يتم جالء الفرنسيين‬ ‫ع�ن مصر إال بعد هجوم مش�ترك م�ن العثمانيين واإلنجليز أرغم الفرنس�يين على الخروج‬

‫م�ن مص�ر‪ ،‬إال أن الحملة الفرنس�ية إبان وجوده�ا بمصر قد وضعت ب�ذورا خطيرة ‪ ،‬ومنها‬ ‫االنبه�ار بقوة السلاح األورب�ي وبالصناعة والعل�م واإلدارة ‪ ،‬حتى إن بع�ض قادة الحكم‬

‫‪215‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والخروج بات ِ‬ ‫بمفاوض�ات الدُّ ِ‬ ‫َّفاق « س�ايكس بيكو » بِ‬ ‫ول األُ‬ ‫ِ‬ ‫ش�أن‬ ‫وربية‬ ‫ونِهاي� ًة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫السيطرة‬ ‫صار فيما بعدُ ُمر َتكَز‬ ‫الرج ِل المريض ‪ .‬هذا‬ ‫اقتس�ا ِم ِتركة ُ‬ ‫االتفاق الذي َ‬ ‫ِ‬ ‫االستعمارية ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ذلك األم�ر ‪ِ ،‬‬ ‫المرحل�ة َ‬ ‫وثائ�ق‬ ‫وق�د أك�دَ ت‬ ‫ُ‬ ‫�ع «الجزي�ر ُة العربي� ُة « نجدُ‬ ‫راج ْ‬ ‫َ‬ ‫وثائق المراحل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫ِ‬ ‫مرجع بحثي هام‬ ‫ملح ٌ‬ ‫والحج�از » ف�ي‬ ‫ظ ها ٌّم في مجرى‬ ‫ُ‬ ‫الوثائق البريطانية» ‪ .‬وفي ه�ذا التأكيد َ‬ ‫يسبق كش ُفه من وقائع وتحو ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نطق بها َمن ال ينطِ ُق ِ‬ ‫عن‬ ‫عالمات‬ ‫الت َ‬ ‫الساعة ‪ ،‬وما ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البعض‬ ‫س�اهم‬ ‫وربما‬ ‫ومعرفة‬ ‫إدراكها‬ ‫اله�وى ‪ m‬تغ ُف ُل األُم� ُة عن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫خطرها ‪ ،‬بل ُ‬ ‫وإنجاحها بِ ِعل ٍم أو بِ َغ ِير ِعل ٍم ل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أمرا َ‬ ‫كان مفعولاً ‪.‬‬ ‫إنفاذها‬ ‫في‬ ‫يقضي ال َّل ُه ً‬ ‫َ‬ ‫تنة السر ِ‬ ‫(‪ )2‬مرحل ُة فِ ِ‬ ‫اء‬ ‫َّ‬

‫(((‬

‫بمصر كمحمد علي باش�ا ال�ذي حكم مصر ‪ ،‬قام بإدخال أس�اليب الفرنجة وعوائدهم إلى‬

‫الجيش والحياة االجتماعية فيما بعد ‪ ،‬وهي األساليب التي وصفت في األحاديث بالغثائية‪.‬‬

‫((( هذا الكتاب مكون من سبعة مجلدات ضخمة‪ ،‬ويعد من أغزر المراجع عن الجزيرة العربية‬ ‫من�ذ بداي�ة القرن العش�رين ‪ ،‬ويض�م ترجمة ألهم الوثائ�ق التي تفصح عن سياس�ة بريطانيا‬

‫ومواقفه�ا من�ذ ع�ام ‪1914‬م ‪ ،‬وه�ي مرحلة نش�وب الح�رب العالمية األولى وم�ا بعدها ‪،‬‬ ‫وكانت هذه الوثائق محاطة بس�رية تامة نظ�را ألن القانون البريطاني الخاص بحفظ الوثائق‬

‫كان يحت�م بقاءه�ا بعيدة عن أيدي الباحثين لمدة خمس�ين عاما ؛ ولكن هذه المدة خفضت‬ ‫ع�ام ‪ 1967‬إل�ى ثالثي�ن عام�ا ‪ ،‬ولذلك أخ�ذ الباحثون والمؤرخ�ون يتدفق�ون على مركز‬ ‫الوثائ�ق بلندن لالطالع على ذلك ‪ .‬اهـ م�ن صدر مقدمة الكتاب ‪ ،‬الجزء األول ‪ ،‬لمترجمه‬

‫د‪ .‬نجدة فتيحي ‪.‬‬

‫((( والس�راء ‪ :‬قال القاري ‪ :‬المراد بالس�راء النعماء التي تسر الناس من الصحة والرضا والعافية‬ ‫من البالء والوباء ‪ ،‬وأضيفت إلى الس�راء ألن الس�بب في وقوعها ارتكاب المعاصي بسبب‬ ‫كث�رة النع�م ‪ ،‬أو ألنها ش�ر الع�دو ‪ .‬قلت ‪ :‬وكال المعنيي�ن محتمل في تعلي�ل معاني مرحلة‬ ‫المؤامرة ‪ ،‬وهي اش�تراك بعض أمراء المس�لمين ورؤس�اء القبائل في فت�ن الصراع المؤدية‬ ‫إلى تدخل الكفار وعقد المعاهدات معهم إلس�قاط قرار الخالفة الش�رعية وإقامة األنظمة‬

‫‪216‬‬


‫ِ‬ ‫قه التحو ِ‬ ‫ه�ي المرحل ُة التي تحدَّ د مس�ماها في فِ ِ‬ ‫بمرحلة االس�تِ ِ‬ ‫عمار ‪ ،‬وهي‬ ‫الت‬ ‫ُّ‬ ‫َ ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وس�ياق‬ ‫األحالس ارتِبا ًطا وثي ًقا ‪ ،‬بل هي ثمر ٌة من ثمراتِها ‪،‬‬ ‫بمرحل�ة‬ ‫أيض�ا ُمرتبِط ٌة‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫فق�ال ٌ‬ ‫النص قو ُله ‪َ « :‬‬ ‫قائل ‪ :‬يا‬ ‫الحدي�ث ذاتِ�ه ُيؤ ِّكدُ‬ ‫ُ‬ ‫تلاز َم المرحلتَين فقد ور َد ف�ي ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األحالس ؟ َ‬ ‫َ‬ ‫هرب‬ ‫رسول ال َّل ِه وما فِتن ُة‬ ‫السر ِاء »((( ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫فقال ‪ٌ « :‬‬ ‫وحرب ‪ُ ،‬ث َّم فتن ٌة َّ‬

‫رس�ول ال َّل ِ‬ ‫آخ�ر عن ُع َم ِ‬ ‫بن ٍ‬ ‫ي�ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫هانئ َ‬ ‫ٌ‬ ‫األحالس‬ ‫�ه ‪ « : m‬فِتن ُة‬ ‫قال‬ ‫وحدي�ث ُ‬ ‫القومية والقبلية ‪ ،‬وقد أش�ار الش�يخ التويجري في كتابه «اتحاف الجماعة ص‪ /54‬األول»‬ ‫إل�ى عالق�ة الس�راء بمرحلة المؤامرة ‪ ،‬ولكنه فس�رها تفس�يرا جزئيا ‪ ،‬وق�ال ‪ « :‬وهذه الفتنة‬ ‫تنطب�ق عل�ى ما وقع بين أهل نجد وبين األتراك والمصريين في الحروب العظيمة في القرن‬ ‫الثال�ث عش�ر للهجرة ‪ ،‬وق�د كانت هذه الفتن م�ن أعظم الفتن التي وقعت ف�ي هذه األمة ‪،‬‬ ‫وقد وهن اإلسلام بس�ببها وانطمس�ت أعالمه » ‪ ،‬ثم قال ‪« :‬حتى رد الله الكرة ألهل نجد‬ ‫بع�د ذلك فعاد اإلسلام عزيزا ولله الحم�د والمنة» ‪ .‬والمفيد من التعليل المش�ار إليه ربط‬ ‫الس�راء بمرحل�ة الحرب القبلي�ة والصراع الذي كان�ت تديره القوى العالمي�ة بين « العرب‬ ‫والمس�لمين» ‪ .‬وأما تفس�يره لـ«عود اإلسلام عزيزا بانتصار أهل نجد» فال عالقة له باألمر‬ ‫المراد في الحديث والمرحلة ‪ ،‬بل كانت الدول االس�تعمارية معينة بالمال والسلاح ألهل‬ ‫نج�د عل�ى حكام الحجاز ‪ ،‬ومعينة لحكام الحجاز ضد األت�راك ‪ ،‬وربما كان الظرف القائم‬ ‫آنذاك أصعب من تفسيرنا له اليوم ؛ ولكن العلماء حين ال يعلمون ما يدور من أمور السياسة‬ ‫والتس�ييس ينزلون األحاديث على األحداث والوقائع على ما يظهر لهم من الفهم أو يوافق‬ ‫أحواله�م م�ن المواق�ف ‪ ،‬لعدم دراس�تهم فقه التح�والت والنعدام إدراكه�م أهمية الركن‬ ‫الرابع من أركان الدين ‪.‬‬ ‫وق�د عل�ل المؤلف التويجري حديث الفتنة التي تقبل م�ن المغرب بقوله ‪ « :‬فهي ـ والله‬ ‫أعل�م ـ م�ا وقع م�ن األتراك والمصريي�ن من محاربة أه�ل نجد في القرن الثالث عش�ر من‬ ‫الهجرة‪ ،‬وهي من أعظم الفتن وأنكاها لدين اإلسالم » ‪.‬اهـ‪.‬‬ ‫مع العلم أن هذه المس�ألة برمتها تدخل تحت الفتنة المس�ماة بالس�راء ‪ ،‬وكل ما دار فيها‬ ‫بي�ن «أهل الجزي�رة» وبين األتراك أو المصريين أو غيرهم ين�درج تحت مفهوم «التحريش‬ ‫في جزيرة العرب» ونجاح سياسة االستعمار وتخطيطه ‪.‬‬

‫((( مسند أحمد (‪. )6312‬‬

‫‪217‬‬

‫مرحلة فتنة السراء‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رج ٍ‬ ‫�ل يز ُع ُم أنَّه‬ ‫الس�راء‬ ‫وهرب ‪ ،‬وفِتن ُة‬ ‫ح�رب‬ ‫فِيه�ا‬ ‫يخرج دخنُها م�ن تحت قد َمي ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫تكون‬ ‫رج ٍل ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫الناس على ُ‬ ‫المتَّقون ‪ُ ،‬ث َّم يصطل ُح ُ‬ ‫مني ‪ ،‬و َل َ‬ ‫يس مني ‪ ،‬إنَّما َأوليائي ُ‬ ‫ِ‬ ‫العرب إلاَّ دخ َلته ُيقاتِ ُل‬ ‫بيت ِم َن‬ ‫فِتن� ُة الدُّ َه ِم ُك َّلما ِق َيل انقط َعت عا َدت حتَّى ال يبقى ٌ‬

‫ح�ق ُيقاتِ ُل أم على باطِ ٍل ‪ ،‬فال يزال�ون كذلِ َك حتَّى يصيروا إلى‬ ‫فِيه�ا ال يدري على ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫س�طاط نِ ٍ‬ ‫َ‬ ‫إيم�ان ال نِ َ‬ ‫إيمان في�ه ‪ .‬فإذا هما‬ ‫ف�اق ال‬ ‫فاق فيه ‪ ،‬و ُف‬ ‫س�طاط‬ ‫ُفس�طا َطين ‪ُ :‬ف‬

‫الدج ُال ال َيو َم ِ‬ ‫أو الغدَ »‬ ‫اجتمعا‬ ‫قارب َّ‬ ‫َ‬

‫تفسير‬ ‫السهارنفوري‬ ‫لفتنة السراء‬

‫(((‬

‫‪.‬‬

‫�يخ الس�هارنفوري ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تحديد زمنِها إلاَّ َّ‬ ‫الش َ‬ ‫أن َّ‬ ‫رح َمه ال َّل ُه في‬ ‫اختل�ف ال ُعلما ُء في‬ ‫وق�د‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حاشية ِ‬ ‫أقرب إلى الت ِ‬ ‫المجهود « ‪َ » 5: 89‬‬ ‫تحديدها مرحل ًّيا فقد رب َطها‬ ‫َّوفيق في‬ ‫بذل‬ ‫كان َ‬

‫بعض ُأ ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ريطانية ِضدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫سلمين والح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مراء الم ِ‬ ‫كومة البِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفة‬ ‫شترك َبي َن‬ ‫الم‬ ‫بمرحلة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫العمل ُ‬ ‫ظواهر التفك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالمية المتم ِّث ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ونخرتها‬ ‫ُّك‬ ‫برزت‬ ‫الدولة ال ُع‬ ‫آنذاك في‬ ‫لة‬ ‫ثمانية ‪ ،‬بعدَ أن َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وجمعي�ة االت ِ‬ ‫ِ‬ ‫مؤام�رات الدُّ ونَم ِ‬ ‫العرب والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�لمين‬ ‫ِّح�اد والتر ِّقي ‪ ،‬ووج�دَ ُزعما ُء‬ ‫�ة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الع ِ‬ ‫إفس�اد ِ‬ ‫ِ‬ ‫أنفس�هم أمام ِخ ٍ‬ ‫القة بين الرعايا ِمما حدا ِ‬ ‫الفة ُ‬ ‫ببعضهم إلى تبنِّي‬ ‫تعمل على‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ثمانية ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ك�رة ِ‬ ‫فِ ِ‬ ‫واالنف ِ‬ ‫صال عن ِ‬ ‫اس�تثمر الغرب ُّيون‬ ‫وقد‬ ‫الدولة ال ُع‬ ‫ق�رار‬ ‫العربية‬ ‫الف�ة‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َوظيفها لصالحِ سياس�تِ ِهم االس�تِ‬ ‫القلق َة واس�تفادوا ِمن ت ِ‬ ‫هذه الحال َة ِ‬ ‫عمارية ‪ ،‬وأغرقوا‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫العرب والمس�لمين بالو ِ‬ ‫نقض ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالمي‬ ‫الحك ِم‬ ‫الكاذبة واستدرجوهم إلى‬ ‫عود‬ ‫قرار ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�مى بِ‬ ‫ِ‬ ‫األتراك‬ ‫شترك‪:‬‬ ‫الم‬ ‫العربي‬ ‫المجتم ِع‬ ‫ُك ِّله‬ ‫ِّ‬ ‫العدو ُ‬ ‫واإلسلامي ضدَّ ما ُي َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫بتحريض ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واأللم�ان ‪ ،‬بِاعتِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ترتب على ذلِ َك ِم َن‬ ‫بار عالقة الدولة ال ُعثمانية بالدولة األلمانية ‪ ،‬وما َ‬ ‫غالل الح ِ‬ ‫تجاوزنا تفسيرنا‬ ‫ِ‬ ‫األمر ِمن ك ُِّل ٍ‬ ‫ول األُ ِ‬ ‫لفاء والدُّ ِ‬ ‫وربية لهذا ِ‬ ‫وجه ‪.‬‬ ‫است ِ ُ‬

‫الذي قدمناه في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫«التليد والطارف» ويبدو َّ‬ ‫تفس�ير َّ‬ ‫الش�يخِ‬ ‫وتفسيرها ‪،‬‬ ‫للمرحلة‬ ‫البعض‬ ‫فهم‬ ‫أن‬ ‫ِّ‬ ‫الس�هارنفوري لم ُيواف ْق َ‬ ‫َ‬ ‫وربطنا الموضوع‬ ‫كله باألصل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أحاديث ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫ف ِك ِ‬ ‫التاريخي لمسيرة ((( سنن أبي داو َد (‪َ ، )4244‬‬ ‫الساعة» عن‬ ‫وأشراط‬ ‫تن‬ ‫وسوعة‬ ‫تاب « َم‬ ‫وقال ُمؤ ِّل ُ‬ ‫المرحلة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صحيح ‪.‬‬ ‫الحديث ص‪ : 54‬إسنا ُده‬ ‫درجة‬ ‫ٌ‬

‫‪218‬‬


‫الحديث ُك ِّله وفي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجارحِ‬ ‫وتخريجه والكال ِم‬ ‫س�نده‬ ‫الطعن في‬ ‫البعض إلى‬ ‫بل ونحى ُ‬ ‫ِ‬ ‫المرحلة وما جا َء فِيها ‪ ،‬ولِهذا فقد تجاوزنا هذا‬ ‫تفسير‬ ‫في َم ِن اعتمدَ ه ونق َله وبنى ع َل ِيه‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والطار ِف» َ‬ ‫َ‬ ‫الش ُ‬ ‫فسر بِه َّ‬ ‫السهارنفوري‬ ‫يخ‬ ‫«التليد‬ ‫التعليل الذي اعتمدنا ع َل ِيه في‬ ‫ُّ‬ ‫حول ما َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وضوع ُك َّله بِ‬ ‫ِ‬ ‫المرحلة ‪َ ،‬‬ ‫دون‬ ‫لمس�يرة‬ ‫التاريخي‬ ‫األص�ل‬ ‫الم‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫معن�ى الحدي�ث ‪ ،‬وربطن�ا َ‬ ‫الف ي ِ‬ ‫ف ويحو ُل األمر إلى اختِ ٍ‬ ‫ويؤزم الم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الهدف‬ ‫ثير‬ ‫َ‬ ‫واق َ‬ ‫فس�دُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫النفوس ِّ ُ َ‬ ‫التع�رض لم�ا ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫التاريخية لِ‬ ‫ِ‬ ‫الق ِ‬ ‫الشرعية في ِ‬ ‫ِ‬ ‫لمراح ِل ‪.‬‬ ‫راءة‬ ‫األسمى ِم َن المعاني‬

‫جاز و َغ ِيرها ِمن بِ ِ‬ ‫الدائر في ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العرب َ‬ ‫كما يبدو َّ‬ ‫كان‬ ‫الد‬ ‫الش�عبي‬ ‫الحماس‬ ‫أن ُمس�توى‬ ‫ِّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ (((‬ ‫التأثير العام في ال ُع ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫قول وال ُق ِ‬ ‫لوب بِ ُحك ِم ُّ‬ ‫المدَ ونمة‬ ‫أقرب إلى‬ ‫َ‬ ‫عور السائد ضدَّ الخالفة ُ‬ ‫ِ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫كان الش�ارع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫المتر ِّد ِية ‪ ،‬بل َ‬ ‫درجات‬ ‫آنذاك في أعلى‬ ‫جازي‬ ‫الح‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫آنذاك ‪ ،‬ومواقفها السياس�ية ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشريف ُح َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫جانب‬ ‫ِّحادية إلى‬ ‫السياسة االت‬ ‫ين و َمن معه ‪.‬‬ ‫وري ِضدَّ‬ ‫غليانه ال َّث ِّ‬

‫ِ‬ ‫الحالة‬ ‫نموذجا َع ِن‬ ‫الجوادي في ترجمته للسيد محمد الدباغ‬ ‫حم ِد‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫و ُي ِّ‬ ‫صو ُر لنا د ‪ُ .‬م َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فيقول ص‪: 26‬‬ ‫عبدالجب�ار (((‪،‬‬ ‫مر‬ ‫الس�ائدة‬ ‫آن�ذاك في مك َة وجد َة نقلاً َع ِن األُس�تاذ ُع َ‬ ‫ِ‬ ‫الناش�ئة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ورة في ِ‬ ‫فمظاه�ر ال َّث ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫التأثير في ن ِ‬ ‫جازية‬ ‫الح‬ ‫ُفوس‬ ‫مظاه َر عميق َة‬ ‫ج�از كانَت‬ ‫ُ‬ ‫عق َ�ل ال َّث ِ‬ ‫ج�از كانَ�ت م ِ‬ ‫ذاك ‪ ،‬لأِ َّن ِ‬ ‫ورة ‪ ،‬وكانَت ُوفو ُد ُث ِ‬ ‫ِ‬ ‫إذ َ‬ ‫العرب تترى ع َل ِيه ِمن‬ ‫�وار‬ ‫الح َ‬ ‫َ‬ ‫لح�رب ِمن ِ‬ ‫جاز ِ‬ ‫أبناء ِ‬ ‫العربية ‪ ،‬وكانَت مواكب المتطوعين لِ‬ ‫ِ‬ ‫ك ُِّل البِ ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫تزدح ُم بها‬ ‫لاد‬ ‫ُ ُ‬ ‫وكان الش�باب مدججا بِالسلاحِ يس�ير في ُق ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ش�وارع المدُ ِن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫وحماس ‪،‬‬ ‫وة‬ ‫جازية ‪،‬‬ ‫الح‬ ‫ُ ُ َّ ً‬ ‫ُ‬ ‫ِ ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحرب‬ ‫رف ع َليهم ‪ ،‬وموسيقى‬ ‫العربية‬ ‫باألناشيد‬ ‫ويهزج‬ ‫الوطنية ‪ ،‬وكانَت األعال ُم تُرفِ ُ‬ ‫ُ‬

‫((( انظر شرحها ضمن المصطلحات آخر الكتاب ‪.‬‬

‫((( س�ير وتراج�م ص‪ ،285-282‬وليلح�ظ الق�ارئ أن ه�ذه الفت�رة ه�ي م�ا بي�ن ع�ام‬ ‫‪ 1909‬ـ حي�ث نح�ي الس�لطان عبدالحمي�د وص�ار الق�رار لالتحاديين وبدؤوا سياس�ات‬ ‫التتريك وأقحموا الجيوش المس�لمة في الح�رب العالمية األولى مع ألمانيا ـ وعام ‪1916‬‬

‫حيث أعلنت الثورة العربية‪ .‬انظر التواريخ في المخطط ص‪.194‬‬

‫‪219‬‬

‫موقف الشارع‬ ‫الحجازي‬ ‫والحالة السائدة‬ ‫آنذاك في مكة‬ ‫وجدة‬


‫وكان خطباء ال َّث ِ‬ ‫الثائرة الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ورة ِمن ِحجاز ِّيين وسور ِّيين وعراق ِّيين‬ ‫ثيرة ‪،‬‬ ‫ف بألحانِها‬ ‫تعز ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‪،‬‬ ‫ص�ورون‬ ‫ش�ر ُ‬ ‫يقف�ون في الس�احات العا َّمة و ُي ِّ‬ ‫للجماهير ما هم فيه من حاض ٍر ال ُي ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ماض ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وينتقلون بأذهانِهم إلى ما َ‬ ‫باألمجاد ‪.‬‬ ‫عريق ‪ ،‬وتاريخٍ حافِ ٍل‬ ‫كان لهم من‬

‫دة ‪ِ :‬من ال َّث ِ‬ ‫بدائل متعدِّ ٍ‬ ‫يقول ص‪ : 27‬ولم يك ِ‬ ‫ُث َّم ُ‬ ‫ُن َ‬ ‫ورة على ُظل ِم‬ ‫َ‬ ‫يار سهلاً َبي َن َ ُ‬ ‫الخ ُ‬ ‫الخ ِ‬ ‫دولة ِ‬ ‫مور في ِ‬ ‫األتراك واالتِّحاديين الذين سيطروا على مقدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫رات األُ ِ‬ ‫الفة‪ ،‬وساموا‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫تدخ ِ‬ ‫لات الدُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والضيق بِ ُ‬ ‫األوربية الكُبرى في‬ ‫ول‬ ‫الكثير ِم َن ال ُّظل ِم ؛‬ ‫األقالي�م العربي َة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ين ِ‬ ‫للش�ريف ُح َس ِ‬ ‫علي الذي قا َد َث�ور ًة عربي ًة على‬ ‫واالنتصار‬ ‫العربية ؛‬ ‫المس�ألة‬ ‫بن ٍّ‬

‫صار لالت ِ‬ ‫الثائر ِ‬ ‫األتراك ؛ ُثم ال َّث ِ‬ ‫ِ‬ ‫نفس�ه ‪ ،‬واالنتِ ِ‬ ‫ورة على هذا ِ‬ ‫المتمثِ ِل‬ ‫ِّجاه‬ ‫ُحك ِم‬ ‫الفتي ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عود ِ‬ ‫آل س ٍ‬ ‫المل ِك ِ‬ ‫ِ‬ ‫زحف ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫توالية ‪.‬‬ ‫نجاحات ُم‬ ‫رح َمه ال َّل ُه الذي ح َّق َق‬ ‫عبد‬ ‫في‬ ‫العزيز ُ‬

‫الملك عبدالعزيز آل سعود عام ‪ 1901‬م‬

‫مؤلف كتاب‬ ‫«لورنس كما‬ ‫عرفته» وقائد‬ ‫جيش الثوار‬ ‫العرب يصف‬ ‫الوضع القائم‬

‫قدمة ِكت�اب «لورنس‪ ..‬الحقيق� ُة واألكذوب ُة» لصبحي ِ‬ ‫وف�ي م ِ‬ ‫(((‬ ‫م�ري‬ ‫الع‬ ‫يصف‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫((( قائ�د عس�كري عاصر ع�دة مراحل تاريخية ‪ ،‬ولد بدمش�ق وتخرج بمدرس�ة ضباط الصف‬ ‫‪1915‬وحضر معارك غزة وبئر الس�بع في الجيش العثماني على البريطانيين ‪ ،‬لحق بالثورة‬ ‫العربي�ة ع�ام ‪1917‬م ‪ ،‬ث�م كان م�ن ق�ادة الجيش‪ ،‬ش�هد موقعة ميس�لون ‪ ،‬وراف�ق الملك‬ ‫فيص�ل بن الحس�ين في خروجه من دمش�ق ‪ .‬واس�تقر ف�ي ش�رقي األردن ‪ 1921‬وكان من‬

‫مؤسسي الجيش العربي األردني ‪.‬‬

‫‪220‬‬


‫ِ‬ ‫المؤ ِّل ُ ِ‬ ‫دفع بِ‬ ‫الش�ريف إلى ما ال ُبدَّ منه َ‬ ‫فقال ‪:‬إذا ح َّللنا‬ ‫�ف حقيق َة الوض ِع القائ ِم الذي َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إلعالن َثورتِه على الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫َ‬ ‫لطان‬ ‫�ين‬ ‫األحداث‬ ‫واألس�باب والعوام َل التي دف َعت ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫يقظة َق ٍ‬ ‫س�بب ش�خصي ‪ ،‬فقد كانَت ال َّثور ُة عربي ًة نتيج ًة لِ ِ‬ ‫ال ِ ِ‬ ‫ومية ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ترج ُع‬ ‫أي‬ ‫نجدُ فيها َّ‬ ‫ٍّ‬

‫ش�ار م ٍ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫تزايد جيلاً بع�دَ ٍ‬ ‫َ‬ ‫وكان‬ ‫جيل ‪،‬‬ ‫إل�ى ثالث أجي�ال تعاق َبت بِ ُخطوات بطيئة وانت ٍ ُ‬ ‫ِ‬ ‫راف�ق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العالمي�ة األولى واعتلى ع�د ٌد من قادتِه‬ ‫الحرب‬ ‫بداية‬ ‫األخي�ر الذي‬ ‫لج ِيله�ا‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫إثارة ال َّث ِ‬ ‫أعواد المش�انِ ِق جهدُ ه ورأيه ومش�اركتُه ف�ي ِ‬ ‫ودفعها إل�ى التح ُّق ِق ‪ .‬اهـ‬ ‫ورة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫مقدمة ِ‬ ‫الك ِ‬ ‫تاب ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ورة َقو َله ‪ :‬ووجدَ أمير ِ‬ ‫حول ِقيا ِم ال َّث ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫�ف ذاتُه ص‪َ 19‬‬ ‫جاز َّ‬ ‫�ريف‬ ‫الش ُ‬ ‫المؤ ِّل ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وكت�ب ُ‬ ‫وق ٍ‬ ‫لوجه أمام م ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ف مصيري يتع َّل ُق بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ستقبلهم‬ ‫العرب و ُم‬ ‫حاض ِر‬ ‫وجها‬ ‫ٍّ‬ ‫نفسه ً‬ ‫َ َ‬ ‫علي َ‬ ‫ُح َسي ُن ب ُن ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫األتراك لِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ب ِمنه اًّ‬ ‫تطبيق ُخطتِهم ‪،‬‬ ‫يسير ع َليها‬ ‫حل س�ري ًعا‬ ‫يتناس�ب َ‬ ‫ُ‬ ‫يتط َّل ُ‬ ‫السرعة التي ُ‬ ‫مع ُّ‬ ‫ِ‬ ‫وق ِ‬ ‫حول الم ِ‬ ‫ف بِ‬ ‫النسبة لِ ِ‬ ‫لعرب أربع ًة ‪:‬‬ ‫تدور َ َ‬ ‫مور الرئيس ُة التي ُ‬ ‫وكانَت األُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والعراق ‪.‬‬ ‫األتراك في الشا ِم‬ ‫‪ -1‬المظالِ ُم التي يقو ُم بها‬ ‫جاز من جر ِاء ِ‬ ‫‪ -2‬العزل ُة التي أصبح فِيها ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫البحري ‪.‬‬ ‫صار‬ ‫الح ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬

‫أخرجه اإلنكليز ‪ 1924‬التصاله بالحركة االس�تقاللية السورية ؛ فرحل إلى العراق ‪ .‬قاد‬

‫جيش الجهاد الفلس�طيني ‪ 1948‬عقب استش�هاد عبد القادر الحسيني‪ ،‬وأحصي ما خاضه‬

‫من المعارك فكان ‪ 41‬معركة‪.‬‬

‫تلق�ى أربعة أح�كام باإلعدام ‪ :‬من األتراك االتحاديين عندما لح�ق بالثورة العربية ‪ ،‬ومن‬

‫الفرنس�يين عندم�ا قاتلهم مع العصابات الس�ورية ف�ي البقاع والحولة ‪ ،‬وعندم�ا قاتلهم في‬

‫ثورة ‪ ، 1925‬والرابعة ‪ 1956‬بتهمة العمل للوحدة مع العراق ‪ .‬توفي بدمشق ‪1973‬م ‪ .‬له‬ ‫«مذكرات عن الحركة العربية» مخطوط عند أس�رته بدمشق في عشرة أجزاء ‪ ،‬وله «لورنس‬

‫الحقيق�ة واألكذوب�ة» مطب�وع ‪ .‬اه�ـ « مختصر األعلام» الزركل�ي « ‪ . » 166 : 6‬والكتاب‬

‫األخير هو ما نقلنا عنه هنا ‪ ،‬وقد طبع بعدة أسماء منها «لورنس كما عرفته» ‪.‬‬

‫‪221‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ُ‬ ‫االمتيازات التي‬ ‫القضاء عل�ى‬ ‫األتراك في‬ ‫ش�رع فيه‬ ‫علي الذي‬ ‫‪ -3‬‬ ‫َ‬ ‫النش�اط الف ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يتمتَّع بِها ِ‬ ‫لج ِ‬ ‫جاز ِ‬ ‫ثمانية ‪.‬‬ ‫الواليات ال ُع‬ ‫عله كباقي‬ ‫الح ُ‬ ‫ُ‬ ‫ين ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫طر ِ‬ ‫ُ‬ ‫راق والشا ِم ‪.‬‬ ‫االحتالل‬ ‫‪ -4‬‬ ‫يزح ُ‬ ‫اإلنكليزي الذي َ‬ ‫ُّ‬ ‫ف على أراضي ال ُق َ‬ ‫رفض الشريف‬ ‫حسين إلعالن‬ ‫الجهاد من منبر‬ ‫الحرم كان بداية‬ ‫تأزم العالقة مع‬ ‫االتحاديين‬

‫بدء البحث في‬ ‫مسألة الخالفة‬ ‫وموقف العرب‬ ‫منها بدأ بعد‬ ‫عزل السلطان‬ ‫عبدالحميد‬ ‫‪1909‬‬

‫واألتراك َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ش�ك ِ‬ ‫أن تفجير الم ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ويبدو َّ‬ ‫لة َبي َن َّ‬ ‫إعالن‬ ‫األتراك‬ ‫ق�ر َر‬ ‫�ريف‬ ‫كان عندَ ما َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫المقدَّ ِ‬ ‫س فيما سمي فيما بعد بالحرب العالمية األولى (‪1914‬م) مع ألمانيا‪،‬‬ ‫الجهاد ُ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسلامي من ِم ِ‬ ‫ُ‬ ‫المس�ج ِد الحرا ِم في م َّك َة‬ ‫نبر‬ ‫اإلعالن على العال ِم‬ ‫ذاع هذا‬ ‫على أن ُي َ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫داعين الم ِ‬ ‫س�ل ِمين لِ ِق ِ‬ ‫ِ‬ ‫إعالن ذلِ َك َ‬ ‫َ‬ ‫رغبات‬ ‫تحقيق‬ ‫قبل‬ ‫الح َس�ي ُن‬ ‫تال الحلفاء‪ ،‬ور َف َض ُ‬ ‫ُ‬ ‫أنور باش�ا ‪ِ ،‬‬ ‫�روط بِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫برقية إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ريف ُ‬ ‫العرب والتي أرس� َلها َّ‬ ‫فلقي ع َليها جوا ًبا‬ ‫كش‬ ‫الش ُ‬ ‫�ين ف�ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫هذ ٍ‬ ‫غي�ر ُم َّ‬ ‫أواخ ِر آب‬ ‫ب ‪ ،‬وبعدَ ها ب�دأ‬ ‫ُ‬ ‫مع ُ‬ ‫اإلنكليز ُمفاوضاتهم َ‬ ‫قاس� ًيا َ‬ ‫وموق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫مس�ألة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫ثمانية‬ ‫الفة ال ُع‬ ‫البحث في‬ ‫‪1915‬م ‪ .‬اه�ـ ص‪ . 23-20‬وقد بد َأ‬ ‫ِ‬ ‫لطان ِ‬ ‫العرب ِمنها بعدَ خل ِع الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحميد الثاني ‪1909‬م ‪.‬‬ ‫عبد‬ ‫ُّ‬

‫المواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ن العواطِ ِ‬ ‫�ريف بعيدً ا َع ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫الحديث َّ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫وإحراج‬ ‫ف‬ ‫قر ُره‬ ‫ولع�ل‬ ‫الش ُ‬ ‫أخطر ما ُي ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرحلة‬ ‫السياس�ي َبي َن‬ ‫الفصل‬ ‫نجاح‬ ‫التاريخية التي تَر َّت َبت على‬ ‫جريات‬ ‫الم‬ ‫ِّ‬ ‫خط�ور ُة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫حام ِ‬ ‫ثمانية ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لة ِ‬ ‫قرار ِ‬ ‫الم ْج َه َض ِة َ‬ ‫قبل‬ ‫الفة ال ُع‬ ‫اإلسلا ِم و َبي َن مرحلة الخالفة العربية ُ‬ ‫يد ُخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِوالدتِها على ِ‬ ‫ِ‬ ‫التاريخية َّ‬ ‫ص‬ ‫جريات‬ ‫والم‬ ‫الدجل‬ ‫براء‬ ‫تتلخ ُ‬ ‫المدَ و َن ِم ‪ُ ،‬‬ ‫السياس�ي ُ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف�ي ك ِ‬ ‫ِ‬ ‫لمرحلة‬ ‫الس�ر ِاء ‪ ،‬ومرحل ُة‬ ‫لمرحلة‬ ‫مرحلة‬ ‫َ�ون‬ ‫ُمهدُ‬ ‫ُمهدُ‬ ‫الس�راء ت ِّ‬ ‫األحالس ت ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫البكماء الصم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تنة الرابِ ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫لمرحلة ِ‬ ‫ِ‬ ‫اء‪،‬‬ ‫العمياء‬ ‫عة‬ ‫ُمهدُ‬ ‫الدُّ َهيماء ‪ ،‬ومرحل ُة الدُّ َهيم�اء ت ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫خ ِ‬ ‫تنطل ُق لِ ِ‬ ‫مس�تثم ٍر إبليسي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واح ٍد ‪ ،‬و ُك ُّلها ِ‬ ‫دجالي‬ ‫هدف‬ ‫دمة‬ ‫رصيد‬ ‫تصب في‬ ‫و ُك ُّلها‬ ‫ُّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫والعل ِم»‪ ..‬يصبح الرج ُل فِيها ِ‬ ‫�د في ق�راري «الحك ِم ِ‬ ‫واح ٍ‬ ‫ِ‬ ‫مؤمنًا و ُيمس�ي كافِ ًرا حتَّى‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الن�اس إل�ى ُفس�طا َط ِ‬ ‫ِ‬ ‫إيم�ان ال نِ َ‬ ‫فاق في�ه ‪ ،‬وهو ت َّي ُار ُّ‬ ‫�عوب‬ ‫الش‬ ‫س�طاط‬ ‫ين ‪ُ :‬ف‬ ‫يصي�ر‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫س�طاط نِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫المرموز ‪ ،‬وعلى‬ ‫األنوي‬ ‫الدجل‬ ‫إيمان فيه ‪ ،‬وهو ت َّي ُار‬ ‫فاق ال‬ ‫المهزوز ‪ ،‬و ُف‬ ‫ِّ‬ ‫‪222‬‬


‫المرحلية المتتابِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يقول َمن ال ينطِ ُق ِ‬ ‫عة ُ‬ ‫عن الهوى ‪« : m‬فإذا َ‬ ‫كان ذاكُم‬ ‫المسيرة‬ ‫هذه‬ ‫ُ‬ ‫واية ‪« :‬فانتظِ�روا الدج َال ِمن ي ِ‬ ‫الغد» ‪ .‬وفي ِر ٍ‬ ‫أو ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ال ِم َن ال َي�و ِم ِ‬ ‫الدج َ‬ ‫ومه أو‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫فانتظ�روا َّ‬ ‫ُ‬

‫ِمن ِ‬ ‫غده»(((‪.‬‬

‫الشريف حسين عام ‪ 1916‬م‬

‫ِ‬ ‫اإلخالص‬ ‫أكثر صدق� ًا وإخالص ًا في قضيتِ�ه ‪ ،‬وبهذا‬ ‫ور َّبما كان‬ ‫ُ‬ ‫الش�ريف حس�ي ٌن َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لما رآه الزم ًا من الحالة‬ ‫المس�اند‬ ‫وجود‬ ‫والصدق كان البد له من‬ ‫العالمي ولو مؤقت ًا ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لألمر‬ ‫العالمية كان�ت أكثر احتوا ًء‬ ‫السياس�ية‬ ‫الحركة‬ ‫الت�ي بلغت إليها‪ ،‬ولك ّن مس�ير َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتطبيع ًا للصرا ِع واس�تثمار ًا له‪ُّ ،‬‬ ‫االنجليز‬ ‫أسلوب صياغة‬ ‫ويدل على ذلك التمع ُن في‬

‫ِ‬ ‫للرسائل فيما بينهم وبين الشريف ‪ ،‬وقد اخترنا منها مجموع ًة منتقاة ِ‬ ‫ِ‬ ‫القارئ‬ ‫إلطالع‬ ‫ٍ‬ ‫مس�ألة أخرى‬ ‫عل�ى الحال�ة الصعبة آن�ذاك((( ‪ ،‬والوضع القل�ق المؤلم ‪ ..‬إضافة إلى‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وهي قصور ِ‬ ‫القادة‬ ‫العديد من‬ ‫السياسية لألمور ‪ ،‬فهذه المسأل ُة كانت لدى‬ ‫النظرة‬ ‫بعد‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الضع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يتعلق‬ ‫ف‬ ‫بمكانة‪ ،‬وخاص ًة فيما ُ‬ ‫والعلماء ـ وهم َح َم َل ُة َق َر ِار الحك ِم والع ْل ِم ـ م َن َّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المنطقة ‪.‬‬ ‫الشيطانية في‬ ‫وأبعاد سياستِهم‬ ‫بقراءة أطما ِع المستعمري َن‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العربية‬ ‫البلاد‬ ‫والعلماء ف�ي‬ ‫الق�ادة‬ ‫أصابت ع�دد ًا كبي�ر ًا م�ن‬ ‫وه�ذه الحال� ُة ق�د‬ ‫ْ‬

‫((( سنن أبي داود (‪. )4244‬‬

‫((( انظر ملحق وثائق مرحلة السراء آخر الكتاب‪.‬‬

‫‪223‬‬

‫السياسة العالمية‬ ‫أكثر استثمارا‬ ‫للصراع من رؤى‬ ‫شيوخ العشائر‪،‬‬ ‫ويدل عليه التمعن‬ ‫في صياغتهم‬ ‫للمراسالت‪،‬‬ ‫ويضاف لذلك‬ ‫انعدام بعد النظر‬ ‫لدى القادة‬ ‫والعلماء آنذاك‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والثقافية‬ ‫اإلدارية‬ ‫الغربي دول َة اإلسال ِم ومؤسساتِها‬ ‫اختراق العال ِم‬ ‫واإلسالمية منذ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خطيرة على‬ ‫كظاه�رة‬ ‫واإلسلامي مس�تمر ًة‬ ‫العربي‬ ‫الوطن‬ ‫وظل�ت في‬ ‫والفكري�ة ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العرب والمسلمين ُح ْس ُن الظ ِّن‬ ‫مراحل التطبي ِع االستعماري ‪ ،‬حتى بلغ لدى‬ ‫مدى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السذاجة المطلقة !‬ ‫بالسياسة الغرب ّي ِة‬ ‫ورموزها إلى حدِّ‬ ‫السذاجة السياسية‬ ‫لحملة قرار‬ ‫الحكم والعلم‬ ‫مكنت األعداء‬ ‫من النجاح‬

‫ِ‬ ‫الغربيون من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫العسكري‬ ‫االستعمار‬ ‫سياسة‬ ‫بسط‬ ‫السذاجة تمك َن المهندسون‬ ‫وبهذه‬ ‫ِّ‬

‫ترس َ‬ ‫االس�تعمار في الش�عوب و َغ َر َس‬ ‫�خ‬ ‫الثقاف�ي‬ ‫ث�م‬ ‫ُ‬ ‫العلمان�ي‪ ،‬ثم فيما بعد ذلك َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ترتب عليهما من‬ ‫بالعلمنة ثم العولمة وما‬ ‫ف‬ ‫أفكاره وسياستَه لِ َينْت َُج عن ذلك ما ُع ِر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والثقافة‪.‬‬ ‫التربية والتعلي ِم‬ ‫اإلسالمية وإفرا ِغ محتواها من‬ ‫الثوابت‬ ‫احتواء‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولي�س َّ‬ ‫المن�دوب الس�امي البريطاني على‬ ‫لكت�اب‬ ‫أدل عل�ى ذل�ك م�ن قراءتِن�ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫المش�ار إليها‬ ‫الحالة‬ ‫مطابقة‬ ‫العرب) ‪ ،‬م�ع‬ ‫جزيرة‬ ‫(مل�وك‬ ‫عدن جاكوب المس�مى‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المؤكدة حال َة المس�لمي َن الغثائي َة‬ ‫الس�اعة‬ ‫أحاديث عالمات‬ ‫بنصوص‬ ‫الكتاب‬ ‫ف�ي‬ ‫المؤدي� َة إلى ِ‬ ‫صفة (االس�تتباعِ) ‪ ،‬كما هي في حديث « َل َتتَّبِ ُع َّن َس�نَ َن َم� ْن ك َ‬ ‫َان َق ْب َلك ُْم‬ ‫وذراع� ًا بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫زالت ه�ذه الحال ُة المرضي� ُة جاثم ًة على‬ ‫�ذ َرا ٍع ‪ »..‬إلخ ‪ .‬وال ْ‬ ‫ش� ْبر ًا بِش� ْب ٍر َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبعض َح َم َل ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫قرار الحك� ِم والعل ِم إلى اليو ِم وإلى ْ‬ ‫يقضي‬ ‫أن‬ ‫األمة بعمومها‬ ‫عق�ول‬ ‫َ‬ ‫ال ّل ُه أمر ًا َ‬ ‫كان مفعوالً‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ُ‬ ‫فس َ�ر َّ‬ ‫المرحلة ِم َن‬ ‫السر ِاء بِهذه‬ ‫يخ‬ ‫ُق ُ‬ ‫ُّ‬ ‫الس�هارنفوري رحم ُه ال َّل ُه فتن َة َّ‬ ‫لت ‪ :‬وكما َّ‬ ‫معاهدات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحماية وتَدَ ُّخل‬ ‫العدو ذاتَه قد َ‬ ‫المس�لمين؛ َّ‬ ‫مع‬ ‫فإن‬ ‫فعل َ‬ ‫َّ‬ ‫الس ِّ�رية على قرار اإلسلا ِم وبِالد ُ‬ ‫المؤامرة ِّ‬ ‫ُ‬ ‫الكفر في بِالد‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الس ِّر لِنقضِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحكَّام واألمراء‬ ‫المسلِمين بعض ُ‬ ‫ومشايخ القبائل والسالطين عدَّ َة ُمعاهدات في ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م�ا َ‬ ‫كان ُم َبرم� ًا َبينَهم و َبي� َن ُحكومة الدَّ ول�ة ال ُعثمانية ‪ ،‬ومنها ما فع َلت�ه َدولة بِريطانيا‬

‫‪224‬‬


‫ِّفاقات مع و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ (((‬ ‫َ‬ ‫آنذاك‪،‬‬ ‫ومش�ايخه وسلاطينه‬ ‫جهاء جنوب اليمن‬ ‫عاه�دات وات‬ ‫ِمن ُم‬ ‫َ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫والخليج والكُو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ونج�د ِ‬ ‫وأش�باههم في ُع َ‬ ‫ِ‬ ‫وغيرها ‪ ،‬وتمكنَت‬ ‫يت‬ ‫م�ان‬ ‫وم�ع أمثالِهم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسال ِم العام ِة في ِ‬ ‫الوالء السياس�ي لدَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِّ�ر ِية ِمن ِ‬ ‫ولة ِ‬ ‫أفسد‬ ‫تغيير‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫المعاهدات ِّ‬ ‫بِهذه ُ‬ ‫السياسية إلى ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫والء مب َّط ٍن لِدَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولة الك ِ‬ ‫المؤ ِّد ِية إلى ما ُع ِر َفـ‬ ‫مراحلها‬ ‫ُفر و َقبول حمايتها ُ‬ ‫ُ‬ ‫فيما بعدُ ـ بِاالستِ ِ‬ ‫عمار((( ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫آنذاك ليس فِيها أكثر ِمن ِ‬ ‫وربما كان ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫حس�ب‬ ‫الس�ائد‬ ‫يار‬ ‫روف و ُمجرياتُها‬ ‫َت ال ُّظ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحكَّا ِم ُ‬ ‫وش�يوخِ‬ ‫وقع‬ ‫األمر عندَ هذا الحدِّ ‪ ،‬وإنَّما َ‬ ‫وعي ُ‬ ‫العش�ائر العربية ‪ ،‬ولم يقف ُ‬

‫عمار بعض الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ن لِ‬ ‫في ِش ِ‬ ‫المب َّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأه�ل الفتوى َ‬ ‫دون‬ ‫لماء‬ ‫�باك‬ ‫مصلحة االس�تِ ِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫العمل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ظ ِم ُثل ه�ذا ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح ُ‬ ‫األم�ر ُ‬ ‫األمر في‬ ‫ط�ورة‬ ‫إدراك ُخ‬ ‫المتآمري�ن ‪ ،‬و ُي َ‬ ‫وخدع�ة األع�داء ُ‬ ‫دة لز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرسائل واختِ ِ ِ ِ‬ ‫ِص ِ‬ ‫وشرف الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين‬ ‫العرب‬ ‫عماء‬ ‫ياغة‬ ‫مج ِ ُ‬ ‫الم ِّ‬ ‫يار عباراتها المعسولة ُ‬ ‫ِ‬ ‫الهاش ِ‬ ‫الفة ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫منهج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�مية‬ ‫وإحياء‬ ‫اإلسلامية‬ ‫الوحدة‬ ‫وحاج�ة األُ َّم ِة إلى‬ ‫اإلسلامي‬ ‫ِّ‬ ‫التي صدَّ َقها بع�ض الز ِ‬ ‫العربية الممج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ور ِ‬ ‫عماء ِ‬ ‫دة‬ ‫الردود‬ ‫العربي ‪ ،‬وفي‬ ‫الحك ِم‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫جال ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الوفاء ِمن د ِ‬ ‫ِ‬ ‫وشرف الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِ ِد ِ‬ ‫اس�تدرارا لِ ِ‬ ‫ولة بِريطانيا‬ ‫طلب‬ ‫والشهامة‬ ‫روبة‬ ‫ين اإلسلا ِم‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ووكالئها ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫((( لالس�تزادة انظ�ر كتابنا «الط�رف األحور في تاري�خ مخالف أحور» حيث طبعن�ا منه الجزء‬ ‫األول ‪ ،‬وفي�ه تفصيل واف ووثائق ومعاهدات ش�تى تغطي ه�ذا الجانب ‪ ،‬عرضت تاريخيا‬

‫كوثائق عن المرحلة ‪.‬‬

‫((( انظ�ر ملحق الوثائق آخر الكتاب‪ :‬نماذج من مؤامرة (فتنة الس�راء) المقررة في فقه عالمات‬ ‫الساعة ‪.‬‬

‫‪225‬‬

‫العبارات‬ ‫المعسولة في‬ ‫المراسالت مع‬ ‫الهدايا وعرابين‬ ‫الصداقة هي‬ ‫شباك الخداع‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وثائق بريطاني ٌة « ‪» 637 : 1‬‬ ‫اإلنكليز ‪ ،‬الصفحة األولى ‪ ،‬عن «‬ ‫مع‬ ‫نموذج‬ ‫ُ‬ ‫لبعض ُمراسالت الشريف َ‬ ‫ٌ‬

‫‪226‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وثائق بريطاني ٌة « ‪» 638 : 1‬‬ ‫اإلنكليز ‪ ،‬الصفحة الثانية ‪ ،‬عن «‬ ‫مع‬ ‫نموذج‬ ‫ُ‬ ‫لبعض ُمراسالت الشريف َ‬ ‫ٌ‬

‫نص الرسالة‪ :‬بسم الله الرحمن الرحيم ‪ ،‬إلى صاحب األصالة والرفعة وشرف المحتد ساللة‬ ‫بيت النبوة والحس�ب الطاهر والنس�ب الفاخر دولة الش�ريف المعظم السيد حسين بن علي أمير‬

‫‪227‬‬


‫مكة المكرمة قبلة اإلسالم والمسلمين أدامه الله في رفعة وعالء‪.‬‬ ‫وبعد فقد وصلني كتابكم الكريم بتاريخ ‪ 24‬ذي الحجة س�نة ‪ 1333‬وس�رني ما رأيت فيه من‬ ‫قبولكم إخراج واليتي مرسين و َأ َضنَه من حدود البالد العربية‪.‬‬ ‫وقد تلقيت أيضا بمزيد من السرور والرضى تأكيداتكم أن العرب عازمون على السير بموجب‬ ‫تعاليم الخليفة عمر بن الخطاب ؤ وغيره من السادة الخلفاء األولين‪ ..‬التعاليم التي تضمن‬ ‫حقوق كل األديان وامتيازاتها على السواء‪.‬‬ ‫ه�ذا وف�ي قولكم‪ :‬إن الع�رب مس�تعدون أن يحترموا ويعترف�وا بجميع معاهداتنا مع رؤس�اء‬ ‫علم منه طبع ًا أن هذا يشمل جميع البالد الداخلة في حدود المملكة العربية ألن‬ ‫العرب اآلخرين ُي ُ‬ ‫حكومة بريطانيا العظمى ال تستطيع أن تنقض اتفاقات قد أبرمت بينها وبين أولئك الرؤساء‪.‬‬ ‫أما ش�أن واليتي حل�ب وبيروت فحكومة بريطاني�ا العظمى قد فهمت كل ما ذكرتم بش�أنهما‬ ‫ودون�ت ذلك عندها بعناية تامة؛ ولكن لما كانت مصالح حليفتها فرنس�ا داخلة فيهما فالمس�ألة‬ ‫ّ‬ ‫تحتاج إلى نظر دقيق ‪ ،‬وسنخابركم بهذا الشأن مرة أخرى في الوقت المناسب‪.‬‬ ‫إن حكوم�ة بريطاني�ا العظم�ى كم�ا س�بقت وأخبرتك�م مس�تعدة ألن تعط�ي كل الضمان�ات‬ ‫والمساعدات التي في وسعها إلى المملكة العربية ولكن مصالحها في والية بغداد تتطلب إدارة‬ ‫ودية ثابتة كما رسمتم على أن صيانة هذه المصالح كما يجب تستلزم نظرا أدق وأتم مما تسمح‬ ‫به الحالة الحاضرة والسرعة التي تجري بها هذه المفاوضات‪.‬‬ ‫وإننا نس�تصوب تماما رغبتكم في اتخاذ الحذر ولس�نا نريد أن ندفعكم إلى عمل س�ريع ربما‬ ‫يعرق�ل نجاح أغراضكم ولكننا في الوقت نفس�ه نرى من الض�روري جدا أن تبذلوا مجهوداتكم‬ ‫في جمع كلمة الش�عوب العربية إلى غايتنا المش�تركة وأن تحثوهم على نجاح هذه المجهودات‬ ‫وعلى التدابير الفعلية التي يمكن للعرب أن يتخذوها إلسعاف غرضنا عندما يجيء وقت العمل‬ ‫تتوقف قوة االتفاق بيننا وثباته‪.‬‬ ‫وفي هذه األحوال فإن حكومة بريطانيا العظمى قد فوضت لي أن أبلغ دولتكم أن تكونوا على‬ ‫ثقة من أن بريطانيا العظمى ال تنوي إبرام أي صلح كان إال إذا كان من ضمن ش�روطه األساس�ية‬ ‫حرية الشعوب العربية وخالصها من سلطة آل عثمان واألتراك‪.‬‬ ‫ه�ذا وعربون� ًا على صدق نيتنا وألجل مس�اعدتكم في مجهوداتكم في غايتنا المش�تركة فإني‬ ‫مرسل مع رسولكم مبلغ عشرين ألف جنيه‪.‬‬ ‫وأق�دم ف�ي الختام عاط�ر التحي�ات القلبية وخال�ص التس�ليمات الودية مع مراس�م اإلجالل‬ ‫والتعظي�م المش�مولين بروابط األلفة والمحبة الصرفة لمقام دولتكم الس�امي وألفراد أس�رتكم‬ ‫المكرمة مع فائق االحترام‪.‬‬ ‫تحريرا في ‪ 8‬صفر ‪1333‬‬ ‫المخلص نائب جاللة الملك بمصر‬ ‫السيد آرثور هنري مكماهون‬

‫‪228‬‬


‫(((‬ ‫بل َّ‬ ‫اغتر ُ‬ ‫إن َش َ‬ ‫ِ‬ ‫اإلصالح التي نادى‬ ‫وخ ِد َع بِدعوى‬ ‫يخ اإلسال ِم ُمصطفى صبري‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫الخليف�ة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إق�رار َ‬ ‫الحميد لم�ا كان نائب ًا في‬ ‫عبد‬ ‫عزل‬ ‫به�ا « االتحادي�ون » فش�ارك في‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومجيء «الكماليين»‬ ‫رحيلهم‬ ‫مجل�س «المبعوثان» ُث َّم لما تب َّي َن حقيق َة‬ ‫األم�ر وبعدَ‬ ‫نكري الن ِ‬ ‫َّف كتابا سماه «الرد على م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّعمة‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫اجتهدَ في كش�ف مخططات أتاتورك وصن َ ً َّ‬ ‫أتاتورك وأساليب ِخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن الدِّ ِ‬ ‫َ‬ ‫وكشف‬ ‫داعه ‪،‬‬ ‫كشف سياس َة‬ ‫والخالفة واألُ َّم ِة» وفيه‬ ‫ين‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الفة؛ ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ول�ة ِ‬ ‫ُحاك ِضدَّ د ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ؤام�رات التي كانَ�ت ت ُ‬ ‫األوان ‪ .‬كان‬ ‫ف�وات‬ ‫الم‬ ‫ولكن بعدَ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الش�يخ مصطفى وقت العزل نائب ًا في مجلس المبعوثان ثم عين في عهد الس�لطان‬ ‫عبدالمجيد الثاني آخر الخلفاء العثمانيين((( شيخ ًا لإلسالم‪.‬‬

‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫جانب ِ‬ ‫ِ‬ ‫كان ِ‬ ‫الشريف ُح َس ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وفي البداية فقد َ‬ ‫ثمانية ‪ ،‬ويت َِّض ُح‬ ‫الفة ال ُع‬ ‫ين إلى‬ ‫ف‬ ‫موق ُ‬

‫((( عي�ن الش�يخ مصطف�ى صبري نائب� ًا عن مدينة توق�اد ع�ام ‪1908‬م‪ ،‬وكان نائب�ا في مجلس‬

‫المبعوث�ان ع�ام ‪1909‬حين عزل الس�لطان عبدالحميد‪ ،‬ثم عين ش�يخ ًا لإلسلام في عهد‬ ‫عبدالمجي�د الثاني آخر الخلفاء‪ ،‬ف�كان آخر من تقلد هذا المنصب قبل إلغاء الخالفة ‪ ،‬وقد‬

‫كرس جهوده في فضح مخططات االتحاديين فسجنوه ثم تفرغ لفضح مخططات أتاتورك‬ ‫وأص�در صحيفة تركية لذلك ‪ ،‬ثم تم نفيه واس�تقر به الن�وى في مصر وفيها ألف كتابه «الرد‬

‫عل�ى منك�ري النعمة» وطبعه في لبنان قبل إلغاء الخالفة بعام واحد‪ ،‬ثم لما ألغيت الخالفة‬

‫تبين للمخدوعين من المسلمين صدق ما أخبرهم به شيخ اإلسالم‪ ،‬وبقي في القاهرة حتى‬

‫وفاته عام ‪ 1954‬رحمه الله تعالى‪.‬‬

‫((( كان المفت�ي وق�ت عزل الس�لطان عبدالحميد هو الش�يخ نوري أفندي وق�د رفض التوقيع‬ ‫على فتوى الخلع وأحال األمر إلى ش�يخ اإلسلام ضياء الدين أفندي الذي رفض أيض ًا ثم‬

‫وقعها بعد تهديده بقتل الس�لطان عبدالحميد إذا لم يوقعها‪ .‬وكان االتحاديون قد قاموا من‬ ‫قبل بذبح س�لطان سابق وهو الس�لطان عبدالعزيز عم السلطان عبدالحميد في قصره بقطع‬ ‫ش�رايين زنده ثم أش�اعوا أنه انتحار‪« .‬الس�لطان عبدالحميد الثاني‪ ،‬حياته وأحداث عهده»‪،‬‬ ‫ألورخ�ان محم�د علي ص‪ ، 280-279‬والكت�اب مزود بالمراجع والوثائ�ق التركية‪ ،‬دار‬

‫النيل ‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2008‬‬

‫‪229‬‬

‫شيخ اإلسالم‬ ‫مصطفى صبري‬ ‫وكتابه «الرد على‬ ‫منكري النعمة من‬ ‫الدين والخالفة‬ ‫واألمة»‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�لطان لحج ‪ ،‬ففي رس�التِه لإلمام‬ ‫رس�ائله إلى اإلما ِم َيحيى وإلى ُس‬ ‫خالل‬ ‫ذلِ َك ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خليفة الم ِ‬ ‫وإن واجب ك ُِّل م ِ‬ ‫سلمين حتَّى بِ ِع ِ‬ ‫قال ٍ‬ ‫َيحيى ‪َّ :‬‬ ‫بعير ‪ .‬وفي ِكتابِه‬ ‫تقوية‬ ‫س�ل ٍم‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الزعامة الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لطان لحج‪ِ :‬‬ ‫مكان تقوي ُة س ِ‬ ‫ٍ‬ ‫لس ِ‬ ‫لطان الم ِ‬ ‫األهمية بِ‬ ‫ُّركية‬ ‫تحت‬ ‫وم َن‬ ‫سلمين َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عمل نسعى إ َليه ينبغي االهتما ُم بِ‬ ‫أي ٍ‬ ‫ثماني ‪َ ،‬‬ ‫الوحدة‬ ‫وقبل القيا ِم بِ ِّ‬ ‫بِقيادة الخليفة ال ُع ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الفة الت ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫اإلسلامية م�ع ِ‬ ‫ِ‬ ‫والخالف ُة» لِنِ ِ‬ ‫ضال‬ ‫«الش�ريف ُح َس�ي ٌن‬ ‫ُّركية ‪ .‬اهـ ص‪86‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫العرب س�ن َة ‪1914‬م لِكَونِه�م أكثر ِ‬ ‫المومن�ي ‪ .‬وس� َعت بِريطانيا لِالت ِ‬ ‫ِّصال بِ‬ ‫ِ‬ ‫عناص ِر‬ ‫َ‬ ‫الناحية الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدَّ ِ‬ ‫ثمانية عد ًدا ‪ ،‬ويتمتَّعون بِ ٍ‬ ‫ينية‪.‬‬ ‫األتراك ِم َن‬ ‫أكبر ِم َن‬ ‫ولة ال ُع‬ ‫تقدير َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�ريف ُح َس ٍ‬ ‫عدلت بريطانيا‬ ‫ين بِ ِ‬ ‫كر‬ ‫الرس�ال ُة ِمن بِريطانيا إلى‬ ‫تاريخ ‪ 8‬آب ‪1914‬م ُش َ‬ ‫وتضمنَت ِّ‬ ‫مواقفها تجاه‬ ‫ِ‬ ‫ألماك ِن المقدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحسنة لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتقول ‪ :‬إنَّها ال ت ِ‬ ‫ُ‬ ‫إعادة‬ ‫ُعار ُض في‬ ‫سة ‪،‬‬ ‫الشريف على ِخدمتِه‬ ‫ُ‬ ‫الحسين والعرب‬ ‫خلق ِخالفةٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إمكان ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الس�فار ُة البِريطاني ُة بِاآلس�تانة‬ ‫العرب ‪،‬‬ ‫عدة مرات الخالف�ة إلى‬ ‫َ‬ ‫واقترحت ِّ‬

‫بحسب ما أملته‬ ‫�لطان العثمان�ي إذا ما أعلن ِ‬ ‫ضرب س ِ‬ ‫العربية لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َت الدَّ ول ُة‬ ‫الس‬ ‫�لطة‬ ‫الجزيرة‬ ‫في‬ ‫جديدة‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫عليها مصالحها‬ ‫العثماني ُة الحرب ِضدَّ الح ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫شأن ِ‬ ‫لفاء ‪ُ ،‬ثم عدَّ َلت بِريطانيا نظرتَها بِ ِ‬ ‫واعتبرتها‬ ‫الفة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫الخ ِ‬ ‫مسألة ِ‬ ‫ِ‬ ‫تخص الم ِ‬ ‫س�لمين ‪ُ ،‬ث َّم عا َدت بِريطانيا لِ ُّ‬ ‫وأشارت‬ ‫الفة‬ ‫لتدخ ِل في‬ ‫َ‬ ‫مس�أل ًة ُ ُّ ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ستش�ار البِ‬ ‫س�الة الت�ي َ‬ ‫ريطاني في‬ ‫الم‬ ‫بعث بها‬ ‫الر‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫س�تورز ُ‬ ‫إل�ى الخالف�ة العربية في ِّ‬ ‫الش�ريف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عبدال َّل ِه بِ ِ‬ ‫تاريخ تِش�رين الثاني ‪1914‬م ‪ ،‬وجا َء فِيها ‪ :‬وعس�ى‬ ‫القاهرة إلى‬ ‫تأمل العبارات‬ ‫التي تحمل‬ ‫ٍ‬ ‫والنسب ‪ُ ،‬ي ِ‬ ‫يم َّن على المؤمنين بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف على‬ ‫والحس�ب‬ ‫األصل‬ ‫عربي‬ ‫خليفة‬ ‫شر ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ال َّل ُه أن ُ‬

‫العاطفة الدينية‬ ‫من سياسي‬ ‫أوروبي‬

‫�ك يبدِّ ُل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يومئ ٍذ‬ ‫المن ََّورة ‪ ،‬وبذل َ ُ‬ ‫المباركتَي�ن ‪ :‬بي�ت ال َّله الحرا ِم ‪ ،‬والمدين�ة ُ‬ ‫ال ُبقعتَي�ن ُ‬ ‫ِ‬ ‫الشر ٍ‬ ‫والخالف ُة » ‪.‬‬ ‫الشريف ُح َسي ٌن‬ ‫بخير ‪ .‬اهـ ص‪« 89‬‬ ‫ُ‬ ‫ر ُّب َك َّ‬

‫زال مرتبِ ًطا بِالدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كان م ِ‬ ‫الش�ريف ُح َس ٍ‬ ‫ولة‬ ‫�ف‬ ‫وق ُ‬ ‫�ين في ذل َك الوقت ُمت�ر ِّد ًدا ‪ ،‬وم�ا َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ثمانية ‪ ،‬فر َّد على َ‬ ‫الش�ريف عبدُ ال َّل ِه‬ ‫وكان‬ ‫والتس�ويف ‪،‬‬ ‫ماطلة‬ ‫الم‬ ‫ال ُع‬ ‫ُ‬ ‫الرس�الة بِ ُ‬ ‫تلك ِّ‬ ‫الخ ِ‬ ‫جاز بِ ِ‬ ‫العرب في ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫قد أ َّكدَ َ‬ ‫ِ‬ ‫الفة‬ ‫تمس َك‬ ‫رسالة إلى‬ ‫التاريخ في‬ ‫قبل ذلِ َك‬ ‫ستوزر ُّ‬ ‫َ‬ ‫‪230‬‬


‫قبل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫الش�ريف حس�ينًا ل�م يفكِّر بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫العربية َ‬ ‫وذكر َّ‬ ‫س�نة ‪1914‬م‬ ‫الفة‬ ‫أن‬ ‫ثمانية ‪،‬‬ ‫ال ُع‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالش�ريف ُح َس ٍ‬ ‫ِ‬ ‫عاودة بِريطانيا االت َ‬ ‫َ‬ ‫وف بِريطانيا ِمن‬ ‫ِّصال‬ ‫أس�باب ُم‬ ‫وكان ِمن‬ ‫‪،‬‬ ‫�ين َخ ُ‬ ‫ِ‬ ‫اله ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫تأثي�ر ِ‬ ‫ثماني�ة على الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�لمين ف�ي ِ‬ ‫ند الذي�ن يدينون ُروح ًّي�ا بِ‬ ‫الوالء‬ ‫الف�ة ال ُع‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إبطال ِ‬ ‫ثماني ‪ ،‬فأرا َدت بِريطانيا ِم َن اتِّصالِها بِ‬ ‫َ‬ ‫الدعوة إلى‬ ‫تأثير‬ ‫الشريف‬ ‫لسلطان ال ُع ِّ‬ ‫ل ُّ‬ ‫ِ‬ ‫تخفيف ِ‬ ‫المقدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫أثرها ‪،‬‬ ‫األقل‬ ‫ثماني ‪ ،‬أو عل�ى‬ ‫الس‬ ‫َ‬ ‫�لطان ال ُع ُّ‬ ‫س ‪ ،‬التي أعلنَها ُّ‬ ‫الجه�اد ُ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫كرة ِ‬ ‫خلق فِ ِ‬ ‫الرأي فساندَ تها في ِ‬ ‫العربية ِخ َ‬ ‫الل‬ ‫الفة‬ ‫وشاركَت فرنسا بِريطانيا هذا‬ ‫َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫لضرب ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�ريف ُح َس ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثمانية ‪ ،‬و ُيذك َُر َّ‬ ‫ين‬ ‫تنصيب‬ ‫أن فِكر َة‬ ‫الفة ال ُع‬ ‫س�نة ‪1914‬م‬ ‫وف الح ِ‬ ‫هاد دفعهم إلى ِز ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫ِ‬ ‫إعالن ِ‬ ‫فِكر ٌة فِ ِرنسي ٌة بحت ٌة ‪َّ ،‬‬ ‫يادة االهتما ِم‬ ‫لفاء ِمن‬ ‫َ‬ ‫وأن َخ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬ ‫الشريف ُح َس ٍ‬ ‫ين ‪ .‬اهـ ص‪. 92 – 90‬‬

‫األس�باب الت�ي أدت إلى قي�ا ِم ال َّث ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ورة ‪َ ،‬‬ ‫فقال ‪:‬‬ ‫�ف إلى‬ ‫وف�ي ص‪99‬‬ ‫المؤ ِّل ُ‬ ‫َّ‬ ‫أش�ار ُ‬ ‫َ‬ ‫ين على الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العرب بِ‬ ‫الشريف ُح َس ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اختلف ال َق ُ‬ ‫أسباب ُخ ِ‬ ‫ولة‬ ‫زعامة‬ ‫روج‬ ‫ول في‬ ‫ومهما‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ثمانية وإقام� َة ِخ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫أن القضاء عل�ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المؤك َِّد َّ‬ ‫عربية‬ ‫الفة‬ ‫الفة ال ُع‬ ‫َ‬ ‫ال ُعثماني�ة فإنَّه م� َن ُ‬ ‫هاش ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مية لم ي ُك ْن ِمن َبي َن تِ َ‬ ‫األسباب وإنَّما كانَت ِضدَّ االتِّحاد ِّيين وتس ُّلطِهم على‬ ‫لك‬

‫إعالن ال َّث ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثمانية ‪ .‬اهـ ‪ ،‬وفي ص‪َ 100‬‬ ‫وحرص ُح َسي ٌن ُم ُ‬ ‫ورة على‬ ‫نذ‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫ولة ال ُع‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫�كه بِ ِ‬ ‫إعالن تمس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إخالصه ووالئه‬ ‫وإظهار‬ ‫ثمانية‬ ‫اإلسالمية ال ُع‬ ‫الفة‬ ‫األتراك على‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حمد رشاد‬ ‫السلطان ُم َّ‬ ‫الرسالة التي بع َثها إلى ُّ‬ ‫لسلطان ال ُعثماني ‪ ،‬ويتَّض ُح ذل َك م َن ِّ‬ ‫ل ُّ‬ ‫ِ‬ ‫قالل البِ ِ‬ ‫إعالن اس�تِ ِ‬ ‫بِ‬ ‫َ‬ ‫تاري�خ ‪ 12‬تم�وز عا َم ‪1916‬م أ َّكدَ فِيها َّ‬ ‫ِ‬ ‫العربية ال يعني‬ ‫لاد‬ ‫أن‬

‫ِ‬ ‫ثمان لِلبِ ِ‬ ‫سلاطين ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫آل ُع َ‬ ‫اإلسلامية ‪ ،‬وإنَّما ج�ا َء هذا‬ ‫الد‬ ‫أعمال‬ ‫إن�كار‬ ‫اإلعالن ِضدَّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تقديرنا‬ ‫احترامن�ا وعظي ِم‬ ‫يعلم مدى‬ ‫االتِّحاد ِّيي�ن ‪ ،‬وج�ا َء في نهاية ِرس�الته ‪ :‬وال َّل� ُه ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شخصكم الهمايوني السامي ولِ‬ ‫لِ‬ ‫ِ‬ ‫ثمانية ‪ .‬اهـ ‪.‬‬ ‫لسلطنة ال ُع‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعندَ م�ا َ‬ ‫الش�ريف‬ ‫اإلمارة وع َّينوا‬ ‫منصب‬ ‫الش�ريف ُح َس�ينًا ِمن‬ ‫عزل االتِّحاديون‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪231‬‬

‫فكرة الخالفة‬ ‫العربي فكرة‬ ‫فرنسية‪ ،‬كان‬ ‫المرجو منها خلق‬ ‫بابوية إسالمية‬


‫َ‬ ‫وكان‬ ‫أميرا على م َّك َة في ‪ 20‬شعبان ‪1334‬هـ « ‪ُ 21‬ح َزيران ‪1916‬م » ـ‬ ‫علي َحيدر ً‬ ‫ِ‬ ‫العرب بِ‬ ‫الشريف ُح َس ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين كتا ًبا يلو ُم‬ ‫حيدر إلى‬ ‫الشريف‬ ‫كتب‬ ‫ضرب‬ ‫هد ُفهم‬ ‫ُ‬ ‫العرب ـ َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫روجهما على الدَّ ِ‬ ‫الش�ريف وولدَ ه عل ًّيا لِ ُخ ِ‬ ‫الش�ريف ُح َسي ٌن بِ ِك ٍ‬ ‫تاب‬ ‫ولة ‪ ،‬فأجا َبه‬ ‫فيه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫حر ٍم ‪َ 1335‬‬ ‫قال في�ه ‪َّ :‬‬ ‫فرضا على‬ ‫العرب على االتِّحاد ِّيي�ن‬ ‫روج‬ ‫أصبح ً‬ ‫َ‬ ‫إن ُخ َ‬ ‫ف�ي ُم َّ‬ ‫العرب والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وأضاف ‪َّ :‬‬ ‫أس�باب ُخ ِ‬ ‫أعمال االتِّحاد ِّيين‬ ‫العرب ه�ي‬ ‫روج‬ ‫إن‬ ‫س�لمين ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫العربية بعدَ س ِ‬ ‫ِ‬ ‫قالل البِ ِ‬ ‫هدف ال َّث ِ‬ ‫حفظ استِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والعرب ‪َّ ،‬‬ ‫قوط‬ ‫الد‬ ‫ورة‬ ‫وإن‬ ‫ِضدَّ اإلسلا ِم‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدَّ ِ‬ ‫والخالف ُة»‪.‬‬ ‫«الشريف ُح َسي ٌن‬ ‫أصبح وشيكًا ‪ .‬اهـ ص‪103‬‬ ‫ثمانية ‪ ،‬الذي‬ ‫ولة ال ُع‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫اله ِ‬ ‫عارض الم ِ‬ ‫س�لمون في ِ‬ ‫وفي ص‪َ 104‬‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫ند ال َّثور َة العربي َة ‪ ،‬واعتبروها ِضدَّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخليفة ‪ ،‬وأنَّ�ه بِ ُخ ِ‬ ‫الش�ريف ُح َس�ينًا ِ‬ ‫روجه‬ ‫طاع�ة‬ ‫خار ًجا على‬ ‫الف�ة ‪ ،‬واعتبروا‬ ‫َ‬

‫األماكن المقدَّ س َة لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لخطر ‪.‬‬ ‫عر َض‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫علماء الشام‬ ‫وفتواهم ضد‬ ‫ثورة الحسين‬

‫ُص�رة الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأص�در ُعلماء الش�ا ِم فتوى ِض�دَّ َث ِ‬ ‫ورة ُح َس ٍ‬ ‫ولة العل َّي ِة‬ ‫�ين ‪ ،‬ود َعوا إلى ن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ثماني�ة ‪ ،‬وج�ا َء في الفتوى ‪َّ :‬‬ ‫أمير م َّك َة الس�ابِ ِق ِم َن‬ ‫وإن ما فع َله‬ ‫ال ُع‬ ‫ُ‬ ‫الش�ريف ُح َس�ي ٌن ُ‬ ‫ف لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫روج على ِ‬ ‫ُ‬ ‫الخ ِ‬ ‫لقرآن ولِ ُّسن َِّة‬ ‫حم ِد رشاد خان ُمخالِ ٌ‬ ‫المسلمين ُم َّ‬ ‫المؤمنين إما ِم ُ‬ ‫أمير ُ‬

‫ِ‬ ‫لإلنكليز م ِ‬ ‫النب�ي الكري� ِم ‪ ، m‬كم�ا َّ‬ ‫لس�خط ال َّل ِه تعالى ورس�ولِه‬ ‫ب‬ ‫أن التِجا َءه‬ ‫وج ٌ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ونف�رة ُعمو ِم الم ِ‬ ‫مخدوع بِ‬ ‫الكاذ ِبة‬ ‫المواعي�د‬ ‫س�لمين ‪ ،‬وهو‬ ‫ع َليه الصال ُة والسلا ُم‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫واألضاليل الباطِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لة فال َح َ‬ ‫ول وال ُق َّو َة إلاَّ بِال َّل ِه ‪ .‬وو َّق َع الفتوى اثنان وخمسون عالِ ًما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العرب في‬ ‫عارضها‬ ‫أنحاء العال ِم ال َّثورة ‪ ،‬كم�ا‬ ‫الس�ن ُّيون في‬ ‫‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫المس�لمون ُّ‬ ‫وعارض ُ‬ ‫ِ‬ ‫المغرب العربي ‪ِ .‬‬ ‫ِ‬ ‫والخالف ُة» ‪.‬‬ ‫«الشريف ُح َسي ٌن‬ ‫راج ْع ص‪106-105‬‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫يخ الكُو ِ‬ ‫بارك ابن س ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وش ُ‬ ‫وش ُ‬ ‫يت َ‬ ‫�عود َ‬ ‫المحمرة َثور َة‬ ‫يخ‬ ‫َ‬ ‫وعلى الرغ ِم من ذل َك فقد َ ُ ُ‬ ‫المصدر السابِ ُق ص‪. 106‬‬ ‫ُح َسين في تِشري َن الثاني ‪1916‬م ‪ .‬اهـ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪232‬‬


‫ِ‬ ‫الحج س�ن َة ‪1334‬هـ ُخطب ًة أ َّيد فِيها‬ ‫ناسبة‬ ‫وخطب الس� ِّيدُ رش�يدُ ِرضا في م َّك َة بِ ُم‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫وقال ‪ :‬أيها ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّثور َة العربي َة وم ِ‬ ‫الشريف ُح َس ٍ‬ ‫الحجاز ُّيون ‪ ،‬إِ َّن َمن يك ُف ُر لهذا‬ ‫ف‬ ‫وق َ‬ ‫ين ‪ُّ َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫الناس لِلنِّع ِم ‪ ،‬أيها الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫سل َ‬ ‫يجب‬ ‫مون ‪،‬‬ ‫أكفر‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المنقذ هذه النِّعم َة فهو ُ‬ ‫المصل ِح ُ‬ ‫الرج ِل ُ‬ ‫العمل هو أعظم ِخ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫أن تعلموا َّ‬ ‫الزمن ‪ .‬ص‪. 108‬‬ ‫دمة لِإلسال ِم في هذا‬ ‫أن هذا‬ ‫ُ‬

‫الشيخ رشيد رضا‬ ‫يخطب في مكة‬ ‫بتأييد الشريف‬ ‫حسين‬

‫ِ‬ ‫إخالص�ه لِ‬ ‫ِ‬ ‫الق ِ‬ ‫جريدة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خالل‬ ‫الش�ريف ُح َس�ي ٌن ِمن‬ ‫واس�تمر‬ ‫لخليفة‬ ‫تأكيد‬ ‫بلة ف�ي‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلضافة إلى ِ‬ ‫ثماني بِ‬ ‫النفوذ‬ ‫ازدياد‬ ‫خاص ًة بعدَ‬ ‫إبراز ُسلطة االتِّحاد ِّيين على الدَّ ولة َّ‬ ‫ال ُع ِّ‬ ‫ِ‬ ‫األلمان�ي في الدَّ ِ‬ ‫أصبح االتِّحاد ُّيون ُيجبِرون الخليف َة على توقي ِع‬ ‫ثمانية حتَّى‬ ‫ولة ال ُع‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫المصدر السابِ ِق ص‪. 111‬‬ ‫األوامر التي ُيصدرونها ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫وس� ِم الحج لِ ِ‬ ‫الل م ِ‬ ‫الش�ريف حس ٍ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�نة‬ ‫عنوان «‬ ‫تحت‬ ‫وف�ي ص‪َ 113‬‬ ‫ِّ‬ ‫�ين ملكًا خ َ ُ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫التأسيس لِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ 1334‬هـ » بعدَ ال َّث ِ‬ ‫خمسة ُش ٍ‬ ‫شرع ُح َسي ٌن بِ‬ ‫ورة بِ‬ ‫ِ‬ ‫عربية‪،‬‬ ‫مملكة‬ ‫هور تقري ًبا َ‬ ‫ِ‬ ‫الس�بت ‪ 1‬محرم ‪1335‬هـ « ‪ 28‬تِش�رين األول ‪1916‬م » نفس�ه ِ‬ ‫ملكًا‬ ‫وأعل� َن َيو َم‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫مس�ألة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫اإلسلامية‬ ‫الفة‬ ‫البحث في‬ ‫تأجيل‬ ‫وتم‬ ‫على‬ ‫العرب ومرج ًعا دين ًّيا لهم ‪َّ ،‬‬ ‫يجتمع العالم اإلسالمي على ات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّخاذ ٍ‬ ‫قرار بِشأنِها ‪ .‬اهـ‬ ‫حتَّى‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫طاب موج ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإلسلامي‬ ‫العربي‬ ‫�ه إلى العال ِم‬ ‫كرم�ة في خ ٍ ُ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الم َّ‬ ‫وأعل� َن ُعلم�ا ُء م َّك َة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫�ين بِالم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫�روج االتِّحاد ِّيين‬ ‫لك‬ ‫وبالمرجعية الدينية ُخ َ‬ ‫بِ ُمناس�بة َبيعتهم للش�ريف ُح َس ٍ ُ‬

‫عن الدَّ ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫وأس�قط ُعلماء م َّك َة في خطابِهم ِصف َة ِ‬ ‫الفة ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ولة‬ ‫اإلسلامي ‪،‬‬ ‫الدين‬ ‫على‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫أن المملك� َة ـ أي ‪ :‬الدَّ ول� َة العثماني َة ـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثماني�ة بِقولِه�م ‪ :‬ها نح ُن ن�رى بأع ُينِنا َّ‬ ‫قد‬ ‫ال ُع‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫انسلخت عن ِ‬ ‫سبب م ِ‬ ‫وج ٍ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫شكلها‬ ‫اإلسالمي الذي نعهدُ ه ‪ ،‬وص ْرنا ُك َّلما بح ْثنا عن ٍ ُ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫روط ِ‬ ‫شرط من ُش ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المصدر‬ ‫الجماعة ال نجدُ ه ‪ .‬اهـ‬ ‫الفة وانتِظا ِم‬ ‫أي‬ ‫للطاعة وعن ِّ‬ ‫ُ‬ ‫السابِ ُق ص‪. 115‬‬ ‫‪233‬‬

‫الشريف ينصب‬ ‫نفسه ملكا‬ ‫لمملكة عربية‬ ‫ومرجعا دينيا‬ ‫للمسلمين‬


‫عل الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لقب ُح َس ِ‬ ‫واحتجت بِريطانيا وفرنس�ا على ِ‬ ‫لفاء‬ ‫�ين الجديد ‪ ،‬وكانَت ر َّد ُة ف ِ ُ‬ ‫َّ‬ ‫أمل في الح ِ‬ ‫االعتراف ‪ ،‬و ُأصيب حس�ين بِ َخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يب�ة ٍ‬ ‫لفاء ُ‬ ‫حيث لم‬ ‫بالتهنئة وعد ِم‬ ‫تتم َّث ُ�ل‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ ُ‬ ‫ملكًا على ِ‬ ‫يعترفوا بِه إلاَّ ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫المصدر السابِ ُق ص‪. 116‬‬ ‫جاز فقط ‪ .‬اهـ‬ ‫ُ‬

‫الق ِ‬ ‫وص�در أمر ملكي ف�ي ِ‬ ‫بلة بِ ِ‬ ‫تاريخ ‪ 4‬ربيع الثاني ‪1337‬هـ « ‪ 17‬تِش�رين الثاني‬ ‫ٌّ‬ ‫َ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫الش�ريفة بِنا ًء على اس�تِ ِ‬ ‫ثماني في ُ‬ ‫مرار‬ ‫طبة‬ ‫الس�لطان ال ُع ِّ‬ ‫‪1918‬م » بِرف ِع اس� ِم ُّ‬ ‫طبة الجم ِ‬ ‫ثمانية ‪ ،‬وأصبح الدُّ عاء في ُخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�يطرة االتِّحاديين على الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عة بِاس� ِم‬ ‫ولة ال ُع‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومل ِك البِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأميرها ِ‬ ‫ِ‬ ‫العربية ُق َّر َة ك ُِّل َع ٍ‬ ‫الش�ريف‬ ‫ين س� ِّي ِدنا وموالنا‬ ‫الد‬ ‫ش�ريف م َّك َة‬ ‫«‬ ‫ُح َس ٍ‬ ‫المصدر السابِ ُق ص‪. 119‬‬ ‫ين » ‪.‬اهـ ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫أمير المؤمنين » ‪ ،‬وخاط َبه ُ‬ ‫الملك حسين‬ ‫أهل‬ ‫الش�ريف ُح َس�ي ٌن‬ ‫وأصدر‬ ‫ُ‬ ‫منش�ورا ملك ًّيا بِتلقيبِه « ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫مل ِ‬ ‫يلقب نفسه بأمير الش�ا ِم بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫المقدَّ ِ‬ ‫س ‪ ،‬وخاط َب�ه ُ‬ ‫برقي�ة بعثوا بها ‪:‬‬ ‫أهل يافا في‬ ‫�ك‬ ‫العرب والخليف�ة ُ‬ ‫المؤمنين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بول عبوديتنا الصادقة » ‪ .‬وفيها إش�ار ٌة إلى َبيعتهم الصريحة ل ُح َس ٍ‬ ‫«هذه ال َبيع ُة و َق ُ‬ ‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أه�ل ِ‬ ‫الهاش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫بِ ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫راق ُح َس�ينًا بِ‬ ‫وبايع ُ‬ ‫اإلسلامية‬ ‫الخالفة‬ ‫�مية ‪،‬‬ ‫اإلسلامية‬ ‫الف�ة‬ ‫َ‬ ‫صراح ًة ‪.‬‬

‫الخ ِ‬ ‫روج عن مبدأِ ِ‬ ‫ولم�ا تو َّلى مصطفى أتاتورك الحكم ِ‬ ‫الفة َ‬ ‫وعم َ�ل على ُ‬ ‫الخ ِ‬ ‫قال‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫المل ُك حسين ‪ :‬يرحم ال َّله ِ‬ ‫الخالف َة ‪ ،‬وأحسن عزاء الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫المصدر السابِ ُق‬ ‫سلمين فِيها ‪.‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ َ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ص‪ 123‬بِتصر ٍ‬ ‫ف‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫بروز مصطفى‬ ‫كمال أتاتورك‬ ‫كبطل قومي في‬ ‫مقاومة الحلفاء‬ ‫الذين احتلوا‬ ‫اسطنبول‬

‫كبطل ُأس�طوري في الدِّ فا ِع عن أراضي تُركيا ِضدَّ الح ِ‬ ‫ٍ‬ ‫لفاء‪،‬‬ ‫وبرز ُمصطفى أتاتورك‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٍّ‬

‫((( وهي ذاتها س�نة وفاة الس�لطان عبدالحميد الثاني في منفاه بالبلقان! وتجدر اإلشارة إلى أن‬ ‫الس�لطان عبدالحميد هو الذي عينه بإجبار م�ن االتحاديين على إمارة مكة قبيل تنحيته عن‬

‫الحكم (عام ‪1326‬هـ ـ ‪1908‬م) ‪.‬‬

‫‪234‬‬


‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف الم ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫س�لمون م َعه‬ ‫أتات�ورك‬ ‫وكان‬ ‫يعم�ل على تَوحيد تُركي�ا والحفاظ ع َليها ‪ ،‬وتعا ُط َ ُ‬ ‫الس�ادس الخاض� ِع لِلن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأصب�ح بِ‬ ‫ِ‬ ‫األجنبي ‪،‬‬ ‫ُّفوذ‬ ‫حم ٍد‬ ‫النس�بة لهم‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫أفضل م َن الخليفة ُم َّ‬ ‫الشعراء ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ورحب الم ِ‬ ‫األتراك لِالحتِ ِ‬ ‫سلمون بِ‬ ‫الل‬ ‫مقاومة‬ ‫ومنهم أحمدُ‬ ‫وآزره ُّ ُ‬ ‫األجنبي ‪َ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫َّ َ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫تصر ٍف‪.‬‬ ‫قصيدة له ‪.‬‬ ‫أتاتورك في‬ ‫امتدح‬ ‫َشوقي ‪ ،‬الذي‬ ‫َ‬ ‫المصدر السابِ ُق ص‪ 136‬بِ ُّ‬ ‫ُ‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫كثيرا من أهميتِها ُق َب َ‬ ‫الحرب وخال َلها ‪،‬‬ ‫ي�ل‬ ‫وكانَ�ت الخالف� ُة ال ُعثماني ُة قد فق�دَ ت ً‬ ‫أتاتورك في أنقرة هو الذي يدير أمر الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوطني بِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وترك‬ ‫ولة ‪،‬‬ ‫رئاسة‬ ‫المجلس‬ ‫وصار‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ترش�يح ِ‬ ‫الفة ‪ِ ،‬‬ ‫الخ ِ‬ ‫منصب ِ‬ ‫الدي�ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫المجيد‬ ‫عبد‬ ‫أتاتورك على‬ ‫وعم َل‬ ‫الس‬ ‫�لطان وحيدُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬

‫أحمد شوقي‬ ‫يمتدح أتاورك في‬ ‫قصيدة له‬

‫بن ِ‬ ‫اعتباره خليف ًة لِلم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العزيز ‪ ،‬وو َّق َع وثيق ًة بِ‬ ‫ِ‬ ‫س�لمين وخاد ِم الحر َمين الشري َفين ‪.‬‬ ‫عبد‬ ‫ُ‬ ‫المصدر السابِ ُق ص‪ 142 ، 137‬بِتصر ٍ‬ ‫ف‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المجيد الثاني خليف ًة لِلم ِ‬ ‫س�لمين في ‪ 18‬تِش�رين الثاني ‪ِ 1922‬م َن‬ ‫�ب عبدُ‬ ‫وانتُخ َ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المجل ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوطني « ِخالف ًة َ‬ ‫مع‬ ‫نجح‬ ‫س‬ ‫أتاتورك فيما بعدُ‬ ‫بالتنس�يق َ‬ ‫دون ُس�لطة » حتَّى َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مهورية ‪.‬‬ ‫الج‬ ‫بِريطانيا على إلغاء الخالفة وإعالن ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكثير ِمنه�م ِم َّما َ‬ ‫ُ‬ ‫فعل‬ ‫وتب�ر ِؤ‬ ‫وأدى‬ ‫إعلان ُ‬ ‫المس�لمين ُّ‬ ‫الجمهوري�ة إل�ى س�خط ُ‬ ‫أتاتورك ‪ ،‬وذمه الذين مدحوه سابِ ًقا ‪ .‬المصدر السابِ ُق ص‪ 144‬بِتصر ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ف‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫لجأ إل�ى الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫�فارة البِ‬ ‫�لطان عبدالمجيد َ‬ ‫ُ‬ ‫وطلب‬ ‫ريطانية ‪،‬‬ ‫الس‬ ‫َ‬ ‫ولم�ا ُخل َ‬ ‫ِّ‬ ‫�ع الخليف ُة ُّ‬ ‫َّ‬ ‫�لطان يدعوه لِل ُقدو ِم إلى ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫َ‬ ‫جاز ‪ ،‬وقبِ َل‬ ‫الس‬ ‫ماية ؛‬ ‫فأرس�ل المل ُك ُح َس�ي ٌن إلى ُّ‬

‫الس ُ‬ ‫لطان الدعو َة ‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫ووصل إلى ِجد َة َيو َم اإلثن ِ‬ ‫َ‬ ‫وجرت‬ ‫َين ‪ 15‬كانون الثاني ؛ فاستقب َله المل ُك ُح َسي ٌن ‪َ ،‬‬ ‫مراس�يم االس�تِ ِ‬ ‫َ‬ ‫الجميع إلى م َّك َة واس�تُقبِ َل بها‬ ‫توج�ه‬ ‫قبال ‪ ،‬وف�ي ‪20‬‬ ‫ُ‬ ‫كانون الثاني َّ‬ ‫ُ‬ ‫المس�ج ِد الحرا ِم بِص ِ‬ ‫حبة ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس�تقبالاً‬ ‫المل ِك‬ ‫الج ُمع َة في ‪ُ 2‬ش�باط في‬ ‫ُ‬ ‫كبيرا ‪ ،‬وصلى ُ‬ ‫ً‬ ‫‪235‬‬

‫الخليفة‬ ‫عبدالمجيد الثاني‬ ‫ينتخب بال سلطة‬ ‫حقيقية‬


‫الخ ِ‬ ‫ين ‪ ،‬وكذلِ َك في الجمعتَين التاليتَين ‪ ،‬وسمع الدُّ عاء لِ ِ‬ ‫لمل ِك ُح َس ٍ‬ ‫ُح َس ٍ‬ ‫ين في ُ‬ ‫طبة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخليفة المخلوع ولي�س الدُّ ع�اء لِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الطائ�ف في الخميس‬ ‫الدين إلى‬ ‫لخليفة ‪،‬‬ ‫وانتق�ل الخليف ُة وحي�دُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يغادر إلى مكة ثم ‪ 1‬آذار ‪1923‬م ‪ ،‬وأق�ام به�ا أيام�ا ُث�م ع�اد إلى م َّك َة ِ‬ ‫س�افر في‬ ‫ومنه�ا إلى ِجد َة ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ً‬ ‫َ‬ ‫إلى سويسرا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ 1‬رمض�ان ‪1341‬ه�ـ بِ‬ ‫�لطان وحي�دُ الدِّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ين ُق َب َيل‬ ‫الس‬ ‫اعتب�ار اعتالل صحته ‪ ،‬وأعل َن ُّ‬

‫غ�ادرة ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫ع�رض وض ِع تُركي�ا ِخ َ‬ ‫ُم‬ ‫الل‬ ‫اإلسلامي ج�ا َء فيه‬ ‫منش�ورا لِلعال� ِم‬ ‫ج�از‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫�يطرة االتِّحاديين عل�ى الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولة ‪،‬‬ ‫وس‬ ‫ِّ‬ ‫الح�رب العالمي�ة‪ ،‬و ُظ�روف تو ِّليه الخالف�ة ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫لقضاء على ِ‬ ‫وس�عي مصطفى كمال لِ‬ ‫�لطان عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وضم َن‬ ‫الفة ‪.‬‬ ‫نفسه ‪،‬‬ ‫الس‬ ‫َّ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ودفا ِع ُّ‬ ‫الد المقدَّ ِ‬ ‫وأهله في البِ ِ‬ ‫مل ِك ِ‬ ‫جاز على ضيافتِه ِ‬ ‫�كر لِ ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫المنش�ور بِ ُش ٍ‬ ‫سة وتوجه نحو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫سويسرا‪.‬‬

‫الدي�ن ؛ لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إن ِ‬ ‫يتن�ازل له ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وق َ‬ ‫َ‬ ‫ي�ل ‪َّ :‬‬ ‫المل َ‬ ‫عن‬ ‫وحيد‬ ‫�لطان‬ ‫الس‬ ‫�ك ُح َس�ينًا‬ ‫ضغ�ط على ُّ‬ ‫رجاعها ِ‬ ‫ِ‬ ‫طالبة باس�تِ‬ ‫رفض ‪ ،‬وأصر على الم ِ‬ ‫الفة ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫المصدر السابِ ُق‬ ‫لنفس�ه ‪.‬‬ ‫ولكنَّه َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫‪ 158 - 153‬بِتصر ٍ‬ ‫ف‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫يكون معنى « فِ ِ‬ ‫يخ السهارنفوري ِ‬ ‫ُ‬ ‫الش ُ‬ ‫فس َره َّ‬ ‫تنة‬ ‫رح َمه ال َّل ُه‬ ‫ُّ‬ ‫وعلى هذا التفسير الذي َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ضعف الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ؤامرات ُمب َّط ٍنة‬ ‫ثمانية وما طر َأ ِمن ُم‬ ‫ول�ة ال ُع‬ ‫مرحلة‬ ‫األحلاس » يعو ُد إلى‬ ‫ِ‬ ‫تمزيقها ‪ ،‬وما جرى في تمر ِ‬ ‫لِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫البلقان وال ُب ِ‬ ‫ِ‬ ‫وس�ية‬ ‫الر‬ ‫لغار وثوراتِهما ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫دات‬ ‫الحرب ُّ‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وس عل�ى ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫اليات‬ ‫الو‬ ‫ثماني�ة ؛‬ ‫ال ُع‬ ‫وس ‪ ،‬وامت�دَّ ُهجو ُم ُّ‬ ‫فانضم�ت روماني�ا إلى ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األناضول ‪.‬‬ ‫ثمانية حتَّى‬ ‫ال ُع‬ ‫وتاله�ا مرحل� ُة « فِ ِ‬ ‫بعض ُحكَّا ِم‬ ‫الس�ر ِاء » ‪ ،‬وهي المرحل� ُة التي‬ ‫تنة‬ ‫تجاوب فِيه�ا ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قبائ�ل البِ ِ‬ ‫واإلسلامية ـ بِ‬ ‫ِ‬ ‫س�اومات‬ ‫إدراك ـ لِ ُم‬ ‫�إدراك أو بِ َغ ِير‬ ‫العربي�ة‬ ‫الد‬ ‫ورؤس�اء‬

‫‪236‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إث�ارة الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول االس�تِ‬ ‫عمارية و َق ِ‬ ‫الدُّ ِ‬ ‫ب�ول إغراءاتِهم بِ‬ ‫العربية‬ ‫كالقومي�ة‬ ‫القومية ‪،‬‬ ‫ُّعرة‬ ‫س�اعدات م ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جس�د الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واالنف ِ‬ ‫َ‬ ‫عينة‬ ‫آنذاك ُمقابِ َل ُم‬ ‫ثماني�ة‬ ‫اإلسلامية ال ُع‬ ‫ولة‬ ‫صال عن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫فس�اد الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وغيره�ا ‪ ،‬بِاعتِ ِ‬ ‫واألغذية ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثمانية سياس� ًّيا‬ ‫ول�ة ال ُع‬ ‫بار‬ ‫والسلاح‬ ‫الم�ال‬ ‫ِم� َن‬ ‫(((‬

‫البعض إنقا َذ ما ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�كاس ذلِ َك على البِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مك ُن‬ ‫حاول�ة‬ ‫واإلسلامية ‪ ،‬و ُم‬ ‫العربية‬ ‫الد‬ ‫وانع‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫األمر بعدَ ذلِ َك على‬ ‫العربية ‪،‬‬ ‫مصلحة اإلسال ِم واألُ َّمة‬ ‫إنقا ُذه ِم َّما ُيعت َقدُ أنَّه ِمن‬ ‫فكان ُ‬ ‫القرار السياس�ي مع ِ‬ ‫ت القضي ُة إلى ِو ِ‬ ‫َغي�ر المتو َّق ِع ‪ ،‬وتحو َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إثارة‬ ‫الغرب على‬ ‫صاية‬ ‫ِّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫س�اندة ك ُِّل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫فريق ِضدَّ َ‬ ‫الحك ِم و ُم‬ ‫الداخلي َبي َن ُحكَّا ِم‬ ‫الصرا ِع‬ ‫اآلخ ِر((( ‪،‬‬ ‫العرب على ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫((( كان لليهود وعلى رأس�هم « هرتزل » الدور المباش�ر في إثارة المس�ألة القومية ‪ ،‬حيث كان‬ ‫اليه�ود يطالب�ون بوطن قومي له�م ولكنهم لم يجدوا في البداية قب�وال من الدول العظمى ‪،‬‬ ‫حت�ى بدأ العمل المش�ترك بين بريطانيا واليه�ود ‪ ،‬وعقدت المؤتم�رات العديدة حول هذه‬ ‫المسألة ‪ ،‬وبدأت بعض الدول بتبني مشروع القوميات وإثارة النعرات فيها ‪ ،‬وكان أول من‬

‫عانى من ذلك دولة الخالفة نفسها ؛ حيث قامت العناصر المحرضة على القومية بالمطالبة‬ ‫الملح�ة بفصل قوميات بلغاريا والمجر والبوس�نة والهرس�ك وغيرها عن دولة اإلسلام ‪،‬‬ ‫وتذرعوا بش�تى الحيل والوس�ائل ‪ ،‬وكان هذا تمهيدا سياس�يا إلنجاح مطالبة اليهود بوطن‬

‫قومي في قلب البالد اإلسلامية ‪ ،‬ونجحت الفكرة بدعم الدول األروبية وأمريكا ‪ ،‬وتحقق‬ ‫االنهي�ار والتقس�يم في الدولة اإلسلامية ‪ ،‬وتحقق�ت دولة الصهيونية وغيرها من مش�اريع‬

‫الدجل والسياسة ‪.‬‬

‫((( ظهرت في مصر بعد سقوط دولة الخالفة دعوة من خالل األزهر لعقد مؤتمر إسالمي عام‬ ‫لمناقشة مسألة « الخالفة اإلسالمية » ‪ ،‬وكان وراء هذه الدعوة الملك فؤاد الذي كان يرغب‬

‫في أن يصبح خليفة للمس�لمين ‪ ،‬وعقد المؤتمر في العاش�ر من شعبان سنة ‪1343‬هـ ‪ ،‬بعد‬ ‫أي�ام من هدم الخالف�ة ‪ ،‬واتفق المؤتمرون على عقد مؤتمر آخ�ر ‪ ،‬يدعى إليه جميع ممثلي‬

‫األمم اإلسلامية للبت في من تس�ند إليه الخالفة اإلسالمية بدال عن عبدالمجيد العثماني‪،‬‬ ‫الذي وصفت بيعته بأنها غير شرعية ‪ ،‬ومر عام كامل من التحضير لهذا المؤتمر ‪ ،‬حتى عقد‬

‫المؤتم�ر الثان�ي ع�ام ‪1925‬هـ ‪ ،‬وفيه طغ�ت الخالفات بين زعماء الع�رب حول الخالفة‪،‬‬ ‫وادعى كل من الحضور الخالفة لنفس�ه‪ ،‬فطالب البعض بأن تكون للملك فؤاد ‪ ،‬والبعض‬

‫‪237‬‬

‫حديث التمايز‬ ‫والتمايل‬ ‫والمعامع‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫حديث ُح َذيف َة ؤ‬ ‫والمعام ِع في‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ m‬بِالتما ُي ِز والتما ُي ِل‬ ‫سماه‬ ‫وهو ما َّ‬ ‫ُ ِ‬ ‫يظهر ِ‬ ‫ق�ال ‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫�م التما ُي ُ�ز والتما ُي ُل‬ ‫ق�ال‬ ‫فيه ُ‬ ‫رس�ول ال َّله ‪ « : m‬ل�ن تفنى ُأ َّمت�ي حتَّى َ‬ ‫ِ‬ ‫رسول ال َّل ِه ما التما ُي ُز ؟ َ‬ ‫َ‬ ‫الناس‬ ‫لت ‪ :‬يا‬ ‫والمعام ُع » ‪ُ .‬ق ُ‬ ‫قال ‪ « :‬التما ُي ُز عصبي ٌة ُيحد ُثها ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال ‪ُ «:‬‬ ‫لت فما التما ُي ُل ؟ َ‬ ‫فتس�تح ُّل‬ ‫القبيلة‬ ‫تميل القبيل ُة على‬ ‫بعدي في اإلسلا ِم » ‪ُ .‬ق ُ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫المعام ُع ؟ َ‬ ‫ف‬ ‫بعضها إلى‬ ‫�ير‬ ‫لت ‪ :‬ما‬ ‫تختل ُ‬ ‫ُحرمتَه�ا » ‪ُ .‬ق ُ‬ ‫األمص�ار ُ‬ ‫قال ‪َ « :‬س ُ‬

‫ِ‬ ‫وكان ما َ‬ ‫َ‬ ‫أعنا ُقهم في‬ ‫كان ‪...‬‬ ‫الحرب » (((‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ويندرج في هذا المسمى « السر ِاء » معنًى آخر ‪ ،‬وهو « ُظهور الن ِ‬ ‫الفرد ِ‬ ‫أو‬ ‫ِّعمة على‬ ‫ِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫تداعي األمم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أكلة القصعة على الجماعة ِ‬ ‫أو األُ َّمة » بِاعت ِ‬ ‫فش�كر » ‪ .‬فمن‬ ‫س�را ُء‬ ‫َ‬ ‫قر ِر في َقوله ‪ « :‬أصا َبته َّ‬ ‫الم َّ‬ ‫بار المعنى ُ‬ ‫ُ‬ ‫عمة ‪ ،‬وفي هذا الصددِ‬ ‫ثروات األ َّمة معاني السر ِاء التي يشكُر العبدُ ربه ع َليها ما يجريه ع َل ِيه ِمن نِ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫حضارية ونِع� ٍم ماد ٍية لِ‬ ‫ٍ‬ ‫لعرب والم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الح ُ‬ ‫س�لمين في‬ ‫أس�باب‬ ‫�ظ ما ق�د ه َّيأه ال َّل ُه ِمن‬ ‫ِّ‬ ‫ُي َ‬ ‫ُ‬ ‫للشريف حسين ‪ ،‬والبعض اآلخر ألمير نجد عبدالعزيز بن سعود ‪ .‬كما دب الخالف حول‬

‫ش�كل الخالفة ومضمونها‪ ،‬وتم تأجيل المؤتمر إلى الس�نة القادمة ‪1926‬م ‪ ،‬ثم فشل أيضا‬ ‫في معالجة المشكلة ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ستدركه (‪َ ،)8597‬‬ ‫الذهبي بِ َّ‬ ‫أن فيه سعيدَ ب َن‬ ‫اإلسناد وتع َّق َبه‬ ‫صحيح‬ ‫وقال‬ ‫الحاكم في ُم‬ ‫((( رواه‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِس ٍ‬ ‫ب ِك ِ‬ ‫َّهم بِه » ‪َ .‬‬ ‫نان َ‬ ‫ُ‬ ‫الحديث وإن‬ ‫الجماعة » ‪ :‬وهذا‬ ‫«اتحاف‬ ‫تاب‬ ‫قال صاح ُ‬ ‫قال ‪ « :‬وسعيدٌ ُمت ٌ‬ ‫العصبية في اإلسال ِم ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ومن هذه‬ ‫الناس ِم َن‬ ‫كان‬ ‫َ‬ ‫ظهر مصدا ُقه بما أحد َثه ُ‬ ‫ضعيف اإلسناد فقد َ‬ ‫ِ‬ ‫العصبية ما يس�مى ف�ي زمانِنا بـ « ال َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫العربية » ‪ ،‬وكذلِ َك َم ُ‬ ‫بعض‬ ‫بعضها إلى‬ ‫ي�ل‬ ‫ومية‬ ‫القبائل ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحديث‬ ‫وقع في هذه األُ َّم ِة ‪ ،‬وهذا ِم َّما يشهدُ لِهذا‬ ‫أعناقهم في‬ ‫واختالف‬ ‫ُ‬ ‫الحرب ‪ ،‬ك ُُّل ذل َك َ‬ ‫ِ‬ ‫ويدُ ُّل على َّ‬ ‫الجماعة (‪. )51 :1‬‬ ‫إتحاف‬ ‫أعلم ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أن له أصلاً ‪ .‬وال َّل ُه ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض الدُّ ِ‬ ‫ول اإلسلامية والعربية لجاراتها ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫الهجو ِم‬ ‫ل�ت ‪ :‬ومن�ه ما تصن ُعه من تهديد‬ ‫ُق ُ‬ ‫أو ُ‬ ‫تحت المس�م ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يات‬ ‫ع َليه�ا واس�تقطا ِع بع�ض أراضيه�ا ‪ ،‬أو‬ ‫ف�رض سياس�تها الفكرية ع َليه�ا َ ُ َّ‬ ‫ب الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫المتنو ِ‬ ‫ِ‬ ‫التمح ُك بِاإلسلا ِم ذاتِ�ه أو بِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫نتمية‬ ‫يكون ِمنها‬ ‫عة ‪ ،‬وقد‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫مذهب ُم َع َّي ٍن م َن المذاه ِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫العرب و َغ ِيرها ‪.‬‬ ‫جزيرة‬ ‫حصل ِم ُثل هذا في‬ ‫إ َليه ‪ .‬وقد‬

‫‪238‬‬


‫ولكن القرار العالمي المه ِ‬ ‫البترول » ‪ِ ،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يم َن‬ ‫واكتشاف‬ ‫هور‬ ‫ُ‬ ‫َّ ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫هذه المرحلة ‪ ،‬ومنها « ُظ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الثروات َ‬ ‫االس�تيراتيجية‬ ‫المصلحة‬ ‫تنصب في‬ ‫جعل المرحل َة و ُمخرجاتِها‬ ‫على هذه‬ ‫ُّ‬ ‫ول المه ِ‬ ‫ِ‬ ‫يم ِنة ‪.‬‬ ‫للدُّ ِ ُ َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض‬ ‫ش�تر ِك َبي َن‬ ‫المب َّط ِن‬ ‫تنوع َة ِم َن‬ ‫الم ِّ‬ ‫ويجمع هذه ُ‬ ‫ُ‬ ‫الم َ‬ ‫والعمل ُ‬ ‫العمل ُ‬ ‫الجزئيات ُ‬ ‫ِ‬ ‫غي�ره ‪ -‬والعال� ِم االس�تِ‬ ‫ٍ‬ ‫الم ِ‬ ‫�إدراك أو بِ ِ‬ ‫س�لمين – بِ‬ ‫عماري َقو ُله ‪ِ m‬‬ ‫المرحلة ‪:‬‬ ‫ع�ن‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫�ك أن تداع�ى ع َليكم األُمم كما تداعى األكل ُة عل�ى قصعتِها» ‪ .‬قالوا ِأمن ِق ٍ‬ ‫«ي ِ‬ ‫وش ُ‬ ‫لة‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الس ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه َ‬ ‫َ‬ ‫�يل ُيلقى‬ ‫نح� ُن يا‬ ‫كثير ‪ ،‬ولكنَّكم ُغثا ٌء ك ُغثاء َّ‬ ‫ق�ال ‪ « :‬ال ‪ ،‬أنتُم يومئذ ٌ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ؟ َ‬ ‫َ‬ ‫�ب الدُّ نيا وكراهي ُة‬ ‫يك�م الوه� ُن » ‪ .‬قال�وا ‪ :‬وما الوه ُن يا‬ ‫قال ‪ُ « :‬ح ُّ‬ ‫ع َل ُ‬ ‫ِ‬ ‫الموت ‪ ،‬وت َُنز ُع المهاب ُة ِمن ُص ِ‬ ‫عدوكم »((( ‪.‬‬ ‫دور ِّ‬

‫الت وم�ا تالها بد َأ عه�دُ ال ُغ ِ‬ ‫األح�داث والتحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والوهن ف�ي األُ َّمتَين‬ ‫ثائية‬ ‫وبِه�ذه‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسلامي‬ ‫الحك ِم‬ ‫�م‬ ‫نقض ُ‬ ‫ِّ‬ ‫المد َّبرة ‪ُ ،‬ث َّ‬ ‫العربي�ة واإلسلامية ‪ ،‬ب�د ًءا م� َن المؤام�رة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫بِالحك� ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫األو ِل‬ ‫الع‬ ‫لمان�ي فيم�ا بع�دُ ‪ ،‬وإعلان الدَّ ول�ة العلمانية ف�ي ‪ 30‬تش�رين َّ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫بفكرها ِ‬ ‫مرسومات الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولة ِ‬ ‫النحو التالي ‪:‬‬ ‫الجديد على‬ ‫العلماني‬ ‫دور‬ ‫‪1923‬م‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أتاتورك ع�ن ج ِ‬ ‫ُ‬ ‫ومضايقها‬ ‫وس�واح ِلها‬ ‫ملة أراض�ي تُركي�ا‬ ‫ •تخ ِّل�ي ُمصطف�ى‬ ‫ُ‬ ‫للح ِ‬ ‫لفاء ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ستور‬ ‫الشرعية‬ ‫ •إلغا ُء القوانين‬ ‫المدني ‪.‬‬ ‫وإقامة الدُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ومي » ‪.‬‬ ‫ •‬ ‫ُ‬ ‫تعميق مفهو ِم الطورانية « المفهو ِم ال َق ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ •إلغا ُء ِح ِ‬ ‫المرأة ‪.‬‬ ‫جاب‬ ‫ِ‬ ‫الرسمية ِمن الجم ِ‬ ‫ِ‬ ‫تحويل الع ِ‬ ‫عة إلى‬ ‫طلة‬ ‫األحد ‪.‬‬ ‫ •‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ ُ ُ‬

‫((( سنن أبي داود (‪.)4299‬‬

‫‪239‬‬

‫أتاتورك‬

‫سقوط ِ‬ ‫الخالفة‬ ‫وبدء العهد‬ ‫العلماني‬


‫ِ‬ ‫ُّركية بدلاً ِمن ال ُّل ِ‬ ‫باللغة الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ ‬ ‫العربية ‪.‬‬ ‫غة‬ ‫األذان‬ ‫ •‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالعربية واستِ ُ‬ ‫اإلنكليزية بها ‪ .‬‬ ‫بدال‬ ‫منع التعا ُم ِل‬ ‫ • ُ‬

‫ِ‬ ‫إجراءات ُمش�ابِه ٌة ف�ي ُم ِ‬ ‫َ‬ ‫لوزان ع�ا َم ‪1921‬م ‪،‬‬ ‫ؤتمر‬ ‫اإلجراءات‬ ‫س�بق ه�ذه‬ ‫وقد َ‬ ‫ٌ‬ ‫مؤتمرات‬ ‫ِ‬ ‫األعداء ضد‬ ‫َ‬ ‫اإلنكليزي أربع َة‬ ‫أتاتورك ‪ ،‬وفيه‬ ‫وحض�ره وفدُ تُركيا بِرئاس�ة ُمصطفى‬ ‫وضع الوف�دُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫روط لِلاِ عتِ ِ‬ ‫القرار اإلسالمي ُش ٍ‬ ‫ِ‬ ‫راف بِ‬ ‫استقالل تُركيا ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ •إلغاء ِ‬ ‫اإلسالمية ‪.‬‬ ‫الفة‬ ‫ُ‬ ‫خارج الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫دود ‪.‬‬ ‫ •طر ُد الخليفة ِ َ ُ‬ ‫لمانية الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ولة ‪.‬‬ ‫إعالن ِع‬ ‫ •‬

‫ِ‬ ‫أمالك بني ُع َ‬ ‫ثمان ‪.‬‬ ‫ • ُمصادر ُة‬ ‫لمانية يح ِّق ُق المقو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولة ِ‬ ‫اللحظة ونظام الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫و ُم ُ‬ ‫نذ تِ َ‬ ‫مات االستِعماري َة التالي َة‪:‬‬ ‫الع‬ ‫لك‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المكاسب‬ ‫العربية واإلسالمية ‪ِ.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫سالونيك ومحافلهم الماسوني ُة في البالد‬ ‫االستعمارية •سياس ُة يهود الدونمة في‬ ‫ِ‬ ‫ختل ِ‬ ‫التبشيرية (التنصيرية) في ُف ِ‬ ‫ِ‬ ‫بسقوط الخالفة •اإلرسالياتِ‬ ‫روعها الم ِ‬ ‫فة ‪ ،‬وما تحتويه ِمن تغييرٍ‬ ‫ُ‬ ‫العرب والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سلمين ‪.‬‬ ‫شباب‬ ‫في‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جمعية االت ِ‬ ‫ِ‬ ‫تفعيل َد ِ‬ ‫ُ‬ ‫ • ُ‬ ‫األجنبية ‪.‬‬ ‫األقليات‬ ‫وتسهيل ُم ِه َّماتِها وتعاونِها م َع‬ ‫ِّحاد والتر ِّقي ‪،‬‬ ‫ور‬ ‫ِ‬ ‫وطن َقومي لِ‬ ‫ِ‬ ‫زل لِ‬ ‫ٍ‬ ‫إنجاح مشرو ِع ِهرتِ َ‬ ‫لبحث عن‬ ‫ليهود((( ‪.‬‬ ‫ •‬ ‫ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫((( ترجع البدايات األولى لفكرة إنش�اء وطن خاص لليهود ‪ ،‬يجمع ش�تاتهم ‪ ،‬ويكون حارس�ا‬ ‫أمينا على مصالح دول « أوروبا » االستعمارية في الشرق إلى ما قبل الحملة الفرنسية على‬

‫مص�ر ‪ ،‬وتجل�ى ذلك بوضوح في خطاب نابليون ‪ ،‬الذي وجهه إلى يهود الش�رق ؛ ليكونوا‬

‫عونا له في هذه البالد ‪ ،‬وقد وجدت هذه الدعوة صدى لها لدى كثير من اليهود ‪.‬‬

‫وم�ع نهايات القرن التاس�ع عش�ر انتقل�ت فكرة الصهيوني�ة التي تزعمها تي�ودور هرتزل‬

‫مؤس�س الحرك�ة الصهيوني�ة م�ن مرحل�ة التنظير إل�ى حي�ز التنفي�ذ ‪ ،‬وذلك بع�د المؤتمر‬ ‫الصهيون�ي األول ‪ ،‬ال�ذي عقد في بازل بسويس�را ع�ام ‪1897‬م ‪ ،‬وتجلى ذلك بوضوح في‬

‫سعي الصهيونيين الدائب للحصول على تعهد من إحدى الدول الكبرى بإقامة وطن قومي‬

‫‪240‬‬


‫�د ِ‬ ‫والثاني�ة على تبا ُع ِ‬ ‫ِ‬ ‫�روب الك ِ‬ ‫ •ول�م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫أزمنتِها إلاَّ‬ ‫َوني�ة األولى‬ ‫الح‬ ‫تنت�ه‬ ‫معارك ُ‬ ‫ٍ‬ ‫عمارية في العال�م ُك ِّله‪ِ ..‬‬ ‫ِ‬ ‫تحقي�ق أهدافِها االس�تِ‬ ‫لِ‬ ‫ِ‬ ‫عالمي‬ ‫س�قف‬ ‫ومنها إيجا ُد‬ ‫ٍّ‬ ‫لهم ‪ ،‬وكانت بريطانيا بش�خص وزير خارجيتها صاحبة الفضل في الوعد المش�ؤوم ‪ ،‬الذي‬

‫اقترن باسمه في التاريخ ‪.‬‬

‫وبتكلي�ف م�ن الحلفاء أقدم�ت بريطانيا عل�ى تلك الخط�وة الخطي�رة ‪ ،‬فأصدرت وعد‬

‫بلفور‪ ،‬ونشرته الصحف البريطانية صباح ‪ 2‬نوفمبر ‪1917‬م ‪ ،‬وكان نصه ‪:‬‬ ‫وزارة الخارجية ‪ 2‬نوفمبر ‪ 1917‬م‬

‫عزي�زي اللورد روتش�يلد ‪ ،‬يس�رني جدا أن أبلغك�م بالنيابة عن حكوم�ة صاحبة الجاللة‬

‫التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية ‪ ،‬وقد عرض على‬

‫ال�وزارة وأقرت�ه ‪ :‬إن حكوم�ة صاحبة الجاللة تنظ�ر بعين العطف إلى تأس�يس وطن قومي‬

‫للش�عب اليهودي في فلس�طين ‪ ،‬وستبذل غاية جهدها لتس�هيل تحقيق هذه الغاية ‪ ،‬على أن‬ ‫يكون مفهوما بش�كل واضح أنه لن يؤتى بعمل من ش�أنه أن ينتقد الحقوق المدنية والدينية‬

‫الت�ي تتمت�ع به�ا الطوائف غي�ر اليهودية المقيم�ة اآلن بفلس�طين ‪ ،‬وال الحق�وق أوالوضع‬ ‫السياس�ي ال�ذي يتمتع ب�ه اليهود في البلدان األخرى ‪ ،‬وس�أكون ممتنا إذا م�ا أحطتم اتحاد‬

‫ ‬ ‫الهيئات الصهيونية علما بهذا التصريح ‪.‬‬

‫المخلص ‪ .‬آرثر بلفور‬

‫فور هذا الوعد س�ارعت دول الغرب وعلى رأس�ها فرنسا وإيطاليا وأمريكا بتأييده ‪ ،‬بينما‬

‫كان ف�ي مناطق العالم العربي له وقع الصاعقة ‪ ،‬واختلفت ردود أفعال العرب بين الدهش�ة‬ ‫واالستنكار والغضب ‪.‬‬

‫ودخل�ت الجيوش البريطاني�ة بقيادة اللورد اللنبي إلى القدس ‪ ،‬وترجل القائد اإلنكليزي‬

‫وقال كلمته الشهيرة ‪ :‬اليوم انتهت الحروب الصليبية ‪.‬‬

‫وبعد ذلك بنحو ‪ 3‬أعوام دخل الجنرال الفرنسي غورو دمشق في عام ‪1920‬م ‪ ،‬ووضع‬

‫قدمه على قبر صالح الدين األيوبي وهو يقول في تحد وتشف ال يخلو من الحقد ‪ :‬ها نحن‬ ‫قد عدنا ثانية يا صالح الدين ‪.‬‬

‫وف�ي نيس�ان إبري�ل ‪1920‬م وافق المجل�س األعلى لق�وات الحلفاء عل�ى أن يعهد إلى‬

‫بريطانيا باالنتداب على فلسطين ‪ ،‬وأن يوضع وعد بلفور موضع التنفيذ ‪ ،‬ثم ما لبث مجلس‬ ‫عصب�ة األم�م المتح�دة أن وافق على مش�روع االنتداب ف�ي ‪ 24‬يولي�و ‪1923‬م ‪ ،‬ثم دخل‬

‫مرحلة التطبيق الرسمي في ‪ 29‬سبتمبر ‪1923‬م ‪.‬‬

‫‪241‬‬


‫تح ِ‬ ‫صبة األُم ِم ثم األُم ِم الم ِ‬ ‫عمار سمي بِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِ ِح ِ‬ ‫ِ‬ ‫دة ‪.‬‬ ‫ماية‬ ‫مكاسب االست ِ ُ ِّ َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وغربية لِ ِ‬ ‫الرأس�مالي ُّ‬ ‫يوعي‬ ‫الصرا ِع‬ ‫ش�رقية‬ ‫تقس�يم العال ِم إلى كُتلتَين‬ ‫ •‬ ‫تفعيل ِّ‬ ‫والش ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإلسالمية ِضم َن هاتَين الكُتلتَين ‪ ،‬لِ ِ‬ ‫الطبقي‬ ‫الصرا ِع‬ ‫العربية‬ ‫وتوزي ِع األُ َم ِم‬ ‫تفعيل ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫البار ِ‬ ‫الحرب ِ‬ ‫ُسمى بِ‬ ‫ِ‬ ‫دة ‪.‬‬ ‫واالجتماعي‬ ‫ياسي‬ ‫المؤ ِّدي إلى ما ت َّ‬ ‫والثقافي ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫والس ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫راف بِه دوليا ِ‬ ‫ •غرس ِ‬ ‫الك ِ‬ ‫وحمايتُه ‪.‬‬ ‫يان‬ ‫الصهيوني في فِلسطِي َن واالعتِ ُ‬ ‫ًّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الجزي�رة بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بلي‬ ‫التحري�ش » في‬ ‫بل�ي «‬ ‫دع�م‬ ‫تفعي�ل ِّ‬ ‫الص�را ِع ال َق ِّ‬ ‫البرنام�ج ال َق ِّ‬ ‫ • ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش� ْي َط َ‬ ‫الجزيرة ‪ ،‬كما ب َّينَه ‪« : m‬‏إِ َّن َّ‬ ‫ان‬ ‫ع�رب‬ ‫المص ِّلين ِمن‬ ‫والمذهب�ي َبي� َن ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ون َو َل ِك ْن فِي‏‏ الت َّْح ِر ِ‬ ‫�س َأ ْن َي ْع ُب�دَ ُه ا ْل ُم َص ُّل َ‬ ‫ذي‬ ‫ي�ش‏‏ َب ْين َُه ْم » ‪ .‬رواه الترم ُّ‬ ‫َق�دْ َيئ َ‬ ‫امتداد العلمانية‬ ‫باالستعمار‬

‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫حديث حس ٌن ‪.‬‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫السياس�ة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عبر‬ ‫الفك�ر‬ ‫الع‬ ‫تثبي�ت‬ ‫ •‬ ‫لماني�ة في تُركيا وم�دِّ‬ ‫ُ‬ ‫العلماني ف�ي الحكم َ‬ ‫ِّ‬ ‫عمارية إل�ى بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫السياس�ة االس�تِ‬ ‫ِ‬ ‫لاد اإلسلا ِم والم ِ‬ ‫س�لمين ِم�ن ِخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الغزو‬ ‫لال‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫تدر ِج ‪.‬‬ ‫والتعليمي‬ ‫واإلعالمي‬ ‫والثقافي‬ ‫العسكري‬ ‫ِّ‬ ‫الم ِّ‬ ‫المسيس ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫‪242‬‬


‫ﲢﺪﻳﺎﺕ ﺍﳋﺎﺭﺝ‬

‫* ﺃﻃﲈﻉ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ‬

‫* ﺃﻃﲈﻉ ﺍﳌﺤﺎﻓﻞ ﺍﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬

‫* ﳞﻮﺩ ﺍﻟﺪﻭﻧﻤﺔ‬

‫ﻣﺆﲤﺮ ﺳﺎﻳﻜﺲ ﺑﻴﻜﻮ ﻳﻮﻧﻴﻮ ‪١٩١٦‬‬

‫* ﺩﻋﻮﺍﺕ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺎﺕ‬

‫ﺇﺳﻘﺎﻁ ﻋﺒﺪﺍﳊﻤﻴﺪ ﺍﻟﺜﺎﲏ‬ ‫‪ ١٣٢٤‬ﻫـ )‪١٩٠٩‬ﻡ(‬

‫* ﲨﻌﻴﺎﺕ ﺍﻻﲢﺎﺩ ﻭﺍﻟﱰﻗﻲ ﻭﺗﺮﻛﻴﺎ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﻭﻧﺤﻮﻫﺎ‬ ‫* ﺍﻟﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻐﺮﰊ‬

‫ﺑﺪﺃﺕ‬

‫‪١٩١٤‬‬

‫ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻷﻭﱃ‬

‫ﻭﻋﺪ ﺑﻠﻔﻮﺭ ‪ ٢‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪١٩١٧‬‬

‫ﺍﻧﺘﻬﺖ‬

‫ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻠﺸﻔﻴﺔ ‪ ٨‬ﻧﻮﻓﻤﱪ ‪١٩١٧‬‬

‫‪١٩١٩‬‬

‫ﻫﺰﻳﻤﺔ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﰲ ﺍﳊﺮﺏ ﻭﺗﻘﺴﻴﻢ ﺗﺮﻛﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﳌﺮﻳﺾ ‪١٩١٨‬‬

‫ﻣﻌﺎﻫﺪﺍﺕ ﺍﳊﲈﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺑﲔ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻭﺍﻟﺪﻭﻳﻼﺕ ﻭﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ‬ ‫ﺑﺪﺃﺕ‬

‫‪١٩٣٧‬‬

‫ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‬

‫ﺳﻠﻄﻨﺎﺕ‬ ‫ﺇﻣﺎﺭﺍﺕ‬ ‫ﺩﻭﻳﻼﺕ ﺍﻟﻌـــﻬــــﺪ ﺍﻟﻘــــﺒـــﻠـــﻲ‬ ‫ﻣﺸﻴﺨﺎﺕ‬ ‫ﳏﻤﻴﺎﺕ‬

‫ﺍﻧﺘﻬﺖ‬

‫‪١٩٤٥‬‬

‫ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ‪ /‬ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﺪﻭﱄ ‪ /‬ﺍﻟﺒﻨﻚ ﺍﻟﺪﻭﱄ ‪١٩٤٥‬‬

‫ﻣﺮ‬ ‫ﺍﻻ‬ ‫ﺳﺘﻬ‬ ‫ﺘﺎﺭ‬

‫ﺛﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﴫﺍﻉ ﰲ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‬

‫ﺣﻠﺔ‬

‫ﴏﺍﻉ ﺍﻟﺮﺃﺳﲈﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﴫﺍﻉ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻲ‬ ‫ﺍﻟﴫﺍﻉ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩﻱ‬ ‫ﺍﻟﴫﺍﻉ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ‬ ‫ﺇﻟﻐﺎﺀ ﻣﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳌﺎﱄ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ‪١٩٧٣‬‬ ‫ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ‪١٩٩١‬‬

‫ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻌﻮﳌﺔ‬

‫ﻣﺮ‬ ‫ﺣﻠﺔ‬

‫‪243‬‬

‫ﺍﻻ‬

‫ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﰲ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ‪ /‬ﻓﻠﺴﻄﲔ ‪ /‬ﻟﺒﻨﺎﻥ ‪ /‬ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ‬ ‫ﻭﻣﺎ ﺳﻴﻠﺤﻖ‬

‫ﲈﺭ‬ ‫ﺳﺘﺜ‬

‫ﺍﻻﳖﻴﺎﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‬ ‫ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ‬ ‫ﺍﳌﺎﱄ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ‬

‫ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﺀ ﺍﻟﺒﻜﲈﺀ ﺍﻟﺼﲈﺀ‬ ‫ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺆﻭﻝ ﺃﻣﺮ ﺍﻷﻣﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ‬

‫ﻧﺰﻉ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ‬ ‫ﻭﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﲈﺭ ﺍﳉﺪﻳﺪ‬

‫ﺍﻟﻔﻮﴇ ﺍﳋﻼﻗﺔ‬

‫ﻣﺮ‬

‫ﺣﻠﺔ‬

‫ﺍﻻ‬

‫ﺳﺘﺜ‬

‫ﲈﺭ‬

‫ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﻘﻄﺐ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ‬

‫ﻓــﺘـــﻨــــﺔ ﺍﻟــﺪﻫــﻴــﻤــﺎﺀ‬

‫ﻣﺮ‬

‫ﺣﻠﺔ‬

‫ﺍﻻ‬

‫ﺍﻟﴫﺍﻉ ﺍﳊﺰﰊ‬

‫ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ‬

‫ﺍﻻﻋﱰﺍﻑ ﺑﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟـﻴـﻬـﻮﺩ‬

‫ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺃﻓﻜﺎﺭ‬ ‫ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬ ‫ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬

‫ﻓــــﺘـــــﻨـــــــﺔ ﺍﻟــــــــــﺴـــــــﺮﺍﺀ‬

‫ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻋﺼﺒﺔ ﺍﻷﻣﻢ ‪١٩١٩‬‬ ‫ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﻠﲈﲏ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ‪١٩٢٤‬‬

‫ﺳﺘﻬ‬

‫ﺍﻟﻔﻮﴇ ﺍﳋﻼﻗﺔ‬

‫* ﺑﺪﺀ ﲤﺰﻕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‬

‫ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﻌﺜﲈﻧﻴﺔ ﺍﳌﺪﻭﻧﻤﺔ‬ ‫ﺗﻔﻜﻴﻚ ﻋﺮ￯ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺜﲈﻧﻴﺔ ﻭﺇﻗﺤﺎﻣﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻠﻌﺒﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‬

‫ﺘﺎﺭ‬

‫ﻓــﺘـــﻨــــﺔ ﺍﻟــﺪﻫــﻴــﻤــﺎﺀ‬

‫* ﺿﻌﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‬

‫) ﺗﺮﻛﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﳌﺮﻳﺾ ‪ +‬ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﴩﻗﻴﺔ (‬

‫* ﺃﻃﲈﻉ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﰲ ﻓﻠﺴﻄﲔ‬

‫ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻳﻮﻟﻴﻮ ‪١٩١٦‬‬

‫ﻓــــﺘـــــﻨـــــــﺔ ﺍﻟــــــــــﺴـــــــﺮﺍﺀ‬

‫ﻭ ﺍﻟــﺒـﺮﺗـــﻐــﺎﱄ ﺛﻢ ﺍﻟــ‬ ‫ـﺒـــﺮﻳـــﻄـ‬ ‫ﻐـــﺰ‬ ‫ـﺎﻧــﻲ‬ ‫ﺍﻟــ‬ ‫ﺗـــــــــــﺪﺍﻋـــــــــﻲ ﺍﻷﻣـــــــــــــــﻢ‬

‫ﲢﺪﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ‬

‫ﻓــــﺘـــــﻨـــــــﺔ ﺍﻷﺣـــــــــــــــــــــــــــــﻼﺱ‬

‫ﺁﺧﺮ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺍﻟﻌﺜﲈﻧﻴﺔ‬

‫ـــﺜــــــــــﻮﺭﺓ ﺍﻟــــــﺼــــﻨــــﺎﻋـــ‬ ‫ـﻴــــﺔ‬ ‫ﺍﻟــ‬

‫ﻓــــﺘـــــﻨـــــــﺔ ﺍﻷﺣـــــــــــــــــــــــــــــﻼﺱ‬

‫ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻐﺜﺎﺋﻴﺔ‬


‫فتنة الدُّ َهيماء‬ ‫عالمة صغرى في‬ ‫مرحلة الغثاء‬

‫فِتنةُ الدُّهَ ِ‬ ‫يماء ‪ ..‬رمحلةُ الاستِهتا ِر‬

‫وتالز ِمهم�ا معا ف�ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�ب َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫تهيئة ك ٍُّل‬ ‫والس�ر ِاء‬ ‫األحالس‬ ‫مرحل�ة‬ ‫ت اإلش�ار ُة إل�ى‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫بمرحلة الدُّ ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ألخ�رى فيما ُع ِ‬ ‫ِمنه�ا لِ ُ‬ ‫أحاديث َمن ال‬ ‫يم�اء وهي كما ور َدت ف�ي‬ ‫ف‬ ‫�ر َ‬ ‫َ‬ ‫حديث (فِ ِ‬ ‫عن اله�وى ‪ِ ، ،‬‬ ‫األحالس وفِ ِ‬ ‫�ق ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وق�ال فيه ‪« :‬‏ ُث َّم‬ ‫الس�ر ِاء)‬ ‫تن‬ ‫تنة‬ ‫ومنها‬ ‫ينطِ ُ‬ ‫َّ‬ ‫‏‏فِتن� ُة‏‏ الدُّ ه ِ‬ ‫قي�ل انقط َعت تم�ا َدت » ‪ ... « ،‬لاَ َي ْب َقى َب ْي ٌت ِم� ْن‏‏ا ْل َع َر ِ‬ ‫يم�اء‪ ...‬ف�إذا َ‬ ‫ب‏‏‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرج ُ�ل فِيها ال يدري‬ ‫إِلاَّ َد َخ َلتْ� ُه‪ ، (((» ...‬وف�ي الفتن�ة الثالثة (الدُّ َهيم�اء) ‪ « :‬يقات ُل ُ‬

‫ت القضايا ُك ُّله�ا إلى قضايا َق ٍ‬ ‫�ل »((( ‪ ،‬وفِيها تحو َل ِ‬ ‫ح�ق ُيقاتِ ُل أم على باطِ ٍ‬ ‫ومية‬ ‫عل�ى ٍّ‬ ‫َّ‬ ‫تحول القضية‬ ‫الفلس�طينيين والصهاينة ‪ِ،‬‬ ‫حيث ص�ارت قضي َة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اإلسالمية إلى وعصبي�ة‪ ،‬ومنها «قضي ُة فلس�طي َن» ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ولة ِ‬ ‫وتجزئة د ِ‬ ‫ِ‬ ‫أطماع قومية ولم تعدْ قضي َة اإلسال ِم‪ ،‬وذلِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الفة رسم ًّيا حتَّى اليو ِم‪.‬‬ ‫م‬ ‫تقسي‬ ‫نذ‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫إقليمية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�غ َل ِ‬ ‫جدي�دة ُش ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ت البِال ُد العربي� َة بِ‬ ‫َ‬ ‫و ُم ُ‬ ‫التجزئة‬ ‫سياس�ات‬ ‫مناطقية‬ ‫خرائ�ط‬ ‫ن�ذ رس� ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واالنقالبات‬ ‫واإلقليم�ي‬ ‫دودي‬ ‫والح‬ ‫والص�را ِع‬ ‫السياس�ية ‪ ،‬كما ورد في‬ ‫ِّ‬ ‫الداخل�ي ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫إيمان ال‬ ‫س�طاط‬ ‫يزال�ون كذلِ َك حتَّى يصي�روا إلى ُفس�طا َطين ‪ُ :‬ف‬ ‫الحدي�ث ‪« :‬فلا‬

‫س�طاط نِ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫نِ َ‬ ‫فارص ِد الدَّ َّج َال اليو َم أو‬ ‫فاق ال‬ ‫ف�اق فيه ‪ ،‬و ُف‬ ‫إيمان فيه ‪ ،‬فإذا هما اجتم َع�ا ُ‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫قال في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بن م ِ‬ ‫(((‬ ‫ِ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ m‬أنَّه َ‬ ‫الثالثة‬ ‫تنة‬ ‫سل ٍم رف َعه إلى‬ ‫غده» ‪ ،‬وحديث الوليد ِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫حق ُيقاتِ ُل أم على باطِ ٍل » ((( ‪.‬‬ ‫الرج ُل فِيها ال يدري على ٍّ‬ ‫فتنة الدُّ َهيماء ‪ «:‬و ُيقات ُل ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتسمية ك ٍُّل ِمنهما لِ ُ‬ ‫ألخرى‪،‬‬ ‫وتالز ِمهما ‪،‬‬ ‫والسر ِاء‬ ‫األحالس‬ ‫مرحلة‬ ‫وكما هو في‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬

‫((( مسند أحمد (‪. )6312‬‬ ‫((( الفتن (‪)108‬‬

‫((( مسند أحمد (‪. )6312‬‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )108‬‬

‫‪244‬‬


‫ف�إن فِتن� َة الدُّ ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األحالس‬ ‫مرحل�ة‬ ‫ش�ترك في‬ ‫الم‬ ‫ثم�رات‬ ‫يم�اء هي ثم�ر ٌة ِمن‬ ‫َ‬ ‫العمل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بمرحل�ة االس�تِ ِ‬ ‫المرحل�ة ُج�زء ًا ِم َّما ُع ِ‬ ‫والس�ر ِاء ‪ُ ،‬‬ ‫عمار ُثم‬ ‫ف‬ ‫فتدخ ُ�ل ف�ي ه�ذه‬ ‫�ر َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ صراع القوتين‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫أفرزه الوطن العربي والعالم اإلسالمي ِمن التحو ِ‬ ‫االس�تِ ِ‬ ‫المنبثقة الشرق الشيوعي‬ ‫الت‬ ‫هتار‪ ،‬وهو ما َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫والغرب‬ ‫ِ‬ ‫اإللحادي ُّ‬ ‫يوعي ‪ ،‬وانقسا ِم العال ِم‬ ‫الرأسمالي والعال ِم‬ ‫عن ِصرا ِع الكُتلتَين العال ِم‬ ‫ِّ‬ ‫الش ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الرأسمالي‬ ‫ِ ِ‬ ‫رأس�مالي ُ‬ ‫الصرا ِع َبينَهما على المدى‬ ‫وش‬ ‫واإلسلامي إلى‬ ‫العربي‬ ‫�يوعي ‪ ،‬وامتداد ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االجتماعي�ة اقتصاد ًّيا وثقاف ًّيا وتربو ًّيا‬ ‫ُّركيبات‬ ‫الصرا ِع على الت‬ ‫الطوي�ل ‪،‬‬ ‫وتأثير هذا ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ومن ذلِ َك ما ر ِوي عن ِ‬ ‫وتعليميا وطبقيا ‪ِ ،‬‬ ‫بن ٍ‬ ‫عبدال َّل ِه ِ‬ ‫عمرو بِ َقولِه ‪َّ « :‬‬ ‫أشراط‬ ‫إن ِمن‬ ‫ُ َ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ِ‬ ‫األخيار و ُير َف َع‬ ‫وض َع‬ ‫األشرار ويسو َد القو َم ُمنافِقوهم »(((‪.‬‬ ‫الساعة أن ُي َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تحت‬ ‫اله�رج )‬ ‫ب�روز (‬ ‫المرحل�ة‬ ‫ه�ذه‬ ‫مظاه�ر‬ ‫وم�ن‬ ‫الجماعي بي� َن المس�لمي َن َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مبر ِ‬ ‫والطائفية‪ ،‬وفيها يقول ‪ « : m‬إِ ّن بي َن‬ ‫والعرقية‬ ‫والحزبية‬ ‫القومية‬ ‫السياس�ة‬ ‫رات‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫اله ْر ُج؟ قال ‪« :‬القتل»‪َ ،‬‬ ‫الس�اعة َل َه ْرج ًا » ‪َ ،‬‬ ‫فقال‬ ‫َيدَ ِي‬ ‫قال ‪ُ :‬‬ ‫قلت ‪ :‬يا رس�ول الله ما َ‬ ‫ِ‬ ‫رسول ِ‬ ‫الله‪ ..‬إنّا ُ‬ ‫َ‬ ‫الواحد من المشركي َن كذا‬ ‫نقتل اآلن في العا ِم‬ ‫بعض المسلمي َن ‪ :‬يا‬ ‫ُ‬ ‫وكذا ‪ ،‬فقال رسول الله ‪َ « :m‬ل ْي َس بِ َقت ِْل المشركي َن و َل ِك ْن َي ْقت ُ​ُل َب ْع ُضك ُْم َب ْعض ًا َحتّى‬

‫ُ‬ ‫َي ْقت َ‬ ‫عم�ه ذا َقرابتِه » ‪ ،‬فقال بعض القوم ‪ :‬يا رس�ول الله ومعنا‬ ‫ُ�ل‬ ‫جاره واب َن ِّ‬ ‫الرج�ل َ‬ ‫ِ‬ ‫عقو ُلنا ذلك اليوم ؟! فقال رسول الله ‪« :m‬ال‪ُ ..‬تن َْز ُع ُع ُق ُ‬ ‫الزمان‬ ‫ول َأ ْك َث ِر َأ ْه ِل ذلك‬ ‫ف َل ُه هبا ٌء ِم َن الن ِ‬ ‫ّاس ال ُع ُق َ‬ ‫ول َل ُه ْم»(((‪.‬‬ ‫و َي ْخ ُل ُ‬ ‫ولع�ل المقص�و َد م ْن قولِ�ه‪ « :‬ال ُع ُق َ‬ ‫َّ‬ ‫لهم ُي َم ِّي ُ�ز َب ْي َن َم ْع ِر َف ِة‬ ‫�م » أي ‪ :‬ال َو ْع َي ْ‬ ‫ول َل ُه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ينطبق على ُأ ْخري ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ونقض العل ِم‬ ‫العلماء‬ ‫قبض‬ ‫ات‬ ‫والباطل ‪ ،‬وهذا‬ ‫�ق‬ ‫ُ‬ ‫الح ِّ‬ ‫الزمان عندَ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعبادة‬ ‫الجهل‬ ‫و ُف ُش ِّو‬ ‫الدنيار والدره ِم‪.‬‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )663‬‬ ‫((( سنن ابن ماجه (‪.)3949‬‬

‫‪245‬‬


‫ِ‬ ‫المرحلة ‪ ،‬وزاد على‬ ‫وظهورها في هذه‬ ‫بروزها‬ ‫العالمات قد‬ ‫وهذه‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫وقعت وازدا َد ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫رس�ول الله ‪ m‬عن‬ ‫حديث حذيف َة قال ‪ُ :‬س ِ�ئ َل‬ ‫أخبر عن ُه ‪ m‬في‬ ‫َ‬ ‫اله ْر ِج ال َّتنَاك ُ​ُر كما َ‬ ‫ِ‬ ‫الس�اعة فقال‪( « :‬ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) ولك ْن ُأ ْخبِ ُرك ُْم بِ َم َش ِ‬ ‫اريطِها وما‬

‫يكون بين يدَ يها ‪ ،‬إِ ّن بين يدَ يها فتن ًة وهرج ًا » ‪ ،‬قالوا ‪ :‬يا رسول ِ‬ ‫الله الفتن ُة قد عر ْفناها‬ ‫َ َ َْ‬ ‫ُ َ َ َْ‬ ‫َْ‬ ‫�ان الحب َش ِ‬ ‫فالهرج ما هو ؟ قال ‪« :‬بِ ِلس ِ‬ ‫�ة ‪ :‬ال َقت ُْل ‪ ،‬و ُي ْل َقى َب ْي َن الن ِ‬ ‫التناكر فال يكا ُد‬ ‫َّاس‬ ‫َ​َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ظواهر المرحلة وما َت َف َّر َع عنها بعد ذلك في‬ ‫ف أحد ًا»‪ ،‬وهذه جمل ٌة من‬ ‫أحدٌ أن َي ْع ِر َ‬ ‫ِ‬ ‫حياة األ ّم ِة‪.‬‬

‫‪246‬‬


‫ِ‬ ‫البكماء الصم َّ ُاء’‬ ‫‘العمياء‬ ‫الرابعة‬ ‫تنة‬ ‫الف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‘رمحلةُ الاستثما ِر’ ‪‘ -‬الألفيَّةُ الثالثةُ’‬

‫(((‬

‫الفتنة الرابعة التي‬ ‫يؤول أمر األُ َّمة‬ ‫فِيها إلى الكافر‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الالحق ُة والمكمل ُة لِ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وه�ي ِ‬ ‫ف‬ ‫الفتن� ُة الرابِع ُة‬ ‫ُعر ُ‬ ‫لخطط االس�تعمارية الس�ابقة ‪ ،‬وت َ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫بِاالس�تِ ِ‬ ‫جريات التح�و ِ‬ ‫ِ‬ ‫النبو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األق�وال ِ‬ ‫الت ‪ ،‬وقد‬ ‫ي�ة و ُم‬ ‫والرب�ط َبي َن‬ ‫والمتابع�ة‬ ‫قراء‬ ‫ُّ‬ ‫تع�دد ِ‬ ‫ُ‬ ‫فص ٌ�ل ‪ ،‬ومن هذه‬ ‫جم ٌ�ل‬ ‫األحادي�ث المع ِّبر ُة عنه�ا ‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وبعضها ُم َّ‬ ‫َ‬ ‫وبعضها ُم َ‬ ‫ِ‬ ‫األحاديث ‪:‬‬

‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫(‪ )1‬عن أبي ُه َرير َة ؤِ قال‪َ :‬‬ ‫أربع فِت ٍَن‪،‬‬ ‫قال‬ ‫رسول ال َّله ‪ « : m‬تأتيكم من بعدي ُ‬ ‫ِ‬ ‫المطبِق ُة تعرك األُ َّمة فِيها بِ‬ ‫البلاء َ‬ ‫عرك األدي ِم ‪ ،‬حتَّى ُينكَر‬ ‫فالرابِع� ُة‬ ‫الصم�ا ُء العميا ُء ُ‬ ‫َّ‬ ‫المعروف ويعر ُ ِ‬ ‫تموت فِيها قلو ُبهم كما‬ ‫نكر ‪،‬‬ ‫فِيها‬ ‫تموت أبدانُهم»(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الم ُ‬ ‫ف فيها ُ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫((( ربطن�ا ه�ذه المرحل�ة بمس�مى « األلفي�ة الثالث�ة » بع�د االس�تقراء‬ ‫المتأني والمقارنة الموضوعية بين المراحل السابقة والمسماة في‬ ‫األحاديث بالدهيماء والس�راء واألحالس (عدا تصاعديا) ‪ ،‬وهي‬

‫المراح�ل الغثائي�ة ‪ ،‬وتبين أن ما عرف بأحداث الحادي عش�ر من‬ ‫أيل�ول س�بتمبر ‪2001‬م ‪ ،‬المتس�م بتحطيم برج�ي ‪ :‬مركز التجارة‬

‫الدول�ي رمز االقتص�اد ‪ ،‬والبنتاجون الرمز العس�كري ‪ .‬وما ترتب‬ ‫علي�ه م�ن تفاعالت وح�وادث وتغيرات ف�ي العالق�ات الدولية ‪،‬‬

‫وظهور الهيمنة االستبدادية « للقوى العالمية » ‪ ،‬واجتماعها لتنفيذ‬ ‫إرادته�ا عل�ى العالم بما فيه العالم العربي واإلسلامي ؛ يمثل إلى‬

‫ح�د ما ب�دء « مرحل�ة الفتنة الرابعة » المش�ار إليها ف�ي األحاديث‬

‫النبوية ‪ ،‬والله أعلم ‪ .‬‬

‫ ‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪)126‬‬

‫‪247‬‬

‫أحداث ‪11‬‬ ‫سبتمبر تمثل‬ ‫إلى حدٍّ ما بدء‬ ‫(مرحلة الفتنة‬ ‫الرابعة)‬


‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫حديث أبي ُه َرير َة َ‬ ‫ُ‬ ‫ينج‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪– m‬‬ ‫قال‬ ‫(‪)2‬‬ ‫وذكر الفتن َة الرابِع َة ‪ ،‬ولم ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‪،‬‬ ‫تقي‬ ‫عر ْ‬ ‫ظهر لم ُي َ‬ ‫خف�ي إذا َ‬ ‫ٌّ‬ ‫ش�رها إلاَّ َمن دعا كدُ عاء ال َغرق ‪ ،‬وأس�عدُ أهلها ٌّ‬ ‫من ِّ‬ ‫خطيب ِمص َق ٍع أو ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫وإن جلس لم يف َقدْ ؛ وأشقى ِ‬ ‫راك ِ‬ ‫أهلها ك ُُّل‬ ‫موض ٍع »((( ‪.‬‬ ‫ٍ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال َ‬ ‫(‪ )3‬وعن أبي ُه َرير َة ؤِ َ‬ ‫ور‬ ‫تمور َم َ‬ ‫‪:‬قال ‪ : m‬الفتن ُة الرابِع ُة عميا ُء ُمظلم ٌة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العرب والعج ِم إلاَّ م َ‬ ‫ألته ُذ اًّل َ‬ ‫تطيف بالشا ِم وتغشى‬ ‫وخو ًفا ‪،‬‬ ‫يت ِم َن‬ ‫ُ‬ ‫البحر ال يبقى َب ٌ‬ ‫راق وتخب ُط الجزير َة بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ور ِ‬ ‫يدها ِ‬ ‫ُ‬ ‫تعرك فِيها األُ َّم ُة فِيها َ‬ ‫الع َ‬ ‫جلها ‪،‬‬ ‫عرك األدي ِم ‪ ،‬ويش�تدُّ‬ ‫ُ‬ ‫يس�تطيع أحدٌ أن َ‬ ‫يقول ‪:‬‬ ‫المنك َُر ‪ ،‬ال‬ ‫فِيه�ا البال ُء حتَّى ُينك َ​َر فِيها‬ ‫عر ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫المعروف ‪ ،‬و ُي َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الرج ُل فِيها مؤمنًا ‪،‬‬ ‫�ح ُ‬ ‫َم� ْه َم� ْه ‪ .‬وال يرفعونها من ناحي�ة إلاَّ تف َّت َقت من ناحية ‪ ،‬يصبِ ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عشر‬ ‫الغريق في‬ ‫كدعاء‬ ‫كافرا ‪ ،‬وال ينجو ِمنها إلاَّ َمن دعا‬ ‫البحر ‪ ،‬تدو ُم اثنتَي َ‬ ‫و ُيمسي ً‬ ‫ٍ‬ ‫رات عن ٍ‬ ‫ذهب ؛ فيقتتِلون ع َليها ‪،‬‬ ‫جبل ِمن‬ ‫عا ًما تنجلي حي َن تنجلي وقد‬ ‫انحسر ال ُف ُ‬ ‫َ‬ ‫حتَّى تُقت َ​َل من ك ُِّل تِ ٍ‬ ‫سعة سبع ٌة »(((‪.‬‬

‫جبل الذهب‬ ‫واالقتتال عليه‬

‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫(‪ )4‬وعن أبي ُه َرير َة َ‬ ‫عشر عا ًما‪،‬‬ ‫قال‬ ‫رسول ال َّله ‪ « : m‬الفتن ُة الرابِع ُة ثماني َة َ‬ ‫جبل ِمن ٍ‬ ‫رات عن ٍ‬ ‫ُب ع َل ِيه األُ َّم ُة ف ُيقت َُل ع َليه ِمن‬ ‫ُث َّم تنجلي وقد‬ ‫انحسر ال ُف ُ‬ ‫ذهب ‪ ،‬تك ُّ‬ ‫َ‬ ‫ك ُِّل تِ ٍ‬ ‫سعة سبع ٌة »(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫عل�ي ؤ أنَّه َ‬ ‫والض�را ُء ‪ ،‬وفِتن ُة كذا ‪-‬‬ ‫الس�را ُء ‪،‬‬ ‫أربع ‪ :‬فِتن ُة‬ ‫وع�ن‬ ‫قال ‪ « :‬الفتَن ٌ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫فذك�ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫مع�د َن َّ‬ ‫�ح ال َّل ُه تعالى على‬ ‫�م‬ ‫النبي ‪ُ m‬يصل ُ‬ ‫يخرج ُ‬ ‫ُ‬ ‫رج ٌل من عترة ِّ‬ ‫هب – ُث َّ‬ ‫َ‬

‫أمرهم »((( ‪.‬‬ ‫يدَ يه َ‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪)367‬‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )130‬‬ ‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪)972‬‬ ‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪.)94‬‬

‫‪248‬‬


‫تن�ة الرابِ ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫عن ِ‬ ‫األحاديث المتنو ِ‬ ‫ِ‬ ‫وخالص� ُة ال َق ِ‬ ‫عة ِ‬ ‫ُ‬ ‫عة َقو ُله ‪:m‬‬ ‫ول فيما ور َد ِم� َن‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الحديث ي�دُ ُّل على ما نح ُن نش�هدُ ه ِم َن‬ ‫«تصي�رون فيه�ا إل�ى الكفر » (((‪ .‬ومفه�و ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الض ِ‬ ‫العربية‬ ‫الحياة‬ ‫واإلعالمية ‪ ...‬إلخ في‬ ‫واالجتماعية‬ ‫واالقتصادية‬ ‫السياسية‬ ‫غوط‬ ‫ُّ‬

‫مفهوم الحديث‪:‬‬ ‫يؤول أمر األُ َّمة‬ ‫إلى الكافر‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شتركة‬ ‫الم‬ ‫واالرتباك‬ ‫واإلسلامية ‪،‬‬ ‫المجتمعات المذكورة بالسياسات ُ‬ ‫الواضح في ُ‬

‫والتدخ ِ‬ ‫ُّ‬ ‫واإلعالمي‬ ‫والس�ياحي‬ ‫واالجتماعي‬ ‫والسياس�ي‬ ‫واالقتصادي‬ ‫الثقافي‬ ‫�ل‬ ‫‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫المرحل�ة ‪ ،‬حتَّى ربم�ا ِ‬ ‫ِ‬ ‫يص ُل في‬ ‫والعربي ف�ي‬ ‫اإلسلامي‬ ‫المف�روض عل�ى العال� ِم‬ ‫ُ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القرار ِعندَ ُمخالفتِهم ‪ ،‬و َغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫زو أراضيهم واس�تبدال‬ ‫حملة‬ ‫تهدي�د‬ ‫بع�ض أحوالِه إلى‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإثارة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفت َِن َ‬ ‫السياس�ات‬ ‫أصناف‬ ‫داخل ُمجتمعاتِهم ورعاياهم بِش�تَّى‬ ‫غيرهم بهم ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الغن�ى الم ِ‬ ‫يص ُ�ل إ َليهم ِمن ِ‬ ‫واألس�باب((( ‪ِ ،‬‬ ‫ومنه�ا ‪ :‬ما ِ‬ ‫ِ‬ ‫الثروات‬ ‫طغي ‪ ،‬وهو وج�و ُد‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلضافة إلى ال ُّط ِ‬ ‫�عوب ‪ ،‬بِ‬ ‫ِ‬ ‫الكثي�رة ‪ ،‬وتبديدُ ها فيما ال يعو ُد بنف ٍع لِ ُّ‬ ‫غيان‬ ‫لش‬ ‫السياس�ي‬ ‫ِّ‬

‫التدخل الكافر‬ ‫في سياسة‬ ‫اإلسالم ونقض‬ ‫العرى‬

‫والخدْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫واالقتصادي والعالمي واالجتماعي والثقافي الموج ِه لِلاِ ستِ ِ‬ ‫مات ‪.‬‬ ‫هالك‬ ‫ِّ ُ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المنس�ي‪ ،‬وهو ُ‬ ‫الذات�ي عد ُم‬ ‫االكتف�اء‬ ‫ت�رك‬ ‫وكذل�ك م�ا َي ِص ُ�ل إليهم ِم� َن‬ ‫ِّ‬ ‫الفق�ر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫االعتماد على ِ‬ ‫ِ‬ ‫واالش�تغال بِ‬ ‫ُ‬ ‫الوظائف والن ِ‬ ‫ُّزوح‬ ‫المحلية ‪،‬‬ ‫والزراعة‬ ‫اليدوية‬ ‫رف‬

‫الرغيد وهروب�ا ِمن م ِ‬ ‫ِ‬ ‫خدْ ِ‬ ‫األرياف إلى الم�دُ ِن طلبا لِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مات ال َع ِ‬ ‫األعمال‬ ‫عاناة‬ ‫يش‬ ‫ِم� َن‬ ‫ُ ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والزراعة ِ‬ ‫ِ‬ ‫البداوات بعدَ أن ته َّي َأت‬ ‫أجيال هذه‬ ‫وخاص ًة في‬ ‫وغيرها ‪،‬‬ ‫والرعي‬ ‫رفية‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحديثة ‪ ،‬وذهبوا لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لبحث ِ‬ ‫والعواص ِم‬ ‫المدُ ِن‬ ‫الدراسة‬ ‫أس�باب‬ ‫لهم‬ ‫ُ‬ ‫عن الوظائف في ُ‬

‫ُ‬ ‫‪ ،‬وف�ي ذلِ َ‬ ‫يق�ول‪َ « :‬ل ْن َتنْ َفكُّوا بِ َخ ْي ٍر‬ ‫�ك روى عبدالله بن عمرو ‪ c‬أنه ‪ m‬كان‬ ‫ِ‬ ‫ما اس� َت ْغنَى ُ‬ ‫َات‬ ‫والس�ن ُ‬ ‫أهل َبدْ ِوك ُْم عن َأ ْه ِل َح َض ِرك ُْم»‪ ،‬قال‪َ :‬‬ ‫الس�ني ُن ِّ‬ ‫«و َلت َُس�و َقن َُّه ُم ِّ‬ ‫َحتّى َيكُونُوا َم َعك ُْم في الدِّ َي ِ‬ ‫ار‪ ،‬وال ت ُْمنَ ُعوا ِمن ُْه ْم لِ َك ْث َر ِة َم ْن َي ْس�ت ُ​ُر َع َل ْيك ُ​ُم ِمن ُْه ْم‪ ،‬قال‪:‬‬

‫((( «الفتن» لنعيم بن حماد (‪. )51‬‬

‫((( وهي ما يطلق عليه اليوم بالفوضى الخالقة من وجهة نظر العولمة ‪.‬‬

‫‪249‬‬

‫ظاهرة الهجرة‬ ‫إلى العواصم‬ ‫وترك العمل‬ ‫الحرفي الزراعي‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫« َي ُقو ُل َ‬ ‫اسونَا ال َيو َم » (((‪.‬‬ ‫ون‪َ :‬طا َل َما ُج ْعنَا َو َشبِ ْعت ُْم‪َ ،‬و َطا َل َما َشقينَا َونَع ْمت ُْم‪َ ،‬ف َو ُ‬

‫تن�ة الرابِ ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫المف�روض على األُم ِة في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وم� َن ِ‬ ‫ِ‬ ‫األس�عار في‬ ‫عة زياد ُة‬ ‫المنس�ي‬ ‫َّ‬ ‫الفقر ُ‬ ‫الغالء في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لق ونِسيانِ‬ ‫زيادة ال َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األسعار ٌ‬ ‫قلق المواد الغذائية والوقود وغيرها َبي َن الحين واآلخر م َّما ُيسهم في‬ ‫مس َّي ٌس من‬ ‫نازعة واالختِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تدخالت الكافر الت�وك ِ‬ ‫الف‬ ‫والم‬ ‫ُّل على ال َّله واالنصراف عن ذكره تعالى إل�ى الصرا ِع ُ‬ ‫اليمن ِ‬ ‫واألفغان والس ِ‬ ‫ِ‬ ‫وش ِ‬ ‫والع ِ‬ ‫والص ِ‬ ‫في األُ َّمة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫حصل ُ‬ ‫وهدَ في‬ ‫الهالِ ِك ‪ ،‬كما قد‬ ‫ودان‬ ‫ومال‬ ‫راق ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫وغيرها ‪.‬‬ ‫تنة الرابِ ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪( m‬حال َة األُم ِة في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫أسباب‬ ‫كشف عن‬ ‫عة) فقد‬ ‫أسباب االنحدار وكما حدَّ َد‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫الشرعي في الفتنة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االنح ِ‬ ‫الشرعية بِ َقولِه ‪:‬‬ ‫الناحية‬ ‫دار ِم َن‬ ‫الرابعة‬ ‫كثرة القراء وقلة‬ ‫الفقهاء‬

‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ •« سيأتي على ُأ َّمتي ٌ‬ ‫الم‬ ‫جردة‪،‬‬ ‫زمان َيك ُث ُر فيه ال ُق َّرا ُء » أي ‪ :‬حمل ُة المعرفة القرائية ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المقبوضة ‪ ،‬وبمعنى ٍ‬ ‫الئق ‪:‬‬ ‫والمناه ِج‬ ‫الصحافة‬ ‫َب لهم في‬ ‫الم�ر ِّددون ما ُيكت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المتناق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القائمة فِيها ‪.‬‬ ‫الحائرة‬ ‫واألنظمة‬ ‫ضة‬ ‫المرحلة‬ ‫العاكسين سياس َة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫ويق ُّ�ل فِيه�ا الفقهاء » أي ‪ :‬حمل ُة ِ‬ ‫ •« ِ‬ ‫الديانة‬ ‫ودقائقه ‪ ،‬والمقصو ُد فِق ُه‬ ‫قه بِمعاني�ه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكافة و ِ‬ ‫واإلعالمية‪.‬‬ ‫والتعليمية‬ ‫والتربوية‬ ‫والثقافية‬ ‫واالقتصادية‬ ‫الشرعية‬ ‫جوهها‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫لم » ‪ ،‬وسيأتي في الفصل التالي‪ :‬العالمات الصغرى‪.‬‬ ‫ •« و ُيق َب ُض الع ُ‬

‫كثرة االقتتال‬ ‫والصراع الدموي‬

‫ِ‬ ‫القتل واالقتِ ُ‬ ‫اله ْر ُج » وه�و ُ‬ ‫الحديث ‪ :‬قا ُلوا ‪ :‬وما‬ ‫تال ‪ ،‬كما ور َد ف�ي‬ ‫ •« ويك ُث ُ�ر َ‬ ‫ق�ال ‪ُ « :‬‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ؟ َ‬ ‫َ‬ ‫�ك ٌ‬ ‫�م يأتي بعدَ ذلِ َ‬ ‫زمان يقر ُأ‬ ‫اله ْ�ر ُج ي�ا‬ ‫َ‬ ‫القتل َبينَكم ‪ُ ،‬ث َّ‬ ‫زمان ي ِ‬ ‫جال ِم�ن ُأ َّمتي ال ُي ِ‬ ‫�رآن ِر ٌ‬ ‫ال ُق َ‬ ‫ج�او ُز تراق َيهم ‪ُ ،‬ث َّم يأتي بعدَ ذلِ َ‬ ‫جاد ُل‬ ‫�ك ٌ ُ‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪ ،)657‬والحاكم في المستدرك (‪. )8548‬‬

‫‪250‬‬


‫�ه الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫والم ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ؤم� َن ف�ي ِم ِ‬ ‫ُ‬ ‫الكافر‬ ‫ش�ر ُك بِال َّل ِه ه�و‬ ‫ثل ما‬ ‫ُ‬ ‫يق�ول » ‪ُ .‬‬ ‫ش�ر ُك بِال َّل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمجادلة‪ ،‬وم�ن معانيه‬ ‫األوث�ان‬ ‫وأه�ل‬ ‫اليه�ود والنص�ارى‬ ‫األصل�ي ِم� َن‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫«مؤتم�رات ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫واإلعالمية‬ ‫واالقتصادية‬ ‫الثقافي�ة‬ ‫الحضاري والمصالِ ِح‬ ‫وار‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬

‫مؤتمرات الحوار‬ ‫واالستثمار‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العمل‬ ‫تقاس� ِم‬ ‫المش�تركة المخالف�ة لمناه�ج الش�ريعة‪ ،‬والتي تش�تم ُل على ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلنس�ان وما ش�اك َلها ‪،‬‬ ‫قوق‬ ‫المش�ترك في‬ ‫المبادئ ‪ :‬المس�اواة والعدالة ُ‬ ‫برامج الع ِ‬ ‫أساس تطوي ِع العالمين العربي واإلسالمي لِ‬ ‫ِ‬ ‫ولمة ‪ ،‬وقد كانَت‬ ‫على‬ ‫ِ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬

‫المباد ُئ ُلغ َة اإلسلا ِم فق�ط ‪ ،‬وأما ال ُك َّفار ِ‬ ‫ِ‬ ‫فقد انعد َم�ت بِك ِ‬ ‫ُفرهم معاني‬ ‫ه�ذه‬ ‫ُ‬ ‫وف ِمن ِ‬ ‫والخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الثواب َ‬ ‫وبقي لهم‬ ‫طل�ب‬ ‫القائمة على‬ ‫الصحيحة‬ ‫القي� ِم‬ ‫َ‬ ‫قاب َ‬ ‫ولكن ِ‬ ‫الوجه الرس�مي مصالِح سياس�ي ٌة واستِعماري ٌة واس�تِثماري ٌة ؛ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفتن َة‬ ‫في‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫م�ع ال ُك َّف ِ‬ ‫ار لِما‬ ‫العربي‬ ‫العالم‬ ‫الرابِع� َة تُجبِ ُر‬ ‫تقاس� ِم الرؤية َ‬ ‫واإلسلامي على ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬

‫العدالة من‬ ‫مبادئ اإلسالم‬ ‫وال عالقة للكفر‬ ‫بذلك‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وصل إ َليه الم ِ‬ ‫الجهل بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االعتبارية‬ ‫الدين و ُأ ُس ِسه‬ ‫الغثاء ِم َن‬ ‫مراحل‬ ‫سلمون في‬ ‫ُ‬ ‫بعض ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫العالقة بِ َ‬ ‫آيات‬ ‫تدريس‬ ‫س�لمين ع�ن‬ ‫اآلخ ِر ‪ ،‬حتَّى‬ ‫ف�ي‬ ‫يتنازل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُحذ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�رآن الخاص ِ‬ ‫ال ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫اليهود والنص�ارى ‪ ،‬وت َ‬ ‫بالتعني�ف على‬ ‫�ة‬ ‫ن المناه ِج ظاهرة التخلي‬ ‫ف م� َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ عن تفسير اآليات‬ ‫ِ‬ ‫التعليمية إرضا ًء لل ُك َّف ِ‬ ‫ار واس�تِجاب ًة لِ َهيمنتِهم و ُمجادلتِهم وشراكتِ ِه ُم الثقافية‬ ‫ِ ِ‬ ‫القرآنية لما فيها‬ ‫من إدانة للكفار‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإلعالمية ‪.‬‬ ‫واالقتصادية‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوقت ال�ذي َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف�ي ِ‬ ‫عالمنا‬ ‫نفس‬ ‫المعادي ُة لإلسلا ِم وثقافته َ‬ ‫غزت الثقاف ُة األجنبي� ُة ُ‬ ‫خطر الثقافات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العربي‬ ‫الق�رار‬ ‫المت َِنفذ ُة في‬ ‫واإلسلامي ِم�ن ك ُِّل ِجهاتِه ‪،‬‬ ‫العرب�ي‬ ‫ِّ‬ ‫تم�ار ُس ال ُق�وى ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الغازية على‬ ‫واإلسلامي ُضغو َطها الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫التركيب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والسن َِّة بما هي فيه ِم َن‬ ‫لترويض ُش‬ ‫ستم َّرة ؛‬ ‫�عوب ال ُقرآن ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬

‫ال ُغ ِ‬ ‫عجال االرتِ ِ‬ ‫الغازية واس�تِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المس�يس على َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫باط بها ‪ ،‬وتبنِّيها‬ ‫الثقافات‬ ‫بول هذه‬ ‫ثاء‬ ‫وغيرها ف�ي ك ُِّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحديث�ة والتعلي ِم ِ‬ ‫موق ٍع‬ ‫والتربية‬ ‫الثقافة واإلعلا ِم‬ ‫مؤسس�ات‬ ‫ف�ي‬ ‫((( المعجم األوسط للطبراني (‪. )3277‬‬

‫‪251‬‬

‫اإلسالمي الموجه‬


‫�رب والب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويناس�ب م ِ‬ ‫ِ‬ ‫عد»‬ ‫المحل�ي‬ ‫وق َعه‬ ‫ق�رارا ُغثائ ًّيا بِما ُيناس� ُبه‬ ‫واإلقليمي م َن «ال ُق ِ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ً‬ ‫رب والب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عد ِ‬ ‫عن اإلسلا ِم ذاتِ�ه» ‪ ،‬وهذا ما ع َّب َر عنه‬ ‫ف�ي السياس�ة الكافرة ‪ ،‬و َبي َن «ال ُق ِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تمس َ‬ ‫الناس بالتي تليها ‪ . (((» ...‬فكم من‬ ‫�ك ُ‬ ‫النبي ‪ m‬بِ َقوله ‪ُ « :‬ك َّلما نُق َضت ُعرو ٌة َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫والثقافة ِ‬ ‫ِ‬ ‫السياسة واالقتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُع ٍ‬ ‫والف ِ‬ ‫والتربية‬ ‫كر‬ ‫صاد‬ ‫روة ِمن ُعرى اإلسال ِم قد ن ُِق َضت في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫والتعلي ِم واإلعال ِم ‪ ،‬ومس�مى ُح ِ‬ ‫اإلنس�ان ‪ ،‬وما تاله ويتلوه ِمن‬ ‫قوق‬ ‫قوق المرأة ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األوطان‬ ‫وساق في‬ ‫والتش�ويه القائ ِم على قد ٍم‬ ‫والتحريف‬ ‫والقبض‬ ‫النقض‬ ‫سياس�ة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ (((‬ ‫المنكوبة ؟! فال َح َ‬ ‫المغلوبة‬ ‫العلي العظي ِم ‪.‬‬ ‫ول وال ُق َّو َة إلاَّ بِال َّل ِه‬ ‫جتمعات‬ ‫والم‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫((( مسند أحمد (‪.)21139‬‬

‫((( وم�ن أخطر ما تعيش�ه األمة اليوم من سياس�ة القبض والنقض والتطبي�ع والتطويع « مؤامرة‬ ‫الخيان�ة ف�ي قضي�ة الق�دس والمقاوم�ة اإلسلامية ف�ي فلس�طين ضد الع�دو المحت�ل » ‪،‬‬

‫وه�ي إح�دى قضايانا اإلسلامية الملحة ‪ ،‬وقد وصل�ت إلى ما وصلت إليه م�ن (المؤامرة‬ ‫المش�تركة) متدرجة من عصر هرتزل وما جاء بعده من مؤتمرات واختالالت سياس�ية إلى‬

‫عصرن�ا الحاض�ر ‪ ،‬وقد صارت في�ه القضية على وش�ك التطبيع محليا وإقليمي�ا وعالميا ‪،‬‬ ‫م�ع تظاف�ر القوى العربية وبعض المنظم�ات والحكومات اإلسلامية والعالمية على تنفيذ‬ ‫المخط�ط اليه�ودي بأس�لوب أو بآخر ؛ ولكن�ا إذا تمعنا ف�ي العمل الش�عبي المتنامي نجد‬

‫األنفاس اإلسالمية الحقيقية قائمة بدورها الجهادي ونشاطها الريادي وفق مراد الله ومراد‬ ‫رس�وله ‪ ،m‬ومن ذلك صمود الش�عب الفلس�طيني وبع�ض منظماته الجهادي�ة ‪ ،‬وصمود‬ ‫بعض الشخصيات المتنفذة سوا ًء في الحكم أو العلم أو المال أو اإلصالح الشعبي إلعطاء‬

‫القضية بعدا إسلاميا جهاديا مس�تمرا ‪ ،‬ومن هؤالء جملة من الش�خصيات اإلسالمية وغير‬

‫اإلسلامية ـ من واقع التعاطف مع الحق ـ الداعية إلى الوقوف مع الش�عب الفلس�طيني في‬

‫قضيته العادلة ‪ ،‬وربما كان من آخر محاوالتهم الجادة التي يحس�ن ذكرها وإثباتها كنموذج‬

‫إسالمي واعد عمل « المؤتمر الشعبي العالمي لنصرة فلسطين » وشعاره « نحو نصرة دائمة‬ ‫لفلس�طين » ‪ ،‬ومن أهم ما حمله أعضاء هذا المؤتمر في المرحلة الوقوف الش�عبي إليقاف‬ ‫المؤامرة على نماذجها الثالثة ‪ :‬تهويد القدس ‪ ،‬مسألة العودة لالجئين ‪ ،‬يهودية الدولة ‪.‬‬ ‫كما جعلوا مفهوم النصرة يقوم على معالجة ثالثة أمور ‪:‬‬

‫‪252‬‬


‫الغثائيةِ‬ ‫ملاحظة ٌ على ِ‬ ‫هام ِش المرحلةِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للر ِ‬ ‫َّ�ب على هذه‬ ‫أركان‬ ‫ك�ن الرابِ ِع ِم�ن‬ ‫الدين ‪ ،‬وما يترت ُ‬ ‫تُؤ ِّكدُ الدراس� ُة الش�رعي ُة ُّ‬ ‫مرحل�ة ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الق�رار أو الم ِ‬ ‫مس�ألة امتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫طالبة بِ�ه ِخ َ‬ ‫ثاء‬ ‫الل‬ ‫الك‬ ‫النظ�ر في‬ ‫الدراس�ة ِم� َن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�ريفة ؛ َّ‬ ‫الش�رعي عد ُم‬ ‫ب‬ ‫أن‬ ‫األحادي�ث‬ ‫المنص�وص ع َليها ف�ي‬ ‫والوه�ن‬ ‫الواج َ‬ ‫َّ‬

‫أو الم ِ‬ ‫س�بيل امتِ ِ‬ ‫الق بِالم ِ‬ ‫االنز ِ‬ ‫طالبة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫طالبة بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫زئي‬ ‫لاك‬ ‫الحرب في‬ ‫أو‬ ‫القرار ُ‬ ‫الج ِّ‬ ‫القرار ِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫آلل الب ِ‬ ‫اإلقليمي ِ‬ ‫أي ُم ِّبر ٍر َ‬ ‫النبوي‬ ‫يت‬ ‫أو‬ ‫كان ‪ ،‬بل ال ُ‬ ‫المحلي َ‬ ‫ِّ‬ ‫يليق بِ َمن ينتمي ِ َ‬ ‫تحت ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫كو ٍ‬ ‫أو من ينتمي لِإلسلا ِم بع ِ‬ ‫ِ‬ ‫القرار أو َيرون جدارتِهم له ِ‬ ‫َ‬ ‫راثة‬ ‫يرغبون في‬ ‫مومه ممن‬ ‫ُ‬ ‫�روب ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اس�تحقاق أو َغ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وصرا ٍع ِمن ِ‬ ‫أجل‬ ‫ي�ر ذلِ َك أن ُيز ُّج�وا بِاألُ َّم ِة والرعايا في ُح‬ ‫أو‬ ‫ذلِ َك لأِ‬ ‫ٍ‬ ‫سباب ِمنها ‪:‬‬

‫األو ُل ‪ :‬استمرار المقاومة ودعمها بكافة األشكال واإلمكانات الممكنة ‪.‬‬ ‫َّ‬

‫الثان�ي ‪ :‬العمل عل�ى المصالحة الوطنية بين الفصائل لصيان�ة الحق والعمل على نصرته‬

‫وليس التضحية به ‪.‬‬

‫ُ‬ ‫الثالث ‪ :‬رفض مش�اريع الوس�اطة العربية والدولية الداعية إلى التطبيع المخل بالش�رف‬

‫واألرض مع العدو المحتل ‪.‬‬

‫ويتحقق نجاح هذه المطالب ‪:‬‬

‫‪ -1‬بحشد الطاقات العربية واإلسالمية لترجيح كفة القضية وتحويلها من قضية فلسطينية‬

‫إلى قضية عربية إسالمية ‪.‬‬

‫‪ -2‬شد أزر المقاومة بجمع كلمة الفصائل داخل األرض المحتلة ‪ ،‬وتوحيد استيراتيجيات‬

‫العمل الجهادي ‪ ،‬سواء بأسلوب المطالبة الشرعية القائمة على العدل واإلنصاف أو الجهاد‬ ‫والمقاومة القادرين على فرض فكرة الحقوق وعودتها ‪.‬‬

‫‪ -3‬العم�ل عل�ى توحي�د الكلم�ة وإحي�اء معاني التوحي�د ‪ ،‬وه�و إحياء أس�اس العالقة‬

‫اإلسلامية بين األم�ة وبناء وحدته�ا اإليمانية على القواس�م المش�تركة (ﮭ ﮮ‬

‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [البقرة‪]208:‬‬

‫‪.‬‬

‫‪253‬‬

‫دراسة الركن‬ ‫الرابع تمنع الزج‬ ‫بالشعوب في‬ ‫سبيل المطالبة‬ ‫بالقرار‬


‫أن مرحل َة ال ُغ ِ‬ ‫والوهن ينقطِع فِيها الحكم الشرعي العام القائم على ِح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ • َّ‬ ‫فظ‬ ‫ثاء‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫كم‬ ‫ُهو َّية اإلسلا ِم ف�ي مجمو ِع العال ِم كوحدة سياس�ية واح�دة ‪ ،‬ويبقى ُ‬ ‫الح ُ‬ ‫مير ‪ ،‬أي ‪ :‬األطما ِع والصرا ِع على الس ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫لطة‬ ‫ِّ‬ ‫النبي ‪ m‬بِتكا ُد ِم َ‬ ‫ُّ‬ ‫الذي وص َفه ُّ‬ ‫وامتِ ِ‬ ‫الكها ‪.‬‬

‫أن الق�رار العالم�ي ليس بِ ِ‬ ‫يد الم ِ‬ ‫ • َّ‬ ‫س�لمين ُحكا ًما ُ‬ ‫وش�عو ًبا ‪ ،‬وإنَّم�ا لِك ٍُّل ِمنهم‬ ‫َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫عالمي كافِ ٍر ينطوي فيه ِ‬ ‫ويلتز ُم بِقراراتِه‬ ‫سقف‬ ‫تحت‬ ‫وسلطتُه‬ ‫الخاص ُة َ‬ ‫َّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ُحدو ُده ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِّزاعات وشكوى االعتِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫داءات‬ ‫لفض الن‬ ‫والحرب ‪ ،‬بل‬ ‫الس�ل ِم‬ ‫ويلتجئ إ َليه ِّ‬ ‫ُ‬ ‫في ِّ‬

‫ِ‬ ‫تح ِ‬ ‫كاألُم� ِم الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومجل ِ‬ ‫االقتصاد والنظا ِم‬ ‫وغيرها ‪ .‬و َي ْت َب ُع ُه ُك ِّل َّي ًة في‬ ‫س‬ ‫دة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫المالي‪.‬‬ ‫ّ‬

‫عائلي�ة ‪ٍ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫قبلية » أو ِ‬ ‫ • َّ‬ ‫غيرها‬ ‫مذهبية ‪،‬‬ ‫اعتبارات «‬ ‫تحت‬ ‫الحك� ِم َ‬ ‫المطالبي�ن بِ ُ‬ ‫أن ُ‬ ‫ِ‬ ‫كم ِ‬ ‫الحرب في ِ‬ ‫الحك ِم ِ‬ ‫سبيله » أو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِ‬ ‫ممن‬ ‫أو‬ ‫طالبة «‬ ‫أهل ال َبيت بِ ُ‬ ‫غيرهم ـ َ‬ ‫ُ‬ ‫�لطان لآِ ِ‬ ‫بائهم ـ ع َليه�م أن يعلموا َّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫الحك ِم‬ ‫وس‬ ‫أن ال َع�ود َة إلى ُ‬ ‫كان له�م مجدٌ ُ‬ ‫الفة المرتبِ ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫الش�رعي يش�تر ُط فيه «الحكم اإلسلامي العام في مفهو ِم ِ‬ ‫طة‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِّ ُ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يكون أحدُ هم ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬ ‫َ‬ ‫قاطعة‬ ‫مدينة أو ُم‬ ‫حاك ًما على‬ ‫اإلسالمي العا ِّم» ‪ .‬أما أن‬ ‫القرار‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ولك�ن قراره االقتِ‬ ‫ول�ة ‪ِ ،‬‬ ‫أو د ٍ‬ ‫الثقافة‬ ‫واإلعالمي ُج�ز ٌء ِم َن‬ ‫والسياس�ي‬ ‫صادي‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هدف اإلسلا ِم‬ ‫أمر ال يخدُ ُم‬ ‫َ‬ ‫ُس�مى ؛ فه�و ٌ‬ ‫العالمي�ة والسياس�ة الدَّ ولية كما ت َّ‬ ‫وقضية االصطِ ِ‬ ‫أهل الب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فاء ِ‬ ‫الحك ِم ‪ .‬بل على ِ‬ ‫يت‬ ‫مثل هذا ـ من ِ َ‬ ‫أو األحق َّي َة في ُ‬ ‫ِ‬ ‫أو ِم�ن ِ‬ ‫َ‬ ‫ويحفظ ِدما َء‬ ‫ماحكات السياس�ي َة المش�بوه َة‬ ‫الم‬ ‫غيرهم ـ أن‬ ‫َ‬ ‫يتجنب ُ‬ ‫الرعايا واألُم ِة ‪ ،‬ويعيدَ النظر فيما هو مطلوب منه ش�ر ًعا لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االس�تقرار‬ ‫تحقيق‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬

‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الشعوب كما َ‬ ‫إشغال‬ ‫وعلي زي ُن العابدين ء ‪ ،‬وليس‬ ‫فعل الحس ُن‬ ‫في‬ ‫ٌّ‬ ‫وامتالك الحك ِم ‪ ،‬مع أنَّه ال يترتَّب ع َليه أي ن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ُصرة لِإلسال ِم‬ ‫�عوب بِعودتِه‬ ‫الش‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫‪254‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لج ِ‬ ‫ِ‬ ‫وال لِ‬ ‫لدعوة وال لِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫العالمية‬ ‫السياسة‬ ‫قوف‬ ‫هاد في‬ ‫سبيل ال َّل ِه إلاَّ بما يوافِ ُق ُس َ‬ ‫يم ِنة ‪ ،‬التي تبدَ ُأ بادئ ذي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ش�رط االعتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫المه ِ‬ ‫�راف بِه وبِ‬ ‫بدء بِ‬ ‫وجوده‪ُ ،‬ث َّم بِ َقبولِه‬ ‫َُ‬ ‫والقوانين الدَّ ِ‬ ‫لز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫مة لِلنِّظا ِم بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولية التي‬ ‫اللوائح‬ ‫ُع ً‬ ‫ض�وا في المنظومة الدَّ ولية ُ‬ ‫ال ِعالق َة لها بِاإلسال ِم وال بِالم ِ‬ ‫سل ِم‪.‬‬ ‫ُ‬

‫مرحلة ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول واألنظِ ِ‬ ‫أن كا َّف َة الدُّ ِ‬ ‫ • َّ‬ ‫ثاء إنَّما هي قائم ٌة‬ ‫وظهر ْت في‬ ‫برز ْت‬ ‫مة التي َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫في مش�روعيتِها على اعتِ ِ‬ ‫راف ال�دُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ق�رار (الفيتو)‪ ،‬والدُّ ُ‬ ‫ول‬ ‫مالكة‬ ‫ول الكُبرى‬

‫الكُب�رى ال ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫تكون إسلاميتُه وفق ما‬ ‫صحي�ح ‪ ،‬إلاَّ أن‬ ‫إسلامي‬ ‫ف بِنظا ٍم‬ ‫تعتر ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُيرضي الدُّ َ‬ ‫السياسي ‪.‬‬ ‫القرار‬ ‫المتنفذة في‬ ‫ول‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الربوي وحرك َة‬ ‫المالي‬ ‫االقتصاد العالم َّي َة والنظا َم‬ ‫وف�وق ك ُِّل ذلك فإن َح َر َك َة‬ ‫ •‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مش�روعية‬ ‫الس�قف المهيم ُن على‬ ‫العملات لكاف�ة دول العالم ه�ي‬ ‫س�وق‬ ‫ُ‬ ‫الدُّ و ِل ومدَ ى ِ‬ ‫بقائها منذ نشأتِها وحتّى سقوطِها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫�روط التي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعلى هذه ُّ‬ ‫الدين‬ ‫أركان‬ ‫والرك ُن الرابِ ُع ِمن‬ ‫يكش ُفها فق ُه‬ ‫الش‬ ‫ُّ‬ ‫التحوالت ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت�ال ِمن ِ‬ ‫الموت دونَ�ه أو الدفع بِالرعايا للاِ قتِ ِ‬ ‫الق�رار ِ‬ ‫ِ‬ ‫أو‬ ‫امتالك‬ ‫ُصب�ح مس�أل ُة‬ ‫ت‬ ‫أجله‬ ‫ُ‬ ‫يت أن ُف ِسهم ‪ ،‬وإنَّما ترتبِ ُط بِ ِق ِ‬ ‫آل الب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُصوص‬ ‫راءة ن‬ ‫الحكَّا ِم وال حتَّى بِ ِ َ‬ ‫مس�أل ًة ال ترتبِ ُط بِ ُ‬ ‫فقه التحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشرعي ‪.‬‬ ‫الت‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬

‫فالنُّصوص الش�رعي ُة طعنَت في الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫وحكَّا ُمه‬ ‫العضوض ـ وهو نِظا ٌم‬ ‫لك‬ ‫إسلامي ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫عصر ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ريش ـ ل ُف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمن ُق ٍ‬ ‫بعض ُّ‬ ‫ثاء‬ ‫والمراح ِل ‪ .‬وكذلِ َك في‬ ‫الحكَّا ِم‬ ‫قدان‬ ‫الشروط في ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫نفس ُه أو رعايا ُه ِمن‬ ‫حال ِم َن‬ ‫األحوال أن ُي ْه ِل َك ٌ‬ ‫والوهن كمرحلة ال ُيمك ُن بِ ِّ‬ ‫امرؤ َ‬ ‫ثبت شر ًعا أنَّه ال يعود على اإلسال ِم بِ ٍ‬ ‫أجل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫عائد ُيؤ َب ُه له ‪.‬‬ ‫قرار َ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ب بِ‬ ‫َّ‬ ‫الوظيفة أن يجع َلها‬ ‫المطال ُ‬ ‫إن اإلسلا َم قضي ٌة ‪ُ ،‬‬ ‫ك�م وظيف ٌة ‪ ،‬فإن تم َّك َن ُ‬ ‫والح َ‬ ‫‪255‬‬


‫ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫ف�إن التزامه بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف�ي ِخ ِ‬ ‫القضية َ‬ ‫فذاك ‪ ،‬وإلاَّ‬ ‫َّ‬ ‫القضية ِمن حي ُثما وض َعه ال َّل ُه في‬ ‫دمة‬ ‫دمة‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كفيل بِ‬ ‫االجتماعية ٌ‬ ‫ِ‬ ‫الشرعية ‪.‬‬ ‫إنجاح وظيفتِه‬ ‫الحياة‬

‫‪256‬‬


‫الركن الثاني ِ‬ ‫ِ‬ ‫العلم المطل َ ُق باِ‬ ‫الصرغى‬ ‫لعلامات ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬

‫قب�ل ِم ِ‬ ‫العالم�ات التي أخبر ع�ن و ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوعها ‪َ m‬‬ ‫يلاده ‪ m‬إلى قيا ِم‬ ‫جم ُ�ل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وه�ي ُم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إثم وال‬ ‫المط َل ُ‬ ‫الس�اعة ‪ ،‬وه�ي كثي�ر ٌة و ُم ِّ‬ ‫�ق » أي ‪ :‬الذي ال َ‬ ‫لم ُ‬ ‫تنوع ٌة ‪ ،‬و َقو ُلن�ا ‪ « :‬الع ُ‬ ‫ِ‬ ‫الل ِق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويمك ُن اإللمام بِها ِمن ِخ ِ‬ ‫راءة ُكت ِ‬ ‫عالمات‬ ‫ُب‬ ‫يعلم تفصي َلها ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تبِع َة على َمن لم ْ‬ ‫الس�اعة ‪ ،‬وقد ذكرنا كثيرا ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف» ‪ ،‬وقد بد ْأنا ُهنا‬ ‫والطار ُ‬ ‫نماذ ِجها ف�ي كتابِنا «التليدُ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫بِ ِذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�ار‬ ‫عواملها وأس�بابِها في ك ُِّل‬ ‫تكر ِر‬ ‫المراحل ُ‬ ‫تتكر ُر بِ ُّ‬ ‫كر هذه العالمات التي َّ‬ ‫إ َليها سل ًفا ‪ِ ،‬‬ ‫ومنها ‪:‬‬

‫إمارةُ الصبيا ِن‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن َعلاَ م ِ‬ ‫الساعة الص ْغرى إِمار ُة الصبي ِ‬ ‫ان‪ ،‬وهي َت َق ُّلدُ ِص ِ‬ ‫األحداث‬ ‫الس ِّن‬ ‫ات‬ ‫ُّ َ َ َ ِّ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫غار ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّب‬ ‫الس� ِّن‬ ‫وجليل المعرفة ‪ ،‬لما يترت ُ‬ ‫َ‬ ‫المناص�ب الكبي�ر َة التي ال يص ُل ُح لها إلاَّ حاذ ُق ِّ‬ ‫�ون للحر ِ‬ ‫ِ‬ ‫وحف�ظ لِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ألمانة وص ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ور ٍ‬ ‫م�ات ِ‬ ‫فق‬ ‫راقب�ة ل َّل ِه‬ ‫والمعرف�ة ِمن ُم‬ ‫الح�ذق‬ ‫عل�ى‬ ‫َ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫هم الذين ال يرعوون ‪،‬‬ ‫والس�فها ُء ُ‬ ‫الس�فهاء » ‪ُّ ،‬‬ ‫بالرعايا ‪ ،‬وفي ِرواية ُأخرى ‪ « :‬إمار ُة ُّ‬ ‫روي ٍة وضوابِ َط ٍ‬ ‫أل ِ‬ ‫وال ين ُظرون لِ ُ‬ ‫ديانة ‪.‬‬ ‫مور بِ ِ َّ‬

‫العضوض ِمن ِج ٍ‬ ‫مرحل�ة الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫وف�ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه�ة ‪ ،‬كما قد ورد عن أبي‬ ‫لك‬ ‫األمر إش�ار ٌة إلى‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ب ِمن َش�ر َقدَ ا ْقتَرب ‪ :‬إمار ُة الصبي ِ‬ ‫ُه َرير َة ؤ َ‬ ‫وه ْم‬ ‫ان إِ ْن َأ َطا ُع ُ‬ ‫َ َ َ َ ِّ ْ َ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫«و ْي ٌل ل ْل َع َر ِ ْ ٍّ‬ ‫َأد َخ ُلوه�م النَّ�ار ‪ ،‬وإِ ْن َعصوهم َضربوا َأ ْعنَا َقهم »((( ‪ .‬وفي ِر ِ‬ ‫واية ِ‬ ‫ابن أبي َش�يب َة َع ْن‬ ‫َ ْ ُ ْ َُ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫الله ‪َ « :m‬تعو ُذوا بِ ِ‬ ‫�ول ِ‬ ‫الله ِم ْن َر ْأ ِ‬ ‫َأبِي ُه َر ْي َر َة ؤ َق َال ‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬ ‫الس ْب ِعي َن َو ِم ْن‬ ‫َ َّ‬ ‫س َّ‬ ‫�ان»‪ .‬وفي ِر ٍ‬ ‫إم�ر ِة الصبي ِ‬ ‫واية ق�ا َم أبو ُه َرير َة ؤِ على ِم ِ‬ ‫نبر رس�ول الله ‪m‬‬ ‫َ‬ ‫دون‬ ‫ْ َ ِّ ْ َ‬ ‫((( ابن أبي شيبة (‪. )39391‬‬

‫‪257‬‬

‫إمارة الصبيان‬ ‫عالمة صغرى‬


‫لعرب ِمن ش�ر ِ‬ ‫ويل لِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ٍ m‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اقترب ‪ٌ ،‬‬ ‫فقال ‪ُ « :‬‬ ‫بعتبة ‪َ ،‬‬ ‫ويل لهم ِمن‬ ‫قد‬ ‫مقا ِم‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫إمارة الص ِ‬ ‫بيان ‪ ،‬يحكُمون فيهم بِالهوى ‪ ،‬ويقتُلون بِ‬ ‫ِ‬ ‫الغضب » ((( ‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫المراح ِل التي َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وم�ن ِج ٍ‬ ‫ِ‬ ‫�فهاء‬ ‫الس‬ ‫هة ُأخرى ف�إن المعنى ي ُع ُّم كا َّف َة‬ ‫برزت فيها إمار ُة ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫تبر ُز سفاهتُهم‬ ‫وحكَّا ٍم ُ‬ ‫الصبيان من ُأمرا َء ُ‬ ‫وتس ُّل ُط ِّ‬ ‫وحدثاء األسنان ُسفهاء األحال ِم ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫الحزبي�ة ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫السياس�ية بِكا َّف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كومية التي‬ ‫الح‬ ‫نماذجها‬ ‫�ة‬ ‫الحركة‬ ‫ف�ي واق ِع‬ ‫أو الفئوي�ة أو ُ‬

‫عر َفها العالم العربي واإلسلامي في ِ‬ ‫هتار واالس�تِ ِ‬ ‫عمار واالس�تِ ِ‬ ‫مراح ِل االس�تِ ِ‬ ‫ثمار‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والحضارة‬ ‫ق�ي‬ ‫الر ِّ‬ ‫المس�لمين بِاس� ِم ُّ‬ ‫‪ ،‬وعم َل�ت على إضعاف ش�رف اإلسلا ِم في ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أنس ب ُن مالِ ٍك َ‬ ‫س�اواة ‪ ،‬وفي ذلِ َك ُ‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫والم‬ ‫يقول ‪ m‬فيما رواه ُ‬ ‫والتمدُّ ن ُ‬ ‫والحرية ُ‬

‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫األمر بِ‬ ‫والنهي ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪. .‬متى ُ‬ ‫نكر ؟ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫قال ‪ « :‬إذا‬ ‫المع�روف‬ ‫قي�ل ‪ :‬يا‬ ‫عن ُ‬ ‫نترك َ‬ ‫َ ِ‬ ‫ظه�ر فيكم م�ا ظهر في األُم ِم ِمن ِ‬ ‫ظهر في األُ َم ِم‬ ‫قبلكم » ُقلنا ‪ :‬يا‬ ‫رس�ول الله‪ ..‬وما َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والفاحش� ُة في ِك ِ‬ ‫لك في ِص ِ‬ ‫قب َلنا ؟ َ‬ ‫الم ُ‬ ‫لم في رذالتِكم ‪،‬‬ ‫غاركم ‪،‬‬ ‫باركم ‪ ،‬والع ُ‬ ‫قال ‪ُ « :‬‬ ‫إذا َ ِ‬ ‫لم في ُرذا َلتِكم» (((‪.‬‬ ‫كان الع ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحديث وفي ِ‬ ‫�فهاء‪،‬‬ ‫والس‬ ‫وفي‬ ‫غيره إش�ار ٌة إلى ُ‬ ‫تالز ِم الفس�اد في إمارة ِّ‬ ‫الصبيان ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وحكَّا ُم‬ ‫يش�مل العديدَ ِم�ن‬ ‫حيث‬ ‫ظواهر الحي�اة االجتماعية التي ُي َهنْد ُس�ها أم�را ُء ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫تفس ٍ‬ ‫وضعف‬ ‫أخالقي‬ ‫�خ‬ ‫س�ميات الحضارة الما ِّدية َ‬ ‫ٍّ‬ ‫مع ُّ‬ ‫بم َّ‬ ‫المجتم ِع ُ‬ ‫المراخل لربط ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومش�اريع ِهم االقتِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وتقليد واستِتبا ٍع أعمى لل ُك َّف ِ‬ ‫واإلعالمية‬ ‫صادية‬ ‫ار‬ ‫ش�رعي‬ ‫لمي‬ ‫ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫ع ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫والتعليمية واالجتِ‬ ‫ِ‬ ‫ماعية ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجماعة بِ‬ ‫للتويجري (‪. )230 :1‬‬ ‫الساعة»‬ ‫أشراط‬ ‫(((«إتحاف‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫((( سنن ابن ماجه (‪. )4151‬‬

‫‪258‬‬


‫استفاضةُ الما ِل والاستِغناء عنِ الصدقةِ‬ ‫ُ‬

‫ال و َك ْثر ُته‪ ،‬وهذه العالم ُة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تحم ُل‬ ‫اس�تِ َف َ‬ ‫الم ِ َ َ ُ‬ ‫وم ْن َعلاَ َمات الس�اعة ُّ‬ ‫اض ُة َ‬ ‫الص ْغ َرى ْ‬ ‫الناس بعدَ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يفيض ُ‬ ‫فقر ُمدق ٍع ‪ ،‬وقد‬ ‫ويكثر في أيدي‬ ‫يضا ‪،‬‬ ‫المال َف ً‬ ‫معان�ي ِمنه�ا ‪ :‬أن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث�ل هذا في ُع ِ‬ ‫مر ِ‬ ‫�ق ِم ُ‬ ‫بن‬ ‫توحات ‪،‬‬ ‫هود ال ُف‬ ‫تح َّق َ‬ ‫وأكثرها مطابق� ًة ما و قع في عهد ُع َ‬ ‫ُ‬

‫استفاضة المال‬ ‫واالستغناء عن‬ ‫الصدقة‬

‫توحات ِمن بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحاص ِ‬ ‫العزيز لِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الد ال ُف ِ‬ ‫رس‬ ‫أموال ال ُف‬ ‫لة ِم َن اقتس�ا ِم‬ ‫األموال‬ ‫كثرة‬ ‫عبد‬ ‫عدي ِ‬ ‫بن حاتِ ٍم َ‬ ‫ُ‬ ‫النبي ‪ m‬إذا أتاه‬ ‫وال�رو ِم ‪ ،‬و ُيؤ ِّي�دُ هذا‬ ‫قال ‪َ :‬بينَم�ا أنا ِعندَ‬ ‫حديث ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫الس�بيل ‪َ ،‬‬ ‫عدي‪،‬‬ ‫قطع‬ ‫فقال ‪« :‬يا ُّ‬ ‫آخر فش�كا إ َليه َ‬ ‫ُ‬ ‫رج ٌل ‪ ،‬فش�كا إ َليه الفاق َة ‪ُ ،‬ث َّم أتاه ُ‬ ‫رأي�ت ِ‬ ‫نبئت عنها ‪َ ،‬‬ ‫فقال ‪ « :‬فإن طا َلت بِ َك‬ ‫ه�ل‬ ‫لت ‪ :‬ل�م َأ َر َها ‪ ،‬وقد ُأ ُ‬ ‫الحيرة ؟ » ُق ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫ترتح ُل ِمن ِ‬ ‫الحي�ا ُة لترين الظعين َة ِ‬ ‫تط�وف بِ‬ ‫تخاف أحدً ا إلاَّ‬ ‫الكعبة ال‬ ‫يرة حتَّى‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َّ‬ ‫لت ‪ :‬اب َن ُهر ُم َز ؟! َ‬ ‫ال َّل َه ‪ ،‬ولئن طا َلت َ‬ ‫قال ‪« :‬‬ ‫ُنوز ِكسرى » ‪ُ .‬ق ُ‬ ‫ُفتح َّن ك ُ‬ ‫بك الحيا ُة لت َ‬ ‫ِ‬ ‫يخر ُج ِمن ك ِّفه ِمن ٍ‬ ‫ذهب‬ ‫كس�رى ب ُن ُهر ُم ٍز ‪ ،‬ولئن طا َلت بِ َك الحيا ُة لتر َي َّن ُ‬ ‫الرج َل ُ‬

‫يطلب من يقب ُله منه فال ِ‬ ‫يجدُ أحدً ا يقب ُله منه» ‪َ .‬‬ ‫فرأيت الظعين َة‬ ‫عدي ‪:‬‬ ‫أو فِ َّض ٍة‬ ‫ُ‬ ‫قال ٌّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫ترتح ُل ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫تطوف بِ‬ ‫ُنوز‬ ‫تخاف إلاَّ ال َّل َه ‪،‬‬ ‫الكعبة ال‬ ‫يرة حتَّى‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫افتتح ك َ‬ ‫فيم ِن َ‬ ‫َ‬ ‫وكنت َ‬ ‫قال النبي أبو ِ‬ ‫ِكسرى ِ‬ ‫لترون ما َ‬ ‫القاس ِم(((‪.m‬‬ ‫ُّ‬ ‫بن ُهر ُم َز ‪ ،‬ولئن طا َلت بِكم حيا ٌة َ‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الصدقة ِ‬ ‫وأما االستغنا ُء ِ‬ ‫معان ‪:‬‬ ‫فيرج ُع إلى‬ ‫عن‬

‫بن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مر ِ‬ ‫مر ِ‬ ‫بن الخ َّط ِ‬ ‫األو ُل ‪ :‬ما َ‬ ‫اب ‪ُ ،‬‬ ‫حيث‬ ‫عبد‬ ‫َّ‬ ‫العزيز ‪ ،‬وقب َله عهدُ ُع َ‬ ‫قيل عن عهد ُع َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصدقة لِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫استغنى ال ُفقرا ُء ِ‬ ‫توزيعه ‪.‬‬ ‫وعدالة‬ ‫المال‬ ‫كثرة‬ ‫عن‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يحص ُل في ِ‬ ‫وعهد عيس�ى‬ ‫كعهد اإلم�ا ِم المنتظِر ‪،‬‬ ‫الزم�ان‬ ‫آخ�ر‬ ‫والثان�ي ‪ :‬م�ا ق�د ُ‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )3595‬‬

‫‪259‬‬

‫االستغناء عن‬ ‫الصدقة له عدة‬ ‫معان‬


‫ش((( ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يكثر ف�ي ِ‬ ‫الصدقات من‬ ‫وهن�اك معنً�ى ثالِ ٌ‬ ‫الزم�ان ِم َن‬ ‫آخر‬ ‫�ث ل�ه ِعالق ٌة‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫بالتح�والت ‪ ،‬وه�و ما ُ‬ ‫المؤمن ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم�ال الحرا ِم بِكا َّف ِ‬ ‫ِ‬ ‫األموال المشبوهة اس�تِ‬ ‫ِ‬ ‫أخ�ذ صدقتِه ِمن‬ ‫ف‬ ‫�ة‬ ‫فاضة‬ ‫أنواعه ‪ ،‬حتَّ�ى يتأ َّف َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫المشبوهة ‪.‬‬ ‫المتصدِّ قين بِأموالِ ِه ُم‬ ‫أولئك ُ‬

‫سقوط قيمة‬ ‫العملة‬

‫ف ال ُف ِ‬ ‫الصدقة في معنً�ى رابِ ٍع إل�ى تع ُّف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ق�راء ِ‬ ‫ه�م االس�تِغنا َء ِ‬ ‫عن‬ ‫ع�ن‬ ‫وفس َ�ر بِ ُ‬ ‫عض ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِّجاري�ة ‪ ،‬حتَّ�ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تنعد َم‬ ‫الحرك�ة الت‬ ‫وضعف‬ ‫األس�واق‬ ‫حال�ة‬ ‫الضط�راب‬ ‫األم�وال ؛‬ ‫ِ‬ ‫س�بب َخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫روب ‪ ،‬وإما بِ‬ ‫المش�ترا ُة إما بِ‬ ‫ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القيامة‬ ‫الناس ِم� َن‬ ‫�وف‬ ‫ال�وار ُ‬ ‫س�بب ُ‬ ‫دات ُ‬ ‫ُ‬ ‫وتفيض ‪.‬‬ ‫األموال‬ ‫فتتكدَّ ُس‬ ‫ُ‬

‫ٍ‬ ‫تظهر في ِ‬ ‫أكثر ِمن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫التعاليل َّ‬ ‫ومرحلة ‪.‬‬ ‫زمن‬ ‫فه ُم ِمن هذه‬ ‫و ُي َ‬ ‫أن هذه العالم َة ُ‬

‫استتباع سنن‬ ‫األمم الماضية‬

‫ُمم الماضيةِ‬ ‫استِتباعُ ُسن ِن الأ ِ‬

‫ِ‬ ‫ومن َعلاَ م ِ‬ ‫الس�اعة الص ْغرى استِ ْتباع األُم ِم الم ِ‬ ‫برزت‬ ‫ات‬ ‫اض َي ِة‪ ،‬وهذه العالم ُة قد َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ َ ْ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ظواهره�ا بادئ ذي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرحلة الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عه�د الدَّ ولت ِ‬ ‫ِ‬ ‫األموية‬ ‫َين‬ ‫العضوض على‬ ‫لك‬ ‫بدء ف�ي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والقادة بِ‬ ‫أحوال ُحكَّام ال ُف ِ‬ ‫مظاه ِر‬ ‫والرو ِم في‬ ‫الحكَّا ِم‬ ‫والعباس�ية ‪ ،‬وتش� َّب َه ُ‬ ‫بعض ُ‬ ‫رس ُّ‬ ‫والفلس�فات المخالِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فة‬ ‫األفكار‬ ‫ونقل‬ ‫والتقاليد‬ ‫العادات‬ ‫وبعض‬ ‫�لطان‬ ‫والس‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الحك ِم ُّ‬

‫((( ففي الحديث عن أبي هريرة ؤ قال ‪ :‬قال رس�ول الله ‪ « m‬تلقي األرض أفالذ كبدها‬ ‫أمثال اإلس�طوان من الذهب والفضة ‪ ،‬قال ‪ :‬فيجيء القاتل فيقول ‪ :‬في هذا قتلت ‪ .‬ويجيء‬ ‫القاط�ع فيق�ول ‪ :‬ف�ي هذا قطعت رحم�ي ‪ .‬ويجيء الس�ارق فيقول ‪ :‬في ه�ذا قطعت يدي‪.‬‬ ‫ث�م يدعون�ه فلا يأخ�ذون منه ش�يئا » ‪ .‬صحيح مس�لم كتاب ال�زكاة (‪ /98/15‬مع ش�رح‬

‫النووي)‪.‬‬

‫‪260‬‬


‫تأخذ ُأمتي بِ ِ‬ ‫منهج اإلسلا ِم((( ‪ ،‬وفي ذلِ َك ُ‬ ‫لِ ِ‬ ‫أخذ‬ ‫يقول ‪ « : m‬ال تقو ُم الس�اع ُة حتَّى َ َّ‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫�برا بِ ِش ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫�بر وذرا ًع�ا بِذرا ٍع » ‪َ .‬‬ ‫كفارس‬ ‫�ه ‪،‬‬ ‫قيل ‪ :‬يا‬ ‫ال ُق�رون األولى فيها ش ً‬ ‫الن�اس إلاَّ‬ ‫وال�رو ِم؟! َ‬ ‫َ‬ ‫وال�رو ُم في تِ َ‬ ‫فق�ال ‪ « :‬و َم�ن‬ ‫لك‬ ‫ُ‬ ‫أولئ�ك »((( ‪ .‬وكانَت ُ‬ ‫ُّ‬ ‫فارس ُّ‬ ‫نماذج االستتباع‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التسلس ِ‬ ‫�ل‬ ‫عبر‬ ‫ُ‬ ‫المرحل�ة ه�ي حامل ُة ل�واء الحضارة الس�لبية‪ ..‬ويمتدُّ ه�ذا المعنى َ‬ ‫مرحلة ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫التاريخ�ي لِ ُ ِ‬ ‫ثاء‬ ‫مرحلة ‪ ،‬ويزدا ُد اتِس�ا ًعا واس�تِتبا ًعا ف�ي‬ ‫أكثر ِمن‬ ‫أل َّم�ة في َ‬ ‫ِّ‬ ‫وأخذ ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت الدُّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ول‬ ‫العالم�ي ‪،‬‬ ‫قرار اإلسلا ِم‬ ‫والوه�ن ‪ ،‬وهي المرحل ُة التي‬ ‫ُّ‬ ‫س�قط فيها ُ‬ ‫ستعم ِر والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫العربي ُة واإلسلامي ُة بِ َس ِ‬ ‫ُ‬ ‫حديث ‪« :‬‬ ‫ستثم ِر ‪ ،‬وفي ذلِ َك يأتي‬ ‫الم‬ ‫ُ‬ ‫نن العال ِم ُ‬ ‫ِ‬ ‫كان قب َلكم ِش�برا بِ ٍ ِ‬ ‫لتتبِ ُع َّن َس�نَ َن َمن َ‬ ‫ضب‬ ‫حر ٍّ‬ ‫ش�بر ‪ ،‬وذرا ًعا بِذرا ٍع حتَّى لو دخلوا ُج َ‬ ‫ً‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ ،‬اليهو ُد والنصارى ؟! َ‬ ‫َ‬ ‫لدخ ْلتُموه » ‪ .‬قالوا ‪ :‬يا‬ ‫قال ‪ « :‬و َمن ؟! »((( ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التقليد األعمى لِلعال ِم األُ‬ ‫�ؤون‬ ‫ودب ِمن ُش‬ ‫ويب�ر ُز هذا في‬ ‫هب َّ‬ ‫وروبي في ك ُِّل ما َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ونماذج‬ ‫والرغب�ات‬ ‫والش�هوات‬ ‫والمش�رب واإلعال ِم واألقال ِم‬ ‫والملبس‬ ‫الم�أكل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�يء ِم َن ال ُغ ِ‬ ‫والغفلة‬ ‫�رور‬ ‫مع‬ ‫التج�ارة والس�ياحة والثقاف�ة والرياضة َ‬ ‫جرا‪َ ..‬‬ ‫وه ُل َّم ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرغبات ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتحا ُي ِ‬ ‫الغارق َة في‬ ‫�ب‬ ‫�ل على ن‬ ‫ُصوص اإلسلا ِم وتحريف معانيه ؛ ل ُيناس َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وضات ‪ ،‬وهو ما‬ ‫والم‬ ‫االس�تِتبا ِع ؛ حتَّى‬ ‫يصير االس�ت ُ‬ ‫تباع في أغبى نماذ ِج العالقات ُ‬ ‫َ‬ ‫الحدي�ث بـ « ُد ِ‬ ‫خول ُج ِ‬ ‫حره طويلاً‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫حيوان ُ‬ ‫والضب‬ ‫الض�ب » ‪،‬‬ ‫حر‬ ‫يعني�ه‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫يدخ ُ�ل ُج َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫عمن ُ‬ ‫فيصعب ع َل ِيه ُ‬ ‫طريقة‬ ‫يدخ ُل َمدخلاً ال ُيفك ُِّر في‬ ‫روج ‪،‬‬ ‫الخ ُ‬ ‫ُ‬ ‫والحديث فيه كناي ٌة َّ‬

‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫والخطر ‪.‬‬ ‫الحرج‬ ‫قع في‬ ‫روج منه ؛ ف َي ُ‬

‫((( األخذ بالعلم والحضارة من الغير ال يدخل في هذا المعنى ‪ ،‬وإنما يدخل ما ال تحتاجه األمة‬ ‫من علل األمم األخرى وفلسفتها النظرية المتعارضة مع غيبيات الديانة ‪.‬‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )7319‬‬

‫((( متفق عليه ‪ ،‬البخاري (‪ )3456‬ومسلم (‪.)6952‬‬

‫‪261‬‬

‫التقليد األعمى‬ ‫للعالم اآلخر‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تقبيل كأس كرة‬ ‫وال�دوران بِه ‪،‬‬ ‫الفوز‬ ‫كأس‬ ‫تقبي�ل‬ ‫النم�اذ ِج ما يفع ُل�ه الرياضيون ِم�ن‬ ‫وم�ن ه�ذه‬ ‫القدم‬ ‫ِ‬ ‫أخذه بـ «الإله إلاَّ الله» ‪ ،‬وس ِ‬ ‫تاف ِعند ِ‬ ‫واله ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫المالع ِ‬ ‫ِ‬ ‫جود ُّ‬ ‫ملبس‬ ‫ب ‪ ،‬وخل ِع‬ ‫كر في‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب عن ِج ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتلويح بِ‬ ‫الالع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الهواء‪،‬‬ ‫الملبس في‬ ‫اله�دف ‪،‬‬ ‫س�مه ِعندَ إدخالِه الكُر َة في‬

‫ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫�ة ‪ ،‬كوض ِع ِ‬ ‫أعمال االس�تِتبا ِع الفج ِ‬ ‫قد على ِ‬ ‫ِ‬ ‫كالنس�اء ‪،‬‬ ‫يد‬ ‫كثير ِمن‬ ‫َّ‬ ‫وغي�ر هذا ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والباروكات ‪ ،‬ولِ ِ‬ ‫مالبس ال ُع ِ‬ ‫كثير‬ ‫بس‬ ‫الش�عر‬ ‫قص‬ ‫وتقليد ِّ‬ ‫وغير هذا ٌ‬ ‫ري الفاضحة ‪ُ ،‬‬ ‫وكثير ‪.‬‬ ‫ٌ‬

‫ضياع األمانة‬

‫ضياع الأمانةِ‬ ‫ُ‬

‫ِ ِ ِ ٍ‬ ‫ِ ِ​ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ور َّبما َ‬ ‫كان‬ ‫تكررة لعدَّ ة مراح َل ‪ .‬وفي عدَّ ة أزمنة ‪ُ ،‬‬ ‫الم ِّ‬ ‫وهي م َن العالمات الصغرى ُ‬ ‫�دة إل�ى الم ِ‬ ‫الراش ِ‬ ‫الفة ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫األمر ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العض ِ‬ ‫عصر‬ ‫وض ‪ .‬في‬ ‫لك ُ‬ ‫تحو َل ِ َ‬ ‫َّأو ُل مظاه ِره�ا ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُنقض َّن ُعرى اإلسلا ِم ُعرو ًة‬ ‫ص�در‬ ‫تاري�خ األُ َّم ِة ‪ ،‬و ُيؤ ِّي�دُ هذا المعنى َقو ُله ‪ « : m‬لت َ‬

‫ِ‬ ‫صيغة لِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫نقضا الحكم »((( ‪ ،‬والحك ِ‬ ‫لمؤامرة‬ ‫وأو ُل‬ ‫ُع�رو ًة ‪َّ ،‬أو ُله� َّن ً‬ ‫ْ�م م َن األمان�ات ‪َّ ،‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫نقض أمانتي‬ ‫أيضا لأِ مانةِ‬ ‫كان بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كان ُه َ‬ ‫ضوض ‪ ،‬كما َ‬ ‫الحك� ِم َ‬ ‫الحك ِم ال َع‬ ‫الحكم والعلم عل�ى‬ ‫نقض ً‬ ‫ناك ٌ‬ ‫بروز ُ‬ ‫نقض ُ‬ ‫العل ِم ‪ ،‬واس�تمر ذلِ َك مرحل ًة بعدَ ُأخرى ‪ ...‬وهكذا حتَّى جاء أخطر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النقض‬ ‫مراح ِل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬

‫ِ‬ ‫ق�رار ِ‬ ‫اإلسلامية ‪ ،‬ولإِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫قرار ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِلحك� ِم ولِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫إس�قاط ِ‬ ‫لعل� ِم بِ‬ ‫لمانية ‪ ،‬وهي‬ ‫الع‬ ‫قامة‬ ‫الفة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫النقض بك ُِّل معانيه وأش�كالِه تحقي ًق�ا لِ‬ ‫األعرابي‬ ‫حديث‬ ‫َّب ع َليها ُ‬ ‫المرحل� ُة التي ترت َ‬ ‫ِّ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ « : m‬إذا ُضيع ِ‬ ‫ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ِ m‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت األمان ُة‬ ‫الس�اعة ‪ .‬ور َّد‬ ‫عن‬ ‫الس�ائل‬ ‫ِّ َ‬

‫رس�ول ال َّل ِ‬ ‫فانتظِ ِ‬ ‫�ه ؟ َ‬ ‫َ‬ ‫�ر الس�اع َة » ‪َ .‬‬ ‫األمر‬ ‫ق�ال ‪ :‬وكي�ف إضاعتُها يا‬ ‫قال ‪« :‬إذا ُو ِّس�دَ‬ ‫ُ‬ ‫ي�ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫إل�ى َغ ِ‬ ‫العربي‬ ‫العالمين‬ ‫صوره ف�ي‬ ‫�ق هذا المعنى في أجلى‬ ‫أهله»((( ‪ . .‬وقد تح َّق َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫((( مسند أحمد (‪. )22817‬‬ ‫((( تقدم ‪.‬‬

‫‪262‬‬


‫ِ‬ ‫اإلسلامية ‪ ،‬وامتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ق�رار ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرحلة االس�تِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عمار ‪،‬‬ ‫�داد‬ ‫الفة‬ ‫�قوط‬ ‫واإلسلامي بعدَ ُس‬ ‫ِّ‬ ‫تشكيل القرارين « الحك ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والعل ِم »‬ ‫وإعادة‬ ‫المريض ‪،‬‬ ‫الرج ِل‬ ‫ُ‬ ‫وتقسي ِم ما ُس ِّمي بِ ِتركة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫في العالمين العربي واإلسلامي لِما يخدُ م االستِعمار وسياس َة ِ‬ ‫العلمنة‬ ‫لمانية ُث َّم‬ ‫الع‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُثم الع ِ‬ ‫ولمة وهكذا ‪.‬‬ ‫َّ َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وه�ذا فيما يتع َّل ُق بِق�رار ِي الحك ِم ِ‬ ‫�ق بِ‬ ‫األمانات‬ ‫مجموعة‬ ‫والعل ِم ‪ ،‬وأما فيما يتع َّل ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫األحادي�ث األُخرى ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ومنها حديث حذيفة ؤ‬ ‫ُش�ير‬ ‫األُخرى وإضاعتها فإليها ت ُ‬ ‫الذي يقول فيه‪َ :‬حدَّ َثنَا َر ُس ُ‬ ‫ول ال َّل ِه َص َّلى ال َّل ُه َع َل ْي ِه َو َس َّل َم َح ِدي َث ْي ِن َقدْ َر َأ ْي ُت َأ َحدَ ُه َما‬ ‫الرج�ال ‪ُ ،‬ثم ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن األمان� َة نز َلت في ِج ِ‬ ‫�ذر ُق ِ‬ ‫َو َأنَ�ا َأ ْنتَظِ ُ�ر الآْ َخ َ�ر ‪َ ،‬حدَّ َثنَ�ا َّ‬ ‫علموا‬ ‫لوب‬ ‫َّ‬

‫رآن‪ُ ،‬ثم َع ِلموا ِمن السن َِّة ‪ ،‬وحدَّ َثنا عن ِ‬ ‫رفعها َ‬ ‫الرج ُل النَّوم َة فتُق َب ُض‬ ‫فقال ‪ « :‬ينا ُم ُ‬ ‫َ ُّ‬ ‫ال ُق َ َّ‬ ‫أثرها ِم َثل ِ‬ ‫األمان ُة ِمن قلبِه ُّ‬ ‫أثرها‬ ‫أثر الوكت((( ‪ُ ،‬ث َّم ينا ُم النوم َة فت ُ‬ ‫فيظل ُ‬ ‫ُقبض ‪ ،‬فيبقى ُ‬ ‫كجمر دحرجتَه عل�ى ِر ِ‬ ‫ِ (((‬ ‫ٍ‬ ‫ِم َ‬ ‫جل َك فن َِف َ‬ ‫الم ْج�ل‬ ‫�ط فتراه ُمنبتِ ًرا وليس فيه ش�ي ٌء ؛‬ ‫ْ‬ ‫ث�ل َ‬ ‫ق�ال ‪ :‬إن في بني ُف ٍ‬ ‫الن�اس يتبايعون ‪ ،‬فال ي�كا ُد أحدُ هم يؤ ِّدي األمان َة ف ُي ُ‬ ‫الن‬ ‫�ح‬ ‫ُ‬ ‫ف ُيصبِ ُ‬ ‫رجًل�اً أمينً�ا‪ ،‬وي ُ ِ‬ ‫لرج ِل ‪ :‬ما أعق َله ! وما أظر َفه ! وما أجلدَ ه ! وما في قلبِه ِم ُ‬ ‫ثقال‬ ‫قال ل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫كان م ِ‬ ‫علي ٌ‬ ‫س�ل ًما‬ ‫زمان وما ُأبالي أ ُّيكم‬ ‫ُ‬ ‫بايعت لئن َ ُ‬ ‫ح َّبة خردل من إيمان ! ولقد أتى َّ‬

‫ر َّده اإلسال ُم‪ ،‬وإن َ‬ ‫بايع إلاَّ فالنًا‬ ‫علي ساعيه ‪ .‬فأما اليو َم فما ُ‬ ‫كنت ُأ ُ‬ ‫كان نصران ًّيا ر َّده َّ‬ ‫وفالنًا((( ‪ِ .‬‬ ‫نون َخدَّ اع ٌة ‪ُ :‬ي َّ‬ ‫ستكون هناك ِس َ‬ ‫ُ‬ ‫كذ ُب‬ ‫أخبر عنه ‪ « : m‬إنَّه‬ ‫وم ُثل هذا ً‬ ‫أيضا َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خو ُن فِيها األمي ُن و ُيؤ َّم ُن فِيها َ‬ ‫الخ ُؤون»((( ‪.‬‬ ‫فيها الصاد ُق ‪ ،‬و ُيصدَّ ُق فيها الكاذ ُب ‪ ،‬و ُي َّ‬ ‫ِ‬ ‫الشيء ‪ ،‬أو كالن ِ‬ ‫ُّقطة ِمن َغير لونِه ‪.‬‬ ‫األثر في‬ ‫((( الوكت ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫جمع (وكتة ‪ ،‬وهي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكف من ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصلبة ‪.‬‬ ‫أثر‬ ‫((( وهو ما يبقى من األورا ِم في‬ ‫ِّ‬ ‫العمل باألشياء ُّ‬

‫خاري (‪.)6497‬‬ ‫صحيح ال ُب‬ ‫(((‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬

‫((( مسند أحمد (‪ ، )8131‬وانظر « أشراط الساعة » يوسف عبدالله الوابل ص‪. 131‬‬

‫‪263‬‬

‫حديث «فال يكاد‬ ‫أحدهم يؤدي‬ ‫األمانة ‪»...‬‬


‫قبض العلم‬ ‫وظهور الجهل‬

‫قبض ِ‬ ‫وظهو ِر الجهلِ‬ ‫الع ِلم ُ‬ ‫ُ‬

‫الساعة الصغرى المتكر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رة َزمنًا بعدَ ٍ‬ ‫زمن ‪ ،‬ومرحل ًة بعدَ ُأخرى‬ ‫عالمات‬ ‫وهي أحدُ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫القبض على ٍ‬ ‫حال ُمع َّي ٍن ‪،‬‬ ‫على َغ ِير تتا ُب ٍع ‪ ،‬وإنَّما قد ترتبِ ُط‬ ‫بمرحلة ُمع َّي ٍنة ‪ُ ،‬ث َّم يتو َّق ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ٍ‬ ‫مرحلة ُأخرى وهكذا ‪.‬‬ ‫مع‬ ‫ُث َّم يتجدَّ ُد ُ‬ ‫مر ًة ُأخرى َ‬ ‫القبض َّ‬

‫تاريخ التحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت يتحدَّ ُد المعنى‬ ‫عبر‬ ‫وعندَ‬ ‫ُّ‬ ‫النظر والتأ ُّم ِل إلى مجمو ِع األحاديث َ‬ ‫نذ ِ‬ ‫مرحلة ِ‬ ‫ِ‬ ‫القبض لِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويبر ُز جل ًّيا ُم ُ‬ ‫القبض في‬ ‫مرحلة‬ ‫بدء‬ ‫الفت َِن األولى‬ ‫لعل ِم ‪ .‬ويتحدَّ ُد ُ‬ ‫ُ‬ ‫ثمان واإلما ِم عل�ي وما جاء من ِ‬ ‫عهد ِخ ِ‬ ‫عل�ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفة ُع َ‬ ‫القبض بِك ُِّل معانيه‪..‬‬ ‫بعدها ِم َن‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫ولِل َق ِ‬ ‫معان ‪:‬‬ ‫بض‬

‫قبض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الحديث‬ ‫العل� ِم ‪ « :‬هذا‬ ‫حديث‬ ‫النووي ِمن َقولِ�ه على‬ ‫ذكر اإلم�ا ُم‬ ‫ُّ‬ ‫معاني قبض العلم (‪ )1‬م�ا َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يبين المراد بِ ِ ِ‬ ‫محوه ِمن ُص ِ‬ ‫دور‬ ‫ليس هو َ‬ ‫المطلقة َ‬ ‫ُ ِّ ُ ُ َ‬ ‫قبض العل ِم في األحاديث الس�ابِقة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ح َّفاظِ�ه ‪ِ ،‬‬ ‫الناس ُجه�الاً يحكُمون بِحاالتِهم‬ ‫ولك� َّن معناه أن‬ ‫َ‬ ‫يم�وت حملتُه ويتَّخ َذ ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العل ِم هنا ِعلم ِ‬ ‫في ِض ُّلون» ((( ‪ ،‬والمراد بِ ِ‬ ‫وروث ِ‬ ‫الك ِ‬ ‫ُ‬ ‫عن‬ ‫الم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫لم َ‬ ‫والس�نَّة ‪ ،‬وهو الع ُ‬ ‫تاب ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األنبياء ِ‬ ‫عليه ُم السال ُم ‪َّ ،‬‬ ‫وتموت‬ ‫لم ‪،‬‬ ‫األنبياء ‪ ،‬وبِ َذهابِهم‬ ‫فإن ال ُعلما َء ورث ُة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يذهب الع َ‬ ‫ُ‬ ‫دع ‪ ،‬وي ُع ُّم‬ ‫السن ُن ‪،‬‬ ‫الجهل »((( ‪.‬‬ ‫وتظهر البِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬

‫مقبوضة ومسي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫قبض ِ‬ ‫العل ِم تحوي ُله إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫يختاره‬ ‫وفق ما‬ ‫مناه َج‬ ‫(‪ِ )2‬من معاني‬ ‫سة ‪َ ،‬‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫أجيال ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫الش�ريعة‬ ‫ف ِمن ِعل ِم‬ ‫تتخر َج‬ ‫القائم�ون على التعلي ِم‬ ‫تعر ُ‬ ‫والتدريس ؛ حتى َّ‬ ‫شي ًئا ‪ ،‬ال َّلهم إلاَّ ما قر َأته ِ​ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫منه ِج ‪.‬‬ ‫العل ِم‬ ‫الم َ‬ ‫َ‬ ‫المقبوض ُ‬ ‫ُ َّ‬

‫((( شرح مسلم (‪. )224 :16‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الساعة لِلوابِ ِل ص‪. 133‬‬ ‫أشراط‬ ‫(((‬

‫‪264‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وحملة ِ‬ ‫ِ‬ ‫القب�ض ‪ِ :‬‬ ‫(‪ِ )3‬‬ ‫ِ‬ ‫األزم ِنة‬ ‫يق�ع في‬ ‫العل ِم ‪ ،‬لِما‬ ‫لم�اء‬ ‫باض ال ُع‬ ‫وم�ن معاني‬ ‫انق ُ‬ ‫ُ‬ ‫انقباض ‪ /‬قبض‬ ‫ِ‬ ‫وكراهية لِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫لم�اء ‪ِ ،‬مما ُيؤ ِّدي إلى اعتِ ِ‬ ‫وانتهاك للدِّ ِ‬ ‫العلماء‬ ‫زال‬ ‫لعل ِم وال ُع‬ ‫ين‬ ‫وتج�او ٍز‬ ‫ِم�ن ُظل ٍم‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس ‪ ،‬ف ُيؤ ِّدي ذلِ َك إلى ُظ ِ‬ ‫لماء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجهل‬ ‫هور‬ ‫مجالسة‬ ‫وانقطاعهم عن‬ ‫الناس‬ ‫عن‬ ‫ُ‬ ‫بِالدِّ ِ‬ ‫ين ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫عليه�م ِ‬ ‫قب�ض ِ‬ ‫(‪ِ )4‬‬ ‫القب�ض ِ‬ ‫لم�اء بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وس�جنِهم‬ ‫إخ�راس ال ُع‬ ‫العل� ِم‬ ‫وم�ن معان�ي‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس ‪،‬‬ ‫�ع بِ ِه ُم ُ‬ ‫س�مى باإلقام�ة الجبرية في منازلهم ؛ حتَّى ال ينتف َ‬ ‫وإيداعه�م‪ ،‬فيما ُي َ‬ ‫مراح َل شتَّى ‪ِ ،‬‬ ‫س�لمين في ِ‬ ‫(القبض) في بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الد الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومنها‬ ‫النماذ ُج ِم َن‬ ‫وقد وق َعت هذه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والس ِ‬ ‫والخطف‬ ‫جن‬ ‫لم وال ُعلما ُء إلى اإلبادة ِّ‬ ‫تعر َض فيها الع ُ‬ ‫(المرحل ُة ال ُغثائي ُة) التي َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ماعي جيلاً ُمتخ ِّب ًطا بِ‬ ‫والضالالت‬ ‫الجهاالت‬ ‫والتشريد‪ ..‬م َّما َّ‬ ‫كون في الواق ِع االجت ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المس َّي ِ‬ ‫المقبوض ‪.‬‬ ‫س‬ ‫والعل ِم ُ‬ ‫ِ‬ ‫الساعة أل َّيا ًما ِ‬ ‫ُ‬ ‫ينز ُل‬ ‫أحاديث كثير ٌة ‪ِ ،‬منها ‪ « :‬إِ َّن َبي َن يدَ ِي‬ ‫وفي هذا المعنى ور َدت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫فِيها‬ ‫لم »(((‪.‬‬ ‫الجهل ‪ ،‬و ُير َف ُع فيها الع ُ‬

‫رس�ول ال َّل ِ‬ ‫وف�ي ِر ٍ‬ ‫واية لِم ِ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫س�ل ٍم ع�ن أبي ُه َرير َة ؤ َ‬ ‫يتقارب‬ ‫�ه ‪« m‬‬ ‫قال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫العلم وتظهر ِ‬ ‫الزمان ‪ ،‬ويقب ُض ِ‬ ‫الفتَن ‪ ،‬و ُيلقى ُّ‬ ‫الش ُّح ‪ ،‬ويك ُث ُر‬ ‫الهرج »((( ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫عبدال َّل ِ‬ ‫وحدي�ث ِ‬ ‫بن ِ‬ ‫عمرو ِ‬ ‫�ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪m‬‬ ‫ُ‬ ‫العاص ء َ‬ ‫ُ‬ ‫س�معت‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫بن‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫يقول ‪ « :‬إِ َّن ال َّله ال يقبِ ُض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫العلم انتِزا ًعا ِ ِ‬ ‫لم بِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫قبض‬ ‫َ‬ ‫ينتز ُعه م َن العباد ‪ ،‬ولكن يقبِ ُض الع َ‬ ‫َ‬ ‫الع ِ‬ ‫لماء ‪ ،‬حتَّى إذا لم ُي ِبق عالِ ًما ات َ‬ ‫فس ِئلوا فأفتَوا بِ َغ ِير ِعل ٍم‬ ‫الناس ُ‬ ‫َّخذ ُ‬ ‫ُ‬ ‫وسا ُج َّهالاً ‪ُ ،‬‬ ‫رؤ ً‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )7063‬‬

‫((( صحيح مسلم (‪. )6964‬‬

‫‪265‬‬


‫؛ فض ُّلوا وأض ُّلوا »((( ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الظاه�ر ُة ِجيلاً بعدَ ٍ‬ ‫خريات‬ ‫مر إلى ُأش�دِّ ه في ُأ‬ ‫وتس�تم ُّر ه�ذه‬ ‫جيل ‪ ،‬حتَّ�ى يب ُل َغ األَ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫رآن ِمن َب ِ‬ ‫قال عبدُ ال َّل ِه ِ‬ ‫الزمان ‪ ،‬كما َ‬ ‫مس�عود ‪ « :‬ل ُينت َ​َز َع َّن ال ُق ُ‬ ‫أظه ِركم ‪ُ ،‬يس�رى‬ ‫بن‬ ‫ين ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أجواف الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫جال ؛ فال يبقى في‬ ‫ب ِمن‬ ‫األرض ِمنه َشي ٌء » ((( ‪.‬‬ ‫ع َليه َليلاً ؛ َ‬ ‫فيذه ُ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الساعة‬ ‫عالمات‬ ‫ش�ار إ َليه في‬ ‫القبض‬ ‫مس�يرة‬ ‫النظر الواعي في‬ ‫وعندَ‬ ‫والنقض ُ‬ ‫ِ‬ ‫مراح َ�ل متدر ٍ‬ ‫المس�يرة قد م�رت بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جة ـ بِ‬ ‫�ظ َّ‬ ‫نالح ُ‬ ‫المن ِّف ِذ‬ ‫ص�رف‬ ‫أن هذه‬ ‫النظر ع�ن ُ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫والم ِ‬ ‫ستثم ِر ـ اشتم َلت على ما يلي ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫الحك ِم ‪.‬‬ ‫‪ُ -1‬‬ ‫نقض ُ‬ ‫نقض ِ‬ ‫العل ِم ‪.‬‬ ‫‪ُ -2‬‬

‫أشكال من نقض‬ ‫العرى في مسيرة‬ ‫التاريخ‬

‫ين والدَّ ِ‬ ‫الفصل َبي َن الدِّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ولة ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬ ‫التاريخ والدِّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫يانة ‪.‬‬ ‫الفصل َبي َن‬ ‫‪-4‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والمتغ ِّي ِر ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬ ‫الفصل َبي َن الثوابِت ُ‬

‫ُ‬ ‫الفصل َبي َن العلم والدين ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والدعوة ‪.‬‬ ‫التربية والتعلي ِم‬ ‫الفصل َبي َن‬ ‫‪-7‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأركان الدِّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ين ‪.‬‬ ‫اإلحسان‬ ‫الفصل َبي َن ِعل ِم‬ ‫‪-8‬‬ ‫اإلحسان والتصو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ف‪.‬‬ ‫الفصل َبي َن ِعل ِم‬ ‫‪-9‬‬ ‫ُّ‬ ‫الفصل بين المث َّل ِ‬ ‫والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫عامل الرابِ ِع ‪.‬‬ ‫ث‬ ‫‪-10‬‬ ‫المدموج ُ‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫الفصل َبي َن التصوف والسنة ‪.‬‬ ‫‪-11‬‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )100‬‬ ‫((( المعجم الكبير (‪. )8719‬‬

‫‪266‬‬


‫الفصل بين التصو ِ‬ ‫ف واإلسال ِم((( ‪.‬‬ ‫‪-12‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ َ‬

‫بوةِ‬ ‫هور ُمدَّعي الن ُّ َّ‬ ‫ُظ ُ‬

‫ظواهره�ا‪ ،‬وتج�دَّ دت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نماذ ُجها‬ ‫الس�اعة الصغ�رى التي تع�دَّ َدت‬ ‫عالمات‬ ‫وم�ن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫قريب ِمن ثالثين َّ‬ ‫�روج َّ‬ ‫ثالث‬ ‫كذا ًبا ‪ ،‬وفيهم‬ ‫ُّب�و َة ‪ ،‬وهم‬ ‫ٌ‬ ‫الكذابين الذين يدَّ عون الن َّ‬ ‫ُخ ُ‬ ‫نِ ٍ‬ ‫سوة أو أربع ‪.‬‬

‫ظهور مدعي‬ ‫النبوة‬

‫ِ‬ ‫س�الة ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحابة ئ وما‬ ‫عصور‬ ‫ومنهم ف�ي‬ ‫الر‬ ‫بعضهم في‬ ‫خرج ُ‬ ‫وق�د َ‬ ‫عصر ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األجيال ‪.‬‬ ‫بعض‬ ‫بعدها ‪ ،‬وال يزالون يظهرون في‬ ‫وفيهم َ‬ ‫دجالون َّ‬ ‫قريب ِمن ثالثين‬ ‫كذابون ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫قال ‪ « : m‬ال تقو ُم الساع ُة حتَّى ُيب َع َث َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪ُ ،‬ك ُّلهم يز َع ُم أنَّه‬ ‫رسول ال َّل ِه » ((( ‪.‬‬

‫ب الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سالة ُم َس ِيلم ُة َّ‬ ‫وأو ُل من ظهر ِم َن َّ‬ ‫أرض‬ ‫اب ‪ِ ،‬من‬ ‫الكذ ُ‬ ‫َّ‬ ‫الكذابين في عهد صاح ِ ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫نجد ‪ ،‬وقد ك ُثر أتبا ُعه ‪ ،‬وع ُظم ش�ره على الم ِ‬ ‫س�لمين ‪ ،‬حتَّى قت َله الصحاب ُة ئ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األو ِل أبي ٍ‬ ‫الصديق ؤ ‪.‬‬ ‫بكر‬ ‫في معركة « اليمامة » على عهد الخليفة َّ‬ ‫((( وم�ن أغ�رب مظاهر هذا الفصل مطالبة بع�ض المتطرفين من دعاة الخ�وارج الجدد علماء‬ ‫المذهبي�ة والصوفية للتوبة وتجديد اإلسلام ‪ ،‬ونش�ر بعضهم في اإلنترن�ت احتفال أولئك‬ ‫بكافر دخل اإلسالم وحسن إسالمه ‪ ،‬وكان ذلك الكافر ـ من وجهة نظرهم ـ مسلما صوفيا‬

‫دخل إلى الحظيرة السلفية ‪ ،‬وحسن إسالمه بعد رجوعه عن مذهب الصوفية ‪ ،‬وتوبته على‬

‫أيديهم ‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وحدي�ث ( « بينما أنا نائم رأيت فى يدي س�وارين من ذهب‪،‬‬ ‫خ�اري (‪. )7121‬‬ ‫صحي�ح ال ُب‬ ‫(((‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬

‫فأهمن�ي ش�أنهما ‪ ،‬فأوح�ي إلى فى المن�ام أن انفخهم�ا ‪ ،‬فنفختهما فط�ارا فأولتهما كذابين‬ ‫يخرج�ان بع�دي » ‪ ،‬ف�كان أحدهما العنس�ي واآلخر مس�يلمة الك�ذاب صاح�ب اليمامة)‬ ‫صحيح البخاري (‪. )3621‬‬

‫‪267‬‬

‫مسيلمة الكذاب‬ ‫واألسود العنسي‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكذلِ َ‬ ‫ُّب�و َة ؛ وقت َله الصحاب َة‬ ‫�ي في‬ ‫اليم�ن » ‪ ،‬وا َّدعى الن َّ‬ ‫هور « األس�ود ال َعنْس ِّ‬ ‫�ك ُظ ُ‬ ‫ِ‬ ‫النبي ‪. m‬‬ ‫ئ ً‬ ‫أيضا في حياة ِّ‬

‫حديث ِ‬ ‫الز َب ِير ء ‪َّ « :‬‬ ‫ُ‬ ‫إن َبي َن يدَ ِي‬ ‫والعنسي » ور َد‬ ‫وفي ِك َليهما « ُم َس ِيلم َة‬ ‫ابن ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الساعة ثالثين َّ‬ ‫اليمامة»‪.‬‬ ‫ب‬ ‫كذا ًبا ‪ِ ،‬م ُنه ُم ‪ :‬األسو ُد‬ ‫ب صنعا َء ‪ ،‬وصاح ُ‬ ‫العنسي صاح ُ‬ ‫ُّ‬ ‫يعني ‪ُ :‬م َس ِيلم ُة ‪.‬‬

‫سبعة وعشرون وفيم�ا أخرجه أحمدُ عن ح َذيف َة ؤ بِ ٍ‬ ‫س�يكون في ُأ َّمتي َّ‬ ‫ُ‬ ‫كذابون‬ ‫س�ند ج ِّي ٍد ‪« :‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫دجاال منهم أربعة‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫نبي بعدي »(((‪.‬‬ ‫دجالون ‪ ،‬سبع ٌة وعشرون منهم ُ‬ ‫َّ‬ ‫أربع نسوة ‪ ،‬وأنا خات ُم النب ِّيين ؛ ال َّ‬ ‫نسوة‬ ‫والمقصو ُد بالدَّ َّجالين َّ‬ ‫أمرين ‪:‬‬ ‫الكذابين أحدُ َ‬

‫ِ‬ ‫األول‪ :‬م ِن ادعى النُّبو َة وأنَّه يوحى إ َليه ‪ ،‬كمس ِ‬ ‫وس�ج ِ‬ ‫اح و ُطليح َة‬ ‫واألس�ود‬ ‫�يلم َة‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ َ‬

‫األسدي(((‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫الناس بما لم ُي ِّنز ِل ال َّل ُه بِه‬ ‫والثاني ‪َ :‬من قا َمت ش�وكتُه ‪ ،‬وك ُثر أتبا ُعه ‪ ،‬واش�تهر َبي َن‬ ‫آل الب ِ‬ ‫�لطان ‪ .‬كالمختار بن ُعب ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يت والمطالب َة بد ِم‬ ‫يد‬ ‫المختار الثقفي ِمن ُس‬ ‫أظهر محب َة ِ َ‬ ‫ُ ُ ُ َ‬ ‫الثقفي ‪ ،‬الذي َ‬ ‫ُّ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الز َب ِير في‬ ‫ونزول‬ ‫�ين ‪ ،‬وك ُث َر أتبا ُعه ُث َّم ا َّدعى الن َُّّبو َة‬ ‫جبريل ع َل ِيه ‪ .‬وقد قت َله اب ُن ُّ‬ ‫ُ‬

‫المل ِ‬ ‫الفة ِ‬ ‫الكذاب ‪ ،‬خ�رج في ِخ ِ‬ ‫ِ ِ ((( ِ‬ ‫عبد ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ك ِ‬ ‫َ‬ ‫الح�ار ُ‬ ‫مروان ‪،‬‬ ‫بن‬ ‫�م‬ ‫َ‬ ‫ث َّ ُ‬ ‫الحارث الكذاب خالفت�ه ‪ .‬وم ُنه ُ‬ ‫ف ُقتِل ‪ .‬وخرج في ِخ ِ‬ ‫الفة بني الع َّب ِ‬ ‫اس جماع ٌة ((( ‪.‬‬ ‫َ‬

‫((( مسند أحمد (‪. )24067‬‬ ‫((( اإلشاعة (ص‪. )96‬‬

‫((( سير أعالم النبالء (‪ « ، )543 :3‬أشراط الساعة » ص‪ 115‬ليوسف الوابل ‪.‬‬ ‫((( فتح الباري (‪. )617/6‬‬

‫‪268‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وظه�ر‬ ‫الس�اعة (الوابِ�ل)((( ‪:‬‬ ‫أش�راط‬ ‫�ب ِكت�اب‬ ‫ومنه�م القاديان�ي ‪ ،‬ق�ال صاح ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المس�يح‬ ‫بالهن�د ‪ ،‬وا َّدعى الن َُّّبو َة ‪ ،‬وأنَّه‬ ‫القادياني‬ ‫العص�ر‬ ‫ف�ي‬ ‫الحديث ميرزا أحم�دُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬

‫أحمد القادياني‬

‫ِ‬ ‫المنت َظ ِ‬ ‫�ر‪َّ ،‬‬ ‫وأنص�ار ‪ ،‬ور َّد ع َل ِيه‬ ‫أتباع‬ ‫الس�ماء ‪،‬‬ ‫حي في‬ ‫وصار ل�ه ٌ‬ ‫وأن عيس�ى َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ليس بِ ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫شار إ َليهم في الحديث ‪.‬‬ ‫جمل ٌة م َن ال ُعلماء ‪ ،‬واعتبروه أحدَ الدَّ َّجالين ُ‬

‫ِ‬ ‫عصرن�ا ا َّدع�ى المهد َّي َة ع�د ٌد ِم� َن َّ‬ ‫وف�ي‬ ‫األكاذيب‬ ‫روج�ون‬ ‫َ‬ ‫الكذابي�ن ‪ ،‬الذي�ن ُي ِّ‬ ‫واألضاليل بِهذا االد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عاء ‪ ،‬ولهم ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يخدعون بما يقولونه‬ ‫العنكبوتية‬ ‫الشبكة‬ ‫مواق ُع في‬ ‫ِّ‬

‫مدعو المهدية‬ ‫المعاصرون‬

‫ِ‬ ‫جهل َة‬ ‫المرحلة وضحاياها(((‪.‬‬

‫ِ‬ ‫يك�ون ِ‬ ‫�روج ِم ِ‬ ‫وال ُ‬ ‫َ‬ ‫آخ ُرهم‬ ‫أخب�ر عنه ‪ ، m‬حتَّى‬ ‫ه�ؤالء ُمتو َّق ًعا ‪ ،‬كما‬ ‫ثل‬ ‫ي�زال ُخ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫مع الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحديث عن َس ُمر َة ِ‬ ‫بن ُجندُ ٍ‬ ‫ب ؤ َّ‬ ‫أن‬ ‫األعور ‪ ،‬كما ور َد في‬ ‫ال‬ ‫خروجا َ‬ ‫ً‬ ‫ت الشمس على ِ‬ ‫طبة الودا ِع يوم كس َف ِ‬ ‫قال في ُخ ِ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪َ m‬‬ ‫َ‬ ‫عهده ‪ « :‬وإنَّه وال َّل ِه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يخرج ثالثون َّ‬ ‫آخر ُه ُم‬ ‫ال تقو ُم الساع ُة حتَّى‬ ‫الدج ُال ((( » ‪.‬‬ ‫األعور َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫كذا ًبا ُ‬

‫الدجاج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للدج ِ‬ ‫َّ‬ ‫وقد َ‬ ‫ال‬ ‫والكذابين ‪،‬‬ ‫لة‬ ‫وظائف‬ ‫النبي ‪َ m‬بي َن‬ ‫واعتبرها تمهيدً ا َّ‬ ‫َ‬ ‫ربط َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وزم�ن ‪ ، ،‬فقد َروى‬ ‫عصر‬ ‫الصحيح�ة في ك ُِّل‬ ‫الديانة‬ ‫األع�ور وعملاً ُمش�تركًا ِض�دَّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫اإلما ُم أحمدُ عن أبي َبكر َة ؤ َ‬ ‫قال‬ ‫الرج ِل‬ ‫ش�أن هذا‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ m‬في‬ ‫ُ‬

‫اب ِمن ثالثين َّ‬ ‫– يعني ‪ُ :‬م َس ِيلم َة ‪ « : -‬أما بعدُ فقد أكثرتُم في شأنِه ؛ فإنَّه َّ‬ ‫كذا ًبا‪،‬‬ ‫كذ ٌ‬ ‫الدج ِ‬ ‫يخرج�ون َ‬ ‫ِ‬ ‫المس�يح إلاَّ المدين َة ‪...‬‬ ‫عب‬ ‫لي�س بلدٌ إلاَّ يدخ ُل�ه ُر ُ‬ ‫�ال ‪ ،‬وإنَّه َ‬ ‫قب�ل َّ‬ ‫((( ص‪.115‬‬ ‫ِ‬ ‫((( وممن اشتهر بغلوه في الرفض ال بادعاء النبوة اب ُن الكواء الذي َ‬ ‫علي ‪ « :‬وإن َ​َّك‬ ‫قال له اإلما ُم ٌّ‬ ‫حديث ِ‬ ‫ِ‬ ‫لت ‪ :‬ما آياتُهم؟ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫الرفض ‪ ،‬و ُيؤ ِّيدُ ه‬ ‫وكان يغلو في‬ ‫ِمنهم » ‪.‬‬ ‫مر ؤ ‪ُ ،‬ق ُ‬ ‫ابن ُع َ‬ ‫« يأتونكم بِ ُسن ٍَّة لم تكونوا ع َليها » ‪ .‬اإلشاعة ص‪. 97‬‬ ‫((( مسند أحمد (‪.)20711‬‬

‫‪269‬‬

‫ين وظائف‬ ‫الربط َب َ‬ ‫الدجاجلة‬ ‫واألعور الدجال‬


‫إلخ»((( ‪.‬‬ ‫قتال التُّرك‬ ‫والعجم‬

‫قِتال الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫والعجم‬ ‫ُّرك‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ�ر ِك وال َع َج ِم‪ ،‬والت ُ‬ ‫ُّرك ُهنا َغ ُير العج ِم َ‬ ‫قال‬ ‫وم ْن َعلاَ َمات الس�اعة ُّ‬ ‫الص ْغ َرى قت َُال الت ْ‬ ‫الحديث – أي ‪ :‬حديث ِق ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫جاب بِ َّ‬ ‫تال ال َعج ِم – َغ ُير‬ ‫أن هذا‬ ‫اب� ُن‬ ‫حجر ‪ُ ( :‬يمك� ُن أن ُي َ‬ ‫ِ‬ ‫تال الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫تال الت ِ‬ ‫قتال الطائفتَين)((( ‪ِ ،‬‬ ‫ويجتم ُع ِمنهما اإلنذار بِ ِ‬ ‫حديث ِق ِ‬ ‫فق ُ‬ ‫ُّرك ‪،‬‬ ‫ُّرك يرتبِ ُط‬ ‫ُ‬ ‫بِمرحلتَين ‪:‬‬

‫ِ‬ ‫قات�ل الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�لمون الت َ‬ ‫الصحابة‬ ‫عص�ر‬ ‫ُّ�رك ِمن‬ ‫المرحل ُة األولى ق�د وق َع�ت ‪ ،‬وق�د َ ُ‬ ‫الفة بني ُأمي َة وفي ِ‬ ‫ئ ‪ ،‬وذلِ َك في أو ِل ِخ ِ‬ ‫عهد ُمعاوي َة ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬

‫قتال التتار في‬ ‫أواخر العصر‬ ‫العباسي‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�مى ِ‬ ‫وخ�رج الت ُ‬ ‫اس�ي ود َّمروا‬ ‫ُّ�رك ً‬ ‫َ‬ ‫التتار والمغول ف�ي أواخ ِر العهد الع َّب ِّ‬ ‫أيضا بِ ُم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المس�اجدَ ‪ ،‬وعاثوا في‬ ‫الخالف َة ‪ ،‬وقتلوا ال ُعلما َء ‪ ،‬وأحرقوا‬ ‫األرض فس�ا ًدا((( حتَّى‬

‫((( مسند أحمد (‪. )6652‬‬

‫((( فتح الباري (‪. )607 :6‬‬

‫((( ذكر الدكتور محمد أحمد إس�ماعيل المقدم في كتابه «فقه أش�راط الس�اعة» ص‪ 20‬تعليقا‬ ‫على الحديث «اتركوا الترك ما تركوكم» ‪ :‬فمتى تم إمس�اك المس�لمين عن اس�تفزاز الترك‬

‫واستش�ارتهم ؛ فس�لموا من غائلتهم إل�ى أن خالفوا التوجيه النبوي ‪ ،‬ق�ال الحافظ ابن كثير‬

‫رحم�ه الله تعالى ‪ « :‬وق�د قتل جنكيز خان من الخالئق ما ال يعلم عددهم إال الذي خلقهم‬ ‫‪ ،‬ولكن كانت البداءة من «خوارزم ش�اه» فإنه لما أرس�ل جنكيز خان تجارا من جهته معهم‬

‫بضائع كثيرة من بالده ‪ ،‬فانتهوا إلى إيران فقتلهم نائبها من جهة خوارزم شاه ‪ ،‬وأخذ جميع‬

‫ما كان معهم فأرس�ل جنكيز خان إلى خوارزم ش�اه ؛ يس�تعلمه هل وقع هذا األمر عن رضا‬ ‫منه أو أنه ال يعلم به ‪ ،‬فلما سمع خوارزم شاه ذلك من رسول جنكيز خان لم يكن له جواب‬

‫سوى أن أمر بضرب عنقه ؛ فأساء التدبير ‪ ،‬وقد ورد في الحديث «اتركوا الترك ماتركوكم» ‪.‬‬ ‫فلما بلغ ذلك جنكيز خان تجهز لقتاله ‪ ،‬وأخذ بالده فكان بقدر الله تعالى ما كان من األمور‬

‫التي لم يسمع بأغرب منها وال أبشع ‪.‬اهـ‪.‬‬

‫‪270‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫معركة « َع ِ‬ ‫َ‬ ‫ودخل‬ ‫جالوت » ‪،‬‬ ‫ين‬ ‫المظ َّف ُر « ُق ُط ُز » ‪ ،‬وهز َمهم في‬ ‫َ‬ ‫لهم المل ُك ُ‬ ‫تص�دَّ ى ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويالت‬ ‫المضطر ِبة ِم�ن‬ ‫المرحلة‬ ‫خريات‬ ‫كثير ِمنهم إلى اإلسلا ِم ‪ ،‬وف�ي ُأ‬ ‫تاريخ الدُ‬ ‫ٌ‬ ‫ثمان ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫األتراك ِمن بني ُع َ‬ ‫اإلسالمية أعا َد‬ ‫الخالف َة اإلسالمي َة إلى مكانِها الصحيح »(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫قرار الم ِ‬ ‫َ‬ ‫واإلسلامي‪.‬‬ ‫العربي‬ ‫س�لمين في العال ِم‬ ‫ور‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الكبير في تَوحيد ِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫لهم الدَّ ُ‬ ‫وكان ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫الحمي�د الثاني ‪ ،‬الذي بإس�قاطِه َ‬ ‫ُ‬ ‫العربي‬ ‫العال�م‬ ‫دخل‬ ‫الس‬ ‫�لطان عبدُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫وكان آخ ُره�م ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هن واالستِ ِ‬ ‫والو ِ‬ ‫عمار ‪.‬‬ ‫واإلسالمي في مرحلة ال ُغثاء َ‬ ‫ُّ‬

‫الزمان مع نِ ِ‬ ‫تال الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّرك لِلم ِ‬ ‫وأما المرحل ُة الثاني ُة ِمن ِق ِ‬ ‫س�لمين فس�يأتي ف�ي ِ‬ ‫هاية‬ ‫آخر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫س�يكون ِ‬ ‫ِ‬ ‫كن�ز ال ُف ِ‬ ‫الص�را ِع عل�ى ِ‬ ‫القت ُ‬ ‫ُ‬ ‫األحاديث ‪.‬‬ ‫رات ‪ ،‬كم�ا ور َد في‬ ‫َ�ال على الدُّ نيا قتال التُّرك على‬ ‫ِّ‬ ‫حرب الماء وكنز‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�مى « بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذهب » ‪،‬‬ ‫وكن�ز‬ ‫الماء‬ ‫ح�رب‬ ‫َبي� َن‬ ‫والمس�لمين منه�م ‪ .‬وهو ما ُي َّ‬ ‫الع�رب ُ‬

‫ِ‬ ‫حاوالت لِ‬ ‫ٍ‬ ‫المعاصرة هيمن ٌة على منابِ ِع ال ُف ِ‬ ‫ِ‬ ‫صرف ِ‬ ‫ِ‬ ‫مسارها‬ ‫مياهه عن‬ ‫رات و ُم‬ ‫ولتُركيا‬ ‫المألوف إلى ِج ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�ار‬ ‫الصرا ِع في‬ ‫هات ُأخرى ُر َّبما كانَت من‬ ‫أس�باب ِّ‬ ‫المس�تقبل ُ‬ ‫أعلم(((‪.‬‬ ‫إ َليه ‪ .‬وال َّل ُه ُ‬

‫((( مصداقا لما قاله ‪ m‬فيما رواه أبو هريرة ؤ بعد ذكر لقتال الترك ‪ ،‬قال ‪ « :‬وتجدون من‬

‫خير الناس أش�دهم كراهية لهذا األمر ‪ ،‬حتى يقع فيه ‪ ،‬والناس معادن خيارهم في الجاهلية‬

‫خياره�م في اإلسلام » ‪ .‬اهـ صحيح البخ�اري ‪ ،‬كتاب المناقب ‪ ،‬ب�اب عالمات النبوة في‬

‫اإلسالم (‪ )604 :6‬الفتح ‪.‬‬

‫((( وع�ن مفهوم حرب الم�اء ورد عن عبدالله بن عمرو بن الع�اص ؤ في المعجم الكبير‬

‫للطبراني (‪ :)8857‬عن القاسم قال ‪ :‬مد الفرات على عهد عبد الله فكره ذلك الناس فقال‬

‫عب�د الل�ه ‪ :‬ال تكرهوا فإنه يوش�ك أن يأتي على الناس زمان يلتمس فيه طس�ت من ماء وال‬

‫يوجد ذلك حين يرجع كل ماء إلى عنصره ويكون بقية الماء والمؤمنون بالشام‪.‬‬

‫وف�ي نفس المصدر ‪ :‬ش�كي إل�ى ابن مس�عود الفرات فقال�وا ‪ :‬إنا نخ�اف أن ينبثق علينا‬

‫فلو أرس�لت إليه من يس�كره فق�ال عبد الله ‪ :‬ال نس�كره فو الله ليأتين عل�ى الناس زمان لو‬ ‫التمس�وا فيه على طس�ت من ماء ما وجدتموه ليرجعن كل ماء إلى عنصره ويكون فيه الماء‬

‫‪271‬‬

‫الذهب‬


‫الباب فكثير ٌة ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ومنها ‪:‬‬ ‫األحاديث في هذا‬ ‫و أ َّما‬

‫ •« ال تق�وم الس�اع ُة حتَّى يقاتِ َل الم ِ‬ ‫س�لمون الت ُ‬ ‫ِّ‬ ‫كالمجان‬ ‫جوهه�م‬ ‫ُّ�رك َقو ًما ُو ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الش ِ‬ ‫عر ويمشون في َّ‬ ‫طر َق ِة يل َبسون َّ‬ ‫عر»((( ‪.‬‬ ‫الش َ‬ ‫الم َ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫العرب حتَّى تلح َقها بِ‬ ‫ِ‬ ‫لتظهر َّن الت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الشيح والقيصو ِم‬ ‫منابت‬ ‫ُّرك على‬ ‫وحديث «‬ ‫ •‬ ‫َ‬ ‫فأنا أكره ِقتا َلهم لِذلِ َك» (((‪.‬‬

‫راض األَ ِ ِ‬ ‫غار األع ُي ِن َّ‬ ‫ُ‬ ‫جوههم‬ ‫ •‬ ‫وحديث « إن ُأ َّمتي يسو ُقها َقو ٌم ِع ُ‬ ‫كأن ُو َ‬ ‫ُ‬ ‫وجه ص ُ‬ ‫ِ‬ ‫(ثالث مر ٍ‬ ‫ات) حتَّى يلحقوهم بِ‬ ‫ِ‬ ‫العرب ‪ ،‬أ َّما السابِق ُة ألولى‪،‬‬ ‫جزيرة‬ ‫ف‬ ‫الح َج ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫بعض ‪ ،‬وأ َّما الثالِث ُة‬ ‫بعض وينجو ٌ‬ ‫هرب ِمنهم ‪ ،‬وأ َّما الثاني ُة ف َيه َل ُك ٌ‬ ‫فينج�و َم�ن َ‬ ‫فيصطلم�ون ُك ُّله�م م�ن ِبقي ِمنهم » ‪ .‬قا ُلوا ‪ :‬يا نبي ال َّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ه َمن هم ؟ َ‬ ‫هم‬ ‫قال ‪ُ « :‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قال ‪ « :‬أما والذي نفسي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت ُ‬ ‫ُّرك » ‪َ .‬‬ ‫مساج ِد‬ ‫بيده ‪ ،‬ليربِ ُط َّن ُخيو َلهم إلى سواري‬ ‫َ‬ ‫الم ِ‬ ‫سلمين »(((‪.‬‬ ‫ُ‬

‫وحديث « اتركوا الت َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّرك ما تركوكم » ((( ‪.‬‬ ‫ •‬

‫رس�ول ال َّل ِه ‪ « : m‬ي ِ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫�مر َة ؤ َ‬ ‫وأ َّما ِق ُ‬ ‫ُ‬ ‫وش ُك‬ ‫قال‬ ‫تال العج ِم ففيه‬ ‫ُ‬ ‫حديث َس ُ‬ ‫أن يم َ‬ ‫َّ‬ ‫وج�ل أيد َيكم ِم َن العج ِم ‪ُ ،‬ث َّم يكونون ُأ ْس�دً ا ال ِيف ُّ�رون ؛ فيقتلون‬ ‫عز‬ ‫لأ ال َّل� ُه َّ‬

‫والمسلمون بالشام‪.‬‬ ‫((( صحيح م ِ‬ ‫سل ٍم (‪. )7497‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العرب» وكأنَّها إِش�ار ٌة إلى مرحلة تنفص ُل‬ ‫((( مس�ند أبي يعلى (‪ ، )7376‬والح ْظ َقو َله‪« :‬على‬ ‫ِ‬ ‫عن الدُّ ِ‬ ‫ول العربي ُة ِ‬ ‫ِمنها الدُّ ُ‬ ‫الح ٌظ َ‬ ‫اآلن ‪.‬‬ ‫ول اإلسالمية كما هو ُم َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫يوسف الوابل ص‪. 121-120‬‬ ‫((( مسند أحمد (‪« ، )22951‬‬ ‫أشراط الساعة » ُ‬ ‫((( سنن أبي داود (‪. )4304‬‬

‫‪272‬‬


‫مقاتِلتَكم ويأكلون في َئكم »(((‪.‬‬

‫رس�ول ال َّل ِه ‪ « : m‬ي ِ‬ ‫�ك أن يم َ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫وع�ن أب�ي ُه َري�ر َة ؤ َ‬ ‫وش ُ‬ ‫عز‬ ‫قال‬ ‫أل ال َّل ُه َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫وجل أيد َيكم ِم َن العج ِم ‪ُ ،‬ث َّم َي ْج َع ُل ُه ْم ُأ ْسدً ا ال ِيف ُّرون ؛ فيقتلون مقاتِلتَكم ويأكلون‬ ‫(((‬ ‫ِ‬ ‫العج�م ُهنا هم ُد ُ‬ ‫أعلم ـ َّ‬ ‫الغ�رب و َمن حال َفهم ‪.‬‬ ‫ول‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫في َئك�م » ‪ ،‬ويب�دو ـ وال َّل� ُه ُ‬

‫ِ‬ ‫روب الك ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫واإلسالمي ِخ َ‬ ‫والثانية‪،‬‬ ‫َونية األولى‬ ‫العربي‬ ‫العالم‬ ‫وقد اس�تعمروا‬ ‫الل ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫واقتس�موها فيم�ا َبينَه�م ‪ ،‬ورس�موا خرائ َطه�ا ‪ ،‬واس�تثمروا ثرواتِها إل�ى اليو ِم في‬ ‫ِ‬ ‫والعلمنة والع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الثالث ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرحلة االستِ ِ‬ ‫ولمة ‪ ،‬أو ما أشرنا إ َليها بِ‬ ‫ِ‬ ‫عمار‬ ‫لمانية‬ ‫الع‬ ‫المراحل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هتار ُث َّم االس�تِ ِ‬ ‫ُث َّم االس�تِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الزمان‬ ‫س�تقبل‬ ‫الغزو بقي ٌة في ُم‬ ‫يك�ون لِهذا‬ ‫ور َّبما أن‬ ‫ثمار ‪ُ .‬‬ ‫ٍ‬ ‫لِ ٍ‬ ‫أعلم ‪.‬‬ ‫صور ُأخرى‬ ‫َ‬ ‫ونماذج ُمس َّيسة ‪ ،‬وال َّل ُه ُ‬

‫كثرةُ القتلِ‬

‫العالم�ات التي تكررت ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�اعة الص ْغرى َك ْثر ُة ال َقت ِْل‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وم�ن َعلاَ م ِ‬ ‫أزمن ٌة‬ ‫وم َن‬ ‫ات‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫بعدَ ُأخرى على ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫رسول ال َّل ِه‬ ‫سماه‬ ‫الكثرة والتزا ُي ِد (كثر ُة‬ ‫صفة‬ ‫القتل) ‪ ،‬وهو ً‬ ‫أيضا ما َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪( m‬بِ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪َ m‬‬ ‫َ‬ ‫حديث أبي ُه َرير َة ؤ َّ‬ ‫ِ‬ ‫أن‬ ‫الهرج) ‪ ،‬كما ور َد في‬ ‫قال‪ « :‬ال‬

‫ُ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫الهرج يا‬ ‫الهرج » قا ُلوا ‪ :‬وما‬ ‫تقو ُم الساع ُة حتَّى يك ُث َر‬ ‫«القتل»(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫وعن أبي ُموسى ؤ ِ‬ ‫النبي ‪َ m‬‬ ‫قال ‪َّ « :‬‬ ‫الهرج » قا ُلوا ‪:‬‬ ‫الساعة‬ ‫إن َبي َن يدَ ِي‬ ‫َ‬ ‫عن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫قال ‪ُ « :‬‬ ‫الهرج ؟ َ‬ ‫الواحد أكثر‬ ‫أكثر ِم َّما نقت ُ​ُل؟ إنّا َلنَقت ُ​ُل في العا ِم‬ ‫وما‬ ‫ُ‬ ‫القتل » ‪ .‬قالوا ‪ُ :‬‬ ‫ش�ركين ‪ِ ،‬‬ ‫قتل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ولك ْن ُ‬ ‫ِمن س�بعين أل ًفا ‪َ ،‬‬ ‫بعضا » ‪.‬‬ ‫بعضكم ً‬ ‫قال ‪ « :‬إنَّه َل َ‬ ‫كم ُ‬ ‫يس بِقتل ُ‬

‫((( مسند أحمد (‪. )20656‬‬

‫((( أي ‪ :‬يحصدونه ‪ ،‬رواه الطبراني في الكبير (‪.)6921‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪. )7439‬‬

‫‪273‬‬

‫كثرة القتل‬


‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫قول ِ‬ ‫ُنزع ُع ُ‬ ‫يومئذ ؟! َ‬ ‫ف له‬ ‫أهل ذلِ َك‬ ‫قالوا ‪ :‬ومعنا عقو ُلنا‬ ‫الزمان ‪ ،‬ويخ َّل ُ‬ ‫قال ‪ « :‬إنَّه لت ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ (((‬ ‫َهبا ٌء ِم َن الن ِ‬ ‫شيء ‪ ،‬و َليسوا على شيء »‬ ‫أكثرهم أنَّه على‬ ‫ّاس ن‬ ‫ُ‬ ‫يحسب ُ‬

‫رسول ال َّل ِه ‪ « : m‬والذي نفسي بِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫وعن أبي ُه َرير َة ؤُ َ‬ ‫يده ال تذهب‬ ‫قال‬ ‫كثرة الهرج حتَّى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫يم َ‬ ‫فيم ُقتل » ‪.‬‬ ‫قتل ‪ ،‬وال‬ ‫يأتي على‬ ‫المقتول َ‬ ‫الناس يو ٌم ال يدري القات ُل ف َ‬ ‫ال يدري القاتل الدُّ نيا حتَّى َ‬ ‫فيم َقت َ​َل وال‬ ‫يكون ذلِ َك ؟ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪« :‬‬ ‫كيف‬ ‫الهرج »((( ‪.‬‬ ‫فقيل َ‬ ‫ُ‬ ‫المقتول فيم ُقتِ َل؟‬ ‫س�لمين ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصفة فيما بين الم ِ‬ ‫ُ‬ ‫برز جل ًّيا‬ ‫القت�ل ـ على ه�ذه‬ ‫واله ْ�ر ُج ـ أي ‪:‬‬ ‫أنفس�هم َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِم�ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫مقت�ل ُع َ‬ ‫الر َّد ِة أو‬ ‫كح‬ ‫ثمان ؤ ؛ لأِ َّن‬ ‫بعد‬ ‫وقع قبل ذل َك ُ‬ ‫القت�ل الذي َ‬ ‫�روب ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحاب�ة ئ ِضدَّ َمن أبى ال�زكا َة أو َم ِن ارتدَّ حقيق ًة‬ ‫غيره�ا إنَّم�ا وقع بإجما ِع‬ ‫ِ‬ ‫عن اإلسال ِم‪.‬‬

‫استباحة القرامطة‬

‫عة ‪ ،‬التي جرت في ِ‬ ‫تن المتنو ِ‬ ‫سلمين ِخ َ ِ‬ ‫وقد حصدَ الهرج آال ًفا ِمن الم ِ‬ ‫عهد‬ ‫الل الف ِ ُ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫عصر الدُ و ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫العضوض في العهدَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يالت وما استُبيح‬ ‫اسي ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫لك‬ ‫ِ َ‬ ‫ين األُ ِّ‬ ‫موي والع َّب ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫والقرام ِ‬ ‫ِ‬ ‫روب المتنو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فِيه�ا ِم� َن الدماء ِخ َ‬ ‫والز ِ‬ ‫نج‬ ‫الخ�وار ِج‬ ‫كح�رب‬ ‫عة ‪.‬‬ ‫طة ِّ‬ ‫الح ِ ُ ِّ‬ ‫لال ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتواريخ َّ‬ ‫ِ‬ ‫القرام َط َة عا َم ‪317‬هـ اس�تباحوا‬ ‫أن‬ ‫الس� َي ِر‬ ‫ذكرت ُكت َ‬ ‫ُب ِّ‬ ‫وغيره�م ‪ ،‬وق�د َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلفاض�ة ‪ ،‬و ُأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫صحن‬ ‫حص َي ِم�ن قتالهم في‬ ‫طواف‬ ‫الش�ريف بِم َّك َة ف�ي يو ِم‬ ‫لحجاج الحرم الح�ر َم‬ ‫َ‬ ‫عام ‪ 317‬هـ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬ ‫وح ِصدَ في ُح ِ‬ ‫روب الع َّباس� ِّيين‬ ‫الح�ر ِم وم�ا َحو َل�ه ثالثين أل ًفا ف�ي معركة واح�دة ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫مع�ار ِك االمتِ ِ‬ ‫داد ِ‬ ‫ِ‬ ‫أو الدف�ا ِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫صار‬ ‫الع�رب في‬ ‫ئ�ات‬ ‫واألُمو ِّيي�ن ِم ُ‬ ‫المل�ك ‪ ،‬حتَّى َ‬ ‫عن ُ‬

‫العه�د األُموي ِمثالاً لِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجماعي ِخ َ‬ ‫لقائد‬ ‫الل‬ ‫القتل‬ ‫مالح ِم‬ ‫�ف في‬ ‫وس َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫الحجاج ب ُن ُي ُ‬ ‫الدموي الس َّف ِ‬ ‫اك ‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫((( مسند أحمد (‪. )20019‬‬

‫((( صحيح مسلم (‪. )7488‬‬

‫‪274‬‬


‫كم�ا َّ‬ ‫اآلالف‬ ‫ذهب فيها‬ ‫ُ‬ ‫روب الكَوني� َة األولى والثاني َة وما قب َلها وما بعدَ ها َ‬ ‫الح َ‬ ‫أن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مة ‪ِ .‬‬ ‫سل ِ‬ ‫سل ِ‬ ‫مة و َغ ِير الم ِ‬ ‫عوب الم ِ‬ ‫وخ َ‬ ‫ِم َن ُّ‬ ‫الغربي‬ ‫وتهيئة العال ِم‬ ‫القبلية‬ ‫المرحلة‬ ‫الل‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫الش ِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫العرب والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫سلمين لِ َق ِ‬ ‫بول االستِ ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫روب‬ ‫وح‬ ‫بِال َد‬ ‫صول ُ‬ ‫عمار والتجزئة والتقسي ِم ‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫لية بين ال ُقوى الم ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫المئات ‪.‬‬ ‫لو‬ ‫ذهب كذلِ َك‬ ‫المئات ت َ‬ ‫تنازعة ‪َ ،‬‬ ‫الداخ َ َ‬ ‫ُ‬

‫األتراك ‪ ،‬وحروب الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومنه�ا حروب ال َّث ِ‬ ‫ِ‬ ‫دود َبي َن ُد ِ‬ ‫ول‬ ‫العربية‬ ‫ورة‬ ‫المزعومة ِضدَّ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�وار للتوس� ِع في المنطِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫�روب هم أعدا ُء‬ ‫الح‬ ‫الداع ُم‬ ‫وكان‬ ‫ق�ة ‪،‬‬ ‫األساس�ي لهذه ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ستعمرين والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ستثمرين ‪.‬‬ ‫الم‬ ‫ُ‬ ‫المسلمين م َن ُ‬ ‫ُ‬

‫حصاد الحروب‬ ‫العالمية لآلالف‬ ‫من البشر‬ ‫حروب الثورة‬ ‫العربية المزعومة‬ ‫ضد األتراك‬ ‫والحروب القبلية‬ ‫والحزبية‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫تنازعين على‬ ‫روب‬ ‫وحص�دَ ت ُح ُ‬ ‫التحرير فيما َبي َن ال ُّث َّو ِار أن ُفس�هم المئات م َن ُ‬ ‫ِ‬ ‫آن�ذاك ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ومث ُلها ما ُح ِصدَ ِم َن ُّ‬ ‫معارك‬ ‫�عوب في‬ ‫الش‬ ‫اليمن‬ ‫جنوب‬ ‫القرار ف�ي‬ ‫أملاك‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصرا ِع الباتِ ِر َبي َن‬ ‫اليم�ن و َثورتِه ِض�دَّ النِّظا ِم‬ ‫الملكي ‪ ،‬وماجرى بعدَ ذل َك من فتَ�ن ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الوحدة ِ‬ ‫ِ‬ ‫اليمن َفوجا بعدَ آخر حتَّى ِ‬ ‫ال ُقوى في بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وخال َلها ‪ ،‬بِ‬ ‫النظر عن‬ ‫صرف‬ ‫عهد‬ ‫الد‬ ‫ِ ً‬ ‫َ‬ ‫ومصير ِ‬ ‫دين و ُل ٍ‬ ‫المبادئ أو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عدمها ‪ ،‬فالجميع م ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وأهل ٍ‬ ‫سلمون ُ‬ ‫واح ٍد ‪.‬‬ ‫غة‬ ‫عدالة‬ ‫ُ ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والص ِ‬ ‫ِ‬ ‫وم ُ‬ ‫ومال‬ ‫ث�ل هذا نراه في‬ ‫أرض الرافدَ ين وفلس�طي َن والباكس�تان واألفغ�ان ُّ‬ ‫داخ ٍ‬ ‫�روب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫والقرار‬ ‫الحك� ِم‬ ‫لية َبي َن‬ ‫ـ إل�ى الي�و ِم ـ ِم�ن ُح‬ ‫والمس�لمين على ُ‬ ‫الع�رب ُ‬ ‫والس ِ‬ ‫ُ‬ ‫ونسأل ال َّل َه السالم َة فيما ِبق َي ‪.‬‬ ‫لطان ‪،‬‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫المساج ِد والتباهي بها‬ ‫زخرفةُ‬

‫المس�اج ِد والتفنُّ�ن في زينتِها ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ونقش�ها‬ ‫الس�اعة الصغ�رى زخرف ُة‬ ‫عالمات‬ ‫وم�ن‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خاص ًة بِ‬ ‫ُ‬ ‫مرحلة‬ ‫يست َّ‬ ‫والتفاخ ِر والتباهي بها َبي َن األشباه واألقران ‪ ،‬وهذه الظاهر ُة َل َ‬ ‫مراح َل ِ‬ ‫ظاهر ٌة شم َل ْت ِعدَّ َة ِ‬ ‫م ٍ‬ ‫عينة‪ ..‬وإنَّما هي ِ‬ ‫وأزم ٍنة ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪275‬‬

‫الحروب الطائفية‬

‫زخرفة المساجد‬ ‫والتباهي بها‬


‫ِ‬ ‫مر ب َن الخ َّط ِ‬ ‫ولم يس َلم فِيها إلاَّ‬ ‫الصحابة ‪ ، n‬وقد ُأثِ َر َّ‬ ‫اب‬ ‫عصر‬ ‫أن س ِّيدَ نا ُع َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أم�ر بِ‬ ‫َ‬ ‫النبوي َ‬ ‫وإياك‬ ‫المط�ر ‪،‬‬ ‫الناس ِم َن‬ ‫المس�ج ِد‬ ‫تجدي�د‬ ‫قال ‪َ « :‬أك� َّن َ‬ ‫ِّ‬ ‫لم�ا َ‬ ‫ؤ َّ‬ ‫أن الذين جاءوا بعدَ ذلِ َ ِ‬ ‫الن�اس » ((( ؛ إلاَّ َّ‬ ‫ُحم َ�ر أو تُص ِّف َ�ر فتفتِ� َن‬ ‫الحكَّا ِم‬ ‫َ‬ ‫�ك م َن ُ‬ ‫أن ت ِّ‬ ‫ُ‬ ‫واألُ ِ‬ ‫الزخرف�ة لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لمس�اج ِد ‪ ،‬وال َ‬ ‫زال فِيها ما هو‬ ‫ش�أن‬ ‫والسلاطين أس�رفوا في‬ ‫م�راء‬

‫ومصر وبِ ِ‬ ‫اآلن بِالش�ا ِم ِ‬ ‫ق�ال ال ُب ِ‬ ‫ِ‬ ‫المغر ِ‬ ‫ب واألند ُل ِ‬ ‫س و َغ ِيرها‪َ ..‬‬ ‫قائ�م إلى َ‬ ‫خار ُّي ‪:‬‬ ‫لاد‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬

‫اس ‪ :‬لت ِ‬ ‫وقال اب ُن ع َّب ٍ‬ ‫عمرونها إلاَّ قليلاً ‪َ .‬‬ ‫َ‬ ‫ُزخر َفنَّها كما‬ ‫ق�ال ٌ‬ ‫�م ال ُي ِّ‬ ‫أنس‪ :‬يتباهون بها ُث َّ‬ ‫زخر َف ِ‬ ‫ت اليهو ُد والنصارى((( ‪.‬‬

‫أن بعض الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫المس�اج ِد ِعندَ ما ص�ار ِت الزخرف ُة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظاهر َة‬ ‫زخرفة‬ ‫تس�امح في‬ ‫لماء‬ ‫َ‬ ‫ويبدُ و َّ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ظاهرة تسامح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مس�اجدُ م َّك َة‬ ‫تس�لم من ذل َك حتَّى‬ ‫وخاص� ًة ف�ي مراح ِل الترف والب�ذخِ ‪ ،‬ولم‬ ‫بعض العلماء في الزم�ان ‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫زخرفة المساجد‬ ‫المراح ِل األُخرى إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫صور األولى أو فيما تالها ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثماني‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫العهد‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ء‬ ‫سوا‬ ‫والمدينة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫والزينة ِ‬ ‫وبناء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمنائر ِ‬ ‫ِ‬ ‫كان ِمن مميزاتِه االهتِما ُم بِ‬ ‫الق ِ‬ ‫‪ ،‬الذي َ‬ ‫وغيرها ‪.‬‬ ‫باب‬ ‫الزخرفة‬ ‫وع�ذر الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ك َّ‬ ‫لم�اء الذين تس�امحوا في ذلِ َ‬ ‫ش�عائر ال َّل ِه َأول�ى ِمن تعظي ِم‬ ‫تعظيم‬ ‫أن‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫حة في ِ‬ ‫ج�ود الني ِة الصالِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫َ‬ ‫وذاك َّ‬ ‫فإن‬ ‫ومع هذا‬ ‫مع ُو‬ ‫عل المقصود ‪َ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫المن�از ِل والمباني َ‬

‫ِ‬ ‫والتفاخر مذموم بِال ِخ ٍ‬ ‫الف ‪ ،‬كما َّ‬ ‫أكثر مذ َّم ًة ‪ .‬بل‬ ‫التباهي‬ ‫أن تقليدَ اليهود والنصارى ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫المساجدُ ‪ ،‬وح ِّلي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدمار إذا ُز ِ‬ ‫جا َء الوعيدُ الشديدُ بِ‬ ‫ف كما جا َء في‬ ‫ت‬ ‫خر َفت‬ ‫المصاح ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مصاح َفكم فالدُّ َب ُار‬ ‫مس�اجدَ كم وح َّليتُ�م‬ ‫زوقتُم‬ ‫حدي�ث أب�ي الدرداء ؤ ‪ « :‬إذا َّ‬ ‫ع َليكم» ((( ‪.‬‬

‫بناء المساجد‬ ‫للزينة في‬ ‫المنتزهات‬

‫المزخرفة كج ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الجمالية على‬ ‫زء ِم َن المش�اري ِع‬ ‫المس�اج ِد‬ ‫وأفح�ش ِم�ن ذلِ َك بنا ُء‬ ‫ُ‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )446‬‬ ‫((( المصدر السابق ‪.‬‬

‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪. )3166‬‬

‫‪276‬‬


‫مارية ‪ ،‬بح ِ‬ ‫ِ‬ ‫طات االس�تثِ‬ ‫الش�وار ِع ف�ي المخ َّط ِ‬ ‫ح�ار وال ُطر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البِ ِ‬ ‫يث ُّ‬ ‫تظل‬ ‫ومفارق‬ ‫ق�ات‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫المس�اج ِد مهجور ًة لب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وه َ‬ ‫المساج ِد التي‬ ‫ناك ِم َن‬ ‫حركة‬ ‫عدها عن‬ ‫بعض هذه‬ ‫ُ‬ ‫الناس ‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لمخالِفيهم‬ ‫يتباهى‬ ‫سميات على صفة الضد َّية ُ‬ ‫والم َّ‬ ‫ويتفاخر بها أصحا ُبها باألس�ماء ُ‬ ‫َ‬ ‫والتحقير والس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خرية لِ َغ ِيرهم ‪.‬‬ ‫واللعن‬ ‫وجعلها سب ًبا في الشت ِم‬ ‫ِ ُّ‬

‫‪277‬‬


‫والفتنةِ الرابِعةِ‬ ‫ِ‬ ‫الصرغى في رمحلتَي ِ الدُّهَ ِ‬ ‫يماء ِ‬ ‫ِ‬ ‫نماذ ُج ِم َن‬ ‫العلامات ُّ‬

‫قِراءة ٌ نبوية ٌ ل ِ‬ ‫والوقائع ومواقِ ِف الأُمَّةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لأحداث‬

‫بيع الحكم‬ ‫عالمة صغرى‬

‫الح ِ‬ ‫كم‬ ‫يع ُ‬ ‫بَ ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصراع على الحك ِم ون ُ​ُزو ُل ُه إلى س ِ‬ ‫�وق ال َع ْر ِ‬ ‫ض‬ ‫الص ْغ َرى‬ ‫ُ‬ ‫وم ْن َعلاَ َمات الس�اعة ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الترش�يح واالنتِ ِ‬ ‫وال َّط َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البعض عن‬ ‫تناز ُل‬ ‫س�بيل‬ ‫األموال في‬ ‫دفع‬ ‫خاب ‪ ،‬أو ُ‬ ‫ب‪ ،‬وهو ُ‬

‫ِ‬ ‫مدفوعات ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الناس‬ ‫ماعي َبي َن‬ ‫مالية ‪ ،‬وإث�ار ُة الفوضى‬ ‫صوتِ�ه ُمقابِ َل‬ ‫والتحريش االجت ُّ‬ ‫ِ‬ ‫لطان ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫الجدارة بِالحك ِم والس ِ‬ ‫ِ‬ ‫وانش ُ‬ ‫َ‬ ‫المجتم ِع بما ال‬ ‫الج‬ ‫حول‬ ‫غال ُ‬ ‫ُ‬ ‫مهور األوس ِع م َن ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫الضرورة إلى ‪ :‬امتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمر ‪ِ ،‬م َّما ُيؤ ِّدي بِ‬ ‫ُ‬ ‫الم َ‬ ‫نتخبِين‬ ‫نان هذه‬ ‫يخ ُّص�ه في‬ ‫الجماهير على ُ‬

‫الثق�ة عنهم أم�ام أي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رش ِ‬ ‫والم َ‬ ‫حاد ٍثة أو‬ ‫والضغ�ط ع َليه�م وتحدِّ يه�م ‪ ،‬ونز ِع‬ ‫�حين ‪،‬‬ ‫َ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المرحلة‬ ‫ظواه ِر‬ ‫عاصر ‪ ،‬فهي إحدى‬ ‫الم‬ ‫الح ٌظ في العال ِم‬ ‫قضية ‪ ،‬كما هو ُم َ‬ ‫اإلنساني ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫عاصرة في الم ِ‬ ‫سلمين ‪.‬‬ ‫الم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ش َر ِ‬ ‫ط‬ ‫كثرةُ ال ُّ‬

‫ِ‬ ‫والش�ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والش ُ‬ ‫ط‪ُّ ،‬‬ ‫العساك ُر‬ ‫هم‬ ‫وم ْن َعلاَ َمات الس�اعة ُّ‬ ‫�رط ُ‬ ‫الص ْغ َرى َك ْث َر ُة ال َع َس�اك ِر ُّ َ‬ ‫ِ‬ ‫جاو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مة لِ ِح ِ‬ ‫الخاص� ُة بِاألنظِ ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫الداخ ِ‬ ‫األش�باه‬ ‫�ل‬ ‫ماية‬ ‫رة ِضدَّ‬ ‫َّ‬ ‫والخار ِج من ُحدودها ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والم ِ‬ ‫�رور ِ‬ ‫ِ‬ ‫الداخلي ‪،‬‬ ‫الضب�ط‬ ‫مجموعات‬ ‫وغيرها م�ن‬ ‫واألمث�ال ِمن ُش ْ�ر َط ِة‬ ‫ِّ‬ ‫األمن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وه�ي ِ‬ ‫الداخ ِل‬ ‫الكثرة في‬ ‫ومع ه�ذه‬ ‫ظاه�ر ٌة معلوم ٌة وص َفها‬ ‫النب�ي ‪ « m‬بِالكثرة » ‪َ ،‬‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أي ٍ‬ ‫األحوال أن تتصدَّ ى هذه ُّ‬ ‫كاليهود‬ ‫شترك «‬ ‫الم‬ ‫حال ِم َن‬ ‫�رط ل ِّ‬ ‫ال ُيمك ُن بِ ِّ‬ ‫لعدو ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف�ي فِلس�طِين » ِ ِ‬ ‫ش�تركة ؛ لِع�د ِم ُقدرتِها‬ ‫الم‬ ‫َ‬ ‫وغيرها م َن القضايا العربية واإلسلامية ُ‬ ‫‪278‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اهتمامهم‬ ‫وحصر‬ ‫ش�ترك‬ ‫الم‬ ‫العس�كرية من جه�ة ‪ ،‬ولعد ِم اهتم�ا ِم األنظمة بِالدفا ِع ُ‬ ‫حركة الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمن الم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الداخ ِل لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّجارة‬ ‫س�اع ِد عل�ى‬ ‫نس�بة ِم َن‬ ‫جتمعات ِم َن‬ ‫الم‬ ‫ِ ُ‬ ‫ف�ي تهيئة ُ‬ ‫والوار ِ‬ ‫لصاد ِ‬ ‫ِ‬ ‫االستقرار لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دات فيما َبي َن‬ ‫رات‬ ‫وتحقيق‬ ‫وخدمات النِّظا ِم ذاتِه‬ ‫والسياحة‬ ‫رة والمصدِّ ِ‬ ‫المستثم ِ‬ ‫ِ‬ ‫األنظِ ِ‬ ‫مة والدُّ ِ‬ ‫رة ‪.‬‬ ‫ول‬ ‫ُ‬

‫قطيعةُ ِ‬ ‫الرح ِم‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِح ِم‪ ،‬فال تخلو ُبقع ٌة ال َيو َم ِمن مجتمعاتِنا‬ ‫وم ْن َعلاَ َمات الساعة ُّ‬ ‫الص ْغ َرى قطيع ُة َّ‬ ‫وقطيعة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرح ِم و ُع ِ‬ ‫قوق‬ ‫سري‬ ‫العربية واإلسالمية إلاَّ وهي تُعاني من هذا التفكُّك األُ ِّ‬

‫قطيعة الرحم‬ ‫عالمة صغرى‬

‫اإلسلامية في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوالدَ ين ‪ ،‬وس�ببها ِ‬ ‫والثانوي‬ ‫األساس�ي‬ ‫مواق ِع التعلي ِم‬ ‫التربية‬ ‫انعدا ُم‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالتركي�ز عل�ى الجانِ ِ‬ ‫وإث�ارة ال ِّطبا ِع‬ ‫والثقافي‬ ‫التعليم�ي‬ ‫ب‬ ‫ع�ي ‪ ،‬واالكتِف�ا ُء‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫والجام ِّ‬ ‫ِ‬ ‫األجه�زة ومخرجاتِها في الب ِ‬ ‫ِ‬ ‫الغريزي�ة بِاالختِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س وبِ‬ ‫الم�دار ِ‬ ‫واألندية‬ ‫ي�وت‬ ‫لاط في‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫أخطر ُص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ورها ‪.‬‬ ‫تكون القطيع ُة في‬ ‫المجتم ِع ‪ ،‬وهكذا‬ ‫والمنتزهات وما شاك َلها في ُ‬

‫يكون في ِ‬ ‫الق َ‬ ‫رآن مزامي َر‬ ‫نشء‬ ‫آخ ِر الزما ِن يت ِخ ُذ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬

‫الس�اعة الص ْغرى «ن َْشء يت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن َعلاَ م ِ‬ ‫آن َم َز ِام َير»(((‪ ،‬أي‪ُ :‬ي َح ِّسن َ‬ ‫ون ال ُق ْر َ‬ ‫َّخ ُذ َ‬ ‫ُون‬ ‫ات‬ ‫ٌَ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الحديث‪ ،‬وهذا‬ ‫األحاديث الش�ريف ُة منها ه�ذا‬ ‫أش�ارت‬ ‫األصوات‪ ،‬وإل�ى ذلك‬ ‫ب�ه‬ ‫ْ‬

‫رة ٍ‬ ‫كظاه ٍ‬ ‫ِ‬ ‫رآن ومجو ِدي�ه بِ ِ‬ ‫الن�شء ِمن ح َّف ِ‬ ‫اظ ال ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫دينية في‬ ‫برز ال َيو َم‬ ‫نغمة‬ ‫األصوات قد َ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫واإلسالمية ‪ ،‬والمقصود ِمن ات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّخاذ ال ُق ِ‬ ‫غالِ ِ‬ ‫مزامير صر ُفه‬ ‫رآن‬ ‫العربية‬ ‫جتمعات‬ ‫الم‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ب ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ألغراض ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫سياسية أو‬ ‫دينية أو‬ ‫االستفادة ِمن تع ُّل ِمه وقراءتِه‬ ‫الش�رعية إلى‬ ‫عن وظيفتِه‬

‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫والفاج ُر ‪.‬‬ ‫البر‬ ‫ما ِّدية أو إعالمية ُيحسنُها ُّ‬ ‫((( مسند أحمد (‪. )24697‬‬

‫‪279‬‬

‫نشء القرآن‬ ‫بأصوات المزامير‬ ‫عالمة صغرى‬


‫ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪َ m‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يق�ول ‪ m‬فيما رواه أحمدُ ‪ ،‬ولف ُظه ‪َّ :‬‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫أن‬ ‫الصدد‬ ‫وف�ي ه�ذا‬ ‫ِ‬ ‫واألبيض ‪ ،‬تع َّلم�وه َ‬ ‫يأتي ٌ‬ ‫زمان‬ ‫واألحمر‬ ‫تاب ال َّل ِه يتع َّلمه األس�و ُد‬ ‫ُ‬ ‫« فيك�م ك ُ‬ ‫قبل أن َ‬ ‫ُ‬ ‫ن�اس ‪ ،‬وال ُي ِ‬ ‫أجره‬ ‫الس�هم ؛‬ ‫قو ُم‬ ‫َّ‬ ‫قومونه كما ُي َّ‬ ‫جاو ُز تراق َيه�م ‪ ،‬و ُي ِّ‬ ‫يتع َّل ُم�ه ٌ‬ ‫فيتعجلون َ‬ ‫ُ‬ ‫يتأجلونه » (((‪.‬‬ ‫وال َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال�درداء ؤ َ‬ ‫يذر منه ألِ ًفا‬ ‫قال ‪ « :‬أقر ُأ‬ ‫وع�ن أبي‬ ‫المناف ُق ال ُ‬ ‫الناس لهذا ال ُق�رآن ُ‬ ‫ف البقر ُة الك َ‬ ‫أل بِ ِلسانِها »(((‪.‬‬ ‫واوا ‪ ،‬ي ُل ُّفه بِلسانِه كما ت ُل ُّ‬ ‫وال ً‬

‫نحوه عن ح َذيف َة ‪ ،‬وزاد في ِ‬ ‫ِ‬ ‫آخ ِره ‪ « :‬ال ُي ِ‬ ‫ابن أبي َشيب َة بِ ِ‬ ‫رواية ِ‬ ‫جاو ُز تراق َيه » ‪.‬‬ ‫وفي‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الق ِ‬ ‫ف في ِ‬ ‫ِ‬ ‫األحاديث أنَّه ‪ِ m‬‬ ‫َ‬ ‫وكان‬ ‫راءة ‪،‬‬ ‫فه ُم ِم َن‬ ‫كر َه التك ُّل َ‬ ‫وإسنا ُده ُك ُّلهم ثِ ٌ‬ ‫قات ‪ ،‬و ُي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسه َل على‬ ‫تيس َر له ‪ُ ،‬‬ ‫يح ُّ‬ ‫أمر أصحا َبه أن يقر َأ ك ٌُّل منهم بما َّ‬ ‫ب القراء َة السهل َة ‪ ،‬كما َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مع ُح ِ‬ ‫ِ‬ ‫صول ُ‬ ‫وح‬ ‫ضور‬ ‫وتفه ِم المعاني((( ‪.‬‬ ‫الخشو ِع ُّ‬ ‫القلب ُ‬ ‫لسانه َ‬

‫الجرأة في الفتوى‬ ‫عالمة صغرى‬

‫الجرأةُ في الفتوى‬ ‫ُ‬

‫ظاهر ُة االجتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن َعلاَ م ِ‬ ‫الساعة الص ْغرى الجرأ ُة في ال َفتْوى‪ ،‬وهي ِ‬ ‫الشرعي‬ ‫هاد‬ ‫ات‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف لِ‬ ‫المخالِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحيحة ‪.‬‬ ‫واألحاديث على َغ ِير معانيها‬ ‫اآليات‬ ‫وحمل‬ ‫لحقيقة‬ ‫ُ‬ ‫((( مسند أحمد (‪.)23563‬‬

‫((( مصنف عبدالرزاق (‪. )5987‬‬

‫((( ق�ال التويج�ري ف�ي « إتحاف الجماع�ة » الثاني ص‪« : 123‬إن�ه ـ أي‪ :‬النبي ‪ m‬ـ لم يكن‬ ‫يعلمه�م التجويد ومخارج الحروف ‪ ،‬وكذلك الصحابة ‪ n‬لم ينقل عن أحد أنه كان‬ ‫يعلم التجويد ومخارج الحروف ‪ ،‬ولوكان خيرا لسبقونا إليه» اهـ ‪ .‬ولعل ما أشار إليه الشيخ‬

‫هن�ا مرتب�ط بتلك المرحل�ة التي كانت فيه�ا لغة العرب س�ليمة ومعتنى بها اعتن�اء تاما‪ ،‬أما‬ ‫اليوم فاألمر يقتضي التوسط بين الحالين حتى ال يذهب القرآن بين إفراط المفرط وإضاعة‬

‫المفرط ‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬

‫‪280‬‬


‫رس�ول ال َّل ِه ‪ « : m‬يخرج في ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزمان ِر ٌ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫عن أبي ُه َرير َة ؤ َ‬ ‫جال‬ ‫آخر‬ ‫قال‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫يختِل�ون الدُّ نيا بِ‬ ‫الضأن ِم َن ال ِّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدين يل َبس�ون لِ ِ‬ ‫ين ‪ ،‬ألس�نتُهم أحلى ِم َن‬ ‫لناس ُجلو َد‬ ‫علي ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫ئاب ‪ُ ،‬‬ ‫وب ِّ‬ ‫يجترئون ؟ فبي‬ ‫الس�ك َِّر ‪ ،‬و ُقلو ُب ُه ُم ُق ُل ُ‬ ‫يقول الل ُه ‪ :‬أبي يغترون أم َّ‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تدع‬ ‫الحليم ِمنهم حيرانًا »((( ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫حلفت ألبع َث َّن على أولئك منهم فتن ًة ُ‬ ‫َ‬

‫والختل ‪ :‬هو ِ‬ ‫داع ‪ُ ،‬ي ُ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪ « :‬خ َت َله يختِ ُله ويخ ُت ُله ‪ :‬إذا خد َعه وراو َغه» ‪ .‬وهو ـ أي‪:‬‬ ‫الخ‬ ‫ُ‬ ‫ظاهرة الفتوى‬ ‫عاص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الختل ـ مطابِ ٌق لِ ِ‬ ‫حملة ال ُق ِ‬ ‫والدعوة الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫أولئك إلرضاء الساسة‬ ‫َ‬ ‫وخاص ًة‬ ‫رة ‪،‬‬ ‫رآن‬ ‫الكثير ِمن‬ ‫واق ِع‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫الساسة ود ِ‬ ‫ِ‬ ‫مواق ِ‬ ‫العلم والفتوى إرضاء لِ ِ‬ ‫الذين جعلوا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وكان‬ ‫والقبض‪،‬‬ ‫النقض‬ ‫عاة‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫تحريف المعاني الم َّنز ِلة في ال ُق ِ‬ ‫رآن على ال ُك َّف ِ‬ ‫والم ِ‬ ‫فحو ُروها‬ ‫ور في‬ ‫شركي َن َّ‬ ‫ار ُ‬ ‫ُ‬ ‫لهم َد ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الظاهر ُة ومث ُلها‬ ‫عمت هذه‬ ‫المس�لمين ‪ ،‬وقد َّ‬ ‫المص ِّلين م َن ُ‬ ‫؛ لتُصبِ َح ُح َّج ًة لهم على ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعلما بديلاً عن ِ‬ ‫بِالد العال ِم اإلسلامي والعربي ‪ ،‬وصار ْت فِقها ِ‬ ‫اليهود‬ ‫ش�رك‬ ‫إدانة‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫األوثان لدى‬ ‫وأه�ل‬ ‫اليهود والنصارى‬ ‫ش�رك‬ ‫صار‬ ‫والنص�ارى‬ ‫وأه�ل األوثان ‪ ،‬بل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واالجتراء؛ ظاه�ر ًة مأمون ًة‬ ‫بالخت�ل‬ ‫الموصوفين ف�ي الحديث‬ ‫البع�ض من ه�ؤالء َ‬ ‫الفكرية المتنو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وثقاف ًة حضاري ًة متبادل ًة تبر ُز في اإلعال ِم واالقتِ ِ‬ ‫عة‬ ‫راس�ات‬ ‫صاد والدِّ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حميمة ‪ ،‬تب�ر ُز جلي ًة في ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫صداق�ات ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ص�ور ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ذكية ِ‬ ‫بِ‬ ‫نماذ ِج‬ ‫القات‬ ‫وع‬ ‫مع‬ ‫َّ‬ ‫وغير مس�بوقة َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫العمل االقتِ‬ ‫ِ‬ ‫جرا‪...‬‬ ‫والثقافي‬ ‫شترك‬ ‫الم‬ ‫صادي‬ ‫والسياحي ‪َ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫وه ُل َّم ً‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫والرياضي ُ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآللي لِ ُ‬ ‫َ‬ ‫دار ُ‬ ‫ألم ِم‬ ‫الثقافي واالس�تِتبا ِع‬ ‫ق�ي والوه ُن‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫الخ ُل ُّ‬ ‫وكان به�ا وبِأمثاله�ا االنح ُ‬ ‫ِ‬ ‫األُخرى ؛ وكفى بِ ِ‬ ‫الواق ِع العربي واإلسالمي ِ‬ ‫الحالة ‪.‬‬ ‫شاهدً ا على هذه‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫َقو ُل�ه ‪ « :‬ي َلبس�ون لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اللي�ن » كُني ٌة عن تم ُّل ِقه�م لِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لناس في‬ ‫الض�أن ِم َن‬ ‫لن�اس جلو َد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخلق في وج ِ‬ ‫وههم ‪ ،‬وإِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البشاشة لهم ‪ ،‬واللي ُن‬ ‫ظهار‬ ‫وتحسين‬ ‫المناسبات واإلعال ِم‬ ‫ُ ُ‬

‫((( سنن الترمذي (‪. )2584‬‬

‫‪281‬‬

‫ظاهرة الفتوى في‬ ‫تحريف معاني‬ ‫القرآن‬


‫ِ‬ ‫الحقيقة ‪ ،‬وإنَّما منافق ٌة بِال ِّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫م َعهم َليس على ِ‬ ‫الظاه ِر‪،‬‬ ‫وتكلف وتصن ٌُع في‬ ‫سان‬ ‫وجهه‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫الباطن فهم بِ ِ‬ ‫الف ذلِ َك ‪.‬‬ ‫وأما في‬ ‫ِ ُ‬

‫كر » وفي ِر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫العسل » ‪ .‬إشار ٌة إلى‬ ‫واية ‪ « :‬أحلى ِم َن‬ ‫َقو ُله ‪ « :‬ألسنتُهم أحلى م َن ُّ‬ ‫ظاهرة التجمل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫باأللسنة في ما يصدُ ُر من ُم ِ‬ ‫المعروض على ُّ‬ ‫عوب و ُمناقشات العل ِم والفتوى‬ ‫جمل الحديث‬ ‫الحديث وإخفاء‬ ‫ِ‬ ‫البحثية الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحياة ‪ ،‬ولك َّن ُقلو َبهم‬ ‫�ؤون‬ ‫ظاهر ُش‬ ‫فيدة في‬ ‫والتعليالت‬ ‫والتحليلات‬ ‫ُ‬ ‫الخديعة في‬ ‫القلوب‬

‫ِ​ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫لوب ِّ‬ ‫انط�وت ع َل ِيه ِم َن‬ ‫ئ�اب» ـ لِما‬ ‫َ‬ ‫�م ُق ُ‬ ‫وم�ا يخفون�ه في بواطنه�م ـ إنَّما « ُقلو ُب ُه ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫مرارة ما يخفونه فِيها ـ‬ ‫الصبِ ِر » لِش�دَّ ِة‬ ‫أمر م َن َّ‬ ‫الخبث واللؤ ِم والضغينة َ‬ ‫مع كونها « َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصبِ ِر » ‪ .‬ونتيج ُة هذا ُك ِّله‬ ‫وأمر م َن َّ‬ ‫وف�ي ِرواي�ة ُح َذيف َة ـ « قلو ُبهم أنت ُن م َن الجيفة ‪ُّ ،‬‬

‫وما هم ع َل ِيه وصائرون إ َليه ‪ِ ،‬‬ ‫الحق ُسبحانَه ‪« :‬ألبع َث َّن على أولئك ِمنهم فِتن ًة‬ ‫ف َّ‬ ‫يحل ُ‬ ‫والفتن ُة المشار إ َليها مما ال يحتاج وص ُفه في ِ‬ ‫تدع الحليم ِمنهم حيرانًا » ‪ِ .‬‬ ‫أمة ال ُق ِ‬ ‫رآن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫الفتنة التي تصاب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بها األُ َّمة ثمرة‬ ‫والس�نَّة أما ِم قضاياها المصيرية وقضاياها المحلية واإلقليمية وعجزها ُمجتمع ًة أو‬ ‫ُّ‬ ‫المخادعة‬ ‫أه�داف األُمة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تفرق� ًة بِاعتِ ِ‬ ‫وع َّزتِها‬ ‫تحقيق‬ ‫منهجه وديانتِه عن‬ ‫ب�ار َمن يدَّ عي سلام َة‬ ‫َّ‬ ‫ُم ِّ‬ ‫عسكر ًّيا واقتِصاد ًّيا وتربو ًّيا وثقاف ًّيا وإعالم ًّيا واجتِماع ًّيا ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫تبر ُز بِ‬ ‫ٍ‬ ‫ش�ار‬ ‫تدع‬ ‫وتكا ُد الفتن ُة « التي ُ‬ ‫وضوح في كا َّفة الحاالت ُ‬ ‫الحليم حيرانًا » ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫تدخَل�اَ ِ‬ ‫ت المش�ركين األساس� ِّيين ِم�ن ُد ٍ‬ ‫أث�ر ُّ‬ ‫ومجموعات‬ ‫ول‬ ‫ُ‬ ‫إ َليه�ا ‪ ،‬ب�ل وتُؤ ِّك�دُ َ‬ ‫�ة ـ بِ ِرضاه�ا أو بِ َغ ِير ِر َضاه�ا ـ ِ‬ ‫�ؤون األُم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومنها فِتن ُة‬ ‫العالمي�ة في كا َّف ِة ُش‬ ‫الته�وكات‬ ‫َّ‬ ‫عامالت الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫بوية ‪.‬‬ ‫الم‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬

‫العودة إلى الشرك‬ ‫عالمة صغرى‬

‫الشرك ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعبادةِ الأواث ِن‬ ‫ود إلى‬ ‫العَ ُ‬

‫العرب إلى ِع ِ‬ ‫األمر َع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�اعة الصغرى ِعندَ ُق ِ‬ ‫األوثان‬ ‫بادة‬ ‫�ودة‬ ‫رب‬ ‫عالمات‬ ‫ومن‬ ‫بادة اللاَّ ِ‬ ‫كع ِ‬ ‫لية ِ‬ ‫الجاه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت وال ُع َّزى وذي‬ ‫الشرك التي كانوا يقيمونها في‬ ‫مظاه ِر‬ ‫وإقامة‬ ‫‪282‬‬


‫ا ْل َخ َل َص ِة ِ‬ ‫وغيرها ‪.‬‬

‫س�يكون في األُم ِة بعدَ م ِ‬ ‫الش ُ‬ ‫ُ‬ ‫وهذا ِّ‬ ‫وت ِعيسى ش‪،‬‬ ‫المنصوص على َعودتِه‬ ‫�رك‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ظاهرة تهمة‬ ‫ُ ِ‬ ‫وغيرها الشرك على زوار‬ ‫َ‬ ‫أما َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫واإلفراط‬ ‫لو‬ ‫شرك في األُ َّم ِة ‪ ،‬وإنَّما‬ ‫قبل ذلِ َك فال‬ ‫يكون فيها ال ُغ ُّ‬ ‫والتفريط ُ‬ ‫القبور‬ ‫ِ‬ ‫وج ِبة لِ‬ ‫قاد الم ِ‬ ‫مظاه ِر االعتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫دال الشرعي ‪ ،‬وكثر ُة المعاصي الم ِ‬ ‫خ َّل ِة بِاالعتِ ِ‬ ‫لخسف‬ ‫ِمن‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫والقذف((( ‪.‬‬

‫مرحل�ة ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م�دار ِ‬ ‫القبض‬ ‫س‬ ‫البع�ض ِمن‬ ‫تركيز‬ ‫والوه�ن‬ ‫ثاء‬ ‫ب�رز و َظهر ف�ي‬ ‫ُ‬ ‫وق�د َ‬

‫َ‬ ‫فقه التحوالت‬ ‫ال يشير في‬ ‫العالمات إلى‬ ‫((( ويؤيد هذا القول ما رواه أبو هريرة ؤ أن رس�ول الله ‪ m‬قال ‪« :‬يمس�خ قوم من أمتي تجديد التوحيد‬ ‫آخ�ر الزم�ان قردة وخنازير» ‪ ،‬قالوا ‪ :‬يا رس�ول الله ‪ ،‬مس�لمون هم ؟ قال ‪ « :‬نعم يش�هدون في مرحلة الغثاء‬ ‫أن ال إل�ه إال الل�ه وأن�ي رس�ول الل�ه ‪ ،‬ويصومون ‪ ،‬ويصل�ون» ‪ .‬قالوا ‪ :‬فما بالهم يا رس�ول‬

‫الل�ه ؟ ق�ال ‪ « :‬اتخذوا المع�ازف والقينات والدفوف ‪ ،‬وش�ربوا هذه األش�ربة ؛ فباتوا على‬

‫ش�رابهم ولهوهم ؛ فأصبحوا وقد مس�خوا» ‪ .‬كنز العمال (‪ ، )38735‬هكذا ذكره صاحب‬

‫سبل الهدى والرشاد « ‪. » 664 : 10‬‬

‫وف�ي رواي�ة ع�ن ابن عب�اس ء قال ‪ :‬قال رس�ول الل�ه ‪« : m‬والذي نفس�ي بيده‬

‫ليبيتن ناس من أمتي على أش�ر وبطر ولعب فيصبحوا قردة وخنازير باس�تحاللهم المحارم‬

‫واتخاذهم القينات وش�ربهم الخمر وأكلهم الربا ولبس�هم الحرير» رواه أحمد « ‪» 329 : 5‬‬ ‫وأوله ‪ :‬والذي نفس محمد بيده إلخ‪..‬‬

‫قلت ‪ :‬وهذا الخس�ف والقذف والمس�خ يكون من المصلين المرتكبين للمعاصي ‪ ،‬كما‬

‫هو مالحظ اليوم في األمة نس�أل الله السلامة ‪ ،‬ولم تش�ر األحاديث إلى ش�يء من الشرك‬

‫ال�ذي ه�و أعظم الذنوب وال لش�يء من العقوبات الت�ي تحل بالقبوريين كما يس�ميها أهل‬ ‫ه�ذا الفهم الغريب ‪ ،‬وإنما يكون الهالك والخس�ف والرجف بم�ا تزينه األنظمة من الفنون‬ ‫والثقافات والمعامالت الربوية التي عمت بالد المسلمين وطمت ‪ ،‬وفيها يقول ‪« : m‬البد‬

‫من مسخ وخسف ورجف» ‪ ،‬قالوا ‪ :‬يا رسول الله ‪ ،‬في هذه األمة ؟ قال ‪« :‬نعم ‪ ،‬إذا اتخذوا‬

‫القيان واستحلوا الزنا ‪ ،‬وأكلوا الربا ‪ ،‬واستحلوا الصيد في الحرم ‪ ،‬ولبس الحرير ‪ ،‬واكتفى‬ ‫الرجال بالرجال والنساء بالنساء» سبل الهدى والرشاد « ‪. » 669 : 10‬‬

‫‪283‬‬


‫ِ‬ ‫المس�ألة وات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّهامهم لِلم ِ‬ ‫الش�رك ‪ ،‬باعتِ ِ‬ ‫س�لمين بِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫حصل ِمن‬ ‫ب�ار ما‬ ‫والنقض على هذه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتقديس لل ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫التقديس‬ ‫َّب على هذا‬ ‫تعظي ٍم‬ ‫بور واألولياء األموات واألحياء ‪ ،‬وما ترت َ‬ ‫س�ن الظن ف�ي الب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫ِ‬ ‫التوس ِ‬ ‫له‬ ‫ِم َن‬ ‫والمجاذيب وش�دِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫�ل واالس�تغاثة واالستش�فا ِع ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫والحوليات ِ‬ ‫وغير ذلِ َك ‪.‬‬ ‫الزيارات‬ ‫حال إلى‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التشريك فك َّفروا بها الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫سلمين‬ ‫المنهج ُجمل ٌة ِمن تُه ِم‬ ‫حملة هذا‬ ‫اجتمع لدى‬ ‫وقد‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الناق ِ‬ ‫المدرس�ة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضة للعرى بين الم ِ‬ ‫وأناب على ِ‬ ‫س�لمين ِم َن‬ ‫نهج‬ ‫تاب‬ ‫َ‬ ‫جمي ًع�ا إلاَّ َمن َ‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫الق�رن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الثام ِ‬ ‫المحاو ِر‬ ‫حارب�ة‬ ‫وتأس َس�ت على ُم‬ ‫�ن وما تاله ‪ ،‬وهذه المدرس� ُة قا َمت َّ‬ ‫ِ‬ ‫الثالثة ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫آل الب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫األو ُل ‪ُ :‬‬ ‫يت على أنها أصنا ٌم ‪،‬‬ ‫تعليل مش�اهد األنبياء واألولي�اء من ِ َ‬ ‫حور َّ‬ ‫الم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫طواغي�ت تُع َبدُ ‪ِ ،‬‬ ‫النبي‬ ‫األموات‬ ‫و َم�ن فِيها ِم َن‬ ‫ُ‬ ‫ويج ُ‬ ‫قبر ِّ‬ ‫ب هد ُمها وإزالتُه�ا بما فيها ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪m‬‬ ‫المدينة ‪.‬‬ ‫وصاح َبيه في‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لم�اء الم ِ‬ ‫س�لمين المرتبِطي�ن بِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسلامي القائ ِم‬ ‫التاريخ‬ ‫حور الثاني ‪ :‬كا َّف� ُة ُع‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫الم ُ‬ ‫ِ‬ ‫جواز التوس ِل واالستِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمفتين بِ ِ‬ ‫غاثة واالستِشفا ِع‬ ‫ُّ‬ ‫على احترا ِم األموات واألحياء ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بور) و(كهن ُة معابِدَ ) ِ‬ ‫الشرعية (سدن ُة ُق ٍ‬ ‫بِ‬ ‫ب محاربتهم وقتلهم ‪.‬‬ ‫الشروط‬ ‫ويج ُ‬

‫ِ‬ ‫�ث ‪ :‬رعاي�ا الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ح�ور الثالِ ُ‬ ‫منهج‬ ‫أقط�ار‬ ‫س�ائر‬ ‫س�لمين في‬ ‫الم‬ ‫�ج َ‬ ‫ينه ُ‬ ‫األرض ممن َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�رعية الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم�دار ِ‬ ‫واألموات‬ ‫األحي�اء‬ ‫والحولي�ات واحترا ِم‬ ‫للزي�ارات‬ ‫بيحة‬ ‫س‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�عوب قبوري� ٌة و ُع َّبا ُد‬ ‫لو ُش‬ ‫ٌ‬ ‫بضوابطه�ا الش�رعية أو بالوق�و ِع في طر َف ِي اإلفراط وال ُغ ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫انطل�ق بِه حمل ُة‬ ‫األساس�ي‪ ،‬الذي‬ ‫التكفي�ر‬ ‫أضرح�ة و ُمش�ركون‪ ..‬ويش�م ُلهم مبد ُأ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تحت الس�ب ِع ال ِّط ِ‬ ‫اإلطلاق » ‪ ،‬بِ‬ ‫صرف‬ ‫ب�اق كافِ ٌر على‬ ‫التوحي�د‬ ‫السياس�ي « ك ُُّل َمن َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫المدرس�ة إلى الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫سلمين ُعلما َء ُ‬ ‫وشعو ًبا‬ ‫نظر‬ ‫ُ‬ ‫النظر عمن ينفي هذه المقول َة ‪ ،‬وينفي َ‬ ‫‪284‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المشاه ِد وال ُق ِ‬ ‫فاألساس الذي انطل َقت منه الرؤي ُة َ‬ ‫كان وال‬ ‫الصورة ‪،‬‬ ‫بور بهذه‬ ‫وإلى‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ينطل ُق لِ‬ ‫ِ‬ ‫األقل ِ‬ ‫بالتدريج ‪ِ ،‬من ِخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الل‬ ‫تحقيقه و َل�و‬ ‫ك�م ‪ ،‬أو على‬ ‫زال يحم ُ�ل هذا ُ‬ ‫الح َ‬ ‫وحملة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫انتِ ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫المتنامي ‪ ،‬س�وا ًء أعلنوا انتما َءهم‬ ‫كر‬ ‫المدرس�ة‬ ‫ش�ار أتبا ِع‬ ‫ِّ‬ ‫التكفي�ري ُ‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫�ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫كرة ‪ِ ،‬‬ ‫لِ َموطِ ِ‬ ‫مو ِلة‬ ‫الم ِّ‬ ‫أو اس�تق ُّلوا عنها ‪ ،‬فالعبر ُة بِالفك�رة ورواجها ال الجهات ُ‬ ‫أس�باب ال ُّظ ِ‬ ‫هور ‪ ،‬فتِ َ‬ ‫مخاطر‬ ‫لك ينطوي كش� ُفها على‬ ‫المه ِّيئ لها‬ ‫لها ‪ ،‬وال‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫المحض ِن ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫خطيرة ‪.‬‬ ‫وتعقيدات‬ ‫جم ٍة‬ ‫َّ‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ش�يء‬ ‫مجموعه إلى‬ ‫ش�ير في‬ ‫م�ع أن فِق� َه‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫التحوالت وقراءة عالمات الس�اعة ال ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫أع�راض ِ‬ ‫بي�ح لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم�ن ت ِ‬ ‫ُهمة ذلِ َك الك ِ‬ ‫َ‬ ‫الم ِ‬ ‫وأموال‬ ‫ودما َء‬ ‫هؤالء أو لِ َغ ِيرهم‬ ‫َ‬ ‫ُفر أو الش�رك ُ‬ ‫ِ‬ ‫يد ٍ‬ ‫َّوحيد عل�ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫مرحلة‬ ‫أحد في‬ ‫تجديد للت‬ ‫مرحلة‬ ‫ُش�ير إلى‬ ‫المص ِّلين ‪ ،‬وال ت ُ‬ ‫وعقائ�دَ ُ‬ ‫ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والف ِ‬ ‫األفاعيل بِالهر ِج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تنة ‪ ،‬وبِ‬ ‫الساعة ت َِص ُم َ‬ ‫ثاء ‪ ،‬بل َّ‬ ‫مشاركة‬ ‫مثل هذه‬ ‫عالمات‬ ‫إن‬ ‫ِ َْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الثروات على ِح ِ‬ ‫المغلوبة‬ ‫ساب األُ َّم ِة‬ ‫والمستثمرين في اقتسا ِم مصالِ ِح‬ ‫ستعمرين‬ ‫الم‬ ‫ُ‬ ‫مرحلة ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّب على ِقراءتِها‬ ‫ثاء‬ ‫في‬ ‫النبي ‪ m‬وما ترت َ‬ ‫والوهن وهذا ما َّ‬ ‫نصت ع َليه ُسنَّ ُة ِّ‬ ‫قه التحو ِ‬ ‫في فِ ِ‬ ‫الت((( كما سيأتي ‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫((( بل إن الس�نة الش�ريفة أكدت سالمة المصلين في جزيرة العرب من الشرك وعبادة األصنام‪،‬‬ ‫وأن الذي يدور في المرحلة إنما هو التحريش بين المصلين بإدراك من فاعليه أو بغير إدراك‬

‫لع�دم اطالعه�م على الركن الراب�ع من أركان الدي�ن ‪ ،‬ويؤيد هذا األم�ر حديث ابن عباس‬ ‫ؤ قال ‪ :‬خرجت مع رسول الله ‪ m‬من المدينة فالتفت إليها ‪ ،‬وقال ‪ « :‬إن الله برأ هذه‬

‫الجزيرة من الشرك » ‪ .‬رواه أبو يعلى والبزار والطبراني (‪ )228 : 10‬سبل الهدى والرشاد ‪.‬‬

‫وق�د ب�وب اإلمام محمد بن يوس�ف الصالحي الش�امي المتوفى س�نة ‪942‬ه�ـ في كتابه‬ ‫«س�بل الهدى والرش�اد ‪ ،‬الباب الحادي والعش�رون» في إخباره ‪ m‬ب�أن جزيرة العرب ال‬

‫تعب�د فيه�ا األصنام أب�دا ‪ ،‬وذكر الحديث ‪ « :‬إن الش�يطان ق�د يئس أن يعب�ده المصلون في‬

‫جزي�رة الع�رب ‪ ،‬ولك�ن في التحريش بينه�م » ‪ .‬وعلق على ذلك بقوله ‪ « :‬ق�ال ابن مالك «‬

‫المصل�ون » المؤمنون عبر عنهم بالمصلين ؛ ألن صالتهم هي الفارقة بين اإليمان والكفر‪،‬‬

‫‪285‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وبِما َّ‬ ‫وخنع لها َمن‬ ‫األمر ‪،‬‬ ‫السيطرة ‪،‬‬ ‫دائرة‬ ‫خرجت عن‬ ‫َ‬ ‫أن المسأل َة قد َ‬ ‫واستفحل ُ‬ ‫ظاهرتا اإلفراط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتفريط هما‬ ‫المس�لمون‬ ‫ومرت‬ ‫خن�ع ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الس�نوات ت َ‬ ‫واقتن�ع بها َم ِن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صار ُ‬ ‫لو األُخرى حتَّى َ‬ ‫اقتنع ‪َّ ،‬‬

‫المسؤولتان عن‬ ‫الصراع العقدي‬

‫وأض�اف «العب�ادة» في قول�ه « أن يعبده » إنما نس�بها إلى الش�يطان لكونه داعي�ا إليها ‪ .‬اهـ‬

‫«ص‪ 404‬الجزء العاشر» ‪.‬‬

‫وف�ي ذل�ك روى الب�زار عن علي بن أبي طالب ؤ أنه قال ‪ :‬قال رس�ول الله ‪« : m‬‬

‫إن الش�ياطين قد يئس�ت أن تعبد ببل�دي » ‪ ،‬هذا يعني المدينة والجزي�رة العربية ‪ ،‬ولكن في‬

‫التحريش بينهم ‪ .‬ذكره الهيثمي في المجمع (‪. )302 : 3‬‬

‫ويؤكد هذا المنحى حديث عبادة بن نس�ي قال ‪ :‬دخلت على ش�داد بن أوس ؤ في‬

‫مصلاه ‪ ،‬وه�و يبكي فقلت ‪ « :‬يا أبا عبدالرحمن ما الذي أبكاك ؟ قال ‪ :‬حديث س�معته من‬ ‫رس�ول الل�ه ‪ ، m‬فقلت ‪ :‬ما هو ؟ قال ‪ :‬بينما أنا عند رس�ول الل�ه ‪ m‬إذ رأيت بوجهه أمرا‬

‫ساءني ؛ فقلت ‪ :‬بأبي وأمي يا رسول الله ‪ .‬ما الذي أرى بوجهك ؟! قال ‪ « :‬أمر أتخوفه على‬ ‫أمتي من بعدي » ‪ .‬قلت ‪ :‬وما هو ؟ قال ‪ « :‬الش�رك وش�هوة خفية » ‪ .‬قال ‪ :‬قلت ‪ :‬يا رس�ول‬ ‫الله ‪ ،‬أتش�رك أمتك من بعدك ؟! قال ‪ « :‬يا ش�داد ‪ ،‬أما إنهم ال يعبدون شمس�ا وال قمرا وال‬

‫وثنا وال حجرا ‪ ،‬ولكن يراءون الناس بأعمالهم » ‪ .‬قلت ‪ :‬يا رس�ول الله ‪ ،‬الرياء ش�رك هو ؟‬

‫قال ‪ « :‬نعم » ‪ .‬قلت ‪ :‬فما الش�هوة الخفية ؟ قال ‪ « :‬يصبح أحدكم صائما فتعرض له ش�هوة‬ ‫من شهوات الدنيا فيفطر ‪ .‬رواه أحمد والحاكم ‪.‬‬

‫وأما ما يدندن عليه عساكر النقض والقبض ‪ ،‬وينفعلون من أجله فهو على أحد أمرين ‪:‬‬ ‫ • ٍ‬ ‫غيرة على التوحيد يجب االستفادة منها بالنظر في تصحيح كافة اإلفراطات اللفظية‬ ‫والعملي�ة ‪ ،‬وتوجيه عامة المس�لمين إلى السلامة في العقائ�د بالحكمة والموعظة‬ ‫الحسنة دون لجاج أو إحراج ‪.‬‬

‫ •اس�تتبا ٍع لسياسة الخوارج في حمل الش�به على المصلين وتكفيرهم بها ‪ ،‬واستثمار‬ ‫ه�ذا الص�راع إلقص�اء آل البي�ت والصوفي�ة والمذهبية ع�ن موقع التأثي�ر الروحي‬ ‫واالجتماع�ي ؛ ليصفو الجو والزمان لمروجي التكفير والتبديع وأكل المال الحرام‬ ‫والمعاملات البنكي�ة الربوية وش�به الربوية ‪ ،‬وغم�ط حقوق الش�عوب من العمال‬

‫والمصلين والسخرية بهم ‪ ،‬مقابل خدمة التوحيد السياسي المندرج ضمن عالمات‬

‫الساعة ‪.‬‬

‫‪286‬‬


‫ي ِ‬ ‫بعضا ؛ َّ‬ ‫هل ُ‬ ‫فإن الحقيق َة التي ال زا َلت في َم َظا ِّنِها‬ ‫بعضهم ً‬ ‫بعضا ‪ ،‬و ُيك ِّف ُر ُ‬ ‫بعضهم ً‬ ‫�ك ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫المخدوعة‬ ‫الجماعات‬ ‫ومنافيخ ُس�مو ِم‬ ‫تكاثرت ضبابي ُة الباطِ ِل ‪،‬‬ ‫هي الحقيق ُة مهما‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الشجاعة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صداقية وأ َّما‬ ‫والم‬ ‫وترشيدها إلى‬ ‫تحتاج في ُمواجهتِها‬ ‫والفصائل ‪ ،‬ولكنَّها‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلفراط في االعتِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االنح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫راف ِ‬ ‫والعبادات وس� ِّي ِئ‬ ‫قادات‬ ‫صول‬ ‫وح‬ ‫مس�أل ُة‬ ‫عن الجا َّدة ُ‬ ‫تصحيحها والو ِ‬ ‫ِ‬ ‫العادات ؛ فمسأل ٌة يسه ُل ِعالجها ‪ ،‬بل هي ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوف‬ ‫الع َّل ُة التي ال ُبدَّ ِمن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫قوف أمام فِ ِ‬ ‫مثل الو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتكفير‪،‬‬ ‫التشريك‬ ‫تنة‬ ‫أما َم أوراقها وعللها لدى الجمي ِع ‪ .‬ومث ُلها ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ف�كال الحالت ِ‬ ‫ش�ك َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وتفريط مهي ٌن ‪ ،‬وال َّ‬ ‫يتم‬ ‫أن‬ ‫إفراط َمش�ي ٌن‬ ‫َين‬ ‫َ‬ ‫التصحي�ح واإلعاد َة ُّ‬ ‫بِ ُأ ٍ‬ ‫مور ‪:‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أو ُلها رد ُش ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشرك المؤ ِّد ِية‬ ‫وخاص ًة ُشبه ُة‬ ‫حم ٍد ‪، m‬‬ ‫الش�رك‬ ‫�بهة‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫األكبر عن ُأ َّمة ُم َّ‬ ‫حالل الدِّ ِ‬ ‫إلى اس�تِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لصاق ت ِ‬ ‫واألعراض ‪ ،‬وإِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإثارة ال َفوضى‬ ‫األكبر ‪،‬‬ ‫الش�رك‬ ‫ُهمة‬ ‫ماء‬ ‫الدينية بها في ُعمو ِم بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الد الم ِ‬ ‫َ‬ ‫حصل ‪.‬‬ ‫سلمين كما قد‬ ‫ُ‬

‫تصحيح فتنة‬ ‫التشريك‬ ‫للمسلمين‬ ‫وجوب رد تهمة‬ ‫الشرك عن األمة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثانيها َّ‬ ‫ُّصوص التي اس�تد َّل ْت بها هذه المدرس� ُة ال تنطبِ ُق على‬ ‫اآليات والن‬ ‫أن كا َّف َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يح مرحلت ِ‬ ‫َين ‪:‬‬ ‫المص ِّلي َن وإنَّما موق ُعها الصح ُ‬ ‫المسلمين ُ‬ ‫ُ‬

‫ُ ِ‬ ‫األُولى ‪ :‬مرحل ُة ِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وانتهت بِ ِ‬ ‫فتح م َّك َة‬ ‫لي التي حار َبها‬ ‫رسول ال َّله ‪َ ، m‬‬ ‫الشرك الجاه ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكعبة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإِ ِ‬ ‫جزيرة‬ ‫المواق ِع األُخرى في‬ ‫ومن كا َّف ِة‬ ‫خراج األصنا ِم ِم َن‬ ‫العرب فيما بعدَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العرب ومن ير ُف ُض اإلسال َم ِم َن‬ ‫فيمن ِبق َي ِمن ُمشركي‬ ‫ذلِ َك ‪،‬‬ ‫وانحصرت بعدَ ذل َك َ‬ ‫َ‬ ‫اليهود والنصارى واألُم ِم الكافِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫رة ‪.‬‬ ‫الصريح�ة فيم�ا بع�دَ م ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجاه ِ‬ ‫الثاني ُة ‪ :‬مرحل� ُة الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫�وت عيس�ى ع َل ِيه‬ ‫لي�ة‬ ‫�ودة إل�ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫السال ُم‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫آثاره�ا الصنمي ُة‬ ‫فأ َّم�ا المرحل ُة األولى فق�د حار َبه�ا‬ ‫رس�ول ال َّل�ه ‪ ، m‬واج ُت َثت ُ‬ ‫‪287‬‬

‫مرحلة الشرك‬ ‫األول‬ ‫الجاهلي َّ‬

‫مرحلة العودة إلى‬ ‫الجاهلية‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والعقدي ُة بِهد ِم د ِ ِ ِ‬ ‫أشرنا‬ ‫ُ‬ ‫ور العبادة وإزالة األصنا ِم م َن الكعبة وما حو َلها ‪ .‬وبق َيت كما ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الظواه ِر والمفاهي ِم التي ق�ا َم الصحاب ُة والتابِ َ‬ ‫عون‬ ‫بعض‬ ‫األعراب‬ ‫ل�دى‬ ‫وأش�باههم ُ‬ ‫ِ‬ ‫يبق ِمنها في األُم ِة ش�يء يذكَر ما عدا ما ش�اب ِ‬ ‫بإزالتِها وتت ُّب ِع ِ‬ ‫بادات‬ ‫الع‬ ‫آثارها ‪ ،‬ولم َ‬ ‫َ‬ ‫ٌُ‬ ‫َّ‬

‫ِ‬ ‫األحوال نتيج� َة تراك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المراح ِل‬ ‫ُمات‬ ‫بعض‬ ‫والتفريط في‬ ‫اإلف�راط‬ ‫عتق�دات ِم َن‬ ‫والم‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االحتكاك بِ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫�عوب‬ ‫الش‬ ‫بع�ض المفاهي� ِم الخاطِ ِئة ِم� َن‬ ‫خ�ول‬ ‫الجه�ل ‪ ،‬و ُد‬ ‫�مول‬ ‫وش‬

‫ِ‬ ‫الغازية((( ‪.‬‬

‫الش ِ‬ ‫وأم�ا مرحل ُة الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫المنصوص ع َل ِيه في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ودة إلى ِّ‬ ‫الزمان فمحدَّ ٌد‬ ‫آخ�ر‬ ‫األكبر‬ ‫�رك‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫المرحلة الثانية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يذهب‬ ‫المنصوص ع َليها في الحديث ‪ « :‬ال‬ ‫بعد موت عيسى بما بعدَ َموت عيسى ش ‪ ،‬وبصفته‬ ‫ُ‬ ‫ع َل ِيه السالم‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫لاَّ‬ ‫الليل‬ ‫ُنت‬ ‫والنهار حتَّى تُع َبدَ ال ُت وال ُعزى » ‪ .‬فقالت عائش�ة ‪ :‬يا رس�ول الله إني ك ُ‬ ‫ُ‬

‫ألظ� ُّن حي َن َ‬ ‫أنزل ال َّل ُه ‪( :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬ ‫أن ذلِ َك تا ًّما ‪َ ،‬‬ ‫سيكون ما شاء ال َّل ُه ‪ُ ،‬ث َّم ُ‬ ‫ُ‬ ‫ﮝ ) [الصف‪َّ ]9:‬‬ ‫يحا‬ ‫قال ‪ « :‬إنَّه‬ ‫يبعث ال َّل ُه ِر ً‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ط ِّيب� ًة فتُو ِّف�ي ك َُّل َمن في قلبِ�ه ِم َ‬ ‫خير فيه‬ ‫ثقال ح َّبة من خردل من إيم�ان فيبقى َمن ال َ‬ ‫ِ‬ ‫فيرجعون إلى ِ‬ ‫دين آبائهم » ((( ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫عالمات‬ ‫أرواح المؤمنين ‪ ،‬وه�ذا من‬ ‫وقب�ض‬ ‫الش�رك‬ ‫الحدي�ث يربِ ُط َبي َن‬ ‫وه�ذا‬ ‫ِ‬ ‫الساعة بعدَ عيسى ش ‪.‬‬

‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫ثوبان ؤ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قال‬ ‫حديث‬ ‫وقب َله‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ « : m‬ال تقو ُم الس�اع ُة حتَّى‬

‫((( كما هو في إفراطات بعض الشعوب التركمانية والمغولية خالل فتوحات الدولة العثمانية ‪،‬‬ ‫أو في تفريطات ومعتقدات الشعوب الغازية كالدول االستعمارية ودورها في إضعاف العلم‬ ‫ودور العلماء وتش�جيع الخرافات والعادات الشعبية ‪ ،‬ونفث سموم التسييس االستعماري‬

‫في المجتمعات المسلمة ‪ ،‬وال زال هذا األمر سائدا إلى اليوم ‪.‬‬

‫((( مسلم (‪. )7483‬‬

‫‪288‬‬


‫يلحق ُ‬ ‫َ‬ ‫األوثان » ((( ‪.‬‬ ‫قبائل ِمن ُأ َّمتي المشركين ‪ ،‬وحتى يع ُبدوا‬ ‫َ‬

‫أم�ا ما بي�ن ِ‬ ‫بعثة النبي محم ٍد ‪ m‬إلى ن ِ‬ ‫ُ‬ ‫األكبر‬ ‫فالش�رك‬ ‫ُزول عيس�ى بِل إلى موتِه‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ين بعثة النبي‬ ‫ما َب َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫حمد ‪ m‬وإلى‬ ‫ِ‬ ‫اليهود والنصارى‬ ‫محص�ور في‬ ‫مم التي ُم َّ‬ ‫وأه�ل األوثان م َن األُم ِم األُخرى ‪ .‬هذه األُ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫نزول عيسى‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وجب علينا إدخا ُلها إلى اإلسلا ِم‬ ‫ونش�ر الدع�وة إلى ال َّله فيها إلنقاذه�ا م َ‬ ‫َ‬ ‫ن الكُفر ش ينحصر‬ ‫والنار ‪ ،‬وهذا ما ِ‬ ‫ِ‬ ‫فإن هذه الشرك األكبر في‬ ‫اإلنس�اني ‪ ،‬أ َّما ال َيو َم َّ‬ ‫األسلاف وح َّققوه في العال ِم‬ ‫عم َله‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوس�ائل المتنو ِ‬ ‫إفس�اد الم ِ‬ ‫تعمل ِمن ِخ ِ‬ ‫مم الكافِر َة ُ‬ ‫وتفكيك‬ ‫س�لمين‬ ‫عة على‬ ‫الل‬ ‫ِ ُ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫األُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سياسة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الديانة ِمن ِخ ِ‬ ‫ِعالقتِهم بِ‬ ‫تعليما وتربي ًة‬ ‫والعولمة‬ ‫والعلمنة‬ ‫لمانية‬ ‫الع‬ ‫الل‬ ‫ثوابت‬ ‫ً‬ ‫وسياس� ًة واقتِصادا واعتِقادا كج ٍ‬ ‫المرحلة ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المنصوص ع َليها ‪،‬‬ ‫ثائية‬ ‫سياس�ة‬ ‫زء ِمن‬ ‫ً ُ‬ ‫ً‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشرك ِ‬ ‫أوالك ِ‬ ‫المس�لم بِ‬ ‫اليهود والنصارى ‪،‬‬ ‫ُفر اس�تِتبا ًعا لِ َس�ن َِن‬ ‫المس�لم‬ ‫حتَّى يرمي‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الذين فعلوا ذلِ َك ِمن ُ‬ ‫حديث « َلتتبِ ُع َّن َس�نَ َن َمن َ‬ ‫ُ‬ ‫كان قب َلكم ‪. » ...‬‬ ‫ش�ير‬ ‫قبل ‪ ،‬وإليه ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحديث ُح ُ‬ ‫صول هذه‬ ‫الساعة في األُ َّم ِة ‪ ،‬ومفا ُد‬ ‫عالمات‬ ‫الحديث ‪ .‬وهذه عالم ٌة ِمن‬ ‫الظاه ِ‬ ‫ِ‬ ‫رة في الم ِ‬ ‫سلمين على ِصفتَين ‪:‬‬ ‫ُ‬

‫اليهود والنصارى‬ ‫وأهل األوثان‬

‫ِ‬ ‫بإش�اعة ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتكفير‬ ‫التش�ريك‬ ‫ُهمة‬ ‫التحريش‬ ‫س�لمين سياس� َة‬ ‫(‪ )1‬تبنِّ�ي‬ ‫ِ ُ‬ ‫ظاهرة االستتباع‬ ‫الموعود بِ�ه في ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ ُش�ب ِه االعتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫آخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزمان ‪ ،‬للمشركين في‬ ‫ِ‬ ‫�ر‬ ‫والقب�ض‬ ‫النق�ض‬ ‫وس�ائل‬ ‫ق�اد كإِح�دى‬ ‫َ‬ ‫آخر الزمان‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العقدي لدى فِ ِ‬ ‫كالصرا ِع َبي َن‬ ‫الصرا ِع‬ ‫رق اليهو ُد والنصارى ‪ِّ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫وذل َك بِاس�تتبا ِع فكرة ِّ‬ ‫ِ‬ ‫نجاح هذا الصرا ِع بِدع ِم ال ُقوى االستِ‬ ‫يك ِ‬ ‫روتستانت والكا ُثولِ َ‬ ‫وغيرهم ‪ ،‬وإِ ِ‬ ‫عمارية‬ ‫ال ُب‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نجحت هذه‬ ‫مع بداية مرحلة ال ُغثاء إلى ال َيو ِم داخ َل حظيرة األُ َّمة اإلسلامية ‪ ،‬وقد َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫يمنة االقتِ‬ ‫هات مقابِ َل حصولِها عل�ى اله ِ‬ ‫الش�ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫صادية‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وفر َقت ُأ َّم َة التَّوحيد بِ ُّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫السياس� ُة َّ‬ ‫ِ‬ ‫الغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أس�باب ِ‬ ‫والسياس�ية ‪ ،‬وم�ا تالها ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التضحية‬ ‫واألم�ن ُمقابِ َل‬ ‫والدواء‬ ‫�ذاء‬ ‫تهيئة‬

‫((( سنن الترمذي (‪. )2380‬‬

‫‪289‬‬


‫ِ‬ ‫بِ‬ ‫ِ‬ ‫وركائ ِزه ‪.‬‬ ‫التقليدي‬ ‫األبوي‬ ‫المنهج‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫عناصرها المسيس� ُة و َغير المسي ِ‬ ‫وال زا َل ْت ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�ة ُ‬ ‫والتحريش ِمن‬ ‫اإلثارة‬ ‫تعمل على‬ ‫ُ ُ َ َّ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ناسبات ‪.‬‬ ‫والم‬ ‫الل‬ ‫الوسائل اإلعالمية والشعبية ُ‬

‫سل ِ‬ ‫وفصل ِ‬ ‫عوب الم ِ‬ ‫مة بعدَ استِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫حجز ُّ‬ ‫ونقض‬ ‫بعض ‪،‬‬ ‫بعضها عن‬ ‫عمارها ‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ُ‬ ‫الش ِ ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫التاريخ االس�تِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫�عوب‬ ‫اري إلى ُش‬ ‫عبر‬ ‫قرارها‬ ‫عماري واالس�تهت ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫اإلسلامي ؛ ل َّ‬ ‫تتحو َل َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫لمانية ِ‬ ‫ٍ‬ ‫تغيير ِ‬ ‫لمانية بِ ِ‬ ‫والثقافة واإلعال ِم و َغ ِيرها ‪.‬‬ ‫التربية والتعلي ِم‬ ‫مناه ِج‬ ‫وش ِبه ِع‬ ‫ِع‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كالروس‬ ‫�عوب ش�رق أوروبا‬ ‫إلحاق ُش‬ ‫ومث َلما جرى بعدَ الحر َبين العالميتَين ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والهرسك ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والص ِ‬ ‫اإلسالمية‬ ‫قاطعات‬ ‫الم‬ ‫والبوسنة‬ ‫رب‬ ‫والمجر و ُبلغاريا ِّ‬ ‫وغيرها م َن ُ‬ ‫ك�ر ِ‬ ‫ُّركي�ة بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لح�اق البِ ِ‬ ‫س�اب ًقا بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫�يوعي وإِ‬ ‫الف ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫االش�تراكي ُّ‬ ‫لمان�ي‬ ‫الع‬ ‫لاد الت‬ ‫الش‬ ‫ك�ر‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫تحتضن الرؤى الكافِر َة وشبه الكافِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرأسمالي ‪ِ ،‬مما أظهر أجيالاً ِمن الم ِ‬ ‫رة‪،‬‬ ‫سلمين‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ومث�ل هذا ما يجري إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫عبر التجوي ِع والتطبي ِع‬ ‫التنصير‬ ‫سياس�ة‬ ‫اآلن ِمن‬ ‫ِّ‬ ‫اإلجباري َ‬ ‫ِ‬ ‫وم�ال ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫المجاع�ات ‪ ،‬وما تب ُثه‬ ‫روب وضحايا‬ ‫والص‬ ‫وغيرها لضحاي�ا ُ‬ ‫ف�ي إفريقيا ُّ‬

‫ِ‬ ‫األوطان الم َ ِ ِ‬ ‫التبش�ير ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س بِ‬ ‫الم َس� َّي ِ‬ ‫النصرانية‬ ‫داخ َ�ل‬ ‫�ات‬ ‫جمع َّي ُ‬ ‫س�تذ َّلة م� َن اإللح�اق ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نحر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫والجماعات المضطرين إلى‬ ‫األفراد‬ ‫بعض‬ ‫و َغ ِيرها ؛‬ ‫ف ُ‬ ‫لينخر َط في سلكها ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإليواء ‪.‬‬ ‫والشراب‬ ‫الطعا ِم‬

‫ِ‬ ‫والتفريط ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأم�ا حقيق ُة ُأم ِة محم ٍد ‪ِ m‬‬ ‫اإلفراط‬ ‫وم َن‬ ‫اإلفراط‬ ‫فع َّلتُها الحقيقي ُة في‬ ‫َّ ُ َّ‬ ‫علة األُ َّمة ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشرك وال يث ُب ُت بِه ‪ ،‬وم َن التفريط ما ُيؤ ِّدي إلى م ِ‬ ‫اإلفراط والتفريط ما ُيؤ ِّدي إلى ُشبهة ِّ‬ ‫ثل ذل َك ‪ ،‬وم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصنمية‬ ‫واآلثار‬ ‫األم�وات‬ ‫تقديس‬ ‫البعض من‬ ‫يقع فيه‬ ‫ُ‬ ‫اإلف�راط في االعتقادات م�ا ُ‬ ‫دون ال َّل ِه بِما يخرج الم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الضر والنف ِع في أربابِها ِمن ِ‬ ‫عتقدَ عن حدِّ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫القديم�ة ‪ ،‬واعتق�اد ُّ ِّ‬

‫االعتِ ِ‬ ‫الحك ِم على َمن ُي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫مار ُس مثل‬ ‫أيضا في‬ ‫دال المش�رو ِع ‪ ،‬ومث ُله‬ ‫اإلفراط ً‬ ‫إصدار ُ‬ ‫‪290‬‬


‫ِ‬ ‫هذه االعتِ‬ ‫قادات((( ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جوب تعلي ِم الم ِ‬ ‫سلمين بِ ِ‬ ‫الحك ِم إلى ُو ِ‬ ‫ومآل ِم ِ‬ ‫ُ‬ ‫الدعوة إلى‬ ‫نشر‬ ‫ثل هذا اإلفراط في ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يس بِ‬ ‫وإصدار األحكا ِم‬ ‫والتش�ريك‬ ‫التكفير‬ ‫ال َّله بِالحكمة والموعظة والحس�نة‪ ..‬و َل َ‬ ‫الم ِ‬ ‫سبقة على ُعمو ِم األُ َّم ِة ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫الش�ك وس ِ‬ ‫والنظر إلى األُ َّم ِة بِ َع ِ‬ ‫والتفري�ط ه�و التجافي ِ‬ ‫ُ‬ ‫�وء الظ ِّن ‪،‬‬ ‫ين‬ ‫الحق ‪،‬‬ ‫عن ِّ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ُ‬

‫((( كم�ن فس�ر حدي�ث (ذي َ‬ ‫الخ َل َص�ة) المذكور في عالمات الس�اعة بقوله ‪ :‬ف�إن قبيلة دوس‬ ‫وم�ا حولها م�ن العرب قد افتتنوا بذي الخلص�ة عندما عاد الجهل إلى تل�ك البالد فأعادوا‬ ‫سيرتهما األولى ‪ ،‬وعبدوها من دون الله ‪ ...‬إلخ ما ذكره من تخريبها على يد دعاة التوحيد‬

‫«أشراط الساعة » ص‪/162‬يوسف عبدالله الوابل ‪.‬‬

‫أو كذلك ما فسره صاحب « إتحاف الجماعة » ص‪ 225‬جزء‪ ، 3‬فقال ‪ « :‬وقد وقع األمر‬ ‫طب�ق م�ا أخبر به رس�ول الله ‪ m‬في هذا الحدي�ث ـ أي‪ :‬حدي�ث « ذي الخلصة » ـ وعظم‬

‫افتت�ان أه�ل تب�ال ومن حولهم م�ن القبائل بذي الخلص�ة وأعادوا س�يرتها األولى في زمن‬

‫الجاهلية ‪ ...‬إلخ » ‪ .‬إلى أن قال ‪ « :‬وزال االفتتان بها في زمن والية النجديين على الحجاز‬ ‫ولم�ا زال�ت واليتهم عن الحجاز عاد الجهال إل�ى ما كانوا عليه من االفتتان بها ‪ ،‬حتى ولي‬ ‫المل�ك عبدالعزيز على الحج�از وما حوله ‪ ،‬فبعث عامله على تلك النواحي فهدموا ما بقي‬

‫من بنائها ‪ ،‬ورموا بأنقاضها في الوادي ؛ فعفى بعد ذلك رسمها وانقطع أثرها » ‪.‬‬

‫قل�ت ‪ :‬وه�م قد فعل�وا خيرا بما هدموه من مظه�ر الجاهلية إال أن ه�ذا ال يرتبط بمفهوم‬

‫بعض المس�لمين ‪ ،‬وقد عممت‬ ‫الش�رك ‪ ،‬وإنم�ا هو اإلفراط ف�ي االعتقاد ‪ ،‬وال�ذي يصيب َ‬

‫تهم�ة الش�رك في الجزيرة على كثير من مواقع قب�ور الصحابة وآل البيت ئ واألولياء‬ ‫واعتبروه�ا عبادة لمظاهر الش�رك األكبر ‪ ،‬ولكن عند النظر الصحي�ح في النصوص وقراءة‬ ‫فقه التحوالت وعالمات الس�اعة كما تحدث عنها من ال ينطق عن الهوى ‪ m‬فس�نجد أن‬ ‫ما س�موه ش�ركا أكبر ـ وطه�روا منه الجزيرة ـ إنما ه�و اإلفراط مقابل ما وقع�وا هم فيه من‬

‫التفريط ‪ ،‬أما الشرك األكبر وظهور عبادة األوثان ـ ومنها ذو الخلصة والالت والعزى ومناة‬

‫وغيرها ـ فستعود مرة أخرى إلى الجاهلية بعد مرحلة عيسى ش ‪ ،‬كما نص عليها رسول‬ ‫الله ‪.m‬‬

‫‪291‬‬

‫تحولت محبة‬ ‫األولياء إلى‬ ‫حرب عقدية حتى‬ ‫المفرط في‬ ‫وقع‬ ‫ِّ‬ ‫اإلعجاب باليهود‬ ‫والنصارى‬ ‫ِ‬ ‫والمفرط بالطعن‬ ‫فيهم واالستصغار‬


‫وآل الب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإفساد ِع ِ‬ ‫عوب الم ِ‬ ‫ُ‬ ‫القة ُّ‬ ‫يت‬ ‫سل َم ِة فيما َبينَها ‪،‬‬ ‫وتحويل مح َّبة األولياء فيها ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫الش ِ ُ‬ ‫س�بب رد ِة ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فر ُط بِ‬ ‫ٍ‬ ‫الف ِ‬ ‫عل ـ‬ ‫ع�داوة‬ ‫النب�وي إلى‬ ‫ِ َّ‬ ‫وحرب عقدية ُم َس َّيس�ة ‪ ،‬حتَّى َ‬ ‫ِّ‬ ‫الم ِّ‬ ‫يقع ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قائ�م َ‬ ‫أفكارهم‬ ‫والنظر إل�ى‬ ‫اليه�ود والنصارى‬ ‫تقدي�س وتعظي ِم‬ ‫اآلن ـ في‬ ‫كم�ا هو‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ونفض ِ‬ ‫ين التعظي ِم ‪ ،‬ويقابِ ُله النقدُ والطعن واالس�تِ‬ ‫و ُع ِ‬ ‫لومهم بِ َع ِ‬ ‫اليد‬ ‫صغار لِألولياء ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومظاه ِ‬ ‫االعتقاد في ك ُِّل ُم ٍ‬ ‫تما ًم�ا ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ره بِالمصالِ ِح‬ ‫الصالح‬ ‫ووصف‬ ‫ؤم�ن صالِ ٍح ‪،‬‬ ‫ع�ن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والشعوذة ِ‬ ‫وغير ذلِ َك ‪.‬‬ ‫والح َي ِل‬

‫ح�ق ِ‬ ‫نتوب إل�ى ال َّل ِه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بعض‬ ‫بعضنا على‬ ‫والخي�ر ك ُُّل‬ ‫ف َّ‬ ‫ونعر َ‬ ‫الخي�ر لن�ا جمي ًعا أن َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫والتفريط ‪ ،‬وكفى بِال َّل ِه ول ًّيا‬ ‫اإلفراط‬ ‫صح ُح في الجمي ِع‬ ‫أحي�ا ًء وأمواتًا ‪ ...‬وم�ن َث َّم ُي َّ‬ ‫وكفى بِال َّل ِه شهيدً ا‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫ستجيب ؟‬ ‫فهل ِمن ُم‬

‫( ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ) [األنفال ‪. ]24 :‬‬ ‫وسائل الفحش‬ ‫عالمة صغرى‬

‫الف ِ‬ ‫ِ‬ ‫حش‬ ‫الأجهزةُ الإعلاميةُ ووسائلُ ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظهور‬ ‫الش�ريفة‬ ‫األحادي�ث‬ ‫المش�ار إليه�ا في‬ ‫الص ْغ َرى‬ ‫وم� ْن َعلاَ َم�ات الس�اعة ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عن ِ‬ ‫الحديث ِ‬ ‫والتفح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وسوء ُ‬ ‫مسعود ؤ‬ ‫ابن‬ ‫الخ ُلق‪ ،‬وإلى ذلك ُي ِش ُير‬ ‫ش‬ ‫الفحش‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ق�ال ‪َّ :‬‬ ‫وس�و ُء ُ‬ ‫يظه�ر ال ُف ُ‬ ‫وس�و ُء‬ ‫حش‬ ‫الس�اعة أن‬ ‫أش�راط‬ ‫«إن ِمن‬ ‫ُّ‬ ‫الخ ُل ِق ُ‬ ‫والتفح ُش ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫وار»(((‪.‬‬ ‫دور األجهزة‬ ‫اإلعالمية في‬ ‫إظهار الفحش‬ ‫والتفحش‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلعالمية ِم َن األفال ِم‬ ‫األجه�زة‬ ‫الحديث إش�ار ٌة إلى م�ا تب ُّثه العديدُ ِم َن‬ ‫وف�ي هذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ح�ش ال َق ِ‬ ‫والص ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الصرا ِع‬ ‫يحص ُ�ل ِمن ُف‬ ‫الخليع�ة ِم�ن‬ ‫�ور‬ ‫ول في وص�ف ِّ‬ ‫جانب‪ ،‬وما ُ‬ ‫ُّ‬ ‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪. )38703‬‬

‫‪292‬‬


‫البعض ِمن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫جهة ُأخرى((( ‪،‬‬ ‫هم‬ ‫كومات‬ ‫والح‬ ‫الم‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فتع�ل َبي َن الجماعات ُ‬ ‫وتناول بعض ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البرامج االنتِ‬ ‫خابية واستِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫للتشويه‪،‬‬ ‫نوحات‬ ‫والج‬ ‫إ َّما في اإلعال ِم أو في‬ ‫غالل األخطاء ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ور واألفال ِم‬ ‫العنكبوتية ِمن‬ ‫الش�بكة‬ ‫أجهزة‬ ‫وم�ن ذلك ما ُيس�تخدَ ُم في‬ ‫ع�رض ُّ‬ ‫وفتح المواق ِع الخاص ِة لِذلِ َك ‪ ،‬وح ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الماج ِنة ِ‬ ‫أولئك القائمين ع َليها‪،‬‬ ‫مع‬ ‫رية‬ ‫التواص ِل َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمال ‪.‬‬ ‫الشرف‬ ‫وإضاعة‬ ‫الجدل‬ ‫وإثارة‬ ‫األجيال‬ ‫إلفساد‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتفح ِ‬ ‫ظواه ِر ال ُف ِ‬ ‫وأقراص‬ ‫األسواق ِم َن األفال ِم‬ ‫شاع في‬ ‫باع و ُي‬ ‫ش ‪ :‬ما ُي‬ ‫حش‬ ‫ومن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫من ظواهر‬ ‫عب والدِّ ِ‬ ‫ماء والع ِ‬ ‫الحام ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لة لِ ُص ِ‬ ‫ِ‬ ‫الماج ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ن الفحش ما يباع‬ ‫والرقص‬ ‫والسحر‬ ‫نف‬ ‫الحديثة‬ ‫األجهزة‬ ‫ُ‬ ‫ور ُّ‬ ‫ٍ ويشاع في األفالم‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫سر وس ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫هولة َ‬ ‫أي ِجهة‬ ‫وحصول‬ ‫‪،‬‬ ‫دون َخوف أو ُمراقبة من ِّ‬ ‫الشباب والناشئة ع َليها ب ُي ٍ ُ‬ ‫رسمية في ِ‬ ‫ٍ‬ ‫رسمية أو ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫المرذول ‪.‬‬ ‫الواق ِع‬ ‫شبه‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والبن�ات عل�ى ُد ِ‬ ‫أن ِم�ن ُص ِ‬ ‫والتفح ِ‬ ‫ِ‬ ‫كم�ا َّ‬ ‫خول‬ ‫األوالد‬ ‫تش�جيع‬ ‫�ش‬ ‫ح�ش‬ ‫�ور ال ُف‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫أن هذا جزء ِمن ِ‬ ‫ومواق ِع االختِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الماج ِن ‪ ،‬والتع ُّل َ�ل بِ َّ‬ ‫حياة‬ ‫الط‬ ‫الرق�ص الخلي ِع‬ ‫أندي�ة‬ ‫ُ ٌ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جيل الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫س�لمين إلى هذه‬ ‫الش‬ ‫�عوب وثقافته�ا ‪ ،‬م َّم�ا َ‬ ‫دفع بِالعش�رات والمئ�ات من ِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫بعض بِ ِ‬ ‫واألندية ‪ .‬وغدَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الد الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الثقافة‬ ‫يتجز ُأ ِمن‬ ‫ت ال َيو َم في‬ ‫المعاه ِد‬ ‫سلمين جز ًءا ال َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫عاص ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتفح ِ‬ ‫ِ‬ ‫�رة ‪ ،‬ب�ل َّ‬ ‫البلاد إلى َأ ْق َصى‬ ‫بعض‬ ‫ش ا ْمتَ�دَّ ْت في‬ ‫ح�ش‬ ‫إن ثقاف َة ال ُف‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫كظاه ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اإلعالمية واالجتِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫المرحلة ‪َّ .‬‬ ‫العدل‬ ‫ولعل‬ ‫ظواه ِر‬ ‫رة ِمن‬ ‫ماعية‬ ‫درجاتِها‬ ‫الشاهدَ‬

‫ِ‬ ‫�ت ِ‬ ‫ـ إذا صح ِ‬ ‫حقائق ما ُيذك َُر‬ ‫هؤالء الرافضين‬ ‫العبار ُة ـ والرائدَ الذي ال‬ ‫َ‬ ‫يكذب ِعندَ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬

‫((( أو م�ا يفعل�ه بع�ض المنس�وبين لم�دارس القب�ض والنقض من ص�ور إعالمي�ة وتعليقات‬ ‫انتقائية ‪ ،‬هدفها تش�ويه عقائد المس�لمين ورميهم بالش�رك والكفر ‪ ،‬وإثب�ات ذلك فيهم مع‬

‫إس�قاط وتنزيل اآلي�ات واألحاديث على ما ينتق�ى من الصور والمظاه�ر المفرطة ‪ ،‬والتي‬

‫ترسخت غالبا في مراحل التحوالت السياسية واالجتماعية القبلية ذات االرتباط بالتسييس‬

‫االستعماري وما تاله ‪.‬‬

‫‪293‬‬

‫والمالبس‬

‫من ظواهر‬ ‫الفحش مشاركة‬ ‫الجيل في األندية‬ ‫المختلطة‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إعالمهم ‪ .‬هذا‬ ‫أجهزة‬ ‫المعروضة في‬ ‫ومس�ار ِحهم‬ ‫وأفالمهم‬ ‫عن حالِهم وأحوالِهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبصر اآلمرين بِ‬ ‫والناهين ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن‬ ‫المع�روف‬ ‫المس�موح بِه أما َم س�م ِع‬ ‫في الحدِّ األدنى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نكر ‪ .‬أما بقي ُة الم ِ‬ ‫الطموحة فالمسأل ُة‬ ‫والمؤسسات‬ ‫المفتوحة‬ ‫األنظمة‬ ‫سلمين في‬ ‫ُ‬ ‫الم ِ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتعليل ‪.‬‬ ‫الوصف‬ ‫أكبر ِمن حج ِم‬ ‫ُ‬

‫داخ َ�ل ِ‬ ‫الكبائ�ر ِ‬ ‫بعض الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمعاص�ي واس�تِ َ‬ ‫ب�ل َّ‬ ‫إن ال ُف َ‬ ‫س�لمين‬ ‫أقبية‬ ‫حالل‬ ‫ح�ش‬ ‫ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الش�خصية ِ‬ ‫ِ‬ ‫للديانة واإلسلا ِم ِم َّما‬ ‫يعك ُس حال ًة ِم َن التر ِّدي‬ ‫وبيوتِهم واس�تراحاتِ ِه ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المجتم ِع‬ ‫ُيؤ ِّدي إلى ُحصول الخس�ف والق�ذف والرجف والزالزل المؤ ِّث�رة على ُ‬ ‫المعتقد وو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُك ِّل�ه بِ‬ ‫سلامة‬ ‫النظر عن‬ ‫صرف‬ ‫جود الصالحين ‪ ،‬وها نحن ال َيو َم نش�هدُ‬ ‫ُ‬

‫القريبة ِم�ن األراضي المقدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�ة وفي‬ ‫بعض البِق�ا ِع‬ ‫وال�زالز ِل في‬ ‫الرج�ف‬ ‫مظاه َ�ر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫واستحالل الحر ِ‬ ‫غيرها ِمن البِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مات ‪ ،‬سوا ٌء‬ ‫الربا‬ ‫الد ؛ نتيج َة المعاصي وال ُّظل ِم‬ ‫َ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫وأكل ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬ ‫الثقافية‬ ‫مظاه ِرها‬ ‫الخاصة ‪ ،‬أو تش�جي ِع‬ ‫الحياة‬ ‫بوجودها ِضم َن‬ ‫التجاه ِر بها علنًا أو‬ ‫ُ‬

‫وثمرات األقال ِم ‪ ،‬وس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإلعالمية المرو ِ‬ ‫ِ‬ ‫كوت ِ‬ ‫أهل‬ ‫المعروضات ِم َن األفال ِم‬ ‫جة في‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫نكر عن ذلِ َك ‪ ،‬س�واء ً ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمر بِ‬ ‫والنهي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرضى‬ ‫المعروف‬ ‫برضى منهم أو بعد ِم ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫عن ُ‬ ‫ِمنهم عن ذلِ َك ‪ ،‬وإلى ِم ِ ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪m‬‬ ‫َ‬ ‫حديث أبي ُه َرير َة ؤ َّ‬ ‫ُ‬ ‫أن‬ ‫ش�ير‬ ‫ثل ذل َك ُي ُ‬ ‫ق�ال ‪« :‬إذا ات ِ‬ ‫�ذ ال َف�ي ُء ُدولاً ‪ ،‬واألمان ُة مغر ًما ‪ ،‬و ُت ُع ِّل َم لِ َغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُّخ َ‬ ‫الرج ُل‬ ‫الدين ‪،‬‬ ‫ي�ر‬ ‫وأطاع ُ‬ ‫َ‬ ‫وعق أم�ه ‪ ،‬وأدنى صدي َقه وأقص�ى أباه ‪ ،‬وظهر ِ‬ ‫ِ‬ ‫المس�اج ِد‬ ‫األصوات في‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫امرأتَ�ه َّ َّ‬ ‫وس�اد القبيل� َة ِ‬ ‫َ‬ ‫ش�ره ‪،‬‬ ‫وكان‬ ‫فاس� ُقهم ‪،‬‬ ‫زعي�م القو ِم أرذ َله�م ‪ ،‬و ُأك ِْر َم ُ‬ ‫َ‬ ‫الرج ُل مخاف َة ِّ‬ ‫ُ‬ ‫آخر هذه األُم ِ‬ ‫ِ‬ ‫�رب ِ‬ ‫وظه�ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ُ‬ ‫ف‪ُ ،‬‬ ‫�ة َّأو َلها ؛‬ ‫ين�ات‬ ‫والمعاز ُ‬ ‫ت ال َق ُ‬ ‫وش ِ َ‬ ‫َّ‬ ‫مور ‪ ،‬ولع� َن ُ‬ ‫الخ ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫تتتابع كنِظا ٍم ٍ‬ ‫ً‬ ‫بال ُقطِ َع‬ ‫وآيات‬ ‫ومسخا وقذ ًفا‬ ‫ريحا حمرا َء وزلزل ًة‬ ‫ُ‬ ‫فليرتقبوا عندَ ذل َك ً‬

‫سلكُه‬ ‫فتتابع»((( ‪.‬‬ ‫َ‬

‫((( سبل الهدى والرشاد (‪. )671 : 10‬‬

‫‪294‬‬


‫الظواه ِر في بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإلسلامي ‪،‬‬ ‫العربي‬ ‫لاد العال ِم‬ ‫الكثير ِمن ه�ذه‬ ‫وه�ا نحن نش�هدُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ومنها ما اجتمع ْت فيه ُك ُّلها ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫بعضها ‪ ،‬والعيا ُذ بِال َّل ِه ‪.‬‬ ‫ومنها ُ‬ ‫َ‬

‫الت ِ‬ ‫إن فِقه التحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫تشخيصها‪ ،‬وقد‬ ‫ف ُب‬ ‫يكش ُ‬ ‫وضوح الحال َة المرضي َة في األُ َّم ِة بعدَ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الغازية‬ ‫الثقافة‬ ‫إلنج�اح تغل ُغ ِل‬ ‫تنوع َة‬ ‫المن ِّفذون ف�ي األُ َّم ِة يلعبون‬ ‫الم ِّ‬ ‫األدوار ُ‬ ‫َ‬ ‫ع�اش ُ‬ ‫كظاه ٍ‬ ‫ِ‬ ‫مرحل� ًة بع�دَ ُأخ�رى ـ وال زالوا ـ ولِ‬ ‫ِ‬ ‫ول َم�ن ال ينطِ ُق ِ‬ ‫�رة تُؤ ِّكدُ َق َ‬ ‫عن‬ ‫ألس�ف ‪،‬‬

‫الهوى ‪. m‬‬

‫شرب الخم ِر واستِحلالِها‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وش�ربِها لِما روى اإلمام م ِ‬ ‫ِ‬ ‫سل ٌم في‬ ‫�و‬ ‫الص ْغ َرى ُف ُش ُّ‬ ‫وم ْن َعلاَ َمات الس�اعة ُّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫الخمر ُ ْ‬ ‫يقول ‪ِ :‬‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬ ‫قال ‪ِ « :‬‬ ‫ِ‬ ‫أنس ِ‬ ‫صحيح�ه عن ِ‬ ‫�ه ‪ُ m‬‬ ‫َ‬ ‫بن مالِ ٍك ؤ َ‬ ‫«من‬ ‫عت‬ ‫س�م ُ‬

‫شرب الخمر‬ ‫واستحاللها‬ ‫عالمة صغرى‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شر َب‬ ‫الساعة ‪» ...‬‬ ‫أشراط‬ ‫الخمر ‪.((( »...‬‬ ‫ُ‬ ‫وذكر منها «و ُي َ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫لتستح َل َّن طائف ٌة ِمن ُأ َّمتي‬ ‫آخر ‪« :‬‬ ‫يسمونها إياه »((( ‪.‬‬ ‫الخمر باس ٍم ُ‬ ‫َ‬ ‫وفي حديث َ‬

‫والخم�ر ف�ي ال ُّل ِ‬ ‫َ‬ ‫�ق ع َليه�ا ف�ي‬ ‫خام�ر‬ ‫اس�م لِم�ا‬ ‫غ�ة ‪:‬‬ ‫العق�ل وخال َط�ه ‪ ،‬و ُيط َل ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ظاهرة تغيير اسم‬ ‫ٍ‬ ‫المش�روبات الر ِ‬ ‫وحية ‪ ،‬وقد كانَت في ُع ٍ‬ ‫صور س�ل َفت الخمر وشربها‬ ‫أس�ماء منها‬ ‫زمانِن�ا هذا عد ُة‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫المسلمين‬ ‫َب َ‬ ‫ين ُ‬ ‫لال ِ‬ ‫مراح ِ‬ ‫اإلسلامي ‪ ،‬ولكنَّها ِخ َ‬ ‫�ل التطبي ِع‬ ‫ش�ي ًئا غري ًب�ا وفعًل�اً ُمري ًبا ف�ي العال� ِم‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫االس�تِعماري واالستِ‬ ‫ِ‬ ‫القادة‬ ‫بعض‬ ‫صار ْت ُسلوكًا ُمعتا ًدا لدى‬ ‫هتاري‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫واالس�تثماري َ‬ ‫الغ ِ‬ ‫صاة ‪ ،‬والفنَّانين ونُجو ِم ِ‬ ‫والفس�قة والع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحائ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتمثيل ‪ ،‬إلاَّ‬ ‫ن�اء‬ ‫رين ‪،‬‬ ‫والمثقفي� َن‬ ‫ُ‬ ‫من ِ‬ ‫رح َم ال َّل ُه ‪.‬‬ ‫َ‬

‫((( مسلم (‪. )6956‬‬

‫((( مسند أحمد (‪. )23377‬‬

‫‪295‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النبي ‪َّ m‬‬ ‫اعتبارها مش�رو ًبا‬ ‫الس�اعة اس�تِحال َلها ـ أي‪:‬‬ ‫عالمات‬ ‫أن ِمن‬ ‫أخبر ُّ‬ ‫وقد َ‬ ‫حاللاً ال إِثم ع َل ِيه ‪ ،‬وال حرم َة في تعاطيه ـ ِمما يترتَّب ع َل ِيه المجاهر ُة بِشربِها وات ِ‬ ‫ِّخاذ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫والحوانيت لِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يعها‬ ‫المصان ِع‬ ‫وترويجها((( ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ترويج‬ ‫المخدرات‬

‫ِ‬ ‫ويليه�ا في االنتِ ِ‬ ‫رات) ‪ ،‬وهي ُ‬ ‫ِ‬ ‫خامرة‬ ‫تحت معنى ُم‬ ‫ش�ار‬ ‫تدخ ُ�ل َ‬ ‫(المخدِّ ُ‬ ‫والترويج ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخمر ِمن ُ‬ ‫حيث‬ ‫كم‬ ‫العقل‬ ‫التحريم وال ُعقوب ُة وإقام ُة الحدِّ‬ ‫واإلس�كار ‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫كمها ُح ُ‬ ‫وح ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الشرعي على ِ‬ ‫صارت إحدى‬ ‫شاربها ‪ ،‬وقد ابتُل َيت بِال ُد ُ‬ ‫ِّ‬ ‫المسلمين بهذه الع َّلة ‪ ،‬حتَّى َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫بع�ض القائمين على ُمحاربتِه�ا هم ُر َّوا ُد‬ ‫صار ُ‬ ‫مش�اكلها االجتماعي�ة الخطرة ‪ ،‬بِل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتصديرها في األَ‬ ‫المغلوبة ‪.‬‬ ‫وطان‬ ‫استيرادها‬ ‫وحما ُة‬ ‫تسويقها ُ‬

‫ِ‬ ‫إس�قاط ح ِ‬ ‫انحدارا في بِ ِ‬ ‫وكفى ِ‬ ‫وش ِ‬ ‫كالسرقة ُ‬ ‫رب‬ ‫دود المعاصي‬ ‫الد اإلسلا ِم ُك ِّلها‬ ‫ُ ُ‬ ‫ً‬ ‫إسقاط الحدود‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حقوق اإلنس�انِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب بِ‬ ‫المطال ِ‬ ‫الشرعية تبعا‬ ‫الزنا ‪ ...‬إلخ ‪،‬‬ ‫والتخو ُ‬ ‫الخم�ر وحدِّ ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ف من هيمنة الكاف ِر ُ‬ ‫لرغبة جمعيات‬ ‫ِ‬ ‫الس�ار ِق والزان�ي ـ واعتبار الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�رعية ُحري ًة ش�خصي ًة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـ أي‪ :‬بِ‬ ‫ب‬ ‫دود‬ ‫حماي�ة‬ ‫يج ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫حقوق اإلنسان‬

‫دون ِ‬ ‫عاملة م�ع م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الواج ِ‬ ‫رتكبيه�ا ‪َ ،‬‬ ‫الش�رعي‬ ‫الم‬ ‫ب ِعندَ‬ ‫إقامة الحدِّ‬ ‫تنظيمه�ا ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ ُ‬ ‫وحس� ُن ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُث ِ‬ ‫الجريمة ‪.‬‬ ‫بوت‬

‫الخلل التربوي والثقافي واالقتِ‬ ‫أسباب االستِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ويبدو َّ‬ ‫غراق‬ ‫صادي و َغ َيره قد ه َّي َأ‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المقارف�ة لها بين الم ِ‬ ‫تحت‬ ‫�ع دائر َة‬ ‫س�لمين َ‬ ‫ووس َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ف�ي هذه االنحراف�ات الخطيرة ‪َّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫�يطانية ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح َي ٍ‬ ‫واالكتئاب ُ‬ ‫كالقل�ق‬ ‫نفس�انية ‪...‬‬ ‫إبليس�ية‬ ‫�ل‬ ‫تبري�رات َش‬ ‫الهم‬ ‫وش�مول ِّ‬ ‫ض�ات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الواق� ِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫المعاذير التي‬ ‫وغيرها ِم� َن‬ ‫المش�اك ِل وتنا ُق‬ ‫�روب ِم َن‬ ‫واله‬ ‫والضي�ق ُ‬ ‫صارت ذرائع لدى ِض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّفوس لِ ُشربِها ‪.‬‬ ‫عاف الن‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫((( وق�د ظه�رت ه�ذه الحالة بش�كلها المتميز والمنتش�ر من�ذ بداي�ات عهد االس�تعمار وتأثر‬ ‫المس�لمين بالحض�ارة األروبية واختالط المس�لمين به�م من خالل البعثات والدراس�ات‬ ‫والثقافات واالرتباطات السياسية واالقتصادية ‪.‬‬

‫‪296‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رب الما ِل‬ ‫تعظيم ِّ‬ ‫ظاهرةُ‬

‫شار إ َليها في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزمان بين الم ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫رب‬ ‫سلمين‬ ‫آخ ِر‬ ‫تعظيم ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫وم َن العالمات الصغرى ُ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُصاب بها األُ َّم ُة‪،‬‬ ‫الم�ال ‪ ،‬وور َدت هذه الظاهر ُة ضم َن مجموعة م� َن الظواه ِر التي ت ُ‬

‫الطيالسة ‪ ،‬وك ُثر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت التِّجار ُة وك ُث َر ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المال‪،‬‬ ‫بس‬ ‫اقترب‬ ‫حديث ‪ « :‬إذا‬ ‫ومنها‬ ‫الزمان ك ُث َر ُل ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫رب‬ ‫المال بِمالِه ‪ ...‬إلخ »((( ‪.‬‬ ‫و ُع ِّظ َم ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أخذ بِحلقتَي ِ‬ ‫الكعبة ُث َّم َ‬ ‫النبي ‪ِ m‬حج َة الودا ِع َ‬ ‫ُ‬ ‫أقبل على‬ ‫باب‬ ‫وحديث ‪ « :‬لما َّ‬ ‫حج ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس أال ُأخبِ ُركم بِ‬ ‫ِ‬ ‫الن�اس ‪َ ،‬‬ ‫القيامة‬ ‫أش�راط‬ ‫القيامة ؟ إِ َّن ِمن‬ ‫أش�راط‬ ‫فق�ال ‪ :‬يا أ ُّيها ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المال‪...‬‬ ‫رب‬ ‫م�ع الهوى ‪،‬‬ ‫وتعظي�م ِّ‬ ‫والم ُيل َ‬ ‫إماتَ� ُة الصل�وات ‪ ،‬وات ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّباع الش�هوات ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫آخ َر ـ رواه اب ُن مردويه وفيه ‪َّ « :‬‬ ‫ٌ‬ ‫طريق َ‬ ‫الساعة‬ ‫أشراط‬ ‫إن ِمن‬ ‫وحديث ـ ِمن‬ ‫إلخ»((( ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المال » ‪.‬‬ ‫رب‬ ‫والم ُيل إلى الهوى ‪،‬‬ ‫وتعظيم ِّ‬ ‫ُ‬ ‫إضاع ُة الصالة ‪َ ،‬‬

‫وشدَّ تَها ‪ ،‬ومع و ِ‬ ‫ت اليوم أوجها ِ‬ ‫الظاهر ُة قد بل َغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس فقد ح َّلت‬ ‫جودها َبي َن‬ ‫وهذه‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫عل�ى ما يبدو ُمقابِ َل ضيا ِع ٍ‬ ‫كان ِمن ُ‬ ‫آخ َ�ر ‪ ،‬وهو ما َ‬ ‫أمر َ‬ ‫قبل ِمن تعظي ِم الصالِحين ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫تأخرين الذين اشتغلوا باستِ‬ ‫ِ‬ ‫األولياء ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِّ‬ ‫نقاص‬ ‫ورجال األحوال ‪ ،‬ولع َّلها ُعقوب ٌة على ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أولي�اء ال َّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وأطم ‪ ،‬وهو‬ ‫البديل له�ا أنكى‬ ‫فكان‬ ‫عقائدهم وأحوالِهم ؛‬ ‫والطعن ف�ي‬ ‫�ه‬ ‫َّ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫المتو ِّلي ُة‬ ‫صارت مدرس ُة تعظي ِم ِّ‬ ‫تعظيم ِّ‬ ‫رب المال هي ـ ذاتُها ـ ُ‬ ‫رب المال لماله ‪ .‬بل َ‬ ‫ُ‬ ‫هات المتنو ِ‬ ‫الش�ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ور ِ‬ ‫تحقي�ر الصالِحي�ن ِ‬ ‫عة ‪،‬‬ ‫ج�ال‬ ‫ُ ِّ‬ ‫األح�وال بِما تتناول�ه عنهم م� َن ُّ ُ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وفروعها ِ‬ ‫رتاب فيما ُ‬ ‫األولياء‬ ‫عن‬ ‫المدرسة‬ ‫كتابات هذه‬ ‫خرجات‬ ‫نقول ُم‬ ‫الم ُ‬ ‫وسيجدُ ُ‬ ‫((( المستدرك للحاكم (‪. )5465‬‬

‫((( ع�ن اب�ن عب�اس ؤ ‪ ،‬رواه القاضي أب�و الفرج المعافي ب�ن زكريا في كتاب�ه « الجليس‬ ‫واألنيس » ‪ ،‬وهو ضعيف ‪ ،‬ولبعضه شواهد ‪.‬‬

‫‪297‬‬

‫تعظيم أرباب‬ ‫األعمال ورجال‬ ‫المال عالمة‬ ‫صغرى‬

‫تداخل العالمات‬ ‫المؤدية إلى‬ ‫تعظيم رب المال‬


‫ِ‬ ‫والصالِحين م ِ‬ ‫ِ‬ ‫نتش�ر ًة في المكاتِ ِ‬ ‫األولياء و َمن‬ ‫الكبير تشوي ُه‬ ‫وهمها‬ ‫ُ‬ ‫ب واألس�واق‪ُ ..‬‬ ‫ُ‬ ‫الظاه ِ‬ ‫ِ‬ ‫وزارهم ‪ ،‬بل زا َد تفنُّنُه�م في ِ‬ ‫�رة حتَّى جعلوها‬ ‫ثلب هذه‬ ‫أح َّبه�م وتع َّل َ‬ ‫�ق به�م َ‬ ‫ِ‬ ‫الت واالس�تِ‬ ‫س�لمين ِمن التوس ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض الم ِ‬ ‫غاثات واالستِشفا ِع‬ ‫أكبر بِما يفع ُله ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ش�ركًا َ‬

‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫صار األوليا ُء الصالحون‬ ‫اعتبرتها هذه المدرس ُة عملاً شرك ًّيا خال ًصا ‪ ،‬وبهذا َ‬ ‫حيث َ‬ ‫ِ‬ ‫طواغي�ت وأصنا ًم�ا ‪ ،‬والزائرون ُم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�ركين‬ ‫والقبض‬ ‫النق�ض‬ ‫مدرس�ة‬ ‫قام�وس‬ ‫ف�ي‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫البديل َ‬ ‫تعظيم‬ ‫اآلخ ِر ‪ ،‬وهو‬ ‫ص�ول‬ ‫وكان بهذا ُح‬ ‫وكفر ًة((( ‪ ،‬وال ُعلما ُء س�دن ٌة وكهن ٌة ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم�ال ‪ ،‬ممن ُيس�مون في زمانِنا بِ ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫مقامات‬ ‫وتعظيم‬ ‫واألعم�ال»‬ ‫«المال‬ ‫ج�ال‬ ‫رب‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫رفض تعظيم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن َ‬ ‫مع َّ‬ ‫الربا ُّ‬ ‫والش�بهة ‪،‬‬ ‫المال‬ ‫األولياء وأهل و ُبن�وك ومواق ِع حركة‬ ‫ٌ‬ ‫األموال وال ُبورصات َ‬ ‫مش�وب بِ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ورة الر ِ‬ ‫دم�ة للدَّ ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫خرجات ِ‬ ‫ِ‬ ‫األحوال أدى إلى ومخ�رج ِ‬ ‫مجاالت‬ ‫وخاص� ًة في‬ ‫‪،‬‬ ‫العالمية‬ ‫بوي�ة‬ ‫م‬ ‫�ن‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫البديل المناسب‪ُ :‬‬ ‫�رة ِ‬ ‫عاص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظاهرة تعظيم االس�تِ‬ ‫�ل الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫يعتمدون‬ ‫ثمارات الكُب�رى ‪ ،‬بل‬ ‫المس�لمون في المراح ِ ُ‬ ‫ص�ار ُ‬ ‫َ‬ ‫رجال المال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تنوعة ولو‬ ‫الم ِّ‬ ‫اعتم�ا ًدا كُل ًّي�ا على رج�ال المال واألعمال في مج�ال االس�تثمارات ُ‬ ‫واألعمال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األس�باب لِترغيبِهم في االس�تِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثمار ‪ ،‬وكفى‬ ‫س�هلون لهم كا َّف َة‬ ‫المس�لمين‪ُ ،‬ي ِّ‬ ‫من َغير ُ‬ ‫ِ‬ ‫واإلسالمي ُح َّج ًة‪.‬‬ ‫العربي‬ ‫الحظة الواق ِع‬ ‫بِ ُم‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ومصارفِه ِ‬ ‫لق�د ص�ار ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وخدْ ماتِه واس�تِثماراتِه‬ ‫كالمال الح�را ِم‬ ‫البدائل األُخ�رى‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫المدرس�ة الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫بوية و ُعلمائها وقادتِها‬ ‫ويتعامل بها كا َّف ُة أتبا ِع‬ ‫ُصور ًة حضاري ًة يتناو ُلها‬ ‫ِّ‬ ‫وال حرج في ذلِ َك وال ريب ‪ ،‬بل ال يستطيع أكثرهم ِحرصا على ِك ِ ِ‬ ‫وسن َِّة نب ِّيه‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تاب ال َّله ُ‬ ‫ُ ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المدرسة الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�اكنًا أمام ُط ِ‬ ‫ِ‬ ‫والشراكة‬ ‫األسه ِم‬ ‫عامالت‬ ‫وترويج ُم‬ ‫بوية‬ ‫غيان‬ ‫حر َك‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫أن ُي ِّ‬ ‫((( مع أن مسألة التوسل واالستشفاع واالستغاثة في منهج اإلسالم على ثالثة أقسام ‪:‬‬ ‫‪ . 1‬واجبة بالله وأسمائه وصفاته ‪.‬‬

‫‪ . 2‬جائزة باألعمال الصالحة والذوات الحية ‪.‬‬ ‫‪ . 3‬مختلف عليها بالذوات الميتة ‪.‬‬

‫‪298‬‬


‫المشبوهة (يسمونها بِ َغ ِير ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االقتِ‬ ‫اسمها) وكأنما هي قد كانَت على‬ ‫والتأمينات‬ ‫صادية‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ m‬وأصحابِه !‬ ‫عهد‬

‫هور المعا ِز ِف واستِحلالُها‬ ‫ُظ ُ‬

‫از ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم َع ِ‬ ‫آالت المالهي‬ ‫ف‪،‬‬ ‫والمعاز ُ‬ ‫ف هي ُ‬ ‫وم ْن َعلاَ َمات الس�اعة ُّ‬ ‫ور َ‬ ‫الص ْغ َرى ُظ ُه ُ‬ ‫والطنبور ِ‬ ‫كالع ِ‬ ‫والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫زمار ِ‬ ‫وغيرها ‪.‬‬ ‫ود‬ ‫ُ‬

‫ظهور المعازف‬ ‫واستحاللها‬ ‫عالمة صغرى‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أكثر‬ ‫ظهرت ف�ي أزمان ُمتع�دِّ دة ولكنَّها ف�ي ُأخريات الزم�ان َ‬ ‫وه�ذه العالم ُة ق�د َ‬ ‫ٍ‬ ‫انتِشارا وأثرا وتأثيرا ِمن حيثي ٍ‬ ‫كثيرة ِمنها ‪:‬‬ ‫ات‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ينات والفنَّانين والفن ِ‬ ‫الثقافية بِال َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫األنظمة والمؤس ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّانات تب ًعا للتأ ُّث ِر‬ ‫سات‬ ‫ •اعتِنا ُء‬ ‫َّ‬ ‫بِالعال ِم االس�تِ‬ ‫وهو ِمن ِج ِ‬ ‫نس االستِتبا ِع لِ ُ‬ ‫ألم ِم الذي‬ ‫عماري‬ ‫واالس�تثماري ‪ُ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫حم ٍد ‪. m‬‬ ‫يظهر في ُأ َّمة ُم َّ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمث َّقفين ‪،‬‬ ‫س�مون لدى الع�وا ِّم ُ‬ ‫ •ازديا ُد ش�عبية وجماهيرية نُجو ِم الف ِّن كما ُي َّ‬ ‫الش�عوب ‪ ،‬واس�تِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والنظر إ َليهم بِ َع ِ‬ ‫ِ‬ ‫تباعها‬ ‫عرائك‬ ‫والتقدير بعدَ لين‬ ‫ين التعظي ِم‬ ‫ُ‬ ‫عاص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ ِ ِ ِ‬ ‫والثقافة الم ِ‬ ‫رة و َمن ُي َس� ِّي ُس‬ ‫س�ات التعلي� ِم‬ ‫ؤس‬ ‫ُ‬ ‫المر ِّبين و ُم َّ‬ ‫لي�ن عرائك ُ‬ ‫لها‪.‬‬

‫بناء المؤسسات‬ ‫الثقافية‬ ‫المخصصة‬ ‫للفنون‬

‫ِ‬ ‫طائف�ة النُّج�و ِم والفنَّاني�ن والفن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أنواعها‬ ‫الكبائ�ر بِ�ك ُِّل‬ ‫َّان�ات ف�ي‬ ‫ • ُول�و ُغ‬ ‫بعدَ‬ ‫تشجيع الفن‬ ‫س�ل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جتمع�ات الفن َغ ِير الم ِ‬ ‫وتأث�ر المجتم ِع الفن ِِّّي وتكريم الفنانين‬ ‫مة ‪،‬‬ ‫�م الدائ� ِم بِ ُم‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫احتكاك ِه ُ‬ ‫المفاس ِ‬ ‫ِ‬ ‫العرب�ي بِ‬ ‫�د والمعاص�ي ‪ ،‬كم�ا ه�ي معروف ٌة بهذا االس� ِم ف�ي الدين‬ ‫ِّ‬ ‫هنة الف�ن) فحري ٌة ِ‬ ‫(أصحاب ِم ِ‬ ‫اإلسلامي ‪ ،‬أما في ُع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ق�ول و ُق ِ‬ ‫القات‬ ‫وع‬ ‫لوب‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ِّ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وعمل ‪.‬‬ ‫زمالة‬ ‫وصداقات‬ ‫ُو ِّدي ٌة‬ ‫ُ‬ ‫‪299‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسفاف‬ ‫درجات‬ ‫عصرنا أعلى‬ ‫وقد بل َغت هذه المس�أل ُة في‬ ‫والخالعة ‪ ،‬وشاهدُ‬ ‫مظاهر الفن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومخرجات ذل َ‬ ‫المتداول�ة عنهم وع�ن س�هراتهم وحفالتهم‬ ‫�ك العدي�دُ م� َن األفلا ِم ُّ‬ ‫والص�ور ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نعق ِ‬ ‫األفالم والمسارح الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫رافات ل�م ت ُعدْ في‬ ‫االنح‬ ‫العربي�ة ‪ ،‬وك ُُّل ه�ذه‬ ‫العواص ِم‬ ‫العدي�د ِم� َن‬ ‫�دة ف�ي‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عصرن�ا ِ‬ ‫وجهة ِ‬ ‫ِ‬ ‫راف�ات ِعندَ هم ‪ِ ،‬‬ ‫نظره�م ـ تعلي ُلنا وحدي ُثنا‬ ‫راف ـ ِم�ن‬ ‫ب�ل‬ ‫انح‬ ‫االنح ُ‬ ‫عنهم بهذه الص ِ‬ ‫ورة ‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫�دار الثقافي ِم�ن ِو ِ‬ ‫ِ‬ ‫االنح ِ‬ ‫جهة ِ‬ ‫ولأِ َّن ِم َ‬ ‫عالمات‬ ‫نظر اإلسلا ِم عالم� ٌة ِمن‬ ‫ث�ل ه�ذا‬ ‫ِّ‬ ‫والمستس�ل ِ‬ ‫�ل ِ‬ ‫ف�إن غالِ�ب أجيالِنا الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تأس ِ‬ ‫الس�اعة ؛ َّ‬ ‫عادات‬ ‫تحكم�ت فيهم‬ ‫مة قد‬ ‫مة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األعداء خِل�اِ َل ِ‬ ‫وسيس�تمرون على‬ ‫والعولمة‪،‬‬ ‫والعلمنة‬ ‫العلمانية‬ ‫مراح ِل‬ ‫وثقاف�ات‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫العالم�ات‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ذلِ َ‬ ‫ومنها َقو ُله ‪ « : m‬ليكونَ� َّن ِمن ُأ َّمتي أقوا ٌم‬ ‫تظهر فيهم بقي ُة‬ ‫�ك حتَّ�ى َ‬ ‫ون ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف ‪ ،‬ولينز َل َّن أقوا ٌم إلى ِ‬ ‫يس�تح ُّل َ‬ ‫يروح‬ ‫جنب علم‬ ‫والخمر‬ ‫والحرير‬ ‫الح َّر‬ ‫والمعاز َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ٍ‬ ‫يأتيهم الفقير لِ‬ ‫ٍ‬ ‫حاجة فيقولون ‪ِ :‬‬ ‫ارج ْع إ َلينا غدً ا ‪ .‬فيبهت ُ​ُم ال َّل ُه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ع َليهم بِس�ارحة لهم ‪ُ ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫خاري‬ ‫صحيح ال ُب‬ ‫القيام�ة »‬ ‫وخنازير إلى َيو ِم‬ ‫ويمس�خ آخري�ن ِقرد ًة‬ ‫لم ‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ويضع الع َ‬ ‫حديث المسخ‬ ‫في األُ َّمة‬ ‫ِ‬ ‫الفتح‪.‬‬ ‫مع‬ ‫‪َ 15/1‬‬

‫الستحالل الحر‬

‫المعاز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫والحرير والخمر وي ِ‬ ‫�ة الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�لمين َّ‬ ‫ف‬ ‫مس�ألة‬ ‫أن ال ُعلما َء ُيش�دِّ دون في‬ ‫عتق�دُ‬ ‫َ‬ ‫البع�ض من كا َّف ُ‬ ‫والمعازف‬ ‫الفت َِن ِ‬ ‫الراغبين في ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس ؛ ولِهذا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يستد ُّلون‬ ‫ويحجرون بِفتاويهم على‬ ‫والطرب‬ ‫تجدُ‬ ‫ّ‬ ‫بعض الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫أقوال تُنس�ب لِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬ ‫لعالمة ِ‬ ‫ابن‬ ‫جواز‬ ‫لماء عن‬ ‫أقوال‬ ‫المعازف والغناء ‪ ،‬ومنها ٌ َ ُ‬ ‫ِ ُ‬ ‫حز ٍم ِ‬ ‫وغيره ‪.‬‬

‫لمعاز ِ‬ ‫تتناول الوعيدَ الشديدَ لِ‬ ‫واألمر الذي نحن بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫صدده َّ‬ ‫ف‬ ‫األحاديث الشريف َة‬ ‫أن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الفنون الشعبية‬ ‫وبعض الهواةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المنظمة ال تدخل‬ ‫المفضي إلى اإلث ِم وف ِ‬ ‫عل الحرا ِم ‪ ،‬ولي�س ما يفع ُله األفرا ُد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫والط�رب ُ‬ ‫الغ ِ‬ ‫أس�اليب ِ‬ ‫ِ‬ ‫في المحظور أو ما ُيس�مى بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المق َّي ِد‬ ‫الشعبي‬ ‫والش�رح‬ ‫ناء‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫تقو‬ ‫التي‬ ‫‪،‬‬ ‫الش�عبية‬ ‫الفرق‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫‪300‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واآلالت َغ ِير المحر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخاص ِة ِ‬ ‫بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أو‬ ‫ناسبات‬ ‫الم‬ ‫إحياء‬ ‫مة في‬ ‫األدب واالحتِش�ا ِم‬ ‫َّ‬ ‫بعض ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫الزواج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يسه ُل تقييدُ ها‬ ‫أفراح‬ ‫ترويحا وتسلي ًة و ُمشارك ًة في‬ ‫العا َّم ِة‬ ‫مور ُ‬ ‫ً‬ ‫وغيرها ؛ فهذه ُأ ٌ‬ ‫دال في ِ‬ ‫ِ‬ ‫دائرة االعتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫حياة ُّ‬ ‫المصيب ُة‬ ‫الش‬ ‫خرجت عن‬ ‫و ُمحاصرتُها إذا ما َ‬ ‫�عوب ‪ ،‬وإنَّما ُ‬

‫�يطرة ؛ لِيصبِح اتِّجاها ثقافيا وصور ًة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عاكس� ًة لدى‬ ‫الس‬ ‫ً‬ ‫ًّ ُ‬ ‫َ‬ ‫الكُبرى ما قد َ‬ ‫خرج عن دائرة َّ‬ ‫االنف ِ‬ ‫�ر عن مدى ِ‬ ‫لات والتح ُّل ِل األخالقي في الم ِ‬ ‫اآلخ ِ‬ ‫العال� ِم َ‬ ‫س�لمين ‪ ،‬لِتتح َّق َق بِه‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمسخ‪.‬‬ ‫والرجف‬ ‫والقذف‬ ‫الخسف‬ ‫النبي ‪ m‬في األُ َّم ِة ِم َن‬ ‫ُ‬ ‫موعودات ِّ‬

‫التطاولُ في البُنيا ِن‬

‫�يوعها في ِ‬ ‫كشف عن ُش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزمان‬ ‫أواخر‬ ‫الس�اعة الصغرى‬ ‫عالمات‬ ‫وهو عالم ٌة ِمن‬ ‫َ‬ ‫األرزاق في ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�يدُ األُم ِة م ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حياة‬ ‫وس�عة‬ ‫األموال‬ ‫صول‬ ‫ُش�ير إلى ُح‬ ‫ِّ‬ ‫حمد ‪ ، m‬وهي ت ُ‬ ‫َّ ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس ‪ ،‬وتوس ِع الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحضري ‪ ،‬ويبدو َّ‬ ‫الظاهر َة‬ ‫أن‬ ‫التخطيط‬ ‫وزيادة‬ ‫مران‬ ‫العديد ِم َن‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫وزمان ‪ .‬إلاَّ أنَّه�ا في ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫األخي�رة قد وص َلت إلى‬ ‫مراح ِلنا‬ ‫عصر‬ ‫أكثر ِم�ن‬ ‫تك�ر َرت ف�ي َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫النبي ‪m‬‬ ‫وخاص ًة على أيدي‬ ‫التطاو ِل‬ ‫ِذروتِه�ا في مفهو ِم‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫الع�رب ‪ ،‬الذين وص َف ُه ُم ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فتح ال َّل ُه ع َليهم في االس�تِ ِ‬ ‫المادي فارتف َعت‬ ‫ثمار‬ ‫ِّ‬ ‫بالحفاة ال ُعراة رعا َء الش�اء ‪ ،‬الذين َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الصحراء واألنع�ا ِم إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حياة‬ ‫حي�اة‬ ‫أرصدتُه�م ارتفا ًع�ا خيال ًّي�ا ‪ ،‬وانتقل�وا فجأ ًة ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مما حدا بِ‬ ‫الكثي�ر ِمنهم أن ير ُموا‬ ‫الت�رف والحضارة وارتف�اع مدخوالت األرق�ا ِم ‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫األبراج العظم�ى وناطِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بحر ِم�ن االس�تِ‬ ‫ِ‬ ‫حات‬ ‫وبن�اء‬ ‫الخيالية‬ ‫ثمارات‬ ‫ِ ُ‬ ‫بِأمواله�م ف�ي ٍ َ‬ ‫ِ‬ ‫تفاخ ًرا ُ‬ ‫السحاب ُ‬ ‫وخيال َء‪.‬‬

‫بل�غ األمر أقصاه في ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ب�ل َ‬ ‫رجا ِمن س�بعين طابِ ًقا ‪،‬‬ ‫حياة‬ ‫يبني ُ‬ ‫بعضهم ُب ً‬ ‫ُ‬ ‫التط�اول أن َ‬ ‫ٍ‬ ‫س�تثمر آخ�ر ؛ فيبني برج�ا ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫مائة طابِ ٍ‬ ‫وتط�او ٍل ‪َ ،‬‬ ‫دون‬ ‫زيادة‬ ‫�ق وهكذا في‬ ‫فيغ�ار ُم‬ ‫ُ‬ ‫ُ ً‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وطاقات ال ُعم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال فيما ال يعو ُد بِ‬ ‫ِ‬ ‫الوطن‬ ‫بعيدة على‬ ‫قريبة أو‬ ‫منفعة‬ ‫المال‬ ‫له�در‬ ‫إدراك‬ ‫َّ‬ ‫‪301‬‬

‫التطاول في‬ ‫البنيان عالمة‬ ‫صغرى‬

‫االستثمارات‬ ‫العربية الخيالية‬ ‫وصرفها في أبنية‬ ‫األبراج‬


‫للشر ِ‬ ‫ِ‬ ‫كان العائدُ والفائد ُة ِ‬ ‫الفرد ذاتِه فيما أنف َقه ‪ .‬بل ُر َّبما َ‬ ‫كات‬ ‫وال على األُ َّم ِة وال على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫البنيان بِ‬ ‫ِ‬ ‫العرب مسأل ٌة‬ ‫النسبة ل َغ ِير‬ ‫والتطاو ُل في‬ ‫والتنفيذ ‪.‬‬ ‫االستشارة‬ ‫تعاقد ُة على‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عواصمهم ُم ُ‬ ‫نذ القدي ِم ال‬ ‫العرب فغاي ُة ما هم ع َل ِيه في‬ ‫الزمان ‪ .‬أ َّما‬ ‫معلوم ٌة ِمن قدي ِم‬ ‫ُ‬ ‫الحديث يخص‬ ‫ب تبعا لتقليدِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫العرب في ذم يتعدَّ ى البنا َء للحاجة وإذا ما زا َد أحدٌ َشي ًئا من ذل َك إنَّما‬ ‫يكون في الغال ِ ً‬ ‫التطاول‬ ‫الح ِ‬ ‫حاض�رة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫العراق والش�ا ِم ‪ ،‬ولم‬ ‫ال�رو ِم كما هو في‬ ‫أو‬ ‫�رس‬ ‫ف‬ ‫ال‬ ‫وقصور‬ ‫يرة آنذاك‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسلامية واالختِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بحضارات‬ ‫الط‬ ‫توحات‬ ‫العرب األبني َة العالي َة إلاَّ بعدَ ال ُف‬ ‫ف‬ ‫يع�ر ْ‬ ‫ُ‬ ‫الرو ِم وال ُف ِ‬ ‫رس و َغ ِيرهم ‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البناء لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خاصا بِ‬ ‫ُ‬ ‫لحاج�ة‪ ..‬وإنَّما الذ ُّم كما‬ ‫مس�ألة‬ ‫وق�د ال‬ ‫يكون الذ ُّم ف�ي الحديث ًّ‬ ‫يظهر لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هذ َبها اإلسال ُم بِ‬ ‫لتطاو ِل ‪ ،‬وفيه إشار ٌة إلى تغ ُّي ٍر في الطبا ِع التي َّ‬ ‫واإليثار‬ ‫الزهد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫غاية ِم�ن ِ‬ ‫س�بيل ال َّل ِه ؛ لِتُصبِ�ح على ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫األم�وال في َغ ِير‬ ‫وبذل‬ ‫رص‬ ‫واإلنف�اق ف�ي‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫الظاه ِ‬ ‫الصحي�ح ‪ .‬وقد ذم ال َّل�ه ُأم ًة ِمن األُم ِم لِ ُش�يو ِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�رة فِيهم ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫فقال ‪:‬‬ ‫هذه‬ ‫وجهه�ا‬ ‫َّ ُ َّ َ‬

‫( ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ‬

‫ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ) ُّ‬ ‫[الشعراء ‪. ]131 - 128:‬‬

‫وف�ي ِر ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫أن المعن ِّيي�ن بِ‬ ‫عن ِ‬ ‫واي�ة اإلما ِم أحم�دَ ِ‬ ‫ابن ع َّب ٍ‬ ‫اس إش�ار ٌة ب ِّين ٌة َّ‬ ‫هم «‬ ‫التطاول ُ‬

‫العرب » ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫والحفا ُة ِ‬ ‫عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ابن ع َّب ٍ‬ ‫َ‬ ‫اس ‪َ c‬‬ ‫قال ‪ :‬يا‬ ‫ياع‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ ،‬و َمن‬ ‫الج ُ‬ ‫أصحاب الشاء ُ‬ ‫ُ‬

‫العال ُة ؟ َ‬ ‫قال ‪« :‬‬ ‫العرب »((( ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫التفاؤل بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بناء‬ ‫عصرنا ما آ َل ْت إ َليه هذه الحال ُة الغريب ُة ِم َن‬ ‫وال يخفى على ُمتأ ِّم ٍل في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األس�واق والمجم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نافس�ة ‪،‬‬ ‫الم‬ ‫ِّجارية الكُبرى في‬ ‫عات الت‬ ‫بعض العواص ِم على صفة ُ‬ ‫ُ َّ‬

‫((( مسندُ أحمدَ (‪ ، )2981‬وانظر أشراط الساعة الوابل ص ‪.149‬‬

‫‪302‬‬


‫يعكس الفن ِ‬ ‫وتركها بنيانًا حضاريا ِ‬ ‫ِ‬ ‫هجر ِ‬ ‫ِم َّما أ َّدى إلى ِ‬ ‫َ‬ ‫الحديث ‪،‬‬ ‫عماري‬ ‫الم‬ ‫بعضها‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ًّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأشباهه ‪.‬‬ ‫نافسة بِأمثالِه‬ ‫الم‬ ‫وال ُيستفا ُد منه لكثرة ُ‬

‫كثرةُ التِّجارةِ‬

‫ِ‬ ‫الس�اعة الص ْغ�رى ُظهور ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن َعلاَ م ِ‬ ‫اال ْهتِ َم�ا ِم بِالت َِّج َار ِة‪ ،‬والمقص�و ُد بِ‬ ‫الكثرة‬ ‫ات‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ ِ‬ ‫وجماعات‬ ‫كأفراد‬ ‫الناس جمي ًعا‬ ‫كظاهرة من عالمات الساعة وأشراطها كونُها ت ُع ُّم َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫كما تعم السياس� َة التِّجاري َة واس�تِ‬ ‫س�تلزمات بما‬ ‫والم‬ ‫َ‬ ‫جالب ك َُّل ش�يء م َن البضائ ِع ُ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫العبث واالس�تِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يس�بق له ٌ‬ ‫خفاف‬ ‫أقرب إلى‬ ‫مثيل ؛ حتَّى تُصبِ َح التِّجار ُة َبي َن‬ ‫لم‬ ‫ْ‬ ‫الناس َ‬

‫كثرة التجارة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِال ُع ِ‬ ‫واإلس�راف ف�ي زخرفتِه�ا‬ ‫األس�واق‬ ‫كث�رة‬ ‫واألم�وال ‪ ،‬إضاف� ًة إل�ى‬ ‫ق�ول‬ ‫وتصميماتِها‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ب�رزت جل َّي ًة ف�ي أوس� ِع ُص ِ‬ ‫صار‬ ‫ونح�ن ال َي�و َم ن�رى ه�ذه‬ ‫الظاهر َة َ‬ ‫ورها ؛ حتَّ�ى َ‬ ‫تسولون ـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫يشتركون‬ ‫الم ِّ‬ ‫األطفال والعجز ُة وال ُفقرا ُء و ُعمو ُم المو َّظفين ‪ ،‬بل ـ وحتَّى ُ‬

‫الترويج لِلبي ِع ِّ ِ‬ ‫ضاربات الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫األس�ه ِم ِ‬ ‫ِّجارة بِ‬ ‫ِ‬ ‫عبر‬ ‫وغيرها‪ ،‬وبِاس�تخدا ِم‬ ‫في ُم‬ ‫ُ‬ ‫والش�راء َ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫األجه�زة المتنو ِ‬ ‫ِ‬ ‫عة ؛ ِ‬ ‫فيجدُ الفر ُد مالاً‬ ‫تس�و ِق البضائ ِع والسمس�رة‬ ‫رابحا من تجارة ُّ‬ ‫ً‬ ‫ُ ِّ‬

‫شابهها ‪.‬‬ ‫وما َ‬

‫ِ‬ ‫بار عن و ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإجالء ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقد َ‬ ‫قوعها في‬ ‫المظاه ِر‬ ‫تصوير هذه‬ ‫الناس في‬ ‫أسبق‬ ‫كان ‪َ m‬‬ ‫ُ‬ ‫مشاركة المرأة‬ ‫ِ‬ ‫الحاكم وأحمدُ عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الن�اس ‪ِ ،‬‬ ‫عبد الله ِ‬ ‫ِ‬ ‫لزوجها في‬ ‫مس�عود ؤ‬ ‫بن‬ ‫ومنه�ا قوله ‪ m‬فيما رواه‬ ‫ُ‬ ‫التجارة‬ ‫الساعة تسليم الخاص ِة و ُف ُشو الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النبي ‪ m‬أنَّه َ‬ ‫ِّجارة حتَّى تعين‬ ‫قال ‪َ « :‬بي َن يدَ ِي‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫عن ِّ‬ ‫زوجها » (((‪.‬‬ ‫المرأة َ‬

‫((( مسند أحمد (‪. )3947‬‬

‫‪303‬‬


‫ِ‬ ‫بن ِ‬ ‫النس�ائي عن ِ‬ ‫عمرو ِ‬ ‫تغل ٍ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫ب َ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪َّ « : m‬‬ ‫أشراط‬ ‫إن ِمن‬ ‫قال‬ ‫وروى‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫يفش َو ُ‬ ‫المال ويك ُث َر ‪ُ ،‬‬ ‫الساعة أن ُ‬ ‫وتفش َو التِّجار ُة »((( ‪.‬‬

‫التنافس على‬ ‫الدنيا‬

‫وكما أخبر النبي ‪ m‬عن ُف ُش�و الت ِ‬ ‫ِّجارة وانتِ ِ‬ ‫أخبر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العلل‬ ‫عن‬ ‫شارها َبي َن‬ ‫ِّ‬ ‫الناس فقد َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألمراض ‪ ،‬ففي‬ ‫األدواء‬ ‫ُصاب بِه األُ َّم ُة ِم َن‬ ‫المترتِّبة على هذا ال ُف ُش ِّو والكثرة ‪ ،‬وما ت ُ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪ «:‬وال َّل ِه ‪ ،‬ما الفقر أخش�ى ع َليكم ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫الحديث عنه ‪ m‬أنَّه َ‬ ‫ولكنِّي أخش�ى ع َليكم‬ ‫َ‬

‫ُبس�ط على َمن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كان قبلكم فتنافس�وها كما تنافس�وها‪،‬‬ ‫ُبس�ط الدُّ نيا ع َليكم كما ت‬ ‫أن ت‬ ‫كان قبلك�م »((( ‪ .‬وما يروي�ه م ِ‬ ‫وتهلكُك�م كم�ا أهلكَت م�ن َ‬ ‫س�ل ٌم ‪ « :‬وتلهيكم كما‬ ‫ُ‬ ‫ألهتهم »((( ‪.‬‬ ‫َ‬

‫حذر النبي ‪ِ m‬م�ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫داء التنا ُف ِ‬ ‫الصحابة والتابعين َ‬ ‫س َ‬ ‫فقال ‪ « :‬إذا ُفتِ َحت‬ ‫أوائل‬ ‫ُّ‬ ‫ب�ل َّ َ‬ ‫ٍ‬ ‫الرحمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ع�وف ‪ُ :‬‬ ‫أي َقو ٍم أنت�م ؟ » ‪َ .‬‬ ‫نقول كما‬ ‫بن‬ ‫ع َليك�م‬ ‫قال عبدُ‬ ‫والرو ُم ‪ُّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ف�ارس ُّ‬ ‫ُ‬ ‫أمرنا الله ‪َ .‬‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ « m‬أو َغ َير ذلِ َك؟ تتنافسون ُث َّم تتحاسدون ُث َّم تتدابرون‬ ‫قال‬ ‫ُث َّم تتباغضون أو نحو ذلِ َك»(((‪.‬‬ ‫أس�اليب الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عالم الك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّجارة‬ ‫ُف�ر في‬ ‫المس�لمين َ‬ ‫وف�ي ك ُِّل ه�ذا إش�ار ٌة إلى اس�تتبا ِع ُ‬ ‫ِ‬ ‫ونماذ ِجها على َغ ِير ُز ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫راعاة ٍ‬ ‫دين أو ِقي ٍم ‪.‬‬ ‫هد وال ور ٍع وال ُم‬ ‫ومظاه ِرها‬

‫ظهور الربا عالمة‬ ‫صغرى‬

‫والشراكات الاقتِصاديةِ المشبوهةِ‬ ‫ِ‬ ‫هور فِتنةِ الرِّاب‬ ‫ُظ ُ‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�ارها بين الم ِ‬ ‫س�لمين ‪،‬‬ ‫وم� َن العالمات ُّ‬ ‫الربوية وانت ِ َ َ ُ‬ ‫هور المعامالت ِّ‬ ‫الصغرى ُظ ُ‬

‫((( سنن النسائي (‪. )4473‬‬

‫خاري (‪. )6425‬‬ ‫صحيح ال ُب‬ ‫(((‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬

‫((( مسلم (‪. )7615‬‬ ‫((( مسلم (‪. )7616‬‬

‫‪304‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أس�باب‬ ‫الربوي ُة ُجز ًءا ِمن حياة األُ َّم ِة وس�ب ًبا ِمن‬ ‫الم‬ ‫ُ‬ ‫عامالت االقتصادي ُة ِّ‬ ‫حتَّى تُصبِ َح ُ‬ ‫التداو ِل التِّجاري في كا َّف ِة بِ ِ‬ ‫سلمين ‪ ،‬ال تخلو ِمنها ِ‬ ‫الد الم ِ‬ ‫عاصم ٌة وال قري ٌة ‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫يمنة العال ِم الربوي الكافِ ِر على مقدَّ ِ‬ ‫األحاديث إشار ٌة إلى ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫العربية‬ ‫رات األُ َّم ِة‬ ‫وفي‬ ‫َ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫المؤسسات االقتِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الربوي ُة ِضم َن َس ِ‬ ‫صادية‬ ‫�ير‬ ‫الم‬ ‫ُ‬ ‫عامالت ِّ‬ ‫ُفر َض ُ‬ ‫واإلسلامية ؛ حتَّى ت َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتنش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫مع َّ‬ ‫س�قط‬ ‫الربا قد‬ ‫�ئة‬ ‫األجي�ال ع َليها في الدراس�ات األكاديمي�ة والعالية ‪َ ،‬‬ ‫أن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ن�ذ أن وضعه النبي ‪ِ َ m‬‬ ‫وانَّه�ار ُم ُ‬ ‫والربا‬ ‫تح�ت قدمي »((( في‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تحت قدم�ه بِقوله ‪ِّ « :‬‬ ‫ُّ‬

‫وص�ار التعا ُم ُل بِه ِخفي ًة‬ ‫اإلسلامي ‪،‬‬ ‫وانقطع بعدَ ذلِ َك في العالمين‬ ‫ِح َّج�ة الودا ِع ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الربا ويتعاملون‬ ‫لدى‬ ‫بعض الفسقة وال ُعصاة و ُعمالء اليهود ‪ ،‬الذين كانوا ُي ِّ‬ ‫روجون ِّ‬ ‫بِه ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سقط القرار اإلسالمي في البِ ِ‬ ‫َ‬ ‫واإلسالمية ‪ ،‬وبد َأ عهدُ االستِعمار‬ ‫العربية‬ ‫الد‬ ‫ولما‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫عاملات االقتِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫صادية ‪ ،‬ولم‬ ‫الم‬ ‫ب�د َأ‬ ‫الربا الحرا ِم ف�ي ُ‬ ‫الم َس� َّي ُس على إدخ�ال ِّ‬ ‫العمل ُ‬ ‫مرحلة ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث�اء على ِ‬ ‫ِ‬ ‫االنش ِ‬ ‫ِ‬ ‫بإدانة‬ ‫�غال‬ ‫اإلدخ�ال األنظِم ُة القائم ُة ف�ي‬ ‫تس�لم ِمن ه�ذا‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫البيت ‪ِ ،‬مما يشير إلى امتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قادات الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫رافات اعتِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمذهبية ِ‬ ‫المدرسة‬ ‫الك‬ ‫وآل‬ ‫وفية‬ ‫انح‬ ‫ُّ‬ ‫َّ ُ ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بوي على‬ ‫اإلنس�اني ُك ِّله‬ ‫األمر في العال ِم‬ ‫العالمية ِزما َم‬ ‫بوية‬ ‫الر ِّ‬ ‫وفرض االقتصاد ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫هيمنة المدرسة‬ ‫الربوية على‬ ‫االقتصاد العربي‬ ‫واإلسالمي دراسة‬ ‫وتجارة‬

‫بدأ عهد‬ ‫االستعمار‬ ‫بترويض الشعوب‬ ‫المسلمة على‬ ‫قبول المعامالت‬ ‫الربوية‬

‫الجميعِ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الربوي� َة في كا َّف ِة‬ ‫ب�ل بد َأ ال ُغثائي�ون من ِرجال الم�ال واألعمال يضع�ون قواعدَ ه ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الثقافي�ة االقتِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يتط�ور في ال�دُّ ِ‬ ‫َ‬ ‫العربية‬ ‫ول‬ ‫وأخ�ذ‬ ‫الجدي�دة ‪،‬‬ ‫صادي�ة‬ ‫الحرك�ة‬ ‫مواق� ِع‬ ‫َّ ُ‬ ‫دور الغثائيين من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عامالت تمهيدً ا لِ َق ِ‬ ‫المسلِمين في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البديل‬ ‫سياسة‬ ‫بول‬ ‫الم‬ ‫الوعي‬ ‫إقصاء‬ ‫مع‬ ‫ُ‬ ‫واإلسلامية َ‬ ‫الشرعي في ُ‬ ‫ِّ‬

‫وضع قواعد الربا‬ ‫البنكي‬

‫((( صحي�ح مس�لم (‪ ، )3009‬بلفظ «كل ش�يء من أم�ر الجاهلية تحت قدم�ي موضوع ‪ ،‬وربا‬ ‫الجاهلية موضوع» ‪.‬‬

‫‪305‬‬


‫ِ‬ ‫ب�وي الكافِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ر ‪ ،‬وف�ي ذلِ َك ُ‬ ‫الناس‬ ‫المخدوعة ‪ « :‬ليأت َي� َّن على‬ ‫يقول ‪ m‬عن أمتِ�ه‬ ‫الر ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫أخذ َ‬ ‫زم�ان ال ُيبالي الم�ر ُء بِما َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫المال‪ِ :‬أمن‬ ‫وحديث ‪ « :‬ال‬ ‫حالل أم ِمن حرا ٍم؟ »((( ‪.‬‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لما ُمس�تفا ًدا ‪ً ،‬‬ ‫وأخا في‬ ‫رهما من حالل ‪ ،‬وع ً‬ ‫تقو ُم الس�اع ُة حتَّى ُيع َّز ال َّل ُه فيه ثالث ًة ‪ :‬د ً‬ ‫يدخ ُل الربا ك َُّل ب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الناس ٌ‬ ‫ُ‬ ‫زمان ُ‬ ‫يت ‪ ،‬ومن لم يدخ ْله‬ ‫وحديث ‪ « :‬سيأتي على‬ ‫ال َّل ِه»((( ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫الربا َ‬ ‫باره » (((‪.‬‬ ‫دخل إ َليه ُغ ُ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األحاديث تنطبِ ُق على ٍ‬ ‫ُ‬ ‫أش�راط‬ ‫ف «فقه‬ ‫كثير‬ ‫الساعة»((( ‪ « :‬وهذه‬ ‫كتب الوابِ ُل ُمؤ ِّل ُ‬ ‫َ‬ ‫انتشار المصارف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحالل في المكاس ِ‬ ‫َ‬ ‫�ب ‪ ،‬بل‬ ‫يتحرون‬ ‫المس�لمين في ه�ذا‬ ‫الزمن ؛ فتجدُ ه�م ال ُّ‬ ‫المتعاملة بالربا م� َن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عامالت‬ ‫الرب�ا في ُم‬ ‫الحلال والحرا ِم ‪،‬‬ ‫الم�ال ِم َن‬ ‫يجمع�ون‬ ‫ُ‬ ‫وأغل�ب ذل َك بِدخول ِّ‬

‫ِ‬ ‫فقد انتش�ر ِ‬ ‫الن�اس ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس في هذا‬ ‫كثير ِم� َن‬ ‫الربا ‪،‬‬ ‫ت‬ ‫المصار ُ‬ ‫َ‬ ‫ووقع ٌ‬ ‫المتعامل� ُة بِ ِّ‬ ‫ف ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الساعة) ‪.‬‬ ‫أشراط‬ ‫البالء العظي ِم ‪ .‬اهـ ص‪( 140‬‬

‫ِ‬ ‫لت ‪ :‬ومع أنَّنا ِ‬ ‫الربا بِ‬ ‫البالء العظي ِم في األُ َّم ِة لكنَّا ال نُحدِّ ُد ُهوي َة المسئولين‬ ‫نص ُ‬ ‫ُق ُ‬ ‫َ‬ ‫ف ِّ‬ ‫س�لمين بِ ِ‬ ‫ف الم ِ‬ ‫ع�ن انتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقوعهم في�ه وتعا ُم ِلهم بِ�ه ‪ ،‬وكأنَّهم هم‬ ‫ش�اره ‪ ،‬وإنَّم�ا ن ِّ‬ ‫ُخو ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫واألصل ف�ي التعا ُم ِ‬ ‫ُ‬ ‫الحك ِم‬ ‫موق�ع‬ ‫الربا‬ ‫المس�ؤولون عن�ه مباش�ر ًة ‪،‬‬ ‫القرار ف�ي ُ‬ ‫ُ‬ ‫�ل بِ ِّ‬ ‫عهد ال ُغ ِ‬ ‫القرار في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتس�اه ُل بِ‬ ‫ثاء‬ ‫حملة‬ ‫واسطة‬ ‫س�م ُح بِه ‪ ،‬واإلباح ُة‬ ‫ُ‬ ‫والعل ِم‪ ،‬الذي ُي َ‬ ‫ِ‬ ‫والوهن‪.‬‬ ‫خطر الربا على‬ ‫الحياة اإلسالمية‬ ‫ووصف القرآن‬ ‫آلكل الربا‬

‫وفيهم جمي ًعا ُ‬ ‫يقول تعالى ‪ ( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬

‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ) [البق�رة‪ .. ]275:‬اآلي�ة ‪.‬‬ ‫((( صحيح البخاري (‪)2083‬‬

‫((( رواه الديلمي (‪.)7533‬‬

‫((( سنن ابن ماجه (‪. )2364‬‬ ‫(( ( ص‪. 140‬‬

‫‪306‬‬


‫ِ‬ ‫وال ُق ُ‬ ‫وصف اآلكلي َن لِ ِّلرب�ا ( ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ)‬ ‫اآلي�ة‬ ‫�رآن في هذه‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫سياس�ة وال‬ ‫جلس�وا وحي ُثما َع َّل ُم�وا أو َت َع َّل ُموا ال يقومون في‬ ‫حي ُثم�ا قا ُم�وا وحي ُثما ُ‬ ‫ثقاف�ة وال ِع ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تِ‬ ‫الق�ة ( ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬ ‫عقي�دة وال‬ ‫ج�ارة وال ِعل� ٍم وال تعلي� ٍم وال‬

‫ﭚﭛﭜﭝ ) ‪.‬‬

‫�رة ِ‬ ‫ظاه ِ‬ ‫ِ‬ ‫عالية ِم�ن ِ‬ ‫االنف ِ‬ ‫والدع�وات ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعلي�ل ال ُق ِ‬ ‫رآن لِ ِ‬ ‫االنف ِ‬ ‫ُ‬ ‫ع�ال‬ ‫وه�ذا هو‬ ‫لمانية‬ ‫الع‬ ‫َ‬ ‫عالقة التطرف‬ ‫ف السياسي والديني في ِ‬ ‫اإلرهاب والتطر ِ‬ ‫ِ‬ ‫واالنتِ ِ‬ ‫والتوليفية ‪ ،‬وما ُس ِّم َي بِ‬ ‫ِ‬ ‫عالمنا واإلرهاب بالربا‬ ‫قائية‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫والمعامالت‬ ‫والنقض ؛ َع َّل َلها بِأنها ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫هور ِ‬ ‫نذ ُظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مدار ِ‬ ‫عاص ِر ُم ُ‬ ‫ظاهر ٌة َش�يطاني ٌة مقرون ٌة‬ ‫القبض‬ ‫س‬ ‫ُ‬ ‫ي�ره ؛ لأِ َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لهم القي�ا ُم بِ َغ ِ‬ ‫بِ ِ‬ ‫الحكم� َة والموعظ َة‬ ‫�أكل الح�را ِم وترويج�ه ‪ ،‬وال يمك� ُن ُ‬ ‫الحس�ن َة إنَّم�ا ه�ي عط�اء ِم�ن ال َّل ِ‬ ‫�ه ألوليائ�ه ( ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬ ‫ٌ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وإلصاق‬ ‫واإلفك‬ ‫والرفض والتش ِّف َي‬ ‫الجدل‬ ‫ﯯ) [البقرة‪ ، ]269:‬وأ َّما الذين ُأوتوا‬ ‫َ‬

‫المشبوهة‬

‫نبات الحرا ِم الم ِ‬ ‫ثمرات ِ‬ ‫ِ‬ ‫نتش ِر‬ ‫والتصو ِر ‪ ،‬فما هم فيه ما هو إلاَّ ثمر ٌة ِمن‬ ‫التُّه ِم بالظ ِّن‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ت إِالَّ كَان ِ‬ ‫قال ‪ « :m‬إِ َّنه الَ يربو َلحم َنب َت ِمن سح ٍ‬ ‫كما َ‬ ‫َت الن َُّار َأ ْو َلى بِ ِه »((( ‪.‬‬ ‫ْ ُ ْ‬ ‫ُ َُْ ْ ٌ َ‬ ‫ِ‬ ‫والرب�ا ُج�ز ٌء ِم َن الك ِ‬ ‫�ك ‪ ،‬وال ُق ُ‬ ‫اقتصاده ‪ ،‬وال ه�واد َة في ذلِ َ‬ ‫رآن‬ ‫ُف�ر ‪ ،‬وهو سياس� ُة‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫المؤمني� َن ‪( :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬ ‫ُيخاط ُ‬ ‫�ب ُ‬ ‫ﮱ )[البقرة‪. ]278:‬‬

‫الربا جزء من‬ ‫الكفر‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫بالعكس ‪.‬‬ ‫والعكس‬ ‫الرب�ا ‪،‬‬ ‫نتعر َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫والحق أن َّ‬ ‫بقي م َن ِّ‬ ‫فاإليم�ان ُمتح ِّق ٌق بِترك ما َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمر ِمن‬ ‫ش�ترك حتَّى نُعالِ َج‬ ‫الم‬ ‫َ‬ ‫أمراضنا جمي ًعا ‪ ،‬ولله ُ‬ ‫حجم ما بل ْغنا إ َليه م َن ال ُغثاء ُ‬ ‫َ‬ ‫قبل ِ‬ ‫ُ‬ ‫ومن بعدُ ‪.‬‬

‫عامل م ِ‬ ‫الس�اعة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقراءتَه�ا على ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�اعدٌ لِوض ِع ك ُِّل‬ ‫وجهها‬ ‫عالم�ات‬ ‫إن‬ ‫الصحي�ح ٌ ُ‬

‫((( سنن الترمذي (‪. )617‬‬

‫‪307‬‬

‫فقه التحوالت‬ ‫ووضعه الدواء‬ ‫موضع الداء‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫س�ل ٍم وك ُِّل نِظ�ا ٍم م ِ‬ ‫م ِ‬ ‫عاص ٍ‬ ‫التطاو ُل‬ ‫�ع‬ ‫ُ‬ ‫�ر في َموقعه م� َن الحال�ة الحقيقية ؛ حتَّى ينقط َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النبي ‪m‬‬ ‫والتباه�ي ‪،‬‬ ‫ونرج َ‬ ‫الم َّرة التي رفضناها ‪ ،‬وهي ُس�نَّ ُة ِّ‬ ‫�ع جمي ًعا إلى الحقيقة ُ‬ ‫والفساد فينا وفي َغ ِيرنا‪ ..‬فهل ِمن م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دك ٍر ؟!‬ ‫موقع الع َّل ِة‬ ‫تقريره‬ ‫في‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫س�لمين ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫وق�د انتق َلت هذه التُّهم ُة الخطير ُة بين الم ِ‬ ‫الرس�مي إلى الواق ِع‬ ‫الواق ِع‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫الم‬ ‫وص�ارت ُجز ًءا ال‬ ‫الش�عبي ‪،‬‬ ‫جتمعات ِضدَّ‬ ‫وس�لوك وعالق�ة ُ‬ ‫يتج�ز ُأ من عقيدة ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البعض ‪ ،‬بل واألنك�ى واألدهى َّ‬ ‫ألتباعها‬ ‫تنكرت‬ ‫بعضه�ا‬ ‫أن محاض َن هذه التُّه ِم قد َ‬

‫ش�ارها في ِ‬ ‫ِ‬ ‫عوب ؛ لِتتنص َل عن تبِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضمان انتِ ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫دماء ُّ‬ ‫الجريرة‬ ‫عة‬ ‫روجي فتنتِها بعدَ‬ ‫َّ‬ ‫و ُم ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت�ي صنعته�ا ف�ي المجتم� ِع الم ِ‬ ‫البق�اء واالس�تِ ِ‬ ‫تناق ِ‬ ‫والعبث‬ ‫مرار‬ ‫�ض ؛ رغب� ًة ف�ي‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫المستثم ِر األصلي ورضائه ِمن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الش ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ ُّ‬ ‫جهة ُأخرى‬ ‫مصلحة‬ ‫ضمان‬ ‫مع‬ ‫عوب من جهة ‪َ ،‬‬ ‫ِّ‬

‫عبة ؛ لِيتوب وينيب ويخشى ال َّله ويتقيه ؟! أم إنَّها ِ‬ ‫در ٍك سر ال ُّل ِ‬ ‫‪ ،‬فهل ِمن ُم ِ‬ ‫الفتن ُة التي‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َّ‬

‫الحليم َحيرانًا؟!‬ ‫تدع‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فتن المشرق‬ ‫عالمة صغرى‬

‫ُظهور ِ‬ ‫الفت ِن ِم َن المش ِر ِق‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المشر ِق ‪ :‬فمنهم من‬ ‫اختلف ال ُعلما ُء في شأنِها فِت ُن‬ ‫العالمات الصغرى التي‬ ‫وم َن‬ ‫َ‬ ‫المش�ر َق مكانًا محدَّ دا ِ‬ ‫كالع ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫راق ‪ ،‬ومنهم من َ‬ ‫َ‬ ‫ش�ر ِق ‪،‬‬ ‫جعل‬ ‫جعل‬ ‫ُ ً‬ ‫المش�رق جه َة َ‬ ‫الج ِ‬ ‫ويدخ ُل فيه ك ُُّل ِ‬ ‫لك ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تن التي جا َءت ِمن تِ َ‬ ‫أيضا‬ ‫هة ‪،‬‬ ‫ويدخ ُل في المعنى الثاني ً‬ ‫ِ‬ ‫ُب ٌ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالمي فِت ٌن عظيم ٌة ‪ِ ،‬منها ‪:‬‬ ‫التاريخ‬ ‫مر‬ ‫ِّ‬ ‫ظهرت منها على ِّ‬ ‫لدان عديد ٌة َ‬

‫الجهات التي‬ ‫ظهرت ِمنها الفتن‬ ‫عبر التاريخ‬

‫ِ‬ ‫رس ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪ )1‬بِال ُد ال ُف ِ‬ ‫وغيرها ‪.‬‬ ‫واله‬ ‫ظهرت البهائي ُة والقادياني ُة ُ‬ ‫ندوس ‪ ،‬ومنه َ‬

‫ومنها ظه�ر ِ‬ ‫�راق ‪ِ ،‬‬ ‫(‪ِ )2‬‬ ‫ِ‬ ‫الع ُ‬ ‫الخوار ُج والروافِ ُض والباطني� ُة والقدري ُة والجهني ُة‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫والم ِ‬ ‫وغيرها ‪.‬‬ ‫عتزل ُة ُ‬ ‫والقرامط ُة ُ‬ ‫‪308‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫القرن السابِ ِع‬ ‫والتتار في‬ ‫المغول‬ ‫ظهر ِمنها‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ُ‬ ‫بلدان الشرق التي َ‬ ‫ِ‬ ‫ظهرت ِمنها فِتن ُة ُّ‬ ‫يوعية ‪.‬‬ ‫الش‬ ‫(‪ )4‬روسيا والصي ُن ‪ ،‬وقد َ‬

‫�يلم َة ‪ ،‬وقد ظهرت ِمنها فِتن ُة مس ِ‬ ‫(‪ )5‬نجدُ مس ِ‬ ‫الكذ ِ‬ ‫�يلم َة َّ‬ ‫والنقض‬ ‫القبض‬ ‫ُ‬ ‫اب ‪ُ ،‬ث َّم ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫األحاديث عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزمان ‪.‬‬ ‫آخ ِر‬ ‫الموعو ُد بِه في‬ ‫كجه�ة مص�در ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وس�يكون ُظه�ور الدَّ َّج ِ‬ ‫والش ِ‬ ‫الفت ِ‬ ‫وال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ�ن ُّ‬ ‫ال‬ ‫�رور ‪،‬‬ ‫المش�رق‬ ‫ي�زال‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫نسأل ال َّله السالم َة ِمن ِ‬ ‫ويأجوج ومأجوج ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫تن ‪.‬‬ ‫جهة‬ ‫َ‬ ‫المشر ِق ‪ُ ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ابن ُعمر ء أنَّه ِ‬ ‫المش�رق فكثير ٌة ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يث ِ‬ ‫ُ‬ ‫األحاد ُ‬ ‫س�م َع‬ ‫ومنها‬ ‫عن‬ ‫وأ َّما‬ ‫حديث ِ َ‬ ‫الفتن َة هاهنا ‪ ،‬أال إِ َّن ِ‬ ‫إن ِ‬ ‫ِ‬ ‫المش�ر ِق ‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫يقول ‪ « :‬أال َّ‬ ‫الفتن َة‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ m‬وهو ُمس�تقبِ ُل‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫يطلع ُ‬ ‫هاهنا من ُ‬ ‫قرن‬ ‫حيث‬ ‫الشيطان »((( ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫((( صحي�ح البخاري (‪ ، )3279‬وكلمة (قرن) تأتي بمعنى (جيل من الناس) ‪ ،‬ففي تفس�ير ابن‬

‫كثي�ر (‪( : )241 : 3‬ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [المؤمن�ون‪ . ]31:‬أي ‪ :‬جيلا آخ�ر لنختبرهم ‪.‬‬ ‫وفي تفس�ير البحر المحيط (‪ : )70 : 5‬وقيل ‪ :‬القرن القوم المجتمعون ‪ .‬قلت ‪ :‬الس�نون لو‬

‫كثرت ؛ لقوله ‪ :‬خير القرون قرني ‪ .‬يعني ‪ :‬أصحابه ‪ .‬وقال قس ‪:‬‬ ‫بـصـائـر‬ ‫ف�ي الـذاهــبِــيـ�ن األَ َّولِــي�ـ ـ َن من الـقـ�رون لـنا‬ ‫ْ‬ ‫أي ‪ :‬ق�د تطل�ق على األش�خاص ‪ ،‬وليس عل�ى المدة الزمنية ‪ ،‬ولو كان�ت أعمارهم فوق‬ ‫‪ 100‬مث�ل جي�ل النبي ن�وح ش ‪ ،‬كان الجيل منهم بنحو ألف ع�ام ‪ .‬وربما أقل من ذلك‬ ‫(‪ 70-60‬عاما) مثال ‪ ،‬وهو الجيل الذي جاء ببداية عهد الغثاء مع س�قوط الخالفة « أعمار‬ ‫أمتي ما بين الستين إلى السبعين » ‪ ،‬ولذلك جاءت الرواية « قرنا الشيطان » ‪ ،‬مما يقودنا إلى‬

‫أنهم جيالن على هذه الرواية ‪.‬‬

‫وعل�ى ذل�ك ينبني أن تفس�ير بعضهم لحديث « خير القرون قرن�ي » ال يعني به ‪ 300‬عام‬

‫بالضبط ‪ ،‬بل يعني به ثالثة أجيال ‪ :‬الصحابة ‪ ،‬التابعون ‪ ،‬تابعو التابعين ‪.‬‬

‫وتأت�ي بمعنى قوم أو ش�عب ‪ ،‬فف�ي الوجيز للواح�دي (‪ ( : )567/1‬ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ )‬

‫أحدثن�ا ( ﭶ ﭷ ) يعن�ي ‪ :‬عادا ‪ .‬اه�ـ ‪ .‬أي ‪ :‬قد يكون المقصود من كلمة (قرن) القبيلة‬

‫‪309‬‬

‫أحاديث فتن‬ ‫المشرق‬


‫سل ٍم أنَّه َق َال ‪« :‬رأس الك ِ ِ‬ ‫وفي ِر ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫واية م ِ‬ ‫حيث يط ُل ُع ُ‬ ‫هاهنا ِمن ُ‬ ‫قرن َّ‬ ‫يطان»‪،‬‬ ‫ُفر من ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫يعني‬ ‫المشر َق (((‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫الحديث بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫لفظة « ِ‬ ‫قرن َّ‬ ‫وايات «قرنا‬ ‫�يطان » ‪ ،‬وفي ِر‬ ‫الش‬ ‫نص‬ ‫وفي ِروايات ور َد في ِّ‬ ‫رواية فتن‬ ‫ِ‬ ‫المشرق بالمفرد َّ‬ ‫الشيطان » ‪.‬‬ ‫والمثنى ‪ «:‬قرن‪/‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قرنا الشيطان »‬ ‫مر ‪ ،‬وفي‬ ‫ورواي ُة « قرنا » بألف التثنية ور َدت في ُمسل ٍم بروايات منها رواي ُة ابن ُع َ‬ ‫الفتن َة هاهنا ! َّ ِ‬ ‫إن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫هاهنا ! ثال ًثا ُ‬ ‫آخ ِره ‪َّ « :‬‬ ‫يطلع قرنا َّ‬ ‫حيث‬ ‫يطان »((( ‪.‬‬ ‫إن الفتن َة ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الفتن َة تجيء ِمن هاهنا و َأ َ ِ‬ ‫ابن ُعمر ‪ « :‬إِ َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫وف�ي ُأخ�رى ِ‬ ‫المش�ر ِق‬ ‫نحو‬ ‫ُ‬ ‫ومأ بيده َ‬ ‫ُ‬ ‫عن ِ َ‬ ‫الش ِ‬ ‫ٍ‬ ‫حيث يط ُل ُع ُ‬ ‫من ُ‬ ‫قرن َّ‬ ‫قاب‬ ‫يطان‪ ،‬وأنتم‬ ‫بعض ‪ ...‬إلخ » ((( ‪.‬‬ ‫يضرب ُ‬ ‫بعضكم ِر َ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حديث ِ‬ ‫اليمن َ‬ ‫مس�عود َ‬ ‫فق�ال ‪« :‬أال إِ َّن‬ ‫نحو‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫ابن‬ ‫وف�ي‬ ‫النبي ‪ m‬بي�ده َ‬ ‫أش�ار ُّ‬ ‫َ‬ ‫لوب ف�ي ال َفدَّ ِ‬ ‫وإن القس�و َة ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وغ َل َظ ال ُق ِ‬ ‫هاهنا ‪َّ ،‬‬ ‫أذناب‬ ‫صول‬ ‫ادين ِعن�دَ ُأ‬ ‫اإل‬ ‫يم�ان م�ن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلبل ُ‬ ‫حيث يط ُل ُع قرنَا َّ‬ ‫ضر» (((‪.‬‬ ‫الشيطان في ربيع َة و ُم َ‬ ‫تحديد األحاديث‬ ‫جهة المشرق‬ ‫بربيعة ومضر‬

‫وف�ي ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫رأس الك ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪َ m‬‬ ‫َ‬ ‫واي�ة أبي ُه َري�ر َة َّ‬ ‫المش�ر ِق ‪،‬‬ ‫نحو‬ ‫أن‬ ‫ُفر َ‬ ‫ق�ال ‪ُ « :‬‬ ‫والشعب ‪ ،‬وليس المدة الزمنية أو الجيل ‪.‬‬

‫وتأتي بمعنى المدة الزمنية (‪ 100‬عام) ‪ ،‬ففي تفسير البحر المحيط إلمام اللغة أبي حيان‬

‫(‪ )70/5‬ق�ال عند اس�تعراضه لعدة أقوال ‪ ... :‬أو مائة س�نة ‪ ،‬قال�ه الجمهور ‪ ،‬وقد احتجوا‬ ‫لذلك بقول النبي ‪ m‬لعبد الله بن بشر ‪ « :‬تعيش قرنا » ‪ .‬فعاش مائة ‪ ،‬وقال ‪ :‬أرأيتكم ليلتكم‬ ‫هذه فإن على رأس مائة ال يبقى ممن هو اليوم على ظهر األرض أحد » ‪ .‬قال ابن عمر ‪ :‬يؤيد‬

‫أنها انخرام ذلك القرن ‪.‬‬

‫((( صحيح مسلم (‪. )7479‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪. )7480‬‬

‫((( صحيح مسلم (‪. )7481‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪. )190‬‬

‫‪310‬‬


‫واإلبل ال َفدَّ ِ‬ ‫أهل ِ‬ ‫الوبر ‪ ،‬والس�كين ُة في ِ‬ ‫ادين ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والفخ�ر ُ‬ ‫أهل‬ ‫الخيل‬ ‫أه�ل‬ ‫والخيال ُء في‬ ‫ُ‬ ‫الغن ِم » ((( ‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫رواي�ة ُأخرى َ‬ ‫ُ‬ ‫المش�رق ‪،‬‬ ‫ُفر ِق َبل‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪: m‬‬ ‫قال‬ ‫وف�ي‬ ‫«اإليمان والك ُ‬

‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫والخيال ُء في الفدَّ ادين ِ‬ ‫والسكين ُة في ِ‬ ‫أهل َ‬ ‫والفخر ُ‬ ‫يل‬ ‫أهل الغن ِم ‪،‬‬ ‫والوبر » ((( ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫أيض�ا في ِر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫واية ‪ « :‬أتاكم ُ‬ ‫ُ‬ ‫اليمن ‪ ،‬هم ألي ُن ُقلو ًبا ‪ُّ ،‬‬ ‫اإليمان‬ ‫وأرق أفئد ًة ‪،‬‬ ‫أهل‬ ‫وعن�ه ً‬ ‫ِ‬ ‫رأس الك ِ‬ ‫ُفر ِمن ِق ِ‬ ‫ُ‬ ‫بل‬ ‫المشر ِق » (((‪.‬‬ ‫يمان ‪ ،‬والحكم ُة يماني ُة‪ُ ..‬‬

‫رس�ول ال َّل ِ‬ ‫جابر ب�ن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫رواي�ة عن ِ‬ ‫لظ ال ُق ِ‬ ‫ُ‬ ‫يقول ‪َ :‬‬ ‫عبدال َّل ِه ُ‬ ‫�ه ‪ِ « : m‬غ ُ‬ ‫لوب‬ ‫قال‬ ‫وف�ي‬ ‫ِ‬ ‫أهل ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإليمان في ِ‬ ‫والجفاء في ِ‬ ‫ُ‬ ‫المشر ِق ‪،‬‬ ‫أهل‬ ‫جاز »((( ‪.‬‬

‫الش�يطان فجانبا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رأس�ه ‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫وقيل ‪ :‬هما جمعاه ‪،‬‬ ‫ش�رحه ‪ :‬وأ َّما قرنا‬ ‫النووي في‬ ‫قال‬ ‫ُّ‬ ‫تحليل « قرنا‬ ‫ار ‪ .‬والمراد بِذلِ َك اختِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس ‪ :‬وقيل ‪ :‬شيعتاه ِم َن ال ُك َّف ِ‬ ‫ِ‬ ‫بإضالل‬ ‫اللذان ُيغريهما‬ ‫صاص الشيطان » بألف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫التثنية‬ ‫ِ‬ ‫�يطان ِ‬ ‫بمزيد ِمن تس� ُّل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وم َن الك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُفر ‪ ،‬كما َ‬ ‫ط َّ‬ ‫اآلخر ‪« :‬‬ ‫الحديث‬ ‫قال ف�ي‬ ‫الش‬ ‫المش�ر ِق‬ ‫وكان ذلِ َك في ِ‬ ‫ِ‬ ‫رأس الك ِ‬ ‫حيث َ‬ ‫ُ‬ ‫عهده ‪ُ m‬‬ ‫َ‬ ‫ويكون‬ ‫ق�ال ذلِ َك ‪،‬‬ ‫المش�ر ِق » ‪.‬‬ ‫نح�و‬ ‫ُف�ر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫منشأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الف ِ‬ ‫تن‬ ‫المشر ِق ‪ ،‬وهو فيما َبي َن ذلِ َك‬ ‫يخر ُج الدَّ َّج ُال ِم َن‬ ‫العظيمة(((‪.‬‬ ‫حي َن ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أعلم ‪َ :‬قو ُله «قرنا َّ‬ ‫أكثر ِمن‬ ‫ُق ُ‬ ‫الش�يطان» بِالتثنية هو إش�ار ٌة إل�ى ُوجود َ‬ ‫ل�ت ـ وال َّل ُه ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫القرنية َّ‬ ‫باإلفراد ـ قد‬ ‫المش�ر ِق ـ‬ ‫أحاديث‬ ‫�يطانية ‪ ،‬فإذا كانَت‬ ‫الش‬ ‫يحمل ِصف َة‬ ‫مكان‬

‫خصصها جمل ٌة ِمن الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫لماء بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫المش�ر ِق ُعمو ًما ؛ َّ‬ ‫فإن «قرنا َّ‬ ‫�يطان»‬ ‫الش‬ ‫وجهة‬ ‫راق‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ َ ُ‬

‫((( صحيح مسلم (‪. )194‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪. )195‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪. )199‬‬

‫((( صحيح مسلم (‪. )202‬‬

‫((( شرح النووي على مسلم (‪.)34 :2‬‬

‫‪311‬‬


‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ناحية ُأخرى ‪،‬‬ ‫ش�ار إ َليه�ا ِمن‬ ‫بِالتثني�ة ُيدخ ُل نجدَ ُم َس�يلم َة وما حو َلها في الجهة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫صوصا ِعندَ ِذ ِ‬ ‫ُ‬ ‫والبالد وفي قولِه ‪ « :‬يط ُل ُع قرنا َّ‬ ‫يطان‬ ‫فاضلة َبي َن المناطِ ِق‬ ‫الم‬ ‫وخ‬ ‫ً‬ ‫كر ُ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ووصفهم بِ ُ‬ ‫والفخر ‪.‬‬ ‫والكبر‬ ‫يالء‬ ‫ضر »‬ ‫في ربيع َة و ُم َ‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬ ‫التحديد ِخدم� ٌة واعي ٌة لِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�رعي في‬ ‫البيان‬ ‫�ه ‪ m‬في‬ ‫راد‬ ‫وف�ي ه�ذا‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ورغب�ة ِ‬ ‫النظر عن مقا ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�اعة (بِ‬ ‫الحديث‬ ‫صرف‬ ‫أهلها في‬ ‫هة‬ ‫صرف‬ ‫عالم�ات‬

‫جتمع ًة بعيد ًة ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫إبراز المعاني م ِ‬ ‫ياري‪،‬‬ ‫ع�ن جهتِهم) فاألمان ُة تقتضي َ‬ ‫عن االنتقاء االخت ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعس� ًفا ـ‬ ‫ِخال ًف�ا لِما‬ ‫َ‬ ‫أجمع ع َلي�ه غالبي ُة ُعلماء المرحلة ال ُغثائية في صرف المعنى ـ ُّ‬ ‫صوص ‪ِ ،‬‬ ‫هة ِ‬ ‫�يلم َة » إلى ِج ِ‬ ‫ع�ن « ِ‬ ‫نجد مس ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والع ُ‬ ‫�راق ـ بِ ُ‬ ‫�راق بِ ُ‬ ‫صوص ـ ال‬ ‫الخ‬ ‫الخ‬ ‫ُ َ‬

‫المشر ِق بِع ِ‬ ‫تس َلم ِمن المعنى ؛ لأِ َّن النُّصوص تذكُرها بِ ِ‬ ‫مومها‪،‬‬ ‫اسمها كما تذك ُ​ُر ِجه َة‬ ‫ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وايات‬ ‫الر‬ ‫عر ُ‬ ‫ُشير إ َليها ِّ‬ ‫ف موق ُعه م َن المس�ألة بِالدَّ الالت التي ت ُ‬ ‫وأما نجدُ ُم َس�يلم َة ف ُي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والوبر‬ ‫اإلب�ل‬ ‫أذناب‬ ‫واإلش�ارة إلى‬ ‫ضر ‪،‬‬ ‫الناحي�ة ‪،‬‬ ‫ش�ارة إل�ى‬ ‫كاإل‬ ‫وذكر ربيع� َة و ُم َ‬ ‫والخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والفخر ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬ ‫يالء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رأس الك ِ‬ ‫ِ‬ ‫والخيال ُء في ِ‬ ‫ُ‬ ‫والفخ�ر ُ‬ ‫الخيل‬ ‫أهل‬ ‫المش�ر ِق ‪،‬‬ ‫نحو‬ ‫ُفر َ‬ ‫الحدي�ث بِرواية « ُ‬ ‫ُ‬

‫أهل ِ‬ ‫واإلبل الفدَّ ادين ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوبر » (((‪.‬‬

‫أن المعنى ال ينطبِ ُق على الرعايا و ُعمو ِم الم ِ‬ ‫مع َّ‬ ‫س�لمين في تِ َ‬ ‫لك النواحي ‪ ،‬س�وا ٌء‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫المعنى ال ينطبق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخاص ـ كالعراق ـ أو بالمفهو ِم العا ِّم « الناحية والجهة » ‪ ،‬وإنَّما‬ ‫على الرعايا بمفهو ِم المشرق‬ ‫ِّ‬ ‫المسلِمين‬ ‫وعموم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ؤوس ُمعينة تحم ُل الفتن َة وتقو ُدها ‪َّ ،‬‬ ‫الكثير منهم ال‬ ‫ولعل‬ ‫ودالالت ل ُر‬ ‫عالمات‬ ‫هي‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫حتف ُأنوفِهم ‪.‬‬ ‫لم ؛ فوقعوا فِيها‬ ‫َ‬ ‫هم الع ُ‬ ‫األمر ‪ ،‬ولم يب ُل ْغ ُ‬ ‫يعلمون َ‬ ‫أحاديث متنوعة‬ ‫عن قرن المشرق‬

‫بار ْك لنا في ِ‬ ‫النبي ‪ « : m‬ال َّل ُه َّم ِ‬ ‫وع�ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب�ن ع َّب ٍ‬ ‫اس ؤ َ‬ ‫صاعنا و ُمدِّ نا‬ ‫قال ‪ :‬دعا ُّ‬

‫((( صحيح مسلم (‪. )194‬‬

‫‪312‬‬


‫فقال رج ٌل ِمن القو ِم ‪ :‬يا نبي ال َّل ِه ‪ ،‬وفي ِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫راقنا ‪َ ،‬‬ ‫قال‬ ‫َ‬ ‫وبار ْك لنا في ش�امنا ويمننا » ‪ُ َ .‬‬ ‫َّ‬ ‫�يطان وتَهيج ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجفا َء بِ‬ ‫الفتَ� َن ‪َّ ،‬‬ ‫إن به�ا َ‬ ‫‪َّ « :‬‬ ‫قرن َّ‬ ‫ِ‬ ‫الش‬ ‫صحيح‬ ‫المش�ر ِق » ((( ‪ ،‬وفي‬ ‫َ ُّ َ‬ ‫ب�دل ِع ِ‬ ‫البخ�اري « وف�ي ِ‬ ‫نجدنا » َ‬ ‫راقنا ‪ ،‬وهي الرواي ُة‬ ‫بعض‬ ‫ذهب ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫األص�ح((( ‪ .‬وقد َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكذ ِ‬ ‫«نجد ُم َس ِيلم َة َّ‬ ‫اب»‪.‬‬ ‫شير إلى‬ ‫ال ُعلماء إلى أن َقو َله ‪ « :‬نجدنا » ُي ُ‬

‫صور المتتابِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عة‪،‬‬ ‫المتالحقة في ال ُع ِ ُ‬ ‫وقد اعتنى ال ُعلما ُء بِس�رد العديد من هذه الفت َِن ُ‬ ‫العالم�ات الوس�طى والصغ�رى ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومنها فِتَ� ٌن ُأخرى لم‬ ‫ومنه�ا م�ا قد تناولن�اه في‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫اعتناء العلماء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القرام ِ‬ ‫ِ‬ ‫كف ِ‬ ‫تُذكَ�ر ِ‬ ‫والمزدكية ‪ ،‬بفتن المشرق‬ ‫ِ‬ ‫والمانوي�ة ‪،‬‬ ‫والزرادش�ية ‪،‬‬ ‫والفاطمية ‪،‬‬ ‫والزنج‬ ‫ط�ة‬ ‫تن�ة‬ ‫ْ‬ ‫العامة والخاصة‬ ‫ِ‬ ‫والس�بئية ‪ ،‬وفِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وفِ ِ‬ ‫واجتياحهم بِالد الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والنواصب ‪،‬‬ ‫الرافض�ة‬ ‫تنة‬ ‫س�لمين ‪،‬‬ ‫التتار‬ ‫تن�ة‬ ‫َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ندوسية ‪ ،‬والب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والبهائية ‪ِ ،‬‬ ‫الصليبية ‪ِ ،‬‬ ‫والح ِ‬ ‫وغيرها ‪.‬‬ ‫والقاديانية ‪،‬‬ ‫وذية ‪،‬‬ ‫واله‬ ‫روب‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بع�ض هذه ِ‬ ‫التم�ز ِق و ُظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفت َِن ِخ َ‬ ‫َ‬ ‫تمز ِق‬ ‫مرحلة‬ ‫لال‬ ‫�روز‬ ‫هور الدُّ‬ ‫ويلات بِ ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫وكان ُب ُ‬ ‫كف ِ‬ ‫�روز ِ‬ ‫�اس ‪ِ ،‬‬ ‫ِخ ِ‬ ‫الظهور وال ُب ِ‬ ‫ِ‬ ‫الف�ة بن�ي الع َّب ِ‬ ‫كان ِمن ُ‬ ‫ومنها م�ا َ‬ ‫تنة‬ ‫واس�تمر في‬ ‫قبل ‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫�ه ‪ « : m‬يخرج في ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫المتنامي ُة التي َ‬ ‫ِ‬ ‫آخ ِر‬ ‫قال فِيها‬ ‫ُ ُ‬ ‫الخ�وارج‪ ،‬وهي الفتن� ُة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رآن ال ُي ِ‬ ‫يمرقون ِم َن اإلسال ِم ُم َ‬ ‫الزمان َقو ٌم يقرؤون ال ُق َ‬ ‫روق السه ِم‬ ‫جاو ُز حناج َرهم ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫يخر َج‬ ‫الرمية ‪ ،‬ال يرجعون إ َليه ‪ ،‬س�يماهم‬ ‫ِم� َن‬ ‫ُ‬ ‫التحليق‪ ،‬ال يزال�ون يخرجون حتَّى ُ‬ ‫ِ‬ ‫المسيخ الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫مع‬ ‫ال ‪ . »...‬الحديث((( ‪.‬‬ ‫آخ ُرهم َ‬

‫الكبي�ر والبيهقي ‪ « :‬يخرج ق�وم ِ‬ ‫أحدَّ ا ُء‬ ‫والطبران�ي في‬ ‫خ�اري‬ ‫وروى أحم�دُ وال ُب‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ َ ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدقل ‪ ،‬ال ُي ِ‬ ‫ِ‬ ‫نثر‬ ‫جاو ُز تراق َيهم» ‪ .‬وفي‬ ‫أش�دَّ ا ُء زلق ٌة ألس�نتُهم بِال ُقرآن يقرؤونه ين ُثرونه َ‬ ‫لف�ظ آخ�ر « يأت�ي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫األس�نان ‪ُ ،‬س�فها ُء األحال ِم ‪،‬‬ ‫أحداث‬ ‫الزم�ان » ‪ ...‬إل�خ ‪« .‬‬ ‫آخ ُر‬ ‫َ‬

‫((( الطبراني في المعجم الكبير (‪)12583‬‬ ‫((( صحيح البخاري (‪. )1037‬‬ ‫((( سنن النسائي (‪. )4120‬‬

‫‪313‬‬

‫فتنة الخوارج‬


‫خير ِ‬ ‫�رآن ال ُي ِ‬ ‫جاو ُز تراق َيه�م ‪ ،‬يقولون ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫يق�رؤون ال ُق َ‬ ‫الن�اس ‪ » ...‬إلخ ‪ .‬اهـ ‪.‬‬ ‫قول‬

‫رواه الشيخان وأحمدُ ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫عل�ي ؤ ‪ « :‬يق�رؤون ال ُق َ‬ ‫يس‬ ‫وغيره�م ع�ن‬ ‫�رآن َل َ‬ ‫ٍّ‬ ‫وروى ُمس�ل ٌم وأب�و داو َد ُ‬ ‫ش�يء ‪ ،‬وال صالتُكم إلى صالتِهم بِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِقراءتُكم إلى ِقراءتِهم بِ‬ ‫شيء ‪ ،‬وال صيا ُمكم إلى‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ش�يء ‪ ،‬يحس�بون أنَّه له�م ‪ ،‬وهو ع َليه�م ! ال ت ِ‬ ‫صيامه�م بِ‬ ‫ُجاو ُز صالتُه�م تراق َيهم ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرمية ‪ » ...‬إلخ ‪.‬‬ ‫السهم ِم َن‬ ‫يمر ُق‬ ‫يمرقون ِم َن‬ ‫ُ‬ ‫الدين كما ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ودراس�ة‬ ‫الظواه ِر‬ ‫المتأنِّ�ي في ه�ذه‬ ‫أح�وال أصحابِه�ا نجدُ ها كما‬ ‫وعن�دَ‬ ‫النظ�ر ُ‬ ‫انتشار الفتنة في‬ ‫ِ‬ ‫وأس�اس ُظ ِ‬ ‫البالد العربية‬ ‫هورها‬ ‫عمت البِال َد العربي َة واإلسلامي َة ُك َّلها ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫النبي ‪ m‬قد َّ‬ ‫أخب�ر عنها ُّ‬ ‫َ‬ ‫واإلسالمية‬ ‫ثائية ما قد سب َق ِ‬ ‫المرحلة ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكتاب عن‬ ‫ت اإلشار ُة إ َليه في هذا‬ ‫وتوسي ِع حلقتِها في‬

‫وتغلغلها في دماء‬ ‫الشعوب‬

‫فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ m‬ـ إلاَّ أنها ال َيو َم قد‬ ‫سماها‬ ‫تنة‬ ‫المش�رق وفتنة قرن الش�يطان ـ كما َّ‬ ‫ِ‬ ‫خرج�ت عن مكمنِها األصلي فيما س�مي بِ ِ‬ ‫الش�يطان ؛ لتُصبِ َح ُج�ز ًءا ِمن لح ِم‬ ‫قرن‬ ‫َ‬ ‫ُ ِّ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المخدوع�ة ِ‬ ‫ِ‬ ‫مص�اد ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫واإلرج�اف والتحدِّ ي‬ ‫القلق‬ ‫ومصدرا ِمن‬ ‫ودمه�ا ‪،‬‬ ‫�عوب‬ ‫الش‬ ‫ً‬

‫وقرية ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫والتطر ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫وش ٍ‬ ‫عب ِم َن ِّ‬ ‫عاب ‪ ،‬وتحو َلت إلى خاليا‬ ‫مدينة‬ ‫واالندفا ِع في كُل‬ ‫ف‬ ‫ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بعض ‪ ،‬وال َ‬ ‫ُ‬ ‫العلي العظي ِم ‪.‬‬ ‫حول وال ُق َّو َة إلاَّ بِال َّل ِه‬ ‫بعضها عن‬ ‫وجماعات‬ ‫ينفصل ُ‬ ‫ِّ‬

‫القها ِمن ِ‬ ‫المرحلة ‪ ،‬ومصدر انطِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفتن ُة الم ِ‬ ‫وتليها ِ‬ ‫ِ‬ ‫أيضا‪،‬‬ ‫جهة‬ ‫عادل ُة لها في‬ ‫المشر ِق ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ظاهرة انتشار‬ ‫َّخ ِذ ِش�عار النُّصرةِ‬ ‫الفكر المت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الفتنة المعادلة‬ ‫وتبر ُز فيما ُ‬ ‫تعيش�ه األ َّم ُة اإلسلامي ُة والعربي ُة من خطر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫للخوارج تحت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكثرة‬ ‫المرحلة ِمن زوابِ ِع اإلعال ِم ‪،‬‬ ‫َّب على الدف ِع بِه في‬ ‫البيت‬ ‫آلل‬ ‫األطهار وما ترت َ‬ ‫مسمى حب آل‬ ‫البيت‬

‫ِ‬ ‫البيت بِن ِ‬ ‫ِ‬ ‫التناو ِل لِ ُح ِ‬ ‫ِ‬ ‫المس�ألة ِ‬ ‫ُصرة اإلسلا ِم ‪ُ ،‬‬ ‫وخ ِ‬ ‫روج‬ ‫قوق آل‬ ‫النظر الواعي في‬ ‫عن‬ ‫ُ‬ ‫ش�وائية األحكا ِم وتهو ِ‬ ‫ِ‬ ‫آل الب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نبي األُ َّم ِة ‪m‬‬ ‫كات‬ ‫يت وأئمتِهم إلى َع‬ ‫ُّ‬ ‫ونقول ِ َ‬ ‫مقوالت ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي�دع مجالاً لِلجز ِم بِ َّ‬ ‫واإلسلامي‬ ‫العربي‬ ‫العالم‬ ‫أن‬ ‫الث�أر والحق�د واالنتقا ِم ‪ ،‬بما ال ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫‪314‬‬


‫التحريش اإلبليسي المت ِ‬ ‫أتون فِ ِ‬ ‫سيقع في ِ‬ ‫َّخ ِذ ِصف َة االنتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫صار لأِ ِ‬ ‫ب‬ ‫تنة‬ ‫هل ِّ‬ ‫الحق ؛ ل َي ْذ َه َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫الماح ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�اح ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح�ق وأه ُله في هذه ِ‬ ‫ِ‬ ‫قة التي َ‬ ‫قة‬ ‫الفت َِن‬ ‫الراغبة في‬ ‫قال عنه�ا ‪ m‬لأِ ُ َّمتِه‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫كان ح ًّق�ا ع َل ِيه أن يدُ َّل ُأ َّمتَه على ِ‬ ‫نبي قبلي إلاَّ‬ ‫َ‬ ‫خير ما يع َل ُمه‬ ‫السلامة ‪ « :‬إنَّ�ه لم ي ُك ْن ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫وإن ُأ َّمتَكم هذه َ‬ ‫شر ما يع َل ُمه لهم ‪َّ ،‬‬ ‫ويصير‬ ‫جعل عافيتَها في َّأولِها ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫لهم ‪ ،‬و ُينذ َرهم َّ‬ ‫بعضا ‪ ،‬وتجيء ِ‬ ‫آخرها بالء و ُأمور ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُنكرونه ‪ ،‬وتجيء فِتن ٌة فير َّق ُق ِ‬ ‫ُ‬ ‫فيقول‬ ‫الفتن ُة‬ ‫بعضها ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫�ف وتجيء ِ‬ ‫هلكَتي ‪ُ ،‬ثم ِ‬ ‫ِ‬ ‫المؤم�ن ‪ :‬ه�ذه م ِ‬ ‫ُ‬ ‫المؤم ُن ‪ :‬هذه هذه ‪،‬‬ ‫فيق�ول‬ ‫الفتن ُة ؛‬ ‫تنكش ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫مؤمن بِ ِ‬ ‫ويدخ َل الجن َة فلتأتِه منيتُ�ه وهو ِ‬ ‫عن ِ‬ ‫زحز َح ِ‬ ‫ُ‬ ‫الله وال َيو ِم‬ ‫النار‬ ‫فم�ن‬ ‫أح�ب أن ُي َ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬

‫ِ‬ ‫َ‬ ‫اآلخ ِر ‪ ،‬وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه‪» ...‬‬ ‫الحديث((( ‪.‬‬

‫يق�ول ‪ِ « : m‬‬ ‫وف�ي هذه ِ‬ ‫ي�ل ا ُل ِ‬ ‫ِ‬ ‫باألعمال فتنًا كقط ِع ال َّل ِ‬ ‫ُ‬ ‫مظل ِم‪ُ ،‬يصبِ ُح‬ ‫بادروا‬ ‫الفت َِن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يبيع دينَه بِ‬ ‫ٍ‬ ‫عرض‬ ‫�ح مؤمنًا ‪ُ ،‬‬ ‫الرج َل فيها مؤمنًا و ُيمس�ي كاف ًرا ‪ ،‬و ُيمس�ي كاف ًرا و ُيصبِ ُ‬ ‫ُ‬

‫ِم َن الدُّ نيا » ((( ‪.‬‬

‫وجوب المبادرة‬ ‫باألعمال ِعند‬ ‫ظهور الفتن‬

‫ِ‬ ‫وعن النُّعمان بن َب ٍ‬ ‫َّبي ‪َ m‬وسم ْعنَا ُه ُ‬ ‫يقول ‪َّ :‬‬ ‫السا َع ِة‬ ‫«إن بي َن َيدَ ِي َّ‬ ‫شير قال َصح ْبنا الن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ُج ُل فِ َيها ُم ْؤ ِمنًا ُث َّم ُي ْم ِسي كَافِ ًرا َو ُي ْم ِسي ُم ْؤ ِمنًا‬ ‫ف َتنًا كأن َ​َّها ق َط ُع ال َّل ْي ِل ا ْل ُم ْظل ِم ‪ُ ،‬ي ْصبِ ُح َّ‬ ‫ِ‬ ‫ض ِم ْن الدُّ ْن َيا َي ِس ٍ‬ ‫�ير َأ ْو بِ َع َر ِ‬ ‫يع َأ ْق َوا ٌم َخلاَ َق ُه ْم بِ َع َر ٍ‬ ‫ض الدُّ ْن َيا»‪ ،‬قال‬ ‫ُث َّم ُي ْصبِ ُح كَاف ًرا ‪َ ،‬يبِ ُ‬

‫ِ‬ ‫عقول ‪َ ،‬أ ْج َسا ًما َولاَ أحلاَ َم ‪َ ،‬ف َر َاش ن ٍ‬ ‫َ‬ ‫َار َو َ‬ ‫ذبان‬ ‫صورا وال‬ ‫َاه ْم‬ ‫الح َس ُن‪ :‬والله ل َقدْ رأين ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ون بِ ِدرهمي ِن ويروح َ ِ‬ ‫يع َأ َحدُ ُه ْم َد ْينَ ُه بِ َث َم ِن ا ْل َعن ِْز(((‪.‬‬ ‫ون بِد ْر َه َم ْي ِن ‪َ ،‬يبِ ُ‬ ‫َط َم ٍع ‪َ ،‬ي ْغدُ َ ْ َ َ ْ َ َ ُ ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫أن رجلاً‬ ‫والحاك ُم ‪َّ :‬‬ ‫سأل‬ ‫الكبير‬ ‫والطبراني في‬ ‫يهقي وأحمدُ‬ ‫ُّ‬ ‫سي وال َب ُّ‬ ‫وروى الطيال ُّ‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬ ‫ُ‬ ‫�ه ‪ « : m‬هل لِإلسلا ِم ُمنتهى ؟ » ‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫�ه ‪ « : m‬نعم ‪ ،‬أيما‬ ‫فقال‬

‫((( صحيح مسلم (‪. )4882‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪)328‬‬

‫((( مسند أحمد (‪.)18404‬‬

‫‪315‬‬

‫أفضل الناس في‬ ‫الفتن من يعتزل‬ ‫الناس‬


‫ب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أدخل ع َل ِيه ُم اإلسال َم » ‪َ .‬‬ ‫خيرا َ‬ ‫قال ‪ُ :‬ث َّم ماذا‬ ‫يت ِم َن‬ ‫َ‬ ‫العرب أو العج ِم أرا َد ال َّل ُه بِهم ً‬ ‫قال ‪ُ « :‬ثم تقع ِ‬ ‫الف َت ُن كال ُّظ ِ‬ ‫َ‬ ‫لل » ‪َ .‬‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ؟ َ‬ ‫َ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪.‬‬ ‫الرج ُل ‪ :‬كلاَّ يا‬ ‫يا‬ ‫فقال ُ‬ ‫َّ ُ‬ ‫فقال النبي ‪ « : m‬كلاَّ والذي نفس�ي ِ‬ ‫بيده ‪ ،‬ليعو ُد َّن فِيها أس�او َد‪ِ ..‬‬ ‫َ‬ ‫بعضكم‬ ‫يضر ُب ُ‬

‫يومئذ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مؤم ٌن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الش ِ‬ ‫يعتز ُل في ِش ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫�عب ِم َن ِّ‬ ‫�عاب ‪ ،‬يتَّقي ر َّبه‪،‬‬ ‫الناس‬ ‫أفضل‬ ‫بعض ‪،‬‬ ‫قاب‬ ‫ِر َ‬ ‫ِ‬ ‫شره »((( ‪.‬‬ ‫ويدع من ِّ‬ ‫قال « ِ‬ ‫قال ‪ِ :‬‬ ‫تكس ُ�ر ي�دَ َك » ‪َ .‬‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ؟ َ‬ ‫َ‬ ‫فإن‬ ‫نصنع يا‬ ‫كيف‬ ‫وف�ي رواي�ة ‪ :‬قال�وا َ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪ِ « :‬‬ ‫قال ‪ :‬حتَّى متى ؟ َ‬ ‫تكسر األُخرى » ‪َ .‬‬ ‫انجبرت ؟ َ‬ ‫قال ‪ « :‬حتَّى تأت َيك يدٌ خاطئ ٌة‬ ‫َ‬

‫أو مني ٌة قاضي ٌة » (((‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وال ُ‬ ‫العدو‬ ‫مقاومة‬ ‫يدور ِمن‬ ‫تحت هذا المعنى‬ ‫صحيحة ِضدَّ‬ ‫يدخ ُ�ل َ‬ ‫ِّ‬ ‫والتفصيل ما ُ‬ ‫العزلة عن الناس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫أو الجهاد ال‬ ‫ُ‬ ‫الم ِّ‬ ‫المدلول في ما ُ‬ ‫تعيش�ه األ َّم ُة‬ ‫حتل في فلس�طي َن أو ف�ي غيره ‪ ،‬وإنَّما ينحص ُر هذا‬ ‫ُ‬ ‫يشمل نماذج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حيث َّ‬ ‫الداخلية ‪ُ ،‬‬ ‫سبيل ال َّل ِه على‬ ‫إن الجها َد في‬ ‫والمؤامرة‬ ‫والوهن‬ ‫ُك ُّلها ِم َن التخا ُذ ِل‬ ‫فلسطين وما‬ ‫شابهها‬

‫ِ‬ ‫قائما ـ بِ ِ‬ ‫ُّ‬ ‫أمرا َ‬ ‫كان مفعولاً ‪،‬‬ ‫أمر ال َّل ِه تعالى ـ إلى أن‬ ‫الشرعي‬ ‫الوجه‬ ‫يقضي ال َّل ُه ً‬ ‫َ‬ ‫سيظل ً‬ ‫ِّ‬ ‫تناق ِ‬ ‫حدودة والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفصائل‬ ‫الح ُظ ِمن صرا ٍع َبي َن‬ ‫الم‬ ‫ضة ً‬ ‫أيضا بما ُي َ‬ ‫ُ‬ ‫ولكنَّه ف�ي صورته ُ‬ ‫يد ِ‬ ‫أمر ال َّل ِه على ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذاتِه�ا ‪ ،‬ولكنَّه ـ أي ‪ :‬الجهاد ـ ٍ‬ ‫واألرض بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عباده‬ ‫الس�موات‬ ‫باق بقا َء‬ ‫ِ‬ ‫المقاتِلين لأِ ِ‬ ‫سبيل ال َّل ِه ‪.‬‬ ‫جل ال َّل ِه وفي‬ ‫الصالحين ُ‬

‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫مر((( ‪َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫الشيخ‬ ‫وقال‬ ‫قال‬ ‫ُّ‬ ‫التويجري ـ رح َمه ال َّل ُه ـ تعلي ًقا على حديث عبدال َّله بن ُع َ‬ ‫الفتن َة هنا ‪ ،‬ها َّ ِ‬ ‫إن ِ‬ ‫بيده يؤم ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ m‬يش�ير ِ‬ ‫َ‬ ‫راق « ها َّ‬ ‫الع َ‬ ‫هاهنا ‪،‬‬ ‫رأيت‬ ‫ُ‬ ‫إن الفتنة ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ثالث مر ٍ‬ ‫ها َّ ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫حيث يط ُل ُع ُ‬ ‫ات ـ ِمن ُ‬ ‫قرن َّ‬ ‫يطان » ‪.‬‬ ‫هاهنا ـ‬ ‫إن الفتنة ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫((( صحيح ابن حبان (‪ )5956‬والطبراني في الكبير (‪. )444‬‬

‫((( الطبراني في األوسط (‪. )4583‬‬ ‫((( (‪. )142 :1‬‬

‫‪316‬‬


‫الفت َِن ِمن ِج ِ‬ ‫منشأ ِ‬ ‫قال ‪ :‬وفي هذه الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫البيان بِ َّ‬ ‫ُ‬ ‫العراق‬ ‫هة‬ ‫أن‬ ‫واية فائد ٌة جليل ٌة ‪ ،‬وهي‬ ‫ِّ‬ ‫الزناد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ال ِم�ن ِج ِ‬ ‫قة َّ‬ ‫أن‬ ‫زعم ِم َن‬ ‫أرض‬ ‫هة‬ ‫نج�د ‪ ،‬التي هي ُ‬ ‫العرب ‪ ،‬ففيها ر ٌّد على َم�ن َ‬ ‫ِ‬ ‫العرب !‬ ‫أرض‬ ‫المرا َد بِذلِ َك ُ‬ ‫ُ‬

‫وشرحها غني ٌة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السمع‬ ‫وكفاي ٌة لمن ألقى‬ ‫األحاديث‬ ‫س�بق بيانُه في‬ ‫لت ‪ :‬وفيما قد َ‬ ‫ُق ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�امحه ال َّل ُه لفظ َة « الزنادقة » على‬ ‫إطالقه‬ ‫العجب في‬ ‫والعجب ك ُُّل‬ ‫وهو ش�هيدٌ ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�ار إ َلي�ه بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫قرن‬ ‫مفس�ري أحادي�ث رس�ول ال َّل�ه ‪ m‬في تحدي�د المكان ُ‬ ‫بع�ض ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ثبت في ِ‬ ‫قول م�ن ال ينطِ ُق ِ‬ ‫َّ‬ ‫بعض‬ ‫الش‬ ‫�يطان ‪ ،‬كم�ا هو ُم ٌ‬ ‫عن الهوى ‪ . m‬ب�ل واعتبر ُ‬ ‫بعض الع ِ‬ ‫بناحية ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هؤالء َّ‬ ‫لماء لِ ُحكَّا ِم‬ ‫نجد إنَّما هو العدا ُء ِمن‬ ‫المشر ِق‬ ‫تحديد‬ ‫سبب‬ ‫ِ ُ‬ ‫أن َ‬ ‫راء أو س ِ‬ ‫محض االفتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التفس�ير لِ ُ‬ ‫تِ َ‬ ‫الش�رعية وربطِها‬ ‫مور‬ ‫�وء‬ ‫الناحية ‪ ،‬وهذا من‬ ‫لك‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫القات ولِ‬ ‫ِ‬ ‫بِالمصالِ ِح ِ‬ ‫ألسف ‪.‬‬ ‫والع‬

‫الفقرة السابِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشرعية إلى ِ‬ ‫ُ‬ ‫عة‬ ‫النظر في‬ ‫المسألة على ُأ ُس ِسها‬ ‫ب في فه ِم‬ ‫ونحيل الراغ َ‬ ‫ِمن ُم ِ‬ ‫ِ‬ ‫المالكي على ِك ِ‬ ‫يس نب ًّيا» ص‪. 169‬‬ ‫حسن‬ ‫لحق‬ ‫تاب «داعي ٌة و َل َ‬ ‫ِّ‬

‫هور ال ِّزان‬ ‫ُظ ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األحاديث‬ ‫الساعة الصغرى وأشراطِها ‪ ،‬وهناك ُجمل ٌة ِم َن‬ ‫عالمات‬ ‫أخطر‬ ‫وهو ِمن‬ ‫اإلسلامية ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الن ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫االنح ِ‬ ‫الزمان ؛ حتَّى يؤدي‬ ‫آخ َر‬ ‫األخالقي في األُ َّم ِة‬ ‫دار‬ ‫ُش�ير إلى‬ ‫ِّ‬ ‫َّبو َّية ت ُ‬ ‫ِ‬ ‫ذلِ َك إلى ال ُف ِ‬ ‫صو ٍر شتَّى والعيا ُذ بِال َّل ِه ‪.‬‬ ‫جور والدعارة بِ َ‬

‫األخلاق كم�ا عر َفت�ه في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ل االس�تِ ِ‬ ‫مراح ِ‬ ‫عمار‬ ‫�دارا ف�ي‬ ‫ول�م تع�رف األُ َّم� ُة انح ً‬ ‫هتار واالستِ ِ‬ ‫واالستِ ِ‬ ‫ثمار ‪.‬‬

‫نذ سيطرتِه على مقدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ستعم ُر ُم ُ‬ ‫الغزو‬ ‫يوس ُع دائر َة‬ ‫رات األُ َّم ِة‬ ‫الم‬ ‫ُّ‬ ‫وقرارها بد َأ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫فالعدو ُ‬ ‫‪317‬‬

‫ظاهرة الزنا عالمة‬ ‫صغرى‬

‫انحدار األخالق‬ ‫في مرحلة‬ ‫االستعمار‬


‫بروز جيل‬ ‫الكاسيات‬ ‫العاريات‬

‫ارتباط‬ ‫المخرجات‬ ‫الثقافية في‬ ‫العالم العربي‬ ‫واإلسالمي‬ ‫بالعالم اآلخر‬

‫ٍ‬ ‫وره وألوانِه ‪ ،‬وفي ِ‬ ‫الثقافي الكافِ ِر ‪ ،‬بِش�تَّى ُص ِ‬ ‫وكيفيات ؛ حتَّى تمكن ِمن‬ ‫نماذج‬ ‫عدة‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والسن َِّة ِجيلاً بعدَ ِج ٍ‬ ‫يل ‪ ،‬وحتَّى‬ ‫الس�فلى في داخ ِل ُمجتمعات ال ُقرآن ُّ‬ ‫تحقيق أهدافه ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبرز ُ‬ ‫برز ُ‬ ‫التهار ِج‬ ‫جيل‬ ‫الم‬ ‫ميالت ِم َن النساء ‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫جيل الكاس�يات العاريات المائالت ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذي َ‬ ‫رار‬ ‫الح ُم ِر » (((‪.‬‬ ‫تهار َج ُ‬ ‫الناس يتهارجون فيها ُ‬ ‫قال فيه ‪ « : m‬ويبقى ش ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمتم ِّع ُن في‬ ‫والم َّطل ُ‬ ‫المجتمع�ات العربية واإلسلامية ال َي�و َم ‪ُ ،‬‬ ‫�ع عل�ى أحوال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يتجز ُأ ِمن‬ ‫صارت ه�ذه الثقاف ُة ُجز ًءا ال َّ‬ ‫ُمخرج�ات ثقافتها وإعالمها وتربيتها ـ وقد َ‬ ‫اآلخر واالنطِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القات االجتِ‬ ‫ِ‬ ‫�واء فيه ‪ ،‬وخاص ًة ف�ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والفكرية‬ ‫ماعي�ة‬ ‫الع‬ ‫ثقاف�ة العال� ِم‬

‫ُّب�وءات المحم ِ‬ ‫ِ‬ ‫صادي�ة والعاطِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫واالقتِ‬ ‫يقين مدى ِص ِ‬ ‫في�ة ـ يتأ َّكدُ بِ ٍ‬ ‫دية في األُ َّم ِة‪،‬‬ ‫دق الن‬ ‫ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حرمة بِك ُِّل أشكالِها‬ ‫الم‬ ‫فظاهر ُة العالقات َغ ِير الش�رعية وظاهر ُة العالقات الجنسية ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العواص ِم ُ‬ ‫ال ُّ‬ ‫حيث‬ ‫وخاص ًة في‬ ‫الحضارية ‪،‬‬ ‫جتمعات‬ ‫الم‬ ‫تنفك عن ممارستِها‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫أغلب ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشعوب واألُمم ‪ ،‬وتزداد حرك ُة االقتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تختل ُط ُّ‬ ‫واللهو‬ ‫الترف‬ ‫وأسباب‬ ‫والسياحة‬ ‫صاد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ختلطة‬ ‫الم‬ ‫و ُف ُ‬ ‫رص التم ُّت ِع بالحريات الش�خصية والوظائف الرسمية وشبه الرسمية ُ‬ ‫َبي َن ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫نسين ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫صاص تتبنى إدرا َة ِ‬ ‫هات اختِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمراض االجتِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫كما َّ‬ ‫القات‬ ‫الع‬ ‫ماعية‬ ‫أن لِهذه‬ ‫السيئة ِج ُ‬ ‫منظمات الوقاية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وجهة ضم َن‬ ‫التحصين‬ ‫وتنظيمها‬ ‫من األمراض الجنس�ية‬ ‫وتضع لها قواعدَ‬ ‫الم َّ‬ ‫ُ‬ ‫والممارس�ة ُ‬ ‫الطبي ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫الجنسية ودورها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�مونها بِ‬ ‫األعمال‬ ‫الكازينوهات‬ ‫والفندقة‬ ‫الس�ياحية‬ ‫والمس�ار ِح والمالهي ‪ ،‬وما ُي ُّ‬ ‫في نشر الفساد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وغيره�ا م�ن ال ُب ِ‬ ‫ِ‬ ‫وليال�ي الس�هرات ‪ِ ،‬‬ ‫الغربي‬ ‫والمواخي�ر التي نُق َل�ت م َن العال� ِم‬ ‫ؤر‬ ‫ِّ‬ ‫واإلسالمية جهود لمؤس ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض البِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سات‬ ‫العربية‬ ‫الد‬ ‫ُالح ُظ في‬ ‫والش�رقي الكاف ِر ‪ ،‬وت َ‬ ‫ُ ٌ ُ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تحم ُل ِصف َة ِ‬ ‫غربية ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫البيئية ‪.‬‬ ‫والوقاية‬ ‫والنفسية‬ ‫الطبية‬ ‫دمات‬ ‫الخ‬ ‫وجمعيات‬ ‫((( صحيح مسلم (‪. )7560‬‬

‫‪318‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والق�ارئ لِ‬ ‫ِ‬ ‫ومراك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التحصين‬ ‫�ز‬ ‫ستش�فيات‬ ‫الم‬ ‫المنش�ورة ف�ي‬ ‫إلحصائيات‬ ‫تقارير ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمراض ِ‬ ‫المصابين بِ‬ ‫ِ‬ ‫قدار الن ِ‬ ‫نس�ية عا ًما‬ ‫الج‬ ‫المتكاث�رة م َن ُ‬ ‫ِّس�ب ُ‬ ‫م� َن األوبئة يرى م َ‬ ‫جال والن ِ‬ ‫�ل بِ ِ‬ ‫ِّس�اء في ِ‬ ‫ِ‬ ‫بع�دَ عا ٍم َبي َن الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫داخ ِ‬ ‫صاب‬ ‫الد‬ ‫والمس�لمين ‪ ،‬أ َّما َمن ُي ُ‬ ‫العرب ُ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫خار َجها فحدِّ ْ‬ ‫حرج ‪.‬‬ ‫ث وال َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولأِ َّن هذه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سلاح َّ‬ ‫ِ‬ ‫واإلثارة‬ ‫والتزيين‬ ‫االحتناك‬ ‫معركة‬ ‫�يطان في‬ ‫الش‬ ‫الع َلل ُجز ٌء ِمن‬ ‫عاص ِ‬ ‫ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫الحياة الم ِ‬ ‫لك ِ‬ ‫ش�ك َّ‬ ‫أن االهتِما َم بها من تِ َ‬ ‫فال َّ‬ ‫س�يبر ُز وس�يزدا ُد‬ ‫رة‬ ‫هات في‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تطو ِر ما ِّد ًّي�ا وثقاف ًّيا وإعالم ًّيا حتَّى َ‬ ‫نماذجه‬ ‫يبلغ إل�ى أقصاه في‬ ‫الم ِّ‬ ‫جل ًّي�ا ف�ي الواق ِع ُ‬ ‫�م عنها َم�ن ال ينطِ ُق ِ‬ ‫عن اله�وى ‪ m‬في ِم ِ‬ ‫ث�ل َقولِه ‪ « :‬والذي نفس�ي‬ ‫الت�ي ق�د تك َّل َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المرأة ِ‬ ‫ُ‬ ‫فيكون‬ ‫الطريق ‪،‬‬ ‫فيفتر ُشها في‬ ‫الرج ُل إلى‬ ‫بيده‪ ،‬ال تفنى هذه األُ َّم ُة حتَّى يقو َم ُ‬ ‫الحائ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِخيارهم ِ‬ ‫يومئ ٍذ َمن ُ‬ ‫يقول‪َ :‬لو واريتُها ورا َء هذا‬ ‫ط ‪.(((» ...‬‬ ‫ُ‬ ‫مستقبل االنحدار‬

‫كثير ِمن بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬ ‫ش�اهدَ في ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫حي�ث َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫العرب‬ ‫لاد‬ ‫�ه ‪ m‬؛‬ ‫وص�دق‬ ‫الم َ‬ ‫إن الواق َع ُ‬ ‫والم ِ‬ ‫أقذر‬ ‫ق�ارب هذه الحال َة ‪ ،‬إن لم ي ُك ْن ق�د‬ ‫س�لمين ال َي�و َم قد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تجاوزها إلى ما هو ُ‬ ‫ُ‬

‫الخلقي في العالم‬ ‫اإلسالمي‬

‫ُ‬ ‫وأوسخ وأفسدُ ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وم َن المعلو ِم َّ‬ ‫المحلي‬ ‫تظهر مكش�وف ًة على اإلعال ِم‬ ‫ِّ‬ ‫الممارس�ات ال ُ‬ ‫كثيرا م َن ُ‬ ‫أن ً‬ ‫عاش ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الم ِ‬ ‫ُالح ُظ َبي َن‬ ‫والرس�مي إلاَّ في ُحدود ُمعينة ‪ ،‬ولكنَّها عن�دَ تت ُّبعها في الواق ِع ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫األندية و ُد ِ‬ ‫ِ‬ ‫واآلخر بِ‬ ‫ِ‬ ‫نتزهات‬ ‫والم‬ ‫وخاص ًة في‬ ‫طريقة و ُأخ�رى ‪،‬‬ ‫الحي�ن‬ ‫َّ‬ ‫ور الس�ياحة ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعات في ُظ ِ‬ ‫والفن�ادق ِ‬ ‫وغيرها ‪ .‬وقد وص َفها ‪m‬‬ ‫الم ِّ‬ ‫تفش�ي‬ ‫بالس�نوات الخدَّ‬ ‫هورها ُ‬ ‫ِ‬ ‫الفاحش ُة »((( ‪َ .‬‬ ‫وتشيع فِيها‬ ‫وذكر فِيها ‪« :‬‬ ‫بي في ِكتابِه «المفهم»‬ ‫ُ‬ ‫تدر ِج ‪َ ،‬‬ ‫والم ِّ‬ ‫ُ‬ ‫قال ال ُقر ُط ُّ‬ ‫((( مسند أبي يعلى (‪. )6183‬‬

‫((( المستدرك للحاكم (‪. )8564‬‬

‫‪319‬‬

‫خطورة ما يدور‬ ‫خلف الكواليس‬ ‫في المسارح‬ ‫واألندية وغيرها‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حديث ِ‬ ‫الحديث ع َل ٌم ِم َن أعال ِم‬ ‫الزنا » ‪ :‬في هذا‬ ‫الوارد فيه «‬ ‫أنس‬ ‫تعلي ًقا على‬ ‫ويظهر ِّ‬ ‫ُ‬ ‫الن َُّّبو ِة إذ خ َّب َر عن ُأ ٍ‬ ‫ستقع ‪ ،‬فوق َعت ُخ‬ ‫مور‬ ‫((( ‪.‬‬ ‫صوصا في هذه األزمان ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب�ي فماذا ُي ُ‬ ‫وإذا َ‬ ‫المنقوض‬ ‫وحاضرن�ا‬ ‫ق�ال ع�ن زمانِنا‬ ‫كان ه�ذا ف�ي زم�ان ال ُقر ُط ِّ‬ ‫ِ‬ ‫المقبوض ؟! وال َ‬ ‫العلي العظي ِم ‪.‬‬ ‫حول وال ُق َّو َة إلاَّ بِال َّل ِه‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ُظهور الأرم ِ‬ ‫الأسلاف‬ ‫اض التي لم ت ُك ْن في‬ ‫ُ‬

‫أحاد ِ‬ ‫المنصوص ع َليه�ا في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يث َمن ال ينطِ ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن الهوى‬ ‫الصغرى‬ ‫وم� َن العالمات ُّ‬ ‫الوبائية على َغ ِير س�ابِ ِق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫انتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والش ِ‬ ‫عهدها في األُم ِم ُّ‬ ‫عوب ‪،‬‬ ‫األمراض‬ ‫العديد ِم َن‬ ‫ش�ار‬ ‫ِ‬ ‫وتفش ْت وخاص ًة في ِ‬ ‫ِ‬ ‫الظاهر ُة َّ‬ ‫األمراض‬ ‫فظهرت‬ ‫األخيرة ‪،‬‬ ‫مراح ِلنا‬ ‫برزت هذه‬ ‫ُ‬ ‫وقد َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والخنازي�ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمراض‬ ‫وغيره�ا ِم� َن‬ ‫الطي�ور‬ ‫كاإلي�دز وإنفلون�زا‬ ‫الوبائي� ُة الخطي�ر ُة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وس�ائل ِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�تعصية الت�ي ال َ‬ ‫أس�باب‬ ‫ومعرفة‬ ‫الجها‬ ‫زال ال ُعلم�ا ُء يبحث�ون ع�ن‬ ‫الم‬ ‫ُ‬ ‫انتِ ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫شارها في ُّ‬ ‫عوب إلى ال َيو ِم ‪.‬‬

‫نقض عرى‬ ‫اإلسالم واإليمان‬ ‫عروة عروة‬

‫نقض ُعرى الإسلا ِم والإيما ِن‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحاك ُم‬ ‫واإليمان‪ ،‬لِ َما َر َوى‬ ‫الص ْغ َرى َن ْق ُض ُع َرى اإلسال ِم‬ ‫وم ْن َعلاَ َمات الس�اعة ُّ‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫ع�ن ُحذيف� َة ؤ َ‬ ‫ُنقض َّن ُعرى‬ ‫ق�ال‬ ‫اإليم�ان ُعرو ًة‬ ‫�ه ‪ « : m‬لت َ‬ ‫ُعروةً‪ ،‬وليكو َن َّن أئم ٌة ُم ِض ُّلون ‪،‬‬ ‫وليخر َج َّن على إِ ِثر ذلِ َك الدَّ َّجالون الثالث ُة » ((( ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تاريخه ‪ ،‬وأبو يعلى واب ُن ِح َّب َ‬ ‫الكبير‪،‬‬ ‫والطبراني في‬ ‫ان‬ ‫خاري في‬ ‫وروى أحمدُ وال ُب‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫والش ِ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫والضياء عن أبي ُأمام َة ؤ َ‬ ‫�نن ُ‬ ‫رسول ال َّل ِه‬ ‫قال‬ ‫�عب‬ ‫والحاك ُم في ُّ‬

‫((( فتح الباري (‪.)179 :1‬‬ ‫((( المستدرك (‪. )8611‬‬

‫‪320‬‬


‫ِ‬ ‫الناس بالتي‬ ‫‪ « : m‬لت َ‬ ‫ُنقض َّن ُعرى اإلسال ِم ُعرو ًة ُعرو ًة ‪ُ ،‬ك َّلما نُق َضت ُعرو ٌة تش َّب َث ُ‬ ‫نقضا الحكم ‪ِ ،‬‬ ‫وآخ ُر ُه َّن الصال ُة » (((‪.‬‬ ‫تليها ‪ ،‬أو ُل ُه َّن ً‬ ‫ُ ُ‬ ‫برزت جلي ًة في ِ‬ ‫العربي‬ ‫واق ِعنا‬ ‫واإلسلامي مرحل ًة بعدَ‬ ‫وهذه العالم ُة الخطير ُة قد َ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سمين ‪:‬‬ ‫ُأخرى وتنقس ُم إلى ق َ‬

‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫الكائن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ ‪ِ 1 .‬‬ ‫داخ َل َ‬ ‫النقض‬ ‫يمة‬ ‫النقض‬ ‫اإلسالمية ‪ ،‬وقد َبد َأ هذا ُ‬ ‫الق ْس ُم َاأل َّو ُل ‪ُ :‬‬ ‫ُ‬ ‫بادئ ذي ٍ‬ ‫دولة الم ِ‬ ‫بدء بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫نقض ُعرى‬ ‫لك‬ ‫العضوض في عهد بني ُأمي َة ‪ُ ،‬ث َّم تاله ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫عه�د الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العضوض ف�ي ُحك ِم بني‬ ‫لك‬ ‫�م م�ا تال عهدَ بن�ي ُأمي َة ِمن‬ ‫ُ‬ ‫العل� ِم ‪ُ ،‬ث َّ‬ ‫عصر الدُّ و ِ‬ ‫�اس ‪ُ ،‬ثم في الصرا ِع الداخلي بين الم ِ‬ ‫س�لمين ِخ َ‬ ‫يالت ‪،‬‬ ‫لال‬ ‫ِ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ َ َ ُ‬ ‫الع َّب ِ َّ‬

‫بداية النقض في‬ ‫العهد األموي وما‬ ‫تاله‬

‫تناق ٍ‬ ‫فكرية م ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الحك ِم‬ ‫وم�ا ترتَّب على ذلِ َك ِم�ن ُرؤى‬ ‫ضة ‪ِ ،‬منها م�ا َ‬ ‫قرار ُ‬ ‫نقض َ‬ ‫ُ‬ ‫نقض قرار ِ‬ ‫واستبدَّ بِه ‪ِ ،‬‬ ‫العل ِم وس َّي َسه ودن َ​َّسه ‪.‬‬ ‫ومنها ما َ‬ ‫َ‬

‫واإلسلامي‬ ‫العربي‬ ‫العالم‬ ‫ع�م‬ ‫القس�م الثان�ي ـ وهو األنك�ى‬ ‫ ‪2 .‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫واألخطر ‪ :‬ما َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وربط القرارين بِالك ِ‬ ‫َ‬ ‫�لطان‬ ‫الس‬ ‫لما ‪،‬‬ ‫ُفر والكاف ِر بعدَ إس�قاط خالفة ُّ‬ ‫كما وع ً‬ ‫ُح ً‬ ‫آخ ِر ُخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحميد الثاني ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرحلة االستِ ِ‬ ‫عمار‪.‬‬ ‫لفاء اإلسال ِم ُق َب َيل‬ ‫عبد‬

‫نقض الحكم‬ ‫والعلم في مرحلة‬ ‫االستعمار‬

‫ِ‬ ‫النق�ض المش�ار إ َليه في ج ِ‬ ‫األحاديث ِم�ن قولِ�ه ‪ « : m‬لتُنقض َّن‬ ‫مل�ة‬ ‫وه�ذا ه�و‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫إش�راف‬ ‫تحت‬ ‫النقض مرحل ًة بعدَ ُأخرى َ‬ ‫تم هذا ُ‬ ‫ُعرى اإلسلا ِم ُعرو ًة ُعرو ًة » ‪ .‬وقد َّ‬ ‫وهندسة ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نموذجين‬ ‫واإلسالمي إلى‬ ‫العربي‬ ‫العالم‬ ‫ستشرقي َن حتَّى َآل‬ ‫الم‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫الخبراء من ُ‬ ‫ُم ِ‬ ‫تعار َضين ‪:‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫علمن�ي يرتبِ ُط بِ‬ ‫العلمية‬ ‫والش�رقي و ُمخرجاتِه‬ ‫الغربي‬ ‫الفكر‬ ‫لماني‬ ‫نم�وذج ِع‬ ‫ •‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬ ‫نماذج النقض‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والثقافية واالجتِ‬ ‫ِ‬ ‫في العالم العربي‬ ‫والسياسية ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬ ‫والحزبية‬ ‫ماعية‬ ‫واإلسالمي‬

‫((( مسند أحمد (‪.)22817‬‬

‫‪321‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يعمل على هد ِم ثوابِ ِ‬ ‫فم ِ‬ ‫تناق ٌض ُ‬ ‫اإلسلامية‬ ‫المذهبية‬ ‫ت‬ ‫ •‬ ‫ٌ‬ ‫تط�ر ٌ ُ‬ ‫ديني ُم ِّ‬ ‫نم�وذج ٌّ‬ ‫هد الش�رعي في األُم ِة بِمس�م ٍ‬ ‫والز ِ‬ ‫�لوك التص�و ِ‬ ‫البيت وس ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ب ِ‬ ‫يات‬ ‫آل‬ ‫ف ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫وح ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ُ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫سياسة متطر ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫سياسية ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فة ‪.‬‬ ‫وش ِبه‬ ‫حجيات‬ ‫و ُأ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القرار‬ ‫هيمنة عل�ى‬ ‫الم‬ ‫يعملان‬ ‫النموذجي�ن‬ ‫وكال‬ ‫َ‬ ‫تح�ت ظ ِّل السياس�ة العالمي�ة ُ‬

‫اإلنساني ُك ِّله ‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫الفكر َة تِلو األُخرى لاِ‬ ‫تناقض ُة تُن ِّف ُذ ِ‬ ‫النم�اذج الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سياس�ة‬ ‫س�تمرار‬ ‫�ت ه�ذه‬ ‫وال زا َل ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫استمرار نماذج‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫النقض في اللعبة‬ ‫اإلفصاح‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫تلونة ‪ ،‬يص ُع ُ‬ ‫تنوع�ة و ُم ِّ‬ ‫النق�ض الموعود في عالمات الس�اعة وبِ ُصور ُم ِّ‬ ‫المشتركة إلى‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫إح�راج واصطِدا ٍم مع ِ‬ ‫عناص ِ‬ ‫َّب على ذلِ َ‬ ‫ٍ‬ ‫الحركة‬ ‫�ر‬ ‫�ك ِمن‬ ‫عنه�ا بِ ُو‬ ‫َ‬ ‫ض�وح ؛ لم�ا يترت ُ‬ ‫اليوم‬

‫الم ِ‬ ‫مز ِق ‪ ،‬وإنا ل َّل ِه وإنا إ َليه ِ‬ ‫راجعون ‪ ،‬وال‬ ‫العربي‬ ‫تنفذة في الواق َعين‬ ‫الم َّ‬ ‫واإلسالمي ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫العلي العظي ِم ‪.‬‬ ‫حول وال ُق َّو َة إلاَّ بِال َّل ِه‬ ‫ِّ‬

‫والق�ادة وز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والجماعات التي‬ ‫األح�زاب‬ ‫عماء‬ ‫الساس�ة‬ ‫لق�د اعتق�دَ الكثيرون ِم َن‬ ‫ِ ُ‬ ‫تتصور الرموز‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ورجاالت العلم‬ ‫تتح�ر ُك الي�و َم في الس�احة العربي�ة واإلسلامية أنهم يحم َ‬ ‫�ج إيجابي ًة في‬ ‫ل�ون برام َ‬ ‫َّ‬ ‫والثقافة « النخبة‬ ‫ِ‬ ‫إل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المرحلة الم ِ‬ ‫النماذ ِج ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ُ‬ ‫والديانة في ُّ‬ ‫عوب‪،‬‬ ‫عادة اإلسلا ِم‬ ‫أفضل‬ ‫عاص َر ِة ‪ ،‬وأنَّهم‬ ‫ُ‬ ‫» قدرتها على‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫تطوير األُ َّمة من وخاص ًة أنهم م ِ‬ ‫ِ‬ ‫رافات ُ‬ ‫وضالالت‬ ‫زعبالت‬ ‫وخ‬ ‫شترك ِضدَّ ُخ‬ ‫الم‬ ‫جمعون على‬ ‫َّ‬ ‫العمل ُ‬ ‫ُ‬ ‫غَير إسالم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جمعون عل�ى ِ‬ ‫جه�ة ‪ ،‬وم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫التقليدي�ة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحض�ارة الما ِّدي�ة بِ‬ ‫ِ‬ ‫الحياة‬ ‫ربط‬ ‫�ن‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫الم�دار‬ ‫ُ‬ ‫تأسل ِ‬ ‫ورها الم ِ‬ ‫وإبرازها في أنص ِع ُص ِ‬ ‫ِ‬ ‫مة ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لكنَّهم ـ ولِ‬ ‫ألس�ف ـ ال ُي ِ‬ ‫غامرة التي يتداولونها بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القبض‬ ‫ترس�يخ‬ ‫الم‬ ‫دركون‬ ‫حجم ُ‬ ‫َ‬ ‫الساعة ‪ ،‬لأِ َّن فِقه التحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قه التحو ِ‬ ‫المنصوص ع َل ِيه في فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت‬ ‫وعالمات‬ ‫الت‬ ‫والنقض‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫المراج ِع والمؤ َّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشرعية ‪ ،‬ولم‬ ‫فات‬ ‫الس�اعة « ماد ٌة خا ٌم » في مظانِّها في‬ ‫وعالمات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كف ٍ‬ ‫تُفع ْ�ل ِ‬ ‫مقوالت َم�ن ال ينطِ ُق ِ‬ ‫عن‬ ‫األحداث و َبي َن‬ ‫جري�ات‬ ‫ش�رعي يربِ ُط َبي َن ُم‬ ‫قه‬ ‫َّ‬ ‫ٍّ‬ ‫‪322‬‬


‫ِ‬ ‫المرك ِ‬ ‫ِ‬ ‫�عوب‬ ‫آالف الضحايا من ُش‬ ‫ذه�ب ضحي َة هذا‬ ‫اله�وى ‪ ، m‬وقد‬ ‫َّب ُ‬ ‫َ‬ ‫الجه�ل ُ‬ ‫واء وااللتِ ِ‬ ‫برامج االحتِ ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫واء ‪ ،‬التي‬ ‫س�لمين ووقعوا ـ بِاس� ِم اإلسلا ِم ونُصرتِه ـ في‬ ‫ُ‬ ‫ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومصيرها المحتو ِم ‪.‬‬ ‫وقرارها‬ ‫هيم ُن الكافِ ُر على ُمقدَّ راتِها‬ ‫ُ‬ ‫والنقض كمبدأٍ َش�يطاني ِ‬ ‫ناج ٍح ‪ ،‬كما ُيؤ ِّيدُ ِ‬ ‫راع‬ ‫القبض‬ ‫فالكافِ ُر يؤ ِّيدُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫والص َ‬ ‫التفرق َة ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سياس�ي أو‬ ‫ماعي أو‬ ‫كري أو‬ ‫َبي َن‬ ‫البش�رية َ‬ ‫س�مى ف ٍّ‬ ‫تحت ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ديني أو اجت ٍّ‬ ‫ثقافي أو ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫أي ُم ًّ‬ ‫اقتِ‬ ‫صادي ‪.‬‬ ‫ٍّ‬

‫ِ‬ ‫والمعل�و ُم َّ‬ ‫والوهن‬ ‫أن مرحل� َة ال ُغثائي َة التي ع َّب َر عنها ‪ m‬بِأنه�ا « مرحل ُة التداعي‬ ‫ِ‬ ‫وكراهية الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫المهابة ِمن ُص ِ‬ ‫العدو » ‪ ،‬إنَّما هي المرحل ُة‬ ‫دور‬ ‫وت ون�ز ِع‬ ‫�ب الدُّ نيا‬ ‫ِّ‬ ‫وح ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ق�رار ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرحلة االس�تِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحديث� ُة التي بد َأت بِ‬ ‫مرحلة‬ ‫�م‬ ‫وبدء‬ ‫الف�ة‬ ‫س�قوط‬ ‫عمار ‪ُ ،‬ث َّ‬

‫الضحايا من‬ ‫الشعوب‬ ‫المشاركين في‬ ‫برامج االحتواء‬ ‫وااللتواء‬

‫مرحلة التداعي‬ ‫والوهن ودورها‬ ‫في النقض‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرحلة االستِ ِ‬ ‫االستِ ِ‬ ‫وأوارها‪..‬‬ ‫ضم َأتونِها‬ ‫هتار ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫ثمار ‪ ،‬التي نحن ال َيو َم في خ ِّ‬

‫زئي�ة ديني ًة وغير ٍ‬ ‫البرام ِج الج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ون�رى اليوم ك َُّل ِح ٍ ِ‬ ‫تلوح بِ‬ ‫دينية‬ ‫ُ‬ ‫زب أو نظ�ا ٍم أو َدولة ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حم ٍد ‪ ، m‬بينم�ا هي ِ‬ ‫غارق ٌة‬ ‫وكأنه�ا اإلسلا ُم ذاتُه ‪ ،‬أو هي ك ُ‬ ‫وس�نَّة نب ِّيه ُم َّ‬ ‫ت�اب ال َّله ُ‬ ‫ولية مس�تعمر ٌة مس�تثمر ٌة بِ ِ‬ ‫المال الدَّ ِ‬ ‫َّعة لِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يد ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫جال‬ ‫يوت‬ ‫إلى النُّخا ِع في العمالة المقن ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحين‬ ‫واألح�زاب ُمضطر ًة َبي َن‬ ‫والجماعات‬ ‫األجنبي�ة ‪ ،‬وها هي األنظم ُة‬ ‫األعم�ال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الت تِلو ُ ِ‬ ‫التناز ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫«نقض ال ُعرى»‬ ‫النبي ‪ m‬بـ‬ ‫واآلخ ِر لِتقدي ِم ُ‬ ‫َ‬ ‫سماه ُّ‬ ‫التنازالت ‪ ،‬وهو ما َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رض�اء الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لهم‬ ‫والعرب�ي‬ ‫المحلي‬ ‫القرار‬ ‫تنفذي�ن عل�ى‬ ‫إل‬ ‫والعالمي « وآخ ُ�ر ما يبقى ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ور َّب ُم ٍّ‬ ‫صل ال أمان َة له » ‪.‬‬ ‫الصال ُة ‪ُ ،‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصالة فقط ‪ ،‬بينما ِ‬ ‫خالفة ال ُك َّف ِ‬ ‫ار َغ ُير فِ ِ‬ ‫تجدُ كا َّف َة‬ ‫عل‬ ‫ومعناه ‪ :‬أنَّه ال يبقى لهم ِمن ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُش ِ‬ ‫صارت‬ ‫ؤون اإلمارة واالقتصاد والتربية والتعلي ِم والثقافة واإلعال ِم ـ َ‬ ‫جرا ـ َ‬ ‫وه ُل َّم ً‬ ‫ِ‬ ‫العولمة » ‪.‬‬ ‫وح ِد «‬ ‫ُجز ًءا ِمن مشرو ِع النِّظا ِم‬ ‫الم َّ‬ ‫العالمي ُ‬ ‫ِّ‬ ‫‪323‬‬

‫شعارات الكتاب‬ ‫والسنة كظاهرة‬ ‫من ظواهر النقض‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�احة ُم ُ‬ ‫َّ‬ ‫البرام ِ‬ ‫العالمي‬ ‫اإلسلامي‬ ‫القرار‬ ‫�قوط‬ ‫نذ ُس‬ ‫المطروحة في‬ ‫�ج‬ ‫إن كا َّف� َة‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرج ِ‬ ‫سياس�ة‬ ‫كرها ـ تحت «‬ ‫�ل‬ ‫المري�ض » ق�د دخ َلت ـ طو ًع�ا أو ً‬ ‫بِتقس�ي ِم « ِترك�ة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المنصوص ع َليها في فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الساعة ‪.‬‬ ‫عالمات‬ ‫قه‬ ‫والنقض »‬ ‫القبض‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وال َ‬ ‫والعربي�ة ـ كُل ًّيا‬ ‫اإلسلامية‬ ‫ترتي�ب األُ َّم ِة‬ ‫إع�ادة‬ ‫أم�ل ف�ي كونِها ق�ادر ًة على‬ ‫ال أمل في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الموجه ُة عالم ًيا‬ ‫المتكاملة إطال ًق�ا ؛ وإنَّما وظيفتُه�ا‬ ‫َّ‬ ‫نجاح البرامج ـ إل�ى حقيق�ة الديانة الش�رعية ُ‬ ‫المطروحة حاليا‬ ‫قرار واالستِ ِ‬ ‫رص االستِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫تحس�ين ُف ِ‬ ‫المجتم ِع‬ ‫ثمار‪ ،‬وهو‬ ‫محصور ٌة في‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫مطلب ها ٌّم في ُ‬ ‫إلنقاذ األ َّمة‬

‫فناء بعض‬ ‫الشعوب عالمة‬ ‫صغرى‬

‫تناق ِ‬ ‫جتمعات الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضة‬ ‫الم‬ ‫زبي‬ ‫الصرا ِع‬ ‫مع‬ ‫تفعيل ِّ‬ ‫ولك�ن َ‬ ‫ُ‬ ‫السياس�ي داخ َل ُ‬ ‫ِّ‬ ‫الديني والح ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعار ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ُ‬ ‫أكثر ِمن‬ ‫الم‬ ‫ليس�تثم َرها‬ ‫ضة؛‬ ‫ُّ‬ ‫ش�ترك س�اع َة الحصاد لمصلحت�ه ‪ ،‬وال َ‬ ‫العدو ُ‬ ‫ُ‬ ‫ذلِ َك ‪ ...‬فهل ِمن ُمتأ ِّم ٍل ؟!‬

‫فناء ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫عوب والقبائلِ‬ ‫بعض ال ُّ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫القبائل‬ ‫بع�ض‬ ‫الهالك في‬ ‫الس�اعة الصغرى إلى إس�را ِع‬ ‫عالمات‬ ‫أحاديث‬ ‫ُش�ير‬ ‫ت ُ‬ ‫قب�ل ِ‬ ‫َ‬ ‫األحاديث ُمجملاً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ش�رحته‬ ‫الس�بب في ذلِ َك ما‬ ‫ويكون‬ ‫غيرها ِمن ُمعاصريها ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫األحاديث المتنو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أو الحمي ِ‬ ‫كالم ِ‬ ‫�ة ِ‬ ‫ل�ك ِ‬ ‫ع�ة َّ‬ ‫أن ِصف َة‬ ‫تابع�ة‬ ‫نافس�ة ‪ ،‬و ُف ِه َم ِمن ُم‬ ‫الم‬ ‫ُ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫أو ُ‬ ‫ُ‬ ‫الحبش�ة في ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكعبة على ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آخ ِ‬ ‫ُ‬ ‫الزمان ‪،‬‬ ‫�ر‬ ‫يد‬ ‫مرحلة هد ِم‬ ‫الش�ام ِل‬ ‫الهلاك‬ ‫تكون بع�دَ‬ ‫طلب الملك‬ ‫يستح ُّل هذا البيتِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ُ‬ ‫وأو ُل َمن‬ ‫والحمية سبب و ُيؤ ِّيدُ ذل َك‬ ‫كن والمقا ِم ‪َّ ،‬‬ ‫حديث « ُي ُ‬ ‫بايع ل َر ُج ٍل َبي َن ُّ‬ ‫في فناء بعض‬ ‫ِ‬ ‫أه ُله ـ أي ‪ِ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫العرب ‪ُ ،‬ث َّم تجي ُء‬ ‫هلكة‬ ‫تس�أل عن‬ ‫ينتهكوا ُح ُرماتِه ـ فإذا اس�تح ُّلوه فال‬ ‫الشعوب‬

‫ِ‬ ‫يستخر َ‬ ‫وهم الذين‬ ‫كنزه » ((( ‪.‬‬ ‫جون َ‬ ‫يعم ُر بعدَ ه أبدً ا ‪ُ ،‬‬ ‫خربونه خرا ًبا ال ُ‬ ‫الحبش ُة ‪ ،‬ف ُي ِّ‬

‫وع�ن طلح� َة ِ‬ ‫ُ‬ ‫ق�ال ‪َ :‬‬ ‫بن مالِ ٍك ؤ َ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه صلى ع َل ِيه وس�لم ‪ِ « :‬م َن‬ ‫قال‬

‫((( مسند أحمد (‪. )8129‬‬

‫‪324‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اقتِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫العرب ‪. ((( » ...‬‬ ‫هالك‬ ‫الساعة‬ ‫راب‬ ‫وع�ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب�ن ع َّب ٍ‬ ‫�اس ء َ‬ ‫العرب هلاكًا ُق ٌ‬ ‫ريش وربيع� ُة ‪ ،‬قالوا ‪:‬‬ ‫ق�ال ‪َّ « :‬أو ُل‬ ‫لك ‪ ،‬وأما ربيع ُة فت ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكيف؟ َ‬ ‫قال ‪ :‬أ َّما ُق َر ٌ‬ ‫الم ُ‬ ‫ُهلكُها الحم َّي ُة » (((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫يش ف ُيهلكُها ُ‬

‫وعن ِ‬ ‫عمرو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪َ m‬‬ ‫َ‬ ‫العاص ؤ َ‬ ‫قال ‪َّ :‬‬ ‫الناس هالكًا‬ ‫قال ‪َّ « :‬أو ُل‬ ‫إن‬ ‫بن‬

‫وأو ُل ُق َر ٍ‬ ‫يش هالكًا ُ‬ ‫ُق َر ٌ‬ ‫أهل بيتي » ((( ‪.‬‬ ‫يش ‪َّ ،‬‬

‫رس�ول ال َّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫ذر ؤ َ‬ ‫الناس هلاكًا ُق َر ٌ‬ ‫يش ‪،‬‬ ‫�ه ‪َّ « : m‬أو ُل‬ ‫قال‬ ‫وع�ن أب�ي ٍّ‬

‫وأو ُل ُق َر ٍ‬ ‫يش هالكًا ُ‬ ‫أهل بيتي » ((( ‪.‬‬ ‫َّ‬

‫وعن ِ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ m‬وهو ُ‬ ‫ُ‬ ‫عائش َة ‪ b‬قا َلت ‪َ :‬‬ ‫يقول ‪ « :‬أ َيا عائش ُة‪،‬‬ ‫علي‬ ‫دخل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ ،‬جعلني ال َّل ُه‬ ‫لت ‪ :‬يا‬ ‫َقو ُم ِك‬ ‫جلس ُق ُ‬ ‫فلما َ‬ ‫ُ‬ ‫أسرع ُأ َّمتي بي لحا ًقا » ‪ .‬قا َلت ‪َّ :‬‬

‫تقول كال ًما ذعرني َ‬ ‫ف�دا َءك ‪ ،‬لق�د دخ ْل َت وأنت ُ‬ ‫فق�ال ‪ « :‬وما هو ؟ » قا َل ْت تز ُع ُم َّ‬ ‫أن‬ ‫َق ِ‬ ‫قال ‪ « :‬نعم » ‪ .‬قا َلت ‪ :‬وبِ َم ذاك ؟ َ‬ ‫أسرع ُأ َّمتِ َك بِك لِحا ًقا ؟ َ‬ ‫«تستحليهم‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫ومي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الناس بعدَ ذلِ َك أو ِعندَ ذلِ َك؟‬ ‫لت‬ ‫َ‬ ‫المناي�ا وتنفس ع َليهم ُأ َّمتَهم » قا َل�ت ‪ :‬ف ُق ُ‬ ‫فكيف ُ‬

‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الجناد ُب‬ ‫قال ‪« :‬دبى يأك ُ​ُل ِش�دا ُده ِضعا َفه حتَّى تقو َم ع َل ِيه ُم الس�اع ُة »((( ‪ ،‬والدبى ‪:‬‬ ‫التي لم تن ُب ْت أجنِحتُها ‪.‬‬

‫((( سنن الترمذي (‪.)4308‬‬

‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪.)37020‬‬ ‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪.)37020‬‬

‫((( الجامع الصغير (‪. )2805‬‬ ‫((( مسند أحمد (‪. )25254‬‬

‫‪325‬‬


‫الج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظاهرةُ ِ‬ ‫ترك ِ‬ ‫هاد في سبيلِ للاهَّ ِ ‘رسميًا’ وبقائه ‘شعبيًا’‬

‫س�بيل ال َّل ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ترك ِ‬ ‫ظواه ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصغرى ُ‬ ‫�ه على صفتِه‬ ‫هاد في‬ ‫وم�ن‬ ‫�ر عالمات الس�اعة ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�رعية رس�م ًّيا ‪ ،‬فال تس�تقيم له َدول ٌة ِم َن الدُّ ِ‬ ‫العربية ِ‬ ‫جز ِأة ‪،‬‬ ‫ول‬ ‫الم َّ‬ ‫أو اإلسلامية ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫أمره ‪ ،‬و ُيس�تص َغ ُر ُ‬ ‫وتش�تغ ُل ُّ‬ ‫عوب بما هو أدنى ِمن‬ ‫شأن الداعي له ‪،‬‬ ‫الش ُ‬ ‫بل ُيس�تق َب ُح ُ‬ ‫الع ِ‬ ‫ذلِ َك‪ ،‬تحقي ًقا لِما أخبر بِه ‪ِ m‬من َقولِه ‪« :‬إذا تبايعتُم بِ ِ‬ ‫أذناب ِ‬ ‫البقر‪،‬‬ ‫ينة ‪ ،‬وأخذتُم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ينز ُعه حتَّى ِ‬ ‫ورضيتُم بالزر ِع ‪ ،‬وتركتُم ِ‬ ‫الجها َد ؛ س َّل َط ال َّل ُه ع َليكم ُذ اًّل ال ِ‬ ‫ترج ُعوا إلى‬ ‫دينِكم» ((( ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫ِ‬ ‫فريضة ِ‬ ‫ويعو ُد ُ‬ ‫المراح ِل لسب َبين ‪:‬‬ ‫هاد في هذه‬ ‫ترك‬

‫هاد رس�ميا بِس ُق ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫قرار ِ‬ ‫وط ِ‬ ‫العمل بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذاتي‬ ‫اإلسالمي‬ ‫الحك ِم‬ ‫األو ُل ‪ :‬انتِها ُء‬ ‫قرار ُ‬ ‫ًّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫لحملة ُشروطِه المدَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القرار‬ ‫واستِتبا ِع‬ ‫ونمة ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫الخ ِ‬ ‫ولة ِ‬ ‫�قوط د ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفة على ِ‬ ‫الثاني ‪ :‬همين� ُة ال ُك َّف ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�ل ِم‬ ‫الحرب‬ ‫قرار‬ ‫ار بعدَ ُس‬ ‫َ‬ ‫وقرار ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صرف األنظِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإلسالمية ِ‬ ‫ِ‬ ‫سياسة االستِسال ِم‬ ‫الجهاد إلى‬ ‫عن‬ ‫العربية‬ ‫مة‬ ‫والعمل على‬

‫ِ‬ ‫ش الم ِذ ِّل لِلم ِ‬ ‫ِ‬ ‫هتار ُث َّم االستِ ِ‬ ‫سياسة االس�تِعمار ُث َّم االستِ ِ‬ ‫س�لمين بِ‬ ‫ثمار‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫و َقبول التَّعا ُي ِ ُ‬ ‫مراح ِل التدر ِج السياس�ي الذي مر بِاألنظِ ِ‬ ‫واضحا وجليا في ِ‬ ‫برز هذا األم�ر ِ‬ ‫مة‬ ‫وق�د َ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإلسلامية ِخ َ‬ ‫الصهيوني في‬ ‫الكي�ان‬ ‫غرس‬ ‫ومرحل�ة‬ ‫مرحل�ة التطبي ِع‬ ‫الل‬ ‫العربي�ة‬ ‫ِّ‬

‫الج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض األنظِ ِ‬ ‫واإلسالمية تدعو إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫هاد في‬ ‫العربية‬ ‫مة‬ ‫أرض فِلسطي َن ‪ ،‬وقد كانَت ُ‬ ‫ِ‬ ‫سبيل ال َّل ِه ِضدَّ االحتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصهيوني ‪ ،‬بل وشاركَت ُج ُ‬ ‫الل‬ ‫العسكرية‪،‬‬ ‫المعار ِك‬ ‫يوشها في‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والخيانة ؛ نتيج َة اختِ ِ‬ ‫واالنك ِ‬ ‫العدو الكافِ ِر‬ ‫راق‬ ‫سار‬ ‫الهزيمة‬ ‫ولكنَّها آ َلت فيما بعدُ إلى‬ ‫ِّ‬

‫((( سنن أبي داود (‪. )3464‬‬

‫‪326‬‬


‫يس االستِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتسي ِ‬ ‫المبر َم ِج ‪.‬‬ ‫البسات‬ ‫الم‬ ‫مواق َع‬ ‫ِّ‬ ‫عماري ُ‬ ‫القرار فيها ‪ ،‬ونتيج َة ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجهاد الش�عبي القائم على ِص ِ‬ ‫ِ‬ ‫السياس�ية ِضدَّ ُقوى االس�تِ ِ‬ ‫عمار‬ ‫الحزبية‬ ‫فة‬ ‫وبق َي ِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بع�ض البِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫العربي�ة ِم َن االحتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الل َ‬ ‫مرحلة‬ ‫إب�ان‬ ‫الد‬ ‫تحرير‬ ‫والصهيوني�ة ‪ ،‬كم�ا هو في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المحت ِّلي�ن ‪ ،‬أو كما هو‬ ‫الدُّ َهيم�اء ‪ ،‬أو كم�ا ه�و في فلس�طي َن إلى ال َيو ِم ض�دَّ اليهود ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َّخ ًذا ِصف َة الصرا ِع مع األنظِ ِ‬ ‫س�لمين مت ِ‬ ‫غيرها ِمن بِ ِ‬ ‫الد الم ِ‬ ‫في ِ‬ ‫�عارات‬ ‫وتحت ِش‬ ‫مة ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بغة َق ٍ‬ ‫سة ‪ ،‬أو ِص ٍ‬ ‫دينية مسي ٍ‬ ‫بغة ٍ‬ ‫ذات ِص ٍ‬ ‫عة ِ‬ ‫متنو ٍ‬ ‫قائمة‬ ‫تحريشية‬ ‫حزبية‬ ‫فئوية أو‬ ‫ومية أو‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫تسدْ » ‪.‬‬ ‫على سياسة « ِّفر ْق ُ‬

‫ٍ‬ ‫خلصين وم ِ‬ ‫أفراد م ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫سبيل‬ ‫جاهدين في‬ ‫الدعوات ِمن‬ ‫وذاك فال تخلو هذه‬ ‫ومع هذا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّل ِ‬ ‫َ‬ ‫المت َ‬ ‫التنفيذ‬ ‫المتبع َة في‬ ‫الهي�كل‬ ‫�ه ‪ ،‬ولك َّن‬ ‫َّ‬ ‫َّخ َذ واأليديولوجيات ُ‬ ‫زبي ُ‬ ‫اإلداري الح َّ‬ ‫الحام ِل ِص ِ‬ ‫ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫ِ‬ ‫فة « ِ‬ ‫الربط َبينَها و َبي َن مفهو ِم ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫الجها ُد لِ َ‬ ‫تكون‬ ‫الش�رعي‬ ‫هاد‬ ‫حرج‬ ‫ُب�ر ُز َ‬ ‫ِّ‬ ‫كلم ُة ال َّل ِه هي العليا » ‪ ،‬وال َّله أعلم بِ ِ‬ ‫عباده ون َّياتِهم ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫أما ِ‬ ‫مع تجن ِ‬ ‫الدموي‬ ‫الصرا ِع‬ ‫الجها ُد في‬ ‫ِّ‬ ‫ُّب ِّ‬ ‫سبيل ال َّله بِالحكمة والموعظة الحسنة َ‬ ‫َّ‬ ‫زال هذا النموذج م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسلامية ‪ ،‬وال َ‬ ‫التحريش�ي فهو َد ُ‬ ‫نتش ً�را‬ ‫الجماعات‬ ‫بعض‬ ‫يدن‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫إلنقاذ ما ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫هود ِ‬ ‫نذ ُع ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفة إلى اليو ِم ‪ ،‬وال َ‬ ‫ُم ُ‬ ‫يمك ُن‬ ‫ب‬ ‫الشرعي‬ ‫دوره‬ ‫الواج َ‬ ‫َّ‬ ‫زال يؤ ِّدي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫إنقا ُذه بِ‬ ‫والمدُ ِن‬ ‫الحكمة‬ ‫ونش�ر العل ِم في المس�اجد واألربِطة والزواي�ا والخلوات ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إدخال ِ‬ ‫وال ُقرى ‪ ،‬ولها الدَّ ور ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآلالف ِم َن ال ُك َّف ِ‬ ‫األوثان إلى‬ ‫وعبدة‬ ‫ار‬ ‫مئات‬ ‫الفاع ُل في‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ومثا ُلها في أندونس�يا وج ُز ِر ِ‬ ‫اإلسلا ِم في العال ِم ُك ِّله ‪ِ .‬‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫والهند‬ ‫وشرق إفريقيا‬ ‫لبين‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وغيرها ِمن البِ ِ‬ ‫وسيالن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫القريب‬ ‫التاريخ‬ ‫وواضح على مدى‬ ‫بارز‬ ‫والبعيد ‪.‬‬ ‫الد ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عارا عمل ًّيا‪:‬‬ ‫وهذا‬ ‫ُ‬ ‫النموذج م َن الجهاد بِالكلمة يتَّخ ُذ من حديث رسول ال َّله ‪ m‬ش ً‬

‫‪327‬‬

‫نموذج آخر‬ ‫للجهاد‪ ..‬الجهاد‬ ‫بالكلمة‪ ،‬وهو‬ ‫الذي دخلت‬ ‫به شعوب‬ ‫كاندنوسيا‬ ‫وسيالن وغيرها‬ ‫في اإلسالم‬

‫شعار هذا الجهاد‬ ‫«كلمة حق عند‬ ‫سلطان جائر»‬


‫الج ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أفضل ِ‬ ‫�لطان ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الجائر‬ ‫والس�لطان‬ ‫جائر» (((‪،‬‬ ‫حق ِعندَ ُس‬ ‫هاد في‬ ‫«‬ ‫س�بيل ال َّل ِه كلم ُة ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ف�ي ِ‬ ‫الحديث هو المرحل ُة الجائر ُة ‪ ،‬التي يتع َّط ُل فِيها ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�بيل‬ ‫الجها ُد في‬ ‫أحد معان�ي‬ ‫ِ‬ ‫الكل ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّل ِ‬ ‫ه�اد بِ ِ‬ ‫حين بِ ِ‬ ‫س�تعاض عنه ولو إل�ى ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الطيبة ‪،‬‬ ‫مة‬ ‫الش�رعي ف ُي‬ ‫الوجه‬ ‫�ه على‬ ‫ُ‬ ‫الج ِ‬ ‫«أقل ما تُغل َبون ع َل ِيه ِم َن ِ‬ ‫قال ‪ُّ :‬‬ ‫حديث أبي ُج َحيف َة ؤ َ‬ ‫ُ‬ ‫هاد‬ ‫أيضا‬ ‫شير ً‬ ‫وإليه ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫الجهاد ِ‬ ‫بألس�نتِكم ‪ُ ،‬ث�م ِ‬ ‫ِ‬ ‫فأي ٍ‬ ‫يعرف‬ ‫قلب لم‬ ‫الجها ُد بِ ُق ُلوبِكم ‪ُّ ،‬‬ ‫الجها ُد بِأيديكم ‪ُ ،‬ث َّم ِ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫نكر ؛ َ‬ ‫جعل أعاله أسف َله» ((( ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الم َ‬ ‫المعروف ‪ ،‬ولم ُينك ِر ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكل ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫س�بيل ال َّل ِه بِ ِ‬ ‫النموذج ِم َن ِ‬ ‫ِ‬ ‫والحكمة إلى‬ ‫الطيبة‬ ‫مة‬ ‫هاد في‬ ‫تعر َض هذا‬ ‫ُ‬ ‫وقد َّ‬ ‫عاص ِ‬ ‫مرحلة ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثائية الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض‬ ‫�رة ؛ نتيج َة‬ ‫صوصا ف�ي‬ ‫الق�ذ ِع والتقري� ِع والتبدي ِع ‪ُ ،‬خ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫بادات واالعتِ‬ ‫ِ‬ ‫والعادات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مظاه ِ‬ ‫بعض‬ ‫والع‬ ‫والتفريط‬ ‫اإلف�راط‬ ‫�ر‬ ‫قادات ‪ ،‬التي ش�ا َبت ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن َّ‬ ‫م�ع َّ‬ ‫عالجة‬ ‫لم‬ ‫الحل‬ ‫المجموع�ات ف�ي عالقته�ا بِاألحياء واألم�وات ‪َ ،‬‬ ‫األمث�ل ل ُ‬ ‫ِ‬ ‫والح ِ‬ ‫السلامة ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلفراط لدى د ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكل ِ‬ ‫ور ِ‬ ‫وإبق�اء َد ِ‬ ‫كمة ‪،‬‬ ‫عاة‬ ‫م�ة الط ِّي ِبة يقتضي ُمعالج َة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والم ِ‬ ‫نازعين لهم ؛ لِ ُي ِ‬ ‫الجميع‬ ‫س�ه َم‬ ‫ُ‬ ‫المنتقدين ُ‬ ‫و ُمعالج� َة ما يقابِ ُله م َن التفري�ط لدى ُ‬

‫وع ِ‬ ‫القة األُم ِة بِاإلسلا ِم ‪ِ ،‬‬ ‫مكن إنقا ُذه ِمن ِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القة اإلسلا ِم بِاألُ َّم ِة ؛ حتَّى‬ ‫في إنقاذ ما ُي ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫تستعيدَ األُم ُة فرضي َة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المطلوب ‪.‬‬ ‫الشرعي‬ ‫الوجه‬ ‫سبيل ال َّل ِه على‬ ‫هاد في‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬

‫الطائفة‬ ‫المنصورة عالمة‬ ‫صغرى‬

‫الج ِ‬ ‫القيامةِ‬ ‫ح ْص ِري» إلى يو ِم ِ‬ ‫هاد في سبيلِ للاهَّ ِ « َ‬ ‫بقاء ِ‬ ‫الطائفةُ المنصورةُ‪ُ ..‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخاص ُة‬ ‫واي�ات‬ ‫الر‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫وم� ْن َعلاَ َمات الس�اعة ُّ‬ ‫الص ْغ َ�رى بقا ُء الجهاد‪ ،‬وق�د تعدَّ َدت ِّ‬ ‫بِمفهو ِم ِ‬ ‫هاد بِالم ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫حمل مفهوم ِ‬ ‫بقاء ِ‬ ‫ِ‬ ‫سبيل ال َّل ِه حصر ًّيا ‪ ،‬فمنها ما َ‬ ‫قاتلة‪،‬‬ ‫هاد في‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألخ�ذ بِ‬ ‫ومنه�ا م�ا َ‬ ‫الديانة على‬ ‫والثب�ات وااللتِزا ِم‬ ‫رابطة‬ ‫الم‬ ‫حمل معنى الجه�اد بِ ُ‬ ‫((( سنن النسائي (‪.)4209‬‬

‫(((مصنف ابن أبي شيبة (‪. )38733‬‬

‫‪328‬‬


‫عة لِمفهو ِم ِ‬ ‫سبيل ال َّل ِه ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫الجام ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بقاء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪،‬ومنها ‪:‬‬ ‫هاد في‬ ‫األحاديث‬ ‫مدلول‬ ‫« ال ُ‬ ‫الحق منصورين »((( ‪.‬‬ ‫تزال طائف ٌة ِمن ُأ َّمتِي على ِّ‬ ‫وفي ٍ‬ ‫الحق ِ‬ ‫لفظ ‪ُ « :‬يقاتِ َ‬ ‫ظاهري َن »((( ‪.‬‬ ‫لون على ِّ‬ ‫أحاديث الطائفة‬ ‫آخر ‪ « :‬حتَّى يقاتِ َل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫المنصورة‬ ‫َ‬ ‫آخ ُرهم‬ ‫المسيخ الدَّ َّج َال »((( ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وفي لفظ َ َ‬ ‫ٍ‬ ‫آخر ‪ « :‬لن يبرح هذا الدين يقات َُل ع َل ِيه ِعصاب ٌة ِمن الم ِ‬ ‫سلمين حتَّى تقو َم‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫وفي لفظ َ َ‬

‫الساع ُة »((( ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫آخر ‪ِ « :‬عصاب� ٌة ِمن ُأمت�ي يقاتِلون على ِ ِ ِ‬ ‫عدوهم ال‬ ‫أم�ر ال َّله قاهري�ن ل ِّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫وف�ي لف�ظ َ َ‬ ‫تأتي الساع ُة وهم على ذلِ َك »((( ‪.‬‬ ‫يضرهم َمن خال َفهم حتَّى َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫لفظ ‪ِ « :‬‬ ‫وفي ٍ‬ ‫مقذف ؛ حتَّى ُيقاتِلوا ُف َ‬ ‫يضرهم‬ ‫ف ال َّل ُه بِهم ك َُّل‬ ‫يقذ ُ‬ ‫صول الضاللة ال ُّ‬ ‫اإلشارة إلى‬ ‫اإلسالم ووجود‬ ‫أكثر ِ‬ ‫َمن خال َفهم ‪ ،‬حتَّى ُيقاتِلوا‬ ‫أهل الشا ِم »(((‪.‬‬ ‫األعور الدَّ َّج َال ‪ ،‬وك ُّلهم ُ‬ ‫َ‬ ‫الطائفة المنصورة‬ ‫وفي ٍ‬ ‫لفظ ‪ « :‬ال ُ‬ ‫أمر ال َّل ِه وهم‬ ‫مش�ق ُعصاب ٌة يقاتِلون على ِّ‬ ‫تزال بِ ِد َ‬ ‫يأتي ُ‬ ‫الحق حتَّى َ‬ ‫ِ‬ ‫ظاهرون » ((( ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫قال ‪ « :‬بِب ِ‬ ‫وفي ٍ‬ ‫المقد ِ‬ ‫يارسول ال َّل ِه ‪ ،‬فأنَّى ُهم ؟ َ‬ ‫َ‬ ‫لفظ ‪َ :‬‬ ‫يت‬ ‫قيل ‪:‬‬ ‫س »((( ‪.‬‬ ‫َ‬

‫بن ُن َف ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعن س�لم َة ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪َ m‬‬ ‫ندي َ‬ ‫رج ٌل‬ ‫ُنت جالِ ًس�ا ِعندَ‬ ‫قال ‪ :‬ك ُ‬ ‫فقال ُ‬ ‫يل الك ِّ‬

‫((( سنن ابن ماجه (‪.)12‬‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)412‬‬

‫((( سنن أبي داود (‪. )2486‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪.)5062‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪.)5066‬‬

‫((( تاريخ دمشق (‪.)267 :1‬‬ ‫((( تاريخ دمشق (‪.)256 :1‬‬

‫((( الطبراني في الكبير (‪.)7643‬‬

‫‪329‬‬

‫بها‬


‫الخ َيل ووضعوا السلاح ‪ ،‬وقالوا ال ِجه�اد قدْ وضع ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬ ‫�ه َ‬ ‫َ‬ ‫الناس َ‬ ‫ت‬ ‫ي�ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ‬ ‫أذال ُ‬ ‫اآلن جاء ِ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ m‬بِ ِ‬ ‫الق ُ‬ ‫وجهه ‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫وزارها ‪َ ،‬‬ ‫وقال كذ ُبوا َ‬ ‫تال‪،‬‬ ‫فأقبل‬ ‫ُ‬ ‫اآلن َ َ‬ ‫الحرب َأ َ‬ ‫وال ُ‬ ‫الحق ‪ ،‬و ُي ِز ُ‬ ‫وب أقوا ٍم ‪ ،‬ويرز ُقهم‬ ‫ي�زال ِم�ن ُأ َّمتي ُأ َّم ٌة ُيقاتِلون على ِّ‬ ‫يغ ال َّل ُه لهم ُق ُل َ‬

‫ِمنه�م حتَّى َت ُقوم الس�اع ُة ‪ ،‬وحتَّى يأتي وعدُ ال َّل ِ‬ ‫والخ ُيل معقو ٌد في نواصيها َ‬ ‫�ه َ‬ ‫الخ ُير‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مقبوض غي�ر ملب ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ث ‪ ،‬وأنت�م تتبِعوني أفنا ًدا‬ ‫إلي أنِّي‬ ‫ٌ‬ ‫َ ُ َّ‬ ‫إل�ى َي�و ِم القيامة ‪ ،‬وه�و ُي َ‬ ‫وحى َّ‬ ‫ِ‬ ‫قر ِ‬ ‫ِ‬ ‫قاب َب ٍ‬ ‫دار‬ ‫صحيح ‪،‬‬ ‫المؤمنين الش�ا ُم »((( ‪ .‬إس�نا ُده‬ ‫يض�ر ُب ُ‬ ‫بعضك�م ِر َ‬ ‫ٌ‬ ‫عض ‪ ،‬و ُع ُ‬

‫الج ِ‬ ‫ِ‬ ‫األحاديث وك ُّلها ُيفيدُ بقاء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�بيل ال َّل ِه ‪،‬‬ ‫الش�رعي في‬ ‫هاد‬ ‫الباب ُجمل ٌة ِم َن‬ ‫وف�ي‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫بن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ‪ ،‬ومنه حديث ِ‬ ‫عمرو ِ‬ ‫المقد ِ‬ ‫الحضرمي عن‬ ‫عبد ال َّل ِه‬ ‫وبيت‬ ‫وخاص ًة في الش�ا ِم‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫الحق ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ « : m‬ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫أبي ُأمام َة َ‬ ‫ظاهري َن‬ ‫قال‬ ‫تزال طائف ٌة ِمن ُأ َّمتي على ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لعدوه�م ِ‬ ‫أمر‬ ‫قاهري�ن ال ُ‬ ‫ِّ‬ ‫يض ُّرهم َمن خال َفهم إال ما أصا َبهم من لأَ ْوا َء ‪ ،‬حتَّى يأت َيهم ُ‬ ‫وأكناف ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال بِب ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ال َّل ِ‬ ‫المق�د ِ‬ ‫يت‬ ‫س‬ ‫يت‬ ‫�ه وه�م كذلِ َك قالوا يا‬ ‫َ‬ ‫رس�ول ال َّله ‪ ،‬وأي َن ه�م َ َ‬ ‫ِ‬ ‫المقد ِ‬ ‫س »(((‪.‬‬

‫الج ِ‬ ‫يث ِ‬ ‫ِ‬ ‫البقاء على الح ِّق َ‬ ‫دون ذركِ ِ‬ ‫هاد‬ ‫الجامعةُ لمفهو ِم‬ ‫الأحاد ُ‬

‫« ال ُ‬ ‫يض ُّرهم َمن خال َفهم ‪ ،‬حتَّى‬ ‫ت�زال طائف� ٌة ِمن ُأ َّمتي على ِّ‬ ‫الحق منصوري�ن ‪ ،‬ال ُ‬ ‫عز َّ‬ ‫وجل » ((( ‪.‬‬ ‫أمر ال َّل ِه َّ‬ ‫يأتي ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وفي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يزال ِ‬ ‫لفظ ‪ « :‬ال ُ‬ ‫أهل‬ ‫السا َع ُة»((( ‪.‬‬ ‫المغرب من ُأ َّمتي ظاهرين إلى أن َت ُقو َم َّ‬ ‫((( رواه النسائي (‪. )3576‬‬

‫((( مسند أحمد (‪. )22980‬‬ ‫((( سنن ابن ماجه (‪.)12‬‬

‫((( مسند أبي عوانة (‪.)7510‬‬

‫‪330‬‬


‫وفي ٍ‬ ‫يض ُّرهم ُخ ُ‬ ‫ذالن َمن خذ َلهم حتَّى تقو َم الساع ُة » (((‪.‬‬ ‫لفظ ‪ « :‬منصورين ال ُ‬ ‫وف�ي ٍ‬ ‫لفظ ‪ « :‬ال تقوم الس�اع ُة إال وطائف ٌة ِم�ن ُأمتي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس ال ُيبالون‬ ‫ظاهرين على‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬

‫نصرهم » (((‪.‬‬ ‫من خذ َلهم ‪ ،‬وال من َ‬ ‫وفي ٍ‬ ‫قوام ًة على ِ‬ ‫لفظ ‪ « :‬ال ُ‬ ‫أمر ال َّل ِه » (((‪.‬‬ ‫تزال ُأ َّمتي َّ‬ ‫ِ‬ ‫وفي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الدين إلى يو ِم‬ ‫لفظ ‪ « :‬عزيز ًة على‬ ‫القيامة »((( ‪.‬‬

‫وفي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫لفظ ‪ « :‬ال ُ‬ ‫الف َمن خال َفهم‬ ‫يزال لِهذه‬ ‫يض ُّرهم ِخ ُ‬ ‫األمر ِعصاب ٌة على ِّ‬ ‫الحق ال ُ‬ ‫أمر ال َّل ِه وهم كذلِ َك »((( ‪.‬‬ ‫يأتي ُ‬ ‫حتَّى َ‬ ‫الج ِ‬ ‫جملها تشير إلى و ِ‬ ‫األحاديث بم ِ‬ ‫جود ِ‬ ‫ِ‬ ‫سبيل ال َّل ِه في ُأ َّم ِة اإلسال ِم‬ ‫هاد في‬ ‫وهذه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫أحاديث الطائفة‬ ‫على ِ‬ ‫المنصورة تشير‬ ‫ِ‬ ‫الصحيح ‪ ،‬وأنَّه ال ينقطِ ُع أبدً ا ‪.‬‬ ‫وجهه‬ ‫إلى بقاء الجهاد‬ ‫إلى يوم القيامة‬

‫ِ‬ ‫المنصورة منهج الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالمية ال تحيدُ عنه أبدً ا‪،‬‬ ‫يانة‬ ‫الطائفة‬ ‫ُش�ير إلى التِزا ِم‬ ‫َ‬ ‫كما ت ُ‬ ‫األحادي�ث لِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫عاش َّ‬ ‫فإن الطائف� َة المنصور َة ـ كما‬ ‫لواق ِع‬ ‫اإلش�ارة بهذه‬ ‫ولكنَّ�ا ِعندَ‬ ‫ُ‬ ‫الطائفة‬ ‫حزبي�ة أو فِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عاص ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫سياس�ة م ِ‬ ‫ئوية المنصورة ال‬ ‫رة وال نظ�ا ٍم قائ ٍم وال‬ ‫تح�ت ظِ ِّل‬ ‫يظه ُ�ر ـ ال تنط�وي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫تنتمي إلى َدولة أو‬ ‫مسي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫موطن و ُأ َّم ٍة ‪ :‬ال تجم ُعهم‬ ‫سة ‪ ،‬وإنَّما هم ِعبا ُد ال َّل ِه الصابِرون الصالِحون في ك ُِّل‬ ‫ُ َ َّ‬

‫خاص ‪ ،‬أتقيا ُء‬ ‫س�مى‬ ‫سياس� ٌة ُمحدَّ د ٌة ‪ ،‬وال‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫إطار ُمس� َّي ٌس ‪ ،‬وال ُم ًّ‬ ‫مذهب ُمع َّي ٌن ‪ ،‬وال ٌ‬ ‫أمرا َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫كان‬ ‫ميراث الن َُّّبو ِة حتَّى‬ ‫ويصون بهم‬ ‫أخفي�ا ُء يح َف ُظ ال َّل ُه بهم ِعبا َده ‪،‬‬ ‫يقضي ال َّل ُه ً‬ ‫َ‬ ‫مفعولاً ‪.‬‬

‫((( صحيح ابن حبان (‪.)61‬‬

‫((( سنن ابن ماجه (‪.)9‬‬ ‫((( سنن ابن ماجه (‪.)7‬‬

‫((( جامع األحاديث للسيوطي (‪ ، )16375‬وذكره الذهبي في السير (‪. )553 :15‬‬ ‫((( مسند أحمد (‪.)8497‬‬

‫‪331‬‬

‫جماعة أو حزب‬


‫الج ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫هاد فعالمتُهم إِقام ُة ِ‬ ‫ب�رز أحدٌ ِمنهم أو جماع ٌة بِمس�مى ِ‬ ‫الش�رعي‬ ‫هاد‬ ‫وإن َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحيح بعيدً ا عن ِ‬ ‫على ِ‬ ‫تس�ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫نظمات‬ ‫الم‬ ‫يس‬ ‫وجهه‬ ‫ُّ‬ ‫التحوالت والتكتُّالت وسياسة ُ‬ ‫المشبوهة الم ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أعلم ‪.‬‬ ‫والجماعات‬ ‫خترقة‪ ..‬وال َّل ُه ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫التعاملِ ابلنق َدين‬ ‫فاء‬ ‫اخت ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصغ�رى الت�ي تحدَّ َ‬ ‫يقع ِم َن‬ ‫ث ع�ن ُوقوعها ‪ m‬ف�ي األُ َّمة م�ا ُ‬ ‫وم� َن العالم�ات ُّ‬ ‫(العب�ث االقتِ‬ ‫ِ‬ ‫وتداولِهم�ا ‪ ،‬وهم�ا ـ أي ‪ :‬النق�دان ـ ممثلان في‬ ‫ص�ادي) بالنقدَ ي�ن‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫(الذهب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلنساني ُك ِّله ‪.‬‬ ‫التاريخ‬ ‫عبر‬ ‫والف َّض ِة)‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫المتداولة َ‬ ‫المال َّية ُ‬ ‫أساس التنمية َ‬

‫األحادي�ث على أهميتِهما وو ِ‬ ‫وق�د َنبه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫(الدينار‬ ‫جودهم�ا ‪ ،‬وكانَا ُمتم ِّث َلي�ن في‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫الشرعية ‪ ،‬وشر َع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت التعا ُم َل بهما ‪ ،‬كما‬ ‫عامالت‬ ‫الم‬ ‫َّ‬ ‫والدِّ ره ِم) وضرورتهما في فقه ُ‬ ‫الثمن منهما وأهميتِه في ِص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حة‬ ‫قبض‬ ‫ش�رط‬ ‫الثمنية » ‪ ،‬ون َّب َهت إلى‬ ‫ش�ر َعت مبد َأ «‬ ‫َّ‬

‫قود ‪ ،‬فقد روى أحمدُ في م ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫س�نده (‪ : )16569‬حدَّ َثنا أبو ِ‬ ‫مريم َ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫بكر ب ُن أبي َ‬ ‫ُ‬ ‫كرب جاري ٌة تبيع اللب�ن ‪ ،‬ويقبِ ُض ِ‬ ‫ِ‬ ‫كانَ�ت ِ‬ ‫لمق�دا ِم ِ‬ ‫المق�دا ُم الثم َن ‪َ ،‬‬ ‫فقيل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫بن مع�دي ِ َ‬ ‫فقال ‪ :‬نعم وما بأس بِذلِ َك ‪ِ ،‬‬ ‫َ ِ‬ ‫أتبيع اللب َن وتقبِ ُض الثم َن ؟ َ‬ ‫س�م ْع ُت‬ ‫له‪ُ :‬س‬ ‫ٌ‬ ‫�بحان ال َّله! ُ‬ ‫ِ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ُ m‬‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ينفع فيه إال‬ ‫الناس‬ ‫يقول ‪ :‬ليأتِي َّن على‬ ‫رهم(((‪.‬‬ ‫زمان ال ُ‬ ‫الدينار والدِّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫يت ِ‬ ‫بن ُع ٍ‬ ‫كر َب في الس ِ‬ ‫المقدا َم ب َن معدي ِ‬ ‫ِ‬ ‫حبيب ِ‬ ‫ِ‬ ‫بيد َ‬ ‫وق‬ ‫الكبير » عن‬ ‫وفي «‬ ‫قال ‪ :‬ر َأ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫فقال ِ‬ ‫ِ‬ ‫فقيل له في ذلِ َك ‪َ ،‬‬ ‫الدراه َم ‪َ ،‬‬ ‫عت‬ ‫تبيع لبنًا وهو جالِ ٌس يقبِ ُض‬ ‫س�م ُ‬ ‫وجاري� ٌة ل�ه ُ‬ ‫كان ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزمان ال ُبدَّ لِلن ِ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ُ m‬‬ ‫َ‬ ‫يقول ‪ « :‬إذا َ‬ ‫والدنانير‬ ‫الدراه ِم‬ ‫َّاس فِيها ِم َن‬ ‫آخ ُر‬

‫الرج َل بِها دينَه و ُدنياه » (((‪.‬‬ ‫قيم ُ‬ ‫ُي ُ‬ ‫((( مسند أحمد (‪. )17664‬‬ ‫((( الطبراني (‪. )17416‬‬

‫‪332‬‬


‫األهمي�ة المترت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حديث ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذهب‬ ‫ِّبة على‬ ‫مريم إِش�ار ٌة إلى هذه‬ ‫س�ياق‬ ‫وف�ي‬ ‫ُ‬ ‫ابن أبي َ‬ ‫ِ‬ ‫راس�ات في االقتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والف َّض ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ة ‪ ،‬ولذا فإننا ِ‬ ‫ضرورة‬ ‫اإلسلامي تُش�دِّ ُد على‬ ‫صاد‬ ‫نجدُ الدِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإع�ادة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫إيج�اد ُع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫هائي في‬ ‫عامالت‬ ‫للم‬ ‫النقد‬ ‫ذهبي�ة وفِ ِّض ٍية ‪،‬‬ ‫مل�ة‬ ‫كح�ل ن ٍّ‬ ‫األصل�ي ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫تأصيل مبدأِ‬ ‫ض ‪ ،‬ولِ‬ ‫التقا ُب ِ‬ ‫ِ‬ ‫الثمنية في اإلسال ِم ‪.‬‬

‫ُثم نبه ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫األصل‬ ‫نقض لهذا‬ ‫يقع ِمن‬ ‫ت‬ ‫اإلنساني العظي ِم(((‪،‬‬ ‫األحاديث الكريم ُة إلى ما ُ‬ ‫َّ َّ َ‬ ‫ِّ‬ ‫الش ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اليهود والنصارى كا َّف َة ُّ‬ ‫المنع في‬ ‫األمر ‪ ،‬وهذا‬ ‫صول إلى هذا‬ ‫الو‬ ‫ومن ِع‬ ‫ُ‬ ‫عوب م َن ُ‬

‫نقض لِ‬ ‫ِ‬ ‫النقدي في التعا ُم ِ‬ ‫ِ‬ ‫نقض ُعرى اإلسلا ِم ‪ ،‬وإلى‬ ‫�ل ‪ ،‬فهو ِمن‬ ‫ألص�ل‬ ‫حقيقتِ�ه ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫حديث م ِ‬ ‫ِم ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫إس�حاق‬ ‫النضر حدَّ َثنا‬ ‫س�ند أحم�دَ (‪ : )8036‬حدَّ َثنا أبو‬ ‫ش�ير‬ ‫ُ ُ‬ ‫ث�ل ذل َك ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫كان ُ‬ ‫س�عيد عن أبيه عن أبي ُه َرير َة أنَّه َ‬ ‫ينارا وال‬ ‫ب� ُن‬ ‫يقول‪َ :‬‬ ‫كيف أنت�م إذا لم تجتبوا د ً‬ ‫ِ‬ ‫فقيل له ‪ :‬وهل ترى ذلِ َك كائنًا يا أبا ُه َرير َة ؟ َ‬ ‫رهما ؟ َ‬ ‫نفس أبي ُه َرير َة‬ ‫فقال ‪ :‬والذي ُ‬ ‫د ً‬ ‫قال ‪ :‬تُنته ُك ِذم ُة ال َّل ِه ِ‬ ‫بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول َّ ِ‬ ‫يده ‪ ،‬عن َق ِ‬ ‫وعم َ‬ ‫ذاك ؟ َ‬ ‫وذ َّم ُة‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫الصادق المصدوق ‪ .‬قا ُلوا ‪َّ :‬‬

‫وب ِ‬ ‫أهل ِّ‬ ‫رس�ولِه؛ ُ‬ ‫الذ َّم ِة ؛ فيمنعون ما َبأ ْيديهم)((( ‪ .‬وفي رواية زيادة‪:‬‬ ‫فيش�دُّ ال َّل ُه ُق ُل َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫مرت ِ‬ ‫َين((( ‪.‬‬ ‫(والذي ُ‬ ‫نفس أبي ُه َرير َة بِيده َل َيكُو َن َّن) َّ‬ ‫((( ولِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكبير (‪ِ )17415‬‬ ‫النبي ‪« : m‬يأتي على الناس زمان من لم‬ ‫الطبراني في‬ ‫لمقدا ِم ِعندَ‬ ‫عن ِّ‬ ‫ِّ‬

‫يكن معه أصفر وال أبيض لم يتهن بالعيش» ‪.‬‬ ‫جرير ‪،‬‬ ‫وع�ن جري�ر قال لما رآني رس�ول الله ‪ m‬ال أمس�ك ش�يئا إنما أنفقه ؛ ق�ال ‪ « :‬يا‬ ‫ُ‬ ‫يك أن ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُمس َك ما َل َك ؛ َّ‬ ‫ع َل َ‬ ‫األمر ُمد ًة » ‪ .‬رواه الطبراني في الكبير (‪.)2370‬‬ ‫فإن لهذا‬ ‫وف�ي المطال�ب العالي�ة للحاف�ظ اب�ن حج�ر العس�قالني (‪ )440 :4‬قال مس�دد ‪ :‬حدثنا‬

‫خال�د ب�ن عبدالله ‪ ،‬ثنا مالك ‪ ،‬عن يحيى بن س�عيد ‪ ،‬عن س�عيد بن المس�يب‪ ،‬ق�ال ‪َ « :‬ق ْط ُع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األرض » ‪.‬‬ ‫الفساد في‬ ‫الدينار والدِّ ره ِم ِم َن‬

‫((( صحيح البخاري (‪)3180‬‬ ‫((( مسند أحمد (‪. )8609‬‬

‫‪333‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن ِ‬ ‫أعاج ِ‬ ‫َ‬ ‫(فيمنعون ما بِأيديهم) ‪ ،‬والمقصو ُد‬ ‫الحديث قو ُله ‪: m‬‬ ‫يب ما في هذا‬ ‫ِ‬ ‫ئون االقتِ ِ‬ ‫أن كا َّف َة ُش ِ‬ ‫ِ‬ ‫أعلم ـ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫قوانين‬ ‫مالت وتشري ِع‬ ‫وصك ال ُع‬ ‫صاد‬ ‫يظهر ـ وال َّل ُه ُ‬ ‫بِه كما ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يكون بأيديهم ‪ ،‬وهذا ما هو كائ ٌن َ‬ ‫ُ‬ ‫ونحو ذلِ َك‬ ‫النقد‬ ‫اآلن(((‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫حديث ِ‬ ‫ضوح ‪ ،‬وجا َء ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ابن شيب َة‪:‬‬ ‫تعليل ذلِ َك في‬ ‫النبوي بِ ُو‬ ‫النص‬ ‫ُّ‬ ‫أشار إ َليه ُّ‬ ‫وهذا ما َ‬ ‫ِ‬ ‫حدَّ َثن�ا خالدُ بن م ٍ‬ ‫س�عيد بن ٍ‬ ‫خل�د َ‬ ‫عمرو عن‬ ‫علي ب ُن صالِ ٍح عن أبيه عن‬ ‫قال حدَّ َثنا ُّ‬ ‫ُ‬ ‫حم ِد بن ُأسام َة ِ‬ ‫النبي ‪َ m‬‬ ‫جب لكم‬ ‫قال ‪« :‬كيف أنتم إذا لم ُي ْ‬ ‫عن ِّ‬ ‫أبي حكي ٍم مولى ُم َّ‬ ‫ِ‬ ‫يكون ذلِ َك ؟ َ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪« :‬إذا نقضتُم العهدَ ش�دَّ َد ال َّل ُه‬ ‫ره�م ؟ » قال�وا ‪ :‬ومتى‬ ‫دين�ار وال د ٌ‬ ‫ٌ‬

‫((( ولع�ل في التكرار لقول أبي هريرة ‪ v‬مع القس�م المغلظ‪( :‬والذي نفس أبي هريرة بيده‬ ‫ليكون�ن) مرتين إش�ارة لطيف�ة إلى ما حصل للفس�اد في األرض بتغييب مقياس�ي (الذهب‬ ‫والفضة) من خالل التآمر على البشرية‪ ،‬فإن رجال المال المتنفذين في العالم أبعدوا مقياس‬

‫الفضة في ‪1860‬م ‪ ،‬وعمموه على العالم ‪ ،‬وكانت ضربة قوية لالقتصاد اإلنساني‪ ،‬ثم ألغوا‬

‫الغط�اء الذهب�ي في ‪ 1973‬م بقرار م�ن البنك وصندوق النقد الدوليين فتالش�ت بقايا آثار‬ ‫المعي�ار النقدي تماما ‪ ،‬وفقهاؤنا يبحثون اآلن عن مخارج ‪ ،‬وبعضهم يش�رع الموجود رأفة‬ ‫بالن�اس واجته�ادا منه ‪ ،‬ولذلك فقد انحصرت جهود كافة مؤسس�ات االقتصاد اإلسلامي‬ ‫اليوم فيما يس�مى باالقتصاد الجزئي‪ ،‬وأما االقتصاد الكلي ونظام العمالت فتعتذر عنه بأنه‬

‫شأن الحكومات وأنه ال ناقة لها فيه وال جمل‪.‬‬

‫وبقينا اآلن نعيش مرحلة النقد الورقي ‪ ،‬ولعلها المرة األولى ‪ ،‬والمرة الثانية تعد لها العدة‬

‫اآلن (النق�د اإللكترون�ي) عندما تس�حب األوراق كلها ‪ ،‬وتتحول المعاملات النقدية إلى‬

‫اآللة (العملة العالمية الموحدة ‪ ،‬البنك العالمي) ‪.‬‬

‫وفيم�ا يخ�ص العرب ف�ي مجريات التح�ول النقدي نج�د أن العملة الفضي�ة أو الذهبية‬

‫العربي�ة ق�د ألغيت من�ذ منتصف القرن « الخمس�ينات » م�ن أغلب ال�دول ‪ ،‬وكانت اليمن‬ ‫م�ن آخ�ر الدول العربية التي أبقت التعامل في كافة ش�ؤونها بنقدي الذهب والفضة ‪ ،‬حيث‬

‫س�كت ورقتها مع مطلع الثورة في الستينات ‪ ،‬ووضعت للجميع العملة الورقية ‪ ،‬وفرضت‬ ‫عليهم فرضا ‪ ،‬وسار التعامل بها إلى اليوم ‪ ،‬وربما تأتي في المرحلة الالحقة العملة العالمية‬

‫الموحدة التي ستكون إلكترونية غير مرئية ‪.‬‬

‫‪334‬‬


‫العدو ع َليكم فامتنعوا ِمنكم» (((‪.‬‬ ‫وب‬ ‫ِّ‬ ‫ُق ُل َ‬

‫ون االقتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫العهد مخالفتِهم لِ‬ ‫ِ‬ ‫�ؤ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫صاد‬ ‫بنقض‬ ‫ولع�ل المقصو َد هنا‬ ‫لش�ريعة في كا َّف ِة ُش ُ‬ ‫ُ‬ ‫بعجلة االقتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫واالرتِ ِ‬ ‫العالمي كما َ‬ ‫ق�ال تعالى ‪( :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬ ‫صاد‬ ‫ب�اط‬ ‫ِّ‬

‫ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ‬

‫ﯛ ) [البقرة‪. ]27:‬‬

‫توقف الجزية والخراج ‪/‬سقوط دولة الخلافة‬

‫ِ‬ ‫للدولة اإلسلامية) ‪ ،‬ويدل عليه حديث‬ ‫االقتص�ادي‬ ‫(الضعف‬ ‫و ُي ْم ِك� ُن تس�ميتُه‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫العراق‪ »..‬وفي آخ�ره‪« :‬وعدتُم من حيث بدأتُم» كررها‬ ‫«منعت‬ ‫أب�ي هريرة ‪v‬‬ ‫ِ‬ ‫س�قوط الخالفة اإلسلامية وتش�تُّتها إلى‬ ‫ثالث�ا(((‪ ،‬ويحتم�ل أن تكون إش�ار ًة إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دويالت وانعدا ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخالفة‬ ‫لدولة‬ ‫الخراج‬ ‫كانت تُؤ ِّدي‬ ‫بيت المال‪ ،‬ومن ِع‬ ‫البلدان التي ْ‬ ‫َ‬ ‫خراجها‪.‬‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫(يوش�ك ُ‬ ‫ُ‬ ‫أهل‬ ‫(إكم�ال المعلم) (‪ : )457 :8‬ق�ال القاضي عياض‪ :‬وقو ُله‪:‬‬ ‫وف�ي‬ ‫�ت ِ‬ ‫مثل قولِه‪« :‬منَع ِ‬ ‫ِ‬ ‫إليه�م َق ِف ٌيز َولاَ ِد ْر َه ٌم) هو ُ‬ ‫الع�راق ألاّ ُيجبى‬ ‫الع َر ُاق ِد ْر َه َمها‪...‬‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫فس�ره في الحديث ّ‬ ‫لغلبة الرو ِم‬ ‫والخ�راج‪،‬‬ ‫أن معن�اه َمنْ َعها الجزي َة‬ ‫َ‬ ‫الحدي�ث»‪ ،‬وقد َّ‬

‫والعج ِم على البالد‪.‬‬

‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪.)38426‬‬ ‫ِ‬ ‫((( الحدي�ث رواه أب�وداود في س�ننه (‪َ )3037‬أبِى ُه َر ْي َر َة َق َال ‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬ ‫�ول ال َّل�ه ‪َ « : m‬منَ َعت‬ ‫ُ‬ ‫مص�ر إِ ْر َد َّب َها ودينارها ‪ ،‬ثم‬ ‫ومنعت‬ ‫الع�راق َق ِف َيزها ودرهمها ومنعت الش�ام ُمدْ َي َها ودينارها‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫زهير (وهو أحد رواة الحديث) ثالث مرات ‪ :‬شهد على ذلك‬ ‫ُعدتُم من حيث بدأتُم» قالها ٌ‬

‫لحم أبي هريرة ودمه‪.‬‬

‫‪335‬‬


‫جابر‪( :‬ي ِ‬ ‫ش�رح مس�ل ٍم (‪ )53 :18‬عن�د ِ‬ ‫�ك ُ‬ ‫وش ُ‬ ‫ِ‬ ‫أهل‬ ‫النووي في‬ ‫وق�ال اإلم�ا ُم‬ ‫أثر ٍ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫شرحه قبل هذا بأوراق‪ .‬اهـ‪ .‬يريد بذلك كالمه‬ ‫العراق أال ُيجبى إليهم)(((‪ :‬قد َ‬ ‫سبق ُ‬ ‫ِ‬ ‫الذي تقدم عنه (‪ِ ، )28 :18‬‬ ‫وفيه‪ :‬إن معناه‪ّ :‬‬ ‫البالد‬ ‫العجم والرو َم يستولون على‬ ‫أن‬ ‫َ‬

‫َ‬ ‫حصول ذلك للمسلمين‪ ،‬ثم قال فيه أيضا‪َ :‬و َذك َ​َر في منع‬ ‫في آخر الزمان‪ ،‬فيمنعون‬ ‫الرو ِم ذلك بالشا ِم ِم ْث َل ُه‪ ،‬وهذا قد وجد في زمانِنا في العراق‪ ،‬واآلن موجو ٌد‪.‬‬ ‫العثماني في (تكملة فتح المله ِم بش�رح صحيح مسلم)‪:‬‬ ‫قال الش�يخ محمد تقي‬ ‫ُّ‬

‫(‪ )292 :6‬شارح ًا حديث أبي هريرة ‪( v‬منعت العراق) ‪ :‬إنه إخبار بأن الكفار‬ ‫َ‬ ‫يس�يطرون ف�ي آخر الزم�ان على معظ� ِم البالد ‪ ،‬فيمنعون مس�لمي ه�ذه البالد من‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫األموال‪ ،‬ويؤيده ما س�يأتي في باب ( ال تقوم‬ ‫يحتاجون إليه من‬ ‫الحص�ول عل�ى ما‬ ‫أهل العراق ألاّ‬ ‫وشك ُ‬ ‫الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل) من حديث جابر قال‪ُ :‬ي ُ‬ ‫درهم‪.‬‬ ‫قفيز وال‬ ‫ُيجبى إليهم ٌ‬ ‫ٌ‬

‫اآلخ�ر القيام ُة‬ ‫األش�قر في كتاب�ه «الي�و ُم‬ ‫عم�ر‬ ‫الدكتور‬ ‫وم�ن المعاصري�ن ق�ال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الصغ�رى» تحت عنوان (تو ُّقف الجزي�ة والخراج) ص‪ِ :155-154‬‬ ‫كانت الجزي ُة‬

‫ُّ‬ ‫الت�ي َيد َف ُعه�ا ُ‬ ‫يس�تغل‬ ‫والخ�راج الذي يدف ُعه من‬ ‫أه�ل الذمة في الدولة اإلسلامية‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مصادر بيت مال المس�لمين‪،‬‬ ‫أهم‬ ‫األراضي التي ُفت َح ْت في الدولة اإلسلامية من ِّ‬

‫ُ‬ ‫س�يتوقف‪ ،‬وس�يفقدُ المس�لمون بذلك مورد ًا‬ ‫رس�ول الله ‪ m‬بأن ذلك‬ ‫أخبر‬ ‫ُ‬ ‫وقد َ‬ ‫((( تمام األثر في صحيح مسلم (‪ : )2912‬عن أبي نضرة قال ‪ :‬كنا عند جابر بن عبد الله فقال‪:‬‬ ‫يوش�ك أه�ل العراق أن ال يجب�ى إليهم قفيز وال دره�م ‪ ،‬قلنا‪ :‬من أي�ن ذاك ؟ قال‪ :‬من قبل‬

‫العجم ‪ ،‬يمنعون ذاك ‪ ،‬ثم قال‪ :‬يوش�ك أهل الش�ام أن ال يجبى إليهم دينار وال مدي‪ ،‬قلنا‪:‬‬ ‫من أين ذاك؟ قال‪ :‬من قبل الروم ‪ ،‬ثم سكت هنيهة ‪ ،‬ثم قال‪ :‬قال رسول الله ‪ : m‬يكون في‬ ‫آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا ال يعده عددا‪.‬‬

‫‪336‬‬


‫إسلامي ًا هام� ًا‪ ،‬فف�ي صحيح مس�لم عن أب�ي هريرة ‪ v‬ق�ال‪ :‬قال رس�ول الله‬ ‫ت الش�ام مدَّ ها ِ‬ ‫الع�راق ِدرهمه�ا و َق ِف َيزها‪ ،‬ومنَع ِ‬ ‫‪« :m‬منَع ِ‬ ‫ودين َ​َار َه�ا ‪ ،‬و َمنَ َع ْت‬ ‫�ت‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ْ َ َ​َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التتار على‬ ‫م ْص ُر إِ ْر َد َّب َها ودين َ​َار َها‪ ..‬الحديث»‪ .‬اهـ‪ .‬ثم قال ‪ :‬فقد اس�تولى الرو ُم ثم ُ‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عصرنا َّ‬ ‫ديار اإلسلام‪ ،‬وأذهبوا دول َة‬ ‫احتل‬ ‫كثي�ر من البالد اإلسلامية‪ ،‬وفي‬ ‫الكفار َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫حديث‬ ‫الخالفة اإلسلامية‪ ،‬وأبعدوا الشريع َة اإلسلامي َة عن الحك ِم‪ .‬اهـ‪ .‬ثم ذكر‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النووي له وقال‪ُّ :‬‬ ‫اإليرادات‬ ‫لس�بب من ِع تل�ك‬ ‫التعليالت‬ ‫وكل هذه‬ ‫وش�رح‬ ‫مس�ل ٍم‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬فإلى‬ ‫الشريعة‬ ‫تقيم اقتصا َدها على‬ ‫لخزينة الدولة اإلسلامية التي كانت ُ‬ ‫الله المشتكى(((‪.‬‬

‫وهلاك بعض ال ِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لاد‬ ‫والخسف‬ ‫حصولُ الزلا ِز ِل‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫الل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مراح ِ‬ ‫بعضه�ا ِخ َ‬ ‫العالمات‬ ‫�ل‬ ‫الصغرى ‪ ،‬الت�ي يأتي ُ‬ ‫وم�ن عالم�ات الس�اعة ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الم َّنورةُ‪،‬‬ ‫هالك‬ ‫األخيرة ‪ ،‬التي ِمنها‬ ‫الكُبرى‬ ‫المدُ ن والعواص ِم ‪ ،‬ومنها المدين ُة ُ‬ ‫بعض ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وهالكُها كما يظهر ِمن ِ‬ ‫األحاديث ُح ُ‬ ‫ُسمى ـ أو ِعدَّ ِة‬ ‫ظاه ِر‬ ‫صول كارثة طبيعية ـ كما ت َّ‬ ‫ُ‬

‫كالزالز ِل التي ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كوار َ‬ ‫ُفاج ُئ أه َلها ؛ فيضطرون إلى ُ‬ ‫الخ ِ‬ ‫روج ِمنها ‪ ،‬وهي أحس� ُن‬ ‫ث‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫األحاديث ِمنها ‪:‬‬ ‫تكون ‪ ،‬وفِيها ور َدت ُجمل ٌة ِم َن‬ ‫ما‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫س�ارية من‬ ‫الكلب على‬ ‫أحس�ن ما كانَت ‪ ،‬حتَّى يجي َء‬ ‫ •« لتُتر َك َّن المدين َة على‬ ‫ُ‬ ‫أعواد ِ‬ ‫ِ‬ ‫المسج ِد أو على ُع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫َ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ ،‬لمن‬ ‫نبر ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬يا‬ ‫ود من‬ ‫سواري‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يومئذ ؟ َ‬ ‫ُ‬ ‫مار‬ ‫والسبا ِع »((( ‪.‬‬ ‫قال ‪ « :‬لل َّط ِير ِّ‬ ‫تكون ال ِّث ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حج ِن ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه‬ ‫مع‬ ‫بن األذر ِع ؤ إنَّه صعدَ َ‬ ‫ •وروى اإلما ُم أحمدُ عن م َ‬ ‫((( العراق في أحاديث وآثار الفتن (‪ ، )254: 1‬تأليف مشهور حسن سلمان‪.‬‬ ‫((( الموطأ (‪.)3310‬‬

‫‪337‬‬


‫ِ‬ ‫فقال ‪ُ :‬‬ ‫المدينة َ‬ ‫‪ُ m‬أحدً ا ‪َ ،‬‬ ‫«ويل ُأ ِّمها ‪ ،‬قري ٌة يدعها أه ُلها كأين ِع ما‬ ‫فأقبل على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تك�ون»(((‪ .‬وفي ٍ‬ ‫لفظ ‪ُ :‬‬ ‫ُ‬ ‫خير ما تكونين»((( ‪.‬‬ ‫«ويل ُأ ِّمك ‪ ،‬يد ُعك أه ُلك وأنت ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫مارها ؟ َ‬ ‫َ‬ ‫لت ‪ :‬يا‬ ‫باع»((( ‪.‬‬ ‫قال ‪ُ :‬ق ُ‬ ‫والس ُ‬ ‫قال ‪« :‬ال َّط ُير ِّ‬ ‫رسول ال َّله َمن يأك ُ​ُل ث ُ‬

‫ •وروى أحمدُ بِ ٍ‬ ‫حس�ن عن ِ‬ ‫عمر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بن الخ َّط ِ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪m‬‬ ‫َ‬ ‫اب ؤ َّ‬ ‫أن‬ ‫س�ند‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب في ِ‬ ‫َ‬ ‫المدينة فيقو َل َّن ‪ :‬لقد َ‬ ‫مرة‬ ‫جنب وادي‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫«ليس�ير َّن راك ٌ‬ ‫كان في هذه َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫كثير»((( ‪.‬‬ ‫حاضر ٌة من المؤمنين ٌ‬

‫ِ‬ ‫الظواه ِر مربوط ٌة في ج ِ‬ ‫ل�ت وال َّله أعلم ‪ِ :‬‬ ‫ِ‬ ‫وم ُ‬ ‫األحاديث بما يقع فيه‬ ‫مل�ة‬ ‫ث�ل هذه‬ ‫ُق ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫والقتل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكبائر وفِ ِ‬ ‫وغيره‪،‬‬ ‫الربا‬ ‫ح�ش‬ ‫عل المعاصي ِم َن ال ُظل ِم وال ُف‬ ‫الن�اس ِم َن‬ ‫ُ‬ ‫وأكل ِّ‬ ‫تالح ِ‬ ‫األزم ِنة الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫قة ِمن‬ ‫عبر‬ ‫العربي‬ ‫والعالم‬ ‫اإلنس�اني‬ ‫العالم‬ ‫عرف‬ ‫وقد‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫واإلسلامي َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫والزالزل الش�يء الكثي�ر ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ومنها البراكي� ُن التي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحين‬ ‫تنفج ُ�ر َبي َن‬ ‫الرجفات‬ ‫ه�ذه‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫الساعة مقرون ٌة في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإلسالمي بِ ُظ ِ‬ ‫َ‬ ‫هور‬ ‫العربي‬ ‫عالمنا‬ ‫عالمات‬ ‫واآلخ ِر ‪ ،‬ولكنَّها في‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المعاص�ي واس�تِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫خفاف ُّ‬ ‫األحاديث‬ ‫ُش�ير‬ ‫الش‬ ‫�عوب بِالديانة واألمان�ة ‪ ،‬وإلى ذل َك ت ُ‬ ‫ِ‬ ‫ك َقولِ�ه ‪ m‬في ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويتقارب‬ ‫الزالز ُل ‪،‬‬ ‫لم ‪ ،‬وتك ُث َر‬ ‫واية ال ُب‬ ‫خاري ‪ « :‬وحتى ُيق َب َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫�ض الع ُ‬ ‫ِ‬ ‫اله ْر ُج ‪ ،‬وهو ُ‬ ‫ُ‬ ‫الزمان ‪،‬‬ ‫القتل » (((‪.‬‬ ‫وتظهر الف َت ُن ‪ ،‬ويك ُث َر َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫إيراده‬ ‫االختراعات‬ ‫طابقة‬ ‫الغماري في « ُم‬ ‫قال الحافِ ُظ‬ ‫العصرية » (ص‪ )111‬بعدَ‬ ‫ُّ‬ ‫الحديث ‪ :‬وقد ورد أن سبب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المعامل ُة‬ ‫الزالز ِل في‬ ‫كثرة‬ ‫هذا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الربا وكثر ُة ُ‬ ‫األرض هو ِّ‬

‫((( مسند أحمد (‪. )20883‬‬

‫((( الطبراني في الكبير (‪.)17463‬‬

‫((( مسند أحمد (‪. )20883‬‬ ‫((( مسند أحمد (‪.)15055‬‬

‫((( صحيح البخاري (‪.)1036‬‬

‫‪338‬‬


‫بِه ‪ ،‬وأك ُله» ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�ج َلت ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزالز ِل‬ ‫سلسلة‬ ‫العرب ُعمو ًما ُجز ًءا ِمن‬ ‫جزيرة‬ ‫األرصاد في‬ ‫أجهز ُة‬ ‫وقد َّ‬ ‫ِ‬ ‫كان من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تاريخنا الم ِ‬ ‫عاص ِ‬ ‫آخ ِرها ِز ٌ‬ ‫�ر ‪ُ ،‬ر َّبما َ‬ ‫منطقة‬ ‫الزل حص َلت في‬ ‫عبر‬ ‫ُ‬ ‫والرجف�ات َ‬ ‫المدينة المنو ِ‬ ‫ِ‬ ‫الل ِ‬ ‫ِ‬ ‫رة ِخ َ‬ ‫األو ِل ‪1430‬هـ ‪ ،‬ويبدو وال َّل ُه‬ ‫العيس قري ًبا ِم َن‬ ‫شهر ُجمادى َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أجهزة اإلعال ِم هو ُ‬ ‫المتحدَّ َ‬ ‫أعلم َّ‬ ‫تتأثر‬ ‫ث بِه في‬ ‫التفسير‬ ‫أن‬ ‫َّ‬ ‫كون هذه المناط ِق ُ‬ ‫النظري ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫األرض والم ِ‬ ‫تحت ِق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مس�افات‬ ‫متدة على‬ ‫ش�رة‬ ‫الجيولوجية‬ ‫داع�ات‬ ‫باالنص‬ ‫الكائنة َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األحمر‬ ‫البحر‬ ‫فجوات‬ ‫تكونَت منه‬ ‫سلس�لة الصد ِع‬ ‫كبيرة ِمن‬ ‫الكبير ‪ ،‬الذي َ‬ ‫ُ‬ ‫سبق أن َّ‬ ‫الظاه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الزمان ‪َّ ،‬‬ ‫رة ‪.‬‬ ‫طبيعي لِهذه‬ ‫استمرار‬ ‫الزالزل‬ ‫وأن هذه‬ ‫وما حو َلها في سابِق‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌ‬

‫ِ‬ ‫أن الذي أشار إ َليه ‪ِ m‬من ِ‬ ‫المدينة وهي يانع ُة ال ِّث ِ‬ ‫مار ُح ُ‬ ‫إذن فال ُيستب َعدُ َّ‬ ‫صول‬ ‫ترك‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫داعات في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫روج ِ‬ ‫الزمان بما ُيؤ ِّدي إلى ُخ ِ‬ ‫أهلها ِمنها ‪ ،‬وال َّل ُه‬ ‫آخ ِر‬ ‫االنص‬ ‫شيء من هذه‬

‫أعلم ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ٍ‬ ‫فت�ح الباري » (‪َ )104 : 16‬‬ ‫ذك�ره الحافِ ُظ في « ِ‬ ‫أنكر‬ ‫ق�ال ‪( :‬تنبيه) َ‬ ‫وف�ي حديث َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خير ما كانَت » َ‬ ‫وقال ‪:‬‬ ‫تعبيره في هذا الحديث بِ َقول�ه ‪ُ « :‬‬ ‫م�ر على أب�ي ُه َرير َة َ‬ ‫اب� ُن ُع َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المدينة » ِمن‬ ‫أخبار‬ ‫مر ب ُن َش� َّب َة في «‬ ‫أعمر ما كانَت » ‪،‬‬ ‫إِ َّن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أخرج ذل َك ُع ُ‬ ‫الصواب « ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بن ٍ‬ ‫كان جالِ ًس�ا ِعندَ ِ‬ ‫مس�ادق ِ‬ ‫مر فجا َء أب�و ُه َرير َة َ‬ ‫عمرو أنَّه َ‬ ‫فقال له ‪ :‬لم‬ ‫طريق‬ ‫ابن ُع َ‬ ‫وأنت في ب ٍ‬ ‫يت حتَّى َ‬ ‫يخر ُج‬ ‫ُنت أنا َ‬ ‫علي حديثي ؟ فوال َّل ِه لقد ك ُ‬ ‫َ‬ ‫النبي ‪ُ « : m‬‬ ‫قال ُّ‬ ‫ُتر َّد َّ‬

‫ِ‬ ‫خير ما كانَت » َ‬ ‫خير ما كانَت»‪،‬‬ ‫مر ‪ :‬أجل ‪ ،‬ولكن لم ي ُق ْل ‪ُ « :‬‬ ‫فقال اب ُن ُع َ‬ ‫منه�ا أه ُله�ا ُ‬ ‫َ ِ‬ ‫أعمر ما كانً�ت» ‪ .‬ولو َ‬ ‫إنَّم�ا َ‬ ‫«خير ما كانَت»‬ ‫حي هو‬ ‫ل�كان ذل َك وهو ٌّ‬ ‫قال ‪ُ :‬‬ ‫ق�ال ‪ُ « :‬‬ ‫�ت ‪ ،‬والذي نفس�ي ِ‬ ‫بيده ‪ .‬اهـ ‪ .‬وروى م ِ‬ ‫وأصحا ُب�ه ‪َ ،‬‬ ‫س�ل ٌم‬ ‫فق�ال أب�و ُه َرير َة ‪ :‬صد ْق َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يخر ُج ُ‬ ‫لما َ‬ ‫المدينة ‪،‬‬ ‫المدين�ة ِم َن‬ ‫أهل‬ ‫س�أل‬ ‫عمن ُ‬ ‫النب�ي ‪َّ m‬‬ ‫َّ‬ ‫ف�ي حديث ُح َذيف َة أنَّه َّ‬ ‫‪339‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حديث أبي ُه َرير َة قيل ‪ :‬يا أبا ُه َرير َة ‪َ ،‬من ُي ِ‬ ‫مر ِ‬ ‫خر ُجهم ؟ َ‬ ‫قال ‪ُ :‬أمرا ُء‬ ‫بن ش َّب َة ِمن‬ ‫ول ُع َ‬ ‫الس ِ‬ ‫وء(((‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫ول ح َذيف َة ؤ ـ وهو فقيه التحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأعجب ما في ِ‬ ‫رسول‬ ‫الت وأمي ُن ِس ِّر‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫األمر َق ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫سنده عن ِ‬ ‫العل ِم ـ فيما رواه أحمدُ في م ِ‬ ‫ال َّل ِه ‪ m‬في هذا ِ‬ ‫عبدال َّل ِه ِ‬ ‫بن يزيدَ عن ُحذيف َة‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫أنَّه َ‬ ‫ش�يء‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ m‬بِما هو كائ ٌن إلى أن تقو َم الس�اع ُة ‪ ،‬فما ِمن‬ ‫قال ‪ :‬أخبرني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إلاَّ قد سألتُه ‪ ،‬إلاَّ أني لم أسا ْله ما ُي ِ‬ ‫خر ُج َ‬ ‫المدينة ِم َن‬ ‫أهل‬ ‫المدينة ِ(((‪.‬‬

‫ِ‬ ‫َ‬ ‫النووي في ِ‬ ‫قال اإلما ُم‬ ‫المدينة « َل َيت ُْر ُكن َ​َّها َأ ْه ُلها‬ ‫شرح مسل ٍم((( عند قولِه ‪ m‬عن‬ ‫ُّ‬ ‫َت ُم َذ َّل َل ًة لِ ْل َعوافِي » ‪ :‬يعني الس�باع والطي�ر ‪ ،‬وفي الرواية الثانية‪« :‬‬ ‫َع َل�ى َخ ْي ِر َما كَان ْ‬ ‫ِ‬ ‫َيت ُْرك َ‬ ‫�اها إِلاّ ال َع َوافِ�ي » ‪ ،‬يريدُ ‪َ :‬ع َوافِي‬ ‫الم ِدينَ� َة َع َل�ى َخ ْي ِر َما كَان ْ‬ ‫َت َع َل ْيه ال َي ْغ َش َ‬ ‫ُ�ون َ‬

‫ِ‬ ‫ان المدين َة ين ِْع َق ِ‬ ‫ان ِمن م َزينَ َة ي ِريدَ ِ‬ ‫اعي ِ‬ ‫ان ب ُعنُ َق ْي ِهما ف َي ِجدَ انِها‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ ْ ُ‬ ‫السبا ِع وال َّط ْي ِر ‪ ،‬ثم َي ْخ ُر ُج َر َ‬ ‫ِّ‬ ‫وحش ًا ‪ ،‬حتّى إذا ب َل َغا َثنِي َة الودا ِع َخرا على وج ِ‬ ‫وه ِهما ) ‪.‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ‬

‫الحديث بالس�با ِع وال َّطي ِر ‪ ،‬وهو صحيح في ِ‬ ‫ِ‬ ‫اللغة ‪،‬‬ ‫أما (العوافي) فقد َف َّس َ�رها في‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫مأخ�و ٌذ من َع ِ‬ ‫المختار‪:‬‬ ‫الظاهر‬ ‫الحديث‬ ‫�ب معرو َفه ‪ ،‬وأما معنى‬ ‫فوتُه ‪ :‬إذا َأ َت ْي ُت ُه َت ْط ُل ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫يكون ف�ي ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫آخر الزمان ‪ ،‬عن�د قيا ِم الس�اعة ‪ ،‬وت َُو ِّض ُح ُه ِق َّص ُة‬ ‫للمدينة‬ ‫الت�رك‬ ‫أن ه�ذا‬

‫ِ‬ ‫خر ِ‬ ‫ان على وج ِ‬ ‫ِ‬ ‫وه ِهما ِحي َن تُدْ ِرك ُ​ُهما الس�اع ُة ‪ ،‬وهما‬ ‫ُ ُ‬ ‫الراعيي�ن من ُم َز ْينَ َة ‪ ،‬فإِن َُّهم�ا َي ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المختار ‪.‬‬ ‫الظاهر‬ ‫البخاري ‪ ،‬فهذا هو‬ ‫صحيح‬ ‫آخ ُر َمن ُي ْح َش ُر كما َث َب َت في‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ياض‪ :‬هذا ما َج َرى في ال َع ْص ِر األَ َّو ِل َوا ْن َق َضى ‪ ،‬وقال‪َ :‬و َهذا ِم ْن‬ ‫وق�ال القاضي ِع ٌ‬

‫((( فتح الباري (‪. )91 :4‬‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)7447‬‬ ‫((( (‪. )159 :9‬‬

‫‪340‬‬


‫َ�ت َع َلي ِه ِحين ا ْن َت َق َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الم ِدينَ ُة على َأ ْح َس ِ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫�ن َما كَان ْ ْ‬ ‫ُم ْعج َ�زات النَّبِ ِّي ‪َ ، m‬ف َقدْ ت ُِركَت َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كان�ت الدي ُن والدنيا ‪،‬‬ ‫الوقت َأ ْح َس� ُن ما‬ ‫والعراق ‪ ،‬وذلك‬ ‫الخالف� ُة منها إلى الش�ا ِم‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وغر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اس�ها واتِّس�ا ِع ِ‬ ‫حال‬ ‫َ‬ ‫أ ّم�ا الدي ُن فل َك ْثرة العلماء وك َ​َمال ِهم ‪ ،‬و َأ ّما الدنيا فلع َم َارتها َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وخاف أه ُلها‬ ‫بالمدينة‬ ‫الفتن التي َج َ�ر ْت‬ ‫بعض‬ ‫األخبار ُّيون في‬ ‫أهله�ا‪ ،‬ق�ال ‪ :‬و َذك َ​َر‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫اج َع‬ ‫الناس‬ ‫أكثر‬ ‫ْ‬ ‫أكثرها للعوافي ‪َ ،‬و َخ َل ْت ُمدَّ ًة ُث ّم ت َ​َر َ‬ ‫ثمارها أو ُ‬ ‫وبقيت ُ‬ ‫أنّه َر َح َل عنها ُ‬ ‫الن�اس إليها ‪َ ،‬‬ ‫�ت َأ ْط َرا ُفها‪ ..‬هذا كال ُم‬ ‫ق�ال‪ :‬وحا ُلها اليو َم‬ ‫قريب ِمن هذا ‪ ،‬و َقدْ َخ ِر َب ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬

‫القاضي والله أعلم((( ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والص ِ‬ ‫وال َ‬ ‫ور ور َّبما ال‬ ‫الصغرى‬ ‫ُ‬ ‫عش�رات النم�اذ ِج ُّ‬ ‫زال ف�ي مدلوالت العالمات ُّ‬ ‫ِ‬ ‫بيان عام لِ‬ ‫التفصيل ‪ ،‬ولِهذا فقد جمعناها على ِص ِ‬ ‫فة ٍ‬ ‫المجال لِ ِ‬ ‫ذكرها بِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫تعدادها‬ ‫يت َِّس ُع‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزمنية ‪ ،‬فهي تبد ُأ ِمن ِ‬ ‫البعثة‬ ‫قبل‬ ‫واألطراف‬ ‫واسع ُة المدى‬ ‫وخاص ًة أنَّها‬ ‫وأسمائها ‪،‬‬ ‫َّ‬

‫المحم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫دية وتنتهي بِ ِ‬ ‫الالحق إجمالاً ‪ ،‬وقد‬ ‫الفصل‬ ‫ور ‪ ،‬كما سيأتي في‬ ‫النفخ في ُّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُب والمؤ َّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض الباحثين بِ‬ ‫تفصيلها في ثنايا ال ُكت ِ‬ ‫«اإلشاعة»‬ ‫كالبرزنجي في‬ ‫فات‬ ‫قا َم ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ،‬وبوبه�ا ِ‬ ‫ُ‬ ‫الباح ُ‬ ‫مع‬ ‫�ف الوابِ ُل في ِكتابِه «‬ ‫يوس ُ‬ ‫أش�راط الس�اعة » تبوي ًب�ا ُمتداخلاً َ‬ ‫َّ َ‬ ‫�ث ُ‬

‫ِ‬ ‫الوسطى ‪.‬‬ ‫العالمات ُ‬

‫اب هّٰ ِ َ َ‬ ‫كـتُتِبَ ِم ْن ِسوَى ِكت َ ِ‬ ‫قِ َرا َءةُ م َا ا ْ‬ ‫ٱلل ع َّز َوجل َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َع ِن ال ُقر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫(الم ْثنَ�اةَ) َب ِدي ً‬ ‫آن‪،‬‬ ‫الس�اعة الصغرى تِلاَ َو ُة‬ ‫عالمات‬ ‫ومن‬ ‫ْ‬ ‫�مى َ‬ ‫كتاب ُي َس َّ‬ ‫ِ‬ ‫ب�ن ِ‬ ‫عبدالله ِ‬ ‫ِ‬ ‫كان ُي َح�دِّ ُ‬ ‫العاص ِحينَم�ا َ‬ ‫�ار َح ِد ُ‬ ‫وإل�ى َ‬ ‫ث في‬ ‫عمرو ب�ن‬ ‫ي�ث‬ ‫ذل�ك َأ َش َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القول و ُي ْخ َز َن ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الساعة أن ُي ْب َس َ‬ ‫الفعل ‪ ،‬وإِ ّن من‬ ‫�ط‬ ‫أش�راط‬ ‫ويقول‪( :‬إِ َّن ِم ْن‬ ‫المس�جد‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األخيار ‪ ،‬وإن من أشراط الساعة أن ُت ْق َر َأ‬ ‫ُوض َع‬ ‫الساعة أن ت ُْر َف َع‬ ‫أش�راط‬ ‫األش�رار وت َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫((( شرح النووي على مسلم (‪. )159 :9‬‬

‫‪341‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ْثنَ�ا ُة عل�ى ُر ُؤ ِ‬ ‫ب من‬ ‫اس� ُتكْت َ‬ ‫المَل�أَ ال ُت َغ َّي ُر » ‪ .‬قيل ‪ :‬وما المثناة ؟ فقال ‪ « :‬ما ْ‬ ‫وس َ‬ ‫َ‬ ‫كتاب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله) ‪ .‬قيل ‪ :‬يا أبا عبد الرحمن ‪ ،‬وكيف بما جاء من حديث رس�ول الله‬ ‫غير‬ ‫‪ . m‬فقال ‪( :‬ما َأ َخ ْذتُموه عمن ت َْأمنُو َنه على ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالقرآن‬ ‫وعليكم‬ ‫نفسه ودينِه فا ْع ِق ُلو ُه ‪،‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬

‫ُج َز ْو َن ‪ ،‬وكفى به واعظ ًا لمن‬ ‫ف َت َع َّل ُم�و ُه و َع ِّل ُم�و ُه َأ ْبنَا َءك ُْم‪ ،‬فإِ َّنك ُْم عنه تُس�ألون ‪ ،‬وبه ت ْ‬ ‫كان َي ْع ِق ُل)‪.‬‬ ‫س�ألت رج ً‬ ‫ال من أهل‬ ‫وفي (ش�عب اإليمان) للبيهق�ي (‪ : )4981‬قال أبوعبيد ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫العل� ِم بالكت�ب األولى قد َعر َفها و َقر َأها َع ِن الم ْث ِ‬ ‫َ‬ ‫والرهبان من‬ ‫األحبار‬ ‫ناة فقال ‪ :‬إِ َّن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫بني إسرائيل بعدَ موسى وضعوا كتاب ًا فيما بينهم على ما َأ َرا ُدوا َب ْين َُه ْم ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫كتاب‬ ‫غير‬

‫ِ‬ ‫عز َّ‬ ‫وح َّر ُفوا فيه‬ ‫الم ْثنَاةَ‪ ،‬كأنَّهم يعني أن َُّه ْم َأ ْد َخ ُلوا فيه ما ُ‬ ‫الله َّ‬ ‫ش�اؤوا‪َ ،‬‬ ‫�م ْو ُه َ‬ ‫فس َّ‬ ‫وجل ‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫كتاب ِ‬ ‫ش�اؤوا على خالف ِ‬ ‫َ‬ ‫عرفت‬ ‫أبوعبي�د ‪ :‬فبهذا‬ ‫تب�ارك وتعالى ‪.‬اهـ‪ .‬قال‬ ‫الله‬ ‫ُ‬ ‫م�ا ُ‬

‫عبد ِ‬ ‫حديث ِ‬ ‫ِ‬ ‫بن ٍ‬ ‫الله ِ‬ ‫ِ‬ ‫األخذ عن ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الكتاب لذلك المعنى ‪،‬‬ ‫أهل‬ ‫عمرو أنَّه إنما ك َِر َه‬ ‫تأويل‬ ‫ِ‬ ‫اليرموك فأظنُّه َ‬ ‫وقد َ‬ ‫وقعت يو َم‬ ‫ُب‬ ‫قال هذا لمعرفتِه بما فيها ‪ .‬اهـ(((‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫كان عندَ ُه ُكت ٌ‬ ‫((( وانظر (غريب الحديث) ألبي عبيد (ج ‪ / 4‬ص ‪. )282‬‬

‫والجدي�ر بالذكر أن في بعض المذاهب نصوص غالية ش�اذة تطعن في ترتيب كتاب الله‬

‫الذي يقرؤه المس�لمون اليوم‪ ،‬وأنه س�يحصل في آخر الزمان إعادة ترتيب ـ والعياذ بالله ـ‬

‫له�ذا المصحف ‪ ،‬وأن هذا س�يكون على يد غير الع�رب! ألن (المصحف الموجود) ليس‬

‫مرتب�ا عل�ى (مصحف) اإلمام عل�ي ؤ ‪ ،‬وجاء في بعضه�ا لفظة (المثان�ي) و(المثال)‬

‫و(المس�تأنف)‪ .‬وم�ن ذل�ك ‪ :‬كأن�ي بش�يعة عل�ي ف�ي أيديه�م (المثان�ي) يعلم�ون الناس‬ ‫(المستأنف) ‪ ،‬وفي رواية أخرى عنهم ‪ ( :‬كيف أنتم لو ضرب أصحاب القائم ( عليه السالم‬

‫) الفس�اطيط في مسجد كوفان ‪ ،‬ثم يخرج إليهم (المثال المستأنف) أمر جديد على العرب‬ ‫ش�ديد ) ‪ .‬وفي رواية ‪( :‬كأني بالعجم فس�اطيطهم في مس�جد الكوفة يعلمون الناس القرآن‬

‫كم�ا أن�زل ‪ ،‬فقل�ت‪ :‬يا أمير المؤمني�ن أو ليس هو كما أن�زل ؟ فقال‪ :‬ال ‪ ،‬محي منه س�بعون‬ ‫من قريش بأس�مائهم وأس�ماء آبائهم ‪ ،‬وما ترك أبو لهب إال إزراء على رس�ول الله ‪ m‬ألنه‬

‫‪342‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال�دور اليهودي ف�ي العال ِم ف�ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزائغة‬ ‫لعقائ�ده‬ ‫فرضه‬ ‫خطورة‬ ‫يش�ير إل�ى‬ ‫وهذا‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫التوراة الذي اختل ُقوه وو َضعوه من ِ‬ ‫ِ‬ ‫على اإلنس�انية‪ُ ،‬‬ ‫عند‬ ‫تفس�ير‬ ‫سمى اليهو ُد‬ ‫ُ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫حيث ّ‬ ‫ِ‬ ‫وشرحه (جمارا) ‪ ،‬وهم ُي َقدِّ ُسونَها غاي َة‬ ‫وس َّموا َم ْتنَه (المشناة)‬ ‫َ‬ ‫أنفسهم (التلمود) ‪َ ،‬‬ ‫التقديس‪ ،‬تقول (الموس�وعة الميس�رة في األديان والمذاهب والملل المعاصرة)‪:‬‬

‫الحاخام�ات ‪ ،‬حتى َج َم َعها الحاخا ُم يوضاس‬ ‫روايات ش�فوي ٌة تناقلها‬ ‫التلمو ُد‪ :‬هو‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫سنة ‪150‬م في كتاب أسما ُه (المشناة) ‪ ،‬أي‪ :‬الشريعة المكررة لها في توراة موسى‬

‫كاإليضاح والتفس�ير‪ ،‬وقد أتم الراباي يهوذا س�نة ‪216‬م تدوين زيادات وروايات‬ ‫ش�فوية‪ .‬وق�د تم ش�رح هذه المش�ناة ف�ي كتاب س�مي (جم�ارا)‪ ،‬ومن (المش�نا)‬

‫و(الجم�ارا) يتكون التلمود‪ ،‬ويحتل التلمود عند اليهود منزلة مهمة جدًّ ا تزيد على‬ ‫منزلة التوراة (((‪.‬‬

‫�م َي ( بالفرقان الح�ق ) َو َّز َع ْت ُه جماع ٌة‬ ‫وق�د َب َل َغنَ�ا ـ وت َ​َأ َّكدْ نا من ذلك ـ أن قرآن ًا ُس ِّ‬ ‫لكتاب ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بعض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫عبارات وجم ً‬ ‫عز‬ ‫ال مخالف ًة‬ ‫يحمل‬ ‫العرب وهو‬ ‫بالد‬ ‫مجهول� ٌة في‬ ‫الله َّ‬

‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫مضي‬ ‫التضارب مع‬ ‫واضحة ُيقصدُ بها إِيجا ُد‬ ‫بطريقة وضع ّي ٍة‬ ‫وج�ل وت ََّم ْت صياغتُه‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حق‬ ‫أي‬ ‫الحائ�رة‪ ،‬فيأتي زم ٌن ال يدري‬ ‫األجيال‬ ‫الزم�ن بين‬ ‫المصحفين على ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫القارئ ُّ‬ ‫القرآن لشكِّهم ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فيه‪.‬‬ ‫الناس‬ ‫فيترك ُ‬

‫عمه)‪.‬‬

‫((( «الموسوعة الميسرة» ص‪. 59‬‬

‫‪343‬‬


‫ِ‬ ‫عرض عام ٌّ لِبقيَّةِ العَ‬ ‫الصرغى‬ ‫ٌ‬ ‫لامات ُّ‬

‫هاب الصالِحين‬ ‫ • َذ ُ‬ ‫ِ‬ ‫األسافل‬ ‫ارتفاع‬ ‫ •‬ ‫ُ‬

‫ • ُظهور الرويبِ ِ‬ ‫ضة‬ ‫ُ ُّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ •التِماس ِ‬ ‫األصاغ ِر‬ ‫العل ِم ِعندَ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ • ُ‬ ‫المؤم ِن‬ ‫صدق رؤيا‬ ‫ِ‬ ‫الك ِ‬ ‫ •كثر ُة ِ‬ ‫تابة وانتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫النشر »‬ ‫الصحافة و ُدور‬ ‫شارها «‬ ‫السن َِن‬ ‫ •‬ ‫ُ‬ ‫التهاو ُن بِ ُّ‬

‫فاخ ِ‬ ‫ •انتِ ُ‬ ‫األه َّل ِة‬ ‫ِ‬ ‫ •كثر ُة ِ‬ ‫الكذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫اإلعالمية‬ ‫الوسائل‬ ‫عبر‬ ‫ب و ُبلو ُغه‬ ‫اآلفاق َ‬ ‫ •ارتِفاع األُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس‬ ‫لفة ِم َن‬ ‫ُ‬

‫جليسه‬ ‫الرج ُل‬ ‫ •إذا لم يأ َم ْن ُ‬ ‫َ‬ ‫عر ِ‬ ‫ِ‬ ‫لم ِ‬ ‫فة‬ ‫ •التحي ُة ل َ‬ ‫ •انتِشار َش ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫ور‬ ‫هادة ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ •كثر ُة الن ِ‬ ‫ِّساء‬

‫ِ‬ ‫ظاهر ُة م ِ‬ ‫ • ِ‬ ‫الفجأة‬ ‫وت‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫والجفاء‬ ‫قوع التناك ُِر‬ ‫ • ُو ُ‬ ‫ِ‬ ‫وأنهارا‬ ‫روجا‬ ‫ • َعو َد ُة الجزيرة ُم ً‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫المطر ِ‬ ‫ِ‬ ‫النبات‬ ‫وق َّل ُة‬ ‫ •كثر ُة‬ ‫ِ‬ ‫والجمادات‬ ‫السبا ِع‬ ‫ •كال ُم ِّ‬ ‫‪344‬‬


‫وت ِمن ِشدَّ ِة البِ ِ‬ ‫المؤم ِن لِلم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الء‬ ‫ •تمنِّي‬ ‫َ‬ ‫ •كثر ُة الرو ِم ِ‬ ‫وقتالِهم الم ِ‬ ‫سلمين ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حديث ‪َّ « :‬‬ ‫ُ‬ ‫الساعة أن‬ ‫أشراط‬ ‫إن ِمن‬ ‫المساج ِد ‪ ،‬وفيه‬ ‫اإلمامة في‬ ‫ •التدا ُف ُع على‬ ‫المسج ِد ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫يتدا َف َع ُ‬ ‫يج َ‬ ‫أهل‬ ‫دون إما ًما ُيص ِّلي بهم »)‪.(1‬‬

‫ • ُغرب ُة اإلسال ِم ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫هاب ُ‬ ‫الناس ‪.‬‬ ‫الخشو ِع ِم َن‬ ‫ • َذ ُ‬

‫ِ‬ ‫ •كثر ُة الذين ال ِ‬ ‫نكرا ‪.‬‬ ‫يعرفون معرو ًفا وال ُينكرون ُم ً‬ ‫والخ ِ‬ ‫وقل ُة ال ُف ِ‬ ‫طباء ِ‬ ‫ •كثر ُة ال ُق َّر ِاء ُ‬ ‫قهاء ‪.‬‬ ‫ •تع ُّلم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدين ‪.‬‬ ‫العل ِم لِ َغ ِير‬ ‫ُ‬ ‫ ‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫•ال ُقضا ُة الخون ُة وال ُفقها ُء َّ‬ ‫الكذابون (الك َ​َذب ُة) وال ُق َّرا ُء الفسق ُة ‪.‬‬ ‫نار ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫هور ِ‬ ‫جاز‬ ‫• ُظ ُ‬ ‫المرأة لِلرج ِل في الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّجارة‬ ‫• ُمشارك ُة‬ ‫ُ‬ ‫•استِبدال التال ُع ِن بالسال ِم ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫جال بِالن ِ‬ ‫والنساء بِالر ِ‬ ‫ •تش ُّب ُه الر ِ‬ ‫جال ‪.‬‬ ‫ِّساء‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫غيان الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ • ُط ُ‬ ‫الشباب ‪.‬‬ ‫سق‬ ‫ِّساء وفِ ُ‬ ‫ •التغاير على ِ‬ ‫الغ ِ‬ ‫لمان ‪.‬‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ِ‬ ‫المساج ِد وتعلي ُة المنابِ ِر ‪.‬‬ ‫ •زخرف ُة‬

‫ • َذهاب ِ‬ ‫ماء ال ُف ِ‬ ‫رات و ُظ ِ‬ ‫هور ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذهب ‪.‬‬ ‫كنز‬ ‫ُ‬ ‫((( مسند أحمد (‪ ،)27898‬قلت‪ :‬وقد حصل مثل هذا في بعض بالد اليمن ـ إبان فترة الحكم‬

‫الشيوعي ـ حيث انعدم في بعض القرى من يؤم الناس للصلوات وكذلك لصالة الجنازة ‪.‬‬ ‫وصدق رسول الله ‪. m‬‬

‫‪345‬‬


‫ •كثر ُة ُّ‬ ‫الش ِح‬

‫ •ظهور الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العاريات‬ ‫الكاسيات‬ ‫ِّساء‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمس�انيد ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫وغيرها ِمن ُكت ِ‬ ‫الخاص ِة‬ ‫األحاديث‬ ‫عش�رات‬ ‫الحديث‬ ‫ُب‬ ‫�نن‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫وفي ُّ‬ ‫ِ‬ ‫المجال لِ ِ‬ ‫بِ‬ ‫ُ‬ ‫ذكرها ‪.‬‬ ‫العالمات األُخرى التي لم يت َِّس ُع‬

‫‪346‬‬


‫التسلسل الزمني الشرعي ِ‬ ‫ِ‬ ‫العلامات‬ ‫الجام ُع ل ِ َسي ِر‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫والأمارات إلى قِيا ِم الساعةِ‬ ‫ِ‬ ‫ •المرحل ُة الن ِ‬ ‫َّبو َّي ُة ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫هور الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ •ب ِ‬ ‫شارات ال ُكت ِ‬ ‫السماوية لِ ُ‬ ‫الخاتمة ‪.‬‬ ‫سالة‬ ‫ُب‬ ‫ُ‬ ‫ألم ِم بِ ُظ ِ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫العالمات ‪.‬‬ ‫برز فيه ِم َن‬ ‫ •ميال ُده ‪ m‬وما َ‬ ‫اآليات البي ِ‬ ‫ِ‬ ‫نات ‪.‬‬ ‫ •نشأتُه ‪ m‬وما راف َقها ِم َن‬ ‫ِّ‬ ‫ •بعثتُه ‪. m‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫•وفاتُه ‪. m‬‬ ‫الراش ِ‬ ‫الفة ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫•مرحل ُة ِ‬ ‫دة ثالثون عا ًما ‪.‬‬ ‫األموية – العب ِ‬ ‫ِ‬ ‫•مرحل ُة الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫العضوض (‬ ‫لك‬ ‫اسية)((( ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫•مرحل ُة الدو ِ‬ ‫يالت‪ ..‬التداعي ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫•مرحل ُة ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المهابة ‪.‬‬ ‫ونزع‬ ‫والوهن‬ ‫ثاء‬ ‫ُ‬

‫•مرحل ُة االستِتبا ِع ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هتار ‪.‬‬ ‫ثمار – االست ُ‬ ‫عمار – االست ُ‬ ‫•االست ُ‬ ‫• ِ‬ ‫العلماني ُة – العلمن ُة – ال َعولم ُة ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫هاية ِ‬ ‫�عوب » ِم�ن نِ ِ‬ ‫•مرحل� ُة االس�تِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫نفار « يقظ� ُة ُّ‬ ‫أواس�ط‬ ‫الرابعة إلى‬ ‫تن�ة‬ ‫الش‬

‫المرحلة الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيانية ‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ •مرحل ُة االستِ ِ‬ ‫قرار « المهد َّي ُة » ‪.‬‬

‫((( وتنقس�م المرحلة بعمومها إلى أقس�ام كما ج�اء الحديث ‪« :‬بدأ هذا األمر بِنُب ٍ‬ ‫حم ٍة ُث َّم‬ ‫ُ ُ َّ‬ ‫ور َ‬ ‫�وة َ‬ ‫خال َف ٍة ور ٍ‬ ‫وج ِبر َّي ًة» ‪ .‬اهـ ص‪ 364‬اإلشاعة ‪.‬‬ ‫حمة ‪ ،‬ثم ُملك ًا َعضوض ًا ‪ ،‬ثم ُعت ُّو ًا َ‬ ‫َ َ‬

‫‪347‬‬


‫ •مرحل ُة الدَّ َّج ِ‬ ‫ال « الدَّ َّجالي ُة » ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ •مرحل ُة عيس�ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّهائي�ة َبي َن ُّ‬ ‫األديان‬ ‫ووحدة‬ ‫�عوب ‪،‬‬ ‫الش‬ ‫مري�م « المرحل ُة الن‬ ‫بن‬ ‫َ‬ ‫تحت ه ِ‬ ‫يمنة اإلسال ِم » « المرحل ُة العيسوي ُة » ‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ •مرحل ُة االجتِ ِ‬ ‫االنهيار » « اليأجوجي ُة » ‪.‬‬ ‫ياح « بد ُء‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ •مرحل ُة ِّ‬ ‫وعبادة األصنا ِم « الالديان ُة » ‪.‬‬ ‫رك‬

‫بول الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اليأس من َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّوبة » « الداب ُة ‪ ،‬الدُ ُ‬ ‫خان‪،‬‬ ‫والعالمات « مرحل ُة‬ ‫اآليات‬ ‫ •تتا ُب ُع‬ ‫الشمس ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫لوع‬ ‫مغربِها »((( ‪.‬‬ ‫الريح القابِض ُة ‪ُ ،‬ط ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الصور » ‪ .‬‬ ‫النفخ في‬ ‫اإلنساني «‬ ‫الكون‬ ‫ •نِهاي ُة‬ ‫ِّ‬

‫((( رواه الطبران�ي ف�ي األوس�ط عن أب�ي هريرة ؤ عن النبي ‪ m‬ق�ال « « خروج اآليات‬ ‫بعضها على أثر بعض ‪ ،‬يتابعن كما تتابع الخرز في النظام ‪ .‬وروى اإلمام أحمد عن عبد الله‬ ‫بن عمرو قال ‪ :‬قال رسول الله ‪ « m‬اآليات خرزات منظومات في سلك فان يقطع السلك‬ ‫يتبع بعضها البعض‪.‬‬

‫‪348‬‬


‫ما بع َد ِ‬ ‫الفتنةِ الرابِعةِ‪ ..‬رمحلةُ الاستِنفا ِر‬ ‫ِ‬ ‫تحدي�د الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫اختل َف ِ‬ ‫اإلش�ارات الن ِ‬ ‫الزمنية الت�ي تمتدُّ فِيه�ا مرحل ُة‬ ‫�دة‬ ‫َّبو َّي� ُة ف�ي‬ ‫�ت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫لأِ‬ ‫ِ‬ ‫أش�رنا س�ل ًفا بِع�د ِم انش�غالِنا بِ‬ ‫ِ‬ ‫وتحدي�ده ‪ ،‬وال‬ ‫الزم�ن‬ ‫الفتن� ُة الرابع� ُة ‪ ،‬و نَّن�ا ق�د ْ‬ ‫الل االس�تِ ِ‬ ‫كره�م ؛ فإنَّنا ن ِ‬ ‫�خوص ِ‬ ‫ِ‬ ‫المراحل ِمن ِخ ِ‬ ‫وذ ِ‬ ‫بِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫األفراد ُّ‬ ‫قراء العا ِّم‬ ‫ُالح ُق‬ ‫والش‬

‫ومن االس�تِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قراء العام في ِ‬ ‫ِ‬ ‫المرحلة اس�تِ ُ‬ ‫المس�ألة‬ ‫فحال‬ ‫طول هذه‬ ‫ع�ن‬ ‫التحوالت ‪َ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والموارد‪،‬‬ ‫مالت‬ ‫واضط�راب ال ُع‬ ‫األس�عار ‪،‬‬ ‫فاع‬ ‫ُ‬ ‫االقتصادي�ة ‪ ،‬وزياد ُة الغالء ‪ ،‬وارت ُ‬ ‫فشل االقتصاد‬ ‫ِ‬ ‫واتِّس�اع مب�دأِ « الفوض�ى الخلاَّ ِ‬ ‫إلعادة وامتداد سياسة‬ ‫الش�ر في العال� ِم‬ ‫تدف�ع بها ُقوى‬ ‫ق�ة » التي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫التجويع والتطبيع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّب ع َل ِيه ُد ُ‬ ‫خ�ول األُ َّم ِة إلى‬ ‫الس�يطرة السياس�ية واالقتصادية عل�ى العال ِم ‪ ،‬م َّم�ا يترت ُ‬

‫ِ‬ ‫نفار ‪ ،‬وهي المرحل ُة التي ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرحل�ة االس�تِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والدجاجلة‪،‬‬ ‫الدج�ل‬ ‫أوراق‬ ‫�ف فِيها‬ ‫تنكش ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�لمة ِ‬ ‫ِ‬ ‫المؤام�رات التي ت ُ‬ ‫ُحاك ِضدَّ ُّ‬ ‫اإلنس�انية‬ ‫الم‬ ‫الش‬ ‫ف حقيق� ُة‬ ‫ُع�ر ُ‬ ‫وضدَّ‬ ‫�عوب ُ‬ ‫وت َ‬ ‫�ر لِ ِ‬ ‫ُّهوض الم ِ‬ ‫دون ُق ِ‬ ‫بِع ِ‬ ‫التغيي�ر ِ‬ ‫باش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مومه�ا ‪ .‬ولك�ن َ‬ ‫درة ُّ‬ ‫ضعفها‬ ‫أو الن‬ ‫�عوب على‬ ‫الش‬ ‫ُ‬ ‫ِ ُ‬

‫وضعفه�ا االقتِص�ادي واختِالفِه�ا السياس�ي واالجتِماع�ي ‪ ،‬واختِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لاف‬ ‫الدين�ي‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�لمين المعن ِّيي�ن بِ‬ ‫ِ‬ ‫المذاه ِ‬ ‫واألحزاب‬ ‫والجماع�ات‬ ‫ب‬ ‫األم�ر فيم�ا َبينَهم عل�ى‬ ‫ُ‬ ‫الفشل والح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المؤدية إلى‬ ‫والرؤى‬ ‫يرة((( ‪.‬‬ ‫َ‬

‫((( ويليق بنا هنا ونحن نقرر هذه المرحلة استنادا على ما فهم من استقراء األحاديث فإننا نشير‬ ‫إلى ضرورة المراجعة الملحة في داخل الخيمة اإلسلامية ‪ ،‬وخصوصا بين عناصر الديانة‬ ‫المتخذة صفة الصراع والتحريش حول المعتقدات والعادات وبعض وس�ائل العبادات أو‬

‫التحريش السياس�ي بين األنظمة واألحزاب المختلفة أن تعي األمر وتنظر للمس�ألة بحسن‬

‫تبصر وتؤدة وخصوصا أن الفشل المشترك قد صار مظهر الجميع ‪.‬‬

‫فالجمي�ع ـ بش�هادة م�ن ال ينطق عن الهوى ـ غث�اء في غثاء ‪ ،‬وال يخرج م�ن هذا المعنى‬

‫إال العب�اد الزه�اد المنقطعون لله بعيدا عن طرف�ي اإلفراط والتفريط المحت�دم ‪ ،‬وأما ركام‬

‫‪349‬‬

‫والتشريك‬ ‫والتبديع‬


‫�عوب وبين الم ِ‬ ‫وفِيها يبد ُأ نوع ِمن االصطدا ِم الم ِ‬ ‫باش ِ‬ ‫�ر َبي َن ُّ‬ ‫ستثم ِر الكافِ ِر على‬ ‫الش‬ ‫ٌ َ‬ ‫ِ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫االصطدام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المباشر َب َ‬ ‫مكاس�ب الحياة ومواردها وثرواتها ‪،‬‬ ‫الصرا ِع على قضاياها المصيرية وعلى‬ ‫ين صفة ِّ‬ ‫الشعوب ورواد‬ ‫ذهب يقتتِ ُل ع َل ِيه ِمن ك ُِّل ٍ‬ ‫جبل ِمن ٍ‬ ‫رات عن ٍ‬ ‫فئة تس�ع ٌة وتس�عون ‪...‬‬ ‫وفِيها ُي‬ ‫حس�ر ال ُف ُ‬ ‫ُ‬

‫الفوضى الخالقة‬

‫رات عن ٍ‬ ‫َ‬ ‫كنز فإن أدركتَه فال ُ‬ ‫تأخ ْذ منه َشي ًئا » ((( ‪.‬‬ ‫حسر ال ُف ُ‬ ‫قال ‪ُ « : m‬ي ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض‬ ‫السفياني ُة األولى ُث َّم الثاني ُة ‪ ،‬وفي‬ ‫وفي ُأخريات هذه المرحلة تبد ُأ المرحل ُة ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أعلم ‪.‬‬ ‫الروايات مرحل ٌة ثالث ٌة ‪ .‬وال َّل ُه ُ‬ ‫ِّ‬

‫المرحلة السفيانية‬ ‫حروب وفتن‬ ‫ودماء‬

‫السفيانيةُ‬ ‫المرحلةُ ُّ‬

‫روب ِ‬ ‫ِ‬ ‫التعريف به�ا أنَّها مرحل ٌة ُم ِ‬ ‫والف ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫ُ‬ ‫العربي‬ ‫تن ف�ي العال ِم‬ ‫جم�ل‬ ‫ُم‬ ‫ضطرب� ٌة بِ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تاريخه عن أبي ُه َرير َة ؤ ‪:‬‬ ‫عساك َر في‬ ‫أخرجه اب ُن‬ ‫شير إ َليها ما‬ ‫َ‬ ‫واإلسالمي ‪ ،‬و ُي ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫باب ِ‬ ‫ِ‬ ‫تزال طائف ٌة ِمن ُأ َّمتي ُيقاتِلون على ِ‬ ‫المقد ِ‬ ‫« ال ُ‬ ‫أبواب‬ ‫س وما حو َلها ‪ ،‬وعلى‬ ‫بيت‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أبواب الطالقان وما‬ ‫مش�ق وما حو َله�ا ‪ ،‬وعلى‬ ‫إنطاكي� َة وما حو َلها ‪ ،‬وعلى‬ ‫أبواب ِد َ‬ ‫حو َله�ا ‪ِ ،‬‬ ‫نصرهم ؛ حتَّى ُي ِ‬ ‫خر َج‬ ‫ظاهري َن على ِّ‬ ‫الحق ال يس�ألون َمن خذ َله�م وال من َ‬ ‫كنزه ِم َن الطالقان ف ُيحيي بهم دينَه كما أميت ِمن ِ‬ ‫قبل (((‪.‬‬ ‫ال َّل ُه َ‬

‫ِ‬ ‫والس�فياني ِ‬ ‫صراح ِ‬ ‫ب�ن أرطأ َة َ‬ ‫حاك ٌم ب ‍ط ٌ‬ ‫ِ‬ ‫قال ‪ :‬يقت ُ​ُل‬ ‫الحديث عن‬ ‫ّ�اش كما ور َد في‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫األنظمة والمؤسسات واألكاديميات فلست أفشي سرا إذا قلت‪ :‬إن الجميع يسيرون ضمن‬

‫االتجاه اإلجباري على طريق الضب على غير ضابط شرعي وال رادع طبعي ‪.‬‬

‫وألننا جميعا أمام مرحلة االستنفار فال بد لنا من فهم «المعنى والمقصد» ؛ لتجتمع قلوبنا‬

‫وعقولنا على كلمة سواء ـ ولو من بعض الوجوه على القواسم المشتركة ـ ونرص صفوفنا‬

‫أمام العدو المشترك ‪ ...‬فلعل وعسى ‪.‬‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪.)1351‬‬

‫((( تاريخ دمشق (‪.)257 :1‬‬

‫‪350‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المناشير ‪ ،‬ويط ُب ُخهم بِ‬ ‫وينش ُرهم بِ‬ ‫أشه ٍر ‪َ .‬‬ ‫فياني ك َُّل َمن عصاه ‪ُ ،‬‬ ‫وقال‬ ‫القدور ست َة ُ‬ ‫الس ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫يلتقي بِالمش�رقين والمغربين((( ‪ ،‬وفي ِر ٍ‬ ‫واية ‪ « :‬الس�فياني ش�ر ِ‬ ‫مل ٍك ‪ ،‬يقت ُ​ُل ال ُعلماء‬ ‫ُّ ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ السفياني يقتل‬ ‫العلماء أو يستفيد‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وأهل‬ ‫الفضل ‪ ،‬و ُيفنيهم ويستعي ُن بهم فمن أبى ع َل ِيه قت َله »((( ‪.‬‬ ‫ِمنهم في تنفيذ‬ ‫سياسته‬

‫ٍ‬ ‫حدي�ث خالِ ِد ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بن‬ ‫ش�ير‬ ‫صف�ر ‪،‬‬ ‫تك�ون عالم� ٌة في‬ ‫ُ‬ ‫َجم ل�ه ٌ‬ ‫ذناب ‪ ،‬وإ َليه ُي ُ‬ ‫ويبتدئ ن ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫مكان ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نار يط ُل ُع ِمن ِق ِ‬ ‫المش�ر ِق ‪ ،‬يراه ُ‬ ‫َ‬ ‫األرض‬ ‫أهل‬ ‫بل‬ ‫عمود‬ ‫معدان‪ « :‬إنَّه س�تبدو آي ُة‬ ‫هله طعام ٍ‬ ‫أدرك ذلِ َك فلي ِعدَّ لأِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُك ُّلهم ‪ ،‬فمن‬ ‫أيضا ‪ « :‬إذا رأيتُم عمو ًدا‬ ‫سنة »((( ‪ .‬وعنه ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫عالمات كونية‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِمن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ش�هر‬ ‫المش�ر ِق في‬ ‫نار ِق َبل‬ ‫رمضان في الس�ماء فأعدُّ وا م َ‬ ‫ن الطعا ِم ما اس�تطعتُم وظواهر مناخية‬

‫فإنها سن ُة جو ٍع ‪. ((( » ...‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جار في ك ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َوكب‬ ‫عمود الن َِّار » في‬ ‫يكون المقصو ُد ِمن «‬ ‫ور َّبما‬ ‫بعض المعاني أنَّه انف ٌ‬ ‫ُ‬ ‫لك الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫أو نَج ٍم ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫نارا ُمدَّ ًة طويل ًة فيراه ُ‬ ‫فة ‪ ،‬وهي بِال َّ‬ ‫شك‬ ‫أهل‬ ‫األرض على ت َ ِّ‬ ‫يظل ُمش ًّعا ً‬ ‫ف بِ ٍ‬ ‫صاحب‬ ‫ذكر ذلِ َك‬ ‫قرية في الشا ِم ِمن ُقرى ِد َ‬ ‫خس ُ‬ ‫ُ‬ ‫مشق ‪ ،‬ولع َّلها ـ كما َ‬ ‫عالم ٌة كوني ٌة ‪ .‬و ُي َ‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪ ، )219‬اختلف العلماء في مس�مى الس�فياني ‪ :‬هل هو فرد من أس�رة‬ ‫بني أمية ؟ أم ما قيل من أنه س�فياني السياس�ة ؟ أي ‪ :‬يتبع سياس�ة الملك العضوض ‪ ،‬أم غير‬ ‫ذلك ‪ .‬وقد رد بعضهم أحاديث السفياني ‪ ،‬وأنه لم يصح في خبره شيء ‪ ،‬ومن ذلك ما ذكره‬

‫مؤلف «فقه أش�راط الس�اعة» نقال عن العالمة ابن قدامة رحمه الله قال ‪ :‬اعلم رحمك الله‬ ‫تعالى أنه لم يصح ش�يء في أحاديث الس�فياني ‪ ،‬س�واء منها ما كان مرفوعا أو موقوفا ‪ .‬قال‬ ‫ابن قدامة رحمه الله تحت عنوان « السفياني والمهدي » ‪ :‬قال محمد بن جعفر ‪ :‬وهي هذه‬ ‫األحاديث التي نهى أحمد بن إسحاق بن داود عن التحديث بها ‪ ...‬وساق األحاديث ‪ .‬اهـ‬

‫ص‪ « 65-64‬فقه أشراط الساعة» ليوسف الوابل ‪.‬‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )790‬‬ ‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )633‬‬ ‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )649‬‬

‫‪351‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مسج ِدها ((( ‪.‬‬ ‫الغربي ِمن‬ ‫ب‬ ‫اإلشاعة ـ قري ُة « حرستا » ويس ُق ُط الجان ُ‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫و‬ ‫واألعرج » ‪ .‬وتقو ُم‬ ‫واألصه�ب ‪،‬‬ ‫األبقع ‪،‬‬ ‫�فياني ك ٌُّل ِم�ن ‪« :‬‬ ‫الس‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫يظه�ر في عهد ُّ‬ ‫ُ‬ ‫شخصيات قيادية‬ ‫الرايات الثالثِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫متنازعة‬ ‫�فياني على‬ ‫الس‬ ‫الس‬ ‫ُّ‬ ‫َهم المالح ُم القتالي ُة حتَّى ينتص َر ُّ‬ ‫�فياني و َبين ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َبي َن ُّ‬ ‫حديث أرطأ َة المروي في ِكتاب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬ ‫ِخ َ‬ ‫ُ‬ ‫الفت َِن لنُ َعي ِم بن‬ ‫شير‬ ‫ُّ‬ ‫الل سنة كاملة ‪ ،‬وإلى ذل َك ُي ُ‬

‫اد ِمن قولِه ‪ « :‬الس�فياني الذي يموت ‪ ،‬الذي يقاتِ ُل أو َل َش ٍ‬ ‫الرايات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫حم ٍ‬ ‫�ود‬ ‫�يء‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫جمل‬ ‫بيسان على‬ ‫شرقي‬ ‫مخرجه ِم َن « المنذروز »‬ ‫صرة الشا ِم‬ ‫فر في‬ ‫ُ‬ ‫الرايات السود والرايات ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫يقبل ِ‬ ‫تاج ِ‬ ‫مرت ِ‬ ‫والصفر رموز‬ ‫يهلك ‪ُ ،‬‬ ‫الجزي َة ‪ ،‬ويس�بي ُّ‬ ‫َي�ن ‪ُ ،‬ث َّم ُ‬ ‫الذري َة ‪،‬‬ ‫أحم�ر ع َلي�ه ٌ‬ ‫يهز ُم الجماع َة َّ‬ ‫َ‬ ‫لقوى محلية‬ ‫واعدة‬

‫ويبقر ُب َ‬ ‫طون الحبالى ‪.((( » ...‬‬ ‫ُ‬

‫المرحلة لبني ِ‬ ‫ِ‬ ‫هاش� ٍم لِما ُيرى ِمن تع ُّل ِ‬ ‫الناس بِ‬ ‫ِ‬ ‫المهدي‬ ‫�ق‬ ‫وي�زدا ُد األذى ف�ي هذه‬ ‫ِّ‬ ‫ازدياد األذى آلل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شردون في أنحاء‬ ‫األرض ‪ .‬وفي اإلشاعة تحديدٌ‬ ‫البيت بعمومهم وأحفاده ُق َب َيل ُظهوره ‪ ،‬و ُيقتَّلون و ُي َّ‬ ‫ِ‬ ‫الهالك لِبني ِ‬ ‫ألسماء البِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫حسب االنتماء ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫هاش ٍم ‪.‬‬ ‫يكون فِيها‬ ‫الد التي‬ ‫كر‬ ‫لألعداد م َن القتلى وذ ٌ‬ ‫لبني هاشم‬

‫ِ‬ ‫والمدين�ة ‪ ،‬وال ِ‬ ‫�ف بِ‬ ‫ِ‬ ‫يفل ُت ِمنه�م أحدٌ إلاَّ‬ ‫�فياني فيما َبي� َن م َّك َة‬ ‫الس‬ ‫خس ُ‬ ‫ِّ‬ ‫جي�ش ُّ‬ ‫و ُي َ‬ ‫الجيش الذي‬ ‫المه�دي في مخبئه لِ ُيخبِ َرهم‬ ‫البش�ير فيأتي إلى اإلما ِم‬ ‫ونذير » ‪ ،‬أ َّما‬ ‫بش�ير‬ ‫رج َلي�ن «‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ين‬ ‫يخسف بِه َب َ‬ ‫لأِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ش�ير إلى‬ ‫الس‬ ‫مكَّة والمدينة بما حصل ‪،‬‬ ‫�فياني ل ُيخب َره ً‬ ‫أيضا بما حل صحابه ‪ ،‬و ُي ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ونذير يأتي إلى ُّ‬ ‫ٌ‬

‫ذلِ َك ما ورد في ِكتاب ِ‬ ‫ِ‬ ‫(الخامس ص‪ /229‬بِر ْق ِم ‪ « : )903‬ال ينجو أحدٌ إلاَّ‬ ‫الفت َِن‬ ‫َ‬ ‫واحدٌ يحو ُل ال َّله وجهه إلى قفاه ؛ فيمشي ِ‬ ‫رج ٌل ِ‬ ‫كمشيتِه َ‬ ‫كان مستو ًيا َبي َن يدَ يه » ((( ‪،‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ويؤيدُ هذا ما روتْه ِ‬ ‫عائش ُة ‪ « : b‬يغزو ٌ‬ ‫جيش الكعب َة ‪ ،‬حتَّى إذا كانوا بِ َبيدا َء ِم َن‬ ‫َ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ف بِأولِهم ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وآخ ِرهم‬ ‫وآخرهم » قا َلت ‪ :‬يا‬ ‫أولِهم‬ ‫خس ُ‬ ‫خس ُ َّ‬ ‫�ف بِ َّ‬ ‫رس�ول ال َّله ُي َ‬ ‫الطريق ُي َ‬

‫((( اإلشاعة ص‪.202‬‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )775‬‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )903‬‬

‫‪352‬‬


‫�ف بِأولِهم ِ‬ ‫يس ِمنهم ؟! َ‬ ‫وآخ ِرهم ‪ ،‬و ُيبعثون على‬ ‫خس ُ َّ‬ ‫وفيهم أس�وا ُقهم و َمن َل َ‬ ‫قال ُي َ‬ ‫ن َّياتِهم » ((( ‪.‬‬

‫تاب ِ‬ ‫ِ‬ ‫حديث « في ِ‬ ‫وفي ِك ِ‬ ‫ُ‬ ‫الخلق‬ ‫شوه‬ ‫الفت َِن لنعيم بن حماد‬ ‫الم َّ‬ ‫فياني الثاني ُ‬ ‫الس ِّ‬ ‫زمن ُّ‬

‫هد ٌة بِالشا ِم حتَّى ي ُظ َّن ك ُُّل َقو ٍم أنَّه‬ ‫خراب ما يليهم » (((‪.‬‬ ‫ُ‬

‫المهدي‪ ..‬وهل ي َ ْس ِب ُقهَا قِيام ِخلافة ٍ ِ‬ ‫راشدة ٍ ؟‬ ‫رمحلةُ ما قبل َ الإما ِم‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬

‫حد ِمن ع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يس�بق لأِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫عالمات‬ ‫الكتابة عن‬ ‫تاري�خ‬ ‫لماء اإلسلا ِم ـ المعروفين في‬ ‫لم‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫راش ٍ‬ ‫الفة ِ‬ ‫الساعة ـ أن ذكر ِقيام ِخ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫قبل ُظ ِ‬ ‫واإلسالمي َ‬ ‫هور اإلما ِم‬ ‫العربي‬ ‫دة في العال ِم‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫أن الم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض‬ ‫للنظ�ر تبنِّي‬ ‫لف َت‬ ‫ِّ‬ ‫الس�فيانية أو خال َله�ا ‪ ،‬إلاَّ َّ ُ‬ ‫المه�دي وبع�دَ المرحل�ة ُّ‬

‫مرحلة ما قبل‬ ‫اإلمام المهدي‬

‫الخ ِ‬ ‫النفي لِهذا ِمن ِ‬ ‫قبيل ُ‬ ‫الم ِّ‬ ‫رافة‬ ‫تأخري�ن هذه الفكر َة‬ ‫واإلصرار ع َليها ‪ ،‬بل واعتبروا َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وب ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يطان في ُق ُل ِ‬ ‫الش ُ‬ ‫والضاللة ‪ ،‬التي ألقاها َّ‬ ‫الصوفي ُة ِمنهم‪،‬‬ ‫خاصة ُّ‬ ‫كثير م َن العا َّمة وبِ َّ‬ ‫حسب قولِهم »((( ‪.‬‬ ‫َ‬

‫الخالف َة ِ‬ ‫ولأِ َّن ِ‬ ‫الراش�د َة على ِ‬ ‫يس�ت‬ ‫إسلامي‬ ‫مطلب‬ ‫الش�رعي‬ ‫وجهها‬ ‫ٌ‬ ‫عظيم ‪ ،‬و َل َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وأراجي�ف ؛ فالجز ُم بها َ‬ ‫المهدي‬ ‫مرحلة اإلم�ا ِم‬ ‫قب�ل‬ ‫وتمني�ات‬ ‫ص�ات‬ ‫تخر‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ج�ر َد ُّ‬ ‫ُم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وح ِ‬ ‫وخاص ًة َّ‬ ‫الم ِ‬ ‫أن‬ ‫حتج به�ا ‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫تحت�اج إل�ى تأكُّد ُ‬ ‫ُ‬ ‫س�ن بحث في معان�ي األحادي�ث ُ‬ ‫تحقي َقه�ا ـ أي‪ِ :‬‬ ‫الخالف� َة ـ ف�ي العال� ِم س�ي ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يكون‬ ‫ش�أن الجمي� ِع ‪ ،‬ولن‬ ‫صل ُح ال َّل ُه بِه‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِ ِ‬ ‫يس الص�را ِع بين الم ِ‬ ‫س�لمين ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫«تس�ي ِ‬ ‫العقدي‬ ‫التحريش‬ ‫أو‬ ‫يدور ِمن‬ ‫ِّ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫الفض�ل فيها لما ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ش�تركة»‬ ‫الم‬ ‫المص ِّلين» وإنَّما‬ ‫والف‬ ‫ِّ‬ ‫س�يكون حقيق ًة على «قواس� ِم الديانة ُ‬ ‫ك�ري َبي� َن ُ‬ ‫((( صحيح البخاري (‪. )2118‬‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪.)626‬‬

‫((( راجع كتاب « فقه أشراط الساعة » د ‪ .‬محمد أحمد إسماعيل المقدم ص (‪. )232-225‬‬

‫‪353‬‬

‫ِ‬ ‫الخالفة الراشدة‬ ‫بشروطها ال تكون‬ ‫إلاَّ بالمهدي‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِ‬ ‫الم ِ‬ ‫األحاديث ‪ ،‬والمعنى‬ ‫ش�ار إ َليه في‬ ‫لطائفة‬ ‫ُ‬ ‫المنصورة عندَ ُوجودها على المعنى ُ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ٌ‬ ‫األحاديث َّ‬ ‫مكان ُمع َّي ٌن ‪ ،‬وال‬ ‫يحدُّ ها‬ ‫ش�ار إ َليه في‬ ‫أن الطائف َة المنصور َة ـ التي ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مذه�ب بِعينِ�ه ‪ ،‬وال تنط�وي َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أرض ال َّل ِه‬ ‫تعم ُل ف�ي‬ ‫ٌ َ‬ ‫تحت ظ ِّل َدولة وال سياس�ة ـ فئ ٌة َ‬

‫سبيل ال َّل ِه ‪ِ ،‬‬ ‫الج ِ‬ ‫تهيئة ُظ ِ‬ ‫على ِ‬ ‫روف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولكن َ‬ ‫ُقيم هذه الطائف َة شكلاً ِمن‬ ‫هاد في‬ ‫دون أن ت َ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫تحت مسمى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفة‬ ‫السياسية لِإلسال ِم((( ‪.‬‬ ‫أشكال اإلدارة السياسية العا َّمة َ ُ َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تاب فِ ِ‬ ‫والخالف ُة لن تس� ُق َط على الم ِ‬ ‫ف ِك ِ‬ ‫َ‬ ‫س�لمين‬ ‫الس�اعة ‪« :‬‬ ‫عالمات‬ ‫قه‬ ‫قال ُمؤ ِّل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الس�ماء ‪ِ ،‬‬ ‫ولك ْن لِلن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫المتعدِّ د ُة ‪ ،‬وقد َّ‬ ‫النبي ‪ m‬بِ ِ‬ ‫فتح‬ ‫رطاس ِم َن‬ ‫في ِق‬ ‫بش َر ُّ‬ ‫َّصر أس�با ُبه ُ‬ ‫بالج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفتح لن يتِ َّم إلاَّ‬ ‫عز َّ‬ ‫وبذل‬ ‫والصبر ع َل ِيه‬ ‫وجل ‪،‬‬ ‫هاد في‬ ‫سبيل ال َّل ِه َّ‬ ‫ُرومي َة ‪ ،‬وهذا ُ‬ ‫الجهاد ِخالف ٌة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األم�وال واألن ُف ِ‬ ‫راش�د ٌة على ِم ِ‬ ‫نهاج‬ ‫يقيمها هذا ِ ُ‬ ‫�س ‪ .‬والخالف ُة الت�ي ُ‬ ‫ِ‬ ‫النبي (((‪ . m‬اهـ ‪.‬‬ ‫أخبر ُّ‬ ‫الن َُّّبوة كما َ‬

‫راش ٍ‬ ‫الفة ِ‬ ‫أحادي�ث يفهم ِمنه�ا قيام ِخ ٍ‬ ‫�دة َ‬ ‫َ‬ ‫قب�ل ُخ ِ‬ ‫روج‬ ‫أيض�ا ‪ :‬وق�د ور َدت‬ ‫وق�ال ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ َ ُ‬ ‫بعض التحريف‬ ‫ِ‬ ‫في معاني‬ ‫المهدي ‪ ،‬منها ‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫األحاديث سببه‬

‫ُ‬ ‫األزدي ؤ َ‬ ‫عدم دراسة فقه‬ ‫وضع‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫ما رواه اب ُن حوال َة‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ m‬يدَ ه على رأس�ي‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫التحوالت‬ ‫الخالف َة قد نز َل ِ‬ ‫يت ِ‬ ‫إلى هامتي ‪ُ ،‬ث َّم َ‬ ‫المقدَّ س َة‬ ‫ت‬ ‫قال ‪ « :‬يا اب َن حوال َة ‪ ،‬إذا ر َأ َ‬ ‫َ‬ ‫األرض ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ال�زالز ُل والبالبِ ُل واألُمور ِ‬ ‫فق�د دن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس ِمن‬ ‫أق�رب ِم َن‬ ‫يومئذ‬ ‫العظا ُم والس�اع ُة‬ ‫َت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫((( ألن الخالف�ة نظ�ام يوح�د األقاليم ‪ ،‬ويوح�د قرار الس�لم والحرب فيها عموم�ا ‪ ،‬بعيدا عن‬ ‫المناطقي�ة واإلقليمي�ة والح�دود الذاتي�ة ‪ ،‬وه�ذا غير ممكن ف�ي ظل ما وصفت�ه النصوص‬ ‫النبوية من الهرج والمرج والجور واالقتتال ؛ ولكن المتابعة والمالحظة لما يقال مكس�ب‬

‫معرفي‪.‬‬

‫((( فقه أشراط الساعة (ص‪. )229/‬‬

‫‪354‬‬


‫يدي هذه ِمن ِ‬ ‫رأس َك » (((‪.‬‬

‫م�ران ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫جب�ل ؤ َ‬ ‫يت‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ُ « m‬ع‬ ‫قال‬ ‫ومنه�ا م�ا رواه ُمع�ا ُذ ب ُن‬ ‫ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المق�د ِ‬ ‫الملحم�ة ‪ُ ،‬‬ ‫فتح‬ ‫روج‬ ‫يثرب ‪،‬‬ ‫س‬ ‫روج الملحمة ُ‬ ‫وخ ُ‬ ‫يثرب ُخ ُ‬ ‫وخراب َ‬ ‫ُ‬ ‫خ�راب َ‬ ‫ُ‬ ‫بيده على ِ‬ ‫ال » ُثم ضرب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫روج الدَّ َّج ِ‬ ‫سطنطينية ُخ ِ‬ ‫فخ ِذ الذي‬ ‫وفتح ال ُق‬ ‫َ‬ ‫ال ُقس�طنطينية ‪ُ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ح�دث أو منكبِ�ه ُث َّم َ‬ ‫قال ‪َّ « :‬‬ ‫َ‬ ‫وفتح‬ ‫إن هذا َّ‬ ‫الحق كما أن َ​َّك هنا أو كما أن َ​َّك قاعدٌ »((( ‪ُ .‬‬ ‫ِ‬ ‫المهدي ‪ ،‬الذي هو في ِ‬ ‫سطنطينية سيتِ ُّم في ِ‬ ‫زمن‬ ‫ال ُق‬ ‫زمن عيسى ع َل ِيه السال ُم(((‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫مران ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ (((‬ ‫الخالفة ِ‬ ‫ِ‬ ‫سيكون بِ‬ ‫ُ‬ ‫المقدس‬ ‫يت‬ ‫تحرير‬ ‫يستلز ُم‬ ‫الناز ِلة فيه وهذا‬ ‫قالوا ‪ :‬و ُع ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫سيستلزم قيام ِ‬ ‫ال ُق ِ‬ ‫اليهود ُه َ‬ ‫ناك ‪.‬‬ ‫الشرعي‬ ‫هاد‬ ‫وتحريرها‬ ‫دس ‪،‬‬ ‫اإلسالمي ِضدَّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪ِ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ومنها ما رواه ِ‬ ‫ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ُ m‬‬ ‫َ‬ ‫األس�ود ؤ َ‬ ‫يقول‬ ‫عت‬ ‫المقدا ُد ب ُن‬ ‫س�م ُ‬

‫يت ُم ٍ‬ ‫�در وال ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عز‬ ‫ظه�ر‬ ‫‪« :‬ال يبق�ى عل�ى‬ ‫األرض َب ُ‬ ‫وب�ر إلاَّ أدخ َله ال َّل ُه ُك َّله اإلسلا َم بِ ِّ‬ ‫أهلها ‪ ،‬أو ِ‬ ‫وجل فيجع ُلهم ِمن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عزيز أو ُذ ِّل ٍ‬ ‫عز َّ‬ ‫يذ ُّلهم فيدينون‬ ‫هم ال َّل ُه َّ‬ ‫ذليل ‪ ،‬إما ُي ُّ‬ ‫عز ُ‬ ‫الج ِ‬ ‫َلها»(((‪ ،‬قالوا ‪ :‬و َقو ُله ‪« m‬فيدينون َلها» فيه إش�ار ٌة إلى ِ‬ ‫زية وإش�ار ٌة ُأخرى إلى‬ ‫الجزي َة ِمن ٍ‬ ‫يقبل ِ‬ ‫قبل ن ِ‬ ‫المسيح ش لأِ نَّه ال ُ‬ ‫يكون َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫أحد ‪.‬‬ ‫ُزول‬ ‫أن هذا إنَّما‬ ‫((( مسند أحمد (‪.)23150‬‬

‫((( مسند أحمد (‪.)22774‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫((( وفي ِ‬ ‫كالمه ُ‬ ‫المهدي س�ابِق ٌة لعهد عيس�ى ع َليه السال ُم ‪ ،‬وليست كما‬ ‫غريب ؛ فمرحل ٌة‬ ‫تداخ ٌل‬ ‫ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫المهدي هو زم ُن عيس�ى ع َليه السلا ُم » وإنَّما يأتي عيس�ى ع َليه السلا ُم في‬ ‫ع َّب َر عنه « زم ُن‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫وصر اإلمام المهدي بِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المقد ِ‬ ‫س‪.‬‬ ‫يت‬ ‫ِّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُأخرياتها ‪ ،‬وقد ُح َ‬

‫((( عل�ى م�ا ذك�ره الناق�ل ‪ :‬عمران بيت المقدس س�يكون بالخالف�ة ‪ ،‬فماذا يعني م�ا يقابله من‬ ‫خ�راب يث�رب فالجهاد في بيت المقدس يقام بأهلها ‪ ،‬وم�ن ذا الذي يخرب يثرب ؛ ليكون‬ ‫بعدها خروج الملحمة ‪ .‬فقه أشراط الساعة ص‪.228‬‬

‫((( مسند أحمد (‪. )24543‬‬

‫‪355‬‬

‫استمرار الجهاد‬ ‫في سبيل الله في‬ ‫عصر المهدي‬


‫وقبل ن ِ‬ ‫لت ‪َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫المهدي‬ ‫المهدي ‪ ،‬و ُق َب َيل اإلما ِم‬ ‫هور اإلما ِم‬ ‫ُزول‬ ‫ُق ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫المسيح إنَّما هو ُظ ُ‬ ‫لخ ِ‬ ‫دون ِقيا ِم حك ٍم عام لِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يل الم ِ‬ ‫يكون تمهيدٌ لِ ُظ ِ‬ ‫هوره َ‬ ‫ُ‬ ‫الفة‬ ‫ظل ِم ‪ ،‬وفِيها‬ ‫ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫فتَ� ٌن كقط� ِع ال َّل ِ ُ‬ ‫يس َغ َير ذلِ َك ‪.‬‬ ‫و َل َ‬

‫األحاديث المس�تدَ ِّل بها َليس فِيها َش�يء يدُ ُّل على ِقي�ا ِم ِخ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الفة َ‬ ‫قبل‬ ‫ب�ل إِ َّن كا َّف� َة‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫اإلما ِم المهدي ‪ ،‬وال إشار ٌة ِ‬ ‫ظاهر ٌة أو خفي ٌة فيا ُس َ‬ ‫بحان ال َّل ِه ((( !‬ ‫ِّ‬ ‫أسباب ُخروج‬ ‫الدجال‬

‫ِ‬ ‫تال بين الم ِ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وانتصارهم‬ ‫واليهود‬ ‫س�لمين‬ ‫وأ َّم�ا‬ ‫األحاديث التي تدُ ُّل على ُحدوث ق َ َ ُ‬

‫((( كتب صاحب كتاب أشراط الساعة ص‪ « 258‬وعن جابر بن عبدالله ء قال سمعت‬ ‫رس�ول الله ‪ m‬يقول « ال تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة‬ ‫« ق�ال » فين�زل عيس�ى بن مريم ش ‪ ،‬فيقول أميرهم تعال ص�ل بنا ‪ ،‬فيقول ال إن بعضكم‬ ‫عل�ى بع�ض أمراء تكرمة الل�ه هذه األمة » رواه مس�لم كتاب اإليمان ‪ .‬ق�ال المؤلف‪ :‬فهذه‬ ‫األحادي�ث الت�ي وردت في الصحيحين تدل عل�ى أمرين أحدهما أنه عند نزول عيس�ى بن‬

‫مري�م ش من الس�ماء يك�ون المتولي ألمر المس�لمين رجال منه�م ‪ ،‬والثاني أن حضور‬ ‫أميره�م للصالة وصالته بالمس�لمين وطلبه من عيس�ى ش عند نزول�ه أن يتقدم ليصلي‬

‫به�م ي�دل على صالح ف�ي هذا األمير ‪ ،‬وه�ي وإن لم تكن فيها التصري�ح بلفظ المهدي إال‬

‫أنها تدل على صفات رجل صالح يؤم المس�لمين في ذلك الوقت ‪ ،‬وقد جاءت األحاديث‬ ‫في الس�نن والمس�انيد وغيرها مفس�رة له�ذه األحاديث التي في الصحيحي�ن ودالة على أن‬ ‫ذلك الرجل الصالح يس�مى محمد بن عبدالله ‪ ،‬ويقال له « المهدي » والس�نة تفسر بعضها‬

‫بعضا‪.‬‬

‫وقال وقد أورد الشيخ صديق حسن في كتابه « اإلذاعة » جملة كبيرة من أحاديث المهدي‬

‫جع�ل آخره�ا حديث جابر المذكور عند مس�لم ‪ ،‬ثم ق�ال عقبه « وليس في�ه ذكر المهدي ‪،‬‬ ‫ولك�ن ال محل له وألمثاله في األحاديث إال المه�دي المنتظر كما دلت على ذلك األخبار‬ ‫المتقدمة واآلثار الكثيرة ‪ .‬اهـ (ص‪ )59‬أشراط الساعة يوسف الوابل ‪.‬‬

‫قل�ت ‪ :‬وعل�ى هذا القول يبطل ق�ول من قال ‪ « :‬إن رفض الخالفة الراش�دة قبل المهدي‬

‫ه�ي م�ن قبيل الخرافة والضاللة التي ألقاها الش�يطان في قلوب كثير م�ن العامة ‪ ،‬وبخاصة‬

‫الصوفية منهم » ‪ .‬راجع (ص‪ )225‬فقه أشراط الساعة ‪.‬‬

‫‪356‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫زمن الدَّ َّج ِ‬ ‫قيمها ِ‬ ‫قبل ِ‬ ‫اليهود َ‬ ‫وأتباعه‬ ‫المهدي‬ ‫اإلما ُم‬ ‫على‬ ‫ُّ‬ ‫الح ُ‬ ‫ال فإنَّما هي ُ‬ ‫روب التي ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُنوزها إلى ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫و ُي َّتو ُجه�ا بعدَ ذلِ َك بِ ِ‬ ‫وأخ�ذ ك ِ‬ ‫المقد ِ‬ ‫ُ‬ ‫فيكون ذلِ َك ِمن‬ ‫س‪،‬‬ ‫يت‬ ‫غزو ُرومي َة‬ ‫َ‬ ‫روج الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫أسباب ُخ ِ‬ ‫ال وغضبِه ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫كثير ِمن الر ِ‬ ‫لت ‪ :‬ويبدو َّ‬ ‫واة ُ‬ ‫وش َّر ِ‬ ‫الحديث‪،‬‬ ‫اح‬ ‫ُق ُ‬ ‫التبس�ت على ٍ َ ُّ‬ ‫أن هذه المس�أل َة قد َ‬ ‫ن�اك مدينتين وليس�ت مدين ًة ِ‬ ‫أن ُه َ‬ ‫والمعت َق�دُ َّ‬ ‫واح�د ًة ‪ ،‬فمدين ٌة هي « ال ُقس�طنطيني ُة »‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫واي�ات ُأخرى ‪ ،‬فال ُقس�طنطيني ُة ُفتِحت على ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عهد‬ ‫و ُأخ�رى « ُرومي� ُة » كما ور َد في ِر‬ ‫َ‬

‫الفاتح ‪ ،‬والثاني ُة « رومي ُة » ستُفتَح في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزمان ‪ ،‬و ُيؤ ِّيدُ هذا المعنى ما في‬ ‫آخر‬ ‫حم ِد‬ ‫ُ‬ ‫ُم َّ‬ ‫م ِ‬ ‫َ‬ ‫وب حدَّ َثني أبو‬ ‫س�ند أحمدَ (‪ )6358‬حدَّ َثنا يحيى ب ُن‬ ‫إس�حاق َحدَّ ثنا يحيى ب ُن أ ُّي َ‬ ‫ُ‬ ‫ق�ال ‪ُ :‬كنَّا ِعندَ ِ‬ ‫بن ِ‬ ‫عمرو ِ‬ ‫عبد ال َّل ِه ِ‬ ‫ِ‬ ‫َقبِ ٍ‬ ‫أي المدينتَين تُفت َُح َّأولاً‬ ‫وس َ‬ ‫ي�ل َ‬ ‫بن‬ ‫�ئل ُّ‬ ‫العاص ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫بص ٍ‬ ‫فأخرج ِمن ُه كتا ًبا َ‬ ‫قال‬ ‫حلق ق�ال ‪:‬‬ ‫ندوق له ٌ‬ ‫َ‬ ‫ال ُقس�طنطيني ُة أو رومي� ُة فد َعا عبدُ ال َّله ُ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُب إذ ُس َ‬ ‫فقال عبدُ ال َّل ِه َبينَما نح ُن َ‬ ‫َ‬ ‫أي‬ ‫�ئل‬ ‫حول‬ ‫رس�ول ال َّله ‪ُّ m‬‬ ‫رس�ول ال َّله ‪ m‬نكت ُ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ m‬مدين ُة ِه َ‬ ‫ُ‬ ‫المدينتَين تُفت َُح َّأولاً ُقس�طنطيني ُة أو رومي ُة ؟ َ‬ ‫رقل تُفت َُح‬ ‫فقال‬ ‫َّأولاً يعني ‪ُ :‬قسطنطيني َة((( ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫تابعة لِ‬ ‫والواضح ِمن الم ِ‬ ‫رقل » هي « ال ُقسطنطيني ُة » ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن مدين َة « ِه َ‬ ‫ألحاديث َّ‬ ‫عاصم ُة‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الس ُ‬ ‫«إسالمبول»‬ ‫وسماها ال ُعثمانيون‬ ‫تُركيا اليو َم ‪ ،‬والتي َ‬ ‫حمدُ الفات ُح ‪َّ ،‬‬ ‫لطان ُم َّ‬ ‫فتحها ُّ‬ ‫ِ‬ ‫وس ِّم َيت بِ‬ ‫ُ‬ ‫إستانبول َ‬ ‫اآلن ‪ ،‬وهي المعني ُة‬ ‫اآلستانة فيما بعدُ ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫أي ‪ :‬مدين ُة اإلسال ِم ‪ُ ،‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ ِ‬ ‫األحاديث «‬ ‫بعض‬ ‫سما ُة في‬ ‫األو ِل ‪ ،‬وأ َّما‬ ‫الفتح الثاني ‪ :‬فهو ُ‬ ‫ُ‬ ‫الفتح َّ‬ ‫الم َّ‬ ‫فتح ُرومي َة ‪ُ ،‬‬ ‫ُفر » كما هو في مصن ِ‬ ‫ُفر » ‪ ،‬وقد َّبو َب لها الداني بهذا االس ِم « مدين ُة الك ِ‬ ‫مدين ُة الك ِ‬ ‫َّف‬ ‫إدريس عن ُم ٍ‬ ‫سعر عن أبي ُح َص ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الشعبي‬ ‫ين عن‬ ‫ابن أبي َشيب َة (‪ : )365/8‬حدَّ َثنا اب ُن‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫((( مسند أحمد (‪. )6804‬‬

‫‪357‬‬


‫غزونا بلنجر فلم يفتحوها ‪ ،‬فقالوا ‪ِ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫صحار َ‬ ‫نرج ُع قابِلاً‬ ‫نفتحها‪،‬‬ ‫عن مالِ ِك بن‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أهل ِ‬ ‫فقال ُحذيف ُة ‪ :‬ال تُفت َُح هذه وال مدين ُة الك ِ‬ ‫الرج ِل ِمن ِ‬ ‫َ‬ ‫بيت‬ ‫يلم إلاَّ على ُ‬ ‫ُفر وال الدَّ ُ‬ ‫حم ٍد ‪.((( m‬‬ ‫ُم َّ‬

‫أن فت�ح رومي َة س�يأتي في ِ‬ ‫واي�ات يتبي�ن كما َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آخ ِر‬ ‫الر‬ ‫َّ ُ‬ ‫ك�ره َّ َ ُ‬ ‫س�بق ذ ُ‬ ‫وبِ ُمتابع�ة ه�ذه ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزم�ان عل�ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫حم ٍد‬ ‫ي�د اإلما ِم‬ ‫المه�دي ‪ ،‬وأ َّما ُ‬ ‫ِّ‬ ‫تم على ي�د ُم َّ‬ ‫فت�ح ال ُقس�طنطينية فقد َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ثماني ِمن ُ‬ ‫حصل ٌ‬ ‫واحد‬ ‫سمى‬ ‫خلط َبي َن‬ ‫قبل ‪ ،‬وإنَّما‬ ‫االس�مين و ُذك َرا في ُم ًّ‬ ‫الفات ِح ال ُع ِّ‬ ‫َ‬ ‫«ال ُقسطنطيني ُة» ‪ ،‬وبهذا‬ ‫أعلم((( ‪.‬‬ ‫حصل ال َّل ُ‬ ‫بس في فه ِم المعنى ‪ ،‬وال َّل ُه ُ‬

‫جود ِخ ٍ‬ ‫دالل بِو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫األحاديث الصريح ُة َ‬ ‫ُ‬ ‫الفة‬ ‫وه�ذا ما ت�دُ ُّل ع َل ِيه‬ ‫دون الحاجة لالس�ت ِ ُ‬ ‫ظاه ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بإش�ارة ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫رة وال‬ ‫المهدي ال‬ ‫اليهود ِمن َغ ِير أتب�ا ِع اإلما ِم‬ ‫مع‬ ‫قب�ل اإلما ِم‬ ‫ِّ‬ ‫وح�رب َ‬ ‫خف َّي ٍة ‪ ،‬فل ُينظر ‪.‬‬

‫المستدرك (‪.)8560‬‬ ‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪ .)34497‬وفي‬ ‫َ‬

‫((( قال األس�تاذ س�عيد ح�وى في مع�رض حديثه عن عالمات الس�اعة‪ :‬وبع�ض الناس تغلب‬ ‫عليه�م أغلاط في فهم بعض ه�ذه العالمات أو ف�ي تقدير وقتها إذ إن منه�ا ما يكون قرب‬

‫الس�اعة بقلي�ل ج�دا قبل المس�يح بس�نوات أو مع�ه ومنها م�ا يكون قب�ل ذل�ك بكثير جدا‬ ‫فيغلط�ون بالجمع بينهم�ا ومنها ما ال تدل علي�ه المقدمات الحاضرة فيغلط�ون في تأويلها‬ ‫ومنه�ا ما جعلهم عصرنا الحاض�ر ومخترعاته يفهمونها فهما عاديا وه�ي خوارق ومنها ما‬ ‫ه�و دليل على الخيرية يظنونه مذموما فمثال يظن الناس أن الدين إلى انحس�ار حتى خروج‬

‫المه�دي ‪ ،‬م�ع أن المه�دي قبل عيس�ى بقليل وقبل ذلك يعم اإلسلام العال�م وتفتح روما‬ ‫والقس�طنطينية اليوم مس�لمة وكانت كافرة ففتحت وقد أخبر النبي ‪ m‬بالفتح األول ولكن‬ ‫يبدو أن القس�طنطينية س�ترجع كاف�رة مرة ثانية وتفتح م�ن جديد وفتحها الثان�ي يكون قبل‬ ‫المس�يح بقليل والناس ال يفرقون بين فتحها األول والثاني‪ ..‬إلى أن قال‪ :‬ولن تقوم الساعة‬ ‫حتى تس�تنفد عالماتها وأشراطها التي وردت في الكتاب والسنة ‪ .‬اهـ ص‪ 196‬فقه أشراط‬

‫الساعة ‪.‬‬

‫‪358‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تزال ِ‬ ‫والطائفة التي ال ُ‬ ‫هؤالء َّ‬ ‫ظاهر ًة‬ ‫المنصورة‬ ‫الطائفة‬ ‫أن مفهو َم‬ ‫بعض‬ ‫لقد اعتقدَ َ‬ ‫ٍ‬ ‫وتش�ير إ َليها تِ َ‬ ‫مجموعة‬ ‫لك األفها ُم ‪ِ ،‬من‬ ‫الحق؛ أنَّهم َمن تعنيهم هذه األقال ُم ‪،‬‬ ‫على ِّ‬ ‫ُ‬ ‫المنصورة لِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نفسها » ‪.‬‬ ‫والطائفة‬ ‫الناجية‬ ‫الفرقة‬ ‫احتكر ْت مفهو َم «‬ ‫َ‬

‫واألمر ِ‬ ‫تكون الطائف ُة المنصور ُة والم ِ‬ ‫بيد ال َّل ِه ‪ ،‬وال ِ‬ ‫ُ‬ ‫جاهدون‬ ‫يس لِلمفاهي ِم ُفر َّبما‬ ‫تسي َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫س َليس�وا ِمن الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫أكناف ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫المقد ِ‬ ‫وفية وال ِم�ن معارضيهم بِل ُر َّبما كانوا ممن‬ ‫يت‬ ‫ف�ي‬ ‫َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫واس ِ‬ ‫غيرهم ـ بِ ِ‬ ‫أولئك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن ِ‬ ‫َ‬ ‫زوال‬ ‫طة اإلما ِم‬ ‫تهم ال ُقدر ُة اإلله َّي ُة ِمن‬ ‫المهدي ـ بعدَ‬ ‫ِّ‬ ‫جم َع ُ‬

‫األمر بيد الله‪..‬‬ ‫وال تسييس‬ ‫للطائفة المنصورة‬

‫ِ‬ ‫فِ ِ‬ ‫التحريش ِمن المص ِّلين ‪ ،‬إذ ال حاج َة لِلم ِ‬ ‫الفتح ِ‬ ‫بتصنيف ُج ِ‬ ‫ِ‬ ‫يوش ِ‬ ‫هادي‬ ‫سلمين‬ ‫تنة‬ ‫الج ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫في ِ‬ ‫مجموعة كانوا ‪ ،‬فهذا استِ ٌ‬ ‫نفعي معلو ٌم‪،‬‬ ‫عجال مذمو ٌم‬ ‫أي‬ ‫وتسي ٌ‬ ‫آخر الزمان من ِّ‬ ‫يس ٌّ‬

‫�ف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت�اب (ص‪ )236‬قال ‪ِ « :‬‬ ‫الك ِ‬ ‫َ‬ ‫الملحظ ما‬ ‫ويؤ ِّك�دُ ه�ذا‬ ‫األدلة‬ ‫وم� َن‬ ‫أش�ار إ َليه ُمؤ ِّل ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخالف َة ِ‬ ‫ترج ُع َ‬ ‫الدامغة على َّ‬ ‫يس�ترجعون‬ ‫س�لمين‬ ‫قبل هذا الخليفة الصال ِح َّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫هوره في ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يكون ِعندَ ُظ ِ‬ ‫المقد ِ‬ ‫المقد ِ‬ ‫ُ‬ ‫يت‬ ‫المهدي‬ ‫اليهود ‪َ ،‬بينَما‬ ‫س ِم َن‬ ‫يت‬ ‫س((( ‪ ،‬أي‬ ‫َب َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تحت نِ ِ‬ ‫يكون في أيدي الم ِ‬ ‫المقد ِ‬ ‫المقد ِ‬ ‫س َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫يران‬ ‫يت‬ ‫س‬ ‫يت‬ ‫يرزح َ‬ ‫سلمين ‪ ،‬و َب ُ‬ ‫إن َب َ‬ ‫اآلن ُ‬ ‫ُ‬ ‫الخ ِ‬ ‫البغيض فال بدَّ ِمن ِقي�ا ِم ِ‬ ‫االحتِ ِ‬ ‫الفة َ‬ ‫المهدي ! لأِ نَّها‬ ‫قبل‬ ‫اليهودي‬ ‫هيوني‬ ‫الص‬ ‫ِّ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫لال َّ‬ ‫ِّ‬

‫((( عل�ق مؤلف كتاب أش�راط الس�اعة عند هذا الموقع في الحاش�ية وق�ال ‪ :‬ولعل هذا مأخوذ‬ ‫م�ن قول�ه ‪ m‬ف�ي حديث أبي أمامة الطويل ف�ي الدجال « وكلهم ـ أي‪ :‬المس�لمين ـ ببيت‬ ‫المقدس وإمامهم رجل صالح قد تقدم ليصلي بهم إذ نزل عيسى‪ ..‬الحديث » ‪.‬‬

‫ولربم�ا فه�م الق�وم من هذا أن الرج�ل غير اإلمام المه�دي وعللوا ه�ذه اللفظة بأن بيت‬

‫المقدس فيه خالفة س�ابقة‪ ،‬وهذا فهم ال يتناس�ب مع سياق الحديث وال مع ما ذكره شراح‬

‫الحدي�ث فالرجل الصالح هو اإلمام المنتظر ـ على أصح الروايات ـ وينزل عيس�ى ليصلي‬

‫خلف�ه وم�ا قبل ذلك كان�ت مرحلة تحت إدارة وإم�رة اإلمام المهدي ذات�ه ‪ ،‬وأما قبل ذلك‬ ‫فتهيئ�ة واس�تعدادات غير مجتمعة وال تح�ت قرار حكم خالفة بحال م�ن األحوال‪ ..‬والله‬

‫أعلم ‪.‬‬

‫‪359‬‬

‫تعليالت غَير‬ ‫صحيحة البد من‬ ‫اإلجابة ع َليها‬


‫ِ‬ ‫السبيل الوحيدُ السترجا ِع ِ‬ ‫ُ‬ ‫التليد » ‪.‬‬ ‫مجد اإلسال ِم‬ ‫ِ‬ ‫االفتراض الذي ال َد َ‬ ‫ليل ع َل ِيه ‪.‬‬ ‫وهذا ِم َن‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صاحب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت�اب هذه العب�ار َة ِمن ِك ِ‬ ‫الك ِ‬ ‫وق�د َ‬ ‫اإلسلامية في‬ ‫«الجماعات‬ ‫ت�اب‬ ‫نق�ل‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫تأكيد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضوء ِ‬ ‫الك ِ‬ ‫الفة َ‬ ‫مع َّ‬ ‫المتأ ِّم َل في‬ ‫قبل‬ ‫كح َّج ٍة على‬ ‫المهدي ‪َ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫والسنة» ُ‬ ‫أن ُ‬ ‫تاب ُّ‬ ‫ِ‬ ‫شار إ َليه ال يشير إلى ِخ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫الفة َ‬ ‫فذلكة‬ ‫فه ُم من‬ ‫قبل اإلما ِم وال ُي َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫العبارات والحديث ُ‬

‫ِ‬ ‫وخبره�ا ؛ ولك َّن إثباتَها‬ ‫صح دلي ُلها‬ ‫ُنكره�ا لو َّ‬ ‫المعان�ي م�ا يؤ ِّك�دُ ذل َك ‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫مع أنَّنا ال ن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِم ِ‬ ‫الحقيقة وال يخدُ ُم معانيها الشرعي َة ‪.‬‬ ‫مع‬ ‫أمر ال‬ ‫يتناسب َ‬ ‫ُ‬ ‫جرد الظنية ٌ‬ ‫ُ َّ‬

‫أحاديث ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫ب ِك ِ‬ ‫وإلى ِ‬ ‫تن وأش�راط الساعة»‬ ‫«موس�وعة‬ ‫تاب‬ ‫مثل هذا‬ ‫أش�ار صاح ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القراءة‬ ‫الكتاب فق�ال عند حديثِه عن ل�واز ِم‬ ‫مقدمة‬ ‫د‪.‬هم�ام عبدالرحيم س�عيد في‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ألحاديث عالمات الساعة ّ‬ ‫وايات الموضو ِع الواحدفي‬ ‫جمع ِر‬ ‫وأن منها‬ ‫الصحيحة‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫واح�د ص‪ :10‬فق�د كان يتبادر إلى ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ال ‪َ :‬أ ّن َ‬ ‫فهمن�ا مث ً‬ ‫لليهود‬ ‫قتال المس�لمين‬ ‫س�ياق‬ ‫ُ‬

‫يه�ودي ورائي َ‬ ‫عندما ُ‬ ‫تعال فاق ُت ْل ُه؛‬ ‫مس�لم يا عبدَ الله هذا‬ ‫والحج ُر‪ :‬يا‬ ‫الش�ج ُر‬ ‫يقول‬ ‫ٌّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫عصرنا هذا في‬ ‫يكون في‬ ‫أن الم�را َد به يمك ُن أن‬ ‫القتال مع اليهود‪ ،‬ومع أن أحاديث‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫اليهود ف�ي هذا العصر؛ إال ّ‬ ‫الفتن ِّ‬ ‫القتال إنما‬ ‫أن ذل�ك‬ ‫بنصر المس�لمين على‬ ‫تبش ُ�ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الروايات‬ ‫بعض‬ ‫روايات‬ ‫يك�ون مع الدّ ّجال‪ ،‬وذلك أنّنا َل ّم�ا َج َم ْعنا‬ ‫الحديث َو َجدْ نا َ‬ ‫ِ‬ ‫تك�ون عندم�ا ُ‬ ‫ُ‬ ‫�ت على ّ‬ ‫يقاتل‬ ‫أن ه�ذه المعج�ز َة إنّما‬ ‫المطول�ة له�ذا الحدي�ث ن ََّص ْ‬ ‫َ‬ ‫الدجال ومعه اليهو ُد‪.‬‬ ‫مريم ش والمسلمون‬ ‫عيسى ب ُن َ‬

‫‪360‬‬


‫موقف المسلم المستبصر من الفتن وأئمتها المضلين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بما ّ‬ ‫والفتن‬ ‫األشراط‬ ‫الساعة وما يجري من‬ ‫عالمات‬ ‫علم ُي َف ِّص ُل‬ ‫أن فق َه التحوالت ٌ‬ ‫وم ِضلاّ تِها ؛ فإِ ّن مسـأل َة ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ستبصار من المسل ِم واجب ٌة وضروري ٌة‪ ،‬خاص ًة ّ‬ ‫رسول‬ ‫أن‬ ‫اال‬ ‫ُ‬ ‫نستعيذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫بالله‬ ‫المشاركة فيها ‪ ،‬و َع َّل َمنا أن‬ ‫الفتنة و‬ ‫جملة أحاديثه من‬ ‫الله ‪َ m‬ح َّذ َر في‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عصور اإلسلا ِم‬ ‫عصر من‬ ‫ظهر منها وما َب َط َن ‪ ،‬وما من‬ ‫م�ن الفت َِن وم ْن ُمضلاّ تها ما َ‬ ‫األولى وما َتلاَ ها إال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫والهالك‬ ‫والمحفوظ َمن َح ِف َظ الل ُه‬ ‫وبأهله ‪،‬‬ ‫والف َت ُن محيط ٌة به‬ ‫كل ٍ‬ ‫ِم�ن ِّ‬ ‫وجه َم ْن كان َوقود ًا ألُ َو ِاره�ا‪( .‬ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬

‫ﯪ ﯫ ) [المائدة‪. ]41:‬‬

‫ِ‬ ‫ومواقفه العم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أحاديث رسول الله ‪m‬‬ ‫ومواقف‬ ‫لية‬ ‫والواجب منّا فيما ُع ِّلمنا من‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الفتن ور ُؤوسها ‪ ،‬ونُح ِّذر ِمن الو ُقو ِع في ِض ِ‬ ‫أصحابِه ِ‬ ‫رامها‬ ‫مواقع‬ ‫وآل بيته أن َن َت َف َّهم‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫وفتن الاِ‬ ‫ِ‬ ‫وتَح ِر ِ‬ ‫بالسياسة والحك ِم ِ‬ ‫ختالف‬ ‫يك َأ ْس َبابِها ‪ ،‬وخاص ًة تلك الفت ُن المرتبط ُة‬ ‫ْ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وحب‬ ‫المنافسات‬ ‫يترتب بسبِبها من‬ ‫والمناصب‪ ،‬وما‬ ‫على العل ِم‬ ‫الرياسات‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬

‫وقد ورد في ذلك قوله ‪ِ : m‬‬ ‫«الف ْتنَ ُة ن َِائ َم ٌة َل َع َن ال َّل ُه َم ْن َأ ْي َق َظ َها» ‪ ،‬وفيه إِ َشار ٌة نبوي ٌة‬ ‫ودوافعها بين الن ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّب على َ‬ ‫ذلك‬ ‫اإلثارة‬ ‫أس�باب‬ ‫ابتعاد المس�ل ِم عن‬ ‫إلى‬ ‫ّاس ‪ ،‬ل َما َيت َ​َرت ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وصرف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمعايب وإش�غالِها‬ ‫المثالب‬ ‫نظرها عن‬ ‫األمة‬ ‫لقلوب‬ ‫�كون من جم ٍع‬ ‫الس‬ ‫ُّ‬

‫هم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يقول ‪m‬‬ ‫ألمر دينها ودنياها ‪ .‬وفي هذا ُ‬ ‫ألنس ‪ « :v‬يا ُبن ََّي‬ ‫بم�ا ه�و َأ ُ‬ ‫نفع و َأ ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ألحد َف ْ‬ ‫لي�س في قلبِك ٌّ‬ ‫افع�ل» ‪ ،‬ثم قال‪« :‬‬ ‫غش‬ ‫ُصبح وت‬ ‫ُمس�ي َ‬ ‫إِ ْن َق�دَ ْر َت على أن ت َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وذلك ِم ْن ُس�نَّتِي‪ ..‬و َمن َأ ْح َيى ُس�نَّتِي فقد َأ َح َّبنِي ‪ ،‬و َمن َأ َح َّبنِي كان َم ِعي في‬ ‫يا ُبن ََّي‬ ‫الترمذي في ُسنَنِه ‪.‬‬ ‫الجنَّة» روا ُه‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬

‫‪361‬‬


‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫بإحسان‬ ‫الصحابة والتابعي َن وتابعيهم‬ ‫جملة من‬ ‫المفيد هو فق ُه‬ ‫الموقف‬ ‫ومثل هذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البيت وصحاب�ة النبي ‪m‬‬ ‫األوس�ط م�ن آل‬ ‫النمط‬ ‫أتباع‬ ‫إل�ى ي�وم‬ ‫الدي�ن ‪ ،‬ومنه�م ُ‬ ‫الفتن رغم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بيان‬ ‫أس�باب‬ ‫الخوض في‬ ‫الس�كون وتركُوا‬ ‫وأتباعه�م الذي َن َخ َلدُ وا إلى‬ ‫َ‬ ‫ِ َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ن ِ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫علي ‪ v‬وتضحيتِه‬ ‫ووضوح‬ ‫أمره�ا‬ ‫صور أصحابِها كموقف اإلما ِم َ‬ ‫بن ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الماحقة ‪ ،‬ومثله موقف ِ‬ ‫علي‬ ‫الساحقة‬ ‫الفتنة‬ ‫ومركز القرار خوف ًا من‬ ‫بالسلطان‬ ‫اإلما ِم ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫والقال ‪ ،‬ومث ُله َمن‬ ‫والقيل‬ ‫المال‬ ‫الجدال وإضاع َة‬ ‫الثأر و‬ ‫زين العابدي َن الذي‬ ‫َ‬ ‫تجاوز َ‬

‫كثر لهم ف�ي األحاديث النبوية‬ ‫ج�اء م�ن بعده من أئمة الدي�ن المعتبرين ‪ ،‬وهم قو ٌم ٌ‬ ‫ِ‬ ‫وبش�ارات‪ ،‬ولهم من ِ‬ ‫تمنع عنهم جانح َة‬ ‫التحوالت‬ ‫فقه‬ ‫إشارات‬ ‫ُ‬ ‫مواقف و َدلاَ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫الت ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سياس�ة الدَّ ْج ِل والت َّْس ِ�ي ِ‬ ‫يس ‪ ،‬وأطما ِع‬ ‫الخالف ‪ ،‬وتُبعدهم عن‬ ‫االختلاف وظاهر َة‬ ‫ِ‬ ‫األم�ة بالتعليم والدعوة إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتحريش ‪ ،‬مع بقاء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله‬ ‫نفعهم العا ِّم في‬ ‫الفت�ن‬ ‫فقه�اء‬ ‫وصون ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الهلاك‬ ‫الش�عوب من‬ ‫دماء‬ ‫الحس�نة‬ ‫والموعظة‬ ‫بالحكم�ة‬ ‫والدمار‪ ،‬ويؤيدُ‬

‫المواقف ما رواه أبو داود والنَّسائي عن عبد ِ‬ ‫الله بن ِ‬ ‫عمرو ِ‬ ‫بن العاص ‪c‬‬ ‫هذه‬ ‫َ‬ ‫ي�ت فِي ُح َثا َل ٍة ِم َن الن ِ‬ ‫ّ�اس َم َر َج ْت ُع ُهو ُد ُه ْم‬ ‫ق�ال ‪ :‬ق�ال النبي ‪: m‬‬ ‫َ‬ ‫«كيف بِ َك إذا َب ِق َ‬ ‫�م َو ْ‬ ‫اخ َت َل ُفوا وكانُوا هكذا؟» َ‬ ‫وش� َّب َك بي َن َأ َصابِ ِع ِه ‪ ،‬ق�ال‪ :‬بِ َم ت َْأ ُم ُرنِي؟ قال ‪:‬‬ ‫و َأ َمانَات ُ​ُه ْ‬

‫وخ ْذ َما َت ْع ِ‬ ‫«اِ ْل َ�ز ْم َب ْيت َ​َك و َأ ْه َل َك َو َأ ْم ِل ْك َع َل ْي َك لِ َس�ان َ​َك ‪ُ ،‬‬ ‫ف َو َد ْع ما ُتن ِْك ُر‪َ ،‬و َع َل ْي َك‬ ‫�ر ُ‬ ‫اص ِة َن ْف ِس َك و َد ْع َعن َْك َأ ْم َر ال َعا َّم ِة» «اإلشاعة» ص ‪.189‬‬ ‫بِ َأ ْم ِر َخ َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وصار‬ ‫استقرارها‬ ‫وس ِّي َس‬ ‫والمش�اهدُ اليو َم في حياة األمة وقد ُس�ل َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قرارها ُ‬ ‫ب منها ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أمرها آي ً‬ ‫والثقافة‬ ‫واالقتصاد واإلعلا ِم والتعلي ِم‬ ‫السياس�ة‬ ‫الكفار في‬ ‫هندس�ة‬ ‫ال إلى‬ ‫ُ‬ ‫بنفس ِ‬ ‫العبد المس�ل ِم َألاّ ي ُزج ِ‬ ‫الموق�ف الس�ليم من ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ه ف�ي َأت ِ‬ ‫والمواق�ف؛ ّ‬ ‫ُون هذه‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫المؤام�رات المسيس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�أن على َق َ�ر َار ِي الحك ِم‬ ‫�ة وخاص� ًة عن�دَ التناز ِع بين ُأولي‬ ‫َ َّ َ‬ ‫والعل ِم ‪.‬‬

‫‪362‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وشرها‪،‬‬ ‫الشرعية‪ ..‬وال‬ ‫بالنصوص‬ ‫فهذه مسأل ٌة محسوم ٌة‬ ‫َ‬ ‫اختالف على خطورتها ّ‬ ‫ِ‬ ‫ظهور إِش�اراتِها واحت�دا ِم مفتونِيها مصانع� ُة الجمي� ِع ومداراتُهم مع‬ ‫ويكف�ي عن�د‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َجن ِ‬ ‫ذر ‪ v‬ق�ال‪ :‬قال له‬ ‫ُّ�ب‬ ‫ت َ‬ ‫الخ�وض ف�ي فتنتهم أو المش�اركة فيها ‪ ،‬فع�ن أبي ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫أنت إذا ُكن َْت في ُحثا َل ٍة؟» َ‬ ‫أصابعه ‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫وش َّب َك بي َن‬ ‫رسول الله ‪« :m‬يا َأبا َذ ٍّر َ‬ ‫كيف َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس َبأ ْخلاَ ِق ِه ْم‬ ‫ما تأمرني يا رس�ول الل�ه ؟ قال‪« :‬ا ْصبِ ْر‪ ..‬ا ْصبِ ْر‪ ..‬ا ْصبِ ْ�ر‪َ ..‬خال ُقوا َ‬ ‫َ ِ‬ ‫والبيهقي في «الزهد» ‪ ،‬وفي الحديث إشار ٌة‬ ‫الحاكم‬ ‫وه ْم في َأ ْع َمالِ ِه ْم» رواه‬ ‫وخال ُف ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َب ِّينَ ٌة وواضح ٌة ِّ‬ ‫ّاس بما يناس� ُبهم في‬ ‫لكل‬ ‫راغب في النجاة والسلامة‪َ ..‬أ ْن ُيخا َل َق الن ُ‬ ‫ِ‬ ‫لكرامة ِ‬ ‫ِ‬ ‫المفتون مدارا ًة لهم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض والدِّ ِ‬ ‫الع ْ�ر ِ‬ ‫المخالفة لهم في‬ ‫ين مع‬ ‫وح ْفظ ًا‬ ‫ه�م‬ ‫واقع ُ‬ ‫ِ‬ ‫ومواقفهم‪.‬‬ ‫أعمالِهم‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وآخر موقف ًا سديد ًا‬ ‫بسبب‬ ‫الفتنة‬ ‫نحو‬ ‫بل إِ ّن فق َه التحوالت َي َض ُع للمسل ِم المندف ِع َ‬ ‫َ‬

‫غيره ‪ ،‬ف َع ْن أبي الدرداء ِ ‪ v‬قال‪ :‬قال رس�ول الله ‪ « :m‬ال‬ ‫حتى َي ْس� َل َم و ُي َس� ِّل َم َ‬ ‫َت ْقرب�وا ِ‬ ‫واض ِر ُب�وا َأ ْه َلها إذا َأ ْق َب َل ْت»‬ ‫الف ْتنَ� َة إذا َح ِم َي ْت وال َت ْع ِر ُضوا لها إِ َذا َع َر َض ْت ‪ْ ،‬‬ ‫َُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫التح�والت لمن َأ ْو َق َع ْت ُه‬ ‫التعامل في‬ ‫نماذج‬ ‫نموذج م�ن‬ ‫‪ .‬وف�ي الحديث إش�ار ٌة إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الموافقة أو االستتبا ِع لحاك ٍم أو عال ٍم أو صاحب ِ‬ ‫المشاركة أو‬ ‫بعض‬ ‫األس�باب في‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الشرعي‬ ‫فالموقف‬ ‫التأخر عنها ‪،‬‬ ‫ص منها وال‬ ‫ُ‬ ‫إدارة أو ملتز ٍم لوظيفة ال ُيمك ُن له التخ ُّل ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفتن وراياتِها ‪ ،‬بل‬ ‫القتل تحت ه�ذه‬ ‫الموت أو‬ ‫اختيار‬ ‫يدف�ع بنفس�ه َدفع ًا إلى‬ ‫أن ال‬ ‫َ‬

‫وغيرهم من حديث‬ ‫يتفهم ما قاله ‪ m‬في ما رواه أحمدُ واب ُن أبي ش�يب َة‬ ‫والطبراني ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫س�تكون بع ِ‬ ‫ٌ‬ ‫خال�د ب�ن عرفطة ‪ّ v‬‬ ‫أحداث‬ ‫�دي‬ ‫النب�ي ‪ m‬قال‪« :‬يا خالدُ إنَّها‬ ‫أن‬ ‫ُ َْ‬ ‫َّ‬ ‫ُون عبدَ ِ‬ ‫كان َ ِ‬ ‫َ‬ ‫اس� َت َط ْع َت َأ ْن َتك َ‬ ‫واختالف‪ ،‬فإذا َ‬ ‫المقتول ال‬ ‫الله‬ ‫وفِتَ� ٌن و ُف ْر َق ٌة‬ ‫ٌ‬ ‫ذلك فإِن ْ‬ ‫َ‬ ‫القاتل َفا ْف َع ْل» ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫يجب على المس�ل ِم المد ِّق ِق في عل ِم الس�اعة ِ‬ ‫وفقهها المشرو ِع‬ ‫ومن كافة الوجوه ُ‬ ‫‪363‬‬


‫ِ‬ ‫باالبتعاد ع�ن مكانها ومواقعها ؛ لحديث‬ ‫يتجن�ب الفت� َن عموم ًا وخصوص ًا ولو‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫س�تكون فِ َت ٌن‬ ‫البخاري (‪ )3334‬وأحمدُ (‪« :)7464‬‬ ‫أب�ي هري�رة َ ‪ v‬فيما رواه‬ ‫ُّ‬

‫خير من‬ ‫خير من القائ ِم‪،‬‬ ‫خير من الماش�ي‪ ،‬والماش�ي فيها ٌ‬ ‫والقائم فيها ٌ‬ ‫ُ‬ ‫القاعدُ فيها ٌ‬ ‫ً‬ ‫ملجأ أو معاذ ًا َف ْل َي ُع ْذ بِ ِه»‪ .‬قال في‬ ‫فمن وجد منها‬ ‫الساعي‪َ ،‬م ْن ت َ​َش َّر َ‬ ‫ف لها ت َْست َْش ِر ْف ُه‪َ ،‬‬

‫ْ�ر َة ولف ُظه‪« :‬فإذا‬ ‫«الفت�ح» (‪ :)14 :13‬ووقع‬ ‫تفس�يره عندَ مس�ل ٍم في حديث أبي َبك َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫واألرض ‪ ،‬قال ٌ‬ ‫رسول‬ ‫رجل‪ :‬يا‬ ‫الغنم‬ ‫وذكر‬ ‫فمن كان له إِبِ ٌل َف ْل َي ْل َح ْق بِإِبِ ِل ِه» ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن َ​َز َل ْت َ‬ ‫أرأيت إِ ْن لم ي ُكن َله ؟ قال‪ :‬يعمدُ إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بحجر ثم لِ َين ُْج إِ ِن‬ ‫س�يفه ف َيدُ َّق على حدِّ ِه‬ ‫الله‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ََْ‬

‫ِ‬ ‫بالفتنة‪ :‬ما ُ‬ ‫ينشأ عن‬ ‫اع» ‪ .‬قال في «اإلشاعة» تعليقا على هذا الحديث‪ :‬والمرا ُء‬ ‫اس َت َط َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫االختالف في َط َل ِ‬ ‫الم ْل ِك ُ‬ ‫الم ْبطِ ِل ‪.‬‬ ‫المح ُّق م َن ُ‬ ‫حيث ال ُي ْع َل ُم ُ‬ ‫ب ُ‬

‫كل من دعا إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫المس�ألة و َظنُّ�وا ّ‬ ‫َ‬ ‫فتن�ة ُح ْك ٍم‬ ‫تهاون المس�لمون ف�ي هذه‬ ‫وق�د‬ ‫أن َّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫دراس�ة‬ ‫بالنابل ‪ ،‬لعد ِم‬ ‫الحابل‬ ‫فاختلط بذلك‬ ‫وبصي�رة‪،‬‬ ‫أو ِع ْل� ٍم إنم�ا هو على ُهدً ى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�اعة من ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�رعية‬ ‫المواقف‬ ‫األمة في َت َف ُّه ِم‬ ‫ولتهاون‬ ‫جهة‪،‬‬ ‫عالمات‬ ‫الجمي ِع فق َه‬ ‫�اج ِ‬ ‫جهة أخرى‪ ،‬بل و َقع�وا أيض ًا في ِ‬ ‫الفت�ن من ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فتنة ال َل َج ِ‬ ‫حتجاج على من‬ ‫واال‬ ‫عن�د‬ ‫َ ُ‬

‫ٍ‬ ‫ت وراياتِها ‪ ،‬ونظروا ِ‬ ‫لنفسه السالم َة من الم ِضلاّ ِ‬ ‫اختار العزل َة ور ِضي ِ‬ ‫كمخالف‬ ‫إليه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�بيل الله ‪ ،‬مع ّ‬ ‫الجهاد القائ ِم‬ ‫أن ظاهر َة‬ ‫الجهاد في‬ ‫لدعوة‬ ‫الغر ِاء ومع ّط ٍل‬ ‫للش�ريعة ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أعداء اإلسلا ِم في بعض‬ ‫مكتملة الش�روط ومخترق ٌة ِمن‬ ‫غي�ر‬ ‫ف�ي بالد المس�لمي َن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المرحلة وقادتِها ‪ ،‬ولم ت َْس� َل ْم من‬ ‫لمصلح�ة‬ ‫ومهندس‬ ‫وبعضه�ا ُم َم َّو ٌل‬ ‫الجه�ات‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫القليل‪،‬‬ ‫المعاص�ر إال‬ ‫الجهادي‬ ‫العم�ل‬ ‫مجموعات‬ ‫كثير م�ن‬ ‫ِّ‬ ‫التس�ييس والهندس�ة ٌ‬

‫ِ‬ ‫المش�ار إليهم في أحاديث النبي ‪m‬‬ ‫ُ‬ ‫الحق ومقاتلتِهم دونه‬ ‫والقليل‬ ‫ببقائهم على ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المشتبكة التي سماها النبي‬ ‫المرتبكة‬ ‫المرحلة‬ ‫الش�رعية في‬ ‫يصعب تحديدُ ُه ِو َّيتِ ِه ُم‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫حديث ِ‬ ‫َ‬ ‫رس�ول‬ ‫قلت‪ :‬يا‬ ‫ابن‬ ‫اله ْ�ر ِج» كم�ا ه�و في‬ ‫مس�عود ‪ v‬قال‪ُ :‬‬ ‫‪َ « m‬أ ّي�ا َم َ‬ ‫‪364‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اله ْر ِج» ‪ ،‬قلت‪ :‬ومتى‬ ‫الل�ه‪ ..‬ومت�ى ذلك ؟ ـ أي‪ :‬المقاتل ُة على الملك ـ ق�ال‪« :‬أيا َم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يس ُه» «فتح الباري» كتاب الفتن (‪. )35-34 :13‬‬ ‫الر ُج ُل َجل َ‬ ‫؟ قال‪« :‬حي َن ال َي ْأ َم ُن َّ‬

‫سبيل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫تكون‬ ‫واإليجابي عندما‬ ‫الشرعي‬ ‫وجهها‬ ‫الله على‬ ‫الجهاد في‬ ‫ُحدَّ ُد ُه ِّو َّي ُة‬ ‫وت َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫كانت ه�ذه الصف ُة قائم ًة في‬ ‫المجابه� ُة المباش�ر ُة بي َن ( المس�ل ِم‬ ‫والكافر ) ‪ ،‬فحيثما ْ‬ ‫كلم�ة ِ‬ ‫ِ‬ ‫أرض ِ‬ ‫ِ‬ ‫معهم‬ ‫الله ) فالجها ُد‬ ‫الش�رعي وهو ( إِعال ُء‬ ‫الله على ضابطها‬ ‫نواح�ي‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬

‫والمس�اند ُة لهم واجب ٌة والزم� ٌة على ِّ‬ ‫كل َمن َت َع َّي َن عليه ذل�ك في أرضهم ومكانهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المحتل�ة وفي بعض فصائله�ا الجهادية‬ ‫وس�احة معركته�م ‪ ،‬كما هو في فلس�طي َن‬ ‫ِ‬ ‫التحري�ش الداخلي والت ّْس ِ�ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫فالخير ُّ‬ ‫كل‬ ‫غير ه�ذا‬ ‫الخالي�ة ع�ن‬ ‫ُ‬ ‫يس الخارج�ي ‪ .‬أ ّما ُ‬

‫لألمور حتى يأتي أمر الله في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتنجلي‬ ‫عباده‬ ‫وحس�ن المعالجة‬ ‫السلامة‬ ‫الخير في‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحتمي ‪ ،‬وف�ي ذلك ُ‬ ‫يقول ‪:m‬‬ ‫واس�تقرارها‬ ‫العالمي‬ ‫ش�أن قرارها‬ ‫األمة في‬ ‫كرب� ُة‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الرجل فيها ُم ْؤ ِمن ًا و ُي ْم ِس�ي‬ ‫الليل المظل ِم ‪ُ ،‬ي ْصبِ ُح‬ ‫الس�ا َع ِة فِتَن ًا ك َِق َط ِع‬ ‫« إِ َّن َب ْي َن َيدَ ِي َّ‬ ‫ِ‬ ‫خير من ال َق ِائ ِم ‪ ،‬والماشي فيها َخ ْي ٌر‬ ‫كافر ًا و ُي ْمسي مؤمن ًا و ُي ْصبِ ُح كافر ًا ‪ ،‬القاعدُ فيها ٌ‬ ‫اض ِربوا سيو َفكُم بِ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح َج َار ِة‪َ ،‬فإِ َذا‬ ‫َارك ُْم َو ْ ُ ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫م َن الس�اعي ‪ ،‬فك َِّس ُروا قس� َّيك ُْم َو َق ِّط ُعوا َأ ْوت َ‬ ‫د ِخ َ�ل ـ يعنِ�ي على ٍ‬ ‫َخ ْي ِ‬ ‫أحد منك�م ـ َف ْل َي ُك ْن ك َ‬ ‫�ر ا ْبن َْي آ َد َم ‪ )..‬رواه أبو داود في س�ننه‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫األشعري‪.‬‬ ‫(‪ )3715‬عن أبي موسى‬ ‫ّ‬

‫‪365‬‬


‫الركنـ الثال ِ‬ ‫ث ِ‬ ‫ِ‬ ‫الواجب باِ‬ ‫العلم ِ‬ ‫الكـبرى‬ ‫لعلامات‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نص ِ‬ ‫ُ‬ ‫عالمات‬ ‫عش�ر‬ ‫اليقينية ‪ ،‬وهي‬ ‫العالمات الكبرى‬ ‫األحاديث الش�ريف ُة على‬ ‫ت‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫األحاديث لم تذكرها جمل ًة ِ‬ ‫آيات متتابِ ِ‬ ‫أو عش�ر ٍ‬ ‫َ‬ ‫عة الوقو ِع إلاَّ َّ‬ ‫حديث‬ ‫واحد ًة في‬ ‫أن‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األحاديث في الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫بل اختل َف ِ‬ ‫ٍ‬ ‫واحد ‪ِ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الحديث الذي‬ ‫يكون‬ ‫ِّعداد ‪ ،‬ويكا ُد أن‬ ‫وايات‬ ‫ت ِر‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫األحاديث ِذكر ًا ِ‬ ‫ِ‬ ‫أخرجه م ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫العشر وفيه‪:‬‬ ‫اآليات‬ ‫لهذه‬ ‫أشمل‬ ‫سل ٌم عن ُح َذيف َة ؤ‬ ‫َ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الش�مس ِمن مغربِها ‪ ،‬والدَّ َّج ُال‪،‬‬ ‫لوع‬ ‫تكون‬ ‫« ال تقو ُم الس�اع ُة حتَّى‬ ‫عش�ر آيات ‪ُ :‬ط ُ‬ ‫ُ‬

‫وخ�روج عيس�ى ِ‬ ‫ُ‬ ‫مري�م ‪ ،‬وثالث� ُة‬ ‫ب�ن‬ ‫ومأج�وج ‪،‬‬ ‫ويأج�وج‬ ‫خ�ان ‪ ،‬والداب� ُة ‪،‬‬ ‫والدُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حديث العالمات‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكبرى‬ ‫ونار‬ ‫وخسف بالمغرب ‪،‬‬ ‫خسف بالمش�رق‬ ‫ُخس�وفات‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وخس�ف بجزيرة العرب ‪ٌ .‬‬ ‫قعر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫تخرج ِمن ِ‬ ‫ُ‬ ‫تبيت م َعهم ُ‬ ‫ُ‬ ‫وتقيل‬ ‫حيث باتُوا ‪،‬‬ ‫الناس إلى‬ ‫عدن أبين‬ ‫المحشر ُ‬ ‫تسوق َ‬ ‫ُ‬ ‫م َعهم ُ‬ ‫حيث قالوا » (((‪.‬‬

‫وال�ذي يظه�ر ِمن اس�تِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫األحاديث وما تاب َع�ه ال ُعلما ُء َ‬ ‫حول ذلِ َ‬ ‫الترتيب‬ ‫�ك أن‬ ‫قراء‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫األحاديث لِ‬ ‫ِ‬ ‫آليات م ِ‬ ‫ش�ير إلى تقدي ٍم‪،‬‬ ‫ف ِمن‬ ‫الزمني في‬ ‫ختل ٌ‬ ‫حديث لآِ َخ َر ‪ُ ،‬‬ ‫بعضها ُي ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫تأخير ‪ ،‬وخالص ُة األمر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أحوال ‪:‬‬ ‫ثالثة‬ ‫يرج ُع إلى‬ ‫شير إلى‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وبعضها ُي ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الشمس‬ ‫لوع‬ ‫ومأجوج ‪،‬‬ ‫يأجوج‬ ‫العشر الدَّ َّج ُال ‪ُ ،‬ث َّم عيسى ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫اآليات‬ ‫َّأو ُل‬ ‫ويكون ُط ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ترتيب اآليات‬ ‫نتظر آي ٌة بين العالماتِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والظواهر‬ ‫مع بقية اآليات ‪ ،‬وتكون عالم ُة‬ ‫الم ِ َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫من مغربِها بعدَ ذل َك َ‬ ‫المهدي ُ‬ ‫ِ‬ ‫الالح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوس�طى الس�ابِ ِ‬ ‫وخاص� ًة َّ‬ ‫الخاص ِة‬ ‫واي�ات‬ ‫الر‬ ‫قة ‪،‬‬ ‫والعالمات الكُب�رى‬ ‫قة‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫أن كا َّف َة ِّ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬ ‫َ‬ ‫المهدي‬ ‫أحاديث‬ ‫ذكرت‬ ‫العالمات الكُبرى لم تذك ُْر اإلما َم‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫المهدي في ترتيبِها ‪ ،‬وإنَّما َ‬ ‫م ِ‬ ‫ستقل ًة ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫((( مسند أحمد (‪.)16574‬‬

‫‪366‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يأجوج‬ ‫�م الدَّ َّج ُال ‪ُ ،‬ث َّم عيس�ى ش ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫العش�ر‬ ‫اآلي�ات‬ ‫إِن َّأو َل‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫نتظ�ر ‪ُ ،‬ث َّ‬ ‫الم ُ‬ ‫المه�دي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الش�مس ِمن مغربِها وما تالها ِم َن‬ ‫لوع‬ ‫الدخان‬ ‫ومأجوج ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫ُ‬ ‫والخس�وفات الثالث ُة ‪ُ ،‬ث َّم ُط ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫العش�ر بِ‬ ‫حديث وائل َة ِ‬ ‫ِ‬ ‫بن األس�ق ِع ُ‬ ‫ُ‬ ‫يقول ‪:‬‬ ‫التفصيل‬ ‫اآليات‬ ‫حديث جم َع‬ ‫اآليات ‪ .‬وأوس� ُع‬ ‫َ‬

‫تكون عش�ر ٍ‬ ‫َ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ُ m‬‬ ‫َ‬ ‫س�معت‬ ‫خس�ف‬ ‫آيات ‪)1( :‬‬ ‫يقول ‪ « :‬ال تقو ُم الس�اع ُة حتَّى‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وخس�ف بِ‬ ‫بِ‬ ‫ِ‬ ‫الع�رب (‪ )4‬والدَّ َّج ُال (‪)5‬‬ ‫جزي�رة‬ ‫وخس�ف في‬ ‫المغ�ر ِب (‪)3‬‬ ‫المش�ر ِق (‪)2‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والدُ ُ‬ ‫الش�مس‬ ‫وطلوع‬ ‫ومأج�وج (‪ )8‬والداب ُة (‪)9‬‬ ‫ويأجوج‬ ‫ون�زول عيس�ى (‪)7‬‬ ‫خ�ان (‪)6‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫تخ�رج من ِ‬ ‫ُ‬ ‫المحش�ر ‪ُ ،‬‬ ‫الذر‬ ‫الناس إلى‬ ‫ع�دن‬ ‫قعر‬ ‫ون�ار‬ ‫تس�وق َ‬ ‫ُ‬ ‫تحش ُ�ر َّ‬ ‫م�ن مغربِه�ا (‪ٌ )10‬‬

‫َ‬ ‫والنمل»(((‪.‬‬

‫بول الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫العالمات الكُبرى ِقس�مان ‪ِ :‬قس�م فيه اس�تِمرار َق ِ‬ ‫َّ‬ ‫والقس�م الثاني‬ ‫َّوبة ‪،‬‬ ‫إن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫العالمات‬ ‫فاألول يجري ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآليات الكبرى قسمان‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الف في ترتيبِه وأ َّما‬ ‫اإليمان‬ ‫وينعد ُم فيه‬ ‫تُغ َل ُق فيه التَّوب ُة ‪،‬‬ ‫الخ ُ‬ ‫ُ‬ ‫حديث ِ‬ ‫ِ‬ ‫غلق الت ِ‬ ‫الت�ي نص ِ‬ ‫األحاديث فِيها بِ ِ‬ ‫بن ٍ‬ ‫عبدال َّل ِه ِ‬ ‫ُ‬ ‫عمرو‬ ‫َّوبة فهي مجموع ٌة في‬ ‫ت‬ ‫َّ‬

‫ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�مس ِم�ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ه ‪َ m‬‬ ‫ق�ال ‪َّ :‬‬ ‫مغربِها‬ ‫لوع‬ ‫ع�ن‬ ‫روجا ُط ُ‬ ‫«إن َّأو َل اآلي�ات ُخ ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس ُض ًح�ى ‪ ،‬وأيتُها كانَ�ت َ‬ ‫ُ‬ ‫صاحبتِه�ا فاألُخرى على‬ ‫قبل‬ ‫الداب�ة عل�ى‬ ‫�روج‬ ‫وخ ُ‬ ‫إِ ِثرها قري ًبا»(((‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآليات الكُب�رى ‪ ،‬كم�ا اعتبرنا‬ ‫نتظ�ر َّأو َل‬ ‫الم َ‬ ‫وف�ي ه�ذا البح�ث وضعن�ا اإلم�ا َم ُ‬ ‫س�وفات الثالث َة ِ‬ ‫ِ‬ ‫واحد ًة بِمس�ماها على َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الترتيب ‪ ،‬وال َّل ُه‬ ‫أش�ار إلى ذلِ َك‬ ‫ول َمن‬ ‫الخ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬

‫أعلم ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومم�ن أ َّك�دَ َّ‬ ‫الش ُ‬ ‫الس�اعة الكُب�رى َّ‬ ‫البرزنج�ي في‬ ‫�يخ‬ ‫عالم�ات‬ ‫المه�دي َّأو ُل‬ ‫أن‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬

‫((( المستدرك (‪.)8317‬‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)7570‬‬

‫‪367‬‬

‫اإلمام المهدي‬ ‫أول العالمات‬ ‫الكبرى‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األش�راط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الغريبة التي تع ُق ُبها الساع ُة‬ ‫واألمارات‬ ‫العظا ِم‬ ‫الثالث في‬ ‫الباب‬ ‫اإلش�اعة‬ ‫وهي كثيرةٌ‪ِ ،‬‬ ‫فمنها‬ ‫المهدي وهو َّأو ُلها (((‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القول الثاني ‪ ،‬وهو ما‬ ‫العش�ر» على‬ ‫«اليقينيات‬ ‫العالمات الكُبرى‬ ‫تسلس ُ�ل‬ ‫ويأتي‬ ‫ُ‬ ‫العرض في كتابِنا هذا كالتالي ‪:‬‬ ‫رت ْبنا ع َل ِيه‬ ‫َ‬ ‫نتظر ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ُّ‬ ‫الم ُ‬ ‫المهدي ُ‬ ‫(‪ )2‬الدَّ َّج ُال ‪.‬‬

‫(‪ )3‬عيسى ش ‪.‬‬

‫ومأجوج ‪.‬‬ ‫يأجوج‬ ‫(‪)4‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫(‪ُ )5‬‬ ‫سوفات الثالث ُة ‪.‬‬ ‫الخ‬ ‫ُ‬ ‫(‪ )6‬الدُ ُ‬ ‫خان ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫الشمس ِمن مغربِها ‪.‬‬ ‫لوع‬ ‫(‪ُ )7‬ط ُ‬ ‫(‪ )8‬الدا َّب ُة ‪.‬‬

‫قعر ٍ‬ ‫تخر ُج ِمن ِ‬ ‫عدن ‪.‬‬ ‫النار التي ُ‬ ‫(‪ُ )9‬‬

‫الص ِ‬ ‫ُ‬ ‫ور ‪.‬‬ ‫(‪)10‬‬ ‫النفخ في ُّ‬ ‫وسيأتي تفصي ُلها ‪.‬‬

‫((( اإلشاعة ص‪.112‬‬

‫‪368‬‬


‫ش ِر بِه ’‬ ‫المرحلةُ المهديةُ ‘‬ ‫المب َّ‬ ‫ُّ‬ ‫المهدي ُ‬

‫أهل ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمذاه ِ‬ ‫الف َبي� َن ِ‬ ‫ُ‬ ‫ب‪،‬‬ ‫العل� ِم‬ ‫وه�ي المرحل� ُة التي ك ُث�ر فِيها‬ ‫اللغ�ط واالختِ ُ‬ ‫مثل هذه األُ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الف في ِ‬ ‫الناس ‪ ،‬ولكنَّها‬ ‫كثير ِم َن‬ ‫واالختِ ُ‬ ‫يعلمها ٌ‬ ‫مور حكم ٌة ضروري ٌة ال ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قه التحو ِ‬ ‫دقائق عل ِم فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإلشغال‬ ‫والس�تر‬ ‫للتمويه‬ ‫ش�رعي ًة ال ُبدَّ ِمنها‬ ‫الت ضرور ًة‬ ‫فِي‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األقلا ِم وذوي األحال ِم واإلسلا ِم بِ‬ ‫اإلفصاح‬ ‫واألقوال فيما ال يل�ز ُم فيه‬ ‫الروايات‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِ‬ ‫طلق في ِم ِ‬ ‫إن االت َ‬ ‫حي�ث َّ‬ ‫ُ‬ ‫ثل‬ ‫يعلمه الخالِ ُق ُس�بحانَه وتعالى ‪،‬‬ ‫وال‬ ‫الم َ‬ ‫ِّفاق ُ‬ ‫س�ر ُ‬ ‫البيان ل ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أمرا ِمن ُأ ِ‬ ‫هذه األُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�تقبل ُر َّبما َبنَى ع َل ِيه‬ ‫الم‬ ‫مور ُ‬ ‫مور المصيرية ُي ِبر ُز للكاف ِر واألعداء ً‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الخص�م ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�رعي َّ‬ ‫فإن‬ ‫التمويه‬ ‫وم�ع هذا‬ ‫الناس ‪،‬‬ ‫خطي�رة على‬ ‫أبعاد‬ ‫ذات‬ ‫مواق َ‬ ‫�ف َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫آل الب ِ‬ ‫ِ‬ ‫والقت�ل والتش�ريدَ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ارتبط بِهم‬ ‫ي�ت ‪ ،‬ومن‬ ‫العديد ِمن‬ ‫يص ُل إلى‬ ‫األذى‬ ‫ش�رائح ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وآثار‬ ‫لمالحقتِه�م‬ ‫حملة‬ ‫ويس�تفح ُل البال ُء َبي� َن‬ ‫الزمان ‪،‬‬ ‫خريات‬ ‫ف�ي ُأ‬ ‫أخبار َ‬ ‫َ‬ ‫القرار ُ‬

‫ِ‬ ‫نتظر‪ ،‬والك ُُّل ال يعلمون وال ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫يدر َ‬ ‫المس�ألة ‪ ،‬وما أرا َد ال َّل ُه‬ ‫كون حقيق َة‬ ‫ه�ذا اإلما ِم ُ‬ ‫بِها ِمن ٍ‬ ‫والش ِ‬ ‫خير لِ ُ‬ ‫ألم ِم ُّ‬ ‫عوب ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تناو َلها بِ‬ ‫ِ‬ ‫بالتفصيل ‪ ،‬ون ُ‬ ‫ولأِ نها كذلِ َك ؛ َّ‬ ‫ب‬ ‫تناولِها‬ ‫فإن ُ‬ ‫ُحيل الراغ َ‬ ‫اإلجمال أولى من ُ‬ ‫ِ‬ ‫اإلش�اعة لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التليد‬ ‫لبرزنجي وم�ا نقلناه في‬ ‫كتب عنه اإلما ُم في‬ ‫ف�ي‬ ‫التفصي�ل على ما َ‬ ‫ِّ‬ ‫ملة ِم�ن الع ِ‬ ‫ِّف في ه�ذا الموضو ِع لِج ٍ‬ ‫ِ‬ ‫لماء وال ُكت ِ‬ ‫َّ�اب ِمن كا َّف ِة‬ ‫والط�ارف ‪ ،‬وم�ا ُصن َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الالحقة ‪ِ ،‬‬ ‫اإلسلامية ‪ ،‬س�وا ٌء ِم َن القائلين بِ‬ ‫المذاه ِ‬ ‫أو‬ ‫المرحلة‬ ‫ميالده ونشأتِه في‬ ‫ب‬

‫الفات ال ت ِ‬ ‫القائلين بِ َغيبتِه ُثم رجعتِه ‪ ،‬وهذه االختِ‬ ‫ِ‬ ‫تقرير‬ ‫ُسم ُن وال تُغني ِمن ُجو ٍع في‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫قه التح�و ِ‬ ‫واق� ِع فِ ِ‬ ‫األم�ر ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إش�غال‬ ‫الرحمن في‬ ‫حكمة‬ ‫الت ‪ ...‬وإنَّما هي ُجز ٌء ِمن‬ ‫ُّ‬

‫‪369‬‬

‫المرحلة‬ ‫المهدية‪..‬‬ ‫استقرار ‪ ،‬سالم ‪،‬‬ ‫تنمية‪..‬‬ ‫وحكمة‬ ‫ين‬ ‫االختالف َب َ‬ ‫العلماء حول‬ ‫شخصية المهدي‬ ‫وظهوره‬


‫سلمين بِذلِ َك لِيأتي الوعدُ في حينِه على م ِ‬ ‫وغير الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫راد ال َّل ِه((( ‪. ...‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫المسلمين ِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عالمات ُظ ِ‬ ‫هوره ‪:‬‬ ‫ومن‬

‫تغير األحوال‬ ‫قبيل مرحلة‬ ‫المهدي‬

‫روب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والف ِ‬ ‫طاع ال ُّط ُر ِق ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫وخاص ًة‬ ‫تن ‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫المعتادة ‪ .‬وكثر ُة ُ‬ ‫ •انق ُ‬ ‫عن المواصالت ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫حديث‬ ‫شير إلى ذلِ َك‬ ‫جزيرة‬ ‫في‬ ‫العرب كثمرة من ثمرات المراح ِل السابِقة ‪ُ ،‬ي ُ‬ ‫ت ِ‬ ‫ِّجارات وال ُّطر ُق وك ُثر ِ‬ ‫مسعود « إذا انقطع ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الف َت ُن ‪...‬‬ ‫ت الت‬ ‫ابن‬ ‫الحديث» (((‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫اإلحباط النفسي‬ ‫لدى الصالحين‬ ‫قبل المهدي‬

‫ِ‬ ‫اإلحباط النفس�ي لدى الم ِ‬ ‫عور بِ‬ ‫ُ‬ ‫والضعف ال ُك ِّل ُّي ُّ‬ ‫الهزيمة أما َم‬ ‫سلمين ‪،‬‬ ‫ •‬ ‫ُ‬ ‫والش ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫يبص َق‬ ‫يخر ُج‬ ‫ش�ير إلى ذلِ َك‬ ‫المهدي حتَّى ُ‬ ‫ُّ‬ ‫حديث « ال ُ‬ ‫المتعاقبة ‪ُ .‬ي ُ‬ ‫األحداث ُ‬ ‫بعضكم في ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وجه‬ ‫بعض » (((‪.‬‬ ‫ُ‬

‫وحديث « ال يخرج المهدي حتَّى يقت َُل ِمن ك ُِّل تِ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫سعة سبع ًة » (((‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ُ‬

‫صيحة في رمضان‬ ‫عالمة كونية قبل‬ ‫ظهور اإلمام‬

‫رسول ال َّل ِه ؟ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫قال‬ ‫الصيح ُة يا‬ ‫شير‬ ‫ • َصيح ُة‬ ‫الحديث « ُقلنا وما َّ‬ ‫رمضان‪ ..‬وإ َليها ُي ُ‬ ‫((( وهناك من ادعى المهدية في زماننا هذا وفي األزمان الس�ابقة ‪ ،‬وكل هذه االدعاءات تدخل‬ ‫تح�ت مدل�ول أحادي�ث « المدعين للنب�وة » وظهور الدجالي�ن الكذابي�ن ‪ ،‬الذين يوهمون‬

‫الحذر من هؤالء‬ ‫الناس بأنهم من األنبياء‪ ،‬أو أنهم المهدي الموعود به آخر الزمان‪ ،‬ويجب‬ ‫ُ‬

‫وأكاذيبه�م ؛ فوع�د الله ح�ق وآياته كائنة ال محال�ة ؛ ولكنها تعرف بالنصوص الش�رعية ال‬ ‫باالدعاءات والتخيالت النفسية والتوهمات الشيطانية ‪.‬‬

‫وق�د رأي�ت ف�ي بعض البالد من يش�ير إلى فلان أو فالن من أه�ل البي�ت أو غيرهم بأنه‬

‫المهدي ‪ ،‬ويلتف عليه المتعصبون والمتعلقون والواهمون ‪ ،‬وكأنما هو الوعد الحق ‪ ،‬وهو‬

‫ال يع�دو كون�ه جهال بالنصوص ‪ ،‬واندفاعا عاطفيا يش�وه س�معة العت�رة الطاهرة ويجعلهم‬

‫عرضة ألهل التسييس والتدنيس ‪ ...‬ولألسف !‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪.)1000‬‬ ‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪.)912‬‬ ‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪.)960‬‬

‫‪370‬‬


‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫َ‬ ‫جوع إلى‬ ‫النصف ِمن‬ ‫ه�دَّ ٌة في‬ ‫الر ُ‬ ‫رمض�ان ليل َة ُج ُمعة ‪ ...‬إل�خ » ‪ .‬ويمك ُن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصيح َة ِ‬ ‫ال ُكت ِ‬ ‫أو الهدَّ َة ‪.‬‬ ‫المختلف ُة التي وص َفت َّ‬ ‫ُب ُ‬

‫ِ‬ ‫الرايات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حديث‬ ‫المه�دي ‪ ،‬وفِيها‬ ‫ُص�رة اإلما ِم‬ ‫راس�ان لِن‬ ‫�ود ِمن ُخ‬ ‫ه�ور‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ • ُظ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫حبوا على‬ ‫�وداء قد أقب َل ْت ِمن ُخ‬ ‫الس‬ ‫رس�ان فأتُوها و َلو ً‬ ‫«إذا س�معتُم بِالرايات َّ‬ ‫الثل�ج»(((‪ ،‬وع�ن ِ‬ ‫علي ِ‬ ‫ب�ن أبي طالِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫كنت في‬ ‫�ب ؤ ‪ « :‬لو َ‬ ‫المؤمني َن ِّ‬ ‫أمي�ر ُ‬

‫الرايات السود من‬ ‫خراسان‬

‫قفل ِ‬ ‫ُص ٍ‬ ‫ندوق ُم ٍ‬ ‫فاكس ْر ذلِ َك َ‬ ‫القفل وا ْل َح ْق بها » (((‪.‬‬

‫س�ل ِم على ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫حث الم ِ‬ ‫ُصرة اإلم�ا ِم و ُلزو ِم دعوتِه في حينِها‪،‬‬ ‫ومفا ُد هذه األحاديث ُّ ُ‬ ‫يقي�ن ‪ ،‬وفي هذا ِ‬ ‫يجب على ك ُِّل م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه�ور عالماتِه�ا بِ ٍ‬ ‫س�ل ٍم ألاَّ‬ ‫يس�تعج َل‬ ‫الم‬ ‫ضمار ِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫و ُظ ُ‬ ‫ُّصرة من َغير تح�ر وانتِ ٍ‬ ‫الظواه�ر ‪ ،‬ويذه�ب مندفِع�ا نحو مفه�و ِم الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫باه ؛ َّ‬ ‫فإن تش�ا ُب َه‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ً‬ ‫ٍّ‬ ‫َ‬ ‫آل الب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يت أو‬ ‫س�تعج َل في الخطأِ ؛‬ ‫الم‬ ‫وخاص� ًة في المظلومين من ِ َ‬ ‫َّ‬ ‫الظواه ِر قد ُيوق ُع ُ‬ ‫ِ‬ ‫المرحلة م ِ‬ ‫ِ‬ ‫حيث يندفِعون ويتبِعون ك َُّل ِ‬ ‫عتقدين ِص َ‬ ‫ُم ِح ِّبيهم ‪ُ ،‬‬ ‫اإلشاعات‬ ‫دق‬ ‫ناع ٍق في‬ ‫ُ‬

‫وجوب التحري‬ ‫في نصرة الرايات‬ ‫لتشابه الظواهر‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العالمات ‪ ،‬و َبي َن األمرين َب ٌ‬ ‫وأكبر‬ ‫أعظم‬ ‫وأمر ال َّل ِه‬ ‫وتشا ُب َه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫كبير ومساف ٌة شاسع ٌة ‪ُ ،‬‬ ‫ون ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫تبحث ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُعم ُق‬ ‫وسياسات‬ ‫ؤسسات‬ ‫تحت ُم‬ ‫ِمن أن‬ ‫ينطوي َ‬ ‫َ‬ ‫السلطان والسيطرة ‪ ،‬وت ِّ‬ ‫عن ُّ‬

‫عل ورد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫الدجل‬ ‫عل ه�ي رائد ُة‬ ‫المص ِّلين في المرحلة ‪ ،‬فقاع�د ُة الف ِ ِّ‬ ‫الص َ‬ ‫ِّ‬ ‫�راع َبي� َن ُ‬ ‫الت ‪ ،‬وأما ما نحن بِ ِ‬ ‫تاريخ التح�و ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫صدده فسلام ٌة ومح َّب ٌة ورحم ٌة‬ ‫عب�ر‬ ‫ُّ‬ ‫والدجاجل�ة َ‬ ‫قبل ِ‬ ‫ووراث ٌة ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألمر ل َّل ِه ِمن ُ‬ ‫ومن بعدُ ‪.‬‬ ‫وخالف ٌة ‪،‬‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقد وص َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫يث َخ ْل َق ُه وس�يرتَه ‪ ،‬ون ُ‬ ‫األحاد ُ‬ ‫تفاصيل ما‬ ‫ب في ذلِ َك إلى‬ ‫ت‬ ‫ُحيل الراغ َ‬ ‫وغيره�ا ِمن المؤ َّل ِ‬ ‫والطار ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف» ِ‬ ‫ونقتص ُ�ر هاهنا على ما نح ُن‬ ‫فات ‪،‬‬ ‫التليد‬ ‫ُذ ِك َ�ر ف�ي «‬ ‫َ ُ‬ ‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪.)638‬‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )896‬‬ ‫((( كنز العمال (‪.)31514‬‬

‫‪371‬‬

‫مهمات المهدي‬ ‫وسياسته العلمية‬ ‫والعملية‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ ِ‬ ‫العالمات ‪ ،‬ومنها أنَّه‪:‬‬ ‫جوام ِع‬ ‫صدده ِمن‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يعمل على ِ‬ ‫ • ُ‬ ‫ريق د ًما ‪ُ ،‬يقاتِ ُل‬ ‫نائما ‪ ،‬وال ُي ُ‬ ‫الس�نَّة وإماتة البدعة « ال يوق ُظ ً‬ ‫نش�ر ُّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫السن َِّة ‪ ،‬يقو ُم بِ‬ ‫النبي ‪. m‬‬ ‫الدين آخ َر الزمان كما قام بِه ُّ‬ ‫على ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ليمان ش ‪.‬‬ ‫وس‬ ‫ • يمل ُك الدُّ نيا ُك َّلها كما ملكَها ذو القرنَين ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ • ُ ِ‬ ‫التثليث فيما يب ُل ُغ إ َليه ِم َن‬ ‫عقيدة‬ ‫مع قط ِع‬ ‫ينش ُر دي َن اإلسال ِم في األُم ِم الكافرة َ‬ ‫فيكون على ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫يد عيس�ى ش‬ ‫رافات‬ ‫االنح‬ ‫الكام ُل لِهذه‬ ‫طاع‬ ‫البِلاد ‪ ،‬أ َّما االنق ُ‬ ‫فيما بعدَ ذلِ َك ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�عوب االقتِ‬ ‫ِ‬ ‫الم�ال ‪ ،‬ويفي بِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫حاج�ات ُّ‬ ‫الثروة‬ ‫توزي�ع‬ ‫صادي�ة ‪ ،‬أي ‪:‬‬ ‫الش‬ ‫ •يحث�و‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬ ‫واإلنصاف ‪.‬‬ ‫العدل‬ ‫انقطاع الربا‬ ‫واالقتصاد‬ ‫الرأسمالي‬

‫عامالت الربوي َة وسياس� َة االقتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يوعي ِ‬ ‫الرأس�مالي ُّ‬ ‫وغيرها‬ ‫صاد‬ ‫الم‬ ‫ • ُ‬ ‫والش ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫يقطع ُ‬ ‫ِ‬ ‫نظريات االقتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوضعية‬ ‫صاد‬ ‫ِمن‬

‫الف�ة وإن ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫بدعة ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ود إلى نِظا ِم ِ‬ ‫�عوب بِالع ِ‬ ‫وحدُ آرا َء ُّ‬ ‫زبية وال َّت َكت ُِّل‬ ‫َّهاء‬ ‫الش‬ ‫ِ َ‬ ‫ • ُي ِّ‬ ‫ِ‬ ‫والسياسي ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬ ‫والطائفي‬ ‫قادي‬ ‫والصرا ِع‬ ‫الطبقي واالعت ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�تركة بعي�دً ا ِ‬ ‫عن‬ ‫الم‬ ‫المس�لمين إلى ُأص�ول الديانة في ُأسس�ها ُ‬ ‫ •ب�ل و ُيعي�دُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫أيضا ِ‬ ‫ِ‬ ‫المذهبي‬ ‫الصرا ِع‬ ‫التش�ريك والتبدي� ِع‬ ‫والتظليل ِعندَ َق�و ٍم ‪ ،‬وبعيدً ا ً‬ ‫ع�ن ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫اإلفراط وال ُغ ُلو في االعتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صوره وأشكالِه ‪ ،‬وبعيدً ا ِ‬ ‫الم َس َّي ِ‬ ‫عن‬ ‫س بِك ُِّل‬ ‫قاد ِعندَ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬

‫شك بعض‬ ‫العلماء‬ ‫المذهبيين في‬ ‫حقيقة اإلمام‬

‫ِ‬ ‫قال ِ‬ ‫ط�او َس َ‬ ‫اآلخري�ن ‪ ،‬وفيه َ‬ ‫َ‬ ‫يكون‬ ‫المهدي أن‬ ‫قال ‪ « :‬عالم ُة‬ ‫ِّ‬ ‫عن الليث عن ُ‬ ‫ِ‬ ‫المساكين » ِ‬ ‫ِ‬ ‫شديدً ا على ال ُعم ِ‬ ‫رحيما بِ‬ ‫ال َجوا ًدا بِ‬ ‫ِ‬ ‫الخام ُس ‪/‬ص‬ ‫(الف َت ُن‬ ‫المال‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ، 650‬بر ْق�م ‪َ )978‬‬ ‫وقال ‪ :‬إس�نا ُده حس� ٌن ‪ ،‬حتَّ�ى َّ‬ ‫بعض ُع‬ ‫لم�اء مرحلتِه‬ ‫إن َ‬ ‫ِ‬ ‫خالفة ِ‬ ‫يش ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ظاه ِر الفتوى‬ ‫الم َب َّش َر به ؛ لِما يراه فيه ِمن ُم‬ ‫�ك في كَونِه هو‬ ‫َّ‬ ‫المهدي ُ‬ ‫‪372‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلشاعة ‪.‬‬ ‫البرزنجي في‬ ‫أشار اإلما ُم‬ ‫في‬ ‫ُّ‬ ‫المذهب‪ ،‬وإلى ذل َك َ‬

‫اإلنس�ان ‪ ،‬ويعيدُ ها إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحيح‬ ‫موق ِعها‬ ‫قوق‬ ‫الحريات ُ‬ ‫�ح مفهو َم ُ‬ ‫صح ُ‬ ‫ • ُي ِّ‬ ‫ِ‬ ‫مبادئ اإلسلا ِم الس�م ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ُّ‬ ‫نحرف َة بِكا َّف ِة‬ ‫ويقطع‬ ‫حة ‪،‬‬ ‫ِمن‬ ‫ُ‬ ‫التدخلات الثقافي� َة ُ‬ ‫َّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والثقافية ‪.‬‬ ‫واإلعالمية‬ ‫والتربوية‬ ‫التعليمية‬ ‫وصورها‬ ‫نماذ ِجها‬

‫إقامة ودع ِم مبدأِ االكتِ ِ‬ ‫واإلنتاج الزراعي والحيواني بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فاء‬ ‫البركة في الطعا ِم‬ ‫هور‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ • ُظ ُ‬ ‫ِ‬ ‫وتصحيح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس ؛ لِتس�و َد الرحم ُة والمح َّب ُة والوئا ُم ‪،‬‬ ‫القات َبي َن‬ ‫الع‬ ‫الذات�ي ‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫السياسية واالقتِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صادية ‪.‬‬ ‫استقرار حياتِه‬ ‫المرحلة األولى ِم َن‬ ‫صوصا في‬ ‫ُخ‬ ‫ً‬

‫ظهور البركة‬ ‫في المنتجات‬ ‫المحلية‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العسكرية ِضدَّ ُج ِ‬ ‫ • ُد ُ‬ ‫فياني‬ ‫المعار ِك‬ ‫المهدي بعدَ ذلِ َك في‬ ‫خول اإلما ِم‬ ‫ِّ‬ ‫الس ِّ‬ ‫يوش ُّ‬ ‫الثاني حتَّى ِ‬ ‫يأس َره ويق ُت َله بِالشا ِم ‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫األرض لِ‬ ‫ •مهادن� ُة الرو ِم وطاع ُة م ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�نوات ‪ .‬وهي المرحل ُة‬ ‫لمهدي ِعد َة‬ ‫ل�وك‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫التي تتقوى فِيها َش�وك ُة اإلسال ِم والم ِ‬ ‫سلمين ‪ ،‬وتُط َّب ُق الشريع ُة اإلسالمي ُة في‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫�ة البِ ِ‬ ‫كا َّف ِ‬ ‫اإلسلامية ‪ ،‬وتعو ُد لِألم ِة هيبتُها أم�ام ُد ِ‬ ‫ول العال ِم ‪ ،‬وتُقا ُم الهدن ُة‬ ‫الد‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العديد ِمن ُد ِ‬ ‫ول الك ِ‬ ‫اليهود‬ ‫المرحلة ‪ ،‬بما فِيه�ا « َدول ُة‬ ‫ُف�ر في‬ ‫م�ع‬ ‫الهدنة َ‬ ‫ل�و ُ‬ ‫ت َ‬ ‫حرب ِضدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫قرار اإلسال ِم‬ ‫المحت َّل ِة » ؛ إذ تج ُب ُن عن ش ِّن‬ ‫المعروف ُة في‬ ‫األرض ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫العدل واالس�تِ ِ‬ ‫أم�ر ال َّل ِه بِ‬ ‫ِ‬ ‫والبركة في‬ ‫واألم�ن‬ ‫قرار‬ ‫يبر ُز فيها ُ‬ ‫لع�دة س�نوات ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإلنبات ‪.‬‬ ‫والنيات‬ ‫األرزاق‬

‫‪373‬‬

‫مع‬ ‫معارك اإلمام َ‬ ‫السيفاني ومهادنة‬ ‫الروم‬


‫انتقاض العرى‬ ‫وبدء الحروب‬

‫المرحلةُ الثانيةُ ِم َن المهديةِ‬ ‫ٍ‬ ‫هادن ًة لِ‬ ‫ق�اض العرى مع الرو ِم التي كانَت م ِ‬ ‫جديد ‪،‬‬ ‫الحرب ِمن‬ ‫لمهدي ‪ ،‬وتبد ُأ‬ ‫انتِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُّ‬ ‫حيث ِ‬ ‫ِ‬ ‫المعار ُك ُ‬ ‫المهدي‬ ‫ينتص ُر اإلما ُم‬ ‫وتغزو الرو ُم الشا َم ‪ ،‬وتستولي ع َليها ‪ ،‬وتقو ُم‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ويأخذ غنائمه�م إلى ب ِ‬ ‫قر ِ‬ ‫ال�رو ِم ‪ ،‬ويغزوهم في ُع ِ‬ ‫المقد ِ‬ ‫ُ‬ ‫س ‪ ،‬جا َء‬ ‫يت‬ ‫دارهم ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عل�ى ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫روج الدَّ َّج ِ‬ ‫س�طنطينية ُ‬ ‫س�بعة‬ ‫ال في‬ ‫وفت�ح ال ُق‬ ‫اإلش�اعة « الملحم� ُة ال ُعظمى‬ ‫ف�ي‬ ‫وخ ُ‬ ‫ُ‬ ‫أشه ٍر‪ ،‬وفي ِر ٍ‬ ‫واية ‪ :‬سب ِع سنين » ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫َ‬ ‫المس�يخ الدَّ َّج َال » في‬ ‫المه�دي «‬ ‫تس�تثير انتِص�اراتُ اإلما ِم‬ ‫المرحلة‬ ‫وف�ي هذه‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫انتصار اإلمام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أش�ارت ُجمل ٌة م َن اآلثار َّ‬ ‫أن هذه‬ ‫على َدولة الكفر مكمنه فيبد ُأ بِالحركة وال ُّظهور كما س�يأتي ‪ .‬وقد‬ ‫َ‬ ‫والصليب وأخذ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫روب ويعو ُد ِ‬ ‫ِ‬ ‫كثيرة ‪ ،‬حتَّى َّ‬ ‫إن‬ ‫أنحاء‬ ‫سبيل ال َّل ِه في‬ ‫الجها ُد في‬ ‫الح ُ‬ ‫المرحلة تمتدُّ فيها ُ‬ ‫كنوزهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المس�لمين يغزون ِ‬ ‫ِ‬ ‫الباب ضعيف ٌة إلاَّ‬ ‫وأغلب األحادي�ث في هذا‬ ‫الهندَ ويفتحونها ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تاب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب ِك ِ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫الفت َِن (ص‪290‬‬ ‫بعضها ‪ ،‬وفِيها‬ ‫بعضها ُيقوي َ‬ ‫أن َ‬ ‫ذكره صاح ُ‬ ‫حديث حس ٌن َ‬ ‫ِ‬ ‫قال ‪ :‬على ِ‬ ‫ِ‬ ‫جراح ِ‬ ‫بن أرطأ َة َ‬ ‫ِ‬ ‫اليماني‬ ‫الخليفة‬ ‫ي�د ذلِ َك‬ ‫الخام�س‪ /‬بر ْق�م ‪ )1152‬عن‬ ‫ِّ‬

‫�ال وفي زمانِ�ه ِ‬ ‫يخ�ر ُج الدَّ َّج ُ‬ ‫ينز ُل‬ ‫ال�ذي‬ ‫ُ‬ ‫يفت�ح ال ُقس�طنطيني َة ورومي� َة ‪ ،‬عل�ى يديه ُ‬ ‫اله ِ‬ ‫تكون غزو ُة ِ‬ ‫ُ‬ ‫ند ‪،‬‬ ‫مري�م ش ‪ ،‬وعلى يدَ يه ـ أي ‪ :‬الخليفة اليمان�ي ـ‬ ‫عيس�ى ب� ُن‬ ‫َ‬ ‫وهو ِمن بني ِ‬ ‫اله ِ‬ ‫هاش ٍم((( ‪ ،‬وغزو ُة ِ‬ ‫ُ‬ ‫ند التي َ‬ ‫رسول‬ ‫قال فِيها أبو ُه َرير َة ؤ «وعدَ نا‬ ‫اله ِ‬ ‫أنفقت فِيها نفس�ي ومالي ‪ِ ،‬‬ ‫ال َّل ِه ‪ m‬غزو َة ِ‬ ‫كنت‬ ‫فإن‬ ‫ند ‪ ،‬فإن أدركتُها‬ ‫استشهدت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رجعت فأنا أبو ُه َرير َة‬ ‫الش�هداء ‪ ،‬وإن‬ ‫أفضل‬ ‫ِمن‬ ‫المحر ُر » ((( ‪ ،‬وفي ذات الموضع‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ان م ْو َلى رس ِ‬ ‫ول ال َّل ِه َص َّلى ال َّل ُه َع َل ْي ِه َو َس َّل َم َق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬ ‫ول ال َّل ِه َص َّلى ال َّل ُه‬ ‫َ ُ‬ ‫أثر َع ْن َث ْو َب َ َ‬ ‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪. )1152‬‬ ‫((( سنن النسائي (‪. )3187‬‬

‫‪374‬‬


‫ِ‬ ‫�ه وس� َّلم ِعصابت ِ‬ ‫َان ِم ْن ُأ َّمتِي َأ ْح َر َز ُه َما ال َّل ُه ِم ْن الن ِ‬ ‫َّ�ار ِع َصا َب ٌة َت ْغ ُزو ا ْل ِهنْدَ َو ِع َصا َب ٌة‬ ‫َع َل ْي َ َ َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫َتك ُ‬ ‫السلاَ م‪ .‬وأثر آخر وهو‪ :‬عن جراح بن أرطأة قال‪:‬‬ ‫يسى ا ْب ِن َم ْر َي َم َع َل ْي ِه َما َّ‬ ‫ُون َم َع ع َ‬ ‫على يدي ذلك الخليفة اليماني الذي يفتح القس�طنطينية ورومية‪ ،‬على يديه يخرج‬ ‫الدجال وفي زمانه ينزل عيس�ى بن مريم عليه السلام‪ ،‬على يديه تكون غزوة الهند‬

‫‪ ،‬وهو من بني هاشم ‪.‬‬

‫‪375‬‬


‫ِ‬ ‫جا ِل‬ ‫هور‬ ‫المسيخ الدَّ َّ‬ ‫المرحلةُ الدَّ َّ‬ ‫جاليةُ ‪ُ :‬ظ ُ‬

‫(((‬

‫المرحلة الدجالية‬ ‫وموقع الدجال‬ ‫من عالمات ((( تعتب�ر قضي�ة الدجال األعور قضي ًة عالمي َة الفتنة والخطورة ‪ ،‬وليس�ت خاصة بمرحلة ظهور‬ ‫الساعة‬ ‫الدج�ال في آخر الزمان ‪ ،‬وإنما يكون ظهوره على ركام سلس�لة م�ن التحوالت المتالحقة‬

‫التي تمهد لظهور جذوره األخيرة ‪.‬‬

‫حيث إن ظهور المسيخ الدجال في آخر الزمان ومسحه للعالم اإلنساني في أربعين يوما‬

‫إنم�ا هو آخر فصول نش�اطه الدجالي في العالم ونهايته الحتمية م�ع دولة اليهود الدجالية ‪،‬‬

‫وس�نتناول هذا الموضوع في كتابنا « السياس�ة الدجالية ومولودها المنتظر» ‪ ،‬ولهذا فإن من‬

‫العالم�ات الت�ي تتنامى من�ذ أن خلق الل�ه األرض إلى ظهورها في المرحل�ة األخيرة كأول‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدجال » وفي هذا الصدد أتت أحاديث رس�ول الله‬ ‫المس�يخ‬ ‫العالم�ات الكبرى هي فتن ُة «‬ ‫‪ m‬مفصلة ومبينة لهذا التنامي الخطير في تاريخ التحوالت العالمية ومنها ‪:‬‬

‫ •ما رواه أحمد عن هش�ام بن عامر األنصاري قال ‪ :‬س�معت رس�ول الله ‪ m‬يقول ‪:‬‬ ‫«ما بين خلق آدم إلى أن تقوم الساعة فتنة أكبر من فتنة الدجال » ‪.‬‬

‫ •وقال ‪ « :‬ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال » ‪ .‬رواه مسلم‬

‫ •وق�ال ‪ « :‬إن�ه لم تكن فتنة ف�ي األرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة المس�يخ‬ ‫الدجال ‪ ،‬وإن الله لم يبعث نبيا إال حذر أمته الدجال ‪ ،‬وأنا آخر األنبياء ‪ ،‬وأنتم آخر‬

‫األمم ‪ ،‬وهو خارج فيكم ال محالة » ‪ .‬رواه ابن ماجه ‪.‬‬ ‫ •وعن أنس ؤ قال ‪ :‬قال رس�ول الله ‪ « m‬ما من نبي إال وقد أنذر أمته األعور‬ ‫الكذاب ‪ ،‬أال إنه أعور ‪ ،‬وإن ربكم ليس بأعور » ‪ .‬رواه مسلم ‪.‬‬

‫وم�ن ه�ذه األحاديث نفه�م خطورة االمتداد الدجال�ي ـ للدجل والدجاجلة ـ وأنه أش�د‬

‫خطرا على األمة في تحوالتها بدءا من مرحلة قتل عثمان ؤ إلى مرحلة خروج المسيخ‬ ‫الدجال في آخر الزمان ‪ ،‬ومن هذه العالمات ‪:‬‬

‫(‪ )1‬ما ورد في مجموع العالمات الوسطى والصغرى جملة وتفصيال ‪.‬‬

‫(‪ )2‬ظهور األئمة المضلين الذين يروضون الشعوب حكما وعلما لفتنة الدجال ‪ ،‬وفيهم‬ ‫يق�ول ‪ m‬فيم�ا رواه أبو ذر ‪ ،‬قال ‪ :‬كنت أمش�ي مع رس�ول الل�ه ‪ m‬فقال ‪َ « :‬ل َغ ْي�ر الدَّ َّج ِ‬ ‫ال‬ ‫ُ‬ ‫َأ ْخ َو ُفنِي على أمتي» (ثالثا) قال ‪ :‬قلت يا رسول الله ما هذا الذي غير الدجال أخوفك على‬ ‫أمت�ك ؟ ق�ال ‪ « :‬أئم ًة مضلين » ‪ .‬رواه أحمد وفي إس�ناده راو مختلف فيه‪« ،‬إتحاف الس�ادة‬

‫‪376‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫موق ُع الدَّ َّج ِ‬ ‫الساعة‬ ‫عالمات‬ ‫ال ِمن‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المس�يخ الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المعروفة ‪َ ،‬ي ْخدُ ُم‬ ‫والعالم�ات‬ ‫األش�راط‬ ‫ال َبي َن‬ ‫تندر ُج فِتن ُة‬ ‫أفاض ِ‬ ‫ِ‬ ‫عه�د آدم إل�ى نِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرحلة الدَّ َّج ِ‬ ‫ت‬ ‫هاي�ة‬ ‫البع�ض ‪ ،‬م�ن‬ ‫بعضه�ا‬ ‫�ال ‪ ،‬وق�د َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ع�ن فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫تن�ة الدَّ َّج ِ‬ ‫تف�ر َع عنه « ِ‬ ‫ِ‬ ‫األحاد ُ‬ ‫ال »‬ ‫ي�ث الش�ريف ُة ف�ي‬ ‫الرك�ن الرابِ ِع وما َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمر تبع�ا لِالختِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫األحاديث‬ ‫الوارد في‬ ‫الف‬ ‫تفس�ير هذا‬ ‫واختلف ال ُعلما ُء في‬ ‫َ‬ ‫ِ ً‬ ‫األهمية في فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نضع فصًل�اً‬ ‫قه‬ ‫خاصا بِه لِما له ِم� َن‬ ‫ًّ‬ ‫ع�ن ش�خصيته ‪ ،‬ونحن هنا ُ‬ ‫ِ‬ ‫التح�و ِ‬ ‫الت ‪ ،‬بل َّ‬ ‫ِ‬ ‫التاريخ وانحرافاتِ�ه له ِعالق ٌة وطيد ٌة‬ ‫جريات‬ ‫كثي�را ِمن ُم‬ ‫ُّ‬ ‫إن ً‬ ‫أن النبي ‪ِ m‬‬ ‫ِ‬ ‫فس ِ‬ ‫المخلوق الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحيح َّ‬ ‫ِ‬ ‫قد‬ ‫الحدي�ث‬ ‫ثبت في‬ ‫بِهذا‬ ‫�د ‪ ،‬ولقد َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫لذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫موضوع الدَّ َّج ِ‬ ‫احتار في ِ‬ ‫أمره ‪َّ ،‬‬ ‫ش�اغلاً لِ َّ‬ ‫النبوية ‪ ،‬حتَّى تب َّي َن له‬ ‫ات‬ ‫ال‬ ‫وظل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف»‪،‬‬ ‫والطار ُ‬ ‫أش�رنا إلى ذلِ َك في ِكتابِنا « التليدُ‬ ‫األمر الب ِّي ُن في ش�أنه كما قد ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ولك َّن األهمي َة التي نطر ُقها هنا ِ‬ ‫ثالثة ُأ ٍ‬ ‫مور ‪:‬‬ ‫ترج ُع إلى‬ ‫ُ‬

‫أو ُلها ‪ِ :‬‬ ‫اإلنسانية بِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫موق ُع الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫مومها ‪.‬‬ ‫تاريخ‬ ‫ال ِمن‬ ‫ُ‬ ‫ثانيها ‪ِ :‬‬ ‫ِ‬ ‫تاريخ الر ِ‬ ‫موق ُع الدَّ َّج ِ‬ ‫الخاتمة ‪.‬‬ ‫سالة‬ ‫ال ِمن‬ ‫ِ ِّ‬ ‫المتقين» للزبيدي (‪. )1 :351‬‬

‫(‪ )3‬خفة الدين وإدبار العلم وغفلة المنابر عن ذكره ‪ .‬وخف ُة الدين وضعف اليقين واإليمان‬

‫وكثرة اإلرجاف واإلس�فاف في مواقع الديانة ذاتها ‪ ،‬ومنها الوزارات والمؤسسات القائمة‬ ‫بأم�ر الديان�ة ف�ي المجتمعات ‪ ،‬وأم�ا إدبار العلم فه�و ذهابه وإهماله من قب�ل عموم الناس‬

‫واش�تغالهم بالبدائ�ل ومناهج التعلي�م وتعليم الخدمات ‪ ،‬إضافة إل�ى غياب العلم الخاص‬

‫بالتحوالت لغياب العلم بالركن الرابع من أركان الدين ‪.‬‬ ‫وعن علي ؤ قال ‪ :‬كنا جلوس�ا عند النبي ‪ m‬وهو نائم فذكرنا الدجال ؛ فاس�تيقظ‬ ‫محم�را وجه�ه ‪ ،‬فق�ال ‪ « :‬غي�ر الدجال أخوف عل�ى أمتي‪ ..‬أئم� ًة ُم ِض ِّلي�ن » ‪ .‬رواه أحمد‪،‬‬ ‫وإسناده صحيح على شرط مسلم ‪.‬‬

‫‪377‬‬


‫قال ابن ماجه ‪ِ :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحسن‬ ‫عت أبا‬ ‫سم ُ‬ ‫كرا وذاتًا ‪ ،‬وقد َ ُ‬ ‫ثال ُثها ‪ :‬أهمي ُة دراسة الدَّ َّجال ف ً‬ ‫يق�ول ‪ِ « :‬‬ ‫يق�ول ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ينبغ�ي أن ُيد َف َع هذا‬ ‫بي‬ ‫الطنافس�ي‬ ‫عت عب�دَ‬ ‫س�م ُ‬ ‫حار َّ‬ ‫الرحم�ن ُ‬ ‫َّ‬ ‫الصبيان في ال ُكت ِ‬ ‫الحديث إلى المؤ ِّد ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ب ؛ حتَّى ُيع ِّل َمه‬ ‫َّاب (((‪.‬‬

‫فق�ال ‪ « :‬ألنا ِلف ِ‬ ‫ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪َ m‬‬ ‫وع�ن ُح َذيف� َة ؤ َ‬ ‫تنة‬ ‫ق�ال ُذ ِك َر الدَّ َّج ُال ِعندَ‬ ‫أخوف عندي ِمن فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫تنة الدَّ َّج ِ‬ ‫ينجو أحدٌ ِم َّما قب َلها إلاَّ نجا ِمنها ‪ ،‬وما‬ ‫بعضكم‬ ‫ُ‬ ‫ال ‪ ،‬ولن َ‬ ‫َت الدُّ نيا ـ صغير ٌة وال كبير ٌة إلاَّ ِلف ِ‬ ‫نذ كان ِ‬ ‫تنة الدَّ َّج ِ‬ ‫ُصنِ َعت فِتن ٌة ـ ُم ُ‬ ‫ال »((( ‪.‬‬ ‫فإن األمر الم ِهم فيما نحن بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫جود االختِ ِ‬ ‫ومع و ِ‬ ‫ش�خصية الدَّ َّج ِ‬ ‫الف َ‬ ‫ال َّ‬ ‫صدده‬ ‫حول‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ َّ‬

‫ما يلي ‪:‬‬

‫(‪ )1‬لِ‬ ‫ِ‬ ‫لدجال مرحلتان ‪ :‬مرحل ُة فتنتِه التي َبي َن يدَ يه ‪ ،‬ومرحل ُة ُظ ِ‬ ‫هور ذاتِه ‪.‬‬

‫انح ٍ‬ ‫إن ك َُّل ِ‬ ‫وكال المرحلتَين خطيرتان جدًّ ا في ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫عوب ‪ .‬بل َّ‬ ‫حياة ُّ‬ ‫ِ‬ ‫منهج‬ ‫راف عن‬ ‫تحت مسمى «فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫نذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عهد آد َم إلى ُظ ِ‬ ‫الديانات ُم ُ‬ ‫تنة‬ ‫هور الدَّ َّجال في آخ ِر الزمان ينطوي َ ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لسياس�ة الدَّ ج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال» ‪ ،‬ويمهدُ لِ‬ ‫الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرحلة‬ ‫الخفاء وحتى‬ ‫مرحلة‬ ‫األرض ِم�ن‬ ‫الية في‬ ‫َّ‬ ‫ُ ِّ‬

‫ِ‬ ‫الزم�ان مع نِ ِ‬ ‫هوره س�تأتي في ِ‬ ‫ِ‬ ‫األخي�ر ‪ ،‬ومرحل ُة ُظ ِ‬ ‫ُظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرحلة اإلما ِم‬ ‫هاي�ة‬ ‫آخ ِر‬ ‫ه�وره‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وبداية ِ‬ ‫ِ‬ ‫روج الدَّ َّج ِ‬ ‫عهد عيس�ى ش إلاَّ َّ‬ ‫ال‬ ‫المهدي‬ ‫أن َ‬ ‫ذكرت ُخ َ‬ ‫ِّ‬ ‫بعض األحاديث َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اإلنسانية‪،‬‬ ‫الحياة‬ ‫عملية لِدولتِه في نِظا ِم‬ ‫بصمات‬ ‫ووجو َد‬ ‫وس�يره في‬ ‫األرض سابِ ًقا ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ومنها ‪:‬‬

‫الح َص ِ‬ ‫مران ِ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪ « :‬لقد َ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪َ m‬‬ ‫َ‬ ‫ين ء َّ‬ ‫حديث ِع َ‬ ‫ُ‬ ‫الدجال‬ ‫أكل‬ ‫أن‬ ‫بن ُ‬

‫((( سنن ابن ماجه (‪.)4215‬‬ ‫((( مسند أحمد (‪.)24005‬‬

‫‪378‬‬


‫ِ‬ ‫األسواق » ((( ‪.‬‬ ‫الطعام ومشى في‬

‫ٍ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ m‬عن الدجال َ‬ ‫َ‬ ‫س�عيد ُ‬ ‫فقال ‪« :‬‬ ‫دري ؤ أنه س�أل‬ ‫وعن أبي‬ ‫الخ ِّ‬

‫هو َيو َم ُه َه َذا قد َ‬ ‫أكل الطعا َم » (((‪.‬‬

‫�ن عن ِ‬ ‫عبدال ّل ِه ِ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫ب�ن ُم َغ َّف ٍل َأ ّن َر ُس َ‬ ‫�ول ال ‍ل ِّه ‪ m‬قال‪َ « :‬ل َق�دْ َأك َ​َل ال ّط َعا َم‬ ‫َو َع�ن َ‬ ‫َو َم َشى في األَ ْس َو ِاق» يعني الدّ َّج َال (((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫مجموعها تؤ ِّيدُ مس�ير َة الدَّ َّج ِ‬ ‫األحاديث بِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫األرض ِمن‬ ‫ال االس�تِطالعي َة في‬ ‫وه�ذه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫لحياة ُّ‬ ‫�عوب وأوضا ِع األُم� ِم ‪ ،‬وال َّل ُه‬ ‫الش‬ ‫�ؤون العال ِم ‪ ،‬ودراس�تَه‬ ‫قب�ل ‪ ،‬ومعرفتَه بِ ُش‬ ‫أعلم((( ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫هتمين بِ‬ ‫دراس�ة‬ ‫التليد‬ ‫أش�رنا ف�ي «‬ ‫ذكرها ُ‬ ‫الم ِّ‬ ‫بع�ض ُ‬ ‫والط�ارف » إل�ى قصة َ‬ ‫وق�د ْ‬ ‫جوده في ِ‬ ‫ال ‪ ،‬وفِيها ما يش�ير إلى و ِ‬ ‫الدَّ َّج ِ‬ ‫يجوب‬ ‫عهد موس�ى وعيسى ي ‪ ،‬وهو‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ف على أكنافِها وأطرافِها ‪َّ ،‬‬ ‫حبس�ه ووثا َقه في إحدى‬ ‫ويمس�حها‬ ‫األرض‬ ‫ويتعر ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫وأن َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الج ُز ِر َ‬ ‫حديث تمي ٍم‬ ‫النبي ‪ ، m‬ويؤ ِّيدُ هذا المعنى‬ ‫اس ِة‪،‬‬ ‫الداري َ‬ ‫ِّ‬ ‫كان َ‬ ‫ُ‬ ‫والج َّس َ‬ ‫مع ميالد ِّ‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الي في العال ِم ‪.‬‬ ‫النبي ‪ m‬ل ُيكم َل مش�رو َعه الدَّ َّج ِّ‬ ‫إلاَّ أنَّ�ه ع�ا َد إلى الحركة بع�دَ وفاة ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرواي َة إش�فا ًقا‬ ‫س�تقبلية ؛ ولكنَّنا في ِكتابِنا هذا‬ ‫الم‬ ‫ْ‬ ‫تجاوزنا هذه ِّ‬ ‫ويبن�ي قاعد َة دولته ُ‬ ‫الصحيح والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيد متى ما وجدوا َش�ي ًئا ِم َن‬ ‫َوهي�ن‬ ‫بعض ال ُق َّ�ر ِاء الراغبين في ت‬ ‫عل�ى‬ ‫ُ‬ ‫بحيث ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخب�ر ِ‬ ‫�ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الواه ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الموضوع‬ ‫المنهج‬ ‫فس�دون‬ ‫جان�ب ُمع َّي ٍن ‪،‬‬ ‫الضعيف في‬ ‫أو‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫شون ِ‬ ‫شو َ‬ ‫الفكر َة على المخدو ِع ‪.‬‬ ‫و ُي ِّ‬

‫((( المعجم الكبير (‪.)339‬‬

‫((( جامع األصول في أحاديث الرسول البن األثير (‪.)7852‬‬

‫((( المعجم األوسط (‪.)8154‬‬ ‫ِ‬ ‫((( لالستزادة ِ‬ ‫والرشاد » (‪)166 : 10‬‬ ‫الهدى‬ ‫راج ْع « ُس ُب َل ُ‬

‫‪379‬‬


‫يبدأ ِمن ِ‬ ‫وموق�ع الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫�عوب ُ‬ ‫ِ‬ ‫�ال في ُّ‬ ‫فالقرار‬ ‫السياس�ي » ‪:‬‬ ‫القرار‬ ‫موق� ِع «‬ ‫الش‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫الدجاج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لة‪،‬‬ ‫وموق ُع المتن ِّفذين ِم َن‬ ‫للدجل‪،‬‬ ‫التأثير‬ ‫حور‬ ‫السياسي في ك ُِّل مرحلة هو م ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫النقض المدم ِر لِ‬ ‫الش ِ‬ ‫لديانات في ُّ‬ ‫عوب ‪.‬‬ ‫وسبب‬ ‫ُ‬ ‫ِ ُ ِّ‬

‫ِ‬ ‫العالمي»‬ ‫الدجل‬ ‫س�مى بِالـ « أيديوليجيات » هو «ماد ُة‬ ‫والفكر‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ِّ‬ ‫الم َّ‬ ‫اإلنس�اني ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�يطان ‪ ،‬وم ِهم� ُة الدَّ َّج ِ‬ ‫ُف�ر عقيد ُة َّ‬ ‫ال‬ ‫الش‬ ‫البش�رية ‪،‬‬ ‫الحياة‬ ‫ف�ي‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُفر ‪ ،‬والك ُ‬ ‫وأساس�ه الك ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫راف�ات المتنو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والترهيب لِ َق ِ‬ ‫�عوب بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ترويض ُّ‬ ‫المؤدية إلى‬ ‫عة‬ ‫االنح‬ ‫بول‬ ‫الترغي�ب‬ ‫الش‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬

‫قراري الحك ِم ِ‬ ‫الهيمنة المسي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫«الك ِ‬ ‫والعل ِم » ‪.‬‬ ‫سة على «‬ ‫طريق‬ ‫ُفر» عن‬ ‫ِ ُ‬ ‫ُ َ َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫وليس‬ ‫البش�ر ‪،‬‬ ‫مخلوق ِم َن‬ ‫(‪ )4‬أنَّ�ه‬ ‫�ير إلى أنَّه م� َن اليهود ‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫الروايات تُش ُ‬ ‫وأرجح ِّ‬ ‫ِ‬ ‫دجاج ِ‬ ‫عهد الن ِ‬ ‫صياد الذي في ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُّبوة ‪ ،‬وإنَّما َ‬ ‫ٌ‬ ‫مخلوق‬ ‫المرحلة ‪ .‬فالدَّ َّج ُال‬ ‫لة‬ ‫ذاك ِمن‬ ‫اب َن‬

‫إلهية في الو ِ‬ ‫كمة ٍ‬ ‫مر لِ ِح ٍ‬ ‫وعملية وامتِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫منحه ال َّله ُقدُ ٍ‬ ‫داد في ال ُع ِ‬ ‫جود ‪ ،‬وهذا‬ ‫علمية‬ ‫رات‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الصحيح ‪.‬‬ ‫الداري في‬ ‫حديث تمي ٍم‬ ‫ما ُيؤ ِّكدُ ُه‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪ِ َّ )5‬‬ ‫ِ‬ ‫وإضفاء‬ ‫سمى بالدَّ ْج ِل ‪ ،‬وهو تموي ُه الباطِ ِل‬ ‫كرا‪ ،‬وهو ما ُي َّ‬ ‫أن للدجال عقيد ًة وف ً‬ ‫مور « س�لط ُة الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نف »‬ ‫س�لوب‬ ‫الحقائ�ق ع َليه ‪ ،‬وله ُأ‬ ‫ص�ورة‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫إرهابي ف�ي معالجة األُ ِ ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأيضا‬ ‫المن‍ْت َِش َر ِة ال َي ْو َم‪ً ،‬‬ ‫والمسلسلات والكارتون ُ‬ ‫كثير م َن األفال ِم ُ‬ ‫تفس ُ�ره ٌ‬ ‫وهذا ما ِّ‬ ‫دة لِ‬ ‫الثقافية الممه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سياس ُة د ِ‬ ‫ِ‬ ‫لمسيخ الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ‪.‬‬ ‫الظواه ِر‬ ‫اليهود كإحدى‬ ‫ولة‬ ‫ُ ِّ‬ ‫َ‬

‫والدجاج ِ‬ ‫ي�ن الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪ )6‬هن�اك ارتِ ٌ‬ ‫الدي�ن والدُّ نيا‬ ‫ل�ة وهم ُعلم�ا ُء‬ ‫�ال‬ ‫ب�اط وطي�دٌ َب َ‬ ‫ِ‬ ‫مواض ِعه لِ‬ ‫الذين ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫فون ِ‬ ‫ِ‬ ‫حر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫رادات‬ ‫تحقيق ُم‬ ‫الكل َم عن‬ ‫س�ون القضايا‬ ‫هند‬ ‫ُ‬ ‫واألديان ‪ ،‬و ُي ِّ‬ ‫الش ِ‬ ‫يطان والدَّ َّج ِ‬ ‫َّ‬ ‫ال في العال ِم ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫قه التحو ِ‬ ‫العل ِم « فِ ِ‬ ‫(‪ )7‬أهم ما يمكِن في هذا ِ‬ ‫سياس�ة الدَّ َّج ِ‬ ‫الت » وعالقتِه بِ‬ ‫ال تت ُّب ِع‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الباب ‪َّ ،‬‬ ‫المخلوق‬ ‫حديث ُي ِبر ُز لنا ُخطور َة هذا‬ ‫أهم‬ ‫الواردة في هذا‬ ‫األحاديث‬ ‫ولعل َّ‬ ‫‪380‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وجهلة الم ِ‬ ‫االس�تعاذة‬ ‫س�لمين ما ع َّلمنا إ َّياه ‪ِ m‬م َن‬ ‫وخاص ًة لدى عوا ِّم األُ َّم ِة‬ ‫وفِتنتِه‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الصالة « ِمن فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ال » ‪ ،‬وهذه إشار ٌة ِ‬ ‫المسيخ الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫أهمية‬ ‫واضح ٌة إلى‬ ‫تنة‬ ‫ستم َّر ِة في‬ ‫ُ‬ ‫وضرورة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العل ِم بِه ‪.‬‬ ‫األمر‬

‫إنس�انية ليس خطرا إل�ى حدٍّ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بعيد ‪ ،‬وإنَّما‬ ‫كذات‬ ‫أن الدَّ َّج َال‬ ‫(‪)8‬‬ ‫النبي ‪َّ m‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫أخب�ر ُّ‬ ‫َ‬ ‫المراح ِل التي تُص�اب فِيها األُم� ُة بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫المعرفي ُة‬ ‫المش�اريع‬ ‫تن ‪ ،‬وهي‬ ‫الخُ ط�ور ُة ف�ي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫مسيرة‬ ‫نجاح‬ ‫وقرارا سياس ًّيا ‪ ،‬تُح ِّق ُق‬ ‫وتعليما ودعو ًة وإعال ًما وثقاف ًة واقتِصا ًدا‬ ‫تربي ًة‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫�ال ‪ِ ،‬‬ ‫المس�يخ الدَّ َّج ِ‬ ‫يكم الدَّ َّج َ‬ ‫�ال وف�ي ذلِ َك ُ‬ ‫ِ‬ ‫ولكن‬ ‫يقول ‪« : m‬‬ ‫ُ‬ ‫لس�ت أخش�ى ع َل ُ‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫أخش�ى ع َليك�م ُعلماء ِ‬ ‫اآلخ�ر ‪َ « :‬غير الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال أخو َفني على‬ ‫الحديث‬ ‫تنة » ‪ .‬وفي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصغير‪.‬‬ ‫الجام ِع‬ ‫يوطي في‬ ‫والس‬ ‫الم ِض ُّلون » ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫أخرجه أحمدُ ُّ‬ ‫ُأ َّمتي م َن الدَّ َّجال األئم ُة ُ‬ ‫ِ‬ ‫وعن شدَّ ِ‬ ‫اد ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫أوس ؤ َ‬ ‫أخاف على‬ ‫أخوف ما‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪ِ « : m‬من‬ ‫قال‬ ‫بن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف لم ُير َف ْع إلى يو ِم‬ ‫القيامة »((( ‪.‬‬ ‫الس ُ‬ ‫ُأ َّمتي أئم ٌة ُمض ُّلون ‪ .‬وإذا َ‬ ‫وقع َّ‬

‫بن َأ ٍ‬ ‫ق�ال ‪ « :‬أنا لِ ِ‬ ‫يل عن أبي َس�ريح َة ُح َذيف َة ِ‬ ‫وع�ن أب�ي ال ُّط َف ِ‬ ‫س�يد ؤ أنَّه َ‬ ‫غير‬ ‫الدَّ َّج ِ‬ ‫قال ف ُقلن�ا ما هو يا أبا َس�ريح َة ‪َ .‬‬ ‫عل�ي وع َليكم » َ‬ ‫ق�ال ‪ :‬فِ َت ٌن كأنَّها‬ ‫أخ�وف‬ ‫�ال‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يل الم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫شر ؟ َ‬ ‫ظل ِم ‪َ .‬‬ ‫خطيب ِمصق ٍع وك ُُّل‬ ‫قال ‪ :‬ك ُُّل‬ ‫أي‬ ‫قال ‪ :‬ف ُقلنا ُّ‬ ‫ق ُ‬ ‫الناس فيها ٌّ‬ ‫طع ال َّل ِ ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ب ِ‬ ‫راك ِ‬ ‫خفي ‪َ .‬‬ ‫ي�ر ؟ َ‬ ‫موض� ٍع َ‬ ‫لت‪:‬‬ ‫أي‬ ‫قال ‪ُ :‬ق ُ‬ ‫قال ‪ :‬ف ُقلنا ُّ‬ ‫غني ٍّ‬ ‫قال ‪ :‬ك ُُّل ٍّ‬ ‫الناس فيها َخ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫الغن�ي وال بِ‬ ‫م�ا أن�ا بِ‬ ‫قال ‪ :‬فكُ� ْن ِ‬ ‫الخف�ي ‪َ .‬‬ ‫ضرع‬ ‫َ�ب ‪ ،‬وال‬ ‫َ‬ ‫ظهر ف ُيرك ُ‬ ‫كابن اللب�ون ال َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫األس�اس َّ‬ ‫َّب‬ ‫والدجاجل� َة‬ ‫ف�إن الدَّ َّج َال‬ ‫ب» ‪ (((.‬وعلى هذا‬ ‫ف ُيح َل ُ‬ ‫المرك ُ‬ ‫والدجل هم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خاف منه‬ ‫البش�رية في العال� ِم ‪ ،‬وهو ما‬ ‫الحركة‬ ‫س�يطر على مجمو ِع‬ ‫الثي الذي ُي‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ال ُّث ُّ‬ ‫الس�ابقة أو في ُأم ِة اإلسلا ِم ُخصوصا ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫‪َّ m‬‬ ‫ومن ذلِ َك‬ ‫وحذ َر منه س�وا ًء في األُم ِم‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫((( األحاديث الواردة في الفتن للداني (‪.)51 :1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ستدركه ‪َ ،‬‬ ‫الجماعة (‪. )49 :1‬‬ ‫إتحاف‬ ‫اإلسناد ‪.‬‬ ‫صحيح‬ ‫وقال ‪:‬‬ ‫الحاك ُم في ُم‬ ‫((( رواه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫‪381‬‬


‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫األرض ُ‬ ‫منذ َذ َر َأ ال ّل ُه ُذ ِّر َّي َة‬ ‫نن ‪ « :‬إِ ّن ُه لم َت ُك ْن فٍ ْتنَ ٌة في‬ ‫َقو ُله ‪ m‬فيما رواه‬ ‫ُ‬ ‫أصحاب ُّ‬ ‫آدم أعظم ِمن فِ ْتن َِة الدّ ّج ِ‬ ‫ال »((( ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ْ�ذ َر الدَّ َّج َ‬ ‫ُ�وح إِالَّ َو َق�دْ َأن َ‬ ‫ُ‬ ‫�ي َب ْع�دَ ن ٍ‬ ‫�ال َق ْو َم� ُه َوإِنِّ�ي‬ ‫�م َيكُ� ْن نَبِ ٌّ‬ ‫وحدي�ث ‪ :‬إِنَّ� ُه َل ْ‬ ‫ُأن ِْذ ُرك ُ​ُمو ُه»(((‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ؤامرة ‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫وإن‬ ‫كم‬ ‫وه�ذه‬ ‫األحاديث ُمجتمع� ٌة فيها دالل ٌة خطير ٌة على موق� ِع الدَّ َّجال ُ‬ ‫ِ‬ ‫السياس�ي ٌ‬ ‫َ‬ ‫دجالي‬ ‫عمل‬ ‫الصرا ِع‬ ‫المب َّط َن‬ ‫ؤام�رات‬ ‫الم‬ ‫ُأ‬ ‫القائ�م على ِّ‬ ‫َ‬ ‫ٌّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫والعمل ُ‬ ‫س�لوب ُ‬ ‫ال ‪ ،‬وق�د ُل ِ‬ ‫الفتن� َة المنتظ�ر َة لِ‬ ‫يخ�دُ م ِ‬ ‫المس�يخ الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح َظ هذا في م�ا بعدَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قتل‬ ‫ظهور‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أيضا س� ِّيدُ نا‬ ‫ثم�ان ؤ‬ ‫ُع‬ ‫المص ِّلي َن ‪ ،‬و ُقتِ َل فِيها ً‬ ‫حي�ث اتَّس� َع ْت دائر ُة الفت َِن َبي� َن ُ‬ ‫المص ِّلين ‪.‬‬ ‫علي ؤ فيما بعدُ على أيدي ُ‬ ‫ٍّ‬

‫ثيرة لِ ِ‬ ‫�ر الم ِ‬ ‫واتس�عت هذه الدائ�ر ُة الدَّ جالي ُة بعدَ ذلِ َك لِ‬ ‫ِ‬ ‫لف ِ‬ ‫َ‬ ‫تن ‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫تش�مل كاف َة العناص ِ ُ‬ ‫أو ِ‬ ‫الحك ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫تحريض ُّ‬ ‫عوب ‪ ،‬كما هو في‬ ‫العل ِم أو في ُمس�توى‬ ‫س�وا ٌء في مس�توى ُ‬

‫الفتن َة الدَّ جالي َة ِم�ن جهتَين ‪ِ :‬من ِج ِ‬ ‫حيث عاصر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫هة‬ ‫الحس�ن ؤ‬ ‫مرحل�ة اإلما ِم‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫العضوض من جه ‍ة ‪ ،‬ود ِ‬ ‫ع�اة الم ِ‬ ‫د ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المجموعات التي‬ ‫الح�رب واالنتِقا ِم ِم َن‬ ‫عاة‬ ‫لك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ثم�ان ؤ ُثم في ِ ِ‬ ‫َت ف�ي ِ‬ ‫َ‬ ‫علي ؤ من جهة‬ ‫مقتل ُع‬ ‫ش�ارك ْ‬ ‫مقتل والده اإلم�ا ِم ٍّ‬ ‫َّ‬ ‫الف ِ‬ ‫أخ�رى‪ .‬ث�م كيف تفادى اإلمام الحس�ن ؤ ف�ي مرحلتِه هيمن� َة ِ‬ ‫تنة فاجتهدَ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫فعل ُ ِ ِ‬ ‫ب�ول الص ِ ِ‬ ‫إجبارا له كم�ا َ‬ ‫علي‬ ‫ي�ارا ِمنه ‪ ،‬ال‬ ‫أهل الفتنة َ‬ ‫رأ َي�ه بِ َق ِ ُّ‬ ‫م�ع والده ٍّ‬ ‫ً‬ ‫لح اخت ً‬

‫س�بيل ِح ِ‬ ‫ؤ في ِص ِّفين وما تالها ‪ ،‬فكان ِ‬ ‫ِ‬ ‫َت التضحي ُة بِ‬ ‫ِ‬ ‫فظ‬ ‫القرار ِعندَ ه َأولى في‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫واتخذ ِ‬ ‫األُ َّم ِة ودوا ِم االستِ ِ‬ ‫َ‬ ‫المؤامرة فيما بعدَ ذلِ َك‬ ‫الخطير في‬ ‫الفتن ُة شك َلها‬ ‫قرار ‪.‬‬ ‫َ‬

‫((( سنن ابن ماجه (‪.)4077‬‬ ‫((( سنن أبي داود (‪.)4758‬‬

‫‪382‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫التسييس‬ ‫الغدر بِه ِم َن‬ ‫َّب على‬ ‫ين ؤ ‪ ،‬وما ترت َ‬ ‫على شهيد اإلسال ِم اإلما ِم ُ‬ ‫العضوض أو لدى الم ِ‬ ‫قرار الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تخاذلين عن نُصرتِه‬ ‫لك‬ ‫ُ‬ ‫الي ‪ ،‬س�وا ٌء عندَ حملة ِ ُ‬ ‫الدَّ َّج ِّ‬ ‫ِمن شيعتِه الدافعين له إلى ُ‬ ‫الخ ِ‬ ‫روج((( ‪.‬‬

‫انح ٍ‬ ‫ن�ذر ٌة بِ ِ‬ ‫المراح ُل م ِ‬ ‫ِ‬ ‫خطير ف�ي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الحك� ِم وما تاله ِمن‬ ‫راف‬ ‫لق�د كانَ�ت ه�ذه‬ ‫قرار ُ‬ ‫ُ‬ ‫الدجل واالختِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫نق�ض ف�ي قضايا ِ‬ ‫النواق ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أمر‬ ‫ض‬ ‫العل� ِم ‪ ،‬وبهذه‬ ‫لاف فيما بعدُ‬ ‫َ‬ ‫اتس�ع ُ‬ ‫رحم ال َّله ‪ ،‬والذين ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف�ي دائرت ِ‬ ‫رح َم ال َّل� ُه هم أولئك األئم ُة‬ ‫الحك ِم والعل ِم إلاَّ َم�ن َ ُ‬ ‫َ�ي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحق اجتِها ًدا بِ‬ ‫األوس�ط ‪ ،‬ودافعوا ِ‬ ‫الس�يف‬ ‫النمط‬ ‫منهج‬ ‫عن ِّ‬ ‫واألتباع ‪ ،‬الذين لز ُموا َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫كض�رورة ‪ ،‬وحينً�ا بِ‬ ‫ُ‬ ‫النبي‬ ‫وه�م الذين ينطبِ ُق ع َليه�م‬ ‫كهدف ‪،‬‬ ‫الدعوة‬ ‫حينً�ا‬ ‫حديث ِّ‬ ‫ُ‬

‫‪ m‬ال�ذي رواه ِ‬ ‫رب�اض ِ‬ ‫أش�رنا إ َليه س�ل ًفا ‪ ،‬وفيه ُ‬ ‫يقول‬ ‫الع ُ‬ ‫ب�ن س�اري َة ؤ ‪ ،‬وقد ْ‬ ‫‪ « :m‬اسمعوا وأطيعوا ! ولو تأ َّم َر ع َليكم عبدٌ فإنَّه َمن ْ‬ ‫يعش منكم فسيرى اختِال ًفا‬ ‫كثي�را فع َليكم بِس�نَّتي وس�ن َِّة ُ ِ‬ ‫عضوا ع َليها‬ ‫الخلفاء الراش�دين المهديين من بع�دي ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫النواج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬ ‫القرار وس�يل ًة ال غاي ًة ‪،‬‬ ‫�ذ ‪ . (((» ...‬فكانَ�ت سلام ُة ُاأل َّم ِة هد َفهم ‪ ،‬ومس�أل ُة‬ ‫ٍ‬ ‫نازعة عدل�وا فيه ‪ ،‬ومتى م�ا ِ‬ ‫نوزعوا فيه عدل�وا عنه لِما هو‬ ‫فمت�ى م�ا امتلكُوه بِلا ُم‬ ‫ِ‬ ‫�يطان والدَّ َّج ِ‬ ‫ال في استِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وأس�لم ‪ ،‬وأفشلوا سياس َة َّ‬ ‫وضرب‬ ‫التحريش‬ ‫ثمار‬ ‫الش‬ ‫أفضل‬ ‫ُ‬ ‫سل ِم بالم ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫سل ِم ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫بن َأ ٍ‬ ‫قال ‪ «:‬أنا ِ‬ ‫يل عن أبي َس�ريح َة عن ُح َذيف َة ِ‬ ‫وعن أبي ال ُط َف ِ‬ ‫س�يد ؤ أنَّه َ‬ ‫لغير‬ ‫الدَّ َّج ِ‬ ‫قال ‪ :‬فقلنا ‪ :‬ما هو يا أبا َس�ريح َة ؟ َ‬ ‫أخ�وف على ُأ َّمتي » ‪َ .‬‬ ‫قال ‪ « :‬فِت ٌن كأنها‬ ‫�ال‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يل الم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫شر ؟ َ‬ ‫ظل ِم » ‪َ .‬‬ ‫خطيب ِمص َق ٌع‪،‬‬ ‫قال ‪ « :‬ك ُُّل‬ ‫أي‬ ‫قال ‪ :‬ف ُقلنا ‪ُّ :‬‬ ‫ق ُ‬ ‫الناس فيها ٌّ‬ ‫طع ال َّل ِ ُ‬

‫((( كتبن�ا ف�ي هذا الباب كتابنا « إحياء منهجية النمط األوس�ط من س�ادة الصلح وبقية الس�يف‬ ‫وبراءتهما من طرفي اإلفراط والتفريط » وتوسعنا فيه ‪ ،‬وقد طبع فليراجع لالستزادة‪.‬‬

‫((( سنن أبي داود (‪. )4609‬‬

‫‪383‬‬


‫ِ‬ ‫�ب م ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس فِيها َخ ٌير ؟ َ‬ ‫وض� ٍع » ‪َ .‬‬ ‫خفي »‪.‬‬ ‫أي‬ ‫قال ‪ :‬فقلنا ‪ُّ :‬‬ ‫غني ٍّ‬ ‫قال ‪ « :‬ك ُُّل ٍّ‬ ‫وك ُُّل راك ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫الغني وال بِ‬ ‫ق�ال ‪ « :‬ف ُك ْن ِ‬ ‫الخفي ‪َ .‬‬ ‫َ‬ ‫َب‪،‬‬ ‫ق�ال ‪ُ :‬ق ُ‬ ‫ظهر ف ُيرك ُ‬ ‫كابن اللبون ال َ‬ ‫ِّ‬ ‫ل�ت ‪ :‬ما أنا بِ ِّ‬ ‫والط�ار ِ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫ف » إلى َّأو ِل ُظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وال‬ ‫هور‬ ‫التليد‬ ‫أش�رنا ف�ي ِكتابِنا «‬ ‫ض�رع ف ُيح َل ُ‬ ‫َ‬ ‫ب » ‪ ،‬وقد ْ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مراح ِل فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�رعي ‪،‬‬ ‫َّص‬ ‫تنة‬ ‫حمدية كما ور َدت في الن ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الم َّ‬ ‫المس�يخ الدَّ َّجال في األُ َّمة ُ‬ ‫الخليف�ة الثالِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثمان ِ‬ ‫وه�ي مرحل� ُة ِ‬ ‫بن ع َّف َ‬ ‫ث ُع َ‬ ‫�ان ؤ ‪ ،‬وهي المرحل ُة التي‬ ‫مقتل‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ماعي‪،‬‬ ‫السياس�ي ‪ ،‬حتَّى تم َّك َن أتبا ُعه ِم َن‬ ‫الدجل‬ ‫ظهر فِيها‬ ‫التأثير على الواق ِع االجت ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫البسات ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح َيل والتُّه ِم والقضايا على ِ‬ ‫قتل س ِّي ِدنا ُع َ‬ ‫ثمان‬ ‫نس�جوه ِمن ُم‬ ‫وتجرؤوا بِما‬ ‫ُ‬ ‫إصالح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫طالب�ة بِ‬ ‫السياس�ي إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫قتل‬ ‫الواق ِع‬ ‫الم‬ ‫ِّ‬ ‫ؤ ‪ ،‬وكي�ف انتق َل�ت القضي ُة م َن ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حام ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫الش�رعي مربو ًطا‬ ‫التاريخ‬ ‫دراس�ة‬ ‫مفص�ل ها ٌّم ف�ي‬ ‫ق�راره ‪ ،‬وه�ذه المرحل ُة‬ ‫�ل‬ ‫ِّ‬ ‫قه التحو ِ‬ ‫النبوية في فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬ ‫الت ‪.‬‬ ‫األحاديث‬ ‫ُّ‬

‫اليمان ؤ ق‍‍ال ‪ « :‬أو ُل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفت َِن ُ‬ ‫قتل ُع َ‬ ‫ثمان‪،‬‬ ‫النبي ‪ِ m‬م َّما رواه ُح َذيف ُة ب ُن‬ ‫َّ‬ ‫بل إن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫روج الدَّ َّج ِ‬ ‫رج ٍ‬ ‫�ل في قلبِه ِم ُ‬ ‫ثقال ح َّب ٍة ِمن‬ ‫ال ‪ ،‬والذي نفس�ي بيده ‪ ،‬ما من ُ‬ ‫وآخ ُره�ا ُخ ُ‬ ‫ثمان إلاَّ تبِ َع الدَّ َّج َال إن أدركَه ‪ ،‬وإن لم ُيدركْه آمن بِه في ِ‬ ‫ِ‬ ‫قتل ُع َ‬ ‫قبره»(((‪.‬‬

‫وأخرج أحمد عن عبد الله بن سالم رضي الله عنه قال‪( :‬ال َت ْق ُت ُلوا ُع ْث َم َ‬ ‫ان َفإِ ّنكُم‬ ‫إِ ْن َف َع ْلت ُْم َل ْم ت َُص ُّلوا َج ِميع ًا أبد ًا )(((‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫كان في ِح ٍ‬ ‫سمر َة َ‬ ‫إن اإلسال َم َ‬ ‫قال ‪َّ « :‬‬ ‫ثلموا في اإلسال ِم‬ ‫صن‬ ‫حصين ‪ ،‬وإنَّهم ُ‬ ‫وعن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ثلم� ًة بِ ِ‬ ‫حمدُ ب ُن س�يري َن َ‬ ‫قتله�م ُع َ‬ ‫ثمان ال تُس�دُّ إلى يو ِم‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫القيام�ة»((( ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وأخرج ُم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مستدركه (‪ ،)8612‬وانظر إتحاف الجماعة (‪.)49 :1‬‬ ‫الحاك ُم في‬ ‫((( رواه‬ ‫((( جامع األحاديث للسيوطي (‪. )37324‬‬ ‫((( فضائل الصحابة (‪.)796‬‬

‫((( تاريخ دمشق (‪. )483 :39‬‬

‫‪384‬‬


‫« ل�م ُت ْف َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫�د َ‬ ‫ثم�ان »((( ‪ .‬وفي هذه‬ ‫ي�وش حتَّى ُقتِ َل ُع‬ ‫والج‬ ‫الخ ُيل‬ ‫ُ‬ ‫البل�ق في المغازي ُ‬ ‫ِ‬ ‫راج ِ‬ ‫والمرويات إش�ار ٌة ِخطير ٌة إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اند ِ‬ ‫السياسية‪،‬‬ ‫الفت َِن في أوضا ِع األُ َّم ِة‬ ‫األحاديث‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫اللحظ�ة ِ‬ ‫�ع الدَّ َّج ِ‬ ‫والعرب�ي ُم ُ‬ ‫نذ تِ َ‬ ‫ينطل ُق ِم َن‬ ‫ل�ك‬ ‫اإلسلامي‬ ‫�ال ف�ي العال ِم‬ ‫وإن موق َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫االختِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الف َ‬ ‫القرار ‪.‬‬ ‫مسألة‬ ‫حول‬

‫�ال » ومع�ه ِمن ِ‬ ‫المس�يخ الدَّ َّج ُ‬ ‫ُ‬ ‫أصبهان س�بعون أل ًف�ا ‪ ،‬وذلِ َ‬ ‫يهود‬ ‫يتح�رك «‬ ‫(‪)9‬‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بع�دَ انتِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ويخر ُج ِمن‬ ‫ثير الدَّ َّج َال ‪،‬‬ ‫المهدي عل�ى الرو ِم ‪.‬‬ ‫صار اإلما ِم‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫األمر ُي ُ‬ ‫وكان هذا ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫غضبة يغض ُبها »((( إلاَّ َّ‬ ‫يخر ُج في‬ ‫أن الدَّ َّج َال يبد ُأ‬ ‫مكمن�ه كما ور َد في الحديث « إنَّه ُ‬ ‫ب�ادئ ذي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والصلاة والتقوى حتَّى ُي َ‬ ‫الناس‬ ‫والديانة‬ ‫اإليمان‬ ‫بدء بدع�وى‬ ‫َ‬ ‫مي�ل إ َليه َ‬ ‫ظهر ادعاءه بِالن ِ‬ ‫ويحبون�ه ‪ ،‬ولم يزل يظهر حتَّى يقدُ م الكوف َة على ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫ُّبوة ؛‬ ‫راق ‪ُ ،‬ث َّم ُي ِ ُ ِّ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الواضح َة بِك ِ‬ ‫ُ‬ ‫ودجله ‪.‬‬ ‫ُفره‬ ‫العالمات‬ ‫وتظه ُر‬ ‫الناس ‪ُ ،‬ث َّم يدعي األُلوهي َة‬ ‫َ‬ ‫فيتف�رق عنه ُ‬ ‫وي ِ‬ ‫عل ُن عن ُهويتِه ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫والفقر حتَّى‬ ‫الج�وع‬ ‫الناس مرحل� ًة ويك ُث ُر‬ ‫(‪ )10‬تش�تدُّ الحال� ُة االقتِصادي� ُة على‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫حديث ُح َذيف� َة ؤ َ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪: m‬‬ ‫قال‬ ‫روج�ه ‪ .‬ففي‬ ‫يتمنَّ�ى‬ ‫الن�اس ُخ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الناس ٌ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ِم َّم‬ ‫لت‪ :‬بِأبي وأ ِّمي يا‬ ‫«يأت�ي على‬ ‫زمان يتمنَّ�ون فيه الدَّ َّجال»َ ‪ُ ،‬ق ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الضناء والعناء»ِ ((( ‪ ،‬ولع َّله ‪ِ :‬من ال ُغ ِ‬ ‫قال‪ِ :‬‬ ‫ذاك ؟ َ‬ ‫«م َّما يلقونه ِم َن‬ ‫ثاء‬ ‫والعناء((( ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ (((‬ ‫ألف‬ ‫امرأة((( ‪.‬‬ ‫عشر َ‬ ‫(‪ )11‬يتب ُعه سبعون أل ًفا من يهود أصبهان وثالث َة َ‬ ‫((( تاريخ دمشق (‪. )493 :39‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪.)7543‬‬

‫((( الطبراني في األوسط (‪.)26427‬‬

‫((( انظر عالمات الساعة ليوسف الوابل ص‪.209‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪.)7579‬‬

‫((( الفتن لنعيم بن حماد (‪.)1518‬‬

‫‪385‬‬


‫ِ‬ ‫األرض أربعين يو ًما (((‪.‬‬ ‫يسيح في‬ ‫(‪)12‬‬ ‫ُ‬ ‫وإدب�ار ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األرض من‬ ‫العل� ِم وال يبقى عل�ى‬ ‫الدين‬ ‫يخ�ر ُج ف�ي ِخ َّف ٍة ف�ي‬ ‫ٍ َ‬ ‫(‪ُ )13‬‬ ‫الناس عن ِ‬ ‫ُ‬ ‫يحاجه ‪،‬‬ ‫ذكره((( ‪.‬‬ ‫ويذهل ُ‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األعراب َ‬ ‫السحاب‬ ‫واألطراف ‪ ،‬و ُيحيي أمواتَهم ‪ ،‬ويأ ُم ُر‬ ‫السواد‬ ‫وأهل‬ ‫(‪ )14‬يفتِ ُن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫واألرض فت ِ‬ ‫ِ‬ ‫العين ‪.‬‬ ‫رأي‬ ‫ف ُيمطِ َر‬ ‫ُخر َج ك َ‬ ‫َ‬ ‫ُنوزها َ‬ ‫األرض مهلاً مهًل�اً طي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فروة‬ ‫األرض له ‪ « ،‬تُطوى ل�ه‬ ‫وط�ي‬ ‫الوق�ت‬ ‫ط�ي‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫(‪ُّ )15‬‬

‫ِ‬ ‫الكبش » (((‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ‪ُ ،‬ثم يم�ر إلى ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫أه�ل ِ‬ ‫�ب عل�ى ِ‬ ‫العربية ‪،‬‬ ‫الجزي�رة‬ ‫�راق ‪ ،‬وإلى‬ ‫(‪ )16‬يغ ُل ُ‬ ‫ف�ار ٍ َّ ُ ُّ‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حي�ث ُجندُ اإلما ِم‬ ‫أط�راف مكَّ� َة والمدين َة ‪ُ ،‬ث َّم ُيتابِ ُع مس�يرتَه إلى الش�ا ِم ‪،‬‬ ‫ويدخ ُ�ل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫خان بب ِ‬ ‫تحت ِ‬ ‫جبل الدُ ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫المقد ِ‬ ‫صار في ِ‬ ‫س‪.‬‬ ‫يت‬ ‫المنت َظ ِر َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المهدي و َمن معه ‪ ،‬و ُي ِ‬ ‫جهدُ هم‬ ‫صار على اإلما ِم‬ ‫ِّ‬ ‫(‪ُ )17‬يشد ُد الدَّ َّج ُال وجنو ُده الح َ‬ ‫جهدً ا شديدً ا ‪.‬‬

‫الناس على الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫البزار عن أبي ُه َرير َة‬ ‫ال « بنو تمي ٍم » ‪ ،‬وفي هذا روى‬ ‫(‪ )18‬أشدُّ‬ ‫ُ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ « m‬بني تَمي�م» َ‬ ‫ُ‬ ‫ؤ َ‬ ‫ثبت‬ ‫ذك�ر‬ ‫فقال ‪ُ « :‬هم ِضخ�ا ُم الها ِم ‪ُ ،‬‬ ‫ق�ال ‪َ :‬‬

‫((( الطبراني في األوسط (‪.)9199‬‬ ‫((( مسند أحمد (‪. )16667‬‬

‫وفي مس�تدرك الحاكم (‪ « : )8612‬وال يسخر له من المطايا إال الحمار فهو رجس على‬

‫رجس » ‪ ،‬وانظر إتحاف الجماعة (‪.)15 :3‬‬

‫((( وف�ي حدي�ث حذيفة ب�ن أس�يد ؤ « الدجال يخرج ف�ي بغض من الن�اس ‪ ،‬وخفة من‬ ‫الدين ‪ ،‬وسوء ذات البين ‪ ،‬فيرد كل منهل فتطوى له األرض طي فروة الكبش ‪ ...‬الحديث»‬ ‫المستدرك (‪.)8612‬‬

‫‪386‬‬


‫الحق في ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزمان ‪ ،‬أشدُّ َقوما على الدَّ َّج ِ‬ ‫آخر‬ ‫األقدا ِم ‪،‬‬ ‫ال »((( ‪.‬‬ ‫أنصار ِّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬

‫((( بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث (‪.)1039‬‬

‫‪387‬‬


‫ِ‬ ‫جا ِل ودولةِ‬ ‫اليهود‬ ‫نِهايةُ الدَّ َّ‬ ‫ِ‬ ‫حول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المق�د ِ‬ ‫وجيوش�ه َ‬ ‫ُ‬ ‫أرض فِلس�طي َن‬ ‫حاصر و َبي َن‬ ‫الم‬ ‫بيت‬ ‫عس�ك ُر الدَّ َّج ُال‬ ‫ُي‬ ‫س ُ‬ ‫س�لمين ‪ ،‬حتَّ�ى إذا َ ِ‬ ‫بِ ِ‬ ‫الس�بيل على من ِبقي ِمن الم ِ‬ ‫َ‬ ‫صار‬ ‫كام ِله�ا‪ ،‬ويقطعون‬ ‫طال الح ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مش�ق »((( ‪ِ ،‬‬ ‫« ِ‬ ‫َ‬ ‫البيضاء‬ ‫المنارة‬ ‫يتوج ُه‬ ‫ش�رق ِد َ‬ ‫ومن ِد َ‬ ‫مريم ِعندَ‬ ‫مشق َّ‬ ‫ينز ُل عيس�ى ب ُن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إل�ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المقد ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفجر‪،‬‬ ‫صالة‬ ‫وقت‬ ‫الم‬ ‫المهدي في‬ ‫ُص�رة اإلما ِم‬ ‫س لِن‬ ‫بيت‬ ‫حاصر َ‬ ‫ِّ‬ ‫الجبل ُ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫انص�رف دعاهم إل�ى ِ‬ ‫�عارهم في‬ ‫هاد في‬ ‫ف ُيص ِّل�ي مأمو ًم�ا ‪ ،‬فإذا‬ ‫َ‬ ‫س�بيل ال َّله وش ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويهر ُب الدَّ َّج ُال إلى ُع ِ‬ ‫مق فِلس�طي َن فيتب ُعه عيسى إلى ِ‬ ‫«باب ُلدٍّ »‬ ‫معركتهم « ا ْفت َْح» ‪ُ ،‬‬ ‫فيق ُت ُله ِ‬ ‫ويهز ُم ال َّل ُه اليهو َد ‪.‬‬

‫وتقول هذا يهودي ِ‬ ‫ِ‬ ‫المعركة تُخاطِب الش�جر والحجر الم ِ‬ ‫ُ‬ ‫خلفي‬ ‫سل َم ‪،‬‬ ‫وفي هذه‬ ‫ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫رس�ول ِ‬ ‫والحديث رواه م ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الله قال‪« :‬ال تقو ُم‬ ‫س�ل ٌم عن أبي ُه َرير َة ؤ أن‬ ‫فاق ُت ْله ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫مون اليهود فيق ُت ُلهم الم ِ‬ ‫الس�اع ُة حتَّى يقاتِ ُل الم ِ‬ ‫س�ل َ‬ ‫اليهودي‬ ‫يختبئ‬ ‫س�لمون ‪ ،‬حتَّى‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫يهودي خلفي فاق ُت ْله‪،‬‬ ‫والشجر يا عبدَ ال َّل ِه هذا‬ ‫الحجر‬ ‫فيقول‬ ‫والشجر ؛‬ ‫الحجر‬ ‫ورا َء‬ ‫ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شجر‬ ‫إلاَّ الغرقدُ ‪ ،‬فإنَّه ِمن‬ ‫اليهود(((» ‪.‬‬

‫((( سنن أبي داود (‪.)4323‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪.)7523‬‬

‫‪388‬‬


‫جا ِل اب ِبن صيَّادٍ‬ ‫اشتباهُ الدَّ َّ‬

‫ٍ‬ ‫طلق لِلدَّ ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعضهم بِ َّ‬ ‫أن «اب َن‬ ‫صياد»‬ ‫أمر‬ ‫جال وش�خصيتِه ‪ ،‬وجز َم ُ‬ ‫َ‬ ‫التعيين ُ‬ ‫اضطرب ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه�و الدَّ َّج ُ‬ ‫الصحابة الذي�ن اعتقدوا‬ ‫بع�ض‬ ‫الرواي�ات عن‬ ‫بعض‬ ‫�ال تب ًع�ا لِما ور َد ف�ي‬ ‫بن ُعمر ء وجابِر بن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عبدال َّل ِه‬ ‫مر وعبدالله ِ َ‬ ‫ذل َك‪ ،‬ومنهم من جز َم بِه كس� ِّيدنا ُع َ‬

‫ِ‬ ‫وغيرهم(((‪.‬‬

‫واس�تقر األمر بعدَ ذلِ َك لدى الع ِ‬ ‫ٍ‬ ‫صياد ‪ ،‬وإنَّما َ‬ ‫لماء بِ َّ‬ ‫كان اب ُن‬ ‫أن الدَّ َّج َال ليس اب َن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫الدجاج ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫لة ‪.‬‬ ‫صياد أحدَ‬

‫إن الدَّ ج َال األكبر الذي يخرج ف�ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزمان َغ ُير ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫َ‬ ‫ابن‬ ‫آخ ِر‬ ‫ُ ُ‬ ‫�نن ‪َّ َّ :‬‬ ‫َ‬ ‫يهقي في ُّ‬ ‫ق�ال ال َب ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الكذابين الذين أخبر ‪ m‬بِ ُخ ِ‬ ‫صياد أحدَ الدَّ َّجالين َّ‬ ‫َ‬ ‫وكان اب ُن‬ ‫صياد ‪،‬‬ ‫روجهم(((‪.‬‬ ‫َ‬

‫((( مما يستفاد في أمور العالمات اختالف القول لدى الصحابة ئ في أمر الدجال ‪.‬‬ ‫ف الوابِل ص‪ 300‬بِتصر ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‪.‬‬ ‫وس َ‬ ‫ُّ‬ ‫((( عن أشراط الساعة ل ُي ُ‬

‫‪389‬‬


‫وسائل ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫جا ِل‬ ‫فظ ِم َن الدَّ َّ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ •التعو ُذ بِال َّل ِه ِمن فِ ِ‬ ‫تنة الدَّ َّج ِ‬ ‫الصالة ‪.‬‬ ‫ال وخاص ًة في‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الواج ِبة‬ ‫الطاعة‬ ‫أعمال‬ ‫والمحافظ ُة على‬ ‫ •التزا ُم‬ ‫األذكار واألوراد وقراء ُة ال ُقرآن ُ‬ ‫ِ‬ ‫والمندوبة ‪.‬‬

‫رواية ِمن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العش�ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكهف ِمن َّأولِها((( وف�ي‬ ‫س�ورة‬ ‫آيات ِمن‬ ‫ •قراء ُة‬ ‫آخ ِرها (((‪.‬‬ ‫الروايتَين أولى ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫والجمع َبي َن ِّ‬

‫سباب فِتنتِه ومالبساتِها ‪ ،‬فمن ُع ِصم ِمن فِ ٍ‬ ‫ •الدراس ُة الش�رعي ُة لأِ‬ ‫ِ‬ ‫تنة قب َله ُع ِص َم‬ ‫َ‬ ‫وس�يره‪ ،‬لِ َقولِه ‪ « : m‬من ِ‬ ‫ه�وره‪ ،‬ولِيتجنَّب ِ‬ ‫ِمن� ُه ِعن�دَ ُظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�م َع‬ ‫مواق َع حركتِه‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ليأتيه وهو يحسب أنَّه ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالدَّ َّج ِ‬ ‫ال ف ْل ْ‬ ‫ينأ عنه ؛ فو ال َّل ِه َّ‬ ‫مؤم ٌن فيتبِ ُعه ِم َّما‬ ‫الرج َل‬ ‫ُ‬ ‫إن ُ‬ ‫الشب ِ‬ ‫هات ‪ ،‬أو لِما ُ ِ‬ ‫الشب ِ‬ ‫ِ‬ ‫هات »((( ‪.‬‬ ‫يبعث بِه م َن ُّ ُ‬ ‫يب َع ُث م َن ُّ ُ‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)1919‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪.)1919‬‬

‫((( س�نن أبي داود (‪ ، )4321‬وفي الحديث ملحظ لخطورة الش�بهات ‪ ،‬وهي المتناقضات في‬

‫السلوك والعبادة والعقيدة ‪ ،‬وقد برزت هذه األساليب فيما بين يدي الدجال بين المسلمين‪،‬‬ ‫فتهم�ة الش�رك في المصلي�ن واحدة من ه�ذه النقائض القائم�ة على تحجيم الش�بهات في‬

‫االعتق�اد والعبادات والوالء فليتأمل‪ ..‬حتى يبلغ األمر إلى اإلصرار في األحكام والفتوى‪،‬‬ ‫وم�ع ه�ذا ل�م يت ِ‬ ‫النب�ي ‪ m‬في األمر قوال فصال ‪ ،‬ولم يش�نع على أح�د منهم في خالفه‬ ‫َّخ ِذ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬

‫للحق المعلوم لدى رسول الله ‪. m‬‬

‫‪390‬‬


‫المرحلةُ العيسويةُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخاصة بِ‬ ‫أن ن َ‬ ‫الساعة َّ‬ ‫ُزول عيسى ش ِم َن‬ ‫عالمات‬ ‫الشريفة‬ ‫األحاديث‬ ‫ثبت في‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العالمات الكُبرى ‪ ،‬وعلى هذا َّ‬ ‫الش�رعية‬ ‫الضرورات‬ ‫المرحلة ِم َن‬ ‫فإن ِدراس� َة هذه‬ ‫الر ِ‬ ‫كن الرابِ ِع ‪.‬‬ ‫في ُّ‬

‫واص ًفا نُزول عيسى ش في ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال تعالى ِ‬ ‫َ‬ ‫الزمان ‪( :‬ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ‬ ‫آخ ِر‬ ‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) [الزُّ خ�رف‪ ... ]57:‬إل�ى قولِ�ه تعالى ‪( :‬ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬ ‫ُ‬

‫ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ‬ ‫ﰄ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ) [الزُّ ُخرف‪. ]61-59:‬‬

‫وفي هذه ِ‬ ‫اآلية إشار ٌة ِ‬ ‫واضح ٌة في َقولِه ‪ ( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ) أي ‪ :‬ن ُ‬ ‫ُزول عيسى‬ ‫ٍ‬ ‫الس�اعة ‪ ،‬وفي ِق ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن ِ‬ ‫مروية ِ‬ ‫عالمات ُق ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عباس‬ ‫ابن‬ ‫�راءة ُأخرى‬ ‫رب‬ ‫ش عالم� ٌة ِمن‬

‫وغيرهما ِمن ِ‬ ‫وم ِ‬ ‫ِ‬ ‫جاه ٍد ِ‬ ‫التفسير (ﭑ ﭒ ﭓ) أي ‪ :‬عالم ٌة وأمارةٌ‪.‬‬ ‫أئمة‬ ‫ُ‬

‫تفس�ير هذه ِ‬ ‫وروى اإلمام أحمدُ بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن ِ‬ ‫س�نده ِ‬ ‫ابن ع َّب ٍ‬ ‫اآلية َ‬ ‫قال‪ :‬هو‬ ‫اس ؤ في‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫روج عيسى ِ‬ ‫مريم ش َ‬ ‫قبل َيو ِم‬ ‫القيامة (((‪.‬‬ ‫ُخ ُ‬ ‫بن َ‬

‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫حول ِ‬ ‫�به التي افتع َلها اليهو ُد َ‬ ‫وألهمية هذا الموضو ِع فقد تو َّلى ال ُق ُ‬ ‫رآن ر َّد ُ‬ ‫قتل‬

‫عيس�ى ش وصلبِه َ‬ ‫قال تعالى ‪ ( :‬ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬ ‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ )[النِّس�اء ‪ ]157:‬إل�ى َقولِ�ه تعال�ى ُمب ِّينً�ا ن َ‬ ‫ُزول‬ ‫عيس�ى في ِ‬ ‫ِ‬ ‫آخ ِ‬ ‫الزم�ان ‪( :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬ ‫�ر‬

‫ﮬ ﮭ ﮮ ) [النِّساء ‪.]159:‬‬ ‫((( مسند أحمد (‪.)2975‬‬

‫‪391‬‬


‫ُزول عيسى ش في ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحيح ِ‬ ‫النبي ‪ m‬ما يؤ ِّكدُ ن َ‬ ‫ِ‬ ‫الزمان‬ ‫آخ ِر‬ ‫ثبت في‬ ‫وقد َ‬ ‫عن ِّ‬ ‫ال ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫واتخاذه م ِ‬ ‫ِ‬ ‫اليهود والنصارى والدَّ َّج ِ‬ ‫ومن ذلِ َك قو ُله ‪ِ « : m‬‬ ‫ينز ُل‬ ‫وق ًفا عمل ًّيا ِم َن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫قس� ًطا ؛ ِ‬ ‫فيك�م اب�ن مريم حكما عدلاً وإماما م ِ‬ ‫نزير ‪،‬‬ ‫فيكس ُ�ر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الصليب ‪ ،‬ويقتُ�ل الخ َ‬ ‫ً ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬

‫ويضع الجزي َة » (((‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحيح أنَّه ِ‬ ‫ِ‬ ‫مش�ق ‪ ،‬كما ور َد في‬ ‫البيضاء‬ ‫المنارة‬ ‫وثب�ت ف�ي‬ ‫ش�رقي ِد َ‬ ‫ينز ُل ِعن�دَ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ِ « :‬‬ ‫الطبراني ِ‬ ‫ُ‬ ‫عس�اك َر عن أبي ُه َرير َة َ‬ ‫ينز ُل عيس�ى اب ُن‬ ‫قال‬ ‫وابن‬ ‫حديث‬ ‫ِّ‬ ‫الناس أربعين س�ن ًة إمام�ا »((( ‪ .‬وفي ِ‬ ‫ِ‬ ‫مري�م فيمك ُ‬ ‫ُ�ث ف�ي‬ ‫يخر ُج‬ ‫لف�ظ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫الطبران�ي ‪ُ « :‬‬ ‫ِّ‬ ‫الدَّ َّج ُال ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫مريم ش فيق ُت ُله ‪ُ ،‬ث َّم يمك ُ‬ ‫األرض أربعين س�ن ًة‬ ‫ُث في‬ ‫فينز ُل عيس�ى ب ُن َ‬ ‫إماما عادلاً وحكما م ِ‬ ‫قس ًطا »((( ‪.‬‬ ‫ً ُ‬ ‫ً‬

‫ِ‬ ‫وف�ي ِر ِ‬ ‫ب�اب ُل�دٍّ ـ أي ‪:‬‬ ‫واي�ة أب�ي داو َد ‪ « :‬حتَّ�ى‬ ‫يأت�ي الش�ا َم مدين� َة فلس�طي َن َ‬ ‫َ‬ ‫الدَّ َّجال ـ ِ‬ ‫فينز ُل عيسى ش ‪ ،‬فيقت ُله ‪ُ ،‬ث َّم يمك ُ‬ ‫ُث عيسى ش أربعي َن سن ًة إما ًما‬

‫عدلاً وحكما م ِ‬ ‫قس ًطا »‬ ‫ً ُ‬

‫(((‬

‫‪.‬‬

‫وفي ِر ٍ‬ ‫واية ‪ِ « :‬‬ ‫تذوب الش�حم ُة ‪،‬‬ ‫ذاب كما‬ ‫ُ‬ ‫مريم فإذا رآه الدَّ َّج ُال َ‬ ‫ينز ُل عيس�ى ب ُن َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اليهود ف ُي‬ ‫ويفرق عن‬ ‫فيقت ُ​ُل الدَّ َّج َال ‪،‬‬ ‫قتلون »((( ‪.‬‬

‫قال ‪ِ « :‬‬ ‫وروى م ِ‬ ‫يقول ‪ :‬ال ُ‬ ‫النبي ‪ُ m‬‬ ‫سل ٌم عن جابِ ٍر ؤ ‪َ ،‬‬ ‫تزال طائف ًة‬ ‫سم ُ‬ ‫عت َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الحق ِ‬ ‫قال ِ‬ ‫ِم�ن ُأ َّمت�ي ُيقاتِلون ِ‬ ‫القيامة ‪َ ،‬‬ ‫مريم ‪،‬‬ ‫ظاه ِرين إلى َيو ِم‬ ‫عن ِّ‬ ‫فينز ُل عيس�ى ب ُن َ‬

‫((( صحيح البخاري (‪.)2476‬‬

‫((( مسند أحمد (‪.)25201‬‬

‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪.)38629‬‬

‫((( سنن أبي داود (‪ ،)4323‬وراجع التليد والطارف ص‪.435‬‬ ‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪.)38649‬‬

‫‪392‬‬


‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫أميره�م ‪ِّ :‬‬ ‫ُ‬ ‫فيق�ول ال َّ‬ ‫تكرم َة ال َّل ِه هذه‬ ‫بعضكم على‬ ‫صل لنا ‪.‬‬ ‫إن َ‬ ‫بعض ُأم�را ُء ُ‬ ‫فيق�ول ُ‬ ‫الج ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحديث إش�ار ٌة إلى استِمرار ِ‬ ‫ِ‬ ‫هاد في‬ ‫األُ َّم ِة »(((‪ ،‬وفي هذا‬ ‫سبيل ال َّل ِه بِالشا ِم ِضدَّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫يكون‬ ‫نتظر وبعدَ ه الدَّ َّج ُال ‪ُ ،‬ث َّم عيس�ى ش ‪ ،‬الذي‬ ‫الم ُ‬ ‫يأتي اإلم�ا ُم ُ‬ ‫اليه�ود حتَّ�ى َ‬ ‫ال على ِ‬ ‫قتل الدَّ َّج ِ‬ ‫ُ‬ ‫يده ‪.‬‬

‫ونزول عيس�ى ُك َّلها متواتِر ٌة ؛ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أحادي�ث الدَّ َّج ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫والمعل�و ُم َّ‬ ‫اإليمان بها‬ ‫�ب‬ ‫ال‬ ‫أن‬ ‫يج ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدين ‪.‬‬ ‫أركان‬ ‫وتصدي ُقها ؛ لأِ نَّها ُجز ٌء ِمن‬

‫النب�ي ‪ m‬بِعالقتِه بِعيس�ى ش ‪ُ ،‬‬ ‫وق�د َّ‬ ‫حيث روى اإلم�ا ُم أحمدُ عن أبي‬ ‫بش َ�ر‬ ‫َّ‬ ‫ت ‪ ،‬أمهاتُهم ش�تَّى ودينُهم ِ‬ ‫قال ‪ « :‬األنبي�اء إخو ٌة لِعلاَّ ٍ‬ ‫النب�ي ‪َ m‬‬ ‫ُه َري�ر َة َّ‬ ‫واحدٌ ‪،‬‬ ‫أن‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫لأِ‬ ‫نبي ‪ ،‬وإنَّ�ه ِ‬ ‫الناس بِعيس�ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ناز ٌل فإذا‬ ‫وإن�ي أولى‬ ‫مريم ‪ ،‬نَّه لم يكُ� ْن بيني وبينه ٌّ‬ ‫ب�ن َ‬

‫رأيتُموه ِ‬ ‫فاعر ُفوه »((( ‪.‬‬

‫الحديث إشار ٌة م ِهم ٌة لاِ رتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫باط عيسى ِ‬ ‫تثبيت‬ ‫وفي هذا‬ ‫مريم بِنزولِه ‪ ،‬وفي ِرسالِته ُ‬ ‫بن َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫الصاد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اليهود والنصارى بِانحرافِهم ‪ ،‬وقد ور َد في‬ ‫قة على‬ ‫والشهادة‬ ‫منهج اإلسلا ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫حم ٍد ‪ m‬ـ فيما س َب َق ـ َّ‬ ‫رسول ال َّل ِه‬ ‫وأن‬ ‫النبي ُم َّ‬ ‫ال ُقرآن إشار ُة عيسى ش لرسالة ِّ‬ ‫ِ‬ ‫أخص‬ ‫الناس بِه وأقر ُبهم إ َليه ( ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ) [الصف‪.]6:‬‬ ‫ُّ‬

‫رس�ول ال َّل ِه أخبرني عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ك َ‬ ‫َ‬ ‫نفس َ‬ ‫قال ‪ « :‬نع�م ‪ ،‬أنا دعو ُة‬ ‫الحدي�ث قالوا ‪ :‬يا‬ ‫وف�ي‬ ‫ِ‬ ‫قال اب ُن ٍ‬ ‫السيرة ‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫كثير ‪:‬‬ ‫إس�حاق في‬ ‫أبي ُموس�ى و ُبش�رى أخي عيسى »(((‪ ،‬رواه ابن‬ ‫ِ‬ ‫شواهدُ ‪.‬‬ ‫إسنا ُده ج ِّيدٌ ‪ ،‬وله‬ ‫((( صحيح مسلم (‪.)412‬‬ ‫((( مسند أحمد (‪.)9882‬‬

‫((( رواه ابن هشام عن ابن إسحاق ‪ ،‬سيرة ابن هشام (‪.)166 :1‬‬

‫‪393‬‬


‫ِ‬ ‫َ‬ ‫كما َّ‬ ‫فضل‬ ‫تاب عيسى ش قد أشارَ إلى‬ ‫أن‬ ‫اإلنجيل ـ وهو ك ُ‬ ‫ِ‬ ‫أُم�� ِة محمد ‪ m‬بِع ِ‬ ‫مومها وع َّب َ�ر ال ُق ُ‬ ‫رآن عن ذلِ َك بِ َقولِ�ه ‪ ( :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬ ‫َّ ُ َّ ٍ‬ ‫ُ‬

‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ) [الفتح ‪. ]29 :‬‬

‫ِ‬ ‫َ‬ ‫فاس�تجاب ال َّل ُه‬ ‫التفس�ير ‪ :‬فدعى عيس�ى ال َّل� َه أن يجع َله ِمنهم ؛‬ ‫ق�ال ابن كثير في‬ ‫َ‬ ‫دعاءه وأبقاه ‪ ،‬حتَّى ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أمر اإلسال ِم ‪.‬‬ ‫ينز َل آخ َر الزمان ُمجدِّ ًدا َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحابة »‬ ‫أس�ماء‬ ‫تجريد‬ ‫الذهبي لِعيس�ى ش ف�ي ِكتابِه «‬ ‫ترج�م اإلما ُم‬ ‫وق�د‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫اإلس�راء‬ ‫النبي ‪َ m‬ليل َة‬ ‫مريم ش‬ ‫ونبي ‪ ،‬فإنَّ�ه رأى َّ‬ ‫صحاب�ي ٌّ‬ ‫ٌّ‬ ‫فق�ال‪ :‬عيس�ى ب� ُن َ‬ ‫ِ‬ ‫وس َّلم ع َل ِيه ‪ ،‬فهو ِ‬ ‫آخ ُر‬ ‫الصحابة ئ َموتًا (((‪.‬‬ ‫َ‬

‫الش�ريعة المحم ِ‬ ‫ِ‬ ‫أهل ِ‬ ‫أن عيس�ى ش يحكُم بِ‬ ‫ذك�ر ُ‬ ‫ُ‬ ‫العل ِم َّ‬ ‫ويكون ِمن‬ ‫دية ‪،‬‬ ‫ُ َّ‬ ‫وق�د َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لأِ‬ ‫أتبا ِع م ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫نس ُخ‬ ‫حمد ‪َّ m‬ن دي َن اإلسلا ِم خاتم ُة األديان ‪ ،‬وباق إلى قيا ِم الس�اعة ال ُي َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫حاك ٌم ِمن ُحكَّا ِم هذه األُ َّم ِة و ُمجدِّ ًدا لأِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫نبي‬ ‫فيكون عيس�ى ش‬ ‫مر اإلسلا ِم إذ ال َّ‬ ‫حم ٍد ‪. m‬‬ ‫بعدَ ُم َّ‬

‫روى اإلمام م ِ‬ ‫كيف إذا َ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪َ m‬‬ ‫َ‬ ‫سل ٌم عن أبي ُه َرير َة ؤ َّ‬ ‫نزل‬ ‫أن‬ ‫قال ‪َ « :‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫بعضهم في َقولِه « وإما ُمكم ِمنكم»‬ ‫فسرها ُ‬ ‫مريم وإما ُمكم منكم » ‪ .‬وقد َّ‬ ‫فيكم اب ُن َ‬ ‫بعضهم في َقولِ�ه « وإما ُمكم ِمنكم » أي ‪ :‬ما أ َّمك�م ِمنكم وأ َّمكم أي ‪:‬‬ ‫فس�رها ُ‬ ‫وق�د َّ‬ ‫قا َدكم بِ ِك ِ‬ ‫وس ِنة نب ِّيكم ‪.‬‬ ‫تاب ر ِّبكم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مع‬ ‫األرض ؛ حتَّى ترعى‬ ‫عصر عيسى ش ُي ِنز ُل ال َّل ُه األم َن على‬ ‫وفي‬ ‫ُ‬ ‫الكائنات َ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ‪ .‬وروى اإلمام م ِ‬ ‫ٍ‬ ‫س�ل ٌم عن أبي ُه َرير َة‬ ‫بعضها ِمن‬ ‫البعض ‪ ،‬وال‬ ‫بعضها‬ ‫ُ‬ ‫يخاف ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫((( تجريد أسماء الصحابة للذهبي (‪.)432 :1‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪)409‬‬

‫‪394‬‬


‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫ؤ أنَّه َ‬ ‫حكما‬ ‫مريم‬ ‫قال‬ ‫ً‬ ‫رس�ول ال َّله ‪ « : m‬وال َّله ‪ ،‬ل ُي ِنز َل َّن ال َّل ُه عيس�ى ب َن َ‬ ‫ِ‬ ‫ع�دلاً ‪ ،‬وليض َع َّن ِ‬ ‫الص فال ُيس� َعى ع َليها ‪ ،‬ولتذه َب َّن الش�حنا ُء‬ ‫الجزي َة ‪ ،‬ولت َُتر َك َّن الق ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتحاس�دُ ‪ ،‬ول ُيدْ َع ُو َّن إلى‬ ‫والتبا ُغ ُض‬ ‫الحديث‬ ‫المال فال يقب ُله أحدٌ »(((‪ ،‬وفي هذا‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التحري�ش التي كانَ�ت تتبناها اليه�و ُد والنصارى‬ ‫سياس�ة‬ ‫إش�ار ٌة ها َّم ٌة إل�ى انقطِا ِع‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ممن ظ ُّلوا َ‬ ‫فرقون‬ ‫مرحل�ة‬ ‫طوال‬ ‫والدجاجل� ُة ‪ ،‬وم�ن َّ‬ ‫الدجل والدجاجلة ُي ِّ‬ ‫لف ل َّفهم َّ‬ ‫ِ‬ ‫لش ِ‬ ‫يطان مبد َأ « فر ْق تسدْ » ‪ ،‬وبِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫الثروات ‪ ،‬و ُيح ِّققون لِ َّ‬ ‫َبي َن ُّ‬ ‫نزول‬ ‫ويسرقون‬ ‫عوب ‪،‬‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ومقتل الدَّ َّج ِ‬ ‫اليهود وال ُك َّف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ار‬ ‫ل�ف ل َّفه ِم َن‬ ‫المهدي‬ ‫عيس�ى ونُصرتِ�ه لِإلما ِم‬ ‫ال ـ و َمن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ماعية واالقتِ‬ ‫ِ‬ ‫المش�اك ِل االجتِ‬ ‫ِ‬ ‫اليهود والنصارى‬ ‫صادية ‪ ،‬ويعو ُد البقي ُة ِم َن‬ ‫تنتهي كا َّف ُة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حديث رواه َّ‬ ‫�يخان‬ ‫الش‬ ‫فس َ�ره أبو ُه َرير َة ؤ ِمن‬ ‫إلى اإلسلا ِم ‪ ،‬ويؤ ِّكدُ ذل َك ما َّ‬ ‫يده ‪ِ ،‬‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ « m‬والذي نفس�ي بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ليوش� َك َّن أن َ‬ ‫مريم‬ ‫عن�ه عن‬ ‫ينزل فيك�م اب ُن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حكم�ا عدلاً‬ ‫ويفيض ُ‬ ‫المال‬ ‫الح�رب ‪،‬‬ ‫ويضع‬ ‫نزي�ر ‪،‬‬ ‫فيكس ُ�ر‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الصلي�ب ‪ ،‬ويقت ُ​ُل الخ َ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫خيرا ِم� َن الدُّ نيا وم�ا فِيها » ُث َّم‬ ‫حتَّ�ى ال يقب ُل�ه أحدٌ ‪ ،‬حتَّ�ى‬ ‫تكون الس�جد ُة الواحد ُة ً‬

‫ُ‬ ‫أبوه َري�ر َة ‪ :‬واقرؤوا إن ش�ئتُم ‪ ( :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬ ‫يق�ول ُ‬

‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [النساء‪.((( ]159:‬‬

‫وف�ي م ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ِ : m‬‬ ‫ُ‬ ‫س�ند أحمدَ (‪َ )9871‬‬ ‫مريم إما ًما‬ ‫قال‬ ‫«ينز ُل عيس�ى ب� ُن َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ�ل ِ‬ ‫قس� ًطا ِ‬ ‫ع�ادلاً وحكما م ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخنزير و ُي ِ‬ ‫الصليب ‪ ،‬ويقت ُ‬ ‫ويتخ ُذ‬ ‫الس�لم ‪،‬‬ ‫رج ُع‬ ‫فيكس ُ�ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً ُ‬ ‫ذات ح ٍ‬ ‫مناج َ�ل ‪ ،‬وتذهب حم� ُة ك ُِّل ِ‬ ‫وف ِ‬ ‫ُنز ُل الس�ما ُء ِرز َقه�ا ‪ ،‬وت ِ‬ ‫مة ‪ ،‬وت ِ‬ ‫ُخر ُج‬ ‫الس� ُي َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫يضره ‪ ،‬وي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذئب فال‬ ‫الغنم‬ ‫راعي‬ ‫يلعب‬ ‫األرض بركتَه�ا ‪ ،‬حتَّى‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الصبي بِال ُّثعبان فلا ُ ُّ‬ ‫ُّ‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)408‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪.)407‬‬

‫‪395‬‬


‫ِ‬ ‫يض ُّرها » (((‪.‬‬ ‫البقر فال ُ‬ ‫ُ‬ ‫يض ُّرها ‪ ،‬و ُيراعي األسدُ َ‬

‫يوف ِ‬ ‫ُ‬ ‫وقو ُله ‪ « :‬و ُتت َ‬ ‫ُ‬ ‫الحشائش‪.‬‬ ‫المنجل ‪ :‬هو اآلل ُة التي تُق َط ُع بها‬ ‫مناج َل » ‪:‬‬ ‫الس ُ‬ ‫َّخ ُذ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫الن�اس ال يحتاج�ون إل�ى ِ‬ ‫ويش�تغلون بِ‬ ‫والمقص�و ُد َّ‬ ‫والزراعة ‪،‬‬ ‫الح�رث‬ ‫هاد‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ُّم ‪ ،‬أي ‪ِ :‬‬ ‫ينز ُع‬ ‫ومعنى قولِه ‪« :‬‬ ‫وتذهب ُحم ُة ك ُِّل ذات ُحم ُة » ‪ُ :‬‬ ‫ُ‬ ‫الحم ُة بِالتخفيف ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫سمها ‪.‬‬ ‫ال َّل ُه عن ك ُِّل دابة ذات سمية َّ‬

‫ق�ال ‪ِ « : m‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫مريم فيمك ُ‬ ‫الناس أربعين س�ن ًة إما ًما » ‪.‬رواه‬ ‫ُث ف�ي‬ ‫ين�ز ُل عيس�ى ب ُن َ‬ ‫ِ‬ ‫عس�اك َر عن أبي ُه َرير َة ‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫فيكون عيس�ى ش في‬ ‫وقال ؤ ‪« :‬‬ ‫الطبراني واب ُن‬ ‫ُّ‬ ‫ُأمتي حكما وعدلاً وإماما م ِ‬ ‫قس ًطا »((( ‪.‬‬ ‫ً ُ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬

‫أهم ظواهر‬ ‫مرحلة عيسى‬ ‫ش‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرحلة عيسى ش ‪:‬‬ ‫ظواه ِر‬ ‫أهم‬ ‫ومن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب إل�ى ال ُق ِ‬ ‫ُص�رة اإلما ِم‬ ‫دس لن‬ ‫البيض�اء ‪،‬‬ ‫المن�ارة‬ ‫ •نزو ُل�ه بِ ِد َ‬ ‫مش�ق ِعن�دَ‬ ‫َ‬ ‫ويذه ُ‬ ‫حاص ِر ‪.‬‬ ‫الم َ‬ ‫ِّ‬ ‫المهدي ُ‬ ‫ ‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫المسيخ الدَّ َّج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال على يدَ يه بِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫باب ُلدٍّ ِمن‬ ‫هالك‬ ‫أرض فِلسطي َن ‪.‬‬ ‫•‬ ‫الشريعة المحم ِ‬ ‫ِ‬ ‫دية في العالم ُك ِّله ‪.‬‬ ‫أمر‬ ‫ُ َّ‬ ‫قيم َ‬ ‫• ُي ُ‬ ‫ويكسر الصليب ‪ ،‬وي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دخ ُل النصارى إلى ِ‬ ‫دين اإلسال ِم ‪.‬‬ ‫نزير ‪،‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫•يقت ُ​ُل الخ َ‬ ‫ِ‬ ‫•ت ُ‬ ‫وتظهر‬ ‫عص�ره ‪ -‬أي ‪ :‬الزكا ُة ‪ -‬لِع�د ِم َمن يقب ُلها اكتف�ا ًء ‪،‬‬ ‫ُت�رك الصدق� ُة في‬ ‫ُ‬ ‫عه�ده وال يرغب أحدٌ ف�ي اقتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم�ال لِ ُق ِ‬ ‫الس�اعة ‪ ،‬وتُر َف ُع‬ ‫رب‬ ‫ناء‬ ‫ُن�وز ف�ي‬ ‫الك ُ‬ ‫ُ‬ ‫الشحناء والبغضاء لِ ِ‬ ‫زوال أسبابِها ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫األمن ‪.‬‬ ‫مظاه ِر‬ ‫كمظهر ِمن‬ ‫الذئب مع الغن ِم‬ ‫ • َيرعى‬ ‫ُ‬ ‫((( مسند أحمد (‪.)10532‬‬ ‫((( تقدم ‪.‬‬

‫‪396‬‬


‫ُ‬ ‫والحرب تنتهي ‪.‬‬ ‫ُزر ُع‬ ‫ور لأِ َّن‬ ‫َرخص‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ •ت ُ‬ ‫األرض ُك َّلها ت َ‬ ‫الخيل ويغلو ال َّث ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتس�تمر ِ‬ ‫األرض بِ‬ ‫ِ‬ ‫والموار ُد‬ ‫الزراع ُة‬ ‫األرض‬ ‫الخي�ر في‬ ‫األمان ويزدا ُد‬ ‫تنع�م‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ • ُ‬ ‫الف مدى حياتِه الم ِ‬ ‫دون ِصرا ٍع وال اختِ ٍ‬ ‫تنوع ُة َ‬ ‫باركة ‪.‬‬ ‫الم ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪397‬‬


‫اليأجوجيَّةُ‬ ‫المرحلةُ ُ‬

‫مول د ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرحلة عيسى ش ُ‬ ‫واألمن في ُربو ِع العال ِم ‪.‬‬ ‫ولة السال ِم‬ ‫خريات‬ ‫في ُأ‬ ‫وش ِ َ‬

‫َ‬ ‫ومأجوج الذين وصفهم‬ ‫يأجوج‬ ‫يظهر قو ُم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وقبل أن َ‬ ‫يرح َل عيسى إلى م َّك َة والمدين َة ُ‬ ‫ال َّل ُه في كتابِه ( ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ) [الكهف‪. ]94:‬‬

‫يأجوج ومأجوج وقو ُله «(ﮃ ﮄﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ)‬ ‫أذهان الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫لغز من الغاز [األنبي�اء‪ ]96:‬وق�د َّ‬ ‫لماء والم ُف ِّس�رين ُ‬ ‫حيث‬ ‫غزا في‬ ‫يأج�وج‬ ‫ظل أمرُ‬ ‫ومأجوج ُل ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫القرآن‬ ‫�ك في حقيقتهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫المص�ادر األصلي ُة عنهما بخبر َب ِّي�ن ‪ ،‬وال َ‬ ‫األمر كذل َ‬ ‫ل�م تُفص ِ‬ ‫�ح‬ ‫زال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫المجهولة((( ‪.‬‬ ‫((( وهذا أصح ما يعتمد عليه في أمر يأجوج ومأجوج ؛ حيث إن اكتشاف السد على الصفة التي‬ ‫وردت في كتاب الله أمر لم يتحقق إطالقا ‪ ،‬قال الش�يخ محمد بن يوس�ف الكافي التونسي‬

‫ف�ي كتابه « المس�ائل الكافي�ة في بيان وجوب صدق خبر رب البرية » ما نصه ‪ « :‬الس�د حق‬

‫ثابت ‪ ،‬وال ينفتح ليأجوج ومأجوج إال قرب الس�اعة ‪ ،‬فمن قال بعدم وجود س�د على وجه‬

‫األرض ـ ومس�تنده في ذلك قول الكش�افين من النصارى ‪ ،‬وأنهم لم يعثروا عليه ـ يكفر‪..‬‬

‫اهـ‪.‬‬

‫وق�ال الش�يخ حم�ود التويج�ري ف�ي إتح�اف الجماع�ة (ص‪ /170‬الثال�ث) ‪ :‬وبعض‬

‫العصريي�ن يزعمون أن يأج�وج ومأجوج هم جمي�ع دول الكفر المتفوقي�ن في الصناعات‬

‫الحديث�ة ‪ ،‬وق�د رأيت هذا القول الباطل في بعض مؤلفات المتكلفين من العصريين ‪ ،‬وهذا‬ ‫الق�ول قريب من القول األول ‪ ...‬إلى أن ق�ال ‪ :‬وقد قال تعالى ‪(:‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬

‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ) [األنبياء‪ ]96:‬إلى قوله تعالى ‪ ( :‬ﮘ ﮙ‬

‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ) [األنبياء‪ . ]97:‬وفي هاتين اآليتين أبلغ رد على‬

‫م�ن زع�م إن يأج�وج ومأجوج ه�م دول اإلفرنج أو غيره�م من دول المش�رق والمغرب ‪،‬‬ ‫الذي�ن ل�م يزالوا مختلطين بغيرهم من الناس ولم يجعل بينهم وبين الناس س�د منيع يحول‬

‫بينهم وبين الخروج على الناس ‪.‬‬

‫‪398‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حول تتب ِع واس�تِ‬ ‫ِ‬ ‫الدراس�ة ِم َن‬ ‫قصاء‬ ‫وأ َّم�ا م�ا قا َم بِه ُ‬ ‫المعاصرين َ ُّ‬ ‫بع�ض الباحثي�ن ُ‬ ‫شرطنا في قبول‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ودراس�ات ِعل ِم‬ ‫الميدانية‬ ‫ش�اهدة‬ ‫الم‬ ‫وأرضخ‬ ‫التاريخي�ة ‪،‬‬ ‫الناحي�ة‬ ‫َ‬ ‫الموض�وع إلى ُ‬ ‫البحوث العلمية‬ ‫ِ‬ ‫ُّصوص عن العالمات‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫حصل ش�ي ٌء ِم َن التطا ُب ِق َبي َن الن‬ ‫خاص ًة إذا‬ ‫اآلثار ؛ فهو مس�أل ٌة ُيس�تأن َُس بها َّ‬ ‫ِ‬ ‫والدراسات ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫أجمع ع َل ِيه ُ‬ ‫وأم�ا إذا َ‬ ‫أهل‬ ‫ُّصوص أو ُمغاي�ر ًا لِما‬ ‫األم�ر ُمخالِف ًا لِما ور َد في الن‬ ‫كان‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ي�ه ‪ِ .‬‬ ‫دليل ع َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نظ�ري ال َ‬ ‫أن َ‬ ‫ش�ك َّ‬ ‫العل� ِم فلا َّ‬ ‫ومن‬ ‫تص�و ٍر‬ ‫ح�وث ُمجر ُد‬ ‫مث�ل هذه ال ُب‬ ‫ٍّ‬ ‫ُّ‬ ‫وصل إ َلي�ه ِ‬ ‫ج�رد االس�تِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫فادة العا َّم ِة ما َ‬ ‫ِ‬ ‫الباح ُث‬ ‫النم�اذج الت�ي وضعناها هنا لِ ُم‬ ‫ه�ذه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫جديدة ال بأس ِمن ِ‬ ‫عرضها لال ِّطال ِع‬ ‫معلومات‬ ‫ش�ير فيه إلى‬ ‫َ‬ ‫حمدي حمزة أبو َزيد ُي ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫مع يقينِنا أنَّها ال تُعدُّ بديلاً ِ‬ ‫قر ِر في ِك ِ‬ ‫تاب ال َّل ِه أو ما‬ ‫عن ِّ‬ ‫واالس�تفادة َ‬ ‫الم َّ‬ ‫بين ُ‬ ‫الحق ُ‬ ‫ِ‬ ‫صح ِ‬ ‫األمر في ُسن َِّة رسولِه ‪ .‬يقول حمدي أبوزيد‪:‬‬ ‫عن‬ ‫َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رآنية في س ِ‬ ‫اآلي�ات ال ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫طابقة‬ ‫ومأجوج ِعن�دَ ُم‬ ‫يأجوج‬ ‫الكهف ع�ن‬ ‫�ورة‬ ‫ •كا َّف� ُة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ترجم�ة ِ‬ ‫ِ‬ ‫وضوعه�ا بِ ُل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأحداث‬ ‫وقائع‬ ‫تتف ُق وما في ُكتُبِهم ِم�ن‬ ‫الم‬ ‫غ�ة‬ ‫َم‬ ‫َ‬ ‫الصين ُ‬ ‫الصين في ِ‬ ‫ٍ‬ ‫فترة ُد ِ‬ ‫ِ‬ ‫خول ذي القرنَين إ َليها ‪.‬‬ ‫تاريخية وق َعت في بِالد‬

‫ِ‬ ‫مضمون ِ‬ ‫ِ‬ ‫األصل بعدَ ترجمتِها‬ ‫ومأجوج » الصينيت َِي‬ ‫يأجوج‬ ‫كلمتَي «‬ ‫ •إن معرف َة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫العديد ِم َن‬ ‫تفس�ير‬ ‫الوصول إلى‬ ‫يس ُ�ر‬ ‫األحداث الها َّم ِة ‪ ،‬ويؤ ِّكدُ‬ ‫ل ُّلغة العربية ُي ِّ‬ ‫قل�ت ـ والل�ه أعلم ‪ :‬إن أغل�ب الباحثين في هذه المس�ألة إنما يفس�رون األخبار واآلثار‬

‫مس�لم مؤم ٌن‬ ‫لي�س على س�بيل اإلن�كار لما في القرآن والس�نة ـ ونع�وذ بالله أن يفعل ذلك‬ ‫ٌ‬ ‫بالله ورس�وله ‪ ،‬أو أن يفعله لمجرد االس�تتباع لكالم المستكش�فين من النصارى وغيرهم ـ‬ ‫فقولهم ال يعتبر حجة أمام كتاب الله وس�نة رس�وله ‪ ،‬وإنما هو عرض لفهم قد يصيب قائله‬ ‫أو يخطئ‪ ،‬وال يعد بديال عما ذكره العلماء من األمر المجمع عليه في هذا الش�أن‪ ،‬كما هو‬

‫ف�ي بحث حول الموضوع يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ جمعه الباحث « حمدي حمزة‬

‫أبو زيد»‪.‬‬

‫‪399‬‬

‫متابعة مختصرة‬ ‫للدراسة الميدانية‬ ‫الجديدة‬


‫ومأجوج ‪.‬‬ ‫يأجوج‬ ‫الحقائق ال ُقرآني َة عن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ •إن ترجم� َة « يأج�وج ومأج�وج » ه�ي ‪ « :‬م ِ‬ ‫فس�دون ف�ي األرض » تعني َّ‬ ‫أن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يل م ِ‬ ‫كان ِ‬ ‫س َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫األرض ‪ ،‬ومعنى ُس َ‬ ‫وس َ‬ ‫قارة َ‬ ‫كان‬ ‫فس�دون في‬ ‫الخ ِ ُ‬ ‫�كان قارة آس�يا ُ‬ ‫ُ‬ ‫يل وش�عب الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ش�عب َ‬ ‫ق�ارة َ‬ ‫الدول‬ ‫ماة ‪ ،‬وه�م‬ ‫ي�ل أي‪َ :‬من ُيس�مون‬ ‫َ‬ ‫َ ُّ‬ ‫الح ِ‬ ‫لك ِ‬ ‫المحيط� ُة بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصي�ن ف�ي تِ َ‬ ‫للصين م َعها‬ ‫الزم�ن ‪ ،‬والتي كانَ�ت‬ ‫قب�ة ِم َن‬ ‫حدود ِ‬ ‫ُ‬ ‫اليابان وكوريا ‪ ،‬ومنش�وريا ‪ ،‬وس�يبيريا ‪ ،‬ومنغوليا‪،‬‬ ‫القات ‪ ،‬وهي‬ ‫وع‬ ‫ٌ‬ ‫ُ ٌ‬ ‫ودول آس�يا الوس�طى ‪ ،‬وهم الذين ِ‬ ‫يص ُفهم الصينيون ف�ي ُلغتِهم بِ‬ ‫ُ‬ ‫يأجوج أو‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫الصين حتَّى‬ ‫قديما عل�ى‬ ‫بن�ي‬ ‫يأج�وج ‪ ،‬وهؤالء اعتا ُدوا على ش� ِّن ُ‬ ‫َ‬ ‫روب ً‬

‫الثالث عشر الميالدي على ِ‬ ‫وكان ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُق ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يد‬ ‫القرن‬ ‫حدث في‬ ‫آخ ُرها ما‬ ‫قريبة ‪،‬‬ ‫رون‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫جنكيز خان وهوالكو َّ‬ ‫األرض فسا ًدا‪.‬‬ ‫الذين عاثوا في‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫البحث‬ ‫توص َ�ل إ َليها‬ ‫ •وبِن�ا ًء عل�ى المعلومات والحفري�ات والتعليالت التي َّ‬ ‫ِ‬ ‫يكون « ما َبي َن الس�دَّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ين » مكانًا محدو ًدا أو معرو ًفا في‬ ‫المتو َّق ِع أن‬ ‫ص�ار م� َن ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أنحاء بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫األكبر هو ِج ٌ‬ ‫وأن االحتِ َ‬ ‫الصين ‪َّ ،‬‬ ‫مدينة « جنج‬ ‫شمال‬ ‫بال معين ٌة‬ ‫مال‬ ‫الد‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عظيم»‬ ‫وحاج ٌز‬ ‫حك�م‬ ‫قاطع�ة « هينان » ‪ ،‬وقد ُو ِج�دَ فِيها «رد ٌم ُم‬ ‫ج�و » ف�ي ُم‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫�رآن ‪ ،‬وفص َ�ل ِ‬ ‫كم�ا وص َفه ال ُق ُ‬ ‫وارتفاعه وم�ا تب َّقى منه ‪.‬‬ ‫الباح ُث ِصف َة ال�رد ِم‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأنواعها‬ ‫س�تخدمة فيه‬ ‫الم‬ ‫ووضع بح ًثا َميدان ًّيا لِكا َّف ِة ُجزئياتِه‬ ‫َ‬ ‫ونماذج الموا ِّد ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والوقود ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وغيرها ‪.‬‬ ‫والخشب‬ ‫الطين »‬ ‫والقطر «‬ ‫المعدنية‬ ‫كالعناص ِر‬

‫ِ‬ ‫التاريخ قائم ٌة على ِ‬ ‫ •يشير ِ‬ ‫َ‬ ‫الباح ُث إلى َّ‬ ‫ِ‬ ‫الديانة‬ ‫انعدا ِم‬ ‫عبر‬ ‫أن‬ ‫أحوال هذه األُم ِم َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫غرافية‬ ‫الج‬ ‫مع قس�وة ال ُّظروف ُ‬ ‫الصحيح�ة ووقوعهم في انحرافات الجاهلية َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والخ ِ‬ ‫والمعيش�ية ‪ ،‬وتو ُّف ِ‬ ‫كالمه�ارات ُ‬ ‫يول‬ ‫تالي‬ ‫أدوات‬ ‫�ر‬ ‫والبيئي�ة‬ ‫ُّ‬ ‫التف�وق الق ِّ‬ ‫‪400‬‬


‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫والش ِ‬ ‫وح ال ُغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫رور ُّ‬ ‫ور ِ‬ ‫معيش�ة‬ ‫باكتس�اب‬ ‫والولو ِع‬ ‫�عور بِال ُقوة ُ‬ ‫وأدوات القت�ال ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والوحش�ية ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬ ‫ِ‬ ‫األع�داء ُ‬ ‫والخصو ِم‪ .‬وقد‬ ‫عاملة‬ ‫الرحمة ف�ي ُم‬ ‫وانع�دا ِم‬ ‫البط�ش‬ ‫النب�ي ‪ m‬بمعنًى ُمتطابِ ٍ‬ ‫ع�دو لكم ‪ ،‬إنَّكم ال‬ ‫�ق ‪ « :‬إنَّكم تقولون ال‬ ‫وص َفه�م‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫غار‬ ‫يأجوج‬ ‫عدوا حتَّى يخ�ر َج‬ ‫ومأجوج ِع َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تزال�ون تُقاتل�ون ًّ‬ ‫�راض الوجه ص َ‬ ‫حدب ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫لون َّ‬ ‫ينس َ‬ ‫جوههم‬ ‫األع ُي ِن صهب ِمن ك ُِّل‬ ‫المجان المطرق ُة‪.(((»...‬‬ ‫كأن ُو َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ • ّ‬ ‫ماهية‬ ‫يضع س�ؤالاً ها ًّما ع�ن‬ ‫إن مفه�و َم‬ ‫التفس�ير م�ن قول�ه ( ﮄ ﮅ ) ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفت�ح ‪ ،‬وما هي‬ ‫يكون زم� ُن‬ ‫ه�م الفاتِحون ‪ ،‬ومت�ى‬ ‫وطبيع�ة‬ ‫الفت�ح أو َم�ن ُ‬ ‫دول قارة الخيل‬ ‫ودول ِ‬ ‫دول ِ‬ ‫ِ‬ ‫جمي�ع ِ‬ ‫وعالقتها‬ ‫الخ ِ‬ ‫مع َّ‬ ‫قارة َ‬ ‫وآثار ذلِ َ‬ ‫ِ‬ ‫يل‬ ‫قارة آس�يا‬ ‫أن‬ ‫�ك‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الفتح َ‬ ‫عالم�ات ُ‬ ‫بالمرحلة‬ ‫دول العال ِم لِو ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ف بِالع ِ‬ ‫واالنغ ِ‬ ‫الق عن جمي� ِع ِ‬ ‫ٌ‬ ‫قوعها في أقصى‬ ‫زلة‬ ‫ُ‬ ‫ُوص ُ ُ‬ ‫دول ت َ‬ ‫اليأجوجية‬ ‫القارات األُخرى بِحار ِ‬ ‫ِ‬ ‫الط�رف الش�مالي لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�احات‬ ‫وم‬ ‫ألرض و َبينَها و َبي� َن‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوصول إ َليها بِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الفتح‬ ‫القديم�ة ‪ ،‬ويأتي‬ ‫الموصالت‬ ‫وس�ائل‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫واس�ع ٌة يص ُع ُ‬ ‫معان ‪ِ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫المشار إ َليه في ال ُق ِ‬ ‫ومنها ‪:‬‬ ‫رآن على‬ ‫ُ ُ‬

‫عوب في ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫الفتح بِاإلسال ِم ‪ ،‬و ُد ُ‬ ‫دين اإلسال ِم‪ ،‬فهل يعني َّ‬ ‫خول هذه ُّ‬ ‫أن‬ ‫‪ُ 1.1‬‬ ‫هذه الدُّ ِ‬ ‫ول ستدي ُن ُمستقبلاً بِاإلسال ِم ؟!‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب�ل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫القارة ِمن ِق ِ‬ ‫اآلي�ة يعني احتِ َ‬ ‫دول ُأخرى‬ ‫الل ه�ذه‬ ‫ال�وار ُد في‬ ‫الفت�ح‬ ‫‪2.2‬‬ ‫ُ‬ ‫اليأجوجية في‬ ‫أجنبية بِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫كتب غَير إسالمية‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫عش�ر‬ ‫التاس�ع‬ ‫القرن‬ ‫تعرضت هذه القار ُة في‬ ‫السلاح وقد‬ ‫قوة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫((( مسند أحمد (‪ .)22991‬المجان ‪ :‬جمع المجن وهو الترس‬ ‫الحدب ‪ :‬الغليظ من األرض فى ارتفاع‬ ‫الشعاف ‪ :‬جمع شعفة وهى أعلى شعر الرأس يقصد صهب الشعور‬ ‫الصهب ‪ :‬جمع األصهب وهو األشقر أى الذى بشعره حمرة يعلوها سواد‬

‫‪401‬‬

‫مرحلة عدوانية‬ ‫يتحكم فِيها‬ ‫الشيطان‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫روب واالحتِ ِ‬ ‫لح ِ‬ ‫األجنبي((( ‪.‬‬ ‫الل‬ ‫والقرن العشرين ل ُ‬ ‫ِّ‬

‫ودول ِ‬ ‫دول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تاح ِ‬ ‫قارة‬ ‫قارة آس�يا‬ ‫‪3.3‬‬ ‫الفت�ح الوار ُد ف�ي هذه اآليات يعن�ي انف َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫العصر‬ ‫الحال في هذا‬ ‫ومأج�وج » على العال ِم كما هو‬ ‫يأجوج‬ ‫ي�ل «‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وصعود ِ‬ ‫تطو ِر‬ ‫ومأجوج»‬ ‫«يأجوج‬ ‫دول‬ ‫والمتت ِّب ُع ل ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫المعروف بِالعولمة ‪ُ ،‬‬ ‫بعضها ك ُقو ٍة مؤ ِّث ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بروز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واليابان‬ ‫كالصين‬ ‫الدولي‬ ‫المس�رح‬ ‫رة على‬ ‫َي ِج�دُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ ُ‬

‫ذات ُق ٍ‬ ‫ُتلة ِ‬ ‫دولية وك ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الفتح إشار ًة إلى تكو ِن ٍ‬ ‫وكوريا ‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وة‬ ‫قوة‬ ‫وأن في هذا‬ ‫ُّ‬ ‫عس�كرية ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫نم�اذج عديد ًة ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�تقبل ‪ ،‬وقد َ‬ ‫عن‬ ‫ف‬ ‫الم‬ ‫المؤ ِّل ُ‬ ‫َ‬ ‫نقل ُ‬ ‫ضاربة في ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُشير بِ َّ‬ ‫أن َ‬ ‫عتبر عند « جوج » قو ٌة ُعدواني ٌة‬ ‫الخ َيل ُي ُ‬ ‫الموس�وعة البريطانية ت ُ‬ ‫َ‬

‫المرحلة‬ ‫اليأجوجية في‬ ‫اإلنجيل‬

‫وأن هذه القو َة ستظهر في ِ‬ ‫ِ‬ ‫يطان ‪َّ ،‬‬ ‫الش ُ‬ ‫يتحك َُّم فِيها َّ‬ ‫الزمان ‪ ،‬كما جا َء‬ ‫آخ ِر‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واليهودي�ة بأن « جوج »‬ ‫المس�يحية‬ ‫واألس�فار‬ ‫اإلنجيل‬ ‫في مقاطِ َع ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫معبر بِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫مواض َع ُأخرى‬ ‫ماجوج » ‪ ،‬بينما جا َء في‬ ‫دوانية ُأخرى هي «‬ ‫قوة ُع‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫بِ َّ‬ ‫أعلم ‪.‬‬ ‫منشأ‬ ‫مكان‪ ،‬وهو‬ ‫ماجوج‬ ‫أن‬ ‫أصل َ‬ ‫َ‬ ‫جوج » وال َّل ُه ُ‬

‫ِ‬ ‫ص�ح بِ َّ‬ ‫اإلنجي�ل ؛ فهي في‬ ‫ومأجوج » ق�د جا َءت ِضم َن‬ ‫يأجوج‬ ‫�أن ِعب�ار َة «‬ ‫وإن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫منز ِلة ٍ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫غوي‬ ‫وحي من عند ال َّله ‪ ،‬لك َّن عد َم إمكانية الكش�ف عن أساس�ها وأصلها ال ُّل ِّ‬ ‫اإلنجي�ل ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫األصل�ي ‪ ،‬وأنَّها لم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولكنَّها‬ ‫تن�ز ْل في‬ ‫تحريفها ع�ن مدلولِها‬ ‫س�بب‬ ‫ه�و‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫األلسنة المتنو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اقتُبِست ِمن ال ُق ِ‬ ‫عة ‪.‬‬ ‫طبيعة‬ ‫مع‬ ‫رآن الكري ِم ُث َّم ُص ِر َ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ف نُط ُقها ليتالء َم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫والتفصي�ل ِكتاب « ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أس�رار ذو‬ ‫بيان‬ ‫والبيان‬ ‫َّوضي�ح‬ ‫�ع في ه�ذا الموضو ِع لِلت‬ ‫َ‬ ‫راج ْ‬ ‫الباح ِ‬ ‫القرني�ن ويأجوج ومأجوج » طبع�ة ‪1425‬هـ ‪2004‬م تأليف ِ‬ ‫ث « حمدي بن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫آخر من معاني ردة الفعل ونهوض هذه الدول عاليا‬ ‫معنى ُ‬ ‫((( فهل في هذا االحتالل والحروب ً‬ ‫حتى تتقوى وتمتلك القوة الكافية لالكتس�اح العسكري ‪ ،‬فيكون ذلك في صورة المستقبل‬

‫كما ذكره القرآن ؟!‬

‫‪402‬‬


‫حمزة أبو زيد » ‪.‬‬

‫ول عن « ِ‬ ‫بع�ض الباحثين إلى َغ ِير ه�ذا ال َق ِ‬ ‫ومأجوج » كما‬ ‫يأج�وج‬ ‫موق ِع‬ ‫وذه�ب ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫هو فيما ذكره المؤر ُخ س�امي بن ِ‬ ‫ِ‬ ‫األنبياء‬ ‫تاريخ‬ ‫أطلس‬ ‫عبدال َّل ِه المغلوث في ِكتابِه «‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ِّ‬ ‫لدكتور ِ‬ ‫تاب «مفاهيم جغرافي ٌة» لِ‬ ‫ِ‬ ‫�ل » ص‪ 126‬نقلاً عن ِك ِ‬ ‫والر ُس ِ‬ ‫عبدالعلي ِم خضر ‪،‬‬ ‫ٌ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫إن الس�دَّ الذي بناه ذوالقرنين موجو ٌد حتَّى َ‬ ‫وفيه ‪َّ :‬‬ ‫مهورية ُجورجيا‬ ‫اآلن فعلاً في ُج‬ ‫الش�اه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فتحة « داريال » بِ ِ‬ ‫وجبال ال ُق ِ‬ ‫جبال ال ُق ِ‬ ‫ُ‬ ‫الش�اهق ُة‬ ‫وقاز‬ ‫قة ‪.‬‬ ‫وقاز‬ ‫الس�وفييتية في‬

‫رأي آخر‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫السدّ موجو ٌد‬ ‫ّ‬ ‫في القوقاز‬ ‫(جورجيا)‬

‫ِ‬ ‫األس�ود ش�ر ًقا حتَّى ِ‬ ‫ِ‬ ‫بحر قزوي� َن غر ًبا ‪ ،‬ويب ُل ُ‬ ‫�غ ُطو ُلها ‪ 1200‬كم ‪،‬‬ ‫البحر‬ ‫تمت�دُّ ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بال التِوائي ٌة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّركيب ِمن ك ٍ‬ ‫وهي ِج ٌ‬ ‫الحديد الصافي‬ ‫هائل�ة ِم َن‬ ‫ُتل‬ ‫ش�امخ ٌة ُمتجانِس� ُة الت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّحاس الصافي في سدِّ « داريال » ‪.‬‬ ‫المخلوط بِالن‬

‫ِ‬ ‫لك الثغر ُة المسدود ُة بِ‬ ‫ِ‬ ‫تِ َ‬ ‫ُّحاس َبي َن فتحتَيها ‪ِ 5630‬م ًترا ـ أي ‪ 5 :‬كيلو‬ ‫الحديد والن‬ ‫ومن ِ‬ ‫و‪ِ 630‬مترا ـ ِ‬ ‫رات الطبيعي ُة فلم ْ‬ ‫ُ‬ ‫خلفها تِ َ‬ ‫تنل‬ ‫لك‬ ‫المتغ ِّي ُ‬ ‫الم ِّ‬ ‫توحش� ُة ‪ .‬أ َّما ُ‬ ‫القبائل ُ‬ ‫ً‬ ‫أن ِجسم ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫الصخري ـ أي ‪ِ :‬جبال ال ُق ِ‬ ‫ِم َن السدِّ َشي ًئا َغ َير َّ‬ ‫بال‬ ‫وقاز ـ ِمن جان َب ِي السدِّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫فعل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تآكل بِ ِ‬ ‫وصار ُه َ‬ ‫قد َ‬ ‫ناك فرا ٌغ فيما‬ ‫الطويل ‪،‬‬ ‫الزمن‬ ‫التعرية على مدى هذا‬ ‫عوام ِل‬ ‫َ‬ ‫ظل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجبلية ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ُّحاسي الذي َ‬ ‫شام ًخا إلى َ‬ ‫اآلن‪،‬‬ ‫الحديدي الن‬ ‫خور‬ ‫وجس ِم السدِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َبي َن ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫اإلنسان أن ين ُق َبه أو يع ُلوه ‪.‬‬ ‫يستطيع‬ ‫وال‬ ‫ُ‬

‫الف الباحثين َ‬ ‫ونع�و ُد إلى ما ذكرنا س�ل ًفا ِمن َّ‬ ‫حول ه�ذا الموضو ِع ال ُيغ ِّي ُر‬ ‫أن اختِ َ‬ ‫ئناس واالس�تِ ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم�ن ِ‬ ‫جر ِد االس�تِ ِ‬ ‫فادة‬ ‫الحقيقة َش�ي ًئا ‪ ،‬وإنَّم�ا ذكرنا هذه‬ ‫أمر‬ ‫األقوال ل ُم َّ‬ ‫العام ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫يقضي ال َّل ُه‬ ‫واألحاديث إل�ى أن‬ ‫اآليات‬ ‫أش�ارت إ َلي�ه‬ ‫األمر على ما‬ ‫�ة ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ويظل ُ‬ ‫أمرا َ‬ ‫كان مفعولاً ‪.‬‬ ‫ً‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومأجوج‬ ‫يأجوج‬ ‫تتحر ُك ُقوى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أشرنا إ َليها سل ًفا َّ‬ ‫وفي آخ ِر المرحلة العيس�وية التي ْ‬ ‫‪403‬‬

‫ذكرنا هنا اختالف‬ ‫الباحثين لمجرد‬ ‫االستئناس‬ ‫يأجوج ومأجوج‬ ‫يكتسحون العالم‬ ‫العربي‬


‫س�اح العال ِم حتَّى تب ُل َغ إلى الش�ا ِم ُ‬ ‫لاِ كتِ ِ‬ ‫حيث ِعيس�ى ش و َمن م َعه ‪ ،‬وإلى ذلِ َك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫يسى ‪ :‬إِنِّي َقدْ َأ ْخ َر ْج ُت ِع َبا ًدا‬ ‫شير‬ ‫الحديث ‪َ « :‬ف َب ْين َ​َما ُه َو ك َ​َذل َك إِ ْذ َأ ْو َحى ال َّل ُه إِ َلى ع َ‬ ‫ُي ُ‬ ‫ان ألَح ٍد بِ ِقتَالِ ِهم َفح�ر ْز ِعب ِ‬ ‫لِ�ى الَ يدَ ِ‬ ‫ادى إِ َلى ال ُّط ِ‬ ‫وج‬ ‫وج َو َم ْأ ُج َ‬ ‫ور‪َ ،‬و َي ْب َع ُث ال َّل� ُه َي ْأ ُج َ‬ ‫ْ َ ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫�م ِم ْن ك ُِّل َحدَ ٍ‬ ‫�م َع َلى ُب َح ْي َر ِة َط َب ِر َّي َة َف َي ْش َ�ر ُب َ‬ ‫ب َين ِْس� ُل َ‬ ‫ون َما فِ َيها ‪،‬‬ ‫ون ‪َ ،‬ف َي ُم ُّر َأ َوائ ُل ُه ْ‬ ‫َو ُه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ون َل َقدْ ك َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫�م َف َي ُقو ُل َ‬ ‫يس�ى َو َأ ْص َحا ُب ُه‬ ‫َان بِ َهذه َم َّ�ر ًة َما ٌء‪َ .‬و ُي ْح َص ُر نَبِ ُّى ال َّل ُه ع َ‬ ‫َو َي ُم ُّ�ر آخ ُر ُه ْ‬ ‫َحتَّى َيك َ‬ ‫ُون َر ْأ ُس ال َّث ْو ِر ألَ َح ِد ِه ْم َخ ْي ًرا ِم ْن ِمائ َِة ِدين ٍَار ألَ َح ِدك ُ​ُم ا ْل َي ْو َم»(((‪.‬‬

‫الحر ِ‬ ‫ِ‬ ‫المرحلة ِ‬ ‫يرغب عيس�ى ش و َمن معه إل�ى ال َّل ِه ويجأرون‬ ‫جة‬ ‫وف�ي ه�ذه‬ ‫ُ‬ ‫بِالدُّ ِ‬ ‫الش�ديدة ‪ ،‬فبينَما هم كذلك ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رس ُ�ل ال َّل ُه على‬ ‫المحنة‬ ‫ع�اء لِيخ ِّل َصه�م ِمن ه�ذه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫فيضطر ُب‬ ‫الجيش ُك َّله ‪.‬‬ ‫صيب‬ ‫ومأجوج وبا ًء عا ًّما‬ ‫يأجوج‬ ‫وفيروسا مرض ًّيا ُمعد ًيا ‪ُ ،‬ي ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الج ُ‬ ‫والوعك‬ ‫الحمى‬ ‫يش ‪،‬‬ ‫وتخور ُقواهم ‪ ،‬ويض ُعفون ضع ًفا شديدً ا لما يعتريهم م َن ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمناز ِل ِمن حي ُثما كانوا ِمن‬ ‫واألودية‬ ‫والمدُ ِن‬ ‫واألل ِم ‪ ،‬ويتس�اقطون في ال ُط ُرقات ُ‬ ‫بِ ِ‬ ‫الد ال َّل ِه صرعى أمواتًا ال ِ‬ ‫يملكون ُقدر ًة وال ُق َّو ًة وال جبروتًا ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الش�ريف بما معن�اه َّ‬ ‫وق�د ور َد ذلِ َ‬ ‫يفرحون‬ ‫�وج‬ ‫وج‬ ‫الحديث‬ ‫�ك في‬ ‫ومأج َ‬ ‫ُ‬ ‫يأج َ‬ ‫أن ُ‬ ‫بانتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صارهم على ِ‬ ‫األرض ‪َ ،‬ه ُل َّم ف ْلنقت ُْل َمن‬ ‫األرض ‪ .‬فيقولون « لقد قت ْلنا َمن في‬ ‫أهل‬ ‫الطغيان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيرغب‬ ‫اليأجوجي قبل في الس�ماء فيرمون بِنشابِهم إلى الس�ماء ‪ ،‬فير ُّدها ال َّل ُه ع َليهم مخضوب ًة د ًما‬ ‫ُ‬ ‫نهايتهم الحتمية‬ ‫ِ‬ ‫ف في ِرقابِهم »(((‪ ،‬وفي ِر ٍ‬ ‫واية ‪ « :‬رو ًدا‬ ‫رس ُل ع َليهم النَّ َغ ُ‬ ‫نبي ال َّله عيسى وأصحا ُبه ف ُي َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أعناقهم »((( ‪ .‬فيصبِحون موتَى كم ِ‬ ‫وت ٍ‬ ‫كالنغف في‬ ‫سم ُع لهم ِح ٌّس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫نفس واحدة ال ُي َ‬ ‫َ‬ ‫فيقول الم ِ‬ ‫نفسه فين ُظ ُر ما َ‬ ‫س�لمون أال ٌ‬ ‫رج ٌل‬ ‫العدو‬ ‫فعل هذا‬ ‫فيتجر ُد ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫رجل يش�تري لنا َ‬ ‫ُ ُ‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)7560‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪.)7560‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪.)7560‬‬

‫‪404‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فينز ُل ِ‬ ‫مقتول ‪ِ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫بعضهم على‬ ‫نفس�ه قد و َّطنَها على أنَّه‬ ‫فيجدُ هم موتى ُ‬ ‫منهم محتس� ًبا َ‬ ‫بعض فينادي يا معش�ر الم ِ‬ ‫عز َّ‬ ‫سلمين‪ ..‬أال أبش�روا َّ‬ ‫عدوكم‬ ‫إن ال َّل َه َّ‬ ‫وجل قد كفاكم َّ‬ ‫ٍ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سرحون مواشيهم ‪ .‬إلى أن َ‬ ‫نبي‬ ‫فيخرجون من مدائنهم ُ‬ ‫قال – ويهبِ ُط ُّ‬ ‫وحصونهم و ُي ِّ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫زهمهم ـ أي ‪:‬‬ ‫ال َّل ِه عيس�ى وأصحا ُبه إلى‬ ‫ش�برا إلاَّ مأله ُ‬ ‫األرض فال يجدون موض َع ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫فيبعث‬ ‫الناس بِنتنِهم أشدَّ ِمن حياتِهم فيستغيثون بِال َّل ِه ‪،‬‬ ‫نتنُهم م َن الجيف ـ فيؤذون َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫يهم الزكم ُة ‪،‬‬ ‫غما و ُدخانًا ‪،‬‬ ‫غبرا فتصير على‬ ‫ويكش ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫وتقع ع َل ُ‬ ‫الناس ًّ‬ ‫ريحا صماني ًة ً‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫البحر » ‪.‬‬ ‫ثالث ‪ ،‬وقد قذف ِجي َفهم في‬ ‫ال َّل ُه ما بهم بعدَ‬

‫واية فيرغب نبي ال َّل ِه عيسى ش وأصحابه إلى ال َّل ِه في ِ‬ ‫وفي ِر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫كأعناق‬ ‫رس ُل َط ًيرا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫خت ِ‬ ‫الب ِ‬ ‫فتطرحهم ُ‬ ‫مطرا ال يمك ّن منه‬ ‫تحم ُلهم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حيث شا َء ال َّل ُه تعالى ‪ُ ،‬ث َّم ُيرس ُل ال َّل ُه ً‬ ‫قال لِ‬ ‫ِ‬ ‫األرض حتَّى يتركَها كالزلِ ِ‬ ‫بيت ُم ٍ‬ ‫در وال ٍ‬ ‫ِ‬ ‫المرآة ـ ُث َّم ُي ُ‬ ‫وبر ‪ ،‬فت ُ‬ ‫ألرض‬ ‫قة ـ‬ ‫ُغس�ل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫تأكل العصاب ُة ِمن الر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مانة ‪ ،‬ويس�تظِلون بِقحفتِها‬ ‫ور ِّدي بركتَك فيومئذ ُ ُ‬ ‫َ ُّ‬ ‫ثمرك ‪ُ ،‬‬ ‫أنبتي َ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ ،‬‬ ‫ويوقدُ الم ِ‬ ‫يأجوج‬ ‫سلمون ِمن قسى‬ ‫سبع ُس ُف ٍن »(((‪.‬‬ ‫ومأجوج ونشابِهم وأتراسهم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫عيسى ش‬ ‫والمؤمنون‬ ‫يرغبون إلى الله‬ ‫في إهالك قوم‬ ‫يأجوج ومأجوج‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وم� َن المعلو ِم َّ‬ ‫تنعم‬ ‫وموت عيس�ى ش مرحل ًة‬ ‫ومأجوج‬ ‫يأجوج‬ ‫هالك‬ ‫أن َبي َن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ين هالك‬ ‫ما َب َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال ‪ :‬يأجوج ومأجوج‬ ‫�دري ؤ َ‬ ‫س�عيد ُ‬ ‫الخ‬ ‫والطاعة ‪ ،‬فقد روى أبو‬ ‫واألمن‬ ‫بالخي�ر‬ ‫فِيه�ا األُ َّم� ُة‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ وموت عيسى‬ ‫عتمر َّن بعدَ ُخ ِ‬ ‫يأجوج‬ ‫روج‬ ‫ومأج�وج» (((‪ ،‬ورواه عبدُ ب ُن ُح َميد‬ ‫حج� َّن ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫«ل ُي َّ‬ ‫البيت ول ُي َ‬ ‫ش‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بِ‬ ‫َ‬ ‫زي�ادة ‪ ،‬ولف ُظ�ه ‪َّ « :‬‬ ‫النخل بع�دَ ُخ ِ‬ ‫روج‬ ‫ويعتمرون ويغرس�ون‬ ‫يحج�ون‬ ‫إن‬ ‫الن�اس ُّ‬ ‫َ‬

‫يأجوج‬ ‫ومأجوج »((( ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫((( اإلشاعة ص‪.324‬‬

‫((( صحيح البخاري (‪.)1593‬‬

‫((( مسند عبد بن حميد (‪.)941‬‬

‫‪405‬‬


‫ِ‬ ‫المناس ِ‬ ‫ك‬ ‫ِرحلةُ عيسى ِم َن الشا ِم إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أرض الحر َمين الش�ريفين ‪ ،‬ويستقي‬ ‫يتوج ُه عيس�ى ش إلى‬ ‫بعدَ هذه المرحلة َّ‬ ‫األحاديث ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أخرجه‬ ‫ومنها ما‬ ‫ُش�ير ُجمل ُة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ويموت في المدينة المنورة ‪ ،‬وإلى ذل َك ت ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حكما عدلاً وإما ًما‬ ‫مريم‬ ‫الحاك ُم‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫وصح َحه ‪ ،‬ورواه اب ُن عس�اك َر عنه ‪ « :‬ليهبِ َط َّن اب ُن َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وألر َّد َّن‬ ‫فجا ًّ‬ ‫ُمقس� ًطا ‪ ،‬ويس� ُل َك َّن ًّ‬ ‫حاجا أو ُمعتم ًّرا ‪ ،‬وليأت َي َّن قبري حتَّى ُيس ِّل َم علي ‪ُ ،‬‬ ‫أي َبنِي أخي ‪ ،‬إن رأيتُموه فقول�وا ‪ :‬أبو هرير َة ُي ِ‬ ‫قرئ َ‬ ‫ُك‬ ‫ش » ‪ .‬يق�ول أب�و هري�رة ‪ْ :‬‬

‫السال َم(((‪.‬‬ ‫َّ‬

‫عساكر عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عبد ال َّل ِه ِ‬ ‫بن سال ٍم َ‬ ‫مكتوب في‬ ‫قال ‪« :‬‬ ‫وحسنه ‪ ،‬واب ُن‬ ‫ٌ‬ ‫وأخرج الترم ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذي َّ‬ ‫موت عيسى‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫حمد ‪ m‬وعيسى ُيد َف ُن معه » ‪.‬‬ ‫ش بالمدينة التوراة صف ُة ُم َّ‬ ‫المنورة ودفنه‬

‫وأخرج الطبراني « ُيدْ َف ُن ِعيسى َع َل ْي ِه السالم م َع رس ِ‬ ‫بالحجرة الشريفة‬ ‫ول ال َّل ِه َص َّلى ال َّل ُه َع َل ْي ِه َو َس َّل َم‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫وص ِ‬ ‫اح َب ْي ِه‪َ ،‬ف َيك ُ‬ ‫ُون َق ْب ُر ُه ألَ ْر َب ٍع »((( ‪.‬‬ ‫َ َ‬

‫ِ‬ ‫حكما‬ ‫مريم‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫وأخرج الحاك ُم ووافقه الذهبي عن أبي ُه َرير َة ؤ ‪ « :‬لهبِ َط َّن اب ُن َ‬ ‫قس� ًطا ‪ ،‬ويس� ُل َكن فجا حاج�ا أو م ِ‬ ‫عدلاً وإماما م ِ‬ ‫عتم ًرا ‪ ،‬وليأت َي َّن قبري حتَّى ُيس� ِّل َم‬ ‫ًّ‬ ‫َّ ًّ‬ ‫ُ‬ ‫ً ُ‬

‫وألر َّد َّن ع َليه » (((‪.‬‬ ‫علي ُ‬ ‫َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪m‬‬ ‫وأقول اقتِدا ًء بِ ِف ِ‬ ‫ُ‬ ‫وقف على كتابي‬ ‫عل‬ ‫لت ‪:‬‬ ‫وقول أبي ُه َرير َة ‪َ :‬من َ‬ ‫ُق ُ‬

‫((( المستدرك (‪)4162‬‬

‫((( سنن الترمذي (‪.)3977‬‬

‫((( الطبراني في الكبير (‪.)150‬‬

‫((( المستدرك مع تعليقات الذهبي (‪.)4162‬‬

‫‪406‬‬


‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫المه�دي‬ ‫وأدرك اإلم�ا َم‬ ‫وأدرك عيس�ى ش فل ُيقرئهم�ا منِّ�ي السلا َم ‪ ،‬وليط ُل َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫غفار ‪.‬‬ ‫الدعا َء واالست َ‬

‫‪407‬‬


‫ين رمحلةِ‬ ‫ِ‬ ‫الصرغى ما ب َ َ‬ ‫ِ‬ ‫وعلامات هامَّة ٌ ِم َن‬ ‫ظواه ُر‬ ‫ٌ‬ ‫العلامات ُّ‬ ‫نتظ حتَّى نِهايةِ رمحلةِ عيسى علَيهِ‬ ‫السلام‬ ‫الم رَ ِ‬ ‫ُ‬ ‫الإما ِم ُ‬

‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الصغرى إلى ِر ٍ‬ ‫جال يبرزون بِ‬ ‫األحاديث في ِ‬ ‫َ‬ ‫وأسماء‬ ‫صفات‬ ‫ُشير‬ ‫باب العالمات ُّ‬ ‫ت ُ‬ ‫واإلمارة ما بين ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م ٍ‬ ‫عاد ٍل ِ‬ ‫ُ‬ ‫وفاج ٍر ‪،‬‬ ‫الحك ِم‬ ‫المرحلة‬ ‫يكون لهم في ه�ذه‬ ‫عين�ة‬ ‫َ َ‬ ‫أدوار في ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬

‫القحطاني‬ ‫والج ْهجاه‬ ‫َ‬ ‫والم ْق َعد‬ ‫ُ‬

‫أخرج َّ‬ ‫رج ٌل‬ ‫القحطاني » ‪ ،‬فقد‬ ‫ومنهم «‬ ‫يخر َج ُ‬ ‫َ‬ ‫الشيخان عنه ‪ « :‬التقو ُم الساع ُة حتَّى ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ه�ور لِ‬ ‫ويكون َّأو َل ُظ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يس�وق‬ ‫قحطان‬ ‫ِمن‬ ‫المهدي‬ ‫مع‬ ‫الن�اس بِعصاه »((( ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫لقحطاني َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الس�رية التي ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الرو ِم‬ ‫رس� ُلها‬ ‫أميرا على‬ ‫في َّأو ِل زمانِه ‪ ،‬كما‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫المهدي إلى مدينة ُّ‬ ‫يكون ً‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫حال تابعيتِ�ه لِ‬ ‫فيفتتِ ُحه�ا في ِ‬ ‫رج ٌل‬ ‫ف‬ ‫�م يخ ُل ُ‬ ‫المهدي ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫لمهدي ال في حال خالفته ‪ُ ،‬ث َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رج ٌل ِمن ُق َر ٍ‬ ‫ِمن ِ‬ ‫سمى‬ ‫أهل َبيتِه‬ ‫يس�ير بِس�يرته حتَّى وفاة عيسى ش ‪ ،‬فيتو َّلى ُ‬ ‫يش ُي َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫آخر ِمن ُق َر ٍ‬ ‫فيخر َج ع َل ِيه‬ ‫« المقع�د » ف�إذا َ‬ ‫م�ات تو َّلى ُ‬ ‫يش ال ُيحس� ُن الس�ير َة ؛ ُ‬ ‫رج ٌل ُ‬ ‫رقة ؛ فيخرج ع َل ِيه القحطاني بِ ِ‬ ‫المخزومي ولع َّله « الجهجاه » ‪ ،‬ويدعو إلى ال ُف ِ‬ ‫سيرة‬ ‫ُ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُث إحدى وعشرين سن ًة ُثم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب بِ‬ ‫المنصور ‪ ،‬ويمك ُ‬ ‫يمل ُك الموالي‬ ‫المل َّق ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫المهدي ‪ ،‬وهو ُ‬

‫ِ‬ ‫ويغلب الش�ر ِمن ِ‬ ‫حديث م ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�ل ٍم قال ‪: m‬‬ ‫بعده ‪ .‬وفي الجهجاه عن أبي ُه َرير َة ِمن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫رج ٌل ُي ُ‬ ‫«ال‬ ‫قال له الجهجاه »((( ‪.‬‬ ‫تذهب األيا ُم والليالي حتَّى يمل َك ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ونق�ل‬ ‫القحطاني والجهجاه‬ ‫األحاديث التي جا َءت ف�ي‬ ‫التويجري ((( جمل� ًة ِم َن‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫مكن العود إ َليها لِالستِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫فادة ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُي ُ‬

‫((( البخاري (‪ )7117‬مسلم (‪. )7492‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪.)7493‬‬

‫((( إتحاف الجماعة (‪.)314 : 2‬‬

‫‪408‬‬


‫ِ‬ ‫والعود إلى الجاهليةِ‬ ‫رمحلةُ الانهيا ِر‬

‫(((‬

‫((( يشار إلى هذه المرحلة بصفة االنهيار والعود إلى الجاهلية لما يطرأ فيها من تحول تام وتغير‬ ‫كام�ل ع�ن مراد الل�ه في خلقه ‪ .‬ومن أعظم التح�ول والتغير حلول الش�رك في األمة ‪ ،‬وهو‬

‫عودة الكفر وعبادة األصنام وعبادة األوثان كالالت والعزى وذي الخلصة وغيرها على ما‬ ‫كانت عليه في مرحلة الجاهلية األولى ‪.‬‬

‫َ‬ ‫أما َ‬ ‫األكبر‬ ‫الش�رك‬ ‫قبل هذه المرحلة ما بين عيس�ى ش تصاعديا إلى عهد الرس�الة فإن‬ ‫َ‬ ‫الموج�ب للخل�ود في النار منع�د ٌم من األمة المحمدي�ة خصوصا وإنما يصيبه�ا داء األمم‬

‫ويصيبها اإلفراط والتفريط‪ ،‬وداء األمم‪ ،‬وهو البغضاء والحسد‪ ،‬وهي ـ كما سماها رسول‬ ‫وعكسه ‪.‬‬ ‫الله ‪ m‬ـ حالقة الدين ‪ ،‬واإلفراط والتفريط هو الغلو في االعتقاد والوالءات‬ ‫ُ‬ ‫ويكون فيها المس�خ والق�ذف التخاذهم المعازف والقينات والدفوف وش�رب الخمر ‪،‬‬ ‫وه�ذه ظواهر منتش�رة ف�ي األمة والعياذ بالل�ه ‪ ،‬فعن أبي هريرة ؤ أن رس�ول الله ‪m‬‬

‫قال‪« :‬يمسخ قوم من أمتي آخر الزمان قردة وخنازير» ‪ .‬قالوا ‪ :‬يا رسول الله ‪ ،‬مسلمون هم؟‬ ‫قال ‪ « :‬نعم ‪ ،‬يش�هدون أن ال إله إال الله ‪ ،‬وأن محمدا رس�ول الله ‪ ،‬ويصومون ويصلون» ‪.‬‬

‫قالوا ‪ :‬فما بالهم يا رسول الله ؟ قال ‪ « :‬اتخذوا المعازف والقينات والدفوف ‪ ،‬وشربوا هذه‬

‫األش�ربة ‪ ،‬فباتوا على ش�رابهم ولهوهم فأصبحوا وقد مس�خوا » كما ورد في «كنز العمال»‬

‫(‪ )3873‬و«الدر المنثور» للسيوطي (‪ )324 : 2‬و«حلية األولياء» (‪. )119 : 3‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫المذكورة‪،‬‬ ‫المرحلة‬ ‫ه�ذه‬ ‫أحاديث ظهور الش�رك في المس�لمين على‬ ‫وال يج�وز أن ُتن ََّز َل‬

‫وإنما يكون الشرك األكبر محصورا فيما بعد عيسى ش ‪ .‬وفيها حديث «ال تقوم الساعة‬ ‫حت�ى يرج�ع ناس من أمتي إلى عب�ادة األوثان يعبدونها» أخرجه الطيالس�ي عن أبي هريرة‪.‬‬

‫وحديث ثوبان ؤ « وال تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين ‪ ،‬وحتى تعبد‬

‫قبائل من أمتي األوثان » ‪ .‬وحديث ‪ « :‬ال يذهب الليل والنهار حتى تعبد الالت والعزى » ‪.‬‬ ‫فقلت يا رسول الله ‪ ،‬إن كنت ال أظن حين أنزل الله ‪( :‬ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬

‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ) [التوب�ة‪ ]33:‬أن ذل�ك تام قال ‪:‬‬ ‫« إنه سيكون من ذلك ما شاء الله ‪ ،‬ثم يبعث الله ريحا طيبة تتوفى كل من في قلبه مثقال حبة‬ ‫خردل من إيمان ‪ ،‬فيبقى من ال خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم » ‪ .‬أخرجه مسلم في صحيحه‬

‫(‪. )2231-2230 /4‬‬

‫‪409‬‬


‫ٍ‬ ‫االنهيار بعيدَ م ِ‬ ‫وت عيس�ى ش بِ‬ ‫س�نوات ‪ ،‬وه�ي مرحل ٌة طويل ٌة‬ ‫و تب�د ُأ مرحل َة‬ ‫ِ َُ َ‬ ‫ِ‬ ‫نِسبيا ‪ ،‬تبد ُأ بِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآليات‬ ‫الشمس تأتي ُجمل ٌة ِم َن‬ ‫وت عيسى ش ‪ ،‬و َبي َن موتِه و ُطلو ِع‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يموت عيسى‬ ‫«اإلشاعة» بِ َقولِه ‪ُ :‬ث َّم‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫والصغرى وقد وص َفها كات ُ‬ ‫والوسطى ُّ‬ ‫الكُبرى ُ‬

‫القحطاني‬

‫رج ٌل ِمن ُق َر ٍ‬ ‫مات تو َّلى ِمن‬ ‫سمى المقعدَ فإذا َ‬ ‫ش ‪ ،‬ويتو َّلى بعدَ عيسى ش ُ‬ ‫يش ُي َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُقر ٍ ِ‬ ‫المخزومي ـ ولع َّله «الجهجاه»ـ ويدعو‬ ‫فيخر َج ع َل ِيه‬ ‫ُّ‬ ‫يش من ال ُيحس� ُن س�يرتَه ؛ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫إل�ى ال ُف ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ب بِ‬ ‫القحطاني بِ‬ ‫المنصور‪،‬‬ ‫س�يرة‬ ‫فيخ�ر ُج ع َل ِيه‬ ‫رقة ؛‬ ‫المل َّق ُ‬ ‫ِّ‬ ‫المه�دي ‪ ،‬وهو ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫ُث إحدى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويمك ُ‬ ‫ُ‬ ‫الشر‬ ‫تنتقص الدُّ نيا ‪،‬‬ ‫وعش�رين س�ن ًة ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫ويملك الموالي ‪ ،‬ويغل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ب ُّ‬ ‫الشمس ِمن مغربِها ‪ .‬اهـ‪ِ .‬‬ ‫والطارف» ص ‪.451 -450‬‬ ‫إلى أن تط ُل َع‬ ‫َ‬ ‫راج ِع «التليدَ‬ ‫ُ‬

‫قال « ُثم ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫مر أبي ٍ‬ ‫عمرو ء َ‬ ‫رس ُ�ل ال َّل ُه ـ يعني‬ ‫َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫وأخرج أحمدُ و ُمس�ل ٌم عن ُع َ‬ ‫قبل الشا ِم فال يبقى على ِ‬ ‫ِ‬ ‫يحا ِ‬ ‫ِ‬ ‫بارد ًة ِمن ِ‬ ‫وجه‬ ‫األرض أحدٌ‬ ‫ظهور إبليس في بعدَ َموت عيسى ش ـ ِر ً‬ ‫جيل االنهيار‬ ‫والدعوة إلى‬ ‫عبادة األصنام‬ ‫كما كانَت في‬ ‫الجاهلية‬

‫وهذا الشرك الجماعي ال يكون بعد موت عيسى ش ‪ ،‬ويؤيد انصراف معنى «الشرك»‬

‫من أمة محمد ما بين الرس�الة ونزول عيس�ى ش حديث ‪ « :‬لست أخشى عليكم الشرك‬ ‫من بعدي ‪ ،‬ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها فتهلككم كما أهلكت من كان قبلكم »‪.‬‬ ‫وعلى هذا األس�اس يفس�ر علم فقه التحوالت ظاهرة التش�ريك التي تبنتها مدارس القبض‬

‫والنق�ض في مرحلة الغثاء بأنها تهم�ة ال دليل لها ‪ ،‬بل هي تهمة بدعية بحتة تبنت التحريف‬ ‫للنص�وص القرآني�ة والحديثي�ة وغاي�ة ما يمك�ن قبوله في تصحي�ح االنحراف الس�ائد بين‬ ‫المس�لمين في االعتقادات والعادات والعبادات ‪ ،‬يقال في المسلمين بعمومهم أنهم وقعوا‬

‫ف�ي الغل�و واإلفراط أو الجف�اء والتفريط ‪ ،‬وعل�ى هذين الطرفين المتضادي�ن تبنت أحكام‬ ‫التشريك والتكفير الجائرة مدارس القبض والنقض من جهة ‪ ،‬وتبنت التفريط وثقافة الكفر‬

‫مدارس العلمانية والتوليفية المعاصرة من جهة أخرى ‪.‬‬

‫وكال المدرس�تين خدمت�ا « المنه�ج المس�يس » بعل�م أو بغي�ر علم وش�ددتا النكير على‬

‫مدارس اإلسلام األبوية المسندة مع أنهما في الجانب المقابل فتحتا الباب على مصراعيه‬

‫لمدارس العلمانية والعلمنة والعولمة كي « تعيد هندسة الحياة المعاصرة بكل أنماطها » ‪.‬‬

‫‪410‬‬


‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫قبضه – إلى أن َ‬ ‫ف�ي قلبِ�ه ِم َ‬ ‫الناس في ِخ َّف ِة‬ ‫�رار‬ ‫ذر ٍة ِمن‬ ‫إيمان إلاَّ َ‬ ‫قال ‪ :‬فيبقى ش ُ‬ ‫ثقال َّ‬ ‫يعرفون معرو ًفا ‪ ،‬وال ي ِ‬ ‫السبا ِع ال ِ‬ ‫ُ‬ ‫نك َ‬ ‫الشيطان ‪،‬‬ ‫لهم‬ ‫ُ‬ ‫نكرا فيتم َّث ُل ُ‬ ‫رون ُم ً‬ ‫ال َط ِير وأحال ِم ِّ‬ ‫تستحيون ؟ فيقولون ما تأمرنا ؟ فيأمرهم بِ ِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫األوثان فيع ُبدونها ‪ ،‬وهم‬ ‫بادة‬ ‫فيقول أال‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ُ​ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫في ذلِ َك َد ٌّار ِرز ُقهم َح َس� ٌن َع ُ‬ ‫يش�هم حتَّى ُين َف َخ في‬ ‫المرحلة‬ ‫وتمتاز هذه‬ ‫الصور (((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والصغرى ‪.‬‬ ‫والوسطى ُّ‬ ‫األخيرة بما يلي م َن العالمات الكُبرى ُ‬

‫((( صحيح مسلم (‪ ، )7568‬وراجع التليد والطارف ‪.457‬‬

‫‪411‬‬


‫ُخروج الدابة من‬ ‫مكَّة‬

‫الدابَّةُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ترتيب وقتِها بِ‬ ‫ِ‬ ‫النس�بة‬ ‫ُلف في‬ ‫هور الدا َّب ِة ‪ ،‬واخت َ‬ ‫ومن عالمات الس�اعة الكُب�رى ُظ ُ‬ ‫عبدال َّل ِ‬ ‫حديث ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بن ٍ‬ ‫�ه ِ‬ ‫ُ‬ ‫عمرو‬ ‫ش�ير إل�ى هذا المعن�ى‬ ‫للعالم�ات الكُب�رى األخيرة ‪ ،‬و ُي ُ‬ ‫قال ‪ِ :‬‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ m‬حدي ًثا لم أنس�ه بعدُ ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ء َ‬ ‫حف ْظ ُت ِمن‬ ‫رس�ول‬ ‫عت‬ ‫س�م ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الشمس ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّل ِه ‪ُ m‬‬ ‫يقول « َّ‬ ‫مغربِها ‪ُ ،‬‬ ‫روج الدا َّب ِة‬ ‫لوع‬ ‫وخ ُ‬ ‫روجا ُط ُ‬ ‫إن َّأو َل اآليات ُخ ً‬

‫ِ‬ ‫صاحبتِها ‪ ،‬فاألُخرى على ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس ُض ًحى ‪ ،‬وأيهما كانَت َ‬ ‫قب�ل‬ ‫عل�ى‬ ‫أثرها قري ًبا» (((‪.‬‬ ‫رواه م ِ‬ ‫سل ٌم ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫َ‬ ‫ق�ال تعال�ى (ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﮓ ﮔ ﮕ) [النمل‪َ . ]82:‬‬ ‫كر ُخ ِ‬ ‫روج‬ ‫الم ِّ‬ ‫قال ُ‬ ‫فسرون‪ :‬هذه اآلي َة الكريم َة جا َء فيها ذ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الداب�ة ‪َّ ،‬‬ ‫الحق‪،‬‬ ‫وتركهم‬ ‫الن�اس‬ ‫فس�اد‬ ‫وإن ذلِ َك‬ ‫وتبريهم ِم َن ِّ‬ ‫يكون ِعندَ‬ ‫أوامر ال َّل�ه ِّ‬ ‫َ‬ ‫(ﮆ ﮇ ﮈ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﮉ) هو موت َ‬ ‫ُ‬ ‫يكون ب َموت ال ُعلماء و َذهاب العل ِم‬ ‫قال عبدُ ال َّله ب ُن مسعود ؤ ‪َ « :‬و ْق ُع القول‬ ‫قال‪ :‬أكثِروا تِالو َة ال ُق ِ‬ ‫العلماء ورفع ورف� ِع ال ُق ِ‬ ‫رآن َ‬ ‫�رآن ‪ُ ،‬ث َّم َ‬ ‫المصاحف‬ ‫قب�ل أن ُير َف َع ‪ ،‬قالوا ‪ :‬هذه‬ ‫ُ‬ ‫القرآن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فكي�ف بما في ُص ِ‬ ‫دور ِ‬ ‫قفرا ‪،‬‬ ‫�ع‪،‬‬ ‫َ‬ ‫تُر َف ُ‬ ‫الرجال! قال‪ُ :‬يس�رى ع َليه َليًل�اً ف ُيصبِحون منه ً‬

‫ِ‬ ‫الجاه ِ‬ ‫ِ‬ ‫وينس�ون ال إل�ه إلاَّ ال َّل ُه ‪ ،‬ويقعون ف�ي َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫يقع‬ ‫لية‬ ‫ول‬ ‫وأش�عارهم ‪ ،‬وذل َك حي َن ُ‬ ‫ِ‬ ‫(((‬ ‫ِ‬ ‫ال َق ُ‬ ‫َ‬ ‫ول ع َليهم»‬ ‫أشراط‬ ‫‪،‬وراج ْع «‬ ‫الساعة» للوابِ ِل((( ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�مس ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وطول زمانِها‬ ‫مغربِه�ا ص ‪. 404‬‬ ‫أخبار ُطلو ِع‬ ‫الحال في‬ ‫وكم�ا هو‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)7570‬‬

‫بي (‪.)234/13‬‬ ‫(((‬ ‫تفسير ال ُقر ُط ِّ‬ ‫ُ‬

‫((( وج�اء ف�ي س�بل الهدى والرش�اد (‪ )656 : 10‬في الباب الس�ابع « س�بب خروجها » قال ‪:‬‬ ‫«ذلك حين ال يأمرون بمعروف ‪ ،‬وال ينهون عن منكر» ‪.‬‬

‫‪412‬‬


‫ِ‬ ‫وآثار ُخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وكذلِ َ‬ ‫الحال في ُخ ِ‬ ‫فيطول الزم ُن بعدَ ها‪..‬‬ ‫الناس‬ ‫روجها على‬ ‫الدابة‬ ‫روج‬ ‫�ك‬

‫النبي ‪َ m‬‬ ‫تخر ُج الدا َّب ُة‬ ‫قال ‪ُ « :‬‬ ‫كما روى اإلما ُم أحمدُ عن أبي ُأمام َة ؤ يرف ُعه إلى ِّ‬ ‫ِ‬ ‫خراطيمهم ـ أي ‪ُ :‬أنوفِهم ـ ُث َّم ُيغمرون ـ أي ‪ :‬يك ُثرون ـ فيكم‬ ‫الناس على‬ ‫ُس�مي َ‬ ‫فت ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫البعير ‪ ،‬ف ُي ُ‬ ‫اشتريتَه ؟‬ ‫الرج ُل‬ ‫المخ َّطمين(((‪.‬‬ ‫حتَّى يشتري ُ‬ ‫فيقول‪ :‬من أحد ُ‬ ‫قال ممن َ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫�ذي ع�ن أبي ُه َري�ر َة ‪ِ n‬‬ ‫النب�ي ‪َ m‬‬ ‫قال‪:‬‬ ‫عن‬ ‫وروى اإلم�ا ُم أحم�دُ والترم ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫وخاتم ُس� َل َ‬ ‫أنف‬ ‫تخ�ر ُج الداب� ُة وم َعه�ا عصا ُموس�ى‬ ‫�م الكافِ َر ـ َ‬ ‫يمان ش فتخت ُ‬ ‫ُ‬ ‫« ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكافِ ِ‬ ‫المؤم�ن بِ‬ ‫ِ‬ ‫إن َ‬ ‫العصاء حتَّى َّ‬ ‫أه�ل‬ ‫�ر ـ بِالخات� ِم ‪ ،‬وتجلو وج َه‬ ‫الخوان((( – أي ‪:‬‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫جتمع�ون على الطعا ِم َ‬ ‫األكل‬ ‫والخوان ما‬ ‫الخوان ـ‬ ‫فوق‬ ‫يوضع ع َل ِيه الطعا ُم ِعندَ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فيقول هذا ‪ :‬يا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫يجتم َ‬ ‫عون على خوانِهم ‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫مؤم ُن ‪ .‬ويقول هذا ‪ :‬يا كافِ ُر » (((‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وي في ذلِ َك‬ ‫تخر ُج ِمن مكَّ� َة‬ ‫ور َ‬ ‫المكرمة من أعظ ِم المس�اجد ‪ُ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫وق�د ذك�روا أنها ُ‬ ‫ُ‬ ‫أحاديث ِمنها ‪:‬‬ ‫بن َأ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫األوس�ط عن ُح َذيف َة ِ‬ ‫س�يد َ‬ ‫الطبراني في‬ ‫ما رواه‬ ‫تخر ُج الداب ُة ِمن أعظ ِم‬ ‫قال « ُ‬ ‫ُّ‬ ‫المساج ِد ‪ :‬فبينَما هم إذ دب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫األرض ‪ ،‬فبينما هم كذلِ َك تصدَّ َعت » (((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫بن َأ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫حديث ُح َذيف َة ِ‬ ‫َ‬ ‫وقيل ‪َّ :‬‬ ‫الحاكم‪،‬‬ ‫سيد ِعند‬ ‫روجات ‪ .‬كما جا َء في‬ ‫إن لها ثالث َة ُخ‬ ‫ٍ (((‬ ‫َ‬ ‫الحديث بِطولِه ‪ُ ،‬ث َّم َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫وقال ‪« :‬لها‬ ‫صحيح‬ ‫حديث‬ ‫قال هذا‬ ‫وذكر‬ ‫ٌ‬ ‫ثالث خرجات » ‪َ .‬‬ ‫ِ‬ ‫شرط َّ‬ ‫الشيخين ولم ُيخرجاه ‪.‬‬ ‫على‬ ‫((( مسند أحمد (‪.)22968‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫((( وفي ِر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الناس على ماء ‪.‬‬ ‫يوت ُمجتمع ٌة م َن‬ ‫واية (الحواء) ‪ ،‬وهي ُب ٌ‬ ‫((( سنن الترمذي (‪.)3490‬‬

‫((( الطبراني في األوسط (‪. )1635‬‬ ‫((( المستدرك (‪.)8490‬‬

‫‪413‬‬

‫بقاء الناس بعد‬ ‫الدابة مددا طويلة‬

‫ما بعد مرحلة‬ ‫ُخروج الدابة‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وأكرمها‬ ‫المس�اج ِد ـ عل�ى ال َّل ِه ـ ُحرم� ًة‬ ‫الن�اس في أعظ ِم‬ ‫�م بـَينَم�ا‬ ‫ُ‬ ‫ق�ال ‪ُ « :m‬ث َّ‬ ‫كن والمقا ِم تن ُف ُض عن ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫رأس�ها‬ ‫المس�جد الحرا ِم ‪ ،‬ل�م تر ْعهم إلاَّ وهي ترغو َبي َن ُّ‬

‫الناس عنها شتَّى » ((( ‪.‬‬ ‫ُّراب َف ْار َف َّض ُ‬ ‫الت َ‬

‫ٍ‬ ‫تخرج الدّ ا َّب ُة بِ‬ ‫وعن أبي ُه َرير َة ِ‬ ‫مر وعائش َة ‪« : n‬‬ ‫أجياد » (((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وابن ُع َ‬

‫وجز َم‬ ‫البيضاوي في تفس�يره بأنها «الجساس� ُة صاحبة الدجال» (((‪ .‬كما ورد في‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫الحياة وقد َف َر َغ من‬ ‫إبليس بعد انقطا ِع َد ْو ِر ِه في‬ ‫رواية ابن حماد والحاكم أنها تقتل‬ ‫َ‬

‫ُ‬ ‫الحديث‪« :‬خروج الدابة بعد طلوع الشمس من مغربها فإذا خرجت‬ ‫َص‬ ‫العمل‪ ،‬ون ُّ‬ ‫لطمت إبليس وهو ساجد»((( ‪.‬‬

‫العاص ‪ c‬قال ‪« :‬إذا َط َلع ِ‬ ‫ِ‬ ‫عم�رو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫بن‬ ‫الطبراني وا ْب ُن َم ْر َد ِو ِيه عن‬ ‫وأخ�رج‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫إبليس ساجد ًا ُينادي و َي ْج َه ُر‪ِ :‬‬ ‫إلهي ُم ْرنِي َأ ْس ُجدُ لِ َم ْن ِش ْئ َت‪،‬‬ ‫الشمس ِمن مغربِها َخ َّر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فتجتمع ِ‬ ‫َ‬ ‫س�ألت َربِي َأ ْن‬ ‫فيقولون‪ :‬يا َس� ِّيدَ نا ما هذا الت َ​َّض ُّر ُع ؟ فيقول‪ :‬إِنّما‬ ‫إليه َزباني ٌة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وه َذا‬ ‫الوقت المعلو ُم»(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُينْظ َرني إلى الوقت المعلو ِم ‪َ ،‬‬

‫((( مسند الطيالسي (‪.)1165‬‬

‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪.)38762‬‬

‫((( تفسير البيضاوي (‪ ، )278 :1‬وانظر اإلشاعة ص‪.360‬‬ ‫((( المستدرك (‪. )8590‬‬

‫((( الطبراني في األوسط (‪.)94‬‬

‫‪414‬‬


‫الريح القابِضةُ لِلمؤمنين‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االنهيار الذي‬ ‫مع ه�ذا‬ ‫المرحلة ‪،‬‬ ‫الصغرى في ه�ذه‬ ‫وتظهر َ‬ ‫وه�ي م� َن العالمات ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صي�ب البش�ري َة ِمن ِ‬ ‫أم�ر دينِه�ا وعقيدتِها ُ‬ ‫ريحا‬ ‫ُي‬ ‫بقي م� َن المؤمنين ً‬ ‫ُ‬ ‫يبعث ال َّل� ُه ل َمن َ‬ ‫ينط�ق ِ‬ ‫ثل َقولِه ‪m‬‬ ‫عن الهوى ِمن ِم ِ‬ ‫َ‬ ‫أحاديث َمن ال‬ ‫أرواحه�م ‪ ،‬كما ور َد في‬ ‫�ض‬ ‫ُ‬ ‫تقبِ ُ‬ ‫َ‬

‫الريح القابضة‬ ‫لمن بقي من‬ ‫المؤمنين‬

‫ٍ‬ ‫عز َّ‬ ‫مسعود ؤ َ‬ ‫قال ‪ُ « :‬‬ ‫زمهرير‬ ‫يحا فِيها‬ ‫فيما رواه عبدُ ال َّل ِه ب ُن‬ ‫يبعث ال َّل ُه َّ‬ ‫وجل ِر ً‬ ‫ٌ‬ ‫األرض م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ؤمنًا إلاَّ‬ ‫م�ات بِتِ َ‬ ‫ِ‬ ‫الريح ُث َّم تقو ُم الس�اع ُة على‬ ‫لك‬ ‫وج�ه‬ ‫ت�دع على‬ ‫َ‬ ‫ب�ار ٌد ال ُ‬ ‫ِ ُ‬

‫ِش ِ‬ ‫ِ‬ ‫رار‬ ‫الناس » ((( ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫إن ِمن ِ‬ ‫عبدال َّل ِ‬ ‫وع�ن ِ‬ ‫آخ ِر ِ‬ ‫�ه ِ‬ ‫مر ؤ َ‬ ‫الكعبة َّ‬ ‫قال ‪َّ « :‬‬ ‫أن الحبش� َة يغزون‬ ‫أمر‬ ‫بن ُع َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫يدع‬ ‫نحوهم‬ ‫يت ‪،‬‬ ‫ال َب َ‬ ‫أثرها ش�رقي ٌة ؛ فال ُ‬ ‫فيبعث ال َّل ُه ع َليهم ً‬ ‫المس�لمون َ‬ ‫ُّ‬ ‫ريحا ُ‬ ‫فيتوجه ُ‬ ‫قبضته ‪ ،‬حتَّى إذا فرغوا ِمن ِ‬ ‫ال َّل� ُه عب�دً ا في قلبِه ِم َ‬ ‫خيارهم ‪ ،‬يقي‬ ‫ذر ٍة ِمن تُقى إلاَّ َ‬ ‫ثقال َّ‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫معروف وال ينهون عن ُم ٍ‬ ‫الناس ال يأمرون بِ‬ ‫ِ‬ ‫جاجا ِم َن‬ ‫حي إلى ما‬ ‫ع ً‬ ‫نكر ‪ ،‬وعمدَ ك َُّل ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫البهائم‪،‬‬ ‫كان يع ُبدُ آباؤهم ِم َن‬ ‫األوثان ‪ ،‬فيع ُبدُ ه حتَّى يتسافدوا في ال ُّط ُر ِق كما تتسافدُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يهم الساع ُة ‪ ،‬فمن َ‬ ‫لم له » (((‪.‬‬ ‫نبأك عن شيء بعدَ هذا فال ع َ‬ ‫فتقو ُم ع َل ُ‬

‫وما رواه م ِ‬ ‫النواس ِ‬ ‫سل ٌم ِ‬ ‫ِ‬ ‫سمعان « فبينما هم كذلِ َك إذ َ‬ ‫َ‬ ‫ريحا ط ِّيب ًة‬ ‫بن‬ ‫عن‬ ‫بعث ال َّل ُه ً‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الناس‬ ‫�رار‬ ‫وح ك ُِّل‬ ‫فتأخ ُذه�م َ‬ ‫تحت آباطهم فتقبِ ُض ُر َ‬ ‫مؤمن وك ُِّل ُمس�ل ٍم ‪ ،‬ويبقى ش ُ‬ ‫تهارج‬ ‫يتهارجون فِيها ـ أي‪ :‬يتسافدون ـ كما‬ ‫الحمر فع َليهم تقو ُم الساع ُة (((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫((( المستدرك (‪.)8666‬‬

‫((( المستدرك (‪ ،)8410‬وانظر إتحاف الجماعة (‪.)34 :3‬‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)7560‬‬

‫‪415‬‬

‫ارتباط هدم‬ ‫الكعبة بموت‬ ‫المؤمنين وبقاء‬ ‫عجاج من الناس‬


‫ِ‬ ‫(فيكون على ِم ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ثل ذلِ َك حتَّى ال ُيو َلدُ أحدٌ ِمن ٍ‬ ‫نكاح ُث َّم ُيع ِّق ُم ال َّل ُه‬ ‫اإلشاعة ‪:‬‬ ‫قال في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رار‬ ‫الناس ع َليهم تقو ُم الساع ُة)(((‪.‬‬ ‫النِّسا َء ثالثين سن ًة ‪ ،‬ويكونون ك ُّلهم أوال َد ِزنا ش َ‬

‫(( ( ص‪.326‬‬

‫‪416‬‬


‫هدم الكعبةِ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�اعة الصغرى ق�رب نِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أم�ر الك ِ‬ ‫هاية ِ‬ ‫الكعبة‬ ‫والحياة ه�د ُم‬ ‫َ�ون‬ ‫عالم�ات‬ ‫وم�ن‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعم ُر بع�دَ ه ‪ ،‬وقد ور َد‬ ‫حج�را ‪،‬‬ ‫حج�را‬ ‫وزوال ُبنيانِه�ا‬ ‫ش�رفة‬ ‫الم‬ ‫فتخ�ر ُب خرا ًب�ا ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫�ك ف�ي ج ٍ‬ ‫الرس�ول ‪ِ m‬‬ ‫ِ‬ ‫حديث أب�ي ُه َرير َة وهو يحدِّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ذلِ َ‬ ‫أحاديث‬ ‫ملة ِمن‬ ‫ث‬ ‫ومنها ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬ ‫يطوف بِ ِ‬ ‫�ه ‪ِ « : m‬‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫البيت َ‬ ‫يباي ُع لِ َر ُج ٍل‬ ‫قال‬ ‫وه�و‬ ‫ُ‬ ‫أب�ا َقت�اد َة ؤ ‪ُ ،‬‬

‫يستح ُّل هذا الب ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫يت أه ُله ‪ ،‬فإذا استح ُّلوه فال تسأل عن‬ ‫وأو ُل َمن‬ ‫َ‬ ‫كن والمقا ِم‪َّ ،‬‬ ‫َبي َن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وهم الذي َن‬ ‫هلك�ة‬ ‫يعم ُر بعدَ ه أب�دً ا ‪ُ ،‬‬ ‫خربونه خرا ًبا ال ُ‬ ‫الع�رب ‪ُ ،‬ث َّم تجي ُء الحبش� ُة ف ُي ِّ‬ ‫ِ‬ ‫يستخرج َ‬ ‫كنزه»(((‪.‬‬ ‫ون َ‬

‫رس�ول ال َّل ِه ‪َ m‬‬ ‫َ‬ ‫وعن أبي ُه َرير َة ؤ َّ‬ ‫الس�ويقتَين‬ ‫خر ُب الكعب َة ذو‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫قال ‪ُ « :‬ي ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن‬ ‫الحبشة » (((‪.‬‬ ‫وف�ي ِر ِ‬ ‫واي�ة ِ‬ ‫ابن ع َّب ٍ‬ ‫حجرا »‬ ‫حجرا‬ ‫أفح�ج يقل ُعها‬ ‫اس ء ‪ « :‬كأني بِه أس�و ُد‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫يعني‪ :‬الكعب َة ((( ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫البي�ت الحرا ِم وال ُق ِ‬ ‫حدي�ث ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫مر‬ ‫األرض‬ ‫�رآن ِم َن‬ ‫ك�ن ِم َن‬ ‫ابن ُع َ‬ ‫وور َد ف�ي رف� ِع ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ق�ال ‪َ :‬‬ ‫ء َ‬ ‫البيت ؛ فإنَّ�ه قد ُه ِد َم‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ « : m‬اس�تمتِعوا ِمن ه�ذا‬ ‫ق�ال‬ ‫ِ‬ ‫مرتَين ‪ ،‬و ُير َف ُع في‬ ‫الثالثة » (((‪.‬‬

‫((( مسند أحمد (‪. )8129‬‬

‫((( متفق عليه ‪ ،‬صحيح البخاري (‪ ، )1591‬صحيح مسلم (‪. )7489‬‬ ‫((( صحيح البخاري (‪. )1595‬‬ ‫((( صحيح ابن حبان (‪.)6753‬‬

‫‪417‬‬

‫انهيار أهل‬ ‫مكَّة في مرحلة‬ ‫الخراب األخير‬ ‫وانفتاح أبواب‬ ‫الشر والدمار‬


‫أهم ظواهر هذه‬ ‫المرحلة‬

‫قال ‪ :‬بلغني ِ‬ ‫ثمان ِ‬ ‫النبي ‪m‬‬ ‫س�اج َ‬ ‫وذك�ر الفاكه�ي في « أخبار م َّك َة » عن ُع َ‬ ‫ٍ‬ ‫بن‬ ‫عن ِّ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫البيت َ‬ ‫أنَّ�ه َ‬ ‫َّاس َمكَانَ� ُه ‪َ ،‬و َأكْثِ ُروا‬ ‫ي�ار َة هذا‬ ‫قبل َأ ْن ُي ْر َف َع ‪ ،‬و َين َْس�ى الن ُ‬ ‫ق�ال ‪ « :‬أكثروا ِز َ‬ ‫رس�ول ال َّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الق�رآن َ‬ ‫�ه ‪َ m‬‬ ‫َ‬ ‫�ع »((( ‪ ،‬وعن ُح َذيف َة ؤ َّ‬ ‫تلاو َة‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫أن‬ ‫قب�ل َأ ْن ُي ْر َف َ‬ ‫وجل في َل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫«يسري على ِك ِ‬ ‫عز َّ‬ ‫يلة فال يبقى في‬ ‫األرض منه آي ٌة»((( ‪.‬‬ ‫تاب ال َّل ِه َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخطيرة ما يلي ‪:‬‬ ‫المرحلة‬ ‫ظواهر هذه‬ ‫ومن‬ ‫ِ‬ ‫الكعبة على ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسلب حليتِها ‪.‬‬ ‫الحبشة‬ ‫يد ذي السويقتَين ِم َن‬ ‫ •هد ُم‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫والص ِ‬ ‫دور ‪.‬‬ ‫ • ُير َف ُع‬ ‫القرآن م َن المصاحف ُّ‬ ‫الرك ُن وال ُق ُ‬ ‫النبي ‪. m‬‬ ‫رآن ورؤيا ِّ‬ ‫ • ُير َف ُع ُّ‬

‫((( أخبار مكة للفاكهي (‪.)289‬‬ ‫((( المستدرك (‪.)8460‬‬

‫‪418‬‬


‫الدخان‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يق�ول تعالى (ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫الدخان » وفيه‬ ‫العالم�ات الكُب�رى «‬ ‫ِم� َن‬

‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ [الدخان‪. ]1011:‬‬

‫ٍ‬ ‫رون في الدُّ ِ‬ ‫أن «الدَّ َ‬ ‫وغيره بِ َّ‬ ‫فس َ‬ ‫خان»‬ ‫مسعود ؤ‬ ‫فذهب اب ُن‬ ‫خان‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الم ِّ‬ ‫واختلف ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أصاب ُق َر ً‬ ‫يستجيبوا‬ ‫النبي ‪ m‬حي َن لم‬ ‫هو ما‬ ‫يش�ا في ش�دَّ ة ُ‬ ‫َ‬ ‫يهم ُّ‬ ‫الجو ِع عندَ ما دعا ع َل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫كهيئة « الدُ ِ‬ ‫خان » وفي هذا ُ‬ ‫السماء‬ ‫له فأصبحوا ُيرون في‬ ‫مضي َن‪:‬‬ ‫يقول ‪« :‬‬ ‫خمس قد َ‬ ‫ٌ‬

‫والقمر ‪ ،‬والدُ ُ‬ ‫والرو ُم ‪ ،‬والبطش ُة ‪،‬‬ ‫خان »((( ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ال ِّلزا ُم‪ُّ ،‬‬

‫نتظرة التي لم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول آخر ‪ :‬هذا الدُّ ُ ِ‬ ‫قول ِ‬ ‫تأت بعدُ ‪ ،‬وهو ُ‬ ‫ابن‬ ‫الم‬ ‫خان م َن اآليات ُ‬ ‫وفي َق ُ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ع َّب ٍ‬ ‫مس�عود كان ُ‬ ‫يقول‪ُ :‬هما‬ ‫بي أن اب َن‬ ‫الصحاب�ة ئ ‪،‬‬ ‫وبعض‬ ‫�اس‬ ‫وذكر ال ُقر ُط ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألرض ‪ ،‬وال ِ‬ ‫ِ‬ ‫بقي يم ُ‬ ‫الس�ماء‬ ‫أل ما َبي َن‬ ‫يجدُ‬ ‫ُدخان�ان ‪ ،‬ق�د مضى أحدُ هما ‪ ،‬والذي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُثقب‬ ‫مسام ُعه (((‪.‬‬ ‫المؤم ُن منه إلاَّ الزكم َة ‪ ،‬وأما الكاف ُر فت ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫عن ِ‬ ‫وكال الخبرين ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪ ، m‬وعلى هذا‬ ‫مس�عود صحيحان ُر ِويا عن‬ ‫ابن‬ ‫األحاديث يدُ ُّل على أنَّه س�يأتي في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آخ ِ‬ ‫ُ‬ ‫الزمان ‪ .‬ولع َّلها‬ ‫�ر‬ ‫المش�ار إ َليه في‬ ‫خ�ان‬ ‫فالدُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫المراح ِل التي بعدَ ه ‪ ،‬وروى م ِ‬ ‫قريب ِم َن الدَّ َّج ِ‬ ‫سل ٌم عن أبي ُه َرير َة ؤ‬ ‫ال‪ ،‬أي‪ :‬في‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪ِ « :‬‬ ‫ِ‬ ‫بادروا بِ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪َ m‬‬ ‫َ‬ ‫األعمال ِستًّا ‪ ...‬والدَّ َّج َال والدُّ َ‬ ‫َّ‬ ‫أن‬ ‫خان » (((‪.‬‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )4825‬‬

‫((( التذكرة للقرطبي (‪.)655‬‬ ‫((( تقدم ‪.‬‬

‫‪419‬‬

‫ظهور الدخان‬ ‫كعالمة‬


‫الخسوفات‬ ‫الثالثة ظواهر‬ ‫كونية كبرى وفِيها‬ ‫تهيئة لظهور‬ ‫الشمس من‬ ‫مغربها‬

‫الخ‬ ‫ُ‬ ‫سوفات الثلاثةُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الس�اعة الكُبرى ُ‬ ‫الشريف‬ ‫الحديث‬ ‫شير‬ ‫الخ‬ ‫أشراط‬ ‫ومن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫سوفات الثالث ُة ‪ ،‬وإ َليها ُي ُ‬ ‫بن َأ ٍ‬ ‫عن ُح َذيف َة ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪َ m‬‬ ‫َ‬ ‫قال ‪َّ « :‬‬ ‫س�يد ؤ َّ‬ ‫إن الس�اع َة لن تقو َم حتَّى‬ ‫أن‬ ‫ٍ‬ ‫ون عش�ر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫س�وفات ‪« :‬خس�ف ًا بِ‬ ‫ً‬ ‫َتر َ‬ ‫وخسفأ‬ ‫المش�ر ِق ‪،‬‬ ‫وذكر ِمنها ثالث َة ُخ‬ ‫آيات ‪. » ...‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وخسف ًا بِ‬ ‫بِ‬ ‫ِ‬ ‫المغر ِ‬ ‫جزيرة‬ ‫العرب » ((( ‪.‬‬

‫رس�ول ال َّل ِه ‪ُ m‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫س�يكون بعدي‬ ‫يقول ‪« :‬‬ ‫وعن ُأ ِّم س�لم َة ‪ b‬قا َل ْت ‪ :‬س�م ْع ُت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وخسف بِ‬ ‫خس�ف بِ‬ ‫ِ‬ ‫المغر ِ‬ ‫َ‬ ‫رسول‬ ‫لت يا‬ ‫جزيرة‬ ‫وخس�ف في‬ ‫ب‬ ‫المشر ِق‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫العرب » ‪ُ .‬ق ُ‬

‫ُ ِ‬ ‫خسف بِ‬ ‫ِ‬ ‫األرض وفِيها الصالِحون ؟ َ‬ ‫أكثر أه ُلها‬ ‫قال لها‬ ‫ال َّل ِه أ ُي‬ ‫ُ‬ ‫رسول ال َّله ‪ « : m‬إذا َ‬

‫َ‬ ‫الخبث »((( ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ث إل�ى ِ‬ ‫س�وفات لم تحدُ ْ‬ ‫أش�ار العدي�دُ ِم� َن ال ُعلماء إلى َّ‬ ‫أن ه�ذه ُ‬ ‫اآلن ‪،‬‬ ‫الخ‬ ‫وق�د‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظواهر كَوني� ٌة عظيم ٌة ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫بعض‬ ‫الخس�ف في‬ ‫عما قد جرى ِم َن‬ ‫وخاص� ًة أنها‬ ‫تختل ُ‬ ‫َّ‬ ‫ف َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫سوفات بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫البِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫حديث ُأ ِّم سلم َة َر َب َط هذه ُ‬ ‫الناس؛‬ ‫الخبث في‬ ‫كثرة‬ ‫الخ‬ ‫وخاص ًة أن‬ ‫الد ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والعود إلى‬ ‫االنهيار‬ ‫ومرحل�ة‬ ‫مرحلة عيس�ى ش‬ ‫صح أنَّها فيما َبي َن‬ ‫وله�ذا ُر َّبما َّ‬ ‫ِ‬ ‫الجاه ِ‬ ‫ِ‬ ‫شأن الدُّ ُ‬ ‫األخيرة ‪ ،‬شأنُها ُ‬ ‫أعلم ‪.‬‬ ‫لية‬ ‫خان ‪ ،‬وال َّل ُه ُ‬

‫الواج ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫دخ َل ِ‬ ‫وايات ُأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ُ‬ ‫لم‬ ‫العشر‬ ‫اآليات‬ ‫سوفات الثالث ُة في‬ ‫الخ‬ ‫الر‬ ‫وفي‬ ‫ُ‬ ‫ب الع ُ‬ ‫بعض ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وائلة ِ‬ ‫َ‬ ‫بن األسق ِع َ‬ ‫رسول‬ ‫سمعت‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫حديث‬ ‫العالمات الكُبرى ‪ ،‬كما هو في‬ ‫بها ِم َن‬ ‫ُ‬ ‫تكون عشر ٍ‬ ‫ال َّل ِه ‪ُ m‬‬ ‫آيات ‪:‬‬ ‫يقول ‪« :‬ال تقو ُم الساع ُة حتَّى‬ ‫َ ُ‬ ‫((( صحيح مسلم (‪. )7467‬‬

‫((( الطبراني في الكبير (‪.)19532‬‬

‫‪420‬‬


‫ِ‬ ‫خسف بِ‬ ‫المشر ِق‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ٌ‬

‫ِ‬ ‫بالمغر ِب‬ ‫وخسف‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ٌ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العرب‬ ‫جزيرة‬ ‫وخسف في‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ٌ‬ ‫(‪ )4‬والدَّ َّج ُال‬ ‫(‪ )5‬والدُّ ُ‬ ‫خان‬

‫(‪ )6‬ون ُ‬ ‫ُزول عيسى‬

‫ومأجوج‬ ‫ويأجوج‬ ‫(‪)7‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫(‪ )8‬والداب ُة‬

‫ِ‬ ‫الشمس ِمن مغربِها‬ ‫لوع‬ ‫(‪ )9‬و ُط ُ‬ ‫قعر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫تخر ُج ِمن ِ‬ ‫َ‬ ‫تحش ُر َّ‬ ‫ُ‬ ‫المحشر ‪ُ ،‬‬ ‫الذ َّر‬ ‫الناس إلى‬ ‫عدن‬ ‫والنمل » ((( ‪.‬‬ ‫تسوق َ‬ ‫ونار ُ‬ ‫(‪ٌ )10‬‬

‫((( المستدرك (‪.)8317‬‬

‫‪421‬‬


‫وانقطاع التوبةِ‬ ‫ِ‬ ‫الشمس ِمن م ِ‬ ‫رغبِها ِ ُ‬ ‫ُطلوعُ‬

‫العالمات الكُبرى التي أخبر عن و ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوعها نب ُّينا ‪ m‬فيما رواه الش�يخان‬ ‫وه�ي ِم َن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪َ m‬‬ ‫َ‬ ‫عن أبي ُه َرير َة ؤ َّ‬ ‫الشمس‬ ‫قال « ال تقو ُم الساع ُة حتَّى تط ُل َع‬ ‫أن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الناس آمن�وا أجمعون ‪ ،‬ف�ذاك حي َن (ﭥ ﭦ ﭧ‬ ‫م�ن مغربِه�ا ‪ ،‬فإذا طل َع�ت فرآها ُ‬ ‫((( ِ‬ ‫قر ِر كما‬ ‫الم َّ‬ ‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ) [األنع�ام‪ . ]158:‬وم� َن ُ‬ ‫اآلية السابِ ِ‬ ‫ثبت في معنى ِ‬ ‫ُ‬ ‫قة َّ‬ ‫ممن‬ ‫الشمس إذا طل َعت ِمن مغربِها ال ُيق َب ُل‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اإليمان َّ‬

‫ل�م ِ‬ ‫الش�مس ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫يؤم� ْن قب َلها كما ال ت ُ‬ ‫ُقبل توب ُة العاصي ؛ ذلِ َك َّ‬ ‫مغربِها آي ٌة‬ ‫لوع‬ ‫ألن ُط َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحقائق وي ِ‬ ‫ش�اه َ‬ ‫عظيم ٌة يراها ك ُُّل َمن َ‬ ‫دون ِم َن‬ ‫لهم‬ ‫الزمان ‪،‬‬ ‫كان في ذلِ َك‬ ‫فتنكش ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫�ف ُ‬ ‫انقطاع التوبة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واستمرار ظاهرة األهوال ما يلوي أعنا َقهم إلى اإلقرار والتصديق بال َّله وآياته ‪.‬‬

‫طلوع الشمس من‬ ‫المغرب‬

‫بن ُح ٍ‬ ‫م�ران ِ‬ ‫صين أنَّه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تكون‬ ‫وقت ال ُّطلو ِع حتَّى‬ ‫وي ع�ن ِع‬ ‫قال ‪ « :‬إنَّما لم تُق َب ُ�ل َ‬ ‫ور َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوقت ُث َّم ه َل َك لم‬ ‫وتاب في ذلِ َك‬ ‫أس�لم‬ ‫الناس ‪ ،‬فمن‬ ‫كثير ِم َن‬ ‫َصيح ًة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فيهلك فيها ٌ‬ ‫تاب بعدَ ذلِ َك ُقبِ َلت توبتُه »((( ‪.‬‬ ‫تُق َب ْل توبتُه ومن َ‬

‫والذي ُيؤ ِّيدُ هذا ما رواه ابن أبي شيبة عن عائش َة ‪ b‬قا َلت ‪( :‬إِ َذا َخ َر َج ْت َأ َّو ُل‬ ‫الم و َش ِهدَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت األَ ْجسا ُد َع َلى األَ ْعم ِ‬ ‫ال)(((‪.‬‬ ‫اآل َيات ُحبِ َست ا ْل َح َف َظ ُة َو ُط ِر َحت األَ ْق َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫قبل ُط ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�مس ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫كان َ‬ ‫مغربِها ‪ ،‬أ َّما ما َ‬ ‫لوعها‬ ‫لوع‬ ‫أو ِل اآليات ُهنا هو ُط ُ‬ ‫والمرا ُد بِ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األحاديث تدُ ُّل على ِ‬ ‫َ‬ ‫ِم َن اآليات َّ‬ ‫اإليمان ‪.‬‬ ‫ويقاء‬ ‫التوبة‬ ‫قبول‬ ‫فإن‬ ‫((( صحيح البخاري (‪. )4636‬‬ ‫((( فتح الباري (‪.)354 :11‬‬

‫((( المصنف (‪.)38754‬‬

‫‪422‬‬


‫ٍ‬ ‫وروى جرير الطبري عن ِ‬ ‫عبدال َّل ِه ِ‬ ‫مسعود ؤ َ‬ ‫قال ‪ « :‬التوب ُة مبسوط ٌة ما لم‬ ‫بن‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫الشمس ِمن ِ‬ ‫تطل ِع‬ ‫مغربِها » ((( ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّص�وص َّ‬ ‫َون�ي ف�ي ُطل�و ِع‬ ‫أن مرحل� َة‬ ‫بع�ض الن‬ ‫يظه�ر ِم�ن‬ ‫وال�ذي‬ ‫التح�ول الك ِّ‬ ‫ُ‬ ‫يس�تغر ُق م�د ًة زمني ًة طويل ًة ‪ ،‬ورد ِ‬ ‫الش�مس ِم�ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت اإلش�ار ُة إ َليه�ا فيما رواه‬ ‫مغربِها‬ ‫َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫عب�دُ ال َّل ِ‬ ‫بن ٍ‬ ‫عمرو ء ِ‬ ‫�ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�مس ِمن‬ ‫الناس بعدَ ُطلو ِع‬ ‫النبي ‪ « : m‬يبقى ُ‬ ‫عن ِّ‬

‫مغربِها عشرين ومائ َة ٍ‬ ‫ِ‬ ‫سنة » اهـ((( ‪.‬‬

‫ويؤ ِّي�دُ ذلِ َ‬ ‫خرج‬ ‫�ك ً‬ ‫أيضا ما رواه ابن أبي ش�يبة عن عائش� َة ‪ b‬قا َل�ت ‪ « :‬إذا َ‬ ‫�هدَ ِ‬ ‫�ت األقلام ‪ ،‬وحبِس ِ‬ ‫اآلي�ات ‪ُ ،‬ط ِرح ِ‬ ‫ِ‬ ‫وش ِ‬ ‫�ت الحفظ� ُة ‪َ ،‬‬ ‫ت األجس�ا ُم عل�ى‬ ‫َّأو ُل‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫األعمال»(((‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫اآليات ُطلو ِع‬ ‫أو ِل‬ ‫وإنَّم�ا قو ُله ‪:‬‬ ‫الم�را ُد بِ َّ‬ ‫حديث عائش� َة « إذا َ‬ ‫خرج َّأو ُل اآليات » ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشمس ِمن ِ‬ ‫مغربِها بِ‬ ‫ِ‬ ‫النسبة لِما بعدَ ها ‪ ،‬أما ما َ‬ ‫اآليات قب َلها فالتوب ُة مقبول ٌة ‪،‬‬ ‫كان ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫القيامة ‪.‬‬ ‫األمر إلى يو ِم‬ ‫واإليمان ُمتح ِّق ٌق َبي َن ال َقبول والر ِّد ‪ ،‬ويمتدُّ هذا ُ‬

‫الهجر ُة ما ُت ُقب َل ِ‬ ‫وحديث م ِ‬ ‫س�ند اإلما ِم أحمدَ ِمن قولِه ‪ « : m‬ال تنقطِ ُع ِ‬ ‫ت التوب ُة ‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫وال ُ‬ ‫الش�مس ِمن مغربِه�ا ‪ ،‬فإذا طل َعت ُطبِ َع على ك ُِّل‬ ‫ت�زال التوب ُة مقبول ًة حتَّى تط ُل َع‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫الناس‬ ‫العمل »((( ‪.‬‬ ‫ُفي ُ‬ ‫قلب بما فيه ‪ ،‬وك َ‬

‫الطبري (‪)103/8‬‬ ‫تفسير‬ ‫(((‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬

‫((( عمدة القاري (‪.)218 :27‬‬ ‫((( المصنف (‪.)38754‬‬

‫((( مسند أحمد (‪ ،)1693‬وانظر أشراط الساعة ليوسف الوابل (‪.)398‬‬

‫‪423‬‬

‫انقطاع الهجرة‬ ‫والطبع على‬ ‫القلوب ونهاية‬ ‫العمل الصالح في‬ ‫األمم‬


‫النار الحاشرة‬ ‫إحدى الظواهر‬ ‫الكونية األخيرة‬

‫النار ِ‬ ‫الحاشرةُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النار التي ُ‬ ‫اآليات بعدَ ما‬ ‫الناس ‪ ،‬بل هي َّأو ُل‬ ‫تحش ُر َ‬ ‫ومن عالمات الساعة الكُبرى ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫فيكون مبع ُثها ِم َن «‬ ‫الساعة‬ ‫سب َقها مؤذن ًة بِقيا ِم‬ ‫اليمن »((( ‪.‬‬ ‫بحر حضر ٍ‬ ‫وتخر ُج ِمن ِ‬ ‫وبعضها ‪« :‬‬ ‫موت »((( ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ (((‬ ‫أعلم ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وبعضها ‪ « :‬من َق ْع ِر عَدَ ن » ‪ .‬وال َّل ُه ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بن َأ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫س�يد في ِ‬ ‫حديث ُح َذيف َة ِ‬ ‫الس�اعة الكُب�رى َ‬ ‫قال ‪« : m‬‬ ‫أش�راط‬ ‫ذكر‬ ‫وج�ا َء في‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس إلى‬ ‫تخر ُج ِمن فِ ْي‬ ‫محشرهم » ((( ‪.‬‬ ‫تطر ُد َ‬ ‫اليمن ُ‬ ‫نار ُ‬ ‫وآخ ُر ذل َك ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫وفي‬ ‫الناس » (((‪.‬‬ ‫رواية عن ُح َذيف َة ً‬ ‫ُرح ُل َ‬ ‫ُخر ُج من قعرة عدن ت ِّ‬ ‫ونار ت ُ‬ ‫أيضا ‪ٌ « :‬‬

‫اليمن وعدن‬ ‫وحضرموت‬ ‫مواقع ُخروج‬ ‫النار‬

‫ِ‬ ‫�ذي ع�ن ِ‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪َ :‬‬ ‫م�ر ء َ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪:m‬‬ ‫ق�ال‬ ‫وروى أحم�دُ والترم ُّ‬ ‫اب�ن ُع َ‬ ‫ِ‬ ‫حضرم�وت أو ِم�ن ِ‬ ‫حضرموت َ‬ ‫القيامة ُ‬ ‫تحش ُ�ر‬ ‫قب�ل َي�و ِم‬ ‫بح�ر‬ ‫ن�ار ِم�ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫«س�تخر ُج ٌ‬ ‫ُ‬

‫الناس»(((‪.‬‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫خاري عن ٍ‬ ‫أسلم َ‬ ‫أنس ؤ َّ‬ ‫النبي‬ ‫لما‬ ‫وروى اإلما ُم ال ُّب‬ ‫ُّ‬ ‫سأل َّ‬ ‫َ‬ ‫أن عبدَ ال َّله ب َن سال ٍم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الساعة؟ َ‬ ‫َ‬ ‫أشراط‬ ‫النبي ‪ « : m‬أ َّما َّأو ُل‬ ‫أشراط‬ ‫مسائل ‪ ،‬وفِيها‪ :‬ما َّأو ُل‬ ‫‪ m‬عن‬ ‫فقال ُّ‬ ‫((( الطبراني في الكبير (‪.)3030‬‬ ‫((( مسند أبي يعلى (‪.)5551‬‬

‫((( الطبراني في الكبير (‪.)2961‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪.)7467‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪.)7468‬‬ ‫((( مسند أحمد (‪.)5146‬‬

‫‪424‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المغر ِ‬ ‫فنار ُ‬ ‫ب » ((( ‪.‬‬ ‫المشر ِق إلى‬ ‫الناس ِم َن‬ ‫تحش ُر َ‬ ‫الساعة ٌ‬

‫ِ‬ ‫الس�اعة » أي ‪ُ :‬قربا ِمن نِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النهاية ‪ ،‬فال ش�ي َء بعدَ ها ِمن‬ ‫هاية‬ ‫أش�راط‬ ‫وقو ُله ‪َّ « :‬أو ُل‬ ‫ً‬ ‫آية إلى ٍ‬ ‫جريات التحو ِل ِمن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُأ ِ‬ ‫ُ‬ ‫آية ‪.‬‬ ‫الناس ِمن ُم‬ ‫مور الدُّ نيا أصلاً إلاَّ ما‬ ‫ُّ‬ ‫يشغل َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المغر ِ‬ ‫ش�ك َّ‬ ‫وال َّ‬ ‫ستستغر ُق وقتًا زمن ًّيا مساف ًة‬ ‫ب‬ ‫المشر ِق إلى‬ ‫الحاشر َة ِم َن‬ ‫النار‬ ‫أن َ‬

‫وزمنًا ِ‬ ‫نارا ُم ِ‬ ‫مما ناري ًة‪،‬‬ ‫فس َر ُ‬ ‫بعضهم ‪ ،‬أو براكين ُ‬ ‫وح ً‬ ‫لتهب ًة كما َّ‬ ‫ورحل ًة ‪ ...‬سوا ٌء كانَت ً‬ ‫سائلة ‪ ،‬أو ِ‬ ‫ٍ‬ ‫معاد َن مصهور ًة ‪ ،‬أو َغير ذلِ َك ‪.‬‬ ‫أو موا َّد‬

‫ماهي النار‬ ‫الحاشرة؟‬

‫الحاش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المعرفة لِمفهو ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫�رة فقد ور َد‬ ‫النار‬ ‫وقد ور َد في هذا‬ ‫�ع مش�هدَ‬ ‫وس ُ‬ ‫األمر ما ُي ِّ‬ ‫س�ل ٍم عن أبي هرير َة أنَّه�م على ِ‬ ‫ِ‬ ‫حدي�ث البخاري وم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫األو ُل َفوج‬ ‫ثالثة‬ ‫ف�ي‬ ‫أف�واج ‪َّ :‬‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ٌ األفواج المتعاقبة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وج يمش�ون ت�ار ًة ويركبون بالخروج خوفا‬ ‫�وج طاعمون كاس�ون راكبون ‪ ،‬والثاني َف ٌ‬ ‫راغب�ون ‪ ،‬و َف ٌ‬ ‫من النار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النار فت ُ‬ ‫ُحيط بِهم‬ ‫والفوج الثالِ ُث‬ ‫الواح ِد ‪،‬‬ ‫البعير‬ ‫ُأخ�رى ‪ ،‬يتعاقب�ون على‬ ‫ُ‬ ‫تحش�رهم ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫المحش�ر ‪ ،‬و َم ْن ت َ‬ ‫النار‪،‬‬ ‫أرض‬ ‫جانب إلى‬ ‫ِمن ورائهم وتس�و ُقهم ِمن ك ُِّل‬ ‫َخ َّل َ‬ ‫ف َأ َك َل ْت ُه ُ‬

‫ِ‬ ‫المحش�ر عل�ى ما ور َد أنها الش�ا ُم ‪ ،‬فق�د روى اإلما ُم أحمدُ ع�ن حكي ِم ِ‬ ‫بن‬ ‫وأرض‬ ‫ُ‬

‫َ‬ ‫هاهنا تُحشرون‬ ‫فذكر‬ ‫هاهنا تُحشرون ُ‬ ‫الحديث وفيه قو ُله ‪ُ « :‬‬ ‫زني عن أبيه َ‬ ‫الم ِّ‬ ‫ُمعاوي َة ُ‬ ‫قال ابن أبي بكر َة ‪ :‬فأش�ار ِ‬ ‫ِ‬ ‫بيده‬ ‫ُ‬ ‫هاهنا تُحش�رون ُركبانًا و ُمش�ا ًة وعلى ُوجوهكم » ‪ُ َ .‬‬ ‫َ‬ ‫إلى الشا ِم َ‬ ‫هاهنا تُحشرون » (((‪.‬‬ ‫فقال ‪ « :‬إلى ُ‬

‫قال ‪ِ :‬‬ ‫عبدال َّل ِ‬ ‫وروى اإلم�ام أحم�دُ وأب�و داود عن ِ‬ ‫بن ٍ‬ ‫�ه ِ‬ ‫عمرو ‪َ c‬‬ ‫عت‬ ‫س�م ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫س�تكون ِهجر ًة بعدَ ِه ٍ‬ ‫ِ‬ ‫رس�ول ال َّل ِه ‪m‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫إبراهيم ‪ ،‬وال يبقى في‬ ‫مهجر‬ ‫ُجاز إلى‬ ‫جرة ت ُ‬ ‫َ‬ ‫الق ِ‬ ‫تحشرهم النار مع ِ‬ ‫ِ‬ ‫األرض إلاَّ ِشرار ِ‬ ‫ِ‬ ‫ردة‬ ‫أهلها تلف ُظهم ُ‬ ‫أرضهم تُنذ ُرهم نفس الله ‪َ ُ ُ ُ ُ ،‬‬ ‫ُ‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )3329‬‬

‫((( مسند أحمد (‪.)20546‬‬

‫‪425‬‬

‫الهجرة األخيرة‬ ‫إلى الشام‬


‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ف»((( ‪.‬‬ ‫تبيت م َعهم إذا باتُوا ‪ ،‬وت َِم ُيل م َعهم إذا مالوا ‪،‬‬ ‫وتأكل َمن تخ َّل َ‬ ‫والخنازير ُ‬

‫ِ‬ ‫المحش�ر بِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫دلي�ل قولِه تعالى ‪ ( :‬ﮡ ﮢ‬ ‫أرض‬ ‫بعضهم أن‬ ‫تكون الش�ا ُم َ‬ ‫وأنكر ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫عالمات‬ ‫ﮣ ﮤ ﮥ) [إبراهيم ‪ . ]48 :‬فأين الشا ُم إذن؟ واإلجاب ُة أن اآلي َة ال تعني‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ور ثاني ًة‬ ‫المحشر‬ ‫أرض‬ ‫الساعة ‪ ،‬وإنَّما تعني ما بعدَ ها ِمن‬ ‫األخير ِعندَ‬ ‫النفخ في ُّ‬

‫ُ‬ ‫ُشير اآلي ُة (ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ)‬ ‫حيث ت ُ‬ ‫[إبراهيم‪. ]48:‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآليات‬ ‫المحشر في‬ ‫األرض ‪ ،‬وأ َّما‬ ‫ظاه ِر‬ ‫ماع‬ ‫شار إ َليه اجت ُ‬ ‫ُ‬ ‫الم ُ‬ ‫فالمحشر ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫أعلم ‪.‬‬ ‫فما بعدَ حياة البرزخِ ‪ ،‬وال َّل ُه ُ‬

‫((( مسند أحمد (‪.)7050‬‬

‫‪426‬‬


‫اندراس كلمةِ‬ ‫ِ‬ ‫اندراس الإسلا ِم ثُم ِ‬ ‫ِ‬ ‫التوحيد‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أخ�رج اب ُن ماجه ع�ن ُح َذيف َة ِ‬ ‫بن‬ ‫المرحلة كما‬ ‫الصغرى في ه�ذه‬ ‫َ‬ ‫م� َن العالم�ات ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اليم�ان ؤ َ‬ ‫يخلق‬ ‫وش�ي‬ ‫يدر ُس‬ ‫الث�وب – أي‪ُ :‬‬ ‫ُ‬ ‫ي�در ُس اإلسلا ُم كم�ا ُ‬ ‫ق�ال ‪ُ « :‬‬ ‫طوائف ِم َن‬ ‫ويبلى – حتَّى ال ُيدرى ما صيا ٌم وال صال ٌة وال ن ُ​ُس ٌك وال صدق ٌة ‪ ،‬وتبقى‬ ‫ُ‬ ‫الكل ِ‬ ‫والعجوز الكبير ُة يقولون‪ :‬أدركْنا آباءنا على هذه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫مة ( ال‬ ‫الكبير‬ ‫الشيخ‬ ‫الناس ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫فقال رج ٌل لِح َذيف َة ‪ :‬فما تُغني عنهم ِ‬ ‫فأعرض‬ ‫الكلم ُة ؟‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫إل َه إلاَّ ال َّل ُه) فنحن نقو ُلها » ‪ُ َ .‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الثالثة ‪ « :‬تُنجيهم ِم َن ِ‬ ‫السؤال ثان ًيا وثال ًثا ؛ َ‬ ‫َ‬ ‫فقال في‬ ‫ُح َذيف ُة ؛ فأعا َد ع َل ِيه‬ ‫النار »(((‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫ب�ادات ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ومن‬ ‫ش�يء يتع َّل ُق بِاإلسلا ِم ِمن ِع‬ ‫إهمال ك ُِّل‬ ‫ش�ير إلى‬ ‫ُ‬ ‫واالن�دراس ُهن�ا ُي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األجيال‬ ‫وتتناس�ل‬ ‫ع�ادات بد ًءا بِالتعلي� ِم واإلعال ِم ‪ ،‬ونِهاي� ًة بِالقوانين واألحكا ِم ‪،‬‬ ‫وجاه ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫الحدي�ث ‪« :‬ويبقى‬ ‫أش�ار إليه‬ ‫لية حتَّى يتح َّق َق ما‬ ‫جه�ل‬ ‫آخر على‬ ‫َ‬ ‫جيًل�اً بع�دَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والعجوز الكبير ُة يقولون ‪ :‬أدركْنا آبا َءنا على هذه‬ ‫الكبير‬ ‫الشيخ‬ ‫الناس ‪،‬‬ ‫طوائف ِم َن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الكل ِ‬ ‫ِ‬ ‫مة « ال إل َه إلاَّ ال َّل ُه » فنح ُن نقو ُلها » ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أيضا ِ‬ ‫الحالة ُمد ٌة زمني ٌة حتَّى ِ‬ ‫التوحيد ذاتُها ‪ ،‬وينساها‬ ‫كلم ُة‬ ‫وتمر على هذه‬ ‫تندر َس ً‬ ‫ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫قوي عن ٍ‬ ‫أنس ؤ َ‬ ‫قال ‪ « :‬ال تقو ُم الساع ُة حتَّى‬ ‫الناس ‪ ،‬فقد‬ ‫أخرج أحمدُ بِسند ٍّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫سل ٍم بِ ِ‬ ‫لفظ « ال َّله الله »((( فد َّل ِ‬ ‫األرض ‪ :‬ال إله إلاَّ ال َّله »((( ‪ .‬وهو ِعند م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ُي َ‬ ‫قال في‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫المرا َد بِ‬ ‫األحاديث على َّ‬ ‫ُ‬ ‫الش�رار في َقولِه ‪ « :‬ويبقى فيها شرارها تلفظهم األرض‬ ‫أن ُ‬

‫((( سنن ابن ماجه (‪.)4185‬‬ ‫((( مسند أحمد (‪.)14186‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪. )392‬‬

‫‪427‬‬

‫اندراس اإلسالم‬ ‫هو اندراس‬ ‫العمل بأوامره‬ ‫واجتناب نواهيه‬


‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫(((‬ ‫ِ‬ ‫الس�با ِع »‬ ‫�رار‬ ‫الناس في خ َّفة ال َط ِير وأحال ِم ِّ‬ ‫وتقذرهم » وفي ِرواية ‪ « :‬ويبقى ش ُ‬ ‫؛ َأن َُّه ُم ا ّل ِذي َن ال يقولون ‪ « :‬ال إله إلاَّ ال َّل ُه » أو « ال َّل ُه ال َّل ُه » ‪.‬‬

‫(((‬

‫يقول هذه ِ‬ ‫اإلنساني َمن ُ‬ ‫الكلم َة فلن تقو َم الساع ُة ‪ ،‬وإنَّما تقو ُم‬ ‫وأنَّه ما دا َم في النو ِع‬ ‫ِّ‬ ‫يعر َ ِ‬ ‫عل�ى ال ُك َّف ِ‬ ‫ص الذين ال ِ‬ ‫الخ َّل ِ‬ ‫ار ُ‬ ‫كاحا ش�رع ًّيا ‪ ،‬وال ُيو َلدون ِمن ٍ‬ ‫نكاح ‪ ،‬وال‬ ‫فون ن ً‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يعرفون في‬ ‫الحياة ِدينًا وال ر ًّبا ‪ ( ،‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ) [ األعراف ‪. ]179 :‬‬

‫((( مسند الشاميين للطبراني (‪.)2761‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪. )392‬‬

‫‪428‬‬


‫النفخ في الصو ِر‬ ‫العلامةُ الأخيرةُ‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ق�ال تعال�ى ‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ)‬

‫[الزم�ر‪]68:‬‬

‫وقال تعالى‪(:‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ‬ ‫ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ‬

‫ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النفخة األول�ى ‪ ،‬وهي التي تقو ُم بها الس�اع ُة ‪ ،‬وهي ما تس�مى‬ ‫�ير إل�ى‬ ‫وغيره�ا تُش ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫(بالراجفة) ‪ ،‬كما ور َد في ِ‬ ‫قول ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عباس‪ ،‬و(الرادف ُة) هي النفخ ُة الثاني ُة‪.‬‬ ‫ابن‬ ‫[الح�ج‪]2:‬‬

‫اآليات‬ ‫‪ ،‬وهذه‬ ‫ُ‬

‫يكون ف�ي يو ِم الجمع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الحديث ّ‬ ‫�ة ‪ ،‬ومنها‬ ‫الس�اعة‬ ‫أن قيا َم‬ ‫مجم�ل‬ ‫وق�د ورد َ ف�ي‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫حديث أبي هرير َة ‪ v‬قال‪ :‬قال رسول الله ‪َ : m‬‬ ‫«خ ْي ُر َي ْو ٍم َط َل َع ْت َع َل ْي ِه َّ‬ ‫الش ْم ُس‬ ‫يوم الجم ِ‬ ‫عة‪ ،‬فيه ُخ ِل َق آد ُم‪ ،‬وفيه ُأ ْد ِخ َل الجن َة‪ ،‬وفيه َخ َر َج منها‪ ،‬وال َت ُقو ُم الساع ُة إال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يوم الجم ِ‬ ‫ومسلم‬ ‫والترمذي((( ‪.‬‬ ‫عة» روا ُه اإلما ُم أحمدُ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الجمع�ة ـ تقو ُم الس�اع ُة ‪ ،‬وما ِم� ْن َدا َّب ٍة إلاّ‬ ‫وفي�ه ـ أي‪ :‬يو َم‬ ‫رواي�ة أخ�رى «‬ ‫وف�ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الج ُم َع ِة ِم ْن ِحي َن ت ُْصبِ ُح َحتّى َت ْط ُل َع َّ‬ ‫الس�اعة‬ ‫�م ُس َش� َفق ًا ِم َن‬ ‫وه�ي ُم ْصخ َي ٌة َي ْو َم ُ‬ ‫الش ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫إِلاّ ِ‬ ‫الس�ا َع ُة ‪ ،‬و َما ِم ْن َم َل ٍك ُم َق َّر ٍ‬ ‫ب‬ ‫اإل ُ‬ ‫ن�س والج� ُّن»‪ ،‬وفي رواية أخرى‪َ « :‬وفيه َت ُقو ُم ّ‬

‫وال سم ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أرض وال‬ ‫اء وال‬ ‫الج ُم َع ِة» (((‪ .‬وعن‬ ‫جبال وال َح َج ٍر إِلاّ ه ّن ُي ْشف ْق َن م ْن َي ْو ِم ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫كهيئة ِ‬ ‫والصور كم�ا ورد في الحديث‪َ « :‬ق ْر ٌن‬ ‫البوق‪،‬‬ ‫الصور ش�ي ٌء‬ ‫مجاه�د أنه قال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُينْ َف ُخ فِ ِيه » (((‪.‬‬

‫((( صحيح مسلم (‪.)354‬‬

‫((( مسند أحمد (‪ ،)15548‬وانظر إتحاف الجماعة (‪. )261 :3‬‬ ‫((( مسند أحمد (‪.)6507‬‬

‫‪429‬‬

‫النفخ في الصور‬ ‫نِهاية الحياة‬ ‫الكونية‬


‫نش�ر‬ ‫وروى الش�يخان ع�ن أب�ي ُه َري�ر َة ؤ مرفو ًعا ‪ « :‬لتقو َم َّن الس�اع ُة وقد َ‬

‫الرجلان ثو َبهم�ا َبينَهم�ا فلا يتبايعان�ه وال يطويان�ه ‪ ،‬ولتقو َم َّن الس�اع ُة وهو ُ‬ ‫يليط‬ ‫ُ‬ ‫حوضه أي ُيل ِّط ُخه بِ‬ ‫ِ‬ ‫رفع ُأكلتَه – أي‪:‬‬ ‫َ‬ ‫الطين – فال يسقي فيه ‪ ،‬ولتقو َم َّن الساع ُة وقد َ‬

‫ُلقمتَه – إلى فيه فال‬ ‫يطعمها»(((‪.‬‬ ‫ُ‬

‫الناس في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�با ِع » إلى أن َ‬ ‫قال ‪« :‬‬ ‫خفة‬ ‫�رار‬ ‫الطير وأحال ِم ِّ‬ ‫وفي رواية ‪ « :‬ويبقى ش ُ‬ ‫ِ‬ ‫يسم ُع أحدٌ َّإلؤ ‪ « :‬أصغى لِيتًا‬ ‫ُث َّم ُين َف ُخ في‬ ‫يت‪:‬‬ ‫ورفع لِيتًا »((( ‪ .‬وال ِّل ُ‬ ‫َ‬ ‫الصور َفال َ‬ ‫أمال ُعنُ َقه كمن ِ‬ ‫فوق َ‬ ‫صفح ُة العن ُ​ُق – أي ‪َ :‬‬ ‫يستم ُع النِّدا َء ِمن ُ‬ ‫«وأو ُل َمن يسم ُعه‬ ‫قال ‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫رج ٌل‬ ‫الناس» ((( ‪.‬‬ ‫يلوط َح َ‬ ‫وض إبله ف ُيص َع ُق و ُيص َع ُق َ‬ ‫ُ‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )6506‬‬

‫((( صحيح مسلم (‪. )7568‬‬ ‫((( صحيح مسلم (‪. )7568‬‬

‫‪430‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نطلقات‬ ‫والم‬ ‫خاتمةُ الأُسس ُ‬

‫نطلق�ات بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تاب األُ ُس ِ‬ ‫بذل�ت ُقصارى جهدي‬ ‫حمد الله تعالى‪ ..‬وقد‬ ‫والم‬ ‫ُ‬ ‫ت�م ك ُ‬ ‫�س ُ‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫في وض ِع ِ‬ ‫كرة التي جمعتُها َ‬ ‫الش�ائك المتشابِ ِك حسبما ته َّيأ‬ ‫حول هذا الموضو ِع‬ ‫أهل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�ريفة ‪ ،‬وم�ا كت َبه ُ‬ ‫أتجنب ما‬ ‫وحاول�ت أن‬ ‫العل ِم ‪،‬‬ ‫األحاديث‬ ‫ل�ي جم ُعه ِم َن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ول االستِ ِ‬ ‫الضعف((( رغب ًة في ُش�م ِ‬ ‫اس�تطعت ما َ‬ ‫فادة‬ ‫كان حدي ًثا موضو ًعا أو ش�ديدَ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عن االستِ ِ‬ ‫الكتاب ‪ ،‬وم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ينصرفون ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فادة ِم َن المواضي ِع‬ ‫لبعض ال ُق َّر ِاء الذين‬ ‫س�اعدً ا‬ ‫ِم َن‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناس‬ ‫ب مواق َفهم الذاتي َة ‪ ،‬فيشغلون َ‬ ‫الجزئيات ‪ ،‬التي تُناس ُ‬ ‫المطروحة إلى ُمناقش�ة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ضات ليفس�دَ أثر ِ‬ ‫تناق ِ‬ ‫بِالم ِ‬ ‫الك ِ‬ ‫ور َّبما َ‬ ‫الحق في االهتِما ِم‬ ‫له�م ُّ‬ ‫كان ُ‬ ‫ت�اب وموضوعه ‪ُ .‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الصحيح ِمن ُق ِ‬ ‫وة االس�تِ ِ‬ ‫بِ‬ ‫الصحيح وتجن ِ‬ ‫ُّب ما َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دون ذلِ َك لِما في‬ ‫يس‬ ‫دالل ‪ ،‬ولكن َل َ‬

‫االعتماد على‬ ‫النصوص‬ ‫الصحيحة‬ ‫والموثقة حسب‬ ‫االستطاعة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فائدة الموضو ِع ِ‬ ‫الحياة ‪.‬‬ ‫في في‬ ‫وأثره‬ ‫صرف ال ُق َّر ِاء عن‬ ‫الحق في‬ ‫لهم ُّ‬ ‫المعر ِّ‬ ‫ُ‬

‫وخ ِ‬ ‫الفائ�دة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحظ�ات البن�اء َة التي تعو ُد عل�ى الجمي ِع بِ‬ ‫دمة‬ ‫الم‬ ‫وأتمن�ى أن أج�دَ ُ‬ ‫كرة وتوس�ي ِع دراس�تِها ‪ ،‬وخاص ًة أنها بنيت على اس�تِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الف ِ‬ ‫ِ‬ ‫صحيح ‪ ،‬وهو المالحظات‬ ‫ٍ‬ ‫حديث‬ ‫قراء‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ البناءة ودورها في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫حدي�ث ِج َ‬ ‫ُ‬ ‫لجزئيات‬ ‫الموضوعية ‪ ،‬وال‬ ‫بري�ل في ِوحدتِه‬ ‫مجال لص�رف الموضو ِع ل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العالم�ات وارتِباطِها بِ‬ ‫البعض َ‬ ‫اآلخر ‪َّ ،‬‬ ‫وأن‬ ‫اإليمان واليو ِم‬ ‫أركان‬ ‫حول‬ ‫التي تش� َغ ُل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫أركان له�ا في عل ِم األُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أركان‬ ‫الكتاب‬ ‫لت في هذا‬ ‫الس�اع َة ال‬ ‫فص ُ‬ ‫صول ‪ ،‬وهاأنذا ق�د َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العل ِم بِ‬ ‫الحياتية حس�بما ته َّيأ لي‬ ‫الحركة‬ ‫وربطت َبينَها و َبي َن واق ِع‬ ‫الس�اعة ‪،‬‬ ‫عالمات‬ ‫ُ‬ ‫قه التحو ِ‬ ‫ف « بِ ِف ِ‬ ‫الت » ‪.‬‬ ‫تحت ما ُع ِر َ‬ ‫معرف ُة ذلِ َك‪َ ..‬‬ ‫ُّ‬

‫ِ‬ ‫ف�إن َ‬ ‫الص�واب فأحمدُ ال َّل َه على ذلِ َك ‪ ،‬وأس�أ ُله أن‬ ‫أقرب إلى‬ ‫كان م�ا وضعتُه هنا‬ ‫ُ‬

‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ف على غيره‪.‬‬ ‫كشاهد‬ ‫((( إال ما اض ُط ِر ْر ُت إليه‬ ‫معلول لم َأ ِق ْ‬

‫‪431‬‬

‫إغناء الموضوع‬


‫الف ِ‬ ‫العل ِم من يعتني بِ ِ‬ ‫أهل ِ‬ ‫�ع ِخدمتَها رج�ا َء ِ‬ ‫�ض ِمن ِ‬ ‫ثواب ال َّل ِه وخدمة‬ ‫كرة‬ ‫يق ِّي َ‬ ‫ويوس ُ‬ ‫ِّ‬

‫لعالمية القرآن والسنة‪.‬‬

‫فأس�أل ال َّله أن ِ‬ ‫َزوة ٍ‬ ‫الفكر ُة مجرد ن ٍ‬ ‫َت ِ‬ ‫وإن كان ِ‬ ‫وتجاوزي ‪،‬‬ ‫يغف َر لي خطأي‬ ‫ذاتية ؛‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َّ َ‬ ‫دمة الع ِ‬ ‫لماء لِ ِ‬ ‫سبق ِمن ِخ ِ‬ ‫لعل ِم ‪.‬‬ ‫وأن ينفعني بما َ‬ ‫ُ‬

‫أُ‬ ‫�ا ٌ ُ نَ‬ ‫� ��ل تُ ��ُ �ل � �أ َ� �دًا �� ا ُق���لتُ ه � � ا �ّ ن��تُ ه � �� زا �ًا � نَّ�� ا �ه �أ �ف‬ ‫��س��د�ٌة � ��ل� � �ص� ��لَه�ا‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫م‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫إ ى وِ �‬ ‫و ��س� بِم� زِ�ٍم ح� بِم� �� و م� د و�� إ ل� م� ‪ ،‬إ م� ��ي‬ ‫ٱ َْ‬ ‫أ‬ ‫ن ٱ ��ست‬ ‫� ّش َّ ة ��ف ن ٱ ���ست�� نَ َ ا �ف ا � �ف ا ئ ُة ��ل��‬ ‫ل‬ ‫�‬ ‫�نَ�َه�ا �ف��ل ّ�ت �� � َّللهَ ‪�� � ،‬ل�� ْ ���قْ ���ف ا ��ل�� �م �م ن‬ ‫ه‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�م‬ ‫م‬ ‫ا �ل���ر�عي��ِ� ‪� ،‬م� � ح��س��ه� � � �ل � ���د� ِج ي�‬ ‫رِ ِ �‬ ‫ع ‪ ،‬و ِ� � ج � ي قِ� وير فِ� �ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ��ّ‬ ‫َ‬ ‫� �ه�ه ‪� ،‬ف��ع َ��س ٰ � �ع َ��س ٰ‬ ‫�ك�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ى‪.‬‬ ‫�‬ ‫�ى و �‬ ‫�ِل و ج وِ‬ ‫�ُ‬ ‫ا َّ هُ �م ن ا ء ا �� �ق‬ ‫ن � �‬ ‫�ص�د � �ه� َ�‬ ‫ح‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫��س��ي �و���ع� َم ا �ل�وكي���ل�‬ ‫�و لل ِ � �ور ِ ل ِ و و �بِ‬

‫‪432‬‬


‫والترعيفات المستجدَّةِ في فِقهِ‬ ‫ِ‬ ‫التحو ِ‬ ‫ِ‬ ‫لات‬ ‫الألفاظ‬ ‫قاموس‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫فِقه التحو ِ‬ ‫الت ما يجري ِمن ُس ِ‬ ‫المتق ِّل ِبة في‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫نن التغيرات والحوادث في المراح ِل ُ‬ ‫ِ‬ ‫األزمنة ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اث الش�رعيون لِ‬ ‫الو َّر ُ‬ ‫تطبيقها‬ ‫الثوابت ‪ ،‬والقائمون على‬ ‫لثالثة‬ ‫لفاء الراشدون ُ‬ ‫الخُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزمان ‪،‬‬ ‫عبر‬ ‫وأداء أماناته�ا ( ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ) [األنع�ام ‪َ . ]89 :‬‬ ‫الراش ِ‬ ‫الخالفة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ختصا بِ‬ ‫دة ‪.‬‬ ‫وليس ُم ً‬ ‫ِ‬ ‫فعل أو ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ترك لم ِ‬ ‫تفسير لِ ِ‬ ‫تحت األُ‬ ‫النصي في ٍ‬ ‫الشرعية‬ ‫صول‬ ‫لرمز‬ ‫الداللة‬ ‫ُسن ُة‬ ‫يندر ْج َ‬ ‫ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫والف ِ‬ ‫ولية ِ‬ ‫نن ال َق ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫والتقريرية ‪.‬‬ ‫علية‬ ‫المقررة لدى ال ُعلماء م َن استنباط ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫خر ِج ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫إلصاق تُهمة ِّ‬ ‫وتنزيل اآليات التي‬ ‫المس�ل ِم ‪،‬‬ ‫التشريك‬ ‫عن الملة بِ ُ‬ ‫الش�رك ُ‬ ‫ُأ ِنز َلت في المشركين على الم ِ‬ ‫سلمين ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الس ِنة ‪.‬‬ ‫الم ِض َّل ِة على َمن له وج ٌه‬ ‫التبديع‬ ‫ُ‬ ‫شرعي م َن ُّ‬ ‫ٌّ‬ ‫إلصاق تُهمة البدعة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االستِ ُ‬ ‫الش�رق‬ ‫المش�تغلون بِ ُعلو ِم‬ ‫الغربي‬ ‫ومدارس العال ِم‬ ‫شراق ُعلما ُء‬ ‫ُ‬ ‫والش�رقي ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ووظائفه سل ًبا وإيجا ًبا ‪.‬‬ ‫أفكاره‬ ‫وتحليل‬ ‫وتعليل‬ ‫اإلسالمي‬ ‫ِّ‬ ‫حديث « ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوه�ن والتداع�ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫وش ُ‬ ‫يكم‬ ‫الوارد ُة ف�ي‬ ‫ُثاء مرحل� ُة‬ ‫ُ‬ ‫�ك أن تداعى ع َل ُ‬ ‫الغ ُ‬

‫األمم ‪ » ...‬إلخ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الخالف�ةِ‬ ‫ضع�ف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسلامي ف�ي أي�ا ِم‬ ‫المريض خريط� ُة العال� ِم‬ ‫الرج ِل‬ ‫ِترك ُة ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ثمانية‪.‬‬ ‫ال ُع‬ ‫الوهن حب الدُّ نيا وكراهي ُة الم ِ‬ ‫وت ‪.‬‬ ‫ُ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األولياء أو ِ‬ ‫ُ‬ ‫البيت ‪.‬‬ ‫آل‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫اإلفراط الشديدُ‬ ‫الممقوت في ُح ِّ‬ ‫ِ‬ ‫وإن�كار ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التفريط الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األخ�ذ بِ‬ ‫حقائ�ق ُ‬ ‫ع�االت‬ ‫االنف‬ ‫صوصي�ات‬ ‫الخ‬ ‫تساه ُل ف�ي‬ ‫ُ ُ‬ ‫الم ِ‬ ‫ثبتة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ف�ات المتبو ِع األعظ� ِم ‪ m‬فيما ي ِ‬ ‫المواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف ُس ُ‬ ‫عام ُ�ل بِه الموافِ َق‬ ‫�لوك‬ ‫نن‬ ‫وتصر ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُس ُ‬ ‫ُّ‬ ‫‪433‬‬


‫ِ‬ ‫عار َض ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫األخذ بِ‬ ‫الجراير ‪.‬‬ ‫األخالق وعد ِم‬ ‫سعة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�نن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫الواردة بِما‬ ‫سن ُة الخُ لفاء ما اجتهدوا فيه م َن اتِّخاذ المواقف بعدَ‬ ‫النظر في ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ألحد ‪.‬‬ ‫غمط‬ ‫تقتضيه المصلح ُة العا َّم ُة ِمن َغ ِير تح ُّي ٍز وال‬ ‫ِ‬ ‫الرشدُ تسلس ُل فِ ِ‬ ‫الدعوة بِشرطِه ‪.‬‬ ‫قه‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫الف ِ‬ ‫سند ِ‬ ‫تسلسل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫قه الداعي بِ ُشروطِه ‪.‬‬ ‫داء‬ ‫االهت ُ‬ ‫معصوم�ة ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫�ف دعوي� ٌة لِ ٍ‬ ‫الشريع ُة ِ‬ ‫كاس�ات ش�رعي ٌة لِ ٍ‬ ‫وحي‬ ‫وانع‬ ‫طه�رة‬ ‫�ذات ُم‬ ‫مواق ُ‬ ‫ٌ‬ ‫رباني‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سن ُة الدَّ ِ ِ‬ ‫شرعي ُيحدِّ ُد فِ َ‬ ‫نبوي‬ ‫اللة ضابِ ٌط‬ ‫رآني أو ٍّ‬ ‫عل الشيء أو تركَه استقرا ًء ل ٍّ‬ ‫نص ُق ٍّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫تحت ضوابِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لم ِ‬ ‫ط ِعل ِم األُ‬ ‫صول ‪.‬‬ ‫يندر ْج َ‬ ‫األخالق واألسانيدُ الم ِ‬ ‫ُ‬ ‫تصل ُة ‪.‬‬ ‫النبو ُة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫والسن ُة ‪.‬‬ ‫الدعوة‬ ‫فِق ُه‬ ‫ُ‬ ‫الكتاب ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النبوية ‪.‬‬ ‫األخالق‬ ‫فِق ُه الداعي هو النُّبوةُ‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسن ُة نب ِّيه ‪m‬‬ ‫واألخالق ‪.‬‬ ‫ومعادلهما ك ُ‬ ‫تاب ال َّله ُ‬ ‫األصلاَ ِن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫تفق ع َليها إجما ًعا ‪.‬‬ ‫المشترك ُة ُأ ُسس الدِّ يانة ُ‬ ‫القواس ُم ُ‬ ‫لتفر ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫التحريش تسيس ِ‬ ‫الف لِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫قة ‪.‬‬ ‫الف ‪ ،‬واالختِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫الش ِ‬ ‫عقيد ُة َّ‬ ‫ُفر ‪.‬‬ ‫يطان الك ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫المنصوص ع َليها بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يومئذ ُغثا ٌء‬ ‫حدي�ث ‪ « :‬أنتم‬ ‫والوه�ن‬ ‫الغُثائي ُة مرحل� ُة التداعي‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫يل » ‪.‬‬ ‫ك ُغثاء َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آخ�ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحياة‬ ‫مراح ِل‬ ‫عبر عنها بِالقيام�ة ألنَّها ُ‬ ‫الساع ُة ُج�ز ٌء م�ن أج�زاء الزم�ان ‪ ،‬و ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المراح ِل األُ‬ ‫خروية ‪.‬‬ ‫وأو ُل‬ ‫الدُّ نيوية َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الظواه ُر الكوني ُة المنصوص ُة في‬ ‫األشراط‬ ‫األحاديث ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫لوك لِ‬ ‫لنماذج الس ِ‬ ‫أفراد ‪.‬‬ ‫مرحلة أو‬ ‫جماعة أو‬ ‫المميز ُة‬ ‫ُ‬ ‫الس ُ‬ ‫ِ ُّ‬ ‫مات ُ‬ ‫العالمات ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫أخبر عنه ‪. m‬‬ ‫األمارات‬ ‫ُ‬ ‫المطابِ ُق لما َ‬ ‫الحديث ُ‬ ‫‪434‬‬


‫سات المرحلي ُة التي يجري فِيها ال َّله النُّصر َة والتأييدَ لِ‬ ‫ِ‬ ‫البِ‬ ‫ألخيار ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫شارات التن ُّف ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الفتن االبتِ‬ ‫ِ‬ ‫ُصيب الفر َد ِ‬ ‫أو األُ َّم َة ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الءات العا َّم ُة التي ت ُ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫الفت َِن االبتِ‬ ‫الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫خالف�ة‬ ‫الم‬ ‫خرج� ُة ع�ن ج�ا َّد ِة‬ ‫ُم ِض ُ‬ ‫ُ‬ ‫الطري�ق إل�ى ُ‬ ‫لاءات ُ‬ ‫واالنح ِ‬ ‫ِ‬ ‫راف‪.‬‬

‫ت هي األُسس التي يقوم ع َليها الدين ِ‬ ‫القات الشرعي ُة ‪.‬‬ ‫والع‬ ‫الثوابِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫تنوع ُة بِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫المنصوصة ‪.‬‬ ‫األسباب‬ ‫رات هي‬ ‫المتغ ِّي ُ‬ ‫الم ِّ‬ ‫األحوال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫و(الر َّب ُة) هي س�يدتُها ومالك ُة‬ ‫اس�م ُيط َل ُق على ك ُِّل امرأة ‪،‬‬ ‫أن تلدَ األم ُة ر َّبتَها األم ُة‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫قرارها ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫كر األجنبي المخالِ ِ‬ ‫الثقاف ُة الغازي ُة ماد ُة ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫الدينية ‪.‬‬ ‫ف لِلمشروع َّي ِة‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ك�ر ِ‬ ‫خلي�ط ِ‬ ‫قول الم ِ‬ ‫الداخ ِل على ُع ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫ُ‬ ‫س�لمين‬ ‫األجنبي‬ ‫والعل� ِم‬ ‫تحول ُة‬ ‫الم ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫الثقاف ُة ُ‬ ‫ِ‬ ‫مفاهيمهم ‪.‬‬ ‫وتحو ِل‬ ‫بِرغبتِهم‬ ‫ُّ‬ ‫�رة في ِ‬ ‫ِ‬ ‫�دة والكافِ ِ‬ ‫لح ِ‬ ‫�عوب الم ِ‬ ‫الحضار ُة الما ِّدي ُة ِ‬ ‫الحي�اة بعيدً ا ِ‬ ‫تجرب� ُة ُّ‬ ‫عن‬ ‫بناء‬ ‫الش‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫الدين ‪.‬‬ ‫الحفا ُة الذي َن ال نِ َ‬ ‫عال لهم ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الثياب إلاَّ ما يست ُ​ُر العور َة ‪.‬‬ ‫ال ُعرا ُة الذين ال يل َبسون ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يشتغلون بِ ِ‬ ‫رعي األغنا ِم ‪.‬‬ ‫الشاء‬ ‫رعاء‬ ‫ُ‬ ‫يتطاولون يتنافسون ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫في ال ُب ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألبراج ‪.‬‬ ‫المناز ِل‬ ‫إعمار‬ ‫نيان في‬ ‫مراح ِل ال ُغ ِ‬ ‫الدُّ هيماء مرحل ٌة ِمن ِ‬ ‫ثاء صار فِيها العوا ُّم هم األسياد‪ ،‬والتحوت ِخ َ‬ ‫الل‬ ‫َ ُ‬ ‫البار ِ‬ ‫الرأس ِ‬ ‫مرحلة الصرا ِع ما بين ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحرب ِ‬ ‫والشيوعي ُة فيما ُس ِّم َي بِ‬ ‫ِ‬ ‫مالية ُّ‬ ‫دة ‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫مراح ِل ال ُغ ِ‬ ‫ثاء ِ‬ ‫السراء مرحل� ٌة ِمن ِ‬ ‫ُ‬ ‫ش�ترك َبي َن ال ُك َّف ُار وسلاطين‬ ‫الم‬ ‫يتم فيها التآ ُم ُر ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قبائل البِالد العربية ‪.‬‬ ‫ورؤساء‬ ‫�ل ال ُغ ِ‬ ‫�يطرة على بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األحالس مرحل� ٌة ِمن ِ‬ ‫مراح ِ‬ ‫ُ‬ ‫الد‬ ‫لس‬ ‫ثاء يبد ُأ فِيها‬ ‫ُ‬ ‫المب َّط ُن ل َ‬ ‫العمل ُ‬ ‫‪435‬‬


‫الم ِ‬ ‫سلمين ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ُ‬ ‫التعليم ‪ +‬الدعو ُة إلى ال َّل ِه‬ ‫المدموج التربي ُة ‪+‬‬ ‫المثلث‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عاد ُل الرابِع مبد ُأ االكتِ ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرزق ‪.‬‬ ‫الذاتي في‬ ‫فاء‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ول االستِعماري ُة الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫القصعة الدُّ ُ‬ ‫تآمر ُة ‪.‬‬ ‫أكل ُة‬ ‫ُ‬ ‫راسات الحديث ُة ُ ِ ِ‬ ‫الخدْ ِ‬ ‫ِعلم ِ‬ ‫جر ِد ‪.‬‬ ‫التطو ِر‬ ‫مات الدِّ‬ ‫ُ‬ ‫ذات العالقة بِ ُّ‬ ‫الم َّ‬ ‫الحياتي ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫منهجه�م ِم�ن علماءِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والرس ِ‬ ‫س�ار عل�ى‬ ‫منه�ج األنبي�اء‬ ‫األبوي ُة الشرعي ُة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫�ل و َم�ن َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الديانة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الوضعي ‪.‬‬ ‫العقالنية الما ِّد ِّي‬ ‫منهج‬ ‫األنوي ُة الوضعي ُة ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المسند ُة بِ‬ ‫الشرعي ‪.‬‬ ‫األبوي‬ ‫السند‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫المدرس ُة األبوي ُة مدرس ُة النُّبوة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المدرس ُة األنوي ُة مدرس ُة َّ‬ ‫خير منه » ‪.‬‬ ‫الشيطان اإلبليسي ُة القائم ُة على مبدأ « أنا ٌ‬ ‫ِ‬ ‫سيظهر في ِ‬ ‫ُ‬ ‫الزمان ‪.‬‬ ‫آخر‬ ‫األعور الذي‬ ‫المسيخ‬ ‫الدَّ َّج ُال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫التس�ي ِ‬ ‫والعقدي‬ ‫الفكري‬ ‫يس‬ ‫تفر َع عنها ِم َن‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الدجل الفك�ر ُة والثقاف� ُة الكافر ُة وم�ا َّ‬ ‫والسياسي واالقتِ‬ ‫واإلعالمي ‪.‬‬ ‫صادي‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫سياس�ة مرحلةِ‬ ‫ِ‬ ‫والسماس�ر ُة الذين يمهدون العالم لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال�وكال ُء وال ُعمال ُء‬ ‫ُ ِّ‬ ‫الدجاجل ُة ُ‬ ‫َ‬ ‫الدَّ َّجال ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العادات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫األبوية‪.‬‬ ‫بادات‬ ‫والع‬ ‫المبر ِم في‬ ‫والتشريك‬ ‫النقض سياس ُة التبدي ِع‬ ‫ونقض ُ‬ ‫ِ‬ ‫حركة ِ‬ ‫ِ‬ ‫قبض ِ‬ ‫العل ِم بِ‬ ‫المس� َّي ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الواق ِع‬ ‫لم�اء بعزلِهم عن‬ ‫وقبض ال ُع‬ ‫س ُ‬ ‫القبض ُ‬ ‫المنهج ُ‬

‫ِ‬ ‫والتأثير فيه ‪.‬‬ ‫الخ ِ‬ ‫سقوط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالمي بِ‬ ‫الفة ‪.‬‬ ‫القرار‬ ‫العلماني ُة مرحل ُة نز ِع‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫العلمن ُة تأ ُّث�ر الم ِ‬ ‫العرب�ي‬ ‫الغربي�ة ‪ ،‬وتبنيه�ا ف�ي المجتم� ِع‬ ‫س�لمين بِاألح�كا ِم‬ ‫ِّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫واإلسالمي‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تحت نظا ِم ال ُق ِ‬ ‫طب الواحد ‪.‬‬ ‫السياسي واالقت‬ ‫ال َعولم ُة مرحل ُة االحتواء‬ ‫صادي َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التاريخ ‪.‬‬ ‫عبر‬ ‫العالمي ُة الدعو ُة اإلسالمي ُة ُ‬ ‫المستقرة َ‬ ‫ذات الثوابِت ُ‬ ‫‪436‬‬


‫ك�ة باالقتِ ِ‬ ‫جتمعات الهالِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫تفعي�ل الص�را ِع االقتِ‬ ‫صاد‬ ‫الم‬ ‫المنسي‬ ‫ِّ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ص�ادي ف�ي ُ‬ ‫الفقر ُ‬ ‫ُ‬

‫بوي ‪.‬‬ ‫الر ِّ‬ ‫ِّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�روب‪ ،‬وطغي�ان رأس‬ ‫الح‬ ‫�ع‬ ‫الث�روات‪،‬‬ ‫نه�ب‬ ‫المطغي‬ ‫السياس�ي بِ ُ‬ ‫والتوس ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫الغنى ُ‬ ‫ذات الطابِ ِع االستِهالكي الم ِ‬ ‫ثمارات ِ‬ ‫ِ‬ ‫الطائلة في الاِ ستِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جرد‬ ‫األموال‬ ‫وصرف‬ ‫المال‪،‬‬ ‫ِّ ُ‬ ‫الذي ال يخد ُم اإلنساني َة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫علاج ل�ه ‪ ،‬س�وا ٌء َ‬ ‫ُ‬ ‫الحس�ية أو‬ ‫األم�راض‬ ‫كان ِم� َن‬ ‫المفسدُ ال�ذي ال‬ ‫َ‬ ‫المرض ُ‬ ‫ِ‬ ‫المعنوية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫والتفجيرات ‪.‬‬ ‫روب‬ ‫الموت‬ ‫جه ُز‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الجماعي في ُ‬ ‫ُّ‬ ‫الموت ُ‬ ‫ِ‬ ‫بن ُز ٍ‬ ‫حرقوص ِ‬ ‫ِ‬ ‫هير» ‪.‬‬ ‫«أتباع‬ ‫الخوار ِج‬ ‫المدرس ُة الحرقوصي ُة مدرس ُة‬ ‫ُ‬ ‫المدرس ُة السلولي ُة مدرس ُة الن ِ‬ ‫ِّفاق ‪.‬‬

‫الكذ ِ‬ ‫الم َسيلِمي ُة مدرس ُة ُم َس ِيلم َة َّ‬ ‫اب ‪.‬‬ ‫المدرس ُة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العرب ‪.‬‬ ‫الجاهلي ُة ِم َن‬ ‫المدرس ُة الوثني ُة مدرس ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫نحرف ُة ‪.‬‬ ‫المدرس ُة العبري ُة مدرس ُة اليهود ُ‬ ‫الم ِ‬ ‫نحرف ُة‬ ‫المدرس ُة الصليبي ُة مدرس ُة النصارى ُ‬ ‫الجامع ُة بين الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِقراء ُة التاريخِ الشرعي ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتاريخ ‪.‬‬ ‫يانة‬ ‫القراء ُة‬ ‫َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األديان ِ‬ ‫جرد ُة ِ‬ ‫أو المحرق ُة له ‪.‬‬ ‫عن‬ ‫ِقراء ُة التاريخِ‬ ‫الم َّ‬ ‫الوضعي القراء ُة التاريخي ُة ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ورفض ال َغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يبيات ‪.‬‬ ‫العقل والقوانين‬ ‫العقالني ُة تأكيدُ‬ ‫ُ‬

‫ٍ‬ ‫مرحلة أو ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫التوثيق ال ُقرآني أو النبوي لِ‬ ‫جماعة ‪.‬‬ ‫ذات أو‬ ‫الحصان ُة الشرعي ُة‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫الخُ لفاء مسمى لِكا َّف ِة الوارثين قرار ِ‬ ‫والسند الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫العل ِم بِ‬ ‫تص ِل ‪.‬‬ ‫األخالق‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َّ‬ ‫ذات االرتِ ِ‬ ‫واألف�راد ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحلفاء مس�مى لِكا َّف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب�اط بِ‬ ‫التس�ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الي‬ ‫الم�دارس‬ ‫�ة‬ ‫يس الدَّ َّج ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫والمن ِّف ِذين له ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الور ُ‬ ‫اث‬ ‫الوسطي ُة الشرعي ُة الدعو ُة إلى ال َّله بِالحكمة والموعظة الحسنة على ُسنَّة َّ‬ ‫النمط األَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسط ‪.‬‬ ‫الحاملين صف َة‬ ‫‪437‬‬


‫االعتِ ُ‬ ‫الفكري واالجتِماعي َبي َن الرعايا ‪.‬‬ ‫التواز ِن‬ ‫دال الواعي ا َّل ِذين يقيمون ُسنَّ َة‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫لم‬ ‫واإليمان ‪،‬‬ ‫األربعة ‪ :‬اإلسال ُم ‪،‬‬ ‫الديانة‬ ‫أصول‬ ‫األصول النصي ُة‬ ‫واإلحسان ‪ ،‬والع ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬ ‫الساعة ‪.‬‬ ‫عالمات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫األبوية ‪.‬‬ ‫واألسانيد‬ ‫النبوية‬ ‫األخالق‬ ‫منهج‬ ‫األوسط حمل ُة‬ ‫النمط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشريعة الم ِ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪. m‬‬ ‫نزل بها على‬ ‫التكليفات الشرعي ُة أحكا ُم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ط الع ِ‬ ‫العلم الشرعي المقيدُ بِضوابِ ِ‬ ‫األصول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عصر التدوين ‪.‬‬ ‫لماء في‬ ‫لم‬ ‫ُ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التسلس ُل الشرعي هو انتِ ُ ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫سن التلقي ‪.‬‬ ‫قال العل ِم والدعوة إلى ال َّله بِاإلجازة ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫اإلجابة ك ُُّل َمن َ‬ ‫رسول ال َّل ِه ‪.‬‬ ‫أم ُة‬ ‫حمدٌ‬ ‫قال ‪ :‬ال إل َه إلاَّ ال َّل ُه ‪ُ ،‬م َّ‬ ‫ِ‬ ‫أدرك مرحل َة اإلسال ِم ِ‬ ‫َ‬ ‫وعل َم بها ِمن األُم ِم ‪.‬‬ ‫الدعوة ك ُُّل َمن‬ ‫أم ُة‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫الكون بِ ِ‬ ‫ور ‪.‬‬ ‫الساع ُة نِهاي ُة‬ ‫النفخ في ُّ‬ ‫ِ‬ ‫مرحلة الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الساعة ُم ُ‬ ‫الساعة ‪.‬‬ ‫سالة إلى قيا ِم‬ ‫األشراط ِمن‬ ‫جمل‬ ‫عالمات‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جريات‬ ‫النبوي بِ ُم‬ ‫الخبر‬ ‫طابقة‬ ‫الظاهر ُة الدال ُة على ُم‬ ‫عالمة ‪ ،‬وهي‬ ‫جمع‬ ‫العالمات‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الحياة ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أمر معي ٍن س�ب َق ِ‬ ‫جم�ع ٍ‬ ‫ُ‬ ‫أحاديث‬ ‫اإلش�ارة إ َليه ف�ي‬ ‫ت‬ ‫أم�ر ‪ ،‬وه�ي‬ ‫األمار ُة‬ ‫حص�ول ٍ ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫المصطفى ‪. m‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الظاهر ُة الكوني ُة المخالِف ُة لِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫أش�ارت‬ ‫لمألوف ‪ ،‬كما‬ ‫ش�رط ‪ ،‬وهي‬ ‫جمع‬ ‫األشراط‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الساعة ‪.‬‬ ‫أشراط‬ ‫أحاديث‬ ‫إ َليه‬ ‫االنح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والحواد ُ‬ ‫راف ‪.‬‬ ‫الموقع ُة في‬ ‫الفواج ُع‬ ‫الم ِضل ُة وهي‬ ‫الف ُ‬ ‫ث ُ‬ ‫تن ُ‬ ‫القتل خاص ًة بين الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫سلمين ‪.‬‬ ‫الهرج كثر ُة‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫المرج ُف ُ‬ ‫وسائله ‪.‬‬ ‫ضول الكال ِم وكثر ُة‬ ‫ُ‬ ‫المالحم ِ‬ ‫ِ‬ ‫تال الشديدُ والحروب بين الم ِ‬ ‫سلمين والك ِ‬ ‫الق ُ‬ ‫ُفار ‪.‬‬ ‫ُ ُ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫اإلشارات المالحظ� ُة الم ِهم� ُة الت�ي أخب�ر النب�ي ‪ m‬ع�ن و ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�تقبل‬ ‫قوعها في ُم‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫الزمان‪.‬‬ ‫‪438‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدَّ ول ُة العلي ُة اسم آخر يط َل ُق على د ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُسمى‬ ‫القرار‬ ‫ولة‬ ‫َ‬ ‫ٌ ُ ُ‬ ‫اإلسالمي الدَّ ولة ال ُعثمانية ‪ ،‬وت َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الباب العالي ‪.‬‬ ‫التاريخ بِدولة‬ ‫ُب‬ ‫ً‬ ‫أيضا في ُكت َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يهود تُركيا دخلوا اإلسلا َم لِلن ِ‬ ‫َّيل من�ه ‪ ،‬وارت َقوا في‬ ‫الدونمة مجموع� ٌة ِم�ن‬ ‫يهو ُد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفتاة ‪ ،‬حتَّى وصلوا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجيش‬ ‫قيادة‬ ‫المطاف إلى‬ ‫آخ َر‬ ‫جمعية تُركيا‬ ‫عبر‬ ‫َ‬ ‫مناصب شتَّى َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخليفة ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اإلش�راف‬ ‫ور‬ ‫الحمي�د الثاني ‪،‬‬ ‫عبد‬ ‫إس�قاط‬ ‫والحك� ِم ‪ ،‬ودبروا‬ ‫ُ‬ ‫وكان لهم َد ُ‬ ‫والديون والصرا ِع المعروفِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحرب‬ ‫على تحطي ِم قوة الدَّ ولة ال ُعثمانية وإغراقها في‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫التتريك ؛ ِمما أدى إلى قيا ِم ال َّث ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬ ‫العربية الكُبرى ‪.‬‬ ‫ورة‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫روبي�ة في البِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫االستِعمار مرحل� ُة امتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال�دول األُ‬ ‫واإلسلامية أثنا َء‬ ‫العربية‬ ‫لاد‬ ‫�داد‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫والثانية وما بعدَ هما ‪.‬‬ ‫الحربين العالميتَين األولى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هيمنة الدُّ ِ‬ ‫ول ُّ‬ ‫وش�طر‬ ‫واإلسلامي ‪،‬‬ ‫العربي‬ ‫�يوعية في العا َلمين‬ ‫الش‬ ‫هتار بد ُء‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫االست ُ‬ ‫العال ِم إلى ُقوتَين ‪ِ :‬‬ ‫رأسمالي ٌة وشيوعي ٌة ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرأس ِ‬ ‫الباردة بين ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫مالية ُّ‬ ‫مرحلة‬ ‫يوعية ‪ ،‬وبد ُء‬ ‫والش‬ ‫الحرب‬ ‫مرحلة‬ ‫سقوط‬ ‫ثمار‬ ‫َ َ‬ ‫االست ُ‬ ‫الع ِ‬ ‫وح ِد ‪.‬‬ ‫ولمة ‪ ،‬وسياد ُة النِّظا ِم‬ ‫الم َّ‬ ‫َ‬ ‫العالمي ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخالف ُة المدونم ُة هي مرحل ُة ُس�قوط الخليفة عبدالحميد الثاني ُث َّم تُس� َّل ُط يهو ُد‬ ‫ِ‬ ‫قرار الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�ار في ركبِهم سياس� ًّيا على ِ‬ ‫اإلسلامية ف�ي تُركيا حتَّى‬ ‫ولة‬ ‫الدونمة ومن َ‬ ‫ِ‬ ‫ولة ِ‬ ‫إعالن الدَّ ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫هاي�ة ِ‬ ‫نِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفة بِ‬ ‫لمانية ‪ ،‬وتولى فيها الحكم الظاهري ثالثة خلفاء‪.‬‬ ‫الع‬ ‫ٍ‬ ‫سنوات َبي َن عا َمي (‪1909‬م‪1919 -‬م) ‪ .‬ثم ‪ 5‬سنوات رضخت فيها‬ ‫ودا َمت عشر‬

‫تركيا لحكم عساكر الحلفاء بقيادة بريطانيا (‪1919‬م‪1924 -‬م)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫لطان ِ‬ ‫العهدُ الحميدي عهدُ الس ِ‬ ‫الحميد الثاني ‪.‬‬ ‫عبد‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫الفوضى الخلاَّ ق ُة اصطِلاح م ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصرا ِع‬ ‫عاص ٌ�ر اس�تخد َمته ال ُقوى العالمي� ُة‬ ‫لتفعيل ِّ‬ ‫ٌ ُ‬ ‫والصيد في الماءِ‬ ‫ِ‬ ‫الداخل�ي بي�ن األنظِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مة والدُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫باش�ر‬ ‫الم‬ ‫يس�مح لها‬ ‫ول بما‬ ‫ُ‬ ‫ِّ َ َ‬ ‫بالتدخ ِل ُ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫العك ِر ضمن ُّ‬ ‫عوب ‪.‬‬ ‫السنة الرحمانية‬

‫‪439‬‬


‫ِ‬ ‫رم ِ‬ ‫البحث‬ ‫اج ُع‬

‫ •القرآن الكريم وأمهات كتب السنة‬

‫ •سبل الهدى والرشاد ‪ ،‬اإلمام الصالحي‬ ‫ •اإلشاعة ‪ ،‬البرزنجي‬

‫ •أشراط الساعة ‪ ،‬يوسف بن عبدالله الوابل‬

‫ •إتح�اف الجماع�ة بما ج�اء في الفت�ن والمالحم بي�ن يدي الس�اعة ‪ ،‬حمود ب�ن عبدالله‬ ‫التويجري‬

‫ •فقه أشراط الساعة ‪ ،‬د‪ .‬محمد أحمد إسماعيل المقدم‬

‫ •كتاب السنن الواردة في الفتن ‪ ،‬أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري الداني‬ ‫ •الفتن ‪ ،‬نعيم بن حماد‬

‫ •تحقيق مواقف الصحابة « مجلدان » ‪ ،‬د‪ /‬محمد أمحزون‬ ‫ •التليد والطارف ‪ ،‬أبو بكر المشهور‬

‫ •أركان الدين األربعة ‪ ،‬أبو بكر المشهور‬

‫ •كشف األقنعة عن الوجوه الغثائية المقنعة ‪ ،‬أبو بكر المشهور‬ ‫ •المؤامرة الكبرى على اإلسالم ‪ ،‬عالء الدين المدرس‬

‫ •الجزيرة العربية « نجد والحجاز » في الوثائق البريطانية ‪ ،‬نجدة فتحي صفوة‬ ‫ •األطلس التاريخي للعالم اإلسالمي ‪ ،‬ماليز روثفن‬

‫ •أطلس تاريخ العرب واإلسالم ‪ ،‬سيف الدين الكاتب‬ ‫ •أطلس الفتوحات اإلسالمية ‪ ،‬أحمد عادل كمال‬

‫ •الدولة العثمانية ‪ ،‬عوامل النهوض وأسباب السقوط ‬

‫علي محمد الهالبي‬

‫ •منهجية النمط األوس�ط من س�ادة الصلح وبقية الس�يف وبراءتهما من اإلفراط والتفريط‬ ‫المسيس ‪ ،‬أبو بكر علي المشهور‬

‫ •الشريف حسين بن علي والخالفة نضال داود المومني‬ ‫ •لورنس‪ ..‬الحقيقة واألكذوبة ‪ ،‬صبحي العمري‬ ‫ •السيد محمد طاهر الدباغ ‪ ،‬د‪ .‬محمد الجوادي‬

‫ •العراق في أحاديث الفتن والمالحم ‪ ،‬مشهور حسن سلمان‬

‫‪440‬‬


‫الفهرس‬

‫‪441‬‬


‫ت َْوطِ َئ ٌة ُم ِفيدَ ٌة ‬ ‫َن ْظم المب ِ‬ ‫اد ِئ ال َع َش َر ِ ة‬ ‫ُ َ​َ‬

‫الفهرس‬ ‫‪6‬‬

‫‪9‬‬

‫‪22‬‬

‫اعتناء اإلسالم بفقه المراحل ‬

‫‪22‬‬

‫أهمية الدراسة الجذرية ‬

‫ا ْل ُم َقدِّ ِم ُة ‬

‫‪22‬‬

‫ضياع الحق بين ركام األقالم ‬

‫‪23‬‬

‫عوامل التجني على التاريخ‪ :‬الخلط المتعمد واألحكام العمومية ‬

‫‪23‬‬

‫القراءة الشرعية الموجهة ‬

‫‪24‬‬

‫القراءة المادية العقالنية ‬

‫‪24‬‬

‫القراءة ال تكون إال باسم الرب ‬

‫‪25‬‬

‫مرحلة الرسالة المحمدية ‬

‫‪26‬‬

‫‪25‬‬

‫أهمية القراءة النصية ‬

‫مرحلة ما بعد الرسالة إلى قيام الساعة ‬

‫‪26‬‬

‫الدراسة النصية أساس حوار الحضارات وتقارب األديان ‬

‫‪27‬‬

‫مع المؤلف في مسيرة المعاناة ‬

‫‪27‬‬

‫مرحلة ما قبل البعث ‬

‫الدراسة الجديدة للركن الرابع وأهميتها ‬

‫‪26‬‬ ‫‪27‬‬

‫االعتراضات واالحتجاجات بين األمة‪ ..‬‬

‫‪28‬‬

‫بداية االنطالق في فقه التحوالت ‬

‫‪29‬‬

‫المدخل إلى معرفة الركنية الرابعة ‬

‫‪30‬‬

‫لماذا ؟‪ ..‬‬

‫تقرير الحالة ‬

‫‪28‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬

‫مقدمات هامة لقراءة عالمات الساعة ‬

‫‪31‬‬

‫تبقى األشراط في دائرة التوقع المظنون ‬

‫‪442‬‬


‫‪31‬‬

‫مراعاة الترتيب الزمني لألشراط ‬

‫عدم تأثير الترقب على واجب الوقت ‬

‫‪31‬‬

‫النصوص وعالقتها بما يطرقه االحتمال ‬

‫‪32‬‬

‫ال نعطل السنن واألسباب ‬

‫‪32‬‬

‫هدي السلف أمام فقه التحوالت ‬ ‫حصر مصادرالتلقي ‬

‫رأي المؤلف فيما سبق من الضوابط ‬

‫‪32‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪33‬‬

‫متابعة الحاديث أيسر وأولى من متابعة تعقيدات العلماء ‬

‫‪33‬‬

‫ظاهرة االحتناك واالحتكار للسالمة ‬

‫‪34‬‬

‫التلميح خير من التصريح في المعاتبة ‬

‫‪34‬‬

‫األشراط المجهولة وموقعنا من معارضتها ‬ ‫لماذا تناول النبي ‪ m‬العالمات؟ لم لم يسكت عنها أو يخف من إشهارها؟ ‬

‫‪35‬‬

‫فقه التحوالت اليوم من أهم أركان الدين ‬

‫‪35‬‬

‫مرحلة الرسول ‪ m‬تأصيل ‬

‫فقه التحوالت يعرفنا باألوعية الحاملة للعلم ومكانتها العلمية ‬

‫‪34‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪36‬‬

‫نصوص فقه التحوالت تُعنى بمسيرة الحكم والعلم ‬ ‫حياة النبي ‪ m‬قراءة واعية لألحداث حاضرا ومستقبال ‬

‫‪37‬‬

‫حاجتنا لهذا العلم أكثر من حاجتنا للماء والغذاء ‬

‫‪39‬‬

‫فقه التحوالت علم ضابط لمواقف الرجولة ‬

‫المنط َل ُق ‬ ‫ُ‬

‫العودة إلى األساسيات من أهم المهمات ‬

‫قراءة العلماء ألصول الديانة كانت على ضوء الثوابت الثالثة ‬

‫‪36‬‬

‫‪39‬‬

‫‪41‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪42‬‬

‫قراءتنا لعالمات الساعة تأتي على أنها ركن خاص بالتحوالت ‬

‫‪42‬‬

‫إظهار العلم بالعالمات مهمة شرعية ‬

‫‪44‬‬

‫عقائد الشيطان في البشرية ‬

‫قوله ‪« :m‬بعثت أنا والساعة كهاتين» ‬

‫‪43‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪46‬‬

‫تعريف الساعة ‬

‫‪443‬‬


‫َت ْع ِر ُ‬ ‫السا َع ِة َو َما َي َت َع َّل ُق بِ َها ‬ ‫يف َّ‬

‫‪46‬‬

‫انقسام األمارات إلى ثالثة أقسام ‬

‫‪48‬‬

‫معنى مضالت الفتن ‬

‫‪48‬‬

‫معنى العالمات ‬

‫‪49‬‬

‫معنى البشارات ‬

‫‪50‬‬

‫‪47‬‬

‫أقسام القيامة ‬

‫‪48‬‬

‫معنى الفتن ‬

‫‪49‬‬

‫معنى األشراط ‬

‫‪49‬‬

‫معنى األمارات ‬

‫ِم ْح َو ُر ا ْل َم ْو ُضو ِع َح ِد ْي ُ‬ ‫السن َِّة ’‬ ‫ث ِج ْب ِر ْي َل ُ‘أ ُّم ُّ‬ ‫دراسة حديث جبريل ‬

‫‪51‬‬ ‫‪51‬‬

‫الوحدة الموضوعية بين األركان األربعة ‬

‫‪56‬‬

‫األصول الثالثة وتدرج المكلف فيها ‬

‫‪56‬‬

‫الثوابت والمتغير ‬

‫بالر ِ‬ ‫أركان الدِّ ِ‬ ‫الراب ِع ‬ ‫ُ‬ ‫كن َّ‬ ‫ين ال َّثال َث ُة وعال َقتُها ُّ‬ ‫الركن الرابع هو كشف مجريات التحوالت ‬

‫الركن الرابع وأهمية دراسته ‬

‫رؤوس األقالم المبينة مهمات الركن الرابع ‬

‫عالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫أركان ِ‬ ‫العل ِم بِ‬ ‫اعة ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬

‫‪56‬‬

‫‪56‬‬ ‫‪57‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪59‬‬

‫‪61‬‬ ‫‪61‬‬

‫أركان العلم بعالمات الساعة ‬

‫‪61‬‬

‫العلم الواجب ‬

‫‪61‬‬

‫العلم الالزم ‬

‫‪61‬‬

‫العلم المطلق ‬

‫‪62‬‬

‫الفرق بين الساعة وعالماتها ‬

‫‪62‬‬

‫إذا ولدت األمة ربتها ‪/‬ربها ‬ ‫األَ َمة في فقه التحوالت ‬

‫‪62‬‬

‫‪444‬‬


‫رق بين الس ِ‬ ‫ال َف ُ‬ ‫اعة وعالماتِها ‬ ‫ّ‬

‫‪62‬‬

‫تطابق جزئية العالمات مع حديث بني إسرائيل ‬

‫‪63‬‬

‫وقوع الظاهرة حقيقة في مرحلتنا المعاصرة ‬

‫‪64‬‬

‫معنى «وأن ترى الحفاة‪ ..‬الحديث» ‬

‫بعالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعة ِ‬ ‫الفرق بين الس ِ‬ ‫ُ‬ ‫اعة ‬ ‫والعل ِم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مشكلة الخلط بين الساعة وبين العلم بعالماتها ‬

‫األشراط في حديث مكحول ‬

‫قه التَّحو ِ‬ ‫مفهوم فِ ِ‬ ‫الت ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫‪63‬‬

‫‪65‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪66‬‬

‫‪67‬‬ ‫‪67‬‬

‫مفهوم فقه التحوالت ‬

‫‪67‬‬

‫اشتقاق اللفظة ‬

‫‪67‬‬

‫مادة فقه التحوالت ‬

‫الفقه في اللغة واالصطالح ‬

‫‪67‬‬

‫العلم بعالمات الساعة علم شرعي موثق الكتاب والسنة ‬

‫‪68‬‬

‫«بادروا باألعمال» وما يترتب على مفهوم المبادرة ‬

‫‪69‬‬

‫اإلسالم في معناه العام ‬

‫األساس في النجاة هو العمل ‬

‫‪68‬‬ ‫‪69‬‬

‫اإلشارة النبوية إلى ما يحل باألمة عند انقطاع األعمال ‬

‫‪70‬‬

‫معنى «الغنى المطغي» ‬

‫‪71‬‬

‫معنى «الفقر المنسي» ‬

‫‪71‬‬

‫تركنا للصناعات اإلنتاجية والثروات جعلنا (سوقا استهالكيا) ‬

‫‪72‬‬

‫معنى (الهرم المفند) ‬

‫‪73‬‬

‫معنى (المرض المفسد) ‬ ‫معنى (الموت المجهز) ‬

‫‪73‬‬ ‫‪75‬‬

‫الدجال شر غائب ينتظر ‬

‫قه التَّحو ِ‬ ‫تأصيل فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والسن َِّة ‬ ‫الت من‬ ‫ُّ‬ ‫الكتاب ُّ‬ ‫تأصيل فقه التحوالت في الكتاب والسنة ‬

‫‪445‬‬

‫‪75‬‬

‫‪77‬‬ ‫‪77‬‬


‫اآليات القرآنية المعبرة عن أهمية علم الساعة ‬

‫‪78‬‬

‫التحوالت البشرية والغايات المصيرية في القرآن من فقه التحوالت ‬

‫‪78‬‬

‫سورة الكهف وما تشتمل عليه من دروس فقه التحوالت ‬

‫‪83‬‬

‫عالقة القرآن العظيم بفقه التحوالت ‬

‫معاناة األنبياء والرسل مع أقوامهم جزء من فقه التحوالت ‬

‫المنافقون ومفهوم الحصار االقتصادي ‬

‫معنى (الصدور) في تفسير صورة الناس ‬

‫‪78‬‬ ‫‪80‬‬ ‫‪84‬‬ ‫‪84‬‬

‫قه التَّحو ِ‬ ‫أقسام فِ ِ‬ ‫الت ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫‪85‬‬

‫الحضارة الوضعية ‬

‫‪85‬‬

‫‪85‬‬

‫الحضارة الشرعية ‬

‫الحضارة الكنعانية والكلدانية ‬

‫‪85‬‬

‫حضارة قوم عاد والريح العقيم ‬

‫‪86‬‬

‫شهوانية قوم لوط والحجارة ‬

‫‪86‬‬

‫‪86‬‬

‫مادية قوم نوح والطوفان ‬

‫‪86‬‬

‫إبداعات قوم ثمود والصيحة ‬

‫‪86‬‬

‫تجارة قوم شعيب والرجفة ‬

‫‪86‬‬

‫عمران قوم سبأ والسيل العرم ‬

‫الحضارة الفرعونية وتعدد العقوبات ‬

‫‪87‬‬

‫السنة الشريفة واعتناؤها بفقه التحوالت ‬

‫‪88‬‬

‫الحضارة العبرية وتنوع اآليات ‬

‫‪87‬‬

‫أساس هذا العلم هو الربط الواعي بعموم الزمان أو المكان دون تحديد ‬

‫‪88‬‬

‫ثمرة هذا العلم ‬

‫‪89‬‬

‫ثمرة الدراسة لفقه التحوالت ‬

‫‪89‬‬

‫عالقة فقه التحوالت بالدعوة إلى الله ‬

‫‪90‬‬

‫جلسة بين األنبياء والرسل ناقشوا فيها فقه التحوالت ‬

‫‪90‬‬

‫الثوابت الثالثة في فقه الدعوة إلى الله ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫عو ِة إلى ال ّٰل ِه ‬ ‫َّحوالت بالدَّ َ‬ ‫عال َق ُة فقه الت ُّ‬

‫‪446‬‬

‫‪90‬‬

‫‪90‬‬


‫ترتكز الدعوة إلى الله على عاملين اساسيين ‬

‫‪92‬‬

‫دليل فقه الداعي ‬

‫‪92‬‬

‫دليل فقه الدعوة ‬

‫شرط الداعي الحق ‬

‫‪92‬‬ ‫‪92‬‬

‫حديث العرباض ابن سارية وموقعه من فقه التحوالت ‬

‫‪93‬‬

‫إقامة الدعوة وأمة اإلجابة ‬ ‫حصانات النبي ‪ m‬لبعض أصحابه وتجريحه آخرين وأهمية ذلك في فقه الدعوة ‬

‫‪94‬‬

‫تأصيل فهم فقه التحوالت لألحاديث السابقة ‬

‫بعض البدع المدموغة من عهد الرسالة ‬

‫قه التَّحو ِ‬ ‫وموقعها من فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف وسنَّ ُة الدِّ ِ‬ ‫المواق ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت ‬ ‫اللة‬ ‫ُسنَّ ُة‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫التعريف بلفظ «السنة» لغة واصطالحا ‬

‫سنة المواقف وسنة الداللة ‬

‫مفهوم السنة كموقف في حديث «عليكم بسنتي» ‬

‫سنة المواقف هي التطبيق األخالقي في فقه الدعوة ‬

‫‪94‬‬ ‫‪94‬‬

‫‪95‬‬

‫‪97‬‬ ‫‪97‬‬ ‫‪98‬‬

‫‪103‬‬ ‫‪104‬‬

‫سنة الداللة ضابط شرعي لم يندرج تحت ضوابط علم األصول ‬

‫‪104‬‬

‫االستدالل بسنة الداللة على ما لم يكن له سابق مثال ‬

‫‪105‬‬

‫سنة الداللة في فقه التحوالت ‬

‫‪105‬‬

‫البدعة الدينية والبدعة الدنيوية كالهما مذمومان إذا انعدمت ضوابطهما الشرعية ‬

‫‪106‬‬

‫ظاهرة التشريك ليست ديانة ‬

‫‪108‬‬

‫االستدالل بسنة الداللة على مسنجدات العلوم ‬

‫‪107‬‬ ‫‪108‬‬

‫مدارس القبض والنقض وظاهرة تحريف النصوص ‬ ‫الش ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسالم ُة َّ‬ ‫وات‪ :‬بالحصان َِة َّ‬ ‫‪108‬‬ ‫رع َّي ِ ة‬ ‫قاعدَ ةٌ‪ :‬سالم ُة المرح َل ِة‪ :‬بالن َِّّص‬ ‫َ‬ ‫ث ‪108‬‬ ‫الشهادات الشرعية من لسان رسول الله ‪ m‬لصحابته حصانة ال تنقضها األحدا ‬ ‫مدرسة االعتدال والوسطية وموقعها من فقه التحوالت ‬

‫‪109‬‬

‫الذي ينازع ما نحن بصدده إما لجهله بالركن الرابع أو لرفضه ال َّط ْبعي له ‬

‫‪109‬‬

‫موقف الجماعات الجديدة من فقه التحوالت ‬

‫‪110‬‬

‫موقع عالمات الساعة من علماء الفقه التقليدي ‬

‫‪447‬‬

‫‪110‬‬


‫إعادة القراءة لرباعية األركان ضرورة ملحة ‬

‫‪110‬‬

‫الصراع التاريخي بين المذاهب يحتاج إلى إعادة نظر ‬

‫‪111‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّب َع َل ْي ِه ‬ ‫وما تَرت َ‬ ‫ياب العلـ ِم بفقه الت ُّ‬ ‫غ ُ‬ ‫َّحوالت َ‬

‫‪112‬‬

‫ماذا حصل من الخطأ بغياب فقه التحوالت ‬

‫عالقة فقه التحوالت بقراءة المرحلة المعاصرة ‬ ‫ضياع األمانات وموقع ذلك من فقه التحوالت ‬

‫كشف فقه التحوالت الشرعي لمرحلة التوسيد ‬

‫‪112‬‬ ‫‪113‬‬ ‫‪114‬‬ ‫‪114‬‬

‫ضياع مبدأ االكتفاء الذاتي في مرحلتنا المعاصرة ‬

‫‪115‬‬

‫دور فقه التحوالت في تصحيح الفهوم الخاطئة عن الخالفة ‬

‫‪116‬‬

‫ثمرات (تداعي األمم) ‬

‫‪116‬‬

‫أهمية فقه التحوالت في ربط الجميع بمرحلتي مكة والمدينة ‬

‫‪116‬‬

‫المدرسة األنوية الوضعية ‬

‫‪117‬‬

‫المدرسة النبوية األبوية الشرعية ‬

‫هذا الفقه يجيب على األسئلة ولكن ال يصنع اإلجابات ‬

‫قه التَّحو ِ‬ ‫فاء في فِ ِ‬ ‫مفهوم الخُ ـ َل ِ‬ ‫الت ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫مفهوم الخلفاء في فقه التحوالت ‬

‫من هم الخلفاء؟ وكم عددهم؟ ‬

‫‪117‬‬ ‫‪117‬‬

‫‪119‬‬ ‫‪119‬‬ ‫‪119‬‬

‫العدالة في فقه التحوالت مقيدة وليست مطلقة ‬

‫‪119‬‬

‫موقف اإلمام الحسن ‪ v‬من الحكم ‬

‫‪120‬‬

‫موقف اإلمام علي ‪ v‬من الخالفة ‬

‫اإلمام الحسين ‪ v‬في خروجه ال يعاب ‬

‫األوس ُط ؟ ‬ ‫َمن هم الن َ​َّم ُط‬ ‫َ‬

‫‪120‬‬ ‫‪121‬‬

‫‪123‬‬

‫من هم النمط األوسط؟ ‬

‫‪123‬‬

‫مقولة اإلمام علي ‪ v‬عن النمط األوسط ‬

‫‪123‬‬

‫رجال النمط األوسط ‬

‫‪124‬‬

‫أهمية معرفة علماء النمط األوسط ‬

‫‪448‬‬

‫‪123‬‬


‫المذاهب اإلسالمية ‬

‫‪124‬‬

‫أهل اإلفراط والتفريط ال يدخلون في مسمى النمط األوسط ‬

‫‪124‬‬

‫المذاهب اإلسالمية لم تول أهل النمط األوسط أهمية ‬

‫‪125‬‬

‫المدارس الخارجة عن النمط األوسط ‬

‫اإلفراط والت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ط األوس ِ‬ ‫ف النَّم ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّفريط ‬ ‫ط ِمن َط َر َف ِي‬ ‫َ‬ ‫مواق ُ َ‬ ‫القدوة واألسوة في سلوك أهل النمط األوسط ‬

‫ملخص مواقف أهل منهج السالمة ‬

‫‪125‬‬

‫‪127‬‬ ‫‪127‬‬ ‫‪127‬‬

‫اإلمام علي ‪ v‬في عهد الخالفة ‬

‫‪128‬‬

‫اإلمام الحسين إمام البيعة ‬

‫‪128‬‬

‫‪128‬‬

‫اإلمام الحسن ‪ v‬إمام القرار ‬

‫ال يحق لمن بعدهم أن يتخذوا اجتهادهم قدوة إلثارة الصراع إال بشروط ‬

‫‪129‬‬

‫أحاديث العلم بالساعة ‬

‫‪130‬‬

‫علماء فقه التحوالت ‬

‫قه التَّحو ِ‬ ‫ع َلماء فِ ِ‬ ‫السا َع ِة ‬ ‫الت‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫وعالمات ّ‬ ‫ُ ُ‬

‫‪130‬‬

‫‪130‬‬

‫الصمت المطبق عن عالمات الساعة وما ترتب على ذلك ‬

‫‪131‬‬

‫مقدمة الداني صاحب كتاب «السنن الواردة في الفتن» ‬

‫‪132‬‬

‫سبب سكوت العلماء عن اإلفصاح بالعالمات ‬

‫‪136‬‬

‫ركنية فقه التحوالت مقولة عمن ال ينطق عن الهوى ‪ m‬وليس اجتهاد العلماء ‬

‫‪137‬‬

‫بدأ الدين غريبا وسيعود غريبا كما بدأ ‬

‫مقدمة البرزنجي لكتابه «اإلشاعة» ‬

‫مقولة لإلمام الشاطبي حول جديد العلم ‬

‫والش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والر ِ‬ ‫عارات ّ‬ ‫موز ِّ‬ ‫ارات ‬ ‫والش‬ ‫موق ُع األمث َلة ُّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّحو ِ ‬ ‫الت‬ ‫واأللوان في فقه الت ُّ‬

‫الرموز واإلشارات سلبية وإيجابية فال تختص بالمسلم وحده ‬

‫السحر والتنجيم والطالسم وقراءة الكف واألبراج علوم سلبية ‬

‫الرمز باألفعى والشمس ‬

‫‪449‬‬

‫‪131‬‬ ‫‪132‬‬ ‫‪137‬‬

‫‪139‬‬

‫‪139‬‬

‫‪139‬‬ ‫‪139‬‬ ‫‪140‬‬


‫رموز العمالت وأعالم الدول والمنظمات ‬

‫‪140‬‬

‫المدرستان األنوية واألبوية لكل منهما لغته ورموزه ‬

‫‪140‬‬

‫رمزية القردة والخنازير على المنبر النبوي ‬

‫‪141‬‬

‫دراسة هذه الرموز من فروع فقه التحوالت ‬

‫رمزية النصر والفتح ‬

‫رمزية الرجل الذي خير بين الدنيا واآلخرة في خطبة النبي ‪ m‬‬

‫‪141‬‬ ‫‪141‬‬ ‫‪142‬‬

‫فقه التحوالت يدرس العالمات واإلشارات في نصوص المعصوم ‪ m‬‬

‫‪142‬‬

‫علم اإلحسان يزيد الفهم الذوقي والوعي اإلشاري ‬

‫‪143‬‬

‫رمزية طول اليد ‬

‫‪142‬‬

‫علم اإلشارة والرمز معركة أبدية بين األخيار واألشرار ‬

‫‪145‬‬

‫وعندنا‪ :‬الغاية تقرر الوسيلة ‬

‫‪145‬‬

‫عندهم ‪ :‬الغاية تبرر الوسيلة ‬

‫‪145‬‬

‫عندهم‪ :‬العقل السليم في الجسم السليم ‬

‫‪145‬‬

‫صليب النصارى ونجمة اليهود شعاران دينيان وسياسيان ‬

‫‪146‬‬

‫وعندنا‪ :‬العقل السليم في القلب السليم ‬

‫بعالمات الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ألركان ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫اعة ‬ ‫العل ِم‬ ‫الجام ُع‬ ‫َّفصيل‬ ‫الت‬ ‫ّ‬ ‫أركان عالمات الساعة ‬

‫االستقراء الزمني هو الذي حدد توسط العالمات ‬ ‫بعثة النبي محمد ‪ m‬عالمة وسطى ‬

‫‪145‬‬

‫‪153‬‬ ‫‪153‬‬ ‫‪154‬‬ ‫‪154‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوسطى ‬ ‫لم اللاّ ِز ُم بالعالمات ُ‬ ‫كن َّ‬ ‫الر ُ‬ ‫األو ُل الع ُ‬ ‫ُّ‬

‫‪154‬‬

‫أهمية التحصين الشرعي للصحابة وما يترتب عليه ‬

‫‪155‬‬

‫َب ْع َث ُة النَّبِ ِّي ‪ m‬‬

‫َم ْو ُت النَّبِ ِّي ‪ m‬‬

‫‪154‬‬ ‫‪157‬‬

‫القدح في معنى الصحبة إما أن يحصل بقول لفظي أو موقف ذاتي ‬ ‫موت النبي ‪ m‬عالمة وسطى ‬

‫المواقف المطلوبة بعد موت النبي ‪ m‬‬

‫‪450‬‬

‫‪157‬‬ ‫‪157‬‬ ‫‪157‬‬


‫الخالفة الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫اشدَ ُة ‬ ‫َّ‬

‫‪159‬‬

‫الخالفة الراشدة عالمة وسطى ‬

‫نصوص عدالة مرحلة الخالفة الراشدة ورد شبه القدح في سالمتها ‬ ‫فتح بين المقدس عالمة وسطى ‬

‫ِ‬ ‫َفتح ب ِ‬ ‫المقد ِ‬ ‫س ‬ ‫يت‬ ‫ُ َ‬ ‫طاعون ِع َ ‬ ‫مواس‬ ‫ُ‬

‫‪159‬‬ ‫‪160‬‬ ‫‪160‬‬

‫‪160‬‬

‫‪161‬‬

‫مقت َُل ُع َم َر بـن الخَ َّط ِ‬ ‫اب ؤ ‬

‫‪161‬‬

‫طاعون عمواس عالمة وسطى ‬

‫‪161‬‬

‫مقتل الخليفة عمر بن الخطاب ‪ v‬عالمة وسطى ‬

‫‪161‬‬

‫تكون أول قرن من الخوارج ‬ ‫وهو اختراق لموقع القرار وبه َّ‬

‫‪162‬‬

‫مقتل الخليفة عثمان ‪ v‬عالمة وسطى ‬

‫موقعة الجمل وصون أم المؤمنين ‪ b‬عالمة وسطى ‬

‫ان ؤ ‬ ‫ثمان بن َع َّف َ‬ ‫َمقت َُل ُع َ‬ ‫ِ‬ ‫الج َم ِ ‬ ‫ل‬ ‫موق َع ُة َ‬

‫‪162‬‬ ‫‪162‬‬

‫‪162‬‬ ‫‪162‬‬

‫خروج عائشة ‪ b‬وموقف اإلمام علي ‪ v‬وأهميته في فقه التحوالت ‬

‫‪163‬‬

‫موقعة صفين عالمة وسطى ‬

‫‪164‬‬

‫خروج عائشة ‪ b‬ال يقدح في عدالتها ‬

‫ِ ِ‬ ‫ين ‬ ‫موق َع ُة ص ِّف َ‬

‫‪164‬‬

‫‪164‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّهروان ‬ ‫ووق َع ُة الن‬ ‫هور‬ ‫الخوارجِ َ‬ ‫ُظ ُ‬

‫‪165‬‬

‫ظهور الخوارج ومقتلة النهروان عالمة وسطى ‬

‫‪165‬‬

‫المدرسة الحرقوصية التميمية ‬

‫‪166‬‬

‫فتنة الخوارج تجاوزت الزمان والمكان ‬ ‫بدء ظهور مدرسة الخوارج ‬

‫االمتداد الطبيعي للمدارس الخارجية حتى يظهر في أعراضهم الدجال ‬

‫موقف اإلمام ‪ v‬من الخوارج في النهروان ‬

‫‪451‬‬

‫‪165‬‬ ‫‪166‬‬ ‫‪166‬‬ ‫‪169‬‬


‫مسمى الحرورية نسبة إلى حروراء ‬

‫تحديد هوية الخوارج على لسان اإلمام علي ‪ v‬‬

‫علي ؤ ‬ ‫مقت َُل اإلما ِم ٍّ‬

‫‪169‬‬ ‫‪170‬‬

‫‪171‬‬

‫مقتل اإلمام علي ‪ v‬عالمة وسطى ‬

‫صلح اإلمام الحسن ‪ v‬عالمة وسطى ‬

‫علي ‪ c‬‬ ‫لح اإلما ِم َ‬ ‫ُص ُ‬ ‫الح َس ِن بن ٍّ‬

‫ملك بني أمية عالمة وسطى ‬ ‫رؤيا النبي ‪ m‬للقردة والخنازير تتنزى على منبره ‬

‫ُم ُ‬ ‫لك بني ُأ َم َّي َة ‬

‫ين ِ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫لي ‪ c‬‬ ‫َمقت َُل اإلما ِم ُ‬ ‫بن َع ٍّ‬ ‫مقتل اإلمام الحسين بن علي ؤ ‬ ‫وقعة الحرة عالمة وسطى ‬

‫‪171‬‬ ‫‪172‬‬

‫‪172‬‬

‫‪174‬‬ ‫‪174‬‬

‫‪174‬‬ ‫‪175‬‬ ‫‪175‬‬

‫‪176‬‬

‫الح َّر ِة ‬ ‫َوق َع ُة َ‬ ‫فِتنَ ُة ِ‬ ‫ابن ال ُّز َب ِ ‬ ‫ير‬

‫‪176‬‬

‫‪177‬‬

‫فتنة ابن الزبير ومقتله عالمة وسطى ‬

‫خالفة عمر بن عبدالعزيز ‪ v‬عالمة وسطى ‬

‫ِخال َف ُة عمر بن ِ‬ ‫ِ‬ ‫العزيز ‬ ‫عبد‬ ‫ُ َ​َ‬

‫ُم ُ‬ ‫لك بني ال َع َّباس ‬

‫‪177‬‬ ‫‪178‬‬

‫‪178‬‬

‫‪179‬‬

‫‪179‬‬

‫ملك بني العباس عالمة وسطى ‬

‫‪182‬‬

‫مناقشة لمعاني (الملك العضوض) ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضوض ‬ ‫الملكِـ ال َع‬ ‫أقسا ُم مرحلة ُ‬

‫‪182‬‬

‫حديث (األئمة بعدي اثناعشر كلهم من قريش) ‬

‫‪185‬‬

‫مرحلة الهرج واالنفصام ‬

‫‪186‬‬

‫تحديد األمراء االثني عشر ومراحلهم ‬

‫‪452‬‬

‫‪186‬‬


‫مرحلة المهدي مستقلة بذاتها عن مدلول مرحلة األمراء االثني عشر ‬

‫‪188‬‬

‫سقوط قرار الخالفة على يد التتار عالمة وسطى ‬

‫‪189‬‬

‫مبتدأ مرحلة الهرج المنصوص عليه بالهجمات المغولية والصليبية ‬ ‫أحاديث الفتن ‬

‫فتح القسطنطينية عالمة وسطى ‬

‫‪188‬‬ ‫‪191‬‬ ‫‪192‬‬

‫ِش َع ُار الدُّ ْو َل ِة ال َعلِ َّي ِة ال ُع ْث َمانِ َّي ِة ‬

‫‪198‬‬

‫عوامل الضعف واالنهيار لبني عثمان ‬

‫بدء ظهور العلمنة‪ :‬إفراط المسلمين في االنبهار بعلمانية الغرب ‬

‫‪203‬‬ ‫‪203‬‬

‫بدء ظهور العلمانية وفصل الدين عن الدولة مع سقوط القرار اإلسالمي ‬

‫‪203‬‬

‫وسد األمر إلى غَير أهله ‬ ‫إذا ِّ‬

‫‪210‬‬

‫نبذة عن السلطان عبدالحميد الثاني ‬

‫واق ِع فِ ِ‬ ‫والوهن من ِ‬ ‫مرحلة الغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التحوالت ‬ ‫قه‬ ‫ُثاء‬ ‫ِقراء ُة‬ ‫ُّ‬

‫الضب ‬ ‫مرحلة السير اإلجباري نحو ُجحر‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يفتح آفا ًقا جديد ًة في قراءة التاريخِ ‬ ‫فِق ُه‬ ‫التحوالت ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫ِغياب ِ‬ ‫المترسمين على المص ِّلين ‬ ‫جر َأ‬ ‫الشرعي‬ ‫قه‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫للتحوالت َّ‬ ‫ِّ‬ ‫الغثائية من حديث ثوبان ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ‬ ‫المريض‬ ‫الرج ِل‬ ‫مرحل ُة‬ ‫األحالس والمؤامر ُة على ِتركة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُغالي ‬ ‫بدء‬ ‫الغزو ال ُبرت ِّ‬ ‫ُ‬

‫للمرحلة الغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُثائية ‬ ‫الشرعي‬ ‫التقسيم‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫معنى الحلس ‬

‫‪204‬‬

‫‪210‬‬ ‫‪211‬‬

‫‪211‬‬

‫‪212‬‬

‫‪212‬‬ ‫‪214‬‬

‫‪214‬‬

‫‪214‬‬ ‫‪215‬‬

‫حملة نابليون‪ ،‬المسألة الشرقية ‪،‬سايكس بيكو‪،‬كلها تحوالت ذات طابع تآمري ‬

‫‪215‬‬

‫مرحلة فتنة السراء ‬

‫‪217‬‬

‫وثائق المراحل مرجع بحثي هام ‬

‫تفسير السهارنفوري لفتنة السراء ‬

‫تجاوزنا تفسيرنا الذي قدمناه في «التليد والطارف» ‬

‫موقف الشارع الحجازي والحالة السائدة آنذاك في مكة وجدة ‬

‫‪453‬‬

‫‪216‬‬ ‫‪218‬‬ ‫‪218‬‬

‫‪219‬‬


‫مؤلف كتاب «لورنس كما عرفته» وقائد جيش الثوار العرب يصف الوضع القائم ‬

‫‪220‬‬

‫بدء البحث في مسألة الخالفة بدأ بعد عزل السلطان عبدالحميد ‪ 1909‬‬

‫‪222‬‬

‫ويضاف لذلك انعدام بعد النظر لدى القادة والعلماء آنذاك ‬

‫‪223‬‬

‫رفض الشريف إلعالن الجهاد من منبر الحرم كان بداية تأزم العالقة مع االتحاديين ‪222‬‬

‫السياسة العالمية أكثر استثمارا للصراع من رؤى شيوخ العشائر ‬

‫‪223‬‬ ‫‪224‬‬

‫السذاجة السياسية لحملة قرار الحكم والعلم مكنت األعداء من النجاح ‬ ‫المسلِمين ‬ ‫معاهدات الحماية وتَدَ ُّخل الكفر في بِالد ُ‬

‫‪224‬‬

‫شيخ اإلسالم مصطفى صبري وكتابه «الرد على منكري النعمة» ‬

‫‪229‬‬

‫العبارات المعسولة في المراسالت مع الهدايا وعرابين الصداقة هي شباك الخداع ‪225‬‬ ‫عدلت بريطانيا مواقفها تجاه الحسين والعرب عدة مرات بحسب مصالحها ‬

‫‪230‬‬

‫فكرة الخالفة العربي فكرة فرنسية‪ ،‬كان المرجو منها خلق بابوية إسالمية ‬

‫‪231‬‬

‫الشيخ رشيد رضا يخطب في مكة بتأييد الشريف حسين ‬

‫‪233‬‬

‫تأمل العبارات التي تحمل العاطفة الدينية من سياسي أوروبي ‬ ‫علماء الشام وفتواهم ضد ثورة الحسين ‬

‫الشريف ينصب نفسه ملكا لمملكة عربية ومرجعا دينيا للمسلمين ‬ ‫الملك حسين يلقب نفسه بأمير المؤمنين ‬

‫‪230‬‬ ‫‪232‬‬ ‫‪233‬‬ ‫‪234‬‬

‫بروز مصطفى كمال أتاتورك كبطل قومي في مقاومة الحلفاء الذين احتلوا اسطنبول ‪234‬‬

‫أحمد شوقي يمتدح أتاورك في قصيدة له ‬

‫‪235‬‬

‫الخليفة عبدالمجيد الثاني ينتخب بال سلطة حقيقية ‬

‫‪235‬‬

‫حديث التمايز والتمايل والمعامع ‬

‫‪237‬‬

‫الخليفة المخلوع يغادر إلى مكة ثم إلى سويسرا ‬ ‫تداعي األمم أكلة القصعة على ثروات األُ َّمة ‬ ‫سقوط ِ‬ ‫الخالفة وبدء العهد العلماني ‬

‫‪236‬‬ ‫‪238‬‬

‫‪239‬‬

‫مؤتمرات األعداء ضد القرار اإلسالمي ‬ ‫المكاسب االستعمارية بسقوط ِ‬ ‫الخالفة ‬

‫‪240‬‬

‫فتنة الدُّ َهيماء عالمة صغرى في مرحلة الغثاء ‬

‫‪244‬‬

‫امتداد العلمانية باالستعمار ‬

‫تحول القضية اإلسالمية إلى أطماع قومية إقليمية ‬

‫‪454‬‬

‫‪240‬‬ ‫‪242‬‬

‫‪244‬‬


‫فِتن ُة الدُّ ه ِ‬ ‫يماء ‪ ..‬مرحل ُة االستِ ِ‬ ‫هتار ‬ ‫َ‬

‫صراع القوتين‪ :‬الشرق الشيوعي والغرب الرأسمالي ‬

‫ِ‬ ‫اء ’‬ ‫البكماء‬ ‫‘العمياء‬ ‫الفتن ُة الرابع ُة‬ ‫َّ‬ ‫الصم ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫االستثمار’ ‪‘ -‬األلف َّي ُة الثالث ُة’ ‬ ‫‘مرحل ُة‬

‫الفتنة الرابعة التي يؤول أمر األُ َّمة فِيها إلى الكافر ‬

‫‪244‬‬ ‫‪245‬‬

‫‪247‬‬

‫‪247‬‬

‫‪247‬‬

‫أحداث ‪ 11‬سبتمبر تمثل إلى حدٍّ ما بدء (مرحلة الفتنة الرابعة) ‬

‫‪247‬‬

‫مفهوم الحديث‪ :‬يؤول أمر األُ َّمة إلى الكافر ‬

‫‪249‬‬

‫جبل الذهب واالقتتال عليه ‬

‫التدخل الكافر في سياسة اإلسالم ونقض العرى ‬

‫‪248‬‬ ‫‪249‬‬

‫ظاهرة الهجرة إلى العواصم وترك العمل الحرفي الزراعي ‬ ‫قلق مس َّي ٌس من تدخالت الكافر في األُ َّمة ‬ ‫الغالء في األسعار ٌ‬

‫‪250‬‬

‫كثرة القراء وقلة الفقهاء ‬

‫‪250‬‬

‫أسباب االنحدار الشرعي في الفتنة الرابعة ‬

‫‪249‬‬ ‫‪250‬‬

‫كثرة االقتتال والصراع الدموي ‬

‫‪250‬‬

‫العدالة من مبادئ اإلسالم وال عالقة للكفر بذلك ‬ ‫ظاهرة التخلي عن تفسير اآليات القرآنية لِما فِيها من إدانة للكفار ‬

‫‪251‬‬

‫مؤتمرات الحوار واالستثمار ‬

‫خطر الثقافات الغازية على التركيب اإلسالمي الموجه ‬

‫المرحلة الغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مالحظ ٌة على ِ‬ ‫هام ِ‬ ‫ُثائية ‬ ‫ش‬

‫دراسة الركن الرابع تمنع الزج بالشعوب في سبيل المطالبة بالقرار ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصغرى ‬ ‫المط َل ُق بِالعالمات ُّ‬ ‫ُ‬ ‫لم ُ‬ ‫الركن الثاني الع ُ‬ ‫ِ‬ ‫الصبيان ‬ ‫إمار ُة‬ ‫إمارة الصبيان ‬

‫‪251‬‬ ‫‪251‬‬ ‫‪251‬‬

‫‪253‬‬ ‫‪253‬‬

‫‪257‬‬ ‫‪257‬‬ ‫‪257‬‬

‫عالمة صغرى ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫غناء ِ‬ ‫الصدقة ‬ ‫عن‬ ‫استفاض ُة المال واالست ُ‬ ‫‪455‬‬

‫‪257‬‬

‫‪259‬‬


‫استفاضة المال واالستغناء عن الصدقة ‬

‫‪259‬‬

‫الصدقات من األموال المشبوهة ‬

‫‪260‬‬

‫‪259‬‬

‫االستغناء عن الصدقة له عدة معان ‬

‫‪260‬‬

‫سقوط قيمة العملة ‬

‫‪260‬‬

‫استتباع سنن األمم الماضية ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تباع ُس ِ‬ ‫الماضية ‬ ‫نن األُم ِم‬ ‫است ُ‬

‫‪260‬‬

‫التقليد األعمى للعالم اآلخر ‬

‫‪261‬‬

‫ضياع األمانة ‬

‫‪262‬‬

‫‪261‬‬

‫نماذج االستتباع ‬

‫‪262‬‬

‫تقبيل كأس كرة القدم ‬

‫نقض أمانتي الحكم والعلم ‬

‫‪262‬‬

‫حديث «فال يكاد أحدهم يؤدي األمانة ‪ »...‬‬

‫‪263‬‬

‫معاني قبض العلم ‬

‫‪264‬‬

‫ِ‬ ‫األمانة ‬ ‫ضياع‬ ‫ُ‬

‫قبض العلم وظهور الجهل ‬

‫قبض ِ‬ ‫العل ِم و ُظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الجهل ‬ ‫هور‬

‫‪262‬‬ ‫‪264‬‬

‫‪264‬‬

‫انقباض ‪ /‬قبض العلماء ‬

‫‪265‬‬

‫أشكال من نقض العرى في مسيرة التاريخ ‬

‫‪266‬‬

‫ظهور مدعي النبوة ‬

‫‪267‬‬

‫هور ُمدَّ عي الن َُّّبو ِة ‬ ‫ُظ ُ‬

‫مسيلمة الكذاب واألسود العنسي ‬

‫‪267‬‬ ‫‪267‬‬

‫سبعة وعشرون دجاال منهم أربعة نسوة ‬

‫‪268‬‬

‫الحارث الكذاب ‬

‫‪268‬‬

‫مدعو المهدية المعاصرون ‬

‫‪269‬‬

‫‪268‬‬

‫المختار الثقفي ‬

‫‪269‬‬

‫أحمد القادياني ‬

‫‪456‬‬


‫ين وظائف الدجاجلة واألعور الدجال ‬ ‫الربط َب َ‬

‫‪269‬‬

‫قتال التتار في أواخر العصر العباسي ‬

‫‪270‬‬

‫قتال التُّرك والعجم ‬

‫‪270‬‬

‫قتال التُّرك على حرب الماء وكنز الذهب ‬

‫‪271‬‬

‫كثرة القتل ‬ ‫ِ‬ ‫كثرة الهرج حتَّى ال يدري القاتل فيم َقت َ​َل وال المقتول فيم ُقت َل؟ ‬

‫‪273‬‬

‫ِ‬ ‫القتل ‬ ‫كثر ُة‬

‫استباحة القرامطة لحجاج الحرم عام ‪ 317‬هـ ‬

‫ِ‬ ‫المساج ِد والتباهي بها ‬ ‫زخرف ُة‬

‫حصاد الحروب العالمية لآلالف من البشر ‬

‫‪273‬‬ ‫‪274‬‬

‫‪274‬‬

‫‪275‬‬ ‫‪275‬‬

‫حروب الثورة العربية المزعومة ضد األتراك والحروب القبلية والحزبية ‬

‫‪275‬‬

‫زخرفة المساجد والتباهي بها ‬

‫‪275‬‬

‫الحروب الطائفية ‬

‫‪275‬‬

‫ظاهرة تسامح بعض العلماء في زخرفة المساجد ‬

‫‪276‬‬

‫بيع الحكم ‬

‫‪278‬‬

‫بناء المساجد للزينة في المنتزهات ‬ ‫عالمة صغرى ‬

‫‪276‬‬ ‫‪278‬‬

‫والف ِ‬ ‫يماء ِ‬ ‫العالمات الصغرى في مرحلت َِي الدُّ ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عة ‪278‬‬ ‫تنة الرابِ ِ ‬ ‫نماذ ُج ِم َن‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫الحك ِم ‬ ‫يع ُ‬ ‫َب ُ‬

‫‪278‬‬

‫الشر ِ‬ ‫ط ‬ ‫كثر ُة ُّ َ‬ ‫قطيع ُة ِ‬ ‫الرح ِ م‬

‫‪278‬‬

‫الزمان ِ‬ ‫يكون في ِ‬ ‫ِ‬ ‫مزامير ‬ ‫رآن‬ ‫آخ ِر‬ ‫نشء‬ ‫يتخ ُذ ال ُق َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫قطيعة الرحم ‬

‫عالمة صغرى ‬

‫‪279‬‬ ‫‪279‬‬ ‫‪279‬‬ ‫‪279‬‬ ‫‪279‬‬

‫نشء القرآن بأصوات المزامير ‬

‫‪457‬‬


‫‪279‬‬

‫عالمة صغرى ‬

‫الجرأة في الفتوى ‬

‫‪280‬‬

‫الجرأ ُة في الفتوى ‬ ‫ُ‬

‫‪280‬‬

‫‪280‬‬

‫عالمة صغرى ‬

‫‪281‬‬

‫ظاهرة الفتوى إلرضاء الساسة ‬

‫ظاهرة الفتوى في تحريف معاني القرآن ‬

‫‪281‬‬

‫ظاهرة التجمل باأللسنة في الحديث وإخفاء الخديعة في القلوب ‬ ‫الفتنة التي تصاب بها األُ َّمة ثمرة المخادعة ‬

‫‪282‬‬

‫عالمة صغرى ‬

‫‪282‬‬

‫العودة إلى الشرك ‬

‫وع ِ‬ ‫الشرك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األوثان ‬ ‫بادة‬ ‫ال َعو ُد إلى‬

‫‪282‬‬ ‫‪282‬‬

‫‪282‬‬

‫ظاهرة تهمة الشرك على زوار القبور ‬

‫‪283‬‬

‫فقه التحوالت ال يشير في العالمات إلى تجديد التوحيد في مرحلة الغثاء ‬

‫‪283‬‬

‫تصحيح فتنة التشريك للمسلمين ‬

‫‪287‬‬

‫ظاهرتا اإلفراط والتفريط هما المسؤولتان عن الصراع العقدي ‬ ‫وجوب رد تهمة الشرك عن األمة ‬

‫‪286‬‬ ‫‪287‬‬

‫األول ‬ ‫مرحلة الشرك الجاهلي َّ‬

‫مرحلة العودة إلى الجاهلية ‬ ‫ِ‬ ‫المرحلة الثانية بعد موت عيسى ع َليه السالم ‬

‫‪287‬‬

‫‪287‬‬ ‫‪288‬‬

‫ظاهرة االستتباع للمشركين في آخر الزمان ‬ ‫علة األُ َّمة ‪ :‬اإلفراط والتفريط ‬

‫‪290‬‬

‫وسائل الفحش عالمة صغرى ‬

‫‪292‬‬

‫تحولت محبة األولياء إلى حرب عقدية ‬

‫‪289‬‬ ‫‪291‬‬

‫دور األجهزة اإلعالمية في إظهار الفحش والتفحش ‬

‫‪292‬‬

‫من ظواهر الفحش ما يباع ويشاع في األفالم والمالبس ‬

‫‪293‬‬

‫ِ‬ ‫ووسائل ال ُف ِ‬ ‫ُ‬ ‫حش ‬ ‫األجهز ُة اإلعالمي ُة‬

‫من ظواهر الفحش مشاركة الجيل في األندية المختلطة ‬

‫‪458‬‬

‫‪292‬‬ ‫‪293‬‬


‫ِ‬ ‫الخمر واستِحاللِها ‬ ‫شرب‬ ‫ُ‬

‫‪295‬‬

‫شرب الخمر واستحاللها عالمة صغرى ‬ ‫ِ‬ ‫المسلمين ‬ ‫ظاهرة تغيير اسم الخمر وشربها َب َ‬ ‫ين ُ‬

‫‪295‬‬

‫إسقاط الحدود الشرعية تبعا لرغبة جمعيات حقوق اإلنسان ‬

‫‪296‬‬

‫تعظيم أرباب األعمال ورجال المال عالمة صغرى ‬

‫‪297‬‬

‫رفض تعظيم األولياء وأهل األحوال أدى إلى تعظيم رجال المال واألعمال ‬

‫‪298‬‬

‫ظهور المعازف واستحاللها عالمة صغرى ‬

‫‪299‬‬

‫ترويج المخدرات ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المال ‬ ‫رب‬ ‫ظاهر ُة تعظي ِم ِّ‬

‫تداخل العالمات المؤدية إلى تعظيم رب المال ‬

‫المعاز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف واستِحال ُلها ‬ ‫هور‬ ‫ُظ ُ‬

‫‪295‬‬

‫‪296‬‬

‫‪297‬‬ ‫‪297‬‬

‫‪299‬‬

‫بناء المؤسسات الثقافية المخصصة للفنون ‬

‫‪299‬‬

‫مظاهر الفن ومخرجات األفالم والمسارح ‬ ‫حديث المسخ في األُ َّمة الستحالل الحر والحرير والخمر والمعاز ‬ ‫ف‬

‫‪300‬‬

‫تشجيع الفن وتكريم الفنانين ‬

‫الفنون الشعبية المنظمة ال تدخل في المحظور ‬

‫التطاول في ال ُب ِ‬ ‫ُ‬ ‫نيان ‬

‫التطاول في البنيان عالمة صغرى ‬

‫االستثمارات العربية الخيالية وصرفها في أبنية األبراج ‬

‫الحديث يخص العرب في ذم التطاول ‬

‫كثر ُة الت ِ‬ ‫ِّجارة ‬

‫‪299‬‬ ‫‪300‬‬ ‫‪300‬‬

‫‪301‬‬ ‫‪301‬‬ ‫‪301‬‬ ‫‪302‬‬

‫‪303‬‬ ‫‪303‬‬

‫كثرة التجارة ‬

‫مشاركة المرأة لزوجها في التجارة ‬

‫‪303‬‬

‫ظهور الربا عالمة صغرى ‬

‫‪304‬‬

‫‪304‬‬

‫التنافس على الدنيا ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والشراكات االقتِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫المشبوهة ‬ ‫صادية‬ ‫الربا‬ ‫هور فتنة ِّ‬ ‫ُظ ُ‬ ‫‪459‬‬

‫‪304‬‬


‫هيمنة المدرسة الربوية على االقتصاد العربي واإلسالمي دراسة وتجارة ‬

‫‪305‬‬

‫بدأ عهد االستعمار بترويض الشعوب المسلمة على قبول المعامالت الربوية ‬ ‫المسلِمين في وضع قواعد الربا البنكي ‬ ‫دور الغثائيين من ُ‬ ‫انتشار المصارف المتعاملة بالربا ‬

‫‪306‬‬

‫عالقة التطرف واإلرهاب بالربا والمعامالت المشبوهة ‬

‫‪307‬‬

‫خطر الربا على الحياة اإلسالمية ووصف القرآن آلكل الربا ‬ ‫الربا جزء من الكفر ‬

‫فقه التحوالت ووضعه الدواء موضع الداء ‬

‫‪305‬‬ ‫‪305‬‬ ‫‪306‬‬ ‫‪307‬‬ ‫‪307‬‬

‫فتن المشرق عالمة صغرى ‬ ‫الجهات التي ظهرت ِمنها الفتن عبر التاري ‬ ‫خ‬

‫‪308‬‬

‫أحاديث فتن المشرق ‬

‫‪309‬‬

‫ُظهور ِ‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫المشر ِق ‬ ‫تن ِم َن‬ ‫ُ‬

‫‪308‬‬

‫‪308‬‬

‫رواية فتن المشرق بالمفرد والمثنى ‪ «:‬قرن‪/‬قرنا الشيطان » ‬

‫‪310‬‬

‫تحليل « قرنا الشيطان » بألف التثنية ‬ ‫ِ‬ ‫المسلمين ‬ ‫المعنى ال ينطبق على الرعايا وعموم ُ‬

‫‪311‬‬

‫‪312‬‬

‫اعتناء العلماء بفتن المشرق العامة والخاصة ‬

‫‪313‬‬

‫انتشار الفتنة في البالد العربية واإلسالمية وتغلغلها في دماء الشعوب ‬

‫‪314‬‬

‫تحديد األحاديث جهة المشرق بربيعة ومضر ‬

‫أحاديث متنوعة عن قرن المشرق ‬ ‫فتنة الخوارج ‬

‫‪310‬‬

‫‪312‬‬ ‫‪313‬‬

‫ظاهرة انتشار الفتنة المعادلة للخوارج تحت مسمى حب آل البيت ‬ ‫وجوب المبادرة باألعمال ِعند ظهور الفتن ‬

‫‪315‬‬

‫العزلة عن الناس أو الجهاد ال يشمل نماذج فلسطين وما شابهها ‬

‫‪316‬‬

‫ظاهرة الزنا عالمة صغرى ‬

‫‪317‬‬

‫أفضل الناس في الفتن من يعتزل الناس ‬

‫هور الزِّنا ‬ ‫ُظ ُ‬

‫انحدار األخالق في مرحلة االستعمار ‬

‫‪314‬‬ ‫‪315‬‬

‫‪317‬‬ ‫‪317‬‬

‫‪460‬‬


‫بروز جيل الكاسيات العاريات ‬

‫‪318‬‬

‫ارتباط المخرجات الثقافية في العالم العربي واإلسالمي بالعالم اآلخر ‬

‫‪318‬‬

‫مستقبل االنحدار الخلقي في العالم اإلسالمي ‬

‫‪319‬‬

‫منظمات الوقاية من األمراض الجنسية ودورها في نشر الفساد ‬

‫خطورة ما يدور خلف الكواليس في المسارح واألندية وغيرها ‬ ‫نقض عرى اإلسالم واإليمان عروة عروة ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األسالف ‬ ‫األمراض التي لم تك ُْن في‬ ‫هور‬ ‫ُظ ُ‬

‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫واإليمان ‬ ‫نقض ُعرى اإلسال ِم‬

‫بداية النقض في العهد األموي وما تاله ‬

‫نقض الحكم والعلم في مرحلة االستعمار ‬

‫نماذج النقض في العالم العربي واإلسالمي ‬

‫استمرار نماذج النقض في اللعبة المشتركة إلى اليوم ‬

‫‪318‬‬ ‫‪319‬‬ ‫‪320‬‬

‫‪320‬‬ ‫‪320‬‬ ‫‪321‬‬ ‫‪321‬‬ ‫‪321‬‬ ‫‪322‬‬

‫تتصور الرموز ورجاالت العلم والثقافة « النخبة » قدرتها على تطوير األُ َّمة ‬

‫‪322‬‬

‫مرحلة التداعي والوهن ودورها في النقض ‬

‫‪323‬‬

‫الضحايا من الشعوب المشاركين في برامج االحتواء وااللتواء ‬

‫‪323‬‬

‫شعارات الكتاب والسنة كظاهرة من ظواهر النقض ‬ ‫ال أمل في نجاح البرامج المطروحة حاليا إلنقاذ األُ َّمة ‬

‫‪324‬‬

‫طلب الملك والحمية سبب في فناء بعض الشعوب ‬

‫‪324‬‬

‫فناء بعض الشعوب عالمة صغرى ‬

‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ُّ‬ ‫والقبائل ‬ ‫عوب‬ ‫فناء‬ ‫ُ‬ ‫الج ِ‬ ‫ظاهر ُة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ترك ِ‬ ‫ِ‬ ‫سبيل ال َّل ِه ‘رسم ًيا’ وبقائه ‘شعب ًيا’ ‬ ‫هاد في‬ ‫نموذج آخر للجهاد‪ ..‬الجهاد بالكلمة ‬

‫شعار هذا الجهاد «كلمة حق عند سلطان جائر» ‬

‫الطائفة المنصورة عالمة صغرى ‬

‫‪323‬‬ ‫‪324‬‬

‫‪324‬‬

‫‪326‬‬ ‫‪327‬‬ ‫‪327‬‬ ‫‪328‬‬

‫سبيل ال َّل ِه «حص ِريا» إلى يو ِم ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫بقاء ِ‬ ‫ِ‬ ‫يامة ‪328‬‬ ‫الق ِ ‬ ‫هاد في‬ ‫َ ْ ًّ‬ ‫الطائف ُة المنصورةُ‪ُ ..‬‬ ‫‪329‬‬

‫أحاديث الطائفة المنصورة ‬

‫‪461‬‬


‫اإلشارة إلى اإلسالم ووجود الطائفة المنصورة بها ‬

‫الج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذكر ِ‬ ‫دون ِ‬ ‫ُ‬ ‫هاد ‬ ‫الجامع ُة لمفهو ِم‬ ‫األحاديث‬ ‫البقاء على ِّ‬ ‫الحق َ‬ ‫أحاديث الطائفة المنصورة تشير إلى بقاء الجهاد إلى يوم القيامة ‬

‫الطائفة المنصورة ال تنتمي إلى َدولة أو جماعة أو حزب ‬

‫ِ‬ ‫التعام ِل بالنقدَ ين ‬ ‫فاء‬ ‫ُ‬ ‫اخت ُ‬

‫توقف الجزية والخراج ‪/‬سقوط دولة الخالفة ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُح ُ‬ ‫وهالك بعض البِ ِ ‬ ‫الد‬ ‫والخسف‬ ‫الزالز ِل‬ ‫صول‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب ِم ْن ِس َوى كِت ِ‬ ‫َاب ال ّٰل ِه َع َّز َو َج َّل ‬ ‫ق َر َاء ُة َما اكْـتُت َ‬

‫‪329‬‬

‫‪330‬‬ ‫‪331‬‬ ‫‪331‬‬

‫‪332‬‬

‫‪335‬‬ ‫‪337‬‬ ‫‪341‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫الصغرى ‬ ‫عرض عا ٌّم لبق َّية ال َعالمات ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الساعة ‪347‬‬ ‫ِ ‬ ‫العالمات إلى ِقيا ِم‬ ‫الجام ُع لِ َس ِير‬ ‫الشرعي‬ ‫الزمني‬ ‫التسلس ُل‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫تنة الرابِ ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫ما بعدَ ِ‬ ‫عة‪ ..‬مرحل ُة االستِ ِ‬ ‫‪349‬‬ ‫نفار ‬ ‫‪344‬‬

‫فشل االقتصاد وامتداد سياسة التجويع والتطبيع والتشريك والتبديع ‬

‫‪349‬‬

‫المرحلة السفيانية حروب وفتن ودماء ‬

‫‪350‬‬

‫ين الشعوب ورواد الفوضى الخالقة ‬ ‫االصطدام المباشر َب َ‬

‫السفياني ُة ‬ ‫المرحل ُة ُّ‬

‫‪350‬‬

‫‪350‬‬

‫السفياني يقتل العلماء أو يستفيد ِمنهم في تنفيذ سياسته ‬

‫‪351‬‬

‫شخصيات قيادية متنازعة ‬

‫‪352‬‬

‫عالمات كونية وظواهر مناخية ‬

‫الرايات السود والصفر رموز لقوى محلية واعدة ‬

‫ازدياد األذى آلل البيت بعمومهم حسب االنتماء لبني هاشم ‬ ‫ين مكَّة والمدينة ‬ ‫الجيش الذي يخسف بِه َب َ‬

‫راش ٍ‬ ‫الفة ِ‬ ‫قبل اإلما ِم المهدي‪ ..‬وهل يسبِ ُقها ِقيام ِخ ٍ‬ ‫مرحل ُة ما َ‬ ‫دة ؟ ‬ ‫َْ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫مرحلة ما قبل اإلمام المهدي ‬ ‫ِ‬ ‫الخالفة الراشدة بشروطها ال تكون إلاَّ بالمهد ‬ ‫ي‬

‫‪462‬‬

‫‪351‬‬

‫‪352‬‬ ‫‪352‬‬ ‫‪352‬‬

‫‪353‬‬ ‫‪353‬‬ ‫‪353‬‬


‫بعض التحريف في معاني األحاديث سببه عدم دراسة فقه التحوالت ‬

‫‪354‬‬

‫أسباب ُخروج الدجال ‬

‫‪356‬‬

‫استمرار الجهاد في سبيل الله في عصر المهدي ‬ ‫األمر بيد الله‪ ..‬وال تسييس للطائفة المنصورة ‬ ‫تعليالت غَير صحيحة البد من اإلجابة ع َليها ‬

‫موقف المسلم المستبصر من الفتن وأئمتها المضلين ‬ ‫حديث العالمات الكبرى ‬ ‫ترتيب اآليات والظواهر ‬

‫ِ‬ ‫الركـن الثالِ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب بِ‬ ‫العالمات الكُـبرى ‬ ‫لم‬ ‫الواج ُ‬ ‫ث الع ُ‬ ‫ُّ‬ ‫العالمات الكبرى قسمان ‬

‫اإلمام المهدي أول العالمات الكبرى ‬

‫الم َّ‬ ‫بش ِر بِه ’ ‬ ‫المرحل ُة المهدي ُة ‘‬ ‫ُّ‬ ‫المهدي ُ‬ ‫المرحلة المهدية‪ ..‬استقرار ‪ ،‬سالم ‪ ،‬تنمية‪ ..‬‬

‫‪355‬‬ ‫‪359‬‬ ‫‪359‬‬

‫‪361‬‬ ‫‪366‬‬ ‫‪366‬‬

‫‪366‬‬ ‫‪367‬‬ ‫‪367‬‬

‫‪369‬‬ ‫‪369‬‬

‫ين العلماء حول شخصية المهدي وظهوره ‬ ‫وحكمة االختالف َب َ‬

‫‪369‬‬

‫اإلحباط النفسي لدى الصالحين قبل المهدي ‬

‫‪370‬‬

‫تغير األحوال قبيل مرحلة المهدي ‬

‫‪370‬‬

‫صيحة في رمضان عالمة كونية قبل ظهور اإلمام ‬

‫‪370‬‬

‫وجوب التحري في نصرة الرايات لتشابه الظواهر ‬

‫‪371‬‬

‫انقطاع الربا واالقتصاد الرأسمالي ‬

‫‪372‬‬

‫الرايات السود من خراسان ‬

‫مهمات المهدي وسياسته العلمية والعملية ‬

‫‪371‬‬ ‫‪371‬‬

‫شك بعض العلماء المذهبيين في حقيقة اإلمام ‬

‫‪372‬‬

‫مع السيفاني ومهادنة الروم ‬ ‫معارك اإلمام َ‬

‫‪373‬‬

‫انتصار اإلمام على َدولة الكفر والصليب وأخذ كنوزهم ‬

‫‪374‬‬

‫ظهور البركة في المنتجات المحلية ‬ ‫انتقاض العرى وبدء الحروب ‬

‫‪463‬‬

‫‪373‬‬ ‫‪374‬‬


‫ِ‬ ‫المهدية ‬ ‫المرحل ُة الثاني ُة ِم َن‬

‫المرحلة الدجالية وموقع الدجال من عالمات الساعة ‬

‫المرحل ُة الدَّ َّجالي ُة ‪ُ :‬ظهور المسيخِ الدَّ َّج ِ‬ ‫ال ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نِهاي ُة الدَّ َّج ِ‬ ‫اليهود ‬ ‫ودولة‬ ‫ال‬ ‫بابن صي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اد ‬ ‫اشتبا ُه الدَّ َّجال ِ َّ‬ ‫الح ِ‬ ‫وسائل ِ‬ ‫ُ‬ ‫فظ ِم َن الدَّ َّج ِ ‬ ‫ال‬

‫المرحل ُة العيسوي ُة ‬

‫أهم ظواهر مرحلة عيسى ش ‬

‫‪374‬‬ ‫‪376‬‬

‫‪376‬‬

‫‪388‬‬

‫‪389‬‬

‫‪390‬‬

‫‪391‬‬

‫‪396‬‬

‫‪398‬‬

‫يأجوج ومأجوج لغز من الغاز القرآن ‬

‫اليأجوج َّي ُة ‬ ‫المرحل ُة ُ‬

‫‪398‬‬

‫شرطنا في قبول البحوث العلمية عن العالمات ‬

‫‪399‬‬

‫دول قارة الخيل وعالقتها بالمرحلة اليأجوجية ‬

‫‪401‬‬

‫متابعة مختصرة للدراسة الميدانية الجديدة ‬

‫‪399‬‬

‫كتب غَير إسالمية مرحلة عدوانية يتحكم فِيها الشيطان ‬ ‫اليأجوجية في َ‬

‫‪401‬‬

‫السدّ موجو ٌد في القوقاز (جورجيا) ‬ ‫ٌ‬ ‫رأي آخر‪ّ :‬‬

‫‪403‬‬

‫المرحلة اليأجوجية في اإلنجيل ‬

‫‪402‬‬

‫ذكرنا هنا اختالف الباحثين لمجرد االستئناس ‬

‫‪403‬‬

‫الطغيان اليأجوجي قبل نهايتهم الحتمية ‬

‫‪404‬‬

‫يأجوج ومأجوج يكتسحون العالم العربي ‬

‫‪403‬‬

‫عيسى ش والمؤمنون يرغبون إلى الله في إهالك قوم يأجوج ومأجوج ‬

‫‪405‬‬

‫موت عيسى ش بالمدينة المنورة ودفنه بالحجرة الشريفة ‬

‫‪406‬‬

‫ين هالك يأجوج ومأجوج وموت عيسى ش ‬ ‫ما َب َ‬

‫المناس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك ‬ ‫ِرحل ُة عيسى ِم َن الشا ِم إلى‬ ‫والم ْق َعد ‬ ‫القحطاني َ‬ ‫والج ْهجاه ُ‬

‫‪464‬‬

‫‪405‬‬

‫‪406‬‬ ‫‪408‬‬


‫ِ‬ ‫مرحلة المنت َظ ِر حتَّى نِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرحلة عيسى ش ‬ ‫هاية‬ ‫ين‬ ‫ٌ‬ ‫عالمات ما َب َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ‬ ‫الجاهلية‬ ‫والعود إلى‬ ‫االنهيار‬ ‫مرحل ُة‬ ‫القحطاني ‬

‫‪408‬‬

‫‪409‬‬ ‫‪410‬‬

‫ظهور إبليس في جيل االنهيار والدعوة إلى عبادة األصنام كما كانَت في الجاهلية ‪410‬‬ ‫ُخروج الدابة من مكَّة ‬

‫(ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) هو موت العلماء ورفع القرآن ‬

‫الدا َّب ُة ‬

‫بقاء الناس بعد الدابة مددا طويلة ‬

‫‪412‬‬

‫‪412‬‬

‫‪412‬‬ ‫‪413‬‬ ‫‪413‬‬

‫ما بعد مرحلة ُخروج الدابة ‬

‫الريح القابِض ُة لِلمؤمنين ‬ ‫ُ‬

‫‪415‬‬

‫الريح القابضة لمن بقي من المؤمنين ‬

‫ارتباط هدم الكعبة بموت المؤمنين وبقاء عجاج من الناس ‬

‫ِ‬ ‫الكعبة ‬ ‫هد ُم‬

‫انهيار أهل مكَّة في مرحلة الخراب األخير وانفتاح أبواب الشر والدمار ‬ ‫أهم ظواهر هذه المرحلة ‬

‫الدخان ‬ ‫ُ‬

‫ظهور الدخان كعالمة ‬ ‫ِ‬ ‫الخسوفات الثالثة ظواهر كونية كبرى وفيها تهيئة لظهور الشمس من مغربها ‬

‫سوفات الثالث ُة ‬ ‫ُ‬ ‫الخُ‬

‫انقطاع التوبة واستمرار ظاهرة طلوع الشمس من المغرب ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشمس ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫التوبة ‬ ‫طاع‬ ‫لوع‬ ‫مغربِها وانق ُ‬ ‫ُط ُ‬

‫‪415‬‬ ‫‪415‬‬

‫‪417‬‬ ‫‪417‬‬

‫‪418‬‬

‫‪419‬‬ ‫‪419‬‬ ‫‪420‬‬

‫‪420‬‬ ‫‪422‬‬

‫‪422‬‬

‫انقطاع الهجرة والطبع على القلوب ونهاية العمل الصالح في األمم ‬

‫‪423‬‬

‫اليمن وعدن وحضرموت مواقع ُخروج النار ‬

‫‪424‬‬

‫النار الحاشرة إحدى الظواهر الكونية األخيرة ‬

‫‪465‬‬

‫‪424‬‬


‫النار ِ‬ ‫الحاشر ُة ‬ ‫ُ‬

‫‪424‬‬

‫ماهي النار الحاشرة؟ ‬

‫األفواج المتعاقبة بالخروج خوفا من النار ‬

‫الهجرة األخيرة إلى الشام ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التوحيد ‬ ‫كلمة‬ ‫راس‬ ‫راس اإلسال ِم ُث َّم اند ُ‬ ‫اند ُ‬

‫اندراس اإلسالم هو اندراس العمل بأوامره واجتناب نواهيه ‬

‫‪425‬‬ ‫‪425‬‬ ‫‪425‬‬

‫‪427‬‬ ‫‪427‬‬

‫ِ‬ ‫الصور ‬ ‫النفخ في‬ ‫العالم ُة األخيرةُ‪..‬‬ ‫ُ‬

‫‪429‬‬

‫ِ‬ ‫خاتم ُة األُ ِ‬ ‫نطلقات ‬ ‫والم‬ ‫سس ُ‬

‫‪431‬‬

‫النفخ في الصور نِهاية الحياة الكونية ‬

‫االعتماد على النصوص الصحيحة والموثقة حسب االستطاعة ‬ ‫المالحظات البناءة ودورها في إغناء الموضوع ‬

‫‪429‬‬ ‫‪431‬‬ ‫‪431‬‬

‫قه التحو ِ‬ ‫والتعريفات المستجدَّ ِة في فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت ‬ ‫األلفاظ‬ ‫قاموس‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ‬ ‫البحث‬ ‫مراج ُع‬

‫‪440‬‬

‫ِ‬ ‫لح ٌق بِ‬ ‫ِ‬ ‫الوثائق ‬ ‫بعض‬ ‫ُم َ‬

‫‪444‬‬

‫الفهرس ‬

‫‪466‬‬

‫‪433‬‬

‫‪441‬‬


‫ح ٌق ب ِ ِ‬ ‫مل َ‬ ‫ِ‬ ‫الواثئق‬ ‫بعض‬ ‫ُ‬

‫نماذج من مؤامرة (فتنة السراء) المقررة في فقه عالمات الساعة‬

‫نص ِر ٍ‬ ‫سالة ‪: 523/1‬‬

‫القاه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المندوب السامي في ِ‬ ‫ِ‬ ‫رة‬ ‫الخارجية إلى‬ ‫وزارة‬ ‫برقي ٌة ِمن‬ ‫ِّ‬ ‫‪ 25‬آب‪/‬أغسطس ‪ 1915‬م‬ ‫ِ‬ ‫المرقم ُة ‪450‬‬ ‫الرقم ‪ / 598‬عاجل ‪ /‬برقيتُكم ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س�تصو ًبا ؛ َّ‬ ‫فإن‬ ‫إقراره ‪ .‬وإذا ما وجدتُم ذل َك ُم َ‬ ‫الم ُ‬ ‫تم ُ‬ ‫قترح على ش�ريف مكَّة َّ‬ ‫الر ُّد ُ‬ ‫ٍ‬ ‫خاص ٍة بِالمعنى التالي ‪:‬‬ ‫لكم إضاف َة ِرسالة َّ‬

‫ِّفاق َأول�ي لِ‬ ‫ِ‬ ‫عداد لِ‬ ‫الجالل�ة على اس�تِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لبحث ف�ي ات ٍ‬ ‫صاح ِ‬ ‫َّ‬ ‫ضمان‬ ‫�ب‬ ‫«إن ُحكوم� َة‬ ‫ٍّ‬ ‫نجل�ه ِ‬ ‫الش�ريف وح ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�ريف بِ ِ‬ ‫اس�تِ ِ‬ ‫َ‬ ‫عبدال َّل ِه أو‬ ‫بع�ث‬ ‫قوق�ه وامتيازاتِ�ه إذا م�ا‬ ‫قالل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الخ ِ‬ ‫الغرض ‪ .‬وفيما يتع َّل ُق بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الفة ‪َّ ،‬‬ ‫الشريف‬ ‫فإن‬ ‫صر لِهذا‬ ‫مبعوث‬ ‫َ‬ ‫آخر إلى م َ‬ ‫مفوض َ‬

‫ِّفاق مع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صاح ِ‬ ‫أبناء دينه ‪ ،‬فله أن يطمئ َّن إلى َّ‬ ‫ب‬ ‫أن ُحكوم َة‬ ‫إذا ما نُود َي بِه خليف ًة بِاالت ِ َ‬ ‫الخ ِ‬ ‫عودة ِ‬ ‫الجاللة س�تُرحب بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النس�ب ‪ ،‬وكما جرى بيانُه من‬ ‫صحيح‬ ‫عربي‬ ‫الفة إلى‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫لشهر تِشرين الثاني‪/‬نوفمبر الماضي» ‪.‬‬ ‫كتشنر‬ ‫اللورد‬ ‫راسالت‬ ‫قبل في ُم‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الشريف ُح َس ٍ‬ ‫َ‬ ‫ين‬ ‫مكماهون إلى‬ ‫ِرسال ٌة ِمن‬

‫ش�وال ‪1333‬هـ ‪ /‬أغسطس ‪1915‬م بِتصر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ف (‪َّ : )525 : 1‬‬ ‫العرب‬ ‫وإن مصالِ َح‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والعكس بِ‬ ‫ِ‬ ‫نفس مصالِ ِ‬ ‫النس�بة فنحن نؤ ِّكدُ لكم‬ ‫العك�س ‪ ،‬ولِهذه‬ ‫اإلنكليز ‪،‬‬ ‫�ح‬ ‫ُ‬ ‫ه�ي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فخامة ال ُّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫علي أفندي ‪ ،‬وهي‬ ‫ورد‬ ‫أقوال‬ ‫كتش�نر التي وص َلت إلى س�يادتكم عن ي�د ٍّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫قالل بِ ِ‬ ‫وضح�ا به�ا رغبتَنا في اس�تِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت�ي َ‬ ‫مع اس�تصوابِنا‬ ‫الد‬ ‫كان ُم‬ ‫وس�كانها َ‬ ‫ً‬ ‫العرب ُ‬ ‫‪467‬‬


‫ِ‬ ‫لخ ِ‬ ‫لِ ِ‬ ‫العربية ِعند إعالنِها ‪.‬‬ ‫الفة‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ب بِ‬ ‫م�ر ًة ُأخرى َّ‬ ‫اس�ترداد‬ ‫رح ُ‬ ‫أن جالل� َة ملك بِريطاني�ا ال ُعظمى ُي ِّ‬ ‫ُص�ر ُح ُهنا َّ‬ ‫وإنَّ�ا ن ِّ‬ ‫َّبوي ِة الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفة إلى ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عربي صمي ٍم ِمن ُفروع تِ َ‬ ‫باركة ‪.‬‬ ‫يد‬ ‫لك الدَّ وحة الن ِ َّ ُ‬ ‫ٍّ‬

‫ُرس َ�ل إلى س�احة د ِ‬ ‫عداد لأِ ن ن ِ‬ ‫كام ِل االس�تِ ِ‬ ‫ومع ذلِ َك فإنَّنا على ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجليل‬ ‫ولة الس ِّي ِد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫والصدق�ات المقر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫العربية المقدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولِلبِ ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫رة ِم َن‬ ‫بوب‬ ‫س�ة‬ ‫لاد‬ ‫والع�رب الكرا ِم م� َن ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المكان الذي تُع ِّينونه‬ ‫إش�ارة ِمن س�يادتِكم وفي‬ ‫جر ِد‬ ‫البِالد المصرية ‪ ،‬وس�تص ُل بِ ُم َّ‬

‫ِ‬ ‫الالز ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ .‬وقد ِ‬ ‫الترتيبات ِ‬ ‫س�اعدة رس�ولِكم في جمي ِع س�فراتِه إ َلينا ‪ ،‬ونحن‬ ‫مة لِ ُم‬ ‫عملنا‬ ‫على الدوا ِم معكم قلبا وقالِبا م ِ‬ ‫ستنش�قين رائح َة مو َّدتِكم الزكي َّة ‪ ،‬ومستوثِقين بِ ُعرى‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً ُ‬ ‫محبتِكم الخالِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫صة ‪ ،‬سائلين ال َّل َه ُسبحانَه وتعالى دوا َم ُح ِ‬ ‫العالئق َبينَنا ‪.‬‬ ‫سن‬ ‫َّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫مكماهون (‪)529 : 1‬‬ ‫الشريف إلى‬ ‫ِرسال ٌة ِم َن‬

‫ِ‬ ‫والخالص ُة يا حضر َة الشه ِم المبج ِل أنَّا على ِ‬ ‫اإلخالص ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫بأرجحية‬ ‫معترفين‬ ‫أكيد‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫نجعل في إشارتِكم في رقيمكم‬ ‫والئكم رضيتُم عنَّا كما ُأشير أم سخطتُم ‪ .‬نأبى أن‬

‫درجات االستِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫ك�ر بِأنَّه ال ُ‬ ‫ب�ادئ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫أقوامنا ـ في أقصى‬ ‫بعض‬ ‫ترويج‬ ‫رس�ال في‬ ‫يزال ُ‬ ‫آث�ار ال ُف ِ‬ ‫ثمان�ي ـ ُح َّج� ًة على ِ‬ ‫ِ‬ ‫تور والتر ُّد ِد ف�ي رغائبِنا ‪ ،‬التي أنزه ش�هامة‬ ‫الطل�ب ال ُع‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫يس�ت ِمن ق�وا ِم حياتِن�ا ‪ .‬ال بل هي حياتُن�ا الما ِّدي ُة‬ ‫أصالتِك�م عل�ى أن‬ ‫تق�ول بِأنها َل َ‬

‫الساعة قائم بِذاتي وبِجمي ِع حواسي في إِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫نفاذ ما‬ ‫والمعنوي ُة واألدبي ُة ‪ .‬ألنِّي إلى هذه‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫األوام ِر ‪ ،‬وفي كا َّف ِة ما له تع ُّل ٌق بِه ِم َّما‬ ‫اإلسلامي في بِالدي ِم َن‬ ‫كان ُموافِ ًقا لِلش�ر ِع‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫يأتي ال َّل ُه بِ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫أمر َغ ِير ذلِ َك ‪.‬‬ ‫يكون عائدً ا إلى باقي المملكة إلى أن َ‬

‫ِ‬ ‫ماكسويل إلى ال ُّل ِ‬ ‫ِرسال ٌة ِم َن ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫َ‬ ‫األول ‪/‬‬ ‫ورد‬ ‫نرال‬ ‫كتشنر ص‪ 559‬في ‪ 16‬تشرين َّ‬ ‫َ‬

‫أكتوبر ‪: 1915‬‬

‫‪468‬‬


‫س�تقبل اإلسلا ِم ‪ ،‬وإذا اس�تطعنا أن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نحم َل‬ ‫كبيرة تتع َّل ُق بِ ُم‬ ‫قضية‬ ‫واجهة‬ ‫إنَّنا في ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الموافقة على‬ ‫أكثر َميلاً إلى‬ ‫الفرنسيين على إدراك هذه الحقيقة ‪ ،‬فإنهم قد يكونون َ‬ ‫لش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التس�وية ‪ .‬وأش� ُع ُر بِ‬ ‫التأكيد َّ‬ ‫الوقت بالِغ ٌة ِجدًّ ا ‪ ،‬وأنَّنا ما لم نُقدِّ ْم لِ َّ‬ ‫�ريف‬ ‫أن أهمي َة‬ ‫ٍ‬ ‫قترحات محدَّ د ًة ومقبول ًة ‪ ،‬فإنَّنا قد ِ‬ ‫قائما ِضدَّ نا ‪.‬‬ ‫حالاً ُم‬ ‫نجدُ‬ ‫عالما إسالم ًّيا ً‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫ومن ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫سالة ِ‬ ‫السفير البِريطاني بارسي ص‪: 575‬‬ ‫الخارجية إلى‬ ‫وزير‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اتصال بِ‬ ‫الفرنسي بِ‬ ‫ِ‬ ‫سمعت َّ‬ ‫العرب ‪ ،‬ع َليكم أن تط ُلبوا ِم َن‬ ‫القاهرة على‬ ‫المم ِّث َل‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫أن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفرنس�ي في‬ ‫المم ِّث َل‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫الس�رية ‪ ،‬وأن تثنوا ُ‬ ‫األمر في غاية ِّ‬ ‫ُبقي َ‬ ‫الحكومة الفرنس�ية أن ت َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القاهرة ِ‬ ‫الدقيق ِجدًّ ا ‪ ،‬وقد يحدُ ُ‬ ‫كبير‬ ‫األمر‬ ‫نشاط يتع َّل ُق بِهذا‬ ‫بأي‬ ‫عن القيا ِم ِّ‬ ‫ضرر ٌ‬ ‫ث ٌ‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أي ٍ‬ ‫حال‬ ‫ويق�ع‬ ‫‪،‬‬ ‫تس�ر ٍع ‪ ،‬وعلى ِّ‬ ‫الع�رب في أيدي األت�راك ُك ِّل ًّيا ‪ ،‬بِنتيجة ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أي إجراء ُم ِّ‬ ‫سيستنكر أي َة م ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫إشارة إلى ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بادرة أو‬ ‫اإلسالمي ُك َّله‬ ‫العالم‬ ‫الفة لأِ َّن‬ ‫يجوز إبدا ُء‬ ‫فال‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫سل ٍ‬ ‫جانب د ٍ‬ ‫ولة َغ ِير م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫األمر ‪.‬‬ ‫مة في هذا‬ ‫تدخ ٍل ِمن‬ ‫ِ َ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص�ر ص‪601‬‬ ‫الخارجي�ة إل�ى‬ ‫وزارة‬ ‫برقي�ة‬ ‫ن�ص‬ ‫وم�ن ِّ‬ ‫المن�دوب الس�امي في م َ‬ ‫وفِيها‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الش�ريف ش�خص ال قيم َة ل�ه ‪ ،‬وال ُقو َة له لِ‬ ‫لك�ن معلوماتي َّ‬ ‫تنفي�ذ ُمقترحاتِه ‪،‬‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫حقيقة ال َّث ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّحادهم ‪ ،‬وال ِ‬ ‫مال الت ِ‬ ‫أعتقدُ بِ‬ ‫العرب ال وحد َة لهم وال احتِ َ‬ ‫َّ‬ ‫العربية‬ ‫ورة‬ ‫وأن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫يش و َغ ِيره ‪ ،‬وال بِجدواها ‪.‬‬ ‫المقترحة في َ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تحت الِ‬ ‫إن الفقر َة التي تضع ك َُّل بِ ِ‬ ‫حماية البِ‬ ‫ِ‬ ‫أضاف ‪َّ :‬‬ ‫س�وف‬ ‫ريطانية‬ ‫الد‬ ‫ُث َّم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫العرب َ‬ ‫ُ‬ ‫مال ِ‬ ‫واض ٍ‬ ‫مس�ئوليات مربِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫كة و َغ ِير ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫عقد ات ٍ‬ ‫ُره ُقنا بِ‬ ‫حة ‪ ،‬وتُد ِّم ُر احتِ َ‬ ‫مع فرنس�ا لِما‬ ‫ِّفاق َ‬ ‫ُ‬ ‫نريدُ عقدَ ه ‪ ،‬لكن ِ‬ ‫ِ‬ ‫العراق ِ‬ ‫المحافظ ُة ع َليها على‬ ‫الخاص ومصالِ ُحنا في‬ ‫موق ُعنا‬ ‫تج ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ب ُ‬ ‫اإلمكان بعدَ تعه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫مكماهون ‪ .‬ص‪206‬‬ ‫دات‬ ‫قدر‬ ‫ُّ‬ ‫‪469‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�ريف ُح َس ٍ‬ ‫زعيم‬ ‫�ين ص‪ ، 605‬وهو‬ ‫الميرغني إلى‬ ‫عل�ي‬ ‫س�الة الس� ِّي ِد‬ ‫نص ِر‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلنكليز ِ‬ ‫معرفتَه بِ‬ ‫الشريف َ‬ ‫َّ‬ ‫قبل‬ ‫واستغل‬ ‫�ودان ‪،‬‬ ‫الس‬ ‫سياس�ي‬ ‫ُ‬ ‫كبير من أشراف ُّ‬ ‫وديني ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وإيحاء‬ ‫اإلنكلي�ز‬ ‫الش�ريف بِا ِّطال ِع‬ ‫ُ�ب رس�ائ َله إلى‬ ‫وكان‬ ‫الح�رب ‪،‬‬ ‫الميرغن�ي يكت ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِمنهم‪:‬‬

‫ِ‬ ‫تاب »‬ ‫«ك ٌ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشريف ُح َس ٍ‬ ‫ين‬ ‫الميرغني إلى‬ ‫علي‬ ‫ِّ‬ ‫م َن الس ِّيد ٍّ‬

‫الخرطوم ‪ 1915/11/17‬م‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ت العزم أن ت ِ‬ ‫بِريطانيا العظمى عقدَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫غتصب‬ ‫الم‬ ‫ُساعدَ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫هم ُ‬ ‫العرب على استعادة ُحكم ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وس�لطانِهم وعلى اس�تِ ِ‬ ‫العرب ه�ذا ُم ُ‬ ‫نذ ِعدَّ ِة‬ ‫أضاع‬ ‫المفق�ود ‪ ،‬لقد‬ ‫رداد اس�تِقاللِهم‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫كمهم ‪ ،‬وها ق�د س�نح ِ‬ ‫ومس�اوئ ح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُق ٍ‬ ‫رون بِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ال ُفرص ُة َ‬ ‫اآلن‬ ‫األت�راك‬ ‫عس�ف‬ ‫س�بب‬ ‫َ‬ ‫ِ ُ‬

‫ِ ِ‬ ‫حقائق ِ‬ ‫العرب أن ُف َس�هم أكثر منِّي ‪.‬‬ ‫يعر ُفها‬ ‫ق�ر ُر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الس�تعادة ك ُِّل م�ا َ‬ ‫ضاع ‪ ،‬إنَّني فقط ُأ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫األوقات لِ‬ ‫ِ‬ ‫والوق�ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الثقيل‬ ‫أعناقهم الن َ​َّير‬ ‫يطرحوا ع�ن‬ ‫لعرب كي‬ ‫أنس�ب‬ ‫الراه ُن هو‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هم االس�تقاللي َة ‪ ،‬و ُيجدِّ دوا‬ ‫ُّركي ‪ ،‬وكي ُيح ِّق ُقوا‬ ‫ل ُ‬ ‫أمانيهم القومي َة ومطام َح ُ‬ ‫ُ‬ ‫لحك ِم الت ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يهم َ‬ ‫اآلن إلاَّ أن يغتنِموا ال ُفرص َة الس�انِح َة في‬ ‫هم العظم�اء ‪ .‬و َل َ‬ ‫يس ع َل ُ‬ ‫أمجا َد أسلاف ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العربي ح ًّق�ا ‪ ،‬ويهتبلوا ال ُفرص َة التي‬ ‫يثور‬ ‫ُّ‬ ‫المالئ ِم ج�دًّ ا ‪ ،‬ويثوروا كما ُ‬ ‫ه�ذا الظرف ُ‬ ‫مكن لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تُت�اح لهم بعدَ مضي ه�ذه ال ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫لع�رب أن يثوروا إذا لم‬ ‫العديدة ‪،‬‬ ‫رون‬ ‫َ‬ ‫وكيف ُي ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬

‫وأنس�ب س ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لالة‬ ‫أش�رف‬ ‫المتحدِّ ُر ِمن‬ ‫المناس ُ‬ ‫َهم ُ‬ ‫ِ ُ‬ ‫�ب ‪ُ ،‬‬ ‫الرج ُّل ُ‬ ‫يحركْهم ويتو َّلى قيادت ُ‬ ‫يجتمعوا َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫قدس�ة ِمن ُق َر ٍ‬ ‫يش ‪ ،‬الذي يس�تطيعون أن‬ ‫ُم‬ ‫هم‬ ‫تحت رايته ويس�تر ُّدوا ُحقو َق ُ‬

‫المغصوب َة ‪.‬‬

‫‪470‬‬


‫أن بِريطانيا العظمى بِالتعاو ِن مع حلفائها ِ‬ ‫الك ِ‬ ‫صحيح َّ‬ ‫ترغب في قيا ِم‬ ‫بار ‪،‬‬ ‫ألمر‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫إنَّه ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫تحل َ‬ ‫رش�ية ‪ ،‬وأن َّ‬ ‫طفح‬ ‫محل هذا‬ ‫عربية ُق‬ ‫كوم�ة‬ ‫ُح‬ ‫المتداعي الذي َ‬ ‫ُّرك�ي ُ‬ ‫العرش الت ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وتؤس ُس ِمثلما‬ ‫الحكوم ُة ال ُقرشي ُة‬ ‫كيل مظالِ ِمه‬ ‫وعسفه ‪ ،‬وهم يرغبون أن َ‬ ‫تنهض هذه ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫قبل ِع ِ‬ ‫دة ُق ٍ‬ ‫وتنهض بِ‬ ‫ِ‬ ‫كانَ�ت َ‬ ‫العرب‬ ‫الحديثة ‪،‬‬ ‫الحض�ارة‬ ‫مع‬ ‫رون ‪ ،‬وأن‬ ‫ُ‬ ‫تس�ير يدً ا بيد َ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫وإن بِريطاني�ا العظمى على اس�تِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫والرخاء ‪َّ .‬‬ ‫تكون‬ ‫عداد لأِ ن‬ ‫ق�ي‬ ‫ُ‬ ‫الر ِّ‬ ‫الك�را ِم إل�ى قمة ُّ‬ ‫ِ‬ ‫األصدقاء لِ‬ ‫لع�رب ‪ ،‬ولأِ ن ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫العرب‬ ‫األح�وال ‪ .‬وعلى‬ ‫ُعاضدَ ه�م في جمي ِع‬ ‫أص�دق‬

‫ِ‬ ‫العربي‬ ‫أجمع أن الد َّم‬ ‫فيبرهنوا بِذلِ َك لِلعال� ِم‬ ‫المبادر َة‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫أيضا أن يس�تفيقوا ويأخ�ذوا ُ‬ ‫تزال تجري في ُع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب االستِ ِ‬ ‫قالل ما ُ‬ ‫روقهم ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وح َّ‬ ‫الحرية ُ‬ ‫وح ُ‬ ‫ور َ‬ ‫الشريف ُ‬

‫ف�إن بِريطاني�ا العظم�ى على اس�تِ ٍ‬ ‫أكثر بِ ٍ‬ ‫عداد لأِ ْن َ‬ ‫واآلن َّ‬ ‫َ‬ ‫كثير ِم�ن هذا ‪ .‬إنَّها‬ ‫ُ‬ ‫تفعل َ‬ ‫ِ‬ ‫ُح�او ُل أن تم�دَّ يدَ الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫عرب�ي ‪ِ ،‬من ِ‬ ‫صول‬ ‫الح‬ ‫والمس�اعدة إلى أعظ ِم زعي ٍم‬ ‫ون‬ ‫أجل ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫عل�ى االس�تِ ِ‬ ‫ثمان�ي ‪ ،‬حتَّى ت َ‬ ‫ُنقذ بِذلِ َك األُ َّم ُة‬ ‫لحك ِم ال ُع‬ ‫قالل التا ِّم ولِنز ِع الن َِّير‬ ‫الثقيل ل ُ‬ ‫ِّ‬ ‫وأني�اب ال ِّلص األلماني المتس� ِّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫العربي� ُة الكريم� ُة ِمن مخالِ ِ‬ ‫ط ‪ .‬وكما‬ ‫�ب الظالمين‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫دقيقة ومع َّق ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫دة إلى أقصى حدٍّ ‪ ،‬خاص ًة لِ ِ‬ ‫تعلمون ‪َّ ،‬‬ ‫كون‬ ‫طبيعة‬ ‫المشروع ُك َّله ُذو‬ ‫فإن‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫بِريطانيا العظمى على الرغ ِم ِمن أنها تُريدُ الخير لِلم ِ‬ ‫س�لمين ولِ ُ‬ ‫العربية حريص ًة‬ ‫أل َّم ِة‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس�بب الذي حدا بها إلى‬ ‫والدينية ‪ .‬وهذا هو‬ ‫القبلية‬ ‫مش�اعرهم‬ ‫ِج�دًّ ا على احتِرا ِم‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫أنفس�هم من ُع ِ‬ ‫مطام ِحهم في تحر ِر ِ‬ ‫تحقي�ق ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫�تار من ِ‬ ‫ِ‬ ‫بودية‬ ‫أجل‬ ‫ُّ‬ ‫العم�ل من وراء ِّ‬ ‫قالل بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش�ريف هو في ِ‬ ‫األت�راك ول ُي ِ‬ ‫ح�رزوا اس�تِ َ‬ ‫الده�م التا َّم ‪ .‬وبم�ا َّ‬ ‫نظر‬ ‫األمير‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فإن بِريطانيا م ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمراء ‪َّ ،‬‬ ‫ممكنة له‬ ‫ساعدة‬ ‫ستعد ٌة لِتقدي ِم ك ُِّل ُم‬ ‫وأش�رف‬ ‫العرب أقوى‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أستوض َح ِمنكم‬ ‫راس�لة م َعكم ‪ ،‬ولكي‬ ‫الم‬ ‫‪ .‬وهذا هو‬ ‫ُ‬ ‫الس�بب الذي دفعني ل ُمحاولة ُ‬ ‫تأمين ما تُريدون ‪ ،‬وال حاج َة بي لِل َق ِ‬ ‫عن أسل ِم ال ُّط ُر ِق لِ ِ‬ ‫ول َّ‬ ‫إن الغاي َة األولى ِمن هذه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حافظة‬ ‫لم‬ ‫ح�اوالت‬ ‫الم‬ ‫تس�تهد ُ‬ ‫المس�لمين وحمايتَهم ‪ ،‬وترم�ي ثان ًيا ل ُ‬ ‫ف أولاً راح َة ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪471‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫شرف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العرب ِمن ِ‬ ‫حافظة‬ ‫الم‬ ‫عاضدة‬ ‫اإلسالمية و ُقوتِها ‪ ،‬وثال ًثا لِ ُم‬ ‫الفة‬ ‫على‬ ‫أجل ُ‬ ‫ِ‬ ‫وحدة ِ‬ ‫ِ‬ ‫وصفائها ‪ .‬وانطِال ًقا ِمن ثقتِنا بِأن َ​َّك الرج ُل الوحيدُ الذي ِ‬ ‫تمتل ُك‬ ‫بالدهم‬ ‫على‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّهوض بِ‬ ‫ِ‬ ‫أوضحنا تما ًما لِلمس�ئولِين‬ ‫وإنجاحها ‪ ،‬فإنَّنا‬ ‫العربية‬ ‫القضية‬ ‫ال ُق�در َة على الن‬ ‫ْ‬ ‫ُهنا ك َُّل ما ِ‬ ‫نعر ُفه ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫سلمين كثيرين ال نستطيع أن نرى رجلاً آخر ِ‬ ‫عرب وم ِ‬ ‫المواصفات‬ ‫يمتل ُك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫إنَّنا َ‬ ‫َ‬ ‫مع ٍ ُ‬ ‫ِ‬ ‫المعر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمزايا الالزم َة لِن ِ‬ ‫والخبرة‬ ‫فة‬ ‫الشريف ‪ :‬في‬ ‫كم‬ ‫أكثر من شخص ُ‬ ‫َيل هذا الشرف َ‬ ‫رة ‪ .‬وال يستطيع رج ٌل ِ‬ ‫والمقد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫العمل يم ِّث ُل عصيانًا‬ ‫القول إِ َّن‬ ‫عاق ٌل‬ ‫وش�رف المحتدِّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫فإن الم ِ‬ ‫يضر بِمصالِ ِح الم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫واجب‬ ‫أقدس‬ ‫سلمين سيعتبرونه‬ ‫س�لمين ‪ ،‬على‬ ‫َ‬ ‫العكس ‪ُ َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُّ‬

‫ِ‬ ‫دافعة عن ح ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدين ‪ .‬إنَّك لن َ ِ‬ ‫لِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫المشروعة التي‬ ‫قوق َك‬ ‫الم‬ ‫خدمة مصالِ ِح‬ ‫ُ‬ ‫تعمل س�وى ُ‬ ‫ِ‬ ‫قوق ُأمتِ َك وجمي ِع الم ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫سلمين ‪.‬‬ ‫اغتُص َبت ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬

‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫التأكي�دات بِ َّ‬ ‫أن بِريطاني�ا ال ُعظمى لن ُ‬ ‫تتدخ َل في ُّ‬ ‫�ئون‬ ‫لق�د ُأعطِ َيت ل�ي أقوى‬ ‫س�تبذ ُل ك َُّل ما في و ِ‬ ‫العربية ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫العربية أو ِ‬ ‫ِ‬ ‫الداخلية لِلبِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫س�عها كما‬ ‫ولكنَّها‬ ‫الفة‬ ‫الد‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ساعدة الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫تنهض ُ‬ ‫الالئق‬ ‫وتأخ َذ مكانَها‬ ‫ولة‬ ‫أس�ل َف ُت لِ ُم‬ ‫َ‬ ‫العربية معنو ًّيا وما ِّد ًّيا ‪ ،‬حتَّى َ‬ ‫واح ٍد ‪ ،‬وأن يت ِ‬ ‫ال�دول األُخرى ‪ .‬ولم يبق إلاَّ أن تقوم األُم ُة ُك ُّلها قوم َة رج ٍل ِ‬ ‫ِ‬ ‫َبي� َن‬ ‫َّحدَ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫ِ‬ ‫واح ٍد ِمنه�م بِ ِ‬ ‫يث يضح�ي ك ُُّل ِ‬ ‫الش�خصية ِمن‬ ‫مطام ِعه‬ ‫الزعم�ا ُء‬ ‫ُ‬ ‫الع�رب جمي ًع�ا بِ َح ُ ُ ِّ‬ ‫َ‬ ‫النس�بة لِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األو ِل في األُ َّم ِة بِ‬ ‫ِ‬ ‫شرف محتدِّ ه ‪ ...‬إلخ ‪َّ .‬‬ ‫وأن بِريطانيا‬ ‫الرج ِل َّ‬ ‫أجل ُمعاضدة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولة مع ح ِ‬ ‫ستكون أو َل د ٍ‬ ‫ِ‬ ‫لفائها ِ‬ ‫ف بِ‬ ‫وسوف‬ ‫العربية ‪،‬‬ ‫كومة‬ ‫الح‬ ‫ال ُعظمى‬ ‫َ‬ ‫تعتر ُ‬ ‫استقالل ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َّ َ‬ ‫ِ‬ ‫قالل ِض�دَّ أي ُع ٍ‬ ‫�ع ع�ن هذا االس�تِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّهوض‬ ‫أجنب�ي ‪ ،‬حتَّ�ى تتم َّك َن ِم� َن الن‬ ‫دوان‬ ‫ِّ‬ ‫تُداف ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫الصحيح َبي َن الدُّ ِ‬ ‫وتُصبِ َح عزيز َة الجانِ ِ‬ ‫ب ُ‬ ‫وتأخ َذ مكانَها‬ ‫ب احترا َمها ‪ .‬ك ُُّل‬ ‫َ‬ ‫ول وتكس ُ‬ ‫الحقائق أكدَّ ها لي المس�ئولون ‪ ،‬وتبادر ِ‬ ‫ِ‬ ‫لذهن�ي أن ُأب ِّل َغكم بِمضمونِها ‪ ،‬حتَّى‬ ‫ه�ذه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تس�تطيعوا تقدير الم ِ‬ ‫ف ُك َّله تقديرا ِ‬ ‫واض ًحا ‪ ،‬ولكي ِ‬ ‫الم ِه َّم َة التي‬ ‫تعر ُفوا‬ ‫وق َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫األسباب ُ‬ ‫ً‬ ‫َ َ‬ ‫‪472‬‬


‫ِ‬ ‫المسألة ِ‬ ‫ِ‬ ‫شأن ِ‬ ‫لك ِ‬ ‫دفعتْني لِ ِ‬ ‫تابة إ َليكم بِ ِ‬ ‫األهمية الكُبرى ‪.‬‬ ‫ذات‬ ‫هذه‬ ‫َ‬ ‫الحكوم ُة العربي ُة ‪،‬‬ ‫�س في�ه ُ‬ ‫ُؤس ُ‬ ‫يأتي اليو َم الذي ت َّ‬ ‫لق�د أرا ُدوا أن يقو ُل�وا ‪ :‬إنَّه حتَّى َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫الحكوم ُة‬ ‫ُؤس ُس ُ‬ ‫فإن أي َة مسألة ُأخرى تُعت َبر في الدرجة الثانية م َن األهمية ‪ .‬وعندَ ما ت َّ‬ ‫ِّصال بِ ِ‬ ‫والتوص ِل إلى ات ٍ‬ ‫ِ‬ ‫السهل ِعندَ ذلِ َك االت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّفاق يضم ُن‬ ‫رئيسها‬ ‫فيكون ِم َن‬ ‫العربي ُة ‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫مصالِح الفريقين ‪ .‬هذا معنى ما قا ُلوه لكم سابِ ًقا بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المسائل ‪.‬‬ ‫بحث هذه‬ ‫تأجيل‬ ‫شأن‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫لقد أوضحوا ك َُّل هذا لي ‪ْ .‬‬ ‫صحيح ِجدًّ ا َّ‬ ‫أمر‬ ‫أجل ‪ ،‬إنَّه َل‬ ‫ٌ‬ ‫أن إنشا َء َدولة عربية جديدة ٌ‬ ‫يكون صعبا أكثر ِمن الالز ِم لِرج ٍل حكي ٍم وم ِ‬ ‫صعب في ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫قتد ٍر‬ ‫األمر ‪ ،‬ولكنَّه لن‬ ‫بادئ‬ ‫ُ‬ ‫ً َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫عم�اء واألُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مراء ِ‬ ‫مث ُلك�م أن ِ‬ ‫وك ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع�رب ‪ ،‬مثل اإلما ِم‬ ‫بار الش�يوخِ َبي َن‬ ‫الز‬ ‫يوح�دَ كلم َة ُّ‬ ‫يحيى واإلدريسي و ُأ ِ‬ ‫مراء ٍ‬ ‫نجد وتُهام َة والمناطِ ِق األُخرى ‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫القاد ِ‬ ‫الوحي�دة ِ‬ ‫ِ‬ ‫التأكي�دات الم ِهم ِة ِم�ن الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫رة‬ ‫ولة‬ ‫وبع�دَ أن حص ْلنا عل�ى ك ُِّل هذه‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شك َّ‬ ‫ستقبل ‪ ،‬تعلمون وال َّ‬ ‫أن الضرور َة‬ ‫الم‬ ‫على ُمساعدتنا في الوقت الحاض ِر وفي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تقضي بِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عظيمة و ُم ِه َّم ٍة كهذه ‪ .‬اهـ ‪.‬‬ ‫قضية‬ ‫سبيل‬ ‫العرب في‬ ‫الوحدة َبي َن‬ ‫تحقيق‬ ‫ِ‬ ‫مكماهون إلى ِو ِ‬ ‫ومن ِر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الخارجية بِ َ‬ ‫َ‬ ‫لندن ص‪: 624‬‬ ‫زارة‬ ‫سالة ِمن‬

‫�س َق ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الحاضر َة قائم ًة على ُأ ُس ٍ‬ ‫مر ًة ُأخرى َّ‬ ‫ومية‬ ‫أن الحرك َة العربي َة‬ ‫وع َلينا أن نتذك َ​َّر َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أكثر ِم َن األُ ُس ِ‬ ‫تأنف‬ ‫الجامعة‬ ‫حركة‬ ‫كثيرا عن‬ ‫الدينية ‪،‬‬ ‫�س‬ ‫اإلسلامية التي ُ‬ ‫وتختل ُ‬ ‫ف ً‬ ‫ِ‬ ‫العطف ع َليها ‪.‬‬ ‫الجماع ُة العربي ُة ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إخباره بِأنَّنا ‪ ،‬لأِ ِ‬ ‫ُث َّم ُ‬ ‫الم‬ ‫جل‬ ‫يقول ‪ :‬وع َلينا‬ ‫شتركة ‪ ،‬نقو ُم‬ ‫تس�هيل ُجهوده في قضيتنا ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ثمانية لِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض المبالِ ِغ إ َل ِيه « ُم ُ‬ ‫لش�ريف‬ ‫كومة ال ُع‬ ‫الح‬ ‫إرس�ال‬ ‫أصبح‬ ‫نذ َوقف إعانات ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫حافظ�ة على ُقواتِ�ه ‪ .‬إنَّه ِم َن‬ ‫لم‬ ‫لمحافظة على مكَّ� َة والمدينة ول ُ‬ ‫ماس�ة ل ُ‬ ‫ف�ي حاج�ة َّ‬ ‫‪473‬‬


‫ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫المرغوب فيه ِجدًّ ا أن نس�اعدَ ه بِ‬ ‫ِ‬ ‫قدرها ‪000. 50‬‬ ‫وأقتر ُح‬ ‫س�خاء ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫تخصيص منحة ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فعال فإنَّه ِ‬ ‫مور ‪ .‬ولأِ ِ‬ ‫المبل�غ اًّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ب أن‬ ‫يكون‬ ‫جل أن‬ ‫يج ُ‬ ‫ُجنيه بِأقس�اط حس�بما تتقدَّ ُم األُ ُ‬ ‫يك�ون كبيرا ‪ ،‬والقس�م األَكبر ِم�ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫موانئ‬ ‫س�يجدُ طري َق�ه إلى‬ ‫أموال نُعطيه إياها‬ ‫أية‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ً‬

‫تِجارتِنا ِ‬ ‫نفسها » ‪.‬‬

‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن ر ِّد مكماهون على َّ‬ ‫ريف ص‪: 650‬‬

‫ِ‬ ‫جاللة ِ‬ ‫يس ُّ�رني أن ُأخبِ َركم بِ َّ‬ ‫المل ِك صاد َقت على جميع مطالِبِكم‬ ‫أن ُحكوم َة‬ ‫وقد ُ‬ ‫ٍ‬ ‫رسل مع رسولِكم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش�يء ِ‬ ‫َّ‬ ‫حام ِل هذا‬ ‫رغبتُم‬ ‫وإن ك َُّل‬ ‫اإلسراع فيه وفي إرس�اله فهو ُم ٌ َ‬ ‫َ‬ ‫رعة م ِ‬ ‫ستحضر بِك ُِّل س ٍ‬ ‫تحت ِ‬ ‫مك ٍنة ‪ ،‬وتبقى في ُبور ُس َ‬ ‫أمركم‬ ‫‪ .‬واألشيا ُء الباقي ُة‬ ‫ودان َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬

‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ذكرتُ�م » وبِ‬ ‫المواقع ا َّلتي‬ ‫لحي�ن ابتداء الحرك�ة وإالغنا إياها بِصورة رس�مية « كما ْ‬ ‫ِ‬ ‫يكونون ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوثائق بِ‬ ‫َ‬ ‫تسليمها إ َّياهم ‪.‬‬ ‫حاملي َن‬ ‫والوسائط التي‬ ‫يقتضي َسو ُقها إ َليها‬

‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫س�ودان ‪،‬‬ ‫أعلمنا بها ُمحافِ َظ ُبور‬ ‫حر ِركم قد َ‬ ‫إن ك َُّل التعليم�ات الت�ي ور َد ْت في ُم ِّ‬ ‫الالز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التس�هيالت ِ‬ ‫مة‬ ‫جميع‬ ‫حس�ب رغبتِكم ‪ ،‬وقد عم ْل ُت‬ ‫وهو س�يجريها‬ ‫إلرس�ال‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جيزان حتَّى ُيؤ ِّد َي مأمور َّيتَه التي ُ‬ ‫َ‬ ‫نسأل ال َّل َه أن‬ ‫األخير إلى‬ ‫حامل ِخطابِك ُ​ُم‬ ‫رسولِكم‬ ‫يص ُلكم بِ ِح ِ‬ ‫سودان وبعدَ ها ِ‬ ‫ُيك ِّل َلها بِ‬ ‫وح ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫راسة‬ ‫النتائج ‪ ،‬وسيعو ُد إلى ُبور‬ ‫س�ن‬ ‫النجاح ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫مسام ِع دولتِكم نتيج َة ِ‬ ‫عمله ‪.‬‬ ‫ص على‬ ‫َ‬ ‫ال َّله لي ُق َّ‬

‫ِ‬ ‫واضحا لديكم‬ ‫�ح لدَّ ولتِكم في ِخطابِنا هذا ما ُر َّبما لم ي ُك ْن‬ ‫وننته ُ�ز الفرص َة لِ ِّ‬ ‫ً‬ ‫نوض َ‬ ‫�ز أو الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫المراك ِ‬ ‫ُقط‬ ‫بعض‬ ‫وج�دُ ُ‬ ‫ُ�ج عنه س�و ُء ُ‬ ‫تفاه ٍم ‪ ،‬أال وه�و أنَّه ُي َ‬ ‫‪ ،‬أو م�ا عس�اه ينت ُ‬ ‫س�واحل بِ ِ‬ ‫العس�اك ِر الت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العرب ‪ُ ،‬ي ُ‬ ‫ق�ال ‪ :‬إنَّهم‬ ‫لاد‬ ‫ُّركية على‬ ‫بعض‬ ‫الم‬ ‫عس�كر ُة فِيه�ا ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي ِ‬ ‫الع�داء لنا ‪ ،‬والذين ه�م يعملون على ِ‬ ‫جاه�رون بِ‬ ‫البحرية‬ ‫الحربية‬ ‫ضرر مصالِ ِحن�ا‬ ‫ُ‬ ‫‪474‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الضروري أن َ‬ ‫األحمر ‪ .‬وعلي�ه نرى َّ‬ ‫التدابير الفعال َة ِضدَّ هم‪.‬‬ ‫نأخذ‬ ‫أن ِم َن‬ ‫البحر‬ ‫ف�ي‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ولكنَّنا قد أصدرنا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب على جمي ِع ِ ِ‬ ‫أوامرنا القطعي َة أنَّه ِ‬ ‫عساك ِر‬ ‫ُفر َق َبي َن‬ ‫يج ُ‬ ‫بوارجنا أن ت ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫ِ‬ ‫لك ِ‬ ‫األتراك الذين يبدؤون بِ‬ ‫ِ‬ ‫األبرياء الذين يسكُنون تِ َ‬ ‫هات ‪،‬‬ ‫العرب‬ ‫العداء و َبي َن‬

‫لعرب أجمع إلاَّ ك َُّل عاطِ ٍ‬ ‫لأِ نَّنا ال نُقدِّ م لِ‬ ‫ِ‬ ‫فة ُو ِّد ٍية ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إش�اعات مؤ َّداها َّ‬ ‫وقد بل َغتنا‬ ‫الس� ُف ِن‬ ‫ٌ‬ ‫أن أعدا َءنا األلدا َء باذلون ُجهدَ هم في أعمال ُّ‬ ‫األحم�ر ولإِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األضرار بِمصالِ ِحنا ‪ ،‬وإنَّا نرجوكم‬ ‫لحاق‬ ‫البحر‬ ‫؛ ليبث�وا بها األلغا َم في‬ ‫ِ‬ ‫إخبارنا إذا تح َّق َق ذلِ َك لديكم ‪.‬‬ ‫ُسرع َة‬ ‫ِ‬ ‫رش�يد قد ب�اع لِ‬ ‫ٍ‬ ‫ألتراك عد ًدا عظيما ِم َن ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫وق�د بل َغنا َّ‬ ‫أن اب َن‬ ‫مال ‪ ،‬وقد ُأرس� َلت‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫إلى ِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُف عن‬ ‫تستعملوا ك َُّل ما لكم ِم َن‬ ‫مشق الشا ِم ‪ ،‬ونُؤ ِّم ُل أن‬ ‫التأثير ع َل ِيه ؛ حتَّى يك َّ‬ ‫الترتيب مع الع ِ‬ ‫صم َم على ما هو ع َل ِيه أمكنَكم َ‬ ‫ذلِ َ‬ ‫ربان الس�اكنين‬ ‫عمل‬ ‫ِ َ ُ‬ ‫�ك ‪ ،‬وإذا م�ا َّ‬ ‫بينَه و َبي َن سور َّيا أن يقبِضوا على ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫مال َ‬ ‫حال َس ِيرها ‪ ،‬وال َّ‬ ‫شك أن في ذلِ َك صالِ ًحا‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تبادلة ‪.‬‬ ‫الم‬ ‫لمصلحتنا ُ‬

‫‪475‬‬


476


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.