طائرالفينيق
العدد السادس عرش /خريف2022// 2022 إنسانية الرسالة د.حسن فرحات سألوين ما الخرب د.هويدا رشيف شريين ومحمد الدرة »..سرية عني»! أغنار عواضة التلوث البيئي يف زمن الفوىض د.نزار دندش بطوالت مواكن عريب رانية مرعي الكتابة للطفل ..ومشاكل الطبع سليمة مليزي هزميتي يف حبك انتصار هدى غازي
Phoenix Bird Spring Issue 16 إىل روح الشاعر « مظفَّر الن ّواب» عمر شبيل رحلة أمل عيل املويسات الجزائري شهداك حامد خضري الشمري هل يف ُذرانا من رفيق؟ د.فاطمة مهدي الب ّزال نصائح ملعاجة األرق د.ماهر حسن حقن البالزما
اإلرشاد الفلسفي ال ُنظُمي د .نور عبيد
مريم باجي
جميع الحقوق محفوظة
All rights reserved.2022 . No reproduction, copying or passing without expressed consent from the founder of magazine. For permission or writing opportunities please contact: beautyarabiamagazine@gmail.com
ِ تخصهم وحدهم ال غري. اآلرا ُء واألفكا ُر املطروح ُة يف صفحات املجل ِة من قبل الك ّت ِ اب ُّ
مجلة الفينيق
مجلة الفينيق هي مجلة جامعة ت ُع َنى باإلنسان وبالقضايا الفكرية العليا التي تنهض باإلنسان وتحاول أن تسهم يف رفع مستوى املجتمع اإلنساين لنعمل معاً ومع الوسائل الثقافية األخرى لنرش الحب والسالم والتعاون بني كل الطبقات اإلنسانية لتعيش بحب وتصالح ووئام وتعمل مجلة الفينيق بواسطة كتَابها املتنورين ان تحارب الجهل ألن الجهل هو صانع الرشور وجميع املآيس اإلنسانية وتدرك مجلة الفينيق عرب املواد الفكرية التي تطرحها أن إصالح املجتمع اإلنساين لن يت َّم ويُن َجز ّإل بالثقافة امللتزمة بتوعية اإلنسان وتبيان املنزلقات التي يوصلنا الجهل إليها وحده العقل املتن ِّور بالوعي والثقافة واملعرفة اإلنسانية هو الرساج الذي ينري لنا املسالك الصحيحة ويقودنا لسلوك الطريق الصحيح للوصول إىل ما فيه خري البرشية كلها .ال ب ّد من اتخاذ العقل سالحاً ملواجهة الصعاب التي تعيق منو القدرة اإلنسانية الفاعلة واملتجهة إىل الرقي وانتصار الخري وردع الرشور ومبقدار ما تهت ُّم مجلة الفينيق بالعقل ودوره الف ّعال يف تنمية إنسانية اإلنسان فإنها تهتم بدور الروح يف السم ّو باإلنسان وتجربته العقلية وتنقيته من كل ما يعكّر مجرى مسريته .إن الروح هي بقية الله فينا وهي الضوء الذي يرافق العقل يف مسريت ُه والروح هي التي تقول لنا جميعاً وبالتساوي" :كلّكم آلدم وآدم من تراب" ومجلة الفينيق تسري يف توجهاتها دامئاً بهذا املنحى الذي يوحد بني الفكر والسلوك ،إذ ال قيمة للفكر الذي ال يتح َّول سلوكاً ويف اعتقادنا دامئاً أ ّن "خري الناس من نفع الناس" ،و"الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إىل الله أنفعهم لعياله" ،وال تفاضل بني الناس ّإل بالعمل الذي يساعد تشق طريقها بتصميم وعدم تراجع ألنها تؤمن بأنها اإلنسان عىل التقدم .بالروح والعقل معاً استطاعت مجلة الفينيق أن َّ ُو ِجدتْ لهذه الرسالة اإلنسانية املثىل بهذا التوجه استطاعت مجلة الفينيق أن تجمع فيها عقوالً ِّنية أدباء ومفكرين وشعراء .وجميعهم ملتزمون بنجاح رسالة هذه املجلة الغراء .ومن آفاق مجلة الفينيق أنها استطاعت أن تقيم ِص ٍ الت بني الرشق والغرب النها تعتقد أن العقل والروح ال يتقيّدان مبكان دون آخر يف هذا الوجود.إنها تصدر يف مكان بعيد خلف البحار ولكن فكرها يجتاز املحيطات ليصل إىل كل ذي عقل منفتح يؤمن بأن جنسية الفكر إنسانية وليست حرصية يف مكان دون آخر تظل رائدة يف خدمة اإلنسان الذي ك ّرمه الله بالعقل والروح وجعله سيد املخلوقات جميعاً. نأمل أن ّ
طائر الفينيق مجلة أدب ّية ،فكريّة ،متنوعة ،فصلية تصدر يف مدينة نيويورك. بالواليات األمريك ّية املتحدة Magazine Founder: Dr. Hassan A Farhat, MD Senior Arts Director: Assad Kamran
الهيئة اإلدارية رئيس التحرير د .حسن فرحات مريم باجي :مراسلة وسفرية املجلة يف املغرب العريب التدقيق اللغوي :د.سامي ال ّرتاس -د.فاطمة الب ّزال -أ.عمر شبيل نقد أديب :د.هويدا رشيف -د .مرياي حمدان -أ .سليمة مليزيأ .مروان درويش -أ .منال رشف الدين شعر :أ .رانية مرعي -أ.حامد الشمري -ـأ.عيل املويسات الجزائري التغذية :األخصائية مرينا شمس الدين الفن :الفنانة حنان بو حسن الجامل :أ.مريم باجي
املحتويات
افتتاح ّية 7 إنسان ّية الرسالة
مقدمة خربية عن التلوث الييئي
أدب 70--9 70
د .حسن فرحات
بيئة 83--75 83 عمر شبيل التلوث البيئي يف زمن الفوىض د .نزار دندش
التشبيه واالستعارة يف نهج البالغة د .هويدا رشيف فا صلة بني امراتني أ.د .دريّة فرحات بريوت،الكتاب ،االنفجار أ.عمر شبيل حكايتي د.هويدا رشيف
مقارنة بني القرآن الكريم والعهد الجديد أ.كوثر حسني فردون سرية عني أ .أغنار عواضة
تسويغ الشعر وعالقته بالفكر د.مرياي أبو حمدان
الدولة السائبة واملوظف التعيس د.طالل الورداين
الكتابة للطفل ومشاكل الطبع؟ أ.سليمة مليزي
دور الثقافة يف إنقاذ لبنان من مأزقه الحايل أ.عمر شبيل
فلسفة 125--86 125 اإلرشاد الفلسفي ال ُنظُمي د .نور عبيد العنف يف ظل العوملة د.ماغي عبيد
السمكات الثالث كتاب كليلة ودمنة
الحاممتان والحب كتاب كليلة ودمنة
ألف ليلة وليلة املوسوعة الحرة
جامل 130--128 130 حقن البالزما أ .مريم باجي
الهيئة الثقاف ّية يف هذا العدد
د.حسن فرحات أ .عمر شبيل أ.د .دريّة فرحات د .هويدا رشيف د .فاطمة الب ّزال د .مرياي أبو حمدان د .ماغي عبيد د .نور عبيد د .طالل الوردايت د.نزار دندش أ.حامد خضري الشمري أ.أغنارعواضة أ.رانية مرعي أ .كوثر حسني فردون
أ .سليمة مليزي أ.مريم باجي أ .عيل مويسات الجزائري أ .حنان بو حسن أ .رانية مرعي أ .نها املوسوي أ.سناء الحاموش أ.زينة الجوهري أ .هدى غازي أ .دالل مهنا الحلبي أ.مصطفى بورتاتة أ .سهر الدغمة أ .فواز الحمفيش أ.عيل سعدة
افتتاحية إنسانية الرسالة د .حسن فرحات /رئيس التحرير الرسالة غاية ُ يهدف اإلنسان من خاللها إحداث تغيري إىل األعىل يف الحياة عرب السلوك والفكر والغاية .وبهذا املعنى العميق للرسالة تكون إنسانية الفكر والسلوك ،وتكون غايتها الخروج من جاهلية الفكر التي تؤدي إىل جاهلية الترصف .ومل تكن للرساالت الساموية وما سام من رساالت أرضية أيضاً غاية سوى السمو بإنسانية اإلنسان .لقد حرص النبي محمد رسالته بالحديث التايل" :إمنا بُعثت ألمتم مكارم األخالق" ،وكانت الرساالت التي سبقت رسالة اإلسالم كلها تدعو إىل إنجاز وجود إنسانية اإلنسان. وإنسانية اإلنسان ال تكتمل بحرص الخري والصالح بفك ٍر دون فكر وال بدين دون دين ،ألن حرص صوابية الخري وصالحيته يف فئ ٍة دون غريها هو جهل لحقيقة وجود الخري والصالح ذات املفهوم الكوين .إن الخري يُخلَق يف النفس البرشية منذ فجر كينونتها الرتابية ،مبعزل عن اللون والعرق والطائفة واملذهب .وعملية حرص الخري يف أمة دون غريها هي يف حقيقتها فعل سيايس يهدف إىل تثبيت أركان دو ٍل أو أنظمة أو جامعات .الله خلق الناس للتعارف والتآخي ،والتعارف يعني التكامل ونرش املعرفة يف جميع املجتمعات البرشية ،وتنقية النفس البرشية من أدرانها ،ويف ذلك جاء يف القرآن الكريم" :يا أيها عليم خبري". الناس إنّا خلقناكم من ذك ٍر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم ،إنّ الله ٌ القرآن هنا يشري إىل الجنس البرشي بأكمله "من ذكر وأنثى" ،هو مل يحدد ملّ ًة دون ملة ،وال طائفة دون طائفة ،وإمنا جعل التعارف هو ما يجمع بني البرش ،والقرآن هنا يربط التعارف بالتقوى" :إ ّن أكرمكم عند الله أتقاكم" .والتقوى هنا ليست فقهاً دينياً فحسب ،وإمنا هي سلوك قائ ٌم عىل التعارف بني البرش ،والتعارف هو نقيض العداء ،أل ّن اإلنسان بفطرته "عدو ما يجهل" .إذن يقا َو ُم الجهل باملعرفة والوعي .والتعارف يجعل عهودا ً بني الناس لتصحيح وتصويب العالقات، َ املعارف يف ولخلق نوع من الحقوق األخالقية التي يجب عىل اإلنسان عدم التنكر لها ،وكم كان املتنبي رائعاً يوم قال" :إ ّن ذمم" .مبجرد أن تقوم عالقة معرفة بينك وبني اآلخر فذلك يعني عهدا ً وذمة. أهل النهى ُ طائر الفينيق
فن 175--174 175
صحة 172--169 172 شعر 165--133 165
نصائح ملعالجة األرق أ.د .ماهر حسن
إىل رشين أبو عاقلة عمر شبيل
لوحات فن ّية أ.حنان بو حسن
سألوين ما الخرب د.هويدا رشيف
هل يف ُذرانا من رفيق؟ شهداك رحلة تأمل أ.عيل مويسات الجزائري أ.حامد خضري الشمري د.فاطمة مهدي الب ّزال بطوالت مواطن عريب أ.رانية مرعي الربيع أ.سهر الدغمة
«ريل و َح َمدْ » اىل روح الشاعر»مظفَّر الن َواب« دمعة عىل ْ أ.عمر شبيل زيارة أ.فواز الحمفيش
من لغثة الحرف إىل العيادة أ.دالل مهنا الحلبي قوارب املوت أ.مصطفى بورتاتة
أقالم واعدة 179--178 179 دور الشباب يف املجتمع أ.عيل السعدي
هزميتي يف حبك انتصار أ.هدى غازي
مكان آخر أ.سناء الحاموش
شارع َمه ُجو ٍر أ.نها املوسوي
معي أ.زينة الجوهري
الصواب اللغوي 181 قل وال تقل أرسة التحرير
زاوية اللغة 183 أي أرسة التحرير
سنعالج في هذا البحث الصورة البالغية « التشبيه واإلستعارة » في نهج البالغة عىل أن يتم التّوسع يف دراسة الكناية يف نهج البالغة يف العدد القادم.
د .هويدا رشيف
2022/05 /
مصطلح البالغة يرتتب عىل فهم طبيعة الكالم من قبل الفريقني ،فهم مح ّدد للبالغة ،فالقول :إ ّن الكالم معنى قائم يف ال ّنفس ،من قبل منصب عىل كشف ذلك املعنى أمام املتلقي ،ولذلك قال الباقالين األشعري عن األشاعرة جعلهم يرون أن ه ّم املبدع ّ
البالغة إنها «اإلبانة عن األغراض التي يف ال ّنفوس» ،كام أ ّن ال ّنظر إىل الكالم عىل أنّه عبارة عن تلك األصوات واأللفاظ من منصب إىل املتلقي ،ولذلك قال ال ّرماين املعتزيل:بأن البالغة إيصال املعنى إىل قبل الفريق الثاين جعلهم يرون أن ه ّم املبدع ّ
القلب يف أحسن صورة من اللفظ .وهذا اإلختالف حول البالغة طبيعيجاء مرتبطاً بطبيعة الكالم .فاملعنى القائم يف
ال ّنفس ،يتك ّون ويتبلور ويأخذ هيئته ال ّنهائية من خالل مامرسة الكالم ويف أثنائها .ونجاح الكالم ال يكون إال من خالل
الكشف عن املعنى .واألصوات ،من جهة أخرى ،ال قيمة لها ،إذا مل تقم ،بإيصال املعنى اىل اآلخرين ،هكذا وجدنا أنفسنا
يف القرن ال ّرابع أمام فهمني متباينني للبالغة:فهم األشاعرة الذي ينكفئ إىل املؤلف من خالل اإلهتامم بوظيفة البالغة
الكشف ّية والتي يرتكز اهتاممها بالثنايئ (املؤلف-ال ّن ّص) ،وفهم الشّ يعة واملعتزلة الذي يهتم باملتلقي من خالل ال ّرتكيز عىل عىل وظيفة البالغة اإليصالية ،والتي يرتكّز اهتاممها بالثنايئ (ال ّن ّص-املتلقي).
وال يعني ذلك أن الفريق األول سيدير ظهره كل ّياً للمتلقي ،كام سيدير الفريق الثاين ظهره للمؤلف ،ولكن املسألة نسبية. ومام يجدر ذكره أن وظيفة البالغة ليست سوى وظيفة ال ّن ّص.فهل يعني أن القرن ال ّرابع قد ساوى البالغة بال ّن ّص؟
ال تساوي البالغة عندهم وظيفة ال ّن ّص اآللية ،ولكن الفنية الجامل ّية التي يقوم ال ّن ّص بعبئها.اذ قرنوا الوظيفتني الكشفية
واإليصالية بالصورة الجميلة.الكشف الفني الجميل ،واإليصال الفني الجميل من دون أن يقيموا أي مسافة بني ما هو كشفي أو إيصايل من ناحية ،وبني ما هو فني جميل من ناحية أخرى. _______________________ .1الباقالين،إعجاز القرآن،القاهرة،دار املعارف،ط،1981 ،5ص.117
.2الرماين،النكت يف إعجاز القرآن،من ضمن ثالث رسائل يف اإلعجاز،تحقيق محمد خلف الله احمد ومحمد زغلول سالم،مرص،دار املعارف،ط،3،1976 .ص.76-75 . طائر الفينيق
أدب
طائر الفينيق
وال تع ّد هذه الفاعلية التي تقوم بها اللغة ال ّدور الوحيد املرسوم لها ،خصوصاً إذا عرفنا أن داللة األلفاظ الوضعية ال تفي بحاجة التّعبري عن أشياء العامل جميعها ،وخصوصاًالذهنية املجردة منها ،وال عن مستويات الحال الواحدة املتفاوتة.هذا وال تستطيع إقامة العالقة بني املفردات يف حدود اإلسناد املوضوعي العادي للغة أن تنقل إلينا العوامل غري العادية التي يعيشها املبدعون ،أو حتى أولئك ال ّناس العاديون يف ساعات وجدهم. نعب وال بد للغة ،أي لغة ،من أن تبتكر الوسائل التي تعوض مثل هذا القصور الذي تتصف به ،فال ميكننا أن ّ مثل عن جميع أنواع املحبة التي ندركها ،وال عن مختلف درجاتها ،وقل األمر نفسه بالنسبة اىل( بكلمة (محبة) ً البغضاء)و(الحقد)و(األ نفة). كل نوع وما مي ّيزه عن ونحن إذا سمينا كل حال من حاالت املحبة باإلسم نفسه إمنا نكون قد أخفينا خصوصية ّ
غريه.يعني أنّنا أ ّدينا صورة مش ّوهة عن الواقع وأفقدناه الكثري من حرارة الحياة.وال يقترص األمر عىل الحاالت
الذّهنية وال ّنفسية بل يتع ّداه إىل املسميات املحسوسة.فلو قلنا مثالً (أنف جميل) ،وهو أمر محسوس ألخفينا تحت هذا العنوان (االنف)الصور املختلفة لألنوف الجميلة.وقل األمر نفسه بالنسبة إىل العني والخد والجيد والشّ جر والطّائر وغري ذلك. ويأيت واحدا ً من البنى اللغوية التي أوجدتها اللغة لتع ّوض مثل هذا القصور.فهو محاولة منها لقراءة بعض
جوانب العامل التي مل تطلها التّسمية الوضعية عن طريق مقارنتها بأشياء أخرى تفصح عن بعض مكنونها.واملقارنة
يف التّشبيه ليست إقامة موازنة بني شيئني ،ولكن تسليطاً للضوء عىل أبعاد من هوية اليشء الذي نريد قراءته الشء اآلخر التي كثريا ً ما يقدمها التّشبيه غري مكتملة أل ّول وهلة ،فريدفها بالكثري من وتسميتها من خالل هوية ّ القرائن التي تضيئها.فاملشابهة عملية تعبريية تفقد طريف التّشبيه هويتهام الواقعية لتقيم عىل أنقاضهام هوية جديدة هي الحاصل ال ّداليل الذي ترسب إىل ذهننا جراء هذه العملية .أو هو اإلسم الذي يعرف به اليشء الذي احتاج اىل التّسمية فاقتىض التّشبيهالذي ع ّده الجرجاين:أحد األصول الكبرية ،باإلضافة اىل التمثيل واإلستعارة ،التي جل محاسن الكالم ،إن مل يقل كلّها ،متفرعة عنها وراجعة إليها ،وكأنها أقطاب تدور عليها املعاين يف «كان ّ مترصفاتها ،وأقطار تحيط بها من جهاتها» .
_______________________ .8عبد القاهر الجرجاين،أرسار البالغة،تحقيق ريرت،دار املسرية،بريوت،ط،2،1979م.ص.36. طائر الفينيق
ونستخلص من هذا املفهوم البالغة العربية غري مفهوم البالغة الغربية.والبالغتان مصطلحان مختلفان .لكل منهام ظروفه وأبعاده ودالالته. ولعل الحديث عن بالغتنا بطريقة سلبية ،أو وصفها بعدم ال ّنضج ،وبالربوز بوجه ممقوت ،أو اتهامها باملعيارية ّ رسب من املفهوم الغريب إلينا ،خصوصاً أنه قد وجد ما يعضده عندنا.إذ تع ّرف ال ّناس عىل البالغة العرب ّية من هو ت ّ خالل كتاب (التلخيص) للقزويني الخطيب .ويستدعي ذلك أن نعيد النظر يف موقفنا من البالغة العربية ليك
نكون عىل ب ّينة من أمرنا إذا أردنا أن نتح ّول إىل منتجني للثقافة بدالً من استهالكها ،خصوصاً أن مفهوم البالغة، كام رأيناه هنا قد تعمق وصار أكرث دقّة يف القرن الخامس الهجري إذ ارتبط بتسمية جديدة هي (الظلم).
وظيفة ال ّتشبيه الدّ اللية يف نهج البالغة (األبعاد الفنية لل ّتشبيه): احتل ح ّيزا ً واسعاً فيه.فام هو التّشبيه ،ألن تع ّرف من يقرأ النهج « ،وخصوصاً الخطابة منه ،يجد أن التّشبيه قد ّ حقيقته يسمح لنا باإلنطالق اىل دراسته يف ال ّنصوص الخطاب ّية من «ال ّنهج»؟أعطت اللغة أشياء العامل املعروفة
لكل يشء كلمة أو أكرث ،وكانت تشرتك ع ّدة أشياء أحياناً بكلمة واحدة.يعني حس ّية كانت أم مج ّردة كلامت ،فكان ّ أن مفردات اللغة محدودة العدد مهام كرثت ،تبعاً ملحدودية أشياء العامل املعروفة.وال يعد إنتاج معجم األلفاظ وظيفة اللغة الوحيدة ولكن للغة وظيفة موازية إلنتاج املعجم ،هي إقامة العالقة بني املفردات من خالل ما والصفات متناهية ،فأ ّما داللة يسمى بالتأليف.ولقد اكتشف ال ّرماين هذه الحقيقة حني أعلن أن «داللة األسامء ّ
التّأليف فليس لها نهاية» .والتّأليف هو الذي يرس للغة وظيفة إقامة التّواصل املستمر بني ال ّناس ،كشفاً عن املعاين املوجودة داخل نفوسهم ،وإيصاالً لها إىل أذهان املتلقني .
_______________________ .3طه ابراهيم،تاريخ النقد األديب،بريوت ،دار املعارف،ط،3،1976ص.76-75 .4عبد السالم املسدي،االسلوبية واالسلوب،بريوت،الدار العربية للكتاب،1982،ص،53-52عدنان بن ذريل،االسلوبية،مجلة الفكر العريب،العدد،60ص.249 .5عيل زيتون،البالغة العربية بني لغتي الرتاث والحداثة،مجلة الفكر العريب ،العدد،60ص.114 .6النكت يف إعجاز القرآن ،ضمن ثالث رسائل يف اإلعجاز،تحقيق خلف الله وسالم ،دار املعارف مبرص1976،م.ص.107. .7عيل زيتون،البالغة العربية بني لغتي الرتاث والحداثة،مجلة الفكر العريب،العدد60سنة ،1990ص.126-114
طائر الفينيق
واحدة وبشكل مفاجئ ،إذ مل يكتف بتشبيهه بالثّور مع ما تقدمه هوية الثور من إضاءة جديدة لهوية طلحة، ومع ما ترمز إليه من امتالك قوة جسدية هائلة تسخر ملآرب ليست سوية األسلوب والنتائج وال سلميتها ،ومع ما الصورة بهدف إمتام القراءة يرتبط ّ بكل ذلك من اعتزاز بغري ما يجب أن نعتز به ،ولكنه لجأ اىل استكامل ّ السكونية ،ـأي انّه مل يكن ثورا ً راقدا ًيجرت ،أو متحركاً يلقف فقال(:عاقصاًقرنه) ،فلم يبق يف حدوده أبعاده الرمزية ّ رشأي نتائج قد تكون الحشيش يف مرعى ،ولكنه عاقص قرنه ،مستعد لل ّنطاح بكل غطرسة موحية بأنّه ال يحسب لل ّ
الصورة مع عقصة القرن إىل نهايتها.فام أن يترشب الثور املوجة الضوئية التي قدمته متغطرساً وبيلة.وال تصل ّ
حتى تغمره موجة ضوئية أخرى تتداخل مع األوىل وتلحقها بأبعاد داللية جديدة تبلغ به ح ّد الحامقة« ،يركب الصعب ويقول هو الذّلول» ،خصوصاً أن هذه الشخصية املتآلفة من بعدي:اإلنسان والثور ،والتي ألغت تينك ّ الهويتني ،لصالح هوية جديدة قد أعيدت م ّرة ثانية إىل بعدها اآلدمي وإن مل يكن إىل وضعية طلحة الواقعية بل
الصعوبة والخطورة إال أنه يكابر أو يتلبس ثوب الصعب من الدواب.ومع أنه مدرك ّ إىل وضعية من يحاول امتطاء ّ األحمق فيقول»:هو الذّلول». الصفة مل نكن أمام تشبيه بسيط إذا ً ،ولكننا أمام تشبيه متنام يتداخل مع كناية تزيد يف تعقيدات بنيته.وهذه ّ التي تحصلت لنا شيئاً فشيئاً عن شخصية طلحة ،إمنا متت عن طريق قراءتها من قبل عيل (ع) وتعبريه عنها. واللجوء إىل التّشبيه هنا كان محاولة الكتشاف معادل لوضعية طلحة هذه التي مل تستطع اللغة العادية اإلفصاح السيطرة عنها.ولقد شكّلت هذه القراءة معرفة واكتشافاً للعامل يف هذه النقطة بالذات قصد تغيريه أو تحسينه أو ّ عليه. • ال ّنموذج الثاين:قراءة شخص ّية الجامعة ،وتسميتهااملنافقون. وإذا ما أعلن عيل (ع) استحالة تقويم رجاله،فذلك أل ّن ال ّنفاق قد صار ظاهرة شائعة بينهم ،يفعل فعله فيهم. تكاثر املنافقون« :منهم ملة الشّ يطان وحمة ال ّنريان « .وإذا كان املنافقون أولئك الذين يظهرون اإللتزام بال ّدين ويضمرون العكس ،وهذه ال ّداللة معلومة عند من يعرفون العربية ،فإن عل ّياً قد قرأها قراءة منتمية اىل عامله، ترى يف املنافقني ما مل يره اآلخرون .وليك يقدم ال ّداللة التي رآها .أضاف (النريان) إىل (إبرة) ،فأكسبها هوية
تتداخل فيها هويتا العبقري بس ّمه الناقع،وال ّنار بلظاها ،لتيضء هوية _______________________ .12اللمة :الجامعة. .13الحمة :االبرة. .14عيل بن ايب طالب ،م.س،ص.224 طائر الفينيق
وال يزال التّشبيه بنية تعبريية شديدة الحضور يف نتاجنا األديب املعارص ،كونه منهجاً يف التعبري أثبتت التّجارب لكل العصور ،خصوصاً أنه تلوين ألحد أشكال اإلسناد يف اللغة.واإلسناد نسغ اللغة الجاري يف األدبية صالحيته ّ عروقها.وإذا كان التّشبيه أحد الوان ذلك ال ّنسغ صار رضورة لغوية ال ب ّد منها يف جميع العصور ،عصور ال ّنهايات التي نعيشها أم عصور البدايات التي عاشها اإلمام عيل(ع).واحتالل التّشبيه ح ّيزا ً واسعاً من خطابة ال ّنهج يعني محاولة جادة من قبل عيل(ع) لتكوين عامله الخاص به من خالل تسمية أشيائه بهذه الطّريقة.فتسمية أشياء
العامل هي ،بالنتيجة ،إعادة انتاج للعامل الواقعي من خالل رؤية معينة ،ومنهج تعبريي معني.وانتشار التّشبيه بهذه السعة يف خطابته إشارة واضحة الرتباطه برؤية الخطيب(ع)القائلة بوحدة أشياء الوجود التي صدرت عن صانع ّ حكيم واحد وم ّدبر عليم فرد بثّ فيها جامله فتالقت كلّها عىل التّسبيح بقدرته ،وصارت أشبه ما تكون باملرايا تعكس صورة بعضها اآلخر. والدخول اىل عامل النهج من خالل التّشبيه ،هو قراءة ملعلَم ثان بعد املعجم ،من معامل اإلبداع فيه ،ويستوجب ذلك مراقبة أمر هو تعرف غنى تلك القراءة من خالل التّشبيه. فمن يتابع التّشابيه يف «نهج البالغة» ،يسرتع انتباهه جدل يكاد يحكم تلك التشابيه ويطبعها بطابعه ،عنيت به جدل (اإلنسان/الدين). سنكتفي بقراءة وتحليل بعض ال ّنامذج عن التّشبيه يف نهج البالغة: •النموذج االول :قراءة شخصية اإلنسان الفرد والتّعبري عنها طلحة:خاطب عيل(ع)عبد الله بن عباس عندما أنفذه اىل الزبري يستفيئه اىل طاعته قبل حرب الجمل قائالً»:ال تلقني طلحة ،فإنك إن تلقه تجده كالثور عاقصاً قرنه يركب الصعب ويقول:هو الذّلول.ولكن الق الزبري فإنه ألني عريكة .نهى الخطيب (ع)عبد الله بن عباس عن لقاء طلحة ،ويعني هذا النهي أمرين:األول هو أ ّن ابن عباس قد يلقى طلحة إذا مل ينه عن ذلك ،والثاين هو أن ال ّنهي ناجم عن دراية عيل(ع)ببعض مقومات شخصية طلحة التي يجهلها رسوله.ولقد أوجب هذان األمران عليه أن يقرأ ما خفي من جوانب تلك الشّ خصية ،فلجأ من أجل ذلك إىل التّشبيه املعقّد املتنامي الذي مل يوجد جاهزا ً دفعة _______________________ .9عاقصاً قرنه،كناية عن تغطرسه. .10الصعب:الدابة الجموع. .11عيل بن ايب طالب،نهج البالغة،دار التعارف للمطبوعات،بريوت،ط1،1990م،ص.36 طائر الفينيق
كام رأى علامء الجامل الغربيون ألنه ،كام يرى الجرجاين ابن القرن الخامس ،ال توجد سلسلة من التّعابري تتناول الفني عامة ،والجامل األديب ،عىل وجه الفكرة الواحدة ،فتبلغ إحداها الكامل فيتمثل بها متام الجامل .الجامل ّ
الخصوص ،متصل برؤية الخطيب اىل العامل .وغنى األدبية من غنى الرؤية .وهذه الرؤية ،التي ترتكز عىل الثقافة، بشكل أسايس ،هي التي متكن األديب من أن يرى ما يراه يف هذا الجانب أو ذاك من جوانب العامل .وما يراه إمنا
يراه باللغة .ولذلك فإننا ال نستطيع القول كانت رؤيته عميقة مبعزل عن تعبريه ،أو القول كان تعبريه رائعاً مبعزل عن الرؤية .الثقافة بدالها ومدلولها تكون عميقة أو ال تكون.والذي يجب أال يغرب عن بالنا هو أن األديب الكبري هو بالرضورة مثقف كبري. وظيفة اإلستعارةالدّ الل ّية يف نهج البالغة: قراءة ثنائية (الفتنة/الدنيا): •الفتنة: كان دفع الفتنة هامً محورياً عند عيل (ع)خصوصاً يف زمن خالفته،فكيف تبدت له؟وكيف قرأها؟ تحدث (ع)ع ّمن أطاعوا الشّ يطان وسلكوا مسالكه قائالً»:يف فنت داستهم بأخفافها،ووطئتهم بأظالفها،وقامتعىل سنابكها»(ص.)47وهو حني أسند الفعلني(:داست)و(وطئت)اىل الفنت ،وع ّدى األول منهام إىل اإلخفاق بوساطة حرف الجر،والثاين إىل األظالف،غ ّيب الهوية املوضوعية املجردة لتلك الفنت ،وأكسبها هويتني فنيتني هام:هوية
الجمل التي تب ّدت من خالل األخفاف ،وهوية الثّور التي ظهرت من خالل األظالف.
السحق،غري مدركة من تسحق ،وال ما ينجم عن وهاتان الهويتان البهيميان تقدمان الفتنة قوة هائلة متمكنة من ّ السحق.وهذا أمر شديد البشاعة بالنسبة إىل عريب تلك املرحلة الحضارية.وحني يتصور الخائضون غامر الفتنة هذا ّ أنهم بعض وقودها ال بد من أن يأخذ الوجل قلوبهم فريعووا .يعني ذلك أن اإلستعارة العلوية مل تقم بالوظيفة التعويضية وحدها،وظيفة الكشف عن خصوصية رؤية اإلمام (ع) إىل الفتنة ،ولكنها قامت بوظيفة ثانية،هي السببي ،ولكن عىل إخراج الوظيفة اإلقناعية .هذا ومل ترتكز العملية اإلقناعية ،عرب هذه اإلستعارة ،عىل املنطق ّ
املتلقي من واقعه املوضوعي وال ّدخول به إىل عامل ف ّني تتب ّدى الفتنة فيه جمالَ وثورا ً.ويصبح املتلقي معه جزءا ً من آليات اشتغال هذا العامل املخيف الذي يدخل الخوف من الفتنة قلبه فيبتعد عنها.
طائر الفينيق
(املنافقني) وتقدمهم الينا الوباء الذي يطال السليمني (املؤمنني) فيأرسهم اىل مملكة الخطيئة ،حيث يتحول الخطاة يل وقود تلك النار .اننا أمام عملية إضاءة معقدة ،يتبدى فيها املنافقون غري املنافقني ،واملؤمنون غري املؤمنني ،واإلبرة غري اإلبرة ،والنار غري النار ،يخلع كل عنرص منها هويته ليبدلها بهوية معقدة تخدم يف النهاية هدفاً واحدا ً هو قراءة املنافق والتعبري عنه من خالل منظور عيل (ع) وتجربته معه. •ال ّنموذج الثالث :قراءة األمور ال ّدينية يف تشبيه ال ّنهج. القرآن الكريم :مثة إبداع الهي آخر مرتبط باإلسالم هو القرآن ،حاول عيل (ع)تقدميه»:ثم أنزل عليه الكتاب نورا ً ال تطفأ مصابيحه ،رساجاً ال يخبو توقده ،وبحرا ً ال يدرك قعره ،ومنهاجاً ال يضل نهجه ،وشعاعاً ال يظلم ضوؤه، وفرقاناً ال يخمد برهانه ،وتبياناً ال تهدم أركانه ،وشفاء ال تخىش أسقامه ،وعزا ً ال تهزم أنصاره ،وحقاً ال تخذل أعوانه» .إن رؤيته القرآن شبيهة برؤيته اإلسالم إىل ح ّد بعيد ،قدمت لنا كتاب الله شفاقاً يحمل الهوية املناسبة والساج والبحر واملنهاج والشّ عاع والفرقان والتّبيان والشّ فاء يف اللحظة املناسبة ملوقف من املواقف .فهو ال ّنور ّ والع ّز والحق ،وال نصل اىل نهاية املطاف مع هذه الهويات .فهو مفتوح إىل ما ال نهاية .ويشري هذا كله إىل ال ّنفع كل لحظة من حياتنا نحتاج فيها إىل القرآن. كل احتامل يف ّ العميم الذي يحمله القرآن .ذلك ال ّنفع املفتوح عىل ّ والساج والبحر واملنهاج من كام تشري هذه القراءة إىل أمرين :األول انتامء ّ يل وفكره ،ملا للنور ّ الصورة إىل عامل ع ّ موقع يف ذلك العامل ،والثاين :هو ما ميثله القرآن يف نظره.
-2اإلستعارة أ-مهاد نظري: تظل قامئة بني ما يفكر به اإلنسان وما يقوله ،يف إشارة إىل عنجر التعبري يرى بعضهم أن مسافة غري قابلة لإللغاء ّ عن أبعاد التفكري ،بشكل كامل .والحقيقة أنه ال توجد مثل تلك املسافة ،ألنهال توجد فكرة مبعزل عن التعبري. الفكرة والتّعبري عنها أدباً ،أو رسامً ،أو موسيقى يولدان يف اللحظة عينها.وال وجود ألحد الطرفني مستقالً عن عب عنها ،يف البالغة العربية ،باملزية ال تكون بكامل التّعبري عن الداللة، اآلخر .يعني ذلك أ ّن األدبية التي ّ _______________________ .15عيل بن ايب طالب،م.س،ص.230-229 .16م.ن،ص.230
طائر الفينيق
والتأمل في ديوانه محمد زينو شومان بين القصيدة ّ «فاصلة بين امرأتين»
أ.د درية كامل فرحات أستاذة يف الجامعة اللبنانية كلية اآلداب لكل إنسان ...وهو الخالق ِّ إ ّن الف ّن هو موهبة إبداع وهبَها ُ
اإلبداعي اإلنسا ُّين حيث يُعد لونًا من ألوان الثقاف ِة تاج ال ّن ُ ُّ
ِ املألوف يف التّفكريِ ويف ال ّنظ ِر أو خروج عن اإلنسانيّة ،وفيه ٌ يعب اإلنسا ُن عن أناه ِ الحكم عن أي يشء ،فمن خالل الفنون ّ وذاته أو عن رأيه أو إحساسه.
يعب عن الواقع بلمسات الجامل ،وهو تحويل للواقع بواسطة أساليب تعبريية ،وأدائ ّية من نوع خاص، والفن ّ وسواء أكان الف ّن عملية تحويل ،أو عملية رمز ،أو هروبًا من الواقع ،أو تساميًّا عليه ،فال يه ُّم ذلك .إنّ ا امله ّم أنّه انتقال من حقيقة عادية شائعة إىل عامل يفوق الواقع ويتّصف بالجاملية ،و ُح ْسنِ الذّوق. وحسه إ ّن الفنون تحمل خربات الحياة وتجاربها ،لذلك فهي وسيلة راقية لتنوير وتعليم اإلنسان ،وتربية ذوقهِّ ، شعب متط ّو ٌر. الشعب الذي تنمو فيه الفنو ُن واآلداب هو الجام ِّيل .إ ّن ٌ ّ والشّ عر ف ّن من الفنون الجميلة ،فهو مجمل عواطف ال ّنفس ونزواتها ،يبدو تارة زفرات ح ّرى يُص ّعدها فيعب عن عواطف جمهور ً صدر هائج ،وطو ًرا ابتسامات عذبة تعلو ثغ ًرا جميل .وقد ّ تتسع دائرته بعض األحيانّ ، عب عن عواطف أ ّمة بأرسها ،والشّ اعر هـو الذي يشعر بعواطفه الشّ خصيّة أو بعواطف غريه من ال ّنفوس ،بل ّ ربا ّ حب وبغض وفرح وحزن ،فرياها منعكسة عىل مرآة نفسه فيربزها إىل الخارج بطريقة تجعلنا شاعرين معه من ّ ببعض تلك العواطف.
طائر الفينيق
•الدّ نيا: ولقد تعامل (ع)مع الدنيا مبثل ما تعامل به مع الفتنة .وإذا ما قدمت الفتنة بشاعة تدفع للتّخلص منها،فإ ّن جهدا ً أشد قد بذل لتخليص ال ّناس من رشور ال ّدنيا.وهو(ع)عندما يتح ّدث عن ال ّدنيا ،فإنه غالباً ما يبدأ حديثه بحرف اإلستفتاح (أال)،ملا فيه من طاقة تنبيهية الفتة تهيئ املتلقي لنقلة من عامل إىل عامل. ولقد أرسل اإلمام (ع)،بعد واحد من استفتاحاته جملة تقريريّة «ولّت حذّاء»هي عبارة عن كناية تسحب ال ّدنيا من حوايل املتلقي ،وتنسيه أنه يعيش فيها،لتقدمها مستقلة عنه،قد تراجعت بفعل طبيعتها التي ال يوثقبها.وال يكتمل خروج املتلقي من عامله الواقعي،مع هذه اإلستقاللية الالفتة ،إال مع الهوية الجديدة التي صارت إليها الدنيا بفعل اإلستعارة ،إذ»مل يبق منها إال صبابة كصبابة اإلناء اصطبها صابّها»(ص.)84باتت ال ّدنيا،يف أصلها ،مع السعة،فكيف إذا مل يكن قد بقي فيه هذه الهوية ماء يف إناء.واإلناء مهام كان كبريا ً ّ يظل يف نظر املتلقي محدود ّ تبل ظأم. إال صبابة ،بقية عافهاصاحبها،ألنها ال ّ إ ّن هوية كهذه ال متكن املتلقي من امتالك تدخل يف قناعاته هزال قيمة الدنيا الغائبة خصوصاً أن انحسارها مرتافق مع إقبال ما يضادها ،نعني به اآلخرة».أال وأن اآلخرة قد أقبلت»إقباالً يجعلها تشكّل مع ال ّدنيا ثنائية «لكل منهام بنون فكونوا من أبناء اآلخرة تتعاىل فيه اآلخرة بشكل حاسم،وذلك وسط دعوة لإلنتامء إليها،إذ يوجد ّ وال تكونوا من أبناء ال ّدنيا»(ص)84وأهمية اإلنتامء يف اإلستعارة العلوية عائدة إىل هذه العشرية أو تلك انتامء قدرياً ال قبل لإلنسان بتغيريه ،فإنّنا مع عيل(ع) أمام انتامء إسالمي يح ّدد املرء موقعه فيه.لقد أدخلت اإلستعارة كل متلق بالقدر وباإلتجاه الذي تتيحه له املتلقّي عاملاً رؤيوياً تسود األرسيّة فيه قيم جديدة يذهب معها خيال ّ رؤيته الخاصة.إنّه رشيك بقوة اإلستعارة يف إنتاج ذلك العامل ،ويف اإلنتامء إليه.
طائر الفينيق
ويكمل الشّ اعر ارتحاله يف ديوانه فاصلة بني امرأتني ،الذي يغوص فيه بالقضايا الوجوديّة املصرييّة ،والعنوان عالمة ،إشارة تواصل ّية له وجود مادي يتمثّل يف صياغته ونحته من مفردات لغة الكاتب أو لغة الكتاب ،فلم تعد حب املرأتني تحمل داللتها املبارشة عىل جنس اإلناث ،فالشّ اعر ّ ربا يضع ح ّده الفاصل بني أمرين ،يربطهام عالقة ّ السامء واألرض ،عالقة بني العشق والشّ غف ،بني الحياة واملوت ،بني الشّ ك واليقني، من نوع آخر ،عالقة بني ّ تساؤالت عديدة يح ّملها الشّ اعر دالالت متعددة يف قصيدته التي وسم بها ديوانه: تساءلت: كم ُ لف؟ الس ْ أهذي األرض ٌ بعض من مواريث ّ أهي ملك خالص يل؟ الساموات التي متيش الهوينا وملن هذي ّ
بافتحار
وصلف ؟ ْ
شغف؟ أهو قلبي بني كفّيك رغيف من ْ أم هو العشق يناديني..
طائر الفينيق
وال يرتك يل فاصلة للشّ عر
ّبيعي أن يدافع عن وقد يصعب تعريف الشّ عر ،لك ّننا نقرتب منه إذا قلنا إ ّن الشّ عر حياة و مس ّو غ حياة ،ومن الط ّ أقل تقدير، أيضا أن يكون الشّ عر يف جانب كبري منه عىل ّ ّبيعي ً أجمل وأنبل ما يف الحياة وهو اإلنسان .ومن الط ّ كل ما هو غري إنسا ّين أو يش ّوه اإلنسان ويبعده عن وبصورة غري مبارشة يف معظم األحيان حربًا مقدسة عىل ّ السواء. الحياة ،أي يبعده عن الحرية والكرامة والجامل واالنسجام يف الظّاهر والباطن عىل ّ معبا عن آهاته وآالمه هذا هو الشّ عر ،فكيف إذا كان مع شاعر متيّز بدفق يف مشاعره ،يغ ّرد يف صباحاتهً ّ ، راسم واقعه الجنو ّيب املقاوم. وأفراحه ،ويرسل أشجانه يف مساءاته ،مص ّو ًرا نضاالت بيئتهً ، نَعم ،شاع ٌر ُولد يف بلدة زفتا الجنوبيّة ،يف عائلة كادحة ،جعلت األرض مصدر رزقٍ لها ،عاىن من الحرب األهليّة، فتع ّرثت مسريته التعلّم ّية ،لك ّنه تطلّع إىل األمام ،فرسم لنفسه خط نضال وكفاح يف الحياة فكان لالغرتاب تأثري يف حياته ،فنقرأ دواوينه «عائد إليك بريوت» و «مواعد الشّ عر والجمر». الصحافة طريقًا له ،ويعمل يف صحف عديدة يف لبنان والوطن العريب ،منها البالد وتكتمل مسرية كفاحه فيمتهن ّ والسفري وجريدة الجمهورية املرصية وصحيفة الحياة .ويكتمل اإلبداع معه وتبدأ رحلته الشعرية عام وال ّنهار ّ كل ما نظمه انحيازه الكامل إىل الحداثة الشعريّة غري املتفلتة ،وقد بنى ،1978ومازالت تتوهج وتتأ لّق مؤك ًدا يف ّ التاب /طقوس مدرسته الشعريّة الخاصة به ،فتفتق قريحته عن دواوين منها :الهجرة إىل وجهي القديم /قمر ّ الهاميش /قيامة القلق /ه ّوة األسامء/ ال ّرغبة /أغمضت عشقي ألرى /أهبط الكون غري ًبا /مرواغات الفتى ّ التعاودي العبث /مرقد عاب بن عابر /وأخرها فاصلة بني امرأتني ،إضافة إىل نتاجه النرثي خنزير الحداثة. نتاج أديب غزير ين ّم عن قريحة فذّة ،وقراءة عناوين ال ّدواوين تتيح لنا أن نبحث يف أغوار الشّ اعر لنكشف مضامينها ،فكام يقول جريار جينت بأ ّن العنوان مجموعة من العالمات اللسانيّة ميكن أن توضع عىل رأس ال ّنص لتح ّددهّ ، وتدل عىل محتواه ،ويساعد ذلك عىل إغراء الجمهور املقصود بقراءته ،وهكذا كانت عناوين دواوين الشّ اعر محمد زينو شومان ،فهو ينتقل بني األمل واألمل ،بني الحياة واملوت ،متأ ّم ًل ليخرج بقناعات راسخة يتّبعها يف الحياة ،ومن خالل ذلك نبحر مع عشقه وإميانه ووطنيته ووجعه وقلقه .وهو القائل عن نفسه بأنّه يف ارتحال دائم ،ويف عدم استقرار ،ويف قلق ال يخبو أواره.
طائر الفينيق
أو بنا ْن شواهد عديدة تثبت ميل الشّ اعر إىل الكتابة واإلبداع ،فالكتابة فعل تعبري عن الهوية وعن االنتامء الخاص ،ففي اإلبداعي تعبري عن اله ّم اإلنسا ّين ،عن الطّموحات البرشيّة: العمل ّ ِ غرستك عوسج ًة يف وريد الكال ْم ليك أتذكّر دو ًما عىل ال ّرغم من جرح صويت أنني القصيدة تحت لحاف الظّال ْم! تظل عالقته مع هذا الشّ عر عالقة وعىل ال ّرغم من هذه العالقة الوثيقة مع الشّ عر ،وإحساسه بأنّه املالذ واملأمنّ ، مراوغة واحتيال: لحظة الشّ عر العصي ْه هي من أمكر ّ كل اللحظاتْ راغت وأبدت من فنون املكر يل! كم وكم ْ تظل لحظة عصيّة ،تعانده ،وتهرب منه ،لك ّنه يستم ّر يف البحث عنها نعم إ ّن لحظة اإلبداع والتّألق عند الشّ اعر ّ حتّى لو مل يدركها ،وتدفعه إىل تقديم الشّ كر واالمتنان ملا يخطّه قلمه: والشّ كر للقلم املثابر يف يدي
ْ الورق مل ثرثرة هذا الذي ما ّ
ظل قرب وساديت أغفو وال يغفة بل ّ يالزمني طوال الوقت ولعل هذه العالقة بني الشّ اعر والشّ عر تقوده إىل حالة من نعم ،هي عالقة تالزم وثقة ،عالقة مستمرة التنتهيّ ، التّأمل والبحث يف قضايا الوجود. _______________________ .4محمد زينو شومان ،فاصلة بني امرأتني ،ص .36 .5محمد زينو شومان ،فاصلة بني امرأتني ،ص .98 .6املصدر نفسه ،ص .50 .7املصدر نفسه ،ص .18 طائر الفينيق
بني امرأتني؟ هي ثنائيات تراوده ،وتثري يف نفسه إشكاليات مختلفة ،فال يبقى أمامه ّإل الشّ عر يفصل بني هذه العالقات املتنافرة الكامنة يف قلبه وفكرة. وهكذا نرى أ ّن عالقته بالشّ عر عالقة وثيقة تتجذّر يف نفسه إىل أبعد الحدود ،وتستم ّر معه إىل أ ّن تكون قطرة الشّ عر هي ال ّنجاة من املوت ،فيقول: أرسع بنا ِ الكلامت مقدار ما تحوي ي ُد من مط ٍر القلب فهذا ُ ال يحيي ِه ِ املوت، وهو عىل شفري ّإل قطرة الشّ عر األخري ْة إ ّن ال ّنتاج األد ّيب يعكس الحالة الشّ عوريّة لألديب ،أي أ ّن «الحالة االنفعاليّة وال ّنفسيّة التي تؤث ّر عىل الحالة الصدق الجسم ّية للكاتب ،تنعكس بدورها عىل العمل األديب ،ورمبا لهذه الحالة عالقة بصدق التّعبري أو مبا يُسمى ّ الفني ،أي إ ّن العمل األديب ميثّل بصدق وقوة حقيقية مشاعر الكاتب وأحاسيسه» ،وشاعرنا شومان يعكس ما يف ّ داخله من إعجاب بالشّ عر وما له من تأثري عىل نفسه ،وهو يلبي نداء الشّ عر طوع إرادته مأخوذًا به: أيها الشّ عر ل ّبيك ،ل ّب َيك صاحب رؤيا رصف كام شئت .إن كنت َ ُم ْرين ..ت ّ فال ترت ّد ْد،
وم ّرر ،عىل عنقيُ ،م ْد ْ يتك
خاتم، سرتاين مطي ًعا أش ّد طواعي ًة لك من ٍ _______________________ .1محمد زينو شومان ،فاصلة بني امرأتني ،بريوت ،دار الفارايب ،ط ،2103 ،1ص .119 .2املصدر نفسه ،ص .84 .3أنيسة فخرو ،مظاهر العملية اإلبداعية يف تجربة الكتابة األدبية بالبحرين ،ال م ،ال ن ،ط ،1993 ،1ص .81 طائر الفينيق
كل الجهات ،فهو املتأ ّمل يف مصري العامل حوله ،يرى املجهول الذي تتواتر األسئلة عند الشّ اعر ،وتحارصه من ّ ظل مفتاحه معلّقًا بال ّزمان ،فيقف أمام أسئلة كثرية لها عالقة بالوجود نشهده يف يومياتنا ،حتى باب ال ّنجاة ّ واملصري ،هذه التّساؤالت التي راودت عقل اإلنسان ،فشغلت عقله ظواهر ال يعرف لها أجوبة؛ يحاول اكتناه رس الوجود فريت ّد عاجزا ً لك ّنه يثابر ويفكّر متأ ّمالً متسائالً عن الكون والجسد وال ّروح واملوت وما غياهب الذّات و ّ بعد املوت ،بل إ ّن اإلنسان رأى يف وجود ذاته لغزا ً يحتاج إىل أن يجد له الجواب ،فريسم الشّ اعر يف «برئ الطّالسم» أسئلته التي راودته يف تجربة الحياة ،فيقول: ٍ هدف زلت أسعى دومنا ما ُ فض األحاجي كأي مراو ٍغ مل يستطع ّ ّ
فغا
ويف عينية ملح ال ّتجربة
حل لهواجسه ،ويبحث عن األمل يف سائل الكواكب لعله يجد ًّ وتستم ّر تجربته يف اإلبحار باللغة باحثًا عن الجوابً ، برئ الطّالسم ،لك ّنه يعود خائبًا يشعر بالحرية:
وكم ألقيت يف برئ الطّالسم من دال ْء ورجعت أكرث ريبة ُ وأش ّد حري ْه
_______________________ .10املصدر نفسه ،ص .91 طائر الفينيق
فمنذ أن وجد اإلنسان عىل سطح هذه البسيطة وهو يبحث عن وجوده وحقيقة هذا الكون ،بل إ ّن الوجود اإلنسا ّين عىل هذه األرض وجود مغرتب يف األصل ،وإ ّن االغرتاب هو أزمة الوجود اإلنسا ّين منذ األزل ،لذلك لجأ «السمو يف التّأمل واستغراق الذّهن يف التّفكري» ،أي إنّه يلجأ إىل التّفكري العميق اإلنسان إىل حياة التّامل ،أي ّ رس الوجود حول موضوع ما محاوالً اكتشاف جوانبه كافة؛ وانطلق اإلنسان باحثاً يف الكون والوجود والحياة وعن ّ وعن حقيقة ال ّروح والجسد وعن املوت والحياة ،وصوالً إىل البحث يف املاورائيات أو ما وراء الطّبيعة ،ومل يكن محمد زينو شومان بعي ًدا من هذه التساؤالت: فأين مالذي؟ وكيف مصريي عىل قاب ذنبني
ِ موعد اآلخر ْه؟! من
فهو يتّجه نحو الداخل ملالمسة عصب الوجود ،خصوصا القضايا الوجودية التي بدأت ترواوده، وإىل ما هنالك من مثل هذه الفضاءات الفكريّة والنفسيّة التي تحتاج أكرث إىل اإلمعان والتّوغل يف ال ّداخل، وتدفع إىل طرح الكثري من التّساؤالت: أسئلة وأسئلة تبادلك الغموض كأنّهت الباب الذي قد علّق املفتاح عنق ال ّزمان
طائر الفينيق
ال نور يشهق داخل هذا الخباء املس ّمى الجسد فالبقاء يف هذا الجسد ما هو إىل ظالم مقيت ،وإن كان الشّ اعر مل يأت عىل ذكر ال ّروح ،أو العامل اآلخر الذي املادي صورة لذلك العامل اآلخر الذي ينطلق فيه رمبا باحثًا عن الحقيقة املطلقة: ينشده ،فإن رفضه للجسد ّ ِ الجلد؟! أحبيس أنا داخل فيا عج ًبا ٌ أفقد حتى وميض ال ّرما ْد ترى كيف أخرج من ذلك الغار؟ من أين يل ولو بثاملة جمر ْه أتخنقني ظلامت الجس ْد؟! ويسيطر عىل الشّ اعر حالة القلق ،فهروبه ال ّدائم يصطدم مبحارصة هذا القلق: أهرب من أين ُ ها هنا دو ًما يحارصين القلق؟
طائر الفينيق
وهذه التّأ ّمالت تقود الشّ اعر إىل البحث يف حقيقة الجسد ،والعالقة مع ال ّروح ،أي عن «الحقيقة املفكّرة والذّات «كل التي تتص ّور األشياء يف مقابل املوضوع املتص ّور ويقابل املادة كام يقابل الجسد» .وهذا الجسد ما هو إالّ ّ مادي يشغل ح ّيزا ً ويتم ّيز بالثقل واالمتداد ، »..وعىل ال ّرغم من الوصول إىل بعض املفاهيم حول ماهية جوهر ّ معبين عن اختالف آرائهم أو ناظرين إىل الجسد وال ّروح دينياً وفلسفيّاً ،إالّ أنّه ّ ظل مفهوماً غامضاً تناوله الشّ عراء ّ طبيعة العالقة بني الجسد وال ّروح ،نظرة عميقة تؤ ّدي أحياناً إىل رصاع اغرتا ّيب ،لهذا يحاول الشّ اعر الخروج من جسده الذي يكبلّه ويربطه بالحياة ال ّدنيا ،فاالنعتاق من الجسد هو الخالص ،والبقاء يف الجسد هو القيد: أظل يف زنزانتي إىل متى ّ
منحبسا ً يف علبة تدعى الجسد؟
والضجيج والعزلة واالرتعاش ،لذلك ال ب ّد من الهروب إىل السواد واألنني ّ فالجسد عنده يناظر الوجود والعدم فهو ّ الالفضاء لعلّه يعرث عىل ما ضاع من ذلك الجسد املغلوب: ظالم ..ظال ْم أدور هنا ،حول نفيس كمثل ال ّرحى الضوء أح ّدق فيعتمة الكهف ،بحثًا عن ّ
طائر الفينيق
ّ الشيطان لبني آدم في الخطاب ال ّ يني أساليب إغواء د ّ
«مقارنة بين القرآن الكريم والعهد الجديد»
كوثر حسني فردون امللخص الحق ،وب ّينه ،وحذّرنا من خطوات الشّ يطان وطرقه ،فأرسل الشياطني؛ ليم ّيز الخبثاء من أظهر الله لنا طريق ّ الحساسة التي شغلت َ بال اإلنسان ،والتي ال تزال الطّيبني؛ يُع ّد موضوع الشّ يطان وإغواءاته وأساليبه من املواضيع ّ من املواضيع امله ّمة .وقد اخرتت موضوع بحثي عىل هذا األساس ،بعنوان« :أساليب إغواء الشّ يطان لبني آدم يف الديني» (مقارنة بني القرآن الكريم والعهد الجديد). الخطاب ّ تعتمد هذه الدراسة عىل املنهجني :التحلييل واملقارن؛ بغية الوصول إىل استنتاجات ،تبنى عليها تص ّورات واضحة، تساهم يف توجيه القارئ؛ ليكون ملتفتاً إىل أساليب الشّ يطان ،ومخططاته ،فضالً عن طرق التصدي لهذه األساليب؛ وذلك عن طريق اظهار مهمة الشّ يطان يف الرؤية الدين ّية التي حملتها نصوص االسالم واملسيحية؛ ألن إيضاح الوسائل التي يتّبعها الشياطني يف سعيهم إىل إيقاع الناس يف الغواية والضاللة ،وفقًا ملا ذكره القرآن الكريم، الحق ،يشكّالن مق ّدمةالزمة إلدراك طرق التص ّدي واظهار املكايد التي يستخدمونها ،إلبعاد الناس عن طريق ّ لذلك .كام أن تبينه الناس إىل عد ّوهم الرشير بعدوهم عرب تبيان األساليب الشّ يطان التي ذكرها العهد الجديد، للتعرف إىل مدى خطورة هذا العد ّو ،وكيفية مواجهة أساليبه ،يع ّد أم ًرا راج ًحا من أجل تكوين خربة دينية واعية. فجل األساليب التي ذكرها القرآن الكريم توافق معها العهد الجديد إىل ح ّد بعيد ،ولكن يبقى للقرآن رسم ّ ووصف ّ أدق ،وهذه عالمة عىل أن كتاب الله أبلغ ،وأفصح ،وذو بيان عا ٍل ،حيث ص ّور بعمق مختلف الجوانب ٌ والتفاصيل التي ميكن أن يتعرض إليها البرش ،عندما تطالهم غواية الشّ يطان. املقدّ مة والضعف عند مخلوقه اإلنسان .وهو املرشف عىل إن الله (سبحانه وتعاىل) خالق الخلق ،عالِم مبكامن الق ّوة ّ الصاع الذي يعيشه الفرد يف ال ّدنيا ،وعىل ما يواجه هذا الفرد من تح ّديات مع الشّ يطان الذّي يُع ّد -هو اآلخر- ّ مخلوقاً من ِقبل الله (سبحانه وتعاىل) ،لحكمة اقتضاها ،وغاية أرادها.
طائر الفينيق
استطاع الشّ اعر أن يخوض يف موضوعات تتعلّق باألمور الغيبيّة ،فتط ّرق إىل قضايا الوجود ،ونقل خواطر وتأمالت يف الحياة والكون وال ّنفس البرشيّة ،فقد ات ّخذ شعره منعطفًا نحو القضايا األكرث عالقة بالوجود وباملصري ،مبعنى االنتقال إىل الداخل والغوص يف ال ّنفس ،فارتبطت القصيدة بالتّساؤالت حول عالقة اإلنسان مبسائل ذات بُعد ميتافيزيقي أحياناً كاملوت ،أو مبسائل متعلّقة بالحياة ،وكان للقصيدة ال ّدور البارز يف تحديد هذه العالقة مع التكيز يف بحثنا هذا عىل قضايا معبة عن قضايا عديدة ،وإذا كان ّ الوجود ،فكانت عالقته بالشّ عر عالقة قوية ّ التّأمل فإ ّن الشّ اعر يف ديوان «فاصلة بني امرأتني» تناول ع ّدة قضايا منها ما له باألبعاد الوطنيّة والقومية ،فتحدث وكل ما يتعلّق بالقضايا الحياتيّة اليوميّة. عن لبنان ،ومل ينس فلسطني وغ ّزة ،كام كان قريبا من األرض واملرأة ّ خلق يف عرص بات االنتشار فيه رسي ًعا عرب التكنولوجيا الحديثة ،ويبقى الشّ اعر محمد زينو شومان شاعر مبدع ّ تغيه معامل الحياة الحديثة ،بقدر ما يكون الشّ اعر راس ًخا ثابتًا ،محافظًا عىل فكره العميق ونضجه اإلبداعي ال ّ ّ وصول إىل ومضات ً كل جديد ،يحاول أن يكتب القصيدة بأشكالها املتن ّوعة بني العمودي والتّفعيلة، متفاعل مع ّ ً تعتمد التّكثيف واإليجاز.
طائر الفينيق
الدراسة الرابعة :حقيقة إبليس كام جاءت يف القرآن الكريم ،للباحث عبدالله بن سامل بن يسلم بافرج( ،أمالقرى لعلوم الرشيعة والدراسات اإلسالمية ،مكة املكرمة2009 ،م 1430ه) .يتناول هذا البحث تعريف املالئكة وإبليس ،ثم أقوال املفرسين يف حقيقة إبليس. الدراسة الخامسة :أساليب الشّ يطان يف إغواء بني آدم كام جاءت يف القرآن الكريم ،للباحث محمد بن عبدالعزيز املسند( ،قسم القرآن وعلومه كلية أصول الدين ،جامعة االمام محمد بن سعود االسالمية ،الرياض، 1432ه) .يتناول هذا البحث أسباب عداوة الشّ يطان لإلنسان ،وكيف ّية سعيه إىل إضالله ،ويذكر األساليب التي تختص بأولياء الرحمن. يستخدمها الشّ يطان يف إضالل بني آدم عا ّم ًة ،ث ّم يفصل يف ذكر األساليب التي ّ لشيطان ووظيفته يف الرؤية الدينية أوالً :املفهوم الدال ّيل ملفردة الشّ يطان .Iالبعد االشتقاقي ملفردة الشّ يطان اختلف أهل اللّغة يف األصل الذي يرجع إليه اشتقاق هذه الكلمة عىل قولني :الجذر األول :القول بأن الكلمة ترجع يف اشتقاقها إىل الجذر (شَ طَ َن) ،أي :بعد .س ّمي به؛ لبعده عن الخري والرحمة» .والجذر الثاين :القول بأن الكلمة ترجع يف اشتقاقها إىل الجذر (شَ يَ َط) ،ويستفاد ذلك من خالل ما ذكره بعضهم« :شاط اليشء ،شيطاً وشياطة وشيوطة ،احرتق ،وشاطت القدر شيطاً :احرتقت». وسواء أكان املصدر اللّغوي للشيطان شاط أو شطن ،ففي األمر تناسب .فإذا كان شاط مبعنى احرتق ،فإنّه يستنبط من كون إبليس قد ُخلق من مارج من نار .وإذا كان من الجذر شَ طَ َن ،فألنه طُرد من رحمة الله ،وأُبعد .ولرمبا يكون الشّ يطان من اإلنس ،أو من الج ّن .ولذلك ،فإ ّن األرجح أنه من الجذر (شطن) ،أي :بَ ُع َد عن رحمة الله. _______________________ .1ابن مسعود ،البغوي ،معامل التنزيل املعروف بتفسري البغوي ،تحقيق عبد الرزاق املهدي( ،ال ط) ،لبنان ،بريوت ،دار احياء الرتاث العريب2001( ،م)، ج ،1ص.160 .2النيسابوري ،محمد بن عبد الله ابو عبد الله الحاكم ،املستدرك عىل الصحيحني ،تحقيق مصطفى عبد القادر عطا ،ط ،1لبنان ،بريوت ،دار الكتب العلمية1989( ،م) ،ج ،3ص-237ح.4952 وأخرجه الطرباين ،سليامن بن احمد بن ايوب ابو القاسم ،املعجم الكبري ،تحقيق حمدي بن عبد املجيد السلفي ،ط ،2مكتبة العلوم والحكم، (1983م) ،ج ،5ص-84ح.4656 طائر الفينيق
الحساسة التي شغلت بال اإلنسان ،والتي ال زالت من يُع ّد موضوع الشّ يطان وإغواءاته وأساليبه من املواضيع ّ املواضيع امله ّمة لدرستها. منهج ّية البحث: يف هذه الدراسة ،سوف أعتمد املنهجني :التحلييل واملقارن .أ ّما املنهج التحلييل فيكون من خالل تفسري اآليات التي تتحدث عن الوسائل التي يستخدمها الشّ يطان يف إغواء بني آدم ،وطرق التص ّدي لها ،وذلك من خالل القرآن الكريم والعهد الجديد ،وعرب تحليل اآليات ،وتأويلها ،لتكون واضحة ،وقد اخرتت هذا املنهج ،بغية الوصول إىل استنتاجات ،تبتني عليها تصورات واضحة ،ميكنني من خاللها أن أصل إىل النتائج ،والتي سوف أعتمد فيها عىل املنهج املقارن من أجل إيجاد نقاط االتفاق ،ونقاط االختالفبني نصوص هذين الكتابني .وهذا ما أريد إظهاره؛ ألصل إىل نتيجة تساهم يف توجيه القارئ ،بحيث يكون ملتفتاً إىل أساليب الشّ يطان ،ومخططاته ،فضالً عن طريقة التّصدي لهذه األساليب. السابقة: إشارة عابرة إىل البحوث ّ الدراسة األوىل :الشّ يطان _خطواته وغاياته ،للباحث وائل عمر عيل بشري ،وهي رسالة ماجستري يف التفسريوعلوم القرآن( ،كلية أصول الدين ،الجامعة االسالمية ،غزة ،سنة 2005م) .يذكر هذا البحث تعريفًا للشيطان ويفصل يف أولياء الشّ يطان وصفاتهم. ونظائره وصفاته ،من ثم يع ّرج عىل موضوع العداوة بني اإلنسان والشّ يطان، ّ ثم يتناول بعد ذلك خطوات الشّ يطان ،ووسائله ،ومداخله إىل النفس .ويكشف يف الفصلني األخريين غايات الشّ يطان ،وعواقب اتباعه ،ووسائل محاربته. الدراسة الثانية :كيد الشّ يطان من خالل آيات القرآن الكريم ،للباحثة سعاد عمر عبد الحي مشهور ،وهي رسالةماجستري يف التفسري وعلوم القرآن( ،كلية الدعوة وأصول الدين ،جامعة أ ّم القرى2008 ،م) .تض ّمن البحث: تعريف الشّ يطان ،وحقيقته ،وأصله ،والحكمة من خلقه .ويقارب موقف الشّ يطان من األنبياء ،ثم مكائد الشّ يطان نحو عامة بني آدم؛ ث ّم يعرض الوسائل الناجعة لدفع كيد الشّ يطان .ويسلّط الفصل األخري الضوء عىل عاقبة الشّ يطان ،وجزائه يف الدنيا واآلخرة. الدراسة الثالثة :من مكايد الشّ يطان والتحذير منها كام عرضها القرآن الكريم ،للباحث منظور بن محمد بنمحمد رمضان( ،قسم الدراسات القرآنية ،كلية املعلمني ،مكة املكرمة ،الرياض2009 ،م 1430ه) .وقد اشتمل البحث عىل تعريف املكايد ،وذكر مكايد الشّ يطان ،وعالج يف الفصل الثاين طرق الحيطة والحذر منه. طائر الفينيق
إ ّن مقدرة الشّ يطان عىل التأثري محدودة ،ألن سلطانه يقترص عىل األشخاص الذين اتّخذوا خيارهم ،وانحازوا إىل رش ينبع من النفس أوالً ،ث ّم يتفاقم بعون الشّ يطان .أمام هذه رش ،فهو يعاضدهم ،ويزيد يف غ ّيهم .فال ّ جانب ال ّ رش يف داخله ،ويف البيئة التي املحنة الكربى ،يقف اإلنسان ّ بكل عزة تليق بخليفة الله عىل األرض؛ ليكافح ال ّ تكتنفه ،ويسري بالتاريخ نحو غاية سامية ،فيخرج به من عامل املتناقضات إىل عامل الخري الكامل. ثالثًا :الحكمة من وجود الشّ يطان يؤ ّدي وجود الشّ يطان إىل اكتامل مراتب العبودية لرسل الله وأوليائه مبجاهدة عدو الله وحزبه ،ومخالفته، رشه وكيده، ومراغمته يف الله ،واإلستعاذة به منه ،واإللتجاء إىل الله ،ليعيذهم من ّ ولعلّه كان من حكمته أن يجري ما حدث مع إبليس من لعن ،وطرد من رحمة الله وملكوته بسبب معصيته، لكل من س ّولت له نفسه باملعصية .فحني يستشعر العبد حال إبليس ،وما آل إليه وجرأته عىل الله ،ليكون عربة ّ بعد أن أكرمه الله وقربه ،يَ ْك ُرب أمر املعصية يف نفسه ،ويعظم خوفه من ربّه. وب وقد ورد يف العهد القديمِ « :بك ْ ََث ِة تِ َجا َرتِ َك َمألُوا َج ْوف ََك ظُل ًْم فَأَ ْخطَأْتَ .فَأَطْ َر ُح َك ِم ْن َجبَلِ الل ِه َوأُبِي ُد َك أَيُّ َها الْ َك ُر ُ الْ ُمظَلِّ ُل ِم ْن بَ ْ ِي ِح َجا َر ِة ال َّنارِ .ق َِد ا ْرت َ َف َع قَلْ ُب َك لِ َب ْه َج ِت َك .أَف َْس ْدتَ ِح ْك َمتَ َك ألَ ْجلِ بَ َهائِ َكَ .سأَطْ َر ُح َك إِ َل األَ ْر ِضَ ،وأَ ْج َعل َُك أَ َما َم الْ ُمل ِ ُوك لِيَ ْنظُ ُروا إِلَيْ َك» .وذلك خري دليل عىل اهتاممه بالعربة والعظة من موقف إبليس مع الله ،والذي رص عىل معصيته. جعله عربة ملن خالف أمره ،وتكرب عن طاعته ،وأ ّ ليتبي به خبيثهم من طيبهم ،كام جعل أنبياءه ورسله محكاً لذلك حال إبليس محك ،امتحن الله به خلقه؛ ّ
ل َما أَنتُ ْم َعلَ ْي ِه َحتَّ ٰى َيِي َز الْ َخبِيثَ ِم َن الطَّ ِّي ِب﴾ َو َما كَا َن التمييز ،حيث قال تعاىلَّ ﴿ :ما كَا َن اللَّ ُه لِ َي َذ َر الْ ُم ْؤ ِم ِن َني َع َ ٰ
اللَّ ُه لِيُطْلِ َع ُك ْم َع َل الْ َغيْ ِب َولَٰ ِك َّن اللَّ َه يَ ْجتَبِي ِمن ُّر ُسلِ ِه َمن يَشَ ا ُء ﴿ فَآ ِم ُنوا بِاللَّ ِه َو ُر ُسلِ ِه ﴾ َو إِن تُ ْؤ ِم ُنوا َوتَتَّقُوا فَلَ ُك ْم أَ ْج ٌر َع ِظي ٌم﴾ . يبي قوة االميان ،وركازة العقيدة .وهنا ،تتباين مراتب الصالحني، إ ّن وقوع اإلبتالء والتمحيص وامتحان القلوب ّ فليسوا جميعاً بإميان واحد ،بل بعضهم أعىل إمياناً من بعض ،وتتباين مراتب العصاة ،فليسوا جميعاً مبستوى واحد من ضعف اإلميان .فلوال وجود الشّ يطان ،مل يعرف الصالح من الطالح. _______________________ .8سفر حزقيال.17-16 :28 ، .9سورة آل عمران ،اآلية .179 طائر الفينيق
.IIاملدلول املعنوي ملفردة الشّ يطان الشّ يطان هو «كل ٍ عات متمرد من الج ّن واإلنس والدواب» .إذا ًَ ،ع ِم َل الشّ يطان بني الناس منذ البدء عىل التخريب واإلفساد واإلضالل ،إذ «إ ّن الله وصف أصنافاً من البرش بوصف الشياطني ،تشبيهاً لهم(ألفعالهم) بأفعال الشياطني ،وهذا يؤكد املعنى بخطورة شياطني اإلنس» . ثان ًيا :وظيفة الشّ يطان ونص الكتاب املقدس ،بأ ّن عمل الشّ يطان اختباري تضلييل للبرش .فإبليس شخصية النص القرآينّ ، رصح ّ ّ مخلوقة من قبل الله الذي أعطاها الحرية منذ البدء ،فرفضت التبعية لخالقها ،واستقلت عنه ،فقررت أن تلعب وبخاصة اإلنسان الذي هو مركز الخليقة. دور املعارض واملناقض إلرادته ،وتعمل عىل إفساد خلق الله، ّ يشكّل املعتقدان املسيحي واإلسالمي ثنوية خاصة ،وهي الثنوية األخالقيّة .وال يطال التّناقض بني الله والشّ يطان كل مظاهر الوجود ،وإنّ ا يقترص عىل اإلنسان واملجتمعات اإلنسان ّية .وليس للشيطان سلطة فعلية إال عىل النفس ّ اإلنسانية ،حيث يعمل عىل إفسادها ،وص ّدها عن طريق الله. غي ويف املسيح ّية ،يُ ْع َر ُف الشّ يطان عن كثب من خالل تجارب يسوع املسيح يف ال ّربية ،والتي كانت خري دليل عىل ّ الشّ يطان .كام أن القرآن ّبي كيف أن الشّ يطان أخذ عىل نفسه عهدا ً _ منذ أن خلق الله آدم _ بإيقاع اإلنسان، الحق والخلق القويم ،إذ يقول الله سبحانه يف كتابه عن لسان وغوايته ،وتزيني املعصية له ،وحرفه عن سبل ّ صاط ََك الْ ُم ْستَ ِقي َم .ث ُ َّم َلتِ َي َّن ُهم ِّمن بَ ْ ِي أَيْ ِدي ِه ْم َو ِم ْن َخلْ ِف ِه ْم َو َع ْن أَ ْ َيانِ ِه ْم إبليس﴿ :ق ََال فَب َِم أَ ْغ َويْتَ ِني لَ َقْ ُع َد َّن لَ ُه ْم ِ َ َو َعن شَ َمئِلِ ِه ْم ( َو َل ت َ ِج ُد أَك َْثَ ُه ْم شَ اكِرِي َن). رش احتامالن مج ّردان ،وخياران رش .والخري وال ّ يحاول الشّ يطان أن يغوي اإلنسان ،ويجربه ،ليك يقوم بأعامل ال ّ ويقضلهم ومي ّيزهم عىل بقية أخالقيان ،أتاحهام الله للبرش ،ليكونا موضوعني للحرية التي وهبها لهم ،ليك ّرمهم ّ الكائنات غري العاقلة ،كام يقول تعاىلُّ : ﴿كل نَف ٍْس ذَائِ َق ُة الْ َم ْو ِت ( َونَ ْبلُوكُم بِالشَِّّ َوالْ َخ ْ ِي ِفتْ َن ًة ) َو إِلَ ْي َنا تُ ْر َج ُعو َن﴾. _______________________
.3الكويف ،أيوب بن موىس ابو البقاء الحنفي ،الكليات معجم يف املصطلحات والفروق اللغوية ،تحقيق عدنان درويش( ،ال ط) ،لبنان ،بريوت ،مؤسسة الرسالة( ،ال ت) ،ج ،1ص .824 .4مصلح ،خالد عبد العزيز ،أعداء املؤمن يف ضوء القرآن الكريم:دراسة موضوعية ،فلسطني ،غزة ،الجامعة االسالمية غزة2016( ،م) ،ص.42 املس الشيطاين وعوارضه بني الكنيسة وعلم النفس ،خالصة املحارضات التي ألقيت يف مؤمتر الكهنة املقسمني يف روما( ،ال ط) ،لبنان، .5خوري ،مروانّ ، بريوت ،طابعة معويش وزكريا1999( ،م) ،ص.6 .6سورة األعراف ،اآلية .17-16 .7سورة األنبياء ،اآلية .30 طائر الفينيق
-3اإلستحواذ: نسا ُه ْم ِذكْ َر اللَّ ِه ۚ أُولَٰ ِئ َك ِح ْز ُب الشّ يطان ۚ ﴿استَ ْح َو َذ َعلَ ْي ِه ُم الشّ يطان فَأَ َ ورد يف الكتاب العزيز قوله تعاىلْ :
اسو َن﴾ .وأصل استحوذ »:الحوذ ،وهو أن يتبع السائق حاذيي البعري .وميكن أَ َل إِ َّن ِح ْز َب الشّ يطان ُه ُم الْ َخ ِ ُ
القول :إ ّن الشّ يطان استحوذ عليه ،أي :ساقه مستولياً عليه .وأغلب الظ ّن أنّه يكون باإلستحواذ عىل القلب ،حتى إنه ينسيه ذكر الله. -4اإلجالب بالخيل والرجل: إ ّن أصل ال َجلْب هو سوق اليشء ...وأجلبت عليه :صحت عليه بقهر .وقد قال تعاىلَ ﴿ :و ْاستَ ْف ِز ْز َمنِ
ْاستَطَ ْع َت ِم ْن ُهم ب َِص ْوتِ َك َوأَ ْجلِ ْب َعلَ ْيهِم ِب َخ ْيلِ َك َو َر ِجلِ َك َوشَ ا ِركْ ُه ْم ِف الْ َ ْم َوا ِل َوالْ َ ْو َل ِد َو ِع ْد ُه ْم ۚ َو َما يَ ِع ُد ُه ُم الشّ يطان إِ َّل ُغ ُرو ًرا﴾ .فيكون أسلوب إغواء الشّ يطان باإلجالب متمث ًّل أن يسوق ضحيّته بالزجر والصياح ،فيتبع أوامره كام يشاء ،وكأنه قائد يف معسكره. -5تزيني الباطل: أصل التزيني_ بحسب اللّغة _هو تحسني وتسهيل املعصية لفاعلها .وقد ورد التزيني يف كتاب الله يف َض ُعوا َولَٰ ِكن ق ََس ْت قُلُوبُ ُه ْم َو َزيَّ َن لَ ُه ُم الشّ يطان َما كَانُوا يَ ْع َملُو َن﴾ مواضع كثرية ،كقوله﴿ :فَلَ ْو َل إِ ْذ َجا َء ُهم بَأْ ُس َنا ت َ َّ .وقد توعد إبليس أعداءه بتزيني الباطل لهم ،وهو أسلوب شيطا ّين خطر ،فيزيّن الشّ يطان املعايص ،ويُحسن الحق من القبيح ،ويح ّوله إىل صورة مغرية ،حتى يخيّل للضحية أ ّن فيه نفعها ،فيحبّب الباطل إىل النفس ،وينفّر ّ قلبه.
_______________________ .14سورة املجادلة ،اآلية .19 .15الراغب األصفهاين ،ابو القاسم حسني بن محمد ،املفردات يف غريب القران ،تحقيق محمد سيد كيالين( ،م.س) ،ج ،1ص.186 .16سورة االرساء ،اآلية .64 .17سورة األنعام ،اآلية .43
طائر الفينيق
فوجود الشّ يطان يح ّرك الخبث يف النفوس ،ويغري العباد؛ الرتكاب املعايص ،والوقوع يف األخطاء .وبذلك ،تظهر وتكب ،فريينا الله فيه قوته وجربوته وعقابه الشديد .فبوجود الخبيث ،تتضح صفات الجالل عىل من عىص وتجرب ّ صفات جامل الله ،بعفوه عن املخطئني ،ومغفرته للعاصني ،وسرته عىل من ض ُعف وعىص ،ومحبته لعباده ،ورحمته. أساليب الشّ يطان اإلغوائية يف القرآن ،وطرق التصدّ ي لها أوالً :مفردات اإلغواء يف املعجم الشّ يطاين ودالالتها -1التسويل واالمالء: ل لَ ُه ْم﴾ .والتسويل« :تزيني النفس ملا تحرص عليه، ورد يف القرآن الكريم قوله تعاىل﴿ :الشّ يطان َس َّو َل لَ ُه ْم َوأَ ْم َ ٰ وتصوير القبيح منه بصورة الحسن» .وهو إ ّما من السول ،مبعنى اإلسرتخاء والتمطّي ،أو من السول ،مبعنى األمنية نبسط املعنى ،فإنّنا نشري إىل أ ّن الكلمة_ يف موضع ذكرها الوحيد_ ارتبطت بلفظة اإلمالء، والطلب .وإذا أردنا أن ّ والتي هي مبعنى التسويف ،وطول األمل ،والخلود إىل نفس اإلنسان التي ُحببت إليه الدنيا ،فتتنافر نفسه مبارشة مع دين الله ،والتزام أوامره. معبا ً عن التعاون مع الشّ يطان ،فالنفس حني تريض شهواتها ،تشعر باألمل وهنا ،يأيت دور هذه اللفظة ّ والتأنيب يف ترك أوامر الله ،فيأيت الشّ يطان ،ليسهل عليها ارتكاب اإلثم ،ويذهب عنها هذا التوتر ،فيشعرها باإلسرتخاء بهذا التسويل ،ويعطيها أمنيتها التي طلبت عىل رضاً ٍ زائف ،واسرتخا ٍء كاذب. -2الدعوة: يدعو الشّ يطان حزبه إىل أن يكونوا من أصحاب السعري ،حيث قال تعاىل﴿ :إِ َّن الشّ يطان لَ ُك ْم َع ُد ٌّو الس ِعريِ﴾ ،أي« :إمنا يقصد أن يضلكم حتى تدخلوا معه إىل فَات َّ ِخذُو ُه َع ُد ًّوا إِنَّ َا يَ ْد ُعو ِح ْزبَ ُه لِيَكُونُوا ِم ْن أَ ْص َح ِ اب َّ عذاب السعري ،فهذا هو العدو املبني» .إن الشّ يطان يدعو حزبه إىل نار جه ّنم وحني ينكشف الغطاء يوم القيامة، يتنصل الشّ يطان من دعوته ،فهو يدعو البرش إىل أن ينضموا إىل ِحلْ ِف ِه ،وتختلف استجاباتهم فالبعض يطيعه، الحق. ويكون رهن إشارته ،والبعض ّ يظل ثابتاً ومستقيامً يف طريق ّ _______________________ .10سورة محمد ،اآلية .25 .11الراغب األصفهاين ،ابو القاسم حسني بن محمد ،املفردات يف غريب القران ،تحقيق محمد سيد كيالين( ،ال ط) ،لبنان ،بريوت ،دار املعرفة( ،ال ت) ،ج ،1ص.249 .12سورة فاطر ،اآلية .6 .13بن كثري ،ابو الفداء اسامعيل بن عمر القريش الدمشقي ،تفسري القرآن العظيم ،تحقيق سامي بن محمد سالمة ،ط ،2لبنان ،صيدا ،دار املكتبة العرصية1996( ،م) ،ج ،7ص.534 طائر الفينيق
-9التغرير: اس إِ َّن َو ْع َد اللَّ ِه َح ٌّق ۖ ف ََل تَ ُغ َّرنَّ ُك ُم الْ َح َيا ُة ال ُّدنْ َيا ۖ َو َل يَ ُغ َّرنَّكُم وقد أىت ذكره يف كتاب الله﴿ :يَا أَيُّ َها ال َّن ُ
بِاللَّ ِه الْ َغ ُرو ُر﴾ ،حيث قال الشوكاين« :الغرور هو الشّ يطان؛ ألن من شأنه أن يغ ّر الخلق ،ومينيهم باألماين الباطلة، ويلهيهم عن اآلخرة ،ويص ّدهم عن طريق الحق» .اذا ً ،الشّ يطان يغ ّر الخلق باألماين الباطلة ،ويلهيهم عن اآلخرة رض يف صورة النافع. والله ،ويظهر للضحية ما هو م ّ -10الفتنة: الفتنة هي االختبار واإلمتحان بالبالء ،واملقصود بها هنا ما يتعلق بالشهوات ،فقد قال تعاىل﴿ :يَا بَ ِني آ َد َم َل يَ ْف ِت َن َّن ُك ُم الشّ يطان ك ََم أَ ْخ َر َج أَبَ َويْكُم ِّم َن الْ َج َّن ِة يَن ِز ُع َع ْن ُه َم لِ َب َاس ُه َم لِ ُ ِييَ ُه َم َس ْوآتِه َِم﴾ ،و»الفتنة يف األصل هي اإلبتالء واإلمتحان واالختبار» .وهي أسلوب ال ميكن للمرء الفرار منه. -11التخويف من الفقر واملوت: يقول تعاىل يف كتابه املجيد﴿ :الشّ يطان يَ ِع ُدكُ ُم الْ َف ْق َر َويَأْ ُم ُركُم بِالْ َف ْحشَ ا ِء ۖ َواللَّ ُه يَ ِع ُدكُم َّم ْغ ِف َر ًة ِّم ْن ُه َوف َْض ًل ۗ َواللَّ ُه
رشا .ولهذا ،يخوف به املتصدقني .ويقول تعاىل﴿ :إِنَّ َا َٰذلِ ُك ُم الشّ يطان َو ِاس ٌع َعلِي ٌم﴾ ،فقد يرى اإلنسان الفقر ًّ
يُ َخ ِّو ُف أَ ْولِيَا َء ُه ف ََل ت َ َخافُو ُه ْم َو َخافُونِ إِن كُنتُم ُّم ْؤ ِم ِن َني﴾ ،أي :ما كان منكم من خوف من املوت إذا خرجتم إىل املعركة ،وما كان منكم من تحلف عن الجهاد خشية املوت ،وما كان منكم من تهكّم عىل الشهداء الذين ض ّيعوا حياتهم بزعمكم :كل ذلك إمنا هو فقط من الشّ يطان ،وبسبب وساوسه ،وتسويله.
_______________________ .23سورة فاطر ،اآلية .5 .24الشوكاين ،محمد بن عيل ،فتح القدير ،ط ،1لبنان ،بريوت ،دار ابن كثري1992( ،م) ،ج ،4ص.61 .25سورة األعراف ،اآلية .27 .26ابن منظور ،ابو الفضل جامل الدين محمد بن مكرم ،لسان العرب ،ط ،1لبنان ،بريوت ،دار الفكر للطباعة والنرش1990( ،م) ،ج ،13ص.317 .27سورة البقرة ،اآلية .268 .28سورة آل عمران ،اآلية .175 طائر الفينيق
-6الوعد والتمنية: رش، إ ّن الشّ يطان يعد ومي ّني باألماين الباطلة الناشئة عن تسويله ووسوسته التي هي محض ضالل و ّ
فيعدهم أنهم الفائزون .والشّ يطان يتّبع يف غايته وتحصيلها يف قلب اإلنسان سبيل التمنية بالباطل ،فهو يعظّم الدنيا يف قلوب البرش ،ويهيّئ لهم أنها الفوز العظيم ،حتى ينجرفوا فيها ،ويقعوا يف سلسلة خطواته املوصلة إىل
الحق ،ومرض القلب ،والكفر باللّه ،واملوت عىل ذلك ،وقد تو ّعد الشّ يطان بهذه الخطوة ،حيث تقول الغفلة عن ّ اآليةَ ﴿ :و َلُ ِضلَّ َّن ُه ْم َولَ ُ َم ِّنيَ َّن ُه ْم َو َل ُم َرنَّ ُه ْم فَلَيُبَتِّ ُك َّن آذَا َن الْ َنْ َع ِام َو َل ُم َرنَّ ُه ْم فَلَيُ َغيِّ ُ َّن َخل َْق اللَّ ِه ۚ َو َمن يَتَّ ِخ ِذ الشّ يطان
سانًا ُّمبِي ًنا*يَ ِع ُد ُه ْم َو ُ َي ِّني ِه ْم ۖ َو َما يَ ِع ُد ُه ُم الشّ يطان إِلَّ ُغ ُرو ًرا﴾ . س ُخ ْ َ َولِيًّا ِّمن ُدونِ اللَّ ِه فَ َق ْد َخ ِ َ -7التنسية:
يت الص ْخ َر ِة فَ ِإنِّ نَ ِس ُ أىت ذكر النسيان يف كتاب الله الحكيم من خالل قوله ﴿ :ق ََال أَ َرأَيْ َت إِ ْذ أَ َويْ َنا إِ َل َّ نسانِي ُه إِلَّ الشّ يطان أَ ْن أَ ْذكُ َر ُه﴾ ،و»النسيان هو ترك اإلنسان ضبط ما استودع ،إ ّما لضعف قلبه ،وأ ّما الْ ُحوتَ َو َما أَ َ من غفلة ،وإ ّما من قصد ،حتى ينحذف عن القلب ذكره» .وقوله تعاىلَ ﴿:و إِ َّما يُ ِ كل نسيَ َّن َك الشّ يطان﴾ ،املراد به ّ مثل يجلس مع املكذبني الذين يح ّرفون آيات الله ،ويضعونها عىل غري مواضعها ،فإذا جلس فرد من آحاد األ ّمة؛ ً أحد معهم ناسياً ﴿ف ََل ت َ ْق ُع ْد بَ ْع َد ال ِّذكْ َر ٰى﴾ بعد التذكر ﴿ َم َع الْ َق ْو ِم الظَّالِ ِم َني﴾ .ومن األساليب التي يعمد إبليس الحق ،ومحاولة رصفه عن أوامر الله ما أمكنه ذلك. وجنده عىل زرعها يف قلب عد ّوه؛ إنساؤه ّ
-8إظهار النصح: إ ّن الشّ يطان بأمانيه الكاذبة ،وآماله الزائفة ،ينيس اإلنسان عداوته ،ويص ّور نفسه من الناصحني النافعني، يبي الله تعاىل ذلك يف اآليةَ ﴿ :وق ََاس َم ُه َم إِنِّ لَك َُم لَ ِم َن ال َّن ِ اص ِح َني*فَ َدلَّ ُه َم ِب ُغ ُرو ٍر ۚ فَلَمَّ ذَاقَا الشَّ َج َر َة بَ َدتْ حيث ّ لَ ُه َم َس ْوآتُ ُه َم َوطَ ِفقَا يَ ْخ ِصفَانِ َعلَيْه َِم ِمن َو َرقِ الْ َج َّن ِة ۖ َونَا َدا ُه َم َربُّ ُه َم أَلَ ْم أَنْ َهك َُم َعن تِلْك َُم الشَّ َج َر ِة َوأَقُل لَّك َُم
إِ َّن الشّ يطان لَك َُم َع ُد ٌّو ُّم ِب ٌني﴾ .والحقيقة أ ّن هذا كان كيدا ً ومكرا ً من الشّ يطان .فال ّنصح« :فعل أو قول فيه صالح صاحبه» ،إذ يق ّدم الشّ يطان النصيحة بثوب مغشوش ،فيبني من الخارج أنه يريد مصلحة العبد ،ولكنه يخفي وراء هذا الثوب نوايا خبيثة ورشيرة. _______________________ .18سورة النساء ،اآلية .120-119 .19سورة الكهف ،اآلية .63 .20الراغب األصفهاين ،ابو القاسم حسني بن محمد ،املفردات يف غريب القران ،تحقيق محمد سيد كيالين( ،م.س) ،ج ،2ص.425 .21سورة األعراف ،اآلية .22-21 .22الراغب األصفهاين ،ابو القاسم حسني بن محمد ،املفردات يف غريب القران ،تحقيق محمد سيد كيالين( ،م.س) ،ج ،2ص.432 طائر الفينيق
-16اإلستزالل: الزلة يف األصل :اسرتسال الرجل من غري قصد .وقوله﴿ :إِ َّن الَّ ِذي َن تَ َولَّ ْوا ِمن ُك ْم يَ ْو َم الْتَقَى الْ َج ْم َعانِ إِنَّ َا استخف ْاستَ َزلَّ ُه ُم الشّ يطان ِببَ ْع ِض َما ك ََسبُوا﴾ ،أي« :استدرجهم الشّ يطان ،حتى زلوا ،فإن الخطيئة الصغرية اذا ّ اإلنسان فيها ،تصري مسهلة لسبيل الشّ يطان عىل نفسه. -17اإليحاء: اإليحاء هو عملية يؤثر بها شخص يف آخر تأثريا ً مبارشا ً ،فيجعله يتق ّبل رأياً أو فكرة أو اعتقادا ً من دون مناقشة أو أمر أو إجبار .فالشّ يطان يعرف باألثر الذي يُنسب إليه ،وهو وحي الرش ّ،وخواطر الباطل والسوء يف الضال. النفس ،فهو منشأ هذا اإليحاء ّ -18الوسوسة: ت ُ َع َّر ُف الوسوسة بأنّها «الخطرة الرديئة ،وأصله ]اللّفظ[ من الوسواس ،وهو صوت الحيل ،والهمس الخفي»
ل﴾ ، ل شَ َج َر ِة الْ ُخل ِْد َو ُمل ٍْك لَّ يَبْ َ ٰ ،حيث قال الله تعاىلَ ﴿ :و ْس َو َس إِلَيْ ِه الشّ يطان ق ََال يَا آ َد ُم َه ْل أَ ُدلُّ َك َع َ ٰ
و»الوسوسة هي حديث النفس ،يلقيه الشّ يطان يف قلب ابن آدم إذا غفل» ،وهي ما يلقيه الشّ يطان يف النفوس من الخواطر الرديئة ،ليُذهب شمعة اإلميان يف القلوب. -19الهمز: ات الشَّ يَ ِ ورد يف «سورة املؤمنون» قوله تعاىلَ ﴿ :وقُل َّر ِّب أَ ُعو ُذ ب َِك ِم ْن َه َم َز ِ اط ِني﴾ ،فهمزات الشياطني: يتبي أ ّن الشّ يطان يهمز يف صدر بني آدم ،أي :يوسوس ،وينزغ، نزغاتها ووساوسهم .ومن خالل اآليات القرآنيةّ ، وهو الكالم الخفي ،ليقوم اإلنسان مبختلف أعامل الرشور واملعصية. _______________________ .33سورة آل عمران ،اآلية .155 .34الراغب األصفهاين ،ابو القاسم حسني بن محمد ،املفردات يف غريب القران ،تحقيق محمد سيد كيالين( ،م.س) ،ج ،2ص.512 .35سورة طه ،اآلية .120 .36ابن مسعود ،البغوي ،معامل التنزيل املعروف بتفسري البغوي ،تحقيق عبد الرزاق املهدي( ،م.س) ،ج ،8ص.597 .37سورة املؤمنون ،اآلية .97 .38الشوكاين ،محمد بن عيل ،فتح القدير( ،م.س) ،ج ،3ص.588 طائر الفينيق
-12اإلستفزاز: قال تعاىل مخاطباً الشّ يطانَ ﴿ :و ْاستَ ْف ِز ْز َمنِ ْاستَطَ ْع َت ِم ْن ُهم ب َِص ْوتِ َك َوأَ ْجلِ ْب َعلَ ْيهِم ِب َخ ْيلِ َك َو َر ِجلِ َك ﴿استَ ْف ِززْ﴾ ،أي :أزعج ،واإلستفزاز َوشَ ا ِركْ ُه ْم ِف الْ َ ْم َوا ِل َوالْ َ ْو َل ِد َو ِع ْد ُه ْم ۚ َو َما يَ ِع ُد ُه ُم الشّ يطان إِلَّ ُغ ُرو ًرا﴾ .قولهْ : هو طريقة يستخدمها الشّ يطان؛ إلزعاج العبد ،وجعله عرض ًة للمعصية. املس: ّ -13
َاب﴾ ،قيل :بنصب يف بدين ،وعذاب يف مايل املس يف قوله تعاىل﴿ :أَنِّ َم َّس ِن َي الشّ يطان ِب ُن ْص ٍب َو َعذ ٍ ورد ّ
مس الشّ يطان هو إلحاق األذى باملسوس يف جسده وماله وولدي .فعند ذلك ،استجاب له أرحم الراحمني .وهناّ ، وأهله ،ويف هذا األسلوب ميتحن يف هذه التجارب ،فيصبح اإلنسان أقرب إىل الله ،أو عاجزا ً وقانطاً من رحمة الله. -14األمر: ِالسو ِء يذكر القرآن الكريم كيف أن الشّ يطان يأمر الناس بالفحشاء والسوء واملعصية﴿ :إِنَّ َا يَأْ ُم ُركُم ب ُّ
َوالْ َف ْحشَ ا ِء َوأَن تَقُولُوا َع َل اللَّ ِه َما َل ت َ ْعلَ ُمو َن﴾ ،فمنهم من يلبي إيعازاته ،فيتّبع سبيل الضالل ،ومنهم من يحذّر منه ،ويتن ّبه إىل أحابيله ،فينجو من أوامره الخبيثة. -15اإلستدراج: يتعامل الشّ يطان مع البرش من خالل منهج التدرج البطيء الذي يعرب بواسطته إىل املرء من حيث ال يدري .قال تعاىلَ ﴿ :وال َِّذي َن كَ َّذبُوا بِآيَاتِ َنا َس َن ْستَ ْد ِر ُج ُهم ِّم ْن َح ْيثُ َل يَ ْعلَ ُمو َن﴾ ،وجاء يف لسان العرب :سنستدرجھم: «سنأخذھم قلیال قلیالً ،وال نباغتھم .واستدرجه ،أي :أدناه منه عىل التدرج ،فتدرج» .والشّ يطان يستدرج ابن آدم ،أي :يأخذه درجة درجة ،ليوصله إىل ما يتمناه.
_______________________ .29سورة االرساء ،اآلية .64 .30ابن كثري ،ابو الفداء اسامعيل بن عمر القريش الدمشقي ،تفسري القرآن العظيم ،تحقيق سامي بن محمد سالمة( ،م.س) ،ج ،7ص.74 .31سورة البقرة ،اآلية .168 .32ابن منظور ،ابو الفضل جامل الدين محمد بن مكرم ،لسان العرب( ،م.س) ،ج ،2ص.266
طائر الفينيق
الحق: -2قول ّ يأمر الله عباده بلزوم تزكية اللّسان بقول الخري ،ويحذّرهم من قول الزور ،كام يأمر الله بلزوم القول الحسن، وإظهاره للناس ،كام يقولُ ﴿ :خ ِذ الْ َع ْف َو َوأْ ُم ْر بِالْ ُع ْر ِف َوأَ ْعر ِْض َعنِ الْ َجا ِهلِ َني * َو إِ َّما يَن َز َغ َّن َك ِم َن الشّ يطان نَ ْز ٌغ كل إنسان؛ لينال القرب من الله .وبه الحق صفة يجب أن يتحىل بها ّ ف َْاستَ ِع ْذ بِاللَّ ِه ۚ إِنَّ ُه َس ِمي ٌع َعلِي ٌم﴾ .فقول ّ ترفع الدرجات ،وتح ّط السيئات .وهذا ما يؤ ّدي إىل أن يتجنبه الشّ يطان ،ويهجره. كل ما يستدعي الشّ يطان: -3اجتناب ّ يبي أ ّن الشّ يطان ينزل عىل يحب ،مثل الذنوب واملعايص واآلثام. ّ الشّ يطان يالزم من تق ّرب إليه ّ فالحق ّ مم ّ ل ك ُِّل أَف ٍ ل َمن تَ َن َّز ُل الشَّ َي ِ َّاك اط ُني * ت َ َن َّز ُل َع َ ٰ الذين يتّصفون باإلفك املبني ،واإلثم الكبري ،بقوله تعاىلَ ﴿ :ه ْل أُنَ ِّبئُ ُك ْم َع َ ٰ الس ْم َع َوأَك َْثُ ُه ْم كَا ِذبُو َن﴾ . أَثِ ٍيم * يُلْقُو َن َّ -4التربؤ من الشّ يطان ،واإلميان بالرحمن: يعلن املوىل سبحانه أ ّن التربؤ من الشّ يطان ،واإلميان بالرحمن ،هام عروة الله الوثقى ،والحبل املتني ،فيقول ﴿ل إِكْ َرا َه ِف ال ِّدينِ ۖ قَد ت َّ َبيَّ َ ال ُّرشْ ُد ِم َن الْ َغ ِّي ۚ فَ َمن يَ ْك ُف ْر بِالطَّاغ ِ تعاىلَ : ُوت َويُ ْؤ ِمن بِاللَّ ِه فَق َِد ْاستَ ْم َس َك بِالْ ُع ْر َو ِة الْ ُوثْق َٰى َل ان ِف َصا َم لَ َها ۗ َواللَّ ُه َس ِمي ٌع َعلِي ٌم﴾ . -5قتال أولياء الشّ يطان: حثّ الله (سبحانه وتعاىل) املؤمنني عىل قتال أعدائه ،بقوله﴿ :فَقَاتِلُوا أَ ْولِيَا َء الشّ يطان ۖ إِ َّن كَيْ َد الشّ يطان كَا َن َض ِعيفًا﴾. -6عدم الخوف من الشّ يطان: ويظهر ذلك يف قوله تعاىل﴿ :إِنَّ َا َٰذلِ ُك ُم الشّ يطان يُ َخ ِّو ُف أَ ْولِ َيا َء ُه ف ََل تَ َخافُو ُه ْم َو َخافُونِ إِن كُنتُم ُّم ْؤ ِم ِن َني﴾ .وقد يبي للمؤمنني أ ّن الشّ يطان هو الذي يخ ّوفكم من أوليائه املرشكني ،ويوهمكم أنهم ذوو ف ُّست اآلية برشح واضح أن «الله ّ ومتيس ملن أراد ذلك، بأس وق ّوة» .إ ّن مواجهة كيد الشّ يطان ووسوسته مطلب جميع املؤمنني باللّه ،وأمرهام مستطا ٌع ّ يس الله لعبده سبل النجاة من غواية الشّ يطان وكيده. فقد ّ _______________________ .44سورة األعراف ،اآلية .200-199 .45سورة الشعراء ،اآلية .223-221 .46سورة البقرة ،اآلية .256 .47ابن كثري ،ابو الفداء اسامعيل بن عمر القريش الدمشقي ،تفسري القرآن العظيم ،تحقيق سامي بن محمد سالمة( ،م.س) ،ج ،2ص.359-358 .48سورة آل عمران ،اآلية .175 .49حومد ،أسعد ،أيرس التفاسري ،ط ،4سورية ،دمشق( ،ال دار)1998( ،م) ،ج ،1ص.468 طائر الفينيق
-20النزغ: أصل «ال ّنزغ هو الفساد ،وذلك بأن تنزغ بني قوم ،فتحمل بعضهم عىل بعض بفساد بينهم .ونزغ الشّ يطان بينهم :أفسد وأغرى» ،حيث يقول تعاىلَ ﴿ :وقُل لِّ ِعبَا ِدي يَقُولُوا الَّ ِتي ِه َي أَ ْح َس ُن ۚ إِ َّن الشّ يطان يَن َز ُغ بَيْ َن ُه ْم ۚ إِ َّن
نسانِ َع ُد ًّوا ُّمبِي ًنا﴾ .والظاهر من املعنى اللّغوي أ ّن النزغ مبعنى التحريك ،واإلستفزاز ،وإثارة الشّ يطان كَا َن لِ ْ ِل َ
ليضل اإلنسان عن النفس ،وهو املعروف بالغضب .فالشّ يطان ينزغ ،أي :يفسد ،ويستفزز ،ويثري النفس ،ويغري؛ ّ مساره. -21الصدّ عن سبيل الله: قد يكون الص ّد «انرصافاً عن اليشء ،وامتناعاً ،وقد يكون رصفاً ومنعاً» .ورد يف كتاب الله قولهَ ﴿ :و َجدتُّ َها
السبِيلِ فَ ُه ْم َل يَ ْهتَ ُدو َن﴾ ،فإن َوقَ ْو َم َها يَ ْس ُج ُدو َن لِلشَّ ْم ِس ِمن ُدونِ اللَّ ِه َو َزيَّ َن لَ ُه ُم الشّ يطان أَ ْع َملَ ُه ْم ف ََص َّد ُه ْم َعنِ َّ من أهم ما يريده الشّ يطان من العبد أن يص ّده ،ويرصفه عن ذكر الله ،فيمنعه باإلغراء؛ لتحصيل الكفر باآلخرة، وترك هداية الله. ثان ًيا :طرق التصدّ ي ألساليب الشّ يطان يف القرآن الكريم -1اإلستعاذة باللّه: ِيم﴾ :أستج ُري باللّه من دون غريه من اإلستعاذة تعني :اإلستجارة ،ومعنى ﴿أَ ُعو ُذ بِاللَّ ِه ِم َن الشّ يطان ال َّرج ِ حق يل َز ُمني ل َريب .واإلستعاذة هي اإللتجاء إىل الله رضين يف ديني ،أو يص َّدين عن ّ سائر خلقه ،من الشّ يطان أن ي َّ ليتحصن بها ،وتكون له درعاً واق ًيا ،وحصناً من عدوه الشّ يطان. العظيم ،وذلك ّ
_______________________ .39 .40سورة االرساء ،اآلية .53 .41الراغب األصفهاين ،ابو القاسم حسني بن محمد ،املفردات يف غريب القران ،تحقيق محمد سيد كيالين( ،م.س) ،ج ،1ص.569 .42سورة النمل ،اآلية .24 .43الطربي ،أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثري بن غالب اآلميل ،جامع البيان يف تأويل القرآن ،تحقيق أحمد محمد شاكر ،ط ،1لبنان ،بريوت، مؤسسة الرسالة2000( ،م) ،ج ،1ص.111 طائر الفينيق
.4التشكّل يف شَ َبه مالك نور:
ورد يف رسالة بولس أن الشّ يطان يتشكل يف شبه مالك نور« :الَ َع َج َب .ألَ َّن الشّ يطان نَف َْس ُه يُ َغيِّ ُ شَ ْكلَ ُه إِ َل ِش ْب ِه
َمال َِك نُورٍ» ؛ حيث إ ّن الشّ يطان يضع يف ذهن املذنب أحياناً أن ما قام به -وإن كان خطأً -إمنا ال يستلزم العقوبة، أل ّن الله غفور رحيم ،والعكس يف مواطن أخرى .فيبدو لنا أ ّن قوله ناصح ملصلحتنا ،ولكن يف الحقيقة هو باطل. الحق. فيتشكل يف صورة مالك ،وي ّدعي أنه ميثّل ّ .5تزيني الخطيئة بثوب فضيلة: إلباس الخطيئة ثوب الفضيلة هي حيلة من حيل الشّ يطان ،حيث يق ّدم الشّ يطان بعض الخطايا بأسامء غري أسامئها ،وبأسلوب يسهل قبوله ،فتلبس الخطايا ثياب فضائل .وقد ب ّينها العهد الجديد يف ع ّدة مواضع ،وهو أسلوب خطري ،ويصعب اكتشافه. .6اإليقاع يف الفخّ : ويظل خلفه ،حيث يالزم اإلنسان ،وينتظر منه ثغرة صغرية؛ ّ ميتلك الشّ يطان الدهاء واملكر ،فيرتصد ع ّدوه، ليدخل من خاللها إىل قلبه. .7اجرتاح العجائب: قد يستخدم الشّ يطان هذا األسلوب إلغواء بني آدم ،وقد نرى معجزات مضللة بغرض الخداع ،كام تذكر اآلية: « َويَ ْص َن ُع آيَ ٍ ات َع ِظي َم ًةَ ،حتَّى إِنَّ ُه يَ ْج َع ُل نَا ًرا ت َ ْنز ُِل ِم َن الس ََّم ِء َع َل األَ ْر ِض قُ َّدا َم ال َّن ِ الساكِ ِن َني َع َل األَ ْر ِض اسَ ،ويُ ِض ُّل َّ بِاآليَ ِ لساكِ ِن َني َع َل األَ ْر ِض أَ ْن يَ ْص َن ُعوا ُصو َر ًة لِلْ َو ْح ِش الَّ ِذي كَا َن ِب ِه ات الَّ ِتي أُ ْع ِط َي أَ ْن يَ ْص َن َع َها أَ َما َم الْ َو ْح ِش ،قَائِ ًل لِ َّ اش ».فيحاول الشّ يطان أن يجذب إليه أكرب عدد ممكن من الناس. السيْ ِف َو َع َ ُج ْر ُح َّ
_______________________ .53رسالة بولس الرسول الثانية إىل أهل كورنثوس.14 :11 ، .54سفر الرؤيا يوحنا.14-13 :13 ، طائر الفينيق
إغواء الشّ يطان لبني آدم وطرق التص ّدي لها يف العهد الجديد أوالً :مفردات اإلغواء يف املعجم الشّ يطاين ودالالتها يف العهد الجديد .1التخويف عرب التمثّل يف حيوان حقيقي أو أسطوري: ذكر الكتاب املقدس بعض الحيوانات الحقيق ّية واألسطورية التي ترمز إىل الفكر الشّ يطاين ،وقد شُ ّبه الشّ يطان باألسد الزائر ،وهو داللة عىل الق ّوة والشجاعة بالهجوم عىل الفريسة .ويف سفر يوحنا ،ذكر أ ّن الشّ يطان يدلن عىل املكر والدهاء والخديعة .هذه هو التنني ،والوحش ،داللة عىل السلطة والحكم .أ ّما الح ّية والذئب فهام ّ املخلوقات تقاوم عمل الله ،وتستخدم موقعيتها؛ لتخويف اآلخرين ،ولتحرفهم نحو الضالل ،وتبعدهم عن الله، ومهمتها التخريب والتدمري. .2الصدّ عن تعاليم اإلنجيل: وتصب كل معارفه؛ لتحقيق هذا الهدف. إ ّن غرض الشّ يطان هو مقاومة الله وملكوته ،وهو يستخدم ّ ّ جهود الشّ يطان يف سبيل السيطرة عىل العامل ،إذ «العامل يخضع لحكم الرشير» .وعندما يخضع اإلنسان إلرادته، فإنّه ينصاع له ض ّد أوامر الله ،وذلك منذ آدم وحواء. .3التجريب واالختبار: وح إِ َل ال َ ِّْبيَّ ِةَ ،وكَا َن ترك يسوع الجموع ،وذهب إىل الصحراء ،حيث ج ّربه الشّ يطانَ « :ولِلْ َوق ِْت أَ ْخ َر َج ُه ال ُّر ُ
ُه َن َاك ِف ال َ ِّْبيَّ ِة أَ ْربَ ِع َني يَ ْو ًما يُ َج َّر ُب ِم َن الشّ يطانَ .وكَا َن َم َع الْ ُو ُح ِ وش ».والتجربة خربة سيئة إذا انهزمنا أمامها ،فال يجب أن تكون أوقات اإلمتحان الداخيل موضع بغضنا ونفورنا ،إذ بها نتشدد ،وميكن أن يعلمنا الله من خاللها دروساً مثينة .كام ج َّرب حواء يف الجنة ،وأغراها ،بغية ارتكاب الخطيئة .فوظيفة الشّ يطان اختبارية تكتيكية، قصة أيوب ،ملعرفة صالبة إميانه، وينحرص دوره فقط يف القيام مبهمة اختبار اإلنسان وتجريبه ،كام نرى ذلك يف ّ ومدى صموده وصالبته. _______________________ .50رسالة يوحنا األوىل.5: 19 ، يقسم عىل الشياطني ،ترجمة األب جورج موراين وتنقيح هند متى ،ط ،1لبنان( ،ال د) ،ص.28 .51األب امورت ،غربيال ،شهادات كاهن ّ .52إنجيل مرقس.14-12: 1 ، طائر الفينيق
.9اإللقاء يف القلب: ذكر إنجيل يوحنا أن الشّ يطان ألقى يف قلب يهوذا أن يخون املسيح« :ف َِح َني كَا َن الْ َعشَ ا ُءَ ،وقَ ْد أَلْقَى الشّ يطان ِف قَل ِْب يَ ُهوذَا ِس ْم َعا َن ا ِإل ْس َخ ْريُ ِ وط ِّي أَ ْن يُ َسلِّ َم ُه» .واستعملت كلمة القلب؛ للداللة عىل ما هو داخيل ،أو مركزي ،أو تظل بعيدة عنه ،حتى يفتح لها اإلنسان باباً لتدخل خفي .أ ّما األفكار الرشيرة فهي نابعة من قلب اإلنسان ،وال ّ منه ،فيق ّدم الشّ يطان اقرتاحاته الرشيرة ،ولكنه ال يرغمه عىل قبولها أو تنفيذها ،فقد يلقي الشّ يطان األفكار الرشيرة إىل القلب ،فيؤثر ذلك عىل السلوكه وترصفاته. .10اإلستغفال: قد يستغفل الشّ يطان املرء الضحيّة؛ ليوقعه يف الخطيئة ،وهو نائم يف ثبات ،إذ «الشّ يطان يرتصدنا ،ويعرف مواضع الضعف عندنا ،فينظم العامل من أجل استغاللها» .فهو يحاول أن يستغل فرص الغفلة؛ ليلقي فيها تجاربه. كام استغل جوع املسيح بعد صوم أربعني يوماً؛ ليك يجربه بتجربة الخبز. .11إعامء األذهان: قد تسبق الخطيئة شهوة ،أو غفلة ،أو نسيان .فحالة الغفلة أو النسيان هي تخدير من الشّ يطان لإلنسان .فقد جاء يف رسالة بولس« :الَّ ِذي َن ِفي ِه ْم إِل ُه هذَا ال َّد ْه ِر قَ ْد أَ ْع َمى أَ ْذ َها َن غ ْ َِي الْ ُم ْؤ ِم ِن َني ،لِئَالَّ ت ُِض َء لَ ُه ْم إِنَا َر ُة إِنْجِيلِ َم ْج ِد الْ َم ِسي ِح ».فينساق إىل الخطيئة ،كأنه ليس بوعيه وإدراكه ،ويصبح غري قادر عىل التمييز ،وهذا بسبب الشّ يطان، فينتهي أمره إىل توبة نصوح ،أو إىل اليأس.
_______________________ .60إنجيل يوحنا.2 :13 ، يقسم عىل الشياطني ،ترجمة األب جورج موراين وتنقيح هند متى( ،م.س) ،ص.3 .61األب امورت ،غربيال ،شهادات كاهن ّ طائر الفينيق
خطف الكلمة ونزعها: يبذل الشّ يطان قصارى جهده ،ليك يحول بيننا وبني اإلميان ،ويحملنا عىل عدم اإلميان بالكلمة حني نقرأها ونسمعها؛ وإذا ما أوليناها اهتاممنا يف الحارض ،فإنه سيعمل عىل حملنا عىل أن ننساها ،وسوف يح ّول عقولنا إىل يشء آخر .وكل هذا ،لئال نؤمن ،وقد ينزع الشّ يطان كلمة املسيح من القلوب ،ويستبدلها بزوان؛ ليك يطفي نور الله ،كام تقول اآلية« :ك ُُّل َم ْن يَ ْس َم ُع كَلِ َم َة الْ َملَك ِ ُوت َوالَ يَ ْف َه ُم ،فَيَأْ ِت الشِِّّ ي ُر َويَ ْخط َُف َما قَ ْد ُز ِر َع ِف قَلْ ِب ِه .هذَا ُه َو ِيق ».وغالباً تقارن الكلمة باملسيح ،أي :الصالح والهداية والخالص ،فيأيت الشّ يطان ،لينزع، الْ َم ْز ُرو ُع َع َل الطَّر ِ ويخطف الكلمة من القلب؛ لئال يؤمنوا باللّه ،وليُهيئ األرضية النجسة ،وليب ّدل النور ظلمة. .8الغربلة: رش ،فيتغربل. املقصود من الغربلة أن التجارب واالختبارات التي مي ّر بها اإلنسان تضعه عىل طريقني :الخري أو ال ّ
رشَ « .وق ََال ال َّر ُّبِ :س ْم َعا ُنِ ،س ْم َعا ُنُ ،ه َوذَا وقد وصف األنبياء دينونة ّ الرب بالغربال ،إذ يفصل بني الخري وال ّ ك يُ َغ ْر ِبلَ ُك ْم كَال ِْح ْنطَ ِة!» فيستخدم الشّ يطان أسلوب الغربلة ،ليخترب إميان املؤمن ،فيفصل الشّ يطان طَلَبَ ُك ْم لِ َ ْ
املؤمن عن اإلنسان الضال .فإذا وقع املؤمن يف شباك الشّ يطان ،فإنّه يخرج من دائرة اإلميان ،ليصري تلميذا ً من تالمذة الرشير.
____________________ .55هرني ،متى ،التفسري الكامل للكتاب املقدس ،تعريب وتحرير مجموعة من الخدام املسيحيني بإرشاف جوزيف صابر ،ط ،1مرص ،القاهرة، مطبوعات إيجلز2002( ،م) ،ص.435 .56إنجيل متى.13:19 ، .57سفر إشعياء.27 :30 ، .58نخبة من االساتذة ذوي االختصاص ومن الالهوتيني ،قاموس الكتاب املقدس ،هيئة التحرير بطرس عبد امللك وجون ألكسندر طمسن وابراهيم مطر( ،م.س) ،ص.449 .59إنجيل لوقا.31 :22 ، طائر الفينيق
.3طرد الشّ يطان: كل البعد عن الشّ يطان ،وعن للرب .لذلك ،يجب أن نبعد ّ قد يكون فتح أبواب التفكري بالشّ يطان مبنزلة خيانة ّ وكل جنده ،وال يجوز أن نتساهل مع حيله ،بل نرفضه بحزم ،ونقول له« :ا ْذ َه ْب َع ِّني يَا شَ يْطَا ُن!» . كل طرقهّ ، ّ
وب :لِل َّر ِّب إِله َِك ت َْس ُج ُد فيعرف الشّ يطان أنّك جاد يف رفضك له ،مثلام ق ََال لَ ُه يَ ُسو ُع«« :ا ْذ َه ْب يَا شَ ْيطَا ُن! ألَنَّ ُه َم ْكتُ ٌ َو إِ يَّا ُه َو ْح َد ُه ت َ ْعبُ ُد»» . .4مقاومة الشّ يطان: نستطيع التصدي للشيطان عن طريق مقاومته ،فالقديس بطرس الرسول يقول« :إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو» ،وهو يقول بعدها« :فقاوموه راسخني يف اإلميان» .أي :إن زئريه كأسد ال ينبغي أن يخيفكم ،بل قاوموه .والوقوف أمام الشّ يطان ينبغي أن يكون بقوة وصمود ،بل بكل مقاومة .فإ ّن الشّ يطان ميكنه أن يستنتج من الذي سيقاومه ،ومن الذي إذا ضغط عليه قليالً ،سوف يستسلم .فاملقاومة يجب أن تكون بجدية، بكل صورها ،ورفض التنازل عن الكامل ،واإلرصار القلبي عىل السري يف وبكل ق ّوة .واملقاومة هي رفض الخطيئة ّ كل أفكاره من بعيد ،وعدم التفاوض مع يشء منها، كل مقرتحات الشّ يطان ،ومراقبة ّ الطريق الروحي ،ورفض ّ وطردها من أول وهلة ،فإ ّن هذه العوامل كلّها تغلق أبواب النفس والفكر والقلب أمامه.
خامتة البحث
نستنتج _ من خالل ما تق ّدم_ أ ّن البعد اإلشتقاقي ملفردة الشّ يطان « استُ َّل «من الفعل( :شَ طَ َن) ،وذلك وفق معناه الذي يتناسب مع إبعاده أو طرده من رحمة الله ،وقد تط ّرقنا إىل املدلول املعنوي لهذه املفردة ،والتي لُ ّخصت يف كونها ّ تدل عىل معاين اإلضالل والتخريب واإلفساد. وتبي أ ّن وظيفة الشّ يطان اإلغوائية هي اختبار أو تجربة ،يُعنى اإلنسان بخوضها ،وهو املفهوم الوارد يف الديانتني: ّ للتوصل إىل الحكمة الكامنة وراء وجوده ،حيث أوجده الله؛ ليامرس اإلنسان اإلسالمية واملسيحية .وذلك كلّه مق ّدمة ّ رش يلغي إمكانية اإلختيار ،كام أن مفهوم السعادة إمنا هو مرتبط ح ّريته يف اإلختيار .فوجود الخري مطلقاً من دون وجود ال ّ يل لإلنسان ،ابتغاء محاربة الشهوات ،وما يدعو الشّ يطان إليه. بتجاوز العقبات من خالل الرتكيز عىل الجانب العق ّ _______________________ .67إنجيل متى.23 :16 ، .68إنجيل متى.10 :4 ، .69رسالة بولس األوىل.9 :5 ، طائر الفينيق
.12الخداع: رش .إنّه يحتفظ أغوى الرشير اإلنسان منذ بدء التاريخ ،فأساء استعامل ح ّريّته ،وسقط يف التجربة ،وارتكب ال ّ رش ،ومع ّرضاً للضالل :فاإلنسان بالرغبة يف الخري ،ولك ّن طبيعته مجروحة بجرح الخطيئة األصلية ،فأصبح ميّاالً إىل ال ّ يعاين من انقسام يف ذاته .ولهذا ،فحياة البرش كلّها -سواء كانت فردية أو جامعية -تبدو رصاعاً ،ورصاعاً مأسويّاً رش ،بني النور والظلامت .يتقن الشّ يطان أساليب الخداع ،ويستطيع أن يظهر -إن أراد -يف هيئة مالك بني الخري وال ّ من نور ،أو يف صورة أحد القديسني .وقد يتخذ له أي اسم من األسامء ،فيوجه اإلنسان بطريقة ما؛ ليوقعه يف الخطيئة. ثان ًيا :طرق التصدّ ي ألساليب الشّ يطان يف العهد الجديد .1اإلميان باللّه والصالة والصوم: رض ع يف الصالة والصوم ،والتوكّل عليه ،كلّها وسائل تسمح لإلنسان بأن يهزم الشّ يطان ،إذ اإلميان باللّه ،والت ّ
يقول بولس الرسول« :أَ ِخ ًريا يَا إِ ْخ َو ِت تَ َق ُّو ْوا ِف ال َّر ِّب َو ِف ِش َّد ِة قُ َّوتِ ِه» .فالشّ يطان ال يقوى عىل املؤمنني ،كام ذكر رسالة يوحنا« :بَلِ الْ َم ْولُو ُد ِم َن الل ِه يَ ْح َف ُظ نَف َْس ُهَ ،والشِِّّ ي ُر الَ َ َي ُّس ُه».
.2عدم الخوف من الشّ يطان: الرب إىل ضعف الشّ يطان ،وأننا الشّ يطان كائن ضعيف أمام اإلنسان املؤمن ،بالرغم من ّ كل حيله .وقد لفت ّ نستطيع هزميته ،فقد أىت عىل ذكر ذلك يف إنجيل لوقا« :ها أنا أعطيكم سلطانا ،لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو» .فمن يخاف من الشّ يطان ،ويخضع له ،يكون خائفاً يف اليوم األخري؛ ألنّه مل يجاهده ويغلبه ،مثل املؤمنني املختارين.
_______________________ .63حارضة الفاتيكان ،التعليم املسيحي للكنيسة الكاثوليكية ،ع ّربه عن الطبعة اللالتينية األصلية املرتوبوليت حبيب باشا واملطران يوحنا واألب ح ّنا الفاخوري( ،م.س) ،ص .514 .64رسالة بولس الرسول إىل أهل أفسس.10 :6 ، .65رسالة يوحنا الوىل.18 :5 ، .66إنجيل لوقا.19 : 10 ، طائر الفينيق
(صل الله رش الشّ يطان الرجيم ،وهذه االستعاذة س ّنة من سنن الرسول ّ ذكر الله يف كتابه املجيد االستعاذة من ّ عليه وآله وسلم) ،وذلك ليستجري اإلنسان خالقه ،ويلجأ إليه .وما قاربه باملعنى يف العهد الجديد هو طرد الشّ يطان ،وذلك بعبارة محد ّدة ،ذكرها الكتاب املقدس« :إذهب يا شيطان» .كام تحدث القرآن الكريم والعهد الجديد عن طريقة من طرق التص ّدي ،توافقت يف املعنى ،فذكر القرآن التربؤ من الشّ يطان ،واإلميان بالرحمن، أورد العهد الجديد اإلميان باللّه والصالة والصوم .أ ّما قتال أولياء الشّ يطان فقد ذكره القرآن ،وتناسب معه أسلوب «مقاومة الشّ يطان» املذكور يف العهد الجديد .حثّ الكتابان عىل عدم الخوف من الشّ يطان. تبي يل أن هناك فروقًا بسيطة يف طرق التص ّدي للشيطان ،حيث ذكر القرآن أسلوب اجتناب ومن خالل املقارنةّ ، الحق ملواجهته ،ومل يرد ذلك يف العهد الجديد. ما يستدعي الشّ يطان ،وقول ّ وال بُ ّد من اإلشارة إىل أنّه -عند دراسة أساليب الشّ يطان اإلغوائية كام رسمها القرآن الكريم ،وكام بيّنها العهد فجل األساليب التي الجديد يف نصوصه -مل أجد تبايناً واضحاً ،وال اختالفاً كبريا ً بني أساليب االغواء ،وطرق التص ّديّ . ووصف ّ أدق ،ومح ّدد، ذكرها القرآن الكريم توافق معها العهد الجديد إىل ح ّد ال بأس به ،ولكن يبقى للقرآن رسم ٌ كل الجوانب وأشمل ،وهذه عالمة عىل أن كتاب الله أبلغ ،وأفصح ،وأفخم ،وذو بيان عا ٍل ،حيث تحدث عن ّ والتفاصيل التي ميكن أن يتعرض لها البرش يف رصاعهم مع الشّ يطان.
املصادر واملراجع
• القرآن الكريم. • العهد الجديد. يقسم عىل الشياطني ،ترجمة األب جورج موراين وتنقيح هند متى ،ط،1 • األب امورت ،غربيال ،شهادات كاهن ّ لبنان( ،ال د). • ابن كثري ،ابو الفداء اسامعيل بن عمر القريش الدمشقي ،تفسري القرآن العظيم ،تحقيق سامي بن محمد سالمة، ط ،2لبنان ،صيدا ،دار املكتبة العرصية1996( ،م). • ابن مسعود ،البغوي ،معامل التنزيل املعروف بتفسري البغوي ،تحقيق عبد الرزاق املهدي( ،ال ط) ،لبنان ،بريوت، دار احياء الرتاث العريب2001( ،م). • ابن منظور ،ابو الفضل جامل الدين محمد بن مكرم ،لسان العرب ،ط ،1لبنان ،بريوت ،دار الفكر للطباعة والنرش1990( ،م). طائر الفينيق
كام تناول البحث أساليب الشّ يطان اإلغوائية ،وطرق التص ّدي لها يف القرآن الكريم ،والعهد الجديد ،حيث قارن بني ما ق ّدمه القرآن ،وما ق ّدمه العهد الجديد؛ وات ّضح أن هناك تطابقاً بني معاين مفردات اإلغواء يف الكتابني ،حيث ولعل ما تناسب مع هذا األسلوب يف العهد الجديد :الص ّد عن ذكر القرآن الكريم أسلوب الص ّد عن سبيل اللهّ ، تعاليم اإلنجيل .وكذلك توافق أسلوب تزيني الباطل والتسويل واإلمالء يف القرآن ،مع أسلوب تزيني الخطيئة بثوب الفضيلة يف العهد الجديد ،إ ْذ يج ّمل املُضل املعصية ،ويجعلها سهل ًة خفيف ًة مغرية ممدودة باألماين واألمال. كام ورد يف الكتاب املجيد أسلوب اإلستحواذ واإلجالب الذي تالءم معه أسلوب إعامء األذهان املذكور يف العهد املس والفتنة ،أي :ما يتعلق باالختبار واإلمتحان ،فأىت ما ماثله من أسلوب الجديد .وقد تحدث القرآن عن أسلوب ّ يف العهد الجديد ،وهو التجريب ،واالختبار ،وأسلوب الغربلة .وقد عرض الفرقان بعض أساليب ،تتفاوت إىل ح ّد ضئيل عند الوصف ،وهي :اإليحاء ،والوسوسة ،والهمز ،والنزغ ،والتي تشري إىل حديث الشّ يطان للنفس ،وما يلقيه من أفكار رشيرة ،وتآلف معه أسلوب اإللقاء يف القلب يف العهد الجديد. كام اتفق القرآن الكريم مع العهد الجديد يف أن الشّ يطان يُق ّدم النصيحة بثوب زائف ،ويخفي وراء ذلك نوايا خبيثة ،ت ُق ّدم عىل أنها موعظة .فمصطلح إظهار النصح تطابق مع كون الشّ يطان يتشكل كشبه مالك نور يف تقديم النصح .وقد استخدم القرآن املجيد أسلوب اإلستدراج واإلستزالل ،والذي تناغم معه أسلوب االيقاع يف الف ّخ الوارد يف العهد الجديد .وق ّدم القرآن أسلوب الوعد والتمنية والتغرير ،حيث توافق معه أسلوب الخداع يف العهد الجديد .كام أن أسلوب التنسية يف القرآن الكريم تطابق مع أسلوب اإلستغفال يف العهد الجديد ،وذلك من خالل الغفلة الروحية التي تصيب اإلنسان ،فينىس أنه عبد لله األوحد. وقد انفرد القرآن الكريم بالحديث عن أسلوب الدعوة ،واألمر ،واإلستفزاز ،والتخويف من الفقر واملوت ،ومل يأت العهد الجديد عىل ذكره .ويف املقابل ،أورد العهد الجديد كيف يخ ّوف الشّ يطان املستهدفني من ِق َبلِ ِه باإلغواء عرب التمثّل بحيوانات حقيقيّة أو أسطورية (األسد ،الحية ،الذئب ،الوحش ،التنني) ،وأنّه يجرتح العجائب؛ ليجذب الناس إليه ،وهذا ما مل يرد يف القرآن الكريم. وبعد البحث يف ثنايا القرآن الكريم والعهد الجديد ،وصلت يف املقارنة إىل طرق التص ّدي ألساليب الشّ يطان املذكورة يف الكتابني ،وكانت املقارنة عىل مستوى األلفاظ واملعاين التي تالءمت وتشابهت يف ما بينها.
طائر الفينيق
بيروت ،الكتاب ،االنفجار
الكاتب عمر شبيل ما الذي يجمع بني بريوت والكتاب واالنفجار؟ سؤال يتك َّو ُن جوابه من خصوصية منسجمة ومتنافرة ،ومؤتلفة ومختلفة، ومتصارعة عىل أيّها األبقى .بريوت منذ ولدت من ِ رحم البحر مل تكن والدتها قيرصية ،بل كانت والدة طبيعية بعد زواج البحر والساحل اللبناين يف عرس املراكب املاخرة البحر من الرشق إىل الغرب ،وكانت مراكب هذا العرس الخالد مع ّبأة بجواهر املعرفة قبل األرجوان واألقمشة الفاتنة ،ومنذ املجذاف األول صارت بريوت كتاباً يحمل الحرف ،وكان الحرف يحفر دالالته املعرفية يف العقل األوريب أكرث من األرجوان الذي فتنهم بجودته .واستمرت بريوت كتاباً متحوِّالً يف إنسان بعض كنائسها مزام َري من كتاب النبي لجربان خليل جربان ،حتى يسافر من مدرسة الحكمة إىل نيويورك لرتتل ُ لكأنه إنجيل مستعاد ،ملسيح مستعاد يلقي حكمته من عىل جبل الزيتون وقانا الجليل ،وكان يف هذا الكتاب كل كل يشء ،والكتاب ما كان يحمله الرشق من صفاء ووجدان ونبوغ ونبوة .أروع ما يف بريوت أنها صارت كتاباً قبل ِّ تح ّول إنساناً ،واستطاعت بريوت /اإلنسان أن متخر عباب البحر لتلبنن العامل باملعرفة التي مل تتأخر يوماً عن كونها يف املقدمة دامئاً .وأصبحت بريوت مطبعة تصدر الكتب لكل أنحاء العامل .وصارت تغري الناس بإدمان القراءة واملعرفة .ولهذا مل تعد بريوت يف عقول الناس أبنية وساحالً وبحرا ً ،وإمنا غدت ذاكر ًة لإلنسان الحامل بتطوير معارفه ،وصارت مكتبات بريوت مطبوعة وتتجول أسامؤها يف أذهان املثقفني .وصارت زيارة بريوت عند الناس تعني زيارة املعرفة والعلم ،وخرجت بريوت من ذاكرة املدن املأهولة بالناس فقط لتغدو عاصمة ثقافية للعقول التواقة إىل الوصول إىل الضوء.
طائر الفينيق
• حارضة الفاتيكان ،التعليم املسيحي للكنيسة الكاثوليكية ،ع ّربه عن الطبعة اللالتينية األصلية املرتوبوليت حبيب باشا واملطران يوحنا واألب ح ّنا الفاخوري. • حومد ،أسعد ،أيرس التفاسري ،ط ،4سورية ،دمشق( ،ال دار)1998( ،م). املس الشّ يطاين وعوارضه بني الكنيسة وعلم النفس ،خالصة املحارضات التي ألقيت يف مؤمتر • خوري ،مروانّ ، الكهنة املقسمني يف روما( ،ال ط) ،لبنان ،بريوت ،طابعة معويش وزكريا1999( ،م). • الراغب األصفهاين ،ابو القاسم حسني بن محمد ،املفردات يف غريب القران ،تحقيق محمد سيد كيالين( ،ال ط)، لبنان ،بريوت ،دار املعرفة( ،ال ت). • الشوكاين ،محمد بن عيل ،فتح القدير ،ط ،1لبنان ،بريوت ،دار ابن كثري1992( ،م). • الطرباين ،سليامن بن احمد بن ايوب ابو القاسم ،املعجم الكبري ،تحقيق حمدي بن عبد املجيد السلفي ،ط،2 مكتبة العلوم والحكم1983( ،م). • الطربي ،أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثري بن غالب اآلميل ،جامع البيان يف تأويل القرآن ،تحقيق أحمد محمد شاكر ،ط ،1لبنان ،بريوت ،مؤسسة الرسالة2000( ،م). • الكويف ،أيوب بن موىس ابو البقاء الحنفي ،الكليات معجم يف املصطلحات والفروق اللغوية ،تحقيق عدنان درويش( ،ال ط) ،لبنان ،بريوت ،مؤسسة الرسالة( ،ال ت). • مصلح ،خالد عبد العزيز ،أعداء املؤمن يف ضوء القرآن الكريم:دراسة موضوعية ،فلسطني ،غزة ،الجامعة االسالمية غزة2016( ،م). • النيسابوري ،محمد بن عبد الله ابو عبد الله الحاكم ،املستدرك عىل الصحيحني ،تحقيق مصطفى عبد القادر عطا ،ط ،1لبنان ،بريوت ،دار الكتب العلمية1989( ،م). • هرني ،متى ،التفسري الكامل للكتاب املقدس ،تعريب وتحرير مجموعة من الخدام املسيحيني بإرشاف جوزيف صابر ،ط ،1مرص ،القاهرة ،مطبوعات إيجلز2002( ،م).
طائر الفينيق
وألن بريوت مكتنزة باملعرفة فقد قامت مبارشة من موتها ،لتقول :أنا العنقاء .أنا لن أموت أل ّن أبنيتي تسكن يف الرؤوس وليس يف املكان املنفجر. ِ رجليك غزيرا ً بالحياة .ولن متويت يا ابنة الدهر إذا الشاطئ مات، بريوت ،إ ّن نه َر املوت سوف يبقى يجري تحت فاملوت يا بريوت أحياناً مشيمة.
طائر الفينيق
قليلة هي املدن يف التاريخ اإلنساين التي خرجت من محدودية املكان والزمان لتصبح ذاكرة ال تربح العقول والقلوب بتقلبات الزمان وانهيار املكان .أثينا هي إحدى املدن التي لن تتحول إىل دمار وآثار دارسة ،حتى ولو غزتها كل جيوش العامل .إنه يشء آخر إنها أرسطو وسقراط وأفالطون ،إنها تلك الفلسفة التي مل يستطع عقل مهام تفتَّ َح أن يتامدى عليها وأن يلغي حضورها ،اإلسكندرية مدين ُة ذاكرة أكرث من كونها مدينة مكان الرتباطها بالفكر اإلنساين املبدع .وبريوت كانت مدينة ذاكرة ،وملّا تزل ،وما متتاز به بريوت عن مدن الذاكرة األخرى أنها ظلت طوال عمرها تح ِّول الزمن زمناً معرفياً وباستمرار ،عىل الرغم من كل سهام الجهل والتخلف التي ُص ِّوبت إىل صدرها.. لقد أعطى الزمان املعريف بريوت مزايا مل تستم َّر يف غريها ،وظلت مدينة جالبة وليست مجلوبة ،وظلت تجذب الفكر اإلنساين من أقايص األرض ليقيم فيها ،ألنها تحمل روحها الرشقية الروحية ممهورة بأعىل ما يف الغرب من أناقة ورقي ووعي يقيم انسجاماً بني الفكر والسلوك ،والحياة والجامل ،وظلت د ْوحاً مخضالّ ملن طاردته وعورة املكان والزمان .وظلت بريوت مقرا ً لكل فك ٍر مل يجد من يُؤويه بحدب وحب وسالم .لقد تحولت املعرفة التي بنت بريوت مكاناً وسالماً يأوي إليه كل من أراد أن يفرغ فيها كل ما فيه من شحنات معرفية .إنها بريوت الكتاب، أعني بريوت اإلنسان املعريف. هدفت بريوت كثريا ً عرب التاريخ ،لقد استُ ِ هدف ما تكتنزه من وعي ،وقد أكسبها وعيها قوة تقاوم كل من أراد واستُ ْ أن يلغيها كتاباً ومعرفة ،ووقف الغزاة عند قدميها حفاة من الخلق والوعي ،وحتى من السالح .واملعرفة تقاوم ألنها سالح ،والجهل ينهزم ،ولو ملك أعتى األسلحة .وهذا ما جعل بريوت عص ّي ًة عىل الزوال .فاملعرفة دامئاً تكون نقيض املوت والزوال. دامئاً ذو النعمة محسود ،وهذا ما جعل بريوت محسودة من قوى الرش كلها ألنها كانت تتطلع إىل األمام ،ومن طبيعة الرش أن يتطلع دامئاً إىل الوراء ،وألنها ظلت تتأنق طوال التاريخ وتسمو عىل كل ما كان يُل ُّم بها كان ال بد من رضبة صاعقة لهذه املدينة الخالدة فكان االنفجار .واالنفجار يف حقيقته كان يهدف إىل قتل ما تعنيه بريوت، كان يهدف أوالً لقتل الكتاب وقتل الجامل والسالم الذي منحته هذه املدينة لكل فكر مالحق من أعدائه .لقد كان االنفجار يف حقيقته أكرث من سالح تدمريي ،لقد كان محاول َة إلغا ٍء ملدينة الكتاب واملعرفة والجامل .كان االنفجار يريد إزالة ما تعنيه بريوت ،وقد يخطئ من يفكر أن االنفجار كان تخريبيا فقط ،لقد كان يهدف إىل إغراق بريوت يف البحر ليطمنئ ال ُّرب الرشير .االنفجار كان سالح أعداء اإلنسانية. طائر الفينيق
إنه املوت امام العدسة .سبقها الطفل محمد الدرة .كان محمد يسأل والده جامل لحظة علقا يف شارع صالح الدين املؤدي إىل منزل العائلة يف غزة :ملاذا يطلقون النار علينا يا بابا؟ عجز جامل عن اإلجابة .أراد حامية إبنه املوعود بسيارة جديدة .رفع كم قميصه لعله يخفي جسم طفله الصغري والنحيل عن البارودة والبارود ،إال أنهم أصابوا محمد وأصابوه .سقط محمد مقتوالً يف حضن والده .شاهده العامل كفيلم ومىض .كأن شيئاً مل يكن سوى إستعادة كتلك التي حصلت بعد عرشين سنة عىل «املناسبة»!. باألمس ،وبعد إصابة عيل السمودي املنتج يف فريق الجزيرة ،برصاصة قنص متعمدة يف كتفه عند أطراف مخيم جنني يف الضفة الغربية املحتلة ،قررت شريين أبو عاقلة ورفيقتها الصحافية شذا الحاميشة امليض يف مهمتهام يف شارع أمسك به جنود اإلحتالل ببنادق القنص بينام كان العديد من شباب املخيم عىل مقربة من شريين ورفيقتها بال أي قطعة سالح. من يراقب الرشيط الذي أبرز سقوط شريين ال يستطيع أن يتصور حالة العجز التي أصابت رفيقتها وصديقتها شذا الحاميشة. سقطت شريين وكان يفصل بينها وبني زميلتها جذع شجرة .شذا تسند ظهرها إىل الجدار .ترصخ وتبيك .متد يدها لتلتقط شيئا من نبض شريين فينهمر الرصاص .صار الخوف واملوت والدم هو الفاصل بني زميلتني وصديقتني :واحدة ممدة أرضاً تسبح بدمائها والثانية مشدوهة تنتظر دورها األسود .رصخ الشباب وهم ينادون سيارة اإلسعاف ويحاولون اإلقرتاب ولكن ..إال أن وصل أحد الشبان إىل شريين وشذا ،عىل وقع رشقات القنص املسموعة ،ليتمكن من إبعاد شذا أوالً وإنتشال شريين إىل سيارة اإلسعاف ثانيا
طائر الفينيق
شيرين ومحمد الدرة« ..سيرة عين»!
الكاتبة أغنار عواضة ورمت يف آلة التصوير عرشين حديقه وعصافري الجليل /ومضت تبحث خلف البحر عن معنى جديد للحقيقة /وطني حبل غسيل ملناديل الدم املسفوك .ومتددت عىل الشاطىء رمالً ونخيل» (كلامت محمود /درويش؛ أغنية مرسيل خليفة) فلسطني ليست مجرد قصيدة رثائية وال رواية تراجيدية وال معزوفة حزينة وال صورة بالفحم األسود ،عىل أهمية ذلك كله. هي قصة موت يومي متام ٍد ..تقابلها قصة حياة لشعب يعرف كيف يفاجىء نفسه واآلخرين بقدرته عىل التضحية والعطاء.. والثورة .يتحدث الكاتب ابراهيم نرصالله يف رواية «سرية عني» (ثالثية األجراس) عن مقارنته بني املصور الصهيوين موشيه الذي يريد محو فلسطني بالكامريا او بالرصاص وبني كرمية عبود اول مصورة عربية فلسطينية .يف روايته، يقول نرصالله :بسط ليفي (املصور الشبح الذي تبادل وموشيه الكامريا والبندقية) الجريدة أمام عيني موشيه، وقال :لقد هزمتني مصورة عربية ،أعني هزمتك أعني هزمتنا». كل ما فعلته كرمية أنها ص ّورت حياة الفلسطينيني يف بيوتهم واألحياء واألزقة تعج بأناسها وأهلها الفلسطينيني الحقيقيني كم تشبه كرمية عبود شريين أبو عاقلة .وكم تشبه كرمية عبود املصور الفرنيس شارل إندرالن الذي إلتقط رشيط إختباء جامل الدرة ونجله الطفل الشهيد محمد يف الثالثني من أيلول/سبتمرب 2000 شريين أبو عاقلة مراسلة قناة «الجزيرة» الصحافية املقدسية التي تسكن يف رام الله كانت يف مخيم جنني صباح اليوم تغطي أنباء وردتها عن إقتحامه من قبل قوات اإلحتالل .أرسلت إىل محطة «الجزيرة» الخرب ووعدت مبوافاتهم بكل جديد .إلتقط لها زميلها آخر صورها وهي ترتدي الدرع الواقي والخوذة الحديدية .وكعادة هذه الصحافية املحرتفة الهادئة مل تنقل الخرب فحسب بل قررت هذه املرة أن تصنع من قصتها خربا ً ولو بحرب الدم.
طائر الفينيق
لفلسطني .للقدس .لحي الشيخ ج ّراح .هذه هي سرية شريين أبو عاقلة .من أين أتت كل هذه الجرأة إىل هذه املراسلة «الحربية» أتحتاج ميداناً أكرث تعبريا ً من كل مدن وقرى فلسطني التي تحولت ساحات حرب متواصلة . بفعل إحتالل يحاول منذ مثانني عاماً تدجني شعب عىل اإلستسالم والخنوع والخضوع ،ولكنه يزداد إرصارا ً عىل املقاومة والتشبث باألرض؟ هذه ليست املرة األوىل وال األخرية التي يعتدي فيها جنود اإلحتالل عىل الجسم الصحايف.
حصل ذلك يف فلسطني ولبنان ودول عربية أخرى .إغتال اإلرسائيليون كتابا وصحافيني فلسطينيني يف عواصم أوروبية وعربية،أبرزها بريوت ،وتم تقديم عرشات ال بل مئات الشكاوى حول اإلستهداف املنظم للصحافيني وبعضها بلغ عتبة املحكمة الجنائية الدولية ،ولكن النتيجة هي التقاعس عن إجراء أي تحقيق يف أعامل ترقى ألن تكون جرائم حرب وجرائم ضد اإلنسانية.يقول لنا التاريخ القريب والبعيد أنه ال ميكن التعويل عىل املجتمع الدويل ومؤسساته فسياسة الكيل مبكيالني هي السائدة ،ولعل أكرث ما ميكننا املطالبة به هو ان تعمد املؤسسة التي تعمل فيها الشهيدة شريين أبو عاقلة ـ املنخرطة يف تطبيع كامل مع العدو ـ إىل عدم إهدار دم شريين مرة ثانية وبالتايل أخذ الدروس والعرب ..أما الباقي ،فسيتواله شعب فلسطني ،بلحمه العاري من كل يشء إال من كرام
تنويه :لقد نرش هذا املقال من قبل عىل موقع 180بتاريخ 2022/5/12
طائر الفينيق
لو عدنا إىل رشيط الفيديو .شاهدنا شذا تخاطب الجميع بعيونها الحائرة .يدها ترتفع وال تصل إىل شريين .تفصل بينهام عوامل ومحيطات .أي لحظة عاشتها شذا وأي صورة إلتقطتها عينا شريين قبل أن تسقط أرضاً .كيف متكن القناص من إصابة هذا الفاصل ـ املقتل بني قبة سرتتها املدرعة وأطراف خوذتها .سنتيمرتات ورمبا مليمرتات قليلة كانت كافية ألن يُنفّذ قرار إعدام شريين بالقتل املتعمد .لكأن إسمها وضع عىل «الالئحة الحمراء»
التي تحتاج عادة إىل توقيع رئيس وزراء العدو .صارت شريين تشكل خطرا عىل األمن القومي لدولة اإلحتالل .ال بد من التخلص منها .القتل املتعمد سياسة يريد العدو من خاللها ان يرى العامل كله ذلك بوضوح .حتى حني يذري جنود اإلحتالل رصاصهم الطائش ـ وهذه املرة مل يكن كذلك ـ فإنه يتعمد مامرسة القتل بوحشية زائدة. عقل يدرك خطورة اإلعالم امليداين .الصورة ابلغ من ألف كلمة. شريين الصوت والصورة .الكلمة والعيون .الفكرة واملشهدية .العفوية التي تصطاد لقطة .اإلرادوية بجعل املقاومة ليس مجرد رصاصة وحجر .فعل املقاومة وعي وشجاعة .إقرتبت شريين من املوت مرارا ً وكانت تتجاهل حضوره بالقرب منها .مرت من أمام منزلها وأفراد عائلتها وتجاهلتهم كلهم .بدت أكرث إنشدادا ً للموضوع .للقصة. طائر الفينيق
وهكذا يتقارب الشاعر مع متلقيه يف سبيل فكري وانفعايل واحد ،وما يكون ذاتياً خاصاً يصبح عاماً ومشرتكاً يشاطره وحدة اللقاء بينهام،وتصبح املعرفة يف الشعر متحركة،متآخية بال ضوابط وقيود ،وتتحول إىل عملية تفكيكية وتجريبية يف محاولة إلشاعة التآخي والفاعلية املتبادلة. حينئذ يتحول الفكر إىل مجاز ال حقيقة ،وينصهر فيه مع الشعر فيشكّل البنية املجازية للتعبري التي أصبحت أسلوبا ودودا ً إلشباع حاجة النفس التي ضاقت بالواقعية،فتنصهر عالقات جديدة بني الكلامت والواقع ،وهي عالقات احتاملية تتعدد فيها املعاين والفهم واإلستيعاب ،فينشأ رصاع التناقضات الذي يُرثي عمل الشاعر ،وتشعره باإلكتفاء النفيس والذايت واالبتكار. لذا إن الشعر فضاء واسع ال حدود له ،يتحرك وفق مشاعر وفكر كاتبه،يجمع بني روحه وسكينته وعقله ،فيشيع يف األجواء ضوءا ً يخرتق املجهول،ويخرج الفكر من االنغالق ويعيش يف املطلق لتحصيل الكامل ،وترتقي اللغة يف مضامينها وتتقارب البيانات املعرفية للمؤثرات العقلية واملنطقية للمبدع. إذن إن كتابة الشعر معتمدا ً عىل الفكر البرشي لإلنسان قراءة صادقة للتجارب والهيمنة الزمنية عىل األحداث التي تحصل للفرد.ومن خالل الشعر يتحرر الفكر من األسس العقالنية و يغوص يف أعامق الوجود والذات ملالقاة عامل بعيد عنه يريده أن يكون يف وحدة مصريية معه.
طائر الفينيق
تسويغ الشعر وعالقته بالفكر
د .مرياي أبو حمدان ،نتبي أن الفكر هو من جهة إذا رجعنا إىل جذر كلمة الفكر ّ القلب والنفس والعاطفة،وليس من جهة العقل وهو يعني إعامل الخاطر يف اليشء . والخاطر هو ما يخطر يف القلب واملشاعر واألحاسيس ،ويدل أننا نفكر بقلوبنا وليس بعقولنا. وإذا رجعنا إىل جذر كلمة العقل،نالحظ أن العقل يتبع األخالق، ذلك أنه يحفز صاحبه عىل فعل الخريونبذ الرش،ويرده عن مشاغل السوء ومدارك الهوى.وعىل هذا يجمع الفكر بني الروحانية والتأمل.وحني ينظم الشاعر منظومته الشعرية يكون يف مواجهة حدسه النفيس والفكري ،إذ يضع إبداعه يف قوالب الرمز والصورة تعبريا ً عن ميوله املعرفية املتخ ّيلة. وهذه الصورة تكشف عن الغامض والقابع داخل اإلنسان املفعم بالعاطفة واإلندفاع ،فتمتلئ باإلرشاقات والتوترات املتضادة ،ويبدو النص كأنه يتدفق عىل مشارف الذات ومنابع الروح والنفس .لذا تنقل ما كان مكبوتاً أو مجهوالً،وتوسع مجال املعرفة ومضامني الفكر. من هنا يعيش الشاعر املتاهات والتساؤالت يف إطار اإلنفعاالت الكامنة يف حدود الرتكيبات املتفاعلة مع الذات واآلخر. وتربز جلياً مفردات وتعابري يف سياق جاميل تنضوي تحتها تقنية بالغية وتركيبات شعرية مفعمة بالحياة والحيوية،وتندرج يف أتون الفكر والحياة والروح. طائر الفينيق
حكا يتي املرسات وبهجة املنام السارد يف وحدته ألف حكاية وحكاية حاملة يف طياتها األماين واآلمال الستمرارية الحياة. حكا يتي أزهرت نفيس يف كل الفصول وأمثرت يف أطباقها حنان األم الرؤوم ليس عىل أطفال فقط مضوا مع الحياة بل عىل من وهبني الحياة بعدما عربت حكايتي بكل صنوف املامت. حكا يتي تهاليل من الشكر ألنها نظرت فلم ت َر يف أطباقها سوى مثرة واحدة أبقاها الله يل،لتؤنس روحي يف هذه الحياة. حكا يتي حالوة متتصها عروقي من أحشاء العمر وأريج ترشبته قضباين من نور الشمس الدافئة التي تنعش تربتي التي منت بأريحية الحبيب وترعرعت عىل سكونه املتحدي للحياة. حكا يتي شجرة نفيس املزروعة يف حقل بعيد عن سبل الزمن تدين من النجوم سقيتها بدمي ودموعي قائلة» إن الدم العطوف نكهة،ويف الدموع حالوة تج ّمل الحياة. حكا يتي بركة يف فاهي ،وحق يف جويف ألن الربكة ابنة الدموع والحق ابن الحياة. حكا يتي سفينة فكري وميناء بحري ،أسري من خاللها إىل جزر املحبة ألجمع منها املن والسلوى وجميع األحجار الكرمية فتكون جزرا ً يل ملواجهة كل صعاب الحياة. حكا يتي مليئة بنفائس األرض وغرائبها أمجدها بجدارة ألنها أدخلتني مدينتها مزمرة بابتسامة استحقاق الحياة. حكا يتي بدايتها مع الشوق ونهايتها حضن املوت ،أكتب أحداثها يف رضاب فاه الحياة وأسطرها عىل صفحات قلب زارعة وحب الحياة. فيه حبّي ّ طائر الفينيق
حكا يتي
د.هويدا رشيف مدّ وجزر ،حياة مع الحياة ،يف عامل الرؤيا ابتدأت،ومقاالت طفولية عىل صفحة األمل املزروع وعىل جبني من أعطيته وأعطاين الحياة. حكا يتي خواطر فلسفية ذاتية،أصف يف بعضها شعوري باإلنتامء إىل سفينة الروح الضامنة للحياة ،ووجبة ثقافية خيالية دسمة يقدمها يل من اخرتته من أجل هذه الحياة . حكا يتي قلبي املنسوج عىل جبني الحبيب حيث يسمعني أثريه نغامت الشذى التي ترتاقص عىل نوتات دقات قلبه الحنون،مسطرة أغانيه وأناشيده يف رشياين النابض بالحياة. حكايتي إرشاقة شمس بعد أشباح من الليل القاتم،تهمس بأرسار الحبيب وأحالمه مرتقبة صباحه صابرة بهواي نوره الذي أهواه. حكايتي تسكت وتسمع تكلمه،يف حلم مطمنئ تغرد فيه عصافري الجنة التي سأراها خالل الحياة. حكايتي صارت زنبقة بيضاء متفتحة ترفع رأسها فوق الثلوج التي طوتها السنني بعد اللقاء الغايل امللتصق بالحياة ،فولدت يفّ حورية ترقص عىل كتف الحياة. حكايتي رأسها منتصب أمام السكينة،تتاميل مدندنة مصلية تراتيل العشق األبدي طوال الحياة.
طائر الفينيق
الدولة السائبة والموظف التعيس
د.طالل الورداين يف بالدي التي تحكمها عصابات التجار واملصارف يرزح املوظف التعيستحت وطأة مصيدتهم ،فهم ال يبالون ملا مير به من معاناة، زد عىل ذلك انهم يبتزونه يف معاشه الهزيل الذي ال يكفي قوت عياله ،فيرسقونه كل يوم ويطالبونه ان يتحمل ويضحي فاي تحمل واي تضحية وقد تقاذفته اللصوص من كل جانب ،فبائع الخضار رفع اسعاره خمس عرشة مرة وقس عىل ذلك كل املصالح االخرى من بائع الثياب اىل بائع املاء اىل بائع اللحوم ،والعد يطول ،اال انت ايها املوظف التعيس يف حقيل الرتبية والدفاع واالمن حقهم عليك ان تحمي مناصبهم وعروشهم وممتلكاتهم ، لكن ال يحق لك ان تعيش بكرامة فال يخفى علينا انهم سلبوا من كل منا مبعدل متوسط ما يوازي الف وخمسامية دوالر علهم يغطون نهبهم ورسقاتهم ،ومقابل ذلك يطالبونك بالصرب والتحمل ،نحن نسالهم هل اوالدهم يعانون ما يعانيه اوالدنا من تقشف؟ هل اعيادهم كاعيادنا ينغصنا النقص الحاد يف متطلبات الحياة ؟ هل يقفون عىل ابواب املستشفيات كام نقف وال يحق لنا طبابة كونكم رفعتم عنا تغطية كل الصناديق الضامنة، باي وقاحة تتحدثون عن كرامة املوظف ،هل هذا الفتات الذي تكرمون به علينا لرشاء البنزين فقط ،هل هذا الفتات يؤمن لنا االستمرار ،بالله عليكم اخربوا هؤالء ان الذين يحافظون عىل امن اجسادكم وعقولكم هم اليوم يكفرون بسياستكم الرعناء فمعاشاتنا محتجزة يف البنوك والتقدميات الفتات الهزيلة محتجزة ايضا ،وال يزال نفاقكم يرغي ويزبد ،فكفوا عن هذه املهاترات واعلموا اننا واوالدنا لن نرحمكم ال فوق االرض وال تحتها فارحلوا ال اسف عليكم واتركونا نواجه ما فعلته ايديكم باللحم الحي ،ساء ما فعلتموه بنا ،اال يكفيكم كل ذلك؟ نحن نعدكم ان مل يشبع اوالدنا ال تروا لكم مكانة بيننا فغادرونا ايها الفاسدون ،لقد لفظتكم االرض فالف تشكرون؟؟؟!!! طائر الفينيق
حكا يتي دنيا من اللعب ،شطرنج تنوعت نتائجها جمعت يف كتاب حيايت محتوية عىل ألوان شتى من إنتاج الحياة فنجد فيها قصصاً من الخيال والواقع ومتنيات أغلبها تلخص وتهدف إىل االستقرار واألمان. حكا يتي وسام مجد أثيل علقته التجارب الغابرة والحارضة عىل صدري وصدر كل من صادفني يف هذه الحياة. حكا يتي بانت من وراء نقاب املوت ظاهرة عليها مالمح الصرب واألمل ووجه فارس قوي يتكلم بال نطق،وجهه فرح باسم منشدا ً أهازيج النرص بلقاء الحياة. حكا يتي اشرتت عمرها الباقي بسكات املجد ،سكرى بخمرة النرص وع ّز اإلنتصار كالسيف هيبة ووقارا ً ،هي ذلك السكوت الذي يقبض عىل القلوب القوية فيرتفع عن الصغائر هابطاً من نفس كبرية إىل عمق لجة الحياة. حكا يتي خيط مذ ّهب ربطته عىل زندي ،عرفت اليد التي غزلت حريرها واألصابع التي حاكت خيوطها فسرتها بالثقة املفقودة ،حاجباً وجهها املنقبض بيده املرتعشة،تلك اليد التي أزاحت بعزمها وإخالصها رؤوس األحزان ،وصارت ماسحة دموعها ،ألنها المست حوايش منديل عقدت أطرافه أصابع محبوبة عىل قلبها حول زند رجل جاء ليشهد أمامي بإعطايئ الحياة. فكيف ال يكون عنوان حكايتي مع الحياة،وحيايت الستكامل فصول الحكاية.
طائر الفينيق
كيف .يعي نفسه أن يكون كاتباً أو اعالمياً أو استاذا ً أو مديرا ً ناجحاَ يف املستقبل ،وت ُصبح الكتابة عند إتقانها عملية تلقائية؛ حيث يستطيع الطفل الرتكيز عىل عمله دون القلق بشأن كيفية تشكيل الحروف .كام يحتاج األطفال أو املراهقون إىل إصدارات أدبية مختلفة لتغذي جوانب تفكريهم و تقوي نواحي الخيال و اإلبداع والحوار و التفكري الناقد فيهم ،و تشبع حاجاتهم و ميولهم ،و توجه اتجاهاتهم و تفكريهم مبا يربطهم بأصالة ماضيهم و يكيفهم بطبيعة حارضهم و يؤسس رؤاهم املستقبلية؛ لتكون وسيلة من وسائل التعليم و التثقيف بالتسلية و املشاركة يف الخربة ،و طريقا لتكوين العواطف السليمة ،و تنمية املشاعر الوطنية الصادقة ،و أسلوبا يقفون به عىل الحقيقة و يكتشفون مواطن الصواب و الخطأ يف املجتمع ،و يتعرفون اىل طريق الخري و الرش يف الحياة ،و سبيال لتوجيه أنواع الخيال و فنون الكتابة لديهم ،ليسترشفوا به عىل عامل باتت املعرفة فيه متجددة ،و التقانة العلمية متسارعة حتى يتحقق التوازن النفيس و الفكري لألطفال يف مراحل منوهم و نضجهم؛ ليواجهوا طبيعة الحياة و ما تفرضه عليهم بيئتهم و عاملهم.
م ًمن هنا كان اهتاممي بأدب األطفال ” باعتباره من أقوى الدعامات يف بناء اإلنسان ،و فتح معامل املعرفة أمامه ،لذلك حسب تجربتي الطويلة يف الكتابة للطفل ،ادافع كثريا عن هذا النوع من االدب الذي يعترب مهامً جدا ً ،حيث اذا كتبنا للطفل وتك ّو َن تكويناً سليامً ،سيكون رجل الغد الذي يصنع مجد هذا الوطن ،لذلك أنا يف صدد خوض ترجمة القصص املوجهة للطفل .املرتجمة اىل اللغة الفرنسية واالنجليزية ،حتى نعزز تعليم الطفل اللغات الحية منذ نعومة اظافره ،حتى تساعده يف املستقبل أن يكون تلميذا ً ناجحاً ،وتسهل عليه تعليم اللغات الحية ،وتعترب التجربة التي انتهجتها دار رومنس القرن 21للنرش والتوزيع و التوزيع والرتجمة ،فريد ٌة من نوعها يف الجزائر ،رغم غالء الطباعة بالنسبة لقصص االطفال ،التي تتطلب الرسومات باليد من طرف فنان ،وااللوان الزاهية التي تجذب الطفل وتحببه يف املطالعة ،رغم النداءات الكثرية التي ناشدنا بها وزارة الثقافة من أجل التكفل بطباعة قصص االطفال ،إال أننا وجدنا أنفسنا .نصارع غالء طبع القصص ،ونتحدى كل الصعاب من أجل .انتعاش أدب الطفل يف الجزائر ،ومن اجل مواصلة حلمنا ان ننهض بهذا االدب اىل العاملية ،وتوظيف القصص الشعبية الجزائرية املستوحاة من الرتاث
العريق والغني ،لذلك اقرتح أن يكون منتدى مستقب ُّيل لالهتامم بأدب الطفل ،وتكون رعايته من طرف وزارة الثقافة والرتبية . طائر الفينيق
الكتابة للطفل ..ومشاكل الطبع ؟
سليمة مليزي االديبة والصحفية مديرة النرش يف دار رومنس القرن 21للنرش والتوزيع والرتجمة الجزائر 23ماي 2022 الكتابة للطفل تعترب من أصعب الفنون االدبية حيث .يتطلب من الكاتب أن يدرس جي ًدا سلوكيات الرتبية عند الطفل ،حتى يتمكن من الولوج اىل أفكاره الحاملة حيث يعترب خيال الطفل واسعاً وليس له حدود يف تخيّل االشياء العادية وأحالمه الواسعة التي يريد دامئاً التحلق بها يف الفضاء ،ومخيلته تذهب بعي ًدا عن الواقع املعاش ،خاصة اذا قرأ القصص الخيالية ،و العلمية ،او شاهد افالم الكرتون التي هي املحببة للطفل اكرث من الكتاب ،فالطفل يف أوىل مراحل حياته نجده يقلد ما يحدث يف محيطه ،خاصة يقلد كثريا ً والديه ،لذلك يجب عىل االولياء أن يراعوأ جي ًدا ترصفاتهم أمام طفلهم ،ويحسنون الترصف أمامه ،ويعاملونه كانه شخص كبري ،ويسمعون اىل اسالته التي نجدها عند االطفال االذكياء أحيانا غريبة ،وتكون أكرب من سنهم ،لذلك السلوك الجيد يف املعاملة مع الطفل يجعله يظهر ذكاء ُه ،مبكرا ً خاص ًة اذا علمنا ُه املطالعة ،وحببنا إليه الكتاب الذي يعترب جزءا ً ال يتجزآ من اشيائه املهمة يف تربيته.
من هنا ندرك أهمية الكتابة للطفل ،ألنها تخلق له خياال واسعا .وتكسب ُه املعرفة والعلوم ،وتؤهل ُه أن يكون تلميذا َ ناجحاَ يف دراسته ،وقد ربط بعض الخرباء ،ان الطفل الذي يحب مطالعة القصص خاصة اذا قام بتمثيل القصة بينه وبني نفسه عىل شكل مونولوغ ،او حوار مزدوج ،تعلمه طائر الفينيق
ثم تكلم املحامي صالح الدسوقي وركّز عىل أن التغيري يجب أن يكون بدءا ً بسلوك اإلنسان ،وشدد عىل دور اإلنسان العامل مي املجال السيايس ،مؤكدا ً حتمية التغيري ألنها التعبري الحقيقي عن حقيقة الحياة. وتكلم األستاذ رفعت فارس عن قوة الفكر اإلنساين يف تطوير انتقال الحضارة اإلنسانية إىل األعىل دامئاً ،واستعرض دور مفكرين ال تزال أفكارهم تعيش فينا إىل اليوم. ثم تكلم األستاذ محمد أمني باسم جمعية الحوار من أجل لبنان الواحد :.الخطاب :االنتخايب املتشنج يف لبنان ال يخدم مصلحة لبنان واللبنانيني ،مام يتطلب العمل من أجل بناء الثقة بني اللبنانيني أوالً وإطالق عجلة الحوار الوطني الصادق الذي هو الضامنة لبناء دولة القانون واملؤسسات التي ننشدها جميعاً. وتكلم األستاذ محمد الخطيب باسم املنتدى البقاعي قائالً :لقد حولوا البلد إىل صحراء قاحلة ،بل جهنم حسب املعنى املتداول ،وأخلوا البلد من مثقفيه وكوادره العلمية وأفرغوا املستشفيات من أطبائها وممرضيها بعد أن كان لبنان مشفى ليس للعرب والرشق األوسط فحسب بل للعامل أجمع .وينسحب هذا الكالم عىل وضع املصارف حيث تحول لبنان إىل بلد مفلس وال ثقة ألحد به يف الداخل والخارج بعد أن كان مستودع أمانات للعامل وللمغرتبني بشكل خاص وأخريا ً ليست هذه املنظومة املتسلطة والفاسدة بحاجة ملتعلمني فأفرغت البلد من العلم وأهله ومؤسساته بتحويله إىل بلد يجهل فوق جهل الجاهلني .وكل هذا إلحكام قبضتهم عىل البلد وشعبه وبالتايل جعله إ ّمعة لرتكيعه وإبقائه يلهث خلف رغيف الخبز والغاز واملحروقات ،وحبة الدواء ،وليلغوا فكرة املواجهة والنضال إلسقاط هذه السلطة .وهكذا يكون كل من يريد الرتشح لالنتخابات النيابية يجب أن يكون ذئباً وإال أكلته ذئاب السلطة أما الكاتبة واإلعالمية هدى غازي فقد تكلمت باسم جمعية وحدة املجتمع :فقد ذكرت تعقيباً عىل حديث الدكتور غسان سكاف عن الغربة ،وأثرها عىل املجتمع اللبناين ،وآثارهذه الغربة عىل كل بيت لبناين ،وأضافت أننا شبعنا خطابات واعدة ونحن يف زمن نحتاج فيه لألفعال وليس لألقوال .واستفرست من الدكتور غسان عن مبادراته الفردية يف خدمة الشعب اللبناين ،ويف البقاع خاصة.
طائر الفينيق
دور الثقافة في إنقاذ لبنان من مأزقه الحالي
الكاتب عمر شبيل كان اللقاء الثقايف اليوم /2022/5/4يف مقر املنتدى الثقايف االجتامعي يف البقاع /يف مقر املنتدى ،يف الصويري بحضور ممثلني عن املنتدى الثقايف وعن املجلس السيايس يف البقاع الغريب وراشيا ،وجمعية وحدة املجتمع ،وجمعية الحوار من أجل لبنان الواحد وهيئة املنتدى الثقايف الجديد ،واملنتدى البقاعي وممثلني عن مجموعة الشباب الثقافية يف الصويري. وقد حرض جم ٌع ثقايف واجتامعي ،وكان من الحضور: األستاذ عمر شبيل مؤسس املنتدى الثقايف االجتامعي يف البقاع ،واملحامي صالح الدسوقي رئيس املجلس الثقايف يف البقاع الغريب وراشيا ،والسيدة ندى مصطفى صوان رئيسة جمعية وحدة املجتمع وعضو الهيئة اإلدارية يف جمعية متخرجي جامعة بريوت العربية ،واألستاذ رفعت فارس عضو املجلس الثقايف يف البقاع الغريب وراشيا ،والكاتبة اإلعالمية هدى غازي عضو جمعية وحدة املجتمع ،والشاعرة رانية مرعي باسم هيئة الحوار الثقايف الدائم، واألستاذ محمد أمني باسم جمعية الحوار من أجل لبنان الواحد ،واألستاذ محمد الخطيب باسم املنتدى البقاعي، واألستاذ رضا طعمة ،واإلعالمية مالك نور الدين الصمييل ،وعامر شبيل ،وعبد الحميد أبو منري ،ومحمد عبد اللطيف شبيل ،واملهندس نزار شبيل ،.ورياض إبراهيم شبيل ،وعبد الله محمد خليل. وحرض ضيفاً مع املجتمعني الدكتور غسان سكاف الذي أجرى حوارا ً مط ّوالً مع الحارضين مب ِّينا توجهاته لخدمة مجتمعه إذا نجح يف االنتخابات التي ستجري يف الخامس عرش من الشهر الحايل .ثم أجاب عىل أسئلة الذين حاوروه. وقد افتتح اللقاء األستاذ عمر شبيل مر ِّحباً بالجميع ومب ّيناً دور الثقافة يف نهضة لبنان من أزماته الكثرية ،ورأى أن تغي ،وتصلح الخلل يف املجتمع اإلنساين إالّ إذا تح ّولت سلوكاً ودفاعاً عن قضايا اإلنسان العليا، الثقافة ال ميكن أن ّ يف الحرية والحلم ورغيف الخبز والعدالة.
طائر الفينيق
الحمامتان والحب
كتاب كليلة ودمنة يبني هذا املثل عاقبة التعجل يف حياة اإلنسان ،وهي الندم والحرسة ،وقصته زعموا أن حاممتني – ذكرا وأنثى – مألا عشهام من الحنطة والشعري .فقال الذكر لألنثى :إنا إذا وجدنا يف الصحاري ما نعيش به فلسنا نأكل مام يف عشنا شيئا .فإذا جاء الشتاء ومل يكن يف الصحاري يشء رجعنا إىل ما يف عشنا فأكلناه . فرضيت األنثى بذلك وقالت له :نِعم ما رأيت . وكان ذلك الحب نديا حني وضعاه ،فامتأل عشهام منه .وانطلق الذكر يف بعض أسفاره .فلام جاء الصيف يبس ذلك الحب وضمر . فلام رجع الذكر رأى الحب ناقصا فقال لها :أليس كنا قد أجمعنا رأينا عىل أال نأكل منه شيئا ؟ فلم أكلته ؟ فجعلت تحلف أنها ما أكلت منه شيئا .وجعلت تعتذر إليه فلم يصدقها ،وجعل ينقرها حتى ماتت . فلام جاءت األمطار ودخل الشتاء تندى الحب وامتأل العش كام كان .فلام رأى الذكر ذلك ندم ثم اضطجع إىل جانب حاممته وقال: ما ينفعني الحب والعيش بعدك إذا طلبتك فلم أجدك ،ومل أقدر عليك ،وإذا فكرت يف أمرك وعلمت أين قد ظلمتك ،وال أقدر عىل تدارك ما فات .ثم استمر عىل حزنه فلم يطعم طعاما وال رشابا حتى مات إىل جانبها طائر الفينيق
أما الشاعرة رانية مرعي فقد تكلمت باسم هيئة الحوار الثقايف الدائم ،وتناولت يف مطالعتها رضورة التزام املتحدث باسم التغيري أن يكون تغيريياً ومبتدئا بنفسه ليك ال يكون كالمه تنظريياً وبعيدا ً عن معاناة الناس وأوجاعهم التي مل تعد تطاق أبدا ً ،وكانت جريئة يف طرحها وهي توجه كالمها للدكتور غسان سكاف املرشح لدخول الندوة الربملانية ،وحتى ال يقع يف نفس األخطاء التي وقع بها سابقوه من الذين ينتقدهم اآلن .وطالبت باعتبارها ابنة البقاع الغريب العزيز عىل قلبها أن تكون البنية الصحيحة للطرقات يف أولوية املشاريع التي يجب أن تعالج والتي يعاين من سوئها البقاعيون جميعاً.
طائر الفينيق
السمكات الثالث
كتاب كليلة ودمنة يرضب هذا املثل لثالثة أصناف من البرش :أحدهام :مجتهد حريص عىل نفع نفسه والبعد عن مواطن الهالك ، واآلخر يتأىن ويتأىن حتى إذا وقع االمتحان واالبتالء جد يف تخليص نفسه يف اللحظة األخرية ،فنجا بعد أن كاد يهلك .وأما الثالث :فعاجز غري فطن ،يضيع األوقات يف اللهو واللعب ،حتى يقع به االمتحان واالبتالء ،فيقع متعرثا مع العاجزين ،وقصته : زعموا أن غديرا كان فيه ثالث سمكات ،وكان ذلك املكان يف منخفض من األرض ال يكاد يقربه من الناس أحد ، فلام كان ذات يوم مر صيادان عىل ذلك الغدير مجتازين فتواعدا أن يرجعا إليه بشباكهام فيصيدا السمكات الثالث اللوايت رأياهن فيه . فلام رأتهام السمكة األوىل وكانت رسيعة البديهة ،ارتابت بهام وتخوفت منهام فقفزت من مدخل املاء إىل النهر . وأما السمكة الثانية وكانت ذكية ،فتلبثت حتى جاء الصيادان ،فلام أبرصتهام قد سدا املخرج وعرفت الذي يريدان بها قالت :فرطت وهذه عاقبة التفريط ،فكيف الخالص ؟ ثم متاوتت وجعلت تطفو عىل وجه املاء منقلبة ،فأخذاها فألقياها عىل األرض غري بعيدة من النهر ،فوثبت فيه فنجت منهام . أما السمكة الثالثة وكانت عاجزة ،فلم تزل يف إقبال وإدبار حتى صاداها . طائر الفينيق
ألف ليلة وليلة
املوسوعة الحرة ألف ليلة وليلة هو كتاب يتض ّمن مجموعة من القصص التي وردت يف غرب وجنوب آسيا باإلضافة إىل الحكايات الشعبية التي ُج ِمعت وت ُرجمت إىل العربية خالل العرص الذهبي لإلسالم .يعرف الكتاب أيضاً باسم الليايل العربية يف اللغة اإلنجليزية ،منذ أن صدرت النسخة اإلنجليزية األوىل منه سنة ،]2[1706واسمه العريب القديم «أسامر الليايل للعرب مام يتضمن الفكاهة ويورث الطرب» وفقاً لنارشه وليم ماكنجنت]3[. ُجمع العمل عىل مدى قرون ،من ِقبل مؤلفني ومرتجمني وباحثني من غرب ووسط وجنوب آسيا وشامل أفريقيا. تعود الحكايات إىل القرون القدمية والوسطى لكل من الحضارات العربية والفارسية والهندية واملرصية وبالد الرافدين .معظم الحكايات كانت يف األساس قصصاً شعبية من عهد الخالفة ،وبعضها اآلخر ،وخاصة قصة اإلطار، فعىل األرجح تم استخالصها من العمل البهلوي الفاريس «ألف خرافة» (بالفارسية :هزار أفسان) والتي بدورها اعتمدت جزئياً عىل األدب الهندي ]4[.باملقابل هناك من يقول أن أصل هذه الروايات بابيل]5[. ما هو شائع يف جميع ال ُّنسخ الخاصة بالليايل هي البادئة ،القصة اإلطارية عن الحاكم شهريار وزوجته شهرزاد، التي أدرجت يف جميع الحكايات .حيث أن القصص تنطلق أساساً من هذه القصة ،وبعض القصص مؤطرة داخل حكايات أخرى ،يف حني تبدأ أخرى وتنتهي من تلقاء نفسها .بعض ال ُّنسخ املطبوعة ال تحتوي سوى عىل بضع مئات من الليايل ،والبعض اآلخر يتضمن ألف ليلة وليلة أو أكرث .الجزء األكرب من النص هو بأسلوب النرث ،عىل الرغم من استخدام أسلوب الشعر أحياناً للتعبري عن العاطفة املتزايدة ،وأحياناً تستخدم األغاين واأللغاز .معظم القصائد هي مقاطع مفردة أو رباع ّية ،كام أن بعضها يكون أطول من ذلك. هناك بعض القصص املشهورة التي تحتويها ألف ليلة وليلة ،مثل «عالء الدين واملصباح السحري» ،و»عيل بابا واألربعون لصاً» ،و»رحالت السندباد البحري السبع» ،كام أن هناك بعض الحكايات الشعبية يف منطقة الرشق األوسط التي تعترب شبه مؤكدة تقريباً ،وليست جزءا ً من ألف ليلة وليلة املوجودة يف اإلصدارات العربية ،ولكنها أضيفت من قبل املسترشق الفرنيس أنطوان غاالن ومرتجمني أوروبيني آخرين ]6[،وكان أنطوان غاالن قد عمل عىل ترجمة الكتاب إىل الفرنسية سنة .1704 ً طائر الفينيق
بيئة مقدمة خبرية «:التلوث البيئي في زمن الفوضى » اقيمت الندوة للدكتور نزار دندش يف مقر املنتدى الثقايف االجتامعي/الصويري
الكاتب عمر شبيل وقد حرض الندوة عدد غفري من مختلف املناطق اللبنانية من عكار وعرسال وحديثا واملرج ومجدل عنجر والصويري وسعد نايل وبر الياس. وقدمت الندوة الناشطة االجتامعية عضو املنتدى الثقايف االجتامعي يف البقاع هدى غازي وقد ركزت يف تقدميها عىل أهمية اللقاءات الجمعية لخدمة املجتمع وأكدت أن هذه اللقاءات يجب أن تنطلق من فعل ثقايف يف لقاءات مستمرة جمعية ،ثم قدمت االستاذ عمر شبيل معتربة إياه مؤسسة ثقافية كاملة ،والذي يعمل بكل طاقته لتكرار اللقاءات الثقافية والتي أصبحت منهجاً ميارس باستمرار يف املنتدى الثقايف االجتامعي وبعدها تكلم االستاذ عمر شبيل حول دور الثقافة امللتزمة يف نهضة مجتمعاتنا وخالصها من األوبئة التي متارس تحت عناوين مدمرة وشكر الدكتور نزار دندش عىل تلبيته الدعوة وعىل حضوره الثقايف واالجتامعي ثم شكر الحضور عىل االهتامم الدائم بتنشيط الفعل الثقايف. ثم قدمت الناشطة هدى غازي الدكتور نزار دندش مبينة موسوعيته العميقة يف العلم البيئي وذكرت نشاطاته الكثرية يف خدمة املجتمع بيئياً وذكرت مؤلفاته الكثرية التي تتناول أكرث من منحى ،ثم أعطت الكالم للدكتور نزل دندش الذي ألقى محارضة علمية عميقة عن البيئة وخطورة تأثرياتها عىل الجنس البرشي وستنرش املحارضة كاملة يف العدد القادم يف املنافذ الثقافية.والرائع أن الحوار والنقاش حول البيئة كان يف مستوى متقدم ومن الذين تكلموا بعمق ووعي االستاذ محمد الخطيب واالستاذ محمد امني واألستاذة نجوى الغزال وفاندا شديد رميا والناشط االجتامعي هدى طعيمة واتفق الجميع عىل استمرار عقد الندوات باستمرار.
طائر الفينيق
بيئة
لقد إعتدنا أن نفرح بكل إكتشاف جديد فنهلل لكل مستحرض كيميائية ونكتشف فيام بعد أن هذا وذاك واألسبستوس والسامد الكيميايئ وانواع املبيدات ،ويف البيوت الزجاجية والخيم البالستيكية وأكياس النايلون ومزيالت الروائح ورشاشات الشعر واملرشوبات الغازية والحلويات املزركشة وصوالً إىل األجهزة الكهربائية وأجهزة الحاسوب والهاتف الخلوي وكل ما له عالقة بالحقول الكهربائية واملغناطيسية وغريها ..التلوث هو الهاجس الذي بات يقض مضاجعنا .وقبل أن ننطلق الذي يف رحلة إكتشاف أنواعه وقبل إستعامل مصطلحات مل يعتد عىل دقتها من كان إختصاصه خارج مجال العلوم الطبيعية الدقيقة ،دعونا نذكر بتعريف البيئة وتعريف التلوت ونذكر بتأثريه عىل صحة األنسان مصطلح بيئة يدل عىل كل ما يتفاعل معه اإلنسان يف محيطه ،كسطع األرض (حىش عمق معني ) إىل الغالف الجوي مع كل ما يدخل يف تركيبه من موارد ،إىل الكائنات الحية األخرى التي تعيش مع األنسان عىل هذا الكوكب وتدخل معه يف رشاكة وتفاعل ،إضافة إىل البيئة األصطناعية التي تشمل ما سيشيده األنسان ،واىل البيئة األجتامعية والتنمية املستدامة .وتعرف االيكولوجيا عىل أنها علم عن عالقة الكائنات الحية أفرادا ً وحجامات فيام بينها ،وعالقتها بالطبيعة املحيطة بها ،أو علم عن العالقة املتبادلة بني الكائنات الحية والوسط الذي نعيش فيه .منذ خمسامية وأربعني مليون عام بدأت الكائنات الحية تظهر عىل كوكب األرض اي عندما تأمنت رشوط الحياة من درجة حرارة مقبولة ونسبة اوكسجني مناسبة يف الهواء ونسبة رطوبة معقولة. أعتادت كائنات األرض عىل التأقلم مع الظروف املحيطة والتعايش مع التغريات الالحقة .لكن أنواعاً كانت تختفي نتيجة تغريات بيئية مفاجئة التغريات التي حصلت يف املايض كانت طبيعية ،اي ال دخل لإلنسان بها ،أما اليوم فإن األدميني قد غريوا ومنذ الثورة الصناعية الكثري الكثري من معامل الكوكب وساهموا يف تغيري تركيبته .من هنا نقول أن تلويث البيئة ال يؤثر عىل صحة األنسان فحسب بل ويؤثر عىل طبيعة املكونات يف الطبيعية ويشكل خطرا ً عىل وجود بعض األنواع ومنها األنسان نفسه .إن التلوث البيئي ال يعني وجود موارد أو حقول بعينها ،بل يعني وجود هذه املواد بكميات غري مالمئة تفوق الحد األمن .أن معظم املواد موجودة يف الطبيعة بإستسناء تلك املركبات التي يخلقها األنسان لكن بعضها قد يزيد عن الحدود األمنة وذلك نتيجة النشاط البرشي.هناك ثالثة أنواع من التلوث هي التلوث الكيميايئ ،التلوث الفيزيايئ والتلوث البيولوجي .التلوث الكيميايئ يعني أن نسبة ذرات هذه املادة أو تلك قد فاق الحد املسموح به أو األمن وتربز فيه العنارص املصنفة عىل أنها ملونة ،مرسطنة أو مسببة لألمراض أو أنها تهدد البيئة الكيميائية للبيئة أو تسبب فيها االنحراف .كام يف حاالت اإلحتباس الحراري طائر الفينيق
التلوث البيئي في زمن الفوضى
الدكتور نزار دندش الطب يتط ّور وعد َد األطباء يزداد ؟ ملاذا تكرث األمراض يف عامل اليوم ،رغم أن ّ ملاذا خرسنا املعركة يف مواجهة الرسطان رغم مئات مليارات الدوالرات التي رصفت عىل األبحاث يف هذا املجال ؟ ملاذا ترتفع نسب املتوفني من األطفال واملشوهني بني حديثي الوالدة ؟ وملاذا تزداد نسبة الوالدات املبكرة ؟ وملاذا يرتدى جهاز املناعة عند اإلنسان يوماً بعد يوم ؟ لو جمعنا كل أدوات االستفهام مع الكثري من أشباهها لحصلنا عىل ملاذا كبرية جدا ً بوسع هذا العامل الذي نعيش فيه. إن صحة اإلنسان ،وكام تقول الدراسات اإلحصائية عىل عالمة مبارشه بإسلوب عيشه ،بنظام غذائه ،وبالبيئة الخارجية ومن األسباب الرئيسية لرتدي وضعنا الصحي السمية املتزايدة يف غذائنا وهوائنا وكل ما يحيط بنا أو نتعاطى معه .وال تعجبوا اذا قلت لكم أن سموماً كثري ًة موجودة حتى يف منازلنا ،يف رشاشف غرفة النوم ووساداتها ،يف الشامبو والصابون ومعجون األسنان وموارد التنظيف ومساحيق التجميل ويف األلبسة ...وحتى يف لعب األطفال يف الشامبو تدخل أنواع من املركبات الكيميائية السامة منها الفورما لدهيدات املرسطنة ،وفيها مادة امليثانول املهيجة .ويف بعض األنواع تدخل سولفات الصوديوم التي تسبب مشاكل يف العني والجلد واملجاري التنفسية ،ويف جهاز املناعة .أما املنظفات فحدثوا وال حرج ،ففيها ما يؤثر عىل الجهاز الهضمي والجهاز العصبي وما يؤدي إىل إرتخاء العضالت... أما مساحيق غسيل الثياب فقد تسبب سعاالً وصعوبة يف التنفس وحساسية يف الجلد والعني .واألسوأ نجده يف منظفات الثياب عىل الناشف ففي تلك املركبات ما يسبب بأعطال يف الكبد والكىل ورمبا بإصابات رسطانية .ويف أحمر الشفاه تدخل مساحيق مثل أوكيس كلوريد البزموت ،وهو مسحوق سام ال يذوب يف املاء ،وتدخل مواد ملونة وغريها معجون االسنان يحتوي عىل الفلورايد وله عوراض جانبية منها قصور الغدة الدرقية وترقق العظم وتسمم الكبد. طائر الفينيق
و تعترب محطات توليد الطاقة و وسائل النقل من أهم مصادر تلوث الهواء .ومن ملوثات الهواء تلك الغازات املرسطنة التي تحتوي عىل املعادن الثقيلة و عىل املشتقات النفطية .و قد أثبت العلم أن هذه امللوةات تؤثر عىل خاليا جسم اإلنسان و تساهم يف إنتشار األورام الرسطانية و أمراض الجهاز التنفيس و الجهاز الهضمي واملسالك البولية و أمراض الغدد و أمراض الجهاز العصبي. أما املياه السائلة التي يتفرد بوجودها كوكب األرض فقد نالها التلوة عىل نطاق واسع يف البحار و األنهار ً الجوفية،فإضاف إىل نفايات الصناعات التي تُقذف إىل البحار و األنهار و اىل تلك والبحريات ....وصوالً إىل املياه الناتجة عن وسائل النقل البحري والنهري تنتج مدن العامل أكرث من 500مليار مرت مكعب من املياه املبتذلة يف العام تتم نعالجة نصفها ،أما النصف اآلخر فيقذف كام هو اىل االنهار والبحار واليابسة. والخطري يف املياه املبتذلة أنها تحتوي عىل مركبات التنظيف الكيميائية وان ما تحتويه من معادن ثقيلة ومشتقات نفطية ينتسب إىل العنارص الخطرية املرسطنة .و إضافة اىل نفايات املصانع ،تستقبل االنهار و البحريات النفايات الزراعية ،و هي عبارة عن سامد كياموي و مبيدات يصل جزء منها اىل املياه الجوفية فيتحول بعضه اىل مواد سامة .والجدير بالذكر ان تلوث مياه الرشب و املواد الغذائية بالنيرتات و النيرتيت واملبيدات يؤدي اىل اصابات رسطانية. وتلوثها بالكلور والبرتات يتسبب بامراض القلب واالوعية الدموية وامراض الجهاز الهضمي و الدم أما الرتبة التي تجري فيها أعقد العمليات الكيميائية والفيزيائية والبيولوجية ،حيث يتم ٌ تبادل واس ٌع للمواد والطاقة ،وتتم بت نشاطاته عمليات منو النباتات وتفاعل الكائنات الحية ....فقد اوصلها االنسان اىل وضعٍ مرت ٍّد ومحزن ،فتس ّب ْ املختلفة بتعرية أكرث من ملياري هكتار من االرايض ،حيث القى فيها نفاياته الصلبة والسائلة و أث ّر عىل العمليات أسباب كثرية ال تتسع لها محترض ٌة بأكملها. الكيميو-الفيزيو-بيولوجية التي تشكل خصوبة الرتبة.و لتلوث الرتبة ٌ ومن أخطر االمور ان تلوث الرتبة يرتجم تلوثاً يف املواد الغذائية الزراعي .تلوث السالسل الغذائية: أكدت الدراسات العلمية أن امللوثات املوجودة يف البيئة قادرة عىل الدخول إىل املنتوجات الغذائية الزراعية بنسب عالية حيث ترتاكم فيها برتكيزات ضارة.
طائر الفينيق
أو تفكل طبقة األوزون أو ما شابه التلوث الكيميايئ يطال املوارد الغذائية والغالف الجوي واملياه والرتبة التلوث الفيزيايئ ويشمل التلوث باألشعاعات التلوث الكهرومغناطييس الناتج عن األجهزة الكهربائية وعن خطوط الكهرباء وال سيام تلك املسامة التوتر العايل التلوث البيولوجي ويعني دخول أجسام ضارة بجسم األنسان اىل وسطه وتكاثرها فيه. و يعني دخول أجسام جديدة إىل النظام األيكولوجي تكون غريبة عنه و يشمل التلوث بامليكروبات و الفريوسات والبكترييا وتعترب نفايات املستشفيات و نفايات الصناعات امليكروبيولوجية من مصادر هذا التلوث كام تعترب األسلحة الجرثومية والبيولوجية االخرى مصدرا ً لهذا النوع من التلوث. التلوث البيئي يف زمن الفوىض هو عنوان ندوتنا لهذا اليوم .فبامذا يختلف التلوث يف زمن الفوىض عنه يف زمن اإلنتظام ؟ يف زمن الفوىض تضعف الرقابة و يضعف االنضباط فيفتح باب التلويث عىل مرصاعيه .و يضاف إىل زمن الفوىض زمن الحروب ،ففي أيام الحرب تنعدم الرقابة و يدخل إىل حقل التلوث عامل جديد و خطري هو التلوث الناجم عن انفجار القذائف املستعملة و قذائف الحرب مل تكن يوماً قذائفاً للسالم .سوف أتوسع قليالً يف هذا املوضوع و ِ امللوثات و أكرثها يف موضوع تلوث نهر الليطاين القريب من هذه القاعة ،لكن دعوين اق ّدم بداي ًة جرد ًة بأخط ِر تأثريا ً عىل صح ِة اإلنسان. غيت يف التلوثُ األشه ْر هو تلوثُ الهواء حيث مألت الصناع ُة غالفَنا الجوي بالغازات ذات املنشأ الصناعي و ّ تركيب ِة هذا الغالف الذي يقذف اإلنسان اليه سنوياً أكرث من ١٥مليار طن من ثاين أوكسيد الكاربون مقابل ٧٠ مليار طن تنتجها الطبيعة ،و أكرث من ١٦٠مليون طن من اوكسيد الكربيت مقابل ١٤٢مليار طن تنتجها الطبيعة، إضافة إىل ماليني األطنان من اوكسيد األزوت و أول اوكسيد الكربون و من الفريون الذي يساهم يف تفكيك جزيئات األوزون ،حيث يتعدى مجموع ما يقذفه االنسان إىل الغالف الجوي العرشين مليار طن سنوياً من املواد ٍ ٍ أكاسيد و ألداهيدات و ديكوسني و غريه. جسيامت صلبة و غازات معدنية و امللوثة ،من
طائر الفينيق
و يف حاالت الفوىض ت ُخرق القوانني و يتم استعامل الكيامويات بشكل عشوايئ من قبل املزارعني الذين ال يتمتعون بالخربة ،و من قبل اآلخرين الذين ميارسون رضوب االحتيال و الذين يرشّ ون التفاح بعد قطفه مبادة شمعية تعطيه ملعاناً و يرشون غريه أيضاً و يجدون آالف الطرق لالحتيال. و يف ظروف الفوىض تحرق النفايات عشوائياً مع ما تحتويه من مواد بالستيكية و ما ينتج عن حرقها من غازات االيوكسني .و يف زمن الفوىض ت ُقطع االشجار الحرجية و يتم تلويث االنهار و ال يجري فحص مياه الرشب و يتم استرياد االجهزة السيئة و متر خطوط التوتر العايل فوق املنازل السكنية و يتم نصب اعمدة البث بني املنازل فتمأل الحقول الكهرومغناطيسية املنازل و املؤسسات و يف ظروف الحرب يستعمل االمريكيون القذائف التي تحتوي عىل نسب هي االعىل يف االصابات الرسطانية و تخرتق القذائف اليورانيوم املخصب يف العراق فيعاين العراقيون من ٍ االرسائيلية يف جنوب لبنان بل يف كل مكان و تنترش موادها يف املدن و الحقول ،و تقصف محطات الطاقة يف الزهراين و يترسب منها النفط اىل البحر و تتسبب بتلوث املياه و قتل االسامك.
طائر الفينيق
نسب مخيفة من املعادن الثقيلة( حديد ،منغميز ،كروم ،فاناديوم ،زنك، و املنتوجات الغذائية باتت تحتوي عىل ٍ نحاس ،كوبلت ،زرنيخ ،باريوم ،كارميوم ،رصاص ،زئبق ،قصدير و غريه) ،و معظمها مواد رسطنة اذا دخلت نسب من النوكليدات املشعة مثل اليورانيوم ،التوريوم، بكميات تفوق الحدود املسموح بها .و تحتوي عىل ٍ الراديوم ،السيرنيوم ،الرتيتيوم السرتونسيوم ،التظائر املشعة للصوديوم ،الباريوم ،الكربون ،اليود ،البولوثيوم و الرصاص. هذه النوكليدات خطرية عىل صحة اإلنسان و مرسطنة وتعترب االسمدة الكيميائية مصدرا ً غنياً بالنوكليدات املش ّعة و بأنواع النيرتات و النيرتين الضارة.أما ما يصيب النهر الليطاين من تلوة فهو خيال ال يصدق بعد نصف قرن من صحوة الوعي البيئي يف العامل و ثالثني عاماً من النشاطات البيئية يف لبنان .و يف لبنان كام تعلمون يتحول الضمري اىل تجارة و االخالق اىل احجي ٍة ال يفهمها حتى الراسخون يف العلم .فمياه الرصف الصحي و قنواتها تصب يف هذا النهر دون أية معالجة او تكرير طبعاً .واملصانع ترسل نفاياتها الصناعية السائلة اليه و دون معالجة ايضاً. نفايات املستشفيات و نفايات محطات الوقود واملسالخ و املطاعم تسلك ايضاً نفس الطريق و حسب املصلحة الوطنية لنهر الليطاين فإن مساحة االرايض الزراعية عىل ضفتي النهر تقدر 8396هكتارا ً منها 1000هكتار تروى لري حوايل صيفاً من النهر مبياه الرصف الصحي .وكانت الهيئة قد اوقفت العمل مبرشوع قناة من بحرية القرعون ّ االلفي هكتار من االرايض و قد اظهرت التحاليل املخربية ان املياه يف شبكتي محطة شمسني برالياس و شمسني عنجر غري مطابقة للمواصفات اما عدد املشرتكني يف هاتني الشبكتني فيبلغ سبعة االف .و يف عملية مسح ملا ينتجه 185مصنع من ٍ رصف صناعي و معدل ما يصب منه يف النهر تبني ان حوايل 10268مرت مكعب من مياه الرصف هذه تصب يف النهر يومياً أي ما يعادل اربعة ماليني مرت مكعب سنوياً علامً بأن عدد املصانع يبلغ 865 مصنعاً يف الدول التي تكون فيها أجهزة الرقابة فاعلة تت ّم باستمرار مراقبة املواد الغذائية من أول الطريق اىل آخره :تتم مراقبة الرتبة و األسمدة التي تلقي فيها كامً و نوعاً ،و تتم مراقبة املبيدات و مينع استعامل املركبات املحرمة دولياً و لو تم تغيري أسامئهم .و يتم التأكد من سالمة مياه الري ،و يتم تحليل املنتوجات يف مختربات موثوقة.
طائر الفينيق
فلسفة
وإذا كان علم النفس قد عالج العقل االنفعايل وتفاعالت الجهاز الحويف يف الدماغ ،فإ ّن عىل الفلسفة أن تعالج شؤون العقل املنطقي الكائن يف مق ّدمة الدماغ ،وهو املسؤول األ ّول عن الوعي والسلوك .إ ّن للعقل االنفعايل قيادته الذاتيّة ،وللعقل املنطقي إرادة القيادة املؤ ّدية إىل الحرية .صحيح أنّه ال ميكن الفصل بني العقل االنفعايل والعقل املنطقي ،إال أ ّن معالجة أوهام العقل املنطقي ،ويُعنى بها املعتقدات واألفكار ،ترتك أثرها الفاعل يف إدارة العافية اإلنسانيّة ،تلك كانت النتائج التي خلُص البحث إىل مناقشة مناذج عنها. الكلامت املفاتيح :اإلرشاد الفلسفي -ال ُنظُمي -املرشد -املسرتشد -العقل املنطقي -العقل االنفعايل -ما فوق الجينوم محتوى البحث يطرح عنوان كتاب مصطفى النشّ ار»العالج بالفلسفة ظل تفاقم مشكالت الفرد عىل الصعد كافّة .يرى النشّ ار أ ّن سؤال مفاده ما ميكن أن تق ّدمه الفلسفة لإلنسان يف ّ ً الفلسفة عدا عن كونها األداة الرضوريّة لإلبداع واإلقناع (النشار ،2010 ،ص ،)35فإنّها تتع ّدى إرشاد الفرد إىل معالجة أمراض اإلنسان كافّة كاالجتامع ّية والسياس ّية والدين ّية والبيئ ّية. مؤسسات اإلرشاد الص ّحي والنفيس واالجتامعي واألرسي كلّها البيئة غري السويّة التي تتعامل مع تجسد ّ كام ّ (مك ،2007 ،ص .)71والفرد الحدث الص ّحي للفرد والجامعة ،إنّها ابتكار اإلنسان يف ترقيه نحو الرفاه والسعادة ّ يعيش دامئًا أصداء انتامءاته الجغرافيّة والتاريخيّة واملعيشيّة العا ّمة ويتفاعل مع مجاالت الحياة الطبيعيّة واملربمجة واملص ّنعة ،فالسلوك الفردي يسبح يف دوائر االحتواء(ص .)25 وأي إرشاد نريد؟ أي عالج ّ العالج بالفلسفة واإلرشادّ ، وربا تثبت كيمياء الدماغ أ ّن الرياضة تعالجنا وتح ّررنا من االكتئاب ،وبعض األمراض حتّى املزمنة منها كالضغط ّ السكري .وتثبت ذاتها أ ّن التأ ّمل يحد من ارتفاع هرمون الكورتيزول ،وإفراز السيتوكني ويح ّررنا من التوتّر والقلق والخوف واإلدمان ،وتشظّي الخلية املناع ّية املس ّبب للرسطان وغريه .كام تح ّررنا املوسيقى من األمل والقلق ،فتنطلق األندورفينات لتثري فينا السكينة والهدوء والسالم. كل ذلك يت ّم بتفاعل العقل االنفعايل مع املؤث ّرات الخارج ّية أو الداخل ّية ،أو اإليحائ ّية أو الحرك ّية؛ وما أكرث فنون ّ العالج بالرقص والدراما والرسم وخالفه. طائر الفينيق
اإلرشاد الفلسفي ال ُن ُظمي
د .نور عبيد امللخص اإلرشاد الفلسفي علم قديم متت ّد جذوره إىل الحوارات السقراط ّية، كفن إبداعي ،يهدف إىل توليد األفكار ،عرب الديالكتيك الذي اعتربه الطريقة الوحيدة املمكنة ملعرفة الحقيقة والفضيلة .وقد اشتهر سقراط بإتقانه للجهل الذي ي ّدعيه ليدخل عربه إىل استجواب حب املواطنني األثن ّيني للعثور عىل الحقيقة ،يف سعي مم ّيز ملا يس ّمى ّ الحكمة من خالل حياة مختربة ،تهدف إىل تحسني حياة شخص ،حياة تستحق أن تُعاش .يف هذا السياق ،يتج ّدد من دونها مل تكن الحياة ّ البحث يف الفلسفة العالج ّية من خالل نظريّات متع ّددة منها النظريّة اإلدراك ّية ،والنظريّة السلوك ّية ،والنظريّة الكلّ ّية والتكامل ّية ،وعليه يعتمد املرشد الفلسفي املنهج العقالين أو الفلسفي أو اإلستطيقي أو التأ ّميل (الخالف ،ال ت ،ص ،)3إلخ. يهت ّم هذا البحث بالفلسفة العالج ّية وفق النهج ال ُنظُمي (السيستامي) ،الذي يفرتض أ ّن أيّة مشكلة هي نتيجة خللٍ وظيفي يف املجموعة ،ذلك أ ّن الفرد يتأث ّر مبقاصده ،ومقاصد اآلخرين من حوله .ومبا أ ّن املاديّة ال تجيب عن حاجات اإلنسان للتفتّح واالزدهار ألنّها تحجب نصف طبيعته ،فإ ّن اإلنسان يصاب بال انتظام األشياء ،وال انتظام الكينونة .وهذا الالانتظام يحتاج إىل ال ُنظُم ّية املجتمع ّية ،أي معالجة أفكار الفرد ومعتقداته يف سياقها الجمعي. ككل ال ينفصل عن العائلة ،فإ ّن عىل الفلسفة أن تعاين الفرد والعائلة وكام يعالج علم النفس الفرد سيستام ًّيا ّ ككل ال ينفصل عن مؤث ّرات العقل الجمعي والحياة والكون. ّ _______________________ *أستاذة يف الجامعة اللبنانية -كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية -الفرع الرابع dr.nourelhouda@hotmail.com طائر الفينيق
ويعالج علم النفس مشاكل العقل االنفعايل ،وقد رصد جوبيرت كبري اآللهة الرومانيّة رصا ًعا بني العواطف والحكمة، حسمها الفيلسوف الهولندي Erasmusبانهزام العقل أمام القلب .وقد أق ّر العلم الحديث هذا الرصاع بالفصل بني العقلني املنطقي واالنفعايل؛ عقالن يتفاعالن لبناء حياتنا ،وفق أستاذ علم النفس األمرييك دانييل جوملان يف كتابه «الذكاء العاطفي» .جانب انفعايل عاطفي وآخر منطقي يتصارعان باستمرار يف جميع األوقات؛ ولك ّن اإلحصاءات تشري إىل أ ّن 80باملئة من الناس تنساق خلف العقل االنفعايل ،ال إىل ما يحتّمه املنطق .واملنطق وليد املكتسبات، فكيف لنا أن نعالج هذا العقل املنطقي؟ تأيت الفلسفة الرسيريّة ،أو الفلسفة العياديّة يف طليعة املرشّ حني لعالج العقل املنطقي املأزوم أو من يعتقد أ ّن رفضا وعنرصيّة وقه ًرا ودون ّية ،إلخ ...فكيف ميكن للفلسفة أن الحق وفق نظرته األحاديّة التي تثمر ً لديه ّ تساعدنا ،أن تعمل عىل الح ّد من مآيس اإلنسان املعقّدة؟ هناك شيطان يرتبّص بالبرشيّة ،منذ أسطورة الخلق والتكوين ،وأمراض ورشور تصيبنا دون م ّربر منطقي أو عاطفي ،وأوجاع ومصائب تصيبنا جامعات وفرادى .وأنا كائن الفرادة والبصمة الفريدة أتيتها ال أعرف ملَ وأغادرها ال أعرف متى ،وقد ال أعرف إىل أين .تساؤالت برسم اإلجابة ،وليس من مجيب.. املستقل واالنعكاس والنقد ،ألجل فهم ّ ر ّعادة سقراط ،حيث يقوم امليرس ،الذي ي ّدعي الجهل ،بالرتويج للتفكري الخاصة من خالل توليد تفكريهم الذايت (سوزان كوبا وآن أكمل للموضوع ،يؤ ّدي باملشاركني بالحوار إىل حلولهم ّ تويد). وعزاء الفلسفة لبوئتيوس 523(Boèceم) ،الذي كتبه وهو ينتظر املحاكمة يف السجن ،وتدور فكرته حول مشكلة رش يف عامل يحكمه الله .والرواقيّون واألبيقوريّون قد استخدموا التفكري «ثيودييس» وكيف ميكن أن يكون ال ّ الفلسفي للتقليل من االضطرابات االنفعال ّية ،وتوطيد الشعور بالراحة باعتباره نتيجة طبيع ّية للحياة الحكيمة التي يسعى إليها املرء لذاتها. تأهيل ،دورهم يف مساعدة الناس عىل فهم خرباتهم الشخص ّية ،وعىل ً رشعوا للفالسفة ،أكرث املامرسني املهن ّيني ّ كل هؤالء ّ ولعل أقدم مامريس اإلرشاد الفلسفي يف أيّامنا كان بيرت التوافق النفيس االجتامعي مع واقع وجود الفرد يف الحياةّ . كويستينباوم ،جامعة والية سان خوسيه ،كاليفورنيا .وأه ّم مؤلّف له يف هذا املجال كتابه (« )1978الصورة الجديدة للشخص :نظريّة ومامرسة الفلسفة الرسيريّة تحديد املساهامت األساسيّة للفلسفة يف االستشارة» .ت ّم تعزيز مامرسته الخاصة من خالل التدريب املكثّف ألخصائ ّيي الص ّحة العقل ّية يف تطبيقات املبادئ الفلسف ّية. ّ طائر الفينيق
الخلق ،ليصبح الدماغ قاد ًرا عىل القيادة الذاتيّة وفق ديباك شوبرا فقد تطلّب األمر 14مليار عام من التط ّور ّ توسع علم النفس والعلوم العصب ّية يف رصد جهاز االنفعاالت، ،Deepak Chopraيف كتابه الدماغ الخارق ،وقد ّ ونجحوا يف تصوير مناطق النشاط الدماغي أثناء االنفعال والتفاعل .إ ّن أحد األشياء الفريدة يف الدماغ البرشي هو أنّه ميكنه القيام مبا يعتقد أنّه يستطيع فعله فقط (ديباك شوبرا ،ورودولف إ.تانزي). حامل ألبعاد أخرى ،وهذا لكن يبقى اإلنسان هذا الكائن املستنري املصنوع من الغبار أو املخلوق من الرتاب ،يبقى ً ما يشري إليه ديفيد إيجلامن يف كتابه «املتخفّي ،الحيوات الرسيّة للدماغ» فالدماغ بالنسبة إليه شخص آخر ،وهو ليس أنا. نعرف ملاذا نبيك عندما نولد ،نعرف ملاذا ننام الـ ،Adenosineونرصد الشبكة الدماغ ّية تلك التي تقبع يف الظالم، املؤشة عىل اإلبداع ،ذلك أنّنا نرصد نشاطًا يف منطقة ما من ونستنتج أ ّن الـ ،REM sleepهي مرحلة النوم ّ الدماغ .وباملراقبة الخارج ّية نرصد ،ونعلم أ ّن لدماغنا عقل انفعايل وآخر منطقي؛ هو العقل الذي نعتقد معه أنّنا كل األدلّة السليمة معنا. حق ،وأ ّن ّ عىل ّ وكل األدلّة الصادقة يف جعبته ،فإ ّن الجواب يكمن يف أنّه الوهم الحق معهّ ، وبالسؤال ملاذا يعتقد اآلخر أ ّن ّ وتركيبة العقل املنطقي والعقل الفلسفي يف اإلنسان. العقل املنطقي ،هو املكتسبات املعرف ّية املكونة من معادالت فكريّة ،كاملعادالت الرياض ّية ،التي تستند إىل حقائق تؤكّد أو تف ّند حقائق أخرى .العقل املنطقي مربمج عىل املعرفة املتوفّرة وكلّام زادت املعرفة تط ّور العقل املنطقي الكائن يف مق ّدمة الدماغ. تصدق معارف العقل املنطقي يف األمور املاديّة ،كالنار علّة إحراق ،أ ّما يف املسائل الفكريّة والعقائديّة واملعنويّة، فيقع االختالف بسبب العقل املنطقي القائم عىل برمجة العقل الجمعي والرتبية والبيئة. حق ،فذلك أل ّن عقيل مربمج عىل معلومات ومعارف ومعتقدات تؤ ّدي إىل تلك عندما أقول بأ ّن مذهبي عىل ّ بالحق املبني وهم ،واعتقادي بح ّريتي وهم ،ومعرفة الحقيقة املطلقة وهم .وهي أوهام ،حني النتيجة .فاعتقادي ّ تعجز عن تفسري الكون ،والعدالة ،واملرض ،واملوت ووقائع أخرى تصيبنا الدهشة أو االرتياب أو العجز.
طائر الفينيق
-1توصيف املشكلة من الرشيكني -2تحليل تباديل شخص ّية الرشيكني «من أنا» واهتامماتهام. -3تساوالت حول التوقّعات من الحياة ،وحول توافق التوقّعات مع الواقع ،ث ّم كيفيّة عيش هذا الواقع. -4تفكري يف مرحلة من مراحل الحياة املاضية أو الحال ّية. -5السؤال املتبادل حول معنى أن تكون الحياة سعيدة. -6التوصل إىل تص ّور واضح حول الزواج السعيد. سمه بـ»عمليّة السالم» ،وقد ومن الجدير ذكره أ ّن مارينوف ( )2000 ,Marinoffقد ح ّدد مراحل خمس ملا ّ تض ّمنت :املشكلة ،االنفعال ،التحليل ،التأ ّمل ،والتوازن .وهو يرى أ ّن علامء النفس مل يتق ّدموا إىل مراحل تحديد املشكلة ،وقراءة ردود الفعل ،والتعبري املفيد عنها ،كام كيفيّة التص ّدي للمشكلة ،واستكشاف اإلطار الفلسفي املؤ ّدي إىل حالة من التوازن والتوافق النفس-معريف. حل كام قد يوضح ما تق ّدم« ،أ ّن اإلرشاد الفلسفي حركة جديدة تستخدم أساليب التفكري والنقاش الفلسفي يف ّ مشكلة لشخص ما ...ويت ّم اقرتاحه كبديل لثقافة اإلرشاد النفيس والط ّبي» ،وأنّه كث ًريا ما يحمل عىل إعادة التفكري يف القيم والرصاعات ،كذلك طريقة إدارة األزمات بعقالنيّة .فخربة املرض ،واملعضالت األخالقيّة ،واملهنيّة ،ومعاين الحياة واملوت ،والح ّرية ،تتخطّى عامل الحوف ّية (الجهاز الحويف املسؤول عن االنفعاالت ،الغ ّدة النخام ّية والهيبوكامبيس). تفس رؤية العامل ب -األحاديّة مقابل التع ّدديّة :ويُعنى بهالرشوط عمل املرشد ،ونهجه ( .)1995 ,Lahavفاملناهج ّ يف ثالثة أدوار هي: -1مساعدة الزائر (املسرتشد) يف التعبري عن وجهة نظره عن العامل وما يعايشه من أحداث يوم ّية. -2مساعدة الزائر يف معاينة جوانب اإلشكاليّة بدقّة ،واختبار مكامن الفشل أو ضعف األداء. -3مساعدة الزائر عىل تطوير وإثراء مواجهته للعامل ،وتنمية خرباته الذات ّية ،وتوضيح األفاهيم املختلّة ،ووجهات النظر املش ّوشة.
طائر الفينيق
ويف الثامنينيّات Ad Hoogendijk ،وجريد آخنباخ ،أملانيّان هولنديّان ،أسسا نفسيّهام كفالسفة استشاريّني ،وقادا بديل لثقافة العالج النفيس من خالل العمل حرصيًّا الطريق إىل عدد من التط ّورات يف جميع أنحاء العامل .اقرتحا ً يف مجال التحقيق الوجودي مع العمالء أو املرىض اللذين أطلقا عليهم مس ّمى «الزوار». تأسست الجمع ّية األملان ّية لإلرشاد واملامرسة الفلسف ّية ،وأه ّم روادها .Achenbachويف عام ويف عام ّ ،1982 ّ ،1992أسس إليوت دي كوهني ،بول شاريك ،وتوماس ماجنيل جمعيّة االستشارة الفلسفيّة الوطنيّة ( ،)NPCAيف أمريكا ،وهي تق ّدم من خالل «معهد التفكري» ( )LBTالعالج املنطقي النقدي. تأسست ( )SEAجمعية التحليل الوجودي يف لندن .وعام ،1998لومارينوف ،ق ّدمت جمعيّة ويف عام ّ ،1988 املامرسني الفلسف ّيني األمريك ّية االستشارات م ّمن لديهم درجة علم ّية يف الفلسفة ماسرت أو دكتوراه .كام تنرش مجلّة احرتافيّة ،ولديها قامئة عضويّة باملستشارين الفلسفيّني املعتمدين عىل موقها اإللكرتوين. ويف عام ،2020يق ّدم قسم الفلسفة يف الهند ،جامعة بنجابو شانديغار وجامعة كرياال ،مرشو ًعا يف اإلرشاد الفلسفي يف الهند. وتشمل األنشطة الشائعة يف املامرسة الفلسف ّية: -1فحص حجج الز ّوار وم ّربراتهم. -2توضيح وتحليل وتعريف املصطلحات واألفاهيم. -3كشف وفحص االفرتاضات األساسيّة واآلثار املنطقيّة. -4كشف التعارضات والتناقضات. -5استكشاف النظريّات الفلسفيّة التقليديّة وأهميّتها لقضايا الزائر. -6عكس القضايا واألسئلة عىل املتحاورين. -7مناقشة وتحديد جميع األنشطة املتعلّقة بالقضيّة. ويح ّدد ديرك ( )2009,Dirkاإلرشاد الفلسفي ضمن مجموعات ثالث متداخلة:أ -العمالن ّية مقابل النظريّة ،ب- األحاديّة مقابل التع ّدديّة ،ج -املهنيّة الفنيّة. ست أ -العمالن ّية مقابل النظريّة :تعني املامرسة الفعل ّية لإلرشاد الفلسفي ( ) 1995 ,Prins-Bakkerوهي يف ّ مثل. مهارات ،اإلرشاد الزواجي ً طائر الفينيق
نور تلقت تربية علامنيّة ،تتخذ من خدمة اإلنسانيّة مذهبًا لها ،وهي تؤمن بأ ّن التفكري النقدي ينزع السحر عن األشياء ويحميها من خيبة األمل .وتفكّر بنوع ّية حياتها ال مب ّدتها .رياض ّية ،هي ال تؤمن بالخوارق وبالج ّن ومبا وراء الطبيعة ،داروينيّة مصنوعة من الغبار الكوين ،وبعد موتها ستكون وجبة هنيّة للديدان .وهي تعترب أ ّن املستشفى خطرية كالسجن عىل ص ّحة اإلنسان ،وأ ّن الفوائد محدودة لـ 80باملئة من األدوية ،وهي تخدم الناس بتعليمهم أنّه مهام بلغ حجم الفوىض حولهم ،فإنّه بإمكان الفرد أن يداوي نفسه إذا بقي متوازنًا ،مستق َّر املشاعر ،ميارس الطب أيضا أ ّن مرحلة الرياضة ،ويعتمد نظا ًما صح ًّيا ،ويتواصل مع اآلخرين ومع نفسه بشكل سليم .وتعترب ً ّ ضل سبيله ،وأ ّن استنفاذ خريات األرض وانتهاك حرمتها مرحلة بربريّة من تاريخ البرشيّة ،وأ ّن العقل البرشي قد ّ هام سبب جشع اإلنسان وأمراضه .توقّفت عن تناول دواء الضغط املزمن وعالجت نفسها بالرياضة والغذاء املناسب ،والتأ ّمل ألجل السالم الداخيل .تعتقد بأ ّن الغضب والحقد والضغط النفيس انفعاالت تجلب األمراض كا فّة. أ ّما نايا فهي مؤمنة مت ّممة لواجباتها الدينيّة ،تؤمن بأ ّن الشيطان موجود ،وهو قد حاول أن يجرب يسوع خالل فرته صومه م ّدة أربعني يو ًما .وهي تعيش يف بيئة مختلطة (مسلمة -مسيح ّية -درزيّة) .تعتقد أ ّن الخالص باإلميان املسيحي ،وترفض داخليًّا أبناء املذاهب األخرى لكونهم يف ضالل .تزور الشيوخ املسلمني الذين يفكّون الكتيبة والسحر .ليست رياض ّية تأكل وتتكل عىل الله ،تعاين من اآلالم واألوجاع التي ال أسباب طب ّية لها ،ال يه ّمها تعليم اآلخرين ،عليهم أن يتعلّموا من يسوع والق ّديسني بأ ّن الشاطر من يخلص نفسه .وتزور املرشد الروحي يف كنيسة رجل من طائفة أخرى ،وهي قد وهبته نفسها ،وأهله يرفضون تحب ً بعيدة م ّرة بعد أخرى لتعرتف بذنوبها ،فهي ّ الرب ،ألنّها ترتكب يف عشقها الخطيئة. زواجه منها .وهي تخاف أن متوت دون كسب رىض ّ الحب مباح يف رشائع األرض والسامء ،وأ ّن يسوع الكنيسة والطقوس غري يسوع صديقتها نور تؤكّد لها بأ ّن ّ الحقيقي الذي نادى بالغفران واملحبّة .وأ ّن عليها أن تتز ّوج حبيبها عىل الرغم من معارضة األهل والكنيسة ،وذلك تخصهام فقط. ألنّهام راشدان ومسؤوالن ،وحياتهام ّ ٍ قصة نايا ومصريها .ويف الليل ،تغ ّط نور غطيط من يجهل اله ّم متيض نايا ونور ساعات طوال يف مناقشة تفاصيل ّ والخطيئة ،وتعاين نايا األرق وآالم يف الرأس تكاد ال تفارقها .فقد قال لها األخ األصغر املصاب باضطراب االرتياب مم طبخت مخافة أن تضع له الس ّم يف الطعام ،وأ ّن عصافريه من صنف رصفاتها ،وأنّه رفض أن يأكل ّ أنّه ال يرتاح لت ّ الكناري قد أوحت له بأ ّن الجارة املسلمة قد وضعت الكتيبة يف قرب موريس ،وهذا هو سبب آالم الرأس املزمنة. طائر الفينيق
يرى إلينبوجن( )2006 ,Ellenbogenأ ّن الطبيب النفيس يش ّخص املشكلة من خالل تسميات وتصنيفات لكل منهم بصمته املتف ّردة ومشكلته املتف ّردة لالضطرابات املع ّدة مسبقًا؛ وهذا ما ال ينطبق عىل البرش ،أل ّن ٍّ لكل ذلك ،يش ّجع املرشد الفلسفي الزائر أو املسرتشد ألن يح ّدد ،ويعاين ،ويقيّم نقديًّا ( .)1998,Seligmanإضافة ّ تخصه وتعنيه. ما خفي عنه ،ث ّم يضع هو الحلول والصياغات التي ّ يف حني يرى رايب ( )2001 ,Raabeأ ّن اإلرشاد الفلسفي يجب أن يسلك مراحل أربع: املرحلة األوىل :مرحلة الغمر الح ّر ، Free floatingوهي مرحلة التعارف ،والتع ّرف عىل املشكالت ،ومناقشة الحل. أسلوب العالج ،وتبيان ما إذا كان اإلرشاد الفلسفي هو ّ حل املشكالت الفوريّة ،Immediate Problem Resolutionوفيها يواكب املرشد املسرتشد املرحلة الثانيةّ : باستخدام قدرات تفكريه الفلسفي إليجاد حلول ملشكلته .وأه ّم إجراءات هذه املرحلة: عدم توفري إجابات للمسرتشد ،ليكتشف هو ما عليه فعله.الخاص به ،من خالل تطبيق مهارات التفكري املتط ّورة ،انطالقًا فرضيّات توجيه املسرتشد إىل رؤية العاملّ املسرتشد وأفكاره ،وليس بنا ًء عىل إطاره املرجعي الداخيل ،وما ركن إليه من أعراف وعادات. املرحلة الثالثة :التعليم القصدي ، Intentionally teaches،وفيها يعلم املرشد املسرتشد مهارات التفكري الناقد، مم يسمح له أن يتج ّنب استباق ًّيا مشكالته املستقبل ،وهنا يرى رايب ( )2001أ ّن اإلرشاد الفلسفي يتم ّيز عن ّ حل مشكالته. اإلرشاد النفيس لجهة تكوين املسرتشد الستقالليّته يف ّ يتخل املرشد عن املسرتشد بعد أن تسلّح بالقدرة املرحلة الرابعة :التج ّنب االستباقيّ ،Proactive avoidance ، عىل النقد والحكم ،وفيها يو ّجه املرشد املسرتشد لعدم الرتكيز عىل املشكالت بل عىل تطبيق مهارات التفكري الناقد مستقل ،ووفق رؤية املسرتشد للعامل .وهنا ،تتح ّول الفلسفة إىل مامرسة حيات ّية. ّ عىل نحو ووفقًا لرايب ( ،)2001فإ ّن هذه الطريقة تتمركز حول املسرتشد ،ومن خالل نظرته للعامل ،يت ّم وصف الظواهر، وتفسريها وتأويلها ،والخالص إىل النقد اإلبداعي. ج -املهنيّة الفنية :التو ّجه إىل مهنيّة الفلسفة مبوضوعيّة ،عرب ثالثة أنواع مناألنشطة :إرشاد األفراد ،وإرشاد أنواع مختلفة من الجامعات ،والتشاور مع منظّامت عديدة. تلك كانت باختصار الفلسفة الرسيريّة ،أ ّما موضوع العالج ال ُنظُمي «السيستامي» للعقل املنطقي ،فهو املؤىت الذي أقرتحه للمناقشة عرب شخصيتني المرأتني هام نور ونايا. طائر الفينيق
يقتيض اإلرشاد ال ُنظُمي ما يأيت: أ -عىل مستوى التكوين الشخيص: -1تسليح نايا مبنطق حقيقة املسيحيّة ،بعي ًدا عن توظيفات الكنيسة. -2إعادة تعريف الخطيئة والذنب وفق موقف املسيح من الزانية. -3توجيهها نحو قراءة نقديّة للتديّن من أجل الخالص إىل رأي الدين. -4تحويل معارفها املكتسبة إىل سلوك ،فبعد أن رأت الحقيقة الدين ّية بوجهها السمح الرحب املختلف ،وبعد أن سامحت نفسها ،وبعد أن قيّمت وضعها الجديد فإنّها ال ب ّد قادرة عىل اتخاذ ما يالمئها من قرار. ب -عىل مستوى العالقات: -1يف العالقة بالذات ،تح ّررت نايا من أوهامها ،وأصبحت قادرة عىل إيجاد التوازن. -2يف العالقة باملحيط :تناقش نايا بفاعل ّية حقيقة املسيح ّية ،وتخرج إىل موقف أعىل من رأي اآلخر الذي ال يعدو وهم. كونه ً -3عىل مستوى املضمون ،وجدت نايا الحقيقة بعد بحث ،وعىل مستوى الشكل رأي اآلخرين ليس أنا .فإن اعتقد يخصه وال ميثّلني .يف هذا املوقف ،تتح ّرر نايا من رأي املجتمع ونظرته اآلخر ّ بأن مذنبة بالزواج من مسلم ،فهذا ّ إليها. ج -عىل مستوى دائرة اإلرشاد :يقتيض اإلرشاد ال ُنظُمي أن تطال إرشاداته جميع األفراد والجامعات املقربني من نايا ،وجميع املعن ّيني بإبداء الرأي يف قض ّية نايا ،وذلك ألجل تكوينهم عىل املستوى الشخيص باملهارات النقديّة، ومبهارات تحويل املعارف إىل سلوكيّات. وعليه ،يكون اإلرشاد ال ُنظُمي ،قد حاول تحرير العقل املنطقي من أوهام مكتسباته ،ليس مبعالجة أوهام الفرد فحسب ،بل مبعالجة الدائرة املحيطة بالفرد ،وأعني بها املجتمع .وبذلك ،يتح ّول العقيل املنطقي من دائرة االكتساب التلقيني إىل داىرة التكوين النقدي ،يف سيستام معالجة يبدأ من القناعة لينتهي إىل معرفة موضوع ّية تؤ ّدي به إىل التوازن. باختصار ،ال يسعني ّإل التأكيد أ ّن جميع مكتسبات العقل املنطقي هي أوهام ،نعتربها حقائق .وأ ّن هذه الحقائق قابلة للتعديل وفق معطيات تؤ ّمن للفرد التوازن ،وللمجتمع السالم .لذلك ،متّت معالجة واقع نايا ،وتُرك واقع نور امليلء باألوهام ،غري أنّها أوهام قد أ ّدت إىل التوازن والسعادة. طائر الفينيق
وهنا يأيت السؤال ،هل ح ّررت األفكار نور ،وقيّدت نايا باألرق واألمل؟ أم أ ّن نور هي األخرى تعيش أوهامها العلامن ّية ،والتي تعتربها واقع ّية ومنطقية؟ قد تكمن اإلجابة يف تناول هذه املشكلة نُظُميًّا .ففي األصل ،ال تعتقد نور بأيّة قدرة خارجها قادرة عىل جعلها وأي خلل بأي رضرّ . تعاين ،فهي إن حافظت عىل توازنها الص ّحي ،والعاطفي ،واالجتامعي ،والفكري فإنّها لن تصاب ّ لديها فإ ّن سببه كامن يف تقصريها يف مكانٍ ما .هي متلك حياتها وح ّريتها ،وهي من تق ّرر يف جميع شؤون حياتها، هي تستمتع باللحظة ،وال تحمل هموم غدها ألنّها تقوم مبا عليها ،مقتنعة متا ًما أنّها واعية ،وح ّرة ،ومسؤولة وسيّدة قرارها. حتمي هو املوت ،وليس من يحاسب أو يكاىفء ،مصنوعة من الغبار الكوين وستعود إىل الرتاب، تستسلم ملصري ّ وعند فناء األرض ستعود لكينونتها األوىل غبار كوين.هي ال مترض أل ّن سبب أمراضها ما تقوم به من خلل يف مامرساتها ،وهي ال تتناول األدوية العتقادها بأنّها غري مفيدة ،وال تدخل املستشفى أل ّن املكوث فيها أخطر من وبغض النظر عن صوابيّة أو خطأ قناعاتها ،فإ ّن ما متارسه يؤ ّدي بها ألن تعيش حياة مستق ّرة، املكوث يف السجن، ّ كل ما يصيبه. تواجهها بفاعل ّية املسؤول عن ّ قد تكون معتقداتها أوها ًما ،غري أ ّن ما اكتسبته من أوهام قد ع ّزز لديها وعي ما يحصل لها ،وهي تنتقد تعلّق نايا تصب يف رؤية املسيح الحقيق ّية. بقشور القناعات الدين ّية التي ال ّ الحق يف جانب ديانتها فقط ،وهي ترفض اآلخر واآلخر أ ّما مكتسبات نايا فهي أوهام ً أيضا ،فهي تعتقد بأ ّن ّ يرفضها .نُظُم ًّيا أصل مشكلتها يف الرتبية الدين ّية ،وأصل شعورها بالذنب هو اعتقادها بأنّها ترتكب الخطيىة، وأصل هوسها وقلقها من رؤى شقيقها هو يقينها بأنّها آمثة ،وأصل أرقها هو الخوف من أن تُكتشف فعلتها ،وهي وإن تح ّررت باالعرتاف لدى املرشد الروحيّ ،إل أنّها ما زالت عىل عالقة بحبيبها .وهي تعاين رفض األهل ،التي إ ّن حق ،فهي من طائفة أخرى .وهي لش ّدة تديّنها ستخرس امللكوت ألنّها وضعت نفسها مكانهم العتربت أنّهم عىل ّ ستتزوج من غري طائفتها ،ورصاع األفكار التي يسكنها يتح ّول إىل آالم مقيمة ال أسباب عضويّة لها. أيضا االتصال الروحي بسبب ما تعتقده خطيئة ،وهي ضمنيًّا إ ّن نايا قد فقدت االستقرار الوجداين ،وقد فقدت ً رسيّة مع رجل ،وهي قد فقدت األمن األرسي ألنّها فعلت ما ال يرىض به فقدت االتصال مع املجتمع ألنّها يف عالقة ّ أهلها ،وهي قد فقدت أمنها الذايت بفعل ذنبها الذي ارتكبته .هي ّ متعثة منطقيًّا ،بسبب أوهام مكتسباتها .هي ال تعرف ما تفعله ،هل تهرب مع حبيبها إىل بلد تتز ّوج فيه مدن ًّيا ،أم تواجه األهل والكنيسة واملجتمع ،أم ماذا؟ طائر الفينيق
حكم عىل السلبيّة والعجز شعور بالدونيّة ،تشعر بأنّها ليست مستحقّة لتقدير من -3الشعور بالدونيّة :يرتت ّب ً حولها ،يع ّزز لديها هذا الشعور فشل العالقة الزوج ّية ،رأي اإلخوة واألخوات ،ونظرة املجتمع ،فتقع يف وهم أ ّن العامل كلّه يتحالف ض ّدها. رش :ما الذي ينتظرين يف الخارج؟ سؤال تطرحه عىل نفسها»رفاقي وأصدقايئ هم اآلن يشمتون -4العامل مساحة لل ّ يب .جرياين ،إحداه ّن تتح ّدث ع ّني بالسوء .ما موقف زماليئ يف العمل ،أكيد زميلتي التي تغار مني ستحتفل مع باقي الزمالء مبناسبة طالقي». واألب يلقون أي منزل تقيم فيه ،حتّى األ ّم وتدور رحى رحلة سحق الذات وجلدها ،يرتافق ّ كل ذلك مع توت ّر يف ّ ّ ّقة.تتوسد األشواك حني تنام ،وتغرق الخاصة معها ،فهم يتأ لّمون أل ّن ابنتهم أصبحت مطل باللوم عليها يف جلستهم ّ ّ يف بحر الكآبة وهي تتسلّح بالدموع .تقبع يف زاوية انتظار مشكلة من هنا وأخرى من هناك وال رفيق لها سوى الوجع. مم يجعل من حولها بأي فعل مفيد؛ ّ وساوس القهر ترافق أنفاسها ،فتعجز حتّى عن خدمة نفسها ،أو عن املبادرة ّ يضيق بها ذر ًعا.مهزومة هي ،فهي يف سبات موتهاال تواكب رشوق الشمس ،ويف ليلها الحالك ال ترى الفجر ،وال كل حني.تتو ّهم نهاية العامل وحدها ،ويف الخارج زمن يجري ،وحياة خالّقة تفتح أبواب تصغي لشدو البالبل يف ّ السامء للواثقني. بدل منها ،فهي من وهبها الله ،ووهبتها الطبيعة بصمة الفرادة ،بصمة ع ٍني ٍ ويد ال يشء وال أحد ميكنه النهوض ً ولسان .هي فقط من يق ّرر أين تكون ،ومن تكون .وهبها الله العقل والجسد ،ومنحها نعمة البصرية ال لتعذب تلك الروح التي هي نسمة من روح الله. يناديها اإلرشاد الفلسفي بالقول :قومي« ،يا صب ّيةِ ، قصة شفاء امرأة .امرأة قيل يف َجلدها لك أقول قومي» ..إنّها ّ «من كان منكم بال خطيئة فلريمها بحجر» .الطالق ليس بخطيئة .الطالق نهاية لعقد ،عقد زواج مل يُكتب له االستمرار .هذا ما عىل املطلّقة ومن حولها أن يدركوه. باإلرشاد تنهض ،تلملم أشالء روحها ،باملنطق تتعلّم كيف توصد أبواب الجحيم .صحيح أ ّن لجه ّنم عذابات ترتك ندوبًا يف النفس ،و ّرمبا يف الجسد .غري أ ّن الروح أب ّية ،عل ّية ،وحده باريها قادر عىل كرسها .فلتنهض ليقظة الروح للرب نوافذ النعم. رش ع ّ والضمري ،ولت ّ طائر الفينيق
وعليه ،فإ ّن الحلول التي يق ّدمها علم النفس ملعالجة مسائل العقيل االنفعايل ،ال ب ّد وأن يت ّوج جهودها اإلرشاد الفلسفي عرب معالجة شؤون العقل املنطقي.ذاك أنّالدماغ االنفعايل ،دماغ القيادة الذات ّية للامكينة البرشيّة، مستقل ينظّم بإبداع ما ال نعيه .أ ّما العقل املنطقي فهو املسؤول عن قيادة الوعي بحريّة ومسؤوليّة ،إنّه باملؤازرة ّ مع الدماغ االنفعايل قد يح ّررنا من آالمنا ومشاكلنا جميعها .العقل املنطقي هو مسؤول ،ومثال آخر حول رأي املجتمع باملرأة املطلقة ،وصورة املطلقة عن نفسها ،كونها ضحيّة أم مسؤولة ،قد يكون رضوريًّا. فهل املطلّقة ضح ّية أم مسؤولة؟ إشكال ّية أخرى تطرح الكثري من عالمات االستفهام حول واقع املطلّقة ،هل هي ضحيّة الواقع االجتامعي الوظيفي للمرأة ،أم هي ضحيّة ظروف األرسة بحيث يختلف وضع املطلّقة الغنيّة عن تلك الفقرية ،ويختلف وضع املتعلّمة املستقلّة عن تلك التقليديّة التابعة؟ هل هي ضح ّية خيار خاطىء يف ظروف قاهرة؟ تتع ّدد ظروف الضح ّية والنتيجة واحدة ،موقف املطلقة ،ووضعها النفيس واملعنوي واإلنساين .مطلقة نعم ولك ّنها مسؤولة وليست ضحيّة .ملَ ال؟ ماذا لو أنّنا حفرنا عميقًا يف جوهر املرأة وكينونتها ،ملاذا تتخذ وضعيّة الضحيّة؟ ملاذا تنصاع لتلك الوصمة املعنويّة؟ ما الذي مينعها من ات ّخاذ زمام املبادرة لتقود محنتها بوعي ومسؤول ّية؟ يتطلّب الجواب عن تلك اإلشكاليّة رضورة البحث يف شخصيّة من اتّخذت وضعيّة الضحيّة ،تلك الوضعيّة السلبيّة املنفعلة التي يقابلها وضع ّية الس ّيدة ،املبادرة الفاعلة ،س ّيدة نفسها وقرارها ،الس ّيدة التي تعرف ما تريده ،تعرف كيف تؤكل الكتف ،وكيف متيض بعزم وق ّوة إلدارة األزمة التي ستمنحها بع ًدا معنويًّا مميّ ًزا. املطلقة الضح ّية :تفشل يف العالقة ،وقد ال تجد املرأة يف نفسها سب ًبا ،أو أيّة مساهمة منها يف فشل العالقة .تشعر وربا ضحيّة تد ّخل أهله ،تلجأ إىل أهلها ،وتبدأ حلقات الرقص مع الشيطان يف حفلة بأنّها ضحيّة أنانيّة الزوجّ ، وربا تحريض وإثارة املشاكل وتقاذف التهم ،وسط خطاب كراه ّية يحرق املطلّقة واملطلّق واألهل واألوالد ّ األصدقاء واملق ّربني؛ حفلة ترقص فيها الضحيّة مع الشيطان ثم ت ّدعي أنّها يف الجحيم (ستيف ماربويل). املطلّقة الضح ّية مسؤولة ،والدليل عىل مسؤول ّيتها هي األركان األربعة لشخص ّية الضحية: املؤشات بطريقة سلبيّة ،تعظّم صغائر األمور ،تتوقّع األسوأ دو ًما ،تض ّخم تفس املطلّقة ّ كل ّ -1السلبيّة والقلقّ : أيّة مسألة خالف ّية يوم ّية ،تعترب نفسها يف كارثة يكاد يعقبها نهاية العامل. السلبي عليها فتشعر بالعجز عن مواجهة أبسط املواقف ،وتقيض السلبيّة -2الشعور بالعجز :يطغى شعورها ّ رصف وفق مقتضيات العقل السليم. عىل أيّة إمكان ّية تحفّزها عىل الت ّ طائر الفينيق
-5اليقظة املعرف ّية املنطق ّية :يعلم الجميع أ ّن الطالق منصوص عنه يف الرشائع ،وأنّه حالة اجتامعيّة ،وموضوعيّة، وأنّه ال يدخل يف نطاق التحريم أو الجرمية أو العيب أو العار .إنّه ليس بجرمية أخالق ّية أو اجتامع ّية.أما نظرة أبناء املجتمعات املغلقة فهي نظرة املتخلّفني عن ركب الوعي بحقيقة الدين وقضايا اإلنسان ،وهي نظرة تنضح مبكنونات ذواتهم وال متثّل املطلّقة. -6اليقظة الروح ّية :لحظة السيادة وتجاوز الذات .فالطالق مرحلة تكوينيّة ،أل ّن املرأة كحبة القمح ،قد اعتنى الحب، بهاأهلها لتكون ح ّبة خري وصالح ،وقد خضعت لعمل ّية الدراسة ،والسلق ،ث ّم الطحن ،وقد كوتها نار ّ وق ّدمت نفسها قربان عطاء عىل مائدة األرسة الهنيّة.ولك ّنها اليوم مطلّقة ،هناك ذات تجاوزتها ،هي الذات العاديّة ،املتواضعة ،وهي اليوم مختلفة ،وقد أرسلها الله إىل العامل ببصمة فرادة.أيكون لها دور قد نسيته يف غامر الهموم واملسؤوليّات ،يف داخلها «أنا» مل ترتك لها ظروف الحياة فرص ًة للتأ ّمل فيها. اليوم هي مطلّقة ،اليوم هي ُمطلَقة ،لقد فُكّت عنها أغالل الجري وراء الهموم واملسؤول ّيات .وهناك أنا تنتظر أن تكونها طبيبة ،أو أديبة ،أو باحثة ،أو عاملة ،ناشطة سياسيّة أو اجتامعيّة ،هناك أنا تجاوزت ذاتها العاديّة إىل ذات تطورت يف مرحلة تكوين ّية هي الطالق.هناك أنا س ّيدة قرارها ،تبحث عن قرارها ،هي يف يقظة روح ّية ،ويف لحظة السيادة. التعاطف:ييل عليها الذكاء العاطفي أن تضع نفسها مكان اآلخر ،هذا أمر يف غاية األهم ّية ،فاملطلّق هو -7يقظة ُ أيضا مي ّر بظرف عصيب.أن تسامح ألجل سالمها أ ّو ًل ،هو أمر يف غاية الحكمة والنبل والذكاء .وأن ال تقوم بدور ً تحرييض ألجل سالم أرستها وعائلتها ،وعائلة من انفصلت عنه ،وأن تنظر للجميع بعني الرحمة والتسامح ،هو فعل إميان ومحبّة .وأن تعترب نفسها كائنملقى يف املستقبل ،أمر يحف ّزها بجديّة للبحث عن مستقبل أفضل وخيار أرقى. رس ع يف الخروج من عالقة إىل أخرى ،يعني أن تكون رحومة بنفسها وبغريها ،أل ّن الجراح تحتاج إىل بعض وأن ال تت ّ الوقت لتطيب .وأن متنح نفسها التوازن يف أبعاده كاملة نفسيًّا وعاطفيًّا ،وجسديًّا ،واجتامعيًّا ،وروحيًّا هي غاية ال يدركها إال األنقياء ،واألقوياء. وحني تتجاوز وضعيّة الضحيّة وتتّخذ قرار املبادرة ،لتدير أزمتها بوعي ومسؤوليّة فإ ّن املحنة تتح ّول إىل نعمة. والضح ّية املهزومة تتح ّول إىل قائد فاعل ،عندها فقط تقودين كمطلّقة رحلة التغيري لتجاوز الذات الضعيفة إىل الذات السياديّةاإليجابيّة ،وبدل أن تستسلمي لوصمة «أنكمطلّقة» فإّن بإمكانك صناعة بصمة «سيّدة نفسها وقرارها».فكوين عىل قدر املسؤول ّية ،مسؤولة ال ضح ّية. طائر الفينيق
ماذا عليّها أن تفعل؟ ربا مفروغ منه .فالطالق -1اليقظة النفس ّية :تلقي ر ّدات الفعل األوىل بالرصاخ ،بالبكاء ،بالوحدة والصمت ،أم ٌر ّ خلقة ،ففي وحدتها العميقة يت ّوج تراكم مرارة .الوحدة هي نقطة ضعف يُنصح بتجنيدها لتحويلها إىل طاقة ّ عليها أن تتد ّرب عىل أن ال تج ّرت األفكار السلب ّية ،وأن ال تتذكّر املواقف املؤذية واملتش ّنجة .وأن تج ّند قواها للتغيري الذي ميكن معه أن ال تتع ّرض م ّرة أخرى يف حياتها ملوقف فيه إهانة أوضعف .والصمت مفتاح سحري معه تتسلّح بالثقة ،بالهدوء ،بتقزيم السلب ّيات ،وبتلقّي موجات األخبار املؤذية بالتهميش. -2اليقظة األخالقيّة والضمري :فالتد ّرب عىل الهدوء والثقة ،حني يُطلب إليها الحديث عن مشكلتها تتح ّدث بنربة واثقة ،وإيقاع هادئ وواضح ،تتكلّم مبوضوع ّية ،وشفاف ّية ،دون مبالغة أو تهويل .وبغري افرتاء أو كذب ،تتحدث قصة مطلّقة أخرى. بسالسة وانسيابيّة كام لو أنّها تروي ّ جل ما يريده الطليق هو أن يجعلها غاضبة ومنفعلة ،هي أسهل األمور عليه ،ألنّها بعفويّة -3اليقظة االنفعال ّيةّ : سوف تنج ّر للرد ،وهذا ميكن أن يضعها يف موقف ال يخدم مصلحتها ،موقف قد يصفه املشاهد أو املستمع بالوقاحة والوضاعة وقلّة األدب .فعليها أن ال متنح ألحد ومجانًا فرصة اإلمعان يف تشويه صورتها ،مهام كان كالمه مؤذيًا فإ ّن تهميشها له بعدم الر ّد عىل االفرتاء والكذب هو عالمة عىل نبلها ورفعتها .إن أمعن يف األذية أو القدح والذ ّم ،فلترتك املحامي يقوم مبا عليه .إ يّاها أن ت ُستدرج إىل مستنقع القيل والقال ،واألخذ والر ّد .وكذلك ،صون الكربياء ،وعدم االنسياق ّ لذل مراقبة صفحة الطليق أو حالته عىل الواتسآب ،وعدم مبتابعة أخباره يف العمل أو بني األهل واألقارب والجريان.وحني تختلج يف داخلها مشاعر الغضب ،فلتكتب ما تو ّد قوله،فلرتقص ،تسبح ،أو تتأ ّمل .وإذا خانتها أناملها إىل شاشة املحمول فليكن االتصال بصديقة تصغي إىل وجعها دون أن تتد ّخل لتق ّدم لها املختصة إن اقتىض األمر ذلك. الحلول .وال بأس باملواكبة ّ -4اليقظة السلوك ّية :عدم معاقرة الفراغ ،وال للخلود لغرفة النوم ّإل للغفوة .ليكن نهارها مضبوطًا يف برنامج يومي ،يتض ّمن رياضة أو نشاط ترفيهي،أو مساهمة يف األعامل املنزل ّية ،أو مرافقة األصحاب يف مشاوير ورحالت، األب يف مخيّلتهم، وليكن العالج بالفلسفة دليلها .وال ننىس ما يعانيه أوالد املطلقة ،فال تجحد بتشويه صورة ّ خاصة البنات .إن حصل ذلك فإنّها ت ُسهم بإصدار نسخ برشيّة مش ّوهة للمجتمع والحياة.فليكن لها عودة إىل ّ املدرسة أو الجامعة ،ولتبحث عن عمل ،ولتخلع عنها ثوب املايض فهي ابنة اليوم ،وكائن ملقى يف املستقبل. طائر الفينيق
هش أكرث من الحياة ،C’est chose tendre que la vie ،يقول إ ّن الفلسفة تساعدك عىل العيش ويف كتابه يشء ّ بشكل أفضل ،بشكل أكرث وضو ًحا ،وأكرث سعادة أحيانًا .لك ّن الحياة هي التي تشكّل أهم ّية قصوى .وبالتايل ،فلن أي معنى ّإل يف خدمة هذه الحياة ،وأنتم تعلمون ما قاله دي مونتني «تحفتنا العظيمة واملجيدة يكون للفلسفة ّ هي العيش يف الوقت املناسب» .والفلسفة ميكن أن تساعدنا يف ذلك رشط أن ال تكون كافية لوحدها أو أن تأخذ مكان الحياة.
خامتة:
مام تقدم ميكننا أن نستنتج مؤتيات نتجت عن معايشة تجربة نور التي تعتقد بأمور ال تتطابق والواقع املعريف الذي ينص عليه الطب والعلم التقليدي؛ غري ان دراسات معارصة حول ما فوق الجينوم ( )Epigemomeتؤكد أن معارفنا ،ومامرساتنا وعاداتنا الغذائية والسلوكية كام أفكارنا ،وصورتنا عن أنفسنا تؤثر يف الدنا (( DNAما يعني أن معتقداتنا الواقعة حكامً يف خانة األوهام ،سواء تطابقت مع الواقع أم تضاربت معه تفعل فعلها يف التيلومري، وهو الجزء الذي يشبه الذيل يف الدنا ،والذي يطول ومعه تتحسن الصحة ويطول العمر ،يف حال اعتقدنا بحريتنا وسلكنا وفق قناعاتنا ومعتقداتنا .ذلك أننا ال نرث أمراضنا ومشاكلنا ،وما نرتىب عليه يشكل خيارا ً من 33ألف خيار لحمضنا النووي .فحمضنا النووي ليس محكوماً عليه باختيار بروتني واحد فقط بل لديه خيارات كبرية، والخيار يتشكل وفق إمكانيات الجسد ومعنويات الروح. إن ما قدمه علم النفس ألجل معالجة العقل اإلنفعايل ال بد أن يُستكمل بدراسات حول العقل املنطقي ،ويف هذا املجال قرصت الفلسفة حيث ال يجب .عىل الفلسفة أن تدرس بعنايه العقل املنطقي لجهته الوظيفية، والفيزيولوجية كام العقائدية والنقدية .ذلك هو الباب الذي تقرتحه هذه الدراسة ليفتح للفلسفة أفقها بحيث يكون لها دور عالجي آلفات األفراد واملجتمعات ،فال يضيع دورها يف البحث عن الحقيقة. فنحن ننزع نحو اإلرتقاء وفق برغسون .ونيتشه سمى اإلنسان بـ» الحيوان املريض» وما يحتاجه املريض هو العالج ال البحث عن الحقيقة وحسب ،وبناء اإلنسان املتفوق يحتاج فيلسوفاً وفيزيولوجياً حاذقاً ،يحفّز اإلنسان ليفي بوعوده ويتحرر من عقال الضمري املصطنع ،املشبع باألوهام .يتحرر من أوهامه ،من أمراضه ،إىل إنسان معاىف يف جوهره .وال يكون العالج لفرد بعينه ،وإمنا سيستامياً يطال الجامعة أو املجموعة املحيطة بالفرد حامل املرض وباألشخاص املحيطني به من حاميل عدوى األوهام ذات الفضاء السلبي. طائر الفينيق
نور ونايا ،واملطّلقة مسؤولة ال ضحيّة ،إرشاد نفيس نُظُمي (سيستامي) ،قد يبدو للقارىء أنّها قصص أو جملة
ٍ إرشادات وتوصيات ال عالقة لها باإلرشاد الفلسفي ،أو كأنّها مج ّرد حلول تنظرييّة ،لك ّنها يف الواقع تجارب مستم ّدة من الواقع املعاش ،وهي ذات مضامني فلسفّية ومعرفية ،أهمها:
كل ما ينتمي إىل املكتسبات العقائديّة (كالج ّن والشيطان). ويصب فيها ّ -1البحث يف أوهام العقل املنطقي، ّ -2التح ّرر من منظومة األعراف والتقاليد التي ال تستند إىل األخالق الدينيّة أو إىل القيم األخالقيّة السليمة (رفض اآلخر). (الحق يف جانبي أنا). -3التح ّرر من النظرة اآلحاديّة ،وعدم قبول اآلخر واالعرتاف به ّ خاصة املتخلّفني عن ركب الوعي (رأي -4االنعتاق من رأي املجتمع ،والتح ّرر من عقل ّية القطيع ،ونظرة اآلخرينّ ، اآلخرين يب ال ميثّلني). تجل يف اليقظة السلوك ّية. -5تحويل املعارف إىل سلوك ّ -6تأكيد سيادة وعي الفرد عىل أنّه مسؤول ومبادر وفاعل ،ال كضحيّة مستلبة ومنفعلة. -7التكوين عىل املسؤول ّية ،وتعزيز ما للذكاء العاطفي من فاعل ّية يف إدارة األزمات. -8الفصل بني العقل االنفعايل ومركزه الجهاز الحويف يف الدماغ ،والعقل املنطقي ومركزه مق ّدمة الدماغ. -9تجاوز وضع ّية الضح ّية إىل وضع ّية املسؤولة هو بعينه تجاوز الحالة العاطف ّية إىل الحالة املنطق ّية. -10الفرد كائن ملقى يف املستقبل ،وهو مع ّني بالتغيري ملا يحمله يف وجوده من بصمة فرادة. -11القلق وما يحمله من معاناة وجوديّة تحفّز عىل صناعة التغيري. -12الحريّة ،والدميقراطيّة ،واحرتام االختالف ،وصناعة السعادة ،وغريها.. يقول الفيلسوف املعارص أندرية كومت سبونفيل ،André Comte Sponvilleرائد فلسفة الواقع ،يف لقائه بـ»العريب الجديد» لقد نظرت دامئًا إىل التفكري يف السعادة باعتباره جز ًءا من تقاليد الفلسفة .ما كان يه ّمني يف البداية هو فكرة الحكمة ،والتي تعني يل كيف ّية استعامل العقل لنعيش بشكل أفضل .من خالل هذه الرؤية، أعارض تص ّورات متداولة للفلسفة كأداة إشعاع أكادميي أو كوسيلة جد ٍل يف الصالونات سابقًا ويف وسائل اإلعالم حال ًّيا.
طائر الفينيق
املراجع العرب ّية آن دوبراوز ( .)2015خفايا الدماغ.املجلة العربيةPDF . بوئيثيوس ( 524م) .عزاء الفلسفة باريس .GOGUÉتر .عادل مصطفى ).)2012 الخالف ،رضا (ال ت)».الفلسفة العالج ّية واملشورة الفلسف ّية» ،يف :مجلّة وادي النيل للدراسات والبحوثاإلنسانيّة واالجتامعيّة والرتبويّة9555-2536 : ISSN. دانييل ،جوملان (« .)1970الذكاء العاطفي» ،تر.ليىل الجبايل .يف:عامل املعرفة (.)262مكتبة جرير. ديفيد ،إيجلامن ( .)2013املت ّخفي :الحيوات الرسية للدماغ.دار جداول. رايب ( )2001اإلرشاد الفلسفي .ويستبوت ،كونتيكيت :بريجر. شوبرا ديباك ،إ .تانزي (ال ت) .الدماغ الخارق ،تر .محمد حسيك وجامنة األخرسPDF. العاسمي ،رياض (« .)2016ما بني اإلرشاد الفلسفي والنفيس رصاع أم تعاون» ،يف :مجلة نقد ،وتنوير (.)5 النشّ ار ،مصطفى (.)2010العالج بالفلسفة .القاهرة :الدار املرصيّة السعوديّة. ميك ،عباس محمود (.)2007تكنولوجيا صناعة الجينات(ط .)1بريوت :املؤسسة الجامعية للدراسات والنرشوالتوزيع. املراجع األجنبية Voyage en systémique. Éditions FABERT .)2007( Caillé, Philippe Philosophical principles of logic-based therapy. Practical Philosophy .)2003( Cohen LE DÉVELOPPEMENT PERSONNELSYSTÉMIQUE. .)1997(DEGRYSE, PAUL ÉDITIONS ACCARIAS L’ORIGINEL.Collection Le corps conscient Sorrel Patrick (s.d).Redonner à la philosophies a vocation thérapeutique.Les Philosophes.fr PRÉSENTATION DE LA PHILOSOPHIE, PDF.)2018( Sponville, André Comte L’approche systémique pour gérer l’incertitude et la.)2012( YATCHINOVSKY, Arlette complexité.Collection formation permanente
طائر الفينيق
(Francis,Fukuyama, La fin de l’histoire et le dernier homme, Paris, Editions Flammari,)2 .1994,on ( )3فتحي املسكيني ،الهوية والزمان ،بريوت ،دار الطليعة ،2001 ،ص.118 (.1990 ,Jacques Attali, Lignes d’horizon,Paris, Publication Fayard Publié dans Essais)4 ()5تريي إيجلتون ،اإلرهاب املقدس ،نقله أسامة إسرب ،ط ،1سوريا ،بدايات للطباعة والنرش2007 ،م ،ص.5 ميادين التواصل والعدل واألخالق ،واإلستهالك وحريات التعبري ،وحقوق اإلنسان والطبيعة. إنها مأساة البرشية يف واقعنا املعارص التي جعلت اإلنسان يستشعر وجعه املتمثل بوعيه لهذا الخلل العميق يف وضعيته الوجودية حيث أن جدلية القاتل واملقتول التي يعيشها اإلنسان املعارص ،واقع حضارة مل تأتِه إال بالبؤس، صحيح أنها أمنت له لذّات زائفة ،لكنها مل تستطع أن تؤمن له السعادة ،وفّرت له الرسعة يف التواصل واإلتصال ٌ لكنها فشلت يف أن توفر له السالم الداخيل والسالم العاملي ،بل هي أوهمته بسالم توازن الرعب بني األقوياء، حيث مئات املاليني من أبناء العامل الثالث يئنون تحت وطأته ،كراماتهم مهدورة ،ثرواتهم منهوبة ،أوطانهم مسلوبة وذواتهم مستلَبة ومع َّنفة. لعل هذا البحث يقدم إجابة أولية عن كيفية تخليص هذا اإلنسان املعارص من العنف وآلياته يف ظل عوملة اتخذت يف بدايات نشأتها اسم الرأساملية العاملية ،إال أن كهنوت الرأساملية كان قد لجأ إىل تعميدها الحقاً باسم العوملة ،ولعل الهدف من ذلك طمس وجهها القبيح املع ِّنف وإبرازها عىل أنها ظاهرة حتمية ،إنسانية ،أخالقية وتحررية ،يف حني أنها يف جوهرها وطبيعتها هي ليست سوى ظاهرة تجديدية لإلختالس ،واإلستغالل ونهب خريات الشعوب ومق ِّدرات األوطان ،إنها النظام الشمويل املمهد لقيام دكتاتورية عاملية مطلقة ،مستخدم ًة عنفها وتسلطها لذا؛ ال بد من الرتكيز عىل مدارك أسباب العنف وإدارة نتائجه ،باإلستناد إىل املنهج التحلييل القائم عىل تفكيك الظواهر اإلجتامعية وإخضاعهام للدراسة التفصيلية ،وعدم إهامل أي مكون من مكوناتها.
طائر الفينيق
العنف في ظل العولمة «مدارك األسباب وإدارة النتائج»
د.ماغي عبيد مقدمة :اإلنسان املعارص املأزوم الذي تتفاقم يوماً بعد يوم عوارض دماره ،ال سيام وأنه أُفرغ من محتواه اإلنساين بسبب استغراقه الوجودي يف قيم حضارة مادية خالصة ،جعلته يعاين العنف يف ظل عوملة مع ِّنف ٍة ومع َنف ٍة معاً ،فرتاه يعاين القلق يف وضعيته الوجودية، بني أن ينادي باإللحاد الرصيح ديناً وعقيدة ،أو أن يعرتف بإميان شكيل باهت ال دور له يف توجيه مصري اإلنسانية ،أو أن يُت َّخذ من الدين ملجأ للقتل والذبح ،فباسم الله يُقتل اإلنسان ،وعىل اسمه يُذبح ويُقطع رأسه،ال سيام وأن ما تشهده مجتمعاتنا العربية اليوم من موجات إرهابية هي األعنف يف تاريخ املنطقة. إنساننا املعارص يعيش عىل الصعيد اإلجتامعي والدويل متأرجحاً بني حروب ثالثة :حرب يخوضها ،وأخرى يطفئ ذيولها ،وثالثة يتأهب إلشعالها ،وحتى عىل الصعيد الفردي هو يف حرب داخل ذاته دامئة اإلشتعال لذا؛ يسعى لتخفيف وطأتها بالهروب إىل الخارج واإلستغراق يف ملذات لن تطفئ ظأمه ،ولن تشفي غليله وتعيد إليه توازنه. عىل الرغم من أن هذا اإلنسان نتاج ثورات عدة :لغوية ،إبستمولوجية ،تحليل نفيس ،أنرتبولوجيا ،جدلية تاريخية، وعلمية تقنية مواكبة لحركة الفكر ،لكن جميع هذه الثورات تنتج الواقع يف غليانه وتعدده( .)1من هنا يتبادر إىل الذهن التساؤل اآليت :عن أي إنسان نبحث؟ هل نبحث عن اإلنسان املع َّنف فينا؟ وكيف لنا أن نخلصه من عنفه، ونحقق له سالمه يف ظل عوملة آلت عىل نفسها تحويله إىل أداة لقتله وتدمريه؟ هل نبحث عن إنسان الخطيئة؟ أم عن اإلنسان األخري املنذر بنهاية التاريخ()2؟ أم اإلنسان العاملي()3؟ أم البدوي الرحال الحديث( )4الحارض جسدياً والغائب روحياً؟. تربز مشاكل اإلنسان املعارص يف سقوط النامذج ،ورصاع األجيال واإليديولوجيات ،وما يرافقها من اختالالت بيئية وتحوالت نوعية يف الهندسية الوراثية ،وثورة اتصاالت ومعلومات ،وأزمات رأساملية متعاقبة إىل دميقراطية توأمية لإلرهاب( .)5تتقاطع هـذه األزمات وتتشابك لتنتج الصريورة األعمق واالكرث تجذرا ً يف ()1عبد السالم بنعبدالعايل ،ثقافة األذن والعني،الدار البيضاء ،دار توبقال للنرش ،1994 ،ص.54 طائر الفينيق
أ -التعريف بالعوملة وطبيعتها:تتعدد تعريفات العوملة وتحديداتها تبعاً للموضوع الذي ترتبط به ،أو تتجه إليه لذا؛ العوملة هي التحول من املجال اإلقليمي ،والوطني إىل العاملية أو الكونية ،ال املجال الدويل ،إذ إن املجال الدويل يتطلب وجود حواجز وحدود يف ما بني الدول والشعوب ،يف حني أن الكونية كام يعرفها البعض بالقول»: الكونية ليست إيديولوجية جديدة للهيمنة تدعو لها القوى العظمى املسيطرة بقدر ما هي عملية تاريخية تُعدّ نتيجة الزمة لتفاعالت معقدة ،سياسية واقتصادية وثقافية وعلمية وتكنولوجية ،فإن املعرفة بصددها ال تتعلق كام يظن البعض برفضها أو مهاجمتها وإمنا يف نسق القيم الذي ينبغي أن يوجه حركتها ،ويحدد مساراتها ،حتى تكون عملية تاريخية يف مصلحة التحرر اإلنساين ،من الجوع والقهر ،وخطوة حاسمة يف سبيل صياغة عامل جديد، شجاع )1(».تعني الكونية إلغاء املكان والزمان واملسافة ،وإحالل الجغرافيا اإلقتصادية محل الجغرافيا السياسية، فالالح ّد املكاين يُفرس بالفراغ الكوين كله ،والالحد الزماين يتضمن مرحلة ما بعد الحداثة ،وما بعد املجتمع الصناعي ،أما الالحد عىل الصعيد البرشي فيشمل الجامعة اإلنسانية بأجمعها(.)2 ب -التمييز يف ما بني العوملة والعاملية :إذا ما كانت العوملة تشمل وحدة الجنس البرشي ،فالعاملية تقع عىل النقيض منها إذ متثل اإلنفتاح عىل ثقافات وحضارات العامل أجمع ،ويف حني أن العوملة ترفض ( )1جورج حجار،العوملة والثورة،شعبي سيحكم ،ط ،1بريوت ،بيسان للنرش ،2000 ،ص.19 ( )2زكريا طاحون ،بيئات ترهقها العوملة ،القاهرة ،جمعية املكتب العريب للبحوث والتنمية2003 ،م ،ص.15 * الرباديغم :النموذج القيايس أو املثال الكامل الذي ينبغي اتباعه. أي ثقافة ال تذوب يف الثقافة األمريكية ،فإن العاملية تذهب إىل إثراء ثقافات العامل وتالقحها حضارياً وعلمياً وتقنياً .العوملة قرية كونية»( ،)1غزو ثقايف وسيلته الصدام والرصاع بني الحضارات ،إضاف ًة إىل اخرتاق خصوصيات الثقافات الوطنية والقومية. العاملية نزوع إنساين عاملي ،يهدف إىل التفاعل والتعاون ،التعارف والتكامل بني مختلف الشعوب واألمم حيث التعدد واإلختالف ،والتنوع يشكل القاعدة والقانون( .)2لعل هذا التعريف للعاملية يختلف عام هو عليه الحال يف الواقع الغريب ،الذي ال يؤمن إال بالنزعة املركزية املرتبطة بالنموذج الغريب ،ووحدة تطبيقه لها ،حيث أن السبب يرجع إىل الحوادث التي طرأت عىل العامل الغريب الطامح ألن يقولب العامل اقتصادياً وسياسياً ،ثقافياً وقيمياً ،عسكرياً...داخل قوالب غربية( .)3وبالتايل فهي »:مجتمع واحد ،وثقافة عاملية متجانسة ،واقتصاد عاملي واحد ،وغياب الدول القومية»(.)4 طائر الفينيق
التحليل الفلسفي واإلجتامعي والنفيس لسلوك الفرد ينطلق من الفرد ذاته بأبعاده البيولوجية ،ومن ميوله الفطرية واملكتسبة ،ومن محيطه اإلجتامعي الذي يشكل القاعدة اإلساسية إلثارة السلوك العدواين إن عىل صعيد األفراد أو الجامعة ،أو يف الحي ،واملدرسة ،ويف األسواق ،وعىل شاشات التلفزة ،فاألحداث املامرسة إمنا هي نتاج تلك العالقات املتفاعلة مع الظروف الفكرية الثقافية ،واإلجتامعية واإلقتصادية للمجتمع لذا؛ يف هذا البحث سنسلط الضوء عىل الظروف الثقافية واإلقتصادية ،اإلجتامعية والدينية التي انعكست سلباً عىل مجتمعاتنا ،يف واقع هذا النظام العاملي الجديد ،الذي ُعرف بنظام العوملة ،صحيح أنه ولّد أثارا ً إيجابية من حيث تسهيل التنقل والتواصل ،والرتابط بني شعوب العامل قاطب ًة ،لكن نتائج العوملة السلبية أورثت تدهورا ً كبريا ً يف العالقات اإلجتامعية ،كام أن ثقافة القرية الكونية املهيمنة التي عملت عىل نرش إيديولوجية الهيمنة الرأساملية ،وحرية التجارة واألموال ،والدعاية لسيادة آليات السوق ،التي عممت ثقافة الفكر املادي ،وانهيار القيم اإلنسانية، وسيادة املصلحة الشخصية والفردية يف رشيعة غاب القوي يأكل الضعيف ،وقد تتسع الهوة بني أطراف املصلحة الواحدة ،مام يؤدي إىل استخدام العنف بغية تحقيق النفوذ والسطو.
أوالً :ما العالقة يف ما بني العنف والعوملة؟ لعل اإلشكالية الرئيسة التي تُطرح عىل بساط الفكر اإلنساين تبعاً
للحالة الكاوسية »”Chaosالتي يعيشها العامل قرسا ً يف ظل البديهيات التي تؤسس لثقافة العاملية وانتظارها املحتوم ،حيث التعارض والتناقض بني مسرية املدنية الكونية ،وحضارة العنف املحسوم ،أي إىل ما بني ضلعي «الرباديغم»* التاريخي ،الجيوفلسفي/الجيوسيايس .ال سيام وأن القطيعة الكارثية يف ما بني ضلعي هذا الرباديغم قد ينذر بالقيامة ،وبالهالك امليتافيزيقي التام ،حيث أن صيغة املدنية قد وصلت ح ّد اإلنفجار عىل املستوى الكوين متجاوزة بذلك أركيولوجيا أداتية القوة ،إىل استرشاف جينالوجيا القوة ،أي قوة التمدن كغاية يف ذاتها، مستكملة بذلك مرشوعية نهاية التاريخ املتطابق مع املفهوم األصيل للكوسموبوليتيا ،مبعنى سياسة املدينة، وكونية السياسة ،كمرشوع ماهوي لإلنسان يف ذاته ولذاته. إن أركيولوجيا الفعل الحضاري يكشف عن متيزه ،وعن خصوصية عالقته بالعنف الذي يربز إبتكار الحضارة لطريقة تعاملها مع بربريتها األصلية الكامنة يف أصولها ،ومدى قدرتها عىل تعديلها ومن ثم إعادة صياغتها مبا يتوافق وجدلية التفاعل يف ما بني الجيوسيايس والجيوفلسفي إيجابياً ،عىل أال يطغى أحدهام عىل اآلخر ،ال سيام إن أىت من سيطرة القطب األول عىل الثاين ،فالعنف واقع ال محالة. طائر الفينيق
الهيمنة عليه بقوة السالح تارة ،وبقوة السوق تارة أخرى ،فإن التساؤل الذي يُطرح هل من حركة فكرية لها؟ أم أنها من إفرازات الرأساملية املعارصة؟ وهل هي تتسق مع الدعوة الصهيونية التي تطالب لليهود مبواطنة عاملية، وجواز سفر عاملي ،وبعودة اليهود إىل أورشليم ،وعودة الرب إىل بيت املقدس ،وبذلك يصبح بيت الرب هو العاصمة العاملية()1؟ ،وبالتايل هل هي الحلم الذي دعا إليه الرواقيون بوحدانية الشعوب والبرشية من خالل إنشاء الدولة-املدينة العاملية عىل قاعدة املساواة؟ وهل يكمن الحل يف إحالل الجغرافيا السياسية مكان الجغرافيا اإلقتصادية من خالل إلغاء املسافة والزمان واملكان؟. ال وجود لتحديد متفق عليه يف العلوم اإلنسانية ،وال اإلجتامعية ،وال اإلقتصادية ،وال السياسية ،وال حتى يف العلوم األخرى ملفهوم العوملة الذي بدأ يرتدد عىل ألسنة الناس ،وشاع استخدامه يف النصف الثاين من القرن العرشين ،حيث بدأت تباشري تغيريات بنيوية تحدث يف العامل ،مرتافق ًة مع تحوالت اقتصادية ،وسياسية، واجتامعية وفكرية أحدثت ظاهرة جديدة من التعاطي يف العالقات الدولية يف ما بني الدول والشعوب. ومبا أن للعوملة تأثريات تفرضها يف مختلف املجاالت :اإلجتامعية ،واإلقتصادية ،السياسية والثقافية وعىل عالقات الدول بعضها ببعض ،تعددت الطروحات يف تعريفها ،وتفسريها ،وانقسام وجهات النظر تجاهها بحسب املدرسة أو التيار الفكري الذي تنطلق منه ،ففي حني أن التيار الجمهوري يدعو إىل رفع القيود ،لدفع املبادرة الخاصة ،وبالتايل املحافظة عىل قيادة أمريكا للعامل الحر ،واشرتاط مالزمة الدميقراطية للرأساملية ،عىل اعتبار أن ال دميقراطية من دون رأساملية ،محذرين من التدمري اإلبداعي لهذه الرأساملية وقوتها الساحقة ،مطالبني بلجم الرأساملية ال إطالق العنان لها. يف مقابل وجهة النظر هذه ،تربز وجهة نظر مضادة أو معارضة ،منشؤها التيار اليساري الذي يجد يف العوملة عملية استغالل ،رأس حربتها الرشكات املتعددة الجنسيات ،وبخاصة عاملقة املال والصناعة ،وهي إذ تعمل عىل نرش روحية العجز واليأس والعبثية يف مختلف أصقاع العامل ،مربر ًة بذلك حتمية وجودها كأمر واقع ،واستحالة التصدي ملشاريعها ومخططاتها ،واإلنغامس يف استهالكياتها ،وإزاء اختالف وجهات النظر هذه إزاء العوملة، سنسعى إلبراز تعريفاتها ،وتحديداتها وطبيعتها ،لندرك بعد ذلك أبعادها العنفية وأثرها عىل واقع مجتمعاتنا املعارصة.
طائر الفينيق
يف هذا املجال ،تتداخل مفاهيم العوملة والعاملية حيث أن عدم مجاراتهام يعني نهاية التاريخ ،وبالتايل فال بد من اإلنخراط يف العوملة طوعاً أو كرهاً ،والعوملة ما هي يف حقيقتها سوى زعامة أمريكية مبعنى محاولة أمريكا «أمركة السياسة واإلقتصاد» ونرش ثقافة اإلستهالك ،ال سيام الهيمنة اإلنكلوسكسونية من خالل استخدام السالح ،بقصد متدد عامل الجنوب أكرث فأكرث وبخاصة يف أمريكا وأوروبا ،وخلق استقطابات جديدة عىل أساس طبقي ،وعودة الرصاع بني الرأسامل والعمل ،وبهذا املعنى يعرفها البعض بكونها »:هي زيادة درجة اإلرتباط املتبادل بني املجتمعات اإلنسانية ،من خالل عمليات انتقال السلع ورؤوس األموال ،وتقنيات اإلنتاج واألشخاص واملعلومات»( ،)5وهذا إن ّ دل عىل يشء إمنا يدل عىل أن تشكل العوملة إمنا هو نتاج تحالف لرشكات متعددة الجنسيات ،متركزت حول املجتمع الصناعي العسكري لحاميتها ،وبالتايل هي طفرة أو نقلة نوعية يف التحول الرأساميل من تصدير رأسامل مايل ،إىل تصدير إنتاج صناعي يتحكم بالعامل وشعوبه ومقدراته ،لهذا ال يتواىن محمد عابد الجابري عن تحديدها بأنها »:تتويج ملسلسل من التطور والتوسع يف مجال اإلتصال واإلعالم ،والدعاية وصوالً إىل خلق سوق عاملية واحدة حقيقية ،)6(».فإن كانت العوملة هي «أمركة العامل» أو (.p10 ,1999 ,ALAIN NONJON, LA MONDIALISATION, France, Ėditions Sedes)1 ()2محمد آدم« ،العوملة وأثرها عىل الدول اإلسالمية»،مجلة النبأ مركز املدينة املنورة للعلوم والهندسة، ،2000فرباير ،ص.63 ()3عبد املنعم الحفني ،املعجم الشامل ملصطلحات الفلسفة ،د.ط ،القاهرة ،مكتبة مدبويل ،د.ت ،ص.298 ( )4وروريك موراي« ،جغرافيات العوملة» ،ترجمة سعيد منتاق ،مجلة عامل املعرفة ،العدد ،397فرباير ،2013ص.22 ()5عبد الكريم بكار ،العوملة :طبيعتها ،وسائلها ،تحدياتها ،التعامل معها ،ط ،1األردن ،دار اإلعالم للنرش والتوزيع، 1421ه\ ،2000ص.11 ()6محمد عابد الجابري ،قضايا الفكر املعارص ،بريوت ،مركز دراسات الوحدة العربية ،1997 ،ص.139
طائر الفينيق
(SELIM ABOU, “Les Identités en question”, Mondialisation et Francophonie,Palais de l’Unesco)1 .P19 ,1998 ,avril 30-29 ,2000 3e forum de l’an ,Beyrouth ( )2عبد الرزاق مرتي ،مشكالت التنمية والبيئة والعالقات الدولية ،ط ،1الجزائر ،الدار الخلدونية للنرش والتوزيع، 1429ه\2008م ،ص230-229 ( )3بركات ،حليم ،الهوية أزمة الحداثة والوعي التقليدي ،ط ،1بريوت ،رياض الريس للطباعة والنرش2002 ،م ،ص.29 (p950 ,1981 ,HABERMAS,JURGEN, LA Modernité un projet inachevé, Critique, n413 .)4 الدال إقتصادياً عىل مجال املال والتسويق واإلتصال ،وما هي إال نتاج إفرازات املعلوماتية التي ُوظفت لتربز حرية السلع والخدمات ،واأليدي العاملة ،ورأس املال واملعلومات العابرة للحدود الوطنية واإلقليمية ،وعىل الرغم من اإللتباسات الحاصلة حول ماهيتها إال أنها ت ُعد سبباً أساسياً للعنف لذا؛ سنكتفي بإيراد تحدياتها وآثارها العنفية عىل املجتمعات. د -إشكالية العنف :ظاهرة العنف من الظواهر الصعبة واملعقدة ،حيث أن تأثرياتها تطال فئات ورشائح اجتامعية كبرية ،وبدرجات متفاوتة ،كام أنها قد تؤدي إىل تغيري يف العالقات اإلجتامعية والسياسية. ت ُعترب إشكالية العنف من أخطر القضايا اإلجتامعية املتأثرة باألوضاع اإلقتصادية والبيئية والسياسية ،فهي تتطور مع تطور املجتمعات ،وتغرياتها القيمية والفردية ،وقد تتشابك املفاهيم وتتعقد يف ظل ظاهرة العنف ،التي تختلف بني أفراد املجتمع الواحد ،مام يستدعي تعقيدا ً يف أساليب ضبطها ،يف ظل نظم اجتامعية ،حيث أن أسبابها ترجع إىل التطور الهائل يف اإلنتاج اإلقتصادي ،وتنوع السلع ،وانفتاح األسواق ،وحرية التجارة ،والالحدودية يف املعامالت اإلقتصادية ،ولعل األهم بينها تلك التطورات الحاصلة يف األنظمة املعلوماتيه والتي أورثت مشاكل اجتامعية ال ع ّد لها وال حرص. نف ال ُخ ُ رق باألمر وقلة الرفق به والشدة ه -ماهية العنف لغ ًة واصطالحاً :العنف La Violenceلغ ًة من عنف ،وال ُع ُ واملشقة ،وهو معالجة األمور بالشدة والغلظة ،والعنف ضد الرفق ،يُقال عنيف إذا مل يكن رفيقاً يف أمره واعتنف األمر أخذه بعنف( )1فالعنف بهذا املعنى يتضمن معاين الشدة والتوبيخ ،والقسوة واللوم ،لهذا ورد يف الحديث الرشيف»: إن الله رفيق يحب الرفق ويُعطي عىل الرفق ما ال يعطي عىل العنف»( )2العنف إذا ً ،هو ضد الرفق واللني بالقول والفعل ،وهو يف الرشيعة ال يختلف معناه عام ورد يف اللغة ،بل هو يتضمن معنى الشدة واملشقة ،وهو قد يتخذ شكل العنف الفعيل أو اللفظي.
العوملة هي هيمنة الفكر الليربايل عىل العالقات اإلقتصادية الدولية ،ترتافق وريادة التقنية التي قد تحمل يف طياتها اإلحتامل باإلنقالب عىل الدولة القومية ،حيث سيادة الفرد بدل السيادة القومية ،وبالتايل محاولة استقطاب من ميلك ويحكم ،ويبيع عقله أو جسده بأجر فيحكم األقوياء الذين ال يبالون باملُثُل التي ()1وفاء محمد حسن األيويب ،الحضارة والعوملة إىل أين؟،ط ،1الد ،2012 ،ص.229 أوىص بها القانون الدويل. أمست العوملة واقعاً ال اختيارا ً ،ولعل من أبرز إفرازاتها متحور الرثوة واملعرفة وتركيزها ،لدرجة أنها أصبحت تخلق تحدياً أمام مناذج ثقافية واجتامعية ،حيث هزت أركان بعض النظم ،ال سيام دول العامل الثالث التي أصبحت تدين بالخضوع والتبعية للهيمنة األمريكية ،كام أنها طرحت إشكاليات »:املفهوم الجديد للثقافة ،والسؤال حول ال ُهويات، واإلسرتاتيجيات اللغوية»(.)1 لعل من أبرز أهداف العوملة تصميم النامذج اإلقتصادية املستمدة من سياسة الهيمنة للدول الكربى ،فتوحيد العامل، وإلغاء الحدود الجغرافية ،أتت كنتيجة حتمية لتطور ثورة املعلومات واإلتصال إذ جعلت العوملة قادرة عىل إلغاء دور الجغرافيا( ،)2وبالتايل اإلنسان الجديد ،هو إنسان الفكرة واملعلومة الضوئية ،ومبا أن املكان يرتبط بالجغرافيا ويتالزم بالزمان ،فهل للزمان معنى؟ وهل هو »:معنى لنهاية قرن وبدء قرن ،لقد بدأ قرن آخر ومل نبدأ نحن)3(». فهل نحن نخوض تجربة العهد الجديد املتولد من القديم ،واملتفوق عليه قدرة وإمكاناً وإنتاجاً؟ أم أننا نعيش واقع مرشوع الحداثة الذي مل يكتمل بعد ،عىل اعتبار أن مفكري ما بعد الحداثة لديهم رغبة يف اإلبتعاد عن املايض املشبع بالتناقضات ،يف حني أنها ال تعدو ،صيغة جديدة ملفهوم قديم هو الحداثة ،ومتثل رغبة لدى املفكرين باإلبتعاد عن ٍ ماض مشبع بالتناقضات ،وما بعد الحداثة هو محاولة إثراء مرحلة الحداثة ذاتها وإمتام مرشوعها ،ولن يكون ذلك وفق هابرماس إال من خالل هدم األنساق الجامدة واإليديولوجيات املغلقة ،من خالل العمل عىل إزالة التناقض الحدايث يف ما بني الذات واملوضوع يف الهوية الواحدة ،ويكون ذلك بني الجانب العقالين والجانب الذايت من اإلنسان، إضافة إىل رفض الحتمية يف العلم ،والشمولية يف التفكري ،وإىل الرتكيز عىل الجزئيات والرؤى املجهرية للكون والوجود، وبذلك تغدو الحقيقة واليقني رهناً بعدد من املعايري تضعها يف معظمها التكنولوجيا( .)4تبدو التكنولوجيا والحال هذه ،وكأنها مظهر من مظاهر الحداثة ،وما بعد الحداثة ،لكنها ال ترتافق مع منو فكري وعقيل وآداء حضاري متميز لذا؛ يبقى اآلداء الوظيفي للتكنولوجيا فارغاً من املضمون ،ألنه ال ميتلك فكرا ً تقدمياً موازياً له ،كالعيش يف وسط توسع إسمنتي وتقنيات متطورة ،إمنا ال ميكن التملك من قيمتها إال احتوائها.وما العوملة إذا ً؟ سوى ذلك اإلستخدام طائر الفينيق
لعل الطابع الجديد للعنف املعارص الخاص باملجتمعات املتقدمة ،يتسم بالتناقض يف ظهور اإلنسان العقالين، والعقالنية ،وردود األفعال التي تفجر دمارا ً ،فيبدو أنه كل ما حققته البرشية من اإلنجازات العلمية واإلخرتاعات التقنية ،تجد نفسها مهددة بأمنها وأمانها ،وكأنه بقدر ما يسري اإلنسان نحو العوملة ،بقدر ما يزداد توحشاً وعنفاً. من هنا ،يتبادر اىل الذهن التساؤل اآليت :كيف نفرس عجزنا ككائنات تتباهى بأنها متتاز بالعقل والبصرية عن معالجة األزمات واملشكالت التي تشكل تحدياً فتقودنا إىل العنف أو اإلرهاب .أوليس العنف يف جوهره يشكل نفياً للعقل والقيم اإلنسانية؟ أوليس انتصارا ً للغرائز عىل العقل؟ وهل العنف من ثوابت الفعل اإلنساين ينغرس بعمق يف نفسية الكائن البرشي؟ أم هو نتاج السلطة والقوة؟ تأيت ظاهرة العنف كنتيجة لعوامل عدة :نفسية ،اجتامعية ،سياسية واقتصادية ،تارك ًة آثارها السلبية يف مجتمعاتنا ومؤسساتنا املدنية واألهلية ،ال سيام وأنها تشكل عائقاً أمام التنمية ،قد تصل ح ّد التهديد مك ،وسامي عجم ،إشكالية العنف ،العنف املرشع والعنف املدان» ،ط ،1بريوت ،املؤسسة الجامعية ( )1رجاء ّ للدراسات والنرش والتوزيع ،2008 ،ص.41 (.P18 ,1997 ,Pierre Clastres, Archéologie de la Violence, France, Ėditions de L’Aube)2 واملس بسيادتها ومبكانتها أمام الدول األخرى ،وعىل الرغم من تعدد األسباب باستقرار الدولة وأمنها وأمانها، ّ الباعثة عىل استخدام هذا السلوك يف مناطق التجمعات السكانية التي تعمد إىل القوة والضغط املادي واملعنوي لتحقيق غايات بعض أفرادها ،وبطريقة غري رشعية ،إال أنه ال بد من الوقوف عند هذه الظاهرة ،ومحاولة ضبط خلفياتها وآثارها يف مجتمعاتنا ،حيث أنه من خالل هذا البحث سنلجأ إىل توضيح أهمية معالجة هذه الظاهرة، متوقفني عند طرق انتشارها يف املجتمع ،وربط خلفياتها السلبية بالجوانب اإلقتصادية ،والثقافية ،واإلعالمية لنظام العوملة ،محاولني إبراز البعد الفلسفي اإلجتامعي لهذه األبعاد ،ومركزين عىل إظهار آثارها يف البنية اإلجتامعية للمجتمعات.
طائر الفينيق
وباملعنى اإلصطالحي ،العنف هو استخدام القوة إللحاق األذى والرضر باألشخاص ،وإتالف املمتلكات ،ومن بني تعريفات كثرية ،ورد عىل سبيل املثال ال الحرص »:العنف هو نتاج عدوى مرضية تنقل اإلنسان من حالة الطهارة والنقاوة ،إىل حالة القذارة والتوحش ،والرش املستورد يكمن يف اإلستخدام املتوحش لألنا ،)3(»...لهذا يرى البعض يف العنف وسيلة فعالة للتغيري ،فبه يستطيع اإلنسان الخروج من مأزقه الوجودي ،ومن ()1املناوي ،التوفيق عىل مهامت التعاريف ،529/1/إبن منظور ،لسان العرب( ،)257/9قلعة جي ،معجم لغة الفقهاء(.)323/1 ()2صحيح مسلم ،كتاب الرب والصلة واآلداب ،باب فضل الرفق ،رقم.)2003/4(2593: (1re édition, France, Presses ,Franҫois Laplatine, La Philosophie et La Violence)3 .P193,1976 ,Universitaires خطر انهياره الداخيل ،وعندما تندثر لغة الحوار والتفاهم ،تنطلق لغة العنف ،لرتجع لإلنسان قيمته وكيانه، واعتباره ككائن موجود يف مجتمع ،فتتجه عدوانيته تجاه اآلخر مستخدماً القوة ،بطريقة غري عادلة بغية إلحاق األذى والرضر باآلخرين وممتلكاتهم »:وبذلك يصبح العنف قوة كبرية وبدائية يفرضها فرد عىل آخر ،وهي قوة ميكن أن تؤدي إما إىل التخجيل أو /إما إىل الرعب وميكن أن نجدها يف معظم حاالت املرض النفيس سواء كفعل أسايس أو كنتيجة تلقائية .)1(»...يتضح من هذه التعريفات أن مفهوم العنف يشمل كل سلوك يتضمن معنى اإلستخدام الفعيل للقوة املادية ،بغية إلحاق األذى والرضر بالذات أو باألشخاص اآلخرين ،وتخريب املمتلكات، للتأثري يف إرادة املسته َدف ،وعىل هذا األساس ،فالسلوك العنيف يتضمن معنى اإلرغام والقهر من جانب الفاعل، والخضوع أو املقاومة مـن جانب املفعول بـه أو املسته َدف ،وهو قديم قدم املجتمعات لذا يرى فيه لو روا غورهان »: Leroi-Gourhanيرجع السلوك العدواين لإلنسان األول ،وهو يلتصق التصاقاً وثيقاً بالواقع البرشي، يغي فيه أي يشء أبدا ً.)2(». ولعل التطور املتسارع للمقتىض اإلجتامعي يف ظل السياق البطيء لنضوجه النوعي مل ّ العنف بهذا املعنى هو استجابة سلوكية تتميز بطبيعة إنفعالية شديدة قد تنطوي عىل انخفاض يف مستوى التفكري ،إنه مامرسة القوة ضد الغري عن قصد ،وقد يؤدي العنف إىل التدمري أو إلحاق الرضر املادي وغري املادي بالنفس والغري ،فالعنف املجتمعي يتمثل بإلحاق الرضر باملجتمع أفرادا ً وجامعات ،أو مؤسسات ،ضاربني بعرض الحائط ما أقرته األديان والرشائع ،وقد يتخذ العنف يف عرصنا الراهن طابعاً جديدا ً ،مفارقاً ،ال يستطيع الباحث األخالقي الذي يتأمل يف السلوك اإلنساين إغفاله. طائر الفينيق
ولعل صعوبة التكيف مع الواقع املادي واإلقتصادي للمجتمع الحديث واملعارص ،وبخاصة الطبقة الفقرية التي يعمد بعض أفرادها إىل ترصفات غري قانونية بغية تحقيق رغبات مادية أو معنوية ،مستخدمني العنف يف ترصفاتهم لذا؛ ال ميكن أن نفصل األبعاد اإلجتامعية للعنف عن العوامل األخرى اإلقتصادية ،السياسية ،البيئية، الفكرية والثقافية وغريها ،ومجموع هذه العوامل تربز بظاهرة التفكك اإلجتامعي ،واإلنحالل الخلقي ،ورصاع املصالح ،مام يؤدي إىل تأزم يف املناخ السيايس ،وفراغ ثقايف ،وتعصب يف األفكار ،ويف بعض اإليديولوجيات ،قد تفرز جامعات متطرفة ،تستخدم العنف يف برنامجها السيايس ،كام أن لعامل التدرج الطبقي ،واإلستغالل املادي من قبل الرشكات اإلقتصادية الكربى عملت عىل انتشار ظاهرة العنف يف األوساط الفقرية ،التي باتت تهدد الشباب املنفتح عىل عرص املعلوماتية والتكنوقراطية بسمتها محددات الثقافة املعوملة. أثارت العوملة تحديات كبرية عىل الشعوب والدول واملجتمعات ،مخلف ًة بذلك العديد من اآلثار الخطرية عىل كل املستويات ،ولكن وعىل الرغم من التفاوت يف ما بني األمم وشعوبها شامالً وجنوباً ،إال أن اآلثار اإلجتامعية، واإلقتصادية ،والفكرية ،والسياسية ،والبيئية والثقافية تعطينا فكرة عن واقع هذه التحديات وما ولّدته من نتائج عنفية خطرية ،ال تزال البرشية ترزح تحت أعبائها ،ولعل تطبيق نظام العوملة ،بتنوع آلياته أدى إىل تعقيد العالقات اإلجتامعية وحركيتها ،املصاحبة لظهور العديد من املشكالت اإلجتامعية مام استوجب دراستها وتحليلها، ال سيام وأن إشكالية العنف اتخذت منحى معقدا ً ،برتكيبتها وأبعادها السياسية ،أو ما يُعرف باإلرهاب. يحيا اإلنسان يف عامل تتجاذبه قوى التدمري ،وكأن القتل والعنف والتدمري حاجات ال بد منها يف حياة اإلنسان واملجتمعات لذا؛ ليس هناك من معيار واحد لفهم السلوك العدواين ،ومن غري املمكن فهمه من دون رده إىل إطاره العالئقي اإلجتامعي والفلسفي ،والغاية من معالجة ظاهرة العنف ال تكمن يف تطبيق الجزاء للحد منها ،بل البحث عن الخلفيات املسببة لها ،ومن ثم تأسيس أفكار وآراء وتصورات أكرث واقعية وعقلنة لضبطها وعالجها بطرائق علمية وموضوعية .ويبقى السؤال ما هي إفرازات العوملة وآثارها العنفية عىل املجتمعات اإلنسانية؟ : أ -يف امليدان النفيس :يُعترب العنف مبثابة الصفة املالزمة لإلنسان ،ولطاملا تجسد الفعل العنفي األول يف حياة البرش ،يف قتل قابيل ألخيه هابيل ،فقابيل القاتل ،كان مزارعاً ومل يكن ليهرق دماً ،يف حني كان هابيل راعياً ،يذبح املاشية ويقدمها عىل مذبح اإلله.
طائر الفينيق
واملس بسيادتها ومبكانتها أمام الدول األخرى ،وعىل الرغم من تعدد األسباب باستقرار الدولة وأمنها وأمانها، ّ الباعثة عىل استخدام هذا السلوك يف مناطق التجمعات السكانية التي تعمد إىل القوة والضغط املادي واملعنوي لتحقيق غايات بعض أفرادها ،وبطريقة غري رشعية ،إال أنه ال بد من الوقوف عند هذه الظاهرة ،ومحاولة ضبط خلفياتها وآثارها يف مجتمعاتنا ،حيث أنه من خالل هذا البحث سنلجأ إىل توضيح أهمية معالجة هذه الظاهرة، متوقفني عند طرق انتشارها يف املجتمع ،وربط خلفياتها السلبية بالجوانب اإلقتصادية ،والثقافية ،واإلعالمية لنظام العوملة ،محاولني إبراز البعد الفلسفي اإلجتامعي لهذه األبعاد ،ومركزين عىل إظهار آثارها يف البنية اإلجتامعية للمجتمعات. ثانياً :تحدّ يات العوملة وآثارها العنفية :تتزايد أعامل العنف يوماً بعد يوم ،وهي وصلت ح ّد القتل امل ُ َمرس يف العديد من األماكن واملؤسسات والشوارع ،ولعل العنف املستخ َدم قد همش كل معايري الضبط القانوين والخلقي، وبالتايل ألحق الرضر والخسائر بالبرش والحجر ،وهذا ما حدا بالباحثني واملفكرين املتخصصني يف شتى ميادين العلم واملعرفة ،لعقد مؤمترات وندوات ومحارضات ،بغية تحديد وتفسري أسباب انتشار ظاهرة العنف لذا؛ يشكل بحثنا هذا نواة محاولة لعرض بعض األفكار التي تتمحور حول ظاهرة العنف كمفهوم وسبب انتشارها يف مجتمعاتنا ،ومحاولة ربط هذا التحليل العنفي الذي يرتاوح يف ما بني الدافع اإلنفعايل العنفي الذي يحصل كنتيجة رصاع بني شخصني أو جامعتني ،وبني نظرة الفرد املحبطة ملجتمعه بسبب عجزه عن تلبية حاجاته املادية واملعنوية ،مام يدفعه إىل الحقد ،والكراهية واإلستياء الذي يصل ح ّد العدوان ،والتي هي نتاج العوملة. متثلت آثار العوملة عىل الصعيد الثقايف بظهور فئات همها الوحيد العنف واإلعتداء عىل ممتلكات الغري ،وبأحدث الوسائل التكنولوجية ،فتلجأ إىل املخدرات والكحول لرتهيب األفراد ،إضاف ًة إىل العنف داخل املؤسسات الرتبوية املتأثرة مبواقع التثقيف العاملي»اإلنرتنت» ،فرتى فيه تقدماً ومتيزا ً. كام أنه ال ميكن إغفال العنف اإلقتصادي ،والذي يُعد نتاجاً إلنعكاسات ثقافة العوملة حيث قيم الكسب املادي الالمحدود ،والوضع اإلقتصادي الالمرشوط ،واملنافسة ،واحتكار السلع ،وما يرافق ذلك من أعامل عنفية وانحالالت خلقية تتزايد بسبب عجز األفراد واملنحرفني عمن يتكفلهم نفسياً وتربوياً ،ومحاولة دمجهم وإعادتهم إىل الحياة اإلجتامعية السليمة ،ولعل البعض يذهب إىل أن مشاعر العدوانية منبعها البنية البيولوجية والوراثية عند بعض األفراد ،وبالتايل منبعها نفسية اإلنسان وذاتيته ،والبعض اآلخر يرجعها للتنشئة اإلجتامعية واألرسية ،وللمحيط الخارجي والبيئي الدور األكرب. طائر الفينيق
فاألطفال والشبان الذين انخرطوا يف أعامل العنف والقتل يتجهون أكرث نحو الهوية السلبية (هوية املقاتل والعدواين) ويخرسون الكثري من املعارف والقيم األخالقية واإلجتامعية ،كام أن الدعاية اإلعالمية وما يرافقها من تضخيم األمور تدفع بالطفل إىل اإلستمرار يف اتخاذ موقف الضحية أو املقاتل إرضا ًء لرنجسيته .لذا؛ يجدر بنا أن نويل اإلهتامم األول لحاجات الطفل امللحة ونعمل عىل إعادة بناء شخصية وتنشئته ()1العنف السيايس يف العامل ،1987-1967وقائع بيبليوغرافيا وثائق ،ج ،1ط ،1لبنان ،إعداد سادر مركز التوثيق والبحوث اللبناين ،بيت املستقبل ،عضو أرسة مؤسسات اإلمناء للبنان1988 ،م ،ص.11 ()2مصطفى حجازي ،التخلف اإلجتامعي ،سيكولوجية اإلنسان املقهور ،ط ،4بريوت ،معهد اإلمناء العريب،1986 ، ص.202 اإلجتامعية بصورة سليمة )1(».ولعل التسلط والقهر والقمع الذي متارسه أمريكا عىل مجتمعاتنا ،واإلستمرار يف بنية الحياة الشعورية ،تحول املقموع الضعيف إىل قامع ،فيعيش اإلنسان املعارص تحت سلطة ال»هو» املقموع، أو «األنا األعىل» القامع ،وبذلك يصبح أشبه بأداة ينفذ ما ُيىل عليه من أوامر ،ال كعاقل يعي ما يقوم به من أفعال ،منتج لها وفاعل فيها. كام أن العنف جرثومة موجودة يف كل واحد منا ،كذلك الهمجية سوسة تجعل التواصل مع اآلخر أمرا ً مستحيالً ،وبالتايل ،فالهوة التي ابتدعها ديكارت بني الوعي والعامل ،مل يعد معموالً بها اليوم ،ال سيام وأنه مع سيطرة املادية التاريخية واإلتجاهات الرباغامتية ،واإلنسان برأي هيدغر» موجود يف العامل» ،إال أنه عامل عنفي، والشعور الهمجي ببنيته عنفي ،حيث أنه ال فرق بني فظائع الحروب الهمجية التي ُمورس فيها أفظع أنواع العنف ،وبني املامرسات العنفية اليومية التي يعيشها إنساننا املعارص ،سوى فرق بالكمية والدرجات ،ال بالنوعية أو البنيوية. ب -يف امليدان اإلجتامعي :ت ُعترب وسائل اإلتصال واملعلوماتية من املصادر املهمة والفاعلة يف زيادة وترية استخدام العنف عند األطفال والشباب ،ال سيام وأن املواظبة عىل مشاهدة أفالم العنف ،والرعب والجنس تؤدي بالعديد من الشباب إىل الجنوح واإلنحراف ،واإلدمان واإلجرام لذا؛ ال بد من تفسري وتحليل لهذه املسألة ،وكشف أسبابها، محاولني إيجاد قواعد ومعايري اجتامعية قادرة عىل منع هذه اإلنحرافات وردعها ،وحتى منع اإلخرتاقات القانونية عرب وسائل الضبط اإلجتامعي ،من خالل ضبط معايري التنشئة اإلجتامعية يف ظل أساليب تربوية وتوجيهية قبل اللجوء إىل العقاب. طائر الفينيق
كان هابيل بديالً عن ذات أخيه ،حيث أن نزوة املوت تحولت من ذات قابيل إىل موضوع خارجي هو هابيل، الذي يحمل معنى العنف البديل أو املضاد (الضحية) ،وبالتايل فقابيل مل يكن ليجد بديالً عن أخيه ليحول إليه عنفه لذا؛ هذا ما تقوم به العوملة األمريكية ،من خالل استعامر العوامل األخرى ،وبالتايل فعنفها هو الوجه اآلخر للقهر ،إذ تعمد إىل إحياء حملة اإلرهاب العاملي املتمثل يف خلق وحش وهمي ،ومن ثم يعقبه حمالت للتخلص من هذا الوحش ،وبذلك تقود العامل كله يف عملية إخضاع لنظامها وقوانينها اإلقتصادية والسياسية يف رصاع مميت من أجل مكانتها وهيبتها ،ومتارس عدوانها الذي يربز إما عىل صورة استباحة وسلب ،أو عىل صورة عنف مدمر...»:فالدول العظمى ،يف اسرتاتيجيتها وتكتيكها ،متارس لعبة «شفا الهاوية» .)1(»...لهذا تجد األمريكيون يتنكرون للعدوانية الكامنة يف ذواتهم ،وملشاعر الحقد واإلثم الذاتية ،ساعني إليجاده يف املوضوع الخارجي ،يف «الضحية» التي متثل يف نظرهم داللة العقبة الوجودية التي تسلبهم حقهم يف السعادة ،فيصبح فعل القتل بالنسبة لهم واجباً نبيالً ،ورضورة مطلبية »:ولذلك يصبح فعل القتل ،ال فقط بريئاً من اإلثم ومربرا ً فحسب ،بل مطلوباً كواجب نبيل هو الدفاع عن الذات وكرامتها وقدسيتها ،أو الدفاع عن الجامعة وقيمها ،أو حتى الدفاع عن الحضارة واإلنسانية من العنارص املخربة الهدامة ،وهكذا يبدو العنف التدمريي كرضورة مربرة ال بد منها إلعادة األمور إىل نصابها ،كواجب عىل املرء النهوض به ،من أجل بدء وجود جديد ال تسممه وال تعرقله الضحية-العقبة الوجودية )2(».من هنا ،تعمد السياسة األمريكية إىل إستباحة قتل اآلخر ،املعيق لوجودها ومصالحها إذ إن يف قتل اآلخر املغاير لها ،واملختلف عنها ،إثبات لوجودها واستمرارها الذايت ،مربر ًة رضورة العنف التدمريي ضد العنارص املخربة والهدامة ،ومن أجل عامل خا ٍل من الضحية التي متثل العقبة الوجودية لذا ،ميكن اعتبار بأن من إفرازات العوملة: - 1العدوان والهمجية :أشاعت العوملة نرش العدوان ،الذي يُنظر إليه عىل أنه آفة املجتمعات الكربى ،ومن هنا، فال بد من إرجاعه إىل إطاره العالئقي اإلجتامعي والفلسفي ،وبالتايل فاملامرسات التدمريية ،قد ال تكون وليدة شغف بالتدمري ،وهي ليست مالزمة للطبع البرشي ،لكنها قد تتجسد يف لحظات انفجار ،وقد يكون حصيلة عوامل عدة متشابكة ومتداخلة ساهمت يف تكوينه وتشكيله لذا؛ فالعنف هو الوجه اآلخر للقهر والعدوان ،وهذا ما تصدره العوملة للعامل أجمع لهذا مل يتوان البعض من املفكرين عن التحذير قائالً...”:من املفيد أن يتوقف الكبار عن استغالل األطفال يف مجال العنف والدعاية اإلعالمية ،ألن ذلك ال يخدم مصلحة الطفل وإمنا ييسء إليه ،إىل مفاهيمه األخالقية واإلنسانية. طائر الفينيق
-2التفكك األرسي واإلجتامعي :حيث سيادة العدوانية والجنوح والجرمية كنتيجة حتمية للتغيريات الهيكلية والبنيوية عىل مستوى األخالق والقيم ،والتغري يف العادات والتقاليد واملفاهيم السائدة لدى الناس ،إضافة إىل عاملة األطفال ،وإجبار النساء عىل العمل لساعات طويلة وبأجر زهيد ،مام أورث فوىض يف البنيان اإلجتامعي، فازداد الخوف والرعب واإلرتباك والقلق ،كذلك أدى هذا الوضع املرتدي إىل انتشار املخدرات وتعاطي الرذيلة، وإىل تفكك األرس ،وارتفاع نسبة الطالق والهجر ،واإلنتحار والقتل ،والفساد والرشوة ...»:فبدت األرسة اللبنانية مفككة وظهر الشباب اللبناين هامشياً مستعدا ً ألعامل العنف املدمر والسلوك الجرامئي عىل أشكاله وأنواعه املتعددة .ومن هذه األعامل الهامشية واملنحرفة التي تعترب جرماً يعاقب عليه القانون الجزايئ نذكر الرسقة واإلغتصاب واستعامل السالح غري املرخص...وتعاطي املخدرات واإلخالل باآلداب العامة وتزوير الهوية والنصب واإلحتيال والقتل وإيذاء األفراد وإيذاء الذات باإلنتحار )3(»...وهذه العدوانية ،قد ال تقترص عىل األرسة فحسب، بل هي تطال كل املجتمعات ،ولعل السبب يف ذلك يرجع إما إىل عدم املساواة ،أو انعدام التوازن ،وهذا ما يولد ()1هادي ،أحمد قيس ،اإلنسان املعارص عند هربرت ماركيوز ،ط ،1بريوت ،املؤسسة العربية للدراسات والنرش، 1980م ،ص.112 (.p27 ,2004 ,Khoury,Touma, The Psychology of War, Liban, unedited research)2 مك « ،املشكالت النفسية لألرسة» ،مقال من وقائع مؤمتر إمناء لبنان اإلجتامعي 16-15ترشين ()3عباس ّ الثاين ،1991ط ،1بريوت ،مركز الدراسات والتوثيق والنرش ،املجلس اإلسالمي الشيعي األعىل ،سلسلة دراسات الحياة اللبنانية_1992 ،1م ،ص.227 الخوف والقلق يف األهل واملجتمعات ،وحتى يف السلطات ولدى علامء النفس واإلجتامع الذين يطالبون برضورة تاليف العدوانية ومخاطرها ،حفاظاً عىل القانون واألمن والحريات. إنتشار األمية والبطالة :ساهمت العوملة إسهاماً كبريا ً يف نرش األمية والبطالة من خالل هيمنة سوقها عىلاملجتمع ،وما أنتجه من تكسري للبنى واملنظومات اإلجتامعية واإلقتصادية ،حيث فرضت رشوطها العالية للمعرفة يف الدول النامية ،مام أدى وسيؤدي إىل ازدياد عدد العاطلني عن العمل ،إذ إنه بحسب التقرير الذي نُرش يف جنيف ،وتؤكده منظمة العمل الدولية ،فإن عدد العاطلني عن العمل سيتخطى 219مليون شخص يف العام ،2019 وبذلك فإن عديد القوى العاملة سيصبحون جيشاً من العاطلني عن العمل يف القرن الواحد والعرشين ،وبالتايل فمعدالت البطالة كانت يف العام 2009بحدود 24.0يف املئة ،لتصل إىل 29.5يف العام ،2014يف حني تتوقع املنظمة طائر الفينيق
لعل من أبرز تجليات العوملة وعنفها يتمثل يف مجتمع القهر الذي يحيل اإلنسان املعارص إىل مقهور ذي بعد واحد ،عىل اعتبار أن تكنولوجيا املجتمعات الصناعية املتقدمة ،كانت قد ساهمت يف التخلص من األنظمة اإلجتامعية السابقة ،وأرست منوذجاً واحدا ً ممكناً يعتمد التفكري اآلحادي ،الذي يسم عقلية اإلنسان املعارص»ذي البعد الواحد» بحسب « ماركيوز .)1(»”Marcuseهذا املنطق اإلستبدادي متارسه أمريكا عرب قهر اإلنسان املعارص وإخضاعه يف جميع مظاهر حياته اإلجتامعية ،وظروف عمله وإنتاجه ،وعالقاته اإلجتامعية ،وحتى عىل حياته الباطنية ،وتفكريه ،وعقله،وعواطفه .والتكنولوجيا هي األداة التي تسهل توجيه الجامهري ومراقبتها ،وشدها إىل رغبات وحاجات مصطنعة ومتجددة باستمرار ،والهدف من كل ذلك، (.P202 ,1999 ,Yacoub, Ghassan, Psychology Of Wars and Disastres, Beyrouth, dar Al Faraby)1 (Herbert Marcuse, L’Homme Unidimensiel: Essai sur l’idéologie de la société industrielle)2 .1979 ,avancée, Traduit de l’anglais par Monique Wittig et l’auteur, Paris, Ėditions de Minuit ومن ترويجها يتمثل يف اإلبقاء عىل األنظمة العاملية القامئة ،والحفاظ عىل دميومتها واستمراريتها .ولعل أبرز سامت هذا القمع الرأساميل ،يتجسد يف القدرة الهائلة عىل دمج قوى السخط والتمرد يف داخله ،وتحويلها إىل قوى تعمل عىل إبقاء الوضع القائم( )1إنه التحدي من قبل هذا املجتمع الرأساميل املتوحش الذي يعرض بوقاحة سافرة كمية كبرية من السلع بينام يجد ضحاياه أنفسهم محرومني منها ،وكل ذلك ملصلحة ماليك الرشكات الكربى، وأصحاب رؤوس األموال .ولعل عنف العوملة عىل صعيد إجتامعي يتمثل يف: -1إنتشار الجرمية وشيوع العدوانية والجنوح :مل تقترص العوملة عىل األموال واملعلومات ،بل هي متادت لتصبح عوملة جرمية ،حيث شاعت عمليات اغتصاب األطفال واإلتجار بأعضاء البرش ،واإلتجار باملخدرات وغسيل األموال، واإلغتيال ،واإلبتزاز ،وأضحت الجرمية املنظمة العاملية تأيت بالفوائد واألرباح عىل أصحابها لذا؛ مل يكن من املستغرب إنتشار ظاهرة اإلخالل باآلداب العامة لدرجة ارتفعت فيها نسبة بنات الهوى بصورة ملفتة للنظر، وكرثت املالهي الليلية وانتشار اإلدمان عىل املخدرات بني طالب الجامعات( )2وعىل الرغم ،من تنبه املختصني وغري املختصني لهذه الحقيقة امل ّرة ،لكن التواطؤ كان حاصالً فعليا يف ما بني الضحية والجالد األمر الذي أوجب ال التصدي ملتعاطيها فقط ،بل ملروجيها أيضاً.
طائر الفينيق
لعبت العوملة دورا ً كبريا ً يف إفقار الشعوب واملجتمعات ،حيث أن الرشكات املتعددة الجنسيات هي الفاعل األسايس يف منطوق العوملة الحايل ،لعلها سياسة الطغيان والهيمنة وتكديس األموال يف يد فئة قليلة عىل حساب أغلبية سكان الكرة األرضية هي التي جعلت هذه الرشكات العابرة للقارات ،تتحكم يف الحكومات ال العكس، وهي إذ تنرش إرهابها وتطلق عنفها لدرجة »:تراجع دولة الحقوق ،وتراجع غريزة الدفاع وعرص األمان بحيث أصبحنا يف عرص اإلرهاب ،وتراجع الطبيعة ،والثقافة إذ أصبح منوذج اإلنسان هو الحيوان .وأضحت نجمة غي مالبسه .أصبح الرأساملية هي النجمة التي ال تخفت أبدا ً ،وأصبح الشيطان هو نفسه الذي سنستبدله بآخر ّ الرش جذرياً أكرث من أي وقت مىض ومل تنفع أدواؤنا ضد النزعة اإلقتصادوية»( .)1العنف يف عرصنا حقيقة ال يرقى إليها الشك ،والجرمية تحصل يف معظم دول العامل ،مام يجعل مجتمعاتنا الحالية تعيش القلق والحرية ،الخوف والرعب إزاء هذه الظاهرة الخطرية التي تتفىش يف مجمل األوساط والرشائح اإلجتامعية ،إن عىل مستوى املؤسسات أو عىل مستوى املجتمع األهيل واملدين ،منذرة بتهديد األجيال ومستقبل األمم. من هنا نلمس بأن عرصنا هو عرص اإلرهاب ... »:فاإلرهابيون ،سواء أكانوا يعاقبة أو من نوعية إرهابيي زمننا الحديث ،وسواء أكانوا إسالميني أو مؤيدين يف البنتاغون ل»الصدمة والرعب» ،أو من القائلني بنظرية املؤامرة الذين تعج بهم تالل داكوتا ،ال تخلو جعبتهم بوجه عام من األفكار ،مهام كانت تلك األفكار خطرية أو منافية للعقل والطبيعة .فإرهابهم إذن ليس إال وسيلة تساعدهم يف تنفيذ رؤاهم السياسية ،وليس بديالً لها .وقد شاعت فلسفة معقدة من اإلرهاب السيايس يف أوروبا خالل القرنني التاسع عرش والعرشين ،يصعب اختزالها بأية طريقة إىل مجرد سفك دماء ،لذا فإن كلمة «إرهايب» هي نقص يف التقدير . )2(».إنه عرص الرعب والعنف ،ولعل السبب يف ذلك يرجع إىل أن البرشية املعارصة بقدر ما تتجه نحو املدنية ،بقدر ما تتضاعف إشكالياتها وتتعقد أزماتها، فتولد الخراب والدمار والوبال عىل مجتمعاتها ،ومدنية العرص أثبتت عجزها وفشلها يف حل مشاكل مجتمعاتها، وبالتايل تحقيق السعادة والسالم بني بني البرش ،بل هي عىل العكس من ذلك مهدت لحروب وعنف وإرهاب أدخل العامل يف كوة مظلمة ضبابية مجهول املصري ما من أحد قادر عىل معرفة إىل أن ميكن أن تؤدي؟ ومبا أن العنف يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالجرمية لكونه علتها الفاعلة ،فإن الجرمية يف تعريفها القانوين تع ّد انتهاكاً للعرف السائد ،مام يستدعي توقيع الجزاء عىل منتهكيه ،كذلك هو الحال أيضاً يف العدوان ،الذي ينظر إليه عىل أنه آفة املجتمعات الكربى ،والسلوك الذي يُقصد به إيقاع األذى باآلخرين ،وقد يكون مصدره فرد أو جامعة، وقد يُوجه إىل فرد أو جامعة ،وقد يتخذ أشكاالً :بدنياً أو لفظياً ،غاضباً أو مخططاً بهدف طائر الفينيق
أن ترتفع النسبة إىل 29.8يف املئة يف العام الحايل ،قبل أن تبلغ 29.9يف املئة يف العام .)1( 2019هكذا إذا ً ،تشهد مجتمعاتنا ألواناً من العنف تؤدي إىل تدمري املجتمعات ،وتهجري االآلف من املواطنني ،إضافة إىل زعزعة القيم األخالقية واإلجتامعية ،وحتى اإلنسانية عند فئة من البرش تقودهم إىل بيع أنفسهم للشيطان ،هذه الفئة التي أبدت استعدادها لإلنحراف نتيجة البطالة واإلضطهاد ،والضجر والجوع ،والخوف والحاجة. ج -يف امليدان اإلقتصادي والسيايس: كام أن من شأن هيمنة النظرة الليربالية املامرسة من قبل الرشكات اإلحتكارية ،أن تقيض عىل الطبقة الفقرية، وما يرتتب عنها من صريورة العالقات الدولية التي فرضتها سياسة األقوياء غري مبالية باملُثُل التي أوىص بها القانون الدويل ،وما يستتبع ذلك من قوانني إقتصادية مجحفة ساهمت يف ازدياد البطالة والفقر ،فساءت األوضاع املعيشية لهذه الطبقة مام جعل اإلعتداءات تتخطى حدود املعقول واملنطقي ،لدرجة نسمع بحاالت الخطف واإلبتزاز ،بيع األعضاء ،وكل عمليات اإلحتيال والغش واملضاربات يف السلع ،كذلك هو الحال يف أعامل اإلختالس، والفساد املايل ،ولعل الهدف من ذلك كسب القوت ،حتى ولو بطريقة غري مرشوعة ،بغية العيش وتحسني املدخول ،وتحقيق مكانة أو سلطة يف الوسط اإلجتامعي .من هنا ،فالعنف باملعنى السيايس هو األوسع واألكرث اشتامالً ،لذا يتبادر إىل الذهن التساؤل حول متى يصبح العنف سياسياً؟ وما هي الحدود التي متيز بني العنف السيايس وغريه من أشكال العنف اإلجتامعي؟( )2وإذا ما كان بعض املفكرين قد دعا إىل فصل السياسة عن اإلقتصاد ،عىل اعتبار أنها علم كام فعل مونتسكيو()3 (.WWW. Omalarab.Org>Index Php)1 ()2خليل أحمد خليل« ،سوسيولوجيا العنف» لبنان ،الفكر العريب املعارص ،العدد ،27خريف 1983م ،ص.19 (.P12,1959 ,Louis Althusser, Montesqieu, La Politique et l’histoire,Paris, P.U.F )3 محتذياً بذلك حذو مكيافيليل ،فإن ماركس يرى فيها مجرد ظاهرة اقتصادية طبقية ،وأداة أو وسيلة تستخدمها لسيطرة طبقة عىل أخرى.
طائر الفينيق
(Samuel P.Huntington, Le Choc des Civilisayions, Traduit de l’anglais (Ėtats unis) Par Jean-)1 .P23 ,1997 ,Luc Fidel, Paris, Ėditions Odie Jacob (.Op Cit, Loc Cit, P239)2
الخامتة:
لعل عامل العوملة املصنوع يف الواليات املتحدة ،وبتوجه أمرييك سيلعب يف التحوالت اإلجتامعية اآلتية، واإلستقطابات الطبقية ،والتقلبات السلطوية ،النقطة املركزية واملحورية لإلنقالب عىل أمريكا ،وسقوطها وانهيارها ،مبعنى أن أمريكا تحفر قربها بيدها ،وقيام الرايخ الرابع بحسب جورج حجار ،ما هو إال بداية النهاية ألمريكا ،حيث أن الفكرة الوحيدة مهام بلغت من عظمة هي يف النهاية تحمل بذور نقيضها وفنائها ،وبالتايل كلام توسع نفوذ أمريكا والتزاماتها ،كلام تأكد احتامل اضمحاللها واندثارها. نتج عن العوملة آثار :نفسية ،واجتامعية ،واقتصادية ،وسياسية ،ودينية تفرض علينا تح ّديات ،حيث أن رصاعات اليوم يف ظل عوملة هي ليست رصاع حضارات وثقافات فحسب ،بل هي رصاعات نفسية واجتامعية ،اقتصادية وسياسية ،دينية وفكرية تحصل داخل الذات اإلنسانية ،ويف وحدات وطنية وإقليمية ،فتتصف بتعدديتها اإلتنية أو الدينية ،إذ إن أنظمة الدول السياسية أثبتت عجزها عن تحقيق فكرة املواطنية ،وبالتايل القضاء عىل الهوية وخصوصيات الشعوب ،مام أدى وسيؤدي إىل حروب فردية واجتامعية وأهلية ،قد تتصف ظاهرياً بانتامءاتها الثقافية والدينية ،إمنا يف عمقها وجوهرها هي ميدان إلدارة األزمات يف منظور اإلسرتاتيجية األمريكية التي تسعى جاهدة للتدخل يف مجمل رصاعات املصالح الكربى يف العامل ،وبعناوين ايديولوجية كربى. طائر الفينيق
(.P357,1997 ,Claude Polin, Claude Rousseau, La Cité dénaturé, Eds.PSR,La Roche-Rigault)1 ( )2إيجلتون ،تريي ،اإلرهاب املقدس ،مصدر سابق ذكره ،ص.6 الكسب ،وقد يحتوي الغضب والكسب معاً. د-البعد الديني :من املعلوم بأنه بعد انهيار املعسكر اإلشرتايك عمدت أمريكا إىل الدعوة لنظام عاملي جديد كبديل للنظام الذي كان سائدا ً يف القرن العرشين ،متثل هذا النظام بظاهرة العوملة التي تجعل العامل قرية كونية واحدة ،ولعل الهدف األمرييك من العوملة القضاء عىل انقسام العامل إىل قسمني :عامل شامل يف مقابل عامل جنوب، عب عنه املفكر األمرييك صموئيل هنتغتون بكتابه صدام الحضارات معلناً »:العامل بعد الحرب الباردة ،كام كان قد ّ يصفه ،يستوجب سبع أو مثان حضارات كبرية محكومة باإلنتساب واإلختالفات الثقافية ،التي تأيت بالخسارة والرضر عىل املصالح ،والروابط ،وبالتايل التنافر والرصاعات بني الدول )1(».إنه الرصاع الذي أبدى فيه هنتغتون الخوف عىل مستقبل الحضارة الغربية وثقافتها التي ستكون يف مأزق مع الحضارات املنافسة لها ،وبخاص ٍة الصينية والعربية اإلسالمية ،ال سيام وأن ثقافة األخرية تقوم عىل العنف لذا؛ من غري املستغرب أن يعمد املسلمون إىل القيام بحروب ضد الغرب ،أو حتى العامل اآلخر املغاير لهم ،حيث أن الظروف مؤاتية يف ظل صحوة إسالمية تولّدت كرد فعل ضد الحداثة والعوملة ،والتي تجد يف الغرب عدوا ً فتتملكها مشاعر الحقد والغضب واإلستبداد، وحتى العنف والعداء ،ال سيام وأن أمريكا تساند إرسائيل العدوة األوىل للعرب واملسلمني. يلجأ هنتغتون إىل ربط الرصاع عند العرب بثقافتهم الدينية ،حيث باعتقاده أن صلب الدين اإلسالمي قائم عىل العنف، لذا هو ال يتواىن عن القول »:املشكلة املركزية لألزمة بحسب قوله ...،إنه اإلسالم ،الحضارة املختلفة ،حيث تشكلت قناعة لدى ممثليها بأفوقية ثقافتهم ،لكنهم محارصون بدونية قدراتهم ،وهنا تكمن املشكلة.... ،بينام يف الغرب ،حضارة مختلفة أيضاً ،حيث تشكلت قناعة راسخة لدى ممثيل هذه الحضارة بكونية ثقافتهم ،مام جعلهم يعتقدون بقدراتهم املتفوقة ،وبالتايل امليل للحق بنرش هذه الثقافة يف العامل أجمع ،بكونهم املق ّومني لها ،وهذا ما يغذي الرصاعات بني اإلسالم والغرب . )2(».لعل مزاعم هنتغتون ،وتخ ّوفه من الحضارتني الصينية والعربية اإلسالمية إمنا هو يف حقيقته رصاع فكري واقتصادي تستعمله أمريكا ملامرسة ضغوطاتها اإلقتصادية والتي هي أصعب من الحرب العسكرية فتلجأ إما إىل مقاطعة الدول اقتصادياً أو محاربتها عسكرياً كام حصل يف العراق ،أو تعمد إىل اخرتاق األسواق من خالل إغراقها بالديون والفوائد واملشاكل اإلقتصادية ،فيجعل الدول يف مآزق داخلية وتجد الحل يف افتعال األزمات مع دول الجوار ،كام أنه ال يخفى عىل أحد ثقافة الهيمنة واإلستعالء التي متارسها أمريكا وحليفتها إرسائيل عىل العامل العريب واإلسالمي. طائر الفينيق
إن كان األمر كذلك ،فام املعايري؟ من هي السلطة املخولة وضعها؟ وهل ميكن للعنف كرذيلة أن يكون داعامً للحق كأسمى فضيلة؟ هل ميكن أن تتحول الرذيلة إىل فضيلة؟ وهل للعنف من أن يُرشعن كام هو الحال عند ماكس فيرب؟ أم هو غري قابل للرشعنة بتاتاً كام عند غاندي؟ وهل الحل يف الحق الطبيعي أم يف حق القوة كام لدى روسو وهوبز؟ وكيف يستقيم التعدد فعالً وكينونة يف عوملة أحادية القطب؟ لعل الحل يكمن يف الفلسفة ،التي عليها أن تخرج عن كونها أداة انتقاد لتصبح أداة بناء ،وعىل الفيلسوف الذي عليه أن يصاحب الناس يف التحرر من قيود واستبداد األنظمة ،ساعياً إىل نرش الفكر العلمي والعقالين يف مجتمعه ضد الجهل والخرافة والظالمية .فلم يعد املطلوب القدرة عىل التفلسف ،بل األهم وضع الحلول للمشاكل األكرث إلحاحاً وتأثريا ً يف مسارنا التاريخي والحضاري. تحصن األفراد نفسياً واجتامعياً ،من خالل مام تق ّدم نستنتج ،بأنه من املستحسن بناء قاعدة فكرية سليمة ّ توظيف وسائل اإلعالم بصورة هادفة ،والعمل عىل تحديث املناهج الدراسية وتطويرها ،كام أنه من الواجب بناء تكتالت اقتصادية سليمة وقوية ،تستفيد من كل الخربات ،وتوظفها يف سبيل رفع مستوى دخل أعىل للفرد والدولة بحيث تجعل اإلنسان املعارص أكرث تحصيناً يف وجه إغراءات النظام الجديد ،ويف وجه تكتالت العوملة.
طائر الفينيق
مل تستطع الحضارة التي وعدت اإلنسان بالسعادة والرفاهية ،وبالوفرة يف اإلنتاج القائم عىل التبادل املتكاىفء والتعاقد الح ّر أن تؤمن له سعادته وتحفظ كرامته ،بل عىل العكس من ذلك هي قادت اإلنسان ومازالت تسري به إىل زمن توازن الرعب والعنف ،عىل اعتبار أن يف العنف وسيلة فعالة للتغيري ،فمن خالله يستطيع اإلنسان التخلص من خطر انهياره الداخيل ،ومأزقه الوجودي ،حيث أن لغة العنف تنطلق عندما تنتفي لغة الحوار والتفاهم ،معيدة لإلنسان قيمته وكيانه ،واعتباره ككائن موجود يف مجتمع ،إذ إن عدوانيته تتجه نحو اآلخر. ويبقى السؤال كيف لنا أن نحرر اإلنسان املعارص من عنفه؟. هل يكمن الحل يف املرجعية الكنطية للعقل كمحكمة عليا تبت يف شؤون النظر والعمل ،والترشيع والقانون، واإلعتقاد واملامرسة؟ أم نسلّم مع هيغل الذي مل يرفض محكمة العقل الخاضع لسريورة التاريخ ،متخذا ً من الحرب الطريق للتطور؟ أم نذهب مع ماركس الذي يجد الحل يف نهاية الرصاع الطبقي ،وإلغاء الطبقات بنهاية التاريخ؟ أم هل يتمثل الحل يف التفكري النيتشوي الذي يعلن موت الله ،محاوالً التمييز بني أخالق العبيد وأخالق السادة؟ ويتبعه يف ذلك هيدغر ،ويعيل هابرماس من قيمة أخالقية الحوار والتواصل ،ناعياً امليتافيزيقا يف ظل عوملة مأزومة ومع ِّنفة تصبح الساحة مفتوحة لربوز األصوليات. وتأيت أعامل فوكو ،ومن بعده دريدا يف ما يُسمى ب»مابعد البنيوية» إذ يرص فوكو عىل مزاوجة ()1جورج ح ّجار ،العوملة والثورة ،شعبي سيحكم ،ط ،1لبنان ،بيسان للنرش والتوزيع ،2000 ،ص.375 الفلسفة بالتاريخ ،مؤكدا ً يف حفرياته املعرفية مدى النفي الذي اعتمدته الذات باستبعادها كل ذات أخرى ،فنفي الذات الداخيل هو وجه امتداد لنفي الذات الخارجي ،وصوالً إىل ماركيوز املبرش باإلنسان ذي البعد الواحد، املستغني عن الحرية بوهم الحرية ،كذا يفرض الواقع التكنولوجي آلية استعباد اإلنسان. إذا كان العنف مرفوضاً وغري مقبول ،والجميع متفق عىل كراهيته ،ووجوب تجنبه ،فالسؤال الذي يطرح نفسه: كيف يكون الرد عىل العنف؟ وهل ميكن للعنف أن يكون مربرا ً؟ مبعنى آخر كيف ميكن للعنف أن يكون مرشعاً بحيث يصبح مقبوالً إن مل نقل مطلوباً؟
طائر الفينيق
جامل
( طبعا من الخطر اللجوء ألي ترصف كان أو فعل ذلك منفردا ً ) بأخذ عينة من دم الشّ خص أو املرأة التي تريد اإلستفادة من هذه التقنية بعد ذلك يتم وضع عيّنة ال ّدم هذه يف جهاز « الطّرد املركزي « الذي يعمل عىل فصل مك ّونات ال ّدم األساسيّة عن بعضها بالصفائح ال ّدمويّة و التي سنستخدمها يف الغرض التجمييل عن و أخريا سنحصل عىل سائل البالزما األصفر املركّز ّ طريق الحقن يف املنطقة املراد عالجها .
طائر الفينيق
حقن بالزما أ .مريم باجي مع التقدم يف السن يحدث يف الجسم الكثري من التغريات و من أكرثها شهرة و إزعاجا ظهور التجاعيد و ترهل البرشة ،و مع التطور يف العلم ظهرت عدة طرق لعالج هذا املشكل هناك حلول معقدة بعض اليشء مثل عمليات التجميل و هناك أمور أخرى بسيطة انترشت عىل نطاق واسع يف اآلونة األخرية خاصة بعدما قدمت نتائج رائعة و بتكلفة ليست باهضة. من بني أشهر هذه التقنيات و الطرق التي استحبتها الكثري من السيدات « حقن البالزما « ما هي حقن البالزما ؟ هي التقنيات الحديثة التي استخدمت يف العالج وحاليا تعد من أهم التقنيات التي تلجأ لها النساء حقن البالزما ويقوم املختصون يف التجميل بعياداتهم
طائر الفينيق
شعر
طائر الفينيق
تحتوي البالزما عىل الفيتامينات و املعادن و الهرمونات و التي تقوم بتحفيز األنسجة املترضرة كام تساعد عىل تحفيز البرشة و ما تحتها إلنتاج الكوالجني ،و فيام ييل نذكر أهم فوائد حقن البالزما -التقليل من مظهر التجاعيد و الخطوط الرفيعة و يف حالة ما إذا كانت جديدة و غري عميقة فستختفي
_#تصغري املسامات الكبرية و التخلص منها _#تعبئة التجاويف ليبدو الوجه أكرث حيوية _ #تنشيط و تجديد البرشة و ما تحتها _#إزالة آثار التعب التي تظهر حول العيون _#تحسني الندوب الخاصة بحب الشباب _#التخلص من تأثريات أشعة الشمس التي سببت الرضر للبرشة لكل تقنية منافع و لها أرضار أيضا لذا ننصحكم بالحذر و عدم تسليم وجوهكم ألي كان أو تجريب ذلك بأنفسكم.
طائر الفينيق
شعر
إىل شريين أبو عاقلة عمر شبيل 2022/5/13 يُ ِ أختّ ،أن عريب، ؤسفُني ،يا ُ لسانُ ُه أط َو ُل من ِ سالح ِه، سال ُح ُه الرصا ُخ وال ُخط َْب العرب، تسترصخي «شريي ُن» ،ال ْ ْ َ ْ املشقوق، قميص ِك سوف يجيئون ،ويف أيْ ِديه ُم ُ وفوقَ ُه د ٌم ك َِذ ْب. أخجل من ِ جرح ِك ،يا «شريي ُن»، ُ العرب وه َو ين َز ُف ْ أُنْ ِ يطيب الجرح ل ْن بيك ،يا «شريي ُن» ،إ ّن َ ْ الخضيب ّإل إذا َض َّم ْدتِ ِه بشعب ِِك ْ ***** أختّ ،أن ُمسلِ ٌم ،سال ُح ُه الدعا ْء يؤسفُني يا ُ ندعو عىل العد ِّو يف الجوام ْع، وصوتُنا أعىل من املداف ْع، رس ُق ال ِع َن ْب. ومندح الناطو َر ،وهو ي ِ ُ *****
طائر الفينيق
ليت ،يا أختا ُهّ ،أن عريب، يا َ لسانُ ُه يف َجيْبه،
سال ُح ُه يف ِيد ِه ،وجر ُح ُه ال ُهويّ ْة. الجرح الذي ضام ُد ُه القضيّ ْة أجمل َ ما َ خضيب ن ْز ِف ِه تولَ ُد بندق ّي ْة. ومن ِ ٍ عندئذ لو قب َِل السال ْم يكو ُن من بُنو ِد ِه الحسا ْم ***** د ُم ِك يا «شريين»، فوق ِ قد صار َ اإلكليل، ْ نعش ِك الدليل. ْ كان عىل حضار ِة املستعم ِر « شريي ُن» ِ أنت ُم ْجرِم ْة، وآل ُة التصوي ِر يف يَ َديْ ِك من أسلح ِة الدما ْر وصوتُك األبع ُد من أوها ِمه ْم تُهمتُه اإلجرام. ***** قابيل ،يا «شريي ُن» حتى اآل ْن ُ ُ يخاف من «هابيل» أل َّن يف العدوانِ ضعفًا عندما يوا ِج ُه اإلميان، والبندقيّ ْة ، عندما يحملُها ال ُعدوا ْن ُ تخاف من ِسكِّي َن ٍة يحملُها اإلميان. ***** طائر الفينيق
أخت أن د َمنا ال َحرا ْم يؤسفُني يا ُ الجيوب بالحرا ْم. متتلئ ليس حراماً عندما ُ ُ والقدس ،يا «شريي ْن»ـ ُ ِ وضوحها وقربِها ،بعيد ٌة بالرغم من صل وعندما نُ ّ يَ ُؤ ُّمنا الحاخا ْم. مرتديًا غبا َءنا و ُجبّ َة اإلسالم. ***** ُ يطوف بي َننا أخجل من نَ ْع ٍش ُ أخجل من ِ جرح ِك إ ْذ نسأ لُ ُه ُ جيب ،وهو ُ السبب. يعرف ُ ْ يرفض أ ْن يُ َ أخجل من صوتِ ِك ،يا «شريين، ُ من ربعِ قرنٍ يُ ِ رس ُل الرصا ْخ. العرب تَسم ُع ُه الدنيا ،وال يسم ُع ُه ْ ***** نحن ٌ أخت ،ال يَنق ُُصنا اللجا ْم خيول ،إنّ ا يا ُ خيولُنا رسيع ُة ال َع ْد ِو إ ِىل الورا ْء سيوفُنا معلّقاتٌ َسب ْع «مألنا الربَّ حتى ضاق ع ّنا وما ُء البح ِر منل ُؤ ُه سفينا» األمس ماتْ ، لآل َن ال نعرف أ َّن َ وأنّنا نُكْىس مبا يجعلُنا ُعراةْ، مثقوب ،ونحن ال ْ نزال وال َدلْ ُو ٌ نري ُد أ ْن منألَ ُه باملا ِء حتى يرتوي القطيع. فليرشب القطي ْع، ِ ولْيَ ْه َنأِ ال ُرعا ْة *****
طائر الفينيق
«شريي ْن »
ال ب ّد من أ ْن ي ِق َف املوتُ أما َم ِ ِ امللفوف نعش ِك بالوط ْن . والشهدا ُء سوف يحرضون،
ويخجل األحيا ُء من حضورِه ْم ُ ألنّه ْم جاؤوا بال كف ْن. ال ب ّد أ ْن تبدأَ من ِ نعش ِك ،يا شريي ْن»، خارط ُة الوط ْن فمن رأى خارط ًة تبدأُ من بَ َد ْن. ُ أسأل ،يا «شريي ْن»، عن وطنٍ يرس ُم من أبنائِ ِه خارط ًة بالد ُم.
الحبُ ،م ْذ كانِ ،ذ َم ْم. «شريي ُن» ،إ ّن َّ إذ ْنِ ، شئت ،فلن ت ِ أحبّي مثلام ِ ُخطئُ ِك الطلق ُة، والحب ِذ َم ْم. ُّ ****
«شريي ْن »،
تقتل ُِك الطلق ُة لك ْن أبدا ً تقتل الوط ْن لن َ كل من ماتوا ،ومل ميوتوا ألنّ ُه مؤل ٌَّف من ِّ أخت ،من كا َن وكُ ْن ُم َؤل ٌَّف ،يا ُ ***** «شريي ُن» إ ّن شعبَنا مقهو ْر.
يوم من األيام أ ْن يثو ْر، ال ب َّد يف ٍ الب َّد أن يثور، رص املقهو ْر. ال ب َّد أ ْن ينت َ طائر الفينيق
نخاف من ِ «شريي ُن» لن َ سالحه ْم إ َّن الذي ُ القتيل، ْ يخاف من آل ِة تصوي ٍر هو بقلب شعب ِِك الواسعِ يا «شريي ْن»، نامي ِ نعل ُم أ َّن املوتَ لن ينا َم، لك ّنام األحقا ُد يف الصدو ِر لن تنا ْم، هذا الذي ح َّدث َ ِني ِه « ُع َم ُر» العائد من سلفيت النعش عن ِ وأ ُّم ُه إ ْذ ُ الس ّك ْني. َ تسأل والجرح ،يا «شريي ْن» ُ
حتى ولو أ ْوغ ََل يف أعام ِقنا، ت ْ ُِبئُ ُه إراد ُة انتقا ْم. رصاص بندق ّي ْة رسها ُ وآل ُة التصوي ِر قد يك ُ وقد تكو ُن التهم َة ال ُهويّ ْة.
القبض يا «شريين» وقد يَ ِت ُّم ُ عىل الفدا ِّيئ الذي سال ُح ُه ِ الس ِّك ْني لك َّن ما مل تستط ْع ِ ْفيت» أ ْن تنالَ ُه «سل ُ َ األطفال يك ال يبلغوا شعب يَلِ ُد إخضا ُع ٍ مرحل َة الكهول ْة ليس مسمو ًحا لهم أ ْن يبلغوا مرحل َة الكهول ْة بل َ كل ٍ واحد منذور أل ّن َّ
للثأ ِر م ّم ْن قتلوا أخا ْه وسجنوا أباه أل ِّمه إ ْذ ولدتْ ل ُه أخاً يف السج ْن رص السام ْء مل يب ِ ومل ي َر الطيو ْر ***** طائر الفينيق
أو زورق صغري من حطب أسافر فيه إليه مع زرقة السامء السحر ليالً مع ّ سألوين من جديد ما الخرب؟ قلت:أنبته عشقاً يف أشعاري أنشدته ورتلته نشيدا ً وطنياً كاتبة فيه القصائد عىل نغم الوتر وهو يف وطن آخر ومنزل آخر وحيدا ً يشتيك وحديت نلطم معاً ظلم القدر... ملوح ًة مبنديل حبي عليك السالم إىل يوم املنتظر! يا شيزوفرينيا حرويف
طائر الفينيق
سألوني ما الخبر
د .هويدا رشيف سألوين ما الخرب؟ قلت:لحن قلبي يتاميل ،يتأرجح يتغنى بأيام السحر... عيوين ترتاقص عىل موج شفتيه بكل حذر قلت :لو كان له برج لحبست نفيس يف دمه وأجري برشايينه ال مفر وأغرسه وردة حمراء تتفتح عىل أنفايس الرطبة بعيدا ً،بعيدا ً عن كل البرش آه،آ ٍه... لو كان له سفينة طائر الفينيق
شهداك
الشاعر :حامد خضري الشمري
شهداك ذاب القلب بينهام فرتفقي ْيب إن ملستهام طريا هزار ٍ غ ّردا فدعي كفي ناعمتني عشهام ّ وثريتان إذا توهجتا ش ّع الوجو ُد وعاد مبتسام كأسان من خمر معتقة ٍ والش ْهد شعشع فيهام فهمى وفراشتان يفوح منتشياً روض البنفسج من جاملهام ُ وهام كقيثارين يطربني ويشيع ّيف البـِش ْـ َر عزفهام طوىب ملا يف الصدر ملهمتي فلقد ركعت اليوم عندهام والروض نادتني منائره والقبتان سجدت تحتهام ِ شهداك ناقوسان ِ فاتخذي صدري الولهان َديْ َره ُـام من َ جاء الربيع وعاد منخذالَ طائر الفينيق
رحـلـة تأمـل
الشاعر :عيل مويسات الجزائري
فـسالـت دمـوعي فـوق خـدي َجـــوارِيا للـنجــوم العـوالِيـا ° َرنـ ْوتُ بعــيـني ِ ْ مـوا ِقـعها تـلك الـنجــوم مـثـيـــــ َر ٌة °نــراهـا عــىل َمــ ِّر الــزمانِ َســـوارِيا ِ ِ ِ بـعـد الـتــأ ُمـلِ بـاكِــيا لـلـبعـيــد تأ ُمـال °فــيـرجِـــ ُع ِمــ ْن ـــل طــ ْريف فـأرس ُ ليس ُمفارِقي °كــأ َن بـنـات الـشع ِر ت َـ ْهـــ َوى ُسـهـا ِديا ويف الليلِ نبض الشع ِر َ ـج يف عم ِر امل َ الـشـبـاب بَـوا ِقــيا الـقـلـب أ ْعــالق شـيـيب قواريب °ويف ِ ِ ِ وتولِ ُ ِ الـنــفــس حانِــيا ومايل ِس َوى همس السكونِ ُمسا ِمري °صـدا ُه له َوقْــ ٌع عـىل حـيـب َسـواسـيا ــسـيـس تـساؤ ٍل °فـنـ ْب ِحــ ُر يف يُــ َر َّد ُد يف ُعـ ْمـقي َه األفـق ال َر ِ ِ ُ
ِ ـلـكــوت الله ا ْمـيض ُمـــسا ِفـرا °فـ ُيــ ْبـهِـــرين ُصـنـع القــديــ ِر إال ِهــيا ويف َم ســ ُيـ ْنـهي مـسا َر العـمــ ِر موتٌ ُمـقــ َّد ٌر °ونَـرجــ ُع يـــو َم الــبــ ْع ِ ـــث لل ِه ثـانِــيا
ِ عــاصـــــيا شـــــقـي كـان لله فــمـنا ســعــيــ ٌد يف الـ َيـمـيـــنِ كــتابـه °ومــنـا ٌ ــح َمــ ْن شَ ــ َط بـ ِفـكـ ِر ِه ُم ِ ـلـحــدا °فأتـ َبـ َعــ َه الـشــيـطـا ُن إ ْذ صا َر غـا ِويا فــيا َويْ َ
ـص عـلـيـنا يف ِ الص ِ وكــل عــىل مـاكـان مــنـ ُه ُمـجـازِيا ٌ حاف ِفـعالنا ° سـتُ ْح َ العــلـيـم قــ ْد قـ ْد أحاط بخــلـ ِقـ ِه °ويـعـلـم ما يَـخــفَـى ومـا كـان بـا ِديا و ِعــلـ ُم ِ
عـمـيـق الغـ ْو ِر ال ُمـتَــنا ِهــيا الخـلــق إال كــقـطــ َر ٍة °بِــ َبـ ْحـ ٍر أراهـا عــلــو َم ِ ِ رب الـعـــــ ْر ِش تُـخــبِـــــ ُر أنـ ُه °إلــ ٌه عـــــظـــيـــ ٌم قــا ِد ٌر ُمــتَــعـالِـــيا وآيـاتُ ِّ
ـب يُــطْـ َوى دونَــنا ِ ــب أنــ ُه خا ِفـيا ولحــكْـ َم ٍة °وأ ْر َو ُع ما يف الغـــ ْي ِ أ َرى الغــ ْي َ
طائر الفينيق
هل في ُذرانا من رفيق ؟
د .فاطمة مهدي الب ّزال ْ تقرتف إال جناية عمرها يا زهر ًة مل املغيب ُمذ راو َدتها لهف ٌة نحو ْ
الوقت العقي َم ببابِها يحرس من َ ُ ظل يرتاح يف ّ طيل عم ًرا آخ ًرا و يُ ُ ُ ريب؟ الحكايا باسطًا كفّي ِه يف أم ٍر ُم ْ ِ ستستهل ُّ الجهات إذا دن ْو ِت كل ُّ َ عم يستب ُّد لترصف األنواء ّ محدودب ال ّن ِ بض بخافق ِ ٍ رتيب. عىل بح ٍر ْ منيش عىل أعامرنا وندوس ِظ ًّل صامتًا ُ الطريق» «مات حتى وإن َ ْ
رفيق ْ هل يف ذرانا من ٍ حاب يو ِر ُد األيا َم من ّ الس ِ طل ّ ٍ وكل ما يف جو ِف ِه ُ ضعف أمثال ّ اب ؟ ق ْد تغشّ ا ُه ّ الس ْ
طائر الفينيق
إذ فاح يف اآلفاق عطرهام تذوي الزنابق يف خامئل ويظل زاهي اللون روضهام ّ ضاعت بقفـْر الحب قافلتي فرأيت دريب يف الدجى بهام العني تنهش منهام ويدي تدنو وقلبي حام حولهام وهام وجودي كله وأنا ما كنت إال عابدا ً لهام أص ُب بال ورع ٍ إن يلهثا ْ وأنا الربي ُء أعود متـّ َهام عجبي لعنقودين ِ من عسل ٍ الغض والتهام خطفا فؤادي ّ لو مل يكونا مل تكن أبدا ً أرض بها يحيا الورى وسام ٌ شهداك مام فيك ِ من ألق ٍ مل أستطع لآلن نطقهام ال لن أمسهام وال سلمت كف تدنـّس ذلك الحرما// طائر الفينيق
أعام ُرنا مقص ّي ٌة ياح . وغاللُنا كال ّرملِ تذروها ال ّر ْ تبتئس!! ال ْ وجيش من غُبا ْر ٌ رب وأتبا ٌع فلكل «قافل ٍة» ّ ٌ طريق زاخ ٌر ٌّ ، ِ اإلثم يف وضح ال ّنها ْر يتناوبون عىل اقرتاف ِ ليل ستهذي مررت بفسق ِهم ً وإذا َ كلُّهم ُرهبا ُن ليلٍ « ُخشّ عا أبصا ُرهم» السجو ِد محدودب َني وق ْد أطالوا يف ّ ويف الوعو ْد . ال تبتئس إن َ جاءك الطُوفا ُن بالنبأ العظيم وتسابق الفقرا ُء ترتى الصدي ْد ُمجهدين ويف حلوقه ُم ّ عميق يتقاذفو َن املوت يف زه ٍو ْ أين الطريق؟ الجهل وانعتق الكال ْم ُ «ال عاصم اليو َم» استُبيح اب الحام ْم ْ وتسابقت يف األفق أرس ُ ق ْد ال يكو ُن الحل ُم مسمو ًحا ولك ْن بالعزم ت ُحيي ،كلّام مات َ ، قبض ٌة ُمخضلّ ٌة ِ السال ْم //.
طائر الفينيق
ِ رفيق ُمثقلٍ بالحرف تجري يف معانيه هل من ٍ اشتهاءات الفرا ِر من القوايف والبحو ْر؟ ُ طريق للعبو ِر بال سؤال؟ هل من ٍ يستنطق املايض ويخل ُع يف زوايا ُه بقايا اإلنتظا ْر؟ ُ هذا ُم ْ حال ! ِ َ ليست تحي ْد الجهات منار ٌة وهناك يف أقىص ْ للمغيب تؤش ْ ْ كانت ّ ُ الضيا ِء عالم ًة لك ّنها ُّ تستل من وه ِج ّ تلهو بها وتخي ُط فستان الحبو ِر للعب ٍة منس ّي ٍة وتعي ُد ترتيب األماين والوعو ْد . الشو ْد وهناك يف برئ ّ صوت يُحايك الضو َء ٌ وحي ونو ْر يف أطام ِر ِه ٌ حيق استل سيفًا يك يؤ ّد َب ُعصب ًة ألقتْ ُه يف ما ّ الس ْ الجب ّ ِّ ِ ابتهاالت ال ّدمو ْع ريق عىل مرمى العيونِ ويف كا َن الطّ ُ ِ الوجد ضا ْع لك ّن ُه عن َد اشتدا ِد ِ بعض اإلنكسا ِر استحل ّ الجهات إذا كل ّ القلب ُ َ يعوزها خ ّط ال ّرجو ْع . اسرتح صاحب األم ِر يا ْ َ ِ القحط ق ْد ع ّم البال ْد هذا أوا ُن للس ْ ؤال ؟ ماذا سيبقى ّ طائر الفينيق
َّ «مظفر الن ّواب» إىل روح الشاعر
الشاعر :عمر شبيل 2022 /5/22 أنت يا ُمظَ ّف ْر ها َ ْ العراق تعود «ريل و َح َم ْد»» لك ْن بال ْ والجس ُم كالرو ِح إىل َم ْنب ِت ِه يشتاق «والريل» يا « َح َم ْد» ُ مثل ََك يف جس ْد «يُ ُر ْد للنارصي ْة ْردو ْد» « َم ْخ ْ بألف َع ْبةْ» نوك ْ وأنت يا ُمظَ ّف ْر َ تطلب يف َع ْو َدتِ ِه ُ مثل ََك أالّ «يَ ْج َع ْر، ْ الس ْمرة» «تخاف يْ َف ّز ِز َ ينطفئ الجس ْد وعندما ُ ليس يكو ُن جائزا ً للرو ِح أن ُتار َِس الحس ْد يحق يف الغرب ِة أ ْن ِْ كانا رفيقي وال ّ ُيا َر َس الحس ْد كانا معاً عىل الطريق «يلعبانِ طُ ّف َريةْ» «ريل» أنا مثل َُك يا ْ ْ «مخنوك بْألِ ْف َع ْيةْ» كنت عىل الغرب ِة يا ُمظّ ّف ْر َ طائر الفينيق
بطوالت مواطن عربي
الشاعرة رانية مرعي أيّها التّاري ُخ س ّج ْل وأب ًدا أب ًدا ال تؤ ّج ْل.. انترصت عىل وطني! ُ عق ْر ُت تربتَ ُه الشه ّية وأ ْد ُت شعلتَ ُه البه ّية ر ّو ْع ُت ضحكتَ ُه الشج ّية وانتشيت.. وهويّتي م ّزقتُها وحمل ُْت طائفتي ومضيت كل أعدايئ أحاك ُم بها ّ ونسيت أنّهم رفاق طفولتيv علم لنشيدي ورس ْم ُت ً ورث ُْت البح َر وس ّي ْج ُت حدودي باألسامء ودف ْن ُت عىل تخو ِمها كل الذكريات ّ كل املصفّقني وأقن ْع ُت ّ أ ّن معي مفتاح الج ّنة بشين وأنّنا من امل ُ َّ وأ ّن من خالفَنا يف ضالل ُمهني أيُّها التّاري ُخ س ّج ْل رص ُت عىل وطني!.. انت ْ طائر الفينيق
الربيع
الشاعرة :سهر الدغمة /فلسطني أقفز األن نعم مع الربيع والورق االخرض مع السامء العاجة بالشمس واملنقلبة مع ضفائر غروب الشمس تلونت عيونك وسقطت دمعاتك وحازت شفتك عىل إعجاب من ألقى لها نظرة وليكن هذا املساء! كجاملك املرصع بالهدوء وتناول ما تشاء عزيزي فاألرض لنا واللوز االخرض عىل وشك أن يثمر إياك أن تنىس من ناداك حني وقعت واحتضنت هذه الروح البياتة يف ورق شجر منقوشة // طائر الفينيق
ُ تقول للعراق: ِ وي ِح ْن» «ح ْن بُ َ « ْونِحي ِْس ال َونّ ْة ِ ونْ ِت ِحن» خوصلِ ْش ك َِّت الدم ْع» «م ْر ْ رش ْط الدم ْع َح ْد ِر الجف ْن» « ْ ْ للعراق كنت ترىض ما َ يف ظلم ِة الغرب ِة أن يبيك ْ معك لك ّنها الغربة يا « ُمظَ َف ْر»
قاسي ٌة ،ودم ُعها ال يُ ْز َج ْر وقد ُ ْ العراق تطول غرب ُة لك ّنه َ وروح سوف يعو ُد جس ًدا ْ َ ميوت. إ ّن العراق لن ْ وأنت يا مظف ْر قلت للعراقِ :روحانا معاً كم َ «يا ْال ترسي ِ َّب ْويأ الن ْب ْض» روحي ْعىل رو َح ْك تَ ْن ِس ِحن»//
طائر الفينيق
جاءت إلي ِه ليس غريي إ ّن من ْ ليتني أقد ُر أ ْن أر ِج َعها يك ال ترى حل يب. ما َّ كان يكفيها الذي م َّر علينا. باب الفج ِر حتى ال يراها ْ أغلقت يف الليلِ َ وقالت َغطِّني ،يا َولَدي، السجن، صاحب ِ ْ ُ بالليلِ حتى ال ي َر ْوين. كيف جاءت، تفعل شيئاً وهي ال تقد ُر أ ْن َ تدخل يف حزين وأرسي َ غ َري أ ْن وأنا ُ أعرف أين غبت عنها منذ دهرٍ، وهي يف حفرة ق ِرب. آ ِه ،يا أ ّمي اعذريني ،كم َتَ َّن ْي ُت لَ َو انّا ههنا ال نلتقي. فاقبيل يا أ ِّم عذري اىل من يؤملني انني كلام دخلت الدار ال اراها سألت ِ عنك فقالوا ه ّدها االنتظا ُر فَ َر َحلَ ْت ُ ِ بعدك عن راحلٍ أو ُمقيم فلم أسأل ُ الفراق فيال ُه كم يوجع طال و دنا اللّقا و امللتقى ِ بك أو َج ُع شابت نوايص هامتي فأنا و إ ْن ْ و ال ّدهر ُ يطب ُع ك ُف ُه ما يطب ُع احمل يف الفؤا ِد طفولتي ُ مازلت ُ حسني يف ِ املهد طفال يرضع وأُ ُ طيب قالدة الود ِع التي مازال ُ طائر الفينيق
زيارة
الشاعر :فواز الحمفيش /العراق أيضاً ألمي التي أ ّجلت موتها م ّرتني لتحرض عريس ٍ السواحل» ْ ومجذاف ليك تبدو من ديواين «ال ب ّد من َزنْ ٍد قلب أمي كان أعمى ُ ال يرى يف الكونِ غريي يوم راحت لن تراين، كنت أدري أنّها من ِ ُ إنها ترق ُد يف حفر ِة قربِ. وأنا يف آخ ِر الدنيا ،ودوين ظُلْم ٌة تُش ِب ُه عمري. والباب ُم ْغل َْق، جاءت إىل زنزانتي، فجأ ًة ْ ُ باب الل ِه ُم ْغل َْق وبوجهي كا َن ُ لسعِ الربد ُم ْغل َْق وف ُم الس ّجانِ من ش ّد ِة ْ كالباب ُم ْغل َْق. وفمي ِ باب!! الباب ،ولك ْن ُّ أي ْ فُ ِت َح ُ باب قلبي. ُ وكل الكونِ ُمغل َْق البابُّ ، كيف آ ِهَ ، َ انفتح ُ الباب، الباب ،وال أعل ُم َ وإذا أمي عىل ِ كيف انفتَ َح ُ ص ببايب. الحارس املَقْرو ُر، و َم َّر ُ ُ واملفتاح ما َ َّ وكل الكونِ ُم ْغل َْق!!! فتح البابُّ ، يا ت ُرى من َ يا ت ُرى من دلّها قلب أ ّمي كا َن أعمى ُ ال يرى يف الكونِ غريي. طائر الفينيق
هزيمتي في حبك انتصار
الشاعرة هدى غازي /لبنان
تجوب عروقي ُ فيصدح َز َم ِان ب ِْاس ِمك ُ وم ُّد املو ِج ِف َع ْي َن ْيك يالط ُم قال َع أشواقي غزل تار ِ يَا رجالً َ ِيخي ون بِه ونسج ِمن ُج ُن ِ َ س َم ِديَّة اإلنصهار اسطور ًة َ ْ هزميتي ِ ف ُح ِّبك انْ ِت َصار يَا نغم ًة َع َزفَت َ ع َل أوتا ِر قَلْبِي سار َ أجمل الْ َ ْ َ تَ َو َّضأَ ُت بصدقك عشق وبهمس ِة ٍ ِ مشارف بوحك َ ع َل ضاهت ِب ُح ْس ِن َها ْ أجمل الْ َشْ َعار َ ُ يرفرف خا ِف ِقي ِف الْ َه َوى فَ َر ًحا وترتدي درويب رونق الْ َ ْز َهار َ َ وبَ ْي نبضك ونبيض ِ البعد ثلج يذوب ُ ُ ان ُ تتصافح الْ َ َم ِ ّ ويف ُّر ِالنْ ِتظَار طائر الفينيق
نُ ِظ َم الفؤا ُد بخيطَها يتضو ُع ُن صوت ُِك شادياً مازال يف أُذ َ َ طورا ً يف ِّرقني و طورا ً يجم ُع مازلت يا أُ َّم الشّ ِ ِ دائد َم ْف َزعي أشكو ِ ِ الحادثات وأفز ُع إليك عدت ُ أعرف من أنا ال تسأيل ما ُ أبحرت ِ عنك ُم َض ّيع أنا منذ أن ُ أَ َو تسأليني عن رشاع سفينتي الجهات األرب ُع ول تَقاذفه ّ ُ ِ وعينيك التي أشتاقها أخىش املوجعات ال ُه َّج ُع أن ت ُستَف َّز ُ الف تساؤ ٍل و تساؤ ٍل يا أ ُّم ُ الخطوب فتلس ُع تغفو فتوقظها ُ أ َو تعلمني بأن تحت جلودنا ُح ُجب من الظلامت ليست ترفع دواخل لو كُشِّ فت أرسارها ٌ و التحنن ُمرض ُع أرضعت رغم ما ِ ْ ّان أُ ِ عيذك أن تري ما كتّمت نفيس وما نامت عليه االضلع صدري االحزا ٌن تأكل بعضها يف َ مفز ُع ليل بهي ٌم مدله ٌّم ٌ موحش ٌ خرب الجوانب ٌ أنا هيكل ُ ٌ متص ِّدع متزلزل متآكل ال تعجبي فالحزن صار شعارنا إن مل تجده نفوسنا نتص ّنع// طائر الفينيق
وكيف ينمو الحرف يف لسانها ومل تزل يف فرتة الحليب سي يل مبا ِ فيك أَ ِ ّ ِ يبكيك الحس فوأد ِّ رسي يل بال وجلٍ أ ّ وقويل ما انطوى في ِكذ والنزيف بثوبك امل ُ َد ّمى والجر ِح ْ اآلهات يف القلب ت ِ ُضنيك ورصخة ْ السحري للبوح يا سيديت .تأث ُري ُه ّ ِ يشفيك بوحي وال تخايف فالب ْو ُح قويل الذي يف ْ البال يسرتيح ْ ْ البال بالقال .لن بالقيلِ أو َ ال تسكني يف الصورة ،واألُطُ ِر املحفور ْة والكف ُن الحقيقي يف الصورة املحصور ْة يناقض الصريورة والوأ ُد منذ كا ْن ُ قد كان أشقى صور ٍة. عن أم ٍة مقهورة. قد يخجل الرتاب من طفل ٍة مطمورةْ//. طائر الفينيق
من لثغة الحرف إىل العيادة
الشاعرة :دالل مهنا الحلبي
تستوط ُن الفكر الذي يسكنني عبق عتيق روائح من ٍ ٌ صوت ال ذاكر ٌة له ال َ و ُمبه ُم الثوب بال مالم ٍح لكنه عجيب قد ولدته امرأ ٌة باكية يف حضنها وميض فكرها يسألني كان ُ وال أجيب كانت حروف فكرِها تبرص ما املعنى الذي تريد أن تبديه لآليت إىل حكم ِتها ليهدأَ الوجيب كانت بومض فكرها تثمل من يطيب يري ُد من علَّ ِت ِه السودا ِء أن ْ وقوة االفكار واألسامء يف دفرتها متنحها الدخول للعقل الذي تريد ُه وتكشف الغيوب قبل كانت جنيناً ْ ومل تكن ُ دت تعرف كيف ُولِ ْ
طائر الفينيق
مكان آخر
الباب مرشع الشاعرة :سناء الحاموش والنوافذ تصفق للعاصفة ... والضوء يف املكان يراقص فراشة تأىب أن تنطفىء .. وجه يف لوحة يهيم ... ودخان رمادي ينتفض مع كل نبص هواء ... عندما يصري الكون سقفاً ،وجدارا ً ،ووجهاً كيف اسرتدين منه وقد انسحبت عني مالمحي واصوات العصافري .. كيف اصحو من الليل وما عاد يأتيني بهداياه الصباح ... ال يتوقف الدوار يف رأيس زحمة من رصاخ وغناء ... اقبع كصنم ...اتأرجح كنجم.. وقلبي يف مكان أخر ... هده البكاء طائر الفينيق
الشاعرة نها املوسوي
ور شارع َمهجُ ٍ
جسم يلبس ال ّنار، يتّجه إىل األسفل يرقد يف صورة تختزل ال ّزمن يتساءل: هل أنا خارج من صورة مائ ّية أو هوائ ّية أو صورة تراب ّية ..؟ رسم أو شب ًحا قد أكون صور ًة أو ً نيس تاريخه ويبحث عن ذاكرة مخبىأة يف نص يتج ّول بحرية عىل ضفاف جسد هادىء قد ال تفهمني أنت أنا مل أَكن يف النص الَّذي تقرأة َ انا حنطة الشّ وق الشتائ ّية املجبولة بالخوف املجبولة بال ّدفء كل مواعيد الوالدة وانت الضوء األعرج املتأ ّخر دامئًا عن ّ أنا دوائر الينبوع املتسع ليغمر الوجود بأرسه//.
طائر الفينيق
واأليت يـبـدو خـا ِفـيـا ُحـلـمي تـ َبـ َّخـ َر فـي الهـوا خـ ُط الـ ِنـهـايَـ ِة بـا ِديـا الـمـوت حـويل حـائِـ ٌم ُ وأرا ُه مـني دانِـيـا ُحـلـمي تـ َبـ َّخـ َر فـي الهـوا خـ ُط الـ ِنـهـايَـ ِة بـا ِديـا الـمـوت حـويل حـائِـ ٌم ُ وأرا ُه مـني دانِـيـا والله يـا أمي رحـيـ ْم مـايل ِسـوا ُه راجـيـا فـلـ َعـلـ ُه سـ ُيـعـيـ ُدنـي يـا أ ُم نحـ َو ِك ثـانـيـا طـلـب أخـيـ ْر أمـا ُه لـي ٌ كـوين َعـلـيـا راضـيـة//
طائر الفينيق
قـوارب الـمـوت
الشاعر مصطفى بورتاتة ال تـسـألـوا عـ ْن ِو ْج َهـتي فـالـ َهــ ُّم عـنـي جـانـِيـا ِ خـاطـري الـقـ ْهـ ُر يـؤلِـ ُم وأنـا لـريب شـاكِـيـا يـا أيـهـا الـفـقـ ُر الـذي الز ْمـتَـني ُمـتـمـا ِديـا إين سـأبْ ِحـ ُر هـارِبـا ن ْحـ َو الـ َمـ َدى الـ ُمـتـرا ِمـيـا ـت أمي ِخـفـ َيـ ٍة و َّد ْع ُ
و َهـ َجـ ْر ُت أ ْهـلـي سـا ِعـيـا لـ ْم أ ْحـتـ ِم ْـل َعـيـش الـ ِن ْ ـفـاق ـبـت مـ ْوجـا عـاتِـيـا فـركِ ُ
يف زو َرقٍ نحـ َو الـبـعـيـ ْد ـيـش ُحـلـمـا خـا ِويـا أل َع َ الـريـح ت ْجـر ُِف َمـ ْركَـبـي ُ
طائر الفينيق
يا من زرعتك حقل الشعر متدد فوق دفاتري.. أ َودك املخطوط بأناميل عىل جدران قلبي قم يك أأت َّم بك..
يف صالة من ضياء ألرجع العمر فتيا»» ألسكب نورك فوق نور إمياين لنبقى معا» نكأل الدنيا اناشيد الوفاء//. طائر الفينيق
معي
الشاعرة :زينة الجوهري
«أرسمك قمرا فيخجل القمر ارسمك شمسا» فتغرق الشمس يف الكسوف أرسمك زهرة فيشدها منفاها.. سوف ارسمك الطيف يرافقني اىل حدود الكون سأرسم وجهك عىل اعواد صدري غلة العمر.. تثمر تفاحتي يف جنة الحياة يا من شاركتني النبض فآنسني يا من مشيت يف عقيل ملكا»
طائر الفينيق
وتورياتهم من مزاح الشعراء ْ قال احمد شوقي لحافظ ابراهيم على سبيل التورية: واود ْعتُ إنسانا ً وكلبا ً أمانةً ْ والكلب حاف ُ ُ ظ اإلنسان فضيَّعَها ُ فر ّد عليه حافظ ابراهيم: نار ولوعةٌ يقولون ّ إن الشوقَ ٌ اليوم باردا فما با ُل شوقي أصبح َ **** كان الشاعر….سماحة نسيت اسمه يملك مصنع أحذية فأرسل حذاء هدية لصديقه توفيق ضعّون وارسل معه ممازحاً: لقد أهديتُ توفيقا ً حذا ًء فقال العالمون وما علي ِه أما قال الفتى العربي قديما ً شبيهُ ِب إلي ِه الشيء منجذ ٌ ِ فر ّد عليه الشاعر توفيق ضعّون: لوكان يُهدى إلى اإلنسان قيمتُه ل ُك ْنتُ أستا ِه ُل الدنيا وما فيها لكن تَقَب َّْلتُها في الحال معتقدا ً ْ ّ أن الهداياا على مقدار هاديها ****** طلب الخليفة األموي عبد الملك بن مروان من األخطل والفرزدق وجرير وهم في مجلسه أن يتفاخروا فقال الفرزدق: ُ القطران والشعرا ُء جربى أنا وفي القطران للجربى ِشفا ُء فر َّد عليه األخطل بقوله: ْ فإن ت َكُ ِز ّق زامل ٍة فإني أنا الطاعون ليس له دوا ُء فقال جرير: أنا الموتُ الذي آتي عليكم طائر الفينيق
طائر الفينيق
نصائح لمعالجة األرق يل الدكتور :ماهر حسنً الصيد ّ 2022-5-7البنية /لبنان -1اجعل البيئة مؤاتية للنوم :يجب إبقاء غرفة النوم مظلمة وهادئة ،دون أن تكون حا ّرة ج ًّدا أو باردة ج ًّدا .يف بعض األحيان قد يكون من املفيد ارتداء س ّدادات األذن أو حتّى قناع عىل العينني ملساعدة الشخاص الّني ينبغي عليهم النوم اثناء النهار يف الغرفة التي ال ميكن أن تكون مظلمة متاما. -2استخدام الوسائد : ميكن للوسائد بني الركبتني أن تجعل النوم أكرث راحة ،أو ميكن االستلقاء عىل الظهر مع وسادة كبرية تحت الركبتني . -3استخدام الرسير فقط للنوم : ال يجب استخدام الرسير للطعام أو للقراءة او ملشاهدة التلفاز أو استخدام الحاسب وغري ذلك من األنشطة املرتبطة باالستيقاظ -4انهض : عندما تكون غري قادر عىل النوم يف غضون 20دقيقة ،فإ ّن النهوض والقيام بيشء آخر يف غرفة أخرى ث ّم العودة إىل الفراش عند النعاس قد يكون أكرث فعال ّية من البقاء يف الرسير وبذل جهد أكرب ملحاولة النوم -5مت ّرن بانتظام : ميكن ملامرسة الرياضة أن تساعدك عىل النوم بشكل طبيعي ،ولكن ينبغي التوقّف عن مامرسة التامرين قبل 5 ساعات من النوم ألنّها تحفّز القلب والدماغ وقد تبقي الشخص مستيقظا .
طائر الفينيق
صحة
طائر الفينيق
-8تج ّنب تناول األطعمة واملرشوبات التي تؤث ّر عىل النوم: ميكن لألطعمة واملرشوبات التي تحتوي عىل الكحول أو الكافيني ( القهوة-الشاي – املتّة -املياه الغازيّة والشوكوال ) أن تتداخل مع النوم .كذلك األمر بالنسبة للنيكوتني ( سواء السجائر أو الصقات النيكوتني ) صحيح أ ّن الكحول تساعد عىل النوم لك ّنها تسبّب اإلستيقاظ الباكر وبالتايل تقلّل عدد ساعات النوم .
طائر الفينيق
-6االسرتخاء : حمم داىفء والقيام بتامرين التنفّس التي ميكن للتوتّر النفيس أن يتداخل مع النوم ،ميكن بهذه الحالة أخذ ّ ّ أيضا عىل الشخص التد ّرب عىل نسيان مشاكله وهمومه حاملا يدخل غرفة النوم. تساعد عىل النوم ،وينبغي ً -7تج ّنب النشاطات املحفّزة قبل النوم : تج ّنب مشاهدة الربامج التلفزيون ّية املثرية ،ومامرسة ألعاب الكومبيوتر أو القيام مبهام معقّدة متّصلة بالعمل قبل ساعة من النوم ألنّها قد تجعل النوم أكرث صعوبة .
طائر الفينيق
كاس العامل قطر 2022 التاريخ :من 12نوفمرب إىل 18ديسمرب 2022 املباراة األوىل تقام يوم اإلثنني 12نوفمرب املباراة النهائية تقام يوم 18ديسمرب
طائر الفينيق
-9ال مانع من تناول وجبة خفيفة: وخاصة إذا إذا كنت تشعر بالجوع ميكن للجوع أن يتداخل مع النوم ،وقد يكون املفيد أحيانًا تناول وجبة خفيفة ، ّ كانت دافئة ّإل إذا كان الشّ خص يعاين من ارتجاع ،يف هذه الحالة ينبغي التوقّف عن تناول الطعام بضع ساعات قبل النوم . -10التخلّص من السلوكيّات التي تثري القلق : ميكن للشخص أن يلجأ إىل إخفاء ساعة الجدار أو ساعة الطاولة يك ال يركّز عىل الوقت وينبغي تج ّنب النظر إىل الساعة أثناء التواجد يف الرسير . -11إمضاء بعض الوقت تحت ضوء النهار الساطع : يساعد التع ّرض للضوء يف أثناء النهار عىل إعادة ضبط ساعة الجسم الداخليّة ليك تتزامن مع دورة الظالم والضوء الطبيعيّة ف األرض . ليل . -12تج ّنب قيلولة النهار باستثناء األشخاص الذين تتطلّب أعاملهم السهر ً
طائر الفينيق
دامئاً هناك نقطة لبداية جديدة ،فالحياة اختبار يضعك بني خيارين ،إما تختار الجدران وتراقب تلك النوافذ بالزجاج الحاجب عام يخفيه من أرسار ،ولفت انتباهك بوردة وورقة خرضاء تزهر وتذبل مع الفصول عىل رشفته ،ويقلص حجم طموحاتك عىل مقاسه ويثري فضولك بفكرة واحدة مدمرة ،وهي يا ترى ما يوجد خلف الزجاج ! لذا كن متيقناً بأن تنظر حيث ال حدود وال سدود وال ضباب وال مسافات قريبة ،ثبت الرشاع عىل منت سفينتك وابدأ إلبحار تأن إن أتاك الضباب لكن أكمل عندما ينتهي ،تأمل السامء والبحر والطيور الهامئة ،وراقب الريح اللذي يوجه رشاعك واتبعه بقلبك حيث يأخذك واشكر الله عىل كل هذه النعم ،عليك بالسعي والله عز وجل ينري الكون من حولك ،سخر لنا الكون ليكرمنا فال يجوز الثبات كالحجر ليأيت أمر إلزالة ....لوحتي بعنوان ( الرشاع والضباب ) باأللوان الزيتية ....لوحتتي بعنوان (فسحة أمل) ....أكريليك
طائر الفينيق
فن
لوحات فنية الفنانة :حنان بو حسن كن متيقظاً يف ما تنتقي لتغذي جنني الحروف يف أعامقك ،أنت املسؤول عن جودة البذور للزرع منها الفاسدة التي تتلف أفكارك تنمو وتجتاح مساحات فائقة األهمية تلغيها تلوثها بالشوائب وتحرص أن ترتك فراغات تحولك لكائن مشتت وحائر يف دائرة محكمة األقفال ،متاهة ال بداية وال نهاية ! لذا كن حريصاً وبعناية ازرع بذور العلم واملعرفة واسقها الحرب ، والتصيغ الحروف بعناية وتبدأ التجوال يف كل ركن من عقلك ولتملئ كل املساحات والفراغات باملعرفة واملعلومات الغنية العالية الجودة ،فتكرس األغالل املحكمة لفاهك وتخرج عمدا ً عن لسانك لتبهر وتنري مسامع آذان كل من مير أمامك ،فلتكن مشعاً بحواراتك وآرائك ،عندها فقط تعرف بأنك خلقت لتأكد إمضائك عرب الحروف التي تجتاز النور وتتسلل بعيون الرايئ كصورة أنيقة وتعرب بلطف بآذان الشخص املقابل للتشكل يف أعامقه لوحة بإمضاء فنان ال ينىس ....لوحتي (جنني الحروف) باأللوان الزيتية ....
طائر الفينيق
وهنا يأيت دور الشباب الذي يُعد العامود الفقري للمجتمعات ويشكّل املعيارالذي يُقاس من خالله مستوى التقدم أو تخلُّف املجتمع وتلعب البنية الرتبوية واملسار املنهجي الذي يسلكه الفرد منذ نعومة أظفاره معطوفاً عىل دور األرسة ليواكب النمو البيولوجي للطفل عرب أساليب التنشئة الحديثة التي تعتمد زرع القيم وتحديد اإلتجاهات السليمة وبناء رؤية واضحة للطالب متكنه من تحديد أهدافه وطموحاته وتأمني إمكانية تحقيقها عرب املسارات التخصصية وعرب الجامعات التي تستقطب الكفاءات وتستكمل بناء الشخصية اإلنسانية للطالب فضالً عن القدرات العلمية لتبلور اإلنسان الواعي لدوره يف املجتمع والذي ميتلك حس اإلنتامء لوطنه،املتعايل عىل األنانية وحب الذات ليشكل وأقرانه القاعدة الصلبة لرفعه املجتمع وسم ّوه. وعليه فإن التكامل ما بني القطاعات الرتبوية وخاصة الجامعات التي تعمل وفق األساليب الحديثة والتي تسري يف تطور مستمر آخذ ًة يف الحسبان الحاجات والكفايات املستجدة،لتنتج النخب الشابّة ذات الكفاءة والتي بدورها ستعمل وبشكل تلقايئ إىل الدفع نحو تشكيل مجتمع ميلك الرؤية الواضحة ويسلك بالوطن نحو ٍ غد أفضل.
طائر الفينيق
أقالم واعدة
دور الشباب في المجتمع الطالب عيل سعدة
لقد شهدت البرشية عرب تاريخها والدة وأُفول العديد من الحضارات التي تركت مرياثاً عظيامً من الشواهد الدالّة عىل تقدمها ورفعتها قياساً باملرحلة التاريخية التي عايشتها،كحضارات بالد ما بني النهرين والحضارة املرصية واليونانية والرومانية،وقد كان العلم ونخ ُبهُ الركيزة األساس التي أسهمت ومن خالل إنجازاتها الفكرية التحض. ّ والفلسفية التي أثرت النظم اإلجتامعية وأفضت إىل تدرجها نحو كام كان لفن العامرة الفضل يف نقل صور املايض بإعجازاته الهندسية كاألهرامات والحدائق املعلّقة،شواهد لتثبت مكانة العلم ودوره يف حفر أسامء تلك الحضارات يف سجل الخلود. يحتل مقدمة وقد شهدت الحقبة الزمنية ما بني القرنني الثامن والتاسع عرش مخاضاً يستحق وبكل جدارة أن ّ األحداث التاريخية التي قلبت املوازين وأ ّرخت لعهدين للبرشية ما قبل-وما بعد أال وهي «الثورة الصناعية»،والتي ما كانت لتقوم لوال إسهامات فالسفة عرص األنوار وما كان لنتاجهم الفكري من أثر يف نفوس الشعوب واألمم التي كانت متعطشة لنور العلم بعد قرون سوداء قضتها مبحرة يف ظلامت الجهل تتقاذفها
أمواج اإلستبداد وت َحكُّم الطبقات الحاكمة القابضة عىل مقدرات البالد والعباد وعرب إبقاء تلك الشعوب أسرية زنازين الجهل لتأمني إستمرارية الحكم ألقلية عاشت الرفاهية عىل حساب أوجاع وعذابات أكرثية مسحوقة. جاءت تلك الثورة ومن خالل علامئها وآراءهم الفلسفية والتي إنتقلت تدريجياً وأخذت مكانتها يف املخزون الثقايف للطبقة الشابة والتي كانت ركيزة الثورة وحجر أساسها ،ثورة عىل كافة األصعدة اإلجتامعية منها والسياسية واإلقتصادية والثقافية لتثبت وبامللموس ما للعلم من قدرة عىل قلب الوقائع وما له من أثر يف رفعة األمم وتقدمها.
طائر الفينيق
الصواب اللغوي
قل وال تقل قسم التحرير
قلٌ : ورق ثخني ويشء ثخني وال تقل :ورق سميك وال يشء سميك َ العرب»وسمك اليش َء يسمكه سمكاً رفعه فارتفع ،وقال فالسميك يف اللغة يعني العايل والرفيع ويف قاموس لسان الفرزدق: إ ّن الذي َ سمك السام َء بنى لنا بيتاً دعامئُ ُه أع ُّز وأط َو ُل قل :باع الدا َر وما سواها من العقار وال تقل :باع الدا َر وسواها من العقار وذلك أل ّن «سوى» من األسامء املستعملة لالستثناء املقصورة عليه .يقول الشاعر مقيس بن حبابة السهمي: سأتركها ُ وأترك ما سواها من اللذات ما أرىس يسو ُم أي أترك الذي هو سواها ويف الحديث الرشيف":املسلمون تتكافأُ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وير ُّد عليهم أقصاهم وهم ي ٌد عىل من سواهم". قال عىل من سواهم ومل يقل عىل سواهم يعني وهم متحدون عىل الذين هم سواهم قل :هذا َر ُّد َر ّد أو ر ٌّد عىل را ّد ،وهذا ر ّد نقد أو ر ّد عىل ناقد ْ تقل :هذا ر ّد عىل ر ّد وال هذا ر ّد عىل نقد وال ْ وذلك ألنك تقول رددتُ الكالم القبيح عىل صاحبه وال تقل رددت عىل الكالم القبيح فالكالم هو املدود ال صاحبه ويف النفع نقول :رددت إليه ماله ،ويف القرآن الكريم :فرددتاه إىل أمه يك تقر عينها وال تحزن. قلَ :ز َّو َد ُه زادا ً وكتاباً وشيئاً آخر ْ وال تقل :ز ّو َده بزاد و بكتاب وبيشء وذلك الن األصل يف استعامل «ز ّود وتز ّود» أن يكونا مقصوريْن عىل الزاد ثم تطورت الكلمة إىل املجاز .وقال الزمخرشي يف أساس البالغة»:ومن املجاز زودته كتاباً اىل فالن يقول الشاعر: ال ألْ َف َي َّن َك بعد املوت تندبني ويف حيايتَ ما ز ّو ْدتني زادي طائر الفينيق
طائر الفينيق
زاوية اللغة
أي أرسة التحرير
بتشديد الياء :تأيت: أفعل تفعل ْ أي يش ٍء ْ 1ــ اسم رشط جازمَّ : أي الرشطية حسب الجملة التي تليها. أي :اسم رشط جازم مفعول به للفعل تفعل ،ويختلف إعراب ّ َّ تفعل :فعل مضارع مجزوم ألنه فعل الرشط. ْ أفعل :فعل مضارع مجزوم ألنه جواب الرشط. ْ ويف اآلية الكرمية« :أ ّياً ما تدعوا فله األسامء الحسنى» فله األسامء الحسنى :الفاء رابطة لجواب الرشط ،والجملة يف محل جزم جواب الرشط الرتباطها بالفاء. الحزبي أحىص ملا لبثوا أمدا». «أي 2ــ ُّ ْ أي االستفهامية :كام يف اآلية الكرميةُّ : أي :اسم استفهام ،مبتدأ مرفوع ُّ أي ٍ فارس .وإعرابها هنا صفة للنكرة «فارس». فارس ُّ 3ــ أن تكون دالّة عىل معنى الكامل ،كقولنا :إنه ٌ أي: ْ فتح األلف وسكون الياء تأيت: رب ارحمني .وتضاف إليها األلف أحياناً ،كقول أيب فراس الحمداين: أي ِّ أ -حرف نداء ،مثلْ : ناحت بقريب حامم ٌة ْ أقول وقد
أيا جارتا لو تعلمني بحايل
أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا
تعا ْيل أقاس ْم ِك الهمو َم تعايل
ومنها قول الحطيئة: ضيف وال ِقرى وقال أيا ربّا ُه ٌ
بحقِّك ال تحر ْمه تا الليل َة اللحام
أي َذ َهب ب -حرف تفسري ،مثل :عندي عسجد ْ
طائر الفينيق
ِ فصل عنوانِ يصعب ُ املقدسة ،عندئ ٍذ متتزج الدما ُء الزك ّي ُة باألرض ّ " عندما ُ ُ ِ ِ الكامل من ِّ األرض عن وجدان َّي ِة املر ِء ومتسكُه بها نحو التح ُّرر كل أنواعِ ِ االضطهادت واالحتالالت " د .حسن فرحات