النُ�صو�ص في عبقرية الحروف"�أزرار" 708 لكل كلمة تاريخ 20ت�شرين الأول 2010 "�أزرار" 672 في عبقرية اللغة� 13آب 2011 "�أزرار" 706 الأ�سلوب هو الرجل� 8أيلول 2010 "نقطة على الحرف" 938 كلمات� 7آب 2010 "�أزرار" 658 اللغة ج�سر توا�صل"نقطة على الحرف" 24 951ت�شرين الأول 2010 من مو�سيقى الكلمات ِ�إلى مو�سيقى ال�صورة� 20شباط 2010 "�أزرار" 636 بالغ ُة الكلمة �أَبقى من بالغة الرقم 9كانون الثاني 2016 "�أزرار" 922 تدمير المجتمع من تدمير لغته 10تموز 2016 "نقطة على الحرف" 1264 ?Hi, Kifak, ça va 17تموز 2016 "نقطة على الحرف" 1265 هذه اللغة المخلوطة 24تموز 2016 "نقطة على الحرف" 1266
4
� 27آب 2011
6 8 10 12 14 16 18 20 22 24
*) �أزرار :عمو ٌد �أ ُ �سبوعي يكتبه الم�ؤَ ِّلف في عدد ال�سبت من جريدة النهار اللبنانية. ٌّ *) نقطة على الحرف: تعلي ٌق �إِذاعي �أ ُ �صباح الأَحد من �إذاعة �صوت لبنان. ب�صوته ويذيعه ؤلف � الم يكتبه �سبوعي َ ّ
لوحة الغالف
بري�شة وجيه نحلة
الطبعة ال أولى 2017
هذا �أَم ٌر خَ ِط ٌر ج ًدا على �سالمة اللغة ال أ ُ ّم ِ� إذا خ�س َرت قواعدها الأَ�صلية ب�سبب هذه الفو�ضى في كتابة كلماتها كما هي ملفوظة .فكيف يجوز �أَن نكتب "�أَلْبي" ع َو�ض "قلبي" (كما في بع�ض الإِعالنات) �أَو "تِم�سال" ع َو�ض "تِمثال" ،حتى يتلقَّفها الجيل الجديد فيروح يكت ُبها مغلوط ًة هكذا وي�ستطرد الحقًا �إِلى كتابة لغته كما يلف ُظها، وفي هذا انتحار المنطق والعقل و�سالمة التفكير. ومن َف َق َد ِ يكتب اللغة منطقه في كتابة اللغة ،وف َق َد عقلَه في ا�ستذكار القواعد كي َ �شي ٍء ال في الكتابة وحدها .فحتى اللغا ُت ال�سليمة ،يكون َف َق َد �سال َمة تفكيره في ك ّل ْ الأَجنبية ،حين نتكلَّمها ونَخت�صر �أَو نَختزل �أَو نَحذف حرو ًفا منها ،نعو ُد عند كتابتها �إِلى االلتزام بقواعدها المكتوبة الأَ�صلية. لغةُ ال�شارع وال ِإعالنات غي ُر لغة الكتابة .بل هي تُفْ�سد قواع َد الكتابة. "�أُكت ُْب كما تَلْ ُفظ" ...معادلةٌ �سيِّـئَة جِ ًّدا وقاعدةٌ ِ خطرة ال على اللغة فقط بل على العقْل والمنطق. ومن يَخ ّرب في كتابة اللغة يُخ ّرب في العقل والمنطق. وال �ضرور َة ل�شرح ما يَح ُدث عند خرا ِبهِما.
5
في عبقرية الحروف منذ فتر ٍة يَجري التداوُ ُل في ر�سائ َل ق�صير ٍة على الهاتف الخلوي ،وفي ر�سائ َل متو�سل ًة �أَحر ًفا التيني ًة با�ستعما ِل بع�ضها في ِ� إلكتروني ٍة على ا ِل إنترنت ،باللغة المحكي ِة ِّ غير مكانه تعوي�ضً ا عن حرف عربي ال مقابل له في الالتينية ( 3للعين 7 ،للحاء، 2للهمزة 5 ،للخاء). قارب "عبقرية في مقا ٍل �سابق (�أَزرار )706عالَ ُ جت "عبقرية اللغة" .اليوم � أُ ُ الحروف" .فـ"الكلمةُ كرةٌ �أَر�ضيةٌ كاملةٌ حروفُها القارات .وللحروف ،كما للكلمات، تَ َنف ٌُّ�س وم ًدى .ك ُّل ٍ حرف زهرةٌ ،والكلمةُ باقة زهر ،فال يح ُّق للكاتب �أَن يده�س حر ًفا �أَو يهملَه" (من كتابي "لُغا ُت اللغة"). الذي يجري اليوم َ خط ٌر داه ٌم على الحرف والكلمة واللغة م ًعا .ففي الكتابةُ كما في اللفظ :ت�أْخذ الكلمة َ�شكل ن ُ ْط ِقها ال َ�شكل كتابتها ولو كان النُّطق غي َر كتابتها. خ�صو�صا هذا يجوز في ال�شفوي لكنه يُخ ّرب الكتابي ،وتاليًا ي ُ ْو ِدي �إِلى تخريب اللغة، ً لدى جي ٍل جدي ٍد لم يمتلك اللغ َة بع ُد فيكت�سبُها كاتبًا � ِإياها ِبـ�صيغتها الـ َمحكيّة ويَفقد كتابتَها الأَ�صليّ َة ال�صحيحة التي هي ،منذ ع�صو ٍر ،نتا ُج العقل والنُطق والجمال. هكذا تَ ُروج في الفرن�سية مثلاً عبارة " "j’veع َو�ض "� ،"je veuxأَو في ا ِل إنكليزية عبارة " "4 uعو�ض " "for youحتى ل�سوف يجيءُ يو ٌم يفقد فيه الجي ُل الجدي ُد ا�ستعمال اللغة المكتوبة ال�صحيحة ويَ ْنف َِ�سد بكتابتها خَ ًّطا كما اعتاد يكتبُها ً لفظا ونُطقًا ،وهنا اندثارُ لغ ٍة عم ُرها �أَجيا ٌل مثمرةٌ نا�ضجةٌ من قواع َد تقوم ٍ اخت�صارات عليها اللغة ،يكون خَ َّربَها ا�ستخدا ُمها بالحروف َمحكي ًة ملفوظ ًة في ٍ وا�ستعماالت يُتيحها النُطق وال تتيحها القواعد ال�سليمة. 4
بعد تَداوُ ِله طويلاً بالحركات ال�صامتة �أَو الت�صويتية ثم بالر�سوم على ال�صخور تعبي ًرا عن حاجاته؟ ما كانت الحاجةُ الأَكث ُر �إِلْحا ًحا حتى َولَّ َد ْت � أَ َّول كلمة َ نطق بها الإِن�سان؟ كم عد ُد ال�شرايين التي في الدماغ تتعلَّق بالنُ ْطق؟ �أَين مكا ُن تخزين الكلمات في الدماغ؟ هل للحروف �أَلوا ٌن كما ل�سائر الموجودات؟ كيف تَموت كلما ُت �صحيحا َ� أ ّن ك ّل ما نعطيه ا�س ًما ال يعو ُد يموت ل أن ا�س َمه اللغة فـتَموت بها اللغة؟ �أَلي�س ً يُكمِل حيًّا بعد غيابه َفتَتَ َنا َقلُه الأَجيال وت�سير به �إِلى الال َم َوات؟ من هذه الأَ�سئلة و�سواها يتَّ�ضح � أَ ّن "في اللغة التي نتكلَّم بها �أَ�صدا َء ل أَ ِ �صوات � ُش ٍ عوب غابت قبل � آالف ال�سنين" .ففي كل كلمة نل ُف ُظها تاري ُخ َمن اكت�ش ُفوها َ ونط ُقوا بها وط َّوروها و�أَورثُوها � أَ اً جيال بع َدهم حتى بَلَغتْنا .هكذا تتداخل الكلما ُت في اللغات، م�شت َرك ًة �أَحيانًا بين لغ ٍة و�أُخرى بتقارُ ٍب �أَو ت ََ�شاب ُ ٍه ذي دالل ٍة واحدة. ول أَ ّن الكلمة الأُولى هي البح ُث الأَوّل ،ا�سته ّل يوحنا �إِنجيلَه بعبارة "في البدء كان الكلمة .والكلمةُ كان عند اهلل ،وكان الكلمةُ اهلل" .ول أَ ّن اهلل هو الكلمةُ الأُولى ،جاء ِا�س ِم ال�سيا ُق نف�سه مع �أُولى � آيات القر� آن الكريم في ال� ُسورة الأُولى (ال َعلَق) �" :إ ِ ْق َر� أْ ب ْ ن�سا َن من َعلَق � .إ ْق َر� أْ َو َربّ َك الأَك َرم ،الذي َعل َّ َم بال َقلَمَ ،عل َّ َم َربِّ َك الَّ ِذي خَ لَق .خَ ل َ َق ال ِإ َ ن�سا َن َما لَم يعلَم". ال إِ َ هي الكلمةُ � إِ ًذاَ ،فلْنُ َح ِّ�صن ُهويّـتَها و َهيـبتَها وهالَـتَها� .إِنها المرجع والم� آلِ ،ح ْرز الم�صلَت على ر�أْ�سهَ .فلْي ُ ْح ِ�س ْن الإِن�سان قائلاً وكاتبًا� ،سي ُفه الممت ََ�شق في كفِّه ،و�سي ُفه ْ وِفادتَها وبَثَّها ،ولْيجعلْها فاتح َة ط ْبعه وخاتم َة �سلو ِكه .بها يَخْ لُ�ص وفيها يهلَك. الكلمة هي الوحدة الأُولى الأَ�سا�سية .وهي المنطلَق :البيا ُن ُج َمل ،والجملةُ عبارات ،والعبارةُ كلمات ،والكلمةُ ٌ حروف تت َكوّن لتَ ُكون الكلمةُ هي الأَ�صل ،هي الأَ�سا�س .فلننطل ْق من احترام الأَ�صل ،من الجذْع ،من الكلمة .ولنحتر ْمها ا�ستخدا ًما ومعاطاةً. في الب ْدء هي ،وفي الختام. 7
لكل كلمة تاريخ في فرن�سا روايةٌ ت ُحدِثُ اليو َم َر ًّجا" :الكلمة الأُولى" (من�شورات "�ستوك") للكاتب الفرن�سي اليوناني ڤا�سيلي � أَ ِل ْك َ�ساكي�س (مولود في �أَثينا �سنة ،)1943 ّ مر�شحة لجائزة غونكور ،2010وكان كاتبُها نال جائزة الأَكاديميا الفرن�سية للرواية �سنة 2007 عن روايته "بَعد الم�سيح". ا�شتغا ُل � أَ ِل ْك�ساكي�س على الكلمة واللغة لي�س حديثًا .فهو �صاح ُب كتاب "اللغة ال أُ ّم" (من�شورات "فايار" 1995ونال عليه �سنتَئ ٍذ جائزة ِمدِيتْ�شي) وكتاب "الكلمات الأَجنبية" (من�شورات "�ستوك" .)2002هو � إِ ًذا �ضالعٌ في البحث عن اللغة � أُ اً �صول وكلمات. �أَهميةُ روايته الجديدة :بَـحثُه فيها عن "�أَوّل كلمة لف ََظها الإِن�سان" :ما كانت؟ ما ِ�س ُّر �أُ�صولها الغابرة في التاريخ؟ ولع ّل ت�سا� ؤُالته نابعةٌ من كونه اب َن ح�ضارتَين ولغتَين المكت�سبة. يكت ُب بهما م ًعا :اليونانية لغته الأُم ،والفرن�سية لغته َ اً ومدلول .فال كلم َة هكذا نحن � إِ ًذا وج ًها لوج ٍه �أَمام الكلمة :تاريخً ا وم�ضمونًا مولودة من عبث ،من ع َدم ،من المكان ،من الظرف وال ُمنا�سبة .لكل كلم ٍة تاري ٌخ و ُهوية ومب ّرر ومفهوم وم�ضمون ومعنى و�سياق. رُ ّب كلمة قالها �أَح ُدهم في �سيا ٍق مكا ِنـ ّي معيَّن تذهب اً مدلول ال �ضرور َة ل�شرحه، وج ْدت ُها" للداللة على اكت�شاف ما كان يدور عليه ال َبحث .ورُ َّب ككلمة �أَرخميد�س " َ ا�س ٍم لأَحدِهم في �سيا ٍق زمن ٍّي معيَّن يذهب اً كا�سم "نيرون" مدلول ال �ضرور َة ل�شرحه ْ للداللة على َمن يُـح ِرق ك ّل ما �أَمامه وي�ض ّحي بكل َمن حولَه بلو ًغا �إِلى غايته التي قد تكون �شريرة .ورُ ّب كلم ٍة واحدة� ،أَو عبار ٍة واحدة ،تَخت�صر �شعبًا �أَو ح�ضار ًة �أَو تاريخًا كاملاً من المعاني �أَو الأَحداث كعبارة "الحرب العالمية" (الأُولى �أَو الثانية). �إِنها الكلمة � إِ ًذا� :أَ�ص ٌل وتاريخ. بنت ربة عن هيزيود (�شاعر يوناني من القرن الثامن قبل الميالد) � أن الكلمة " ُ الوحي" .وعن �أَفالطون �أَنها "بن ُْت فْك ٍر متفوّق خارج هذا العالم" .فهل ترقى � ِإلى دت الحقًا مع حاجة الإِن�سان �إِلى التعبير ال�صوتي فجر الإِن�سانية ال أَ َّول؟ �أَم هي وُ ِل ْ 6
�أَو �شاع ٌر خلاّ ٌق يُعنى بالـ"كيف" عنايتَه بالـ"ماذا" ،ف�إِذا تَ َنا َولها مترج ٌم ربما نَ َق َل الـ"ماذا" ب�أَمان ٍة عالي ٍة � ِإنما �أَنّى له �أَن ينْقل التركيب العبقري؟ تلك الناقدةُ الفرن�سية التي "ا�ستكث َرت" الغنائية في ن�ص الروائية اللبنانية ،لو المترجم �أَمامها، �أُعط َي لها �أَن تعرف ن�سيج اللغة ال أُ ّم لل�سرد الروائي في الن�ص َ لربما كانت �أَ�شاحت عن ر�أْيها ذاك ،ل أَ ّن ما هو "حدي ٌث" في الأَدب ال يُمكن �أَن يكون ِط ْر ًحا بل هو مولو ٌد من �أَعراق لغ ٍة مبدع ٍة لها ُ خ�صائ�ص عاليةٌ في عبقري ِة الـ"كيف" وبراع ِة الـ"ماذا".
9
في عبقرية اللغة مترجمة عن العربية ل�صديقتها َف ِر َغت الناقدةُ الفرن�سيةُ من قراءة رواي ٍة َ الكاتبة اللبنانية ،فاتَّ�صلت بها ُمعلِّقة � أَ ْن لو كانت الـ ُمترجِ ـمة لَ َـح َذفَت من الن�ص الأَ�صل ّي عبارات العواطف المتق ِّدمة والرو َمن�سية الفائ�ضة لأَن "الع�صر تَغيَّر ،وهذا النوع من الكتابة لم يعُد يَ ُه ُّم اليوم َ قارئ الأَدب الحديث". ٍ كتابات � آليَّ ًة �أَو لن �أُناق�ش ر�أْي هذه الناقدة .قد تكون �شخ�صي ًة ذاتي ًة في نقدها ن�ص ي�أْرج في �إِلكتروني ًة من "مو�ضة الع�صر"� ،أَو قد تكو ُن مو�ضوعي ًة في النظر �إِلى ٍّ ْ تنقر�ض" لغته العربية الأَ�صلية عاطف ًة ناب�ض ًة تَـه ُّز قارئها العربي برو َمن�سيات لم " بع ُد من �شرقنا القائم على العاطفة والحنين والحنان. ٍ وحوارات ومواقف، ومع � أَ ّن في الأَدب الفرن�سي روائ َع خالد ًة غني ًة بالعاطف ِة و�صفًا �أَفهم �أَن يكون في الن�صو�ص "الحديثة" ما يتما�شى و"مو�ضة الع�صر" من اختزا ٍل واخت�صا ٍر بُلو ًغا �سري ًعا �إِلى الحبكة بدون تطريز الحبكة في � أُ ٍ �سلوب غنائي هاد ٍل ب�أَجمل �أَبيات ال�شعر �أَو �أَحلى مقاطع الو�صف النثري. ي� أْ ُخذني هذا الأَمر �إِلى "عبقرية اللغة" :مفتاح نقْل الن�ص�ِ ،شعريِّه �َ أو نَثْريِّه ،من الحرفي يُخ ِرج الن�ص ٍ مرات �سخيفًا ،والنق ُل االفترا�ضي يُخر ُجهُ لغ ٍة �إِلى لغة .فالنقْل َ �أَبع َد من الأَ�صل �أَو دونه .وهنا جدارة المترجم :ال �أَن "يُترجم" بل �أَن "يَنقل" في لغته �سيا َق الن�ص الأَ�صلي .وهذه موهبةٌ ال ت ُعطى لكل مترجم .فكيف نترجم مثلاً "�أَلوان" ق�صيدة رِمبو "حروف العلة" )� (Les voyellesأَو �أَبيات هوغو في رثاء ابنته ليوپولدين وفيها تعابي ُر ال يمكن ِب َن ْقلِها الإِبقاءُ على نب�ضها الفرن�سي؟ � إِ ًذا :لكل لغ ٍة "عبقريةٌ" خا�صة قد "ت ُقاربها" الترجمة �إِنما ال "تَنقلها" بكامل بها ِئها الأَ�صلي .وما يقال في النقل �إِلى العربية يقال �أَي�ضً ا في النقل من العربية: ٍ كيف يُمكن ترجمةُ تركيب عربي قد ال ي�ضارع جمالَه تركي ٌب في لغة �أُخرى ،هو الطال ُع من "عبقري ٍة" للعربية ُمـميَّز ٍة، فار�سها ناث ٌر مبدعٌ ً خ�صو�صا حين يكو ُن َ 8
بينما كلما ٌت �أُخرى ب�سيطة من الحياة اليومية يعالجها كات ٌب �صادق ،ت� ؤ ّدي معه ديب ،حين يكتب �أَو يخطب، معانيها وتبلغ َ القلوب قبل العيون والأَ�سماع .ذلك �أَن ال أَ َ ال يرمي �إِلى االبهار اللفظي الفارغ بل الى َ�ش ّع الجمال في العيون ،جمالُه كلما ٌت ٍ َ بكلمات ب�سيط ٍة و�شعُّها ي�ش ِّكل غالبًا ت ُحف ًة �أَدبي ًة �أَو فني ًة َ� أو فل�سفي ًة �أَو فكري ًة عميق ًة ناعم ٍة هادئ ٍة ِ مبا�شر ٍة بدون تكل ُّ ٍف وال ت ََ�صنُّع. ٍ ِ ون�شرات وبيانات �ساليب في ت�صاري َح الأُ�سلوب هو الرجل؟ �صحيح .وكم من � أَ َ �سلوب �سلوب االقناع و� أُ َ �أَخبار تطالعنا يوميًا ب�أَ�صوات ُمخَ �شَّ َب ٍة ُم َكلَّ�س ٍة ف َق َدت ُ� أ َ �سلوب قائلها. المخاطبة و� أُ َ تع�س �أُ�سلوبَ ُهم و�أَق َّل �صدقيَّتَهم ،ه� ؤُالء الذين ال أُ ُ �سلوب هو الرجل؟ نعم .وما � أَ َ �أَفرغوا الكلمات من معانيها ف ََ�سقَطوا َق ْبلها في فراغ الكالم.
11
الأُ�سلوب هو الرجل عن الكاتب الفرن�سي جورج لوي�س لوكلير [المعروف بـ"الكونت دو بُفُّون" ) ](Compte de Buffonعبارت ُه ال�شهيرة "الأُ�سلوب هو الرجل" قالها في خطاب
ِ تكري�سه ع�ض ًوا في الأَكاديميا الفرن�سية ( � 25آب .)1753ما يعني � أَ ّن الكلمات تتعلّق غالبًا بقائلِها فتفقد م�ضمونها وت�صبح طنينًا � أَ َ �سلوب قائلها ال جوف فار ًغا حين � أُ ُ يوحي بالثقة ،فيقع الم�ضمون ال �ضحية الكلمات نف�سها بل �ضحية قائلها.
والكلما ُت البليغة لي�ست بال�ضرورة تلك المعقّد َة الم�ستع�صية بل الب�سيطة الهادئة التي تو�صل م�ضمونها بدون جهد قائلها لأَن م�ضمونها َ مبا�شر وب�سيط. بينما الم�ستهلَك من الكلمات يَفقد م�ضمونه لكثرة تكراره على �أَلْ ِ�س َنة من ك َّرروه حتى �أَفرغوه من م�ضمونه ف َف ِرغوا ُهم معه من م�صداقية كالمهم الطنّان من دون م�ضمون. �أَ�سو ُق هذا المو�ضوع بعدما باتت ُم َك َّرر ًة معلوك ًة ُم َر َّدد ًة ُم ْ�ستَهل َ َك ًة بارد ًة ق�صديري ًة َممجوج ًة كلما ٌت ن�سمعُها يوميًا من �سيا�سيين يلو ُكونها في ك ّل منا�سبة ،و�أَمام كل �شا�شة ،وورا َء كل مذياع ،وعند ك ّل َو ْ�ضع ِ ومو�ضع ومو�ضُ وع ،حتى باتت تثير ا�شمئزا َز النا�س ِم ّمن يقولونَها وال يَعُون �أَنها لم تَعُد ت ْق ِنع �أَح ًدا من النا�س. المذهبية ،الطائفية ،الديمقراطية ،الحوار ،التفاهم ،اللقاء ،الإِخوة ،ال أُ ُخوّة، ال�صف الواحد ،الوطنية ،القومية ،الم�صلحة الوطنية ،الوحدة الوطنية ،م�صلحة ٍ كلمات َف ِر َغ ْت من معناها وم�ضمونها لكثرة هذا البلد ... ،و�سواها و�سواها من فراغ قائليها من �صدقيّتهم. َخا�صم ،كلما ُت تَحا ُطم ،كلما ُت تَ�شات ُم ،كلما ُت تنا ُغم، كلما ُت تَال ُطم ،كلما ُت ت ُ ِ والكلي�شيَات المت�شابهة... كلما ُت تعا ُظم ،ولَ ِع ٌب على الأَلفاظ والكلمات والمعاني ينقلب الل ِعب على الالعبين فيقعوا في الف�ضيحة. حتى َ 10
وعك�سه� ،أَو المعنى من هنا � أَ ّن كلم ًة واحدةًَ ،وفْق تَـ َمو�ضُ ِعها ،قد تعني المعنى َ و�شبي َهه� ،أَو المعنى وتو�سي َعه ،وقد تكون مفْرغ ًة من معناها لو انها جاءت في �سيا ٍق � آخر مثل" :كلمات ...كلمات ...كلمات "...كما ي�صرخ ها ْملت ،وكما في �أُغنية داليدا. هنا قدرة الإِبداع لدى الكاتب � :أَ اّل تعو َد الكلما ُت و�سيل ًة لديه وال � أَ ٍ دوات وال ُج�سو ًرا بل تكون غاي ًة في ذاتها ،تتح َّول على قلمِه كلم ًة ت ُ ْـحيـي� ،أَو كلم ًة ت ُ َد ِّمر� ،أَو كلم ًة ت� ؤْذي، �أَو كلم ًة تَ�شفي من ك� آبة� ،أَو كلم ًة ت ُ ْـحدِثُ انقالبًا. الكلما ُت � ِإ ًذا ت�أْخذ الم�ضمون الذي يريد كاتبُها �أَن يح ّملها � ِإياه .فال معنى واح ًدا للكلمة الواحدة .وا�ستخدام الكلمات ذو ثالث ِة موا�ض َع لمعانيها: )1معنًى حقيق ٌّي ّ حب مبا�شرةٌ م�سطح بدون ا�ستعارات وال مواربات (ق�صيدةُ ٍّ ذات ٍ كلمات مبا�شرة). )2معنًى يريد م�ستخد ُمها �أَن يُ� ؤَ ِّديه في ظرف معيّن لإِعالن موقف معين (ظرف ُعر�س ل ِإعالن نذور الوفاء). ذات ٍ )3معنًى َّ وقت معيّن مبط ٌن لكلمات مكتوبة في منا�سبة معينة لـمه ّمة معيّنة َ لـ َهدف معيّن (كلمات تبدو عادية في ن�ص ر�سالة �أَو في ق�صيدة حب ت ُتلى في عر�س ،بينما �أَ�سا� ُسها "�شيفرة" لـمهمة �سرية). �إِنها قُدرة الكلمة! وهي قُدرةٌ �أُعجوبيّةٌ ال َمحدودة ،فار� ُسها َمن يـَمت�شقها فيرمي بها �شيفر ًة جا�سو�سي ًة غام�ضة� ،أَو ورد ًة حمرا َء ال �شيفر َة لها � ِإ اَّل � ِإعالن و ْعد وفا ٍء ونذر نهائي ِلـ ُحب كبير.
13
كـلـمـات العرو�س ِ ت�شلْ ِ�سيا (ابنةُ الرئي�س الأَميركي ال�سابق بِل كلنتون) تقول وقفَت ُ عري�سها ،ويقول هو "نَ َعم" القتبا ِله �إِياها زَوج ًة له .ثم �أَ�صغى "نَ َعم" القتبالها َ الج ْمع �إِلى الـ ُمكلِّل يَخت ُم ِ مرا�سم الزواج بـ"ق�صيدة ُح ّب" جاء فيها على ل�سان العرو�س ما ترج َمتُهُ: "الحياةُ التي لي هي ك ُّل ما لي .والحياةُ التي لي هي َ لك. لكَ ، لكَ ، الحب الذي لي في الحياة التي لي ،هي َ لك. ُّ لكَ ، لكَ ، النومُ الذي لي ،الراح ُة التي ليَ ، لك. حتى المو ُت �سيتو َّقف بَعي ًدا عني لكَ ، لكَ ، لأَن � َسالم �سنواتي �سيكون َ لك". وما َج الج ْم ُع في العر�س مع كلمات هذه "الق�صيدة" ِلما فيها من ْ دف ٍء رو َمن�س ٍّي عذ ٍْب ،ووع ٍد بالوفاء والحب وااللتزام ،وذ َوبا ِن الـ"�أَنا" في ال آخَ ر حين يغ ُمر الح ُّب اث َنين في ِع�ش ٍق كبير ،وهما ذاهبان �إِلى حيا ٍة زوجي ٍة �سعيدة. لك ّن العرو�س ،وهي �أَرا َدت هذه المقطوعة �أَح َد نُذورها ِلـحبيبها ،لم تَ ُك ْن تعرف � أَ ّن كلمات هذه "الق�صيدة" بالذات هي في الأَ�صل "�شيفرة" للعُمالء والجوا�سي�س. وحين �صدر خب ُر العر�س في و�سائ ُل الإِعالم ،ومعه "الق�صيدة"َ ، ن�شر بع�ضُ ها � أَ ّن هذه المقطوعة هي في الأَ�صل للكاتب الإِنكليزي ِلـيُـو مار ْك�س ،مف ِّك ِك ال�شيفرة في جهاز المخابرات ال�سرية التابع ِل ِون�ستون ت�شر�شل �إِبَّان الحرب العالمية الثانية. ٍ خلفيات �أُخرى مغاير ًة ُكلِّيًا ظاه َرها العا�شق. يعني � أَ ّن لهذه المقطوعة ويعني �أَي�ضً ا :فيما ظاه ُر الكلمات رو َمن�س ٌّي حالـ ٌم ،يمكن باطن الكلمة �أَن يحتم َل م�ضامي َن �أُخرى غي َر ظاهرة ،ومعانـ َي خفيّ ًة تتع ّدى ب ُ ْع َدها الأَول � .إِ ًذا ال معنى للكلمة في ذاتها من دون موق ِعها في العبارة� ،أَو موق ِع العبارة في الجملة� ،أَو موق ِع الجملة في ال�سياق. 12
مثا ٌل �ساطعٌ � آخر� :أَن يكو َن لبنان ،بين الدول الم�شارِكة ال�سبعين� ،أَو َل دول ٍة و َّقعت على "ميثاق الفرن�سية اللُغوي" بينه وبين َّ المنظمات الفرنكوفونيّة الدوليّة. الفرنكوفونيا ولبنان عالقةُ لغ ٍة عريقة وح�ضار ٍة عريقة .لم ين�ض َّم � ِإليها لبنان ٌ ونا�شط ومبدِع. ُع ْ�ض ًوا حياديًّا بل هو فيها فاع ٌل وهي هذه ر�سالت ُه مذ كانت الح�ضارة� :أَن يكو َن عنوانًا من �ضَ و ٍء على ال�صفحة الأُولى من كتاب الح�ضارة.
15
اللغ ُة ج� ْس ُر التوا�صل م�شاركةُ لبنان في قمة الد َول الناطقة باللغة الفرن�سية (قمة الفرنكوفونيا في "مونترو" � -سوي�سرا) لي�ست رق ًما ِ� إ�ضافيًّا في عد ِد م�شاركين ،بل هي ح�ضورُ لبنا َن الح�ضارة في قم ٍة لبلدا ِن قي ٍم وح�ضارات ،تعقدها َّ منظمةُ دو ِل الفرنكوفونيا التي ت� أَ َّ�س�ست قبل � 40سن ًة في النيجر ،وت�ض ُّم اليوم 70بل ًدا (ثلث �أَع�ضاء الأُمم المتحدة) وتمثِّل 200مليون ن�سمة من القارات الخم�س. وهي لي�ست َّ منظم ًة لـ ُمج ّرد ن�شْ ِر اللغة الفرن�سية �أَو الدفاع عنها ،كما قد يتبادر للكثيرين ،بل لن�شْ ر ِقيَ ٍم م�شتَ َرك ٍة كالت�ضا ُمن والديمقراطية والتع ُّددية الثقافية وحقوق الإِن�سان والح ِّق في التعلُّم .وت� ؤَ ِّكد َّ المنظمة �أَن دفا َعها عن اللغة الفرن�سية لي�س تَحديًا اللّغ َة الإِنكليزية بل تَ َوا ٍز لها لتبا ُدل تلك ال ِقيَ ِم بين الفرنكوفونيين كلّيًّا ج�سد تلك ال ِقيَ َم ،وهو في قلب ُم ِه ّمتَي الفرنكوفونيا الأَ�سا�سيَّتين: �أَو ُجزئيًّا .ولبنان ي ُ ِّ الم ِه َّمة ال�سيا�سية وم ِه َّمة التعاون المتع ِّدد الجوانب ،يَجتمع لتفعيلهما ك َّل �سنتَين ر� ؤَ�ساءُ الدول الأَع�ضاء لبحث � ُش� ؤُون ال�سالم والديمقراطية والتعاوُن والتربية والتنمية الم�ستدامة. ك�أَنما لبنان ،بتكوينه الثقافي والح�ضاري ،يج� ّسد هذه القيَم الفرنكوفونيّة قبل �أَن تن�ش� أَ َّ رئي�س المنظمة ،وقبل �أَن يكون ع�ض ًوا فيها ،وقبل �أَن يتر� َّأ�سها يو ًما ُ جمهورية لبنانـ ِ ٌّي �سابق (�شارل حلو) .الفرن�سيةُ في لبنان لي�ست ُمج ّر َد لغ ٍة ِ� إ�ضافي ٍة ا�صل بين لبنان والعالم .ف ُك ّل لغ ٍة ينطق بها ويكتبها اللبنانيون بل هي ج�سر تَ َو ُ �إِ�ضافية في ٍ �شعب انفتا ُح هذا ال�شعب على ال�سوى وما لدى هذا ال�سوى من ِقيَ ٍم وف�ضائ َل تتالقح م ًعا لت ُ َك ِّو َن غنًى لل�شَّ عب وغنًى لل� ُشعوب المجاورة وغنًى ل� ُشعوب العالم في ما بينها .ولبنا ُن غن ٌّي في ذاته وفي قيَمِه ،وتاليًا ح�ضوره ُ غنًى ل�سواه واغتناءٌ له من �سواه .ولنا في ٍ ومدار�س فرن�سي ٍة ت َ� أ�س�ست في لبنان ،كما في بعثات َ النتاج الأَدبي الفرنكوفوني و�أَعالمه اللبنانيين في لبنان وفرن�سا ،مثا ٌل �ساطعٌ على ٍ �ضافات ح َّققَها ويُح ِّق ُقها لبنان للفرنكوفونيا ،وتاليًا لي�ست ع�ضويّـته في المنظمة � إِ العالَميّة ُمج َّر َد انت�سابِ رق ٍم � إلى عدد. 14
ها هي الكلما ُت وال�ص َور في عالَـم افترا�ضي يُعيد ن�سج الواقع. كيف تنتقل الكلمة من �صفحة الكتاب �إِلى �صفحة ال�شا�شة؟ كيف ال�شا�شةُ االفترا�ضية تنقل الكلمة من ال�شعر �إِلى الْ َم�شاعر عبر المرئي من التعبير؟ هنا قوّة ال�شعر في �إِ�سداء ما ّدته �إِلى ال�شا�شة ،وهي �أَ�صعب من �إِ�سدائه �إِلى ال�صوت� :صوت �شاع ِره َ� أو �صوت ُملْقيه على منبر �أَو م�سرح �أَو خلف ميكروفون � ِإذاعة �أَو �ستوديو �أَو كتاب �صوتي. وفي م ًدى افترا�ضي � آخر :هل ك ُّل ق�صيدة �أَو ر�سال ِة حب قابلةٌ للترجمة بال�صورة؟ هل ال�صورة لغةٌ جديدةٌ للق�صيدة ،كما نقلُها � ِإلى لغة �أُخرى غي ِر �أَ�صليّتها؟ هل ال�صورة ال�سينمائية فعلاً "ترجمةٌ" � ِإلى كتابة جديدة في لغ ٍة جديدة؟ �أَم هي ب�صريًّا �أَيًّا تكن لغته نق ٌل �إِلى لغة اللغات التي ال تحتاج ترجم ًة لأَن الْ ُم�شاهد يتلقّاها َ الخا�صة؟ �أَال تكون ال�صورة هنا ِ لغات اللغة التي "يقر�أُها" كل ابن لغة؟ هنا �أَهميةُ �إِدخال ال�شعر في تكنولوجيا الع�صر كي ال يَظ ّل مقت�ص ًرا على "عتي ِق" تقديمه في �شك ٍل جام ٍد تقليد ٍّي يُبقيه "عتيقًا" ال يَد ُخل ع�ص َر �صاحبه. ومن هنا محاوال ُت �إِخراج الأَبيات من بيوتها ،وج ْعلُها �إِلى "ق�صيدة متحركة"� ،أَو �إِلى " ٍ كتاب �صوتـ ٍّي"� ،أَو �إِلى ال�سينما كما في فيلم "النجمة الم�ش ّعة" َّ المر�شح في قو ٍة ُ لـجائزة ال أو�سكار هذا العام. هوذا كيت�س ال�شاع ُر العا�ش ُق يَـخل ُ ُد مرتين :معه بكتابا ِته ،واليو َم بهذا الفيلم البيوغرافي الم�ستوحى من ق�صيدته "النجمة الم�ش ّعة". وهوذا الإِبدا ُع الإِن�ساني الخ ّالق يفتح � آفاق االلتقاء :ال�سينما لغةُ تعبير ،وال�شعر �شك ُل تعبير .والإِبداع يتيح االلتقاء دائ ًما بين لغ ٍة و�شك ٍل ولو متباي َنين من �أَ�شكال التعبير. وهذا هو معيارُ المبدعين. 17
من مو�سيقى الكلمات � إلى مو�سيقى ال�صورة في حوا ٍر مع المخرجة النيوزيلندية جين كامـپـيون (عدد هذا ال�شهر من مجلة "�سينما") حول فيلمها الجديد "النجمة الـ ُم ِ�ش َّعة" ) (Bright Starالـ ُم�ستَقْطبِ � َ آالف الرواد في مد ٍن وعوا�ص َم عالَـمية ع ّدة ،قالت كامـپـيـون�" :صوّر ُت هذا الفيلم ك�أَنني �أَكت ُب ق�صيدة". الجواب يَ ْ�ص ُدق م َّرتين :ل أَ ّن كامـپـيـون هي كاتبةُ �سيناريو الفيلم ،ولأَنّه فيلم هذا ُ ق�صة الحب العا�صف بين ال�شاعر الإِنكليزي الرو َمن�سي جون كيت�س بيوغرافي ي�صوّر ّ ( )1821-1795وحبيبته فانـي براون. وكان كيت�س � ،آخ َر ثالث �سنوات من حياته ،عا�ش حبًا كبي ًرا مع فاني ،وتوُفّـ َي تار ًكا لها ر�سائ َل رقيق ًة وق�صائ َد دافئ ًة (بينها "النجمة الـ ُم�ش ّعة") هي بين الأَر ّق والأَجمل في ِ�شعر القرن التا�سع ع�شر ،جعلَـتْـهُ (رغم �صغر �س ِّنه و�ض� آلة كتاباته ن�سبيًا) في م�ست ًوى �شعر ٍّي عا ٍل مع �شيلي واللورد بايرون. في �سياق الحوار ت� ؤَ ّكد كامـپـيـون" :ال�شاعر �أَعطاني مو�سيقى الكلمات ،و�أَنا وتو�س َع ْت" :كان كيت�س �شريكي في كتابة ال�سيناريو. � أَ ُ �ضفت ِ� إليها مو�سيقى ال�صورة"َّ . وبنيت عليها �صو�ص ق�صائدِه ور�سائلِه �إِلى فاني، ا�ستَ ْم َد ْد ُت �سينايو فيلمي من ن ُ ِ ُ حوا�سه � ِإلى عالَـم كيت�س عبر ق�صيد ًة �سينمائي ًة ُ حاولت فيها � ِإدخا َل الْ ُم�شاهد بِجميع ّ َّفت ا�شتغالي على روح كتاباته ال من َ�س ْرد حياته بيوغرافيًّا وق�صة حبّه فاني .خف ُ تركت لهم حرية التعبير عن خليت المدى وا�س ًعا لـم�شاعر ُممثّلين ُ حركة الكاميرا و� أَ ُ حر�صت على � ِإبراز �شعورهم الداخلي بالحوار الدافئ بين ال�شاعر وحبيبته التي ُ م�شاعرها ،لفُ�ضُ ولي في اكت�شاف هذه المر�أَة التي �أَلْه َمت �شاع ًرا ك ّل هذا ِ ال�شعر الحامل حبًّا عا�صفًا غير عاد ّي". هذا الكال ُم ي� ؤَ ّدي بنا �إِلى قوّة ال�صورة في ترجمة ال�شعر بعدما كان ُ عر�ش ال�شعر َ مقت�ص ًرا على المقروء والم�سموع� .إِنها مقاربةٌ جديدة لل�شعر عبر الكاميرا � ،أن تفتح كامپيون بفيلمها � آفا ًقا جديدة ،باني ًة ج�سو ًرا بين عالَمين افترا�ضيين :عالَـم الكلمة وعالَـم ال�صورة .وهذا ب ُ ْع ٌد لل�شعر جدي ٌد :قدرةُ الكلمة ال�شعرية على �إِيحاء التعبير �أَمام قدرة ال�صورة على رئاية تقا�سيم هذا التعبير. 16
الأَمر ذات ُه ينطبق على الإِنجازات :ال ِعلْميةُ ال ت ُع ِّمر � إِ اّل في ومي�ض زمانها ،بينما الأَدبيةُ والفنيةُ تع ِّمر في � ُسطوع زمانها وفي طويل م�ستقبلها ،ويبقى ع�ص ُرها زاهيًا في ك ّل ع�صر وال يخبو بانطواء زمانها. � آ ُخ ُذ مثلاً :اخترا ُع ال آلة البخارية على الفحم الحجري زالت �أَدوات ُها اليوم �أَمام ال آالت ال�صناعية الجديدة مع � أَ ّن الفحم الحجري لم يَـزُل .بينما لوحةُ "الجوكوندا" (� )1506أَو ال�سمفونيا التا�سعة ( )1824لبيتهوﭬـن كانت ن�ضر ًة بالأَم�س وال تـزال اليوم ن�ضر ًة و�ستبقى ،مع �أَن ع�صرها زال ،وزال داﭬـنت�شي وزال بيتهوﭬـن. � إِ ًذا :و ْه ُج العلْ ُم م َو َّق ٌت رغْم م� آثره ومنافعه و�ضروراته اليومية ،بينما َمج ُد ال آدابِ والفنو ِن دائ ٌم مع �أَنها لي�ست في �ضرورات النا�س اليومية. عالمةُ الأُمم الخالدة �أَن ت ُحافظ على الديمومة في تراثها كي َ تحفظ لأَجيالها � ُس ُطو َع الح�ضور طويلاً في ذاكرة التاريخ.
19
بالغ ُة الكلمة �أَبقى من بالغة الرقم في ال�سائد العام �أَ ّن "الرق َم َ�أبلغُ من الكلمة". ي�ص ُّح في ال آداب والفنون. هذا �صحي ٌح في العُلوم ،وال ُ الرقم عر�ضةٌ للتغيُّر زياد ًة �أَو نق�صانًا وحتى � ِإلغا ًء ،وتاليًا تبقى "بالغت ُه" عر�ض ًة للزوال ،عك�س الكلمة التي ال �إِلى زوال. "الرق ُم الأَبلغ من الكلمة" يظ ُّل ُم َو َّقتًا حتى يَليه رق ٌم يُلغيه �أَو يع ِّدله وتاليًا يع ِّدل "بالغته" ،بينما الكلمةُ منذ البدء را�سخةٌ ثابتةٌ ببالغتها الم�ستدامة. هذا لأَقول �إِن العلوم ،وهي �سيّدةُ الرقم ورائدةُ العالَـم ،بائدةُ الما�ضي ،راهنةُ الحا�ضر ب�أَه ِّميتها و�ضرورتها ،تل ُد قواع َد و� ُسننًا عابر ًة حتى تَل َد �أُخرى جديد ًة تَـخْ ـل ُ ُفها وتَـمحوها .هكذا ال م�ستقب َل لرق ٍم قيمت ُه في حا�ضرهِ � ،إزاء ال آداب والفنون التي تَل ُد روائ َع يو ًما ،يكون لها ٍ ما�ض �ساطع ،تتجلّى في ك ّل حا�ضر ،وتظ ُّل خالد ًة على ال َدهر ك ّل يوم. كتاب في الطب �أَو الهند�سة �أَو الفيزياء �أَو الكيمياء �أَو � أَ ِّي حقل � آخَ ر � آ ُخ ُذ مثلاً ٌ : من العلوم� ،ص َدر ذات �سن ٍة قبل �سنوات بعيدة �أَو و�سيطة ،هل ي�صلُح �أَن يكون مرج ًعا لطلاّ ب اليوم في �أَحد تلك الحقول العلمية؟ طب ًعا ال .يَدخل في رفوف المحفوظات فال يعو ُد يُراجعه طالب �أَو باحث �إِالَّ في مجال التوثيق �إِن كان يحتاج توثيقًا لبحثه الحالي. ن�ص م�سرحي ٍة في المقابل � :آ ُخ ُذ َ كتاب ِ�شع ٍر لدانتِه �أَو غوته �أَو ﭬـيكتور هوغو� ،أَو َّ ل�شك�سبير ،هل ال يزال ي�صلح مرج ًعا لطلاّ ب اليوم في �أَحد الحقول الأَدبية �أَو الفنية؟ �صالحا لكل َغـ ٍد � ٍآت. �صالحا بالأَم�س وكما �سيبقى ً طب ًعا ال يزال ي�صلح اليوم كما كان ً هكذا بالغةُ الكلمة �أَبقى من بالغة الرقم .وهكذا يثبُ ُت �أَن الثابت هو الإِبداع، والمتغيِّر هو العلْم. 18
فلماذا � إِ ًذا هذه الـخَ ـ ْرعةُ ِ الب�شعة ،هذه الـ َهر َقةُ التافهة ،هذه المو�ضةُ ال�سخيفة، هذه الظاهرةُ اال�ستعرا�ضية البائخة في ال ِإعالن عن المهرجانات في لبنان ٍ ِ ت�سجيالت م�سموع ًة في الفتات ال ُط ُرق� ،أَو ن�صو�صا مقرو َء ًة على باللغة الإِنكليزية: ً الإِذاعات �أَو م�ص َّور ًة في التلـﭭـزيونات؟ ٍ وحركات ولماذا هذا التق ُّرب من الأَجانب بعقدة النق�ص ال ُدونيَّة تجاههم :لف ًْظا وتقلي ًدا كحركات ال ِق َر َدة في ال�سيرك. لبنا ُن ال�سياحة لن يزداد �سياحيَّ ًة لأَن �شعبه يتكلَّم ٍ لغات ع َّدةً ،فهو �أَ�صلاً بل ٌد �سياح ٌّي غن ٌّي ِبـمواق َع تاريخي ٍة و�أَثري ٍة وطبيعي ٍة يعت ُّز بها لبنان ،وطبيع ٌّي هنا �أَن وجهٌ للأَجانب كي يزُوروا لبنان� .أَما يكون التروي ُج ال�سياح ُّي ِبلُغ ٍة �أَجنبي ٍة لأَنه ُم َّ التروي ُج بال ِإنكليزية لجمهو ٍر لبنانـ ٍّي عن مهرجان لبنا ِنـ ٍّي ي ُ ْـحـيـيه مغنُّون لبنانيون، ف ِم َن النافل المجانـ ّي كتابةُ �أَ�سمائهم بالأَجنبية والإِعال ُن بالأَجنبية عن حفَالتهم لجمهو ٍر لبنانـ ٍّي مقي ٍم �أَو عربـ ٍّي �ضيف. �إِنها موجةٌ مري�ضةٌ ت ُ�سهم �أَكثر ف�أَكثر في تدمير بُـ ْنـي ِة مـجتم ٍع يكا ُد يُ�صبح هجينًا في بال ِده لكثْر ِة ما دخَ ـل َ ْت عليه ريا ٌح هجينةٌ ال هي من ترا ِثه وال هي من ِ تاريخه وال ٍ كلمات من ثقاف ِة �أَبنائه الذين لن يَـزدادوا ثقاف ًة � ِإذا "�أَظهروا براعتَهم" بـخَ ـلْط �أَجنبية متع ِّدد ِة اللغات في الجملة الواحدة يُخاطبون بها �أَبنا َء بالدهم. بلىُ : بع�ض تدمير المجتمع يبد� أُ من تدمير لُـغَـتِـه.
21
تدمير المجتمع من تدمير لُغَـتِـه انطلقَت مع هذا الأُ�سبوع مهرجانا ُت ال�صيف داعي ًة جمهورها � ِإلى الح�ضور وحجز التذاكر. ٍ ِ ـحفالت غنائية المهرجانات �أَق ُّل من ن�سخ ٍة عادية ل مع قناعتي � أَ ّن معظم هذه ِ حفالت زوا ٍج فردية يُـحيـيها مغنُّون ومغ ِّنيات في مطع ٍم �أَو فند ٍق �أَو مق ًهى �أَو ٍ منا�سبات خا�صة في لبنان �أَو الخليج ،ومع قناعتي �أَن معظم الأُغنيات التي �أَو َ�س ـ"يُـتحفنا" بها �أَ�صحابها في المهرجانات لي�ست �سوى عنديا ِتهم الم�أْلوفة التي يك ِّررونها في حفالتهم المطعمية �أَو التلـﭭـزيونية وال جديد فيها �سوى تكرارها الـ ُم ِم ّل� ،أَتو َّقف عند �س� ؤَا ٍل َجل ّي :في ال ِإعالنات ال ُطـ ُرقية وال ِإذاعية والتلـﭭـزيونية عن هذه المهرجانات ،ما الحكمةُ من الترويج لها باللغة الإِنكليزية ،وبِل ْكن ٍة َرخْ َوة ولف ٍْظ �أَعوج �أَع َرج حتى لَيَع�صى فه ُم ما يقول المذيع لكثرة ما يُرخي ل�سانَه وهو يُعلن عن المهرجانات ونجومها وتواريخها؟ يتوجه �إِلى الأَجانب وال�سيَّاح ،فالأَجان ُب وال�سيَّا ُح لن �إِذا كان الإِعال ُن بالإِنكليزية َّ ٍ حفالت لن يَف َهموا منها ما ي ُ َغ ِّنـي ُم َ� ؤ ُّدوها. يت�سابقوا ملهوفين �إِلى ح�ضو ِر و� ِإذا كان ال ِإعال ُن لح�ضرة المغتربين الأَعزّاء ،فلن يُغْريَهم ال ِإعال ُن بال ِإنكليزية كي يَح�ضروا � ِإن لم ي ُكونوا راغبين في الح�ضور. و�إِذا كان الإِعال ُن للُّبنانيين المقيمين ،فمِن َ البطر الإِعال ُن لهم بالإِنكليزية على الفتات الط ُرق مع ُ�ص َور فنانيهم المحبوبين وتحتَها �أَ�سما� ؤُهم بالأَجنبية ومواعي ُدها بالأَجنبية .فمِن الظواهر الم�ستغ َربَة -كي ال �أَقول المرفو�ضَ ة � -أَن يَــقر� أَ الفرن�س ُّي �إِعالنًا بال�صينية للفرن�سيين عن مهرجان في ﭘــاري�س� ،أَو �أَن يَــقر�َ أ الإِنكليز ُّي �إِعالنًا باليابانية للبريطانيين عن مهرجا ٍن في لندن� ،أَو �أَن يَــقر� أَ الأَميركي � ِإعالنًا بالعربية ٍ للأَميركيين عن مهرجا ٍن في وا�شنطن� ،أَو �أَن يَــقر� أَ � أَ ُّي مواطن في العالم � ِإعالنًا في غير لغة بالده عن مهرجا ٍن في بالده. 20
و�إِنني �أَعرف ،والكثيرون ممن �سافروا وعايَنوا يعرفون � ،أَ ّن ا ِل إنكليزي ال ين�سى والفرن�سي ال ين�سى تعابي َر فرن�سي ًة في�ستعين تعابي َر � ِإنكليزي ًة في�ستعين لها باليابانية، َّ لها بالإِ�سـﭙـانية ،وال�سويد َّي ال ين�سى تعابي َر �سويدي ًة في�ستعين لها بالعربية. �إِن وط َن الإِن�سان لغت ُه ،يحملُها معه �أَينما ارتحل .وك ُّل لغة �أَجنبية يكت�سبُها ،غنًى �إِ�ضافـ ٌّي ال يَ ِـح ّل مكان اللغة الأُم ،كما ال تعوّ ُ �ض �أَيَّةُ بقع ٍة في الأَر�ض عن الأَر�ض الأُم. يغترب عن لغته لي�ستعي َر لغ ًة �أُخرى ،ي�صبح خارج والمواط ُن العاد ُّي الذي في بالده ُ لغته وال يدخل وطن اللغة الأُخرى فيم�سي ً لقيطا في الالمكان. وما دام في لبنان َمن ينطقون ِبل ُ َغ ٍة لقيط ٍة مقتنعين ب�أَنها لغةُ الع�صر ال�سليمة فيما هي مزيج من الفرنكولبنانية والأَنكلولبنانية وال َع َربُولبنانية -فتركيزُهمالذهن ّي لن يكون بعي ًدا عن االنتماء يو ًما � ِإلى التَ ـيَــهان في مجاهل الالمكان.
23
?Hi… Kifaq? Ça va ٍ مهرجانات حلقةُ الأَحد الما�ضي عن ا�ستخدام اللغة الإِنكليزية للإِعالن عن ٍ ح�س ْب َ� أنها �ست�أْخذ لبنانية وحفالت لبنانية في �أَماك َن لبنانية لجماهير لبنانية ،لم � أَ َ هذا ال َـح ـيِّــز من االهتمام بظاهر ٍة عوجا َء تـتـنـامى في مجتمعنا بطريقة عـرجاء، لغات ٍ هي ظاهرةُ ا�ستخدام ٍ ثالث في جملة واحدة تَـخرج فرنكولبنانية و�أَنكلولبنانية و َع َربُولبنانية ،وتنتهي ال لبنانية وال فرن�سية وال �إِنكليزية وال عربية. ينت�شر هذا النه ُج بين النا�س وينتقل �إِلى �شا�شات التلـﭭـزيون ،فال ت ُكمل المذيعةُ ٍ بكلمات �أَجنبية .وحتى حديثَها وال يَطرح المذيع ال�س� ؤَا َل �أَو الكالم � ِإ اَّل ُم�ض َّر ًجا ُ �ضيوف البرامج واال�ستفتاءات يتل َّك�أُون عن الجواب بلُغ ٍة �سليم ٍة فيلج�أُون ع ْم ًدا وباعتزا ٍز �إِلى ٍ كلمات �أَجنبية يُـلْقونها على الم�شاهدين الأَعزاء ِب ـ َرطان ٍة �أَجنبية. لي�س دلي َل ِعلْ ٍم وال ثقافة وال ح�ضارة ،بل هي ُعقدةُ ٍ نق�ص دونيةٌ و�أَرى �أَن هذا َ في�ستعي�ض عنها بالأَجنبية حيال الأَجانب �أَن يبحث � أَ ُّي لبنانـ ٍّي عن كلم ٍة في لغته َ بينما ال �أَ�سه َل من � ِإي�صال المعنى في جمل ٍة متّ�صل ٍة متوا�صل ٍة مو�صول ٍة ِبـلُـغَـ ٍة ب�سيط ٍة واحدة. ِ الت�شوهات اللغوي ِة ظاهرةُ و�سائط التوا�صل االجتماعي فتختلط في تزي ُد من هذه كالم م�ستخدميها جمي ُع اللغات بتعابي َر هجين ٍة ي ُ َـحـ ِّملونها ل أَ ٍ حرف التيني ٍة طوّعوها ليُزاولوا درد�شاتهم في لغة َغري َب ٍة �أَين منها اللغةُ الخليطةُ -المعروفة بالـ"�سابير" - كان التجار في القرون الو�سطى يُ�ضط ُّرون �إِلى ا�ستخدامها للتبادل التجاري مع ت ّجار جن�سيات ول ُ ٍ ٍ غات �أُخرى. من ل�ست �ض ّد اللغات الأَجنبية منفرد ًة والتكلُّم بها في لغ ٍة واحدة � ،إنما �ضد خلْطها �أَنا ُ هجين ًة ثالثَ لغات في جملة واحدة كالقول ال�سائرHi… Kifaq? Ça va? : يعي ُدنا ا�ستخدا ُمها � ِإلى لغة التجار ال ُر َّحل في القرون الو�سطى فنعود � ِإلى ع�صو ٍر ظالمية من اللغة والتعبير. 22
حظـ ٍر ٍ �أَو يك َبر الولد على ْ قا�س في المدر�سة من التكلُّم باللغة الـمحكية الـمحلية. ٍ ٍ لبنانيات تَـم َنعُ ُه ّن ربةُ ِ البيت اللبنانيةُ من حا�ضنات �أَو يك َبر الولد على لغة ويفر�ضن على الحا�ضنات مخاطب َة الولد ُمـخاطبة الولد بالـمحكية اللبنانية ْ باللغة الأَجنبية. �أَو يك َبر الولد على �أَهله يخاطبونه دائ ًما بالأَجنبية ك�أَنما عي ٌب �أَن ينمو على لغته الـمحكية ال أُ ّم. �أَو يك َبر الولد على لغة الإِذاعة والتلـﭭـزيون يَ�سمع فيها مذي ًعا يَطرح ال�س� ؤَال ـخلوطا بل ُ ٍ غات �أَجنبية� ،أَو مذيع ًة تَـ ُم ُّد حديثًا م ً َم ً ـخلوطا بكلمات �أَجنبية ،وين�سحب ٍ بكلمات من لغات ع ّدة. الأَمر على �إِجابات �ضيوف البرنامج �أَو اال�ستفتاء َمـخلوط ًة وتنتقل ظاهرة الخلْط اللغوي من المجتمع �إِلى الإِعالم ،ومنه �إِلى �إِعالنات الطرقات الـمخلوط ِة الكلمات ،و�إِلى �إِعالنات الحفالت المخلوطة اللغات ،و�إِلى " َمخلوطة" لُغوية ِ بك�سل ل�سا ِنه خطرة ت ُن ِذر بتف ُّك ِك ُمـجتم ٍع يبد� أُ انهيارُه ُ الح�ضار ُّي َ الذي ي�ستجيب لعقله ال َك�سول. و�أَخت ُ ُم ُمك ِّر ًرا ما قلت ُه في الحلقتَين الما�ضيَتين� :إِن تدمير المجتمع يبد� أُ بتدمير لُغته. ٍ بكلمات من ك�سلاً- اللغةُ وط ٌن كامل ،متى انخلَطت لغتُهُ الـمحكية -تَـر ًفا �أَو َ �سواها غريب ٍة ،ينخلط الوط ُن الأَ�صلي ِ ذات مرحل ٍة بال�سوى الغريب ،فيكو ُن ما كان َ من �أَمر روما حي َن َق ـتَ ـل َ ـتْــها الفو�ضى لأَنها غر َقت م�شلول ًة بين جحافل الغرباء.
25
هذه اللغة "المخلوطة" �أَخت ُ ُم اليوم ثالثي ًة بد�أْت ُها الأَحد الما�ضي والأَحد الأَ�سبق حول هذا الخليط الهجين الخَ ِطر بـم ْزج ٍ لغات ع ّدة في جملة واحدة عند التكلُّم �أَو المخاطبة �أَو عند ال ِإجابات في ال ِإعالم المرئي والم�سموع �أَو في المجال�س الخا�صة. وكلمة " ِ الخطر" هنا لم �أَ�ستعملْها اتّفا ًقا بل ع ْم ًدا ،ليقيني � أَ ّن في خلْط الكلمات َ الـمحلّية بالأَجنبية َ بنت العقل ،والل�سا َن اب ُن اللغة، خطـ ًرا على العقل ،ل أن اللغ َة ُ الل�سان يعك�س ك�س ٍل في َ وتاليًا ك ُّل خلْ ٍط في الـمحك ّي الـمحل ّي بالكالم الأَجنب ّي دلي ُل َ يتكا�سل العقل في �إِيجاد ك�سلاً في العقل .فعند اال�ست�سهال با�ستخدام كلم ٍة َ� أجنبية َ َ َ ُمرا ِدفها باللغة الـمحكية الـمحلية ،وهو ما ال يح�صل عند الكتابة � أو التكلُّم منبريًّا بالعربية الف�صحى التي ال تَ�سمح بهذا الخلْط العجيب الهجين. يتكا�سل العق ُل ِ ويتكا�سل المنطق .وهذا يتكا�سل التفكير َ الناظ ُم الكال َم َ حين َ التكا� ُس ُل الـ ُم ِ ـتنا�س ُل يـج ُّر رخاو ًة في �سائر ال ُد َرب الـمعرفية ،ما ي� ؤَ ِّدي :فرديًّا �إِلى الفو�ضىَ ،جـماعيًّا � ِإلى الميوعة ،واجتماعيًّا � ِإلى التف ُّكك. ال �أَقول هذا ت َع ُّ�صبًا للمحكية اللبنانية �أَو رف�ضً ا اللُّغ َة الأَجنبية� .أَحتر ُم َمن يخاطبني بلُغ ٍة �أَجنبي ٍة كامل ٍة ف�أُجيبُه بها� ،أَو َمن يخاطبني بلُغ ٍة مـحليّ ٍة َمـحكي ٍة كامل ٍة ف�أُجيبه بها ،ذلك �أَنه ي�ستخدم عقله ب�إِيجاد المرا ِدفات الأَجنبية في لغتها، �أَو الـمحكية اللبنانية في لغتها� .أَما �أَن يَفوتَه م�صطل ٌح في الـمحكية اللبنانية في�ستبدلَه بم�صطلح �أَجنب ّي من لُغة �أُخرى �أَو ِبـم�صطلحات ع ّدة في لغات �أُخرى (ك�أَن يمزج محك ـيّــته اللبنانية بالفرن�سية� ،أَو بالإِنكليزية� ،أَو بكليتهما م ًعا في ك�س ٍل عقل ٍّي ذي �أَخطا ٍر ،ولي�س �أَب ًدا دلي َل ثقاف ٍة لُغوي ٍة وا�سعة. جملة واحدة) فدلي ُل َ من هذه الأَخطار ،مثلاً : المك�سرة �أَن يك َب َر الولد على لُغة الخادمات الأَجنبيات في البيت بعبارا ِته ّن َّ الهجينة ٍ ل�سبب منطق ٍّي ج ًّدا� :أَنه ّن ال يُت ِق َّن لغتَنا فيك َبر الولد ال يُتقن لغتَ ُه ّن وال يُتقن لغتَه. 24