بطاقة مكتبية الكتاب :يف رحاب األخوين رحباين املؤلف :هنري زغيب نرش مشرتك :درغام املوضوع :فصول بيوغرافية اللغة :عربية عدد الصفحات 350 :صفحة القياس 26 ×21 :سنتم رقم الكتاب يف النظام الرقمي الدويل :درغام ISBN 978-9953-579-90-0 الطبعة ا ُألوىل - 2001 : مؤسسة جوزف د .الرعيدي للطباعة -سلسلة منارات من لبنان - رقم .5 الطبعة الثانية - 2011 :الجامعة األمريكية للعلوم والتكنولوجيا -سلسلة املنشورات الجامعية الطبعة الثالثة – 2015 :منشورات درغام © الحقوق محفوظة منشورات درغام الربيد اإللكرتوينinfo@dergham.com : املوقع اإللكرتوينwww.dergham.com :
جلسات حوا ٍر متتالي ٌة مع منصور الرحباين (صيف )1993 ب صوص هذا الكتا ِ ُ ُن ُ ت منها عىل مثاين حلقات يف مجلة الوسط( لندن) َن َش ْر ُت مختارا ٍ من العدد )1993/11/15( 94إىل العدد .)1994/1/3( 101 ب َن ُّـصها الكامل. يف هذا الكتا ِ
يَتمي ًة ،دُون َ ِ ك ،كانت ِإطالل ُته األ ُوىل وها اـثـلثَتُـ ُه ِبرــغب ِـتكـ ِ َ ِ مسائك ! تَـص ُدر حتت ـمتـــ ُه فاـمشَـحي ي ُ َ واـبرِـكــهيا.
من هنري زغيب ِشـعـر :طبعة أُ ولى ،1986طبعة ثانية ( 2002بيروت) ِإيقاعات ترجمها الى ِاإلنكليزية عدنان حيدر ومايكل بــيرد قصائد ُح ّب في الزمن الممنوع ُ عره َ ُ :مـختارات من ِش ِ طبعة أُ ولى :واشنطن ،1991طبعة ثانية :بيروت 2005 :طبعة أُ ولى :واشنطن ،1993طبعة ثانية :بيروت 2004 السـقوط والغفران سمفونيا ُّ أُ :طبعة ولى :واشنطن ،1994طبعة ثانية :بيروت 2004 والريح من حوار البحر ِّ :بـيروت 2001 َأن ِتْ ...ول َت ْن َت ِه الدنيا :بـيروت 2005 ك جه ِ تقاسيم على ِإيقاع َو ِ :بـيروت 2006 نصة ِم َّ :بـيروت 2010 ربيع الصيف الهندي :بـيروت 2012 على رمال الشاطئ الممنوع نـثـر :بـيروت 1981 ت واإل َل َه ُة َأن ِ َألنني المعبد ِ :بـيروت (طبعة أُ ولى ،1998طبعة ثانية )2005 صديق ُة البحر :بــيروت 2003 ميميات َح ّ :في 4لغات (العربيةِ ،اإلنكليزية ،الفرنسيةَ ، األلمانية) ميميات َح ّ منشورات جامعة سيراكيوز -نيويورك 2008 :بـيروت 2010 ُنقطة على الحرف :بـيروت 2011 غات اللغة ُل ُ قرأ من لبنان َأ ُ الضيع ُة اللبنانية بأَ قالم ُأدبائها النحل في رحاب َاأل َخ َوين رحباني... ُ طريق َّ تنسيق وتقديم المجموعة المسرحية خوين رحباني الكاملة َلأل َ سعيد عقل ِإن حكى واألمكنة جبران.. شواهد الناس َ ُ اني...متناثرا كــريش العصافير قب ً نـزار ّ الذكرى ِإلى الذاكرة من شبكة بو أ ِّ الياس َ
سيرة َوأنطولوجيا القصة اللبنانية [في جزءين] -بيروت 1980 :أُ نطولوجيا َّ :بـيروت 1982 :بـيروت (طبعة أُ ولى - 2001ثانية - 2011ثالثة )2015 جزءا] -بـيروت 2005 ً 20[ : :بـيروت (طبعة أُ ولى - 2010ثانية - 2012ثالثة - 2013رابعة )2015 ترجمت ُه إلى الفرنسية سنة .2014 ت ُ صدر ْ َ :بـيروت ( 2012طبعة أُ ولى :آذار -طبعة ثانية :حزيران) :بـيروت 2013 :بـيروت 2014
مقدمة الطبعة الثالثة ّ
َ وء على الطريق ض ٌ هذا ليس كتا ًبا عن سرية األخوين رحباين باملعنى البيوغرايف التقليدي. الثري ،أو ً عرمها ً حتليال ألعامهلام ،أو دراس ًة ِّ لفنهام كامال وتراثهام ّ وليس َن ْش ًرا ِلش ِ ً إسقاطا ً دقيقا ملنعطفات سريهتام عىل نتاجهام الفني. الكتايب واللحني ،أو ت أكادمييا ذا توثيقي جيع ُل ُه منهج َ مراجع ومصاد َر ومالحقَ وإحاال ٍ وليس فيه ٌ ً ٌّ واش أو مالحظات. إىل َ هوامش أو َح ٍ هذه ،بكل بساطة ،حتي ٌة ّمنا لألخوين رحباين ،نحن الذين ُ نشأوا عىل ترا ِثهام، طالع من ح ْل ِمهام. وأحبوا عىل كلامهتام ،وحلموا ُّ ٍ بوطن ٍ مجيل ٍ املتشعب الذي ال حيوطه الطويل الواسع األخوين رحباين ِّ ضوء عىل طريق َ هذا ٌ ِ ِ ت إبداعي ٍة ،ضئيل ٍة إمنا مثمرة ،قليل ٍة إمنا خمتزنة بالكثري جم َّلدٌ واحدٌ لإلضاءة عىل سنوا ٍ مبدع أغنى الرشق ِشع ًرا ً ومرسحا وجتديدً ا ،أدّ ى ً وحلنا وميلوديا وموسيقى من ً جنى ٍ صوت الرائع الذي مح َل ُه إىل أطراف الدنيا حتى صار الصوت معظم ُه ُ ُ االستثنائي ُ َ ُّ فريوز هو العنوان. ٌ عنوان واحد ،فللعمل الرحباين عنوانان :اسمه، فني عاد ًة وإذا لكلِّ عمل ٍّ ٍ وصوت فريوز.
مقدمة الطبعة الثالثة ّ
لصدور هذا الكتاب قصة. ب عن ب َّ إيل الصديق النقيب جوزف د .الرعيدي يف وضع كتا ٍ ذات يوم ِرغ َ لكن كتا ًبا من هذا النوع ،باملعيار األخوين رحباين ،لع ْل ِم ِه بقريب منهام سري ًة ً ونتاجاّ . َ الغزير ت من العمل والتنقيب لإلحاط ِة مبعظم النتاج الرحباين األكادميي ،يتط َّلب سنوا ٍ ِ ونصوصا وبرامج إذاعي ًة ت سينامئي ًة ً شع ًرا وأغني ًة ً َ ت تلڤزيوني ًة وسيناريوا ٍ ومرسحا وحلقا ٍ ذهلُ من غزارة. ونصوصا ً ً ونصوصا ُت ِ دت يف ّ نوستاجلي ٍة متتالي ٍة ت غري أنني ،لتلبية الطلب العزيز عيلّ ،عُ ُ ملفايت إىل لقاءا ٍ َّ كنت فرتَ َت ِئ ٍذ ال َأزالُ يف جلست خالهلا إىل الصديق منصور الرحباين (صيف ُ .)١٩٩٣ ُ راس ُلها إيل جملة الوسط يف لندن ُ املنأى املؤقت (بحرية الليمون -فلوريدا) و َر ِغ َبت َّ (كنت ُأ ِ جئت َ صيف ٍئذ هلذه الغاية من الواليات املتحدة) أن َأ ُكتب أضواء عىل األخوين رحباينُ . ت قدمي ًة كانت تنساب من إىل لبنان ،و ُر ُ حت أسجِّ ل ملنصور ،يف سويعات صفاءٍ ،ذكريا ٍ عينيه قبل صو ِته ،وأحيا ًنا من دموعه قبل كلامته (يف ُّ ت عن عايص ،وخاص ًة تذك ِر ِه حمطا ٍ حادث َة انفجار دماغه ومرحلته األخرية) .كان مرا ًرا يغالب اإلجهاش ُّ بالتذكر ،ويروي حياته مع عايص يف َو ْحدَ َن ٍة مدهشة ،فلم ينسب إليه ً عمال تف َّرد به دون عايص. معظم ما سجَّ ُلت ُه بصوت منصور ت كتب ُ َ بعد رجوعي إىل الواليات املتحدةْ ، النصوص ت يف بيته (أنطلياس)، وزودْ ُ ومعظم ما َّدو ُنته خالل تلك اجللساتَّ ، َ َ ُبص َو ٍر َمج ْع ُتها من العائلة الرحبانية ووثائق من َأرشيڤي َوأرشيڤ بعض األصدقاء، َ مثان من العدد )١٩٩٣/١١/١٥( ٩٤إىل العدد ١٠١ ونش ْر ُتها يف الوسط عىل حلقا ٍ ت ٍ املتداول ت منها دت إليهاَّ ،نقحْ ُتها ،حذ ْف ُ ( ،)١٩٩٤/١/٣كانت مخرية لوضع الكتاب .عُ ُ َ وأضفت إليها الكثري مما َّدو ُنت ُه ومل َأ ُنش ْره ،وتفاصيلَ أخرى كانت يف دفاتري ومذكرايت ُ الشخصية ،فكان القسم البيوغرايف من هذا الكتاب غري ُمدَّ ٍع إحاط ًة كاملة بالسرية إلقاء أضواء رئيسة ذات عناوين كربى عىل تلك السرية الغنية باإلبداع. الرحبانية ،بل َ بيوغرافيا ،عند غياب عايص ،ألن هدفه ،حتديدً ا ،عايص يتو ّقف الكتاب، ً ومنصور .لذلك ،ال كالم فيه عىل منصور يف مرحلة ما بعد عايص (مع غزير ما أنتج 11
في رحاب َ األخوين رحباني
لعلّ أقرب صورة لـاألخوين رحباين يف دأهبام الدقيق ،ما ورد يف قصيدهتام طريق النحل:
طرـيـــق النـحــــلـ الطا ِـيــرْ بيـصــيــــر ُ يـــرس دوا ِي ـــ ـــ ــرْ مـــــن فــــــوق الـــ ْقـــصـــور أعــــــى ْمـــــــن ِ الـــ ْقـــصـــور أعىل من ِقـبَب العايل عميكتُب ْسطور...
ـفــــــوق ال ـضَّ ـ ْو املكسور يــك ـ ُتــب َع اهلــــوا ْســطــور
أما ملاذا التامهي مع طريق النحل بالذاتَ ،فـ َـأِل ّن: وإنتاجاْ : َ بدأب ً عنهام سري ًة أ) عنوان هذه القصيدة بني األصدق يف التعبري ُ النحل عىل اجلودة َ وس َع والتأ ّني والد ّقة والصرب واملثابرة واملواصلة والطنني الدائم ْ ت ك ِّله ال بني الوقت والوقت ،حتى َ قرص العسل. ينضجُ ،قبل ًة بعد قبل ٍة، الوق ِ ُ ً متواصال ال إىل وهكذا أعامل األخوين رحباين :نضجَ ت دُ رب ًة بعد دُ رب ٍة ،جهدً ا والرائع الطيب الشه ِد تكو َن ،عَ َم ًال بعد عمل ،هذا الرتاثُ اهلائل، ُ ُ اسرتاحة ،حتى َّ ف بأن َ املذاق ،والذي ،يف ما سوى ربع قرن ،مل َ مأل املرشق واملغرب ،بل أعطى يكت ِ الرشق هوي ًة موسيقي ًة جديدة. ب) طريقَ النحل هو ا َألعىل بني مجيع الطرق ،ال يتحدَّ د مبساحة أرضية ،وال طول وعرض ،بل له األفق الواسع ،واملدى الرحب ،واألثري بخطوط مرسوم ٍة ذا ِ ٍ ت ٍ الالمتناهيَ ، ب فيه سوى النجم الساطع. كوك ُ والف َلك الالحمدود ،وا َجل َلدُ الذي ال ُي ِ استثنائي لنتاج عبقري استثنائي مل يكن ً ممكنا أن وهكذا تراثُ األخوين رحباينَ :ج َلدٌ ٌّ ّيتسع له سوى طريق النحل ،فكيف وهذا الطريق َ سيدة غنائنا فريوز، مط َّر ٌز بخامة ّ ت الفريد الالتفسري له ،طار إىل أقايص الدنيا يربط العا َمل من َأقصاه إىل َأقصاه الصو ِ بآهة اجلامل ،فكان عومل ًة من لبنان قبل أن تكون العوملة! ∂ 10
مقدمة الطبعة الثالثة ّ
بيوغرافياِ :من املبدعني َمن ال تكون سري ُتهم عىل ارتباط وثيق بنتاجهم. ً مع األخوين رحباين ،األمر خمتلف :سري ُتهام ،وخاصة تلك اآلتي ُة من الطفولة والباقي ُة معهام منذ املطالع ،ضالع ٌة يف ثنايا أعامهلام :يف شخصي ٍة هنا ،أو ذكرى هناك، رمز هنالك .من هنا َّأن يف صفحات هذا الكتاب من سريهتام ما ميكن غمز أو ٍ أو ٍ يضم مفاتيح عن الفن الرحباين شعر ًيا أن يكون للدارسني َ وفنيا ،مبا ُّ تقنيا ً وموسيقياً ، ً ت يف حياهتام ،وكلِّ ما ت وأخبار رسار وأشخاص وشخصيا ٍ وكواليس وخلفيا ٍ َ ٍ من َأ ٍ ٍ َومن كان ذا تأثري مبارش ،أو غري مبارش ،عىل ما ورد يف أعامهلام. ∂
ِشعر ًيا :يقدِّ م هذا الكتاب باق ًة -جم َّرد باق ٍة صغرية -من القصائد الرحبانية، أو احلوارات الشعرية ،وال يدَّ عي االنتقاء األنطولوجي املو َّثق .إن هي َّإال آللئ قليلة من هذا البحر الشعري الرحباين الواسع ،لإلشارة الوميضة إىل البنية الشعرية الدقيقة نسيج شعري عام َّي ُه والفصيح .فقصيد ُتهام ذات يف كتابة األخوين رحباين الشع َرِّ : ٍ متامسك ،وهيكلية متينة ،وهندس ٍة دقيقة يف التقطيع واألوزان والقوايف (وأحيا ًنا باعتامد للعجُ ز يف البيت الواحد) وترتيب للصدْ ر غري ُأخرى َ ف َ صعوب ٍة مقصود ٍة كااللتزام بقوا ٍ مدور ُأخرى .ذلك أهنام ،يف موسيقامها عمودي مر ًة أو تفعياليتٍّ ّ ٍّ ا َألبيات يف التزام ٍ يستسهال قصيد ًة ،ومل ابن الصعوبة ،فلم الفن الكبري هو ُ كام يف شعرمها ،عرفا أن َّ ِ ير َت ِجال ًنصا ،ومل يستهينا بحوار .ك ُّله مدروس ،مد َّقق ،مشغولٌ حتت جمهرمها الصعب املتط ِّلب الصارم. وما نقوله عن شكل القصيدة الرحبانية ،نقوله عن املضمون كذلك :عاجلا مجي ــع املواضيع فكتبا يف خمتلف األنواع واستخدما هلا خمتلف األوزان وا َألشكال الشعرية. كتبا القصيدة الغز ََّلية الرقيقة ،والقصيدة الوجدانية العميقة ،والقصيدة الوطنية الوثيقة، نتاج ُهام مبا خياله ِّ املتلقي بالطواعية والسالسة ذاهتام يف العامية كام يف الفصحى .وجاء ُ ً ً املنهال عىل خشونة املادة ا َأل َّولية حتى وسهال ،فيام هو ابن النحت املضني بسيطا ِ 13
في رحاب َ األخوين رحباني
منصور من أعامل بعد ،)١٩٨٧وال كالم فيه عىل فريوز منفصل ًة (مع كل ما قدَّ مته بعد تو ُّقفها عن العمل مع عايص ومنصور عند مرسحية پرتا عام ،)١٩٧٨وال عىل ً ت َّمميز ٍة يف أعامل عايص ومنصور). الياس منفصال (رغم ما كان له من إسهاما ٍ واضح وحمَدَّ د :سرية عايص ومنصور كام رواها منصور منذ اهلدف من الكتاب ٌ الطفولة حتى غياب عايص صباح السبت 21حزيران .1986 لكن الوفاء ملنصور اقتىض ،وهذه الطبعة الثالثة من الكتاب تصدر بعد غيابه ،أن أكتب ً ملحقا للكتاب حتي ًة له ،هو الذي ،هنار مأتم عايص ،إذ كنا عىل باب الرضيح، تذكرت هذه ا ّتكأ عىل كتفي ومهس يل :اآلن تدفنون مع عايص نصف منصور. ُ قلت ... :واليوم اكتمل الغياب العبارة بعد 23سنة ،ونحن نودع منصور ،وإخالني ُ برحيل منصور إىل عايص. ∂
ً هنري زغيب ّ لتحيا) مع عاصي ومنصور (كازينو لبنان)1980/3/26 - (أيام كان ُم 12
مقدمة الطبعة الثالثة ّ
ليست هــذهً ،إذا ،أنطولوجي ــا ،بل ركيز ٌة ألنطولوجي ــا الحقة ال بــدَّ أن ْتأيت. خير ٍة ملن ْ يوما فيدخل إىل الشعر الرحباين الواسع سيأيت ً إهنا إضاءات عىل مخــري ٍة ِّ كما ً وكيفا وكنو ًزا ومجاالت. يد ُر ُس ُه ًّ مفتاحا للدخول، ب هذا الكتاب أن يكون دعو ًة إىل رحاب العا َلم الرحباينً ، حس ُ ْ إبداعي َث ِر ٍّي ما زال بستان ضوءا عىل الطريق ملن يرغب يف اكتشاف الطريق إىل ً ٍ ٍّ يوم ينكشف ك ُّله للناس ،أمامهم ،يف متناوهلم، هناء َتنا َ ٌ ردح منه ٌ كثري يف الظل ،ويا َ عاليا بانتساهبم ال إىل لبنان اللبناين وحسب ،بل ،باملستوى كي يكون هلم أن يباهوا ً احلضاري األنيق نفسه ،إىل ...لبنان الرحباين.
15
في رحاب َ األخوين رحباني
ـال طويل ٌة مضني ٌة َلتنتهي ماد ًة ِّلين ًة مصقول ًة سلس ًة ناعم ًة ومنسابة ،تشهد عىل ذلك لي ٍ من العمل املرهق كانا ميضياهنا يف الكتابة والتنقيح وإعادة الكتابة والقراءة ألقرب دائما املق ّربني ،حتى خيرج النص مبا يرىض عنه عايص ومنصور ،املتط ِّلبان املتشدِّ دان ً يف إنتاج األفضل واألرقى واألمجل. وهذا ما غنمناه نحن ،املتلقني ،إر ًثا شعر ًيا ثر ًّيا سيبقى زادً ا لنا من مدرس ٍة ألجيال آتي ٍة كثرية. ت ُترا ًثا خالد ٍة أنتجَ ْ ٍ ∂
تشكيلياَّ : ألن القسم األكرب من قصائد هذا الكتاب هو باللبنانية ،ح َر ْصنا ً أواسطها وحسب ،بل يف أواخر الكلامت عىل التشكيل شبه الكامل ،ال يف ِ ْ ِ صمتا ،كي َ لفظها َجه ًرا أو قراء ِتها ً تبلغ القصيد ُة القار َئ كام هي أحيا ًنا ،لسالمة ِ سماعَ ها من األغاين أو احلوارات ،ألن كثريين لن َّ يتلقفوها باللبنانية ،أو كام اعتاد َ َبأ ُعي ِنهم القارئة بل بآذاهنم (كام حفظوها ملحَّ َن ًة) ،أو بذاكرهتم اجلامعية (البرصية أو املشهدية). تقطيعا ينساب فاعتمدْ نا هلا أما طريق ُة كتابة القصيدة عىل مساحة الصفحات، ً َ ت مع تتايل القوايف َو َت َن ُّو ِعها ،لكي َّ س القصيد ُة ت مع البيت الشعري ،وم ّرا ٍ مرا ٍ تتنف َ س بي ِتها املضمون ُّـي قبل الشكيل. عىل مساحة البياض مبا ُيميل معناها ،أو َن َف ُ ∂
أكادمييا ،وال بيوغرافيا قلت يف مطلع هذه املقدمة َّإن هذا ليس كتا ًبا لكلِّ هذا ُ ً ً ً هام ثالثٌ هلا خرباؤُ ها ،وال ْنش ًرا الرتاثَ الرحباين ،وال نقدً ا وحتليال أعام َل ُهام .هذه َم ُّ بدَّ أن يقوم بينهم من يتولون إحداها أو َثال َث َتها ذات يوم ٍ ْنأمل َّأال يطول .ومتى سيأيت هذا اليوم ُ الكتاب مخري ًة ُو ْثقى تضاف إىل َج ِّي ِد ما سبقه يف السياق يكون هذا ُ الرحباين نفسه. 14
وط ّليت َع بعلبك بعد عشرين ِسنِ ه...
تلك الليلة ١٤ :آب ١٩٩٨ طالعا من ليل بعلبك ...وأَشرق فجر فيروز ً
بعد غياب ِّنيف وعقدين عن أدراج بعلبك ( ،)١٩٧٤عاد صوت فريوز يصدح مجيل أعاد لبنان الذي كان ،واستعاد أنقى بني اهلياكل ،فيشقّ عتمة الليل إىل ٍ نور ٍ ورسم ل َ حارص ْته الغيوم السود لكنها لوطن َ الذكرياتَ ، ـلبنان بعد احلرب صور ًة مرشق ًة ٍ تستطع أن تلغيه ،وحني تبدَّ دت الغيوم عاد إىل هبائه وتراثه ورسالته الفنية الثقافية مل ِ التارخيية ،وعاد إليه ...صوت فريوز. عامئذ (بني ١٤و ٢٣آب )١٩٩٨استقب َلت أدراج هيكل جوپتري يف بعلبك العمل ٍ ييضء الليايل اللبنانية يف مهرجانات بعلبك. الرحباين الذي لسنوا ٍ ت (منذ )١٩٥٧كان ُ والعمل :ثالثة مقتطفات من األعامل الرحبانية َّتو َجها صوت فريوز الذي عاد إىل حمبيه بكامل زهوه ومجاله وخامته الفريدة. معظمها يف مهرجانات بعلبك ،مل تعد ً أعامال فنية وأعامل األخوين رحباين ،املقدَّ م ُ متر كل عام وتذهب إىل خزانة احلفظ ،بل أصبحت ظاهرة فنية متميزةَّ ،غيرت يف مسار املوسيقى الرشقية وكلامت أغانيها ،وك َّرست املرسحية الغنائية (وهي غري األوپرا واألوپريت) قطع ًة فني ًة متكامل ًة تلبس احلوارات التمثيلية والغنائية ،وتلبس املوسيقى
وط ّليت َع بعلبك بعد عشرين ِسنِ ه...
املنــذورة لالستشهــاد :أبوه سقط عىل البوابة ،وهو ً أيضا ،وابنته غر ِبه التي جاءت كي خت ّلص األرض وأهل ا َألرض. يعتربها النقاد من أضخم األعامل املوسيقية والغنائية التي ظهرت حتى زمنها. )٣ناطورة المفاتيح (مهرجانات بعلبك :)١٩٧٢شعب بكامله هياجر من أرضه .ألول مرة هياجر الشعب عوض أن يرحل احلاكم الظامل .ال يبقى يف البيوت شعبا ،صارت هي الرعية ،إذا رحلت يصبح ُ غري زاد اخلري التي صارت مبفردها ً حاكما عىل خياالت الشجر والبيوت .يقرر احلاكم أن يرضيها ،إذ ال ميكن أن احلاكم ً يكون ٌ ملك وال رعية ،فينصاعُ هلا ،ويطلق املساجني ،ويعيد إىل الناس حقوقهم فيعود الشعب إىل أرضه بعدما عاد إليها العدل والسالم. مرسحية غنية باحلوارات الوطنية الالهبة واملوسيقى املتنوعة الغنية ،اعتربها النقاد وفنيا يف تاريخ الفن املعارص. تقنيا ً حمط ًة مفصلي ًة من األعامل الالفتة ً ∑
بتلك األنطولوجيا الرحبانية ،عادت فريوز رائعة إىل ليل بعلبكَ ،فأضاءته بصوهتا ّ اخلالق وحضورها اآلرس ،وعاد األخوان رحباين مبوسيقامها وحواراهتام وشعرمها العايل، َ ليايل تارخيي ًة رائع ًة فعاد إىل جمده السابق. وتأ َّلق املرسح الرحباين َ َ للبنان عرسا جديدً ا فريوز يف بعلبك ،تلك السنة الرحبانية ( ،)١٩٩٨قدَّ َمت ً العائ ِد من ليل احلروب إىل فجر السالم.
21
في رحاب َ األخوين رحباني
ت الراقصة ،وجييء صوت فريوز التصويرية واألحلان ،وتلبس املشاهدَ التمثيلي َة واللوحا ِ االستثنائي الساحر ،فيحملها إىل عامل من احللم واجلامل يكاد ال حيوطه وصف. ورسخاه هذا هو اجلديد الذي ،منذ مطلع اخلمسينات ،طلع به األخوان رحباينّ ، يف الذاكرة اجلامعية جديدً ا مستم ًرا ،أخذ الناس ينتظرونه من بعلبك إىل بعلبك، من عام إىل عام ،من مرسحية إىل أخرى ،حتى إذا انتهت الليايل اللبنانية يف ت َت َت َردَّ د يف بيوهتم وسهراهتم مهرجانات بعلبك ،مل َت ْن َت ِه من ذاكرة الناس ،بل َب َقي ْ ت متثيلي ًة وغنائي ًة ،ترافقهم منذ ليايل بعلبك إىل كل الليايل يف كل ت وحوارا ٍ أغنيا ٍ مكان من العامل. عاما ،بعد مرسحية هبــذا املناخ الرحباين َّ املوحد (وك ــان تف َّر َق قبل عرشين ً طاغ لغياب عايص اجتم َعت العائلة الرحبانية من جديد پرتاَ ،)١٩٧٨ - ٍ (بحضور ٍ الكبري) ،فصدَ حت فريوز ،وأرشف منصور عىل الربنامج ،وقاد الياس األوركسرتا، وشارك زياد يف أحلانه ،وكانت رميا مساعدة املخرج (اإليطايل دانيييل آبادو) ،وشاهد عامئذ ثالثة مقتطفات رحبانية: مجهو ُر بعلبك ٍ )١جسر القمر (من مهرجانات بعلبك :)١٩٦٢رصاع عىل املياه بني ضيعتني (جرس القمر والقاطع )خ َلق َت َو ُّت ًرا وانقسامات ومشاكل .وحني تبلغ األزمة حدَّ ها األقىص ،تصل الصبية املسحورة (صبية جرس القمر) فتحلُّ األمر ببساطة: عىل اجلرس كن ٌز مرصود ،من جيده حيلّ املشكلة .يبحث اجلميع عن الكنز ،فإذا َ َ ضيعه بينها وبني الضيعتني هو السالم واملحبة بني أهايل املتخاصمت ْين :كل َ قلب ،مهام تع َّرض للخطر ،ما بينهدم بيشدّ ْ قلب ِ الدين جرس القمر .وطاملا فيها ْ جرس القمر. ويعترب النقاد أن جرس القمر هي من مطالع املرسح الغنائي يف لبنان والرشق. ّ )٢جبال الصوان (مهرجانات بعلبك :)١٩٦٨ملحمة املواطنني الذين قرروا أن ميوتوا من أجل وطنهم .وهو قدَ ر األبطال التارخييني الذين يسقطون شهداء عىل بوابة الوطن ،ألجل إنقاذ شعبهم من احلكام الفاتكني املتسلطني ،كسليلة مدلج 20
وط ّليت َع بعلبك بعد عشرين ِسنِ ه...
منذ املطالع هتف سعيد عقل :هذه سفري ُتنا إىل النجوم ،وقال نزار قباين: قصيديت ،بصوهتا ،اكتست ح َّلة أخرى من الشعر. الصبي ُة اخلجولُ التي سمعها حليم الرومي ذات يوم يف اإلذاعة اللبنانية ،واستدعاها َّ ساهم العينني ،وقال هلا :يا بنتي، شاب ناحلٌ َ ذات يوم ٍ آخر إىل مكتبه وكان فيه ٌ ُ ُأع ِّر ُف ِك بالعازف وامللحِّ ن عايص الرحباين ،تد َّريب معه وسيعطي ِك من أحلانه ،هل كانت العبقري ُّ َ وموهبتها اخلارقة؟ الفذ سيوصل صو َتها النادر حتدُ س إىل أين هذا ُّ وتتزوج هناد حداد (فريوز) من عايص الرحباين .يقول منصور :جاءت فريوز ّ ذات احلضور اآلرس والصوت ْ فانضمت إلينا .أصبحنا ثالثة .وراح صو ُتها املفرد، َّ ُ ب يف الوعْ ِي سامعه األفكار التي حيم ُلها. ويرس ُ خيرتق احلواج َز العاطفيةِّ ، ت سفينةُ . بعضها شاطئ .بعضها منارة. يقول أنيس احلاج :بعض األصوا ِ والشاطئ واملنارة .هو ِّ الشع ُر واملوسيقى والصوت، وصوت فريوز هو السفين ُة ُ ُ و...األكثر من الشعر واملوسيقى والصوت. روح َك قبل أن َي َت َق َّط َر يف سمعك. الصوت الذي ترش ُب ُه ُ بىل ...وأبعدُ أبعد :إنه ُ إنه الصوت الذي صار اليوم ...عنوا ًنا آخر للوطن. ∑ عاصي ومنصور...
اسما َ ألخ َـوين .صارا ظاهرة .ولع َّلهام منذ ظهرا ،قبل ِّنيف ونصف قرن، مل يعودا ً ترسخ جذعها الطالع من جذور األصيل القديمَّ ، موشحَ ًة بدءا ظاهر ًة مميز ًة راحت ِّ غري حمدودة. احلس والذوق ،ومن الفن نظرة إىل اإلنسان َ بقال ٍ أنيق أخذ من العرص َّ ب ٍ منذ املطالع يف أنطلياس حيث ُو ِلدا (عايص ،١٩٢٣ومنصور ،)١٩٢٥كانا الشعراء تطو َر حتى بات مدرس ًة يف التأليف والتلحني تأ َّثر هبا لو ًنا َآخ َر يف الفنَّ ، ُ وامللحنون يف لبنان والعامل العريب. 23
الزمن الرحباني
كتبت لكتاب مهرجانات بعلبك الدولية( املهرجان احتفاء باحلدَ ث الرحباين، ُ ً ٢١للعام )١٩٩٨النص التايل (من صفحة ١١٨إىل صفحة )١٢٩حول العمل وأعالمه: فريوز
ليل طويل ،فترشق الشمس من سكون يعودُ صو ُتها إىل أدراج بعلبك بعد ٍ األعمدة واهلياكل. الصوت الذي َ يأتيك من كل مكان ،فتحار أين تستقبله فيك. ُ َ الصوت الذي تنسى معه َ تفوتك حلظ ٌة مما هو. أنك أنت ،كي ال ُ الصوت الذي ظلَّ ينضح شع ًرا حتى باتت سيد ُته شاعرة الصوت .إنه ُ اليوم ،يف عرصناٌ ، عنوان آخر للوطن .لألوطان ،عاد ًة ،اسم واحد ،أو رمبا تعريفات. نحن؟ نخترص .نقول :لبنان ،فيجيب السامع :يعني وطن فريوز! ونيف ،جاءت ُم َتـ َّـو َجة ،كام يقول منصور منذ إطاللتها األوىل ،قبل نصف قرن ِّ الرحباين .ويضيف :عدا مجال صوهتا وموهبتها اخلارقة ،هي ظاهر ٌة ال تتكرر :فصو ُتها َّمميز ،وإطالق ُة صو ِتها َّمميزة ،وكلُّ ما جاء يف هذا الصوت من خوارق ،وما خلف هذا صقل وجتارب خضع هلا ،جعل منه رمزًا من رموز هذا العرص ،تأ َّثر به الصوت من ٍ الشعراء يف لبنان والعامل العريب ،ألنه مل يكن جمرد صوت وحسب. الناس وحتى ُ
وط ّليت َع بعلبك بعد عشرين ِسنِ ه...
س وضع أغنيات باللبنانية ،وبالفصحى العربية ،وبالفرنسية واإلنكليزيةَ ،فأ َّس َ وجوها املتميزَّ . وغنى له موج َة أغني ٍة لبناني ٍة غربي ًة نالت جوائ َز عاملي ًة لنقاوة أدائها ِّ فنانون أجانب كذلك. خبري تقني تسجيالتٌ ، إنه مفردٌ بصيغة مجع :قائدُ أوركسرتا ،مو ِّزعٌ موسيقيُّ ، مرسحي ً وتلحيناُ ، ً مؤلف موسيقى كالسيكية وموسيقى تصويرية تأليفا منتج موسيقيٌ ، ٌّ وصاحب أنجح األحلان اإلعالنية معا، وكالسيكي شعبي ملحن وغريب ً ورشقي ٌّ لألفالمٌ ، ُ ٌّ ٌّ ٌّ يف الرشق. وبقيت أحلا ُن ُه شارك شقيقيه عايص ومنصور يف براجمهام املرسحية والتلڤزيونيةَ ، خمرتقة ،وبينها ٌ ت كذلك الذاكر َة اجلامعية. أحلان ناجح ٌة لفريوز دخ َل ْ مغاير ًة ِ الياس الرحباين ،ثلثُ قرن من الزمن الرحباين املغاير ،مل خيرج عن املدار الرحباين وتنوعً ا وغزار َة عطاء. نجما مميزًا فيه ً بقي ً نتاجا ُّ مستوى أصال ٍة مبدعة ،لكنه َ
25
في رحاب َ األخوين رحباني
وتف َّردَ ت هلام نكه ٌة خاصة ،ناضح ُة املالمح ،من الفولكلور اللبناين والرتاث العريب رشقيا متجذ ًرا يف احلضارات .وأعادا واإلسالمي واملاروين والبيزنطي واألرمني ،إر ًثا ً إحياء املوشحات األندلسية ،والقصيدة الغنائية ،فدخلت إىل قلوب الشيب والشباب. ُ شخصيتهام الفنية َّمميزة ،فجاء كل ما أبدعاه َّمميزًا وجديدً ا .وضعا هارمونيا كانت وتوزيعا ًّآليا لألرباع الصوتية التي كانت غري قابلة للتوزيع ،فأضافا إىل ّفنهام خاص ًة، ً مذا ًقا ً مجيال َ سائغ االقتبال والسامع .وحني ّأسسا املرسح الغنائي (وهو غري األوپرا واألوپريت ،بل نوعٌ جديد مبتكر) ،ط ّرزاه بغراب ٍة وشاعري ٍةَّ ، ووظفاه يف خدمة اإلنسان وطن مثايل رسامه مرصودً ا عىل املعارص ً مهوما وشجو ًنا ً وسعيا إىل الفرح والسعادة ،يف ٍ احلق واخلري واجلامل. موسيقى متفرد ًة، ت متثيلي ًة وغنائية، ومل َ ت ،لوحا ٍ دفق وعطاء :أغنيا ٍ ً يتعبا من ٍ ت احللقات التلڤزيونية، ت احلفالت يف لبنان والعامل ،عرشا ِ ت غنائي ًة ،مئا ِ مرسحيا ٍ ٌ ترسيخ ملدرسة رحباني ٍة غزت الرشق قلو ًبا وترا ًثا أفالما سينامئية ،...ويف مجيعها ً وذاكر ًة مجاعية. ومنذ ،١٩٥٥عام زواج عايص من هناد حداد ،ح ّلت عىل األخوين نعمة الصوت ت فريوز الذي َّتوج الثالوث الرحباين (عايص/منصور/فريوز) طوالَ الفريد اآلرس ،صو ِ ف عام قبله ،وقد يكون ً خمتلفا عام سيجيء. قرن من الزمن اللبناين اجلاميل ،خمتل ٍ نصف ٍ إنه الزمن الرحباين ،نحته َ غري عادية ،وجاء األخوان عايص ومنصور ظاهر ًة َ العادي هو اآلخر ظاهر ًة يف ذاته مح َلت الزمن الرحباين إىل آخر غري ُ ِّ صوت فريو َز ُ الدنيا. ...والياس
يؤسس مع شقيقيه (للفارق يف السن) لكنه واصل هو الرحباين الثالث الذي مل ِّ معهام َ واخت َّط لنفسه هنجً ا َّمميزًا مجع املناخ اللبناين إىل الرشقي إىل األجنبي املعارص ُ ومواهب جديدة ،وبات مبوهبته ونتاجه الغزير املتنوع مدرس ًة واحلديث ،فأطلق أصوا ًتا َ مستقل ًة خاص ًة متعدد َة العطاءات والنتاج. 24
وط ّليت َع بعلبك بعد عشرين ِسنِ ه...
فريوز:
وطلّيت َع بعلبك بـعد عــرني ِسنِـه ت يـ ِـدلّــي إســـأل إذا شــافَــك حــدا َ ال تقول مَـنَّك هون ،بـعدو َع ادلراج ـال ...وبعدا طايرَه فيك ادلين خــيـ َ
كالما ويف ختام تلك السهرة الرحبانية ،كانت هذه ا ُألغنية ملنصور الرحباين ً ً وحلنا ،اسرتجعت فيها فريوز تار ًخيا من املجد عىل أدراج هياكل بعلبك:
آخــر مَ ـــــرَّه غَـ َّنـ ْيـ ِـتـ َّـ ـــــك... والــــيــــوم رجــعـــــا الــتــقــيـــــا كـنـــــــــتمت َّوجابألـخـضــــرـ
ـكـــــــــ ّنــــا ابلـــصـــيـــف َصــــيــــف وادلين ـــر خـــــــرين لـــيـــش مـــغَ َّ ِّ
خبين وـيــــــــــن سحرك؟ وني زهرك؟ ِّ وني ا ْل كانوا حراش صنوبر؟ شو قوكل؟ صاروا ذكرى؟ ما فيه أتعس من إن َّك تقعد تت َذكَّر أاـن ـبــــــدـي عَ ِّمر وطـنـــــــي مت ْلا بَ ّدي وجِّــــي َع هالهســــــلـ الواسع والمسا حَ ّدي أان ـبــــــدـي وطـنــــــي يـكــــــون متل السيف املسنون ِبــدـير اإلـيـــــــــــاـم ا ْل جاـيـــي وابحلريِّه مسكون
27
...وطليت َع بعل َبك بعد عشرين ِسنِ ه َّ حارضا عىل الرحبانية ،مل يكن ألن عايص الغائب سنة 1998عن لقاء العائلة ً ّ يستحض َره ِشع ًرا ،فكانت هذه األبيات من رأسها كالعادة ،أبى منصور َّإال أن ِ حضور ْ َ العملَ ، تأل َألت دموعُ هم استحض َر عايص إىل عيون صوت فريوز الذي خت َمها ُ ٍ نجوما حاني ًة يف ليل بعلبك: النوستاجلي ُة ً َّ
قــال القمر :اي حـــ ـوِةْ الهسل ارجَـعــي ـــن الــغــزل ،والــلــيــل يش إنـــو ويع جَ ّ الهسر رح ـفـوت انم تعبان من طــول َ وبـــدلْ ـــا إطــلــع أان ...إنــــي اطــلــي وقالت المشس ..وتلج َع العايل نَقي اي حــلــوِ ْة ا ْل بتقول لـــأرضْ :اشَــقــي كــرمـ ِ ـال متنَّيت حيمكين كسوف إرشق أان ...إنـــي ارشقــي وبــدلْ ــا ُ
قصة األخوين رحباني ّ كما رواها منصور
في رحاب َ األخوين رحباني
ـيــــاـ وطـنــــــي ـيــــــاـ حبيـبــــي اي ِّمهي األكرب ـيــــاـ وطـنــــــي ـيــــــاـ حبيـبــــي أنض رح ترجع َ سي َتك لبنان األخرض أان ّيل َ َّ قــالــوا حكينا َع وطــن جايي ووَعَــــــــــــــــ ْدان الــــنــــاس قصقصنا ورق الـــرّوا ِيـــه عـــــمـــــلـــــنـــــا ُهـــــن انس عــمــيــبــي فــــي ويـــســـأل وطــــــن الـــعـــيـــنـــن األول حــبــيــي ...وان ْـــطـــرين ليل ِّيه رح يــوىع الزهر ا ْل ما ْبيِ ْد َبل حنـــنـــا األرض الــعــتــيــقَــه حنـــنـــا رصان مـــطـــارحـــنـــا منحل حننا ...حننا ...وما ْ أنــــــر وـيــــا وطــــــــي اـي حبيـبي رَح تـــــرجـــــع َ سي َتك لبنان األخرض أان ّيل َ َّ حليانـــه ادلن ْ ِيـه ِ ِ حليانـه ْبلـبـــنان األخـضر
28
فوار أنطلياس تلك الطفولة الغريبة على ّ
بنور مغاير منذ ما يزيد عن نصف قرن ،بدأ نجمان يف لبنان يسطعان ٍ عىل الفن اللبناين .بدا كأنهما جاءا عكس التيار .وما هي حتى طبعا ً ُّ َ ممكنا أي كالم ٍ عىل الفن يف مسرية الفن يف لبنان ،حتى مل يعد ببصماتهما لبنان والعامل العريب من دون التوقف عند عاصي ومنصور الرحباين. إنها حكاية ثالثة أجيال :جيل رافق صعودهما ،وجيل عاش عىل روائعهما ،وجيل جديد يستمع اليوم إليهما بذاكر ٍة بيضاء.
حكايتنا ،عايص وأنا ،قصة َ شقيقني كأهنام توأمان ،ربيا يف ظلّ األسئلة الكبرية، وطرحا األسئلة الكثرية ،وقاال بالكلمة والنوطة ما اعتقدا أنه بعض اجلواب .لكنهام أي جواب. مل يقطفا أبدً ا َّ إهنا حكاية طفولة غريبة ترعرعت بني حفايف هنر الفوار وشجر احلور والصفصاف ووعر اجلبال والصخور ومغاور أنطلياس التارخيية ...حكاية الفقر واحلرمان حتى الوجع املر ،والبكاء الصامت الذي ينتهي دموعً ا حافية عىل أطراف خمدة ممزقة فوق فراش عتيق. حكايتنا ،عايص وأنا ،جمموع ُة لوحات طفول ٍة بريئ ٍة كانت تشتهي ما ال تطاله العني ،وحتلم مبا ال تطاله اليقظة ،وتكرب عىل أخبار عنرتة والقبضايات وكرايس الزبائن أنغام ُبزُق القبضاي شيخ الشباب أبو عايص. يف مطعم الفوار ترتدَّ د بعد رحيلهم َ
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
شيخ الشباب أبو عاصي
البيت الذي ولد فيه عاصي ( )1923ومنصور ( )1925يف أنطلياس
أميا ،لكنه يعرف من أرسار احلياة أكثر مما ُتع ِّلم املدارس .فهو من كان والدي ًّ جيل ريب عىل مخرية الربكة وراحة البال .وكانت له يف مقهى الفوار أمرباطوري ٌة الطياح خاصة يديرها بطبعه املشاكس الذي ال هيادن يف أمور األخالق (بعد حياة ّ التي عاشها ،تاب إىل االستقامة) .لذلك كتب إعال َنني عىل مدخل املقهى ضد املرج ّو من ضيوفنا الكرام أن تكون أساليب ُ متاما .األول بالعربية يقول: مصلحته ً رسورهم مقرونة باحلشمة ومكارم األخالق ،وأن حيرصوا من الرشاب أن ال يو ِّرطهم مبا خيل باآلداب .ممنوع كل يشء ضد اآلداب .ممنوع عىل الرجل أن جيلس قرب زوجته بل قبالتها .ممنوع أن ِّ يلقمها بيده .ممنوعة كل حركة غري عادية .وإذا خالف أحدٌ هذه القوانني لقي ما ال حيب .اإلمضاءّ : حنا عايص الرحباين .واإلعالن اآلخر بالفرنسية ،نظ ًرا لوجود جيش أجنبي يف املنطقة ،كان يقول :ممنوع كل لفتة وكل اجلنسني. نظرة خمالف ٍة اآلداب .ممنوع رقص َ 33
في رحاب َ األخوين رحباني
يف ظلّ والدنا ّ معا ،نشأنا وكربنا، حنا عايص الرحباين ،الشخصية الغريبة والقريبة ً عايص وأنا. وأبو عايص من حي عني السنديانة يف الشوير .ينتمي يف أصل جدوده إىل قرية رحبة يف عكار .هاجر والداه إىل مرص إبان موجة اهلجرة اللبنانية إثر أحداث ١٨٦٠ هر ًبا من جور العثامنينيُ .و ِلد يف طنطاَّ ، ويتذكر أن والدته كانت سنة ثورة عرايب باشا ً مشتغال لدى نسيبه الصائغ ( .)١٨٨٢عاد فتى إىل بريوت ،وسكن يف حي الرميل، صحاب حمالت ديب عايص (ما زال أبناؤه وأحفاده حتى اليوم يتعاطون املهنةَ ،أ َ عايص للمجوهرات يف بريوت) .كان حنا يطمح أن يكون ً صائغا حمرت ًفا .لكنها مهنة عهدئذ ،كانت تدُ ُّر ً ماال أوفر :مهنة مل تكن تد ُّر عليه كام يرغب ،فيام مهن ٌة أخرى شائع ٌة ٍ القبضايات .لذا كان يقبض أجرته األسبوعية ،ويذهب مع بعض ُق َّطاع الطرق إىل مبغانم أكثر .وشخصية الطياحني( الطائحني) فيعود َ ضهر البيدر أو وادي ال َّل ِّبيش مع َّ القبضاي ترددت ً الحقا يف غري واحد من أعاملنا (منها أبو أمحد يف فيلم سفر ت وخناج َر ِومدى برلك ،والقبضايات يف مرسحية لولو .)وكان ً دائما حيمل مسدسا ٍ نار مع العثامنيني ،حتى َوأسلح ًة خمتلفة .وغري م ّرة كانت له يف بريوت ُ جوالت إطالق ٍ غيابيا فلم يعد أمامه سوى الفرار من والية بريوت .يف ذلك حكموا عليه باإلعدام ً العهد ،أيام املترصفية ،مل يكن القانون العثامين يطال والية جبل لبنان التي تبدأ حدودها ً حكم ذايت ذو حصانة وامتياز ،حتميه سبع شامال عند هنر بريوت .كان يف جبل لبنان ٌ دول ويديره مترصف ال خيضع حلكم والية بريوت. وصل والدي إىل أنطلياس واستق َّر فيهاَّ ،مت ً خذا من بقع ٍة عىل فوار أنطلياس مقهى جعله ملتقى الفارين من حكم اإلعدام العثامين وجور العثامنيني .من أولئك ً القبضايات :الياس احللبي ،غنـ ــدور زريق ،احلاج عبد السالم فرغل ،أمحد اجلاك، زبائن (سماه مقهى فوار أنطلياس) ُ أبو راشد دوغ ــان ...وكان يقصد املقهى ّ كثريون من بريوت وجبل لبنان ،يشدُّ هم إليه ٌ وطرب يف الداخل أمان يف اخلارج، ٌ عىل رنني بزق حنا عايص. 32
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
َ وبشقيقتيهما إلهام وناديا يف صالون بيت أم عاصي :عاصي ومنصور يحيطان بها
شخصية قوية جدً ا ،وتوافق والدي عىل رصامته يف التشدُّ د بأمور األخالق ،حتى أخالقيا .وهذه أهنا كانت حتمل العصا وتساعده يف طرد الزبائن املشاغبني ً الشخصية ظه َرت ً الحقا يف يعيش يعيش( ستي التي كانت ترضب زوجها جدي بو ديب .)وهي كانت امرأة قروية فولكلورية من عينطورة بقيت ذكراها يف آثارنا ً الحقا فذكرناها يف ميس الريم( أغنية ستي من كحلون ،)ويف إحدى أغنيات قصيدة حب:
ـه ـ َّا ه ـ َّا ـي ــا ـتــراب عينطورَه ـفيي زورا ستـي ـمنـ فوق لو ّ
اي ملفى الــغــم وســطــوح العيد راحــت َع العيد والعيد بعيد
اجلو العام يف املقهى ،ويف البيت ،حني ولد عايص يف ٤أيار ١٩٢٣ هكذا كان ّ (وس ّميت منصور (وس ّم َي هكذا عىل اسم جدي أليب) ُ وولدت أنا يف ١٧آذار ُ ١٩٢٥ ُ عىل اسم جد أيب) .وكانت والد ُتنا يف بيت عتيق ولدَ ت فيه كذلك شقيقتي سلوى 35
في رحاب َ األخوين رحباني
ُ عاصي ومنصور يحيطان بأ ّم عاصي عىل مدخل بيتها يف أنطلياس
ونظ ًرا هلذا القانون الرحباين الصارم املتشدد املتصلب ،كان الكثريون من أبناء صباحا مطمئنني إليهم وإىل ً بريوت املحافظني يرسلون عائالهتم إىل مقهى الفوار محاية حنا عايصَّ ،ثم يلحقون هبم بعد الظهر فيجدون كل عائلة لوحدها ،يفصل بينها وبني العائالت الباقية حصري ع ّلقه حنا عايص بشكل حاجز حيجب بني العائلة واألخرى .وأحيا ًنا كان يزور املقهى ضباط فرنسيون مصحوبني بسيدات أو آنسات، حني يبدر منهم ما خيلُّ بقوانني املقهى ،يشهر حنا عايص مسدسه ويطرد الضابط مهام عال شأنه. هذا اجلو العنرتي كان يعجب الرواد واجلالس ،ومنهم :اجلن عيلُّ ،زكور حجال ،حميي الدين بعيون (وهذا األخري أهدى والدي بز ًقا ً مجيال ظل حيتفظ به ً طويال). وكان بلغ األربعني حني تع ّرف بفتاة من أنطلياس تدعى سعدى صعب، تزوجها وسكنت معها والد ُتها غيتا بعقليني صعب .وكانت جديت غيتا ذات َّ 34
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
ً (الحقا زوجة املحامي عبداهلل اخلوري ابن األخطل الصغري ،ووالدة املوسيقي العاملي اليوم بشارة اخلوري) .وكان ذاك البيت ألمي سعدى ور َثته عن أبيها وتعيش فيه مع والدهتا غيتا .لكننا رسعان ما انتقلنا إىل بيت آخر ،ولد فيه شقيقي الياس ً (الحقا زوجة املحامي والوزير الياس حنا) ،وكانت شقيقتي وشقيقتي الصغرى إهلام كتبت ً الوسطى ناديا ولدَ ت يف منـزل آخر يف بكفيا .وحول هذا ُّ الحقا قطعة التنقل ُ كثرياَّ . سكنا بيو ًتا ليست ببيوت .هذه هي ترشدْ نا يف منازل البؤس ً جاء فيهاَّ : طفولتنا ،إخويت وأنا. يف طفولتنا األوىل كانت أحوالنا مرتاحة .كان مقهى الفوار يف عز شهرته، وفريا .ومع أن أيب ذواق ُة فن ،كان ينهانا عن تع ُّلم املوسيقى، والزبائن كثريين ،واخلري ً هيتم بدراستنا قدْ َر اهتاممه ويغضب إذا قار ْبنا البزق وحاولنا العزف عليه .ومل يكن ُّ بصحتنا .لذلك يف منتصف الربيع كان ُي ْقلع عن إرسالنا إىل املدرسة ،ويبقينا حوله يف مقهى الفوار ،وال يتيح لنا االختالط بسائر األوالد خو ًفا علينا من عادات سيئة نكتسبها أو أفكار سيئة نلتقطها. عىل أن األفكار بدأت تتو َّلد فينا باك ًرا جدً ا ،عايص وأنا .كنا شديدي االلتصاق واحدنا إىل اآلخر ،كأننا توأمان ،مع أنه يكربين بسنتني ّإال شه ًرا واحـ ــدً ا .مل نك ــن ِ نفرتق .مل نكــن ننفصل .وناد ًرا مــا ُنو ِد َي علينـ ــا يف طفولتنـا منفص َلني .لذلك ،منذ معاً . ليال دائما ً تلك األيام األوىل ،دَ َر ْجنا نسمع تسمية عايص ومنصور .كنا ً معاً . معا .وهكذا أمضينا حياتنا يف ما بعد. هنا ًرا ً نترسق النظر عىل الزبائن .جاءتنا يف املقهى كنا نجلس يف ع ِّل َّية فوق املدخلّ ، باك ًرا أفكا ٌر غريب ٌة بعضها جريء لتلك السن .كان عايص خيرتع أخبا ًرا كي يس ِّليني. دائما غريبة .ناسها غريبو األطباع واألطوار .ال يكربون وال يشيخون. وكانت أخبا ُر ُه ً مهادن ليس فيه رش .منذ طفولته كان عايص ب طي ٍ خيلق يل عا ًملا من شع ٍ ٍ ب مسامل ٍ ودائما خيلق يل عوا َمل جديدة ناسا تسودُ بينهم عدال ٌة وحمبةً . مبدعً ا مبتك ًرا .خيلق ً وقصصا جديدة .مل أكن أعرف من أين يأيت مببتكراهتا َوأشخاصها .كنت أصغي ً 37
ً عاصي طفال ( 1925سنة مولد منصور)
عاصي ومنصور يف طفولتهما (أنطلياس)
عاصي ومنصور وشقيقتهما سلوى (أنطلياس )1930
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
ك ُم لو كان قليب مـعي ما غري ُ ُ اخرتت َ رضــيــت ســـوامك يف اهلـــوى بَـــ َدال وال ُ راـغــب ـفــي ـمــنـ يعذّـبــه لكـنـه ٌ لـــومـــا وال عـــذَال ولــيــس يــقــبــل ال ً
وإكراما لتلك الذكريات ،أدخلنا ً الحقا هذين البيتني يف لوحة موشحات .كان ً أبو عايص حيب شعر عنرتة .ومع أنه ُأ ّم ّي ،كان يروي قصائد كاملة من عنرتة لشدة يوما طنجر ًة من املقهى ليشرتي هبا ديوان عنرتة بتحقيق إعجابه به ،حتى أنه باع ً ابرهيم اليازجي. كان الفوار ً حماطا بأحراج كثيفة وأودية خميفة ،تزداد رهب ًة يف الليايل بأشجارها العالية كلام سطع عليها ضوء القمر .من هنا ما قلناه ً الحقا يف صح النوم:
ـعــمــــــــطـــــــــــع الـــــمــر ـعــمــــــــطــــــ ـــــع الـــــمــر عميـقـطـــع وادي ورا وادي
والــــغــــم الـــــبـــــارد يــطــلــع ِ والـــنـــجـــمـــه صـــوبـــو تــمــع ّ وعـــى راســـو الشجر الــراكــع
أصوات حيوانات غريبة تزيد من عزلتنا التي ،وسط وكانت تتناهى إلينا يف الليايل ُ أصوات الضباع والذئاب ،ختلق لنا ،عايص وأنا ،عوامل جديدة ،بعيدة ،مبهمة ،فتزداد معها األسئلة ويبتعد اجلواب .كنا نلتصق واحدنا باآلخر بني اخلوف والطمأنينة: ضوءا َ وخدَ ًما وعُ َّم ًاال اخلوف من هذه احليوانات ،وطمأنينة أهنا لن تبلغنا ألن عندنا ً يف املقهى ،وهذه احليوانات ختاف الضوء كام خيافه بعض األرشار .وهذا ما ظهر ً الحقا يف أوپريت الليل والقنديل حيث هولو خياف الضوء ويريد أن يكرس القنديل الكبري عىل كتف الشري لكي تغرق الضيعة يف العتمة. كانت حتدث أحيا ًنا مشادَّ ات ومعارك باأليدي واملعاول ،خال ًفا عىل توزع مياه هنر الفوار التي كانت تنـزل إىل السهل فتسقي القرى املجاورة (جل الديب، 39
في رحاب َ األخوين رحباني
يفسر إليه .أصدِّ قه .تكرب يف رأيس األسئلة ،وتتزايد يف خميلتي الوجوه .وهذا ما ِّ ً الحقا كثر َة الشخصيات التي حفل هبا مرسحنا ،وهي تتأرجح بني مجيع أنواع الناس وطبقاهتم وأطباعهم وميوهلم وكاراكترياهتم. يف تلك الطفولة األوىل ،من تلك العلية ،كنا نستمع يف املقهى من البوق (الفونوغراف) أغنيات الشيخ سيد درويش وعبد الوهاب وأم كلثوم وأبو العال حممد ومتسنا بشعور والشيخ أمني حسننيَّ ، فتتلون طفولتنا بأجواء موسيقية َتدخل ذاكرتنا ُّ تفسريا له يف تلك األيام الطرية. لذيذ مل نكن نحسن ً حني يتفرق الزبائن آخر الليل ،كان أبو عايص جيلس لوحده أو مع أحد أصدقائه، أنغاما شجية تطربنا ،عىل نور قنديل كبري (لوكس) يتدىل من ويروح يعزف عىل البزق ً السقف ،له إطار كبري يفيض النور من حتته إىل دائرة معينة حول املقهىَّ ،ثم يغرق كل يشء خارجها يف العتمة الكربى .كانت أسئلتنا تبدأ من حدود تلك العتمة :ما الذي هناك؟ ماذا جيري خلف حدود الضوء؟ وهذا ما ظهر ً الحقا يف ّ مغناة جرس القمر:
بدان نعرف رس اإلشيا ـمــعــنــــــى اإلشيــــــــــــاـ ـشــــو الـلـــــــي خمـبـــــاـ شو اليل هبالعمتِه بريفرف؟ ـبــــدــنـــــاـ ـنـعــــــــرف ت نعرف... حننا جينا َ بدان نعرف ملا منغفى مني اليل بيوىع وبيصير يد ِّبك ِ بدعسه مَ ّـنا ممسوعَه ـبــــــدـنـــــاـ ـنـعــــــرـف ت نعرف. حننا جينا َ
صامتنيُ ،نصغي إىل أبينا ّ كنا نجلس ،عايص وأناَ ، يغني بصوته اجلهوري .ومن تلك السهرات ،حفظنا ً غالبا يردده: مواال لعنرتة كان ً 38
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
أحيا ًنا كنت أتظاهر بالذهاب إىل املدرسة ،لكنني فور دخول األوالد إىل الصف، خارجا أهرول إىل جذع شجرة كبرية قرب البيت ،أختبئ فيه من الصباح كنت أقفل ً ُ فأنام إىل الظهر ،وأعود إىل البيت مع عايص الذي مل يكن ييش يب لكثرة ما كان ومواظبا عىل َأ َن َفة وكربياء .ويوم سألته املعلمة عام يطمح أن حيبني .كان جمتهدً ا ً يكون حني يكرب ،كان جوابه الفوري :سأكون ً صائغا كام كان أيب .أما أنا فأجبت: كنت سوريايل التفكري منذ طفولتي ،وغري منطقي .كنت ً سأكون متساحا أو حرباءُ . حا ًملا باستمرار ً ورافضا كل واقع. بعد مدرسة راهبات العائلة املقدسة ،نق َلنا والدُ نا إىل مدرسة أخرى أسسها يف أنطلياس فريد أبو فاضل ،وهو أستاذنا الفعيل األول .كان فيها جدار خشبي كبري يكتب عليه الشبان عواطفهم نحو من حيبون ،فكنت أقف عنده أقرأها ،وأشعر مبا مل أكن عهدئذ أستطيع تفسريه .كنت أهرب من الدرس إىل اجلدار .املهم كان َّأال أدرس. يف السنة األخرية من مقهى الفوار )١٩٣٣( كان بعض زوار أيب ،ممن يعجبهم جو املقهى الصارم ،يكتبون له قصائد ويع ِّلقوهنا عىل مدخل املقهى .من تلك ،أذكر:
نـبع اجلنان ونزهة األبـصـاـر فاضت بساحـته املياه وـغرّدت جتري املـياه عىل احلىص وخريرها قد شاهبت عايص محاـةَ ِ بنبعها َ
ــت رؤيهتا ،ففي الفوار إن رُ ْم َ طــــرب عــى األشــجــار أطـــيـــاره ً يف الصوت حييك نغمة الغيتار ـهــا عـــاص ٍ عــى األرشار ورئــيـ ُ
وهي عىل ما أذكر لعبدالقادر ُّ الط َّبجي .وكنا ،عايص وأنا ،نحفظ تلك املعلقات التي عىل باب مقهى الفوار ،فبقيت نغمتها الشعرية واملوسيقية يف آذاننا َ وأخذ ْتنا منذ تلك األيام األوىل صوب القصائد. هكذا كانت سنواتنا األوىل عىل فوار أنطلياس :طفولة باهرة يف ظل والد حنون جرحتها يف الليايل وجوه ناس غرباء ،ينبثقون لكنه شديد املراس .نشأنا يف عزلة َ 41
في رحاب َ األخوين رحباني
ضبيه ،)...،وكان املزارعون خيتلفون عىل ِّ أحق َّية حتويل املياه إىل بساتينهم، أنطلياسّ ، فيبلغون املقهى بوجوههم الكاحلة ذات الشوارب ،بثياهبم الطويلة وغنابيزهم القامتة يتجمعون حول املقهى ضمن الضوء ،يتجادلون عىل أولوية توزيع وطرابيشهم .كانوا َّ املياه ،وحيتكمون إىل أبو عايص الذي حياول أن يصلح بينهم .وهذا ما ظهر ً الحقا يف شخصية شيخ املشايخ الذي أصلح بني األهايل (مغناة جرس القمر.) ًإذا ،منذ تلك األيام األوىل بدأت جتيء إىل تفكرينا األفكار املاورائية ،األسئلة الكبرية ،التساؤالت التي تتط َّلع إىل فوق ،إىل األعىل ،إىل رس الوجود :كيف؟ ملاذا؟ إىل أين؟ َمن؟ ما؟. ... يف تلك األجواء بدأ الناس يتنبهون إلينا ،ويقولون عن عايص سيكون شاع ًرا وعني سيكون طائحً ا .ذلك أن عايص كان ً ناعما ً لطيفا فائق التهذيب ،فيام نحيال ً كنت أطول منه وأضخم ،شديد السمنةً ، فاشال يف املدرسة ،ناجحً ا يف العنرتيات. ُ وغالبا ما كنت أهرب من املدرسة فور وصويل إليها .مل يكن يف طفولتي ما يدلُّ عىل ً أنني مرشوع شاعر أو فنان .حتى األوالد كانوا َّ يتجنبون معارشيت واالختالط يب يف دائما يفوقني ذكاء وحكمة. اللعب ،وإن فعلَ بعضهم فمرغما كرمى لعايص الذي كان ً ً أحيا ًنا كانت أمي توصلني إىل املدرسة (راهبات العائلة املقدسة -أنطلياس) كي بقيت ،كنت أنتظر دائما أجد حيلة ألهرب .وإذا ُ تأمن بقائي يف الصف ،لكنني ُ كنت ً مرور سيارات الشحن الكبرية (بريلييه) عىل طريق أنطلياس حمملة بأكياس الرتابة طالبا اخلروج للتفرج عليها .وحني متطر ،كانت (اإلسمنت) من معمل شكا ،فأبكي ً طالبا أن املياه تدلف من حتت باب الصف ،فأخاف أن جيتاحنا الطوفان ،وأروح أبكي ً أرى أخي عايص ،وأظل أبكي حتى تأخذين املعلمة إىل غرفة الصف األخرى حيث عايص ،فأطمئن إىل أنني لن أموت لوحدي ،وأعود إىل القاعة .مل يكن يستهويني يف الصف ّإال صوت رفاقي يلقون قصائد اإلستظهار .مل أكن أدري ملاذا كان الشعر ْيأخذين إىل البعيد ،فأسيح من نافذة الغرفة إىل بعيد جمهول لذيذ مل أكن أملك له تفسريا يف ذلك الوقت. ً 40
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
يف املنيبيع ،وكنا كربنا كفايةْ ، بدأنا نخدم الزبائن عىل الطاوالت .هناك تعلمنا الصيد ورافقنا الصيادين .ويف ذاك اإلطار (املنيبيع ،ضهور الشوير ،بكفيا ،شويا ،الزغرين، مشيا ،أو نرافق ستي غيتا .ومن ناس تلك املياسه ،محاليا) كنا ،عايص وأنا ،نتجول ً املنطقة الذين بقيت وجوههم وأسامؤُ هم يف بالنا ،ولدَ ت يف ما بعد شخصيات سبع وخمول وبو فارس والست زم ّرد وسائر شخصيات اسكتشاتنا الضيعوية. يف تلك الفرتة ،كنا بدأنا نقرأ الشعر القديم ونحفظ منه ما نفهمه .وساعدنا ذلك ً الحقا عىل انتهاج أوزان خاصة بنا تتناسب وموسيقانا ،مما حدا بيوسف اخلال ذات يوم ٍ أن يطلب منا الذهاب إىل مخيس شعر كي نرشح للحارضين كيف نؤقلم أوزا ًنا خاصة ألغانينا. رمبا تأ ُّث ًرا بتلك القصائد التي حفظناها يف تلك احلقبة ،بدأ عايص ينظم قصائد طويلة بإمضاء ْك ُرو ْبش حريش ويقرأها عيلَّ كي يس ّليني .كام كتب قصائد شعبية من نوع الق ّراديات املضحكة الطريفة .منها:
لــو بــتــــــــوف الــكــرُّوىس الكوىس خَــي الباتنـجـــاـن
عــلــهــا بــيــتــدحــرج كــوىس ويــــن لك فــــروخ اجلـــان؟ ُ
دوما إىل األفكار الشعبية والفن الشعبي. ومنذ تلك املطالع األوىل ،كان عايص ينحو ً وكان هذا عاملنا ،تشاركنا أحيا ًنا شقيقتنا سلوى التي عانت الكثري من شيطناتنا. ما زاد يف اجتاه عايص يومها واجتاهي إىل الفن الشعبي وأزجاله ،أن ستي غيتا بدأت حترضنا عىل قول الزجل وحفظه .عند املساء يف ليايل املنيبيع املقمرة ،كان جيلس أيب وحوله أمي سعدى وجديت غيتا ونحن حوهلم ،ويغني ونردد بعده :ملا حين إليك فؤادي ،يا لور ُح ُّبك ،زوروين كل َس َنه م َّره بدا يتثنى ،يا من ُّ وأغنيات قدمية كثرية تناولناها يف ما بعد ،عايص وأنا ،وأعدنا توزيعها من جديد وشاعت .وأذكر أننا ،حني أطلقنا زوروين كل َس َنه م َّره للشيخ سيد درويش، فوجئ أوالده (وخاصة ابنه حممد البحر) أن هذه األغنية هي له ،ومل يعرفوا ذلك ّإال 43
في رحاب َ األخوين رحباني
من العتمة ويغيبون ،تاركني خلفهم عواء الذئاب يرتدَّ د يف األودية ،وطف َلني ينامان ومرسحا ً عىل خرير املياه ،طفولتهام مشحونة بصور غرائبية تفج ّرت يف ما بعد شع ًرا وموسيقى. ذات يوم من ١٩٣٣قرر أبو عايص بيع املقهى واالنتقال إىل اجلبل ،فباع فوار أنطلياس( اشرتَ اه َمن سيصبح والد زوجتي يف ما بعد) .وكاد أن يشرتي مبال املقهى شاحنتني كبريتني للنقل البعيد ،لكنه عدل عن ذلك حني أخربه أحد أصدقائه عن مقهى صيفي قرب ضهور الشوير يف منطقة الينابيع (شويا -من حيث هو ً أصال) فهرع إىل استثامره .وسامه فو ًرا مقهى ال ْـم َن ْي ِب ْيع. كنت يف نحو التاسعة ،وعايص يف احلادية عرشة ،وبتنا نفهم املظاهر أكثر .كنا نقصد ذلك املصيف منذ أوائل الربيع ،ويعمد أبو عايص إىل تسقيف املقهى بشجر الوزال واخلنشار .وكان قرب املقهى نبع ماء ،وجدار صخري كتب عليه الرواد أسامءهم وتواريخ جلوسهم يف املقهى .كنت آنس إىل قراءة ما عىل اجلدار ،فتشغلني فكر ُة كيف يتجمد الزمان يف تلك الكتابات وما حوهلا من أسامء وعناوين وعواطف. كانت أيام املنيبيع مرحلة عزلة تامة :نجلس ،عايص وأنا ،نتأمل كل ما حولنا .كأننا جئنا من التأمل .كنا نتأمل النمل ساعات طويلة .نتأمل أشعة الشمس كيف تنسحب عن الصخور عند املغيب ،ونراقب حتُّوالت النور بني الظل الرمادي وامحرار األشعة األخرية .هناك كان جلرياننا مقالع ،فنتابع املكارين يأتون إليها، ويصعدون هبا إىل ضهور الشوير .هناك ً أيضا قطفنا العنب حيملون بغاهلم باحلجارة، ِّ ِّ من الكروم مع الناسِ .سحنا يف كروم التني .كانت ستي غيتا تشرتي عنـزات كي تستخرج منها اجلبنة واللبنة يف املقهى ،فأذهب أنا وأرعى العنـزات وأخالط املعازة ( ُرعاة املعزى) ،وأذكر منهم اثنني رشيكني :ضاهر وديب (ظهر هذان اإلسامن ً الحقا لبست ً الحقا شخصية يف أعاملنا) وأتعلم منهام لغة املاعز وكيف يساق القطيع .وحني ُ املعاز الذي استأجرنا منه القطيع بأنني املعاز( يف فيلم بنت احلارس )فوجئ َّ بشري ّ بشكل حمرتف. أسوق املاعز ٍ 42
عاصي عىل الكمان أمام البيت يف أنطلياس
عاصي عىل العود، ّ مكنية عىل الكمان، خليل وتوفيق الباشا عىل الفيولونسيل (وست هول)1948 -
عاصي والكمنجة، رفيقته األوىل 45
في رحاب َ األخوين رحباني
وأخوات هلا لسيد درويش (طلعت يا حمىل نورها ،)...كانت رائج ًة يف منا .فهي، ٌ منطقتنا أكثر مما يف مرص ،ونحن ربينا عليها يف طفولتنا ،وكانت تقال ببطء تطريبي، عكس ما عدنا ،عايص وأنا ،فوزعناها به ً الحقا يف إيقاع أرسع. يف تلك العزلة املنفردة اغتنينا بقراءة كتب الطبيعة ،واغتنينا مبشاعر الناس، ت يف تلك الليايل لكثرة ما اختلطنا بالقرويني ولوفرة ما أخربتنا ستي غيتا حكايا ٍ القمرية اهلنيئة ،وشدَّ دت علينا بحفظ األشعار واألزجال والق َّراديات واألساطري والقصص الشعبية .وصحيح أن ستي من عينطورة (إحدى أعىل قرى املتن) ،لكنها نشأت يف سهل البقاع وتعرف فولكلور املتن وفولكلور البقاع ،ولدهيا فكرة عن سائر الفولكلوريات ،وحتفظ الكثري من األزجال .ومع أهنا ُأ ِّم َّية ،كانت ترجتل وحت ِّرضنا عىل خمي َلتنا بأطياف كثرية من ت عن اجلن والرصدِّ ، االرجتال .وكانت ختربنا حكايا ٍ وتلون ِّ تلك الطفولة (ظه َر منها ً مثال ،يف ما بعد ،مشهد املندل يف جرس القمر .)وكانت دوما تتمحور حول الوعر واملقالع وأجواء طبعت مناخات أعاملنا ً الحقا. أخبارها ً ويف املنيبيع جرت حادثة الكامن مع عايص .فذات يوم من صيف ١٩٣٨ وجد عايص ورقة عرش لريات عىل أرض املقهى .أخذها لوالدي فزجره وقال :هذه هلا أصحاب .نع ِّلقها هنا عىل احلبل حتى يعود صاحبها فيسرتدَّ ها .وبقيت الورقة ت أحد ليأخذها .عندها أخذها عايص ،نسخها عىل ترتعش يف اهلواء ً أياما ومل يأ ِ ورقة كيس ،ع َّلق النسخة عىل احلبل من جديد ،وأخذ األصلية ونزل إىل بريوت فاشرتى كام ًنا ً فيلما عتيقا بسبع لريات ونصف كي يتعلم العزف عليه ،وبالبقية شاهد ً سينامئيا مع صديق له. ً ً مهما يف حياة عايص التأليفية واملوسيقية ،شهدت كانت تلك املرحلة منعطفا ً بدايات كتاباته عندما نزلنا آخر ذاك الصيف إىل أنطلياس من جديد ،وكان أيب اشرتى دكا ًنا فيها لعمله الشتوي. مبواهب فنافس ُت ُه َ يف ذلك الترشين ،تفتحت مواهب عايص الصحافية ،واستفزين ْ صحافية مقابلة. 44
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
ويكتبها كلها بقلم الكوبيا (الرصاص) بخط يده عىل دفرت مدريس (قياس ت أدبي ًة ونقدً ا ومشاهدَ مرسحي ًة وخواط َر وجداني ًة ،)١٩/١٥وتتضمن شع ًرا ومقاال ٍ ومسلسالت بالفصحى وبالعامية .وحني يصدر العدد آخر األسبوع ،كان يدور يف الضيعة عىل سهرات األصدقاء وجلساهتم اخلاصة ،يقرأ موادها عليهم بصوته اجلهوري ونربته التمثيلية .وصباح االثنني يعود ليبدأ بالعدد التايل .كان يكتب افتتاحياته بتوقيع حريش ،ويكتب باقي املقاالت بأسامء مستعارة ومهية :يوسف بركات ،أنيس احلايك ،أبو عبيدة ،واخرتع مراسلني لـاحلرشاية يف عدة مناطق (كمراسل هلا يف الزغرين ّزودها مرة مبقابلة مع األمرباطور الزغريني موسى ٍ روحانا). من قصائده الساخرةً ، مثال ،يف احلرشاية ،وكانت املنطقة تعيش أجواء احلرب:
ـقــدـ ـجــــاـء اللـيــل ...وظملاـتـــــه ال بـيــت يـضــوي بـقـندـيــل وبرصت بنوـمـــــي حبيـبــــة قلـبي ُ ـجاـءت ختطــر مشيـ ً عـنــدـي شقلب ُتـــاـ فرضبتـاـ ك ّفــ ً ُ ْ برمَت برـمَت برـمَت برـمَت
غــمــرت أشــجــار الساحات خــو ًفــا مــن رضب الــغــارات قــد رضبـــت يل ســامــات ويه مــن أحـــى الــســتــات دحــرجــهــا بـــدون كملات شبقَت خلف الكنباايت
ومن قصائده التي ذاعت عىل ألسنة الشباب يف الضيعة ،قصيدة نظمها لنادي أنطلياس ،جاء فيها:
اآلداب ـيـــــــــاـ روـض ـــــة ْ الطــــــالب وقـبــلــــــــــة ْ ـزدان ـيــــاـ معـهــــدا ـي ـــ ـ ْ ً اإلميـــــــــاـن شـعــــــاـره ْ األوطـــــــاـن حمـبـــــــــة ْ
وهبــــــجــــــة الــــــنــــــادي اي أهيـــــــــا الــــــنــــــادي مـــــــبـــــــداه ابلـــــــعـــــــم ُ يــــــــرعــــــــاه واهلل ُ مـــــــــــــــزاايه أهبــــــــــــى ُ 47
المسرحيات األولى: فشل ف ّني ينتهي بضرب عصي وهرب في بساتين الليمون
بعد طفولة اتسمت بالغرابة بين مقهى فوار أنطلياس ومقهى المنيبيع وحكايات من َ الجدة مألى باألساطري الشعبية ،كرب عاصي ومنصور الرحباين َ إىل ّ فتوة أخذت تشهد مطالع الخطوات األوىل يف الكتابة والموسيقى .وهي َ َ ٌ ٌ ُ وشهدت تأثري كبري عىل موسيقاهما، راهب كان له شحنها بالنضج مطالع َ ْ ً يتبل َو ُر ٌ الحقا ميل إىل الخشبة لديهماَ ،سط َع تمثيليات يف أنطلياس بدأ معها ً أعماال مسرحية وغنائية.
يف أنطلياس ،بني ّدكان أبو عايص والبيت ،بدأت مواهب عايص الكتابية تتفتح. البداية يف جملة الرياض املدرسية (كان يصدرها أستاذنا فريد أبو فاضل الذي انتقلنا إىل مدرسته بعد مدرسة راهبات العائلة املقدّ سة وقبل انتقالنا ً الحقا إىل مدرسة كامل مكرزل). لكن عايص أراد أن يستقل مبغامرته اخلاصة ،يف مؤسسة صحافية أنشأها َّ عام :١٩٣٨احلرشاية -جملة أسبوعية فكرية اجتامعية فنية .كان حي ِّررها وحده،
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
بتع ُّلم الرتتيل ،كان ويف نرب ٍة وسطى بني اخلشونة والنعومة .وحني بدأت الفرقة َ عايص يأيت معي ،ويقف قرب اهلارمونيوم عند الباب يراقب ،ويف قلبه حرسة أنه ال يتعلم معنا. يتغيب أحيا ًنا عن الدرس بسبب واجباته املهنية يف مدرسة كان يتأمل حني َّ ً تلميذا قبل الظهر وأستاذ الصفوف االبتدائية بعد الظهر. فريد أبو فاضل: يوما يرشح نظرية التيرتاكوردُ ( بعد موسيقي) وصدف أن كان بونا بولس ً وعايص كالعادة ٌ واقف عىل الباب يصغي بانتباه .وحني فرغ بونا بولس من الرشح أراد أن ميتحن مدى استيعابنا فسأل :من يستطيع أن يعيد يل رشح النظرية؟ وانتظر يدً ا ترتفع أمامه بيننا ،فلم يرتفع سوى صوت جاءه من اخللف ،عند الباب، يقول :أنا أعرفها يا بونا بولس .وكان ذلك صوت عايص .فوجئ الكاهن، ُ الواقف بعيدً ا التقط النظرية بذكاء نا ِب ٍه ،فدعاه إليه واستغرب أن يكون هذا الفتى ب به عج َ وقال :إذا استعدت رشح النظرية سأعلمك املوسيقى .ورشحها عايصُ ،فأ ِ الكاهن ،ومن يومها بدأ يعلمنا املوسيقى .رأى فينا متايزًا عن سائر الرفاق يف اجلوقة، فانفرد ِّ يلقننا (عايص وأنا) أصول املوسيقى عىل األرغن والپيانو. هكذا اكتشفنا عامل املوسيقى .كأمنا كنا ننتظر با ًبا ينفتح كي هنرع إليه .وهذا ما حصل ،حتى أننا مل نعد نذهب إىل َّ الدكان ملساعدة أبينا ،وال عدنا نذهب إىل البيت يف الساعات املعتادة .كان وقتنا كله مبهو ًرا باملوسيقى يف كنيسة مار الياس (التي شهدت اجتامع عامية أنطلياس ،كام ظهر ً الحقا يف مرسحيتي صيف .)٨٤٠ ولكثرة ما كنا نعزف املوسيقى عىل األرغن والپيانو يف الكنيسة ،ذهب من ييش بنا إىل أبينا ً قائال له :و َلداك عايص ومنصور ،يا أبا عايصَ ،ح َّوال كنيسة مار الياس إىل تياترو .وكان أيب متد ِّي ًنا فهرع إىل الكنيسة وانتشلنا من ذاك العامل السحري وأعادَ نا إىل الدكان .لكننا يف اليوم التايل عدنا خلسة إىل بونا بولس الذي ذهب إىل أيب وطيب له خاطره َّ بأن ما نقوم به هو من صميم الدين وال ييسء إليهَ .فه ِن َئ أبو َّ عايص إىل كالم الـبونا. 49
في رحاب َ األخوين رحباني
فـهــــو الــضــيــا الفـتـــاـن اآلداب ـيـــــــاـ روـض ـــ ـــــة ْ
والـــــــراشـــــــ ُد اهلـــــــادي اي أهيـــــــــا الــــــنــــــادي
ٌ يوما وكان يف احلرشاية مكان لألخبار احلربية ،ومنها ما هامجني به عايص ً بأسلوب ساخر :هامجت طائرات الربغش ط َّراد منصور الرايس يف ميناء التخت، فأمطرته بوابل من قنابل املالريا وأغرقته غر ًقا شديدً ا. ويبدو أن ذاك التحرش يب استفزين يومها ،وأثار غرييت بعدما رحت أملس اهتامم الرفاق كل أسبوع ّ فعمدت إىل بتلقف العدد اجلديد من جملة عايص، ُ تأسيس صحيفة منافسة لصحيفته وأصدرت جملة األغاين التي رحت ،مث َله، ت األدبي َة واملشاهد املرسحية، ُأ َض ِّمنها األخبا َر والقصص املتسلسلة والشع َر واملقاال ِ َ رواجا ً اشرتكت مبجلة املكشوف للشيخ فؤاد مماثال جملة عايص .وكنت وقتها فالقت ً ُ فقرأت طاغور وأدمنت الكتب يف تلك الفرتة حبيش من أجل زيادة ِّاطالعي األديب. ُ ُ وقت كنت أحفظ فيه ودوستويفسكي ونصوصا من األدب العريب القديم ،حتى جاء ٌ ً غيبا عرشات األبيات اجلاهلية واألموية والعباسية. ً خارج دائرة هذا النجاح الصحايف ،ألنه مل يكن يؤمن بأن هذه األعامل بقي أيب َ تطعم خبزًا يف املستقبل ،إضافة إىل أن كلَّ شعر غري شعر عنرتة مل يكن يستهويه. ت نسمعه إياها أحيا ًنا تعلمناها وكان ً دائما ينهانا عن البزق ،لكنه يعجب من رندحا ٍ قاسيا. خفية عنه .كان حنو ًنا بقدْ رما كان ً لكن اهلل قدَّ ر لنا ّأال تبقى حماوال ُتنا املوسيقية ِّ متعثرةَ ،ف َو َه َبنا نعمة كربى ح ّلت علين ـ ــا يف أنطلياس ،وكانت ذات منعطف مهـ ــم جدً ا حلياتن ــا الفني ـ ــة يف ما بعد. يف خريف ١٩٣٨وصل إىل دير مار الياس/أنطلياس األب بولس األشقر األنطوين ،مؤ ّلف موسيقي ضليع ( )١٩٥٢ -١٨٨٢معروف بأنه حيثام حيلّ يؤ ِّلف جوقة يروح يدرهبا عىل املوسيقى والرتاتيل .مجع نف ًرا من شباب أنطلياس كنت أنا يرجل، واحدً ا بينهم (مع َّأن صويت كان عاد ًيا) .ومل يأخذ عايص ألن صوته بدأ ِّ 48
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
عاصي عىل الكمنجة ومنصور عىل البزق يف إحدى الحفالت الغنائية
ودائما ،بأن بعض الفضل يف هذه الظاهرة يعود إىل بونا بولس ونشهد اليومً ، األشقر .وحني أقيمت له حفلة إحياء ذكراه يف قاعة سينام كاپيتول (بريوت- )١٩٦٣/٠٣/٣١ألقى عايص كلمة وفاءٍ جاء فيها :يوم م ّر بونا بولس يف ضيعتنا أنطلياسَ ،ندَ هنا من طفولتنا التائهة ،وع َّلمنا املوسيقى .وكنا يومها نجهل ما املوسيقى. أخربنا عن الفن ما كنا نجهلهّ . ولقننا الدخول إىل وديان النفس واألماكن العميقة يف َ الضمري .ع َّل َمنا النوطة والنظريات املوسيقية واألحلان الرشقية ،ولكنه مع هذه مجيعها ع َّل َمنا السهر عىل الكلمة واللحن ،وأشار إىل أننا أمام أبواب الفن نبقى تالميذ، وأن الفرحة الكربى هي فرحة اإلنسان بوالدة اجلامل .مرة ُ سألته :يا بونا بولس، ع َّل ْم َتنا كل هذه السنوات ومل تأخذ منا شي ًئا .كيف نكافئك؟ أجاب بلهجته الرضية: أكملتام الرسالةُ . ُ أكتبا أغاينَ وازرعوا قلوب الناس شع ًرا وقصائد تكافئانني إذا وموسيقى وأحلا ًنا. هذه العبارة من بونا بولس معلمنا األول ،ظ ّلت تراودنا ،عايص وأنا ،طوال مسريتنا الفنية. 51
في رحاب َ األخوين رحباني
عاصي ومنصور يف إحدى مسرحيات أنطلياس
التحول الكبري يف حياتنا املوسيقية .ع َّلمنا بونا بولس املقامات الرشقية وبدأ ّ واألنغام العربية وكتابة النوطةَّ ، واطلعنا يف مكتبته عىل مراجع موسيقية نادرة (الرسالة الشهابية يف قواعد أحلان املوسيقى العربية للدكتور ميخائيل مشاقة ،كتاب فتعمقنا يف املوسيقى الرشقية .وبقينا والك ْندي) ،قرأناها ّ كامل اخللعي ،كتب الفارايب ِ ندرس عليه يف فرتات متقاربة ومتباعدة طوال ست سنوات .وكي نرد له الوفاء، معا ،عايص وأنا ،مقطوعة ملناسبة عيده .بعدها كانت أول قطعة من تأليفنا وتلحيننا ً صار يركن إلينا يف تلحني بعض املزامري .ويف تلك الفرتة كان عايص يلحن لوحده قطعا أو مزامري ،وأنا ُأ َلحِّ ُن لوحدي .كانت لنا مقطوعات منفصلة .مل نكن ،يف تلك ً األثناء ،بدأنا أعاملنا بتوقيع األخوين رحباين. جدُ د يف هنجنا ومنحانا التأليفي منذ تلك الفرتة الحظ بونا بولس أننا ُ والتلحيني .ومع أننا كنا متأثرين يف طفولتنا وصبانا بأغاين عبد الوهاب (كنا أحيا ًنا ت في ِه راديو فنستمع إىل نسري مسافة نصف ساعة من أنطلياس كي نجلس حتت بي ٍ أغاين عبد الوهاب)ّ ،إال أننا حني بدأنا التأليف والتلحني بدأنا ال نشبه أحدً ا .جاء عطاؤنا ،منذ البدايات ،مميزًا ومغاي ًرا. 50
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
مرة أخرى كنا ّمنثل يوسف بك كرم يف ساحة أنطلياس .وكان يف الضيعة ٌ شبان شيوعيون ضد هذه املرسحية .فلام شهر يوسف بك كرم سيفه هجم الشبان عىل املرسح حاملني العيص والقضبان ،فهربنا عن املرسح وهرعنا إىل بساتني الليمون املجاورة فيام تتمزق ثياب التمثيل وتعلق عىل جذوع األشجار وأغصاهنا .وكان نصيبي بضع رضبات عىل رأيس وظهري من أولئك الشبان الغاضبني. ذات يوم كنا نازلني من الدكان ففوجئنا مبظاهرة للشيوعيني تسري صوب ساحة أنطلياسَ .ندَ َه َنا بعض الشبان للسري يف املظاهرة ففعلنا .صاروا يرددون هتاف:
فليحي ـح ـــــزب العمــاـل َ ملــــــاـ و ّلـــــع غليوـنــــــــو
ورب احلــــريِّــــه ســتــالــن دخـــــانـــــو غـــطـــى بـــرلـــن
(وهو ما عاد فرتدد ً الحقا يف مرسحيتي الوصية .)وعلم أبو عايص بأمرنا َ وأخذنا إىل الدكان حيث أجربنا عىل وسحَ َبنا من بني عنارصها فلحق باملظاهرة َ الركوع طوال املساء كي ال نعود إىل االختالط مبظاهرات حزبية .ومشاهد املظاهرات تلك ،بقيت يف بالنا وترددت يف أكثر من مرسحية ً الحقا (منها يعيش يعيش وميس الريم.) يف تلك األثناء حاولنا تلحني األوپرا .جئنا مبرسحية النعامن الثالث ملك فحولناها شع ًرا و َلحَّ َّناها كاملة ،وغنيناها بأصواتنا احلرية( كتبها نث ًرا فريد أبو فاضل) َّ موسيقيا الناشزة .عايص كان النعامن الثالث وأنا لعبت حنظلة الطائي .واستعرنا ً واحدً ا من اإلذاعة اللبنانية ال يقرأ النوطة وال تد َّرب معنا حتى مرة واحدة .قال لنا: مناسبا .فكان غناؤنا نشا ًزا، أنتم ابدأوا الغناء ،وأنا أرافقكام عىل الكامن كام أرى ً وعزفه أكثر نشا ًزا .وزاد يف بؤس املرسحية َّأن عايص ،وهو قام ً أيضا مبهمة اإلخراج، ارتأى أن حيفر حفرة يف وسط املرسح ينـزل فيها أحد املمثلني (أسعد الزمول) حيا .وكان عىل املمثلني أن ُيهيلوا فوقه املفروض أن يتم به تنفيذ احلكم باملوت ً 53
في رحاب َ األخوين رحباني
من املوسيقى كان ال بد أن ننتقل إىل الكلمة. يف تلك األثناء كان لنا صديق (يوسف لويس أبو جودة) يكتب مرسحيات باملحكية اللبنانية ،واسكتشات صغرية نقوم بتمثيلها يف املدرسة أو يف ساحة دير مار الياس ملناسبات خاصة .وكان صاحب املدرسة نفسه ،األستاذ فريد أبو جودة، وغالبا ما مرسحي َتي أرينب بنت اسحق والنعامن الثالث ملك احلرية. كتب ً َّ كان يؤخذ عايص للتمثيل ،ال أنا ،بسبب ضخامة جسمي وعدم لياقته للتمثيل، فأبقى عىل احلياد ويف قلبي غصة وحرسة .وشارك عايص مر ًة بتمثيل مرسحية وفاء السموأل يف بكفيا حيث درسنا ذات شتاءٍ يف مدرسة راهبات القلبني األقدسني. منذ تلك الفرتة أخذ احلنني يب يكرب إىل هذا العامل اجلميل الغريب :املرسح. تدرجييا ،مع مرسحيات أنطلياس ،بدأ املعنيون يأخذونني ألدوار صغرية كرمى ً لعايص .وأخذت جتري لنا حوادث طريفة يف تلك البدايات األنطلياسية ،منها ما بشكل أو بآخر يف أعاملنا املرسحية ً الحقا ،ومنها ما بقي يف الذاكرة ،لكنها دخل ٍ مجيعها أ ّثرت عىل مسريتنا يف ما بعد. من تلك الذكريات ً جالسا مثالُ : كنت ذات يوم أمثل دو ًرا ثانو ًيا يف مرسحيةً ، فوق صندوقة خشبية عند طرف املرسح القائم عىل ركيزتني فقط ،وأخشابه فاضت نحو مرتني من كل صوب عن الركيزتني .كان من املفروض أن ُندخل محا ًرا إىل املرسح .وحني فعلنا وشاهد الناس احلامر عىل طرف املرسح ،أخذوا يصفقون بشدة ويضحكون مقهقهني فجفل احلامر وحرن ،معاندً ا الصعود إىل خشبة املرسح .رصخ اجلمهور للممثلني :شدوا بذنبه ففعلوا فأخذ يرفس .رصخ اجلمهور :امحلوه فحملوه عىل األكف وهو يستمر يف رفسه وهنيقه ،ودخلوا به املرسح يف هرج وفوىض، فزلقت من أول املرسح إىل آخره ففقد املرسح توازنه فوق الركيزتني حتته وهوى ُ ووقعت مع من وقعوا يف بستان الليمون .وكانت تلك جتربتي املرسحية األوىل، ُ انتهت بضامدات عىل جروحي. 52
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
منذ بداياته مع املرسح الواقعي الطبيعي .كان املفروض أن جييء ابني قسطنطني (عايص) كي يقتلني الرتكايب خيانة عظمى ضد الوطن بإدخايل األعداء إىل أراضيه. بدأت املبارزة .وبسبب جهيل أمور العد واحلساب أخطأت العد وصار سيفي يلوح يف اهلواء بدون طائل وسط ضحك اجلمهور ورصخاته ً قائال لعايص :اقت ْله .اقت ْله .إنه فانبطحت ً أرضا عىل خائن .عندها شك عايص السيف يف صدري عىل أنه يقتلني، ُ أنني مت .ورصخ عايص حسب احلوار :أشعلوا النار .أضيئوا املشاعل وليستفق وهيبوا للدفاع عن الوطن .وكنا أعددنا بضعة أكياس ورقية خلف املرسح املواطنون ّ إلهيام الناس بأضواء املشاعل .ولكن النار غدرت بالكومپارس وامتدت إىل ديكور املرسح (وهو ً سمعت رصاخ اجلمهور: أيضا من األكياس) فأخذ املرسح يشتعل. ُ ورحت أساعد املمثلني فقفزت مذعو ًرا حريق .حريق .احرتق املرسح باملمثلني. ُ ُ ً ضاحكا :قام امليت .قام امليتَّ .ثم عدت يف إطفاء النار وسط صياح اجلمهور ومت من جديد .عندها ألقوا القبض عىل قسطنطني العتباره ً خائنا إىل انبطاحي ُّ وقاتل أبيه وأقاموا ً متثاال ألبيه ميشال .كان عيلَّ ،بصفتي ميشال برانكومري ،أن أقوم جمددً ا بدور التمثال شاه ًرا سيفي طوال كامل الفصل األخري ،وهو يستغرق ٤٥ أتصنم طوال الفصل ال أؤيت ً لزاما عيلَّ أن ّ هتيأت حراكا .ولشدة ما ُ دقيقة .لذا كان ً متكنت من السيطرة حتى عىل حركة عيني .وكنت أسمع خالل فرتة التمرينات ُ َأصوات أصدقائي بني اجلمهور يرددون :هل هذا منصور أم أنه متثال حقيقي؟. وحياولون إضحاكي فال َأضحك .يرشقونني من حتت بحىص صغرية فال أحترك .ذلك ً قاسيا يف إرصاره، أن عايص ،وكان مكبلٌ عىل َ قدمي متثال أبيه ،كان ً مفروضا أنه َّ كمخرج ،عىل طبيعية متثيل الدور .ومل يكن يتهاون ً مطلقا باألمور الفنية. يف تلك األثناء ،وسط كل ذاك اهلرج الضاحك والتسلوي يف مرسحيات أنطلياس وما كان حيصل لنا من طرائف ،كانت حياتنا يف البيت بدأت تصاب باهلموم :العائلة كربت (كنا أصبحنا ستة :عايص وأنا وسلوى وناديا والياس وإهلام) .مقهى املنيبيع مل يعد منتجً ا بسبب كارثة ح َّلت علينا يف آخر صيف ١٩٤٣حني جاء طوفان هائل 55
في رحاب َ األخوين رحباني
َ مفتوحتني ،فأخذ من الرتاب .وحني فعلوا دخل الرتاب يف عينيه ،وكانتا ال تزاالن حتت املرسح يكيل الشتائم والرصاخ للحفلة وللمرسحيات ولعايص الرحباين ومن و ّرطه يف هذه الورطة ،وفرطت احلفلة وتف َّرق املشاهدون ضاحكني فيام املفروض أهنم جاؤوا يشاهدون ْمأساة تارخيية. ومن ُّ الط َرف ً أيضا :مرسحية كتبها يوسف لويس أبو جودة لعب فيها عايص دور شاب ْيقبل عىل الزواج ،وأنا لعبت دور أبيه .احتجنا إىل فتاة تلعب دور العروس. أقنعنا إحدى الصبايا ْأن تقوم بالدور ،وقلنا لوالدهيا َّإن دو َرها هو ْأن تلقي خطا ًبا. حتسبا ألي تغيري يف الدور املرسوم .وكان املفروض، جاء أهلها حاملني العيص ً بحسب الدور ،أن يقتل عايص قطة يؤتى هبا إىل املرسح داللة عىل رجولة العريس ً حفاظا عىل يوم العرس .يطلب العريس من الفتاة الذهاب إىل املدينة فرتفض، يرص فرتفض ،ويعود إىل ِإرصاره َف َي َت َف َّوه بعبارة عفتها وكرامتها .لكن العريس (عايص) ّ تلميحية نابية ويأخذ بالقطة ويرضهبا بشدة عىل أرض املرسح للتأثري الرجويل عىل وج َعت وأخذت تتيه جمنونة عىل املرسح يف كل اجتاه إىل أن عروسه .لكن القطة ِ قفزت صوب اجلمهور ووقعت يف حضن املطران املهيب الذي كانت احلفلة حتت رعايته .وأخذت القطة ،من شدة أملها ،تثأر بتخديش حلية املطران حتى سال من طالبا اهلرب َه َل ًعا فانقشعت عنه هيب ُة املطران .وما هي حتى هجم ذقنه الدم وقفز ً علينا أهل الفتاة فتفرق املمثلون وهربنا ،عايص وأنا ،خلف املرسح بني بساتني الليمون ،وانتهت املرسحية بفوىض راعبة توزعت بني الضحك واخلوف. يف مناسبة أخرى كنا منثل مرسحية يف سبيل التاج إلدمون روستان (ترمجة حليم دموس) .كان املرسح من أكياس ورق مموهة .لعبت أنا دور ميشال برانكومري ولعب عايص دور ابني قسطنطني .واستعدادً ا للدور جئنا بكتاب عن املبارزة متاما كيف تتم تلك .وإذا هبا عملية حسابية دقيقة تستلزم حفظ بالسيف كي نتعلم ً الرضبات و َردَّ ها يف حذاق ٍة كي ال يصاب أحد املبارزين برضبة ختطئ فتجرحه .وهي عملية مبنية عىل العد وعىل اتفاق مسبق كي ْتأيت املبارزة طبيعية .وعايص كان 54
عاصي للبوليس ،وأنا للشرطة
بعد نجاحات أنطلياس المسرحية ،كان ال بد للشابين عاصي ومنصور ً انسجاما مع قول أبو عاصي إن الرحباين من أن ينخرطا يف وظيفة ُتعيل، ً خبزا .هكذا صار عاصي بوليس بلدية أنطلياس ،وصار الفن ال يطعم ً ً قضائيا يف بريوت .وكما يف المسرح ،كذلك يف السلك، شرطيا منصور جرت ٍّ لكل منهما مفارقات وأحداث طريفة .عىل أن ثوب موظف الدولة مل يمنعهما من مواصلة مسريتهما الفنية صوب االحرتاف.
عام ،١٩٣٩وكان عايص ال يزال يف السادسة عرشةُ ، اضط َّر إىل البحث عن عمد إىل تكبري سنه كي حيق له التقدم من امتحان الوظيفة .وهكذا تم قبوله عملَ . مازحا بأن معه السلطتني يف بلدية أنطلياس بصفة بوليس وأمني رس .وكان يتباهى ً علما به ،والبوليس الترشيعية والتنفيذية ً معا :أمني الرس يسن القانون أو ْيأخذ ً ِّ ت إليه ً أيضا مسؤوليات أخرى بينها مكافحة الكالب والقطط ينفذه .كام ُأس ِندَ ْ الشاردة وما شابه ذلك من قضايا البلدية. اضطررت أنا ً فعمدت أيضا إىل االنخراط يف سلك الوظيفة بعد سنتني ُ ُ مت من امتحان دخول إىل سلك الرشطة القضائية يف كذلك إىل تكبري سني ،وتقدَّ ُ ً ً وبدينا .كان الطول سمينا بريوت .سقطت يف الفحص اجلسامين مع أنني كنت
في رحاب َ األخوين رحباني
جرف املقهى والع ِّلية والعرزال ،فهربنا إىل دير مار الياس شويا نبيت فيه ،ريثام نجمع من املقهى أثاثنا الباقي ،وما اختبأ فيه من عقارب وبقايا طيور ترشينية غريبة بدأت حتوم حول املقهى املدمر (مشاهد مؤملة بقيت يف خيالنا لوقت طويل) .الدكان يف أنطلياس مل يعد مثم ًرا وال عاد يفي مبتطلبات العائلة .كان ال بدّ من االتكال عىل عايص وعيلّ بوظيفة تدعم ً قليال معاش البيت. م َّر عام ً ١٩٤٤ ثقيال علينا هبموم اقتصادية مل ِّ ختفف من وطأهتا تسلياتنا املرسحية فعامئذ ،قرر األصدقاء يف يف أنطلياس بل زادهتا حادثة أليمة َأصابتنا يف أواخره: ٍ أنطلياس أن يكرمونا ،عايص وأنا ،ملا أضفينا عىل بلدتنا من نشاط مرسحي وثقايف، فصمموا عىل إحياء حفلة تكرميية لنا ليلة عيد امليالد يف ٢٤كانون األول .١٩٤٤راحوا يتهيأون ورحنا نتهيأ لقطف مثار نجاحنا ،غري َ مدركني أن القدر كان لنا باملرصاد تشاء ْمنا بعده طوال حياتنا من كل احتفال تكرميي :مات ليلتها بالذاتَ ،و َفجَ َعنا مبا َ أبو عايص.
56
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
ً (بوليسا) عاصي ،منصور وعبداهلل الخوري (صهرهما زوج شقيقتهما سلوى)
منصور الفخور بثياب البوليس العديل
صورة عائلية أمام البيت يف أنطلياس (نحو :)1945منصور يف ثياب ً البوليس (األول إىل اليمين وقوفا)، أمامه شقيقتاه ناديا وسلوى وأمامهما أم عاصي .عىل األرض من اليمين: عاصي ،الياس وإلهام (بعد عام عىل غياب أبو عاصي). 59
في رحاب َ األخوين رحباني
املطلوب ١٧٠سنتم وكان طويل ١٧٩فأسقطوين .عندها ْ ت إىل إدوار أبو جودة جلأ ُ (أمني رس إدارة البوليس) فتوسط يل عند أحد النافذين وذهبت بعد يومني ألجد كنت ،وأنا يف مطلع حيايت الوظيفية ومل أكمل وغالبا ما ُ اسمي بني الناجحنيً . السادسة ْ عشرة ،أسمع الناس يتهامسون من حويل :هالبوليس أجرودي( حليق الوجه). كان عايص ،إىل وظيفته هنا ًرا يف البلدية ،يشتغل ً َ عازف كامن يف بعض ليال عضو فرقة موسيقية تعزف ملطربني املقاهي (أبر ُزها مقهى سعادة عىل الدورة) َ س العزف عىل إدوار جهشان (بات يف ما بعد ومطربات تلك احلقبة .وكان دَ َر َ ث يف فرقتنا املوسيقية) ،والتحقَ بال َـأ ْلبا( األكادميية اللبنانية كامن ثال ٍ عازف ٍ غنائيا يف ميسا سوليمنيس للفنون اجلميلة) ً عضوا يف الكورس وأدى مر ًة دو ًرا ً لبيتهوڤن. وأسمعنا أطلعنا عىل فن األوپرا، َ يف تلك احلقبة كان بونا بولس األشقرَ يوس َع مداركنا فزاذ شغفنا باملوسيقى .ومن حسن احلظ أن أوپريتات شهرية كي ِّ رئيس بلدية أنطلياس عهدذاك (وديع الشاميل) كان حيب املوسيقى ويعزف الكامن فكنا نعقد يف بيته سهرات عزف وغناء .عىل أنه ،حني األمر يتعلق بالبلدية ،كان ينقلب ً بخيال مقتصدً ا حتى التقتري .فذات يوم ٍ اختذت البلدية قرا ًرا بقتل الكالب املسعورة الشاردة خلطرها عىل الضيعة ،فوافق عايص أمني الرس وكان عىل عايص املهمة .لكن رئيس البلدية مل يسمح له سوى بخرطوشة واحدة. البوليس أن ينفذ ّ ذهب عايص ،وهو خياف من إطالق النار ،وتراكم حوله األوالد متربعني بإرشاده إىل مكان كلب مسعور .كثر حوله اهلياج والرصاخ فأطل الكلب فجأة ورصخ األوالد: ها هو الكلب فارتعد عايص من منظره وأطلق النار بدون تصويب فأخطأه وأصاب بقرة يف البعيد َف َنفقت وهجم عليه أصحاهبا فهرب يف بساتني الليمون .وإذا بتلك احلادثة تك ِّلف البلدية ً تأنيبا وحسم معاش لسوء ماليا ً كبريا ،وتكلف عايص ً تعويضا ً استعامله سالح البلدية. 58
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
أي بيت ،ويف الداخل زنزانات صغرية متالصقة حدَّ بعضها البعض .كان ينتابني مت تسلية التنويم املغنطييس أمارسها عىل املوقوفني ،فيومهني بعضهم الضجر فتع ّل ُ بأنه ينام ويطيل نومه فأرتعد ألنني مل أعد أعرف كيف أوقظهم .وكان مر ًة بني ٌ فرنيس موقوف إيطاليان ،ممنوعٌ عىل واحدمها أن خيتلط باآلخر .وكان كذلك املوقوفني ّ ٌّ ُ عازف هارمونيكا (يف مقاهي الزيتونة) فريوح يعزف ونغني كلنا معه ،أنا والسجناء. َّثم اتضح ً الحقا أنه جاسوس أملاين (أخربين اللواء سامي اخلطيب ،يف ما بعدَّ ،أن احللفاء أعدموه يف حديقة السفارة الربيطانية وقد حتولت إىل مطعم كنا نتناول فيه العشاء ليلتها) .وكان بني املوقوفني كذلك سياسيون سوريون (بينهم شقيق حسني الزعيم) وبحَّ ارة من أرواد (متهمون بالتعامل مع األملان) ونقيب املحامني العراقيني هبجت زينل .كنت أفتح الزنزانات ً ليال عىل بعضها البعض فيختلط املوقوفون ببعضهم البعض ويغنون معي ويتبادلون املعلومات ويض ِّللون التحقيق ،ومل أكن أهتم ملا جيري وال عالقة يل مبا جيب أن تكون عليه مسؤوليايت .ولو ان ً مفتشا دخل علينا ذات ليلة لكان أحالني فو ًرا إىل املحاكمة والطرد من الوظيفة .وكان ً ممكنا أن يقتلني املوقوفون وهيربوا ،لسهولة فتح الباب ذي املزالج العادي .كان عيلَّ أن أكتب تقري ًرا مزو ًرا (بالفرنسية) كل ساعة عام جيري معي يف النظارة فكنت أضع كل ساعة تقري ًرا َّ صحيح سوى توقيعي :الرشطي العديل منصور الرحباين. ليس فيه ٌ ذات يوم كنت ً استوج َبت امتطائي دراجة نارية .ومل أكن أحسن َ مكلفا مبهم ٍة عشوائيا صادفت تلة بني الرمول التي كانت حميطة قيادهتا .بعد أن انطلقت هبا ً باملكان (وبريوت كانت يف معظمها ً وانقلبت فاصطدمت بالتلة رموال تلك األيام) َ َ فهرعت إىل إهالة الرمل عليها حتى يب وبدأ يقطر منها البنـزين َّثم ّهبت فيها النار ُ مهزوما مستعدً ا لعقوبة الوظيفة. فعدت أج ُّرها إىل املخفر انطفأت ُ ً من طريف ما أذكر ً پوتيون أيضا :ليلة ١٠ترشين الثاين ١٩٤٣جاء الليوتنان ُّ ت صغري ًة (رئييس املبارش يف األمن العام الفرنيس) وو َّزع علينا يف النظارة بندقيا ٍ استعدوا .الليلة سيجري حدث مهم .ومل أكن أحسن التصويب وال صدئة وقال: ِ 61
في رحاب َ األخوين رحباني
مرة أخرى ،طلب منه رئيس البلدية أن يذهب فيقتل محا ًرا أجرب يشكل خط ًرا عىل الصحة العامة .وكان عايص ال حيب قتل احليوانات .أخذ معه ً عامال ورضبا احلامر بالرفش عدة رضبات حتى سقطَّ . ظناه مات فدفناه يف الرمل عىل الشاطئ وقفال عائدَ ين .وما هي حتى وجداه دا ًّبا وراءمها ينفض عنه ما علق به من رمل فهرع عايص جمددً ا إىل اهلرب خو ًفا من انتقام احلامر. ً ت غنائي ًة كان اهلرب ْدأب عايص يف البلدية .هيرب طوال الشهر مالحقا حفال ٍ كانت تدر عليه نقودً ا .وكان رئيس البلدية يعلم ببعضها ويغض النظر ألنه حيب املوسيقى لكنه يعود فيهرب من عايص أواخر الشهر هتر ًبا من دفع معاشه الشهري. بقيت يف بال عايص وبايل ،ظه َرت ً الحقا ذكريات طريفة كثرية من َأيام البلدية َ يف الكثري من أعاملنا عرب شخصيات الشاويش (كام يف بياع اخلواتم ،)وعرب أخبار البلدية ورئيس البلدية (كام يف املحطة )حتى أن عايص نفسه لعب شخصية رئيس البلدية يف فيلمنا بنت احلارس. احتياط يف الرشطة العدلية القضائية ،وأجزم أنني عنرص ٍ أما أنا فدخلت الوظيفة َ كنت أفشل وأسوأ رشطي عرفته اجلمهورية اللبنانية يف تارخيها. مل أستطع التأقلم مع جو املخفر وال النوم عىل فراشه .كنت أهرب ً ليال وأعود إىل بيتنا يف أنطلياس ألنام عىل فرايشَّ . تنقلت بني خمافر عديدة .وحدث أن أصبح رئيس الرشطة القضائية وباتت جتمعنا به قرابة عائلية (زوجتي ً الحقا إدوار أبو جودة َ تريز هي ابنة أخيه) ،فنقلني إىل األمن العام الفرنيس وس َّل َمني مسؤولية النظارة مع رفيقني يل :نعوم السبع ويوسف بعلبكي .كانت مهمتي مراقبة املوقوفني السياسيني: أربعا وعرشين .وكان قلبي ينفطر عىل هؤالء ألن أداوم اثنتي عرشة ساعة وأرتاح ً ضيقة، النظارة (يف طابق أريض من مبنى عادي يف حملة الصنائع) كانت زنزانة ِّ مسموحا للموقوفني فيها التحرك وال التدخني وال احلالقة .وكان طعامهم ً وليس بائسا .كنت صغري السن يومها ّ (إال يف أوراقي الثبوتية املزورة) ومل أكن أقدّ ر عواقب ً حمص َنة ،مفتاحها عادي كمفتاح إمهايل .كان مكتبي عىل مدخل غرفة عادية غري َّ 60
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
وأرشح رموزها وأرسارها .ومن أجل السهرات عند الصبايا ُأط ِل ُع ُه َّن عىل كل ما فيها ُ استحصلت عىل تقرير طبي يزعم أنني ال أستطيع تلك السهرات عند الصبايا ُ انتعال اجلزمة العسكرية ،وذلك كي َأبقى بحذائي العادي األنيق مستعدً ا للهرب إىل السهرات واحلفالت املوسيقية التي أعزف فيها. دائما عىل جدل دائم مع الفرنسيني ،ولو ضد مصلحتي، عىل أي حال ُ كنت ً كنت أرفض احتالهلم (ولو حتت ستار االنتداب). ألنني ُ التقيت أحد املسنني يف قلت إىل كركول (خمفر) اجلميزة .وهناك ُ بعد ذلك ُن ُ ً مدهوشا :أنت إيل عىل أنني الـأفندي اجلديد يف املخفر قال احلي ،حني تع ّرف ّ ابن حنا عايص؟ من هنا أبوك أقفل كركول اجلميزة باملسدس .ظلّ يطلق النار عىل الدرك فيه حتى هربوا وفرغ الكركول. يف تلك الفرتة جرت حادثة زحف بعض املواطنني عىل الپرملان الستبدال العلم اللبناين بالعلم الفرنيس ،ويومها أطلق النائب نعيم مغبغب النار عىل من كان يستبدل العلم فأرداه .ووسط تلك املظاهرة الصاخبة التي كان مطلو ًبا منا أن نتصدى هلا، فوجئت بوالدي بني املتظاهرين جاء ً هليفا يسأل عني خوف أن تتطور املظاهرة إىل ُ بحنان وهو معركة بالرصاص وأنا بني اجلمع .وال أزال أذكر كيف يومها عانقني ٍ دامع العينني. ويف فرتة كركول اجلميزة حدث أن تفشى داء السحايا الدماغية الذي يفرض احلجْ ر عىل املرىضَّ .عينوين أن أحجر عىل بيت عند البحر ،فلم أمتثل خلويف من الليل والبحر وبقيت يف املخفر .وحدث أن جاء مفتش فنمت يف رسير زميل يل عيت أنني هوَّ ، وأن منصور الرحباين ذهب لتنفيذ احلجْ ر عىل (بشارة عساف) وادَّ ُ البحر فانقضت احليلة. وذات ليلة ،يف املخفر نفسه ،كان املفروض أن أكون يف نوبة حراسة طوال وذهبت إىل سينام روكيس حيث كانت فرقة فهربت من خلف سور احلديقة الليل ُ ُ واملفوض سمفونية تعزف حفلة واحدة يف بريوت .لدى عوديت فوجئت باملعاون َّ 63
في رحاب َ األخوين رحباني
ُ ً استبدلت ُه بقطعة خشب مفرتضا أن أمحله إطالق النار ،حتى أن املسدس الذي كان كنت أدُ ُّسها يف البيت اجللدي كي أوهم رؤسائي أنني أمحل مسديس .ووضع سنغاليا ال يفهم عيلَّ وال أفهم عليه .يف تلك الليلة خطف پوتيون يف ترصيف جند ًيا ً الرئيسني بشارة اخلوري ورياض الصلح إىل مكان جمهول .وجاءين صديق الفرنسيون َ ً متعامال مع األمن العام الفرنيس فهمس يل أنه هو الذي قاد السيارة إىل قلعة كان راشيا حيث َّتم اعتقال املوقوفني .مل يكن أحدٌ يف بريوت يعرف شي ًئا عن مصري فهرعت ً ليال إىل منـزل إدوار أبو جودة (وكان من أركان الكتلة الرئيس املخطوف. ُ الدستورية التي يرئسها الشيخ بشارة اخلوري) وقلت له إن الرئيس وصحبه موجودون رأيت پوتيون مييش يف الشارع يف قلعة راشيا فتح َّر َك عىل الفور .بعد عرشة أيام ُ ً فعلمت أن الفرنسيني ُغلبوا عىل أمرهم َّ وأن الرئيس وصحبه متدروشا بثياب عتيقة ُ يومئذ ( ٢٢ترشين الثاين )١٩٤٣مبظاهرات باتوا طليقني .وبالفعل اشتعلت بريوت ٍ َ حتسبا ألي هجوم علينا ،لكنني تركت فحم َلنا پوتيون جمددً ا االبتهاج َّ بنادق عتيق ًة ً جانبا ورحت أهتف مع املتظاهرين. البندقية ً وصلت من أنطلياس إىل دوام وظيفتي يف النظارة ففوجئت بني بعد أيام ُ مضمد اليد .رصخت به :شيخ پيارَ ،مل اجلميل ّ املوقوفني اجلدد بالشيخ پيار ّ قلت :أنا منصور ابن حنا عايص من أنطلياس. أنت هنا؟ قالَ :من أنت؟ُ رساحنا ّ فقال :أبو عايص! ُ وإال پوتيون أن ُيطلق َ عرفته .قل لرئيسك الليوتنان ُّ قمت بجولة يف الزنزانات پوتيون سيواجه مشكلة كبرية .وقبل أن أخرج إىل ُ ُّ فوجدت يف إحداها الياس ربايب ويف أخرى فؤاد صوايا (كان حمافظ اجلنوب) الباقية ُ ً وطويال بعدها وفهمت أن معرك ًة حصلت بني الفرنسيني والشيخ پيار وأعوانه. حمبوسا يف قاووش منصور ظلَّ الشيخ پيار يذكر يف جلساته اخلاصة أنه كان ً الرحباين. من مرحلة األمن العام الفرنيس ً أيضا أن الضباط كانوا يعطونني شيفرة أخب ـ ُئها يف جيبي وأذهب يف احللفاء الرسية كي ُأحر َقها ُوأت ِل َف ما فيها، ُ فكنت ِّ 62
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
يف خريف ١٩٤٣قررنا مع بعض شباب الضيعة إنشاء نا ٍد ثقايف ريايض لتنظيم احلفالت واملحارضات والنشاطات الرياضية .كان رئيسه ميشال خطار أبو جودة (عم زوجتي تريز يف ما بعد ،وهو غري الصحايف املعروف) .وفيام نائب الرئيس يتبدّ ل وكنت أنا رئيس اللجنة الرياضية. دائما عايص ُ من شخص إىل آخر كان أمني الرس ً بدأنا نشاطاتنا بإحياء املواسم االجتامعية والدينية (عيد الرببارة ،حفالت مهتمني بالنادي وينتظرون نشاطاتنا ملا جاءت اللعازر ،)...،وبات أهلُ أنطلياس ِّ فريق من شباب الضيعة به من جديد .كنا ندعوهم إىل حفالت نغني فيها مع ٍ بدائيا .إمنا من تلك احلفالت بالذات ،نشأت ونعزف البزق والكامن ،وكان عزفنا ً نوا ُة ما سيكون أسلوب األخوين رحباين يف ما بعد .بدأ اجتاهنا (عكس ما كان سائدً ا) إىل وضع أغنية قصرية ال تتعدى الدقائق الثالث .كان عندنا هذا امليل منذ البدء ملا كان يزعجُ نا طول أغنيات ذلك الزمان مبواضيعها و ُنواحها وتطويالهتا جممعة بشكل فرتتئذ وتكراراهتا .كنا نشعر (رمبا الواع) أن كهربة اجلامل وحدة َّ ٍ ٍ ٍ َّ هتب إليك مكثفة ال جيوز التفريط هبا كي ال تضيع ،كام حني تفتح قارورة عطر ُّ شمة العطر حلظة ثم متيض ،وكام عبري الوردة يفوح حلظ ًة رسيع ًة ومييض ،وكلام عليك َش َّم العبري .أردنا أن نقطف كمية اجلامل َّ ت َ املكثفة فاخترصناها ت أفسدْ َ أط ْل َ متاما كام يف الفاكهة :كمي ُة ت تأثري ،بدون رشح وتطويلً . يف أغني ٍة قصري ٍة ذا ِ ّ تركت شجرة الدراق من دون ري تثمر أقل السكر يف الشجرة هي نفسها ،فإذا َ كثريا َوأ ْ لكنها حتوي كلَّ كمية السكر ،بينام إذا َ ت عليها أسمد ًة وموادَّ ضف َ رويتها ً كيامئي ًة تثمر أكثر وتتو َّزع كمي ُة السكر فيها عىل هذا األكثر فتصبح احلبة َأقلَّ ُس َّك ًرا وأضعف مذا ًقا. َّتنبهنا ،عايص وأنا ،منذ املطالع إىل هذا األمر ،واعتمدنا وحدة األغنية القصرية أغان واللغة السلسة واللحن املغاير .يف أعامل النادي ،تلك الفرتةْ ، أطلعنا سلسل َة ٍ تفتح قصري ٍة َت َم َّك َن ْ ت ،من ساحة أنطلياس ،أن تغزو مرص والرشق يف ما بعد ،وأن َ وموسيقيا. ت به شعر ًيا فيه موج ًة جديد ًة َأ َّث َر ْ ً 65
في رحاب َ األخوين رحباني
ساه َرين ينتظرانني .لكن األمر انقىض عىل خري ألهنام كانا صديقني يل ويعرفان ولعي باملوسيقى. مراقبا للمطاحن يف بريوت كي ال ميزج الطحّ انون القمح ذات فرتة َّعينوين ً اجلديد بقمح قديم أو خيلطوه باملاء فيزيد وزنه .كنت أصل إىل مطحنة بامبوكجيان ويكون الطحان َه َّي َأ يل ً وثريا فأنام عليه فيام التزوير مشتغل ،وال أعود أكمل فراشا ً إىل الباقيتني :مطحنة بقاليان ومطحنة الرباج. ً مسؤوال عن القلم العديل وتوزيع األحكام وحني أصبحت (عام )١٩٤٨ للتنفيذ (كان رئييس عيل عالء الدين ،عم الفنان شوشو يف ما بعد) حدث أن َّ دشن الرئيس بشارة اخلوري قرص األونسكو .وكان الشيوعيون ضد املرشوع وتظاهروا فتم اعتقاهلم وجيء هبم إىل القلم العديل .وحني كانوا جمتمعني حويل أخذت أدندن ً حلنا جاءين فجأ ًة فاعتقد املوقوفون يف الزاوية البعيدة وأنا عىل الباب ُ أين أدندن النشيد الشيوعي .وما هي حتى بدأ أحدُ هم ّ ثان فثالث يغني وتاله ٍ وأخذوا يغنون معتقدين أن رفاقهم عند الباب يعطوهنم إشارة بنشيد الشيوعيني حلن رويس قديم): (وهو من كلامت قبالن مكرزل عىل ٍ
وطين ـيــاـ مطـلـــــع اجلمـــاـل ِ وطـنــــي ابلضيــــم ال نباـلــــي
وطـــــي اي مـــــرح األابةْ شـأْنــنــا أن نسحق الطغاةْ
ً صارخا هبم :شو جايبينيل ستالني عىل ركض املفتشون وهرع رئيس الدائرة الدايره؟ اخرسوا .وأمر الرشطة فاهنالوا عليهم بالرضب وكان كل ذلك بسببي. ت آثار هذه املرحلة وبقي ْ هكذا كنت أفشل أفندي يف اجلمهورية اللبنانيةَ . يف أعاملنا خالل شخصيات الشاويش والكركول والبوليس واملخفر حفلت هبا ً الحقا مرسحياتنا وحواراتنا الغنائية. يلون تلك الفرتة يف سلك الوظيفة :اهنامكنا باألعامل الفنية يف عىل أن ما كان ِّ نادي أنطلياس. 64
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
عاصي وتوفيق الباشا يف ّ فوار أنطلياس
ت ّ ميل ح ْلـــو ا ْل وَرَد َع الـعــــــني َ رشفـنــــاـ ش ّد العزميِــــه وقالِّ :
عاصي يف إحدى جلسات التدريب
أمســر كحيل العني مـ ّـى وراح ِق ْل ْتلو :مــــروح ...ابألفـــراح
يف هذه احلقبة بالذات بدأنا مرحل ًة ميكن اعتبا ُرها نوا َة ما سيكون يف ما بعد: املرسحية الغنائية .ففي النادي كنا نقدّ م حفال ِتنا ً أعامال نكتبها ونلحِّ نها ّ ومنثل فيها ت غنائي ًة من نحو عرشين دقيقة ذات موضوع واحد وحوارات غنائية ونغني ،لوحا ٍ وأغنيات قصرية ،يف قصة واحدة كاملة املعاجلة الدرامية .من تلك األعامل :عذارى الغدير ،عرس يف ضوء القمر( قصة كاملة يف ٢٠دقيقة عن خطف العروس)، تاجر حرب( لوحة واحدة من ١٥دقيقة) .ومن األغنيات التي أطلقناها فرت َت ٍئذ 67
في رحاب َ األخوين رحباني
عاصي ومنصور يف مطالع الشباب
ت عبيق ًة بعبري ب اإليقاع َ مطم ِئ ِّنه ِفجئنا نحمل نسام ٍ زمن رتي ِ كان ذلك يف ٍ ً رصاخا جديدً ا جيب أن هيدم زهر الليمون يف أنطلياس ،وشعرنا ،عايص وأنا ،أن مغاير كلَّ ما هو ذات عطاءٍ األمناط السائدة فكانت بداياتنا ،منذ نادي أنطلياسَ ، ٍ مألوف .ومنـ ــذ حماوالتنا التأليفيـ ــة األوىل تلك ،كانت عيوننــا تتجه إىل املرسح من اجتهت عيو ُننا إىل هذا الفن املعقد .جئنا م ـ ــن خمزون طفولتنا دون أن ندري ملاذا َ سمعنا ـال ت السهرْ ، وفرسان سكنوا الذاكرة الشعبي ــة وحكايا ِ املمتلئة بأخبـ ــار أبط ـ ـ ٍ ٍ ً والحقا معظمها من جدَّ تنا غيت ــا التي مح َلت لنا خمزون تراث وعادات فولكلورية. َ َّحل َّنا قصائدَ ومواويلَ كثري ًة ال نعرف حتى اليوم َمن َكت َبها ،وكنا سمعناها يف حكايات جدتنا .ومنها: 66
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
ذات ليلة جئنا بشخص يدعى الدكتور سعيد ليقوم بأعامل سحرية وهبلوانية فأقنعت الرجلَ بعد احلفلة أن يرتك أغراضه يف وتنويم مغناطييس .أدهشني األمر ُ عدت إىل تلك غرفة من النادي لليوم التايل وال خوف عليها .وبعد منتصف الليل ُ اكتشفت الرس وراء ألعابه السحرية التي أدهشت وفتشت كل أغراضه حتى الغرفة ُ ُ اجلمهور تلك الليلة الفائتة. انطال ًقا من نجاحاتنا يف نادي أنطلياس ،ق َّررنا تكوين فرقة فنية جوالة َوأخذنا نقدِّ م أعاملنا بعد عرضها يف نادي أنطلياس مضافة إليها أعامل جديدة .ورحنا نجول تكو َن لنا مجهو ٌر بدأ بفرقتنا عىل القرى والدساكر املجاورة نقيم فيها احلفالت ،حتى َّ يعرفنا ويتابع أعاملنا وينتظرها .كان الناس تواقني إليها كأمنا كانوا ينتظرون جديدً ا. شجعنا اجلمهور ونحن منذ املطالع بدأنا مغايرين :لغ ًة شعري ًة وموسيقى وأحلا ًنا .لذا َ وتعاطف معنا .وانطلقت منذ تلك الفرتة فرقة والد الرحباين. أخذت تتكاثر حفالتنا يف املناطق .ومل ختلُ هذه ،كام مرسحياتنا األوىل ،من مشاكل طريفة .فمرة كنا نقدّ م حفلة غنائية يف فالوغا ،وانتهى برناجمُنا املقرر فطلب اجلمهور اسكتش سبع وخمول وبو فارس فرفضنا بحجة انتصاف الليل َ وتأ ُّخر الوقت لعودتنا إىل أنطلياس .اجتمع علينا اجلمهور فاهنال علينا رض ًبا .قدمنا شكوى فحكم لنا القايض بثالمثئة ومخسني لرية كانت تساوي املبلغ الذي تقاضيناه عىل حفلتنا، مزدوجا ولو عىل حساب بعض اللكامت والعيص. ً فكان ربحنا بدأنا نشتهر منذ تلك احلفالت اجلوالة إىل جانب حفالت مقهى سعادة عىل وكازين وات النصف الثاين الدورة ومقهى منصور عىل الزيتونة ومعظم مقاهي ُ من األربعينات .كنا نعزف :عايص عىل الكمنجة ،وأنا عىل البزق (مع أنني عازف سيئ) .وبدأنا نأخذ معنا َ شقيقنا األصغر الياس ي ُردُّ يف الكورس ويقوم مبونولوجات ّ صغرية طريفة نكتبها له ،منها ً إنت يا خاي إنو الداعي قبضاي وكان مثال :بتعرف َ ضارب إيقاع جيدً ا منذ طفولته .كام غنت معنا يف حفالت تلك الفرتة مطربتان َ ناشئتان يومها :نزهة يونس ،والتكتوكة( شقيقة امللحن جورج يزبك) .ويف تلك 69
في رحاب َ األخوين رحباني
وشاعت ً الحقا :سلمىّ ، مشي معي نالقي القمر ،نحنا دجاجات احلب، عدنا رأيناها ،ط ّلي من الطا َقهْ ...ان كنتي مشتا َقه ،ومنها:
رَأَيناـهـــــــــــاـ عُدـنــــــاـ عيناـهـــــــــــاـ تـقــــــــول ـمـــــــــاـ ـك ـــ ــان أحالها
ِ أشـــــــــواق يف يـــــــوم ِ ابق إن اهلــــــــــوى عـــــــــــدان رأيــــــنــــــاهــــــا
وأعاملٌ كثري ٌة سواها َ انتق َلت معنا إىل حفال ِتنا اجلوالة فإىل اإلذاعة َّثم صدرت مسجَّ َل ًة عىل أسطوانات وراجت ،وبعضها ال يزال رائجً ا حتى اليوم ،ويعود يف جذوره األوىل إىل مطالعنا يف نادي أنطلياس ،تلك التي ميكن اعتبارها مخري َة الظاهرة ومرسحا ً ت نواة أعامل غنائية وموسيقية وحلنا ً الرحبانية أغني ًة وكالم أغنيةَ ،مح َل ْ َ ستنترش يف ما بعد. بصبي ٍة جديدة يف خطواهتا كنا نستعني للغناء بشقيقتنا سلوى .ومر ًة جئنا ّ ت جئنا مبطربة كانت بدأت األوىل ،هي التي ستصبح يف ما بعد سمرية توفيق .وم ّرا ٍ تشتهر يومها :هناد مشعالين ،وأحيا ًنا كنا نستعني بشباب أنطلياس وصباياها. يف النادي ْ وطنيا برعاية رئيس اجلمهورية .كنا أنشأنا عيد الليمون وجعلناه ً ويتضمن معارض من كل لبنان زراعية وصناعية وفنية ،وحمارضات، نقدّ مه عدة أيام، َّ وجعلنا فيه إذاع ًة حملية نبثّ منها أناشيدَ وأغاينَ ُ ونتوج وخ َط ًبا .وكنا نعطي جوائز ِّ اليوم األخري بعروض (منها عرض اجليوش التي تعاقبت عىل املرور بلبنان من أول التاريخ حتى اليوم) ،واستعراضات ومواكب تشرتك فيها فرق كشاف لبنان وكشاف اجل َّراح وفرق موسيقية .ومن أجل هذا العيد السنوي كتبنا نشيدً ا ّ وحلناه ،يقول مطلعه:
ـيـــــاـ الــي جاـيي تتـفــــرـج ـمــــــنـ لميوانـتــــــــاـ حتـ َّوج 68
أنـــــطـــــلـــــيـــــاس َع يش عـــــــر كــــيــــاس
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
منصور مع الشاعر قبالن مكرزل
عاصي ومنصور يتذكران طفولتهما يف ّ فوار أنطلياس
ويف حادثة عىل الزيتونة :كانت بريوت متوترة ،ومجيع رجال الرشطة واألمن انتظرت كبري قام به يومها موظفو وعامل السكك احلديدية. ُ حمجوزين تصد ًيا إلرضا ٍ ب ٍ وهربت إىل مقهى الزيتونة (وكان معي أخي الياس الرحباين وهناد حتى أول الليل ُ وألصقت شاربني ومهيني ولبست نظارات من دون لبست ثيا ًبا روسية مشعالين). ُ ُ زجاج وصعدت إىل املرسح أعزف .وكنت أسمع ليلتها ً ضباطا من رؤسائي يف األمن العام منطربني باحلفلة يقولون :هذا العازف عىل البزق كم يشبه منصور الرحباين تعمد أحد الضباط (مصطفى كنعاين ،املفتش لكن منصور بدون شاربني .ليلتها َّ معا أيام األمن العام الفرنيس) أن ينتظرين بعد احلفلة ،فـضبطني يف التحري وكنا ً خارجا من الكواليس بدون الشاربني والنظارات .هلعت لرؤيته فقال :مل أنتظرك ً انتظرت فقط حتى أتأكد من أنك منصور .لن أخرب عنك فأنا ألضبطك َوأيش بك. ُ ٌ منرصف إىل الفن دون الوظيفة ،ومستقبلك أن أعرف هوايتك الفنية وأعرف أنك تكون ابن الفن ال ابن احلكومة. رشطيا سي ًئا ودائم اهلرب .أهرب من هكذا كانت حيايت يف الوظيفة .كنت ً متباهيا الوظيفة إىل العزف أو الغناء أو احلفالت أو حتى كي أسهر عند الصبايا ً 71
في رحاب َ األخوين رحباني
مكنية وابن شقيقته عازف التشيلو توفيق الباشا املرحلة التقينا بعازف الكامن خليل ّ وملحن ناشئ يومها :زكي ناصيف. ذات ليلة كنت أعزف البزق مع إنصاف منري وهي تغني سلوا قلبيَ فغف ْوت. ت سوداء لتمويه شكيل ،كوين يف الرشطة لكن اجلمهور مل ينتبه ألين كنت أضع نظارا ٍ وال حيق يل العمل وأنا ابن حكومة. ومن أحداث تلك الفرتة ً أيضا :كان مقهى سعادة تعاقد مع مطربة تدعى فاعتذرت ألنني، إيل أن أعزف معها عىل الكامن يف فرقتها املوسيقية ُ ت َّ ورغب ْ هنوندَ . وأنا يف سلك الوظيفة ،ال أجتارس عىل املراهنة بالعزف ً فعزفت ليلتها، أرصت ُ علناَّ . وجاء من هيمس يل -وأنا عىل املرسح َّ - أن معاو ًنا يف الرشطة (منصور شليطا) حتايلت عليه بوضع الكامن أمام وجهي عينيا أخالف قانون الوظيفة. ُ وصل ليضبطني ً فال يراين لكنه استدار من الطرف اآلخر للمرسح ووقعت ُ عينه عىل عيني َف َت َوعَّ دين وصلت إىل املخفر فقيل يل :أمحد بك يريد أن يراك( أمحد بيده .يف اليوم التايل ُ بك منيمنة رئيس الرشطة القضائية) .وما دخلت عليه حتى انفجر يب :يا منصور، عيب تكون ابن صديقي واخي حنا عايص وتغني عىل املسارح .والدك كان يطلق النار عىل الناس فريعبهم ،وأنت اليوم تطرهبم؟ أنت مهمتك أن تدهم الناس ِّ وتنظم فيهم خمالفات وحمارض ضبط وتفرض النظام ،فكيف تعزف هلم وتغني كي يطربوا فيخرجوا عن النظام؟ .وانقىض األمر يومها بأن متنى عيلَّ ،كرمى لذكرى املرحوم والدي صديقهّ ،أال أعود ثانية إىل هذه املخالفات. بعدها بأسابيع كنت يف أحد مقاهي عاليه أعزف البزق وراء راقصة تدعى كواكب .فجأ ًة دخل املبنى أمحد بك ُيجري ً هاتفيا بالرشطة ألن سيارته اتصاال ً انقطعت يف طلعة عاليه .وجاء من هيمس يل بأن أمحد بك وصل فظننت أنه جاء وهرعت قافزًا عن املرسح فعلقَ البزُق بطرف فستان الراقصة. هلعت حيرض احلفلة. ُ ُ وأكملت هريب ال ألوي عىل ما حصل أخذت هي تشدُّ وأنا أشدُّ حتى امنزق فستاهنا ُ أنقذت املوقف قبل أن يدري يب أمحد بك منيمنة. حتى ُ 70
فيروز ومطالع الشهرة
بعد إخفاق عاصي ومنصور الرحباين يف سلك الوظيفة ،ونجاحهما يف أعمال غنائية وموسيقية ومسرحية بدأت يف ساحة الضيعة وتطورت مع نادي أنطلياس وانطلقت إىل الحفالت يف المقاهي والقرى والمصايف ،انفتحت ٌ فرصة أخرى دفعت فرصة مهمة أمام عاصي لدخول اإلذاعة اللبنانيةَ ،ت َل ْتها منصور ً أيضا إىل ترك بزة البوليس العديل واالنصراف ً كليا إىل أعمال بدأت تظهر بتوقيع :األخوين رحباين.
من الصدف التي ُت ِّغير عاد ًة يف جمرى حياة كاملة ،أن حرض إحدى حفالتنا يف نادي أنطلياس (عام )١٩٤٥صديقٌ محيم للوالد يدعى إيليا أبو الروس .عند هناية احلفلة ،وفيام هو ُي َه ِّنــئنا ،قال :جيب ّأال َت َبقيا حمصو َرين يف أنطلياس وبحفالتكام املتفرقة يف القرى .جيب أن تصال أرسعَ إىل أكرب عدد من الناس .والطريقة الوحيدة هي اإلذاعة .وملا مل نكن نعرف أحدً ا يف اإلذاعة (مركزها عهدذاك يف الرساي أرس َلنا إىل صديق له فيها يدعى ميشال خياط. القديم) َ ب لوننا اجلديد ودعانا إىل اللقاء بلجنة خمتصة يف التقينا خياط بعد َأيامَ ،أح َّ اإلذاعة كي تستمع إىل أعاملنا .وأمام أعضاء تلك اللجنة (ميشال خياط ،نقوال ا َمل ِّني ،حليم الرومي ،جورج فرح )... ،قدَّ منا بعض أعاملنا (سمراء مها ،يا
في رحاب َ األخوين رحباني
ببزيت العسكرية .وكم كان حيدث أن أقرأ هلن قصائد أكون ُ كتبتها عىل مقلب حمارض ً مفروضا أن آخذها للتنفيذ. األحكام التي كان كل ما كان حيدث لعايص ويل خالل تلك الفرتة (يف النادي والبلدية والرشطة، بني جدٍّ وهزل وهرب ومغامرات) كان ِّهيي ُئ عايص لدخول االحرتاف الفني برتكه البلدية ،وكان هييئني لاللتحاق بخطوته االحرتافية بعد دخوله امليدان الفني بفضل صدف ٍة فتحت أمامه فرص ًة مهمة :اإلذاعة اللبنانية. عاصي ومنصور والحلم البعيد
72
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
منصور يف إذاعة الشرق األدنى)1956(
عاصي يف إذاعة الشرق األدنى)1956(
75
في رحاب َ األخوين رحباني
ساحر العينني ،زورق احلب لنا )... ،ففوجئوا ُبأغنيات ال تكاد تبدأ حتى فرتتئذ معتاد ًة عىل أعامل مرصية طويلة، تنتهي ،يف حني كانت اإلذاعة اللبنانية ٍ أعامل من نقوال ا َمل ِّني وحييى اللبابيدي وعمر الزعني أو بدوية متوسطة ،وبعض ٍ وخالد أبو النرص وسامي الصيداوي وفيلمون وهبي وسواهم .كان ميشال خياط كبريا لنا َف َق ِب َل ْتنا اللجنة عىل مضض وأتاحت لنا تقديم بعض األعامل من ً داعما ً حني إىل آخر. كانت معظم أعاملنا مكتوب ًة للكورس .مل تكن لدينا مغنية سولو يف ذاك احلني ُ فاضطررنا جمددً ا إىل االستعانة بشقيقتنا سلوى وسميناها املطربة نجوى .مل يكن ً صوهتا خار ًقا لكنه كان ً ومعتدال مييل إىل اجلامل .بدأنا نقدّ م أغانينا مبارشة مقبوال عىل اهلواء قبل عهد التســجيــالت .ومـن الـ ُّـط َرف أنناً ، مثال ،عند تقديم أغنيتنا:
ـب ـــ ـــ ــرد ـبــــــرـد ـبــــــــرد الـنــــــاـرات قرّـبـــــــــــي
شـــــي وبـــــــــرق ورعـــــد قـــــــرّبـــــــهـــــــن بـــعـــد
ت صوتية ِل ُن ِوه َم هببوب اهلواء. كنا ننفخ َبأفواهنا حول امليكروفون كمؤثرا ٍ وتكلمت باسمهم فتجاوبوا أغان المست عواطف الناس َ وبعدها قدَّ منا جمموع َة ٍ معنا برسعة .كانت األحلان طالع ًة من هذه األرض ،وجئنا مبحتوى شعري ذي أغراض خمتلفة .يف ذلك الوقت كان الغناء الشائع حيمل الكثري من الكلامت الذائبة َّ املعطرة (البنفسج ،الياسمني ،العواذل ،الوصال) وكالم دائم عن احلرمان وعبارات رقيقة رسيعة العطب .وكانت أقرص أغنية تبلغ عرشين دقيقة ،فجئنا نحن بوحدة الدقائق الثالث والكالم املغاير وحتى باللفظ املغاير ً (مثال كنا نلفظ َ ل ْيل بفتح الالم وتسكني الياء فيام كان الشائع املرصي بكرس الالم) وجئنا مبفردات الوعر والصخر والشوك وسواها .كان الكثريون يرفضون الغناء معنا حتى يف الكورس ألن كلامتنا قاسية جبلية .كام كان املوسيقيون يشيحون عن عزف أغنياتنا خلروج ُج َملها املوسيقية عن مألوف ما كانوا يعزفون. 74
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
توفيق ّ دروسا يف التحليل املوسيقي (حتليل سكر من پاريس فطلبنا منه أن يعطينا ً دروسا يف املوسيقى الرشقية السوناتات والسمفونيات) مقابلَ ما أعطيناه نحن ً واألرباع الصوتية. فرتتئذ بأغنياتنا وموسيقانا وسكتشاتنا .وكان فؤاد قاسم تتوسع ٍ بدأت شهرتنا ّ ً فرصا أوسع للعمل وأركا ًنا إضافية مؤمنا هبا يشجِّ عنا عىل الغناء باللبنانية ويعطينا ً ت أعاملٌ جديدة مثل ُ شداة الوادي ،ملى وملياء ،عروس نلحنها .هكذا و ِلدَ ْ ٌ وأركان سواها كان عايص مضط ًّرا إىل تلحينها كي ترصف له اإلذاعة معاشه املواسم، َ (اكتش َف ،بعد نحو عامَّ ،أن أمني صندوق آخر الشهر كـملحن/مؤلف أركان قسما من معاشه ويعطيه الباقي وهو ال يدري) .بدأ املستمعون اإلذاعة كان خيتلس ً يتابعون أعاملنا ،بدليل ما ملسناه من ازدياد الطلب عىل حفالتنا يف القرى واملدن واملصايف. ً تلك الفرتة ً صبي ٌة َت ِردُ لقاء مفصال سيغري حياة عايص .كانت َّ أيضا شهدت ً اإلذاعة ِّ غناءها املنفرد لتغني األناشيد مع فرقة فليفل .وذات يوم ٍ َ سمع حليم الرومي َ ً عظيما .استدعى عايص إىل مكتبه وقال مستقبال كثريا ورأى فيها ً فأعجبه صوهتا ً ذات صوت خارق .أرى أن تتعاون له :عندنا صبية جديدة اسمها هناد حدّ ادُ ، اسم ْين َف ِّن َّي ْين :فريوز معها يف أركا ِنك .وهكذا كانَ .خ َّي َرها حليم الرومي بني َ أو شهرزاد ،فاختارت األول .ومن يومها (َ )١٩٤٩ بدأت العالقة املهنية بني عايص وهناد ،وأول أغنية َّحلنها هلا كانت حبذا يا غروب( شعر قبالن مكرزل) .ومل تكن َس َب َق ْتها إىل الشهرة من اإلذاعة سوى صباح ونجاح سالم وسعاد حممد. ذات متوجني منذ اإلطاللة األوىل .هكذا جاءت فريوز ُ من الناس من جييئون َّ انضمت إليناَ .أصبحنا ثالثة .راح صوهتُ ا خيرتق احلواجز العاطفية الصوت املتف ِّردَّ . وأخذ يف الوعي سامعيه ُيريس األفكار التي حيملها .كانت فريوز هي َ املنتظ َرة الكتامل إجيابيا يف ما بعد رس ً املسرية الرحبانية وانطالقها إىل أبعد ،وسينعكس حضورها اآل ُ عىل حركتنا املرسحية. 77
في رحاب َ األخوين رحباني
هكذا َق ِب َلنا اجلمهور و َر َف َضنا العاملون يف احلقل املوسيقي والغنائي. يواجهنا كل وسط هذه الصعوبة بدأنا .والوعر الذي حتدثنا عنه يف أغانينا كان ُ يوم من املعنيني يف اإلذاعة وأعضاء الفرقة املوسيقية والكورس ،حتى أمضينا السنوات ت أوصلتنا إىل حافة فقدان األمل من إمكان املواصلة الثالث األوىل حمفوف ًة بصعوبا ٍ مجيل جديد. وتقديم ما كنا نزخر به من ٍ يف تلك الفرتة الرمادية من مقاربة اليأس تس َّلم مديرية الربامج يف اإلذاعة اللبنانية مثق ٌف منفتح ،كان ً ( )١٩٤٨مسؤولٌ يدعى فؤاد قاسم :واع َّ نائبا مهيأ ليكون وزي ًرا أو ً ٍ حيدوه وأرضوه مبنصب مدير الربامج يف اإلذاعة لكنه من رعيل رياض الصلح لذا َّ اللبنانية .حني استمع إىل أعاملنا ،فور استالمه منصبه ،أعجبه أننا نغني باللبنانية ض عليه أن يوظفه يف اإلذاعة وسط ذاك املد املرصي ٍ عهدئذ ،فاستدعى عايص وعَ َر َ َ عازف كامن وملحِّ ـ ًـنا .ق ِبلَ عايص الوظيفة وظلَّ يزاوج بينها وبني وظيفته األخرى هنائيا لينرصف إىل ونيف ،حتى استقال من البلدية ً (يف بلدية أنطلياس) فرتة سنة ّ َ كامن وملحِّ ن أركان (الركن جمموعة من أربع أغنيات). وظيفته يف اإلذاعة عازف ٍ فكنت أهني دوامي يف الرشطة ،وعوض أن أعود إىل أنطلياس أتوجه أما أنا ُ إىل اإلذاعة عند عايص أشاركه يف تلك األركان .من يومها بدأنا بتوقيع األخوين رحباين .وألننا منذ البدايات كنا نشعر َّ بأن وحدة الفن ليست يف األغنية بل يف ما هو أوسع ،اعتمدنا اللوحات (السكتشات) الغنائية (جريان البحرً مثال ،وراجعون بلغنا ً يف ما بعد) حتى ْ الحقا املرسحيات الغنائية الكربى. أحسست بدخولنا ً فعال عا َمل االحرتاف شعرت َّأن ما تع َّلمناه مع بونا حني ُ يزودنا مبادة لالحرتاف. بولس األشقر ال يكفينا َّإال عىل مستوى اهلواية فقط وال ِّ فضل فاقرتحت عىل عايص أن نأخذ ً دروسا يف التأليف املوسيقي لدى أستا ٍذ ذي ٍ ً أستاذا يف روبيار (كان س من املوسيقيني اللبنانيني ،هو برتران َّ عىل جيل ِّ مؤس ٍ األكادميية اللبنانية للفنون اجلميلة حيث درس عايص) .درسنا معه نحو تسع سنوات وأقنعنا صديقنا توفيق الباشا بأخذ دروس معنا ففعل .يف تلك احلقبة عاد متواصلة ْ 76
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
ُ زورق بعض منها (خاصة بعد نحو ثالث سنوات من شيوع أغانينا تناهى ٌ احلب لنا وبرد برد )إىل مسمع صربي الرشيف (رئيس القسم املوسيقي يف ِّ إذاعة الرشق األدنى من قربص) ومدير تلك اإلذاعة حممد الغصني .طلب األخري من صربي أن يسافر إىل بريوت التي يبدو َّأن فيها ظاهر ًة فني ًة جديد ًة تستحق االهتامم .جاء صربي فالتقيناه وأسمعناه ً سمعها بعدُ .ذ ِهل وسألنا: أعامال مل يكن َ أين درستام املوسيقى؟ يف إسپانيا؟ فأجبناه أننا مل نسافر أبدً ا خارج لبنان بل درسنا يف بريوت عىل بونا بولس األشقر ،ونواصل اليوم عىل برتران روبيار. تعاو ٍن مع صربي الرشيف استم َّر حتى اللقاء ً حاسما ألنه أ َّر َخ بدء ُ كان ذاك ُ ب َل َغ أهم مرحلة مر هبا األخوان رحباين .ومل َينت ِه ذاك اللقاء َّإال بعدما و ّقع صربي معنا اتفا ًقا عىل وضع جمموعة من األغاين ِّ ننفذها يف بريوت ويأخذها ليذيعها من حمطة الرشق األدنى لإلذاعة العربية وكانت تديرها وزارة اخلارجية الربيطانية كرشكة مستقلة تذيع برامج وأغنيات ومت ِّرر سياستها يف نرشات األخبار. هنا أريد أن أشهدَ للتاريخ َّأن لصربي الرشيف ،هذا الرجل املبدعً ، عظيما فضال ً عىل املوسيقى اللبنانية .وهو ً كثريا مع رفاقه لنقل مكاتب اإلذاعة وميزانيتها الحقا جاهد ً الضخمة إىل بريوت لقناعته بإمكان حتقيق أعامل فنية مهمة انطال ًقا من لبنان. ً وفعال ،بعد نقل مكاتب اإلذاعة إىل بريوت ،احتضننا :عايص َوأنا وتوفيق الباشا موسيقيا .يف تلك وزكي ناصيف وعبدالغني شعبان وتوفيق سكر وش َّلة من املثقفني ً الفرتة صدر فصلٌ من أوپرا إذاعية عنواهنا دنبو اجلبار غناها بأصوات كالسيكية كلٌّ من عايص وخليل مكنية وعبد الغني شعبان .يومها اشتهرنا بـفرقة اخلمسة (عايص ،منصور ،زكي ناصيف ،توفيق الباشا ،توفيق سكر) وقمنا بالنهضة الفنية التي ا ّتسم هبا لبنان .كنا نعقد اجتامعات دورية وندعو الناس إىل إسامعهم أعاملنا اجلديدة، إسق العطاش وقصيدة ولد عايص وأنا ،وتوفيق الباشا الذي كان أصدر موشح ِ اهلدى ،وزكي ناصيف الذي َّحلن حوارية هو وهي وغناها مع فريوز .وكان زكي وتوفيق منذ مطالعهام يعطيان أحلا ًنا رائعة. 79
في رحاب َ األخوين رحباني
فريوز يف مطلع صباها بعد زواجها من عاصي (بعلبك)1957 -
يف اإلذاعة اللبنانية من اليمين :حافظ تقي الدين ،عاصي، محمد عيل فتوح ،زكريا أحمد ،خالد أبو النصر وميشال خياط
الطريف يف َأمر تلك الفرتة َّأن عايص كان عاز ًفا سي ًئا يف فرقة اإلذاعة .وأكث ُر الذين كانوا رؤساءه وينهرونه ويأمرونه ويرصخون يف وجهه الئمني متذمرين من الس ِّيئ أمسوا ً الحقا عازفني ثانويني أمامه لدى قيادته األوركسرتا ،أو مردِّ دين عزفه َّ عاديني يف كورس الفرقة الشعبية اللبنانية التي ّ شكلناها يف ما بعد. أخذ عايص يد ِّرب فريوزَ ،وأ َخ َذت هي تتأقلم بحسها املرهف اخلارق ا ُمل ْق َت ِبل ا ِملطواع، وتطلُّ بأنواع جديد ٍة َّغنتها وكنا ً سابقا أعطينا َ ت ُأخرى (شقيقتنا سلوى، بعضها إىل أصوا ٍ ٍ كروان ،حنان ،)...،منها شداة الوادي ،زورق احلب لنا ،سلمى ،هذه الربى واجلنان ،عذارى الغدير ،هل ترى تعرف يوال ،سمراء مها ،هيفا والديب، بشكل مذهل: جريان البحر ،وأغنية عتاب التي َس َرت يف الناس ٍ
ِ ت ـمن العتاب يئس ْ حاجه تعاتبين ْ
من كرتِما محَّل ْتين هالقلب داب
وكانت هذه األغنية ركيزة أساسية يف ازدياد شهرة فريوز واألخوين رحباين. 78
عاصي ومنصور (يف الصف الثاين) والياس يف يسار الصف الخلفي
81
في رحاب َ األخوين رحباني
عاصي ومنصور يف إحدى الزيارات الخاصة
ّ مكنية عاصي وزكي ناصيف وخليل
رفاق العمر :عاصي ومنصور وفيلمون وهبي
80
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
فريوز بين الكورس يف اإلذاعة اللبنانية مع إدواردو بيانكو (أحد كبار مشاهري التانغو) عاصي عىل البزق وفريوز تغني
عاجلنا األحلان الفولكلورية كام هي ثم زدنا جديدً ا عىل الفولكلور كي نق ِّربه أكثر من متناول العرص ،فوضعنا أغاين مستوحاة من الفولكلور يف إطار الرسم ف ...ويف (أحبك يف امليلودي الفولكلوري .ووضعنا أغاين حرة صمتي الوار ِ ُّ َ ف .)كام أتينا بأغنيات عاملية شائعة (التانغو ً مثال) صدرت فرتت ِئ ٍذ رفة اهلدُ ب اخلائ ِ حرجا من وضعها كذلك يف پاريس (بالفرنسية) ويف روما (باإليطالية) فلم نجد ً بالعربية (ماروشكا ،ڤريدي لونا .)...،وبلغ اندفاع صربي الرشيف صوب آنئذ) فعزف مقطوعاته الشائعة هذه الظاهرة أن أتى بإدواردو بيانكو (ملك التانغو ٍ وغنتها فريوز بالعربية .كام قدمنا موجة األغاين املرتمجة الراقصة (منها ً مثال جوين 83
في رحاب َ األخوين رحباني
يف تلك الفرتة و ّقعنا ،عايص وفريوز وأنا ،عقدً ا لعدة سنوات مع صربي شعرت بأن أعاملنا إلذاعة الرشق األدنى تتخذ الرشيف عىل إنتاج عدد من األعامل. ُ طابعا ً واحرتافيا .وملا كان عقدي مع صربي الرشيف يبلغ ٧٥٠لرية إنتاجيا مكثفا ً ً ً مت استقالتي ( )١٩٥٣من سلك الوظيفة شهر ًيا (ومعايش يف الرشطة ٢٠٠لرية) قدّ ُ وانرصفت مع عايص إىل األعامل الفنية. برامج إذاعية (كنا قدمنا بعضها عىل املرسح يف نادي أنطلياس): رحنا ننتج َ أغان فولكلورية (بو فارس عندو جني ِنه )...،وسكتشات بو فارس وسبع وخمول ٍ (اشرتك فيها عايص وأنا وفيلمون وهبي ونرصي شمس الدين وسعاد هاشم وعفيف جتوز( فريوز ووديع الصايف)، رضوان) ،روكز َخ َطب( فريوز ووديع الصايف) روكز َّ املوسم األزرق( صباح وعايص) ،جريان البحر( فريوز والكورس) ،عروس املواسم( فريوز ووديع الصايف) .كنا نأيت باألحلان الشعبية الفولكلورية املعروفة نطور يف فننسجها يف قصة ونطلقها بأصوات فريوز وصباح ووديع الصايف .وأخذنا ِّ ت كالمي ًة املألوف مبساعدة صربي وآرائه .كام أخذنا أغاين الفولكلور وزدنا عليها فقرا ٍ ت حلني ًة جديدة ،شاعت حتى َل َي ّ ظنها الناس اليوم من صلب الفولكلور القديم وتنويعا ٍ بينام هي من زيادتنا نحن .منها ً مثال يف أغنية هيك مشق الزعرو َره هذا املقطع كالما ومجلة موسيقية مغايرة عن اللحن األصيل: الذي أضفناه ً
والـــلـــــــل الـــعـــاطـــي رسارو نـــزلـــوا بــضــيــعــتــنــا خـــ ـــ ــارو
ومــــــــ ْضــــــــوي دارو ودلــــــــــــــــوان عـــلـــيـــك
اهليبه أو كنا نضع ً رسما ميلود ًّيا يشبه الفولكلور كام يف أغنية يا غز ِّيل يا بو َ التي زدنا عليها مجلة موسيقية تقول أوف يا با وهي من تلحيننا ومل تكن موجودة ً أصال يف تلك األغنية الشعبية .ووضعنا أغاين شعبية من تلحيننا ألننا منذ تلك الفرتة كنا نعي مسؤولية أن نجعل األغنية اللبنانية ِسدً ا أمام املدِّ الغنائي الغريب الذي كان يتدفق عىل لبنان .كان علينا أن نعالج العديد من ألوان املوسيقى والغناء كي نوسع ريـپـريتوار األغنية اللبنانية األصيلة. 82
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
عاصي وفريوز يف نزهة صيد
فريوز وعاصي وصالح أبو زيد يف اإلذاعة (األردن)
خضنــا ً أيضا ميدان القصيدة املغ ّـناة .ومتشيـ ـًا مع مبدإنا الفنــي وضعنا الـميني وغالبا ذات قافية قصيدة .فبعدما كانت القصائد العربية املغناة (عمودية طويلةً ، املنيس عاد واحدة) تستغرق نصف ساعة أو أكثر ،جئنا بقصائد قصرية (ما للهوى ّ مللمت ذكرى لقاء األمس باهلدُ ب )...،ال تتعدى الدقائق اخلمس أو يزور، ُ الست عىل األكثر. مجيع تلك التنويعات كانت ً مهما ومفيدً ا جدً ا لصوت فريوز .كانت مترينا ً مطواعة فيها مجيعها بشكل فريد فإذا بصوهتا األعجويب يؤدي مجيع تلك األنواع يف طواعية مذهلة. 85
في رحاب َ األخوين رحباني
عاصي ومنصور والياس يف مشهد طريف (اىل اليسار الصحايف جورج ابراهيم الخوري)
عاصي ومنصور وصربي الشريف
غيتارَّ غن ْتها فريوز مبرافقة منري بشري عىل العود) ومل ندَّ ِع أهنا من تأليفنا بل كنا نو ّقعها إعداد األخوين رحباينّ .ثم بدأنا بتأليف األغاين الراقصة (بعدنا ،عند محاها ،بلديت ،)...،حتى أننا وضعنا موسيقى جاز (هاي يا ِإم العني الكحال، ً صديقا له كتب صحافيا وواجهنا محلة عنيفة حتى أن أحد املوسيقيني ح َّرض )... ْ ً يطلب حماكمة األخوين رحباين ألهنام متواطئان مع اإلنكليز لتسليمهم واحة الربميي (مشكلة كانت بني اإلنكليز والسعوديني عىل تلك الواحة يف اجلزيرة العربية). التفتنا ً أيضا إىل املوشحات بعدما كانت مرص أ َمخدهتا ومل يعد أحد يغنيها يف وتنويعا ترسيعا العامل العريب .جئنا مبوشحات كنا حفظناها من طفولتنا فأعدنا توزيعها ً ً وتعديال ً ً ً وتسجيال بأوركسرتا كبرية ،منها ملا بدا َّ يتثنى( األرجح أن بسيطا يف الكلامت ملحنه يدعى سليم النجار ،وضعه يف مرص منذ نحو َ مئتي عام) ،بالذي أسكر من عذب اللمى( من نغم البيات زدنا عليه مقاطع ووزعناه بأرباع الصوت وكان يقال إن توزيعه بربع الصوت مستحيل) ،زوروين كل َ حب ِك .وحني أطلقنا سنه َم َّره ،يا لو ُر ُّ صاحب ْتها موج ُة محاس ٍة هلا غري عادية يف الناس ويف الصحافة (وكذلك تلك املوشحات َ حني غنيناها عىل مرسح دمشق ً ف بإعداد املوشحات وإعادة إطالقها الحقا) .ومل نكت ِ كالما ً وحلنا. يف العامل العريب بل وضعنا نحن موشحات جديدة ً 84
بطاقة عرس عاصي وفريوز
عرس عاصي وفريوز ...ومنصور اإلشبين عاصي وفريوز بعد العرس إىل أوتيل شتورا پارك
87
في رحاب َ األخوين رحباني
وضع هذه املعاجلة الواسعة ملواضيع كثرية متنوعة جاءت من وعْ ِينا مسؤولي َة ِ ركيز ٍة قوي ٍة متين ٍة لألغنية اللبنانية .عاجلنا خمتلف األلوان الغنائية .فتح لنا صربي كبريا يف إذاعة الرشق األدنى ليس أق َّل ُه ْتأمني فرقة موسيقية الرشيف رصيدً ا تنفيذ ًيا ً كربى (من نحو أربعني عاز ًفا بني كمنجات ونحاسيات وخشبيات) مجعت أشهر عازيف منطقة الزيتونة بكازينواهتا ومالهيها التي بلغت أيامها نحو العرشين ويف مجيعها عازفون أجانب مهرة .هكذا ّ متكنا من حتقيق كل تلك اإلنجازات عىل املستوى األفضل. ب كبري تنسج وسط تلك املرحلة الفنية املعجوقة باإلنتاج الغزير ،كانت قص ُة ح ٍ ت إىل األهل خيوطها بني األستاذ (عايص) وتلميذته (هناد) .وما هي حتى وص َل ْ َ متقابلت ْين قرأوا عىل صفح ِتها والوسط الفني بطاق ُة دعو ٍة من صفحتني واألصدقاء َ اليمنى :سعدى أرملة حنا عايص الرحباين تترشف بدعوتكم حلضور حفلة زفاف ولدها عايص عىل اآلنسة هناد حداد ،وعىل الصفحة اليرسى :وديع حداد وعقيلته يترشفان بدعوتكم حلضور حفلة زفاف كرميتهام هناد عىل السيد عايص الرحباين... وذلك يف الساعة الرابعة من بعد ظهر األحد ١٩٥٥/١/٢٣يف سيدة كنيسة البشارة للروم األرثوذكس -حي الفرنيني (بريوت). عمل من إذاعة صوت العرب يف القاهرة .فذهبنا، بعد الزواج جاءت دعو ُة َ عايص وفريوز وأنا وصربي الرشيف وزوجته ،وهناك التقينا أمحد سعيد وو ّقعنا وبرامج طوال ستة أشهر .يف تلك الفرتة وضعنا أغان وأناشيدَ َ عىل عق ٍد لتنفيذ ٍ ً وأعامال أخرى (بعضها من شعر هارون هاشم رشيد ومريس مجيل النهر العظيم عزيز) .وذات يوم قال يل أمحد سعيد :إذا و َّفرنا لكام طائر ًة عسكري ًة إىل غزة كثريا هل تذهبان لتسمعا األغاين الفلسطينية هناك؟ وألننا كنا نخاف الطائرات ً واح طلبنا منه استحضار التسجيالت إىل القاهرة َفف َعل .استمعنا إليها فإذا فيها ُن ٌ واستجداء وشكوى .قلنا له :قضية فلسطني ال ُتعا َلج هكذا .ال يسرتدُّ فلسطني ٌ ّإال الفلسطينيون .ال ابن القاهرة ميوت عن القدس وال ابن بريوت وال ابن دمشق. 86
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
وضم َّناها استنهاض مهم الفلسطينيني ولتثبيت مقول ِتنا وضعنا مغناة راجعون َّ ً (الحقا أعدنا تسجيلها املرشدين ،وسجلناها بأصوات فريوز وكارم حممود والكورس َّ يف بريوت مع فريوز وميشال بريدي) .وعنها قال لنا يف بريوت الصحايف الكبري ميشال أبو جودة :أنتام مؤسسا العمل الفدائي .ذلك أننا كنا من يومها ()١٩٥٥ بحتمية العودة من اخلارج إىل الداخل ،ولن يكون التحرير ّإال من داخل نؤمن َّ أرض فلسطني ببقع ٍة مقاتل ٍة ،ولو صغرية ،تكون هي املنطلق (عدنا إىل هذه الفكرة ً الحقا يف جبال الصوان حني قلنا :اليل بيقاتلوا من َب ّرا بيض ُّلوا َب ّرا .املصدر ُج ّوا.) ذات مساءٍ ،يف القاهرة ويف سهرة خاصة ،قال لنا توفيق احلكيم والدكتور حسني فوزي :بأعاملكام أنقذمتا الرتاثَ العريب الكالسيكي من البالدة .وهناك ً أيضا جاء ملحنون مرصيون اجتمعوا بنا وانتقلت إليهم عدوى أغانينا القصرية بح َّبك؟ ما بعرف.)... وكلامتنا اللبنانية (شباك ،مشوارِ ، َّ عُ دنا بعد ستة أشهر ومعنا نتائج فنية وشخصية :أعاملٌ كبرية بقيت يف إذاعة القاهرة ،جننيٌ يف أحشاء فريوز (هو بك ُرها زياد الذي حب َلت به يف أرض الكنانة)، وقصة حب ُ عشتها أنا مع حسناء يونانية تدعى جويل كانت مديرة پنسيون الزمالك حيث نزلنا طوال تلك الفرتة. كانت فرتة إذاعة الرشق األدنى غنية جدً ا ومثمرة جدً ا .وهي أول إذاعة دخل إليها اإلعالن التجاري .كنا ،عايص وأنا ،أول من وضع اإلعالن عند فتح الدائرة التجارية ،وهو يقول:
ْفيــــــــــه مــروع جدـيــــــد ومنـحـــ ّط بـجـيـبتـنـــــــــــــاـ
مـــــرحب فـــيـــه َع ا ِهل ِ ـــيـــنـــه ١٠٠جـــنـــيـــه اســتــرلــيــي
89
في رحاب َ األخوين رحباني
عرس منصور و تريز أبو جودة ()1957/7/7
88
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
عاصي وفريوز وكريمة صربي الشريف أمام األهرام
عاصي ومنصور وصربي الشريف يف رحلة صيد
عاصي وفريوز يف ّأول زواجهما: بداية المشوار المبدع الطويل
91
في رحاب َ األخوين رحباني
كالما ً وحلنا ،وكان ّلرباد كروسيل جاء فيه: ووضعنا نحن أولَ إعالن ً ٍ
كروسـلــــــــــي كروسـلـــــــي بــــــــــــراد كـــــروســـــي يـــرقـــصـــي ابدلار... واقـــــــــــف
وباعرتاف صاحب الرشكة أنه باع نحو مخسمئة براد بفضل ذاك اإلعالن الذي راج عىل ألسنة الناس. يف تلك الفرتة اقرتح علينا فيلمون وهبي أن يأخذنا إىل إذاعة دمشق وأن يع ِّرفنا وحيب كل جديد( حتى أنه استورد إىل مديرها أمحد عسة الذي كان متطو ًرا ُّ آالت أوركسرتا سمفونية ماركة پرتوڤ أرغم مجيع عازيف اإلذاعة أن يتعلموا عليها خصيصا) .لقاؤنا األول به (عايص وفريوز وأنا) كان سي ًئا ألننا مع مدربني جاء هبم ً أسمعناه أغنيات قدمية .مل يقتنع بناَّ .ثم عدنا فر ّتبنا لقاء معه آخر أسمعناه فيه ً أعامال جديدة ّتبناها فو ًرا ووضع إمكانات اإلذاعة يف ترصفنا .وأشهد اليوم أن هلذا الرجل ً كبريا علينا َّ عهدئذ كانت قوية البث ،وكل ما يذاع ألن إذاعة دمشق ٍ فضال ً منها يشيع .هكذا ،بني مؤيد متحمس ومناهض متشدد ،شاعت من دمشق أعاملنا اجلديدة :األسوار( برنامج ضخم مبشاركة أوركسرتا ضخمة) ،مشوار( شعر سعيد عقل) ،ب َردى ووداد( شعر األخطل الصغري) ،من ُن ْع َم َيا ِت ِك يل( شعر بدوي اجلبل الذي أذهله صوت فريوز فتع َّرف بنا وأعطانا من شعره) ،نحنا والقمر جريان معا)، (بصوت فريوز وحدها بعدما كانت صدرت قبلذاك بصوت فريوز وحنان ً وبرامج كثرية (كـاحلصاد والسالح والنرص لإلنتاج )وأغنية عتاب( سبقَ أن صدرت من إذاعة بريوت التي كانت ضعيفة البث) فشاعت من إذاعة دمشق التي ّ شعبيا وصداقات غالية ستحتل كل مساحة العمر. شك َلت لنا مجهو ًرا ً واسعا ورصيدً ا ً كنا نذهب إىل دمشق مرة كل أسبوع أو كل أسبوعني ،نحمل ً أعامال جديدة (نتقاىض مقابل كل أغنية ٢٥لرية عن الكالم و ٢٥لرية عن اللحن) نسجلها ونعود إىل ورشة عملنا املكثف يف إذاعة الرشق األدنى. 90
وجاء زمن المهـرجانات ... َ ً كانت مسرحيات الضيعة يف نادي أنطلياس مدخال لعاصي ومنصور الرحباين إىل اإلذاعة اللبنانية فإذاعة الشرق األدنى فإذاعة دمشق .ومن ً حاسما يف انطالق أعمالهما النجاح يف اإلذاعات انتقال إىل قطاع آخر سيكون الكربى :المهرجانات السنوية يف بعلبك واألرز ودمشق وقصر الپيكادييل.
وتوسع شهرتنا وانتظار اجلمهور أعام َلنا اجلديدةَّ ،فكرنا، بعد تكاثر أعاملنا اإلذاعية ُّ عايص وأنا ،بإقامة حفالت عىل مستوى أوسع وتنظيم أعاملنا اإلدارية يف هيكلية تكون مؤسسة أو أي إطار آخر طلبنا من صربي الرشيف أن يديره إضافة إىل وظيفته مدير رشكة التسجيالت اللبنانية. وكانت الصدفة ،يف تلك الفرتة بالذات ،أن نستدعى يف ربيع ١٩٥٧لالجتامع حتئذ مقترصة عىل عروض أجنبية بلجنة مهرجانات بعلبك .كانت تلك املهرجانات ٍ (مرسح وباليه وأوپرا) تقدِّ مها فرق عاملية .يف تلك السنة قررت السيدة زلفا شمعون ليايل لبنانية. أن ُتدخل إىل املهرجانات َ التصور ت ّ غري واضحا ِ اجتمعنا يف مكتب حبيب أبو شهال بسيدات اللجنة ُوك َّن َ ملا َ ت أهنا ستكون يرغ ْب َن يف تقدميه بل غري ِّ ت لفكرة الليايل اللبنانيةُ ،مو ِقنا ٍ متحمسا ٍ أضعف شأ ًنا من الليايل األجنبية ذات الفرق العاملية .غري أهنن رضخن لفكرة السيدة األوىل وحرضن االجتامع.
في رحاب َ األخوين رحباني
بقينا يف هذه األخرية من ١٩٥٣إىل ١٩٥٦حتى االعتداء الثالثي عىل مرص، حني َ أسفرت اإلذاعة عن وجهها احلقيقي وأخذت تذيع البالغات احلربية للحلفاء الثالثة ضد مرص فقررنا أن نوقف التعامل معها .كان عقدنا معها ميتدُّ حتى عام ١٩٦٠فأرصرنا عىل التوقف ألهنا إذاعة معادية العرب .عدنا إىل جذورنا كأوالد حنا عايص فقررنا أن مننع بالقوة الدخول إليها .اجتمعنا بالفنانني الذين استقطبتهم اإلذاعة فوافقوا عىل مقاطعتها ،وبينهم توفيق الباشا وزكي ناصيف وصربي الرشيف وفريق الفلسطينيني فيها ،فكان أن توقفت اإلذاعة وأقفلت مكاتبها .قدمنا شكوى بواسطة حمامينا (صهرنا عبداهلل اخلوري) فنلنا تعويضنا الكامل حتى ١٩٦٠رغم أننا أربعا قبل انتهاء مهلة العقد. أوقفنا التعامل معها سنوات ً مع توقف اإلذاعة ( )١٩٥٦تأسست رشكة التسجيالت اللبنانية( الرك) بتمويل وديع بولس (مؤسس ستديو بعلبك يف ما بعد) وحلول صربي الرشيف مدي ـ ـ ًرا، فو َّقعنا عقودً ا إلنتاج أعم ـ ـ ــال فنية سجلناها يف الستوديو نفسه الذي شهد تسجيل أعاملنا إلذاعة الرشق األدنى (صالة سينام الفرير عىل حملة الداعوق) وراحت تلك الرشكة تبيع أعاملنا إلذاعات الدول العربية. يف تلك الفرتة بالذات ،بعد ميكروفونات إذاعة بريوت وإذاعة دمشق وتسجيالت إذاعة الرشق األدنى ،كانت خيوط القدر تنسج لنا الفرصة الكربى التي نقلت أعاملنا إىل احرتاف فني آخر :املرسح.
92
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
اللبنانية األوىل زلفا شمعون ّ تتوسط فريوز وعاصي يف قصر بيت الدين عاصي ورفيق الطريق برج ڤازليان مخرج مسرحية لولو
اللبنانية األوىل زلفا شمعون ّ تتوسط عن يمينها: حسانة فتح اهلل داعوق ،محيي الدين سالم، منصور الرحباين ،وعن يسارها :صربي الشريف وغربيال ّ مفرج
عاصي يعزف عىل البزق يف سهرة خاصة لدى سعيد فريحة
95
في رحاب َ األخوين رحباني
عاصي ومنصور يف افتتاح يعيش يعيش بين خالد عيتاين والياس متى (الپيكادييل )1970 عاصي وكامل التلمساين يف مكتب األخوين الرحباين
عاصي وفريوز وتوفيق الباشا وفيلمون وهبي يف عشاء سعيد فريحة
94
سعيد عقل رفيق العمر، مع عاصي وفريوز يف إحدى السهرات
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
ّ فريوز تغني لبنان يا أخضر حلو، ّأول أغنية لها يف مهرجانات بعلبك (صيف )1957
ّ عاصي ومنصور وفريوز مع الشاعر المصري مأمون الشناوي (مصر)1966 -
أخذنا بضعة أيام ووضعنا برناجمًا منوعً ا بعنوان أيام احلصاد يصل َ بعضه ببعض ٌ عليه َّن عايص التنظيم خيط جامع .عدنا إىل االجتامع بالسيدات وف َر َ ض ِ ٍ التايل :فريوز للغناء ،صربي الرشيف لإلخراج .وقبل أن هيلعن من كثرة املصاريف أردف عايص :تو ِّقع فريوز عقدً ا بلرية لبنانية واحدة ،وصربي الرشيف عقدً ا باملبلغ نفسهَّ .ثم أردف :حممد شامل وحميي الدين سالم مسؤوالن إداريان .توفيق الباشا قائد أوركسرتا .نزار ميقايت معاون صربي الرشيف يف اإلخراج .زكي ناصيف للمشاركة يف التأليف والتلحني .مروان ووديعة جرار للرقص. يتم االتصال بنا ً الحقا .وبالفعل ،بعد أيام انتهى ذاك االجتامع الثاين عىل أن ّ ُ استدعينا إىل القرص اجلمهوري يف القنطاري واجتمعنا برئيس اجلمهورية كميل شمعون الذي بادرنا بقوله :وافقنا عىل حفلتكمِّ .نفذوها ونحن ُن َن ْي ِش ُن ُك ْم أو وساما ،واألخرية :أي نقيض عليكم). ُن َن ْي ِش ُن ُك ْم( األوىل :أي نعلق لكم نيشا ًنا ،أي ً 97
في رحاب َ األخوين رحباني
ّ يتوسط عن يساره فريوز، الرئيس كميل شمعون ،يف قصر بيت الدين، خليل الهربي ،مروان جرار ،محمد شامل ،وعن يمينه وديعة جرار ،صربي الشريف ،توفيق الباشا ومحيي الدين سالم بعد مهرجان بعلبك 1957
ْ بدأ َن بتحذيرنا من التطويل التطريبي العريب الذي ينفر منه مجهورنا بعدما اعتاد األعامل األجنبية يف بعلبكَ .ط ْم َأ َّن ُاه َّن إىل َّأن التطويل ليس من مبادئنا الفنية، ينتظ ْر َن خمططنا لتلك الليايلَّ حيك ْم َن ً وأال ُ وس َأ ْل ُ سلفا عليها بنظرة منفوقية ناه َّن أن ِ َ مرتفعةَ . ْ فرصخن استهجا ًنا: سأ ْلننا :من سيغني يف حفلتكم؟ فقلنا هلن :فريوز. أهنن ال يعرفن أبدً ا .ال .ستغني وتطيل وتنوح وتروح متزق املنديل يف يدها .ففهمنا َّ أحرض َنه ً فريوز وال ما ّ سلفا :عايص ومنصور الرحباين ترتيبا تغنيه فريوز .ثم َ ْ فرضن علينا ً للكتابة والتلحني ،توفيق الباشا لقيادة األوركسرتا ،حميي الدين سالم وحممد شامل لإلخراج واإلرشاف الفني .فاعتذرنا عن القبول هبذا التقسيم وقلنا هلن إن هذا األمر يعنينا نحن ويتخطى إطارهن ،وإن التنظيم نضعه نحن ونعرضه عليهن .وطلبنا مهلة لوضع اخلطوط العريضة للسيناريو ثم نجتمع ثانيةْ . وافق َن عىل مضض وانتهى االجتامع منه َّن ترى أهنا هي عىل صواب وكل ما عداها عىل خطأ. بنظ َر ٍة متعالي ٍة ُ 96
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
ّ الصوان) فريوز يف بعلبك (جبال منصور وفريوز وآرام خاتشادوريان عاصي ومنصور يف مطالع مهرجانات بعلبك عاصي ومنصور وعبداهلل األخطل يف قلعة بعلبك
99
في رحاب َ األخوين رحباني
يف ليلة االفتتاح مل ُتكن واحد ٌة من سيدات اللجنة تعرف ماذا سيدور يف احلفلة. ت شارك هبا زكي ناصيف مبقطوعات (منها طلوا حبابنا طلوا وكانت هذه منوعا ٍ وصبحْ نا بفجر العيد ،)وقاد أوركسرتاها توفيق الباشا .يف مستهل اللوحة األوىل َّ عمدَ املخرج صربي الرشيف إىل وضع فريوز عىل قاعدة عمود وس ّلط عليها األضواء َ من أسفل العمود ومن زوايا خمتلفة ،فظهرت للجمهور كأهنا طائرة يف اهلواء فيام تغني لبنان يا أخرض حلو عَ تالل .كان املشهد األول ً صاعقا عىل اجلمهور الذي اشتعل له ً تصفيقا يف موجة كانت بني التأثر والبكاء والغبطة .ودارت األمسية كلها أمام مجهور متجاوب جدً ا .قدمنا احلفلة ،كام املقرر ،لليلتني فقط (كل ليلة نحو مخسة آالف مشاهد جاؤوا يعاينون ما سيقدم لبنان بني العروض األجنبية) .وصدرت الصحافة بتعليقات احلب رسيع العطب ،وكانت فقب َلنا كان ُّ ِّ مرشفة أسعدنا أهنا كانت واعية ما نقوم بهْ . أدوات الشعر الغنائي بائسة .جئنا نحن فعدنا إىل الينابيع ،ألن الفن احلقيقي هو رصاخ ً حزينا بينام يف أودية لبنان كانت ترتدد األعامقْ .قب َلنا كان الغناء يف املنطقة العربية أصداء املواويل والعتابا وأبو الزلف وامليجانا .كنا واعني أن تأسيس موسيقى لبنانية الغناء معنا ً حامال من التقاليد أصالتها ،ومن العرص تطوره، هاجس حتلم به أرضنا فجاء ُ ٌ ومن الرسعة كثافتها ،ومن اجلامل الكهربة الوجيزة. ركزت الصحافة اللبنانية عىل رضورة تكرار هذه الليايل اللبنانية يف مهرجانات ت يف العام التايل ( )١٩٥٨بسبب األحداث التي شهدها بعلبك .لكن املهرجانات ُأ ْل ِغ َي ْ لبنان. ْ عام ُ ١٩٥٩ فاستقبلتنا سيداهتا استدعينا من جديد إىل جلنة مهرجانات بعلبك، مبنطق آخر ونظرة أخرى .جئن إىل االجتامع كي يسمعن ماذا عندنا ال لكي يفرضن أي مرشوع. علينا َّ هكذا َّهيأنا برناجمًا من فصلني :األول ألصدقائنا حممد حمسن ،زكي ناصيف ،توفيق الباشا ،قدَّموا أغاين مجيلة وأحلا ًنا مجيلة ،وقاد األوركسرتا توفيق الباشا .والفصل اآلخر وضعناه نحن بعنوان حماكمة( مع فريوز ووديع الصايف) ،يروي قصة رسقة عنـزة وما استتبع ذلك من أحداث طريفة ومفارقات جرت للعنـزة عىل خشبة املرسح خالل تقديم العرض. 98
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
من الربوشور ... :وتفاصيل المشاهد 101
في رحاب َ األخوين رحباني
بروشور مهرجان الفن الشعبي اللبناين – 1957 100
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
عسة فقال وذات مساءٍ ،يف إحدى املناسبات الرسمية ،التقى البارودي أمحد ّ لساك يا أمحد بدَّ ك تضل تذيعلنا هاللون الرحباين البارودي بلهجة متعاليةَّ : عسة الدخيل؟ مش ناوي تتوب بقى وترجع ملدرستنا األصي َله؟ .ففتق ألمحد ّ أن جييب بحنكة الدپلومايس ال بعنرتية الزعيم السيايس فقال فو ًرا :معك حق يا َ ألخربك فخري بك .كانت تلك غلطة ،وأنا كنت أنتظر حلظ ًة كهذه أراك فيها أنني عثرت عىل فتاة دمشقية رائع ِة الصوت ،هي أفضل من حيْيي املوشح واملوال والدور القديم واللون الرتاثي الذي حتبه ونحبه كلنا .أحب أن تستمع إليها لتعطيني رأيك فيها. عسة أن يدير مهندس يف اليوم التايل وصلَ فخري البارودي إىل اإلذاعة فطلب ّ الصوت األغنية املطلوبة (وكان طلب منه تسجيل صوت البارودي عند هناية األغنية)، فكان رشيط إىل راعية:
سوـقـي القطيع إىل املــرايع مســــــــــراء ...ـيــــاـ أنـشـــودة
وامــــي إىل خـــر الــبــقــاع الـــغـــاابت اي حـــم املـــرايع
عاليا :إي هادا كان البارودي هيز رأسه طر ًبا طوال األغنية حتى إذا انتهت هتف ً صوت ،وهادا غنا ،وهادا طرب ،وهادي رحية الشام عرب التاريخ .مش متل هاديك فريوز اليل جنابك حامل صوهتا وداير فيها وبتذيعها كل يوم من إذاعتنا بالشام. عسة :يا فخري بك ،شك ًرا لرأيك .وألفتك إىل أن ْرأ َ يك هذا وبكل هدوءٍ قال ّ طبعا .وأنا أعني ما أقول .فابتسم سجّ لناه بصوتك وسنحتفظ به .قال الباروديً : عسة وقال :هذا الصوت الذي أعجَ َبك ،يا فخري بك ،هو نفسه صوت فريوز الذي ّ َ أحببتها هي لعايص ومنصور الرحباين يزعجك وتثور عليه .وهذه املوسيقى التي عسة :نعم. اللذين جتد موسيقامها دخيلةُ .ذ ِهل البارودي :شو هاحلكي؟ ،فقال ّ ت محلتك علينا وعىل اإلذاعة وعىل فريوز واألخوين هذه هي احلقيقة .وإذا واص ْل َ رحباين فسوف أذيع ْرأ َيك اليوم عىل الناس من اإلذاعة. 103
في رحاب َ األخوين رحباني
ومن طريف تلك الصيفية أن تلك العنـزة سببت مفارقات أخرى حتى خارج ُ اشرتيتها من أحد جرود عينطورة وأنا يف طريقي إىل بعلبك كنت املرسح .فبعدما ُ ُ ووضعتها يف صندوق سياريت (اجلديدة يومها أوپل كاپيتان )وأخذ ُتها إىل القلعة، ظ َّلت رائحتها الكرهي ُة يف سياريت ال تزول ،حتى مل يعد أحد يرىض بالركوب فيها. ِّ أشه ًرا بعدها ،بقيت الرائحة الكرهية يف ورغم املعاجلة باملنظفات ومزيالت الروائح ُ السيارة حتى ُ ررت يف النهاية إىل بيعها بأسف شديد ألهنا كانت أول سيارة اضط ُ جديدة أشرتهيا يف حيايت. بشكل الفت وصدرت عنها أغان ال ذلك الصيف نجحت الليايل اللبنانية ٍ تزال مشهورة حتى اليوم (يا قمر أنا وا ّياك ،ما فيه حدا ،أنا وهالبري ،يا تالل صنوبر ضيعتنا.)...، يف هذه الفرتة كانت أعاملنا تذاع من إذاعة دمشق إىل كل العامل العريب وتثري ً جدال كعادهتا يف أول املطالع ،خاصة تلك الضجة التي أقامها املجمع العلمي نشوه اللغة العربية ،وتلك التي قامت يف جملس العريب يف دمشق باهتامنا أننا ِّ حينا وما رافقها من النواب السوري حول كلامتنا يف أغنية سنرجع ً يوما إىل ِّ موقف النائب والزعيم السوري فخري البارودي إزاءها .وقصة ذلك َّأن البارودي ِّ الع عميق عىل الرتاث الغنائي العريب عامة واملوشحات بنوع خاص. كان ذا اط ٍ حينا )مل ُن ِطل املد اللحني عىل وكان اعرتاضه أننا (يف أغنية سنرجع ً يوما إىل ِّ حرف األلف يف كلمة هنالك( هنالك عند التالل تاللٌ تنام وتصحو عىل وتاليا اللغة العربية .أثار املوضوع يف عهدنا .)وادعى أننا ّ نشوه اللفظ العريب ً سكت البارودي عىل مضض ،لكنه جملس النواب لكن أكثرية النواب انترصوا لنا. َ عسة (مدير اإلذاعة) أنه يذيع أخذ يف جمالسه اخلاصة والعامة يغمز من قناة أمحد ّ أغاين املدرسة الرحبانية اهلجينة التي تفسد الطرب األصيل وتعتدي عىل مدرسة اللون القديم ،بصوت املطربة فريوز التي ال تصلح ّإال لتلك األغاين اهلجينة. 102
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
عطرـت السال ْم سائليـنـي ـحني ُ وأـنـاـ ـلــو رـحت أستريض الشذا فحني وصلت فريوز إىل بيت:
أمويُّون فإن ُض ْق ِ ت هبـــم
واعتل اخلزا ْم كيف غار الورد َّ النثىن لبنان عــطـ ًـرا ...اي شآ ْم أحلــقــوا ادلنــيــا ببستان هشا ْم
ّهبت عاصفة غري عادية من التصفيق .كانت سوريا يومها عىل وحدة مع مرص، قائال :بدو يصري انقالب بالشامً . إيل فيلمون وهبي يف الكواليس ً وفعال، فالتفت َّ والحقا روى لنا َّ ً مط ِل ٌع َّأن بعد فرت ٍة ،حصل انقالب أهنى الوحدة بني البلدين. فتنشحن الضابط الكبري الذي قام باالنقالب كان جيتمع برفاقه ويسمعون سائليني ِ بحب سوريا مستقل ًة عن مرص ،حتى كان االنقالب. نفوسهم ِّ بشكل مؤ ِّثر .كنا نسمع متاما .جتاوب اجلمهور معنا جتربة دمشق كانت مغايرة ً ٍ ف ِّ التلقي يشجِّ ع الفنان عاليا خالل الغناء من مجهور ّذواق ٍة رهي ِ تصاعُ دَ اآلهات ً دفعا أكثر ،ما جيعل يف فننا الرشقي أصداء من احلضارة اإلغريقية حني كان بإعطائه ً الفن مشاركة ال تف ُّر ًجا. مفصال ً ً فاعال يف استدعائنا إىل إعداد املهرجانات يف ذاك الصيف ( )١٩٥٩كان السنوات التالية. عام ١٩٦٠وقع فتور بيننا وبني أصدقائنا توفيق الباشا وزكي ناصيف واآلخرين، فقاموا هم بتقديم مهرجانات األنوار ،فيام قدَّ منا نحن يف بعلبك مرسحية موسم العز( مع صباح ووديع الصايف ونرصي شمس الدين) .كان معنا عىل املرسح سبعة موسيقيني (بعدما عام ١٩٥٩كانت الفرقة أمام املرسح يف بقعة منخفضة خاصة). عامئذ حتدد إطار املرسحية ليال كانت مجيعها حاشدة .ومع هذا العمل ٍ قدَّ منا َ سبع ٍ الغنائية الرحبانية :قصة واحدة يف فصلني ،الشكل الذي تبلور حتى أخذ شكله النهائي يف أعاملنا الالحقة. 105
في رحاب َ األخوين رحباني
املتحمسني ملوسيقانا وأغانينا ومنذ تلك احلادثة بات فخري البارودي من أشد ّ وصوت فريوز ،وكانت رصخات آهاته ترتدد نافرة من بني اجلمهور خالل حفالتنا الدمشقية الالحقة. متوجني به من نجاح يف بعلبك، وسط هذه الضجة معنا وضدَّ نا ،ووسط ما كنا َّ جاءنا الصديق هشام أبو ظهر (من كبار صحافيي الصياد يومها) َ يسأ ُلنا أن نرافقه للتعرف مبدير معرض دمشق الدويل فيصل الدااليت ففعلنا .وهناك عرض علينا الدااليت أن نقدِّ م ً عمال الفتتاح ظاهرة جديدة يف سوريا :معرض دمشق الدويل. يومها عُ دنا من دمشق ويف جيبنا عقد مببارشة التحضري فهيأنا برناجمًا منوعً ا فور انتهائنا من تقديم مهرجانات بعلبك. ليلة االفتتاح (كام كتبت الصحافة السورية َغدا َتها) ارتفع الستار يف دمشق ألول مرة عىل مرسح يضم فرقة ضخمة بلباس أندليس .وما هي حتى خرج صوت مسجَّ ل (كان صويت):
الغـيـث مهى الغـيـث إذا ـجاـدك ُ ُ ـلــم يـكــن وصـ ُـك إ ّال حُ ُلاـ
اي زمــان الوصل يف األندل ِ س يف الكرى أو خلسة املختل ِ س
بعدها انطلقت الفرقة مبوشح ملا بدا يتثنىَ وتأ َّلقَ فيه ً مجاال صوت فريوز ً تصفيقا نحو ثالث دقائق وقو ًفا والدمع ينحدر من عيون الدمشقيني فانفج َرت القاعة مغي ًبا يف النسيان .وبني أشد املتحمسني الذين شعروا أننا نعيد إليهم ترا ًثا هلم كان َّ ليلتها يف الصف األول من اجلمهور كان الزعيم فخري البارودي. من األغنيات التي قدَّ مناها يف دمشق عامئذ :يا قمر أنا وياك ،ما فيه حدا وسوامها ،إىل لوحات كاملة من املوشحات األندلسية .استقبلنا اجلمهور الدمشقي بحفاوة رائعة ،وحضنتنا الصحافة السورية مرشف. بشكل محايس ّ ٍ عىل أنني ال ميكنني ،حتى هذه اللحظة ،أن أنسى ما فعلته يف الناس ليلتها قصيد ُة سائليني لسعيد عقل افتتحنا هبا الربنامج: 104
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
البعلبكيه .وحني قرأناها لسيدات جلنة مهرجانات بعلبك عام ١٩٦١قدَّ منا ِّ اعرتض َن َّ ْ بأن هذا ليس من الفولكلور ،ونحن نريد الفولكلور اللبناين بالرقص والدبكة والرشوال وما إليها .فأجاب عايص بأن امليثولوجيات فولكلور وهو با ٍد يف اللوحة ً مذهال ألهنا كانت األوىل رحيل اآلهلة .وحني قدَّ مناها يف بعلبك كان التجاوب قطعة جديدة بكتابتها املوسيقية وتوزيعها املوسيقي املبتكر الضخم .وحني قدَّ مناها خارج لبنان وجدَ ها ّ النقاد متف ِّردة يف نوعها .وخالل رحلتنا إىل الربازيل التقينا يف الطائرة الناقد األملاين شتوكن سميث الذي كان يف بعلبك وحرض رحيل اآلهلة وكتب عنها نقدً ا يف أملانيا بأهنا من األعامل العاملية .وقال عنها ناقد برازييل إهنا قطعة شبهها ناقد إنكليزي بأعامل رائعة تنتمي إىل احلداثة وحتتفظ باإلنسانية ،ويف لندن ّ إيلغار .وال يزال الناس يسمعوهنا حتى اليوم وجيدون فيها جديدً ا. عام ،١٩٦٢بعد جرس القمر يف بعلبك ودمشق ،قدَّ منا عىل مرسح سينام الكاپيتول مغناة عودة العسكر رصخة لبنانية من األعامق للجيش اللبناين والدفاع ت لشحن النفوس بالروح عن الوطن ،وال تزال حتى اليوم تذاع كاملة أو مقاطع أغنيا ٍ الوطنية اللبنانية .وتتالت أعاملنا املهرجانية الكربى. عام ١٩٦٣قدَّ منا عىل مرسح كازينو لبنان مغناة الليل والقنديل فكان نجاحها كبريا ملا جاءت به من خياالت شحنت رؤية املشاهد بعوامل جديدة .وأخذت براجمنا ً تلقائيا يف بعلبك ودمشق .أحيا ًنا نقدّ م الربنامج نفسه يف املكا َنني، السنوية تتواىل ً خاصا. وأحيا ًنا نعطي يف دمشق برناجمًا منوعً ا ً يف دمشق درجنا عىل عادة أن نقدِّ م يف مطلع كل برنامج حتي ًة إىل دمشق. فبعد سائليني لسعيد عقل ،قدَّ منا شآم يا السيف مل يغب( لسعيد عقل) ،ولقد كتبنا وأرسلنا املراسيال( لنـزار قباين) ،ووضعنا نحن طالت نوى ويا شام عاد الصيف ومحلت بريوت يف قلبي ويف نغمي. واستم َّرت مهرجانات بعلبك تقطف مجهو ًرا متزايدً ا :جرس القمر ،دواليب اهلوا ،أيام فخر الدين ،جبال الصوان ،ناطورة املفاتيح ،قصيدة حب... ، 107
في رحاب َ األخوين رحباني
من الربوشور :المشرتكون يف مهرجان 1959 106
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
منصور يقود األوركسرتا يف الپيكادييل
عاصي و منصور يف لحظة إصغاء
ّ الثالثي المبدع يف لحظة اسرتخاء يف الپيكادييل :عاصي يقود ،الياس يعزف، ّ ووراءهما سعيد عقل ،نجيب حنكش وجمهور المحبين 109
في رحاب َ األخوين رحباني
عاصي و منصور بين فريوز وشقيقتهما سلوى
يخاصرانها يف لحظة َم َرح
ّ عاصي يقود ،وفريوز تغني (كازينو لبنان -الليل والقنديل)1963
108
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
عاصي يقود األوركسرتا يف أغنية بحبك يا لبنان( دمشق )1976
عاصي يقود األوركسرتا (دمشق)
ّ عاصي يقود ،وفريوز تتألق ملكة پرتا (الپيكادييل )1978
111
في رحاب َ األخوين رحباني
عام ،١٩٦٤وكانت بعلبك تستعدُّ ملهرجاناهتا بـفرقة األنوار ،اتصل بنا مسؤولون عن مهرجانات األرز يطلبون منا تقديم برنامج عىل غرار مهرجاناتنا األخرى ،فاتفقنا بياع اخلواتم التي كانت جتربة جديدة بتقديم مرسحية َّ مغناة ك ّلها معهم وقدَّ منا ّ من أوهلا إىل آخرهاُ . وأذكر أن اجلمهور بلغ عرشة آالف نسمة يف الليلة األوىل وأحدعرش ًألفا يف الليلة التالية ،وكانت تلك ظاهرة فريدة. عام ،١٩٦٥وبعد دواليب اهلوا مع صباح يف بعلبك ،قدَّ منا ريسيتال أغنيات كبريا وحلق بنا الناس من مع فريوز وكورس يف قرص بيت الدين ،فلقيت ً نجاحا ً بعلبك إىل بيت الدين. هذا االزدياد يف مجهورنا ونجاحنا فرض علينا مزيدً ا من التعب والعمل لتلبية دعوات باتت تأتينا من كلّ صوب .كان علينا أن نعمل أكثر .أن نكتب ونلحن ونوزع يف ورشة عمل كان صربي الرشيف يتوىل إدارهتا الفنية وكنا ،عايص وأنا، ننرصف إىل تغذيتها باملادة الشعرية واللحنية. عام ١٩٦٧عرض علينا األخوان عيتاين تقديم عمل للخريف والشتاء كل عام عىل مرسح قرص الپيكادييل .فكنا هنيئ برناجمًا يف الصيف لبعلبك أو األرز ،وبرناجمًا آخر لدمشق ،ثم مرسحي ًة لبريوت عىل مرسح الپيكادييل تستم ُّر أشه ًرا حتى خيل أسهما (!!!) يف صالة الپيكادييل .كانت تلك املرحلة انطال ًقا من للبعض أننا منلك ً هالة وامللك التي تألقت فيها فريوز ممثلة من طراز فريد فأضافت إىل موهبتها الغنائية اخلارقة موهبة التمثيل املذهل. يتحول إىل ورشة عمل متواصلة. مكتبنا َّ كل هذا احلشد من األعامل جعل َ عال من بناية أبتور (بدارو) نكتب كنا (عام )١٩٦٣استأجرنا ً مكتبا يف طابق ٍ فيها ونلحن .لكنه ضاق علينا بعد تأليف الفرقة الشعبية اللبنانية( توىل صربي الرشيف إدارة شؤوهنا إىل جانب توليه اإلخراج يف أعاملنا املرسحية واإلرشاف الفني عىل األعامل التلڤزيونية) .بعد ذاك نقلنا إىل مكتب آخر يف حرش الكفوري (بدارو). 110
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
وثال ًثا ،ونقرأ ونعيد الكتابة حتى تنتهي املرسحية وليس معرو ًفا َمن كتب ماذا .وهذا معا .جيلس أحدنا عىل الپيانو الكالم يصح كذلك عىل املوسيقى .أحيا ًنا كنا نلحِّ ن ً ويسمع اآلخر ً مناقشا أو مبد ًيا رأيه .أحيا ًنا كنا نختلف حول كلمة أو مجلة موسيقية يوما أو يومني حتى نصل إىل حل ،أو نستشري أحد األصدقاء يف فنوقف العمل ً األمر فنأخذ برأيه (من طريف ما أذكر هنا أننا ،يف مطالعنا ،حني كنا نختلف عىل أمر فني ،تتدخل ستي غيتا فتحسم األمر صارخة يف وجهي :أسكت واله .أخوك دائما عىل حق.) أكرب منك ،وهو ً كان تلحيننا ً إمجاال يتم بكتابة النوطة ال بعزفها ألننا حني ُنلحِّ ن عز ًفا رمبا تأخذنا أصابعنا إىل نغمة ال ُنريدها ُفنصبح أرسى هذه النغمة اجلديدة .لذا كنا نلحن كتاب ًة، ُ ونجرب النغمة عىل الپيانو أحيا ًنا .وهي طريقة اكتسبناها من برتران روبيار الذي، درسنا عليه تسع سنوات متواصلة ،ظلَّ يأيت إىل املكتب ويعطينا فيه الدروس. بعد ِ سمعه أعاملنا فيعرتف بأننا تطورنا أكثر من حجم الدروس التي أعطانا إياها، كنا ُن ِ س كالسيكي (كان جمرد عازف أرغن لدى الكبوشيني وأستاذ الرياضيات ألنه مد ِّر ٌ لدى راهبات اليسوعية) وكنا نحن ابتعدنا صوب األعامل اإلبداعية. هذه األعامل التي أطلقناها وراء ميكروفونات اإلذاعات وعىل خشبات املسارح، شعرنا ،عايص وأناَّ ،أن الوقت حان كي نطلقها ونطلق جديدً ا سواها أمام عدسة الكامريا.
113
في رحاب َ األخوين رحباني
عىل أن املكتب مل يكن املكان الوحيد للعمل واإلنتاج .كنا أحيا ًنا نكتب يف حتول خالل احلرب (منذ )١٩٧٥إىل بيت عايص أو بيت إم عايص (أنطلياس) وهو َّ مكتب دائم حني كان يتعذر علينا الوصول إىل بدارو .فعم ُلنا التأليفي والتلحيني مل يكن ذا قاعدة معينة يف الوضع .ناد ًرا ما وضعنا ً معا (عودة العسكر عمال كتبناه ً ً مثال) .كنا نلجأ إىل هذه الطريقة حني يدمهنا الوقت أو نكون عىل عجلة من أمرنا. يف األغاين قد حيدث أن يكتب عايص أغنية ويلحنها ويوزعها َّثم يسمعني إياها فنتناقش هبا .أو أقوم أنا بالتأليف والتلحني والتوزيع ُوأسم ــعه العمل فيوافق عليـ ـ ــه أو يقرتح تعدي ـ ــالت .وقد حيدث أن يكتب هـو القصيدة وأ ِّحل َنها أنا ،أو أكتب أنا القصيدة وهـو يلحِّ نها ،ثم نوزع بحسب انشغالنا يف العمل .مل تكن لذلك قاعدة. دائما يصدر باسم األخوين رحباين. لكن التوقيع ك ــان ً يف املرسحيات كنا نجتمع لنوجد املوضوع أو نتفق عىل أسامء الشخصيات (نحرص عىل إجياد أسامء قابلة للحياة تقف عىل أرض الواقع بدون أية رموز أو معا كي لنطور فكرة كنا تناقشنا هبا يكون أحدنا أوجدها .نجلس ً دالالت) أو ِّ نوجد ما نسميه املناخ العام َّثم نطور اخلطوط العريضة واملسار الدرامي ،ونحرص عىل وضع املشاهدين يف جو املرسحية من الدقائق اخلمس األوىل .كنا نعرف أننا، إن مل نربح مجهورنا يف هذه الدقائق اخلمس األوىل ،فلن نستطيع أن منسكه حتى آخر املرسحية .ثم يبدأ أحدنا يكتب اجلزء األول فيام اآلخر يكتب اجلزء التايلَّ ،ثم نتبادل قراءة ما كتبنا فأعود أنا ُ وأكتب القسم الذي كتبه عايص فيام هو ،من وجهة نظره ،يعيد كتابة القسم الذي كتبته أنا .وأحيا ًنا يقلب أو يلغي .وأحيا ًنا يتغري كل التصميم الذي نكون وضعناه ألن كتابة املرسح احلقيقية أن تتبع األشخاص من تتغير مواقفهم وتتعدّ ل اجتاهاهتم .كنا نعي جراء األحداث التي جتري هلم فرتوح َّ َ استقالليته ،وهو ليس جمرد ناقل لكالم املؤلف .وغري بأن للشخص عىل املرسح مرة َّغيرنا اخلامتة عام كنا صممناها ألن مسار املرسحية كله يكون تغري .هكذا كنا معا نعيد الكتابة مرة واثنتني نتبادل ما كتب أحدنا ونعدِّ ل حتى نجلس يف النهاية ً 112
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
الياس إىل الپيانو وعاصي ّ يدرب عاصي يدرب وهدى حداد تغني
ّ منصور يوقع عىل عقد مع نادر األتاسي وبدا عاصي وصهره (زوج شقيقته إلهام) ً الحقا) الياس حنا المحامي (والوزير
ّ منصور (مخول )وفيلمون وهبي (سبع) يف فيلم ّ بياع الخواتم
115
بين كاميرا التلڤزيون وكاميرا السينما : طرائف وحكايات
بعد نجاحات عاصي ومنصور الرحباين يف مسرحيات نادي أنطلياس التي أدت بهما إىل اإلذاعات ومسارح المهرجانات الكربى يف بعلبك ودمشق والپيكادييل وسواها ،انتقل نشاطهما إىل ميدان آخر :كامريات التلڤزيون ُ عشرات الربامج والمسلسالت ،ويف والسينما ،فكان لهما عىل الشاشة الصغرية السينما ثالثة أفالم.
بعد ْأن كان يف لبنان حمطة تلڤزيونية واحدة :رشكة التلڤزيون اللبنانية ت عام ١٩٦٢حمطة (تأسست عام ١٩٥٩يف تلة اخلياط -بريوت)َ ،تأ َّس َس ْ جديدة :رشكة تلڤزيون لبنان واملرشق( احلازمية) .وبدا الناس مشدودين بربامج جديد ٍة قوية (باألبيض إعالمها إىل هذه املحطة اجلديدة َي ِعدُ ُهم ُ َ واألسود يومها). يف تلك الفرتة اتصل بنا الصديق جان أبو جودة (رئيس جملس إدارة تلڤزيون لبنان واملرشق )فاجتمعنا به ،عايص وأنا ،وطلب منا إعداد حلقة تلڤزيونية خاصة لبثها يوم افتتاح املحطة اجلديدة.
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
كثريا للتلڤزيون .اشتغلنا وقدمنا برامج أخرى للتلڤزيون األردين .لكننا مل نتحمس ً له باقتصاد مدروس كي ال تستهلكنا الشاشة الصغرية .بعد ذلك َأ َشحْ نا عن االشتغال للتلڤزيون ألننا نؤمن أن هذا الفن (املرسح ،التلڤزيون ،السينام) يتم ،كي ينجح ،بجهود ننفذ ً عدد كبري من الناس ال كام كان ً ضحال كلام جئنا ِّ عمال .حني تكون شاع ًرا تكتب كنت قصيدة وتلقيها يف حلقة أو تنرشها فتكون القصيدة وص َلت إىل بعض غايتها .وإذا َ رساما ترسم لوحتك وتعرضها فتصل إىل بعض غايتها .يف الغناء حتتاج مقطوعا ُتك ً للصوت يؤدي ،واملوسيقيني يعزفون ،والستوديو للتسجيل ،وكذلك التلڤزيون والسينام حيتاجان إىل خمرج وممثلني وتقنيني .لذا ال يقوم عمل تلڤزيوين كبري ّإال بجهود جماميع تتضافر إلنتاجه ،وهذا يتطلب ميزانيات ضخمة َقلَّ يف التلڤزيونات العربية من لديه استعداد تقدميها لعمل ضخم فيه التخطي والعظمةَ . معظ ُمها يستقرب الربح الرسيع وينفذ ً ِّ أعامال وضيعة ال عمر هلا .يتم تصوير ساع ٍة تلڤزيونية كاملة يف يوم أو يومني بينام يوما ً كامال الستخراج لقطة أو لقطتني من بضع دقائق .التلڤزيون يلزمه الغرب يستغرق ً َك َر ٌم لتنفيذ الديكور واملوسيقى والتمثيل واإلخراج واملؤثرات املرافقة كي خيرج االنتاج كبريا .وإذا كانت التلڤزيونات العربية تطمح إىل أعامل راقية جيب أن تسخو عىل اإلنتاج ً وهي ،لو شاءت ،قادرة عىل ذلك. هكذا قررنا أال نعود نعمل للتلڤزيون .فلحلقة املنوعات ميزانية ضخمة لتنفيذها أي تلڤزيون مستعدً ا لرصف ميزانية هبذا احلجم. باملستوى املطلوب ومل يكن ُّ دائما عىل اتفاق خفي هذا املنحى تنبهنا له من أول الطريق ،عايص وأنا :كنا ً غري معلن مع مجهورنا َّأال نقدّ م له ّإال ما ينتظر منا .هو يثق بنا ونحن نقدِّ م له ما بأعامل يقبلها ألنه يثق بنا .من هنا جعلناه يقبل ً مثال عبارة الزمان اليل يرضيه ٍ بياكل كلس احليطان( مشهد هناية زنوبيا يف مهرجان معرض دمشق الدويل ،وهو يف اللوحة األخرية ٢٠ -دقيقة -من مرسحية مل نكتبها كاملة اسمها زنوبيا .)ذلك أننا نعترب املشاهد أو املستمع َّ خال ًقا آخر ،يتلقى العمل ويتفاعل معه .لذا حني يثق بك وبإنتاجك ،يقبل منك كل ما تقدّ مه له. 117
في رحاب َ األخوين رحباني
كانت رشوط التلڤزيون دون توقعاتنا فأرص عايص عىل رشوطنا وكادت َّ تتعث ُر املفاوضات .قال له أبو جودة :أنت تفاوض بدپلوماسية فائقة يا عايص .كان جيب سفريا ِّمتثل لبنان يف اخلارج .فأجاب عايص :أنا سفري شعبي إىل الفن، أن تكون ً ختيب ظن شعبي بنا وهو اعتاد علينا ودپلوماسيتي هي يف تنفيذ أعامل جيدة ال ِّ نقدم له ً رداء ِتها بسبب ضعف اإلمكانات .أمام هذا اجلواب أعامال ال تعتذر عن َ رضخ جملس اإلدارة لرشوط عايص فوضعنا أوپريت حكاية اإلسوا َره ،جتربتنا األوىل مع تقطيع السيناريو التلڤزيوين .وهي نجحَ ت ملا جاءت به من مناخ جديد عىل الربامج التلڤزيونية عهدذاك. يلح علينا بإعداد برامج أخرى كنا نعتذ ُر عن أخذ تلڤزيون لبنان واملرشقّ َ نحرتق بكثرة الظهور عىل الشاشة الصغرية التي تستهلك برسعة، متنبه ْين َأ َّال تلبيتها َ وأن َنبقى عىل أعاملنا املرسحية التي يقصدها الناس إىل املرسح عوض أن تذهب هي إىل بيوهتم بالسهولة التي عاد ًة تقتل الفن. كليا .كنا ،يف فرتات متباعدةِّ ،هني ُئ برناجمًا لكننا مل ُن ِش ْح عن الشاشة الصغرية ً تلڤزيونيا تكون له أصداء كبرية وتكتب عنه الصحافة ً وحيبه الناس ويطلبون طويال ُّ ً إعادة بثه .كان من قدَ ِرنا أن تتناولَ الصحاف ُة كل عمل لنا ،حتى يف التلڤزيون، فيكتب عنه النقاد واملوسيقيون والعارفون بأمور الفن والثقافة. قدَّ ْمنا للتلڤزيون برامج منوعات غنائية نجمتها فريوز ،منها :دفاتر الليل، ليايل السعد ،ضيعة األغاين ،القدس يف البال ،وبرامج ميالدية وأخرى للفصح. ً متثيليا أعددناه مبساعدة خارج نجومية فريوز طلب منا التلڤزيون مسلسال ً مستشارنا الفني ألمور السيناريو كامل التلمساين .قدَّ منا مسلسل ِ ق ْس ِمه ْو َنصيب ً ومسلسال آخر بعنوان من يوم ليوم( بطولة هدى ووحيد (من بطولة هدى)، جالل) .وهذا األخري اشرتته تلڤزيونات عربية عدة واشتهر كأحد أمجل املسلسالت الغنائية التي فيها التشويق الپولييس والعقدة الغريبة. 116
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
ّ منصور (مخول )وإييل شويري (عيد) يف فيلم ّ بياع الخواتم)1965(
119
في رحاب َ األخوين رحباني
هكذا َق ِبل منا اجلمهور انتقا َلنا من املرسح إىل التلڤزيون َّثم إىل السينام. ذات يوم ،يف جلسة خاصة مع صديق العمر رجا الشوربجي ،قال :ملاذا مقومات العمل الناجح :البطلة ،التلحني، ال تلجون ميدان السينام؟ عندكم مجيع ِّ السيناريو ...والفرقة الشعبية جاهزة .ملاذا ال تأخذون إحدى مرسحياتكم ،ومجيعها ناجحة وأحبها اجلمهور ،فتحولوهنا إىل فيلم سينامئي؟. ملعت الفكرة يف رأس عايص فاقتنع .وعقدنا يف املكتب جلسة مع مستشارنا كامل التلمساين (وهو خمرج طليعي ورسام مرصي غادر مرص ألسباب سياسية فبات مستشار مكتبنا وشاركنا يف ورشة عملنا التلڤزيوين) .حتمس كامل كذلك لفكرة دخولنا عامل السينام بتحويل أحد أعاملنا املرسحية إىل الشاشة. يف هذه الفرتة بالذات جاء إىل لبنان املخرج يوسف شاهني .اجتمعنا به وعرضنا عليه الفكرة فاقتنع هبا .ونجحنا يف مسعانا لدى السلطات الرسمية باسرتداد نفوس يف زحلة ترقى إىل جدّ ه ألبيه من آل احلاج هويته اللبنانية (له جذو ٌر وقيدُ ٍ سينامئيا فاستحسن األمر ،وعَ َّرفنا فيلما شاهني) .فاحتناه بأمر إنتاج إحدى مرسحياتنا ً ً إىل منتج سينامئي معروف عهدذاك :املهندس نادر األتايس. بياع اخلواتم إىل الشاشة فوافق حني ا َّتفقنا عىل املبد ِإ العام ّفكرنا بنقل مرسحية ّ أحبها ووجدها فريدة من نوعها يف السينام .اتفقنا أن نبقيها قطعة يوسف شاهني ألنه َّ غنائية كام كانت عىل املرسحَ . وض َع يوسف شاهني ميزانية العمل َف َب َل َغت ٢٢٠ألف لرية لبنانية .كنا ،عايص وفريوز وأنا وصربي الرشيف ،رشكاء يف اإلنتاج مقابل أتعابنا، والتمويل من نادر األتايس .أتينا من اخلارج بفريق تقنيني وفنيني (مدير إضاءة ،مدير مصور ،ماكياج ،مؤثرات صوتية) .عىل أن حساب حقل يوسف شاهني مل تصويرِّ ، يطابق حساب بيدر التنفيذ فإذا بامليزانية تصل إىل ٦٠٠ألف لرية .لكن الفيلم خرج سليما ،وصورته اجلاملية جيدة .صحيح ّأن نتائجه املادية كانت علينا عند حدود الكارثة ً لكن نتائجه الفنية أرضت طموحاتنا عهدذاك .وهو لعب يف صاالت كثرية واستشهد َّ به ّ النقاد ّ والكتاب واملعنيون بأمر السينام وبأعامل يوسف شاهني. 118
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
ً منصور ممثال ووراءه ليىل كرم يف فيلم سفر برلك)1967(
يف مغامرات عاطفية .عندها أوقفنا العمل يف الفيلم ودفعنا له أتعابه وأعَ دناه إىل فرنسا. عام ١٩٦٦وصل إىل بريوت املخرج هنري بركات .اجتمعنا به وقرأنا له السيناريو فأعجبه .وهذه املرة ً أيضا (كام مع يوسف شاهني) نجحنا مع املسؤولني اللبنانيني باسرتداد جنسيته اللبنانية (بعدما تبينت له جذور جلدوده يف شتورة)َ . اشتغ ْلنا معه ً قليال عىل السيناريو ،وطلبنا منه أن يضع ميزانية الفيلم وأخربناه ضاحكني عام حصل 121
في رحاب َ األخوين رحباني
من النوادر التي رافقت تصوير بياع اخلواتمَ :ب َل َغنا خالل التصوير َّأن كامريا جديدة (دو ّلي )وص َلت إىل بريوت ،وبني إمكانا ِتها أن جيلس عليها املخرج فتصعد به وهتبط وتتحرك عىل عجالت صغرية ما خيلق سهولة التقاط املشهد من عدة زوايا يف داخليا دفعة واحدة .طلب يوسف شاهني أن نجيء هبا إىل الستديو (وكان التصوير كله ً طلب استئجا َرها للقط ٍة بناء الديكور ِ كام ًال) .وبعدما كان َ يف الستديو العرصي حيث َّتم ُ من عرش دقائق (بسبب ارتفاع َ كلف ِتها) مل يعد يتخىل عنها ،وأكمل تصوير لقطات الفيلم كنت يف آخر يوم التصوير َ مرتاحا :كم ً أسأ ُل ُه إذ أراه مته ِّل ًال الباقية كلها هبا .وكلام ُ جييبني :عرش ثوان أو مخس عرشة .ذلك أنه كان َّ صورنا اليوم من أصل الفيلم؟ ُ ً ويصور لقطات كثرية ليبقي منها عىل جزء جيد قليل .استغرق تصوير دقيقا يف املونتاج ِّ الفيلم نحو اثني عرش أسبوعً ا أقفلنا املكتب خالهلا ألنني كنت أمثل يف الفيلم دور خمول أمام فيلمون وهبه بدَ ور سبع( مرة أخرى :هذه عودة إىل طفولتنا وقصص الز ًما يوسف شاهني ،مبسؤولية سبع وخمول اآلتية من تلك األيام) ،بينام عايص كان ُم ِ أن يقاتل اجلميع ،مبا فيهم املخرج ،حتى يتحقق له ما يريد. وصحافيا فرغبنا يف إعادة التجربة بقصة جديدة شعبيا ً نجح بياع اخلواتمً وضعنا سفر برلك( عبارة عثامنية تعني النفي إىل َن َض ُعها خصيصا للسينام .هكذا ْ ً مكان جمهول) .كتبنا السيناريو (بإسهام ٍ من كامل التلمساين) وعَ َقدنا الصفقة كام يف بياع اخلواتم :إنتاج نادر األتايس ومشاركتنا نحن (عايص ،فريوز ،أنا وصربي الرشيف) يف اإلنتاج بعملنا وأتعابنا .جئنا له ً أوال مبخرج فرنيس (برنار فاريل) يوما بعد يوم وأسبوعً ا بعد أسبوع بحجة ومعه فريق تقني فرنيس .فأخذ يطوي ً البحث عن أماكن تصوير .كان املطلوب إجياد قرية لبنانية منوذجية تكون متطربش ًة بسطوح القرميد ،ويف بيوهتا قناطر قدمية وحجارة أصلية من أيام احلرب العاملية مقيما عىل حسا ِبنا يف فندق كورال بيتش األوىل .أمىض فاريل شهرين يفتشً ، يرض مع فريقه التقني .أرسلناه إىل بيت شباب ألهنا منوذجية هلذا الغرض فلم َ هبا .واكتشفنا يف هناية األمر أنه ُيميض هناره ال يف البحث عن أمكنة التصوير بل 120
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
عاصي وفريوز والمخرج يوسف شاهين والمنتج نادر األتاسي خالل تصوير فيلم ّ بياع الخواتم)1965(
منصور يف دور بشري ّ المعاز وإييل صنيفر يف فيلم بنت الحارس عاصي يف دور رئيس البلدية بين سمري شمص، عيل دياب ،الياس رزق، محمود مبسوط (فهمان) وفوزي كيايل (يف فيلم بنت الحارس)1968 -
123
في رحاب َ األخوين رحباني
لنا مع يوسف شاهني .لكن ميزانية بركات جاءت دقيقة جدً ا فلم َ تتخ َّط عند هناية الرقم املوضوع ّإال بنسب ٍة مئوي ٍة ضئيل ٍة هي اهلامش املتاح لكل ميزانية. الفيلم ِ َ تضييعا للخارطة مكانني للتصوير: وكان يف القصة قرية عني اجلوز فحدَّ دنا ً بيت شباب يف املتن ودوما يف البرتون .وناد ًرا ما استطاع املشاهدون التمييز َّأن ضيعتني خمت َ مصورة يف َ ـلفتني .وأذكر أن صاحب الفندق يف دوما كان يسحب القصة َّ عمن غفوا ُليريض هبا من مل يكونوا غفوا بعد. البطانيات َّ صغريا ونفذته يف يوم واحد ،وكان التلحني انتهى كان دوري يف الفيلم ً والكتابة انتهت ومل يعد عندي عمل أقوم به فكنت أثناء التصوير أبقى يف املكتب ألتابع أعاملنا وأنرصف إىل حتضري مرسحيتنا التالية :أيام فخر الدين ،بينام كان عايص مضط ًرا أن يبقى يف التصوير ألنه ،كعادته ،يريد أن ُيرشف عىل كل يشء، كبريا (أبو أمحد ،وفيه ْاس َت َعاد الكثري من شخصية أبو وألن له يف الفيلم دو ًرا ً عايص). احتجاجا لدى السلطات يف كل ً لكن السفارة الرتكية قدَّ مت كثريا َّ نجح الفيلم ً بلد لعب فيه (بعد بريوت :تونس ،العراق ،األردن ،وسواها) بحجة أن الفيلم ضدّ ها مع أننا يف احلوار كنا نستعمل كلمة العثامنيني ال األتراك ألن دولة العثامنيني انتهت مع جميء الدولة الرتكية .يف بريوت لعب الفيلم ً طويال ويف عدد من املناطق اللبنانية. وقررنا فو ًرا أن نقطف مثرة هذا النجاح فوضعنا قصة بنت احلارس واشتغلنا عىل السيناريو مع كامل التلمساين وجئنا جمددً ا باملخرج هنري بركات وكان اإلنتاج ً أيضا ً وأيضا لنادر األتايس. يف بنت احلارس لعب عايص دور رئيس البلدية ،مستعيدً ا حنينه إىل تلك األيام العتيقة حني كان مضط ًرا إىل مالحقة الكالب والقطط واحلمري بأمر من رئيس دائما حنني إىل تلك األيام األوىل ،أيام البؤس والوظيفة. بلدية أنطلياس .كان عنده ً أما أنا فلعبت دور بشري املعاز مستعيدً ا كذلك أيام طفولتي يف اجلرود مع ستي غيتا أيام كنت أذهب معها إىل الرباري واحلقول. 122
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
نحن بل أصدقاء لنا مجعوا بعض قصائدنا وأصدروها مع رسوم أدهم اسامعيل يف ب ( ١٤٤صفحة) حوى ٧٧قصيدة كانت راجت بصوت فريوز وسواها. كتا ٍ بعض تلك القصائد موضوعٌ شع ًرا َّثم لبسه اللحن ،وبعضها اآلخر موضوع عىل قياس حلن موجود ً سلفا ،أو راج يف الغرب فوضعنا له كلامت عربية تتناسب وإيقاعه الغريب .من هذا املثال قصيدة ماروشكا:
مـــــــــاروشـــــــــكـــــــــا مـــــــــاروشـــــــــكـــــــــا يف الـغــاـب احلزـيــــــــــــن ـهــــــــــــــ َّا تــمـــ ـــ ـــــن أـجــــــــــــــــــــــراس احلــــــــنـــــــــــني ـتــــــــــــــــدـوي ابرتـيـــــــــاـح لـــيـــس إ ّال الـــــرـيـــــاح... وصدرت يف ذاك الكتاب مقدم ٌة للنارش جاء فيها :ليس الغناء بحاجة إىل من يقدّ مه للناس بعد أن أطلّ عليهم من وراء كل مذياع ووجد سبيله القريب إىل كل ت دار الرواد تقديم األغاين بقدْ ِرما قصدت تقديم الشعر ،مفاخر ًة قلب .وما َق َصدَ ْ موسيقي ْـين مبدعَ ني. بأن تقدِّ م األخوين رحباين كشاع َرين بعدما عرفهام القراء َّ هكذا اكتملت دورة البث اجلامهريي للنتاج الرحباين .ومنذ أواخر الستينات أخذت تصدر الدراسات النقدية واالنطباعية ْ والتأرخيية ملا بات يسمى يف ما بعد: مدرسة األخوين رحباين. هذا التيار الذي اشتهر يف الناس امتد عرصه الذهبي من مطلع الستينات إىل منتصف السبعينات حني انكرس باحلرب يف لبنان. مخس عرشة سن ًة كنا خالهلا مسيطرين عىل الفن يف املنطقة .من خاللنا انترشت اللغة املحكية اللبنانية يف العامل العريب .انتهجنا خط ًة ُتؤْ من بأن للمرسح لغة خاصة غري اليومية املحكية العادية ،هي اللغة البيضاء :انتقينا أمجل ما يف املناطق ذات معا َمل َّ تتمتع بجميع اخلصائص اللبنانية ومع ذلك ونسجْ نا لغ ًة مرسحي ًة َ اللبنانية َ مفهومة يف كل العامل العريب. 125
في رحاب َ األخوين رحباني
دائما من طرائف التصوير يف هذا الفيلم (واملعروف عن عايص كرمه الزائد) أنه ً نصور يف َالق ِّطني (قرية يف كرسوان قرب كان عىل خالف مع املنتج. َ فذات يوم ٍ كنا ِّ غزير ،مشهورة باملطاعم) .وكانت العادة أن يؤتى يف أثناء التصوير بسندويشات توفريا ألن عددهم كبري .كان الفريق من نحو سبعني فدعاهم عايص للفريق الكامل ً نصور يف منطقة ً مجيعا إىل املطعم عىل حساب اإلنتاج .وصدف أن كنا يف اليوم التايل ِّ عاما ،واسرتجاعً ا لنوستاجليا فوار أنطلياس (حيث كان مقهى أبو عايص قبل ثالثني ً تلك األيام) ،وحني جاء وقت الطعام واالسرتاحة دعا عايص الفريق كله إىل الغداء يف أحد مطاعم الفوار عىل حساب اإلنتاج كذلك. مستفهما هبلع: كان نادر األتايس يعرف َك َرم عايص .فاتصل يب إىل املكتب ً وين كان التصوير مبارح؟ فقلت له :يف َالق ِّطني .قال :ووين كان الغدا؟ فقلت :يف أحد مطاعم َالق ِّطني .قال :ووين كان التصوير اليوم؟ فقلت :يف نبع قلت :يف مطعم الفوار .فرصخ نادر فوار أنطلياس .قال :ووين تغدّ ى الفريق؟ُ بلغته الشامية الطريفة :إيه شو هاد؟ ما بيصري يتصور هالفيلم إال مبناطق املطاعم معا وكان نادر فضحكنا ً واملقاهي؟ واهلل العظيم رح يكون حسايب مع عايص عسريِ . حيرص أن يقول إنه ليس ً بخيال وال مقرتً ا لكنه ...حريص. َ كسابقيه .برع يف تصوير الواقع اللبناين وخرجت ظهر فيلم بنت احلارس مو َّف ًقا تقنيا ألننا َ است َع َّنا له ،كعادتنا ،بتقنيني أجانب و ّمحضناه يف فيه مجالية كثرية ونجح ً لندن. مع بنت احلارس أمتمنا الدورة التي معها دخلنا إىل الرتاث اللبناين من خمتلف أبوابه :املرسح ،اإلذاعة ،التلڤزيون والسينام .وانترش تراثنا املوسيقي والغنائي واحلواري يف الناس عرب تلك الوسائل فراج وبقي يف قلوهبم .ولعلّ َ تلك كانت أرسع وأبعد من الكتاب يف إيصال نتاجنا مع أن بعض أعاملنا املرسحية صادر ٌة يف كتب مستقلة. خصيصا يف كتاب سوى جمموعة شعرية قدمية :سمراء ليس لنا عملٌ مطبوعٌ ً مها( صد َرت عام ١٩٥٢يف دمشق عن دار الرواد -املطبعة اهلاشمية) .ومل ُنصد ْر ُه 124
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
املرتمجة (وهذه كانت أكرب اختبار :كنا نأيت بقطع صعبة جدً ا إيطالية أو إسپانية أو فرنسية فتغنيها مجيعها برباعة فائقة) .مل يبقَ نوعٌ من األغاين ،رشقي أو غريب أو موشحات أو قصائد ،وكثريها غاية يف الصعوبةّ ،إال غناها صوهتا الفريد بعد ِغنى التجارب التي م ّر هبا .نحن استفدنا خربة مع األوركسرتا ،وفريوز استفادت خربة صوتية .أوركسرتات بكاملها كانت تأيت خلدمة صوهتا .أعامل كاملة أيام إذاعة الرشق األدنى كنا نسجلها وال تعجبنا ،فنلغيها ونعيد تسجيلها من جديد .ولصربي الرشيف هنا فضل كبري. هذا هو املرشوع الثقايف الضخم الذي جئنا به ،فجاء الغناء الرحباين مغاي ًرا كل ما كان موجودً ا يف الرشق (حتى يف أوروپا ِق َط ُعنا خمتلفة عن املألوف املوجود). وهكذا رمبا تسمع اليوم صو ًتا فتستغرق بعض دقيقة لتعرفه ،بينام حني تسمع فريوز تقول فو ًرا :هذه فريوز ،وتسمع اللحن الرحباين فتقول :هذا حلن رحباين. قلت إن فريوز ،إضافة إىل مجال صوهتا وموهبتها اخلارقة ،ظاهر ٌة ال تتكرر: هلذا ُ صوهتا مميز ،إطالقة صوهتا مميز ،الكالم الذي محلته جاء جديدً ا (حتى تأ َّثر به شعراء يف العامل العريب سواء بالشكل أو باملفردات) ،األحلان مميزة ،التوزيع املوسيقي مميز (توزيع ربع الصوت ً مثال) ...،كل ما جاء يف هذا الصوت من خوارق ،وما خلف هذا الصوت من جتارب وصقل ،جعل منه رمزًا من رموز هذا العرص ،تأثر به الناس، وكتب له الشعراء وانفعلوا به ألنه مل يكن ...جمرد صوت وحسب. من األساس جئنا جدُ دً اْ . ت بدأنا جدُ دً ا .اليوم يقال إننا مدرسة .نحن مل نأ ِ مبناهج وقواعد .نحن كتبنا هكذا ألننا هكذا شعرنا. ت بدستور وقوانني .كل ما كان أن ويقال اليوم إننا أسسنا لوطن .نحن مل نأ ِ الناس وجدوا يف أعاملنا جذو ًرا لوطن منشود. نحن أوجدنا بالفطرة عا ًملا نسجناه من حمبة الناس حولنا .كنا حماطني يف بكبار مبدعني ،ويف طريقنا التقينا كبا ًرا مبدعني ،وحني سنرتك القلم ،الريشة مطالعنا ٍ آثارنا كبا ٌر مبدعون. والوتر ،سيبقى حول ِ 127
في رحاب َ األخوين رحباني
عام َّي ِتها يف العامل سباقة إىل نرش ِّ يف أغانينا انتهجنا اخلط نفسه .كانت مرص َّ العريب العتقا ِدها أن اللغة الفصحى يف الفن ال تصل إىل الناس .جئنا نحن فأثبتنا العكس :كتبنا قصائد فصحى كثري ًة بلغت أطراف العامل العريب وما زالت يف الناس ب، يوما ،زهرة املدائن، ُ حتى اليوم (سنرجع ً مللمت ذكرى لقاء األمس با ُهلدُ ِ كتبت إليك من عتبي )ووضعنا أنا يا عصفورة الشجن مثل عيني ِك بال وطن، ُ أحلا ًنا لقصائد من سعيد عقل واألخطل الصغري ونزار قباين وبدوي اجلبل وبولس سالمة ورفيق خوري وعنرتة وجرير وعمر بن أيب ربيعة ومجيعها انترشت. وعي ومعرفة حتى جعلنا له هذه كل هذا مل يأ ِ ت صدفة .اشتغلناه بكل ٍ متاما ،عايص وأنا ،أين نحن وإىل أين جيب أن نصل .كانت اخلصائص .كنا واعني ً خطواتنا مجيعها واعية ومقصودة. منذ البدء عرفنا أن صوت فريوز َّمميز .لذا أخذنا مجاله الطبيعي اخلارق ،وتف ُّردَ ها وحضو َرها املذهل ،واشتغلنا بخصائص يف صوهتا خمتلفة عن أصوات اآلخرين. صوت فريوز ليس صو ًتا وحسب ،إنه ظاهرة متكاملة ال تتكرر .فأنت تستمع مع لفظ انصقل صوت فريوز إىل كالم وحلن مجيل ،إىل أداء لدهيا تبلور مع األيام ،وإىل ٍ جيدً ا مبخارج احلروف .فريوز يف مطالعها مل تبدأ وحدها .بدأت مع عايص ومنصور وصربي الرشيف يف ليايل التعب والتامرين والصقلْ . بدأنا مؤمنني باخلط الذي كنا املميز واللحن املغاير ،ومبادئ ثابتة: نشتغل فيه :إطالقة الصوت املميز ،كتابة الشعر َّ ال ّ نغني األشخاص بل األوطان والشعوب .وناد ًرا ما عَ َر َف الناس هيئة أركان كانت ختطط خلف صوت فريوز كي ال يظل صو ًتا وحسب .تأثروا بصوهتا فكان ً فاعال وموج ًها إياهم .هكذا ،بجامل صوهتا اخلارق واملواضيع التي َمح َلها هذا الصوت، فيهم ِّ صارت فريوز قضي ًة وطني ًة عام ًة ِّ تغني مهوم اإلنسان. واالختبارات التي خضع هلا صوت فريوز كانت ً فعال أعجوبية ،ال ميكن أن حتتملها فنانة غري فريوز .تنقلت من صعوبة إىل أخرىّ :غنت القطع الكالسيكية، ّغنت القطع الشعبيةّ ،غنت املوشحات واملواويلّ ،غنت أغاين األطفالّ ،غنت القطع 126
كبار في مسيرتنا
ٌ كبار كانوا ذوي تأثري عىل أحاط باألخوين رحباين ،منذ مطالعهما، َ ً ً عرف ْ ً كبارا يف ت فنية مسرية خطهما الفني .بهم انفعال ،ومعهم نسجا َ كثريين ممن صاروا ،يف ما بعد، طريقها ،كما كان لها بدورها أن تؤثر يف ً كبارا عىل طريق الفن.
سعيد عقل كنت يف مطلع العرشين من عمري ،وأنا ذاك الرشطي العديل البسيط يف ُ متوجها ذات مساء إىل ساحة الربج يف بريوت الستقلَّ سيارة تعيدين إىل بريوت، ً معا حويل يشريون إىل مكان قريب ويتهامسون: البيت يف أنطلياس ،حني رأيت َج ً التفت فإذا يب أمام شاب طويل يسري مبشيته العنفوانية املهيبة هذا سعيد عقل. ُّ توقفت أتأمل الشاعر الذي تتحدث عنه كل بريوت ،وكان الصبوح املرشقة. وطلعته ُ ِ كتابه قدموس يومها شاغل الناس .ومل أصعد إىل السيارة ّإال بعدما غاب عني الشاعر الذي كانت قامته األدبية بدأت تسيطر عىل بريوت األدب والشعر مبحافلها وأوساطها وصحافتها.
في رحاب َ األخوين رحباني
عاصي ومنصور وفريوز عىل المطار لدى العودة من الواليات المتحدة ()1971
عاصي وفريوز ووديع الصايف عىل أرض مطار بريوت عائدين من رحلة فنية ()1970
128
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
ّ بعد تسلم عاصي ومنصور وسام األرز من رتبة فارس ،من اليمين: سعيد عقل ،العماد جان نجيم (قائد الجيش) ،النائب سليم لحود، عاصي ،رئيس الحكومة سامي الصلح ،منصور ،وداد جان نجيم (ابنة األخطل الصغري)
منصور وسعيد عقل: الصداقة اإلبداعية ّ متسل ً ما عاصي جائزة سعيد عقل (نقابة الصحافة)
131
في رحاب َ األخوين رحباني
يف تلك الفرتة كنت أقرأ شعره وأتصور بكل غرور أنني أستطيع أن أكتب أفضلَ واعيا أرسار تركيبته اجلديدة ولغته الشعرية ولفتة اجلملة لديه. منه .مل أكن، ٍ عهدئذً ، كنت يومها أكتب شع ًرا وال أ َت َن َّب ُه ألمهية النسيج الشعري ،أالحق الصورة وال أهتم لرتكيب العبارة املؤدية إىل تلك الصورة .هكذا كانت مرحلتنا ،عايص وأنا ،قبل أن نتعرف إىل سعيد عقل. ذات يوم ،وكنا انطلقنا بأعاملنا مع فريوز وبدأت أغانينا ُتذاع ،طلب منا صهرنا (زوج شقيتنا سلوى) املحامي عبداهلل اخلوري أن يع ّرفنا إىل سعيد عقل، وكان عىل عالقة به عرب والده األخطل الصغري .ويف زحلة ،يف مدرسة مار أسمعناه شع ًرا وبعض افرام التي كان ميلكها سعيد عقل ويديرها ،تعرفنا إليه. ْ موسيقى .خرجنا من عنده بانطباع عميق .تلك الزيارة قلبت مفاهيمنا للشعر. ومنذ تلك الفرتة بدأت عالقتنا به وثيقة ،وطيدة ،مبنية عىل الوفاء واالحرتام ،ومل كالما ً نبيال فينا ،أبر ُز ُه قو ُله إن حلن شال هو نعد ننفصل أبدً ا .وقال بعدها ً ُ سمعته بصوت فريوز وحلن عايص ومنصور، من أروع ما سمعته يف حيايت .حني أحببت القصيدة أكثر مما كنت أحبها من شعري قبل التلحني .صداقتي مع ُ أحبني عايص ومنصور ُأباهي هبا .مل َي ُش ْبها ً يوما شائبة .وحني أفاخر بأن وطني َّ وأحبني فيه كبار ،أعني يف طليعتهم عايص ومنصور الرحباين( سعيد عقل َّ إن حكى ،احللقة العارشة ،جملة الوسط ،العدد ٦٧تاريخ -،١٩٩٣/٥/١٠ص .)٦٦و ِإذا كنت هنا أرد إليه الوفاء باسم عايص وباسمي ،فإن عيلَّ ً أيضا أن أبوس جبينه عىل قوله يب ... :اليوم بعد غياب عايص ،منصور ال يقلّ عن عايص عبقرية وإبداعً ا .أرفض التمييز وال أرىض باالنسياق إىل تعظيم الغائب عىل حساب األحياء .منصور شاعر كبري وموسيقي كبري( الوسط -العدد نفسه والصفحة نفسها). منع َط ًفا مصري ًيا هذا الكالم أعيده إىل معلمنا باجلزم نفسه :كان سعيد عقل َ يف مسريتنا الفنية ويف حياتنا الشخصية. 130
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
العبارة من سعيد عقل .وما كان ملسرية األخوين رحباين أن تكون ما كانت عليه لوال دخول سعيد عقل إليها. محمد عبدالوهاب يف طفولتنا ،عايص وأنا ،كنا نصغي إىل أغنياته وأدواره القدمية من فونوغراف أبو عايص يف مقهى الفوار .وذات صيف يف بحرصاف (قرب بكفيا) كان مقهى يبعد عنا نحو مخسمئة مرت ،يضع صاحبه طوال النهار أسطوانة يا جارة الوادي من خيبئ لنا القدر مع فونوغراف كبري .فكنا نصغي إليها وتشدُّ نا دون أن ندري ماذا ِّ املوسيقى .ومع تنامي اهتاممنا باملوسيقى ً الحقا كنا نسري من أنطلياس مسافة نصف ساعة كي نصل إىل بيت كان فيه جهاز راديو ،وننتظر كي نستمع إىل أغنيات عبد الوهاب القدمية (اجلندول ،يا جارة الوادي.)...، يوم جاء صهرنا عبداهلل اخلوري يقرتح تعريفنا إىل عبد الوهاب. لذا كنا سعداء َ األول معه يف فندق عاليه الكبري .مل يكن يعرف أعاملنا َفأسمعناه كان اللقاء َّ بعضها .بدا فو ًرا شديد اإلعجاب والتقط منها املعامل التي قالت جديدً ا .خرجنا من تلك اجللسة األوىل شاع َرين أننا بتنا صديقني له. بعد ذاك توالت الزيارات املتبادلة بيننا وبينه .كنا كلام ذهبنا إىل مرص يستضيفنا يف منـزله ،وكلام وصل إىل بريوت (بالباخرة ً إمجاال ألنه خياف ركوب الطائرة ،وهي مستفرسا بلهف ٍة عن عاد ٌة أخذها عىل األرجح من أمحد شوقي) كان يتصل بنا ً جديدنا الفني يريد سامعه فنجتمع وندعوه إىل بيوتنا ومكتبنا .وغري مرة قال لنا يف حضور مجع من الصحافيني والفنانني :بدون عايص ومنصور ما كان أمكن الفن اللبناين أن يكون باملستوى الذي هو عليه. ذات يوم ،بعدما ترسخت صداقتنا معه ،كان عندنا يف املكتب يستمع إىل جديدنا .عرضنا عليه إعادة تسجيل أغنياته القدمية بصوت فريوز التي هلا عنده مكانة 133
في رحاب َ األخوين رحباني
عضوا عىل الصعيد الشخيص كان سعيد عقل ًأخا حقيقيا لنا .دخل َبيتنا وصار ً ً عظيما .ذات يوم من ١٩٥٤صحبه عايص يف العائلة .كانت أم عايص ّ تكن له تقدي ًرا ً غري ب ُ إىل بيت فريوز يف حي البطركية .حني خرجا قال له :يا عايص ،بينكام ُح ٌّ عادي .جيب أن تتزوج هذه الفتاة .كانت تلك العبارة ،يف رأي عايص ،ذات أثر كبري يف تعجيل زواجه من هناد حداد .ويف ما بعد سيكتب سعيد عقل عن عالقتنا بفريوز: كان عايص ومنصور يسأالن غري صديق هلام عن رأيه يف حت َُّمل هذه أو تلك من األغاين أياما من ضنى يف إطالعها أعجوبة ُس ُم َّو صوت فريوز .وغري مرة قيل لقصيدة رصفا ً الصوت ُّ ت ً الط ْر َفة .كان عندمها أهال كفاي ًة ألن يغني ِك ُ ت ،أيتها الطرفة ،لس ِ صغرية :أن ِ مرشح ألن تطلقه فريوز إىل الناسّ ،إال َّ ويتحتم عليه أن إحساس بأنه ما من بيت مجيل ٍ يرفع عينيه إىل السامء .كان ذلك ً ً مفروضا حتى عىل الغزَل ،وحتى عىل القصة رشطا اسمها لبنان. املأسوية ،وحتى عىل َّالت َو ُّله بالصخرة املع َّلقة بالنجم ،والتي ُ بدءا بـمشوار وبعض عىل الصعيد اإلبداعي وضعنا أحلا ًنا للكثري من قصائدهً ، قصائد يارا ،إىل قصائد فصحى هي من أمجل الشعر عىل اإلطالق .وكان لسعيد عر َّي ْين خمتلفني (كان أحيا ًنا عقل تأثريه الكبري عىل شعرنا .صحيح أننا من أسلو َبني ِش ِ ُ يلومنا عىل عبارات وردت يف قصائدنا ُ حوار مرسحي) لكننا تكون َف َر َض ْتها ظروف ٍ تعلمنا عليه أمو ًرا كثرية :اللغة الشعرية ،اللعب بالعبارات والكلامت ،كيفية كتابة ف وما أصوهلا للتعويض عن القوايف ،النظرة اجلاملية إىل األمور، قصيدة بدون قوا ٍ ت طويل ًة (يف البيت أو يف وسواها مما استفدنا هبا من سعيد عقلَ .ص َر َف ساعا ٍ مكتبنا يف حرش الكفوري -بدارو) يف املكتب -وكان يسكن يف البناية املالصق ِة َ إفهامنا األصول والقواعد والتكنيك .مل خيرج شع ُرنا َ متأث ًرا بشعره لكنه خرج غا ًمنا من تقنيته العميقة ومن تضلعه بقواعد اللغة التي ميلكها واحدً ا بني قالئل يف هذا العرص. حني كتبنا جرس القمر طلبنا منه أن يط ِّرزها بعبارة منه فكتب :كل ضيعه بينها وبني الدين جرس القمر .وطاملا فيها قلب بيشدّ قلب ،مهام تعرض للخطر ما بينهدم جرس القمر .وحني خرجت املرسحية يف كتاب ،صدّ رنا الكتاب هبذه 132
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
يوما بأية شائبة .بقينا عىل صداقة وطيدة عىل أن عالقتنا بعبد الوهاب مل تتأثر ً معاي، مل تتزعزع .وأذكر أن عبد الوهاب كتب يف مكتبنا (بدارو) نشيد طوملا أميل َ إيدي سالح و َّحلنه من نغمة الصبا وطلب مني أن أوزعَ ه وأضع له نحاسيات ِو ْف َّ عت له النشيد حسب رغبته وسجَّ له يف نغمة الصبا كام فعلنا يف فخر الدين .وو َّز ُ يف ستديو بعلبك. ومن طرائف ما جرى معنا وإياه ،وهو عىل ما اشتهر به من وسوسة ،أننا كنا يوما يف بيت عايص وفريوز .الحظناه بني الفينة واألخرى يأخذ كوبه عىل الغداء ً هتتموش ويذهب إىل املطبخ ليعود ممتل ًئا باملاء .عرضنا عليه أن نخدمه فقال :ما ّ الحظت أنه كان ميأل كوبه من ماء اخلزان وهو يعتقد أهنا ِب َّي .وعندما تكرر ذلك ُ ووقعت يف حرية :هل ُأخربه أم َأسكت؟ وماذا إذا هذه هي املياه الصاحلة للرشب. ُ خاصا لشدة حرصه طعاما ً ما أصابه انزعاج من مياه اخلزان ،هو الذي ال يأكل ّإال ً ُ صارحت ُه باحلقيقة فرصخ مذعو ًرا :يا خرب!!! وذهب من عىل صحته؟ بعد الغداء، بيت عايص مبارشة إىل املستشفى فاستدعى جلنة أطباء طوال أربع وعرشين ساعة يراقبونه وهو ُم َه ْلوس مبا سيحدث له .وأكد يل أحد أولئك األطباء أنه مل يصب بأي انزعاج ،وأين لو مل أخربه باحلقيقة ملا كان شعر بيشء. مدعوا عندي عىل العشاء فنادى زوجتي :يا ست تريز، ومرة أخرى كان ً اميه خاصة من دون زيت ومن دون ملح ومن دون بصل تعملييل لو سمح ِ ت َب َ ومن دون ثوم ومن دون قيل .فأجابته :حارض يا أستاذ .صحنك خاص .وإذا هبا ِّهتي ُئ العشاء للجميعَّ ،ثم ُت ْف ِردُ منه ً صحنا تقدمه إىل عبد الوهاب عىل أنه صحنه اخلاص حسب طلبه .فأكل وه ِن َئ وشكرها عىل هذا الصحن املميز .وبعد العشاء ست يل تريز َّ خصيصا بل فصلته لوحده عن سائر بأن ذاك الصحن مل ُتحَ ِّض ْر ُه ً َه َم ْ البامياء التي أعدَّ هتا للجميع. كانت جلساتنا معه غني ًة باملتعة واخلربة .وكان ذا شخصية قويةً ، متأنقا جدً ا ً ومتألقا جدً ا وناضجً ا جدً ا وله جتارب عظيمة .وهو الوحيد ذو الفضل األكرب عىل الغناء واملوسيقى يف الرشق. 135
في رحاب َ األخوين رحباني
خاصة ،وكان سمع كيف و َّزعنا بصوهتا طلعت يا حمىل نورها وزوروين كلّ َ سنه رحب بالفكرة وبدأنا بذاك التعاون مع أغنية جارة م َّره لسيد درويش وأحبهامَّ . الوادي و َّزعْ ناها (مل تكن موزعة أيام غناها هو) وأدخ ْلنا إليها توزيع ربع الصوت ،ما كثريا بصوت فريوز .ثم أتبعناها بـخايف أقول فاجأ عبد الوهاب وأدهشه وأحبها ً اليل ْف قلبي .وكان يسعد جدً ا بالتوزيع الذي وضعناه ألغانيه .مل يكن يسمع توزيعنا قبل التسجيل لكنه كان أحيا ًنا يقرأه يف النوطة ،وأحيا ًنا يسمع بعض نتائجه عىل اآلالت. مرة كان يف بريوت ِّهيي ُئ أحلا ًنا ألحد أفالم عبد احلليم حافظ .طلب منا كتابة أغنية بالعامية املرصية لعبد احلليم فكتبنا يض القناديل ،و َّحلنها يف فندق السان جورج حيث كان ً نازال وو ّزعناها له .وحني نجحت جتربة تلحينه كلام ِتنا، ً والحقا طلبنا منه أن يلحن حيبها ،أعطيناه سهار بعد سهار لصوت فريوز، وكان ُّ قصيدة م َّر يب يا واعدً ا َوعَ دَ ا لسعيد عقل ،فافتتحت هبا فريوز مهرجان معرض دمشق الدويلَّ .ثم َّحلن لفريوز قصيدة جربان سكن الليل .وهلذه قصة أو َق َع ْتنا يف ُل ْبسَّ :هتيأ للبعضَ ، خط ًأ ،أننا شاغبنا عىل عبد الوهاب عند صدور سكن الليل بإصدارنا زهرة املدائن .والواقع أننا ،خالل حتضرياتنا حفلة منوعات عام ١٩٦٩ملهرجانات األرز ،وكنا أهنينا قبل فرتة تسجيل زهرة املدائن ،طلب مني عايص بنباهته املعتادة أن ُأسمع عبد الوهاب زهرة املدائن .فقال بعدما سمعها: حاجه جديده ،فيها ِع ْلم .ويف األرز اقترصت أكثر الربوڤات عىل ما فيهاش َ سكن الليل .وليلة املهرجان َّغنت فريوز سكن الليل وزهرة املدائن فتجاوب بشكل واضح ،ما حدا باألصدقاء سعيد فرحية وسليم اجلمهور مع زهرة املدائن ٍ اللوزي وجورج جرداق إىل أن ينتحوا بنا يف االسرتاحة ويلومونا عىل هذا الكمني نصبناه لعبد الوهاب بوضع زهرة املدائن وسكن الليل يف الربنامج نفسه. ً وعبثا أقنعناهم بأن ا ُألوىل موضوع ٌة قبل األخرى َّ وأن عبد الوهاب نفسه استمع إليها فلم يقتنعوا. 134
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
دائما ينقل إلينا ارتياحه وإعجابه عىل الپيانو بوغوس جالليان) .وكان صهرنا عبد اهلل ً حني نلحِّ ن له إحدى قصائده. يف إحدى المآدب :فريوز وإىل جانبها فيلمون وهبي وتريز زوجة منصور
عاصي ومنصور وشادية يف جلسة تمرين ()1968
عاصي ومنصور وفريوز يف حفلة استقبال لدى السفري الفرنسي 137
في رحاب َ األخوين رحباني
كان مؤمتر َّ ١٩٣٢ حظر استعامل اهلارموين يف املوسيقى العربية وأية آالت غري الوتريات (القانون والعود .)...،فأدار عبد الوهاب ظهره لكل هذا األمر وأنشأ لنفسه أمرباطوري ًة استعمل فيها اآلالت األوروپية والنحاسيات واخلشبيات بطريقة واسعة ،أكان هو املو ّزع أم سواه ،لكن تلك اآلالت استعملت يف قطعه .وعبد الوهاب هو الفنان الوحيد الذي مل يصدر ً عمال ّإال شاع .إنه سيد اجلملة املوسيقية واللفظ العريب .كان يعرف ماذا يريد وكيف يريده ،ألنه ذو اطالع مذهل. مل نكن نتدخل بأحلانه لفريوز ّإال حني يسألنا رأينا .أحيا ًنا كان يعدِّ ل يف مفصل وفقا القتناعه ْ موسيقي أو مجلة ميلودية ً برأ ٍي ُ يكون َس َأ َلنا إياه .وكلام زار بريوت، وقتا ً وغالبا ما مييض فيها ً طويال ،كان يزورنا يف املكتب ُفنسمعه أحلا ًنا لنا جديدة ً قبل صدورها ،ونأخذ برأيه ونفيد من خربته الفريدة. األخطل الصغير كانت ُ عالقتنا به ودية وعائلية .كنا نعرف عنه من قبل حني يشار إليه عىل أنه شاعر العرب األكرب .بعد زواج شقيق ِتنا سلوى من ابنه عبداهلل أخذنا نرتدد عليه. كتبا مهدا ًة إليه بخط أصحاهبا ،منهم جربان (زميله يف معهد كنت أرى يف مكتبته ً كتب يل: احلكمة) وخليل مطران وطه حسني وأمحد شوقي .وعىل نسخة ديوانه َ َ طريف إىل منصور الشاعر الذي ُأ ِحب .كان شخصية طريفة جدً اَ :م ِر ًحا ،ساخ ًرا، كثريا ما ترددنا عليه ُنسمعه شعرنا يغشً . حيب لعب الورق للذ ٍة واحدة :أن ّ املعرشُّ ، فيحبه .وباك ًرا بدأنا بتلحني قصائد له :يا ربى ال ترتكي وردً ا وال تنيس أقاحا، بريوت هل ذرفت عيونك دمع ًة ّإال َّ املغرم ،ب َردى هل اخللد الذي ترشفها فؤادي ُ وعدوا به ،يا قطعة من كبدي ،يا عاقد احلاجبني ،يبكي ويضحك ال حز ًنا وال فرحا ،قد أتاك يعتذر ،وسواها .وحني تنادى كبار الشعراء إىل مبايعته أمري الشعراء (قرص األونسكو ،بريوت )١٩٦١/٦/٤غنت فريوز قصيد َتني من شعره (رافقها 136
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
يبقى فيلمون وهبي ،بشخصية سبع وشخصه هو كإنسان كبري ،حمطة كبرية أغان كثرية يف أعاملنا ،كتبناها و َّحلنها هو يف مسريتنا الفنية .وله فضل كبري يف نجاح ٍ وغنتها فريوز ،وهي بني أنجح أغانيها عىل اإلطالق. وديع الصافي باك ًرا جدً ا تعرفنا عىل وديع قبل دخولنا امليدان الفني .كنا مجيعنا هوا ًة ،ووديع ضبيه ملتحق بفرقة أنصار اجليش .كان ً وسيما ويعزف عىل العود .تع َّرفنا نحيال ً يف ّ أسمعنا من تلحينه :يا مرسل النغم به وكنا نعقد ثالثتنا جلسات عدة .أول ما َ الشجونَ .و َل َف َتنا يف صوته مجال نادرَ . ْ ْ توثقت الصداقة جت يف قلبي احلنونَّ ...هي َ بيننا .وكان كل يوم َأ َحد خيدم القداس يف مدينة أو قرية جماورة (بيت شباب، سريا عىل األقدام كي نستمع إىل خدمته القداس بكفيا ،)...،فنغدو باك ًرا عايص وأنا ً اللومه.) بذاك الصوت الرائعَّ .ثم بدأ يشتهر (خاصة من إذاعة دمشق بأغنية عَ َ أغان لنا غناها أيام إذاعة الرشق األدنى ،منها :أهون ويف ما بعد بدأ التعاون بيننا يف ٍ عليي يدمعو عيوين وال يدمعو عيونك وسواها .وأعطيناه من أغاين التانغو ألننا كنا نريد أن نطلق جمموعة كبرية من تلك األغاين الراقصة ،ومل يكن ً ممكنا أن خترج مجيعها بصوت فريوز ،فو َّزعناها عىل وديع وصباح ونجاح سالم وسواهم .وتعاو َّنا معه يف السكتشات اإلذاعية مع فريوز ومع صباح ،إىل أن َّتوجنا تعاوننا بأوپريت موسم العز ً والحقا يف قصيدة حب( بعلبك .)١٩٧٣ مع صباح (بعلبك )١٩٦٠ صباح هي ً أيضا ركن أسايس من مطالع مسريتنا .بدأ تعاوننا يف األيام األوىل من اإلذاعة اللبنانيةَّ .غنت لنا ً أعامال كثرية يف خمتلف املراحل التي انطلقنا هبا منذ مطالعنا .ومن أنجح األعامل التي قدمتها معنا صباح :املوسم األزرق( مع عايص)، 139
في رحاب َ األخوين رحباني
فيلمون وهبي معرفتنا به تعود إىل وقت سحيق .كنا ذات يوم ،عايص وأنا ،عىل باب دكان أبو عايص يف أنطلياس فدخل شاب ليشرتي علبة سجائر .فهمنا من حواره مع أيب وقتا ً بأنه مطرب وملحن .ثم غاب عنا ً طويال مل نعد نعرف فيه شي ًئا عنه إىل أن رصنا نلتقي به يف أروقة اإلذاعة اللبنانية ونالحظ عنده ما نسمع عن روحه املرحة وحبه النكات والسخرية .يف تلك الفرتة كنا ِّهني ُئ لتسجيل سلسلة سكتشات سبع وخمول بقيت معنا منذ الطفولة أيام كنا نرى هذه النامذج وبو فارس وهي الشخصيات التي َ يف حميط املنيبيع ،شويا ،عني املياسة ،محاليا ،عني اخلروبة ،الزغرين ...،وبقيت يف بالنا حتى خرجت ً الحقا يف شخصيات سبع وخمول وبو فارس. ذات يوم كنا نستعد لتسجيل أول سكتش لنا :بارود اهربوا .كنت أمثل شخصية خمول ،وعايص شخصية بو فارس .وأعطينا شخصية سبع لشاب كان يغني معنا يف مرتاحا ألدائه التمثييل ألن شخصية سبع كانت مميزة وطريفة وتتطلب الكورس ومل أكن ً أصال ليس ً طواعي ًة يف التمثيل مل تكن موجودة لدى ذاك الشاب الذي ً ممثال حمرت ًفا بل مغني كورس .يوم التسجيل شاءت صدف ٌة ،هي فرص ٌة تارخيي ٌة را َف َق ْتنا طوال مسريتنا الفنية ،أن ميرض ذاك الشاب ويتغيب عن اإلذاعة .فتقت فجأة فكر ٌة يف بال عايص َ فسأ َلني :شو ْرأيك نج ّرب فيلمون للدور؟ .وهكذا كان .وإذا مبوهبة كوميدية مذهلة تنفتح أمامنا مع فيلمون خالل التمرين عىل شخصية سبع التي ،من شخصية فيلمون نفسهَ ، أخذت تتبلور عندنا شخصية سبع أكثر فأكثر .ومنذ ذلك احلني بدأنا مع فيلمون فنيا ً ً سكتشا) ثم نقلنا تينك طويال انطلق من سكتشات سبع وخمول( مخسة عرش تعاو ًنا ً الشخصيتني معنا إىل املرسح والتلڤزيون والسينام والكثري من أعاملنا الفنية الالحقة. وأشهد أن شخصية سبع انزرعت يف شخصية فيلمون حتى اختلطت الشخصيتان، فذاب فيلمون نفسه بشخصية سبع حتى يف حياته الشخصية والعامة .وم ّرات كثرية كان ينسى نفسه يف املجتمع فيبقى سبع حتى خارج التمثيل ،وعاش يف هذه الشخصية طوال حياته. 138
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
عاصي يصافح نجيب علم الدين و بينهما نجيب حنكش
عايص وأنا ،فقال :خذا كل شعري واعطياين قصيدتكام مللمت ذكرى لقاء األمس خصوصا البيت الذي يقول: ب ....وهو يقصد ً باهلد ِ
نسيت من يده أن أسترد َّ يدي ُ
ِ اهلدب طال السالم وطالت رفة
نزار قباني ركن كبري آخر يف حياتنا الفنيةّ .حل ّنا له :ال تسألوين ما اسمه حبيبي ،يروون يف ضيعتنا ولقد كتبنا وأرسلنا املراسيال( افتتاح أحد مهرجانات معرض دمشق حيب الدويل) .تع َّرفنا به يف دمشق ومجعتنا به عالقة من أنبل الصداقات .كان ُّ 141
في رحاب َ األخوين رحباني
أغان (عَ الندّ ا ،جيب املجوز يا عبود )...،ثم قدمنا معها موسم العز وجمموعة ٍ (بعلبك ،)١٩٦٠ودواليب اهلوا( بعلبك .)١٩٦٥ نصري شمس الدين عضوا عاد ًيا يف تعود عالقتنا به إىل أيام إذاعة الرشق األدنى حني بدأ معنا ً الكورس (عىل غرار كثريين دخلوا معنا يف الكورس ثم شقوا طريقهم فنانني كبا ًرا). حني َ اكتشفنا موهبته األكيدة أعطيناه مقاطع سولو .ثم بدأنا سكتشات سبع وخمول وبو فارس فأسندنا إليه دور نرصي بو در َب ِّكه .وراح يبـرع يف أداء األدوار فتدَ َّر َج عنرصا معنا من السولو إىل السكتشات إىل األغاين حتى ختصص يف مرسحنا وبات ً ً ركنا يف مسريتنا الفنية .كان يتمتع بكفاءات فنية نادرة ال ُت َع َّوض ،أبرزها غناؤُ ه عىل املرسح بعظمة َ وهيبة ،أمام أوركسرتا تعزف نوطات أخرى يفرضها التوزيع ،فيام ً مسلطنا بثبات وثقة ،ال يضيع بينام الكثريون يضيعون يف موقف هو يستمر يف غنائه صعب كهذا. نجيب حنـكش معا إىل أن غنى أمامنا ذات كان حمور صداقة كبرية مع سعيد فرحية .كنا نسهر ً وغن جلربان ،وكان أصدرها يف الربازيل عىل أسطوانات بصوته. ليلة أعطني الناي ّ ّتبنيناها َّ وغن ْتها فريوز فانطلقت واحدة من أنجح أغانيها. عمر أبو ريشة كنا نجلس إليه ُنسمعه شعرنا ونصغي إىل شعره .ومن أكثر اللحظات َتأ ُّث ًرا يف حيايت :يوم انتهى عرض أحد مهرجانات معرض دمشق الدويل جاء ِّهينئنا، 140
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
عاصي ّ يدرب ملحم بركات وإييل شويري (فخر الدين)1966
عاصي ومنصور وفريوز يستقبلون مرياي ماتيو إىل جانبها طوروس سريانوسيان (يف بيت عاصي وفريوز -تموز )1974
143
في رحاب َ األخوين رحباني
عايص ً ويوم ،بعد ألف سنة ،سيع ّلمون يف مدارسنا عميقا .ويف ذكراه األوىل كتبَ : َأسامء اجلبال يف لبنان ،سيكون عايص الرحباين أعىل وأهم جبل يف أطلس لبنان. جورج شحادة كنا ،عايص وأنا ،نذهب إليه نقرأ له ما نكتبه أو جييء إىل مكتبنا فيصغي إىل كثريا يف بناء اهليكلية املرسحية ونوع اللغة التي نكتب هبا. أعاملنا بكل انتباه .أفادنا ً ع ّلمنا مبدأ التضاد (اهلبوط من أقىص الرومانسية إىل أدنى الواقع) .كان ّ حيذرنا من االسرتسال يف اللغة الوردية املعطرة الزائدة العذوبةَّ .نب َهنا إىل استعامل اللغة القاسية مقطع يعجبه ،يروح يقفز يف صالون مرات .حني كنا أحيا ًنا نقرأ له يف منـزله ومير ٌ فرحا ويعلق عىل صدرينا أوسمة ومهية بكل طفولية رائعة ،حتى إذا م ّر مقطع بيته ً آخر ال يعجبه يغضب وينزع عن صدْ َرينا تلك األوسمة. ميشال طراد صديق كبري عىل الصعيد الشخيص مع أنه ال حيب شعرنا .كنا نعقد معه جلسات ً مسؤوال يف القلعة) لكنه ال يبقى ليحرض احلفلة طويلة أيام مهرجانات بعلبك (وكان هو قطعا كثرية ،منها: خوف ّأال يعجبه العمل .مل يكن يستوعب الكتابة املرسحيةّ .حل ّنا له ً جلنارِ ،بكوخنا يا ابني ،كم بنفسجه ،رح ح ّلفك بالغصن يا عصفور. أحباب كان مكتبنا (حرش الكفوري -بدارو) ورشة عمل مستمرة ،خلية فنانني ،ومقر الفرقة الشعبية اللبنانية التي كان صربي الرشيف (إىل جانب إدارته املكتب) يدير شؤوهنا ،هي التي قيل فيها إهنا أكرب فرقة فنية خاصة أنشأها أفراد .من الطبيعي ًإذا 142
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
عاصي منصور والياس يف ستوديو األخري
وكنا ْ بدأنا ،منذ مطلع السبعينات ،نتهيأ للقيام مبرحلة منتجة كربى ترتكز عىل معا :عايص ومنصور والياس ،لوال أن القدر كان لنا باملرصاد َفص َع َق ْتنا مأساة ثالثتنا ً فاجعة َح َّلت علينا عام :١٩٧٢انفجَ َر دماغ عايص. 145
في رحاب َ األخوين رحباني
تلقائيا مستشارين أن يكون املكتب ملتقى مبدعني كبار ،نسأهلم ً دائما ويصبحون ً لنـا دائمني :سعيد عقل ،جورج شحادة ،عبداهلل األخطل ،جورج سكاف ،كامل التلمساين ،رفيق خوري ،أنيس احلاج ،طالل حيدر ،وآخرين كنا نقرأ هلم أعاملنا، نأخذ ْرأهيم يف الفكرة والنص واحلوار ،وما إذا كانت بعض التعابري تليق ً مثال أن حيملها صوت فريوز. الياس الرحباني لن أقفل فصل الكبار يف مسريتنا الفنية من األصدقاء ،دون أن أختم بالكالم عىل كبري من أهل البيت :الياس الرحباين. تويف الوالد أبو عايص وكان الياس ً طفال فتعهدناه عايص وأنا .منذ صغره وناهبا فأخذنا نصحبه معنا إىل حفالتنا عىل الدورة ويف بعض القرى. ذكيا ً كان ً كنا نكتب له مونولوجات صغرية :بتعرف إنت يا خاي ،إنو الداعي قبضاي، ً تصفيقا لكونه أو يا اهلل شو عندا قرايب ،فيؤدهيا الياس يف شكل مرح يقطف ً والحقا صار ضارب إيقاع (يعزف الطبلة) يف أصغر مونولوجيست ارتقى املرسح. ب املوسيقى .حني شب أخذ يوازن حفالتنا .هكذا نشأ يف الوسط الفني َوأ َح َّ بني دروسه (يف فرير اجلميزة) ودروس الپيانو عىل ميشال بورجو حتى بلغ درج ًة مهمة يف العزف طاحمًا أن يغدو عازف پيانو للكونرشتوات .لكن أ ًملا أصابه يف إهبامه حال دون مواصلته دروس العزف َ املتقدِّ مة .ولعلَّ ذلك من حسن احلظ حتول من العزف اىل ْ التأليف املوسيقي والتلحني وبات من كبار امللحنني يف ألنه َّ دروس ُه يف الكونرسڤتوار وعىل برتران روبيار .كنا لبنان والرشق العريبَّ .ثم أكمل َ ينضم إلينا فنصبح اإلخوة ً دائما ُنفرد له أغاينَ وفواصل يلحنها يف مجيع أعاملنا .مل َّ رحباين ،بسبب فارق العمر بيننا ،ألنه حني بدأ كنا نحن قطعنا ً شوطا بعيدً ا، فأخذ يو ّقع باسمه منفردً ا. 144
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
غرفته يكتب ،وأنا يف غرفتي أكتب ،وليس معنا سوى خليل تابت (أحد أعضاء الفرقة الشعبية) .دخل عايص إىل غرفتي ً قائال :انتهت احللقة .١٤كنت ففوجئت بأنه أهناها هبذه الرسعة العجيبة .قمنا أعرف أنه بدأها ذاك الصباح، ُ إىل الصالون وتناولنا غداء ً خفيفا (سندويش شاورما يتناسب وما كنا نزاوله من رجييم) .عدت إىل غرفتي وعاد عايص إىل غرفته .فجأة دخل عيلَّ خليل ه ِل ًعا: بحر من النوطات عاصي أمام ٍ
147
في رحاب َ األخوين رحباني
مرتين عاصي الذي غاب َّ األخوان رحباين وصال إىل ذروة ّ مر بها َ بعد النجاحات التي َّ قل أن بلغها قبلهما فنان يف قلوب الناس أو يف الريپريتوار الذي أوجداه خالل مسرية فنية أذهلت الجميع بزخم نتاجها وتنوعه .لكن الفرح مل يكتمل ألن القدر اللئيم ّ أصاب الدوح الرحباين الذي َّلون بعطائه لبنان والشرق والعامل :غاب عاصي َّ مرتين.
هنار األربعاء ٢٧أيلول ١٩٧٢كان عايص يف املكتب .يكتب ،كعادته ،يف رسعة وعمق .ينسى نفسه حني يكتب .ينسى الوقت واملكان .يغيب يف الشخصيات أمامه ،حياورها ،حيركها ،يتفاعل منها ،هبا ،معها .كانت هذه ميزة لديه مهام كتب .من هنا أنه شاعر درامي يتميز عن سواه من الشعراء الرومانسيني فقط بأنه امتلك الكتابة املرسحية .هو ليس جمرد شاعر أغنية ،وليس شاع ًرا وحسب. إنه شاعر درامي :ما يريد قوله يقوله بجملة متوترة ،يشحنها بكل ما يود قوله، دائما فتخدم أغراض املرسح من دون أن ينساق مع غنائيته أو رومانسيته .هو ً يف خدمة أغراض املرسح والعمل املرسحي ،ولو ابتعدت به هذه األغراض أحيا ًنا قلت إنه من أكرب الشعراء الدراميني. عن مجاليا الشعر .هلذا ُ كنا قدَّ ْمناَ ، صيف ٍئذ ،ناطورة املفاتيح يف بعلبك ،وبدأنا نكتب املسلسل التلڤزيوين من يوم ليوم .وذاك اليوم (األربعاء )١٩٧٢/٩/٢٧كان عايص يف 146
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
جدوى من العملية .لعلهم خافوا من املخاطرة بالعملية فقالوا إن األفضل تركه ألنه تدرجييا ولن يعيش ً طويال .وحده الدكتور فريد أبو جودة قاوم هذه الفكرة سينطفئ ً وأرشفت عىل عنايته طوال عمره .لن أرىض بأن ينطفئ هبذه وقال :عايص أنا ر َّبيته ُ السهولة املجانية. وأرص عبداهلل اخلوري (صهرنا) بأن نجري لعايص عقدنا اجتامعً ا مع فريوز، َّ معنا الصحايف الصديق جورج ابرهيم اخلوري (رئيس العملية مهام كانت النتائج .وكان َ طبيبا حترير الشبكة يومها) فوضع كل االتصاالت الدولية يف ترصفنا كي نستدعي ً ُ صديقنا الدكتور جدعون حماسب فقال لفريوز إنه يقرتح انضم إلينا من اخلارج .ثم ّ سهل لنا جورج اإلتصال بأستاذه وصديقه الپروفسور الفرنيس العاملي كلود غروَّ . ابرهيم اخلوري أمر اإلتصال فكلمه الدكتور حماسب وفهم منه أنه ذاهب إىل الواليات املتحدة كي يؤسس َ هناك مركزًا جلراحة أعصاب الدماغ .وحني أرص حماسب وافق غرو عىل املجيء إىل بريوت (كانت له ابنة فيها) فريى ابنته و ُيجري العملية ثم يعود إىل الواليات املتحدة. يف هذه األثناء كان األطباء يف العناية الفائقة أجروا لعايص عملية الرتاخيوتوميا (فتح القصبة اهلوائية) ليساعدوه عىل التنفس خو ًفا عليه من االختناق بسبب توقف الدماغ ووقوعه يف الغيبوبة التامة. وما هبط الليل علينا ،ذاك األربعاء احلزين ،حتى كان مستشفى رزق مز ّن ًرا بحزام برشي مذهل من مئات الذين حارصوا املستشفى يستفرسون عن حالة عايص .ويف ساعة متأخرة من الليل َّ اجلمهوري القرص رن اهلاتف فإذا عىل اخلط ُّ ُ السوري ومندوب يستفرس باسم الرئيس حافظ األسد عن حالة عايص. ّ صباح اخلميس صدرت الصحف وعىل صدر صفحاهتا األوىل :انفجر دماغ عايص الرحباين ،عايص الرحباين يصاب بانفجار مفاجئ يف الدماغ ،قلوبنا مع عايص الرحباين ،عايص الرحباين ضحية العبقرية والتضحية واإلجهاد...، الناس ذهولٌ وذع ٌر وتقاطروا باآلالف عىل مستشفى رزق وأخذت فأصاب َ 149
في رحاب َ األخوين رحباني
أستاذ منصور ،األستاذ عايص يطلبك فو ًرا .هرعت إىل غرفته فبادرين :رأيس، بدء اهنيار يا منصور .رأيس يؤملني بشكل غري طبيعي .تبادر فو ًرا إىل ذهني أنه ُ ٍ منهك .سألته أن يوقف الكتابة ويرتاح فقال :سأخرج وأميش ً قليال. أو تعب ِ ونزل إىل باح ٍة أمام املكتب مظ َّل َل ٍة َبأشجار صنوبر .لكنه عاد بعد أقل من مخس دقائق .سألته إذا هدأ ا َأل َلم فقال :بل زاد .لنطلب الدكتور ألفرد شعراوي. قلت له :أطلبه أنت كي أخترب قدرته عىل ذلك ّ وإال فهو يكون عىل حافة اهنيار طلبت الدكتور أعصاب .وبالفعل الحظت أنه خيطئ يف طلب الرتقيم .عندها ُ شعراوي وقلت له إن عايص ُمصاب بصداع كبري ومل حيسن طلب رقم اهلاتف. أدرك خطورة األمر وقال :جئ به اآلن فو ًراُ . أنزلته ،خليل وأنا ،إىل السيارة كثريا لكنني كالما ال ترا ُبط فيه. ُ وذهبت به .يف الطريق بدأ هيذي ويقول ً خفت ً انتبهت إىل َّأن عايص مل أظهر له ذلك .وحني وصلنا أمام عيادة الدكتور شعراوي ُ مل يعرف كيف ينـزل من السيارة .أخذ ميد رأسه ً أوال وال يعرف كيف خيرج كي يرتجل .هرع أصحاب املحالت عن الرصيف ومحلوه معي إىل العيادة فيام أخذ ّ يتقيأ ثم غاب عن الوعي .يف العيادة خطط له الدكتور شعراوي وبادَ َرينَ : خ َللٌ ما ،حيصل يف الدماغ .استدعى فو ًرا جلنة أطباء :فؤاد حداد (أعصاب) ،فؤاد جربان (قلب) ،عبد الرمحن اللبان (نفساين) ،واجتمعوا فقرروا نقل عايص برسعة إىل املستشفى لشكهم أن يكون يف الدماغ نزيف قوي. هرعنا إىل مستشفى رزق .أدخلوا عايص إىل غرفة العناية الفائقة ثم خرجوا قاس :نزف قوي يف اجلهة اليرسى من الدماغ (هي عاد ًة املنطق ُة املع َّرض ُة منها ِب َخ َب ٍر ٍ للنـزف) .كان ال بدّ من إطالع فريوز عىل األمر وكانت يومها مريضة يف املستشفى نفسه .إضافة إىل األطباء املذكورين جاء رياض خليفة وكامل رفقة وفريد صوما رسيعا ليخرجوا َبخ َب ٍر أبو جودة (طبيب العائلة الذي يرافقنا منذ شبابنا) .اجتمعوا ً أقسى :ال أمل .حجم االنفجار أكرب من إمكان معاجلته .وإذا عاش عايص سيعيش من دون وعي .ومع أهنم من أقرب األصدقاء إلينا وإىل عايص َأ َفتوا مجيعهم بال 148
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
عاصي بعدما تعاىف من الحادثة األوىل
وتدرجييا بدأ يستعيد وعيهّ .ثم سمح األطباء بعودته إىل البيت فأخذناه ،ومشى ً متعث ًرا ببعضها .ثم عاد إىل احلركة شبه الطبيعية مع بقاء ُ خطواته األوىل ّ تلعثم ٍ عنده بسيط يف الكالم .فكان إذا أراد أن يركز يتلعثم كي جيد الكلمة املناسبة .لكنه حني يغضب يتكلم بطالقة ،إذ يف حاالت الغضب تسيطر الغريزة ال الطبيعة املكتسبة ذات اللغة املكتسبة. أخذ عايص يتامثل للشفاء تباعً ا ويستعيد وعيه والنطق .لكن الفتحة التي ورما بثر ًيا أخذ يضايقه يف التنفس. أحدثها األطباء يف قصبته اهلوائية أحدثت له ً َ تقلصا يف القصبة اهلوائية قد أجرينا الفحوصات الطبية الالزمة خوف أن يكون ذاك ً يؤ ّثر عىل تنفسه .وإذا باألمر يستوجب عملية خطرية ال يقوم هبا ّإال طبيب أمريكي يدعى هرمس غريلو يف بوسطن .وال ميكن التأكد من ذاك الو َرم ّإال بالربونكوسكوپ 151
في رحاب َ األخوين رحباني
االتصاالت تتد ّفق عىل املستشفى من لبنان واخلارج حزينني إلصابة فناهنم العظيم الطيب هبذه الكارثة. واجتمع إىل األطباء والعائلة :فريوز، مساء اخلميس وصلَ كلود غرو إىل بريوت َ أنا ،الياسُ ،صهرانا املحامي عبداهلل اخلوري واملحامي الياس حنا .تردَّ د األطباء أمامه معتربا َّأن عدم يف النصح بإجراء العملية فقال هلم إنه يتحمل املسؤولية وجيرهيا ً إجرائها يعرض عايص للخطر بينام يف إجرائها أمل بالنجاح .وطمأننا إىل أهنا عملية صباح اليوم التايل. غري مستعصية وسيجرهيا يف الثامنة َ صباح اجلمعة صدرت الصحف اللبنانية حاملة يف صفحاهتا األوىل مانشيت: عملية جراحية لعايص الرحباين صباح اليوم ،وبقي التد ُّفق عىل املستشفى طوال ذاك اليوم ،والناس صامتون ،دامعون ،يص ّلون يف أعامقهم .استغرقت العملية ثالثة أرباع الساعة وخرج منها غرو وطمأننا إىل أن عايص سيستعيد وعيه خالل مدة قصرية .أذاع املستشفى نرشة طبية عن حالته ِّ مؤكدً ا َّأن عايص قد يعود إىل التلحني لكنه ال ميكن أن يعود إىل الكتابة بسبب منطقة الدماغ املصابة. صباح السبت صدرت الصحف حتمل عنوان :كرب دماغ عايص الرحباين أنقذ حياته ،الكتشاف األطباء أن حجم دماغ عايص كان أكرب من دماغ الرجل العادي. يف ذاك اليوم فوجئنا مبدير القرص اجلمهوري السوري يصل مصحو ًبا مبحامينا يف ً وحامال مبلغ دمشق نجاة قصاب حسن ،مندو ًبا من الرئيس السوري حافظ األسد، فضل مخسني ألف لرية لبنانية (مبلغ كبري يف ذاك الوقت) فكانت تلك اللفتة بادرة ٍ كبري من الرئيس السوري نحفظها له. ٍ بعد أسابيع قليلة بدأ عايص يفتح عينيه ،ينظر إلينا ويتفوه بكلامت ال ترابط بينها :جمرد فونيامت عالقة يف ذاكرته .كنت أنظر إىل عينيه فأرامها َ عيني نرس، وأقول :عايص بدأ يرجع إلينا. 150
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
الغرضوف من جراء إزاحة فتحة القصبة اهلوائية يف بريوت بضع مليمرتات عن ُ حيثام جيب أن تكون .وحكم فريس بعمليتني جراحيتني :أوىل الستئصال البثرة واألخرى جتميلية يف احللق يقوم هبا الپروفسور لوپريغان .كانت األوىل سهلة وانتهت برسعة، لكن األخرى تطلبت أن يبقى عايص ممددً ا يف رسيره عرشة أيام وعىل رأسه كتاب كي ال يتزحزح لتنجح العملية التجميلية فال يتعرض ً الحقا ألية مضاعفات. ألعمل عىل مرسحية املحطة( كنا أهنينا كتابتها ا ُألوىل). عدنا إىل بريوت َ وبدأت التلحني وطلبت من زياد أن يلحن قطعة فيها نشرتك هبا أعدت كتابتها ُ ونرفعها حتية إىل عايص .قال يل زياد إن عنده موسيقى ألغنية مجيعا :فريوز وأنا وزياد ُ ً ال كالم هلا بعد .سمعت اللحن فأعجبني ووضعت ِل َلحْ ن زياد كلامت سألوين الناس( والناس يظنون أن الكالم كان موضوعً ا ثم َلحَّ َن ُه زياد). كنت طلبت من عايص أن يلحِّ ن معي يف املحطة( كان حينئذ خالل التحضري ُ عاد يعزف عىل البزق ويكتب النوطة) وكان أول حلن وضعه بعد مرضه :ليايل الشامل احلزي ِنه ثم وضع أحلا ًنا أخرى ،ووضع زياد مقدمة الفصل الثاين. كان الپروفسور غرو حذرين من تعريض عايص لصدمات نفسية أو عاطفية قد تؤ ّثر عىل صحته ودماغه من جديد .لذا افتتحنا املرسحية من دون عايص .وبعد أيام جاءين الدكتور عبد الرمحن اللبان وقال يل :غدً ا سأجيء بعايص إىل املرسح وسأبقى معه .خفت من اخلطوة فأكد يل أنه هو املسؤول .ومساء اليوم التايل وضع ساعة الضغط يف زند عايص ودخل معه .وما شاهد الناس عايص ً داخال إىل الصالة حتى هبوا يف عاصفة من التصفيق ال حتدُ ثُ ّإال للملوك .وكان اللبان طوال املرسحية يتفقد ضغط عايص من حني إىل آخر فيجده ال يتأثر. مجعنا عايص يف الكواليس :فريوز وزياد وأنا ،مع ِّل ًقا عىل عند انتهاء املرسحية َ ً صارخا فينا بنبله الشهم :انتظرتم حتى أمرض لكي تستجدوا أغنية سألوين الناس حبه العظيم لفريوز وزياد ويل جعله تصفيق الناس باسمي أهيا االنتهازيون؟ .لكن ّ ال يوقف األغنية من املرسحية ،خاصة بعدما شهد ما فعلت يف الناس .عندها ّ أيقنا 153
في رحاب َ األخوين رحباني
(كاشف القصبات :جهاز مزود بضوء خاص يتم إدخاله يف جوف القصبة اهلوائية للكشف عنها) .وملا مل يكن األمر مضمو ًنا يف بريوت ،وفيام كنا نستعد للسفر إىل أمريكاَ ،نصحَ نا الصديق الدكتور بشري سعادة باملرور إىل مستشفى ماري لنلونغ يف پاريس (من حيث خت َّرج) ولقاء أستاذه هناك جورج فريس فيكشف عىل عايص، وهكذا كان .سافرنا إىل پاريس :فريوز وأنا وشقيقتنا إهلام وزوجها املحامي الياس حنا ،ومعنا طبيب خمتص بالقصبة اهلوائية (جورج توما) وطبيبة خمتصة بالبنج (مي أنطاكي) خو ًفا من أية مضاعفات يف اجلو .ولدى وصولنا إىل املطار كانت تنتظرنا من املستشفى سيارة إسعاف رفض عايص أن يستق َّلها ُم ِص ًرا عىل الذهاب يف السيارة ذهبت أنا يف سيارة اإلسعاف منبطحً ا عىل ذاك الرسير األبيض وسط العادية. ُ ضحك اجلميع ،وحني وصلت إىل املسشفى هجم عيلَّ املمرضون بذاك الرسير عىل العجالت فأخذت أولولُ أنني لست املريض َّ وأن املريض احلقيقي يصل خلفي يف سيارة التاكيس .هناك التقينا بالدكتور جورج فريس (بات يف ما بعد نقيب أطباء فرنسا) .قبل أن يقرر إجراء العملية (كان يرعبنا إجراؤها خوف املضاعفات) أراد أن يستكشف الوضع بالربونكوسكوپ .سألناه عن مدى نجاح الكشف بالربونكوسكوپ فقال إنه ليس أكيدً ا وقد ْ َّ فيتحتم تط ِبقُ القصبة اهلوائية عىل اجلهاز خالل الكشف عندها إجراء العملية .سألته :هل جتري العملية ألخيك لو كان لك أن تفعل؟ أجاب :ال .فقلت :وأنا لن أرىض بأن ُتجرى ألخي .ال أثق يف هذا املوضوع ّإال معا منذ أسبوع يف مؤمتر وعُ دنا من بوسطن بالپروفسور هرمس غريلو .فقال :كنا ً قبل أيام .فقلت له :ال أقبل ّإال أن تسأله رأيه .استهجنَ ،أ َن َف ًة ،أن يستشري أمريكيا يف شأن طبي .يف هذه األثناء كانت تتدفق االتصاالت طبيبا طبيب ٌ ً فرنيس ً ٌّ عىل املستشفى تطمئن إىل حالة عايص ،أبرزها من الرئيس السوري حافظ األسد والعاهل األردين امللك حسني .أمام هذا الضغط اضطر الپروفسور فريس أن يتصل مت مع غريلو فطمأنني إىل أن الربونكوسكوپيا ليست خطرة .عندها ببوسطن ،وتك ّل ُ وافقت فأدخلوا اجلهاز واكتشفوا أن ليس يف األمر سوى بثرة صغرية عىل عظمة ُ 152
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
حاولنا أن نجعله يستعيد الكتابة لكن صربه ينفد برسعة .كان عليه أن يتعلم األبجدية من جديد وربط األحرف والكلامت كأي تلميذ يف الصف االبتدائي األول. قال يل :أنا رصت أتكلم وال أكتب .أتكلم وغريي يكتب .رصت متل سقراط وأرسطو .أريد أن أكون مثلهام .ما عادت يل ملكة عىل الصرب والكتابة .كان يقرأ الفتات عىل الطريق أو يتعب فو ًرا فريمي اجلريدة من يدهَ .ف َقدَ حس الرتكيز لكنه ظلَّ َجلودً ا عىل التأليف ،متيض ساعات طويلة يف املكتب وهو مييل عيلّ ًنصا شعر ًيا مرسحيا أو ميلوديا موسيقية تدندن يف باله العبقري. أو حوا ًرا ً عدنا إىل إيقاعنا السابق يف العمل حتى كنت يف حلظات كثرية أنسى أن عايص أصيب يف دماغه .تلك الغزارة يف اإلنتاج كانت جتعل الكثريين يظنون أننا ال ننام ،ال نرتاح ،ال وقت لدينا ّإال للتأليف .وهذه معادلة خاطئة .كنا نؤلف بسهولة فائقة .مل نكن ياما نتجادل حوله ،كالنا ت كنا نكتب العمل و َنبقى َأ ً نعمل ً دائما باإليقاع نفسه .مرا ٍ ت ألصدقائنا .أحيا ًنا كان ت يف ما بيننا ،ومرا ٍ أو مع فريق املستشارين .كنا نقرأه مرا ٍ عايص ينتهي من الكتابة أو تلحني احلصة التي نتفق أن يقوم هبا وال يعود إىل البحث إيل حتى أنتهي من حصتي .وإذا اتفق أن أسأله أم ًرا يف العمل ثانية .يرتكني وال يعود َّ كان ينهرين ِبحدة :أنا انتهيت من حصتي وأريد أن أرتاح .مل نكن ،كام يتخيل الناس، نعمل ليل هنار بدون قاعدة وال توقف .كان عايص يؤمن بنظرية أن اإلبداع يأيت يف ذبذبات من اخلارج ،وللفنان قدر ٌة أكثر من سواه عىل التقاطها .األفكار تأيت من عامل آخر .يلتقطها الفنان يف حالة إبداعَّ .ثم ينتهي تدفق األفكار فيعود الفنان إنسا ًنا عاد ًيا. كان عايص يؤمن بنظرية َّالت َذ ُّكر مثل سقراط .أي أن التعلم ليس سوى التذكر. كنا َّ منظمني جدً ا يف حاالت اإلنتاج الفني ،وكسولني جدً ا بعد كل عمل .مرات منيض شه ًرا أو شهرين ال نكتب كلمة وال نضع نوطة واحدة بل ُنميض أوقاتنا مع أصدقائنا يف املكتب أو يف السهرات أو املآدب .وحني حيدث أن نكتب كنا نكتب برسعة ،ونلحِّ ن برسعة ،وصربي الرشيف ِّ ينفذ برسعة .كان عندنا فريق إداريني يعمل برسعة يف الفرقة الشعبية اللبنانية .وعايص كعادته ،بحضوره القوي وشخصيته الطاغيةَّ ، يتدخل برشاسة وعنف يف كل صغرية وكبرية ألنه ،كعادته ً أيضا ،كان دائم التوق إىل الكامل. 155
في رحاب َ األخوين رحباني
پرتا )1978( آخر عمل لألخوين مع فريوز
ليليا عىل املرسح حتى عاد يقود األوركسرتا أن أعصابه أقوى من خوفنا ،وأخذ يرتدد ً يف الپيكادييل. بعدها استعاد صالحياته مجيعها يف املكتب ،وعاد ينـزل معي كل يوم ،وأدعه والحظت َّأن الذي يشعر أنه كالعادة هو اآلمر الناهي ،وأنه السيد املطلق كام كان. ُ فار َق ُه :الضابط الرادع .كان يضحك بدون ضوابط ويشتم ويأكل وحيزن ويغضب ويتكارم ويدفع ويسخو من دون ضوابط. عاد إىل منطه يف التلحني .ضعفت عنده َم َلكة الصرب فلم يعد يكتب مجيع غالبا يندهني ألنفذ له ً حلنا يدندنه يل وأنا أكتبه .وعاد يشاركني يف األحلان بل كان ً فيغير ويستبدل ويضيف ويقول يل بالضبط ماذا كتابة النصوص .أنا أكتب وأقرأ له ِّ يريد وأنا ُأ َن ِّفذً . مثال أغنية َّ سكروا الشوارع هي يف معظمها من كلامته وحلنه ،لكنه كان يقول يل ماذا يريد وكيف ،وأنا أكتب الكلامت أو اللحن. وكذلك األمر يف مرسحية پرتا .كنا يف األردن نتفاوض يف وضع مرسحيـة ملناسبة الذكرى اخلامسة والعرشين جللـوس العاهل األردين .يف التاكيس إىل أحد االجتامعات سأ ْلنا السائق :من أين أنت؟ فقال :أنا من زهرة اجلنوب .استفهم عايص :وأين زهرة اجلنوب؟ قال :پرتا .عندها َف َت َقت الفكرة يف بال عايص أن نكتب العمل عن پرتا ،ونسجنا له تلك احلكاية يف تركيبها مع اإلسقاطات التارخيية. 154
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
157
في رحاب َ األخوين رحباني
4صور من جلسة عمل يف بيت أم عاصي
156
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
ً مسجال عملتها فيي؟ افتكرتني مش رح إنتبه؟ عندها ،مطم ِئ ًّنا إىل ّأن العمل بات وال جمال لتغيري يشء فيه ،أخربته القصة كلها .والقصة أنني كتبت قصيد ًة إىل سيدة ُ أستلطفها وأعرف أهنا ستكون بني احلضور يف بعلبك من تلة اخلياط يف بريوت ،كنت فشئت أن أحييها ببيتني من تلك القصيدة ،ومنها:
واـي تةل اخلياط يل فيك جنم ٌة
ِ كثيب منك وفــوق تــال الــرمــل ُ يــمــرين حــب علـيــــه إىل املــدى ـب ـــالـــي قــريـ ُ وبــيــت الــقــســاة الـــ َّص ِ َّ إذا كاـن ذنيب أن حُبك سيــدي ذنــــوب فـــل لـــيـــايل الــعــاشــقــن ُ أـتـــوب إىل رـب ـــــي ...وإين ملــــرة أتـــوب يــســاحمــي ريب ...إلــيــك ُ
مل يغب عن عايص حدسه العبقري حتى بعد إصابته .فعام ١٩٧٥اتفقنا مع جلنة مهرجانات بعلبك عىل تقديم زمان إليسا .ثم وقعت أحداث ١٣نيسان ١٩٧٥وما تالها فأحس عايص بأن العمل لن يتم فأوقف الكتابة .واستحق لنا القسط األول من املبلغ املتفق عليه فقال يل :قل ل َّلجنة إننا لن نقبض القسط ألن املرسحية لن لدهين تأكيدً ا من رئيس اجلمهورية بأن خيربننا أن تتم. َّ ْ اتصلت بنا سيدات اللجنة ْ لكن املرسحية املهرجانات قائمة فأجاب عايصَ :ب ِّل ْغ َن حتيايت إىل فخامة الرئيسَّ ، صيفئذ ومل تتم املرسحية وتو ّق َفت لن حتصل .وبالفعل :انفجر الوضع يف لبنان ٍ عاما. املهرجانات بعدها عرشين ً يتحسر عىل عجزنا عن تنفيذ مرسحيات كنا بدأنا هبذا احلدس العجيب كان َّ بكتابتها :املخفر ،١٠١جريس خرض ،قصب من هنر سري ،مشاع قم َره ،إيام التانغو ،قبطان املركب الورق...، 159
في رحاب َ األخوين رحباني
هبذه الطريقة استطعنا أن ننتج هذا األسطول من األعامل الفنية واإلنجازات: نحو مخسة آالف أغنية ،أربعمئة سكتش غنائي ،ثالثة أفالم طويلة ،عرشات الربامج واحللقات التلڤزيونية واإلذاعية ،مخس وعرشون مرسحية ،جوالت فنية ولوحات عمليا إهنا ال تو َّزع، وبرامج يف خمتلف أنحاء العامل ،توزيع األرباع الصوتية التي قيل ً تغيري مسار الشعر واملوسيقى يف العامل العريب ،تعميم استعامل األوركسرتا يف الرشق كمحتوى درامي....، كنا رسيعني جدً ا يف اخللق .عىل أن عايص كان أرسع مني بكثري .وضع الكتابة األوىل لـجبال الصوان كلها بثالثة أيام ( .)١٩٦٨ثم تناقشنا هبا ووضعنا كتابتها دائما الثانية فالثالثة إىل أن صاغها هو بكتابتها الرابعة األخرية .كانت الصياغة األخرية ً بخط عايص. هذا اإليقاع مل يعد إليه بعد مرضه .لكنه مل يفقد احلس العبقري الذي كان لديه طوال حياته. ذات يوم ،وكنا ِّهني ُئ قصيدة حب لبعلبك ( )١٩٧٤طلب مني أن أقوم باختيار موشحات قدمية ّ أخذت أقرأها تغنيها فريوز ووديع الصايف .اخرتت له أبيا ًتا متنوعة ُ بروحي تلك األرض له وهو يصغي كعادته بعد مرضه :يده وراء أذنه .قرأت له َ الص َّمة القشريي (شاعر جاهيل سبق مرحلة املوشحات) فوافق .وقرأت من أيب من ُ غزاال يف كثيب( هي ً ب ويا ً وغيرهتا بـيا ّنواس حامل اهلوى ِتع ُ قضيباّ أصال يا ً ً ت وافق عليها مجيعها ،حتى وأكملت كل ما غزاال )فوافق كذلك. ُ ُ اخرتت من أبيا ٍ سيدي فعبس عايص وقال: ُ وصلت إىل بيتني مط َل ُع ُهام :إذا كان ذنبي أن ُح َّب ِك ِّ ملن هذان البيتان؟ فقلت له :للراعي النمريي .فقال :هذا الراعي النمريي أكثر فكتمت بسمة هؤالء الشعراء نضار ًة .أأنت متأكد منه؟ وأغرق عينيه يف وجهي ُ عميقة وقلت :نعم .فوافق عليهام لكنني أحسسته ،بحسه الفطري املدهش ،مل يقتنع .ليلة تقديم احلفلة يف بعلبك أخذ برنامج احلفلة بني يديه َّ يتصفحه ،حتى وصل إىل ذينك البيتني فوجد التوقيع حتتهام :األخوان رحباين .ناداين ثائ ًرا :منصور؟ 158
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
حني أقفلنا عليه ذاك الباب األسود يف مقربة تلة الغوارنة يف أنطلياس ،تركناه لوحده يغادرنا ويطلُّ عىل الدنيا الثانية التي كان يتحدث عنها يف سنواته األخرية. هناك ،عند تلك التلة ،تركناه وحيدً ا مستوحدً ا ،وليس يدري أنه سكن قلوب الناس. يف أربعني عايص وضعت الدولة بالطة تذكارية عىل بيت أم عايص الذي كتبنا فيه معظم أعاملنا .ويف الذكرى الثانية لغياب عايص كان معول اهلدم جيرف البيت لكن معول الزمان نفسه لن يستطيع هدم صورة عايص الذي معاَّ . وبالطة الدولة ً غاب ليصبح ضمري الذاكرة اجلامعية. غاب عايص الذي أنا اسمه اآلخر وهو جزء مني ،فأخذ معه كل عايص وبعض منصور. أصدرت كتابني أهديتهام إىل عايص :أسافر وعن البعض الباقي من منصور ُ وحدي ً ملكا وأنا الغريب اآلخر ،وأنتجت مرسحية صيف ٨٤٠حتية إىل عايص، الوص ِّيه التي رافقني فيها خيالُ عايص يف كل كلمة وكل نوطة. و َت َل ْتها مرسحية ِ هكذا اليوم َأنا :وحيدً ا أتوغل يف العمرً ، حامال اسمي ومشعل عايص. وسوف أظل أعطي ولن أستقيل ،حتى أسقط أنا عىل احللبة فريتفع اسم عايص ومنصور يف أعامل األخوين رحباين ،وحيمل املشعل ويكمل الطريق! عاصي والنظرة األخرية يف آخر جلسة ّ عامة له ّ الحلبي (مطعم أنطلياس)
161
في رحاب َ األخوين رحباني
وهبذا احلدس ً أيضا كان يعاند ما ال يراه صا ًحلا هليبة فريوز ،كام حني رفض طلب الرئيس كميل شمعون عام ١٩٥٧تقديم حفلة يف القرص اجلمهوري (القنطاري) ملناسبة زيارة شاه إيران إىل لبنان .كان جواب عايص :فريوز ال تغني يف البيوت، حتى ولو كان هذا البيت القرص اجلمهوري. وعام ١٩٦٥رغب إلينا الرئيس شارل حلو أن نحيي حفلة عىل مرسح كازينو لبنان ملناسبة زيارة احلبيب بو رقيبة إىل لبنان .بدأنا التحضري ثم فوجئنا مبن جاء يقول إن احلفلة ُ ستنقل إىل مرسح أوتيل فينيسيا حيث سيتعشى الرئيسان .حسم عايص األمر بكلمة :هذا ليس َج ّو فريوز .وألغى احلفلة. وعام ١٩٧٦كنا يف القاهرة نقدّ م حفالتنا ،وصادف وجود الرئيس اللبناين الياس رسكيس هناك حلضور مؤمتر امللوك والرؤساء العرب .أحب الرئيس اللبناين أن حييي حفلة لبنانية يدعو إليها امللوك والرؤساء ،واتفقنا عىل أن يكون ذلك عىل مرسح األندلس (يف اهلواء الطلق) .قبيل موعد احلفلة جاءنا من يبلغنا بأن أوامر صدرت من الرئيس السادات أن تقام احلفلة يف فندق اهليلتون املقفل ألسباب أمنية .كان جواب عايص :األوامر تعطى للعسكر ال للفن .يف قاعة اهليلتون ال نعطي صورة صحيحة عن الفن اللبناين .ب ِّلغوا سيادة الرئيس أننا ألغينا احلفلة. هبذا العناد نفسه ظل عايص جياهد يف العطاء .عام ١٩٨٠قدَّ منا املؤام َره مستم َّره عىل مرسح صالة السفراء يف كازينو لبنان ،وعام ١٩٨٤الربيع السابع عىل مرسح جورج اخلامس -أدونيس. بعد تلك الفرتة بدأت حالة عايص تسوء .وبدأت حاالت غيبوبته تغالبه .ومن الص ِفري ...والبحر ما لو صوت... آخر ما كان يردد :افتحيل ...افتحيلَ ...ق َت ْلني َّ دخيلك افتحيل .وكانت تلك آخ َر كلام ِت ِه الواعية .بعدها أخذت تزيد غيبوبته. صباح السبت ،١٩٨٦/٦/٢١انطفأ عايص ،أخي ورفيق العمر. غاب للمرة الثانية واألخريةً ، وطنا َّ آخذا معه ً ظنه كثريون سقط يف احلرب لكنه باقيا يف ضمري الناس. مل يسقط ألنه مل يتحقق بعد ،وما زال ً 160
قصة األخوين رحباني كما رواها منصور ّ
الحلقة 14من مسلسل من يوم ليوم آخر ما كتب عاصي بخطه 163
في رحاب َ األخوين رحباني
صفحة بخط عاصي من جبال الصوان 162
منصور بعد عاصي
في رحاب َ األخوين رحباني
164
وحد ُه ،وسافر ملك ًا كم َل َ ...أَ َ
فيام كان شباب أنطلياس ُيدخلون نعش عايص ِإىل الرضيح عىل تلك الت ّلة عرص الثلثاء 24حزيران ( 1986وكان َ انطفأ صباح السبت 21حزيران) ،ا ّت َكأ احلزينةَ ، منصور عىل ك ِتفي ومتتمَ :تد ُفنون معه اليوم نصف منصور. سيكملُ منصور بعد عايص َتــردَّ ْ دت يبَ ،أيام ًا بعدَ ها ،تلك العبارة .كيف ُ بــنصف منصور؟ طيلة جلسايت ِإليه (صيف ُ )1993أحاوره عن سريهتام َوأعامهلام كي َأكتب هذا جزت .كانت نا الكتاب ،مل يلفظ مر ًة واحد ًة كلمة نتَ أو َأ ْن ُ كتبتَ ،أو َ لـحَّ ُ ُ ّ املثنى دائ ًام يف حديثه .وغري مر ٍة َنسب ِإىل عايص نص ًا َأو حلن ًا َأو ِإنجاز ًا. َأهو النبلُ َأم الوفاء؟ ٌ ص ِكالمها مع ًا .هذا رجلٌ مسكون بشقيقه حتى َالو َلهَ .وأكثر من مر ٍة َغ َّ َوأجهش وهو حيدِّ ثني عن َأيام عايص ا َألخرية يف املستشفىَ ،كأننا ودّ عناه َأمس َأو ت عىل غيابه. َأ ّول من َأمس ،ونحن بعد سبع سنوا ٍ السكنى يف هالة شقيقه ،كانت ُتطل ابتسامته املش ِفقة حينام تصاعدت من تلك ُ َأصداء عن َأعامل لعايص وحده ولو بتوقيع ا َألخوينَ ،أو عن ضعف العمل الرحباين بعد غياب عايصَ ،أو عن دور عايص منفرد ًا يف النتاج الرحباين.
ُ المط َلق لـعاصي. وفاؤه ُ َف ْل َت ْخ َرس النيات الس ِّيـئـة
وط ّليت َع بعلبك بعد عشرين ِسنِ ه...
النسيج ْ خصائص لكن مع َأعامل منصور بقي ليفي املتنيُ ،نص ًا وميلودياّ ، ُ َ التأ ُّ طورت العمل من ْاملألوف الرحباين العايل ِإىل هوية جديد ًة بدَ ت يف مرسحه َّ منصور َّيــة عالية. ُ ما عاد الرتكيز عىل البطل الرحباين (ا ُألنثوي غالب ًا مع فريوز) بل تو ّزع عىل َأكثر من حضور َ ب َط ِلـ ّـي ،حتى َ بلغ البطلَ الرجلَ يف بعض َأعامله (املتنبي ،املسيح، جربان ،سقراط ،)... ،وبطولة نسائية واحدة (زنوبيا ،)وبدا مرسحه ضالع ًا يف الدخول ِإىل التفاصيل ِاإلنسانية َبأعامل شعرية َوأدبية وبيوغرافية يالمس بعضها ا َألسئلة الفلسفية. غنمت ا َّتسمت َأعامله بالرتكيز الكورايل وا ُألوركسرتايل الضخم واملشهدية التي َ من تقنيات العرص ،ومن مشاركة َأبنائه الثالثة (مروان ِلإلخراج ،غدي ُوأسامة عمل ً كامال يف تفاصيل التنفيذ الفني غنمت ،ب ِإرشافه ،فريقَ للتلحني والتوزيع) كام َ ٍ والتقني. تلك النزعة الكورالية قدمية يف كتابة منصور ،خصوص ًا يف النصوص الوطنية والبطولية التي ينترص فيها الشعب ،بشخصي ٍة من الشعب ،عىل ُظ ْلم احلاكم اجلائر فينهزم .يف مرسحيته القدمية عىل صخور لبنان ،1950( صد َرت سنة 2009يف جمموعته الشعرية ا ُألوىل القصائد )ينهزم امللك فيدعو جيشه لالنسحاب واهلرب:
لك ن ـر ِ ملــــح شعباً اثئـــــر ًا هـــا هــنــا عـــى ّ يف مضــر األَايم أ َ ُ ب ن ُ ُسور ِ ع ِّج ِل ا َخلطْو أَهيا اجليش واهرُب ِإهنــم م ْقبلون ِس َ صوبك فامسع كيف تعلو َبشائر التحرير ِ عربوا يف الزمان َ اي رنني اـل َمطارق ال ّصلب َس ِّج ْل جمـ َد يــويم ِإىل انهتاء العصور ِ ِ نـــداء النفري ِ ق ُ ــل لــصــوت النفري هيتف ابجلــيــش فمنيض عــى
الصخري َأمام بنت الشعب سرييل ،وعاد وينهزم امللك عند مم ّر هنر الكلب ّ املشهد فظهر الحق ًا (بعد 19سنة) يف هيكلية املرسحية الرحبانية جبال الصوان 169
في رحاب َ األخوين رحباني
ابتسام ٌة كانت ُتضمر حلم استمرار عايص يف َأعامل منصور الذي ،سنة 1987عند ِإطالق ُأوىل مرسحياته بتوقيعه وحده (صيف َ ،)840أبى ِإ ّال َأن ُيهدهيا ِ إىل عايص. ذات ُأمسي ٍة ربيعي ٍة من ،1977كنا ُش ّل ًة من ا َألصدقاء عىل رشفة بيت منصور نصغي ِإليه ُ يقرأ علينا مرسحية ﭘ ــرتا قبل البدء بالتامرين عليها .وعند االنرصاف َ سألني َأن َأصحب عايص ِإىل بيته فوجد ُتها فرص ًة َأختيل فيها بعايص ُوأحادثه .قبيل وصولنا ِإىل البيت (وهو عىل مقربة ضئيلة من بيت منصور يف أنطلياس) َ سألني عايص َأن ُنكمل املشوار اللييلّ صوب بكفيا يف تلك الليلة املقمرةَ ،فو ِس َعت فرصتي بالتحدث ِإليه .ويف الطريق حانت مني َأكثر من لفت ٍة ِإىل عبار ٍة من مرسحي ٍة َأو لقطة شعرية يف قصيدة َأو فاصل ٍة مجيلة يف حلنُ ،فيبادرين عايص :هيدا صاحبك باعتزاز كثري. منصور .كان يقوهلا ٍ كنت ُأبدي له فرحي من كلمة َأو عبارة َأو حلن وا َألمر ذاته مع منصور :مرار ًا ُ فيقاطعني :مش َأنا .هيدا املع ّلم( ويقصد عايص). هذا التبادُ ل يف نسبة اللمعة املبدعة إىل اآلخر ،سم ٌة فريدة يف سرية ا َألخوين َي ْصغر عندها من حياول نسبة َأ ّي فاصلة ِإىل َأح ِدمها دون اآلخر ،مها اللذان رفضا موحد ًاَ ... : عىل حياهتام ِإ ّال البوح بالعمل ً لألخوين رحباين. حامال توقيع ًا واحد ًا َّ ∂
َأنتج ا َأل َخوان مع ًا نحو 43سنة (َ ،)1986-1943وأنتج منصور وحده نحو 23 سنة ( ،)2009-1986ومنذ َص ْع َقة عايص الصحية تو ّلى وحده طيلة 14سنة (-1972 )1986مسؤُ ولية ا َألعامل الرحبانية املشرتكة رغم حضور عبقرية عايص. ظهر عىل 25مرسحية ،وثالثة َأفالم ،وكتابني (سمراء مها توقيع ا َألخوينَ وقصائد ّ مغناة ،)وعرشات احللقات التلـﭭـزيونية ومئات ا َألغاين مفرد ًة َأو يف لوحات توقيع منصور وحده عىل 12مرسحية ،ومخسة كتب شعر ًا ونثر ًا، غنائية ،وظهر ُ وعرشات احللقات التلـﭭـزيونية وا ُألغنيات ،وعمل موسيقي كبري :القداس املاروين. 168
وط ّليت َع بعلبك بعد عشرين ِسنِ ه...
س ُط َلعة ،ساعدَ ه عند صعقة عايص الصحية ذاك الطبع اجللود يف تؤَ دَ ٍة ذا ِ ت َن َف ٍ عىل َأن يتوىل مواصلة احلالة الرحبانية ليبقى عايص حارض ًا يف كل عمل .كان ت كثري ٍة خصوص ًا حني َأخذ عايص يستعيد بعض صفائه العبقري ُي ْشركه يف استشارا ٍ وعاد ِإىل التلحني ولو بدون الكتابة امليلودية .وهذا ما دعا سعيد عقل ،حني منح نائيته التي مل تنفصم يف َأعامل منصور جائزته الشهريةَ ،أن ُيشيدَ بدَ ور منصور و ُث ّ خوين بعد مرض عايص :املحطة ،لولو ،ميس الريم ،ﭘــرتا ،قصيدة ا َأل َ ينفذ َأ ً حب ... ،وا َألعامل التلـﭭـزيونية .وكان منصور ُيضمر َأن ِّ عامال َ وضع تصاميمها ليسا ،املخفر َ ،101ق َصب من هنر سري ،جريس خرض، مع عايص (زمان ِإ ّ لكن حالة عايص َأعاقته مشاع َق َمرةِ ،إيام التانغو ،قبطان املركب الورقّ )... ، بعم َلني مع عن ذلك فاكتفى ،بعد انفصال فريوز عن الثالوث الرحباين (َ ،)1979 عايص :الربيع السابع واملؤامرة مستمرة. ت منفرد ًة (بتض ّلك محل منصور ِاإلرث الرحباين وواص َله ُبأسلوبه اخلاصُ ،أغنيا ٍ ص َور ُص َورَ )... ،أو َأ ً عامال مرسحية ،فاستم ّر ِاإلرثُ متجدِّ د ًا سيفي مهام صارُ ، طار َ ت من التاريخ يف عامية أنطلياس (صيف بدأ باسرتجاع صفحا ٍ بـبصامته يف ِإ ٍ ًّ مستهال معها توزيع البطولة فال تقترص عىل معادلة البطل ا َأل ّول ،وباعتامد )840 ّ بفرح مشهدية املجاميع ،فشهد الوسط الفني ِإطاللة رحبانية جديدة تلقاها اجلميع ٍ عكسه يقلقهم .النسيج ْ تطورت ِإىل التأليفي ظلّ عىل متانته ،واحلبكة امليلودية َّ كان ُ مجاليا جديدة. حيز ًا َأكرب ،فكان يف مرسح منصور مل يعد التمثيل ثانوي ًا بل بات هدف ًا اختذ ّ رضوري ًا اعتامدُ ممثلني حمرتفني َ وتطورها الدرامي لألدوار املنسوجة يف دقة الشخصية ُّ فتوازى يف مرسحه التمثيل والغناء والرقص واجلامل املشهدي. يف ْ التأليف املوسيقي (القداس املاروين )برزت لديه ْتقنية معقدة وصعبة َأبرزت مهارته يف كتابة املوسيقى الدرامية ،ويف َأقلمة الشعر للدراما (املتنبي،) ويف استلهام التاريخ ِإلبراز رصاع الرشق والغرب (ملوك الطوائف ،)ويف استلهام 171
في رحاب َ األخوين رحباني
( )1969حني ينهزم القائد فاتك املتس ِّلط َأمام ثورة الشعب بشخص غربة بنت لكن شعبها مل يتقهقر ،فدعا جيشه ِإىل مدلج التي َأرداها احلاكم عىل البوابة ّ االنسحاب واهلرب من جبال الصوان وانترص الشعب مبقاومته وصموده. َيقوى زخم الشعر يف َأعامل منصور ،وسابق ًا كان عايص يدعوه ِإىل َأن ِّ خيفف أحيا ًنا من تكثيف الشعر يف النص املرسحي َأو الغنائي ،فيام كان منصور َأحيان ًا َ يسأل عايص َأن يزيد ً قليال من التكثيف الشعري. غريها لصوت سواهاَ ،وأعلن من ُأوىل كان منصور يؤْ من َأ ّن الكتاب َة لصوت فريوز ُ جلسايت ِإليه (لوضع هذا الكتاب) َأهنا منذ ِإطاللتها ا ُألوىل جاءت ُم َتـ َّـو َجة .فعدا مجال صوهتا وموهبتها اخلارقة ،هي ظاهر ٌة ال تتك ّرر :صو ُتها َّمميزِ ،إطالق ُة صو ِتها َّمميزة، صقل وجتارب خضع هلا، وكلُّ ما جاء يف هذا الصوت من خوارق ويف ما خ ْلفه من ٍ الشعراء يف لبنان والعامل جعل منه رمز ًا من رموز هذا العرص َتأ َّثر به الناس وحتى ُ العريب َألنه مل يكن جم َّرد صوت وحسب. سوى َأ ّن سقط منصور يف املجهول .استلّ انسحاب ذاك الصوت اخلارق مل ُي ِ َ عبقريته ْ ت ُأخرى التأليفية ،نص ًا وميلودي ًاِ ،إىل اجتاهات خمتلفة جع َلت مرسحه ذا صفا ٍ وهيكلية ُأخرى وسياسة فنية ُأخرى تصاعدت هبا َأعامله ِإىل َرحابات مغايرة. ٌ منضبط يف ا ُألصول الكالسيكية ِشعري ًا وهارموني ًا .من داخلها يبني منصور هيكلية عمله .وهو منذ مطالعه حيب عمل املجاميع عىل املرسح واملواضيع الكبرية هدوء طبعه امليثولوجية َأو الوطنية .يف كتاباته َأبعاد كوسمية ُت ِّميز َّنصه .من هنا ُ العميق غري الرسيع االنفعال .وهو قار ٌئ ِهن ٌم َج ُلود ،يتبحّ ر كثري ًا يف الفكر والفلسفة وا َألدب العاملي والشعر القديم والتاريخ والالهوت .ومرار ًا كان َ يسألني عن مراجع هلذه املواضيع ،سواء حني يكون يف هتيئة عمل جديد (حيب دائ ًام توثيق ّنصه مبراجع ومصادر ُوثقى) َأو حتى بدون حالة ْ التأليف .القراء ُة عنده جزء رئيس من ساعات ِإخالده ِإىل االسرتاحة .لذا ّيتسم نصه َبتأ ُّن ٍق يف قاموسه ابتعدَ عن عفوية َ نشأته الريفيةَ .أناقة ظهرت الفت ًة يف توزيعاته املوسيقية الواضحة النقاء الكتابة ا ُألوركسرتالية. 170
وط ّليت َع بعلبك بعد عشرين ِسنِ ه...
خارج من املستشفى صدَ مني سؤَ ال َل َّـج يب :كيف ميكن َأن يرحل َوأنا ٌ منصور؟ تذكرت عنوان كتابه ُأسافر وحدي َم ِلك ًا ،وما جاء يف مقطوعته السابعة :يف ُ ضوئي يسطع يف الزرقةُ ،أسافر وحدي َم ِلك ًا. رصاخ ظلّ ٍّ ٍ صباح الثلثاء 13كانون الثاين ،تو ّقف قلبه. 9:27 َ وفيام كان النعش الذي من َ باب ذاك خشب ديكور املرسحياتَ يدخل َ الرضيح ذاته الذي َ تذكرت قولته يل عن َأخيه :تد ُفنون دخله عايص قبل 23سنة، ُ َ نصف منصور. معه اليوم ّ كئ عىل ك ِتفي هذه امل ّرة. لكنه مل َّيت ْ َأقفل الباب ا َألخري وسافر عند عايص بدون رفاق. سا َف َر وحدهَ ...م ِلك ًا.
173
في رحاب َ األخوين رحباني
من ضحّ ى بحياته من َأجل َأفكاره (سقراط ،)ويف َ جرأة اعتامد َ املباش َرة (آخر يوم )بعدما كانت َ املباشرة غائبة عن املرسح الرحباين .واسرتاح منصور عىل هواه يف اسرتجاع املناخ ا َألديب (جربان والنبي ،)ويف صوابية رؤْ ياه السياسية احلادسة ْ (حكم الرعيان ،)ويف جتديد احلقبات التارخيية نابض ًة يف مناخ العرص (زنوبيا، عودة الفينيق ،)وهي َأعامل اكتسبت فيها الديكورات واملالبس والسينوغرافيا املشهدية ُبعد ًا باهر ًا ( ِإخراج مروان الرحباين) ومناخ ًا موسيقي ًا حديث ًا (مشاركة ُأسامة الرحباين يف ْ التأليف املوسيقي والتوزيع ا ُألوركسرتايل) ،و َن َفس ًا َن ِضر ًا (مشاركة غان ،ويف التلحني ْ والتأليف املوسيقي غدي الرحباين يف الكتابة ،حوارا ٍ ت وكلامت َأ ٍ و ِإدارة ِاإلنتاج). بقي منصور ينتج حتى آخر َأيامه .كان دوم ًا حمرور القلب والقلم .ورغم انحالل صحته تدرجيي ًا كان يرفض االستسالم :يكتب ويلحّ ن ويرتك لفرسانه الثالثة التنفيذ. َضؤُ لت عافيته فلم يستطع السفر ِإىل دُ يب حلضور زنوبيا )2007( لكنه حرض التامرين ا ُألوىل ذات ليلة عىل مرسح مهرجانات جبيلَ .وأنجز عودة الفينيق )2008( ومل يشاهدها عىل املرسح بل عىل شاشة صغرية َأمامه من غرفته يف كواليس مرسح جبيل. ليلة السبت 20كانون ا َألول 2008دعاين ِإىل عشاءٍ كنت فيه وحدي معه. كان َ ليلتها عىل قلقَ ،وم ـ َّر يف حديثه مرار ًا ِذ ْكر الرحيل .هل كان حيدس َأ ّن ذاك سيكون العشاء ا َألخري بيننا؟ عافي ُته فدخل املستشفى عىل عجَ لَ . قلمه ترك عىل طاولته َ بعد َأيام تضاء َلت َ َوأوراق ًا عليها تدوينات ّ بخط مرجتف ال يشبه خطه اجلميل يف زمان العافية .يف الطريق ِإىل املستشفى مهس البنه غدي :ميكن هاملره ما ِإرجع ع البيت .ما بدي تابوت عادي .بتعملويل تابوت من َ خشب ديكور املرسحيات. مساء اجلمعة 9كانون الثاين ُ 2009زر ُته يف املستشفىُ . عافيته تضاءلت َأكثر. غادر ُته واعد ًا َأن َأزوره يف مطلع ا ُألسبوع. 172
وط ّليت َع بعلبك بعد عشرين ِسنِ ه...
في رحاب َ األخوين رحباني
نصوص رحبانية: مسرحيات ومشاهد مغ َّناة
غابة الضوء
مسرحيـة ِشعرية غري منشورة يف ثالثة فصول كتبهـا األخـوان رحباين ّ وقدماها يف الـجونيور كو ِل ْد ْج سنة ١٩٤٥بدعوة من المديرة ماري صربي.
وبني َمن قام بأدوارها: ( َر َّيان) هشام نشابة عايص الرحباين (أنكيدو) ملياء كيالين (ميناسيا) ناهدة فضيل الدجاين (ضياء) إخراج :عايص الرحباين
L L
L L
L L
L L
L L
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
ت َب َش ْر ت من فتى ِصر ِ ت َّقبل ِ األوىل :إن أن ِ األرض ً ِ مع فتا ِت ِه ...ها قد َظ َه ْر ب احلطاب ْ ُ الثاني ة :ها َق َّر َ الجميع َ :لن ْخ َت ِب ْـئ ورا الشجَ ـ ْر َلن ْخ َت ِب ْئ ورا الشجَ ْر (يدخل حطاب مع فتاة)
أخت عمري الحطاب :إىل احلقل يا َ :أميضـي اجلمي ُـع ونبقى؟ َأسما
ْ احلاطبون هلمي مىض حرام إذا ال ْ نكون ٌ
(يمر حطابون يف نهاية المسرح)
ب :وسوف نزيـح الـدوالْ الحطا :أنقطعهـا؟؟؟ ما يقـالْ أسما
يبست يف ا ُحل ْ زون فقد َ ْ الشاربون إذا عرف
(يخرجان) (يدخل َر َّيان وشرياز)
ـرح ّفت ْـان شريا ز :مط ٌ ما اسمهَ ،ر َّيان؟ غاب ُة الضوءِ : َر َّيا ن شريا ز :ساحر ٌةَ ،ر َّي ُان ،هذي الغاب ُة النشوى اخلضي َله أنسامها هانئ ٌة ...أفياؤُ ها حريى ظلي َله ُ البيضاء كم تبدو مجي َله وهذه الزنبق ُة ُ هلا شذ ًا يقودين دوم ًا إىل هذي اخلمي َله
ساحـ ُر الضـوءِ
(يخرجان) ً (تدخل نهاد منادية)
نهاد
سعا د
:سعادُ يا سعادْ ت يا هناد؟ ( :تدخل) َأ َأن ِ
قد ذهب الكلُّ إىل التاللْ 181
في رحاب َ األخوين رحباني
الفصل األول
(مشهد غابة ،بعض أشجار يمكن االختباء خلفها. عىل جانب المسرح زنبقة كبرية .آلهات يرقصن)
ت :إهنيض إهنيض يا ذرى اآللها يا مدائن الورى يا سفوح الزهر األبيض يا حقول البيلسان الريض آهلات السحَ ْر إننا ُ نوقظ اهلاجعنيْ يا خيوط السحَ ِر ْاملب ِك ِر املثم ِر يا روايب الشجر ِ ِ
وانفيض عن ِك ثوب الكرى يا مدارج القرى ِإهنيض ِإهنيض والص َور موحيات الرؤى ُّ ُ يف هدوء احلننيْ ِّنوري ِّ زهري
ُ (يسمع غناء من الخارج)
حلن ِإلهة :إهنا أصداء ِ حطاب ِإلهة ثاني ة :مقبلٌ ْ قرب حسناء يغني ثالثة َ : األو ىل :قاصدان الغاب الجمي ع َ : لنخت ِب ْئ ورا الشجر الثاني ة :أيقظهـم نشيدنـا طاب الثالثة :أودُّ لو ُأ َق ِّبلُ ا َحل َ أخت َ احلذ ْر الجمي ع :يا ُ 180
ُ للبرش ولننظـ َر َّن ْ وها ُه ْم ُز َم ٌر ُز َم ْر
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
الهمس :ميناسيـا ِإهلـ ُة الضي ْـاء اآللهات :ميناسيا ِإهلـ ُة الضي ْـاء والصفاء فانسكب اجلاملُ ْ ت األل ْ ـوان فان َ ـداحـ ِ هـا أقبلـت ميناسيـا
الغناء ميناسيا موحي ُة ْ ت عينيهـا قـد فتحَ ْ ـت ُهدْ َبيهـا وح َّر َك ْ ْ الوديان ُت َو ِّش ُـح تل ِّـون الروابيـا
(تتغري األلوان وتدخل ميناسيا)
ميناسي ا :هل ُ الناس؟ أيقظت َّن ْ اآللهات : األقواس :رسنا حتت ِإلهة ْ
َّ ذه ْبنا نجواهم ُطفنا يف دنياهم
(تدخل ِإلهة)
ِاإللهة :ميناسياِ ،اإلل ُه أنكيدو َح َض ْر البرش؟ ميناسي ا :هل عاد من رحلته بني ْ ِاإلله ة :أجلْ هو يرتاح يف ظل الشج ْر نسمع أخبا َر السف ْر ت كي َ ميناسيا :ف ْليأ ِ ِاإلله ة ( :تنادي) أنكيدو تعالْ
من حتت الظاللْ
(تتغري األنوار ويدخل أنكيدو)
اآلهلات سالم أنكيدو عىل ْ أنكيدو ُ : ت :منا َ الرتحيب أنكيدو لك اآللها ُ تعبدها الغيدُ لطلع ٍة ُ الرابيات الضوء عىل واكبها ْ ُ ميناسيا :كيف وجدت األرض أنكيدو؟ وكيف أهلوها املعاميدُ ؟ 183
في رحاب َ األخوين رحباني
: نهاد احلبيب سعا د :هذا املكان ْ أخال َّأن ْ عيون :لقد رووا يا سعادْ نهاد آهلات تسكنها ْ اآلهلات سعاد :ليتني أبرص ْ :إن ما تطلبني حمالْ نهاد وصدى شوقنا للجاملْ السالل ْ هيا امحيل معي
ولنحمل الساللْ هيا بنا ِ فيه ٌ عجيب رفيف ْ ْ السكون تنظ ُر خلف بأن هذي الوهادْ ساحرات مثل الضحى ْ اهلائامت هن أظال ُلنا ْ ّ ولننطلقْ إىل التاللْ
(تخرجان) (يدخل فالحون وفالحات)
الجمي ع :هيا إىل احلقولْ إن الفجر يقولْ ّهي ْأنا املعاوال أعددنا املناجال
هيا إىل احلقولْ هيا إىل احلقولْ غني يا ُتلولْ موجي يا سهولْ
(يخرجون) (تظهر اآللهات من مخابئهن)
ت َ جباه ُهم ِإله ة :هل رأي ِ : ثانية ت هتا َف ُهم ِإلهة :هل سمع ِ : ثانية ْ ساحرون الجمي ع :إهنم (ي َ ُ سمع همس بعيد) 182
شموس الربى لوح ْتها َ ُ الطيبا ينشدون اجلنى ِّ ْ يعملون عندما
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
ٌ ـهر احلب أنكيد و ُّ : مشتاق إىل الط ِ الطهر ...إىل الطـه ِـر اآللها ت :إىل ِ ُت َو ِّشـي مبسم احلسن ْـاء البيضاء إىل العاطفة ْ الفجر بأحىل من ندى ِ الرفيعه الطبيعه :ميناسيا ِإهل ُة ِإلهة حامل ُة الرغائب َ َ ربيعه ميناسيا َّهيا أخلقيه طهر ًا هوى َ ينث ُر يف كل ً ت ( :يلتفتن إىل الزنبقة) اآللها إجعيل َ غاد ًة ساح َره الزنبقه حلوة َ َغ َّض ًة طاه َره شيقه ميناسي ا ( :تلتفت إىل الزنبقة) أي غ ٍد أن تولدي أسطور َة الطهر الن ِد ْي ُّ أن تذهبي للناس يف صفائ ِك املخ َّل ِد َ قص ِد أن جتعيل األشواق تسمو عن وضيع ا َمل َ احلب ً نبيال يف مجيل املوع ِد وحتفظي َّ ت ُ : نش ْد َن ويرقصن حول الزنبقة) اآللها (ي ِ إهنيض اهنيض َ واطلعي غادة مرش َقه زنبقه والزواهـي املنى حتملني السنا ِإهنضـي زهو َة الزنبق األبيض ِإهنضـي الرض ْي ب ِ باهلوى املستحَ ِّ ُ ُ أوراق الزنبقة ،وتظهر فتاة) (هنا تتساقط (تقرتب َ وتض ُع َ ُ يدها عىل الفتاة)
ميناسي ا : الضياء وليمإل ِإهنيض... ْ ِ جاء َ قلب ِك بال َّر ْ
عينيـ ِك بالبه ْـاء الصفاء ِإهنيض رسول َة ْ 185
في رحاب َ األخوين رحباني
احلسن األرض يا فائقة أنكيدو : ُ ِ هنارها األلوان والنعمى ميناسي ا َ : أحببتها؟ أنكيد و :أحببت أيام ًا وكدت أنسى َم ْن أنا فيها ميناسيا : أنكيد و ُ : عشقتها لو مل يكن فيها الناس؟ ميناسي ا :وكيف حال ِ ٌ قطعان أنكيد و : العدل؟ ميناسي ا :وكيف حال ِ أوهام أنكيدو : ٌ اخلري؟ ميناسي ا :وكيف حال ِ ٌ منبوذ أنكيد و : احلب؟ ميناسي ا :وكيف حال ِّ جياش أنكيد و : ٌ ُ تنق ُص ُه عاطف ٌة مثىل السحر ْي!!! احلب ذاك َالن َسم ميناسي ا ُّ : ِ عطر أنكيدو ُ : يفيع يف الدنيا بال ِ ميناسي ا :شجيت أنكيدو وما تدري احلب ما ينقصه سح ٌر أنكيد و : احلسن؟ ميناسي ا : ُ احلس َن موفو ٌر أنكيد و :إن ْ ميناسي ا :إذن فام للحب أن يشكو؟ 184
مجيل ٌة كأهنا العيدُ ُ األحلان والعودُ وليلها تقاس َم ْتها الدو ُر والغيدُ َ عشقت األرض أنكيدو؟ ترى َ للرش ٌ أعوان ومتجيدُ ِّ إمياهنم باحلق مفقودُ يسخر منها البح ُر والبيدُ واملال بني الناس معبودُ األشواق عربيـدُ مر َّن ُح ِ ينقصـه صف ٌـو وختليـدُ كزهـرة تذبل يف َق ْف ِر السحر بل غاي ٌة أسمى من ِ والس ْم ِر عىل وجوه البيض ُّ
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
ت الطريقْ ميناسي ا :إذا ضلل ِ سميها؟ أنكيدو :وما ُأ ِّ ضياء ميناسيا ِّ : سمها ْ ر َّفت أمانيها ضياء اآللها ت ِ :إ ُ سمها ْ إسمها ساح ٌر ُ ِإذهبي ِإذهبي واخطري يا ند َّي َة ا ُملنى ب للفؤاد الظامئ َ املتع ِ ِ ب الطي ِ باألريج الطاهر ِّ ِ
يا حلويت املرش َقه بالصفاء فهي ْ ضياء ِإسمها ْ النداء ُ هانئ ْ ضياء يا ْ الرجاء يف دروب ْ يا خضيل َة السنا ِإذهبي ِإذهبي
-ستارة -
187
في رحاب َ األخوين رحباني
(تنهض الفتاة)
الفتا ة :من أنا؟ ت صدى الطهر ُهنا ميناسي ا :أن ِ الفتا ة :وما أنا؟ حللو من أحالمنا ميناسي ا َ :أ ُ مورق روض غريب الفتاة :سح ٌر الرونق ...وظلُّ ُ ِ ِ ٍ فجر ِنق ْي وكلُّ ما حويل بلون الصحو يف ٍ شوق مغ َل ِق غريب ٌة حريى عىل أبواب ٍ املفرق؟ فأين أميض؟ كيف أميض عند هذا ِ مرشق ب ميناسيا :متضنيَ ،يا حلو ُة، لألرض بقل ٍ ِ ِ املحر ِق متشني بني الناس يف عصف الرغاب ِ طاهرَ ... مطلق مجال خيالَ ح ٍ طيف ٍ ِ ب ٍ ب فاحذري أن تغرقي واألرض بح ٌر من رغا ٍ الشي ِق اآللهات ِ :إنطلقي ِإنطلقي ...إىل اجلميل ِّ الزنبق ب بلون ووشحي َ األحالم وا ُحل َّ ِ وأنت يا أنكيدو ميناسيا َ : ْ العسري يف العامل املسري ْ رافقها يف ْ حيث اهلوى رشودُ بأهنـا للطه ِـر أنكيدو :وإن تناست يوم ًا واجتذبتهـا النعمـى بالرش وغرقت ِّ ميناسي ا :تعيدُ ها للحقولْ َ زنبق ًة َ العاصفه تلفحها راجفه ويعرتهيا الذبولْ الفتا ة :يعيدين َ إىل السكون العميقْ زنبقه 186
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
باهلل والنـدى حبنا هنديه َّ
منشدا قد م ّر ِ فإن أتى غدا ع ( :يصعقون) الجمي الغناء؟ ضياء َر َّيان مل تشرتك يف ْ :شرياز أين ْ شريا ز :رأيتها سا َمهه :م ّرت بنا وا َمجه نها د يتبع كالظل ُخطاها سعا د :وكان أنكيدو وراها األمرية :أنكيدو؟! يف وجهه ٌ ٌ : غريب شوق عجيب خملوق َر َّيان ُ ُ شريا ز :لفتاته حتمل عُ نفا :لكنه يفيض ُلطفا ندي م وأين مييض؟ لست أدري :من أين أنكيدو ،لعمري؟ َر َّيان ضياء؟ جاء مالزم ًا ْ َمن ُمخربي ِمن أين ْ نسيبها؟ ُ نسيبها شرياز :ليس َ حبيبها؟ ندي م ُ : حبيبها األمري ة :ليس َ شرياز :تقول ِإن َّأمها ْ أوصته أن ُيعنى هبا َ ب ُ ب حديثـ ُه مستعذ ُ طي ُ األمرية :أنكيدو ٌ قلب ِّ يف وجهه صفو الينـابيع التي ال َ ب تنض ُ ب َر َّيان :لكنام أمرييت أعام ُلـ ُه ُتستغـ َر ُ يطرب نطرب ل َّلحن...ول َّلحـن هو ال ُ ب يرش ُ ونرشب اخلمر ويبقى صاحي ًا ال َ ُ يضطرب حدثته عن اهلوى ِفخ ْل ُته ُ 189
في رحاب َ األخوين رحباني
الفصل الثاني
(مشهد ردهة ...قوم يسمرون)
الجمي ع :يا ليلُ ِس ْر بنا للهوى عم ُرنا يا ليل رس بنا طمحت من لييلَ باألمج ِـل األمرية : ُ بالصحب باجلريان نلهو مع ًا ـب أنغامـه َمن منشدٌ للحُ ِّ :أنوا ُر ...أنوا ُر ندي م صو ُت ِك أوتا ُر :وما ِّ أغنيكم؟ أنوار احلب أنوا ُر الجمي ع ُّ : يف َح ِّينا :إن م ّر اهلوى أنوار يرنو لنـا ملاج ّالنوى فام ُترى هندي ِه؟ الجمي ع :ورودَ نا :وما ترى نعطي ِه؟ أنوار الجمي ع :قلو َبنا وحيا أنوار :أمس م َّر َّ فتيا كان حلو ًا ّ 188
يف زورق املنى شدونا للمنى ُ بالضوء يزهو يف سام منزيل عىل نثري الو ْرد واملخم ِـل ُت ْفدَ ين يـا أنـوا ُر أن تفعلـي تاهت ب ِك الدا ُر َلحْ ُن ِك أزها ُر
املحيـا ُ فاتن ّ ورنـا َّإليـا
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
ت األمري ة َّ :إن ما َر َو ْي َ غري ما أرى يراك ظني َ احلب إن دعا أتستجيب َّ ُ أنكيدو ،هل يب رعش ٌة ترى؟ أنكيدو :
أسطور ٌة ترمي هبا الفضولْ رائع الفصولْ َأل َ نت نج ٌـم ُ قلب ...فال يدركه الذبولْ ؟ بل خو ُف ِك املجهولُ قبل الوصولْ
(يخرج)
األمرية
:هلل ما أغر َب ُه
أعجب ُه! قلبا وما َ ً
(تخرج من جهة ثانية) (تدخل ضياء)
ضيا ء
َ خال َّ :إن املكان ِ
فلينطلقْ خيايل
(يدخل َر َّيان)
ضياء َر َّيان ُ : ضيا ء َ :من؟ :ال جتزعي َر َّيان نتَ ،ر َّي ُان ،معي؟ ضيا ء َ :أ َأ َ ملوضع موضع فتشت عن ِك حائر ًا مـن : َر َّيان ُ ِ ٍ وصوتك الرفراف أحىل مهسة يف مسمعي سامء حبي يا مدى تط ُّلعي ضيا ء َ :ر َّي ُان يا َ حتبني؟ :حب ًا إذا أومـأَّ ... حنت َأضلعي َر َّيان طي ِع زنابق ثلجية غ ْرقـى بلون ّ بخور اهليكل املشـ َّر ِع ُ وفوح أعرا ِ ف ِ 191
في رحاب َ األخوين رحباني
وضاع يف أعامقه ٌ كوكب لون وغاص ُ هيرب صفاء ُ والح يل يف غور عينيه ٌ ب شريا ز َ :ر َّيان َص ْه ...إخاله ُ يسمعنا ويق ُر ُ (يربز أنكيدو)
أنكيد و األمري ة أنكيدو األمري ة أنكيد و األمرية َر َّيان أنكيد و شرياز أنوار نهاد نديم
:من دعاين؟ :جئت أنكيدو؟ :قد كان السمي َ اآلن ترديدُ :ههنا؟ :ال تنكري هذا :ومتى أنكرت أنكيدو؟ كنت َ اآلن؟ :أين َ ضياء :مع ْ :ساحر أن يطلقَ الغناء َ احلديقه :هيا بنا صوب :ونسمع اللحن الرفيقا :ونكرع اخلمر َ العتيقه
السامء نراقب األنجم يف ُ ْ والفضاء الليل يف عراءِ ْ ِ نشدو أغانينا الطليقـه مع النسيمـات َ الرقيقه عىل أناغيم املوسيقى
(يخرجون وتبقى األمرية مع أنكيدو)
أنت؟ أال تقولْ األمرية :أنكيدو َمن َ تدعوك رغب ٌة أنكيد و :أنا؟ وهل ِ أنا من الناس ...ويل َ هناك األضواء سطحُ ها ُيحجّ م َ األمري ة :أنكيدو... أنكيد و :ماذا؟ 190
إىل متى ...وحرييت تطولْ ؟ أن تطلبي لعاملي الدخـولْ ؟ طاحون ٌة تبسم للحقولْ وخلفها تنطلق السهولْ
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
العذر ْي َر َّيان ُ : ضياء نادانا اهلوى ِ ضياء ،أن نبني أحبب ِ ت ،يا ُ ت أن نرسم دنيانـا و ُت ْق ِ حبنا فوق الظن أحلان ُّ يدر؟ فليدر أنكيدو ...وإن ِ ِ الدهر! ضياء :فقد َتني عىل مدى ِ رس ِك؟ َر َّيان ضياء ،ما ّ ضياء ،من يكون أنكيدو؟ ُ ُ : رسي ضياء : دَ عْ ّ كأنني أدري... ت يا ريب؟ َر َّيان :أين أنا؟ من أن ِ ضياء :تدري؟! ضياء ،غابة الضوءِ اخلضي َله؟ َر َّيان :هل تعرفني ،يا ُ هناك يف األفياء يف طيب الشجريات الظلي َله زنبقة ند َّي ٌة كانت عىل الدرب مجي َله شذاك مالئ تلك اخلمي َله هلا شذا مثل ِ النسيامت علي َله ضيا ء :بالروح ذياك احلمى حيث ُ ُ أشواق آالمي الطوي َله شجَ َيتني واستيقظت الصفاء حامل ًة رغد ضياء َر َّيان ْ :جئت إلينا يا ْ املساء غامض ٌة مثل مجيلة كالفجر ...بل ْ سامء ولست أدري من تكونني ...ومن ِّ أي ْ ضياء تعبت لن أسأل شيئ ًا فوداع ًا يا ْ
اهلجر؟ ف ِل ْم متيلني ِإىل ِ الفجر عرش ًا لنا عىل رؤى ِ بالزهر بالطيب ،باأللوان، ِ وباجله ِر بالرس ْ ِ أهواك ِّ
(يخرج)
ضيا ء َ :ر َّي ُان ،يا َر َّي ُان وصو ُت ُه ّ الفت ُان
خطاه ت ُ قد َب ُعدَ ْ أراه َر َّي ُان ،ال ُ 193
في رحاب َ األخوين رحباني
قبلك ما كان اهلوى عندي سوى ُّمتت ِـع قبلك مل أسمع صدى العطاء يف ُّ التمن ِـع طه َر ْتني أدمعي ضياء حتى َّ لكنني بكيت يا ُ موجع أنت ،لو تدرك ما يب من حنني ضياء :يا َ ِ املوقع من هلفة إىل اللقا يف غري هذا ِ ممرع من رغبة إىل التغني يف ٍ مكان ِ شوقي إىل الرحيل ُ امللو ِع شوق الطائر َّ ضياء ،ماذا تلفظني؟ َأ ِبالرحيل حتلمنيْ ؟ َر َّيان ُ : احلاسدين ت يا ر ّي ُان أخشى نظرات ْ ضيا ء :قد ِب ُّ أال تراهم حولنا يف كل صوب جائعنيْ ؟ خاف أن ُي َ َأ ُ احلب عرف َّعنا ُّ كيف جتزعنيْ : َر َّيان وحبنا حكاي ٌة ندية عىل السننيْ ُّ املنشدين؟ وحبنا أنشود ٌة عىل شفاه ْ ُّ حذار يا َر َّي ُان أن يدروا بنا... ضيا ء ِ : هل ختجلنيْ ؟ : َر َّيان شجون وحننيْ ضياء :أواه لو تدرك ما يب من ٍ ورغب ٌة ال تستق ّر ضياء ،يف قلبك ِس ّر َر َّيا ن ُ : طيب ُ وط ْه ْر َف ِل ْم خت َّبنيَ هوانا وبوحه ٌ نراه؟ ضياء :إن جاء أنكيدو فهل ُ ضياء؟ َر َّيان :هتوينه ُ أخشاه بل ضياء : ُ حب ِك؟ َر َّيان :ختشني أن يدري بنا فينسى َّ أهواه ضيا ء :ال ...بل أنت من ُ 192
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
ضياء :لو كان هذا احلب إمث ًا ملا لو كان إمث ًا ما دعاين إىل ً ً كأسا) (يدخل نديم حامال
املزه ِر ظ َّل َلني بفيئه ِ ب َخ ِّي ِر نبيل واه ٍ كلِّ ٍ تنسجان املنى واسكري واطريب
:أنتام ههنا ندي م إذهبي وارشيب ضياء :يا صاح ال أرشب مخرا وأنت؟ ندي م َ : أنكيد و :لن أختال ُس ْكرا رسا :أراك ال ترشب جهرا ندي م وتنسف الكاسات ّ ضعفاء أنكيد و :الناس حقا ْ مجيعهم؟ ضيا ء ُ : السواء أنكيد و :عىل ْ ندي م اهلناء :ال حتتق ْر مشاع َر الذين يبغون ْ وارتواء شهوات هناء الناس ّإال ٌ ْ أنكيدو :وما ُ َ ووفاء ضياء :لكن يف قلوهبم خري ْ طيوف ٍ السامء ت وحبهم ،إن يصدقوا ،ظلُّ التفاتا ِ ُّ ْ واكتفاء ب الناس جوعٌ تَ ...فحُ ُّ أنكيدو :خمدوع ٌة أن ِ ْ َ وانطواء ْ وض ُعفهم يقودهم لكل عتم ٍ ً : أبرياء تشمت هبم مهال وال نديم ْ فالناس ٌ قوم ْ ُ الصفاء رضهم أن خيمروا واخلم ُر مفتاح ما ّ ْ وماء نفيس من طني ْ أنا إذا َأصحو أرى َ وغناء ب وحينام أسك ُر ،أغدو من رشا ٍ ْ هباء أنكيد و :رغاهبم وضيع ٌة وكل دنياهم ْ وازدراء احتقار من يا هول ما أخفي هلم َ ْ ٍ 195
في رحاب َ األخوين رحباني
(يدخل أنكيدو)
ضياء! أنكيد و ُ : ضياء :أنكيدو! النداء؟ أنكيد و :ملن هذا ْ ضيا ء َ :ر َّي ُان م ّر صدف ًة لقاء أنكيدو :ال ...بل ْ ضيا ء :صداق ٌة بريئ ٌة براء أنكيد و :منها الصداقات ْ البكاء ويف ندا صوتك ما يشبه أطراف ْ ألصدقاء وغ َّن ٌة وجيع ٌة ما ُصعدت ِ ْ ضياء ،ال خيفى اهلوى َ جاء فخ ِّبريني كيف ْ ُ ضيا ء :أحببت ،يا أنكيدوَ ،ر َّيانا أنكيد و :حبب ِت ِه؟ ُ والشوق نادانا ضيا ء : ت يف األرض إنسانا أنكيد و :ما كان ظني زهرة الوادي عش َق ْ أن ِ ت وأغصانا احلب أنكيـدو ُ يلوح جنا ٍ ضياء :لكن هذا َّ ضياء ،اذكري ضياء ،من كن ِ ت؟ ُ أنكيدو ُ : األخرض ضيا ء :زنبق ًة يف املنحنى ِ ت؟ وما حتملني؟ أنكيدو :واآلن من أن ِ الطاهر ضيا ء :رسال َة احلب الويفْ ِ َ نداء اهلوى؟ أنكيدو : فكيف َّلبي ِ ت َ يت ً ظال الح يف خاطري ضياء َّ :لب ُ ودعو ًة ضوئي ًة َ الربي احللو أومأ ْ ِّ الندي ِ ت بصفوها ِ هوى َن ِّي ِر الغوى ما كان في ِك من ً ت واجتاحت ُ غيوم ِ خط ْئ ِ أنكيدو ِ : تشعري ت يا زهرة كان هلا لوهنا بالوحل ومل ُ غر ْق ِ ِ 194
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
ضياء، شرياز :وإن أراد أن يوافيكْ ، اللقاء ضيا ء :قويل له يف غابة الضوء ْ هلل كم أنت َ شرياز :ختفني آالم ًا َ حزينه دفينه ْ رس َي العميقْ ضيا ء :شرياز إين أضيقْ بثقل ِّ عىل عراء الطريقْ للرصاخ يب رغبة ِ مع النسيم الطليقْ أودُّ لوال َأضي ُـع وأنطوي ال أفيق! متى حيلُّ اخلريف -ستارة -
197
في رحاب َ األخوين رحباني
:يا صاح قد ْ باء نديم أمعن َ ت ِك ْبر ًا وشموخ ًا و ِإ ْ ً الشقاء مهال فقد تسقط يوم ًا بني أحضان ْ (يخرج نديم)
ُ سكران يف األوحال يلهو أنكيد و : وليس َر َّيان الذي ضيا ء َ :ر َّي ُان ٌ حبيب فتان ْ ٌ عجيب صدق يف وجهه ْ أنكيدو :ال تذكري َر َّي َان بعد ْ اآلن احلب إذ يومي ضياء :أنكيدو إن َّ ت يف ضعف ِك أنكيدو :أرسف ِ ْ تشمخ ضياء :ال أنكيدو :أحب ،هل يدعو اهلوى قلبي ضياء ،يا خمدوع ًة ،عودي ُ
الكاسات عن ُه حتدِّ ث ُ َ هتوينه أفضلَ من ُه وقد حنا قلبي إلي ِه تقس علي ِه أنكيدو ،ال ُ ْ النشوان وابتعدي عن حبه ْ واإلميان خيلق فينا العزم ْ األزمان أحببت يف فرمبا َ ْ النسيان! وبعدُ تطويني يد هواك واسحقي ما ْ كان وانيس ِ
(يخرج وتدخل شرياز)
ضياء ،ما هذي الدموعْ ؟ شرياز ُ : ضياء ،يا صديقتي، ُ راجعه ضيا ء :شرياز ،إين َ َ مرابع هناك يف ٍ شريا ز :لن ترحيل عن أرضنا ت خيالٌ طاه ٌر أن ِ ب ضياء :أختاه ال بدَّ من الذها ِ شريا ز : ب ضيا ء :قويل له عادت إىل اهلضا ِ 196
ب الولوعْ ؟ أهي ندى القل ِ طي الضلوعْ ُبوحي مبا َّ إىل ربوعي الوادعَ ه الالمعه بني السواقي َ وترتكينا وحدنا م َّر حبيب ًا بيننا وإن أتى َر َّي ُان ،ما أقولْ ؟ لغابة الضوء ورا احلقولْ
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
ضيا ء :والذي ينطويَ ،أ ُي َ ذك ُر يومـ ًا أنكيد و :ال ...ف َر َّيان من عنيت ،سينسى ضيا ء :كيف ينسى؟ حق ًا تراه سينسى؟ الروض ضياء ،يا أندى مـن أنكيدو ُ : ِ ٌ أشواق يف فـيء أهدابـ ِك وشع ُرك التائـ ُه أرسابـ ًا ت ...وبـي شوق شهيـة أن ِ ضياء :ماذا يقول اإلل ُه؟ شفتاه ت به ُ أنكيدو :ز ّل ْ أنت إل ٌه ضيا ء :أنكيدوَ ، أنكيد و : ضيا ء :أنكيدو أنكيد و :حا َر اشتياق ًا ضيا ء :أنكيدو أنكيدو : عبء هذي ا ُأللوه ُة ٌ إين أريد انعتاق ًا ضياء : احلب؟ أال تعرفنيْ ؟ ضياء ،ما ُّ أنكيدو ُ : ضياء : أنكيدو :هذا َهوى األطفال يا غادتـي السك ُر ...يف عمقه ما احلب إال ُّ احلب ،يا غادة ،أن نرمتي ُّ ضياء ،هيـا ،لي ُلنـا ظامـ ٌئ ُ
ب؟ شجو ٍة أو عتا ِ يف غناءٍ أو َ ب بني هزج الكؤوس واألحبا ِ إيه أنكيدوِ ،ل ْم تزيد عذايب؟ األرض يا فتن ًة متيش عىل ِ الومض ولفت ٌة جمهولة ِ ض حينو عىل مجالك َالب ِّ الغض املمتع الشهي إىل ِّ ِّ ِ عراه؟ وأي يشء ُ ُّ هبواه وباحتا ُ قد مات يفَّ ِاإلل ُه
مناه ضجَّ ت ُ كتفاه ناءت به ُ خطاه أنكيدو ض َّلت ُ هو ِّ التمني والغنا واحلننيْ هذا هوى َّ واحلائرين السذ ِج ْ تلوح الشهو ُة للشاربنيْ ّ يف لي ِل ِه املحموم ،هل تسمعنيْ ؟ فلننطلقْ يف موكب العاشقنيْ 199
في رحاب َ األخوين رحباني
الفصل الثالث
(المشهد :غابة الضوء)
أتيت ضيا ء ( :داخلة) غاب َة الضوءِ قد ْ ليس َّإالي والصدى
ارمتيت وعىل َأرضك ْ حكيت حيط ُم الصمت إن ْ ِ
(تلتفت)
جئت َر َّي ُان؟
يف طريق احلمى خيالٌ يرودُ ً أنكيد و : (داخال) بل أتى أنكيدو أنت؟ ضيا ء َ : ب أنكيد و :مل حتلمي إذن مبجيئي يا فتا َة الشذا َ وبنت اهلضا ِ ب ضياء ،عيني ِك صويب فأرى فيهام َ حطام الرغا ِ ِإرفعي ،يا ُ ُ احلزين ملء الروايب واخلريف ضيا ء :غاب ُة الضوء قد رجعت إليها ُ أنكيد و :أنظري :هل ترين يف الغاب زهر ًا؟ ب ضياء : َذ ُبلَ الزهر َّ وامحى يف الضبا ِ البيض؟ الزنابق أنكيد و :أين عط ُر ِ ِ هن رفاقي... ضيا ء :ها ّ ب أنكيد و : َ رجعن بعض ترا ِ ُ ب غابر، ربيع واخلريف يف كل غا ِ ليس ِ ٍ إالك زهرة من ٍ َأ َوتدرين ما الذبولُ ؟ أجيبي ب؟ ضياء : كيف مييش الغناء يف األعشا ِ أنكيد و ٌ : ظمأ يلفح الع َ ب ـروق ،ونـا ٌر ختنق اللون يف ندى األهدا ِ ب وانطواء ال ينتهي وعـراء من مجيع األعراف واألطيا ِ ٌ 198
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
للحب مل فاستسلمت َ ِّ ُ عرفت أنظ ْر إليها هل َ ضياء... َر َّيان ُ : ضيا ء :يا َر َّي ْان ذكرت ْ اآلن :إين َر َّيان ُ ْ ْ النديان الفتان وعط َر ِك أر َجي ِك ضيا ء َ :ر َّي ُانُ ،أغفر يل ْ الغفران :ال تذكري َر َّيان ْ والتحنان فإنني َأوىل بالصفح كنت هتواها أنكيد و :إن َ َر َّيا ن َّ :إن الذي هيوى ضياء ال حتيا أنكيدو ُ : :وإن هنا حبا َر َّيا ن أنكيد و ُ :أعيدها للحقولْ َ العاصفه تلفحها ويعرتهيا الذبولْ ْ السكون؟! :تعيدها إىل َر َّيان ْ الفتون أنكيد و :وميحي هذا الغض ضيا ء :وعندما الربيع ُّ ضياء يا زنبقتي َر َّيان ُ : إن تذبيل ،فهل ُترى ُ هواه سيحطم القلب ُ ُ ألجل أن َ تبقي ،وأن
ترعَ املشيئات النبي َله َ اآلن من هذي الظلي َله؟
ْ النسيان فحاو ِل ِ ْ السلوان ال يعرف ْ واألشجان للحب ْ احلريان؟ فؤادُ ها زنبقة َ واجفه
يأيت ...ال ْ أكون يا زهر َة الغاب اخلجو َله تعيش أحالمي العلي َله؟ ب ميو َله ينثر ا ُحل ُّ حتيي لياليك الطوي َله
(يخرج) 201
في رحاب َ األخوين رحباني
ساذج حب مـن فتـى ضياء :بالروح ٌّ ٍ وبئس حـب مـن إلـ ٍه هـوى َ
يسمو إىل معنى الصفاء الضننيْ ؟ وضاع يف أودية اخلاطئنيْ !
(يدخل َر َّيان)
:أنكيدو... َر َّيان أنكيد و َ :من؟ ضيا ء َ :ر َّيان؟ أنكيدو : هل جئت تستجدي ـئت ألقاها َر َّيان :بل ج ُ وجئت كي أحمو ُ أنكيدو :حتبها؟ : َر َّيان حب حبي هلا ُّ عجيب كيف هتواها أنكيدو : ٌ وال تعرف أهليها :كفاين أنني أدري َر َّيان وحسبي أنني ألقى أنكيدو :هنا عىل ا َألعشاب يف ُ تذك ُر ما كان هنا؟ : َر َّيان أنكيد و :وأين راحت؟ : َر َّيان آهلات أنكيدو :بل جعلتها ُ وأرسلت لألرض رم َز 200
العاشق الوهلان... ْ الفتان؟ مجاهلا ِّ ْ واألحلان ب بالطي ِ ْ األشجان من قلبها ْ لألغصان األطيار حب َّ ِ ْ لأللوان راش َالف ِ وال تدري خفاياها وال من كان يرعاها مبا حتمل عيناها حمياها سامئي يف َّ طيب الشجريات الظلي َله زنبق ٌة نشوى خضي َله رمبا َألب َسها ا َحل ُّر ذبو َله عذراء مجي َله الغاب َ الطهر عربون الفضي َله
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
أنكيدو :كانت معي حيث أميض ويف سام مقلتيها أحببتها ...ال أبايل رصت حق ًا ميناسيا :أنكيدو هل َ وهل ترى األرض هدَّ ت أي نعيم أنكيدو :األرض ُّ وأهلها يعرفون ميناسيا :لكنهم يدفعون ويف نعيم هواهم أنكيدو ِّ : أفضل العمر فيها عىل اخللود جفاف ًا ميناسي ا :أنكيدو يا نج ًام هوى قد سقطت عنك القوى فقدت كل قو ٍة أنكيدو : ُ وقوة األلوه ِة ميناسي ا ّ : وذاك ما حيجب عنك فاذهب رشيد ًا تائه ًا واشقَ كام يشقون وابحث بأحياء القرى أنكيدو :إين غدوت اآلن يصارع األيام وها ضياء العفة فهل ترى تزه ُر ميناسي ا :ضياء لن ْ هتواك
فتيا سحر ًا عجيب ًا ّ شهيا ملحت عمر ًا ّ الشقيا ورصت هذا ّ شجيا قلب ًا وجيع ًا ّ إميانك ُالع ُلو ّيا؟ غنيا ميوج خصب ًا ّ احليا احلب الطليق ّ َ سخيا األمثان دمع ًا ّ فشيا شي ًا ّ يفنون ّ هنيا مييض قصري ًا ّ أزليا حم ّرق ًا ّ وحارض ًا حلو ًا عَ َب ْر البرش ش مثل ْ وع ْ فاذهب ِ األرض مهد اللذ ِة َ من حرية حلري ِة من أجل اهلوى واللقم ِة عن ملج ٍإ أو خيم ِة إنسان ًا طليق الرغب ِة يسعى للهنا ،للبهج ِة احلسناء كل ُبغيتي يف فؤادها حمبتي؟ ْ الوهلان وقلبها 203
في رحاب َ األخوين رحباني
ضيا ء
:
(تقرتب من أنكيدو)
الرغاب عَ ِّرين من مجيع للرتاب ُردَّ ين ُردَّ ين ْ ْ العذاب ما اهلنا ،ما الشقا ،ما ُردَّ ين زهرة ال تعي ْ الضباب تائه ًا يف حنايا القلب برع ًام أرجع ْ َ ِ الذئاب ال خياف عواء ال مييل لصوت الطيور ْ العقاب؟ ال تقل أين ...أين أهياذا الضمري األثيم ْ الرتاب ُردَّ ين لضمري رد يل سيد القلب أو ْ عارية الوجو ِد أنكيد و :أقسمت أن تعودي يف صمتك الشدي ِد تفنني يف برود أقسمت أن تعودي أقسمت أن تعودي ُ ُ (تدخل ميناسيا وآلهات)
ميناسي ا :أنكيدو ،ما لضياء؟ أنكيدو :أعيدها َ زنبقه ألهنا َ عاشقه بالصفاء عابث ٌة ْ يضري؟ ميناسي ا :إن عشقت ما ُ واحلب ليس ضاللْ املنري اجلامل ْ فهو اكتاملُ وهو الطريق ُ هتوى فتى برش ّيا أنكيد و :رسولة الطهر هذي النقيا ضياء كانت لتحيي َّ احلب اجلميلَ ّ ميناسيا ُ : البكيا أنكيدو :تذوب شوق ًا وعطف ًا تشدو الغناء ّ سيا يا ضعفها وهي حتكي غرامها ا َأل َن ّ ذاك اإلله القو ّيا باق ميناسي ا َ : وأنت؟ هل أنت ٍ أرى ً َ خفيا وجهك ،إين يف ظل ضالال ّ 202
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
تظلل املتعبنيْ وحتضن العاشقنيْ ت :ميناسيا اآللها ميناسيا أنكيدو :وسوف تفيء الزهو ْر َوأمحي صغار الطيو ْر ْ األمان ميناسيا :تودُّ تريد هدوء ًا ِإذهب إىل املنحد ْر وحني يبدو القم ْر ت :وحني يبدو القم ْر اآللها وحني يبدو القم ْر
بدون جزاء هناء؟ بكلِّ ْ املحبه قد عاد أنكيدو إىل َّ قلبه أمن َ بكل ٍ فظ ِّليل ِ ظاليل الوار َفه َ َ العاصفه من غصبة ْ احلنان وصفو َ وتبغي مكان؟ للغابة النشوا َنه ُتحال سنديا َنه ُيحال سنديا َنه ُيحال سنديا َنه
(يخرج أنكيدو ثم يعلو القمر)
ت :أنكيدو قد مىض اآللها وصار سنديان ًة والعذاب أنكيدو ْ قد صار سنديان ًة حب ميناسي ا :وصار للناس ٌّ حب وصار للناس ٌّ ضياء ه ُلمي يا ْ فهو سيأيت ْ اآلن اهلضاب يا سائر ْ الغاب ويا عذارى ْ
وضاع وانقىض يف مطلق الفضا الرتاب جذعان يف ْ ُّ الضباب يلفها ْ الصفاء مرنم ّ ْ السامء ُت ِظ ُّل ُه ْ وانتظري َر َّي ْان واهلناء باللحن ْ الزهر ويا ربى ِ للطهر لن ه ِّل َ ِ 205
في رحاب َ األخوين رحباني
هيفو إىل َر َّي ْان ْ ذكراك َفلـت ْـم َح من أنكيدو :مرتعش األحالم واألماين هتو َر َّيان ،وال هتواين ِل َـم َ ميناسي ا َ : ذات حبك جوعُ ْ التفات وحبه ْ ْ اشتياق حبك يف ّ ْ انطالق وحبه املحبه وأمجل َّ رغبه ال يعرتهيا َ املحبه اآللهات :وأمجل َّ رغبه ال يعرتهيا َ ميناسي ا :واآلن يا أنكيدو واسع بأن تالقي َ عار من القوى أنكيدو ٍ : نعيمه انطوى ُ هواه يتبعه ُ خطاه تائه ٌة ُ يا ليته حيالْ ً الظالل ْ ظال من ميناسيا ،هل يل بأن ْ أكون ْ والغصون الظالل رحيب َة ِ 204
َ فيض قلبي أسأل والشجون ُ ما ُ وحبي؟ حبه ّ الفرق بني ّ ٌ عطاء أخذ بال ْ والسخاء بالوهب ْ ميعن يف الضاللْ للخري واجلاملْ حمب ٌة كام َله واهب ٌة شام َله حمب ٌة كام َله واهب ٌة شام َله ِإذهب إىل دُ ْ نياك يف األرض َمن ْ هيواك الرجاء عار من ْ ٍ الشتاء َو َل َّف ُه ْ وجيهل املف ّر وليس من مق ّر الطيور طري ًا من ِ شعور ذات ًا بال ِ يف السفح سنديا َنه هادئ ًة َو ْسنا َنه
حكاية اإلسوا َره
:
َّ (عبتغني)
عليا ُ بعدَ ك ُ ْ حكايتنا؟ بتذكر الدوار؟ بتذكر يا وطى ّ باإليام كانوا زغار َو ْلدَ ين ي ْلفوا عَ جريتنا ْ عَ هالطريقْ ...و َف ّي كوت وس ْ يبقوا جيوا قبل الضهر ْ يلعبوا باملـ َّي بيوت يعمرو حدّ القنا ِيه ْ ّ من شوك احلقا ِله وخلف السياج اليل إلو داير يض ّلوا ُّ وحا ِل ُتن حا ِله يغنوا ...وشعرهن طاير وحجار بإيدَ ي ْه وشو يقعدوا ساكتني عَ ُب ْك َرا وهيي عيو َنا ع َليه نازل ْي َز ِّي ْح عَ كعب سج َره ونسيوا جريتنا َهالزغار ف ّلوا ،وصاروا كبار وحدَ ك حكايتنا الدوار وحدك بتذكر يا وطى ّ َ إسمك؟ الختياره :صو ِتك حلو يا بنتي .شو ِ :إسمي عليا. عليا َ الختياره ْ :س ِم ْع ِتك أنا وجايي من كرم العاليل ،صو ِتك َّ خفف عني تعب الطريق. :الك ْرم بعيدَ ، ت إمحال ِّعنك. عليا الس ِله تقي ِله ،اعطيني َ وه َّ
في رحاب َ األخوين رحباني
القلوب ت :هتليل أيتها اآللها ْ املخمل ويا دروب ِ هت َّليل هت َّليل الطيوب متاييل أيتها ْ جبل يف سفح كل ٍ حب ها صار يف األرض ٌّ حب ها صار يف األرض ٌّ النضريه ت الزنبقة َ أينع ِ كثريه وأزه َر ْ ت زنابقٌ َ َّمتوجي َّمتوجي املبتهج وغاب ِك ِ حب ها صار يف األرض ٌّ حب ها صار يف األرض ٌّ
متاييل متاييل الصفاء مر ّنم ْ السامء ُت ِظ ُّل ُه ْ اجلباه وانسكب الطه ُر عىل ْ َ شفاه حلن عىل ْ أعواهنا ٌ الزنبق يا زهرات ِ املنطلق يف سحرك ِ الصفاء مر ّنم ْ السامء ُت ِظ ُّل ُه ْ
-ستارة النهاية -
206
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
عبد و َ :هيدي الس ِله س ّلة عليا الصباي ا :عشقا ِنه َهالعني ْو َف َّيا عبد و :ومنسأهلا وين كان بعدا الصبايا :دامي ًا هيك بتبقى وحدا ِّ صبيه : ١أنا بقول عمتتغ ّرب ِّ صبيه : ٢ النبعه عبدو :أنا بقول هون َ بتتخبر؟ الصبايا :قو َلك فيه َّقصه َّ عبد و : ت حيرض الصباي ا :ال تلوموا الغايب َ عبدو : :شو عمبتقولوا؟ علي ا الصبايا : ِ :بكروم اللولو عليا الصباي ا : :إسوا َره حلوين حجارا عليا الصباي ا :كيف جبتي هاإلسوا َره؟ َ :ه ْي من كرم العاليل عليا الصبايا :ه ّلق ...كرم العاليل ( :بتغني) عليا يا َكرم العاليل ويا ِحلو يا غايل
عنقودَ ك لنا بحبك أنا شو ّ
عَ النهر َالتقينا و ْت َركنا َ عينينا
وما ِقلنا ْلحَ دا ِتحكي عَ اهلدا
لكن عليا وين؟ وما بتقعد عَ َالعني ما عمرا ُ بتق ّر الرس مدري شو َه ّ أنا بقول راحت ترشب بدا ترشب هوين أقرب هادا يش معروف ت ترجع منشوف َ وين كنتي؟ شو جبتي؟ اليل عْ ناقيدو جواهر يسوي أساور؟ صار ّ
209
في رحاب َ األخوين رحباني
َ الختيار ه :ما بدّ ي ّ عذ ِبك ،صار البيت قريب. :خ ّليني ساع ِدك. عليا َ (بتغ ِّني) ِّ بيذكرين ْب َبيت ستي بي ِتك يا ستي اخلتيا َره والد ْن ِيه عمبتشتي تبقى ترندحيل أشعارا ْعتق الباب َ وهاحليطان يوك وف ْرشات وديوان يا ستي اخلتيا َره دارك متل دارا ِ احللوه تبقى ْت َق ِّعدين وحتكييل حكايات ا ِجل ّن ِ َّ قهوه ختبييل و ْزبيب وجو ْز ّ وأعمال ركو ْة ِ و ْب َش ِّوحال ْبإيدي ستي اليوم بعي ِده يا ستي اخلتيا َره مشتا َقه َألخبارا عَ تالل الشمس وحتكي ميكن عمتسقي جنينتها وعم ِت ّ تذكرين وتبكي ْل َص ِب ِّيه غريي حكايتها ِبكيت َّ وذكرتيني وملن حاكيتيني ْب ِّ يا ستي اخلتيا َره ستي و ْبدُ َّوارا َ العزوبيهَ . عتيقه ،بس ميكن خمبايتها من إيام ِّ الختياره :يا بنتي ،هيدي إسوا َرهَّ . دهب .كان عندي إسوارتنيِ :وح ِده ْه ِد ْيتها ،و ِب ْق ِيت ِوح ِدهْ .بقدِّ ملك ياها هد ِّيه. :أل يا ّ ستي... عليا َ الختيار ه :برتدِّ ييل هد ّيتي؟ خدي ا ْل ِب ِس َيا .و ُبك َرا تعي اسهري عندي ،صو ِتك َ بيف ِّرحني. علي ا :ممنو ِنه كتري. ∂
208
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
سبع َس َ مريه سب ع َس َ مري ه سبع َس َ مري ه سب ع َس َ مري ه سبع َس َ مري ه سبع
َس َ مري ه سبع َس َ مري ه سبع َس َ مري ه سب ع َس َ مري ه
ت نام و ْل ِبست ّلو تيابو .البقينيل َهه؟ ومدري كيف بس عمي ،خ َّليتو َ :يا ّ مشيت ِف ُين ،ما عدت أعرف حدا .أنا ّ متثقف .دخ ِلك ،مش تقالن لساين شوي ْب ِّلغ ُتكن؟ :بعدَ ك عَ حالتك .شو جاب َلك خا َلك؟ :جابيل َهالناضور .ليكي ،ليكي ،كيف بع ّلقو برقبتي .ليكي .بقشع ف ِيه ْلضهر البحر .حلو َهه؟ حلو؟ :وشو كامن؟ جيوزين. :بشا َره ْل َهالعندو بنات :قال بدو ِّ :وشفت َّلك يش بنت حالل؟ الضيعه. ِ :شفت كل بنات َ :رحت زر ُتن؟ علين َهبالناضور. :أل ،نورضت ُ :يا لطيف ما أشطرك. بحبن ،ويصريوا عمي؟ أنا بدي روح لعند البناتَ ، :شو َك ِّ ت يشتلقوا إ ّني ّ يعيروين؟ ي ّلي بتعجبنيّ ، بحط َهالناضور و ِب ْسحَ با لعندي ،وبقعد أنا ّ وياها :عَ الطريق ،عَ السطح ،بغمزا ْ وبضحكال ،من دومنا تشتلق .وبال عم ْت َنقي مجي ِل ْة َّإما ،وبال مجي ِلتا ِه ْي كامنِ .ههِ ،هه ،إن ِتي...إن ِتي كن ِتي ْ عدس. َ : عليي؟ نوضرت ّ :من شو عرفتي؟ التنوضر عَ الناس ممنوعُ .بكرا بفرجيك :بدي ّ ُ : سكر الشباك. مفتوحه. َ َ :س ْكريه .شبابيك اهلل :إنت قاعد تنورض لبعيد ،ومش عارف حدّ ك شو عَ مبيصري. :شو عمبيصري؟ :كنت ْب َخ ّب َرك ،بس بخاف حتكي. 211
في رحاب َ األخوين رحباني
َس َّمعني َحكي وطلعيل ال ِبكي ِ
و َق ّلي :شو ِبكي؟ يا ِد ّلي من ِكرت اهلنا
عَ الدرب الطوي ِله و ِبـإيدو ِومييل رت ْبال َوعي ِص ْ ارجعي ويش ِيق ّلي َ
ودّ اين اهلوى ت ِنميش َسوا َ يش ِيق ّلي َتعي والدين ِعر ِفت شو ِبنا
واعدين حبيـبي بإسوا َره َغري ِبه واعدنـي ب َـق َمر ِ وباعتيل َخرب ِ
ِل ْم َبدّ و ِيجي وعَ ْقد ْب َن ْف َسجي وبشو ِّية ُص َور املوسم عَ ا َجلـنى بيق ّلي ِ ِ
َس َ مري ه عبد و َس َ مريه عبدو
:شو قو َلك يا عبدو؟ عم ُ نشغل بالنا عَ الفايض .مش رح تقول. ْ : ت أعرف. :أنا مش رح إقدر نام َ :إذا عرفتي ِتبقي َخ ْبرينا.
(موسيقى)
َس َ مري ه سب ع َس َ مريه سب ع َس َ مريه 210
:سبع َو َّال ْأل؟ ِ :شه! مني؟ سمريه... :ولو َكسبع؟ أنا َ مريه ،يا أهال ،يا أهال ،يا أهال .ال تواخذيني ما عرف ِت ْك ،خايل إجا َ :س َ من أمريكا. مغير ّ حال َسك ،وما بقى تعرف الناس. :من هيك ّ
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
َس َ مري ه :مني؟ الصباي ا :مني؟ :مش عارفني... سبع وكيف ما عرفنا فيها؟ بالرس الصباي ا :بتصري َّ القصه ّ القصه وحيكيها :ما حدا غريي رح يعرف سب ع َه َّ روحوا ف ّلوا بدنا ْننام بو مرع ي :ق ّل ْقتونا يا مجاعَ ه قلقان ّ تغطى بحرام طول بالك يا بو مرعي الصبايا ِّ : كركركركر عَ الطرقات؟ هالقصه اليل خلتكن بو مرع ي :شو َّ َّقصه ْم ِت َّال ِيه الساحات وحاجه ْت َبر ِبر حاجه حتكي، ِ الصبايا ِ : هالقصه ا ْلـ عَ مبتدور؟ الناطو ر :شو َّ عليا عملت ست بدور الصبايا : َوم َّنك عارف يا ناطور حلوه هديوها إسوا َره ِ إنتو شو بدكن بالناس؟ الناطور :بيهدوها هيدوها ،إنتو الصباي ا :هديوها بس مش عمتحكي الناطور :تعي اسمعي ك ّـإم الياس س :هديوها ومش عمتحكي؟ إم اليا الناطور :شفتي شفتي يا ام الياس؟ روحوا نسأل بو شاهني الصبايا ِ :يه ِيه ِيهَ ،ل ْه َل ْه َل ْه اللي ِله بدي أعرف مني :وأنا اللي ِله مش رح إغفا سب ع سوار ْة عليا من مني الجم ع :الزم نعرف ،الزم نعرفِ :إ ِ مضوىِ .يه :بعدا سبع شباكن َّ :الزم نعرف ...أنا اليل رح أعرفَ ...هه! َّ سهرا ِنه ،قولكن ناط َره حدا؟ َ (بتغ ِّني) : عليا يوم اليل التقينا سوا يا َمحىل ليايل اهلوى 213
في رحاب َ األخوين رحباني
:أنا؟ أنا بري الغميق ،ان َك ّنو َهاحليط بيحكي أنا بحكي. سبع َس َ ور ْج ِعت معا إسوا َره. مري ه :عليا مدري وين راحتِ ، ِ :شه!!! وما ُ سألتوها َمن ْين؟ سبع َس َ مري ه :قالت من كرم العاليل. الصياغني. سبع :إ ِيه ،إ ِيه ،كرم العاليل سوق َّ َس َ مريه :بدّ ك تعرفيل َمن ْين جا ِبتا. :تكرم عيو ِنكْ .م َن ْـين جا ِبتا؟ ْم َن ْـين جا ِبتا؟ ْم َن ْـين جا ِبتا؟ اسمعي ،اسمعي سبع ت ق ِّلكّ :غن ِّي ْة كرم العاليل شو بتقول بآخرا؟ َ َس َ مري ه :واعدين حبيـبي ِل ْم َبـدّ و ِيجي ْب ِإسوا َره َغريبـِه وعَ قد َبن ْف َسجي :إ ِيهَ ،ه ْه ،كيف ما َ اشتلقتوا ،كيف؟ َهيدي حبيبا جابال ياهاَ .ي ّال... سبع ت ِّ ْ نشط ْبال إسام من الدفرت .عليا ...عليـا... هيدي تَ ، انخط ِب ْ بحـرف السني ...بحرف السني ...عليـاُ .أوه َهه َش َّط ْبناها. َس َ مريه :مني قو َلك؟ :أنا ا ْلـ َبدّ ي أعرف .أنا ا ْلـ َبدّ ي أعرف .هيك؟ بتنخطب عليا قدامنا سب ع لواحد غريب؟ عَ مني قاعدين ْن َنورض ْب َهالشمس؟ وين كنتوا؟ ما حدا عرفو؟ وال شافو؟ شو ...البس قبع األخفى؟ ُ وينكن عنو؟ نحنا هون قبالكن سمعونا الصبايا :شو عمتحكوا؟ ّ وان شاهلل عَ قبالكن :عليا انخطبت ِب َهالليله سب ع الصبايا :عليا ْ وما بتقول ْسرارا انخط ِبت ،يا شيطا ِنه انخط ِبت ...ما ْ ْ : انخط ِبت ...ما عْ ِرفناِ ،هدْ يوها إسوا َره... سب ع َس َ مريه :إسوا َره؟ حلوه... الصباي ا :إسوا َره ِ ْ :ب ِترهج و ْب ِتلمع و ْب ُتضوي... سبع 212
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
العب : ١شاش باش وس ْه العب : ٢بنج ِ العب ِ : ١سه َودو قهوه ...إنت ْبترشب؟ جيب قهوه ،ا ْت َن ْين ِ قهوه ِ العب : ٢وهيدي دششِ ... تال ِته... الصباي ا :بدنا برغل ،بدنا زيت ،بدنا خس ،بدنا نعنع ،بدنا بصل ،بدنا هبار، وبندو َره ،وبدنا ملح وشوي ْة ورق عريش... عبد و :يا عمي َّدوختوين ،روقوا شو ِّيه يا عيوين. اخلسات؟ ِدبالنني البقدونسات ،وما بتسوى البندورات، الصبايا َ :كعبدو شو َه ّ ِشه ،شوفو شو َهالبصالت... هودي ه ّلق مقطوفني عبد و :هاي هاي يا حلوين شو ّقصتكن؟ قولويل. الصبايا :بدنا نعمل تبو ِله ت تساوي شعرا مبارح رحنا عَ بكرا وراحت َ عزم ْتنا لعندا وتالقينا بسعدى قامت ِ ِو ْب َو ْص ِل ْة بنت املختار طلعنا وقعدنا بالدار قالت ما بتجي وحدا عَ زَمناهم َل ِع ّنا قلنالن أهال وسهال. خيا ما بتجي غري مع ّ وخيا ،بتعرف َشب منيح... ِّ حاجه حتكي... صبيه :بس ويل ِ الصباي ا :قلنا شو ِم َنض ِّي ْف ُهن؟ قالو بدنا تبو ِله ،والتبو ِله بدّ ا ْاغراضْ ، واالغراض عند عبدو ،وعبدو قاعد بالدّ كان ،والدكان بعيد شوي ...ركضنا وص ْلنا تعبانني ...تعبانني و َبدْ نا ْاغراض ...بدنا برغل ،بدنا زيت ،بدنا خس ،بدنا نعنع ،بدنا بصل ،بدنا هبار ،وبندو َره ...وبدنا ملح وشوية ورق عريش... 215
في رحاب َ األخوين رحباني
واخليمه عَ العايل عَ العايل ِ
كان رح ِب َ يط ِّيرها اهلوا
عمرها خيمه اليل َّ يا ِ بالشجر عَ دايرها
بالبنفسج ز َّن ْرها ع َّلق مراجيح الغوى
يا هاك الصبح ّملا عناقيد ا ْلـ عىل َّإما
خصلة الشعر ّملا تقول تقول الكرم استوى
منديل القصب ش ْلتو ما فيه لو دوا سألتو
ْم ِن جروح اهلوى غزلتو جاوبني :ما فيه لو دوا يوم اليل التقينا سوا بيطيرها اهلوا كان رح ِّ
يا حمىل ليايل اهلوى واخليمه عَ العايل عَ العايل ِ َس َ مريه :شو يا سبع؟ سْ ...اس َهروا ،ما تناموا ،الحقوا ،رح أعرفلكن مينو .بس عَ سب ع ِ :ه ْ السكت .ياي ...مدري شو طلعيل بالناضور ...شبح َك ِبري ،وبس َّ ْ شلتو اختفىَ ...ها ِ ...هه ...مني الزمل؟ بو مرع ي :سبع ،شو عمتعمل هون؟ بالقضيه؟ :بو مرعي ،بو مرعي ،عَ احلساب مش مهتم سبع ِّ بو مرع ي :أنا ناطر ُالغرب. :وأنا ناط ُرن. سب ع ت ننام ...وبكرا منشوف. بو مرع ي :بس ما مرق حدا ،روح َ غواصه سب ع :لوين بدو يروح؟ وين بدو خيتفي؟ اشتغل الناضور .احسبو َ بضهر البحر ،بدي أعرف مني ِّهويّ .يال ،اشتغل الناضور... ∂ 214
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
:يش عميميش سب ع وبينزل بدرب وبيطلع بدرب ت وصلنا عَ الكوع مشيت خلفو طلوع َ الجمع :وبعدين شو عاد صار؟ َخ ِّبرنا يا سبع ْو َك ِّمل ...بعدين شو عاد صار؟ بعدين شو عاد صار؟ سب ع ويتسمع :و ّقف هيك وصار يتط َّلع عىل بيت عليا ّ الجمع :صار يتط ّلع ،صار يتط ّلع عىل بيت عليا ويتسمع؟ ويتسمع الصبايا :عىل بيت عليا ّ ويتسمع الشباب :عىل بيت عليا ّ الجمع :بعدين شو عاد صار؟ َخ ِّبرنا يا سبع ْو َك ِّمل ...بعدين شو عاد صار؟ بعدين شو عاد صار؟ احلي سبع :بس أنا رصخت عليه هرب خلف دراج ّ ِّ قطيعه َض ّوي صبيه :وما عرفتو؟ َ :اللي ِله رح أعرف مني ِّهوي سب ع اللي ِله رح يعرف مني ِّهوي القوه الجمع :سبع الكارس ِب َه ِّ :اللي ِله رح أعرف مني ِّهوي سب ع الجمع :اللي ِله رح يعرف مني ِّهوي :اللي ِله رح أعرف مني ِّهوي سب ع ب ِيك العب َ : ١ه ّ العبِ : ٢إ ّكبري... ∂ ِّ الصبيه :عر ْفت؟ الختيا ر :باإلسوا َره؟ ِّ الصبي ه :إ ِيه. 217
في رحاب َ األخوين رحباني
عبد و :روقوا روقوا يا عيوينَ ،ن ّقوا بس افرقوين... إيه ...شو بتؤمر يا بو مرعي؟ بو مرع ي :بدي زيت ،وفحم ،وحلم... كمل يا بو مرعي عبد و :غريوِّ ، وج َّره ،وشف َره... بو مرع ي :بدي ِقدْ ِرهَ ، عبدو :غريو فيه يش يا بو مرعي؟ بو مرع ي :بدي لوح قزاز ،وكاز. ِّ ويش َك َركر خيطان صبي ه :يا عبدو بدي َب ْك َره ضويتي الدكان عبدو :تكرم عي ِنك يا شقرا َّ ِّ ت إكتب مكتوب صبيه :وبدي ور َقه ودَ وا ِيه َ قل ِبك رح بيدوب عبد و :عارف كل الروا ِيه العب : ١شاش باش العب : ٢دو ِي ْك بترشب؟ جيب تال ِته... القهوه؟ إنت َ قهوه ...وين ِ قهوهِ ... العب ِ : ١ :مرحبا يا شباب. سب ع الجمع :أهال وسهال بسبع. :عرفتوا يش يا شباب؟ سبع خبرنا يا سبع. الجمع ِّ : :مبارح هبالليل.. سبع الجمع :إ ِيه!! :كنت واقف هيك.. سبع الجمع :إ ِيه!! :شفت يش ها َمليل ليك ليك ليك سب ع الجمع :شو ِّهوي هاليش؟ 216
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
فرفطلنا الورقات وعْ رينا سوا يا شجرة اإليام َّغيرنا اهلوى مهب اهلوا متلك أنا شج َره عىل مفرق طريق يا ناط َره وح ِدك عىل ّ السكتَ ،...هه ،فاتت عند اخلتيا َره، سبع :إنتوا ما تتحركوا ...احلقوين عَ َّ جوا. أنا رح عربش عَ الشباك وأعرفلكن شو في ْه ّ َ الختيار ه :أهال ْب َعليا جيتي؟ :وجبت ّلك تني وزبيب. علي ا َ حطين حد القنديل. الختيار ه :س ِّلم د ّيا ِتكُ ، ّ ( :بتغني) عليا يا ريت إنت وأنا بالبيت َ يش بيت أبعد بيت ممحي ورا حدود العتم والريح والتلج نازل بالدين جتريح تضيع طريقك ما تعود تفل ِّ وتضل حدي تضل ويزهر ويد َبل ألف موسم فل وتضل حدي تضل وما يضل بالقنديل نقطة زيت يا ريت... َ الختيار ه :صو ِتك يا علياْ ،ب ِيزرع الفرح هبالبيت. عايشه وح ِدك يا ستي؟ عليا ِ : َ عايشه أنا ومزهر ِّيه وتكا ِّيه واحلكا ِيه. الختيار ه :ال يا بنتيِ ، :احكييل احلكا ِيه. عليا 219
في رحاب َ األخوين رحباني
وإنتي زعال ِنه؟ الختيا ر ِ : ِّ مغي َره .مش عار ِفه شو ِبني .وبقول :ليش َل َعليا حاسه إ ّني ّ الصبي ه :أل ،بس ِّ مش ِإيل ،أو َل ِوح ِده تان ِيه؟ الختيار :ألنو اإلسوا َره اختارت إيد عليا. ِّ حلوه؟ الصبي ه :وأنا ،إيدي مش ِ حلوه ،وف ِيه ِإال إسوا َره. الختيار ِ : ِّ الصبي ه :وأ ْميتى بتجي و ِب ْل ِبسا؟ يلب ِسك الختيا ر :اليوم عَ ليا ،ميكن بكرا إن ِتي .ما زا ِلك مدَّ يتي إي ِدك ،بدو حدا ّ ياها. ِّ الصبيه :قولك ِّ عمفتش عَ إسواريت؟ ت تالقيا. الختيا ر :و ِق ْلقا ِنه َ ِّ الصبيه :مش عن ِغ ِريه ،بس عليا ليش ما بتقول َمنني؟ عايشه معو ،ألنو الرس إنسان تاين ،ميكن إذا رسا لعليا .خ ِّليا ِ الختيا ر :هيدا ّ ُ بعينيكن حكيت بيضيع ،وبتنكرس َهاملزهر ِّيه اليل هيي احلكا ِيه ،وحتى إنتو برتجع عليا شخص عادي. ِّ الصبيه :يعني إذا عرفنا ،منرجع عَ بيوتنا؟ الختيا ر :وبتبطلوا تسهروا مع احلكايات اليل دارت عَ اإلسوا َره .ميكن إسوارة عليا ما تكون يش ،بس َّنبهتكن إنو دَ ْي ُكن بعدُ ن فاضيني. ( :بتغني) عليا هونيك فيه شج َره ورا النبع الغميق حمفور يل صو َره عىل كعبا العتيق وتغي ِرت فينا الدين وبعدا الصو َره ناط َره حد الطريق وضاع اهلوى َّ بفي غصوهنا قلبي بك ي وم َّره ّ وق ِفه وتطليعات وشو ِّية حكي 218
ورجعتلنا حكاية الشال الليلكي وعصفورة ا ْلـ عَ النهر ما عندا رفيق
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
ّ زهر ْة منفتش عَ هاملشوار ،واحلـب بيس ّلموه الكبـار للزغـارَ ، ت يضل ِ املشعشعه طـول السنني ،واإلسوا َره ّ تتنقل من إيد إليـد .مش الزهور َ َهيـك يا سبع؟ فوت سهار إنت ورفقاتك. الصبايا :سعي ِده :يسعد ُ مساكن علي ا الشباب :سعي ِده :يسعد ُ مساكن علي ا ومي ْة سعي ِده الجمع :سعي ِده ّ :يا ألف يسعد ُ مساكن علي ا ْفيه بنت حمتا َره في الرما ِنه كان ِب ّ وال تبوح ِب ْسرارا وتضل متل التعبا ِنه وكان فيه بلبل عاشقها حيكيال حكا ِيه وتق ّلو جايي بزهور يبقى يراشقها وتعقد زنا َرا وتنطر باحلا َره وما تعرف شو ْفي ْه عَ باال عَ باال إسوا َره الجم ع : بكينا وغنينا حبينا عليا ِّ :بكري َّ يا ضو عينينا قول دخلك قول يا ساكن ِبدارنا يا حلو يا جارنا شو بيحىل فيها السهر دارنا دار القمر يا ساكن بدارنا يا جارنا يا جارنا يا حلو للمواعيد البنيات ضحكوا ّ بالعناقيد الفيات وامتلوا ّ 221
في رحاب َ األخوين رحباني
َ الختيار ه الختيا ر َ الختيار ه الختيار َ الختيار ه الختيار َ الختياره
الختيار َ الختياره الختيار َ الختياره الختيار َ الختيار ه الختيا ر َ الختيار ه
220
:من زمان ،كنت ناط َره ع بابَ . وهوين يوم ،مرق وأخدين من إيدي، وجابني عَ هالبيت .يبقى يدوس عَ الصخـور ،ويتنقـل باحلقا ِله ،ويزرع الصليـخ ،ويط ِّلع السجـر العايل بأرض العار ِيه. الوعـر ،ويسقي ّ :كانت األرض هباك اإليام َ الصغريه تدلف العتيقه بدها إيدَ ين ،والبيوت ِ ِّ بالشتي. :احدُ ل السطح ،ق َّرب ترشين. وخيا ،رجعوا؟ :والبنت ّ :رجعواَ ،يحِّ ِّني عمبيدرسوا. :بكرا بيتعلموا وبيرتكونا. :بدا ُ يكبروا ،ويعيشواّ ، ويفتشوا، طريقن ِّ تبعدُ ن ّعنا ،وما فينا نو ِّق ُفن .بدُّ ن َ وحيبوا. ُّ حيبوا غرينا ،ويرتكوا البيت. حيبواُّ ، :بدُّ ن ّ :أنا وإنت مبسو ِّيه من املسو ّيات ،تركنا َبيتني كانوا حيبونا. نحمين :صحيح ،أهلل َم ُعن ،رح إحدل السطح ،وإزرع ُلن األرضَ ، ت ُ يروجوا صوب من العاص ِفه ،ويصريو يقدرو يفتشو عن احلب .خ ّل ُين ّ ُ علين رفقا ُتن. اال ْبواب ا ْلـ ناطرينن ُ :فايق كيف الصبي ِلقي بيتو اجلديد؟ ويومها جابلنا لبيتنا العتيق مزهر ِّيه. التكا ِيهِّ ، :والبنت ،بس خلصت ّ حطتا عَ الديوان ،وقالت أنا راحيَه، ِوم ِس ْكها بإيدو. :كان فيه ناس كتري يوما ،والطاوالت عمرا ِنه ،والغناين متال ِّيه الدِّ ين. مسكها من إيدا َ وأخدَ ا عَ بيتا اجلديد. :إ ِيهِ ، رسب اخلتيار، َ :بعدا التكا ِّيه عَ الديوان ،وبعـدا املزهر ِّيه .غابت الشمس ،و َّ بيحبوا ،و ْبيحسدوا، وصار في ْه عَ احليط صو َره ،والناس بعدُ ن ناسّ ، وبيغاروا ،وهالبيت ما عـاش في ْه إال احلب .وهيـك يـا بنتي :كلنا
َز ُنـو ْبـيـا
ب :زنوبيا ...زنوبيا ...اسمعي يا زنوبيا ،اسمعي يا زنوبيا ،اسمعي. الشع الشباب :أبواق الرومان عمتعلن هناية ِتدمر. حاص ِر ِتك روما ...واستشهـدوا أبطا ِلك... الصباي ا ِ :تدمر ،يا نجمة املشارقَ .. َل َب ْصرى عمينسمع نحي ِبك ،يا طفلة املاملك... ب :اهريب يا زنوبيا ،اهريب يا زنوبيا. الشع الصباي ا ْ :ب َف ِّية َالعواميد ب :اه ُريب الشبا الس ّري الصبايا :باملمر ِ ب :اه ُريب الشبا الصباي ا :بتياب الدراويش ب :اه ُريب... الشبا الشعب َ :وال ْت ِذ ِّلك روما ...زنوبيا اهريب. زنوبي ا ْ :أل ...إذا أنا ُب ْه ُرب ،األرض ما بتهرب. الصباي ا :كل يش عميهرب: اململكه السعي ِده ،طفلة املاملكَ ،ه َر ِبت من إيدَ ْينا. ِ
في رحاب َ األخوين رحباني
هاحلكي إللنا والرسار ْسرارنا وصلوا النحالت َّ قصة احللوات الصبيه بتقول ِّ مشوا َرك مشوارنا ِ :بع ِدت السهر ِّيه عليا القونا القونا الجمع :القونا القونا هباللي ِله ازرعونا علي ا :والدين عشقا ِنه واهلوى عميضحك نجمه وقمر ط ُّلوا الجمع ِ : يشكيال وتقلو :وعَ ميحال مشوارنا عليا يا حب نطرنا كتري حكايتنا حكا ِيه والعمر ساعَ ه والنجوم بعي ِده الجمع :سعي ِده سعي ِده :والسف َره طوي ِله علي ا َ رشيطه زرقا الجمع :حطي :واحلب البدايه عليا وبيخلصوا السهريات 222
والزعل زعلنا يا جارنا للنواطري واملشاوير ليليه للقمر ِّ يا جارنا الغنيه وح ْل ِيت ِّ عَ َالق ْمر ِّيه ّ متشوا واحلقونا غنيه يش ِّ والنجمه سهرا ِنه ِ عَ التعبا ِنه هبالربيع ِيغ ُّلوا ال تنساين ونحكي نحكي ْسرارنا يا مشوار املشاوير مضوا ِيه والدين ّ ِ والزعل إشاعَ ه والر َفقه سعي ِده ِ يا حكايات جدي ِده والقصه طوي ِله َّ شعرك تشكي ِله ِب ِ واحلب النها ِيه وما بتخلص احلكا ِيه
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
إلكن سام وهو ِّيه واليل سكن احلر ِّيه يوم ...هنار ما بقى تقدر روما تسلب منو احلر ِّيه. كاسك يا موت... ُ ُ ورليان ْ س) (بيوصل األمرباطور أ
س األمرباطور. ُالشعب ُ :أورليا ُن ْ ُ س :زنوبيا ،ما إ ِلك مه َرب من روما حتى باملوت. ورليان أ وسيطر ْة روما. س ،أنا ُبر ُفض روما ُزنوبي ا ُ :أورليا ُن ْ ِ ُ ورليانس :إنتي َمت َّرديت. أ زنوبيا :نحنا عَ ْم ِن ْتحَ ّرر. ُ ُ مصريك؟ ورليانس :وعار ِفه أ ِ مكب ِله باحلديد. زنوبيا :عار ِفه مصرييِ :بساحات روما َّ ُ ُ ورليانس :متيش بالشوارع أ أسريه مغلو ِبه َ ويتف َّرجوا الناس األسريه. امللكه َ عَ ِ زنوبي ا :إليل بدو يصري ما عاد ْي ِه ّم أنا ِلعبت الدور والدور ا ْمل ِه ّم. ُ ُ أ س :ال ختدعي الناس ورليان صارحي الناس قولي ُلن انكرسيت ...انكرسيت....انكرسيت. 225
في رحاب َ األخوين رحباني
ت زنوبياِ ،ب ْن ِيت حضا َره ،ثارت عىل روما... قايد :مخس سنني َح َك ِم ْ رسيعه يا مخس سنني. مخس سنني ،يا غف ِله َ زنوبي ا :مخس سننيِ ...م ّية س ِنه ...بيم ّروا متل الطري، بياكلهن الزمان... الزمان اليل بياكل كلس احليطان بس اليل ْب ِي ْبقى َ الرصخه ِب ِو ّج الظلم. اليل وحدو ْب ِي ْبقى :رشف الوق ِفه، الصبايا :اهندم الربج ،انكرس السور، امللكه متل األطفال اليل ِبدُ ن يتخاطفوا اللع ِبه. العسكر هاجم صوب ِ ب :اهريب يا زنوبيا ...اهريب يا زنوبيا... الشع زنوبيا :وإنتو؟؟؟ الشعب :نحنا منبقى ...نحنا عشب األرض بتكسر الورد العايل والعاص ِفه بتمرق فوقّ ، الور ِده إنتي ...والعاص ِفه جايـي تاخ ِدك إنتي... اململكه النبي ِله ملك ْة ِ زنوبيا :أنا زنوبياِ ، ألجل احلر ِّيه بختار املوت ...اعطوين كاس املوت. العظيمه رفضت الظلم ،واختارت املوت ،اختارت النسيان. امللكه ِ الشعب ِ : الصبايا َ :ودّ عوا زنوبيا ِبموسم الدمعِ ،بصوت الفرحِ ،ب َو َرق الرمان. زهرة البطو ِله زنوبيا :يا موت ،يا ِ املحبه اخلجو ِله وعطية ِّ يا تاج احلياةّ ، يا موتَ ،هدّ يني ِبإيدي مفروشه بالنوم ْوسعي ِده. خدين عَ طرقات، ِ ويا أهايل تدمر مخس سنني من العمر عشتوها أحرار 224
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
س عجّ ل ُأورليا ُن ْ خدين عىل روما َ الرصخه ت ِع ْل ِي ْ ِك ْب ِرت عىل املوت س، ال عسكركُ ،أورليا ُن ْ وال ِّقوة روما وال كل روما بالدهر، ِب ْت َس ّكت هالصوت. الشعب :تتهدَّ ْم أجسادنا تتبدّ د إيامنا َ إذا مننسى زنوبيا زنوبيا ،زنوبيا ،زنوبيا.
حيصدها السيف احلاصد ينهبها الوقت الراصد أو رصخة زنوبيا
227
في رحاب َ األخوين رحباني
س :اإلنكسار بيمىض واإلنتصار بيمىض زنوبي ا ُ :أورليا ُن ْ وبكرا باإليام: انكرست تدمر اليل ِ انترصت وروما اليل ِ ْت َن ْي ِن ْت ُه ْن حجار وإنت وأنا :متثا َلني ْبساحة اآلثار. لكن ِبكل زمان ومكان ْ بدّ ا تطلع روما تطغي وتظ ُلم وبدّ ا تطلع تدمر ترفض الظلم وبآخر اآلخر ،بسهول الزمان، بتنترص تدمر تدمر احلر ِّيه َ الرصخه اليل ْبقلب اإلنسان. تدمر ُ ُ ورليانس َ :ك ّبلوا زنوبياَ ...ك ّبلوا زنوبيا ...خدوها عىل روما. أ حيصدها السيف احلاصد الشعب :تتهدَّ م أجسادنا... ينهبها الوقت الراصد تتبدَّ د إيامنا... أو رصخة زنوبيا إذا مننسى زنوبيا زنوبيا ،زنوبيا ،زنوبيا. زنوبيا َ :ل ّوحوا ِبإيديكنَ ...ودّ عوا زنوبيا قولوا ُّ يكملوا األشعار للش َعرا ّ للثوار يض ّلهن ّثوار قولوا ّ اململكه تدمر انتهت من األرض ِ صارت بالقلوب ...صارت باملدار َ الرصخه وصارت النار. صارت 226
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
البال دنيا يف ِ يف البالْ وليل َة ال مجالْ العدل زالْ البال الصباي ا :ومل تزل يف ْ نا ُر التالل فريو ز :من َ أنتم هناك ْ رياح بالدي ُ سمعت َ وبوح الشوادي َ أنتم من هناك ْ ملحت ظالل سامئي ولون هنائي بالدي ...مي ُّر عليها بالدي ...أعدين إليها وهناك ُ يلث ْم وأحلم أنام ْ المجموعة َ : الصمت عىل الطرقا ِ ت طاف ُ ت حلَّ الليلُ عىل الفلوا ِ ال مأوى هل نرقدُ يف الساحات؟ بيت ال ٌ وسدً ى متيض الساعات ُ
الشمس ترا ُبها ُ والقدس احلب ُّ ُ ُرغم املحالْ فارقها اجلاملْ َو ْاس َودَّ ُ لون الظاللْ َ شوق البالْ
غنائكم يف ْ جباهكم يف ْ الوجيع مع الفجر حلني ْ ربيع ولو زهر ًة يا ْ جباه الروايب رشاعي َ وفوق ترايب ظالم وصا َر ْ فأين ننام؟ ال مثوى صوت ال ٌ 229
ـعـون ِ راج ُ
أنت من ديارنا من شذاها الشبا ب َ : الصبايا ً : أرض رؤاها حامال َ عبري ٍ أنت من حقولنا يا رسولُ الشباب َ : الصباي ا :كيف حالُ بيتنا؟ هل تقولُ ؟ :يا غريب الديا ْر شا ب ضلّ فينا املزار نسيم الشباب َ : أنت من بال ِدنا يا ُ المجموعة ً : هييم حامال َ أرض ُ مهوم ٍ منشدين فريو ز :يا َ يا هائمنيَ غناؤكم هاج دموعي اخلصيبه المجموعة :نحن من األرض َ الصباي ا :يا هل ُترى بعد الليايل فريو ز :يف البال حتيا يف البالْ
نسيم الليل ختط ُر يا َ يف حنني القلب يزه ُر من ربوع اخلري عندنا أنت مثلنا؟ أم هجرت َ َ ب نسيم ا َجلنو ِ َ ب غدا َة اهلبو ِ يا عبري ًا َ يقطع املدى أه ُلها يف األرض ُش َّردا ب للغرو ِ ب يف الدرو ِ أدمى حنيني وولوعي السليبه نحن من الدار َ احلبيبه؟ نجيئـها تلك َ الس ْم ُر درو ُبها ُ سطوحها ا ُحلم ُر ُ زه ُر التاللْ
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
حتت كلِّ ُشر َف ْه عند كلِّ عَ َ طف ْه الظالم ّهبوا من ْ
نائمني َ يا ساهرين يا َ اخليام ُه ّبوا من ْ َ السالم حصون لنبني ْ ميوت فيها ديا ُرنا َمن يفتدهيا غرينا ُ َمن ُ وور ِد ُرباها فدً ى حلامها ِفدى كل حب ٍة من ثراها المجموعة :بالدي ْ الغاصبون َأ َذ َّل ِك زمان ًا طويال بالدي ْ راجعون فإننا ِأط ِّلي َقليال فريوز :يا بالدي ْ الغاصبون َأ َذ َّل ِك زمان ًا طويال يا بالدي ْ راجعون فإننا ِأط ِّلي قليال ْ ْ احلصون يف غفلة السكون الشباب :يف هدأة ْ هيتفون أصحابنا عىل الطريق الرحب الصباي ا :يف األمطا ْر ْ راجعون ب : الشبا الصباي ا :يف اإلعصا ْر ْ راجعون ب : الشبا الرياح الشموس ...يف المجموعة :يف ِ ِ راجعون راجعون راجعون البطاح احلقول ...يف يف ِ ِ ْ باإلميان الصباي ا : 231
في رحاب َ األخوين رحباني
ُ وذقنا الليل ذقنا ا َهلولَ واشتد ّ طغى إن الربدَ حطام؟ ورشاع اخلري ننام؟ ْ فريوز :هل ْ ظالم؟ ننام؟ ودروب احلق ْ هل ْ ُ ُ ُ يسك ُنه غريب؟ ْ احلبيب وبيتنا اخليام ونحن الجئون يف ْ ننام؟ هل ْ ننام المجموعة :لن ْ وظالم فريوز :والكون أسى ْ ننام المجموعة :لن ْ سالم سيعم األرض ْ َ فريوز ُّ : سالم سالمْ ... المجموعة ْ : ْ ْ نطوف مع الدُّ جى الصفوف فريوز :هيا إىل النيام عىل اخليام ِ نوقظ ْ يثور نشيدْ ت ت من الفلوا ِ المجموعة :يف الليال ِ َصداه ُيعيدْ األمطار ويف اإلعصار يف ِ ِ ننام لن ْ حطام فريوز :ورشاعُ اخلري ْ ننام المجموعة :لن ْ ظالم فريو ز : ودروب احلق ْ ُ وقوف ًا ...وقوف ًا المجموعة :وقوف ًا ...وقوف ًا ْ املرشدون أهيا فريوز :وقوف ًا ْ تسمعون؟ يا ُترى هل وقوف ًا طعام بدون ْ ِ ننام؟ فأين ْ
230
عودة العسكر
(ساحه َّ َ قدام بيت لبناين كبري .صبايا البسين طراطري عىل ُ مصطبه روسن ،قاعدين َع ِ َّ ّ َّ َ ُ والش َ لحه ِب ِإيدا). عمتطلع لبعيد، واقفه قدام بابَ ،عميخ ّيطوا شلحاتِ .وحدِه ِمنن ِ
شلح ْة احلرير الصبايا ِ : شلح ْة احلرير ِ يا حكاية جبلنا لكل بطل من جيشنا فريوز :شلحة احلرير ْو َحدّ مواقد نارنا اإلمات من شوق ّ ومن ضحكات والدنا الصباي ا :خ ّلينا نعجِّ ل وتفيي بيارقهن نحنا خ َّلصنا كلّ بطل شلحَ ه نجال اضحكي يا نجال
الصبيه من إيد ِّ غنيه يا جواحن ِّ وهدايا مغازلنا من جيش احلر ِّيه يا مشغو ِله مغزو ِله البنيات وس َهر َّ َ هنيه غفوه ِّ بيش ِ ه َّلق بيط ّلوا عَ اجلبل ك ُّلو احللوه الشلحات ِ احللوه من إيد ِ ليش صفنا ِنه يا نجال؟
في رحاب َ األخوين رحباني
ْ راجعون ب : الشبا ْ لإلوطان الصبايا : ْ راجعون ب : الشبا والظالل الرمال المجموعة :يف ِ ِ والتالل ب يف الشعا ِ ِ
232
راجعون راجعون راجعون
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
وصار السيف يقارع سيف حفظنا حدود رفعنا بنود وراح هنار وطل هنار الجمع :إ ْيه يا عبدُ و احكي يا عبدُ و الصباي ا :طرقات السواحل ومن اجلبل نازل َ وبحور الغميقه األرزه َ العتيقه ْو عَ ِ وجيشنا اليل راجع صوب اجلبل طالع وبنيه حليا ِنه ِّ ِبحاال سكرا ِنه ط ِّلت عَ املفارق وتع ِّلي البيارق َ
ويسكر جمد ويسكرنا وعلوات األرز ْذ َكرنا ْب َنرصو القاطع َّبشرنا اهلل ْمحَ ِّيي عسكرنا بالغار مز َّي ِنه عجْ ق َ مغ ِّطي الد ِني تتموج باحلال َّ تت ُلج ورد وصال وحدا ليل وخيل ِ يتمشى عَ اهلدا ترقص ِب َهاملدى وما تسأل عَ حدا سيوف اليل عَ متلمع تغزل جمد وتشقع
(بيفوتوا العسكر َع ضرب الطبول والغنا)
العسكر :ه ِّلي عَ الريح ع ّز وتلويح الصباي ا :إلنا املالعب العسك ر :إلنا الصباي ا :وقهر املصاعب العسك ر :إلنا تسمعنا الصبايا :عَ غناين املجد َّ العسك ر :وبإسمو رحنا ورجعنا
يا رايتنا َالع ِّليه اللبنانيه أرزتنا ِّ ِ
جتمعنا ْو عَ درب احلق َّ والريح تصيح 235
في رحاب َ األخوين رحباني
:قلبي دايب عَ سامل نجال الصباي ا :ال ختايف عَ سامل َهالـ عَ ْمل ِع ْة سيفو هاليل خيال حصانو سامل هاحلامل عَ جبينو العز وبقلبو األرز
يا ريب تردّ و سامل عَ هالشب األسمر بتتكسر النجامت َّ ْم ِن ْخوايب الدهر بيسكر وعَ مبيقود العسكر
(بينسمع أصوات ِحدا وترويد من بعيد .الصبايا بيجمدوا وبيصغوا ،وبيفوت ُ عبدو)
:شو يا عبدُ و؟ - :إ ْيه يا عبدُ و؟ - :وين صار العسكر يا عبدُ و؟ - ُ بالساحه َ عبدو : ت وصلوا؟ - :ه َّلق َ ُ عبد و :إ ْيه ه ّلق ...بعدُ ن يش ط ّلوا :شو أخبا ُرن؟ - :كيف أحوا ُلن؟ ُ عبد و ُ : القاهن اجلبل ك ُّلو الجمع ْ :ص َبرنا واهلل َص َّبرنا إ ْيه يا عبدُ و احكي يا عبدُ و ُ عبد و :كان الليل سنابك خيل الجم ع :إ ْيه يا عبدُ و احكي يا عبدُ و ُ عبدو :أرض غبار وهني كتار الجم ع :إ ْيه يا عبدُ و احكي يا عبدُ و ُ عبدو :كنا قالل وبس رجال 234
وبالنرص القاطع برشنا اهلل ْمحَ ِّيي عسكرنا ركبنا عَ اخليل وطرنا اهلل ْمحَ ِّيي عسكرنا تشاورنا وتد َّبرنا اهلل ْمحَ ِّيي عسكرنا قالل ْو عَ األعدا كرتنا
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
:وسامل؟ ما شفنا سامل. - :ساملَ ،و ْي ُن ِّوي سامل؟ القصه مش عَ م ِبرتدّ وا ،يا الـْ كنتو تردّ وا؟ شو َّ َو ْي ُن ِّوي سامل ُ قايدكن؟ َو ْي ُن ِّوي سامل؟ َو ْي ُن ِّوي سامل؟ :مش راجع؟ نجال :ال مش راجع. - :عَ طول؟ - :إ ْيه عَ طول - ْو عَ تالل الزهر تسمر بالدهر َّ ْو عَ مبيدافع مرشع سيفو ِبإيدو ِّ احللوه نجال َّ : حي ْكنا الشلحات ِ وسامل كان حيبا زرقا ك ُّلن أخدواِ ،لبسواِ ،د ْف ُيوا َ وهالشلحَ ه َو ْحدا رح تبقى فريوز :ال ختايف ...سامل غفيان ...مش بردان نايم عَ ت ِّله وناطر زهر اللوز بنيسان بتضل تص ّلي َّ ومغطى ْبعلم لبنان بقلبو اإلميان ِب ْت َش ِّمس الد ِني بتت ُلج الدين ت ختلص الد ِني بحبك َ ويا لبنان َّ غنيه عينيي وبق َّلك ِّ بخبيك ْب ِّ ِّ وشمسك احلر ِّيه املحبه َ تلجك ِّ وطني يا حكا ِيه بحبك ليش هالقد ّ
مضوا ِيه بالع ّز ّ يا غاي ْة الغا ِيه 237
في رحاب َ األخوين رحباني
ه ِّلي عَ الريح ع ّز وتلويح فريوز :يا حبي الراجع أهال صارت سامنا أحىل يا حبي الراجع أهال شفتك والدن ِيه قبايل يا تلج اتلج عَ العايل
يا رايتنا َالع ِل ِّيه اللبنانيه أرزتنا ِّ يا غايل وغايل أهال وجبال الـْ عنا أعىل يا حبي الراجع أهال وإيام ْت ِع ّن عَ بايل ويا أرز العايل تعىل
(الصبايا بيصريوا ّ يفرقوا هدايا َع العسكر)
مشالح عكار ِّيه ّينيه خناجر جز ِّ وخوايب زحالو ِّيه ُ قيمتكن قيمتنا مش َلحَ دّ القلمون وزهر الليمون كتب جمدا القد ِميه قيمتنا مش قيمتكن
الصبايا :حرير من الزوق عسل من َميفوق ّتفاح اجلرد العايل َه ْي هدايانا ِإ ُلكن فريوز :من صور لصيدا حكايات الشواطي العظيمه ومن بريوت ِ َهي هدايانا إلكن :سعدى عَ متسأل عَ أنور :حيو قاعد مع هالعسكر - :ودياب اجلردي؟ - بالساحه ،هوي ورفقاتو عَ ميسكر َ : :نعامن مهنا؟ - :موجود - َّ : خطار الوادي؟ :موجود - 236
المصالحة
صالح
:يا شيخ نرصي الكورس نصري :أنا ما بصالح وإنت يا بوصالح الكورس َ : وديع :وأنا ما بصالح العداوه وما خلصت :خلصت اإليام شخص ِ رح بيصريو عرشين س ِنه الكورس :بدنا نعرف ليش؟ نصري ّ :هوي بلش وديع ّ :هوي بلش :كيف؟ كيف؟ الكورس صيفيه وديع :زمان زمان ِب َلي ِله ِّ صبيه كان احلال وكان فيه َّبنيه ِّ إسام جور ِيه عليي ِج ّن عليها و ْت ِـج ّن ّ وحبينا جور ِّيه ّ
في رحاب َ األخوين رحباني
- - -
238
غنيه أل َّنك ِّ وشمسك احلر ِّيه
عينيي بحبك يا ِّ ّ املحبه تلجك ِّ ومعمر :وتض ّلك عايل َّ :وتض َّلك لبنان األخرض :شعبك ك ُّلو جيشك ك ُّلو :عَ حدودَ ك يوقافوا عسكر معاىف يا عسكر لبنان وتتغاوى أرزة لبنان يا خرضا تر ُقص عَ ْمطلّ تضل شمسك هاملضو ِّيه ّ ِ معاىف يا عسكر لبنان
املسميه يا بو زنود ِّ فوق جبال احلر ِّيه بحكايات العز ِهتل هبالدين مضو ِّيه املسميه يا بو زنود ِّ
برجك عيد َ تسلم إيد
بالبيارق طاير ع ّلت هالعامير
خذين وطري جمد كبري خري كتري ونواطري
العليه عَ جبال ِّ بعينيي عمشوفو ّ غنيه ومواسم ّ عَ الداير عَ الداير
خيال يا ّ بني جبال صوت ْرجال ّ والشالل
يلعب ع احلفا يف فيها الدهر غايف بيق ّلك عوايف هيدر بالبشاير
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
نصري :مازال هيك بدّ ا تعلق ما بقى رح صالح أنا اللي ِله وحدي القيني يا صالح وديع :أوف أوف َف ّو ُقوين يا خايل َف ّو ُقوين ساحه وكلّ َ َ ِب والفصاح ه َ املع َّنى نصري :أنا ِس ْيد َ العليه ِ هالساحه ِّ املساحه َ وس ْيفي ْب ِي ْم َسح ا َألعْ دا ِبـحدّ و مت ْلام ْب ِت ْم ِسح األرض َ راكعه تسقي حصاين وديع :رماين الدهر با ْل ِـمت َلك رماين وفوارس َ إنت وبنت أختك والسلي ِله وبدي ُ متلكن َس َبعه متاين واحد ِ :إ ِجت بنت ِإختو ت قول احلكي ِبصوت عايل فريوز :يا بوصالح أنا جايي حلايل َ خايل وإنت شغلتكن َ ك ّلام بتسهروا بيحصل ْقتا ِله غميقه ُ أبطال املعارك واملعايل احسبكن متل فرسان الليايل عَ بايل َن ِّفذ ا ْلـ طالع عَ بايل والزير وأبوزيد اهلاليل إنت وخايل ت صالح وبدّ ي َب ْاو َسك َ يا بوصالح أنا جايي َ ت ّ :أهال ِّ نغني الفجر ْبعيد بحنه وباملواعيد الكورس اقعدي َ تزهر ِّ حنه يا ِّ ِّ جنه وخي َلق عيد حنه اطلبي وامتني يال يا بوصالح فريوز :يال يا خايل وخلينا نصالح تباوسوا كرمايل وديع :عَ رايس وعيوين إنتي بتموين بعطر جديد يا زه َره مسكو ِنه ت ّ :أهال ِّ نغني الفجر بعيد بحنه وباملواعيد الكورس اقعدي َ تزهر ِّ حنه يا ِّ ِّ جنه وخي َلق عيد حنه اطلبي وامتني 241
في رحاب َ األخوين رحباني
كان احلال وكان كان احلال وكان مش مظبوط ْتـحَ ْر َك ِشت ّفيي
:زمان زمان الكورس وديع :زمان زمان نصري :مش مظبوط جور ِّيه اليل ّهيي والنتيجه شو؟ : الكورس ِ وديع ونصري :هر ِبت خطي ِفه مع سعد الفران :هر ِبت خطي ِفه مع سعد الفران؟ الكورس ِّ صبيه :شو؟ ي :مع سعد الفران وديع ونصر ميكن بعدا بتتذكرين نصري :مش مصدِّ ق بترتكني ّهال عَ إيامك يا جور ِّيه وطالمه عىل التنور وديع :كانت تعم ّلي مناقيش ِ ّهال عَ خبزاتك يا جور ِّيه ماحدا عَ املايض يكون ندمان :أهلل نجاكن من جور ِّيه الكورس واليل ِع ِلق سعد الفران ال ْتـجَ وزتو وال ْت َع ّترتو ُ :وتصاحلتوا وتباوستوا؟! أحدهم وديع ونصري :ورجعنا تزاعلنا :ليش؟ ليش؟ قولوا ليش؟ الكورس وديع :رصنا نغني وصار يغني بتقول ْم َـخ ِّمس َم ْردود وب ْـيـجيب معو بنت إختو وإنت ِب ْتجيب ْوالد ْأخ َتك نصري َ : نحنا منجي حتى ْنردُّ و :خايل بينسى والد أختو تغنو ْت َن ُ ت ُّ ينتكن ضدّ و إنت بتجيب بنت أختك َ َ 240
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
بنفسجه كل يوم ِب ْرمي وديع :عَ ْبوا ِب ُكن ِ وصر ِلك س ِنه ْب ِت ْت َف َّرجي َص ْريل س ِنه َ و ْبـحَ ِّي ُكن ِمدري أنا مدري الطريق ْبدوخ و ْبشوفا عَ مـرتوح وجتي ْ :بدوخ و ْبشوفا عَ مـرتوح وجتي الكورس مودِّ ِعك نصري :يوم اليل سافريت وكنت عَ َ إقشعك ومشيت ال إقشع حدا وال ِ إيدي عَ صدري إسأل ْوما فيه جواب معك راجع معي وإال بقي قلبي ِ معك الكورس :راجع معي وإال بقي قلبي ِ فريوز ِ :د ّقيت ِد ّقيت وإيد ّيي ْتـجَ ّرحو ُ وقنديلكن سهران ليش ما بتفتحو؟ مدري أنا ما عدت أعرف بابكن مدري نقل باب ا ْلـ ِل ُك ْن من مطرحو :مدري نقل باب ا ْلـ ِل ُك ْن من مطرحو الكورس نصري َ :غ ّنينا رقصنا وسهرنا والناطر بعدو ناطرنا الغنيه طرنا عَ جناح ِّ عليه الكورس :عَ َّل ْينا ِم ِّية ِّ املنسيه ْ وح َصدنا ُّ الص َور من ال َـم ِّيه و ْنجوم السهل ِّ وديع :بعيوين ُح ِّبك بعيوين بعيوين وطني بعيوين يا سهول الريح املجنو ِنه وبعدْ نا العشب َّ :غنينا كتري َّ ويا بلدنا العايل يا َبلدنا باحلب وبالليل ْش َردْ نا 243
في رحاب َ األخوين رحباني
فريوز :باب البوا ِبه ْببا َب ْين عَ البوا ِبه فيه عَ بدَ ين :باب البوا ِبه ْببا َب ْين الكورس عَ البوا ِبه فيه عَ بدَ ين وشباكني ودار حلوه ّ فريوز ِ : نغمه ونار وعُ َّوادَ ْين ِ غمه ونار عُ َّوادَ ْين و َن ِ :باب البوا ِبه ْببا َب ْين الكورس عَ البوا ِبه فيه عَ بدَ ين حلوه اليل ري ِفك ّ رف وديع :ويا ِ دَ ّف َوك ّف وردّ ادَ ين ردّ ادَ ين ودَ ّف َوك ّف :باب البوا ِبه ْببا َب ْين الكورس عَ البوا ِبه يف عَ بدَ ين فريوز :صحرا وقا ِف ْل َتني َ وخ ْيل وحدّ ادَ ين َفحْ م و َليل ِ ِحدّ ادَ ين و َفحْ م و َليل :باب البوا ِبه ْببا َب ْين الكورس عَ البوا ِبه فيه عَ بدَ ين وصبري نصري َ :خ ْوخ ّ ورمان ّ ِج ْفت َ وصيادَ ين وط ْير ّ وج ْفت ْو َطري ّ صيادَ ين ِ :باب البوا ِبه ْببا َب ْين الكورس عَ البوا ِبه فيه عَ بدَ ين 242
ْقفو ِله ومفاتيح جداد الليل وعنرت بن شداد ْقفو ِله ومفاتيح جداد الليل وعنرت بن شداد العاشق غط العاشق طار ونغمه وعُ َّواد ونا َرين ِ ْقفو ِله ومفاتيح جداد الليل وعنرت بن شداد بتميش وخل ِفك مايش ّ الصف َّ وكفني ودَ ّف وردّ اد ْقفو ِله ومفاتيح جداد الليل وعنرت بن شداد ْ النجمه َميل العت ِمه َميل ِ وحدّ اد ولي َلني و َفحْ م ِ ْقفو ِله ومفاتيح جداد الليل وعنرت بن شداد َوم ّس ُيكن يا أهل اخلري وص ّياد وج ْفت ِ ْو َط ْي َرين ِ ْقفو ِله ومفاتيح جداد الليل وعنرت بن شداد
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
:خ ْلصو غنانينا الكورس فريوز :البحر مسافر :خ ْلصو غنانينا الكورس وديع :لي ِله طوي ِله إذا العتم َخ ّيم الكل :أوف يا يا أوف
ض ّلي اذكرينا ناطر عَ الـمينا ض ّلي اذكرينا رح ِله طوي ِله نو َرك بيهدينا
245
في رحاب َ األخوين رحباني
فريوز :حبيبي ندهني ا ْف َتحويل الطريق ب العتيق يا وطني حبيبي يا دَ َه ِ يا ْبواب الرشق املرفوعَ ه ِبـجْ ناح َالغ ِيمه َمزروعَ ه جمد اإل ّيام وعىل صوت احلر ِّيه بيوعى دراجك نام عَ ِ :جمد اإل ّيام الكورس وعىل صوت احلر ِّيه بيوعى دراجك نام عَ ِ فريوز َ :ه ّال َه ّال يا تراب عينطو َر ه لوفيي زورا ستي من فوق ّ َ :ه ّال َه ّال يا تراب عينطو َره الكورس لوفيي زورا ستي من فوق ّ وديع َ :ه ّال َه ّال يا تراب عينطو َره لوفيي زورا ستي من فوق ّ فريوز َ :ه ّال َه ّال يا دار حمبويب ُص َورنا فوق عَ َالف ّي مكتو ِبه وديع :يا َصيف جديد وأنا ناطر يا عنب األشقر غنيه فريوز َ :ب َيتك هالليل والليل ِّ يا حبيبي ال تعتب عليي نصري :راحت مواعيد بدي روح زو َرك يا حبيبي 244
يا ملفى الغيم وسطوح العيد راحت عَ العيد والعيد ْبعيد يا ملفى الغيم وسطوح العيد راحت عَ العيد والعيد ْبعيد يا ملفى الغيم وسطوح العيد راحت عَ العيد والعيد ْبعيد ناطرنا الصيف عَ باب الدار والع ْمر ْخبار مكتوبه ْخبار ُ ب جديد يا ُح ّ ت تصري نبيد َ و ْبوا َبك غيم والزي ِنه فوق جايبني َصو َبك َط ْير ّ الشوق ورج ِعت مواعيد ْ وناطرين العيد
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
وميىض الشهر وبعد الشهر بتتذكرين قبل الضهر الكورس َ :ل ْونا الزّهر ْم َب ّكي ّالنهر من َالق ْهر فريوز َ :ل ْونا الزَّهر ْم ّفتح َز ْهر وشعرا دَ ْهر ْم َبدِّ د دَ ْهر ومعها َم ْهر ا ْت َن ْع َشر ُم ْهر :فيه ور ِده عَ سياج النوم وديع غرقا ِنه صحَّ اها اللوم عُ طرا فاح بأول يوم الكورس َ :ل ْونا الزّهر ْم َب ّكي ّالنهر من َالق ْهر حلوه َ هبالف ّي فريوز َ :ق ّلي فيه ِ ْك َت ْب ِت ّال إسام عَ ال َـم ّي احلي اجلريه ْو َس ّـمى ّ سـَمـّى ِ الكورس َ :ل ْونا الزّهر ْم َب ّكي ّالنهر من َالق ْهر
وبعد الضهر بتنساين ومش دريا ِنه
َوأصا ِيل َس ْب َعه ْتـام ِنه ا ْنقطفت باليوم التاين ومش دريا ِنه ْو َلوال ْشو ّيه َس ّـماين ومش دريا ِنه 247
ب سهرة ُح ّ
ت َغ ْيم ْب َن ْف َس ِجي فريوز ِ :ت ْبقى َب َلدْ نا با َحل َمام ْم َس َّي ِجه و ِي ْضحَ ك عَ َه َ الع ْلوا ِ ْيصري اهلوى عَ ْبوا ُبن ْيروح وجيي ب اهلوا و َل ّما عىل ْب َن ّيا ِتها ْي ِه ّ ْيصري اهلوى عَ بوابن ْيروح وجيي : الكل ى وإبقى أنا والليل ِن ْـميش عَ ا َهلدا :و ِتبقى َب َلدْ نا ِت ْضحَ ك ْبـهاك املد ودي ع ت ْلعندْ ُهن ُتوصال ما ْي ُشو َفك حدا ْي ِق ّلي أنا َرح عَ ِّتم الد ْن ِيه عَ َل ْي ك َ ت ْلعن ِد ُهن ُتوصال ما ْي ُشو َفك حدا : الك ل َ :ور ِد ْة عَ ْين الصوا ِنه وديع َل ْونا الزّهر ْم َب ّكي ّالنهر من َالق ْهر الكورس َ :ل ْونا الزّهر ْم َب ّكي ّالنهر من َالق ْهر َ :ل ْونا الزّهر وديع مبكي النهر
ما شاهلل شو حليا ِنه ومش دريا ِنه ومش دريا ِنه
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
وتبقى ور ِده تنام نت اليل كنت تقول ْو ِإ َ عصفورة أيلول :هيدا كان ...من زمان وديع فريوز :و َل ّما عبدو ْت َط َّلع بور ِده :أنا... وديع الكنزه فريوز :و َل ّـما َب َر ِد ْ ت مني َش َلح ِ :أنا... وديع فريوز :ومني كان َبدو ِيرمي حالو :أنا ...أنا... وديع عَ َسطح البلد ِّيه عليي كانت ِ راحت ِّ الكورس :عَ َسطح البلد ِّيه كرمال كرمال ور ِده اجلور ِّيه :كانت ِب ْك ِيت ْش َو ِّيه وديع لو ما َك ِّبر عقاليت الكورس :عَ َسطح البلد ِّيه كرمال كرمال ور ِده اجلور ِّيه فريوز ْ :ويا َهاك َالق َمر ِّيه َبع ِدك َّقصه َمكتو ِبه الكورس :عَ َسطح البلد ِّيه كرمال كرمال ور ِده اجلور ِّيه
السهر شباك َ عَ ّ وردة َالورد زهرة َالبرد مني هجم عَ عبدو؟ و َل َّب ْسها َلور ِده؟ عَ ن َسطح َالبلد ِّيه كرمال ور ِده اجلور ِّيه؟ لو ما يتهدُّ وا ِّفيي عَ َس ْطح البلد ِّيه كرمال ور ِده اجلور ِّيه عشيه و ِن ْس ِي ْتني من ِّ عَ َس ْطح البلد ِّيه كرمال ور ِده اجلور ِّيه سيه املنسيه ومش ِم ْن ِّ ِّ عَ َس ْطح البلد ِّيه كرمال ور ِده اجلور ِّيه 249
في رحاب َ األخوين رحباني
الكورس :مني اليل َف َتح ال َّردِّ ه؟ :أنا اليل ْف َتحْ ت ال َّردِّ ه وديع فريو ز :وليش ال َّردِّ ه عَ ور ِده؟ بالصد ِفه ِق ّلنا ور ِده وديع ّ : توصل ور ِده ت َ الكورس ِ :ق ْر ِب ْ توصل فريوز :إيه ِق ْر ِبت َ :مني؟ وديع فريوز َ :ور ِده السه َره ودي ع :ا ْنتزعت ّ قلبك؟ فريوز :هاحلكي من َ :إيه من َقلبي وديع فريوز :و ُلوه شو هالقسا : وديع ومطرح ما بتكون أنا ما بكون فريو ز :يا خسارة احلب هت ُرب اإليام ِّ وتبطل ور ِده تكون احلسون ِّغن ِّي ِة ّ :هيدا كان ...من زمان وديع فريو ز :يا أسف الليل 248
توصل من َهون ور ِده ْب َ وأنا ِب ْف ِر ْكها من َهون مزاع ْلها؟ بعدك ِ مزاع ْلها عَ طول ِ مزاع ْلها عَ ُالعمر ِ األمل يا خجلة َ ختلص بال أمل راية الربج نجمة التلج السهر ِم ِضي وقت َ
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
عن حال ّ العشاقني بيض ّلوا مشتاقني ما بتهدا نار اهلوى اليل بيحب ما بينسى عَ ُالبعد القلب بيقسى ال هي زعال ِنه وال يش السه َره ْو ِبـميش برتُ ك َّ
فريوز :بيقولوا بالقصا ِيد َشو ُقن َ بيض ّلو زا ِيد إال ما يتالقوا سوا بيقولوا بكتب اهلوى :بيقولوا بكتب اهلوى ودي ع فريوز :هلق ور ِده جايي ِت ْس َهر :إذا ور ِده ِإ ِجت ِت ْس َهر وديع فريوز :ما بيصري تروح :رح روح وديع ت ور ِده الكورس ِ :إ ِج ْ َ :سعي ِده َسعي ِده ور ِد ه الكورس َ :أ ْهال ْبور ِده :سهر ِّيه َسعي ِده ور ِد ه الكورس :ا ْقعدي يا ور ِده :ما بيسوى روح ه ّلق كرمال املوجودين وديع الكورس :كيف حا ِلك يا ور ِده؟ ْ :مليحَ ه ور ِد ه :ولوووه َصوتا شو َحنون ودي ع الكورس :ليش واقف؟ ا ْق ُعد :إيه ا ْق ُعد ور ِد ه ِ :إيه ْم ِن ْق ُعد وديع ب الك ل والسه َرهَ ...س ْه ِر ِة ا ُحل ّ َّ : فريوز :دار الدوري عَ الدا ِير هالقصه ودا ِير حامل َّ
ت الدار يا ِس ّ داير ِمندار 251
في رحاب َ األخوين رحباني
فريوز ْ :ت َذ َّكر :أووف وديع الكورس ْ :ت َذ َّكر :أووف وديع ِك ِبر العنقود وبعدُ ن عمـيبكوا بقلبي الكورس ِ :ك ِبر العنقود وبعدُ ن عميبكوا بقلبي ّ :كنا نتالقى وديع تبقى مشتا َقه و َل ْف ِته ح ّرا َقه الكورس ِ :ك ِبر العنقود وبعدُ ن عميبكوا بقلبي :ونبقى ِن ْت َخ ّبا وديع األح ّبا ْب َليل ِ ِمدْ ري يا قلبا الكورس ِ :ك ِبر العنقود وبعدُ ن عميبكوا بقلبي ودي ع :أنا وياها تزاع ْلنا الكورس :ليش ْتزاعلتوا :مدري كيف تزاع ْلنا وديع فريو ز :مش فايق ليش :فايق إنو تزاع ْلنا ودي ع فريوز :بيقولوا ْب ِك ُتب اهلوى :بيقولوا ْب ِك ُتب اهلوى وديع 250
وخ َلص العنقود السود عينيها ُّ وخ َلص العنقود السود عينيها ُّ بالدّ مع ْتجود وخ َلص العنقود السود عينيها ُّ ِبشو َم ْوعود وخ َلص العنقود السود عينيها ُّ مدري كيف تزاع ْلنا وعىل شو؟ وعىل شو؟ ب ما بينسى اليل ِ بيح ّ عَ ُالبعد القلب بيقسى
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
ت الدار يا ِس ّ داير ِمندار وخ ْص ِرك َم ُ َ مشوق ِش ّم ْو ال ْتدوق ِش ّم ْو ال ْتدوق ِو ْتقويل ُر ْوق
الكورس :دار الدوري عَ الدا ِير هالقصه ودا ِير حامل َّ اجلريه وديع :يا فراش ْة هاك ِ ْب َق ِّرب َصو ِبك ِب ْتطريي ْ :ب َق ِّرب َصو ِبك ِب ْتطريي الكل الغريه ودي ع :ال تلوميني عَ ِ زغريه ما فيه عاشق يا ِ عَ قالتو ْكبار ت الدار :دار الدوري عَ الدا ِير الكل يا ِس ّ داير ِمندار هالقصه ودا ِير حامل َّ فريوز :كانوا ْزغار ْوعُ ُم ْر ُهن َبعدو َط ِري ال ِمني ِع ِرف ِب َـه ُّمن ْوال ِمني ِد ِري ت ِت ْل َعب َم ِعك ْي ِق َّال ْبـجيب ال ِّريح َ ت ِت ْك َبري ْو ِب ْك ُتب عْ يو ِنك عَ الشتي َ وص ّبي وديع :كان ياما كان فيه ِب ْنت َ ت ِت َل َعبي ْي ِق ّال ْب َع ِّم ْر ِلك َقرص َ ودار الزّمان ْو َب ْعد فيه َك ْو ِم ْة ْحجار ْت َص ِّرخ يا ِإ ّيام الز َّغر ال ت ْـهريب فريو ز ْ :وط ّل ْيت عَ َح ُّين َبعد َغ ْي ِب ِة ِس ِنه ْل َق ْيت الدّ ِني ِم ْت َغ ّي َره ْبهاك الدّ ِني ِم ْتل َالغريب ْم َرقت ِقدّ ام ْالبواب ما حدا ِم ْن ُهن َس َألني شو ِب ِني! َس ِّه ْرنا الكورس :يابا أوف َس ِّه ْرنا َس ِّه ْرنا يا ليل األ ْز َرق َس ِّف ْرنا النجمه َوعَ ْحدود ِ 253
في رحاب َ األخوين رحباني
252
الكورس :دار الدوري عَ الدا ِير هالقصه ودا ِير حامل َّ
ت الدار يا ِس ّ داير ِمندار
فريوز :طا ِير من فوق ْسهي ِله ْي َر ْف ِرف من َمي ِله ْل َم ْي ِله الكورس ْ :ي َر ْف ِرف من َمي ِله ْل َم ْي ِله فريوز َ :طلّ الليل ويا وييل صار الليل ْبـهاللي ِله الكورس :دار الدوري عَ الدا ِير هالقصه ودا ِير حامل َّ َ :ق ْلبي صا ِير َمـجْ نو ِنك وديع ال ْت َق ِّسي ع َل ّيي ظنو ِنك الكورس :ال ْت َق ِّسي ع ّل ّيي ظنو ِنك حلوه َي ّلي ْب ُصو ِنك ودي ع :يا ِ ْان ضحكوا هبالليل عْ يو ِنك ِبيصري ْنهار الكورس :دار الدوري عَ الدا ِير هالقصه ودا ِير حامل َّ فريوز َ :و َّصي ِت َّلك ُت ْق ُطفيل ْاس َودّ َ وص ْفيل الك ْرم ْو َم ُ الكورس ْ :اس َودّ َ وص ْفيل الك ْرم ْو َم ُ فريوز ِ :خدْ ين وطري ْبيش َغ ْف ِله َخ ِّليني ْب َق ْل َبك ْ طف ِله وخلينا ْزغار
َر ّف ْحساسني ْي َن ْق ِود ياسمني ْي َن ْق ِود ياسمني شاف احللوين ِي ْع َشق و ْيغار ت الدار يا ِس ّ داير ِمندار ناطر عَ العني ما يل َق ْل َبني ما يل َق ْل َبني ِبر ْيف العني ت الدار يا ِس ّ داير ِمندار َأ ّول عَ نقود عْ ناقيد السود عْ ناقيد السود والدنيي ْبرود ِّ
نصوص رحبانية :مسرحيات ومشاهد مغناة
الغ ِّن ّيه الـْ عَ م ِت ْز َرع صاروا ِ صارو َالب ْيدر صارو ال َـم ْصدَ ر فريوز ْ :وعَ ِّم ْرها... الكورس :عَ ِّم ْرها... واعد وديع ِ :ب ِإ ْيدَ ْين ْت َع ِّلي ِب َس ِ املارد ِبال َـمجْ د ْو ِب َالق ْصد ِ عَ ِّم ْرها ِت ْضحَ ك بيا ِد ْرها الكورس :عَ ِّم ْرها... فريوز ِ :بجَ وا ِنح بيضا ِب َـمحَ ِّبه ِب َق ْمح ِي ْك َبر َح ِّبه َح ِّبه عَ ِّمرها... قناط ْرها ْو َز ِّين ِ الكورس :عَ ِّم ْرها... الص ْل ِبه ودي ع :عَ َأساس احليطان ّ عَ َالع ْت ِبه ِب ْتسا ِند عَ ْت ِبه عَ ِّم ْرها... ْو َن ِّسم يا َشجَ ْرها الكورس :عَ ِّم ْرها... فريوز ْ :بيوت ْمضوا ِيه ْو َمقصو ِده عىل إسم ّالن ْع ِمه َم ْرصو ِده عَ ِّم ْرها... َ وض ِّوي يا َق َم ْرها
ِباأل ْرض َالع ْطشا ِنه ِت ْز َرع ِّ والشمس اليل عَ ُمت ْط َلع
255
في رحاب َ األخوين رحباني
:يابا أوف َم ْر ِجحْ نا وديع احللوه يا بيت ِ وعىل إيام الشوق الكورس :يابا أوف ِب ِع َين ِّيي املنسيه يا َقصص ُالع ْمر ِّ وعَ َت ِبك عَ م ِي ْبكي َ بعين ِّيي فريوز :يابا أوف عَ مـتومي يا بيوت ْب َز ْن َبق عَ العايل سطوحك :إنتي من َوين؟ وديع فريوز :أنا من بلد الشبابيك املجروحه با ُحلب َ وإنت من َوين؟ َ :أنا من بلد احلكايات وديع املحكيه عَ املجد ِّ فريوز َ :م َرقوا مبارح عَ العايل؟ :مرقوا فوق الليايل وديع فريوز :كانت ِإيدَ ْي ُهن َم ْـمدو ِده َص ْوب اإل ّيام ال َـمشهو ِده كانت عَ ْو ُج ُوهن َم ْكتو ِبه َأسامي َأ ْه ُلن َمكتو ِبه َأعْ ام ُرن ِضحْ كات ْزغا ُرن :كانت َأ ْصوا ُتن َم ْسموعَ ه وديع و ِإ ْيدَ ْي ُهن َس ْـمرا َم ْرفوعَ ه 254
َم ْر ِجحْ نا َم ْر ِجحْ نا ْاش َلحْ نا ِب ِع َين ِّيي عَ مـتومي َم ُرس ِومه عَ مـتومي املفتوحه عَ الصد ِفه َ الـمب ِن ِّيه عَ ِاإل ْل ِفه وعيو ُنن عَ م ِت ْت َط َّلع يـِمشو وال ّرا ِيه ِت ْل َمع
وال ِّريح ْتروح و ِت ْر َجع ِم ْتل ِّ الشالل اهلا ِدر ُتـحْ ُصد َق ْمح البيا ِدر
من شعر األخوين رحباني
257
في رحاب َ األخوين رحباني
الكورس فريوز الكورس فريوز الكورس فريوز الكورس ودي ع الكورس وديع الكورس وديع فريوز الكورس فريوز الكورس فريوز الكل
256
:عَ ِّم ْرها... واعد ِ :ب َس ِ :عَ ِّم ْرها... ِ :ب ِإ ْيدَ ين :عَ ِّم ْرها... حبه ِ :ب َـم ِّ :عَ ِّم ْرها... واعد ِ :ب َس ِ :عَ ِّم ْرها... ِ :ب ِإ ْيدَ ين :عَ ِّم ْرها... حبه ِ :ب َـم ِّ :عَ ِّم ْرها... واعد ِ :ب َس ِ :عَ ِّم ْرها... ِ :ب ِإ ْيدَ ين :عَ ِّم ْرها... حبه ِ :ب َـم ِّ
ف َالع ْين ْو ْاس ِقيها ْب ِر ْي ِ
ف َالع ْين ْو ْاس ِقيها ْب ِر ْي ِ
ف َالع ْين ْو ْاس ِقيها ْب ِر ْي ِ
من شعر األخوين رحباني
بصوات البالبل راجع ْ مـــســـ َّورْ بـــِّــك ـصـــار ـبـــرج َ ـب وبـــ ّدو يــرـجــع يغـلب غ ـلَـ ْ ــــوات الــبــاـبــل راـجــــع بـــ ْ ساـكن َع طــراف املـعاول
واـقـــف َع ـبـــواب القناطر إـيـــــدو عَــــمــــزرع الــبـــــادر
ســـاـكـــن خـــــف املــعـــــى ـبــن الــريــف وـبـــن الـعني ســـاـكـــن تـــــت الـــــــوزه وبــن السيـف وبـــــن احل ـ ّد راجـــــع بـــزنـــود الـــفـــوارس كتب املــدارس طالل مــن ُ
بتتخب صـــار الــقــ َّصــه الـــي ّ راح وبـــــ ّدو يـــرجـــع أكــر
راجــــع بــغــنــاين احلــصــادني ســاكــن بــفــراريــع احلطابني
جـــايي مــع هــبــات األشــعــار ُصــــ َورُو مــضــويِّــه بــصــدر ادلار ِ والــنــمــه وبــــن الـــــغـــــزَّارَه ِ وخــلــف حــــروف الــكــمــه ِ الــزيــتــونــه والــســبـ ِـه وحــــ ّد ِ الــنــبــه وحتـــــت عـــيـــون
راجـــــــع بـــــــإايم الـــعـــيـــاد وبــــ ّدو خيــلــق بقصص الـــوالد
259
من شعر األخوين رحباني
الشعب َلـ فخر الدين
وـعـــــــد الـــــــــرف والـــــــطـــــــاـعـــــــه قـــداـمـــك مــنــوـقــف بـــطـــاعَـــه وتـــقـــديـــر ســيــوفـــــا منحنهياـ ل َـــســـيـــفـــك اي مــر الــعــتــيــق مــنــحـــــف بــرفـــــا ابألرز مبـــجـــداـن ا ْل جــــاـيــــي ابلـــعـــز الــــي كــان وْ ْبـــــل حبة ـتراب مـــن أرض لــبــنــان ّ ِ ابلـــكـــرامـــه وبـــــــق اإلنـــــــان يــمــتــع ويعيش بأمان وـكــل الــي بيرتاـجع ولك الــــي بــيــخــون بيكون ملعون ِيـ ْــ ـ َبــس مـتل التيـنه الــــي وحـــــدا ابجلـــرد اليل حارقها ابلربد حيزن متل الرسو يبيك متل الصفصاف متل الغميِه السودا اليل ممسِّرها البغض تشت َع قربو ادلين وال ّ وترشدلو ترابو الرحي من هلّق ل َِم ِّية سنِه ت ختلص ادلين وْ َ 261
في رحاب َ األخوين رحباني
ضوى الهوى قناديلو ّ
ضـــــ ّوى اهلـــــــوى قــنــاديـــــو كـــــب الــهــر مــواويـــــو
وطـــلـــع الــقــمــر وتــشــ ّوقــنــا ورق الــشــجــر رح يسبقنا
ـاب اي ورد الــعــتــب املــايــل ورد الـــــي مــاـيــل َع غــــ ُ كـتبوا الرساـيل عـلى اببُــن تـــركـــوا ورق الــرســايــل ورصان سوا نهسر سوا وميحي اهلوا تعب اهلوى ونبعت للحلو نشكيلو ويبعتلنا مراسيلو
أـخـــــدوا ادلفـــاـتـــر بــإيــدـيـــــن وانــــكــــتَــــبــــوا ابدلفــــاتــــر واحلـــــب مــســاـفــر بعينهينـ والـــعـــمـــر رشاع ْمــســافــر ويبقى احليك جيرّ احليك نهشق عىل حدود البيك وديلو قصص وديلو عن اهلوى واحكيلو 260
من شعر األخوين رحباني
دار الدوري دار اـلدوري َع ادلاـير حـــاـمـــل هــالــقــ َّصــه وداـيــــر
ســيــه طـــايـــر مـــن فــــوق ْ َ يــرفــرف مــن مَ ِ ــيــه َملــيـ ِـه طـــل الـــلـــيـــل ...واي ويــي صــــــار الـــلـــيـــل هبــالــلــيــه
وصـــيـــتـــ َّــــك تــقــطــفـــــي ْاســــ َودّ الـــــرم ومــوصــوفْــي خــدـنــي وطـــــر بـــي غفلِه وخــلــيـــــي بــقــلــبــك طــفـــِــه ِ جمــنــونــك قـــلـــي صـــايـــر عـــلـــي ظــنــونــك تـــقـــي ال ّ ّ ِ اي حـــلـــوه يـــي ْبــصــونــك ان ضحكوا هبالليل ِ عيونك
ِ فــــراشــــ ْة هــــاك اجلــــرِه اـي ْبــقَــرِّب صــو ِبــك بتصيرـي ال تــلــومــيـــــي َع الـــــــرِه مــا فــ ْيــه عــاشــق اي زغـــــرِه
ـيـــــــــا ـســـــــــت ادلار دايـــــــــــــــر مــــــنــــــدار
حــــســــاســــيــــن رف ْيـــــــ َنـــــــ ْقـــــــوِد ايمســــن شـــــــــــاف احلــــــلــــــوني يـــــعـــــشـــــق ويـــــغـــــار
ـعـــــــــــــــــــــــود أوّل عــــنــــاقــــيــــد الـــــســـــود وادلنـــــــــ ِيـــــــــه بـــــــرود وخـــــلـــــيـــــنـــــا زغــــــــار
انطـــــــــر َع الـــــ َعـــــن قــــلــــبــــن مــــــــا يل َ بــــــــريــــــــف الـــــعـــــن بـــــيـــــصـــــيـــــر ْنـــــــــار خـــــــــــرِك ممــــشــــوق ـشـــــــــــم وال تــــــدوق ّ وتــــــــقــــــــويل روق عــــــقــــــاتــــــو كــــبــــار 263
في رحاب َ األخوين رحباني
شو بيبقى من الروا ِيه شـــو بــيــبـــــى ـمـــن الـــروا ِيـــه شـــو بــيــبــقــى مـــن الــشــجــر شــو بيبـقى ـمــن الـــــوارع شــــو بــيــبــقــى مــــن الــهــر شو بيبقى من الليل من احلب من احليك من الضحك من البيك شو بيبقى اي حبييب بــيــبـــــى قـــصـــص زغـــــــرِه عــــمــــبــــتــــردهــــا الـــــرحي ّ شـــو بــيــبــقــى ـمـــن املــاـهــي مـــــن رصــــيــــف الــقــمــر ـمـــن الـــــــاس الــــي حَـــــوا مـــن الـــلـــوعَـــه مـــن الــضــجــر شو بيبقى من البحر من الصيف من ا ْل مىض من احلزن من الرىض شو بيبقى اي حبييب بــيــبـــــى قـــــــص زـغـــــرِه عــــمــــبــــتــــردهــــا الـــــرحي ّ ـمـــع قــصــص الــــرحي غــرّبـــــي َع شـــطـــوط الــعــمــر غــرّبــي اـكـتـبـني واـكـتـبـني َع الــــــــورق اكــتــبــي َع احلـــــزن وْ َع الــزـهــر َع الــصــيــف وْ َع الــبــحــر َع الــشـــــر وْ َع الضـجر وْ َع السفر اكتبين ...اكتبين
262
من شعر األخوين رحباني
َع البال يا عصفورة النهرين َع الـــــال اي عــصــفــورةْ الهنرَـين صاريل َع هاملفرق ـتالت َّايم
اي مــل ـ ّو ِنــه اي مــكـ ّحـ ِـه العينني وما كنت إستهدي َع ِ بيتك وني
صـــــارـلـــــي ـتــــــات َّايم ومــــا كــنــت أعـــــرف انم حـفرت خيايل المشس َع املـفرق ورف احلساسين ا ْل ِإجــا تفرَّق وماـ ِ كنتإستهدي َعبيـتكوني ال ْبــارة الفوقا وال ْبــارة التحتا وَال َع الـعـين ختمني ِ بيتك صار ريف العني؟ اي عصفورِةْ الهنرني
265
في رحاب َ األخوين رحباني
رجعت في المساء َ َ رجـــــــــت ـفــــي املـــســـاءْ حــــقــــوـلــــك الـــــمـــــاءْ أاـن نـــــــــــت وجـــــــي ســــــافَــــــر َ ِ ت الـــبـــــــارْ واـنــــــــــت كــــالــــهــــا ْر َ والــــرـيــــح تــبـــــي تــبــي
كـــالـــقـــمـــر ُ املــــهــــاجــــرْ َ حــــصــــانــــك الــــبــــيــــادرْ تـــــركـــــ ُتـــــ ُه يـــســـافـــرْ ِ تـــــأخـــــذ الــســفــيــ َنــه مل تــــــرق يف املـــديـــ َنـــه ِ الـــســـاحـــة احلــزيــ َنــه يف
أعرف اي حبييب مائل أنك ٌ ظل ْ وأن أايمك ال تقميْ وكاملدى تَب ُع ُد مث تبع ْد أعرف اي حبييب وحتت سقف الليل واملطرْ والعنارص وحبضور اخلوف واألمساء ْ الكون ولك ما ال امسَ هل يف ْ ِّ كل أعلن حيب َ واحتادي حبزن عينيك وأرض الزهر يف بالدي ويزنل املساء...
264
من شعر األخوين رحباني
أهلل معك يا هوانا مــــــفــــــارقــــــنــــــا أهلل مـــــــك اـي هـــــوااـن اي حـــــم اهلـــــــوى اي هـــوااـن وتـــــــــــــــارقـــــــــــــــا ّ واـي أـهـــــــــل الــــهــــر يــــــــــــــي نـــــــطـــــــروان بكرا إذا اـنــذكــروا الع ّشاق ضــــــلّــــــوا تــــــذكَّــــــروان ّ نبقى ســوى وصــوتَــك ابللـيل يــــقــــي وأان عــمــبِــمــع: ِ ِ حبــبــك حــى نـــــوم اللـيل وجنــــمــــه تــــو َقــــ ْع جنـــمـــه ِّ ِ وخــــــلَــــــص ا ُحلـــــــــب وســـكـــتـــت الـــكـــمـــه ـــــــــر اـلــــــــب ومــــــا و َقـــــــع وال ِ جنــمــه وتــــس ّ َ مـــــا اـتري الـــــــــام بــــيــــضــــلّــــو كـــــــا ْم وـكـــــل ـشــــي بــيــــــــص حــــــــــى األحــــــــــــــــا ْم واإلاـيم بمتـحي ّإي ْم أهلل مـعك اـي هوااـن
267
في رحاب َ األخوين رحباني
نجمة الكتب إلـيك من عَتَ ِ ِ ب كتـبت ُ رســــائـــــ ُــــ ُه ،مـــــــازلُـــ ُه ِ إلـــــــك عــنــد اللـيل يـــــود ـحــال ادلار يساـئل كيف ُ وميــســح دمـــــــ ًة ســبــقـ ْــ ِ ـك أعــطــيــت ـهــــذا الــلــيــل أاـن ُ ــت جنـــومَـــ ُه كتـباً جــعــ ْـ ُ
266
ـــع ِ ق تَ ِ رســــــاةل َ عـــاشـــ ٍ ـــب ِ ســبــب يـــعـــ ِّمـــرهـــا بــــا ِ الــقــصــب حـــن تَـــــــــأَو ُّ ِه كــيــف مـــطـــار ُح الــلـ ِـعــب رُغــــــم متَــــنُّــــع اهلــــــ ُد ِ ب أمســـــــايئ وهـــــاجـــــر َ يب ـــك جنــمــة الــكــتـ ِ رمســـ ُت ِ ـب
من شعر األخوين رحباني
أمس انتهينا كنا وال كاان أمــس انهتيـنا فــا ّ النعاس عىل ماضيك وارحتلَت طاف ُ َ ٍ ابتسامات مب ّل ًةل الـــوداع ـان كـ َ ـكل ثروتـنا حىت اهلــدااـي وكانت َّ عبيق الضوع ،حمرـمة رشي ـطُ َشع ٍر ُ أســمـ ُـهــا لــــراـيح األرض حتملُهاـ اـي رح ًةل يف مدى النسيان موجـع ًة
صاحب ِ ـل الوعد نسياان اي الوعد َخـ ِّ َ حدائق العمر بكياً ...فاهدإ اآلان ُ ابدلمـــع حــيـ ًنــا وابلــتــذكــار أحــيــاان ـل الـــــوداع ...نسيناها هــداايان لــيـ َ وجنــم ـ ٌة سقطَت مــن غصن لقياان حني اهلبوب ،فال أدركْ ــت شطآان ما كان أغىن اهلــوى ،عهنا ،وأغناان
269
في رحاب َ األخوين رحباني
عصفورة الشجن أان اـي عـــصـــفـــورةَ الــشـــــن يب كــم ــا ابلــطـــــل تــر ُق ـ ُه ـرح واغـــــــراب يب ،وـبــي فـ ٌ ٌ سـكن أرض ...وال ٌ أاـن ال ٌ راجــــ ٌع ـمــن صـــوب ٍ أغنـية صـــوت ـــا يــبـــــي فــأمحـــ ـ ُه ُ حملا مــن حــــدود األمــــس اي ً عشت ـبه ـت، أي وـهم أـنـ َ ُ ُّ
268
مــثــل عــيــنــيـ ِ ـك بـــا وطـــن ِ ُ الـــوســـن ِ أول الــلــيــل يـــد َ َ كـــارحتـــال الــبــحــر ابلــســفـن ِ ِ ـكــي أان عــيــنــاك مهـــا َسـ َ اي زمــــاانً ضــــا َع يف الــزمــن ِ بــن زهـــر الــصــمــت والــوهــن ِ ــصــن ِ زارين طــــ ًرا عـــى غُ ُ كن ِ كنت يف البال ومل تَ ُ َ
من شعر األخوين رحباني
هموم الحب ـل اـي مهـــــو َم ا ُحل ــــب ،اـي ُقـ َـبـ ُ ِّ زـمـــن كــمــا قــلـــــا َصـــفـــا ٌ ـب ،كـيف لـنا أهي ـــذا الــقــلـ ُ أـيــــدوم احلـــــب؟ تسأَلـني ـمــا ّ أيـــظـــل الــــــروض مــبــتـ ً وأاـن ال عـــم َ ـلـــي ،وغَـــدي ِ هـــات يل عــم ــري فأَج َعهل الـــبـــــــد ،أغــنــي ـ ٌة أاـن ،ـيــــوم ُ
ِ الــشــوق تغ َت ِس ُل يف حبـــار تشتعل ـــت كــالــرحي رجـــ َع ْ ُ ـل؟ ب مــن خــطــوه املــلـ ُ هــــر َ ٌ ـل حُــلــو ٌة جُــ َّن ْ ـس ـ ُبـ ُ ــت هبــا الـ ُ واخلــجــل ويـــطـــول الـــبـــو ُح ُ ـــل َّ لك يــــوم ابت يُـــرجتَ ُ ينتقل طـــائـــر ًا يف األرض ُ وتــرحتــل تـــأخـــ ُذ ادلنــــيــــا... ُ
271
في رحاب َ األخوين رحباني
يا حلو شو بخاف ــك اي حــلــو شـــو خبـــاف إين َضــ ّيــ َع ْ الــعــتــيــق متــــــرق عــــى اجلــــــر ْ ـبـــهـــالـــطـــريـــق وتـــضـــيـــع مـــــي ْ ـك لـــوني ؟ ال تــقـ ّـي وال اتخـــدين م ـ َعـ ْ اي حــلــو شـــو خبــــاف إين إســـأكل كـــــــ ّنـــــــو بـــــعـــــد بـــتـــحـــبـــي قـــــــد الـــــبـــــحـــــر قـــــــد ادلين وبــفــزع لتضجر مــن ســـؤايل وز ّعـــك اي حــلــو شـــو خبــــافِ ، لــيــه عــاصـ ِـفــه جنــــم خيــــطــــر َع َابل يش ْ وتـــــــقـــــــوم ِمتـــــــي هبــــالــــعــــم ْ وأنــطــر أان َع الـــبـــاب ...أنــطــر خايفه ـــت ومــا شف َتك فيا ســاعَــه إذا مَـــرْ ِق ْ ــــــــره شــــو بــــشــــوف حـــــايل زغَ َّ َ وحــــــــــديَ ْ ...بــــــــوين قـــنـــطـــرَه ويـ ِ ـحــيــا وْ َع ادلين يــزل ضــبــابْ ِ ... بإصبعك اعــمــلــي مــتــل خـــامت د َهـــب ْ ـــك اتــــركْ ــــي حــاكــيــك وإمســـ َع ْ ـــك خــــــدين عــــى قـــلـــبـــك مـــ َع ْ ْ ك... دخـ َـكْ ،بــافْ ،باف إين َض ّي َع ْ 270
من شعر األخوين رحباني
إنسى؟ كيف؟ إنىس ؟ كيف ؟ واخلمس َت ْع َش سنِه كـــــــــــت هبـــــادلـنـــــي ومـــــا كـــنـــت هبــــادلين وتـــصـــ ِّيـــــــف وتــشــ ّتـــــي بِـــــــــــــــــدوين ادلين إنـــــــــــــــــــــــــــــــى؟ إذا بـــــــــــــدر إنـــــى إنىس؟ كيف؟ الهسر واحلبس وإايم َ مشتا َقه للق َمر وخلف الطا َقه القمر ال سأل عين يوم ،وال ودّى خرب وينىس ...متل اللك بينىس حــــبــــســــتــــوـنــــي إنـــــــو ورصخ :أان بَــــرِيِّــــه ِّ تـــركـــتـــوـنـــي ورحـــــــــوا َع لـــيـــل وْ َع هســـرِيِّـــه ومـــــا قـــلـــــــوا فـــ ْيـــه انس ال ْعـــــيـــــاد وال حـــريِّـــه وبرد ...وما إقدر إغفا وص ِّور َع هاحليطان مشس كبريِه هبالليل ت إدفا وإقعد ح ّدا َ
273
في رحاب َ األخوين رحباني
هوه َع المفرق ف ْيه َق ِ ق فـــ ْيـــه مــــو َق ِ ــــده وفـــ ْيـــه انر فـــــه َقـــــــوِه َع املـــفـــرَ ْ ْ ابألرسار نـــبـــــــى أاـن وحــبــيـــــي نـــــفـــــرهشـــــا ِج ــــت لْــقـــــت فـ ْـه ــا عــــ ّشــــاق اتــــنــــن زغــــار ـــــ ْ ْ ِ مـــقـــاعـــ ْداـن قـــــَــــدوا عـــــى سقــــــــوا مـــ ّنـــا املـــشـــوار ََ ِ ِ اـي ورق األصـــــــــر عــمــنــكــر عـــمـــنـــكـــر ِ ِ الــــطــــرـقــــات الــبـــــوت عــمــتــكــر عـــمـــتـــكـــر ـبـتـخـلص غــــرك اي وطــي ادلـني ومـــا فــ ْيــه َ زغي ّ بتضل طفل ّ مـــــــل الـــهـــــــم الـــراـجـــع مـــــن ســــفــــر الــــزمــــان َقــــطَــــ ْـــــت الـــــــــوارع مــــا ضــحــكــي إنـــســـان ـكـــل صــحــاـبــي كـــــروا وتـــــغـــــر الــــــي كـــان ّ صـــــــاروا الـــعـــمـــر املــــايض صـــــاروا دهـــب الــنــســيــان
272
من شعر األخوين رحباني
يا دا َره دوري فينا ّ اـي دارَه دوري فــيـــــا ضـــــــي دوري فــيــنــا ت يــنـــــوا أســامــه ــن ونـــــنـــــى أســـامـــيـــنـــا َ ُ ِ اـي دارَه دوري دوري مــــــوعــــــدان َع الـــعـــيـــد ت يــكـــــر اـلـــــدوري وحيــــــمــــــرّ الـــقـــرمـــيـــد َ واـي هـــالـــصـــبـــح الـــنـــاطـــر ا ْل قــــاعــــد ابلـــقـــنـــاطـــر حنـنا ه ّلق جيـنا حــــبــــيـــــــــي والــــلـــــــــل راحــــــــوا بـــبـــحـــر الــلــيــل ونسيوـني َع امليـنا ت نـــتـــخــــَّـــا مـــــن درب األعــــمــــار تـــــــــا َ وإذا هـــــــي كـــــــروا وحنــــنــــا بـــقـــيـــنـــا زغـــــار ِ كـــرتـــوا إنــتــو؟ وســــألــــواـن وـيـــــن كــنـــــو ولــيــش مــا منقلُّن نسيـنا والـــــــــي اـندى الـــــــاس ت يــــكــــروا الـــنـــاس َ راح ...ونـسي يناديـنا
275
في رحاب َ األخوين رحباني
إيماني ساطع ـيي مَـــــهـــــمـــــا تـــــأخَّـــــر ـجا مـــــــــا بـــيـــضـــيـــــــع الـــــــــــــــي جــــــــايي ِ بيوصل َع غفله َ ـمن قلب الضو ـمن خلف الغمي ومـــــا حـــــدا بــيـــــرف ه َ الـــــــــي جـــــايي كـيف يبـقى ـجاـيي
إميــــــاـنــــــي ســـاطـــــــع اي حبــــــــر الــــلــــيــــل إميــــــاـنــــــي الـــمـــــــس املــــــــــدى والــــلــــيــــل مـــا بــيــتــكــر إميــاـنــي وال بــيــتــ َعــب إميــــاين ّ إـنت الـلي ماـ بتنساـني َ أاـن إميـــــــاـنـــــــي الــــــفــــــرح الــــوســــيــــع ـمـــن خــلــف الــعــواصــف جــــــــــــايي ربـــــيـــــع إذا ِ كـــــــرِت أحــزاـنــي ونــســيــي الــعــمــر الــتــاين إـنت الـلي ماـ بتنساـني َ
274
من شعر األخوين رحباني
مـعـ َّنـى َ كــاـنــوا زغـــار وعــمــر ُهــن بــعــدو طرـي ال مــن عــرف ِ َب ـ ُّمــن وال مــن دري ِ ت تلعب مـعك يق ّال ْبـيب الــرحي َ وبِكتُب ِ ت تكربي عيونك َع الشيت َ وكاـن اي ما كاـن ف ْيه بنت وصيب يــقــ ّا بـــعـــ ِّم ِ ت تلعيب ـــرل قـــر َ ودار الزماـن وبعد ف ْيه كومة حجار تـــــرخ اي إايم الــــزغَــــر ال هتــريب ّ تبقى بـــداـن تضحك هبـــاك املــدى وإبـــقـــى أان والــلــيــل منـــي َع اهلـــدا ِّ عـــم ادلّنـــ ِيـــه علـيك يــقــي أاـن رح ّ ت لعندهن توصال ما يشوفك حدا َ َع بوابـكن لك يــوم بِــرْيم بنفس ِجه صار يل سنِه ،وصـ ِ ـارل سنِه بتتفريج كن ـمدري أان مدري الطرـيق وب ِّي ُ َْ بـــــروح وبـــشـــوفـــا عـــمـــروح وجتــي دقَّــيــت ...دقَّــيــت ...وإيدـيي جترّـحوا وقنديلكن هسران ...ليش ما بتفتحوا؟ ُ ـمــدري أان ما عــدت أـعــرف اببكن ِ كن من مطرحو مدري نقل ابب ا ْل ل ُ 277
في رحاب َ األخوين رحباني
شادي من زمان ،أان وزغريِه كان ف ْيه صيب جيي من احلراش إلعب أان وااي ْه كان إمسو شادي. أان وشادي غنَّينا سوا لعبنا عىل التلج ،ركضنا ابهلوا كتبنا َع احلجار قصص زغار ول َّوحنا اهلوا ويوم من اإلايم ،و ِ ِلعت ادلين انس ضد انس علقوا هبادلين وصار القتال يقرّب َع التالل وادلين دين... ِوعل ِْقت َع طراف الوادي شادي ركض يتفرّج خفت ،ورصت إندهلو: وينك راحي اي شادي؟ إندهلو وما يمسعين ويب َعد ْيب َعد ابلوادي ْ ومن يومهتا ما عدت شفتو ضاع شادي... والتلج إجا وراح التلج عرشني مرَّه إجا وراح التلج وأان رصت إكرب زغي وشادي بعدو َّ عميلعب ع التلج. 276
من شعر األخوين رحباني
أنا َلـحـبـيـبـي أاـن َلـــــــــــــــــــي وحــــبــــيـــــــــي إيل اـي عــــصـــــــــورَه بــيــضــا ال بــــقــــى تـــســـأيل ال يــــعـــــَــــب ـحــــدا وال يـــــزعـــــل حــــدا أاـن حلبييب وحبييب إيل ِّ ـحـــبـــيـــــــي نـــد ْهـــــــي قـــــي الـــشـــتـــــــي راح ِ الـــمـــامـــه ر ِ ْجـــــــــت زهـــــــــــر الــــتــــفــــاح ّ ـعـلى أاـن اـبيب الــــنــــدي والـــصـــبـــاح ِ وحيل وبـــعـــــــونَـــك ربــيـــــي ـن َّور أاـن َلبييب وحبييب إيل ـنــــ َدـهـــــــــي حــبــيـــــي جـــيـــت ْبــــــا ســــؤال رسقـــــــي مـــــن راحـــــــة الـــبـــال ـمــــن نـــوـمـــي َ أاـن عـــــــــى درـبــــــو ودربـــــــو َع اجلـــمـــال اـي مشـــــــس املـــحــــِّـــه حـــايـــتـــــــا اغــــــزِيل أاـن َلبييب وحبييب إيل
279
في رحاب َ األخوين رحباني
شجرة الميالد زغـيرِه قصيرِه
زغــــرِه الــقــ َّصــه ،وإنــتــو زغــار ان شاهلل تصيروا كبار وبكرا ْ
ـبــ ّدي َخـ ِّـركُــن ق َّصه منحـكي وبتصيرـ ِ الليل لــيــة عـــــد ...ـفـــرح ـجديد واألطفال ا ْنـ َوعــدوا ابلطفل السعيد ِْ ـــز َ َّي الشجرَه لمليالد السعيد ـب ،وْز ِ ْيـــَــات وتِ ْ ِغـ ِّنـــــات ،لِــــ ْ وكاـن فـيه وْالد ِن ْسيِت األعـياد ِن ْسيِت ْتـــزُورُن بليةلْ امليالد ت يزينوا شجرة امليالد بَــ ْي ُ ــن ْبــعـــــد ،والـــقـــرْش بعـيد وما عن ُدن َ كت ادلين صــاروا يص ّلوا ،يركـعوا يص ّلوا وميكن صـ ُ ـات َب ِّ وكاـن ف ْيه ـبرّا ـعـندن شـجرَه شــجــرَه عــمــرا يش مــ ِّيــة سنِه رف عصافري مل َّون حـلو كتري وبـــدو يبِيت ومــا بقى بكري وف ْيه ّ غط هبالشجرَه صارت صفرا ومحرا وطلوا االوالد وتزيَّنِت الشجرَه وفرـحوا كـتري ِ ابلزينه ا ْل بِ ْتطـري وصـــاروا يغنوا ،ويغنوا العصافري وـنـــزِل العـيد ،عـيَّــد مـ ُعــن العـيد ومن َع بكرا س ّلوا وطاروا العصافري ـــه زغـــــرِه زغـــرِه الــقــ َّصــه ...وإنــتــو زغــار َّ خــــرانكُــــن قــ َّ ِ ِ ِ ان شاهلل تصيروا كبار ْحكيـنا وصــارت الليله قصيرـه وبكرا ْ ان شاهلل تـصـيروا كـبار وبـكرا ْ
278
من شعر األخوين رحباني
بيقولوا زغ ّير بلدي ي ـبــــــــــــــولــــوا زـغـــــَّــــر ـبـلد ي واـبـلــــغـــــــــب مــــســــ ّور ـبـلد ِ واملــــحــــبــــه غــضــب الـــــــــــرامـــــه غــضــب ِّ والغضب األحىل بدلي
وـبـــــــــــــــــولـــــوا ـقــــال ونـــــــــــــون ـقــــال بدلان خري ومجال بــــيـــــــــولــــوا يـــــــوـلـــوا وشـــــــو مه ّ يـــقـــولـــوا شويِّ ْة صخر وتْالل الندي ـيـــــــــــــا بـــــــــــدي اي صخرة الفجر وقطرـ ِ ّ ِ اي طفل مت َّوج َع املعركه غدي ـيـــــــــــــا بـــــــــــدي اي زْ ِغري وابحلق كبري وما بيعتدي ـيـــــــــــا بـــــــــــــدي
281
في رحاب َ األخوين رحباني
نحنا والقمر جيران حنـنا والقمر جريان بــيـــــو ـخـــــف تاللـنا بــيــطــلــع مـــن قــبــالــنــا يمسـع األـلـحان
حننا والقمر جـيران ـعـــــارف مــواعــيــداـن واترك بــقــرمــيــدان أمجلـ األـلوان ِ مع الـنهدات بِلـيل اهلـنا اـ هسران مـعو ايم مطلعو شحنا اهلوى ـغوى حاكايت وايماـ عىل ََ حننا والقمرـ جريان ملــــا ط ــــل وْزا ْراـن َع قـــــــاطـــر دا ْران ررشش املرـجان
280
من شعر األخوين رحباني
بيضوي َع الناس القمر ّ القمر بيض ّوي َع الـناس َع ـمـــزارع األرض الـناس عـــــا حــَــر ـنــحـــــا مـــا ّ إـنــــت وأاـن اـي حبيـبي القمرـ بـــــزور الطرقات ــريت ـبــيـــ ـ ّوي َ ابلــه ّ الــه ــر حنـــــا ّ مــنـــــب َ إـنــــت وأاـن اـي حبيـبي
والــــنــــاس ـبــيــتــقــاـتــلــوا َع حـــجـــار بــيــتــقــاـتــلــوا ال ْمـــــــزارِع وال س ـ َجــر بيك ّفـينا ضـــ ّو الــقـ َمــر لك ادلـنـــي بــي ـ َشــعــشــع ّ َع الــفــقــر وْ َع اـلـــــي الس َفر وْ َع درب الليل ّ ويــرافــــــــا ضـــ ّو الــق ـ َمــر
قالويل البالبل صبح ِّيه هــــاحلـــــــــول وـســـــاع وادلين
بـــــــســـاع
ن ّيال اليل بريجَع عش ِّيه وْ َع ـكـــل الـــــواب ـبـــــتــاقــى بــصــحــاب ّ تعا اـي حبـيـبي ـمـــع طَــــــــر الــغـــــاب نــقــ ُعــد َع َه ــالــبــاب غرـيب وغرـي ِبه
283
في رحاب َ األخوين رحباني
فايق يا هوى فـــــاـيـــــق اـي ـهــــوى ملْ كـــــ ّنـــــا ـســــوا هســــرـنــــي ووصـــــــفـــــــويل دوا وادلـمــــــــــع ّ اتري ادلوا حبك وف ّتش َع ادلوا فـــاـيـــق ّمل ـــــا راـحـــــوا أهـــالـــيـــنـــا ـمـــشـــوار تــــركــــواـن وراـحـــــــوا قـــــالـــــوا :والد زغــــار ودارت فــيـــــا اـلــــدار وحنــــنــــا والد زغـــــار واهلـــــــــــوى ـجــ ّمــعـــــا وفـــــرّقـــــنـــــا اـلــــهــــوى طـــــــر املـــــــا جــاـيــي مـــــن ســــفــــر طـــويـــل وعـــــــى ابب الـــهـــرَه تــــبــــي املــــــواويــــــل نـــطـــــــي الـــقـــنـــادـيـــل وتــــبــــي املـــــواويـــــل ونـــهـــر عــــى الــعــمـــــه تْـــ َنـــ ْي ِ ـــنـــتْـــــــا ســـوا فايق َع هسرَه وكان ِف ْيه ليل ونِدي والــنــار ع َ ْمــتغفى حبضن املــو َقـ ِـده والعتوـبه مسافرَه ومــا ِف ْيه ـكالم ال ِه ِ قلبك وَال قلـبي ِهدي ــدي َ ك ِيت غصون الورد َع ِ كتف السياج وانم احلــي والــنــاس واهنـــ ّد الــراج وتِ ْ ـل القمر َع ضيعتو وف ّلوا اـلــدراج ِوق َّل بقَش بكـير وتق ّلي اقـعدي وفـ ّ
282
من شعر األخوين رحباني
ْب ِح َّب ْ ـك يا لبنان ــــك اي ـلـــــنــان ْ ِبـــــَّ ْ بـــمـــاـلـــك جبــنــوـبــك بـــتـــــــأل شــــو بـــــي؟ ــــك اـي ـلـــــنــان ْ ِبـــــَّ ْ عـــــدك ـبــــدي ِإبـــــى إتـــــــــــذَّب وإـشـــــــى إـنـــت بترتكـني وإذا َ ِ ادلنـــــه بــرجــع كــذبــه ــــك بـــفـــــــرك ْ ِبـــــَّ ْ أاـن قــلـــــي َع إـيـــدي والـــــهـــــرَه َع ابـبـــك ــــك اـي لـــــنــان ْ ِبـــــَّ ْ ســـألـــوـنـــي شــــو صــاـيــر مـــــزروعَـــــه َع ادلاـيـــــر قــــلــــــــــُّــــن بـــــــداـن ـلـــــــنـــان الـــكـــراـمـــه كيفما كنت ْ ِببَّك وإذا حنـــــــا تــفــرَّـقــنــا وحــــِّـــه ـمـــن تــراـبــك ــــك اـي لـــــنــان ْ ِبـــــَّ ْ
ِ ـــــك ْ اي وطــــــي ِْبـــــبَّ ـــــك ْ بــــهــــك ْبـــــبَّ وشــــــو الــــــي مــــا بــي وطـــــــــــــــــي اي ويـــغـــــــبـــوا الـــغــــَّـــاب واي مـــــى الـــعـــذاب اي أـغـــــى األحــــبــــاب واتج األرض تـــراب ــــك وبـــــــــزّك ْ ِبــــبَّ ْ لَـــيـــنـــســـاين قــلــبــك أغـــــــى مـــــن ِ ـســـــــه وطـــــــــــــي اي بـــــبـــــدي الـــعـــــــد انر وبَــــــــوارـيــــــــد عـــمـــيـــخـــلـــق جـــديـــد والـــشـــعـــب الــعــنــيــد ــــك جبـــنـــونـــك ْ ِبــــبَّ ْ بـــيـــجـــ ّمـــعـــنـــا ـحــبــك بــــكــــنــــوز ادلـنــــــي وطـــــــــــــي اي 285
في رحاب َ األخوين رحباني
أقـول لـطـفـلتي أـقــــــــــــول لـــطـــفـــلـــــــي ومصـــــــــــــت اـلــــرـبــــى ُ ِ ـره نــصــ ّـــي ...فــأـنــت صــــ َ
إذا اـلــــلــــيــــل بَـــــــردُ ىب ال تُــــــَـــــ ُّد رُ ً وإن الصغار... َّ صالتُم ال تُردّ ُ ِ أَال جــــئــــت نَــــهــــرْ وس ّ ولــــــــــــو ٌز ُ ــــــك ِــــــرْ وإن الغناءَّ ... أقرص ّ خيل انتظارَك ْ
أـقــــــــــــــول جلـــــارـتـــــي ُ فــــــعـــــــــــــدي تـــــــن َ ِ نــغـــــي ...فــأـنــت وحـــ ـ َده ّ عـــــــــــــــدي ـبـــــــت صــــغـــــــــرَه وأرض ٌ ـفأاـن األمـــــــان اآلن يــســكــنــنــي ْ ْ األرض ِ ال أبـــــــــــــــ ُع أرـضـــــــي بِـــــــذَهـــــــب نان تراب بالدي تراب ا ِجل ْ الزمان ِوف ْيه ينام ْ رصت وحـــــدي أـقـــــــــــــول لـــبـــيـــتـــــــا إذا ُ ــــــــت لـــــــــال بـــــثـــــــــــجٍ وـبـــــــــــــردِ ْ وهـــــــــَّ ْ ليايل وبييت انرُ ومييض الشتاء ...رفيقاً َ كغابة وردِ
284
من شعر األخوين رحباني
بكرا إنت وجايي بـــــرا ِّزي الــــــرحي إنــــت وجــاـيــي رح َ ّ خــــي الـــمـــس مـــرا ِيـــه والــــكــــنــــار يــصــيــح ِّ و ِّمجـــــــــــــــــــع اـنس وعــــــــــــي ـقـــــــواس لك شارع َض ّوي حاك ِيه و ِب ّ إنت وجايي بكرا َ اـي ـحـبـيـبي بـــــرا إنـــت ومـــارق رَح َصــــــــ ِّور ْبــــــراج َ وإرـســــــــم الـــبـــــــارق ادلراج روس َع وـصـــــــــوت الـــــــــــد ـيـــــــــــــرن بـــــــيـــد ّ املفارق والشجر يبيك َع َ إنت ومارق بكرا َ اـي ـحـبـيـبي رايـــــَــــك مــنــصــوـبــه وادلهـــــــب مـــزانَـــك اعـــمـــلـــــــي ل َــــُّـــو ِبـــه وامحـــلـــي َع حــصــانَــك وابلـــســـاحَـــه الــكــبـــ ـرِه ـــــي ْت َ ْ ـــــــ ِـــــــَــــــرْ ِف ّ ـــــــــي وعـــــ ِّــــــق الـــــــــــرِه عــــــى عــــــــــ َ ّ بـــــرا إـنــــت وطــالِــل بــــركــــض بــاـقــيــك َ ِ وســـطـــــــوح املـــــــازل كـــــــ ّا شــ َبــاـبــيــك ِ ِـتد ّل وإـنت ـتــــــــــد ّل عـــــــلـــــــي َ ّ ابلسنابل ومتسحـلي جَبيين ْ إنت وطالل بكرا َ اـي ـحـبـيـبي 287
في رحاب َ األخوين رحباني
إذا كان ذنبي ِ حبك س ّيدـي أن إذا كاـن ذنيب ّ ذنـــوب ن فـــ ُّ ل لـــــايل الــعــاشــقــ َ ُ رب وإـنــــي ـلــمــرةٍ أـتــــوب إىل ّ ِ أتـــوب إـلـــيـــك رب: يــســاحمــي ّ ُ
286
من شعر األخوين رحباني
بقطفلك بس ـبـقطــفـلك ـبس هـــاـلـــمـــرَّه ـبس َع ـبـكرا ـبس يش زـهــــرَه مح ــرا وال ـبدي يش بـعد بييت بيصير وـعد اـي وـيـــل عـيوـني مـتل املجـنوـنه ـبـقطــفـلك ـبس هـــاـلـــمـــرَّه ـبس َع ـبـكرا ـبس يش زـهــــرَه مح ــرا ـل هشرـ ِ ْبـــمَ وبــضـ ّ بيطلعيل ـقول شعر َكر ـمرَّه ـبـتذ ّ و ِبــه ــاك الهسرـَه ـبـقطــفـلك ـبس هـــاـلـــمـــرَّه ـبس َع ـبـكرا ـبس يش زـهــــرَه مح ــرا
هـــــاـلـــــمـــــرَّه ـبـكرا َع زـهرَه ـشي ـبس و دارـيك إ ّال ّملـــا حباكـيك بتندهل كيف َ وبــتــصــيــر تقكل هـــــاـلـــــمـــــرَّه ـبـكرا َع زـهرَه ـشي ـبس و ابـلـــــي مــشــغــول ومــا بــعــرف قول هســــران ِبــخــمَــه و ْش َو ْش َتك كملِه هـــــاـلـــــمـــــرَّه ـبـكرا َع زـهرَه ـشي ـبس و 289
في رحاب َ األخوين رحباني
ِبكرم اللولو سل ـكــرْم اللولو ِفـ ْــــه ِّ ِبـ َ ِ خصل وحبييب ِمستْحيل
مــلــيـ ِ ـانــه عـــــاقــيــدا ُســـودْ وفكري إرسِقــلــو عنقودْ
ِ خبت ِ صيغهتاـ ف ْيه ِحلوِه ّ وبــكــرا بِــلــي ـةْ خطْ ِبهتاـ ِ والــــزيـــــــــه بـــــاـلــي والـــقـــــــب الــغــاـلــي
واهلـــــــــــوى انطــــرهــــا بــتــلــبــس أســــاورهــــا َع الـــشـــ ّبـــاك الــعــايل َع ْجــبــيــنــا مــعــقــودْ
حبه َقطْف العـنب حَ ِّبه ِّ إحكيل ـعن حُ ّب بَ ّدي َ ِ رـيشه رـيـشه ـفوق ِ وْ َع َســطــح ال ـ َعــرـيــشــه
288
الـــنـــاطـــور مــقــابــي ــَــك ِ وفــزعــانــه إحكيل َك ِ ابلريشه رَح إكــتــبـ َـك ـقــــ َم ــــرِيِّــــه و ْبـــــــرود
من شعر األخوين رحباني
ش ّتي يا دنـي ِ ت يزـيد ـــــــــا شــي اي دن ـ ِـــه َ ّ مــــوســــنــــا و ِـي ْ م وزَرع جدـيد ْبــــَـــ ْــــلـــتـــنـــا ِيــعــا تِــدفُــق َ ّ خلّيـلي عيـنك َع ادلار َع ســيــاج الـــي لكّـــو زرار بُـــــرا الشتويِّه بـتروح وـمــــــــاقــى بِـــــُــــ ّوار ِيـلى ـعـيد وِيـضوي عـيد ونِزرَع ون ِْل ّ ـعـناقيد وانــطُــرين وال تبقى ِتف ّل وترتكين وَحدي َع ِ مط ّل َ ّج ِ ــك ِحـــرج زـهــور ايمســـن ومــ َنــتــور ِ ـــل ــعــت ّ وف ّ زَـهرَه بإـيد وـقـلب بإـيد واي خويف القيك ْبعيد ْب ِ وانــطُــرين حبــقــول الرـيح ــدن ْــ ِيــه عــنــاقــيــدا تْـــاوحي ــبــك ِ ْتـــرحي َخ ّبيـني ْبـ َفـ ّيــة عي َنـيك جَـــرّحـــي حُ ّ ـقول وزـيد وغ َ ّني وعـيد ونِزرع هاأل َرض مواعيد
291
في رحاب َ األخوين رحباني
يا حجل صنين اـي حـجل صنني ابلعاليل خـــِّــرْ احلــلــوني عــى ـحايل املـــــــي اـي حـــــــل َع ّ اـلـــــــي زور هـــــاك ّ ـفــي وجـــــــب خــصـــــة ّ وازرعـــــهـــــا َع املـــــي اي حــــجــــل وانــــــــزال ســـــابـــــق اخلـــــ ّيـــــال وان اان َع الـــبـــال قــــلّــــو رصت خــيــال مـــطـــل بــــيــــهُــــن ع ّ بـــهـــل ع ادلين ّ فـــــل اان بـــــــــدي ّ وانـــــت وحـــــدك ضل اي حـجل صنني ابلعاليل خــر احللوـين عــى حايل ّ
290
اي حــجــل صــنــن ابجلــبــل خــــر احلـــلـــوني اي حجل ِّ إنـــــــــــت وراـيـــــــــح َ راـيح راـيح َع اـلـــــــــــواـنـــــح ـيـــــــــــــــا حـــــ ــــل اـلـــــبـــــيـــــادر َع إنــــــــــت وطـــــايـــــر حُـــــــــــــي خـــــاطـــــر ـيــــــــــــــا حـــــجـــــل هـــــــــاك الــــقــــاطــــع ـبــــــــــــانب واســـــــــع صـــــــــــــوب راجــــــــع ُ ـيــــــــــــــا حـــــجـــــل اي حــجــل صــنــن ابجلــبــل خــــر احلـــلـــوني اي حجل ّ
من شعر األخوين رحباني
هيال يا واسع هـــــــــا اـي واـســــــع هــــيــــا هــــيــــا هــيــا مـــركـــــــك راـجـــــع هــــيــــا هــــيــــا هــيــا ِ لـــيـــه بـــــــمــــَـــك ـلــيـــ َــه وعـــبـــســـتـــك َ هيال هيال هيال ســــافَــــر بــلــيــة رـيـــح ودار ادلفَّـــــه جــنــوـبـ ِيــه حـــــت عــلــــ ِـه الــرـيــح وصــل عىل املينا الغجر ِيه َّ ّ ـلـــيـــه وانــــقـــــَــــت ـلــيـــ َــه وأرش َقــــــــــــت َ هيال هيال هيال شــــ ّد الـــــــــراع وـســـــر بدل احلبايب ما يه ِ بعيده ِ سعـيده بـــِّــر وـقــــول اـي كبري وتبقى سفر ّيتنا ـلــــيــــه والــــســـــــــد ـلـــيــــ َـــه واهلــــــــــــــوى َ هيال هيال هيال
293
في رحاب َ األخوين رحباني
نسم علينا الهوا َّ نـــســـم عــلــيـــــا اهلـــــــوا مـــن مـــفـــرق الـــــوادي َّ اي ـهــــوا دـخــــل اهلـــــوى خـــــدين عــــى بــــادي ّ اـي ـهوا اـي ـهوا يــــــي طــــايــــر ابهلـــــوا ِ ـــــــــــه مــــــــــــــورَه طــــــا َقــــــه وصـــــــــورَه ف ْ خدين لعندن اي هوا ِ ـفــــزعــــانــــه اـي قــلــي إكـــــــر ِـبــ َهــالــغــربِــه ومــــا تــعــرفــي ـبـــادي خـــــدين عــــى بــــادي شـــو بـــــــا؟ شـــو بِـــــا؟ اي حــبــيــي شــــو بِـــنـــا؟ ِ ـكـــــــــــو ـــــــــا ّ وكـــــــــا ـتـــــــــــ ّــــــوا ع ّ وافرتقنا ...شو بنا؟ وبـــــدا الــمــس بتبـكي َع الـــبـــاب ومــــا حتيك وحيـــــي ـهـــــوا ـبــــادي ـخـــدـنـــي عـــى ـبـــادي
292
من شعر األخوين رحباني
يا طير اي طــير اي طاير عىل طراف ادلين ـلو فيك حتـكي للحـبايب شو بِين اـي طاير وآخذ مـعك لون الشـجر ما عــاد ِف ْيه إ ّال النطرَه والضجر وملب ِ أنطر بعني المشس َع برد احلـجر كه وإيد الفراق ـتـه ّدين ّ
وحـياة ريـشاتَك وإايـمــي ـسوا ان ك َّنك لعندن راحي وجن اهلوى
وحياة زهر الشوك وهبوب اهلوا خدين وْلَنُّو يش دقيقَه و...ردّين
295
في رحاب َ األخوين رحباني
فايق عليي ـفاـيق علـيي؟ ِ حننا اليل ك ّنا هباك الع ِّليِّه نبقى نقعد ابلقناطر وقت الشتويِّه ـفاـيق علـيي؟ ـمـــن زمـــــان وزمــــان حنــنــا كـــ ّنـــا جـــــران تــبـــــوا تـــــــوا لــــ ّــــا نـــقـــعـــد ســــــوا ونــمــى ونـــــــ ّور َع احلــيــط ــان ون ْـــقـــك اي شــيــطــان و ّقـعت املزـهريِّه ـفاـيق علـيي؟ بـــ ّعـــدتـــــــا الــطــرـيــق عـــن طــريــق العـتيق وـمــدري كـيف التقيـنا صـ ِ ـدفــه وضحكوا عينينا وضحكت عىل احليطاـن ُصـــــــ َوران مـــن زمـــان صيب انطر صب ِّيه فاـيق علـيي؟؟
294
من شعر األخوين رحباني
جايبلي سالم ح ا ْل لِـنا َب ّ ب َع َ ّ كـير طَ ّلـ ا ُحل ّ هاـلبنات جم ّمـعني ك ّنا وكاـنوا َ
جــــايــــبـــــــــي ـســــام جــــايــــبـــــــــي سَــــــام نــــ ّـــــض ـجــنــاـحــاـتــو ومـــــل الــــي بــريــشــاـتــو قَـــ ّــــي َع الـــرّ ّمـــاـنـــه وبـــــيــوـنــو ادل ّب ِ ــــانــــه شـــو َقـــ ّــــي شـــو ق ـ ّـــي ّ تــطـــــي مــــا ـبـــــــ ِّدك وَدّيـــــــــــو يش ورـقــــه وامـــرقـــيـــــــك مـــرقَـــه وـكـــل لــيـــِــه عش ِّيـه ـقــــ ّوي الـــضـــ ّو شــويِّــه بـــيـــعـــرفـــهـــا عـــاـمـــه ابلـــس ِ ـــامـــه وتـــقـــوـمـــي ّ
حامل مَعو عتوبِه وحيك ودمع و َهنا َيِّي وماـ َبع ِرف ليش ن ّقاين أان
عــــصــــفــــور اجلــــنــــاني ِمـــــن عـــنـــد ا َحلــــنــــاني َع شــــ ّبــــاك ادلّار خمـــــــي رسار رسار ّ ِغــطّــيــت وحــاكــاين ِشـــ ْفـــت اهلَــــــوى ابني عــتــبــان اـلــمــحــبــوب ا ْبــ ّعــتــيــلــو مـــــتــوب عــلــهــا كــتــيــ ِبــه زرقـــا مــطــرح مَـــ ّنـــو ســاكــن ِ قـــنـــديـــك ضــــ ّوـيــــ ْه وارجــــــــــي وطّـــــــــــ ْه ّ ت تــنــايم وبــيــصــي َ ويـــبـــقـــى قـــلـــ ِبـــك الني
297
في رحاب َ األخوين رحباني
بـعـلـبـك بعلـبك أان مش َعه عىل ِ ِ ســيــاجــك دراجــك وردِه عــــى أاـن ِ نقطـة زيت ِ برساجك بعلبك اي قـ ّصــة ِعـــزّ علياـنه وابلــــــبــــــال ِحـــلـــيـــاـنـــه َ اي مع َّمرَه بقلوب وغناين ـهــــــون حنـــــــا هَـــــون ل َــــــــــ َوني بَــــــــدان نـــــروح اـي ـقـــــــب اـي مــشــ ّب ــ ك حبــــــجــــــارة بـــعـــلــــَـــك َع اـلدـهرْ َع سنني العمرْ ـهـــــــون حنـــــــــا ـهــــون و َضـــــــ ّو الـــقـــمـــر مَــشــلــوح َع أهـــلـــــــا احلـــــــوـيـــن َع بــــيــــوت غـــرقـــاـنـــن اـبلعطرـْ بغماـر الزهرْ ـهــــــــون رح ـنــبـــــى نــــــــــــــد وـنــــــــــــــى نــزرع السـجرَه وحَـــ ّدا الغ ّنـيِّه ولـــدين حنــي حــا ِيــه ِإهل ـ ِّيــه ـهــرات ِم ِ مس ِّيه وبعلبك هبــادلّـهــر مـضويِّه وْ ِ َع إمسها الـ ّ بعلبك أان مش َعه عىل ِ دراجــك ورده عــــى ســيــا ِجــك أان نقطة زَيت برساجك
296
من شعر األخوين رحباني
وعدي إ َلك وَعدي َإل :وعد الصوت غ ّن َيل ّ وخل ادلين تغ ّن َيل ونَ َدروين َإل مني ّمحلين السيف ّ وقل :ق ّدمي ْه ت إحيك وشو ّقل ابيل َ ت ميكن لو َس َ ك ّ ميكن لو ما إحيك ِ كنت هلّق ِفلّيت كنت هلّق ابلبيت اـي إـمــــــي ال تـــــطــري ـق ّدام اـلب ُ ّوا ِـبه ِ ومـــــك ِـبــرتـــــب اـلـــدار ال حتـــســـبـــــــي حــســاـبــي ِ واـي َخـــطـــــــــــي صـــالـــ ْح ال تُـــنـــطُـــرين ـبــ َهــالــهــرَه بـــــــــأي َس ــــــــرَه وال بِـــــهـــــرِةْ بُـــــــرا وال َّ أان كتبوـني َع وَرَق الـنار أان ّمحـــلـــوين مهــــوم كــتــار والزم إمــي ابلض َيـع الـغرْب من بيت ل َبيت ومن دَرب لَ رب واـي صــــاـلــــح خــطــــــــي حــــــــــاايت الــــلــــيــــايل ــــطــــن بِـــبـــايل وفـــســـاـتـــــــن اـلـــــــرس ا ْل خــــ ّي ُ ـخــــدهُــــن وـعــطـــــــــــن لـــــــي بـــــنـــــ َّيـــــه اتين ُ ـتـــــــــدر تـــســـــــد مــعــه ــا وانــــســــاين وال تــنــســاين أـنــــــــــــــــــــا إـلــــــــــو لــــلــــواقــــف ابلــــزمــــان لجد لبنان حياـتي ومَوـتي بـن ُدر صوـتي َ 299
في رحاب َ األخوين رحباني
ال ه ّ ه ّ ال يا تراب عـينـطو َره ه َ ّال ـه ّال اي ـتراب عينطـورَه اي مَلفى الغمي وسطوح العيد ِ ِس ّت ـمن فوق ل َو ّفيي زورا راحت َع العيد والعيد بعيد َهـــ ّا َهـــ ّا اـي دار حمبوـبي انطران الصيف َع ابب ادلّار ُص َوراـن فوق َع الغمي مكتوـبه مكتو ِـبه خبار والعمر خبار حــــــــب جـــديـــد اـي صـــيـــــــف ـجــدـيــد اي ّ ت تصير ـنبيد وأاـن انطر اي عنب األشقر َ بَيتَك هاللـيل واللـيل ـغ ّنـيه وسطوحَك غمي ِ والزينه فَوق اـي ـحـبـيـبي ال تعـتب عَ ّلي جايبـني صو َبك طري ال ّشوق ِ راـحـــــــت مَـــواعـــــــد رجـــــعـــــت مـــواعـــيـــد ـب ّدي روح زورك اي حبيـبي وانطر للعيد
298
من شعر األخوين رحباني
يا بيـّاع الخواتم اي ب ّياع اخلوامت ابملـــــومس الـــــــي جــاـيــي ِجــبــي م ـ َعــك يش خــامت اي ب ّياع اخلوامت رَح ِيــركـــــي حبيـبي احــبِــســي ـحـــــيــي خبــامت َقـــــ ّــــــي انـــطـــريـــــــي بِـــــرجَـــــع بــصــيــفــ ِّيــه ِ وال تـــســـأـلـــــــــــي ــــيــــك هــــديِّــــه خمــــب ّ وـمـــن مَ ِ ــديـــــه لْ ــديـ ِـنــه يـــودّي يــقــول :انطُريين وعَــمــبـــــروح املـــــوامس وبـــإيـــدي مــا فــيــه خــامت ِ حَيَّد بــعــيــده ـعـلـيـنا ودار ا ْل لــنــا ِ وحـــكـــــــوا ـعـيـنـيـنا وتــــطَــــلّــــع ـبـــإـيـــدي اـي بـــــــــاع املـــحــــِّـــه إصــ َحــا تــنــســايل ِالعل ِبه ّ ِ ْبـــنـــاقـــــــد ا َحلـــمـــاـيـــم دخـــــك ودّيــــــي خــامت َ
301
في رحاب َ األخوين رحباني
بدو القمر حبيبي ّ حبيـبي بَ ـ ّدو الق َمرـ والـــقـــمـــر ْبـــــيــد والـــمـــا عــالـــــه مــا بــتــطــاال اإليــد ِطل ْع علي الناس ت عىل السطح دَلّـــوا ّ ــــروا احلـــرّاس قاـلوا ِمدري شو هباـ و َخ ّ قلتلّن بَ ّدي الق َمر قاـلوا القمر غاـلي حَ ّقوا عَــر ليايل عَرش ليايل َسر ِ و ِإـلــي عَرش لـيايل هسرانه َع السطح ِ ِ وحـــاـســـه حبــاـلــي ونعسانه تعباـنه خــايـــــه ـل اـنم ويــــــزَل الــقــمــر ويالقيين غاف ِيه ّ وتــرـقــو جارتـنا يــــي مــزاعـ ِـلــتــنــا ِ ــــبــــا حبييب وتعطـي ْه َلبيـبي وحي ّ وأان صير غَري ِـبه
300
من شعر األخوين رحباني
يا قمر أنا و ِايّاك اي قمر أان و ِ ّايك ُصح ِبه من زَغَــراـن ِحــبَّــيــنــا قــمــرْان وايك ِوعشنا أان ّ وايك وايما أان ّ ل َـــــــــ َّو َّن َســــااـن وِزرعــــنــــا هـــواان اي قمر أان و ِ ّايك َخطَر اهلوى َع العني واحلـــــــو ِ ِ ِ اـنطـــراـن قناطران ِضحكوا ابلورد َع اـل َم ْيل َْي واحليك حيك و َع البال ق َصص اهلوى تنقال َخطَر اهلوى ابدلّار ُبكرا ادلِين بتوىع قــالــولـــــا أوـعـــا َع رسار مَ ّنا رسار ق َصص وق َصص تنـقال ِحمل وْلِفي َع البال
303
في رحاب َ األخوين رحباني
يا ساكن العالي ِ اـي ُـــــــل مــــن الـــعـــايل ســـاكـــن الــعــاـلــي ط ّ ـعــــــــــَــــك عــلــــــــا عــــــى أراضــــيـــــــــنــــا جع إـخوِتنا وأهاـلينا رَ ّ ِ الـــواســـ ْع هــالــه ــ ْل ـمــن املداف ْع ِاملمحي ب َصوت َ َ إيديَنا مرفوعَه َصو َبك ِمـــــل الــشـــــر الــعــاري الـــي ِ ســاجــد ابلـــــراري اي رب ! اي ِ ساكن العايل ـات بيوتـنا مـ ِـنــنـ َدهـ َـك حتمي بيوتنا عَـــن عــتــــ ْ ترصخ َع اب َبك عينينا ّ ِ كـــعـــــــا هبــالــلـــــاـلــي صان دَمـــــع الــلــيــايل رَ َ ِ ايساكن العايل رب! اي ّ ِ ـــــا بـــــوت سطوـحا ِعـــلِّـــ ِّيـــه ورا عــلِّــ ِّيــه ع ّ ولـــلـــحـــرّيِّـــه ـبــــواهبــــا مــفــتــوحَــه لــلــمــس ُ ُـــــــل مــــن الـــعـــايل اـي ســـاـكـــن الــعــاـلــي ط ّ وطَــــــــــِّــــر ا َحلــــمــــام اإليم َع طـــــــراف ّ وقَـــــــــــــــ ِّد ْراـن نـــــــام َع إيــــــــ َدني الـــســـام
302
من شعر األخوين رحباني
ي َّ ال ْتنام ريما يَــــــــ ّا تـــــــــام رميــــا يَـــــ َّا ِ ـــب الـــــا تــــ ّ ـيـــــ َّا جتـــهـــا الـــعـــوايف ـي َّال ـتـنام ـي َّال ـتـنام روح اـي َحـــام ال تص ّدق رـيــمــا رـيــمــا ِ احلــنــ َدقَّــه ِ ـبيبوسك حبك والـــــي ّ بـــــــــاع الـــعـــ َنـــب اـي ّ إلـمي ـقوـلوا َخـــطَـــفـــوـنـــي الـــغَــــَـــر الــتــشــتـــــه والــتــشــتـ ِ ــــه ِ ــــب اهلـــــوا وكـــ ّم ـــا ه َ ّ هــــاي هــــاي هاـليـنا ت ن َغـسل تـــــاب رمياـ َ
يَـــــــ َّا جيـــهـــا الـــنـــوم ـــــب الـــ ّصـــوم يَـــــ َّا ِحت ّ ِ ـــــــل يــــــوم بـــيـــوم ك ّ الدْ َ ْبــــــا طَـــــر ا َحلــمــام ت تنام بِض َحك َع رميــا َ َشــعــ ِرك أشــقَــر ومــ َـ ّقــى الــي ِ بغضك شــو بيرت ّقى ِ والــــــــــــَــــــــــــِّـــــه ــــــي َــــــب ّ قـــــــولـــــــوا ل َ مــن تَ ــت خمية جمدل ِّيه واخلـــوخ حتــت ِامل ِ مششه القــطُــف ل َــرميــا ِمـمْـ ِ ـشــه ـلك ِنك عريينا دِستِك ْ ونِــنــر ُهــن َع الياـسمينا
305
في رحاب َ األخوين رحباني
يا شمس المساكين بـــيـــــــي أاـن بــــــَــك ومـــــــــا إيل حـــــدا ـمــن ِ كــرمــا انديــتَــك و ِ ِســــــــــــــع املـــــــدى نَـــطـــرتَـــك َع ابـبـــي وْ َع ِ ــــل الــبــواب ك ّ َع مشـــــ ِ كــتــبــتــ ّـــك عــذاـبــي س الــغــيــاب ـرك ال تنساين ال ِتــمــلـــــي ال تنساـني ما إيل غـ َ بدلي صارت منفى الربيِّه طرقايت ـغطّاها الـشوك واألعشاب ّ ِ يطل عل َّي ابعتيل ِـبهالليل من عندك حدا ّ ال هتـ ِـمــــــــي ال تنساـني اي َشــــس املــســاـكــن ـمن أرض اخلوف ْم ِن ْن َدهكل اي مشـــس املــســاـكــن ـمـــن إـي ّم املــظـــــوـمــن مــن لــفــتــات املــوعــودني َـــــــي عَم ِبن َ ْدهل خ ّلي يـض ّوي صـــــوتَـــــك ِعــــ ّ ــــــــِّـــه أاـن َع ال ـ َوعــد و َقلـبي طاير صــــوبَــــك غ ّ ِ ســــاعــــ ْدين أان زَـهــــرَه ـمــن زهـــورَك ابركْ ـــــــي ابـلــــ َّدـمــــع بـــزرَعْـــــــي ابلــــفــــرح بــتــحــصــدين ـعــــدل ـفـــاض عــَـ ّــــي كــــرَمَــــك ضـــــ ّواين َ ِ ِ إذا كــ ّـــن نــــــــوـنــي وحــــ َدك مــا بتنساين اندـيــــَـــك ـمـــن حــزـنــي ْعــــرِفــــت إنّـــــك ميع كــــــي اوســـــــي اـي ـمـــطـــارِح واي أرض ار َ َ 304
من شعر األخوين رحباني
ال تجي اليوم ال ِتـــــــــــــي الـــــــــــوم ِ اـلـــزـيـــــــه مـــــش ـلـــــــا حنـــــا لـــــا و رَق اخل ــرـيــف وأاـن إـنت وـغـير َ
بُـكرا ِتـجي وَال ِ وبَـــــــــــارق اـلــم ــدـيـــــه ا ْـل عمبيد ّهب مراكب الرصيف اي ـحـــــــــــي مــــا ِلـــــا
ال ـتـــــــــــي الـــــــــــوم وَال تـــــــــي ُبــــكــــرا ـخــــوـفــــي لـــَــــــَــ ّــــــي ابلـــعـــيـــد ومــــــا تــقــشــعــي تـــــا ملـــا بـــيـــــــ َده احلـــــن مــــومس الـــنـــاس املــنــس ـ ّيــن إـنت املدى َ ـقــــــــــــــك مــــــا ـحــــدا وبــــــعــــــدك مــــــا حــــدا اـي حبيـبي إـنــــت وجـــاـيـــي اـي حبيـبي ال تِـــــــــــي ابلـــمـــس َ ـبـيلحَقَك خـيال َك تعا ابلضبابِه تعا َبال خيال أاـن ـخـيال َك
307
في رحاب َ األخوين رحباني
إنت حبيبي ال َ إـنـــــــت حــبــــــــي ال َ قــ ّصــتــــــــا الــغــرـيــ ِـــه ِ وصت ع ـ ّنــك غري ِبه مـــــــــــارِح تــاقــيـــــا بَـــــــــرْدْ وْحَـــواـلـــــــنـــا ــــــ َور خــــزّقـــــــــا الـــــ ّ رِدّتـــــــــــو مَــاتــيـــــو ِ ـكــل مـ ِـن طــوي رشاعو وـضاـعوا وَلَ ـين ـبـــــــدا ـتـــفـــارَـقـــــــا َ ـبـــخـــاطـــرِك َص ـ ّلــيـــــي
306
وال ربــــيــــنــــا ســــوا شــــلّــــعــــهــــا اـلــــهــــوا انــــســــاين اي حــبــيــي ْقـــــعـــــدان َع حَـــجـــر ِ عــــــراـينــــــه الـــ َشـــجـــر وـمـــحـــيـــنـــا الـــقَـــمـــر مَـــاتـــيـــي وردّ َل هبـــاـلـــمـــدى وراح َع جـــــر الــــ َصــــدى هَدا وادلـني تِـــســـ َعـــد اي حــبــيـــــي
من شعر األخوين رحباني
فيه حدا ما ْ ما ـفي ْه حدا ال تنديه ما في ْه ـحدا عَــم وطــريــق وطــر طــايــر َع اهل ــدا ولكن صاروا َصدى؟ مس ّ ولكن ،شو َق ُ كر والعشب غطـى اـلدراج شو َق ُ اببُن َ وماـ فـي ْه ـحدا مَع مني بَـ ّدك تِرجيع ب َعمت الطرـيق ال ِ شاعل انرُن وال عندك ْرفيق اي ريــت ُض ّوـينا القَندـيل العتـيق ابلقنطرَه ِ ميكن حدا كان اهتدى وماـ فـي ْه ـحدا اـي قــلــب ِآخــــراـت مـــــك ت ّعبتـني شو ابك دخكل رصت هيك؟وشو بين؟ اي رَيــتــي شــجــرَه عــى مط ّلـ ادلِين وجــراـنــهــا غـير المسا وغـير املــدى وماـ فـي ْه ـحدا
309
في رحاب َ األخوين رحباني
لملمت ذكرى ُ ململت ذكرى ِ لقاء األمس ابهل ُد ِ ب ٍ ُ ـغمرـُين أي ـ ٍد تُ ـلَ ـ ِّو ُح ـمن غـيب وتَ ُ مــا للعصافري ِ تَــدنــو ـثــم ـتسألـني وـفــضــول ـفــي تلَفُّ ِتهاـ رفــوفُــه ــا ٌ
والـــــن شـــارد ٌة حـــــرى أان اي أان ُ ابتمست هل؟ ـواه؟ من قال ّإن ما ُ أهـ ُ نسيت من يـ ِـد ِه أن أـسـترد َّ يَدي ُ حـــرى أاـن اي أاـن أهنــــ ُّد ـمـتعـب ًة أ ُهــ َو اهلَـــوى؟ اي هال إن جــاء زاِئــران
308
حت أحضنها يف ِ ِ اخلاف ِ التعب ق و رُ ُ ِ ِ ابلشبِ ابدلفء ،ابلضوء ،ابألقمارُِ ، ُ ِ أمهلت شعر ِ ِ القصب ك راحت ِعقدةُ ْ َ ِ العتب تُثـير ُ يب حنوها بعضاً من وأضحك يف ِ ِ سبب سي بال أبيك ُ ّ ـوق إىل اهلـ ِ ـرب دَان فعانَقَـني شـ ٌ َ وطالت ر ّف ـ ُة اهلـ ِ ـدب طال َ السال ُم ِ ْ ِ ُ ِ خلف الستائر يف إعياء مُرـتقب َ ْسكبِ خي عىل ال ُش ّباك وان ِ اي عطر ُ ّ
من شعر األخوين رحباني
ساعدني يا نبع الينابيع ســاعــدـنــي اـي نــبــع الينابـيع ـجـيت وِدّـيـتـني ْ ـــــــك حـكـيت ـعـــن حُ ِ ّ وحبقول بتطـري العصافري بتلعب َ ِ الـــس ـــعـــــــده ـغــــِّــــِّـــه مــــن عــي ـ َنــيــك الــــرا ْعـــــــــه َ ِ وا َحلـــــــــــــورَه الـــوحـــــــده عَــمـــــــــــطــلّــع عــلَــيــك الـــــــبـــاب ـــــــــــن ْ الـــــــــاس اـلـــمـــوعـــودـيـــن ضـــ ّي ِ ُ الـــــــــواب وـعـــــــون اـلــمــقـــــورـيــن هســــراـنــــه َع ْ ِ ِمـــن غـــــــرَك أاـن وحـــــده خــدين بــإيــدي واج ـ َعــلــي أان ـــــة اـلـــمـــوـعـــودـيـــن قـــــــديـــل الــتـــــبــاـنـــــن قــــ ّ ِ املهدومه وـفــوق البـيوت ـن َضـــــ ّوي فَــجــر الــنــاطــرـيـ ْ حرب الر ِ ِ ساله والع بباـلي ِحرب ِ الرسال ِ أمانه بِباـلي اـي نَـــــــــع الـــيـــــــابـــــــع اـي ســـــ ِّي ـــــد اـلــــعــــطــــااـي ـساـعدـني اي س ـ ّيــد الــعــطــااي ...ساعدين َقــــطَــــعــــت الـــلـــيـــايل كـــــــرَمـــــــك بـــبـــايل و َ ِ بكري والميامه بترشب من نب َعك ّ
311
في رحاب َ األخوين رحباني
مسيكن بالخير ِّ
الصبيه: ِّ
مسيكن ابخلري ماـ تــردّوا املسا مسيـكي ابخلــير اجلو َقهّ : الصبيه: ِّ ِ الــلــيـــــه بــيــطـــــع الــقــم ــر والــــكــــز بــيــطــلــع مــعــو ضــيــعــكــن ومل ـــــن بــيــظـــــر الــكـــــز رح تـــغـــى ُ ّ كــــــن وتـــتـــــــ ّون ـعـــــادكُــن وبـــيـــفـــرحـــوا والد ُ وبــيــصــيــر يـــــــزل الــقــم ــر ـكــن يـــغـــي ويـــهـــر مــعـ ُ ّ اجلو َقه :الليلِه رح يظـهر الكـنز وَيـنو الكـنز؟ وَيـنو الكـنز؟
الصبيه: ِّ
ـكــل واـحــــد يــنــبــش حَـــ ّدو
اجلو َقه:
كيف مننبش؟ كيف مننبش؟
الصبيه: ِّ
ـشــــــــوا يــلـــــي بــإيــديــُــن ِمــلــيــاـنــه هـــــاألرض مــعــاول اـي شـــيـــــــخ املـــشـــاـيـــخ ـصــــوت املـــــــول أحـــــى والــــرىض أحـــى ـمــن الــزـعــل اـي شـــيـــــــخ املـــشـــاـيـــخ
310
مسيكن ابخلــر واملــســا هلل ّ
ميــكــن يــلــقــي الــكــز عندو
حنــنــا مــا ِفــ ْيــه مــعــنــا مــعــاول
حــوالــيــكــن وتْـــطَـــلّـــعـــوا ُ ِ عليكن والـــكـــز بــيــظــر ُ ــــــك هــالــكــمِــه رح ِق ّ مـــــن رنـــــــن الـــســـيـــف والــــســــام كـــز الــكــنــوز إنــــــت ا ْل بــتــخــلّــصــي
من شعر األخوين رحباني
َع إسمك غ ّنيت ك غـ ّـــــــت َع إمس ـــــ غـــي َع إمســـــك رح ّ كـــــــت وصــلـــــت والــــمــــا تـــمـــع مــي رَ َ ـــت وْـص ـلَّ ـ ْيــت َع تــاـلــك َع جباـلك ر َ كـــ ْع ْ هــــوين الـــمـــا قــريـــــه بــتــمَــعــنــا اي حــبــيــي َع ابـبــــي اتّــكـــــت َع ابب الـــلـــيـــايل عَــــلَـــــــــي طـــ ّــــــــت مـــن بـــرجـــك الــعــايل َع تــاـلــك َع جباـلك ركـــعـــت وصــلــيــت ـهــــون الـــمـــا قــرـي ـ ِبــه بــتــمــعــنــا اي حــبــيــي لهسوكل اليل بتنبت سناـبل ورجــــــــــال وهــــيــــالك لْغاابتَك املــزروعَــه بالـبل وزهـــــــــور ومَـــــعـــــاول ِ لــضــيــاعـــــا كـــعـــت وص ـ ّلــيــت اخلــجــولــه رَ َ ِ لـــــــــــا لــلــطــفــولــه ركـــعـــت وصــلّــيــت لــســيـــــوـفــك الــبــطـ ِ ـولــه وعـــيـــونـــك يــنــدهــويل ـهــــون الـــمـــا قــريـــــه بــتــمــعــنــا اي حــبــيــي مبــــــــ َدك احـ َمــــــــت بـــــرا َبـــــك ا َجلــــــــِّـــه ك ـغــــــــت َع إمس ـــــ َع إمســـــك رح غــي وإمحل بإيدي كاسك املليان وإرفـعو لـفوق لفوق لفوق َ َلطرح اليل بيو َقف الزمان وإسكر بإمسك جمد اي لبنان 313
في رحاب َ األخوين رحباني
سهار ْ ْس ـــــــار بـــــــد ْس ـــار ت حيــــــرِز املـــشـــوار َ كـتار؟ ـهو زُ ّوار ِ ِ وبـــــــفـــ ّــــوا ـشــــــ َوي ِوعــــ ّنــــا ا َحلـــــا كــلّــو وعـــــــــا الـــقـــمـــر ابدلار وَرد وحَـــــي وأشـــعـــار ّ ـبس ـسهاـر ق الناس حننا فيك بيتَك بعيد وْل َ ْيل ...ما َخبلّـيك تِرجَع أحَ ّ رَح فَــــ ّـــــح ـبـــواـبـــي وإنـــــــ َده عـــى صــحــايب ِوقـــــ ّــــــن قـــمـــراـن زار وتِـــتـــلـــج ادلنـــيـــه خــبــار ـبس ـسهاـر اـلوالد والـــــــــوم ـمـــــن بــيـــــام ـغـير بــ ِيــغـــــوا وـبـــروـحـــوا يــــ َـــمـــــــ ْمـــــــوا أعـــيـــاد مـــا دام إ ّنــــك َهـــون اي ِحـــم مــلــوى الــكــون شـــو ـهــــم لـــــل وطـــار و ِيـــنــــَـــص الــ ُعــمــر هنــار ّ ـبس ـسهاـر
312
من شعر األخوين رحباني
خدني خــدين عىل تَ ّالـتهاـ ِ اـلحلوـين انساين عىل ْحفايف ِالعنب والتني
ـبــواب العتيقَه عمـتل ّوحـلي وِعـيون َع شبابيك تِندهـلي وإمــي عىل طرـقات ِمنس ِّيـه تــســمّ عــَـ ّـي أنــطُــر يش إـيـــد َ خدـني ازرَعـــي بــأ ْرض لـبنان إفتح الباب وبَ ـ ّوس احليطاـن
ربتنا ِخــدين عىل األرض الــي ّ اشلَحين عىل تــراابت ضيعـتنا وصوت الهنورَه ين َده ِالغ ّياب صحاب عم ِبـتقول حننا صحاب ِبدني ْة غياب ورَ ْح ْيبِ ْيت الطـير يش صوت عمبيقول :مَسا اخلري اـبلــبــيــت يَــ ّـــي ِ انطـــر ال ــَـ ِّـه وإركع حتت أحىل َسا ّ وصل
315
في رحاب َ األخوين رحباني
شايف البحر ِ شايف البحر شو كبـير؟ ـــك كـــــر الــبــحــر ْ ِبـــبَّ ْ ِ شايف المسا شو ْب ِ عـيده؟ ـــك ُبـــعـــد الـــمـــا ْبـــبَّ ْ ِ كــر البحر ُوبــعــد المساـ ـك ـك اي حبييب ْ ِبــبَّـ ْ ْ ِبــبَّـ ْ نَــــــطَــــــرتَــــــك أاـن نــــــدهــــــ َتــــــك أان رَمس َتك عىل املشاوير ـــــــــم الـــعـــمـــر اي دَمـــــــــع الـــــزَهـــــر اـي ه َ ّ اي موامس العصافري مــــا أوـســــــع الـــغـــا ِبـــه وِســــــع الـــغـــابِـــه قــلــي اـي مــــصــــ ّور َع ابـبـــي ومــــــصــــــ ّور بــقــلـــــي نــــطــــرتَــــك ِســنـــــه واي طُـــــــول الـــســـنِـــه وإسأل شجر اجلوز شــــوـفــــك ابلــصـــــو جـــــايي مــــن الــصــحــو وضايع ب َورق اللوز مــــا أزغَـــــــر ادلمــــَـــه أان دمـــ َعـــه بـــ َدر َبـــك بَــــــ ّدي إـنــــــ ُدر مش ــَــه وِختـــلّـــيـــــــي ِحـــبَّـــك
314
من شعر األخوين رحباني
عـتـاب ِ يئست من العـتاب حاجه تعاتِبـني ْ حــا ِجــه تعاتبـني وإذا ـبـــ ّدك ـتــروح ِ الطفول ع هَــواك عَ ّلت قلـبي من هشد ما ِ كت مــرَّه ِ لـسواك ضح ْ واهلل بيِ َ عــايـ ِ ــــه ـبــعــيـ ِـده عــن لــيــايل الصـفا اي هل تُرى مش هيك بيكون ال َوفا؟ ِإن كان غريِه ها ِجلدال وهالشكوك وان كان غري ْحباب عَمـبي َعملّـوك كــ ّم ــا عــمــزـيــد ِب ِ ِ ــك وْـلـــوع ــحــبَّ ْ املضين فيه رُـجوع حبك ُ واي ريت عَن ّ وَـيـــن بِــتــاقــي ِمـــــل قلـبي ـقـلوب ِوق ّديش عن حُ ّبك ِقلت ُبكرا بـتوب
ومــن ِ داب كرتما َ ّحل ْتين هاجلسم ْ روح وأان قلـبي تــ َعــ َّود َع الــعــذاب ت هالعني إ ّال َع ِحــاك ومــا تطل ِّع ْ ولــيــش ِبــت ـ َضـ ّـك تْف ّتحيل بــواب؟ عيشة جَــفــا وحبـــي مــع الــنــاس جبفا وكيف بيكون الوفا؟ اعطيين جَواب أضنيتـني بيكفي بقى يِــرحَــم أبوك اهلل ـيــبــارِلكَــك اي وِلــفــي هباحلباب
كـــ ّمـــا بـــزيـــد بــ َعــيـــــي ادلّمـــــوع رَح ِتــــرُب اإلايم ِويُــــرّ الشباب ـرل ذنوب شو صــار صافيل وغــافـ َ َ ما تِبت اي وِلفي وال هالقَلب َتب
317
في رحاب َ األخوين رحباني
الحلوه عروستنا ِ ِ نـــيـــســـانـــه حـــلـــوِه عـــروســـتـــــــا احلـــــــوِه اي اـي لَ ار دار ـمـشوار ـمن اـي حـلوِه تــتــبــارَك حـــــار البيت وتـــتـــبـــارَك الــ َعــ ْتــ ِـــه ِ واخلــــواب نبيد وزـيــت وتـــفـــيـــض املـــحــــِّـــه ــــر كـــــوين ورد وعــنــر كـــوين قــمــح وسـ ّ وقــــنــــدـيــــل اـلـــــــزوار الـــــي مــــتــــ َّوج ابلـــغـــار اـي حـلوِه ِ ِ ومتل الكذبِه ِ كـــروا زهـــور البساتـين كربيت ِ َـــعـــريـــــــك ِص ِت وحــلــيــي بـــن احلــلــوـيــن ول ْ ِ َع احلـــــب تــاقــــــــوا وعُــــمــــرت قــصــة بيتو اـلـهوا ودار ل َدار دار دار ـمن اـي حـلوِه
316
من شعر األخوين رحباني
وطى الد ّوار كر اـي وطى ادلوَّار؟ بعدك بتذ ُ ودلني ابإلايم كــاـنــوا زـغــار
وسكوت يبقوا جيوا قبل الضره ْ يعمرـوا ـحــد القنا ِيه بـيوت
وخلف السياـج الــي إلــو داير يضلّوا يغـنوا ،شـعرهن طاـير
وشو يعقدوا ساكتني َع بـكرا ـزي َع كعب شـجرَه اـنزل يـ ِّ هالزـغار فلُّوا وصـــاروا كـبار وحــدك بتذكر اـي وطى ادلوَّار
بــــتــــذكــــر حـــايـــتـــنـــا؟ يــــلــــفــــوا َع جـــرتـــنـــا
ف َع هـــالـــطـــريـــق وْ َ ّ ابـلـــــمـــــي ـيــــلــــعــــبــــوا ّ ِ احلــــقــــال مـــــن شــــــوك وحــــــالـــــــــــــن حــــــــالِ وحـــــــجـــــــار بــــإـيــــد ِيــــه وهـــــــي عــــيــــوان عـــلـــ ْيـــه نـــــســـــيـــــوا جـــــــرتـــنـــا وحـــــــــــدك حـــايـــتـــنـــا
319
في رحاب َ األخوين رحباني
بكتب إسمك يا حبيبي بكتب إمسك اـي حبييب َع احلــــــور الــعـــــيــق بتكتب إمســي اـي حبييب َع رمـــــل الــطــرـيــق وبـــــرا بتش ّتـي ادلـنــي َع الــقــصــص املــجــرّحَــه بيبقى إمســـك اـي حبييب وإمســـــــــي ـبــيــمـــــحــا حبـــــي عــنــك اـي حبييب ألهـــــــــــايل اـلــــحــــي اـلـــمـــــــي بتحـكي عــي اـي حبييب لـــنـــــــعـــة ّ ومل ــــــا بـــــــــدور الــهــر حتـــت قــنــاديــل املــســا ّ بـــــــتـــى بيحكوا عنك اـي حبييب وأاـن وهدـيتـني وردِه ِ املخده زرعـتا َع فرجيـتا لصحايب خـبيتا ـبكتاـبي هدـيـتك مزهريِّه ت ضــاعــت اهلــديِّــه ال كنت تدارهيا وال تعتـني فـيها َ وبـــــــقـــ ّــــي بــتــحــبـــــي مــــا بـــتـــعـــرف قــديــش مـــا زاـلـــــك بتحبـني لــيــش دخــــك لــيــش؟ بكتب إمسك اـي حبييب َع اـلـــحـــور الــعــتــيــق بتكتب إمســي اـي حبييب َع رمـــــل الــطــرـيــق وبـــــرا بتش ّتـي ادلـنــي َع الــقــصــص املــجــرّحَــه بيبقى إمس ـــ ك اي حبييب وإمســـــــــي ـبــيــمـــــحــا
318
من شعر األخوين رحباني
َي ِّمي ما بعرف كيف حاكاني ِ حـــــرانــه َيِّــي مــا بعرف كيف حاكاين وكـــنـــت حـــد الـــعـــن تركتو بقصدي روح ـبــدي روح ومــــدري شــو حـــ ّد الــعــن خــاين َيِّـي ماـ بعرف كـيف
حيــــي وحيـــــي ورصت امســعــلــو واحلــــي كــيــف كـــان طايعلو صـــــاروا الـــزانـبـــق حــــداـن يــــــــوا ولـــو ضـــل كـــان الـــــورد خــبــاين َيِّـي ماـ بعرف كـيف
وغابت المشس وخ ْفت واحت ّديت وما عدت َع درب ا ْل لنا استهديت ما وعيت كيف ركضت صوب البيت قــلـــــي ـيـــدق وـكـــــت فــزـعـ ِ ـانــه َيِّـي ماـ بعرف كـيف ِ مـــــــارح َبــ َعــتــي حمـــرمـــه ـهــديِّــه رس وعــــطــــر أبــــيــــض وـغـــنـــ ِّيـــه ومـــــل الـــي زاـغــــوا هـــــك عينيي وحـــســـيـــت يش ابلـــبـــال بــاين َّ َيِّـي ماـ بعرف كـيف
321
في رحاب َ األخوين رحباني
س ّتي الختيا َره ســـي اخلــتـــــارَه بــيـ ِـتــك اـي ّ تــبــقــى تــرنــدحـــــي أشـــــارا ـيـــوك وفــرشــات ودـيـــوان دارا ـمـتل دارك
تــبــقــى تــق ـ ّعــدـنــي وحتكيـلي وزْبـــــــب وـجــــوز ختبيـلي ِ بــعـــــده ســـ ّتـــــــي الـــــــــوم مــــشــــتــــاقَــــه ألخـــــــــارا
عمتسـقي ْجنينهتاـ ميــكــن ْ لْ ـ َصــب ـ ِّيــه ـغـــــري حاكيهتاـ ِ ول ـــــــن ـحــاـكــــــــــــــي ِّ ْب ِ ـــــــــــ ّــــــي وـبــــــــــزوارا
320
بــيــذكــرين ْبــبــيــت سـ ّـي عــمـــــبــتــشــي وادلنـــــيـــــه ّ
عتق الــبــاب وهاحليطان ســـتـــــــي اخلـــــــــيــــارَه اـي ّ حــــــاايت اجلـــــن احلـــلـــوِه وأعــــمــــ ّا ركـــــوة قــهــوِه
و ْبـــــشـــــ ِّوحـــــا بـــإيـــدي ســـــــي اخلــــتــــيــــارَه اي ّ َع تــــال الـــمـــس وحتــي وعــمـــــتــتــذكَّــرين وتــبــي ِ بـــكـــ ْيـــت وذكَّـــرتـــيـــي ســـــــي اخلــــتــــيــــارَه اي ّ
من شعر األخوين رحباني
الصوان» من «جبال ّ فا ِتك غرب ه ِ القاي د ديبو
ك فا ِت
غرب ه ِ فا ِتك
غربه ِ
راجعه تعميل؟ :شو َ راجعه خ ِّلص األرض َ : :جدِّ ك إسمو الكارس رضبة سيفو ِهتد الصخر وانتهى عَ البوا ِبه ِّ :بيك قيدوم اجلبال كان بإيدو يلوي احلديد العم ِله نقشة ِ وميسح ِ وانتهى عَ البوا ِبه :وإنتي يا طف ِله ِر ْب ِيت باهلرب زهر ْة الضعف يا ِ يا أتعس من عشب احليط راجعه تعميل؟ شو َ راجعه خ ّلص األرض َ : :كيف ،وإنتي وحدك؟ وين رجالك؟ القوه اليل شعرا أبيض وين خيل ِّ والسيوف اليل هيي احلق؟ :ق ّلي بيي قبلام ميوت :احلق ما بيموت حبة القمح أنا نقطة الشتي ...أنا ِّ جايي إنزرع بأريض بصدور الناس اليل هون وبكرا َز ِرعْ نا بيطلع 323
في رحاب َ األخوين رحباني
وطني وطــي اـي جـبل الــغــم األزرق اـي بـــــوت ا ْلـــــ ـبيـحـبواـن زغــــــر ووســــــع ادلـنــــي اـي َّ
وطــي اي قمر الندي والزنبق اي تـــــراب الــــي ـســـَـــــوان وطـــــــــــــــــــــــي اـي
وطـــــــــــــــــــــــــــــي اي دهــب الزمان الضايع وطـــــــــــــــــــــــــــــي مــن بــرق القصايد طالع اان عىل اببك ِ قصيده كتبهتا الرحي ِ العنيده أان حجره أان سوسنِه اي وطين جـــــــراـنـــي ابلــقـــــطــرَه ـتذ ـكر و ـني وـبـــــاـبـــــل الـــقـــمـــرَه ـيــــــنــــــد ـهــــــــو ـنـــي ـشـــــــــر أراضـــــي ـــــ ك ســـواـعـــد أـهـــي شــ َّجــروا وحـــــــــار حـــــافـــــك وجــوه جــدودي ا ْل ع َّمروا وـعـــــــاـشـــــــوا فـــــك ـمـــــن ـمــــــِّـــــ ْة ـســـنِـــه اـلدـني أول وـمـــــن أـلـــــف ســنِـــــه وـمن وطـــــــــــــــــــــــــــــي وحـياـتك وـحياة املح ِبه ـشو ـبـني عــم ـ ِإكــر وتــكــر بقليب وإايم الـــي جـــايي جاـيي فــهــا الـــمـــس خمــبــا ِيــه إنت الـقوي إنت الغـني وإنــــت ادلين اي وطــي
322
من شعر األخوين رحباني
ُ رجعني وحزنكن َّ لوحيل من الغيم َّ حاكاين من الصيف ندهني من متوز من ذل اإلنتظار باملدن الغري ِبه وكانت أصواتكن تندهيل...
325
في رحاب َ األخوين رحباني
هدتكن اإلشاعات ّ
:هدّ تكن اإلشاعات؟ غرب ه ِ المجموعة :فاجأتنا يا غر ِبه. ّ :ملا ودّ عتوا اليأس ،ولفحتكن ريح العزّ ،صوت عيادكن خزّق سمعهن... غرب ه ِ فرح معاولكن باألرض َّبش ُرهن هبدم براجنَ ...ح ّبوا يردّ وكن عَ اليأس. المجموعه :عمبيقولوا بدن يعتقلوا ناس كتري. حبوسه تساع كل الناس غرب ه :ال ختافو ...ما فيه ِ ِ منكمل. بيعتقلو كتري ،بيبقى كتري ،وباليل بيبقو رح ّ عمروها ال ّلي بقيوا غمـر الطوفـان األرض رجعوها ال ّلي بقيوا ّ هدمـت احلـروب املـدن ح ّرروهن ي ّلي بقيوا استعبـدوا الظ ّـالم الناس نكمل املشوار بدنا ّ منكمل ب ّلي بقيوا. ْكتار؟ ْقالل؟ ْنكون ...شو هم؟!!!ّ ... غرب ه :يا هالناس يا أهيل ... ِ أنا وباألرض الغري ِبه مهومكن كانت توص ّلي يرصخيل بكي والدكن بالليل كان ِّ أنا وباألرض الغري ِبه ُ ُ حزنكن َح َف ْظني حزنكن ِر ِبي معي َك َّبرين حرسني 324
من شعر األخوين رحباني
غربه ِ ل رج غرب ه ِ ل رج غربه ِ
سعد غرب ه ِ الكل غرب ه ِ مجيل ه غر ِبه الكل
:اليل بيحاربوا من برا بيضلوا برا .املصدر ُج ّوا. :كيف بدنا نقاتل وأملنا بالنرص ضعيف؟ عسكرو ع العايل ،حمتل العاليل. :بعد فيه بقلوبكن خوف .ملا بيوقع القتال بني اتنني ،واحد بدو خياف، واليل بيخاف بينغلب .ليلة مقتل مدلج ،خفتوا؟ :باآلخر ،إيه :خفنا. :وانغلبتوا ...لو ما خفتوا كان فاتك خاف .سعد ،هباك اللي ِله ،هوي البوا ِبه ،والسيف قبال عيونو ،خاف؟ وبيي ع ّ :أل ،ما خاف .ما عرف اخلوف. َ :ألنو قرر ميوت .هون الندر :نقرر منوت أو ْأل. :غر ِبه ،مق ِّررين منوت .بس يكون فيه متن. :اليل مايش صوب املوت ،بيغلبو ،وبريبحو .هيدي آخر م َّره منحكي فيها .وقت احلكي راح .إجا الوقت التاين. :وفاتك ،يا غر ِبه ،رح بتقابليه وح ِدك؟ :وحدي .روحوا استعدوا .وإذا ما عدنا َ التقينا ،قلبي معكن. :حمروسه يا غر ِبهَّ .نضفنا السالح .رح نسهر كل الليل ،نحنا واهلدير، هدير اليل جايي واليل رح يكون .ألجل احلر ِّيه ،ملحو اإلها ِنه ،لغسل الشام ِته ،وألجل البيوت ،وتراب البيوت ،قررنا منوت .وحمروسه يا غر ِبه.
327
في رحاب َ األخوين رحباني
غر ِبه والشعب
ل الك غرب ه ِ ل رج غربه ِ ل رج غربه ِ ت بن غربه ِ رجل غربه ِ
رجل غرب ه ِ
رجل 326
بتقابليه :أل ...ال تقويل رح ْ :بدي إحكي معكن. :شو بتفتكري بيصري؟ :اليل بدو يصري. :ويرجع القتال من جديد... :حرقتنا شمس الذل ،والدنا زهر القهر ،جمدنا صار حكا ِيه، واليل ترشدوا عيوهنن علينا. :اليل ترشدوا ،لقيوا ناس يآووهن ،وصاروا ضيوف. :اليل مطرود َم ُّنو ضيف ،حامل حزنو معو، وحامل احلزن بيهربوا منو الناس بيخافوا يعدهين تا ين :اإلنسان بيعيش وينام كان. :بيعيش لكن كيف: بيضلوا يسألوك :إنت شو إسمك ،بتقلن إسمي فالن ،ما فيك تكون بال إسم .وبيضلوا يسألوك إنت منني ،بدك تقول منني ،ما فيك تكون مش من مطرح .إذا فيك تعيش بال اسم ،فيك تعيش بال وطن. تالت :الوطن ،البطو ِله ،األرض ،مش أغىل من احلياة. :الوطن ،البطو ِله ،األرض ،مش أغىل من احلياة ..صحيح .بس الشام ِته أصعب من املوت. :قبلام نقاتل ،خلينا نبعت رسل عىل بالد حوب وسهول الفيدار .هونيك فيه ناس من أهالينا ،خليهن جيوا حياربوا معنا من برا.
من شعر األخوين رحباني
ِ الغريبه النسمه ندهتني ِ ِ ِ الــنــمــه الــغــري ـ ِبــه نــدهــتــي الــســ َفــر ولــفــحــتـــــي رحي َّ عـــمـــــــــــمـــي اجلــــبــــال وـتــــــــــــــد اـلـــــكـــــروم والـــــــــــــــــوت هتـــاجـــر فـــرح الــرحــيــل غــمــر ادلين ِ مليانه ـعشاق َع شــطــوط الــبــحــور الــبــعــيـ ِـده مــراـكــب وإيــــدني الــصــبــــ ِّيــه تقطُف زهــر احلــب مــن مــوج البحور والبيادر راـك َضه بسنابل القمح قرَّب مومس احلصاد وقرَّب ملتقاان ورق اـل ـــ ـ َحــور عـــمـــبـــيـــلـــ ِّوح أرض الـسنداين عـــمـــبـــتـــلـــ ِّوح عيـنـين األحــبَّــه عـــمـــبـــتـــلـــ ِّوح ِ واصــــــــه انطرين ع روس اجلبال أان ِ واـصل لعـندك علّق عىل صدرك جنمة احلب الغري ِبه
329
في رحاب َ األخوين رحباني
يا دارة العاللي اي دارة الــــعــــايل َع جـــهـــة الـــلـــيـــايل اي بــنــ ِّيــ ْة ا ْل َع الــفــرس يـــنـــ َده عــلــيــك احلـــرس انطـــــــوران الـــــي غـــدي قــلــبــو حـــي َع اهلـــوى اي مــــــزنَّــــــرَه ابخلـــطـــر َع بـــيـــادرك والــشــجــر أهـــــل الــــوفــــا ـمـــَّــلــوا اي َخـــر دا ِيــــب ِغـــ َوى مــن فـــوق راس اجلبل و َشــعــر الــصــب ـ ِّيــه ْانــــ َدل طــــاب الــــرَّنــــن وغــي والــي ان ْك َتب َع الْ َجد
328
اي مــــســــ َّورَه اـبلــغــضــب ْإسك ُضوي وان ْكتب ِ ْــــشــــه ابحلـــى ومـــــَــــن ْ ال ـتــــجــــريح ابحلــــا َع الــكــرم قبل الندي واهــــــ َزّ نَــــر الــقــصــب صــــوب الـــمـــا تــل ـفَّــي يـــرـبـــى هـــديـــر الــشــي َع بــيــوتِــك الـــي ِعــلــوا تَ ـــت احلـــي والــعــتــب طـــلـــوا وَعــــيــــد ِ وحـــــدا را ِيـــــه َع و ِ ّج املـــدى وصــــوب الــبــشــايِــر ِع ِــي َ ـبــل ســيــف ان ْكتب
من شعر األخوين رحباني
جسر العودة جرس العودَه ِ مس ْيتك جرس العودَه جرس األحزان أان َّ اي َ ت املأساةُ ارتف َع ْ ت املأساةُ اتس َع ْ ت وَ ِس َع ْ ت َسطَ َع ْ ت ح َّد ال َّصل ِ ْب َبلَغَ ْ نيب صلبوا الليةل شعيب من صلبوا ّ لك ٍّ يهنض العاثر ُ ْ النازح ِ يرج ْع يعودون واملنتظرون ْ َ ورشيد اخلمية ِ يرج ْع ِ أبيض وبليةل عمت ٍ ْ كاأل ُوىل لمليالدْ مألى بغموض اآليت وبفرح األعيادْ يأيت من مصت األشجارْ العرشني طفل يف سن ٌ ْ حيتفل اليوم مبيالد ْهِ برشاش عيَّده العيد ْ فمىض يتصيَّ ُد ويقميْ وأجداد ْهِ يف أرض أبيه األطفال آالف ْ يدخل ُ
مَن كربُوا الليةلَ يف اخلار ْج عادوا كالبحر من اخلار ْج ِ أرج ُع يف العمتة معمه نرحل ونقاتل ال ْ نصم ُد ُ يرحل ونقميُ كشجر ٍ ال ْ الزيتون تقفون كشجر ْ تقميون كجذوع الزمن ْ كالزهرةِ كالصخرةِ تقميون يف أرض ادلار ْ وساليم لمك املحتل، اي أهل األرض َّ ني اي مزنرع ْ مبنازلمك قليب معمك وساليم لمك ني واملج ُد ألبطال ٍ آت ْ العرشني الليةلَ قد بلغوا ْ المشس هلم ُ ُ القدس هلم ُ ُ والنرص ُ ني ُ وساحات فلسط ْ
331
في رحاب َ األخوين رحباني
زهرة المدائن ِ ألجكل اي مدين َة الصالةْ أ ُ َص ّل ِ ِ املساكن ألجل اي هب ّي َة ْ اي زهرَةَ املدا ْنئ ُدس اي ق ُ اي مدين َة الصالةْ أ ُ َص ّل عُ ُيونُنا ِ لك يَو ْم إليك تَرحَ ُل ّ تَدو رُ يف ِ أروقة املعاب ِ ْد الكنائس القدمي ْه عانق تُ ُ َ زن و ُت َس ُح ا ُحل َ عن املساج ْد اي ليةلَ اإلرساءْ رب مَن مَرّوا اي دَ َ إىل المساءْ عُيونُنا ِ لك يَو ْم إليك ترحَ ُل ّ وإنّين ّ أصل ∂
الطفل يف املغارَه ُ وأ ُ ّمِه مرمي ْ يبكيان وجهان ْ 330
ِبِيادِ ِ الرهبة ٍ شدوا؟ آت ألج ِل مَن تَ َ َّ ِ منازل ألج ِل أطفال ٍ بال ْ وكوجه اهلل الغامرْ آت ٍ آت ٍ ٍ ألج ِل من داف َع آت املداخل واس ُتهش َد يف ابب مدينتنا ْ ل َن يُق َفل ُ فأان ذاهب ٌة أل ّ واس ُتهشِ َد السال ْم ُصل يف وطن ِ السال ْم األبواب سأدق عىل ُّ ْ املداخل العدل عىل األبواب وسأفتحها ْ وسقطَ ُ ْ ُ ِ ت مدين ُة القدس ِ األردن ني ه َو ْ ّ ح َ وستغس ُل اي هنر َ ٍ احلب تراج َع وجهي مبياه قدسيَّه ُّ ِ ويف قلوب ادلُنيا األردن ّ وستمحو اي هنر َ استوط َن ِ احلرب ت آاثرَ القَ َدم اهل َمجيَّه ُ الغضب الساط ُع ٍ الطفل يف املغارَه آت ُ ُ جبيادِ ِ الرهبة آتٍ وأم ُه مرمي ّ ِ ِ يبكيان وجهان وسيزه ُم وج َه الق َّوه ْ وإنّين أ ُ ّ صل البيت ل َنا ُ ∂ والقدس لنا ُ الغضب الساط ُع ٍ آت وبأيدينا س ُنعي ُد هباءَ القُدس ِ ُ وأان ّ إميان بأيدينا للقدس ِ سال ٌم كل ْ الغضب الساط ُع ٍ آت ٍ آت ٍ ٍ آت آت... ُ األحزان سأمر ُّ عىل ْ لك طريق ٍ آت من ّ
كلمة عاصي الرحباني في ذكرى األب بولس األشقر صالة سينما كابيتول – 31آذار 1963
أبونا بولس األشقر ،كان من الزارعني ا ُأل َول .طلّ بكري عَ حقلة املوسيقى بلبنان ،يوم اليل كان اجلنى فيا قليل .ز َرع ،و ِت ِعب ،وما ترك احلقله ّإال بعدما ِشع ِلت بالزهر والعطر .ومش هيك بس :قبلام يروح ،جاب َش ّغيله جداد ،عطاهن بدار، وجين العطر أكرت وأكرت. وودّ اهن عَ حقول تانيه ،ت تكرت مواسم احلالّ ، َلحَّ ن بإخالص :من هون كان فنان .ووصلت أحلانو لقلوب الناس :من هون كان عظيم .والوصول للقلب مش ّهين :ميكن توصل آلخر الدين ،وما تقدر تقطع هاملسافه الزغريه لقلب جارك. 333
في رحاب َ األخوين رحباني
ُ الحزن واالنتظا ْر أحترف َ احلزن واالنتظا ْر أحرتف َ ُ أرتقب اآليت وال يأيت زانبق الوقتِ تب َّددَ ْ ت ُ احلزن واالنتظا ْر أحرتف عرشون عاماً وأان َ ُ عربت من بوابة ادلمو ْع ُ إىل صقيع المشس والربدِ ال أهل يل يف خمييت وحدي احلنني والرجو ْع عرشون عاماً وأان يسك ُنين ُ كبت يف اخلار ْج ُ آخرني ُ بنيت أه ًال ْ كالشجر ِ اس َت ْن َب ُّتُم فوقفوا أمايم ظل عىل األرض ِ صار هلم ٌّ ومن جدي ٍد رضبَتْنا موج ُة البغ ِ ض وها أان أستوطن الفرا ْغ ني ش ُ أهيل مرّت ْ دت عن َ ُ ِّ ني ُ سكنت يف الغياب مرَّتَ ْ أريض ببايل احلزن واالنتظا ْر أحرتف وأان َ ُ
332
كلمة عاصي الرحباني في ذكرى األب بولس األشقر
م ّرات باملسويات ،نشوفو ضاهر من الكنيسه مبشلحو األسود وط ّلتو البيضا وجو سعاده ما بتنوصف ،وبإيدو ورقه وقلم .نعرف وقتا إ ّنو ّحلن الرضيه ،وعىل ّ ّ قطعه جديده. قلنالو م ّره :يا بونا بولس ،ع ّلمتنا كلّ هالسنني ،وما أخدت ّمنا يش .كيف بتكملو الرساله .أ ّلفو غناين وشع بالفرح ،وقال :بتكافوين إذا ّ بدنا نكافيك؟ ضحكّ ، للناس .وال تنسو املدارس .دامي ًا ع ّلمو الغنا باملدارس .بس أصحا تاخدو منن يش. متلام قبضت منكن بتقبضو منن :جمان ًا أخذتم وجمان ًا أعطوا. و َب ْيعدنا الزمان .نحنا غرقنا هبموم الدين ،وضلّ بونا بولس هوي والكنايس خبرنا راهب جايي من دير مار روكز ،إ ّنو بونا بولس واجلوقات .وبيوم من األيامّ ، ِم ِرض ،ومنعو احلكيم عن كل حركه .بس هوي ما كان ميتنع عن التلحني .قال بدّ و خي ّلص املزامري قبلام يفلّ . بضبيه ،كان فيه جوقه جديده خلص تدريبا و ّملا فلّ عن هاألرض من دير عوكر ّ ينبت من يومني .وكانت اجلوقه عمرتت ّلو هوي ورايح مزمور من املزامري اليل ّحلنها: ُ الصدّ يق ،وكثرة السالم ،إىل أن يضمحلّ القمر. يف أيامه ِ
335
أحلان بونا بولس بتنبع من مناخ بالدو .أخدت من الثقافه ومن الرتاث ومن تعبر عن مشاعر ناس بالدنا الطقوس ،وشحنها بإحساسو اخلاص ،ت صارت ّ وشوقهن لتمجيد احلق واجلامل واملحبه ،وتط ّلعت العيون أكرت صوب السام. النغمه أخت الكلمه :هيدي حقيقة ّ الغن ّيه .منسمع م ّرات أحلان ،ضايعه فيا صوتيه مش ّ مبحال ،يا لعدم شعور امللحّ ن بتتابع املعنى معامل الكلمه ،يا إلمتدادات ّ وروحية اللفظ .وقال بونا بولس :الزم الكلمه اليل ّهيي ِشعر حلو ،توصل لغايتا. ّ ّ َ البيحبو رشيكني ،ليش ما بيطلو ع الناس متل الصحاب وما زاال ّهيي واللحن ّ بعضن :متساويني؟ وهيدي من ميزاتو :كان يعطي الكالم وجود أغنى .دخل جلوات التعبري ،استوعب ،وعاش ،وتفاعل مع املعنى .من هيك أحلانو بتكون م ّرات ّ بالقوه والعظمه يرصخ ،وم ّرات بتضج نفسو ّ ّ حنونه بتج ّرح ،ومرات بيخ ّلي احلزن ّ وبريق مراتّ ، ّ بريق ت يوصل ع وبالفرح ،وبيع ّلي الصوت ت يصري متل اهلدير، حدود الطمأنينه. السنني اليل عاشا بونا بولس ،كانت َغ ِن ّيه بالشغل والتعب والرىضّ .حلن كلّ شعبيهّ ، وألف املزامريّ .حلن أناشيد وتراتيل وقداسات .مجع األحلان الرسيانيه وأحلان ّ موسيقيه كتريه .بالنهارات ،باملسو ّيات ،يضلّ هوي واألرمونيوم والورقه والقلم. كتب ّ وابيض شعرو وصار متل التلج. يكتب .وضلّ يكتب ت كرب ّ ويفهام .وبس يطول بالو علياّ ، كان مطرح ما يروح ،ير ّبي جوقه .يع ّلام الرتتيلّ . الض َيع اليل زارا ،و ع كلّ ت ّله من تر ّيش اجلوقه ،ينقل ملطرح تاين .زرع الصال بكل ِ ت صارت العياد عياد أكرت. تالل لبنانَ ، و ّملا مرق بونا بولس بضيعتنا أنطلياس ،ندهلنا من طفولتنا التاهيه ،وع ّلمنا الفن ،عن الدخول وخبرنا عن ّ املوسيقى .يوماّ ،كنا نجهل شو املوسيقى .ندهنا ّ لوديان النفس ،للمطارح العميقه بالضمري الكبري .ع ّلمنا النوطه ،والنظريات املوسيقيه، الرشقيه ،ع ّلمنا السهر ع الكلمه .ع ّلمنا إ ّنو قدّ ام بواب الفن منضلّ تالميذ. واألحلان ّ أهم يش تع ّلمناه من بونا بولس ،هوي فرح اإلنسان بوالدة اجلامل. بس ّ 334
كلمة منصور الرحباني في احتفال تكريم شقيقه الياس الرحباني صالة مسرح شاتو تريانو 1998-3-30
مساكن َالف ِقر ً طويال تنزّهنا يف ِ ّ سكنا بيوت ًا ليست ببيوت ِت َ ُ طفولتنا ،إخويت وأنا لك ُ َ الزمان بطيئ ًا ،فالتعاسة ُسلحفاة وكان يتك ُئ عىل حاف ِة انتظارات ِه، والصغري الياس ِ ُ اللهو ،ولفت ٌة يف ا ِحلرمان، لفت ٌة يف ِ َ فالف ْق ُر ُي ْت ٌم آخر... كنت أخرتعُ له ُل َعب ًا، ُ أنسج جلفني ِه ُنعاس ًا من حكايات ده بنزه ٍة عىل حفايف األقني ِة املائية فأع ُ وأحتالُ عليه كلَ صباح ِ ويشتمني لتنتهي يف مدرس ِة الراهبات ،فيبكي ،يثور، ُ فاألخ الياس هو واحدٌ من أفرا ِد القبيل ِة الرحبانية يوما عىل عالق ٍة جيد ٍة مع املدرسة... التي مل تكن ً وظلَّ يتكاسلُ حتى صا َر عَ ْبقري ًا... صغري األمس... يا َ 337
336
كلمة منصور الرحباني
َي ْقطفها العاب ُر ومييض، ال هو يبا ِد ُلها ِعرفان اجلميل، وال هي تنتظ ُر منه لفت َة ُشكر. بدأت الكتاب َة عنك، لكنني اليوم ،عندما ُ الك َبر... مت ّرد قلمي وامتشقَ ِ أخويت َ لك فاسمح يل أن أتناسى ّ ْ أشلح ُج َّب َة التواضع أن َ علن أهيا السيدُ الكبري، فاحلقيق ُة أن ُت َ َ ت والتاريخ. وإين أحييك عىل امتدا ِد الصو ِ
339
ُ نخطف َك من ُرقا ِد َك اللييلّ ، كثري ًا ما ُك ّنا ّ احلفالت، لتغني َم َعنا يف ْ وكان ُي ّ عذ ُبني صو َت َك املبحوح اآليت من طفول ٍة مكسورة. اليومي والرضوري، تأمني ّكنا ،و َت ْع ُذرين اليوم ،نصارع من أجل ّ ِ لكن الذي مل تكن َت ْع ِرف ُه، نحن، أنت وال ُ ال َ حني ُك ّنا نلهو بأفكار وأنغام ٍ ال سابقَ هلا، إمنا ُك ّنا نحن األخوة املجهولني، سيجتاح هذا الرشق... نؤسس َز َمن ًا فني ًا جديد ًا ُ ُ يا رجلَ اليوم َ أنت والينبوعُ الذي هو َ أربعون سن ًة ُ الثلج والزُرقة... يفيض ُ ٍ كشمس عالق ٍة بني ِ فأصبحت ً أسكره التنوع ... حقال أزهرت أنغام َك ُ َ ْ ُ وأرسلت إىل الشهر ِة كثريين... َ وأنت جتوه ُر عطاءا ِت َك أربعون سن ًة َ أصبح العا ُمل َم ْلعب ًا َ فارس النغم، لك يا حتى َ َ نتزع ًا جوائزَها األوىل فوقفت عىل َ مسارح دُ َو ِل احلضار ِة ُم ِ ِ ُ تاج لبنان... لتضف َرها َ آللئ يف ِ ويا أخي... ُ أحب املديح، تعرف أنني ال ُ فرح العطاءِ هو املكافأة وأن َ نضجت، متام ًا كشجر ٍة مثارها ْ 338
رحبانوغرافيا ١ ٩٥٧ ١٩٥٩ ١٩٦٠ ١٩٦١ ١٩٦٢ ١٩٦2 ١٩٦٣ ١٩٦٤ ١٩٦٥ ١٩٦٦ ١٩٦٧ ١٩٦٨ ١٩٦٩ ١٩٧٠ ١٩٧0 ١٩٧1 ١٩٧٢ ١٩٧٣ ١٩٧٣ ١٩٧٤
:مهرجان الفن الشعبي اللبناين -إيام احلصاد( بعلبك). حماكمه( بعلبك). :مهرجان الفن الشعبي اللبناين- َ :موسم العز( بعلبك). البعلبكيه( بعلبك). : ِّ :جرس القمر( بعلبك -دمشق). :يوم الوفاء - ثالثة فصول ،أحدُ ها عودة العسكر( مرسح سينام كاپيتول). :الليل والقنديل( دمشق -كازينو لبنان). :بياع اخلواتم( األرز -دمشق). :دواليب اهلوا( بعلبك). :إيام فخر الدين( بعلبك). :هالة وامللك( الپيكادييل -األرز -دمشق). :الشخص( دمشق) و ( ١٩٦9الپيكادييل). الصوان( بعلبك -دمشق). :جبال ّ :يعيش يعيش( الپيكادييل). :صح النوم( دمشق -الپيكادييل). :ناس من ورق( دمشق) و ( 1972الپيكادييل). :ناطورة املفاتيح( بعلبك -دمشق). َّ املحطه( الپيكادييل -دمشق). : :قصيدة حب( بعلبك). :لولو( الپيكادييل -دمشق). 341
عن األخوين رحباني )١جوزف أيب ضاهر :األخوان رحباين -هوامش من سرية ذاتية. )٢جوزف عبيد :الصالة يف أغاين فريوز. )٣نبيل أبو مراد :األخوان رحباين :احلياة واملرسح. )٤نبيل كرم :أطروحة جامعية عن املرسح الرحباين. الصوان )٥منى بولس احلو ّيك:اهلل ،األرض ،احلبيب يف الليل والقنديل وجبال ّ )٦غازي أبو عقل :قضية احلرية يف املرسح الغنائي الرحباين. )٧مروان وغدي رحباين :حلظات هاربة( حلقة تلڤزيونية). )٨هنري زغيب :وردة بيضاء عىل قرب عايص( حلقة تلڤزيونية). )٩هنري زغيب :نقطة عىل احلرف( حلقة تلڤزيونية). تلڤزيونية). )١٠جوزف أيب ضاهر وجوزف بو ّنصار :كبارنا :عايص الرحباين( - حلقة ّ وح:مجاليات اإلبداع الرحباين )11ممفيد َم ّس ّ )12ميساء قرعان :سوسيولوجيا الفن املرسحي لدى األخوين رحباين دويل يف جامعة الوح القدس -الكسليك )13مدرسة األخوين رحباين :مؤمتر ّ ...وعرشات األطروحات اجلامعية والدراسات يف لبنان وسوريا ومرص وبعض الدول العربية ،إضافة إىل مئات املقاالت النقدية والتحليلية واملتابعات يف الصحافة اللبنانية خاصة والعربية عامة.
340
منصور بعد غياب عاصي
المسرح: : ١٩٨7صيف ( ٨٤٠كازينو لبنان -الپيكاديليل -طرابلس -مهرجانات بيت الدين -زحلة -دمشق -مهرجان جرش عامن -تونس :قرطاج ،محامات - استعادة يف حلة جديدة مهرجانات بيبلوس الدولية ٢٠٠٩وكازينو لبنان). الوصية( مرسح جورج اخلامس -الپيكاديليل -دمشق -جرش -دُ يب). : ١٩٩٤ ّ : ١٩٩٨آخر إيام سقراط( كازينو لبنان -دار األوپرا القاهرة -أبو ظبي). ... : ٢٠٠٠وقام يف اليوم الثالث( كازينو لبنان). الطيب املتنبي( ديب -بعلبك -دمشق -الفوروم دو بريوت -عامن). : ٢٠٠١أبو ّ : ٢٠٠٣ملوك الطوائف( كازينو لبنان -استعادة بحلة جديدة يف قطر .)٢٠١٠ : ٢٠٠٤آخر يوم( كازينو لبنان) عن روميو وجولييت. : ٢٠٠٤حكم الرعيان( مهرجانات بيت الدين -دار دمشق -حلب -الفوروم دو بريوت -قطر). : ٢٠٠٥جربان والنبي( مهرجانات بيبلوس الدولية -كازينو لبنان). : ٢٠٠٧زنوبيا( ديب -مهرجانات بيبلوس الدولية -الفوروم دو بريوت). : ٢٠٠٨عودة الفينيق( مهرجانات بيبلوس الدولية -كازينو لبنان .)2009 الموسيقى: : ٢٠٠٠القداس املاروين( كنيسة مار الياس -أنطلياس) – :جمموعة كبرية من األغاين واألحلان واملؤ ّلفات املوسيقية. 343
في رحاب َ األخوين رحباني
١ ٩٧٥ ١٩٧٦ ١٩٧٧ ١٩٨٠ ١٩٨2
:ميس الريم( الپيكادييل -دمشق). :منوعات( دمشق -عامن -بغداد -القاهرة). :پرتا( عامن -دمشق) و ( ١٩٧٨الپيكادييل -كازينو لبنان). املؤامره مستم َره( كازينو لبنان). َ : :الربيع السابع( مرسح جورج اخلامس).
...لوحات مرسحية ومنوعات خالل رحالت خارج لبنان عىل مسارح العامل.
سينما : ١٩٦٥بياع اخلواتم. : ١٩٦7سفر برلك. : ١٩٦8بنت احلارس. ومئات احللقات التلڤزيونية واإلذاعية من برامج ومسلسالت ومنوعات ومتثيليات وسكتشات موزعة يف لبنان والدول العربية بأصوات عرشات املطربني واملطربات.
342
وفـــــاء
ال َأختم الصفحة ا َألخرية قبل حتي ِة وفاءٍ ِإىل: إيل موادَّ الطبعة ا ُألوىل هلذا الكتاب. النقيب جوزف د .الرعيدي عىل ِإسدائه ّ َ الصديقني غدي ُوأسامة منصور الرحباين عىل ما َأمدَّ اين به من ُص َور ووثائق لعايص ومنصور. الصديق ِإييل أيب خليل عىل العددَ ين ا َأل َّولني ( 1957و )1959من برنامج مهرجانات بعلبك الدولية. الزميل حممود زيـباوي عىل مراجع ٍة مد ِّق َـقة يف حمفوظاته الرحبانية اخلاصة.
L
L
L
L
L
L
L
L
345
في رحاب َ األخوين رحباني
التلڤزيون: : ١٩٨٨منصور الرحباين يقرأ ٣١ حلقة من أبرز الشعراء العرب بإلقائه. ّ : ١٩٩٧ منوعات غنائية. حمطات ١٣ حلقة ّ ّ الشعر: أنا الغريب اآلخر أسافر وحدي ملك ًا َ بحّ ار ّ الشتي القصور املائية قصائد ّ مغناة لألخوين رحباين ا ُألوىل القصائد
طبعة ثانية ٢٠٠٨ طبعة ثانية ٢٠٠٨ ٢٠٠٨ ٢٠٠٨ ٢٠٠٨ ٢٠٠٩
الفن ّ والشعر واملوسيقى يف دول عربية ومقاالت فنية عن جتربة ُمحارضات عن ّ الرحابنة. مرسحيات َمخطوطة كثرية. ويف التحضري موسيقي ًا :القيامة( عمل ليتورجي بيزنطي) ،وعمل موسيقي من الرتاث اإلسالمي. صدرت عنه دراسات وأبحاث عدة يف جامعات عربية وعاملية ْ تناولته شاعر ًا ومؤ ّلف ًا موسيقي ًا ومرسحي ًا.
L
L
L
L
L
L
L
L
غاب منصور صباح الثالثاء 12كانون الثاين .2009
344
المحتويات ّ ٌ ضوء عىل الطريق 9 . ................................................................... المقدمة: َّ ... وطل ْي ْ ت َع َ بعلبك بعد عشرين ِس ِنه 17 . .................................................. ١لك الليلة ١٤ :آب 19 . ................................................................... ١٩٩٨ الزمن الرحباين22 . .................................................................................. بعلبك 26 ....................................................................... ...وط ّل ْيت عَ َ قصة األخوين رحباين كما رواها منصور 29 ................................................... تلك الطفولة الغريبة ٣1 . ........................................................................... املرسحيات األوىل 46 . .............................................................................. عايص للبوليس ،وأنا للرشطة 57 . ............................................................. فريوز ومطالع الشهرة 73 . ......................................................................... ...وجاء زمن املهرجانات 93 . ................................................................ بني كامريا التلڤزيون وكامريا السينام :طرائف وحكايات 114 ........................... كبار يف مسري ِتنا١29 ................................................................................. عايص الذي غاب مرتني ١46 .................................................................... منصور بعد عاصي 165 ................................................................................ السيـئـة 166 ......................................... وفاؤُ ه ا ُملط َلق لـعايصَ .ف ْل َت ْخ َرس النيات ِّ كملَ وحدَ ُه ،وسافر ملك ًا 167 ........................................................... َ ...أ َ ّ من مسرحيات األخوين رحباين ١77 .................................................... غاب ُة الضوء 179 ...................................................................................... حكاية اإلسوا َره 207 .................................................................................. 347
المحتويات
َّ معنى ٢٧7 ............................................................................................... شجرة امليالد ٢٧8 ................................................................................... أنا َلحبيبي ٢٧9 ........................................................................................ نحنا والقمر جريان ٢80 ............................................................................ زغير بلدي ٢81 .............................................................................. بيقولو ّ فايق يا هوى ٢٨2 ................................................................................... بيضوي ع الناس ٢٨3 ....................................................................... القمر ّ أقول لطفلتي ٢٨4 ..................................................................................... بحبك يا لبنان ٢٨5 ................................................................................. ّ إذا كان ذنبي ٢٨6 .................................................................................. إنت وجايي ٢٨7 ............................................................................... بكرا َ بكرم اللولو ٢٨8 ....................................................................................... بقطفلك بس٢٨9 ..................................................................................... يا حجل صنني ٢90 ................................................................................. ّ شتي يا دين ٢91 ...................................................................................... َّنسم علينا اهلوا ٢٩2 .................................................................................. هيال يا واسع ٢٩3 .................................................................................... فايق عليي ٢٩4 ........................................................................................ ياطري٢٩5 ................................................................................................ بعلبك ٢٩6 ............................................................................................ جايبيل سالم٢٩7 ..................................................................................... ّهال ّهال يا تراب عينطو َره ٢٩8 ................................................................... وعدي إ َلك ٢٩9 ....................................................................................... حبيبي بدّ و القمر 300 ............................................................................... 349
في رحاب َ األخوين رحباني
زنوبيا 223 .............................................................................................. راجعون 228 .......................................................................................... عودة العسكر ٢33 .................................................................................. املصاحلة 239 ............................................................................................ ب246 ........................................................................................ سهرة ُح ّ من شعر األخوين رحباين ٢٥7 ...................................................................... راجع بصوات البالبل 259 ......................................................................... ضوى اهلوى قناديلو260 ............................................................................ الشعب َلـ فخر الدين٢61 .......................................................................... شو بيبقي من الروا ِيه ٢٦2 ........................................................................ دار الدوري ٢٦3 ..................................................................................... رجعت يف املساء ٢٦4 ............................................................................... َ عَ البال يا عصفورة النهرين 265 ................................................................ نجمة الكتب ٢٦6 ..................................................................................... معك يا هوانا٢٦7 ............................................................................... اهلل َ عصفورة الشجن ٢٦8 ............................................................................... أمس انتهينا ٢٦9 .................................................................................... ياحلو شو بخاف٢70 ................................................................................ مهوم احلب ٢71 ...................................................................................... قهوه عَ املفرق ٢٧2 ............................................................................. ْفيه ِ إنسى؟ كيف؟ ٢٧3 ................................................................................... إمياين ساطع ٢٧4 ...................................................................................... ياداره دوري فينا ٢٧5 .............................................................................. شادي ٢٧6 ............................................................................................ 348
المحتويات
هدّ تكن اإلشاعات 324 .............................................................................. غر ِبه والشعب 326 ................................................................................... يا دارة العاليل328 ................................................................................... ندهتني النسمه الغري ِبه 329 ....................................................................... ِ زهرة املدائن 330 ...................................................................................... جرس العودة 331 ...................................................................................... ُ أحرتف َ احلزن واالنتظا ْر 332 ....................................................................... كلمة عاصي الرحباين يف ذكرى األب بولس األشقر333 ................................................ كلمة منصور الرحباين يف الحتفال تكريم شقيقه الياس الرحباين 337 ....................... عن األخوين رحباين 341 ................................................................................. رحبانوغرافيا 343 .......................................................................................... سينما 345 .................................................................................................. منصور بعد غياب عاصي 347 ......................................................................... وفاء 351 .....................................................................................................
351
في رحاب َ األخوين رحباني
يا ّبياع اخلواتم 301 ................................................................................... يا ساكن العايل 302 .................................................................................. يا قمر أنا ِوا ّياك 303 ................................................................................ يا شمس املساكني 304 ............................................................................ ّيال تنام رميا 305 ...................................................................................... إنت حبيبي306 ................................................................................... ال َ ال جتي اليوم ٣٠7 ..................................................................................... مللمت ذكرى 308 .................................................................................... ُ ما ْفيه حدا 309 ....................................................................................... مسيكن باخلري ٣10 ................................................................................... ِّ ساعدين يا نبع الينابيع ٣11 ........................................................................ سهار٣١2 ................................................................................................ إسمك ّغنيت ٣١3 ................................................................................ عَ َ شايف البحر٣١4 ...................................................................................... خدين٣١5 ............................................................................................... احللوه ٣١6 .................................................................................. عروستنا ِ عتاب٣١7 ............................................................................................... ِب ُكتب إسمك يا حبيبي ٣١8 ...................................................................... الدوار ٣١9 ...................................................................................... وطى َّ ّ ستي اخلتيا َره٣20 ..................................................................................... ّميي ما بعرف كيف حاكاين ٣21 ................................................................. وطني ٣٢2 .............................................................................................. الصوان ٣٢3 ..................................................................... مشهد من جبال ّ الصوان323 ............................................................................ من جبال ّ 350
̷˂ˤɽ4̄̂ 4̏˹ʁ˞˶̍̑ˋ̂ʁ4̎̉˴̆̂ˆˊ4̏̈ˆˋ˗ʋ4̇̐̍˚̔ʁ4 ʃ̳ ˞̑ˡ4ʂˆˏ̀̂ʁ4ʁ˝̋4 ̳ ̳ ̶ 4́̑̃˘ˎ 4̘ʝ 4ɸʟ˞˒̂ʁ 4ˆ̆̌ˑʁ˞ˎʝ 4ˆ̆̋˞˴ ̵ ̳ ̵ ˤ̵ 4˞̳ ˥̷ ̳̈ 4̘ʝ 4ɸʟ˜̑̃˽ˏ̂ʁ ̶ ̶ ˆ̆̌ˎ˞̑ˡ4 ʑˆ˽ˡ ɿ4ʝ ̏ˊˆˏ̀̂ʁ4ˆ̆̌ ̉˹4̳ ɽ̳ ̳ ̳ ̏̉˘̃̂ʁʝ4 ̳ ̵ ̵ ɽ4ɸ ̀ ˌˡʁʋʉ4ʝɽ4ɸˆ̆̌̂ˆ̆˳ ̶ ̶ B̏̉˺̂ʁ4ˆ̆̌˔ˆˏ̈4̎̃˳ ̶ ʋʉˆ˨̅ʝ 4˲˔ʁ˞̅ 4ʁʊ 4ˆ̑̆̐ʉˆ˿ ɽ̳ 4̴̊ ̃˴˕̐ 4̏˽̑ˑ̍ˎ 4˓̌̉̅ 4̊̑˹ 4ˠ̑̂ ̴ ̳ ̱ ̳ ̻ ̼ Bʄˆ˱˗͏̅4ʝɽ4̳ ʎ ɿ4̵ ʄ̲ ̘ˆ˗ɿʝ4 ̵ ˻˗͏̅ʝ ̳ ̲ ʁ̍˗4ʝ ̳ ɽ4̳ ˣ̅ʁ̍̋4̎̂ ̳ ̊ʕ̴ ˏʕ̴ ˋʕ̷ ˏʕ̳ ʕ˿̳ 4̇̐˝̂ʁ4̇˘̈4ˆ̉̅4ɸ̏̈ˆˋ˗ʋ4̇̐̍˚̂̕4̰ˌ̑˘ˎ4ɸˌ˭ˆˢˊ4́̀ˊ4ɸ ̶ ̴˂˥̳̈ ̲́ ̑̆˔4̇˭̍ˊ4ʁ̍ ̆̃ ˎˆ̆̃̀ˊ4ʁ̍ʕ ʕ̉ʕ̾ ʕ ˷ʕ̳ ˎʝ4ɸˆ̆̌ ˑʁ˞ˎ4̎̃˳4ʁʝ ̳ ̵ ̵ ̳ ̲ ̴ ˗ʝ4ɸˆ̆̌ Bˆ̵̆̌̆ ̃ʕ̷ ˗4̇̅4 ˲̂ˆ˭ ̴ ̲ 4̵́ ̐̍ˮ̂ʁ 4˲ˡʁ̍̂ʁ 4̏̈ˆˋ˗ʋ 4̇̐̍˚̔ʁ 4˻̐˞˭ 4̎̃˳ 4ʁɻ̍˪ 4̊ʕ̴ ˏʕ̴ ˋʕ̷ ˏʕ̳ ʕ˿̳ ̳ ̵ ̰ 4ɸˌ̑˳ʁ˜ˊ ɿ4̵ ʄ̲ ʁ̍̉ˡ4̎̃˳4ʃɻˆ˪̗̂4 ˜̱ ̃˕̅4̊ ̴˭̍˘̐4̘4ɸˉ ˴˥ˏ̆̂ʁ ̲ ̾ ̵ ˜˗ʁʝ4 ̱ ̀ ̳ 4ʓ˜ˋ̅ 4̎̉˔ 4ɸʃ˞̆˒ʕ̷ ̴̅ 4ˆ̆̈ɿ̵ 4ˌ̃̑ˈ˪ ̲ ̲ ̰ 4̇̅ 4ʁ˞̑˒˿ ̰ 4ˌ̈˟ˏ˛̅ 4ˆ̆̈ɿ̵ 4ˌ̃̑̃˼ ̲ 4ɸʁ˜̐˜˕ˎʝ4ˆ ˗˞ˢ̅ʝ4̎ ˽̑ˡ̍̅ʝ4ˆ̐ʉ̍̃̑̅ʝ4ˆ ̉˘̂ʝ4ʁ ˞˴ ˶̷ ɽ̳ ̰ ̵ ʗ˞˥̂ʁ4̎̉ ̳ ̰ ̰ ̰ ̰ ˤ4 ʖʁ˞˭ɽ4̎̂ ˲ˇʁ˞̂ʁ4 ̏ˇˆʕ ̴̊ ̆˱˴̅4ʞ ʉ̶ ɽ̳ ̳ ɿ4̵ ̴̊ ̃ʕ̳ ̆ʕ̳ ˗4ʟ˝̂ʁ4 ̴ ̳ ̴ ̳ ̿ ̉ʕ˒ʕˏˡ̘ʁ4ʄ̍˨̂ʁ4 Bʛʁ̍̉˴̂ʁ4̍̋4ʌʝ˞̑˹4ʄ̍˧4ʋˆ˧4̎ˏ˗4ˆ̑̈˜̂ʁ ̴ ʛˆ̈ʁ̍̉˳ 4̏ʕ̶ ̈ˆˋ˗˞̂ʁ 4́̆˴̃̃˹ 4ɸ˜˗ʁʝ 4ʛʁ̍̉˳ 4̏̉˹ ̱ ̀ 4ʁʊɿʝ̵ ̽ 4̲́ ̆˳ 4́̀̂ Bʌʝ˞̑˹4ʄ̍˧ʝ4ɸ̊ ̆ˡʁ ̴ ̴ <ˌ̅˜˽̆̂ʁ4̇̅= ̶
ˉ̑˶ʌ4ʟ˞̉̋ ͑̑͒̔͋͘{ ̗͈̒̑ʾ{ ̧̼̭̑ ˂ ˂ ˇ {ʺ͎̑ʬ {̼͗͌ʘ{{ʙ ˘˖˗˖ {ʗˀ̥͕͒͋ʢ {͚̱́͋ʢ {̻͚̓ʬʘ { ̧̮̽͋ʢ ˆ {͂͘ {͓̗͎̑̓͋̌ {ʦ ˅ ̥̠ ˄ ˄ʞ ˅ ˘˖˗˘ {ʗʴ͖͒͏͏͋ʢ{̶̮̎̑͋ʢ {̧̛͒͋ʢʾ{̧̽ ̮͋ʢ{ ˇ ˆ ͍˅ ̺˅ ˅͑{ì{̀͌͋̕ʢ{ʥ̑̀ ˅ ˅͋ʘ{ʙ ˘˖˗˖ {ʗʷ̧̡͋ʢ{̼͗͌{̷͆͑̕ʘ{ ̧̛͒͋ʢ{͂͘ʾ ˅ {ʗ͉͎͒̕͝ʢʾ{ʮ̑͒͋ʢ{̥͔ʢ͖̭{ì{ʼʢ̧̝̔{͚̣͊͌{ʼʢ̧̝̔ʘ{ʙ ˘˖˗˗ {ʗʴʢ̥̓͟ʢʾ{ʺ͖̰ ͝ʢ{͚͐̓ ˅ {̧̬͙ʶ͈ {ʢ̧̘͎̑͒̚ { ͑̑̔͘ͅ ˁ ˇ {ʬʢ̨͑ʘ {ʙ ˘˖˗˘ {ʗ͉̠͗ {ʼʠ {̼͊͆ {̥͚̪̽ʘ {ʙ ˘˖˗˘) ˘˖˗˚){ʗʤ̧͈ʢ ˇ̦͋ʢ{͗͋ʠ{ʿ̧͈ ˇ̦͋ʢ{͎͐{͉̔̕˄ ̭{͖ ˄ ̓˅ ˄ʞ{ʮ͚̑͋ʢʘ{ʙ ˘˖˗˙ {ʗ̧͚̱͂̑̽͋ʢ ˆ