ﳌﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﳊﻆ؟
ﳌﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﳊﻆ؟ ﻓﻦ وﻋﻠﻢ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات اﻟﺼﺎﺋﺒﺔ
ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻫﺎروﻟﺪ دﺑﻠﻴﻮ ﻟﻮﻳﺲ
ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺷﻴﻤﺎء ﻃﻪ اﻟﺮﻳﺪي ﻧﻬﻠﺔ اﻟﺪرﺑﻲ ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺘﺤﻲ ﺧﴬ
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
?Why Flip a Coin
ﻫﺎروﻟﺪ دﺑﻠﻴﻮ ﻟﻮﻳﺲ
H. W. Lewis
اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﱃ ٢٠١٥م رﻗﻢ إﻳﺪاع ٢٠١٥ / ٨١١٧ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﻘﻮق ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ ﻟﻠﻨﺎﴍ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫﻨﺪاوي ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ املﺸﻬﺮة ﺑﺮﻗﻢ ٨٨٦٢ﺑﺘﺎرﻳﺦ ٢٠١٢ / ٨ / ٢٦ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫﻨﺪاوي ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ إن ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫﻨﺪاوي ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻏري ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ ﻋﻦ آراء املﺆﻟﻒ وأﻓﻜﺎره وإﻧﻤﺎ ﱢ ﻳﻌﱪ اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻦ آراء ﻣﺆﻟﻔﻪ ٥٤ﻋﻤﺎرات اﻟﻔﺘﺢ ،ﺣﻲ اﻟﺴﻔﺎرات ،ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﴫ ،١١٤٧١اﻟﻘﺎﻫﺮة ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻣﴫ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﺎﻛﺲ+ ٢٠٢ ٣٥٣٦٥٨٥٣ : ﺗﻠﻴﻔﻮن+ ٢٠٢ ٢٢٧٠٦٣٥٢ : اﻟﱪﻳﺪ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲhindawi@hindawi.org : املﻮﻗﻊ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲhttp://www.hindawi.org : ﻟﻮﻳﺲ ،ﻫﺎروﻟﺪ دﺑﻠﻴﻮ. ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟ :ﻓﻦ وﻋﻠﻢ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات اﻟﺼﺎﺋﺒﺔ/ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻫﺎروﻟﺪ دﺑﻠﻴﻮ ﻟﻮﻳﺲ. ﺗﺪﻣﻚ٩٧٨ ٩٧٧ ٧٦٨ ٢٧٧ ٠ : -١اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات ٦٥٨٫٤٠٣ ﺗﺼﻤﻴﻢ اﻟﻐﻼف :وﻓﺎء ﺳﻌﻴﺪ. ﻳُﻤﻨَﻊ ﻧﺴﺦ أو اﺳﺘﻌﻤﺎل أي ﺟﺰء ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺄﻳﺔ وﺳﻴﻠﺔ ﺗﺼﻮﻳﺮﻳﺔ أو إﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ أو ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺔ، وﻳﺸﻤﻞ ذﻟﻚ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﰲ واﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﻋﲆ أﴍﻃﺔ أو أﻗﺮاص ﻣﻀﻐﻮﻃﺔ أو اﺳﺘﺨﺪام أي وﺳﻴﻠﺔ ﻧﴩ أﺧﺮى ،ﺑﻤﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﺣﻔﻆ املﻌﻠﻮﻣﺎت واﺳﱰﺟﺎﻋﻬﺎ ،دون إذن ﺧﻄﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﴍ. Arabic Language Translation Copyright © 2015 Hindawi Foundation for Education and Culture. ?Why Flip a Coin Copyright © 1997 by H. W. Lewis. All rights reserved. Authorised translation from the English language edition published by John Wiley & Sons, Inc. Responsibility for the accuracy of the translation rests solely with Hindawi Foundation for Education and Culture and is not the responsibility of Wiley. No part of this book may be reproduced in any form without the written permission of the original copyright holder, John Wiley & Sons Inc.
اﳌﺤﺘﻮﻳﺎت
ﻣﻘﺪﻣﺔ -١املﺒﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ :ﺗﻤﻬﻴﺪ -٢ﻟﻌﺒﺔ املﻮاﻋﺪة -٣اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ -٤املﻜﺎﺳﺐ واﻟﺨﺴﺎﺋﺮ -٥رﺑﻂ اﻷﻓﻜﺎر ﻣﻌً ﺎ -٦اﻻﺳﺘﻘﺮار :اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ -٧ﻣﻌﻀﻠﺔ اﻟﺴﺠﻴﻨني -٨اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ُ -٩ ﺗﻨﺎﻗﺾ -١٠اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت -١١اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ -١٢اﻻﺳﺘﺤﺎﻟﺔ -١٣ﺣﻤﺎﻳﺔ املﺴﺘﻘﺒﻞ -١٤اﻟﻘﺮارات اﻟﻌﺎﻣﱠ ﺔ -١٥اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ -١٦اﻟﺤﺮب :ﻗﺎﻧﻮن ﻻﻧﻜﺴﱰ -١٧اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت واﻻﻧﺤﺪار -١٨اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر :اﻟﺒﻮرﺻﺔ -١٩املﻘﺎﻣﺮة
7 15 19 29 41 51 63 69 73 83 89 97 107 113 121 141 151 159 167 181
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
193 205 213 233
-٢٠اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت :اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص -٢١اﻟﺴﻴﺪة أم اﻟﻨﻤﺮ؟ -٢٢اﻟﻘﺎﻧﻮن واملﺤﻠﻔﻮن -٢٣إﻋﺎدة ملﺎ ﺳﺒﻖ
6
ﻣﻘﺪﻣﺔ
ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﻔ ﱟﺮ ﻣﻦ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات .أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻧﺘﺨﺬ اﻟﻘﺮارات ﰲ ﻏﻤﺮة ﻟﺤﻈﺎت اﻟﺴﻌﺎدة ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﰲ ﻏريﻫﺎ؛ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ املﻬﻨﻴﺔ أو اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﰲ ﻏريﻫﺎ؛ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ رﺑﺢ أو ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻘﺪﱡم ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻷﺟﻞ ﳾء َ آﺧﺮ؛ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻷﻧﻨﺎ ﻗ ﱠﺮرﻧﺎ أﻧﻪ ﻗﺪ ﺣﺎن اﻟﻮﻗﺖ ﻻﺗﺨﺎذ ﻗﺮار، وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻷن اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ﻳُﻔ َﺮض ﻋﻠﻴﻨﺎ .وﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺳﺒﺎبِ ، ﻓﻤﻦ املﻨﻄﻘﻲ أن ﻧﺆدﱢي ﻫﺬه املﻬﻤﺔ ﺑﻜﻔﺎءة ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن ﻓﻬْ ﻢ اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﺘﱠ َﺨﺬ اﻟﻘﺮارات أﻣ ٌﺮ ﻟﻪ ﺟﺪواه .ﻫﺬا ﻛﺘﺎبٌ ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮارات ﺑﻤﻬﺎرةُ ، ُ وﻗ ْﺮبَ ﻧﻬﺎﻳﺘِﻪ ﺑﻬﺎ َ ُ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات )وﺗﻌﺠﺰ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﺗﺠﺪه ﻳﺘﺤﺪﱠث ﻋﻦ اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﻬﺎ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺰاﻳﺪٍ( .ﻟﻦ ﻳﻌ ﱢﻠﻤﻚ اﻟﻜﺘﺎبُ ﻛﻴﻒ ﺗﺘﺠﻨﱠﺐ اﻷﺧﻄﺎءَ ﺑﻘﻴﺔ ﺣﻴﺎﺗﻚ ،ﻓﺄﻧﺖ ﺑﻬﺬا ﺗﻄﻠﺐ ﻋﲆ ٍ وﻗﺖ اﺗﺨﺎذِ اﻟﻘﺮار — ْ ﻣﻀﻤﻮﻧﺔ ﺗﺨﱪك — َ ٍ ٍ إن ﻛﺎن اﻟﻘﺮار ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﻜﺜري؛ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ أﻧﻪ ﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﺬي اﺗﺨﺬﺗَﻪ ﺻﺎﺋﺒًﺎ ﺑﺼﻮرة راﺋﻌﺔ أم ﺧﺎﻃﺌًﺎ ﺑﺪرﺟﺔ ﻓﺎدﺣﺔ ،أم أﻧﻪ ﴎﻳﻌً ﺎ ﻣﺎ ﺳﻴﻄﻮﻳﻪ اﻟﻨﺴﻴﺎن )وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻋﺎد ًة( .ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻟﻠﻘﺮار ،ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻨﺘﻈﺮ ﺣﺘﻰ ً ﺗﻈﻬﺮ ﻋﻮاﻗﺒﻪ ،ﻣﻬﻤﺎ اﺳﺘﻐﺮق ذﻟﻚ ﻣﻦ ٍ ﻣﻄﻠﻘﺎ أو ﺣﺘﻰ ﻧﻌريه وﻗﺖ .وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻻ ﻧﻌﺮف ذﻟﻚ اﻫﺘﻤﺎﻣً ﺎ؛ ﻷن اﻟﻘﺮار اﻟﺬي ﺑَﺪَا ﻳﻮﻣً ﺎ ﻣﺎ ﻣﺼريﻳٍّﺎ ﻗﺪ ﻳﺼري ﻣﺤﺾ ذﻛﺮى ﺑﺎﻫﺘﺔ ﺑﻌﺪ اﺗﺨﺎذه ﺑﻮﻗﺖ ﻗﻠﻴﻞ؛ ﻓﺎﻷﺣﻮال ﺗﺘﻐري. أدﻫﻰ ﻣﻦ ذﻟﻚ أن اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻻ ﺗُﻌَ ﱡﺪ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻓﻌﱠ ﺎﻟﺔ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﻋﲆ ﻣﺪى ﺟﻮدة أداﺋﻨﺎ وﻗﺖ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار؛ ﻓﺈذا ﺣﺪث ﳾء ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻤﻘﺪورﻧﺎ ﱡ ﺗﻮﻗﻌﻪ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ اﻹﻧﺼﺎف أن ً ﺳﻴﺌﺔ ،وﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻷﻣﺎﻧﺔ ً أﻳﻀﺎ أن ﻧﺪﱠﻋِ ﻲ اﻟﻔﻀ َﻞ ﻓﻴﻪ ْ ﻧُﻼ َم ﻋﻠﻴﻪ ْ إن ﻛﺎﻧﺖ إن ﻛﺎﻧﺖ املﻔﺎﺟﺄة
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺟﻴﺪ ًة .ﻓﺎﻟﺤﻆ — ﺳﻴﺌًﺎ ﻛﺎن أم ﺳﻌﻴﺪًا — ﻳﺤﺎﻟﻒ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،وإذا ﻣﺎ ﺣﺪث وﻗ ﱠﺮرﻧﺎ راﺋﻊ ،واﻧﺘﻬﻰ اﻷﻣﺮ ﺑﻬﺠﻮ ِم أﺣﺪ أن ﻧﺬﻫﺐ ﰲ ﻧﺰﻫﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺳريًا ﻋﲆ اﻷﻗﺪام ﰲ ﻳﻮ ٍم ﱟ رﺑﻴﻌﻲ ٍ اﻟﻄﻴﻮر املﺎرة ﻋﻠﻴﻨﺎ ،ﻓﻬﺬا ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أن ﻗﺮا َر اﻟﺘﻨ ﱡﺰه ﻛﺎن ﺳﻴﺌًﺎ؛ ﻓﺎﻷﻣﻮر اﻟﺴﻴﺌﺔ ﺗﻘﻊ ﻋﲆ أي ﺣﺎل. إذن ﱠ ﻓﺈن ﻣﺎ ﻧﻌﻨﻴﻪ ﺑﺎﻟﻘﺮار اﻟﺼﺎﺋﺐ ﻫﻮ أﻧﻪ ﻗﺮار ﻳﻤﺜﱢﻞ أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻔﻌﻠﻪ ﰲ ﻇ ﱢﻞ ﻣﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،ﻓﺈذا ﺑﺬﻟﻨﺎ أﻗﴡ ﻣﺎ ﰲ وﺳﻌﻨﺎ ،وﻛﺎن ﺗﻔﻜريﻧﺎ ﻋﻘﻼﻧﻴٍّﺎ ،ﻓﺴﻨﻜﻮن ﱠ َ ﺣﻴﻠﺔ ﻟﻨﺎ ﻓﻴﻪ. ﻣﺘﻮﻗﻊ ﻣﻨﱠﺎ ،وﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﺧﺎرجَ ﻧﻄﺎق ﺳﻴﻄﺮﺗﻨﺎ ﻻ ﻗﺪ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ً ﱠ ﻣﻄﻠﻘﺎ؛ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﻘ ﱢﺮر ﻣﺎ ﺳﻨﺘﻨﺎوﻟﻪ إن ﺣﺎﺟﺘﻨﺎ ﻟﻠﻘﺮارات ﺗﻠﻮح ﻟﻨﺎ ﻛ ﱠﻞ ﺻﺒﺎح ،وﻻ ﺗﻬﺪأ ﻋﲆ اﻹﻓﻄﺎر ،إﱃ أن ﺗﱰﺳﺦ ﻋﺎداﺗﻨﺎ ﰲ ذﻟﻚ ،وﻧﻘﺮر ﻣﺎ إذا ﻛﻨﱠﺎ ﺳﻨﻘﻮم ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ ﴍاء ﻣﻔﺎﺟﺌﺔ وﻧﺤﻦ ﻧﻘﻒ أﻣﺎم ﺧﺰﻳﻨﺔ اﻟﺪﻓﻊ ﰲ أﺣﺪ املﺘﺎﺟﺮ اﻟﻜﺒرية ،وﻧﻘﺮر ﻣﺎ إذا ﻛﻨﱠﺎ ﺳﻨﺘﺰوج أم ﻻ، ٍ ﻗﺮارات ﺑﺎﻟﺬﻫﺎب وﻣﺘﻰ )أو ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﴍﻳﻚ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ املﺤﺘﻤﻞ ﻧﻌﺘﻘﺪ أﻧﻨﺎ ﻧﺘﺨﺬ ﻗﺮا ًرا( .وﻧﺘﺨﺬ إﱃ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،أو اﻟﺘﻤﺸﻴﺔ ،أو ﴍاء ﺳﻴﺎرة ،أو ْ وﺿﻊ ﺣﻔﺎض ﻟﻠﻄﻔﻞ ،أو ﺗﻨﺎوُل وﺟﺒﺔ اﻟﺴﺒﺎﻧﺦ َ ٍ ﺑﻮﻇﻴﻔﺔ املﺮاﻫﻨﺔ ﻋﲆ اﻟﻠﻮن اﻷﺣﻤﺮ أو اﻷﺳﻮد ﰲ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺮوﻟﻴﺖ ،أو اﻻﻟﺘﺤﺎق ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ،أو ﻣﺎ أو ﺗﺮﻛﻬﺎ ،أو ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻛﺘﺎب ،أو ﺣﺘﻰ ﻗﺮاءة ﻛﺘﺎب؛ وأﻳٍّﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ أﺳﺒﺎﺑُﻚ — واﻋﻴﺔ أم ﻻ، ﻣﺪروﺳﺔ ﺟﻴﺪًا أم ﻻ — ﻓﻘﺪ ﻋﺰﻣﺖ ﻋﲆ اﻟﴩوع ﰲ ﻗﺮاءة ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،وﻛﺎن ﻫﺬا ﻗﺮا ًرا. ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻘﺮار اﻟﺸﺨﴢ ،اﻟﺬي ﻳَﺼﺪر ﻋﻦ ﺷﺨﺺ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻟﺪﻳﻪ ﻗﻮ ُة اﻻﺧﺘﻴﺎر واﻟﻘﺪرة ﻋﲆ ﺗﺤﻤﱡ ﻞ اﻟﻌﻮاﻗﺐ ،ﻫﻨﺎك »ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣﺜﲆ« ﻷداء ﻣﻬﻤﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳ ﱠ ري ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن ﻧﺘﺨﺒﱠﻂ ُﺘﻮﻗﻊ ﻣﻨﱠﺎ أن ﻧﺒﺬل ﻗﺼﺎرى ﺟﻬﺪﻧﺎ ﻃﻮال اﻟﻮﻗﺖ؛ ﻓﻔﻲ ﻛﺜ ٍ ً ﻣﻨﺪﻓﻌﺔُ ، ٍ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺻﺎﺋﺐ وﺑﻌﻀﻬﺎ ﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ،وﻻ ﻧﺘﺬ ﱠﻛﺮ إﻻ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻗﺮارات ﰲ اﻟﺤﻴﺎة وﻧﺘﺨﺬ ً ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻻ ﻳ َ ُﻨﴗ؛ وﰲ ﻛﻠﺘﺎ — وﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌ ُﺪ — ﻣﺎ إذا ﻛﻨﱠﺎ ﻋﲆ ﺻﻮاب أم ﻋﲆ ﺧﻄﺄ )إﻻ إذا ﻛﺎن ِ اﻟﻘﺮارات اﻟﺘﻲ اﺗﱡﺨﺬت ﻋﲆ ﻣﺎﺋﺪة اﻟﻐﺪاء اﻟﺨﻤﻴﺲ املﺎﴈ؟( اﻟﺤﺎﻟﺘني ،ﻣَ ﻦ ذا اﻟﺬي ﻳﺘﺬ ﱠﻛﺮ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﻘﺮار ذا أﻫﻤﻴﺔ ،وﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ﻗﺪ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻨﺎ اﻟﺤﺎل إﻣﺎ ﻣﻬﻨﱢﺌني أﻧﻔﺴﻨﺎ أو ﻣﺘﺨﻴﱢﻠني ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻏري ﻣﺎ ﺣﺪث ،وﻗﺪ َﻛﺘﺐ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ روﺑﺮت ﺑﺮاوﻧﻴﻨﺞ وﺟﻮن ﺟﺮﻳﻨﻠﻴﻒ َ وﻳﺘري أﺷﻌﺎ ًرا ﺷﻬرية ﻋﻦ ذﻟﻚ ،ﻣﻨﻬﺎ» :رﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻤﻜﻨًﺎ ذات ﻣﺮة؛ ذات ﻣﺮة ﻓﺤﺴﺐ …« واﻟﻨﺎس ﻟﻴﺴﻮا ﺳﻮاءً ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻣَ ﻦ ﻳﺠ ﱢﺮﺑﻮن أيﱠ ﺑﺎﻟﺘﴪع واﻟﺠﺮأة واﻟﺠﺎذﺑﻴﺔ ،ﻛﺄﺑﻄﺎل اﻟﺮواﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ واﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮن. ﳾء ،وﻫﻢ ﻳﺘﱠ ِﺴﻤﻮن ﱡ ﺗﻌﻨﻲ ﻛﻠﻤﺔ »ﻣﺘﻬﻮﱢر« ﻓﻌْ َﻞ اﻟﴚء دون ﺗﻘﺪﻳﺮ؛ أي دون ﺗﻔﻜري )وأﺑﻄﺎل اﻟﺮواﻳﺎت املﺘﻬﻮﱢرون ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﺤﻤﻴﻬﻢ املﺆ ﱢﻟ ُ ﻒ ﻣﻦ ﻋﻮاﻗﺐ ﺟﺮأﺗﻬﻢ؛ ﻓﻬﻢ ﻳﻘﻔﺰون ﻣﻦ اﻷﻣﺎﻛﻦ املﺮﺗﻔﻌﺔ دون أن 8
ﻣﻘﺪﻣﺔ
ﺑﺨﺪش ﻣﻦ ﺟ ﱠﺮاء ﻗﻔﺰﺗﻬﻢ .أﻣﺎ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ،ﻓﻬﻲ أﻗﻞ ﺗﺴﺎﻣﺤً ﺎ( .وﻫﻨﺎك َ آﺧﺮون ﻳُﺼﺎﺑﻮا ٍ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﰲ ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﱰدﱡد اﻟﺪاﺋﻢ ،وﻫﺆﻻء ﻗﺎﺑﻌﻮن ﰲ أﻣﺎﻛﻨﻬﻢ وﺧﺎﺋﻔﻮن ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ ،وﻻ ﻳﺤﻘﻘﻮن أﺑﺪًا أيﱠ ﳾء ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ،وﻗﺪ ﻗﺎل روﺑﺮت ﻫريﻳﻚَ : ﱢ »ﻓ ْﻠﺘﺠﻤﻊ اﻟﱪاﻋ َﻢ ﻣﺘﻰ ﻛﺎن ﺑﻌﺾ اﻷﺷﺨﺎص َ اﻟﻔﺮص .وﻳﻈﻞ ﻫﻨﺎك ُ َ اﻵﺧﺮﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺑﻤﻘﺪور َك «.وﻳَﻌﻨﻲ ﺑﻬﺬا أن ﺗَﻨﺘﻬﺰ ﱡ ٍ اﻟﺘﺤﻔﻆ ،ﻣﺘﺠﻨﱢﺒني ارﺗﻜﺎبَ اﻷﺧﻄﺎء ﻣﻬﻤﺎ اﻗﺘﴣ اﻷﻣﺮ، ﻗﺮارات ﻏﺎﻳﺔ ﰲ ﻻ ﻳﺘﺨﺬون ﺳﻮى ﱢ ً وأﻳﻀﺎ دون أن ﻳﺤﻘﻘﻮا أﺑﺪًا أيﱠ ﳾء ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ،وﻳ َ ُﻮﺻﻢ ﺑريوﻗﺮاﻃﻴﻮ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺨﻠﻞ ﰲ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ .وﻣﺎ ﺑني اﻟﻨﻘﻴﻀني ﻋﺪد ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻮﻋﺎت واﻟﺘﺪرﺟﺎت. ً ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك املﺰﻳ ُﺪ ﻣﻦ اﻟﴩﻛﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻘﺎﺳﻤﻮن ﺗﺒﻌﺎت وﺗﺰداد اﻷﻣﻮر ُ اﻟﻘﺮارات اﻟﺴﻴﺌﺔ ،واملﺰﻳ ُﺪ ﻣﻤﱠ ﻦ ﻳَﺠْ ﻨﻮن ﻓﻮاﺋ َﺪ اﻟﻘﺮارات اﻟﺼﺎﺋﺒﺔ ،واملﺰﻳ ُﺪ ﻣﻤﱠ ﻦ ﻳﺸﺎرﻛﻮن ﰲ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ﻧﻔﺴﻪ .وﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻟﺪﻳﻚ أي ﺗﻮﻟﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﻣﺘﱠﺨِ ﺬي اﻟﻘﺮار واﻷﻫﺪاف؛ ﻗﻠﻴﻠني أو ُﻛﺜ ًﺮا ﻟﻜﻞ دور .وﻗﺪ ﺟَ َﺮت أول ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺟﺎدة ﻟﻔﻬﻢ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات اﻟﺘﻲ ﻳﺸﱰك ُ اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﱰﺟَ ﻢ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻼﻋﺒني ﰲ ﺳﻴﺎق أﻟﻌﺎب اﻟﻔِ َﺮق اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻘﺮارات اﻷﻓﻀﻞ َ ﻣﺒﺎﴍة إﱃ ﻓﻮز .وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ املﺤﺎﴐات اﻟﺠﻮﻓﺎء اﻟﺘﻲ ﱠ ﻳﺘﻠﻘﺎﻫﺎ أﻃﻔﺎﻟﻨﺎ َ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻳﻤﺎرﺳﻮن اﻷﻟﻌﺎب ﻳَﻬْ َﻮوْن ﻋﻦ اﻟﻠﻌﺐ ملﺠﺮد ﻣﺘﻌﺔ اﻟﻠﻌﺐ ،ﻓﺈن اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ِ ُﻮر َﺳﺖ اﻷﻟﻌﺎب ﻋﲆ ﻣﺪى اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ — ﻓﺎﻷﻃﻔﺎل ﻳﻌﺪﱡون اﻟﻔﻮز ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ .وﻟﻘﺪ ﻣ ِ اﻟﻌﺪ َة ﻟﺤﻴﺎة اﻟﺒﺎﻟﻐني ﻣﻦ ﺧﻼل أﻟﻌﺎب املﺤﺎﻛﺎة — وﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻷﺷﺨﺎص ﻳﺘﻔﻮﱠﻗﻮن ﻋﲆ ﻏريﻫﻢ ﰲ أﻟﻌﺎب اﻟﺘﻔﻜري) .ﺗﻮﱄ اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت املﺨﺘﻠﻔﺔ أدوا ًرا ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات اﻟﺬﻛﻴﺔ ،وﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ داﺋﻤً ﺎ أدوا ًرا ﻣﻬﻤﺔ؛ ﻓﻔﻲ ﻟﻌﺒﺔ ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ وﻣﺼﺎرﻋﺔ اﻟﺴﻮﻣﻮ ،ﻳﺨﴪ اﻟﻌﺒﻘﺮي اﻟﺼﻐري اﻟﺤﺠﻢ داﺋﻤً ﺎ(. ٍ ﺗﺘﻀﻤﻦ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﺤﺮب ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻷﻟﻌﺎب ،وﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺟﺎﺋﺰة اﺗﺨﺎذِ ﻗﺮارات أﻓﻀ َﻞ ُ ﻣﻦ ﺧﺼﻤﻚ ﻫﻲ ﺑﻘﺎءك ﻋﲆ ﻗﻴﺪ اﻟﺤﻴﺎة ،أو ﺑﻘﺎء أﴎﺗﻚ ،أو ﻋﺸريﺗﻚ ،أو ﺑﻠﺪك .ﻣﻦ املﺠﺪِي اﻟﺘﺪ ﱡربُ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺮﺗﻔﻊ ﺳﻘﻒ املﺨﺎﻃﺮة ،وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﻀﻤﻮن ﻣﻌﻈﻢ اﻷﻟﻌﺎب .ورﻳﺎﺿﺎت املﺒﺎرزة ،واملﻼﻛﻤﺔ ،واﻟﺒﻮﻟﻮ ،واﻟﺸﻄﺮﻧﺞ ،ورﻣﻲ اﻟﺮﻣﺢ ،وﻟﻌﺒﺔ »ﺟُ ﻮ« ،واملﺼﺎرﻋﺔ — ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ َ ِ اﻟﻘﺘﺎﻟﻴﺔ .وﻳُﺰﻋﻢ أن وﻳﻠﻴﻨﺠﺘﻮن ﻗﺎل )ﻣﺼﻴﺒًﺎ ﻛﺎن أم ﻣﺨﻄﺌًﺎ ،ﻟﻴﺲ ﻟﻨﺎ أن املﻬﺎرات — ﺗﻨﻤﱢ ﻲ إن اﻟﻨﴫ ﻗﺪ ﱠ ﻧﺤﻜﻢ ﻋﲆ ذﻟﻚ( ﱠ ﺗﺤﻘﻖ ﰲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ووﺗﺮﻟﻮ ﻋﲆ ﻣﻼﻋﺐ إﻳﺘﻮن .وﻳﺠﻴﺪ اﻟﺨﱪاء ً ﻣﺴﺒﻘﺎ ﰲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺤ ﱡﺮﻛﺎت واﻟﺘﺤﺮﻛﺎت اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﻮن اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﻮن اﻟﻌﻈﻤﺎء اﻟﺘﻔﻜريَ املﻀﺎدة املﺤﺘﻤﻠﺔ ،ﻣﺜﻠﻬﻢ ﻣﺜﻞ ﻻﻋﺒﻲ اﻟﺸﻄﺮﻧﺞ املﺎﻫﺮﻳﻦ ،وأﻓﻀﻠﻬﻢ )ﻣَ ﻦ ﻳﻈﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﲆ ﻗﻴﺪ اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ( ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻪ اﻟﺤﺎل ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ ذﻟﻚ )ﻓﺎﻟﻔﺎﺋﺰون ﻳﻜﺘﺒﻮن 9
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻋﻦ ﻧﺒﻮﻏﻬﻢ ،أﻣﺎ اﻟﺨﺎﴎون ﻓﻨﺎد ًرا ﻣﺎ ﻳﻜﺘﺒﻮن ﻋﻦ أﺧﻄﺎﺋﻬﻢ .وﻳﺘﻤﺘﻊ اﻟﺠﻨﺮاﻻت ﻋﺎد ًة ٍ ﺑﺴﻤﻌﺔ أﻓﻀﻞ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮن؛ ﻓﺄﻣﺎم ﻛﻞ ﻓﺎﺋﺰ ،ﻫﻨﺎك ﺧﺎﴎ( .وﰲ اﻟﻌﴫ اﻟﺤﺎﱄ ،ﻳﻘﺮأ اﻟﺠﻨﻮد املﺘﺪ ﱢرﺑﻮن ﻫﺬه اﻟﻜﺘﺐَ وﻳﺘﺪارﺳﻮن ﻫﺬه املﻌﺎرك اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺳﻮى ﺑﻀﻌﺔ ﻣﺒﺎدئ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻴﺴﱰﺷﺪ ﺑﻬﺎ املﺒﺘﺪئ؛ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻌﺎرات اﻟﺘﻲ ﺧ ﱠﻠ َﻔﺘْﻬﺎ ﺗﺠﺎربُ اﻷﺳﻼفَ : »ﻓ ْﻠﺘﻜﻦ ﰲ املﻘﺪﻣﺔ« و»ﻓ ﱢﺮ ْق ﺗَ ُﺴﺪْ« ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺳﻮى اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت. )أﺣﺪ املﺒﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﻟﻠﺤﺮب ،وﻫﻮ ﻗﺎﻧﻮن ﻻﻧﻜﺴﱰ ،ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺳﻮى ﻓﺌﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ ً ﱢ ﱢ ﻓﺼﻼ ﻗﺼريًا ﻓﻴﻤﺎ ﻧﺨﺼﺺ ﻟﻪ ري ﻟﻠﺸﻔﻘﺔ ،وﺳﻮف املﺘﺨﺼﺼني اﻟﻌﺴﻜﺮﻳني ﻋﲆ ٍ ﻧﺤﻮ ﻣﺜ ٍ ﺑﻌﺪُ (.وﻟﺬا — وﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء وﺣﻴﺪ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﻣﺆﻟﻒ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب — ﺗﺒﺪأ اﻟﺠﻴﻮش اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ ﺣﺮﺑًﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﺑﺎﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ واﻟﺨﻄﻮات اﻟﺘﻜﺘﻴﻜﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ املﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﰲ اﻟﺤﺮب اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ اﻧﺘﴫت أم ُﻫﺰﻣﺖ آﺧﺮ ﻣﺮة اﺳﺘﺨﺪﻣﺘﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ .ﻓﺨﻼل ﺣﺮب املﺎﺋﺔ ﻋﺎم ،ﱠ ﺗﻠﻘﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻫﺰﻳﻤﺔ ﺳﺎﺣﻘﺔ ﻋﲆ ﻳﺪ ﺣﻤﻠﺔ اﻷﻗﻮاس اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ﰲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻛﺮﻳﴘ ﻋﺎم ،١٣٤٦وﻣﺮة أﺧﺮى ﰲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺑﻮاﺗﻴﻴﻪ ﻋﺎم ،١٣٥٦وﺛﺎﻟﺜﺔ ﰲ ﻣﻌﺮﻛﺔ أﺟﻨﻴﻜﻮرت ﻋﺎم .١٤١٥ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﺑﻄﻴﺌﻲ اﻟﺘﻌﻠﻢ ،وﻛ ﱠﻠﻔﻬﻢ ذﻟﻚ اﻟﻐﺎﱄ َ واﻟﻨﻔﻴﺲ .ﺣﺘﻰ إن اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﲆ ﻣﺼﻄﻠﺢ »اﻟﺴﻼح اﻷﺑﻴﺾ« — وﻳﻌﻨﻲ ﺣﺮﻓﻴٍّﺎ »اﻟﺴﻼح اﻟﻨﻈﻴﻒ« — ﻟﻮﺻﻒ ﺳﻼح ﻗﺎﻃﻊ ﻣﺜﻞ ﺳﻴﻒ؛ رﺑﻤﺎ ﻷن ﻃﺒﻘﺔ اﻟﻨﺒﻼء ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﻘﺪون ﻓﻴﻤﺎ ﻣﴣ أن اﻟﻘﺘﻞ ِﻣﻦ ﻋﲆ ﺑُﻌﺪ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻷﺳﻬﻢ أو اﻟﺒﻨﺎدق ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﻮﻟﺔ ﰲ ﳾء .وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ ﺻﺤﻴﺤً ﺎ، ﻟﻜﻦ اﻷﺳﻠﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺘﻞ وﺗﺼﻴﺐ ﻣﻦ ﻋﲆ ﺑُﻌﺪ ﻓﻌﺎﻟﺔ إﱃ ﺣﺪ ﺑﻌﻴﺪ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﻮف واﻟﺮﻣﺎح؛ وﻳُﺰﻋﻢ أن ﻟﻴﻮ دورﺗﴩ ﻗﺎل إن املﺮء ﻟﻦ ﻳﻨﺎل ﻣﺮاده ﺑﻄﻴﺒﺔ ﻗﻠﺒﻪ وﻧﺒﻞ أﺧﻼﻗﻪ ﻣﻊ اﻟﻔﻮز ﰲ املﻌﺎرك ﻣﻨﺬ اﻻﺑﺘﻜﺎر أو ﻣﺠﺎل ﺒﻞ ﺑﻼءً ﺣﺴﻨًﺎ ﰲ ِ اﻵﺧﺮﻳﻦ .واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻟﻢ ﺗُ ِ ِ ِ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﺳﺘﻄﻌﻨﺎ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ املﻌﺎرﺿﺔ ﺑﺎﻟﺮﺟﺎل واﻟﻌﺘﺎد .وﺗﻠﻚ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ راﺑﺤﺔ ﻋﺎد ًة ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ املﻬﺎرة .ﻓﺈذا وﻗﻒ أﺣﺪ اﻟﻌﺒﺎﻗﺮة ﰲ وﺟﻪ دﺑﺎﺑﺔ ﻳﻘﻮدﻫﺎ أﺣﻤﻖ ،ﻓﻠﱰاﻫﻦ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺪﺑﺎﺑﺔ. ً أﺷﻜﺎﻻ ﻋﺪة ﻋﲆ أرض اﻟﻮاﻗﻊ؛ ﺗﺘﺨﺬ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ املﺘﻌﺪدة اﻷﻃﺮاف ﻓﺒﻌﺾ اﻟﻘﺮارات ﺑﻬﺎ ﻻﻋﺒﻮن ﻋﺪة ،وﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﺳﻮى ﺟﺎﻧﺐ واﺣﺪ ﻓﻘﻂ )ﻣﺜﻞ اﻟﻠﺠﺎن ﰲ ﺣﺎﻟﺘﻬﺎ املﺜﺎﻟﻴﺔ( ،وﻟﻘﺮارات أﺧﺮى ﻻﻋﺒﺎن وﺟﺎﻧﺒﺎن )ﻣﺜﻞ املﺼﺎرﻋﺔ ،أو اﻟﺸﻄﺮﻧﺞ ،أو املﺒﺎرزة ،أو ﻣﺒﺎرﻳﺎت اﻟﺘﻨﺲ اﻟﻔﺮدﻳﺔ( ،وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ ذﻟﻚ ﻫﻨﺎك ﻗﺮارات ﺑﻬﺎ ﻻﻋﺒﻮن ﻋﺪة وﺟﻮاﻧﺐ ﻋﺪة )ﻣﺜﻞ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ،أو اﻷﻣﻢ املﺘﺤﺪة ،أو اﻟﺒﻮﻛﺮ ،أو أيﱟ ﻣﻦ أﺣﺰاﺑﻨﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ( .ﻋﲆ أﻋﲆ املﺴﺘﻮﻳﺎت ،ﻳﻮﺟﺪ ﴏاع اﻟﻌِ ْﺮق اﻟﺒﴩي ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺒﻘﺎء اﻟﻄﻮﻳﻞ املﺪى ﻋﲆ وﺟﻪ اﻷرض، 10
ﻣﻘﺪﻣﺔ
ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺗﻤﺘﱡﻌﻪ ﺑﺠﻮدة ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎة .واﻟﻘﺮارات اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﻳﺠﺐ اﺗﺨﺎذﻫﺎ وﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ، ً ﻣﺤﺘﻤﻼ؛ ﻓﻬﻨﺎك اﻟﻜﺜري ﻣﻦ ﺻﻨﱠﺎع اﻟﻘﺮار ،واﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻨﻬﺞ ﻋﻘﻼﻧﻲ ﰲ ذﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﺑَﻴْ َﺪ أن اﺗﱢﺒﺎع ٍ ﻣﻦ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ،واﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺠﻠﺒﺔ؛ وﻛﻞ ﺗﻮﻟﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﺗﻮﻟﻴﻔﺎت ﺻﻨﺎع اﻟﻘﺮار واﻟﺨﻴﺎرات ﻟﻬﺎ ﺑﻨﻴﺘﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،وﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺆدﱢي إﻣﺎ إﱃ ﻗﺮارات ﺟﻴﺪة وإﻣﺎ إﱃ ﻗﺮارات ﺳﻴﺌﺔ، وﺑﻌﺾ اﻟﱰﺗﻴﺒﺎت ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺆدﱢي إﱃ اﺗﺨﺎذ أي ﻗﺮار ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ،وﺳﻨَﻌﺮض ﻟﻬﺬا ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪُ. ُ ً ﻣﻦ إﺣﺪى ﻗﺮاءاﺗﻨﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺸﻮﻳﻘﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺤﺎﴐ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ ﺟﻴﻤﺲ ﻣﺎدﻳﺴﻮن ﻋﺎم ١٧٨٧؛ ﻛﺎن اﻟﺨﻤﺴﺔ واﻟﺨﻤﺴﻮن ً رﺟﻼ اﻟﺬﻳﻦ ﺣﴬوا ُﺒﻬﺮة ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واملﻌﺮﻓﺔ ،وﻳﺘﻔﻮﱠﻗﻮن ﻋﲆ أﻓﺮادِ أيﱟ ِﻣﻦ اﺟﺘﻤﺎ َع اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻋﲆ درﺟﺔ ﻣ ِ ً ً ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ وﺿﻊ ﻧﻈﺎم ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻛﻴﺎﻧﺎﺗﻨﺎ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ وﺟﺪوا ﻓﻌﱠ ﺎل ﻟﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮارات ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﻮا ﻳ ِ ُﻨﺸﺌﻮﻧﻬﺎ) .ﻟﻢ ﻳﺘﻢ إرﺳﺎﻟﻬﻢ إﱃ ﻓﻴﻼدﻟﻔﻴﺎ ﻟﻮﺿﻊ دﺳﺘﻮر ،ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻓﻌﻠﻮا ذﻟﻚ ﻋﲆ أي ﺣﺎل ،وأﻓﻠﺘﻮا ﺑﻪ ،وﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻘﺮار ً ﻫﻴﻜﻼ ﺣﻜﻮﻣﻴٍّﺎ ﻻ ﻳﺆدﱢي إﱃ ﺟﻤﺎﻋﻴٍّﺎ (.ﻟﻘﺪ أﺧﺬوا ﻋﲆ ﻋﺎﺗﻘﻬﻢ أداءَ ﻣﻬﻤﺔ ﺷﺎﻗﺔ؛ إذ وﺿﻌﻮا اﻷوﺗﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ )ﻓﻘﺪ رأوا اﻟﻜﺜريَ ﻣﻦ وﻳﻼت اﻟﺤﻜﻢ اﻷوﺗﻮﻗﺮاﻃﻲ ﻋﲆ ﻳﺪ املﻠﻮك اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ( ،أو إﱃ ﱢ ﺗﻔﴚ اﻟﻔﻮﴇ )اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺪرﻛﻮن ﺟﻤﻴﻌً ﺎ أﻧﻬﺎ أﺳﻮأ( ،وﻛﺎن ﻧﻈﺎ ُم اﻟﻀﻮاﺑﻂ واﻟﺘﻮازﻧﺎت ﱠ املﻌﻘﺪ اﻟﺬي وﺿﻌﻮه ﻳﻬﺪف إﱃ ﺗﻔﺎدي ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻨﻘﻴﻀني ،وﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﺗﻘﻠﻴﻞ اﻟﺮﻗﺎﺑﻴﺔ اﻟﻔﺮوق ﺑني اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﺼﻐرية واﻟﻜﺒرية) .وﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﺣﻈﻨﺎ أن ﻣﺎدﻳﺴﻮن ﻛﺎن ﻳﺪوﱢن املﻼﺣﻈﺎت ،وﺑﺬﻟﻚ أﺿﺤَ ْﺖ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻓﻜﺮ ٌة راﺋﻌﺔ ﻋﻤﱠ ﺎ دار ﻣﻦ ﺣﻮار آﻧﺬاك؛ ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎك أي آﻻت ﻟﻠﺘﺴﺠﻴﻞ(. ُ ﻋﲆ ﻣ ﱢﺮ اﻟﻌﻘﻮد اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ املﺎﺿﻴﺔ ،أد ْ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﻤﻞ إﱃ ﺗﻌ ﱡﻠﻢ اﻟﻜﺜري ﱠت ﺑﻨﺎ ﻋﻦ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮارات املﺘﻌﺪﱢدة اﻷﻃﺮاف )واملﺘﻌﺪﱢدة املﻌﺎﻳري( ،وﻫﻨﺎك ﺣﺎﻻت ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﻣﻌﻬﺎ — ﺣﺮﻓﻴٍّﺎ — أن ﻳﺘﱠﺨِ ﺬ املﺮءُ ﻗﺮاراﺗﻪ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻳﺘﱠ ِﺴﻖ ﻣﻊ ذاﺗﻪ .ﻗﺪ ﺗﻘﻮل :ﻣَ ﻦ ذا اﻟﺬي ﻳﻬﺘﻢ؟ ﻧﺤﻮ أﺣﻤﻖ ﻫﻮ ﻏﻮل اﻟﻌﻘﻮل ) َﻛﺘَﺐ راﻟﻒ واﻟﺪو إﻳﻤﺮﺳﻮن» :إن اﻻﺗﺴﺎق ﻣﻊ اﻟﺬات ﻋﲆ ٍ اﻗﺘﺒﺎس ﻫﺬه اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﺒﻠﻴﻐﺔ إﱃ إﻏﻔﺎل اﻟﺼﻐرية «.وﻳﻨﺰع اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺨﻄﺌﻮن ﰲ ِ َ َ املﻔﺘﺎﺣﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺒﺎرة؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﱢ ﻳﻐريون املﻌﻨﻰ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻛﻠﻤﺔ »أﺣﻤﻖ« اﻟﺘﻲ ﺗُﻌَ ﱡﺪ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،إن ﺳﺒﺐَ اﻟﺴﻌﻲ وراء اﻻﺗﺴﺎق ﻣﻊ اﻟﺬات ﻫﻮ أﻧﻚ إذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻊ أﻫﺪاﻓﻬﻢ(. ٍ ﻣﺘﱠ ِﺴ ًﻘﺎ ﻣﻊ ذاﺗﻚ ،ﻓﺈن ﺧﺼﻤَ َﻚ املﺘﱠ ِﺴﻖ ﻣﻊ ذاﺗﻪ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻬﺰﻣﻚ ﰲ ﻣﻠﻌﺒﻚ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻟﻴﺲ ﻫﺬا ﻣﻦ اﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺎت ،وﻳُﻄﻠِﻖ وﻛﻼءُ املﺮاﻫﻨﺎت اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ﻋﲆ ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ اﻻﻧﺤﺮاﻓﺎت ﻋﻦ اﻻﺗﺴﺎق 11
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ٍ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ملﺆ ﱢﻟﻒ اﻟﻜﺘﺎب .وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﰲ أي ﻣﻊ اﻟﺬات »ﺳﺠﻞ املﺮاﻫﻨﺎت اﻟﻬﻮﻟﻨﺪي« ﻷﺳﺒﺎب ﻏري ﺗﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﺗﻀ ﱡﻢ ﺧﺼﻤً ﺎ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﻘﺪرة ﻋﲆ اﻟﺘﻔﻜري ،ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ ﱡ ﻟﻌﺒﺔ ُ ﺗﻮﻗﻊ ﺧﻄﻮات اﻟﻼﻋﺐ املﺘﱠ ِﺴﻖ ﻣﻊ ذاﺗﻪ ﴎﻳﻌً ﺎ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺴﺘﻐﻞ ﺧﺼﻤﻪ ذﻟﻚ ملﺼﻠﺤﺘﻪ .وﻳﺪرك ﻻﻋﺒﻮ اﻟﺒﻮﻛﺮ ذﻟﻚ ،ﻣﺜﻠﻬﻢ ﰲ ﻫﺬا ﻣﺜﻞ ﻣﺪرﺑﻲ ﻛﺮة اﻟﻘﺪم. إن ﻣﺸﺎﻛﻠﻨﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻷﻋﻤﻖ )ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻌَ ْﻘﺪ ،أو ذﻟﻚ اﻟﻘﺮن ،أو ﺗﻠﻚ اﻷﻟﻔﻴﺔ ،أو ﰲ ﻫﺬه اﻟﺪوﻟﺔ ،أو ﻫﺬه اﻟﻘﺎرة( ﺗﺪور ﺣﻮل اﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ وﺳﺎﺋﻞ ﺛﺎﺑﺘﺔ وﻋﺎدﻟﺔ ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴ ٍﺔ ﻣﺎ ﻷﻓﺮاد ﺑﻌﻴﻨﻬﻢ؛ ﺑﺤﻴﺚ ﻟﻠﺤﻜﻢ؛ أي ﺗﺨﻮﻳﻞ ﺳﻠﻄﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار داﺧﻞ ُ اﻟﻘﺮارات اﻟﺘﻲ ﺗﺘﱠﺨِ ﺬﻫﺎ ﻫﺬه اﻟﻘﻠﺔ ﻋﲆ ﻛﻞ أﻓﺮاد املﺠﻤﻮﻋﺔ .ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ ﺗﺆﺛﱢﺮ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﻷرﺑﺎح ،وﺗﻘﺴﻴﻢ املﺴﺌﻮﻟﻴﺎت واﻷﻋﺒﺎء واﻟﺴﻠﻄﺎت ،ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻞ أن ﻧﺘﺤﺪﱠث ﻋﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺤﻜ ِﻢ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻀﻤﻦ اﻟﻘﺎﺋ َﺪ اﻟﺬي ﻳﺘﺨﺬ اﻟﻘﺮارات ا ُمل ِﻠﺰﻣﺔ ﺑني أﻗﺪ ِم ِ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ .ﻣﻦ ِ ﻟﻜﻞ ﻓﺮد ﺑﺤﻜﻢ ﻗﻮﱠﺗﻪ اﻟﻐﺎﺷﻤﺔ ،أو ﺑﺎﻹﺟﻤﺎع ،أو ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻘﺪﱡﻣﻪ ﰲ اﻟﻌﻤﺮ ،أو ﺑﺤﻖ املﻮﻟﺪ ،أو ﺑﻨﻔﻮذ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ .وﰲ أي ﻣﻮﻗﻒ ﻣﻦ املﻮاﻗﻒ املﺘﺄزﻣﺔ ،ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ وﺟﻮ ُد ﻗﺎﺋ ٍﺪ ﻣُﻌﱰ ٍَف ﺑﻪ ،ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﻏريَ ﻛﻒءً ، ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﻋﺪم وﺟﻮد ﻗﺎﺋﺪ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ،وﻛﻞ اﻟﺠﻴﻮش ﺗﻌﺮف ﻫﺬا .ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮن اﻟﺴﻠﻄﺔ املﻄﻠﻘﺔ ﻋﺎدﻟﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺆﺗﻲ ﺛﻤﺎرﻫﺎ ،وﺑﺨﺎﺻﺔ وﻗﺖ اﻷزﻣﺎت؛ وﻣﻦ أﺷﻜﺎل ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎ ِم اﻟﺤﻜ ُﻢ ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠﺔ ﺳﻴﺎدة اﻟﻘﺎﻧﻮن )ﺑﺎملﻌﻨﻰ اﻟﻌﺎم وﻟﻴﺲ ﺑﺎملﻌﻨﻰ اﻻزدراﺋﻲ( ،اﻟﺬي ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ َرﺣِ ﻤﻪ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻧني اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ واﻟﺼﺎرﻣﺔ اﻟﺘﻲ أﺗﺘﻨﺎ ﻣﻦ اﻷﻋﺮاف اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ أو رﺑﻤﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ أيﱟ ﻣﻦ اﻟﴩاﺋﻊ اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳ َ ُﺴﱰﺷﺪ ﺑﻬﺎ ﰲ ﻛﻞ اﻟﻘﺮارات املﻤﻜﻨﺔ ،وﻋﺎد ًة دون اﻟﺴﺆال ﻋﻦ ﻣﺼﺪر ﻫﺬه اﻟﻘﻮاﻧني .وﻣﻦ أﻣﺜﻠﺔ ذﻟﻚ اﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ املﻘﺪﱠﺳﺔ وﴍﻳﻌﺔ ﺣﻤﻮراﺑﻲ ،ﻛﺬﻟﻚ ﺗُ َ ﻌﺘﱪ اﻟﻮﺻﺎﻳﺎ اﻟﻌﴩ أﺣ َﺪ اﻷﺷﻜﺎل املﺨﺘﴫة ﻟﻬﺬا اﻟﻨﻈﺎم ﰲ اﻟﺤﻜﻢ .وﻫﻨﺎك أﻧﻮاع أﺧﺮى ﻟﻨ ُ ُ ﻈﻢ اﻟﺤﻜﻢ ﺗﺘﻀﻤﻦ اﻹﺟﻤﺎ َع اﻟﻌﺎم، اﻟﺬي ﻳﺴﻮق ﻛ ﱠﻞ اﻟﻘﺮارات ﻧﺤﻮ اﻟﻘﺎﺳﻢ املﺸﱰك اﻷدﻧﻰ ،واﻟﺬي ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺳﻴﺌًﺎ ﻟﻜ ﱢﻞ ﻣَ ﻦ ً ﺷﻜﻼ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل ﺣﻜﻢ اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ )وﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻳﺘﺄﺛﱠﺮ ﺑﻪ .ﻫﻨﺎك أﻧﻤﺎط أﺧﺮى ﺗﺘﻀﻤﻦ َ ﺑﻌﺾ املﺘﺤﺪة ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺤﻜﻢ( ،وﻫﻮ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺬي رﺑﻤﺎ — ورﺑﻤﺎ ﻻ — ﻳﺘﻀﻤﱠ ﻦ اﻟﻘﻴﻮد ﻋﲆ ﺳﻠﻄﺔ اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﰲ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﱢﺐ ﻋﺒﺌًﺎ ﺷﺪﻳﺪًا ﻋﲆ اﻷﻗﻠﻴﺔ .ﺗﺘﺂﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻴﻮد ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ ،وﻫﺬا ﳾء ﺣﺘﻤﻲ ﰲ أي دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ )وﻋﲆ ﻋﻜﺲ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺷﺒﻪ اﻟﻌﺎملﻲ ،اﻟﺬي ﱠ ﺗﺮﺳﺦ ﰲ املﺪارس ،ﻓﺈن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻟﻢ ﺗُﻄﻠِﻖ ﻋﲆ ﻧﻔﺴﻬﺎ ً ً دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻗ ﱡ ﻂ؛ ﻓﺎﻟﻜﻠﻤﺔ ﻟﻢ ﺗﻈﻬﺮ ﰲ اﻟﺪﺳﺘﻮر أو ﰲ إﻋﻼن اﻻﺳﺘﻘﻼل .واﻟﺪﺳﺘﻮر دوﻟﺔ ً ﺷﻜﻼ ﺟﻤﻬﻮرﻳٍّﺎ ﻟﻠﺤﻜﻢ ،ﻟﻜﻦ ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻌﻨًﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ ،وﻫﻮ ﺑﺬاﺗﻪ ﻳﻀﻤﻦ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻟﻜﻞ وﻻﻳﺔ 12
ﻣﻘﺪﻣﺔ
ﱠ ﻣﻮﺿﺢ ﰲ اﻟﺪﺳﺘﻮر( .وﻣﻼﺣﻈﺔ وﻧﺴﺘﻮن ﺗﴩﺷﻞ ﺑﺄن اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻫﻲ أﺳﻮأ أﻧﻈﻤﺔ ﻏري َ اﻟﺤﻜﻢ ،ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ﻛﻞ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻷﺧﺮى ،ﱢ املﻌﻀﻠﺔ ٍ ٍ ﱢ ﻣﺴﺎﺣﺎت ﻧﺨﺼﺺ ﺑﺪﻗﺔ .ﺳﻮف ﺗﻠﺨﺺ ﺗﻠﻚ ﻋﺪة ﻟﻬﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ املﺸﻜﻼت؛ إذ إن ﻋﺪم ﻗﺪرة ﻛﻴﺎﻧﺎﺗﻨﺎ املﻨﺘﺨﺒﺔ ﻋﲆ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻔﻌﲇ أﺻﺒﺢ أﻣ ًﺮا ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻺﺣﺒﺎط وﺧﻴﺒﺔ اﻷﻣﻞ ﻋﲆ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ﰲ ﺣﻘﺒﺔ اﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎت ،وﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ .وﻣﻊ ﻛﻞ ﻫﺬا ،ﻳﺒﺪو أﻧﻨﺎ ﻗﺪ اﻧﺨﺮﻃﻨﺎ ﰲ ﱢ ٍ ﺣﻤﻠﺔ أﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﺤﻤﻼت اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ ﻹﻗﻨﺎع ﺷﻦ ً ٍ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻦ ﺷﻜﻞ اﻟﺤﻜﻢ ﻟﺪﻳﻨﺎ، ﻛ ﱢﻞ ﻓﺮد ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،أﻳٍّﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻇﺮوﻓﻪ املﺤﻠﻴﺔ ،ﺑﺘﺒﻨﱢﻲ ﻧﻈﺎﻣﻨﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدي .وﻟﻴﺲ واﺿﺤً ﺎ ملﺆ ﱢﻟﻒ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻛﻴﻒ اﺗﱡﺨﺬ ﻗﺮار ﱢ ﺷﻦ ﻫﺬه اﻟﺤﻤﻠﺔ ،أو ُ اﻟﺤﻤﻼت اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ ﻣَ ﻦ اﻟﺬي اﺗﱠ َﺨﺬه ،أو إﱃ ﻣﺘﻰ ﺳﺘﺴﺘﻤﺮ ،ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﺬﻛﺮ ﻣﺎ آ َﻟ ْﺖ إﻟﻴﻪ اﻷﺻﻠﻴﺔ. ﱠ َ املﻮﻗﻒ اﻟﻌﺎم ﻋﲆ أﻧﻪ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ ﻋﻨﺪ ﺗﻨﺎو ُِل أيﱢ ﻣﻮﺿﻮع ﻣﻌﻘﺪ أن ﻧﺮى اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ،وأن ﻧﻐﺮق ﰲ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ وﻧُﻐﻔﻞ ﻟُﺐﱠ املﻮﺿﻮع .وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﺘﻀﻤﱠ ﻦ أي ﻗﺪر ﻣﻦ املﻌﺘﻘﺪات اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻮﱢش اﻟﺬﻫﻦ، ﻟﻌﺒﺔ ﺟﻮﻫ َﺮ املﺸﻜﻠﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﱢﻠﻬﺎ ،ﺑﺄﻗﻞ ٍ ً ً ﻣﻼﺋﻤﺔ. ﻣﻘﺪﻣﺔ واﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻋﻦ ﺗﺠﺎرب ﺳﺎﺑﻘﺔ ،واﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻤﺜﱢﻞ ﻟﺬا ﺳﻨﺒﺪأ ﺑﻌﺾ أﺟﺰاء ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺄﺣﺪ اﻷﻟﻐﺎز اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻬﱢ ﺪ ملﻮﺿﻮﻋﺎت ﺻﻨﻊ ً وﺻﻮﻻ إﱃ ﻣﺎ ﻫﻮ اﻟﻘﺮار اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻴﻬﺎ .وﺑﺨﻼف ﻫﺬا ،ﺳﻴﺒﺪأ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺘﻨﺎول ﻣﺎ ﻫﻮ ﺑﺴﻴﻂ، ﱠ ﻣﻌﻘﺪ ،ﺛﻢ إﱃ ﻣﺎ ﻻ ﺣ ﱠﻞ ﻟﻪ؛ إذ ﺳﻴﺒﺪأ ﻣﻦ اﻟﻘﺮارات اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﻟﺪﻳﻨﺎ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ، ً وﺻﻮﻻ ﰲ ﻣﺮو ًرا ﺑﻤﺸﻜﻼت اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ﰲ ﻇ ﱢﻞ اﻟﺸﻚ واﻟﻼﻳﻘني ،وﰲ ﻇﻞ وﺟﻮد ﻣﻨﺎﻓﺴﺎت، ِ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻳﻮاﺟﻪ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﱃ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﰲ ﻇ ﱢﻞ ﻣﻌﺎﻳري ﻣﺘﻌﺪﱢدة وأﻃﺮاف ﻋﺪة ،وﻫﺬا ﻣﺎ ِ واﻟﴩﻛﺎت اﻟﻜﺒري َة ﻋﺎد ًة .وﻳﺒﻘﻰ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺮى ْ ِ ﱡ اﻟﺘﻮﺻ ُﻞ إﱃ ﺷﻜﻞ ﻣﺴﺘﻘ ﱟﺮ ﺑﻤﻘﺪور أﺣ ٍﺪ إن ﻛﺎن ِ وﻧﺎﺟﺢ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺤﻜﻢ ﻋﲆ ﻣﺪار آﻻف اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺘﻲ ﻗﺮأﻧﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻨﻪ ﰲ ﻗﺼﺺ ٍ اﻟﺨﻴﺎل اﻟﻌﻠﻤﻲ ،ورأﻳﻨﺎه ﰲ ﺣﻠﻘﺎت »ﺳﺘﺎر ﺗﺮﻳﻚ« .إن اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ،ﺑﻤﻔﻬﻮم اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﻬﺪف ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺼﺎﻟﺢ املﺸﱰك ،ﻫﻲ ﳾء ﺟﺪﻳﺪ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﻋﲆ املﺸﻬﺪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ، وﻟﻢ ﺗﺠﺘَ ْﺰ ﻫﺬا اﻻﺧﺘﺒﺎ َر ﺑﻌﺪُ. وﺑﻤﺠﺮد ﺗﻮﺿﻴﺢ املﺒﺎدئ ﺑﺸﻜﻞ ِ ﻣﺒﺎﴍ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ،ﺳﺘﻜﻮن ﻫﻨﺎك أﻣﺜﻠﺔ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ﻋﻦ ﺻﻨﻊ ً وﺻﻮﻻ إﱃ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺮار ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ،ﺗﺒﺪأ ﻣﻦ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ،واملﺮاﻫﻨﺔ ،واﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر، املﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ اﻟﻘﻠﻴﻞ ،ﻣﺜﻞ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮﱠاب ،وﻫﻮ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻔﻴﺘﻮ اﻷول ﻟﺠﻮرج واﺷﻨﻄﻦ. 13
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
وأﺧريًا ،ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻏري ﻣﻮﺟﱠ ﻪ َملﻦ ﻫﻢ ﺧﱪاء ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﰲ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ؛ ﻓﻬُ ﻢ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ اﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺮاﺋﻌﺔ ﻟﻴﺨﺘﺎروا ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻬﺪف ً إﱃ ﻣﻌﺎو ِ ﻓﻀﻮﻻ وﺣﺒٍّﺎ ﻟﻼﺳﺘﻄﻼع َﻧﺔ ﺑﻘﻴﺘﻨﺎ ﻋﲆ ﺗﺤﺴني ﻓﻬﻤﻨﺎ ﻟﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮار ،وأن ﻧﺼﺒﺢ أﻛﺜ َﺮ ﺑﺸﺄن »ﻛﻴﻔﻴﺔ« اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات ،ﺳﻮاء ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻧﺘﺨﺬﻫﺎ ﻧﺤﻦ أم ﻳﺘﺨﺬﻫﺎ َ اﻵﺧﺮون ﻣﻦ أﺟﻠﻨﺎ، وأن ﻧﻌﻤﻞ ﺑﻔﺎﻋﻠﻴﺔ أﻛﺜﺮ ً ﻗﻠﻴﻼ ﻛﺄﻓﺮاد وﻣﻮاﻃﻨني ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ ﺳﻮاء.
14
اﻟﻔﺼﻞ اﻷول
اﳌﺒﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ :ﲤﻬﻴﺪ
ً ﻣﺸﻜﻠﺔ ﰲ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮارات؛ ﻛﻨﱠﺎ ﺳﻨﺮاﻫﻦ ﻟﻮ ﻛﻨﱠﺎ ﻧﻤﺘﻠﻚ ﺑﻠﻮرات ﺳﺤﺮﻳﺔ ﻻ ﺗﺨﻄﺊَ ،ﻟﻤَ ﺎ وﺟﺪﻧﺎ ِ ﻣﻜﺎﺳﺒَﻨﺎ ﰲ اﺳﺘﺜﻤﺎرات راﺑﺤﺔ ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ املﺨﺎﻃﺮ ،وﻧﺘﻘﺎﺳﻢ ﻋﲆ اﻷﺳﻬﻢ املﻀﻤﻮﻧﺔ ،وﻧﻀﻊ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻣﻊ اﻟﴩﻛﺎء املﺜﺎﻟﻴني ،وﻧ َ ْﱪَع ﰲ ﺗﻨﺸﺌﺔ أﻃﻔﺎل ﻣﺜﺎﻟﻴني ﰲ ﺑﻴﺌﺔ ﻣُﺜﲆ ،وﻧﺘﺠﻨﱠﺐ رﻛﻮبَ اﻟﻄﺎﺋﺮات واﻟﺴﻴﺎرات اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺧﺬ ﺑﻨﺎ ﻧﺤﻮ املﺼﺎﻋﺐ ،وﻧﻨﻌﻢ ﺑﺤﻴﺎة ُﻣ ْﺮﺿﻴﺔ آﻣﻨﺔ ﺑﺸﻜﻞ راﺋﻊ؛ ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﻧﻌﺮف ﻛ ﱠﻞ اﻟﻌﻮاﻣﻞ ذات اﻟﺼﻠﺔ ،وﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺘﻜﻬﱡ َﻦ ﺑﺎملﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﺑﻞ ﺣﺘﻰ إﻧﻨﺎ ﻻ ً ﻧﻌﺮف اﻵن ﻣﺎ اﻟﺬي ﺳﻨﺤﺘﺎﺟﻪ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ً ﺻﻌﻮﺑﺔ ﰲ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات ،وﻛﻞ ﻻﺣﻘﺎ؛ ﻟﺬا ﻧﺠﺪ ﻫﺬا دون اﻟﻌﺐء اﻹﺿﺎﰲ املﺘﻤﺜﱢﻞ ﰲ وﺟﻮد ﻋﺪة ﻣﺸﺎرﻛني ﰲ اﻟﻘﺮار ،اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻣﻌﻨﺎ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ،وﺿ ﱠﺪ ﻣﺼﻠﺤﺘﻨﺎ ﰲ أﺣﻴﺎن أﺧﺮى. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻧﻌﺮف ﺷﻴﺌًﺎ — ﺳﻮاء أﻛﺎن ﻋﻦ املﺴﺘﻘﺒﻞ ،أم املﺎﴈ ،أم ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺤﻴﺎة، أم ﺣﺘﻰ ﻋﻦ ﻃﻤﻮﺣﺎﺗﻨﺎ — ﻓﺈن ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ ﺗُﺴﻤﱠ ﻰ ﻋﺪم اﻟﻴﻘني؛ وﻫﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻔﺮار َ املﺄﻟﻮف ﻟﺤﺎﻟﺔ ﻋﺪم اﻟﻴﻘني ﺻﻮ ُر ﺗﺨﺒ ٍﱡﻂ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻣﺜﻞ املﻮت واﻟﴬاﺋﺐ .وﺗﺼﺎﺣﺐ املﺸﻬ َﺪ وﻧﻘﺺ ﰲ املﻬﺎرات وﺗﺮدﱡد )وﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻘﻮد إﻟﻴﻪ ُ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺪم اﻟﻴﻘني ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ( َ وﺿﻌْ ﻒ ،وﻟﻜﻦ ٍ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﻌﻨﻴﻪ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﱠ ﻳﺘﻠﺨﺺ ﰲ وﺟﻮد ﳾء ﻻ ﻧﻌﻠﻤﻪ .وﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻠﺨﺠﻞ ﰲ ﻫﺬا؛ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﴚء ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ملﻌﺮﻓﺘﻪ ﻛﺎملﺴﺘﻘﺒﻞ ،أو رﺑﻤﺎ ﺷﻴﺌًﺎ ﻳﺴﻬﻞ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻛﺮﻗﻢ ً ﻣﻌﺮوﻓﺎ ﻟﺸﺨﺺ آﺧﺮ أم ﻻ ،ﻓﺈذا ﻟﻢ ﺗﻌﺮﻓﻪ أﻧﺖ ﺑﺬاﺗﻚ ،ﻓﺄﻧﺖ إذن ﰲ ﻫﺎﺗﻒ ،وﺳﻮاء أﻛﺎن ً ﺷﺨﺼﺎ ﻳﺪﱠﻋِ ﻲ أﻧﻪ ﻳﻌﺮف ﻛ ﱠﻞ ﳾء ،وﻋﻨﺪﺋ ٍﺬ ﺳﺘﻜﻮن ﻗﺪ ﺣﺎو ْل أن ﺗﺠﺪ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﻋﺪم اﻟﻴﻘنيِ . َ َ ً ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮارات اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ واملﺘﱠ ِﺴﻘﺔ ﺷﺨﺼﺎ ﻋﻠﻴﻚ ﺗﺠﻨﱡﺒﻪ .وﻳﺘﻨﺎول ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب وﺟﺪت ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺪم اﻟﻴﻘني ﻫﺬه؛ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺪوره اﻟﺘﻜﻴﱡﻒ ﻣﻊ ﺣﻘﻴﻘﺔ أﻧﻨﺎ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﻧﻌﺮف ﻛ ﱠﻞ ﳾء ،ﻓﻬﻨﺎك داﺋﻤً ﺎ »ﳾء« ﻧﻌﺮﻓﻪ؛ ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻤﱠ ﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ ﺑﻔﺎﻋﻠﻴ ٍﺔ ﻗﺪ َر املﺴﺘﻄﺎع، وﻋﻠﻴﻨﺎ ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻮﻗﺖ ﻋﲆ أي ﺣﺎل.
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﺳﻮف ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ً أﻳﻀﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻊ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت؛ ﻓﻤﻌﻈﻤﻨﺎ ﻳﻌﺮف ﻛﻴﻒ ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ﻟﻴﻘ ﱢﺮر إﻣﺎ املﺮاﻫﻨﺔ ﻋﲆ ﺗﻮزﻳﻌﺔ ﺳﱰﻳﺖ )ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ أرﺑﻊ أوراق ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﻓﺮﻳﻖ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻟﻠﻔﻮز ﺑﻨﻬﺎﺋﻲ ﻳﻨﻘﺼﻬﺎ ورﻗﺔ واﺣﺪة ﻛﻲ ﺗﻜﺘﻤﻞ( ﰲ اﻟﺒﻮﻛﺮ ،وإﻣﺎ املﺮاﻫﻨﺔ ﻋﲆ ٍ ُ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﰲ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻄﺒﻴﻖ املﺒﺎدئ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﺼﻮرة أوﺳﻊ اﻟﺴﻮﺑﺮ ﺑﻮل .وﺗﻜﻤﻦ ً ﻧﻄﺎﻗﺎ ﻋﲆ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎت ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ،وﻟﺴﻮف ﻧﻌﻮد ﻣﺮ ًة أﺧﺮى ﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺪم اﻟﻴﻘني واﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ. إن ﻗﺪ ًرا ﻛﺒريًا ﻣﻦ ﻋﺪم اﻟﻴﻘني اﻟﺬي ﻳﺸﻮب ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار اﻟﻔﺮدي ﻳﺘﺄﺗﻰ ﻣﻦ ﻋﺪم ﻣﻌﺮﻓﺘﻨﺎ ﺑﻤﺎ ﻧﺮﻳﺪ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﺮار ،وﻣﻦ ﻧﺰﻋﺘﻨﺎ ﻟﻠﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﰲ ﱡ ﺗﻮﻗﻊ املﻜﺎﺳﺐ أو اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ املﺤﺘﻤﻠﺔ؛ ﻓﺎﻟﻨﺎس ﻳﺸﱰون ﺗﺬاﻛ َﺮ اﻟﻴﺎﻧﺼﻴﺐ وﻳﻠﻌﺒﻮن ﻋﲆ ﻣﺎﻛﻴﻨﺎت املﻘﺎﻣﺮة اﻵﻟﻴﺔ ﰲ ﻧﻮادي اﻟﻘﻤﺎر ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ أن ﻣﺎﻟﻜﻲ ﻫﺬه اﻟﻨﻮادي وﻣﺪﻳﺮي ﻗﺎﻋﺎت اﻟﻴﺎﻧﺼﻴﺐ َ اﻟﻨﺎس املﺎ َل؛ َﻓ ِﻠ َﻜﻲ ﻳﺠﻤﻌﻮا املﺎ َل )وﻣَ ﻦ ﻻ ﻳﻔﻌﻠﻮن ﻻ ﻳﻬﺪﻓﻮن ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻬﻢ ﻫﺬا أن ﻳَﻬَ ﺒﻮا ذﻟﻚ ﻳﺘﻢ اﺳﺘﺒﺪاﻟﻬﻢ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر( ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺨﴪ اﻟﻼﻋﺐ اﻟﻌﺎدي ﻧﻘﻮدَه )وﻫﺬا ﻳُﻄ َﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ »ﻟﻌﺒﺔ ﺻﻔﺮﻳﺔ املﺠﻤﻮع« ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﻨﺘﻨﺎوﻟﻪ ً ﻻﺣﻘﺎ( ،ﻟﻜﻦ ﻳﻈﻞ اﻟﻼﻋﺒﻮن ﻳﺤﻠﻤﻮن ﺑﺎﻟﻔﻮز. أﻣﺎ املﻘﺎﻣﺮون املﺘﻔﺎﺋﻠﻮن )وﻣَ ﻦ ﻳﻜﺘﺒﻮن إﻋﻼﻧﺎت اﻟﻴﺎﻧﺼﻴﺐ( ،ﻓﻬُ ﻢ ﻣﻮﻟﻌﻮن ﺑﺘﻮﺿﻴﺢ أن »أﺣﺪًا« ﺳﻮف ﻳﻔﻮز ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﳾء ،وﻫﺬه ﻣﺒﺎ َﻟﻐﺔ ﰲ املﻜﺎﺳﺐ املﺤﺘﻤﻠﺔ؛ ﻷن ً ﻓﺮﺻﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﻔﻮز .وﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧﺐ َ اﻵﺧﺮ ،ﻓﺈن اﻟﺨﻮف املﺒﺎ َﻟﻎ ﻓﻴﻪ ذﻟﻚ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أن ﻟﺪﻳﻚ ﺑﻌﺾ اﻵﺑﺎء ﻣﻦ ﺗﻄﻌﻴﻢ ﺻﻐﺎرﻫﻢ ﺿﺪ املﺮض ،وﻳﻘﻮدﻫﻢ ً ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺛريات اﻟﻀﺎرة ﻳﻤﻨﻊ َ أﻳﻀﺎ إﱃ اﻟﺘﺨ ﱡﻠﺺ ﻣﻦ اﻷﻏﻄﻴﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ،وﻳﺠﻌﻠﻬﻢ ﻳﻄﻠﺒﻮن ﻣﻦ املﺪارس اﻟﺘﺨ ﱡﻠﺺ ﻣﻦ ﻣﺎدة اﻟﺤﺮﻳﺮ اﻟﺼﺨﺮي ﻏري اﻟﻀﺎرة اﻟﺘﻲ ﺗﻐ ﱢ ﻄﻲ اﻟﺠﺪران ،واﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ ﺗﺮﻛﻬﺎ .إﻧﻨﺎ ﻧﻔﺰع ﻣﻦ املﺨﺎﻃﺮ اﻟﺼﻐرية ،وﻧﻨﻔﻖ املﻠﻴﺎرات ﻋﲆ ﺟﻬﻮ ٍد ﻻ ﻃﺎﺋ َﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﻲ ﻧﺘﺤ ﱠﻜ َﻢ ﻓﻴﻬﺎ، اﻵﺧﺮ؛ ﻓﻔﻲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﻴﺎن ﻧﺤﻦ ﻧﺒﺎﻟﻎ ﰲ ﱡ وﻫﺬه ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ وﻟﻜﻦ ﰲ اﻻﺗﺠﺎه َ ﺗﻮﻗﻌﻨﺎ ﻟﻠﻤﻜﺴﺐ، وﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺧﻮﻓﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﺴﺎرة؛ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺆﺛﱢﺮ ﺳﻠﺒًﺎ ﻋﲆ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار املﺘﻮازن. ﻗﺮار ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ ،ﻧﺤﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻷن ﻧﻔ ﱢﻜ َﺮ ﰲ اﻟﻌﻮاﻗﺐ املﺤﺘﻤﻠﺔ ﻟﻬﺬا وﻟﺼﻨﻊ أي ٍ اﻟﻘﺮار — أﻳٍّﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻧﻘ ﱢﺮر ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ أن ﻧﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ — وﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻜﻮن ﱠ املﺘﻮﻗﻌﺔ) .وﺧﻼل ﻛﻞ ﻫﺬا ،ﺳﻨﻔﱰض ﺻﺎدﻗني ﻣﻊ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﺑﺸﺄن أﻫﻤﻴﺔ املﻜﺎﺳﺐ واﻟﺨﺴﺎﺋﺮ ﻗﺮار ﻫﻮ اﻹﻗﺪا ُم ﻋﲆ ﻓﻌﻞ ﳾء أو ﺗﺠﻨﱡﺐُ ﻓﻌﻠﻪ ،أو أداؤه ﺑﺼﻮرة ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ؛ أن اﻟﻬﺪف ﻣﻦ أي ٍ أﻣﺎ اﻟﻘﺮارات اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺆدﱢى إﱃ أي أﻓﻌﺎل ،ﻓﻬﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﻘﺮارات ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ،ﻣﺜﻞ اﻟﻘﺮار 16
املﺒﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ :ﺗﻤﻬﻴﺪ
اﻟﺬي ﻳﺘﱠﺨِ ﺬه املﺮءُ ﺑﺒﺪء ﺣﻤﻴﺔ ﻏﺬاﺋﻴﺔ ﰲ اﻟﻐﺪ ،وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ وراء اﻟﺴﻬﻮﻟﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﺗُﺘﱠﺨﺬ ﺑﻬﺎ ﻗﺮارات اﻟﻌﺎم اﻟﺠﺪﻳﺪ(. ُ ٍ ٍ وﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﻓﻌﺎل، ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻘﺮار اﻟﻔﺮدي ﻣﻦ وﻫﻜﺬا ﺗﺘﻜﻮﱠن وﺑﻌﺾ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮات ملﺎ ﻳُﺤﺘﻤَ ﻞ أن ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻞ ﻧﺘﻴﺠﺔ — ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻫﺬه اﻷﻓﻌﺎل، ِ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار — وﻧﻮع ﻣﻦ ﺗﺼﻨﻴﻔﺎت اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت ﻟﻠﻨﺘﺎﺋﺞ املﺤﺘﻤﻠﺔ؛ وﺗﻠﻚ اﻷﺷﻴﺎء ﻫﻲ ﺟﻮﻫﺮ املﺸﻜﻠﺔ ،أﻣﺎ ﻣﺎ ﱠ ﻳﺘﺒﻘﻰ ﻓﻬﻮ إﺿﺎﻓﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻟﺠﻮاﻧﺒﻬﺎ. وﻟﺴﻮف ﻧﺒﺪأ اﻵن ﺑﻠﻌﺒﺔ.
17
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ
ﻟﻌﺒﺔ اﳌﻮاﻋﺪة
ً وﺳﻴﻠﺔ ﺟﻴﺪة ﻟﻠﺒﺪء ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻘﻂ ﻣﻮﺿﻮع ﻣﺎ ،ﺑﻞ إﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﻊ ﻋﲆ املﺮء أيﱡ ٍ ﴐر ﻋﻨﺪ اﻟﺨﺴﺎرة ﻓﻴﻬﺎ ،وﻗﺪ أُﺗِﻴﺤﺖ ملﺆﻟﻒ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب — اﻟﺬي أﻣﴣ ﻣﻌﻈ َﻢ ﺳﻨﻮات ٍ ُ ﻓﺮﺻﺔ ﻗﻴﺎدة رﺣﻠﺔ داﺧﻞ ﻣﺤﺎﻛﻲ اﻟﻄﺎﺋﺮة دي ﳼ ١٠ﰲ املﺼﻨﻊ. ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻳﻌﻤﻞ ﻃﻴﺎ ًرا — ً )وﻛﻢ ﻛﺎﻧ َ ْﺖ ً راﺋﻌﺔ ﺗﺸﺒﻪ ﻗﻤﺮة اﻟﻄﺎﺋﺮات اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ؛ إذ ﺗﺜﺐ ﻣﻦ ﻋﲆ اﻷرض وﺗﺪور آﻟﺔ ً ﱠ اﻟﺨﻼﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﻣ ﱠﺮ ْت ﻣﻦ أﻣﺎم زﺟﺎﺟﻬﺎ اﻷﻣﺎﻣﻲ املﻘ ﱠﻠﺪ ،ﻣﻊ إﺿﺎﻓﺔ إﱃ املﺸﺎﻫﺪ ﺑﻮاﻗﻌﻴﺔ، ُﺨ ٍﺰ َ ﺑﺸﻜﻞ ﻣ ْ وﻓﻘ َﺪ ﻗﺪ ًرا ﻛﺒريًا ﻣﻦ أﻧﻬﺎ ﻣﺜﺒﺘﺔ ﻋﲆ اﻷرض ﺑﻘﻮة (.وﻣﻊ أﻧﻪ ﻫﻮى ﺑﺎﻟﻄﺎﺋﺮة ٍ ٌ رﻏﺒﺔ ﻻ ﺗُﻘﺎوَم ﻟﺘﺤﻄﻴﻢ ﻃﺎﺋﺮة ﻣﻜﺎﻧﺘﻪ وﺳﻤﻌﺘﻪ ،ﻓﻘﺪ ﻏﺎ َد َر دون ﺧﺪش؛ ﻓﺈن ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻚ دي ﳼ ،١٠ﻓﺘﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻛﻲ ﺗﺰﻳﺢ اﻷﻣ َﺮ ﻋﻦ ﻛﺎﻫﻠﻚ .ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺨﴪ املﻼﻳني ﰲ ﻟﻌﺒﺔ املﻮﻧﻮﺑﻮﱄ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﻌ ﱠﻠﻢ ﻛﻴﻒ ﺗﺴﺘﺨﺪم أﺳﺎﻟﻴﺐَ ﻣﺘﺤﺎﻳﻠﺔ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﻌﻘﺎرات ،وﺑﻌﺪﻫﺎ ﺗﺴﺘﻴﻘﻆ ﺻﺒﺎﺣً ﺎ ﻟﺘﺠﺪ ﻧﻔﺴﻚ ﻗﺎد ًرا ﻋﲆ اﻟﻮﻓﺎء ﺑﺎﻟﺘﺰاﻣﺎﺗﻚ .ﺗُﻤﺎ َرس ﻟﻌﺒﺔ »ﺟﻮ« ِﺑﻮَﻟﻊ ﺷﺪﻳﺪ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء ﴍق آﺳﻴﺎ ،وﺑﺨﺎﺻﺔ ﰲ اﻟﺼني واﻟﻴﺎﺑﺎن )ﻧﺸﺄت ﻫﺬه اﻟﻠﻌﺒﺔ ﰲ اﻟﺼني ﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ أرﺑﻌﺔ آﻻف ﻋﺎم( ،ﻣﻊ أﻧﻬﺎ ﻏري ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة .وﻗﺪ ُ ﱠ ٍ ِ ﻟﺨ َ ﺑﺴﻴﻄﺔ أﻫ ﱠﻢ أ ُ ُﺳ ِﺲ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻟﺤﺮب ﰲ ﺻﻮرة ﻟﻮﺣﺔ ﻟﻌﺐ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻋﲆ ﺼ ْﺖ ﻫﺬه ﻣﺒﺎدئ أﺳﺎﺳﻴﺔ ،وﻳﻤﻜﻦ ﻣﻤﺎرﺳﺘﻬﺎ دون إﺣﺪاث أي ﴐر ،ﺳﻮاء ﻟﻸﺷﺨﺎص أم اﻷﺷﻴﺎء )ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪا اﻟﴬر اﻟﺬي ﺗﻠﺤﻘﻪ ﺑﻐﺮور ﻣﻌﻈﻢ أﺑﻨﺎء اﻟﻐﺮب اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻠﻌﺒﻮﻧﻬﺎ( .وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ املﺼﺎدﻓﺔ أن ﺗﺤﺘﻮي ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺸﻄﺮﻧﺞ ﻋﲆ ﻣﻠﻮك ،وﻣﻠﻜﺎت ،وﻓﺮﺳﺎن ،وأﻓﻴﺎل ،وﺑﻴﺎدق؛ ﻛﻤﺎ اﺧﺘﺎر اﻟﺠﻴﺶ ً ﺗﺪرﻳﺐ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻌﺒﺔ ﻣﻦ أﻟﻌﺎب آرﻛﻴﺪ ﺗﺪور ﺣﻮل ﻣﻌﺎرك اﻟﺪﺑﺎﺑﺎت ﻛﺄدا ِة ٍ ﻟﻘﺎﺋﺪي اﻟﺪﺑﺎﺑﺎت املﺴﺘﻘﺒﻠﻴني؛ وﻏري ذﻟﻚ اﻟﻜﺜري .ﻓﻼ ﺗﻘ ﱢﻠ ْﻞ ﻣﻦ أﻫﻤﻴﺔ اﻷﻟﻌﺎب ﻛﺘﻤﻬﻴﺪ ملﺎ ﻳﺤﺪث ﰲ اﻟﺤﻴﺎة.
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻛﺘﺎب ﻋﻦ اﻟﻘﺮارات ﻫﻲ إﻗﻨﺎع اﻟﻘﺎرئ ﺑﺄن ﻫﻨﺎك ُﺳﺒ ًُﻼ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻟﺼﻨﻊ أول ﺧﻄﻮة ﰲ ٍ ً ﻗﺮارات ﺑﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ،وأن ﻫﺬا ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳُﺤﺪِث ﻓﺎرﻗﺎ .واﻟﺨﻄﻮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ اﻹﻓﺼﺎح ﻋﻦ ً ٍ ﻣﻬﻤﺔ إﻻ ﺑﻌﺪ »اﻟﺘﻔﻜري ﻗﺮارات ﻛﻴﻔﻴﺔ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊَ .ﺳﻴُﴫﱡ ﻣﻌﻈﻤﻨﺎ ﻋﲆ أﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺼﻨﻊ ً ﻧﻌﱰف ﻣﻠﻴٍّﺎ« ،ﻟﻜﻦ ﻣَ ﻦ ﻳﺪري ﻣﻐﺰى ذﻟﻚ؟ ﻓﺤﻴﻨﻤﺎ ﻧﺘﻌ ﱠﺮض ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻀﻐﻂ ،ﻋﺎدة ﻣﺎ ِ َ ِ »ﻧﺨﺎﻃﺮ« ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ .ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ،ﻻ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ واﻵﺧﺮ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﺑني اﻟﺤني اﻟﻜﺜريُ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎرات ،وﻳﺨﻀﻊ اﻷﻣ ُﺮ َ دور ﻟﻠﻘﺪَر وﻏري ذﻟﻚ ،ﻓﻴﻨﺘﻬﻲ ﺑﻨﺎ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺒﻘﺎء ﺑﻼ ٍ إﻳﺠﺎﺑﻲ ﰲ أي ﳾء .ﱠ إن ﺧﻴﺎر ﻫﻮﺑﺴﻮن )واﻟﺬي ُﺳﻤﱢ ﻲ ﻋﲆ اﺳﻢ ﺣﺎرس إﻧﺠﻠﻴﺰي ﻹﺳﻄﺒﻞ ﱟ َ ﺧﻴﻮل( ﻫﻮ ﺧﻴﺎر ﻳﻘﴤ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺧﻴﺎر ﻣﻦ اﻷﺳﺎس؛ وﻫﻮ ﻳﺸﺒﻪ ﺗﻌﻠﻴﻖ ﻫﻨﺮي ﻓﻮرد ﻟﻮن ﻣﺎ دام أﻧﻪ أﺳﻮد .ﻟﻜﻦ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻬري ﺑﺄن أيﱠ ٍ ﻋﻤﻴﻞ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻘﺘﻨﻲ ﺳﻴﺎر ًة ﺑﺄي ٍ اﻷﺣﻴﺎن ﻳﻜﻮن اﻻﺧﺘﻴﺎ ُر ذا أﻫﻤﻴﺔ ،واملﺨﺎﻃﺮ أﻋﲆ ،واﻟﺘﻔﻜري اﻟﺴﻠﻴﻢ »ﻳﻤﻜﻦ« أن ﻳُﺤﺪِث ً ﻓﺎرﻗﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻳﺴﺘﺤﻖ أن ﻧﻔﻌﻞ اﻷﺷﻴﺎء ﺑﺼﻮرة ﺳﻠﻴﻤﺔ. ُ واملﺸﻜﻠﺔ اﻟﺘﻲ اﺧﱰﻧﺎﻫﺎ وإﻟﻴﻜﻢ اﻵن ﻟُ ْﻐ َﺰﻧﺎ اﻷول ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮارات اﻟﻔﺮدﻳﺔ، ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﺟﻴﺪًا ﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ،وﻟﻬﺎ ﻣﺎ ِ ﻳﻨﺎﻇﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ َ ﻣﺸﻮﱢﻗﺔ ﰲ ﺣ ﱢﺪ ذاﺗﻬﺎ .ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻋﻴﺐٌ ﰲ أﻧﻨﺎ ﻗﺪﱠﻣﻨﺎ املﺸﻜﻠﺔ ﰲ ﺳﻴﺎق اﻟﺘﻮدﱡد واملﻮاﻋَ ﺪة؛ ﻓﺬاك ﻫﻮ اﻟﺴﻴﺎق اﻟﺬي ﻳﺘﱠﺨِ ﺬ ﻓﻴﻪ اﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻨﱠﺎ أﻫ ﱠﻢ اﻟﻘﺮارات اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،وﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ً أﻳﻀﺎ ﻋﻮن ﻧﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻪ .وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﺘﱠﺨِ ﺬَ اﻷﻟﻌﺎبَ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ أي ٍ َ اﻟﻈﺮوف اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ؛ ﺑﺸﻜﻞ ﺣﺮﰲ ﱟ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻛﺪروس ﰲ اﻟﺤﻴﺎة؛ ﻓﻬﻲ ﻣﺠﺮد ﻇﻼل ﺑﺎﻫﺘﺔ ﺗﻌﻜﺲ ٍ وﻫﺬا اﻟﻠﻐﺰ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻟﻪ ﻋﺪة أﺳﻤﺎء أﺧﺮى. ﻟﻌﺒﺔ املﻮاﻋﺪة ﺗﺨﻴﱠ ْﻞ ﻧﻔﺴﻚ اﻣﺮأ ًة ﻗ ﱠﺮ َر ْت — ﻷﺳﺒﺎب ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﴍﺣﻬﺎ — أن ﺗﺘﺰوﱠج )وﻻ ﻧﻘﺼﺪ أيﱠ ﺗﺤﻴ ٍﱡﺰ ﻛﻨﺖ ﱢ ﻟﺠﻨﺲ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻫﻨﺎ؛ ﻓﻴﻤﻜﻦ ﺗﻐﻴري اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻣﺮأة إﱃ رﺟﻞ ْ إن َ ﺗﻔﻀﻞ ذﻟﻚ ،وﺳﺘﻈﻞ ً ﺟﺎذﺑﻴﺔ ،ﻟﻨ َ ُﻘ ْﻞ ﻣﻦ ﺑني ذﻟﻚ اﻟﺠَ ﻤْ ﻊ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ(؛ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺗﻮدﱢﻳﻦ اﻟﺰواجَ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻦ ﻣﺌﺎت اﻟﻌ ﱠﺰاب املﻤﺘﺎزﻳﻦ املﺘﺎﺣني ﰲ ﻣﺤﻴﻂ داﺋﺮﺗﻚِ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .إن ﺛﺎﻧﻲ أﻓﻀﻞ ﺧﻴﺎر ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺗﻄﻠﻌﺎﺗﻚِ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻌﺜﻮر ﻟﻦ ﻳُﺠﺪِي ﻧﻔﻌً ﺎ ﻣﻊ ﺷﺨﺼﻴ ٍﺔ ِﺑ ِﺴﻤﺎﺗﻚِ اﻟﺒﺎرزة و ُر ِﻗﻴﱢﻚِ ، ٍ ِ ﻓﺄﻧﺖ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻣﺌﺎت اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﺷﻴﺌًﺎ ﻳﺴريًا؛ ﻋﲆ اﻷﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺑني ﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ. 20
ﻟﻌﺒﺔ املﻮاﻋﺪة
ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻗﻄﻌً ﺎ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻚِ أن ﺗﺘﺰوﱠﺟﻲ أول رﺟﻞ ﺗﺼﺎدﻓﻴﻨﻪ؛ ﻓﺎﺣﺘﻤﺎ ُل ﺗﻔ ﱡﻮﻗِﻪ ﻋﲆ ﺑﻬﺎ ﻣﺎﺋﺔ ﺷﺨﺺ ﻳﺒﻠﻎ واﺣﺪًا ﰲ املﺎﺋﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،وﻫﺬا اﺣﺘﻤﺎل ﺿﺌﻴﻞ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﻐﺎﻣَ ﺮة ﱠ وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،واﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻌﺎن ﺳﻴﺌﺔ، ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻦ ٍ … وﻫﻜﺬا؛ ﻓﺄيﱞ ﻣﻨﻬﻢ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﺳﻮى اﺣﺘﻤﺎل ،ﻳُﻘﺪﱠر ﺑﻮاﺣﺪ ﰲ املﺎﺋﺔ ،أن ﻳﻜﻮن أﻓﻀ َﻞ ﻣَ ﻦ ﺑﺎملﺠﻤﻮﻋﺔ .وﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚِ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺸﻮاﺋﻲ ْ إن ِ ﻛﻨﺖ ﺗﺮﻳﺪﻳﻦ اﻟﻮﺻﻮ َل إﱃ أﻓﻀﻞ ﺻﻨﺪوق ﻣﲇء ﺑﺎﻟﺘﻔﺎح، ﺷﺨﺺ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ واﻗﻌﻴﺔ؛ إن اﻷﻣﺮ أﺷﺒﻪ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎر أﻓﻀﻞ ﺗﻔﺎﺣﺔ ﰲ ٍ ﻓﺤﻴﻨﺌ ٍﺬ ﺣَ ِﺮيﱞ ﺑﻚِ اﻟﺒﺪء ﺑﻤﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺒﻌﺾ؛ ﻓﺄيﱞ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن اﻷﻓﻀ َﻞ، وﻟﻜﻦ ً أﻳﻀﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن اﻷﺳﻮأ. إذن ﻋﻠﻴﻚِ أن ﺗﻮاﻋِ ﺪﻳﻬﻢ — وإﻻ ﻓﻜﻴﻒ ﺳﻴﺘﺴﻨﻰ ﻟﻚِ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺒﻌﺾ؟ — ﻟﻴﺴ ْﺖ ﻛﻘﻮاﻋﺪ ﻓﺤْ ِﺺ اﻟﺘﻔﺎح ﰲ ﺻﻨﺪوﻗﻪ؛ ﻷﻧﻚِ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻔﺎح ﻳﻤﻜﻨﻚِ ﻟﻜﻦ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻠﻌﺒﺔ َ اﻟﻨﻈ ُﺮ إﱃ ﺛﻤﺎر اﻟﺘﻔﺎح ﻣﻌً ﺎ ،واﺣﺪة ﺑﺠﺎﻧﺐ اﻷﺧﺮى ،أﻣﺎ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻠﻌﺒﺔ ،ﻓﻼ ﻳُﺴﻤَ ﺢ ﻟﻚِ إﻻ ﺑﻤﻮ ِﻋ ٍﺪ واﺣﺪ ﻣﻊ ﻛ ﱢﻞ ﻣ ﱠ ُﺮﺷ ٍﺢ ،وﻋﻠﻴﻚِ ﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﻣﻮﻋﺪ أن ﺗﻘ ﱢﺮري ﻋﲆ اﻟﻔﻮر إن ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺸﺨﺺ ﻳﺒﺪو اﻷﻓﻀﻞ ،ﺣﺘﻰ إن ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻣَ ﻦ ﻟﻢ ﺗﻠﺘﻘﻲ ﺑﻬﻢ ﺑﻌ ُﺪ )إن ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ﻣﺘﻠﻬﻒ ﻟﻠﺰواج ﻣﻨﻚ — ﺗﺬ ﱢﻛﺮي أﻧﻬﺎ ﻟﻌﺒﺔ — ﻟﺬا ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﺧﺘﻴﺎركِ ( .وﺑﻤﺠﺮد أن ﻳﻘﻊ اﺧﺘﻴﺎركِ ﻋﲆ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺤﻆ ،ﱠ ً واﻗﻌﻴﺔ ﺗﻮﻗﻔﻲ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻋﻦ املﻮاﻋَ ﺪة؛ ﻓﺎﻷﻟﻌﺎب ﻳﺠﺐ ﱠأﻻ ﺗﻜﻮن ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ .ﻫﻨﺎك ﻗﺎﻋﺪة أﺧﺮى ِﻟ ﱡﻠﻌﺒﺔ ﺗﻘﴤ ﺑﺄﻧﻪ إذا ﺣﺪث أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻘﻊ اﺧﺘﻴﺎ ُركِ ﻋﲆ أﺣﺪ املﺮﺷﺤني ﺑﻌﺪ ﻟﻘﺎﺋﻚِ ﺑﻪ ،ﻓﺎﻋﻠﻤﻲ أﻧﻚِ ﻗﺪ ﺧﴪﺗِﻪ ﻟﻸﺑﺪَ ،و ْﻟﺘﺘﺨﻴ ِﱠﲇ أﻧﻪ ﻗﺪ ﺗﺰوﱠجَ ﻣﻦ أﺧﺮى، أو ﺗَ َﺮ ْﻫﺒ ََﻦ ،أو أﻟﻘﻰ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻣﻦ أﻋﲆ أﺣﺪ املﻨﺤﺪرات اﻟﺼﺨﺮﻳﺔ اﻟﺸﺎﻫﻘﺔ؛ واملﻐﺰى ﻫﻨﺎ ﻫﻮ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻘﺪوركِ أن ﺗﻮاﻋِ ﺪﻳﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ،واﺣﺪًا ﺗﻠﻮ َ اﻵﺧﺮ ،وﺗﻀﻌﻲ ٍّ ﻛﻼ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﲆ ﱟ رف ﺑﺄﺣﺪ املﺨﺎزن ﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎء اﻟﻠﻘﺎء رﺑﻤﺎ ﺑﻌﺪ أن ﺗﻠﺼﻘﻲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻄﺎﻗﺎت ﺗﻘﻴﻴﻢ ،ﺛﻢ ﺗﺰﻳﺤﻲ اﻟﻐﺒﺎ َر ﻋﻦ أﻓﻀﻠﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪُ؛ ﻓﻴﺠﺐ أﻻ ﻳﺘﻜﺪﱠس املﺮﺷﺤﻮن .وﻳﻄﻠِﻖ ﻋﻠﻤﺎء اﻹﺣﺼﺎء ﻋﲆ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ »ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮارات اﻟﺘﺘﺎﺑُﻌﻲ«؛ ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﺗﻘ ﱢﺮري ﻋﲆ اﻟﻔﻮر ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﺗﺰاﻟني ﺗﺠﻤﻌني املﻌﻠﻮﻣﺎت. ﻳﺤﺪث ذﻟﻚ ﻃﻮال اﻟﻮﻗﺖ ﰲ اﻟﺘﺠﺎرب اﻹﻛﻠﻴﻨﻴﻜﻴﺔ أو ﻋﻨﺪ اﺧﺘﺒﺎر ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ أﺣﺪ اﻟﻌﻘﺎﻗري؛ ﺣﻴﺚ ﻳُﻘﺪﱠم ملﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ املﺮﴇ أﺣ ُﺪ اﻟﻌﻘﺎﻗري املﺤﺘﻤَ ﻞ ﻧﻔﻌُ ﻬﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳُﻘﺪﱠم ملﺠﻤﻮﻋﺔ أﺧﺮى ﻋﻼجٌ ﻏري ﺿﺎر وﻟﻜﻨﻪ ﻏري ﻓﻌﱠ ﺎل؛ أي ﻋﻼجٌ وﻫﻤﻲ .وﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻷن ﻳﺘﺨﺬوا ﻗﺮا َرﻫﻢ ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ،ﻓﺘُﻌ َ اﻻﺧﺘﺒﺎرات ﻣﺴﺘﻌﺪﻳﻦ ﰲ أي ﻟﺤﻈﺔ ْ ِ ﻄﻰ ﻳُﺠْ ُﺮون ﱠ ﱠ اﻟﻌﻘﺎ َر )إذا ﻣﺎ ﱠ َ اﻟﻌﻘﺎر ﻣﻦ املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒني ﻧﻔﻌُ ﻪ( ،أو ﻳُﺴﺤَ ﺐ املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻀﺎﺑﻄﺔ 21
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﺗُﻌﺎ َﻟﺞ ْ ِ وأﻧﺖ )إن ﺑَﺪَا ﺿﺎ ٍّرا( ،وﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺴﺘﻤ ﱠﺮ ﻓﱰ ُة اﺧﺘﺒﺎرﻫﻢ ملﺎ ﺑﻌﺪ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار. ً أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻴﻚِ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎملﺜﻞ ،إﻻ ْ إن ِ ﻛﻨﺖ ﺗﺴﺘﻤﺘﻌني ﺑﺎملﻮاﻋَ ﺪة أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻓﻜﺮة اﻟﺰواج ،ﻓﺘﻠﻚ ﻣﺴﺄﻟﺔ أﺧﺮى. ِ ﻓﺄﻧﺖ ﺗﺮﻳﺪﻳﻦ أﻓﻀ َﻞ ﴍﻳﻚ ﻟﻠﺤﻴﺎة ،ﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ إن ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﻳﺴﻬﻞ إدرا ُﻛﻬﺎ؛ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻧﻄﺎق ﻓﺮﺻﺘﻚِ ﰲ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻴﻪ إﱃ أﻗﴡ ﺣ ﱟﺪ ﰲ إﻃﺎر ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮاﻋﺪ؟ إذا ﻣﺎ ٍ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺒﻜﺮ ٍة ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﺸﻮاركِ ﻣﻊ املﻮاﻋﺪات ،ﻓﻤﻦ املﺮﺟﺢ أﻧﻚِ ِ اﻧﺨﺮﻃﺖ ﰲ املﻮاﻋَ ﺪة ﰲ ً ً ﺳﺘﺠﺪﻳﻦ أﻣﺎﻣﻚِ رﺟﻼ أﻓﻀﻞ ﻟﻢ ﻳُﻮاﻋِ ْﺪ ﻧﺴﺎءً ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ،وﻟﺮﺑﻤﺎ ﺗﻘﻀني ﻋﻤ َﺮكِ ﻧﺎدﻣﺔ ﻋﲆ ﺗﴪﻋِﻚِ ﰲ اﻟﺰواج؛ ﻳﺤﺪث ذﻟﻚ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻧﻮد أن ﻳﺤﺪث ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ،وﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮل ﱡ اﻟﺤﻜﻤﺔ» :ﺗﺰوﱠجْ ﴎﻳﻌً ﺎ ُ ِ اﻧﺘﻈﺮت ﻓﱰ ًة أﻃﻮل ﻣﻦ وﺧﺬْ وﻗﺘَ َﻚ ﰲ اﻟﻨﺪم« .وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﻠﻮ اﻟﻼزم ،ﻓﻘﺪ ﻳﺘﺴ ﱠﻠﻞ أﻓﻀ ُﻞ املﺮﺷﺤني ﻣﻦ ﺑني أﺻﺎﺑﻌﻚِ ،وﺣﻴﻨﻬﺎ ﻳﻜﻮن اﻷوان ﻗﺪ ﻓﺎت ،وﻫﺬا ً أﻳﻀﺎ ﻳﺤﺪث ﻛﺜريًا ﻋﲆ أرض اﻟﻮاﻗﻊ؛ وﻗﺪ ﺗﻨﺎو َﻟ ِﺖ اﻷﻏﺎﻧﻲ واﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ واﻟﺮواﻳﺎت ﻛﻠﺘﺎ املﺄﺳﺎﺗني. ﻓﻤﺎ ﻫﻲ إذن اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﻔﻮز؛ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻨﺤﻚِ أﻓﻀ َﻞ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﻨﺠﺎح؟ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ِ ﻓﺄﻧﺖ ﺗﻌﺮﻓني ﻣﺎ أن ﺗﻌﺮﰲ ﻳﻘﻴﻨًﺎ ،ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪﻳﻨﻪ ﻓﻘﻂ ﻫﻮ أﻓﻀﻞ ﻓﺮﺻﺔ .وﺗﻠﻚ ﻟﻌﺒﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ؛ ِ وأﻧﺖ وﺣﺪكِ ﻣَ ﻦ ﻳﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮا َر املﺼريي ،وﻛ ﱡﻞ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪﻳﻦ ،وﻛ ﱡﻞ ﳾء واﺿﺢ وﻣﻌﺮوف، ﻋﻠﻴﻚِ ﻓﻌﻠﻪ أن ﱢ ﺗﺤﺴﻨﻲ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﺧﺘﻴﺎركِ ؛ ﻓﻬﻞ ﻫﻨﺎك ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣُﺜﲆ ﻟﺬﻟﻚ؟ ﻗﻄﻌً ﺎ ﻫﻨﺎك واﺣﺪة ،وﻣﻊ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻤﻨﺤﻚِ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﺆﻛﺪًا ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻌﻄﻴﻚِ أﻓﻀ َﻞ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺪﻓﻚِ .وﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻮد ُة ﺗﻨﻈﻴﻤﻚِ ﻟﺸﺌﻮﻧﻚِ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻨﺠﺎح ،ﻓﻬﻨﺎك داﺋﻤً ﺎ ﻣﺨﺎ َ ﻃﺮ ٌة ﻣﺤﺪﱠدة ﻣﺘﻤﺜﱢﻠﺔ ﰲ أن ﻳﺘﻌﺜﱠﺮ ﺣﻈﻚِ وﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻚِ اﻷﻣﺮ ﺑﻌﺪم ﻣﺼﺎدﻓﺔ ﻣَ ﻦ ﺗﺒﺤﺜني ﻋﻨﻪ؛ ﻓﻌﲆ أي ﺣﺎل ،ﻫﻨﺎك ﻣَ ﻦ ﻳَﺤﺪث ﻟﻪ ذﻟﻚ ،ﻓﺪَﻋِ ﻴﻨﺎ ﻧﺘﻨﺎول اﻷﻣﺮ. ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ،ﻋﻠﻴﻚِ ﱠأﻻ ﺗﺨﺘﺎري أو َل ﱠ ً ﻣﺮﺷﺢ ﻳﺄﺗﻴﻚِ — ﻛﻢ ﺳﺘﻜﻮن ﻣﺼﺎد ً راﺋﻌﺔ َﻓﺔ )وﻫﻮ اﺣﺘﻤﺎل ﻳَﺤﺪث ﺑﻨﺴﺒﺔ واﺣﺪ ﰲ املﺎﺋﺔ( ﻟﻮ أﺗﺎكِ أﻓﻀ ُﻞ ﻣَ ﻦ ﰲ املﺠﻤﻮﻋﺔ ً أوﻻ! — ﻟﺬا ِ ﻓﻤﻦ املﻨﻄﻘﻲ أن ﺗﺘﻌﺎﻣﲇ ﻣﻊ أول ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ املﻮاﻋﺪات — َو ْﻟﻨﻘﻞ ﻋﴩ ًة — ﻛﻌﻴﻨﺎت )ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﰲ ﻣﺤﻞ اﻟﺤﻠﻮى أو ﻣﺘﺠﺮ املﺨﺒﻮزات( ،ﺛﻢ ﺗﺘﺰوﱠﺟﻲ ﺑﺎملﺮﺷﺢ اﻟﺬي ﻳﺴﺠﱢ ﻞ ﺗﻘﻴﻴﻤً ﺎ أﻋﲆ ﻣﻦ أيﱟ ِﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﻌﴩة .ﺗﻠﻚ وﺳﻴﻠﺔ ملﻘﺎرﻧﺘﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ،وﻫﻲ َ ﻟﻴﺴ ْﺖ ً درﺟﺔ ﻣﺎ ﰲ ﻣﻔﻜﺮﺗﻚِ ﺑﺒﻌﻴﺪة ﻋﻤﱠ ﺎ ﻳﺤﺪث ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ؛ ﻓﺒﻤﻘﺪوركِ إﻋﻄﺎءُ ﻛ ﱢﻞ ﻣﻮاﻋَ ﺪ ٍة )ﻟﻨ َ ُﻘ ْﻞ ﻣﻦ ﻋﴩ درﺟﺎت( ،ﺛﻢ اﻋﻘﺪي اﻟﻌﺰم ﻋﲆ أن أول ﺷﺨﺺ ﻳﺴﺠﱢ ﻞ درﺟﺎت أﻋﲆ ﻣﻦ أيﱢ ﺷﺨﺺ ﰲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻌﴩة ﻫﺬه ﻫﻮ اﻟﻔﺎﺋﺰ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ .ﱠ إن ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﻴﻨﻪ ﻫﻮ اﺳﺘﺨﺪام أول ﻋﴩ ﻣﻮاﻋﺪات ﻻﻛﺘﺴﺎب ﺧﱪة ،وﻟﺘﻘﻴﻴ ِﻢ ﻣﺎ ﰲ اﻟﺴﺎﺣﺔ؛ وﻫﺬا ﻫﻮ ﺟﻮﻫﺮ املﻮاﻋَ ﺪة. 22
ﻟﻌﺒﺔ املﻮاﻋﺪة
ﱠ ِ ﺳﻠﻜﺖ ﻫﺬا اﻟﺴﻠﻮ َك: ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻃﺮﻳﻘﺘني ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺨﴪي ﺑﻬﻤﺎ أﻳﱠﻤﺎ ﺧﺴﺎرة إذا ﻣﺎ ﻓﺈذا ﻣﺎ ﺗﺼﺎدف ْ أن ﻛﺎن أول ﻋﴩة أﺷﺨﺎص ﻫﻢ أﺳﻮأ ﻣَ ﻦ ﰲ املﺠﻤﻮﻋﺔ املﺘﺎﺣﺔ — وذﻟﻚ َ ﺣ ﱞ ﺣﻴﻠﺔ ﻟﻨﺎ ﻓﻴﻪ — وﺗﺼﺎدَف ً أﻳﻀﺎ أن ﻛﺎن اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺘﺎﱄ ﻫﻮ اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ ﻣﻦ ﻆﻻ أدﻧﻰ ،ﺳﻴﻨﺘﻬﻲ ﺑﻚِ املﻄﺎف ﺑﺨﻴﺎر ﺳﻴﺊ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ — ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ اﻷﺳﻮأ — دون اﻻﻗﱰاب وﻟﻮ ِﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ِﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ؛ ﻓﻘﺪ وﻗﻊ اﺧﺘﻴﺎرك ﻋﲆ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ ﻣﻦ أدﻧﻰ ﻷﻧﻪ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ أي ﻓﺮد ﻣﻦ اﻟﻌﴩة اﻷواﺋﻞ — وﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ اﺗﺒﻌﺘِﻬﺎ — ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺸﺨﺺ اﻷﻓﻀﻞ ﻻ ﻳﺰال ﰲ اﻧﺘﻈﺎر دﻋﻮﺗﻚِ .ﻟﻜﻦ ﰲ ﺗﻠﻚ املﺮﺣﻠﺔ املﺒﻜﺮة ﻣﻦ ﻣﻮاﻋﺪاﺗﻚِ ، ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص ﻻ ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﻟﻚِ وﺳﻴﻠﺔ ملﻌﺮﻓﺔ ذﻟﻚ؛ ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻳﻜﻮن أﺷﺒﻪ ﺑﻤﺼﺎدﻗﺔ ُ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻧﻄﺒﺎﻋَ ﻚِ ﻋﻤﱠ ﺎ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﻮن .أﻣﺎ اﻟﻐﺮﻳﺒﻲ اﻷﻃﻮار؛ إذ ﺗُﺸﻮﱢه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺠﻌﻠﻚِ ﺗﺨﴪﻳﻦ ،ﻓﻬﻲ ﻋﻜﺲ ذﻟﻚ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ؛ ﻓﺒﺎملﺼﺎدﻓﺔ اﻟﺒﺤﺘﺔ، ْ رﺑﻤﺎ ﻳﻮﺟﺪ أﻓﻀﻞ اﻷﺷﺨﺎص ﺿﻤﻦ أول ﻋﴩة ،ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺪﻓﻌﻚِ ﻟﻮﺿ ِﻊ ﻣﻌﻴﺎر أﻋﲆ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ُ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ﺑﻌﺪ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻣﻮاﻋﺪاﺗﻚِ املﺒﻜﺮة؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺳﻴﻨﺘﻬﻲ ﺑﻚِ املﻄﺎف ﺑﻤﻮاﻋَ ﺪة اﻟﺘﺴﻌني ﱠ ﻣﺮﺷﺤً ﺎ اﻟﺒﺎﻗني دون ﻣﺼﺎدﻓﺔ ﻣَ ﻦ ﻳﻀﺎﻫﻴﻪ ،وﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻳﺴﺘﻘ ﱡﺮ ﺑﻚِ املﻘﺎم ﻣﻊ اﻟﺸﺨﺺ رﻗﻢ ﻣﺎﺋﺔ؛ ﻷن ا َملﻌِ ني ﻳﻜﻮن ﻗﺪ ﻧﻀﺐ ،واﻟﺸﺨﺺ رﻗﻢ ﻣﺎﺋﺔ ﺳﻴﻜﻮن — ﰲ املﺘﻮﺳﻂ — ً ﻋﺎدﻳٍّﺎ ،وﺑﻌﺪﻫﺎ ﺗَﻤﻀني ﺣﻴﺎﺗَﻚِ َ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﺑﺎﺋﺴﺔ ﺗﺘﺨﻴﱠﻠني ﻣﺎ ﻛﺎن ﺳﻴﺤﺪث ﻟﻮ َﻗ ِﺒ ْﻠ ِﺖ ً ً ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﻔﻮز ،وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ً أ َ ْﻓﻠﺖ ﻣﻨﻚِ .ﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ أن ﻟﺪﻳﻚِ ﻣﺠﺎﻻ ﻟﺨﺴﺎرة ﻛﺒرية. أﻳﻀﺎ ً وﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ إﻳﻀﺎح أن ﻟﺪﻳﻚِ )أي اﻟﺰواج ﺑﺄﻓﻀﻞ ﻣَ ﻦ ﰲ املﺠﻤﻮﻋﺔ( ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﻔﻮز ِ ﺗُﻘﺪﱠر ﺑﻨﺤﻮ ٢٥ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ )ﻟﻜﻦ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ املﻌ ِﻨﻴﱠﺔ ﻫﻨﺎ ﺗﺘﺠﺎوز ﻃﻤﻮﺣﺎت ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب( .ﻟﻴﺲ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﴚء اﻷﻛﻴﺪ ،ﻟﻜﻨﻪ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎر اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ ،وﻟﺒﻘﻴﺔ اﻟﻮﻗﺖ ﺳﻴﻜﻮن ﻋﻠﻴﻚِ اﻟﻘﺒﻮل ﺑﺜﺎﻧﻲ أﻓﻀﻞ ﺧﻴﺎر ،أو ﺛﺎﻟﺚ أﻓﻀﻞ ﺧﻴﺎر، أو ﺧﺎﻣﺲ أﻓﻀﻞ ﺧﻴﺎر ،أو أﻳٍّﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺳﻴﺄﺗﻲ ﺣﻴﻨﻬﺎ. ً وﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻔﻌﲇ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻓﻀﻞ؟ ﺣﺴﻨﺎ ،إن اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ وﻗﻮع اﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ — أيْ ﺗﺮك ﻓﺮﺻﺔ اﻟﺰواج ﻣﻦ اﻟﺸﺨﺺ اﻷﻓﻀﻞ ﺗﺘﺴ ﱠﻠﻞ ﻣﻦ ﺑني أﺻﺎﺑﻌﻚِ — ﺗﻌﺎﻣﻠﺖ ﻣﻊ ﻋﴩة ﱠ ِ ﻣﺮﺷﺤني — ﻣﻦ ﺑني ﻫﻲ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﺟﺪٍّا ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ؛ ﻓﺈذا ﻣﺎ ٌ ﻣﺎﺋﺔ — ﻋﲆ أﻧﻬﻢ ﻋﻴﻨﺎت ،ﻓﺴﺘﻜﻮن أﻣﺎﻣﻚِ ﻋﴩ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺸﺨﺺ ﻓﺮﺻﺔ واﺣﺪ ٌة ﻣﻦ ٍ اﻷﻓﻀﻞ ﺿﻤﻦ ﺗﻠﻚ املﺠﻤﻮﻋﺔ؛ وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻚِ اﻻﺳﺘﻌﺪا ُد ﻟﻠﺘﻌﺎﻣُﻞ ﻣﻊ ﱠ ﻣﺮﺷﺤِ ني َ آﺧﺮﻳﻦ ﻋﲆ أﻧﻬﻢ ﻋﻴﻨﺎت ﺑﺎملﺜﻞ دون أن ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻣﺨﺎﻃﺮة ﻛﺒرية ﺑﺄن ﻳﻘﻊ ﺧﻄﺄ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع، ﺗﺘﺤﺴﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻚِ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺘﺎح ،ﻛﻤﺎ ﺳﺘﺤﺼﻠني ﻋﲆ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺨﱪةْ . ﱠ ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا وﺑﺬﻟﻚ 23
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻋﻦ اﺳﺘﺨﺪام ﻧﻔﺲ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ،ﻟﻜﻦ ﻣﻊ ﻣﻮاﻋَ ﺪة ﻋﴩﻳﻦ ﱠ ﻣﺮﺷﺤً ﺎ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻘﻊ اﺧﺘﻴﺎركِ ﻋﲆ اﻷﻓﻀﻞ؟ إﻧﻚِ ﺑﺬﻟﻚ ﺳﻮف ﺗﺰﻳﺪﻳﻦ ﻓﺮﺻﺔ ﺧﺴﺎرة اﻟﺸﺨﺺ اﻷﻓﻀﻞ ﻣﻦ واﺣﺪ ﻣﻦ ﺑني ﻛﻞ ﻋﴩة ،إﱃ واﺣﺪ ﻣﻦ ﺑني ﻛﻞ ﺧﻤﺴﺔ ،وذﻟﻚ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻜﻮﻧﻲ ﻣﺴﺘﻌﺪ ًة ﻟﻠﺰواج ،ﻟﻜﻨﻚِ ﰲ ذات اﻟﻮﻗﺖ ﺳﺘﻘ ﱢﻠﻠني ﺑﺸﺪة ﻣﻦ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻌﻴﺎر ﻣﻨﺨﻔِ ﺾ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ. ُ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﺒﺎدَﻟﺔ؛ ﺟﻴﺪة ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ وﺳﻴﺌﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى .ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻋﻦ ﺛﻼﺛني أو إﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻐﺖ ﰲ ﻫﺬاِ ، ِ ﻓﻤﻦ املﺆ ﱠﻛﺪ أن اﻟﻘﻄﺎر ﺳﻴﻔﻮﺗﻚِ ؛ وﻟﺬا ﻳﻨﺒﻐﻲ أن أرﺑﻌني ﻣﻮاﻋَ ﺪة؟ إذا ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك اﺧﺘﻴﺎر أﻓﻀﻞ ﻟﺤﺠﻢ اﻟﻌﻴﻨﺎت ﰲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد. ﻳﺘﻀﺢ إذن أن أﻓﻀﻞ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﰲ ﺑﺤﺜﻚِ ﻋﻤﱠ ﻦ ﻫﻮ أﻓﻀﻞ ،ﻫﻲ ﺗﻘﻴﻴ ُﻢ املﻮاﻋﺪات ﺑﺎﻟﺪرﺟﺎت واﻻﻧﺘﻈﺎر؛ ﻓﺘﱰﻛني ﺳﺘﺔ وﺛﻼﺛني ﻣﺘﻘﺪﱢﻣً ﺎ ﻟﻠﺰواج ﻳﺬﻫﺒﻮن ﺑﻬﺪوء ﻗﺒﻞ أن ﺗﺨﺘﺎري اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳَﻠ ِﻴﻬﻢ ،واﻟﺬي ﻳُﻌَ ﱡﺪ أﻓﻀ َﻞ ﻣﻦ أيﱟ ﻣﻨﻬﻢ .ﻟﻜﻦ ﺗﻈﻞ ﻫﻨﺎك ﻣﺨﺎ َ َ ﻃﺮ ٌة )ﺗُﻘﺪﱠر ِ ﺑﻨﺤﻮ ٣٠ﰲ املﺎﺋﺔ( ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ ﺿﻴﺎع اﻟﺸﺨﺺ اﻷﻓﻀﻞ ،ﻟﻜﻨﻚِ ﺑﺬﻟﺖ أﻗﴡ ﻣﺎ ﰲ وﺳﻌﻚِ ، ٌ ﻓﺮﺻﺔ ﺗُﻘﺪﱠر ﺑﻨﺤﻮ اﻟﺜﻠﺚ ﻟﻠﻌﺜﻮر ﻋﲆ اﻟﺸﺨﺺ املﻼﺋﻢ اﻟﺬي ِ ﻛﻨﺖ وﺗﺒﻘﻰ ﻟﺪﻳﻚِ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺗﺒﺤﺜني ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺑني ﻣﺎﺋﺔ .واﺣﺘﻤﺎل اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٣٠ﰲ املﺎﺋﺔ ﻟﻴﺲ ﺳﻴﺌًﺎ؛ ﻋﻨﺪﻣﺎ َ اﻟﺪﻗﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﺪﱢر ﺗﺒﺤﺜني ﻋﻦ أﻓﻀﻞ ﺷﺨﺺ ﻣﻦ ﺑني ﻣﺎﺋﺔ) .وﺑﺎملﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺘﺤ ﱠﺮى اﻻﺣﺘﻤﺎ َل ﺑ ٣٠ﰲ املﺎﺋﺔ؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻧﺴﺒﺔ دﻗﻴﻘﺔ ،ﱠ ٍ ﺑﺪﻗﺔ ﺗﺼﻞ إﱃ ﺳﺘﺔ ﻟﻜﻦ ﺗﺤﺪﻳ َﺪ اﻟﻨﺴﺒﺔ ﻗﺮار ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ (.وﰲ ﻣﻨﺎزل ﻋﴩﻳﺔ ﻟﻴﺲ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻨﻄﻘﻴٍّﺎ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ﻋﻨﺪ اﺗﺨﺎذ ٍ ﺣﺎﻟﺔ ﻋَ ْﻘﺪ ﻣﻘﺎﺑﻼت ﻣﻊ املﺘﻘﺪﱢﻣني َ ٍ وﻇﻴﻔﺔ ﻣﺎ ،ﻓﺈن ﻧﻔﺲ املﻨﻄﻖ ﺳﻴﺆﺗﻲ ﺛﻤﺎره. ﻟﺸﻐﻞ ً ﻟﺤﻈﺔ ﻟﻨﻨﻈ َﺮ إﱃ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﻗ ﱠﻠﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﻟﻜﻦ اﻧﺘﻈﺮيَ ،ﻓ ْﻠﻨﺘﻮﻗﻒ ِ أﻧﺖ ﻋﲆ ﺛﻘﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻣﻦ دواﻓﻌﻚِ وﻃﻤﻮﺣﺎﺗﻚِ ؟ ﻫﻞ ِ ﺷﺄﻧﻬﺎ :ﻫﻞ ِ أﻧﺖ ﺑﻬﺬا »ﺗﻄﺎﻟﺒني« ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺑﻨَﻴْﻞ اﻟﺸﺨﺺ اﻷﻓﻀﻞ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ﻣﻦ ﺑني املﺎﺋﺔ ﻋﺎﺷﻖ وﻟﻬﺎن؟ ﱠ ﻣﺮﺷﺢ ﰲ ﻫﻨﺎك ﺟﺎﻧﺐ ﺳﻠﺒﻲ ﻟ َِﺴﻌﻴﻨﺎ اﻟﺪاﺋﻢ ﻧﺤﻮ اﻷﻓﻀﻞ؛ ﻓﺈذا ﻣﺎ ﻛﺎن أﻓﻀﻞ املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷوﱃ ،ﻓﺴﻴﻨﺘﻬﻲ ﺑﻚِ اﻷﻣﺮ ﺑﺄن ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻚِ اﻟﺰواج ﻣﻦ آﺧِ ﺮ ﻣَ ﻦ ﺗﻮاﻋﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺑني املﺎﺋﺔ ﺷﺨﺺ؛ ﺳﻴﻜﻮن آﺧِ ﺮﻫﻢ ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﴬورة أﺳﻮأﻫﻢ .وﰲ ﻫﺬه اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ً ﺷﺨﺼﺎ ﻋﺎدﻳٍّﺎ ،ﻟﻜﻨﻪ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ رﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻜﻮن ﺣﺘﻰ ﺑﻬﺬا املﺴﺘﻮى ،ﻓﻬﻨﺎك ﻧﺴﺎء ﻏريكِ ﻳﺤﺎو ْﻟﻦ اﺻﻄﻴﺎ َد أزواج ً أﻳﻀﺎ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻓﺈﻧﻚ ﺗﺮاﻫﻨني ﻋﲆ ﺛﻠﺚ اﻟﻌﺪد املﺘﺎح أﻣﺎﻣﻚِ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻷﻓﻀﻞ ،ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻨﺴﺒﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ املﻘﺪﱠرة ﺑﺎﻟﺜﻠﺚ ً أﻳﻀﺎ ﻟﻠﻘﺒﻮل ﺑﺸﺨﺺ ﻣﺘﻮﺳﻂ أو ﻗﺪ ﻳﻜﻮن أﺳﻮأ .اﻷﻣﺮ أﺷﺒﻪ ﺑﻤﺤﺎوﻟﺔ إرﺳﺎل ﴐﺑﺔ ﺳﺎﺣﻘﺔ ﻻ ﺗُ َﺮ ﱡد ﰲ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺘﻨﺲ ﻋﲆ اﻟﺪوام. 24
ﻟﻌﺒﺔ املﻮاﻋﺪة
إذن َﻓ ْﻠﻨَﻌﺪ إﱃ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻮاﻋﺪﻳﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻮى ﻋﴩة ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ املﻌﻴﺎرَ ،و ْﻟﻨﻨﻈﺮ َ إﻟﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﻛﺜﺐ .ﻣﺎ ﺣﺪث ﱠ اﺣﺘﻤﺎل ﻳُﻘﺪﱠر املﺮﺗﻘﺒني ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻪ ﺳﻮى أن أﻓﻀﻞ اﻷﺷﺨﺎص ٍ ﻷن ﻳﻜﻮن ﺿﻤﻦ ﺗﻠﻚ املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷوﱃ؛ وﻟﺬا ﻓﻤﻦ املﺤﺘﻤﻞ ً ﺑﻮاﺣﺪ ﻣﻦ ﻋﴩة ْ أﻳﻀﺎ أن ﻳﻜﻮن ً ﺷﺨﺼﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﺗﻮاﻋﺪﻳﻬﻢ ﻻ ﻳﺰال ﻣﻨﺘﻈ ًﺮا ﺑني املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻜﺒرية املﻜﻮﱠﻧﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﻌني أن ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎﻻً ﺑﻌﺪُ .واﻟﺴﺒﺐ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﰲ أﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻪ املﻄﺎف ﻣﻌﻚِ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻫﻮ ﱠ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﻠﻴﻪ ﺧﺎرجَ ﻧﻄﺎق ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻌﴩة ً ﻛﺒريًا ْ ُ أﻳﻀﺎ ،وﻫﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻤﺎﺛِﻠﺔ أن ﺗﺠﺪﻳﻪ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻮاﻋِ ﺪي اﻷﻓﻀﻞ ،وأيﱞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺳﻴﻜﻮن أﻓﻀﻞ ﻣﻦ أول ﻋﴩة أﺷﺨﺎص؛ وﻟﺬا ﻓﺈﻧﻚ — ً ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻠﻘﻮاﻋﺪ — ﺳﺘﺨﺘﺎرﻳﻦ ﻣَ ﻦ ﻳﺄﺗﻲ ً أوﻻ .وﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻤﺎﺛِﻠﺔ ﺑﺄن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺷﺨﺺ ﺛﺎﻟﺚ ﺧﺎرج ﻧﻄﺎق املﺠﻤﻮﻋﺔ ،وﻫﻜﺬا .ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻫﻮ أﻧﻚِ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮاﻋﺪﻳﻦ ﻋﺪدًا ً ﻗﻠﻴﻼ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص ﻗﺒﻞ اﻟﺰواج ،ﺗﻜﻮﻧني ﺑﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻗ ﱠﻠ ْﻠ ِﺖ ﻣﻦ ﻓﺮﺻﺔ ﺿﻴﺎع أﻓﻀﻞ اﻷﺷﺨﺎص املﺤﺘﻤﻠني ﻣﻦ ﺑني ﻳ َﺪﻳْﻚِ ،ﻟﻜﻨﻚِ ﰲ املﻘﺎﺑﻞ ﺗﺰﻳﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻓﺮﺻﺔ ﻓﻘﺪاﻧﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ أﺣﺪ ﻣﻨﺎﻓﺴﻴﻪ اﻟﺬﻳﻦ ﻳَﻠُﻮﻧﻪ ﰲ اﻷﻓﻀﻠﻴﺔ .ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ذﻟﻚ ً ﺳﻴﻨﺎرﻳﻮ ﺳﻴﺌًﺎ؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،إن اﻹﺟﺎﺑﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ ﻣﺎ إذا ِ ﺗﻌﻴﺴﺔ ﻣﻊ ﻛﻨﺖ ﺗﻈﻨني أﻧﻚِ ﺳﺘﻜﻮﻧني ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺗﺘﻜﻮﱠن ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺔ ﺷﺨﺺ .ﻳﺒﺪو ﻫﺬا ﴐﺑًﺎ ﻣﻦ ﺛﺎﻧﻲ أﻓﻀﻞ اﻻﺧﺘﻴﺎرات ﻣﻦ ﺑني اﻟﻐﺮور ،أ َﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ؟ ﱡ ُ ﺑﺘﺤﻔﻆ أﻛﺜﺮ ً ﻗﻠﻴﻼ؛ أي ﺑﺎﺗﱢﺒﺎع ﻧﻔﺲ اﻟﻘﻮاﻋﺪ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻠﻌﺒﺔ رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ ُ ﻟﻜﻦ ﻣﻊ وﺟﻮد أﻫﺪاف ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .ﻻ ﺗﴫﱢي ﻋﲆ ﺗﻌﻈﻴﻢ ﻓﺮﺻﺘﻚِ ﰲ ﻧَﻴﻞ أﻓﻀﻞ اﻻﺧﺘﻴﺎرات إﱃ اﻟﺤﺪ اﻷﻗﴡ ،وﻟﻜﻦ ﺣﺎوﱄ أن ﺗﺘﺠﻨﱠﺒﻲ اﻻﺧﺘﻴﺎ َر ﻣﻦ ﺑني أﺳﻮﺋﻬﺎ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳُﻄ َﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺠﻨﱡﺐ املﺨﺎ َ ﻃﺮة؛ ﻓﺈذا ﻣﺎ ِ ﻛﻨﺖ ﺗﻘﺎﻣﺮﻳﻦ )وأﻧﺖ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻷﺟﻞ املﺮاﻫﻨﺎت ﺗﺤﺎوﻟني ﺗﻘﻠﻴ َﻞ ﺣﺠﻢ اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ ً ﻓﻮز ﺳﺎﺣِ ٍﻖ املﻌﺘﺎدة( ،ﻓﻘﺪ ِ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﺴﻌﻲ دوﻣً ﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ٍ اﺣﺘﻤﺎﻻﺗُﻪ ﺿﻌﻴﻔﺔ .ﻓﻘﺪ ﺗﺮاﻫﻨني ﻋﲆ املﺮﻛﺰ اﻷول أو اﻟﺜﺎﻧﻲ ،أو اﻷول أو اﻟﺜﺎﻧﻲ أو اﻟﺜﺎﻟﺚ، ﱠ ﺳﺘﺘﻐري اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺘﻚِ إذن؟ ﰲ ﺳﺒﺎق اﻟﺨﻴﻮل ﻣﻦ أﺟﻞ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﺎن؛ ﻓﻜﻴﻒ ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺗﺘﻜﻮﱠن ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺔ ﺑﻤﺠﺮد أن ﺗﻘ ﱢﺮري ،ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،أن ﺛﺎﻧﻲ أﻓﻀﻞ ﺧﻴﺎر ﰲ راﻏﺐ ﰲ اﻟﺰواج ﻟﻴﺲ ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ ﺧﻴﺎ ًرا ﺳﻴﺌًﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻋﻠﻴﻚِ املﻮاﺻﻠﺔ — ﺑﻌﺪ أول ﺷﺨﺼﺎ رأﻳﺘِﻬﻢ — ﺣﺘﻰ آﺧِ ﺮ ﻋﴩة أﺷﺨﺎص ﻛﻲ ﺗﺘﻤﺘﱠﻌﻲ ﺑﻔﻮاﺋﺪ ﻃﺮﻳﻘﺘﻚِ ً ﺳﺘﺔ وﺛﻼﺛني ﱠ ﻓﻴﺘﺒني ﻟﻚِ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ أن َ ً ﺷﺨﺼﺎ ﺗﻨﴘ أﻣ َﺮ أول ﺛﻼﺛني اﻷﻛﺜﺮ اﺳﱰﺧﺎءً ﰲ اﻻﺧﺘﻴﺎر؛ ﻣﻦ اﻟﴩﻛﺎء املﺤﺘﻤﻠني ،وﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ﺗﺨﺘﺎري اﻟﺘﺎﱄ اﻟﺬي ﻳﻜﻮن أﻓﻀﻞ ﻣﻦ أيﱟ ﻣﻨﻬﻢ .وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻓﺮﺻﺔ اﺧﺘﻴﺎر اﻷﻓﻀﻞ ﺗﺘﻀﺎءل ً ﻗﻠﻴﻼ ،ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻴﻜﻮن ﻟﺪﻳﻚ ﻓﺮﺻﺔ 25
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
أﻓﻀﻞ — ﺗﻔﻮق ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺨﻤﺴني ﰲ املﺎﺋﺔ — ﻻﺧﺘﻴﺎر »إﻣﺎ« اﻷﻓﻀﻞ ﰲ املﺠﻤﻮﻋﺔ ،وإﻣﺎ ﺛﺎﻧﻲ أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ .وﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﺗﻜﻮﻧني ﻗﺪ ﻗ ﱠﻠ ْﻠ ِﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻻﺳﺘﻤﺮار ﰲ ﻣﻨﻄﻘﻲ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ. ﻗﺮار ﺣﺘﻰ اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻷﺧرية؛ وﻫﺬا ﱞ املﻮاﻋَ ﺪة دون اﺗﺨﺎذ ٍ ﺑﻤﻘﺪوركِ أن ﺗﺄﺧﺬي ﺗﻠﻚ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻟِﻤﺎ ﻫﻮ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ؛ ﻓﺈذا ﻣﺎ اﺳﺘﻘﺮ ْر ِت ﻋﲆ أيﱟ ﻣﻤﱠ ﻦ ﻳﻤﺜﱢﻠﻮن أﻓﻀ َﻞ ﺧﻤﺴﺔ أﺷﺨﺎص ﰲ املﺠﻤﻮﻋﺔ ،ﻳﺘﻀﺢ ﻟﻚِ أن ﻋﻠﻴﻚِ ﻣﻮاﻋَ ﺪة ٌ ﺷﺨﺼﺎ ﻓﺤﺴﺐ واﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﻢ ﻛﻌﻴﻨﺎت؛ وﺣﻴﻨﻬﺎ ﺗﻜﻮن ﻟﺪﻳﻚِ ً ﻓﺮﺻﺔ ﺗُﻘﺪﱠر ﺑﻨﺤﻮ ﻋﴩﻳﻦ ُ اﻟﻨﺴﺒﺔ اﻟﺘﻘﺮﻳﺒﻴﺔ ٪٧٠ﻟﻠﻘﺒﻮل ﺑﻮاﺣﺪ ﻣﻦ ﺑني أﻓﻀﻞ ﺧﻤﺴﺔَ .و ْﻟﻨﺘﺨﻴﱠﻞ ذﻟﻚ اﻵن ،إذ ﺗﻜﻮن ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻷرﺟﺤﻴﺔ اﻟﺰواج ﻣﻦ أﺣﺪ اﻷﺷﺨﺎص ﺑني أﻓﻀﻞ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﺮﺷﺤني — وذﻟﻚ ﰲ ﻣﻜﻮﱠﻧﺔ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺔ راﻏﺐ ﰲ اﻟﺰواج — ﻫﻲ ﺛﻼﺛﺔ إﱃ واﺣﺪ؛ وذﻟﻚ ﻓﻘﻂ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﺑﻨﺎءً اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻷﻛﺜ َﺮ ﱡ َ ﺗﺤﻔ ً ﻈﺎ ﻻ ﺗﻘ ﱢﻠﻞ ﻣﻦ ﻓﺮﺻﺘﻚِ ﻛﺜريًا ﰲ ﻋﲆ اﻟﻌﻘﻞ .وﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،إن ﻫﺬه اﻟﺰواج ﻣﻦ أﻓﻀﻞ ﺷﺨﺺ؛ إذ ﺗﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﻬﺒﻂ ﻣﻦ ﻗﺮاﺑﺔ ٪٣٧إﱃ ،٪٣٣وﻫﻲ ﻧﺴﺒﺔ ﺑﺎﻟﻜﺎد ﺣﺴﻨ ْ ِﺖ ﻣﻦ ﻣﺘﻮﺳﻂ أداﺋﻚِ ﺗﺤﺴﻴﻨًﺎ ﻣﻠﺤﻮ ً ﺗﻜﻮن ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ؛ ﻓﻠﻘﺪ ﱠ ﻇﺎ ،وﻗ ﱠﻠ ْﻠ ِﺖ ﻣﻦ ﻓﺮﺻﺔ ﻧﻔﺎد املﺘﻘﺪﱢﻣني ﻟﻠﺰواج إﱃ اﻟﻨﺼﻒ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺨ ﱢﻠﻴﻚِ ﻋﻦ ﺟﺰء ﺑﺴﻴﻂ ﻣﻦ ﻓﺮﺻﺘﻚِ ﰲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﺠﺎﺋﺰة اﻟﻜﱪى .ﻟﻜﻦ اﺣﺬري ﻣﻦ املﺒﺎ َﻟﻐﺔ ﰲ ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ؛ ْ ِ ﻓﻌﻠﺖ ،ﻓﻘﺪ ﻓﺈن ﺗﻌﻮدﻳﻦ أدراﺟَ ﻚِ إﱃ اﻟﺰواج ﻣﻦ أول ﺷﺨﺺ ﺗﻮاﻋِ ﺪﻳﻨﻪ. ﻫﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت املﺤﺘﻤَ ﻠﺔ واملﺨﺘﻠﻔﺔ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻠﻌﺒﺔ ،وﺗﻌﺘﻤﺪ أﻓﻀﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻚِ — وﻫﻲ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺘﻲ ﻣﻦ املﻔﱰض أن ﺗﺘﱠﺨﺬي ﻋﲆ أﺳﺎﺳﻬﺎ ﻗﺮا َركِ اﻟﺸﺨﴢ ً ﻛﺎﻣﻼ ﻋﲆ ﺟﻮدة ﺗﺤﺪﻳﺪكِ ﻟﻸﻫﺪاف؛ ﻓﺒﺈﻣﻜﺎﻧﻚِ اﻟﺮﻫﺎن ﻋﲆ اﻟﺸﺨﺺ اﻷﻓﻀﻞ — — اﻋﺘﻤﺎدًا وﻫﻲ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻷوﱃ — ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻴﻚِ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺗﻘﺒﱡﻞ اﺣﺘﻤﺎل اﻟﺨﺴﺎرة اﻟﺸﺪﻳﺪة ،أو ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚِ ُ ً ﻗﻠﻴﻼ ﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﺣﺠﻢ اﻟﺨﺴﺎرة إن ﻟﻢ ِ ﺗﻘﻠﻴﻞ ﻣﻌﺎﻳريكِ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻷوﱃ ﺛﻤﺎ َرﻫﺎ .ﻳﺠﺐ ﺗﺆت أن ﺗﻜﻮﻧﻲ ﻋﲆ دراﻳﺔ ﺑﺬﻟﻚ ،وأن ﺗﻜﻮﻧﻲ ﻣﺴﺘﻌِ ﺪﱠة ﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﻣﺎ ﺗﺒﺤﺜني ﻋﻨﻪ ﻣﻘﺪﻣً ﺎ؛ ﻓﻔﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻛﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻫﺪاف — املﺤﺪدة وا ُملﺪرﻛﺔ ﺑﻮﺿﻮح — ﻫﻨﺎك اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﺜﲆ ﻟﻠﻌﻤﻠﻴﺎت املﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﺘﻘﻴﻴﻢ املﻮاﻋﺪات واﻧﺘﻈﺎر اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ،وﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﺛﻤﺔ ﳾء ﻳﺜري اﻟﺪﻫﺸﺔ ﰲ ذﻟﻚ؛ ﻓﺎﻷﺷﺨﺎص ﻳﻔﻌﻠﻮن ذﻟﻚ ﻋﲆ أرض اﻟﻮاﻗﻊ .ﻟﻴﺲ ﺑﻮﺳﻌﻚِ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ً ٍ واﻗﻌﻴﺔ ﺑﺸﺄن أﻫﺪاﻓﻚِ ) .ﻗﺪ ﻳﻘﻮل ﺑﺄﺳﻒ — ﻟﺬا ﻓﻤﻦ اﻷﺣﺮى أن ﺗﻜﻮﻧﻲ ﻛﻞ ﳾء — وأﻗﻮﻟﻬﺎ ُ ﺑﻌﺾ اﻟﻮاﻋﻈني ،ﱠ إن ﻋﻠﻴﻚِ دوﻣً ﺎ اﻟﺘﻄ ﱡﻠﻊ ﻟﻸﻓﻀﻞ ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬه ﻟﻚ ﻣﻌ ﱢﻠﻤﻮكِ ﺑﺎملﺪرﺳﺔ ،أو اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺳﻴﺌﺔ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗُﻄﺒﱠﻖ ﻋﲆ ﳾء ﻣﻬﻢ؛ ﻓﺎﻟﺨﻴﺎر اﻷﻓﻀﻞ أ َﻟ ﱡﺪ ﻋﺪ ﱟو ﻟﻸﺷﻴﺎء اﻟﻄﻴﺒﺔ(. ِ ازددت ﺗﻌ ﱡﻠﻤً ﺎ؛ إﻣﺎ ﺑﺨﻔﺾ ﺳﻘﻒ املﻌﺎﻳري وإﻣﺎ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،رﺑﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﻚِ ﺗﻌﺪﻳﻞ أﻫﺪاﻓﻚِ ﻛﻠﻤﺎ 26
ﻟﻌﺒﺔ املﻮاﻋﺪة
ِ اﻛﺘﺴﺒﺖ اﻟﺨﱪ َة ،أو ﻛﻠﻤﺎ ﻧﻀﺒ َِﺖ املﻮار ُد املﺘﺎﺣﺔ .ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﺎس ﻳﻔﻌﻠﻮن ذﻟﻚ ﺑﺮﻓﻌﻪ ،ﻛﻠﻤﺎ َ ﺑﺼﻮرة ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺔ؛ ﻓﻴﻤﺎ ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ »اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ دﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻴﺔ«؛ ﻓﺈن ﻛﺎن ﺑﻤﻘﺪوركِ اﻟﺘﻌﺒري ﻋﻤﱠ ﺎ ﺗﺮﻳﺪﻳﻨﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻓﻬﻨﺎك وﺳﻴﻠﺔ ﻣﺜﲆ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻴﻪ ،وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﳾء ﻣﺆ ﱠﻛﺪ ﰲ أﻏﻠﺐ اﻟﺤﺎﻻت .ووﻓﻖ املﻘﻮﻟﺔ اﻟﺘﻲ رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن داﻣﻮن َرﻧﻴﻮن ﻫﻮ ﻗﺎﺋﻠﻬﺎ» :ﻻ ﻳﻔﻮز اﻷﴎع َ املﺮاﻫﻨﺔ«. ﰲ اﻟﺴﺒﺎق داﺋﻤً ﺎ … ﻓﺎﻟﻔﻮز ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ أﺳﻠﻮب
27
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ
اﻻﺣﺘﲈﻟﻴﺔ
إذن ﻓﺎﻟﻄﺮﻳﻖ ﻧﺤﻮ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ﻳﺘﻀﻤﱠ ﻦ ﺧﻤﺲ ﺧﻄﻮات ،ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ؛ ً أوﻻَ : ً ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﺎﻹﺟﺮاءات اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻨﻚ اﺗﺨﺎذﻫﺎ )ﻓﺎﻟﻘﺮار ﻫﻮ ﻣﺠﺮد ﺧﻴﺎر ﻣﻦ ﺑني ﻋﺪة ﺿ ْﻊ ﻓﻌﻞ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق( .ﺛﺎﻧﻴًﺎَ : ﺿ ْﻊ إﺟﺮاءات ﻣﻤﻜﻨﺔ ،ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ إﺟﺮاء ﻋﺪم اﻹﻗﺪام ﻋﲆ أيﱢ ٍ ً ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﺎﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺼﻮﱡر ﺑﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ﻷيﱟ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻹﺟﺮاءات املﺨﺘﻠﻔﺔ ،وذﻟﻚ ﺑﺘﺨﻤﻴﻨﻬﺎ ﻧﺤﻮ ﻣﻤﻜﻦ .ﺛﺎﻟﺜًﺎ :ﻗﻴﱢ ْﻢ — ﻋﲆ أﻓﻀﻞ ﻧﺤﻮ ﻣﻤﻜﻦ — ﻓﺮﺻﺔ )أو أرﺟﺤﻴﺔ أو ﻋﲆ أﻓﻀﻞ ٍ ﱠ ﺗﺘﻤﺨﺾ أي ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ﻋﻦ أي إﺟﺮاءٍ ﺑﻌﻴﻨﻪ )وﻫﺬا ﻣﻮﺿﻮ ٌع ﻧﺤﺘﺎج إﱃ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ( أن ﺗﻨﺎوُﻟﻪ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺠﻨﱠﺐ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﺎس اﻟﺨﻮض ﻓﻴﻪ( .راﺑﻌً ﺎ :اﻋﺜﺮ ﻋﲆ وﺳﻴﻠﺔ ﱢ ﺗﻌﱪ ﺑﻬﺎ ﻋﻦ أﻫﺪاﻓﻚ؛ أيْ ﻣﻘﺪار ﻣﺎ ﺗﺘﻤﻨﱠﺎه )أو ﺗﺨﺸﺎه( ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ املﻤﻜﻨﺔ .وأﺧريًا :ﺿﻊ ﻛ ﱠﻞ ٍ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺆدﱢي إﱃ اﺗﺨﺎذ ﻗﺮار ﻋﻘﻼﻧﻲ .واﻵن ﺳﻨﺘﻨﺎول اﻟﺨﻄﻮات اﻟﺜﻼث ذﻟﻚ ﻣﻌً ﺎ ﻛﻼ ﻋﲆ ﺣﺪة ،وﻧﺘﺨ ﱠ اﻷﺧرية ٍّ ﻄﻰ أول ﺧﻄﻮﺗني ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﱄ؛ ﻓﻬﻤﺎ ﺗﺨﺘﻠﻔﺎن ﺑﺎﺧﺘﻼف ﺗﻮاﺟﻬُ ﻚ ﻣﺸﻜﻼت ﰲ وﺿﻊ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﺨﻴﺎراﺗﻚ أو ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ املﻤﻜﻨﺔ، ﻛﻞ ﻣﻮﻗﻒ .إن ﻛﺎﻧﺖ ِ ﻓﺈن أول ﺧﻄﺔ ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺘﺨﺬﻫﺎ ﻫﻲ ﺣﻞ ﺗﻠﻚ املﺸﻜﻼت ،وﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻔﻌﻠﻪ ملﻌﺎوﻧﺘﻚ ﰲ ذﻟﻚ .ﻓﺎﻟﻘﺮار ،ﻋﲆ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺧﻴﺎ ًرا »ﻣﻦ ﺑني« ﻋﺪة ﺧﻴﺎرات ،واﻟﻬﺪف ﻣﻨﻪ ﻫﻮ ﺗﺤﺴني ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺗﻠﻚ اﻹﺟﺮاءات ،وإن ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﺗﺤﺪﻳﺪَﻫﺎ واﻟﺘﻌﺒري ﻋﻨﻬﺎ ،ﻓﻠﻦ ﻳﻜﻮن ﻗﻄﻌً ﺎ ﺑﻤﻘﺪورك اﻻﺧﺘﻴﺎر ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﻫﻨﺎك أوﻗﺎت ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ )وﰲ رواﻳﺎت ﻛﺎﻓﻜﺎ( ﱠ ُ ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ ﺑﺎملﺮة ،ﻟﻜﻦ ﺗﻜﻮن اﻟﺨﻴﺎرات ﻓﻴﻬﺎ ﻏريَ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ،وﺣﺎﻻت ﺗﻜﻮن اﻟﻌﻮاﻗﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻏريَ ﻣﺂﳼ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ )أو ﺣﺘﻰ املﻔﺎﺟﺂت اﻟﺴﺎرة( ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻮﺿﻮ َع ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب .وﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻳﻤﻬﱢ ﺪ ﻟﻠﺒﻨﺪ اﻟﺜﺎﻟﺚ؛ أ َ َﻻ وﻫﻮ اﻷرﺟﺤﻴﺔ. ﻳﺒﺪو أن اﻟﻨﺎس ﻳﺨﺸﻮن ﻛﻠﻤﺔ »اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ«؛ ﻓﻬﻲ ﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻃﻊ ﻋﺪة ،إﱃ ﺟﺎﻧﺐ أﻧﻬﺎ ﺗﺒﺪو ذات ﺻﻠﺔ ﺑﻌﻠﻢ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ،وﰲ ﺑﻼدﻧﺎ أﺻﺒﺢ ﻣﻦ اﻟﻠﺒﺎﻗﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
اﻻﻓﺘﺨﺎر ﺑﺄﻧﻚ ﻻ ﺗﺪري ﺷﻴﺌًﺎ ﻋﻦ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت )وﻧﺤﻦ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻧﺪﻓﻊ ﺛﻤﻦ ذﻟﻚ( .ﻏري أن ﻧﻔﺲ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺨﺸﻮن ﻛﻠﻤﺔ »اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ« ﻳﻘﺎﻣﺮون ﺑﺎملﻼﻳني )ﻣﻼﻳني اﻷﺷﺨﺎص واﻟﺪوﻻرات ﻋﲆ ﺣﺪ ﺳﻮاء(؛ إذ ﻳﺮاﺟﻌﻮن اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ﻋﲆ ﺣﺎﺳﺒﺔ املﺮاﻫﻨﺎت أو ﰲ اﻟﺼﺤﻒ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﺮاﻫﻨﻮن ً وﻓﻘﺎ ﻟﺬﻟﻚ ،ﺣﺘﻰ إﻧﻬﻢ ﻻ ﺗﻄﺮف ﻟﻬﻢ ﻋني ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻌﻠﻦ ﻣﻜﺘﺐ اﻷرﺻﺎد أن ﻫﻨﺎك ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺴﻘﻮط ﻟﻸﻣﻄﺎر ﺗُﻘﺪﱠر ﺑﻨﺴﺒﺔ ٪٢٥ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻬﺎ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ .ﻓﺎﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ واﻷرﺟﺤﻴﺔ ﻧﺴﺨﺘﺎن ﻣﺨﺘﻠﻔﺘﺎن ﻟﻨﻔﺲ املﻔﻬﻮم ،وﻻ ﻳﺘﻌني ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻐﻔﻞ ﻓﻜﺮ ًة ﻣﻔﻴﺪ ًة ملﺠﺮد أﻧﻪ ﺗَﺼﺎدف ْ أن و َ َﺻ َﻔﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ﺑﻜﻠﻤﺔ رﻧﺎﻧﺔ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﺎ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ املﻌﺎﻧﻲ اﻟﻀﻤﻨﻴﺔ .ﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ ٌ ﻓﺮق — أﻳٍّﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن — ﺑني ﻓﺮﺻﺔ ﺳﻘﻮط أﻣﻄﺎر ﺑﻨﺴﺒﺔ ،٪٢٥ واﺣﺘﻤﺎل ﺳﻘﻮﻃﻬﺎ ﺑﻨﺴﺒﺔ ،٠٫٢٥أو ﺣﺘﻰ أرﺟﺤﻴﺔ ﻋﺪم ﺳﻘﻮﻃﻬﺎ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﺛﻼﺛﺔ إﱃ واﺣﺪ؛ ﻓﺠﻤﻴﻌﻬﺎ أﺳﺎﻟﻴﺐ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻘﻮل اﻟﴚء ﻧﻔﺴﻪ. ﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أن ﻣﻔﻬﻮم اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﺻﻌﺒًﺎ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻧﻐﻮص ﰲ ﻣﻌﻨﺎه اﻷﻋﻤﻖ، أو أن اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت )وﺧﱪاء اﻷرﺻﺎد( ﻟﺤﺴﺎﺑﻬﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن أﺳﺎﻟﻴﺐ رﻳﺎﺿﻴﺔ ﱠ ﻣﻌﻘﺪة ،وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻌﻨﻲ ﻓﻘﻂ أن اﺳﺘﺨﺪام اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ ﺣﺎﻻت ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮارات ﻻ ﻳﺘﻄ ﱠﻠﺐ ﻫﺬا اﻟﺸﻜ َﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﻔﺼﺎﺣﺔ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ .ﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜري َ ﺑﻌﺾ اﻷﺷﻴﺎء ﺑﻨﺠﺎح ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻧﻤﻠﻚ ﻓﻬﻤً ﺎ ﻣﻦ املﻮاﻗﻒ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻧﺴﺘﺨﺪم ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺎﻣٍّ ﺎ ﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﻋﻤﻠﻬﺎ؛ ﻓﻤﻌﻈﻢ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن أﺟﻬﺰ َة اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ﻫﺬه اﻷﻳﺎم ﰲ ﻋﻤﻠﻬﻢ أو ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻠﻬﻮ ،ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﺳﻮى اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻋﻦ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ُﻛﺘِﺒﺖ ﺑﻬﺎ اﻟﱪاﻣﺞُ ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺼﻤﻴﻢ أﺟﻬﺰة اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﺑﻞ إﻧﻬﻢ ﺣﺘﻰ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻬﺎ، َ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻋﻤﻞ املﻜﻮﻧﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻟﻠﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ،ﻣﺜﻞ وﺣﺪة املﻌﺎﻟﺠﺔ املﺮﻛﺰﻳﺔ؛ ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻫﺬا ﻻ ﻳﻤﻨﻌﻬﻢ ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺪام أﺟﻬﺰﺗﻬﻢ ﺑﺸﻜﻞ ِ ﻣﺜﻤﺮ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻮﻗﺖ .واﻟﴚء ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ ﺳﺎﺋﻘﻲ اﻟﺴﻴﺎرات ،وﻣﺸﺎﻫﺪي اﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮن ،وﻗﺎﺋﺪي اﻟﻄﺎﺋﺮات ،وﻣﺴﺘﺨﺪﻣﻲ اﻟﺘﻘﻨﻴﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم؛ ﻓﻠﻴﺲ ﻋﻠﻴﻚ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ. َ دﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﺠﻬﻞ ﺑﺎﻷﺷﻴﺎء ،ﺑﻞ ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ،ﻓﻜﻠﻤﺎ ازدادت ﻋﺮﻳﻀﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺬه ٍ َ وﴏت أﻧﺖ دراﻳﺘﻚ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ ،أﺻﺒﺤَ ْﺖ ﺣﻴﺎﺗُ َﻚ أﻛﺜﺮ ﺛﺮاءً وإرﺿﺎءً ﻟﻚ، ً ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﰲ ﻛﻞ ﳾء ﺗﺆدﱢﻳﻪ .ﻟﻘﺪ ﻗﺎل أﺣﺪﻫﻢ ذات ﻣﺮة إﻧﻪ ارﺗ َﻜﺐَ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷﺧﻄﺎء ﰲ أﻛﺜ َﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﺬا راﺟﻌً ﺎ إﱃ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻌﺮف أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻼزم ﻗ ﱡ ﻂ .وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﻌﺮف »ﻛﻞ ﳾء« ﻗﺒﻞ أن ﺗﻔﻌﻞ »أي ﳾء« .وإن ﻛﻨﺖ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﴬورة ذﻟﻚ ،ﻓﺈﻧﻚ ﻣﻌ ﱠﺮض — ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ — ﻟﻺﺻﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﺸﻠﻞ واﻟﺸﻌﻮر ﺑﻌﺪم اﻷﻫﻤﻴﺔ .إن اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﺎ ﻫﻲ 30
اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ
إﻻ ﻛﴪ ﻋﴩي ﻋﺎدي ﺑني اﻟﺼﻔﺮ واﻟﻮاﺣﺪ ،وﻫﻲ ﻣﻘﻴﺎس ﻷرﺟﺤﻴﺔ وﻗﻮع ﳾءٍ ﻣﺎ؛ وﻗﻴﻤﺔ اﻟﺼﻔﺮ ﺗﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﻘﻊ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ،وﻗﻴﻤﺔ اﻟﻮاﺣﺪ ﺗﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺳﻴﺤﺪث .ﻛﻞ ﳾء َ آﺧﺮ ﻳﻘﻊ ﺑني ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻨﻘﻴﻀني ،وﻗﺬف اﻟﻌﻤﻠﺔ املﻌﺪﻧﻴﺔ ﻳﻌﻨﻲ وﺟﻮد اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ .٠٫٥ إن ﺑَﺪَا ﻟﻚ اﻷﻣ ُﺮ وﻛﺄﻧﻪ ﻳﺪور ﰲ ﺣﻠﻘﺔ ﻣﻔﺮﻏﺔ ،ﻓﺬﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻳﺪور ﰲ ﺣﻠﻘﺔ ﻣﻔﺮﻏﺔ؛ ﻓﻤَ ﻦ ِﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ذ َﻛ َﺮ ﻣﺮ ًة ﻣﻌﻨﻰ »اﻻﺣﺘﻤﺎل«؟ وإذا ﱠ ﺑﺸﻜﻞ ٍ ﻛﺎف ﻓﺴﻨﺠﺪ ﻟﻪ ﺗﻮﻏ ْﻠﻨﺎ ﰲ اﻷﻣﺮ ٍ ً ﻋﻤﻴﻘﺔ. أﺑﻌﺎدًا وﻣﻮﺿﻮع اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻮﺿﻮع ﻣﺸﻮﱢق وﻣﻬﻢ ﰲ ﺣﺪ ذاﺗﻪ؛ ﻟﺬا ﻗﺒﻞ أن ﻧﴩع ﰲ ﺗﻨﺎو ُِل َ ﺑﻌﺾ ﺟﻮاﻧﺒﻪ .ﻣﺎذا ﻧﻌﻨﻲ ﺣني ﻧﻘﻮل إن أرﺟﺤﻴﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ،دﻋﻮﻧﺎ ﻧﺘﻨﺎول ٍ ﻋﻤﻠﺔ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻗﺬﻓﻬﺎ ووﺟﻬُ ﻬﺎ اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ اﻟﺼﻮر َة ﻷﻋﲆ ،ﻫﻲ أرﺟﺤﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻓِ ﺌﺔ اﺳﺘﻘﺮار ﺑﻨﺴﺒﺔ ٥٠إﱃ ،٥٠أو إن ﻓﺮﺻﺔ اﺳﺘﻘﺮارﻫﺎ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻪ ﺗﺒﻠﻎ ،٪٥٠أو إن اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ وﻗﻮع ﻫﺬا ﺗﺒﻠﻎ ،٠٫٥ﻋﻠﻤً ﺎ ﺑﺄن ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺼﻴﻎ ﺗﻌﻨﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﴚء؟ ﻳﺒﺪو ﻫﺬا اﻟﺘﺴﺎؤل ً ً إن اﺳﺘﻘ ﱠﺮ ْت ﻛﺜريًا ﻟﺼﺎﻟﺤﻨﺎ وﻛﺎن ﺣﺎﻟﺔ ﻛﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻣﻦ املﻨﻄﻖ اﻟﺪاﺋﺮي؛ ﻷن اﻟﻌﻤﻠﺔ املﻌﺪﻧﻴﺔ ِ َ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻷﻋﲆ ،ﻓﺴﻨﻘﻮل ﱠ إن ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻗﺬﻓﻬﺎ ﻏري ﻧﺰﻳﻬﺔ .واملﻘﺎﻣﺮون ﰲ وﺟﻬﻬﺎ اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ ً اﻷﻓﻼم اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ )اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﺮﺗﺪُون اﻟﻘﺒﻌﺎت اﻟﺴﻮداء( ﻳُﻬ َﺰﻣﻮن — ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ — ﻋﲆ ﻃﺎوﻟﺔ اﻟﻠﻌﺐ إذا ﻣﺎ ﺑَﺪ َِت اﻟﺒﻄﺎﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗُﻮ ﱠزع ﻋﻠﻴﻬﻢ أو ﻋﲆ أﻗﺮاﻧﻬﻢ ﺗﺘﻨﺎﰱ ﻣﻊ ﻗﻮاﻧني ﱠ ﻣﺘﻮﻗﻊ ﻣﻦ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ؛ إن اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ﰲ ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻼم ﻻ ﺑﺪ أن ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻓﻜﺮة ﺟﻴﺪة ﻋﻤﱠ ﺎ ﻫﻮ اﻟﺘﻮزﻳﻊ اﻟﻌﺎدل .وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﻠﺨﺺ اﻷﻣﺮ :إذا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺷﺨﺺ ﻋﻘﻼﻧﻲ ﻟﺪﻳﻪ ﻓﻜﺮة ﱠ ﻣﺘﻮﻗﻊ؛ ﻓﺘﻠﻚ ﻫﻲ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ .وﺻﺪﱢق أو ﻻ ﺗﺼﺪﱢق ،إﻧﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ! وﰲ ﺟﻴﺪة ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﺎ ﻋﻤﱠ ﺎ ﻫﻮ اﻟﻮاﻗﻊ إن ﻣﺎ ﻳﺘﻄ ﱠﻠﺒﻪ اﻷﻣﺮ ﻟﺘﺤﻮﻳﻞ اﻟﻔﻜﺮة إﱃ رﻗﻢ ﻫﻮ أن ﻧﺴﺄل ﻋﻦ أرﺟﺤﻴﺔ ﻣﺎ ﺳﻴﻘﺪﱢﻣﻪ اﻟﺸﺨﺺ ﰲ اﻟﺮﻫﺎن ،ﺛﻢ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺗﻠﻚ اﻷرﺟﺤﻴﺔ إﱃ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ .ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻋﻤﻠﺔ ﻣﻌﺪﻧﻴﺔ، ﻗﺪ ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺨﺺ — ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ — إﻧﻬﺎ أرﺟﺤﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ،وﺗﻘﻮل أﻧﺖ» :ﻧﻌﻢ ،إﻧﻬﺎ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺒﻠﻎ ﻧﺴﺒﺘﻬﺎ ٠٫٥؛ َ ﺿ ْﻊ دوﻻ ًرا ﻟﺘﻜﺴﺐ دوﻻ ًرا «.وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ زوج اﻟﻨﺮد ،رﺑﻤﺎ ﺗﺮاﻫﻦ ﻋﲆ اﻟﻌﺪد ،٧ﻟﻜﻦ املﻘﺎﻣﺮ اﻟﺒﺎرع ﺳرياﻫﻦ ﺿﺪ ذﻟﻚ اﻻﺣﺘﻤﺎل ﺑﻨﺴﺒﺔ ﺧﻤﺴﺔ إﱃ واﺣﺪ؛ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺠﻌﻠﻚ ﺗﻨﺘﻬﻲ إﱃ أن اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﻲ ٦ / ١أو .٠٫١٦٦٧رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﺮﻗﻢ ﻧﺎﺗﺠً ﺎ ﻋﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺣﺴﺎﺑﻴﺔ أو ﺧﱪة ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﻻ ﻳﻬﻢ. ﻗﺪ ﻳﻘﻮل ﻟﻚ )ﺑﺤﻤﺎس ﺷﺪﻳﺪ( ﺑﻌﺾ ﻋﻠﻤﺎء اﻹﺣﺼﺎء أو ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ذوي اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺒﺎﱄ إن ذﻟﻚ ﻣﺤﺾ ﻫﺮاء ،وإن اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﻲ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﻘﻴﺎس ﻟﻠﺠﺰء ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺬي ﺳﺘﺴﺘﻘ ﱡﺮ ﻓﻴﻪ اﻟﻌﻤﻠﺔ ﻋﲆ اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ اﻟﺼﻮرة» ،ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ« ،وإذا 31
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﺣﺪث ذﻟﻚ ﻟﻨﺼﻒ اﻟﻮﻗﺖ ﺗﻜﻮن اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ .٠٫٥ﻟﻜﻦ ﻣَ ﻦ ﻳﺄﺗﻲ ً أوﻻ ،اﻟﺒﻴﻀﺔ أم اﻟﺪﺟﺎﺟﺔ؟ )ﻳﻘﻮل ﺻﻤﻮﻳﻞ ﺑﺘﻠﺮ — ﻣﺆ ﱢﻟﻒ رواﻳﺔ »إﻳﺮوُن« — إن اﻟﺪﺟﺎﺟﺔ ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ وﺳﻴﻠﺔ اﻟﺒﻴﻀﺔ ﻹﻧﺘﺎج ﺑﻴﻀﺔ ﺟﺪﻳﺪة (.ﻫﻞ ﺳﺘﺴﺘﻘﺮ اﻟﻌﻤﻠﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮن وﺟﻬﻬﺎ اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ اﻟﺼﻮرة ﻷﻋﲆ ﻟﻨﺼﻒ اﻟﻮﻗﺖ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻷن اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺒﻠﻎ ،٠٫٥أم أن ذﻟﻚ ﻫﻮ »ﺗﻌﺮﻳﻒ« اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ؟ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺬا ،ﻣَ ﻦ ذا اﻟﺬي ﺳﻴﻨﺘﻈﺮ ﻟريى اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ؟ ﻣَ ﻦ ذا اﻟﺬي ﺳﻴﻬﺘﻢ ﺑﺎﻻﻧﺘﻈﺎر ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ،إن ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻀﻊ رﻫﺎﻧﻪ اﻟﻴﻮم؟ وإذا ﻣﺎ ً ﻋﻤﻠﺔ ﻣﻌﺪﻧﻴﺔ ،أو ﻗﺬف املﺤ ﱢﻜﻤﻮن ﰲ إﺣﺪى ﻣﺒﺎرﻳﺎت ﻛﺮة اﻟﻘﺪم أﺧ َﺮجَ أﺣﺪُﻫﻢ ﻣﻦ ﺟﻴﺒﻪ َ ﺑﺈﺣﺪى اﻟﻌﻤﻼت ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺻﺎﺣﺐ رﻛﻠﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ،ﻓﺘﻠﻚ ﻋﻤﻠﺔ رﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﺗُﻘﺬف ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق .إذن ،ﻣﺎ ذﻟﻚ اﻟﺨﻴﺎل املﺘﻤﺜﱢﻞ ﰲ ﻧﻈﺮﻳﺔ »املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ«؟ إن اﻟﺘﻜﺮار ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻳﻤﺜﱢﻞ أﺣﺪ اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ اﻟﺒﺎﻟﻴﺔ ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ،وﻫﻮ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻳﺴﺘﺒﻌﺪه ﻋﻠﻤﺎء اﻹﺣﺼﺎء امل ﱠ ٍ ﺑﺴﻴﻂ واﺣﺪ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ؛ وﻫﻮ أﻧﻪ ﺑﻤﻘﺪورك أن ﺗﺤﺪﱢد ﻟﺴﺒﺐ ﻄﻠِﻌﻮن ٍ َ ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻠﺔ ملﺮة واﺣﺪة، اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺣﺪوث ﳾء ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺜﻘﺔ ،وذﻟﻚ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻘﺬف ً ﻗﺬﻓﻬﺎ ﻣﻠﻴﺎرات املﺮات .وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ املﺒﺪأ ،ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺒﻨﻲ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎ ﻣﺎ ﻋﲆ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﺧﺘﺒﺎر ً ﻣﻄﻠﻘﺎ. ﻟﻦ ﻳُﺠ َﺮى ﻫﺬا ﻣﻮﺿﻮع أﻛﺜﺮ ً ﻋﻤﻘﺎ ﻣﻤﱠ ﺎ ﺟﻌﻠﻨﺎه ﻳﺒﺪو ﺣني ﻗﺪﱠﻣﻨﺎه ،وﻫﻮ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ ﰲ اﻟﴫاع املﺤﺘﺪم ﺑني ﻣﺎ ﻳُﻄ َﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ املﺪارس اﻟﺒﺎﻳﺰﻳﺔ واملﺪارس اﻟﺘﻜﺮارﻳﺔ ﻟﻺﺣﺼﺎء )وﻗﺪ ﺑﺎل( .ﺳﻴﺪاﻓﻊ ﻓﻜﺮ ٍ ﻧَﻌَ ﺘْﻨَﺎ اﻷﺧرية ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﺳﺎﺑﻖ — ﺑﺴﻮء ﻧﻴﺔ — ﺑﺄن أﻧﺼﺎرﻫﺎ ذوو ٍ اﻟﺘﻜﺮارﻳﻮن ﻋﻦ ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﲆ ﻋﺪد ﻣﺮات ﺣﺪوث اﻟﴚء ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ، ُﻈﻬﺮ أﻧﺼﺎ ُر ﻣﺪرﺳﺔ اﻹﺣﺼﺎء اﻟﺒﺎﻳﺰﻳﺔ وﻻءً ﻟﻠﺘﻌﺮﻳﻒ اﻟﺬي ﻳﻘﴤ ﺑﺴﺆال اﻟﺨﱪاء، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳ ِ َ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﻗﺬف اﻟﻌﻤﻠﺔ .ﻫﺬا ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺗﺒﺴﻴﻂ ﻣﻔﺮط وﻣﻊ ﻫﺬا ﻓﺎﻻﺛﻨﺎن ﺳﻴﻌﻄﻴﺎن ً ﻟﻠﻤﻮﺿﻮع ،ﱠ اﺧﺘﻼﻓﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴٍّﺎ ﺑني اﻟﻔﻠﺴﻔﺘني ،وﺳﻨﺮى أن ذﻟﻚ اﻻﺧﺘﻼف ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ً ﺻﻔﻘﺔ ﻻ ﺗﺘ ﱡﻢ إﻻ ﻣﺮة واﺣﺪة، ﻧﺤﻮ ﺷﺒﻪ داﺋﻢ — ﺑﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮار؛ ﻓﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﻳُﻌَ ﱡﺪ — ﻋﲆ ٍ وﺗﺘ ﱡﻢ ﻋﲆ أﻓﻀﻞ وﺟﻪ ﻣﻦ املﻨﻈﻮر اﻟﺒﺎﻳﺰي) .ﻛﺎن ﺗﻮﻣﺎس ﺑﺎﻳﺰ — وﻫﻮ أول ﻣَ ﻦ وﺻﻒ ﺑﻮﺿﻮح ذﻟﻚ اﻟﻔﺮ َع املﻌﺮﰲ ﱠ اﻟﺬي ُﺳﻤﱢ ﻲ ﺗﻴﻤﱡ ﻨًﺎ ﺑﻪ — رﺟ َﻞ دﻳﻦ إﻧﺠﻠﻴﺰﻳٍّﺎ ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ٍ ُ ﻋﴩ ،وﻧ ِﴩت أﻋﻤﺎﻟﻪ ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻪ(. َ أوﻻ ،ملﺎذا أﻋ َ ﻟﻜﻦ ً ﻄ ْﺖ ﻛﻠﺘﺎ املﺠﻤﻮﻋﺘني اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻗﺬف اﻟﻌﻤﻠﺔ ،ﻗﺒﻞ أن ﻳﴩع أيﱞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﰲ إﻟﻘﺎء ﻋﻤﻠﺔ واﺣﺪة؟ ﻷن ﻛﻠﺘﻴﻬﻤﺎ ﺗﻌﺮﻓﺎن أن اﻟﻌﻤﻠﺔ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﺳﻮى وﺟﻬني ﻟﺘﺴﺘﻘ ﱠﺮ ﻋﲆ أﺣﺪﻫﻤﺎ؛ إﻣﺎ اﻟﺼﻮرة وإﻣﺎ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ) َو ْﻟ َ ﺘﻨﺲ أﻣ َﺮ اﺳﺘﻘﺮار اﻟﻌﻤﻠﺔ ﻋﲆ 32
اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ
ﺣﺪﱢﻫﺎ اﻟﺠﺎﻧﺒﻲ؛ ﻓﺎﻟﻌﻤﻼت املﻄﻴﻌﺔ ﻻ ﺗﻔﻌﻞ ﻫﺬا( ،ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﻛﻠﺘﺎﻫﻤﺎ — ﺳﻮاء أﻛﺎن اﻋﺘﻘﺎدًا ﺻﺤﻴﺤً ﺎ أم ﺧﺎﻃﺌًﺎ — أﻧﻪ ﻻ ﺗﻔﻀﻴﻞ ﻷﺣﺪ اﻟﻮﺟﻬني ﻋﲆ َ اﻵﺧﺮ ،وﻫﻜﺬا ﻓﻜﻠﺘﺎﻫﻤﺎ ﻋﲆ دراﻳ ٍﺔ ُ ﻧﺴﺒﺔ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺒﻠﻎ ٠٫٥؛ ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﺑﺄن ﻛﻞ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻤﻜﻨﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﴬورة اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﺴﺎوﻳَﺎ ﺑﻬﺎ وﻳﺒﻠﻎ ﻣﺠﻤﻮﻋﻬﻤﺎ واﺣﺪًا ﺻﺤﻴﺤً ﺎ .ﻧﻔﺲ املﻨﻄﻖ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ اﻟﻨﺮد اﻟﺬي ﻳﺘﺄ ﱠﻟﻒ ﻣﻦ ﺳﺘﺔ أوﺟﻪ ،وﻳﻨﻄﺒﻖ ً ِ ﱠ املﻨﺘﻈﻢ ذي اﻻﺛﻨﻲ ﻋﴩ املﺠﺴﻢ أﻳﻀﺎ ﻋﲆ ﺳﻄﺤً ﺎ )وﻫﻮ أﺣﺪ اﻷﺷﻜﺎل املﺘﻨﺎﻇﺮة اﻟﺨﻤﺎﺳﻴﺔ اﻷﺿﻼع ،وﻟﻪ اﺛﻨﺎ ﻋﴩ وﺟﻬً ﺎ ﻣﺘﻤﺎﺛ ًِﻼ( ﻛﻨﺖ ﺗﻤﻠﻚ واﺣﺪًا؛ ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﺪاﺋ ُﻞ ﻣﺘﻤﺎﺛ ًِﻠﺔ ٍّ ْ إن َ ﺣﻘﺎ ،وﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻳﺆدﱢي إﱃ ﺣﻘﻴﻘﺔ واﺣﺪة ﻣﺆﻛﺪة )اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺒﻠﻎ ،(١ﻓﺈن ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﺤﺘﺎج ﻟﻪ ﻫﻮ اﻟﻘﺴﻤﺔ ﻟﺘﺠﺪ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﻔﺮدﻳﺔ؛ ﱠ املﻔﻀﻞ ﻟﻼﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ. وﻣﺎ ﻣﻦ أﺣﺪ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﲆ ﻫﺬا ،أﻳٍّﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﺗﻮاﺟﻬُ ﻚ ﺑﻌﺾ اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت إذا ﻟﻢ ﺗﻬﺘ ﱠﻢ ﺑﻬﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ املﻨﻄﻖ ،اﻟﺬي ﻻ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻟﻜﻦ ﻗﺪ ِ إن ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺗﻨﺎ ُ ﺻﺤﻴﺤً ﺎ إﻻ ْ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻓﻴﻤﺎ ﺑني اﻟﺒﺪاﺋﻞ .إن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﺎس ﻳﻨﺪﻫﺸﻮن ﻇ ٌﺮ ﱞ ﻟﺪى ﻣﻌﺮﻓﺔ أن اﻟﺴﻨﺖ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﻌﺎدي اﻟﺬي ﻳ َُﻠﻘﻰ ﻓﻮق ﻃﺎوﻟﺔ ﻣﻠﺴﺎء ﻳُﺮﺟﺢ اﺳﺘﻘﺮاره ﻋﲆ اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ ﺻﻮرة وﺟﻪ اﻟﺮﺋﻴﺲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﺳﺘﻘﺮاره ﻋﲆ اﻟﻮﺟﻪ اﻵﺧﺮ؛ ﻓﻬﻨﺎك اﺧﺘﻼف ﺣﻘﻴﻘﻲ ﰲ ﺗﻮزﻳﻌﺎت اﻟﻮزن ﻋﲆ وﺟﻬَ ِﻲ اﻟﺴﻨﺖ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ — إذ ﻳﺤﻤﻞ أﺣ ُﺪ اﻟﻮﺟﻬني َ وﻛﺘﻔﻴْﻪ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺤﻤﻞ اﻟﻮﺟﻪ َ اﻵﺧﺮ ﺻﻮر َة اﻟﻨﺼﺐ اﻟﺘﺬﻛﺎري ﺻﻮر َة رأس اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻟﻨﻜﻮﻟﻦ ً أﻫﻤﻴﺔ أﺛﻨﺎء دوران اﻟﻌﻤﻠﺔ .وﻳﻤﻜﻦ ملﺸﺠﻌﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ِﻟﻠِﻨﻜﻮﻟﻦ — وﻫﺬا اﻻﺧﺘﻼف ﻳﺸ ﱢﻜﻞ َ ﻻﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﻣﺪ ﱢرب ﻛﺮة اﻟﻘﺪم اﻟﺸﻬري وودي ﻫﺎﻳﺰ ،اﻟﺬي أﻋ َﻠ َﻦ ﻣﻨﺬ ﻓﱰة أن ﻳﺴﺘﺤﺴﻨﻮا ً ﻃﻮﻳﻠﺔ ازدراءه ﻟﻠﺘﻤﺮﻳﺮة اﻷﻣﺎﻣﻴﺔ ،ﻗﺎﺋﻼ ﱠ إن ﻫﻨﺎك ﺛﻼث ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﻤﻜﻨﺔ ﻟﻠﺘﻤﺮﻳﺮة اﻷﻣﺎﻣﻴﺔ، ً وإن ﻧﺘﻴﺠﺘني ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻴﺌﺘﺎن؛ إذ ﻛﺎن ﻳﻠﻤﱢ ﺢ — ﺧﻄﺄ ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ — إﱃ أن ﻛﻞ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻟﻬﺎ ﻧﻔﺲ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻷﺧﺮى ،وﺗﺒﻠﻎ ٠٫٣٣٣ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ .وﻫﺬا اﻻﺳﺘﻨﺘﺎج ﻏري ﻣﻘﺒﻮل إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﺑﻌﻴﺪٍ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﻠﻢ ﺟﻴﺪًا؛ ﻓﻼﻋﺐ ﺧﻂ اﻟﻮﺳﻂ اﻟﺨﻠﻔﻲ املﺎﻫﺮ اﻟﺬي ﻳﻠﻌﺐ ﺑﺎﺣﱰاﻓﻴﺔ ﺳﻴﺴﺘﻜﻤﻞ ﻧﺤﻮ ٪٦٠ﻣﻦ ﺗﻤﺮﻳﺮاﺗﻪ ،وﻗ ْ ﻄﻊ اﻟﺘﻤﺮﻳﺮات ﻟﻦ ﻳﺤﺪث إﻻ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ .وإﻛﻤﺎل اﻟﺘﻤﺮﻳﺮات وﻋﺪم اﺳﺘﻜﻤﺎﻟﻬﺎ وﻗﻄﻌﻬﺎ ﻫﻲ أﻣﻮر ﺑﻌﻴﺪة َ ﻟﻌﺒﺖ ﻛﻞ اﻟﺒُﻌْ ﺪ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻬﺎ أﺣﺪاﺛًﺎ ذات اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ .وﺑﻨﻔﺲ املﻨﻄﻖ اﻟﺨﺎﻃﺊ ،إذا ﻣﺎ اﻟﻴﺎﻧﺼﻴﺐ أو ﱠ ﺗﺮﺷﺤْ َﺖ ﻟﻠﺮﺋﺎﺳﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻮﺣﻴﺪة املﻤﻜﻨﺔ ﻫﻲ أﻧﻚ إﻣﺎ ﺳﺘﻔﻮز وإﻣﺎ ﻻ، وﻟﻜﻦ ﻗﻄﻌً ﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻨﺘﻴﺠﺘني اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺘﺎن ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺘﺎن ﻣﻊ اﻷﺳﻒ. دون ﺗﻨﺎ ُ ﻇﺮ ،ودون ﺗﺄﻣﱡ ﻞ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ،ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺘﻜﺮارﻳﱢني اﻟﺘﻌﺎﻣُﻞ ﻣﻊ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻮز ﻓﺮﻳﻖ ﺟﺮﻳﻦ ﺑﺎي ﺑﺎﻛﺮز ﰲ ﻧﻬﺎﺋﻲ اﻟﺴﻮﺑﺮ ﺑﻮل ﻟﻜﺮة اﻟﻘﺪم ﻋﺎم ٢٠٠٧؟ 33
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
َ ﻣﺮاﻫﻨﺎت أو ﻣﻦ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ ﺗﻘﺪﻳﺮ أرﺟﺤﻴﺔ اﻟﻔﻮز ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻮﻛﻴﻞ ﺧﻼل ﴍﻛﺔ ﺗﺄﻣني ﺗﺨﻴﱡﻠﻴﺔ .ﺳﻴﻀﻄﺮ اﻟﺘﻜﺮارﻳﻮن ﺣﻴﻨﻬﺎ إﱃ اﻟﻘﻮل ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ؛ ﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أداء املﺒﺎراة ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﺪة ﻣﺮات ﺗﻜﻔﻲ ﻟﻘﻴﺎس اﻷﺟﺰاء ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺘﻲ ﺳﻴﻔﻮز ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻓﺮﻳﻖ ﺑﺎﻛﺮز .وﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻟﻦ ﻳﻠﻌﺐ اﻟﻼﻋﺒﻮن املﺒﺎراة ﺳﻮى ﻣﺮة واﺣﺪة )إﻻ ﰲ ﺣﺎﻻت اﻟﺤﺮب ،أو اﻟﺜﻮرات ،أو إﴐاب اﻟﻼﻋﺒني ،أو وﻗﻮع ﻧﻴﺰك ﺿﺨﻢ( ،وﻗﺪ ﻻ ﻳﻠﻌﺐ ﻓﺮﻳﻖ ﺑﺎﻛﺮز املﺒﺎراة ﻋﲆ اﻹﻃﻼق) .ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺷﺪﻳﺪي اﻻﻧﺘﻤﺎء ً ﻗﻮﻣﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻗﺪ ﻳﺤﺪث(. ﻟﻮﻻﻳﺔ وﻳﺴﻜﻮﻧﺴﻦ — ﻣﺜﻞ املﺆﻟﻒ — ﻗﺪ ﻳﻤﺜﱢﻞ ذﻟﻚ ﻟﻬﻢ ﻣﺄﺳﺎ ًة إن أﺻﺤﺎب املﻨﻬﺞ اﻟﺘﻜﺮاري اﻟﺒﺤﺖ — اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻓﻀﻮن ﺗﺤﺪﻳ َﺪ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ملﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻻت ً ﺗﻄﺒﻴﻘﺎ ﻣﻬﻤٍّ ﺎ ﻟﻼﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﻣﻮاﻗﻒ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ؛ ﻓﻮﻛﻼء املﺮاﻫﻨﺎت — ﻳَﺴﺘﺒﻌﺪون واملﺘﻨﺒﱢﺌﻮن ﺑﺎﻟﻄﻘﺲ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻤﻠﻬﻢ ﻋﲆ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء ،وﻳﻤﻜﻨﻚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ ﺗﻘﺪﻳﺮ ٍ ﺣﺪث رﻳﺎﴈﱟ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻳﻘﻊ ﻣﺮة واﺣﺪة ﻓﺤﺴﺐ ﰲ ﻻس ﻓﻴﺠﺎس ،أو ﺣﺘﻰ أرﺟﺤﻴﺔ ﻧﺘﺎﺋﺞ أيﱢ ً ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ؛ ﻓﻬﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻟﻸﺣﺪاث اﻟﻔﺮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻦ ﺗﺘﻜ ﱠﺮر ﻋﻦ ﺟﺪ ،ﻛﻤﺎ ﱢ ﻳﻮﺿﺢ واﺿﻌﻮ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺨﱪاء ذوو املﻌﺮﻓﺔ .ﻗﺪ ﻳﺨﺘﻠﻒ اﻷﻣﺮ ﻣﻦ واﺣﺪ َ ﻵﺧﺮ ،ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﰲ ذﻟﻚ؟ ﻓﺎﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﰲ ﻫﺬه املﻬﻨﺔ ﺑﻐري ﻣﻬﺎر ٍة ﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﻳُﺴﺘﺒﻌَ ﺪون ﻣﻨﻬﺎ. ً أﻫﻤﻴﺔ؟ ملﺎذا إذن ﻳﺸ ﱢﻜﻞ ﻟﻨﺎ ﻛ ﱡﻞ ﻫﺬا ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار — ﺑﺸﻜﻞ ﺷﺒﻪ داﺋﻢ — ﺑﻮﻗﻮع ﺣﺪث ملﺮة واﺣﺪة ،وﺣﺘﻰ إﻟﻘﺎء ٌ ﺣﺪث ﻻ ﻳﻘﻊ ﺳﻮى ﻣﺮة واﺣﺪة ،وﻟﻴﺲ ﺑﻤﻘﺪورك أن ﺗﻌﺮف ﻣﻦ ﺧﻼل إﻟﻘﺎء اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﻌﻤﻠﺔ ملﺮة واﺣﺪة إن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﻤﻠﺔ ﻗﺪ أُﻟﻘِ ﻴﺖ ﺑﻨﺰاﻫﺔ وأﻣﺎﻧﺔ أم ﻻ .ﻓﻘﺪ ﺗﺴﺘﻘﺮ ووﺟﻪ اﻟﺼﻮرة ﻷﺳﻔﻞ ،أو رﺑﻤﺎ ﺗﺴﺘﻘﺮ ووﺟﻪ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻷﺳﻔﻞ ،وﻧﺤﻦ ﻧﺒﻨﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮاﺗﻨﺎ ﻷرﺟﺤﻴﺔ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ اﻓﱰاض — رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﺳﺎذﺟً ﺎ — ﻫﻮ أن اﻟﻌﻤﻠﺔ ﻗﺪ أُﻟﻘِ ﻴﺖ ﺑﻨﺰاﻫﺔ واﺳﺘﻘﺮت ﺑﺘﻮازن. ﻋﲆ ٍ ﻃﺎﻟﺐ ﻟﻠﺰواج ﰲ ﻟﻌﺒﺔ املﻮاﻋَ ﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎوﻟﻨﺎﻫﺎ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﻧﺠﺪ أن ﻛ ﱠﻞ ﻣﻮاﻋَ ﺪة ﻣﻊ ٍ ﻫﻲ ﻣﻘﺎﻣَ ﺮة )ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻛﻤﺎ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ( ،وﻟﻦ ﺗﺨﻮض املﺮأة ﰲ ﻣﻮاﻋﺪة ﻣﺎﺋﺔ ﻣﺮﺷﺢ ﻣﻠﻴﻮن ﻣﺮة ﰲ اﻟﻌﻤﺮ — واﺣﺪًا ﺗﻠﻮ َ اﻵﺧﺮ — ملﺠﺮد ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻷرﺟﺤﻴﺎت ﻗﺒﻞ ﺑﺪء املﻮاﻋﺪة اﻟﺠﺎدة .وﻟﻘﺪ اﻓﱰﺿﻨﺎ أﺛﻨﺎء ﻗﻴﺎﻣﻨﺎ ﺑﺎﻟﺤﺴﺎﺑﺎت أﻧﻪ ﻗﺪ ﺗ ﱠﻢ اﻧﺘﻘﺎء املﺮﺷﺤني ﻟﻠﺰواج ﻋﺸﻮاﺋﻴٍّﺎ )وﻫﻢ ﻗﺎﺑﻠﻮن ﻟﻠﺘﺒﺎدُل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻹﺣﺼﺎﺋﻴني اﻷﺻﻮﻟﻴني( ،ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺄﻟﻮف أن ﻧﻔﱰض أن اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻠﻘﻴﻬﺎ ﰲ اﻟﻬﻮاء ﻫﻲ ﻋﻤﻠﺔ ﻟﻬﺎ ﺟﺎﻧﺒﺎن ﻣﺘﻨﺎﻇﺮان وأﻧﻬﺎ ﺗُ َﻠﻘﻰ ٍ ﺣﺎﻻت ﻟﻴﺴﺖ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﺴﻼﺳﺔ؛ ﻣﺜﻞ ﺳﺒﺎﻗﺎت ﺑﺼﻮرة ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ .ﺑَﻴْ َﺪ أن ﻫﻨﺎك 34
اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ
اﻟﺨﻴﻮل اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻌﻘﺪ ﻣﺮ ًة واﺣﺪة ﻓﻘﻂ ً أﻳﻀﺎ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺘﺒﺎﻳﻦ ﻓﻴﻬﺎ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻮز أﺣﺪ اﻟﺨﻴﻮل ﺗﺒﺎﻳﻨًﺎ ﻛﺒريًا ﻣﻦ ﺣﺼﺎن إﱃ َ ﻈﻬﺮ ﺗﺤﻠﻴﻼت اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳُﺠ َﺮى ﺑﻬﺎ اﻟﺴﺒﺎق ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ آﺧﺮ .ﺗُ ِ أن ﱡ ٌ ً ﻗﺎﺑﻠﺔ دﻗﻴﻘﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ؛ ﻓﻬُ ﻢ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺧﱪاء ،ﰲ املﺘﻮﺳﻂ ،واﻟﺨﻴﻮل »ﻟﻴﺴﺖ« ﺗﻮﻗﻌﺎت اﻟﺨﱪاء ﻟﻠﺘﺒﺎدُل )ﺳﻨﺘﻄﺮق إﱃ املﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﻫﺬا املﻮﺿﻮع ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺬي ﻳﺘﺤﺪﱠث ﻋﻦ املﻘﺎﻣﺮة(، ً ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺒﺎدُل ﻣﻊ ﻓﺮﺻﺔ ﺳﻘﻮﻃﻬﺎ اﻟﺜﻼﺛﺎء أﻣﺎ ﻓﺮﺻﺔ ﺳﻘﻮط اﻷﻣﻄﺎر ﰲ اﻟﻐﺪ ،ﻓ »ﻟﻴﺴﺖ« املﺎﴈ )وﻣﻦ املﻌﺘﺎد اﻟﺸﻜﻮى ﻣﻦ ﺧﱪاء اﻷرﺻﺎد ،ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﺆدﱡون ﻋﻤ َﻠﻬﻢ ﺑﻤﻬﺎر ٍة ﻫﺬه ً ﻣﺜﺎﻻ ﺟﻴﺪًا ﻋﲆ اﻷﻳﺎم( .وﻟﻘﺪ اﺳﺘﺨﺪم ﻋﺎﻟِﻢ اﻹﺣﺼﺎء اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي املﺮﻣﻮق دﻳﻨﻴﺲ ﻟﻴﻨﺪﱄ ذﻟﻚ؛ إذ ﻛﺎن اﻟﴚء اﻟﺬي أﻟﻘﺎه ﰲ اﻟﻬﻮاء دﺑﻮس ﻣﻜﺘﺐ وﻟﻴﺲ ﻋﻤﻠﺔ ﻣﻌﺪﻧﻴﺔ ،وﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﰲ اﻟﺪﺑﻮس أيﱡ ﺗﻨﺎ ُ ﻇ ٍﺮ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻣﺠﺎ ٌل ﻟﻠﺘﻜﻬﱡ ﻦ ﺑﻨﺘﻴﺠﺔ ﻗﺬﻓﻪ )ﺑﺎملﻌﻨﻰ اﻟﺤﺮﰲ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ( ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ أي ﻋﺎ ِﻟ ِﻢ إﺣﺼﺎء ﻳﺘﺒﻊ املﻨﻬﺞ اﻟﺘﻜﺮاري. إذن ﻓﺈن ﻣﺎ ﻧﻌﻨﻴﻪ ﺑﺎﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﻫﻮ ﻋﺪد ﻳﻘﻊ ﻣﺎ ﺑني ﺻﻔﺮ وواﺣﺪ وﻗﻮع ﺣﺪث ﺑﻌﻴﻨﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺄيﱟ ﻣﻦ اﻟﺤِ ﻴَﻞ املﺘﺎﺣﺔ. ﻳﻘﻴﺲ اﺣﺘﻤﺎ َل ِ ْ إن َ ٍ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻟﺴﺆال أﺣﺪ اﻟﺨﱪاء أو ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ،ﻓﻼ ﺑﺄس ،ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻴﻚ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﻛﻨﺖ ﻛﻨﺖ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻟﻠﺘﺨﻤني ،ﻓﻼ ﺑﺄس ﰲ ذﻟﻚ ً ﺑﺸﺨﺺ ﻣﺎﻫﺮ ﰲ ﻋﻤﻠﻪ؛ ْ وإن َ أﻳﻀﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻴﻚ ﱠأﻻ ٍ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﺗﺒﺎﻟ َِﻎ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻣﻬﺎراﺗﻚ ،ﻓﻬﺬا ﺧﻄﺄ ﺷﺎﺋﻊ .ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك أﺷﺨﺎص ﻳﺘﻤﺘﱠﻌﻮن َ ِ ﻣﻬﻤﺔ اﻟﺘﻨﺒﱡﺆ ﺑﺎﻷرﺟﺤﻴﺎت ﺑﺼﻮرة أﻓﻀﻞ ﻣﻨﻚ. ﺗﺄدﻳﺔ ﺗﻔﻮق ﻣﻌﺮﻓﺘﻚ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﻓﺈن ﻛﺎن ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻚ اﻟﻌﺜﻮ ُر ﻋﲆ أﺣﺪﻫﻢ ملﻌﺎوﻧﺘﻚ ،ﻓ ْﻠﺘﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ،ﻟﻜﻦ ﺗﺠﻨ ﱠ ِﺐ املﺘﻨﺒﱢﺌني املﺤﺘﺎﻟني ،ﻣﺜﻞ املﻨﺠﱢ ﻤني وﻗﺎرﺋﻲ اﻟﻜﻒ وﻗﺎرﺋﻲ اﻟﻄﺎﻟﻊ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻜﺮات اﻟﺒﻠﻮرﻳﺔ) .رﺑﻤﺎ ﻧﻜﻮن ﻗﺪ ﻓﻘﺪﻧﺎ َ ﺑﻌﺾ ﻗ ﱠﺮاء ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺴﺒﺐ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻠﺔ؛ إذ إن اﺳﺘﻄﻼﻋﺎت اﻟﺮأي ﱢ ﺗﺒني ً ﻣﻬﻮﻻ وﻣﺰﻋﺠً ﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﻳﻌﺘﻘﺪون ﰲ ﻫﺬا اﻟﻬﺮاء(. ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار أن ﻋﺪدًا ﻟﻨﺎ ٍ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻻ ﺗﺘﺴﻢ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺤﻜﻤﻬﺎ ﺿﻮاﺑﻂ؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻗﻮاﻋﺪ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﱠﺒﻌﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺗﻮﻟﻴﻒ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ﻣﻌً ﺎ ،ﺧﺸﻴﺔ أن ﻧﻘﻊ ﰲ ﱢ ﻓﺦ ُ ً ﺑﺪﻳﻬﻴﺔ؛ واﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﻊ اﻟﺬات .ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺳﻮى اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﻮاﻋﺪ ،وﺗﻜﺎد ﺗﻜﻮن اﻟﻬﺮاء ﻓﻌﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﺗُﻘﺪﱠر اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ وﻗﻮع ﺣﺪﺛني ﻏري ﻣﱰاﺑﻄني ﻣﻌً ﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﴐب اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺘني ﻏري املﱰاﺑﻄﺘني ﻟﻠﺤﺪﺛني؛ ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻓﺮﺻﺔ ﺗُﻘﺪﱠر ﺑﻨﺤﻮ اﻟﻨﺼﻒ أن ُ ﻋﻤﻠﺔ اﻟﺨﻤﺴﺔ ﺳﻨﺘﺎت املﻌﺪﻧﻴﺔ ووﺟﻪ اﻟﺼﻮرة ﻷﻋﲆ )أي اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺒﻠﻎ ،(٠٫٥ ﺗﺴﺘﻘﺮ ﻳﻜﻮن ﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﻌﴩة ﺳﻨﺘﺎت املﻌﺪﻧﻴﺔ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﻴﻨﻬﺎ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﻮم ﺑﻘﺬف ﻛﻠﺘﻴﻬﻤﺎ ،ﻓﺈن اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ أن ﺗﺴﺘﻘ ﱠﺮا ووﺟﻬَ ﺎ اﻟﺼﻮرة ﻷﻋﲆ ﺗﺒﻠﻎ اﻟﺮﺑﻊ ،أو .٠٫٢٥وﻫﻨﺎك ﻗﺎﻧﻮن ﻣﻤﺎﺛِﻞ، 35
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
أي اﺳﺘﻘﺮار إﺣﺪى اﻟﻌﻤﻠﺘني »أو« ﻟﻜﻨﻪ أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪًا ﺑﻌﺾ اﻟﴚء ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺣﺎﻟﺔ »أو«؛ ِ اﻷﺧﺮى ووﺟﻪ اﻟﺼﻮرة ﻷﻋﲆ )وﺗﺒﻠﻎ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ٠٫٧٥؛ ﻷن ﻟﻠﺒﺪﻳﻞ — املﺘﻤﺜﱢﻞ ﰲ ً اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺒﻠﻎ .(٠٫٢٥ﻟﻜﻦ ﰲ ﻇ ﱢﻞ اﺣﺘﻤﺎﻻت اﻷﺣﺪاث أن ﻳﻜﻮن وﺟﻬَ ﺎ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻷﻋﲆ — اﻟﻔﺮدﻳﺔ — أﻳٍّﺎ ﻛﺎن ﻣﺼﺪرﻫﺎ — ﻳﺠﺐ اﺗﺒﺎع ﻗﻮاﻧني اﻟﺘﻮﻟﻴﻒ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ داﺋﻤً ﺎ ،وإﻻ ﻓﺴﺘﻈﻬﺮ َ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ. ﺗﻨﺎﻗﻀﺎت ﺗُﺮ ِﺑﻚ إذن ﻓﺎﻟﻘﻮاﻧني اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻼﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﻲ: • •
•
اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ وﻗﻮع ﺣﺪﺛني ﻣﻨﻔﺼﻠني ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﻌً ﺎ ﻫﻲ ﻧﺎﺗﺞ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻜ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ .وﻫﺬا ً أﻳﻀﺎ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﺣﺎل وﺟﻮد أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﺪﺛني. ٍ أﺣﺪاث »ﻣﺘﻨﺎﻓﻴ ٍﺔ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ وﻗﻮع ﺣﺪث واﺣﺪ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﻣﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﺒﺎ ُدﱄ ﱟ« )أيْ ٍ إن وﻗﻮع أﺣﺪﻫﺎ ﻳﻨﻔﻲ وﻗﻮع َ اﻵﺧﺮ( ﻫﻲ ﻣﺠﻤﻮع اﺣﺘﻤﺎﻻت وﻗﻮع ﻛ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﺎ. ً ﻣﺘﻨﺎﻓﻴﺔ — ﻛﻌﻤﻠﺘَ ِﻲ اﻟﺨﻤﺴﺔ ﺳﻨﺘﺎت واﻟﻌﴩة ﺳﻨﺘﺎت — أﻣﺎ إذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ أﺣﺪاﺛًﺎ ﻓﺎﻷﻣﺮ أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪًا ﺑﻌﺾ اﻟﴚء. إن ﺣَ ﺪ َ َث ْ ْ أن ﻛﺎن ﻫﻨﺎك »ﳾءٌ ﻣﺎ« ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ وﻗﻮﻋﻪ ،ﻓﺈن ﻣﺠﻤﻮع اﺣﺘﻤﺎﻻت ﻫﺬه ٌ اﻷﺷﻴﺎء املﺴﺘﻘﻠﺔ ﻳﻜﻮن واﺣﺪًا .ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎلْ ، ﻓﺮﻳﻖ »ﻣﺎ« ﺳﻴﻔﻮز إن ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺑﻨﻬﺎﺋﻲ دوري اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل )إذا ﻣﺎ ﻋُ ﻘِ ﺪ( ،ﻓﺈن ﻣﺠﻤﻮع اﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﻔﻮز ﻟﻜ ﱢﻞ ﻓﺮﻳﻖ ﻣﻦ اﻟﻔِ َﺮق املﺸﺎرﻛﺔ ﻳﺴﺎوي واﺣﺪًا .وﻣﺮة ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻧﺆ ﱢﻛﺪ أﻧﻪ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن اﻷﺣﺪاث ً ﻣﺘﻨﺎﻓﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﺒﺎدُل؛ ﻓﻠﻴﺲ ﺑﻤﻘﺪورﻧﺎ إﺿﺎﻓﺔ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻮز ﻓﺮﻳﻖ ﺳﻴﻨﺴﻴﻨﺎﺗﻲ رﻳﺪز إﱃ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻮز اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ.
ﱡ ﺑﺘﻮﺳﻊ )ﻣﻊ أﻧﻨﺎ اﺣﺘﻔﻈﻨﺎ ﺑﻬﺬه املﻌﻠﻮﻣﺔ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ( ﰲ ﻟﻘﺪ اﺳﺘﺨﺪﻣﻨﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮاﻧني ﺗﺤﻠﻴﻞ ﻟﻌﺒﺔ املﻮاﻋﺪة اﻟﺘﻲ ﻗﺪﱠﻣﻨﺎﻫﺎ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺳﻮى ﱠ املﻌﻘﺪة ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﺻﻌﺒًﺎ. اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﻮاﻧني ،ﻓﺈن ﺣ ﱠﻞ ﻣﺴﺎﺋﻞ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت أﻣﺎ املﺒﺎدئ ﻓﻠﻴﺴﺖ ﻛﺬﻟﻚ؛ ﻓﻨﻤﻮذج اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت اﻟﺬي ﺗﺤﺘﺎج ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ إﱃ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻹﺗﻘﺎن ﻓﻬﻢ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﻮ ﺟﻤﻊ اﻟﻜﺴﻮر أو اﻟﻜﺴﻮر اﻟﻌﴩﻳﺔ ،وﻣﻦ املﻔﱰض أﻧﻚ ﺗﻌ ﱠﻠﻤْ َﺖ ﻫﺬا ﰲ املﺪرﺳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔْ ، إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻗﺒﻠﻬﺎ. َ ً اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺤﺼﻮل ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ :اﺣﺴﺐ َوﻟِﻨﺘﺄ ﱠﻛ َﺪ ﻣﻦ أن ﻛﻞ ﳾء واﺿﺢ ،دَﻋْ ﻨﺎ ﻧﺤ ﱠﻞ ﻋﲆ أرﺑﻊ ﺑﻄﺎﻗﺎت ﻣﺘﺸﺎ ِﺑﻬﺔ ﰲ ﺗﻮزﻳﻌﺔ ﺑﻮﻛﺮ ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ .ﻫﺬا ﻣﺠﺮد ﻣﺜﺎل؛ ﻓﻨﺤﻦ ﻻ ﻧﺸﺠﱢ ﻊ َ املﻘﺎﻣﺮة .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ إن َ اﻷرﺟﺤﻴﺔ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻓِ ِﺴﻴﻚَ ،ﻓ ْﻠﺘﻘﺎﻣﺮ ﺑﻀﻤري ﺣﻲ؛ ﻛﻨﺖ ﺗﻌﺮف 36
اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ
ﻓﺄﻧﺖ ﺳﺘﻔﻮز اﻋﺘﻤﺎدًا ﻋﲆ ﻣﻬﺎرﺗﻚ ،وﻫﺬا ﳾء أﺧﻼﻗﻲ .ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﺣﺎﻟﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ أُﺛِريت ﻣﻨﺬ ﻓﱰة ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺒﻌﻴﺪة ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪور ﺣﻮل ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ املﻘﺎﻣﺮة اﻵﻟﻴﺔ — اﻟﻔﻴﺪﻳﻮ ﺑﻮﻛﺮ — ﻣﺎﻛﻴﻨﺎت ﻣﻘﺎﻣﺮة أم ﻟﻌﺒﺔ ﻟﺘﻨﻤﻴﺔ املﻬﺎرات؛ إذ ﻛﺎﻧﺖ املﻘﺎﻣﺮة ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل ﻏري اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻮﻻﻳﺔ ،إﻻ أن أﻟﻌﺎب ﺗﻨﻤﻴﺔ املﻬﺎرات ﻛﺎﻧﺖ ﻣﴩوﻋﺔ .وﺑﻌﺪ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎت ﺳﺎﺧﻨﺔ ُ املﺤﻜﻤﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻟﻌﺒﺔ ﻣﻦ أﻟﻌﺎب وﺷﻬﺎدات ﻣﺘﻀﺎرﺑﺔ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻹﺣﺼﺎء اﻟﺒﺎرزﻳﻦ ،ﺣﻜﻤَ ِﺖ ﺗﻨﻤﻴﺔ املﻬﺎرات؛ وﻣﻦ ﺛَﻢ ﻣﴩوﻋﺔ. وﺣﻴﺚ إﻧﻨﺎ ﺳﻨﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺗﻮزﻳﻌﺔ ﺑﻮﻛﺮ ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ ،ﻓﻠﻴﺲ ﺛﻤﺔ ﻣﻬﺎرة ﰲ اﻷﻣﺮ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق؛ وﻣﻦ ﺛَﻢ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺘﺤﺪﱠث ﻋﻦ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺼﺎﻓﻴﺔ؛ وﻧﻌﻨﻲ ﺑﺎﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ َ ﻧﺴﺒﺔ ﻛ ﱢﻞ اﻟﺘﻮزﻳﻌﺎت املﺤﺘﻤﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺤﻤﻞ أرﺑ َﻊ ﺑﻄﺎﻗﺎت ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗُ َ ﺤﺴﺐ اﺳﺘﻨﺎدًا ﻋﲆ ﺻﻴﻎ ﻣﻄﻮﱠرة ﻣﻦ ﺑﺮاﻫني اﻟﺘﻨﺎ ُ ﻇﺮ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺨﺪﻣﻨﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ .ﻳﻤﻜﻦ ﺣﺴﺎب اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﻔﻜري ﺑﺪﻗﺔ ﺧﻼل ﺧﻄﻮات ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺒﻄﺎﻗﺎت؛ ﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ اﻷﻣﺮ ﻫﻮ اﺳﺘﺨﺪام ﻧﻔﺲ ﺑﺮاﻫني اﻟﺘﻨﺎ ُ ﻇﺮ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻣﺮا ًرا وﺗﻜﺮا ًرا ،ﻣﻊ اﻓﱰاض أن ﻛﻞ اﻟﺘﻮزﻳﻌﺎت املﺤﺘﻤﻠﺔ ﻟﻬﺎ ﻧﻔﺲ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ؛ وﻣﻦ ﺛَﻢ ﺗﻜﻮن اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﺠﺮد ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺘﻮزﻳﻌﺎت »اﻟﺠﻴﺪة« إﱃ ﻛﻞ اﻟﺘﻮزﻳﻌﺎت. وﻛﺒﺪاﻳﺔ ،ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺘﺴﺎءل ﻋﻦ ﻋﺪد اﻟﺘﻮزﻳﻌﺎت املﺨﺘﻠﻔﺔ ،اﻟﻜﺜرية واملﺤﺘﻤﻠﺔ ،اﻟﺘﻲ َ ﺗﻮزﻳﻌﺔ ﺑﻄﺎﻗﺎت اﻟﺒﻮﻛﺮ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ أﺛﻨﺎء اﻟﻠﻌﺐ ،وﺳﻮف ﻧَﻌﺘﱪ أن »ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ« إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﻄﺎﻗﺎت ﺗﺼﻞ ﻣﻦ ﻣﻮزع اﻟﺒﻄﺎﻗﺎت ﺑﱰﺗﻴﺐ ﻣﺨﺘﻠﻒ ،وﻻ ﻳﻬﻢ إن ﻛﺎن ً اﺗﺴﺎﻗﺎ وأن اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺒﻄﺎﻗﺎت ﻳﺘ ﱡﻢ ﺑﱰﺗﻴﺐ ﻣﺘﺴﻠﺴﻞ أم ﻻ ،ﻣﺎ دام أن ﻫﻨﺎك ﻣﺘﱠﺒَﻌﺔ ﰲ اﻟﺘﻮزﻳﻌﺎت اﻟﺠﻴﺪة واﻟﺘﻮزﻳﻌﺎت اﻷﺧﺮى؛ وﺳﻴﻨﺘﻬﻲ ﺑﻨﺎ اﻷﻣﺮ ﺑﺤﺴﺎب اﻟﻨﺴﺒﺔ. )ﻫﻨﺎك ١٢٠وﺳﻴﻠﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺼﻞ ﺑﻬﺎ ﺗﻮزﻳﻌﺔ ﻣﺤﺪﱠدة ﻣﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﲆ ﺑﻄﺎﻗﺎت اﻟﻠﻌﺐ اﻟﺨﻤﺲ إﱃ اﻟﻼﻋﺒني ﻣﻦ ﻣﻮزع اﻟﺒﻄﺎﻗﺎت ،وﻫﻜﺬا ﻓﺈن ﻛﻞ ﺗﻮزﻳﻌﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺼﻞ ً ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ،وﻟﻦ ﻧﻔﻌﻞ ﺷﻴﺌًﺎ ﺳﻮى إﺣﺼﺎﺋﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ(. إﱃ اﻟﻼﻋﺐ ﺑ ١٢٠ﺗﺮﺗﻴﺒًﺎ ﱠ وﻫﻜﺬا ﻓﺈن أول ﺑﻄﺎﻗﺔ ﻧﺘﻠﻘﺎﻫﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن أي ﺑﻄﺎﻗﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻄﺎﻗﺎت اﻻﺛﻨﺘني واﻟﺨﻤﺴني اﻷﺻﻠﻴﺔ ،واﻟﺒﻄﺎﻗﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ واﺣﺪ ٌة ﻣﻦ اﻹﺣﺪى واﻟﺨﻤﺴني ﺑﻄﺎﻗﺔ املﺘﺒﻘﻴﺔ ،وﻫﻜﺬا ﺣﺘﻰ ﻧﺼﻞ إﱃ اﻟﺒﻄﺎﻗﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ .وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﻜﻮن اﻟﻌﺪد اﻹﺟﻤﺎﱄ ﻟﻠﺘﻮزﻳﻌﺎت املﺤﺘﻤﻠﺔ — ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺮﺗﻴﺒﺎت اﻻﺳﺘﻼم املﺨﺘﻠﻔﺔ — ﻫﻮ ،٤٨ × ٤٩ × ٥٠ × ٥١ × ٥٢وﻳﺼﻞ ﻧﺎﺗﺠﻬﺎ إﱃ ٣١١٨٧٥٢٠٠ﺗﻮزﻳﻌﺔ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ؛ وﻫﺬا ﻋﺪ ٌد ﻳﺰﻳﺪ ً ﻋﻄ ْ ﻗﻠﻴﻼ ﻋﻦ املﻄﻠﻮب إن أ ُ ِ ﻴﺖ ﺗﻮزﻳﻌﺔ ﻟﻜﻞ ﺳﻴﺪة ورﺟﻞ وﻃﻔﻞ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻓﺈن ﺑﻤﻘﺪورﻧﺎ ﻣَ ﻨْﺢ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﺗﻮزﻳﻌﺔ ﺑﻮﻛﺮ ﻣﺮﺗﱠﺒﺔ ﻛﺒﻄﺎﻗﺔ ﻫﻮﻳﺔً ، ﺑﺪﻻ ﻣﻦ رﻗﻢ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ؛ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ. 37
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
اﻟﺒﻄﺎﻗﺔ اﻷوﱃ
أي ﺑﻄﺎﻗﺔ ٥٢
اﻟﺒﻄﺎﻗﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺒﻄﺎﻗﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ اﻟﺒﻄﺎﻗﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ اﻟﺒﻄﺎﻗﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ﻷيﱟ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻻﺛﻨﺘني ٤٨ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ٣
٦
٢
١
ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ٤٨
ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ٢ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ
ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ٢
١
ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ١ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ٤٨
ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ
ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ
٤٨
١
ﻛﻢ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺘﻮزﻳﻌﺎت ﺗﺤﻤﻞ أرﺑﻊ ﺑﻄﺎﻗﺎت ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،دﻋﻮﻧﺎ ﻧﺴﺘﻮﺿﺢ اﻷﻣﺮ .اﻟﺒﻄﺎﻗﺔ اﻷوﱃ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن أي ﳾء؛ إذ إن اﻟﺒﻄﺎﻗﺎت اﻷرﺑﻊ املﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺒﺪأ ﺑﺄي ﺑﻄﺎﻗﺔ؛ ﻟﺬا ﺳﻨﻤﻨﺢ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻄﺎﻗﺔ ٥٢ﺧﻴﺎ ًرا) .اﺗﺒﻊ اﻟﺸﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﻴﺴﺎر إﱃ اﻟﻴﻤني؛ ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ املﻌﻴﺎرﻳﺔ املﺴﺘﺨﺪَﻣﺔ (.واﻟﺒﻄﺎﻗﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ إﻣﺎ أن ﺗﻤﺎﺛِﻞ اﻷوﱃ ) َو ْﻟﻨ َ ُﻘ ْﻞ ً ﻣﺜﻼ إﻧﻬﻤﺎ ٢آس( ،وإﻣﺎ أن ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻓﻬﻨﺎك ﺛﻼث ﻓﺮص ﻷن ﺗﻜﻮن ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻘﻴﻤﺔ ،و٤٨ ﻓﺮﺻﺔ ﻷن ﺗﻜﻮن ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .ﻫﺎ ﻧﺤﻦ اﻵن ﻗﺪ و ﱠزﻋﻨﺎ ﺑﻄﺎﻗﺘني وﺣﺪﱠدﻧﺎ ﻣﺴﺎرﻳﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔني ﻟﻠﺘﻌﺎﻣُﻞ ﻣﻌﻬﻤﺎ. ً ﺑﺪاﻳﺔ ،اﺗﺒﻊ املﺴﺎر اﻟﻌﻠﻮي اﻟﺬي ﺗﺘﺒﺎﻳﻦ ﻓﻴﻪ اﻟﺒﻄﺎﻗﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﻦ اﻷوﱃ .ﻳﺠﺐ أن ﺗﺘﻤﺎﺛﻞ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻊ أيﱟ ﻣﻨﻬﻤﺎ ،وإﻻ ﻓﻠﻦ ﻧﺼﻞ ﻷرﺑﻊ ﺑﻄﺎﻗﺎت ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ،وﻫﻜﺬا ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺳﺘﺔ ﺧﻴﺎرات ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺒﻄﺎﻗﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ )ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺑﻄﺎﻗﺔ( ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺘﺸﺎﺑﻪ اﻟﺒﻄﺎﻗﺘﺎن اﻟﺘﺎﻟﻴﺘﺎن ﻣﻊ اﻟﺒﻄﺎﻗﺔ اﻷوﱃ ،وإﻻ ﻓﻠﻦ ﻧﺤﺼﻞ ﻋﲆ أرﺑﻊ ﺑﻄﺎﻗﺎت ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ؛ وﻫﻜﺬا ﻓﺎملﺴﺎر اﻟﻌﻠﻮي ﻳﺘﻀﻤﱠ ﻦ ﺧﻴﺎرات ﻋﺪدﻫﺎ اﻹﺟﻤﺎﱄ ٥٢ﻟﻠﺒﻄﺎﻗﺔ اﻷوﱃ، و ٤٨ﻟﻠﺜﺎﻧﻴﺔ ،و ٦ﻟﻠﺜﺎﻟﺜﺔ ،و ٢ﻟﻠﺮاﺑﻌﺔ )ﻫﻨﺎك ﺑﻄﺎﻗﺘﺎن إﺿﺎﻓﻴﺘﺎن ﻣﻦ اﻟﺒﻄﺎﻗﺎت اﻟﺮاﺑﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺟﻤﻌﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻘﻄﺔ ،وﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺄﺗﻴَﺎ ﺑﺄيﱟ ﻣﻦ اﻟﱰﺗﻴﺒني( ،وﺧﻴﺎر واﺣﺪ 38
اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ
ﻟﻠﺒﻄﺎﻗﺔ اﻷﺧرية املﺘﺒﻘﻴﺔ .إذن ﻳ َ ُﺤﺴﺐ اﻟﻌﺪد اﻹﺟﻤﺎﱄ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ٢ × ٦ × ٤٨ × ٥٢ : × ١؛ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺒﻠﻎ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﺘﻮزﻳﻌﺎت ٢٩٩٥٢ﺗﻮزﻳﻌﺔ. ﻧﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ إﱃ املﺴﺎر اﻷدﻧﻰ اﻟﺬي ﺗﺘﻤﺎﺛَﻞ ﻓﻴﻪ اﻟﺒﻄﺎﻗﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻊ اﻷوﱃ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻻ ﻳﺰال ﻫﻨﺎك ٥٢ﺧﻴﺎ ًرا ﻟﻠﺒﻄﺎﻗﺔ اﻷوﱃ و ٣ﻓﻘﻂ ﻟﻠﺜﺎﻧﻴﺔ .اﻵن ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﻤﺎﺛ َ َﻞ اﻟﺒﻄﺎﻗﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻊ أول ﺑﻄﺎﻗﺘني )ﻫﻨﺎك ﺑﻄﺎﻗﺘﺎن ﻣﺘﺒﻘﻴﺘﺎن؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺧﻴﺎران( ،أو ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻌﻬﻤﺎ ) ٤٨ﺧﻴﺎ ًرا( .وإذا اﺧﺘﻠﻔﺖ اﻟﺒﻄﺎﻗﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻌﻬﻤﺎ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺘﻤﺎﺛَﻞ آﺧِ ﺮ ﺑﻄﺎﻗﺘني؛ ﺧﻴﺎران ً ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ،ﻓﺴﻮف وﺧﻴﺎر واﺣﺪ ﻋﲆ اﻟﺘﻮاﱄ ،ﻛﻤﺎ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﺴﺎر اﻟﻌﻠﻮي .أﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺸﺎﺑﻪ أول ﺛﻼث ﺑﻄﺎﻗﺎت ،وﺗﻜﻮن اﻷﺧريﺗﺎن ﻫﻤﺎ اﻟﺒﻄﺎﻗﺔ املﺘﺒﻘﻴﺔ ﻣﻦ اﻷرﺑﻊ املﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ﺑﱰﺗﻴﺐ ﻣﺎ .ﰲ أي اﻟﺤﺎﻟﺘني ،ﻳﺒﻠﻎ ﻋﺪد اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ٤٨؛ إذن ﻧﺤﺼﻞ واﻷﺧﺮى املﺨﺘﻠﻔﺔ ،وذﻟﻚ ٍ ﻣﻦ املﺴﺎر اﻷدﻧﻰ ﻋﲆ ١ × ٢ × ٤٨ × ٣× ٥٢إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ٤٨ ×١ × ٢ × ٣ × ٥٢إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ١ × ٤٨ × ٢ × ٣ × ٥٢؛ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺒﻠﻎ إﺟﻤﺎﱄ اﻟﺘﻮزﻳﻌﺎت .٤٤٩٢٨ ﻋﻨﺪ إﺿﺎﻓﺔ ﻫﺬا إﱃ ﻋﺪد اﻟﺘﻮزﻳﻌﺎت املﺤﺘﻤﻠﺔ ﰲ املﺴﺎر اﻟﻌﻠﻮي ،ﻧﺤﺼﻞ ﻋﲆ ٧٤٨٨٠ ﺗﻮزﻳﻌﺔ »راﺑﺤﺔ« ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ ٣١١٨٧٥٢٠٠ﺗﻮزﻳﻌﺔ ،وﻫﻜﺬا ﻧﺤﺼﻞ ﻋﲆ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ وﺟﻮد أرﺑﻊ ﺑﻄﺎﻗﺎت ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ﰲ ﺗﻮزﻳﻌﺔ ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل إﺟﺮاء ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻘﺴﻤﺔ؛ ﻓﻴﻜﻮن اﻟﻨﺎﺗﺞ ٠٫٠٠٠٢٤؛ أي أﻗﻞ ً ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ ﻓﺮﺻﺔ واﺣﺪة ﻣﻦ ﺑني ٤٠٠٠ﻓﺮﺻﺔ ،وﻫﻲ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ وﻻ ﺗﺤﺪث ﻛﺜريًا .أﻣﺎ ﺗﻮزﻳﻌﺔ ﺳﱰﻳﺖ ﻓ َﻠﺶ )أي اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﺧﻤﺲ ﺑﻄﺎﻗﺎت ً اﺣﺘﻤﺎﻻ؛ إذ ﺗُﻌﺎدل اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﺬه اﻟﺘﻮزﻳﻌﺔ أﻗﻞ ﻣﻦ ﻓﺮﺻﺔ ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ( ،ﻓﻬﻲ أﻗﻞ واﺣﺪة ﻣﻦ ﺑني ٧٢٠٠٠ﻓﺮﺻﺔ ،وﺑﻤﻘﺪورك ﺣﺴﺎب اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ. ﱢ ﻟﻨﻮﺿﺢ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﺎ؛ ْ إن َ ﻛﻨﺖ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺗﻨﺎوﻟﻨﺎ ﻫﺬه اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت ﺑﺘﻔﺼﻴﻞ ﺷﺪﻳﺪ وﻣﺮوﱢع ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺗﺘﱠ ِﺴﻢ ﺑﺎﻟﺪﻗﺔ ،وﺑﻤﻘﺪورك ﺣﻞ املﺴﺎﺋﻞ اﻟﺤﺴﺎﺑﻴﺔ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ،ﻓﺴﺘﺴﺘﻄﻴﻊ ً أﻳﻀﺎ ﺣﺴﺎبَ أي ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﻨﻄﻮي ﻋﲆ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع .إﻧﻬﺎ َ ﻟﻴﺴ ْﺖ ﺻﻌﺒﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ً ً وﺗﻄﺒﻴﻘﺎ. ﻣﻤﺎرﺳﺔ ﻣﺒﺪؤﻫﺎ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺑﺎﻋﺜﺔ ﻋﲆ املﻠﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ؛ وﻫﻲ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺗﺘﻄ ﱠﻠﺐ ﱠ ﺗﺘﺒﻘﻰ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻧﻘﻄﺔ أﺧﺮى ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ذﻛﺮﻫﺎ ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮع اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﺑﻌﺪﻫﺎ ﻧﺴﺘﻜﻤﻞ ﻋﺮﺿﻨﺎ؛ إﻧﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﺘﺤﺪﱠث إﱃ اﻵن ﻋﻦ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ إﻻ ﰲ إﻃﺎر اﺣﺘﻤﺎل ﺣﺪوث ﳾء ﻣﺴﺘﻘﺒ ًَﻼ، ٌ ﺻﻮت وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﳾءٌ »ﻗﺪ وﻗﻊ« ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ .ﻗﺪ ﻳﱰاﻣﻰ إﱃ ﻣﺴﺎﻣﻌﻨﺎ ﻋﺎل ٍ آت ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ،وﻧﺘﺴﺎءل ﺣﻴﻨﻬﺎ إن ﻛﺎن ﻣﺼﺪر اﻟﺼﻮت رﻋﺪًا ،أم دوي ﻃﺎﺋﺮة ٍ ﴎﻳﻌﺔ ،أم ﻣﻜﻮ ًﻛﺎ ﻓﻀﺎﺋﻴٍّﺎ ﻳﻬﺒﻂ ،أم رﺑﻤﺎ ﺳﻮﺑﺮ ﻣﺎن ﻳﻘﻔﺰ ﻣﻦ ﻓﻮق ﺟﺒﺎل ﻋﺎﻟﻴﺔ .وﺣﻴﺜﻤﺎ ﻳﻌﻴﺶ ﻣﺆﻟﻒ اﻟﻜﺘﺎب ،ﺗُﻌَ ﱡﺪ أول ﺛﻼﺛﺔ اﺣﺘﻤﺎﻻت ﺷﺎﺋﻌﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﺷﺒﻪ ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ،أﻣﺎ اﻻﺣﺘﻤﺎل 39
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
اﻟﺮاﺑﻊ ﻓﻠﻢ ﻳﺤﺪث ﺣﺘﻰ اﻵن .ﰲ إﻃﺎر ﻧﻈﺎﻣﻨﺎ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ ،ﻧﺤﻦ ﻧﺤﻜﻢ ﺑﺎﻹداﻧﺔ ﰲ املﺤﺎﻛﻤﺎت ﻣﻨﻄﻠﻖ ﻣﺎ ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ »اﻟﺸﻚ املﻌﻘﻮل«؛ وﻳﻌﻨﻲ أﻧﻨﺎ ﻧﺤﻜﻢ ﺑﺎﻹداﻧﺔ ﻓﻘﻂ إذا ﻣﺎ اﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ ﻣﻦ ِ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﺟﺪٍّا ﺑﺄن املﺘﻬﻢ ﺑﺮيء ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ املﻨﺴﻮﺑﺔ إﻟﻴﻪ. )ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أﺑﺪًا أن ﻧﻜﻮن ﻋﲆ ﺛﻘﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﰲ اﻟﺤﻜﻢ ،وﻫﻨﺎك أﺧﻄﺎء ﺗُﺮﺗ َﻜﺐ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ،وﻟﺴﻮف ﻧﺘﻨﺎول املﺰﻳ َﺪ ﻋﻦ ﻫﺬا املﻮﺿﻮع ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﻌﴩﻳﻦ( .وﺣﻴﺚ إﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﻌﺮف اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻌﻤﻞ ﰲ إﻃﺎر اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ،وإن ﻛﺎن ﻣﻦ ﺗﺤﺖ اﻟﻄﺎوﻟﺔ .وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ً ً اﻟﻘﻀﺎة ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن أﺳﺎﻟﻴﺐَ ﻣﻠﺘﻮﻳﺔ ﻧﻤﻮذﺟﻴﺔ وﻣﺠ ﱠﺮﺑﺔ ﻋﲆ ﻣﺮ اﻟﺰﻣﻦ ،ﻟﻜﻲ ﻳﺨﱪوا ﻟﻐﻮﻳﺔ املﺤﻠﻔني ﺑﺎﻟﻔﺮق ﺑني اﻟﺸﻚ املﻌﻘﻮل واﻟﺘﺨﻤﻴﻨﺎت ﻏري املﻌﻘﻮﻟﺔ ،ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺠﻴﺪون ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﰲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ ،ﺑﻞ إﻧﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺘﻔﻘﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ؛ ﻓﻬﻢ ﻳﺤﺎوﻟﻮن اﻟﺘﻌﺎ ُﻣ َﻞ ﻣﻊ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت دون ذِ ْﻛﺮ ﻛﻠﻤﺔ »اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ« ،أو ﺣﺘﻰ — ﻻ ﻗ ﱠﺪ َر ﷲ — اﺳﺘﺨﺪام املﻔﺎﻫﻴﻢ ً ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ .وﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ و ُِﺿﻌﺖ ﻟﺘﻜﻮن اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ،وﻫﺬا ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻮﺿﻮ َع اﻟﻔﺼﻞ ﻗﺒﻞ اﻷﺧري ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب؛ واﻟﺬي ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺷﺪﻳ َﺪ اﻷﻫﻤﻴﺔ. إذن ﻓﻬﻨﺎك اﺳﺘﺨﺪام ملﻔﻬﻮم اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣُﻞ ﻣﻊ اﺣﺘﻤﺎل وﻗﻮع ﳾء ﰲ املﺎﴈ؛ ْ ﻛﺄن ﻧﻘﻮل إن املﻠﻚ أﺗﻴﻼ اﻟﻬﻮﻧﻲ ﻛﺎن ﻳ َِﺰ ُن ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ٧١ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣً ﺎ ﰲ ﻋﻴﺪ ﻣﻴﻼده اﻟﺴﺎدس ﻋﴩ ،أو إن وﻳﻨﺴﺘﻮن ﺗﴩﺷﻞ وﺟﺮﻳﺘﺎ ﺟﺎرﺑﻮ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺻﻠﺔ ﻗﺮاﺑﺔ ﺑﻌﻴﺪة ﺗﺮﺟﻊ إﱃ ﻋﴩة ٌ آﻻف ﺳﻨﺔ َ ٌ ﻣﻨﻘﺮض اﻵن ﻣﻦ دﻣﻰ ﺟﻨﺲ ﻣﻀ ْﺖ ،أو إن ﻛﻮﻛﺐ املﺮﻳﺦ ﺳﻜﻨﻪ ذات ﻣﺮة اﻟ ﱢﺪﺑَﺒﺔ املﺤﺸﻮﱠة املﺤﺒﻮﺑﺔ) .إن ﻋﻠﻤﺎء اﻹﺣﺼﺎء اﻟﺘﻜﺮارﻳني ﻳﺴﺘﺸﻴﻄﻮن ﻏﻀﺒًﺎ ﻟﺪى ﺳﻤﺎع ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت (.ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺒﺎرات ﺗﻜﻮن إﻣﺎ ﺻﺤﻴﺤﺔ وإﻣﺎ ﺧﺎﻃﺌﺔ — ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻣﺠﺮد ﻻ ﻃﺎﺋ َﻞ ﻣﻦ وراﺋﻪ — وﻟﻜﻦ ﻷﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﻌﺮف اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ املﺆﻛﺪة ،ﻓﻌﻠﻴﻨﺎ إذن أن ُ ﻧﻌﻤﻞ ﰲ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﻦ اﻟﺸﻜﻮك واﻻﺣﺘﻤﺎﻻت .وﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﱢ اﻷﺑﺤﺎث ﻫﺬه ﺗﻐري َ ِ اﻻرﺗﺠﺎﻋﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻜﺘﺸﻒ أدﻟﺔ — وﻫﺬ ﻫﻮ ﻣﻀﻤﻮن ﻋﺪد ﻛﺒري ﻣﻦ اﻷﺑﺤﺎث — اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ﻟﻜﻦ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ﺗﻌﻜﺲ ٍّ ﺣﻘﺎ اﻟﺸﻜﻮ َك املﺤﻴﻄﺔ ﺑﺎﻟﺤﻘﺎﺋﻖ واﻷﺣﺪاث املﺎﺿﻴﺔ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﻌﻜﺲ ُ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﱠﺛﻨﺎ ﻋﻨﻬﺎ ﺣﺘﻰ اﻵن اﻟﺸﻜﻮ َك املﺤﻴﻄﺔ ﺑﺎﻷﺣﺪاث املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ .إن ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ املﺤﺎوﻻت ﻫﻮ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻻ ﻳﻔﻴﺪ ﰲ وﺻﻒ اﻷﺷﻴﺎء ﻏري املﺆﻛﺪة اﻟﺘﻲ وﻗﻌﺖ ﰲ املﺎﴈ؛ ﻓﺎملﺎﴈ — ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ — ﻫﻮ ﺣﺪث وﺣﻴﺪ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻘﺪورﻧﺎ ﺗﻜﺮاره ﻋﺪة ﻣﺮات ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﻤﻨﱢﻴﻨﺎ ﺗﻜﺮاره .وﻗﺪ ﻗﺎل أﺣﺪﻫﻢ ذات ﻣﺮة إن ﺑﻤﻘﺪورﻧﺎ ﻓﻬﻢ اﻟﺤﻴﺎة إذا ﻧﻈﺮﻧﺎ إﱃ املﺎﴈ ،ﻟﻜﻦ — ﻟﺴﻮء اﻟﺤﻆ — ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻌﻴﺸﻬﺎ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ .واﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ اﻟﺤﺎﻟﺘني. 40
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ
اﳌﻜﺎﺳﺐ واﳋﺴﺎﺋﺮ
ﻣﺎ زال ﻋﻠﻴﻨﺎ اﺧﱰاع وﺳﻴﻠﺔ ﻟﺘﻘﻴﻴﻢ ﻧﺘﺎﺋﺞ أي ﻗﺮار ﻧﺘﺨﺬه ،وإذا ﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻧﻬﺘﻢ اﻟﺒﺘﺔ ﺑﺘﻠﻚ ﻗﺮار )ﻋﲆ اﻋﺘﺒﺎر أن اﻟﴚء ا ُملﻘﺪﱠر ﻟﻪ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ،ﻓﻼ ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ أي ٍ اﻟﺤﺪوث ﺳﻴﻘﻊ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ( .ﻟﻜﻦ إن أردﻧﺎ أن ﻳﺼﺒﺢ أداؤﻧﺎ أﻓﻀ َﻞ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد املﺸﺎرﻛﺔ دون دور ﻓﻌﱠ ﺎل ،ﻓﻌﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻜﻮن ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﲆ أن ﻧﻔﺼﺢ »ﻋﻤﱠ ﺎ« ﻧﺮﻳﺪه ،وﻣﺪى ﺣﺎﺟﺘﻨﺎ املﻠِﺤﱠ ﺔ ﻟﻪ؛ ﺑﻌﺒﺎر ٍة أﺑﺴﻂ ،ﻳﺠﺐ أن ﻧﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﻨﱢﻲ اﻟﺴﻠﺒﻲ. ً ﱢ ﺧﺎﺻﺔ ﻧﻮﺿﺤﻪ ﻣﻘﺪﱠﻣً ﺎ؛ وﺳﻴﻜﻮن ذا أﻫﻤﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪُ، ﻫﻨﺎك ﳾء واﺣﺪ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﺤﺪﱠث ﻋﻦ أﻧﻈﻤﺔ اﻟﺤﻜﻢ؛ ﻓﻤﺜﻠﻤﺎ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻟﺪﻳﻨﺎ دواﻓﻊ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﺼﻨﻊ ﻗﺮارات ﺻﺎﺋﺒﺔ إذا ﻛﻨﱠﺎ ﻻ ﻧﻬﺘﻢ ﺑﻌﻮاﻗﺒﻬﺎ ،ﻓﻌﲆ َ اﻵﺧﺮﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻬﺘﻤﻮن ﺑﺸﺄن اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﱠأﻻ ﻳﺼﻨﻌﻮا ِ ٍ ﻣﺨﺎﻃ ُﺮ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ وﺷﺨﺼﻴﺔ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻗﺮارات ﻟﺒﻘﻴﺘﻨﺎ .وإذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻫﻨﺎك ﺣﺎﻓِ ٌﺰ ُﻣﻠِﺢﱞ ﻳﺪﻓﻌﻨﺎ ﻷداء املﻬﻤﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ .ﻫﺬا ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ ﻛﻞ املﻬﺎم ،وﻫﻮ أﻣﺮ ﻣﺴ ﱠﻠﻢ ﺑﻪ ﰲ ﻋﺎﻟﻢ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮارات اﻟﻔﺮدﻳﺔ اﻟﺼﻐري؛ ﻓﺈذا ﻣﺎ ﺳﺎء َِت اﻷﻣﻮر ،ﻓﻠﻴﺲ أﻣﺎﻣﻚ ﺳﻮى ﻧﻔﺴﻚ ﻟﺘﻠﻮﻣﻬﺎ ،وأﻧﺖ ﻣَ ﻦ ﺳﺘﺘﻜﺎﻟﺐ ﻋﻠﻴﻚ اﻟﺘﺒﻌﺎت اﻟﺨﻄرية .ﻟﻜﻨﻨﺎ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻻ ﻧﺤﻴﺎ ﺑﻤﻔﺮدﻧﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻓﻨﺼﻨﻊ ﻗﺮاراﺗﻨﺎ اﻟﻮﺣﻴﺪة ،وﻧﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ اﻟﻮﺣﻴﺪة؛ ﻓﻔﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷﻛﱪ ﺗﺆﺛﱢﺮ ﻗﺮاراﺗﻨﺎ ً أﻳﻀﺎ ﻋﲆ ﺳﻌﺎدة أﺻﺪﻗﺎﺋﻨﺎ ،وﺟرياﻧﻨﺎ ،وﻋﺎﺋﻠﺘﻨﺎ ،وأﺑﻨﺎء ﺑﻠﺪﺗﻨﺎ؛ ٍ ﻗﺮارات — رﺑﻤﺎ ﺑﺎﻟﺘﺼﻮﻳﺖ — ﻓﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺆﺛﱢﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺷﺨﺼﻴٍّﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻧﺸﺎرك ﰲ ﻳﻜﻮن ﻟﻪ أﺛﺮ ﻋﻈﻴﻢ ﻋﲆ َ ﱢ املﺆﺳﺴﻮن اﻵﺧﺮﻳﻦ .وﻫﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻌﻠﻴﺔ ﻟﻮﻗﻮع اﻟﴬر ،واﻵﺑﺎء ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺪرﻛﻮن ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﺟﻴﺪًا ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﻣﻘﺎوﻣﺔ إﻏﺮاء اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﺑﺄﻧﺎﻧﻴﺔ ،وﺟﻌْ ﻞ ﻛﻞ ﻓﺮد ﰲ املﺠﺘﻤﻊ ﻳﺪﻓﻊ ﴐﻳﺒﺔ ذﻟﻚ ،وﺗﻜﺒﻴﻞ ﺣﺮﻳﺎﺗﻬﻢ .وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴني ،ﻓﺈن ﺷﻬﻮة إﻋﺎدة اﻻﻧﺘﺨﺎب ﺗﺘﻐ ﱠﻠﺐ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻋﲆ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم .ﱠ إن
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻟﺪﻳﻨﺎ اﻟﻜﺜري ﻟﻨﻘﻮﻟﻪ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ املﻮﺿﻮﻋﺎت ﰲ ﺳﻴﺎﻗﻬﺎ املﻨﺎﺳﺐ ً ﻻﺣﻘﺎ ،وﻟﻜﻦ اﻵن دَﻋْ ﻨﺎ ﻧﻔﱰض أن ﻟﺪﻳﻚ أﺳﺒﺎﺑًﺎ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻘﺮارات اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺨﺬﻫﺎ. ً ً ﱠ ﻃﻮﻳﻼ ،وﻧﻔﺲ اﻷﻓﻜﺎر ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺤﻤﻞ أﺳﻤﺎءً ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﺎرﻳﺨﺎ إن ﻟﻬﺬا املﻮﺿﻮع ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،وذﻟﻚ ً وﻓﻘﺎ ملﻬﻨﺔ اﻟﻜﺎﺗﺐ أو املﺘﺤﺪث .وﻟﻘﺪ اﺳﺘﺨﺪﻣﻨﺎ ﻋﻨﻮاﻧًﺎ ﺑﺴﻴ ً ﻄﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﻔﺼﻞ، ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻋﻠﻤﺎء اﻹﺣﺼﺎء واﻻﻗﺘﺼﺎد ﻳﺘﺤﺪﱠﺛﻮن ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﻋﻦ داﻟﺔ املﻨﻔﻌﺔ أو داﻟﺔ اﻟﺨﺴﺎرة ،وﻫﻲ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻘﻴﺎس ﻣﺪى رﻏﺒﺘﻚ — أو ﻋﺪم رﻏﺒﺘﻚ — ﰲ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ؛ َ ﻛﻨﺖ ﺗﺮﻏﺐ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ،ﻓﺴﺘﺴﻌﻰ ﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺪاﻟﺔ ﻷﻗﴡ ﺣﺪ وﺗﺴﻤﻴﻬﺎ »داﻟﺔ ﻓﺈن املﻨﻔﻌﺔ«؛ وإن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺮﻏﺐ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻓﺴﺘﺴﻌﻰ ﻟﺘﻘﻠﻴﻞ اﻟﺪاﻟﺔ ﻷﻗﴡ ﺣﺪ وﺗﺴﻤﻴﻬﺎ »داﻟﺔ اﻟﺨﺴﺎرة« .ﻛﻠﺘﺎ اﻟﺪاﻟﺘني ﺗﻌﻜﺴﺎن ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﻧﻔﺴﻬﺎ ،وﻛﻠﺘﺎﻫﻤﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺘﻄ ﱠﻠﺒﺎن اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﰲ اﻟﺘﻨﺎول ،ﻟﻜﻦ إﺣﺪاﻫﻤﺎ ﺗﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﻤﺪى اﻣﺘﻼء اﻟﻜﻮب ،واﻷﺧﺮى ﺑﻤﺪى ﻓﺮاﻏﻪ .إن ﻫﺬا املﺆﻟﻒ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﺎﻟِﻢ إﺣﺼﺎء أو ﻋﺎﻟِﻢ اﻗﺘﺼﺎد؛ ﻟﺬا ﻓﻼ ﺗﻬ ﱡﻢ املﺴﻤﱠ ﻴﺎت .وﻳﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎر اﻟﺨﺴﺎرة ﻣﻜﺴﺒًﺎ ﺳﻠﺒﻴٍّﺎ ،واﻟﻌﻜﺲ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ،وﻻ ﴐر ﰲ ﻛﻠﺘﺎ اﻟﺤﺎﻟﺘني؛ ﻓﺎﻟﻜﻮب ﻧﺼﻒ اﻟﻔﺎرغ ﻳﺮوي اﻟﻜﺜريَ أو اﻟﻘﻠﻴ َﻞ ﻣﻦ اﻟﻌﻄﺶ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻛﺎﻟﻜﻮب ﻧﺼﻒ املﻤﺘﻠﺊ ،وﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ إﺛ ٌﻢ ﰲ اﺳﺘﺨﺪام اﻷرﻗﺎم اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ. املﻨﻔﻌﺔ ﻫﻲ — ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ — إﻳﻀﺎح ﻟﻔﻜﺮة املﻜﺴﺐ ،ﻣﻊ أﺧﺬ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت ﰲ ﻗﺮار ﻣﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺒﺎﴍة، اﻻﻋﺘﺒﺎر؛ ﻓﻬﻨﺎك ﺣﺎﻻت ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻘﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ املﻜﺴﺐ ﻣﻦ ٍ ﻗﺮار ﻣﺎ ﻫﻮ ﺗﻌﻈﻴﻢ اﻟﺮﺑﺢ اﻟﺼﺎﰲ املﺤﺘﻤﻞ. َو ْﻟﻨ َ ُﻘ ْﻞ ﺑﺎﻟﺪوﻻرات؛ وﺑﺬا ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻟﻬﺪف ﻣﻦ ٍ وﻳﻌﺘﻘﺪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ املﺪﻳﺮﻳﻦ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳني ﻟﻠﴩﻛﺎت وﺣﺎﻣﲇ اﻷﺳﻬﻢ واملﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ وأﻋﻀﺎء ﻣﺠﺎﻟﺲ اﻹدارات ،أن ﻫﺪﻓﻬﻢ »اﻷوﺣﺪ« ﰲ اﻟﺤﻴﺎة ﻫﻮ ﺗﻌﻈﻴﻢ اﻟﺮﺑﺢ اﻟﺼﺎﰲ ،وﻳَﻌﺘﱪون ذﻟﻚ أي املﺠﻤﻮع ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﺘﻮارﺛًﺎ ﻏري ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﺘﻐﻴري .ﻓﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻬﻢ ،ﺻﺎﰲ اﻟﺮﺑﺢ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ — ِ اﻟﻜﲇ ﻟﻠﻤﻜﺎﺳﺐ واﻟﺨﺴﺎﺋﺮ ﺧﻼل اﻟﻌﺎم؛ َﻛ ُﱪ أو َ ﺻ ُﻐﺮ — ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻈﻬﺮ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﰲ املﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُ َ ﺮﺳﻞ إﱃ ﺣﺎﻣﲇ اﻷﺳﻬﻢ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺆدﱢي إﱃ ﺗﺮﻗﻴﺔ املﺪﻳﺮﻳﻦ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳني أو ً ﻣﺒﻠﻐﺎ ً َ ﻗﻠﻴﻼ ﻓﺤﺴﺐ ﺧﴪت ﻓﺼﻠﻬﻢ ،أو اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻣﻜﺎﻓﺂت اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ .ﻳُﻘﺎل إﻧﻚ إذا ً إﺟﻤﺎﻻ؛ ﻟﺬا ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺤﺮص ﻋﲆ ﰲ ﻛﻞ ﺑﻨﺪ ﻣﻦ ﺑﻨﻮد املﻴﺰاﻧﻴﺔ ،ﻓﻠﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻌﻮﻳﻀﻪ ﻛﻞ ﺑﻨﺲ .ﻳﻌﻠﻢ ذﻟﻚ املﺪﻳﺮون اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﻮن ﻟﻠﴩﻛﺎت )ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﻣَ ﻦ اﺳﺘﻤ ﱠﺮ ﰲ ﻋﻤﻠﻪ ﻣﻨﻬﻢ(، وﻫﻨﺎك ﺣﻜﻮﻣﺎت ﺗﺘﴫﱠف ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻬﻢ ﺳﻮى اﻟﺒﻨﺴﺎت) .ﻓﺎﻟﻜﻮﻧﺠﺮس اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻳﻘ ﱡﺮ املﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﰲ وﻗﺖ ﻗﺼري ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺰﻳﺪ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎﺗﻬﺎ ﻛﺜريًا َ ٍ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﺸﺄن ﺑﻨﻮد ﺗﺒﻠﻎ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﻗﺮاﺑﺔ ﻧﻘﺎﺷﺎت ﻻ ﻋﻦ ١٠ﻣﻼﻳني دوﻻر ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ 42
املﻜﺎﺳﺐ واﻟﺨﺴﺎﺋﺮ
اﻷﻟﻒ دوﻻر (.ﻟﻘﺪ ﺑُﻨِﻴﺖ اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺎت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ ﻋﲆ أرﺑﺎح ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻣﺴﺘﻘﺎة ﻣﻦ ﺑﻨﻮد ﻓﺮدﻳﺔ .ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻌﺘﻤﺪ أﻧﺸﻄﺔ املﺘﺎﺟﺮ اﻟﻀﺨﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﻬﻮاﻣﺶ اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﻧﻄﺎق ﻧ َِﺴ ٍﺐ ﻣﺌﻮﻳﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ؛ أﻣﱠ ﺎ ﺗﺠﺎرة اﻟﻴُﺨﻮت ،ﻓﻬﻲ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺗﻤﺎم اﻻﺧﺘﻼف .وﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ،ﻳﻤﻜﻦ ً وﺻﻔﺎ أﻣﻴﻨًﺎ — ﻋﲆ أﻧﻬﺎ إﺟﻤﺎﱄ املﻜﺴﺐ اﻟﺼﺎﰲ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ وﺻﻒ ﻗﻴﻤﺔ إﺣﺪى اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ — ﻳﺴﻬﻞ إﺟﺮاء ﻫﺬا اﻟﺠﺰء ﺑﺎﻟﺬات ﻣﻦ ﻣﻬﻤﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار. ُ ﻣﺘﻌﺔ اﻟﻔﻮز ﻟﻜﻦ اﻟﻮﺿﻊ ﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺼﻔﺔ داﺋﻤﺔ؛ ﻓﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻣﻌﻈﻤﻨﺎ ،ﻻ ﺗﺸﺒﻪ َ املﺮاﻫﻨﺔ ﺑﻤﻴﻞ ﺗﺠﺎه ﺑﻌﴩة آﻻف دوﻻر أﻟ َﻢ ﺧﺴﺎرة ﻋﴩة آﻻف دوﻻر .رﺑﻤﺎ ﻧﺸﻌﺮ ٍ ﺑﺄرﺟﺤﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ﻋﲆ ﻣﺒﻠﻎ ﻋﴩة دوﻻرات ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻨﺤﴫ اﻟﺮﻫﺎن ﺑني املﻜﺴﺐ أو اﻟﺨﺴﺎرة ،ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ املﺒﻠﻎ أو ﻋﺪم اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﳾء ،ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﻧﺮاﻫﻦ اﻟﺮﻫﺎن ذاﺗﻪ ﻋﲆ َ ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر إن َ ﻛﻨﺖ ﺛﺮﻳٍّﺎ (.وﻗﺪ أﻇﻬَ َﺮ اﺳﺘﻄﻼ ٌع أﻟﻒ دوﻻر) .ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ،اﺟﻌﻠﻬﺎ ﻟﻠﺮأي أﺟ َﺮﺗْﻪ إﺣﺪى ﴍﻛﺎت اﻻﺳﺘﺸﺎرات اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﻣﺆﺧ ًﺮا أن أﻗﻞ ﻣﻦ ٣٠ﰲ املﺎﺋﺔ ﻣﻦ املﺴﺘﻄﻠﻌني ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻀﻌﻮا رﻫﺎﻧًﺎ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﺴﺒﻮن أﻟﻒ دوﻻر ﰲ ﺣﺎﻟﺔ املﻜﺴﺐ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺨﴪون ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ دوﻻر ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺨﺴﺎرة .أيﱡ ﺷﺨﺺ ﻳﻬﺘ ﱡﻢ ﺑﺼﺎﰲ اﻟﺮﺑﺢ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ً ً أﺣﻤﻖ ْ ﻋﺮﺿﺎ ﻛﻬﺬا ﻣﺮة واﺣﺪة ﻋﺮﺿﺎ ﻛﻬﺬا؛ وﻣﺆ ﱢﻟﻒ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻘﺒﻞ إن رﻓﺾ ﰲ أيﱢ ﻳﻮم ﻣﻦ أﻳﺎم اﻷﺳﺒﻮع ،وﻣﺮﺗني أﻳﺎم اﻟﺜﻼﺛﺎء .ﱠ إن اﻷﻣﺮ أﺷﺒﻪ ﺑﺈﻟﻘﺎء ﻋﻤﻠﺔ ﻣﻌﺪﻧﻴﺔ ﰲ َ املﺮاﻫﻦ اﻟﻬﻮاء ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﺟﺎﺋﺰة ،وﺟﻌﻞ املﻨﺎﻓﺲ ﻳﺴﺎﻫﻢ داﺋﻤً ﺎ ﺑﺜﻠﺜﻲ املﺒﺎﻟﻎ ﺑﻬﺎ .وأيﱡ ﻧﺎدٍ ﻟﻠﻘﻤﺎر ﰲ ﻻس ﻓﻴﺠﺎس ﻳﻘﺪﱢم ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷرﺟﺤﻴﺎت ،ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻴﻮم واﺣﺪ .وﻋﲆ اﻷرﺟﺢ ،ﺗُﻌ َﺰى ﻧﺘﺎﺋﺞ اﺳﺘﻄﻼﻋﺎت ﴍﻛﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر إﱃ اﻟﺠﻬﻞ اﻟﻮاﺿﺢ اﻟﺬي ﻳﺪﻋﻤﻪ ﻧﻔﻮرﻧﺎ اﻟﻌﺎم ﻣﻦ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗُﻌ َﺰى ﺑﺎﻟﻘﺪر ذاﺗﻪ إﱃ ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ،وﻟﻜﻦ ﺗﺸري ﻫﺬه اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ً أﻳﻀﺎ إﱃ أن اﻟﺨﻮف ﻣﻦ اﻟﺨﺴﺎرة داﻓ ٌﻊ أﻗﻮى ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻣﻌﻈﻤﻨﺎ ﻣﻦ ﱡ ﺗﻮﻗﻌﺎت املﻜﺴﺐ؛ وﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ اﻷﺧﺮى ﻋﲆ ﻫﺬا .ﺑﺠﺎﻧﺐ ذﻟﻚ ،ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻣﺮﻏﻮﺑﻴﺔ اﻟﻨﻘﻮد ﻋﲆ اﻟﻘﺪر اﻟﺬي ﻧﻤﺘﻠﻜﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ ﻓﻬﺪﻳﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﺑﺄﻟﻒ دوﻻر ملﺆﻟﻒ اﻟﻜﺘﺎب ﺳﺘﻮ ﱢﻟﺪ ﺳﻌﺎد ًة ﰲ ﻧﻔﺴﻪ أﻛﱪ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺳﻴﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ ﺑﻴﻞ ﺟﻴﺘﺲ — اﻟﺬي ﻳﻘﺎل إﻧﻪ أﻏﻨﻰ ﺷﺨﺺ ﰲ اﻟﺒﻼد — إن ُﻗﺪﱢﻣﺖ ﻟﻪ .وملﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﺮارات ﻻ ﺗُﺘﱠﺨﺬ ﻓﻘﻂ ﰲ اﻟﻌﺎدة ﻟﺠﻠﺐ اﻟﺜﺮاء ﰲ ﺣﺪ ذاﺗﻪ ،وإﻧﻤﺎ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻣﻜﺎﻓﺂت ﻧﻔﺴﻴﺔ ،ﻓﺈن ﻋﻠﻴﻨﺎ ْ أﺧﺬ ذﻟﻚ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻋﻨﺪ ﺗﻘﻴﻴﻢ ﻧﺘﻴﺠﺔ أي ﻗﺮار .وﻫﻨﺎك ﻛﻠﻤﺔ راﺋﻌﺔ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻟﻮﺻﻒ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ؛ وﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ ophelimityوﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﺄﺧﻮذة ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻗﻮة ﻣﻨﺢ اﻟﺮﺿﺎ. 43
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
وﺑﻬﺬا ﺗﻄ ﱠﻮ َر ﻣﻮﺿﻮ ٌع ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ »ﻧﻈﺮﻳﺔ املﻨﻔﻌﺔ« ﻋﱪ املﺎﺋﺘﻲ ﺳﻨﺔ املﺎﺿﻴﺔ ﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺣﻘﻴﻘﺔ أن ﻫﻨﺎك أﺷﻴﺎءَ ﺗﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎﻟﻨﺘﺎﺋﺞ املﱰﺗﺒﺔ ﻋﲆ ٍ ﺗﺘﻌ ﱠﻠﻤﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد ﺟﻤﻊ املﻜﺎﺳﺐ واﻟﺨﺴﺎﺋﺮ وﺣﺪﻫﺎ .وﻟﻘﺪ رأﻳﻨﺎ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ ً ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻋﻦ ﻣﺪى »ازدﻳﺎد« ﺟﺎذﺑﻴﺔ اﺧﺘﻴﺎر أﻓﻀﻞ ﺷﺨﺺ ﻛﴩﻳﻚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﻧﺘﺴﺎءل ﻣﺤﺘﻤﻞ ،ﺑﻞ ﺟ ﱠﺮﺑﻨﺎ ﻓﻘﻂ اﻟﻘﻠﻴ َﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻮﻳﻌﺎت ﻋﲆ اﻟﺘﻘﻴﻴﻤﺎت وﺗﻼﻋَ ﺒْﻨﺎ ﺑﻔﻜﺮة ﺛﺎﻧﻲ أﻓﻀﻞ املﺮﺷﺤني ،أو أﺣﺪ أﻓﻀﻞ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﺮﺷﺤني ،وﺗﺮﻛﻨﺎ اﻷﻣﺮ ﻳﺘﺨﺬ ﻣﺴﺎره ﻋﻨﺪ ﻫﺬا اﻟﺤﺪ؛ وﻣﺎ ﻟﻢ ﻧﺘﻨﺎوﻟﻪ — وﺳﻴﺄﺗﻲ ً ﻻﺣﻘﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﺤﺪﱠث ﻋﻦ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ — ﻫﻮ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ً رﺟﻼ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﴍﻳﻜﺔ ﻣﻊ اﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﰲ أﻧﻈﻤﺔ اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﺗﺠﺪ ﱢ ﻓﻴﻔﻀﻞ أﻟِﻴﺲ ﻋﲆ ﺑﻴﺎﺗﺮﻳﺲ ،وﺑﻴﺎﺗﺮﻳﺲ ﺣﻴﺎة )إذ ﻋﻠﻴﻨﺎ املﺴﺎواة ﺑني اﻟﺠﻨﺴني ﰲ اﻷﻣﺜﻠﺔ(، ﱢ ﻓﻴﻔﻀﻞ ﺳﻴﻠﻴﺴﺖ ﻋﲆ أﻟِﻴﺲ .ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك أي ﳾء ﻏري ﻋﲆ ﺳﻴﻠﻴﺴﺖ ،ﺛﻢ ﻳﻌﻜﺲ اﺗﺠﺎﻫﻪ، ﻣﺄﻟﻮف ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ﰲ ﻣﻌﻀﻼت اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ﻫﺬه )وﻳُﻄ َﻠﻖ ﻋﲆ ﻫﺬا املﻮﻗﻒ ﻋﻼﻗﺔ ﻏري ﻟﻐﺰ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﻌﺪﻳﺔ( ،وﻫﻲ ﻣﻌﻀﻼت ﺑﺎﻟﻔﻌﻞَ .و ْﻟﻨﺘﺨﻴﱠ ْﻞ ﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮن ﺣ ﱡﻞ ِ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻣﺘﺪاﺧِ ًﻠﺔ وﻏري ﻣﺘﱠ ِﺴﻘﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﺸﻜﻞ. ﻟﺬا ﻓﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻛﻞ املﻮاﻗﻒ — ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ — اﻟﺘﻲ ﺳﻨﻨﺎﻗﺸﻬﺎ ﺑﺸﺄن اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات اﻟﻔﺮدﻳﺔ ،ﺳﻨﻔﱰض أن ﻫﻨﺎك ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﻦ اﻟﱰﺗﻴﺐ املﺘﱠ ِﺴﻖ ذاﺗﻴٍّﺎ )أي ﻣﺘﻌﺪﱟ( ﻟﺘﻔﻀﻴﻼت ﺻﺎﻧﻊ اﻟﻘﺮار ﻓﻴﻤﺎ ﺑني اﻟﺒﺪاﺋﻞ املﺤﺘﻤﻠﺔ ،وأن ﻣﻬﻤﺘﻨﺎ ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ ﺗﻮﺿﻴﺢ ذﻟﻚ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﻐﺮض ﻣﻨﻪ. ﻫﻨﺎك ﺣﺎﻻت ﻧﺠﺪ ﻓﻴﻬﺎ أن إﻳﺠﺎﺑﻴﺎت وﺳﻠﺒﻴﺎت ﻗﺮار ﻣﻌني رﺑﻤﺎ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﻋﻮاﻟﻢ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ؛ ﻓﺠﻤﻴﻌﻨﺎ ﱠ ﻧﺘﻠﻘﻰ رﺳﺎﺋﻞ ﻏري ﻣﺮﻏﻮب ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻘﻮل إﻧﻨﺎ رﺑﺤﻨﺎ ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر؛ وملﻌﺮﻓﺔ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ،ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺳﻮى إرﺳﺎل اﻟﻘﺴﻴﻤﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﻠﺌﻬﺎ .اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ ﰲ ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻔﺮﺻﺔ اﻟﻀﺌﻴﻠﺔ )وﻫﻲ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ( ﻟﻠﻔﻮز ﺑﴚء ،أﻣﺎ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺴﻠﺒﻲ ﻓﻬﻮ اﻹزﻋﺎج اﻟﺬي ﻳﻨﻄﻮي ﻋﻠﻴﻪ إرﺳﺎل ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺴﻴﻤﺔ ،وﻣﺎ ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﻃﻮﻓﺎن اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻼﺣﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺠﻨﱡﺒﻬﺎ، واﻟﺘﻲ أرﺳﻠﻬﺎ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﺑﻴﻊ ﻟﻬﻢ اﺳﻤﻚ وﻋﻨﻮاﻧﻚ ﺑﻼ ﺷﻚ ،ﺿﻤﻦ ﻗﺎﺋﻤﺔ املﻐﻔﻠني. ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ إذن ﻋﻘﺪ ﺗﻠﻚ املﻘﺎرﻧﺎت؟ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﺘﻔﻲ ﺑﺠﻤﻊ املﻜﺎﺳﺐ واﻟﺨﺴﺎﺋﺮ ﻋﲆ آﻟﺔ ﺣﺎﺳﺒﺔ؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻣﺎ ﻫﻮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد .وﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﺗﻜﻮن أﻗﻮال اﻟﻨﺎس ﻛﺎﻓﻴﺔ ﱢ ً ﻟﺘﻮﻓﺮ ﻋﻠﻴﻚ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ إزﻋﺎج ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار؛ وﻳُﻘﺎل ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ إﻧﻪ إذا ﻣﺎ ﺑَﺪَا ﳾء راﺋﻌً ﺎ ﺑﺪرﺟﺔ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﻣﻌﻬﺎ أن ﻳﻜﻮن ﺣﻘﻴﻘﻴٍّﺎ ،ﻓﻬﻮ ﻏري ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ. 44
املﻜﺎﺳﺐ واﻟﺨﺴﺎﺋﺮ
ﻟﻘﺮار ﻣﺎ — إن ﻣﻨﻔﻌﺔ أي ﺣﺪث — وﻫﺬا اﻟﺤﺪث ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻨﺎ ﻫﻮ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ املﺤﺘﻤﻠﺔ ٍ ﻫﻲ ﻣﻘﻴﺎس ﻟﻘﻴﻤﺘﻪ ،أﻳٍّﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ اﺧﱰﻧﺎﻫﺎ ﻟﻘﻴﺎﺳﻬﺎَ .ﻓ ْﻠﻨﺘﺄﻣﻞ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ اﺳﺘﻄﻠﻌَ ْﺖ ﴍﻛﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر آراءﻫﻢ ،واﻟﺬﻳﻦ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻟﻴﺨﺎﻃﺮوا ﺑﺨﺴﺎرة ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ ﰲ رﺑﺢ ﻣﺤﺘﻤَ ٍﻞ ﻳُﻘﺪﱠر ﺑﺄﻟﻒ دوﻻر .وﺑﺎﻓﱰاض رﻫﺎن ﻣﺘﻜﺎﻓﺊ ﺗُﻘﺪﱠر ﺑﺨﻤﺴﻤﺎﺋﺔ دوﻻر ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ٍ أﻧﻬﻢ ﻋﻘﻼﻧﻴﻮن ،ﻓﻬﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮن إن ﻗﻴﻤﺔ اﻷﻣﻮال اﻟﺘﻲ ﺳﻴﺨﴪوﻧﻬﺎ ﺗﻤﺜﱢﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻬﻢ ﺿﻌﻒ ﻗﻴﻤﺔ اﻷﻣﻮال اﻟﺘﻲ ﻣﻦ املﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﺮﺑﺤﻮﻫﺎ) .ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷﺻﺤﺎب اﻟﺪﺧﻮل اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ، ﻫﺬا ﳾء ﻋﺎدي؛ ﻓﺎﻷﻣﻮال اﻟﺰاﺋﺪة رﺑﻤﺎ ﺗﺸﱰي وﺳﺎﺋﻞ ﺗﺮف ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻷﻣﻮال اﻟﺘﻲ ﻳﺨﴪوﻧﻬﺎ ﺗﻜ ﱢﻠﻔﻬﻢ أﺷﻴﺎء ﴐورﻳﺔ (.ﻟﻜﻦ َﻓ ْﻠﻨﻔﱰض أن املﺴﺄﻟﺔ ﺗﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺨﺴﺎرة ﻣﺎﺋﺔ دوﻻر ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻣﻜﺴﺐ ﻣﺤﺘﻤَ ﻞ ﻳُﻘﺪﱠر ﺑﺄﻟﻒ دوﻻر؛ ﻋﻨﺪﺋ ٍﺬ ﺳﻨﺠﺪ اﻟﻜﺜريَ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻳﺘﻐ ﱠﻠﺒﻮن ﻋﲆ ﻣﺨﺎوﻓﻬﻢ ٍ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻻﺧﺘﺒﺎرات أو اﻟﺘﺠﺎرب املﺤﻜﻤﺔ، — ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ — وﻳﻐﺎﻣﺮون .وﻣﻦ ﺧﻼل رﺑﻤﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺮﺳﻴﺦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﴤ ﺑﺄن اﻷﻣﻮال املﺤﺘﻤﻞ ﺧﺴﺎرﺗﻬﺎ ﺗﻤﺜﱢﻞ ﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ً ﻗﻴﻤﺔ ﺗﻔﻮق ﺗﻠﻚ املﺤﺘﻤﻞ رﺑﺤﻬﺎ ﺑﻤﻘﺪار ﻣﺮﺗني أو ﺛﻼث أو أرﺑﻊ ﻣﺮات. ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص إذن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ أن ﺗﺤﺪﱢد املﻨﺎﻓ َﻊ املﺨﺘﻠﻔﺔ ﻻﺣﺘﻤﺎﻻت املﻜﺴﺐ واﻟﺨﺴﺎرة ﻋﻨﺪ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار؛ ً أﻫﻤﻴﺔ ﺑﻤﻘﺪار ﺛﻼث أو أرﺑﻊ ﻓﺘﻌﺘﱪ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ أن اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ ﺗﻔﻮق املﻜﺎﺳﺐ اﻟﺘﻲ ﺗُﻘﺎرن ﺑﻬﺎ ﻣﺮات ،أﻳٍّﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺴﺒﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ .وإن َ ﻛﻨﺖ »أﻧﺖ« ﻣَ ﻦ ﺳﻴﺘﺨﺬ اﻟﻘﺮار ،ﻓﺴﻴﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺣﺎﺟﺔ إﱃ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻧﺴﺒﺘﻚ »أﻧﺖ« .وﻋﻠﻴﻪ ،ﻳﺠﺐ اﺳﺘﺨﺪام املﻨﺎﻓﻊ ﰲ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ،وﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮد املﻜﺎﺳﺐ واﻟﺨﺴﺎرة اﻟﺨﺎﻟﺼﺔ ﻓﻘﻂ .وﻫﻨﺎك ﳾء واﺿﺢ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﰲ ﻫﺬا؛ ﻓﺈن ﻛﺎﻧﺖ ً ﻗﻴﻤﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻚ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ املﺤﺘﻤَ ﻞ ِرﺑْﺤﻬﺎ — ﻛﻤﺎ اﻟﻨﻘﻮد اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﺧﺴﺎرﺗﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪو ملﻌﻈﻢ اﻟﻨﺎس — ﻓﻌﻠﻴﻚ ﱠأﻻ ﺗﻘﺎﻣﺮ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎ ٍم ﰲ أﺣﺪ ﻧﻮادي اﻟﻘﻤﺎر ً ﻣﻮﺟﻌﺔ ﺑﺼﻮرة أﻛﱪ .ﺗﺬ ﱠﻛ ْﺮ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﺮﺑﺢ ،وﺳﺘﻜﻮن اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ اﻟﻨﺰﻳﻬﺔ؛ ﻓﺤﻴﻨﻬﺎ ﺳﺘﺨﴪ ِ ﻛﻠﻤﺔ »ﺑﺎﻧﺘﻈﺎم«؛ ﺣﻴﺚ ﺳﻨﻌﻮد ﻟﻨﺘﻨﺎول اﻟﺮﻫﺎن اﻟﺬي ﻳﻨﻄﻮي ﻋﲆ اﺣﺘﻤﺎﻻت ﻓﻮز ﺿﻌﻴﻔﺔ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺬي ﻳﺘﺤﺪﱠث ﻋﻦ املﻘﺎﻣﺮة. ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺰال ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﺘﻌﺎﻣُﻞ ﻣﻊ ﺣﺎﻻت ﻻ ﺗﻨﻄﻮي ﻋﲆ أﺷﻴﺎء ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻌﺪ )ﻛﺎﻟﻨﻘﻮد(. َو ْﻟﻨَﻌُ ِﺪ اﻵن إﱃ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻮم )اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ذﻛﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ أﻧﻪ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﴍﻳﻜﺔ ﺣﻴﺎة، وأﺳﻤﻴﻨﺎه ﻫﻨﺎ ﺗﻮم( اﻟﺬي ﻳﺤﺎول أن ﻳﺼﻞ إﱃ ﻧﻈﺎم ﺗﻘﻴﻴ ٍﻢ ﻟﴩﻳﻜﺎت ﺣﻴﺎﺗﻪ املﺤﺘﻤﻼت ﱢ ﱠ ﻳﻔﻀﻠﻬﻦ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ وﻓﻖ وﻫﻦ :أﻟِﻴﺲ ،وﺑﻴﺎﺗﺮﻳﺲ ،وﺳﻴﻠﻴﺴﺖ — َو ْﻟﻨﻔﱰض أﻧﻪ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ — ﻫﺬا اﻟﱰﺗﻴﺐ؛ إذن ﻓﺈن ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻪ ﻣﺘﻌﺪﻳﺔ :ﻓﺄﻟِﻴﺲ ﻫﻲ اﻷﻓﻀﻞ ،وﺳﻴﻠﻴﺴﺖ ﻫﻲ آﺧِ ﺮ ﺧﻴﺎر ﺳﻴﻠﺠﺄ إﻟﻴﻪ ،ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻘﻊ ﺑﻴﺎﺗﺮﻳﺲ ﰲ ﻣﻜﺎن ﻣﺘﻮﺳﻂ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ) .ﻻ ﺗُ ْﻠ ِﻖ ً ﺑﺎﻻ ﻟﻠﺴﺒﺐ وراء ذﻟﻚ؛ 45
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻓﻜﻠﻨﺎ ﻳﻌﻠﻢ أن اﻟﺬوق ﻻ ﻳُﻌﺘَ ﱡﺪ ﺑﻪ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻣﻮر (.ﱠ إن ﻛﻞ ﻣﺎ اﺗﺒﻌﻨﺎه ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻫﻮ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻷﻓﻀﻠﻴﺔ ،ﻟﻜﻨﻨﺎ اﻵن ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﺘﻘﺪﱠم ﺧﻄﻮ ًة أﺧﺮى وﻧﺘﺴﺎءل ﻋﻦ »ﻣﻮﺿﻊ« ﺑﻴﺎﺗﺮﻳﺲ ﻋﲆ املﻘﻴﺎس اﻟﺘﻘﻴﻴﻤﻲ .ﻓﻌﲆ أي ﺣﺎل ،ﻳﻌﺘﻤﺪ اﺳﺘﻌﺪاد ﺗﻮم ﻟﻘﺒﻮل ﺛﺎﻧﻲ أﻓﻀﻞ ﺧﻴﺎر ﻋﲆ ﻣﺪى ﺳﻮء ذﻟﻚ اﻟﺨﻴﺎر ﻣﻘﺎ َر ً ﻧﺔ ﺑﺘﻠﺒﻴﺔ رﻏﺒﺔ ﻗﻠﺒﻪ؛ ﻓﺈن ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻴﺎﺗﺮﻳﺲ ﺗﺒﺪو ﺟﺬﱠ ً اﺑﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻛﺄﻟِﻴﺲ ،ﻓﻘﺪ ﻻ ﻳﺸﻌﺮ أن ﻫﻨﺎك ﺣﺎﺟﺔ ُﻣﻠِﺤﱠ ﺔ ﻟﻜﻲ ﻳﺤ ﱢﺮك ﺗﺴﻠﺴ َﻞ اﻷﻓﻀﻠﻴﺔ ﻟﺪﻳﻪ ﻟﻸﻣﺎم؛ أﻣﺎ ْ إن ﻛﺎﻧﺖ ﻏري ﻣﺮﻏﻮب ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻣﺜﻞ ﺳﻴﻠﻴﺴﺖ ،ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺠﺎزف. ﻛﻴﻒ ﻟﻨﺎ أن ﻧﻌﺮف؟ ﺑﻤﺎ أن اﻟﺬوق ﻻ ﻳُﻌﺘَ ﱡﺪ ﺑﻪ ،ﻓﻼ ﺗﻮﺟﺪ ﻧﻘﺎط ﻹﺿﺎﻓﺘﻬﺎ ،وﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻫﻮ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻳﺪور ﰲ ذﻫﻦ ﺗﻮم ﺑﺸﺄن ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻪ ،ﻓﻬﻮ ﻣَ ﻦ ﺳﻴﻜﻮن ﺻﺎﻧﻊ اﻟﻘﺮار وﻣَ ﻦ ﺳﻴﺴﺘﻤﺘﻊ أو ﺳﻴﻌﺎﻧﻲ ﻋﻮاﻗﺒﻪ ،وﻧﺤﻦ ﻓﻘﻂ ﻧﺤﺎول أن ﻧﻌﺎوﻧﻪ ﻋﲆ أن ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻻ ﻳﻨﺎﻗِ ﺾ ﻓﻴﻪ ﻧﻔﺴﻪ. ٍ ً ﻟﻘﺪ أﻣﴣ ﻣﺆﻟﻒ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻌﻈﻢ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻳﻌﻤﻞ أﺳﺘﺎذا ﺟﺎﻣﻌﻴٍّﺎ ،وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﻘﻴﱢﻢ ً ﻃﻼﺑَﻬﻢ ً أﻣﺜﺎﻟُﻪ ﱠ وﺻﻔﺎ وﻓﻘﺎ ملﻘﻴﺎس ﻳﺒﺪأ ﻣﻦ ﺻﻔﺮ إﱃ ﻋﴩة ،ورﺑﻤﺎ ﻳﻌﺘﱪون درﺟﺔ »ﺳﺘﺔ« ﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻣﻘﺒﻮل )وﻫﻮ ﺗﻘﻴﻴﻢ ﻏري ﻣﻮﺿﻮﻋﻲ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ اﻟﻌﺪدي ﻳﺠﻌﻞ ﻫﺬه اﻟﺪرﺟﺔ ﺗﺒﺪو وﻛﺄﻧﻬﺎ ﻣﻘﻴﺎس دﻗﻴﻖ( .وﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ،ﻧﺴﺘﺨﺪم اﻷﺣﺮف اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ A ،B ،C ،D ،F ﰲ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻷرﻗﺎم )وﻻ ﻧﺴﺘﺨﺪم أﺑﺪًا (E؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻧَﻌﺘﱪ ﰲ أذﻫﺎﻧﻨﺎ أن ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺪرﺟﺔ Aﺗﺴﺎوي ،٤واﻟﺪرﺟﺔ Bﺗﺴﺎوي ،٣وﻫﻜﺬا .ﺑﻞ إن ﻫﻨﺎك ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺎﺣﺐ ﻫﺬه اﻟﺪرﺟﺎت ،وﻫﻲ :ﻣﻤﺘﺎز ،وﺟﻴﺪ ،وﻣﻘﺒﻮل ،وﺿﻌﻴﻒ ،وراﺳﺐ .ﻓﺎﻷرﻗﺎم ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ ﺑﺪاﺋﻞ ﻟﻠﺘﻘﺪﻳﺮات اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ،وﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ أي ﻣﺪﻟﻮل رﻗﻤﻲ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﰲ ﺣﺪ ذاﺗﻬﺎ. ﱡ ﻧﺤﺚ َ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻋﲆ إﺟﺮاء ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺤﺴﺎﺑﻴﺔ ﺑﻬﺎ ،وﻫﻮ ﻟﻜﻦ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻷرﻗﺎم ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻓﻌﻠﻪ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﻌﺎدﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻳﺮات ﺑﺎﻷﺣﺮف .ﻛﺎن ﺑﻤﻘﺪورﻧﺎ أن ﻧﻘﻴﱢﻢ اﻟ ﱠ ﻄ َﻠﺒَﺔ ﻛﻤﺎ ﻧﻔﻌﻞ ﰲ اﻟﺘﻨﺲ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻨﺢ ﻧﻘﺎط ﺗﺒﻠﻎ ٤٠و ٣٠و ،١٥ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﻟﺼﻔﺮ، ﱢ ﻳﺤﺴﻦ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺳﺘﺴري ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ ﻧﻔﺴﻪ) .إن إﺿﺎﻓﺔ اﻟﺤﺐ ﰲ اﻟﺘﻨﺲ؛ ﺣﻴﺚ إن ﻛﻠﻤﺔ loveﺗﻌﻨﻲ ﺻﻔ ًﺮا (.ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻧﺤﺴﺐ ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﺪرﺟﺎت — أو املﻌﺪل اﻟﱰا ُﻛﻤﻲ اﻟﺸﻬري ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﻣﻘﻴﺎس اﻟﺪرﺟﺎت ﺑﺪءًا ﻣﻦ ﺻﻔﺮ وﺣﺘﻰ أرﺑﻊ — ﺛﻢ ﺣﻘﻴﻘﻲ .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻟﻴﺲ ﻟﻸرﻗﺎم ﻫﺬا املﻌﻨﻰ — ﻓﻬﻲ ﻛﻤﻲ ﻧﺘﻈﺎﻫﺮ أن اﻷرﻗﺎم ﻟﻬﺎ ﻣﻌﻨًﻰ ﱞ ﱞ ﻣﺠﺮد اﺧﱰاﻋﺎت — ﺑَﻴْ َﺪ أن املﻌﺪل اﻟﱰا ُﻛﻤﻲ ﻟﻪ أﺛﺮ ﻫﺎﺋﻞ ﻋﲆ ﺣﻴﺎة اﻟﻄﻼب ،وﺧﻼل ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻷﻋﻮام اﻟﺘﻲ أﻣﻀﺎﻫﺎ ﻫﺬا املﺆﻟﻒ ﰲ اﻟﺘﺪرﻳﺲ ،ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﻗ ﱡ ﻂ ﻋﻦ أي ﻃﺎﻟﺐ أو أﺳﺘﺎذ ﺟﺎﻣﻌﻲ ﻳﺸ ﱢﻜﻚ ﰲ املﻨﻄﻖ اﻟﺪاﺧﲇ ﻟﱰﺟﻤﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮات اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ إﱃ ﻣﻘﻴﺎس رﻗﻤﻲ 46
املﻜﺎﺳﺐ واﻟﺨﺴﺎﺋﺮ
ﻳ َ ُﺤﺴﺐ ﻣﺘﻮﺳﻄﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ؛ ﻓﺎﻟﻄﺎﻟﺐ اﻟﺬي ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ أرﻗﺎم ﻣﻜﺎﻓﺌﺔ ﻟﻠﺪرﺟﺎت ﱠ ﺳﻴﻜﻮن ﻟﻪ ﻧﻔﺲ املﻌﺪل اﻟﱰاﻛﻤﻲ ﻟﻠﻄﺎﻟﺐ اﻟﺬي ﺣﻘ َﻖ ً ﻋﻤﻼ ﺟﻴﺪًا وﺣﺼﻞ ﻋﲆ ،Bﻟﻜﻨﻪ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻴﺤﺼﻞ ﻋﲆ ﻫﺬا املﻌﺪل ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻮ اﺳﺘﺨﺪﻣﻨﺎ ﻧﻈﺎ َم ﺣﺴﺎب ﻧﻘﺎط اﻟﺘﻨﺲ؛ ﻓﻬﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻣﻘﺎدﻳ ُﺮ اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻋﲆ ذﻟﻚ؟ اﻷﻣﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ ﺗﺼﻨﻴﻒ اﻟﺰﻻزل؛ ﻓﺎﻟﺰﻟﺰال اﻟﺬي ﺗﺒﻠﻎ ﻗﻮﺗﻪ ٧درﺟﺎت ﺑﻤﻘﻴﺎس رﻳﺨﱰ ﻳُﺼﻨﱠﻒ ﻣﻦ ﺑني اﻟﺰﻻزل اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ،وﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ إن َ ﻛﻨﺖ ﻗﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻦ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺰﻟﺰال .وﻳﻌﺘﻤﺪ ﻣﻘﻴﺎس رﻳﺨﱰ ﻋﲆ اﻟﻠﻮﻏﺎرﻳﺘﻢ اﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﻗﺮاءة ﻣﺤﺪﱠدة ﺟﺪٍّا ٍ ﻵﻟﺔ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ )اﺧﱰﻋﻬﺎ ﺗﺸﺎرﻟﺰ رﻳﺨﱰ( ،وﻳﺮﺗﺒﻂ املﻘﻴﺎس ارﺗﺒﺎ ً ﻧﺤﻮ ﻃﺎ ﺗﺒﺎدﻟﻴٍّﺎ — ﻓﻘﻂ ﻋﲆ ٍ ﺗﺠﺮﻳﺒﻲ وﻏري ﻣﺤﻜﻢ — ﺑﺈﻃﻼق اﻟﻄﺎﻗﺔ واﻟﺪﻣﺎر املﺤﺘﻤﻞ ﻟﻠﺰﻟﺰال) .ﺣﺘﻰ ﻣﻌﺠﻢ راﻧﺪوم ﱟ ً ً َ املﻘﻴﺎس ﺗﻌﺮﻳﻔﺎ ﺧﺎﻃﺌﺎ(. ﻫﺎوس اﻟﻜﺎﻣﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ — واﻟﺮاﺋﻊ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪا ذﻟﻚ — ﻳﻌ ﱢﺮف ً وﻫﻨﺎك ﻧﻈﺎم َ آﺧﺮ أﻗﻞ ﺷﻴﻮﻋً ﺎ ﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻗﻮة اﻟﺰﻟﺰال ﻟﻜﻨﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن أﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ،وﻫﻮ ﻣﻘﻴﺎس ً ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻣريﻛﺎﱄ املﻌﺪل ،وﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﺗﺘ ﱡﻢ اﻹﺷﺎرة إﻟﻴﻪ ﰲ اﻟﺼﺤﻒ؛ ﻷﻧﻪ ﺟﺰﺋﻴٍّﺎ ﻳﺒﺪو أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ ﻣﻘﻴﺎس رﻳﺨﱰ )ورﺑﻤﺎ ً أﻳﻀﺎ ﻷن ﺧﱪاء اﻟﺰﻻزل ﻗﺪ ﺗﻌ ﱠﻠﻤﻮا ﱠأﻻ ﻳﺬﻛﺮوه ﻋﲆ ﻣﺴﺎﻣﻊ ﻣﺒﺎﴍا ﻋﲆ ﺣﺴﺎب اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ؛ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺮﻏﺐ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﺎس ﰲ اﻟﻌﺎﻣﺔ( .إﻧﻪ ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻋﺘﻤﺎدًا ِ ً ُ املﻘﻴﺎس اﻷرﻗﺎ َم اﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ — ﻣﺜﻞ ﻧﻬﺎﺋﻲ اﻟﺴﻮﺑﺮ ﺑﻮل — ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ .ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻫﺬا واﻟﺘﻘﺪﻳﺮات اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻟﺸﺪة اﻟﺰﻻزل ً ُ وﻓﻘﺎ ملﻘﻴﺎس ﻣريﻛﺎﱄ )اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪأ ﻣﻦ اﻟﺪرﺟﺔ — Iأي — ١وﺗﺸري إﱃ ﻫﺰ ٍة ﻻ ﻳﻜﺎد ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﻨﺎس ،وﺗﻨﺘﻬﻲ ﻋﻨﺪ XIIﺣﻴﺚ اﻟﺪﻣﺎر اﻟﺸﺎﻣﻞ( ٌ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﴚء؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﺠﻞ اﻟﻬﺰة اﻟﺪرﺟﺔ ) VIأي (٦ﻋﲆ ﻣﻘﻴﺎس ﻣريﻛﺎﱄ، ﻳﺸﻌﺮ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﺬﻋﺮ وﻳﻬﺮﻋﻮن إﱃ اﻟﺨﺎرج وﺗﺘﺤﻄﻢ اﻷواﻧﻲ ،وﻋﻨﺪ اﻟﺪرﺟﺔ VII )أي (٧ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ اﻟﻮﻗﻮف ،وﺗﻨﻔﺼﻞ ﺑﻌﺾ املﺪاﺧﻦ اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ﻋﻦ املﺒﺎﻧﻲ ،أﻣﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﺪرﺟﺔ ) IXأي (٩ﻓﻴﺴﻮد ﺷﻌﻮر ﻋﺎم ﺑﺎﻟﺬﻋﺮ ،وﻫﻜﺬا .ﻓﺎملﻘﻴﺎس ﻻ ﻳﺪﻋﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﻛﻤﻲ، وإﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺟﺪوﻟﺔ ﻟﻠﻤﺮاﺣﻞ املﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﺨﺴﺎﺋﺮ وﻟﻠﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻊ ردود أﻓﻌﺎل اﻟﺒﴩ ﻣﻊ اﻟﺤﺪث. وﻟﻢ ﻳﺤﺴﺐ املﺨﺘﺼﻮن ﺑﻌ ُﺪ ﻣﺘﻮﺳ َ ﻣﻘﻴﺎﳼ رﻳﺨﱰ أو ﻣريﻛﺎﱄ املﻌﺪل ،ﻟﻜﻦ ﻂ ﺗﻘﺪﻳﺮات َ ْ اﻟﻴﻮم اﻟﺬي ﺳﻴﺤﺪث ﻓﻴﻪ ذﻟﻚ ٍ آت. إن اﻟﺘﻘﺪﻳﺮات اﻟﺪراﺳﻴﺔ وﺗﻘﺪﻳﺮات ﻣﻘﻴﺎس ﻣريﻛﺎﱄ ﻟﺸﺪة اﻟﺰﻻزل )وﻟﻴﺲ ﻣﻘﻴﺎس رﻳﺨﱰ( ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ أﻣﺜﻠﺔ ﻟﻠﻨﻈﻢ اﻟﱰﺗﻴﺒﻴﺔ )أي ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻷﺷﻴﺎء ً وﻓﻘﺎ ﻟﻨﻈﺎ ٍم( اﻟﺘﻲ ﺗﺘﱠ ِﺴﻢ ﺗﺮﺟﻤﺘﻬﺎ إﱃ أﻋﺪاد أﺻﻠﻴﺔ )أي ﻗِ ﻴَﻢ دﻗﻴﻘﺔ( ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ،ﻟﺪرﺟﺔ أن أي ﺗﻐﻴري َ آﺧﺮ ﺑﺎﻷرﻗﺎم ﻻ ﻳﻌﻄﻴﻨﺎ أي ﻣﻌﻨًﻰ ﺣﺴﺎﺑﻲ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق .وإﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺬا ،ﻣَ ﻦ ﻣﻨﱠﺎ
AوC
47
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻳﻤﻜﻨﻪ إﻳﺠﺎد ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﻜﺴﻮر ﺑﺎﻟﺘﻌﺪاد اﻟﺮوﻣﺎﻧﻲ؟ ﱠ إن ﻧﻈﺮﻳﺔ املﻨﻔﻌﺔ ﻫﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ٍ ِ اﻟﺘﻘﻴﻴﻤﺎت اﻟﱰﺗﻴﺒﻴﺔ ﻣﻌﻨًﻰ ﻛﻤﻴٍّﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺠﻌﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻌﺪﻳﻞ ﻣﻤﻜﻨًﺎ؛ وﺳﻴﻠﺔ ملﻨﺢ ﻹﻳﺠﺎد وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﻤﻜﻦ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻬﺎ ﰲ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮارَ .و ْﻟﻨ َ َﺮ اﻵن ﻛﻴﻒ. ﻟﻨَﻌُ ِﺪ اﻵن ﻣﺮة أﺧﺮى إﱃ ﺗﻮم وأزﻣﺘﻪ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔَ ،و ْﻟﻨﺘﺨﻴﱠ ْﻞ أن ﺟﻮدزﻳﻼ ﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﰲ املﺪﻳﻨﺔ وﺗﺪﺑﱠ َﺮ ﰲ ﺣرية ﺗﻮم ﻣﻘ ﱢﺮ ًرا أن ﻳﻔﺮض ﻋﲆ ﺗﻮم اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار )ﻓﺠﻮدزﻳﻼ ﻳﺒﻐﺾ اﻟﱰدﱡد(؛ وﻟﺬا أﺧﱪ ﺗﻮم أﻧﻪ »ﻻ ﺑﺪ« أن ﻳﺨﺘﺎر ﺑﻴﺎﺗﺮﻳﺲ )ﺗﺬ ﱠﻛ ْﺮ أن ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻷﻓﻀﻠﻴﺔ ﻟﺪى َ ﻣﺮاﻫﻨﺔ ﺗﻮم ﻫﻮ أﻟِﻴﺲ ،ﺛﻢ ﺑﻴﺎﺗﺮﻳﺲ ،وأﺧريًا ﺳﻴﻠﻴﺴﺖ( ،إﻻ إذا ﻛﺎن ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪادٍ ﻟﺨﻮض َ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻣَ ﻦ ﱢ واملﺮاﻫﻨﺔ ْ َ ﻳﻔﻀﻠﻬﺎ — أيْ أﻟِﻴﺲ )إن َر ِﺑﺤَ ﻬﺎ( ﺳﺘﻤﻨﺤﻪ ﺑﺴﻴﻄﺔ؛ — ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺳﺘﻀﻌﻪ أﻣﺎم ﻣﺨﺎﻃﺮة اﻟﺒﻘﺎء ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻣﻊ ﺳﻴﻠﻴﺴﺖ ْ ﴪﻫﺎ( .اﻟﻘﺮار )إن َﺧ ِ َ ﺑﺴﻴﻂ؛ وﻫﻮ املﺮاﻫﻨﺔ ﻋﲆ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﺑني أﻟِﻴﺲ وﺳﻴﻠﻴﺴﺖ ،أو ﻋﺪم اﻹﻗﺪام ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻮة َ املﺮاﻫﻨﺔ ،ﻓﻬﺬا ﻳﻌﻨﻲ ﺑﻮﺿﻮح وﺑﺪء ﺣﻴﺎة ﺟﺪﻳﺪة وﺳﻌﻴﺪة ﻣﻊ ﺑﻴﺎﺗﺮﻳﺲ .ﻓﺈذا ﻣﺎ اﺧﺘﺎر ﺗﻮم أﻧﻪ ﻳﺮﻏﺐ ﰲ اﻟﻔﻮز ،وﻣﺎ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﻌﺮﻓﻪ ﻫﻮ »ﻣﺪى« ﺗﻔﻀﻴﻠﻪ أﻟِﻴﺲ ﻋﲆ ﺑﻴﺎﺗﺮﻳﺲ ،أو ﻣﻘﺪار ﻧﻔﻮره ﻣﻦ ﺳﻴﻠﻴﺴﺖ ﻣﻘﺎ َر ً ﻧﺔ ِﺑﺒﻴﺎﺗﺮﻳﺲ ً أﻳﻀﺎ؛ إذن ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻟﻪ اﻟﺰاﺋﺮ — ﺟﻮدزﻳﻼ — ﺘﺨﱰ ﺑﻴﺎﺗﺮﻳﺲ ْ َ ﺷﺌﺖ ،أو اﻧ ْ َﺲ أﻣﺮﻫﺎ وأ ْﻟ ِﻖ ﺑﻌﻤﻠﺔ ﻣﻌﺪﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﻬﻮاء إن ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺒﺎﴍةَ :ﻓ ْﻠ َ ْ — ﺑﺮﻫﺎن ﻣﺘﻜﺎﻓﺊ ﻋﲆ املﻜﺴﺐ واﻟﺨﺴﺎرة — ﻟﻼﺧﺘﻴﺎر ﺑني أﻟِﻴﺲ وﺳﻴﻠﻴﺴﺖ) .وﻣﺜﻠﻤﺎ ﺣﺪث ﰲ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﺨﻴﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﻜﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ أوردﻧﺎﻫﺎ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﻛﻞ املﺮﺷﺤﺎت ﻫﻨﺎ ﻣﺘﺤﻤﱢ ﺴﺎت ﻷن ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻴﻬﻦ اﻻﺧﺘﻴﺎرْ (. َ املﺮاﻫﻨﺔ ،ﻓﻬﺬا ﻳﻌﻨﻲ إﻣﺎ أﻧﻪ ﻻ ﻳَﻌﺘﱪ وإن رﻓﺾ ﺗﻮم ً ﺟﺎذﺑﻴﺔ ﺑﻜﺜري ﻣﻦ ﺑﻴﺎﺗﺮﻳﺲ ،وإﻣﺎ أﻧﻪ ﻳﻌﺘﱪ ﺳﻴﻠﻴﺴﺖ ﻣﺨﺎ َ ﻃﺮ ًة ﻻ ﻳﻮ ﱡد أن ﻳُﻘﺪِم أﻟِﻴﺲ أﻛﺜﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ رﻫﺎن ﻣﺘﻜﺎﻓﺊ .وﰲ ﻛﻠﺘﺎ اﻟﺤﺎﻟﺘني ،ﻓﻬﺬا ﻳﻤﻨﺤﻨﺎ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻦ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺑﻴﺎﺗﺮﻳﺲ ﺑني أﻟِﻴﺲ وﺳﻴﻠﻴﺴﺖ ﰲ ذﻫﻦ ﺗﻮم ،وﻫﻲ املﻌﻠﻮﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻮ ﱡد أن ﻧﻌﺮﻓﻬﺎ. ً ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﻳٍّﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن اﺧﺘﻴﺎر ﺗﻮم ،ﻳﻤﻜﻦ ﻟِﺠﻮدزﻳﻼ أن ﻳﺠ ﱢﺮب ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻣﺮة أﺧﺮى ً ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻷرﺟﺤﻴﺎت ،ﺣﺘﻰ ﻧﺼﻞ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﱃ أرﺟﺤﻴﺎت ﺗﺠﻌﻞ ﺗﻮم ﻏري ﻗﺎدر ﻋﲆ َ َ املﺮاﻫﻨﺔ؛ ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ﻧﻜﻮن ﻗﺪ ﻋﺮﻓﻨﺎ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﺗﺮﺗﻴﺐَ ﺑﻴﺎﺗﺮﻳﺲ ﺑﺎملﺮاﻫﻨﺔ أو ﻋﺪم اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ﻣﻘﻴﺎس ﻳﺒﺪأ ﻣﻦ ﺳﻴﻠﻴﺴﺖ وﻳﻨﺘﻬﻲ ِﺑﺄﻟِﻴﺲ .ﰲ ﺿﻮء ﻧﻈﺮﻳﺔ املﻨﻔﻌﺔ ،إذا ﻣَ ﻨﺤْ ﻨﺎ ﻋﻨﺪه ﻋﲆ ٍ ﺗﻘﻴﻴﻤﺎت ﺗﺒﺪأ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺮ ﻋﻨﺪ ﺳﻴﻠﻴﺴﺖ ،وﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﻌﴩة ﻋﻨﺪ أﻟِﻴﺲ — وإذا ﻣﺎ أﺣﺠَ َﻢ َ ﻣﺮاﻫ ٍﻨﺔ ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ﰲ املﻜﺴﺐ واﻟﺨﺴﺎرة — ﻓﻬﺬا ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﻳﻤﻨﺢ ﺗﻘﻴﻴﻤً ﺎ ﻟِﺒﻴﺎﺗﺮﻳﺲ ﺗﻮم ﻋﻦ ﻳﻔﻮق اﻟﺨﻤﺲ درﺟﺎت .أﻣﺎ إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺗﻮم ﻣُﻌﺠَ ﺒًﺎ ِﺑﺒﻴﺎﺗﺮﻳﺲ — ﻛﻌﺪم إﻋﺠﺎﺑﻪ ِﺑﺴﻴﻠﻴﺴﺖ َ ٍ ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ﰲ املﻜﺴﺐ واﻟﺨﺴﺎرة ﻟﻜﻲ ﻳﻔﻮز ﻣﺮاﻫ ٍﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ — ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻴﻘﻔﺰ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر إﱃ 48
املﻜﺎﺳﺐ واﻟﺨﺴﺎﺋﺮ
ً ِﺑﺄﻟِﻴﺲ ،ﺑﻞ ﺳرياﻫﻦ ً وﺧﺎﺻﺔ إن ﻛﺎن أﺳﻮأ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث أﻳﻀﺎ ﻋﲆ اﻷرﺟﺤﻴﺎت اﻷﺳﻮأ، أي اﻟﺤﻴﺎة ﺑﺼﺤﺒﺔ ﺳﻴﻠﻴﺴﺖ — ﻻ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﺴﻮء ﻣﻘﺎ َر ً ٍ ﺑﺎرﺗﺒﺎط ﻧﺔ — ِ ﻳ َ ُﺮﻏﻢ ﻋﻠﻴﻪ ِﺑﺒﻴﺎﺗﺮﻳﺲ .وﺑﻤﻌﺮﻓﺔ اﻷرﺟﺤﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮن ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻏري ﻗﺎدر ﻋﲆ اﻻﺧﺘﻴﺎر )أو ً وﺳﻴﻠﺔ ﻟﺘﻘﻴﻴﻢ ﺑﺤﺴﺐ اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ :اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺒﺎﱄ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺑﺎﻻﺧﺘﻴﺎر( ،ﻧﻜﻮن ﻗﺪ وﺟﺪﻧﺎ ﺧﻴﺎر ﺑﻴﺎﺗﺮﻳﺲ ﻣﻘﺎ َر ً ً ﻣﻘﻴﺎﺳﺎ ﻟﺘﻔﻀﻴﻼﺗﻪ ،وﺣﻴﻨﻬﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻧﺔ ﺑﺎﻷُﺧ َﺮﻳ َْني ،وﺳﻨﻜﻮن ﻗﺪ وﺟﺪﻧﺎ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﰲ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار. وﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ وﺿﻊ ﻧﻈﺎم ﺗﻘﻴﻴﻢ ،ﺣﺘﻰ ﻟﻸﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺟﻤﻌﻬﺎ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺴﺎؤل ﻋﻦ اﻷرﺟﺤﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮن املﺮء ﻣﺴﺘﻌِ ﺪٍّا ﻋﻨﺪﻫﺎ َ اﺧﺘﻴﺎر أﻓﻀﻞ .وﻛﻠﻤﺎ ﺳﺎء َِت اﻷرﺟﺤﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮن ﺗﻮم ﻣﺴﺘﻌِ ﺪٍّا ﻟﻠﻤﺮاﻫﻨﺔ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ ٍ َ ﻟﻠﻤﺮاﻫﻨﺔ ﰲ ﺳﻌﻴﻪ اﻟﺤﺜﻴﺚ ﻟﺘﺠﻨﱡﺐ ﺑﻴﺎﺗﺮﻳﺲ ،ﺳﺎءَ رأﻳﻪ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺎة وﻧ َ َﻘ َ ﺺ ﺗﻘﻴﻴﻤﻪ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻟﻬﺎ ﺑﻮﺿﻮح .وﻳُﺴﻤﱠ ﻰ ﻧﻈﺎم اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻨﺪ إﱃ ﺗﻠﻚ اﻻﻋﺘﺒﺎرات ﺑﺎملﻨﻔﻌﺔ ،وﻋﻠﻴﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﻴﻤﺔ ً ً وﻓﻘﺎ ملﻨﻔﻌﺘﻬﺎ ،ﺑﺎﻻﻋﺘﻤﺎد ﻛﻠﻴٍّﺎ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ ﻣﻨﺢ ﻛﻞ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﻘﺮار اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ املﺘﻌ ﱢﻠﻖ ﺑﻤﺮﻏﻮﺑﻴﺔ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ؛ وﻟﺬا ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﺤﺪﱢد املﻨﻔﻌﺔ وراء ﻣﻜﺴﺐ )أو ﺧﺴﺎرة( أﻟﻒ دوﻻر اﺳﺘﻨﺎدًا إﱃ اﻷرﺟﺤﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮن ﺻﺎﻧﻊ اﻟﻘﺮار ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪادٍ ﻟﺘﻘﺒﱡﻠﻬﺎ ﰲ ﻣﺜﻞ ً ﻗﻴﻤﺔ )ﺳﻠﺒﻴﺔ( ﻫﺬا اﻟﺮﻫﺎن .وﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ،ﻓﺎﻷﺷﺨﺎص ﻳَﻤﻨﺤﻮن — ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪو — ﻟﻠﺨﺴﺎﺋﺮ املﺤﺘﻤﻠﺔ أﻋﲆ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻨﺤﻮﻧﻬﺎ ﻟﻠﻤﻜﺎﺳﺐ املﺤﺘﻤﻠﺔ؛ ﻟﺬا ﻓﻬﻨﺎك ﻣﻨﻔﻌﺔ )ﺳﻠﺒﻴﺔ( ﻟﻸﻟﻒ دوﻻر املﺤﺘﻤﻞ ﺧﺴﺎرﺗﻬﺎ أﻋﲆ ﻣﻦ ﻣﻨﻔﻌﺔ اﻷﻟﻒ دوﻻر املﺤﺘﻤﻞ رﺑﺤﻬﺎ؛ ٌ إﺿﺎﻓﺔ وﻣﻨﻔﻌﺔ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ املﺤﺘﻤﻠﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﱢد أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﰲ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار .ﻫﺬا اﻻﺳﺘﻌﺮاض ﺗُ ﱢ ﺤﺴﻦ ﻓﻬْ ﻤَ ﻨﺎ ﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﻟﺨﻴﺎرات ﺑﺎﻟﱰﺗﻴﺐ — ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ — وﺳﻮف ﻧﺤﻮ أﻛﱪ واﻟﻄﻤﻮﺣﺎت اﻟﺪﻓﻴﻨﺔ ﻟﺼﺎﻧﻊ اﻟﻘﺮار. ﻳﻘﻮدﻧﺎ إﱃ ﻗﺮارات ﺗﺘﱠﻔِ ﻖ ﻋﲆ ٍ واﻵن ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ رﺑﻂ ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻜﺎر ﻣﻌً ﺎ.
49
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ
ﻣﻌﺎ رﺑﻂ اﻷﻓﻜﺎر ً ﱡ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﱃ أﻓﻀﻞ ﻗﺮار إن اﻟﻬﺪف ﻣﻦ ﺻﻨﻊ ﻗﺮار ﻋﻘﻼﻧﻲ ﻫﻮ — ﻋﺎد ًة — املﺴﺎﻋﺪة ﰲ ﱢ ﻣﺤﻘ ًﻘﺎ اﻟﻨﺠﺎحَ واﻟﺘﻘ ﱡﺪ َم إن َ ﻛﻨﺖ ﻋﻘﻼﻧﻴٍّﺎ، ﻣﻤﻜﻦ .وﺧﻼل ﺣﻴﺎﺗﻚ ،ﺳﻮف ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻚ اﻷﻣﺮ ﺣﺘﻰ إن ﱠ َ ﺗﺒني أﺣﻴﺎﻧًﺎ أﻧﻚ ﻋﲆ درﺟﺔ ﺧﻄرية ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ أو ﻋﲆ درﺟﺔ ﻣﺬﻫﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻮاب؛ ﻓﺎﻟﺨﱪاء املﺮﻣﻮﻗﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻳَﻈﻬﺮون ﻋﲆ ﺷﺎﺷﺎت اﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮن ﻷﻧﻬﻢ أﺻﺎﺑﻮا ﰲ ﱡ ﺗﻮﻗﻌﺎﺗﻬﻢ ﻟﺴﻮق اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ ﰲ أي ٍ ﺳﻨﺔ ،ﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﺗﺠﺪﻫﻢ ﻳﻜ ﱢﺮرون ﻧﺠﺎﺣﺎﺗﻬﻢ ﰲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻴﻬﺎ، وﻣﻦ اﻟﻨﺎدر أن ﺗﺠﺪ ﻣَ ﻦ ﻳﻜﺘﺴﺐ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺸﻬﺮة ً ﻓﻌﻼ؛ واملﻘﺎﻣﺮون اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪون أﻧﻬﻢ ﻗﺪ أﻣﻀﻮا ﻟﻴﻠﺔ ﺣﻆ راﺋﻌﺔ ،ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﺪرﻛﻮن ﺧﻄﺄ اﻋﺘﻘﺎدﻫﻢ ﻫﺬا ﻗﺒ َﻞ أن ﺗﻨﻘﴤ ﻟﻴﻠﺘﻬﻢ ،أو ً ﻣﻄﻠﻘﺎ ،وﻟﻮ ﰲ اﻟﻴﻮم أو اﻷﺳﺒﻮع اﻟﺬي ﻳﻠﻴﻬﺎ .إن ﻗﻮاﻧني اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻌﱠ ﺎﻟﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ وﻻ ﺗﻬﺪأ ُ ُ وﺗﻔﺎﺧ ُﺮﻫﻢ ﺑﺤﺴﻦ ﺣﻈﻬﻢ ،و َﻟ َﻘ ﱠﻞ اﻟﻨﺎس ذﻟﻚ ﻋﲆ ﻧﻄﺎق أوﺳﻊَ ،ﻟ َﻘ ﱠﻞ ﻛﺜريًا ﺗﺒﺎﻫﻴﻬﻢ ﺗﻔﻬﱠ َﻢ ً ﺗﺤﴬا؛ ﻓﻬﻨﺎك ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ أﻳﻀﺎ ﺷﻌﻮ ُرﻫﻢ ﺑﺎﻟﺬﻧﺐ ﻟﺤﻈﻬﻢ اﻟﻌﺎﺛﺮ ،و َﻟﺤَ ِﻴﻴﻨَﺎ ﰲ ﻋﺎ َﻟ ٍﻢ أﻛﺜﺮ ﱡ ً أﺷﻴﺎء ﺗﺤﺪث ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ املﺼﺎدﻓﺔ ،وﻻ ﻳﻜﻮن ﰲ وﺳﻌﻨﺎ ﻓﻌﻞ ﳾء ﻟﺘﻐﻴريﻫﺎ. َ وﺿﻌﺖ ﻛﺜريًا ﻣﺎ ﻳ َِﺮ ُد ﰲ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺸﻬرية اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎول ﻣﻔﻬﻮ َم اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ أﻧﻚ إذا ﻣﺎ ً ً ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮدة ﻋﲆ ﻣﻘﺮﺑﺔ ﻣﻦ آﻻت ﻛﺎﺗﺒﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﻔﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ، ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻓﺈن ﻣﻦ املﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﻨﺠﺢ أﺣﺪﻫﺎ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺳﻮﻧﻴﺘﺔ ﻣﻦ رواﺋﻊ ﺷﻜﺴﺒري )ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﺟﺰﻳﺌﺎت ﻛﺎﻓﻴﺔ ﰲ اﻟﻜﻮن أﺟﻤﻊ ﻟﺘﺸ ﱢﻜﻞ ﻗﺮدة وآﻻت ﻛﺎﺗﺒﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻹﻋﻄﺎء ﻫﺬا اﻟﻘﺮد ﻓﺮﺻﺔ ﻋﺎدﻟﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻣَ ﻦ ﻳﺒﺎﱄ؟ إن اﻟﻜﺘﱠﺎب ﻳﺤﺎوﻟﻮن ﻓﻘﻂ ﺗﻮﺿﻴﺢَ أن اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻘﺮد ﰲ ً ﻣﺴﺘﺤﻴﻼ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق(ْ . وإن ﺣﺪث ذﻟﻚ ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺿﻌﻒ ﻫﺬا اﻟﻐﺮض ﻟﻴﺲ أرﺟﺤﻴﺘﻪ اﻟﺸﺪﻳﺪ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﻘﺮد اﻟﻨﺎﺟﺢ ﻛﺎن ﺗﺠﺴﻴﺪًا ﻟﺮوح ﺷﻜﺴﺒري أو ﺣﺘﻰ ﺷﺨﺺ ﱠ ﻣﺜﻘﻒ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻌﻨﻲ ﻓﺤﺴﺐ أن ﻗﻮاﻧني اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ﺻﺤﻴﺤﺔ .وﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳُﻤﻨَﺢ
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
أيﱞ ﻣﻦ اﻟﻘﺮود أو اﻟﺒﴩ اﻟﺘﻘﺪﻳ َﺮ ﻋﲆ ذﻟﻚ) .واﻷرﺟﺢ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ أن ﻳﻜﻮن أﺣﺪ املﺨﺎدﻋني ﻫﻮ ﱠﻒ اﻷﻣﺮ (.إن اﻟﻔِ َﺮق اﻟﺘﻲ ﻳ ﱠ ُﺘﻮﻗﻊ ﻟﻬﺎ اﻟﺨﺴﺎرة ﱢ ﻣَ ﻦ زﻳ َ ﺗﺤﻘﻖ اﻟﻔﻮ َز ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﰲ ﻣﺒﺎرﻳﺎت ﻛﺮة اﻟﻘﺪم ،واﻟﻔِ َﺮق املﻮﺛﻮق ﰲ ﻓﻮزﻫﺎ ﺗﺨﴪ ،واﻟﺨﻴﻮل اﻟﺘﻲ ﱢ ﺗﺤﻘﻖ إﺧﻔﺎﻗﺎت ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﺗﻔﻮز ﰲ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﻴﻮل ،ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك أي ﺧﺪاع؛ وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻘﺮارات اﻟﺠﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺞ ﻋﻨﻬﺎ ﺗﺒﻌﺎت ﺷﻨﻴﻌﺔ ،واﻟﻘﺮارات اﻟﺤﻤﻘﺎء اﻟﺘﻲ ﻳُﺘﺒني أﻧﻬﺎ ﺟﻴﺪة ،ﻓﻬﺬا ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ،ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻛﺜريًا ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﰲ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﻨﻘﻴﻀﺔ؛ ﻓﺎﻟﻄﺮف ﱠ املﺮﺷﺢ ﻟﻠﻔﻮز َ ﻣﻘﻮﻟﺔ داﻣﻮن ﻳﻔﻮز أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻄﺮف املﺴﺘﺒﻌَ ﺪ ﻓﻮزه ،ﺣﺘﻰ ﰲ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﻴﻮلَ .و ْﻟﻨﺘﺬﻛﺮ َرﻧﻴﻮن. إذن ﻛﻴﻒ ﻧﺒﺬل ﻟﺪى ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار أﻓﻀ َﻞ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻨﺎ ،ﺑﻌﺪ أن أﺻﺒﺢ ﻟﺪﻳﻨﺎ اﻵن ً ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﺎﻹﺟﺮاءات املﺤﺘﻤﻠﺔ ،واﻟﻨﺘﺎﺋﺞ املﺤﺘﻤﻠﺔ ﻟﻜﻞ إﺟﺮاء، اﻷدوات اﻟﻼزﻣﺔ؟ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺠﻤﱢ ﻊ ﻧﻌﱪ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺎ ،وﻛﻠﻤﺎ و ُِﺿﻌﺖ ٍ واﻻﺣﺘﻤﺎﻻت )ﻋﲆ أن ﱢ ﺑﺪﻗﺔ ﻛﺎن ﻫﺬا أﻓﻀﻞ( ﺑﺤﻴﺚ ً ﱠ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻠﺴﻌﺎدة أو اﻟﺤﺰن إن ﻛ ﱠﻞ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﻨﺸﺄ ﻣﻦ ﻛﻞ إﺟﺮاء ،وﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺤﺪﱢد اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻗﺪ ﺗﺠﻠﺒﻬﻤﺎ ﻛ ﱡﻞ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻚ؛ أيْ أﻧﺖ ﺻﺎﻧﻊ اﻟﻘﺮار .وﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﻛﻞ ذﻟﻚ ،ﻳﻜﻮن ﱠ ﱠ ﱡ املﺘﻮﻗﻌﺔ ﻟﻜ ﱢﻞ إﺟﺮاءٍ ﻣﺤﺘﻤَ ﻞ ،ﺛﻢ ﻧﺨﺘﺎر أﻓﻀﻞ املﺘﻮﻗﻌﺔ أو املﻨﻔﻌﺔ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﱃ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﱠ اﻹﺟﺮاءات .ﻳﺒﺪو اﻷﻣﺮ ﻣﻌﻘﺪًا ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻜﺬا ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻷﻣﺮ ،وﺣﺘﻰ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﺪﻗﻴﻖ اﻟﻨﻈﺮ ﰲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺪﻓﻌﻨﺎ ﻟﻠﺘﻔﻜري .وﻟﺴﻨﺎ ﻣُﻄﺎ َﻟﺒني ﺑﺄن ﻧﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﺑﺈﺗﻘﺎن ﻛﻲ ﻧﻈ ﱠﻞ ﰲ اﻟﺼﺪارة؛ ﻓﻔﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻌﻲ ،ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻔﻌﻞ »أي ﳾء« ﺑﺈﺗﻘﺎن ﻛﻲ ﻧﻜﻮن ﰲ املﻘﺪﻣﺔ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺤﺎول أن ﻧﻌﺪﱢد اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻨﺸﺄ ﻣﻦ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ إﺟﺮاءاﺗﻨﺎ املﺤﺘﻤﻠﺔ، ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻔ ﱢﻜﺮ ﰲ وﺿﻊ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻣﺰدوﺟﺔ؛ أيْ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﺎﻹﺟﺮاءات املﺤﺘﻤﻠﺔ أﻋﲆ اﻟﺼﻔﺤﺔ ،وأﺳﻔﻞ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻹﺟﺮاءات ﻗﺎﺋﻤﺔ أﺧﺮى ﺑﺎﻟﻨﺘﺎﺋﺞ املﺤﺘﻤﻠﺔ ،وﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﺤﺼﻠﺔ ﻋﺪة إﺟﺮاءات ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻣﻊ أﻧﻬﺎ ذات اﺣﺘﻤﺎﻻت ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ .وﻳﻤﻜﻦ أن ﻳُﺪوﱠن ذﻟﻚ ﰲ اﻟﻮرﻗﺔ ﻛﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻨﺴﻖ املﺰدوج — وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻄﻠِﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠﻤﺎءُ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت »ﻣﺼﻔﻮﻓﺔ« — ٍ ﻣﺤﺘﻤَ ﻞ وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ ﻟﻬﺬا اﻹﺟﺮاء ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ وذﻟﻚ ﻣﻊ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻛﻞ إﺟﺮاء ﻫﺬه املﺤﺼﻠﺔ وﻣﻨﻔﻌﺘﻬﺎ .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻓﺈن املﺼﻔﻮﻓﺔ ﺑﻤﻔﺮدﻫﺎ ﻟﻦ ﺗﺠﻤﻊ ﺳﻮى ﻣﺎ ﺗﻌﺮﻓﻪ أﻧﺖ ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺗﻮﻟﻴﻔﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﰲ ﺻﻴﻐﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ؛ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻦ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺗﺒﺴﻴﻂ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻛﺜريًا، املﻌﻠﻮﻣﺎت. 52
رﺑﻂ اﻷﻓﻜﺎر ﻣﻌً ﺎ
ﱠ ﱠ »املﺘﻮﻗﻌﺔ«، »املﺘﻮﻗﻌﺔ« ،أو اﻟﺨﺴﺎرة ﺗﻈﻬﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻮﻟﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻓﻜﺮة املﻨﻔﻌﺔ واﻟﺘﻲ ﻧﻘﻴﱢﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻛ ﱠﻞ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ ً وﻓﻘﺎ ﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ وﻗﻮﻋﻬﺎ؛ ﺣﻴﺚ ﻧﻤﻨﺤﻬﺎ ً ﺛﻘﻼ أﻛﱪ إن ُ ُ ً ً ﻣﻨﻌﺪﻣﺔ. ﻓﺮﺻﺔ وﻗﻮﻋﻬﺎ ﺗﻜﺎد ﺗﻜﻮن وﺛﻘﻼ أﻗﻞ إن ﻛﺎﻧﺖ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ وﻗﻮﻋﻬﺎ أﻛﱪ، ﻛﺎﻧﺖ )ﻓﻠﻦ ﻳﺤﺪث ً ﻣﺜﻼ أن ﺗﺴﻘﻂ ﻣﻦ ﻋﲆ ﻇﻬﺮ ﺣﺼﺎن ْ إن ذﻫﺒﺖ ﻟﻠﺘﻤﺸﻴﺔ (.وﻫﺬا ﻛﻠﻪ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ َ ﻗﻴﻤﺔ ﻛﻞ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻘﺮار ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻚ ،وﺗﴬﺑﻬﺎ ﻣﻊ ﻛﻞ ﻗﺮار ﻣﺤﺘﻤﻞ ،ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺄﺧﺬ ﱠ ﰲ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺘﻬﺎ ،وﺗﺠﻤﻊ ﻛﻠﺘَﻴْﻬﻤﺎ؛ ﻟﻴﻜﻮن اﻟﺤﺎﺻﻞ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻫﻮ املﻨﻔﻌﺔ املﺘﻮﻗﻌﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺮار ،واﻟﺘﻲ ﺳﺘﺨﱪك ﺑﻤﺪى ﺻﺤﺔ اﻟﻘﺮار وﺗﺄﺛريه ﻋﲆ ﺳﻌﺎدﺗﻚ .وﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻨﺎﺗﺞ أﻛﱪ، ﻛﺎن ﻫﺬا أﻓﻀﻞ. ُ أﻫﻤﻴﺔ اﺳﺘﺨﺪام ﺻﻔﺔ »ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ« ﻟﻠﻤﻨﻔﻌﺔ أو اﻟﺨﺴﺎرة ﰲ أن اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮك ﻷي ﻓﺎﺋﺪة )أو أﴐار( ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻇﻬﻮرﻫﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ ﱠ ﻣﺘﻮﻗ ً ﻓﺈن ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻚ ﻓﺮﺻﺔ ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ﻟﺮﺑﺢ ﻋﴩة دوﻻرات ،ﻓﺈن ﻟﺬﻟﻚ ً ﻌﺔ ﺗﺒﻠﻎ ﺧﻤﺴﺔ ﻗﻴﻤﺔ ﱠ ﺗﺘﺨﲆ ﻋﻦ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻣﻘﺎﺑﻠﻪ .وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻓﺮﺻﺔ دوﻻرات ،وﻫﻮ املﺒﻠﻎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﰲ املﻠﻴﻮن ْ ﻷن ﺗﺮﺑﺢ ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺬﻛﺮة ﻳﺎﻧﺼﻴﺐ ) َو ْﻟﻨَﻨ ْ َﺲ أﻣﺮ املﻨﻔﻌﺔ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﱠ املﺘﻮﻗﻌﺔ ﻫﻲ دوﻻر واﺣﺪ ،وﻫﺬا ﻫﻮ املﺒﻠﻎ اﻟﺬي ﺗﺴﺘﺤﻘﻪ؛ ﻓﺎﻷﺷﺨﺎص اﻟﺤﺎﱄ( ،ﻓﻘﻴﻤﺘﻬﺎ ﱠ ﻣﻨﻈﻮر ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ املﻜﺎﺳﺐ املﺘﻮﻗﻌﺔ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺑﺄﺳﻌﺎر ﺗﻌﻜﺲ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﻳﺸﱰون اﻷﺳﻬ َﻢ ِ ٍ املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ وﻗﻴﻤﺔ إﻋﺎدة اﻟﺒﻴﻊ .وﻓﻜﺮة ﴐورة ﴐب اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﰲ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺄﻣﺮ ﺟﺪﻳﺪ )وﻟﺴﻮف ﻧﺮى ً ﻻﺣﻘﺎ أن ﺗﻠﻚ ﻫﻲ أﻓﻀﻞ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻔﻬﻢ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت املﻘﺎﻣﺮة(؛ إذن ﱠ املﺘﻮﻗﻌﺔ ﻷي ﻗﺮار ﺗَﺘﱢﺒﻊ ﻧﻔﺲ اﻟﻘﻮاﻋﺪ املﺄﻟﻮﻓﺔَ .و ْﻟﻨ َ َﺮ ﻛﻴﻒ ﻳﺤﺪث ذﻟﻚ. ﻓﺈن اﻟﻘﻴﻤﺔ ﱠ ﻟﻨﺒﺪأ ﺑﴚء ﺑﺴﻴﻂ وﻣﺄﻟﻮف ،وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻨﻄﻮي ﻋﲆ ﺧﺪﻋﺔ ﻏري ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ ﻟﻢ ﻳﻠﺤﻈﻬﺎ أﺣﺪ إﻻ ﻣﺆﺧ ًﺮا؛ أﻻ وﻫﻮ ﻣﻜﺎﺗﺐ ﻣﺮاﻫﻨﺎت ﻛﺮة اﻟﻘﺪم ،املﻨﺘﴩة ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن )ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﺳﺘﻴﺎء اﻹدارة اﻷﻛﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ( .ﻓﻔﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه املﻜﺎﺗﺐ ،ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﺎملﺒﺎرﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻘﺎم ﰲ ً ﻗﺴﻴﻤﺔ ﻟﻠﻤﺮاﻫﻨﺔ ﻟﺘﺨﻤني اﻟﻔﺎﺋﺰﻳﻦ ،وﺗﺘﻜﻮﱠن واملﺸﺎرك ﰲ ﻫﺬه املﺮاﻫﻨﺔ ﻳﺸﱰي ﻳﻮم ﻣﺤﺪﱠد، ِ َ ﻗﺴﻴﻤﺔ املﺮاﻫﻨﺎت، أرﺑﺎحُ املﺮاﻫﻨﺎت ﻣﻦ اﻷﻣﻮال اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﺑﻬﺎ املﻘﺎﻣﺮون وﻫﻢ ﻳﺸﱰون َ املﺒﻠﻎ اﻟﺬي ﺗ ﱠﻢ ﺗﺠﻤﻴﻌﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل املﺮاﻫﻨﺔ .اﻷﻣﺮ ﺑﺴﻴﻂ وﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻳﺘﻘﺎﺳﻢ اﻟﻔﺎﺋﺰون ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،وﻗﺪ ﻳﱰاءى ﻟﻚ أن أﻓﻀﻞ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻫﻲ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ أن ﺗﻌﺮف املﺰﻳ َﺪ ﻋﻦ اﻟﻔِ َﺮق اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻌﺐ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ املﻘﺎﻣﺮﻳﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،وﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ ﺑﺎﻟﻘﻄﻊ — ﻓﺄن ﺗﻜﻮن أﻛﺜﺮ ذﻛﺎءً ً دراﻳﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ داﺋﻤً ﺎ أن ﻳﻀﻴﻒ املﺰﻳ َﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻮن — ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﺧﺪﻋﺔ أﺧﺮى ﺑﺴﻴﻄﺔ. أو 53
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ِ املﻘﺎﻣﺮ ﻳﺮاﻫﻦ ﻋﲆ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻓﺮﻳﻖ ،ﺣﺘﻰ »ﻳﺤﻤﻲ إن ﻣﻌﻈﻢ ﻣﻜﺎﺗﺐ املﺮاﻫﻨﺎت ﺗﺠﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ اﻟﺨﺴﺎرة«؛ وﻋﲆ ﻛﻞ ﺣﺎل ﻓﻬﺬا ﻳﺠﻠﺐ املﺰﻳ َﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﻮال إﱃ ﻣﻜﺎﺗﺐ املﺮاﻫﻨﺎت؛ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺴﺎﻋﺪﻫﺎ ﻋﲆ اﻻزدﻫﺎر؛ وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن ﻛ ﱠﻞ ِ ﻣﻘﺎﻣﺮ أﻣﺎﻣﻪ ﻗﺮاران ﻟﻴﺘﺨﺬﻫﻤﺎ؛ وﻫﻤﺎ ﻋﺪد ً َ ﻟﻌﺒﺔ املﺮاﻫﻨﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻟﻜﻨﻬﺎ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف ﺗﻈ ﱡﻞ ﺗﺬاﻛِﺮ املﺮاﻫﻨﺔ ،واﻟﻔِ َﺮق اﻟﺘﻲ ﺳﻴﺨﺘﺎر َ ﺻﻔﺮﻳﺔ املﺠﻤﻮع؛ إذ ﺗﺌﻮل ﻛﻞ اﻷﻣﻮال اﻟﺘﻲ ﺗُ َ ﻮﺿﻊ ﰲ املﺮاﻫﻨﺎت ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﱃ اﻟﻔﺎﺋﺰﻳﻦ. أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺑﻌﺾ اﻷﻟﻌﺎب ،ﻣﺜﻞ ﺳﺒﺎق اﻟﺨﻴﻮل أو اﻟﻴﺎﻧﺼﻴﺐ )وﻫﻲ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ َ ﻟﻴﺴ ْﺖ أﻟﻌﺎﺑًﺎ ﺻﻔﺮﻳﺔ املﺠﻤﻮع ،ﺑﻞ إن رﻋﺎة ﻫﺬه اﻷﻟﻌﺎب ﻳﺠﻨﻮن اﻟﻜﺜريَ ﻣﻦ اﻷﻣﻮال( ،ﻓﺈذا َ راﻫﻨﺖ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮة ،ﻓﺈﻧﻚ ﺗﺨﴪ ﻧﻘﻮدك ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أﴎع )ﻫﺬه ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻦ املﺜﻞ اﻟﺬي ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺗﺨﴪ أﻣﻮاﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺑﻴﻊ ﻛﻞ ﺑﻨﺪ ،ﻓﻠﻦ ﱢ ً ﺳﺎﺑﻘﺎ ،وﻫﻮْ : إن َ ﺗﺤﻘﻖ رﺑﺤً ﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ أوردﻧﺎه َ ﻣﺮاﻫﻨﺎت ﻛﺮة اﻟﻘﺪم ﺗﻤﺜﱢﻞ اﺳﺘﺜﻨﺎءً؛ ﻓﻤﻦ املﻔﻴﺪ ﻫﻨﺎ أن ﺗﺮاﻫِ ﻦ ﺿﺪ ﺑﻴﻊ املﺰﻳﺪ( .ﻟﻜﻦ أﻣﻮال ً ﻧﻔﺴﻚ؛ أيْ ْ َ ﺛﺎﻧﻴﺔ .ﻗﺪ ﻳﺒﺪو ﻫﺬا ﴐﺑًﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮن ﻣﺮاﻫﻨﺔ أﺧﺮى وﺗﻘﺎﻣﺮ أن ﺗﺸﱰي ﺗﺬﻛﺮة املﺮاﻫ ُ َ ﻋﻮن ﻟﻚ؟ ﻟﻨ َ َﺮ وﺿﺪ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻷﺷﻴﺎء ،ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻨﺔ ﺿﺪ ﻧﻔﺴﻚ ﻣﺼﺪ َر ٍ ﻛﻴﻒ ﺗﺴري اﻷﻣﻮر. ْ ﻟﻨﻔﱰض أﻧﻪ ﻟﻦ ﺗﻘﺎم ﺳﻮى ﻣﺒﺎراة واﺣﺪة ﰲ ﻳﻮ ٍم ﻣﺎ ﺑني ﻓﺮﻳﻖ ﻛﻲ ﻧﺒﺴﻂ املﺴﺄﻟﺔ، اﻟﺒﻂ واﻹوز ،وﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك إﻻ اﺛﻨﺎن ﻣﻦ املﺸﺎرﻛني ﰲ اﻟﺮﻫﺎن؛ أﻧﺖ وﻓﺮﻳﺪ ،وﻛﻼﻛﻤﺎ ﻳﺠﻴﺪ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻔﺎﺋﺰَ ،و ْﻟﻨﻔﱰض ً أﻳﻀﺎ أن ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻔﺮﻳﻘني ﻣﺘﻜﺎﻓﺊ؛ ﻟﺬا ﻓﺎﻟﻠﻌﺒﺔ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺣ ﱟ ﻆ ﺑﺤﺘﺔ ﻳﺘﻌﺎدل ﻓﻴﻬﺎ املﻜﺴﺐ واﻟﺨﺴﺎرة .ﻳﺸﱰي ﻓﺮﻳﺪ ﺗﺬﻛﺮة رﻫﺎن ﺑﺪوﻻرﻳﻦ، وﻳﺮاﻫﻦ ﻋﲆ ﻓﺮﻳﻖ اﻟﺒﻂ ،ﺛﻢ ﻳﺄﺗﻲ دورك .ﺑﻤﻘﺪورك اﺧﺘﻴﺎر إﻣﺎ ﻓﺮﻳﻖ اﻟﺒﻂ وإﻣﺎ اﻹوز، ً َ َ وراﻫﻨﺖ ﻋﲆ ﻧﻔﺲ اﻟﻔﺮﻳﻖ اﺷﱰﻳﺖ ﺗﺬﻛﺮ َة رﻫﺎن واﺣﺪة ﻓﻄﻨﺔ؛ ﻓﺈذا ﻣﺎ أو أن ﺗﻜﻮن أﻛﺜﺮ َ اﻟﺬي اﺧﺘﺎره ﻓﺮﻳﺪ ،ﻓﻠﻦ ﻳﺘﻘﺪﱠم أيﱞ ﻣﻨﻜﻤﺎ ﻋﲆ اﻵﺧﺮ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ؛ ﻓﺈذا ﻣﺎ رﺑﺢ ﻓﺮﻳﻖ اﻟﺒﻂ، ﻓﻜﻼﻛﻤﺎ ﻋﲆ ﺻﻮاب ،وﺳﺘﻘﺘﺴﻤﺎن اﻟﻨﻘﻮد اﻟﺘﻲ رﺑﺤﺘﻤﺎﻫﺎ ،ﻟﻴﺴﺘﻌﻴﺪ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻜﻤﺎ اﻟﺪوﻻرﻳﻦ اﻟﻠﺬﻳﻦ راﻫﻨﺘﻤﺎ ﺑﻬﻤﺎ؛ أﻣﺎ إذا ﻣﺎ ﻓﺎز ﻓﺮﻳﻖ اﻹوز ،ﻓﺴﻮف ﺗﻘﺘﺴﻤﺎن ﻣﺒﻠﻎ اﻟﻨﻘﻮد ً أﻳﻀﺎ ،ﺑﻤﺎ َ وراﻫﻨﺖ ﻋﲆ اﻟﻔﺮﻳﻖ املﻨﺎﻓِ ﺲ ﻟﻠﻔﺮﻳﻖ اﻟﺬي أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك أيﱡ ﻓﺎﺋﺰ؛ أﻣﺎ إذا ﺣﺪث اﻟﻌﻜﺲ َ راﻫ َﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺮﻳﺪ ،ﻓﺴﻮف ﻳﺠﻤﻊ أﺣﺪﻛﻤﺎ املﻜﺎﺳﺐ داﺋﻤً ﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺳﻴﺨﴪ اﻵﺧﺮ .ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺴﻠﻜﻪ ْ إن َ ﻛﻨﺖ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻓﺮﻳﺪ ﰲ اﻟﺮﻫﺎن ﻋﲆ اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﻔﺎﺋﺰ، أﻣﺎ إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ ،واﻟﻔﺮﻳﻘﺎن ﻣﺘﻌﺎدﻻن ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻓﺴﻮف ﺗﺨﴪ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﻜﺴﺐ .وﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ،ﺳﻴﻜﻮن ﻛﻼﻛﻤﺎ ﻣﺘﺴﺎوﻳًﺎ ﰲ املﻜﺴﺐ واﻟﺨﺴﺎرة ،وﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺛﺮوة ﻫﻨﺎ. 54
رﺑﻂ اﻷﻓﻜﺎر ﻣﻌً ﺎ
اﺷﱰﻳﺖ ﺗﺬﻛﺮﺗَ ْﻲ ﻣﺮاﻫﻨﺔ ،ﻣﺮاﻫِ ﻨًﺎ ﻣﺮ ًة واﺣﺪ ًة ﻋﲆ ﻛﻞ ﻓﺮﻳﻖ؟ ﱠ َ إن ﻟﺪﻳﻚ ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻟﻮ ً اﻵن أرﺑﻌﺔ دوﻻرات ﻛﺤﺼﻴﻠﺔ ﻧﻘﺪﻳﺔ ،ﻣﻘﺎ َرﻧﺔ ﺑﺎﻟﺪوﻻرﻳﻦ ﻗﻴﻤﺔ رﻫﺎن ﻓﺮﻳﺪ ،ﻟﻜﻦ ﺳﺘﻈﻞ واﺣﺪة ﻣﻦ ﺗﺬﻛﺮﺗَﻴْﻚ ﻫﻲ »اﻟﺮاﺑﺤﺔ« دوﻣً ﺎ )واﻷﺧﺮى ﻫﻲ اﻟﺨﺎﴎة »ﻋﲆ اﻟﺪوام«(؛ وﻫﻜﺬا ﻓﺈﻧﻚ ﺳﺘﺸﺎرك »دوﻣً ﺎ« ﰲ املﻜﺴﺐ ،ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﺳﺘﺠﻨﻲ رﺑﺤً ﺎ ﺻﺎﻓﻴًﺎ؟ ُ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻮز ﻓﺮﻳﻖ اﻟﺒﻂ ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻫﺬه ﻟﻌﺒﺔ ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ِﻟﻨِﺼﻒ اﻟﻮﻗﺖ ﺗﻈ ﱡﻞ ً ﻗﺎﺋﻤﺔ ،وإذا ﻣﺎ ﺣﺪث ذﻟﻚ ،ﻓﺄﻧﺖ وﻓﺮﻳﺪ ﺗﺤﻤﻼن ﺗﺬﻛﺮة راﺑﺤﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺳﺘﻘﺘﺴﻤﺎن اﻟﺪوﻻرات اﻟﺴﺘﺔ ﺣﺼﻴﻠﺔ اﻟﺮﻫﺎن ،وﺳﺘﺤﺼﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﻮز ﻋﲆ ﺛﻼﺛﺔ دوﻻرات ﻣﻦ اﻟﺪوﻻرات اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺜﻤﺮﺗﻬﺎ ،وﺗﺨﴪ دوﻻ ًرا ،ﻫﻮ اﻟﺬي رﺑﺤﻪ ﻓﺮﻳﺪ. ﻣﺮاﻫﻨﺔ ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ﻋﲆ املﻜﺴﺐ واﻟﺨﺴﺎرة ً َ أﻳﻀﺎ؟ ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻟﻮ ﻓﺎز ﻓﺮﻳﻖ اﻹوز ،أﻫﻲ ً َ َ رﺑﺤﺖ اﻟﺪوﻻرﻳﻦ ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﺮﻳﺪ ،وﺗﻜﻮن ﻗﺪ ﻛﺎﻣﻼ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺳﺘﺠﻤﻊ أﻧﺖ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ً ﻧﺘﻴﺠﺔ ملﺠﻬﻮداﺗﻚ؛ ﻣﻦ ﺛَﻢ ِﻟﻨِﺼﻒ اﻟﻮﻗﺖ ﺳﱰﺑﺢ دوﻻرﻳﻦ ،واﻟﻨﺼﻒ َ اﻵﺧﺮ ﺳﺘﺨﴪ دوﻻ ًرا ٍ ﺻﺎف ﻛ ﱠﻞ ﻣﺮﺗني واﺣﺪًا؛ وﺑﻬﺬا ﺳﱰﺑﺢ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ؛ ﺳﺘﺤﺼﻞ ﻋﲆ دوﻻر ﻛﺮﺑﺢ ﱠ ﻣﺘﻮﻗﻊ ﻳﺒﻠﻎ ﻧﺼﻒ دوﻻر ﻟﻜﻞ ﻳﻮم ﺗﺮاﻫﻦ ﻓﻴﻬﻤﺎ ،وذﻟﻚ ﰲ املﺘﻮﺳﻂ ،ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺻﺎﰲ ﻣﻜﺴﺐ ﻣﺮاﻫﻨﺔ ،ﻋﲆ أرﺑﻌﺔ دوﻻرات ﻣﺴﺘﺜﻤﺮة .وﻫﺬا ﺳﻴﺤﺪث دون ﺗﻔﻜري؛ ﺣﻴﺚ إﻧﻚ ﺗﺮاﻫﻦ ﺿﺪ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻘﻂ ،وﻟﻦ ﱢ ﻳﺤﻘﻖ ﻓﺮﻳﺪ أي رﺑﺢ إﻻ إذا ﻛﺎن ﻳﺠﻴﺪ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﻔﺎﺋﺰ؛ إذ ﺳﻴﻜﻮن َ ﻛﻨﺖ ﺟﻴﺪًا ﰲ اﻟﺮﻫﺎن ﻋﲆ اﻟﻔﺮﻳﻖ اﺧﺘﻴﺎره ﺻﺤﻴﺤً ﺎ ﻟﺜﻠﺜﻲ اﻟﻮﻗﺖ )وﻟﻦ ﻳﻬﻢ ﺣﻴﻨﻬﺎ إن اﻟﻔﺎﺋﺰ؛ إذ إﻧﻚ ﺗﺮاﻫﻦ ﻋﲆ ﻓﻮز ﻛﻼ اﻟﻔﺮﻳﻘني( .وإن ﻛﺎن ﻫﻨﺎك رﻫﺎن ﻛﻞ أﺳﺒﻮع ،وﻛﺎن ﻫﻮ ﻋﲆ ﺻﻮاب ِﻟﻨِﺼﻒ اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻘﻂ ،ﻓﺈن ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻋﺎﺋﺪ اﻟﺮﺑﺢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻚ ﻫﻮ اﺛﻨﺎ ﻋﴩ ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻛﻞ أﺳﺒﻮع ،وﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻷﻣﺮ اﻟﺴﻴﺊ )وﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﻌﺎم ﺳﺘﻀﺎﻋِ ﻒ اﺳﺘﺜﻤﺎراﺗﻚ ﺑﻤﻌﺎﻣﻞ ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ دوﻻر ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ؛ إﻧﻪ ﺳﺤﺮ اﻟﻔﺎﺋﺪة املﺮ ﱠﻛﺒﺔ .ﻟﻜﻦ ﻓﺮﻳﺪ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺳﻴﺘﻔﻬﻢ ذﻟﻚ اﻷﻣﺮ ﻗﺒﻞ ﻫﺬا ﺑﻮﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ( .وﻳﻜﻮن اﻷﻣﺮ أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪًا وأﻗﻞ رﺑﺤً ﺎ ﻣﻊ ﺗﻮاﺟﺪ ﻋﺪدٍ أﻛﱪ ﻣﻦ املﻘﺎﻣﺮﻳﻦ ،وﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔِ َﺮق اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺎرك ﰲ ﻣﺒﺎرﻳﺎت أﻛﺜﺮ ،ﻟﻜﻦ ﻳﻈﻞ املﺒﺪأ ﻛﻤﺎ ﻫﻮِ :ﻣﻦ املﻔﻴﺪ أن ﺗﺤﻤﻲ رﻫﺎﻧﺎﺗﻚ. ﺗﺘﴪع ﰲ ﺗﺒﺪﻳﺪ أﻣﻮاﻟﻚ ﻋﲆ ﻣﺮاﻫﻨﺎت ﻛﺮة ﻟﻜﻦ ﻟﺘﺤﺬ ْر ﻋﺰﻳﺰي اﻟﻘﺎرئ؛ أرﺟﻮ ﱠأﻻ ﱠ اﻟﻘﺪم ﺑﺎﺗﱢﺒﺎع ذﻟﻚ »اﻟﻨﻈﺎم«؛ ﻓﻬﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺤﺴﺎﺑﻴﺔ ﺑﺮﻣﺘﻬﺎ اﺳﺘﻨﺪ ْ اﻓﱰاض ﺑﺄن َت إﱃ ٍ املﻘﺎﻣﺮ َ ِ اﻵﺧﺮ ﺳﻴﺨﴪ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﺮﺑﺢ؛ أيْ إﻧﻪ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻳﺮاﻫﻦ رﻫﺎﻧًﺎ ﻣﺘﻜﺎﻓِ ﺌًﺎ .وإن ﻛﺎن املﻘﺎﻣﺮ َ اﻵﺧﺮ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻳﻌﺮف ﺷﻴﺌًﺎ ﻋﻦ اﻟﻔِ َﺮق ،وﺑﻤﻘﺪوره أن ﻳﺮاﻫﻦ ﻋﲆ اﻟﻔﺎﺋﺰ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار، َ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻪ؛ ﻓﻬﻮ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﲆ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ،وأيﱡ ﺷﺨﺺ ﺑﻤﻘﺪوره أن ﻳﺨﻤﻦ ﺟﻴﺪًا ﻓﺬﻟﻚ اﻟﻨﻈﺎم ﻻ 55
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
َ اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﻔﺎﺋﺰ »ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ« ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ أن ﻳﻬﺰم أيﱠ ﺷﺨﺺ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﻗﻞ. ً ً ﻣﺤﱰﻓﺎ ﻣﻨﺬ ﻋﺪة ﺳﻨﻮات إن ﻛﺎن ﻳﺮاﻫﻦ ﰲ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﻴﻞ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻓﺎرﺳﺎ وﻗﺪ ﺳﺄل أﺣﺪﻫﻢ ُ ُ ﻣﺼﺎرﻋﺔ ﻋﻠﻤﺖ ﻣﻘﺪﱠﻣً ﺎ اﻟﺠﻮاد املﺰﻋﻢ ﻓﻮزه «.وﺗﺤﻈﻰ إﺟﺎﺑﺘﻪ اﻟﺒﺎرﻋﺔ ﻛﺎﻟﺘﺎﱄ» :ﻓﻘﻂ إذا املﺤﱰﻓني ﺑﻨﻔﺲ اﻟﺴﻤﻌﺔ؛ واﻟﺪرس املﺴﺘﻔﺎد ﻫﻮ أﻧﻪ ﱠ ﻳﺘﻌني ﻋﻠﻴﻚ ﺗﺠﻨﱡﺐ اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮن ٌ املﻘﺎﻣﺮ َ ِ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺗﻔﻮق ﻣﻌﺮﻓﺘﻚ. اﻵﺧﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺪى َ َ ﱢ ﻟﻨﻨﺘﻘﻞ اﻵن إﱃ ﻣﺜﺎل آﺧﺮ ﻳﻮﺿﺢ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أﻓﻀﻞ ﻛﻴﻔﻴﺔ وﺿﻊ املﺒﺎدئ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻣﻌً ﺎ، ِ وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻈ ﱡﻞ ﺑﺴﻴ ً ﻄﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﺴﻬﻞ ﻣﻌﻪ ﺗﺤﻠﻴﻠﻪ :ﻫﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻚ أن ﺗﺴﺘﺜﻤﺮ ﻣﺪﺧﺮاﺗﻚ ﰲ ﴍاء ﺳﻨﺪات آﻣﻨﺔ ،أم ﰲ أﺣﺪ اﻟﺒﻨﻮك ،أم ﰲ املﻘﺎﻣﺮة ﰲ أﺣﺪ ﻧﻮادي ﻗﻤﺎر ﻻس ﻓﻴﺠﺎس ،أم ﰲ أي ﺑﺪﻳﻞ َ ﻗﺮار ﻣﺎ ،وﺑﻌﺾ املﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻦ اﻷرﺟﺤﻴﺎت، آﺧﺮ ﻣﻨﺎﺳﺐ؟ ﺳﻮف ﻳﺘﻀﻤﱠ ﻦ ﻫﺬا اﺗﺨﺎذَ ٍ وﺗﻘﻴﻴﻤﺎت اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ،وﺑﺤﺚ وﺗﻘﻴﻴﻢ أﻫﺪاﻓﻚ ،وأﺧريًا ﻣﻘﺎﻳﻀﺎت ﺑني اﻟﺮﺿﺎ اﻟﻠﺤﻈﻲ واﺣﱰام املﺴﺘﻘﺒﻞ. ْ ﻟﻨﻔﱰض أن ﻣﻌﻚ أﻟﻒ دوﻻر ،وﻳﻮﺟﺪ ﺑﻨﻚ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻨﻚ ،وﻳﻮﺟﺪ ﻧﺎدٍ ﻣﻦ ﻧﻮادي اﻟﻘﻤﺎر ﰲ ﺷﺎرﻋﻚ )إﻧﻚ ﺗﺤﻴﺎ ﰲ ﺿﺎﺣﻴﺔ ﺟﻴﺪة اﻟﺨﺪﻣﺎت( .و ِﻟ َ ﻨﻜﻮن أﻛﺜ َﺮ ﺗﺤﺪﻳﺪًا ،ﺳﻮف ﻧﻔﱰض َ ﻧﺴﺒﺔ ﻓﺎﺋﺪ ٍة ﻋﲆ املﺒﻠﻎ ﺗﺼﻞ إﱃ ﺧﻤﺴﺔ ﺑﺎملﺎﺋﺔ )ﰲ وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ أن اﻟﺒﻨﻚ ﻳﻌﺮض ﻋﻠﻴﻚ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ( ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻠﻌﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺬﺑﻚ ﰲ ﻧﺎدي اﻟﻘﻤﺎر ﻫﻲ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺮوﻟﻴﺖ؛ ﺣﻴﺚ ﱢ ﺗﻔﻀﻞ اﻟﻠﻌﺐ ﺑﺎﻟﻠﻮﻧني اﻷﺣﻤﺮ واﻷﺳﻮد )وملﻦ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺮوﻟﻴﺖ ،ﻫﻨﺎك اﺧﺘﻼﻓﺎت ﰲ ﻋﺠﻠﺔ ﺛﻤﺎن وﺛﻼﺛﻮن ﻓﺘﺤﺔ؛ اﻟﺮوﻟﻴﺖ وﰲ ﻗﻮاﻧني اﻟﻠﻌﺒﺔ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻌﺠﻠﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻴﺔ ﺑﻬﺎ ٍ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﻋﴩة ﻓﺘﺤﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻠﻮن اﻷﺣﻤﺮ ،واﻟﺜﻤﺎﻧﻲ ﻋﴩة اﻷﺧﺮى ﺑﺎﻟﻠﻮن اﻷﺳﻮد ،وﻫﻜﺬا ﻓﺈن ﻓﺮﺻﺔ اﺳﺘﻘﺮار اﻟﻜﺮة ﰲ اﻟﻔﺘﺤﺔ اﻟﺴﻮداء أو اﻟﺤﻤﺮاء واﺣﺪة ،أﻗﻞ ً ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻓﺮﺻﺔ ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ،واﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻫﻲ ٣٨ / ١٨؛ أي ٠٫٤٧٣٧ﺑﺎﻟﺘﻘﺮﻳﺐ .إن اﺣﺘﻤﺎﻻت ري ﻣﻦ اﺣﺘﻤﺎﻻت ٠٫٤٩٢٩ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺮاﻣﻲ اﻟﻔﻮز ﺑﺎﻟﻠﻮﻧني اﻷﺣﻤﺮ أو اﻷﺳﻮد أﺳﻮأ ﺑﻜﺜ ٍ ً ري ﻣﻦ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺮوﻟﻴﺖ .املﺰﻳﺪ ﰲ ﻟﻌﺒﺔ ﻛﺮاﺑﺲ؛ ﻓﻠﻌﺒﺔ ﻛﺮاﺑﺲ ﺗﻤﻨﺢ اﻟﺮاﻣﻲ ﻓﺮﺻﺔ أﻓﻀﻞ ﺑﻜﺜ ٍ ﻋﻦ ﻫﺬا ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ(. ﻟﻜﻲ ﺗﺒﺪأ ﺑﺸﻜﻞ ﺳﻠﻴﻢ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻚ ﻫﺪف ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻪ؛ ﻓﺘﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻷوﱃ واﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﺑﺮﻣﺘﻬﺎ؛ ﻓﺈن ﻛﺎﻧﺖ ﺧﻄﺘﻚ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺧﻴﺎر املﻘﺎﻣﺮة ﻫﻲ اﻟﻠﻌﺐ ﺣﺘﻰ اﻹﻓﻼس ،ﻓﺴﺘﺼﻞ ﻟﺬﻟﻚ؛ ﻓﺴﻮف ﺗﺘﺠﻤﻊ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺼﻐرية ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻧﺎدي اﻟﻘﻤﺎر ﻟﻔﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ،وﺑﺎﻟﻘﻄﻊ ﺳﺘﻐﺎدر ﻧﺎدي اﻟﻘﻤﺎر ،ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،وأﻧﺖ ﺷﺨﺼﻴﺔ ً ﺣﻜﻤﺔ ً أﻛﺜﺮ ﺣﺰﻧًﺎ وﻓﻘ ًﺮا )وﺳﻮاء َ أﻳﻀﺎ أم ﻻ ،ﻓﻬﺬا ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻚ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ(. ﻛﻨﺖ أﻛﺜﺮ 56
رﺑﻂ اﻷﻓﻜﺎر ﻣﻌً ﺎ
واﻟﺴﺆال املﻬﻢ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﻛﻢ ﺳﻴﺴﺘﻐﺮق ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ،وﺳﻮف ﻧﻌﻮد إﱃ ذﻟﻚ ﰲ ﻏﻀﻮن ﻟﺤﻈﺎت. إن ﺧﻴﺎر اﻟﺒﻨﻚ أﺳﻬﻞ ﰲ ﺗﺤﻠﻴﻠﻪ؛ ﺳﻮف ﺗﺨﴪ ﻛﻞ ﳾء ﻋﲆ اﻟﻔﻮر! ﺳﺘﺤﺼﻞ ﺑﺎﻟﻘﻄﻊ ﻋﲆ دﻓﱰ ﺣﺴﺎب ﻣﴫﰲ أو أي دﻟﻴﻞ َ آﺧﺮ ﻋﲆ أن ﻧﻘﻮدك ﻣﻮدﻋﺔ ﰲ أﻣﺎن وأﻧﻪ ﻳﻤﻜﻨﻚ َ واﻵﺧﺮ(ْ ، َ ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺷﺌﺖ )ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﺒﻨﻮك ﻗﺪ ﺗﻔﻠﺲ ﺑني اﻟﺤني اﺳﱰدادﻫﺎ وﻗﺘﻤﺎ داﻣﺖ اﻟﻨﻘﻮد ﰲ اﻟﺒﻨﻚ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﻧﻔﻊ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻚ. ﻣﻜﺎن ﻣﺎ، ﺑﺎﻟﻘﻄﻊ ﻫﺬا ﻛﻼم ﻣﻀ ﱢﻠﻞ؛ ﻓﺎﻟﻔﺎﺋﺪة ﺗﱰاﻛﻢ ،وﺗُﻘﻴﱠﺪ ﺑﺪﻗﺔ ﰲ أﺣﺪ اﻟﺴﺠﻼت ﰲ ٍ ورﺑﻤﺎ ﺣﺘﻰ ﰲ دﻓﱰ ﺣﺴﺎﺑﻚ ،وأﻧﺖ ﺗﻌﻠﻢ ﰲ ﻗﺮارة ﻧﻔﺴﻚ أن ﺑﻤﻘﺪورك داﺋﻤً ﺎ ﺳﺤﺐ أﺻﻞ ﱢ َ ﻟﻠﺘﺨﲇ ﻋﻦ اﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﻔﻮري ﻟﻠﻨﻘﻮد، ﻗﻤﺖ ﺑﻬﺎ املﺒﻠﻎ واﻟﻔﺎﺋﺪة املﱰاﻛﻤﺔ .ﺗﻠﻚ ﻣﻘﺎﻳَﻀﺔ وﺗﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﻣﻘﺎﻳَﻀﺔ راﺑﺤﺔ ﻋﻨﺪ ﻣﻘﺎرﻧﺘﻬﺎ ﺑﺤﺘﻤﻴﺔ اﻟﺨﺴﺎرة ﰲ ﻧﺎدي اﻟﻘﻤﺎر .وﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜري ﻣﻦ املﻘﺎﻻت اﻹرﺷﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ُﻛ ْ ﺘﺒﺖ ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺮاﻛﻢ اﻟﻔﺎﺋﺪة؛ ﻓﻔﻲ ﻏﻀﻮن ﻗﺮن ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن ﺳﺘﻜﻮن اﻷﻟﻒ دوﻻر ﻗﺪ وﺻﻞ إﱃ ﻣﺎﺋﺔ وﺧﻤﺴني أﻟﻒ دوﻻر )ﻓﻬﻲ ﺗُﻀﺎف ﻳﻮﻣﻴٍّﺎ؛ ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻮم اﻟﺒﻨﻮك ذات اﻟﺤﺎﺳﺒﺎت اﻟﻀﺨﻤﺔ اﻵن ﺑﺤﺴﺎﺑﻬﺎ( ،ﻟﻜﻨﻚ ﻗﺪ ﺗﺘﺴﺎءل ً أﻳﻀﺎ ﻋﻦ ﻓﺎﺋﺪة ذﻟﻚ ﻟﻚ؛ ﻓﻠﻦ ﺗﻜﻮن أﻣﺎﻣﻚ ﻓﺮﺻﺔ ﻛﺒرية ﻟﻜﻲ ﺗﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﻨﻘﻮدك .إن ﻣﻨﻔﻌﺔ ﻧﻘﻮدك ﺗﻘ ﱡﻞ ﻛﻠﻤﺎ َ ﺗﻮاﻓ َﺮ املﺰﻳﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﻊ زﻳﺎدة اﻟﻔﺎﺋﺪة؛ وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﲆ اﻟﺒﻨﻮك أن ﺗﺴﺪﱢد ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻫﻨﺎ .وﻣﺜﻠﻪ ﻛﻤﺜﻞ ﻟﻚ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻗﺒﻞ أن ﺗﻀﻊ ﻳﺪﻫﺎ ﻋﲆ ﻧﻘﻮدك )ﻧﺤﻦ ﻧﺘﺠﺎﻫﻞ ﻋﺎﻣﻞ امل ﱢﺪ اﻟﺬي ﻳﺮﺗﻔﻊ وﻳﻨﺤﴪ ،ﻓﻬﻮ ﱢ ﻳﻐري ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ﻟﻜﻞ اﻟﻔﻮاﺋﺪ واﻟﺨﺴﺎﺋﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﺎس ﺑﺎﻟﻮﺣﺪات اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ؛ إﻧﻪ ﻣﺠﺮد ْ وﻫﻢ إﻻ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻷﺷﺨﺎص ذوي اﻟﺪﺧﻮل اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﺑﺎﻟﻘﻄﻊ ﰲ اﻟﺼﻮرة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ ﺗﺤﺪﻳﺪًا أو املﺪﺧﺮات اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ .إن وﻇﻴﻔﺔ ﰲ اﻧﺘﺰاع اﻷﻣﻮال ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص ،واﻻﺳﺘﻴﻼء ﻋﲆ ﻣﺪﺧﺮاﺗﻬﻢ ﻟﺴﺪاد اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﴬورﻳﺔ ،وﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻵﺧﺮﻳﻦ .وﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ وﺳﻴﻠﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ أﺧﺮى ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﳾء ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻻ ﳾءَ .ﻓ ْﻠﺘﻔ ﱢﻜ ْﺮ ﰲ ﻣﺪى أﺧﻼﻗﻴﺔ ذﻟﻚ إن َ ﻛﻨﺖ ﺳﺘُﻘﺪِم ﻋﻠﻴﻪ(. وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﻔﻲ ﺿﻮء اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﻣﺪ ،ﻓﺈن اﻟﺒﻨﻚ ﺑﺎﻟﻘﻄﻊ ﻳﺘﻔﻮق ﻋﲆ ﻧﺎدي اﻟﻘﻤﺎر اﻟﺬي ﺳﻴﺠﻌﻠﻚ ﻣُﻔﻠ ًِﺴﺎ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ .ﻟﻜﻦ ﻛﻢ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﺳﻴﺴﺘﻐﺮق اﻷﻣﺮ ﻛﻲ ﺗﻔﻠﺲ ﰲ ﻧﺎدٍ ﻟﻠﻘﻤﺎر ﺑﺎﻓﱰاض أﻧﻚ ﺳﱰاﻫﻦ ﺣﺘﻰ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻲ أرﺳﻴﻨﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ،ﻓﺈن ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻣﺎ ﻳﻄﻠِﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ﻣﺸﻜﻠﺔ املﺴﺎر اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ. ﻣﻘﱰﺑًﺎ ﻣﻦ َ ً ﺣﺎﻓﺔ ﻣﻨﺤﺪَر ﺻﺨﺮي؛ ﻣﻊ ﻣﻼﺣﻈﺔ أن ﻛﻞ ﺧﻄﻮة َﻓ ْﻠﻨﺘﺨﻴﱠ ْﻞ ﺷﺨﺼﺎ ﺛ َ ِﻤ ًﻼ ﻳﺴري ِ ﻳﺨﻄﻮﻫﺎ ﻟﻬﺎ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ٠٫٤٧٣٧ﺗﺪﻓﻌﻪ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ ﺣﺎﻓﺔ املﻨﺤﺪر ،واﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ أﻛﱪ ً ﻗﻠﻴﻼ ﺗﺒﻠﻎ 57
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
٠٫٥٢٦٣ﺗﺠﻌﻠﻪ ﻳﺘﻘﺪﱠم ﻧﺤﻮ ﺣﺎﻓﺔ املﻨﺤﺪر؛ ﻟﺬا ﻓﻜﻞ ﺧﻄﻮة ،ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ،ﺗﺠﻌﻠﻪ ﻳﻘﱰب ٠٫٠٥٢٦ﺧﻄﻮة ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻓﺔ )وذﻟﻚ ﻫﻮ اﻟﻔﺮق ﺑني اﻟﺮﻗﻤني اﻟﺴﺎﺑﻘني( .ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻐﺮق ﺘﻌﺘﱪ أن ﺣﺎﻓﺔ املﻨﺤﺪر ﻫﻲ اﻹﻓﻼس؛ ﻓﺈذا اﻷﻣﺮ ﻓﱰة ،ﻟﻜﻨﻪ ﺳﻴﺼﻞ ﻟﻠﺤﺎﻓﺔ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔَ ،و ْﻟ ِ ْ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺨﻄﻮ ﺧﻄﻮات ﺻﻐرية )أي َ راﻫﻦ ﺑﻤﺒﺎﻟﻎ ﺻﻐرية( ،ﻓﺎﻷﻣﺮ ﺳﻴﺴﺘﻐﺮق وﻗﺘًﺎ أﻃﻮل ﺣﺘﻰ ﻳﻔﻠﺲ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﺷﻚ ﰲ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ؛ ﻓﻤﻊ دوران اﻟﻌﺠﻠﺔ ﻋﴩﻳﻦ ﻣﺮة ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﺎدي اﻟﻘﻤﺎر ﺳﻴﻜﻮن ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﺨﺴﺎرة ﻫﻮ ﺣﺠﻢ اﻟﺮﻫﺎن ،وإن اﺳﺘﻐﺮق دوران اﻟﻌﺠﻠﺔ دﻗﻴﻘﺔ ﻓﺒﻤﻘﺪورك املﻘﺎﻣﺮة ملﺪة ﺳﺖ ﻋﴩة ﺳﺎﻋﺔ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺨﴪ أﻟﻒ دوﻻر ،ﰲ املﺘﻮﺳﻂ، ٍ ﻧﻘﻄﺔ وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺮﻫﺎن ﺑﻤﺒﻠﻎ ﻋﴩﻳﻦ دوﻻ ًرا ﻣﻊ ﻛﻞ دورة ﻣﻦ دورات اﻟﻌﺠﻠﺔ .وﻋﻨﺪ ﻣﺎ ﻋﲆ ﻃﻮل اﻟﻄﺮﻳﻖ )وﺳﻨﺘﻌ ﱠﺮض ﻟﺬﻟﻚ ﺧﻼل ﻟﺤﻈﺎت( ،ﻫﻨﺎك ﻓﺮﺻﺔ ﺟﻴﺪة ﻟﻜﻲ ﱢ ﺗﺤﻘ َﻖ ﺗﻘﺪﱡﻣً ﺎ ﱠ ﻣﺆﻗﺘًﺎ. وﻫﺬا ﺗﺤﺪﻳﺪًا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﴐورة أن ﺗﻜﻮن ﻟﻚ أﻫﺪاف ﻣﺤﺪﱠدة ،وﻗﺮارات ﻣﺴﺒﻘﺔ، إن ﱠ وأن ﺗﻨﺴﺤﺐ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﱢ ﺗﺤﻘﻖ ﺗﻠﻚ اﻷﻫﺪاف ،ﻫﺬا ْ ﺣﻘ ْﻘﺘَﻬﺎ .ﻫﻨﺎك ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻜﻲ ﺗﻨﺴﺤﺐ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺤﺮز ﺗﻘﺪﱡﻣً ﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻨﺎك ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﻔﻮز إذا ﻣﺎ ﺻﻤﱠ ﻤْ َﺖ ﻋﲆ اﻻﺳﺘﻤﺮار ﺣﺘﻰ اﻹﻓﻼس؛ وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺗﻠﻚ املﻌﻀﻠﺔ ﻣﺸﻮﱢﻗﺔ. ﱠ ﻟﻨﻔﱰ ْ َ َ وﻋﺰﻣﺖ ﻋﲆ أﻻ ﺗﻨﺴﺤﺐ ذﻫﺒﺖ إﱃ ﻧﺎدي اﻟﻘﻤﺎر وﺑﺤﻮزﺗﻚ أﻟﻒ دوﻻر، ض أﻧﻚ ِ إﻻ ﻋﻨﺪ ﺗﻀﺎﻋُ ﻒ ﻧﻘﻮدك )إذا ﺣﺪث ﻫﺬا ﻣﻦ اﻷﺳﺎس( .ﻛﺎن اﻟﻘﻮل املﻌﺘﺎد ﻗﺒﻞ اﻟﻠﻌﺐ ﻗﺪﻳﻤً ﺎ ﰲ ﻟﻌﺒﺔ ﻛﺮاﺑﺲ ﻫﻮ» :إن ﻃﻔﲇ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﱃ زوج ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺣﺬﻳﺔ«؛ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ أﻧﻚ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ إﱃ أﻟﻒ دوﻻر أﺧﺮى ﻟﻜﻲ ﺗﺸﱰي ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻬﻤٍّ ﺎ ،واﻷﻟﻒ دوﻻر ﺑﺪأت ﺑﻬﺎ اﻟﻠﻌﺐ ﻟﻦ ﺗﻔﻲ ﺑﺎﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻚ ،وﻟﻜﻦ َ َ اﻷﻟﻔ ْﻲ دوﻻر ﺳﺘﻔﻲ ﺑﻬﺎ .إﻧﻚ ﺗﺪرك أﻧﻚ اﻟﺘﻲ رﺑﻤﺎ ﺗﺨﴪ ﻛ ﱠﻞ ﳾء ،وأن ﻣﻦ املﺮﺟﺢ أن ﻳﺤﺪث ﻫﺬا ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻟﻜﻦ اﺣﺘﻴﺎﺟﻚ أﻛﱪ .ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺧﺎﴎا ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت املﺪى اﻟﻘﺼري؛ ﻓﺎﻷﻣﺮ ﺳﻴﺴﺘﻐﺮق ﻧﺤﻮ أرﺑﻌﺔ ﻋﴩ ﻋﺎﻣً ﺎ اﻟﺒﻨﻚ ً ُ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﺮﺿﻴﻊ ملﻀﺎﻋﻔﺔ ﻧﻘﻮدك ﻋﻨﺪ ﻓﺎﺋﺪة ﻣﻘﺪارﻫﺎ ﺧﻤﺴﺔ ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،وﻫﻜﺬا ﺳﺘﻔﻮق زوجَ اﻷﺣﺬﻳﺔ املﺠﺎزي ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﺑﻔﱰة؛ إذن ﻛﻴﻒ ﺗﻀﺎﻋﻒ ﻣﻦ ﻓﺮﺻﺘﻚ ﺑﺄن ﺗﺤﺼﻞ ﻋﲆ ٍ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺼﺒﺢ ﻋﲆ ﺷﻔﺎ اﻹﻓﻼس؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﻤﻜﻨﻚ أﻟﻒ دوﻻر ﰲ ﻧﺎدي اﻟﻘﻤﺎر ﻋﻨﺪ أن ﺗﺤﺼﻞ ﻋﲆ اﻟﻨﻘﻮد اﻟﺴﺎﺋﻠﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ رﻗﺎﻗﺎت اﻟﺮوﻟﻴﺖ وﺗﻨﺴﺤﺐ؟ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﺑﺎﻟﻘﻄﻊ وﺳﻴﻠﺔ ﻣﺆﻛﺪة ﻟﻠﻔﻮز ،ﻟﻜﻦ »ﺑﻤﻘﺪورك« ﺗﻌﻈﻴﻢ ﻓﺮﺻﺘﻚ. َ اﻹﺟﺎﺑﺔ إﻧﻬﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ رﻳﺎﺿﻴﺔ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ،ﺧﺎرج ﻧﻄﺎق ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب؛ ﻟﺬا ﻓﺴﻮف ﻧﻘﺪﱢم ﻓﻘﻂ) .ﻻ ﻳﺰال ﺗﺸﺒﻴﻪ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺜ ﱠ ِﻤﻞ اﻟﺬي ﻳﻘﱰب ﻣﻦ ﺣﺎﻓﺔ املﻨﺤﺪر ﺳﺎرﻳًﺎ :ﻟﻘﺪ ﺑﺪأ ﺳريه 58
رﺑﻂ اﻷﻓﻜﺎر ﻣﻌً ﺎ
وﻛﺎن ﰲ ﻣﻨﺘﺼﻒ املﺴﺎﻓﺔ ﺑني ﻣﻘﻌﺪ وﺣﺎﻓﺔ املﻨﺤﺪر ،وﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ أﻓﻀﻞ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻴﺼﻞ زوج اﻷﺣﺬﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة أو أيﱢ ﳾء ﻛﺎن ﻳﺮﻳﺪه، إﱃ املﻘﻌﺪ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺴﻘﻂ ،واملﻘﻌﺪ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ِ وﺣﺎﻓﺔ املﻨﺤﺪر ،ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ،ﻫﻲ اﻹﻓﻼس (.وﺑﻨﺎء ﻋﲆ ﻗﻮاﻋﺪﻧﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﴤ ﺑﺄﻧﻚ ﺳﱰاﻫﻦ ﺑﻌﴩﻳﻦ دوﻻ ًرا ﰲ ﻛﻞ دورة ،ﻓﺎﻹﺟﺎﺑﺔ ﻫﻲ أن ﻟﺪﻳﻚ ﻓﺮﺻﺔ ﰲ املﺎﺋﺘني ملﻀﺎﻋﻔﺔ أﻣﻮاﻟﻚ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻔﻠﺲ ،وﺗﻠﻚ ﻓﺮﺻﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻟﻠﻔﻮز ،وﻓﺮﺻﺔ ﺗﻜﺎد ﺗﻜﻮن ﻣﺆﻛﺪة ﻟﻠﺨﺴﺎرة؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﻗﺮار اﻟﺬﻫﺎب إﱃ ﻧﺎدي اﻟﻘﻤﺎر ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻷﻣﻮال اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎج ﻟﻬﺎ ﻗﺮا ًرا ﺳﻴﺌًﺎ» ،ﴍﻳﻄﺔ« أن ﺗﺮاﻫﻦ ﺑﻌﴩﻳﻦ دوﻻ ًرا ﰲ ﻛﻞ ﻣﺮة. َ راﻫﻨﺖ ﺑﺨﻤﺴني ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن أداؤك أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﰲ ﻧﺎدي اﻟﻘﻤﺎر؛ ﻓﺈذا ﻣﺎ دوﻻ ًرا ﰲ ﻛﻞ دورة روﻟﻴﺖ ،ﻓﺴﻮف ﻳﺴري ﻛ ﱡﻞ ﳾء ﻋﲆ ﻧﺤﻮ أﴎع ،وﻟﻦ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﻤﺘﻌﺔ ﻛﺒرية ،ﻟﻜﻦ ﻓﺮﺻﺘﻚ ﰲ أن ﺗﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﻠﻌﺒﺔ وﻣﻌﻚ ﺿﻌﻒ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻚ ﻣﻦ ﻧﻘﻮد ﺳﺘﻜﻮن ً ﺿﻌﻔﺎ! ِﻟ َﻢ ذﻟﻚ؟ ﻷن اﻷﻣﺮ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد ﻓﺮﺻﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﴩ ﻓﺮص ،أﻓﻀﻞ ﺑﻌﴩﻳﻦ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻻ ﻳﺘﻄ ﱠﻠﺐ اﻟﻌﺪ َد ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﴐﺑﺎت اﻟﺤﻆ ﻟﻜﻲ ﺗﺼﻞ إﱃ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ ،وﻛ ﱡﻞ ﴐﺑ ِﺔ ﺣ ﱟ ﻆ ﻫﻲ ﺗﺤ ﱟﺪ ﻟﻘﻮاﻧني اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ .ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﻗﺪ ﺗﺠﻌﻞ ﻗﻮاﻧ ُ ني اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻷﻣﻮ َر ﺗﺼﺐﱡ ﰲ ﺻﺎﻟﺤﻚ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ اﻟﺤﻆ .ﺿﺎﻋِ ْ ﻒ رﻫﺎﻧﻚ إﱃ ١٠٠دوﻻر ﰲ ﻛﻞ ً ٍ ﻣﻘﺒﻮﻻ أرﺑﻊ ،وﻫﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺒﺪأ ﰲ أن ﻳﻜﻮن دورة وﺳﺘﺼﻞ ﻓﺮﺻﺘُﻚ إﱃ ﻓﺮﺻﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ٍ ﻛﻨﺖ ٍّ إن َ ﺣﻘﺎ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ ُﻣﻠِﺤﱠ ﺔ ﻟﻠﻨﻘﻮد ﺑﺪرﺟﺔ ﺗﺠﻌﻠﻚ ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪادٍ ﻟﺘﺤﻤﱡ ﻞ ﺧﺴﺎرة املﺒﻠﻎ ً ﻣﺤﺘﻤﻼ( .إﱃ اﻵن ﺗﺘﻀﺢ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺳري اﻷﻣﻮر؛ إن َ ﻛﻨﺖ ﺑﺤﺎﺟﺔ ُﻣﻠِﺤﱠ ﺔ ﻛﻠﻪ )وﻫﻮ أﻣﺮ ﻻ ﻳﺰال إﱃ اﻟﻨﻘﻮد وﻻ ِ ﺗﻘﺎﻣﺮ ﻣﻦ أﺟﻞ املﺘﻌﺔ ﻓﻘﻂ ،ﻓﺈن أﻓﻀﻞ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ إذن ﻫﻲ املﻘﺎﻣﺮة ﺑﻤﺒﻠﻎ اﻷﻟﻒ دوﻻر ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ﰲ دورة واﺣﺪة ﻣﻦ دورات ﻋﺠﻠﺔ اﻟﺮوﻟﻴﺖ ،وﺳﻴﻨﺘﻬﻲ اﻷﻣﺮ ﺧﻼل ُ ﻗﺎر ْن ذﻟﻚ دﻗﺎﺋﻖ ،وﺳﱰﺑﺢ أو ﺗﺨﴪ ،وﺳﺘﻘ ﱡﻞ ﻓﺮﺻﺔ اﻟﻔﻮز ﻋﻦ اﻟﺨﺴﺎرة ﺑﻘﺪر ﺿﺌﻴﻞِ . ﺑﻔﺮﺻﺔ ﰲ املﺎﺋﺘني إذا ﻣﺎ راﻫﻨ ْ َﺖ ﺑﻌﴩﻳﻦ دوﻻ ًرا! إن اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺜ ﱠ ِﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻐﻠﻖ ﻋﻴﻨَﻴْﻪ، ٍ وﺟﻬﺔ ﻣﺎ ،وﻳﻘﻔﺰ ﻗﻔﺰة ﻋﻤﻼﻗﺔ .ﻫﻨﺎ ﺗﻜﻮن اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﺟﺘﻴﺎز ذﻟﻚ املﻨﺤﺪر وﻳﺸري ﻧﺤﻮ أﻛﱪ ،وذﻟﻚ إذا ﻣﺎ ﻗﺎرﻧﱠﺎﻫﺎ ﺑﺤﺘﻤﻴﺔ ﺳﻘﻮﻃﻪ إذا ﻣﺎ راح ﻓﻘﻂ ﻳﺘﺠﻮﱠل ﰲ املﻜﺎن ﺣﺘﻰ ﻳﺴﻘﻂ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻟﻜﻦ »ﻳﻤﻜﻦ« أن ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻪ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻨﻮم ﰲ ﺳﻼم ﰲ املﻘﻌﺪ املﻮﺟﻮد. إن َ ﻛﻨﺖ ﺗﺮاﻫﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ املﺘﻌﺔ ،ﻓﻼ ﺗﺠﺎزف إﻻ ﺑﻤﺒﺎﻟﻎ ﺻﻐرية ﺑﺄي ﺣﺎل ﻣﻦ اﻷﺣﻮال. َ ﺑﺎﻟﻘ ْ ﺑﻘﺪر ﻣﻦ املﺘﻌﺔ ﻄﻊ ﺳﺘﺨﴪ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ ،ﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﺳﻴﺴﺘﻐﺮق ﻓﱰة ،وﻗﺪ ﺗﺤﻈﻰ ٍ ً ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻋﲆ املﻘﺎﻣﺮﻳﻦ ﰲ ﻧﺎدي اﻟﻘﻤﺎر أﻧﻬﻢ ﻳﺴﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﻬﺬا اﻷﻣﺮ ،ﻟﻜﻦ ﺗﻠﻚ ﻣﺴﺄﻟﺔ )ﻻ ﻳﺒﺪو أﺧﺮى( .أﻣﺎ ْ َ إن َ ﻛﻨﺖ ِ وﻛﻨﺖ ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪاد ﺗﻘﺎﻣﺮ ﻣﻦ أﺟﻞ رﺑﺢ ﻣﺒﻠﻎ ﻛﺒري ﻣﻦ اﻷﻣﻮال، 59
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻟﺘﺤﻤﱡ ﻞ اﻟﺨﺴﺎرة ﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖَ ،ﻓ ْﻠﺘُ ِ ﻘﺎﻣﺮ ﺑﻤﺎ ﻣﻌﻚ ﻣﻦ أﻣﻮال .ﻛﺘﺐ رودﻳﺎرد ﻛﻴﺒﻠﻨﺞ ﰲ إﺣﺪى ﻗﺼﺎﺋﺪه ﻳﻘﻮل» :إن َ ِ وﺗﺨﺎﻃﺮ ﻛﻨﺖ ﻗﺎد ًرا ﻋﲆ ﺗﻜﺪﻳﺲ اﻧﺘﺼﺎراﺗﻚ ﰲ ﻛﻮﻣﺔ واﺣﺪة، ﺑﻬﺎ ﰲ ﻟﻌﺒﺔ ﺣ ﱟ ﻆ …« ﻳﻔﻀﻞ اﺗﺨﺎذ ﻗﺮار ﺑﺎملﻘﺎﻣﺮة ً ﱢ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﻻﺳﺘﻨﺘﺎج ﻳﺒﺪو أﻧﻪ ﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺼﻞ ٍ ﺗﻮﻓري اﻟﻨﻘﻮد ،ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﺒﺪو ﻓﻴﻪ املﻘﺎﻣﺮة ﻗﺮا ًرا ﺳﻴﺌًﺎ ﺑﺎﻟﻘﻄﻊ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ؟ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻨﺎه ﻫﻮ اﻟﻠﻌﺐ ﺑﻔﻜﺮة املﻨﻔﻌﺔ. اﺳﱰﺟ ْﻊ ﻣﺎ ﺗﻨﺎوﻟﻨﺎه ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻋﻨﺪﻣﺎ أ ﱠﻛﺪﻧﺎ أن »ﻣﻨﻔﻌﺔ« اﻟﻨﻘﻮد ﻻ ﺗﺴﺎوي ﱢ ﻣﺒﻠﻎ ﻣﻦ ﻧﻮﺿﺢ ﻓﻜﺮ َة أن ﺧﺴﺎرة ﺑﺎﻟﴬورة »ﺣﺠﻢ« اﻟﻨﻘﻮد .ﻛﻨﱠﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﻧﺤﺎول أن ٍ املﺎل ﺗﻜﻮن أﻛﺜﺮ إﻳﻼﻣً ﺎ ملﻌﻈﻢ اﻟﻨﺎس أﻏﻠﺐ اﻟﻮﻗﺖ ﻣﻦ ﻣﺘﻌﺔ رﺑﺢ ﻣﺒﻠﻎ ﻣﺎ .وﻣﺜﻞ ﻫﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص )أيْ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﺷﺨﺎص( ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻬﻢ املﻘﺎﻣﺮة وﻟﻮ ﻋﲆ ُﻓ َﺮ ٍص ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ﻟﻠﺮﺑﺢ واﻟﺨﺴﺎرة ،ﻏري أن ﻫﻨﺎك أوﻗﺎﺗًﺎ ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻬﺎ اﻻﺣﺘﻴﺎج إﱃ ﻗﺪر ﻣﻌني ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد اﺣﺘﻴﺎﺟً ﺎ ﺷﺪﻳﺪًا )وﻗﺪ رﻣﺰﻧﺎ إﱃ ﻫﺬا ﺑﺎﻟﺮﺿﻴﻊ اﻟﺬي ﻳﺤﺘﺎج إﱃ زوج ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺣﺬﻳﺔ(؛ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺠﻌﻞ ً ري ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺨﺴﺎرة املﺤﺘﻤﻠﺔ؛ وﺣﻴﻨﻬﺎ ﻳﻜﻮن اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻔﻮز أﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﺑﻜﺜ ٍ اﻟﻘﺮار اﻟﺼﺤﻴﺢ — ﺑﻌﺪ ﺗﻨﺤﻴﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻷﺧﻼﻗﻴﺎت ﺟﺎﻧﺒًﺎ — ﻫﻮ اﻹﻗﺪام ﻋﲆ املﻘﺎﻣﺮة ،ﺣﺘﻰ ﱠ ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ .إن اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ املﻼﺋﻢ ملﻨﻔﻌﺔ اﻟﻨﻘﻮد )أو ﻷي ﳾء ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﺧﺴﺎرة ﺻﺎﻓﻴﺔ َ آﺧﺮ( ﻳﻤﻜﻦ أن ﱢ ﻳﻐري ﻣﻦ ﻗﺮاراﺗﻨﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ. وﻫﺬا املﻨﻄﻖ اﻟﺬي ﻳﺪﻓﻊ اﻟﻨﺎس ﻟﴩاء ﺗﺬاﻛﺮ اﻟﻴﺎﻧﺼﻴﺐ ،اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤَ ْﺖ ﺗﺤ ﱡﻞ ﻣﺤ ﱠﻞ اﻟﴬاﺋﺐ اﻟﺒﻐﻴﻀﺔ ﺑﺘﺰاﻳﺪ ،ﻛﻤﺼﺪر ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر اﻟﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ .وﺣﻘﻴﻘﺔ أﻧﻬﺎ ﻣﺼﺪر ً دﻟﻴﻼ ﻛﺎﻓﻴًﺎ ﻋﲆ أﻧﻬﺎ ﺗﺄﺧﺬ ﻗﺪ ًرا ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد ﻳﻔﻮق ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر اﻟﺪﺧﻞ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﺗُﻌَ ﱡﺪ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎمﱟ ،وﺳﻴﻨﺼﺤﻚ ﻛﻞ اﻟﺬي ﺗﻤﻨﺤﻪ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﺨﴪ املﻮاﻃﻨﻮن )املﻘﺎﻣﺮون ﺗﺤﺪﻳﺪًا( ٍ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت )اﺣﺬر ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻌﺒﺎرات اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﲆ ﻛﻠﻤﺔ »ﻛﻞ«؛ ﻓﻬﻲ ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ً ﺧﺎﻃﺌﺔ( ﺑﻌﺪم ﴍاء ﺗﺬاﻛﺮ اﻟﻴﺎﻧﺼﻴﺐ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻳﺸﱰوﻧﻬﺎ ،ﻣﺘﻐﺎﻓﻠني ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪو ﺗﻜﻮن ً ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺠﻬﻞ ﻣﻨﻬﻢ. ﻋﻦ ﺣﺘﻤﻴﺔ اﻟﺨﺴﺎرة ،وﻟﻴﺲ ﱠ وﻗﺪ أوﺿﺢ أﺣﺪ املﻬﻨﺪﺳني املﺮﻣﻮﻗني ﻣﺆﺧ ًﺮا ،وﻫﻮ ﺻﺪﻳﻖ ﻣﻮﻗﺮ ﻟﻠﻤﺆﻟﻒ ،ﺳﺒﺐَ ﴍاء َف ﺑﺄﻧﻪ ﱠ ﺗﻮﻗ َ إﻳﺠﺎز ﺧﻼل ﺧﻄﺒ ٍﺔ أﻟﻘﺎﻫﺎ ﻣﺆﺧ ًﺮا؛ ﻓﻘﺪ اﻋﱰ َ ﻒ ذات ﻣﺮة ﻋﻨﺪ اﻟﺘﺬاﻛﺮ ﰲ ٍ أﺣﺪ املﺘﺎﺟﺮ اﻟﺼﻐرية اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﻋﲆ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﴩاء ﺑﻌﺾ اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت وﻫﻮ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﻋﻮدﺗﻪ إﱃ املﻨﺰل ،وأﺧﺬ ﺗﺬاﻛﺮ ﻳﺎﻧﺼﻴﺐ ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد املﺘﺒﻘﻴﺔ ﻟﻪ؛ واﻟﺴﺒﺐ ﻛﻤﺎ ﱢ ﺳﻴﻐري ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى ﺣﻴﺎﺗﻲ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺧﺴﺎرة ﻗﺎل» :ﻳﺎ ﻟﻠﻬﻮل! إن اﻟﻔﻮز ﺑﻤﻠﻴﻮن دوﻻر 60
رﺑﻂ اﻷﻓﻜﺎر ﻣﻌً ﺎ
َ ري ﻓﻴﻪ «.وﻫﻮ ﻫﻨﺎ ،ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﱢ ﻣﻨﻔﻌﺔ اﻟﻨﻘﻮد ،وﻳﻌ ﱢﺰز ﻣﻦ ﻳﻮﺿﺢ دوﻻرﻳﻦ ﻟﻦ ﺗُﺤﺪِث أيﱠ ﺗﺄﺛ ٍ ﻣﻨﻔﻌﺔ املﻜﺎﺳﺐ ﻣﻘﺎ َر ً ﻧﺔ ﺑﺎﻟﺨﺴﺎﺋﺮ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﻤﺎ ﻳﺸﻜﻚ ﰲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻫﻮ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﺤﺪﱠث ﱠ »املﺘﻮﻗﻌﺔ« ﻟﻠﻔﻮز ،اﻟﺘﻲ رﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻋﻦ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻔﻮز اﻟﻀﺌﻴﻠﺔ ﻋﻨﺪ ﺣﺴﺎب املﻨﻔﻌﺔ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺪﻓﻌﻪ إﱃ ﺗﻐﻴري اﻟﻘﺮار .وﻳﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻌﻈﻢ ﻣَ ﻦ ﻳﺸﱰون ﺗﺬاﻛﺮ اﻟﻴﺎﻧﺼﻴﺐ ﻳﻘﺪﱢرون اﻷﻣﺮ ﺑﻨﻔﺲ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻼﺷﻌﻮرﻳﺔ ،ﻣﱪﱢرﻳﻦ اﻷﻣﺮ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﻔﻜﺮة أﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﺮﺑﺢ »أﺣﺪ« .وﻣﻊ ﻫﺬا ،ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺎﻻت ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺆدﱢي ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻮﱡل ﰲ ﻣﻔﻬﻮم املﻨﻔﻌﺔ إﱃ اﺗﺨﺎذ ﻗﺮار ﺑﺎملﻘﺎﻣﺮة ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻨﻪ ،ﺣﺘﻰ ﻣﻊ إﻳﻀﺎح اﺣﺘﻤﺎﻻت املﻜﺴﺐ واﻟﺨﺴﺎرة ﺟﻴﺪًا .وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﺎملﺆﻟﻒ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ أن ﻳﺘﻠﻘﻰ ﺗﺬاﻛﺮ اﻟﻴﺎﻧﺼﻴﺐ ً ﺑﺪﻻ ﻋﻦ أي ﻧﻘﻮد ﻣﺘﺒﻘﻴﺔ ﻟﻪ. إذن دﻋﻮﻧﺎ ﻧُﻨ ْ ِﻪ اﻟﻔﺼﻞ ﺑﺒﻴﺎن دﻗﻴﻖ ﻟﻼﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ املﺜﲆ ﻷي ﻗﺮار ﻓﺮدي .ﻟﻨُﻄﻠ ِْﻖ ﻋﲆ اﻹﺟﺮاءات املﻤﻜﻨﺔ أ ،ب ،ﺟ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﻄﻠﻖ ﻋﲆ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ املﻤﻜﻨﺔ س ،ص ،ع ،وﻫﻜﺬا .ﻟﻜﻞ زوج ﻣﻦ اﻹﺟﺮاءات ،ﺳﺘﻜﻮن ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺻﻔ ًﺮا إذا ﻟﻢ ﻳﺆ ﱢد اﻹﺟﺮاء إﱃ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ؛ ﻓﻘﺮار ﻋﺪم اﻟﺰواج ،ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺆدﱢي إﱃ اﻟﻄﻼق .وﻧﺤﻦ ً ﺪرﺟﻬﺎ أﻳﻀﺎ ﻧﺤﺘﺎج ملﻨﺎﻓﻊ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ املﺨﺘﻠﻔﺔ ،أﻳٍّﺎ ﻛﺎن ﺗﻘﻴﻴﻤﻬﺎ ،وﻳﻤﻜﻦ أن ﻧ ُ ِ ﺿﻤﻦ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ س ،ص ،ع ،وﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻬﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﻫﻮ ﻣﻨﻔﻌﺔ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ، وﻟﻴﺲ وﺻﻔﻬﺎ؛ ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ﻳﺘﻜﻮﱠن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺟﺪو ٌل ﺑﻬﺬا اﻟﺸﻜﻞ:
س = ١٧ص = ٩ع = ١٥
س
٥
٣
٧
٢١٧
ص
٤
٢
٩
٢٢١
ع
٤
٦
٥
١٩٧
ﻟﻘﺪ ﻣﻸﻧﺎ املﺼﻔﻮﻓﺔ ﻣﻦ داﺧﻠﻬﺎ ﺑﺄرﻗﺎم ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﺎ؛ ﻟﺘﻤﺜﱢﻞ اﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ املﺘﻮاﺟﺪ ﻋﲆ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻴﴪى واﻷرﻗﺎم املﺘﻨﻮﻋﺔ ﻟﻺﺟﺮاءات املﺨﺘﻠﻔﺔ )ﻟﺘَﻨ ْ َﺲ أﻣ َﺮ اﻟﻌﻤﻮد ِ ﺑﺄﻋﲆ ﻟﻠﺤﻈﺔ( .ﻻﺣِ ْ ﻆ أﻧﻨﺎ ،وﻋﲆ ﻋﻜﺲ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﻟﻢ ﻧﺒﺬل أي ﺟﻬﺪ ﻟﻜﻲ ﻧﺠﻌﻞ ﺳﻨﻘﺎرن ﻓﻘﻂ اﻹﺟﺮاءات املﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻛ ﱡﻞ ﻣﺎ ﻳﻬﻤﻨﺎ اﻷرﻗﺎم ﺗﻘﻊ ﺑني اﻟﺼﻔﺮ واﻟﻮاﺣﺪ؛ ﻷﻧﻨﺎ ِ ﻫﻮ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ »اﻟﻨﺴﺒﻲ« .وﻣﻊ ﻫﺬا ،ﺣَ َﺮ ْ ﺻﻨﺎ ﻋﲆ أن ﻧﺠﻌﻞ ﻛﻞ اﻟﺼﻔﻮف ﺗﺆدﱢي إﱃ ﻧﻔﺲ 61
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
اﻟﺮﻗﻢ أﻓﻘﻴٍّﺎ؛ ﻟﺬا ﻓﻠﻦ ﻳﻜﻮن ﻷي إﺟﺮاء ﻋﲆ اﻟﻴﻤني ﻣﻴﺰة ﻏري ﻋﺎدﻟﺔ ﻋﲆ اﻹﺟﺮاءات اﻷﺧﺮى )ﻟﻮ ﻛﻨﱠﺎ ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺎت ﺣﻘﻴﻘﻴﺔَ ،ﻟﺘَ ﱠﻢ ﻫﺬا ﻋﺸﻮاﺋﻴٍّﺎ ،وﻷَد ِﱠت اﻟﺼﻔﻮف ﻛﻠﻬﺎ إﱃ رﻗﻢ واﺣﺪ؛ ﻷن إﺟﻤﺎﱄ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺣﺪوث »ﳾء ﻣﺎ« ﻳﺴﺎوي واﺣﺪًا(. ﻻ ﺗﺰال املﻌﻠﻮﻣﺔ اﻟﻨﺎﻗﺼﺔ ﻫﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ املﻨﺎﻓﻊ ﻟﻠﻨﺘﺎﺋﺞ املﻤﻜﻨﺔ س ،وص ،وع ،اﻟﺘﻲ ْ )وإن ﻛﻨﱠﺎ ﻧﺨﺎﻓﻬﺎ، ﺳﺘﻤﺜﱢﻞ ﺗﻘﻴﻴﻤﺎﺗﻨﺎ ملﺪى ﺷﺪة اﺣﺘﻴﺎﺟﻨﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ أو ﺧﻮﻓﻨﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻀﻌﻬﺎ ﰲ ﺻﻮرة أرﻗﺎم ﺳﻠﺒﻴﺔ( ،وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻫﺬا املﺜﺎل ،دﻋﻮﻧﺎ ﻧﺠﻤﺢ وﻧﻔﱰض أن اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ س ﺗﺴﺎوي ،١٧وص ﺗﺴﺎوي ،٩وع ﺗﺴﺎوي ،١٥وﻫﺬا ﻫﻮ ﱠ املﺒني ﺑﺄﻋﲆ، وﻧﺤﻦ ﻧﻔﻀﻞ س ﻋﲆ ع ً ﻗﻠﻴﻼ ،وﻧﻔﻀﻞ ﻛ َﻠﻴْﻬﻤﺎ ﻋﲆ ص. ﱠ املﺘﻮﻗﻌﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﴐب اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺰاﺋﻔﺔ ﰲ املﻨﺎﻓﻊ، ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ﻧﺤﺼﻞ ﻋﲆ املﻨﻔﻌﺔ وإﺿﺎﻓﺘﻬﺎ ملﺎ ﻳﻘﺎﺑﻠﻬﺎ؛ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻷرﻗﺎم اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ املﻮﺟﻮدة ﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻷﻳﴪ .وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ اﻹﺟﺮاء أ ﻧﺘﻴﺠﺘﻪ ،٢١٧واﻹﺟﺮاء ب ﻳﻌﻄﻲ ،٢٢١واﻹﺟﺮاء ﺟ ﻳﺘﺨ ﱠﻠﻒ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺑﻨﺘﻴﺠﺔ ﻣﻘﺪارﻫﺎ ١٩٧؛ وﻫﻜﺬا ﻳﺘﻀﺢ أن أﻓﻀﻞ رﻫﺎن ﻫﻮ اﻹﺟﺮاء ب ،ﻟﻜﻨﻪ أﻓﻀﻞ ﺑﻤﻘﺪار ﺿﺌﻴﻞ. ً اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ أﻋﲆ ﻟﻮﻗﻮع اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺟ ﻣﻦ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ أ ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻟﻘﺪ رﺑﺢ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻳﻌﻄﻲ ً ﱢ ﻓﺮﺻﺔ أﻗﻞ ﻟﻠﻨﺘﻴﺠﺔ ب اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﰲ ذﻳﻞ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺗﻔﻀﻞ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ أ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻘﺪﱢم ﻣﻦ أﻧﻚ ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻚ. ﻗﺮار ﻣﺎ، ﻫﺬا ﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ اﻷﻣﺮ ،إﻻ أﻧﻚ ﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﺳﺘﺘﺒﻊ ذﻟﻚ اﻹﺟﺮاء املﺴﻬﺐ ﻻﺗﺨﺎذ ٍ ﻟﻜﻨﻚ ْ إن ﺗﺬ ﱠﻛ ْﺮ َت املﻨﻄﻖ اﻷﺳﺎﳼ وراءه ،ﻓﺴﺘﺘﺨﺬ ﻗﺮارات أﻓﻀﻞ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ.
62
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس
اﻻﺳﺘﻘﺮار :اﳉﺰﻳﺮة اﻻﺟﺘﲈﻋﻴﺔ
إن ﻣﺎ ﻧﻌﻨﻴﻪ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺮار ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﻧﺰﻋﺔ أي ﻋﻤﻠﻴﺔ — وﰲ ﺣﺎﻟﺘﻨﺎ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار — ﱡ ﱡ ً أﺷﺨﺎﺻﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻘﺪورﻫﻢ — ﻓﻴﻤﺎ اﻟﺘﻐري .ﺟﻤﻴﻌﻨﺎ ﻳﻌﺮف واﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﻟﻠﺜﺒﺎت ﺑﻌﺪ ﻓﱰة ﻳﺒﺪو — اﺗﺨﺎذ ﻗﺮار ﺑﺸﺄن أي ﳾء ،ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ً أﻳﻀﺎ ﻣﻮاﻗﻒ ﻣﺘﻌ ﱢﻠﻘﺔ ﺑﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﻻ ﱢ ﱡ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻣﻬﺎرة ﺻﺎﻧﻌﻲ اﻟﻘﺮار. اﻟﺘﻮﺻﻞ ﻷي ﻧﺘﺎﺋﺞ، ﻳﺘﻢ ﻓﻴﻬﺎ »ﻣﻦ ﺣﻴﺚ املﺒﺪأ« واﻟﻬﺪف ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻫﻮ إﺛﺎرة ﺗﻠﻚ املﺴﺄﻟﺔ. إﱃ اﻵن ﺳ ﱠﻠﻤْ ﻨﺎ ﺑﺄن اﻹﺟﺮاء املﻨﻬﺠﻲ ﻹﻋﺪاد ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﺎﻹﺟﺮاءات ،واﻟﻨﺘﺎﺋﺞ واﻻﺣﺘﻤﺎﻻت، واﻟﺘﻔﻀﻴﻼت )املﻨﺎﻓﻊ(؛ ﺳﻴﻘﻮدﻧﺎ إﱃ أﻓﻀﻞ اﺧﺘﻴﺎر ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ،وﻗﺪ ﱠ ﺗﻮﺻﻠﻨﺎ إﱃ ﻫﺬا ﱠ املﺘﻮﻗﻌﺔ؛ ﺑﺤﻴﺚ ﱠ إن ﻣﺎ ﻛﺎن ﴐورﻳٍّﺎ ﰲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻘﻴﻴﻢ ﻛﻞ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻋﲆ أﺳﺎس ﻣﻨﻔﻌﺘﻬﺎ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻫﻮ وﺿﻌﻬﺎ ﰲ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﱠ ﻣﻌني؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﻀﻊ اﻷﺷﻴﺎء ﰲ ﺻﻒ واﺣﺪ ،ﺳﻴﻜﻮن أﺣﺪﻫﺎ ﱠ ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ رﻗ ٌﻢ ﺧﺎص ﺑﻬﺎ ،واﻷرﻗﺎم اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ داﺋﻤً ﺎ ﰲ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﺼﻒ .وملﺎ ﻛﺎن ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻔﻌﺔ َ ﱠ ُ ﻣﺎ ﺗُ َ ٍ ُ ُﴪ. ﺗﺴﻠﺴﻞ ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﺮارات املﺜﲆ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺗﺘﺨﺬ ﻮﺿﻊ ﰲ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ وﻳ ْ ٍ َ ً ْ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻏري املﺘﻌﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮﻧﺎﻫﺎ ﰲ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻳﺘﻀﻤﱠ ﻦ ﻟﻨﻔﱰض أﻧﻚ واﺟﻬْ َﺖ ﻟﻜﻦ ﱠ َ املﻔﻀﻞ ﻟﺪﻳﻚ ﻟﴩاء ﻣﺨﺮوط ذﻫﺒﺖ إﱃ املﺘﺠﺮ اﻟﺬي ﻳﺒﻴﻊ اﻵﻳﺲ ﻛﺮﻳﻢ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ .ﻟﻘﺪ )ﻓﺄﻧﺖ ﻣﺪﻣﻦ ﻟﺤﻠﻮى اﻵﻳﺲ ﻛﺮﻳﻢ( ،وأﻣﺎﻣﻚ اﻟﺨﻴﺎرات اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﻓﺎﻧﻴﻠﻴﺎ وﺷﻮﻛﻮﻻﺗﺔ َ ﺛﻼث ﻛﺮات ﻣﻦ ﻛﻞ ﻧﻮع وﻓﺮاوﻟﺔ ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ أﻧﺖ ذﻟﻚ املﺪﻣﻦ املﱰدﱢد اﻟﻐﺎﻣﺾ ﻛﻲ ﺗﻄﻠﺐ ﱠ ً )ﻓﻀﻼ ﻋﻦ زﻳﺎدة اﻟﻮزن( ،ﺑﻞ َ ﺗﺘﺤﲆ ﺑﻀﺒﻂ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺬي ﻳﺪﻓﻌﻚ ﻟﻄﻠﺐ ﻛﺮة واﺣﺪة ﻛﻨﺖ ﻓﻘﻂ ،ﻟﻜﻨﻚ ﱢ ﺗﻔﻀﻞ اﻟﻔﺎﻧﻴﻠﻴﺎ ﻋﲆ اﻟﺸﻮﻛﻮﻻﺗﺔ ،واﻟﺸﻮﻛﻮﻻﺗﺔ ﻋﲆ اﻟﻔﺮاوﻟﺔ؛ ﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ ﻣﺸﻜﻠﺔ
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﱢ َ ِ ﺳﺘﻔﻀﻞ ﻣﺒﺎﴍًا ﺑني اﻟﻔﺮاوﻟﺔ واﻟﻔﺎﻧﻴﻠﻴﺎ ،ﻓﺈﻧﻚ ﺣﻴﻨﻬﺎ واﺟﻬﺖ ﺧﻴﺎ ًرا ﰲ ذﻟﻚ ،إﻻ إذا اﻟﻔﺮاوﻟﺔ» .ﺣﻴﻨﻬﺎ« ﺳﺘﻮاﺟﻬﻚ ﻣﺸﻜﻠﺔ .ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﺗﺨﻴﱡﻞ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا املﻮﻗﻒ؛ ﻓﻬﻮ ﻳﺤﺪث ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ ﻷﻧﻚ ﺗﺮ ﱢﻛﺰ ﻋﲆ املﻼﻣﺢ املﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻘﺎرﻧﺔ .املﺸﻜﻠﺔ واﺿﺤﺔ؛ ﻓﺄﻳٍّﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﻜﻬﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﺎرﻫﺎ ،ﻓﻬﻨﺎك واﺣﺪة ﱢ ﺗﻔﻀﻠﻬﺎ .وإن ﻛﺎﻧﺖ املﻌﻠﻮﻣﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة املﺘﺎﺣﺔ ﻫﻲ ﻣﺎ أد َﻟﻴْﻨﺎ ﺑﻬﺎ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎك وﺳﻴﻠﺔ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ أو ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ ﻟﻠﺨﻴﺎر ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ .وﻳﺼﺒﺢ ُﺤﺮﺟً ﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻄﻠﺐ — ﻟﻨﻘﻞ ً ﻣﺜﻼ ﺷﻮﻛﻮﻻﺗﺔ — ﺛﻢ ﺗﻘﻮل ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ» :ﻣﻌﺬر ًة، اﻟﱰدﱡد ﻣ ِ ﱢ أﻓﻀ ُﻞ اﻟﻔﺎﻧﻴﻠﻴﺎ «.ﺛﻢ ﺗﻨﻈﺮ إﱃ اﻟﺨﻴﺎرات املﻌﺮوﺿﺔ ﻣﺮ ًة أﺧﺮى ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻀﻊ اﻟﻌﺎﻣﻞ ﻛﺮة ً ُ ﺛﺎﻧﻴﺔ ،وأرﻳﺪ اﻟﻔﺮاوﻟﺔ «.وﻫﻜﺬا .وﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺳﻴﻠﻘﻮن أﻋﺪت اﻟﻨﻈ َﺮ اﻟﻔﺎﻧﻴﻠﻴﺎ ﻓﺘﻘﻮل» :ﻟﻘﺪ ﺑﻚ ﺧﺎرج ﻣﺘﺠﺮ اﻵﻳﺲ ﻛﺮﻳﻢ دون أن ﺗﺤﺼﻞ ﻋﲆ أيﱟ ﻣﻨﻪ. ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻨﱠﺎ ﻧﺘﱠ ِﺒﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ؛ أن ﺗﺠﱪ ﻧﻔﺴﻚ ﻋﲆ إﻋﻄﺎء ﺗﻘﻴﻴ ٍﻢ أو ﻧﻘﺎط ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﻜﻬﺎت اﻟﺜﻼث ،ﺛﻢ ﺗﺨﺘﺎر أﻋﻼﻫﺎ .ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻷرض ﺗﺠﻌﻠﻚ ﺗﻤﻨﺢ اﻟﻔﺎﻧﻴﻠﻴﺎ ﺗﻘﻴﻴﻤً ﺎ أﻋﲆ ﻣﻦ اﻟﺸﻮﻛﻮﻻﺗﺔ ،وﺗﻤﻨﺢ اﻟﺸﻮﻛﻮﻻﺗﺔ ﺗﻘﻴﻴﻤً ﺎ أﻋﲆ ﻣﻦ اﻟﻔﺮاوﻟﺔ ،ﺛﻢ ﺗﻌﻮد ﻟﺘﻤﻨﺢ اﻟﻔﺮاوﻟﺔ ﺗﻘﻴﻴﻤً ﺎ أﻋﲆ ﻣﻦ اﻟﻔﺎﻧﻴﻠﻴﺎ، إن اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت املﻌﺘﺎدة ﻟﻦ ﺗﻘﺒﻞ ذﻟﻚ .إﻧﻚ ﻟﻦ ﺗﻘﻊ ﰲ ﻣﺸﻜﻠﺔ إﻻ إذا ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻚ ﺗﻔﻀﻴﻼت، ً ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺗﻮاﺟﻪ وﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻘﻴﻴﻢ اﻟﺨﻴﺎرات ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺮﺗﻴﺐ ﻣﻤﻴﺰ؛ إذن ﻓﻤﻦ املﻤﻜﻦ أن ِ ﻋﺪم اﻻﺳﺘﻘﺮار ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ،وﻫﺬا أﻣﺮ ﺷﺎﺋﻊ. ً ٍ ﺣﺎﻟﺔ ﻳﺘﻮاﺟَ ﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﴚء ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻨﺎوُل دَﻋْ ﻨﺎ ﻧ َ ِﺰ ِد اﻷﻣﺮ ﺻﺎﻧﻌﻲ اﻟﻘﺮار ،وﺗﺘﺪاﺧﻞ ﻗﺮاراﺗﻬﻢ ﻣﻌً ﺎ .وﻫﻲ ً أﻳﻀﺎ ﻟﻌﺒﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻠﻌﺐ اﻟﻼﻋﺒﻮن ً وﻓﻘﺎ ﻟﻘﻮاﻧني ﺻﺎرﻣﺔ ،وﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﺳﻠﻄﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ﻋﲆ اﻹﻃﻼق؛ وﻣﻦ ﻫﺬا املﻨﻄﻠﻖ، ﱢ ﺗﻮﺿﺢ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻋﺪم اﻻﺳﺘﻘﺮار ،وﻟﻴﺲ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار) .ﻟﻘﺪ رأى املﺆﻟﻒ ﻫﺬا املﺜﺎل ﻷول ﻣﺮة ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ املﺤﺎﴐات املﻤﺘﻌﺔ ﻟِﺪوﻧﺎﻟﺪ ﻧﻮث(. اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻣﺮأة ﻏري ﻣﺘﺰوﺟﺔ ﻣﻊ ﻣﺌﺎت املﺮﺷﺤني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻮﻗﻮن ﻟﻠﺰواج ﺑﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎ ُ ً ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ املﺘﺰوﱢﺟني )ﻏري ﻣﺴﻤﻮح ﺑﺄﺷﺨﺎص اﻟﻠﻌﺒﺔ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺗﺘﻀﻤﱠ ﻦ ﻫﺬه ِ أزواج أرﺑﻌﺔ ﻋ ﱠﺰاب( ،ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻛﺠريان ﰲ ﺟﺰﻳﺮة اﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ ﻧﺎﺋﻴﺔ .دَﻋْ ﻨﺎ ﻧﻄﻠﻖ ﻋﲆ أول ٍ آل وأﻟِﻴﺲ ،وﺑﻮب وﺑﺎرﺑﺎرا ﻋﲆ اﻟﺘﻮاﱄ .ﺑﻤﻘﺪورﻧﺎ إﺿﺎﻓﺔ أزواج َ آﺧﺮﻳﻦ ﺑﺤﺴﺐ اﻟﱰﺗﻴﺐ 64
اﻻﺳﺘﻘﺮار :اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ
اﻷﺑﺠﺪي ﻛ ﱠﻠﻤﺎ ﱠ ﺗﻮﻏ ْﻠﻨﺎ ﰲ اﻷﻣﺮ .إن اﻟﻠﻌﺒﺔ ﺑﺄﴎﻫﺎ ﻟﻌﺒﺔ ﺧﻴﺎﻟﻴﺔ وﻣﺨﺘﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊُ ، ﺻﻤﱢ ﻤَ ْﺖ ً ً ﻟﻜﻲ ﱢ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺰﻳﺮة! ﻧﻘﻄﺔ ﺗﻮﺿﺢ إن ﻟ ﱡﻠﻌﺒﺔ ﻗﻮاﻋﺪ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﴚء؛ ﻓﺎﻟﻼﻋﺒﻮن ﻋﺎﺷﻮا ٍ ﺑﺪرﺟﺔ ﺗﺠﻌﻠﻬﻢ ﻋﲆ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺟﻴﺪة ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺒﻌﺾ ،وﻛﻞ ﻣﻌً ﺎ ﻋﲆ اﻟﺠﺰﻳﺮة ﻟﻔﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﴎﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت ﺑني اﻷزواج ،ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ إﱃ اﻷﺳﻮأ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻟﻜ ﱢﻞ زوﺟﺔ ﻟﻬﺎ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﱢ ﱠ ﻳﺘﻮﻗﻒ اﻷﻣﺮ زوج ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻪ اﻟﴪﻳﺔ ﻟﻠﺰوﺟﺎت؛ إﻧﻪ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﻣﺤﺾ اﻟﺨﻴﺎل .وﻻ ﻋﻨﺪ ﻫﺬا اﻟﺤﺪ ،ﺑﻞ إن اﻟﺰوج ﻗﺪ ﻳﺄﺗﻲ ﻋﲆ ﻗﻤﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ زوﺟﺘﻪ ،أو ﻗﺪ ﻻ ﻳﺄﺗﻲ ،وﻫﻜﺬا اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺰوﺟﺎت ً أﻳﻀﺎ ،وﻫﺬا املﻮﻗﻒ ﻏري ﻧﺎدر اﻟﻮﺟﻮد ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ .ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻌﻠﻪ ﺣﻴﺎل ذﻟﻚ ،ﺧﻼف ﺟﻠﺐ اﻹﺣﺒﺎﻃﺎت؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،إن ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﺗﻨﺺ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻋﲆ أﻧﻪ إذا ﻣﺎ ﻛﺎن آل ،ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﱢ ﺗﻘﺪﱢم ﻣﺨ َﺮﺟً ﺎ ﻟﺬﻟﻚ .ﱡ ﻳﻔﻀﻞ ﺑﺎرﺑﺎرا ﻋﲆ زوﺟﺘﻪ أﻟِﻴﺲ» ،و« ﺑﺎرﺑﺎرا ﱢ ﺗﻔﻀﻞ آل ﻋﻦ زوﺟﻬﺎ ﺑﻮب ،ﻓﺈن ﻋﲆ آل وﺑﺎرﺑﺎرا أن ﻳﻮدﱢﻋَ ﺎ زوﺟَ ﻴْﻬﻤﺎ ،وﻳﺘﺰوﱠﺟَ ﺎ .و ﱠملﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ املﺤﺮﻣﺎت ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻔﺮﻳﺪة أن ﻳﻜﻮن املﺮء ﻏري ﻣﺘﺰوج ،ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﺧﻴﺎ ٌر أﻣﺎم اﻟﺰوﺟني املﻬﺠﻮرﻳﻦ ﺑﻮب وأﻟِﻴﺲ ﺳﻮى زواج َ ﺑﺎﻵﺧﺮ .ﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﻗﻮاﻧني اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ؛ واﻵن ﻟﻨﺘﺄﻣ ْﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺎﻻت املﻤﻜﻨﺔ. أﺣﺪﻫﻤﺎ ْ ﻟﻨﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ اﺧﱰﻋﻨﺎﻫﺎ ﻟﺘﻮﱢﻧﺎ ،واﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ وﺻﻔﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺠﺪول اﻟﺘﺎﱄ، ﺑﺈدراج اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻦ املﺸﺎرﻛني اﻷرﺑﻌﺔ: آل
أﻟِﻴﺲ ﺑﻮب
ﺑﺎرﺑﺎرا آل أﻟِﻴﺲ
ﺑﻮب
ﺑﺎرﺑﺎرا
ﺑﺎرﺑﺎرا آل أﻟِﻴﺲ
ﺑﻮب
ُ ﺳﻨﺠﺪ ﱠ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﺬا أن ﻛﻞ اﺳﻢ ﺷﺨﺺ ﰲ اﻟﺼﻒ ﺗﻨﺪرج ﺗﺤﺘﻪ اﻟﺸﺨﺺ ،وﻟﻘﺪ ﺗﻜﺎﺳﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﺗﺮﺗﻴﺐ ذﻟﻚ ،واﺧﱰﻧﺎ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻜ ﱢﻞ ﺷﺨﺺ ﻧﻔﺲ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺗﻔﻀﻴﻼت اﻟﺸﺨﺺ َ ﱠ املﻔﻀﻼن ﻟﺪى اﻟﺠﻤﻴﻊ ،أﻣﺎ اﻵﺧﺮ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ اﻟﺠﻨﺲ؛ ﻓ آل وﺑﺎرﺑﺎرا ﻫﻤﺎ ﺑﻮب وأﻟِﻴﺲ ﻓﻬﻤﺎ ﻣَ ﻦ ﻳﺴﺒﱢﺒﺎن اﻟﻀﻴﻖ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ .ﻫﺬا ً أﻳﻀﺎ ﻣﻌﺘﺎد ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﱠ ﱠ املﻔﻀ َﻞ املﻔﻀﻠﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ،وﺷﺨﺼﻴﺔ أﺧﺮى ﺗﻤﺜﱢﻞ اﻟﺮﺟ َﻞ ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻫﻲ اﻷﻧﺜﻰ ﻟﺪى اﻟﻨﺴﻮة ﺟﻤﻴﻌﻬﻦ )ﻟﻨ ُ ْﻠ ِﻖ اﻟﻠﻮ َم ﰲ ﻫﺬا ﻋﲆ اﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮن( .ورﻏﺒﺎت اﻟﺨﺎﴎﻳﻦ ﻋﲆ ﻫﺬه 65
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
اﻟﺠﺰﻳﺮة ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻤﺎ ﺳﻴﺤﺪث ً ﻻﺣﻘﺎ ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﻟﺘﺒﺎدُل اﻟﺬي ﻳﺘﺰوﱠج ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ آل ﻟﻴﻮاﳼ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ َ اﻵﺧﺮ ،ﺳﻴﻜﻮن اﻟﺠﺪول ﻛﺎﻟﺘﺎﱄ: وﺑﺎرﺑﺎرا ﺗﺎر َﻛني وراءﻫﻤﺎ ﺑﻮب وأﻟِﻴﺲ َ آل
ﺑﺎرﺑﺎرا ﺑﻮب
ﺑﺎرﺑﺎرا آل أﻟِﻴﺲ
أﻟِﻴﺲ
ﺑﺎرﺑﺎرا آل أﻟِﻴﺲ
ﺑﻮب
ﺑﻮب
ﺳﻨﺮى أﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك أيﱡ ﺗﻐﻴريات أﺧﺮى؛ ﻓﺂل وﺑﺎرﺑﺎرا ﺳﻌﻴﺪان ﻣﻌً ﺎ ،وﻫﻜﺬا ﻓﺈن ﺳﻮء ﻧﺼﻴﺐ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ أﻟِﻴﺲ وﺑﻮب ﻻ ﻳﻬﻢ ﰲ ﳾء اﻵن )ﺗﺬ ﱠﻛ ْﺮ ،إﻧﻬﺎ ﻣﺠﺮد ﻟﻌﺒﺔ(. ً وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ٍّ ﻛﻼ ﻣﻦ ﺑﻮب وأﻟِﻴﺲ ﱢ ﻳﻔﻀﻞ ﴍﻳ ًﻜﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻟﺪى آل وﺑﺎرﺑﺎرا أيﱡ اﻫﺘﻤﺎم ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ املﺒﺎدﻟﺔ ،وﻫﻤﺎ ﻣﺴﺌﻮﻻن ﻋﻦ ﻫﺬا اﻻرﺗﺒﺎط ،ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺠﺰﻳﺮة. ً ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺗﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ زوﺟني ﻟﻘﺪ أﺿﺤﻰ املﻮﻗﻒ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﺳﺘﻘﺮار ،وﻣﻦ املﻤﻜﻦ إﺛﺒﺎت أن ﱢ ﺳﺘﺤﻘﻖ داﺋﻤً ﺎ اﻻﺳﺘﻘﺮا َر ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ .ﻫﺬا ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺳﻌﺪاء ،ﻟﻜﻦ ﻳﺘﻐري ﻓﻘﻂ إذا ﻣﺎ َ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺬﻟﻚ أن ﱠ واﻓ َﻖ »زوﺟﺎن« ﻣﻦ اﻷزواج — ﻛﻼ اﻟﻔﺮدﻳﻦ — ﻋﲆ إﻧﻬﺎء ﻛ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﴩﻳﻜﻪ .وﻣﺮة أﺧﺮى ،ﻳﻤﺎﺛِﻞ ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ؛ ﻻﺣِ ْ ﻆ ﱠ املﻔﻀﻠني ﻗﺒﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ املﺒﺎدَﻟﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﻤﺎ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺷﺨﺼﺎن ﻳﻌﻴﺸﺎن ﻣﻊ ﴍﻳﻜﻴﻬﻤﺎ ٌ أﺻﺒﺤَ ﺎ ﺷﺨﺼني ﻣﺨﺘﻠﻔني ﺑﻌﺪﻫﺎ؛ ﻟﺬا ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻮل ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻣﺼﻠﺤﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻋﺎﺋﺪة ﻣﻦ ﺟ ﱠﺮاء ذﻟﻚ ،أو ﺣﺘﻰ ﴐ ٌر ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ذﻟﻚ اﻷﻣﺮ؛ ﻓﺎﻟﺴﻌﺎدة ﰲ ذﻟﻚ املﺠﺘﻤﻊ ﱢ ﻳﻔﻀﻠﻮن ﻣﺠﺘﻤﻌً ﺎ ﻣﺴﺘﻘ ٍّﺮا اﻟﺼﻐري ﺗﺠﻤﱠ ﻌﺖ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﰲ ﻋﺎﺋﻠﺔ واﺣﺪة ،وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻣَ ﻦ ﻗﺒﻞ أيﱢ ﳾء ،ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻫﻨﺎ. ٌ ٌ أرﺑﻌﺔ ،أو ﺛﻼﺛﺔ أو ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻟﻮ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك أﻛﺜﺮ ﻣﻦ زوﺟني ﻣﻦ اﻷزواجِ ،ﻟﻨ َ ُﻘ ْﻞ ٌ ﻋﴩات؟ إذن ﻓﻬﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎﻻت أﻛﺜﺮ ﻟﺠﺪاول اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت وﻟﱰﺗﻴﺒﺎت اﻟﺰواج ،وأيﱡ ﺷﺨﺺ ﺑﻤﻘﺪوره اﻟﻠﻌﺐ ﺑﺎﻟﺨﻴﺎرات املﺨﺘﻠﻔﺔ )ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮء أن ﻳﺮى ذﻟﻚ ﻳﺘﻄﻮﱠر إﱃ ﻟﻌﺒﺔ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ ً ﻣﻄﻠﻘﺎ؛ ﺗﺨﻴﱠ ْﻞ ﺑﻬﺎ أﻧﺎس ﺣﻘﻴﻘﻴﻮن ﻳﻀﻌﻮن ﻗﻮاﺋﻤﻬﻢ اﻟﴪﻳﺔ ،ﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻟﻦ ﻳُﻌ َﻠﻦ ﻋﲆ املﻸ َﻛ ْﻢ ﺳﻴﻜﻮن ﻣُﻬﻴﻨًﺎ ﻟﻠﻜﱪﻳﺎء أن ﻳﻔﺼﺢ ﴍﻳ ُﻚ ﺣﻴﺎﺗﻚ ﻋﻦ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻪ )أو ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻬﺎ( أﻣﺎم ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص ،واﺳﻤﻚ ﻳُﺬﻳﱢﻞ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ (.إن ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺪﻗﻴﻖ — اﻟﺬي ﱡ واﻟﺘﺤﻘﻖ ﻣﻨﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ — ﻫﻲ أﻧﻪ أﻳٍّﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﺮاﺟﻌﺘﻪ ﱢ وﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻗﻮاﺋﻢ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت ،ﻓﻬﻨﺎك دوﻣً ﺎ ﺗﺮﺗﻴﺐٌ »ﻣﺎ« ﻣﺴﺘﻘِ ﱞﺮ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن اﻟﺮﻗﻢ، 66
اﻻﺳﺘﻘﺮار :اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ
َ ﺣﺎﻟﺔ ﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ ﺻﺤﻴﺤً ﺎ أﻧﻚ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺼﻞ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺒﺎدَﻟﺔ ﴍﻳﻚ اﻟﺤﻴﺎة .ﺗﺄﻣﱠ ْﻞ ﱠ ٍ املﻮﺿﺢ )ﻟﻘﺪ أﺿﻔﻨﺎ ﺗﺸﺎرﱄ وﻛﺎرول ﻟﻌﺎ َﻟﻤﻨﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ اﻷزواج ﰲ ﻇ ﱢﻞ ﺟﺪول اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﻟﺼﻐري ،وأﺻﺒﺤﻨﺎ ﻧﺘﺤ ﱠﺮى ﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻘﻴﺪ وﻧﺤﻦ ﻧﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻷﻣﺮ(. آل
أﻟِﻴﺲ
ﺑﺎرﺑﺎرا آل أﻟِﻴﺲ
ﺑﻮب
ﺑﺎرﺑﺎرا ﺗﺸﺎرﱄ أﻟِﻴﺲ
ﺗﺸﺎرﱄ أﻟِﻴﺲ
ﻛﺎرول ﺑﻮب
ﺑﺎرﺑﺎرا
ﺗﺸﺎرﱄ ﻛﺎرول
آل
ﻛﺎرول ﺑﻮب
ﺑﻮب
ﺑﺎرﺑﺎرا ﺗﺸﺎرﱄ ﻛﺎرول
آل
إذا ﻣﺎ اﺗﱠﺒَﻌْ ﻨﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﺮﺗﻴﺐَ اﻷﺣﺪاث ،ﻓﺴﻨﺮى أن ﺑﺎرﺑﺎرا ﺳﺘﺘﺰوج آل )ﻓﻬﻲ ﱢ ﺗﻔﻀﻠﻪ ﻳﻔﻀﻠﻬﺎ ﻋﻦ أﻟِﻴﺲ( ،ﺛﻢ ﺳﺘﺴﺘﻤﺮ ﰲ ﺻﻌﻮدﻫﺎ ﻧﺤﻮ ﺗﺸﺎرﱄ )اﻟﺬي ﱢ ﻋﻦ ﺑﻮب ،وآل ﱢ ﻳﻔﻀﻠﻬﺎ ﻋﻦ ﻛﺎرول ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﺧﻴﺎرﻫﺎ اﻷول( .ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﺗﻜﻮن أﻟِﻴﺲ ﻗﺪ ارﺗﺒ َ ﻄ ْﺖ ِﺑﺒﻮب ،وﻫﻮ ﺧﻴﺎرﻫﺎ اﻷﺧري؛ ﻟﺬا ﺳﺘﻨﺘﻘﻞ ﻧﺤﻮ ﺗﺸﺎرﱄ؛ أيْ ﺧﻄﻮ ًة ﻷﻋﲆ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻬﺎ ﻋﲆ ﻗﻤﺔ ﱠ املﻔﻀﻞ ﻟﺪﻳﻬﺎ .وﰲ ﻛﻞ ﺣﺎﻟﺔ ،ﻧﺮى اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت ،ﺛﻢ ﺗﻌﻮد ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻣﺮ ًة أﺧﺮى إﱃ آل ،وﻫﻮ ﻳﺤﺴﻦ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻫﻮ َ أن اﻟﺬﱠﻛﺮ املﻐﺎزل ﱢ اﻵﺧﺮ. وﻟﻜﻨﻨﺎ اﻵن ﻧﺘﻔﻬﱠ ﻢ املﺸﻜﻠﺔ؛ ﻓﻜﻞ ﺗﻠﻚ اﻹﺷﻜﺎﻻت أﻋﺎ َدﺗْﻨﺎ إﱃ ﺣﻴﺚ ﺑﺪأْﻧﺎ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ؛ ﻟﺬا ً ِ زواج ﻣﺴﺘﻘﺮ ًة ﺗﺮﺗﻴﺒﺎت ﺛﺎﻧﻴﺔ ،وﺗﺴﺘﻤﺮ ﻟﻸﺑﺪ .وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻫﻨﺎك ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺪورة أن ﺗﺒﺪأ ٍ )ﺣﺎو ْل أن ﺗﺠﺪﻫﺎ ْ إن ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻚ ﻫﺬا( ،ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ وﺳﻴﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻫﺬا اﻟﺠﻤﻊ ِ ﻟﺘﺼﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ اﻟﺘﻲ اﺧﱰﻧﺎﻫﺎ؛ ﻓﻬﺬا ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻏري ﻣﺴﺘﻘﺮ. ٍ ﺗﺮﺗﻴﺒﺎت ﻣﺴﺘﻘﺮ ًة أﻳٍّﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت ،وأﻳٍّﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ املﻤﻜﻦ إﺛﺒﺎت أن ﻫﻨﺎك دوﻣً ﺎ ﻋﺪد اﻷزواج )اﻧﻈﺮ اﻟﻔﻘﺮة اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻼ ﱢ ٍ أﻣﺜﻠﺔ ﻟﺬﻟﻚ( ،ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ دوﻣً ﺎ أن ﻃﻼع ﻋﲆ ﺗﺼﻞ إﱃ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﻘﻄﺔ ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﻌﻴﱠﻨﺔ .إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺬا ،ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜريُ ﻟﻨ ُ ِﺸﻴﺪ ﺑﻪ ﰲ ﻫﺬه اﻟﱰﺗﻴﺒﺎت ﺑﺨﻼف اﻻﺳﺘﻘﺮار؛ وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﻔﻲ ﻛﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺣﺎﻻت املﺒﺎدﻟﺔ ،ﻳﻈﻞ املﺠﻤﻮع اﻟﻜﲇ ﻟﻠﺴﻌﺎدة ﰲ املﺠﺘﻤﻊ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ؛ ﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ اﻷﻣﺮ أن ﺗﻮزﻳﻌﻬﺎ ﻳُﻌﺎد ﺑني اﻟﻌﺎﺋﻼت ﻻ أﻛﺜﺮ. ً ً ﻣﺘﻄﺮﻓﺔ ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﻛ ﱡﻞ رﺟﻞ ﻣﺘﺰوﺟً ﺎ ﻣﻦ املﺮأة املﺘﻮاﺟﺪة ﻋﲆ ﻗﻤﺔ ﺣﺎﻟﺔ َو ْﻟﻨﺄﺧﺬ ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻪ )ﻫﺬا ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ أي ﻋﺪد ﻣﻦ املﺘﺰوﺟني( .ﻧُﻄﻠِﻖ ﻋﲆ ﻫﺬا ﺗﺮﺗﻴﺒًﺎ ﻣﺴﺘﻘ ٍّﺮا؛ ﻷﻧﻪ 67
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك رﺟﻞ ﻳﺮﻳﺪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﺒﺎدﻟﺔ؛ ﻓﻬﻮ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﱰك اﻷﻣﻮر ﺗﺴري ﻛﻤﺎ ﻫﻲ .ﺑﻞ ﺑﻤﻘﺪورﻧﺎ أن ﻧﺠﻌﻞ ﻛﻞ رﺟﻞ ﻣﻦ أوﻟﺌﻚ اﻟﺮﺟﺎل ﻳﺘﻮاﺟﺪ ﰲ ذﻳﻞ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺗﻔﻀﻴﻼت زوﺟﺘﻪ، ﺗﻌﻴﺴﺎ ﱢ ً ً ﻳﻔﻀﻠﻬﺎ ﻋﻦ أﺧﺮى )ﻻ رﺟﻼ ﻟﻜﻦ ﺳﺘﻈﻞ اﻷﻣﻮر ﻣﺴﺘﻘﺮة؛ ﻷن ﻛﻞ زوﺟﺔ ﻟﻦ ﺗﺠﺪ ﱠ ﺗﺘﻐري( .وﺗﺘﻄﻠﺐ ﻗﻮاﻧني اﻟﻠﻌﺒﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﰲ ﺗﺴﺄﻟﻨﻲ ﻛﻴﻒ ﺣﺪث ﻫﺬا ،ﻓﺎﻷذواق اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ،أن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك اﺗﻔﺎق ﺑني ﻛﻞ اﺛﻨني ﻫﺎرﺑني؛ ﻟﺬا ﻓﺎﻷﻣﻮر ﻣﺴﺘﻘﺮة ،وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﴬورة أن ﺗﻜﻮن ﻣﺤﺒﱠﺒﺔ .واﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻌﻜﺲ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺠﻨﺴني ﻫﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮة ً أﻳﻀﺎ ،ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﻧﺴﺎء ﺳﻌﻴﺪات ﻣﻊ رﺟﺎل ﺗﻌﺴﺎء .وﻫﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻻت املﺴﺘﻘﺮة ﺑني اﻟﺤﺎﻟﺘني ،ﺑﺠﺎﻧﺐ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻻت اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﻟﻦ ﱢ ﺗﺤﻘﻖ أيﱠ ً ﻣﻄﻠﻘﺎ. اﺳﺘﻘﺮار ٍ ٍ ﺑﴩاﺳﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻊ املﻮاﻋﺪات، ﺳﻨﱰك اﻷﻣ َﺮ ﻋﻨﺪ ﻫﺬا اﻟﺤﺪ ،وﻳﻤﻜﻦ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻠﻌﺒﺔ َ املﺴﺘﻘﻰ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻌ ﱠﻠﻤَ ﺘْﻪ واﻻرﺗﺒﺎﻃﺎت ،وﺳﺎﺋﺮ وﺳﺎﺋﻞ املﺘﻌﺔ ،واﻻﺳﺘﻨﺘﺎج اﻟﻌﺎم املﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺤﺮة ﻣﻨﺬ ﻓﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ وﻫﻮ :ﻛﻠﻤﺎ زادت اﻟﻔﺮص اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻨﺢ ﻟﻸﺷﺨﺎص ﺑﺎﻟﺘﻤ ﱡﺮس ﻋﲆ اﺳﺘﺨﺪام ﻗﻮاﺋﻢ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت واﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻬﺎ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻓﺮﺻﺔ أﻓﻀﻞ ﻟﻜﻲ ﺗﺴﺘﻘ ﱠﺮ ﺗﺮﺗﻴﺒﺎت اﻟﺰواج اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ .ﻫﺬه ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻌﺒﺔ ﻣﻦ ﻧﺴﺞ اﻟﺨﻴﺎل؛ ﺑﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﱠ ﻳﺘﻌني ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺄﺧﺬ ﺑﺠﺪﻳ ٍﺔ ﺗﻠﻚ أﻻ ﻧﺄﺧﺬ ﻫﺬا اﻻﺳﺘﻨﺘﺎج اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﺑﺠﺪﻳﺔ ﺷﺪﻳﺪة ،ﻟﻜﻦ َ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص ،ﻟﻬﻢ أﻫﺪاف ﻣﺘﻀﺎرﺑﺔ ،ﻓﺎﻻﺳﺘﻘﺮار ﻏري ﻣﻀﻤﻮن .وﺳﻨﺘﻌ ﱠﺮض ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺈﺣﺪى اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﺤﺪﱠث ﻋﻦ اﻻﺧﺘﻴﺎرات اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪُ.
68
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ
ﻣﻌﻀﻠﺔ اﻟﺴﺠﻴﻨﲔ
ﻧﺒﺪأ ﺟﻮﻟﺘﻨﺎ ﰲ ﻣﺸﻜﻼت اﻟﻘﺮارات املﺘﻌﺪدة اﻷﻃﺮاف ﺑﻤﺜﺎل ﻧﻤﻮذﺟﻲ ﻣﻌﺮوف ،ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ ﱢَ وﻟﻨﺒني أن ﻫﻨﺎك ﻣﺸﻜﻼت ﻗﺮارات »ﻣﻌﻀﻠﺔ اﻟﺴﺠﻴﻨني« ،ﻻ ﻟﴚء إﻻ ﻟﻜﻲ ﻧﻮرده ﰲ اﻟﻜﺘﺎب، ذات ﺑﺴﺎﻃﺔ ﺧﺎدﻋﺔ وﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﺣﻠﻮل ﺟﻴﺪة ،وﺳﻴﻜﻮن ذﻟﻚ ﻫﻮ أول ﻣﺜﺎل ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻴﻪ أن ﻟﻼﻋﺐ ﻓﺮدي ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻤﻪ ﻋﻦ ﻧﻮاﻳﺎ ﻻﻋِ ﺐ َ ﻳﻌﺘﻤﺪ أﻓﻀﻞ ﻗﺮار َ آﺧﺮ ،أو ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﺘﻨﺒﱠﺄ ﺑﻪ ﻣﻨﻬﺎ. أُﻟﻘِ ﻲ اﻟﻘﺒﺾ ﻋﲆ ﺟريي وﻛﻴﺚ ﻟﻼﺷﺘﺒﺎه ﺑﺎرﺗﻜﺎﺑﻬﻤﺎ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺷﻨﻌﺎء ،وﺣُ ِﺠ َﺰا ﺣﺠ ًﺰا ﻳﻘني ﻣﻦ أﻧﻬﻤﺎ ﻣﺬﻧﺒﺎن، اﻧﻔﺮادﻳٍّﺎ ﰲ زﻧﺰاﻧﺘني ﻣﻨﻔﺼﻠﺘني .ﻛﺎﻧﺖ اﻟﴩﻃﺔ واملﺪﱠﻋﻮن ﻋﲆ ٍ ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻴﺴﻮا ﻋﲆ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻗﺪرﺗﻬﻢ ﻋﲆ إﺛﺒﺎت ذﻟﻚ ﻷي ﻫﻴﺌﺔ ﻣﺤﻠﻔني) .رﺑﻤﺎ ﻋُ ﺜِﺮ ﻋﲆ اﻟﺪﻟﻴﻞ املﻘﻨﻊ ﺧﻼل ﺗﻔﺘﻴﺶ ﻏري ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ ،أو ﱡ ﺗﻨﺼﺖ ﻏري ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ ﻋﲆ ﻣﻜﺎملﺎت اﻟﻬﺎﺗﻒ ،وﻻ َ ٍ ﺑﺎﻋﱰاﻓﺎت دون ﺗﻔﻜري ﻗﺒﻞ »إﺧﺒﺎرﻫﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺨﺪام أيﱟ ﻣﻦ ﻫﺬا ﰲ املﺤﻜﻤﺔ .أو رﺑﻤﺎ أدﻟﻴَﺎ ﺑﺤﻘﻮﻗﻬﻤﺎ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ« ،أو رﺑﻤﺎ اﺧﺘﻔﻰ أﺣﺪ اﻟﺸﻬﻮد اﻷﺳﺎﺳﻴني ﰲ ﻇﺮوف ﻏﺎﻣﻀﺔ (.ﻟﺬا، ﺑﺎﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ اﻵﺧﺮ ،ﻋُ ِﺮ َ ُ ﺿﺖ ﺻﻔﻘﺔ ﻋﲆ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻋﲆ ﺣﺪة ودون اﻟﺴﻤﺎح ﻷيﱟ ﻣﻨﻬﻤﺎ ِ اﺳﺘﻤ ﱠﺮا ﰲ ادﱢﻋﺎء اﻟﱪاءة ﻃﻮال اﻟﻮﻗﺖ ﰲ املﺤﻜﻤﺔ ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﻧﺼﻬﺎ: ﻋﻠﻢ اﻟﻴﻘني أﻧﻜﻤﺎ ﻣﺬﻧﺒﺎن ،وﺳﻨﺪﻋﻲ ﻋﻠﻴﻜﻤﺎ ﰲ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻋﻘﻮﺑﺘﻬﺎ أﻗﻞ ،ﻧﻌﺮف ﻛﻴﻒ ﻧﺜﺒﺖ ﻈﻬ َﺮا إداﻧﺘﻜﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻤﻜﺚ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻜﻤﺎ ﻋﺎﻣني ﰲ اﻟﺴﺠﻦ .ﻫﺬا ﳾء ﻣﺆ ﱠﻛﺪ إن ﻟﻢ ﺗُ ِ ﺗﻌﺎوﻧًﺎ ،وﺳﻨﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻀﻴﻖ ٍّ ﺣﻘﺎ ﻷﻧﻨﺎ ﻟﻦ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ إﺛﺒﺎت اﻟﺘﻬﻤﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻋﻠﻴﻜﻤﺎ ،ﻟﻜﻨﻨﺎ ﺳﻨﻌﺎﻗﺒﻜﻤﺎ ﺑﺄﻗﴡ ﻣﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ،ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ﻗﻀﺎء ﻋﺎﻣني ﻓﻘﻂ ﰲ اﻟﺴﺠﻦ. أﻣﺎ إذا اﻋﱰﻓﺘﻤﺎ وأﺑﺪﻳﺘﻤﺎ اﻟﻨﺪ َم ﻋﲆ ﻣﺎ اﻗﱰﻓﺘﻤﺎ ،ﻓﺴﻴﺤﺼﻞ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻜﻤﺎ ﻋﲆ ﺧﻤﺲ ﱠ ﻣﺨﻔ ًﻔﺎ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ اﻟﺸﻨﻌﺎء، ﺳﻨﻮات ﻓﻘﻂ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺣﻜﻤً ﺎ ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﺧﻄﻮرﺗﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻌﺎﻣني.
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
»وﻣﻊ ﻫﺬا« ،وﻫﺎ ﻫﻲ اﻟﺼﻔﻘﺔ ،إذا ﻣﺎ اﻋﱰف أﺣﺪﻛﻤﺎ وأدﱃ ﺑﺸﻬﺎدﺗﻪ ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﺳﺘﻤ ﱠﺮ َ اﻵﺧﺮ ﰲ اﻹﴏار ﻋﲆ ﺑﺮاءﺗﻪ ،ﻓﺴﻴﻔﻠﺖ اﻟﺬي اﻋﱰف وﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ ﺛﻼﺛني ﻳﻮﻣً ﺎ ﻓﻘﻂ — ﻓﻌﲆ أي ﺣﺎل ،ﺳﻨﻘﺪﱢر ذﻟﻚ اﻟﺘﻌﺎوُن ،ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ إﻃﻼق ﴎاﺣﻜﻤﺎ — ﺑﻴﻨﻤﺎ َ واﻟﺮاﻓﺾ ﻟﻠﺘﻌﺎون ﺑﻌﺪة ﻗﻀﺎﻳﺎ ،وﺳﻴ ِ ُﻤﴤ ﻋﴩ ﺳﻨﻮات ﰲ اﻟﺴﺠﻦ. ﺳﻨُﺪﻳﻦ ﻏريَ اﻟﻨﺎد ِم ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﺼﻔﻘﺔ ،إﻣﺎ أن ﺗﻘﺒﻼﻫﺎ وإﻣﺎ أن ﺗﺮﻓﻀﺎﻫﺎ. ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺴﺠﻴﻨﺎن اﻟﺘﺸﺎوُر ﻛ ﱞﻞ ﻣﻊ َ اﻵﺧﺮ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻣﺼري ﻛ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻋﲆ ﻣﺨﻠﺼﺎ َ ﻗﺮار ﻣﻦ َ اﻵﺧﺮ .ﻟﻨﺘﻨﺎو ْل ﻣﻮﻗﻒ ﺟريي ً ً ﻟﻶﺧﺮ ،وادﱠﻋﻰ أوﻻ؛ إذا ﻇ ﱠﻞ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ٍ ري ﻣﻦ ﺧﻤﺲ ﻛﻼﻫﻤﺎ اﻟﱪاءة ،ﻓﺴﻴﺤﺼﻼن ﻋﲆ ﺣﻜﻢ ﺑﺎﻟﺴﺠﻦ ملﺪة ﻋﺎﻣني ،وﻫﻮ أﻓﻀﻞ ﺑﻜﺜ ٍ ﺳﻨﻮات ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ ﻣﻮﻗﻒ ﻛﻠﻴﻬﻤﺎ؛ ﻓﺈذا ﻣﺎ اﻋﱰف ﻛﻴﺚ ،وﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ ﺟريي، ﻓﺴﻴﺤﺼﻞ ﺟريي ﻋﲆ ﺣﻜﻢ ﺑﺎﻟﺴﺠﻦ ملﺪة ﻋﴩ ﺳﻨﻮات ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺳﻴﻔﻠﺖ ﻛﻴﺚ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ؛ ﻟﺬا ﻗﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﲆ ﺟريي اﻻﻋﱰاف؛ إذ ﺳﻴﺤﺼﻞ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻋﲆ ﺛﻼﺛني ﻳﻮﻣً ﺎ َف ﻛﻴﺚ ً ﺗﻤﺴ َﻚ ﻛﻴﺚ ﺑﻤﻮﻗﻔﻪ ،وﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات إذا ﻣﺎ اﻋﱰ َ إذا ﻣﺎ ﱠ أﻳﻀﺎ .وﻫﺬا ﺳﻴﻜﻮن أﺳﻮأ ﻣﻦ اﻟﺤﺒﺲ ﻋﺎﻣني إذا ﻣﺎ ﺛﺒﺖ ﻛﻼﻫﻤﺎ ﻋﲆ ﻣﻮﻗﻔﻪ ،ﻟﻜﻨﻪ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻋﴩ ﺳﻨﻮات إذا ﻣﺎ ﺧﺎﻧﻪ ﻛﻴﺚ؛ ﻟﺬا ﻓﺎملﺤﺼﻠﺔ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺟريي ﻫﻲ أﻧﻪ إذا ﻣﺎ اﻋﱰف ﻓﺴﻴﺤﺼﻞ ﻋﲆ ﺛﻼﺛني ﻳﻮﻣً ﺎ أو ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات ،اﻋﺘﻤﺎدًا ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻛﻴﺚ ،ﻟﻜﻦ إذا ﻣﺎ اﻟﺘﺰم اﻟﺼﻤﺖ، ﻓﺴﺘﻜﻮن اﻟﺨﻴﺎرات إﻣﺎ ﺳﻨﺘني وإﻣﺎ ﻋﴩ ﺳﻨﻮات ،وﻣﺮة أﺧﺮى ﻫﺬا ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ ﻛﻴﺚ .ﻓﻤﺎ اﻟﻌﻤﻞ إذن؟ ُ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ ﺟﺪو ٌل ﱢ ﺗﻌﱪ أرﻗﺎﻣﻪ ﻋﻦ املﺪَد اﻟﺘﻲ ﺳﻴﻤﻀﻴﻬﺎ ﻛﻴﺚ وﺟريي ﰲ اﻟﺴﺠﻦ ،ﺑﺬﻟﻚ اﻟﱰﺗﻴﺐ:
ﻛﻴﺚ
ﺟريي اﻋﱰاف
إﻧﻜﺎر
اﻋﱰاف ٥ﺳﻨﻮات ٥ ،ﺳﻨﻮات ١٠ﺳﻨﻮات ٣٠ ،ﻳﻮﻣً ﺎ إﻧﻜﺎر
٣٠ﻳﻮﻣً ﺎ ١٠ ،ﺳﻨﻮات
ﻋﺎﻣني ،ﻋﺎﻣني
ﺑﻌﺪ ﻗﺮاءﺗﻪ ﻛﺘﺎﺑًﺎ ﻋﻦ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ،أﻋَ ﱠﺪ ﺟريي ﻫﺬا اﻟﺠﺪول ،وراح ﻳﺤﺪﱢق ﺑﻪ ،وﻓﺠﺄ ًة َ أدﻫ َﺸﻪ أن اﻟﻘﺮار اﻷﻣﺜﻞ ﻻ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺑﺎملﺮة ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻛﻴﺚ؛ ﻓﺈذا اﻋﱰف ﻛﻴﺚ ﻓﺴﻴﺤﺼﻞ ﺟريي ﻋﲆ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات إذا ﻣﺎ اﻋﱰف ﻫﻮ ً أﻳﻀﺎ ،وﻋﴩ إذا ﻟﻢ ﻳﻌﱰف؛ وإذا ﻟﻢ ﻳﻌﱰف 70
ﻣﻌﻀﻠﺔ اﻟﺴﺠﻴﻨني
ﻛﻴﺚ ﻓﺴﻴﺤﺼﻞ ﺟريي ﻋﲆ ﺛﻼﺛني ﻳﻮﻣً ﺎ ﻓﻘﻂ إذا ﻣﺎ اﻋﱰف ،وﺳﻨﺘني إذا ﻟﻢ ﻳﻌﱰف؛ ﻟﺬا ﱢ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻤﱠ ﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻛﻴﺚ ،ﻓﺈن أﻓﻀﻞ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻟِﻜﻴﺚ ﻫﻲ أن ﻳﻌﱰف. املﺸﻜﻠﺔ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ أن ذﻟﻚ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻔ ﱢﻜﺮ ﺑﻪ ﻛﻴﺚ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ؛ ﻟﺬا ﻓﺈن اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺘﻪ املﺜﲆ، ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻤﱠ ﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻛﻴﺚ ،ﻫﻲ اﻻﻋﱰاف ً ﱢ أﻳﻀﺎ. ﻟﻜﻦ أﻳﻦ ﻳﱰﻛﻨﺎ ﻫﺬا؟ ﻟﻘﺪ ﺣ ﱠﻠﻞ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ اﻟﺴﺠﻴﻨني ﺟﻤﻴ َﻊ اﻟﺨﻴﺎرات املﺘﺎﺣﺔ أﻣﺎﻣﻪ ﱢ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﺑﺪﻗﺔ ،وﻗ ﱠﺮ َر أن ﺧﻴﺎره اﻷﻣﺜﻞ »اﻟﺬي ﻳﺼﺐﱡ ﰲ ﻣﺼﻠﺤﺘﻪ« ﻫﻮ اﻻﻋﱰاف، ﻋﻤﱠ ﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ َ اﻵﺧﺮ .ﺳﻴُﺴﺠَ ﻦ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺎ ﻳُﻄ َﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ املﺴﺎوﻣﺔ َ ﻧﻈﺮت إﱃ اﻟﺠﺪول ،ﻳﺘﻀﺢ ﺟﻠﻴٍّﺎ أن ﻫﻨﺎك ﺧﻴﺎ ًرا أﻓﻀﻞ ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ اﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ إذا ﻣﺎ ﱡث ﻣﻌً ﺎ ،ﺛﻢ اﻟﺘﴫﱡف وﻓﻖ ﻣﺼﻠﺤﺘﻬﻤﺎ »املﺸﱰﻛﺔ«ً ، إذا ﻣﺎ اﺳﺘﻄﺎﻋﺎ ﻓﻘﻂ اﻟﺘﺤﺪ َ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﻳﺘﴫﱠف ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ وﻓﻖ ﻣﺼﻠﺤﺘﻪ »اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ« .إذا ﻣﺎ َ اﺗﻔﻘﺎ ﻋﲆ اﻻﺳﺘﻤﺮار ﰲ املﻘﺎوﻣﺔ ْ ورﻓﺾ اﻻﻋﱰاف ،ﻣﺪﱠﻋِ ﻴَني اﻟﱪاءة َ )اﻧﺲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻟﻠﻤﻮﻗﻒ( ،ﻓﺴﻴﻨﺘﻬﻲ ﺑﻬﻤﺎ اﻷﻣ ُﺮ ﺑﺎﻟﺴﺠﻦ ملﺪة ﻋﺎﻣني ﻓﻘﻂ وﻟﻴﺲ ﺧﻤﺴﺔ أﻋﻮام. ﻳﺴﺘﺨﺪم أﺻﺤﺎب ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻷﻟﻌﺎب ﻣﺼﻄﻠﺢ »اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ املﻬﻴﻤﻨﺔ« ﻟﻮﺻﻒ ﻣﻮﻗﻒ ُ ﺗﻨﺎﻓﴘ ﻳﺠﺪ ﻓﻴﻪ اﻟﻼﻋﺐ أن ﻗﺮاره اﻷﻣﺜﻞ ﻻ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ اﻵﺧﺮون .ﻛﺎﻧﺖ ً واﺿﺤﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ،وﻣﻊ ﻫﺬا ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ املﻬﻴﻤﻨﺔ ﻟﻜﻞ ﻻﻋﺐ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ أن ﻳُﺒﲇ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑﻼء أﻓﻀﻞ إذا ﻣﺎ ﺗﻌﺎ َوﻧَﺎ ﻣﻌً ﺎ .ﻗﺪ ﻳﺒﺪو ﻫﺬا ﻣﻨﺎﻗِ ًﻀﺎ ﻟﻠﺬﱠات، ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺪاﺧﻞ اﻟﻘﺮارات اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﺗﺘﻀﺎﻋﻒ اﻟﺨﻴﺎرات. ﻟﻨﻔﱰ ْ ض أﻧﻪ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﻮد واﻷﺳﻮأ ﻣﻦ ذﻟﻚ أن ﻫﺬا املﻮﻗﻒ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ اﻻزدواﺟﻴﺔ. ِ َ َ ﻳﺘﻮاﺻﻼ ،رﺑﻤﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻘﺼﻮى اﻟﺘﻲ ﻳﺒﺬﻟﻬﺎ اﻟﺤ ﱠﺮاس ،ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻄﺎع ﻛﻴﺚ وﺟريي أن اﻟﻨﻘﺮ ﻋﲆ ﺟﺪران اﻟﺰﻧﺰاﻧﺔ ،أو رﺑﻤﺎ إﻋﻄﺎء رﺷﻮة ﺻﻐرية إﱃ أﺣﺪ اﻟﺤﺮس؛ ﻗﺪ ﻳﺘﻔﻘﺎن ﱡ اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻹﻧﻜﺎر ،ﺳﻮاء ﰲ أﺣﻠﻚ اﻟﻈﺮوف أم أﻓﻀﻠﻬﺎ. ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻋﲆ أن اﻟﺮﻫﺎن اﻷﻓﻀﻞ ﻫﻮ ﴎا ﰲ اﻟﻠﺤﻈﺔ وﺣﺘﻰ إذا اﻧﻄﻠﻘﺎ ﰲ ﻫﺬا املﺴﺎر ،ﻓﺴﻴﻈﻞ ﰲ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ اﻻﻋﱰاف ٍّ اﻷﺧرية ،ﻋﲆ أﻣﻞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﺣﻜ ٍﻢ ﺑﺜﻼﺛني ﻳﻮﻣً ﺎ ﻓﻘﻂ ،وﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن ﺛﻘﺔ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻋﻈﻴﻤﺔ ٍّ ً ﰲ َ ﺣﻘﺎ ﻟﻴﺘﻘﺒ َﱠﻼ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه املﺨﺎﻃﺮة؛ ﻧﻔﺲ اﻷﻣﺮ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ دوﻟﺘني ﻣﺘﻌﺎدﻳﺘني اﻵﺧﺮ ﺗﺘﻔﻘﺎن ﻋﲆ ﻧﺰع اﻟﺴﻼح املﺸﱰك؛ ﻓﺎملﻴﺰة ﺗﺬﻫﺐ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎل .وﺗﺘﻌﻠﻢ اﻟﺪول ذﻟﻚ ً ﻣﻄﻠﻘﺎ، اﻟﺪرس ﻣﺮا ًرا وﺗﻜﺮا ًرا ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ ،واﻟﺒﻌﺾ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻻ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻢ ﻟﻜﻦ اﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻳﺤﺠﻢ ﻋﺪد ﻫﺬه اﻟﺪول. 71
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ً ﺗﻔﺼﻴﻼ ﻟﻨﻔﺲ املﻌﻀﻠﺔ ،ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻻﻋﺒَني ،وﺻﻔﻬﺎ ﺟﺎرﻳﺖ ﻫﻨﺎك ﻧﺴﺨﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ أﻛﺜﺮ ٍ ﺣﺎﻟﺔ ﻫﺎردن ﰲ ﻣﻘﺎﻟﻪ اﻟﺸﻬري ﻋﺎم ١٩٦٨اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻨﻮان »ﻣﺄﺳﺎة املﺸﺎع« ،ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام راع زﻳﺎد ُة ملﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻋﺎة ﻳَﺮﻋُ ﻮن ﻗﻄﻌﺎﻧﻬﻢ ﰲ ﻣﺮﻋً ﻰ ﻣﺸﱰك؛ ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻛ ﱢﻞ ٍ ﻣﺎﺷﻴﺘﻪ ،ﻟﻜﻦ إذا ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻮا »ﺟﻤﻴﻌً ﺎ« ﻫﺬا ،ﻓﺴﻴﺆدي إﱃ ﻛﺎرﺛﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ املﺮﻋﻰ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﲆ اﻧﻔﺮاد .وإذا ﻣﺎ اﺗﻔﻘﻮا ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻋﲆ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺣﺠﻢ ﻣﺎﺷﻴﺘﻬﻢ ،ﻓﺈن َ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺒﴩﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺣ ﱠﻞ ﻟﻬﺎ ﻋﲆ ﻣَ ﻦ ﻳﺤﺘﺎل ﻫﻮ اﻟﺬي ﺳﻴﻨﺠﺢ .ﺗﺄﻣﱠ ْﻞ وﺟﻪ اﻷرض ،ﺣﻴﺚ ﺗﴪي ﻧﻔﺲ املﺒﺎدئ. وﺣﻘﻴﻘﺔ أن املﺼﻠﺤﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻌﻤﻞ ﺿﺪ اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم ﻫﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺆﺛﺮة، وﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻟﻬﺎ ﺣ ﱞﻞ ﻣﻌﺮوف ﻋﲆ املﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎم .وﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻔﻖ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﲆ ﻣﺮﻏﻮﺑﻴﺔ ﺟﻤﺎﻋﻲ ﻣﺎِ ، ﻓﻤﻦ املﺼﻠﺤﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﻓﺮد ﱠأﻻ ﻳﺪﻓﻊ ﻟﻘﺎء ذﻟﻚ ﺳﻮى اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻗﺪر ﻋﻤﻞ ٍ ﱟ ُ َ ﻣﻨﺎص ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ أن ﻣﻦ اﻟﺠﺎﺋﺰ ﻗﺎﻧﻮﻧًﺎ املﺴﺘﻄﺎع ،وﻣﺎ ﻳﺆ ﱢﻛﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻟﻨﺎ ﺗﺠﻨﱡﺐ ﺳﺪاد اﻟﴬاﺋﺐ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ اﻟﺘﻬ ﱡﺮب ﻣﻨﻬﺎ؛ وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ ﰲ أن اﻟﻨﺎس ،ﰲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ ،ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪادٍ ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺖ ﻟﻜ ﱢﻞ املﴩوﻋﺎت املﻔﻴﺪة اﺟﺘﻤﺎﻋﻴٍّﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ، َ ﺷﺨﺺ َ ﱠ ٌ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺪﻓﻊ. آﺧﺮ وﻳﺘﻮﱃ ﺑﴩط أن ﻳﺴﺘﻔﻴﺪوا ﻓﻘﻂ، ﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ ﻣﻔ ﱞﺮ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻣﻦ ﻣﻌﻀﻠﺔ اﻟﺴﺠﻴﻨني؛ إذ إن اﻟﺘﻮاﻃﺆ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺆدﱢي إﻻ ﻗﺮار ﻣﺸﱰكٍ ﺑﺎﻟﺘﺸﺒﱡﺚ ﺑﺎﻟﺮأي .ﺣﺘﻰ اﻟﺘﻮاﻃﺆ ،ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻌﻲ ،ﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻣﺴﺘﻘ ٍّﺮا إﱃ ٍ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ؛ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺼﻤﺪ أﻣﺎم ﺿﻐﻮط املﺼﻠﺤﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ اﻟﻮاﺿﺤﺔ .إن أﻣﺜﻠﺔَ ٌ واﺿﺤﺔ ،وﻗﺪ أدرك أرﺳﻄﻮ ذﻟﻚ املﻮﻗﻒ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ،ﻛﺤﺎﻟﺔ املﻌﺎﻫﺪات ﺑني اﻟﺪول، ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺟﻴﺪًا ﻣﻨﺬ َ أﻟﻔ ْﻲ ﻋﺎم؛ ﻓﻘﺪ اﻋﺘﱪ ﻗﻮاﻧني اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻠُﻌﺒﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ،وأَﻃﻠﻖ ﻋﲆ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﺳﻤً ﺎ راﺋﻌً ﺎ وﻫﻮ »ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﺼﻌﺎﻟﻴﻚ« .ﻟﻘﺪ ﻛﺎن َ ﺑﺎﻟﻘﻄﻊ ﻳﺘﺤﺪﱠث اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﺑﻄﻼﻗﺔ.
72
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ
اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ
ﺣﺘﻰ اﻵن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻮﺟﺪ أيﱡ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﰲ ﻣﺸﻜﻼت ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار؛ ﻓﻤﺎ ﻣﻦ أﺣ ٍﺪ ﻳﻌﻤﻞ ﺿﺪﻧﺎ، ً أﻃﺮاﻓﺎ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ؛ ﻓﻬﻤﺎ ﻻ ﺗُﺒﺎﻟﻴﺎن ْ إن ﺣﺘﻰ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ وﻗﻮاﻧني اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ أﻧﻔﺴﻬﻤﺎ ﻻ ﺗﺪﻋﻤﺎن ﻛﻨﱠﺎ ﻧﺮﺑﺢ أم ﻧﺨﴪ .ﱠ ﻟﻜﻦ ْ وﻫﻢ أﻧﻨﺎ ﻣﺴﺌﻮﻟﻮن ﻋﻦ أﻗﺪارﻧﺎ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻻ ﻳﺒﺎﱄ ،ﻫﻮ أﻣﺮ ﻏري واﻗﻌﻲ؛ ﻓﺎملﻨﺎﻓﺴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺒﻘﺎء ﻫﻲ ﺷﺄن ﻣﻦ ﺷﺌﻮن اﻟﺤﻴﺎة ﻣﻨﺬ أن ﺗﻮاﻓ َﺮ ْت ﻟﺪﻳﻨﺎ أي ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻦ اﻹﻧﺴﺎن ،أو ﻋﻦ اﻟﻨﺒﺎت واﻟﺤﻴﻮان واﻟﺘﺎرﻳﺦ ،وﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻳﺒﻠﻎ ﻣﻘﺪاره ﻣﻠﻴﻮن ﻋﺎم أو ﻧﺤﻮ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺒﴩ ،اﻋﺘﻤﺎدًا ﻋﲆ ﻣﺎ ﻧﻌﻨﻴﻪ ﺑﻜﻠﻤﺔ إﻧﺴﺎن، أﻛﺜﺮ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻧﻌﻨﻴﻪ ﺑﺄﺷﻜﺎل اﻟﺤﻴﺎة اﻷﺧﺮى .وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ املﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﻜﻮن ﺳﺒﺐ وﺻﻮل ﺟﻨﺴﻨﺎ اﻟﺒﴩي ﻟﻮﺿﻌﻪ املﻬﻴﻤِ ﻦ اﻟﺤﺎﱄ )واملﺘﻐري( ﻋﲆ اﻟﻜﻮﻛﺐ ﻫﻮ ﻗﺪرة أﺳﻼﻓﻨﺎ ﻋﲆ اﻟﻮﺛﺐ ملﺴﺎﻓﺎت أﻋﲆ ،أو اﻟﺮﻛﺾ أﴎع ،أو اﻟﻌﺾ واﻟﺨﺪش أﻓﻀﻞ ﻣﻦ املﻨﺎﻓﺴني ،وإﻧﻤﺎ اﻟﺴﺒﺐ أﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ،إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ،أﻛﺜﺮ ﻗﺪر ًة ﻋﲆ اﻟﺘﻜﻴﱡﻒ ﻣﻊ املﻮاﻗﻒ واﻟﺒﻴﺌﺎت املﺘﻐرية؛ وﺳﻮاء أﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ اﻟﻨﺠﺎة ﻣﻦ اﻟﻜﺎرﺛﺔ اﻟﺘﻲ َ ﻗﻀ ْﺖ ﻋﲆ اﻟﺪﻳﻨﺎﺻﻮرات ﻣﻨﺬ ﺳﺒﻌني ﻣﻠﻴﻮن ﻋﺎم أم ﻻ ٌ ﱢ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻣﺘﺄﺧ ًﺮا ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﻣﻌﻪ ﺗﺤﺪﻳﺪ ذﻟﻚ — ﻓﺘﻠﻚ — ﻓﻘﺪ ﺟﺎء ﻇﻬﻮر ﻧﻮﻋﻨﺎ ٍ أدوات ﻟﻠﺘﻌﺎﻣُﻞ ﻣﻊ اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ واﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﻣﺤﻞ ﺧﻼف ،ﻟﻜﻦ ﻗﺪرﺗﻬﻢ ﻋﲆ اﺳﺘﺨﺪام ﻣﻬﺎرات أﻋﲆ ﻋﻤﻠﻴﺔً ٍ اﻟﺘﻲ واﺟﻬﺘﻬﻢ ﺗﻌﻮد إﱃ اﻟﻌﴫ اﻟﺤﺠﺮي اﻟﻘﺪﻳﻢ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺗﻄﻮﻳ ُﺮ ً ﺑﻄﻴﺌﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﻤﺮ ًة ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻳﺤ ﱢﺮﻛﻬﺎ اﻟﴫاع اﻟﺘﻄﻮري ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺒﻘﺎء .وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺛﺮﺛﺮة أﻧﺼﺎر ﻧﻈﺮﻳﺔ َ ﺣﺘﻤﻲ ﰲ ﻋﺎﻟ ٍﻢ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ، اﻟﺨ ْﻠﻖ ،ﻓﺈن اﻟﺘﻄﻮﱡر ﳾء ﱞ وﻫﻮ ﻳﺆﺗﻲ ﺛﻤﺎره ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ ﻓﺎﻷﺻﻠﺢ ،ﺳﻮاء َ راق ﻟﻚ ذﻟﻚ أم ﻻ ،ﻟﺪﻳﻪ ﻓﺮﺻﺔ أﻓﻀﻞ ﻟﻠﺒﻘﺎء، ﺑﻞ ﻟﻸﻫﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ؛ اﻟﺘﻜﺎﺛﺮ) .ﻫﻨﺎك ﻣﺨﻠﻮﻗﺎت ﻳﻤﺜﱢﻞ اﻟﺘﻜﺎﺛ ُﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻬﺎ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻬﻠ ًﻜﺎ، ً ﻣﺰﻳﺔ ،ﻓﺴﻴﺘﻮﻗﻒ اﻟﺘﻄﻮر .رﺑﻤﺎ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻔﻌﻠﻪ ﻋﲆ أي ﺣﺎل (.وإذا ﻟﻢ ﻳَﻌُ ِﺪ اﻷﺻﻠﺢ ﻳﻤﻠﻚ
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻳﺘﻌ ﱠﺮض اﻟﺘﻄﻮﱡر ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ارﺗﺪاد واﻧﺤﺴﺎر ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻠﺪﻳﻨﺎﻣﻴﻜﺎ اﻟﺤﺮارﻳﺔ ،ﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻣﻮﺿﻮع ﻣﺨﺘﻠﻒ. وذﻟﻚ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺬي ﻃﺮأ ﻋﲆ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺒﴩﻳﺔ ﻋﱪ اﻟﻌﺼﻮر ﺟَ ﻌ َﻠﻨﺎ )ﻧﺤﻦ اﻟﻨﺎﺟني( ﺣﻴﻮاﻧﺎت ﻣﺘﻨﺎﻓﺴﺔ .وﺗﻘﺪﱢم ﻟﻨﺎ اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﻧﻤﺎذجَ ﻟﻠﺤﻴﺎة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ،ودراﺳﺘُﻬﺎ ﺗُﻌِ ﻴﻨﻨﺎ ﻋﲆ ﻓﻬﻢ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﰲ ٍ ﺑﻴﺌﺔ رﺑﻤﺎ — ﺑﻞ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ — ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ املﺸﺎرﻛﻮن ﺿﺪﻧﺎ. ِ أﺑﺴﻂ اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ — ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺣﺘﻰ واﻟﻐﺮﻳﺐ أن اﻟﺠﻬﻮد اﻟﺤﺜﻴﺜﺔ ِ ﺿﺪ ﺧﺼﻢ ﻣﻔ ﱢﻜﺮ — ﻳﻌﻮد ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ ﻓﻘﻂ إﱃ اﻟﻨﺼﻒ اﻷول ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺮن ،وﻛﺎن ﻣﻦ اﻹﺳﻬﺎﻣﺎت املﻤﻴﺰة ﰲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن اﻟﻜﺘﺎبُ اﻟﻐﺎﻣﺾ »ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻷﻟﻌﺎب واﻟﺴﻠﻮك اﻻﻗﺘﺼﺎدي«، ﻣﻦ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ ﺟﻮن ﻓﻮن ﻧﻴﻮﻣﺎن وأوﺳﻜﺎر ﻣﻮرﺟﻨﺴﱰن اﻟﺼﺎدر ﻋﺎم ،١٩٤٤ﻣﻊ ﻧﺴﺨﺔ ﻻﺣﻘﺔ ﺻﺪرت ﻋﺎم ،١٩٤٧وﻣﻨﺬ ذاك اﻟﺤني ﻇﻬﺮت ﻣﺌﺎت اﻟﻜﺘﺐ ﰲ ﻫﺬا املﺠﺎل .ﻛﺎن ﻓﻮن ﻧﻴﻮﻣﺎن ،اﻟﺬي ﻛﺘﺐ ﺑﻌﺾ اﻷوراق اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﻋﻦ املﻮﺿﻮع ﰲ اﻟﻌﴩﻳﻨﻴﺎت ،واﺣﺪًا ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت اﻟﺒﺎرﻋني ٍّ ً ٍ ﺑﺎﺳﺘﺨﻔﺎف ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻫﺬا املﺼﻄﻠﺢ ﺣﻘﺎ — وﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺴﺘﺨﺪم — ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻮرﺟﻨﺴﱰن ﻋﺎﻟ َﻢ اﻗﺘﺼﺎدٍ ﺷﻬريًا .وﻳﺆ ﱢﻛﺪ اﻟﺠﻤﻊ ﺑني املﻮﺿﻮﻋني ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻬﻤﺎ ﻋﲆ ﺣﻘﻴﻘﺔ أن ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻷﻟﻌﺎب ﻟﻬﺎ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎت ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﻬﻤﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻋﻠﻤﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻫﻢ ﻣَ ﻦ ﻧﻈﺮوا إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺤﻤﺎس .وﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻣﺨﺼﺺ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻷﺑﺴﻂ اﻟﺤﺎﻻت :اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺼﻔﺮﻳ ِﺔ املﺠﻤﻮع ذات اﻟﻼﻋﺒَني؛ ﻓﻬﻲ ﱢ ﺗﻮﺿﺢ املﺒﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺸﻜﻞ راﺋﻊ ﺑﺄﻗﻞ ﻗﺪر ﻣﻦ ً ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻣﻊ وﺟﻮد ﻣﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﻼﻋﺒني ،وﻳﻈﻞ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ املﺸﻜﻼت اﻟﺰﻳﺎدات ،وﻳﺰداد اﻷﻣﺮ ﺑﻼ ﺣﻞ. وﻫﺎ ﻫﻲ أﺑﺴﻂ اﻷﻟﻌﺎب املﻤﻜﻨﺔ ذات اﻟﻼﻋﺒَني :ﺗﻤ ﱡﺪ ﻳ َﺪﻳْﻚ املﻐﻠﻘﺘني وﺑﺈﺣﺪاﻫﻤﺎ — ﻟﻨ َ ُﻘ ْﻞ — ﺣﺼﺎة ﻣﺨﺒﱠﺄة؛ إذا ﻣﺎ ﺧﻤﱠ ﻨ ْ ُﺖ أﻧﺎ اﻟﻴﺪ اﻟﺘﻲ ﺑﺪاﺧﻠﻬﺎ اﻟﺤﺼﺎة ،أرﺑﺢ ﺷﻴﺌًﺎ ،ﻟﻨ َ ُﻘ ْﻞ ً ﻋﴩة ﺳﻨﺘﺎتْ ، ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ، وإن ﻛﺎن ﺗﺨﻤﻴﻨﻲ ﺧﻄﺄً ،أﺧﴪ اﻟﺴﻨﺘﺎت اﻟﻌﴩة .ﺗﺒﺪو اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت وﻫﻲ ﻟﻌﺒﺔ ﺻﻔﺮﻳﺔ املﺠﻤﻮع )ﺑﻤﻌﻨﻰ أن أيﱠ ﳾء أرﺑﺤﻪ ،ﺗﺨﴪه أﻧﺖ ،واﻟﻌﻜﺲ ﺻﺤﻴﺢ(. ﻳﺒﺪو أن اﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﻨﻄﻮي ﻋﲆ أي ﻣﻬﺎرات؛ ﻓﺒﻤﻘﺪوري اﻟﺘﺨﻤني ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺬف اﻟﻌﻤﻠﺔ ،أو ً ُ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣُﺴﺒَﻘﺔ ﺑﺎﻟﻴﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮي دﻣﺖ ﻻ أﻣﺘﻠﻚ ﻋﻴﻨًﺎ ﺑﻬﺎ أﺷﻌﺔ ﺳﻴﻨﻴﺔ أو اﻟﺘﻔﻜري ﺑﱰوﱟ ،ﻣﺎ ُ ﻻﺣﻈﺖ )ﻋﲆ اﻟﺤﺼﺎة ،ﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻻ ﻳﻜﻮن ﺻﺤﻴﺤً ﺎ إﻻ ﰲ املﺮات اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻷوﱃ ﻓﻘﻂ؛ ﻓﺈذا ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻓﻴﻬﺎ( أﻧﻚ ﱢ ٍ ﺗﻔﻀﻞ ﻳﺪك اﻟﻴﻤﻨﻰ ،أو أﻧﻚ ﺗﻤﻴﻞ ﻟﺘﺒﺪﻳﻞ ﻳ َﺪﻳْﻚ ﺑني اﺧﺘﻴﺎر ﺳﺒﻴﻞ ِ آﺧﺮ ﻳﻤﻜﻦ إدراﻛﻪ؛ ﻓﴪﻋﺎن ﻣﺎ ﺳﻮف أدرﻛﻪ ،وأﴍع ﰲ ﱡ املﺤﺎوﻻت ،أو ﻟﻚ أيﱡ ﻧﻤﻂ َ ﺗﻮﻗﻊ َ ﻻﺣﻈﺖ أﻧﺖ أﻧﻨﻲ ﻋﺎد ًة ﻣﺎ أﺧﺘﺎر اﻟﻴﺪ ﺧﻄﻮاﺗﻚ ﺑﺸﻜﻞ ﺻﺤﻴﺢ ،وأﺑﺪأ ﰲ اﻟﻔﻮز؛ وإذا ﻣﺎ 74
اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ
اﻟﻴﴪى ،أو أﺗﺤ ﱠﺮى اﻟﺘﺒﺎدُل ،أو أﻳٍّﺎ ﻛﺎن ﻣﺎ أﻓﻌﻠﻪ ،ﻓﺴﺘﺒﺪأ ﰲ اﻟﺘﻼﻋﺐ ﻛﻲ ﺗﺜﺒﱢﻂ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎﺗﻲ؛ ُ ﻧﺠﺤﺖ أﻧﺎ ﰲ ﺗﺠﻨﱡﺐ إﻇﻬﺎر ٍ ﻧﻤﻂ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ اﺳﺘﻐﻼﻟﻪ ،ﻓﺈن ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺘﻚ — ﺑﺎﻟﻘﻄﻊ وإذا ﱠ ﱠ ً — أن ﺗﺘﺠﻨﺐَ أﻧﺖ أﻳﻀﺎ إﻇﻬﺎ َر ﻧﻤﻂ ﱠ ﻣﻌني؛ ﺧﺸﻴﺔ أن أدرﻛﻪ .إن ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻨﺎ أن ﻳﻼﺣﻆ ﻣﺘﻰ ﻳﻄﻮﱢر َ ٍ ﻋﺎدات ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﻬﺎ. اﻵﺧ ُﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒﺪأ ﺗﻠﻚ املﻨﺎﻓﺴﺔ ﰲ اﻟﺘﺨﻤني وﺗﺘﺠﻪ ﻧﺤﻮ اﻻﺳﺘﻤﺮار ،ﻳﺒﺪأ اﻟﺬﻛﺎء ﻳﺆﺗﻲ ﺛﻤﺎره؛ ﻓﻬﺬه اﻟﻠﻌﺒﺔ — ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻗﻮاﻋﺪﻫﺎ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ — ﺗﻨﻄﻮي ﻋﲆ ﺗﺤ ﱟﺪ )ﻣﻨﺬ أرﺑﻌني ﻋﺎﻣً ﺎ َ ﻣﻀ ْﺖ ،ﺻﻤﱠ ﻢ ﻛﻠﻮد ﺷﺎﻧﻮن — وﻫﻮ ﻋﺎﻟﻢ رﻳﺎﺿﻴﺎت ﻣﻮﻫﻮب وﺿﻊ ﻧﻈﺮﻳﺔ املﻌﻠﻮﻣﺎت َ ﺗﺨﻤني ﻟﻜﻲ ﺗﻤﺎرس اﻟﻠﻌﺐ أﻣﺎم اﻟﺒﴩ، ﻣﺎﻛﻴﻨﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ — ﰲ »ﻣﻌﺎﻣﻞ أﺑﺤﺎث ﺑﻞ ﻟﻠﻬﺎﺗﻒ« ٍ ً ﻧﺎﺟﺤﺔ ﺑﺼﻮرة ﻣﺬﻫﻠﺔ ﰲ املﻨﺎﻓﺴﺔ املﺒﺎﴍة ﻣﻊ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺤﻘﻴﻘﻴني ،اﻟﺬﻳﻦ وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠﻌﺒﺔ ً ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺠﺪون ﻣﺸﻜﻠﺔ ﰲ إﺧﻔﺎء أﻧﻤﺎﻃﻬﻢ( .إن أﻓﻀﻞ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻠﻌﺒﺔ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻛﻞ ﻻﻋﺐ ،ﻫﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻧﻤﻂ ﻣﻤﻴﺰ ﰲ ﺳﻠﻮك َ اﻵﺧﺮ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺗﻜﻮن أﻓﻀﻞ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﻀﺎدة ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻫﻲ اﻟﺘﴫﱡف ﺑﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ ﻗﺪر اﻹﻣﻜﺎن — ﻟﺘﺠﻨﱡﺐ اﻷﻧﻤﺎط اﻟﻮاﺿﺤﺔ — ِ ِ ﺿﻌﻒ اﻵﺧﺮ أﺛﻨﺎء ذﻟﻚ )وﻳﴪي ﻫﺬا ﻋﲆ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ؛ ﻧﻘﺎط ﻣﻊ اﺳﺘﻐﻼل ﻓﻔِ َﺮق ﻛﺮة اﻟﻘﺪم ﺗﺒﺬل أﻗﴡ ﻣﺎ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻬﺎ ﻟﻜﻲ ﺗﺨﻠﻂ ﻣﺎ ﺑني اﻟﺠﺮي واﻟﺘﻤﺮﻳﺮات، ورﻣﺎة اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل املﻮﻫﻮﺑﻮن ﻳﺨﻠﻄﻮن ﻣﺎ ﺑني اﻟﻜﺮات اﻟﴪﻳﻌﺔ واﻟﻜﺮات املﻨﺤﻨﻴﺔ ،وﻻﻋﺒﻮ اﻟﺒﻮﻛﺮ املﺎﻫﺮون ﻻ ﻳﺨﺎدﻋﻮن ﻛﺜريًا ،ﻟﻜﻦ إذا ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻮا ﻫﺬا ،ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺤﺪث إﻻ ﺑﺸﻜﻞ ﻏري ﱠ ﻣﺘﻮﻗﻊ ،وﻫﺬا ً إن اﺳﺘﻄﺎع ﻻﻋﺒَﺎ اﻟﺤﴡ أن ﻳﻐ ﱢﻠﺒَﺎ اﻟﺴﻠﻮ َك اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ ﻋﲆ أﻳﻀﺎ ﻧﻤﻂ(ِ . ﺣﺮﻛﺎﺗﻬﻤﺎ ﺑﻤﻬﺎرة ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ،ﻓﺴﻴﺼﻼن ﻟﻨﻘﻄﺔ اﻟﺘﻌﺎدُل ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ .وﺗﻌﻨﻲ املﻬﺎرة اﺳﺘﻐﻼل ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﺳﻠﻮك َ اﻵﺧﺮ ﻟﻠﺘﻨﺒﺆ ﺑﻪ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ﺗﺘﴫﱠف ﰲ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﺗﻌ ﱡﻠ َﻢ ِ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﻬﺎ .ﺟ ﱢﺮبْ ﻫﺬا؛ إﻧﻬﺎ ﻟﻌﺒﺔ ﺗﻔﻜري ﺗﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﺟﻴﺪة .ﱠ ٍ )ﺣﻘ َﻘ ْﺖ آﻟﺔ أﻧﺖ ً ﻣﺪﻳﺮ ﺗﻨﻔﻴﺬيﱟ ﺑﺈﺣﺪى ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻮز املﺒﻬﺮ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺨﴪ ﻣﺒﺎراة ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ أﻣﺎم ﺷﺎﻧﻮن ٍ درس ﻣﺴﺘﻔﺎد ﻫﻨﺎ؟( اﻟﴩﻛﺎت ،ﻛﺎﻧﺖ أﻧﻤﺎط ﺗﻔﻜريه ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﺑﺎﻟﻎ؛ ﻓﻬﻞ ِﻣﻦ ٍ ً واﻗﻌﻴﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﴚء ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﺤﺘﺎج ﻣﻌﻪ أن ﻧﻄﻠﻖ اﻵن دﻋﻮﻧﺎ ﻧﺠ ﱢﺮب ﺷﻴﺌًﺎ أﻛﺜﺮ أﺳﻤﺎءً ﻋﲆ ﺑﻌﺾ املﺘﻨﺎﻓﺴني ،ﻟﻨ َ ُﻘ ْﻞ ﺟﺎك وﺟﻴﻞ .ﻣﺮة أﺧﺮى ﺳﺘﻜﻮن ً ﻟﻌﺒﺔ ﺻﻔﺮﻳﺔ املﺠﻤﻮع، ﻟﻜﻦ ﺑﻤﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎرات ،واﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﺳﻴﻤﺎﺛﻞ ﻧﻤﻮذجَ ﺟريي وﻛﻴﺚ ﻟﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﻟﻜﻦ ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ُﻣﺪَد اﻟﺴﺠﻦ ﻟﻜﻞ ﻻﻋﺐ ،ﺳﺘﻮﺟﺪ ﺧﻄﻮات ﺗﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﻳﺘﺨﺬﻫﺎ اﻟﻼﻋﺒﺎن ُ ﺗﻮاﺻﻞ؛ ﻓﺒﻤﺎ أﻧﻬﻤﺎ ﻣﺘﻨﺎﻓﺴﺎن ،ﻓﻬﻤﺎ ﻻ ﻳﺮﻏﺒﺎن ﰲ اﻟﻜﺸﻒ املﺘﻨﺎﻓﺴﺎن .ﻏري ﻣﺴﻤﻮح ﺑﺄيﱢ ﻋﻦ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎﺗﻬﻤﺎ ﻋﲆ أي ﺣﺎل؛ ﺳﺘﺒﺪو اﻟﺼﻮرة ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ ،ﻣﻊ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﺧﻄﻮات 75
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﺟﺎك املﺤﺘﻤﻠﺔ ﺑﺤﺮوف ﻣﻦ أ ﺣﺘﻰ د ،وﺧﻄﻮات ﺟﻴﻞ ﻣﻦ ﻫ ﺣﺘﻰ ح .ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﱟ ﻧﺤﻮ ﻣﺴﺘﻘِ ﱟﻞ ﻋﻤﻮدًا ﴎا ﺑﺎﺧﺘﻴﺎر ﰲ ﻗﻴﺎم ﺟﻴﻞ ٍّ ﺻﻒ )ﺧﻂ أﻓﻘﻲ( ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺳﻴﺨﺘﺎر ﺟﺎك ﻋﲆ ٍ )ﺧ ٍّ ﻄﺎ رأﺳﻴٍّﺎ( ،وﺗﻌﺘﻤﺪ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺠﻮﻟﺔ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ املﺮﺑﻊ املﺘﻘﺎﻃﻊ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﻜﺸﻒ اﻟﺨﻄﻮات )ﻟﻨ َ ُﻘ ْﻞ إﻧﻬﻤﺎ ﺳ ﱠﻠﻤَ ﺎ ﺧﻄﻮاﺗﻬﻤﺎ ﰲ ﻣﻈﺮوف ﻣﻐﻠﻖ ،ﻳﻔﺘﺤﻪ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪُ(.
أ
ﻫ ٦٠ ٢٧ ٣٢ ٥٦
ﺟﻴﻞ
ﺟﺎك ب
و ٦٣ ز
٢
٢
ﺟ
د
١٥ ١٩
٣٨ ٢٣ ٢٩
ح ٤٩ ٢١ ١٠ ٢٦
اﻟﺮﻗﻢ املﻮﺟﻮد ﰲ ﻛﻞ ﻣﺮﺑﻊ ﻫﻮ ﻣﻜﺴﺐ ﺟﻴﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺨﻴﺎرﻳﻦ ﺑﻌﻴﻨﻬﻤﺎ، وﻳﻤﺜﱢﻞ ﺧﺴﺎرة ﺟﺎك ﻋﲆ اﻟﺘﻮازي .ﻟﻘﺪ اﺧﱰﻧﺎ اﻷرﻗﺎم ﺑﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ )ﻟﻴﺲ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ٍ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﺎ( .إن ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ؛ ﻓﺎملﺆﻟﻔﻮن داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﻔﻈﻮن ﺑﺤﻖ اﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﺄرﻗﺎﻣﻬﻢ ﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﻛﻼ اﻟﻼﻋﺒني ﻳﺪرك املﺨﺎﻃﺮ؛ ﻓﻬﻤﺎ ﻳﻀﻌﺎن ﻫﺬا اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺒﻴﺎﻧﻲ أﻣﺎﻣﻬﻤﺎ ،وﻗﺪ ﺟﻌﻠﻨﺎ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﺗﻨﺤﺎز ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺟﻴﻞ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻷرﻗﺎم املﻮﺟﺒﺔ ﻓﻘﻂ؛ ﻓﺒﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﻘ َﺮأ ﺑﻬﺎ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺨﴪ ،وﻫﺬا ﻻ ﱢ ﻳﻐري ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎت اﻟﺘﻲ ﺳﻨﺨﻠﺺ إﻟﻴﻬﺎ؛ ﺑﻞ ﻳﺠﻨﱢﺒﻨﺎ ﻓﻘﻂ اﻹزﻋﺎجَ اﻟﻄﻔﻴﻒ ﻟﻸرﻗﺎم اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ .ﺳﱰﻏﺐ ﺟﻴﻞ ﰲ ﺗﻌﻈﻴﻢ ﻣﻜﺎﺳﺒﻬﺎ ،ﻓﻴﻤﺎ ﺳريﻏﺐ ﺟﺎك ﰲ ﺗﻘﻠﻴﻠﻬﺎ ً واﻗﻌﻴﺔ ،ﻟﻨﻔﱰض أﻧﻬﺎ ﺗﺪﻓﻊ ﻟِﺠﺎك أﺗﻌﺎﺑًﺎ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﺪﺧﻮل اﻟﻠﻌﺒﺔ ،وﺗﺄﻣﻞ )ﻟﻨﺠﻌﻞ اﻷﻣﺮ أﻛﺜ َﺮ ً ﰲ أن ﺗﺴﱰدﻫﺎ ﰲ ﺻﻮرة ﻣﻜﺎﺳﺐ( .ﻟﻘﺪ اﺧﱰﻧﺎ ً ﺟﺪوﻻ ﻣﺮﺑﻌً ﺎ — ﻟﻜﻞ ﻻﻋﺐ ﻓﻴﻪ ﻧﻔﺲ أﻳﻀﺎ ﻣﻬﺎﺟﻢ ﰲ ﻣﺒﺎرا ٍة ﻟﻜﺮة ﻋﺪد اﻟﺨﻴﺎرات — ﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﴐورﻳٍّﺎ .إن ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻓﺮﻳﻖ ِ اﻟﻘﺪم ،واﻟﻔﺮﻳﻖ َ اﻵﺧﺮ ﻫﻮ املﺪاﻓﻊ ،ﻓﺴﻴﻜﻮن أﻣﺎﻣﻬﻤﺎ ﻗﻮاﺋﻢ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎرات )ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻨﻈﺮ إﱃ اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﻛﺮة اﻟﻘﺪم ﻋﲆ أﻧﻬﺎ أﻟﻌﺎب ﺻﻔﺮﻳﺔ املﺠﻤﻮع؛ ﻷن أي ﻧﻘﺎط ﻳﺤﺮزﻫﺎ أﺣﺪ اﻟﻔﺮﻳﻘني ﻳﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻧﻘﺎ ً ﻃﺎ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻔﺮﻳﻖ َ ُﺤﺮز ﻣﻌﻈ َﻢ اﻟﻨﻘﺎط ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻔﻮز .ﻫﻨﺎك رﻳﺎﺿﺎت اﻵﺧﺮ ،واﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﺬي ﻳ ِ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺤﺮز ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻘﺎ ً ﻃﺎ ﺳﻠﺒﻴﺔ ،ﺗﺄﺗﻲ ﻋﺎد ًة ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻮﻗﻴﻊ اﻟﺠﺰاءات ﻋﲆ اﻟﻼﻋﺐ(. 76
اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ
إن ﻣﻬﻤﺔ ﺟﻴﻞ اﻵن ﻫﻲ اﻟﺘﻔﻜري ﰲ ﺧﻄﻮﺗﻬﺎ املﺜﲆ ،وﻫﻲ ﻻ ﺗﺪري ﻣﺎ اﻟﺬي ﺳﻴﻔﻌﻠﻪ ﺟﺎك )واﻟﻌﻜﺲ ﺻﺤﻴﺢ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ( .ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺗﻮاﻃﺆ؛ ﻓﻬﻤﺎ ﻳﻜﺸﻔﺎن ﻋﻦ ﺧﻄﻮاﺗﻬﻤﺎ ﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ .ﻗﺪ ﺗﻤﻴﻞ ﺟﻴﻞ ملﺤﺎوﻟﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻓﻮز أﻛﱪ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎر اﻟﺼﻒ و ،ﻋﲆ أﻣﻞ أن ﻳﻀﻄﺮ ﺟﺎك ﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﻌﻤﻮد أ ،ﻣﻤﺎ ﻳﻤﻨﺤﻬﺎ ٦٣ﻧﻘﻄﺔ ،وﻫﻮ أﻓﻀﻞ املﺘﺎح؛ ﻟﻜﻦ ﺟﺎك ﻟﻴﺲ أﺣﻤﻖ، وﻫﻮ ً أﻳﻀﺎ ﻳﻌﻲ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﺎ ﰲ اﻟﺠﺪول؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻗﺪ ﻳﻘﻮم ﺑﺘﺨﻤني ﺧﻄﻮاﺗﻬﺎ وﻳﺨﺘﺎر ب ﻟﻨﻔﺴﻪ ،ﻣﻘ ﱢﻠ ًﻼ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻜﺴﺒﻬﺎ إﱃ ٢ﻓﻘﻂ ،وﻫﻮ ﻣﻜﺴﺐ ﻻ ﻳﻜﺎد ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺟﻬﺪﻫﺎ. وﺑﺎﻟﺘﻔﻜري ﺑﺮوﻳ ٍﺔ ﰲ ﺧﻄﻮات ﺟﺎك املﻤﻜﻨﺔ واملﻀﺎدة ﻟﺨﻄﻮاﺗﻬﺎ ،ﻗﺪ ﺗﻘ ﱢﺮر ﺟﻴﻞ أن ﺗﻠﻌﺐ ﱡ ﱢ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻤﱠ ﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺟﺎك؛ ﺑﻬﺬه ﺑﺘﺤﻔﻆ ،وأن ﺗﺨﺘﺎر ﺧﻄﻮاﺗﻬﺎ ﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ﻣﻜﺎﺳﺒﻬﺎ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﻮف ﺗﻘ ﱡﺮ ﺑﺘﻤﺘﱡﻌﻪ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺬﻛﺎء ،وﺗﺤﺎول أن ﺗﻀﻊ ﻫﺬا ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر .ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﻠﻌﺐ ﺑﻬﺬا اﻟﺸﻜﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﻈﺮ ﻟﻜﻞ ﺻﻒ )ﺧﻂ أﻓﻘﻲ( ﻳﻤﺜﱢﻞ ﺧﻄﻮة ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ ﻟﻬﺎ، وﺗﺨﺘﺎر اﻟﺼﻒ اﻟﺬي ﻳﻜﻮن »ﺣﺪه اﻷدﻧﻰ« — واﻟﺬي ﻳﻤﺜﱢﻞ أﻓﻀﻞ ﺧﻄﻮة ﻟِﺠﺎك ﺿﺪﻫﺎ — أﻛﱪ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ .ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳُﻄ َﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ »أﻗﴡ اﻷدﻧﻰ«؛ ﻓﻬﻲ ﺳﺘﺤﺎول ﺗﻌﻈﻴﻢ اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ملﻜﺴﺒﻬﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﻪ ﺟﺎك ،وﺑﻬﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜري ،ﺳﺘﻤﻴﻞ ﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﺨﻴﺎر ﻫ؛ ﻷن أﻗﻞ رﻗﻢ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺼﻒ — ٢٧ ،اﻟﺬي ﻳﻤﺜﱢﻞ أﺳﻮأ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺻﻒ َ ﱟ آﺧﺮ .ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﳾء ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻔﻌﻠﻪ إذا اﺧﺘﺎرت ﻫ — أﻛﱪ ﻣﻦ أﺻﻐﺮ رﻗﻢ ﰲ أي ﺟﺎك ﰲ ﺧﻄﻮﺗﻪ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻜﺴﺒﻬﺎ أﻗﻞ ﻣﻦ ،٢٧ﺑﻴﻨﻤﺎ أي ﺧﻄﻮة أﺧﺮى ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ ﱠ ﺳﺘﺠﻌﻠﻬﺎ ﻣﻌ ﱠﺮ ً املﺘﻮﻗﻌﺔ. ﺿﺔ ﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻟﻌﺐ ﺟﺎك املﻀﺎدة ﻏري ﻻﺣِ ْ ﻆ أن املﻨﻄﻖ ﻫﻨﺎ ﻟﻴﺲ ﻧﻔﺲ املﻨﻄﻖ اﻟﺬي اﺳﺘﺨﺪﻣﻨﺎه ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﱠ »ﻣﺘﻮﻗﻊ« ،ﰲ ﻇﻞ اﻷرﺟﺤﻴﺎت اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت؛ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻟﻬﺪف ﻫﻮ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ أﻛﱪ ﻣﻜﺴﺐ املﺘﻮاﻓﺮة ﻟﻜﻞ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻤﻜﻨﺔ ﻷي ﻟﻘﺮار .إن اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ وﻗﻮاﻧني اﻻﺣﺘﻤﺎل أﺷﻴﺎء ﺟﺪﻳﺮة ﺑﺎﻟﺜﻘﺔ، وﻻ ﺗﺤﺎﺑﻲ أﺣﺪًا ،ﻟﻜﻦ اﻟﺨﺼﻢ املﺎﻛﺮ ﱢ ﻳﻐري ﻛ ﱠﻞ ﳾء؛ إن ﻣﺎ ﻓﻌ َﻠﺘْﻪ ﺟﻴﻞ ﻫﻮ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ أﺳﻮأ ﺗﴫﱡف ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳُﻮﻗِﻌﻪ ﺑﻬﺎ ﺟﺎك ،وﺗﺠﻌﻠﻪ أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن؛ إﻧﻬﺎ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣﺘﺤﻔﻈﺔ ،وﻳُﻄ َﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻷﺳﻮأ اﻟﺤﺎﻻت ،وﻫﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺷﺎﺋﻌﺔ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ؛ إﻧﻬﺎ ﺗﻌﻜﺲ ﻧﻔﻮ ًرا ﻣﻦ اﻟﺨﺴﺎرة ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺗﺤﻤﱡ ﺲ ﻟﻠﻔﻮز ،وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ً ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺟﻴﻞ. ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف ،ﺗﻜﻮن اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﻣﺎ زﻟﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﻨﻈﺮ إﱃ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﺟﺎك ،ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻫﻮ ﻳﺮﻳﺪ ﺗﻘﻠﻴﻞ ﺣﺠﻢ ﺧﺴﺎرﺗﻪ أﻣﺎم ﺟﻴﻞ؛ ﻟﺬا ﻗﺪ ﻳﻤﻴﻞ ﻟﺘﺒﻨﱢﻲ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ »أدﻧﻰ اﻷﻗﴡ« ،ﺑﺎﺣﺜًﺎ ﻋﻦ »اﻟﺤﺪ اﻷﻗﴡ« ﰲ ﻛﻞ »ﻋﻤﻮد« )ﺧﻂ رأﳼ( ﻳﻤﻜﻨﻪ اﺧﺘﻴﺎره ،وﻳﺨﺘﺎر اﻟﻌﻤﻮد اﻟﺬي »ﻳﻘ ﱢﻠﻞ« ﻫﺬا 77
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
اﺳﺘﻜﻤﺎل ﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺟﻴﻞ ،وﺳﻴﻜﻮن ﻟﻪ أﺛﺮ ﰲ أن اﻟﺮﻗﻢ؛ ﺳﻴﻜﻮن ﻫﺬا ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ٍ ﻳﺠﻌﻞ أﺳﻮأ ﺣﺎﻻﺗﻪ ﺟﻴﺪة ﺑﻘﺪر املﺴﺘﻄﺎع؛ وﻫﻮ ﺑﺬﻟﻚ ﻳﻤﻨﺢ ﺟﻴﻞ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻟﺒﺬﻟﻬﺎ أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ، ﻣﺠﺰ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻬﺎ ﻗﺪر املﺴﺘﻄﺎع .ﺣﺴﻨًﺎ ،إن ﻣﺤﺎو ًﻻ ﻓﻘﻂ أن ﻳﺠﻌﻞ ذﻟﻚ ﻏري ِ ٍ أﺻﻐﺮ ﺣ ﱟﺪ أﻗﴡ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺠﺪه ﺟﺎك ﰲ أي ﻋﻤﻮد ﻫﻮ ٢٧ﰲ اﻟﻌﻤﻮد ﺟ؛ ﻟﺬا إن ﻛﺎن ﱞ ﺻﻒ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺳﻴﺨﺘﺎر اﻟﻌﻤﻮد ﺟ ،ﻓﻠﻴﺲ ﺛﻤﺔ ﳾء ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻔﻌﻠﻪ ﺟﻴﻞ — ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎك ً ً ﻣﺘﴫﱢﻓﺎ وﺗﺤﻘﻴﻘﺎ ملﺼﻠﺤﺘﻪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ، اﺧﺘﻴﺎره — ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜ ﱢﻠﻔﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٢٧ﻧﻘﻄﺔ. ﱡ ﺑﺘﺤﻔﻆ ،ﻣﻦ املﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﺨﺘﺎر ﺟﺎك ﺟ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻣﻦ املﺤﺘﻤﻞ أن ﺗﺨﺘﺎر ﺟﻴﻞ ﻣﺮة أﺧﺮى ﱡ ﺑﺘﺤﻔﻆ ً أﻳﻀﺎ ملﺼﻠﺤﺘﻬﺎ ،وﺳﺘﻜﻮن اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻓﻮز ﺟﻴﻞ ﺑ ٢٧ﻧﻘﻄﺔ ﻣﻦ ﻫ ،وﻫﻲ ﺗﺘﴫف أيﱟ ﻣﺎ ﻳﺘ ﱡﻢ اﻟﺮﻫﺎن ﻋﻠﻴﻪ ،وﻫﻮ اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ اﻟﺬي اﻋﺘﻤﺪت ﻋﻠﻴﻪ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺣﺠﱠ َﻢ ﺟﺎك ﺧﺴﺎرﺗﻪ ﻷدﻧﻰ ﻣﺴﺘﻮًى ﻣﺨ ﱠ ﻄﻂ ﻟﻪ ،وﻫﻮ ٢٧ﻧﻘﻄﺔ ً أﻳﻀﺎ .ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻄﻠﻖ ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻟﻌﺒﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮة؛ إذ ﱠ ﻳﺘﺒني أن اﻟﺨﻄﻮة املﺜﲆ ﻟﻜﻞ ﻻﻋﺐ ﻫﻲ اﻷﻓﻀﻞ ،ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﻜﺸﻒ ﺧﻄﻮات اﻟﻼﻋﺐ َ اﻵﺧﺮ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،ﺑﻞ إن اﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﺴﺘﻠﺰم إﺧﻔﺎء اﻟﺨﻄﻮات ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ؛ ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺟﺎك ﻟﺘﺤﺴني ﻧﺘﻴﺠﺘﻪ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ،ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ أن ﻳﻌﺮف ﺧﻄﻮة ﺟﻴﻞ؛ ُ وﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ،ﻟﻦ ﱢ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺧﻄﻮات ﺟﺎك ﻣﻦ ﻗﺮار ﺟﻴﻞ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق. ﺗﻐري َ ﻣﺎرﺳﺘْﻬﺎ ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ املﺼﺎدﻓﺔ ،ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ ،أن اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ أﻗﴡ اﻷدﻧﻰ اﻟﺘﻲ ﺟﻴﻞ ﺗﺆدﱢي ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ إﱃ ﻧﻔﺲ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ أﻗﴡ اﻷدﻧﻰ اﻟﺘﻲ اﺗﱠﺒَﻌَ ﻬﺎ ﺟﺎك — ﻣﺠﻤﻮع ﻧﻘﺎط ﻳﺒﻠﻎ ٢٧ﻧﻘﻄﺔ — وأﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻀﻤﻦ ﺟﺎك أو ﺟﻴﻞ ﻧﺘﻴﺠﺔ أﻓﻀﻞ. واﻟﻜﻠﻤﺔ املﻔﺘﺎﺣﻴﺔ ﻫﻨﺎ ﻫﻲ »ﻳﻀﻤﻦ«؛ إذ إن ﻫﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺗﻮﻟﻴﻔﺎت اﻟﺨﻄﻮات اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗُﻨﺘﺞ أرﻗﺎﻣً ﺎ أﻛﱪ أو أﺻﻐﺮ إذا ﻣﺎ ﻟﻌﺐ أﺣﺪ اﻟﻼﻋﺒَني ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﻴﺌﺔ .وﻋﲆ ﻛﻞ ً ً ﻣﻤﻜﻨﺔ ﺗﻮﻟﻴﻔﺔ ﺣﺎل ،ﻓﺎﻟﺮﻗﻤﺎن اﻷﻛﱪ واﻷﺻﻐﺮ ﰲ اﻟﺠﺪول ﻫﻤﺎ ٢و ،٦٣وﻳﻤﺜﱢﻞ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﻮات .وﻣﻊ ﻫﺬا ،ﻓﻌﻨﺪ إﺣﺮاز ٢٧ﻧﻘﻄﺔ ،ﻳﻜﻮن ﻛ ﱡﻞ ﻻﻋﺐ ﻗﺪ ﺑﺬل أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻪ، ﺑﻴﻨﻤﺎ وﺿﻊ ﰲ اﻋﺘﺒﺎره ﺗﴫﱡ ف املﻨﺎﻓﺲ ﺑﺬﻛﺎء .وملﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻏري اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻋﺎد ًة )ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ داﺋﻤً ﺎ( اﻻﻋﺘﻤﺎ ُد ﻋﲆ ﻋﺪم ﻛﻔﺎءة ﺧﺼﻤﻚ ،ﻓﻤﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ واﻟﻌﻘﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺟﻴﻞ أن ﺗﻠﻌﺐ اﻟﺼﻒ ﻫ ،وأن ﻳﻠﻌﺐ ﺟﻴﻞ اﻟﻌﻤﻮد ﺟ؛ ﻓﺎﻟﻠﻌﺒﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮة. ً ﻟﻨﻔﱰ ْ ض أﻧﻪ ﻗﺪ ﺗ ﱠﻢ ﺗﺒﺪﻳﻞ اﻟﺮﻗﻤني ١٩ ﺧﻠﺴﺔ. ﻟﻜﻦ ﺗﻠﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﺎدﻓﺔ دﺑﱠ َﺮﻫﺎ املﺆ ﱢﻟﻒ ِ و ٢٧ﰲ اﻟﻌﻤﻮد ﺟ ﰲ اﻟﺠﺪول اﻟﺜﺎﻧﻲ.
78
اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ
أ
ﻫ ٦٠ ١٩ ٣٢ ٥٦
ﺟﻴﻞ
ﺟﺎك ب
و ٦٣ ز
٢
٢
ﺟ
د
١٥ ٢٧
٣٨ ٢٣ ٢٩
ح ٤٩ ٢١ ١٠ ٢٦
ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ﺳﻴﻘﻮد ﻧﻔﺲ املﻨﻄﻖ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺟﺎك ﻷن ﻳﻠﻌﺐ اﻟﻌﻤﻮد ﺟ ﺑﺎﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﱠ ً ﻣﺪﻓﻮﻋﺔ ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ ﻣﻘﺪارﻫﺎ ،٢٧ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺳﺘﻈﻞ ﺟﻴﻞ اﻟﺤﺪ اﻷﻗﴡ ﻟﻠﺨﺴﺎﺋﺮ ،ﺑﺨﺴﺎرة ﻗﺼﻮى ﱠ ﻟﻼﻟﺘﺰام ﺑﺎﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ أﻗﴡ اﻷدﻧﻰ وﺗﺨﺘﺎر اﻟﺼﻒ ﻫ ،ﻟﻜﻦ اﻵن ﺑﻤﻜﺴﺐ أدﻧﻰ ﻣﺘﻮﻗﻊ ﻣﻘﺪاره .١٩إذا ﻣﺎ ﻟﻌﺐ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ وﻓﻖ اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﻓﺴﺘﻔﻮز ﺟﻴﻞ ﺑ ١٩ﻧﻘﻄﺔ ﻓﻘﻂ ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻟ ٢٧ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﻟﻜﻦ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك اﺧﺘﻴﺎر ﻣﻨﻄﻘﻲ ﺗﻠﻘﺎﺋﻲ؛ إﻧﻬﺎ ﻟﻌﺒﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ .رﺑﻤﺎ ﺗﺘﺨﻴﱠﻞ ﺟﻴﻞ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﺎن ﺟﺎك ،وﺗﻔﻬﻢ املﻨﻄﻖ اﻟﺬي رﺑﻤﺎ ﱠ اﻟﺼﻒ و ،وﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﺳﻮف دﻓﻌﻪ ﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﻌﻤﻮد ﺟ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺗﺨﺘﺎر ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﺑﻤﻬﺎر ٍة َ اﺳﺘﺸ ﱠ ِ ﻒ ﺟﺎك ﺗﻠﻚ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ واﺧﺘﺎر ﺗﺨﺎﻃﺮ ﺑﻤﻜﺴﺐ ﻣﻘﺪاره ﻧﻘﻄﺘﺎن ﻓﻘﻂ إذا ﻣﺎ اﻟﻌﻤﻮد ب ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺳﺘﻔﻮز ﺑﺎﻟ ٢٧ﻧﻘﻄﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ إذا ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻔﱰض أن ﺟﺎك ﻳﻌﺘﻘﺪ أن ﺑﻤﻘﺪوره اﻟﺘﻨﺒﱡﺆ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﻔﻜريﻫﺎ ﺗﻠﻚ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻗﺪ ﻳﺨﺘﺎر ب؛ ﻓﺈذا ﻣﺎ ﺣﺎ َو َل ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻓﺴﻴﻜﻮن ﺑﻤﻘﺪورﻫﺎ ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ أن ﺗﺨﺪﻋﻪ ﰲ املﺴﺘﻮى اﻟﺘﺎﱄ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻠﻌﺐ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎر ﺧﻴﺎرﻫﺎ اﻷﺻﲇ؛ وﻫﻮ ﻫ .وﻫﻜﺬا ﺳﻴﻜﻮن ﻫﻮ ﻗﺪ ﺧﺪع ﻧﻔﺴﻪ ،وﻫﻠﻢ ﺟ ٍّﺮا. ﰲ أي ﻟﻌﺒﺔ ﺗﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﻜﻮن ﻛﻞ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻋﲆ اﻟﻄﺎوﻟﺔ )ﻛﻠﻌﺒﺔ اﻟﺸﻄﺮﻧﺞ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل( ،ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ واﻟﺘﺨﻄﻴﻂ املﻀﺎد ﻫﻮ املﻘﺼﺪ ﻣﻦ اﻟﻠﻌﺒﺔ ،وﻣَ ﻦ ﻳﻔﻌﻠﻮﻧﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ اﻷﻓﻀﻞ ،وﻳﺨ ﱢ ﻄﻄﻮن ملﻌﻈﻢ اﻟﺨﻄﻮات ﻣﻘﺪﻣً ﺎ؛ ﻫﻢ ﻣَ ﻦ ﻳﻔﻮزون .وﺑﻤﺎ أن ﻫﺬه اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻣﻦ أﻟﻌﺎب اﻟﺨﻄﻮة اﻟﻮاﺣﺪة ،ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜري ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎﻟﺬاﻛﺮة واﻟﺘﺬ ﱡﻛﺮ، ﱠ ٍ ﺧﻄﻮات ﻋﺪ ًة؛ ﺣﻴﺚ ﻳﺨﺮج ﻋﺪد ﻟﻜﻦ ﻟﻌﺒﺘَ ِﻲ اﻟﺸﻄﺮﻧﺞ وﺟﻮ ﻣﻦ اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻀﻤﱠ ﻦ َ ﺣﺎوﻟﺖ أن ﺗﺒﺎﻟﻎ ﰲ اﻟﺘﻔﻜري ﻣﻘﺪﱠﻣً ﺎ .وﺣﺘﻰ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ﻋﻦ ﻧﻄﺎق اﻟﺴﻴﻄﺮة ﴎﻳﻌً ﺎ إذا ﻣﺎ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ اﻟﺠﻴﺪة ِﻟ َﻠﻌﺐ اﻟﺸﻄﺮﻧﺞ ﻻ ﺗﺪﱠﻋِ ﻲ ﺗﻘﻴﻴ َﻢ ﻛ ﱢﻞ اﻟﺨﻄﻮات املﺤﺘﻤﻠﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻬﺰم ﻛﺒﺎ َر أﺳﺎﺗﺬة اﻟﺸﻄﺮﻧﺞ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎم إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ﻫﺬه اﻷﻳﺎمَ؛ ﻟﻴﺲ داﺋﻤً ﺎ ،ﻟﻜﻦ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎم. 79
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻃﺮﻳﻘﺔ أﻓﻀﻞ ﻟﻠﻌﺐ ﰲ ﻟﻌﺒﺔ ﻏري ﻣﺴﺘﻘﺮة ،وﻛﺎن ﻫﺬا ﻫﻮ اﻹﺳﻬﺎم اﻷﻋﻈﻢ ﻟِﻔﻮن ﻧﻴﻮﻣﺎن. ﻟﻘﺪ ﺗﻌ ﱠﻠﻤﻨﺎ ﻣﻦ ﻟﻌﺒﺔ إﺧﻔﺎء اﻟﺤﴡ ﰲ اﻟﻴﺪ أﻧﻪ ﻣﻦ املﻔﻴﺪ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﺗﺒﻨﱢﻲ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ملﺠﺮد إﺣﺒﺎط ﺧﺼ ٍﻢ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺗﺤﺴني ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺨﻤني ﺧﻄﻮاﺗﻚ؛ وﻟﻌﺒﺔ ﺟﺎك وﺟﻴﻞ ﻟﻴﺴﺖ اﺳﺘﺜﻨﺎء ﻣﻦ ﻫﺬا ،ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ﺟﻌﻠﻮا ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﺗﺘﺠﺎوز ﻣﺎ ﻧﻄﻤﺢ إﻟﻴﻪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب .وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻻ ﻳﺰال ﺑﻤﻘﺪورﻧﺎ أن ﻧﺮى ﺑﺸﻜﻞ ﺑﺪﻳﻬﻲ ﻗﻠﻴﻼ؛ ً ﻏريﻧﺎ ﻗﻮاﻧني اﻟﻠﻌﺒﺔ ً ﻛﻴﻒ ﻳﻨﺠﺢ اﻷﻣﺮ إذا ﻣﺎ ﱠ ﻓﺒﺪﻻ ﻣﻦ أن ﻧﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺟﺎك وﺟﻴﻞ أن ﻳﺨﺘﺎر ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺧﻴﺎ ًرا واﺣﺪًا ﻓﻘﻂ ،ﺳﻨﺠﻌﻠﻬﻤﺎ ﻳﻘ ﱢﻠﻼن ﻣﻦ ُﻓ َﺮص ﺧﺴﺎرﺗﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺧﺘﻴﺎر ﻋﺪة ﺧﻴﺎرات؛ ﻓﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺟﺎك ،ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎلً ، ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﺧﺘﻴﺎر أ ،أو ب ،أو ﺟ، أو د ،ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺑﻤﻘﺪوره أن ﻳﻀﻊ ﻧﺼﻒ اﻟﺮﻫﺎن ﻋﲆ أ ،وﻻ ﻳﺮاﻫﻦ ﺑﴚء ﻋﲆ ب ،وﻳﺮاﻫﻦ ٍ ﺗﻮﻟﻴﻔﺔ ﺗﺮوق ﻟﻪ — وﺑﺎملﺜﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺟﻴﻞ .ﺗﺨﻴﱠ ْﻞ ﺑﺎﻟﺮﺑﻊ ﻋﲆ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ ﺟ ،ود — أو أي ً أن ٍّ ﻛﻮﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻗﺎﻗﺎت ﻳﺮاﻫﻦ ﺑﻬﺎ ،ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻛﻤﺎ ﰲ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺮوﻟﻴﺖ. ﻛﻼ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻳﻤﺘﻠﻚ ﻟﻨَﻌُ ِﺪ اﻵن إﱃ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺟﻴﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻨﺴﺨﺔ ﻏري املﺴﺘﻘﺮة ﻣﻦ اﻟﻠﻌﺒﺔ ،وﻫﻲ اﻟﺠﺪول اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﻮارد أﻋﻼه .ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺸﻜﻠﺘﻬﺎ ﺗﻜﻤﻦ ﰲ أن أﻓﻀﻞ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻟﺘﻌﻈﻴﻢ اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﻣﻦ املﻜﺎﺳﺐ ﺳﺘﻘﻮدﻫﺎ ﻟﻠﺨﻄﻮة ﻫ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ — ﺑﺎﻻﻧﺪﻣﺎج ﻣﻊ أﻓﻀﻞ ﺧﻄﻮة ﻳﺘﱠﺨِ ﺬﻫﺎ ﺟﺎك ﻟﺘﺨﻔﻴﺾ اﻟﺤﺪ اﻷﻗﴡ ﻟﻠﺨﺴﺎﺋﺮ وﻫﻲ ﺟ — أن ﺗﺘﻴﺢ ﻟﻬﺎ اﻟﻔﻮز ﺑ ١٩ ﻧﻘﻄﺔ ﻓﻘﻂ ،وﻟﻮ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﲆ ﺛﻘﺔ »ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ« ﻣﻦ أن ﺟﺎك ﺳﻴﺨﺘﺎر ﺟَ ،ﻟﻜﺎن ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ ﻟﻬﺎ أن ﺗﺨﺘﺎر و وﺗﻔﻮز ﺑ ٢٧ﻧﻘﻄﺔ؛ إذن ِﻟ َﻢ ﻻ ﺗﻐ ﱢ ﻄﻲ ﻛﻼ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟني ﺑﻮﺿﻊ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺮﻗﺎﻗﺎت ﻋﲆ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ؟ ﻓﻌﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻀﻊ ﺛﻠﺜ َ ِﻲ اﻟﺮﻗﺎﻗﺎت ﻋﲆ ﻫ ،واﻟﺜﻠﺚ ﱠ املﺘﻮﻗﻊ ﻋﲆ و ﻛﺤﻤﺎﻳﺔ ﺿﺪ ﺧﺪاع ﺟﺎك؛ ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ إذا ﻣﺎ ﻣﴣ ﺟﺎك ﻗﺪﻣً ﺎ ﻧﺤﻮ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﺟ ،ﻓﺴﺘﺼﻴﺐ ١٩ﻧﻘﻄﺔ ﺑﺜﻠﺜ َ ْﻲ رﻫﺎﻧﻬﺎ ،و ٢٧ﺑﺎﻟﺜﻠﺚ َ اﻵﺧﺮ ﺑﺈﺟﻤﺎﱄ ٢١٫٧ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،وذﻟﻚ ري ﻣﻦ اﻟ ١٩ﻧﻘﻄﺔ املﻀﻤﻮﻧﺔ ﺑﺎﻷﺳﺎس .وإذا ﻣﺎ ﺣﺎ َو َل ﺟﺎك ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ أن ﻳﺨﺪﻋﻬﺎ أﻓﻀﻞ ﺑﻜﺜ ٍ َ ﺑﺎﻟﻠﻌﺐ ﻋﲆ ب ،ﻓﺴﺘﺼﻞ إﱃ ٢٣ﻧﻘﻄﺔ ﺑﺜﻠﺜ ْﻲ رﻫﺎﻧﻬﺎ ،و ٢ﻓﻘﻂ ﺑﺒﻘﻴﺔ اﻟﺮﻫﺎن ،وﻟﻜﻦ ﻳﻈﻞ اﻹﺟﻤﺎﱄ ،٢٢وﻫﺬا ﻻ ﻳﺰال أﻓﻀﻞ) .ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر املﺪﻗﻘني ،ﻟﻴﺴﺖ ﻫﺬه اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ املﺜﲆ ﻟﻠﺮﻫﺎن ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺟﻴﻞ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻘﱰب ﻣﻨﻬﺎ ،وﻳﺘﻄﻠﺐ اﺧﺘﻴﺎر اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ٍّ ﺣﻘﺎ ً ﺑﺮاﻋﺔ ً ﻗﻠﻴﻼ(. وﺟﻮ َد ﻋﻠﻤﺎء رﻳﺎﺿﻴﺎت أﻛﺜﺮ ﻣﺴﺘﻐﺮ ًﻗﺎ ﰲ أﺣﻼم اﻟﻴﻘﻈﺔ ﺧﻼل ﻛﻞ ﻫﺬا؛ ﻓﻬﻮ ﻳﻌﻠﻢ أن ﻫﺬا ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺟﺎك ِ اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺮﻫﺎن ﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﺣﺠﻢ اﻟﺨﺴﺎرة ﻣﺘﺎح أﻣﺎم ﺟﻴﻞ ،وﺑﻤﻘﺪوره ﺗﻮزﻳﻊ رﻫﺎﻧﺎﺗﻪ 80
اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ
ﻟﻜﻲ ﻳﺤﺠﱢ ﻢ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﺳﺒﻬﺎ .ﻳﻤﻜﻨﻪ وﺿﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﺮﻗﺎﻗﺎت ﻋﲆ ﺟ ﻛﺄﻓﻀﻞ ﺧﻄﻮة ﻣﺘﺤﻔﻈﺔ، وﻟﻜﻦ ﻣﻊ وﺿﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﺮﻗﺎﻗﺎت اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﻋﲆ ب ﻟﻴﺤﺒﻂ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺟﻴﻞ املﺤﺘﻤﻠﺔ .ﺳﻨﱰك اﻷﻣﺮ ﻟﻠﻘﺎرئ ﻛﻲ ﻳﺴﺘﻨﺒﻂ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺗﺤﺴني ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻮزﻳﻊ رﻫﺎﻧﺎﺗﻪ ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ وﺿﻌﻬﺎ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻋﲆ ﻋﻤﻮد واﺣﺪ؛ واﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻫﻲ أﻧﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ »أي« ﻟﻌﺒﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ،ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﻘﺮة أم ﻻ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺮﻫﺎن اﻟﻔﺮدي ،ﻫﻨﺎك ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣﺜﲆ ﻟﻜﻞ ﻻﻋﺐ ﻛﻲ ﻳﻘ ﱢﻠﻞ ﻣﻦ ﺧﺴﺎرﺗﻪ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺆدي إﱃ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﺴﺘﻘﺮ. ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺑﺸﺄن اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﺼﻔﺮﻳﺔ؛ ﻓﻬﻨﺎك اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﱢ ﻳﺤﺴﻦ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻣﺜﲆ ﻟﻠﺤﻤﺎﻳﺔ ﺿﺪ اﻟﺨﺴﺎرة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻛﻞ ﻻﻋﺐ ،وﻳﻤﻜﻦ ﻟﻜﻞ ﻻﻋﺐ أن ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ رﻫﺎن َ ﱢ اﻵﺧﺮ .ﻣﻦ اﻟﻨﺎدر أن ﻳﻜﻮن اﻟﺨﻴﺎر اﻷﻓﻀﻞ ﻫﻮ وﺿﻊ اﻟﺒﻴﺾ ﻛﻠﻪ ﰲ ﺳﻠﺔ واﺣﺪة ،وﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ ﺑﺪﻳﻬﻴٍّﺎ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻈ ﱡﻞ ﻣﻮﺟﻮدًا .ﻳﺘﺒﻘﻰ ﻓﻘﻂ أن ﻧﻘﻮل إن ﺗﺨﻔﻴﻒ ﴏاﻣﺔ اﻟﻘﻮاﻧني اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻨﺢ اﻟﻼﻋﺒني اﻟﻘﺪر َة ﻋﲆ ﺗﻘﺴﻴﻢ رﻫﺎﻧﺎﺗﻬﻢ ﻟﻴﺴﺖ ﴐورﻳﺔ َ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻛﺜريًا ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ؛ ﻓﻴﻤﻜﻦ ﻟِﺠﻴﻞ أن ﺗﺮاﻫﻦ ﻋﲆ ﻫ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻤﺎرﺳﻮن ﻟﺜﻠﺜ َ ِﻲ اﻟﻮﻗﺖ ،وﻋﲆ و ﻟﺜﻠﺚ اﻟﻮﻗﺖ ،ﻋﲆ أن ﺗﺤﺮص ﻋﲆ ﺧﻠﻂ رﻫﺎﻧﺎﺗﻬﺎ ﻋﺸﻮاﺋﻴٍّﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﻴﻜﻮن ﺟﻴﺪًا ﻣﺜﻞ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﺮﻫﺎن ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ؛ وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﰲ أي ﻟﻌﺒﺔ ﻓﺮدﻳﺔ ﺳﻴﻜﻮن ذﻟﻚ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻣﻘﺎﻣﺮة .وأﻓﻀﻞ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﻀﺎدة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺟﺎك ﻫﻲ ﺧﻠﻂ َ ﺧﺸﻴﺔ أن ﺗﺪرك ﺟﻴﻞ اﻟﻨﻤ َ ﻂ اﻟﺬي ﻳﺘﱠ ِﺒﻌﻪ .وﻳﻄﻠﻖ ﺧﱪاء ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻷﻟﻌﺎب ﻋﲆ ﻫﺬه رﻫﺎﻧﺎﺗﻪ اﻻﺧﺘﻴﺎرات اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ »اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت املﺨﺘﻠﻄﺔ«. ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺼﻔﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻻﻋﺒَني أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪًا ،ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻟﻦ َ ﺧﺸﻴﺔ اﻧﴫاف اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻘ ﱠﺮاء ﻣﺒﻜ ًﺮا ﻋﻦ اﻟﻜﺘﺎب؛ ﺳﺘﻈﻬﺮ ﻣﻌﻈﻢ املﺒﺎدئ ﻧﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ اﻵن؛ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ املﻨﺎﺳﺐ ﻋﻨﺪ ﺗﻨﺎوﻟﻨﺎ ﻟﻼﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت املﺘﻌﺪدة اﻷﻃﺮاف ،ﻏري أﻧﻪ ﻳﺠﺪر ﺑﻨﺎ ﻣﻼﺣﻈﺔ ً ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺧﻼل ﺳﻤﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺳﻤﺎت اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺜﻼﺛﻴﺔ اﻷﻃﺮاف اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻄﻔﻮ ﻋﲆ اﻟﺴﻄﺢ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻨﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮن ﻻﻧﻜﺴﱰ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس ﻋﴩ .ﻓﻤﻦ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻟﺠﻴﺪة »دوﻣً ﺎ« أن ﻳﻮﺣﱢ ﺪ اﺛﻨﺎن ﻣﻦ اﻟﻼﻋﺒني ﻗﻮاﻫﻤﺎ )أو ﻳﺘﺂﻣَ َﺮا( ﺿﺪ اﻟﻼﻋﺐ اﻟﺜﺎﻟﺚ ،وأن ﻳﺴﻮﻳَﺎ ﺧﻼﻓﺎﺗﻬﻤﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﻮ ﻗﺪ أ ُ ِ ﻗﴢ .وﺑﺘﻨﻮﻳﻌﺎت ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻫﺬا اﻟﺪرس ﻋﲆ اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺘﻲ ﺗﻀ ﱡﻢ املﺰﻳ َﺪ واملﺰﻳ َﺪ ﻣﻦ اﻟﻼﻋﺒني ،وﻟﻸﺳﻒ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ اﻟﺤﻴﺎة ً أﻳﻀﺎ.
81
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ
ُ ﺗﻨﺎﻗﺾ
ٍ ﻧﻮﺑﺎت ﻣﻦ اﻟﻐﻀﺐ واﻻﻧﻔﻌﺎل إﻟﻴﻚ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻣﺸﻮﱢﻗﺔ — ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ وﺻﻔﻬﺎ — ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﺜري ﺑني ﻋﻠﻤﺎء اﻹﺣﺼﺎء املﺤﱰﻓني ،وأﺻﺤﺎب ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻘﺮار. املﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻫﻲ ﻣﻔﺎرﻗﺔ »ﻇﺎﻫﺮﻳﺔ«؛ ﻓﺎﻟﺘﻨﺎﻗﺾ اﻟﺬاﺗﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ،واﻟﺪور اﻟﺮﺋﻴﴘ ﻟﻠﻤﻔﺎرﻗﺎت ﰲ دراﺳﺎت املﻨﻄﻖ )ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ﻋﲆ املﻨﻄﻖ ،ﻛﻤﺎ ِ ﺗﺮاﺑﻄﻨﺎ املﻨﻄﻘﻲ؛ أي اﻟﺘﺄ ﱡﻛﺪ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻛﻞ أﻧﻮاع اﻟﺘﻔﻜري اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ( ﻫﻮ ﺗﺤﺪﱢي ﻣﻦ أن ﻛﻞ ﳾء ﰲ ﻣﻜﺎﻧﻪ املﻨﺎﺳﺐ .ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ ،إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ،أن اﻟﻌﺒﺎرﺗني اﻟﺘﻲ ﺗُﻨﺎﻗِ ﺾ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ اﻷﺧﺮى ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮﻧﺎ ﻛﻠﺘﺎﻫﻤﺎ ﺻﺤﻴﺤﺘني — ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺴﺘﻘﺮ اﻟﻌﻤﻠﺔ ﻋﲆ اﻟﺼﻮرة واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﰲ اﻟﺮﻣﻴﺔ ذاﺗﻬﺎ — ﻟﺬا ﻓﻤﻦ اﻻﺧﺘﺒﺎرات اﻟﻘﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻼﺗﺴﺎق ﻣﻊ اﻟﺬات ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ أي ﻧﻈﺎم ﻣﻨﻄﻘﻲ ﻫﻮ أن ﱢ ﺗﻮﺿﺢ أﻧﻪ ﻣﻬﻤﺎ ﻳﻜﻦ ﻣﺎ ﺗﻌﺘﻘﺪ أن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ ﻓﻌﻠﻪ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺜﺒﺖ ﺻﺤﺔ ﻋﺒﺎرﺗني ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺘني ﺑﻮﺿﻮح .إن اﻟﻄﺮﻳﻖ إﱃ اﻟﺠﻨﻮن ﻫﻮ اﻻﺧﺘﻼف ﻣﻊ ذاﺗﻚ ،وأن ﺗَ َﺪ َع اﻷﻣﺮ ﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﻫﺬا ،ﺑَﻴْ َﺪ أن إﺣﺪى اﻟﺨﻄﻮات ﻋﲆ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻫﻲ ﺣ ﱡﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺨﻼﻓﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ »اﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ« .ﻟﻘﺪ أﻣﴣ أﻟﱪت أﻳﻨﺸﺘﺎﻳﻦ اﻟﻌﺒﻘﺮي اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻈﻬﺮ أن ﺟﺰءًا ﻛﺒريًا ﻣﻦ ﺳﻨﻮات ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻋﻤﺮه وﻫﻮ ﻳﺤﺎول أن ﻳﺨﱰع ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺎت ﺗُ ِ َ ﺗﺠﺎﻫﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ اﻟﻜﻢ )ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺳﺎﻋَ َﺪ ﰲ ﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ ،وﻟﻜﻨﻪ َﺷﻌَ َﺮ ﺑﻌﺪم اﻟﺮاﺣﺔ ﺑﻌﺪُ( ﻻ ﺗﺘﱠ ِﺴﻖ ﻣﻊ ذاﺗﻬﺎ؛ ﻟﻘﺪ َ أﺧﻔ َﻖ ﰲ ﻫﺬا ،وﻻ ﺗﺰال ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ اﻟﻜﻢ ﻣﻮﺟﻮدة ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺑﻌﻤﻖ ﺑﺸﺄن ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺎت أﻳﻨﺸﺘﺎﻳﻦ وﻋﻮاﻗﺒﻬﺎ. أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺰال ﺗﺘﺤﺪﱠى أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔ ﱢﻜﺮون ٍ ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻋﺒﻘﺮﻳٍّﺎ ﱟ ﺑﺤﻖ ،واﺳﺘﻨﺰف ﺣ ﱡﻞ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺗﻪ أﻓﻀ َﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﺪى ﻋﺎﻟِﻢ اﻟﻔﻴﺰﻳﺎء ﻣﻦ ً ٌ ﺻﻌﺒﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺨﱪاء؛ ﻓﺄوﻟﺌﻚ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺗﻪ ﺟﻬﺪ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻷﻳﺎم .ﻻ ﺗﺰال ٍ ﺻﻌﻮﺑﺎت ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺧﱪاء. اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﱠﻋﻮن أﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺠﺪون
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
وﻣﻦ أﺣﺪ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﺠﻴﺪة ﻟﻠﺘﻨﺎﻗﺾ املﻨﻄﻘﻲ ،ورﺑﻤﺎ أﻗﺪﻣﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﻫﻮ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ً ﻓﻴﻠﺴﻮﻓﺎ ﻛﺮﻳﺘﻴٍّﺎ ذا ﺗﺎرﻳﺦ ﻏﺎﻣﺾ ﺑﻌﺾ اﻟﴚء ،ﻋﺎش ﻣﻨﺬ إﺑﻴﻤﻴﻨﺪس .ﻛﺎن إﺑﻴﻤﻴﻨﺪس ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ َ أﻟﻔ ْﻲ وﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﻋﺎ ٍم ،وﻳﺰﻋﻢ أﻧﻪ ﻗﺎل :ﻛﻞ اﻟﻜﺮﻳﺘﻴﱢني »ﻛﺎذﺑﻮن« ،وﻫﺬا — إﻳﺠﺎز — ﻫﻮ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻟﻠﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺔ .ﻫﻞ اﻟﻌﺒﺎرة ﺻﺤﻴﺤﺔ أم ﺧﺎﻃﺌﺔ؟ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ٍ ﺻﺤﻴﺤﺔ ،إذن ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺼﺪﻳﻖ ﻗﺎﺋﻠﻬﺎ اﻟﺬي ﻫﻮ ﻛﺮﻳﺘﻲ؛ ﻟﺬا ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ً ﻛﺬﺑﺔ إذن؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻓﺈن ﻗﺎﺋﻠﻬﺎ ﻛﺎذب ،وﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺻﺤﻴﺤﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﻜﻮن ﻧﺼﺪﱢق أي ﳾء ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻋﻦ اﻟﻜﺮﻳﺘﻴني ،ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﺰﻋﻢ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﻛﺎذﺑﻮن؟ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ ً ﱡ ﻓﻤﺜﻼ :ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺘﻮي ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎبُ ﻋﲆ ﻋﺒﺎر ٍة ﺗﺨﱪك اﻟﺘﻮﺳﻊ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة وﺗﻨﻘﻴﺤﻬﺎ؛ ﱠ ﺑﺄﻻ ﺗﺼﺪق ﺷﻴﺌًﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻫﺬه اﻟﻌﺒﺎرة .وﻗﺪ ﻛﺎن ﺗﻄ ﱡﻮ ٌر ﻟﻸﻓﻜﺎر اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺒﺜﻘﺖ ﻣﻦ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ إﺑﻴﻤﻴﻨﺪس ﻫﻮ ﻣﺎ ﻗﺎد ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت املﺘﻤ ﱢﺮد ﻛﻮرت ﺟﻮدل ﻟﻨﻈﺮﻳﺘﻪ اﻟﺸﻬرية واﻟﺜﻮرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻇﻬﺮت ﻋﺎم ،١٩٣١واﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل إن ﻛﻞ اﻟﻨ ﱡ ُ ﻈﻢ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﲆ ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻻ ﻳﻤﻜﻦ إﺛﺒﺎﺗﻬﺎ أو دﺣﻀﻬﺎ )ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ واﺣﺪة ﻣﻨﻬﺎ؛ ﻓﻘﺪ ً إﺛﺒﺎت ﺻﺤﺘﻬﺎ( .وﻗﺪ أﺣﺪ َ َ ﺻﺪﻣﺔ ﻟﺪى ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت اﻟﺬﻳﻦ اﻋﺘﻘﺪوا َث ﻫﺬا اﺳﺘﻄﺎع ﻷﻣﺪ ﻃﻮﻳﻞ أن اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه املﺸﻜﻼت؛ أي إﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ إﺛﺒﺎت ﺻﺤﺔ أو ﺧﻄﺄ ﻛﻞ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت .ﻟﻘﺪ ﻛﺎن وﺟﻮد املﻌﻀﻼت املﺴﺘﻌﺼﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﺤﺴﻢ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻣﺜﺎﻻ واﺿﺤً ﺎ — ْ ﻣﻔﺎﺟﺄة — ﻓﻘﺪ أﻋﻄﻰ ﺟﻮدل ً وﻛﺸﻒ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺸﺪﻳﺪة اﻟﻌﻤﻖ ﺑﺸﺄن اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت. ﻧﻌﻮد إﱃ إﺑﻴﻤﻴﻨﺪس؛ ﻗﺪ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﻋﻨﺪ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ أن ﻫﺬا املﺆ ﱢﻟﻒ املﺎﻛﺮ ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ اﺳﺘﻄﺎع إﻗﻨﺎﻋﻚ ﺑﴚء ﻏري ﺣﻘﻴﻘﻲ؛ ﻓﺒﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﺬي اﻣﺘ ﱠﺪ َ ﻷﻟﻔ ْﻲ وﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﻋﺎم ،ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك وﺟﻮد ﺣﻘﻴﻘﻲ ملﺘﻨﺎﻗﻀﺔ إﺑﻴﻤﻴﻨﺪس؛ ﻷن ﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ إﺑﻴﻤﻴﻨﺪس ﱠ أن ﻛﻞ اﻟﻜﺮﻳﺘﻴني ﻛﺎذﺑﻮن ،وﻫﺬا ﻳُﺜ ِﺒﺖ — ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺎذب — أن ﻫﻨﺎك ﻛﺮﻳﺘﻴٍّﺎ ً ﻣﻜﺎن ﻣﺎ؛ إذن ﻓﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻛﺎن ﻛﺬﺑًﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﺑﻌﺪُ؟ ﺗﻠﻚ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻦ ﺻﺎدﻗﺎ ﰲ ٍ ﻏريﻧﺎﻫﺎ ً اﻟﻨﺴﺨﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻟﻬﺬه املﺘﻨﺎﻗﻀﺔْ ، ﻟﻜﻦ إن ﱠ ﻗﻠﻴﻼ ،وﺟﻌﻠﻨﺎه ﻳﻘﻮل» :ﻫﺬه اﻟﻌﺒﺎرة ً ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻛﺎذﺑﺔ« ،أو »ﻫﺬا اﻟﻜﺮﻳﺘﻲ ﻛﺎذب« ،ﻓﺴﻨﻌﻮد ﻟﻨﻔﺲ املﺄزق؛ ﻓﻬﺬا ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻌﺒﺎرة ً وﻣﻨﻐﻠﻘﺔ ﻋﲆ ذاﺗﻬﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،وﻫﻮ ﺟﻮﻫﺮ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ؛ أو ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ أن ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻟﻠﺨﻄﻮة اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ، وﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻚ ﻋﺒﺎرﺗﺎن؛ ﺗﻘﻮل اﻷوﱃ إن اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺧﻄﺄ ،وﺗﻘﻮل اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ إن اﻷوﱃ ﺻﺤﻴﺤﺔ، وﻫﻜﺬا ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار؛ إذن ﻓﺎﻟﻨﺴﺨﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻫﻲ ﻣﺠﺮد ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺻﻨﻌﺔ ﻏري ﻣﺘﻘﻨﺔ ،أﻣﺎ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ً أﺳﺎﺳﺎ ﻟﱪﻫﺎن ﺟﻮدل. ﻓﻬﻮ ﺳﻠﻴﻢ .وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻛﺎﻧﺖ املﺮﺟﻌﻴﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﰲ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت 84
ُ ﺗﻨﺎﻗﺾ
ﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻧﺤﺮاف ﻋﻦ املﻮﺿﻮع .إن املﺘﻨﺎﻗﻀﺎت ﺗﻠﻌﺐ دو ًرا ﻣﻬﻤٍّ ﺎ ﰲ ﺣﻤﺎﻳﺘﻨﺎ ﻣﻦ ٌ ٌ ٍ ِ ﺑﻤﺼﻄﻠﺤﺎت ﻣﺼﺎﻏﺔ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺎت ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻘﺮار ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜري اﻟﺴﻄﺤﻲ ،وﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ املﻮﺿﺤﺔ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ .ﻻ ﱠ ﱠ ﺗﺘﻮﻗﻊ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺤ ﱡﻞ واﺿﺤً ﺎ. ﺗﻤﺎﺛِﻞ ﺗﻠﻚ ﺮاﻓﺎت ﻗﺪﻳﻤﺔً ُ ﻛﺎن اﻟﻼﻋﺒﺎن ،ﺑﻴﻞ وﻛﻮ ،ﻳﺤﺘﺴﻴﺎن اﻟﺨﻤﺮ ﰲ اﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻨﺎﻗﺸﺎن ﺧ ٍ ﱠ وﺗﺠﺴ َﺪ ﺧﻠﻒ إﺣﺪى اﻟﺸﺠريات، ﺑﺸﺄن اﻟﺠﻦ ،وﴎﻋﺎن ﻣﺎ اﻧﺠﺬَبَ أﺣﺪ اﻟﺠﻦ ﻟﺤﺪﻳﺜﻬﻤﺎ، واﺳﺘﻤﻊ ﻟﱪﻫﺔ ،واﻧﺒﻬﺮ ﺑﻌﻤﻖ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﻤﺎ؛ ﻓﺄراد أن ﻳﻜﺎﻓﺌﻬﻤﺎ ﻋﲆ ﻋﻠﻤﻬﻤﺎ ،ﻟﻜﻦ ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن َ ِ اﻟﺜﻼث اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،ﻗ ﱠﺮ َر أن ﻳﻜﻮن واﻗﻌﻴٍّﺎ؛ ﻟﺬا ﺣ ﱠﺮ َر ﺷﻴﻜني )إذ ﻛﺎن ﻟﻪ اﻷﻣﻨﻴﺎت ﻳﻤﻨﺤﻬﻤﺎ ﺣﺴﺎب ﰲ ﺑﻨﻚ ﺳﻮﻳﴪي( .ﺧﻠﻂ اﻟﺠﻨﻲ اﻟﺸﻴﻜني ووﺿﻊ ٍّ ﻛﻼ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﰲ ﻣﻈﺮوف ﻣﻐﻠﻖ، وﻣﻨﺢ اﻟﺸﻴﻜني ﻟﻼﻋﺒ َْني ﺑﱰﺗﻴﺐ ﻋﺸﻮاﺋﻲ ،وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺨﺘﻔﻲ ﻣﺨ ﱢﻠ ًﻔﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﺤﺎﺑﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﺧﺎن ،ﺳﻤﻌﺎه ﻳﻘﻮل إن اﻟﺸﻴﻜني ﺑﻤﺒﺎﻟﻎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وإن أﺣﺪﻫﻤﺎ ﺿﻌﻒ َ اﻵﺧﺮ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ، ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻔﻮﱠه ﺑﴚء َ آﺧﺮ ﻋﻦ ﻗﻴﻤﺘﻬﻤﺎ. ً ﺧﻠﺴﺔ ﻟﻠﺸﻴﻚ اﻟﺨﺎص ﺑﻪ ،وراح ﻳﺘﺴﺎءل إن ﻛﺎن ﻫﻮ ﺑﻌﺪ رﺣﻴﻠﻪ ﻧﻈﺮ ﻛﻞ ﻻﻋﺐ اﻟﻄﺮف اﻟﺮاﺑﺢ أم اﻟﺨﺎﴎ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﻘﺔ. راح ﺑﻴﻞ ﻳﻔ ﱢﻜﺮ ﺑﻴﻨﻪ وﺑني ﻧﻔﺴﻪ ً ﻗﺎﺋﻼ :إن اﻟﺸﻴﻚ اﻟﺨﺎص ﺑﻲ ﻣﺒﻠﻎ ﻛﺒري ،وﺧﺎﺻﺔ أﻧﻪ ﻛﺴﺐ ﻣﻔﺎﺟﺊ ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﺪ أن اﻟﺸﻴﻚ اﻟﺨﺎص ِﺑﻜﻮ إﻣﱠ ﺎ ﻧﺼﻒ ﻣﺒﻠﻐﻲ ْ ُ ﺣﺼﻠﺖ أﻧﺎ ﻋﲆ )إن اﻟﻨﺼﻴﺐ اﻷﻛﱪ( ،وإﻣﺎ ﺿﻌﻒ ﻗﻴﻤﺘﻪ )إن ﻛﺎن ﻫﻮ اﻟﺤﺎﺻﻞ ﻋﲆ املﺒﻠﻎ اﻷﻛﱪ( .إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ذﻟﻚ ،ﺗﻮﺣﻲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗ ﱠﻢ ﺑﻬﺎ اﻷﻣﺮ — ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﺸﻴﻜني وﺧﻠﻄﻬﻤﺎ ﻗﺒﻞ ﻣﻨﺤﻬﻤﺎ ﻟﻨﺎ — ﺑﺄن ﻓﺮﺻﺔ ﺣﺼﻮل أيﱟ ﻣﻨﱠﺎ ﻋﲆ اﻟﺸﻴﻚ اﻷﻛﱪ ﻓﺮﺻﺔ ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻨﻲ ً ً ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ملﻀﺎﻋﻔﺔ ﻧﻘﻮدي أو ﺧﺴﺎرة ﻓﺮﺻﺔ ﻳﺠﺐ أن أﻋﺮض املﻘﺎﻳﻀﺔ ﻣﻊ ﻛﻮ؛ إذ إن ﻟﺪيﱠ ﱠ ﻣﺘﻮﻗﻊ ْ )إن َ ٍ ﻛﻨﺖ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻋﴩة دوﻻرات و ُﻣﻨِﺤﺖ ﺻﺎف ﻧﺼﻔﻬﺎ ،وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ وﺟﻮد ﻣﻜﺴﺐ ً ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻘﺬف ﻋﻤﻠﺔ ﻟﺘﺤﺪﱢد إذا ﻣﺎ َ ﻛﻨﺖ ﺳﱰﺑﺢ ﻋﴩة دوﻻرات إﺿﺎﻓﻴﺔ أم ﺳﺘﺨﴪ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻦ دوﻻراﺗﻚ اﻟﻌﴩةَ ،ﻓ ْﻠﺘﻘﺒﻞ اﻟﻌﺮض َو ْﻟﺘﺒﺘﻬﺞ ﺑﻔﻬﻤﻚ ﻟﻼﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔَ .و ْﻟﺘﻨ ْ َﺲ اﻵن ﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎه ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﻦ ﻣﻨﻔﻌﺔ اﻟﻨﻘﻮد( .وﻫﻜﺬا ﻗ ﱠﺮ َر ﺑﻴﻞ ،ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﻣﺒﺎدئ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻘﺮار، أن ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺘﻪ املﻘﺎﻳﻀﺔ ﻣﻊ ﻛﻮ ،ﺑﻞ ﻳﺒﺪو أﻧﻪ اﺳﺘﻄﺎع أن ﻳﺘﺨﺬ ﻫﺬا اﻟﻘﺮار دون ﺣﺘﻰ ﻓﺘﺢ املﻈﺮوف اﻟﺨﺎص ﺑﻪ؛ ﻓﺎملﺒﻠﻎ اﻟﺬي ﺑﺪاﺧﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻬﻤٍّ ﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ املﻨﻄﻖ. ﻟﻜﻦ ﻛﻮ را َودَه ﻧﻔﺲ اﻟﺘﻔﻜري واﻧﺘﻬﻰ إﱃ ﱠ أن ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺘﻪ أن ﻳﻘﺎﻳﺾ ﺑﻴﻞ؛ ﻟﺬا اﻧﺘﻬَ َﺰ ﻛﻼ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﰲ ﻧﻔﺲ ﻣﻮﻗﻒ َ اﻵﺧﺮٍّ ، اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻗﱰح ﺑﻴﻞ املﻘﺎﻳﻀﺔ .إن ٍّ وﻛﻼ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﻗﺪ َﻗﻴﱠﻢ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت واملﻨﺎﻓﻊ ﺑﺄﺳﻠﻮب ﺻﺤﻴﺢٍّ ، وﻛﻼ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻘﺘﻨﻊ ﺑﺄن ﻋﻠﻴﻪ 85
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
املﻘﺎﻳﻀﺔ ،وﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﻛ َﻠﻴْﻬﻤﺎ اﻣﺘﺜ َ َﻞ ﻟﻘﻮاﻧني املﻨﻄﻖ؛ ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻛﻼﻫﻤﺎ ﻋﲆ ﺻﻮاب؟ ﻫﺬه ﻟﻌﺒﺔ ﺻﻔﺮﻳﺔ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ؛ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن ﻣﻜﺴﺐ ﺑﻴﻞ ﻫﻮ ﺧﺴﺎرة ﻟِﻜﻮ واﻟﻌﻜﺲ ﺻﺤﻴﺢ؛ ﻟﺬا ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻔﻮز ﻛﻼﻫﻤﺎ ،ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﻜﻮن أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻋﲆ ﺧﻄﺄ ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ٍّ ﻛﻼ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣ ﱠﺮ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ املﻨﻄﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺮﻗﻰ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺸ ﱡﻚ ﻇﺎﻫﺮﻳٍّﺎ .ﻟﻴﺲ ٍ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﻳﻘﺘﻨﻊ ﻃﺮﻓﺎﻫﺎ ﺑﺄﻧﻬﻤﺎ ﺳﻴﻔﻮزان؛ ﻫﻨﺎك ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺧﻄﺄ ﻣﻦ »اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ املﻨﻄﻘﻴﺔ« ﰲ ﻓﻬﺬا ﻳﺤﺪث ﰲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﻴﺎن ﰲ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ،وﻋﻼﻗﺎت اﻟﺤﺐ ،واﻟﺤﺮوب ،ﻟﻜﻦ ﻳُﻔﱰَض ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ أن اﻟﻼﻋﺒَني ﻳﺘﴫﱠﻓﺎن ﺑﻌﻘﻼﻧﻴﺔ؛ وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ. واﻵن ﻧﺄﺗﻲ إﱃ اﻟﺤﻞ؛ ﻓ ﱢﻜ ْﺮ ﺟﻴﺪًا ﻗﺒﻞ أن ﺗﻘﺮأ املﺰﻳﺪ ،أَﻋِ ﱠﺪ ﻗﺪﺣً ﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﺎي ،ﻋﺎﻧ ِْﻖ ً ﻃﻔﻼ ً ﺻﺪﻳﻘﺎ ﻣﻤﻴ ًﺰا ﻟﻚ؛ ﻟﻘﺪ ﻧ ُ ِﴩ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ املﻘﺎﻻت ﻏري اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﰲ ﺻﺤﻒ ﻣﺮﻣﻮﻗﺔ ﻋﻦ أو ﻫﺬا املﻮﺿﻮع؛ ﻟﺬا ﻓﻬﻮ ﻳﺴﺘﺤﻖ ً ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜري. ﻟﻘﺪ ارﺗ َﻜﺐَ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻦ ﺑﻴﻞ وﻛﻮ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ اﻟﻜﱪى ﺣﻴﻨﻤﺎ اﻋﺘﻘﺪَا أن اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﺠﺎﺋﺰة اﻟﻜﱪى ﻇ ﱠﻠ ْﺖ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ،ﺳﻮاء ﻗﺒﻞ ﺗﻮزﻳﻊ املﻈﺎرﻳﻒ وﻓﺘﺤﻬﺎ أم ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ .ﻟﻘﺪ ﺑﺤﺮص ﻗﺒﻞ أن ﻳﺴ ﱢﻠﻤﻬﻤﺎ إﻳﺎﻫﻤﺎ؛ ﻟﺬا ﻓﺈن ﻣﻦ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ أﻧﻪ ﺧﻠﻂ اﻟﺠﻨﻲ املﻈﺮوﻓني ٍ »ﻗﺒْﻞ« اﻟﺘﻮزﻳﻊ ،ﻛﺎن ﻟﻜ ﱟﻞ ﻻﻋﺐ ﻓﺮﺻﺔ ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﺠﺎﺋﺰة اﻟﻜﱪى ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أن أﻳٍّﺎ ﻣﻦ ﺑﻴﻞ أو ﻛﻮ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﻈﺮ إﱃ ﻣﻈﺮوﻓﻪ وﻳﻨﺘﻬﻲ إﱃ أﻧﻪ ﻻ ﺗﺰال ﻫﻨﺎك ﻓﺮﺻﺔ ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ْ ﻷن ﻳﻜﻮن املﻈﺮوف اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻠﻪ ﰲ ﻳﺪه ﻳﺤﻤﻞ ﺑﺪاﺧﻠﻪ اﻟﻨﺼﻴﺐ اﻷﺻﻐﺮ. ﻓ ﱢﻜ ْﺮ ﰲ اﻷﻣﺮ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ .أﻳٍّﺎ ﻣﺎ ﻗ ﱠﺮ َر اﻟﺠﻨﻲ أن ﻳﻤﻨﺤﻪ ،ﺳﻮاء أﻛﺎن ١٠٠٠٠دوﻻر، أم ) ١٠٠٠٠٠٠٠٠٠ﻣﻠﻴﺎر( دوﻻر ،ﻓﺒﻤﺠﺮد أن ﱠ ﻗﺴ َﻢ اﻟﻐﻨﻴﻤﺔ ﻟﺤﺰﻣﺘني ﻏري ﻣﺘﺴﺎوﻳﺘني وﺧﻠﻄﻬﻤﺎ ،ﺑﺎت ﻣﻦ املﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﺤﺼﻞ ﺑﻴﻞ ﻋﲆ واﺣﺪة أو اﻷﺧﺮى .ﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻫﻨﺎ، ﻟﻜﻦ ﺑﻤﺠﺮد أن ُو ﱢزﻋﺖ املﻈﺎرﻳﻒ ُ وﻓﺤِ ﺼﺖ ،ﺻﺎرت اﻟﻘﺼﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ. ﺗﺬ ﱠﻛ ْﺮ ْ أن ﻟﻴﺲ ﻟﺪى ﺑﻴﻞ أو ﻛﻮ أيﱡ ﻓﻜﺮة ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ﻋﻦ ﺣﺠﻢ اﻟﺤﺴﺎب اﻟﺒﻨﻜﻲ ﻟﻠﺠﻨﻲ )ﻓﺎﻟﺒﻨﻮك اﻟﺴﻮﻳﴪﻳﺔ ﺗﺤﺘﻔﻆ ﺑﺄﴎارﻫﺎ اﻟﺼﻐرية( ،أو ﺣﺘﻰ ﻋﻦ ﻣﺴﺘﻮى ﻛﺮﻣﻪ؛ ﻓﻬﻮ ﻳﺤﺘﻔﻆ ﺑﺸﻬﺎﻣﺘﻪ ِﻟﺬَاﺗﻪ ،وﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﻬﻤﺎ أن ﻳﻌﺮﻓﺎه ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺎﻧﻪ ﰲ َ إن ﻧ َ ﻣﻈﺮوﻓﻴْﻬﻤﺎ اﻟﺼﻐريﻳﻦ؛ ﻟﺬا ْ ﻈ َﺮ ﺑﻴﻞ ﰲ ﻣﻈﺮوﻓﻪ وﻋﺜﺮ ﻋﲆ ﺷﻴﻚ ﺑ ١٠٠٠٠٠دوﻻر، ﻓﻜ ﱡﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ أن ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎﻟني ﻟﺴﺨﺎء اﻟﺠﻨﻲ :إذا ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻛﻮ ﻋﲆ ٥٠٠٠٠ دوﻻر ،ﻓﺈن اﻟﺠﻨﻲ إذن ﻗﺪ وﻫﺒﻬﻤﺎ ١٥٠٠٠٠دوﻻر» ،ﻟﻜﻦ« إن ﺣﺼﻞ ﻛﻮ ﻋﲆ ،٢٠٠٠٠٠ ﻳﻜﻮن اﻟﺠﻨﻲ ﻗﺪ وﻫﺒﻬﻤﺎ ٣٠٠٠٠٠دوﻻر ،وﺣﺼﻞ ﻫﻮ )أي ﺑﻴﻞ( ﻋﲆ املﺒﻠﻎ اﻷﺻﻐﺮ؛ ﻟﺬا ﻓﺈن اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻘﺪﱢرﻫﺎ ﻟﻴﺴﺖ ْ إن ﻛﺎن ﻗﺪ ﺣﺼﻞ ﻋﲆ اﻟﻨﺼﻴﺐ اﻷﺻﻐﺮ أم 86
ُ ﺗﻨﺎﻗﺾ
اﻷﻛﱪ ﻣﻦ ﻣﺒﻠﻎ ﻣﻌني )واﻟﺬي ﻛﺎن ً ﻣﺒﻠﻐﺎ ﻣﺘﺴﺎوﻳًﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﻮزﻳﻊ( ،ﺑﻞ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺠﻨﻲ ﻗﺪ ﻣﻨﺢ ١٥٠٠٠٠دوﻻر أم ٣٠٠٠٠٠دوﻻر .ﺗﻠﻚ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﺋﻞ ،وﻟﻴﺲ ﻟﺪى ﺳﺒﺐ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ﻛﻲ ﻳﺼﺪق أن اﺣﺘﻤﺎﻻﺗﻬﺎ ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ،ﺑﻞ إﻧﻪ إذا ﻣﺎ اﻓﱰض أن ﺑﻴﻞ أيﱡ ٍ ﻫﻨﺎك ﺣﺪٍّا ﻟﺜﺮوة اﻟﺠﻦ )أو ﻛﺮﻣﻬﻢ(ِ ، ﻓﻤﻦ اﻷﻓﻀﻞ أن ﻳﻔﱰض اﻷﺳﻮأ؛ أي أن ﻳﻜﻮن اﻟﺠﻨﻲ أﻛﺜ َﺮ ً ﻣﻴﻼ ﻟﺘﻔﻀﻴﻞ املﺒﻠﻎ اﻷﺻﻐﺮ؛ ﻟﺬا ﻣﻦ املﺮﺟﺢ أﻧﻪ ﻳﺤﻤﻞ اﻟﺮزﻣﺔ اﻷﻛﱪ وﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻘﻨﻊ ﺑﻤﺎ ﻟﺪﻳﻪ ،وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻨﻘﻴﺾ ملﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻘﺪه ﰲ اﻷﺳﺎس. ﻗﺪ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ أن اﻟﺠﻦ ﺷﺪﻳﺪو اﻟﺜﺮاء ﺣﺘﻰ إن اﻟ ١٥٠٠٠٠دوﻻر أو ٣٠٠٠٠٠ دوﻻر ﻻ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﻜﺜري ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻬﻢ،؛ ﻟﺬا ﻓﺎﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻛﻤﺎ ﻓ ﱠﻜ َﺮ ﰲ املﻘﺎم اﻷول ،وﻳﻜﻮن ﻣﻦ املﻨﻄﻘﻲ ﻣﺮة أﺧﺮى أن ﻳﻠﺠﺄ ﻟﻠﻤﻘﺎﻳﻀﺔ .ﻟﻜﻦ اﻷﻣﺮ اﻟﺴﻴﺊ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺴﺘﻤﺮ ﰲ ﺗﺮدﻳﺪ ذﻟﻚ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻣﻼﻳني أو ﻣﻠﻴﺎرات اﻟﺪوﻻرات؛ ﻷﻧﻨﺎ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻧﺘﺤﺪﱠث ﻫﻨﺎ ﻋﻦ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﻣﺠﻤﻮع ﻛﻞ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت »ﻳﺠﺐ« أن ﻳﻜﻮن واﺣﺪًا ﺻﺤﻴﺤً ﺎ. اﻟﺠﻨﻲ ﺧ ْﺮ َﻗﻪ. ﻓﻬﺬا ﻗﺎﻧﻮن أﺳﺎﳼ ﻣﻦ ﻗﻮاﻧني اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﻴﻞ أ َ ْو ﻛﻮ أ َ ْو ﺣﺘﻰ ﱡ وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻛ ﱡﻞ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت واﺣﺪ ًة ،ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﻗﺪر اﻟﻨﻘﻮد اﻟﺬي ﻧﺘﺤﺪﱠث ﻋﻨﻪ ،ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺠﻤﻮﻋﻬﺎ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ واﺣﺪًا ﺻﺤﻴﺤً ﺎ .ﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ »ﻳﺠﺐ« ﻋﲆ ﻛ ﱟﻞ ِﻣﻦ ﺑﻴﻞ وﻛﻮ، إذا رﻏﺒَﺎ ﰲ اﺗﺨﺎذ ﻗﺮارات ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ ،أن ﻳُﺠﺮﻳَﺎ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ ﻟﺤﺪود ﺛﺮوة اﻟﺠﻨﻲ وﻣﻴﻠﻪ ﻟﻠﺴﺨﺎء ،وﻣَ ﻦ ﻳﻔﻌ ْﻞ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻷﻓﻀﻞ وﻳ َُﻀﺎ ِه ذﻟﻚ اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ ﺑﺤﺠﻢ ﺟﺎﺋﺰﺗﻪ ،ﻓﺴﻴﺘﺨﺬ اﻟﻘﺮار اﻷﻓﻀﻞ ﺑﺸﺄن املﻘﺎﻳﻀﺔ ،وﻣَ ﻦ ﻳﺤﻤﻞ املﺒﻠﻎ اﻷﺻﻐﺮ ﰲ ﻣﻈﺮوﻓﻪ ،ﻓﺴﻮف ﻳﺤﺘﻤﻞ أن ﻣﻨﻄﻘﻲ. ﻳﻜﻮن أﻛﺜﺮ اﺳﺘﻌﺪادًا ﻟﻠﻤﻘﺎﻳﻀﺔ ،وﻫﺬا ﰲ ﻣﺠﻤﻠﻪ ﱞ ﻟﻜﻦ ﻫﻞ أيﱞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣُﺤِ ﱞﻖ ﺑﺸﺄن اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ؟ ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ ﻻ ،ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﺧﱪﺗﻬﻤﺎ املﺤﺪودة ﺑﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﺠﻦ ﰲ اﻟﺒﻨﻮك ودواﻓﻌﻬﻢ اﻟﺨريﻳﺔ .ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﺑﻌﺪُ؟ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻛﻤﺎ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ،ﻣَ ﻦ ﻳﻘﻮم ﺑﺄﻓﻀﻞ ﺗﻘﻴﻴ ٍﻢ ﻫﻮ ﻣَ ﻦ ﻳﺘﺨﺬ أﻓﻀﻞ ﻗﺮار ،واﻟﺤﺠﺔ ً ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ﻋﻨﺪ ﺗﻮزﻳﻊ املﻈﺎرﻳﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻀ ﱢﻠﻠﺔ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ؛ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺑﺄن اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻬﻲ ﺗﻘﺎرن املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺨﻄﺄ ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﺋﻞ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺠﺔ زاﺋﻔﺔ. ﻫﻨﺎك درس ﻣﻬﻢ ﻫﻨﺎ ،وﻫﻮ أﻧﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺤﺪﱠث ﻋﻦ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﻜﻮن واﺿﺤً ﺎ ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ٍّ ً ﺣﻘﺎ ﻫﻲ أﻧﻪ إﻣﺎ ﺑﺸﺄن اﻟﺒﺪاﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎرن اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺎﺗﻬﺎ .واﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻴﻞ وإﻣﺎ ﻛﻮ ﺳﻴﺤﺼﻞ ﻋﲆ املﻈﺮوف اﻟﻀﺨﻢ ،ﻟﻜﻦ ﺑﻤﺠﺮد اﻧﺘﻬﺎء ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻮزﻳﻊ ،ﻻ ﻳﻌﻮد ﻫﻨﺎك وﺟﻮد ﻟﺘﻠﻚ املﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﺋﻞ ،وﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻌﻨًﻰ ﻷي اﺣﺘﻤﺎﻻت ﻷﺷﻴﺎءَ اﺗﱡﺨِ ﺬ ﻗﺮا ٌر ﺗﺘﻐري اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ﴎﻳﻌً ﺎ ﻣﻊ ﱡ ﱠ ﱠ وﺗﺘﻐري اﻟﺨﻴﺎرات أو ﺗﻜﺸﻒ اﻷﺣﺪاث، ﺑﺸﺄﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ إذن 87
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﺗُﺴﺘﺒﻌَ ﺪ ،وﻫﻜﺬا .ﻓﺒﻤﺠﺮد أن ُو ﱢزﻋﺖ املﻈﺎرﻳﻒ ،أﺻﺒﺤﺖ اﻟﺨﻴﺎرات ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﺧﻴﺎرات ﺑﺸﺄن ﻗﺪر اﻟﻨﻘﻮد اﻟﺘﻲ و ﱠزﻋﻬﺎ اﻟﺠﻨﻲ ،وﻟﻴﺲ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﺣﺼﻞ ﻋﲆ اﻟﻨﻘﻮد. ُ ُ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك إذن ﺗﻨﺎﻗﺾ ﺣﻘﻴﻘﻲ ،واﻟﺪرس املﺴﺘﻔﺎد ﻫﻮ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ أن ﺗﺴﺘﺪ َرج ﻧﺤﻮ اﻟﺨﻠﻂ ﺑني اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺔ )ﻗﺒﻞ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ( ملﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎرات ،وﺑني اﺣﺘﻤﺎﻻت ﺗﺎﺑﻌﺔ )ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ( ملﺠﻤﻮﻋﺔ أﺧﺮى .وﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن املﺠﻤﻮﻋﺘﺎن ﺳﺒﺎق ﺑﺄن ﺗﺮاﻫﻦ ﰲ اﻟﺴﺒﺎق ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺨﻴﻮل ﻣﻀﻤﺎر ﻣﺨﺘﻠﻔﺘني ﺗﻤﺎﻣً ﺎ .ﻟﻦ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻚ أيﱡ ِ ٍ ُﴪ ً ﱡ َ ﺨﺠﻞ أن ﻧﺬﻛﺮه ،ﻟﻜﻦ ﺗﺸﻖ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣ ِ ﻋﺔ؛ ﻳﺒﺪو اﻷﻣﺮ ﺑﺪﻳﻬﻴٍّﺎ وواﺿﺤً ﺎ ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﻪ ﻣﻦ ا ُمل ِ ﻫﺬا ﻫﻮ أﺻﻞ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞَ .و ْﻟﺘﻨﺘ ِﺒ ْﻪ ﻟﻬﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ :ﻣﻦ املﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ أﻛﺜﺮ اﻷﺧﻄﺎء ﺷﻴﻮﻋً ﺎ ﰲ إﺳﺎءة اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﺸﺎﺋﻊ ﻟﻼﺣﺘﻤﺎﻻت؛ ﻓﺎﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﻔﺮﺻﺔ ٍ ﺑﺤﺎﺟﺔ ملﻌﺮﻓﺔ اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﻟﻮﻗﻮع ﺣﺪث واﺣﺪ وﺳﻂ ﺑﺤﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﺪاث املﺤﺘﻤﻠﺔ اﻷﺧﺮى ،وأﻧﺖ ﻛ َﻠﻴْﻬﻤﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﺳﺘﺨﺪام اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﺻﺤﻴﺢ.
88
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﺎﴍ
اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت
ٍ ٍ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣﺎ ،ﺗﻤ ﱢﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ وﺿﻊ ﻗﻴﻤﺔ ﺣﺎﻻت ﺗﻨﻄﻮي ﻋﲆ ﺣﺘﻰ اﻵن ﻛﺎن ﻣﻌﻈﻢ ﻣﺎ ﺗﻨﺎوﻟﻨﺎه ﻋﲆ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﻘﺮار؛ ﻫﺬا أﻣﺮ راﺋﻊ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻨﺎ ﻓﻌﻠﻪ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﻋﻤﻠﻴٍّﺎ داﺋﻤً ﺎ أو ﺣﺘﻰ ﻣﻤﻜﻨًﺎ ،ﺑﻞ ﺣﺘﻰ إﻧﻪ ﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن ﴐورﻳٍّﺎ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺎﻻت .إن ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻚ ﻣﻮارد َ ﻛﻨﺖ ﺳﺘﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﰲ ﴍاء ﻳﺨﺖ أو إرﺳﺎل اﻷﺑﻨﺎء ﻣﺤﺪودة وﺗﺤﺎول أن ﺗﻘ ﱢﺮر إذا ﻣﺎ ﱠ ﱠ وﻣﻔﺼﻞ ﻟﻜﻲ ﺗﻌﺮف ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺘﺰاﻣﻚ. ﻳﺘﻌني ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﻤ ﱠﺮ ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ دﻗﻴﻖ إﱃ اﻟﻜﻠﻴﺔ ،ﻓﻼ ً ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻟﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮار؛ ﻛﺎﺧﺘﻴﺎر ﻣﻮﻋﺪ، ﻫﻨﺎك أوﻗﺎت ﺗﻜﻮن ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ زوج أو ﻗﺮاءة ﻛﺘﺎب ،أو ﺗﻨﺎوُل وﺟﺒﺔ ﺧﻔﻴﻔﺔ ﻣﻦ املﱪد؛ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻳﻜﻮن اﻻﺧﺘﻴﺎر ﺑني أيﱢ ٍ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎرات ﻧﺎﺑﻌً ﺎ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻣﻤﱠ ﺎ ﱢ أي اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ،وﻧﺤﻦ ﻧﺘﻨﺎول اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﺑﻬﺬه ﺗﻔﻀﻠﻪ؛ ِ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺧﺒني ﱠأﻻ ﱢ ﻳﻌﱪوا ﻋﻦ ﳾء أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻬﻢ ﺑني املﺮﺷﺤني .ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻣﺘﻨﺎﻓﺴﻮن ﻋﺪة أو أﻧﻈﻤﺔ ﱠ ﻣﻌﻘﺪة ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻨﺴﺒﻲ؛ ﺣﻴﺚ ﻻ ﱢ ﻳﻮﻓﺮ اﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﺒﺴﻴﻂ ﻛ ﱠﻞ املﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻣﻔﻴﺪ ًة ،ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﻧﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة )املﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﻫﺬا ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﱄ(؛ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺴﺄل املﺼﻮﱢﺗني ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﻮا ﱢ ﻳﻔﻀﻠﻮن ﺳﻤﻴﺚ ﻋﻦ ﺟﻮﻧﺰ ،وﻟﻴﺲ ﻋﻦ »ﻣﺪى« ﺗﻔﻀﻴﻠﻬﻢ ﻟِﺴﻤﻴﺚ ﻋﻦ ﺟﻮﻧﺰ. إن اﻟﺼﻮت اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻲ اﻟﺬي ُﻣﻨِﺢ ﺑﻔﺘﻮر ﻟﻪ ﻧﻔﺲ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺼﻮت اﻟﺬي ُﻣﻨِﺢ ﺑﺤﻤﺎس) .أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻳﺴﺄل ﻣﻨ ﱢ َ ﻈﻤﻮ اﻻﺳﺘﻔﺘﺎءات اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳُﺠﺮى ﻋﻠﻴﻪ اﻻﺳﺘﻔﺘﺎء ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻨﻖ اﻟﺮأيَ ً اﻋﺘﻨﺎﻗﺎ ﻗﻮﻳٍّﺎ ،وﻫﺬا ﻳﺤﺼﺪ ﻧﻘﺎ ً ﻃﺎ إﺿﺎﻓﻴﺔ ﰲ اﻻﺳﺘﻔﺘﺎء ،وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﰲ اﻟﺬي اﺧﺘﺎره اﻗﱰاع (.واﻷﺳﻮأ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻫﺬا أﻧﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺠﻤﻊ ﻋﺪ َد اﻷﺻﻮات ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﰲ اﻗﱰاع ﺗﻔﻀﻴﲇ،
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺴﺘﻘﻄﻊ ﺣﺠ َﻢ أﻏﻠﺒﻴﺔ أﺻﻮات املﺮﺷﺢ اﻟﻔﺎﺋﺰ ﻣﺎ دام ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻓﺎﺋﺰ؛ ﻟﺬا ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻸﻗﻠﻴﺔ َ اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ املﻨﺼﺎﻋﺔ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﺪﻻع ﺛﻮرة أو ﻋﺼﻴﺎن أو أﻋﻤﺎل ﺷﻐﺐ، املﺘﺤﻤﺴﺔ أن ﺗﻬﺰم وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﰲ اﻗﱰاع اﻧﺘﺨﺎﺑﻲ )ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺳﻮف ﻳﺪﱠﻋِ ﻲ املﺮﺷﺢ اﻟﻔﺎﺋﺰ داﺋﻤً ﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﺣﺼﻞ ﻋﲆ ً ً وﺿﻌﻴﻔﺎ ،أو ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺻﻮات ﻗﺪ ﺟُ ِﻤﻌﺖ ﺿﺌﻴﻼ »ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺷﻌﺒﻲ« ،ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﻫﺎﻣﺶ ﻓﻮزه ﺑﺸﻜﻞ ﻏري ﺳﻠﻴﻢ(. ً َ ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻠﻨﻘﺎش؛ ﻣﺴﺄﻟﺔ ذوق أو ﺣﻜﻢ ﻓﺮدي ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻜﺎد ﺗﻜﻮن إذا ﻛﺎن اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ َ ﱢ ﻓﺮﻳﻖ ﺷﻴﻜﺎﺟﻮ َﻛﺒﺲ ﻋﲆ ﻓﺮﻳﻖ ﻟﻮس أﻧﺠﻠﻮس ﻳﻔﻀﻞ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮل ﺟﻮرج وﻳﻞ إﻧﻪ ً ﺳﺎﺑﻘﺎ( ،ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮء أن ﻳﺘﻌﺠﱠ ﺐ ﻣﻦ ﺷﺬوذه ﻋﻦ اﻟﻘﺎﻋﺪة ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ دودﺟﺮز )ﺑﺮوﻛﻠني ِ اﻟﺴﺆال ﻃﺮح ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﻌﺒﺚ أن ﺗﺠﺎدﻟﻪ .إن ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺗﻔﻀﻴﻼت ﻓﺮ ٍد ﻣﺎ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻣﺠﺮ َد ِ ِ ً ً ﺑﺴﻴﻄﺔ؛ وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺼﺤﻴﺢ ،ﻟﻜﻦ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺗﻔﻀﻴﻼت »ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ« ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻟﻴﺴﺖ ِ ﺟﻮﻫﺮ اﻟﺨﻴﺎر اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ )ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت(. ﻟﻘﺪ ذَ َﻛ ْﺮﻧﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﺧﺘﻴﺎر ﻧﻜﻬﺔ اﻵﻳﺲ ﻛﺮﻳﻢ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻨﺎ ،أو ﺗﺼﻨﻴﻔﺎﺗﻨﺎ، ُ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻏريَ ﻣﺘﻌﺪﻳﺔ — ﻓﻘﺪ ﻏريَ ﻣﺘﻌﺪﻳﺔ .ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﳾء ﻏري ﻋﻘﻼﻧﻲ ﰲ أن ﺗﻜﻮن ً ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻨﺪ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻛ ﱢﻞ زوج ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎرات — ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺆدﱢي ﻧﺴﺘﺨﺪم ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻣﻌﺎﻳريَ إﱃ ﺗﻌﻘﻴﺪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ،ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﺑني ﺻﻨﺎع اﻟﻘﺮار اﻟﻔﺮدﻳني )اﻟﻨﺎﺧﺒني ﻧﺤﻮ ﻓﺮديﱟ — أيْ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻗﻮاﺋﻢ أو أﻋﻀﺎء اﻟﻠﺠﺎن ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل( ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺘﻌﺪﻳﺔ ﻋﲆ ٍ َ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻗﻮاﺋﻢ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﺗﻔﻀﻴﻞ ﺑﺴﻴﻄﺔ وواﺿﺤﺔ — ﺗﻈﻬﺮ ﻣﺸﻜﻼت ﺟﺪﻳﺪة ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺤﺎول اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﰲ ﺷﻜﻞ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺗﻔﻀﻴﻼت ملﺠﻤﻮﻋﺔ. واملﺸﻜﻠﺘﺎن اﻟﻠﺘﺎن ﺳﻨﺘﻨﺎوﻟﻬﻤﺎ ﻫﻨﺎ ﻫﻤﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت وﻣﺸﻜﻠﺔ ﻛﻮﻧﺪورﺳﻴﻪ. ﺗﺘﻨﺎول اﻷوﱃ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ إﱃ ﺗﺼﻨﻴﻔﺎت ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﺗﺘﻨﺎول ً ً ﻣﻬﻤﺔ؛ وﻫﻲ أﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﺘﺠﻤﻴﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت املﺘﻌﺪﻳﺔ ﻋﲆ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ُ ً ﻣﺘﻌﺪﻳﺔ .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ إن اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻧﺤﻮ ﻓﺮديﱟ ﰲ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﺟﻤﺎﻋﻲ ،ﻓﻼ داﻋﻲ ﻷن ﺗﻜﻮن ٍ أﻗﻮى ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺮى ﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ ،وﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﻮل ﺗﺼﻨﻴﻒ ﻓﺮدي أو ﻧﺼ ُ ﺟﻤﺎﻋﻲ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻻ ِ ﻒ اﻟﺒﻨﻮ َد املﺼﻨﻔﺔ؛ ﺑﻞ ﻣَ ﻦ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺎﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ،واﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻧﻮن ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت. إﻣﺎ أﻓﺮادًا وإﻣﺎ ﻟﻨﻔﱰض أﻧﻨﺎ أﻋﻀﺎء ﰲ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺲ ﰲ إﺣﺪى اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ،وﻧﻮاﺟﻪ املﺸﻜﻠﺔ اﻷﺑﺪﻳﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺎ؛ َو ْﻟﻨ َ ُﻘ ْﻞ ،ﻣَ ﻨْﺤﻬﻢ ﻣﻨﺤﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻﺧﺘﻴﺎر ﻣﻦ ﺑني اﻟﻄﻼب ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻜﺮﻳﻤﻬﻢ ٍ دراﺳﻴﺔ .ﻫﻨﺎك ﻋﺪة ﻃﻼب ذوي ﺳﺠﻼت ﺟﻴﺪة ﺑﻤﺎ ﱢ ﻳﺆﻫﻠﻬﻢ ﻟﻜﻲ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﺮﺷﺤني ﺟﺪﻳﺮﻳﻦ، 90
اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت
َ ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ .ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ وﻳَﺤﻤﻞ أﻋﻀﺎء ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺲ ﻋﲆ ﻋﺎﺗﻘﻬﻢ ﺗﺼﻨﻴﻒ اﻟﻄﻼب ،ﻓﺎﻟﺠﻮدة ﺗﺘﻀﻤﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد اﻟﺪرﺟﺎت املﻤﻨﻮﺣﺔ ﰲ اﻟﺪورات اﻟﺪراﺳﻴﺔ )ﺑﻌﺾ اﻟﻄﻼب ﻻ ﻳﺄﺧﺬون ﺳﻮى اﻟﺪورات اﻟﺪراﺳﻴﺔ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ( أو ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻄﺎﻟﺐ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺪراﳼ )ﺑﻌﺾ اﻟ ﱠ ﻄﻠﺒﺔ ﻣﺎﻫﺮون ﻷﻗﴡ ﺣ ﱟﺪ ﰲ ﻣﺪاﻫﻨﺔ اﻷﺳﺎﺗﺬة( .ووﻇﻴﻔﺔ اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﻫﻲ ﺗﻘﻴﻴﻢ اﻟﺠﻮدة واﻹﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻟﻠﻄﺎﻟﺐ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ً ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﺘﻘﻴﻴﻢ اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﰲ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ،وﻗﻠﻴ ٌﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن اﻟﻌﺪدي؛ ﻟﺬا ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك اﺧﺘﻴﺎ ٌر ﺳﻮى ﻣﻄﺎ َﻟﺒ ِﺔ ﻛ ﱢﻞ ﻋﻀﻮ ﻣﻦ أﻋﻀﺎء ﻫﻴﺌﺔ ذاﺗﻲ ﻣﺎ ،ﺛﻢ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﺳﺘﺨﺪام ﻣﻌﻴﺎر اﻟﺘﺪرﻳﺲ ﺑﺘﺼﻨﻴﻒ اﻟﻄﻼب ﺑﺎﻟﱰﺗﻴﺐ ﻣﻦ ﺧﻼل ﱟ ٍ ٍ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻨﻄﻘﻴ ٍﺔ ﻻﺧﺘﻴﺎر املﻜﺮﻣني .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺳﺘﻜﻮن ﻛ ﱡﻞ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ ً ﻗﻮاﺋﻢ أﻋﻀﺎء ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺲ ﻣﺘﻌﺪﻳﺔ؛ ﻓﻼ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻛ ﱡﻞ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻣﻨﻐﻠﻘﺔ ﻋﲆ ﻧﻔﺴﻬﺎ. ﻫﻞ ﺳﺘﺆدﱢي داﺋﻤً ﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ املﻨﻄﻘﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺠﻤﻊ ﻗﻮاﺋﻢ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ،إﱃ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﻮﺟﺰ ً إﻃﻼﻗﺎ. ﺑﻤﻨﻄﻘﻴﺔ اﻵراءَ اﻟﻔﺮدﻳﺔ املﻨﻄﻘﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﻤﻮﻋﺔ؟ َﻛﺘﺐ ﺗﺸﺎرﻟﺰ ﻟﻮدﻓﻴﺞ دودﺟﺴﻮن ،وﻫﻮ ﻗﺲ إﻧﺠﻠﻴﺰي وﻋﺎﻟﻢ رﻳﺎﺿﻴﺎت ﻋﺎش ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ )وﻫﻮ ﻣﻌﺮوف أﻛﺜﺮ ملﻌﻈﻤﻨﺎ ﺗﺤﺖ اﻻﺳﻢ املﺴﺘﻌﺎر ﻟﻮﻳﺲ ﻛﺎرول ﻣﺆﻟﻒ رواﻳﺔ ً ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺬﻫﻠﺔ ﻣﻦ اﻷوراق اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﻋﻦ ﻫﺬا املﻮﺿﻮع .ﻛﺎن »أﻟِﻴﺲ ﰲ ﺑﻼد اﻟﻌﺠﺎﺋﺐ«(؛ ﻣﺎ دﻓﻌﻪ ﻟﻬﺬا املﻮﺿﻮع ﺑﺎﻷﺳﺎس ﻫﻮ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﺧﺘﻴﺎر ﺑﺮج ﺟﺮس ملﺒﻨﻰ ﻛﻠﻴﺘﻪ ،وﻫﻲ ﻣﻬﻤﺔ َ َ ﻛ ﱠﻠﻔﺘﻪ ﺑﻬﺎ إﺣﺪى اﻟﻠﺠﺎن ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﱠ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻄﻼب ﻧﻄﺎق اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﻟﻴﺸﻤﻞ وﺳﻌﺖ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻜﺮﻳﻤﺎت ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ،وﻫﻲ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻨﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻫﻨﺎ .ﻛﺎن ﻛ ﱡﻞ ﻣﺎ ﻳﺴﻌﻰ إﻟﻴﻪ ﻫﻮ إﻳﺠﺎد وﺳﻴﻠﺔ ﻋﺎدﻟﺔ وﻏري ﻣﺒﻬﻤﺔ ﻷداء املﻬﻤﺔ؛ ﻛﺎن ﻳَﻌِ ﻲ ﻣﺸﻜﻼت اﻟﻌﻼﻗﺎت املﺘﻌﺪﻳﺔ ﺟﻴﺪًا ،ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻘﺪ أن ﺑﻤﻘﺪوره اﺳﺘﺨﺪام ﻣﻬﺎراﺗﻪ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﰲ اﺑﺘﻜﺎر ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺖ؛ ﻟﻜﻦ ﻛﺎن ﻣﺎ أﺛﺎر دﻫﺸﺘﻪ وﻏﻀﺒﻪ ،أن ذﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻤﻜﻨًﺎ ،وﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك اﺧﺘﻴﺎر أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﺳﺘﻌﺮاض اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻤﺜﺎل دودﺟﺴﻮن اﻷول .إﻟﻴﻚ املﺜﺎل ،وﺳﻨﺴﺘﻌﺮﺿﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺘﻪ. ﻫﻨﺎك أﺣﺪ ﻋﴩ ﻧﺎﺧﺒًﺎ )أﻋﻀﺎء ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺲ( ،وأرﺑﻌﺔ ﻣﺮﺷﺤني )اﻟﻄﻼب(، ﻧﺎﺧﺐ املﺮﺷﺤني ً وﻓﻘﺎ ﻟﱰﺗﻴﺐ اﻷﻓﻀﻠﻴﺔ .ﺳﻨﺒﺪأ ﺑﻌ ﱢﺪ أﺻﻮات املﺮﻛﺰ اﻷول وﺳﻴﺼﻨﱢﻒ ﻛ ﱡﻞ ٍ ً ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﻊ ﻓﻘﻂ ،ﺛﻢ ﻧﻌﻮد إﱃ اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت ﻛﻠﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪُ .ﻻ ﻳﻮاﺟﻪ أيﱡ ﻧﺎﺧﺐ ﻓﺮدي ﻳﻔﻀﻞ أ ﻋﲆ ب ،وب ﻋﲆ ﺟ ،ﻓﻬﻮ ﱢ اﻟﻌﻼﻗﺔ املﺘﻌﺪﻳﺔ؛ ﻓﺈن ﻛﺎن ﱢ ﻳﻔﻀﻞ أ ﻋﲆ ﺟ ،ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك أي أﻻﻋﻴﺐ ،ﺑﻞ ﻫﻨﺎك ﺗﺮﺗﻴﺐ ﻓﻌﲇ ﻟﻠﺘﻔﻀﻴﻼت ،واﻟﻔﺎﺋﺰ ﻫﻮ املﺮﺷﺢ اﻟﺤﺎﺻﻞ ﻋﲆ أﻏﻠﺒﻴﺔ 91
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
أﺻﻮات املﺮﻛﺰ اﻷول ،وﻫﺬا ﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ اﻷﻣﺮ .ﻟﻨﻔﱰض أن اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﺟﺎءت ﻛﻤﺎ َ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﻟﻨﺎﺧﺐ واﺣﺪ ،وﻳُﻄ َﻠﻖ ﻋﲆ املﺮﺷﺤني :أ ،ب ،ﺟ، ﻳﲇ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﻤﺜﱢﻞ ﻛ ﱡﻞ ﻋﻤﻮد د: أ
ب ب ب ب ﺟ ﺟ ﺟ
د
أ
ﺟ ﺟ ﺟ
أ
أ
أ
أ
أ
د
ﺟ ﺟ ﺟ ﺟ
د
د
د
ﺟ
ب ب ب
د
د
أ د
أ د
أ د
أ د
ب ب ب ب
ً وﻓﻘﺎ ﻟﻘﺎﻋﺪة ﻋ ﱢﺪ أﺻﻮات املﺮﻛﺰ اﻷول ﻓﻘﻂ ،اﻧﺘُﺨِ ﺐ املﺮﺷﺢ ب ﺑﺄرﺑﻌﺔ أﺻﻮات ،وﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ أي أﺣﺪ َ آﺧﺮ ﻋﲆ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ أﺻﻮات ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ املﺮﻛﺰ اﻷول ،ﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ ً ً ﻓﻈﻴﻌﺔ؛ ﻓﻜﻞ ﻧﺎﺧﺐ ﻓﺮدي ﻟﻢ ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ اﻷﻓﻀﻞ ﺻﻨ ﱠ َﻔﻪ ﻋﲆ أﻧﻪ ﻣﺸﻜﻠﺔ أن ذﻟﻚ ﻳﻤﺜﱢﻞ اﻷﺳﻮأ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق — ﻟﻪ ﻣﻌﺠﺒﻮن ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻟﻜﻦ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﺷﺨﺎص ﻳﺤﻤﻠﻮن رأﻳًﺎ ﺳﻴﺌًﺎ ﻋﻨﻪ — وﻫﺬا ﻣﻦ املﻔﱰض أﻧﻪ ﻳﺤﻤﻞ ﻣﻐ ًﺰى ﻣﺎ .ﻟﻦ ﻳﺆﺧﺬ ذﻟﻚ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر إن ﻛﺎﻧﺖ أﺻﻮات املﺮﻛﺰ اﻷول ﻫﻲ ﻓﻘﻂ ﻣﺎ ﻳﻬﻢ؛ ﻟﺬا دﻋﻮﻧﺎ ﻧﺨ ُ ﻂ ﺧﻄﻮة ﻟﻸﻣﺎم ،وﻧﻘﺎرن املﺮﺷﺢ ب ﺑﻜﻞ ﻣﺮﺷﺢ ﻣﻦ املﺮﺷﺤني اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﺘﻨﺎوب ،وﻧﺘﺴﺎءل ﻋﻦ ﻋﺪد اﻟﻨﺎﺧﺒني اﻟﺬﻳﻦ ﱢ ﻳﻔﻀﻠﻮﻧﻪ .ﰲ ِ املﺒﺎﴍة ﻳﺨﴪ ب أﻣﺎم »ﻛ ﱢﻞ« ﻣﺮﺷﺢ ﻣﻦ املﺮﺷﺤني اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻨﻘﺎط ﺗﻠﻚ املﻘﺎرﻧﺎت املﱰاوﺣﺔ ﺑني ﺳﺒﻊ إﱃ أرﺑﻊ )ﻫﺬا واﺿﺢ؛ إذ ﺣﻞ أﺧريًا ﰲ ﺗﻘﻴﻴﻢ ﺳﺒﻌﺔ ﻧﺎﺧﺒني( .ﻟﻘﺪ ﱢ ﻳﻔﻀﻠﻮن ﻋﻠﻴﻪ أيﱠ ﻣﺮﺷﺢ ﻣﻦ ﻓﺎز ﺑﺄﻏﻠﺒﻴﺔ أﺻﻮات املﺮﻛﺰ اﻷول ،ﻟﻜﻦ أﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﻨﺎﺧﺒني املﺮﺷﺤني َ اﻵﺧﺮﻳﻦ .وأﻳٍّﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺗﺤﻠﻴﻠﻚ ﻟﻸﻣﺮ ،ﻓﻤﻌﻈﻢ اﻷﺷﺨﺎص ﻳﻌﺘﻘﺪون أﻧﻪ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ. إن اﻧﺘﺨﺎﺑﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻨﻄﻘﻴٍّﺎ ،وﻗﺪ ﻗﺎل دودﺟﺴﻮن ﻫﺬا .إﻧﻚ ﺗﺨﴪ اﻟﻌﺪﻳ َﺪ ﻣﻦ املﻌﻠﻮﻣﺎت ﺑﻌﺪ أﺻﻮات املﺮﻛﺰ اﻷول ﻓﻘﻂ. ﻟﻜﻦ أيﱞ ﻣﻦ املﺮﺷﺤني ﻳﺒﺪو اﻷﻓﻀﻞ ٍّ ْ ﺣﻘﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻌﺎﻳري أﻛﺜﺮ اﺗﺴﺎﻋً ﺎ؟ ﻟﻘﺪ اﺧﺘﺎر ٌ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺧﺒني املﺮﺷﺢ أ ﰲ املﺮﻛﺰ اﻷول ،واﺧﺘﺎره ﰲ املﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻛ ﱡﻞ ﻧﺎﺧﺐ ﻣﻦ ﻣﺮﻛﺰ أﻗﻞ ﻣﻦ املﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻧﻲ؛ ﻟﺬا ﻓﻬﻮ ﻳﺒﺪو اﺧﺘﻴﺎ ًرا اﻟﻨﺎﺧﺒني اﻵﺧﺮﻳﻦ ،وﻟﻢ ﻳﺼﻨﻔﻪ أﺣﺪ ﰲ ٍ ﻣﻨﻄﻘﻴٍّﺎ ﺑﺎﻹﺟﻤﺎع ،وﻗﺪ »ﻓﺎز« ً ِ ﻣﺒﺎﴍة ﻣﻊ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻦ املﺮﺷﺤني أﻳﻀﺎ ﰲ ﻣﻨﺎﻓﺴﺎت َ ِ ﻣﺒﺎﴍة ﺑني اﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻮ ًزا ﻗﺎﻃﻌً ﺎ ﻛﺨﺴﺎرة املﺮﺷﺢ ب .وﰲ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ٌ املﺮﺷﺢ أ واملﺮﺷﺢ ب ،ﱠ ِ ﺟﻮﻟﺔ إﻋﺎد ٍة ﺳﺒﻌﺔ ﻣﻦ اﻷﺣﺪ ﻋﴩ ﻧﺎﺧﺒًﺎ املﺮﺷﺢ أ .وﰲ أي ﻓﻀ َﻞ 92
اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت
ﺑني أﻋﲆ اﺛﻨني ﺣﺼﺪًا ﻟﻸﺻﻮات )ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﰲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ وﰲ ﺑﻌﺾ ً ﺳﺎﺣﻘﺎ. اﻟﺒﻠﺪﻳﺎت واﻟﻮﻻﻳﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ( ،ﻳﻔﻮز أ ﻓﻮ ًزا ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺻﻤﱠ ﻤﻨﺎ ﻋﲆ أن اﻟﻔﺎﺋﺰ ﻟﺪﻳﻪ أﻏﻠﺒﻴﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ،أو اﺳﺘﺨﺪﻣﻨﺎ ﺟﻮﻟﺔ إﻋﺎدة، ﻓﺈن ﺗﺠﺎﻫﻞ اﻟﺨﻴﺎرﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﺜﺎﻟﺚ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺆدﱢي إﱃ ﻋﺪم املﺴﺎواة .ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﻧﻔﺲ َ َ ﺣﺼﻼ ﻋﲆ أﺻﻮات املﺮﻛﺰ اﻷول، ﺟﻮﻟﺔ إﻋﺎد ٍة ﺑني أﻋﲆ اﺛﻨني اﻟﺠﺪول ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺘﺨﻴﱠﻞ وﻫﻤﺎ أ وب ،وأن أﺻﻮات املﺮﻛﺰ اﻷول اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﺘﻲ ذﻫﺒﺖ إﱃ املﺮﺷﺤني ﺟ ود ﻗﺴﻤﺖ ﺑﺎﻟﺘﺴﺎوي ﺑني املﺮﺷﺤني أ وب ،ﻫﻨﺎ ﺳﻴﺤﺼﻞ ب ﻋﲆ أﻏﻠﺒﻴﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﴏﻳﺤﺔ ،وﻫﻜﺬا ﺳﻴﻔﻮز ﰲ ﺟﻮﻟﺔ اﻹﻋﺎدة .وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،ﻟﻮ ﻛﺎن ﻛﻞ ﻧﺎﺧﺒﻲ ﺟ ود اﻟﺬﻳﻦ ﺧﺎﺑ َْﺖ آﻣﺎﻟﻬﻢ ً ﺳﺎﺑﻘﺎ ﺑني أ وب ،ﻟﺤﺼﻞ أ ﻋﲆ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻷﺻﻮات )ﻋﻠﻤً ﺎ ﺑﺄن ﻗﺪ ﺻﻮﱠﺗﻮا ﻋﲆ ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻬﻢ ﱠ َ ب ﻗﺪ ﺣﻞ أﺧريًا ﰲ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻻﻗﱰاﻋﺎت( ،وﺣﻘﻖ اﻟﻔﻮز؛ ﻟﺬا ﻓﺈن ﺟﻮﻟﺔ إﻋﺎد ٍة ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن َ ﺗﺼﻮﻳﺖ املﺮﻛﺰ اﻷول املﺒﺎﴍ. ﺗﻘﺪﱢم ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺗﺘﺠﺎوز ﺑﻞ إن اﻷﻣﺮ أﺳﻮأ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺒﺪو .ﺗﺬ ﱠﻛ ْﺮ أﻧﻚ ﺗﺮﻏﺐ ﰲ أن ﺗﺤﴢ ﻛﻞ اﻟﻨﺎﺧﺒني ﺑﺎﻟﺘﺴﺎوي؛ ﻟﺬا ﻓﺄﻧﺖ ﺑﺎﻟﻘﻄﻊ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﺤﺼﻞ ﻋﲆ ﻧﻔﺲ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ إذا ﻣﺎ ﺧﻠﻂ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺧﺒني َ أوراق ﺗﺼﻮﻳﺘﻬﻢ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ اﻧﺘﻬﺖ ﺑﺘﻔﻀﻴﻞ ﻧﻔﺲ ﻋﺪد اﻟﻨﺎﺧﺒني ﻟﻠﻤﺮﺷﺢ أ ﻋﲆ املﺮﺷﺢ ب وﻫﻜﺬا ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ .ﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى ،إن َ ﻛﻨﺖ ﻻ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﻬﻮﻳﺔ اﻟﻨﺎﺧﺒني، ﻓﻴﻤﻜﻦ إﻳﺠﺎز اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت ﰲ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺳﺘﺔ أرﻗﺎم ،ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻋﺪد اﻷﺻﻮات اﻟﺘﻲ رﺟﱠ ﺤﺖ أ ﻋﲆ ب ،ورﺟﱠ ﺤﺖ ﺟ ﻋﲆ د … وﻫﻜﺬا ،وﻋﻠﻴﻚ ﱠأﻻ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ ﺗﻮزﻳﻊ ﻫﺬه اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت ﺑني ﺑﻄﺎﻗﺎت اﻗﱰاع اﻟﻨﺎﺧﺒني .وﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻳﻜﺘﻨﻔﻪ ،ﺑﺤﺴﺐ ﺗﻌﺒري ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ،ﻣﺸﻜﻼت ﺗﺨﻄﻴﻂ ﻋﺪﻳﺪة) .إذا ﻓ ﱠﻜﺮت ﰲ ﻋﺪد اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ املﻤﻜﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺪﱄ ﺑﻬﺎ اﻷﺻﻮات ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻻﻗﱰاع ،ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺠﺪ ﻧﻔﺲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ اﺗﺒﻌﻨﺎﻫﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ أﻳﺎدي اﻟﺒﻮﻛﺮ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ؛ ﻓﻤﻊ وﺟﻮد أﺣﺪ ﻋﴩ ﻧﺎﺧﺒًﺎ ،ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ﻣﺠﻬﻮﻟﻮن ،ﻓﺴﻴﻨﺘﻬﻲ ﻫﺬا اﻻﻗﱰاع ﺑ ٣٨١٢١٢٩٢ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺨﺮج ﺑﻬﺎ. ﻟﻜﻦ إن ﻛﺎن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻬﻤﻚ ٍّ ﺣﻘﺎ ﻫﻮ ﻛﻢ ﻋﺪد اﻟﻨﺎﺧﺒني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻀﻠﻮن ،ﻟﻨﻘﻞ أ ﻋﲆ ب وﻫﻜﺬا، ﻓﻼ ﻳﻮﺟﺪ ﺳﻮى ﺳﺘﺔ أرﻗﺎم ﺗﺼﻨﻒ اﻷزواج اﻟﺴﺘﺔ املﺤﺘﻤﻠﺔ ﻷرﺑﻌﺔ ﻣﺮﺷﺤني (.إذن ﻓﻬﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﺪاول املﻤﻜﻨﺔ؛ ﻣﺜﻞ اﻟﺠﺪول أﻋﻼه اﻟﺬي ﻳﺆدي إﱃ ﻧﻔﺲ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت، وﻣﻊ ﻫﺬا ﻳﻮ ﱢﻟﺪ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻼﻗﱰاع ﺑﻘﻮاﻋﺪ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻗﺪ أﻋﻄﻰ دودﺟﺴﻮن ً ﻣﺜﺎﻻ ﻋﲆ ذﻟﻚ. 93
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟ أ
ب ب ب ب
أ
ﺟ ﺟ ﺟ ﺟ ﺟ ﺟ ﺟ
د
ﺟ ﺟ ﺟ
د
أ
أ
أ
أ
ب ب ب ب ب ب ب ﺟ
د
د
د
د
أ د
أ د
أ د
أ د
أ د
إن اﻟﺠﺪول اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻳﺆدﱢي »ﺗﻤﺎﻣً ﺎ« إﱃ ﻧﻔﺲ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ )ﻣﺜﺎل :ﻋﴩة ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺧﺒني اﻷﺣﺪ ﻋﴩ ﻳﻔﻀﻠﻮن أ ﻋﲆ د ﰲ ﻛﻞ ﻗﺎﺋﻤﺔ( ،وﻣﻊ ﻫﺬا ﻓﻤﻦ ﺧﻼل أي ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻧني املﻨﻄﻘﻴﺔ ،ﺳﻴﻔﻮز املﺮﺷﺢ أ ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﰲ ﻫﺬا اﻻﻗﱰاع .ﻛﺎن ﺳﻴﺨﴪ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ، وﻣﻊ ﻫﺬا ﻓﻬﻲ ﻧﻔﺲ املﻌﻠﻮﻣﺎت إذا ﻛﺎن ﻛ ﱡﻞ ﻣﺎ ﻳﻬﻤﻚ ﻫﻮ اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت. ﺗﺄﻣﱠ َﻞ دودﺟﺴﻮن املﺠﻤﻮﻋﺔ املﺘﻨﻮﻋﺔ املﻌﺘﺎدة ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎرات؛ وﻫﻲ :اﺳﺘﺒﻌﺎد أﺳﻮأ املﺆدﻳﻦ ﰲ ﻛﻞ ﻣﺮة ،اﻟﺠﻮﻻت اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،وﻫﻜﺬا؛ ﻟﻜﻨﻪ ﺧﻠﺺ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﱃ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ وﺳﻴﻠﺔ ﻣُﺮﺿﻴﺔ ﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﻔﺎﺋﺰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻋﲆ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺻﺎﻧﻌﻲ اﻟﻘﺮار اﻻﺧﺘﻴﺎر ﻣﻦ ﺑﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻟﻦ ﻧﺬﻛﺮﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﻫﻨﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻣﺴﺎﻫﻤﺘﻪ ﺑني ﻋﺪة ﺧﻴﺎرات ،واﻧﺘﻬﻰ ٍ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺗﻤﺜ ﱠ َﻠ ْﺖ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺔ أﻧﻪ ﻣﺎ ﻣﻦ ﳾء ﻳﻨﺠﺢ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،وﻫﺬا دون ﻣﺸﻜﻼت اﻟﺘﻌﺪﱢي. ﻟﻘﺪ وﻋﺪْﻧﺎ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﺳﻨﻮﺿﺢ ً أﻳﻀﺎ أن أي ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻏري ﻣﺘﻌﺪﻳﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن أﻓﺮادﻫﺎ ﻏري ذﻟﻚ .ﺳﻴﻠﻌﺐ ﻫﺬا دو ًرا أﻛﱪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪُ ،ﰲ ﺳﻴﺎق أﻧﻈﻤﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ وﰲ ﺳﻴﺎق ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻻﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ِﻷرو ،ﻟﻜﻦ دﻋﻮﻧﺎ ﻧﺄﺧﺬ ﻣﻠﻤﺤً ﺎ ﺑﺴﻴ ً ﻄﺎ ﻫﻨﺎ. ﻟﻨﺘﺄﻣ ْﻞ أﺑﺴﻂ اﻟﺤﺎﻻت ،املﺘﻤﺜﱢﻠﺔ ﰲ ﺛﻼﺛﺔ ﻧﺎﺧﺒني وﺛﻼﺛﺔ ﺧﻴﺎرات ،اﻟﺘﻲ ﺗﺆدﱢي إﱃ ﺟﺪول ﺗﻔﻀﻴﻼت ﻣﺜﻞ اﻟﺠﺪاول اﻟﺘﻲ ﻛﻨﱠﺎ ﻧﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ .ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﳾء أﺑﺴﻂ ﻣﻦ ذﻟﻚ. أ
ب ﺟ
ب ﺟ أ ﺟ أ
ب
ﺑﻤﺠﺮد إﻋﺪاد اﻟﺠﺪول اﻟﺬي ﻧﻜﺘﺐ ﺑﺪاﺧﻠﻪ اﻟﺨﻴﺎرات ﰲ أﺣﺪ اﻷﻋﻤﺪة ،ﻧﻜﻮن ﻗﺪ ﺿﻤﻨﱠﺎ أﻧﻪ ﻣﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺧﺐ ﻓﺮدي ﻳﻮاﺟﻪ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﻊ اﻟﺘﻌﺪﱢي؛ ﻓﻌﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،اﻟﻨﺎﺧﺐ اﻷول ﻳﻔﻀﻞ أ ﻋﲆ ب؛ وﺑﺬﻟﻚ ﻳﻔﻀﻞ أ ﻋﲆ ﺟ .إن ﻛﻞ ﻧﺎﺧﺐ ﻣﺘﺴﻖ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﻊ ذاﺗﻪ ،ﻟﻜﻦ ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻪ 94
اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت
ْ اﻓﱰض أﻧﻨﺎ ﻧﺆﻣﻦ ﺑﱪاء ٍة ﺑﺎﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ؛ ﺑﺤﻴﺚ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺷﺄﻧﻪ وﺣﺪه ﻓﻘﻂ .واﻵن ﺗﺤﻜﻢ اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﻄﻊ ،وﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﻬﺘﻢ ﺑﻪ ﻫﻮ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت .ﻧﺤﻦ ﻧﺮى أن ﻧﺎﺧﺒ َْني ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺛﻼﺛﺔ ﱢ ﻧﺎﺧ ِﺒني ﱢ ٍ ﻳﻔﻀﻼن ب ﻋﲆ ﺟ ،وﻧﺎﺧﺒَني ﻳﻔﻀﻼن أ ﻋﲆ ب ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﺮى أن ﻧﺎﺧﺒَني ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﱢ ٍ ﻳﻔﻀﻼن ﺟ ﻋﲆ أ؛ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﻮﻗﻌﻨﺎ ﰲ داﺋﺮة ﻣﻔﺮﻏﺔ دون أن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻗﺮار ﻣﻤﻜﻦ. ﻣﻦ ً ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺧﺒﻴﺜﺔ ﺗَﻈﻬﺮ ﰲ اﻟﻘﺮارات اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ إذن ﻓﻌﻼﻗﺔ ﻋﺪم اﻟﺘﻌﺪي ﺗُﻌَ ﱡﺪ َ املﺠﻤﻮﻋﺔ أيﱠ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق. ﻳﻮاﺟﻪ اﻷﻓﺮا ُد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﻮﱢﻧﻮن ً واملﺤﺼﻠﺔ ﻫﻲ أن اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ أﻛﺜﺮ ﺳﻬﻮﻟﺔ ﻣﻦ ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ، ً ً ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛني ذوي ﻓﺮﺻﺔ واﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﰲ أﻧﻈﻤﺔ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺗﻘﺪﱢم َ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﺧﺘﻴﺎر ﻋﺎدﻟﺔ داﺧﻞ أي ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺳﻴﺼﺒﺢ اﻟﺪﻫﺎء ﻟﻠﺘﻼﻋﺐ ِ اﻟﻘﻮاﻧني .وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ »إرادة اﻟﺸﻌﺐ« ﰲ اﻟﺨﻄﺐ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ،ﻓﻤﻦ اﻟﺼﻌﺐ — ﺑﻞ ﻣﻦ املﺴﺘﺤﻴﻞ — أن ﺗﺤﺪﱢد ﻣﺎ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻹرادة .ﻣﻦ اﻷﻳﴪ أن ﺗﻌﻠﻦ ﻧﻔﺴﻚ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴٍّﺎ )ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻟﻢ ﺗﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ،ﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ( ﻋﻦ أن ﺑﻌﻤﻖ أﻛﱪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻼت ﺗﻨﻔﺬ ذﻟﻚ اﻹﻋﻼن .ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺨﻮض ٍ اﻟﻘﺮار ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﻨﻔﻌﻠﻪ ﴎﻳﻌً ﺎ.
95
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ
اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ
ﻫﻞ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻛﻞ املﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﱠﺛﻨﺎ ﻋﻨﻬﺎ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷﺧري ٍّ ﺣﻘﺎ ﻋﲆ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺴﻴﺎﳼ اﻟﻨﺰﻳﻪ؟ ﻣﻨَﺤَ ﺖ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ﻟﻌﺎم ) ١٩٩٢وﻛﺎﻧﺖ أﺣﺪث اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻋﻨﺪ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﱠ املﺮﺷﺤِ ني اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴني اﻟﻨ ﱢ َﺴﺐَ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻷﺻﻮات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وأﺻﻮات ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر( املﺠﻤﻊ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻲ: املﺮﺷﺢ
أﺻﻮات ﺷﻌﺒﻴﺔ أﺻﻮات اﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ
ﺑﻴﻞ ﻛﻠﻴﻨﺘﻮن
٤٣
٦٩
ﺟﻮرج ﺑﻮش
٣٨
٣١
روس ﺑريو
١٩
٠
ً رﺋﻴﺴﺎ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻠﺜﻲ إذن وﻓﻖ دﺳﺘﻮرﻧﺎ ،اﻧﺘُﺨِ ﺐ ﺑﻴﻞ ﻛﻠﻴﻨﺘﻮن أﺻﻮات املﺠﻤﻊ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻲ ،وﺑﺎملﻘﺎرﻧﺔ ﻧﺠﺪ أﻧﻪ ﻗﺪ ﺣﺼﻞ ﻋﲆ أﻗﻞ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ري ،وﻫﺬا ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ .أﻣﺎ روس ﺑريو ،اﻟﺬي ﱠ ﻓﻀﻠﻪ ﺣﻮاﱄ ُﺧﻤﺲ اﻟﺴﻜﺎن اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺑﻜﺜ ٍ اﻟﺬﻳﻦ ﱡ ﻳﺤﻖ ﻟﻬﻢ اﻻﻧﺘﺨﺎب ،ﻓﻠﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ أيﱟ ﻣﻦ أﺻﻮات املﺠﻤﻊ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻲ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق. إن اﻟﻘﻮاﻧني ،اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻮد ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ إﱃ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻷﺻﲇ اﻟﺼﺎدر ﰲ ﻋﺎم ،١٧٨٩وﻋُ ﱢﺪ َﻟ ْﺖ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺨﻤﺴﺔ ﻋﴩ ﻋﺎﻣً ﺎ ،ﺗﻤﻨﺢ املﻨﺼﺐَ ﻟﻠﻤﺮﺷﺢ اﻟﺬي ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ أﻏﻠﺒﻴﺔ أﺻﻮات املﺠﻤﻊ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻲ )أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻔﻬﺎ(ْ ، إن ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻣﺜﻞ ﻫﺬا املﺮﺷﺢ؛ ﻓﺈذا ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ أي ﻣﺮﺷﺢ ﻋﲆ أﻏﻠﺒﻴﺔ أﺻﻮات املﺠﻤﻊ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻲ ،ﻓﺈن اﻟﺪﺳﺘﻮر ﻳﺤﺘﻮي ﻋﲆ إﺟﺮاء ﱠ ﻣﻌﻘﺪ ﻳﻨﺘﺰع اﻻﺧﺘﻴﺎ َر ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﻦ ﺑني أﻳﺪي اﻟﻨﺎﺧﺒني ،ﺳﻮاء أﻛﺎن ﺗﺼﻮﻳﺘﻬﻢ اﻧﺘﺨﺎﺑﻴٍّﺎ أم ﺷﻌﺒﻴٍّﺎ.
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
)ﻓﺎز ﺗﻮﻣﺎس ﺟﻴﻔﺮﺳﻮن ﺑﻔﱰة وﻻﻳﺘﻪ اﻷوﱃ ﻛﺮﺋﻴﺲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻹﺟﺮاء (.وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﳾء ﻟﻢ ﱠ ﻳﺘﻮﻗﻌﻪ ﻛﺎﺗﺒﻮ اﻟﺪﺳﺘﻮر ،ﻓﺈن اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻟﻠﻨﺎﺧﺒني ﺗﻼﺷﺖ ﰲ ﺣﺪ ذاﺗﻬﺎ ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ ،وﻟﻢ ﺗَﻌُ ْﺪ أﺻﻮاﺗﻬﻢ ﻣُﺪ َر ً ﺟﺔ ﺣﺘﻰ ﰲ أوراق اﻻﻗﱰاع ﰲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻮﻻﻳﺎت .وﰲ ﻛﻞ اﻟﺤﺎﻻت ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻛﻤﺠﻤﻮﻋﺎت ،وﻳﺘﻌﻬﺪون ﺑﺪﻋﻢ ﻣﺮﺷﺢ ﺣﺰﺑﻬﻢ ،وﻧﺎد ًرا ﻓﻘﻂ ِ املﺒﺎﴍة ﻫﻲ أن ﻛﻞ ﺻﻮت ﻓﺮدي ﻣﻦ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻧﺎﺧﺐ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﻬﱡ ﺪ .واﻟﻨﺘﻴﺠﺔ أﺻﻮات املﺠﻤﻊ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻲ ﻟﻮﻻﻳﺔ ﻣﻌﻴﱠﻨﺔ ﻳﺬﻫﺐ إﱃ املﺮﺷﺢ اﻟﻔﺎﺋﺰ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻮﻻﻳﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﰲ وﻻﻳﺔ ﻣﺰدﺣﻤﺔ ﺑﺎﻟﺴﻜﺎن أن ﺗﻜﺘﺴﺢ اﻷﻏﻠﺒﻴﺎت اﻟﻀﺨﻤﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻷﺻﻐﺮ .واﻟﻨﺎﺧﺒﻮن اﻟﺨﺎﴎون ﰲ وﻻﻳ ٍﺔ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﻢ أي ﺗﺄﺛري إﺿﺎﰲ ﻋﲆ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﺮﺋﻴﺲ؛ ﻓﻘﺪ ﺧﴪوا ﻓﺮﺻﺘﻬﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﴪت ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻧﺎﺧﺒﻴﻬﻢ املﺆﻗﺘﺔ )وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬا ﻟﻢ ﺗَﺤِ ﺪ ﺳﻮى وﻻﻳﺘَ ْﻲ ﻧﱪاﺳﻜﺎ وﻣني ﻋﻦ ﻧﻤﻮذج »اﻟﻔﺎﺋﺰ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ ﻛﻞ اﻷﺻﻮات«(؛ ﻟﺬا ﻣﻦ املﻤﻜﻦ )وﻗﺪ ﺣﺪث ﻋﺎم (١٩٩٢ملﺮﺷﺢ ﺣﺎﺻﻞ ﻋﲆ ﻧﺴﺒﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﻣﻦ َ ِ أﺻﻮات املﺠﻤﻊ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻲ )ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ أﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻋﱪ اﻟﺒﻼد أن ﻳﺤﺼﺪ ً ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﻋﻈﻤﻰ( .وﻗﺪ ﺣﺪث ذﻟﻚ ﱠ ﺳﺖ ﻋﴩة ﻣﺮة ﰲ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ ،ﻋﺎدة )وﻟﻴﺲ داﺋﻤً ﺎ( ﻋﻨﺪﻣﺎ ٌ َ ﻳﺴﺤﺐ ﺣﺰبٌ اﻷﺻﻮات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻣﻦ املﺮﺷﺤني اﻷﺳﺎﺳﻴني؛ ﻓﻔﻲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﺛﺎﻟﺚ ﺳﻴﺎﳼ ﱞ ﻋﺎم ١٩٩٢ﺣﺼﻞ ﺑﻴﻞ ﻛﻠﻴﻨﺘﻮن ﻋﲆ أﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﰲ ﺛﻼث وﻻﻳﺎت ﻓﻘﻂ وﰲ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻫﻲ :ﻣﺎرﻳﻼﻧﺪ ،وﻧﻴﻮﻳﻮرك ،وأرﻛﻨﺴﻮ ﻣﺴﻘﻂ رأﺳﻪ. ً ﻋﻘﻮﻻ ﻳﻔ ﱢﻜﺮون ﺑﻬﺎ، ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن واﺿﻌﻲ اﻟﺪﺳﺘﻮر ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﺼﺪون أن ﻟﻠﻨﺎﺧﺒني وﻟﻴﺴﻮا ﻣﺠﺮد ﻗﻄﻴﻊ ﻣُﻐﻴﱠﺐ ﻳﺴري ﰲ رﻛﺐ اﻷﺣﺰاب اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻟﻔﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ )ﻣﻊ ٍ ﻗﻠﺔ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎءات( .ﻓﺎﻟﺪﺳﺘﻮر ﻻ ﻳﺤﺪﱢد ﺣﺘﻰ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻨﺎﺧﺒني؛ ﻓﻜﻞ وﻻﻳﺔ ﺗﺤﺪﱢد أﻧﻈﻤﺘﻬﺎ ،وﻻ ﺗﺨﻀﻊ إﻻ ﻟﴩط أن ﻳﺤﺪﱢد ﺗﴩﻳ ُﻊ اﻟﻮﻻﻳﺔ اﻟﻨﻈﺎمَ .وﻳﺒﺪو ُ َ املﻬﻤﺔ إﱃ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﺘﴩﻳﻌﻴﺔ ﻇﺎﻫﺮﻳٍّﺎ أﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﻏري اﻟﺪﺳﺘﻮري أن ﺗﺨﻮﱢل اﻟﺘﺪرﻳﺲ ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻮﻻﻳﺔ ،أو إﱃ اﻟﺘﻌﻮﻳﺬة اﻟﺠﺎﻟﺒﺔ ﻟﻠﺤﻆ ﻟﻔﺮﻳﻖ ﻛﺮة اﻟﻘﺪم ،أو إﱃ ﻓﺮﻳﻖ ﻛﺮة اﻟﻘﺪم ﻧﻔﺴﻪ) .اﻫﺪأ ،ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﻘﻀﺎء ﺑﻌﺪم اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ، ﱢ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ(. ﻳﺨﺘﻠﻒ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ وﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب؛ ﻓﻘﺪ ﺣ ﱠﺪ َد اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻷﺻﲇ أن ﻳﺨﺘﺎر أﻫﻞ اﻟﻮﻻﻳﺔ ﻛﻞ ﻣﻤﺜ ﱢ ٍﻞ ﻣﻦ ﻣﻤﺜﱢﻠﻴﻬﺎ )ﻟﻢ ﺗُﺴﺘﺨﺪَم ﻛﻠﻤﺔ »اﻧﺘﺨﺎب« ،ﱠ ﻟﻜﻦ واﺿﻌﻲ اﻟﺪﺳﺘﻮر ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻧﻮ ٌع ﻣﻦ اﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﺸﻌﺒﻲ ﰲ أذﻫﺎﻧﻬﻢ( .ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،ﻛﺎن اﺧﺘﻴﺎر أﻋﻀﺎء ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ ﻳﺘ ﱡﻢ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﺘﴩﻳﻌﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺘﻢ اﺧﺘﻴﺎر 98
اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ
أﻋﻀﺎﺋﻬﺎ ﺑﺪورﻫﻢ ،ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ رﻏﺒﺔ اﻟﻮﻻﻳﺔ ﰲ اﺧﺘﻴﺎرﻫﻢ ،ﰲ ﺣﺪود ﻣﻌﻴﻨﺔ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺟﻬﺪًا واﺿﺤً ﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻵﺑﺎء املﺆﺳﺴني ﻟﻜﻲ ﱢ ﻳﺨﻔﻔﻮا املﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ املﺒﺎﴍة ﰲ اﺧﺘﻴﺎر أﻋﻀﺎء اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ،ﻟﻜﻦ ﻋُ ﺪﱢل اﻟﺪﺳﺘﻮر ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌ ُﺪ ﻟﻜﻲ ﻳﺪﻋﻢ اﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻷﻋﻀﺎء ﻣﺠﻠﺲ ً اﻟﺸﻴﻮخ ،وﺗﺤﺪﻳﺪًا ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻻﻧﺘﺨﺎب ،وﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﱠ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ أن ﻫﻨﺎك ﻛﺒري ًة ﻟﻠﺘﻼﻋﺐ ﰲ ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ. ً ﻟﻘﺪ َ ﻃﻮﻳﻼ ﻣﻊ ﻣﺸﻜﻠﺔ »أﻓﻀﻞ« ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻻﺗﺨﺎذ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﺟﺎﻫ َﺪ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﱠ املﻌﻘﺪة ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺼﻮﻳﺖ ﻣﺒﺎﴍ ﻣﻦ اﻟﻘﺮار؛ ﺣﻴﺚ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﺗﺤﺪﻳﺪ رﻏﺒﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ٍ ﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﺆدﱢي وﻇﻴﻔﺘﻬﺎ ﺑﻜﻔﺎءة ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ﺑﻌﺾ وﺑﺴﻴﻂ ﺑﻨَﻌﻢ أو ﻻ ،ﻛﻤﺎ أن اﻻﺣﺘﻴﺎج اﻷوﻟﻮﻳﺔ ﻋﲆ رﻏﺒﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ املﺒﺎﴍة) .ﺟﻤﻴﻌﻨﺎ ﻳﻌﺮف ُدو ًَﻻ ذات ﺣﻜﻮﻣﺎت ﻏري ﻓﻌﱠ ﺎﻟﺔ، واﻵراء ﻣﻨﻘﺴﻤﺔ ﺣﻮل ْ إن ﻛﻨﱠﺎ ﻫﻜﺬا أم ﻻ (.ﻟﻘﺪ ﱠ ُﺪﱄ ﻛ ﱡﻞ ﻧﺺ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻷﺻﲇ ﻋﲆ أن ﻳ ِ ﻧﺎﺧﺐ ﺑﺼﻮﺗﻪ ِﻻﺳﻤني ﰲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ،واﻟﺤﺎﺻﻞ ﻋﲆ أﺻﻮات اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﻳﺘﻢ اﺧﺘﻴﺎره ً ﻛﺮﺋﻴﺲ ،وﻣَ ﻦ ِ إﻧﺼﺎﻓﺎ ﻣﻦ ﻳﺄت ﰲ املﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳ ُﻜﻦ ﻧﺎﺋﺒﻪ .ﻗﺪ ﻳﺒﺪو ذﻟﻚ ﻟﻠﻮﻫﻠﺔ اﻷوﱃ أﻛﺜﺮ ﺣﺮﻣﺎن اﻷﻗﻠﻴﺔ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ،ﻟﻜﻦ ﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﺑﺎت واﺿﺤً ﺎ أﻧﻪ ﻳﺆدﱢي إﱃ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﺘﻨﺎزﻋﺔ ﻏري ﻓﻌﱠ ﺎﻟﺔ ،وﺗ ﱠﻢ ﺗﻌﺪﻳﻞ اﻟﺪﺳﺘﻮر ﴎﻳﻌً ﺎ ﻟﻜﻲ ﻳﺆدﱢي إﱃ ﻧﻈﺎﻣﻨﺎ اﻟﺤﺎﱄ ،واﻟﺬي ﺑﺪأ ﺑﺎﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ً ً رﺋﻴﺴﺎ رﺋﻴﺴﺎ وﺟﻴﻤﻲ ﻛﺎرﺗﺮ ﻧﺎﺋﺐ اﻟﺮﺋﻴﺲ ،أو ﺑﻴﻞ ﻛﻠﻴﻨﺘﻮن ) .١٨٠٤ﺗﺨﻴﱠ ْﻞ روﻧﺎﻟﺪ رﻳﺠﺎن ً رﺋﻴﺴﺎ وﻫريﺑﺮت ﻫﻮﻓﺮ ﻧﺎﺋﺐ اﻟﺮﺋﻴﺲ؛ وﺟﻮرج ﺑﻮش ﻧﺎﺋﺐ اﻟﺮﺋﻴﺲ ،أو ﻓﺮاﻧﻜﻠني روزﻓﻠﺖ ﻫﺬا أﻣﺮ ﻣﺮﺑﻚ ﻟﻠﺬﻫﻦ (.ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ أﺣﺪ اﻷﺧﻄﺎء اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﰲ ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮر .ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺗﻤﺜﱢﻞ إﻧﺠﺎ ًزا راﺋﻌً ﺎ ﻷﺷﺨﺎص راﺋﻌني. ً ﺟﻠﺒﺔ ﻛﺒري ًة ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺣﻮل أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﻫﺪاﻓﻚ »ﻗﺒﻞ« اﺗﺨﺎذ ﻟﻘﺪ أﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﻘﺮارات .ﻣﺎ ﻫﺪﻓﻨﺎ ﰲ اﺧﺘﻴﺎر رﺋﻴﺲ؟ ﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﻏري اﻟﺤﻜﻤﺔ ،ملﺼﻠﺤﺘﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ،أن ﻧﺤ ﱢﺪ َد ٍ ﺑﺪﻗﺔ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻓﻴﻬﺎ؛ ﻓﻘﺪ أوﺿﺤَ ْﺖ ﻗﺼﺔ »ﻣﺄﺳﺎة املﺸﺎع« أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ إراد َة اﻟﺸﻌﺐ ﺗﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻟﻠﺮﻏﺒﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺆدﱢي إﱃ ﻗﺮارات ﺳﻴﺌﺔ ٍ ﺻﻮت ﻓﺮديﱟ ﻣﺘﱠﺠﻬً ﺎ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ أﺣﻴﺎﻧًﺎ املﺼﻠﺤﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ،ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻛﻞ ً َ املﺴﺘﻨرية ،وﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺮارات ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺳﻴﺌﺔ ﺣﺘﻰ ملﻦ ﻳﻬﺘﻤﻮن ﺑﻤﺼﻠﺤﺘﻬﻢ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻓﻘﻂ، ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﻨرية أم ﻻ )ﺳﻨﻌﻮد إﱃ ﻫﺬا ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﴩ( .إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺬا ،ﻫﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻨﱠﺎ ﺳﻴﺘﺨﺬون ﻗﺮارات ﻣﺸﱰﻛﺔ ،ﺑﻞ إﻧﻨﺎ ﻗﺪ ﻧﺮﻏﺐ ﰲ أن ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻗﺎدة — َ ﺣﺎش هلل — أﻛﺜﺮ ﻛﻔﺎء ًة ﻣﻦ اﻟﻌﺎدﻳني املﺘﻮاﺟﺪﻳﻦ ﺑﻴﻨﻨﺎ؛ ﻟﺬا ﻓﺈن ﻛﻞ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺗﻀ ﱡﻢ ً ﺷﻜﻼ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺰل ﺻﻨﺎع اﻟﻘﺮار ،إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ،ﻋﻦ ﺗﺄﺛري ﻣَ ﻦ 99
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻳﺨﺘﺎرﻫﻢ؛ أﻻ وﻫﻮ اﻟﺸﻌﺐ .وﻛﺎن اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﺨﺎص ﺑﻨﺎ ﻳﻬﺪف إﱃ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺴﺘﻮًى ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻌﺰل ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺘﻼﳽ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻔﱰة ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺠﻤﺎﻫريي اﻟﴪﻳﻊ ﺑﺘﺪاﻋﻴﺎت ﻻ ﻳُﺤﻤَ ﺪ َ ﺧﺸﻴﺔ أن ﻋﻘﺒﺎﻫﺎ .وﻳﻌﺘﻤﺪ اﻟﻨﻮﱠاب اﻵن ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒري ﻋﲆ اﻻﻗﱰاع ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ رﻏﺒﺎت ﻧﺎﺧﺒﻴﻬﻢ، ُ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﻋﻨﺪ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﺟﻮدةَ ً ﻳ ِ ﻣﺤﺘﻤﻼ ،وﺗﺤﺪﱢد ُﻐﻀﺒﻮا ﻣﻘﱰﻋً ﺎ واﺣﺪًا ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ،وﻫﺬه ﻣﺴﺎﺋﻞ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻧﺪﱠﺧِ ﺮﻫﺎ ﻟﻮﻗﺖ ﻻﺣﻖ. ﻫﻨﺎك ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺗﻮﺿﺢ ﺗﻠﻚ املﻌﻀﻠﺔ؛ ﻟﻘﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻫﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﻤﺎ ﻳُﻄ َﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﻟﺤﻴﺎ ِة ﺣﺎﻟﺔ ﻛﺸﻒ ﻣﻨﺬ ﺑﻀﻊ ﺳﻨﻮات ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺠﻠﺲ ﰲ ﻫﺪوء ﰲ اﺟﺘﻤﺎع ﻋﺎدي ﰲ ﻓﻴﻴﻨﺎ .ﻛﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎع ﻣﻨﻌﻘﺪًا ﰲ ﺑﻬﻮ ﻓﺴﻴﺢ ﻣﺬﻫﻞ ﰲ ﻣﺒﻨًﻰ ﻛﺎن ﻓﻴﻤﺎ ﺳﺒﻖ أﺣ َﺪ ﻗﺼﻮر اﻹﻣﱪاﻃﻮرة ﻣﺎرﻳﺎ ﺗريﻳﺰا .ﻛﺎن املﺒﻨﻰ واﻷراﴈ املﺤﻴﻄﺔ ﺑﻪ ﺷﺎﺳﻌني وﺟﻤﻴﻠني ،وﻛﺎن اﻟﻜﺸﻒ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ إدراك ﻣﻔﺎﺟﺊ ﺑﺄن ذﻟﻚ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺮاﺋﻊ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺸﻴﺪ ﰲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﰲ أي ﻣﻜﺎن؛ ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻗﺮار ﰲ أي دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺆﻳﱢﺪ أيﱠ ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻣﺴﺎﻧﺪﺗﻪ ﺧﻼل اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻼزم ﻻﺳﺘﻜﻤﺎﻟﻪ. ﻣﴩوع ﺿﺨﻢ ،ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺴﺘﺤﻖ، ري ،ﻓﺈن ﻧﻔﺲ اﻟﻌﺒﺎرة ﺗﻨﻄﺒﻖ وﻣﻊ أن ﻫﺬا املﺒﻨﻰ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻛﺎن ﻳﺤﻤﻞ ﻗﻴﻤﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒ ٍ ً وﻋﻤﻠﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ :اﻟﻄﺮق ،واﻟﺴﺪود ،واﻟﺠﺴﻮر .إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ذﻟﻚ، أﻋﻤﺎل ﻋﺎﻣﺔ أﻛﺜﺮ ﻧﻔﻌً ﺎ ﻋﲆ ٍ ﱡ ﻣﺘﺤﴬا ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﻜﻲ ﻳﻨﻔﻖ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻓﺎملﺠﺘﻤﻊ اﻟﺬي ﱢ ً ﺟﺰءًا ﻣﻦ ﻣﻮارده ﻋﲆ املﺴﺎﺋﻞ اﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ. ﰲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وﻏريﻫﺎ ،ﺗﻮﺟﺪ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﻹﻳﻘﺎف اﻷﺷﻴﺎء ،واﻟﻘﻠﻴﻞ ﺟﺪٍّا ﻣﻨﻬﺎ ﻟﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﺴﺘﻤﺮ ،ﻟﻜﻦ ﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ أرﺑﻌني ﻋﺎﻣً ﺎً ، وﻓﻘﺎ ﻟﺬاﻛﺮة اﻟﻜﺎﺗﺐ املﺒﺎﴍة ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﺬا ﺻﺤﻴﺤً ﺎ )ﻟﻮ أن ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻄﺮق اﻟﴪﻳﻌﺔ اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻗﱰﺣﺖ اﻵن ،ملﺎ ﺣﻈﻴﺖ ﺑﺄي ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻫﺎ( .ﻫﻨﺎك اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ املﴩوﻋﺎت ﺑني اﻟﻮﻻﻳﺎت ُ ِ ﻳﺆﻳﱢﺪﻫﺎ ﻋﺪد ٍ ﻛﺎف ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻤﺘﱠﻌﻮن ﺑﻘﻮة ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﺘﻐ ﱡﻠﺐ ﻋﲆ املﻌﺎرﺿﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ ﻣﻔ ﱠﺮ ﻣﻨﻬﺎ؛ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻄﺎع اﻟﻔﺮاﻋﻨﺔ ،ﺑﻤﺎ اﻣﺘﻠﻜﻮه ﻣﻦ ﺳﻄﻮة ﻛﺎﻣﻠﺔ ،ﺑﻨﺎءَ اﻷﻫﺮاﻣﺎت ﻋﱪ ﻋﴩات اﻟﺴﻨﻮات أو أﻛﺜﺮ .واﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ،ذات اﻟﺴﻠﻄﺔ املﻘﺒﻮﻟﺔ ﻋﲆ ﻧﻄﺎق ﺷﺎﺳﻊ ،ﺗﻤ ﱠﻜﻨ َ ْﺖ ﻣﻦ ﺑﻨﺎء اﻟﻜﺎﺗﺪراﺋﻴﺎت اﻟﺘﻲ اﺣﺘﺎﺟﺖ ﻷﺟﻴﺎل ﻻﺳﺘﻜﻤﺎﻟﻬﺎْ ، إن ﻛﺎن ﻫﻨﺎك أي ﻛﺎﺗﺪراﺋﻴﺔ اﻛﺘﻤﻠﺖ ﻣﻦ اﻷﺳﺎس .ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺎرﻳﺎ ﺗريﻳﺰا إﻣﱪاﻃﻮرة ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﱢ ﻳﻮﺿﺤﻪ ﻗﴫﻫﺎ .ﱠ إن ﺻﻨْﻊ اﻟﻘﺮار ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻛﺒرية ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺆدﱢي إﱃ ﻗﺮارات ﻣﺤﻔﻮﻓﺔ ﺑﺎملﺨﺎﻃﺮ .وﰲ ﺣﻘﺒﺔ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺠﻤﺎﻫريي واﻻﻗﱰاع ،ﻻ ِ ﻳﻐﺎﻣﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻮدﱡون اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻤﻨﺎﺻﺒﻬﻢ )أيْ ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ( ﺑﻘﺮارات ﻏري ﺷﻌﺒﻴﺔ ،وﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺗﺘﻜﻮﱠن ﺣﻜﻮﻣﺎﺗﻨﺎ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺳﻴني. 100
اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ
اﻟﴫاع اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ إذن ﰲ اﺧﺘﻴﺎر املﺪﻳﺮﻳﻦ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳني وواﺿﻌﻲ اﻟﻘﻮاﻧني ﻫﻮ ﴏاع ﺑﺸﺄن اﻷﻫﺪاف :ﻫﻞ ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻦ أﻓﻀﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻣﻤﻜﻨﺔ ،ﺗﺘﻄ ﱠﻠﺐ َ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻴﺎدة ،وﺑﻌﺾ اﻟﺮؤﻳﺔ ،ورﺑﻤﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺮارات ﻏري اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،أم أﻧﻨﺎ ﻧﺮﻳﺪ ﻧﻈﺎﻣً ﺎ ﻳﻌﻜﺲ آﻣﺎﻟﻨﺎ ورﻏﺒﺎﺗﻨﺎ، وﻻ ﻳَﺴﺘﺒﻌﺪ أﺣﺪًا ،وﻳﻌﻜﺲ ٍّ َ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻵراء ﺑني اﻟﻨﺎﺧﺒني؟ ﻫﻨﺎك أﻧﻈﻤﺔ ﺗﺼﻮﻳﺖ ﺳﻮف ﺣﻘﺎ ﱢ ﺗﻔﻀﻞ أﻳٍّﺎ ﻣﻦ ﻫﺎﺗني اﻟﻐﺎﻳﺘني. وﻟﻌﻞ اﻟﺸﻜﻮى اﻷﻛﺜﺮ ﺷﻴﻮﻋً ﺎ ﺑﺸﺄن اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﺗُﺠ َﺮى ﺑﻨﻈﺎم اﻟﻔﺎﺋﺰ ﻳﺤﺼﻞ ﱟ ﺑﺤﻖ ﻋﺪدًا ﻛﺒريًا ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺧﺒني دون أي ﺗﺄﺛري إﺿﺎﰲ؛ ﻋﲆ ﻛﻞ اﻷﺻﻮات ﻫﻲ أﻧﻬﺎ ﺗﱰك ﻓﺘﺨ ﱢ ﻄﻂ اﻷﻗﻠﻴﺔ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ — ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﺠﻴﺶ املﻨﻬﺰم — ﻟﻠﻤﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ وﻗﺪ ﺧﴪت ﻧﻔﻮذﻫﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ؛ ﺣﺘﻰ دورﻫﺎ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي املﺘﻤﺜﱢﻞ ﰲ ﻋﺮﻗﻠﺔ ﻣﺎ ﺗﻌﺎرﺿﻪ ،ﺗﻤﺎرﺳﻪ وﻫﻲ ﺗﺮﻣﻲ إﱃ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻘﺎدﻣﺔ .وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻗﺎدﻣﺔ ﰲ دوﻟﺘﻨﺎ ،ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺨﺴﺎرة اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت وﺣﻴﺪة — ﰲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻷﺧﺮى ،ﺳﻮاء اﻵن أم ﰲ املﺎﴈ ،وﺑﺎﻟﻘﻄﻊ ﰲ َ ﻓﻘﺪان اﻟﺘﺄﺛري ﻟﻔﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺟﺪٍّا ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ .ﻓﺎملﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﻔﺎﺋﺰة املﺴﺘﻘﺒﻞ — أن ﺗﻌﻨﻲ ﺗﻬﻮى اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎء ﺻﻼﺣﻴﺔ ﺗﻔﻮﻳﻀﻬﺎ ﺑﻔﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ .وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻫﺬا ﻟﻢ ﻳﺤﺪث ﺑﻌ ُﺪ ﰲ دوﻟﺘﻨﺎ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﺮﺿﺎ ﻋﻦ وﺟﻮد املﺨﺎﻃﺮة )ﺣﺘﻰ ﻋﺒﺎرة ٌ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻟﻠﻤﻨﺎﻗﺸﺔ؛ ﻓﺎﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ ﻣﻦ أﻋﻀﺎء اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس اﻟﺤﺎﻟﻴني ﻟﻢ ﻳﺤﺪث ﺑﻌ ُﺪ ٍ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺎ(. ﻳﻨﺠﺤﻮن ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﰲ إﻋﺎدة اﻧﺘﺨﺎﺑﻬﻢ، ﱠ ُ ﺗﺠﺎﻫﻞ آراء إن اﻟﺒﺪﻳﻞ املﺘﻄ ﱢﺮف ﻟﻨﻈﺎم اﻟﻔﺎﺋﺰ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ ﻛﻞ اﻷﺻﻮات ﻫﻮ أﻻ ﻳﺘ ﱠﻢ أﺣﺪ ﰲ ﻋﻤﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻴﻮﻣﻲ؛ ﻟﺬا ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻜﻞ ﺣﺰب ﺗﻤﺜﻴ ٌﻞ ﰲ اﻟﻜﻴﺎن اﻟﺤﺎﻛﻢ )املﺠﻠﺲ اﻟﺘﴩﻳﻌﻲ ﰲ أي دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ( ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﻊ ﻗﻮﺗﻪ اﻟﺘﺼﻮﻳﺘﻴﺔ .وﻟﻮ أن ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺑريو ﻧُﻈﻤﺖ ﻛﺤﺰب ﺳﻴﺎﳼ ﻋﺎم ،١٩٩٢وﻗِﻴﺴﺖ ﻗﻮ ُة اﻟﺤﺰب اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل أﺻﻮاﺗﻬﻢ ملﺮﺷﺤﻴﻬﻢ اﻟﺮﺋﺎﺳﻴنيَ ،ﻟﻜﺎن اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻗﺪ أدﱠى إﱃ ﻫﻴﺌﺔ ﺗﴩﻳﻌﻴﺔ ﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﺣﻮاﱄ ٣٨ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴني ،و ٤٣ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳني ،و ١٩ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻣﺆﻳﺪي ﺑريو .وﰲ ﻇﻞ ﻫﺬه اﻟﻈﺮوف ﻳﺘﻤﺜﱠﻞ اﻟﺘﴫف اﻟﺤﺼﻴﻒ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﲆ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻷﻟﻌﺎب ﰲ ﺗﻌﺎون ﻣﺠﻤﻮﻋﺘني ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت اﻷﻗﻠﻴﺔ ﻣﻌً ﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ إﺣﺒﺎط املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ؛ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺴﺒﱢﺐ ﻓﻮﴇ ﻣﻊ ﱡ ﺗﻐري اﻟﺘﺤﺎﻟﻔﺎت ﻣﻊ ﻣﺮور اﻟﻮﻗﺖ .اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻷوروﺑﻴﺔ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم ،وﺗﻤﺖ ﺗﺠﺮﺑﺘﻪ ﰲ أﺟﺰاء ﻣﻦ دوﻟﺘﻨﺎ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺪرس اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﻫﻮ أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ اﺗﺨﺎذ ﻗﺮارات — اﺧﺘﻴﺎرات ﺑني ﻋﺪة ﺧﻴﺎرات ﻣﻄﺮوﺣﺔ — واﻻﺧﺘﻴﺎرات ذات اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻻ ﺗﺼﻨﻌﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺘﻨﻮع ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ .وأوﻟﺌﻚ 101
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺰﻋﻤﻮن ُ وﻫﻢ ﻣﺆﻣﻨﻮن ﺑﺼﺤﺔ آراﺋﻬﻢ ﺑﺄن اﻟﺘﻨﻮﱡع ﻳﻌ ﱢﺰز ﻗﻮ َة املﺠﺘﻤﻊ ،ﺳﻴﺠﺪون ً ﱠ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﰲ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺗﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻬﺬا اﻟﺮأي؛ إن اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻳﺠﻌﻞ ﺣﻖ اﻷﻗﻠﻴﺔ أﻛﺜ َﺮ ً ِ ﻟﺘﺤﺴ ِﻢ اﺧﺘﻴﺎ َرك ،وﺳﻴﻮﺻﻠﻚ ﺻﻌﻮﺑﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﰲ املﻘﺎﺑﻞ ﻳﺼﻌﱢ ﺐ ﺗﺤﻘﻴﻖ رﻏﺒﺎت اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ. ﻛﺎﻟﻌﺎدة إﱃ اﻟﻐﺎﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻌﻰ إﻟﻴﻬﺎ. وﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻢ اﻻﻧﺘﺨﺎب داﺧﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت أﺻﻐﺮ ﻣﻦ دوﻟﺔ ﺑﺄﴎﻫﺎ ،وﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ً أﻫﻤﻴﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻋﲆ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ. ﻻ ﺗﻤﺜﱢﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻏري املﺘﻌﺪﻳﺔ ﺗﺄﻣ ْﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻧﺘﺨﺎب ﻣﻦ أﺟﻞ َﺷ ْﻐﻞ أﺣ ِﺪ املﻨﺎﺻﺐ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ،ﺑﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺮﺷﺤني ﻫﻢ: ﱠ ﻣﻮﺿﺤﺔ — ﻛﺎﻟﻌﺎدة أﻟﻒ ،وﺑﻮب ،وﻛﺎد؛ ﺳﻨﻤﻨﺢ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺗﺴﻌﺔ ﻧﺎﺧﺒني ،ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻬﻢ — ﰲ اﻟﺠﺪول أدﻧﺎه ،واﻷرﻗﺎم املﻮﺿﺤﺔ ﺑني اﻷﻗﻮاس ﻓﻮق اﻟﺠﺪول ﻫﻲ أﻋﺪاد اﻟﻨﺎﺧﺒني اﻟﺬﻳﻦ وﺿﻌﻮا ﻋﻼﻣﺎت ﰲ ﺑﻄﺎﻗﺎت اﻗﱰاﻋﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺿﺢ .وﻫﻜﺬا ،ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك اﺛﻨﺎن ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺧﺒني ﱠ ﺛﺎن ،وﻛﺎد ﻛﺎﺧﺘﻴﺎر ﺛﺎﻟﺚ. رﺷﺤَ ﺎ أﻟﻒ ﻛﺎﺧﺘﻴﺎر أول ،وﺑﻮب ﻛﺎﺧﺘﻴﺎر ٍ )(٤
)(٢
)(٣
أﻟﻒ
ﺑﻮب ﻛﺎد
ﺑﻮب أﻟﻒ
أﻟﻒ
ﻛﺎد
ﺑﻮب
ﻛﺎد
ُ اﻷﻛﺜﺮﻳﺔ ﺗﻔﻮز ،ﺣﻴﺚ ﻻ ﺗُ َ ﺤﴡ ﺳﻮى أﺻﻮات املﺮﻛﺰ اﻷول ،ﻳﻜﻮن ﻛﺎد ﰲ إﻃﺎر ﻗﺎﻋﺪ ِة ﻫﻮ اﻟﻔﺎﺋﺰ ﺑﺄرﺑﻌﺔ أﺻﻮات ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺣﺼﻞ أﻟﻒ وﺑﻮب ﻋﲆ ﺛﻼﺛﺔ أﺻﻮات وﺻﻮﺗني ﻋﲆ اﻟﺘﻮاﱄ. ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﺎس ﻻ ﻳﺤﺒﻮن ﻛﺎد ،ﱠ ﻟﻜﻦ ﻟﻪ ﺟﻤﻬﻮ ًرا ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺧﺒني املﺨﻠﺼني، وﻫﺬا ﻣﺄﻟﻮف ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻌﻲ؛ ﻓﻬﻮ ﻓﺎﺋﺰ ﻣﻦ ﺧﻼل أﻗﻠﻴﺔ ،ﺑﻨﻔﺲ ﻫﺎﻣﺶ اﻟﻔﻮز اﻟﺬي ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻴﻞ ﻛﻠﻴﻨﺘﻮن ﻋﺎم .١٩٩٢ ﻟﻨ َ َﺮ ﻛﻴﻒ ﺗﺘﻨﺎول ﺑﻌﺾ أﻧﻈﻤﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ اﻷﺧﺮى املﺄﻟﻮﻓﺔ ذﻟﻚ .ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻷﻧﻈﻤﺔ ﺷﻴﻮﻋً ﺎ ﻧﻈﺎم اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ املﺮﺟﺢ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻢ إﺣﺼﺎء اﻟﺨﻴﺎرات اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ واﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗُﻤﻨَﺢ ً أﻫﻤﻴﺔ أﻗ ﱠﻞ؛ ﻓﻴﻤﻜﻦ أن ﻳُﻤﻨﺢ املﺮء ﻧﻘﻄﺘني ﻟﺘﺼﻮﻳﺖ املﺮﻛﺰ اﻷول ،وﻧﻘﻄﺔ ﻟﻠﻤﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻧﻲ، وﺻﻔ ًﺮا ﻟﻠﻤﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻟﺚ )وﻫﺬا ﻳُﻌ َﺮف ﺑﻨﻈﺎم ﺑﻮردا( .ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ أن ﻧﺮى ﰲ إﻃﺎر ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم أن أﻟﻒ ﻫﻮ اﻟﻔﺎﺋﺰ اﻟﻮاﺿﺢ ﺑﺈﺣﺪى ﻋﴩة ﻧﻘﻄﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺴﺎوَى ﻛﺎد وﺑﻮب ﺑﺜﻤﺎﻧﻲ ﻧﻘﺎط ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ .وﻗﺪ أﺗﻰ اﻟﺪﻋﻢ اﻹﺿﺎﰲ ﻷﻟﻒ ﻣﻦ ﺧﻼل املﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺬي اﺧﺘﺎره ﻓﻴﻪ 102
اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ
ﺳﺒﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺧﺒني ،ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷﺧري ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ أﻣﺜﻠﺔ دودﺟﺴﻮن؛ ﻓﻬﻮ ﻣﺮﺷﺢ ﺑﺎﻹﺟﻤﺎع ﺑﺸﻜﻞ أﻛﱪ ﻣﻦ ﻛﺎد ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻋﺪدًا أﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺧﺒني ﻫﻢ ﻣَ ﻦ ﺟﻌﻠﻮه اﺧﺘﻴﺎرﻫﻢ اﻷول. ﻫﻨﺎك ﻧﻈﺎم ﺗﺼﻮﻳﺖ َ آﺧﺮ ﻧﻮاﺟﻬﻪ ﻛﺜريًا وﻫﻮ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ اﻟﺘﻔﻀﻴﲇ؛ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا ً ﻋﻼﻣﺔ ﰲ ﺑﻄﺎﻗﺔ اﻻﻗﱰاع ﻣﺤ ﱢﺪدًا اﺧﺘﻴﺎره اﻷول ،واﻟﺜﺎﻧﻲ ،واﻻﺧﺘﻴﺎرات اﻟﻨﻈﺎم ﻳﻀﻊ اﻟﻨﺎﺧﺐ ﻣﺮﺷﺢ ﻋﲆ أﻏﻠﺒﻴﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻣﻦ اﻷﻗﻞ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺿﺢ ﰲ اﻟﺠﺪول .وﻫﻜﺬا إذا ﻣﺎ ﺣﺼﻞ أيﱡ ٍ ﺧﻼل أﺻﻮات املﺮﻛﺰ اﻷول ،ﻳﻜﻮن ﻫﻮ اﻟﻔﺎﺋﺰ )إن اﻟﻨﻈﺎم اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻲ ﰲ اﻟﻜﻠﻴﺔ ﻳﺘﺒﻊ ﻫﺬا اﻟﺠﺰء ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻋﺪة( ،وإذا ﻟﻢ ﻳﺤﺪث ﻫﺬا ،ﻳُﺴﺘﺒﻌَ ﺪ املﺮﺷﺢ ذو اﻷﺻﻮات اﻷﻗﻞ ﰲ املﺮﻛﺰ اﻷول ﻣﻦ اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ ،وﺗُﻮ ﱠزع أﺻﻮاﺗﻪ ﰲ املﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑني املﺮﺷﺤني املﺘﺒﻘني ﺑﺤﺴﺐ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﻢ ﰲ ﺑﻄﺎﻗﺎت اﻻﻗﱰاع؛ وﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻓﺈن املﺮﺷﺢ اﻟﺨﺎﴎ ،ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ أﺻﻮات املﺮﻛﺰ اﻷول ،ﻫﻮ أﻟﻒ — اﻟﻔﺎﺋﺰ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺑﺎﻹﺟﻤﺎع — ﻟﺬا ﺗﺬﻫﺐ أﺻﻮاﺗﻪ ﰲ املﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻠﻤﺮﺷﺢ اﻷﻧﺴﺐ، وﻫﻮ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ ﺑﻮب؛ وﻫﺬا ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻜﻲ ﻳﻀﻊ ﺑﻮب ﰲ اﻟﻘﻤﺔ ،وﻳﺠﻌﻠﻪ اﻟﻔﺎﺋﺰ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﺼﻨﻴﻔﻪ ﰲ املﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﰲ ﺗﺼﻮﻳﺖ املﺮﻛﺰ اﻷول اﻷﺻﲇ .وﻣﻴﺰة ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم أﻧﻪ ﻳﻀﻊ ﰲ َ ﱠ ﱢ املﻔﻀﻞ؛ ﺳﻴﻔﻀﻠﻮن ﺑﻮب ﻋﲆ ﻛﺎد إذا ﻟﻢ ﻳ َُﻔ ْﺰ ﻣﺮﺷﺤﻬﻢ ﺣﻘﻴﻘﺔ أن ﻣﺆﻳﺪي أﻟﻒ اﻻﻋﺘﺒﺎر أ َ َﻟﻴ َْﺲ ﻣﻦ اﻟﻌﺪل أن ﻳ َ ُﺆﺧﺬ ذﻟﻚ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر؟ وﻫﻜﺬا ﻧﻜﻮن ﻗﺪ ﺗﻨﺎوﻟﻨﺎ اﻵن ﻧﻔﺲ رﻏﺒﺎت اﻟﻨﺎﺧﺒني اﻟﺘﻲ ﱢ ﻳﻌﱪون ﻋﻨﻬﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﺑﺜﻼﺛﺔ أﺳﺎﻟﻴﺐ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﺣﺼﻠﻨﺎ ﻋﲆ ﺛﻼﺛﺔ ﻓﺎﺋﺰﻳﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔني ﻳﻤﺜﱢﻠﻮن ﺛﻼﺛﺔ أﻫﺪاف ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻲ. ﻻ ﺗﺰال ﻫﻨﺎك ﻃﺮق أﺧﺮى ﻟﻌ ﱢﺪ اﻷﺻﻮات ،وﻳُﻄ َﻠﻖ ﻋﲆ واﺣﺪة ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ ُ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﺑﺎملﻮاﻓﻘﺔ؛ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه ﺑﺘﻘﺪﻳﺮ ﺟ ﱟﻢ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻠﻄﺎت ﺗﺤﻈﻰ ٍ ُﺪﱄ ﺑﺄﻛﺜﺮ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻜﻞ ﻧﺎﺧﺐ أن ﻳﺼﻮت ﻷي ﻋﺪد ﻳﺮﻏﺒﻪ ﻣﻦ املﺮﺷﺤني ،ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳ ِ ﻣﻦ ﺻﻮت واﺣﺪ ﻷي ﻣﺮﺷﺢ ﻓﺮدي) .ﺣﻴﻨﻤﺎ أ ُ ِ ﺧﻄﺮ اﻟﻨﺎس ﺑﺬﻟﻚ ﰲ ﺑﺎدئ اﻷﻣﺮ ،ﻛﺎن رد ُﺪﱄ ﺑﺼﻮﺗﻪ ﺑﻘﺪر ﻓﻌﻠﻬﻢ أن ﻗﺎﻟﻮا إن ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻹﻧﺼﺎف ،ﻓﺄﻧﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﺗَﺪَع أيﱠ ﻧﺎﺧﺐ ﻳ ِ َ أدﻟﻴﺖ ﺑﺼﻮﺗﻚ ﻟﻜﻞ ﻣﺮﺷﺢ ،ﻓﺈﻧﻚ ﺗﻤﺤﻮ ﺻﻮﺗﻚ، ﻣﺎ ﻳﺤﻠﻮ ﻟﻪ ،ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﺳﻮء ﻓﻬﻢ؛ ﻓﺈذا ﻣﺎ وﻫﺬا ﻳﻤﺎﺛﻞ ﻋﺪم اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق .إن اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﻷي ﻣﺮﺷﺢ ﻳﻌﺎدل اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﺿﺪ َ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،وﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك أي ﻣﻴﺰة ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ﰲ اﻹدﻻء ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺻﻮات (.إن اﻟﻨﺎﺧﺐ ً ﻋﻼﻣﺔ ﰲ ﻗﺎﺋﻤﺔ املﺮﺷﺤني ﻻ ﻳﺼﻨﻒ املﺮﺷﺤني ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻓﻘﻂ ﻳﻀﻊ 103
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ُ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﺑﺎملﻮاﻓﻘﺔ ،واﻟﻔﺎﺋﺰ ﻫﻮ املﺮﺷﺢ اﻟﺬي أﻣﺎم ﻣَ ﻦ ﻳﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،وﻟﻬﺬا أُﻃﻠِﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ أﻏﻠﺐ املﻮاﻓﻘﺎت ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺧﺒني. ﻟﻨﻔﱰ ْ ض ﻛﻴﻒ ﺳﻴﻜﻮن ﺗﺄﺛري ذﻟﻚ ﻫﻨﺎ؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻟﻴﺴﺖ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻛﺎﻓﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ ِ َ ووﺿﻊ ﻋﻼﻣﺔ أن ﻛﻞ ﻧﺎﺧﺐ أﻋﻄﻰ أﺻﻮاﺗﻪ ﺑﺎملﻮاﻓﻘﺔ ﻷﻋﲆ اﺛﻨني ﻣﻦ املﺮﺷﺤني ﰲ ﻗﺎﺋﻤﺘﻪ، ً ﻣﻘﺒﻮﻻ ،ﻟﻜﻦ دون اﻟﺘﺄﺷري ﻋﲆ اﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﻜﺎﺋﻦ ﰲ أﺳﻔﻞ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ؛ ﺑﺄن أﻳٍّﺎ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺳﻴﻜﻮن ﺳﻴﻜﻮن أﻟﻒ ﻫﻮ اﻟﻔﺎﺋﺰ إذن ،ﺑﺘﺴﻌﺔ أﺻﻮات ﺑﺎملﻮاﻓﻘﺔ )ﻟﻢ ﻳﺼﻨﱢﻔﻪ أﺣ ٌﺪ ﰲ ذﻳﻞ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ( ﻣﻘﺎ َر ً ﻧﺔ ﺑﺨﻤﺴﺔ وأرﺑﻌﺔ أﺻﻮات ﻟﻠﻤﺮﺷﺤني اﻵﺧﺮﻳﻦ؛ وﻫﻜﺬا ،ﻓﺈن اﻻﻧﺘﺨﺎب ﺑﺎملﻮاﻓﻘﺔ ﻳﺆدﱢي ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ إﱃ ﻧﻔﺲ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻧﻈﺎم اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ املﺮﺟﺢ ،ﻟﻜﻦ ﻳﻨﺒﻐﻲ أﻻ ﺗُ ْﻠ ِﻖ ً ﺑﺎﻻ ﻟﻬﺬا؛ ﻓﻤﻊ وﺟﻮد ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ املﺮﺷﺤني ،وأرﺑﻌﺔ ﻣﻦ أﻧﻈﻤﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ املﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺆدﱢي اﺛﻨﺎن ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ إﱃ ﻧﻔﺲ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ. وﻫﻜﺬا ،ﻓﻘﺪ اﻧﺘﺨﺒﻨﺎ ﻛﺎد ﺑﻨﻈﺎم اﻷﻛﺜﺮﻳﺔ ،وﺑﻨﻈﺎم اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ املﺮﺟﺢ اﻧﺘﺨﺒﻨﺎ أﻟﻒ، وﺑﺎﻟﺘﺼﻮﻳﺖ اﻟﺘﻔﻀﻴﲇ اﻧﺘﺨﺒﻨﺎ ﺑﻮب ﺑﻌﺪﻣﺎ اﺳﺘﺒﻌﺪﻧﺎ أﻟﻒ ،وأﻋﺎدﻧﺎ اﻻﻧﺘﺨﺎبُ ﺑﺎملﻮاﻓﻘﺔ ﻣﺮ ًة أﺧﺮى إﱃ أﻟﻒ) .ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻷﺧرية ،ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺨﻤﱢ ﻦ ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﻨﺎﺧﺒني ﰲ اﻟﺘﺄﺷري ﻋﲆ ﻣﻮاﻓﻘﺘﻬﻢ (.ﺑﺎهلل ﻋﻠﻴﻜﻢ ،ﻣَ ﻦ ﻫﻮ »اﺧﺘﻴﺎر اﻟﺸﻌﺐ«؟ ﺻﺪ ْﱢق أو ﻻ ﺗﺼﺪ ْﱢق ،إن اﻷﻣﺮ أﺳﻮأ ﻣﻦ ذﻟﻚ؛ ﻫﻨﺎك ﻧﻈﺎم ﺷﺎﺋﻊ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻟﻠﻤﺮﺷﺤني املﺘﻌﺪﱢدﻳﻦ ،ﻣﺘﱠﺒَﻊ ﰲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت واﻟﺒﻠﺪﻳﺎت ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳُﺘﱠﺒَﻊ ﰲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﱪملﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﺨﺎرج؛ أﻻ وﻫﻮ ﻧﻈﺎم ﺟﻮﻟﺔ اﻹﻋﺎدة اﻟﺬي ذﻛﺮﻧﺎه ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ. ﰲ إﻃﺎر ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم ،ﻻ ﺗُ َ ﺤﴡ ﺳﻮى أﺻﻮات املﺮﻛﺰ اﻷول — ﻣﻊ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺄن ﻛﻞ ﻧﺎﺧﺐ ُﺪﱄ ﺑﺼﻮت واﺣﺪ ﻓﻘﻂ — وإذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻣﺮﺷﺢ ﺣﺎﺻﻞ ﻋﲆ اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ )أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻳ ِ ﺧﻤﺴني ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻷﺻﻮات( ،ﺗُﺠ َﺮى ﺟﻮﻟﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ً ﻻﺣﻘﺎ ﻻ ﺗﺘﻀﻤﱠ ﻦ ﺳﻮى أﻓﻀﻞ اﺛﻨني ﻣﻦ املﺮﺷﺤني؛ واﻟﻔﻜﺮة ﻫﻲ إﻓﺴﺎح املﺠﺎل ﻷﻗﻮى اﺛﻨني ﻣﻦ املﺮﺷﺤني ،ﺛﻢ ً ﻋﺎدﻻ وﻳﺴﺘﺨﺪم ﻋﲆ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ. ﺗﺮك ﺟﻤﻬﻮر اﻟﻨﺎﺧﺒني ﻳﻘ ﱢﺮر ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ .ﻳﺒﺪو ﻫﺬا ً ﺣﺎﻟﺔ ذﻛﺮﻫﺎ ﺳﺘﻴﻔﻦ ﺑﺮاﻣﺰ )ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﻌﺪﻳﺪة املﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ ﻟﻨﺘﺄﻣﻞ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ( .ﺗُ َ ﻮﺻﻒ اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺟﺪول ﻳﺸﺒﻪ اﻟﺠﺪول اﻟﻮارد أﻋﻼه ،ﺑﻪ ﺳﺒﻌﺔ ﻋﴩ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺧﺒني وأرﺑﻌﺔ ﻣﻦ املﺮﺷﺤني؛ ﺳﻨﺴﺘﺨﺪم ﻧﻔﺲ اﻷﺳﻤﺎء ﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺤرية.
104
اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ )(٦
)(٥
)(٤
أﻟﻒ
ﻛﺎد
ﺑﻮب ﺑﻮب
ﺑﻮب أﻟﻒ
ﻛﺎد
أﻟﻒ
ﺑﻮب أﻟﻒ
ﻛﺎد
ﻛﺎد
)(٢
ُﺪﱄ ﺗﺬ ﱠﻛ ْﺮ أن ﻫﺬه ﻣﺠﺮد ﻗﻮاﺋﻢ ﻟﻠﺘﻔﻀﻴﻼت؛ ﰲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻣﻦ املﻔﱰض أن ﻳ ِ ﻛﻞ ﻧﺎﺧﺐ ﺑﺼﻮﺗﻪ ﻻﺧﺘﻴﺎره اﻷول ،وﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺳﺠ ﱞﻞ ﺑﺎﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻨﺎﺧﺒني؛ ﻟﺬا ﻓﻨﺘﻴﺠﺔ ﻫﺬا اﻻﻗﱰاع ﻫﻲ اﻟﺘﻌﺎدل ﺑني املﺮﺷﺤني أﻟﻒ وﺑﻮب ،ﺑﺴﺘﺔ أﺻﻮات ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳُﺴﺘﺒﻌَ ﺪ ﻛﺎد ﺑﺨﻤﺴﺔ أﺻﻮات ﻓﻘﻂ .ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻣﺮﺷﺢ ﺣﺼﻞ ﻋﲆ أﻏﻠﺒﻴﺔ اﻷﺻﻮات؛ ُ اﻟﻬﺪف ﻣﻦ ﺟﻮﻟﺔ اﻹﻋﺎدة ﻫﻮ اﺳﺘﺒﻌﺎ َد املﺮﺷﺢ ﻟﺬا ﻓﺈﺟﺮاء ﺟﻮﻟﺔ إﻋﺎدة ﴐوريﱞ ،وملﺎ ﻛﺎن ً ً ﺛﺎﻧﻴﺔ أن ﻳﻘ ﱢﺮروا ﺑني ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ،ﺛﻢ ﺟﻌْ َﻞ ﻛﻞ اﻟﻨﺎﺧﺒني ﻳﺤﺎوﻟﻮن اﻷﻗﻞ اﻻﺛﻨني اﻷوﻓﺮ ﺣ ٍّ ﻟﻨﻔﱰ ِض اﻵن أن ﻣﺆﻳﺪي ﻈﺎ ﻣﻦ املﺮﺷﺤني ،ﻓﻬﻲ ﺗﺆدﱢي وﻇﻴﻔﺘﻬﺎ ﻫﻨﺎ. ِ َ ﺧﻤﺴﺔ ﻛﺎد اﻟﺬﻳﻦ ﺧﺎب أﻣﻠﻬﻢ اﻧﺘﻘﻠﻮا إﱃ ﺧﻴﺎرﻫﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ؛ أﻻ وﻫﻮ أﻟﻒ ،ﺳﻴﻤﻨﺢ ﻫﺬا أﻟﻒ ً ﺳﺎﺣﻘﺎ ﻋﲆ ﺑﻮب .ﻫﺬا راﺋﻊ ﺣﺘﻰ اﻵن؛ ﻓﺠﻮﻟﺔ أﺻﻮات إﺿﺎﻓﻴﺔ ﰲ ﺟﻮﻟﺔ اﻹﻋﺎدة ،وﻓﻮ ًزا اﻹﻋﺎدة أد ْ ِ ﻣﺒﺎﴍة ﻣﻊ ﺑﻮب؛ إﻧﻪ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﱠت ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ ،وأﻟﻒ ﻫﻮ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻨﺎس ﰲ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ املﻨﺼﺐ. ﻟﻜﻦ ﻟﻨﺘﺨﻴ ِﱠﻞ اﻵن أﻧﻪ ُﻗﺒَﻴْﻞ إﺟﺮاء اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻷﺻﻠﻴﺔ َ ﻣﺒﺎﴍ ًة ،ﻳﺆدﱢي أﻟﻒ ً ْ ﻋﻤﻼ ﺑﻄﻮﻟﻴٍّﺎ ً ﻃﻔﻼ ﻣﻦ اﻟﻐﺮق ،أو ﺗﺴ ﱠﻠ َﻖ ﺷﺠﺮ ًة ﻹﻧﻘﺎذ ﻗﻄﺔ — واﻟﻨﺎﺧﺒﺎن اﻻﺛﻨﺎن — ﻟﻨﺘﺨﻴﱠ ْﻞ أﻧﻪ أﻧﻘﺬ اﻟﻠﺬان ﻛﺎﻧﺎ ﻳﺆﻳﺪان ﺑﻮب ﺑﺎﻷﺳﺎس ﺣﻮﱠﻻ وﻻءﻫﻤﺎ ِﻷﻟﻒ ﰲ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻷﺧرية؛ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻫﻲ أﻧﻪ »ﺳﻴﺨﴪ«؛ ﻓﻘﺪ ﺣﺼﻞ ﰲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻋﲆ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ أﺻﻮات ،وﻻ ﻳﺰال ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ ﺑﻮب ﻫﺒﻂ ﻷرﺑﻌﺔ أﺻﻮات ،وﻫﻮ اﻵن املﺮﺷﺢ املﺴﺘﺒﻌَ ﺪ .وﰲ ﺟﻮﻟﺔ اﻹﻋﺎدة ﻻ ﻳﺰال أﻟﻒ ﻳﺤﺘﻔﻆ ﺑﺎﻷﺻﻮات اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ،ﱠ ﻟﻜﻦ ﻛﺎد ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ أرﺑﻌﺔ أﺻﻮات إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺧﺒﻲ ﺑﻮب املﺤﺒﻄني ،وﻫﻮ اﻵن اﻟﻔﺎﺋﺰ ﺑﺘﺴﻌﺔ أﺻﻮات ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻷﻟﻒ. ً ﻣﻘﺒﻮﻻ إذا ﻣﺎ أردﻧﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ أن ﺗﻌﻜﺲ إن ﻣﺎ ﺣﺪث أﻣ ٌﺮ ﻣﺬﻫﻞ ،وﻣﻦ املﻔﱰض أﻻ ﻳﻜﻮن ُ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎب إراد َة اﻟﺸﻌﺐ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ؛ إن املﺮﺷﺢ أﻟﻒ ﻛﺎن ﺳﻴﻔﻮز ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﺠﺬب املﺰﻳ َﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻄﻮﻟﺘﻪ .ﻣﻦ املﻀﺤﻚ أن ﻳﻜﻮن َﻟﺪﻳﻚ ﻧﻈﺎ ٌم ﻳﺨﴪ ﻓﻴﻪ املﺮﺷﺢ اﻗﱰاﻋً ﺎ ﻛﺎد أن ﻳﻔﻮز ﺑﻪ؛ ملﺠﺮد أﻧﻪ ﻓﻌﻞ ﺷﻴﺌًﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﺜﻨﺎء ﺟﻠﺐ ﻟﻪ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺻﻮات .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ 105
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻗﺪ ﻻ ﻳﺤﺪث ﻫﺬا ﻛﺜريًا ،ﻟﻜﻨﻪ ﻣﻦ املﻔﱰض أﻻ ﻳﺤﺪث ﻋﲆ اﻹﻃﻼق؛ وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻨﻈﺎم ﺟﻮﻟﺔ اﻹﻋﺎدة ﻫﺬا ﺑﺎﻟﺬات ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن .ﻟﻘﺪ ﺗﻌ ﱠﻠ َﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮن اﻟﺒﺎرﻋﻮن ،ﺑﺎﻟﻘﻄﻊ ،اﺳﺘﻐﻼ َل ِ ِ ﺿﻌﻒ اﻟﻨﻈﺎم ملﺼﻠﺤﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺟﻠﺐ اﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ملﺮﺷﺢ ﺿﻌﻴﻒ ﰲ اﻟﺠﻮﻟﺔ اﻷوﱃ، ﻣﻮاﻃ ِﻦ ً َ ﻫﺰﻳﻤﺔ ﻣﻨﻜﺮة ﺣﻴﻨﻬﺎ. ﺟﻮﻟﺔ اﻹﻋﺎدة ،وﻳُﻬ َﺰم ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﺨﻮض ً ﱢ املﺤﺼﻠﺔ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻫﻲ أن اﻷﻧﻈﻤﺔ املﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﺤﻘﻖ أﻫﺪاﻓﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .إن ﻧﻈﺎم املﺮﺷﺢ ٍ ﺣﺎﻻت ﻛﺜري ٍة آراءَ اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﺤﺎﺋﺰ ﻋﲆ أﻋﲆ اﻷﺻﻮات )وﻫﻮ ﻧﻈﺎﻣﻨﺎ( ﻳﻌﺎﻗﺐ آراء اﻷﻗﻠﻴﺔ )وﰲ ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﰲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ﻟﻌﺎم ،(١٩٩٢ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻨﺴﺒﻲ )اﻷﻛﺜﺮ ﺷﻴﻮﻋً ﺎ ﰲ أﻣﺎﻛﻦ أﺧﺮى( ﻳﻌﻤﻞ ﺿﺪ املﺮﺷﺤني املﺘﻘﺪﻣني ،وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺆدﱢي إﱃ اﻟﻌﺠﺰ واﻟﱰدﱡد .إن اﻻﺳﺘﺒﺪاد ﻳﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺗﻴﺴري ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ،ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﻘﺪﱢم إﻻ ﻗﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻀﻮاﺑﻂ واملﻮازﻧﺎت ﻟﻠﺤﻤﺎﻳﺔ ﺿﺪ أي ﻗﺮارات ﻣﻔﺰﻋﺔ ٍّ ﺣﻘﺎ .إﻻ أﻧﻪ ﰲ ﺣﺎﻻت اﻟﻄﻮارئ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻘﻴﺎدة َ اﻟﻔﺎرق اﻟﻔﻌﱠ ﺎﻟﺔ — اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻲ ﻋﺪدًا أﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﻄﻬﺎة ﰲ ﻣﻄﺒﺦ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار — أن ﺗﺼﻨﻊ ﺑني اﻟﺒﻘﺎء واﻟﻬﻼك) .ﺣﺘﻰ اﻟﻘﺎدة ﻏري اﻷﻛﻔﺎء أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻋﺪم وﺟﻮد ﻗﺎدة ﻋﲆ اﻹﻃﻼق، ﺳﻨﺬﻛﺮ املﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﻫﺬا ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪُ .وﻟﻌﻞ ﻣﻦ أﺣﺪ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ اﻵﺑﺎء املﺆﺳﺴني ﻳﺮون أن ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ ﺗﻌﻴني اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻗﺎﺋﺪًا ﻋﺎﻣٍّ ﺎ ﻟﻠﻘﻮات املﺴﻠﺤﺔ ،ﻫﻮ أن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﱢ ﻳﻮﻗﺮون ﺟﻮرج واﺷﻨﻄﻦ وﻳﺜﻘﻮن ﺑﻪ ،وﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻔﻘﻮدة ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻠﺤﻮظ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺎﻻت اﻷﺧرية (.ﰲ اﻗﺘﺼﺎد اﻟﻮﻓﺮة ﺗﺤﻈﻰ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﻔﺮدﻳﺔ واﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺸﻤﻮﻟﻴﺔ ﺑﺘﻘﺪﻳﺮ ﻛﺒري ،أﻣﺎ ﰲ اﻗﺘﺼﺎد اﻟﻨﺪرة )اﻟﺬي ﻳﺘﺠﻪ إﻟﻴﻪ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﴎه اﻵن ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ( ﻌﺘﱪ ﻫﺬه املﺴﺎﺋﻞ ذات أﻫﻤﻴﺔ ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ﻣﻘﺎ َر ً ﻗﺪ ﺗُ َ ﻧﺔ ُ ﺑﺴﺒُﻞ اﻟﺒﻘﺎء اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ .ﻛﻞ ﻫﺬه اﻷﻣﻮر ً أﻫﻤﻴﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺘﺠﺎوز أﻧﻈﻤﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎب ،وﻟﻦ ﻳُﻌﺜَﺮ ﻋﲆ أي ﺣﻠﻮل ﻟﻬﺎ ﰲ ﻫﺬا ﺗﺸ ﱢﻜﻞ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺒﺴﻴﻂ ﻋﻦ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار .ﻟﻜﻦ ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ﺣ ﱢﻞ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻷﻫﺪافْ ، إن ﺣﺪث ذﻟﻚ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺘﱠ ِﺴﻢ أيﱡ ﻧﻈﺎم اﻧﺘﺨﺎﺑﻲ ﻣﺼﻤﱠ ﻢ ﻹﻇﻬﺎر إرادة اﻟﺸﻌﺐ ﺑﻌﺪم اﻟﻐﻤﻮض، وﺑﻌﺾ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ اﻻﺳﺘﺨﺪام ﻟﻴﺴﺖ ﻛﺬﻟﻚ. ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻴﺴري ﴍح ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻟﻸﻓﺮاد؛ ﻓﻬُ ﻢ ﻳﺴﺘﺎءون ﻣﻦ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت، واﻹﺻﻼح اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ﻻ ﻳﺰال ﺑﻌﻴﺪًا .ﻟﻘﺪ ﺣﺎ َو َل ﻫﺬا املﺆﻟﻒ ذات ﻣﺮة أن ﻳﴩح ﻛ ﱠﻞ ﻫﺬا ِﻟ َﻠﺠﻨﺔ ﻣﻜﻮﱠﻧﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ املﻬﻨﺪﺳني املﺮﻣﻮﻗني؛ وذﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ إدﺧﺎل ﺗﺤﺴﻴﻨﺎت ﻋﲆ ﻧﻈﺎم اﻟﻠﺠﻨﺔ ﻻﺧﺘﻴﺎر املﺮﺷﺤني ﻟﻌﻀﻮﻳﺘﻬﺎ ،ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻨﻬﻢ إﻻ أن ﻇﻬﺮ اﻟﻀﺠﺮ ﻋﲆ وﺟﻮﻫﻬﻢ وﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﻋﺎل. ﳾء .ﻟﻜﻦ املﻮﺿﻮع ﺟﺪ ﻣﻬﻢ؛ ﻷﻧﻪ ﻳﻤﺜﱢﻞ ﴐﺑًﺎ ﻣﻦ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮًى ٍ 106
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﴩ
اﻻﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ً أﻃﺮاﻓﺎ ﻣﺘﻌﺪﱢدة وﻣﻌﺎﻳري ﺑﺪأﻧﺎ ﻧﻨﻈﺮ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﺎﴍ إﱃ ﻣﺸﻜﻼت ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار اﻟﺘﻲ ﺗﻀ ﱡﻢ ﻣﺘﻌﺪﱢدة )اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎرات ،اﻟﻜﺜري ﻣﻦ املﻌﺎﻳري ،اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺧﺒني( ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﱠﻣﻬﺎ دودﺟﺴﻮن املﻮﻗﺮ ﻛﺮﻛﺎﺋﺰ ،ﺛﻢ ﺗﻄ ﱠﺮﻗﻨﺎ إﱃ ﻣﺸﻜﻼت ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ ﺗﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﻨ ُ ُ ﻈﻢ اﻻﻧﺘﺨﺎب؛ ﻣﻦ اﻟﻴﺴري أن ﻧﺘﺴﺎءل إن ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻻت ﻫﻲ ﺣﺎﻻت ﺷﺎذة اﺧﱰﻋﻬﺎ املﺆﻟﻒ ﻷﺳﺒﺎﺑﻪ املﻠﺘﻮﻳﺔ ،أم أن اﻷﻣﺮ أﻋﻤﻖ ﻣﻦ ﻫﺬا ،ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ أن ﻛﻮن ً ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ. ﻫﺬه املﺸﻜﻼت ﻣﺠﺮد أﻋﺮاض ﻟﺨﻠﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﺬ أرﺑﻌني ﻋﺎﻣً ﺎ ﻣﻀﺖ ،أﺛﺒ ََﺖ اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻴﻨﻴﺚ أرو )ﻋﺎﻟﻢ اﻗﺘﺼﺎد ﺣﺼﻞ ﻋﲆ َ ٍ راﺋﻌﺔ ،ﺗُﻌ َﺮف اﻵن ﺑﺼﻮرة ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ »ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺻﺤﺔ ﻧﻈﺮﻳ ٍﺔ ﺟﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ ﻋﻦ أﻋﻤﺎﻟﻪ( اﻻﺳﺘﺤﺎﻟﺔ« ،واﻟﺘﻲ ﺗﺄﺧﺬ املﻮﺿﻮع ﰲ ﻣﺠﻤﻠﻪ إﱃ ﻣﺴﺘﻮًى أﻋﲆ؛ ﻟﻘﺪ أﺛﺒﺖ أﻧﻪ »ﻣﺎ ﻣﻦ وﺳﻴﻠﺔ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق« ﻻﺧﱰاع ﻗﺎﻋﺪة ﻏري ﻣﺒﻬﻤﺔ ﻟﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﻟﻠﻘﺮارات ذات اﻷﻃﺮاف املﺘﻌﺪﱢدة، ﴫ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ اﻟﴩوط اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ واملﻌﺎﻳري املﺘﻌﺪﱢدة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت ،ﺑﴩط أن ﻧ ُ ِ ﱠ )ﺳﻨﻜﺸﻒ ﻋﻨﻬﺎ ﺧﻼل ﻟﺤﻈﺎت( ،ﻛﻞ ﴍط ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺒﺪو ﻣﻨﻄﻘﻴٍّﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ .إن اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻟﻴﺴﺖ َ ً ﱠ اﺳﺘﺤﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺟﺎﺋﺰة اﺳﺘﻐﺮﻗ ْﺖ ﻗﺮوﻧًﺎ ﻻﻛﺘﺸﺎﻓﻬﺎ ،وملﺎ ﺑﺪﻳﻬﻴﺔ ﺑﺎملﺮة؛ ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺬﻟﻚ ،ملﺎ ﻧﻮﺑﻞ .ﰲ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺎ َو َل ﻓﻴﻬﺎ املﺆﻟﻒ أن ﻳﻘﺪﱢم اﻟﻔﻜﺮ َة إﱃ ﻟﺠﻨﺔ املﻬﻨﺪﺳني — اﻟﺘﻲ ذُﻛِﺮت ﰲ ﺧﺘﺎم اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ — ﻛﺎﻧﺖ اﺳﺘﺠﺎﺑﺘﻬﻢ ﺗﻤﺎﺛِﻞ ر ﱠد اﻟﻔﻌﻞ اﻷوﱄ ﻟﻸﺷﺨﺎص إﻧﻜﺎر ﺑﺎدئ َ اﻷﻣﺮ ،ﺛﻢ ﻻﻣﺒﺎﻻة ،ﺛﻢ ﻫﺠﻮم ﺧﱪوا ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻳﻌﺎﻧﻮن ﻣﻦ ﻣﺮض اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ؛ ٍ اﻟﺬﻳﻦ أ ُ ِ ﱢ أﺧﺼﺺ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻻﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ،وﻟﻠﻘﺎرئ أن ﻳُﺒﺪِي ﻋﲆ ﻣﺼﺪاﻗﻴﺔ املﺘﺤﺪﱢث .ﺳﻮف أيﱠ ر ﱢد ﻓﻌﻞ ،وﻟﻜﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻼﺋﻢ وﻻﺋﻖ. ﺗﻨﻄﺒﻖ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻋﲆ ﻣﻮﻗﻒ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ ﻟﻜﻨﻪ ﺷﺎﺋﻊ؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺻﺎﻧﻌﻲ اﻟﻘﺮار ﻳُﻄ َﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻧﺎﺧﺒﻮن ،أو أﻋﻀﺎء ﻟﺠﻨﺔ ،أو أﻋﻀﺎء ﻣﺠﻠﺲ إدارة؛ ﻫﺬا ﻻ
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ُ ً ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﻄﺒﻴﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ .وﻫﻨﺎك ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎرات )ﺛﻼﺛﺔ أو اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻳﻬﻢ ﻣﺎ داﻣﺖ ُ َ ﺑﱰﺗﻴﺐ ﻣﺎ ،وﻣﺮة ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻬﺘﻢ ﺑﺄي ﻣﻌﺎﻳري ،أو أﻛﺜﺮ( ﺗﺤﺘﺎج ﻷن ﺗﺼﻨﱢﻔﻬﺎ املﺠﻤﻮﻋﺔ ٍ ﺣﻜﻤﺔ ،أو ﺗﺤﻴﱡﺰات ﻳﺠﻠﺒﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﺸﺎرك ﻟﻠﻄﺎوﻟﺔ) .إن ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺧﻴﺎران ﻓﻘﻂ ،ﻓﺘﺼﻮﻳﺖ اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﻻ ﺑﺄس ﺑﻪ ،وﺳﺘﻈﻬﺮ املﺸﻜﻠﺔ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ وﺟﻮد أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻴﺎرﻳﻦ (.ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ً ً ً ً ٍ ﺣﻜﻴﻤﺔ؛ اﻧﺘﻬﺎزﻳﺔ، ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ ﻣﺒﺎدئ أو ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ أو ﻏري ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ، املﻌﺎﻳري ﺣﻜﻴﻤﺔ أو ﻏريَ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻬﻢ أن ﻳﺼﻨﱢﻒ ﻛ ﱡﻞ ﻣﺸﺎرك اﻟﺨﻴﺎرات ً وﻓﻘﺎ ملﻌﺎﻳريه ﻫﻮ .إذن ﻓﺎملﺸﻜﻠﺔ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻫﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺗﺼﻨﻴﻒ املﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺠﻤﻮع ﺗﺼﻨﻴﻔﺎت اﻷﻓﺮاد؛ ﻓﻬﺬا ﻫﻮ ﺟﻮﻫﺮ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻋﲆ ﻛﻞ ﺣﺎل .ﺑﻞ إن ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻷﻓﺮاد ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻟﻬﻢ أﺻﻮات ﺗﻔﻮق َ اﻵﺧﺮﻳﻦ؛ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻴﺎج ﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻫﻨﺎ! )ﻫﺬا ﻳﻌﺎدل وﺟﻮد ﻛﺘﻠﺔ ﺗﺼﻮﻳﺘﻴﺔ، أو أﻋﻀﺎء ﺣﺰب ﺳﻴﺎﳼ ﻳﺴريون ﺑﺈﻳﻘﺎع ﻣﻮﺣﺪ (.إﻧﻪ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﺄﻟﻮف ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻳﻮاﺟﻪ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻛ ﱠﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﻳﻮﻣﻴٍّﺎ؛ ﻓﻬﻮ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ،وﻋﲆ املِ ﻨَﺢ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،وﻋﲆ اﺧﺘﻴﺎر أﻛﺜﺮ اﻟﻼﻋﺒني ﻗﻴﻤﺔ ،وﻫﻜﺬا .وﻋﻤﻠﻴٍّﺎ ،ﻧﺤﻦ ﻧﻤﺎرس ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻷﻧﺸﻄﺔ ﻃﻮال اﻟﻮﻗﺖ ،دون أن ﻧﺸﻜﻮ إﻻ ً ﻗﻠﻴﻼ ﺑﺸﺄن اﻟﻄﺮق املﺘﻨﻮﻋﺔ ملﻤﺎرﺳﺘﻪ ،ﻓ ِﻠ َﻢ اﻟﺠﻠﺒﺔ إذن؟ َ اﺳﺘﻮﻓ ْﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘَﻪ ﻣﻦ اﻟﴩوط اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ املﻨﻄﻘﻴﺔ. ﺑﺤﺚ أرو ﻋﻦ أﻛﺜﺮ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺗﺬ ﱠﻛ ْﺮ أن اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ أﻣﺎﻣﻨﺎ اﻵن ﻫﻲ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ إﱃ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﺟﻤﺎﻋﻲ؛ ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻬﺘﻢ ﺑﺎﻹﻧﺼﺎف أو اﻟﻌﺪل ،وإﻧﻤﺎ ﻧﻬﺘﻢ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻬﺬا اﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﻣﻦ اﻷﺳﺎس؛ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺮﻳﺪ ﺗﺤﻮﻳ َﻞ اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ إﱃ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﻛﻞ ُ ً َ ٍ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﺷﺨﺼﻴﺔ إﱃ اﻟﻄﺎوﻟﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻐﺎدر ﺗﺼﻨﻴﻒ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻓﺮد ﻳﺠﻠﺐ اﻟﻄﺎوﻟﺔ؛ ﻫﺬا ﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ اﻷﻣﺮ. ﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ ﺑﻌﺾ اﻟﴩوط ﻛﻤﺎ وﺿﻌﻬﺎ أرو: •
•
إذا ﻛﺎن ﻛﻞ اﻷﻓﺮاد ﻣﺘﻔﻘني ،ﻓﻬﻜﺬا ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن املﺠﻤﻮﻋﺔ؛ ﻓﺈذا ﻣﺎ أﺣﴬ ﻛﻞ ﻓﺮد َ ﻧﻔﺲ اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت إﱃ اﻟﻄﺎوﻟﺔ ،ﻓﻬﺬا ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻨﺘﻬﻲ إﻟﻴﻪ ﻗﺮا ُر املﺠﻤﻮﻋﺔ. ﱠ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ إﺟﻤﺎ ٌع .ﻣَ ﻦ ذا اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺠﺎدل ﰲ ﻫﺬا؟ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن إذا ﺣﺪث — ﺑﻌﺪ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻟﺨﻠﻖ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ — أن َ ٍ ﺧﻴﺎرات ﺟﺪﻳﺪ ًة ،ﻳﻨﺒﻐﻲ إذن أن ﺗﻜﻮن اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﻠﺨﻴﺎرات أﺿﻔﺖ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻮ أن اﻟﱰﺗﻴﺐ ﻗﺪ ﺗ ﱠﻢ ﺑﻌ َﺪ إﺿﺎﻓﺔ اﻟﺨﻴﺎرات؛ ﺣﻴﺚ ﺗﻀﺎف اﻟﺨﻴﺎرات ً أوﻻ ﺛﻢ ﺗُﺪﻣﺞ اﻟﻘﻮاﺋﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪُ .ﻳﻀﻔﻲ ﻫﺬا ﻗﺪ ًرا ﻣﻦ اﻟﻘﻮة ﻋﲆ اﻟﻨﻬﺞ َ أﺿﻔﺖ ﺧﻴﺎ ًرا ﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪُ ،ووﺿﻌْ ﺘَﻪ ﰲ أي ﻣﻜﺎن ،ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن املﺴﺘﺨﺪَم؛ ﻓﺈذا 108
اﻻﺳﺘﺤﺎﻟﺔ
•
َ وﻗﻤﺖ ﺑﺘﺼﻨﻴﻔﻬﺎ ﻳﺆﺛﱢﺮ ﻫﺬا ﻋﲆ اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت »اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ« ﻟﻠﺨﻴﺎرات اﻟﺘﻲ درﺳﺘَﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ وﻫﻜﺬا ﺑﺎملﺜﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﺳﺘﺒﻌﺎد أي ﺧﻴﺎر .ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎلْ ، إن ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻔﻀﻞ اﻟﺴﺒﺎﻧﺦ ﻋﲆ ُ اﻟﻘﻨﱠﺒﻴﻂ ،وﻻﺣَ َ املﺠﻤﻮﻋﺔ ﱢ درج ﻟﺘﻮﱢه، ﻆ أﺣﺪﻫﻢ أن اﻟﱪوﻛﲇ ﻗﺪ أ ُ ِ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳُﺪ َرج اﻟﱪوﻛﲇ ﰲ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻛﻞ ﻓﺮد ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﱢ ﻳﻐري ﺗﻔﻀﻴ َﻞ ﺗﻔﻀﻞ ُ املﺠﻤﻮﻋﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﱢ اﻟﻘﻨﱠﺒﻴﻂ ﻋﲆ اﻟﺴﺒﺎﻧﺦ؛ ﻗﺪ ﻳﺤﺒﻮن اﻟﱪوﻛﲇ أو ﻳﺒﻐﻀﻮﻧﻪ، ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻢ ﱢ ﻳﻐريوا ﺗﻔﻀﻴﻼﺗﻬﻢ »اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ« ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺨﴬاوات اﻷﺧﺮى .وﻧﻔﺲ َف وﻛﺎن اﻟﱪوﻛﲇ ﰲ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻷﺻﻠﻴﺔ ،ﺛﻢ َ اﻷﻣﺮ ﻳﴪي إذا ﻣﺎ ﺗﺼﺎد َ ﻧﻔ َﺪ ﻣﺨﺰوﻧﻪ، ﻓﻼ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺆﺛﱢﺮ اﺳﺘﺒﻌﺎده ﻋﲆ ﺗﺼﻨﻴﻒ اﻟﺴﺒﺎﻧﺦ ُ واﻟﻘﻨﱠﺒﻴﻂ .وﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﺸﱰط ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ أي ﻧﻈﺎم ﻣﻨﻄﻘﻲ ﻟﺘﺤﻮﻳﻞ اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ إﱃ ﺗﺼﻨﻴﻔﺎت َ ﺻﻠﺔ ﻟﻬﺎ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔَ ،ﻷﻣﻜﻦ إﺑﻄﺎل أي ﻗﺮار ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺟﻠﺐ ﺧﻴﺎرات ﺟﺪﻳﺪة ﻻ ﺑﺎﻟﺨﻴﺎرات املﻮﺟﻮدة .وملﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ املﺴﺘﺤﻴﻞ ﻷي ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أن ﺗﺰﻋﻢ أﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﱡ اﻟﺘﻮﺻﻞ ﻷي ﻗﺮار ﻋﲆ اﻹﻃﻼق. ﻓ ﱠﻜﺮت ﰲ ﻛﻞ ﳾء ،ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ إذا اﻧﺘﻬﻰ ﺗﺼﻨﻴﻒ املﺠﻤﻮﻋﺔ إﱃ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﺴﺒﺎﻧﺦ ﻋﲆ ُ َ وأﺿﻔﺖ إﱃ اﻟﻘﻨﱠﺒﻴﻂ، أﻳﻀﺎ اﻟﺴﺒﺎﻧﺦ ﻋﲆ ُ املﺠﻤﻮﻋﺔ ﻋﻀﻮًا َ اﻟﻘﻨﱠﺒﻴﻂ )ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﺎ ﱢ ﻳﻔﻀﻞ ً آﺧﺮ ﱢ ﻳﻔﻀﻠﻪ أو ﻳﺒﻐﻀﻪ ﻣﻦ أﺷﻴﺎء أﺧﺮى( ،ﻓﻼ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﱢ ﻳﻐري ﻫﺬا ﺗﻔﻀﻴ َﻞ املﺠﻤﻮﻋﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻔﻀﻞ ُ ﱢ اﻟﻘﻨﱠﺒﻴﻂ ﻋﲆ اﻟﺴﺒﺎﻧﺦ .إن ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﺴﺎﻧﺪة إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻷﺣﺪ اﻟﺨﻴﺎرات ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن »ﻳﻘ ﱢﻠﻞ« ﻣﻦ ﻣﺮﻏﻮﺑﻴﺘﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ املﺠﻤﻮﻋﺔ) .وﻗﺪ رأﻳﻨﺎ ﻋﻜﺲ ذﻟﻚ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺼﻮﻳﺖ ﺟﻮﻟﺔ اﻹﻋﺎدة (.وﺑﺎملﺜﻞ ،إذا ﻣﺎ ﺣ ﱠﻮ َل أﺣ ُﺪ املﺸﺎرﻛني ﺗﺼﻮﻳﺘﻪ إﱃ اﻟﺴﺒﺎﻧﺦ َ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻓﺎزت ﺑﺘﻔﻀﻴﻞ املﺠﻤﻮﻋﺔ ،رﺑﻤﺎ ﻓﻘﻂ ﻛﻲ ﻳﻮاﻛِﺐَ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﺠﻤﻊ ،ﻓﻬﺬا ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻠﻒ اﻟﺴﺒﺎﻧﺦ اﻧﺘﺼﺎرﻫﺎ.
ﻫﺬا ﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ اﻷﻣﺮ ،وﻣَ ﻦ ذا اﻟﺬي ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻣﻊ أيﱟ ﻣﻦ ذﻟﻚ؟ ﱠ إن ﻛﻞ ﴍط ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﴩوط ﻷي ﻧﻈﺎم ﻣﻨﻄﻘﻲ ﻳﺒﺪو ﻋﻘﻼﻧﻴٍّﺎ ﺑﻮﺿﻮح ،وﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﴍوط أي ﻧﻈﺎم ﻣﻨﻄﻘﻲ ﻣﺘﻌﺪﱢد اﻷﻃﺮاف ﻟﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮار. َ وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ املﺬﻫﻠﺔ اﻟﺘﻲ أﺛﺒ ََﺖ أرو ﺻﺤﺘﻬﺎ ﻫﻲ أﻧﻪ »ﻻ ﺗﻮﺟﺪ وﺳﻴﻠﺔ« ﻟﻮﺿﻊ ﻧﻈﺎم ﻛﻬﺬا ﻟﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮار دون أي ﻗﻴﻮد إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻀﻌﻬﺎ ﺻﺎﻧﻌﻮ اﻟﻘﺮار اﻟﻔﺮدﻳﻮن .اﻹﺛﺒﺎت ﱠ ﻣﻌﻘﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﴚء — وإن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺪرﺟﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ — ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺘﱠ ِﺴﻢ ً ﺗﻔﺼﻴﻼ ﻫﻨﺎ .ﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﺑﻤﻨﻬﺠﻴﺔ ﺷﺪﻳﺪة ،وﺳﻨﺘﻐﺎﴇ ﻋﻦ ﻓﺮﺻﺔ ذﻛﺮه 109
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﺗﺘﻨﺎول ﻫﺬا املﻮﺿﻮع ،وﻫﻨﺎك ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ )ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ املﺆﻟﻒ( وﻫﻲ أﻧﻪ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ اﻻﺣﱰاﻓﻴني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﰲ ﻫﺬا املﺠﺎل ،ﻻ ﻳﺒﺪو أن ﻫﻨﺎك أﺣﺪًا ﻳﻬﺘﻢ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ﺑﻬﺬا؛ ﻓﺄﻋﻀﺎء اﻟﻠﺠﺎن واﻟﻬﻴﺌﺎت اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ وﻣﺠﺎﻟﺲ اﻹدارات ﻳﺴﺘﻤﺮون ﰲ أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻓﺤﺴﺐ ،دون أن ﺗﺆ ﱢرﻗﻬﻢ اﻟﻼﻋﻘﻼﻧﻴﺔ ،وﻳﺴﻤﺤﻮن ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺎﺗﺨﺎذ ﻗﺮارات ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺴﺘﻐﻠﻬﺎ اﻟﺨﱪاء ﰲ اﻷﻻﻋﻴﺐ اﻟﱪملﺎﻧﻴﺔ. واﻵن ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻻﻋﱰاف ﺑﺄﻧﻚ ﻗﺪ ُﺧﺪِﻋﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﺠﻞ؛ إذ إﻧﻨﺎ ﺣﺬﻓﻨﺎ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﻬﻤﺔ؛ ﻓﻨﻈﺮﻳﺔ أرو ﺑﻬﺎ ﺛﻐﺮة ﻟﻢ ﻧﻬﺘﻢ ﺑﺬﻛﺮﻫﺎ .ﻟﻘﺪ أﺛﺒ ََﺖ أرو ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﺎ أوردﻧﺎه ،ﻣﻦ أﻧﻪ ﻣﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗَﻔِ ﻲ ﺑﻜﻞ اﻟﴩوط املﻮﺿﻮﻋﺔ» ،ﻟﻜﻦ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء وﺣﻴﺪ« ،واﻻﺳﺘﺜﻨﺎء ﻣﺜري ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص؛ ﻷن ﻟﻪ ﺗﺪاﻋﻴﺎت ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﺰﻋﺠﺔ ،وﻫﺬا اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء ﻫﻮ أﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻮﻓﺎء ٍّ ﺣﻘﺎ ﺑﻜﻞ ﴍوط اﻻﺗﺴﺎق ﰲ ﻛﻞ اﻟﺤﺎﻻت» ،ﺑﴩط« أن ﺗُﻤﻨَﺢ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻟﻮاﺣﺪ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺻﺎﻧﻌﻲ اﻟﻘﺮار .ﺑﻤﻌﻨًﻰ َ آﺧﺮ ،ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ اﻻﺗﺴﺎق إذا ﻛﺎن ﻫﻨﺎك دﻳﻜﺘﺎﺗﻮر؛ أي ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ،ﻟﻜﻦ أﺻﻮاﺗﻬﻢ ﻻ ﻳُﻌﺘَ ﱡﺪ ﺑﻬﺎ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك أي ﻏﻤﻮض، وﺗﺴﺘﻌﺎد اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ .وﻳﻤﻜﻦ ﺗﺮك اﻟﺘﺪاﻋﻴﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ إﱃ اﻟﻘﺎرئ. َ ﺑﺤﺜﺖ ﻋﻦ أﺻﻮل املﺸﻜﻠﺔ ،ﻓﺴﺘﺠﺪ أن أﺣﺪﻫﺎ ﻗﺪ ذُﻛِﺮ ﻷول ﻣﺮة ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺎت املﺎرﻛﻴﺰ إذا دو ﻛﻮﻧﺪورﺳﻴﻪ ﻋﺎم ،١٧٨٥وﻫﻮ اﻣﺘﺪاد ﻟﻨﻮع اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻏري املﺘﻌﺪﻳﺔ ﻟﻠﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮﻧﺎﻫﺎ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ؛ ﻓﻜﻠﻤﺎ زاد ﻋﺪد املﺸﺎرﻛني ،وزاد ﻋﺪد اﻟﺨﻴﺎرات، أﺻﺒﺤﺖ ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ أﻛﱪ وأﻛﱪ أن ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺛﻐﺮات َﺧﻔﻴﱠﺔ ﰲ ﻗﻮاﺋﻢ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ؛ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺆدﱢي إﱃ إرﺑﺎك ﻛﻞ اﻟﺠﻬﻮد ﻻﺳﺘﺨﻼص ﺗﻔﻀﻴﻞ املﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﻟﻔﺮدﻳﺔ؛ وﻟﻴﺲ ﺗﺮﺟﻴﺢ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﺠﻨﱠﺐَ ﺗﻠﻚ املﺸﻜﻠﺔ )ﺑﺨﻼف ﺣﻞ اﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮر(. ﻫﻨﺎك ﻧﻈﺎ ُم ٍ ﻣﻦ ﺑني اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﺎس أﻧﻬﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﺠﻨﺐ اﻟﻐﻤﻮض ،ﺗﺴﺘﺤﻖ ٍّ ﺧﺎﺻﺎ؛ ﺣﺘﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺑﻮردا — اﻟﺘﻲ ذﻛﺮﻧﺎﻫﺎ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ — ذﻛ ًﺮا ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ ﻟﴚء إﻻ ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض ﻋﺎد ًة ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺜﺎر ﻫﺬا ً ﻣﻮﻗﻔﺎ دﻓﺎﻋﻴٍّﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ ﻓﻤﺎ ﻣﻦ أﺣﺪ ﻳﺮﻳﺪ ﺗﺼﺪﻳﻖ أيﱟ ﻣﻦ املﻮﺿﻮع) .إن اﻟﻨﺎس ﻳﺘﺨﺬون ﻫﺬا (.ﺳﻨﺴﺘﺨﺪم ﻧﻤﻮذج ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺑﻮردا؛ ﺣﻴﺚ ﻳﺤﺼﻞ أي ﻣﺮﺷﺢ ﰲ املﺮﻛﺰ اﻷول ﰲ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ﻋﲆ ﻧﻘﻄﺔ واﺣﺪة ،وﻳﺤﺼﻞ ﻣَ ﻦ ﻳﺄﺗﻲ ﰲ املﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﲆ ﻧﻘﻄﺘني ،وﻫﻜﺬا ،ﺛﻢ ٍ ﺗُﺠﻤَ ﻊ اﻟﻨﻘﺎط ،وﻳﻔﻮز ﺻﺎﺣﺐ أﻗﻞ اﻟﻨﻘﺎط .ﺗﻠﻚ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗُﺴﺘﺨﺪَم ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن) .ﻳﻤﻜﻨﻚ إﺟﺮاؤﻫﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﻜﺴﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﺗَﻤﻨﺢ ﻧﻘﺎ ً ﻃﺎ أﻛﺜﺮ َملﻦ ﻫﻮ ﰲ أﻋﲆ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ؛ ﻻ ﻳﻬﻢ ذﻟﻚ ﰲ ﳾء (.إﻧﻪ أﻣﺮ ﺑﺴﻴﻂ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،وﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ أن ﺗﻌﺮف ﻣَ ﻦ اﻟﺬي ﺳﻴﻔﻮز .ﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ ﻳﺘﻌﺎرض ﻣﻊ دﻟﻴﻞ أرو؟ وأي ﻣﻦ املﺴﻠﻤﺎت ﺳﻴﺨﺮﻗﻬﺎ؟ وﻫﻞ ﻳﻬﻢ ذﻟﻚ؟ ﻛﻠﻬﺎ أﺳﺌﻠﺔ ﻣﴩوﻋﺔ. 110
اﻻﺳﺘﺤﺎﻟﺔ
ﺗﺄﻣﱠ ْﻞ ً ﻣﺜﺎﻻ ﻳﺸﺒﻪ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﺘﻲ أوردﻧﺎﻫﺎ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ؛ ﺣﻴﺚ أدﱃ ﺳﺒﻌﺔ ﻧﺎﺧﺒني ﺑﺄﺻﻮاﺗﻬﻢ ﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﺮﺷﺤني ﻳُﻄ َﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ أ ،ب ،ﺟ .وﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ ﺑﻄﺎﻗﺎت اﻻﻗﱰاع اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻣﻮﺿﺤً ﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﻨﺎﺧﺒني: ب ب ﺟ أ أ
ﺟ أ
ﺟ أ
ب ﺟ ب
ﺟ أ
أ
أ
ب ب ﺟ ب ﺟ
إذا ﻣﻨﺤﻨﺎ ﻧﻘﺎ ً ﻃﺎ ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ املﺤﺪﱠد أﻋﻼه ،ﻓﺴﻨﺠﺪ أن اﻟﻔﺎﺋﺰ ﻫﻮ املﺮﺷﺢ ب ﺑﺜﻼث ﻋﴩة ﻧﻘﻄﺔ ،وﻳﺄﺗﻲ املﺮﺷﺢ أ ﰲ املﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺄرﺑﻊ ﻋﴩة ﻧﻘﻄﺔ ،ﺑﻞ إن املﺮﺷﺢ ب ﻟﺪﻳﻪ ً أﻳﻀﺎ أرﺑﻌﺔ أﺻﻮات ﰲ املﺮﻛﺰ اﻷول؛ أي أﻏﻠﺒﻴﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو ﺻﺤﻴﺤً ﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،وأي ﻓﺮد ﺳﻴﻘﺒﻞ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻻﻗﱰاع. ﻟﻜﻦ ﰲ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻷﺧرية ﻳﺪﺧﻞ املﻨﺎﻓﺲ د ا ُمل ِ ﻔﺴﺪ ﻟﻠﺴﺒﺎق؛ إﻧﻪ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﱃ ﺣﺰب ﺳﻴﺎﳼ ﻣﺘﻮاﺿﻊ ﻳﺨﺪم ﻣﺼﺎﻟﺤﻪ — ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﺷﻴْﺌًﺎ ﺳﻴﱢﺌًﺎ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﺠﻴﺪ ،ﻣﻊ وﺟﻮد اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷﺻﺪﻗﺎء ﻟﻪ — وﻗﺪ وﺿﻌﻪ اﻟﻨﺎﺧﺒﻮن ﺑﺎﻹﺟﻤﺎع ﰲ املﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺑني املﺮﺷﺤني اﻷرﺑﻌﺔ َ اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻟﻮﺿﻌﻪ ﰲ املﺮﺗﺒﺔ اﻷﺧرية؛ ﻓﻬﻮ ﺻﺪﻳﻖ ﻗﺪﻳﻢ ﻳﻘﻴﻢ ﺣﻔﻼت )اﻵن(؛ ﻟﻢ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮا ﻃﻴﺒﺔ .وﻗﺪ ﻫﺒﻂ ﻛ ﱡﻞ ﻣﺮﺷﺤﻲ املﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﺴﺎﺑﻘني إﱃ املﺮﻛﺰ اﻟﺮاﺑﻊ ،وﻫﺬا ﻻ ﻳﻬﻢ ﻛﺜريًا؛ ﻷﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﺳﻴﺨﴪون ﻋﲆ أي ﺣﺎل .واﻟﺠﺪول ﻳﺒﺪو اﻵن ﻫﻜﺬا: ب ب ج
أ
ب ج
ب
أ
ج
أ
ج
أ
أ
أ
د
د
د
د
د
د
د
ج
أ
ب ب ج
ب ج
َ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﻵن ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ،ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺑﻮردا ،ﻟﻜﻦ اﻵن ﺑﺘﺼﻨﻴﻔﺎت إذا أﺟﺮﻳﻨﺎ ً ﻣﻦ واﺣﺪ ﻷرﺑﻌﺔ ،ﻓﺴﺘﻜﻮن ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ؛ ﻓﺎﻟﻔﺎﺋﺰ اﻵن ﻫﻮ املﺮﺷﺢ أ ﺑﺨﻤﺲ ﻋﴩة ﻧﻘﻄﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﺒﻂ املﺮﺷﺢ ب ﻟﻠﻤﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺴﺖ ﻋﴩة ﻧﻘﻄﺔ؛ وﻫﻜﺬا ﻓﺈن املﺮﺷﺢ ً ﻏري ﻣﺠﻤﻮ َع د ،وﻫﻮ املﺮﺷﺢ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺄﺧﺬه أﺣ ٌﺪ ﺑﺠﺪﻳﺔ ،وﻟﻢ ﻳﻘﱰب ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﱠ َ 111
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ِ ﻧﻘﺎط أﻋﲆ املﺮﺷﺤني ،وﺣ ﱠﺪ َد اﻟﻔﺎﺋﺰ؛ وﻫﺬا ﻳﻨﺘﻬﻚ ﻣﺴ ﱠﻠﻤﺔ أرو اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،وﻫﻲ أﻧﻪ ﺑﻤﺠﺮد أن ﻳﻨﺘﻬﻲ اﻟﻨﺎﺧﺒﻮن ﻣﻦ وﺿﻊ ﺧﻴﺎراﺗﻬﻢ ﺑﱰﺗﻴﺐ اﻷﻓﻀﻠﻴﺔ ،وﻳﺘﺤﺪﱠد اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻟﻠﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﻟﻔﺮدﻳﺔ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ ﱠأﻻ ﻳﺆدﱢي إدﺧﺎل ﺧﻴﺎر ﺟﺪﻳﺪ — ﻣ ِ ُﻔﺴﺪ — إﱃ ﺗﻐﻴري ﺗﺮﺗﻴﺐ املﺮﺷﺤني اﻟﺬﻳﻦ اﺧﺘريوا ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻻ ﺑﺪ أن ﻳ َ ُﻮﺿﻊ املﺮﺷﺢ ﱠ املﺮﺷﺢ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﱢ ﻳﻐري اﻟﺠﺪﻳﺪ ﰲ أي ﻣﻜﺎن ،ورﺑﻤﺎ ﺣﺘﻰ ﰲ املﺮﻛﺰ اﻷول ،ﻟﻜﻦ ذﻟﻚ اﻟﱰﺗﻴﺐَ »اﻟﻘﺎﺋﻢ« .وﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ،دون ﻫﺬا اﻟﴩط ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﱠﺨِ ﺬَ ﻗﺮا ًرا ﻣﻄﻠﻘﺎً ﺑﺸﺄن أي ﳾء؛ ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺷﻴﺎءُ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻏريُ ذات اﻟﺼﻠﺔ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﱢ ٍ ﻗﺮارات ﺗﻐري اﺗﱡﺨِ ﺬَ ْت ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻓﺴﻴﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ٍّ ﺣﻘﺎ اﻟﺘﻜﻬﱡ ُﻦ ﺑﺎﻟﻨﺘﺎﺋﺞ. ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﻘﻮل اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻮاﺟﻬﻮن ﻫﺬا املﻮﻗﻒ )ﺑﻤﺠﺮد أن ﻳ َ ُﺠﱪوا ﻋﲆ ﺗﺼﺪﻳﻘﻪ( :ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻷﻣﻮر ﻟﻦ ﻳﺤﺪث ﻛﺜريًا .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،إن اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻫﻲ أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه املﺸﻜﻼت ﺗﺘﺰاﻳﺪ ﺑﺘﺰاﻳُﺪ ﻋﺪد املﻌﺎﻳري وﻋﺪد اﻟﺨﻴﺎرات؛ ﻓﻔﻲ ﻣﻮاﻗﻒ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت أو املِ ﻨَﺢ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻗﺪ ﻧﺠﺪ ﻋﴩة ﻣﺮﺷﺤني أو أﻛﺜﺮ ﻳﺘﻨﺎﻓﺴﻮن ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻗﺪ ﺗﺮﺗﻜﺰ ُ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺮارات اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ املﻬﻤﺔ ﻋﲆ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻌﻴﺎر أو أﻛﺜﺮ )ﻣﺎ ﻳﻌﺎدل ﻋﺪ َد اﻟﻨﺎﺧﺒني( .ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﺣﺪود ﻗﺼﻮى. ﱠ إن ﻛﻞ ﳾء ذﻛﺮﻧﺎه ﰲ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﻋﲆ اﺳﺘﺨﺪام أﻧﻈﻤﺔ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ،أو ﻗﻮاﺋﻢ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﻣُﺴﺘﺨﺪَﻣﺔ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ وﰲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ؛ وﻣﻦ املﻤﻜﻦ ﺣ ﱡﻞ ﻛ ﱢﻞ ٍ درﺟﺎت )ﻛﻤﺎ ﺗﻔﻌﻞ املﺪارس ﻋﺎد ًة( ،ﻳﻤﻜﻦ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﻐﻤﻮض ﺑﻤَ ﻨْﺢ املﺮﺷﺤني ﺣﺴﺎبُ ﻣﺘﻮﺳﻄﻬﺎ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺗﺼﻨﻴﻒ .ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ املﺸﻜﻼت اﻷﺧﺮى ،وﻗﺪ ﺗﻄ ﱠﺮﻗﻨﺎ ﻟﺒﻌﻀﻬﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ اﻟﻐﻤﻮض ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ.
112
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﴩ
ﲪﺎﻳﺔ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ
ِ ﻣﺒﺎﴍ؛ ﻓﻤﻦ اﻟﺴﻬﻞ ﺗﻜﻮن اﻟﻘﺮارات أﻳﴪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻘﺎرﻧﺔ اﻟﺨﻴﺎرات ﺑﺸﻜﻞ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﺑني ﺗﻔﺎﺣﺔ ﻧﺎﺿﺠﺔ وأﺧﺮى ﻋﻄﺒﺔ ،واﻷﺻﻌﺐُ اﻻﺧﺘﻴﺎ ُر ﺑني ﺗﻔﺎﺣﺔ ﻧﺎﺿﺠﺔ وﺛﻤﺮة ً ﺻﻌﻮﺑﺔ اﻻﺧﺘﻴﺎ ُر ﺑني ﺑﻮﺷﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎح وﴍﻳﺤﺔ ﻣﻦ ﻟﺤﻢ ﻛﻤﺜﺮى ﻧﺎﺿﺠﺔ ،ﺑﻞ اﻷﻛﺜ ُﺮ اﻟﺨﺎﴏة ،وﻳﻈ ﱡﻞ اﻷﺻﻌﺐَ اﻻﺧﺘﻴﺎ ُر ﺑني ﻟﺤﻢ اﻟﺨﺎﴏة وزوج ﻣﻦ اﻷﺣﺬﻳﺔ .وﻋﻨﺪ اﻻﺧﺘﻴﺎر ِ املﺒﺎﴍة ،ﻓﻠﻴﺲ ﺑني أﺷﻴﺎء ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﺷﺪﻳﺪة اﻻﺧﺘﻼف ﺑﻤﺎ ﻳﺼﻌﺐ ﻣﻌﻪ املﻘﺎ َرﻧﺔ ﺛﻤﺔ ﺑﺪﻳﻞ ﺳﻮى ﺗﺼﻨﻴﻔﻬﺎ ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﻣﻘﻴﺎس ﺷﺎﺋﻊ ،ﻣﺜﻞ ﻓﻮاﺋﺪﻫﺎ .ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﺷﻴﺌًﺎ أﻛﺎدﻳﻤﻴٍّﺎ ﻓﺤﺴﺐ؛ ﺑﻞ إن املﺠﺘﻤﻊ ﻳﺪﻓﻌﻨﺎ ﻟﻔﻌﻠﻪ ﺳﻮاء رﻏﺒﻨﺎ ﰲ ذﻟﻚ أم ﻻ ،وﺳﻮاء رﻏﺒﻨﺎ ﰲ اﻻﻋﱰاف ﺑﻪ أم ﻻ ،ﺣﺘﻰ وإن ﻛﺎن ﻫﺬا ﻷن ﻟﺪﻳﻨﺎ )أو ﻟﺪى ﻣﻌﻈﻤﻨﺎ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ( ﻣﻴﺰاﻧﻴﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ وﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻨﺎ اﻷﻣﺮ وﻗﺪ ﺳﺪدﻧﺎ ﻓﻮاﺗريﻧﺎ ،وﻫﺬا وﺣﺪه ﻳﺘﻄ ﱠﻠﺐ اﻻﺧﺘﻴﺎ َر ﺑني ﻋﺪة ﺧﻴﺎرات، ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﻣﺪى ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻟﻨﺎ .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻷﺷﻴﺎء ﰲ اﻟﺤﻴﺎة ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ ً اﻟﺬﻫﺎب ﻟﻠﱰﻳﱡﺾ ْ وأﺧ ِﺬ ﻏﻔﻮةٍ، واﺿﺤﺔ ﻣﺜﻞ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﺑني ﻗﻴﺎﺳﻬﺎ ﻧﻘﺪًا ،وﻫﻨﺎك ﻗﺮارات ﺗﺒﺪو ِ ﻟﻜﻦ ﺣﺘﻰ ﻫﻨﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮء أن ﻳﺘﺨﻴﱠ َﻞ اﻟﺴﺆال» :ﻣﺎ ﻣﺪى ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻚ؟« إن اﻟﻨﻘﻮد ﻫﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻣﻦ املﺠﺘﻤﻊ ﻹﺣﺎﻟﺔ ﻛﻞ ﳾء ملﻘﻴﺎس ﻣﺸﱰك ،وإﺑﻌﺎدﻧﺎ ﻋﻦ ﻣﻘﺎﻳﻀﺔ أﺻﺪاف املﺤﺎر ﺑﺎﻟﻔﺨﺎر؛ وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻟﺸﻴﻮع اﻟﻨﻘﻮد وﺷﻌﺒﻴﺘﻬﺎ ،ﻓﺈن ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم ﻧﺎﺟﺢ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪو. ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻋﻦ ﻣﻘﺎرﻧﺔ اﻟﻨﻘﻮد اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﻘﻮد املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ؟ ﻫﺬا ﺑُﻌْ ٌﺪ ﺟﺪﻳﺪٌ. ً ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ أن ﺗﺴﺘﺜﻤﺮ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ ،أم ﺗﻨﻔﻖ ﻣﺎ ﺗﺠﻤﻌﻪ ﺑﻤﺠﺮد أن ﻳﺄﺗﻴﻚ؟ ﻫﻞ اﻷﻛﺜﺮ ً ٍ ﺣﺎﻟﻴﺔ ،وﻣﺎ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﻻ ﺿﺤﻜﺎت ﻳﻘﻮل ﺷﻜﺴﺒري» :املﺮح ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﱄ ﻳﺤﻤﻞ ﰲ ﻃﻴﱠﺎﺗﻪ ٍ ﺣﺎﺟﺔ وﻗﺘﻴﺔ )ﻛﺘﻨﺎول ﻳﺰال ﻏري ﻣﺆ ﱠﻛﺪ «.إن اﻟﴫاع ﻳﻜﻤﻦ ﺑني اﻹﺷﺒﺎع اﻟﻠﺤﻈﻲ ﻟﺮﻏﺒ ٍﺔ أو اﻟﻄﻌﺎم ،ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل( ،وﺑني ﻓﻮاﺋﺪ ﻳُﻮﻋَ ﺪ ﺑﻬﺎ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺮﻳﺐ أو اﻟﺒﻌﻴﺪ؛ أو ﺑني اﻹﺷﺒﺎع املﺆﺟﻞ واﻹﺷﺒﺎع اﻟﻔﻮري ْ إن أرد َ ْت .إن اﻷﻓﺮاد واﻟﴩﻛﺎت واﻟﺒﻠﺪان ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻳﻮاﺟﻬﻮن ﻧﻔﺲ املﺸﻜﻠﺔ :ﻫﻞ ﻧﺴﺘﺜﻤﺮ ﰲ املﺪارس أم ﻧﺮﻣﱢ ﻢ اﻟﺤﻔ َﺮ؟ ﻧﺼﻠﺢ اﻟﺴﻘﻒ أم ﻧﺪﱠﺧِ ﺮ اﻟﻨﻘﻮد ﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﺟﺔ؟ ﻫﻞ ﺗﻌﻤﻞ ﰲ ﺷﺒﺎﺑﻚ ﻟﻜﻲ ﺗﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﻤﺒﺎﻫﺞ ﺗﻘﺪﱡم اﻟﻌﻤﺮ ،أم اﻟﻌﻜﺲ؟ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻴﺘﻮاﻓﺮ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻛ ﱞﻢ ﺿﺨ ٌﻢ ﻣﻦ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺜﻨﺎ ﻋﲆ اﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ أﻣ ًﺮا ﻏري ﻃﺒﻴﻌﻲ. اﻟﺠﻨﱢﻲ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻗﺪ أﻋ َﻠ َﻦ أن واﻷﻣﺮ ﻏري ﻃﺒﻴﻌﻲ »ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ«؛ ﻓﻠﻮ ﻛﺎن ِ أيﱠ أﺣﺪ ﺳﻴﻈﻬﺮ ﰲ ﺳﺎﺣﺔ اﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﺜﻼﺛﺎءَ اﻟﻘﺎد َم ﺳﻴﺨﺘﺎر ﺑني اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ورﻗﺔ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻓﺌﺔ ﻣﺎﺋﺔ دوﻻر ،وﺑني إﻳﺼﺎل أﻣﺎﻧﺔ ﻳﻌﺪ ﺑﺴﺪاد ﻣﺎﺋﺔ دوﻻر ﺑﻌﺪ ﻋﴩ ﺳﻨﻮات ،ﻓﻤﻦ اﻟﺴﻬﻞ أن ﺗﻌﺮف أيﱠ ﺧﻴﺎر ﻛﺎن ﺳﻴﺨﺘﺎره ﻣﻌﻈﻤﻨﺎ .ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك أي ﺣﺎﻓﺰ ،أﻳٍّﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن، ﻳﺪﻓﻌﻨﺎ ﻟﻠﻨﻈﺮ إﱃ املﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻬﺎﺟﻤﻨﺎ اﻟﺤﺎﴐ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ .إﱃ ﺟﺎﻧﺐ أن املﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻛﻤﺎ ً )ووﻓﻘﺎ ملﺰﺣﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﺷﻬرية ،ﺗﻠﻚ ﻧﻈﺮة ﺗﻔﺎؤﻟﻴﺔ( .وﻗﺪ ﻛﺘﺐ ﻗﺎل ﺷﻜﺴﺒري ،ﻏري ﻣﻀﻤﻮن ﻋﻤﺮ اﻟﺨﻴﺎم ﻳﻘﻮل» :ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺎﻟﺤﺎﴐ واﻧ ْ َﺲ املﺆﺟﻼت ،وﻻ ﺗﺠﻔﻞ ﻟﻘﺮع ﻃﺒﻞ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ!« ﻛﻨﺖ ﺳﺘﺴﱰ ﱡد ﻣﺪﺧﺮاﺗﻚ أم ﻻ ،وإذا ﻣﺎ َ ﻓﻤَ ﻦ ﻳﻌﺮف إذا ﻣﺎ َ ﻛﻨﺖ ﺳﺘﺠﻨﻲ ﺛﻤﺎ َر اﺳﺘﺜﻤﺎراﺗﻚ أم ﻻ .وﻗﺪ أﻇﻬ َﺮ ِت اﻻﺳﺘﻄﻼﻋﺎت أن اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺎﻫﻤﻮن ﰲ ﺻﻨﺪوق اﻟﻀﻤﺎن ﻣﺘﻮاﺟﺪ ًة ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﻴﻬﺎ ﺧﻼل اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﻴﻮمَ ،ﻣﻘﺘﻨﻌﻮن ﺑﺄن اﻟﻨﻘﻮد ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ِ اﻟﻌﻘﻮد اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ ،واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻮﻟﻮن إﻧﻬﻢ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻋﲆ ﺗﻘﻮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد ً ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار أﻣﺎ َم ﻣَ ﻦ ﻳَﻌِ ﺪُون ﺑﺄن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻣﺎ إﴍاﻗﺎ ،ﻳﺨﴪون ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ أﻛﺜ َﺮ ﻣﻦ أﺟﻞ ٍ ٍ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ اﻟﻄﻌﺎم ﻟﻜﻞ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻏﺪًا .ﻻ ﻳﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ اﻟﻔﺎﺋﺰون ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘ ﱡﻢ اﻧﺘﺨﺎﺑﻬﻢ؛ ﻓﺎﻟﻮﻋﺪ ﻳﺠﻠﺐ ﻟﻬﻢ املﻨﺼﺐ ،واﻟﺬاﻛﺮة ﺿﻌﻴﻔﺔ ،وﺗَ ﱢ ﻮﱄ املﻨﺼﺐ ﻳﺆدﱢي إﱃ اﻟﺒﻘﺎء ﺑﻪ ﻟﻔﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ. ً ﱠ ﻧﺤﺚ اﻷﺷﺨﺎص ﻋﲆ ﺗﻮﺟﻴﻪ اﻫﺘﻤﺎم ﺟﺎذﺑﻴﺔ؛ ﻛﻲ إذن ﻓﻘﺪ اﻋﺘﺪﻧﺎ ﺟﻌْ َﻞ اﻷﺷﻴﺎء أﻛﺜﺮ َ اﻷﺷﺨﺎص أﻛﱪ ﻧﺤﻮ املﺴﺘﻘﺒﻞ؛ ﻓﻨﺪﻓﻊ ﻓﺎﺋﺪ ًة — ﻋﺎﺋﺪًا ﻋﲆ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر — ﻓﻘﻂ ﻛﻲ ﻧﻐﻮي ﺑﺘﺄﺟﻴﻞ رﻏﺒﺎﺗﻬﻢ أو اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ إﺷﺒﺎﻋﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻮاردﻫﻢ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ؛ ً ﱢ اﺳﺘﺴﺎﻏﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﴚء؛ ﻓﺄﻧﺖ ﺗﺤﺼﻞ اﻟﺘﺨﲇ ﻋﻦ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻨﻘﻮد أﻣ ًﺮا أﻛﺜﺮ وﻫﺬا ﻳﺠﻌﻞ ﻋﲆ ﳾء ﰲ املﻘﺎﺑﻞ .ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻣﻘﺪار ﺳﺤﺮي ﻟﻠﻔﺎﺋﺪة »ﻣﻼﺋﻢ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ« ﻛﺤﺎﻓﺰ ،ﻟﻜﻦ ﻳﺒﺪو َ ٍ وﺧﻤﺴﺔ ﻋﴩَ ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻌﺪل ﻳﱰاوح ﺑني أن اﻟﺨﱪة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻗﺪ اﺗﻔﻘﺖ ﻋﲆ ٍ ﻛﻌﻼوة ﻣﻄﻠﻮﺑﺔ ﻟﻔﺼﻞ اﻷﺷﺨﺎص ﻋﻦ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﻢ اﻟﻔﻮري ﻷﻣﻮاﻟﻬﻢ؛ أي ﻋﻦ اﻹﺷﺒﺎع اﻟﻠﺤﻈﻲ .وﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻔﺎﺋﺪة ً وﻓﻘﺎ ملﺴﺘﻮى املﺨﺎﻃﺮة؛ إذ ﺗﻜﻮن املﻌﺪﻻت أﻗ ﱠﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات اﻟﺨﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ املﺨﺎﻃﺮ ،ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻜﻮن أﻋﲆ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ املﻀﺎرﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺆدﱢي إﱃ ﺧﺴﺎرة ﻛﻞ ﳾء ،وأﻋﲆ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺮﺑﺎ ،وﻣﺮاﺑﺎة اﻟﻘﺮوض، 114
ﺣﻤﺎﻳﺔ املﺴﺘﻘﺒﻞ
وأرﺻﺪة ﺑﻄﺎﻗﺎت اﻻﺋﺘﻤﺎن .وﺗﻈﻞ اﻟﻔﻮاﺋﺪ أﻋﲆ إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﻼد ﰲ أزﻣﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﱡ اﻟﺘﻀﺨﻢ ملﺎﺋﺔ ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ، ﺷﺪﻳﺪة ،واملﺴﺘﻘﺒﻞ أﻗﻞ وﺿﻮﺣً ﺎ ﻋﻦ املﻌﺘﺎد؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﺼﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺘﻮا َﻛﺐ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻣﻊ ذﻟﻚ .واملﻘﺼﺪ ﻣﻦ ﻫﺬا ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻫﻮ أن اﻗﱰاح إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ رﺑﺢ »زاﺋﺪ« ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ ﻋﲆ اﻷﺷﺨﺎص ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻌﻮﱢض إﺣﺠﺎﻣﻬﻢ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻓﺮع ﻣﻌﺮوف ﻟﻬﺬا املﺆﻟﻒ ﻣﻦ ﻓﺮوع واملﻔﻬﻮم ﻋﻦ اﻻﺳﺘﻐﻨﺎء ﻋﻦ ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻬﻢ اﻟﻴﻮم .وﻛ ﱡﻞ ٍ اﻟﺠﻨﺲ اﻟﺒﴩي ،ﰲ ﻛﻞ اﻷزﻣﻨﺔ واﻷﻣﺎﻛﻦ ،ﻗﺪ اﻛﺘﺸﻒ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ؛ ﻓﺎملﻌﺪﻻت ﺗﺨﺘﻠﻒ ً وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻈﺮوف املﺘﻌ ﱢﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺰﻣﺎن واملﻜﺎنْ ، ﻟﻜﻦ ﻳﻈﻞ املﺒﺪأ واﺣﺪًا ﻛﻤﺎ ﻫﻮ. ﻋﻨﺪ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ﻗﺪ ﻳﺸﺘﻜﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻘ ﱠﺮاء ﻣﻦ أن اﻟﻔﺮﻳﻀﺔ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻟﻼدﱢﺧﺎر ﻣﻦ ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﺠﻨﺲ أﺟﻞ املﺴﺘﻘﺒﻞ ،أو اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﰲ ﺳﻌﺎدة ورﻓﺎﻫﻴﺔ اﻷﺑﻨﺎء واﻷﺣﻔﺎد، اﻟﺒﴩي؛ ﻟﻢ ﺗُﻮ ﱠ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،ﻗﺪ ﻳﺸﺘﻜﻮن ﻣﻦ أن ﻫﺬا املﺆﻟﻒ ﻓﺎﻗِ ٌﺪ َف ﺣﻘﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺎول ﻫﻨﺎ. ٍ َ ﱢ ﻓﻜﺮت ﰲ اﻷﻣﺮ ،ﻓﺴﺘﺠﺪ أن ﻛ ﱠﻞ واﺟﺒﺎﺗﻨﺎ ﻟﻠﺤﺲ اﻷﺧﻼﻗﻲ .رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن اﻷﻣﺮ ﻫﻜﺬا ،ﻟﻜﻦ إذا وﻓﺮاﺋﻀﻨﺎ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ذاﺗﻬﺎ ﻣﺮﻫﻮﻧﺔ ﺑﺎملﻜﺎن واﻟﺰﻣﺎن ،وﻫﻲ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﺧﻼﺻﺎت اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت ﻣﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔُ ، ﺻﻨﱢﻔﺖ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻌﻮد ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻔ ﱢﻜﺮ ﻣﻦ أﻳﻦ أﺗَ ْﺖ، ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﺜﻞ ﺟﺪول اﻟﴬب .وﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﺗﺘﺠﻤﱠ ﻊ ﻫﺬه اﻟﺪروس داﺧﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻧني ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﰲ ﺗﻌﻠﻴﻤﺎت وأواﻣﺮ دﻳﻨﻴﺔ ،وﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﰲ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﺴﻠﻮك املﺨﺘﻠﻔﺔ َ ِ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻷﺣﺪ املﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﺘﻲ اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت وﻫﻜﺬا ،ﻟﻜﻦ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻳﻌﻜﺲ ً ﺑﺎﻗﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺎ .إن اﻻﻟﺘﺰاﻣﺎت واﻟﻔﺮاﺋﺾ اﻟﺘﻲ ﺧ ﱠﻠﻔﺘﻬﺎ ﻟﻨﺎ اﻟﺨﱪات واﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻘﺪﻳﻢ، ﻇ ﱠﻠ ْﺖ املﺒﺎﴍ ،ﱢ ِ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﺠﻤﱠ ﻌَ ْﺖ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻘﻨﻌﺔ ﴎﻳﻌً ﺎ ﻣﺎ ﺗﻨﻬﺎر ﺗﺤﺖ اﻟﻀﻐﻂ املﻌﺎﴏ ﻳﻘﺪﱢم ﻟﻨﺎ ً ِ ُﻔﺰﻋﺔ ﻛﺜرية أو أﻧﻨﺎ ﺗﻤﺮﺳﻨﺎ ﺟﻴﺪًا ﻋﲆ ﻃﺎﻋﺘﻬﺎ .واﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ أدﻟﺔ ﻣ ِ ﻟﻴﺴ ْﺖ ﻓﻌﱠ ً ﻋﲆ ذﻟﻚ؛ ﻫﺬا ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﻘﻮى َ ﺎﻟﺔ — ﻓﺎﻟﻜﺜري ﻣﻨﱠﺎ ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪادٍ ﻟﻠﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﺤﻴﺎﺗﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﻤﺎﻳﺔ أﻃﻔﺎﻟﻪ — ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﺬ ﱢﻛﺮ اﻟﻘ ﱠﺮاء ﺑﺄن أﺻﻮل اﻟﻘﻮى اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻜﻤﻦ ﰲ ﻣﺎﺿﻴﻨﺎ اﻟﺘﻄﻮﱡري .وﻫﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﻀﺤﱢ ﻲ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﺎ ً أﻳﻀﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﻘﺎء ﺳﻼﻟﺘﻬﺎ ،ﺑﻨﻔﺲ اﻟﺪواﻓﻊْ ، ﻟﻜﻦ دون اﻟﺘﱪﻳﺮات املﻄﻨﺒﺔ. َ ﱠ ﱢ ﺟﺎذﺑﻴﺔ ﻧﺤﺴﻦ ﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﺗﺤ ﱡﻮ ٌل ﻋﻦ املﻮﺿﻮع؛ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ ﻫﻲ أﻧﻨﺎ إذا ﻟﻢ اﻹﺷﺒﺎع اﻟﺒﻌﻴﺪ ،ﻓﻠﻦ ﺗﻜﻮن ﻟﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﺘﻨﺎﻓﺲ ﻣﻊ اﻹﺷﺒﺎع اﻟﻔﻮري. ﻣﻦ املﻤﻜﻦ اﻟﺘﻔﻜري ﰲ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺘﺸﺠﻴﻊ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر إﻣﺎ ﻛﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺤﺎﱄ وإﻣﺎ ﻛﺨﺼﻢ ﻣﻦ املﻜﺎﻓﺄة املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ؛ ﻓﺈذا ﻣﺎ ﻛﺎن اﺳﺘﺜﻤﺎر ﻣﺒﻠﻎ ١٠٠ دوﻻر اﻵن ،ﺑﻤﻌﺪل ﻓﺎﺋﺪة ﺳﻨﻮي ﻣﻘﺪاره ﺧﻤﺴﺔ ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،ﻓﺴﻴﺠﻠﺐ )ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻣﻊ 115
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
املﻌﺪل اﻟﺴﻨﻮي اﻟﱰاﻛﻤﻲ ﻟﻠﻔﺎﺋﺪة( ﻣﻜﺴﺒًﺎ ﻗﻴﻤﺘﻪ ١٠٠٠دوﻻر ﺧﻼل ﺳﺒﻌﺔ وأرﺑﻌني ﻋﺎﻣً ﺎ، ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﻔﻜري ﰲ ﻫﺬا إﻣﺎ ﻛﻔﺎﺋﺪة ﻋﲆ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺤﺎﱄ ،وإﻣﺎ ﻛﺨﺼ ٍﻢ ﻟﻠﻔﺎﺋﺪة املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﺧﻤﺴﺔ ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ .وﺑﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻔﻜري اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﺳﺘﻘﻮل إﻧﻚ ﺗﺮﻏﺐ ﰲ اﻷﻟﻒ دوﻻر ﺧﻼل ﺳﺒﻌﺔ وأرﺑﻌني ﻋﺎﻣً ﺎ؛ ﻟﺬا ﻓﻘﻴﻤﺘﻬﺎ املﺨﺼﻮﻣﺔ اﻵن ﻫﻲ ﻣﺎﺋﺔ دوﻻر ﻓﻘﻂ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﺴﺎوﻳﻪ اﻷﻟﻒ دوﻻر ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ؛ إﻧﻪ اﻟﺜﻤﻦ اﻟﺬي ﺗﺪﻓﻌﻪ اﻵن ﻟﻠﻤﻜﺎﻓﺄة املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ. إن اﻟﺒﻨﻮك وﴍﻛﺎت اﻟﺘﺄﻣني ﺗﻔﻌﻞ ﻫﺬا ﻛﺄﺳﻠﻮب ﺣﻴﺎة ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﺪﱢد ﻗﺴ ً ﻄﺎ ﻟﺒﻮﻟﻴﺼﺔ َ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﺗﺄﻣني ﻋﲆ اﻟﺤﻴﺎة ،ﻓﺈﻧﻚ ﺗﻔﻌﻞ اﻟﺸﻴﺌني ﻣﺮ ًة واﺣﺪ ًة؛ أيْ إﻧﻚ ﺗﺴﺘﺜﻤﺮ ﺑﻔﻮاﺋﺪ ﻟﺘﺴﺪﱢد ﱠ املﺘﻮﻗﻊ أن ﺗﻤﻮت )وﻳﺤﺼﻞ َو َرﺛﺘﻚ ﻋﲆ ﻗﻴﻤﺔ املﺨﺼﻮﻣﺔ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻚ .وملﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﺘﺄﻣني( ﰲ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﺳﺒﺐٌ ﻟﻜﻲ ﺗﺴﺪﱢد املﺒﻠﻎ ﻛﻠﻪ اﻵن ،وﴍﻛﺎت اﻟﺘﺄﻣني ﱢ ﻣﺘﺨﺼﺼني ﺗﻌﺮف ﺟﻴﺪًا ﻛﻴﻒ ﺗﺨﺼﻢ ﻗﻴﻤﺔ ﺣﻴﺎﺗﻚ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﻢ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺘﻮﻇﻴﻒ ﰲ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻹﻛﺘﻮارﻳﺔ .ﻳﺒﺪو ﻫﺬا ﻗﺎﺳﻴًﺎْ ، ﻟﻜﻦ ﻣَ ﻦ ﻗﺎل إن اﻟﺘﺄﻣني ﻋﲆ اﻟﺤﻴﺎة ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻔﻬﻮﻣً ﺎ ﻗﺎﺳﻴًﺎ؟ وأﻧﺖ ،ﻛﻔﺮدٍ ،ﻳﻤﻜﻦ ﺑﺎﻟﻜﺎد أن ﺗﻔﻮز ﺑﻪ. إن ﻟﻸﻣﺮ ﺟﺎﻧﺒًﺎ ﺳﻠﺒﻴٍّﺎ َ وآﺧﺮ إﻳﺠﺎﺑﻴٍّﺎ؛ ﻓﻜﻤﺎ أن اﻟﺮﺑﺢ اﻟﺒﻌﻴﺪ ﻟﻴﺲ ﻣﻐﺮﻳًﺎ ﻛﺎﻟﺮﺑﺢ اﻟﺤﺎﱄ، ً َ ﻣﺨﻴﻔﺔ ﻛﺨﺴﺎرة دﻓﻌﺖ ﻣﻘﺎﺑﻠﻪ اﻵن ،ﻻ ﺗُﻌَ ﱡﺪ اﻟﺨﺴﺎرة اﻟﺒﻌﻴﺪة وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﻜ ﱢﻠﻔﻚ أﻗ ﱠﻞ إذا ﺧري اﻟﻨﺎس ﺑني أن ﻳﺠﺘﺎﺣﻬﻢ ﻓﻴﻀﺎن ﻏﺪًا أو ﻳﺠﺘﺎﺣﻬﻢ ﻓﻴﻀﺎن ﺑﻌﺪ ﺧﻤﺴني ﻋﺎﻣً ﺎ، ﺣﺎﻟﻴﺔ .ﱢ ِ واﻧﻈﺮ ﻛﻢ ﻣﻨﻬﻢ ﺳﻴﻬﺮع ﻧﺤﻮ اﻟﺨﻴﺎر اﻷول .ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﺄﻣني ﻋﲆ اﻟﺤﻴﺎة املﺬﻛﻮرة أﻋﻼه، ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺘﻔﻜري ﰲ ﻓﻮاﺋﺪ اﻟﺘﺄﻣني ﻛﻤﺼﺪر د ْ َﺧ ٍﻞ ﻷﴎﺗﻚ )ﻋﲆ اﻓﱰاض أﻧﻬﻢ املﺴﺘﺤﻘﻮن ﻟﻠﺘﺄﻣني( ،ﻟﺘﻌﻮﻳﻀﻬﻢ ﻋﻦ ﺧﺴﺎرﺗﻬﻢ .إن املﺒﻠﻎ واﻟﺨﺴﺎرة ﻳﻈﻬﺮان ﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺘﻢ ﺧﺼﻤﻬﻤﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﺴﺎب اﻟﻘﺴﻂ ،وﻳﻨﺘﻬﻲ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺰﻣﻨﻲ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﺷﺨﺎص ،ﻟﺨﺼﻢ اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﺑﻨﻬﺎﻳﺔ ﻓﱰة ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ،أو ﺣﻴﺎة أﺑﻨﺎﺋﻬﻢ أو أﺣﻔﺎدﻫﻢ؛ وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ املﺠﺘﻤﻌﺎت أو اﻟﺪول ،ﻗﺪ ﻳﻤﺘ ﱡﺪ ﻫﺬا اﻟﻨﻄﺎق ً ﻗﻠﻴﻼ )ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻤﱠ ﺎ ٌ ِﴫ ﻓﱰات اﻻﻧﺘﺒﺎه ﻣﻘﺎ َر ً ﻳﺒﺪو ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﻣﻦ أن اﻟﺪول ﺗﺘﱠ ِﺴﻢ ﺑﻘ َ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﺎ ﻧﺔ ﺑﺎﻷﻓﺮاد( .ﺛﻤﺔ ً ﻓﻤﺜﻼ ﻣَ ﻦ اﻟﺬي ﺳﻴﺸﱰي ﺳﻨﺪًا ﺳﻴﺠﻠﺐ ﻓﺎﺋﺪة ﻳﺼري ﺑﻌﺪﻫﺎ اﻷﻣﺮ ﻏريَ ﻣﻨﻄﻘﻲ ﺑﺎملﺮة؛ ﻫﺎﺋﻠﺔ وﻣﻀﻤﻮﻧﺔ ﺑﻌﺪ أﻟﻒ ﻋﺎم؟ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺣﺎﻟﺔ واﺣﺪة ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ِﺑﻴﻌﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺴﻨﺪات )ﺑﺤﺴﺐ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ ،ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﻨﺪوﺑني املﺘﺠﻮﻟني املﺎﻫﺮﻳﻦ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن أن ﻳﺒﻴﻌﻮا ﻟﻠﻨﺎس أﺷﻴﺎء ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﻐﺮاﺑﺔ( ،وﺑﻌﺾ املﺠﺘﻤﻌﺎت واﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺎت ذات اﻟﺮؤى ا ُملﻐﺎﱃ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻘﺪرﺗﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺒﻘﺎء ﻋُ ِﺮف ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻨﺎء أﺷﻴﺎء ُ ﺻﻤﱢ ﻤﺖ ﻟﺘﺪوم ﻵﻻف ً ﺑﺎﻗﻴﺔ )وﻟﻜﻦ اﻗﺮأ ﻗﺼﻴﺪ َة ﺷﻴﲇ »أوزﻳﻤﺎﻧﺪﻳﺎس« ،اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻊ اﻟﺴﻨني؛ ﻓﻼ ﺗﺰال اﻷﻫﺮاﻣﺎت ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻄﻤﻮﺣﺎت واﻟﺘﻄ ﱡﻠﻌﺎت ﰲ ﻧﺼﺎﺑﻬﺎ اﻟﺼﺤﻴﺢ(. 116
ﺣﻤﺎﻳﺔ املﺴﺘﻘﺒﻞ
ﻣﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﻫﺬا ﺑﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮار؟ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺮارات اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ذات اﻟﺘﺄﺛري املﺴﺘﻘﺒﲇ ﻟﻬﺎ ﻓﱰ ُة ﺗﺄﺟﻴﻞ ﻗﺼرية ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺠﻌﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻗﺘﻄﺎع اﻷرﺑﺎح املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﺳﻬﻠﺔ ،إﻻ أﻧﻚ َ واﻵﺧﺮ ﻷن ﺗﻀﺎﻫﻲ ﻣﻜﺴﺒًﺎ أو ﺧﺴﺎرة ﻓﻮرﻳﺔ ﺑﴚءٍ ﺑﻌﻴ ٍﺪ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﰲ ﺗﻀﻄﺮ ﺑني اﻟﺤني املﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻟﺪرﺟﺔ أن ﺣﺘﻰ املﺮﻏﺒﺎت املﺄﻟﻮﻓﺔ )أو ﻧ َِﺴﺐ اﻟﺨﺼﻢ( ﺗﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﺗﻔﻘﺪ ﻣﻴﺰﺗﻬﺎ. ً ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺰﻣﺎن واملﻜﺎن؛ ﻓﻔﻲ أﺟﺰاء ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﻴﺚ ﻳﻬﺘﻢ وﺣﺘﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﻔﻜري ﻳُﻌَ ﱡﺪ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻹرث اﻟﻌﺎﺋﲇ ،ﻣﻦ اﻟﺸﺎﺋﻊ أن ﺗﻘﻮم ﺑﺎﺳﺘﺜﻤﺎرات ﺗﺆﺗﻲ ﺛﻤﺎرﻫﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﻀﻌﺔ أﺟﻴﺎل، أو اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻤﻨﺰل ﻋﺎﺋﲇ أو ﻣﺰرﻋﺔ ﻳﻀﻴﻒ إﻟﻴﻬﻤﺎ ﻛ ﱡﻞ ﺟﻴﻞ ﺷﻴﺌًﺎ ﺧﻼل ﻓﱰة اﻣﺘﻼﻛﻬﻤﺎ، وﻫﻨﺎك دول ﻳَﺸﻴﻊ ﻓﻴﻬﺎ وﺟﻮد رﻫﻦ ﻋﻘﺎري ﻣﺪﺗﻪ ﺗﺴﻌني ﻋﺎﻣً ﺎ ﻋﲆ ﻣﻨﺰل؛ وﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜري اﻟﻄﻮﻳﻞ املﺪى ﻗ ﱠﻠﻤَ ﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻫﺬه اﻷﻳﺎم. إﻟﻴﻚ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ وﺻﺎرﺧﺔ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص؛ ﻳَﻌﺮف اﻟﺠﻤﻴﻊ )وﻫﻮ أﻣﺮ ﺻﺤﻴﺢ( أن اﻟﺠﺮﻋﺎت اﻟﻜﺒرية ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ اﻹﺷﻌﺎع ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﺴﺒﱢﺐَ اﻟﴪﻃﺎن ،وأن اﻟﻮﻗﻮد املﺴﺘﻬ َﻠﻚ ﻣﻦ ﻣﺤﻄﺎت اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻮوﻳﺔ ﻣ ُِﺸﻊﱞ ،ﻏري أﻧﻪ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﻀﺠﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺑﻘﺪر ﺷﺒﻪ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﺣﻮل ﻫﺬا املﻮﺿﻮع ،ﻻ ﻳﻮﺟﺪ دﻟﻴﻞ ،أﻳٍّﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ،ﻋﲆ أن اﻟﺘﻌ ﱡﺮض ٍ ﴐر ﻋﲆ اﻹﻃﻼق .ﻟﻌﻞ ﻫﺬا ﻣﻮﻗﻒ ﺷﺎﺋﻊ؛ ﻓﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء ﺿﺌﻴﻞ ﻟﻺﺷﻌﺎع ﻳﺴﺒﱢﺐ أيﱠ ٍ ٍ ُ ُ اﻟﺠﺮﻋﺎت اﻟﻜﺒرية ﻣﻨﻬﺎ ﴐ ًرا ﻻ ﻳﻜﻮن ﻟﻠﺠﺮﻋﺎت اﻟﺼﻐرية ﻣﻨﻬﺎ أي ﴐر؛ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺤِ ﻖ َ ﺑﻌﺾ اﻷﺷﺨﺎص واﻟﺠﺮﻋﺎت اﻟﺰاﺋﺪة ﻣﻦ املﻮاد اﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ اﻟﺤﻤﻴﺪة ﻣﺜﻞ اﻷﺳﱪﻳﻦ ﺗﻘﺘﻞ ﻛﻞ ﻋﺎم .إن ﻋﺪد اﻟﻮﻓﻴﺎت اﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ اﻷﺳﱪﻳﻦ ﰲ ُ ﱠ وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻳُﻌ َﺰى ﺟﺰﺋﻴٍّﺎ إﱃ ﺗﻨﺎﻗﺺ، ﻗﻴﺎم اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﺎﺿﺔ ﻋﻦ اﻷﺳﱪﻳﻦ ﺑﻤﺴﻜﻨﺎت أﺧﺮى ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎﻳﺔ اﻟﺠﻴﺪة ،ﻏري أن اﻟﺠﺮﻋﺎت اﻟﺼﻐرية ﻣﻦ اﻷﺳﱪﻳﻦ ِآﻣ ٌ ﻨﺔ ،ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻣﺜﻞ أي ﻋﻘﺎر َ آﺧﺮ ﺑﺎﻟﺴﻮق .ﺣﺘﻰ املﺎء ﻳﺴﺒﱢﺐ أﴐا ًرا ﺣني ﻳﻜﻮن ﺑﺠﺮﻋﺎت ﻛﺒرية .وﻋﲆ أي ﺣﺎل ،ﻓﻘﺪ ﱠ ﺣﻔ َﺰ ﺧﻄ ُﺮ اﻟﺘﻌ ﱡﺮض ﻟﻺﺷﻌﺎع َ ﻣﻌﻴﺎر؛ إذا ﻟﻢ ﻳﺼﻞ إﻟﻴﻪ اﻟﻮﻗﻮ ُد املﺴﺘﻬﻠﻚ ﻣﻦ ﻣﺤﻄﺎت اﻟﻄﺎﻗﺔ وﻛﺎﻟﺔ ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﺒﻴﺌﺔ ﻟﻮﺿﻊ ٍ اﻟﻨﻮوﻳﺔ ،وﺟَ ﺐَ ﻋﺰﻟﻪ ﻋﻦ املﻼﻣﺴﺔ اﻟﺒﴩﻳﺔ ﻟﻌﴩة آﻻف ﻋﺎم .وﻟﻌﻞ ﻫﺬه واﺣﺪة ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻋﺪ ً ﺣﻤﻘﺎ اﻟﺘﻲ رآﻫﺎ املﺆﻟﻒ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق — ﺗﺨﻴﱠ ْﻞ ﻋﴩة آﻻف اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻟﺼﺎﻋﻘﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﻋﺎم ﻟﺪوﻟﺔ ﺗﺠﺎ َو َز ﻋﻤ ُﺮﻫﺎ املﺎﺋﺘَ ْﻲ ﻋﺎم ﺑﺎﻟﻜﺎد — وﻟﻜﻦ دﻋﻨﺎ ﻧﺘﻌﻤﱠ ﻖ ﰲ اﻷﻣﺮ ﻛﻤﺜﺎل ﻣﻔﺮط ﻟﻠﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﰲ ﺣﻤﺎﻳﺔ املﺴﺘﻘﺒﻞ. ً ﺑﺪاﻳﺔ ،ﻣﺎذا ﺗﺴﺎوي أيﱡ ﺣﻴﺎة ﺑﻌﺪ ﻋﴩة آﻻف ﻋﺎم؟ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮة ﻫﺬه اﻷﻳﺎم ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪو ﻋﻨﺪ ﺣﻮاﱄ ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر ﻛﻘﻴﻤﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎة؛ ﻓﺘﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﱢرﻫﺎ ﻫﻴﺌﺎت اﻟﺘﺤﻜﻴﻢ ﰲ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﻘﺘﻞ اﻟﺨﻄﺄ ،وﻫﻲ ً أﻳﻀﺎ اﻟﺨﻂ اﻟﺨﻔﻲ اﻟﺬي ﻳﻔﺼﻞ ﺗﺤ ﱡﺮ َك 117
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﻦ ﺗﺮاﺧﻴﻬﺎ ﺣﻴﺎل املﺨﺎﻃﺮ ا ُملﺪ َرﻛﺔ )ﻋﺪا ﰲ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻣﺜﻞ ﻋﻤﱠ ﺎل ﻣﻨﺎﺟﻢ اﻟﻔﺤﻢ وروﱠاد اﻟﻔﻀﺎء ،اﻟﺬﻳﻦ ﻧﻨﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ أﻛﺜﺮ ﺑﻜﺜري ﻟﻜﻞ ﺣﻴﺎة ﻳﺘﻢ إﻧﻘﺎذﻫﺎ( .ﻟﺬا دﻋﻨﺎ ﻧﺴﺘﺨﺪم ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻟﻠﺤﻴﺎة ،وﻧﻔﱰض أن املﺎدة املﺪﻓﻮﻧﺔ ﻗﺪ اﻧﺒﻌﺜ َ ْﺖ ﰲ اﻟﺒﻴﺌﺔ ﺑﻌﺪ ﻋﴩة آﻻف ﻋﺎم؛ ﺑﺤﻠﻮل ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ ﺳﺘﻜﻮن ﻗﺪ ﺗﺤ ﱠﻠ َﻠ ْﺖ ،وﺻﺎرت ﺑﺎﻟﻜﺎد ﻣ ُِﺸﻌﱠ ًﺔ؛ أي أﻗﻞ إﺷﻌﺎﻋً ﺎ ﺻﻨِﻌﺖ ﻣﻨﻬﺎ ،وﻟﻜﻨﻨﺎ ﺳﻨﺘﺠﺎﻫﻞ ذﻟﻚ ً ري ﻣﻦ املﺎدة اﻷﺻﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ُ أﻳﻀﺎ؛ ﻓﻔﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ، ﺑﻜﺜ ٍ ﻻ ﻳﺒﺪو أن وﻛﺎﻟﺔ ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﺒﻴﺌﺔ ﺗَﻌْ ﺒﺄ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ ،وﻻ ﺑﺪ أن ﻧﻔﱰض أن اﻷﺷﺨﺎص املﺘﻮاﺟﺪﻳﻦ ﺣﻴﻨﺬاك ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﻟﺪﻳﻬﻢ دراﻳﺔ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ املﻮاد ِ املﺸﻌﱠ ﺔ، ً ﺑﻼﻫﺔ ﻣﻨﱠﺎ؛ ﻟﺬا ﺳﻮف ﻧﻔﱰض أﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﻋﴩة آﻻف ﻋﺎم ،ﺳﻮف ﻳﻘﺘﻞ وأﻧﻬﻢ ﺳﻴﻜﻮﻧﻮن أﻛﺜﺮ اﻟﻮﻗﻮد املﻨﺒﻌِ ﺚ ﻋﴩ َة آﻻف ﺷﺨﺺ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺆ ﱠﻛﺪ ،ﺑﺘﻜﻠﻔﺔ ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر )ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ( ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﻢ .ﺗﻠﻚ ﻛﺎرﺛﺔ ﺗﺴﺎوي ﻋﴩة ﻣﻠﻴﺎرات دوﻻر ،ﺳﺘﻘﻊ ﺑﻌﺪ ﻋﴩة آﻻف ﻋﺎم ،ﺳﻨﺮﻏﺐ )ﻟﻨﻀﻊ اﻷﻣ َﺮ ﰲ ﻧﺼﺎﺑﻪ اﻟﺼﺤﻴﺢ ،ﻳﺠﺐ أن ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻮاﺟﻬﺘﻬﺎ ﰲ ﴍاء وﺛﺎﺋﻖ ﺗﺄﻣﻴﻨﻴﺔ. ِ ري ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﻨﻔﻘﻪ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن اﻵن ﻛ ﱠﻞ ﻋﺎم ﻟﴩاء اﻟﻜﻮﻛﺎﻳني ،وأﻗ ﱡﻞ ﻧﺬﻛﺮ أن ﻫﺬا املﺒﻠﻎ أﻗ ﱡﻞ ﺑﻜﺜ ٍ ﱠ املﺘﻮﻗﻌﺔ ملﺤﻄﺔ اﻟﻔﻀﺎء(. ري ﻣﻦ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ ﺑﻜﺜ ٍ وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﺮﻳﺪ اﻟﺘﺄﻣني ،واملﺴﺄﻟﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة املﺘﺒﻘﻴﺔ ﻫﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻗﻴﻤﺔ اﻷﻗﺴﺎط ً وﻓﻘﺎ ﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﺘﺄﻣﻴﻨﻴﺔ املﺄﻟﻮﻓﺔ؛ أي ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ اﻷﻣﻮال املﺴﺘﺜﻤَ ﺮة ﺗﺠﻠﺐ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﰲ اﻟﻮﻗﺖ املﻨﺎﺳﺐ .ﺳﻮف ﻧﺴﺘﺜﻤﺮ اﻷﻣﻮال ﺑﻔﺎﺋﺪة ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ٤ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،وﻫﻮ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻣﺘﺤﻔﻆ َ آﺧﺮ. ﻳﺘﺒني ﻟﻨﺎ أن اﻷﻗﺴﺎط ﺗﻘﻞ ﻛﺜريًا ﻋﻦ واﺣﺪ ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻟﻠﻌﺎم اﻟﻮاﺣﺪ ﻟﺪرﺟﺔ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺣﺴﺎﺑﻬﺎ .إن أول ﺳﻨﺖ أﺣﻤﺮ ﻧﺪﻓﻌﻪ ﰲ اﻷﻗﺴﺎط وﻗﺘﻤﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺪاﻓﻊ ﻧﺤﻮ ذﻟﻚ ،ﺳﻮف ﻳﺠﻠﺐ املﺒﻠﻎ املﻄﻠﻮب — وﻗﻴﻤﺘﻪ ١٠ﻣﻠﻴﺎرات دوﻻر — ﰲ ﻏﻀﻮن ﺳﺒﻌﻤﺎﺋﺔ ﻋﺎم ﻻ أﻛﺜﺮ، ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ اﻻﺣﺘﻔﺎ َ ٍ ظ ﺑﺎﻟﺼﻨﺪوق دون أي ﻓﻮاﺋﺪ، دون أي أﻗﺴﺎط إﺿﺎﻓﻴﺔ ،وﺑﻌﺪﻫﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﺴﻌﺔ آﻻف ﻋﺎم .واﻟﻮاﻗﻊ أﻧﻪ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻟﺠﻌﻞ املﺒﻠﻎ »أﻗﻞ« ﻣﻦ ١٠ﻣﻠﻴﺎرات دوﻻر ،إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻤﻘﺪورﻧﺎ اﺳﺘﺜﻤﺎر أﻗﻞ ﻣﻦ ﺳﻨﺖ ،ﻣﺎ ﻟﻢ ُ ﻧﻘﻢ ﺑﺘﺄﺟﻴﻞ اﻟﻘﺴﻂ اﻷول ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﺴﻌﺔ آﻻف ﻋﺎم؛ إﻧﻪ ﴐب ﻣﻦ اﻟﺴﺨﻒ املﺤﺾ ٍّ ﺣﻘﺎ أن ﻧﻔ ﱢﻜﺮ ﰲ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ملﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻔﱰات اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ،وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﻗﺎﻋﺪة ﺣﻤﻘﺎء؛ إن وﻛﺎﻟﺔ ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﺒﻴﺌﺔ ﻻ ﺗﺠﻴﺪ اﻟﺤﺴﺎب. ً ً ﱢ وﻟﻜﻦ اﻹﺟﺮاء اﻷﻣﺜﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻔﱰات اﻷﻛﺜﺮ ﻣﻌﻘﻮﻟﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ أﻫﻤﻴﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ )ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ( ،ﻫﻮ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻤﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﻪ ﴍﻛﺎت اﻟﺘﺄﻣني؛ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻔﱰض أن املﻮارد اﻟﺘﻲ ﺗُ َ ﻨﻔﻖ اﻵن ﻳﺠﺮي اﺳﺘﺜﻤﺎرﻫﺎ ،وأن املﻜﺎﺳﺐ واﻟﺨﺴﺎﺋﺮ 118
ﺣﻤﺎﻳﺔ املﺴﺘﻘﺒﻞ
ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ ﻳﺘﻢ ﺧﺼﻤﻬﺎ ،ﻋﻠﻤً ﺎ ﺑﺄن ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﺗﺘﺤﺪﱠد ﺑﺤﺴﺐ اﻟﻈﺮوف .ﻓﺈذا ﺗﺪﻫﻮرت أيﱞ ﻣﻦ اﻷﺻﻨﺎف أو اﻷﺷﻴﺎء املﺸﻤﻮﻟﺔ ً أﻳﻀﺎ ﻣﻊ اﻟﻮﻗﺖ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ وﺿﻊ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ املﺘﺪﻧﻴﺔ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ ﰲ اﻟﺤﺴﺒﺎن؛ »ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ« ﺧﺼﻢ اﻟﻌﻮاﺋﺪ املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ .إن ﺗﺪﻧﱢﻲ اﻟﻘﻴﻤﺔ واﻟﺨﺼﻢ ﻣﻔﻬﻮﻣﺎن ﻣﻨﻔﺼﻼن ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻢ اﻟﺨﻠﻂ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ. إذن ﻓﺎﻟﺘﺄﺛري اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻠﺘﺄﺟﻴﻞ ﻋﲆ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ﻳﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ وﺟﻮب ﺧﺼﻢ اﻷﺣﺪاث املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ؛ إذ ﻳﺠﺐ ﺧﺼﻢ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻔﻮاﺋﺪ واﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ،اﻟﺠﻴﺪة واﻟﺴﻴﺌﺔ ،ﺑﺤﺴﺐ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ .ﻓﺈذا ﻗﺎل ﻟﻚ أﺣﺪﻫﻢ إﻧﻪ ﺳﻴﻤﻨﺤﻚ ١٠٠٠دوﻻر ﺑﻌﺪ ﻋﴩﻳﻦ ﻋﺎﻣً ﺎ ،ﻓﻼ ﺗﻔ ﱢﻜﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ١٠٠٠دوﻻر؛ ﻓﻘﻴﻤﺘﻬﺎ اﻟﻴﻮم ،ﺑﻌﺪ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺧﺼ ٍﻢ ﻗﻴﻤﺘﻪ ٦ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،ﺗﺴﺎوي ﺣﻮاﱄ ٣٠٠دوﻻر .أﺣﺪ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺠﻮاﺋﺰ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺪﻋﺎﻳﺔ واﺳﻌﺔ ﺗَﻌِ ﺪ ﺑﺠﻮاﺋﺰ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر ،وﻟﻜﻦ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ املﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﺨﻂ ﺻﻐري ﺗﻘﻮل إﻧﻬﺎ ٥٠أﻟﻒ دوﻻر ﰲ اﻟﻌﺎم ملﺪة ﻋﴩﻳﻦ ﻋﺎﻣً ﺎ ،وﻫﺬا ﻻ ﻳﺴﺎوي ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر؛ ﻓﻌﻨﺪ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺧﺼ ٍﻢ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٦ﺑﺎملﺎﺋﺔ، ﺗﺼﺒﺢ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﺣﻮاﱄ ٦٠٠أﻟﻒ دوﻻر .ﻻ ﺷﻚ أﻧﻬﺎ ﺟﺎﺋﺰة ﻻ ﺑﺄس ﺑﻬﺎ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ املﻠﻴﻮن املﺰﻋﻮﻣﺔ .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻳﻌﻠﻢ املﻌﻠﻨﻮن ذﻟﻚ ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﺘﻐﺎﺿﻮن ﻋﻦ ذﻟﻚ.
119
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﴩ
اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻘﺮارات ﱠ ﺣني ﻳﻨﻈﻢ اﻷﺷﺨﺎص أﻧﻔﺴﻬﻢ )أو ﻳﺠﺮي ﺗﻨﻈﻴﻤﻬﻢ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ( ﰲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ،أو ﻧﻮادٍ ،أو ﻟﺠﺎن ،أو أﺣﺰاب ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ،أو دول — ﻛﺒري ًة ﻛﺎﻧﺖ أم ﺻﻐري ًة — ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ ً ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ املﺠﻤﻮﻋﺔ .ﻳﻨﺒﻐﻲ ،ﻣﻦ ﺣﻴﺚ املﺒﺪأ ،أن ﻳﻜﻮن اﻟﺴﺆال ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات اﻟﻬﺪف ﻫﻮ أن ﻳﺨﺪم اﻟﻘﺮار ﻣﺼﺎﻟﺢ املﻌﻨﻴني ﺑﻪ ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬا املﺒﺪأ ﻳﺤﻈﻰ ﺑﺎﻟﺘﺄﻳﻴﺪ اﻟﻠﻔﻈﻲ اﻟﻜﺎذب أﻛﺜﺮ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺤﻈﻰ ﺑﺎﻻﻫﺘﻤﺎم اﻟﻔﻌﲇ؛ ﻓﻌﺎد ًة ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺗﻠﻚ املﺼﺎﻟﺢ أﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻋﻦ اﻟﻮﺿﻮح؛ ﻓﻬﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ ﻇﺮوف ﺧﺎرﺟﻴﺔ؛ ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻈﺮوف ﻗﺎﺳﻴﺔ أم ﺟﻴﺪة ،ﺑﻤﻌﺰل ﻋﻦ اﻟﻨﺎس أم اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺗﻜﺘﻨﻔﻬﺎ اﻟﺼﺪاﻗﺎت أم اﻟﻌﺪاوات ،ﻣﺘﺠﺎﻧﺴﺔ أم ﻣﺘﻐﺎﻳﺮة … إﻟﺦ .وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻧﺘﻌﻠﻤﻪ ﰲ املﺪارس ﻋﻦ ﺗﻔﻮﱡق »اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ«، ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺷﻜﻞ »أﻣﺜﻞ« ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﻳﻨﺎﺳﺐ ﻛﻞ اﻷزﻣﻨﺔ واﻷﻣﺎﻛﻦ ،وﻣﻦ اﻟﻐﺮور اﻟﺒﺤﺖ أن ﻧﻌﺘﻘﺪ أن اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺳﻮف ﻳﻜﻮﻧﻮن دوﻣً ﺎ أﻓﻀﻞ ً ﺣﺎﻻ إذا ﻓﻌﻠﻮا ﻣﺎ ﻧﻔﻌﻠﻪ ﻧﺤﻦ .ﻣﻮﺿﻮع ً أﺷﻜﺎﻻ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻫﻮ أن ﺑﻨﻴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات اﻟﻌﺎﻣﺔ )اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ( ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﺨﺬ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،اﻋﺘﻤﺎدًا ﻋﲆ اﻟﺪور اﻟﺬي ﻳ ﱠ ُﺘﻮﻗﻊ ﻣﻨﻬﺎ أن ﺗﺤﻘﻘﻪ؛ وأن اﻟﻘﺮارات ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل داﺋﻤً ﺎ ،ﺳﺘﺆﺗﻲ ﺛﻤﺎرﻫﺎ ﰲ اﻷﻏﻠﺐ إذا اﺗﱡﺨﺬت »ﺑﻌﺪَ« أن ﻳُﺤﺪﱠد اﻟﻬﺪف ﻣﻨﻬﺎ ،وﻟﻴﺲ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ. ﰲ أﺣﻴﺎن ﻛﺜرية ،ﻻ ﻳﻜﻮن ﻟﻠﻤﺤﻜﻮﻣني رأي ﰲ »اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ« اﻟﺘﻲ ﻳُﺤ َﻜﻤﻮن ﺑﻬﺎ ،وﺗﻜﻮن ُ ً ٍ ﻣﻤﻠﻮﻛﺔ ملﺠﻤﻮﻋﺔ ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ﻣﻦ اﻷﻓﺮاد ،أو ﺣﺰب ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺳﻠﻄﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار داﺧﻞ أي ﺳﻴﺎﳼ ،أو ﺟﻴﺶ ،دون أن ﻳﻜﻤﻦ ﺳﺒﺐ وراء ذﻟﻚ ﺳﻮى ﻣﺠﺮد اﻟﺮﻏﺒﺔ ﰲ اﻻﺳﺘﺌﺜﺎر ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ) .ﺗﻠﻚ اﻟﺮﻏﺒﺔ اﻟﻀﺎرﺑﺔ ﺑﺠﺬورﻫﺎ ﰲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺒﴩﻳﺔ ﻟﻬﺎ ﺗﺎرﻳﺦ ﻃﻮﻳﻞ ،وﻟﻦ ﺗُﻤﺤَ ﻰ ﺑﺸﻜﻞ ﺳﺤﺮي ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻮﻋﻆ واﻟﻨﺼﺢ (.وﺑﻤﺠﺮد أن ﺗﺼﺒﺢ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﰲ اﻟﻴﺪ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﱪﻳﺮ ﻫﺬا اﻻﺳﺘﻴﻼء ﺑﺄﺛﺮ رﺟﻌﻲ؛ ﻓﻌﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﻌﻴﺪ املﻨﺘﴫون ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ. ﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﻣﻮﺿﻮﻋﻨﺎ ﻫﻨﺎ؛ ﺑﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﺮﻳﺪه ﻫﻮ اﻟﺴﺆال ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ ارﺗﺒﺎط ﺗﻮزﻳﻊ ﺳﻠﻄﺔ
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
َ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار َ َ ﺷﺌﺖ( ﺑﻤﺸﻜﻼت املﺠﺘﻤﻊ ،اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ واملﺘﺼﻮﱠرة ﻋﲆ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ إن )ﻓ ْﻠﺘُﺴﻤﱢ ﻬﺎ ﺣﺪ ﺳﻮاء. ً ﻫﺪﻓﺎ إﻧﻬﺎ َﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﺪﻳﻬﻴﺔ أن ﺟﻤﻴﻊ املﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺨﺬ ﻣﻦ اﻟﺒﻘﺎء ﻮل اﻫﺘﻤﺎﻣً ﺎ ﻛﺎﻓﻴًﺎ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺤﺎﺟﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ ﺟﻮﻫﺮﻳٍّﺎ — وﺗﻠﻚ املﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗُ ِ ﻟﻬﺎ وﺟﻮد — ﻟﻜﻦ املﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ واﻟﻐﻨﻴﺔ ﻟﺪﻳﻬﺎ دواﻓﻊ أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪًا ﺗﻀﺎف إﱃ ﻫﺬا اﻟﺪاﻓﻊ ،وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳُﻌﻤﻴﻬﺎ ذﻟﻚ ﻋﻦ رؤﻳﺔ ﻣﺪى ﺿﻌﻔﻬﺎ .ﺗﺨﺘﻠﻒ اﻟﻬﻴﺎﻛﻞ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ داﺧﻞ اﻟﴩﻛﺎت ﻋﻨﻬﺎ ﰲ اﻟﻌﺎﺋﻼت ،وﺗﺨﺘﻠﻒ اﻟﻬﻴﺎﻛﻞ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﻟﻠﻌﺎﺋﻼت ﻋﻦ اﻟﺪول ،واﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻋﻦ اﻟﺪول ،واﻟﻠﺠﺎن ﻋﻦ املﺠﺎﻟﺲ اﻟﻨﻴﺎﺑﻴﺔ .وﰲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺤﺎﻻت ،ﻳﺘﻄﻮﱠر اﻟﱰﺗﻴﺐ ﻋﲆ ﻣﺮ اﻟﺴﻨﻮات أو اﻟﻘﺮون ﻣﻊ ﺗﺬﺑﺬب اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑني اﻟﺘﺰاﻳﺪ واﻻﻧﺤﺴﺎر ،دون اﻟﺘﻔﻜري ﰲ أي ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻛﺎﻣﻨﺔ أو ﻣﻨﻄﻖ ﻣﻌﺮوف وراء ﻫﺬا اﻟﱰﺗﻴﺐ؛ ﻫﻨﺎك ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ اﺳﺘﺜﻨﺎءات ﻟﻬﺬه املﺒﺎﻟﻐﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺎت أﻓﻼﻃﻮن ،وأرﺳﻄﻮ ،وﺗﻮﻣﺎس ﻫﻮﺑﺰ ،وﺟﺎن ﺟﺎك روﺳﻮ ،وﺟﻮن ﻟﻮك، وﻣﻮﻧﺘﺴﻜﻴﻮ ،وﺗﻮم ﺑني ،إﻻ أن ﻫﺆﻻء ﻟﻴﺴﻮا ﺳﻮى ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ ﺻﻐرية ﻣﻘﺎ َر ً ﻧﺔ ﺑﻨﻬﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ُ ُ ﺳﺄﻟﺖ ﻋﺪدًا ﴍﻋﺖ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ، اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﻌﺎﺗﻲ .ﺣﺘﻰ ﰲ وﻗﺘﻨﺎ اﻟﺤﺎﱄ ،ﺣني ﻣﻦ اﻷﺻﺪﻗﺎء — ُ ﺑﻌﻀﻬﻢ أﺳﺎﺗﺬة ﺑﺎرزون ﰲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ — إن ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك أي ﻛﺘﺐ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﺟﻴﺪة ﻋﻦ اﻟﺤﻜﻢ ا ُملﻘﺎ َرن ،ﺗﻘﺎرن )ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺠﻮﻫﺮ ﻻ اﻟﺸﻌﺎرات( ﺑني اﻟﻄﺮق وﺗﺒني ﱄ ﱠ أن ﻫﻨﺎك اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻜﺘﺐ ،ﻫﺬا ْ ﱠَ إن املﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ أي ﻣﺠﺘﻤﻊ؛ و ُِﺟﺪ ،وذﻟﻚ ﻷﺳﺒﺎب ﻳﺴﻬﻞ ﺗﺨﻤﻴﻨﻬﺎ) .ﻗﺎل ﻓﺮﻳﺪ ﺑﺮوﻛﺲ ،ﻋﺎﻟِﻢ اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ اﻟﺒﺎرز ،إن أي ﻣﺠﺎل ﻳﺤﺘﺎج ﻹﺿﺎﻓﺔ ﻛﻠﻤﺔ »ﻋِ ْﻠﻢ« إﱃ اﺳﻤﻪ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻤً ﺎ ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ (.ﻫﻨﺎك ﻣﺌﺎت اﻟﻜﺘﺐ ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺤﺴني ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ،وﻛﺘﺐٌ أﻛﺜﺮ ﻋﻦ ﻋﻴﻮﺑﻬﺎ ،ﻟﻜﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻜﺘﺐ ﻣﻮﺟﱠ ﻬﺔ ملﺸﻜﻼت آﻧﻴﱠﺔ ،ﻻ ملﺒﺎدئ ﻋﺎﻣﺔ .وﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ً آﻧﻔﺎ ،ﻻ ﺗﻈﻬﺮ ﻛﻠﻤﺔ »اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ« ﰲ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ أو ﰲ إﻋﻼن اﻻﺳﺘﻘﻼل اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ. إن اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻠﺤﻜﻢ ،اﻟﺬي ﻳﻌﻮد إﱃ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،ﻳﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ وﺟﻮد ﻗﺎﺋﺪ أو ﻣﻠﻚ أو زﻋﻴﻢ ﻳﺘﻢ اﺧﺘﻴﺎره ﺑﻤﻮﺟﺐ أيﱟ ﻣﻦ املﻌﺎﻳري اﻟﻌﺪﻳﺪة )اﻟﺤﺠﻢ ،اﻟﻘﻮة ،اﻟﺴﻦ، اﻟﴩاﺳﺔ ،ﺣﻖ املﻮﻟﺪ ،اﻟﻔﺤﻮﻟﺔ اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ،رﺳﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻵﻟﻬﺔ ،أو أيﱢ ﳾء ﻳﺘﻄﻠﺒﻪ اﻷﻣﺮ ﻟﺘﱪﻳﺮ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻋﲆ اﻵﺧﺮﻳﻦ( ،وﻳُﻤﻨَﺢ ﻣﺴﺘﻮًى ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻄﺔ )أو ﻳﺴﺘﺤﻮذ ﻋﻠﻴﻪ( ﻻﺗﺨﺎذ ً ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ املﺠﻤﻮﻋﺔ .ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻮذج واﺳﻊ اﻻﻧﺘﺸﺎر — وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﻋﺎﻣٍّ ﺎ — ﰲ اﻟﻘﺮارات ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ؛ ﻓﺘﻤﻴﻞ ﺟﻤﺎﻋﺎت ﻣﻦ اﻟﻜﻼب ﻻﺗﱢﺒﺎع ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻮذج ،وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ اﻟﻘﻄﻂ .وﻗﺪ رأى ﻫﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ ذات ﻣﺮة ﻗﻄﻴﻌً ﺎ ﻣﻦ اﻟﻈﺒﺎء اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،ﻳﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ 122
اﻟﻘﺮارات اﻟﻌﺎﻣﱠ ﺔ
ذﻛﺮ واﺣﺪ ﻣﺴﻴﻄﺮ ﻳﻘﻮد ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻪ املﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﺑﻀﻌﺔ ﻋﴩات ﻣﻦ اﻹﻧﺎث ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻄﻮﱢق َ املﺠﻤﻮﻋﺔ ﻗﻄﻴ ٌﻊ ﻣﻦ اﻟﺬﻛﻮر املﺴﺘﻌﺒﺪﻳﻦ املﺠﺮدﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻮق ،رﺑﻤﺎ ﰲ اﻧﺘﻈﺎر أن ﻳﺼﻴﺒﻪ اﻟﺘﻌﺐ .ﻻ ﺑﺪ أن أﺣﺪﻫﻢ ﻳﻌﻠﻢ ملﺎذا ﻃﻮﱠرت اﻟﻈﺒﺎء اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻂ ﻟﻠﺒﻘﺎء ،وﻟﻜﻦ ً ﺑﺪاﻫﺔ .وﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ اﻟﺒﴩ ﻋﻦ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت اﻷﺧﺮى ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻧﺄﻣﻞ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﺒﺐ ﻟﻴﺲ واﺿﺤً ﺎ اﻷﺣﻴﺎن؛ ذات ﻣﺮة ،ﰲ رﺣﻠﺔ إﱃ ﻓﺮﻧﺴﺎ ،ﻛﺎن أﺣﺪ املﺮﺷﺪﻳﻦ ﻳﻘﻮد ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ ﺟﻮﻟﺔ ﺣﻮل ﻣﺘﺤﻒ ﻳﺤﻮي ﺗﺬﻛﺎرات وﻣﻘﺘﻨﻴﺎت ﺷﺎرملﺎن ،وﺗﺴﺎءَ َل أﺣﺪ أﻓﺮاد املﺠﻤﻮﻋﺔ ﺑﱪاءة ﻋﻦ ﻋﺪد أﺑﻨﺎء ﺷﺎرملﺎن .ﻛﺎﻧﺖ اﻹﺟﺎﺑﺔ أن ﻋﺪدﻫﻢ ﻏري ﻣﻌﺮوف أو ﻏري ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ؛ إذ إﻧﻪ أﻋﻄﻰ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﱠ ﺣﻖ ﻣﻀﺎﺟﻌﺔ زوﺟﺎت اﻟﻨﺒﻼء واﻷﻣﺮاء ﰲ اﻟﻠﻴﻠﺔ اﻷوﱃ ﻟﻠﺰواج .وﺳﻮاء أﻛﺎن ﻫﺬا ﺣﻘﻴﻘﻴٍّﺎ أم ﻻ ،ﻓﻘﺪ اﺳﺘﺪﻋﺖ اﻟﻘﺼﺔ ﻟﻸذﻫﺎن اﻟﻈﺒﺎء اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ. َ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻴﻮد ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻀﻊ ﺻﻮر ُة اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ ﻧﻤﻮذج اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻋﲆ اﻟﻘﺎﺋﺪ؛ ﻓﺎﻟﻘﺎدة ﻳﻤﻴﻠﻮن ﻟﻠﺘﻘ ﱡﻠﺐ ،وﻻ ﺑﺪ أن ﻳﻈﻞ ﺗﺮﻛﻴﺰﻫﻢ ﻣﻨﺼﺒٍّﺎ ﻋﲆ اﻟﻘﺘﺎل ﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﻘﺎء املﺠﻤﻮﻋﺔ ﺿﺪ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ اﻷﻋﺪاء اﻟﻄﺒﻴﻌﻴني وﻏري اﻟﻄﺒﻴﻌﻴني .وﺣﻘﺎﺋﻖ اﻟﺘﻄﻮر ،ﻋﲆ أيﱢ ﺣﺎل ،ﺗﺴﺘﺤﻴﻞ ﻣﻘﺎوﻣﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ املﺠﺘﻤﻌﺎت ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﺴﺘﺤﻴﻞ ﻣﻘﺎوﻣﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻷﻓﺮاد .إن اﻟﺒﻘﺎء ﻟﻸﺻﻠﺢ ﺗﻌﺮﻳﻒ وﻟﻴﺲ ﻧﻈﺮﻳﺔ .ﺣﺘﻰ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺜﻮرة ،ﺑﻜﻞ ﻫﻮاﺟﺴﻬﺎ ﺑﺸﺄن اﻻﺳﺘﺒﺪاد واﻟﻄﻐﻴﺎن ،وَﺟﺪ اﻵﺑﺎء املﺆﺳﺴﻮن أن ﻣﻦ املﻼﺋﻢ أن ﻳﺠﻌﻠﻮا ي اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻌﺴﻜﺮي اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻗﺎﺋﺪًا ﻋﺎﻣٍّ ﺎ ﻟﻠﻘﻮات املﺴﻠﺤﺔ )إﻧﻪ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﻗﺪﻳﻢ أن ﻳُﻤﻨَﺢ املﻠﻚ دو َر ِ واﻟﺴﻴﺎﳼ( .ﻓﺜﻤﺔ ﻣﺠﺎل ﻣﺤﺪود ﻟﻼﺳﱰﺳﺎل ﰲ املﻨﺎﻗﺸﺎت إذا ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻣﺎ ﻳﻬﺪﱢد وﺟﻮد اﻟﺪوﻟﺔ ،ووﺟﻮ ُد ﻗﻴﺎدة ﰲ أزﻣﺔ — ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺧﺮﻗﺎء )ﰲ ﺣﺪود املﻌﻘﻮل( — ﺧري ﻣﻦ ﻋﺪم املﻔﱰ َس أﻛﺜﺮ وﺟﻮد ﻗﻴﺎدة ﻣﻦ اﻷﺳﺎس .وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻼدﻧﺎ ،ﻣﻦ واﻗﻊ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ، ِ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻀﺤﻴﺔ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻘﺎرة؛ ﻟﺬا ﻟﻢ ﻧ ُ َ ﺮﻏﻢ ﻋﲆ اﻟﺘﻔﻜري ﺑﺸﺄن اﻟﺒﻘﺎء ﻣﻨﺬ ﺣﺮب ﻋﺎم ١٨١٢؛ وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﺤ ﱡﺰب ،ﻻ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺒﻘﺎء .وملﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أيﱞ ﻣﻦ اﻟﺤﺮوب اﻟﺘﻲ اﻧﺪﻟﻌﺖ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ١٨١٢ﻗﺪ ﺷ ﱠﻜﻞ ﺗﻬﺪﻳﺪًا ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﻟﺒﻘﺎﺋﻨﺎ ،ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺤﻨﺎ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻼﻣﺒﺎﻻة واﻟﺘﻘﺎﻋﺲ ،وﻳﻮﻣً ﺎ ﻣﺎ ﺳﻨﺪﻓﻊ اﻟﺜﻤﻦ؛ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﻗﻴﺎدي ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﺬﻛﺮ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷزﻣﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻀ ﱢﻠﻠﻨﺎ وﺗﺮﺑﻜﻨﺎ اﻵن؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻓﻬﻲ ﻣﺴﺘﻤﺮة ٌ ﻣﺤﺒﻄﺔ ﻣَ ﻦ ﻫﻢ داﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ وﺧﺎرﺟﻬﺎ ﻋﲆ ﺣﺪ ﺳﻮاء .وﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮًى ﻋﺎملﻲ، ﰲ اﻟﺘﻔﺎﻗﻢ، ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺗﻬﺪﻳﺪ ﻟﻠﺒﻘﺎء اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ أﻛﱪ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺬي ﺗﺸ ﱢﻜﻠﻪ اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ — ً وإن ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﺒﺪو ﻗﺮار ﺟﻤﺎﻋﻲ ﻏريُ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺎ — وﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ أن ﻋﻤﻠﻴﺔ اﺗﺨﺎذ ٍ ﻧﻮع ﻣﺎ ﻫﻮ أﻣﺮ ﻻ ﻣﻨﺎص ﻣﻨﻪ، ذات ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﰲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻏري أن وﺟﻮد »ﺣﻞ« ﻣﻦ ٍ 123
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
وﻣﻦ املﺆﻛﺪ أﻧﻪ ﺳﻴﻜﻮن ﺻﻌﺒًﺎ؛ واﻟﻘﻮل ﺑﻌﺪم وﺟﻮد ﻗﻴﺎدة ﻋﺎملﻴﺔ واﺿﺤﺔ ﰲ ﻫﺬه املﺴﺄﻟﺔ اﻟﺒﺎرزة ﻫﻮ اﺳﺘﻬﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ .واملﺘﻔﺎﺋﻠﻮن ﺑﺸﺄن املﺸﻜﻠﺔ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ﻻ ﻳﻘﻴﺴﻮن اﻟﺘﻘﺪم ﻣﻦ واﻗﻊ ﺣﺪوث اﻧﺨﻔﺎض ﰲ ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن ،أو ﺣﺘﻰ اﻧﺨﻔﺎض ﰲ ﻣﻌﺪل اﻟﺰﻳﺎدة ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ واﻗﻊ ﺣﺪوث اﻧﺨﻔﺎض ﰲ ﻣﻌﺪل زﻳﺎدة ﻣﻌﺪل اﻟﺰﻳﺎدة. ٍ ﻟﺪرﺟﺔ ﺗﻤ ﱢﻜﻨﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﺎﻣﻲ ﻋﲆ اﻟﴫاع اﻟﺒﺴﻴﻂ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣني ﻳﺘﻄﻮر ﻣﺠﺘﻤ ٌﻊ ﻣﺎ اﻟﺒﻘﺎء )أو ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﻗﺪ ﺗﺠﺎوزه( ،ﺗﻜﺘﺴﺐ ﻗِ ﻴَ ٌﻢ أﺧﺮى ﺗﺴﺎﻫﻢ ﰲ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ .ﻟﻘﺪ ﺟﻠﺐ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﴩ ﻷوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻓﻜﺮ َة اﻟﺤﻘﻮق اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻛﻤﺒﺪأ اﺳﱰﺷﺎدي ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ،وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻤﺔ »ﺣﻘﻮق« ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻄﺎﻃﺔ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ. َ اﻟﺮؤﻳﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ )وﻏري اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ املﺬﻛﻮرﻳﻦ أﻋﻼه وﺗﺤﻮي أﻋﻤﺎ ُل ٍ ﻟﻠﺘﺤﺪﱢي ﰲ رأي ﻫﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ( ،اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄن ﺟﻮﻫﺮ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﴩﻋﻴﺔ ﻫﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻣﻘﺎﻳﻀﺔ ﻳﻤﺎرﺳﻬﺎ اﻷﻓﺮاد ،ﻧﺘﻨﺎزل ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﺟﺰءٍ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺳﻴﺎدﺗﻨﺎ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻣﻨﺎﻓﻊ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﱠ ﻣﻨﺴﻘﺔ ﻟﻠﻤﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ ﻣﺠﺘﻤﻌً ﺎ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ )وﻳُﺴﻤﱠ ﻰ ﻫﺬا ﺑﺮؤﻳﺔ اﻟﻌﻘﺪ ﱢ اﻟﺘﺨﲇ ﻋﻦ »ﺣﻘﻚ« ﰲ ﺳﻠﺐ ﺣﻈرية ﺟﺎرك ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن ذﻟﻚ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ،وﻫﻮ ﻳﺸﻤﻞ ﻣﻼﺋﻤً ﺎ( .وﻛﺎن اﻟﺴﻴﺪ اﻹﻗﻄﺎﻋﻲ ﻳﻔﺮض ﴐاﺋﺐ وﻳﺠﱪ اﻟﻨﺎس ﻋﲆ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻣﺸﱰﻛﺔ ﺿﺪ اﻟﻀﻮاري )ﺗﺬ ﱠﻛ ْﺮ ﻫﺬا ﺣني ﻧﺼﻞ إﱃ ﻗﺎﻧﻮن ﻻﻧﻜﺴﱰ ﺑﻌﺪ ﻓﺼﻠني ﻣﻦ اﻵن( .وﻳﺬﻛﺮ دﺳﺘﻮرﻧﺎ ﺑني أﻫﺪاﻓﻪ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺿﻤﺎن اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﺪاﺧﲇ وﺗﻮﻓري ﺳﺒﻞ اﻟﺪﻓﺎع املﺸﱰك؛ وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﺎ دﻓﻊ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻟﻠﺘﺨﲇ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﺳﻴﺎدﺗﻬﺎ؛ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻗﺪ أﻧﻬَ ْﺖ ﻟﻠﺘ ﱢﻮ اﻟﻘﺘﺎ َل ﻣﻊ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴني ،وﻛﺎن واﺿﺤً ﺎ أﻧﻪ ﻣﺎ ﻣﻦ وﻻﻳﺔ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﺎ اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻤﻔﺮدﻫﺎ. وﻟﻜﻦ ﻣﻦ أﻳﻦ ﺟﺎءت ﺣﻘﻮﻗﻨﺎ اﻟﻔﺮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻌﺘ ﱡﺰ ﺑﻬﺎ إذن؟ ﻳﻨﺺ إﻋﻼن اﻻﺳﺘﻘﻼل ﻋﲆ أن ﺣﻘﻮﻗﻨﺎ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﺗﺸﻤﻞ ﺣﻖ »اﻟﺤﻴﺎة ،واﻟﺤﺮﻳﺔ ،واﻟﺴﻌﻲ وراء اﻟﺴﻌﺎدة« ،وﻳﻘﻮل إﻧﻬﺎ ﺣﻘﻮق ﻻ ﻳﺠﻮز اﻟﺘﻨﺎزل ﻋﻨﻬﺎ ،وﻳﺆﻛﺪ أﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﺟﺎءت ﻣﻦ اﻟﺨﺎﻟﻖ )وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺨﺎﻟﻒ ُﺪرج اﻹﻋﻼ ُن اﻟﻔﺮﻧﴘ املﺰاﻣﻦ ﻟﺤﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺒﺪأ اﻟﻔﺼﻞ ﺑني اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ واﻟﺪوﻟﺔ( .وﻳ ِ ً َ )ﺻﻴﻎ اﻟﺘﻌﺪﻳ ُﻞ ﺣﻘﻮﻗﺎ ﻣﺨﻮﻟﺔ ﻟﻪ. »اﻟﺤﺮﻳﺔ ،واملﻠﻜﻴﺔ ،واﻷﻣﻦ ،وﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻘﻤﻊ« ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ َ املﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻟﻠﻘﻤﻊ ،وإن ﻛﺎن ﻫﺪﻓﻪ اﻷﺳﺎﳼ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﺪﺳﺘﻮرﻧﺎ ﻣﻊ اﻟﻮﺿﻊ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻗﺪ ﺿﺎع ،ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو ،وﺳﻂ اﻟﺠﺪل اﻟﺤﺎﱄ اﻟﺪاﺋﺮ ﺣﻮل اﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻼح ،واملﻼﺣﻘﺔ، واﻟﺠﺮﻳﻤﺔ (.وﻟﻢ ﻳ ِ ُﻌﻂ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮن أي ﻋﺬر ﻟﺘﱪﻳﺮ ﻗﺎﺋﻤﺘﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ؛ ﻓﻬﻮ إﻋﻼن واﺿﺢ، وﻛﺎﻧﻮا ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪو ﻣﱰددﻳﻦ ﰲ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﲆ اﻟﺨﺎﻟﻖ .وﻟﻌﻞ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻷواﺋﻞ ،وﰲ ﱠ اﻟﺤﻖ اﻟﻘﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن واﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮن ،ﻗﺪ أَدرﺟﻮا ﺿﻤﻦ ﺣﻘﻮﻗﻨﺎ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ 124
اﻟﻘﺮارات اﻟﻌﺎﻣﱠ ﺔ
ﰲ اﻟﺘﻤﺮد ﺿﺪ أي ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺗُﺼﻨﱠﻒ ﻛﺤﻜﻮﻣﺔ ﻗﻤﻌﻴﺔ؛ وﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﻔﻜﺮة املﺤﻮرﻳﺔ ﻹﻋﻼن اﻻﺳﺘﻘﻼل .ﻏري أﻧﻪ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ ﺗﻠﻚ املﺒﺎدئ ،ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ ،ﻻ ً ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺤﻖ؛ ﻓﻤﺎ ﻣﻦ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺗﻮد أن ﻳُﻌَ ﱡﺪ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺬﻟﻚ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴٍّﺎ؛ ﻣﺎ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻳُﻄﺎح ﺑﻬﺎ .وﻳﻌﺘﱪ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻛﻠﻤﺔ »ﺣﻘﻮق« ﺟﺰءًا ً ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﺘﻔﺎوض ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ؛ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻴﺜﺎق اﻟﺤﻘﻮق اﻟﺨﺎص ﺑﻨﺎ ﺟﺰءًا ﻣﻦ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻷﺻﲇ ،وﻟﻢ ﻳ َُﻀ ْ ﻒ إﻻ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺼﺪﻳﻖ اﻗﱰاح ﺑﻮﺿﻊ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه ﻋﲆ اﻟﺪﺳﺘﻮر وﴎﻳﺎﻧﻪ) .ﺗ ﱠﻢ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﰲ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ ﻋﲆ ٍ اﻷﻣﻮر ﰲ اﻟﻨﺴﺨﺔ اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﺳﺘﻮر ﻟﻜﻦ ﺗ ﱠﻢ رﻓﻀﻪ(. َ ُ وﺛﻴﻘﺔ ﻣﺎﺟﻨﺎ ﻛﺎرﺗﺎ ،اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻘﺖ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﺑﺄﻛﺜﺮ اﻟﺒﺎروﻧﺎت اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ اﻧﺘَ َﺰ َع ﻣﻦ ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﻋﺎم )١٢١٥م( ﻣﻦ املﻠﻚ ﺟﻮن ،و َو َر َد ﻓﻴﻬﺎ» :ﺑﻔﻀﻞ ﷲ ،ﻣﻠﻚ إﻧﺠﻠﱰا، وﻟﻮرد أﻳﺮﻟﻨﺪا ،ودوق ﻧﻮرﻣﺎﻧﺪي …« )ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو أن ﻣﺼﺪر ﻗﻮﺗﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺣﻤﺎﻳﺘَﻪ ﻣﻦ ﺑﺎروﻧﺎﺗﻪ ،أو ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻜﱰث ﻟﻪ وﻫﻮ اﻻﺣﺘﻤﺎل اﻷرﺟﺢ( .اﺷﺘﻤﻠﺖ ﻣﺎﺟﻨﺎ ﻛﺎرﺗﺎ ﻋﲆ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﺗﻀﻢ ﺳﺘﺔ وﺛﻼﺛني ٍّ ﺣﻘﺎ ﻃﺎ َﻟﺐَ ﺑﻬﺎ اﻟﺒﺎروﻧﺎت ،ﻣﻦ ﺿﻤﻨﻬﺎ ﺣﻖ اﻷرﻣﻠﺔ ﰲ ﱢ وﺗﻮﻓﺮ ً أﻳﻀﺎ ﺿﻤﺎﻧﺎت ﻟﻸﻓﺮاد ،ﻣﻦ اﻟﻌﻴﺶ ﺑﻤﻨﺰل زوﺟﻬﺎ ملﺪة أرﺑﻌني ﻳﻮﻣً ﺎ ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻪ؛ ﺑﻴﻨﻬﺎ »ﻋﺪم ﺟﻮاز اﻋﺘﻘﺎل أو َﺳﺠْ ﻦ ﺷﺨﺺ ﺑﻨﺎء ﻋﲆ ﺗﻈ ﱡﻠ ِﻢ اﻣﺮأ ٍة ملﻮت أي ﺷﺨﺺ ﻋﺪا زوﺟﻬﺎ «.وﻛﻨﻘﻄﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ ﱠ ﻧﺼ ِﺖ اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﻋﲆ أن »ﺗﻈﻞ املﻘﺎﻃﻌﺎت وﺗﻘﺴﻴﻤﺎﺗﻬﺎ … ﻋﲆ ﻧﻔﺲ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻹﻳﺠﺎرﻳﺔ دون زﻳﺎدة …« إن وﺛﻴﻘﺔ املﺎﺟﻨﺎ ﻛﺎرﺗﺎ ﺗﺴﺘﺤﻖ اﻟﻘﺮاءة؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ٌ ٍ ﻏﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ وﺗﻘﺪﱢم ﻧﻈﺮة ﺻﺤﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺪى اﻟﺘﻐري اﻟﺒﺎﻟﻎ اﻟﺬي ﻳَﻠﺤﻖ ﺑﺮؤﻳﺘﻨﺎ ﻟﻠﺤﻘﻮق املﺨﻮﻟﺔ ﻟﻨﺎ ﺑﺎﺧﺘﻼف اﻟﺰﻣﺎن واملﻜﺎن .وﺑﺎﻟﻌﻮدة ﻟﻠﻤﺎﴈ إﱃ اﻟﻌﺼﻮر اﻹﻧﺠﻴﻠﻴﺔ اﻷوﱃ ،ﻧﺠﺪ أن اﻟﻮﺻﻴﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ »ﻻ ﺗﻘﺘﻞ« ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ أﺻﺪﻗﺎﺋﻚ وﺟرياﻧﻚ؛ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻮﺿﻊ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻌﺪاوات اﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺣني ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻠﻘﺒﺎﺋﻞ اﻷﺧﺮى ﻧﺰﻋﺎت دﻳﻨﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ. ﰲ ﻇﻞ ﻛﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،املﺼﻤﱠ ﻢ ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ اﻟﺘﻮاﺿﻊ ﻟﺪى اﻟﻘﺎرئ ،ﻛﻴﻒ ﺗﻌﻤﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻛﺼﻨﺎع ﻗﺮار؟ َ ﺿ ْﻊ ﰲ ذﻫﻨﻚ — ﻋﲆ اﻣﺘﺪاد ﻫﺬا اﻟﻨﻘﺎش — ﻧﻈﺮﻳﺔ آرو اﻟﻮاردة ﺑﺎﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﴩ وﻣﻔﺎدﻫﺎ :ﻣﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔ ملﺸﺎرﻛﺔ املﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﻘﺮارات دون ﺣﺪوث ﻟﺒﺲ وﻏﻤﻮض .ﻫﺬا ﻣﻨﻄﻖ ﺧﺎﻟﺺ ،وﻟﻴﺲ ﺗﻌﻘﻴﺒًﺎ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴٍّﺎ ﻋﲆ اﻷﺣﺪاث.
125
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ﺳﻬﻠﺔ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻤﺜﱢﻞ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎءَ ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ آرو؛ ﻓﻼ وﺟﻮد ﻷي ﻏﻤﻮض إذا ﻛﺎن ﺛﻤﺔ ﺷﺨﺺ واﺣﺪ ﻳﺘﺨﺬ اﻟﻘﺮارات ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ .وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻣَ ﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﰲ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺤﻔﻮف ﺑﺎملﺨﺎﻃﺮ ،ﻓﺈن ﻟﻬﺎ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ املﻤﻴﺰات .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺗﻜﻤﻦ املﺸﻜﻠﺔ ﰲ أن اﻟﻘِ ﻴَﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﱢﺮ ﻋﲆ ﻗﺮارات رﻣﺰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻧﻔﺲ ﻗِ ﻴَﻢ ﺑﻘﻴﺔ املﺠﺘﻤﻊ ،واﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻳﻌﺞﱡ ﺑﺄﻣﺜﻠﺔ ﻟﺤﺮوب ﻣﺪﻣﱢ ﺮة ﺗ ﱠﻢ ﺧﻮﺿﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻛﺮاﻣﺔ أﺣﺪ املﻠﻮك ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﺰﺧﺮ ﺑﻘﺎدة ﺣﺮب اﺣﺘﻔﻈﻮا ﺑﺴﻴﻄﺮﺗﻬﻢ ﻟﻔﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺑﻌﺪ اﻧﻘﻀﺎء اﻷزﻣﺔ .إن ﻣَ ﻦ ﻳﺘﺬوﻗﻮن اﻟﺴﻠﻄﺔ ﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﻳﻜﺘﺴﺒﻮن ﺣﺒﻬﺎ ،وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻨﺎزﻟﻮن ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻄﻴﺐ ﻧﻔﺲ؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻌﻜﺲ ﻗﺮاراﺗﻬﻢ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺪﻳﻞ ﰲ اﻟﻘﻴﻢ ،ﻟﺘﻔﻘﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺻﻠﺘﻬﺎ ﺑﻤﺼﺎﻟﺢ املﺠﻤﻮﻋﺔ) .ﻻﺣﻆ اﻟﴫاع اﻟﺤﺎﱄ اﻟﺪاﺋﺮ ﰲ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﺣﻮل ﺣﺪود ﻣﺪة ﺑﻘﺎء املﺴﺌﻮل اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﰲ املﻨﺎﺻﺐ اﻟﺘﻲ ﺗُ َ ﺸﻐﻞ ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎب؛ ﻓﻤﺴﺄﻟﺔ إﻋﺎدة ِ ملﻨﺼﺐ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ(. ملﻘﺪﻣﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ أوﻟﻮﻳﺎت أي ﺷﺨﺺ ﺳﺒﻖ اﻧﺘﺨﺎﺑﻪ اﻻﻧﺘﺨﺎب ﺗﻘﻔﺰ ﴎﻳﻌً ﺎ ٍ ﰲ وﺟﻮد ﺳﻠﻄﺔ واﺣﺪة ،ﻳ َ ُﺤﺴﻢ اﻟﻜﺜريُ ﻣﻦ املﺸﻜﻼت اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴٍّﺎ؛ وﻟﺴﻮء اﻟﺤﻆ — ﻣﺜﻠﻤﺎ اﺗﱠ َﻀﺢ ِﻷرﺳﻄﻮ ﻗﺒﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ َ أﻟﻔ ْﻲ ﻋﺎم — ﻓﺎﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻄﺔ املﻌﺘﺪﻟﺔ ً إﱃ اﻻﺳﺘﺒﺪاد ﻗﺼري ،وﻣﺴﺘﻘﻴﻢ ،وﻣﻄﺮوق ﻣﻦ ﻛﻞ ﱟ ﻇﺮوﻓﺎ ﻳﻜﻮن ﺧﻒ وﺣﺎﻓﺮ ،ﻏري أن ﻫﻨﺎك ملﺠﺘﻤﻊ ﻣﺎ ،وﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن اﻧﺘﺸﺎره اﻟﻮاﺳﻊ ﰲ ﻓﻴﻬﺎ اﻻﺳﺘﺒﺪا ُد اﻟﺴﺒﻴ َﻞ اﻷﻣﺜﻞ ﻟﻠﺒﻘﺎء ٍ املﺠﺘﻤﻊ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻟﺰﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ املﺼﺎدﻓﺔ .أﻣﺎ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺿﺎﻣﻨًﺎ ﻟﺒﻘﺎء ﻈﻬﺮ ذﻟﻚ اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ اﻟﺒﻘﺎء ،وﻗﺪ ذﻛﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ املﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﻼ ﻳﺰال ﻋﻠﻴﻬﺎ أن ﺗُ ِ أن أرﺳﻄﻮ ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ذﻟﻚ .ﺳﻮف ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻨﺎ املﺰﻳﺪ ﻟﺬﻛﺮه ﺣﻮل ﻫﺬا ً ِ ﻣﺒﺎﴍ ًة ﺑﺤﺪﻳﺜﻨﺎ؛ ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار؛ وﻣﻦ ﺻﻠﺔ املﻮﺿﻮع ﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ؛ ﺑﻤﺎ أن ﻟﻪ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ وﻣﻮﺿﻮع اﻟﻜﺘﺎب. ﻣﻦ املﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﺴﻠﻄﺔ املﺮﻛﺰة اﻻﻧﺘﻘﺎ ُل اﻟﺤﺘﻤﻲ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ؛ ﻓﺤﺘﻰ اﻟﺤﻜﺎم ﱠ ﻳﺘﺤﻘﻖ اﻟﺒﻘﺎء ﻷي ﻣﺠﺘﻤﻊ ِﺑﻨُﺸﻮب ﺣﺮب أﻫﻠﻴﺔ ﰲ ﻛﻞ املﺴﺘﺒﺪون ﻳﻤﻮﺗﻮن .ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻻ ﻣﺮة ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻠﻚ أو زﻋﻴﻢ إﱃ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵﺧﺮ ،واﻟﺤﻞ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻟﺘﻠﻚ املﺴﺄﻟﺔ ﻳﻜﻮن ﻋﻦ ً ﺷﻜﻼ ﻃﺮﻳﻖ املﻠﻜﻴﺎت اﻟﻮراﺛﻴﺔ ،وﻫﻲ ﻋﺎدة ﺗﻤﺘﺪ ﺟﺬورﻫﺎ إﱃ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،وﺗُﻌَ ﱡﺪ ً ﺑﺴﻴ ً وﺑﺎﻗﻴﺔ ،وﻫﻲ ﻋﺎدة ﺗَﺤُ ﻮل دون ﻄﺎ وﻋﻤﻠﻴٍّﺎ ﻟﻠﺨﻼﻓﺔ ،ﻣﺎ داﻣﺖ اﻷﴎة املﻠﻜﻴﺔ ﺻﺎﻣﺪ ًة ﱠ ﻳﺘﻐري ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺎرس اﻟﻌﺮش ،وﻳﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﺗﻨﺠﺢ .إن ذﻟﻚ ﻻ اﻧﺪﻻع أي ﴏاع ﰲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﺸﺨﺺ ذا املﻘﻮﻣﺎت اﻷﻓﻀﻞ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻄﺔ ،ﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ اﻷﻣﺮ أن ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻧﺘﻘﺎل اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﻢ دون إراﻗﺔ دﻣﺎء ،وﺗﻠﻚ ﻫﻲ املﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺴﺘﻌني ﺑﻬﺎ ﰲ 126
اﻟﻘﺮارات اﻟﻌﺎﻣﱠ ﺔ
اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس )وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﰲ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ( ،وﻟِﻨَﻔﺲ اﻟﺴﺒﺐ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻻ ﺗُ َ ﻌﺘﱪ اﻟﺨﻼﻓﺔ ً وراﺛﻴﺔ ﱟ ﺑﺤﻖ )ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك اﺳﺘﺜﻨﺎءات ﺣﺘﻰ ﰲ ﰲ ﻋﻀﻮﻳﺔ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﱢ وﺗﻮﱄ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﻠﺠﺎن ﻫﻮ املﻌﺎدل اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ﻫﺬا( ،وﻟﻜﻦ ﻧﻈﺎم اﻷﻗﺪﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ املﻨﺼﺐ ً ﻣﻘﺒﻮﻻ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ اﻟﺴﻴﻨﺎﺗﻮرات وأﻋﻀﺎء اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻀﻤﻦ ﻟﺬﻟﻚ؛ وﻣﺎ دام ذﻟﻚ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ً ً ﻣﺴﺌﻮﻻ اﻧﺘﻘﺎﻻ ﺳﻠﻤﻴٍّﺎ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﺣني ﺗُﺮﻏِﻢ أوﺟ ُﻪ اﻟﺪﻣﺎر اﻟﺠﺴﺪي واﻟﺬﻫﻨﻲ ﻟﻠﺴﻦ ﻣ ُِﺴﻨٍّﺎ ﻋﲆ اﻟﺘﻨﺤﱢ ﻲ ،أو ﺣﺘﻰ املﻮت .ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﻳﻜﻮن اﻟﺘﻐﻴريُ إﺟﺒﺎرﻳٍّﺎ ﺑﻔﻌﻞ ﺧﺴﺎرة اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ،إﻻ أن ذﻟﻚ ﻻ ﻳﺤﺪث ﻛﺜريًا. ُ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺤﻜﻢ اﻟﺴﻠﻄﺔ إذن ﻓﺎملﺸﻜﻠﺔ اﻟﻜﱪى ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻬﻬﺎ ﻫﻲ ﴏاع اﻷوﻟﻮﻳﺎت ﺑني ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻗِ ﻴَﻢ ﺻﺎﻧﻊ اﻟﻘﺮار وﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻗِ ﻴَﻢ املﺠﺘﻤﻊ .وﺗﺎرﻳﺨﻴٍّﺎ، إذا ﻛﺎن املﺠﺘﻤﻊ ﻫﻮ اﻟﻔﺎﺋﺰ ﰲ اﻟﴫاع ،ﻻ ﻳﻜﻮن ﻟﺬﻟﻚ ﺛﻤ ٌﻦ ﺳﻮى اﻟﴫاع .ﺣﺘﻰ املﻠِﻚ ﺟﻮن َ ِ أردت أن ﺗﺠﻌﻞ اﻟﻘﺮارات ﺗُﺘﱠ َﺨﺬ ﺑﻮﺿﻮح، وﺛﻴﻘﺔ ﻣﺎﺟﻨﺎ ﻛﺎرﺗﺎ؛ ﻓﺈذا ﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﻧﻘﺾ ﺑﻨﻮ َد وﴎﻋﺔ ،وﺑﻼ َﻟﺒْﺲَ ، ً ﺷﺨﺼﺎ ﰲ ﻣﻮﻗﻊ املﺴﺌﻮﻟﻴﺔ؛ ﻗﺪ ﻻ ﻳُﺠﺪِي ذﻟﻚ ﻟﻸﺑﺪ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺿ ْﻊ أن ﻳُﺠﺪِي ﻟﻔﱰة .وﻳﻌﺮف ﺧﱪاء اﻹدارة ﰲ ﻣﺠﺎل اﻷﻋﻤﺎل ﻫﺬا ،وﻛﺬﻟﻚ ﺗﻌﺮﻓﻪ اﻟﺠﻴﻮش، وﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻋﲆ وﺟﻮد ﻋﺎﺋﻼت ﻣﺎﻟﻜﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ وﻣﺴﺘﻘﺮة ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪﻳﻢ. ﻻﺣِ ْ ﻆ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك ذِ ْﻛﺮ ﻟ »ﺣﻘﻮق« اﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﻫﺬا اﻟﻄﺮح؛ ﻓﻤﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻧﻈﻤﺔ ﻻ ﺗﻤﻴﻞ ﻧﺤﻮ اﻟﺤﻘﻮق اﻟﻔﺮدﻳﺔ. اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم ُ دﻓﻘﺔ ﺣﻤﺎس ﻟﻠﻨﻈﺮﻳﺔ )املﺮﺗﺒﻄﺔ ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﰲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﺑﺎﺳﻢ ﺟريﻳﻤﻲ ﺑﻨﺘﺎم( اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄن اﻟﻬﺪف اﻷﺳﻤﻰ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﻫﻮ ﺿﻤﺎن أﻗﴡ درﺟﺎت اﻟﺴﻌﺎدة واﻟﺨري ﻷﻛﱪ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺷﻌﺎ ًرا ﱠ أﺧﺎذًا .ﻛﺎن ﺑﻨﺘﺎم ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻌﺘﻘﺪ أن ذﻟﻚ ﻛﺎن أﻣ ًﺮا ً ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﻘﻴﺎس؛ أي إن ﻫﻨﺎك ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻟﻘﻴﺎس ﻣﻘﺪار اﻟﻔﺎﺋﺾ املﺠﺘﻤﻌﻲ اﻹﺟﻤﺎﱄ ﻣﻦ اﻟﻠﺬة ﻋﲆ اﻷﻟﻢ )وﻫﻮ ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﻟﻠﺨري اﻷﻋﻈﻢ(؛ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻔﺮد أن ﻳﺘﺨﺬ اﻟﻘﺮارات ﺑﻐﺮض ﺗﻌﻈﻴﻢ ﺻﺎﰲ ﻓﺎرق اﻟﻠﺬة/اﻷﻟﻢ .ﻫﻨﺎك ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻗﺪر ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ اﻟﻐﻤﻮض؛ ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻟﻠﺬة واﻷﻟﻢ ،إﻻ أن وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ اﻟﺠﺪل ،ﺑﺸﺄن ﻣﻘﻮﻣﺎت وﻋﻨﺎﴏ اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم، ﻧﻈﺮﻳﺔ أن ﻫﻨﺎك »ﺷﻴﺌًﺎ« ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻌﻈﻴﻤﻪ — ﻟﻴﺲ ﺑﺴﻴ ً ﻄﺎ ﻛﻬﺎﻣﺶ اﻟﻠﺬة ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل — ﻟﻴﺴﺖ ﺑﻌﻴﺪ ًة ﻋﻦ ﻓﻜﺮة ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب .وﺳﻮاء أﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﴚء ﻫﻮ اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم ،أم اﺣﺘﻤﺎل 127
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ً ﺻﻼﺣﻴﺔ؛ ﺗﻈ ﱡﻞ ﻣﺸﻜﻼت اﺗﺨﺎذ اﻟﺒﻘﺎء ،أم ﺗﻤﺠﻴﺪ اﻷﻓﻀﻞ واﻷذﻛﻰ ،أم ﺣﺘﻰ ﺗﻤﺠﻴﺪ اﻷﻗﻞ ً ِ ﻗﺎﺋﻤﺔ؛ ﺑﺈﻳﺠﺎز ،دون ﺗﻄﺒﻴﻖ، واﻟﻘﻴﺎس واﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴ ِﺔ ﺑﺎﻷﻫﺪاف اﻟﻘﺮار املﻌﺘﺎدة اﻟﺨﺎﺻﺔ ِ ﺗﺼﺒﺢ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺟﻮﻓﺎء. وﻻ ﺗﺤﺪﱢد ﻋﻘﻴﺪ ُة اﻟﻨﻔﻊ اﻷﻋﻈﻢ ﻷﻛﱪ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﻌﻴﺎ ًرا ﺣﻘﻴﻘﻴٍّﺎ ﻟ َﻜ ﱢﻢ اﻟﺘﻌﺎﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗُﻔ َﺮض ﻋﲆ اﻷﻗﻠﻴﺔ دﻋﻤً ﺎ ﻟﻸﻏﻠﺒﻴﺔ؛ ﻓﻔﻲ ﻧﺴﺨﺔ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺪﻓﻊ ﺑﺄﻧﻪ ﺑﻤﺎ أن اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﻄﺒﻴﺔ ﻟﻠﻤﺴﻨني ﺗﻨﺘﺰع ﺟﺰءًا ﻛﺒريًا ﻣﻦ دﺧﻠﻨﺎ اﻟﻘﻮﻣﻲ ،ﻣﻊ وﺟﻮد اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﺤﺪودة ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﻠﺬة أو ﺣﺘﻰ اﻣﺘﺪاد اﻟﺤﻴﺎة ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒري ﻟﻨﻔﺲ ﻫﺆﻻء املﺴﻨني، ﻓﺈن اﻟﺼﺎﻟﺢ املﺠﺘﻤﻌﻲ اﻷﻋﻈﻢ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﺣﺎﻟﺘﻬﻢ ﻟﻠﺘﻘﺎﻋﺪ )ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺘﻠ ﱡ ﻄﻒ ﰲ اﻟﺘﻌﺒري( .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻫﻢ املﺴﺘﻌِ ﺪﱡون ﻟﻠﺘﻤﺎدي إﱃ ﻫﺬا اﻟﺤﺪ اﻟﻴﻮم ،وﻟﻜﻦ ﰲ ﺑﻴﺌﺔ ﺿﺎﻏﻄﺔ ﻗﺪ ﻳﺼﺒﺢ اﻷﻣﺮ ﻣﻄﺮوﺣً ﺎ ﻟﻠﺘﻔﻜري ،ﺑﻞ ﺟﺬاﺑٍّﺎ ً أﻳﻀﺎ .داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﺎرض اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم ﻣﻊ اﻟﻘﻠﻖ ﺑﺸﺄن اﻷﻓﺮاد ،واﻟﺘﻈﺎﻫﺮ ﺑﻐري ذﻟﻚ ﻻ ﻳﻔﻴﺪ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻘﻼﻧﻲ؛ ﻓﺎﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم واﻟﺤﺎﺟﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻴﺲ ﻷﺣﺪﻫﻤﺎ ﺻﻠﺔ ﻛﺒرية ﺑﺎﻵﺧﺮ. ﱡ ﱠ اﻟﱰﻓﻖ ﺑﺎملﺠﺮﻣني اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺸ ﱠﻜ َﻠ ْﺖ ﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻬﻢ ﺗﺘﺠﲆ املﺸﻜﻠﺔ ﺑﻄﺮق ﻋﺪة؛ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ً اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻷذًى ﻻﺣﻖ ﰲ ﻗﺎﻟﺐ ﻣﻦ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺨﻠﻖ َ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم ﰲ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻣﻌﻪ؛ ﻓﺄﻳٍّﺎ ﻛﺎن اﻟﺴﺒﺐ املﺜري ُﻌﲇ ﻗﺪ ﻻ ﻳﺮﻏﺐ ﻣﺠﺘﻤ ٌﻊ ﻳ ِ ً ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻟﺒﻘﻴﺔ املﺠﺘﻤﻊ، ﻟﻠﺸﻔﻘﺔ اﻟﺬي دﻓﻌﻬﻢ ﻟﺨﻮض ﺣﻴﺎة ﻣﻦ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ،ﻳﻤﺜﱢﻞ املﺠﺮﻣﻮن واملﱪرات اﻟﺘﻲ ﺗُﺴﺎق ﻟﺘﻔﺴري ﺳﻠﻮﻛﻬﻢ ﻻ ﺗﻔﻴﺪ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق .وﰲ ﻣﺪارﺳﻨﺎ اﻟﻴﻮمَ ،ﻳُﻐﺪَق ﻗﺪ ٌر ﻛﺒري ﻣﻦ اﻻﻧﺘﺒﺎه واﻟﺸﻔﻘﺔ ﻋﲆ ﺑﻄﻴﺌﻲ اﻟﺘﻌ ﱡﻠﻢ )وﻗﺪ ﺣ ﱠﻞ ﻣﺼﻄﻠﺢ »ﻣﺘﺤَ ﺪﱢي اﻹﻋﺎﻗﺔ اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ« ﻣﺤ ﱠﻞ ﻣﺼﻄﻠﺢ »ذوي إﻋﺎﻗﺎت اﻟﺘﻌ ﱡﻠﻢ«( ،ﺣﺘﻰ إن املﻮﻫﻮﺑني ﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻗﺪراﺗﻬﻢ وﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﱃ ﻛﺎﻣﻞ إﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻬﻢ؛ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﱰﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺧﺴﺎرة ﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ املﺠﺘﻤﻊ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻟﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ .واﻻﻧﺸﻐﺎل ﺑﺴﻌﺎد ِة وﻧﻔﺴﻴ ِﺔ اﻟﻄﻼب أدﱠى إﱃ ﺗﻮ ﱡﻟﺪ ﻣﻘﺎو ٍ َﻣﺔ ﺗﺠﺎه أي ﻧﻮع ﻣﻦ ُ ﺗﺠﺎﻫ َﻞ اﻻﻧﺤﺪار املﺨﻴﻒ ﰲ املﻌﺎﻳري اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻳﴪ ﺑﺸﻜﻞ أﻛﱪ ﻗﻴﺎس اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ؛ ﻣﻤﱠ ﺎ َ ﱠ ﻟﻠﺪوﻟﺔ .ﻟﻘﺪ ﺗﺤ ﱠﻮ َل ﺗﺮﻛﻴ ُﺰ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻋﻦ اﻹﻧﺠﺎز ،وﺻﺎر ﻳﺮ ﱢﻛﺰ ﻋﲆ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ اﻟﺬاﺗﻲ ﻟﻐري َ ﻓﻠﺴﺖ ﻣﻀﻄ ٍّﺮا املﻨﺠﺰﻳﻦ؛ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠﺬ ُة ﻫﻲ اﻟﻬﺪف اﻟﻮاﺿﺢ واﻟﴫﻳﺢ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻓﻼ ﺑﺄس، ٍّ ﺣﻘﺎ أن ﱢ ﺗﺤﻘﻖ أي ﳾء ﻟﻠﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻠﺬة واﻟﺰﻫﻮ ،ﻋﻠﻴﻚ ﻓﻘﻂ أن »ﺗﻌﺘﻘﺪ« أﻧﻚ ﺗﻤﻠﻜﻬﻤﺎ؛ ُ ﻫﺎﻣﺶ ﺳﻌﺎدﺗﻪ وﻟﺬﺗﻪ وﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﺮؤﻳﺔ ﻗﺎﺗﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺗﻄ ﱡﻠﻌﺎت املﺠﺘﻤﻊ ،اﻟﺬي ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺑﺸﻜﻞ ﺣﻴﻮي ﻋﲆ اﻹﻧﺠﺎز اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ. 128
اﻟﻘﺮارات اﻟﻌﺎﻣﱠ ﺔ
وﺑﺬا ﻓﺈن اﻟﴫاع اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺑني ﺻﺎﻟﺢ اﻷﻓﺮاد وﺻﺎﻟﺢ املﺠﺘﻤﻊ ﻳﺸ ﱢﻜﻞ إﺟﺮاءات اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار؛ وﻗﺪ ﺣﺎ َو َل ﻣﺆﺳﺴﻮ ﻧﻈﺎﻣﻨﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ )وﻛﺜريون ﻏريﻫﻢ( اﺑﺘﻜﺎ َر ﻧﻈﺎ ٍم ﻟﻠﺘﻤﺜﻴﻞ ً ً ﺑﻌﻴ ٍﺪ ﻋﻦ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺻﻌﺎﻟﻴﻚ أرﺳﻄﻮ ،وﻟﻜﻨﻪ ﱢ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﺿﺪ ﻋﺒﺚ اﻷﻓﺮاد ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻳﻮﻓﺮ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم؛ وﻫﻜﺬا ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻘﻒ ﻋﲆ ﻧﺎﺻﻴﺔ أﺣﺪ اﻟﺸﻮارع وﻧﺸﺠﺐ اﻟﺮﺋﻴﺲ، وﻟﻜﻦ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ )ﰲ اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ( أن ﻧﺼﻴﺢ ﻗﺎﺋﻠني »ﺣﺮﻳﻖ!« ﰲ ﻗﺎﻋﺔ ﻣﻜﺘﻈﺔ ْ وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺤ ﱢﺮض ﺑﺎﻟﺒﴩ؛ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺘﻘﺒﱠ َﻞ ﺣﺪوث أﻋﻤﺎل ﺷﻐﺐ ﺑﺼﺪر رﺣﺐ، ً ﺳﺨﻴﻔﺎ وﻣﻨﺎﻓﻴًﺎ ﻟﻠﻌﻘﻞ؛ ﻓﻬﻨﺎك ﺣﺎﻻت ﻳُﺴﻤَ ﺢ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺸﺨﺺ ﻋﲆ ﺷﻐﺐ .أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻳﺼري اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺘﺤ ﱡﺮش َ ٍ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﲆ ﺑﺂﺧﺮ ﰲ املﻜﺘﺐ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﰲ املﻨﺰل ،أو ﻳُﺴﻤَ ﺢ ﺑﻬﺬا ﻣﻦ ﻋﴩﻳﻦ ﻳﺎردة ﻓﻘﻂ .إن ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﺒري ﻣﻜﻔﻮﻟﺔ ﻟﻨﺎ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺤﺪ اﻟﻔﺎﺻﻞ ﺑني اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺤﻤﺎﳼ ﱢ املﺘﺨﺼﺼﻮن .وﻗﺪ ﻗﺎم ﻧﺎﴍ إﻧﺠﻠﻴﺰي ﻣﺆﺧ ًﺮا واﻟﺘﺠﺮﻳﺢ ﻻ ﻳﻔﻬﻤﻪ ﺳﻮى املﺤﺎﻣني ،ﻳﻠﻴﻬﻢ ﺗﺒني أن ً ﺑﻴﺎﻧﺎت ﱠ َ ٍ ﻗﻠﻴﻼ ﺟﺪٍّا ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻳﻘﺮءون ﺑﻤﻘﺎﺿﺎة ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ أﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻨﴩ َ وﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن ﻣﻄﺒﻮﻋﺎت اﻟﻨﺎﴍ ﺑﺸﻜﻞ ﻓﻌﲇ )ﺧﴪ اﻟﻨﺎﴍ املﺘﴬﱢ ر اﻟﻘﻀﻴﺔ؛ ﻷن اﻟﺘﴫﻳﺢ ﻛﺎن ﺻﺤﻴﺤً ﺎ .وﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﻳﻜﻮن ﻫﺬا ﻣﻬﻤٍّ ﺎ ٍّ ﺣﻘﺎ(. ﻗﺪ ﺗﺒﺪو ﺗﻠﻚ أﻣﺜﻠﺔ ﺗﺎﻓﻬﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ ﺗﻮازن ﺑني ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻔﺮد واﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم؛ ﻓﺎﻟﻔﺎﺻﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺿﺒﺎﺑﻲ وﻏﺎﻣﺾ .وﻓﻮق ﻛﻞ ذﻟﻚ ،ﻣﻦ املﺤﺎل أن ﺗﺤﻤﻲ اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم ﺑﺎﺗﺨﺎذ ﻗﺮارات ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﺎم ﻋﲆ آراء أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺤﻈﻰ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻢ ﺑﺎﻟﺤﻤﺎﻳﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻬﺪف اﻷﺻﲇ ﻟﻠﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻣﻨﻊ أﻧﻮاع ﻣﺤﺪﱠدة ﻣﻦ اﻟﴩﱢ ، وﻟﻴﺲ ﻓﻌﻞ اﻟﺨري. ﻗﺒﻞ ﻣﺎﺋﺔ ﻋﺎم ،ﰲ ﺣﺪ ٍَث ﻏري ﻣﻌﺮوف ،ﺗ ﱠﻢ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻋﺮﻳﻀﺔ داﺧﻞ ﻣﺠﻠﺲ إﻧﺪﻳﺎﻧﺎ ُ ً ً ً ِ ﻣﺤﻴﻂ ﻧﺴﺒﺔ وﻣﻨﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﻌﻘﻞ ،ﻟِﺒﺎي ) ،(πوﻫﻲ ﺧﺎﻃﺌﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ، ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺘﴩﻳﻌﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ َ اﻟﺪاﺋﺮة إﱃ ﻗﻄﺮﻫﺎ ،ﻟﺘﻜﻮن اﻟﻘﻴﻤﺔ املﺴﺘﺨﺪَﻣﺔ ﰲ إﻧﺪﻳﺎﻧﺎ )اﻗﱰح ﻣﻘﺪﱢﻣﻮ اﻟﻌﺮﻳﻀﺔ ً أﻳﻀﺎ اﻟﺘﴫﻳﺢَ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ ،واﻣﺘﻸ َ ِت املﺪاوﻟﺔ اﻟﺘﴩﻳﻌﻴﺔ ﺑﻤﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﻔﻮاﺋﺪ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺠﻠﺒﻬﺎ ﻹﻧﺪﻳﺎﻧﺎ( .ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻌﺮﻳﻀﺔ ﻗﺪ ُﻣ ﱢﺮرت )وﻗﺪ ﺗ ﱠﻢ ﺗﻤﺮﻳﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ً ً ﱠ ﺣﻜﻤﺔ ﻓﻄﻨ َ ْﺖ ملﺎ ﻳﺤﺪث ،وﻧﺠﺤَ ْﺖ ﰲ ﻣﻨﻌﻬﺎ( ،وﺗ ﱠﻢ ﻋﻘﻮﻻ أﻛﺜﺮ وﻟﻜﻦ ﰲ اﻟﻘﺮاءة اﻷوﱃ، ً ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎَ ،ﻟﻜﺎن ذﻟﻚ أﺣ ﱠ ِ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﲆ اﻷﺳﺌﻠﺔ درﺟﺎت اﻟﻔﺸﻞ .إن اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﻟﻴﺲ ﻂ ً اﻟﺘﻘﻨﻴﺔْ ، ﻣﺘﻌﺔ؛ وﻫﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ — ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻋﺎﻟﻢ ﻓﻴﺰﻳﺎء — ﻛﺎن وإن ﻛﺎن ﻗﺪ ﻳﻤﻨﺢ ﻟﻠﻤﺼﻮﱢﺗني ﺳﻴﻜﺮه إﺧﻀﺎع اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﻟﺘﺼﻮﻳﺖ .إذا ﺑَﺪَا ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﻨﺨﺒﻮﻳﺔ ،ﻓﻠﻴﻜﻦ؛ ﻓﺜﻤﺔ ﻣﺒﺪأ ﻏري ﺷﺎﺋﻊ وﻟﻜﻨﻪ ﺻﺤﻴﺢ ﻳﻘﴤ ﺑﺄﻧﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻌﺮف ﺷﻴﺌًﺎ ﻋﻦ أي ﻣﻮﺿﻮع ﻗﺒﻞ أن 129
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﱠ ﺑﺮأي ﺑﺸﺄﻧﻪ .ﻟﻜﻦ املﺪارس اﻵن ﺗﺪﱢرس اﻟﻌﻜﺲ؛ ﻓﺮأﻳﻚ »ﺻﺤﻴﺢ« اﻟﺤﻖ ﰲ اﻹدﻻء ﺗﻜﺘﺴﺐ ٍ ﻛﺮأي أي ﺷﺨﺺ َ آﺧﺮ ،ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻠﺔ ﻣﻌﺮﻓﺘﻚ؛ وﻫﺬا ﻻ ﻳﺸﺠﱢ ﻊ ﺗﻘﺪﻳ َﺮ اﻟﺬات ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ واﻟﱰاﺧﻲ. ﻳﻜﺎﻓﺊ اﻟﻜﺴ َﻞ َ أﻗﻮى ﺗﻮﺿﻴﺢ ﻟﻬﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﻳﺄﺗﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺟﻴﻤﺲ ﻣﺎدﻳﺴﻮن ،ﰲ اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﻌﺎﴍة ﻣﻦ »اﻷوراق اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ« ،ﺗﻠﻚ املﻘﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﺑﺎﻻﺷﱰاك ﻣﻊ ﺟﻮن ﺟﺎي وأﻟﻜﺴﻨﺪر ﻫﺎﻣﻴﻠﺘﻮن ،ﻹﻗﻨﺎع ﻣﻮاﻃﻨﻲ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺑﺎملﻮاﻓﻘﺔ ﻋﲆ اﻟﺪﺳﺘﻮر املﻄﺮوح: ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﻫﺬه اﻟﺮؤﻳﺔ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮع ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﻨﺘﺎج أن اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ املﺤﻀﺔ — اﻟﺘﻲ أﻋﻨﻲ ﺑﻬﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌً ﺎ ﻳﺘﺄ ﱠﻟﻒ ﻣﻦ ﻋﺪد ﻣﺤﺪود ﻣﻦ املﻮاﻃﻨني ،ﻳﺠﺘﻤﻌﻮن وﻳﺪﻳﺮون أﻣﻮ َر اﻟﺤﻜﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﺷﺨﴢ — ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﱢ ﺗﻮﻓﺮ ﻋﻼﺟً ﺎ ﺷﺎﻓﻴًﺎ ملﺴﺎوئ وأﴐار اﻟﺘﺤ ﱡﺰب .ﻓﺜﻤﺔ ﺷﻐﻒ ﻣﺸﱰك أو ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻣﺸﱰﻛﺔ ﺳﻮف ُ ُ وﺗﻮاﻓﻖ ﻳﻨﺘﺠﺎن ﻣﻦ ﺗﻮاﺻﻞ ﺗُﺴﺘﺸﻌَ ﺮ ،ﰲ ﻛﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ؛ ﺷﻜﻞ اﻟﺤﻜﻢ ذاﺗﻪ؛ وﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ أيﱡ ﻋﺎﺋﻖ ﻳَﺤُ ﻮل دون ﻛﺒﺢ اﻟﺪواﻓﻊ واﻹﻏﺮاءات ﻟﻠﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﺎﻟﺤﺰب اﻷﺿﻌﻒ أو ﺑﺎﻟﻔﺮد اﻟﺒﻐﻴﺾ املﺸﺎﻏﺐ. وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺎت ﻣﴪﺣً ﺎ ﻟﻼﺿﻄﺮاب واﻟﴫاع ،وﻇﻠﺖ داﺋﻤً ﺎ ﻏري ﻣﻨﺴﺠﻤﺔ ﻣﻊ اﻷﻣﻦ اﻟﻔﺮدي أو ﺣﻘﻮق املﻠﻜﻴﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ ﺑﺼﻮرة ﻋﺎﻣﺔ ُ ً اﻟﺴﺎﺳﺔ اﻟﻨﻈﺮﻳﻮن ﻋﻨﻴﻔﺔ ﻋﻨﺪ ﻣﻮﺗﻬﺎ .ﻟﻘﺪ اﻓﱰض ﻗﺼري َة اﻷﺟﻞ ،ﻛﻤﺎ ﻇ ﱠﻠ ْﺖ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺎﻧﺪوا ﻫﺬا اﻟﻄﺮا َز ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻢ — ﺧﻄﺄ ً — أﻧﻪ ﺑﺈﺧﻀﺎع اﻟﺒﴩﻳﺔ ﺟﻤﻌﺎء ملﺴﺎواة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﰲ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﺳﻴﻜﻮﻧﻮن ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ﻣﺘﺴﺎوﻳﻦ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ وﻣﺘﻤﺎﺛِﻠني ﰲ ﺣﻴﺎزاﺗﻬﻢ ،وﰲ آراﺋﻬﻢ وﻣﺸﺎﻋﺮﻫﻢ. ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﻣﺎدﻳﺴﻮن اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﻪ ﻫﻮ اﻟﺘﻄﻮﱡر اﻟﺬي ﻃﺮأ ﻋﲆ وﺳﺎﺋﻞ اﻻﺗﺼﺎل، اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ أﻋﺪادًا ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﻌً ﺎ ،وﺗﺰوﱢدﻫﻢ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﺑﻨﻔﺲ املﻌﻠﻮﻣﺎت )واملﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ(؛ ﻣﻤﱠ ﺎ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﺘﻬﺞ املﻼﻳ ُ ُ ني َ املﺠﻤﻮﻋﺎت ﻧﻔﺲ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺬي ﺗﻨﺘﻬﺠﻪ اﻟﺼﻐرية اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ذﻫﻨﻪ. ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،ﻳﺒﺪو اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم — ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﻌﻴﺎ ًرا ﻻﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار — ﻣﻌﻴﺎ ًرا ﻗﻮﻳﻤً ﺎ، ٍ وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺴﻴ ً ﻄﺎ ،وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ،وﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻠﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﻌﺎم.
130
اﻟﻘﺮارات اﻟﻌﺎﻣﱠ ﺔ
اﻻﻟﺘﺰام اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻣﺒﺪأ اﻟﻨﻔﻊ اﻷﻋﻈﻢ ﻷﻛﱪ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﺒﺪأ ً ﺟﺬﱠاﺑًﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ إن أي ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺗﻌﻜﺲ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره املﺒﺪأ اﻻﺳﱰﺷﺎدي ﻟﻬﺎ ،ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳُﻨ َ ﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻌني اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ واﻻﺣﱰام ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﺪد ﻛﺒري ﻣﻦ اﻟﻨﺎس؛ ﱢ ﻣﺘﻠﻘﻲ اﻟﻨﻔﻊ .وﻟﻜﻦ اﻟﻨﺴﺨﺔ املﺘﻄﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا املﺒﺪأ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺆدﱢي إﱃ اﻻﺳﺘﺒﻌﺎد اﻟﺼﺎﻣﺖ ﻷﻋﻀﺎء املﺠﺘﻤﻊ ﻏري املﻨﺘﺠني، ً ﺑﻐﻴﻀﺎ أﺧﻼﻗﻴٍّﺎ؛ وﺑﻬﺬا ﺗﺪﺧﻞ اﻷﺧﻼق ﺳﺎﺣﺔ املﻨﺎﻗﺸﺔ. وﺳﻴﺠﺪ ﻣﻌﻈﻤﻨﺎ ذﻟﻚ أﻣ ًﺮا ﱠ ً ﺷﺨﺼﺎ أﺿﻌﻒ ﻣﻨﺎ ،وﰲ ﺳﻮف ﻳَﻌﺘﱪ ﻣﻌﻈﻤﻨﺎ أﻧﻪ ﻣﻦ املﺴﺘﻬﺠﻦ أﺧﻼﻗﻴٍّﺎ أن ﻧﻬﺎﺟﻢ ﺣﺎو ْل أن ﺗﺨﻤﱢ ﻦ ﻛﻴﻒ اﻟﻮاﻗﻊ إن اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﻌُ ﱠﺰل ﻫﻮ أﺣﺪ اﻟﺘﺰاﻣﺎﺗﻨﺎ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ .وﻟﻜﻦ ِ ﱠ ﺗﺨﺼﺼﻮا ﻓﻘﻂ ﰲ ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻷﻗﻮام اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻮﻗﻮﻧﻬﻢ ﻛﻨﱠﺎ ﺳﻨﺘﻮاﺟﺪ ﻫﻨﺎ ﻟﻮ أن أﺳﻼﻓﻨﺎ ﻗﺪ ﻗﻮ ًة .ﻣﻦ ﻏري املﺤﺘﻤﻞ أﻧﻪ ﻛﺎن ﺳﻴﺼﺒﺢ ﻟﻨﺎ وﺟﻮد ،وﻫﻢ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻠﻮا ذﻟﻚ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﻌﻈﻤﻨﺎ َ ﺳﺎﺧ ً دوﻟﺔ اﻟﻜﻮﻳﺖ اﻟﻌَ ْﺰﻻء ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﻄﺎ ﻗﺒﻞ ﺑﻀﻊ ﺳﻨﻮات ﺣني ﻫﺎﺟَ َﻢ ﺻﺪام ﺣﺴني ﻳﻬﺪﱢد ﻟﺴﻨﻮات ،ﻏري أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻌﺘﺎدًا ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺠﺰء ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢً . أﻳﻀﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﴫاع ﺑني اﻟﻬﻨﻮد اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني واﻟﻐﺰاة اﻟﴩﻗﻴني ﴏاﻋً ﺎ ﻣﺘﻜﺎﻓﺌًﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺘﻪ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﱠ ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ ،وﺧﻼل ﻗﺮوﻧﻨﺎ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﰲ ﻣﺴرية اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﺳﺘﻮﻟﻴﻨﺎ ﻋﲆ ﻗﻄﻊ ﻛﺒرية ﻣﻦ أراﴈ ﺟرياﻧﻨﺎ؛ إن أﻳﺎدﻳﻨﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﻴﻀﺎء. ُ ً ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ ﺗﺤﺖ اﻟﻀﻐﻂ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ رﻓﺎﻫﻴﺔ ،وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن إذن ﻓﺪﻋﻢ اﻟﻀﻌﻔﺎء ﻳُﻌَ ﱡﺪ اﻟﻌﻤﲇ أﻗ ﱠﻞ ﺗﻘﺪﻳ ًﺮا ﻣﻤﺎ ﻳُﻔﱰَض أن ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ ،ﻏري أن اﻟﻜﺜري ﻣﻨﱠﺎ )ورﺑﻤﺎ ﻣﻌﻈﻤﻨﺎ( ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ أﻗﺮب ﻷن ﻳﻜﻮن اﻟﺘﺰاﻣً ﺎ أﺧﻼﻗﻴٍّﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴٍّﺎ؛ وﻫﻲ أﻃﺮوﺣﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﺠﺪﻳﺪ، ري ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص اﻷﺧﺮى اﻟﺤﺎوﻳﺔ ﻟﻠﻌﻘﻴﺪة اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،ﻏري أﻧﻬﺎ وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﻛﺜ ٍ ﻓﻜﺮة أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ أﻓﻜﺎر ﴍﻳﻌﺔ ﺣﻤﻮراﺑﻲ ،ذﻟﻚ املﻠﺨﺺ اﻟﺮاﺋﻊ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن اﻟﺒﺎﺑﲇ اﻟﺬي ﺳﺒﻖ ﻧﺼﻮص اﻟﻌﻬﺪ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ أﻟﻒ ﻋﺎم )اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﴩ ﻗﺒﻞ املﻴﻼد( ،واﻋﺘﻤَ َﺪ ﻫﻮ ً ٍ ﺗﺎرﻳﺨﺎ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ اﻟﺘﺰاﻣً ﺎ ﺣﺘﻤﻴٍّﺎ. ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﻗﺪم ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻧني .إن ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ اﻟﻀﻌﻴﻒ ذاﺗﻪ ﻋﲆ َ ﻏري أﻧﻨﺎ ﻧﺠﺪ ﰲ اﻟﺠﺰء املﻘﺘﻄﻒ ﻣﻦ اﻷوراق اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ،املﻘﺘﺒَﺲ أﻋﻼه ،أن ﻣﺎدﻳﺴﻮن ً أﻏﻠﺒﻴﺔ ﻳﺬﻫﺐ إﱃ أﻧﻪ ﻣﻦ املﺴﺘﺤﻴﻞ أن ﻧﺤﻤﻲ اﻟﻀﻌﻔﺎءَ داﺧﻞ ﺷﻜﻞ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ ﻟﻠﺤﻜﻢ؛ ﻷن ذات ﻧﻔﻮذ وﺳﻠﻄﺔ ﺳﻮف ﺗﺠﺪ إﻏﺮاءً ﻻ ﻳُﻘﺎوَم ﰲ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﺼﺎﻟﺢ أﻗﻠﻴﺔ ﺿﻌﻴﻔﺔ )أو ﻓﺮد ﺑﻐﻴﺾ ﻣﺸﺎﻏﺐ ،ﺑﺤﺴﺐ ﺗﻌﺒريه( ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ أﻫﻮاء اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻳﻘﺼﺪ ﰲ َ املﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﺘﻲ دا َر ْت ﰲ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﻮاﻗﻊ أن اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﺗﺘﻌﺎرض ﻣﻊ اﻷﺧﻼق؛ وﻋﲆ ﻣﺪى اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ ،وﰲ اﻷوراق اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ،ﺛﻤﺔ ﻓﻜﺮة ﻣﺘﻜ ﱢﺮرة ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن اﻟﺘﻄ ﱡﻠﻌﺎت ﻟﻠﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ 131
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻼﻟﺘﺰام اﻷﺧﻼﻗﻲ املﺘﻤﺜﱢﻞ ﰲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ ﺣﻘﻮق اﻟﻔﺮد؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻓﻬﻤﺎ ﻋﺎل؛ ﻓﺎﻟﻘِ ﻴَﻢ املﺘﻀﺎرﺑﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻮﺗﺎن ﻣﺘﻀﺎدﺗﺎن .وﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮًى ٍ ً واﺿﺤﺔ ،وﺣُ ِﻜ َﻢ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ ﺷﺄن ﺣ ﱟﻞ وﺳﻂ — ﺗﻤﺜ ﱠ َﻞ ﰲ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﺗﻤﺜﻴﻠﻴﺔ ،ﻻ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ — أن ﻳﻀﻤﻦ ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ ﺳﻌﺎد َة اﻟﻨﺎس ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻌﻘﻮل ،ﻣﻊ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ أﻣﻨﻬﻢ .ﻛﺎن اﻻﻟﺘﺰام اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻫﻮ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻟﺤﻘﻮق املﻤﻨﻮﺣﺔ ﻟﻠﻨﺎس ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ اﻟﺨﺎﻟﻖ ،ﻣﺎ دام أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺤﻤﻞ ﺗﻬﺪﻳﺪًا ﻟﺴﻼﻣﺔ وﺗﻤﺎﺳﻚ اﻻﺗﺤﺎد ،وﻟﻴﺲ واﺿﺤً ﺎ ﻣَ ﻦ اﻟﺬي ﺗﺤﺪ َ ﱠث إﱃ اﻟﺨﺎﻟﻖ ﺑﺸﺄن ﻣﺎ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺄﺗﻲ ً أوﻻ. ﻓﺮض اﻟﴬاﺋﺐ واﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺗُﻌَ ﱡﺪ اﻟﴬاﺋﺐ واﻟﻌﻘﺎب ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻮك املﻨﺤﺮف أﻛﱪ ﺳﻠﻄﺘني ﻷي ﺣﻜﻮﻣﺔ ،واﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ وراﺋﻬﻤﺎ ﺗﻌﻜﺲ ﻗِ ﻴَﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ؛ ﻓﺠﻤﻴﻊ أﻃﻔﺎل املﺪارس اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻤﻮن أن املﻠﻚ ٍ رﺳﺎﻟﺔ، ﺟﻮرج ﻛﺎن ﻳﻔﺮض ﴐاﺋﺐ ﻋﲆ اﻟﺸﺎي اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻮرده اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن )ﻟﺘﻮﺻﻴﻞ َ َ وﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﻟﺘﺤﺼﻴﻞ إﻳﺮادات( ،وأن ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻮﺳﻄﻨﻴني اﻟﻐﺎﺿﺒني ﻗﺪ أ ْﻟﻘﻮا ﺑﺤﻤﻮﻟﺔ ﻣﻨﻪ ﻣﻦ ﻋﲆ ﻣﺘﻦ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﰲ ﻣﻴﻨﺎء ﺑﻮﺳﻄﻦ ،ﻗﺒﻞ ﻋﺎﻣني ﻣﻦ اﻧﺪﻻع ﺛﻮرة ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ اﻷرﻛﺎن ﺿﺪ اﻟﺤﻜﻢ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي )ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺒﻮﺳﻄﻨﻴﻮن ﺑﺎﻟﺸﺠﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ أﻇﻬﺮﻧﺎﻫﻢ ﺑﻬﺎ ﰲ ﱢ ﺑﺎﻟﺘﺨﻔﻲ ﰲ ﺷﻜﻞ ﻫﻨﻮد( .وﻟﻜﻦ أﺳﻄﻮرﺗﻨﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﺣﺎوﻟﻮا إﻟﻘﺎء املﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﻋﲆ ﻋﺎﺗﻖ ﻏريﻫﻢ ﻓﻜﺮة أن اﻟﴬﻳﺒﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻟﺼﺎﻟﺢ داﻓِ ﻌِ ﻴﻬﺎ ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻌﻘﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﺤﻜﻢ ،وﴐﻳﺒﺔ اﻟﺸﺎي ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺼﻠﺤﺔ املﻠﻚ ﺟﻮرج وﺣﺪه ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ؛ وﻗﺪ ﻓﻌﻞ ﻋﲆ اﻟﴬاﺋﺐ اﻟﺒﺎﻫﻈﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﺮﺿﻬﺎ املﻠﻚ ﺟﻮن ﻋﲆ ﻛﺎﻧﺖ املﺎﺟﻨﺎ ﻛﺎرﺗﺎ ذاﺗﻬﺎ ر ﱠد ٍ ﱢ ﻣﺘﺄﺻﻠﺔ ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﺘﺎرﻳﺦ؛ إذ اﻟﺒﺎروﻧﺎت ،وﺗُﻌَ ﱡﺪ ﻓﻜﺮة اﻻﺳﺘﻴﺎء ﻣﻦ ﻓﺮض اﻟﴬاﺋﺐ ﻓﻜﺮ ًة ﺗﻮﺟﺪ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺴﺠﻼت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ. َ ُ ً ِ ﻣﺒﺎﴍًا ﻟﻠﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت ،ﺗﺪﻓﻊ ﻃﻮﻋً ﺎ ،وﻓﻘﻂ ﺣني ﺗﻜﻮن ﻣﻘﺎﺑﻼ واﻟﴬﻳﺒﺔ ﻟﻴﺴﺖ اﻟﻔﻮاﺋﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﱰﻳﻬﺎ ﺗﺴﺘﺤﻖ اﻟﺴﻌﺮ؛ ﻣﺜﻞ ﺳﻌﺮ اﻟﺠﺒﻦ ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﳾء إﻟﺰاﻣﻲ ،ﻻ ﺗُ َ ﺪﻓﻊ وﻓﻖ ﻫﻮى داﻓِ ِﻊ اﻟﴬاﺋﺐ ،وﺗُ َ ﻨﻔﻖ ﰲ أﺷﻴﺎء ﻗﺪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪﻫﺎ أو ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻴﻬﺎ داﻓِ ُﻊ اﻟﴬاﺋﺐ؛ ﻣﺜﻞ ﺛﻴﺎب اﻹﻣﱪاﻃﻮر وﻋﺮﺑﺘﻪ .ﻏري أن اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ واﺿﺤﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﴍ ﻟﺪاﻓﻊ اﻟﴬاﺋﺐ ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺣني ﺗﻜﻮن ﱠ ً ﻣﻌﻘﺪ ًة ،أو ﺑﻌﻴﺪة ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮن ُ ْ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺰﻣﺎن أو املﻜﺎن .ﻳُﻌ َﺮف ﻋﻦ اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ِﺳﻠ ٍﻢ ﻋﺰوﻓﻬﺎ ﻋﻦ إﻧﻔﺎق 132
اﻟﻘﺮارات اﻟﻌﺎﻣﱠ ﺔ
اﻟﻜﺜري ﻣﻦ املﺎل ﻋﲆ اﻹﻋﺪاد اﻟﻌﺴﻜﺮي ،ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺮﻏﺐ اﻟﻨﺎس ﰲ دﻋﻢ اﻷﺑﺤﺎث اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮن ﻋﺎﺋﺪﻫﺎ املﺤﺘﻤﻞ ﻏري ﻣﺆ ﱠﻛﺪ أو ﻏري ﻣﻔﻬﻮم ،وﻻ ﻳﻈﻬﺮ إﻻ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ؛ وﰲ ﻫﺬه اﻷﻳﺎم، ُ اﻗﱰاﺣﺎت وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ دﻋﻢ اﻟﺠﻤﻴﻊ ملﻔﻬﻮم اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺮاﻗﻲ ﻟﻠﺼﻐﺎر ،داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﺗُﻬ َﺰم ﺗﺨﺼﻴﺺ ﻧﻔﻘﺎت إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻟﺪﻋﻢ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﰲ اﺳﺘﻄﻼﻋﺎت اﻟﺮأي .ﻏري أن اﻟﺤﻔﺮ املﻮﺟﻮدة ِ إزﻋﺎج واﺿﺢ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﱄ ،ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء ﻋﲆ اﻟﻄﺮق ﻳﺘ ﱡﻢ ردﻣﻬﺎ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻤﺜﱢﻞ ﻣﺼﺪ َر ٍ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﻴﺪﻓﻌﻮن ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻹﺻﻼﺣﺎت ،وﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻦ ﻳﺪﻓﻌﻮا. ً وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺷﻌﺎر »ﻓﺮض اﻟﴬاﺋﺐ ﺑﻼ ﺗﻤﺜﻴﻞ اﺳﺘﺒﺪاد« ﺷﻌﺎ ًرا ﻣﻌﺮوﻓﺎ ﻋﲆ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ،وﻳُﻌﺎﻣَ ﻞ ﻛﴚء ﺑﺪﻳﻬﻲ ﰲ املﺪارس ،ﻓﺈن ﻗﺮارات املﺴﺘﺒﺪﻳﻦ ﺑﺸﺄن ﻛﻴﻔﻴﺔ اﺳﺘﻐﻼل ٍ ﺳﻴﺌﺔ ملﺠﺘﻤﻊ داﻓﻌﻲ اﻟﴬاﺋﺐ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ؛ ﻓﺤﺘﻰ آﺛﺎر اﻟﴬاﺋﺐ ﻻ ﺗﻜﻮن داﺋﻤً ﺎ ذات ٍ املﺴﺘ ِﺒ ﱡﺪ ﻳﺮﻏﺐ ﰲ أن ﻳُﻜﺘَﺐ ﻟﺒﻼده اﻟﺒﻘﺎء ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن وﺳﺎﺋﻠﻪ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ذﻟﻚ ﻣﻠﺘﻮﻳﺔ. ً ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻮازن ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ وﺿﻊ ﻃﺒﻘﺔ ﻳُﻔﱰَض ﺑﺄي ﻧﻈﺎم ﺗﻤﺜﻴﲇ ﻛﻨﻈﺎﻣﻨﺎ أن ﻳﻘﻴﻢ إﺿﺎﻓﻴﺔ ﺑني ﺣﺎﺟﺔ داﻓﻊ اﻟﴬاﺋﺐ ﻟﻌﻮاﺋﺪ واﺿﺤﺔ ﻣﻦ وراء ﴐاﺋﺒﻪ ،وﺣﺎﺟﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﺪﻋﻢ ﺗﻠﻚ اﻻﻟﺘﺰاﻣﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺸ ﱠﻜﻞ أيﱡ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ ،واﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮن ً ً ِ ﻣﺒﺎﴍ أﻣﺎم ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ ﺑﺸﻜ ﱟﻞ واﺿﺤﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ .وﻻ أﺣﺪ ﻳﻌﻠﻢ ﻛﻴﻒ ﻧﺠﻌﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻮاﺋﺪُﻫﺎ داﻓﻌﻲ اﻟﴬاﺋﺐ ،وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ﺗﺴﺘﻐ ﱡﻞ أﻣﻮال اﻟﴬاﺋﺐ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم ،ﺣﺘﻰ ُ املﺸﻜﻠﺔ اﻟﺼﻌﺒﺔ ﺟﻤﻴ َﻊ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك دﻋ ٌﻢ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ داﻓﻌﻲ اﻟﴬاﺋﺐ .ﺗﺆ ﱢرق ﻫﺬه اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،وﺗﺘﻔﺎﻗﻢ اﻷزﻣﺔ ﺑﺪرﺟﺔ أﻛﱪ ﰲ زﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺠﻤﺎﻫريي، َ ٍ ِ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻟﺪاﻓﻌﻲ اﻟﴬاﺋﺐ اﻟﻘﺪرات ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ اﻟﺬي ﻳﺘﺠﺎوز ﻓﻴﻪ ﺗﻌﻘﻴ ُﺪ اﻟﻌﺪﻳ ِﺪ ﻣﻦ املﺸﻜﻼت ً )ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻗﺪرات املﴩﻋني( ﻋﲆ إﺻﺪار أﺣﻜﺎم ﻣﺪروﺳﺔ ،وﺗﺤﻮﱢل ﻓﻴﻪ وﺳﺎﺋ ُﻞ اﻻﺗﺼﺎل ﻛ ﱠﻞ املﻮﺿﻮﻋﺎت إﱃ رﺳﻮم ﻛﺎرﻳﻜﺎﺗﻮرﻳﺔ وﻣﻘﺎﻃﻊ ﺻﻮﺗﻴﺔ؛ وﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ﻳﺼﺒﺢ اﻻﺧﺘﻴﺎ ُر املﺪروس ﱠ ﻳﺘﺤﻘﻖ) .ﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﻬﺮﻃﻘﺔ أن ﻧﻘﻮل ذﻟﻚ ،وﻟﻜﻦ اﻷﻣﺎﻧﺔ ﺗﻘﺘﴤ و َْﻫﻤً ﺎ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ أن أن ﻳﻘﺎل (.وﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺤﻞ اﻟﺬي ﻳُﺬ َﻛﺮ ﺣني ﻳُﺜﺎر ﻫﺬا املﻮﺿﻮع وﺳﻂ رﻓﻘﺔ ﻣﻬﺬﱠﺑﺔ ﻫﻮ أﻧﻨﺎ ﻻ ﺑﺪ أن ﻧﻜﺎﻓﺢ داﺋﻤً ﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻠﻖ ﻣﻮاﻃﻨني ﻣﺜﻘﻔني ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻜﻮن ﺧﱪاء ﰲ ﻛﻞ ﳾء ،وﻣﻦ اﻟﻮﻫﻢ املﺴﺘﺤﻴﻞ ً أﻳﻀﺎ أن ﻧﻌﺘﻘﺪ أﻧﻨﺎ ﺳﻨﻜﻮن ﻛﺬﻟﻚ؛ إﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ ،ﻧِﺼﻒ اﻟﻨﺎس ﻳﺤ َ ﻈﻮن ﺑﺘﻌﻠﻴﻢ وذﻛﺎء أﻗﻞ ﻣﻦ املﺘﻮﺳﻂ ،وﺳﻴﻈﻞ ﻫﺬا داﺋﻤً ﺎ أﻣ ًﺮا واﻗﻌً ﺎ؛ إﻧﻪ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺑﺪﻳﻬﻴﺔ.
133
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺑﻼ ﴐاﺋﺐ وﻟﻜﻦ ﺗﻠﻚ املﺸﻜﻠﺔ ﻻ ﺗُﻘﺎ َرن ﺑﻨﻈريﺗﻬﺎ املﻀﺎدة؛ أ َ َﻻ وﻫﻲ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺑﻼ ﴐاﺋﺐ؛ ﺗﻠﻚ املﺸﻜﻠﺔ ﻫﻲ ﻛﻌﺐ أﺧﻴﻞ ﻟﻠﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،وﻗﺪ ﺗُﺤﻴﻞ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ إﱃ ﻣﺤﺾ ﻓﻜﺮة ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻛﺎدت أن ﺗﻨﺠﺢ .ﺗﻈﻬﺮ املﺸﻜﻠﺔ ﰲ املﺒﺪأ اﻷول ﻣﻦ ﻣﺒﺎدئ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار اﻟﻔﻌﱠ ﺎﻟﺔ؛ أﻻ وﻫﻮ أن ﺻﺎﻧﻊ اﻟﻘﺮار ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ﻧﺼﻴﺐٌ ﰲ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﻘﺮار وﻓﻮاﺋﺪه؛ ﻓﻤﻦ دون ذﻟﻚ ،ﻻ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك داﻓِ ٌﻊ ﻣ ُْﻐ ٍﺮ ﻻﺗﺨﺎذ ﻗﺮارات ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ ،وﻳﻜﻮن اﻟﻔﺸﻞ ﱠ وﻣﺘﻮﻗﻌً ﺎ ،وﻫﺬا أﻣﺮ ﻻ ﻳﻀﺎﻫﻴﻪ ﳾء ﰲ اﻷﻫﻤﻴﺔ. ﻣﺤﺘﻮﻣً ﺎ َ ﱢ املﺆﺳﺴﻮن اﻷﺻﻠﻴﻮن ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻫﺬا ،وﺗﺮﻛﻮا ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺣﻘﻮق اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﰲ ﻛﺎن اﻵﺑﺎء أﻳﺪي اﻟﻮﻻﻳﺎت ،ﻣﺘﻌﻤﺪﻳﻦ ﰲ ذﻟﻚ ﻋﺪم اﺗﺒﺎع اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ اﻟﻘﺪﻳﻢ املﺘﻤﺜﱢﻞ ﰲ ﺗﺮك اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﻷرﺑﺎب اﻷﻣﻼك ﻓﻘﻂ .ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﺜرية ﺣﻮل ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ﰲ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ ،ﻋ ﱠﻠ َﻖ ﺧﻼﻟﻬﺎ أﺣ ُﺪ املﻨﺪوﺑني املﺆﻳﺪﻳﻦ ﻟﴩط ﺣﻴﺎزة اﻷﻣﻼك ،ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻮ أراد ﺷﺨﺺ أن ﻳﺼﻮﱢت ﻟﺼﺎﻟﺢ أﻣﻮر ﺿﺎرة ،ﻓﻜ ﱡﻞ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺸﱰي ﻋﻘﺎ ًرا ﻣﺎ .ﻟﻢ ﻳﻐﻠﺐ ﻫﺬا اﻟﺮأي ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ ٍ ﺳﻠﻄﺔ ﻣﺎﻟﻴ ٍﺔ — ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘُﺴﺘﺨﺪم ﻋﻦ ﺑُﻌْ ٍﺪ اﻟﻮاﺿﺢ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻮﺟﺪ ﻗﻠﻖ ﺑﺸﺄن ﻣَ ﻨْﺢ ً ً ﻣﺎﻟﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﻨﻮﱠاب ﻳَﻌﺮﻓﻮن ﺗﻤﺎم املﻌﺮﻓﺔ ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ — ﻟﻠﻤﺼﻮﱢﺗني دون أن ﻳﻤﺘﻠﻜﻮا )ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﴘ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ ﺳﺎﺳﺘﻨﺎ اﻟﺤﺎﻟﻴني( أن ﻣﻦ املﺒﺎﻟﻐﺔ أن ﱠ ﺗﺘﻮﻗﻊ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس أن ﻳﺘﺤ ﱠﺮوا ﱡ َ واﻟﺘﻌﻘﻞ ﰲ اﺳﺘﺨﺪام ﻣﻮارد اﻵﺧﺮﻳﻦ. اﻟﺤﺮص َ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﻤﺎﺋﺘ ْﻲ ﻋﺎم ﴏﻧﺎ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻮردي اﻟﺬي ﻗﺪ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻔﺎﺟﻌﺔ؛ ﻓﺤﻮاﱄ ٦٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﴐاﺋﺐ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ دﻓﻌﻬﺎ ملﺼﻠﺤﺔ اﻟﴬاﺋﺐ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻦ ١٠ ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ داﻓﻌﻲ اﻟﴬاﺋﺐ ،ﺑﻞ إن ﻋﺪد املﺼﻮﱢﺗني أﻛﱪ ﻣﻦ ﻋﺪد داﻓﻌﻲ اﻟﴬاﺋﺐ؛ ﻟﺬا ﻃﺎغ ﰲ أﻳﺪي ﻓﺈن ﺳﻠﻄﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ﻋﲆ إﻧﻔﺎق اﻷﻣﻮال اﻟﻌﺎﻣﺔ ﰲ ﺑﻼدﻧﺎ ﺗﱰﻛﺰ ﺑﺸﻜﻞ ٍ ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻦ ﻳﺪﻓﻌﻮا ﺛﻤﻨًﺎ ﻟﻠﻘﺮارات اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺨﺬوﻧﻬﺎ؛ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﻤﻬﱢ ﺪ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻠﺪﱠﻳﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﻀﺨﻢ )واملﺘﻨﺎﻣﻲ( ،واﻟﻌﺠﺰ املﺴﺎوي ﻟﻪ ﰲ اﻟﻀﺨﺎﻣﺔ اﻟﺬي ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻪ ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ ﻛ ﱠﻞ ﻋﺎم )وﻫﻮ ﺧﻴﺎر أﻧ َﻜ َﺮ ﱠ ﺣﻘﻨﺎ ﻛﺄﻓﺮاد( ،واﻟﺰﻳﺎدة املﺘﻌﺬر إﻳﻘﺎﻓﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ ﺑﺮاﻣﺞ اﻻﺳﺘﺤﻘﺎق؛ ﻓﺤني ﻻ ﻳﻜﻮن املﺴﺘﻔﻴﺪون ﻣﻦ اﻟﱪاﻣﺞ ﻫﻢ اﻟﺪاﻓﻌني ،ﻳﺼري اﻷﻣﺮ ﻏريَ ﻃﺒﻴﻌﻲ .ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﳾء ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻌﻠﻪ ﺣﻴﺎل ذﻟﻚ داﺧﻞ ﻣﻨﻈﻮﻣﺘﻨﺎ؛ إذ إن أي ﺳﻴﺎﳼ ﻳَﻌِ ﺪُﻧﺎ ﺑﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ املﺰاﻳﺎ واﻟﻔﻮاﺋﺪ ،اﻟﺘﻲ ﺗُ َ آﺧﺮﻳﻦ ﻣﺠﻬﻮﻟني ،ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ﻣﻴﺰة ﻋﻦ َ ﺪﻓﻊ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ َ آﺧﺮ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﱠﺎ أن ﻧﻘﻮم ﺑﺎﺧﺘﻴﺎرات ﺻﻌﺒﺔ وﺳﻂ أﻫﺪاف ﻣﺮﻏﻮﺑﺔ ،وﻫﻮ ﳾء ﻧﻔﻌﻠﻪ ﻛﻞ ﻳﻮم ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ. 134
اﻟﻘﺮارات اﻟﻌﺎﻣﱠ ﺔ
وﻣﻦ ﺛَﻢﱠ ،ﻛﺎن املﻮاﻃﻨﻮن ﰲ وﻻﻳﺔ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ — ﻣﺴﻘﻂ رأس اﻟﻜﺎﺗﺐ — ﺳﻌﺪاءَ ﺑﺘﻤﺮﻳﺮ ِ ﴍﻛﺎت اﻟﺘﺄﻣني ﺑﺮ ﱢد ٢٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻷﻗﺴﺎط اﻟﺘﻲ ﻳﺘ ﱡﻢ ﺟﻤﻌﻬﺎ؛ وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﻣﺒﺎدرة ﺗُ ِﻠﺰم ﺗﻔﻮﱡق ﻋﺪدِ داﻓﻌﻲ اﻷﻗﺴﺎط ﻋﲆ ﻋﺪد ﴍﻛﺎت اﻟﺘﺄﻣني ،ﻓﺈن ﺣﻴﺜﻴﺎت اﻷﻣﺮ ﺗﻜﺎد ﻻ ﺗﻬﻢﱡ. ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺟﺰاء اﻟﺴﻴﺌﺔ اﻟﺴﻤﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺔ ،ﻳﺴﻌﺪ املﺼﻮﱢﺗﻮن ﺑﻮﺿﻊ ﺿﻮاﺑﻂ إﻳﺠﺎرﻳﺔ ﺻﺎرﻣﺔ؛ وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﺗﻔﻮﱡق ﻋﺪد املﺴﺘﺄﺟﺮﻳﻦ ﻋﲆ أﺻﺤﺎب اﻟﻌﻘﺎرات ،ﻓﺈن ﺣﻴﺜﻴﺎت اﻷﻣﺮ ﺗﻜﺎد ﻻ ﺗﻬﻢ .ﰲ اﻟﻬﻨﺪ ،أﻛﱪ دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻳﺠﻬﻞ ﻧﺼﻒ املﺼﻮﱢﺗني ،ﻋﲆ اﻷﻗﻞ، َ َ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﰲ أﻛﺜﺮ اﻷﻣﻮر ﺗﻌﻘﻴﺪًا وﺗﺤ ﱢﺪﻳًﺎ، واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻳﺤﺪﱢدون اﻟﻘﺮاء َة ٍ اﺧﺘﺒﺎرات ﰲ اﻟﻘﺮاءة واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻟﻠﻤﺼﻮﱢﺗني، اﻗﱰاح إﺟﺮاءِ ﻟﻜﻦ ﰲ ﺑﻼدﻧﺎ ﻻ ﻳﺠﺮؤ أﺣ ٌﺪ ﻋﲆ ِ وﻫﻜﺬا. ﻫﺬا املﺮض ﱡ ﻳﻤﺲ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﺳﺘﻐﻼل اﻟﴬاﺋﺐ؛ ﻓﻬﻮ ﻳﺆﺛﱢﺮ ﻋﲆ ﻛﻞ اﻷﻣﻮر ً ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻨﱠﺎ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ أﺷﺨﺎص ﺟﻬﻼء أو أﺷﺨﺎص ﻻ ﻳﻤﺴﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻳُﺘﱠ َﺨﺬ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻘﺮار ﳾء ﻣﻦ ﺟ ﱠﺮاﺋﻬﺎ .ﺛﻤﺔ ﻣﺜﺎل ﺟﲇ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻋﲆ ذﻟﻚ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻳﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ ﱡ واﻟﺘﺤﴬ ﺑﺸﻜﻞ أﻛﱪ، اﻟﺪور اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻲ املﺘﺰاﻳﺪ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ؛ ﻓﻤﻊ ﺗﺤﻮﱡل اﻟﺒﻼد إﱃ املﺪ ِﻧﻴﱠﺔ رﻏﺒﺔ واﺳﺘﻌﺪادًا ﻟﻔﺮض أﻋﺒﺎء ﻋﲆ ﻣﺎ ﱠ ً ﺗﺒﻘﻰ ﻧﺠﺪ أن أﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﻨﺎﺧﺒني اﻟﺤﴬﻳني ﻳﺰدادون ُ ً ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ .ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺣ ﱡﺪ اﻟﴪﻋﺔ اﻟﺒﺎﻟﻎ ﺧﻤﺴﺔ وﺧﻤﺴني ﻣﻴﻼ ﰲ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻣﻨﻄﻘﻴٍّﺎ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﺎ ﰲ اﻷﺟﺰاء اﻷﻛﺜﺮ ازدﺣﺎﻣً ﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﻼد ،إﻻ أﻧﻪ ُﻓ ِﺮض ﻋﲆ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،وﻇ ﱠﻞ ﻣﺤ ﱠﻞ ُ اﺳﺘﻤﺮار دام ﻋﴩﻳﻦ ﻋﺎﻣً ﺎ(. ﺗﺠﺎﻫﻞ ﻋﲆ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ إﱃ أن أُﻟﻐِ ﻲ ﰲ ﻋﺎم ) ١٩٩٥ﺑﻌﺪ ٍ واﻟﺘﴩﻳﻌﺎت اﻟﺤﻤﺎﺳﻴﺔ ﺿﺪ ﺣﻤﻞ اﻟﺴﻼح ﺗﺴﺘﻬﺪف ﰲ اﻷﺳﺎس ﻣﺸﻜﻼت املﺪن اﻟﻜﱪى ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗُﻔ َﺮض ً ﻓﺮﺿﺎ ﻋﲆ اﻟﺠﺰء اﻟﺮﻳﻔﻲ ﻣﻦ أﻣﺮﻳﻜﺎ ،اﻟﺬي اﻋﺘﺎد اﻟﺘﺴ ﱡﻠﺢ ،وﰲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﻴﺎن ﻻ ﻳﺠﺪ ﻏﻀﺎﺿﺔ ﺣﻴﺎل ذﻟﻚ .إﻧﻨﺎ ﻧﺰداد اﺳﺘﻌﺪادًا ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺶ ﺑﻬﺎ َ اﻵﺧﺮون ﺣﻴﺎﺗَﻬﻢ ،إذا ﻣﺎ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻳﺘﻢ دون ﺗﻜﻠﻔﺔ ملﻌﻈﻤﻨﺎ .ﰲ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ،ﻋُ ِﺮض ﺧﻤﺴﺔ وﻋﴩون ً ﺗﻌﺪﻳﻼ ﻣﻘﱰﺣً ﺎ ﻋﲆ دﺳﺘﻮر اﻟﻮﻻﻳﺔ ﻋﲆ اﻟﻨﺎﺧﺒني ،ﻋﲆ أﺳﺎس املﻮاﻓﻘﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ أو رﻓﻀﻬﺎ، ً ٌ ﺣﻤﻼت دﻋﺎﺋﻴﺔ ﻃﻔﻴﻔﺎ ،وﻟﻜﻦ ﺻﺎﺣَ ﺐَ ذﻟﻚ دون إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﺘﻔﺎوض أو إدﺧﺎل ﺗﻌﺪﻳﻞ وﻟﻮ ﺿﺨﻤﺔ ،ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺒﻊ أﺳﻠﻮبَ اﻟﺘﻀﻠﻴﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﺻﺎرخ؛ ﻓﺎﻟﱰوﻳﺞ ﻟﺘﻌﺪﻳﻞ دﺳﺘﻮري ﰲ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ﻳُﻌﺎﻣَ ﻞ ،إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري ،ﻣﺜﻞ اﻟﱰوﻳﺞ ملﺴﻜﻨﺎت اﻷﻟﻢ أو ﺣﺒﻮب اﻹﻓﻄﺎر .ﻛﺎن ً اﻗﱰاح ﻻ ﻳﺮﻓﻊ اﻟﴬاﺋﺐ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻣُﻌَ ﱟﺪ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ ،وﻳَﻌِ ُﺪ ﺑﻌﺪم إﻟﺤﺎق أي ﻣﻌﺮوﻓﺎ أن أيﱠ ٍ ﴐر إﻻ ﺑﺄﻗﻠﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس؛ ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﺟﻴﺪة ﻷن ﻳُﻤ ﱠﺮر ،وﺑﻤﺠﺮد ﻗﺒﻮﻟﻪ ﻳﺼﺒﺢ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺪﻳﻞ ﺟﺰءًا ﻣﻦ دﺳﺘﻮر اﻟﻮﻻﻳﺔ ،وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻐﻴريه إﻻ ﻋﱪ ﺗﺼﻮﻳﺖ َ آﺧﺮ ﻟﻠﻨﺎﺧﺒني ﻳﺸﻤﻞ 135
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﺟﻤﻴ َﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻮﻻﻳﺔ .ﻣﻦ ﺑني اﻟﺘﻌﺪﻳﻼت اﻟﺨﻤﺴﺔ واﻟﻌﴩﻳﻦ املﻘﱰﺣﺔ ،ﺗ ﱠﻢ ﺗﻤﺮﻳﺮ ﺣﻮاﱄ اﻟﺜﻠﺚ ،وأﻳٍّﺎ ﻛﺎن ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﴩﻳﻌﻴﺔ ﻏري اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺎﻟﻨﻘﺎش واﻟﺘﻌﺪﻳﻞ املﻼﺋﻢ ﻟﻌﻴﻮب اﻟﺘﴩﻳﻊ املﻘﱰح .واﻟﺘﴩﻳﻊ ،ﻋﲆ ﻋﻜﺲ اﻟﺘﻌﺪﻳﻼت اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ، ﱠ ﻋﺮﺿﺔ ﻟﺘﻌﺪﻳﻞ ﻻﺣﻖ إذا ﻣﺎ َ ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ. أﺳﻔ َﺮ ﻋﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻏري ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺧﻄﺖ ﺧﻄﻮات أﺑﻌﺪ ﻣﻨﱠﺎ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻄﺮﻳﻖ ﺑﻌﻴﻨﻪ، ً ﻣﺄزﻗﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴٍّﺎ واﻗﺘﺼﺎدﻳٍّﺎ ً ﺑﺎﻟﻐﺎ؛ ﻓﺎﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺗَﻨﺘﻬﻚ املﺒﺪأ اﻷول ﻣﻦ وﺗﻮاﺟﻪ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﱄ َ ﻣﺒﺎدئ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻓﺼﻞ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﻋﻦ اﻟﻔﻮاﺋﺪ؛ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﺗﺨﺎذ ً ٍ ٍ ﻣﺴﺘﺤﻴﻼ .ﻟﻘﺪ وﺿﻊ اﻵﺑﺎء املﺆﺳﺴﻮن ﺛﻘﺘَﻬﻢ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺘﻮازن ﺑني اﻷﻣﺮﻳﻦ ﺷﻴﺌًﺎ ﻗﺮارات ﰲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮا اﻟﺘﻨﺒﱡ َﺆ ﺑﺎﻟﺘﻄﻮﱡرات اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺗﺎﺣﺖ ﻋﴫً ا ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺠﻤﺎﻫريي اﻟﻔﻮري .إن ﻫﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻳﺠﻔﻞ ﻣﻦ ﻓﻜﺮة َ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻣﻄﺎ َﻟﺒ ِﺔ اﻷﻃﻔﺎل إﺟﺮاء اﺳﺘﻔﺘﺎء ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﻖ ﻋﲆ ﺟﺪول اﻟﴬب؛ ﻓﻘﺪ ﺧﴪﻧﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺑﺘﻌ ﱡﻠﻤﻪ. ﺳﻮف ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻨﺎ ً ملﻮﺿﻮع ذي ﺻﻠﺔ؛ أ َ َﻻ وﻫﻮ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ﰲ اﻟﻨﻈﺎم ﻻﺣﻘﺎ ﻓﺼ ٌﻞ ٍ اﻟﻘﻀﺎﺋﻲ ،وﺳﻮف ﻳﺘﺤﺪث ذﻟﻚ اﻟﻔﺼﻞ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻀﻴﺔ املﺆملﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻﺧﺘﻴﺎر املﺘﻌﻤﺪ ﻟﻬﻴﺌﺎت املﺤﻠﻔني؛ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮن أﻋﻀﺎؤﻫﺎ ﺑﻼ اﻫﺘﻤﺎ ٍم ﺑﺎملﻮﺿﻮع ﻣﺤﻞ اﻟﻘﻀﻴﺔ املﻨﻈﻮرة، ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﻪ ً ٍ أﻳﻀﺎ. وﻻ ﺗﺘﺠﺎوز ﻣﻴﺰاﻧﻴﺘﻨﺎ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ،ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،اﻟﱰﻳﻠﻴﻮن دوﻻر ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ،وﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﴍط ﻳ ُِﻠﺰم أيﱠ ﻋﻀﻮ ﻣﻦ أﻋﻀﺎء اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس )أو اﻟﺮﺋﻴﺲ( ﺑﺄن ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻪ أي ﺧﱪة أو ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻹدارة املﺎﻟﻴﺔ ،أو أي ﳾء ﻋﲆ اﻹﻃﻼق؛ أﻣﺎ املﺮﺷﺤﻮن اﻟﻘﻼﺋﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺒﺎﻫﻮن ﺑﺨﱪﺗﻬﻢ ً ً ﻣﻐﺮﻳﺔ ﻟﻠﱰوﻳﺞ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ. ﻣﺰﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻼ ﻳﺠﺪون ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺘﻌﻘﻴﺪ إن املﻌﺮﻓﺔ واﻟﺨﱪة اﻟﻼزﻣَ ﺘني ﻟﻘﻴﺎم واﺿﻌﻲ اﻟﻘﻮاﻧني وﻏريﻫﻢ ﻣﻦ املﺴﺌﻮﻟني اﻟﺤﻜﻮﻣﻴني ﺑﻤﻬﺎﻣﻬﻢ ﺗﺘﺰاﻳﺪ أﻫﻤﻴﺘﻬﻤﺎ؛ إذ أﺻﺒﺢ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪًا وﺻﻌﻮﺑﺔ ﰲ اﻟﻔﻬﻢ ،وأﺻﺒﺤﺖ ﻋﻮاﻗﺐ اﻟﻘﺮارات اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ أﻗﻞ وﺿﻮﺣً ﺎ .ﻟﻘﺪ ﻛ ﱠﺮﺳﻨﺎ ﻫﺬا اﻟﻔﺼ َﻞ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻷﻫﺪاف ﱠ وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﺑُﻌْ ﺪًا اﻟﻘﺮارات اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ — ﻣَ ﻦ ﻳﻘ ﱢﺮر ﻣﺎذا؟ وﻣﺎ ﻓﻮاﺋﺪه؟ وملﺼﻠﺤﺔ ﻣَ ﻦ؟ — ُ اﻟﺸﺨﺺ ﻟﻠﻤﺸﻜﻼت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺗﺘﺨ ﱠﻠﻠﻪ رﻳﺒﺔ ﰲ وﺟﻮد اﻹﺧﻼص واﻷﻣﺎﻧﺔ ،وﻗﺪ ﻳﻔﺘﻘﺪ ﻓﻴﻪ 136
اﻟﻘﺮارات اﻟﻌﺎﻣﱠ ﺔ
ٍ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ اﻟﻘﺪر َة ﻋﲆ اﺗﺨﺎذ ﻗﺮارات رﺷﻴﺪة ،ﺣﺘﻰ أو املﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺎن ﻋﲆ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﻣﺨﺰون اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ اﻟﻨﻴﺔ. ﰲ وﺟﻮد ﻛﻞ ِ داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻫﺬه اﻷﻳﺎم ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻷﻣﻮر اﻟﻔﻨﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ً ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ﺣني ﺗ ﱠﻢ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﺒﻼد ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﱃ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﻨﱠﺎ ﻣﺰارﻋني املﺘﺨﺼﺼﺔ .ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻷﺳﺎس وأﺻﺤﺎبَ ﻣﺘﺎﺟﺮ ﺻﻐﺎ ًرا ،وﻛﺎن اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻳﻠﻌﺒﺎن أدوا ًرا ﺻﻐرية، واﻹدارة املﺮﻛﺰﻳﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮًى ﻗﻮﻣﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﺮد ﻓﻜﺮة ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺒﻌﻴﺪ .ﻛﺎﻧﺖ املﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﻳﻀﻄﺮ ﺻﻨﺎع اﻟﻘﺮار اﻟﺴﻴﺎﳼ ملﻮاﺟﻬﺘﻬﺎ أﻗﺮب ﻟﺨﱪﺗﻬﻢ ً ﻣﺤﺪودﻳﺔ؛ رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻗﺪ ارﺗﻜﺒﻮا أﺧﻄﺎء ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻋﲆ وﻣﻌﺮﻓﺘﻬﻢ ،وﻛﺎن ﻧﻄﺎﻗﻬﺎ أﻛﺜﺮ اﻷﻗﻞ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻈﻨﻮن أﻧﻬﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮن ملﻌﻈﻢ اﻟﻮﻗﺖ .ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺸﻚ واﻟﻼﻳﻘني ﻛﺄﺳﻠﻮب ﺣﻴﺎة ﻫﻤﺎ اﻟﻘﺎﻋﺪة .وﻫﻨﺎك ﴏاع ﻓﻄﺮي ﺑني اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت ﺻﺎﻧﻊ اﻟﻘﺮار ﻟﻠﺤﺴﻢ — إذ »ﻻ ﺑﺪ« ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻣﻦ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار — واﻷدوات واﻟﺨﱪات املﺤﺪودة املﺘﺎﺣﺔ ﻟﺘﻮﺟﻴﻪ اﻟﻘﺮارات؛ وﻛ ﱡﻞ املﺸﻜﻼت اﻷﺧﺮى املﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮارات اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﺗﺮﺗﻜﻦ إﱃ ﻫﺬه املﺸﻜﻠﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة. ﱠ ﻳﺘﻌني ﻋﲆ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس اﺗﺨﺎذ ﻗﺮار ﺑﺮﻓﻊ أو ﺧﻔﺾ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ اﻟﴬاﺋﺐ )ﻋﻠﻤً ﺎ ﺑﺄن اﻷﺧرية ﻗ ﱠﻠﻤﺎ ﻣﺎ ﺗﺤﺪث( ،وﺳﻂ آراء ﻣﺘﻀﺎرﺑﺔ وﺣﻤﺎﺳﻴﺔ ﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني ﱢ ﻣﺘﺨﺼﺼني ﺑﺸﺄن اﻟﺘﺄﺛري اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻟﻠﻘﺮار ﻋﲆ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﻮﻣﻲ ،أو ﰲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﻴﺎن وﺳﻂ ﺷﻜﻮك ﺑﺸﺄن اﻟﺘﺄﺛري ﻋﲆ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت املﻘﺒﻠﺔ .ﻧﺤﻦ ﻧﺮى ﻣﺆﴍات اﻟﺒﻮرﺻﺔ ﺗﺘﺤﻄﻢ ،ﻟﻮرود أﻧﺒﺎء ﺳﺎرة ﻋﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد؛ أو ﺗﺼﻌﺪ ﺑﺸﻜﻞ ﻓﺠﺎﺋﻲ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ،اﻋﺘﻤﺎدًا ﻋﲆ إذا ﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺘﻐﻴري ﰲ ﺣﺪود اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت أم ﻻ .ﱡ ﺗﻮﻗﻌﺎت ﻣَ ﻦ؟ ﻫﺬه اﻟﺘﺄﺛريات املﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪو ﺗﺘﺄﺗﻰ ﻣﻦ ﺷﻜﻮك ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺴﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﻌﻠﻢ اﻟﻜﺂﺑﺔ ﻣﻦ ﻓﺮاغ ،وﻟﻜﻦ ﻳﻈ ﱡﻞ ﻟﺰاﻣً ﺎ أن ﻳﺘﻢ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات. ﱢ املﺘﺨﺼﺼﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﺴﺒﺐ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻳﺰداد اﻷﻣﺮ ﺳﻮءًا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻷﻣﻮر اﻟﻔﻨﻴﺔ ﱠ وﻟﻜﻦ ﻗﻠﻴﻠني أن ﻣﻌﻈﻢ واﺿﻌﻲ اﻟﻘﻮاﻧني ﻳﻈﻨﻮن أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺧﱪاء ﰲ اﻟﻘﺎﻧﻮن واﻻﻗﺘﺼﺎد، ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻌﺘﱪون أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻋﻠﻤﺎء أو ﻣﻬﻨﺪﺳني ﻗﺪﻳﺮﻳﻦ )ﺑﻞ إﻧﻚ ﺗﺮاﻫﻢ ﻳﺘﺒﺎﻫﻮن ﺑﺠﻬﻠﻬﻢ ﺑﻼ ﻣﱪر؛ ﻓﺘﺠﺪ اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻘﻮل» :أﻧﺎ ﻻ أﻋﺮف ﺷﻴﺌًﺎ ﻋﻦ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت« ﺑﻜﻞ ﻓﺨﺮ( .ﻏري أن اﻟﻘﺮارات اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻣﻮاﺿﻊ ﻋﺪم ﻳﻘني ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ذات أﻫﻤﻴﺔ ،واﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ﻫﻲ ُ ﻟﻐﺔ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ واﻻﻗﺘﺼﺎد )ﻟﻦ ﻧﺴﺘﻔﻴﺾ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﺎط ﻫﻨﺎ؛ ﻷﻧﻨﺎ ﻗﻤﻨﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺑﺘﺄﻟﻴﻒ ﻛﺘﺎب ﻛﺎﻣﻞ ﻋﻨﻬﺎ( .وﺣﺘﻰ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر، 137
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
أﻫﺪ َر ْت وزارة اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻋﴩات املﻠﻴﺎرات ﻣﻦ اﻟﺪوﻻرات )وﻣﺌﺎت املﻠﻴﺎرات ﰲ اﻟﻄﺮﻳﻖ( ﻋﲆ ﻣﺨﻄﻄﺎت ﻏري ﻣﻼﺋﻤﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ املﺴﺘﺤﻴﻞ ﰲ اﻹﺻﻼح اﻟﺒﻴﺌﻲ .إن ﻛﻮن اﻟﻬﺪف ً ﻫﺪﻓﺎ وﺟﻴﻬً ﺎ ﻻ ﻳﱪر اﻟﻘﺼﻮر واﻟﺤﻤﺎﻗﺔ ﰲ اﻟﺴﻌﻲ وراءه ،أو ﺣﺘﻰ ﰲ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ﺑﺸﺄن اﻟﺴﻌﻲ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻪ. ﻣﻦ املﻌﺘﺎد ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻣﻮر اﺳﺘﺪﻋﺎء ﻓِ َﺮق ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء أو اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳني اﻟﺬﻳﻦ ﻳُﻌِ ﺪﱡون — ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﻃﺒﻴﻌﺔ املﺸﻜﻼت — ﺗﻘﺎرﻳ َﺮ ﻣﺤﻤﱠ ﻠﺔ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎرات املﻄﺎﻃﺔ ،وﻻ ﺗُﺠﺪِي اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻨﻔﻊ ﻟﻠﻤﺴﺌﻮﻟني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن ٍّ ﺣﻘﺎ َملﻦ ﻳﻘﻮدﻫﻢ ﻧﺤﻮ اﻟﻘﺮارات .واﻟﺠﻬﺪ اﻟﺸﺎق اﻟﺬي ﻳُﺒﺬَل ﰲ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ )ﻛﻤﺎ أ ﱠﻛﺪﻧﺎ ﻋﲆ ﻣﺪى اﻟﻜﺘﺎب( »ﺑَﻌﺪ« ﺣﻴﺎزة اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ .ﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﻌﻠﻤﺎء إن ﻣﻬﻤﺘﻬﻢ ﻫﻲ ﺗﻮﻓري اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ،ﺗﺎرﻛني اﻟﻘﺮارات ﻟﺼﻨﺎع اﻟﻘﺮار ،وﻟﻜﻦ ﺻﻨﺎع اﻟﻘﺮار ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ املﺴﺎﻋﺪة ﰲ اﺗﺨﺎذ أي ﻗﺮار؛ ﻓﺎملﻌﺮﻓﺔ املﻮﺳﻮﻋﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻏﺎﻳﺘﻬﻢ .إن اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺗﺤﺘﻞ أﻫﻤﻴﺔ ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ،وﻋﺪم اﻟﻴﻘني — ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﺣﻘﻴﻘﻴٍّﺎ — ﻳُﻨ َ ﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﻛﻨﻘﻄﺔ ﺿﻌﻒ ،وﺷﺒﻪ ﻫﺪام؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻧُﻘﻞ ﻋﻦ اﻟﺴﻴﻨﺎﺗﻮر اﻟﺴﺎﺑﻖ إدﻣﻮﻧﺪ ﻣﻮﺳﻜﻲ ﻗﻮﻟﻪ إن اﻷﻣﺔ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﱃ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء ذوي اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻮاﺣﺪ ،ﺣﺘﻰ ﻻ َ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﲆ اﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮل ﺑﺄن ذﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺻﺤﻴﺤً ﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ،أﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮا ﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧﺐ َ اﻵﺧﺮ ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮن ذاك ﻫﻮ اﻟﺼﺤﻴﺢ. ﻟﻘﺪ ﺻﺎر ﻋﺪم اﻟﻴﻘني ﻳ َ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﰲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺧﻼل اﻟﻌﻘﻮد ُﺆﺧﺬ ٍ اﻗﺘﴫ ذﻟﻚ ﻋﲆ ﺗﻮﻗﻌﺎت اﻟﻄﻘﺲ ﻓﻘﻂ؛ َ ﻓﻘ ﱠﻠﻤﺎ ﻳﺸﻜﻮ أﺣﺪ اﻵن إذا ﻗﺎل إن َ َ اﻷﺧرية ،ﺣﺘﻰ ِ ﺧﱪاء اﻷرﺻﺎد إن ﻫﻨﺎك ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺴﻘﻮط أﻣﻄﺎر ﻏﺪًا ﺑﻨﺴﺒﺔ ٪٣٠؛ ﻓﺘﺠﺪ اﻟﻨﺎس ﻳﻤﻀﻮن ﰲ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻟﻨﺰﻫﺎﺗﻬﻢ واﺿﻌني ذﻟﻚ ﰲ اﻋﺘﺒﺎرﻫﻢ ،وﻳﻔﺮﺣﻮن إذا ﻟﻢ ﺗﻤﻄﺮ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﺬﻣﱠ ﺮون ﻟﻮ أﻣﻄﺮت ،وﻟﻜﻦ ﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﻳﻠﻘﻮن ﺑﺎﻟﻼﺋﻤﺔ ﻋﲆ ﺧﺒري اﻷرﺻﺎد ﻟﻌﺪم ﺗﺤ ﱢﺮﻳﻪ ﻣﺰﻳﺪًا ﻣﻦ اﻟﺪﻗﺔ ﰲ ﱡ ٍ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺎ ،أن ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ اﻟﺘﻜﻬﱡ ﻦ ﺑﺄﺣﻮال اﻟﻄﻘﺲ. ﺗﻮﻗﻌﺎﺗﻪ؛ ﻓﻬﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮن، وﻟﻜﻦ إذا ﻛﺎن اﻟﺜﻤﻦ أﻓﺪح ،ﻳﻜﻮن اﻟﻨﺎس أﻗﻞ ﺗﺴﺎﻣﺤً ﺎ ،وﻳﻄﺎﻟﺒﻮن ﺑﺎﻟﻴﻘني ﺳﻮاء أﻛﺎن ﺑﻨﺎﻳﺔ ﻣﺎ ً ٌ آﻣﻨﺔ ،ﻻ ﻋﻦ اﺣﺘﻤﺎﻻت ﺳﻘﻮﻃﻬﺎ ،وﻧﺴﺄل ﺣﻘﻴﻘﻴٍّﺎ أم ﺗﺨﻴﻠﻴٍّﺎ؛ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺴﺄل إن ﻛﺎﻧﺖ إن ﻛﺎن ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﺘﻘﻞ اﻹﻳﺪز ﻋﱪ ﻗﺒﻠﺔ ،ﻻ ﻋﻦ اﺣﺘﻤﺎل ﺣﺪوث ذﻟﻚ؛ وﻻ ﻧﻘﺒﻞ ﻋﺒﺎرة »ﻣﺴﺘﺒﻌﺪ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ« ﻛﺈﺟﺎﺑﺔ .واﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻧﺮاﻫﺎ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﻻ ﺗﺘﺴﺎﻫﻞ َ اﻟﺴﺎﺳﺔ )وﺑﻌﺾ اﻟﺨﱪاء( ﻋﲆ اﻟﻜﺬب ،ملﺠﺮد أن ﺠﱪ ﻣﻊ اﻟﺸﻚ وﻋﺪم اﻟﻴﻘني؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺗُ ِ ﻳ َ ُﺼﻐﻰ ﻟﻬﻢ .وﺗﻨﺘﻘﻞ ﺗﻠﻚ املﻴﺰة إﱃ املﺴﺌﻮل أو اﻟﺴﻴﺎﳼ اﻟﻮاﺛﻖ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺣﺘﻰ ﺣني ﻳﻜﻮن ً ﻓﻼﺣﻘﺎ. ﻣﺨﻄﺌًﺎ؛ ﻓﺤني ﻧﻜﺎﻓﺊ اﻟﻐﺶ واﻟﺨﺪاع ،ﻧﺪﻓﻊ اﻟﺜﻤﻦ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ،إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻵن، 138
اﻟﻘﺮارات اﻟﻌﺎﻣﱠ ﺔ
ﻆ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم اﻟﻜﺜريﻳﻦ ﰲ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﱢ وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ،وﻗﻊ ﺣﺪث ﻟﻢ ﻳﺤ َ ﻳﻮﺿﺢ ﻫﺬه املﻌﻀﻠﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ .ﺗﻘﻊ اﻟﻴﺎﺑﺎن ،ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺮف ﻏﺎﻟﺒﻴﺘﻨﺎ ،ﰲ ﺟﺰء ﻧ َ ِﺸﻂ زﻟﺰاﻟﻴٍّﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ ﻓﻬﺬه اﻟﺠﺰر ﺗﺪﻳﻦ ﺑﻮﺟﻮدﻫﺎ ﻟﻠﻘﻮى اﻟﺰﻟﺰاﻟﻴﺔ .ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺴﺒﱢﺐ اﻟﺰﻻزل دﻣﺎ ًرا واﺳﻊ اﻟﻨﻄﺎق؛ ﻟﺬا ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺪول ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺰﻻزل ﺑﻜ ﱟﺪ ﻟﺘﺤﺴني ﻋﻠﻢ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻟﺰﻻزل، ﻓﺈذا ﻣﺎ أﻣﻜﻦ ﺗﻮﻓري ﺗﺤﺬﻳﺮ ﰲ وﻗﺖ ﻣﻨﺎﺳﺐ ،ﻳﻤﻜﻦ اﺗﺨﺎذ ﺧﻄﻮات ﻟﻠﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﺪﻣﺎر املﺤﺘﻤﻞ ُ ً ﻟﺠﻨﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ ﻟﺰﻟﺰال ﻣﺎ ،وﻟﻮ ﻛﺎن ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻤﺎرﻳﻦ اﻻﺳﺘﻌﺪاد؛ ﻟﺬا أﻧﺸﺄت ٍ اﺳﺘﺸﺎرﻳﺔ ﻟﻠﺰﻻزل ،ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺗﺤﺬﻳﺮ ﻣﺴﺒﻖ ﻣﻦ أي زﻻزل وﺷﻴﻜﺔ ﺑﺄﴎع وﻗﺖ َ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻜﻬﱡ ﻦ ﺑﺎﻟﺰﻻزل ﺑﺸﻜﻞ دﻗﻴﻖ؛ ﻓﻤﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﺤﻠﻢ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻣﻤﻜﻦ .ﻻ أﺣﺪ ﻳﻌﺮف ً ً زﻟﺰاﻻ ﺑﻘﻮة ﺳﺒﻊ درﺟﺎت ﻋﲆ ﻣﻘﻴﺎس ﺷﺨﺼﺎ ﻳﻤﻜﻨﻪ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن اﻟﺤﺎﱄ أن ﺗﻌﺘﻘﺪ ﺑﺄن رﻳﺨﱰ ﺳﻮف ﻳﻘﻊ ﻳﻮم اﻟﺨﻤﻴﺲ ﻇﻬ ًﺮا؛ ﻟﺬا ﻇﻞ رﺋﻴﺲ اﻟﻠﺠﻨﺔ ﻳﺠﺎدل ﻟﺴﻨﻮات ﺑﺄن اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳُﺼﺎغ ﺑﻤﺼﻄﻠﺤﺎت اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ )ﻣﺜﻞ ﱡ ﺗﻮﻗﻌﺎت اﻟﻄﻘﺲ(؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ املﺮء ً اﺣﺘﻤﺎﻻ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٪٣٠ﺑﻮﻗﻮع زﻟﺰال اﻟﺸﻬﺮ املﻘﺒﻞ .رﻓﺾ املﺴﺌﻮﻟﻮن أن ﻳﻘﻮل إن ﻫﻨﺎك اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﻮن اﻟﺤﺠﺔ؛ ﻷﻧﻬﻢ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻻﺗﺨﺎذ ﻗﺮارات ﺑﺸﺄن اﻹﺟﺮاءات اﻟﻮاﺟﺐ اﺗﺨﺎذﻫﺎْ ، إن ﻛﺎن ﻫﻨﺎك أي إﺟﺮاءات ﺗُﺘﱠﺨﺬ ،ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﱄ .إﻧﻬﻢ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﻘﺎل ﻟﻬﻢ ْ إن ﻛﺎن ﻫﻨﺎك زﻟﺰال ﺳﻴﻘﻊ أم ﻻ ،وﻟﻴﺲ ﻣﺪى اﺣﺘﻤﺎل وﻗﻮﻋﻪ؛ إن ﺣﺎﺟﺘﻬﻢ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻓﺈن ﺣﻘﻴﻘﺔ أن ﻣﻦ املﺴﺘﺤﻴﻞ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺬﻟﻚ ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ ﰲ ﻇ ﱢﻞ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺤﺎﱄ ،ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﺻﻠﺔ ﺑﻤﺸﻜﻼﺗﻬﻢ .واﺣﺘﺠﺎﺟً ﺎ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﺗﻘ ﱠﺪ َم رﺋﻴﺲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺠﻨﺔ ﺑﺎﺳﺘﻘﺎﻟﺘﻪ ،دون أن ﻳﺤﺬ َو أيﱡ أﻋﻀﺎءٍ آﺧﺮﻳﻦ ﺣَ ﺬْوَه. ً ً ﻣﺮﻣﻮﻗﺎ ﰲ وﻛﺎﻟﺔ ﻧﺎﺳﺎ اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ ﺧﻼل ﺳﻨﻮات ﻣﺴﺌﻮﻻ ﻟﻬﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺻﺪﻳﻖ ﻛﺎن ﻣﺠﺪ ﻣﴩوع أﺑﻮﻟﻠﻮ ،وﻗﺎل اﻟﺼﺪﻳﻖ إﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻪ أي اﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻧﺠﺎح ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹﻃﻼق؛ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻤﻜﻨﻪ اﻟﺘﻮﺟﱡ ﻪ إﱃ راﺋﺪ ﻓﻀﺎء وﻳﻘﻮل ﻟﻪ إن اﻹﻃﻼق ﺳﻴﺘﻢ ﻷن »ﻟﺪﻳﻚ ً ﻓﺮﺻﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٪٨٠ﻟﻠﻨﺠﺎة ﺑﺤﻴﺎﺗﻚ« ،أو اﻟﺬﻫﺎب ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ وإﺧﺒﺎره ﺑﺄن اﻹﻃﻼق ﻗﺪ أُﻟﻐِ ﻲ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎل ﺑﻨﺴﺒﺔ ٪٢٠أن ﻳﻔﺸﻞ .ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أيﱞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻟﻴﺘﻔﻬﱠ ﻢ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻴﻪ ﻫﺬا؛ ﻟﺬا ﻇﻠﺖ ﻧﺎﺳﺎ ﻋﲆ ﻣﺪى ﺳﻨﻮات ﺗُ َﻔ ْﱪك اﻷرﻗﺎم ،وﺗﺘﺤﺪﱠث وﺗﺘﴫﱠف ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻻ ﻳﻮﺟﺪ أي ﺧﻄﺮ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ،إﱃ أن وﺻ َﻠ ِﺖ اﻹدارة اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺄن ذﻟﻚ ﺻﺤﻴﺢ ٍّ ﺣﻘﺎ. وﻗﺪ دﻓﻌﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ َ ﺛﻤﻦ ذﻟﻚ ﰲ ﻋﺎم ١٩٨٦ﻣﻊ ﻛﺎرﺛﺔ ﻣﻜﻮك اﻟﻔﻀﺎء ﺗﺸﺎﻟﻨﺠﺮ .وﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ً ﻃﻔﻴﻔﺔ ،وﻻ ﻳﺰال ﻣﻠﺤﻖ ﻓﺎﻳﻨﻤﺎن ذﻟﻚ اﻟﺤﺪث ،ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺎﺳﺎ ﺗﺠﺎدِ ل ﺑﺄن ﻓﺮﺻﺔ اﻟﻔﺸﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﻟﺠﻨﺔ روﺟﺮز ﻋﻦ اﻟﺤﺎدث ﻣﺎد ًة ﺟﻴﺪة ﻟﻠﻘﺮاءة. 139
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
َ ﻧﺤﻦ ﻟﻢ ﻧﻠﻤﺲ ﱟ اﻟﺼﻌﺒﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻈﺎﻫﺮة اﻻﺣﺘﺒﺎس اﻟﺤﺮاري ،واﻟﻔﺸﻞ ﺑﺤﻖ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻮاﺿﺢ ملﻨﻈﻮﻣﺘﻨﺎ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ،واملﺴﺘﻘﺒﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻟﺒﻼدﻧﺎ ،وأﻣﻦ اﻟﺒﻼد ﰲ ﻋﺎﻟﻢ ﻳﺰداد ً ﻋﺪاﺋﻴﺔ ،وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ .ﺗﻠﻚ ﻣﺸﻜﻼت ﺻﻌﺒﺔ ،وﺗﺘﻄﻠﺐ أﻗﴡ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻨﺎ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﺤﻈﻰ إﻻ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم ﻋﺎﺑﺮ .إن ﻣﺆﻟﻒ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب أﺣﺪ املﺆﻳﺪﻳﻦ ﻟﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﻣﻦ ﴍوط ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻘﺮاءة واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ،ﻗﺪ ﻳﺒﺪو ﺗﺼﻮﻳﺖ اﻷﻣﻴني ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ املﺜﺎﻟﻴﺔ ،إﻻ أﻧﻪ ﻳﺆدﱢي إﱃ ﻗﺮارات ﺳﻴﺌﺔ ،وﻗﺪ أ ُ َ ﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ أﻟﻘﺎب ﻏري ﻣﺴﺘﺤﺒﺔ َ ِ ﺑﻌﺾ املﻬﺎرات ﻋﲆ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮارات اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ، ﻧﻀﻒ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ؛ وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻓﺴﻮف ﻧﺮﺗﻜﺐ أﺧﻄﺎءً ﺑ َِﺸﻌﺔ وﻓﺎدﺣﺔ اﻟﺜﻤﻦ .إن اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي ﻧﺤﻴﺎ ﻓﻴﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﺎﻟﻢ ﺑﺴﻴﻂ، وﺑﻘﺎؤﻧﺎ ﻛﺄُﻣﱠ ٍﺔ أو ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻟﻴﺲ ﻣﻀﻤﻮﻧًﺎ ﺑﻤﻮﺟﺐ أي ﻗﺎﻧﻮن ﻃﺒﻴﻌﻲ.
140
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﴩ
اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ
اﺷﱰﻃﺖ إﺣﺪى اﻟﺘﺴﻮﻳﺎت اﻟﻮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴ ﱠﻠﻠﺖ إﱃ دﺳﺘﻮر اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة أن ﻳﺘﻜﻮﱠن ﻣﺠﻠﺲ ﻟﻠﺸﻴﻮخ ﻳﻀﻢ أﻋﺪادًا ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻣﻦ ﻏﺮﻓﺘني ﺗﴩﻳﻌﻴﺘني؛ ٍ ﻣﻘﺴﻢ ً ﱠ وﻓﻘﺎ ﻟﻌﺪد ﺳﻜﺎن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺨﺘﻠﻔﺔ. وﻣﺠﻠﺲ ﻟﻠﻨﻮاب اﻟﺴﻴﻨﺎﺗﻮرات ﻟﻜﻞ وﻻﻳﺔ، ٍ ﻛﺎن املﺠﻠﺲ اﻷﺻﲇ ﻳﻀﻢ ﺳﺘﺔ وﺧﻤﺴني ﻋﻀﻮًا ،ﺑﺤﻴﺚ ﻛﺎن ﺗﻤﺜﻴﻞ ﻛﻞ وﻻﻳﺔ ﻣﺤ ﱠﺪدًا ﰲ اﻟﺪﺳﺘﻮر ذاﺗﻪ .ﻣﻊ أول ﺗﻌﺪاد ﺳﻜﺎﻧﻲ ﰲ ﻋﺎم ،١٧٩٠ﻛﺎن ﻋﺪد ﺳﻜﺎن اﻟﺒﻼد أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ ٤ ﻣﻼﻳني ﻧﺴﻤﺔ؛ ﻟﺬا ﻛﺎن ﻛﻞ ﻧﺎﺋﺐ ﻳﻤﺜﱢﻞ ﺣﻮاﱄ ﺳﺘني أﻟﻒ ﻣﻮاﻃﻦ .ﻻ ﻳَﻌْ ﺒﺄ اﻟﺪﺳﺘﻮر ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ اﻟﺤﺠﻢ اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب )ﻋﺪا أول ﻣﺮة( ،إﻻ أﻧﻪ ﻳﻀﻊ ﺣﺪٍّا أﻗﴡ؛ إذ ﻳﺠﺐ أﻻ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺎﺋﺐ واﺣﺪ ﻟﻜﻞ ﺛﻼﺛني أﻟﻒ ﺷﺨﺺ .ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪا ذﻟﻚ ،ﻻ ﺗﻮﺟﺪ أي إﺷﺎرة إﱃ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ ﰲ املﺠﻠﺲ ﺑني اﻟﻮﻻﻳﺎت ،ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﻛﺜﺎﻓﺘﻬﺎ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ .ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻣﻜ ﱠﺮس ﻟﺬﻟﻚ املﻮﺿﻮع اﻟﴪي ،اﻟﺬي ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺗﺠﺴﻴﺪًا ﻋﻤﻠﻴٍّﺎ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ. ﻛﺎن اﻟﺠﺰء اﻷﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎش اﻟﺬي دار ﰲ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ املﻨﻌﻘﺪة ﻋﺎم ١٧٨٧ﻋﻦ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑني اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻜﺒرية واﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﺼﻐرية .ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﴏاﻋﺎت ِ ﺗﺤﺎﻟﻒ ﻋﺎم ﺣﺘﻤﻴﺔ؛ ﻓﻌﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻛﺎن ﰲ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺠﻤﻴﻊ إﻧﺸﺎء اﺗﺤﺎدٍ أﻗﻮى ﻣﻦ ُ ﺗﻘﺎﺳﻢ اﻟﺴﻴﺎدة واﻟﺴﻠﻄﺔ ،١٧٨١ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﺼﻐرية َﻗﻠِﻘﺔ )ﻟﺴﺒﺐ وﺟﻴﻪ( ﺑﺸﺄن ﻣﻊ ﺷﻘﻴﻘﺎﺗﻬﺎ اﻟﻜﱪﻳﺎت ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻜﺒرية َﻗﻠِﻘﺔ )ﻣﺮ ًة أﺧﺮى ﻟﺴﺒﺐ وﺟﻴﻪ( ﺑﺸﺄن اﺳﺘﺤﻮاذ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻷﺻﻐﺮ ﺑﻌﺪدﻫﺎ اﻟﻜﺒري ﻋﲆ اﻟﺴﻴﻄﺮة؛ ﻟﺬا دﺧﻞ املﻔﻮﺿﻮن ﰲ ﻣﺴﺎوﻣﺎت، ﱠ ﺷﻴﻮخ ﻳﻀﻢ ﻣﺠﻠﺲ وﺗﻮﺻﻠﻮا ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ﻣُﺮﺿﻴﺔ ﻟﻜﻼ اﻟﻄﺮﻓني ،ﻣﻔﺎدﻫﺎ إﻧﺸﺎء ِ ٍ وﻣﺠﻠﺲ ﻟﻠﻨﻮاب ﺗﺘﺤﺪﱠد ﻋﻀﻮﻳﺘﻪ ً ﺳﻴﻨﺎﺗﻮرﻳﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ وﻻﻳﺔ ،ﱢ وﻓﻘﺎ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺣﺠﻤﻬﺎ، ٍ ﻟﻠﻜﺜﺎﻓﺔ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ ،وﻟﻜﻦ ﺑﺤ ﱟﺪ أدﻧﻰ ﻧﺎﺋﺐ واﺣﺪ ﻟﻜﻞ وﻻﻳﺔ .زاد اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻷﺻﲇ ﻣﻦ
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻓﺼﻞ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ ﻋﻦ ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﺺ ﻋﲆ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﺴﻴﻨﺎﺗﻮرات ﻣﻦ ﻣﺒﺎﴍ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻮاﻃﻨﻲ اﻟﻮﻻﻳﺔ ،وﻗﺪ ﱠ ِ ﻗِ ﺒَﻞ املﺠﻠﺲ اﻟﺘﴩﻳﻌﻲ ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ ،وﻟﻴﺲ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﻐريَ ذﻟﻚ ً ﻻﺣﻘﺎ ﺑﻤﻮﺟﺐ اﻟﺘﻌﺪﻳﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﴩ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺤﺪث ذﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﻋﺎم ١٩١٣؛ أيْ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﲆ ﻗﺮن .وﻳﻘﺪﱢم اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻷﺻﲇ ً ملﺤﺔ ﻣﺘﻌﻤﱢ ﻘﺔ ﻋﻦ ﻣﺪى ﺛﻘﺔ اﻵﺑﺎء املﺆﺳﺴني ﰲ ﻗﺪرة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﲆ أن ﻳﺤﻜﻤﻮا أﻧﻔﺴﻬﻢ؛ ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﺰون ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﰲ ﺷﺪة اﻟﻘﻠﻖ واﻻﻧﺸﻐﺎل ﺑﺸﺄن ﴍاك اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸﻌﺒﻲ .وﻗﺪ ﺗﺤﺪ َ ﱠث ﻟﻴﻨﻜﻮﻟﻦ ﰲ ﺧﻄﺒﺔ ﺟﻴﺘﺴﱪج، ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺤﻮاﱄ ﻗﺮن ،ﻋﻦ ﺣﻜﻢ اﻟﺸﻌﺐ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺑﺎﻟﺸﻌﺐ ،وﻟﻜﻦ اﻵﺑﺎء املﺆﺳﺴني ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺪ ﺗﻐﺎﺿﻮا ﻋﻦ اﻟﺠﺰء اﻷﺧري. ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ أﻣﺎم اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻫﻲ إﻳﺠﺎد ﺗﻘﺴﻴ ٍﻢ ﻟﻠﻨﻔﻮذ وﺳﻠﻄﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ٍ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺎ ،ﺣني ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ ﻳﺘﻴﺢ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ أداءَ ﻋﻤﻠِﻬﺎ ،ودﻣﺞ ﻗﻮى اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻣﻼﺋﻤً ﺎ ﻟﻠﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم )ﻣﺜﻞ ﻣﺤﺎرﺑﺔ ﻋﺪو ﻣﺸﱰك( ،ﻣﻊ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ ﻫﻮﻳﺎﺗﻬﺎ وﺳﻴﺎدﺗﻬﺎ املﺤﻠﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎﻟﺸﺌﻮن اﻷﺧﺮى .وﻗﺪ أ ُ ِﺿﻴﻔﺖ ﺿﻤﺎﻧﺎت ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن ﺧﻼل ﺑﻀﻊ ﺗﻌﺪﻳﻞ أُدﺧِ ﻞ ﻋﲆ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻷﺻﲇ؛ وﻣﻦ ﺑني اﻷﻏﺮاض اﻟﺴﺘﺔ اﻟﻮاردة ﺳﻨﻮات ،ﻣﻦ ﺧﻼل ٍ ري ﺿﻤﺎﻧﺎت ﻟﻠﺮﻓﺎﻫﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺗﺄﻣني ﻧﻌﻢ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﰲ ﺑﺪﻳﺒﺎﺟﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮر ،ﻓﻘﺪ ﺣ ﱠﻞ ﺑﻨﺪَا ﺗﻮﻓ ِ ً ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ« ،وإﻗﺎﻣﺔ اﻟﻌﺪل ،واﻻﺳﺘﻘﺮار املﺮﻛﺰﻳﻦ اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﺴﺎدس .أﻣﺎ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﺗﺤﺎد »أﻛﺜﺮ اﻟﺪاﺧﲇ ،وﺗﻮﻓري ُﺳﺒُﻞ اﻟﺪﻓﺎع املﺸﱰك ،ﻓﻘﺪ ﺣَ ﱠﻠﺖ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ؛ ﻫﻜﺬا ﻛﺎن اﻟﺤﺎل ﰲ ﺗﻠﻚ اﻷﻳﺎم. وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن أﻏﻠﺒﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﻗ ﱡ ﻂ ﺑﺎﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﻴﺎس اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺿﻔﻴﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ اﻟﺴﺎﺳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺒﻼﻏﺔ اﻟﺘﻲ أﻏﺪﻗﻮا ﺑﻬﺎ املﻮﺿﻮع ﻋﲆ ﻣﺪار اﻟﺴﻨني .ﻛﺈﺟﺮاء ،أﺻﺒﺢ اﻟﺪﺳﺘﻮر ﺳﺎرﻳًﺎ ﰲ ﻣﺎرس ﻣﻦ ﻋﺎم ،١٧٨٩وﺑﺤﻠﻮل ﺳﺒﺘﻤﱪ ﻣﻦ ﺗﻌﺪﻳﻼ ،ﻟﻢ ﻳﺤ َ ً ﻆ أول ﺗﻌﺪﻳﻠني ﻧﻔﺲ اﻟﻌﺎم ،ﻗ ﱠﺪ َم اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﺑﺘﺸﻜﻴﻠﻪ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ اﺛﻨﻲ ﻋﴩ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎملﻮاﻓﻘﺔ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق )أﻣﺎ اﻟﺘﻌﺪﻳﻼت اﻟﻌﴩة اﻷﺧﺮى ،ﻓﺘُﻌ َﺮف اﻵن ﺑﻤﻴﺜﺎق اﻟﺤﻘﻮق(. ﻛﺎن أﺣﺪ اﻟﺘﻌﺪﻳﻠني اﻟﻠﺬﻳﻦ ُﻗﺪﱢﻣَ ﺎ ﰲ ﻧﻔﺲ املﺠﻤﻮﻋﺔ املﺒﺪﺋﻴﺔ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ إﺟﺮاء ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺑﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﺗﻌﺪاد ﺳﻜﺎﻧﻲ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ أدق .أﻣﺎ اﻟﺘﻌﺪﻳﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻜﺎن ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﻣﻨﻊ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻣﻦ ﻣﻨﺢ ﻧﻔﺴﻪ زﻳﺎد ًة ﰲ اﻟﺮواﺗﺐ ﺗﴪي ﻗﺒﻞ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت املﻘﺒﻠﺔ؛ ﺣﺘﻰ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻷﻳﺎم اﻷوﱃ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﻗﻀﻴﺔ ﺣﺴﺎﺳﺔ .ﻟﻢ ﻳﺠﺘَ ْﺰ أيﱞ ﻣﻦ َ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،إﻻ أن املﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧَﺎ ﻣﻌﻨﻴني ﺑﻤﻮاﺟﻬﺘﻬﺎ ﻻ ﺗﺰال ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺘﻌﺪﻳﻠني ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا؛ ﻓﻼ ﻳﺰال اﻟﺪﺳﺘﻮر ﻳﱰك ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﻟﻠﺴﺎﺳﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺄﺛ ﱡ ًﺮا ﺑﻪ، 142
اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ
ﰲ ﺗﻌﺎرض واﺿﺢ ﻣﻊ املﻨﻄﻖ اﻟﺴﻠﻴﻢ ،وﻻ ﺗﺰال رواﺗﺐ أﻋﻀﺎء اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻣﱰوﻛﺔ ﰲ أﻳﺪي املﺴﺘﻔﻴﺪﻳﻦ ،ﰲ ﺗﻌﺎرض واﺿﺢ ،ﻣﺮة أﺧﺮى ،ﻣﻊ املﻨﻄﻖ اﻟﺴﻠﻴﻢ .ﻣﺎﺋﺘﺎ ﻋﺎم وﻻ ﺗﻘﺪﱡم. رﺋﻴﺲ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺒﻀﻊ ﺳﻨﻮات ،ﺣني ﺻﺪر أول ﻓﻴﺘﻮ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ﻣﻦ ٍ َ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ اﻟﺬي ﻣ ﱠﺮره اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﺑﻌﺪ اﻋﺘﻤﺎد ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻋﺎرض اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺟﻮرج واﺷﻨﻄﻦ ُ اﻟﺘﻌﺪاد اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ ﻟﻌﺎم ،١٧٩٠ﻣﻌﺘﱪًا إﻳﺎه ﻏريَ ﻋﺎدل ،وﺑﺎءت ﻣﺤﺎوﻟﺔ إﺑﻄﺎل اﻋﱰاﺿﻪ — اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ أو َل ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺒﻼد — ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ .ﻻ ﻳ َ ُﻌﺘﱪ اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺑﺎملﻮﺿﻮع اﻟﺠﺪﻳﺪ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ذﻟﻚ اﻟﻨﺰاع ﰲ ﻋﺎم ْ ١٧٩٢ أن ﺗﻢ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﺣﺠﻢ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب ﻋﻨﺪ ﻧﺎﺋﺐ واﺣﺪ ﻟﻜﻞ ﺛﻼﺛﺔ وﺛﻼﺛني أﻟﻒ ﻧﺎﺧﺐ ،وﺗﻘﺮﻳﺐ اﻟﻜﺴﻮر ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ؛ ﻓﻼ ُ أﻧﺼﺎف ﻧﻮﱠاب ،وإن ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻳﺒﺪو ﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن؛ وﺑﺬﻟﻚ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺻﺎر ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮﱠاب أﺻﻐ َﺮ ﻣﻦ ﺣﺠﻤﻪ اﻟﺪﺳﺘﻮري اﻷﻗﴡ. ﺣﺴﻨًﺎ ،ازداد ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤني ،وﺻﺎر اﻵن أﻛﱪ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﻋﺎم ١٧٩٠ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺘﺔ أﺿﻌﺎف؛ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﻳﺘﻀﺎﻋﻒ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻛ ﱠﻞ ﺟﻴﻞ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﻘﺴﻤً ﺎ ً ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮﱠاب اﻵن ﱠ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻤﻌﺪل اﻷﻗﴡ املﺤﺪﱠد ﰲ اﻟﺪﺳﺘﻮر ،أو ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪ املﺴﺘﻮى اﻷﻗﻞ ً ﻗﻠﻴﻼ اﻟﺬي ﺣﺪﱠده اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺼﺎدر ﻋﺎم َ ،١٧٩٢ﻟﻮﺻﻞ ﻋﺪد أﻋﻀﺎﺋﻪ إﱃ ﺣﻮاﱄ ﻋﴩة آﻻف ﻋﻀﻮ .رﺑﻤﺎ ﻧﻌﺘﻘﺪ أن ﻟﺪﻳﻨﺎ اﻵن ارﺗﺒﺎ ًﻛﺎ وازدﺣﺎﻣً ﺎ ،وﻟﻜﻦ ﺗﺨﻴﱠ ْﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺳﻴﺒﺪو اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻴﻪ! ﻛﺎن اﻟﻨﻮﱠاب ﺳﻴﺠﺘﻤﻌﻮن ﰲ أﺣﺪ اﻻﺳﺘﺎدات اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ؛ وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺎﻋﺔ ﻣﺎدﻳﺴﻮن ﺳﻜﻮﻳﺮ ﺟﺎردن ﰲ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ،أو أوﻣﻨﻲ ﰲ أﺗﻼﻧﺘﺎ ،ﺳﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﻐﺮض ﺑﺸﻜﻞ راﺋﻊ ،ﻣﻊ وﺟﻮد ﱠ وﻫﻦ ﻳﺘﻘﺎﻓﺰن ﰲ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺻﻐرية ﻟﻠﻤﺘﻔﺮﺟني .ﻳﻤﻜﻦ ﺣﺘﻰ أن ﺗﺘﺨﻴﱠﻞ ﻓﺘﻴﺎت اﻟﺘﺸﺠﻴﻊ ﺻﺨﺐ ﻋﲆ اﻟﺨﻄﻮط اﻟﺠﺎﻧﺒﻴﺔ؛ ﻟﺬا ﻹﺟﻬﺎض ﻫﺬا اﻻﺗﺠﺎه ،ﺗَ ﱠﻢ ﺗﺠﻤﻴﺪ ﺣﺠﻢ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب ﰲ ﻋﺎم ) ١٩١٠ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس( ﻋﻨﺪ ﺣﺠﻤﻪ اﻟﺤﺎﱄ اﻟﺒﺎﻟﻎ ٤٣٥ﻋﻀﻮًا؛ ﻣﺎ ﱢ ﻳﻮﻓﺮ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﱄ ،ﰲ املﺘﻮﺳﻂ ،ﻧﺎﺋﺒًﺎ واﺣﺪًا ملﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﲆ ﻧﺼﻒ ﻣﻠﻴﻮن ﺷﺨﺺ .ووﻓﻖ ﺗﻌﺪادٍ ﺟﺮي ﻋﺎم ١٩٩٠ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺛﻼث وﻻﻳﺎت ﻣﺠﻤﻮ ُع ﻋﺪد ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ أﺻﻐ ُﺮ ﻣﻦ ﺣﺠﻢ داﺋﺮة أُ ِ ﻣﺆﺗﻤﺮﻳﺔ »ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ«. ٌ ﻛﺎن ﻟﻠﺴﺆال اﻟﺨﺎص »ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ« ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻨﻮﱠاب أﻫﻤﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت اﻟﺼﻐﺮى ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ. إن اﻟﻐﺮض ﻣﻦ إﺟﺮاء اﻟﺘﻌﺪاد ﻛ ﱠﻞ ﻋﴩ ﺳﻨﻮات ﻫﻮ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻋﺪد ﺳﻜﺎن اﻟﺒﻼد وﺳﻜﺎن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﻌﺪدة ،اﻟﺬي ﻳﺘﻴﺢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺪوره ﺗﺤﺪﻳ َﺪ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﺣﺠﻢ اﻟﺪاﺋﺮة املﺆﺗﻤﺮﻳﺔ؛ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻧﺤﺎول ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟ ٤٣٥ﻧﺎﺋﺒًﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎدل ﺑني اﻟﻮﻻﻳﺎت ،وﻟﻜﻦ ﰲ ﻇﻞ وﺻﻮل ﺣﺠﻢ اﻟﺪاﺋﺮة املﺆﺗﻤﺮﻳﺔ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﻣﻠﻴﻮن ﺷﺨﺺ ،ﻛﺎن ﺗﻤﺘﱡﻊ ﻛ ﱢﻞ وﻻﻳﺔ ﺑﻌﺪد ﺳﻜﺎن ﻳﻤﻜﻦ 143
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻣﺘﺴﺎو إﱃ دواﺋﺮ ﺑﻬﺬا اﻟﺤﺠﻢ ﺳﻴﺼري ﻣﻦ املﺼﺎدﻓﺎت اﻟﺒﻌﻴﺪة؛ ﻟﺬا ﻟﻴﺲ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﻘﺴﻴﻤﻪ ٍ ٍ واﺿﺤً ﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﴍ ﻛﻴﻔﻴﺔ إﺟﺮاء اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ،وﻫﻨﺎ ﺗﻜﻤﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار .إﻧﻬﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،ﻻ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻸﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﱠﺛﻨﺎ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﺒﻖ ،وﻳﺘﺨ ﱠﻠﻠﻬﺎ اﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻦ ﴏاﻋﺎت املﺼﺎﻟﺢ .وﻣﺎ أﺻﺒﺢ واﺿﺤً ﺎ ﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷوﱃ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺮن أﻧﻪ ﻻ ﺟﺪوى ﻣﻦ أن ﱠ ﱠ ﻻﺗﻔﺎق ﻋﲆ ﻳﺘﻮﺻ َﻞ ﺗﺘﻮﻗﻊ ﻣﻦ ﻛ ﱢﻞ ﻛﻮﻧﺠﺮس ﺟﺪﻳﺪ ،ﺑﻌﺪ ﺗﻌﺪاد ﺳﻜﺎﻧﻲ ،أن ٍ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻐﻨﺎﺋﻢ؛ ﻓﻬﻢ ﻳﺤﺮﺻﻮن ﺑﺸﺪة ﻋﲆ ﻋﺪم ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ .وﺑﻌﺪ ﺗﻌﺪاد ،١٩٢٠ﻛﺎن َ اﻻﺗﻔﺎق ﻋﲆ ﻻﺋﺤﺔ ﻹﻋﺎدة ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻻﻧﻘﺴﺎم ،ﺣﺘﻰ إﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮا ً ﻣﻄﻠﻘﺎ؛ ﻟﺬا اﺳﺘﻤﺮ ﺗﻘﺴﻴﻢ ١٩١٠ﺧﻼل ﺣﻘﺒﺔ اﻟﻌﴩﻳﻨﻴﺎت ،وﻛﺎن ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن اﻟﺪواﺋﺮ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻟﻸﺑﺪ. ﻳﻮﺟﺪ اﻵن )ﺑﻨﺎءً ﻋﲆ ﺗﻌﺪاد (١٩٩٠ﺳﺒﻊ وﻻﻳﺎت ﻟﻬﺎ ﻧﺎﺋﺐ واﺣﺪ ﻓﻘﻂ ،وﺳﺖ وﻻﻳﺎت أﺧﺮى ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﺳﻮى ﻧﺎﺋﺒني؛ أي إن ﺛﻼث ﻋﴩة وﻻﻳﺔ ،ﺗﺸﻐﻞ رﺑﻊ ﻋﻀﻮﻳﺔ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ ،ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﲆ أﻗﻞ ﻣﻦ واﺣﺪ ﻋﲆ ﻋﴩﻳﻦ ﻣﻦ ﻋﻀﻮﻳﺔ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب ،وﻫﺬا أﻣﺮ ً أﻫﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت اﻟﺼﻐرية؛ ﻓﺎﻟﻮﻻﻳﺔ اﻟﻜﱪى )ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ﰲ وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻳﻤﺜﱢﻞ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر( ﻟﻦ ﺗﻜﱰث ﻛﺜريًا ﺑﺈﺿﺎﻓﺔ ﻧﺎﺋﺐ واﺣﺪ إﱃ ﻫﻴﺌﺔ ﻣﻔﻮﺿﻴﻬﺎ اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻋﺪدﻫﻢ ً ﻣﻔﻮﺿﺎ )ﻋﻠﻤً ﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﲆ ﺳﺒﻌﺔ إﺿﺎﻓﻴني ﻋﺎم ،(١٩٩٠ﺑﻴﻨﻤﺎ إذا اﺛﻨني وﺧﻤﺴني ﺣﺼ َﻠ ْﺖ وﻻﻳﺔ واﻳﻮﻣﻴﻨﺞ )أﻗﻞ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن( وﺳﺖ وﻻﻳﺎت أﺧﺮى ﻋﲆ ﻧﺎﺋﺐ واﺣﺪ َ آﺧﺮ إﺿﺎﰲ ،ﻓﻤﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﻀﺎﻋِ ﻒ ﻫﻴﺌﺎت ﻣﻔﻮﺿﻴﻬﺎ .وﰲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮﱠاب، ﺗﺘﺠﺎوز ﻗﻮ ُة ﻧﻮﱠاب ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ اﻟﺘﺼﻮﻳﺘﻴﺔ ﻧﻮﱠابَ إﺣﺪى وﻋﴩﻳﻦ وﻻﻳﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌني؛ أي ﺣﻮاﱄ ﻧﺼﻒ وﻻﻳﺎت اﻻﺗﺤﺎد. َ اﻟﺼﻤﺖ ﺑﺨﻼف ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﺤﺠﻢ اﻷدﻧﻰ ﻟﺪاﺋﺮة اﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ ،ﻳﻠﺘﺰم اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﺘﺎ ﱠم ﺑﺸﺄن ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ؛ ﻓﻬﻮ ﻳﻘﴤ ﺑﺄن ﻳﻜﻮن ﺣﺠ ُﻢ ﻫﻴﺌﺔ املﻨﺪوﺑني ﻣﺤﻜﻮﻣً ﺎ ﺑﻜﺜﺎﻓﺔ ْ )وإن ﻛﺎن ﻻ ﻳﺤﺪد اﻵﻟﻴﺔ(. اﻟﻮﻻﻳﺔ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ،وﻳﺤﺪد اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻨﻮاب ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ املﻮاﻃﻨني ﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺬﻛﺮ أي ﳾء ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻨﻮﱠاب ﻋﲆ املﻮاﻃﻨني »داﺧﻞ« أي وﻻﻳﺔ؛ وﻗﺪ ﺳﻴﺎق ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎﻟﺤﻘﻮق املﺪﻧﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺄوﻳﻼت ﺟﺎءت ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻮد ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﻜﺜري ،ﰲ ٍ املﺒﺘﻜﺮة ﻟﻠﺪﺳﺘﻮر ﻣﻦ ﻃﺮف املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ. إذن ﻣﺎ اﻟﺨﻴﺎرات املﺘﺎﺣﺔ؟ ﻟﻜﻲ ﻧﺴﻬﻞ املﻌﺎدﻟﺔ اﻟﺤﺴﺎﺑﻴﺔ ،دﻋﻨﺎ ﻧﺘﻨﺎول ً ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺘﻄﺮﻓﺔ، ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ دوﻟﺔ ﺧﻴﺎﻟﻴﺔ ﺑﻬﺎ وﻻﻳﺘﺎن ﻓﻘﻂ» ،اﻟﻘﻮﻳﺔ« و»اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ« ،ﻳﺒﻠﻎ ﻋﺪد ﺳﻜﺎﻧﻬﻤﺎ ١٥٠٠٠و ٤٨٠٠٠ﻧﺴﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺘﻮاﱄ ،وﻛﻮﻧﺠﺮس ﺛﺎﺑﺖ ﺑﻪ ﺳﺘﺔ ﻣﻘﺎﻋﺪ) .ﻻ ﺷﻚ أﻧﻨﺎ ﻗﺪ 144
اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ
ﻗﻤﻨﺎ ﺑﻔﱪﻛﺔ أرﻗﺎﻣﻨﺎ ﺑﺪﻗﺔ ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻮﺻﻴﻞ اﻟﻔﻜﺮة (.وملﺎ ﻛﺎن اﻟﻘﺎﻧﻮن ﰲ ﻫﺬه اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺨﻴﺎﻟﻴﺔ ﻫﻮ ﻧﻔﺲ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺴﺎري ﻟﺪﻳﻨﺎ — أن ﻳﻜﻮن ﻟﻜﻞ وﻻﻳﺔ ﻣﻘﻌﺪ واﺣﺪ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ — ﻳﺒﺪو واﺿﺤً ﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ أن ﻣﻦ ﺑني املﻘﺎﻋﺪ اﻟﺨﻤﺴﺔ اﻷوﱃ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺬﻫﺐ واﺣﺪ إﱃ اﻟﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻘﻮﻳﺔ« وأرﺑﻌﺔ ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ«؛ وﻋﲆ ذﻟﻚ ﺳﻮف ﻳﻤﺜﱢﻞ اﻟﻨﺎﺋﺐ اﻟﻘﺎدم ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻘﻮﻳﺔ« ١٥٠٠٠ﻣﻮاﻃﻦ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺳﻴﻤﺜﱢﻞ ﻛ ﱡﻞ ﻧﺎﺋﺐ ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ« ١٢٠٠٠ ﻣﻮاﻃﻦ .ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻨﺘﺰع اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﻣﻦ اﻟﻨﻮاب املﻜﻔﻮل ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻘﻮﻳﺔ« ،وﻫﻮ ﻧﺎﺋﺐ أن ٍّ واﺣﺪ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺳﻴَﻌﻨﻲ ﻣﻨﺤﻬﺎ ﻧﺎﺋﺒني ﱠ ﻛﻼ ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻨﺎﺋﺒني ﺳﻮف ﻳﻤﺜﱢﻞ ٧٥٠٠ﻣﻮاﻃﻦ، ﺗﺎرﻛني ﻧﻮﱠابَ اﻟﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ« اﻟﺜﻼﺛﺔ املﺘﺒﻘني ﻟﻴﻤﺜﱢﻞ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﻢ ١٦٠٠٠ﻣﻮاﻃﻦ .ﺳﻴﻜﻮن ً ﺻﺎرﺧﺎ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻓﺈن اﻟﺘﻮزﻳﻊ اﻷﻛﺜﺮ ً ﻋﺪﻻ ﻟﻠﻤﻘﺎﻋﺪ اﻟﺨﻤﺴﺔ اﻷوﱃ واﺿﺢ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ. ذﻟﻚ ﻇﻠﻤً ﺎ وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻋﻦ املﻘﻌﺪ اﻟﺴﺎدس؟ َملﻦ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺬﻫﺐ؟ إذا ﻣﻨﺤﺘﻪ ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻘﻮﻳﺔ«، ﻓﺴﻮف ﻳﻌﻮد ﻧﻮﱠاﺑﻬﺎ ﻣﺮ ًة أﺧﺮى ﻣﺴﺌﻮﻟني ﻋﻦ داﺋﺮة اﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﻗﻮا ُم ﻛ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﺎ ٧٥٠٠ﺷﺨﺺ، ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ دواﺋﺮ اﻟﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ« املﻜﻮﱠﻧﺔ ﻣﻦ ١٢٠٠٠ﺷﺨﺺ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ إذا ﻣﻨﺤﺘﻪ ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ« ،ﻓﺴﻮف ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻣﺴﺌﻮﻟني ﻋﻦ دواﺋﺮ ﻣﺆﺗﻤﺮﻳﺔ ﻣﺆ ﱠﻟﻔﺔ ﻣﻦ ٩٦٠٠ﺷﺨﺺ، ﻣﻘﺎ َر ً ﻧﺔ ﺑﺎﻟﻌﺪد اﻷﺻﲇ ﻷﻓﺮاد دواﺋﺮ اﻟﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻘﻮﻳﺔ« ،اﻟﺬي ﻳﺴﺎوي ١٥٠٠٠ﺷﺨﺺ .ﻣﺎ اﻟﻌﻤﻞ؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،ﺗﻮﺟﺪ ﺧﻴﺎرات ﻋﺪﻳﺪة ،ﻟﻦ ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻮى اﺛﻨني؛ اﻷول اﺳﻤﻪ ﻃﺮﻳﻘﺔ املﺘﻮﺳﻂ اﻟﺘﻮاﻓﻘﻲ ،وﻳﻌﻨﻲ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﴐورة أن ﺗﺤﺎول ﺑﺄﻗﴡ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻚ ﻣﺴﺎواة أﺣﺠﺎم اﻟﺪواﺋﺮ املﺆﺗﻤﺮﻳﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺘني .ﻓﺈذا ﻣﻨﺤﺖ املﻘﻌﺪ اﻟﺴﺎدس ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻘﻮﻳﺔ« ،ﻓﺴﻮف ﺗﻜﻮن أﺣﺠﺎم اﻟﺪواﺋﺮ ٧٥٠٠و ،١٢٠٠٠ﺑﻔﺎرق ٤٥٠٠؛ وإذا ﻣﻨﺤﺘﻪ ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ« ،ﻓﺴﻮف ﺗﻜﻮن اﻷﺣﺠﺎم ١٥٠٠٠و ،٩٦٠٠ﺑﻔﺎرق ٥٤٠٠؛ إذن ﺳﻮف ﻳﺬﻫﺐ املﻘﻌﺪ إﱃ اﻟﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻘﻮﻳﺔ«، اﻟﻮﻻﻳﺔ اﻷﺻﻐﺮ ،إذا ﻛﻨﺖ ﺗﺤﺎول ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ أن ﺗﻘﺮب أﺣﺠﺎ َم اﻟﺪواﺋﺮ املﺆﺗﻤﺮﻳﺔ ﻣﻌً ﺎ ﺑﺄﻗﴡ ﻗﺪر ﻣﻤﻜﻦ. وﻟﻜﻦ اﻧﺘﻈﺮ ،واﻟﻜﻼم ﻟﺴﺎﺳﺔ اﻟﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ« اﻟﺒﺎﺋﺴني ،ﺛﻤﺔ ﻃﺮﻳﻘﺔ أﻓﻀﻞ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ذﻟﻚ؛ إذا ﻣﻨﺤﺖ املﻘﻌﺪ اﻟﺴﺎدس ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻘﻮﻳﺔ« ،ﻓﺈن ﻛﻞ أﻟﻒ ﻧﺴﻤﺔ ﻣﻦ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﺳﻮف ﻳﻜﻮن ﻟﻬﻢ ﻧﺼﻴﺐ ﻗﺪره ٠٫١٣٣ﻣﻦ أﺣﺪ أﻋﻀﺎء اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﻞ أﻟﻒ ﻣﻦ ﻣﻮاﻃﻨﻲ وﻻﻳﺘﻨﺎ ﺳﻮف ﻳﻜﻮن ﻧﺼﻴﺒﻬﻢ ٠٫٠٨٣ﻓﻘﻂ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو ً ﻋﺎدﻻ ﺑﺎﻟﻜﺎد؛ أﻣﺎ إذا ﻣﻨﺤﺘﻨﺎ ﻧﺤﻦ املﻘﻌﺪ اﻟﺴﺎدس ،ﻓﺴﻮف ﻳﺤﻈﻰ ﻣﻮاﻃﻨﻮ وﻻﻳﺘﻬﻢ ﺑ ٠٫٠٦٦٧ﻋﻀﻮ ﻛﻮﻧﺠﺮس ﻟﻜﻞ أﻟﻒ ﻣﻮاﻃﻦ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺳﻴﺤﻈﻰ ﻣﻮاﻃﻨﻮﻧﺎ ﺑ ٠٫١٠٤٢ﻟﻜﻞ أﻟﻒ ،واﻟﻔﺎرق ﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ٠٫٠٣٧٥ 145
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻓﻘﻂ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻷﺧﺮى ﺳﻮف ﻳﻜﻮن اﻟﻔﺎرق ،٠٫٠٥٠وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ً ﻓﺎرﻗﺎ أﻛﱪ ﺑﻜﺜري. إذن ،ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﻣﺒﺪأ أن ﻛﻞ ﻣﻮاﻃﻦ ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ﻧﻔﺲ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﰲ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ،ﻳﺠﺐ راق ﻫﻮ أن ﻳﻜﻮن املﻘﻌﺪ اﻟﺴﺎدس ﻟﻨﺎ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ«) .ﺗُﻌ َﺮف ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺑﺎﺳ ٍﻢ ٍ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﻜﺴﻮر اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗُﺴﺘﺨﺪَم ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ ﺑﻼدﻧﺎ املﺒﻜﺮ(. َ أردت أن ﺗﺠﻌﻞ اﻟﺪواﺋ َﺮ أﻗﺮب ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻨﻔﺲ اﻟﺤﺠﻢ، إذن ﻫﺎ ﻫﻲ املﺸﻜﻠﺔ :إذا ً َ أردت أن ﺗﻤﻨﺢ ﻛﻞ ﻣﻮاﻃﻦ ﺗﻤﺜﻴﻼ ﻣﺘﺴﺎوﻳًﺎ ﻳﺬﻫﺐ املﻘﻌﺪ إﱃ اﻟﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻘﻮﻳﺔ« ،وﻟﻜﻦ إذا ﰲ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ،ﻷﻗﴡ ﺣﺪ ﻣﻤﻜﻦ ،ﻳﺠﺐ إذن أن ﺗﺤﺼﻞ اﻟﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ« ﻋﲆ املﻘﻌﺪ؛ ُ ُ ِ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﻜﺴﻮر اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﺼﻐري َة ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻃﺮﻳﻘﺔ املﺘﻮﺳﻂ اﻟﺘﻮاﻓﻘﻲ ﺗﺤﺎﺑﻲ َ ً ِ ﻣﻴﻮﻻ وﺗﻔﻀﻴﻼت أﺧﺮى ،وﻻ ﻏﺮاﺑﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻜﺒرية .وﻫﻨﺎك ﻃﺮق أﺧﺮى ﺗﺤﻤﻞ ﺗﺤﺎﺑﻲ ﰲ أن اﻟﺴﺎﺳﺔ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﺎﺗﻠﻮن ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ؛ ﻓﻬﻨﺎك اﻟﻜﺜري ﻋﲆ املﺤﻚ .واﻟﺪﺳﺘﻮر )ﰲ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺨﻴﺎﻟﻴﺔ وﰲ دوﻟﺘﻨﺎ( ﻻ ﻳﻘﺪﱢم أي ﻋﻮن ،أﻳٍّﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن؛ ﻓﻔﻲ دوﻟﺘﻨﺎ اﻟﺨﻴﺎﻟﻴﺔ ،ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻘﻮﻳﺔ« ﰲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب أن ﻳﻜﻮن إﻣﺎ اﻟﺜﻠﺚ وإﻣﺎ اﻟﺴﺪس، ﻣﻊ ﻋﺪم وﺟﻮد أي اﺧﺘﻼف ﰲ ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن ،ﻓﻘﻂ ً وﻓﻘﺎ ﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ املﺨﺘﺎرة؛ ﻓﻜﻠﺘﺎ اﻟﻘﺎﻋﺪﺗني ﺳﻮف ﺗﻜﻮن ﻣﺘﻮاﻓﻘﺔ ﻣﻊ اﻟﺪﺳﺘﻮر ،و»اﻟﺴﺎﺳﺔ« ﻫﻢ ﻣَ ﻦ ﻳﺨﺘﺎرون اﻷﻧﺴﺐ ﻟﻬﻢ. ﻻ ﻧﻨﻜﺮ أﻧﻨﺎ ﻗﻤﻨﺎ ﺑﻔﱪﻛﺔ أرﻗﺎم ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺆدﱢي إﱃ املﻌﻀﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻨﱠﺎ ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻊ اﻷرﻗﺎم اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗﱰك ﻋﻤﻠﻴﺔ إﻋﺎدة اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ َ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻢ ﻋﻘﺐ ﻛﻞ ﺗﻌﺪادٍ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻋﲆ اﻟﺤﺪ اﻟﻔﺎﺻﻞ ﻣﺎ ﺑني اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻧﺎﺋﺐ إﺿﺎﰲ ،وﻋﺪم اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻴﻪ ،ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻘﻮﻳﺔ« واﻟﻮﻻﻳﺔ »اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ«؛ ﻓﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻬﻤﺎ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﲆ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ املﺴﺘﺨﺪَﻣﺔ ،وﻫﻲ ﺗﺼﻨﻊ ً ﻓﺎرﻗﺎ ﻛﺒريًا .وﺗﺬ ﱠﻛ ْﺮ — إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﺄﺛري ﺣﺠﻢ ﻫﻴﺌﺔ املﻨﺪوﺑني ﻋﲆ اﻟﺘﴩﻳﻊ اﻟﻘﻮﻣﻲ — ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﻋﲆ ﻋﺪد اﻟﻨﻮاب املﺨﺼﺺ ﻟﻜﻞ وﻻﻳﺔ. ﱞ »ﺷﺨﺺ ﻣﺎ« ﻧﻔﺴﻪ أﻧﻪ ﻣﻀﻄﺮ ﻟﻠﻘﺒﻮل إذن ﻣﺎذا ﺑﻮﺳﻊ أي دوﻟﺔ أن ﺗﻔﻌﻞ ،ﺣني ﻳﺠﺪ ﺑﺄﻧﻪ ﻏري ﻣُﻤﺜﱠﻞ؟ وملﺎذا ﻟﻢ ﻳﺨﱪﻧﺎ ﻣُﻌِ ﺪﱡو اﻟﺪﺳﺘﻮر ﻛﻴﻒ ﻧﻔﻌﻞ ذﻟﻚ؟ أ َﻟﻴﺲ ﻣﻦ املﺤﺘﻤﻞ أن اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت — ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺷﻬﺎداﺗﻬﻢ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﺮاﻗﻴﺔ — ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺠﺎ َل ﺗﻤﻴﱡﺰﻫﻢ؟ ﺗﺬ ﱠﻛ ْﺮ أن ﺑﻨﻴﺎﻣني ﻓﺮاﻧﻜﻠني ﻛﺎن ﻣﻮﺟﻮدًا ،وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻃﺎﻋﻨًﺎ ﰲ اﻟﺴﻦ ﺣﻴﻨﺬاك ،وﻛﺎن ﻋﺎ ًملﺎ، وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﺎﻟﻢ رﻳﺎﺿﻴﺎت. ﺣﺴﻨًﺎ ،ﺗﻠﻚ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺸﻜﻠﺔ رﻳﺎﺿﻴﺔ ﺑﺤﺘﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺗﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﻣﺠ ﱠﺪدًا ﺑﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮار، َ أردت أن ﺗﺘﺤﻴﺰ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت اﻟﺼﻐريةَ ،ﻓ ْﻠﺘﺘﺠﻪ إﱃ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺣﻠﻬﺎ ﻋﲆ ﻣﺎ ﺗﻮد ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ؛ ﻓﺈذا 146
اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ
ﻃﺮﻳﻘﺔ املﺘﻮﺳﻂ اﻟﺘﻮاﻓﻘﻲ ،وإذا ﻛﻨﺖ ﺗﺤﺐ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻜﺒرية ،ﻓﺎﻟﻜﺴﻮر اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﻠﺠﺆك؛ وﻟﻌﻞ ﻫﺬا ﱢ ﻳﻔﴪ ﻋﺪم إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺣﻞ اﻟﻘﻀﻴﺔ ﺑﺎملﻨﻄﻖ اﻟﺒﺤﺖ .ﻓﻤﻦ اﻟﴬوري ﱠ ﻳﺘﻮﺻﻞ إﱃ اﺗﻔﺎق ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ املﻔﺎوﺿﺎت واﻟﺘﺴﻮﻳﺔ؛ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻠﻤﻨﻄﻖ دور ﻟﻠﻜﻮﻧﺠﺮس أن ﻛﺒري ﻫﻨﺎ. ﻋﻼوة ﻋﲆ ﻛﻞ ذﻟﻚ ،ﺗﻌﺎﻧﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻧﺬﻛﺮﻫﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﻄﻠِﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﺎﺳﺔُ ٍ ﻣﻔﺎرﻗﺎت؛ وﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎملﻌﻨﻰ اﻟﺬي ﻗﺎﺑﻠﻨﺎه ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﺎﴍ؛ ﻓﺎملﻔﺎرﻗﺔ — ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ً ﺗﻨﺎﻗﻀﺎ إﱃ اﻟﺴﻴﺎﳼ — ﺗﻌﻜﺲ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻏري ﻣﺮﻏﻮﺑﺔ أو ﻏري ﻣﺴﺘﺴﺎﻏﺔ ﻹﺟﺮاءٍ ﻣﺎ ،وﻟﻴﺲ واﺿﺤً ﺎ؛ ﻓﺤني ﺗﻌﻤﻞ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ﺑﻄﺮق ﻏري ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ — ﻏري ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ اﻟﺴﺎﺳﺔ — ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ ﻫﺬا ﻣﻔﺎرﻗﺔ .واملﻔﺎرﻗﺘﺎن اﻟﻠﺘﺎن ﻋﺮﻗﻠﺘﺎ املﺤﺎوﻻت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻻﺑﺘﻜﺎر ﻧ ُ ُ ﻈﻢ ﻟﻠﺘﻘﺴﻴﻢ ﺑﺈﻳﺠﺎز ،ﺗﺼﻴﺐ ﻣﻔﺎرﻗﺔ أﻻﺑﺎﻣﺎ أي ﻣﺨﻄﻂ ﻳُﻄ َﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻣﻔﺎرﻗﺔ أﻻﺑﺎﻣﺎ وﻣﻔﺎرﻗﺔ اﻟﺴﻜﺎن. ٍ ﻟﻠﺘﻘﺴﻴﻢ إذا ﻛﺎن ﻣﻦ املﻤﻜﻦ ﻟﺤﺠﻢ ﻫﻴﺌﺔ ﻣﻨﺪوﺑﻲ إﺣﺪى اﻟﻮﻻﻳﺎت أن ﻳﻨﺨﻔﺾ ﻣﻊ زﻳﺎدة ﺣﺠﻢ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮﱠاب ،وﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ﻳﻌﺎد ﺗﻘﺴﻴﻤﻪ )ﻛﺎد أن ﻳﺤﺪث ذﻟﻚ ذات ﻣﺮة ﻟﻮﻻﻳﺔ أﻻﺑﺎﻣﺎ(. أﻣﺎ ﻣﻔﺎ َرﻗﺔ اﻟﺴﻜﺎن ،ﻓﺘﺤﺪث ﺣني ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺆدﱢي زﻳﺎد ٌة ﰲ إﺟﻤﺎﱄ ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن إﱃ اﻧﺨﻔﺎض ﰲ ﺣﺠﻢ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮﱠاب) .ﻟﻴﺴﺖ أيﱞ ﻣﻦ ﻫﺎﺗني املﻔﺎرﻗﺘني ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ، وﻟﻜﻦ ٍّ ﻛﻼ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﺨﻔﺾ ﻋﺪد اﻟﻨﻮاب؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻻ ﺗﻠﻘﻰ ً ﱠ ﻗﺒﻮﻻ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻨﻮاب؛ إذ ﻗﺪ ﻳﻀﻄﺮ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﻠﺘﻘﺎﻋﺪ (.وﻳﺘﻢ ﺗﻔﺎدي ﻣﻔﺎرﻗﺔ اﻟﺴﻜﺎن اﻵن ﺑﺘﺜﺒﻴﺖ ﺣﺠﻢ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب ﻋﻨﺪ ،٤٣٥ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻷن ﻳﺘﻀﺎءل ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﻔﺎدي ﻣﻔﺎرﻗﺔ ً َ ﻣﺤﺼﻨﺔ ﺿﺪ ﻫﺬه املﻔﺎرﻗﺔ، ﻃﺮق اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن أﻻﺑﺎﻣﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻮﺿﻊ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر دون ﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻄﺮق. وﻋﲆ ذﻟﻚ أﺻﺪر اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﰲ ﻋﺎم ١٩٤١ﻗﺮا ًرا ﺑﺄن ﺗﻜﻮن اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ املﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻫﻲ »ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﻨ ﱢ َﺴﺐ املﺘﺴﺎوﻳﺔ« ،وﻫﻮ اﺳﻢ وﺻﻔﻲ ﻏﺎﻣﺾ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﻜﺜري ﻷي أﺣﺪ ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ، وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪ ﺟﻤﻌﻬﺎ ﻣﻊ ﻣﺠﻠﺲ ﻧﻮﱠاب ذي ﺣﺠﻢ ﺛﺎﺑﺖ ،ﻧﺘﺠﻨﱠﺐ ﻛ ﱠﻞ املﻔﺎرﻗﺎت املﺰﻋﻮﻣﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ً ﺻﺎرﺧﺔ ﻷيﱟ ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻜﺒرية أو اﻟﺼﻐرية .ﻣﻊ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،ﻳﻤﻜﻨﻚ ﻻ ﻧﺠﺪ ﻣﺤﺎﺑﺎ ًة أن ﺗﻤﴤ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﲇ :اﺳﺘﺨﺪ ْم ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻛﻞ ﺗﻌﺪادٍ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺗﻘﺴﻴﻢ أوﱄ ﻟﻌﺪد اﻟﻨﻮﱠاب اﻟﺬي وﻓﻘﺎ ﻟﻌﺪد ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ،ﺑﻌﺪﻫﺎ ُﺧﺬ ﻧﺘﻴﺠﺔ ذﻟﻚ اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ املﺒﺪﺋﻲ ُ ُﺨﺼﺺ ﻟﻜﻞ وﻻﻳﺔً ، ﺳﻴ ﱠ وﻗ ْﻢ ﺑﺘﻌﺪﻳﻠﻪ ﺑﻤﻘﺎرﻧﺔ ﺣﺠﻢ ﻫﻴﺌﺔ ﻣﻨﺪوﺑﻲ ﻛﻞ وﻻﻳﺔ ﻣﻊ ﺣﺠﻢ ﻫﻴﺌﺔ ﻣﻨﺪوﺑﻲ ﻛﻞ وﻻﻳﺔ أﺧﺮى، ً وﻓﻘﺎ ﻟﻘﺎﻋﺪة أﺧﺮى ﻏﺮﻳﺒﺔ .ﻳﺘﻢ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺣﺴﺎب ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺴﻜﺎن إﱃ ﻋﺪد املﻨﺪوﺑني ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺘني اﻟﻠﺘني ﺳﺘﻌﻘﺪ املﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﻹﻳﺠﺎد ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﺤﺠﻢ ﻷي داﺋﺮة اﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ 147
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻣﻘﱰﺣﺔ ﻟﻜﻞ وﻻﻳﺔ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﺘﻢ ﺣﺴﺎب »ﻧﺴﺒﺔ« اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻷﻛﱪ إﱃ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻷﺻﻐﺮ؛ ﻣﺎ ﻳُﺴﻔِ ﺮ ﻋﻦ رﻗﻢ أﻛﱪ ﻣﻦ واﺣﺪ ،ﻛﻤﻘﻴﺎس ملﺪى ﻛﱪ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﻜﺒرية ﻋﻦ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺼﻐرية. ﻓﺎر َق أﺣﺠﺎم اﻟﺪواﺋﺮ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺘني )ﻛﺎن املﻌﻴﺎ ُر اﻟﺬي اﺗﺨﺬﺗْﻪ اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ ذﻛﺮﻧﺎﻫﺎ أﻋﻼه ِ وﻓﺎر َق ﺗﻤﺜﻴﻼت اﻟﻨﺎﺧﺒني؛ أﻣﺎ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻓﺘﺘﺨﺬ اﻟﻨﺴﺒﺔ ﻣﻌﻴﺎ ًرا (.إذا أﻣﻜﻦ ﺧﻔﺾ ِ اﻟﻨﺴﺒﺔ )أيْ ﺗﻘﺮﻳﺒﻬﺎ أﻛﺜﺮ إﱃ اﻟﻨﺴﺒﺔ اﻟﻌﺎدﻟﺔ( ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﻘﻞ ﻣﻨﺪوب واﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺔ ذات اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﺰاﺋﺪ إﱃ اﻷﺧﺮى ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ ذﻟﻚ .أﻣﺎ ﺣني ﻻ ﻳﻌﻮد ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن ﺧﻔﺾ ﻫﺬه اﻟﻨﺴﺒﺔ ﺑﻨﻘﻞ ﻣﻨﺪوﺑني ﺑني اﻟﻮﻻﻳﺎت ،ﺗﻜﺘﻤﻞ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ وﺗﻨﺘﻬﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ .ﻫﺬا ﻫﻮ اﻗﱰﺣﺖ ﻋﲆ ﻣ ﱢﺮ اﻟﻘﺎﻧﻮن ،واملﱪر ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ أﻧﻪ ﺑني اﻟﻄﺮق اﻟﺨﻤﺲ اﻷﻛﺜﺮ ﻧﺠﺎﺣً ﺎ اﻟﺘﻲ ُ ِ اﻟﺴﻨني ،واﻟﺘﻲ »أﻣﻜﻦ« اﺳﺘﺨﺪام ﻛ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﺎ ،ﺗُ َ ﻌﺘﱪ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻫﻲ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﻔﻀﻴﻼت ،ﺳﻮاء ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت اﻟﻜﺒرية أم اﻟﺼﻐرية .ذاك ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ »اﻟﻮﺣﻴﺪ« املﻌﻠﻦ ﻻﺧﺘﻴﺎر ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ؛ ﻓﺎﻻﺧﺘﻴﺎر اﻋﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺤﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺟﺰء ﻛﺒري ﻣﻦ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻷﺻﲇ ،وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﺤﻠﻴﻠﻪ ﰲ إﻃﺎر املﺒﺎدئ أو املﻨﻄﻖ اﻟﺮﻳﺎﴈ. ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻟﻴﺲ ﴐورﻳٍّﺎ أن ﺗﺨﻮض ﻫﺬا اﻹﺟﺮاء املﻄﻮل ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،ﻓﻤﻦ اﻟﺴﻬﻞ أن ﺗﺒني )ﺛ ِْﻖ ﺑﺎﻟﻜﺎﺗﺐ( أن ﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﻫﻮ ﺣﺴﺎب ﻣﺘﻮﺳﻂ ﺣﺠﻢ داﺋﺮة اﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ إﱃ ﻛﻞ ﻋﺪد ﻣﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﻮاب ،ﻟﻜﻞ وﻻﻳﺔ ،ﺛﻢ ﺗﺼﻨﻴﻒ اﻟﻮﻻﻳﺎت ﺑﺎﻟﱰﺗﻴﺐ ،ﻣُﺴﺘﺨﺪِﻣً ﺎ — ﻛﻤﺆﴍ ﻟﻠﺘﺼﻨﻴﻒ — »ﻧﺎﺗﺞ« ﺣﺠﻢ أي داﺋﺮة ﻣﻘﱰﺣﺔ وﺣﺠﻤﻬﺎ ﻟﻮ ﺗﻤﱠ ْﺖ زﻳﺎدة ﻫﻴﺌﺔ املﻨﺪوﺑني ﺑﻤﻌﺪل ﻣﻨﺪوب واﺣﺪ .وﻳﻤﻜﻦ ﺗﻄﺒﻴﻖ ذﻟﻚ ﻋﲆ ﻛﻞ اﻷﺣﺠﺎم املﻘﱰﺣﺔ ﻟﻬﻴﺌﺔ املﻨﺪوﺑني، ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ﻳﻜﻮن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﻫﻮ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﻮﻻﻳﺎت وﺗﻤﺜﻴﻼﺗﻬﺎ املﻘﱰﺣﺔ ،وﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻨﻮاب إﱃ أن ﻳﺼﻞ اﻹﺟﻤﺎﱄ .٤٣٥ﻳﺒﺪو اﻷﻣﺮ ﱠ ﻣﻌﻘﺪًا ،وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ؛ ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﰲ ﻋﴫ اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ. ﻛﻴﻒ ﺗﻄﺒﻖ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ املﻌﺘﻤﺪة ﻋﲆ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻻﻓﱰاﺿﻴﺔ أﻋﻼه؟ ﺳﺘﺤﺼﻞ اﻟﻮﻻﻳﺔ اﻷﻛﱪ — »اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ« — ﻋﲆ املﻮاﻓﻘﺔ ﺑﻬﺎﻣﺶ ﺻﻐري ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ؛ ﻫﻜﺬا ﺗﺠﺮي اﻷﻣﻮر. ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺴﺎرﻳﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﺮﺑﻊ اﻷﺧري ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ ﻛﺄُﻣﱠ ﺔ .وإذا اﻣﺘﻠ َﻜ ِﺖ ً ُ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻞ ﻟﻬﺎ ﺗﻐﻴريَ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻷﻛﱪ أو اﻷﺻﻐﺮ ﺳﻴﻄﺮ ًة ﱡ ﺗﻨﻘﺾ ﻋﲆ ﻟﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ،ﻓﻼ ﳾء ﻳﺴ ﱡﺪ اﻟﻄﺮﻳﻖ ،وﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺳﺒﺐ ﺗﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻼﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻟﻦ اﻟﻔﺮﺻﺔ؛ ﻓﻔﻲ ﻣﺴﻘﻂ رأس ﻫﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ ،وﰲ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻷﺧﺮى ﰲ ﺑﻼدﻧﺎ وﰲ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ ،ﻻ ﻳﱰدﱠد اﻟﺤﺰب املﺴﻴﻄﺮ ﻋﲆ املﺠﻠﺲ اﻟﺘﴩﻳﻌﻲ ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ ﰲ وﻗﺖ إﻋﺎدة اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ٍ ﻟﻠﺤﻈﺔ ﰲ اﻻﻋﺘﻨﺎء ﺑﻤﺼﺎﻟﺤﻪ ،ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أو ﺑﺄﺧﺮى؛ إﻧﻬﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﻋﺪم اﻻﺳﺘﻘﺮار ﻟﻢ ﻳﻮﻓﺮ اﻵﺑﺎء املﺆﺳﺴﻮن أيﱠ ﺣﻤﺎﻳ ٍﺔ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺘﻬﺎ. 148
اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ
ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻌﻲ ،ﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﺤﺪ )اﻻﻋﺘﺒﺎﻃﻲ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ( املﻔﺮوض ﻋﲆ ﺣﺠﻢ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب ﻗﺪ ﺗﺤ ﱠﺪ َد ﺑ ً ٤٣٦ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ٤٣٥ﰲ ﻋﺎم َ ،١٩١٠ﻟﻜﺎﻧﺖ اﻟﻮﻻﻳﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺤﺼﻞ ﻋﲆ ﻣﻘﻌﺪ ﰲ وﻗﺖ إﺟﺮاء ﺗﻌﺪاد ١٩٩٠ﻫﻲ ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ،ﺑﻔﺎرق ﺻﻐري وﻟﻜﻨﻪ واﺿﺢ ﻋﲆ املﻨﺎﻓﺲ اﻟﺘﺎﱄ ،ﻧﻴﻮﺟريﳼ .وﰲ املﺮﻛﺰ اﻟﺘﺎﱄ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ،ﺑﻌﺪ اﻟﻘﺎدة ﺑﻔﺎرق ﻛﺒري )إن ﻛﻠﻤﺔ »ﻗﺎﺋﺪ« ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﺗﻌﻨﻲ أﻧﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺔ اﻷوﱃ اﻟﺘﻲ ﻓﻘﺪ َِت اﻟﻔﺮﺻﺔ( .ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ﺳﺘﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﻋﴩة ﻣﻘﺎﻋﺪ إﱃ أﺣﺪ ﻋﴩ ﻣﻘﻌﺪًا ،وﻫﻲ زﻳﺎدة ﻏري ﻫﻴﻨﺔ ﰲ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺑﻨﺴﺒﺔ ،٪١٠وﺻﻮت إﺿﺎﰲ ﰲ اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ .ﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ،ﻟﻮ ﻛﺎن ﻧﻈﺎم اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ املﺴﺘﺨﺪَم ﰲ اﻟﺠﺰء اﻷول ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺮن ﻗﺪ اﺳﺘﺨﺪم ً ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺤﺎﱄ، َﻟﺤﺼﻠﺖ ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ﻋﲆ ﻣﻘﻌﺪﻫﺎ اﻹﺿﺎﰲ ﻋﲆ أي ﺣﺎل ،ﻋﲆ ﺣﺴﺎب أوﻛﻼﻫﻮﻣﺎ .ﻻ أﺣﺪ ﻳﺤﺐ أن ﻳﻬﺪر ﻓﺮﺻﺔ إﺣﺮاز اﻟﻔﻮز ،وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﻫﺬه املﺸﻜﻠﺔ اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ املﺘﻌ ﱢﻠﻘﺔ ﺑﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﺗﺸﻐﻞ ﻋﻘﻮل اﻟﺴﺎﺳﺔ ﻟﺰﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ.
149
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس ﻋﴩ
اﳊﺮب :ﻗﺎﻧﻮن ﻻﻧﻜﺴﱰ
ﻣﻦ املﺪﻫﺶ ،ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺤﺮب ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ املﺴﺠﻞ )وﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻗﺒﻞ أن وﱄ َ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻳﺒﺪأ ﺗﺴﺠﻴﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﺰﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ( ،ﻣﺪى ﺿﺂﻟﺔ اﻻﻧﺘﺒﺎه املﻨﻬﺠﻲ اﻟﺬي أ ُ ِ ﻋﻦ ﻣﺒﺎدئ أﺳﺎﺳﻴﺔ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ وﺗﻜﺘﻴﻜﻴﺔ ،ﻣﻘﺎ َر ً ﻧﺔ ﺑﺎﻟﺠﻬﺪ اﻟﺬي أُﻧﻔِ ﻖ ﻋﲆ ﺗﻄﻮﻳﺮ أﺳﻠﺤﺔ ﺟﺪﻳﺪة .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻫﻨﺎك املﺒﺎدئ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻟِﺼﻦ ﺗﺰو ،اﻟﺘﻲ و ُِﺟﺪت ﻗﺒﻞ َ أﻟﻔ ْﻲ وﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﻋﺎم ،وﻣﺒﺎدئ ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ،ﻗﺒﻞ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﻫﺰ اﻟﺜﻼﺛﻤﺎﺋﺔ ﻋﺎم ،وﺣﺘﻰ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ ﻛﻼوزﻓﻴﺘﺰ اﻷﻛﺜﺮ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻟﺸﻌﺎرات واملﺒﺎدئ اﻟﺮﻧﺎﻧﺔ ﻋﲆ ﻏﺮار َ ً ً »ﻓ ْﻠﺘﻜﻦ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ أﻋﲆ ﻣﻦ ﺣﺪاﺛﺔ، ً وﺻﻮﻻ وﺑﺄﻛﱪ ﻋﺪد ﻣﻦ ﻗﻮاﺗﻚ« ،و»ﻓ ﱢﺮ ْق ﺗَ ُﺴﺪْ« ،واﻟﺘﻲ ﺗُﻌَ ﱡﺪ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﺧﺼﻤﻚ« ،و» ُﻛ ِﻦ اﻷﴎع ﺷﻌﺎرات ﻣﻔﻴﺪة ﰲ أﻧﻮاع ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺮوب ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻈﻞ ﻣﺠﺮد ﺷﻌﺎرات .ﻟﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﻼﻓﺖ ﻣﺪى ﺿﺂﻟﺔ ﻣﺎ ﻧ ُ ِﴩ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜري »اﻟﻨﻮﻋﻲ« ﺣﺘﻰ ﻋﻦ ﻫﺬه املﻮﺿﻮﻋﺎت املﺼﺎﻏﺔ ﰲ ﺻﻮرة آن َ ﻵﺧﺮ، ﺷﻌﺎرات .ﺛﻤﺔ اﺑﺘﻜﺎرات ﻛﻤﻴﺔ ﰲ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ واﻟﺘﻜﺘﻴﻜﺎت ﺗﻈﻬﺮ ﻣﻦ ٍ ﻣﺼﺤﻮﺑﺔ ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﺑﺘﻌﺪﻳﻞ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ ﻗﺎدة ذوي ﻣﻮاﻫﺐ ﻓ ﱠﺬة ﻋﲆ اﻷﺳﻠﺤﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﻣﻦ إدﺧﺎل اﻟﺨﻴﻞ ﰲ املﻌﺎرك ﰲ اﻷﻟﻔﻴﺔ اﻷوﱃ ﻗﺒﻞ املﻴﻼد ،ﻣﺮو ًرا ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻟﻘﻮس اﻟﻄﻮﻳﻞ ﰲ ً ﺣﺪاﺛﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺟﺎءت ﻣﻊ ﻇﻬﻮر ﻣﻄﻠﻊ اﻷﻟﻔﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺑﻌﺪ املﻴﻼد ،واﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﺮدع اﻷﻛﺜﺮ َ ﻋﴫ اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ﻋﻦ ﻇﻬﻮر ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺻﻐرية ﰲ أﻟﻌﺎب وأﺳﻔ َﺮ ﺣﻠﻮ ُل اﻷﺳﻠﺤﺔ اﻟﻨﻮوﻳﺔ، ِ ﻣﺤﺎﻛﺎة ﺳﺎﺣﺎت املﻌﺎرك واﻟﺤﺮوب اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗُﺴﺘﺨﺪَم ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻜﺜﱠﻒ ﻟﺘﺪرﻳﺐ اﻟﻘﺎدة اﻟﻌﺴﻜﺮﻳني .وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ،ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ ﻣﺒﺎدئ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﻏﺎل وﻧﻔﻴﺲ ﻣﻦ ﰲ وﻗﺖ اﻟﺤﺮب ،وإذا ﻛﺎن ﻫﻨﺎك أي ﻣﻜﺎن ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ﺗﺘﻜ ﱠﻠﻒ ﻓﻴﻪ ﻛﻞ ٍ أﺟﻞ ﺗﻌ ﱡﻠﻢ وﻇﻴﻔﺘﻚ ﻋﱪ املﺤﺎوﻟﺔ واﻟﺨﻄﺄ ،ﻓﻬﻮ ﺳﺎﺣﺔ اﻟﻘﺘﺎل.
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻏري أن اﻟﻘﺮارات اﻟﺘﻜﺘﻴﻜﻴﺔ ﰲ ﺳﺎﺣﺔ أي ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻫﻲ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﻌﻘﲇ )اﻟﺬي ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺟﻮﻫ َﺮ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار( ،ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺷﺄن ﺟﻤﻴﻊ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎت ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار اﻟﻮاردة ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب؛ ﻓﺤني ﺗﻮاﺟﻪ ﺧﺼﻤً ﺎ ﻣﻔﻜ ًﺮا ،ﻳﺼﺒﺢ املﻮﺿﻮع ﻣﺘﻌ ﱢﻠ ًﻘﺎ ﺑﻨﻈﺮﻳﺔ اﻷﻟﻌﺎب؛ ً ﺷﻔﺎﻓﻴﺔ ووﺿﻮﺣً ﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ ً أﻳﻀﺎ أن ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺣﺎﻻت ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻠﻪ أﻗ ﱠﻞ أن ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻠﻮك اﻟﺨﺼﻢ ﻣﻔﻬﻮﻣً ﺎ ﺑﻘﺪر ٍ ﻛﺎف ،أو ﻏري ذي ﺗﺄﺛري ،ﺑﺸﻜﻞ ﻳﺠﻌﻞ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻷﻣﻮر اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ؛ ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻄﺮق اﻷﺑﺴﻂ ذات ﻧﻔﻊ. أﺣﺪ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻟﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺸﻜﲇ ﻋﲆ دراﺳﺔ اﻟﺘﻜﺘﻴﻜﺎت اﻟﺤﺮﺑﻴﺔ وﺿﻌﻪ ﻣﻬﻨﺪس إﻧﺠﻠﻴﺰي ﻳُﺪﻋَ ﻰ ﻓﺮﻳﺪرﻳﻚ ﻻﻧﻜﺴﱰ ،أﺣﺪ اﻟﺮواد اﻷواﺋﻞ ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻄريان واﻟﺴﻴﺎرات املﺒﻜﺮ، واﻟﺬي أﻗﺎم ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﻋﲆ أﺳﺎس دراﺳﺔ ﻟﻠﻤﻌﺎرك اﻟﺠﻮﻳﺔ ﰲ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ .إن ﻋﻤﻠﻪ ً ﻣﻌﺮوﻓﺎ إﻻ ﻟﻘﻠﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻀﺒﺎط اﻟﻌﺴﻜﺮﻳني املﻤﺘﺎز واملﻨﻄﻮي ﻋﲆ ر ًؤى ﺛﺎﻗﺒ ٍﺔ ﻟﻴﺲ املﻌﺎﴏﻳﻦ؛ وﻫﻮ ﻣﺬﻛﻮر ﰲ ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﺎت اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ،وﻳ َ ُﻌﺘﱪ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻷﻫﻤﻴﺔ .إذا ً ً ﺑَﺪ ْ ﻣﺤﺘﻤﻼ ﻟﺬﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ. ﺗﻬﻜﻤﻴﺔ ،ﻓﺴﻮف ﻧﺮى ﺳﺒﺒًﺎ َت ﻧﱪﺗﻨﺎ درس ﻻﻧﻜﺴﱰ ﻧﻤﻮذﺟً ﺎ اﻓﱰاﺿﻴٍّﺎ )ﻣﺒﺴ ً ﻄﺎ ﻟﺤﺪ اﻟﺴﺬاﺟﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ( ملﻌﺮﻛﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻘﻮات املﺘﺤﺎرﺑﺔ ﻳُﻄﻠِﻖ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻟﻨﺎ َر ﻋﲆ ﺑﻌﺾ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ،دون أي ﺗﻔﻮق ﰲ اﻟﺪﻗﺔ أو اﻟﻌﻨﴫ اﻟﺒﴩي أو ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻷﺳﻠﺤﺔ ﻷيﱟ ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻧﺒني) .ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ، ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺷﺄن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺮوب اﻷﻗﺪم أو اﻷﺣﺪث ،زاﺧﺮ ًة ﺑﺎﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ ملﺜﻞ ﻫﺬه املﻌﺎرك اﻟﺤﻤﻘﺎء (.ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻈﺮﻳﺘُﻪ ُ ٍ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ذات اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ أن ﻗﻮﺗﻚ اﻟﻨﺎرﻳﺔ ﰲ ﻛﻬﺬه ﺗﺘﻨﺎﺳﺐ ﻃﺮدﻳٍّﺎ ﻣﻊ ﻋﺪدِ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻚ ﻣﻦ وﺣﺪات ﻗﺘﺎﻟﻴﺔ — ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ ﻗﻮات ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ، أم ﺳﻔﻨًﺎ ،أم ﻃﺎﺋﺮات — ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻋﺪد اﻷﻫﺪاف اﻟﺘﻲ ﺗﱪزﻫﺎ ﻟﻠﻌﺪو ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻃﺮدﻳٍّﺎ ً أﻳﻀﺎ ﻣﻊ ﻋﺪد وﺣﺪاﺗﻚ؛ وﻋﲆ ذﻟﻚ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻚ ﻣﺮﺗني ﻋﲆ اﻷﻋﺪاد؛ ﻣﺮة ﺑﺰﻳﺎدة ﻣﻌﺪل إﻃﻼق اﻟﻨﺎر ،واﻷﺧﺮى ﺑﺎﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﻧريان اﻟﻌﺪو .واﻟﻔﺮﺿﻴﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻫﻲ أن ﻛﻞ ً ﺿﺌﻴﻼ ،ﻹﺻﺎﺑﺔ ﻫﺪف )إذا اﺣﺘﻤﺎل ،ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﺟﺎﻧﺐ ﻳﻄﻠﻖ اﻟﻨﺎر ﰲ اﺗﺠﺎه اﻵﺧﺮ ،ﻣﻊ وﺟﻮد ٍ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻄﻠﻘﻮن اﻟﻨﺎر ﺑﻌﻨﻒ ﰲ اﻟﻈﻼم — وﻫﻲ ﻋﺎدة ﻳﺠﻠﻬﺎ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﻮن ﺑﺎﻟﺘﻌﺒري املﻄﻨﺐ »ﻧريان املﻨﻊ واﻟﺘﻀﻴﻴﻖ« — ﻓﺎﻷﻣﻮر ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ﺗﺨﺘﻠﻒ( .وﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺗﻈﻬﺮ ﻧﺘﻴﺠﺘﺎن ﻣﻬﻤﺘﺎن، ﱡ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﻴﻬﻤﺎ رﻳﺎﺿﻴٍّﺎ. ﻳﺴﻬﻞ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﻷوﱃ ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ أن ﻗﻮة ﻗﻮاﺗﻚ ﺗﻘﺎس ﺑ »ﻣﺮﺑﻊ« ﻋﺪد وﺣﺪاﺗﻚ ،وﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮد اﻟﻌﺪد؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﺼﺒﺢ اﻟﺘﻔﻮﱡق اﻟﻌﺪدي ﻋﲆ اﻟﻌﺪو ﻣﻴﺰ ًة أﻋﻈﻢ ﻣﻤﺎ َ ﻛﻨﺖ ﺗﻌﺘﻘﺪ؛ ﻓﻤﻀﺎﻋﻔﺔ ﻋﺪد اﻟﻮﺣﺪات )ﻣﻦ ﻗﻮات ،وﻃﺎﺋﺮات ،ودﺑﺎﺑﺎت … إﻟﺦ( ﺛﻼث ﻣﺮات ﻳﺆدي إﱃ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ 152
اﻟﺤﺮب :ﻗﺎﻧﻮن ﻻﻧﻜﺴﱰ
اﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ واﻟﻘﻮى ﺑﻤﻘﺪار ﺗﺴﻊ ﻣﺮات .ﰲ اﻷﻓﻼم اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ وﻋﲆ ﺷﺎﺷﺔ اﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮن داﺋﻤً ﺎ ٍ ﻋﺼﺎﺑﺎت ﻣﻜﻮﱠﻧﺔ ﻣﻦ ﻋﴩات ﻣﺎ ﻳﺘﻐ ﱠﻠﺐ اﻷﺧﻴﺎر )املﻤﺜﱢﻠﻮن ذوو اﻟﻮﺳﺎﻣﺔ واملﻈﻬﺮ اﻟﺮث( ﻋﲆ اﻷﴍار ،وﻟﻜﻦ ﻳﺠﺐ أﻻ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ؛ ﻓﻘﺎﻧﻮن اﻟﱰﺑﻴﻊ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻧﺨﺮاط املﺘﻮاﺟﺪ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﰲ اﻟﻘﺘﺎل ﰲ وﻗﺖ واﺣﺪ؛ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﰲ اﻷﻓﻼم ﻳﺘﺒﺎدل اﻷﴍار ﻗﺘﺎل اﻟﻄﻴﺐ ِ ﺑﻤﻔﺮده )ﺗﻜﺘﻴﻜﺎت ﻳﺮﺛﻰ ﻟﻬﺎ(؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﺘﻤ ﱠﻜﻦ اﻟﺒﻄﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻛ ﱟﻞ ﻋﲆ ﺣﺪة، دون ﺣﺘﻰ أن ﻳﻠﻬﺚ؛ وﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈن اﻟﴩوط ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﻘﺎﻧﻮن ﻻﻧﻜﺴﱰ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺘﺤﻘﻘﺔ. ً أﺳﻠﺤﺔ ﺛﻤﺔ ﺣﺎﻟﺔ أﺧﺮى ﻻ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﴩوط وﺗﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ اﻣﺘﻼك أﺣﺪ اﻟﺠﺎﻧﺒني أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ املﺘﻮاﻓﺮة ﻟﻶﺧﺮ .ﺑﺈﻣﻜﺎن ﺑﻄﻞ واﺣﺪ ﰲ اﻟﻮزن اﻟﺜﻘﻴﻞ أن ﻳﻘﴤ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻋﲆ ﻋﴩة أﺷﺨﺎص ﰲ ﺣﺠﻢ اﻟﻜﺎﺗﺐ ،دون اﻻﺿﻄﺮار ﻷﺧﺬ ﻧﻔﺲ ﻋﻤﻴﻖ .وﻳﺤﺐ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﻮن أن ﻳﻄﻠﻘﻮا ﻋﲆ اﻷﺳﻠﺤﺔ أو املﻬﺎرة اﻷﻓﻀﻞ »ﻣﻀﺎﻋﻔﺎت اﻟﻘﻮة«. وﻟﻜﻦ ﺣني ﺗﻜﻮن اﻟﴩوط اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻘﺎﺑﻠﻴﺔ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﱰﺑﻴﻊ ﻣﺘﻮاﻓﺮ ًة ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ، ﺗﻜﻮن ﻟﻪ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﺜرية .ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻓﱰة ﰲ املﺎﴈ ﺗﻮاﺟﺪت ﻓﻴﻬﺎ ﻃﺎﺋﺮﺗﺎن ﻣﻘﺎﺗﻠﺘﺎن ﻋﺴﻜﺮﻳﺘﺎن ﰲ ٍ وﻗﺖ واﺣﺪ ﰲ ﺳﻼح اﻟﻄريان اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ،إف ٤املﻬﻴﺒﺔ ،وإف ١٥اﻷﺣﺪث واﻷﻓﻀﻞ .ﻛﺎن اﻟﻄﻴﺎرون املﻘﺎﺗﻠﻮن )ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ( ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻟﻄﺎﺋﺮة اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ً وﻣﺘﻌﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ ،ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻋﺪاد املﻨﺘﺠﺔ ﻣﻦ اﻹف ٤ﺿﺨﻤﺔ، ﻗﻴﺎدﺗﻬﺎ أﻛﺜﺮ إﺛﺎر ًة وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﻄﺎﺋﺮة اﻟﻮاﺣﺪة ﺣﻮاﱄ ٤ﻣﻼﻳني دوﻻر ﻓﻘﻂ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻹف ١٥ﺣﻮاﱄ ٢٠ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر .وﻗﺪ اﻋﺘﺎد ﻫﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ أن ﻳﺴﺄل أﺻﺪﻗﺎءه ﰲ ﺳﻼح اﻟﻄريان إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﱢ ﻳﻔﻀﻠﻮن ،ﰲ املﻌﺎرك ،أن ﺗﻜﻮن ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻃﺎﺋﺮة إف ١٥واﺣﺪة أم ﺧﻤﺲ ﻃﺎﺋﺮات إف ٤ﺑﻨﻔﺲ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ ،ﻓﻜﺎﻧﻮا ﱢ ﺑﺸﻜﻞ ﺷﺒﻪ داﺋﻢ ﻃﺎﺋﺮة إف ١٥ ﻳﻔﻀﻠﻮن ٍ واﺣﺪة؛ »ﻷﻧﻬﺎ ﻃﺎﺋﺮة أﻓﻀﻞ« .ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ دون ﺗﻔﻜري .إن اﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﻤﻌﺎﻣﻞ ﺗَ َﻔﻮ ٍﱡق ﻗﻴﻤﺘُﻪ — ٢٥ﻳﺘﻢ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺮﺑﻴﻊ اﻷﻋﺪاد ً وﻓﻘﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮن ِ َ ﻻﻧﻜﺴﱰ — ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻧﻔﺲ اﻟﺴﻌﺮ ﻟﻬُ َﻮ أﻣﺮ ﻻ ﻳُﺴﺘﻬﺎن ﺑﻪ .وﰲ اﻟﻮاﻗﻊ إن أﻟﻌﺎب ﻣﺤﺎﻛﺎة املﻌﺎرك )واﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺮوج ﻟﻬﺎ ﻋﲆ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺳﻼح اﻟﻄريان( ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺆ ﱢﻛﺪ ﺑﺸﻜﻞ واﺳﻊ ﻋﲆ ﺻﺤﺔ اﻟﻨﻈﺮة اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄن اﻷﻛﺜﺮ أﻓﻀﻞ )ﰲ املﻌﺎرك اﻟﺠﻮﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،ﺗُ َ ﻌﺘﱪ اﻟﻘﺬﻳﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻠﻬﺎ اﻟﻄﺎﺋﺮة أﻫﻢ ﺑﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻄﺎﺋﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﻘﺬﻳﻔﺔ( ،وﻟﻜﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺗﻔﻘﺪ أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ أﻣﺎم اﻟﺮﻏﺒﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة ﰲ ﻗﻴﺎدة ﻃﺎﺋﺮة ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻣﺘﻄﻮرة ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﰲ وﻗﺖ اﻟﺴﻠﻢ. اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ املﻬﻤﺔ ﻟِﻘﺎﻧﻮن اﻟﱰﺑﻴﻊ ﺗﻜﻤﻦ ﰲ اﻟﺘﻜﺘﻴﻜﺎت؛ وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﺎ دﻓﻌﻨﺎ ﻹدراج ﻛﺘﺎب ﻋﻦ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار .واﻷﻣﺮ أﻗﻞ وﺿﻮﺣً ﺎ ﺑﺪرﺟﺔ ﻃﻔﻴﻔﺔ ﻋﲆ املﺴﺘﻮى ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﰲ ٍ 153
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
اﻟﺮﻳﺎﴈ؛ ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻳﻄﻠﻖ اﻟﺠﺎﻧﺒﺎن ﰲ املﻌﺮﻛﺔ اﻟﻨﺎ َر أﺣﺪﻫﻤﺎ ﰲ اﺗﺠﺎه َ اﻵﺧﺮ ،ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻣﺎ ﻳﻄﻠِﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﻮن ﺛﺎﺑﺖ اﻟﺤﺮﻛﺔ؛ وﻫﻲ ﻛﻤﻴﺔ ﻻ ﺗﺘﻐري ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﴬب املﺘﺒﺎدل، وﻫﺬا اﻟﺜﺎﺑﺖ ﻫﻮ »اﻟﻔﺮق« ﺑني »ﻣﺮﺑﻌﺎت« ﻋﺪد اﻟﻮﺣﺪات ﻋﲆ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ .ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل، إذا واﺟﻬَ ْﺖ ﻗﻮ ٌة ِﻣﻦ ﺧﻤﺲ وﺣﺪات ﻗﻮ ًة أﺧﺮى ﻣﻦ ﺛﻼث وﺣﺪات ﺗﺤﺖ اﻟﻈﺮوف املﻼﺋﻤﺔ، ً ﺧﻤﺴﺎ وﻋﴩﻳﻦ ﻧﺎﻗﺼﺔ ﺗﺴﻌً ﺎ؛ أيْ ﺳﺖ ﻋﴩة؛ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﺳﺘﻜﻮن ﻳﻜﻮن ﻓﺎرق اﻟﱰﺑﻴﻌﺎت اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ املﺘﻮﻗﻌﺔ ﻟﻠﻤﻌﺮﻛﺔ أن اﻟﻘﻮة اﻷﺻﻐﺮ ﺳﻮف ﺗُﻤﺤَ ﻰ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺳﻴﺘﺒﻘﻰ ﻟﺪى اﻟﻘﻮة اﻷﻛﱪ أرﺑﻊ وﺣﺪات )ﺟﺬر ) .(١٦ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻻ ﺗﻜﻮن اﻟﺠﻴﻮش اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻣ ْ ُﺨﻠِﺼﺔ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﻟﺪرﺟﺔ ﺗﺪﻓﻌﻬﺎ ﻟﻠﻘﺘﺎل ﺣﺘﻰ اﻟﻔﻨﺎء؛ ﻫﺬا ﻣﺠﺮد ﻧﻤﻮذج (.ﻫﻜﺬا ﺳﺘﻜﻮن اﻟﻘﻮة اﻷﻛﱪ ﻗﺪ دﻣﺮت ﻗﻮة ﻟﻠﻌﺪو ﻣﺆ ﱠﻟﻔﺔ ﻣﻦ ﺛﻼث وﺣﺪات ﺑﺨﺴﺎرة وﺣﺪة واﺣﺪة ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﻗﻮﺗﻬﺎ ،وﻫﺬه اﻟﺴﻤﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻟﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﺪاﻋﻴﺎت اﻟﺘﻜﺘﻴﻜﻴﺔ املﻬﻤﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ. ﻗﺒﻞ اﻟﺘﻄﺮق إﱃ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻗﺪ ﻧﺘﺴﺎءل إن ﻛﺎن أيﱞ ﻣﻦ ﻫﺬا ﺻﺤﻴﺤً ﺎ ،أو إذا ﻣﺎ ﻛﺎن ﺳﺎذﺟً ﺎ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ﻟﺪرﺟﺔ ﺗﺠﻌﻠﻪ ﻻ ﱡ ﻳﻤﺖ ﺑﺼﻠﺔ ملﻌﺮﻛﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ؛ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻫﻲ ﻧﻌﻢ وﻻ ﻋﲆ ﻛﻼ اﻟﺴﺆاﻟني .ﻫﻨﺎك ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺣﺎﻻت ﻋﺪﻳﺪة ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺴﻜﺮي ﺗﻤ ﱠﻜﻨ َ ْﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﻮًى أﻗ ﱡﻞ ﻋﺪدًا ﺑﺸﻜﻞ ﺑﺎﻟﻎ ﻣﻦ اﻧﺘﺰاع اﻧﺘﺼﺎرات؛ ﺗﺎرة ﺑﻔﻀﻞ اﻷﺳﻠﺤﺔ اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ ،وﺗﺎرة ﺑﻔﻀﻞ ﺗﻔﻮﻗﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺬﻛﺎء ،وﺗﺎرة ﺑﻔﻀﻞ اﻟﺤﻆ املﺤﺾ .وﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﻼﺣﻈﺔ إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﺳﺘﺠﺴﺪ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻃﻮال اﻟﻮﻗﺖ. وﻟﻜﻦ اﻟﻌﻨﴫ اﻷﺳﺎﳼ ﰲ اﻷﻣﺮ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻧﻘﻮل ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﰲ اﻟﻜﺘﺎب ،ﻫﻮ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ أﻓﻀﻞ ﻧﺘﻴﺠﺔ »ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ« ﻣﻦ ﻣﻮاردك اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ؛ وﺑﻨﺎء ﻋﲆ ﻫﺬا املﻌﻴﺎر ،ﻳﺼﻤﺪ ﻗﺎﻧﻮن ﻻﻧﻜﺴﱰ ﺑﺸﻜﻞ ﻻﻓﺖ .ﰲ واﺣﺪة ﻣﻦ أﺷﻬﺮ ﻣﻌﺎرك ﺟﺰر املﺤﻴﻂ اﻟﻬﺎدئ ﰲ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻷوﱃ ﺗ ﱠﻢ اﻻﻗﺘﺘﺎ ُل ﺣﺘﻰ آﺧِ ﺮ ﺟﻨﺪي )ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ واﺣﺪ( ،دون ﺗﻌﺰﻳﺰات ،وأﻣﻜﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌ ُﺪ ﺗﺮﻣﻴ ُﻢ آﺛﺎر اﻻﺳﺘﻨﺰاف املﺘﺒﺎدل ﺑني اﻟﻄﺮﻓني ﺧﻼل املﻌﺮﻛﺔ ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﻫﺬا ﻗﺮﻳﺒًﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺬﻫﻞ ﻣﻤﺎ ﺗﻢ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﻪ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﻗﺎﻧﻮن ﻻﻧﻜﺴﱰ .ﻏري أن ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﻣﻔﺎﺟﺌًﺎ ٍّ ﺣﻘﺎ؛ ﱠملﺎ ﻛﺎﻧﺖ املﺒﺎدئ ً ﻗﺎﺑﻠﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ — زﻳﺎدة اﻟﻘﻮة اﻟﻨﺎرﻳﺔ ﺑﺎﻷرﻗﺎم ،وﺗﺨﻔﻴﻒ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﻧريان اﻟﻌﺪو — ﻟﻠﺘﻄﺒﻴﻖ ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ .ﻛ ﱡﻞ ﻫﺬا ﻣﻌﺮوف ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ملﺤ ﱢﻠﲇ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ،وﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻣﻦ املﺪﻧﻴني ،وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻠﻘﻰ ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ ﻋﺪد ﻛﺒري ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﻀﺒﺎط؛ ﻓﻬﺬا اﻷﻣﺮ ﻳﺒﺪو ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ،وﻟﻴﺲ ﻣﻦ أﻋﻤﺎل اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ واﻟﺠﺴﺎرة. ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻨﻚ ،ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،اﺳﺘﺨﺪام ﻫﺬه اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﰲ ﻣﻮﻗﻒ ﺗﻜﺘﻴﻜﻲ ﻣﺎ ،ﻋﲆ ﻓﺮض أن ﻗﺎﻧﻮن ﻻﻧﻜﺴﱰ ﺻﺤﻴﺢ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ؟ ﻟﻨﺨﺘﻠﻖ ﺣﺎﻟﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ،ﺗُﺼﺪِر ﱟ 154
اﻟﺤﺮب :ﻗﺎﻧﻮن ﻻﻧﻜﺴﱰ
ً رﺟﺎﻻ( ﺑﻤﻮاﺟﻬﺔ ﻗﻮة ﻣﻦ ﻗﻮات اﻟﻌﺪو، ﻓﻴﻬﺎ أﻣ ًﺮا ﻟﻘﻮة ﻣﻦ ﺧﻤﺲ ﻋﴩة وﺣﺪة )ﻟﻨُﺴﻤﱢ ﻬﺎ ً رﺟﻼ ﻋﲆ ﻧﻔﺲ اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﻜﻔﺎءة .ﻳﻔﻮﻗﻚ اﻟﻌﺪو ﻋﺪدًا ،وﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻚ ﻗﻮاﻣﻬﺎ ﺳﺒﻌﺔ ﻋﴩ ﻣﻴﺰة ﺧﺎﺻﺔ ﰲ اﻷﺳﻠﺤﺔ أو املﻮﻗﻊ .وﺑﻤﺎ أن ﻣﺮﺑﻊ اﻟﺮﻗﻢ ١٥ﻫﻮ ٢٢٥وﻣﺮﺑﻊ اﻟﺮﻗﻢ ١٧ ُﺠﻬﺰ ﻋﲆ ﻗﻮﺗﻚ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻨﺠﻮ ٨ﻣﻦ رﺟﺎﻟﻪ )٢٨٩ ﻫﻮ ،٢٨٩ﻓﺒﺈﻣﻜﺎن ﻋﺪوك أن ﻳ ِ ﻧﺎﻗﺺ ٢٢٥ﺗﺴﺎوي ،٦٤وﻫﻮ ﻣﺮﺑﻊ اﻟﺮﻗﻢ .(٨ﺳﻴﻜﻮن ﻗﺪ ﺗﻜﺒﱠﺪ ﺧﺴﺎﺋﺮ ﺷﻨﻴﻌﺔ ،ﺗُﻘﺪﱠر ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﺟﻴﺸﻪ ،وﻟﻜﻦ ﻗﻮاﺗﻚ ﺳﺘﻜﻮن ﻗﺪ أ ُ ِﺑﻴﺪت ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ .وإذا ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻳﻬﻤﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ،ﻓﺴﻮف ﺗُﻨﺠَ ﺰ املﻬﻤﺔ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ. وﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻨﺘﴫ ﻋﲆ أي ﺣﺎل ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻻﻧﻜﺴﱰ )أو ﺑﻔﻀﻠﻬﺎ(؟ ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻻﻧﺘﺼﺎر إذا أﻣﻜﻨﻚ ﺷﻖ ﺻﻔﻮف اﻟﻌﺪو؛ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻘﺎﺗﻞ ﺟﺰءًا ﻣﻦ ﻗﻮﺗﻪ ﺑﻜﻞ ﻗﻮاﺗﻚَ .ﻫﺐْ أﻧﻚ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ،ﺑﻤﻨﺎورة ذﻛﻴﺔ ،أن ﺗﻌﺰل ١٢ﻣﻦ رﺟﺎﻟﻪ ،وﺗﻤ ﱠﻜﻨﺖ ﻣﻦ ﺟﻠﺐ ﺟﻴﺸﻚ املﻜﻮﱠن ﻣﻦ ً ١٥ رﺟﻼ ﻟﺘَﻮ ﱢَﱄ أﻣﺮﻫﻢ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ رﺟﺎﻟﻪ اﻟﺨﻤﺴﺔ اﻵﺧﺮون إﻣﺎ ﻧﺎﺋﻤﻮن وإﻣﺎ ﻳﺤﺎوﻟﻮن اﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ ﻣﻮﻗﻊ املﻌﺮﻛﺔ .إذن ،وﺑﻤﻮﺟﺐ ﻗﺎﻧﻮن ﻻﻧﻜﺴﱰ ،ﻓﺈن ٢٢٥ﻧﺎﻗﺺ ١٤٤ﺗﺴﺎوي ،٨١وﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻘﴤ ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﻘﻮة املﻨﻔﺼﻠﺔ ،ﻣﺤﺘﻔ ً ﻈﺎ ﺑ ٩ﻣﻦ أﺻﻞ ً ١٥ رﺟﻼ ،ﻫﻢ ﻋﺪد رﺟﺎﻟﻚ ،ﻋﲆ ﻗﻴﺪ اﻟﺤﻴﺎة .ﻣﺮة أﺧﺮى ﺗﺘﻜﺒﱠﺪ ﺧﺴﺎﺋﺮ ﺣﺎدة ،ﺗُﻘﺪﱠر ﺑ ٪٤٠ ﻣﻦ ﺟﻴﺸﻚ ،وﻟﻜﻨﻚ ﺳﺘﺤﺮز اﻻﻧﺘﺼﺎر .ﻋﻠﻴﻚ اﻵن ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ أن ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ رﺟﺎﻟﻪ اﻟﺨﻤﺴﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،وﻟﻜﻦ ﻟﺪﻳﻚ ٩رﺟﺎل ﻣﻦ أﺟﻞ املﻬﻤﺔ ،وﻟﺪﻳﻚ اﻟﺘﻔﻮق اﻟﻌﺪدي ،وﻣﻊ اﻧﺘﻬﺎء اﻷﻣﺮ َ ﻗﻀﻴﺖ ﻋﲆ ﻗﻮﺗﻪ املﺘﻔﻮﻗﺔ ،وﺳﻴﺘﺒﻘﻰ ﻣﻌﻚ ﺣﻮاﱄ ﻧﺼﻒ ﻗﻮاﺗﻚ. ﺑﺮﻣﺘﻪ ،ﺳﺘﻜﻮن ﻗﺪ َ َ ﻗﺎﻧﻮن اﺳﺘﻐﻠﻠﺖ إن املﺤﺼﻠﺔ ﻫﻨﺎ أﻧﻚ — ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻮق اﻟﻌﺪدي ﻟﻠﻌﺪو — اﻟﱰﺑﻴﻊ ﺑﺬﻛﺎء وﺑﺮاﻋﺔ ﻟﺸﻖ ﻗﻮات اﻟﻌﺪو ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،وﻛﺎن اﻟﻨﴫ ﻫﻮ ﻣﻜﺎﻓﺄﺗﻚ .وﻛﻞ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳني ﻳَﻌُ َ ﻮن أﻫﻤﻴﺔ ﺷﻖ ﺗﺸﻜﻴﻼت اﻟﻌﺪو ،وﺗﺄﺗﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﺗﺤﺖ ﻣﺴﻤﻴﺎت ﻋﲆ ﻏﺮار ﻣﺒﺪأ اﻻﺧﱰاق ،أو ﻣﺒﺪأ اﻟﺤﺸﺪ ،وﻟﻜﻦ ﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﺗﺘﺠﺎوز ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﻔﻬﻮﻣً ﺎ ﻛﻤﻴٍّﺎ. ﱠ َ َ ﻫﻨﺎك ﺣﺎﻻت ﻋﺪﻳﺪة ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺴﻜﺮي ﺗﺤﻘﻖ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻨﴫ ﻟﻘﻮة أﻗﻞ ﻋﺪدًا ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺣﺎﻻت ﻛﺜرية ﻳﻤﻜﻦ ﺑﻬﺎ ﺗﺤﺪﻳﺪ إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه املﺒﺎدئ ﻗﺪ ﻟﻌﺒﺖ دو ًرا أم ﻻ. )ﺗﺎرﻳﺨﻴٍّﺎ ،ﻻ ﻳﺴﺘﺴﻠﻢ أي ﺟﻴﺶ ﺣني ﻳُﻬ َﺰم ،وﻟﻜﻦ ﺣني »ﻳﻌﺘﻘﺪ« أﻧﻪ ﻗﺪ ُﻫ ِﺰم .وﻣﻦ املﻤﻜﻦ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن إﻗﻨﺎﻋﻪ ﺑﺎﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﻳﺰال ﻫﻮ اﻟﻘﻮة املﺘﻔﻮﻗﺔ (.ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺸﻬﺪ ﺑﻬﺎ ﻻﻧﻜﺴﱰ ﻛﻤﺜﺎل ﰲ ﻋﻤﻠﻪ اﻷﺻﲇ ﻫﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺗﺮاﻓﻠﺠﺎر اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ دارت رﺣﺎﻫﺎ أﻣﺎم ﺳﻮاﺣﻞ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﰲ ﻋﺎم ،١٨٠٥واﻧﺘﴫ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻮرد ﻧﻴﻠﺴﻮن ﻋﲆ أﺳﻄﻮل 155
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﺗﺤﺎﻟُﻔِ ﱟﻲ )ﻓﺮﻧﴘ وإﺳﺒﺎﻧﻲ( ﻛﺎن ﻣﺘﻔﻮ ًﱢﻗﺎ ﻋﺪدﻳٍّﺎ .زﻋﻢ ﻻﻧﻜﺴﱰ أن ﻧﻴﻠﺴﻮن ﻛﺎن ﻳﻌﺮف ﺑﺎﻟﻐﺮﻳﺰة أﻳﻦ ﻳﻘﻄﻊ ﺧﻂ ﺳري اﻷﺳﻄﻮل اﻟﺘﺤﺎﻟﻔﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺜﺎﱄ .رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن اﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ، ورﺑﻤﺎ ﻻ — ﻻ أﺣﺪ ﻳﻌﺮف ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺪور ﺑﻌﻘﻞ ﻧﻴﻠﺴﻮن ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ أﻧﻪ ُﻗﺘِﻞ ﰲ املﻌﺮﻛﺔ — وﻟﻜﻦ املﺒﺪأ ﺻﺤﻴﺢ ﺑﻼ ﺷﻚ ،وﻟﻦ ﻳﻀري اﻟﻘﺎدة املﻌﺎﴏﻳﻦ أن ﻳﺤﺎوﻟﻮا ﻓﻬﻤﻪ ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ. ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻗﺎﻧﻮن ﻻﻧﻜﺴﱰ ﻋﲆ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺑني ﻗﻮﺗني ﺗُﻄﻠِﻖ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ اﻟﻨﺎر ﺗﺠﺎ َه اﻷﺧﺮى؛ اﺣﺘﺠﺖ ً َ ٍ ﻣﺜﺎﻻ ﻟﻬﺬا ﻟﺤﺎﻟﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺛﻼث ﻗﻮًى ﺗﻘﺎﺗﻞ ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﺎ اﻷﺧﺮى؟ )ﻟﻮ ﻓﻬﻞ ﻫﻨﺎك ﻣﻜﺎﻓﺊ ﻓ ﱢﻜ ْﺮ ﰲ املﺴﻠﻤني واﻟﻜﺮواﺗﻴني واﻟﴫب ،ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ املﺎﴈ دوﻟﺔ ﻳﻮﻏﻮﺳﻼﻓﻴﺎ (.ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎﻻن ﻣﺘﻄﺮﻓﺎن .ﰲ أﺣﺪ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟني ﻳﻄﻠﻖ اﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﻨﺎ َر ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﲆ َ اﻵﺧﺮ )أﻃﻠ ِِﻖ اﻟﻨﺎر ً َ أﻃﻠﻘﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻨﺎر(؛ وﰲ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻳﺘﺤﺎﻟﻒ أوﻻ ،ﺛﻢ اﻋﺮف ﻣَ ﻦ ﺗﺤﺪﻳﺪًا ﻃﺮﻓﺎن ﺿﺪ اﻟﺜﺎﻟﺚ .اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻷوﱃ ﺗُﻌَ ﱡﺪ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ رﻳﺎﺿﻴﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺤﻞ ،وﻫﻲ ﻣﻌﻘﺪة ﺑﺸﻜﻞ ﻳﺘﻌﺬﱠر ﻣﻌﻪ ﺗﻨﺎوﻟﻬﺎ ﺑﺎملﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻷﺧﺮى ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ ﻹﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﻻﻧﻜﺴﱰ ،ﻣﻊ اﻋﺘﺒﺎر اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﻗﻮ ًة واﺣﺪة ﻣﻔﺮدة. ً ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺤﺪﱠدة ،ﻣﻊ اﺧﺘﻴﺎر اﻷرﻗﺎم ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺆدﱢي إﱃ إﺟﺎﺑﺎت ﺑﺴﻴﻄﺔ. ﻟﻨﺘﻨﺎول َﻫﺐْ أن اﻟﻘﻮى اﻟﺜﻼث املﺘﺤﺎرﺑﺔ ،املﺴﻤﱠ ﺎة أﻟﻔﺎ وﺑﺮاﻓﻮ وﺗﺸﺎرﱄ ،ﺗﺒﺪأ ﺑ ،٤٥و ،٤٠و٣٥ وﺣﺪة )دﺑﺎﺑﺎت ،رﺟﺎل ،ﻃﺎﺋﺮات( ﻋﲆ اﻟﺘﻮاﱄ ،ﺛﻢ ﻳﺒﺪأ إﻃﻼق اﻟﻨﺎر .ﺑﻤﻮﺟﺐ ﻗﻮاﻧني ﻻﻧﻜﺴﱰ ﻏﺮﻳﺐ ﰲ ﻣﺮﻣﻰ اﻟﺒﴫ ،ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﻮا ﻳﺠﻴﺪون اﻟﺘﺼﻮﻳﺐ أم ﻻ. ﻳﻄﻠِﻖ اﻟﺠﻤﻴ ُﻊ اﻟﻨﺎ َر ﻋﲆ أيﱢ ٍ ﱠ ﺳﻴﺘﺒﻘﻰ ﻟﺪى أﻟﻔﺎ وﺑﺮاﻓﻮ ﺣني ﻳﻬﺪأ ﻏﺒﺎر املﻌﺮﻛﺔ ﺗﻜﻮن اﻟﻘﻮة اﻟﺼﻐﺮى ﻗﺪ اﻧﺘﻬﺖ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ٌ ﻗﻮات ﻣﺆ ﱠﻟﻔﺔ ﻣﻦ ٤٠و ٢٠وﺣﺪة ﻋﲆ اﻟﺘﻮاﱄ) .ﺛ ِْﻖ ﺑﺎﻟﻜﺎﺗﺐ ،ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ إﺟﺮاء اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺤﺴﺎﺑﻴﺔ (.ﻟﻦ ﺗﻜﻮن اﻟﻘﻮة اﻟﺼﻐﺮى ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ املﺎﴈ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﺳﺘﻜﻮن ﺑﺮاﻓﻮ، ﻨﺰﻓﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﺑﺎﻟﻎ ﻣﻘﺎ َر ً ﻧﺔ ﺑﺄﻟﻔﺎ؛ إذ ﺳﺘﻜﻮن ﻗﺪ ﻓﻘﺪت ﻧﺼﻒ ﻗﻮﺗﻬﺎ ﺛﺎﻧﻲ أﻛﱪ ﻗﻮة ،ﻗﺪ اﺳﺘُ ِ اﻷﺻﻠﻴﺔ املﻘﺪﱠرة ﺑ ٤٠وﺣﺪة ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺳﺘﻨﺨﻔﺾ وﺣﺪات أﻟﻔﺎ ﻣﻦ ٤٥إﱃ ٤٠؛ ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ ﻋﲆ أﻟﻔﺎ أن ﺗﻘﴤ ﻋﲆ ﺑﺮاﻓﻮ ،وﺗﺨﺮج ﻣﻨﺘﴫ ًة ﺑﺨﺴﺎﺋﺮ ﻣﺤﺪودة ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ .ﻳ َ ُﻌﺘﱪ إﻃﻼق اﻟﻨﺎر اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ ﺧﻴﺎ ًرا راﺋﻌً ﺎ ﻟﻠﻘﻮة اﻟﻜﱪى ،وأي ﻃﻠﻘﺎت ﻧﺎرﻳﺔ ﺳﺪﱠدﺗﻬﺎ ﻗﻮﱠﺗﺎ ﺑﺮاﻓﻮ وﺗﺸﺎرﱄ إﺣﺪاﻫﻤﺎ ﺗﺠﺎه اﻷﺧﺮى ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛريٌ ﺳﻮى أن ﺗﻔﻴﺪ أﻟﻔﺎ. َ واﺗﻔﻘﺎ ﻋﲆ اﻟﺘﻌﺎون ﺿﺪ وﻟﻜﻦ َﻫﺐْ أن ﻗﺎﺋﺪَيْ ﺑﺮاﻓﻮ وﺗﺸﺎرﱄ ﻋﲆ ﻋﻠ ٍﻢ ﺑﻜﻞ ﻫﺬا، أﻟﻔﺎ )ﻓﻴﻤﺎ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺗﺤﺎﻟُ َ ﻒ ﻣﺼﺎﻟﺢ( ،ﻣﺮﺟﺌَني ْ ﺣﺴ َﻢ اﻟﺨﻼﻓﺎت ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ إﱃ املﺴﺘﻘﺒﻞ؛ إذن ﺳﺘﺒﺪأ اﻟﻘﻮة اﻟﺘﺤﺎﻟﻔﻴﺔ ﺑ ٧٥وﺣﺪة ،ﻣﺘﻔﻮﱢﻗﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺿﺨﻢ ﻋﲆ وﺣﺪات أﻟﻔﺎ ،وﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺠﻬﺰ ﻋﲆ أﻟﻔﺎ ﺑﺨﺴﺎرة ١٥ﻣﻦ وﺣﺪاﺗﻬﺎ اﻟ .٧٥ﻻ ﺷﻚ أن ذﻟﻚ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺗُ ِ 156
اﻟﺤﺮب :ﻗﺎﻧﻮن ﻻﻧﻜﺴﱰ
ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ،وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ اﻷﺳﺎﳼ وراء اﻻﻧﺘﺸﺎر اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻟﻠﺘﺤﺎﻟﻔﺎت) .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻻ ﺗﻨﺠﺢ َي اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺸﺄن املﻮاﺟﻬﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺤﺎﻟﻔﺎت ﺑﻬﺬا اﻟﺸﻜﻞ داﺋﻤً ﺎ؛ ﻷن ﻛﻞ ﻋﻀﻮ ﻣﻦ ﻋﻀﻮ ِ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻈﺮه ،وﻣﻦ املﺮﺟﺢ ﱠأﻻ ﻳﻘﺎﺗﻞ ﺑﻜ ﱢﻞ ﻗﻮﺗﻪ ﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ؛ وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﻛﺎن دﻋﻢ ﻗﻮات اﻟﺤﻠﻔﺎء ﻟﻼﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ ﰲ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ دﻋﻤً ﺎ ﻓﺎﺗ ًﺮا(. ﺛﻤﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ واﺣﺪة ﻻ ﺗﺰال ﻣﺘﺒﻘﻴﺔ؛ اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ »اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ« اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻜﺒﺪﻫﺎ ﺑﺮاﻓﻮ وﺗﺸﺎرﱄ ً ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻻ َ أﻫﻤﻴﺔ ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺗﺰاﻻ ﻣﻨﻬﻤﻜﺘني ﰲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺳﺤﻖ أﻟﻔﺎ .ﻫﺬا ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻣﺎ ﻳﻤﺜﱢﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺠﻮﻟﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ .ﻣﺮة أﺧﺮى ﻗﺪ ﺗﻤﺜﱢﻞ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ً ﱠ وﻟﻜﻦ املﺤﺼﻠﺔ ﺗﺮﻓﺎ زاﺋﺪًا، ﻫﻲ أن ٍّ ﻛﻼ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺳﻮف ﺗﺨﴪ ٢٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻗﻮﺗﻬﺎ ،ﻓﻴﺘﺒﻘﻰ ﻟِﱪاﻓﻮ ٣٢ﻣﻦ أﺻﻞ ٤٠ وﺣﺪة ،وﻳﺘﺒﻘﻰ ﻟِﺘﺸﺎرﱄ ٢٨ﻣﻦ أﺻﻞ ٣٥وﺣﺪة ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﺗﻜﻮن أﻟﻔﺎ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻣُﺤِ ﻴﺖ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻮد ،وﺳﺘﻜﻮن ﺑﺮاﻓﻮ وﺗﺸﺎرﱄ ﻗﺪ ﺗﻜﺒﱠ َﺪﺗَﺎ ﺧﺴﺎﺋﺮ ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ وﻣﺘﻨﺎﺳﺒﺔ أﺛﻨﺎء اﻟﺘﺨ ﱡﻠﺺ ﻣﻦ اﻟﻌﺪو املﺸﱰك .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺳﻴﻜﻮن اﻟﻔﻮز ﰲ املﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻘﻮﻳﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟِﱪاﻓﻮ، وﻟﻜﻦ ﺑﺨﺴﺎﺋﺮ ﻓﺎدﺣﺔ؛ إذ ﺳﻴﻨﺘﻬﻲ ﺑﻬﺎ اﻟﺤﺎل ﺑ ١٥أو ١٦ﻣﻦ أﺻﻞ ﻗﻮﺗﻬﺎ اﻷﺻﻠﻴﺔ ذات اﻟ ٤٥وﺣﺪة ،وﻗﺪ ﺗﻘ ﱢﺮر أن اﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ. ﺛﻼﺛﻲ اﻻﺗﺠﺎه ﻧﺰاع ﱢ إن اﻟﺪرس املﺴﺘﻔﺎد ﻣﻦ ذﻟﻚ واملﺘﻤﺜﱢﻞ ﰲ أن ِﻣﻦ اﻟﺠﻴﺪ داﺋﻤً ﺎ ﰲ أي ٍ أن ﺗﺘﺤﺪ ﻗﻮﺗﺎن ﺿﺪ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ؛ ﻳ َ ُﻌﺘﱪ ﻗﺎﻋﺪ ًة ﻋﺎﻣﺔ ﺗﻨﺒﺜﻖ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﴍ ﻣﻦ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻷﻟﻌﺎب ذات اﻟﻼﻋﺒني املﺘﻌﺪﱢدﻳﻦ .ﻋﻼوة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻛﻠﻨﺎ ﻧﻌﺮف ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺎﻋﺪة ﻣﻦ واﻗﻊ اﻟﺨﱪة) .ﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻣﺎ زﻟﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ﻧﺪﻋﻢ ﻗﻴﺎم ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺛﻼﺛﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺮواﺗﻴني واملﺴﻠﻤني واﻟﴫب ﰲ اﻟﺒﻮﺳﻨﺔ .ﻟﻦ ﺗﻨﺠﺢ(. ﱠ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺳﺒﺐ ﻟﻼﻋﺘﻘﺎد أن ﻗﺎدة املﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻠﻘﻮن ﺗﺪرﻳﺒﻬﻢ )ﺑﻞ ﺗﻌﻠﻴﻤﻬﻢ ً أﻳﻀﺎ؛ ﻓﺎﻟﺘﺪرﻳﺐ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﻔﻬﻮﻣﺎن ﻣﺨﺘﻠﻔﺎن( اﻵن ﰲ اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﺎت اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻟﺜﻼث؛ ﻏري ﻗﺎدرﻳﻦ ﻓﻜﺮﻳٍّﺎ ﻋﲆ اﻟﺘﻌ ﱡﺮف ﻋﲆ ﻣﺒﺎدئ اﻟﻘﺘﺎل ،ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺨ ﱠﻠﻞ ﻫﺬا ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺴﺎب .ووزﻳﺮ اﻟﺪﻓﺎع ﰲ وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ،وﻳﻠﻴﺎم ﺑريي — وﻫﻮ رﺟﻞ ُﻣ ِﻠ ﱞﻢ ﺑﺎﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ﺑﺤﻜﻢ ﺗﺪرﻳﺒﻪ — ﻳﻌﺮف ﻫﺬا ﺗﻤﺎم املﻌﺮﻓﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻋﲆ املﺴﺘﻮى اﻷﻋﲆ ﻻ ﻳ َ ُﻌﺘﱪ ذﻟﻚ ذا ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻷﻣﺮ. َ دراﺳﺔ ﻗﺎﻧﻮن ﻻﻧﻜﺴﱰ أﻣ ًﺮا ذا أﻫﻤﻴﺔ؛ إن اﻟﻔﺎرق ﺑني اﻟﺘﺪرﻳﺐ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ً ً ﴍﻃﻴﺔ ملﻮاﻗﻒ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ،أﻣﺎ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺬﻛﺎء ﻓﻴﺆﺗﻴﺎن ﺛﻤﺎرﻫﻤﺎ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻓﺎﻟﺘﺪرﻳﺐ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﰲ ﺣﺎﻻت ﻏري ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ .اﻋﺘﺎد أﺣﺪ أﺻﺪﻗﺎء اﻟﻜﺎﺗﺐ — ﻳﻌﻤﻞ ﻃﺒﻴﺒًﺎ ﻧﻔﺴﻴٍّﺎ — أن ﻳُﻠﻘِ ﻲ ﺧﻄﺒًﺎ ﻳﻘﻮل ﻓﻴﻬﺎ إﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺪ ﱢرس ﻗﻮاﻧني ﻧﻴﻮﺗﻦ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﻟﻜﻠﺐ ،وذات ﻣﺮة ﺳﺄﻟﻪ أﺣﺪﻫﻢ 157
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ً ﻗﺮﺻﺎ ﻫﻮاﺋﻴٍّﺎ ،واﺿﻄﺮ ﻟﺘﻐﻴري ﻣﻮﺿﻮع ﺧﻄﺒﺘﻪ. إن ﻛﺎن ﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﻟﻪ أن رأى ﻛﻠﺒًﺎ ﻳﻠﺘﻘﻂ ٍّ ﻣﺤﻘﺎ ﰲ املﻘﺎم اﻷول؛ ﻓﻤﻦ املﻤﻜﻦ ﺗﺪرﻳﺐ ﻛﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺘﻘﺎط ﻗﺮص ﻫﻮاﺋﻲ — وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ٍ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻠﺘﺪرﻳﺐ — وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻌﻠﻴﻤﻪ .ﻣﻦ ﺑﻞ إن ﺑﻌﺾ اﻟﻜﻼب ﻻ ﺗﺒﺪو ﺣﺘﻰ ﰲ املﻤﻜﻦ ﺗﺪرﻳﺐ اﻟﻀﺒﺎط اﻟﻌﺴﻜﺮﻳني ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻳﻜﻮن ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ ﴐورة ﰲ املﻮاﻗﻒ ﻏري املﺄﻟﻮﻓﺔ ،واﻟﺠﻤﻊ ﺑني اﻟﺘﺪرﻳﺐ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻳﺴﻔﺮ ﻋﻦ أﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻷداء.
158
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﴩ
اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت واﻻﻧﺤﺪار
ﻳﻘﺪﱢم ﻗﺎﻣﻮس »راﻧﺪوم ﻫﺎوس أﻧﺎﺑﺮﻳﺪﺟﻴﺪ« )اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ( ،اﻟﺬي ﻳُﻌَ ﱡﺪ أﻓﻀ َﻞ ﻣﺎ ﰲ املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻣﻴﺲ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ اﻟﻜﱪى ،ﻣﻌﻨﻴ َْني ﻟﻜﻠﻤﺔ ) fluctuationﺑﻤﻌﻨﻰ ْ وﻟﻜﻦ ﻳﺘﻨﺎﻗﺾ أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻣﻊ اﻵﺧﺮ؛ ﻓﻴﺸري أﺣﺪ املﻌﻨﻴني إﱃ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﺗﻘ ﱡﻠﺐ أو ﺗﺬﺑﺬُب(، املﻮﺟﻴﺔ ،ﻟﻸﻣﺎم وﻟﻠﺨﻠﻒ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺸري َ اﻵﺧﺮ إﱃ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻏري املﻨﺘﻈﻤﺔ أو املﺘﺬﺑﺬﺑﺔ ،ﻛﻤﺎ ﰲ ٌ َ ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﺎ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ اﻟﺤﺮﻛﺔ املﻮﺟﻴﺔ ﻋﺒﺎرة »ﺗﺬﺑﺬﺑﺖ أﺳﻌﺎر اﻟﺬﻫﺐ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻨﻮﻧﻲ« .إن ﻳﻌﻠﻢ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﺤﺎرة وراﻛﺒﻲ اﻷﻣﻮاج ،وﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺑﻌﺾ أﻧﻮاع اﻟﺤﺮﻛﺔ املﻮﺟﻴﺔ ،ﻳﻤﻜﻦ أن ً ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ ﻟﺪرﺟﺔ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﻓﻴﻬﺎ ﺿﺒﻂ ﺳﺎﻋﺘﻚ ﻋﻠﻴﻬﺎ؛ وﻟﻌﻞ ﻣﻌﺎﻳريﻧﺎ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺗﻜﻮن وﻗﻴﺎس اﻟﻮﻗﺖ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ أﻛﺜﺮ اﻟﺤﺮﻛﺎت املﻌﺮوﻓﺔ ﻟﻠﻌﻠﻢ اﻧﺘﻈﺎﻣً ﺎ ،وﻫﻲ ﻣﻮﺟﺎت أﺷﻌﺔ اﻟﻠﻴﺰر؛ ﻓﻬﻲ أﻛﺜﺮ اﻧﺘﻈﺎﻣً ﺎ ﺑﻜﺜري ﻣﻦ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺸﻤﺲ ﰲ اﻟﺴﻤﺎء ،وﻫﻲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻌﺘﱪ ﺗﺬﺑﺬﺑﺎت أﺳﻌﺎر اﻟﺬﻫﺐ ً ﻣﺘﱠﺒَﻌﺔ ﻗﺪﻳﻤً ﺎ ﰲ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻮﻗﺖ .وﺗُ َ ﻣﺜﺎﻻ ﻟﻠﺘﻐﻴري ﻏري املﻨﺘﻈﻢ؛ وﻟﻮﻻ ذﻟﻚ ﻟﺼﺎر ﺑﻮﺳﻌﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ اﻟﺘﻨﺒﱡﺆ ﺑﺄﺳﻌﺎر اﻟﺬﻫﺐ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻧﺼﺒﺢ أﺛﺮﻳﺎء )ﺳﻮف ﻧﺘﻨﺎول ﻛ ﱠﻞ ذﻟﻚ ﺑﻤﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺒﻮرﺻﺔ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﱄ(. ﺳﻨﻬﺘﻢ ﰲ ﺣﺎﻟﺘﻨﺎ ﺑﻤﻌﻨًﻰ ﺛﺎﻟﺚ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ ،ﻳﺮﺗﺒﻂ ارﺗﺒﺎ ً ﻃﺎ أوﺛﻖ ﺑﺎملﻌﻨﻰ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﻮارد ﺑﻘﺎﻣﻮس راﻧﺪوم ﻫﺎوس ﻣﻦ ارﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺎملﻌﻨﻰ اﻷول ،وﻫﻮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﻘ ﱡﻠﺐ اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻟﻸﺣﺪاث اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ. َﻫﺐْ أﻧﻨﺎ ﻧُﻠﻘِ ﻲ ﻧﺮدﻳﻦ؛ ﻟﻘﺪ ذﻛﺮﻧﺎ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ أن اﺣﺘﻤﺎل اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ رﻗﻢ ٧ ﻣﻦ رﻣﻲ اﻟﻨﺮدﻳﻦ ﻳﺴﺎوي ﻓﺮﺻﺔ واﺣﺪة ﻣﻦ ﺳﺖ ﻓﺮص ،وﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈذا أﻟﻘﻴﻨﺎ ﻧﺮدﻳﻦ ﻣﻨﺘﻈﻤني اﺛﻨﺘﻲ ﻋﴩة ﻣﺮة ،ﻓﺴﻨﺘﻮﻗﻊ أن ﻧﺮى اﻟﺮﻗﻢ ٧ﻣﺮﺗني .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻦ ﻳﺤﺪث ذﻟﻚ ﰲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﻧُﻠﻘِ ﻲ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻨﺮدﻳﻦ اﺛﻨﺘﻲ ﻋﴩة ﻣﺮة ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ؛ ﻓﺈذا واﺻﻠﻨﺎ ﺗﻜﺮار اﻻﺧﺘﺒﺎر ،ﺑﻤﻌﺪل اﺛﻨﺘﻲ ﻋﴩة رﻣﻴﺔ ﰲ املﺮة اﻟﻮاﺣﺪة ،ﻓﻠﻦ ﻧﺤﺼﻞ ﻋﲆ رﻗﻢ ٧ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﺗﺎر ًة ،وﻗﺪ ﻧﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺪة
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ً اﺣﺘﻤﺎﻻ ﻣﺮات ﺗﺎر ًة ،ﺑﻞ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﻧﺤﺼﻞ ﻋﲆ رﻗﻢ ٧ﰲ »ﻛﻞ« اﻟﺮﻣﻴﺎت ،وإن ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣُﺴﺘﺒﻌَ ﺪًا) .إن ُﻓ َﺮص ﺣﺪوث ذﻟﻚ ﺗﺒﻠﻎ أﻗﻞ ﻣﻦ واﺣﺪ إﱃ ﻣﻠﻴﺎر ،وﻟﻜﻨﻪ »ﻗﺪ« ﻳﺤﺪث (.وﻫﺬا ﺑﺎﺧﺘﺒﺎر ﻣﺤﻜﻮ ٍم ﺑﻘﻮاﻧني اﻻﺣﺘﻤﺎل ﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﻨﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻨﻮع ﻣﻦ ﺗﺬﺑﺬُب اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ٍ ﺗﺬﺑﺬﺑﺎت ،وإذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﳾء ﻧﻔﻌﻠﻪ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻤﺮار ﰲ ﺗﻜﺮار اﻻﺧﺘﺒﺎر ،ﻓﺈن اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺳﻮف »ﺗﺘﺬﺑﺬب ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻨﻮﻧﻲ« ﺑﺎملﻌﻨﻰ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﻮارد ﺑﻘﺎﻣﻮس راﻧﺪوم ﻫﺎوس. وﻟﻜﻦ ﻛﻢ ﺳﻴﻜﻮن ﻗﺪر اﻟﺘﺬﺑﺬب ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ؟ ﺗﻮﺟﺪ ﻫﻨﺎ ﻗﺎﻋﺪة ﺳﺤﺮﻳﺔ ﺗﺨﱪك ﺑﺄﻧﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﱠ املﺘﻮﻗﻊ ﻟﻸﺣﺪاث )ﺑﻨﺎء ﻋﲆ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ وﻗﻮﻋﻬﺎ( — ﻳﻜﻮن إﱃ ﺣﺎﻟﺔ ﻛﻬﺬه — وأﻳٍّﺎ ﻛﺎن اﻟﻌﺪد ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﺘﺬﺑﺬب ﺣﻮاﱄ ﺟﺬر ﻫﺬا اﻟﺮﻗﻢ )ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ ﻫﺬا اﻟﺮﻗﻢ اﻟﺴﺤﺮي اﻻﻧﺤﺮاف املﻌﻴﺎري. وﻻ ﺗﴪي اﻟﻘﺎﻋﺪة ﰲ ﻛﻞ اﻟﺤﺎﻻت ،وﻟﻜﻦ ﺗﴪي ﰲ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ( .إذن ،إذا ﱠ َ ﺣﺪوث ﳾءٍ ﺗﻮﻗﻌﻨﺎ ﻣﺎ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﺮة ،ﻓﻴﺠﺐ ﱠأﻻ ﻧﻨﺪﻫﺶ إذا وﻗﻊ ﻋﴩ ﻣﺮات أﻛﺜﺮ أو أﻗﻞ ،رﺑﻤﺎ ﻳﻘﻊ ﺗﺴﻌني ﻣﺮة؛ وإذا ﱠ ْ وﻟﻜﻦ ﺗﻮﻗﻌﻨﺎ ﺣﺪوﺛﻪ ﺳﺖ ﻋﴩة ﻣﺮة ،ﻓﻠﻦ ﻳﻜﻮن وﻗﻮﻋﻪ ﻟﻌﴩﻳﻦ ﻣﺮة أﻣ ًﺮا ﻣﻔﺎﺟﺌًﺎ. ﺗﺬ ﱠﻛ ْﺮ أن ﻫﺬه اﻟﻌﺒﺎرات ﺑﺸﺄن اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت ﻫﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ؛ ﻓﻔﻲ ﺣﺎﻟﺔ رﻣﻲ اﻟﻨﺮدﻳﻦ، ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﺗﻌﻄﻲ اﻻﺛﻨﺘﺎ ﻋﴩة رﻣﻴﺔ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ اﻟﺮﻗﻢ ،٧وﻟﻜﻦ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺷﺄن ذﻟﻚ أن ﻳﻔﺎﺟﺌﻨﺎ ،ﺑﻞ ﻛﺎن ﺳﻴﻔﺎﺟﺌﻨﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،إن ﻣﻔﻬﻮم املﻔﺎﺟﺄة أﺳﺎﳼ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ٌ ﻣﻨﺨﻔﺾ ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﻪ ﻋﻠﻢ اﻹﺣﺼﺎء اﻟﻘﺪﻳﻢ اﻟﻄﺮاز؛ ﻓﻠﻮ ﺣﺴﺒﺖ أن اﺣﺘﻤﺎل ﺣﺪوث ﳾء ﻣﺎ ﺳﻴﻜﻮن أﻣ ًﺮا ﻣﻔﺎﺟﺌًﺎ ﻟﻮ ﺣﺪث ،ﺛﻢ ﻳﺤﺪث ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ »ذا دﻻﻟﺔ إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ« ،وﻫﺬا ٍ ﺑﺪرﺟﺔ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺣﺪوﺛﻪ .ﻟﻢ ﻳﺼﻞ اﻷﻣﺮ ﻟﺤﺪ املﺼﻄﻠﺢ املﻨﻤﱠ ﻖ ﰲ ﻣﺠﻤﻠﻪ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻚ ﻣﻨﺪﻫﺶ اﻟﺼﺪﻣﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﺧﻠ ﱢﻮ اﻷﻣﺮ ﻣﻦ املﻌﻨﻰ واملﻨﻄﻖ ،ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﺠﺮد ﺷﻌﻮر ﺑﺎﻻﺳﺘﻐﺮاب ﻓﻘﻂ ﻻ أﻛﺜﺮ .إن ﻛﻠﻤﺔ »ﻣُﺴﺘﺒﻌَ ﺪ« ﺗﻜﻤﻦ ﰲ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﻟﻺﺣﺼﺎﺋﻲ؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻔﻮﻟﻜﻠﻮر اﺣﺘﻤﺎل ﺑﻨﺴﺒﺔ واﺣﺪ ﰲ اﻟﻌﴩﻳﻦ — وﻫﻮ ﻣﺎ املﺘﻮارث ﺑني اﻹﺣﺼﺎﺋﻴني ﻳﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ أن وﺟﻮد ٍ ٍ ﺣﺪث ﻣﺎ ﻣُﺴﺘﺒﻌَ ﺪًا ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ )وﻣﻦ ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ ﺑﺎﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﰲ اﻟﺘﺠﺎرة — ﻳﺠﻌﻞ وﻗﻮ َع ﺛ َ ﱠﻢ ﻣﺜريًا ﻟﻼﺳﺘﻐﺮاب( ﺑﺤﻴﺚ ﻧﻌﺘﱪه ﻏري ذي دﻻﻟﺔ إﺣﺼﺎﺋﻴٍّﺎ .وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻣﺜﺎل اﻟﻨﺮدﻳﻦ، ﺣﻴﺚ ﱠ ﺗﻮﻗﻌْ ﻨﺎ اﻟﺤﺼﻮ َل ﻋﲆ اﻟﺮﻗﻢ ٧ﻣﺮﺗني ،ﻓﺈن اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺮﻗﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أرﺑﻊ ﻣﺮات ﺳﻴ َ ُﻌﺘﱪ ذا دﻻﻟﺔ إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺜﻞ ﻫﺆﻻء اﻹﺣﺼﺎﺋﻴني. إن ﻓﻜﺮة املﻔﺎﺟﺄة ﻓﻜﺮة ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،وﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت أو اﻹﺣﺼﺎء ،وﻣﺎ ﺳﻴﺎق ﻣﺎ ﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻣﻔﺎﺟﺌًﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﺪرﺟﺔ ﰲ ﺳﻴﺎق َ آﺧﺮ .ﺣﺘﻰ ﻣﻌﻴﺎر ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻣﻔﺎﺟﺌًﺎ ﰲ ٍ اﻟﻮاﺣﺪ ﰲ اﻟﻌﴩﻳﻦ اﻟﻜﺜري اﻻﺳﺘﺨﺪام ﺑني اﻹﺣﺼﺎﺋﻴني ﻟﻴﺲ ﻋﺎﻣٍّ ﺎ ﺑﺪرﺟﺔ ﺗﺎﻣﺔ؛ ﻓﺎﻟﺤﺼﺎن اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﺮﺻﺔ ﻓﻮزه واﺣﺪًا ﰲ اﻟﺸﻌﺮﻳﻦ ﻳﻔﻮز ﺑﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﻴﻮل ﺣﻮاﱄ ﻣﺮة ﻛﻞ ﻋﴩﻳﻦ 160
اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت واﻻﻧﺤﺪار
ً ُ اﻟﺪﻫﺸﺔ أﺣﺪًا ﺣﺘﻰ اﻹﺣﺼﺎﺋﻴني .ﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧﺐ َ اﻵﺧﺮ ،ﻧﻘﺮأ ﻛ ﱠﻞ ﺳﺒﺎﻗﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،دون أن ﺗﻨﺘﺎب ﻋﻘ ٍﺪ أو ﻧﺤﻮ ذﻟﻚ ﺧﱪًا ﰲ اﻟﺼﺤﻒ ﻋﻦ ﻣﺒﺎراة ﺑﺮﻳﺪج أﺣ َﺮ َز ﻓﻴﻬﺎ ﻛ ﱡﻞ ﻻﻋﺐ ﻣﻦ اﻟﻼﻋﺒني َ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷوراق اﻟﺮاﺑﺤﺔ ،ﻋﻠﻤً ﺎ ﺑﺄن ﺟﻤﻴﻊ اﻷوراق ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ واﺣﺪة .وملﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻷرﺑﻌﺔ اﺣﺘﻤﺎﻻت ﺣﺪوث ذﻟﻚ أﻗﻞ ﻣﻦ واﺣﺪ ﻟﻌﺪة ﻣﻠﻴﺎرات ،ﻛﺎن ﻟﻠﻤﺮء ﻛ ﱡﻞ اﻟﺤﻖ ﰲ أن ﻳﻨﺪﻫﺶ، ﺑﻞ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺳرياﻫﻦ ﺑﻘﻮ ٍة ﻋﲆ أن ذﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺤﺪث ﻗ ﱡ ﻂ ﰲ أيﱢ ﺗﻮزﻳﻌﺔ ﻋﺎدﻟﺔ ﻣﻦ ﻟﻌﺐ ﺟﺮى ﺧﻠﻄﻬﺎ ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ. أوراق ٍ ﱠ ﻣﺘﻮﻗﻊ ﻣﻦ اﻷﺣﺪاث، وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ اﺳﺘﻄﺮاد ﺧﺎرج ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﻨﺎ .إذا ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻋﺪد ٍ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻓﺈن اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت واﻟﺘﻘﻠﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﺳﻨﺘﻮﻗﻌﻬﺎ ﰲ إﻃﺎر ﻫﺬا اﻟﺮﻗﻢ ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﺳﺘﺘﺒﻊ ﻗﺎﻋﺪ َة اﻟﺠﺬر اﻟﱰﺑﻴﻌﻲ ،وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن أي ﳾء »ﻳﻤﻜﻦ« أن ﻳﺤﺪث ،ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻻ ﻳﺤﺪث. وﻟﻜﻦ ﻻﺣِ ْ ْ ﱪ ﻣﻊ زﻳﺎدة اﻟﻌﺪد ﻆ أﻧﻪ ﻣﻊ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﺠﺬر اﻟﱰﺑﻴﻌﻲ ﺗﺼﺒﺢ اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت أﻛ َ ﱠ ﱠ املﺘﻮﻗﻊ ذاﺗﻪ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺗﺄﺗﻲ اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت أﺻﻐﺮ املﺘﻮﻗﻊ ﻟﻸﺣﺪاث ،وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﴪﻋﺔ اﻟﻌﺪد ﺗﻮﻗﻌﻨﺎ ﻋﴩة أﺣﺪاث ،ﱠ »ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ« .ﻓﺈذا ﱠ ﻧﺘﻮﻗﻊ ﺗﺬﺑﺬﺑﺎت ﺑﻤﻌﺪل ﻋﴩة ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﰲ اﻟﺮﻗﻢ اﻟﻔﻌﲇ املﻠﺤﻮظ؛ أي ﺑﻨﺴﺒﺔ .٪١٠أﻣﺎ إذا ﱠ ﺗﻮﻗﻌﻨﺎ ﻋﴩة آﻻف ﺣﺪث ،ﻓﺴﻮف ﺗﻜﻮن اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ دون ﱟ ً َ ٍ ﻏﺶ ،ﻓﻠﻦ ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻚ ﻋﻤﻠﺔ ﻣﺮة واﺣﺪة أﻟﻘﻴﺖ ﺣﻮاﱄ ﻣﺎﺋﺔ؛ أي ٪١ﻓﻘﻂ .وإذا أدﻧﻰ ﻓﻜﺮة ﻋﻦ اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺬي ﺳﺘﺴﺘﻘﺮ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻟﻜﻦ إذا أﻟﻘﻴﺘَﻬﺎ ﻋﴩة آﻻف ﻣﺮة ،ﻓﻼ ﺑﺪ أن ﺗﺤﺼﻞ ﻋﲆ ﺣﻮاﱄ ﺧﻤﺴﺔ آﻻف ﺻﻮرة ،ﺗﺰﻳﺪ أو ﺗﻨﻘﺺ ﻣﺎﺋﺔ أو ﻧﺤﻮ ذﻟﻚ. ﻳﺒﺪو ﺻﻌﺒًﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻋﲆ املﻘﺎﻣﺮﻳﻦ واملﺸﺠﻌني اﻟﺮﻳﺎﺿﻴني أن ﻳﺘﻘﺒﱠﻠﻮا وﺟﻮد اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت. إن املﺘﻮﺳﻄﺎت ﻣﻔﻬﻮﻣﺔ إﱃ ﺣﺪ ﻣﻌﻘﻮل ،وﻟﻜﻦ اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت املﺤﻴﻄﺔ ﺑﺘﻠﻚ املﺘﻮﺳﻄﺎت ﻟﻴﺴﺖ ﻛﺎﻣﻼ ﻟﻠﺮﻳﺎﺿﺔ ً ﻻﺣﻘﺎ (.ﺗﺄﻣﱠ ْﻞ ً ً ً ﱢ ﻣﺜﺎﻻ. ﻓﺼﻼ ﻧﺨﺼﺺ ﻛﺬﻟﻚ) .ﺳﻮف ﰲ ﻣﺒﺎراة ﻋﺎدﻳﺔ ﻟﻜﺮة اﻟﺴﻠﺔ اﻻﺣﱰاﻓﻴﺔ ،ﻳﺴﺠﱢ ﻞ ﻛﻞ ﻓﺮﻳﻖ ﺣﻮاﱄ ﻣﺎﺋﺔ ﻧﻘﻄﺔ ،واﻟﻨ ﱢ َﺴﺐ املﺌﻮﻳﺔ ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺐ ﺗﻨﺎﻫﺰ ٥٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ )ﻧﺤﻦ ﻧﻘ ﱢﺮب ﻛ ﱠﻞ ﻫﺬه اﻷرﻗﺎم ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﺘﺒﺴﻴﻂ(. وملﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻛ ﱡﻞ ﺳﻠﺔ ﺗﺴﺎوي ﻧﻘﻄﺘني ،ﻳﺴﺪﱢد ﻛﻞ ﻓﺮﻳﻖ ﺣﻮاﱄ ﻣﺎﺋﺔ ﺗﺼﻮﻳﺒﺔ ﰲ املﺒﺎراة، ﻣﺤﺮزﻳﻦ ﻧﻘﺎ ً ﻃﺎ ﰲ ﺣﻮاﱄ ﻧﺼﻔﻬﺎ) .وﺑﻤﺎ أن اﻟﻔﺮق ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ أرﺑﻊ وﻋﴩﻳﻦ ﺛﻤﺎن وأرﺑﻌﻮن دﻗﻴﻘﺔ ،ﺗﻜﻮن املﻌﺎدﻟﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺐ ﻋﲆ ﺷﺒﻜﺔ املﻨﺎﻓﺲ ،وﻣﺪة املﺒﺎراة ٍ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ (.ﻻ ﻳﺘﺴﺎوى اﻻﻧﺤﺮاف املﻌﻴﺎري ﻣﻊ اﻟﺠﺬر اﻟﱰﺑﻴﻌﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻫﺬا املﻮﻗﻒ ذي اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻨﺠﺎح — ﻓﺎملﻌﺎدﻟﺔ أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪًا ﻣﻦ ذﻟﻚ — وﻟﻜﻦ ﻳﺘﻀﺢ ً ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﺘﻘﻞً ، ﺑﺪﻻ أﻧﻪ ﻳﺴﺎوي ﺣﻮاﱄ ﺧﻤﺲ ﺳﻼت ،إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﺴﺪﻳﺪات 161
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻣﻦ اﻟﺴﻼت اﻟﺴﺒﻊ اﻟﺘﻲ َ ﻛﻨﺖ ﺳﺘﺤﺴﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل أﺧﺬ اﻟﺠﺬر اﻟﱰﺑﻴﻌﻲ ﻟﺨﻤﺴني ﺳﻠﺔ. واﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ املﺴﺘﻘﻠﺔ ﺗﻌﻨﻲ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ أن ﻛﻞ ﺗﺼﻮﻳﺒﺔ ﻟﻬﺎ اﺣﺘﻤﺎل دﺧﻮل ﻳﺴﺎوي ٥٠إﱃ ،٥٠ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻧﺠﺎح أو ﻓﺸﻞ اﻟﺘﺼﻮﻳﺒﺎت اﻷﺧﺮى .وﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻮذج ﺳﻮف ﻳﺴﺠﱢ ﻞ أيﱡ ﻓﺮﻳﻖ ﻣﺘﻮﺳ ً ٍ ﻧﻘﻄﺔ ،ﺑﺎﻧﺤﺮاف ﻣﻌﻴﺎري ﻗﺪره ﺣﻮاﱄ ﻋﴩ ﻧﻘﺎط. ﻄﺎ ﻗﺪره ﻣﺎﺋﺔ )ﺳﻮف ﻧﻌﻮد إﱃ اﻟﴬﺑﺎت اﻟﻨﺎﺟﺤﺔ املﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﻓﺼﻞ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ (.وﻋﻠﻴﻪ ﻳﻔﱰض أن ﺗﺘﻐري املﺎﺋﺔ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺄي ﻓﺮﻳﻖ ﺻﻌﻮدًا أو ﻫﺒﻮ ً ﻃﺎ ،ﰲ ﻣﺒﺎراة ﺗﻠﻮ اﻷﺧﺮى ،ﺑﻤﻘﺪار ﺣﻮاﱄ ﻋﴩ ﻧﻘﺎط ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،وﻳﻔﱰض أن ﻳﻜﻮن ﻫﺎﻣﺶ اﻟﻔﻮز )أي اﻟﻔﺎرق ﺑني ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﻔﺮﻳﻘني( ﺣﻮاﱄ أرﺑﻊ ﻋﴩة ﻧﻘﻄﺔ) .ﻻ ﺗﻌﺒﺄ ﺑﺎﻷﺳﺒﺎب (.وﻛﻞ ﻫﺬا ﻗﺎﺋﻢ ﻋﲆ أﺑﺴﻂ ً ﻣﺘﺠﺎﻫﻼ املﻬﺎرة. اﻹﺣﺼﺎءات، ﱠ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ ﻫﺎﻣﺶ اﻟﻔﻮز اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻋﲆ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻳﻤﻜﻦ ﻷي ﻣﺸﺠﻊ رﻳﺎﴈ دﻗﻴﻖ أن ﺗﺒني أن ﻣﺘﻮﺳ َ وﻟﻜﻦ ﱠ َ ْ ﻂ ﻫﺎﻣﺶ اﻟﻔﻮز ﰲ املﺒﺎرﻳﺎت اﻟﺘﺴﻊ ﻋﴩة اﻟﺘﻲ ﻣﺪار ﻣﻮﺳﻢ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ، ﻟُﻌﺒﺖ ﰲ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﺒﺎرﻳﺎت ﻧﻬﺎﺋﻲ اﻟﻘﺴﻤني اﻟﴩﻗﻲ واﻟﻐﺮﺑﻲ وﻧﻬﺎﺋﻲ اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﰲ ﻋﺎم ١٩٩٣ ﱠ ُ ﺳﻨﺘﻮﻗﻊ )ﻗﺒَﻴْﻞ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬا ﻷول ﻣﺮة(؛ ﻛﺎن أﻗﻞ ﻣﻦ ﺗﺴﻊ ﻧﻘﺎط ،وﻫﺬا أﻗﻞ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﺎ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻛﻨﱠﺎ ﻣﺘﻮازن ﰲ املﻬﺎرة(، ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ )ﻋﲆ ﻓﺮض أن اﻟﻔِ َﺮق ﻣﺘﻤﺎﺛﻠﺔ ﺑﺸﻜﻞ ِ وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﻴﺪًا ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺗﻘﺮﻳﺒﻲ ﻛﻬﺬا ،وﻻ ﺷﻚ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﱢ املﺘﺄﺧﺮ ﻣﻦ املﺮﺟﱠ ﺢ أن ﻳﺠﺘﻬﺪ ﻳُﺤﺘﻤَ ﻞ أن ﺗﻘ ﱢﺮب ﻧﻘﺎط اﻟﻔﺮﻳﻘني اﻟﻌﺎﻣ ُﻞ اﻟﻨﻔﴘ؛ ﻓﺎﻟﻔﺮﻳﻖ أﻛﺜﺮ ﰲ اﻟﻠﻌﺐ ،واﻟﻔﺮﻳﻖ املﺘﺼﺪﱢر ﻣﻦ املﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﺴﱰﺧﻲ ً ﻗﻠﻴﻼ ،أو ﻳﻠﻌﺐ ﺑﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﱡ اﻟﺘﺤﻔﻆ ،ﺣﺘﻰ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ .ﱠ ﻳﺘﺒني ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا أﻧﻪ ﻟﺠﺰءٍ ﻛﺒري ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﻳﺘﺤﺪﱠد اﻟﻔﺎرق ﰲ ﻧﻘﺎط اﻟﻔﺮﻳﻘني )اﻟﻘﻮﻳني ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ( ﺑﻔﻌﻞ اﻟﺼﺪﻓﺔ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ ،وﻟﻴﺲ ﺑﻔﻌﻞ ﺗﺒﺎﻳُﻦ ﰲ ﻣﺴﺘﻮى املﻬﺎرة ﻣﻦ ﻳﻮم ﻵﺧﺮ. وﻟﻜﻦ ﰲ اﻟﺮﺑﻊ اﻷول ﻣﻦ املﺒﺎراة ،ﺳﻮف ﻳﺘﻢ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﺣﻮاﱄ رﺑﻊ اﻟﻨﻘﺎط ،وﺳﻮف ﺗﻜﻮن اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت أﻛﱪ »ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ« ،وﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻏﺮﻳﺒًﺎ ﻟﻠﻔﺮﻳﻖ اﻟﺨﺎﴎ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺘﻔﻮ ًﱢﻗﺎ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ؛ ﻓﺤني ﺗﺒﺪأ ﻗﻮاﻧني اﻹﺣﺼﺎء — ﰲ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ ﻣﻦ املﺒﺎراة — ﰲ إﻃﻼق ﻗﻮﺗﻬﺎ اﻟﺤﺘﻤﻴﺔ املﺘﻌﺬر اﺟﺘﻨﺎﺑﻬﺎ ،وﺗﺬﻫﺐ اﻟﺼﺪارة ﻟﻠﻔﺮﻳﻖ َ اﻵﺧﺮ ،ﺳﻮف ﻳ َ ُﻮﺻﻒ اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻷول ﺑﺄﻧﻪ ﻗﺪ »ﺗﺮاﺟَ ﻊَ« ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن املﺴﺌﻮل اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ — ﻣﺮة أﺧﺮى — ﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ .إن اﻟﻨﺰﻋﺔ إﱃ اﻷداء اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ، َ ﻋﻜﺲ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت اﻷوﻟﻴﺔ ،ﺗُﺴﻤﱠ ﻰ اﻻﻧﺤﺪار إﱃ املﺘﻮﺳﻂ ،وﻳﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﺗﺴري ُ ﱪ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ أي ﳾء ،وﻳﺘﻀﺎءل اﻟﺪور اﻟﺬي ﻏﺮﻳﺰﺗﻨﺎ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ؛ ﺗﻜﻮن اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت أﻛ َ 162
اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت واﻻﻧﺤﺪار
ﺗﻠﻌﺒﻪ ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ؛ ﻓﻔﻲ اﻟﺠﺰء اﻷول ﻣﻦ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك داﺋﻤً ﺎ ﺿﺎربٌ ﱢ ﻳﺤﻘﻖ ﻧﺴﺒﺔ ﻧﺠﺎح ﰲ ﴐب اﻟﻜﺮة ﻗﺪرﻫﺎ ،٣٥٠وﻟﻜﻦ ﺳﻮف ﻳ َ ُﻮﺻﻒ ﺑﺄﻧﻪ ﻗﺪ »ﺗﺮاﺟَ ﻊَ« ﰲ َ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ ﻣﻦ املﻮﺳﻢ ،أﻣﺎ اﻟﻀﺎرب اﻟﺠﻴﺪ اﻟﺬي ﱢ ﻧﺠﺎح ﰲ ﴐب اﻟﻜﺮة ﻗﺪرﻫﺎ ﻧﺴﺒﺔ ﻳﺤﻘﻖ ٍ ﱠ ﻳﺘﺤﺴﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪُ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﻮد إﱃ املﺘﻮﺳﻂ .وﻟﻴﺲ ﺳﺒﺐ ذﻟﻚ أﻧﻪ ،٢٠٠ﻓﻤﻦ املﺤﺘﻤﻞ أن ﱠ ﺗﺤﺴ َﻦ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ ﻓﻔﻲ ﺑﺪاﻳﺔ املﻮﺳﻢ ،ﻳﺘﺠﺎ َو ُز ﺑﻌﺾ اﻟﻀﺎرﺑني أداءﻫﻢ املﻌﺘﺎد ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﺨ ﱠﻠﻒ آﺧﺮون .ﻣﺎ املﺪﻫﺶ ﰲ ذﻟﻚ؟ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺳﺘﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻣﻘﺎﻻت ﻣﻄﻮﱠﻟﺔ ﰲ اﻟﺼﺤﻒ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻋﻦ ﻛﻠﻴﻬﻤﺎ ،ﺗﴩح اﻷﻣﺮ ﻛﻠﻪ. ﺳﻮف ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ املﻌﺎﻟﺠﺔ ﻋﲆ أي ﻟﻌﺒﺔ ﺗُﺤ َﺮز ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻨﻘﺎط ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺸﻮاﺋﻲ ٍ رﻳﺎﺿﺔ ﻣﺜﻞ ﻛﺮة اﻟﻘﺪم اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻻ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻦ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ ﺗُﺤ َﺮز اﻟﻨﻘﺎط إﻻ ﺑﻌﺪ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻛﺎت؛ ﻣﺜﻞ رﻛﻼت اﻟﺒﺪاﻳﺔ ،وﻣﻜﺎﺳﺐ ﺧﻂ اﻟ ٢ﻳﺎردة ،وﻣﺎ ﺷﺎﺑَﻪَ ،اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻴﻞ ﻋﺪدُﻫﺎ إﱃ إﺑﻄﺎل ﺗﺄﺛري اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ .ﺗﺬ ﱠﻛ ْﺮ ﻗﺎﻋﺪ َة اﻟﺠﺬر اﻟﱰﺑﻴﻌﻲ. ﻣﻨﺎح أﺧﺮى ﻣﻦ ﻣﻨﺎﺣﻲ اﻟﺤﻴﺎة؛ ﻓﻘﺪ أﺷﺎر ﻋﺎﻣﻮس ﺗﻔﺮﺳﻜﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻨﻄﺒﻖ اﻷﻣﺮ ﻋﲆ ٍ وداﻧﻴﺎل ﻛﺎﻧﻤﺎن إﱃ أﻧﻪ ﰲ أﺛﻨﺎء ﺗﺪرﻳﺐ اﻟﻄﻴﺎرﻳﻦ ،ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺸﻜﻮ املﺪ ﱢرﺑﻮن ﻣﻦ أن أداء ﱠ ﻳﺘﺤﺴﻦ إذا ﻣﺎ اﻧﺘُﻘِ ﺪ ﻧﻘﺪًا ﺣﺎدٍّا ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻷداء اﻟﺮديء؛ وإذا ﺟﺎء أداؤه ﺟﻴﺪًا ﺑﺸﻜﻞ اﻟﻄﻴﺎر ُ ﻏري ﻣﺄﻟﻮف ،وأﺛﻨِﻲ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻨﺤﺪر وﻳﺘﺪﻫﻮر ،وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻳﻌﺰو املﺪرﺑﻮن ﻫﺬا إﱃ ﺗﺄﺛري ﻧﻔﴘ ﱠ ﱡ اﻟﺘﺤﺴﻦ ،وﻣُﻠﻘِ ني اﻟﻠﻮم ﻋﲆ اﻟﻄﻴﺎر ﰲ اﻻﻧﺤﺪار، ﻣﻌﻘﺪ ،ﻧﺎﺳﺒني ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ اﻟﻔﻀ َﻞ ﰲ وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻳﻜﻮن اﻧﺤﺪا ًرا إﱃ املﺘﻮﺳﻂ ﰲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﻴﺎن ،ﻳُﺴﺎء ﺗﻔﺴريه ﺑﺄﻧﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺳﺒﺐ وﻧﺘﻴﺠﺔ؛ ﻓﺤني ﺗﺆدي ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ املﻌﺘﺎد ،ﻻ ﻳُﺤﺘﻤَ ﻞ أن ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻋﲆ ﻫﺬا املﻨﻮال؛ ﻄﺎ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻌﻜﺲ ً وﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻌﻨﻴﻪ ﻛﻠﻤﺔ »ﻣﻌﺘﺎد« .ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ ﻣُﺤ ِﺒ ً أﻳﻀﺎ ﺻﺤﻴﺢ، وﻫﺬا ﳾء ﻣﺸﺠﻊ ،وداﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن رؤﻳﺔ أﺳﺒﺎب ﺣﻴﺜﻤﺎ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ أيﱞ ﻣﻨﻬﺎ ،أﻣ ًﺮا ﻣﴬٍّ ا ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار؛ ﻓﺎﻻﻧﺤﺪار إﱃ املﺘﻮﺳﻂ ﺣﺎﻟﺔ ﺣﺘﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﺎﻻت اﻟﺤﻴﺎة. ً ً أﺧريًا ،ﺛﻤﺔ اﺳﺘﺨﺪام َ ﺗﻘﻨﻴﺔ ،ملﺼﻄﻠﺢ »اﻧﺤﺪار« ،ﺳﻴﻜﻮن ﻟﻪ أﻫﻤﻴﺘﻪ ﻻﺣﻘﺎ. آﺧﺮ ،أﻛﺜﺮ ً ﻃﻔﻠﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻳُﺴﺘﺨﺪَم املﺼﻄﻠﺢ ﻟﻮﺻﻒ اﻻﻧﺤﺪار ﻧﺤﻮ »اﺗﺠﺎه« وﻟﻴﺲ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﻮﺳﻂ؛ ﺗﺄﻣﱠ ْﻞ اﻟﻮﻻدة ﺗﺰن ﺳﺘﺔ أرﻃﺎل ﻋﻨﺪ اﻟﻮﻻدة ،ﺑﻌﺪ ﺷﻬﺮ ﻗﺪ ﻳﺼﻞ وزﻧﻬﺎ إﱃ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ أرﻃﺎل ،وﺑﻌﺪ ﺷﻬﺮ َ ً رﻃﻼ ،وﺑﻌﺪ إﺻﺎﺑﺘﻬﺎ ﺑﻨﺰﻟﺔ ﺑﺮد ،ﺗﺼﻞ آﺧﺮ ﻣﻦ اﻷﻛﻞ اﻟﴩه ،ﺗﺰداد إﱃ أﺣﺪ ﻋﴩ ً رﻃﻼ ،ﺛﻢ أرﺑﻌﺔ ﻋﴩ ،وﻫﻜﺬا .إذا ﺗﺄﻣﱠ ْﻠ َﺖ ﻫﺬه اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ،ووﺿﻌﺘَﻬﺎ ﻋﲆ إﱃ اﺛﻨﻲ ﻋﴩ ﻣﺨﻄﻂ ﺑﻴﺎﻧﻲ ،ﻓﴪﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﺪرك أن اﻟﻄﻔﻠﺔ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻷﺷﻬﺮ اﻷوﱃ ﺗﻜﺘﺴﺐ ﰲ املﺘﻮﺳﻂ 163
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
رﻃﻠني ﰲ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﻮاﺣﺪ ،ﻗﺪ ﺗﻜﺘﺴﺐ املﺰﻳ َﺪ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻬﻮر ،وﻗﺪ ﺗﻜﺘﺴﺐ أﻗ ﱠﻞ ﰲ ﺷﻬﻮر ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﺗﻜﺒﱠﺪ َ أﺧﺮى ،وﻟﻜﻦ اﻻﺗﺠﺎه واﺿﺢ .وإذا َ ْت ﻋﻨﺎءَ رﺳﻢ ﻣﺨﻄﻂ ﺑﻴﺎﻧﻲ ،ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺧﻂ ﻣﺴﺘﻘﻴﻢ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري ﻳﻤ ﱡﺮ ﺑني ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻨﻘﺎط ،وإن ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻘﺎط ﺗﻌﻠﻮ ﻓﻮق ُ »ﺗﻮاﻓﻖ اﻟﺨﻂ وﺑﻌﻀﻬﺎ ﺗﻜﻮن أﺳﻔﻠﻪ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻳﻘﺎل ﻋﻦ اﻟﺨﻂ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ إﻧﻪ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻠﺲ« ،وﻳﻜﻮن اﻛﺘﺴﺎب رﻃﻠني ﰲ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﻮاﺣﺪ ﺗﻘﺪﻳ ًﺮا ﺟﻴﺪًا إﱃ ﺣﺪ ﻛﺒري ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻄﻠِﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﻮن اﻧﺤﺪا ًرا؛ أي ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ملﺴﺎر اﻻﺗﺠﺎه؛ وﻫﻮ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻧﺤﺪار ﺧﻄﻲ .ﻳُﻜ ﱠﺮس ﻗﺪر ﻣﻌﺘﱪ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻹﺣﺼﺎﺋﻲ ﻟﻌﺰل اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت ﻋﻦ ﻛﺘﻞ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت، ً ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻨﻚ؛ ﻓﻘﻂ وﺗﺘﻮاﻓﺮ ﺑﺎﻷﺳﻮاق ﻋﴩات ﻣﻦ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ﺳﻮف ﺗﻘﻮم ﺑﺎملﻬﻤﺔ ﺨﺮج ﻟﻚ اﻻﻧﺤﺪار) .ﰲ ﻫﺬه اﻷﻳﺎم ،ﻳﻨﺠﺢ أﺷﺨﺎص ﻳﻔﺘﻘﺪون ﻏﺬﱢﻫﺎ ﺑﺎﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ،وﺳﻮف ﺗُ ِ أدﻧﻰ ﻗﺪر ﻣﻦ اﻟﻔﻬﻢ ملﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮن ،ﰲ إﺧﺮاج ﻣﺨﻄﻄﺎت ﺑﻴﺎﻧﻴﺔ وﻋﺮوض ﻣﺒﻬﺮة .إﻧﻬﺎ ﺛﻮرة املﻌﻠﻮﻣﺎت؛ ﺑﻴﺎﻧﺎت وﻓرية ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻤﻴﻞ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت أﻗﻞ(. ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻠﻴﻼت ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻛﺒرية ،وﻫﻮ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺷﻴﻮﻋً ﺎ ﰲ اﻻﺳﺘﺨﺪام ﻹﻋﺪاد »ﺗﻜﻬﱡ ﻨﺎت« ﺣﻮل املﺴﺘﻘﺒﻞ؛ ﻓﺒﻤﺠﺮد أن ﺗﺮﺳﻢ ﺧﻂ اﻻﻧﺤﺪار ،ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻤﺪه ﻧﺤﻮ املﺴﺘﻘﺒﻞ وﺗﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻜﻬﱡ ﻨًﺎ .إﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻗﺎﺋﻤً ﺎ ﻋﲆ أي ﺣﻜﻤﺔ أو ﻓﻬﻢ ﻟﻠﻘﻮى اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ،وﻟﻜﻦ ﰲ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت ﻣﻦ املﺎﴈ إﱃ املﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﺠﺢ ﺑﺸﻜﻞ ﻃﻴﺐ .وﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻻﺗﺠﺎه ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﻧﺤﺪار ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﴍﻳﺎن اﻟﺤﻴﺎة ﻟﻠﴩﻛﺎت واﻟﺪول، اﻓﱰاض ﻏري ﻣُﻌ َﻠﻦ ﻣﻔﺎده أن أيﱠ ﻗﻮًى ﻏﺎﻣﻀﺔ ،أﻳٍّﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ،ﺗﺴﺒﱠﺒ َْﺖ ﰲ زﻳﺎدة ﰲ ﻇ ﱢﻞ ٍ ﳾءٍ ﻣﺎ ﰲ املﺎﴈ ﻻ ﺗﺰال ﻣﻮﺟﻮدة ،وﺳﻮف ﺗﺠﻌﻠﻪ ﻳﺰداد ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺮﻳﺐ؛ إﻧﻪ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻛﺘﺴﺎب اﻟ ﱡﺮ ﱠ ﺿﻊ ﻟﻠﻮزن ،وﻟﻠﻌﺠﺰ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﰲ املﻮازﻧﺔ ،وﺗﻌﺪاد ﺳﻜﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻣﻦ ﺑني أﻣﻮر أﺧﺮى .وﺛﻤﺔ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﺿﺨﻤﺔ ﺗُ َ ﻨﻔﻖ ﻋﲆ ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت ﰲ اﻟﺒﻮرﺻﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺤﻠﻴﻞ أﻗ ﱠﻞ أو أﻛﺜ َﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪًا ﻟﻼﻧﺤﺪار؛ ﻷن اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ اﻟﺘﻜﻬﱡ ﻦ ﺑﺄﺳﻌﺎر اﻟﺴﻮق ﻏﺪًا أﻣﺮ راﺋﻊ. ٍ وإذا اﻛﺘﺸﻒ أي ﺷﺨﺺ ﻣﻔﺘﺎحَ اﻟﻨﺠﺎح املﺘﻮاﺻﻞ ﻫﻨﺎك ،ﻓﺴﻮف ﻳﻈ ﱡﻞ ﺧﻔﻴٍّﺎ .وﻛﻤﺎ ﰲ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻷﻣﻮر ،ﺗﻮﺟﺪ ﺗﺬﺑﺬﺑﺎت ﰲ درﺟﺔ اﻟﻨﺠﺎح اﻟﺬي ﻳﺤﺮزه ﻣﺴﺘﺸﺎرو اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر املﺨﺘﻠﻔﻮن ﰲ اﻟﺴﻨﻮات املﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﺑﻄﻞ اﻟﻌﺎم املﺎﴈ ﻗﺪ ﻳﺘﺤﻮﱠل )ﺑﻔﻌﻞ اﻻﻧﺤﺪار إﱃ املﺘﻮﺳﻂ( إﱃ ﱢ ﻧﺨﺼﺺ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﱄ ﻟﻬﺬا املﻮﺿﻮع اﻟﺠﺬﱠاب ﰲ ﻇﺎﻫﺮه .وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﺷﺤﱠ ﺎذ ﻏﺪًا؛ وﺳﻮف ﻣﻦ املﺨﺎﻃﺮ اﻟﻀﺨﻤﺔ ،ﻻ ﻳﻌﺮف ﻣﻌﻈﻢ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ )وﻣﺴﺘﺸﺎروﻫﻢ( إﻻ اﻟﻨﺬر اﻟﻴﺴري ﻋﻦ إﺣﺼﺎءات ﺳﻮق اﻟﺒﻮرﺻﺔ ،وﻣﻦ املﻔﺰع ﻗﺪ ُر اﻟﻬﺮاءات اﻟﺘﻲ ﻳﺼﺪﱢﻗﻬﺎ اﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻨﻬﻢ )وﻳﺮوﱢج ﻟﻬﺎ(. 164
اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت واﻻﻧﺤﺪار
إذن ﻣﺎ اﻟﺬي ﺗﻌ ﱠﻠﻤﻨﺎه؟ ﻫﻨﺎك ﺗﺬﺑﺬﺑﺎت ﻳﺘﻌﺬﱠر اﺟﺘﻨﺎﺑﻬﺎ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ، وﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺨﻄﺊ ﻓﻬﻢ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻘﺼرية املﺪى ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻣﺆﴍات ﻃﻮﻳﻠﺔ املﺪى، واﻻﻧﺤﺪار ﻧﺤﻮ املﺘﻮﺳﻂ ﺣﺘﻤﻲ وﻳﺠﺐ أﻻ ﻳُﻔﻬَ ﻢ ﻛﺪﻻﻟﺔ ﻋﲆ ﱡ ﺗﻐريات ﰲ ﻣﺴﺘﻮى املﻬﺎرة، واﻻﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﺪﻳﺪﻫﺎ )ﺑﺤﺬر( ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻻﻧﺤﺪار؛ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺮؤى ﺗﺴﺎﻫﻢ ﰲ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻨﻄﻘﻲ وﻋﻘﻼﻧﻲ.
165
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﴩ
اﻻﺳﺘﺜﲈر :اﻟﺒﻮرﺻﺔ
ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺳﻮق ﻣﺎل )ﺑﻮرﺻﺔ( ﻣﻦ ﻧﻮع واﺣﺪ؛ ﻓﻬﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺴﻮق ً ﺷﻜﻼ ﻣﻦ إﺟﺮاءات املﺰاﻳﺪة املﻔﺘﻮﺣﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﺤﺖ ﻣﺴﻤﱠ ﻴﺎت ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ،ﺗﺘﻀﻤﱠ ﻦ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ واﺿﺢ ﻋﲆ ﻣﻨﺘﺠﺎت ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺒﺎدل ،وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺑﺎزار ﴍﻗﻲ ،وﺳﻮف ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻣﻌﻈﻢ ﻣﺎ ﺳريد ﰲ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،وﻟﻜﻦ اﻻﻓﱰاض اﻷﺳﺎﳼ وراء ﻛﻞ ﳾء ﻧﻘﻮﻟﻪ ﺳﻴﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﺗُﺪار ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ؛ إذا ﺑَﺪَا ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻳُﺪار ﻋﲆ اﻟﺤﺎﻓﺔ اﻟﺨﻄﺮة ﻟﻸﻣﺎﻧﺔ — وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺣﺘﻤﻴٍّﺎ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ املﻐﺮﻳﺎت — ﻓﻠﻴﻜﻦ .وﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺬا اﻟﻔﺼﻞ أيﱡ ﺗﺄﺛري ﻋﲆ رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻜﺒﺎر أو ﻛﺒﺎر املﺴﺌﻮﻟني اﻟﺴﻴﺎﺳﻴني ،اﻟﺬﻳﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﺪﺧﻞ ملﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﺮﺑﺤﺔ ﻏري ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻟﺒﻘﻴﺘﻨﺎ .إن اﺳﺘﺨﺪام ﻣﺜﻞ ﻫﺬه املﻌﻠﻮﻣﺎت ﻳﻜﻮن ﻏري ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﺳﺎﻓِ ﺮ ﺗﺎر ًة ،وﺗﺎر ًة ﻻ ﻳﻜﻮن ﺳﺎﻓِ ًﺮا ﻟﺪرﺟﺔ ﻛﺒرية ،ﺑﻞ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻳﻜﻮن ﻗﺎﻧﻮﻧﻴٍّﺎ ً أﻳﻀﺎ ،وﻟﻜﻦ ً َ اﻟﻨﺼﻴﺤﺔ إﻃﻼﻗﺎ ﺑﻔﻦ وﻋﻠﻢ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار .إن ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﺗﻌﻴﺪ ﻟﻸذﻫﺎن ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺻﻠﺔ املﺸﻬﻮرة اﻟﺘﻲ أﺳﺪاﻫﺎ ﻗﺲ ﻟﺮﻋﻴﺘﻪ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻳﺤﺜﻬﻢ ﻋﲆ أن ﻳﺴريوا داﺋﻤً ﺎ ﻋﲆ اﻟﺨﻂ املﺴﺘﻘﻴﻢ اﻟﻀﻴﻖ ﺑني اﻟﺨري واﻟﴩ .رﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻘﺪﱢر َ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻘﻮﻟﻪ ،إﻻ أن ﺗﻠﻚ رﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮن أﻓﻀ َﻞ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﻜﺎﺳﺐَ ﺗَ ُﻔﻮق ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت ﺳﻮق املﺎل ،ﻣﻊ ﺗﺠﻨﱡﺐ اﻟﻮﻗﻮع ﰲ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ. اﻟﺴﺆال املﺎﺛﻞ أﻣﺎﻣﻨﺎ ﻫﻮ ﺣﻮل إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻘﺮار ﺗﺴﺪي أيﱠ ﻧﻔﻊ ﻳُﺬ َﻛﺮ ﰲ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎر .ﻟﻘﺪ اﺟﺘﺎﺣَ ْﺖ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ اﻟﺒﻼ َد ﻋﲆ ً ﺟﺎﻣﺤﺔ ﺑﺮاﻣﺞَ ﻣﺪار اﻟﻌﻘﺪ اﻟﺴﺎﺑﻖ أو ﻧﺤﻮ ذﻟﻚ ،وﻛﺎن ﻣﻦ ﺷﺄن ﻫﺬا أن ﻳﺰﻳﺪ زﻳﺎد ًة درﻛﺖ ،ﺑﺸﻜﻞ ﺻﺤﻴﺢ اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ اﻷﺳﻬﻢ .ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﺛﻤﺔ ﻓﻜﺮة ﻗﺪ أ ُ ِ أو ﺧﺎﻃﺊ ،ﻣﻔﺎدﻫﺎ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ إﻳﺠﺎد رﺑﺢ ﰲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ املﺤﻮﺳﺐ ﻟﺴﻮق اﻟﺒﻮرﺻﺔ؛ وﻻ ﺷﻚ أن اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﻐﻮﻏﺎﺋﻲ اﻟﺬي ﻳﺼﺎﺣﺐ ﺑﻴﻊ ﻧﻔﺲ اﻟﱪاﻣﺞ واﻟﻠﻮﻏﺎرﻳﺘﻤﺎت ﻋﺪة ﻣﺮات ملﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻣﺴﺘﻘﻠني ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻘﻮض اﻟﺘﻨ ﱡﻮ َع اﻟﻼزم ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﲆ ﺳﻮق ﻋﺎدﻟﺔ وﻣﺴﺘﻘﺮة؛ ﻓﺤني ﻳﺤﻮز اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻧﻔﺲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ — ﺳﻮاء أﻛﺎن ﺟﻴﺪًا أم ﺳﻴﺌًﺎ — وﻳﺨﱪ ﻫﺬا اﻟﱪﻧﺎﻣﺞُ اﻟﺠﻤﻴ َﻊ ﺑﺄن ﻳﺒﻴﻌﻮا أو ﻳﺸﱰوا اﻷﺳﻬ َﻢ ﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ — ﺳﻮاء أﻛﺎن ذﻟﻚ ﺻﺤﻴﺤً ﺎ آن َ ﻵﺧﺮ ،وﻳﺒﺪو أن أم ﺧﺎﻃﺌًﺎ — ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻓﻮﺿﻮﻳﺔ؛ وﻫﺬا ﻳﺤﺪث ﻣﻦ ٍ اﻟﻨﺎس ﻳﻨﺴﻮن أن ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻪ ُﻛﺘِﺐ ﺑﻮاﺳﻄﺔ أﺷﺨﺎص ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ً ﺣﻜﻤﺔ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﻫﻢ أﻧﻔﺴﻬﻢ ،وﻳﺘﻤﺜﱠﻞ ﻋﻤﻠﻬﻢ ﰲ ﺑﻴﻊ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه ﻻ ﻳﻜﻮﻧﻮن أﻛﺜﺮ املﻨﺘﺠﺎت .وﻟﻜﻦ ﺑﻤﺠﺮد أن ﺗُﻄﻤَ ﺮ املﻌﺮﻓﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﰲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻛﻤﺒﻴﻮﺗﺮ وﺗﺼﺒﺢ ﺟﺰءًا ﻻ ﻳﺘﺠﺰأ ﻣﻨﻪ ،ﻳﺼﺒﺢ ﻟﻬﺎ ﻛﻴﺎن ﻣﺴﺘﻘﻞ ﺧﺎرج ﻋﻦ اﻟﺴﻴﻄﺮة) .وﻛﻞ ﻛﺎﺗﺐ ﻳﻌﻠﻢ ذﻟﻚ؛ ﻓﺤني ري ﻣﻤﱠ ﺎ ﻛﺎن ﻳﺒﺪو ﺗﺮى ﻛﺘﺎﺑﻚ أو ﻣﻘﺎﻟﻚ ﰲ ﺷﻜﻞ ﻣﻄﺒﻮع ،ﻳﺒﺪو ﻣﻮﺿﻊ ﺳﻠﻄﺔ أﻛﺜﺮ ﺑﻜﺜ ٍ ﻋﻠﻴﻪ وﻫﻮ ﻣﺨﻄﻮط ﻳﺪوي(. وﻟﻌﻞ املﺜﺎل اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ ﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻐﻮﻏﺎء ﰲ اﻷﺳﻮاق املﺎﻟﻴﺔ ﻛﺎن ﻣﺘﻤﺜ ﱢ ًﻼ ﰲ ﺟﻨﻮن اﻟﺘﻴﻮﻟﻴﺐ اﻟﺮﻫﻴﺐ اﻟﺬي ﺷﺎع ﰲ أوروﺑﺎ ﰲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﴩ) .ﻳُﻌَ ﱡﺪ اﻟﻜﺘﺎب املﻤﺘﻊ »أوﻫﺎم ﺷﻌﺒﻴﺔ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ وﺟﻨﻮن اﻟﻘﻄﻴﻊ« ،ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺗﺸﺎرﻟﺰ ﻣﺎﻛﺎي ،ﻣﺼﺪ ًرا راﺋﻌً ﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﺤﺪث وأﺣﺪاث أﺧﺮى ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ (.ﻛﺎن اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﰲ اﻟﺘﻴﻮﻟﻴﺐ ﻗﺪ وﺻﻞ إﱃ درﺟﺔ أن اﻟﻨﺎس ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺪﻓﻌﻮن ﻣﺎ ﻳﻌﺎدِ ل ْ دﺧ َﻞ ﻋﺎ ٍم ﻛﺎﻣﻞ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺑﺼﻴﻠﺔ واﺣﺪة ،واﺛﻘني ﻣﻦ أﻧﻬﻢ ﻣﻬﻤﺎ دﻓﻌﻮا ،ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ أن ﻳﺒﻴﻌﻮﻫﺎ ﺑﻤﻘﺎﺑﻞ أﻛﱪ ﺧﻼل ﺷﻬﺮ أو ﻧﺤﻮ ذﻟﻚ .ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻮﺑﺔ ﺟﻨﻮن اﻧﻬﺎ َر ْت ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻣﺜﻞ أي ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻟﻄﺮح ﺷﻴﻜﺎت ﻣﻦ دون رﺻﻴﺪ ﰲ اﻟﺴﻮق ،أو ﻟﻠﺮﺳﺎﺋﻞ املﺴﻠﺴﻠﺔ .وﺗﺮد ﻛﻠﻤﺔ ﺟﻨﻮن اﻟﺘﻴﻮﻟﻴﺐ ،tulipomaniaاﻵن ﰲ ﺟﻤﻴﻊ ً اﻟﻘﻮاﻣﻴﺲ اﻟﺠﻴﺪة ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،وﻣﻊ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺠﻤﺎﻫريي اﻟﺤﺪﻳﺚ ،ﴏﻧﺎ أﻛﺜﺮ ﻋﺮﺿﺔ ﻣﻦ أيﱢ وﻗﺖ ﻣﴣ ﻟﻨﻮﺑﺎت اﻟﺬﻋﺮ املﺎﱄ. اﻟﻔﺮﺿﻴﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺟﻤﻴﻊ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺪاول ﰲ اﻟﺒﻮرﺻﺔ ﻫﻲ أن ﺳﻌﺮ أي ﺳﻬﻢ )أو أﻳٍّﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻢ اﻟﺘﺪاول ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺪاول ﺗﻠﻚ ﺑﺎﻟﺬات( ﻣﺤﺪد ﺑﺸﻜﻞ ﻣ ِ ُﻨﺼﻒ ،ﻣﻦ ﺧﻼل املﺰاﻳﺪة اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ املﻔﺘﻮﺣﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ املﺸﱰﻳﻦ املﺤﺘﻤﻠني ،واﻟﻌﺮوض َ ﱠ اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ املﻔﺘﻮﺣﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺒﺎﺋﻌني املﺤﺘﻤﻠني) .ﺣﺘﻰ اﻟﺴﻌﺮ املﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ أزﻫﺎر اﻟﺘﻴﻮﻟﻴﺐ ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻣﺮﺷﺪ ﺳﻴﺊ ﻟﻠﻘﻴﻤﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ، ﺳﻌﺮ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻹﺗﻤﺎم اﻟﺼﻔﻘﺔ(. وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﴬوري اﻻﺗﻔﺎق ﻋﲆ ٍ ً ﻗﺎﺑﻠﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻟﻠﺘﺒﺎدُل وملﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺳﻬﻢ املﻌﺮوﺿﺔ ﻟﻠﺒﻴﻊ ،ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺷﺄن اﻷوراق اﻟﺪوﻻرﻳﺔ، ٍ ﻟﴩﻛﺔ ﻣﺎ ﻟﻪ ﻧﻔﺲ ﻗﻴﻤﺔ أي ﺳﻬﻢ ﻋﺎدي ﻟﴩﻛﺔ أﺧﺮى؛ ﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﻌﻨﻰ )ﻓﺴﻬﻢ ﻋﺎدي 168
اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر :اﻟﺒﻮرﺻﺔ
ﻛﻠﻤﺔ »ﻣﺜﻴﻠﺔ«( ،ﻓﻼ ﻳﻮﺟﺪ ﺳﺒﺐ ﻳﺪﻓﻊ املﺸﱰي ﻟﻌﺪم اﻟﴩاء ﺑﺄﻗﻞ ﺳﻌﺮ ﻣﺘﺎح ،وﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺳﺒﺐ ﻳﺪﻓﻊ اﻟﺒﺎﺋﻊ ﻟﻌﺪم أﺧﺬ أﻋﲆ ﻋﻄﺎء .وداﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺪ »ﺑﻌﺾ« املﺸﱰﻳﻦ و»ﺑﻌﺾ« اﻟﺒﺎﺋﻌني ﻣَ ﻦ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﻔﺎوﺿﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ،وﺗﺤﺴﻢ اﻟﺼﻔﻘﺔ، ﻣﻼﻳني املﺮات ﰲ اﻟﻴﻮم اﻟﻮاﺣﺪ؛ ﻓﺎﻟﺴﻮق ﻟﺪﻳﻬﺎ آﻟﻴﺎت ﻣﺘﻄﻮﱢرة وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻏري ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﻟﻄﻤﺄﻧﺔ ً )وأﻳﻀﺎ ﻟﻄﻤﺄﻧﺔ ﻫﻴﺌﺔ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ واﻟﺘﺪاوﻻت( ﺑﺄن ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﰲ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ اﻟﻮاﻗﻊ ﰲ ﻣﺤﻠﻬﺎ ،وأن اﻟﺴﻤﺎﴎة واﻟﻮﺳﻄﺎء ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﲆ ﻋﻤﻮﻻت ﻣﻦ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺋﻌني واملﺸﱰﻳﻦ ﻟﺘﻮﻓري ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺘﺪاول .ﺳﻴﻜﻮن ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻔﱰض أن ﻛﻞ ﻫﺬا ﻳﺆﺗﻲ ﺟﺪواه، ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ وﻓﺮة اﻟﺼﻔﻘﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،واﻟﻜﺜري ﻣﻨﻬﺎ ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ .وداﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﺗﻈﻬﺮ اﻟﻔﻀﺎﺋﺢ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺪاول ﻛﻈﻬﻮر ﻃﻴﻮر أﺑﻲ اﻟﺤﻨﺎء واﻟﺪﻳﺪان ﰲ اﻟﺮﺑﻴﻊ؛ واﻟﺪاﻓﻊ ﻣﻮﺟﻮد ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ. ً ﺗُ َ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻻﺳﺘﻘﺮار املﻨﻈﻮﻣﺔ، ﻌﺘﱪ املﻨﺎﻓﺴﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ املﺸﱰﻳﻦ واﻟﺒﺎﺋﻌني ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻫﻲ ﰲ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻷﺧﺮى ﻷي اﻗﺘﺼﺎد ﺳﻮﻗﻲ؛ ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻋﺪد املﺸﱰﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺰاﻳﺪ ً ﻗﻠﻴﻼ ،ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺸﱰﻳﻦ أن ﻳُﺮﻏِﻤﻮا اﻟﺒﺎﺋﻌني املﺘﻠﻬﻔني ﻋﲆ ﺧﻔﺾ ﺑﻌﺾ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﲆ ٍ أﺳﻌﺎرﻫﻢ .أﻣﺎ إذا و ُِﺟﺪت ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ املﺸﱰﻳﻦ واﻟﺒﺎﺋﻌني ،ﻓﺴﻮف ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻟﺒﺎﺋﻊ »ﻣﺎ«؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﺘﻢ اﻟﺤﻔﺎظ ﻣﺸﱰ »ﻣﺎ« ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪادٍ ﻟﺪﻓﻊ ﺳﻌﺮ ﻣﻘﺒﻮل دوﻣً ﺎ ٍ ٍ ﻋﲆ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺴﻮق؛ وﻋﻠﻴﻪ ﻓﻔﻲ ﺳﻮق ﺗﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﱟ ﺑﺤﻖ ،ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻮاﻃﺆ ﺑني اﻟﺒﺎﺋﻌني ٍ ٍ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﺑﺸﻜ ﱟﻞ ﺗﺒﺎدﱄ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﻌﺎر أو املﺸﱰﻳﻦ ،ﻳﺘﻮاﺟﺪ اﻟﺘﻮازن ﻋﻨﺪ »ﻟﺒﻌﺾ« أﻋﻀﺎء ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐً ، وﻓﻘﺎ ﻟﺘﻘﺪﻳﺮاﺗﻬﻢ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺴﻬﻢ ﻗﻴﺪ اﻟﻨﻈﺮ .واﻻﺣﺘﻜﺎر ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ أيﱟ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﻓني ﻣﺪﻣﱢ ﺮ ﻷي ﺳﻮق ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ املﺰاﻳﺪة اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺟﺬب ﻗﻮﻳٍّﺎ ﻟﻼﻋﺒني ﻣﻨﻌﻪ إﻻ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮن وﺗﻄﺒﻴﻘﻪ؛ ﻓﺎﻟﺘﻮاﻃﺆ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ ﺟﻴﺪة ،وﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻋﺎﻣ َﻞ ٍ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪون أن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ اﻹﻓﻼت ﺑﻔﻌﻠﺘﻬﻢ؛ وﻛﺎن ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ وراء إﻧﺸﺎء ﻫﻴﺌﺔ اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ واﻟﺘﺪاوﻻت ﰲ ﻋﺎم ،١٩٣٤ﰲ ذروة اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﻈﻴﻢ. وﻟﻜﻦ ﰲ ﺳﻮق ﻋﺎدﻟﺔ ،ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺪﺧﻞ ﺿﻤﻦ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮات املﺘﻌﺪﱢدة ﻟﻘﻴﻤﺔ ﺳﻬ ٍﻢ ﻣﺎ؟ ﻓﺎﻟﺴﻬﻢ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻣﺠﺮد ﻗﻄﻌﺔ ورق ،ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻸﻛﻞ ،وﻣﻦ املﺤﺘﻤﻞ )إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ داﺋﻤً ﺎ( أن ﺗﻜﻮن أ َ ْﻗﻴَ َﻢ ﻣﻦ أن ﺗﺤﺮﻗﻬﺎ ﰲ ﻣﺪﻓﺄﺗﻚ؛ وﻣﻊ زﺣﻒ اﻟﺤﻮﺳﺒﺔ ﺳﻴﺼﺒﺢ اﻟﺴﻬﻢ ﻋﻤﱠ ﺎ ﻗﺮﻳﺐ، ﺑﻼ ﺷﻚ ،ﻻ ﳾء ﺳﻮى ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻹﺷﺎرات اﻟﻀﻮﺋﻴﺔ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ ﰲ ذاﻛﺮة ﻣﻐﻨﺎﻃﻴﺴﻴﺔ ﻣﻜﺎن ﻣﺎ ،دون أن ﺗﻜﻮن ﻟﻪ ﻗﻴﻤﺔ ﻛﻐﺬاء أو وﻗﻮد؛ إﻧﻪ ﻳﻤﺜﱢﻞ أو ﺑﴫﻳﺔ ﻋﲆ ﻛﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ﰲ ٍ دﺧﻞ ﺣﺎﱄ ﱟ وﻣﺴﺘﻘﺒﲇﱟ ،ﻣﻊ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﺑﻜﺴﺐ ﺟﺰءًا ﻣﻦ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﳾءٍ ﻣﺎ ﻳﺼﺎﺣﺒﻪ اﺣﺘﻤﺎ ٌل ٍ ِ 169
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
أن اﻷﺧري ﻻ ﻳﻜﻮن ﻣﺆﻛﺪًا ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺰاﻳﺪ ﰲ ﻇ ﱢﻞ ﺳﻌﻲ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ املﺤﺘﻤﻠني ﻷﺧﺬ ﻓﱰات ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ أﻛﱪ وأﻛﱪ ﰲ اﻋﺘﺒﺎرﻫﻢ )ﻣﻊ ﺧﺼﻢ ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ( .وﻳﻜﻮن ﻋﲆ ﻳﻘﺎرن املﻨﻔﻌﺔ املﺘﻮﻗﻌﺔ ملﻠﻜﻴﺔ اﻟﺴﻬﻢ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻷدوات اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ املﺘﺎﺣﺔ املﺴﺘﺜﻤﺮ أن ِ اﻷﺧﺮى ،ﻣﺜﻞ :اﻟﺴﻨﺪات ،واﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﺒﻨﻜﻴﺔ ،واﻟﻌﻘﺎرات ،وﺣﻘﻮق اﻣﺘﻴﺎز ﻣﻄﺎﻋﻢ اﻟﻮﺟﺒﺎت اﻟﴪﻳﻌﺔ أو أدوات اﻟﴪﻗﺔ. ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎملﺴﺘﻘﺒﻞ ﻻ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻛﺜريًا ﻋﲆ اﻟﺴﻬﻢ ﻗﻴﺪ اﻟﻨﻈﺮ ،وإﻧﻤﺎ ﻋﲆ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺘﻮﻗﻌﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻘﻮﻣﻲ أو اﻟﻌﺎملﻲ ،وﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻻﻋﺘﺒﺎرات ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺪﻓﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت اﻷﺳﻬﻢ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ملﺴﺘﻮًى أﻋﲆ أو أﻗﻞ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ املﺮﻏﻮﺑﻴﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ اﻟﻘﻴﻤﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ اﻟﺴﻌﺮ ،ﺑﴫف اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ املﺰاﻳﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻸﺳﻬﻢ اﻟﻔﺮدﻳﺔ؛ وﻫﻜﺬا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻗﻴﻤﺔ أي ﺳﻬﻢ ﻋﲆ ﺣﺰﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ املﺤﺪدة وﻏري املﺤﺪدة ،ﱡ وﻓﻦ وﻋﻠ ُﻢ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺴﻌﺮ ﺑﺎﻟﻘﻴﻤﺔ ﻫﻤﺎ ﺟﻮﻫﺮ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر .ﺗﻤﻴﻞ أﺳﻬﻢ اﻟﴩﻛﺎت ﺑﻤﻘﺪار ﺑﺄﺳﻌﺎر ﺗﻔﻮق ﻣﻜﺎﺳﺒﻬﺎ اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ املﺴﺘﻘﺮة واملﻮﺛﻮق ﻓﻴﻬﺎ إﱃ أن ﺗﺒﺎع ٍ ٍ ﻳﱰاوح ﺑني ﺧﻤﺲ ﻣﺮات وﻋﴩﻳﻦ ﻣﺮة ،ﺑﺤﺴﺐ اﻟﻈﺮوف اﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﺳﺘﺜﻤﺎرات رﺑﺢ وﻓري ﰲ وﻗﺖ ﻗﺼري ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ — املﻀﺎرﺑﺔ — أﺳﻬﻢ ﴍﻛﺎت ﺗﻘﺪﱢم اﺣﺘﻤﺎ َل ِ ﺗﺤﻘﻴﻖ ٍ ً أﻣﻮاﻻ ﺑﴪﻋﺔ رﻫﻴﺒﺔ. ﻗﺪ ﺗﺒﺎع ﺑﺴﻌﺮ ﻣﺮﺗﻔﻊ ﺣﺘﻰ إن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻠﻬﺎ ﺗﺨﴪ ﱡ ﻓﺘﻮﻗﻊ ﺗﺤﻘﻴﻖ رﺑﺢ ﻣﺴﺘﻘﺒﲇ ﻳﻠﻌﺐ دو ًرا ﻣﻬﻤٍّ ﺎ — ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ إذن ﱡ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ﻫﻮ أﺳﺎس ﺗﺼﻔﻪ ﺑﺎملﺤﻮري — ﰲ ﺗﺤﺪﻳﺪ أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ ،وﺗﺤﻠﻴﻞ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻋﻤﻼﻗﺔ ﻣﻦ اﻟﻌ ﱠﺮاﻓني واملﺤ ﱢﻠﻠني؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻣَ ﻦ ﻳُﺴﻤﱠ ﻮن املﺤ ﱢﻠﻠني اﻷﺳﺎﺳﻴني ،اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﻐﻠﻮن أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺎملﻜﺎﺳﺐ املﺤﺘﻤﻠﺔ ﻟﻠﴩﻛﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻨﺘﺠﺎت واﻋﺪة ،أو إدارة ﺟﻴﺪة ،أو ﻋﻤﺎﻟﺔ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ،أو أي ﳾء ﻳﺒﴩ ﺑﻤﺴﺘﻘﺒﻞ واﻋﺪ ﻟﻠﴩﻛﺔ ،وﻫﻨﺎك آﺧﺮون ﻳﻌﺮﻓﻮن ﺑﺎﻟﻜﺎد اﺳ َﻢ ﴍﻛﺔ واﺣﺪة )ﻫﻨﺎك ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﰲ ذﻟﻚَ ،ﺳﻤﱢ ﻬﺎ ﴐور ًة ﱡ ً ﱢ واﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ﻣﺘﺨﺼﺼﻮن ﰲ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻻﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﻌﺮﻳﻀﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد، ﺷﻌﺮﻳﺔ( ،وﻟﻜﻨﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺼﻨﺎﻋﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ،وأﻣﻮر ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﻴﻞ؛ أﺷﻴﺎء ﺗﻤﻴﻞ ﻟﺪﻓﻊ أﺳﻌﺎر ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت اﻷﺳﻬﻢ اﻟﻜﺒرية .وﻫﻨﺎك ﻣﻼﻳني املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﺑﺎملﻌﻨﻰ اﻟﺤﺮﰲ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ ﻳﺘﺒﻌﻮن ﻫﺬه اﻟﺘﻮﺻﻴﺎت، ﺑﺈﺧﻼص وﺻﺪق ﻗ ﱠﻞ أو َﻛﺜُﺮ) .ﻫﻨﺎك ً أﻳﻀﺎ املﻨﺠﻤﻮن ،واﻟﺮوﺣﺎﻧﻴﻮن ،وﻗﺎرﺋﻮ أوراق اﻟﺘﺎروت، وﻣﺪﱠﻋﻮن آﺧﺮون أﻗﻞ وﺿﻮﺣً ﺎ ،وﻟﻜﻨﻨﺎ ﺳﻨﺘﺠﺎﻫﻠﻬﻢ ﻫﻨﺎ(. وﻧﻈ ًﺮا ﻷن املﺰاﻳﺪة ﺗﻜﻮن ﺗﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﰲ أي ﺳﻮق ﻋﺎدﻟﺔ ،ﻓﺈن اﻟﺴﻌ َﺮ املﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺑني ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ املﺸﱰﻳﻦ وﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺋﻌني ﻋﲆ ﻗﺪم املﺴﺎواة — ﻣﻊ 170
اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر :اﻟﺒﻮرﺻﺔ
ﻣﻼﺣﻈﺔ ﺗﻮاﻓﺮ ﻧﻔﺲ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻟﺪى ﻛﻠﺘﺎ املﺠﻤﻮﻋﺘني — إﻧﻤﺎ ﻳﻤﺜﱢﻞ ،ﺑﻤﻌﻨًﻰ ﺳﻮف ﱢ ﻧﻮﺳﻊ ً ﻻﺣﻘﺎ ،ﺳﻌ ًﺮا »ﺳﻮﻗﻴٍّﺎ« ﻟﻠﺴﻬﻢ اﻟﻘﺎﺋﻢ؛ وﻣﻦ املﻔﱰض أﻧﻪ ﻳﻤﺜﱢﻞ املﻌﺮﻓﺔ املﺘﻮﺳﻄﺔ ﻧﻄﺎﻗﻪ َ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺷﺄن ملﺠﺘﻤﻊ املﺸﱰﻳﻦ واﻟﺒﺎﺋﻌني ﻋﻦ ﻗﻴﻤﺔ ذﻟﻚ اﻟﺴﻬﻢ ،وأن ﻳﻤﺜﱢﻞ أي ﻓﺮد أن ﻳﺼﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﻟﻮ ﺗﻮاﻓﺮت ﻟﺪﻳﻪ ﻛﻞ املﻌﻠﻮﻣﺎت ،ووزﻧﻬﺎ ﺑﺈﻧﺼﺎف وﻋﺪل ﰲ ﺗﺤﻠﻴﻠﻪ. )ﻛﻠﻤﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ ﻫﻨﺎ ﺑﺎملﻌﻨﻰ اﻟﺪﻗﻴﻖ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ ﻻ ﻳ َ ُﻘﺼﺪ ﺑﻬﺎ ﻣﻌﺪل ﻣﺘﻮﺳﻂ ،ﺑﻞ ﺗﻌﻨﻲ ﻣﺎ ً ً ﻟﻬﻔﺔ ﰲ أي وﻗﺖ (.ﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻬﻔﺔ ﻟﻠﺒﺎﺋﻊ اﻷﺷﺪ ﺳﻮف ﻳﺪﻓﻌﻪ املﺸﱰي اﻷﺷﺪ ﱢ اﻟﺨﱪاء »اﻟﺴﻮق ذات اﻟﻜﻔﺎءة« ،وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻔﺮد أن »ﻳﺤﻘﻖ ﻣﻜﺎﺳﺐ« إﻻ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ أﻛﺜﺮ ﻧﺤﻮ أﻓﻀﻞ أو ﻣﻤﺎ ﻳﻌﺮف املﺸﺎرﻛﻮن اﻵﺧﺮون ﰲ اﻟﺴﻮق ذات اﻟﻜﻔﺎءة ،أو ﺑﺘﺤﻠﻴﻠﻪ ﻋﲆ ٍ أﴎع ﻣﻨﻬﻢ .واﻟﻨﺴﺨﺔ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ وراء ﺻﻮرة اﻟﺴﻮق ذات اﻟﻜﻔﺎءة ً أﺷﺨﺎﺻﺎ ﻛﺜريﻳﻦ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﺤﻠﻴﻼت ،ﻟﺪرﺟﺔ أن أي ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ أن ﻫﻨﺎك ً ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻋﲆ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ، ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛري ﻋﲆ ﻗﻴﻤﺔ ﺳﻬﻢ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﺼري وﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﺗُﺴﺘﻮﻋَ ﺐ ﰲ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺠﻤﻌﻲ ،وﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﺗﺄﺛريﻫﺎ واﺿﺤً ﺎ ﻋﲆ ﺳﻌﺮ اﻟﺴﻬﻢ .وﺳﻮف ﻳﻌﻤﻞ أﺣﺪﻫﻢ ﻋﲆ أﺳﺎس ﻫﺬه املﻌﻠﻮﻣﺎت؛ ﻓﺒﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﲆ ﻈﻬﺮ ﺑﻌﺾ اﻻﺧﺘﺒﺎرات أن اﻷﺧﺒﺎر ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺟﻴﺪ ملﻌﺮﻓﺔ ﺗﻠﻚ املﻌﻠﻮﻣﺎت ﺗﺤﺪﻳﺪًا ،وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺗُ ِ واﻟﺸﺎﺋﻌﺎت ﺗﻨﺘﻘﻞ ﺑﴪﻋﺔ ﺿﺨﻤﺔ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺒﻴﺌﺔ؛ إذن ﻓﺼﻮرة اﻟﺴﻮق ذات اﻟﻜﻔﺎءة ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ َ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻜﺎﺳﺐ ﰲ اﻟﺴﻮق إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺘﻮاﻓِ ًﺮا ﻟﺪﻳﻚ ﺳﻮى ﰲ أن ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺚ أن ﺗﺘﻤﻨﱠﻰ املﻌﻠﻮﻣﺎت واﻷدوات اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ املﺘﻮاﻓﺮة ملﻨﺎﻓﺴﻴﻚ وﻟﻶﺧﺮﻳﻦ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ .اﻟﺒﺪﻳﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﺬﻟﻚ ﻫﻮ أن ﻳﻜﻮن ﺑﻮﺳﻌﻚ أن ﺗﻜﻮن أﻛﺜﺮ ذﻛﺎءً ﻣﻨﻬﻢ ،أو ﺗﺠﺘﻬﺪ أﻛﺜﺮ ،ﺑﺎملﻌﻠﻮﻣﺎت املﺘﺎﺣﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ .ﺣني ﻳﺰدﻫﺮ ﺣﺎل املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ اﻟﻔﺮدﻳني ﻋﺎﻣً ﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﺎم )ﻣﺜﻞ اﻷﺳﻄﻮرة ﺑﻴﱰ ﻟﻴﻨﺶ ﱢ ﻣﺆﺳﺲ ﺻﻨﺪوق ﻓﻴﺪﻳﻠﻴﺘﻲ ﻣﺎﺟﻼن ،واملﺘﻘﺎﻋﺪ ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ( ،ﻓﻬﺬا ﻳُﻌ َﺰى إﱃ ﺣﺪ ﻛﺒري إﱃ إﻧﻔﺎﻗﻬﻢ وﻗﺘًﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﻨﻔﻘﻪ اﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ ﰲ ﻗﺮاءة واﺳﺘﻴﻌﺎب أﻋﻤﺎل وﺷﺌﻮن اﻟﴩﻛﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ؛ وﻣﻦ ً ﱡ َ اﻟﻄﺮف ﻋﻦ أﻫﻤﻴﺔ ﻧﻐﺾ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺗﻔﻮق املﻨﺎﻓﺴني .ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺳﺒﺐ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﻜﺘﺴﺒﻮن اﻻﺟﺘﻬﺎد واملﻬﺎرة ،ﺣﺘﻰ ﰲ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر؛ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺳﻮف ﻳﺒﲇ أﺣﺪﻫﻢ ﺑﻼءً ﺣﺴﻨًﺎ دون ﻛ ﱟﺪ أو ﻣﻬﺎر ٍة ﰲ ﻋﺎ ﱟم ﻣﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻛﻤﺎ أﻛﺪﻧﺎ ﻛﺜريًا ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻫﺬا ﻧﺘﺎج اﻟﺤﻆ ﻻ أﻛﺜﺮ؛ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺬﺑﺬب ﺑﺎملﻌﻨﻰ املﺸﺎر إﻟﻴﻪ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ .وﺧﺒري اﻟﻌﺎم اﻟﻮاﺣﺪ ﻫﻮ اﻟﻘﺎﻋﺪة أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء ﰲ ﻣﺠﺎل اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر. ﺛﻤﺔ ﻃﺮﻳﻖ َ آﺧﺮ ﻣﺤﺘﻤﻞ ﻟﻠﺜﺮاء ﻫﻮ ﺗﺤﻠﻴﻞ إﺣﺼﺎءات ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻋﲆ أﻣﻞ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﺴﺎﺋﺪة؛ ﺳﻴﻜﻮن ذﻟﻚ ﻋﲆ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،وﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا 171
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
املﺤ ﱢﻠﻞ ﺗﺠﻨﱡﺐَ املﺮور ﺑﻌﺬاب وﺷﻘﺎء ﻋﻤﻠﻴﺔ اﺧﺘﻴﺎر اﻷﺳﻬﻢ اﻟﻔﺮدﻳﺔ .إن اﻟﺼﻮرة ﻫﻨﺎ أﻛﺜﺮ ً ﺿﺒﺎﺑﻴﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﴚء وأﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪًا ،وﻟﻜﻨﻨﺎ ﺳﻨﺤﺎول .وﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻷﻣﻮر ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ ﻣﻨﺎ أن ﻧﻌﻤﻞ ﺑﻤﺘﻮﺳﻄﺎت ،وﻟﻴﺲ ﺑﺄﺳﻬﻢ ﻣﺤﺪﱠدةْ ، وإن ﻛﻨﱠﺎ ﺳﻨﻌﻮد إﱃ ﳾء ﰲ املﻨﺘﺼﻒ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ. ﱠ ﺗﺘﻐري ﻣﻦ ﻳﻮم ﻵﺧﺮ؟ اﻟﺴﺆال اﻷول واﻷﻫﻢ ﻫﻮ :ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت اﻟﺴﻮق أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺗﺘﻔﺎﻋﻞ اﻟﺴﻮق ﻣﻊ اﻷﺧﺒﺎر ،ﺟﻴﺪة ﻛﺎﻧﺖ أم ﺳﻴﺌﺔ ،ﻣﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ﺗﺄﺛري ﻋﲆ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت املﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎر؛ ﻓﺤني ﻳﻘﻮم ﻣﺠﻠﺲ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﻴﺪراﱄ ﺑﺘﻐﻴري ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻔﺎﺋﺪة ،ﺗﻘﻔﺰ اﻟﺒﻮرﺻﺔ ،وإن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ واﺿﺤً ﺎ داﺋﻤً ﺎ ﰲ أي اﺗﺠﺎه) .ﻫﺬا ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ إذا ﻣﺎ ﱠ ﱠ ﱠ ﻣﺘﻮﻗﻌً ﺎ ،ﻓﺴﻴﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﺨﻤﻴﻨﺎت ﻣﺘﻮﻗﻊ؛ وإذا ﻛﺎن ﻣﺘﻮﻗﻌً ﺎ أم ﻏري ﻛﺎن اﻟﺘﻐﻴري ً ً ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ أم ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ،وإذا ﻣﺎ ﻛﺎن املﺴﺘﺜﻤﺮون ﻳﻌﺘﻘﺪون أن ﻣﺎ ﺣﺪث ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻛﺎن ﰲ ﻣﺘﻮﻗﻌً ﺎ أم ﻻ .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮم اﻟﻨﺎس ﺑﺒﻴﻊ أو ﴍاء أﺳﻬﻢ أو ﺳﻨﺪات ﱡ ﱠ ﻟﺘﻐري ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺗﺮﻗﺒًﺎ ﱡ ٍ ﺳﻌﺮ اﻟﻔﺎﺋﺪة ،ﻗﺪ ﻳﺼﻴﺒﻮن أو ﻳﺨﻄﺌﻮن ،وﻟﻜﻨﻬﻢ داﺋﻤً ﺎ ﻳﺴﺎﻫﻤﻮن ﰲ ﻛﻔﺎءة اﻟﺴﻮق (.ﺑﺎملﺜﻞ، ﺗﺆﺛﱢﺮ أﻧﺒﺎء اﻟﺤﺮب واﻟﺴﻼم واﻷﺣﺪاث اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ ﻋﲆ ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت اﻟﺴﻮق ،وﻣﻦ املﺮﺑﺢ أن ﺗﻜﻮن ﻗﺎد ًرا ﻋﲆ اﻟﺘﻜﻬﱡ ﻦ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺘﺄﺛريات ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ املﻨﺎﻓﺴني .واﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﰲ املﺘﻮﺳﻄﺎت ﻣﺮﻛﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺼﻐرية وﺑﻌﺾ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻜﺒرية؛ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺆﺛﱢﺮ ﻋﲆ اﻷﺳﻬﻢ املﺨﺘﻠﻔﺔ واملﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ املﺨﺘﻠﻔني ،وﻳﺆدﱢي إﱃ ﳾء أﺷﺒﻪ ﺑﺎملﺴﺎر اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ اﻟﺬي ﻋﺰوﻧﺎه ﻟﻠﺸﺨﺺ اﻟﺜ ﱠ ِﻤﻞ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ. وﻟﻜﻦ إﱃ أي ﻣﺪًى ﺗﺘﱠ ِﺴﻢ اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت ﺑﺎﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ؟ ﰲ ﻳﻮم ﻋﺎدي ﰲ ﺑﻮرﺻﺔ ُ ﻛﺘﺒﺖ ﻓﻴﻪ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر( أﺣﺮز ﺣﻮاﱄ أﻟﻒ ﺳﻬﻢ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﻟﻸوراق املﺎﻟﻴﺔ )اﻟﻴﻮم اﻟﺬي ً رﺑﺤً ﺎ ،ﻓﻴﻤﺎ ُﻣﻨِﻲ ٌ ﺛﺎﺑﺘﺔ .ﻟﻮ أن اﻟﺘﻐﻴريات ﻛﺎﻧﺖ أﻟﻒ آﺧﺮ ﺑﺨﺴﺎرة ،وﻇ ﱠﻠﺖ ﺳﺒﻌﺔ آﻻف ﺳﻬﻢ ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ٍّ ﺣﻘﺎ ﺑﺎملﻌﻨﻰ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ،وﻛﺎن أداء اﻟﺴﻬﻢ ﻳﺴري ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﺘﻘﻞَ ،ﻷﻣﻜﻨﻨﺎ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﱡ وﺗﻮﻗﻊ اﺧﺘﻼف ﻋﺪد اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺮاﺑﺤﺔ ﻋﻦ ﻋﺪد اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺨﺎﴎة ﻗﺎﻋﺪة اﻟﺠﺬر اﻟﱰﺑﻴﻌﻲ، ﺑﻤﻘﺪار ﻣﺎ ﻳﻌﺎدل اﻟﺠﺬر اﻟﱰﺑﻴﻌﻲ ﻟﻸﻟﻒ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،أو ﻣﺎ ﻳﻘﺎرب اﻟﺜﻼﺛني؛ وﻗﺪ ﱠ َ ﺗﺒني أن ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻨﺎﺗﺞ )وﻗﺪ أﺻﺒﺢ اﻟﻴﻮ َم أرﺑﻌني ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻣﻨﻄﻘﻴٍّﺎ( ،وﻫﻜﺬا ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻫﺬا اﻻﺧﺘﺒﺎر اﻟﺒﺴﻴﻂ ،ﻧﺠﺪ أن اﻷﺳﻬﻢ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﺗﱰﻧﺢ ﻣﺜﻞ ﺗﺮﻧﱡﺢ ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ اﻟﺜﻤﻞ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ املﻨﺤﺪر .وﰲ ٍ ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻮﻗﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻮرة ،ﻳﻜﻮن ﺳﻠﻮك املﺘﻮﺳﻄﺎت املﺮﻛﺒﺔ ﻣﺜﻞ ﻧﻘﻄﺔ املﻨﺘﺼﻒ ﻣﺆ ﱠﻟ ٍ ﻔﺔ ﻣﻦ ﺑﻀﻌﺔ آﻻف ﻣﻦ املﺨﻤﻮرﻳﻦ. 172
اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر :اﻟﺒﻮرﺻﺔ
ﱠ املﻌﻘﺪة إﱃ ﺣﺪ ﻛﺒري ﻋﱪ ﻓﱰات ﺟﺮي ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺑﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ أُ ِ ً ﻛﺎﻣﻼ؛ ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﳾء ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ،وﻛﺎن اﻟﺮأي املﺠﻤﻊ ﻋﻠﻴﻪ )وإن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ إﺟﻤﺎﻋً ﺎ ﱡ اﻟﺘﻐريات اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﰲ ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ ﻣﺤﻞ إﺟﻤﺎع ﺗﺎم ﰲ ﻫﺬا املﺠﺎل( ﻫﻮ أن ﺗﺸﺒﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﺸﻴًﺎ ﻋﺸﻮاﺋﻴٍّﺎ ،وﻳﺼﻌﺐ وﺟﻮد ﻧﻤﻂ ﻣﺤﺪود ﻳﻤﻜﻦ إدراﻛﻪ) .ﻳﺘﺴﻖ ذﻟﻚ ﻣﻊ ﺻﻮرة اﻟﺴﻮق ذات اﻟﻜﻔﺎءة ،اﻟﺘﻲ ﺗﺸري إﱃ أﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك أي ﻧﻮع ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﻘﺎﺑﻞ ﻟﻼﺳﺘﻐﻼلَ ،ﻟﻜﺎن ﻗﺪ و ُِﺟﺪ ،و َﻟﻤﺎ َر َس ﺗﺄﺛريًا ﻛﺎﻓﻴًﺎ ﻋﲆ ﻫﻴﻜﻞ اﻷﺳﻌﺎر ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ وﺟﻮده (.إذا ﺗﻘﺒﱠﻠﺖ اﻟﺼﻮرة ،ﻓﻤﻦ املﺤﺎل أن ﺗﺴﺘﺨﺪم املﺘﻮﺳﻄﺎت ﻹدراك اﻟﻨﻤﻂ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺤﺎل أن ٌ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻮﻗﺔ املﻐﻤﻮرﻳﻦ اﺗﺨﺎذَه؛ وﻫﺬا ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﻌﺮف اﻻﺗﺠﺎ َه اﻟﺬي ﺗﻨﻮي املﺒﺎﻟﻎ اﻟﻜﺒرية اﻟﺘﻲ ﻳﻨﻔﻘﻬﺎ املﺴﺘﺜﻤﺮون ،واﻟﺘﻲ ﻳﺠﻤﻌﻬﺎ املﺘﻨﺒﱢﺌﻮن ﻣﻦ أﺟﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ .وﻟﻜﻦ اﻷدﻟﺔ ﻟﻴﺴﺖ واﺿﺤﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،وﺳﻴﻈﻞ اﻷﻣﻞ ﻣﻮﺟﻮدًا ﻟﻸﺑﺪ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻳﺰدﻫﺮ وﻳﻨﺠﺢ اﻟﺨﱪاء واﻷﻧﻮاع اﻷﺧﺮى ﻣﻦ روﱠاد اﻷﻋﻤﺎل املﻘﺎﻣﺮﻳﻦ) .ﻣﺆﺧ ًﺮا أﺟﺮى ﺑﻴﱰ ﻟﻴﻨﺶ، املﺬﻛﻮر أﻋﻼه ،ﺣﻮا ًرا ﺳﺎ َر َع ﺧﻼﻟﻪ ﺑﺎﺳﺘﻨﻜﺎر ﻧﻤﻮذج املﺴﺎر اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﻪ أﻗﻨ َ َﻊ ﻫﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﻔﻬﻤﻪ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ .ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻴﻤً ﺎ ﺑﻜﻞ ﳾء ﻟﻜﻲ ﺗﻨﺠﺢ ﰲ اﺳﺘﺨﺪام ﻣﺎ ﺗﻌﺮﻓﻪ(. ﻟﻨﻔﱰض أﻧﻨﺎ أﺧﺬﻧﺎ اﻟﺨﻄﻮة اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ،وﺗﺴﺎءﻟﻨﺎ ﻋﻦ ﻣﻘﺪار اﻟﺘﻔﺎوت اﻟﻴﻮﻣﻲ ﰲ املﺘﻮﺳﻄﺎت ﻋﲆ ﻣﺪار ﻓﱰة أﻃﻮل ،اﻟﺬي ﺗﺴﺒﱢﺒﻪ اﻵﺛﺎر اﻟﱰاﻛﻤﻴﺔ ﻟﻠﻤﴚ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ) .ﺗﺬ ﱠﻛ ْﺮ أن ﻣﺘﱠ ِﺒﻊ ﻧﻤﻮذج املﺴﺎر اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ ﻳﴩد ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺒﺪأ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ(. ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﻫﺬا ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺠﺬر اﻟﱰﺑﻴﻌﻲ وأﺷﻘﺎﺋﻪ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻄﻮ ًرا .ﻣﺮة أﺧﺮى ﻧﺠﺪ اﻷدﻟﺔ ﻣﻘﻨﻌﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ واﺿﺤﺔ ﺗﻤﺎم اﻟﻮﺿﻮح ،ﻋﲆ أن اﻟﺘﻐريات اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ واﻷﺳﺒﻮﻋﻴﺔ واﻟﺸﻬﺮﻳﺔ ﰲ املﺘﻮﺳﻄﺎت ﺗُﻌ َﺰى ﰲ أﻏﻠﺒﻬﺎ إﱃ اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ وﻏري املﺘﻨﺎﺳﻘﺔ ﰲ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﻔﺮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺄ ﱠﻟﻒ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺴﻮق ،ﻟﺘﻜﻮن ﻧﻤ ً ﻄﺎ ﻣﺜﻞ اﻧﺤﺮاف اﻟﺴﺎﺋﺮ اﻟﺜﻤﻞ ﻋﻦ اﻟﻄﺮﻳﻖ .ﻣﻦ ﻣﻐﺎﻟﻄﺎت اﻹدراك اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ أن ﻧﺮى أﻧﻤﺎ ً ﻃﺎ ﻻ وﺟﻮد ﻟﻬﺎ ،وأن ﻧﺮى ﻧﻈﺎﻣً ﺎ ﺣﻴﺜﻤﺎ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ أي ﻧﻈﺎم؛ إن اﻟﺠﻤﺎل واﻟﻨﻈﺎم ﻳﻜﻮﻧﺎن ﰲ ﻋﻴﻨ َ ْﻲ ﺣﺎﻣﻞ اﻷﺳﻬﻢ وﺣﺪه) .ﰲ ﻣﴪﺣﻴﺔ أرﻳﺴﺘﻮﻓﺎن ﱡ »اﻟﺴﺤُ ﺐ« ،ﻳﺤﺎول ﺳﻘﺮاط إﻗﻨﺎع ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺳﱰﻳﺒﺴﻴﺎدﻳﺲ ﺑﺄن اﻟﺠﻮﻗﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻇﻬﺮت ﻋﲆ ﺧﺸﺒﺔ املﴪح ﻟﻠﺘﻮﱢ ،ﻫﻲ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﺆ ﱠﻟﻔﺔ ﻣﻦ ُﺳﺤُ ﺐ؛ ﻓﻴﻌﱰض ﺳﱰﻳﺒﺴﻴﺎدﻳﺲ ﻋﲆ ذﻟﻚ ً ﻗﺎﺋﻼ إﻧﻬﻢ ﻳﺒﺪون ﺑﴩًا ،وﻳﻘﻮل إﻧﻪ ﻟﻢ ً ﺳﺤﺎﺑﺔ ﻟﻬﺎ أﻧﻒ ،وﻟﻜﻦ ﺳﻘﺮاط ﻳﺘﺴﺎءل إن ﻛﺎن ﻗﺪ رأى ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ُﺳﺤُ ﺒًﺎ ﻳﺸﺎﻫﺪ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ﺗﺸﺒﻪ اﻟﻔﻬﻮد أو اﻷﺳﻮد .ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻧﻌﻢ … وﴎﻋﺎن ﻣﺎ اﻗﺘﻨﻊ ﺳﱰﻳﺒﺴﻴﺎدﻳﺲ (.وﻟﻜﻦ ﻣﺮة 173
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
أﺧﺮى ﺗﻔﺘﻘﺮ اﻷدﻟﺔ اﻟﺪاﻋﻤﺔ ﻟﻨﻤﻮذج املﺴﺎر اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ ﻟﻠﻮﺿﻮح؛ ﻓﻬﻲ ﺗﻔﻲ ﺑﻤﻌﻴﺎر ﻣﻨﻄﻘﻲ ﻟﻠﺤﻜﻢ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﻜﻔﻲ أن ﺗﻘﻨﻊ املﺸﻜﻜني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺄﺧﺬون اﻷﻣﺮ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﺣﺮﰲ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﻟﻎ .ﻗﺪ ﻳﻜﻮن املﺸ ﱢﻜﻜﻮن ﻣﺨﻄﺌني ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أن ﺷﻜﻮﻛﻬﻢ ﻏري ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ) .ﻫﺬا ﱡ ﻳﺨﺺ املﺸ ﱢﻜﻜني املﺴﺘﻨريﻳﻦ ﰲ ﻧﻤﻮذج املﺴﺎر اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ ،وﻟﻴﺲ املﺘﻨﺒﺌني اﻟﺬﻳﻦ اﻟﺘﻨﻮﻳﻪ َ ﻳﺤﺎوﻟﻮن ﻣﺤﺎﻛﺎة أي ﻧﻤﻮذج ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻏري ﻣﺴﺘﻨري؛ ﻓﻬﺆﻻء ﻟﻬﻢ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﰲ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﻐﺎﻟني وﻻ ﻋﻘﻼﻧﻴني ﻷﻧﻬﻢ ﻻ ﻳ َ ُﺤﺎﺳﺒﻮن ﻋﲆ أﻓﻌﺎﻟﻬﻢ(. ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮء أن ﻳﺘﺨﺬ ﺧﻄﻮة أﺧﺮى ﰲ ﻓﻬﻢ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻏري اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ ﻟﻠﻤﴚ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ اﻟﺜ ﱠ ِﻤﻞ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻳﻘﱰب أﻛﺜﺮ وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﺎﻓﺔ املﻨﺤﺪر ﻷن ﻋﺎملﻪ ﻛﺎن ً ﻣﺎﺋﻼ ﰲ ﻫﺬا اﻻﺗﺠﺎه )ﰲ ﻣﺜﺎل اﻟﺮوﻟﻴﺖ ،ﻛﺎﻧﺖ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ﰲ ﻏري ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺸﺨﺺ(، َ اﻟﻘﻤﺔ ارﺗﻔﺎﻋً ﺎ، ﺛﻤﺔ ﻓﺎرق ﺑني اﻟﻘﻤﺔ واﻟﻘﺎع ﰲ أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ؛ ﻓﻤﻦ املﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﺠﺎوز ً اﻧﺨﻔﺎﺿﺎ .واﻟﺘﺸﺒﻴﻪ اﻟﺬي ﻳ َِﺮد إﱃ اﻟﺬﻫﻦ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد ﻳﺘﻤﺜﱠﻞ وﻟﻜﻦ دون أن ﺗﺨﱰق اﻟﻘﺎ َع ﺗﻌﻠﻴﻖ و َر َد ﻋﲆ ﻟﺴﺎن ﻣﺪ ﱢرﺑﺔ ﻃريان ﻗﺒﻞ ﺧﻤﺴني ﻋﺎﻣً ﺎ ،ﺣني ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻳﺘﻌﻠﻢ ﰲ ٍ اﻟﻄريان ﻷول ﻣﺮة؛ ﻓﻤﻦ املﺤﺒﻂ أن ﺗﻜﻮن ﰲ ﻃﺎﺋﺮة ﺻﻐرية ﺗﺴري ﰲ ﺗﻴﺎر ﻫﻮاء ﻣﻨﺨﻔﺾ ٍ ﻟﺪرﺟﺔ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﻣﻌﻬﺎ أن ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻃﺎﺋﺮ ُة اﻟﺘﺪرﻳﺐ ذات اﻟﻘﺪرة املﻨﺨﻔﻀﺔ ﻋﲆ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﻘﻮة، ارﺗﻔﺎﻋﻬﺎ ،وﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن اﻷﻣﺮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺤﺒﻂ إذا ﺣﺪث ﻫﺬا ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ اﻷرض .ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻫﺬا ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﰲ اﻟﺠﺎﻧﺐ املﺤﺠﻮب ﻋﻦ اﻟﺮﻳﺎح ﻣﻦ أﺣﺪ املﺮﺗﻔﻌﺎت ،ﻟﻴﺠﺪ املﺮء ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻳﻔﻘﺪ اﻻرﺗﻔﺎع ،ﻣﻘﱰﺑًﺎ ﻣﻦ اﻷرض اﻟﺼﻠﺒﺔ ،ﻏري ﻗﺎدر ﻋﲆ ﻗﻠﺐ اﻻﺗﺠﺎه. وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﺘﻌﻠﻴﻖ املﻄﻤْ ِﱧ ﻟﻠﻤﺪ ﱢرﺑﺔ ﻣﻔﺎده أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺣﺎدث ﻣﺴﺠﱠ ﻞ ﺗﺴﺒﱠﺐَ ﻓﻴﻪ ﺗﻴﺎر ﻫﻮاء ﻣﻨﺨﻔﺾ ﰲ ﺗﺤ ﱡ ﻄﻢ ﻃﺎﺋﺮة ﻋﲆ اﻷرض .وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻣﺤﻘﺔ؛ ﻓﺤﺘﻰ اﻟﻬﻮاء ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺨﱰق اﻷرض؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻬﻨﺎك ﻗﺎع ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻟﻠﺘﻴﺎرات املﻨﺨﻔﻀﺔ ،واﻟﺘﻲ داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﺗﻨﻌﻄﻒ ﻣﻊ اﻗﱰاﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى اﻷرض) .ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺬا ﺑﺎﻧﻜﺴﺎر اﻟﺮﻳﺎح ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻋﲆ ﻛﻞ اﻟﻄﺎﺋﺮات ،اﻟﻜﺒرية واﻟﺼﻐرية ،وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺧﻄﺮ اﻷرض ،اﻟﺬي ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻣﺼﺪ َر ﱟ ٍ ﻳﺘﻢ اﻟﺨﻠﻂ ﺑﻴﻨﻪ وﺑني اﻟﺘﻴﺎر املﻨﺨﻔﺾ ﰲ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ(. َ ً ﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ أن ﺗﺨﱰق اﻟﻘﺎ َع اﻧﺨﻔﺎﺿﺎ — ﻓﻼ أﺣﺪ ﺳﻴﺪﻓﻊ ﻟ َﻚ ً ﻓﺎرﻗﺎ ﺑني اﻟﻘﻤﺔ واﻟﻘﺎع، ِﻟ َﻜﻲ ﺗﺄﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﺳﻬﻤً ﺎ — وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﻮﺟﺪ ﺣﺎﺟﺰ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻳﺼﻨﻊ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﺜﻞ ﺣﺎﻓﺔ املﻨﺤﺪر ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ املﺨﻤﻮر؛ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪا أﻧﻪ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ — ﻣﺜﻞ اﻷرض ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻄﺎﺋﺮة — ﻳﻜﻮن اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻟﻠﻘﻤﺔ ،وﻟﻴﺲ ﻟﻠﻘﺎع .وﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،ﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا أن ﱡ ﺗﻐريات اﻷﺳﻌﺎر ﺗﻜﻮن أﻏﻠﺐ اﻟﻈﻦ ﻷﻋﲆ وﻟﻴﺲ ﻷﺳﻔﻞ؛ وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ﻋﲆ املﺴﺘﻮى اﻟﺘﻘﻨﻲ، 174
اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر :اﻟﺒﻮرﺻﺔ
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ذوي املﻌﺮﻓﺔ ﰲ ﻫﺬا املﺠﺎل )وﻋﲆ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﺗﺨ ﱢ ﻄﻲ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﺠﻤﻠﺔ( أن ﺗﻮزﻳﻊ ﱡ ﺗﻐريات أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ ﻣﺘﺒﺎﻳ ٌﻦ ،وﻳﻮﺣﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ أن ﻳﺘﻢ ﺗﻘﺮﻳﺒﻪ ﻣﻠﺘﻮ ﻣﻦ اﻟﻨﻮع املﻌﺮوف ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺘﻮزﻳﻊ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ اﻟﻠﻮﻏﺎرﻳﺘﻤﻲ ،املﺎﺋﻞ ﻋﲆ ﺻﻮرة ﺗﻮزﻳﻊ ٍ ٍ ﱡ اﻟﺘﻐريات ﻷﻋﲆ؛ ﻣﻦ ﺗﻘﺮﻳﺒﻪ ﻋﲆ ﺻﻮرة ﺗﻮزﻳﻊ ﻋﺎدي .إذا ﺣﺪث ﻫﺬا ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ،ﻓﺴﻮف ﺗﻜﻮن ً ً ﻣﻄﻠﻘﺔ؛ ﻓﻼ ﻳﺘﻤﺜﱠﻞ اﻷﻣﺮ ﰲ وﺟﻮد ﻓﺮص ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ﻟﻠﺼﻌﻮد أو اﻟﻬﺒﻮط ﻧﺴﺒﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﴩ ﻧﻘﺎط ،ﺑﻞ ﻓﺮص ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ﻟﻠﺼﻌﻮد أو اﻟﻬﺒﻮط ﺑﻨﺴﺒﺔ ١٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ .ﻓﺈذا ﺣﺪث وارﺗﻔﻊ أﺣﺪ اﻷﺳﻬﻢ ﺑﻨﺴﺒﺔ ١٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،ﻓﺴﺘﻜﻮن اﻟ ١٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ أﻛﱪ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻗﺪ اﻧﺨﻔﺾ؛ وﻫﺬا ﻳﺆدﱢي إﱃ ﻣﻜﺎﺳﺐ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ .وﻫﻜﺬا ﻓﺈن ﻣﺸﻴًﺎ ﻋﺸﻮاﺋﻴٍّﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻳﻜﻮن ً ﻣﻤﺎﺛﻼ ﻟﻠﻤﺴﺎر اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ ﻟﺼﺪﻳﻘﻨﺎ اﻟﺜ ﱠ ِﻤﻞ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻤﻴﻞ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت أﻋﲆ .ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺤﺖ ﺣﺎﻓﺔ املﻨﺤﺪر ﺣﺎﺋ ً ﻄﺎ ﺻﺨﺮﻳٍّﺎ .وﻫﻨﺎك أدﻟﺔ ﺿﺨﻤﺔ ﻋﲆ أن ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ املﺴﺎر اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ املﺘﺤﻴﱢﺰ ﻣﺴﺌﻮل ﻋﻦ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﻄﻮﻳﻞ املﺪى املﺘﺼﺎﻋﺪ ﰲ ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ، ً ﻣﺴﺌﻮﻻ ﻋﻨﻪ ﻛﻠﻪ ﺑﺄي ﺣﺎل ﻣﻦ اﻷﺣﻮال؛ ﻓﻤﻊ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ﺻﺎرت اﻟﺴﻮق وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ املﻨﺘﻌﺸﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻤﺮت ﰲ اﻟﺘﺼﺎﻋﺪ ﻋﲆ ﻣﺪى ﻋﴩﻳﻦ ﻋﺎﻣً ﺎ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻟﻠﻬﺮم واﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ وﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻬﺎث ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﺰال ﺗﺘﻨﻔﺲ) .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك دراﺳﺎت إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﱠ ﻣﻮﺳﻌﺔ ﻋﻦ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻄﻮﻳﻞ املﺪى ملﺘﻮﺳﻄﺎت أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ ،واﺧﺘﻠﻒ اﻟﺨﱪاء ﺑﺸﺄن ﻣﺪى اﺧﺘﻼﻓﻬﺎ — ْ إن ﻛﺎن ﻫﻨﺎك اﺧﺘﻼف ﻣﻦ اﻷﺳﺎس — ﻋﻦ ﺗﻮزﻳﻊ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻟﻮﻏﺎرﻳﺘﻤﻲ ﺣﻘﻴﻘﻲ. اﻟﺘﻐريات اﻟﻜﺒرية ﰲ املﺘﻮﺳﻄﺎت ،ﺳﻮاء ﺻﻌﻮدًا أم ﻫﺒﻮ ً ﱡ ﻃﺎ ،ﺗﺤﺪث وﻟﻌﻞ أﻫﻢ اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت أن ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪو ﻋﲆ ﻧﺤﻮ أﻛﺜﺮ ﺗﻜﺮا ًرا ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﺎ ،ﻣﻤﱠ ﺎ ﻗﺪ ﻳﺸري إﻟﻴﻪ ﺗﻮزﻳﻊ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻟﻮﻏﺎرﻳﺘﻤﻲ؛ وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ — َملﻦ ﻳﺤﺒﻮن اﻟﻜﻠﻤﺎت املﻌﻘﺪة — أن ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺘﻐريات ﰲ املﺘﻮﺳﻄﺎت ﻳﻈﻬﺮ ً ﺿﻌﻴﻔﺎ .وﻫﺬا املﻮﺿﻮع ،وﺗﺄوﻳﻼﺗﻪ اﻟﺨﻴﺎﻟﻴﺔ ،ﺧﺎرج ﻧﻄﺎق ﻃﻤﻮﺣﺎﺗﻨﺎ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﺗﻔﺮﻃﺤً ﺎ ﻫﻨﺎ(. ﱠ وﻛﺄن ﺳﻌﺮ ﻛﻞ ﺳﻬﻢ ﻳﺘﺨﺬ اﺗﺠﺎﻫﻪ اﻟﺨﺎص ،ﻣﺘﺠﺎﻫِ ًﻼ ﺣﺘﻰ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ﻛﻨﱠﺎ ﻧﺘﺤﺪث ﺳﻠﻮ َك اﻷﺳﻬﻢ اﻷﺧﺮى؛ وﻗﺪ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻻﻓﱰاض ﰲ ﺻﻤﻴﻢ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻨﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺠﺬر اﻟﱰﺑﻴﻌﻲ ً ً ﻋﺎملﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﱢﺮ ﻋﲆ ﻣﺴﺒﻘﺎ ﻟﻠﻘﻮى اﻷﻛﺜﺮ أﻋﻼه .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﺻﺤﻴﺤً ﺎ ﻛﻠﻴٍّﺎ ،وﻗﺪ أﴍﻧﺎ أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ :اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت ،اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ،اﻟﺘﺤﺮك أو اﻟﱰاﺧﻲ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ،اﻟﺘﻨﺒﺆات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ، اﻟﺤﺮوب ،اﻟﻘﺼﺺ اﻹﺧﺒﺎرﻳﺔ ﰲ وول ﺳﱰﻳﺖ ﺟﻮرﻧﺎل ،ﺧﱪاء اﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮن املﺰﻳﻔني ،وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ .ﺗﻤﻴﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﻮى إﱃ اﻟﺘﺄﺛري ﻋﲆ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺳﻬﻢ املﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري ،وﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ املﺤﺾ أن ﻧﺪﱠﻋِ ﻲ اﻟﻌﻜﺲ .وﺗﺘﺒﺎﻳﻦ اﻷﺳﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ؛ واﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﺎ 175
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ً ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻘﻮى اﻟﺴﻮق ﻣﻦ اﻟﺒﻌﺾ َ اﻵﺧﺮ؛ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﻴﺎس ﻣﺮﻏﻢ ﻋﲆ أن ﻳﻜﻮن أﻛﺜﺮ ذﻟﻚ؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،وﻻ ﻏﺮاﺑﺔ ﰲ ذﻟﻚ ،ﻫﻨﺎك ﺻﻨﺎﻋﺔ أﺧﺮى ﺻﻐرية ﺗﻘﻮم ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ، ً ﱡ ﱡ ﺑﺎﻟﺘﻐريات ﰲ ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت ﺳﻮق اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ. اﻟﺘﻐريات ﰲ أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ اﻟﻔﺮدﻳﺔ راﺑﻄﺔ ﻳُﺠ َﺮى ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻻﻧﺤﺪار ،ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻨﻮع اﻟﺬي ذﻛﺮﻧﺎه ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﺪرج ﻋﲆ ﻣﺨﻄﻂ ﺑﻴﺎﻧﻲ )أو ﺑﺪﻳﻞ ﺣﻮﺳﺒﻲ ﻣﻨﺎﺳﺐ( ﱡ ﺗﻐريات اﻷﺳﻌﺎر ﰲ ﺳﻬﻢ ﻣﻌني ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﱡ ﺗﻐريات اﻷﺳﻌﺎر ﰲ اﻟﺴﻮق ﻛﻜ ﱟﻞ .وﻧﺴﺒﺔ ﻫﺎﺗني اﻻﺛﻨﺘني، َ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎس ﺑﻮﺿﻊ ﺧﻂ ﻣﺴﺘﻘﻴﻢ ﻋﲆ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت املﻤﺜﻠﺔ ﻋﲆ اﻟﺮﺳﻢ اﻟﺒﻴﺎﻧﻲ ،ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﻴﻤﺔ ﺑﻴﺘﺎ )اﻟﺤﺮف اﻟﺜﺎﻧﻲ ﰲ اﻷﺑﺠﺪﻳﺔ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ (βاﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺴﻬﻢ؛ ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻴﻤﺔ ﺑﻴﺘﺎ ﻟﺴﻬ ٍﻢ ﻣﺎ ﺗﺴﺎوي اﺛﻨني ،ﻓﻬﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن ﱡ ﺗﻐريًا ﻧﺴﺒﺘﻪ ١ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ ﺗﻐري ﺑﻨﺴﺒﺔ ٢ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﰲ ﺳﻌﺮ ﻫﺬا اﻟﺴﻬﻢ ﺳﻮف ﻳﺆدﱢي — ﻣﺮة أﺧﺮى ﰲ املﺘﻮﺳﻂ — إﱃ ﱡ ٍ ﺗﺤﺪﻳﺪًا) .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺑﻤﺎ أن املﺘﻮﺳﻄﺎت ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮى ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻷﺳﻬﻢ، ﻓﻼ ﺑﺪ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺘﻮﺳ ُ ﻂ ﻗﻴﻤﺔ ﺑﻴﺘﺎ ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻷﺳﻬﻢ ﻗﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻦ اﻟﺮﻗﻢ واﺣﺪ .ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﴬورة أن ﻳﻜﻮن ﻣﺴﺎوﻳًﺎ ﻟﻮاﺣﺪ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ،وﻫﺬا ﻳُﻌ َﺰى ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺰﺋﻲ إﱃ أن املﻘﻴﺎس املﺴﺘﺨﺪَم ﻟﺤﺴﺎب ﻗﻴﻤﺔ ﺑﻴﺘﺎ ،وﻫﻮ ﱢ ﻣﺆﴍ ﺳﺘﺎﻧﺪرد آﻧﺪ ﺑﻮرز ،٥٠٠ﻻ ﻳﻤﺜﱢﻞ ﺟﻤﻴ َﻊ اﻷﺳﻬﻢ .ﺣﺘﻰ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ أﺳﻬﻢ ﱢ املﺆﴍ ،إذا ﻟﻢ ﺗُﻘﻴﱠﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﺻﺤﻴﺢ ،ﻓﻠﻦ ﺗﺴﺎوي ﺑﻴﺘﺎ واﺣﺪًا ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ؛ ﻓﺎﻷﺳﻬﻢ املﺮﺗﻔﻌﺔ اﻟﺴﻌﺮ ﺗﻤﻴﻞ ﻟﻠﺘﺬﺑﺬب ﺑﺸﻜﻞ أﻗﻞ ﻣﻦ اﻷﺳﻬﻢ املﻨﺨﻔﻀﺔ اﻟﺴﻌﺮ؛ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺆﺛﱢﺮ ﻋﲆ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻗﻴﻤﺔ ﺑﻴﺘﺎ (.وﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺴﻤﺎﴎة َ وآﺧﺮﻳﻦ ﻏريﻫﻢ ﺗﻮﻓري ﺟﺪاول ﻗﻴﻤﺔ ﺑﻴﺘﺎ ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻷﺳﻬﻢ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،ﺑﻞ ﻟﻠﺼﻨﺎدﻳﻖ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ ً أﻳﻀﺎ ،اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺒﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺳﻴﺎﺳﺎت اﺳﺘﺜﻤﺎر ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﲆ املﻀﺎرﺑﺔ )وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻣﺤﺎﻓﻆ اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﺗﺘﱠ ِﺴﻢ ﺑﺎﻟﺼﻔﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ( ﺑﺪرﺟﺔ أﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ اﻷﺧﺮى .ﺗُﺴﻤﱠ ﻰ ﻗﻴﻤﺔ ﺑﻴﺘﺎ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺑﺎﺳﻢ »اﻟﺘﻘ ﱡﻠﺐ«. ً أﻫﻤﻴﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻟﺴﺒﺐ أﺳﺎﳼ؛ أﻻ وﻫﻮ أن ﻗﻴﻤﺔ ﺑﻴﺘﺎ ﺗُ َ ﻌﺘﱪ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ وﻳﻤﺜﱢﻞ ﻫﺬا ً ﻣﻘﻴﺎﺳﺎ ﻣﻬﻤٍّ ﺎ ﻟﻠﻤﺨﺎﻃﺮة املﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺴﻬﻢ ﻣﻌني ،واملﱪر ﻟﺬﻟﻚ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻫﻮ أن أي ﻛﺜريﻳﻦ ﻣﺴﺘﺜﻤﺮ ﻳُﻔﱰَض أﻧﻪ ﻳﻨﻔﺮ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﻦ ﺧﺴﺎرة ﻛﻞ ﳾء ،واﻻﺳﺘﺜﻤﺎ ُر ﰲ ﺳﻬﻢ ﻳﻤﻜﻦ أن ً ﺻﻔﻘﺔ ﻳﻨﺨﻔﺾ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٥٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺣني ﻳﻜﻮن اﻧﺨﻔﺎض اﻟﺴﻮق ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز ١٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ؛ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ً ْ ﺳﻴﺌﺔ ﻟﻠﺪرﺟﺔ( .ﻟﺬﻟﻚ ،إﱃ املﺪى اﻟﺬي )وإن ﻛﻨﱠﺎ ﺳﻨﺮى ﺑﻌﺪ ﻟﺤﻈﺎت ملﺎذا ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺳﻴﺌﺔ ً ﻣﻘﻴﺎﺳﺎ ﻟﻠﻤﺨﺎﻃﺮة )واﻟﺘﺼﻮر ﻟﻪ ﻧﻔﺲ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ »ﺗُﺘﺼﻮر« ﺑﻪ ﻗﻴﻤﺔ ﺑﻴﺘﺎ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﱠ املﺘﻮﻗﻊ أن ﺗﺘﺴﺒﱠﺐ ﻗﻴﻤﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺳﻌﺮ أي ﺳﻬﻢ( ،ﻣﻦ 176
اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر :اﻟﺒﻮرﺻﺔ
ﺑﻴﺘﺎ )املﺨﺎﻃﺮة( املﺮﺗﻔﻌﺔ ﰲ ﺧﻔﺾ ﺳﻌﺮ اﻟﺴﻬﻢ إﱃ ﻣﺴﺘﻮًى أﻗﻞ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻗﺪ ﺗﱪره ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻷﺻﻠﻴﺔ .وﻟﻜﻦ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ اﻷﻗﻞ ﺗﻌﻨﻲ ﻣﻜﺴﺒًﺎ ﻣﺘﻮﻗﻌً ﺎ أﻛﱪ؛ ﻟﺬا ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺗﺼﻮﱡر ﻋﺎم ﺑﺄن املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﺳﻮف ﻳﻘﺎﻳﻀﻮن املﺨﺎﻃﺮة ﺑﺎملﻜﺴﺐ املﺤﺘﻤﻞ ﰲ ﴍاء أﺳﻬﻢ املﻀﺎرﺑﺔ )ذات ﻗﻴﻤﺔ ﺑﻴﺘﺎ املﺮﺗﻔﻌﺔ( .وﺑﻠﻐﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار — ﻣﻮﺿﻮع ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب — ﺗﻘ ﱡﻞ ﻣﻨﻔﻌﺔ اﻟﺴﻬﻢ ﻣﻤﺎﺛﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ إﺻﺪار ﻗﺮار ﺑﺎﻟﴩاء. ﺑﻔﻌﻞ ﺧﻄﻮرﺗﻪ؛ ﻟﺬا ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﺨﻔﺾ اﻟﺴﻌﺮ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ٍ اﺣﺘﻤﺎل واملﺤﺎﻓﻆ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ املﻀﺎرﺑﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﺨﺎﻃﺮ ًة ﻛﺒري ًة إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ ِ ﻣﻜﺴﺐ ﻛﺒري. ﺟﻠﺐ ٍ ِ ﺛﻤﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻧﺤﺘﺎج إﻟﻴﻬﺎ؛ ﻓﻤﺜﻠﻤﺎ ﻳﻤﻴﻞ ﺳﻬﻢ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻻﺗﺒﺎع املﺴﺎر اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ ملﺘﻮﺳﻄﺎت اﻟﺴﻮق ،إﱃ املﺪى املﻘﺎس ﺑﻘﻴﻤﺔ ﺑﻴﺘﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻪ ،ﺗﻜﻮن اﻷﺳﻬﻢ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ً ﻋﺮﺿﺔ ً أﻳﻀﺎ ﻟﺘﺄﺛريات ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻣﺪﻳﺮون ﻳﺴﺘﻘﻴﻠﻮن أو ﻳﺠﺮي ﺗﻌﻴﻴﻨﻬﻢ، وﻣﻨﺘﺠﺎت ﻳُﻌ َﻠﻦ ﻋﻨﻬﺎ ،وﺗﻘﺎرﻳﺮ رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ ﺗﺼﺪر ،وﺷﺎﺋﻌﺎت ﺗﻨﺘﴩ ،وﺣﻮادث ﺗﻘﻊ، وإﴐاﺑﺎت ﻳُﻬﺪﱠد ﺑﺎﻟﻘﻴﺎم ﺑﻬﺎ؛ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻷﻣﻮر ﻗﺪ ﺗﺆﺛﱢﺮ ﻋﲆ ﺳﻬﻢ ﺑﻌﻴﻨﻪ دون أن ﺗﺨ ﱢﻠﻒ ٍّ ﺧﺎﺻﺎ ﺗﺄﺛريًا ﻛﺒريًا ﻋﲆ ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت اﻟﺴﻮق .وﻫﻜﺬا ﺗﺘﺒﻊ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻣﺴﺎ ًرا ﻋﺸﻮاﺋﻴٍّﺎ ﺑﻬﺎ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻧﺼﻴﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﺎر اﻟﺴﻮق اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ اﻟﺬي ﺗﺤﺪﱢده ﻗﻴﻤﺔ ﺑﻴﺘﺎ .ﻳﺒﺪو اﻷﻣﺮ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ اﻟﺜ ﱠ ِﻤﻞ اﻟﺨﻴﺎﱄ ،اﻟﺬي ﻳﻤﺜﱢﻞ اﻟﺴﻮق ،ﻳﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﻠﺠﺎم اﻟﻄﻮﻳﻞ اﻟﺨﺎص ﺑﻜﻠﺒﻪ اﻟﺜ ﱠ ِﻤﻞ ً أﻳﻀﺎ — واﻟﺬي ﻳﻤﺜﱢﻞ ﺳﻬﻤً ﺎ ﻣﻌﻴﻨًﺎ — واﻟﺬي ﻳﻬﻴﻢ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻋﺸﻮاﺋﻲ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ املﻮﻗﻊ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ ﻟﺼﺪﻳﻘﻨﺎ اﻟﺜﻤﻞ .وﻳﻌﺘﻤﺪ ﻣﺪى ﺣﺪوث ذﻟﻚ ﻋﲆ اﻟﺴﻬﻢ )أو اﻟﻜﻠﺐ(، وﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻗﺎﻋﺪة ﻋﺎﻣﺔ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﻬﺎ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷﺳﻬﻢ ﻛﺒرية ،ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺷﺄن ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت اﻟﺴﻮق ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم .ﻣﺮة أﺧﺮى ،ﻫﻨﺎك ﻣﺤ ﱢﻠﻠﻮن ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﺗﻮﻓري ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﻣﻦ املﻌﻠﻮﻣﺎت ،ﺑﺤﺴﺐ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ )أو رﺑﻤﺎ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ؛ إذ ﺳﻨﺮى ﻛﻴﻒ ﻧﻘ ﱢﻠﻞ ﻣﻦ ﺗﺄﺛريﻫﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻨﻮﻳﻊ(. ﻳﻠﻌﺐ اﻟﺘﺒﺎﻳُﻦ ﺑني املﻜﺎﺳﺐ واﻟﺨﺴﺎﺋﺮ املﺬﻛﻮر أﻋﻼه ،دو ًرا أﻛﱪ ﻣﻤﱠ ﺎ أدﻟﻴﻨﺎ ﺑﻪ؛ ﻓﻜﻤﺎ ﰲ املﺜﺎل اﻟﻮارد ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ ،ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻓﺮﺻﺔ ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ﻟﺨﺴﺎرة رﻫﺎﻧﺎﺗﻚ أو ﻣﻀﺎﻋﻔﺘﻬﺎ ،ﻳﺠﺐ أن ﱠ ﺗﺘﻮﻗﻊ أن ﺗﺠﻨﻲ ﻣﻜﺴﺒًﺎ ﺧﻼل اﻟﺼﻔﻘﺔ) .إذا َ ﻗﻤﺖ ﺑﺎﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﻦ ﺑﻘﻴﻤﺔ ﻋﴩة دوﻻرات ،وﺧﴪت ﻧﺼﻒ أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻣﻊ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ َ اﻵﺧﺮ ،ﻓﺴﻮف ﺗﺠﻨﻲ رﺑﺤً ﺎ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﺧﻤﺴﺔ دوﻻرات (.ﺑﺎملﺜﻞ ،إذا ﱠ ﺗﻐريَت أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻃﺮدﻳٍّﺎ ﻣﻊ ﺳﻌﺮﻫﺎ املﺒﺪﺋﻲ ،ﺗﺰداد اﺣﺘﻤﺎﻻت أن ﻳﻨﺘﻬﻲ اﻟﺤﺎل ﺑﺴﻬﻢ ذي ﻧﻄﺎق ﺳﻌﺮي واﺳﻊ ﺑﺎﻟﺼﻌﻮد. وﺗﺰداد املﻴﺰة اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺼﺪ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﻣﻊ ﺗﺼﺎﻋﺪ ﻗﻴﻤﺔ ﺗﻘﻠﺐ )ﺑﻴﺘﺎ( اﻟﺴﻬﻢ ﻗﻴﺪ 177
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
اﻟﻨﻈﺮ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺴﺎﻋﻮن ﻟﺠَ ﻨْﻲ ﻣﻜﺴﺐ وﻓري ﰲ وﻗﺖ ﻗﺼري ﻣﻀﺎرﺑني .ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪا أن ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ أن ﻳُﻔﻠِﺴﻮا؛ ﻛﻤﺎ ﰲ أﻣﺜﻠﺘﻨﺎ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﻦ املﻘﺎﻣﺮة. وﻫﻜﺬا ﺗﻄﻮﱠرت ﻃﺮﻳﻘﺔ راﺋﻌﺔ ﺑﺪءًا ﻣﻦ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن — ﻣﻦ ﺧﻼل رﺳﺎﻟﺔ دﻛﺘﻮراه ﻟﻌﺎﻟﻢ رﻳﺎﺿﻴﺎت ﻓﺮﻧﴘ ﺷﺎبﱟ ﻳُﺪﻋَ ﻰ ﻟﻮﻳﺲ ﺑﺎﺷﻠﻴﻪ — ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻛﻌﻜﺘﻚ وﺗﻨﺎوﻟﻬﺎ، وإن ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺬورﻫﺎ ﺗﻌﻮد إﱃ اﻟﻌﻘﺪﻳﻦ اﻷﺧريﻳﻦ) .اﻟﴚء اﻟﺬي ﻳﺜري دﻫﺸﺔ ﻫﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ، ً ﻃﻮﻳﻼ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻻﺳﺘﻴﻌﺎب ﺗﻠﻚ وﻫﻮ ﻓﻴﺰﻳﺎﺋﻲ ،أن املﺠﺘﻤﻊ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎري ﻗﺪ اﺳﺘﻐﺮق وﻗﺘًﺎ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ؛ ﻓﺎﺳﺘﺨﺪام ﻫﺬا اﻷﺳﻠﻮب ﻟﻠﺤ ﱢﺪ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺿﺠﻴﺠً ﺎ ﰲ أي ﺗﺠﺮﺑﺔ ،ﻳُﻌَ ﱡﺪ أﻣ ًﺮا روﺗﻴﻨﻴٍّﺎ ﻣﻌﺘﺎدًا ﺑني اﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴني .وُﺿﻌﺖ اﻟﻔﻜﺮة ﻋﲆ أﺳﺎس رﻳﺎﴈ ﺻﻠﺐ ﰲ ﻋﺎم ١٨٠٩ﻋﲆ ﻳﺪ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺮﻳﺎﴈ اﻷملﺎﻧﻲ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻛﺎرل ﻓﺮﻳﺪرﻳﺶ ﺟﺎوس ،وإدراك املﺠﺘﻤﻊ ﻳﺘﺒني ﻣﻦ َﻛ ﱢﻢ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ املﺠﺰﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﱢ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎري ﻟﻬﺎ أﺧريًا ﱠ ﺗﻮﻓﺮﻫﺎ اﻟﺒﻴﻮت اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ اﻟﻜﱪى اﻵن ﻟﻠﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴني واﻟﺮﻳﺎﺿﻴني (.وﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﺮﺑﺢ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﻫﻮ أن ﺗﻜﻮن ﻣﻀﺎرﺑًﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻊ اﻟﺘﻨﻮﻳﻊ. ﺻﺎر ﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ﱠ أن ﻋﻠﻴﻚ ْ أن ﺗﻤﻸ ﻣﺤﻔﻈﺘﻚ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﺑﺄﺳﻬﻢ ﻣﻀﺎرﺑﺔ ،ﻋﲆ أن ً وﻣﺨﺘﻠﻔﺎ أﺣﺪُﻫﺎ ﻋﻦ َ اﻵﺧﺮ ،وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ وﺟﻮد ﻣﺠﺎ َزﻓﺔ ﺑﺄن ﻳﻬﺒﻂ ﺗﻜﻮن ﻛﺜري ًة ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ً ري أن ﺗﻬﺒﻂ »ﺟﻤﻴﻌً ﺎ« دﻓﻌﺔ واﺣﺪة. أي ﻋﺪد ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺑﺎﻟﻎ ،ﻓﺈن ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎﻻ أﻗ ﱠﻞ ﺑﻜﺜ ٍ واﻟﻔﻜﺮة اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ﰲ ﺣﺪ ذاﺗﻬﺎ؛ ﻓﺈذا َ ﻛﻨﺖ ﺗﻤﻠﻚ ﻋﴩة أﺳﻬﻢ ﺑﻜﻤﻴﺎت ﺷﺒﻪ ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ،وﺻﻌﺪ أﺣﺪﻫﺎ ﺑﻤﻌﺎﻣﻞ ﻗﻴﻤﺘﻪ ،١٠ﻓﻼ ﻳﻜﺎد ﻳﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻟﻸﺳﻬﻢ اﻷﺧﺮى؛ ﻓﺤﺘﻰ ﰲ أﺳﻮأ أﺣﻮاﻟﻬﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻬﺒﻂ إﱃ أدﻧﻰ ﻣﻦ اﻟﻘﺎع .وﻟﻬﺬه اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﺗﺪاﻋﻴﺎت ﻣﻌﻘﺪة ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻳﻤﻜﻦ ﺻﻴﺎﻏﺘﻬﺎ ﺑﻤﺼﻄﻠﺤﺎت رﻳﺎﺿﻴﺔ أﻛﺜﺮ ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻫﻮ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ اﻷﺳﺎﳼ. ﻳﻮﺟﺪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﴍﻛﺎت اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻻﺳﺘﺸﺎرﻳﺔ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻷﺳﻬﻢ ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻧﺴﻤﻴﻪ »املﺤﺎﻓﻆ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻴﺔ«؛ ﻓﻬﻲ ﺗﺤﻔﻆ اﻟﺴﺠﻼت ،وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺗﺴﺘﺜﻤﺮ ،أو ﻻ ﺗﺴﺘﺜﻤﺮ، أﻣﻮاﻟﻬﺎ ﰲ ﻣﺤﺎﻓﻈﻬﺎ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ) .ﻻ ﺗﻤﻨﺢ أي ﺛﻘﺔ أﻳٍّﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻠﴩﻛﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﺜﻤﺮ ﰲ ﻣﺤﺎﻓﻈﻬﺎ؛ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﻢ أي داﻓﻊ ﻻﺗﺨﺎذ ﻗﺮارات ﺟﻴﺪة ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻫﻢ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﳾء ﻋﲆ املﺤﻚ (.وﰲ املﻌﺘﺎد ﺗﻀﻢ ﻫﺬه املﺤﺎﻓﻆ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻴﺔ ﻣﺤﻔﻈﺔ اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ »ﻫﺠﻮﻣﻴﺔ« ،ﺗﺘﺄﻟﻒ ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﴩ أو ﻋﴩﻳﻦ ﺳﻬﻤً ﺎ ،وﺑﻌﺾ ﻫﺬه املﺤﺎﻓﻆ َ ﻧﻈﺮت إﱃ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﺘﻔﺼﻴﲇ ﻟﻮاﺣﺪة ﻣﻦ املﺤﺎﻓﻆ ،ﻓﺴﺘﺠﺪ ﻳﺆدي أداء ﺣﺴﻨًﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ .إذا 178
اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر :اﻟﺒﻮرﺻﺔ
ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ أﻧﻬﺎ ﻣﺆ ﱠﻟﻔﺔ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺨﺎﴎة ،ﻣﺨﺘﻠﻄﺔ ﺑﺴﻬﻢ أو ﺳﻬﻤني راﺑﺤني اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴني .وﺗُ َ ﻌﺘﱪ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﺮاﺑﺤﺔ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ — رﺑﻤﺎ ﻳﻘﺘﴫ ﻋﺪدﻫﺎ ﻋﲆ ﺳﻬﻢ واﺣﺪ ﻓﻘﻂ — أﻛﺜ َﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد أداة ﺗﺠﻤﻴﻞ ﻟﺒﻘﻴﺔ اﻷﺳﻬﻢ؛ وﺑﺬا ﻓﺈن اﻟﻔﻜﺮة اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺘﻨﻮﻳﻊ )ﻟﺨﻔﺾ املﺨﺎﻃﺮة اﻟﻜﻠﻴﺔ( ،ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ ﻣﻊ ﻣﺸﱰﻳﺎت املﻀﺎرﺑﺔ )ﻟﺰﻳﺎدة ﻓﺮﺻﺔ إﺻﺎﺑﺔ ﺳﻬﻢ ﱡ اﻟﱰﺳﺦ ،وﺻﺎرت ﺗُﺴﺘﺨﺪَم ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ املﺰﻳﺪ واملﺰﻳﺪ ﻣﻦ املﺴﺘﺸﺎرﻳﻦ راﺑﺢ ﺣﻘﻴﻘﻲ(؛ آﺧِ ﺬ ٌة ﰲ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳني ﻹدارة ﻣﺤﺎﻓﻆ اﻷﺳﻬﻢ اﻟﻔﺮدﻳﺔ اﻟﻜﺒرية. وﻟﻜﻦ ً ﻣﻬﻼ ﻟﺤﻈﺔ ،ﻫﻜﺬا ﻗﺪ ﺗﻘﻮل ،أ َ َﻻ ﻳﺨﱪك ﻧﻤﻮذج اﻟﺴﻮق ذات اﻟﻜﻔﺎءة أﻧﻪ إذا ﻛﺎن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﲆ ﻋﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ ،ﻓﺴﻮف ﺗﺼﻌﺪ أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ املﺨﺘﺎرة ﺑﺎﻟﴬورة ،وﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺗﻤﺤﻮ املﻴﺰة اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻤﻠﻬﺎ اﻵن ﻣﻤﺎرﺳﻮ ﻫﺬا اﻟﻔﻦ املﻌﻘﺪ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ؟ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻫﻲ أن ذﻟﻚ ﺳﻴﺤﺪث ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،وﻳﺤﺪث ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ ﻓﻨﻈ ًﺮا ﻟﻀﺨﺎﻣﺔ اﻟﺤﺎﻓﺰ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ملﻴﺰة ﰲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ً ﻃﻮﻳﻼ ﰲ أي ﺳﻮق ﻛﻒء .وﻧﻈ ًﺮا ﻓﻘﻂ ﻷن ﺑﻌﺾ املﺤﻔﺰات أو املﻨﻬﺞ أن ﺗﺒﻘﻰ ﻓﻌﱠ ﺎﻟﺔ ﺗﺘﻄ ﱠﻠﺐ ﻣﺴﺘﻮًى ﻣﻦ املﻬﺎرة اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ أو اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻻ ﻳﺘﻮاﻓﺮ ﻟﺪى اﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ ﻣﻦ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ أو املﺴﺘﺸﺎرﻳﻦ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳني ،ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك وﻟﻮ ﻣﻴﺰة ﻣﺆﻗﺘﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻈﻞ ﻣﻮﺟﻮدة .واﻻﻧﺨﻔﺎض ﰲ املﺨﺎﻃﺮة اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻷﺳﻬﻢ املﻀﺎرﺑﺔ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻘﻂ ﺣني ﺗﻜﻮن ﺿﻤﻦ ﻣﺤﻔﻈﺔ اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ؛ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻻ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺴﺘﺪﻳﻤﺔ .إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ذﻟﻚ، ذات اﻟﻜﻔﺎء ِة ﻏريُ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔْ ، ﻓﺎﻟﺴﻮق ُ وإن ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻓﻘﻂ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺤﺪودﻳﺔ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﻬﺎرة وﺣﻨﻜﺔ ﻣﻌﻈﻢ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ) .إن أي ﺷﺨﺺ ﻳﻘﺮأ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺳﻴﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﻣﻬﺎر ًة ﺑﻜﺜري ﻣﻦ املﺴﺘﺜﻤﺮ اﻟﻌﺎدي(. ً ﺻﺎﻟﺤﺔ؟ أﺧريًا ،ﻧﻌﻮد إﱃ ﺻﻮرة املﺴﺎر اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ ﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت اﻷﺳﻬﻢ؛ إﱃ أي ﻣﺪًى ﺗُﻌَ ﱡﺪ ﺛﻤﺔ اﺧﺘﺒﺎرات إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﻋﲆ أي ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷرﻗﺎم؛ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ إذا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﻌﺎﻣُﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن وﻟﻴﺪة ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻮى اﻟﺨﻔﻴﺔ اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ) .إن ﺣﻠﻢ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﻮة ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻣﺤﺮ ًﻛﺎ ﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ املﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ (.وإذا أﺧﺬﻧﺎ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻌﴩ املﺎﺿﻴﺔ ﻛﻤﺜﺎل ،ﻧﺠﺪ أن ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت اﻟﺴﻮق اﻟﻨ ﱠ ِﺸﻄﺔ اﻟﻌﺮﻳﻀﺔ ﻗﺪ ازدادت ﺑﻨﺴﺒﺔ ٨ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﰲ اﻟﻌﺎم اﻟﻮاﺣﺪ ،أو ﺣﻮاﱄ ﺳﺒﻊ ﺑﺎملﺎﺋﺔ أﺳﺒﻮﻋﻴٍّﺎ .ﺑﺎملﻘﺎرﻧﺔ، ﻧﺠﺪ أن اﻟﺘﺒﺎﻳﻨﺎت املﺘﻮﺳﻄﺔ )اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت ،اﻻﻧﺤﺮاف املﻌﻴﺎري( املﺤﻴﻄﺔ ﺑﺬﻟﻚ اﻻرﺗﻔﺎع ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻨﻪ ﺑﻨﺤﻮ ﻋﴩ ﻣﺮات ،ﻋﲆ ﻣﺪار ﻧﻔﺲ اﻟﻔﱰة .ﻟﺬا ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻨﺒﻬﺮ اﻟﻨﺎس داﺋﻤً ﺎ ﺑﺎﻟﺴﻮق املﻨﺘﻌﺸﺔ اﻟﺮاﺋﻌﺔ ﻋﲆ ﻣﺪى اﻟﻌﴩﻳﻦ ﻋﺎﻣً ﺎ اﻷﺧرية ،ﻛﺎﻧﺖ اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت »اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ« ،ﰲ ﱡ ﺑﺎﻟﺘﻐريات اﻷﺳﺒﻮﻋﻴﺔ) .ﺳﻮف ﻧﻠﺘﺰم اﻟﻮاﻗﻊ ،أﻛﱪ ﺑﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺼﻌﻮد املﻄﺮد ،ﺣني ﺗﻘﺎس 179
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﺑﺄﺳﻌﺎر اﻹﻗﻔﺎل اﻷﺳﺒﻮﻋﻴﺔ ﻟﺴﺒﺐ ﺑﺴﻴﻂ؛ ﻓﺎملﻘﻴﺎس اﻟﻴﻮﻣﻲ ﰲ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺰﻣﻨﻲ ﻟﻠﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻗﺼري ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،واﻟﺴﻨﻮي ﻃﻮﻳﻞ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ(. ُ ﺗﺴﻠﺴﻞ زﻣﻨﻲ ﻳﺘﺄ ﱠﻟﻒ أﺣﺪ أﺑﺴﻂ اﺧﺘﺒﺎرات اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﻋﲆ ً ﺗﺴﻠﺴﻼ زﻣﻨﻴٍّﺎ( ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ارﺗﻔﺎﻋﺎت واﻧﺨﻔﺎﺿﺎت ﴎﻳﻌﺔ )وأﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ ﺗﺸ ﱢﻜﻞ ﺗﺴﻠﺴﻞ ﻟﻸﺳﻌﺎر ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻪ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻗﺼرية اﻷﺟﻞ .واﻻرﺗﻔﺎع اﻟﻘﺼري اﻷﺟﻞ ﻫﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ٍ ﺳﻌﺮ اﻹﻗﻔﺎل أﻛﱪ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﻷﺳﺒﻮع املﺎﴈ .إذا ﻛﺎن ﺗﺴﻠﺴ ٌﻞ ﻣﺎ ﻋﺸﻮاﺋﻴٍّﺎ ٍّ ﺣﻘﺎ، ﻓﺴﻮف ﺗﻈﻬﺮ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻣﻦ ﺗﺴﻠﺴﻞ واﺣﺪ ﻟﻨﺼﻒ اﻟﻮﻗﺖ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ )ﰲ ﻳﻮم أو أﺳﺒﻮع ﻣﻌني ،ﻗﺪ ﺗﺮﺗﻔﻊ اﻷﺳﻬﻢ أو ﺗﻨﺨﻔﺾ( ،وﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻣﻦ ﺗﺴﻠﺴﻠني ﻟﺜﻠﺚ اﻟﻮﻗﺖ ،وﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺗﺴﻠﺴﻼت ﻟﺤﻮاﱄ ﺛُﻤُﻦ اﻟﻮﻗﺖ ،وﻫﻜﺬا )اﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ واﺿﺤً ﺎ؛ ﻟﺬا ﻻ ﺗﻘﻠﻖ ﺑﺸﺄﻧﻪ(. ﻈﻬﺮ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ملﺘﻮﺳﻄني ﻣﻦ ﻣﺘﻮﺳﻄﺎت اﻟﺴﻮق ﻟﻠﺴﻨﻮات اﻟﻌﴩ اﻷﺧرية )ﺣﺴﺒﻤﺎ وﺗُ ِ ً اﻧﺤﺮاﻓﺎ ﺑﺴﻴ ً ْ ﻄﺎ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة؛ ﺣﻴﺚ ﺗﻤﻴﻞ ﺗﺴﻠﺴﻼت اﻻرﺗﻔﺎع اﺧﺘﱪت ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ اﻟﻜﺎﺗﺐ( ﻷن ﺗﻜﻮن أﻃﻮل ً ْ ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ اﻻﻧﺨﻔﺎﺿﺎت )ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﺳﻮق ﻣﺘﺼﺎﻋﺪة ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎمﱟ(، وﻟﻜﻦ أﻳٍّﺎ ِﻣﻦ املﺘﻮﺳ َ ﻄني ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜريًا ﻋﻦ ﺻﻮرة اﻟﺘﺬﺑﺬﺑﺎت اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ اﻟﻜﺒرية ﰲ أﺳﻌﺎر ﻳﻤﺎرس اﻷﺳﻬﻢ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ وﺟﻮد اﻧﺤﺮاف ﺑﺴﻴﻂ إﱃ أﻋﲆ .ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺑﺪ أن ِ ﻓﻴﻬﺎ ﺧﱪاء ﺗﻨﺒﺆات اﻟﺴﻮق ﻋﻤﻠﻬﻢ ،وﻳُﻌ َﺮف ذﻟﻚ ﺑني اﻟﻌﻠﻤﺎء واملﻬﻨﺪﺳني ﺑﺈﻳﺠﺎد اﻹﺷﺎرة ﰲ اﻟﻀﻮﺿﺎء اﻟﺨﻠﻔﻴﺔ؛ ﻣﺜﻞ اﻹﻧﺼﺎت ﻟﺼﻮت دﺑﻮس ﻳﻘﻊ أﺛﻨﺎء ﺣﻔﻞ ملﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺮوك؛ وﻫﺬا ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻪ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﺳﺘﺸﺎرة ﺑﻠﻮرة ﺳﺤﺮﻳﺔ ،وﻟﻴﺲ واﺿﺤً ﺎ أﻧﻪ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻪ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق .ﻻ ﻋﻠﻴﻚ ،ﻫﺬا ﻛﻞ ﳾء ﻋﻦ املﺘﻮﺳﻄﺎت؛ ﺑﻌﺾ اﻷﺳﻬﻢ ﺗﺤ ﱢﻠﻖ ﻋﺎﻟﻴًﺎ، ﻋﺮﻓﺖ اﻷﴎار ﻗﺒﻞ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﱢ َ ﺗﺤﻘﻖ أرﺑﺎﺣً ﺎ. واﻟﺒﻌﺾ ﻳﻨﻬﺎر ،وإذا ﱠ ﻣﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﻛﻞ ﻫﺬا ﺑﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮار؟ إﻧﻪ ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ أن املﺸﻜﻠﺔ ﻣﻌﻘﺪة؛ وﻟﺬﻟﻚ ﱠ ﻓﺈن ٍ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻣﻨﺎﻫﺞ وأﺳﺎﻟﻴﺐ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار اﻟﺠﺎﻣﺪة ﻋﲆ ﻣﻜﺎﺳﺐ ﻣﺒﴩة ﰲ ﺳﻮق أيﱠ اﻷﺳﻬﻢ ،ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ﻣﺘﻄﻮﱢرة ،وﻻ ﺑﺪ أن ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻫﺬه اﻟﺴﻤﺎت اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ املﺮﺑﻜﺔ. إن ﺧﻄﻂ اﻟﺜﺮاء اﻟﴪﻳﻊ ،وﻣﺮاﻗﺒﺔ اﻷﻧﻤﺎط ،واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺛﻼﺛﺔ ارﺗﻔﺎﻋﺎت واﻧﺨﻔﺎض واﺣﺪ ﴎﻳﻊ ﰲ أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ ،وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ ،ﻟﻦ ﺗﺠﺪي ﻛﺜريًا .ﺑﺈﻣﻜﺎن أي ﺷﺨﺺ أن ﻳﺮى ﻧﻤ ً ﻄﺎ ﰲ ﺳﺠﻞ أﺳﻌﺎر اﻷﺳﻬﻢ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻷي ﺷﺨﺺ أن ﻳﺮى ﻧﻤ ً ﻄﺎ ﰲ ﱡ اﻟﺴﺤﺐ اﻟﺮﻛﺎﻣﻴﺔ. ﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧﺐ َ اﻵﺧﺮ ،ﺗﺸري اﻷدﻟﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪو إﱃ أن أداء ﺳﻮق اﻷﺳﻬﻢ ﻟﻴﺲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﺴﻮق ﻻ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎءة؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر — ﺷﺄﻧﻪ ﺷﺄن ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻷﺧﺮى املﺬﻛﻮرة ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب — ﻣﻜﺎﻓﺄ ًة ﻟﻠﻤﺠﺘﻬﺪ ،واملﻄﻠﻊ ﻋﲆ ﺣﺴﺎب اﻟﻜﺴﻮل وﻏري امل ﱠ ﻄﻠِﻊ .ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﰲ اﻟﺠﻬﻞ ﻧﻌﻴﻢ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﺛﺮوة ﻣﻜﺘﺴﺒﺔ. 180
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ
اﳌﻘﺎﻣﺮة
ﻟﻠﻤﻘﺎﻣﺮة ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻏﺎﻣﻀﺔ ﰲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ؛ ﻓﻬﻲ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﻋﲆ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ،وﺗُﻤﺎ َرس ﻋﲆ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ،وﻣﺴﺘﻨﻜﺮة ً َ ﺗﺠﺎﻫﻬﺎ إﻧﻤﺎ ﻈﻬﺮه أﻳﻀﺎ ﻋﲆ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ .وﻫﺬا اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ اﻟﺬي ﻧ ُ ِ ﻳﻌﻜﺲ ﻣﻮﻗﻔﻨﺎ اﻟﻌﺎم إزاء ُﻣﺘَﻊ اﻟﺠﻨﺲ؛ ﻓﻜﻠﺘﺎﻫﻤﺎ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻹرث اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻷﺳﻄﻮري ﻟﻠﺒﻴﻮرﻳﺘﺎﻧﻴني )املﺘﺰﻣﺘني( ،اﻟﺬي ﺻﻤﺪ واﺳﺘﻤﺮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﻮرﻳﺘﺎﻧﻴني أﻧﻔﺴﻬﻢ .ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ أي ذِ ْﻛﺮ ازدراﺋﻲ ﴏﻳﺢ أو ﺿﻤﻨﻲ ﻟﻠﻤﻘﺎﻣﺮة ﰲ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﻘﺪﻳﻢ أو اﻟﺠﺪﻳﺪ، وﻫﻤﺎ اﻟﻨﺼﺎن اﻟﺪﻳﻨﻴﺎن املﻌﺮوﻓﺎن ﻟﻬﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ )اﻟﺬي ﻻ ﻳﺪرس اﻟﺪﻳﻦ املﻘﺎرن؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﱠ ﺗﺘﺠﲆ أﻟﻌﺎب اﻟﺤﻆ ﰲ ﻋﺪدٍ ﻣﻦ املﻮاﺿﻊ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﻋﲆ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ دﻳﻨﻴﺔ أﺧﺮى(. ﰲ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑني ،ﻋﺎد ًة ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻹرﺷﺎد اﻹﻟﻬﻲ؛ ﻓﻜﺎن ﻳﻮﺷﻊ ،ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ ﻳﻤﺎرس اﻻﻗﱰاع ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺗﻮزﻳﻊ اﻷرض .ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺴﺤﻴﻘﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أﺣﺪ املﺜﺎل، ِ ُ اﻓﱰاض ﱠ أن ﻣﺎ ﻳﻌﺮف ﻣﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ اﻵن ﻋﻦ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ؛ ﻟﺬا ﻻ ﺑﺪ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺒﺪو ﻃﺒﻴﻌﻴٍّﺎ ﱠ ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﺤﺪدة وﻣﺤﺴﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒﺪو ﻋﲆ أﻧﻬﺎ أﺣﺪاث ﻏري اﻹرادة اﻟﻌﻠﻴﺎ ،ﻷﺳﺒﺎﺑﻬﺎ اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ .أي ﻃﺮﻳﻘﺔ أﻓﻀﻞ ﻟﻠﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ ﻫﺬه اﻟﻘﻮى اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻣﻦ ﺣﺜﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺘﺄﺛري ﻋﲆ ﳾء ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ رؤﻳﺘﻪ أو اﻹﻣﺴﺎك ﺑﻪ؟ )ﺳﻮف ﻳﻈﻬﺮ ﻫﺬا ﻣﺠﺪدًا ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮن (.وﻗﺪ ُﻛﺘِﺐ ﻟﻬﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻗﺪ ٌر ﻛﺒريٌ ﻣﻦ اﻟﺼﻤﻮد واﻻﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ؛ ﻓﻌﺪد اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺎﻟﻘﻮة اﻟﺘﻨﺠﻴﻤﻴﺔ ﻷﺷﻴﺎء ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ أوراق اﻟﺘﺎروت ،ﻳﺘﺤﺪﱠى املﻨﻄﻖ اﻟﺴﻠﻴﻢ .وﺣﺘﻰ ﻇﻬﻮر ﻋﻤﻞ ﺟريوﻧﻴﻤﻮ ﻛﺎرداﻧﻮ ،ﻗﺒﻞ ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﻋﺎم ،ﻟﻢ ﻧﻌﻠﻢ أي ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺟﺎدة ﻟﺘﺤﻠﻴﻞ أﻟﻌﺎب اﻟﺤﻆ ﰲ إﻃﺎر اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت. ﰲ أﺑﺴﻂ اﻷﻟﻌﺎب ،ﺗﻜﻮن اﻹﺷﻜﺎﻟﻴﺘﺎن اﻟﻮﺣﻴﺪﺗﺎن املﺘﻌﻠﻘﺘﺎن ﺑﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﻫﻤﺎ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﺑني اﻟﻠﻌﺐ وﻋﺪم اﻟﻠﻌﺐ ،وﺗﺤﺪﻳﺪ ﺣﺠﻢ املﺠﺎزﻓﺔ .ﺗُﻌَ ﱡﺪ ﻣﺎﻛﻴﻨﺎت اﻟﻘﻤﺎر )ﺗﺨﻀﻊ املﺎﻛﻴﻨﺎت ً ﻣﻄﻠﻘﺎ( ﻫﻲ أﺑﺴﻂ ﻫﺬه اﻷﻟﻌﺎب؛ ذات اﻟﺬراع اﻟﻮاﺣﺪة اﻵن ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﺑﻼ ذراع
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻓﻠﻴﺲ ﻋﲆ املﻘﺎﻣﺮ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺄي ﳾء ﺳﻮى ﺗﻐﺬﻳﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻘﻮد ،ﻋﲆ أﻣﻞ أن ﺗﻜﻮن ﺑﺎﻟﻄﻴﺒﺔ اﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻟﻜﻲ ﺗﻌﻄﻲ ﻟﻪ ﺷﻴﺌًﺎ ﰲ املﻘﺎﺑﻞ .وﻋﺎد ًة ﻻ ﻳﻜﻮن اﻟﻼﻋﺐ ﻋﲆ دراﻳﺔ ﺣﺘﻰ ﺑﺎﻷرﺟﺤﻴﺎت )وإن ﻛﺎن ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻋﲆ ﻳﻘني ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻏري إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ(؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻓﺈن ﻗﺮار ﺟﻬﻞ ﺷﺒﻪ ﺗﺎم .وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻫﺬا ،ﻳﻌﻤﺪ ﻣﻼﻳني اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻠﻌﺐ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻪ ﻳُﺘﱠ َﺨﺬ ﰲ ﻇﻞ ٍ ﱡ اﻟﺘﻮﻗﻊ ﺷﺒﻪ اﻟﻴﻘﻴﻨﻲ ﺑﺎﻟﺨﺴﺎرة .ﰲ أﺛﻨﺎء ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ،ﻳﺘﺰاﻳﺪ ﻟﻠﻌﺐ ﰲ ﻇ ﱢﻞ ذﻟﻚ اﻧﺘﺸﺎر ﻣﺜﻞ ﻫﺬه املﺎﻛﻴﻨﺎت ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ٍ وﻗﺖ ﻣﺎ ﻣﻘﺘﴫ ًة ﻋﲆ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ً ﺧﻼﻓﺎ ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺠﻴﺰ املﻘﺎﻣﺮة اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ،ﻋﱪ ﻣﺤﻤﻴﺎت اﻟﻬﻨﻮد اﻟﺤﻤﺮ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻮﻻﻳﺎت ،اﻟﺘﻲ ﺗُ َ ﻌﺘﱪ ﻏري ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،وﺗﺠﺪ ﻣﻼذًا ﻟﻬﺎ ﻋﲆ ﻗﻮارب اﻟﻘﻤﺎر ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ املﺴﻄﺤﺎت املﺎﺋﻴﺔ .ﻳﺒﺪو أن اﻟﻘﺎﻋﺪة ﻏريَ ا ُملﻌ َﻠﻨﺔ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن ﻫﻲ إﺑﻘﺎؤﻫﺎ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ اﻷﻧﻈﺎر ،وﻟﻜﻦ ﰲ املﺘﻨﺎول ،واﻟﱰﺗﻴﺐ ﻻﻗﺘﻄﺎع أﻗﻞ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻷرﺑﺎح ﻟﻴﺬﻫﺐ إﱃ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ املﻬﻤﺔ .وﺗﺘﺒﺎﻳﻦ ﻧ َِﺴﺐ اﻟﺮﺑﺢ )املﺒﻠﻎ اﻟﺬي ﺗﺴﱰده ،ﰲ املﺘﻮﺳﻂ ،ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻨﻘﻮد اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻌﻬﺎ( ﺑﺎﺧﺘﻼف املﻜﺎن ،وﺗُﺨﻔﻰ ﻋﻤﻮﻣً ﺎ ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﺪﻓﻌﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻧﺤﻮ اﻟﺘﺰام اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﰲ اﻟﺒﻴﻊ واﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺘﻲ ﻧﺮاﻫﺎ ﰲ أﻣﺎﻛﻦ أﺧﺮى ﰲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﰲ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ .وﻗﺪ ﺗﺮاوﺣﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﻮاﺋﺪ ﻣﺎﻛﻴﻨﺎت اﻟﻘﻤﺎر رآﻫﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﺆﺧ ًﺮا ﺑني ﺣﻮاﱄ ٩٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ و ٩٧ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،اﻋﺘﻤﺎدًا ﻋﲆ املﻜﺎن وﻣﺴﺘﻮى املﺎﻛﻴﻨﺔ )ﻓﻤﺎﻛﻴﻨﺎت اﻟﻌﴩة ﺳﻨﺘﺎت ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻋﺎﺋﺪﻫﺎ أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ ﻣﺎﻛﻴﻨﺎت اﻟﺪوﻻر؛ رﺑﻤﺎ ﻟﺘﻐﻄﻴﺔ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ( .ﺗﺨﻴﱠ ْﻞ ً ﺑﻄﺎﻗﺔ ﻣﻠﺼﻘﺔ ﻋﲆ املﺎﻛﻴﻨﺔ ﺗﻘﻮل» :ﻫﺬه املﺎﻛﻴﻨﺔ ﺳﻮف ﺗﺤﺘﻔﻆ ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ ﺑ ٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد اﻟﺘﻲ ﺗﻐﺬﱢﻳﻬﺎ ﺑﻬﺎ« ،أﻳﺘﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﰲ ﺑﻄﺎﻗﺎت اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ،أﻳﻦ ﺗﻜﻮﻧني ﺣني ﻧﻜﻮن ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻴﻚ؟ وﺟﻤﻴﻊ اﻷﻟﻌﺎب ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻟﻬﺎ ﻧﻔﺲ املﻨﻄﻖ اﻟﺒﺴﻴﻂ ،ﻛﻤﺜﺎل ﻋﺠﻠﺔ اﻟﺮوﻟﻴﺖ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ؛ ﻓﺴﻮف ﺗﺨﴪ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﺷﺒﻪ ﻣﺆﻛﺪ ،وﻟﻜﻦ ﺳﻴﻜﻮن ﻟﺪﻳﻚ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ رﺑﺢ ﰲ أي ﺟﻠﺴﺔ ،إذا اﺳﺘﻄﻌﺖ أن ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻘﻮة اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻛﻲ ﺗﻨﺴﺤﺐ ﺣني ﻳﺠﺐ ذﻟﻚ .إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻴﻤﺔ املﺘﻌﺔ أﻫﻢ ﻟﺪﻳﻚ ﻣﻦ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ ،ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺪرك ً أﺷﺨﺎﺻﺎ ﻳﻠﻌﺒﻮن ﻣﺎ ﺗﺪﻓﻌﻪ ﻣﻘﺎﺑﻞ املﺘﻌﺔ )وﻗﺪ ذﻛﺮﻧﺎ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ أﻧﻚ إذا ﺷﺎﻫﺪت ﻋﲆ ﻫﺬه املﺎﻛﻴﻨﺎت ،ﻓﻌﺎدة ﻣﺎ ﻻ »ﻳﺒﺪو« أﻧﻬﻢ ﻳﺴﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﻮﻗﺘﻬﻢ؛ وﺳﺒﺐ ذﻟﻚ ﻫﻮ أن اﻟﺒﴩ ﺣني ﻳﺮ ﱢﻛﺰون ﻳﺒﺪون أﺣﻴﺎﻧًﺎ وﻛﺄﻧﻬﻢ ﻳﻌﺎﻧﻮن( .ﻏري أن اﻟﻨﺎس ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﻳﻨﺪﻓﻌﻮن ﻧﺤﻮ ﴍاء أﺷﻴﺎء أﺧﺮى ﻻ داﻋﻲ ﻟﻬﺎ ،وﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ ﻟﻠﺼﺤﺔ أن ﺗﺒﺪﱢد ﻣﻮاردك ﻋﲆ اﻟﻘﻤﺎر ﻣﻦ أن ﺗﺒﺪﱢدﻫﺎ ﻋﲆ اﻟﺴﺠﺎﺋﺮ .إن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻷﻟﻌﺎب املﺸﺎﺑﻬﺔ ملﺎﻛﻴﻨﺎت اﻟﻘﻤﺎر أن 182
املﻘﺎﻣﺮة
ﺗﻜﻮن ﻋﲆ دراﻳﺔ ﺑﺎﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ،ﺛﻢ اﺗﺨﺎذ ﻗﺮار ﻣﺪروس ﺑﺸﺄن املﺒﻠﻎ اﻟﺬي ﻟﺪﻳﻚ اﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﺨﺴﺎرﺗﻪ؛ ﰲ املﺘﻮﺳﻂ. ﺛﻤﺔ إﺿﺎﻓﺘﺎن ﺗﺤﺴﻴﻨﻴﺘﺎن ﻋﲆ ﻣﺜﺎل اﻟﺮوﻟﻴﺖ ﺗﻨﻄﺒﻘﺎن ﻋﲆ رﻣﻲ اﻟﻌﻤﻠﺔ واﻷﻟﻌﺎب ً ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺨﻤﺴني اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﺎوى ﻓﻴﻬﺎ أرﺟﺤﻴﺎت اﻟﻔﻮز واﻟﺨﺴﺎرة ،أو ﺗﻜﻮن ﺑﺎملﺎﺋﺔ ،وﺗﺘﺴﺎوى ﻓﻴﻬﺎ املﺨﺎﻃﺮ ،أو ﺗﻜﻮن ﻧﺴﺒﺘﻬﺎ أﻗﻞ ً ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ ﺧﻤﺴني ﺑﺎملﺎﺋﺔ .ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺮوﻟﻴﺖ ،ﺟﺌﻨﺎ إﱃ اﻟﻨﺎدي ﺑ ١٠٠٠دوﻻر وأردﻧﺎ املﻐﺎدرة ﺑ ٢٠٠٠دوﻻر؛ ﱠ وﺗﺒني أن أﻓﻀﻞ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺴﻌﻲ ﻧﺤﻮ اﻹﻓﻼس ﰲ اﻟﺮﻫﺎن اﻷول ،وﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻓﺮﺻﺔ ْ وﻟﻜﻦ َﻫﺐْ أن اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻚ أﻛﱪ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،وأن ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺤﻮﱢل اﻷﻟﻒ دوﻻر إﱃ ﻟﻠﻔﻮز. ١٠٠٠٠؛ ﻓﻤﺎ ُﻓ َﺮﺻﻚ ﰲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ذﻟﻚ ،وﻣﺎ أﻓﻀﻞ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻟﺘﻌﻈﻴﻤﻬﺎ؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،إﻧﻬﺎ ﻧﻔﺲ وﺟﺎزف ﻟﻔﱰة ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ؛ ﻓﻤﻦ املﺤﺘﻤﻞ أﻧﻚ ﺳﺘﺨﴪ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﻌﺎﻣﺔ :اﻟﻌَ ﺐْ ﺑﻜﻞ ﻃﺎﻗﺘﻚ ِ ْ وﻟﻜﻦ َﻫﺐْ ،ﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ،أﻧﻚ ﺟﺎزﻓﺖ ﻛﻞ ﳾء ،وﻟﻜﻦ ﺳﺘﻜﻮن ﻓﺮﺻﺔ ذﻟﻚ ﻣﺤﺪودة. َ ﻓﺰت ﺑﺮﻫﺎﻧﺎﺗﻚ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷوﱃ ﺑﻜﻞ ﻧﻘﻮدك ،ﻣﺒﺘﺪﺋًﺎ ﺑﺎﻷﻟﻒ دوﻻر اﻷﺻﻠﻴﺔ ،وﻟﺤﺴﻦ اﻟﺤﻆ )ﺑﺎﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺒﻠﻎ واﺣﺪًا إﱃ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ أو أﻗﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺑﻘﻠﻴﻞ( .إن ﻟﺪﻳﻚ ﰲ ﺟﻴﺒﻚ اﻵن ٨٠٠٠ دوﻻر؛ ﻓﻬﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻵن أن ﺗﻀﻊ اﻟ ٨٠٠٠دوﻻر ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋﲆ اﻟﺮﻫﺎن اﻟﺘﺎﱄ؟ ﺳﻴﻜﻮن ذﻟﻚ ﺧﻄﺄً؛ ﻷﻧﻚ ﺑﺬﻟﻚ ﺳﺘﺨﺎﻃﺮ ﺑﻜﻞ ﳾء ﻣﻦ أﺟﻞ اﺣﺘﻤﺎل ﺗﺠﺎوز اﻟﻬﺪف واﻟﻮﺻﻮل إﱃ ١٦٠٠٠دوﻻر .ﻛﻼ ،إن اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ املﺜﲆ ﰲ ﻫﺬه املﺮﺣﻠﺔ ﻫﻲ املﺮاﻫﻨﺔ ﺑ ٢٠٠٠دوﻻر ﻓﺰت ،ﻓﺴﺘﻐﺎدر ﺑﺤﻮزﺗﻚ اﻟ ١٠٠٠٠دوﻻر اﻟﺘﻲ َ ﻓﻘﻂ ﰲ اﻟﺮﻣﻴﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ .إذا َ ﻛﻨﺖ ﺗﺤﺘﺎج َ ﺧﴪت ،ﻓﺴﻴﻈﻞ ﻣﻌﻚ ٦٠٠٠دوﻻر ﻟﻠﻌﺐ ﺑﻬﺎ ،وﻳﻤﻜﻦ املﺮاﻫﻨﺔ ﺑ ٤٠٠٠ إﻟﻴﻬﺎ ،وﻟﻜﻦ إذا دوﻻر ﰲ اﻟﻠﻌﺒﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ .إذن ﻓﺈن أﻓﻀﻞ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻷﻟﻌﺎب ﻫﻲ املﺮاﻫﻨﺔ ﺑﻜﻞ ﻧﻘﻮدك إذا ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻻ ﻳﻘﺼﻴﻚ ﻋﻦ اﻟﻬﺪف ،وﺧﻼف ذﻟﻚ راﻫِ ْﻦ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻓﻘﻂ ﻟﺘﻮﺻﻴﻠﻚ إﻟﻴﻪ .وﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﻧﺜﺒﺖ رﻳﺎﺿﻴٍّﺎ أﻧﻪ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻃﺮﻳﻘﺔ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ملﻤﺎرﺳﺔ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻠﻌﺒﺔ) .ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه ﺟﻤﻠﺔ دﻗﻴﻘﺔ اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻃﺮق أﺧﺮى ﺟﻴﺪة ،وﻟﻜﻦ ُ اﻟﺘﻈﺎﻫ ُﺮ ﻟﻴﺲ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ .وﻣﻦ اﻟﻄﺮق اﻟﺠﻴﺪة ،ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل، ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺑﺄﻧﻚ ﺗﺴﺘﻬﺪف اﻟﻔﻮز ﺑ ٥٠٠٠دوﻻر — ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻫﺬا املﺜﺎل — وﺗﺴﺘﺨﺪم َ اﺳﺘﻄﻌﺖ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ اﻟ ٥٠٠٠ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﲆ أﻣﻞ اﻟﻮﺻﻮل ﻟﻠﻬﺪف؛ أﻣﺎ إذا َ دوﻻر — ﺑﻔﺮﺻﺔ ﻓﻮز ﻗﺪرﻫﺎ واﺣﺪ إﱃ ﺧﻤﺴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺮى ً ﺣﺎﻻ — ﻓ ْﻠﱰاﻫﻦ ﺑﻜﻞ ﻧﻘﻮدك؛ ِ إن ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﻤﻨﺤﻚ َ املﺒﺎﴍة، ﻧﻔﺲ ﻓﺮﺻﺔ اﻟﻔﻮز اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻨﺤﻬﺎ إﻳﺎك اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﰲ ﺣﺎل إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻷرﺟﺤﻴﺎت ﺷﺒ َﻪ ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ(. 183
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ً َ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﺗﻠﻚ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ املﺜﲆ ،وﻛﺎن ﺳﺆاﻻ واﺣﺪًا أﺧريًا :إذا وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻳﱰك أﻣﻠُﻚ أن ﺗﺴﺘﺜﻤﺮ اﻟ ١٠٠٠دوﻻر اﻷﺻﻠﻴﺔ ﰲ رﻫﺎن ﺗﺤﺼﻞ ﺑﻤﻮﺟﺒﻪ ﻋﲆ ١٠٠٠٠دوﻻر ،ﻓﻤﺎ ﻓﺮﺻﻚ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ذﻟﻚ؟ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺤﺼﻞ ﻋﲆ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻓﺮﺻﺔ واﺣﺪة ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﴩ ُﻓ َﺮص ﻟﴬب ﻧﻘﻮدك ﰲ ﻣﻌﺎﻣﻞ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻋﴩة ،ﺣﺘﻰ ﻣﻊ أﻓﻀﻞ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت. وﺗُﻌَ ﱡﺪ ﺗﻠﻚ ﻗﺎﻋﺪ ًة ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻸﻟﻌﺎب اﻟﻌﺎدﻟﺔ )أو ﺷﺒﻪ اﻟﻌﺎدﻟﺔ(؛ ﻓﺎﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺪﻓﻚ ﻗﺒﻞ اﻹﻓﻼس ﻫﻲ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻣﻌﻜﻮس املﺒﻠﻎ اﻟﺬي ﺗﺮﻳﺪ زﻳﺎدة ﺛﺮوﺗﻚ ﺑﻪ ،أو ﻗﺪ ﺗﻜﻮن أﻗﻞ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻏري ﻋﺎدﻟﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ .ﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ واﺿﺤً ﺎ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ،وﻟﻜﻨﻪ َ وﻟﻌﺒﺖ ﺑﺤﺬر ،ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺜﻖ ﺻﺤﻴﺢ .وإذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻏري ﻋﺎدﻟﺔ ﺑﻘﺪر ﺿﺌﻴﻞ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ، ﻣﻦ اﻟﺨﺴﺎرة. إن اﻟﻘﺎﻋﺪ َة اﻟﻌﺎﻣﺔ املﺘﻤﺜﱢﻠﺔ ﰲ أن ﻓﺮﺻﺘﻚ ﰲ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ ﻧﻘﻮدك ﺗﺒﻠﻎ ﺣﻮاﱄ ﻓﺮﺻﺔ ُ ً َ ﻓﺮﺻﺔ ﺛﻼث ﻣﺮات ﻓﺮﺻﺔ ﻣﻀﺎﻋﻔﺘِﻬﺎ واﺣﺪة ﻣﻦ ﻛﻞ ﻓﺮﺻﺘني ﰲ ﻟﻌﺒﺔ ﻋﺎدﻟﺔ ،ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺒﻠﻎ واﺣﺪة ﻣﻦ ﻛﻞ ﺛﻼث ُﻓ َﺮص ،وﻫﻜﺬا؛ ﻟﻬﺎ ﺟﺬور ﻋﻤﻴﻘﺔ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ؛ ﻓﻔﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﺣﺘﻤﺎﱄ )وﻫﻮ ﱠ املﺘﻮﻗﻌﺔ ﻟﺜﺮوﺗﻚ ﻫﻲ ﻧﺘﺎجَ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴ ٍﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي ﻳﺘﺼﺎدف أن ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ( ﺗﻜﻮن اﻟﻘﻴﻤﺔ ً وﻣﺒﻠﻐﺎ ﻣﺎﻟﻴٍّﺎ؛ ﻓﻼ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﺎرق ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ — ﰲ املﺘﻮﺳﻂ داﺋﻤً ﺎ — ﺑني اﻣﺘﻼك ﻋﴩة دوﻻرات وﺣﻴﺎزة ﻗﺴﻴﻤﺔ ﺗﺨﻮﱢل ﻟﻚ ﻓﺮﺻﺔ ﺗﺘﺴﺎوى ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺨﺴﺎرة واملﻜﺴﺐ ﻟﻠﺮﻫﺎن ﻋﲆ ﻋﴩﻳﻦ دوﻻ ًرا؛ أو ﻓﺮﺻﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ واﺣﺪ ﻟﻌﴩة ﻟﻠﺮﻫﺎن ﻋﲆ ﻣﺎﺋﺔ دوﻻر .ﻫﻨﺎك اﺧﺘﻼف ﺷﺎﺳﻊ ﺑني ﻫﺬه اﻷﻣﻮر ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ؛ ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﱠ املﺘﻮﻗﻌﺔ واﺣﺪة .وﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻟﻦ ﻳﻨﺘﻬﻲ اﻟﺤﺎل ﺑﻚ ﻣﺎدﻳٍّﺎ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ أﻓﻀﻞ اﻟﻘﻴﻤﺔ أو أﺳﻮأ. ً وأﻳﻀﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻫﺬا املﺒﺪأ ﻳﺴﺘﺤﻖ أن ﻧﻀﻌﻪ ﰲ اﻟﺤﺴﺒﺎن؛ ﻷﻧﻪ ﻣﺒﺪأ ﻋﺎم ﺗﻤﺎﻣً ﺎ، َ دﺧﻠﺖ أﺣ َﺪ أﻧﺪﻳﺔ اﻟﻘﻤﺎر ﺑﻬﺪف اﻟﻮﺻﻮل إﱃ اﻟﺜﺮاء اﻟﻔﺎﺣﺶ ،ﻓﺈن ﻓﺮﺻﺘﻚ ﰲ أﻧﻚ إذا ذﻟﻚ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ اﻟﺼﻐﺮ ،ﺣﺘﻰ ﻣﻊ اﺗﱢﺒﺎع أﻓﻀﻞ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت .ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺧﻴﺎﻻت ﺑﻠﻮغ اﻟﺜﺮاء ً ﻣﻤﺘﻌﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻈﻞ ﻣﺤﺾ ﺧﻴﺎﻻت. أﺧريًا ،ﺛﻤﺔ إﺿﺎﻓﺔ أﺧﺮى ﻟﻬﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻷﻟﻌﺎب ،وﺳﻮف ﻧﺴﺘﺨﺪم ﻋﺠﻠﺔ اﻟﺮوﻟﻴﺖ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻛﻤﺜﺎل .ﺣﺘﻰ اﻵن ﻟﻢ ﻧﺴﺘﺨﺪم ﺳﻮى اﻟﺮﻫﺎﻧني اﻷﺣﻤﺮ واﻷﺳﻮد ﰲ اﻟﺮوﻟﻴﺖ ،وﻟﻜﻦ ري .إن ﻋﺠﻠﺔ اﻟﺮوﻟﻴﺖ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺗﻀ ﱡﻢ ﺳﺘٍّﺎ وﺛﻼﺛني ﻓﺘﺤﺔ اﻟﺮوﻟﻴﺖ أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪًا ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺑﻜﺜ ٍ ﻣﺮﻗﻤﺔ ﻣﻦ واﺣﺪ إﱃ ﺳﺘﺔ وﺛﻼﺛني ،وﻓﺘﺤﺔ أﺧﺮى أو أﻛﺜﺮ ﱠ ﻣﻠﻮﻧﺔ ،ﱠ ﻣﺮﻗﻤﺔ ﺑﺼﻔﺮ أو ﺻﻔﺮﻳﻦ، أو ﺑﻌﻼﻣﺎت أﻛﺜﺮ إﺑﺪاﻋً ﺎ .واﻟﻌﺠﻠﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﻌﺎدﻳﺔ ﺑﻬﺎ ﻓﺘﺤﺘﺎن ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺤﺎت ،ﺑﻴﻨﻤﺎ 184
املﻘﺎﻣﺮة
اﻟﻌﺠﻠﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺑﻬﺎ ﻓﺘﺤﺔ واﺣﺪة ﻓﻘﻂ .ﻧﺼﻒ اﻟﻔﺘﺤﺎت ﱠ املﺮﻗﻤﺔ ﻣﻠﻮ ٌ ﱠﻧﺔ ﺑﺎﻟﻠﻮن اﻷﺣﻤﺮ واﻟﻨﺼﻒ َ اﻵﺧﺮ ﺑﺎﻷﺳﻮد ،وﻗﺪ ﻛﻨﱠﺎ ﻧﺘﺤﺪث ﰲ إﻃﺎر اﻟﻌﺠﻠﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،وﺳﻮف ﻧﻮاﺻﻞ ذﻟﻚ. ﺛﻤﺔ ﻃﺮق ﻋﺪﻳﺪة ﻟﻠﺮﻫﺎن ﻋﲆ اﻟﺮوﻟﻴﺖ؛ ﻟﺪى اﻟﻼﻋﺐ ﻓﺮص ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ﰲ اﻟﺮﺑﺢ أو راﻫ َﻦ ﻋﲆ أﺣﺪ اﻟﻠﻮﻧني ،اﻷﺣﻤﺮ أو اﻷﺳﻮد ،أو إذا َ اﻟﺨﺴﺎرة إذا َ راﻫ َﻦ ﻋﲆ رﻗ ٍﻢ زوﺟﻲ أو ﻓﺮدي ،ﻛﻤﺎ أن ﻟﺪﻳﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻜﺴﺐ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﺧﻤﺴﺔ وﺛﻼﺛني إﱃ واﺣﺪ إذا اﺧﺘﺎر رﻗﻤً ﺎ ﻣﻌﻴﱠﻨًﺎ ،وﺑﻨﺴﺒﺔ اﺛﻨني إﱃ واﺣﺪ إذا َ راﻫ َﻦ ﻋﲆ اﺛﻨﻲ ﻋﴩ رﻗﻤً ﺎ ﻣﻌﻴﱠﻨًﺎ ﻣﻦ اﻷرﻗﺎم اﻟﺴﺘﺔ ْ اﻗﺘﴫَت ﻓﻘﻂ ﻋﲆ واﻟﺜﻼﺛني ،وﻫﻜﺬا .وﺗﻜﻮن اﻷرﺟﺤﻴﺎت ﻋﲆ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻷرﻗﺎم ﻋﺎدﻟﺔ ﻟﻮ اﻷرﻗﺎم اﻟﺴﺘﺔ واﻟﺜﻼﺛني واﻟﻔﺘﺤﺎت املﻠﻮﱠﻧﺔ املﻮﺟﻮدة ﻋﲆ اﻟﻌﺠﻠﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻧﺎدي اﻟﻘﻤﺎر ﻳﺘﻤﺮغ ﰲ اﻷرﺑﺎح ﺣني ﺗﻈﻬﺮ اﻷﺻﻔﺎر ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ،ﰲ املﺘﻮﺳﻂ ،ﺑﻤﻌﺪل دورة واﺣﺪة ﺑني ﻛﻞ ﺗﺴﻊ ﻋﴩة دورة ﻋﲆ اﻟﻌﺠﻠﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،وﻧﺼﻒ ﻫﺬا املﻌﺪل ﻋﲆ اﻟﻌﺠﻼت اﻷوروﺑﻴﺔ. واﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ املﺜﲆ ﻟﻜﻞ ﻫﺬه اﻟﺮﻫﺎﻧﺎت ،ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺷﺄن اﻟﺮﻫﺎﻧﺎت ﻋﲆ اﻷﺣﻤﺮ واﻷﺳﻮد — ُ إذا َ ٍ ٍ املﺮاﻫﻨﺔ ﺑﺄﻛﱪ ﻗﺪر ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺎ — ﻫﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ ﻟﻠﻤﻘﺎﻣﺮة ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻠﺒﻴﺔ ﻛﻨﺖ ﰲ ﻣﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺠﺮأة ،ﻣﺘﺨ ﱢﻠﻴًﺎ ﻋﻦ املﺘﻌﺔ واﻟﺘﺴﻠﻴﺔ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﻓﺮﺻﺔ اﻟﺮﺑﺢ ،واﻻﻧﺴﺤﺎبُ ﺣني ﺑﻠﻐﺖ أﻫﺪاﻓﻚ )إذا ﺣﺎﻟﻔﻚ اﻟﺤﻆ ﰲ ذﻟﻚ( .ﻻ ﺑﺪ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ أن ﺗﻜﻮن ﻣﺴﺘﻘ ٍّﺮا ً َ ﺳﻠﻔﺎ ﺗﻜﻮن ﻗﺪ ﻋﲆ أﻫﺪاﻓﻚ ،وإﻻ ﻓﺴﺘﻮاﺟﻪ ﻣﺼريًا ﻣﺸﺌﻮﻣً ﺎ .وﰲ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت ،ﻳﻜﻮن أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﻓﻌﻠﻪ ﻫﻮ اﻻﻗﱰاب ﻣﻦ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻔﻮز ﺗﻤﺜﱢﻞ ﻣﻌﻜﻮس املﺒﻠﻎ اﻟﺬي ﺗﺮﻏﺐ ﰲ أن ً ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺗﻀﺎﻋﻒ ﺑﻪ ﺛﺮوﺗﻚ .وﻫﻜﺬا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻋﲆ ﻃﺎوﻟﺔ اﻟﺮوﻟﻴﺖ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﻠﻌﺐ ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻫﺎﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﺎوى ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺮص املﻜﺴﺐ واﻟﺨﺴﺎرة ﻣﻦ أﺟﻞ املﻘﺎﻣﺮة ﻋﲆ رﺑﺢ ﻛﺒري ،ﺑﻞ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺴﺘﻮﰲ اﻟﺮﻫﺎﻧﺎت ﺑﺨﻴﺎرات ﻧﺴﺒﺘﻬﺎ واﺣﺪ إﱃ اﺛﻨني ،أو ﺧﻴﺎرات أﺧﺮى ،ﻣﺎ دام أﻧﻚ ﺗﻘ ﱢﻠﻞ ﻣﻦ ﻧﺴﺒﺔ ﺗﻌ ﱡﺮﺿﻚ ﻟﻸرﺟﺤﻴﺎت اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ املﺪى .ﻓﻬﻲ داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﱢ ﺗﻔﻀﻞ اﻻﻧﺤﻴﺎز ﻟﻨﺎدي اﻟﻘﻤﺎر. واﻵن ﻧﻘﺪﱢم ﺗﺤﺬﻳ ًﺮا ﻟﻠﻤﻘﺎﻣﺮ اﻟﻘﻬﺮي؛ ﻓﺤﺘﻰ إذا َ ﻛﻨﺖ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺿﺒﻂ اﻟﻨﻔﺲ ،وﺗﺘﱠ ِﺒﻊ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ املﺜﲆ »ﻟﻬﺬه اﻟﻠﻴﻠﺔ« ،ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ً ﻟﻴﻠﺔ ﺑﻌﺪ ﻟﻴﻠﺔ ،وﺗﻈﻞ ﻣﺤﺘﻔ ً ﻈﺎ ﺑﻔﺮﺻﺘﻚ ﰲ اﻟﺨﺮوج ﺑﺮﺑﺢ .ﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى ،ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻘ ﱢﺮر أﻧﻚ ْ ﺿﺎﻋﻔ َﺖ ﺛﺮوﺗﻚ ،وﺗﻠﻌﺐ ﺑﺠﺪﻳﺔ وﺑﺸﻜﻞ ﻣﺜﺎﱄ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺳﺘﻨﺴﺤﺐ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺣني ﺗﻜﻮن ﻗﺪ ﺑﻠﻮغ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف ،ﺛﻢ ﺗﻌﻮد ﰲ اﻟﻠﻴﻠﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟﺘﺠﺮب ﻧﻔﺲ اﻟﻠﻌﺒﺔ اﻟﺒﻬﻠﻮاﻧﻴﺔ .ﱠ إن ْ وﺻ َﻔﻨﺎ َ ﻛﻨﺖ ﻣﺼﺎﺑًﺎ ﺑﺎﻟﻘﻤﺎر اﻟﻘﻬﺮي، ﻟﻼﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ املﺜﲇ ﻳﺼﻠﺢ ملﺤﺎوﻟﺔ واﺣﺪة ﻓﻘﻂ؛ أﻣﺎ إذا 185
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻓﺴﻮف ﺗﺨﴪ ﺣﺘﻤً ﺎ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﺣني ﺗﻠﻌﺐ ﺑﺤﺬر ،ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﺑﺤﺎﺟﺔ ٍّ ﺣﻘﺎ ﻟﻠﻤﻘﺎﻣﺮة ً ً ﺿﺌﻴﻼ؛ ﻟﺬا ْ إن َ ٍ ﻟﻴﻠﺔ ﺑﻌﺪ ﻟﻴﻠﺔ ،ﻳﻤﻜﻨﻚ ﻛﻨﺖ اﻧﺤﻴﺎز اﻷرﺟﺤﻴﺎت ﺿﺪك أن ﺗﻠﻌﺐ ً أﻳﻀﺎ ﺑﺤﺬر ،وﺗﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﺘﺴﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﻠﺒﻬﺎ اﻟﻠﻌﺐ ،وﺗﻄﻠﻖ ﻋﲆ ﺧﺴﺎﺋﺮك اﻟﺤﺘﻤﻴﺔ َ ﺛﻤﻦ اﻟﺪﺧﻮل. أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻷﻟﻌﺎب اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪًا ً ﻗﻠﻴﻼ ،ﻓﻘﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن ﺣﺴﺎب اﻷرﺟﺤﻴﺎت ﺑﻨﻔﺲ اﻟﺴﻬﻮﻟﺔ — وﻗﺪ أوردﻧﺎ ً ﻣﺜﺎﻻ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﲆ أﺣﺪ ﺗﻮزﻳﻌﺎت اﻟﺒﻮﻛﺮ — وﻟﻜﻦ ﺑﺈﻣﻜﺎن أي ﻻﻋﺐ ﺟﺎد إﻳﺠﺎدﻫﺎ) .ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺒﻮﻛﺮ ،ﻳﻮﺟﺪ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﲆ اﻷرﺟﺤﻴﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ،وﻫﻲ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻌﺒﺔ ﺗﻨﺎﻓﺴﻴﺔ؛ واﻟﻼﻋﺒﻮن اﻟﺠﻴﺪون ﺗﻜﻮن ﻟﻬﻢ ً أﻓﻀﻠﻴﺔ .أﻣﺎ اﻟﻜﺮاﺑﺲ ،ﻓﻬﻲ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﺗﻤﺮﻳﻦ ﺑﺴﻴﻂ ،وﻣﻦ املﻔﱰض أن ﻳﻜﻮن ﻛ ﱡﻞ ﻗﺎرئ ﻗﺎد ًرا اﻵن ﻋﲆ ﺣﺴﺎب أن ﻟﺪﻳﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﻣﻦ ﺛﻼث ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﻦ أرﺑﻊ أو ﻋﴩ(. أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺗﻜﻮن اﻷرﺟﺤﻴﺎت ﺧﺎدﻋﺔ أو ﻏري ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ أو ﻣﺤﻞ ﺗﺠﺎﻫﻞ ،وﻗﺪ ذﻛﺮﻧﺎ ﻣﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﻴﺎﻧﺼﻴﺐ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻜﻮن أرﺟﺤﻴﺎت ﻋﺪم اﻟﻔﻮز ﺑﺎﻟﺠﺎﺋﺰة اﻟﻜﱪى إﻣﺎ ﻏري ﻣﻔﻬﻮﻣﺔ وإﻣﺎ ﺗُ َ ﻌﺘﱪ ﺑﻼ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺮءون ﰲ اﻟﺼﺤﻒ ﻋﻦ آﺧﺮﻳﻦ ﻓﺎزوا ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ ﻓﺤﻴﻨﺌ ٍﺬ ﺗﻜﻮن اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻟﻮ َْﻫ ِﻢ أن ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن اﻟﻔﺎﺋﺰ ﻫﻮ أﻧﺎ، وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻣﱪ ٌر ﻣﺎ ﻟﺨﻮض املﺨﺎﻃﺮة ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﻤﻨﻔﻌﺔ اﻟﻨﻘﻮد. وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻓﻘﻂ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻗﺮﻳﺒﺔ .ﻟﻘﺪ ﻗﺮأ ﻣﺆﻟﻒ اﻟﻜﺘﺎب ﻣﺆﺧ ًﺮا ﺧﱪًا ﻋﻦ ﻧﺎدٍ ﻟﻠﻘﻤﺎر ﻳﻀﻢ ﻟﻌﺒﺔ ﻣﺤﺎﻛﺎة ﻣﺮﺋﻴﺔ ﻟﻠﺒﻮﻛﺮ؛ وﻗﺪ أﻋﻠﻦ ﺑﻔﺨﺮ ﻋﻦ أن اﻟﻌﺎﺋﺪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺗﻮزﻳﻌﺔ روﻳﺎل ﻓﻼش ﻛﺎن ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ إﱃ واﺣﺪ .ﻗﺪ ﻳﺒﺪو ﻫﺬا ﻣﺮﺗﻔﻌً ﺎ ،وﻟﻜﻦ اﻷرﺟﺤﻴﺎت اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﺿﺪ ﺗﻮزﻳﻌﺔ روﻳﺎل ﻓﻼش ﰲ ﻣﺤﺎﻛﺎة أﻣﻴﻨﺔ )أي ﺗﺤﺴﺐ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ اﺗﺒﻌﻨﺎﻫﺎ ﰲ ﺣﺴﺎب اﻷرﺟﺤﻴﺎت ﻋﻨﺪ وﺟﻮد أرﺑﻊ أوراق ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ(، ﺗﻜﻮن أﻗﺮب ﻛﺜريًا ملﻠﻴﻮن إﱃ واﺣﺪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺗﻮزﻳﻌﺔ ﺑﻮﻛﺮ ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ )ﻟﺘﺤ ﱢﺮي اﻟﺪﻗﺔ ،ﻓﺮﺻﺔ واﺣﺪة ﰲ ،(٦٤٩٧٤٠وأﺳﻮأ ﻣﻦ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻌﴩﻳﻦ ً أﻟﻔﺎ ﰲ اﻟﺒﻮﻛﺮ ذي اﻟﺘﻮزﻳﻌﺔ املﻜﺘﻤﻠﺔ. ً وﺗُ َ اﺣﺘﻴﺎﻻ ﴏﻳﺤً ﺎ ﻋﲆ ﻏري املﻄﻠﻊ ،وﻻ ﻌﺘﱪ اﻷرﺟﺤﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻠﻎ ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ إﱃ واﺣﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻷي ﻗﺎرئ ﻟﻬﺬا اﻟﻜﺘﺎب أن ﻳﻨﻄﲇ ﻋﻠﻴﻪ ذﻟﻚ. ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،إذا ﻛﺎن ﻫﻨﺎك درس واﺣﺪ ﻋﻦ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت املﻘﺎﻣﺮة ﻳﻔﻮق ﰲ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﻛﻞ ٍ ﻟﻬﺪف ﻣﺎ ،ﻓﻬﻮ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻷي اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﺪروس اﻟﺼﻐرية ﻋﻦ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ املﻼﺋﻤﺔ أن ﺗﻜﻮن ﻓﻌﱠ ﺎﻟﺔ ،ﺣﺘﻰ ﰲ ﺗﺤﺠﻴﻢ ﺧﺴﺎﺋﺮك ،إذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻋﲆ ﻋﻠﻢ ﺑﺎﻷرﺟﺤﻴﺎت) .اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻬﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة ﻫﻮ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺨﴪ إذا َ ﻛﻨﺖ ﻻ ﺗﻘﺎﻣﺮ ،ﺳﻮاء أﻛﻨﺖ ﺗﻌﺮف 186
املﻘﺎﻣﺮة
اﻷرﺟﺤﻴﺎت أم ﻻ ﺗﻌﺮﻓﻬﺎ (.ﺣﺘﻰ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻬﺎرﺗﻚ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻻ ﺗﻀﻢ ﺣﺴﺎب أرﺟﺤﻴﺎت رﻫﺎن اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﻜﺒري ﰲ اﻟﻜﺮاﺑﺲ ،أو إذا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ املﻨﻄﻘﻲ أن ﺗﺴﺤﺐ ﺛﻼث أوراق ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ﰲ اﻟﺒﻮﻛﺮ ذي املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ،ﻓﻬﻨﺎك ﻛﺘﺐ ﺳﻮف ﺗﺨﱪك ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﺮﻏﺐ ٍّ ﺣﻘﺎ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ .وﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺸﻌﺮ أﺣﺪ ﺑﺎﻟﺤﺮج ﻣﻦ اﺿﻄﺮاره ﻟﻼ ﱢ ﻛﺘﺎب ﻃﻼع ﻋﲆ اﻷﺷﻴﺎء ﰲ ٍ ﻣﺎ؛ ﻓﺘﻠﻚ ﻋﺎدة ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﺮاﺋﻊ أن ﺗﻨﻤﱢ ﻴﻬﺎ ﻟﺪﻳﻚ .وﻣﻊ أﻧﻬﻢ ﻟﻦ ﻳﺴﻤﺤﻮا ﻟﻚ ﺑﺈﺣﻀﺎر ﻛﺘﺎب إﱃ ﻧﺎدي اﻟﻘﻤﺎر ،ﻓﺈن ﺣﻔﻆ اﻷرﻗﺎم ﻳ َ ُﻌﺘﱪ ﺗﺪرﻳﺒًﺎ ﺟﻴﺪًا ﻟﻠﻤﺦ؛ ﻓﺄدﻣﻐﺔ ﻣﻌﻈﻤﻨﺎ ﺗﺤﺘﺎج ﻟﻠﺘﺪرﻳﺐ .ﻻ ﺷﻚ أن ﻧﻮادي اﻟﻘﻤﺎر ﺗﻘﻒ ﺑﺎملﺮﺻﺎد ﻟﻸﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺪون ﺧﱪاء ﰲ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت؛ ﺣﺘﻰ إن أﺣﺪ أﺻﺪﻗﺎء املﺆ ﱢﻟﻒ ُ ﻃ ِﺮد ﻣﻨﻬﺎ ﻋﴩات املﺮات! ﻟﻘﺪ اﺳﺘﺨﺪﻣﻨﺎ ﺣﺘﻰ اﻵن رﻫﺎﻧ َ ِﻲ اﻷﺳﻮد واﻷﺣﻤﺮ ﰲ ﻋﺠﻠﺔ اﻟﺮوﻟﻴﺖ ﻛﻤﺜﺎل ﻟﻠُﻌﺒﺔ َ ﺣﻘﻴﻘﺔ أﻧﻪ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن أي ﻧﺎدٍ ﺗﻘﻠﻴﺪي ﻟﻠﻘﻤﺎر ﺳﻮف ﺑﺴﻴﻄﺔ ،واﺿﻌني ﰲ اﻋﺘﺒﺎرﻧﺎ ً ﻣﺒﻠﻐﺎ ﻣﺴﺎوﻳًﺎ ﻟﻘﻴﻤﺔ رﻫﺎﻧﻚ دون رﺑﺢ ،ﻓﺈن ﻓﺮﺻﺘﻚ ﰲ اﻟﻔﻮز ﻻ ﺗﺘﺠﺎوز ﻳﺪﻓﻊ ﻟﻚ ٪٤٧٫٣٧؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﻜﻮن ﻟﻠﻨﺎدي )اﻟﺬي ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﻟﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٪٥٢٫٦٣ﻟﻠﻔﻮز( أﻓﻀﻠﻴﺔ ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ،٪٤ﺑﻤﺎ ﻳﻀﻤﻦ ﻟﻪ اﻟﻔﻮز ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ. وﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻫﻨﺎك أﻟﻌﺎب أﻛﺜﺮ ﺳﺨﺎءً ﰲ ﻧﺎدٍ أﻣﺮﻳﻜﻲ ﺗﻘﻠﻴﺪي ﻟﻠﻘﻤﺎر ،ﻋﲆ اﻓﱰاض أﻧﻚ ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻠﺪﻓﻊ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺘﻌﺘﻚ ،وﻟﻜﻨﻚ ﺗﺮﻏﺐ ﰲ ﺗﻘﻠﻴﻞ ﻧﻔﻘﺎﺗﻚ؟ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻫﻨﺎك أﻟﻌﺎبٌ ﻛﻬﺬه .إن ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻦ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار وﻟﻴﺲ ﻋﻦ اﻟﻘﻤﺎر ،وﻟﻜﻦ ﻗﺮار اﻟﺬﻫﺎب إﱃ ﻧﺎدٍ ﻟﻠﻘﻤﺎر ،ﺛﻢ ﻗﺮار ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻠﻌﺒﻬﺎ ،ﻳﻘﻌﺎن ﺿﻤﻦ اﻟﻨﻤﻂ اﻟﻌﺎم ملﻌﺮﻓﺔ أﻫﺪاﻓﻚ وﻣﻌﺮﻓﺔ اﺣﺘﻤﺎﻻﺗﻚ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻓﺈن اﺧﺘﻴﺎر اﻷﻟﻌﺎب ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻣﻮﺿﻮﻋً ﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒًﺎ. ً ﺑﺪاﻳﺔ ،وﺗﻜﺮا ًرا ﻟﻨﻘﻄﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ ،إن اﻟﻌﺎﻣﻠني ﺑﻨﻮادي اﻟﻘﻤﺎر ﻻ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻛﺨﺪﻣﺔ ﻋﺎﻣﺔ؛ ﻟﺬا ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺑﻬﺎ أن ﺗﻔﻮز ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ،ﻳﻤﻜﻨﻚ ﻓﻘﻂ أن ﺗﺄﻣﻞ ﰲ إﺑﻄﺎء ﻣﻌﺪل ﺧﺴﺎرﺗﻚ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻧﻔﺲ اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﺘﺴﻠﻴﺔ؛ وﰲ ﻫﺬا اﻹﻃﺎر ﻳﻜﻮن اﻷﺳﻮد واﻷﺣﻤﺮ َ ﻟﻌﺒﺔ ﻛﺮاﺑﺲ، ﰲ اﻟﺮوﻟﻴﺖ ﻣﻦ أﺳﻮأ اﻟﺮﻫﺎﻧﺎت ﰲ أي ﻧﺎدٍ أﻣﺮﻳﻜﻲ ﺗﻘﻠﻴﺪي ﻟﻠﻘﻤﺎر .ﺗﺄﻣﱠ ْﻞ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،اﻟﺘﻲ ﺗُﻌَ ﱡﺪ واﺣﺪ ًة ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻷﻟﻌﺎب املﻔﻀﻠﺔ ﺑني اﻷﻟﻌﺎب ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ،واﻟﺘﻲ ﻳ َُﻠﻘﻰ ﻓﻴﻬﺎ زوجٌ ﻣﻦ اﻟﻨﺮد ،واﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻫﻲ ﻛﺎﻵﺗﻲ :ﰲ اﻟﺮﻣﻴﺔ اﻷوﱃ ﺗﺨﴪ اﻷرﻗﺎ ُم اﺛﻨﺎن ،أو ﺛﻼﺛﺔ ،أو اﺛﻨﺎ ﻋﴩ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻔﻮز اﻟﺮﻗﻤﺎن ﺳﺒﻌﺔ أو أﺣﺪ ﻋﴩ؛ ﻓﺈذا ﻟﻢ ﺗﻈﻬﺮ أيﱞ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺨﻤﺴﺔ ﰲ اﻟﺮﻣﻴﺔ اﻷوﱃ ،ﻳُﻄ َﻠﻖ ﻋﲆ اﻟﺮﻗﻢ اﻟﺬي ﻳﻈﻬﺮ اﻟﻨﻘﻄﺔ ،وﺗﻨﺘﻬﻲ اﻟﺮﻣﻴﺎت اﻟﻼﺣﻘﺔ إﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﻇﻬﻮر اﻟﻨﻘﻄﺔ ﻣﺠﺪدًا ،وإﻣﺎ ﺣني ﻳﺄﺗﻲ اﻟﺮﻗﻢ ﺳﺒﻌﺔ ً أوﻻ ،وﻳﻜﻮن اﻟﻔﻮز ﻟﻠﻨﻘﺎط ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺨﺴﺎرة ﻟﻠﺮﻗﻢ ﺳﺒﻌﺔ .ﻗﻮاﻋﺪ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﺑﻤﺎ 187
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻳﻜﻔﻲ؛ واﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ وﺻﻔﻨﺎﻫﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﺗﺆدي إﱃ اﺳﺘﻨﺘﺎج أن اﻷرﺟﺤﻴﺎت ﺗﺴري ً ﻗﻠﻴﻼ ﻗﺎر ْن ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺴﺒﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ اﻟ ٪٤٧٫٣٧ ﺿﺪ اﻟﺮاﻣﻲ ،اﻟﺬي ﺳﻴﻔﻮز ﻟ ٪٤٩٫٢٩٣ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖِ . اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﺣﻤﺮ واﻷﺳﻮد ﰲ اﻟﺮوﻟﻴﺖ ،وﺳﺘﺠﺪ أن ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﺮوﻟﻴﺖ ﻋﲆ اﻟﻜﺮاﺑﺲ ﻻ ﺑﺪ ٍ ﻟﻬﻔﺔ ﻟﺨﺴﺎرة اﻟﻨﻘﻮد» ،ﻣﺎ داﻣﺖ« اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻔﻮز ﺟﻬﻞ ﻣﻦ املﺮء ،أو أن ﻳﻜﻮن إﻣﺎ ﻋﻦ ٍ واﻟﺨﺴﺎرة ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ. وﻟﻜﻦ اﻧﺘﻈﺮ ،ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻷرﺟﺤﻴﺎت اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،وﻧﺎدي اﻟﻘﻤﺎر ﻻ ﻳﺪﻓﻊ اﻟﺮﺑﺢ ﰲ إﻃﺎر اﻷرﺟﺤﻴﺎت اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ؛ ﻓﻬﻢ ﻳﻌﺘﻤﺪون ﻋﲆ املﻜﺴﺐ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﻋﻤﻮﻣً ﺎ ﺑﺘﻌﺪﻳﻞ اﻷرﺟﺤﻴﺎت ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻊ ذﻟﻚ .وﺗﺨﺘﻠﻒ أﻧﺪﻳﺔ اﻟﻘﻤﺎر ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻨﻤﻂ املﻌﺘﺎد، ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻫﻮ دﻓﻊ ﻧﻔﺲ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﺒﻠﻎ اﻟﺮﻫﺎن ﻋﲆ رﻫﺎن ﺑﺎس )ﻫﻜﺬا ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ( ﰲ اﻟﻜﺮاﺑﺲ؛ ﻓﻨﻮادي اﻟﻘﻤﺎر ﺗﻌﻤﻞ ﰲ ﻇﻞ ﺧﻄﺮ ﺧﺴﺎرة ﺷﺪﻳﺪ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﻣﻘﺎ َر ً ﻧﺔ ﺑﺎﻟﺮوﻟﻴﺖ. ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ ً أﻳﻀﺎ ﰲ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﻜﺮاﺑﺲ أن ﺗﺠﻌﻞ رﻫﺎﻧﻚ ﺿﺪ اﻟﺮاﻣﻲ ،وﻟﻜﻦ ﻧﺎدي اﻟﻘﻤﺎر ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻷرﺟﺤﻴﺎت واﺣﺪة ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﻣﺘﻨﺎع ﻋﻦ اﻟﺪﻓﻊ إذا ﺣﺼﻞ اﻟﺮاﻣﻲ ﻋﲆ اﺛﻨﻲ ﻋﴩ )ﺑﻮﻛﺲ ﻛﺎرز( ،وﻫﻮ اﻷﻣﺮ املﻔﱰض ﺣﺪوﺛﻪ ﻣﺮة واﺣﺪة ﻛ ﱠﻞ ﱟ ﺳﺖ وﺛﻼﺛني ﻣﺮة) .وﻫﺬا ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ ً ﻗﻠﻴﻼ أن ﺗﺮاﻫﻦ ﺿﺪ اﻟﺮاﻣﻲ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻔﺮق ﻻ ﻳُﺬ َﻛﺮ .وﻧﻮادي َ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺣﺴﺎب اﻷرﺟﺤﻴﺎت؛ ﻓﺬاك ﻫﻮ ﻋﻤﻠﻬﻢ (.إذن َﻓ ْﻠﺘﻘﺎﻣﺮ ﰲ اﻟﻘﻤﺎر ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣَ ﻦ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻧﻮادي اﻟﻘﻤﺎر إذا ﻛﺎن ذﻟﻚ ﴐورﻳٍّﺎ ،وﻟﻜﻦ اﺗﺠﻪ إﱃ ﻃﺎوﻟﺔ اﻟﻜﺮاﺑﺲ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻷرﺟﺤﻴﺎت ﻛﻤﺎ ﻧﺎﻗﺸﻨﺎﻫﺎ ﻫﻨﺎ؛ ﻓﺈذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚَ ،ﻓ ْﻠﺘﺘﺠﻪ إﱃ ﻧﺎدٍ َ آﺧﺮ. ﻛﻨﺖ ﻋﺎزﻣً ﺎ ٍّ ﺛﻤﺔ ﺧﻴﺎر َ آﺧﺮ ﻟﻠﻤﺮاﻫﻨﺔ ﰲ اﻟﻜﺮاﺑﺲ ﻳﺴﺘﺤﻖ أن ﺗﻌﺮﻓﻪ إذا َ ﺣﻘﺎ ﻋﲆ اﻟﺪﻓﻊ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺗﺴﻠﻴﺘﻚ ﻋﲆ ﻃﺎوﻟﺔ اﻟﻜﺮاﺑﺲ .ﺳﻮف ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻚ ﻣﻌﻈﻢ ﻧﻮادي اﻟﻘﻤﺎر ﺑﺘﻌﺰﻳﺰ رﻫﺎﻧﻚ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻧﻘﻄﺔ ،ﺑﻤﺎ ﻳﻌﺎدل ﻣﺒﻠﻎ اﻟﺮﻫﺎن اﻷﺻﲇ ،أو ﺣﺘﻰ ﺿﻌﻔﻪ» ،وﺳﻮف ﺗﻘﺪم أرﺟﺤﻴﺎت ﻋﺎدﻟﺔ وﻧﺰﻳﻬﺔ ﻋﲆ اﻟﺮﻫﺎن اﻹﺿﺎﰲ« .وملﺎ ﻛﺎن ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻧﺴﺒﺔ رﺑﺢ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻟﻨﻮادي اﻟﻘﻤﺎر ﻋﲆ اﻟﺮﻫﺎن اﻹﺿﺎﰲ ،ﻓﻤﻦ املﻔﻴﺪ ﻟﻚ أن ﺗﺠﻌﻞ اﻟﺮﻫﺎن اﻷﺻﲇ )اﻟﺬي ﻟﻨﺎدي اﻟﻘﻤﺎر أﻓﻀﻠﻴﺔ ﺑﻪ( ﺻﻐريًا ﻗﺪر اﻹﻣﻜﺎن ،ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺠﻌﻞ رﻫﺎن »اﻷرﺟﺤﻴﺎت اﻟﺤﺮة« ﻛﺒريًا ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻗﺪر ﻣﻦ املﺎل اﻟﺬي ﻗ ﱠﺮ ْر َت املﺨﺎﻃﺮة ﺗﺴﻤﺢ ﺑﻪ اﻟﻘﻮاﻋﺪ .ﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن أﻛﱪُ ٍ ﺑﻪ ﻣﻜ ﱠﺮ ًﺳﺎ ﻟﺮﻫﺎن اﻷرﺟﺤﻴﺎت اﻟﺤﺮة؛ ﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﻴﻈﻞ اﻟﻨﺎدي ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ أﻣﻮاﻟﻚ َ ﻓﻌﻠﺖ ذﻟﻚ ﺑﺼﻔﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮة ،وﺳﻤﺢ ﻟﻚ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﺳﻴﺴﺘﻐﺮق ﻓﱰة أﻃﻮل .إذا ﻧﺎدي اﻟﻘﻤﺎر ﺑﻮﺿﻊ رﻫﺎن أرﺟﺤﻴﺎت ﺣﺮة ﻳﻌﺎدل ﺿﻌﻒ اﻟﺮﻫﺎن اﻷﺻﲇ ،ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺤﺴﻦ ﻋﺎﺋﺪك املﺤﺘﻤﻞ ﻣﻦ ٪٩٨٫٥٨٦إﱃ ،٪٩٩٫٣٩٤وﻫﻲ ﻧﺴﺒﺔ ﺗﺒﺪو ﻛﻨﺴﺒﺔ ﺷﺒﻪ ﻣﻌﺘﱪة؛ ْ وﻟﻜﻦ ﺗﺬ ﱠﻛ ْﺮ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺰال أﻗﻞ ﻣﻦ ،٪١٠٠وأﻧﻚ ﺳﺘﻈﻞ ﺗﺨﴪ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ! 188
املﻘﺎﻣﺮة
ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ اﻟﺮوﻟﻴﺖ واﻟﻜﺮاﺑﺲ املﺰﻳﺪ واملﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﺮق ﻟﻠﻤﺮاﻫﻨﺔ ،ﻟﻜ ﱟﻞ ﱠ ﱠ وﻟﻜﻦ ﺗﻨﺎ ُو َﻟﻬﺎ ﺑﺎملﻨﺎﻗﺸﺔ ﻫﻨﺎ ﺳﻮف ﻳﺴﺘﻬﻠﻚ ﻣﺴﺎﺣﺔ أﻛﱪ ﻣﻦ املﻔﻀﻠﺔ، ﻣﻨﻬﺎ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺘﻬﺎ اﻟﻼزم؛ واﻟﺪرس املﺴﺘﻔﺎد ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻫﻮ أن ﺗﻌﺮف دوﻣً ﺎ أرﺟﺤﻴﺎﺗﻚ ،ﱠ وأﻻ ﺗﺮاﻫِ َﻦ أﺑﺪًا ﺑﻼ ري. ﺗﻔﻜ ٍ ﺗﺨﺘﻠﻒ اﻷﻟﻌﺎب ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ؛ ﻓﻬﻨﺎك ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻧﻈﻢ ﻟﻠﺒﻼك ﺟﺎك ﺗﻤﻨﺤﻚ ﻣﻴﺰ ًة إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﻋﲆ ﻧﺎدي اﻟﻘﻤﺎر ،وﻟﻜﻦ ﻧﻮادي اﻟﻘﻤﺎر ﺗﻜﻮن ﻳَﻘِﻈﺔ ﻟ ﱠِﻼﻋﺒني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺪون ﻋﲆ دراﻳﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻼزم .إن ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ اﻟﺮﻳﺎﴈ اﻟﺬي ﻳُﻄ َﺮد ﻣﻦ ﻧﻮادي اﻟﻘﻤﺎر ﻳﺤﺐ ﻟﻌﺐ اﻟﺒﻼك ﺟﺎك. ﺣﺘﻰ اﻵن ﺗﻨﺎوﻟﻨﺎ اﻷﻟﻌﺎب ﻏري اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ — أﻧﺖ ﺿﺪ اﻟﻨﺎدي وﻗﻮاﻧني اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ — اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﻢ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺘﻬﺎ املﺜﲆ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺤﺴﺎب .وﻟﻜﻦ ﺗﻮﺟﺪ أﻟﻌﺎب ﺗﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﻣﺜرية ﺗُﺴﺘﺨﺪَم ﻟﻠﻤﻘﺎﻣﺮة ،ﻣﺜﻞ ﺳﺒﺎق اﻟﺨﻴﻞ .ﻟﻌﻠﻚ ﺗﻘﻮل إن ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﻴﻞ ُ ﺗﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺨﻴﻮل ﻓﻘﻂ ،وﻟﻜﻨﻚ ﻣﺨﻄﺊ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﰲ ذﻟﻚ؛ ﻓﺎﻷرﺟﺤﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗُﺤﺪﱠد ُﻗﺒَﻴْﻞ اﻟﺒﺪاﻳﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻟﻠﺴﺒﺎق َ ﻣﺒﺎﴍ ًة ﰲ ﻧﻈﺎ ٍم ﻟﻠﺮﻫﺎﻧﺎت املﺸﱰﻛﺔ ،ﺗﺘﺤﺪﱠد ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺧﺘﻴﺎرات املﺮاﻫﻨﺔ ﱠ املﺨﺼﺼﺔ ملﺪﻣﻨﻲ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﻴﻞ ،واﻟﻌﺎﺋﺪ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ )اﻟﺬي ﻳﻜﻮن ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ أﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻺدارة ،اﻟﺘﻲ ﺗﱰاوح ﻣﺎ ﺑني ١٥و ٢٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ( ﻳ َ ُﺪﻓﻊ ﻟﻠﻔﺎﺋﺰﻳﻦ .إن اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﺮاﻫﻦ ﰲ ﻣﻀﻤﺎر اﻟﺴﺒﺎق ﻻ ﻳﺮاﻫﻦ ﻋﲆ اﻟﺨﻴﻮل ،وإﻧﻤﺎ ﻳﺮاﻫﻦ ﻋﲆ اﻷﺷﺨﺎص؛ وﻛﻤﺎ ﰲ ﺳﻮق اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ ،ﻳﻜﻤﻦ ﻣﻔﺘﺎح اﻟﻨﺠﺎح ﰲ أن ﺗﻜﻮن أﻓﻀﻞ ﻣﻦ املﻨﺎﻓﺲ ،وﻟﻴﺲ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﱠ ﻳﺘﺤﻘﻖ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻧﺘﻘﺎء اﻟﻔﺎﺋﺰﻳﻦ ﺑﺤﺮﻓﻴﺔ وﺑﺮاﻋﺔ ،أو ﺑﺄن ﻳﻜﻮن اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ .وﻳﻤﻜﻦ أن ﻣﻨﺎﻓﺴﻚ أﻗ ﱠﻞ ﻣﺴﺘﻮًى ﻣﻨﻚ ،أو ﺑﺎﻟﻐﺶ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ إذا ﻛﺎن ﺑﻤﻘﺪورك اﻹﻓﻼت ﺑﻬﺬا. ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،إن املﺮاﻫﻨﺔ ﻋﲆ ﺧﻴﻞ اﻟﺴﺒﺎق ﻟﻬﺎ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ ﺳﻤﺎت ﺳﻮق اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ، ً ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻷي ﻣﻦ ﺣﻴﺚ إن اﻟﻜﺜري ﻣﻦ املﻌﻠﻮﻣﺎت املﻬﻤﺔ ذات اﻟﺼﻠﺔ )وﻟﻴﺲ ﻛﻠﻬﺎ( ﺗﻜﻮن ﺷﺨﺺ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎط وروح املﺒﺎدرة ﻣﺎ ﱢ ﻳﺆﻫﻠﻪ ﻟﺘﺘﺒﱡﻌﻬﺎ واﻗﺘﻔﺎء أﺛﺮﻫﺎ؛ وﻫﻨﺎك ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﺗﺨﻴﱡﻠﻴٍّﺎ ﺑﺤﺘٍّﺎ ﻳ َ ً ُﻜﺘﺸﻒ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺒﻮاﻋﺚ ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﺬﻟﻚ .ﻟﻜﻲ ﻧﺘﻔﻬﻢ ﻫﺬا ،ﺗﺄﻣﱠ ْﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺒﺤﺚ اﻟﺪءوب أن اﻟﻨﺎس ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻧﻔﻮر ﻋﻤﻴﻖ ﺑﺪاﺧﻠﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﻮل ذات اﻷﺳﻤﺎء ً ﺑﻄﻴﺌﺔ ﻣﻦ واﻗﻊ أﺳﻤﺎﺋﻬﺎ ،وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺠﺮﺟﺮ ﻣﻌﻬﺎ ﻛﻞ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺬﱠر ﻧﻄﻘﻬﺎ؛ إذ ﺗﺒﺪو ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺮوف اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻜﻮﱠن ﻣﻨﻬﺎ أﺳﻤﺎؤﻫﺎ .ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑني اﻻﺳﻢ واﻟﴪﻋﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻮ أن اﻟﻨﺎس أﺟﻔﻠﻮا ﻣﻦ املﺮاﻫﻨﺔ ﻋﲆ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺨﻴﻮل ،ﱢ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﴎﻋﺘﻬﺎَ ،ﻟﻜﺎن اﻟﻌﺎﺋﺪ أﻋﲆ ً ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﺣني ﺗﻔﻮز ﺑﺴﺒﺎق ﻣﺎ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺳﻴﻜﻮن ﻟﻸﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ 189
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻟﺪﻳﻬﻢ دراﻳﺔ ﺑﻨﻘﻄﺔ اﻟﻀﻌﻒ ﺗﻠﻚ أﻓﻀﻠﻴﺔ ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ ،ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺧﻼل املﺮاﻫﻨﺔ ﻋﲆ اﻟﺨﻴﻮل ذات اﻷﺳﻤﺎء اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ .وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻋﺪة آﻻف ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص ﻳﻘﺮءون ﺻﻔﺤﺎت ﱠ ﻳﺘﻜﺴﺒﻮن ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻤﺠﺎل اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ،ﻟﺪرﺟﺔ اﻟﻨﻤﻮذج ،وﻳﺬﻫﺒﻮن إﱃ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ،ﺑﻞ إﻧﻬﻢ أن اﻟﺨﱪ ﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﻳﻨﺘﴩ وﻳﺘﺪاول ،وﻳﻨﻀﻢ ﻣﺰﻳ ٌﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻟﻠﺮﻛﺐ ،وﺗﻨﺨﻔﺾ أرﺟﺤﻴﺎت املﻜﺴﺐ ﻋﲆ اﻟﺤﺼﺎن ذي اﻻﺳﻢ اﻟﻄﻮﻳﻞ .وﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،وﰲ ﺳﻮق ﻋﺎدﻟﺔ وﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ،ﺳﻮف ﻳﺘﻔﻘﻮن ﻋﲆ اﻷرﺟﺤﻴﺎت اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻨﺠﺎح اﻟﺮﻫﺎن ﻋﲆ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺤﺼﺎن ،وﺗﺘﻮﻗﻒ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ املﺤﺪدة ﻻﺳﺘﻐﻼل اﻟﻀﻌﻒ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻋﻦ ﺟﻠﺐ أي ﻣﻜﺎﺳﺐ؛ ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴري ﺑﻬﺎ أي ﺳﻮق ذات ﻛﻔﺎءة) .ﺑﻜﻞ ﺻﺪق وأﻣﺎﻧﺔ ،ﻻ ﻳﻌﺮف املﺆﻟﻒ إن ﻛﺎﻧﺖ ً ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﻟﺪى اﻟﺠﻬﺎت املﺴﺌﻮﻟﺔ ﻋﻦ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﻴﻮل .ﻓﻬﻮ ﻟﻢ ﻳﺮاﻫﻦ ﻗ ﱡ ﻂ اﻷﺳﻤﺎء اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻋﲆ اﻟﺨﻴﻮل ،أﻋﻨﻲ اﻷﺷﺨﺎص(. وﻟﻜﻦ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺣﺘﻰ اﻵن ﻟﻴﺲ ﺳﻮى ﻧﻈﺮﻳﺔ؛ ﻓﻬﻞ ﻫﻲ ﺻﺤﻴﺤﺔ ٍّ ﺣﻘﺎ؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،إن اﻟﺴﺒﻴﻞ ملﻌﺮﻓﺔ ذﻟﻚ ﻫﻮ اﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺳﺠﻼت ﺑﻀﻌﺔ آﻻف ﻣﻦ اﻟﺨﻴﻮل ،وﻧﺮى إن ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎدل ﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻮز ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻷرﺟﺤﻴﺎت ﰲ وﻗﺖ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺴﺒﺎق اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻗﺪ اﺳﺘﻘﺮت ﻋﻨﺪ ٍ ٍ أﺣﺪ اﻟﺨﻴﻮل ﺑﺎملﺮﻛﺰ اﻷول )أو أﺣﺪ املﺮﻛﺰﻳﻦ اﻷوﻟني ،أو أﺣﺪ املﺮاﻛﺰ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷوﱃ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﺠﺎﻫﻠﻨﺎ ﺗﻨﺎوﻟﻪ ﻫﻨﺎ( .ﺧﺬ ﻛﻞ اﻟﻔﺮص اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎوي ﺧﻤﺴﺔ إﱃ واﺣﺪ )ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺠﻠﺐ اﻟﺨﻴﻞ ﻟﺮﻫﺎن ﻗﻴﻤﺘُﻪ دوﻻران( ﻟﻌﺎم أو ﻧﺤﻮ ذﻟﻚ ،واﻧﻈﺮ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻔﻮز ﻟﺤﻮاﱄ اﺛﻨﻲ ﻋﴩ دوﻻ ًرا ٍ ُﺳﺪس اﻟﻮﻗﺖ .ﻟﻘﺪ أﻗ َﺪ َم اﻟﻌﺪﻳ ُﺪ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص ﻋﲆ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺬﻟﻚ ،وﻛﺎن اﻟﺮأي املﺠﻤﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﻮ أﻧﻬﺎ وﺳﻴﻠﺔ دﻗﻴﻘﺔ إﱃ درﺟﺔ ﻛﺒرية؛ ﻓﺄرﺟﺤﻴﺎت ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺴﺒﺎق ﺗُﻌَ ﱡﺪ ﺗﻘﺪﻳ ًﺮا ﺳﺒﻴﻞ ﻟﺮﺑﺢ أﻣﻮال ﻛﺒرية ﻣﻦ ﺧﻼل ﺟﻴﺪًا إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺬﻫﻞ ﻟﻼﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻟﻠﻔﻮز ،وﻣﺎ ﻣﻦ ٍ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﺘﻔﻮﱡق ﰲ اﻟﺘﺨﻤني ﻋﲆ ﺟﻤﻮع املﺸﺎرﻛني ﰲ املﺮاﻫﻨﺔ .وﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻷرﺟﺤﻴﺎت ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻧﺰﻋﺔ ﺻﻐرية ﻟﺪى اﻟﻨﺎس ﻟﻮﺿﻊ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ وﺿﻌﻪ ﻣﻦ ﻧﻘﻮ ٍد ﻋﲆ اﻟﺨﻴﻮل ذات ﻓﺮص اﻟﻔﻮز اﻟﻀﺌﻴﻠﺔ ،وأﻗﻞ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﲆ اﻟﺨﻴﻮل املﻔﻀﻠﺔ ﻟﻠﻔﻮز .ﻣﻦ ﱡ واﻟﱰﻓﻊ ﻋﻦ اﻟﺴﻬﻞ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﰲ وﺟﻮد أﺳﺒﺎب ﻧﻔﺴﻴﺔ وراء ذﻟﻚ؛ ﻛﻮ َْﻫ ِﻢ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻓﻮز ﻛﺒري، املﺮاﻫﻨﺔ ﺑﺪوﻻرﻳﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻔﻮز ﺑﺪوﻻر واﺣﺪ ﻋﲆ اﻟﺨﻴﻮل املﻔﻀﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻓﺮﺻﺔ ﱠ وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ٍ ﻛﺎف ﻹدارة ﻛﺒرية ﻟﻠﻔﻮز ،وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ املﻈﺎﻫﺮ اﻷﺧﺮى املﻤﺎﺛﻠﺔ ملﻨﻔﻌﺔ اﻟﻨﻘﻮد. أﻣﻮال ﻣﻦ ﺗﻠﻚ املﻤﻴﺰات ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ. اﻟﺴﺒﺎق؛ ﻷﻧﻪ ﻳﻤﺤﻮ أيﱠ ﻓﺮﺻﺔ ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ ﻟﺠﻤﻊ ٍ وأﺣﺪث دراﺳﺔ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻟﻠﻤﺆﻟﻒ ﻋﻦ ﻫﺬا املﻮﺿﻮع )واﻟﺘﻲ أﺟﺮاﻫﺎ أﺷﺨﺎص ذوو ﻣﺆﻫﻼت 190
املﻘﺎﻣﺮة
ﻋﻠﻤﻴﺔ ﰲ اﻹﺣﺼﺎء( ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ أﺟﺮاﻫﺎ ﺑﺮاون ،وداﻣﺎﺗﻮ ،وﺟﺮﺗﻨﺮ ،وﻧ ُ ِﴩت ﰲ ﻣﺠﻠﺔ إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﺑﻌﻨﻮان »ﺗﺸﺎﻧﺲ« ﰲ ﺻﻴﻒ ﻋﺎم .١٩٩٤ ُ اﺑﺘُﻜﺮ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ »اﻟﻨﻈﻢ« ﻟﻠﻔﻮز وﺗﻢ ﻧﴩﻫﺎ ،ﺑﻞ إن اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻪ أ ُﺳﺲ إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﺻﻠﺒﺔ ،وأﺣﺪ اﻟﻨﻈﻢ اﻟﺮاﺋﺠﺔ »ﻳﻔﱰض« ﺗﻤﺘﱡﻊ اﻟﺴﻮق ﺑﺎﻟﻜﻔﺎءة؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺗﻌﺘﱪ أرﺟﺤﻴﺎت املﺮاﻫﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُ َ ً اﻧﻌﻜﺎﺳﺎ ﺻﺤﻴﺤً ﺎ ﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ أن ﻛﻞ ﺣﺼﺎن ﻗﺪ ﻮﺿﻊ ُﻗﺒَﻴْﻞ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺴﺒﺎق ﻳﻔﻮز ﺑﺎﻟﺴﺒﺎق؛ وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن أرﺟﺤﻴﺎت املﺮاﻫﻨﺎت املﺸﱰﻛﺔ ﻋﺎدﻟﺔ )ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ اﻟﺠﺰء املﺴﺘﻘﻄﻊ اﻟﺬي ﻳﺬﻫﺐ ﻹدارة اﻟﺴﺒﺎق(؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك أي ﻣﻜﺴﺐ ﰲ املﺮاﻫﻨﺔ ﻋﲆ اﻟﻔﻮز ﺑﻬﺬه اﻷرﺟﺤﻴﺎت .ﻏري أن ﻫﻨﺎك وﺳﺎﺋﻞ ﻻﺳﺘﺨﺪام اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﻔﻮز ﻻﺳﺘﻨﺘﺎج ﻓﺮﺻﺔ ﺣﻠﻮل ﻛ ﱢﻞ ﺣﺼﺎن ﰲ املﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻧﻲ أو اﻟﺜﺎﻟﺚ ،وﻗﺪ ﺗﻜﻮن أرﺟﺤﻴﺎت املﺮاﻫﻨﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎملﺮﻛﺰﻳﻦ اﻷوﻟني أو املﺮاﻛﺰ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷوﱃ ﺻﺤﻴﺤﺔ أو ﻏري ﺻﺤﻴﺤﺔ .ﺗﻠﻚ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺣﺴﺎﺑﻴﺔ ً ﺿﻌﻔﺎ ،وﻣﻌﻈﻢ املﺮاﻫﻨني ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن أﺻﻌﺐ ،ملﺎ ﻛﺎن اﻷﺳﺎس اﻟﺬي ﺗﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻴﻪ أﻛﺜﺮ إﺟﺮاءﻫﺎ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ؛ إذن ﻓﻤﻦ املﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻋﺪم ﻛﻔﺎءة ﰲ اﻟﺴﻮق ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻄﻠِﻊ ﺑﺤﻮزﺗﻪ ٌ رﻫﺎﻧﺎت املﺮﻛﺰﻳﻦ اﻷوﻟني واملﺮاﻛﺰ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷوﱃ ،وأي ﺷﺨﺺ ﻣ ﱠ آﻟﺔ ﺣﺎﺳﺒﺔ ٍ رﻫﺎﻧﺎت ﺗﺆﺗﻲ رﺑﺤﻬﺎ .وﻗﺪ ﻧﴩ ﻳﺪوﻳﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﻀﻊ ﰲ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻷﺧرية ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺨﺎص ﰲ ﻣﻄﻠﻊ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ،وﻛﺎن ﻣﻨﻄﻘﻴٍّﺎ ﰲ ﺣﻴﻨﻪ ،وﻟﻜﻨﻪ اﻵن ﻻ ﻳُﺴﺘﺨﺪَم إﻻ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﺪدٍ ﻣﺤﺪود ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ املﺮاﻫﻨني ،ﺣﺘﻰ إن ﻋﺪم اﻟﻜﻔﺎءة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ رﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ ﻟﻬﺎ وﺟﻮد ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ؛ ﻓﻬﺬا ﻫﻮ املﻨﻬﺞ اﻟﺬي ﺗﺴري ﺑﻪ أيﱡ ﺳﻮق ذات ﻛﻔﺎءة ﻋﲆ ﻛﻞ ﺣﺎل .وﺗﺬ ﱠﻛ ْﺮ أن أيﱠ ﺳﻮق ذات ﻛﻔﺎءة ﻻ ﺗﺸﱰط أن ﻳﻜﻮن ﻛﻞ ﻣﺴﺘﺜﻤﺮ أو ﻣﺮاﻫﻦ ﺣﻜﻴﻤً ﺎ ،ﺑﻞ ﻳﻜﻔﻲ وﺟﻮد ﻋﺪد ٍ ﻛﺎف ﻣﻨﻬﻢ. ً ﻣﺴﺒﻘﺎ أن اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺘﻲ ﻧﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ ﰲ ﻧﻘﺎﺷﻨﺎ ﺗُﻠﻌَ ﺐ ﺑﻌﺪل وﻧﺰاﻫﺔ. ﻛﻞ ﻫﺬا ﻳﻔﱰض وﻳﻌﱰف ﻣﺆﻟﻒ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺘﺸﺎﺋﻢ ﺑﻌﺾ اﻟﴚء ﰲ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ،ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﲆ املﺤﻚ؛ ﻓﺤني ﺗﻜﻮن املﻜﺎﺳﺐ املﺤﺘﻤﻠﺔ ﻛﺒري ًة ،ﻳﺘﻮاﻓﺮ داﻓﻊ ﻗﻮي ﻹﻳﺠﺎد وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﺤﺎﻳﻞ ﻋﲆ اﻟﻘﻮاﻋﺪ ،وأﻳﻨﻤﺎ و ُِﺟﺪت اﻟﺪواﻓﻊ اﻟﻘﻮﻳﺔ ﻳﺘﻮاﺟﺪ ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﺠﻴﺒﻮن ﻟﻠﺘﺤﺪﱢي ،وﻻ ﻳ َ ُﻜﺘﺸﻒ أﻣﺮﻫﻢ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ،وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ إﺛﺒﺎت ذﻟﻚ. ﺳﻮف ﻧﻘﺎوم إﻏﺮاءَ ﺗﺤﻠﻴﻞ أﻟﻌﺎب اﻟﺤﻆ اﻷﺧﺮى؛ ﻓﺎﻟﻨﻤﻂ واﺿﺢ .اﻋﺮف اﻷرﺟﺤﻴﺎت، ﺗﺤ ﱠﺮ اﻟﻮﺿﻮح ﺑﺸﺄن إذا ﻣﺎ َ ﻛﻨﺖ ﺗﺮاﻫﻦ أﻣﺎم اﻷﺷﺨﺎص أم اﻷﺷﻴﺎء ،و ُﻛ ْﻦ واﺿﺤً ﺎ ﺑﺸﺄن أﻫﺪاﻓﻚ .وﻓﻮق ﻛﻞ ذﻟﻚ ،ﻻ ﱠ ً ﻋﺎدﻟﺔ أو ﺗﺘﻮﻗ ِﻊ اﻟﻔﻮ َز ﻋﲆ املﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻷرﺟﺤﻴﺎت أﺳﻮأ ،ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻻﻋﺐَ ﺑﻮﻛﺮ ﺟﻴﺪًا ،وﺗﻤﻠﻚ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ اﻟﺤﻆ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻜﻲ ﺗﺤﻈﻰ )وﻟﻮ ﻟﻔﱰة ﻋﲆ اﻷﻗﻞ( ﺑﺄﺻﺪﻗﺎء ﻻ ﻳ ُِﺠﻴﺪون اﻟﻠﻌﺒﺔ. 191
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﴩون
اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت :اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص
ﰲ ﻋﺎم ،١٩٦٤ﻧ ُ ِﴩ ﻛﺘﺎب راﺋﻊ )ﺻﺪرت اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻨﻪ ﰲ ﻋﺎم (١٩٦٦ﺑﻌﻨﻮان »اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ﺑﺎﻟﻨ ﱢ َﺴﺐ املﺌﻮﻳﺔ« ﻣﻦ ﺗﺄﻟﻴﻒ إﻳﺮﻧﺸﻮ ﻛﻮك .ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺤﺎﻓﻞ ﻣﻦ ﻣﺤ ﱢﻠﲇ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﻗﺪ ﺗﺪ ﱠرﺑﻮا ﺧﻼل اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﲆ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺗﻘﻨﻴﺎت اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﻋﲆ املﺸﻜﻼت اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ واﻟﺘﻜﺘﻴﻜﻴﺔ ،وﻛﺎن ﻃﺒﻴﻌﻴٍّﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻬﻢ أن ﻳﺘﱠ ِﺠﻬﻮا اﻵن إﱃ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺎت ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ؛ ﻓﺎﻟﻜﺜري ﻣﻨﻬﻢ ،ﻋﲆ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻛﺎن ﻳﻤﺎرس ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت ﰲ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ، ٍ ٍ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ داﻓ ٌﻊ ﻻ ﻳُﻘﺎوَم. ﻣﺸﻜﻼت واﻟﺪاﻓﻊ اﻟﻘﻬﺮي ﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻋﲆ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﺘﻲ أﺳﻔﺮ ﻋﻨﻬﺎ ذﻟﻚ أيﱡ ﺗﺄﺛري ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻋﲆ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ملﻤﺎرﳼ وﻣﺪ ﱢرﺑﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت املﺨﺘﻠﻔﺔ؛ ﻳﺒﺪو اﻷﻣﺮ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻋﺎ َﻟﻢ ﻣﻦ املﺜﻘﻔني ذوي اﻟﺸﻌﺮ ُﺨﺮﺟﻮن أﺑﺤﺎﺛًﺎ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻃﻮال اﻟﻮﻗﺖ ،وﻋﺎ َﻟﻢ َ آﺧﺮ ﻣﻦ ﻣﺎﺿﻐﻲ اﻟﺘﺒﻎ ﻳﻤﺎرﺳﻮن اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻳ ِ اﻷﻟﻌﺎب ﺑﺸﻜﻞ ﻓﻌﲇ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎن آﺑﺎؤﻫﻢ وأﻣﻬﺎﺗﻬﻢ ﻳﻔﻌﻠﻮن .وﻗﺪ ﻇﻬﺮت ﻛﺘﺐٌ أﺧﺮى ﻣﻨﺬ ﺻﺪور ﻛﺘﺎب ﻛﻮكْ ، ٌ وﺗﺤﻠﻴﻼت ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ﻟﺮﻳﺎﺿﺎت أﺧﺮى ،وإن وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﺜرية، ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﺜرية .إن اﻷﻣﺮ ﻏﺮﻳﺐ؛ إذ إن ﻫﻨﺎك ﻣﺠﻠﺪات ﺿﺨﻤﺔ ﻣﻦ اﻹﺣﺼﺎءات ﻋﻦ اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ،وﻫﻨﺎك آﻻف املﺒﺎرﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎم ﰲ اﻟﺪورﻳﺎت ﰲ ﻛﻞ ﻋﺎم ﻻ ﻳﺤﺪث ﻓﻴﻪ إﴐاب َ اﻷﻟﻒ ﺑﺎﻟﻜﺎد ﰲ ﺗﻠﻚ اﻷﻳﺎم ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺻﺎرت أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻟﻼﻋﺒني )ﻛﺎن ﻋﺪدﻫﺎ ﻳﺘﺠﺎوز َ ُ اﻵن( ،واﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ املﻤﻠﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺒﺎراة ﺗﻨﴩ ﰲ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻮاﺟﺐ املﻬﻨﻲ، وﻳﺘﻢ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻬﺎ ﻟﻸﺟﻴﺎل اﻟﻘﺎدﻣﺔ .ﻗﺪ ﺗﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﺑﻤﺎ أن ﻻﻋﺒﻲ وﻣﺪ ﱢرﺑﻲ اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل املﺤﱰﻓني ﻳﻔﱰض أﻧﻬﻢ ﻳﻠﻌﺒﻮن ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻔﻮز ،ﻓﺴﻮف ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻣﺘﻠﻬﻔني ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ أي أداة ﻣﺘﺎﺣﺔ )ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ( ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﻢ؛ ﻓﺒﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ ،ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،أن ﻳﻌﺮﻓﻮا ﻣﻦ املﻌﻠﻮﻣﺎت واﻟﺒﻴﺎﻧﺎت إذا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ ا ُملﺠﺪي ،ﰲ املﺘﻮﺳﻂ ،أن ﻳﺘﻌﻤﱠ ﺪ ﻻﻋﺐ ﻋﲆ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ وﻋﺪم وﺟﻮد أﺣﺪ املﴚ إﱃ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻷوﱃ ﰲ وﺟﻮد اﻟﻀﺎربُ ْ َ ٍ
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﺑﺎﻟﺨﺎرج ،أو إذا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ ﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﴬﺑﺔ إﱃ داﺧﻞ املﻠﻌﺐ إذا ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻻﻋﺐ ً ً ﺿﺨﻤﺔ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻋﲆ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻷوﱃ وﻻ ﻳﻮﺟﺪ أﺣﺪ ﺑﺎﻟﺨﺎرج .وﻗﺪ ﺣ ﱠﻠ َﻞ ﻛﻮك وﺧﻠﻔﺎؤه اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ﻋﻦ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺘﻜﺘﻴﻜﺎت اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،وﰲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﻴﺎن ﻛﺎن ﻳﺘﺒني ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺚ أن ﺳﻤﻌﺔ ﺗﻠﻚ املﻨﺎورات ﻻ ﺗﱪرﻫﺎ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ. ﺗُﺴﺘﺨﺪَم أﺟﻬﺰة اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ﻋﲆ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ﰲ اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت اﻻﺣﱰاﻓﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ اﻻﺳﺘﺨﺪام َ ﻣﺒﺎﴍ ًة ،ﻟﻠﺒﺤﺚ ﰲ اﻷﻏﻠﺐ ﻳﻘﺘﴫ ﻋﲆ ﺗﺠﻤﻴﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت وﺗﺨﺰﻳﻨﻬﺎ أﺛﻨﺎء املﺒﺎرﻳﺎت وﺑﻌﺪﻫﺎ ٍ ﺿﻌﻒ ﺗُﺴﺘﻐﻞ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ اﻟﺨﺼﻮم ،وﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻧﻘﺎط ﺿﻌﻒ ﻟﺪى اﻟﺨﺼﻢ ﻋﻦ ﻣَ ﻮاﻃﻦ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ .إن ﻣﺎ ﻳُﺴﺘﺨﺪَم ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻻت ﰲ أﺟﻬﺰة اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ ﻫﻮ ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﱠ املﻌﻘﺪ اﻟﺬي ﻋﲆ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ واﻟﺘﺠﻤﻴﻊ ،وﻟﻴﺲ اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ إﺟﺮاء ﻧﻮﻋﻴﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ املﺘﻄﻮﱢر ﻳﺘﺤﺪﱠى املﻌﺘﻘﺪات اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ ﻟﻠُﻌﺒ ٍﺔ ﻣﺎ .وﺗﺘﻮاﻓﺮ اﻟﻔﺮص ﰲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ﺑﻘﺪر ُ ﺗﻮاﻓﺮﻫﺎ ﰲ ﻋﺎﻟﻢ اﻷﻋﻤﺎل؛ ﺣﻴﺚ ﺗُﺴﺘﺨﺪم ﻋﻤﻠﻴﺎت املﺤﺎﻛﺎة اﻟﺤﺎﺳﻮﺑﻴﺔ ﻋﲆ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ، وﻛﺎن ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛري ﻛﺒري. إذن ،وﺗﻤﺎﺷﻴًﺎ ﻣﻊ ﻓﻜﺮة اﻟﺴﻮق ذات اﻟﻜﻔﺎءة ،ﻳ ﱠ َﺘﻮﻗﻊ املﺮء أن ﺗﻨﺘﴩ أﻧﺒﺎء ﺗﻠﻚ املﻘﺪرة، وأن ﻳﻜﻴﱢﻒ املﺪﻳﺮون املﺤﱰﻓﻮن ﺳﻠﻮ َﻛﻬﻢ ﻟﻴﺘﻤﺎﳽ ﻣﻊ ﻗﻮاﻧني اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺤﺘﻤﻴﺔ؛ ﻓﺒﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﳾء ،ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺣِ ﻴَﻞ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ﻛﺜريًا ﻋﻦ املﻘﺎﻣﺮة ﰲ ﻧﺎدٍ ﻟﻠﻘﻤﺎر أو املﻀﺎرﺑﺔ املﺘﻬﻮرة ﰲ اﻟﺒﻮرﺻﺔ؛ إذ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻠﻌﺐ وﻓﻖ اﻷرﺟﺤﻴﺎت ملﻌﻈﻢ اﻟﻮﻗﺖ ،وﻟﻜﻦ ﺗﻘﺎﻣﺮ ﺑﺠﺮأ ٍة ﰲ املﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﺣني ﻳﻨﻔﺪ اﻟﻮﻗﺖ ،وﻳﻜﻮن املﻜﺴﺐ املﻨﺘﻈﺮ ﻛﺒريًا .وﰲ ﻣﻮﺳﻢ ﻃﻮﻳﻞ ﻟﻠﺒﻴﺴﺒﻮل ،ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻜﻲ ﺗﺮﺳﺦ ﻗﻮاﻧني اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺳﻴﺎدﺗﻬﺎ وﻫﻴﻤﻨﺘﻬﺎ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ أيﱡ ﻋﺬر ﻣﻨﻄﻘﻲ ملﻘﺎوﻣﺘﻬﺎ؛ وﻫﻜﺬا ﻗﺪ ﺗﻌﺘﻘﺪ أن ﻛ ﱠﻞ ﻣﺪ ﱢرب ﻣﻦ ﻣﺪ ﱢرﺑﻲ ﻓِ َﺮق اﻟﺪوري ﻳﺤﻔﻆ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻦ ﻇﻬﺮ ﻗﻠﺐ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﻣﺤﱰف ،وﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ ﻟﻴﺲ اﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ .ﻟﻘﺪ ﱠ ﺗﻮﻗ َ ٍ ﻒ ﻃﺒﻊ ﻛﺘﺎب ﻛﻮك ﻣﻨﺬ ﻻﻋﺐ ﺑﻮﻛﺮ ﻛ ﱡﻞ ِ وﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ ،وﻟﻢ ﻳﺠﺪ املﺆ ﱢﻟﻒ ﺳﻮى ﺣﻔﻨﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ ﺧﻼل ﺑﺤﺜﻪ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻮرد وﻟﻮ ذﻛ ًﺮا ﻟﻠﻤﻮﺿﻮع .وﺣﺘﻰ ﻛﺘﺎب ﺟﻮرج وﻳﻞ اﻟﺮاﺋﻊ ﻋﻦ اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ﺑﻌﻨﻮان »رﺟﺎل ﺗُ ِ ﰲ اﻟﻌﻤﻞ« ﻻ ﻳﺤﻮي ﻛﻠﻤﺔ »اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ« ﰲ اﻟﻔﻬﺮس ،ﻏري أﻧﻪ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺬﻛﺮ اﻟﺤﻆ .ﻛﺎن »ﻣﻦ َ ﻟﻌﺒﺔ ﻧ َِﺴﺐ ﻣﺌﻮﻳﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﺬﻟﻚ؛ ﻓﺒﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ املﻤﻜﻦ« أن ﺗﻜﻮن ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل َ ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر( ،ﻻ راﺗﺐ اﻟﻼﻋﺐ »املﺘﻮﺳﻂ« )اﻟﺬي ﻳﺘﺠﺎوز ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺮﺟﻊ اﻟﺴﺒﺐُ إﱃ اﻧﻌﺪام ﺗﻌﻠﻴ ٍﻢ ،أ َﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ؟ 194
اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت :اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص
ﻟﻨﺒﺪأ ﺑﻤﺜﺎل اﺳﺘﻌﻨﱠﺎ ﺑﻪ ﰲ ﻛﺘﺎب ﺳﺎﺑﻖ؛ أ َ َﻻ وﻫﻮ ﻓﺮﺻﺔ أداء ﻣﺒﺎراة ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ؛ إﻧﻪ ﻣﺜﺎل ﺑﺴﻴﻂ ،وﻳﺴﻬﻞ ﺣﺴﺎﺑﻪ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻓﻬﻮ ﱢ ﻳﻮﺿﺢ اﻟﻔﻜﺮة ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺨﻴﺎرات اﻷﺧﺮى. املﺒﺎراة املﺜﺎﻟﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﺒﺎراة ﻳﻘﻮم ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺮاﻣﻲ ﺑﺈزاﺣﺔ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻀﺎرﺑني اﻟﺴﺒﻌﺔ واﻟﻌﴩﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻮاﺟﻬﻮﻧﻪ؛ ﻓﻼ رﻛﺾ ،أو ﴐب ﻟﻠﻜﺮة ،أو أﺧﻄﺎء ،أو ﻣﴚ ﻧﺤﻮ اﻟﻘﻮاﻋﺪ؛ اﺧﱰ ﻣﺎ ﺗﺸﺎء( .واﻟﺴﺒﺐ وراء ﺳﻬﻮﻟﺔ ﻓﻘﻂ إﺗﻘﺎن ﰲ اﻟﺮﻣﻲ )أو ﻋﺪم ﻛﻔﺎءة ﰲ اﻟﴬب؛ َ ْ ﺣﺴﺎب اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ أن اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺳﻬﻠﺔ اﻟﺘﺼﻮﱡر؛ ﻓﻌﲆ اﻟﺮاﻣﻲ أن ﻳﺰﻳﺢ اﻟﻀﺎرب اﻷول اﻟﺬي ﻳﻮاﺟﻬﻪ ،ﺛﻢ اﻟﺬي ﻳﻠﻴﻪ ،ﺛﻢ اﻟﺬي ﻳﻠﻴﻪ … ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ إزاﺣﺔ ﻛﻞ ﺿﺎرب ﺗﺒﻠﻎ ٠٫٧ )وﻫﻲ ﻧﺴﺒﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ً وﻓﻘﺎ ﻟﻠﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﺗ ﱠﻢ ﺟﻤﻌﻬﺎ ﻋﱪ اﻟﺴﻨني( ،ﻓﺈن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻚ ﻓﻌﻠﻪ ﻹﻳﺠﺎد اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺒﺎراة ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﻫﻮ ﴐب ٠٫٧ﰲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺳﺒﻌً ﺎ وﻋﴩﻳﻦ ﻣﺮة. ﺗﻠﻚ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻳﺴﻬﻞ إﺟﺮاؤﻫﺎ ﻋﲆ اﻵﻻت اﻟﺤﺎﺳﺒﺔ اﻟﻴﺪوﻳﺔ املﺘﻮاﻓﺮة اﻟﻴﻮم ،وﺗﻜﻮن اﻹﺟﺎﺑﺔ أﻟﻔﺎ .ﻛﻞ ﻣﺎ اﻓﱰﺿﺘﻪ ٍّ ﺣﻮاﱄ ﻓﺮﺻﺔ واﺣﺪة ﰲ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﴩ ً ﺣﻘﺎ ﻫﻮ أن ﻛﻞ ﺿﺎرب ﻳﻤﺜﱢﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﺮاﻣﻲ ،ﻣﻊ وﺟﻮد ﻓﺮﺻﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٠٫٧ﻟﻠﻨﺠﺎح ﰲ إﺧﺮاﺟﻪ .ﻳﻮﺟﺪ اﻵن ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﲆ أرﺑﻌﺔ آﻻف ﻓﺮﺻﺔ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺒﺎراة ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ )إذ ﺗﻜﻮن ﻟﻜﻞ را ٍم ﻓﺮﺻﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﺮﺻﺘﺎن ﰲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻮاﺣﺪة( ،وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﺒﻖ أﻗﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺳﻮف ﱠ ﺗﺘﻮﻗﻊ ﻣﺒﺎراة ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﻛ ﱠﻞ ﺛﻼﺛﺔ أو أرﺑﻌﺔ أﻋﻮام ،ﻋﻠﻤً ﺎ ﺑﺄن ﻣﻌﺪﻻت ﺣﺪوﺛﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ أﻗﻞ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺛﻤﺎن اﻷﻳﺎم ﺣني ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻔِ َﺮق أﻗﻞ واملﻮاﺳﻢ أﻗﴫ .ﰲ وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ٍ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه املﺒﺎرﻳﺎت ﻓﻴﻤﺎ ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ اﻟﻌﴫ اﻟﺤﺪﻳﺚ ،ﺑﺪأت ﺑﻤﺒﺎراة دون ﻻرﺳﻦ ﻋﺎم ١٩٥٦ )ﰲ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺎت!( واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻔﻖ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻣﻊ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ،ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﺠﺬر اﻟﱰﺑﻴﻌﻲ اﻟﺘﻲ ورد ْ َت ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﴩ؛ وﻫﻜﺬا ﻳﻜﻮن اﻻﻓﱰاض اﻟﺬي وﺿﻌﻨﺎه — واﻟﻘﺎﴈ ﺑﺄن ﻛﻞ ﺿﺎرب ﻟﺪﻳﻪ ﻧﻔﺲ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﺑﺸﻜ ﱟﻞ ﻣﺎ ﰲ أن ﺗﺘﻢ إزاﺣﺘﻪ — ﺻﺤﻴﺤً ﺎ. ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻫﺬا ﺳﻤﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﰲ ﻛ ﱢﻞ اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت املﺸﺎﺑﻬﺔ .وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﺟﻤﻴﻊ املﺪرﺑني واملﺤﱰﻓني ﻳﺘﺤﺪﺛﻮن ﺑﺤﻜﻤﺔ ﻋﻦ اﻟﻨﺠﺎﺣﺎت املﺘﻮاﺻﻠﺔ ،وﻋﻦ ﻓﱰات اﻹﺧﻔﺎق واﻻﻧﺤﺪار، واﻷﻳﺎدي اﻟﺴﺎﺧﻨﺔ ﰲ ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ؛ ﻓﺈن اﻷدﻟﺔ ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻊ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﻌﺪم وﺟﻮد ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء ،وأن املﺮاﻗﺒني ﻳﺸﺘﻬﺮون ﺑﻌﺪم ﻗﺪرﺗﻬﻢ ﻋﲆ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻜﻮن ﳾءٍ ﻣﺎ ﻋﺸﻮاﺋﻴٍّﺎ أو أن ﻟﻪ ﻧﻤ ً ﻄﺎ ﻣﻨﻬﺠﻴٍّﺎ .وﻗﺪ ﺗﻨﺎوﻟﻨﺎ ﻫﺬا ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ ،ﺣني ﻧﺎﻗﺸﻨﺎ آﻟﺔ ﱢ ﻓﺒﻐﺾ ﺷﺎﻧﻮن ﻟﻠﺘﺨﻤني ،وﻣﺮة أﺧﺮى ﰲ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻨﺎ ﻟﺴﻮق املﺎل ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﴩ؛ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻤﱠ ﺎ ﰲ ﻋﻘﻮل اﻟﻨﺎس ،ﻓﻬﻢ ﻳﺤﺒﻮن رؤﻳﺔ ﻧﻈﺎ ٍم ﺣﻴﺜﻤﺎ ﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك أي ﻧﻈﺎم، 195
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻓﺼﻞ ﻋﻦ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ﰲ ﻛﺘﺎب ﻋﻦ وﻫﺬ ﻣﻮﺿﻮع ﺟﺪ ﻣﻬﻢ وﻋﻤﻴﻖ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٍ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار. وﻟﻜﻦ إذا ﻛﺎن ﺻﺤﻴﺤً ﺎ ٍّ ﺣﻘﺎ أن اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻣﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻛﺎﻣﻨﺔ وراءﻫﺎ )ﺗﺘﺤﺪﱠد ﺑﺎملﻬﺎرة ،واﻟﻄﻮل ،واﻟﻮزن ،واﻟﺘﺪرﻳﺐ ،وأﻣﻮر أﺧﺮى( ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺬﺑﺬﺑﺎت ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ﻳُﻈﻦ ﺧﻄﺄ ً أﻧﻬﺎ أﻧﻤﺎط؛ ﻳﻨﺒﻐﻲ إذن ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻗﻮاﻋﺪ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار اﻟﺘﻲ ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻨﻬﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻋﲆ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻛﺘﺎب ﻛﻮك اﻟﺼﺎدر ﰲ ﻋﺎﻣَ ْﻲ ً ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺠﻌﻞ ﻫﺬا ﻣﻤﻜﻨًﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﺳﻮى ﺗﺄﺛري ﻣﺤﺪود — إن ﻛﺎن ١٩٦٤و١٩٦٦ ﻟﻪ ﺗﺄﺛري ﻣﻦ اﻷﺳﺎس — ﻋﲆ املﻤﺎرﺳني اﻟﻔﻌﻠﻴني ﻟ ﱡﻠﻌﺒﺔ ،ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﻮا ﻣﺤﱰﻓني أم ﻫﻮاة .ﻟﻘﺪ ﺻﺎر راﺋﺠً ﺎ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ اﻟﺘﻬ ﱡﻜ ُﻢ ﻋﲆ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ،ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أي ﻣﺠﺎل َ َ دروس اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت دون اﻣﺘﻼك ﻣﻌﺮﻓﺔ آﺧﺮ .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺑﻌﺾ املﺪرﺑني ﻳﺴﺘﻮﻋﺒﻮن رﺳﻤﻴﺔ ﺑﺄيﱟ ﻣﻨﻬﺎ ،وﻣﻦ املﻤﻜﻦ ﱠأﻻ ﻳﺘﱠ ِﺒﻌﻮا ﻫﺬا اﻷﺳﻠﻮبَ ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﺪﻳﻞ ﺣﻘﻴﻘﻲ ملﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﻪ ،ﺳﻮاء ﰲ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار أم ﰲ أي ﳾء َ آﺧﺮ) .اﻧﻈﺮ ﻛﺘﺎب ﺟﻮن ﺑﺎوﻟﻮس اﻟﺼﻐري املﺴﺘﻔِ ﺰ ﻟﻠﻌﻘﻞ ﺑﻌﻨﻮان »اﻷﻣﻴﺔ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ« ﻟﻼ ﱢ ﻃ َﻼع ﻋﲆ املﻼﻣﺢ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﻤﺸﻜﻠﺔ(. ﻣﻦ أﺟﻞ إﺟﺮاء ﻋﻤﻠﻴﺔ ﴐب اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﻨﺎ ،ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﺄ ﱠﻛﺪ ﻣﻦ ِ ﺣﺪوث أﻧﻬﺎ ﻏري ﻣﺘﻼزﻣﺔ )واﻟﺘﻼزم ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ إذا ﺣﺪث ﳾء ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺆﺛﱢﺮ ﻋﲆ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ َ آﺧﺮ(؛ وإﻻ ﻓﺴﻴﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ اﻓﱰاض أن اﻷﺣﺪاث ﺗﺤﺪث ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﺘﻘﻞ .وﻗﺪ أﻇﻬﺮت دراﺳﺎت ﻣﺘﻌﺪﱢدة ،ﻋﲆ رﻳﺎﺿﺎت ﻣﺘﻌﺪﱢدة ،أن ﻏﻴﺎب اﻟﺘﻼزم ﻫﻮ اﻟﻘﺎﻋﺪة أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء. واﻟﺴﺒﺐ ﰲ ذﻟﻚ واﺿﺢ ﰲ اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل؛ إذ ﺗﺘﺄﻟﻒ ﻣﺒﺎراة اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻣﻦ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ املﻮاﺟﻬﺎت ﺑني ﺿﺎرب ورا ٍم ،ﺑﺨﺮوج أو دون ﺧﺮوج ﻣﺴﺒﻖ ﻟ ﱠِﻼﻋﺒني ،وﰲ وﺟﻮد أو ﻋﺪم وﺟﻮد ﻻﻋﺒني ﻋﲆ اﻟﻘﺎﻋﺪة ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﻮاﺟﻬﺎت ﻣﺘﻜ ﱢﺮرة ﻋﲆ ﻣﺪار املﺒﺎراة .ﻓ ِﻠ َﻢ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﱠأﻻ ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك إﺣﺼﺎﺋﻴﺎت ذات ﺻﻠﺔ؟ إن اﻟﻬﻮﻛﻲ وﻛﺮة اﻟﻘﺪم وﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ ﻫﻲ ﺳﻼﺳﻞ ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻬﺠﻤﺎت ﻋﱪ اﻟﺠﻠﻴﺪ أو املﻀﻤﺎر أو املﻠﻌﺐ ،ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ ﺳﺎﺑﻘﺘﻬﺎ، ﻓﻠﻤﺎذا إذن ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺟﻤﻊ إﺣﺼﺎﺋﻴﺎت ﻋﻨﻬﺎ؟ إن ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ املﻮاﺟﻬﺎت ﺑني ﻧﻔﺲ اﻟﻔﺮق ﺗﺘﻜﺮر ﻣﺮا ًرا وﻣﺮا ًرا ﻋﱪ ﻣﻌﻈﻢ أوﻗﺎت اﻟﻌﺎم اﻟﻮاﺣﺪ ،وﻫﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺎت ﻣﺘﻜ ﱢﺮرة ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮء أن ﻳﺘﺨﻴﱠﻞ .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻛ ﱡﻞ ﻣﺒﺎراة ﻋﻦ اﻷﺧﺮى، وﻟﻜﻨﻬﺎ ً أﻳﻀﺎ ﻣﺘﻤﺎﺛِﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر أﻋﲆ ،وﺑﺈﻣﻜﺎن املﺮء ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ أن ﻳﺘﺤ ﱠﺮى ﻋﻤﱠ ﺎ إذا ﻛﺎن ﻣﻦ ا ُملﺠﺪي» ،ﰲ املﺘﻮﺳﻂ« ،ﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﴬﺑﺔ إﱃ داﺧﻞ املﻠﻌﺐ) .ﻟﻴﺲ ﻣُﺠﺪﻳًﺎ(. 196
اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت :اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻇﻬﻮر اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت واﺣﱰاﻣﻬﺎ ،وﻫﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺗﻤﺨﺾ ﻋﻦ اﻟﺤﺮب )وﻛﺎن اﻹﻧﺠﺎز اﻷﺷﻬﺮ ﻟﺬﻟﻚ ﻫﻮ املﺴﺎﻋﺪة ﰲ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ اﻟﻐﻮاﺻﺎت اﻷملﺎﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎملﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ(؛ ﺑﺰغ ﻓﺠﺮ ﻋﴫ اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ .ﻫﻨﺎك ﻣﺒﺎرﻳﺎت واﻗﻌﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺜري ﻟﻠﺪﻫﺸﺔ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت ،وﻟﻜﻦ أﺑﺮزﻫﺎ ،ﻣﺮة أﺧﺮى ،اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل اﻟﺬي ً ٍ داﺧﻠﻴﺔ ﺗﻌﻜﺲ ﺑﺼﺪق اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﻳُﺠ َﺮى ﻣﻼﺣﻈﺘﻬﺎ ﻋﻦ املﺒﺎرﻳﺎت، ﻋﻤﻠﻴﺎت ﻳﺤﻮي وﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﻋﻦ اﻟﻔِ َﺮق واﻟﻼﻋﺒني؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ ﻣﻤﻜﻨًﺎ اﻵن ﻓﺤﺴﺐ ﺟ ْﻠﺐُ أدوات ﺗﺤﻠﻴﻠﻴﺔ راﺋﻌﺔ ﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻷﺣﺪاث اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻳﻤﻜﻦ ً أﻳﻀﺎ اﺧﺘﺒﺎر اﻷﻓﻜﺎر املﺮﺷﺤﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪةْ ، ورﻓﺾ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺼﻠﺢ .وﻛﻤﺎ ملﺤﺎﻛﻴﺎت اﻟﻄريان ﻓﺎﺋﺪ ٌة ﻫﺎﺋﻠﺔ ﰲ ﺗﺪرﻳﺐ اﻟﻄﻴﺎرﻳﻦ ،وملﺤﺎﻛﻴﺎت املﻌﺎرك ﻓﺎﺋﺪة ﰲ ﺗﺪرﻳﺐ اﻟﺠﻨﻮد واﻟﺠﻨﺮاﻻت )ﻟﻴﺴﻮا ﱠ ﺳﻴﺘﻮﻗﻊ املﺮء أن ﺗﻔﻴﺪ ﻣﺤﺎﻛﻴﺎت املﺒﺎرﻳﺎت ﰲ ﺗﺪرﻳﺐ ﻣﺪ ﱢرﺑﻲ اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل. ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﺟﻨﻮدًا(، ذاك ﺣﻠﻢ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،وﻟﻜﻦ ﺑﺈﻣﻜﺎن املﺮء ﻋﲆ اﻷﻗﻞ أن ﻳﺠﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت واﻟﺘﺤﻠﻴﻼت ﻋﲆ أﻣﻞ أن ﻳﻈﻬﺮ ﻓﺠ َﺮ ﻳﻮ ٍم أﻛﺜﺮ ﺗﻄ ﱡﻮ ًرا. ﻹﻳﻀﺎح اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻷﻓﻀﻞ ﰲ املﺒﺎرﻳﺎت اﻟﺴﺒﻊ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ اﻟﻔﺎﺋﺰ ﺑﺴﻠﺴﻠﺔ املﺒﺎرﻳﺎت اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ،وﻧﻨﻈﺮ إن ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﺒﺎرﻳﺎت ﺑﻨﺘﻴﺠﺔ ٠ / ٤ )اﻛﺘﺴﺎح( ﺗﺤﺪث ﺑﺎملﻌﺪل اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺤﺪث ﺑﻪ ،ﻻ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ .ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ ﻛ ﱡﻞ ً ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ املﺒﺎرﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺟ َﺮ ْت ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ،وإذا ﻛﺎن اﻟﻔﺮﻳﻘﺎن )ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺒﺎراة اﻟﻔﺎﺋﺰ ﺑﺪوري اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺨﺎص ﺑﻪ( ﻣﺘﺴﺎوﻳني ﰲ املﻬﺎرة إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ،ﻓﺈن ﺗﻮزﻳﻊ اﻻﻧﺘﺼﺎرات ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻗﺮﻳﺒًﺎ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ﻣﻤﱠ ﺎ ﺳﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ رﻣﻲ ﻋﻤﻠﺔ) .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺗُﻌَ ﱡﺪ ﻓِ َﺮق ﻧﺎدي ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﻳﺎﻧﻜﻲ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﰲ املﺎﴈ اﻟﺒﻌﻴﺪ اﺳﺘﺜﻨﺎءً ﻻﻓﱰاض »ﺗﺴﺎوي املﻬﺎرة«(. ﺗﻠﻚ ﺻﻮرة ﻣﺒﺴﻄﺔ ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﺎ ،وﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﱢ ﺗﻮﻓﺮ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﻔﻴﺪة .وﻗﺪ ﻃﺒﻖ ﻛﻮك ﻫﺬا ﻋﲆ اﻟﺒﻄﻮﻻت ﻣﻦ ﻋﺎم ،١٩٦١–١٩٠٣وﻧﺠﺢ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ إﱃ ﺣﺪ ﻛﺒري ،وﻗﺪ ﻗﻤﻨﺎ ﺑﺠﻤﻊ ﺧﱪة اﻟﺨﻤﺴني ﻋﺎﻣً ﺎ املﺎﺿﻴﺔ )ﰲ وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬا ﰲ ﻋﺎم ١٩٩٤؛ وﻫﻮ اﻟﻌﺎم اﻟﺬي أُﻟﻐِ ﻴﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﺑﺴﺒﺐ إﴐاب اﻟﻼﻋﺒني( ﻹﺟﺮاء ﻧﻔﺲ اﻻﺧﺘﺒﺎر. ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻔﺮﺿﻴﺎت ،ﻳﻔﱰض أن ﺗﻜﻮن ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻌﺐ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﺒﺎرﻳﺎت ﺑﻨﺘﻴﺠﺔ ً ﺛﻤﺎن؛ ﻓﺒﺈﻣﻜﺎن أي ﻓﺮﻳﻖ أن ﻳﻔﻮز ﺑﺎملﺒﺎراة اﻷوﱃ ،وﻟﻜﻦ ﰲ ﻫﺬه ﻓﺮﺻﺔ واﺣﺪة ﻣﻦ ٠ / ٤ ٍ اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﻔﻮز ﻧﻔﺲ اﻟﻔﺮﻳﻖ ﺑﺎملﺒﺎرﻳﺎت اﻟﺜﻼث اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ،ﻣﻊ ﺗَﺴﺎوي ﻓﺮص املﻜﺴﺐ واﻟﺨﺴﺎرة ﰲ ﻛﻞ ﻣﺮة .ﻳﻤﻜﻦ إﺟﺮاء ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺤﺴﺎﺑﻴﺔ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ )أو اﻻﻛﺘﻔﺎء 197
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﺑﺨﻮض ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺨﻴﺎرات ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻨﻬﺠﻲ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺒﻮﻛﺮ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ(، ﱡ واﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ﻫﻲ ﻛﻤﺎ ﻳﲇ: واﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ١ / ٤
٢ / ٤
٣ / ٤
اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ
٠ / ٤
اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ
٠٫٣١٢ ٠٫٣١٢ ٠٫٢٥٠ ٠٫١٢٥
اﻟﻨﺴﺒﺔ املﺘﻮﻗﻌﺔ
٦٫٢٥
١٢٫٥
١٥٫٦
١٥٫٦
اﻟﻨﺴﺒﺔ املﺮﺻﻮدة
٧
٨
١١
٢٤
ﺗﺬ ﱠﻛ ْﺮ أن ﻛﻞ ﻫﺬا ﻳﺮﺗﻜﺰ ﻋﲆ اﻓﱰاﺿني ﻣﻬﻤني :أن اﻟﻔﺮﻳﻘني ﻣﺘﺴﺎوﻳﺎن ﰲ املﻬﺎرة، وأن املﺒﺎرﻳﺎت ﺗُﻌَ ﱡﺪ أﺣﺪاﺛًﺎ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ؛ إذ ﻳﺒﺪأ اﻟﻔﺮﻳﻘﺎن ﻛ ﱠﻞ ﻣﺒﺎراة ﻣﻦ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺼﻔﺮ .وﻛﻤﺎ أ ﱠﻛﺪﻧﺎ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﴩ ،ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﱠ ﻧﺘﻮﻗﻊ ﺗﺬﺑﺬﺑﺎت إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﻘِ ﻴَﻢ املﺘﻮﻗﻌﺔ، ﱠ َ ﻏﺮاﺑﺔ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ﰲ املﺘﻮﻗﻌﺔ؛ ﻟﺬا ﻓﻼ ﺑﻤﻘﺎدﻳﺮ ﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻛﺜريًا ﻋﻦ اﻟﺠﺬر اﻟﱰﺑﻴﻌﻲ ﻟﻸرﻗﺎم ﱡ ﺗﻮﻗﻊ ﺳﺘﺔ اﻛﺘﺴﺎﺣﺎت ﺑﻨﺘﻴﺠﺔ ٠ / ٤ورﺻﺪ ﺳﺒﻌﺔ .إن اﻟﺠﺬر اﻟﱰﺑﻴﻌﻲ ﻟ ٦٫٢٥ﻫﻮ ٢٫٥؛ ً ُ ً ٍ ﻣﻌﻘﻮﻻ ،وﻳﻜﻮن ﻣﻘﺪا ُر اﻗﱰاب املﺮﺻﻮد ﻣﻦ ﻓﺎرﻗﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﻓﺎرق اﺛﻨني أو وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﺳﻴﻜﻮن املﺘﻮﻗﻊ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ أي ﻣﻘﺪار ﻗﺪ ﱠ ﱠ ﻧﺘﻮﻗﻌﻪ. وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﻨﻈﺮ ﻷﺑﻌﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﺜريًا ﻟﻜﻲ ﻳﻨﺘﺎﺑﻚ اﻟﺘﻮﺗﱡﺮ ً ﻗﻠﻴﻼ؛ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺘﻘﺒﱠﻞ ﱠ املﺘﻮﻗﻊ، ﺑﺎﻟﻜﺎد ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻨﺘﻴﺠﺘني ،١ / ٤و ،٢ / ٤اﻟﻠﺘني ﺗﺄﺗﻴﺎن ﺑﺄﻗﻞ ﻣﻦ ﻣﻌﺪل ﺗﻜﺮارﻫﻤﺎ ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻘﺒﱡﻞ اﻟﻨﺴﺒﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ٣ / ٤؛ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺼﻞ ٣٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ املﺒﺎرﻳﺎت إﱃ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﻟﻜﻦ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺗﺼﻞ اﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺣﻮاﱄ اﻟﻨﺼﻒ؛ أي أرﺑﻊ وﻋﴩﻳﻦ ﻣﺒﺎراة ﻣﻦ أﺻﻞ ﺧﻤﺴني .ﻫﺬا أﺑﻌﺪ ﻣﺮﺗني ﻋﻦ اﻟﺠﺬر اﻟﱰﺑﻴﻌﻲ ﻟﺤﺪﻧﺎ اﻟﺘﻘﺮﻳﺒﻲ. )ﺛﻤﺔ اﺧﺘﺒﺎر إﺣﺼﺎﺋﻲ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﻧﺠﺎﺣً ﺎ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻪ ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ اﺧﺘﺒﺎر ﻣﺮﺑﻊ ﻛﺎي — ﻛﺎي ﻫﻮ اﻟﺤﺮف اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻲ — χﻳﺨﱪﻧﺎ ﺑﺄن ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺒﺎﻳُﻦ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ً ﻣﺼﺎدﻓﺔ ﻣﺮة واﺣﺪة ﻓﻘﻂ إﱃ ﻋﴩﻳﻦ (.ﻫﻨﺎك إذن ﳾء ﻣﺜري ﻟﻠﺪﻫﺸﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﴚء. ﻳﺤﺪث ﻣﻦ »املﻤﻜﻦ« ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ أن ﻳﻜﻮن ﻫﺬا ﻧﺘﺎجَ اﻟﺼﺪﻓﺔ اﻟﺒﺤﺘﺔ ،وﻟﻴﺲ ﺳﻮى ﺗﺬﺑﺬب إﺣﺼﺎﺋﻲ، وﻟﻜﻦ اﻷرﺟﺤﻴﺎت اﻟﺘﻘﺮﻳﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻠﻎ ﻋﴩﻳﻦ إﱃ واﺣﺪ املﻀﺎدة ﻟﻪ ،ﺗﻮﺣﻲ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﺒﺬل ﺟﻬﺪًا أﻛﱪ ً ﻗﻠﻴﻼ ﰲ اﻟﺘﻔﻜري. ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻟﻘﺪ وﺿﻌﻨﺎ ﻓﺮﺿﻴﺘني ﻓﻘﻂ ،وﺣﺎن اﻟﻮﻗﺖ إذن ﻟﺘﻔﻨﻴﺪﻫﻤﺎ .إن اﻓﱰاض أن اﻟﻔِ َﺮق ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ﰲ املﻬﺎرة ﻻ ﻳﺠﺪي؛ ﻓﻠﻮ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﺻﺤﻴﺤً ﺎَ ،ﻟﺴﺎر ﰲ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺨﻄﺄ .ﻓﻠﻮ 198
اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت :اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص
ﻓﺮﻳﻘﺎ واﺣﺪًا أﻓﻀﻞ ٍّ ً ﺣﻘﺎ ﻣﻦ اﻵﺧﺮ )ﻛﻤﺎ ﰲ أﻳﺎ ِم ﻣﺠْ ِﺪ ﻓِ َﺮ ِق اﻟﻴﺎﻧﻜﻲ(َ ،ﻟﺼﺎر اﻻﺣﺘﻤﺎل أن اﻷﻛﱪ أن ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ املﺒﺎرﻳﺎت ذات ﻃﺮف واﺣﺪ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﻘﻞ ﻋﺪد املﺒﺎرﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﻨﺘﻴﺠﺔ ﻣﺘﻘﺎرﺑﺔ .أﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻨﻮاﺟﻪ املﺸﻜﻠﺔ املﻀﺎدة؛ إذ ﻳﺘﺠﻪ ﻋﺪد أﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﻼزم إﱃ ﻧﺘﻴﺠﺔ .٣ / ٤ ﺑﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺒﻘﻰ أﻣﺎﻣﻨﺎ ﺳﻮى ﺗﻔﻨﻴﺪ اﻻﻓﱰاض اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺄن املﺒﺎرﻳﺎت ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ،اﻟﺬي ﻟﻮﻻه ﻟﻜﺎن ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻼزم اﻟﺬي ﻳﻘﻮد ﻧﺤﻮ ﺧﻮض ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ املﺒﺎرﻳﺎت .إن ﴏف ﻣﻜﺎﻓﺂت ﺗﺤﻔﻴﺰﻳﺔ ﻟ ﱠِﻼﻋﺒني ﻟﻴﺲ اﻟﺴﺒﺐ؛ إذ إﻧﻪ ﻗﺪ ﺗَﻘ ﱠﺮ َر ﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ أن ﻳﺘﻢ اﻟﺪﻓﻊ ﻟﻼﻋﺒني )ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﺑﺼﻮرة رﺳﻤﻴﺔ( ﻣﻘﺎﺑﻞ املﺒﺎرﻳﺎت اﻷرﺑﻊ اﻷوﱃ ﻓﻘﻂ ،وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻘﻂ .ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﺗﻠﻚ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺗﺪرﻳﺒﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻳﻘ ﱢﺮر ﻣﺪ ﱢرب ﻣﺘﻘﺪم ﺑﻨﺘﻴﺠﺔ ٢ / ٣أن ﻳﺪﱠﺧِ ﺮ أﻓﻀﻞ ﺿﺎرب ﻟﺪﻳﻪ ملﺒﺎراة ﺳﺎﺑﻌﺔ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ؛ ﻣﻤﱠ ﺎ َ ﺳﻠﺴﻠﺔ املﺒﺎرﻳﺎت إﱃ ﺳﺒﻊ .ﺳﺘﻜﻮن ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﺣﺘﻤﺎﻻت ﺧﺴﺎرﺗﻪ ﻟﻠﻤﺒﺎراة اﻟﺴﺎدﺳﺔ ،ﻟﻴﻄﻴﻞ )ﻗﺎر ِن اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎت املﻘﺎﻣَ ﺮة ﺗﻠﻚ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﺸﻜﻮ ًﻛﺎ ﰲ أﻣﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ِ ً ﻣﻔﺎﺟﺌﺔ .وأﺧريًا ﻫﻨﺎك ﺣﺎﻓﺰ ا ُمل ﱠﻼك واﻟﺸﺒﻜﺎت ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ( ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ُ اﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﱠ ﺳﻠﺴﻠﺔ املﺒﺎرﻳﺎت ﻳﺘﺄﻫﺒﻮن ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻷرﺑﺎح إذا ﻣﺎ اﻣﺘﺪت ﻟﻔﱰة أﻃﻮل ،وﻗﺪ دار ﻫﻤﺲ ﺑني اﻟﻨﺎس ﺑﺸﺄن ذﻟﻚ اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻓﺰ ﻟﺴﻨﻮات ﻋﺪة ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ دﻟﻴﻞ ﻣﺎدي داﻣﻎ ﻋﲆ وﺟﻮد أي ﺗﻼﻋﺐ .وﻟﻜﻦ ﺣﺘﻰ ﻣﻊ ﺗﻮاﻓﺮ أﻓﻀﻞ اﻟﻨﻮاﻳﺎ، ُ ﺗﺠﺎﻫﻞ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺠ ِﻠﻴﱠﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ واﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﲆ ﺗﻤﺘﱡﻊ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﺎﻷﻣﺎﻧﺔ واﻟﻨﺰاﻫﺔ ،ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ً ﻣﻘﺎﺑﻼ أﻓﻀﻞ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،ﺑﻞ إﻧﻪ ﻳﺤﻤﻞ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺑﺄن اﻣﺘﺪاد ﺳﻠﺴﻠﺔ املﺒﺎرﻳﺎت ﻳﻌﻨﻲ املﺘﻌﺔ واﻟﺘﺴﻠﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر .ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺸري ﺑﺄي ﺣﺎل ﻷي ﺳﻮء ﺳﻠﻮك ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ أيﱢ ﻃﺮف، وﻣﻦ املﺮﺟﺢ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺘﺒﺎﻳُﻦ ﻣﺠﺮ َد ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﺬﺑﺬب إﺣﺼﺎﺋﻲ ﺑﺤﺖ. وﻟﻜﻦ دﻋﻮﻧﺎ ﻧﺘﺒﻊ اﻷﺛﺮ ملﺴﺎﻓﺔ أﺑﻌﺪ ً ﻗﻠﻴﻼ .إن أي ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﺒﺎرﻳﺎت ﺗﺴﺘﻤﺮ ﺣﺘﻰ َ اﻟﻮﺻﻮل ﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ٣ / ٤ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﻜﻮن ﻗﺪ وﺻ َﻠ ْﺖ ﻟﻠﺘﻌﺎدل ٣ / ٣ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﻣﺒﺎﴍ ًة ،وأيﱡ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﺒﺎرﻳﺎت ﺗﺼﻞ ﻟﻠﺘﻌﺎدل ﺑﻨﺘﻴﺠﺔ ٣ / ٣ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﻜﻮن ﻗﺪ وﺻﻠﺖ ﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ٢ / ٣ﻗﺒﻞ َ ﻣﺒﺎﴍ ًة؛ وﻟﻜﻦ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺳﻠﺴﻠﺔ املﺒﺎرﻳﺎت ،٢ / ٣وﻛﺎن اﻟﻔﺮﻳﻘﺎن ﰲ ﻣﺴﺘﻮًى ذﻟﻚ ﱢ املﺘﺄﺧﺮ ﻋﲆ ﻣﺘﺴﺎو ﻷن ﻳﻔﻮز اﻟﻔﺮﻳﻖ املﺘﻘﺪﱢم أو اﻟﻔﺮﻳﻖ ﻣﺘﺴﺎو ،ﻓﻬﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎل ﻣﻬﺎري ٍ ٍ ﺣ ﱟﺪ ﺳﻮاء ﺑﺎملﺒﺎراة اﻟﺴﺎدﺳﺔ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻔﱰض أن ﺗﻜﻮن اﻟﻨﺘﻴﺠﺘﺎن ٢ / ٤و ٣ / ٤ﻣﺤﺘﻤﻠﺘني ﱠ ﺗﺘﺤﻘ َﻘﺎ ﺑﻨ َِﺴﺐ ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،وﺑﺤﺴﺐ ﻣﺎ ﱢ ﻳﺒني ﺑﺎﻟﻘﺪر ﻋﻴﻨﻪ ،وﻳﻔﱰض أن ﺟﺪوﻟﻨﺎ ،ﻓﻘﺪ واﺻ َﻠ ْﺖ ﺳﻼﺳﻞ املﺒﺎرﻳﺎت ﺣﺘﻰ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ٣ / ٤أرﺑﻌً ﺎ وﻋﴩﻳﻦ ﻣﺮة ،واﻧﺘﻬﺖ 199
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ٢ / ٤إﺣﺪى ﻋﴩة ﻣﺮة ﻓﻘﻂ؛ إذن ﻓﻔﻲ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺎت اﻟﺨﻤﺲ واﻟﺜﻼﺛني اﻟﺘﻲ ٍ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﺎ ﰲ ﻣﺴﺎرﻫﺎ ،ﻛﺎن ﻧﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ ،وﺗﺤﺪﻳﺪًا ﰲ اﻟﺒﻄﻮﻻت اﻟﺘﻲ ﻣ ﱠﺮ ْت ﺑﻤﺮﺣﻠﺔ ٢ / ٣ﻋﻨﺪ ﻫﻨﺎك ﻓﺮﻳﻖ ﻣﺘﻘﺪﱢم أو ﻣﺪ ﱢرب ﻓﻌَ َﻞ »ﺷﻴﺌًﺎ« زاد ﻣﻦ ﻓﺮﺻﺔ ﺧﺴﺎرة املﺒﺎراة اﻟﺴﺎدﺳﺔ) .أو أن اﻟﻔﺮﻳﻖ َ اﻵﺧﺮ ،اﻟﺬي ﻛﺎن ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻫﺰﻳﻤﺔ ﻧﻬﺎﺋﻴﺔ ،ﻟﻌﺐ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ ﻋﲆ ﻏري املﻌﻬﻮد. ﻟﻦ ﻧﺄﺧﺬ ذﻟﻚ اﻟﺨﻴﺎر ﺑﺠﺪﻳﺔ؛ إذ إن ﻛ ﱠﻞ ﻫﺬه اﻟﻔﺮق ﻣﺤﱰﻓﺔ ،ﺗﻠﻌﺐ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ،وﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺳﺒﺐ ﻟﻼﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻠﻌﺐ دوﻣً ﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ ﻗﺪر ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ(. ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﺘﻲ أد ْ ﱠت إﱃ ﺧﺴﺎرة ﻓﺮﻳﻖ ﻣﺘﻘ ﱢﺪ ٍم املﺒﺎرا َة اﻟﺴﺎدﺳﺔ ﰲ ﺑﺴﺎﻃﺔ اﺳﺘﺒﻘﺎء أﻓﻀﻞ ﺿﺎرﺑﻴﻚَ ،ﻟﺘﺴﺎءَ َل املﺮءُ ﻋﻤﱠ ﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن املﺪ ﱢرﺑﻮن ﺳﻴﻔﻌﻠﻮن ذﻟﻚ إذا اﻋﺘﻘﺪوا ٍّ ً ﻓﺮﺻﺔ ﺗﺘﺠﺎوز اﺛﻨني إﱃ واﺣﺪ ﻟﺨﺴﺎرة ﻣﺒﺎراة اﻟﻴﻮم ،ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ﻓﺮﺻﺔ ﺣﻘﺎ أﻧﻪ ﻳﻤﻨﺤﻬﻢ ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ﻣﻔﱰﺿﺔ ﻟﺨﺴﺎرة اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﰲ املﺒﺎراة اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ .ﻗﺪ ﻻ ﻳﻬﻢ ذﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺤني؛ ﻷن اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ﰲ اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل أﻣﺮ ﺣﺪﳼ ،وﻟﻴﺲ ﻣﺤﺴﻮﺑًﺎ. ﺛﻤﺔ ﺗﻔﺴري َ آﺧﺮ ﻣﺤﺘﻤﻞ ﻳﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ ﻛﻮن اﻟﻨﺰﻋﺔ ﻟﻼﺳﺘﻤﺮار ﺣﺘﻰ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻳﺤﺘﻤﻬﺎ أرﺑﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﺟﺪول املﺒﺎرﻳﺎت؛ ﻷن أيﱠ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺳﺒﻊ ﻣﺒﺎرﻳﺎت ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻟﻌﺐ ٍ ﰲ اﺳﺘﺎد ،واﻟﺜﻼث اﻷﺧﺮى ﰲ اﻻﺳﺘﺎد َ اﻵﺧﺮ .وملﺎ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﻣﻴﺰ ٌة ﻣﺎ ﻣﻦ ﻟﻌﺐ ﱠ ﻳﺘﻮﻗﻊ املﺮء أن ﺗﻤﻴﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ وﺿﻊ ﺟﺪول املﺒﺎرﻳﺎت وﺣﺪﻫﺎ اﻟﻔﺮﻳﻖ ﻋﲆ أرﺿﻪ ،ﻓﺴﻮف ﻟﺘﻤﺪﻳﺪ املﺒﺎرﻳﺎت .واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ املﺆﺳﻔﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻫﻲ أﻧﻪ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻣﻴﺰة ﻟﻌﺐ ﻓﺮﻳﻖ ﻋﲆ أرﺿﻪ واﺿﺤﺔ ﺑﺎﻟﻘﺪر اﻟﻜﺎﰲ ﰲ ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ ،ﻓﺈن ﺗﺄﺛريﻫﺎ ﰲ اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ﻣﺤﺪود ،وﻻ ﻳﻜﺎد ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺘﻔﺴري اﻟﺮﻗﻢ اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ٣ / ٤؛ ﻓﻤﻦ ﺑني ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺳﻼﺳﻞ املﺒﺎرﻳﺎت اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ املﺎﺿﻴﺔ اﻟﺨﻤﺴني ،ﻓﺎز اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﺬي ﻳﻤﻠﻚ ﻣﻴﺰة اﻟﻠﻌﺐ ﻋﲆ أرﺿﻪ )اﻟﺬي ﻳﻠﻌﺐ أرﺑﻊ ﻣﺒﺎرﻳﺎت ﻋﲆ أرﺿﻪ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻫﺬا اﻟﻘﺮار ﻟﻢ ﻳﻨﻔﺬ ﻟﻠﻨﻬﺎﻳﺔ إﻻ ﻟﻨﺼﻒ ً ﺧﻤﺴﺎ وﻋﴩﻳﻦ ﻣﺮة ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ؛ ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻣﻴﺰة ﻣﻦ اﻷﺳﺎس ،ﻓﻬﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻘﻂ(، ﻟﻴﺴﺖ ﻛﺒرية) .ﻟﻴﺲ واﺿﺤً ﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ِﻟ َﻢ ﺗﻜﻮن ﻫﺬه املﻴﺰة أﻛﱪ ﺑﻜﺜري ﰲ ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ ﻋﻨﻬﺎ ﰲ اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت اﻷﺧﺮى؛ رﺑﻤﺎ ﻷن ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﲆ ﻗﻮة اﻟﺘﺤﻤﱡ ﻞ ﺣﺘﻰ ُ واﻟﻔﺮﻳﻖ املﻀﻴﻒ ﻳﻜﻮن ﻋﲆ ﻗﺪر أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﺮاﺣﺔ؛ أو رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺴﺒﺐ ﺗﺄﺛري اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ، اﻟﺤﺸﺪ ﻋﲆ اﻟﻼﻋﺒني أو اﻟﺤ ﱠﻜﺎم ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺘﻤﺘﱠﻊ ﺑﻪ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻃﺮاف املﻌ ِﻨﻴﱠﺔ ﻣﻦ اﺣﱰاﻓﻴﺔ .ﺟﻤﻴﻌﻨﺎ ﻟﻪ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﺨﻤني(.
200
اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت :اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص
ﺗﻈﻞ ﻫﻨﺎك إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ أن ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻻﻧﺤﺮاف ﰲ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺳﻠﺴﻠﺔ املﺒﺎرﻳﺎت اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻣﺠﺮد ﺗﺬﺑﺬب راﺟﻊ إﱃ ﻗﻮاﻧني اﻟﺤﻆ واﻟﺼﺪﻓﺔ ﻻ أﻛﺜﺮ) .ﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ ذﻟﻚ ﰲ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﻛﻮك ﻟﺴﻠﺴﻠﺔ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺎت ﻟﻸﻋﻮام ﻣﻦ (.١٩٦١–١٩٠٣ﻣﻦ املﻤﻜﻦ ﺣﺴﺎب اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺣﺪوث ذﻟﻚ ﺑﻤﺤﺾ اﻟﺼﺪﻓﺔ ،وﺗﻜﻮن اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻫﻲ ﻓﺮﺻﺔ واﺣﺪة ﰲ اﻟﺨﻤﺴني ،وﻫﻲ ﻧﻔﺲ اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﱡ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﻋﻨﺪ أﺧﺬ ﺛﻼث أوراق ﻟﻌﺐ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ اﻟﺸﻜﻞ ﰲ اﻟﺒﻮﻛﺮ .ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء ﺗﺤﺪث ،وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻘﺪر اﻟﺬي ﻧﻌﺘﻘﺪه؛ ﻟﺬا ﻓﻤﻦ »املﻤﻜﻦ« أن ﻳﻜﻤﻦ اﻷﻣﺮ ﰲ اﻟﺼﺪﻓﺔ. ُ ً ﺗُ َ ﻟﻌﺒﺔ ﻋﺎدﻟﺔ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ،أﻛﺜ ُﺮ اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﺑﺘﻼءً ﺑﺎﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت، ﻌﺘﱪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺻﻨﺎع اﻟﻘﺮار اﻟﻬﻮاة املﻮﻟﻌني ﺑﺎﻻﻧﺘﻘﺎد واﻟﺘﺼﺤﻴﺢ ،وﻣﻦ املﺬﻫﻞ ٍّ ﺣﻘﺎ )ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ملﺆ ﱢﻟﻒ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب( ﻋﺪد اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ املﻘﺪﱠﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻠﺘﺪﻗﻴﻖ املﻨﻄﻘﻲ. ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﺗﻮﺟﺪ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ املﻨﺎورات اﻟﺘﺪرﻳﺒﻴﺔ ﻣﺼﻤﱠ ﻤﺔ ﻟﺘﺤﺴني املﻮاﻗﻒ ﻋﲆ اﻟﻘﻮاﻋﺪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻔﺮﻳﻖ املﻬﺎﺟﻢ أو املﺪاﻓﻊ؛ أي ﻟﺰﻳﺎدة اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ إﺣﺮاز اﻟﻔﺮﻳﻖ ُ ً اﻟﴬﺑﺔ اﻟﻔﺪاﺋﻴﺔ، أﻫﺪاﻓﺎ .ﻣﻦ أﺣﺪ اﻟﺘﻜﺘﻴﻜﺎت املﺄﻟﻮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻔﺮﻳﻖ املﺪاﻓﻊ اﻟﻀﺎرب ﺣني ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻻﻋﺐ ﻋﲆ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻷوﱃ وﻻ ﻳﻮﺟﺪ أي ﻻﻋﺒني ﺑﺎﻟﺨﺎرج .ﺗﻜﻤﻦ اﻟﻔﻜﺮة ﰲ أن أي ﻻﻋﺐ ﻋﲆ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻳﻜﻮن ﰲ »ﻣﻮﻗﻊ إﺣﺮاز ﻧﻘﻄﺔ« ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺳﻴﺤﺘﺎج أي ﻻﻋﺐ ﻋﲆ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻷوﱃ إﱃ ﴐﺑﺔ أو ﻋﺪة ﴐﺑﺎت إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻛﻲ ﻳﺤﺮز ﻧﻘﻄﺔ .وﻟﻜﻦ ﺗﺒني ﱠ اﻹﺣﺼﺎءات اﻷوﱃ ﱢ أن ﻣﻦ »اﻟﺴﻴﺊ« ﻋﻤﻮﻣً ﺎ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﺨﺮوج أﺣﺪ اﻟﻼﻋﺒني؛ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﺪﻳﻚ ﺳﻮى ﺛﻼﺛﺔ ﻻﻋﺒني ﻓﻘﻂ ﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻬﻢ ﰲ ﻛﻞ ﺟﻮﻟﺔ ،وﻫﻢ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﺳﻠﻊ ﺛﻤﻴﻨﺔ .وﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص ،ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺘﻘﺪﱡم ﻟﻘﺎﻋﺪة واﺣﺪة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻼﻋﺐ اﻟﺮاﻛﺾ ﻋﲆ ً ﺻﻔﻘﺔ ﺳﻴﺌﺔ؛ إذ ﺗﻘ ﱡﻞ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ إﺣﺮاز ﻫﺪف. ﺣﺴﺎب ﺧﺮوج ﻻ داﻋﻲ ﻟﻪ ﻷﺣﺪ اﻟﻼﻋﺒني؛ ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ،ﻋﲆ ﻋﻜﺲ ﺧﱪة ﻣﻌﻈﻢ املﺪرﺑني وﺗﻔﻜريﻫﻢ اﻟﺤﴘ .وإذا وﺿﻌْ َﺖ إﺣﺪى اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺘﻔﻜري اﻟﺤﺪﳼ ،ﻓﺴﺘﺠﺪ أن اﻟﺘﻔﻜري اﻟﺤﺪﳼ ﺳﻴﻔﺮض ﻫﻴﻤﻨﺘﻪ. ﻧﻔﺲ اﻟﴚء ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﻣﴚ ﺿﺎرب ﻗﻮي ﻣﺘﻌﻤﺪًا ﻧﺤﻮ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻷوﱃ ﺣني ﻻ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻻﻋﺐ ﻋﲆ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،وﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك إﻣﺎ ﻻﻋﺒﺎن أو ﻻﻋﺐ واﺣﺪ ﺑﺎﻟﺨﺎرج .ﻣﻦ املﻔﱰض أن ﻳﻌ ﱢﺰز ﻫﺬا ﻣﻦ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ إﺧﺮاج ﻻﻋﺒني ﰲ ﻟﻌﺒﺔ واﺣﺪة ﻣﺘﻮاﺻﻠﺔ ،أو إﺟﺒﺎر ي اﻟﺤﺪوث ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ؛ اﻟﻀﺎرب ﻋﲆ اﻟﺨﺮوج ﻋﻨﺪ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ،وﻛﻼ اﻷﻣﺮﻳﻦ ﻳُﻌَ ﺪﱠان ﻧﺎد َر ِ وإن ﻛﺎن املﺪرﺑﻮن ﻳﻤﻴﻠﻮن ﻟﺘﺬ ﱡﻛﺮ اﻷوﻗﺎت اﻟﺘﻲ أﺟْ ﺪ ْ َت ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻔﻌً ﺎ ﺑﺸﻜﻞ اﻧﺘﻘﺎﺋﻲ .ﻫﻨﺎ ﻳﻀﻊ اﻟﻔﺮﻳﻖ املﺪاﻓﻊ ﻻﻋﺒًﺎ ،وﻧﻘﻄﺔ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ ﻟﻠﺨﺼﻢ ،ﻋﲆ اﻟﻘﺎﻋﺪة دون أيﱢ ﺛَﻤﻦ ﻳُﺬ َﻛﺮ .ﻣﺮة أﺧﺮى ﱢ ﺗﻮﺿﺢ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت أن ﻫﺬا ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳُﺴﻔِ ﺮ ﻋﻦ ﻧﻘﺎط أﻛﺜﺮ — وﻟﻴﺴﺖ أﻗﻞ — ﻟﻠﻬﺠﻮم. 201
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻫﻨﺎك ﻣﻘﻮﻟﺔ ﺷﻬرية ﺑني املﻬﻨﺪﺳني ﺗﻘﻮل» :ﻻ ﺗﺮﺑﻜﻨﻲ ﺑﺎﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ،ﻓﺄﻧﺎ أﻋﺮف ﻣﺎ أﻓﻌﻞ «.ﰲ أي ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻊ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ وﺗﻤﺘﺜﻞ ﻟﻬﺎ ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺨﱪك ﺑﻪ ﺣﺪﺳﻚ ٌ اﻗﺘﺒﺎس ﻣﻨﺴﻮب ﻟﻔﺮاﻧﺴﻴﺲ ﺑﻴﻜﻮن ﻳﻘﻮل: وﺧﱪﺗﻚ؟ َو َر َد ﰲ ﻣﺴﺘﻬﻞ ﻛﺘﺎب ﻛﻮك ﰲ اﻟﻌﺎم ١٤٣٢ﻣﻦ أﻋﻮام اﻟﺮب ،ﺷﺐﱠ ﺧﻼف ﻣﻔﺠﻊ ﺑني اﻹﺧﻮة ﰲ أﺣﺪ اﻷدﻳﺮة ﺣﻮل ﻋﺪد اﻷﺳﻨﺎن ﰲ ﻓﻢ ﺣﺼﺎن ،وﻋﲆ ﻣﺪى ﺛﻼﺛﺔ ﻋﴩ ﻳﻮﻣً ﺎ ﻇ ﱠﻞ اﻟﻨﺰاع ﻣﺸﺘﻌﻼ ﺑﻼ ﱡ ً ﺗﻮﻗﻒ .أ ُ ِ ﺣﴬت ﺟﻤﻴ ُﻊ اﻟﻜﺘﺐ واﻟﺴﺠﻼت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،وﺗﺠَ ﱠﻠ ْﺖ ﻣﻌﺎرف واﺳﻌﺔ راﺋﻌﺔ وﺛﻤﻴﻨﺔ ،ﻟﻢ ﻳُﺴﻤَ ﻊ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ﰲ ﻫﺬه املﻨﻄﻘﺔ .وﰲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻴﻮم َ اﻹذن ﻣﻦ رؤﺳﺎﺋﻪ ذوي اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﴩ ،ﺟﺎء راﻫﺐ ﺷﺎب وﺳﻴﻢ اﻟﻄﻠﻌﺔ ﻃﺎﻟﺒًﺎ اﻟﻐﺰﻳﺮ ﻟﻴﻀﻴﻒ ﻛﻠﻤﺔ. وﻋﲆ اﻟﻔﻮر ،وﻟﺪﻫﺸﺔ املﺘﻨﺎزﻋني اﻟﺬﻳﻦ اﻣﺘﻌﻀﻮا ﻟﺠﺮح ﺣﻜﻤﺘﻬﻢ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ، ﺑﺄﺳﻠﻮب ﻓ ﱟ ﻆ ﻟﻢ ﻳُﺴﻤَ ﻊ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ،واﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﻓﻢ ﺣﺼﺎن راح ﻳﻨﺎﺷﺪﻫﻢ اﻟﻬﺪوءَ ٍ ﻟﻴﺠﺪوا إﺟﺎﺑﺔ ﻟﺘﺴﺎؤﻻﺗﻬﻢ .ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ ﺟُ ِﺮﺣﺖ ﻛﱪﻳﺎؤﻫﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﺑﺎﻟﻎ ،واﻧﺘﺎﺑﺘﻬﻢ ﱡ اﻧﻘﻀﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﺑﴩاﺳﺔ ﻏﻀﺒﺔ ﻣﻔﺮﻃﺔ؛ وﻋﲆ إﺛﺮ اﻟﺜﻮرة اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻤﻌﺘﻬﻢ، وﻃﺮدوه ﰲ اﻟﺘ ﱢﻮ؛ ﻷن اﻟﺸﻴﻄﺎن ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ،ﺣﺴﺒﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮا ،أﻏﻮى ﻫﺬا اﻟﺸﺎب اﻟ َﻮﻗِﺢ ﻛﻲ ﻳﴫﱢ ح ﺑﻄﺮاﺋﻖ ﻏري ﻣﻘﺪﱠﺳﺔ وﻟﻢ ﻳُﺴﻤَ ﻊ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻹﻳﺠﺎد اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺗﺨﺎﻟﻒ ﻛﻞ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻵﺑﺎء! ﻓﻘﻂ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﲆ أن ﻣﻦ املﻔﻴﺪ دوﻣً ﺎ اﻟﺘﺄ ﱡﻛ َﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ،اﺗﻀﺢ أن ﻣﻦ املﺴﺘﺤﻴﻞ َ إﺛﺒﺎت أن ﻳﻜﻮن ﺑﻴﻜﻮن ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻫﻮ ﻣﺼﺪر ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﺮاﺋﻌﺔ واﻟﺘﻨﻮﻳﺮﻳﺔ؛ إذ إن ﺟﻬﻮد اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ أﻋﻤﺎﻟﻪ املﺠﻤﻌﺔ ﺑﺎءت ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ ﺣﺘﻰ اﻵن .وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻗﺼﺔ ﺟﻴﺪة ،ﺗﺸﺒﻪ إﱃ ً ﻗﺼﺔ )رﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﻠﻔﻘﺔ ً أﻳﻀﺎ( ُر ِوﻳَﺖ ﻋﻦ أرﺳﻄﻮ ،اﻟﺬي ﻗﻴﻞ إﻧﻪ وﺻﻞ ﺑﻪ ﺣﺪ ﻛﺒري أن ﻧ َ اﻷﻣﺮ إﱃ ْ ﻈ َﺮ ﰲ ﻓﻢ زوﺟﺘﻪ ﺣني ﺷﺐﱠ ﻧﺰاع ﺣﻮل إذا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻠﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء ﻧﻔﺲ ﻋﺪد اﻷﺳﻨﺎن؛ ﻧﻔﺲ اﻟﻘﺼﺔ ،وﻧﻔﺲ اﻟﺪرس ،وﻧﻔﺲ املﺴﺘﻮى ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻄﺔ .ﻣﻦ املﻔﱰض ﰲ ﻋﴫ »اﻟﱪاﻣﺞ اﻹﻋﻼﻧﻴﺔ املﺪﻓﻮﻋﺔ« و»اﻟﺪراﻣﺎ اﻟﻮﺛﺎﺋﻘﻴﺔ« اﻟﺬي ﻧﻌﻴﺸﻪ اﻵن ،ﱠأﻻ ﻧﻐﻀﺐ ﺣني ﻳﺘﻐﺎﴇ اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ،وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻔﻌﻞ؛ وﻫﺬا ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ اﻟﺤﻂ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار اﻟﻌﺎم؛ ﻟﺬا ﻓﺈن اﻟﻘﺼﺔ اﻵﻧﻔﺔ ﻗﺼﺔ راﺋﻌﺔ ﺗﺤﻤﻞ ً درﺳﺎ ﻗﻮﻳٍّﺎ ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﺸ ﱡﻜﻜﻨﺎ ﰲ ﻧﺴﺐ َ اﻟﻘﺼﺔ ﻟِﺒﻴﻜﻮن. ﻛﻮك 202
اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت :اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص
ﻋﻮدة إﱃ اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل؛ داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﺗﺆ ﱢﻛﺪ اﻟﺪراﺳﺎت اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻋﻦ اﻟﻠﻌﺒﺔ — اﻟﺘﻲ َ ﻧﻈﺮﻳﺔ أن أﺣﺪاث أي ﻣﺒﺎراة ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ، ﺗُﺠ َﺮى داﺋﻤً ﺎ ﻋﲆ ﻳﺪ إﺣﺼﺎﺋﻴني وﻟﻴﺲ أﻫﻞ اﻟﻠﻌﺒﺔ — وﻧﺘﺎﺋﺞ أي ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ املﺒﺎرﻳﺎت ،ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻨﻌﺰل ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ،وأن أي ﻇﻬﻮر ﻷﻧﻤﺎط ﻫﻮ ﻧﺘﺎج ﺧﻴﺎﻻت ﻧ َ ِﺸﻄﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺸﺎﻫﺪي املﺒﺎراة .إﻧﻨﺎ ﻧﺆﻛﺪ ﻋﲆ وﺟﻮد ﻧﺰﻋﺔ ﻟﺪى اﻟﻨﺎس ﻟﺮؤﻳﺔ أﻧﻤﺎط ﻻ وﺟﻮد ﻟﻬﺎ؛ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻧﻘﻴﺼﺔ ﺑﴩﻳﺔ ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛري ﻣﺪﻣﱢ ﺮ ﰲ ﻣﺠﺎل ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار .وﺗﻤﻴﻴﺰ اﻷﻧﻤﺎط اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻋﻦ اﻷﻧﻤﺎط املﺨﺘَ َﻠ َﻘﺔ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻤﻴﱢﺰ اﻟﺨﱪاء ﻋﻦ املﺪﱠﻋني، ﱢ ﱢ ﻣﺘﺨﺼﺼني ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ واملﺘﺨﺼﺼني ﻋﻦ اﻟﻬﻮاة ،ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن املﻮﺿﻮع .وﻛﻢ ﻣﻦ ﻫﻢ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻷﻣﺮ ﻫﻮاة ﰲ ﻓﻬﻢ إﺣﺼﺎﺋﻴﺎت رﻳﺎﺿﺎﺗﻬﻢ املﺘﺨﺼﺼني ﻓﻴﻬﺎ. ﻣﻦ املﻤﻜﻦ اﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﻛﻞ رﻳﺎﺿﺔ ﺗﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﺗﺘﻀﻤﱠ ﻦ ﻓﺮﻳﻘني ﻳﺘﺒﺎدﻻن إﺣﺮاز اﻟﻨﻘﺎط، وﻳﺘﺤﺪد ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻔﺎﺋﺰ ﻋﲆ أﺳﺎس اﻟﺤﺪ اﻷﻗﴡ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎط ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ. واﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻏﺎﻣﻀﺔ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﻮﺣﻲ املﺼﻄﻠﺢ ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﺗﻌﻨﻲ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ أن املﺒﺎراة ﺗﻤﺮ ﺑﺴﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻻت أو اﻟﻈﺮوف ،ﰲ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻮﺟﺪ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻟﻼﻧﺘﻘﺎل إﱃ ﻛﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ،وﻫﻜﺬا .وﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﰲ رﻳﺎﺿﺔ ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ ،ﻳﺘﺒﺎدل اﻟﻔﺮﻳﻘﺎن ً ﺆﺧﺬ اﻟﻜﺮة ﻣﻨﻪ أو ﻻ ﺗُ َ أﻫﺪاﻓﺎ ،وﻗﺪ ﺗُ َ ﺆﺧﺬ، اﻟﻬﺠﻮمَ ،وﻗﺪ ﻳﺤﺮز اﻟﻔﺮﻳﻖ املﻬﺎﺟﻢ أو ﻻ ﻳﺤﺮز وﻗﺪ ﻳﺮﺗﻜﺐ أيﱡ اﻟﻔﺮﻳﻘني ﺧﻄﺄً ،وﻫﻜﺬا .وﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻻت اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﺗﺘﻮاﱃ أﺣﺪاث املﺒﺎراة ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﺸﺎﻛﻠﺔ .اﻓﱰ ََض ﻣﻌﻈﻢ ﻣﺤ ﱢﻠﲇ اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت ذات اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت املﻌﻘﺪة أن اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت املﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗُ َ ﻮﺻﻒ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ ﻋﲆ ﻫﻴﺌﺔ ﺻﻮرة ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ﻏﺎﻳﺔ ﰲ اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ، ﻻ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻋﲆ ﻛﻴﻔﻴﺔ وﺻﻮﻟﻚ ﻟﻬﺎ .وﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﺣني ﻳﺤﺼﻞ ﻓﺮﻳﻖ ﰲ ﻛﺮة اﻟﻘﺪم اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﻜﺮة ،ﻻ ﻳﻬﻢ ﻛﺜريًا إن ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺪ ﻟﻼﻋﺐ اﻟﻔﺮﻳﻖ َ اﻋﱰاض َ اﻵﺧﺮ ،أم ﺿﻴﺎع اﻟﻜﺮة ﻣﻦ ﻻﻋﺐ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ رﻛﻠﺔ ،أم ٍ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﺎ، اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻵﺧﺮ ،أم ﴐﺑﺔ ﺑﺪاﻳﺔ ،أم أي ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻛﺎﻧﺖ .ﻟﻘﺪ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﲆ اﻟﻜﺮة ﰲ ٍ وﻫﻢ اﻵن اﻟﻔﺮﻳﻖ املﻬﺎﺟﻢ ﻋﲆ أرض املﻠﻌﺐ ،ﻫﺬا ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻬﻢ ﰲ اﻷﻣﺮ .ﻻ ﺷﻚ أن ﰲ ذﻟﻚ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺒﺴﻴﻂ املﺒﺎﻟﻎ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﱢ ﻳﻮﺿﺢ أﻧﻬﺎ ﺻﻮرة ﺟﻴﺪة ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﺎ؛ إﻧﻬﺎ اﻟﺼﻮرة املﺜﲆ ﰲ ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ واﻟﻬﻮﻛﻲ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﺗُ َ ﻌﺘﱪ ﺟﻴﺪة ﻟﻠﺪرﺟﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﰲ اﻟﺒﻴﺴﺒﻮل ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺟﻴﺪة ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ. ﻟﻘﺪ ﻛ ﱠﺮﺳﻨﺎ ﻣﻌﻈﻢ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻟﻠﺒﻴﺴﺒﻮل؛ ﻓﻬﻞ ﻳﻄﻐﻰ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻂ اﻟﻌﺎم ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻬﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت اﻷﺧﺮى؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،اﻟﺠﻮاب ﻫﻮ ﻧﻌﻢ ،ﰲ ﺿﻮء ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺤﻠﻴﻼت اﻟﺘﻲ ﺗُﺠ َﺮى وﺗُ َ ﻨﴩ ﰲ اﻟﺪورﻳﺎت اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ واﻹدارﻳﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﱠ ﺎ ﺗُﻘ َﺮأً . أﻳﻀﺎ، 203
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
اﻋﺘﺎد اﻟﻮﺳﻂ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎري ﱠأﻻ ﻳﺒﺎﱄ ﻫﻮ اﻵﺧﺮ ﺑﺎﻷﻋﻤﺎل اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﺠ َﺮى ﻋﲆ رﻛﺎﺋﺰه، وﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧرية ﻓﻘﻂ ﺗﻔﺠﱠ َﺮ ْت ﻣﻮﺟﺔ ﺷﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻹﺣﺼﺎﺋﻲ ُ ﱢ ﻋﻤﻠﻴﺔ رﺻ ٍﺪ ﻟﻸﻧﻤﺎط ،ﻫﺬا اﻟﺮﺻﺪ اﻟﺬي املﺘﺨﺼﺺ ملﺤﺎﻓﻆ اﻷﺳﻬﻢ) .ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك دوﻣً ﺎ ﻳُﻌَ ﱡﺪ املﻌﺎدل ﻟﻌﻠﻢ اﻟﺘﻨﺠﻴﻢ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر (.وﻗﺪ َ ﺳﺎﻫ َﻢ ﰲ ذﻟﻚ أﻣﺮان؛ اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻧﻔﺠﺎري ﰲ ﺗﻮاﻓﺮ أﺟﻬﺰة اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ املﺘﻄﻮرة ،واﻛﺘﺸﺎف أﻧﻪ ﺑﺈﻣﻜﺎن املﺮء ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ أن ﻳﺮﺑﺢ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ املﺎل ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎملﻬﻤﺔ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﺟﻴﺪ .وﻋﲆ ذﻟﻚ ﺳﻮف ﱠ ﻳﺘﻮﻗﻊ املﺮء أﻧﻪ ﺑﻤﺎ أن ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﻣﺘﻮاﻓﺮان ً أﻳﻀﺎ ﰲ اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت اﻻﺣﱰاﻓﻴﺔ ،ﻓﺴﻮف ﻳﱰﻛﺎن ﺑﺼﻤﺘﻬﻤﺎ ﻳﻮﻣً ﺎ ﻣﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻳﻈﻞ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم ﰲ ﻏﻴﺎﻫﺐ املﺴﺘﻘﺒﻞ.
204
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﴩون
اﻟﺴﻴﺪة أم اﻟﻨﻤﺮ؟
ﰲ ﻛﺜري ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻼت ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ،ﻳﻜﻮن ﻋﲆ اﻟﻼﻋﺐ )ﺻﺎﻧﻊ اﻟﻘﺮار( أن ﻳﺨﺘﺎر ﺧﻴﺎ ًرا واﺣﺪًا ﻣﻦ ﺑني ﻋﺪة ﺧﻴﺎرات ،ﰲ ﻇ ﱢﻞ ﻗﺪر ﻣﺤﺪود ﻣﻦ املﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺠﺰﺋﻴﺔ ،أو ﻋﺪم وﺟﻮد أي ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﲆ اﻹﻃﻼق .وﻟﻌﻞ اﻟﻨﻤﻮذج اﻷﺳﺎﳼ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﻫﺬه املﺂزق ﻫﻮ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼرية املﻌﺮوﻓﺔ اﻟﺼﺎدرة ﻋﺎم ١٨٨٤ﺑﻌﻨﻮان »اﻟﺴﻴﺪة أم اﻟﻨﻤﺮ؟« ،ﻣﻦ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻓﺮاﻧﻚ آر ﺳﺘﻮﻛﺘﻮن. َ ٍ ﺳﺎﺣﺔ ﻣﻌﺎﻗﺒ ِﺔ اﻵﺛِﻤني ﺑﺈرﺳﺎﻟﻬﻢ إﱃ ) َملﻦ ﻻ ﻳﺘﺬ ﱠﻛﺮون ،ﻛﺎن املﻠﻚ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺔ ﻟﺪﻳﻪ ﻋﺎد ُة َ ﻃﺮﻓﻴْﻬﺎ ،وﺧﻠﻒ أﺣﺪ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺒﺎﺑني ﻳﻘﺒﻊ ﻧﻤﺮ ﻣﻔﱰس ،وﺧﻠﻒ َ اﻵﺧﺮ ﺑﻬﺎ ﺑﺎﺑﺎن ﻋﲆ ﻛﻼ ﺗﻮﺟﺪ ﺳﻴﺪة ﺟﻤﻴﻠﺔ ،وﻋﲆ املﺬﻧﺐ أن ﻳﺨﺘﺎر أﺣﺪﻫﻤﺎ .ﻛﺎن ﻣﺼري ﻣَ ﻦ ﻳﺨﺘﺎرون اﻟﻨﻤﺮ واﺿﺤً ﺎ وﻣﺒﺎﴍًا؛ أﻣﺎ ﻣَ ﻦ ﻳﺨﺘﺎرون اﻟﺴﻴﺪة ،ﻓﻌﻠﻴﻬﻢ اﻟﺰواج ﺑﻬﺎ ﰲ اﻟﺘ ﱢﻮ واﻟﻠﺤﻈﺔ ،ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺎ ﻳﻔﻀﻼن ذﻟﻚ أم ﻻ .ﻳﻔﱰض ﺑﺪﻳﻬﻴٍّﺎ ﰲ اﻟﻘﺼﺔ أن اﻟﺸﺨﺺ اﻵﺛﻢ ذَ َﻛﺮ ،وأن اﻟﺴﻴﺪة ﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺟﺎﺋﺰة أو ﻣﻜﺎﻓﺄة ،وﻫﺬا ﻟﻴﺲ ً ﺳﻴُﻨ َ ﻻﺋﻘﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ﻫﺬه اﻷﻳﺎم ،ﻋﲆ ﻛﻼ اﻟﺼﻌﻴﺪﻳﻦ .وذات ﻳﻮم ُﻗ ِﺒﺾ ﻋﲆ رﺟﻞ ﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﺤﺎﺷﻴﺔ — وﻛﺎن وﺳﻴ َﻢ اﻟﻄﻠﻌﺔ — ﺑﺘﻬﻤﺔ اﻟﺪﺧﻮل ﰲ ﻋﻼﻗﺔ ﻋﺎﻃﻔﻴﺔ ﻣﻊ اﺑﻨﺔ املﻠﻚ ،وﺣُ ﻜِﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺣﻴﻨﻪ ﺑﺎﻟﻌﻘﻮﺑﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﰲ اﻟﺴﺎﺣﺔ؛ ﻧﺠﺤﺖ اﺑﻨﺔ املﻠﻚ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺪث ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ أي ﺑﺎب ﺳﻴﺨﻔﻲ وراءه أي ﻣﻔﺎﺟﺄة، ﱢ ً اﻟﺘﺨﲇ ﻋﻨﻪ ﻧﻬﺎﺋﻴٍّﺎ ﻻﻣﺮأة ﻃﻮﻳﻼ ﰲ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﻣﺎ ﺑني إرﺳﺎل ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ إﱃ املﻮت ،أو وﻋﺎﻧﺖ أﺧﺮى؛ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك أي اﺧﺘﻴﺎرات أﺧﺮى .وﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،ﰲ اﻟﺴﺎﺣﺔ ﰲ اﻟﻴﻮم املﻮﻋﻮد ،ﻧﻈﺮ اﻟﺮﺟﻞ إﻟﻴﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺮف أﻧﻪ ﺳﻴﻔﻌﻞ ،وأﺷﺎ َر ْت ﻟﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﺒﺎب إﱃ اﻟﻴﻤني؛ ﻓﻔﺘﺤﻪ واﻧﺘﻬَ ِﺖ اﻟﻘﺼﺔ ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ (.ﻟﻘﺪ ﺗﻄﻮﱠرت ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺺ إﱃ ﺗﺤﺪﻳﺎت ﻛﺎﻣﻠﺔ ﰲ ﺻﻨﻊ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺠﻌﻠﻬﺎ ﺟﺪﻳﺮ ًة َ ً ﺑﻔ ْ ﺼﻞ ﻛﺎﻣﻞ ﺧﺎص ﻟﻬﺎ. اﻟﻘﺮار ،وأﺻﺒﺤﺖ ﻟﻨﺒﺪأ ﺑﺼﻮرة ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﻀﻠﺔ اﻟﺴﺠﻴﻨني ،اﻟﺘﻲ ﺳﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ أﺣﺪ اﻟﺴﺠﻨﺎء ﻣﻦ ً ﻣﻮﺛﻮﻗﺎ ﻓﻴﻪ ،أن ﺳﺠﻴﻨني ﻣﻦ اﻟﺴﺠﻨﺎء اﻟﺜﻼﺛﺔ املﺤﺘﺠﺰﻳﻦ ﻣﺼﺪر ﰲ اﻟﺰﻧﺰاﻧﺔ ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ٍ
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﺣﺎﻟﻴٍّﺎ ﺳﻴُﻄ َﻠﻖ ﴎاﺣﻬﻤﺎ ﰲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﱄ؛ ﻓﻴﺴﻌﺪ ﻟﻬﺬا اﻟﺨﱪ ،وﻳﺆ ﱢﻛﺪ ﻟﻪ اﻟﺴﺠﱠ ﺎن — وﻫﻮ ﺷﺨﺺ أدرك ﻣﻦ ﺧﱪﺗﻪ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ أﻧﻪ أﻫﻞ ﻟﻠﺜﻘﺔ — أن اﻟﺨﱪ ﺻﺤﻴﺢ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﺑﻞ إن اﻟﺴﺠﺎن ﻳﻌﺮف ﻣَ ﻦ ﻫﻤﺎ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺘﻄﻮﱠع ﺑﺎﻹدﻻء ﺑﺄي ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت. ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻳﺪرك اﻟﺴﺠني ) َو ْﻟﻨﺴﻤﱢ ﻪ ﺗﻮم ،واﻟﺴﺠﻴﻨني اﻵﺧﺮﻳﻦ دﻳﻚ وﻫﺎري( أن ﻓﺮﺻﺘﻪ ﰲ أن ﻳُﻄ َﻠﻖ ﴎاﺣﻪ ﻫﻲ اﺛﻨﺘﺎن ﻣﻦ ﺛﻼث؛ أي اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻗﺪرﻫﺎ ،٣ / ٢وﻟﻜﻨﻪ ﻣﺘﻠﻬﻒ ملﻌﺮﻓﺔ املﺰﻳﺪ ،وﻫﻲ ﻟﻬﻔﺔ ﻣﻔﻬﻮﻣﺔ ،وﻳﺘﺴﺎءل ْ إن ﻛﺎن ﻫﻨﺎك أي ﳾء ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻛﻲ ﻳﻌﺮف ِ ﻣﺒﺎﴍ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺨﴙ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ .واﻟﺨﻄﻮة اﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ذﻟﻚ ﻫﻲ ﺳﺆال اﻟﺴﺠﱠ ﺎن ﺑﺸﻜﻞ ِ املﺒﺎﴍ ﰲ ﺗﻌﺮﻳﺾ ﻓﺮﺻﻪ ﰲ إﻃﻼق ﴎاﺣﻪ ﻟﻠﺨﻄﺮ؛ ﻟﺬا ﻳﻔ ﱢﻜﺮ ﰲ أن ﻳﺘﺴﺒﱠﺐ اﻷﺳﻠﻮب اﻻﻟﺘﻔﺎف ﺣﻮل املﺸﻜﻠﺔ ،ﻓﻴﺴﺘﻨﺘﺞ أﻧﻪ ﺑﻤﺎ أن دﻳﻚ أو ﻫﺎري ﺳﻮف ﻳُﻄ َﻠﻖ ﴎاﺣﻬﻤﺎ ،ﱢ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻣﺼريه ،ﻓﻠﻦ ﻳﻀريه أن ﻳﺴﺄل اﻟﺴﺠﱠ ﺎن ﻋﻦ اﺳﻢ ﺳﺠني َ آﺧﺮ ﺳﻮف ﻳُﻄ َﻠﻖ ﴎاﺣﻪ. ﱠ ﻟﻨﻔﱰ ْ ض أن اﻟﺴﺠﱠ ﺎن ﻳﻘﻮل إن ﻫﺎري ﺳﻮف ﻳُﻄ َﻠﻖ وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻟﻴﻔ ﱢﻜﺮ ﰲ اﻷﻣﺮ؛ ِ ﴎاﺣﻪ ،ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺳﻴﺴﺘﻨﻔﺪ ذﻟﻚ ﻣﻜﺎن أﺣﺪ اﻟﺸﺨﺼني اﻟﻠﺬﻳﻦ ﺳﻴُﻄ َﻠﻖ ﴎاﺣﻬﻤﺎ ،ﺗﺎر ًﻛﺎ املﻜﺎن َ اﻵﺧﺮ إﻣﺎ ﻟﻪ وإﻣﺎ ﻟِﺪﻳﻚ ،وﻫﺬا ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﻤﻨﺤﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ؛ إذ إن ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﻴﺰة ﺗﺮﺟﺢ ﻛﻔﺘﻪ ﻋﻦ دﻳﻚ ،وﺳﻴﻜﻮن ﻗﺪ ﻗ ﱠﻠ َﻞ ﻓﺮﺻﻪ ﻣﻦ ٠٫٦٦٧إﱃ ٠٫٥٠٠ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺴﺆال ﻓﻘﻂ؛ ﻟﺬا ﻳﻌﺰف ﻋﻦ اﻟﺴﺆال .ﻫﻞ ﻫﺬا أﻣﺮ ﻣﻨﻄﻘﻲ؟ أدرج اﻹﺣﺼﺎﺋﻲ اﻟﺒﺎرز ﻓﺮﻳﺪرﻳﻚ ﻣﻮﺳﺘﻠﺮ ﻫﺬا اﻟﻠﻐ َﺰ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺸﻬري »ﺧﻤﺴني ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻋﺴرية ﰲ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻊ اﻟﺤﻠﻮل« ،وأﻓﺎد ﻓﻴﻪ ﺑﺄﻧﻪ »ﻣﻦ ﺑني ﺟﻤﻴﻊ املﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﻳﻜﺘﺐ ﱄ اﻟﻨﺎس ﻋﻨﻬﺎ ،ﺗَ ِﺮد ﻫﺬه املﺸﻜﻠﺔ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺨﻄﺎﺑﺎت «.وﺧﻠﺺ ﻣﻮﺳﺘﻠﺮ إﱃ أن ﺗﻮم ﻟﻢ ﻳﺤ ﱠﺪ ﻣﻦ ُﻓ َﺮﺻﻪ ﺑﻄﺮح اﻟﺴﺆال ﻋﲆ اﻟﺴﺠﺎن ،وﺗﻈﻞ ﻟﺪﻳﻪ ﻓﺮﺻﺘﺎن ﻣﻦ ﺛﻼث ،ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﺴﺆال واﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻴﻪ .ﻟﻦ ﻧﻜ ﱢﺮر ﺣﺠﺘﻪ اﻟﺘﻲ أوردﻫﺎ ﰲ ذﻟﻚ اﻵن ،وﻟﻜﻨﻨﺎ ﺳﻨﻌﻮد إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻌﺪ أن ﻧﺘﻨﺎول أﺣﺪث ﻣﻮﺟﺎت اﻟﺒﻠﺒﻠﺔ اﻟﺘﻲ أُﺛِريت ﺑﺸﺄن ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ وﺛﻴﻘﺔ اﻟﺼﻠﺔ، وﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ أﺛﺎرﺗﻬﺎ ﻣﺎرﻟني ﻓﻮ ﺳﺎﻓﺎن ،وﻫﻲ ﻛﺎﺗﺒﺔ ﻋﻤﻮد ﻟﺪى ﻣﺠﻠﺔ »ﺑﺎراد« ،وﺳﻮف ﻧﺮى أن املﻌﻀﻠﺔ املﻨﻄﻘﻴﺔ واﺣﺪة. َ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻄﻠﻖ ﻋﲆ ﻫﺬه املﺸﻜﻠﺔ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺘﺤﻮﱡل ،وﻗﺪ ﺣﺪﺛ ِﺖ اﻟﻀﺠﺔ ﺣني ﻃﻠﺐ ﺪﱄ ﺑﺎﻹﺟﺎﺑﺔ؛ وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺎل إﻧﻬﺎ ﺳﺠﱠ َﻠ ْﺖ أﻋﲆ ﻣﻌﺪل أﺣﺪ ﻗ ﱠﺮاء ﻋﻤﻮد ﻓﻮ ﺳﺎﻓﺎن ﻣﻨﻬﺎ أن ﺗُ ِ ﺑﺎﻟﻎ ﻣﻦ اﻟﺬﻛﺎء ﺑﻼ ﺟﺪال) .ﻟﻘﺪ أﺧﺬ ﻣﺆﻟﻒ اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻴﻨﺎت ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ذﻛﺎء ،وﻋﲆ ٍ ﻗﺪر ٍ اﺧﺘﺒﺎرات اﻟﺬﻛﺎء اﻟﺘﻲ اﺟﺘﺎ َزﺗْﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﻳ ُْﴪ ،وﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﺆ ﱢﻛﺪ ﻷيﱢ ﻗﺎرئ ﻳﺴﺎوره اﻟﺸﻚ 206
اﻟﺴﻴﺪة أم اﻟﻨﻤﺮ؟
ﰲ ذﻟﻚ أن أداءﻫﺎ ﻗﻤﺔ ﰲ اﻹﺑﻬﺎر .إن ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﱠﻋﻮن ﻋﺪم وﺟﻮد ﻣﺎ ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ ﺑﺎﻟﺬﻛﺎء اﻟﻔﻄﺮي ﻳﻌﺎﻧﻮن اﻟﺠﻨﻮن (.وﻗﺪ ُ ﻃ ِﺮح اﻟﺴﺆال ﻋﲆ ﻓﻮ ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﱄ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ. َﻫﺐْ أﻧﻚ ﺗﻈﻬﺮ ﰲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻣﺴﺎﺑﻘﺎت )ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻣﺸﺎﺑﻪ ﰲ اﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮن ﰲ وﻗﺖ ﻣﻦ اﻷوﻗﺎت( ،ﻳ ُِﺮﻳﻚ ﻓﻴﻪ ﻣﻘﺪم اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﺛﻼﺛﺔ أﺑﻮاب ،ﱠ ٍ ﻣﺮﻗﻤﺔ ﺑﻮاﺣﺪ ،اﺛﻨني ،ﺛﻼﺛﺔ، ﺻﺪق( أن ﻫﻨﺎك ﻣﺎﻋ ًﺰا ﺧﻠﻒ ﺑﺎﺑني ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻷﺑﻮاب ،وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﺳﻴﺎرة ﺛﻢ ﻳﺨﱪك )ﻋﻦ ٍ راﺋﻌﺔ ﺧﻠﻒ اﻟﺒﺎب َ اﻵﺧﺮ .ﺳﻮف ﺗﺤﺼﻞ ﻋﲆ ﻣﺎ ﺗﺠﺪه ﺧﻠﻒ اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ﺗﺨﺘﺎره ،وﻧﺤﻦ ﱢ ﺗﻔﻀﻞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﺳﻴﺎرة ﻻ ﻣﺎﻋﺰ) .ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺗﻔﺴري ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻷن ﻧﺴ ﱢﻠﻢ ﺑﺪﻳﻬﻴٍّﺎ ﺑﺄﻧﻚ واﺿﺢ ﻻﺧﺘﻼف اﻟﺮﻏﺒﺎت ﺑني اﻷﺷﺨﺎص ،وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻓﻬﺬا اﻻﻓﱰاض ﻏري ﻣﻌﻠﻦ .وﰲ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺤﺬر اﻻﻓﱰاﺿﺎت ﻏري املﻌﻠﻨﺔ (.ﺗﺨﺘﺎر أﻧﺖ اﻟﺒﺎب رﻗﻢ واﺣﺪ، وﻟﻜﻦ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﺗﻘﴤ ﺑﺄﻧﻪ ﺑﻌﺪ أن ﺗﺤﺪﱢد اﺧﺘﻴﺎرك ،وﻗﺒﻞ ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻴﻪ اﺧﺘﻴﺎرك ،ﻳﻘﻮم ﻣﻘﺪﱢم اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﺑﻔﺘﺢ ﺑﺎب َ آﺧﺮ ﻣﻦ اﻷﺑﻮاب اﻟﺜﻼﺛﺔ ،وﻳﻤﻨﺤﻚ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺘﻐﻴري اﺧﺘﻴﺎرك؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﻘﻮم املﻘﺪﱢم ﺑﻔﺘﺢ اﻟﺒﺎب رﻗﻢ ﺛﻼﺛﺔ ،ﻟﻴﺠﺪ ﺧﻠﻔﻪ ﻣﺎﻋ ًﺰا ،وﻳﺴﺄﻟﻚ اﻵن إن ﻛﻨﺖ ﺗﻮد أن ﱢ ﺗﻐري رأﻳﻚ ،وﺗﺤﻮﱢل اﺧﺘﻴﺎرك إﱃ اﻟﺒﺎب رﻗﻢ اﺛﻨني .ﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻘﺮار اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻚ؛ أن ﺗﺤﻮﱢل اﺧﺘﻴﺎرك أو ﻻ ﺗﺤﻮﱢﻟﻪ .أﻧﻌﻢ اﻟﺘﻔﻜري ﻓﻴﻬﺎ. َ اﺧﱰت اﻟﺒﺎب رﻗﻢ ﻛﺎن اﺳﺘﻨﺘﺎج ﻓﻮ ﺳﺎﻓﺎن ﻟﻸﻣﺮ ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﱄ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ :ﺣني واﺣﺪ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻚ ﻓﺮﺻﺔ واﺣﺪة ﻣﻦ ﺛﻼث ﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ﻳﺤﻮي ﺧﻠﻔﻪ اﻟﺴﻴﺎرة؛ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن ﻫﻨﺎك ﻓﺮﺻﺘني ﻣﻦ ﺛﻼث ﻷن ﺗﻜﻮن اﻟﺴﻴﺎرة ﺧﻠﻒ أﺣﺪ اﻟﺒﺎﺑني اﻵﺧﺮﻳﻦ .وﻫﺎ ﻗﺪ ﺗﺘﻐري ُ املﺘﻌﺎون أﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ »ﻟﻴﺴﺖ« ﺧﻠﻒ اﻟﺒﺎب رﻗﻢ ﺛﻼﺛﺔ ،وﻟﻢ ﱠ اﻟﻔ َﺮص أﻇﻬَ َﺮ ﻟﻚ املﺬﻳﻊ ِ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺒﺎب رﻗﻢ واﺣﺪ ،وﻫﻜﺬا ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻓﺮﺻﺘﺎن ﻣﻦ ﺛﻼث ﻷن ﺗﻜﻮن اﻟﺴﻴﺎرة ﺧﻠﻒ اﻟﺒﺎب رﻗﻢ اﺛﻨني .ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻟﻘﺪ اﻧﺘﻘ َﻠ ِﺖ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺪﱠﺧﺮة ﻟﻠﺒﺎب رﻗﻢ ﺛﻼﺛﺔ إﱃ اﻟﺒﺎب رﻗﻢ اﺛﻨني؛ ﻟﺬا ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺤﻮﱢل اﺧﺘﻴﺎرك) .ﻛﺎن اﺳﺘﻨﺘﺎج ﻣﻮﺳﺘﻠﺮ ً ﺗﻔﺼﻴﻼ(. اﺳﺘﺪﻻل أﻛﺜﺮ ﻫﻮ ﻧﻔﺲ ﻫﺬا اﻻﺳﺘﻨﺘﺎج ،وﻟﻜﻦ ﻣﻊ ٍ وﻣﺜﻠﻤﺎ أﻓﺎد ﻣﻮﺳﺘﻠﺮ ﱢ ﺑﺘﻠﻘﻴﻪ ً ﻓﻴﻀﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺎﺑﺎت ﻋﻦ إﺟﺎﺑﺘﻪ ﻟﻠُﻐﺰ اﻟﺴﺠني ،ﺗﻘﻮل ﻓﻮ ﺳﺎﻓﺎن إﻧﻬﺎ ﱠ ﺗﻠﻘ ْﺖ آﻻف اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻋﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ املﺴﺎﺑﻘﺎت .إن ﻣﺠﻠﺔ »ﺑﺎراد« ﻣﺠﻠﺔ واﺳﻌﺔ اﻻﻧﺘﺸﺎر ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻳﻌﺘﻘﺪون أﻧﻬﺎ ﻋﲆ ﺧﻄﺄ ،وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺷﻴﻮﻋً ﺎ اﻟﺘﻲ أدﱃ ﺑﻬﺎ املﱰاﺳﻠﻮن أن اﻟﻔﺮﺻﺔ اﻵن أﺻﺒﺤﺖ ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ﺑني اﻟﺒﺎﺑني واﺣﺪ واﺛﻨني ،ﻣﺴﺘﻌﻴﻨني ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﺑﺤﺠﺔ ﺗﻮم املﺬﻛﻮرة أﻋﻼه ،ﻣﻦ أﻧﻚ ﻗﺪ اﺧﺘﺰ ْﻟ َﺖ اﻟﺨﻴﺎرات اﻟﺜﻼﺛﺔ إﱃ ﺧﻴﺎرﻳﻦ ،وﻻ ﺗﻌﺮف أﻳﻬﻤﺎ ﻫﻮ اﻷﺻﺢ؛ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻳﺠﻌﻞ 207
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
اﻷﻣﺮ ﻣﺸﺎﺑﻬً ﺎ ﻟﺮﻣﻲ اﻟﻌﻤﻠﺔ .املﺜري ﰲ اﻷﻣﺮ أن ﻓﻮ ﺳﺎﻓﺎن ﻗﺪﱠﻣَ ْﺖ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ أﺧﺮى ﻣﻔﻴﺪة؛ أ َ َﻻ وﻫﻲ أن ﻣﻦ ﺑني اﻟﺨﻄﺎﺑﺎت املﺮﺳﻠﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﻮم اﻟﻨﺎس ،رأى ٩٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺨﻄﺌﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺨﻄﺎﺑﺎت املﺮﺳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ﻛﺎن ٦٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻘﻂ ﺿﺪﻫﺎ .وﰲ اﻟﺠﻠﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗَ َﻠ ْﺖ ذﻟﻚ ،أدﱃ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻹﺣﺼﺎﺋﻴني اﻟﺤﺎﺻﻠني ﻋﲆ درﺟﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﺑﺂراﺋﻬﻢ وﻣﺸﺎﻋﺮﻫﻢ، ﻮﺟﺌﺖ ﻓﻮ ﺳﺎﻓﺎن ﺑﺸﻜﻞ وﻛﺎن اﻧﺤﻴﺎزﻫﻢ ﻟﻔﻜﺮ ِة ﺗَﺴﺎوي اﻟﻔﺮص أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻜﺲ؛ ﻟﻘﺪ ُﻓ ِ واﺿﺢ ﺑﺎﻟﺤﻤﺎس املﻠﺘﻬﺐ اﻟﺬي أﺛﺎ َرﺗْﻪ املﺸﻜﻠﺔ ،وﺑﻤﺪى ﻗﻮة املﻌﺎرﺿﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﱠ ﺗﻤﺴ َﻜ ْﺖ ﺑﻤﻮﻗﻔﻬﺎ) .ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﺗﻌﻠﻴﻖ ﻋﲆ ﻣﻘﺎل؛ ﻫﻨﻴﺌًﺎ ﻟﻬﺎ!( )ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ذﻟﻚ ﺧﺎرج اﻟﺴﻴﺎق ،ﻻﺣِ ِﻆ ارﺗﺒﺎط ﺻﻠﺔ ﻫﺬا اﻟﻨﺰاع ﺑﻤﻜﺎﻧﺔ ﺣﻜﻢ ﱠ املﻌﻘﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮأ ﰲ اﻟﺤﻜﻢ ،وارﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺎملﺴﺎﺋﻞ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﰲ اﻟﺘﻌﺎﻣُﻞ ﻣﻊ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﺳﻨﻨﺎﻗﺸﻬﺎ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻘﺎدم .ﻫﻞ ﻧﺘﺨﺬ اﻟﻘﺮارات اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﺼﻮﻳﺖ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﰲ أي دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ؟ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﺑﻼ ،ﻓﻜﻴﻒ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺤﻤﻲ اﻟﻌﺎﻣﺔ؟ ﻟﻮ أن ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻗﺪ ُ َ ﻣﺘﺴﺎو ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﺑﺎي اﻟﺤﻤﻘﺎء ﺳﺘﻨﺠﺢ ﰲ ﺑﺸﻜﻞ ﻻﻧﻘﺴ َﻢ املﺼﻮﱢﺗﻮن ﻃ ِﺮح ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺖ ٍ ٍ ﻣﺠﻠﺲ إﻧﺪﻳﺎﻧﺎ اﻟﺘﴩﻳﻌﻲ ،ﻟﻮﻻ أن ﻋﺎﻟﻢ رﻳﺎﺿﻴﺎت ﻋﺎﺑﺮ ﺑﺎﻟﺼﺪﻓﺔ ﺿﺒﻂ املﴩﻋني ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻠﺒﱡﺲ(. ﱢ املﺘﺨﺼﺼﻮن ،وﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ،ﺣﻮل إﺟﺎﺑﺔ ﺳﺆال ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ املﺴﺎﺑﻘﺎت، ﺗﻨﺎ َز َع اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﻮن ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺑﺴﺎﻃﺘﻬﺎ اﻟﻘﺎﺗﻠﺔ ﻷي ﺷﻜﻮك .ﻓﺒﻤﻘﺪور أي ﺷﺨﺺ أن ﻳﻔﻬﻤﻬﺎ ،وﻳﻤﻜﻨﻪ ﺣﺘﻰ أن ﻳﻀﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ذﻟﻚ املﻮﺿﻊ ،ﺑﻞ إن ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ ﻣﺤﺎﻛﺎة املﻮﻗﻒ :ﻓﻘﻂ اﺳﺘﺨﺪم ﺛﻼث أوراق ﻟﻌﺐ وﺟْ ﻬُ ﻬﺎ ﻷﺳﻔﻞ ﻟﺘﻜﻮن ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ »اﻷﺑﻮاب« ،ﻣﻨﻬﺎ ورﻗﺔ آس وورﻗﺘﺎن ﺗﺤﻤﻼن رﻗﻢ اﺛﻨني ﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﺴﻴﺎرة واملﺎﻋﺰﻳﻦ ،واﻟﻌﺐ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﺑﻀﻌﺔ ﻋﴩات ﻣﻦ املﺮات؛ ﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﺳﺘﺠﺪ أن اﻟﺘﺤﻮل ﻟﻪ ﻓﺎﺋﺪﺗﻪ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ادﱠﻋَ ْﺖ ﻓﻮ ﺳﺎﻓﺎن .إذن ﻣﺎ ﻫﺬه اﻟﺠﻠﺒﺔ؟ وملﺎذا ﻳﺨﺘﻠﻒ اﻟﺨﱪاء؟ وﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺐ اﻟﺤﺠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ املﺎﻋﺰ ﺧﻠﻒ اﻟﺒﺎب رﻗﻢ ﺛﻼﺛﺔ؟ أم ﻫﻞ ﻫﻨﺎك اﻓﱰاض ﻣﺎ ﻏري ﻣﻌﻠﻦ ﻟﺪى ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻼﻋﺒني ،ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪ ﻣﺤﺎﻛﺎة اﻟﻠﻌﺒﺔ ﺑﺄوراق اﻟﻠﻌﺐ؟ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ املﺬﻫﻠﺔ )وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻠﻐﺰ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴٍّﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ( أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺧﻄﺄ ﰲ ﻛﻠﺘﺎ اﻟﺤﺠﺘني ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﺧﺘﻼف ﻧﺘﻴﺠﺘَ ْﻲ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ،وﻫﻨﺎ ﺗﻜﻤﻦ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻬﺬا اﻷﻣﺮ) .ﻫﻨﺎك دﻋﺎﺑﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻋﻦ املﻠﻚ ﺳﻠﻴﻤﺎن ،ﺗﺪور ﺣﻮل ﺟﺎرﻳﻦ ﻛﺎﻧﺎ ﻳﺘﺠﺎدﻻن أﻣﺎﻣﻪ، ﺟﺎر ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑﻤﺎ ﻟﺪﻳﻪ ،ﻛﺎن املﻠﻚ ﻳﻘﻮل» :أﻧﺖ ﻋﲆ ﺣﻖ «.وﺣني ﺗﻨﺎﻣَ ﻰ وﺑﻌﺪ أن ﻳ ِ ُﺪﱄ ﻛ ﱡﻞ ٍ ﻗﺎض ﻣﺎ ﱟر ﺑﺎﻟﺼﺪﻓﺔ ،ﻗﺎل ﻟﻠﻤﻠﻚ» :وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻛﻼﻫﻤﺎ ﻋﲆ ﻫﺬا إﱃ ﻣﺴﺎﻣﻊ ٍ ً ً ﺣﻖ «.ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ املﻠﻚ ﻗﺎﺋﻼ» :أﻧﺖ أﻳﻀﺎ ﻋﲆ ﺣﻖ(«. 208
اﻟﺴﻴﺪة أم اﻟﻨﻤﺮ؟
ﻫﻨﺎك ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﻔﻘﻮدة ﰲ اﻟﻠﻐﺰ ﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ،وﻟﻜﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻼﻋﺒني )ﺑﻤَ ﻦ ﻓﻴﻬﻢ ﻓﻮ ﺳﺎﻓﺎن( وﺿﻌﻮا اﻓﱰاﺿﺎت ﻏري واﻋﻴﺔ ﺑﺸﺄن ﻫﺬه املﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﻐﺎﺋﺒﺔ ،ﺣﺘﻰ دون أن ﻳﻼﺣﻈﻮا ﻏﻴﺎﺑﻬﺎ ﰲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﻴﺎن .ﻻ ﻧﻘﺼﺪ ﺑﻬﺬا ﺗﻮﺟﻴﻪ أﻳﺔ إﻫﺎﻧﺔ ﻟِﻔﻮ ﺳﺎﻓﺎن؛ ﻓﻬﻲ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ ﺑﺄن اﻓﱰاﺿﻬﺎ ﺑﺸﺄن املﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﻨﺎﻗﺼﺔ ﺑﺪﻳﻬﻴﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،ﺣﺘﻰ إﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﻋﺪم اﻋﺘﺒﺎر ﺗﻠﻚ املﻌﻠﻮﻣﺎت ﻏﺎﺋﺒﺔ ٍّ ﺣﻘﺎ .وﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻫﺆﻻء أﺻﺤﺎب اﻻﻓﱰاض املﻀﺎد أن »اﻓﱰاﺿﻬﻢ« ﻃﺒﻴﻌﻲ وﺑﺪﻳﻬﻲ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ .إن ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺮأﻳني ﻳﺒﺪوان ﻃﺒﻴﻌﻴني وﺑﺪﻳﻬﻴني ﺑﺪرﺟﺔ ً اﻓﱰاﺿﺎ ﻗﺪ و ُِﺿﻊ وﻋﻲ أن ﻛﺒرية ﻷﺗﺒﺎع ﻛﻠﺘﺎ املﺪرﺳﺘني ،ﻟﺪرﺟﺔ أن أﻳٍّﺎ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻻ ﻳﻼﺣﻆ ﻋﻦ ٍ ﻣﻦ اﻷﺳﺎس. َﻓ ْﻠ ﱠ ﻨﻜﻒ ﻋﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﺎﻷﻟﻐﺎز؛ ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺤﺪث ﻫﻨﺎ؟ ﻫﻞ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺤﻮﱢل اﻟﻼﻋﺐ اﺧﺘﻴﺎره؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،إن اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ملﻌﺎﻟﺠﺔ أي ﻣﺸﻜﻠﺔ ﰲ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﻫﻮ ﱡ ﺗﺒني اﻟﺨﻴﺎرات املﺘﻨﻮﻋﺔ املﺘﺎﺣﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻞ ﺗﻌﻴني أي اﺣﺘﻤﺎﻻت ﻟﻬﺎ .وﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﻗﺒﻞ أن ﻳﺒﺪأ ﻣﻘﺪم اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ،ﻳﺒﺪو ﻫﻨﺎك ﺛﻼﺛﺔ ﺧﻴﺎرات؛ اﻟﺴﻴﺎرة ﺧﻠﻒ اﻟﺒﺎب رﻗﻢ واﺣﺪ أو اﺛﻨني أو ﺛﻼﺛﺔ ،وﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ أي ﺗﻔﻀﻴﻞ ﻣﻨﺼﻮص ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﴍوط اﻟﻠﻌﺒﺔ؛ ﻟﺬا ﻣﻦ املﻨﻄﻘﻲ اﻓﱰاض اﻟﻨﺰاﻫﺔ ﰲ اﻟﻠﻌﺒﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ اﻓﱰاض أن اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت املﺒﺪﺋﻴﺔ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ املﺤﺪﱠدة ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ اﻟﺠﻤﻴﻊ؛ أي ٣ / ١ﻟﻜ ﱢﻞ ﺑﺎب ﻣﻦ اﻷﺑﻮاب اﻟﺜﻼﺛﺔ .ﻛﻞ ﳾء ﻳﺴري ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻃﻴﺐ ﺣﺘﻰ اﻵن. اﻵن ﻳﺨﺘﺎر اﻟﻼﻋﺐ — اﻟﺬي ﻫﻮ أﻧﺖ — اﻟﺒﺎب رﻗﻢ واﺣﺪ ،وﻣﺮة أﺧﺮى ﻻ ﻳﻮﺟﺪ أي ﺳﺤﺮ ﻫﻨﺎ؛ ﻓﺄﻧﺖ ﻻ ﺗﻌﺮف أيﱠ ﳾءُ ، وﻓ َﺮص أن ﻳﻜﻮن اﺧﺘﻴﺎرك ﺻﺤﻴﺤً ﺎ ﻫﻲ ﻛﺎملﻨﺼﻮص ﻋﻠﻴﻬﺎ؛ ﻓﺮﺻﺔ واﺣﺪة ﻣﻦ ﺛﻼث. وﻟﻜﻦ اﻵن ﺗﺒﺪأ املﺘﻌﺔ؛ ﻷن ﻣﻘﺪم اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﻗﺪ ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎبَ رﻗﻢ ﺛﻼﺛﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﺴﺎءل أﺣﺪ ﻋﻦ »ﺳﺒﺐ« اﺧﺘﻴﺎر ذﻟﻚ اﻟﺒﺎب .ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎﻻت ﻋﺪﻳﺪة ﻫﻨﺎ ،واملﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻨﻘﻠﻬﺎ ً ﻣﺴﺒﻘﺎ ﻋﻦ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻪ ،واﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﻔﺼﺢ ﻋﻨﻬﺎ ﻟﻚ اﺧﺘﻴﺎره ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ ﻣﺎ ﺗﻌﺮﻓﻪ ﺣﺘﻰ اﻵن؛ رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن — ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل — ﻗﺪ وﻋَ َﺪ واﻟﺪﺗﻪ ﺑﺄن ﻳﻔﺘﺢ اﻟﺒﺎب رﻗﻢ ﺛﻼﺛﺔ ﱢ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻤﱠ ﺎ وراءه .ﺳﻴﻜﻮن إذن ﻣﻦ »داﺋﻤً ﺎ« إذا اﺧﺘﺎر املﺘﺴﺎ ِﺑﻖ اﻟﺒﺎب رﻗﻢ واﺣﺪ، ﻗﺒﻴﻞ املﺼﺎدﻓﺔ اﻟﻌﺎرﺿﺔ ﻓﻘﻂ أن ﰲ ﻫﺬه املﺮة ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻣﺎﻋﺰ؛ ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﻴﺎرة ،ﻻﻧﺘﻬَ ِﺖ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻋﻨﺪ ﻫﺬا اﻟﺤﺪ ،وﻟﻜﺎﻧﺖ اﻟﺨﺴﺎرة ﻣﻦ ﻧﺼﻴﺒﻚ .إذا ﻛﺎن ﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﻨﻄﻘﻪ ،إذن ﻓﺈن ﺣﻘﻴﻘﺔ أﻧﻪ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﺳﻴﺎرة ﺧﻠﻒ اﻟﺒﺎب ﻫﻲ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻟﻚ ،وﺑﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮن ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺴﻴﺎرة ﻗﺪ اﻗﺘﴫ ﻋﲆ اﻟﺒﺎب رﻗﻢ واﺣﺪ أو اﻟﺒﺎب رﻗﻢ اﺛﻨني ،دون أي ﺗﻔﻀﻴﻼت 209
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻣﻌﺮوﻓﺔ .إن ﻣﻘﺪﱢم اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﻟﻢ ﻳﻤﻨﺤﻚ أيﱠ ﺳﺒﺐ ﻟﻠﺘﺤﻮﱡل إﱃ اﻟﺒﺎب رﻗﻢ اﺛﻨني ،وﻻ أي ﺳﺒﺐ ﻟﻌﺪم اﻟﺘﺤﻮﱡل .ﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ ﻣﻦ ﻣﺮاﺳﲇ ﻓﻮ ﺳﺎﻓﺎن ،اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﻘﺪون ً ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ اﻵن ،ﻳﻀﻌﻮن ﻫﺬا اﻻﻓﱰاض ﺑﻼ دراﻳﺔ ﻋﻦ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ أن اﻷرﺟﺤﻴﺎت ﻗﺪ ﺻﺎرت ﻣﻘﺪم اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ،ورﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﰲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺤﺎﻻت ﻻ ﻳﺪرﻛﻮن ﺣﺘﻰ أﻧﻬﻢ ﻳﻀﻌﻮﻧﻪ ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻋﲆ ﺣﻖ؛ وﻻ ﺷﻚ أﻧﻬﻢ ﻗﺪ ﺗﺴﺎءﻟﻮا ﻛﻴﻒ ﻟﺸﺨﺺ ﰲ ذﻛﺎء ﻣﺎرﻟني ﻓﻮ ﺳﺎﻓﺎن أن ﻳﺮﺗﻜﺐ ﻣﺜ َﻞ ﻫﺬا اﻟﺨﻄﺄ اﻟﺴﺨﻴﻒ. وﻟﻜﻦ َﻫﺐْ أن ﻣﻘﺪﱢم اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻗﺪ ﻗﻄﻊ أيﱠ ﻋﻬﺪ ﻛﻬﺬا ﻟﻮاﻟﺪﺗﻪ ،وأﻧﻪ ﻣﺤﻜﻮم ً ﻣﻄﻠﻘﺎ أن ﻳﻔﺘﺢ اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ﻳﺤﻮي ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻋﺪ .ﻗﺪ ﻳﺮى أﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ ﺧﻠﻔﻪ اﻟﺴﻴﺎرة؛ ﻷن ﻫﺬا ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳ ُِﻨﻬﻲ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻣﺒﻜ ًﺮا ،وﻳﺪﻣﱢ ﺮ اﻹﺛﺎر َة املﺤﻴﻄﺔ ﺑﻘﺮار اﻟﻼﻋﺐ .ﺳﺘﻜﻮن ﺗﻜﻠﻔﺔ ﻫﺬا ﻫﻮ اﻫﺘﻤﺎم اﻟﺠﻤﻬﻮر ،وﺑﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﻌﻤﻞ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﱰﻓﻴﻪ ،ﻓﺴﻮف ﺗﻜﻮن ﻫﺬه ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻪ؛ ﻟﺬا ﻓﺈن ﻛﺎﻧﺖ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﻘﺪم اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ ً ﻣﻄﻠﻘﺎ ،وﻛﺎن اﺧﺘﻴﺎرك ﺻﺤﻴﺤً ﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ،ﻳﻤﻜﻨﻪ ﰲ ﻋﺪم ﻓﺘﺢ ﺑﺎب ﻳﺤﻮي ﺧﻠﻔﻪ ﺳﻴﺎرة أن ﻳﻔﺘﺢ اﻟﺒﺎب رﻗﻢ اﺛﻨني أو رﻗﻢ ﺛﻼﺛﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﺎء؛ »وﻟﻜﻦ« إذا ﺟﺎء اﺧﺘﻴﺎرك ﺧﺎﻃﺌًﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ،واﻟﺴﻴﺎرة إﻣﺎ ﺧﻠﻒ اﻟﺒﺎب رﻗﻢ اﺛﻨني أو ﺛﻼﺛﺔ ٍّ ﺣﻘﺎ ،ﻓﺴﻮف ﻳﻔﺘﺢ اﻟﺒﺎب َ اﻵﺧﺮ؛ إذن ﺳﻴﻜﻮن ﻗﺎد ًرا دوﻣً ﺎ ﻋﲆ ﻓﺘﺢ ﺑﺎب ﻳﺤﻮي ﺧﻠﻔﻪ ﻣﺎﻋ ًﺰا ،وﻻ ﻳﻘﺪﱢم ﻟﻚ أي ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺣني ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ. أﻳٍّﺎ ﻛﺎن ﻣﻮﻗﻊ اﻟﺴﻴﺎرة ،ﻟﻢ ﻳﺆﺛﱢﺮ ﻣﻘﺪﱢم اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﻋﲆ ﻓﺮﺻﺔ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺴﻴﺎرة ﺧﻠﻒ اﻟﺒﺎب رﻗﻢ واﺣﺪ ،اﻟﺬي ﻫﻮ اﺧﺘﻴﺎرك اﻷﺻﲇ ،وﻟﻜﻦ إذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﺴﻴﺎرة ﺧﻠﻔﻪ ،ﻳﻜﻮن ﺑﺬﻟﻚ ﻗﺪ أﺧﱪك أﻳٍّﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺑني َ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻳﺤﻮي ﺧﻠﻔﻪ اﻟﺠﺎﺋﺰة؛ إذن ﻓﻘﺪ أﺧﱪك ﻟﺜﻠﺜَﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﺻﻮاب ﰲ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﺒﺎب رﻗﻢ واﺣﺪ ﰲ املﻘﺎم اﻷول — أيﱠ اﻟﺒﺎﺑني — ﺣني ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻋﲆ ٍ َ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺗﺨﺘﺎر .إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه ﻫﻲ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺘﻪ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻮ ﺳﺎﻓﺎن ﻋﲆ ﱟ ﺣﻖ .ﺣﻮﱢل إذن اﺧﺘﻴﺎرك ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻟﻚ ،وﺗﺒﺎ َه ﺑﺤُ ْﺴ ِﻦ ﺣﻈﻚ .إن ﻫﺬا ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻚ ٌ واﺛﻖ ﻣﻦ اﻟﻔﻮز إذا ﺣ ﱠﻮ ْﻟ َﺖ اﺧﺘﻴﺎرك )ﻓﻬﻨﺎك ﻓﺮﺻﺔ ﻣﻦ ﺛﻼث أﻧﻚ َ ﻛﻨﺖ ﻋﲆ ﺻﻮاب ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ(، وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻀﺎﻋﻒ ﻓﺮﺻﺘﻚ. ﺗﻠﻚ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﻃﺮﻓﺎن ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ َ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﺿﺎرﻳﺔ ﻋﲆ ﱟ ﺣﻖ ،اﻋﺘﻤﺎدًا ﻋﲆ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ ﻣﻘﺪم اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ؛ ﻓﺈذا ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎب ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺸﻮاﺋﻲ )أو ً وﻓﻘﺎ ﻟﻮﻋْ ﺪِه ﻟﻮاﻟﺪﺗﻪ( ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﺴﻴﺎرة ﺧﻠﻒ اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ﻳﻔﺘﺤﻪ ،إذن ﻓﻘﺪ ﺻﺎرت اﻷرﺟﺤﻴﺎت ً ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ؛ أﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻗﺪ ﻗ ﱠﺮ َر ﻣﻨﺬ ﻓﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﱠأﻻ ﻳﻔﺘﺢ اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ﺧﻠﻔﻪ اﻟﺴﻴﺎرة ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ 210
اﻟﺴﻴﺪة أم اﻟﻨﻤﺮ؟
ً ﻣﻄﻠﻘﺎ ﰲ ﻫﺬه املﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻌﺒﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻣﻨﺤﻚ ﻧﻈﺮ ًة ﻣﺨﺘﻠﺴﺔ ملﺎ ﺧﻠﻒ اﻟﺒﺎب رﻗﻢ ﺛﻼﺛﺔ، وﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺴﺘﻐ ﱠﻞ ﺗﻠﻚ املﻌﻠﻮﻣﺔ ﺑﺘﺤﻮﻳﻞ اﺧﺘﻴﺎرك. واﻵن إﱃ اﻟﺴﺆال اﻟﺼﻌﺐ واملﺜري ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ﱟ ﺑﺤﻖ :ﻣﺎذا ﻟﻮ أن ﻛﻞ ﳾء ﺣﺪث ﺣﺴﺒﻤﺎ و ُِﺻﻒ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،وﻟﻜﻨﻚ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻋﲆ دراﻳﺔ ﺑﺄي ﳾء ﻋﻦ اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﻘﺪم اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ،و ُﻣﻨ َ ِﻌﺖ ﻣﻦ اﻟﺴﺆال ﻋﻦ ذﻟﻚ؟ ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ﺳﺘﻌﻮد إﱃ وﺿﻊ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ اﻟﺠﻨﻲ اﻟﺘﻲ ُ ورد ْ املﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ )واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺜﱠﻞ ،ﰲ ﺗﻠﻚ َت ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ ،واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﰲ ﻧﻮاﻳﺎ اﻟﺠﻨﻲ وﺣﺴﺎﺑﻪ املﴫﰲ( ﻏريَ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻟﻚ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ .إذا ﻓ ﱠﻜ َ ﺮت ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﺼﺤﻴﺢ ،ﻓﺴﻮف ﺗﺪرك أن اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﺑﺸﻜﻞ ﺣﻴﻮي ﻋﲆ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ملﻘﺪم اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ،وﻫﻮ ﻟﻴﺲ ﺑﺼﺪد أن ﻳﺨﱪك ﺑﺬﻟﻚ؛ ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ﺳﻮف ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ أن ﺗﺨﻤﱢ ﻦ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ اﺳﺘﻠﺰم اﻷﻣﺮ ﻣﻊ اﻟﺠﻨﻲ ،وﺳﻴﻜﻮن اﻟﻘﺮار ﺑﺸﺄن اﻟﺘﺤﻮﱡل ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻪ أﻓﻀﻞ ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﺗﺤﻠﻴﻠُﻚ اﻟﻨﻔﴘ ملﻘﺪم اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﱠ أدق .أ َﻟﻴﺴﺖ ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴري ﺑﻬﺎ اﻷﻣﻮر ﰲ اﻟﺤﻴﺎة؟ اﻷﻣﺮ اﻟﻮاﺿﺢ وﺿﻮحَ اﻟﺸﻤﺲ أﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺿري ﰲ اﻟﺘﺤﻮﱡل؛ ﻷﻧﻪ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﻘﺪﱢم اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﻗﺪ وﻋﺪ واﻟﺪﺗﻪ ،ﻓﺈن اﻷرﺟﺤﻴﺎت ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻟﻦ ﺗﺨﴪ ﺷﻴﺌًﺎ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻮ ﺳﺎﻓﺎن ﻋﲆ ﺣﻖ. وأﺧريًا ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﻌﻮدة إﱃ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ؛ أي إﱃ ﻗﺼﺔ »اﻟﻨﻤﺮ أم اﻟﺴﻴﺪة؟« .ﺗﺸري اﺑﻨﺔ املﻠﻚ ﻟﻠﻌﺎﺷﻖ ذي اﻟﺤﻆ اﻟﺘﱠﻌِ ﺲ ﻛﻲ ﻳﻔﺘﺢ اﻟﺒﺎب إﱃ اﻟﻴﻤني ،وﻳﻔﻌﻞ؛ ﻟﻮ أن اﻟﻘﺼﺔ ﻗﺪ ُﻛﺘِﺒﺖ ﺣﺪﻳﺜًﺎ ،وﻟﻴﺲ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺔ ﻋﺎم َ ﻣﻀ ْﺖ ،ﻻﺑﺘُ ِﻜ َﺮت ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻟﻠﻘﺮار؛ وﺣﻴﻨﺌﺬٍ ،وﺑﻼ ﺷﻚ ،ﻛﺎن اﻟﺤﺒﻴﺐ اﻟﺘﻌﻴﺲ اﻟﺤﻆ ﺳﻴُﻨﻌﻢ اﻟﺘﻔﻜري ﰲ اﻟﴫاﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ ﺑﺪ أﻧﻬﺎ ﺗﺸﻐﻞ ﻋﻘﻞ ﱠ ﺳﻴﺘﻮﺻ ُﻞ إﱃ اﻟﺤﻜﻢ اﻷﻓﻀﻞ ﺑﺸﺄن ﻣﺎ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻗ ﱠﺮ َر ْت أﻧﻪ ﻳﺨﺪم ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﺎ اﻷﻣرية ،وﻛﺎن ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﱢ ٍ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ِ ﺗﺆﻫﻠﻪ ﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ُﻓ َﺮﺻﻪ ﰲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺳﻌﻴﺪ .ﻟﻘﺪ أﻋﻄﺎﻧﺎ ﻳﻮاﺻﻞ ﺳﺘﻮﻛﺘﻮن اﻟﺨﻄﻮة اﻷوﱃ ﻓﻘﻂ .ﻻ أﺣﺪ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻗﺮأ اﻟﺠﺰء املﻜﻤﻞ ﻟﻘﺼﺔ »اﻟﻨﻤﺮ أم اﻟﺴﻴﺪة؟«، وﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻫﺬا وﻗﺘًﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒًﺎ ﻟﻌﻤﻞ ذﻟﻚ.
211
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﻌﴩون
اﻟﻘﺎﻧﻮن واﳌﺤﻠﻔﻮن
ﺑﺪأ ﺗﻮﻣﺎس ﺑني ،ﻣﺆ ﱢﻟﻒ ﻛﺘﻴﺒﺎت اﻟﺜﻮرة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﻌﻈﻴﻢ ،ﻛﺘﻴﺒﻪ املﻌﺮوف »املﻨﻄﻖ اﻟﺴﻠﻴﻢ« )ﻓﱪاﻳﺮ ،(١٧٧٦ﺑﻘﻮﻟﻪ إن املﺠﺘﻤﻊ ﻗﺪ ﺻﺎر ﴐور ًة ﺑﻔﻌﻞ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻨﺎ ،واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﻔﻌﻞ ﴍورﻧﺎ .ﻓ ﱢﻜ ْﺮ ﰲ اﻷﻣﺮ؛ إن اﻟﻘﻮاﻧني ﺗﻌﺒري ﻋﻦ أﻫﺪاف اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ،وﻟﻴﺲ أﻫﺪاف املﺠﺘﻤﻊ؛ ﻓﻬﻲ ﺗﺨﱪﻧﺎ ﺑﺘﻌﺮﻳﻒ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﻠﴩ ،واﻟﻘﺪر اﻟﺬي ﺳﺘﺘﺠﺎوز ﻋﻨﻪ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ،واﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻨﺰﻟﻬﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﻬﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳُﻀﺒَﻄﻮن وﻫﻢ ﻳﺘﺠﺎوزون اﻟﺤﺪو َد املﻘﺒﻮﻟﺔ .وﺣني اﻟﺘﻲ ﺳﺘُ ِ َ َ َ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ املﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﻤﺬﻧﺒني ،ﻓﺘﻠﻚ ﻫﻲ وﻗﻴﺎس ﺣﺪود اﻟﴩ ،وﻧﺤﺪﱢد ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﴩ، ﻧﺤﺎول اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺤﻮﱠل ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧﻮن إﱃ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ ﻗﺮار. ً ﻳﻮاﺟﻪ ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ ﻧﺼﺎﺋﺢ ﺑﺸﺄن ﻣﺴﺎﺋﻞ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴ ٍﺔ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﰲ اﻟﻌﺜﻮر ﻟﻦ ِ ﻋﲆ ﻣﺤﺎ ٍم؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﻣﻠﻴﻮن ﻣﺤﺎ ٍم ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؛ أي ﺣﻮاﱄ ﺿﻌﻒ ﻋﺪد اﻷﻃﺒﺎء املﺘﻮاﺟﺪﻳﻦ ﻫﻨﺎك ،وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا ﻋﺪد املﺤﺎﻣني ﰲ ﺑﻘﻴﺔ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ، ﻣﻊ أن ﺑﻼدﻧﺎ ﺗﺤﻮي أﻗ ﱠﻞ ﻣﻦ ٥ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺳﻜﺎن اﻷرض .وﺗﻜ ﱢﻠﻒ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻦ ١٠٠ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ؛ أي ﺣﻮاﱄ ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ دوﻻر ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ﻟﻜ ﱢﻞ ﻂ دﺧﻞ املﺤﺎﻣني ْ واﺣﺪ ﻣﻨﱠﺎ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﺠﺎوز ﻣﺘﻮﺳ ُ دﺧ َﻞ أي ﻣﻬﻨﺔ أﺧﺮى .ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ، ُ ﺿﻌﻒ ﻋﺪ ُد املﺤﺎﻣني ﻟﻜ ﱢﻞ ﻣﻮاﻃﻦ ﰲ وﻻﻳﺔ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ — ﻣﺴﻘﻂ رأس ﻣﺆﻟﻒ اﻟﻜﺘﺎب — ﻧﻈريه ﰲ ﺑﻘﻴﺔ أﻧﺤﺎء اﻟﺒﻼد. َ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات داﺧﻞ ﻫﺬا اﻹﻃﺎر .ﻟﻦ ﻧﺘﺴﺎءل ﻛﻴﻒ ﺳﻴﺘﻨﺎول ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﺗﺼﻨﻊ اﻟﻘﻮاﻧني ﻧﻔﺴﻬﺎ؛ ﻓﺎملﻘﻮﻟﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺗﻘﻮل إن ﻣَ ﻦ ﻳﺤﺒﱡﻮن اﻟﻘﻮاﻧني أو اﻟﻨﻘﺎﻧﻖ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺴﺄﻟﻮا ﻛﻴﻒ ُ ﺻﻨِﻌﺖ .ﻛﻤﺎ أن ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻨﺎ املﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻢ أﻧﺘﺠَ ِﺖ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ً ﻧﺴﺒﺔ ﺻﻐري ًة ﻣﻨﻬﺎ .ﻫﻨﺎك ﻣﺰﺣﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ اﻟﻘﻮاﻧني؛ وﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺷﺨﺺ ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ ﻳﻌﺮف وﻟﻮ أن اﻟﻘﻮاﻧني اﻹﻟﻬﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺘﺠﺎوز اﻟﻌﴩة ﻗﻮاﻧني ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ اﻟﺒﴩ ﻓﻬﻤﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻳﺒﺪو .وﻳﻮﺟﺪ اﻵن ﻋﺪد أﻛﱪ ﻣﻨﻬﺎ؛ ﺗﻀﻢ ﻗﻮاﻧ ُ ني ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﴬاﺋﺐ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ً ﻏﺎﻣﻀﺔ أو ﻣﻦ ﻋﴩة آﻻف ﺻﻔﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺜﺮ املﻜﺜﻒ املﺒﻬﻢ املﺮﻫﻖ ،وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ً ً ِ ٍ ﻻﺳﺘﺜﻨﺎءات اﻻﺳﺘﺜﻨﺎءات ،وﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎءات وﻣﻠﻴﺌﺔ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻬﺎ داﺧﻠﻴٍّﺎ، ً ً ً أﻧﻬﺎ َ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﻔﻬﻮﻣﺔ ﺣﺘﻰ ﻷﻛﺜﺮ املﻮاﻃﻨني داﻓﻌﻲ اﻟﴬاﺋﺐ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻜﻮن ﻟﻴﺴ ْﺖ ُ ﻈﻬﺮ اﺧﺘﺒﺎرات ﻋﺎرﺿﺔ ﺟﺪﻳﺮة ﺑﻨﴩﻫﺎ ﺑﺎﻟﺼﺤﻒ أن املﻤﺜﻠني اﻟﺮﺳﻤﻴني وﺗﻌﻠﻴﻤً ﺎ) .ﺗ ِ ً ٍ ﺧﺎﻃﺌﺔ ﻟﻸﺳﺌﻠﺔ اﻟﴬﻳﺒﻴﺔ إﺟﺎﺑﺎت ملﺼﻠﺤﺔ اﻟﴬاﺋﺐ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﰲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﻴﺎن ﻳﻘﺪﱢﻣﻮن اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻄﺮﺣﻬﺎ املﻮاﻃﻨﻮن اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﻮن (.وﻗﺎﻧﻮن املﺮﻛﺒﺎت اﻵﻟﻴﺔ وﺣﺪه ،واﻟﺨﺎص ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ وﺣﺪﻫﺎ ،ﻳﻤﻸ ً أﻟﻔﺎ وﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﺻﻔﺤﺔ ﺑﻄﺒﺎﻋﺔ ﺻﻐرية ﺑﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻣﻤﻠﺔ وﻣﻀﺠﺮة ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻤﻸ ﻗﺎﻧﻮ ُن اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت ﻟﻮﻻﻳﺔ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ َ أﻟﻔ ْﻲ ﺻﻔﺤﺔ ،وﻫﻨﺎك ﻗﻮاﻧني أﺧﺮى أﻛﺜﺮ ﺑﻜﺜري؛ ﻓﻨﺤﻦ دوﻟﺔ ﺗﺮزح ﺗﺤﺖ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ إﱃ ﺣﺪ ﺑﻌﻴﺪ ،وﺣﻮاﱄ ﻧﺼﻒ ﻣﴩﻋﻴﻨﺎ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴني ،واﻟﺴﻴﻨﺎﺗﻮرات ،وأﻋﻀﺎء اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻣﺤﺎﻣﻮن؛ ﻟﺬا ﻓﻠﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻫﻢ وأﺻﺪﻗﺎﺋﻬﻢ ﺣﺎﻓ ٌﺰ ﻛﺒري ﻟﻠﺤ ﱢﺪ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﻘﻴﺪ؛ ﻓﺎﻟﺘﻌﻘﻴﺪ واﻟﻐﻤﻮض ﻫﻤﺎ أﺳﺎس ﻋﻤﻞ املﺤﺎﻣني واﻟﻘﻀﺎة. ﻻ ﺑﺪ أن ﻣﻬﻨﺔ املﺤﺎﻣﺎة ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﰲ وﻗﺖ ﻣﻦ اﻷوﻗﺎت؛ ﻓﻌﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﺟﻮرج واﺷﻨﻄﻦ ﻛﺎن رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ ﰲ ﻋﺎم ،١٧٨٧ﻛﺎن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ اﻟﺤﺎﴐﻳﻦ ﻣﺤﺎﻣني .ﻏري أن اﻟﺪﺳﺘﻮر ﺳﻬﻞ اﻟﻘﺮاءة وﻳُﻌَ ﱡﺪ ﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ إﻧﺠﺎ ًزا راﺋﻌً ﺎ ﰲ املﻮازﻧﺔ ﺑني املﺼﺎﻟﺢ املﺘﻀﺎرﺑﺔ ،وﰲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ﻻ ﻳﺰال ﻳﻘﺪﱢم ﻣﺨﻄ ً ﻄﺎ أوﻟﻴٍّﺎ ﻷي ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ .وإذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﺒﺪو ﺑﻼ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ اﻵن ،ﻓﺬﻟﻚ ﺧﻄﺆﻧﺎ ،وﻟﻴﺲ ﺧﻄﺄﻫﻢ. واﻟﻌﺐء املﺘﺰاﻳﺪ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن ﻟﻴﺲ ﺑﻤﺸﻜﻠﺔ ﺟﺪﻳﺪة؛ ﻓﻨﺎد ًرا ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك أيﱡ ﺣﺎﻓﺰ ﻗﻮي ٌ رﻏﺒﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮة ﻹﺻﺪار ﻗﻮاﻧني وﻟﻮاﺋﺢ ﺟﺪﻳﺪة ملﻮاﺟﻬﺔ ﻗﺎﻧﻮن ﻣﺎ ،ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﻹﻟﻐﺎء ٍ أي ﻣﺸﻜﻼت ﺟﺪﻳﺪة أو ﻣﺸﻜﻼت ﻣُﺪ َرﻛﺔ ﺣﺪﻳﺜًﺎ .ﻳﻘﺎل إن اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺗﻤﻘﺖ اﻟﻔﺮاغ )وﻫﻲ ﻣﻘﻮﻟﺔ داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻳﻌﺘﱪﻫﺎ ﺣﻤﻘﺎء؛ ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ ﻣﻦ اﻟﻜﻮن ً ﻓﺮاﻏﺎ ﺿﺨﻤً ﺎ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻓﻼ ﺑﺪ إذن أن اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺗﻌﺸﻖ اﻟﻔﺮاغ( ،وﻟﻜﻦ أي اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻫﻲ ً ﻓﺮاﻏﺎت ﰲ ﻛﺘﺐ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺗﻤﻴﻞ ﻷن ﺗُ َ ﻌﺘﱪ اﻟﻘﻮاﻧ ُ ﻤﻸ ﻓﻮر إدراﻛﻬﺎ .وﺗُ َ ﴐورﻳﺔ ني اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﺤ ﱢﻞ املﺸﻜﻼت اﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ،وﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﺗُ َ ﻠﻐﻰ ﺣني ﺗﺘﻼﳽ املﺸﻜﻼت؛ ﻓﻼ ﻳﻮﺟﺪ ﺟﻤﻬﻮر ﻳﻀﻐﻂ ﻣﻦ أﺟﻞ إﻟﻐﺎء اﻟﻘﻮاﻧني ﻏري اﻟﴬورﻳﺔ؛ ﻓﺎﻟﻘﻮاﻧني ﻻ ﺗُ َ ﻠﻐﻰ إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﺒﱢﺐ إزﻋﺎﺟً ﺎ ﻓﺌﺎت ﺳﻜﺎﻧﻴ ٍﺔ ﻳﺠﺎﻫﺮ أﻓﺮادﻫﺎ ﺑﺂراﺋﻬﻢ ﺑﻮﺿﻮح .ﻓﻼ ﺗُ َ ً ً ﺻﺎﺧﺒﺔ ﺑني ٍ ﻠﻐﻰ ﺟﻠﺒﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴٍّﺎ وﺗﺜري اﻟﻘﻮاﻧني ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻔﻘﺪ أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ،أو ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ ﻋﺪد ﻣﺤﺪود ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻻت ،ﻟﺪرﺟﺔ أن 214
اﻟﻘﺎﻧﻮن واملﺤﻠﻔﻮن
ﻋﺪم وﺟﻮدﻫﺎ ﰲ اﻟﻜﺘﺐ ﻟﻦ ﻳﺴﺒﱢﺐ ﺧﺴﺎر ًة ﻛﺒري ًة) .ﰲ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ،ﻗﺪ ﻳﺘ ﱡﻢ ﺗﺮﺧﻴﺺ ﻣﺮﻛﺒﺔ آﻟﻴﺔ ﻣُﺼﻨﱠﻌﺔ ﻗﺒﻞ ﻋﺎم ١٩٢٣ﮐ »ﻋﺮﺑﺔ ﺑﻼ أﺣﺼﻨﺔ« ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﺪ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ أن ﺗُﺰوﱠد ﺑﻤﺮاﻳﺎ ﻟﻠﺮؤﻳﺔ اﻟﺨﻠﻔﻴﺔ ،وﻛﺎﺗﻢ ﺻﻮت ،ورﻓﺎرف ،ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺰوﱠد ًة ﺑﻬﺬه اﻟﺘﺠﻬﻴﺰات ﻣﻦ اﻷﺻﻞ .ﻛﻢ ﻋﺪد اﻟﺴﻴﺎرات اﻟﺘﻲ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ذﻟﻚ؟( ﱡ ﺗﻜﺪﻳﺲ ﻟﻘﻮاﻧني ﻻ ﱠ اﻟﺘﻐري ،ﻓﺈن ﻣﻌﻈﻢ ﻣﺠﺘﻤﻊ داﺋ ِﻢ ﺗﺘﻐري ،ﰲ ﻟﺬﻟﻚ ،وﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻴﺔ ٍ ٍ اﻟﻘﻮاﻧني ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ أﻫﻤﻴﺔ وﻣﻬﺠﻮرة ،رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن وﺿﻌﻬﺎ ﻫﻜﺬا ﻫﻮ أﻓﻀﻞ ﻣﺎ َ ﻫﻴﻜﻠﺔ أي ﻳﻤﻜﻦ) .ﻫﻨﺎك ﻣﻘﻮﻟﺔ ﺷﺎﺋﻌﺔ ﺑني ﻣﺪﻳﺮي اﻟﴩﻛﺎت ﺗﻘﻮل إن ﰲ أيﱢ وﻗﺖ ﺗُﻌِ ﻴﺪ ﴍﻛﺔ ،ﻓﺄﻧﺖ ﺗﻨﺠﺢ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﰲ ﺣ ﱢﻞ املﺸﻜﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺆرﻗﻚ ،وﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ أﻧﺖ ﺗُﻌِ ﻴﺪ ُ َ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻬﻴﻜﻠﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻗﺪ ﺗﻌﺎﻣَ َﻠ ْﺖ ﻣﻌﻬﺎ وﺣ ﱠﻠﺘْﻬﺎ؛ ﻓﺄﻧﺖ املﺸﻜﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ إﱃ اﻟﻮﺟﻮد َ ﻧﺴﻴﺖ أﻣﺮﻫﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﺣُ ﱠﻠﺖ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ(. ﺣني ﺗَ ﱠ ﻮﱃ اﻹﻣﱪاﻃﻮر اﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻲ ﺟﺴﺘﻨﻴﺎن اﻷول اﻟﺤ ْﻜ َﻢ ﰲ اﻟﻌﺎم ٥٢٧ﻣﻴﻼدﻳﺔ، ورث أﻟﻒ ﻋﺎم ﻣﻦ ﺗﺮا ُﻛﻢ اﻟﻘﻮاﻧني اﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ِﺻﻴﻐﺖ ﻋﱪ ﻗﺮون ﻋﲆ ﻳﺪ أﺟﻴﺎل ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴني واﻷﺑﺎﻃﺮة ،وﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﺧﺮى ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ املﻠﻮك واﻟﻮﻻة املﺴﺘﺒﺪﻳﻦ ،وﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗُ َ ﻠﻐﻰ؛ ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ أﺷﺒﻪ ﺑﻐﺎﺑ ٍﺔ .ﻛﺎن ﻣﻦ املﻤﻜﻦ آﻧﺬاك ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل اﻟﻴﻮم )وﻇﻠﻠﻨﺎ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺤﺎل ملﺎﺋﺘَ ْﻲ ﻋﺎم( ،أن ﺗﺠﺪ دﻋﻤً ﺎ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴٍّﺎ ﻟﻶراء املﺘﻌﺎرﺿﺔ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ؛ ﻓﻘ ﱠﺮ َر ﺟﺴﺘﻨﻴﺎن ،ﺑﺸﻜﻞ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻹﺷﺎدة ،أن ﻳﻔﻌﻞ ﺷﻴﺌًﺎ ﺣﻴﺎل ذﻟﻚ) .ﻟﻘﺪ ذﻛﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ َ أردت ﻟﻸﺷﻴﺎء أن ﺗُﻨﺠَ ﺰ، ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﻤﺎرﻳﺎ ﺗريﻳﺰا ،أﻧﻚ إذا ﻓﻤﻦ املﻔﻴﺪ أن ﺗﻜﻮن إﻣﱪاﻃﻮ ًرا (.أﻋﻠﻦ اﻹﻣﱪاﻃﻮر ﺟﺴﺘﻨﻴﺎن ﻋﻦ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻹﺻﻼح ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ، واﺳﺘﺪﻋﻰ أﻓﻀ َﻞ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴني ﰲ إﻣﱪاﻃﻮرﻳﺘﻪ ،وﺣﺜﱠﻬﻢ ﻋﲆ اﻟﺒﺪء ﰲ ﻣﻬﻤﺘﻬﻢ ،واﻛﺘﻤَ َﻞ إﻧﺠﺎز اﻟﺠﺰء اﻷول ﻣﻦ املﻬﻤﺔ ﰲ أرﺑﻌﺔ ﻋﴩ ﺷﻬ ًﺮا .ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗ ﱠﻢ ﺗﻌﻴني ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﺧﺮى ﻹﻧﺠﺎز ﻣﺎ ﱠ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ املﻬﻤﺔ ،واﻛﺘﻤ َﻠ ْﺖ ﻣﻬﻤﺔ إﺻﻼح أﻟﻒ ﻋﺎم ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺮوﻣﺎﻧﻲ ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم َ اﺳﺘﻐﺮﻗ ِﺖ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ َ ﺳﺘﺔ أﻋﻮام ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ،وأﻧﺠ َﺰﺗْﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص ،وأُﻟﻐِ ﻴﺖ .٥٣٣ ﻗﺎر ْن ذﻟﻚ ﺑﻤﻮﻗﻔﻨﺎ اﻟﺤﺎﱄ؛ ﺟﻤﻴ ُﻊ اﻟﻘﻮاﻧني اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ املﺘﺤﺠﱢ ﺮة ﺑﻌﺪَﻫﺎ ﺑﻤﺮﺳﻮ ٍم إﻣﱪاﻃﻮريِ . ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺴﺘﻐﺮق اﻷﻣ ُﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰ َة اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ َ ﻟﺴ ﱢﻦ ﻗﺎﻧﻮن واﺣﺪ ﻋﺪﻳﻢ اﻷﻫﻤﻴﺔ. ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،ﻇ ﱠﻠ ْﺖ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻘﻮاﻧني اﻟﺘﻲ ﻋﻤﱠ ﻤﻬﺎ ﺟﺴﺘﻨﻴﺎن ﺑﺸﻜﻞ أو َ آﺧﺮ ﰲ اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻳﻮﻣً ﺎ ﻣﺎ ﺟﺰءًا ﻣﻦ اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ ،واملﻌﺮوﻓﺔ اﻵن ﺑﺪول اﻟﻘﺎﻧﻮن املﺪﻧﻲ، وﺗﻀﻢ ﻣﻌﻈﻢ أﺟﺰاء أوروﺑﺎ؛ ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ روﻣﺎ إﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ ﱟ ﺑﺤﻖ .ﺗﺘﻤﻴﱠﺰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺪول أﺳﻠﻮب ﻳﺘﺪ ﱠرج ﻣﻦ أﻋﲆ ﻷﺳﻔﻞ ﰲ اﻟﺘﻌﺎﻣُﻞ ﻣﻊ اﻟﻘﺎﻧﻮن؛ ﺣﻴﺚ ﻳ َ ﺑﺎﺗﱢﺒﺎع ُﻌﺘﱪ ﻣﺤﺘﻮى أيﱢ ٍ 215
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻗﺎﻧﻮن أﻫ ﱠﻢ ﻣﻦ اﻟﺴﺒﺐ اﻷﺻﲇ ﻟﻈﻬﻮره؛ وﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺪول ﻳﻄﻐﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮ ُن املﻜﺘﻮب ﻋﲆ ٍ اﻟﻌُ ْﺮف واﻟﺴﻮاﺑﻖ. واﻟﻌﻜﺲ ﰲ دول اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻌﺎم؛ ﺣﻴﺚ ﺗﻜﻮن اﻟﻌﺎدات اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮﱠﻧﺖ ﻣﻊ ﺗﻄﻮﱡر املﺠﺘﻤﻊ ﻋﻨﴫًا ﻣﻬﻤٍّ ﺎ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﴏ اﻟﻘﺎﻧﻮن ،وﰲ ﻫﺬه اﻟﺪول ﻳ َ ُﻘﺼﺪ )ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺰﺋﻲ( أن ﺗﻜﻮن اﻟﻘﻮاﻧني ﺗﻌﺒريًا رﻣﺰﻳٍّﺎ ﻟﻠﺨﱪة اﻟﻌﺎﻣﺔ املﻘﺒﻮﻟﺔ .ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺪول )ﺗُﻌَ ﱡﺪ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ اﻟﻌﻈﻤﻰ واﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة أﺑﺮز أﻣﺜﻠﺘﻬﺎ( ﺗﺘﱠ ِﺴﻢ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ — أيﱡ ﻗﺮارات ﺳﺎﺑﻘﺔ أﺻﺪ َرﺗْﻬﺎ ﻣﺤﺎﻛﻢ أﺧﺮى ،واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﻌﺎدﻳﺔ اﻟﺒﺤﺘﺔ — ﺑﺄﻫﻤﻴ ٍﺔ ﺣﻴﻮﻳ ٍﺔ ﻷيﱢ ﺣﺠﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ، واﻻﻋﺘﻤﺎد اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻋﲆ اﻟﺴﻮاﺑﻖ ﰲ ﺗﻔﺴري اﻟﻘﻮاﻧني اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ ﻟﻪ أﻫﻤﻴﺘﻪ ﰲ ﺗﻘﻠﻴﻞ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺣﺪوث ﺗﻨﺎﻗﺾ داﺧﲇ .وﺑﻨﺎءً ﻋﻠﻴﻪ ،ﱠ ﻧﺼ ِﺖ املﺎﺟﻨﺎ ﻛﺎرﺗﺎ ﻋﲆ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﻤﻴﻞ أﺣ ٍﺪ َ ً ﻣﺴﺌﻮﻻ ﺑﺸﻜﻞ ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ ﺑﺤﻜﻢ اﻟﻌﺎدات اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ؛ ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ إﺻﻼح ﺟﴪ» ،ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ« َ ﺗﺎرﻳﺦ املﺠﺘﻤﻊ .وﻗﺪ ﻗﺎل ﺗﺸﺎرﻟﺰ ﻓﺎﻟﻘﺎﻧﻮن ﻟﻴﺲ ﻣُﻌَ ﺪٍّا ﻟﻜﻲ ﻳﻘﻒ ﺑﻤﻔﺮده ،ﺑﻞ أُﻋِ ﱠﺪ ﻟﻴﻌﻜﺲ إﻳﻔﺎﻧﺰ ﻫﻴﻮز ،رﺋﻴﺲ املﺤﻜﻤﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن املﺎﴈ ،إﻧﻨﺎ ﻟﺪﻳﻨﺎ دﺳﺘﻮر ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،وﻟﻜﻦ »اﻟﺪﺳﺘﻮر ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﻘﻀﺎة إﻧﻪ اﻟﺪﺳﺘﻮر« .إن املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ً أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻤﱠ ﺎ ﺗﻌ ﱠﻠﻤﻨﺎه ﰲ املﺪرﺳﺔ. ﻫﻲ ﻣﺤﻜﻤﺔ املﻼذ اﻷﺧري ،وﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ اﻟﺪﺳﺘﻮر ﻓﻌﻠﻴٍّﺎ أﻗ ﱡﻞ ﰲ وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ﻛﺎن أﺣﺪ اﻷﻃﺒﺎء ﻳُﺤﺎ َﻛﻢ ﰲ ﻣﻴﺸﻴﺠﺎن ﻻرﺗﻜﺎﺑﻪ ﺷﻴﺌًﺎ ﱠ وﻟﻜﻦ اﻻدﱢﻋﺎء ﻗﺪﱠﻣﻪ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻤﺔ ﺑﺘﻬﻤﺔ اﻧﺘﻬﺎك اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ اﻧﺘﻬﺎ ٌك ﻟﻘﺎﻧﻮن ﻣﻜﺘﻮب، اﻟﻌﺎم ﻏري املﻜﺘﻮب؛ وﻫﺬا اﻟﺨﻴﺎر املﺘﺎح ﻟﻠﻤﺪﱠﻋني ﻳﻔﺘﺢ ﻋﺎ َﻟﻤً ﺎ ﺟﺪﻳﺪًا ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ. ً ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن َ َ ﱢ ﺑﻌﺾ ﻋﻨﺎﴏ ﻳﺠﺴﺪ دﻗﻴﻘﺎ؛ ﻓﻜ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ اﻟﻔ ْﺮق ﺑني اﻷﺳﻠﻮﺑني ﻟﻴﺲ َ اﻵﺧﺮ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺎت اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ وراءﻫﻤﺎ وأﺻﻮﻟﻬﻤﺎ ﺗﺨﺘﻠﻒ؛ ﻓﺎﻟﻘﺎﻧﻮن ﰲ دول اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻌﺎم — ﻣﺜﻞ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة — ﺗﺮاﻛﻤﻲ ﻟﻜﻼ اﻟﺴﺒﺒني؛ إﺻﺪار اﻟﻘﻀﺎة ﻗﺮارات ﺗﻀﺎف ملﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺴﻮاﺑﻖ )»اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻘﻀﺎﺋﻲ« ﻫﻮ املﺼﻄﻠﺢ املﺴﺘﺨﺪَم ﻟﻮﺻﻒ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ(، وإﺻﺪار اﻷﺟﻬﺰة اﻟﺘﴩﻳﻌﻴﺔ اﻟﻌﺪﻳ َﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻧني ،ﻣﻊ إﻟﻐﺎء اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻨﻬﺎ .ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ً ﺑﺎﻟﻐﺔ ﰲ ﻋﺪد اﻟﻮﻛﺎﻻت اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﰲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ذﻟﻚ ،ﺷﻬﺪت اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة زﻳﺎد ًة ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ؛ ﺗُﺼﺪِر ﻫﺬه اﻟﻮﻛﺎﻻت ﻗﺪ ًرا ﻛﺒريًا ﻣﻦ اﻟﻠﻮاﺋﺢ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺘﻬﺎ ،وﻫﻲ ﻟﻮاﺋﺢ ﻟﻬﺎ ﻗﻮة اﻟﻘﻮاﻧني) .ﻫﺬا ﻫﻮ ﻋﻤﻠﻬﺎ؛ ﻓﻠﻮ ﻟﻢ ﺗﺼﺪر ﻟﻮاﺋﺢ وﺗﻄﺒﻘﻬﺎ، ً ﻓﺸﻼ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﻣﻬﺎﻣﻬﺎ ﻛﺠﻬﺎت ﺗﻨﻈﻴﻤﻴﺔ (.ﻟﺬﻟﻚ إذا ﻇﻠﻠﻨﺎ ،ﻣﺜﻞ اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ َﻻﻋﺘُﱪ ذﻟﻚ اﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ ،ﰲ ﻫﺬا اﻟﺠﻨﻮن ﻷﻟﻒ ﻋﺎم — وﻫﻮ اﻷﻣﺮ املﺴﺘﺒﻌَ ﺪ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ َ ﻧﻄﺎق ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺨﻴﱡﻠﻪ. ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺟﺴﺘﻨﻴﺎن ﻋﲆ املﺆﻟﻒ — ﻓﺴﻨﻮاﺟﻪ ٍ 216
اﻟﻘﺎﻧﻮن واملﺤﻠﻔﻮن
ﻣﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﻫﺬا ﺑﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮار؟ ﻋﻼﻗﺔ وﺛﻴﻘﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ؛ ﻷﻧﻚ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ — ﻛﻤﺎ أ ﱠﻛﺪﻧﺎ ﻋﲆ ُ ٍ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﻫﺬا ﻫﺪف ﻣﺎ دون أن ﺗﻜﻮن ﻣﺪار اﻟﻜﺘﺎب — أن ﺗﺘﺨﺬ ﻗﺮارات ﺗﺴﺘﻬﺪف ﺗﺤﻘﻴﻖ أملﺎﻧﻲ َ ً ٌ َ ٍ ﻧﻘ َﻞ ﻓﻴﻠﺴﻮف ﺑﱪاﻋﺔ ﻋﱪ ﻋﻨﻪ واﺿﺤﺔ ﰲ ﻋﻘﻠﻚ ،وإﻻ اﻟﻬﺪف وﻗﻌﺖ ﰲ اﻟﻔﺦ اﻟﺬي ﱠ َ ﱞ ﻛﻠﻤﺎﺗِﻪ ﻳﻮﺟني ﻓﻴﺠﻨﺮ ،ﺣني ﻗﺎل إن اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻫﻲ ﺳﻮء اﺳﺘﺨﺪا ٍم ملﺼﻄﻠﺤﺎت ﻓﻨﻴﺔ اﺑﺘُﻜِﺮت ﻟﻬﺬا اﻟﻐﺮض ﺧﺼﻴﴡ .ﻛﻤﺜﺎل واﺣﺪ ﺑﺴﻴﻂ ﻟﻠﻐﻤﻮض املﺘﻌﻤﱠ ﺪ ﰲ اﻟﻘﺎﻧﻮن ،ﻧﺠﺪ اﻟﻜﺜري َ ﻧﺘﴫﱠف ﻣﻦ اﻹﺷﺎرات ملﺎ ﺳﻴﻔﻌﻠﻪ »اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ« ،وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺘﻨﺎ أن ﺧﺸﻴﺔ أن ﻧ ُ َ َ ﻌﺎﻗﺐ ﻻﻧﺘﻬﺎك اﻟﻘﺎﻧﻮن؛ وذﻟﻚ اﻟﻐﻤﻮض )ﻧﺤﻦ أﻧﻔﺴﻨﺎ، ﻛﺄﺷﺨﺎص ﻋﻘﻼﻧﻴني، ﱠ وﻟﻜﻦ أﺻﺪﻗﺎءﻧﺎ ﻻ ﻳﺘﱠﺴﻤﻮن ﺑﺎﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ دوﻣً ﺎ ،أﻣﺎ اﻷﻋﺪاء ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،داﺋﻤً ﺎ ﻣﺎ ﻧﻜﻮن ﻋﻘﻼﻧﻴني، ﻓﻼ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن ذ ﱠرة ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ( ﻳﺠﻴﺰ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن اﺗﱢﺒﺎ َع اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺴﺎﺋﺪ دون ﺗﻐﻴري اﻟﻜﻠﻤﺎت. َ اﻷﻫﺪاف إن ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻳﻘﻮم ﻋﲆ ﺗﺤﻴﱡﺰات ﺿﻤﻨﻴﺔ ﻳُﻔﱰَض أن ﺗﻌﻜﺲ ري اﻟﻘﻮاﻧني. املﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ،وﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﻐري دون ﺗﻜﺒﱡ ِﺪ ﻋﻨﺎءِ ﺗﻐﻴ ِ أ َﻟﻴﺲ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺷﺨﺺ ﺑﺮيء أﻫﻢ ﻣﻦ ﻣﻨﻊ ﺷﺨﺺ ﻣﺬﻧﺐ ٍّ ﺣﻘﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﺒﱡﺐ ﰲ ﻣﺰﻳ ٍﺪ ﻧﻔﻀﻞ أن ﻳﻌﺎﻧﻲ ُ ﻣﻦ اﻟﴬر واﻹﻓﺴﺎد؟ ﻫﻞ ﱢ ﺑﻌﺾ اﻷﺑﺮﻳﺎء ﰲ اﻟﺴﺠﻦ ،أم أن ﻳُﻄ َﻠﻖ ﴎاح َ ﻣﺰاوﻟﺔ ﺟﺮاﺋﻤﻬﻢ؟ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺤﺎﻻت ﻳﻌﺎودوا ﺑﻌﺾ ﻣﻌﺘﺎدي اﻻﻏﺘﺼﺎب أو اﻟﻘﺘﻞ ﻛﻲ ِ املﺘﻨﺎزع ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺷ ﱞﻚ ﺣﻘﻴﻘﻲ ٍ ﻛﺎف إزاء اﻹداﻧﺔ ،ﺣﺘﻰ إن ﻛﻠﺘﺎ اﻟﻨﺘﻴﺠﺘني ﻏري ٍ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﺗﻜﻮﻧﺎن واردﺗَﻲ اﻟﺤﺪوث ﻋﲆ أﻗﻞ ﺗﻘﺪﻳﺮ .وﻗﺪ ﺣﺪث ﻛﻼ املﺮﻏﻮب ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻷي اﻷﻣﺮﻳﻦ ﻋﺪة ﻣﺮات ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ إن ﻗﻮاﻋﺪﻧﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﺗﺤﺪﱢد ﰲ أي اﺗﺠﺎه ﻧﻤﻴﻞ، وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻮاﳼ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﺑﻮﻫ ِﻢ أن ﻛﻠﺘﺎ اﻟﻨﺘﻴﺠﺘني ﻏري املﺮﻏﻮب ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ َ أردت أن ﺗﻄﻠﻖ ﻛ ﱠﻞ اﻷﺑﺮﻳﺎء، ﺗﺠﻨﱡﺒﻬﻤﺎ؛ ﻓﻬﺬا ﻏري ﻣﻤﻜﻦ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ أي ﺷﻚ ﺣﻘﻴﻘﻲ .ﻓﺈذا ﻓﺴﻮف ﺗﻄﻠﻖ ً َ أردت أن ﺗﺪﻳﻦ ﻛ ﱠﻞ املﺬﻧﺒني ،ﻓﺴﻮف ﺗﺪﻳﻦ أﻳﻀﺎ ﺑﻌﺾ املﺬﻧﺒني ﻣﻌﻬﻢ ،وإذا ﺑﻌﺾ اﻷﺑﺮﻳﺎء؛ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﱢ ﺗﺤﻘﻖ ﻛﻼ اﻷﻣﺮﻳﻦ ﻣﻌً ﺎ. ﻧﻮع واﺣ ٍﺪ ﻣﻦ املﺴﺄﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ؛ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻻ ﺗُﻌَ ﱡﺪ اﻹداﻧﺔ ﺑﺠﺮﻳﻤﺔ أو اﻟﱪاءة ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻮى ٍ ﻓﻼ ﺑﺪ أن ﻧﺘﺤﺪﱠث ً أﻳﻀﺎ ﻋﻦ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻷﺧﺮى ﻟﺼﻨﻊ اﻟﻘﺮار اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ؛ ﻣﺜﻞ ﺣﻘﻮق املﻠﻜﻴﺔ، وﻣﺎ ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ ﺑﺎﻟﺤﻘﻮق املﺪﻧﻴﺔ ،وﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻼت ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ اﻷﺧﺮى. ً ﺟﺮﻋﺔ زاﺋﺪة ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻧﻮن ،وﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺠﻌﻞ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻳﻄﻐﻰ ﺣﺠﻤً ﺎ ﻋﲆ ﺳﻴﻜﻮن ذﻟﻚ ﻧﺘﺨري َ ﱠ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻮﺿﻴﺤﻴﺔ وﻧﱰك اﻟﺒﻘﻴﺔ ﻟﺨﻴﺎل اﻟﻘﺎرئ. ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻜﺘﺎب؛ ﻟﺬا ﺳﻮف
217
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﺑﺮيء أم ﻣﺬﻧﺐ؟ َ ﺳﻬﻠﺔ ري ﻣﻦ ﻓﱰات اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺎﺋﻞ اﻹداﻧﺔ أو اﻟﱪاءة ﻗﺪر ﻛﺒ ٍ ﻋﲆ ﻣﺪار ٍ اﻟﺤﻞ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻵﻟﻬﺔ ﺗَﻌﺮف اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ؛ ﻟﺬا ﻛﺎﻧﺖ املﺸﻜﻠﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﰲ إﻳﺠﺎد اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺗﻜﻤﻦ ﰲ ﻓﻬﻢ ﻟﻐﺔ اﻵﻟﻬﺔ .ﻓﺤني ﺳﺄل اﻟﺮبﱡ ﻗﺎﺑﻴ َﻞ» :أﻳﻦ أﺧﻮك ﻫﺎﺑﻴﻞ؟« ﻛﺎن اﻟﺴﺆال ﺑﻼﻏﻴٍّﺎ؛ ﻷﻧﻪ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻛﺎن ﻳﻌﺮف) .وﻗﺪ ﺗﺴﺎءل ﺳﺘﻴﻔﻦ ﺑﺮاﻣﺰ ،أﺣﺪ دارﳼ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻷﻟﻌﺎب :ملﺎذا اﺧﺘﺎر اﻟﺮب أن ﻳﻠﻌﺐ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻌﺒﺔ؟( ﻛﺎن ذﻟﻚ ،ﻋﲆ أي ﺣﺎل، ِ ُ ﻣﺒﺎﴍًا .ﰲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت أﺧﺮى ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻵﻟﻬﺔ ﺗﻤﻴﻞ دوﻣً ﺎ ﻟﻠﺘﻮاﺻﻞ ﺑﻬﺬا اﻟﻘﺪر؛ ﻟﺬا ﺗﻮاﺻ ًﻼ ﻛﺎن ﴐورﻳٍّﺎ إﻣﺎ ﺧﺪاﻋﻬﻢ وإﻣﺎ ﻣﺪاﻫﻨﺘﻬﻢ؛ ﻟﺪﻓﻌﻬﻢ ﻟﻺﻓﺼﺎح ﻋﻦ ﺣﻘﺎﺋﻖ اﻷﻣﺮ .وﰲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ً ﻣﻔﱰﺿﺎ ﺑﺎﻟﻜﻬﻨﺔ ﻣﻦ املﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ )وﺑﻌﻀﻬﺎ ﻟﻴﺲ ﻗﺪﻳﻤً ﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ( ﻛﺎن )وﻻ ﻳﺰال( ﻣﺒﺎﴍ ﺑﺎﻵﻟﻬﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮا أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﺗﺼﺎل واملﻠﻮك اﻵﺧﺮﻳﻦ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻋﲆ ٍ ٍِ وﺳﻄﺎء ﰲ ﺗﻠﻚ اﻷﺣﻜﺎم ،أو ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮا ﻗﺮاءة اﻹﺷﺎرات املﺮﺳﻠﺔ ﻣﻦ اﻵﻟﻬﺔ؛ وﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻮﻳﻌﺎت ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة .وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﻫﺬه اﻟﱰﺗﻴﺒﺎت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ أيﱡ اﻋﱰاف ﺑﺄﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻻﻳﻘني ﺣﻘﻴﻘﻲ؛ ﻓﺬاك ﻣﻔﻬﻮم ﺟﺪﻳﺪ ﻧﺴﺒﻴٍّﺎ ﻟﻠﺠﻨﺲ اﻟﺒﴩي .وملﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻵﻟﻬﺔ ﺑﺎق ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﰲ ﺗﻌﺮف ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻳﻘﺘﴫ ﻓﻘﻂ ﻋﲆ دﻓﻌﻬﺎ ﻟﻠﺘﺤﺪﱡث .ﺛﻤﺔ أﺛﺮ ٍ ﻋﺎدﺗﻨﺎ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ املﺘﻤﺜﱢﻠﺔ ﺑﻤﻄﺎﻟﺒﺔ اﻟﺸﻬﻮد ﺑﺤﻠﻒ ﻳﻤني )وﻫﻮ املﺼﻄﻠﺢ اﻟﺬي ﺗﻤﱠ ْﺖ ﻋﻠﻤﻨﺘﻪ اﻵن ﻟﻴﺼﺒﺢ إدﻻءً ﺑﺸﻬﺎدة(؛ ﻧﻈ ًﺮا ﻻﻓﱰاض وﺟﻮد ﺳﻠﻄﺔ أﻋﲆ ﺗﻌﺮف اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،وﺳﻮف ﺗﻐﻀﺐ ﻣﻦ اﻷﻛﺎذﻳﺐ .ﻳﻔﱰض ﺑﺎﻟﺸﻬﻮد أن ﻳﺆﻣﻨﻮا ﺑﻬﺬا؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا أﻛﺜﺮ ﱡ ﺗﺤﻔ ًﺰا ﻹﺧﺒﺎر اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺣني ﻳﻜﻮﻧﻮن ﺗﺤﺖ اﻟﻘﺴﻢ) .ﻫﻨﺎك ﻋﻘﻮﺑﺎت ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻟﻠﻜﺬب ﺗﺤﺖ اﻟﻘﺴﻢ، ﺣري ﻣﺆﻟﻒ اﻟﻜﺘﺎب(. وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻜﺬب اﻟﻴﻮﻣﻲ اﻟﻌﺎدي؛ وﻫﻮ ﻓﺎرق ﻃﺎملﺎ ﱠ َ ﺗﻘﻮم إﺟﺮاءات ﻣﺜﻞ املﺤﺎﻛﻤﺔ ﺑﺎملﺒﺎرزة ،واملﺤﺎﻛﻤﺔ ﺑﺎملﺤﻨﺔ ،واملﺤﺎﻛﻤﺔ ﺑﺎﻟﻨﺎر، واملﺤﺎﻛﻤﺔ ﺑﺎﻟﻐﺮق ،وﺣﺘﻰ املﺤﺎﻛﻤﺔ ﺑﺎﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ،ﻋﲆ ﻣﺒﺪأ أن اﻵﻟﻬﺔ ﺳﻮف ﺗﺤﺮص ﻋﲆ أن ُ َ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻷﻣﺮ ﰲ اﻟﻘﻀﻴﺔ. اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺗﻌﻜﺲ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺮاﺋﻌﺔ ﰲ ﻫﺬا املﻮﺿﻮع ﻛﺘﺎب »ﻣﻄﺮﻗﺔ اﻟﺴﺎﺣﺮات« ،اﻟﺬي ﺗﻢ ﺗﺄﻟﻴﻔﻪ ﰲ ﻋﺎم ١٤٨٤ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ املﺸﻜﻼت اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ املﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻮﺟﻮد اﻟﺴﺎﺣﺮات ﰲ املﺠﺘﻤﻊ .ﻛﺎن أﻫﻞ ذﻟﻚ اﻟﻌﴫ )ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻋﺘﺪادﻧﺎ ﺑﺄﻧﻔﺴﻨﺎ ،ﻓﻬﻢ ﻻ ﻳﻘ ﱡﻠﻮن ذﻛﺎءً ﻋﻨﱠﺎ ﺑﺄي ﺣﺎل( أي ﻳﻌﺘﻘﺪون أن اﻟﻌﺎ َﻟﻢ املﺴﻴﺤﻲ ﻳﺘﻌ ﱠﺮض ﻟﻬﺠﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎن ،وأن أﺗﺒﺎﻋﻪ اﻟﻔﺎﺳﺪﻳﻦِ ، اﻟﺴﺎﺣﺮات ،ﺣَ ﻮْﻟﻨﺎ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن؛ ﰲ ﻇﻞ ﻫﺬا اﻻﻋﺘﻘﺎد )وﺳﻮف ﺗﺒﺪو ﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻨﺎ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻣﻀ ﱠﻠ ًﻠﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻤﺎﺛﻞ( ،ﻛﺎن واﺿﺤً ﺎ أن ﻗﻄﻊ داﺑﺮ اﻟﺴﺎﺣﺮات ﻫﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺑﻘﺎء؛ ﻓﻌﻨﺪ 218
اﻟﻘﺎﻧﻮن واملﺤﻠﻔﻮن
ً ﻋﺎﻟﻴﺔ ،واﻟﺤﺮب ﻣﻦ اﻟﺘﻌ ﱡﺮض ﻟﻬﺠﻮم ،ﻳﻌﻤﺪ املﺮء ﻟﻠﻤﻘﺎوﻣﺔ وﺻ ﱢﺪ اﻟﻬﺠﻮم .ﻛﺎﻧﺖ املﺨﺎﻃﺮ أﺟﻞ ﺣﻤﺎﻳﺔ أرواﺣﻨﺎ ﻣﺴﺘﻌﺮة ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﺎﻛﻢ اﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﻫﻲ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ .وﻟﻜﻦ ﻛﺎن واﺿﺤً ﺎ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻘﺪر ،ﺣﺘﻰ آﻧﺬاك ،أن أي ﺷﺨﺺ ﻣَ ﻮْﺗﻮر ﻛﺎن ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺣﺴﻢ أي ﺿﻐﻴﻨﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﱡ ُ اﻟﺘﻮﺻﻞ اﻟﺤﺮص ﻋﲆ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻮﺟﻴﻪ اﺗﻬﺎم ﻛﺎذب ﺑﺎﻟﺴﺤﺮ؛ ﻟﺬا ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﴬوري ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ املﺴﺄﻟﺔ ،وﻣﻌﺮﻓﺔ إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ املﺘﻬﻤﺔ ﺗﻌﻤﻞ ٍّ ﺣﻘﺎ ﺑﺎﻟﺴﺤﺮ .وﻗﺪ ﺑﺬل ﻗﺎﺿﻴﺎ اﻟﺘﻔﺘﻴﺶ اﻟﻠﺬان ﻗﺎﻣَ ﺎ ﺑﺘﺄﻟﻴﻒ اﻟﻜﺘﺎب )واﻟﺬي ﺻﺪﱠق ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﺼﺪ َر اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﺮﺳﻤﻲ ً )وﻓﻘﺎ ملﻌﺎﻳري ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺴﺤﺮ( ﻗﺼﺎرى ﺟﻬﺪﻫﻤﺎ ﻟﻠﺘﺄ ﱡﻛﺪ ﻣﻦ ﺛﺒﻮت اﻹداﻧﺔ ﺑﺸﻜﻞ داﻣﻎ اﻟﺰﻣﻦ( ﻗﺒﻞ إﻋﺪام اﻟﺴﺎﺣﺮات .ﻟﻢ ﻳﻜﻦ وﺟﻮد ﺳﺎﺣﺮات ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻪ ﻣﺤ ﱠﻞ ٍ ﺑﺤﺚ — ﻓﻘﺪ أﻃﺎل َ اﻟﻨﻘﺎش ﺣﻮل ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ — ﺑﻞ ﻛﺎن ﻣﺤﻮر اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻛﺘﺎب »ﻣﻄﺮﻗﺔ اﻟﺴﺎﺣﺮات« إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﱠﻬَ ٌ ﻤﺔ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ﺗﺸﺘﻐﻞ ﺑﺎﻟﺴﺤﺮ أم ﻻ. إذن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﻐﺮض ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺬﻳﺐ اﻧﺘﺰا َع اﻋﱰاف ﻣﻦ اﻣﺮأة ﺑﺮﻳﺌﺔ ،ﺑﻞ اﺧﺘﺒﺎر ﻣﺪى ﺳﻴﻄﺮة اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ؛ وﻋﲆ ذﻟﻚ ﺗﻜﻮن املﺮأة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﱰف دون ﺗﻌﺬﻳﺐ ،أو ﺑﻌﺪ ﺑﺪء َ ﻣﺬﻧﺒﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،وﻟﻜﻦ اﻻﻋﱰاف اﻟﻔﻮري ﱢ ً ﻳﻮﻓﺮ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻄﻬﱡ ﺮ ﻣﺒﺎﴍ ًة، ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﺬﻳﺐ واﻟﺨﻼص ﻣﻦ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ .أﻣﺎ املﺮأة اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻌﱰف إﻻ ﺑﻌﺪ ﺗﻌﺬﻳﺐ ﺷﺪﻳﺪ ،ﻳﻜﻮن واﺿﺤً ﺎ أﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﱠ ﺗﻠﻘ ِﺖ املﺴﺎﻋﺪة ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎن ،اﻟﺬي ﻻ ﺑ ﱠﺪ أﻧﻪ ﺗﺮﺑﻄﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻬﺎ .أﻣﺎ أﺳﻮأ ﺗﻠﻚ ً ﻣﻄﻠﻘﺎ ،ﺣﺘﻰ ﺗﺤﺖ اﻟﺘﻌﺬﻳﺐ اﻟﺸﺪﻳﺪ؛ ﻷن ﻫﺬا ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻨﺴﻮة ﻓﻬﻦ ﻣَ ﻦ ﻻ ﻳﻌﱰﻓﻦ ً أن ﻳﺘﻢ دون ﺳﻴﻄﺮة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎن .أﺟﻞ ،ﻗﺪ ﻳﺒﺪو ﻟﻨﺎ ذﻟﻚ ﻣﻨﻄﻘﺎ ﻣﻠﺘﻮﻳًﺎ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳ َ ُﻌﺘﱪ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﺪى أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺤﺎوﻟﻮن ﺗﺨﻠﻴﺼﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺣﺮات ،وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﻌﻮن ﻟﺘﺤﺪﻳﺪﻫﻦ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﺧﺘﺒﺎر ﺗﺄﺛري اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻋﻠﻴﻬﻦ؛ ﻛﺎن ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ إﻧﻘﺎذ ً اﻟﺤﻀﺎرة املﺴﻴﺤﻴﺔ ،وﻛﺘﺎب »ﻣﻄﺮﻗﺔ اﻟﺴﺎﺣﺮات« ﱡ ﴏاﺣﺔ ﻋﲆ أن »اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻳﻨﺺ ﺗﻘﴤ ﺑﻮﺟﻮب ﻋﺪم اﻟﺤﻜﻢ ﻋﲆ ﺳﺎﺣﺮ ٍة ﺑﺎملﻮت ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗُﺪ َْن ﺑﺎﻋﱰاﻓﻬﺎ«؛ وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن اﻻﻋﱰاف ﻣﻬﻤٍّ ﺎ .وﻟﻌﻞ ذﻟﻚ ﻣﻌﻴﺎ ٌر أﻋﲆ ﻟﻺداﻧﺔ ﻣﻤﱠ ﺎ ﻧﻠﺘﺰم ﺑﻪ اﻵن ﻟﻠﺠﺮاﺋﻢ اﻟﺘﻲ ﻋﻘﻮﺑﺘﻬﺎ اﻹﻋﺪام، وﻟﻜﻨﻨﺎ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﺴﻨﺎ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﱪاﻋﺔ ﰲ اﻧﺘﺰاع اﻻﻋﱰاﻓﺎت. ﻫﻨﺎك ﻓﻘﺮة ﻛﺎﺷﻔﺔ ﰲ »ﻣﻄﺮﻗﺔ اﻟﺴﺎﺣﺮات« ﻋﻦ املﺤﺎﻛﻤﺔ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺪ اﻟﺴﺎﺧﻦ؛ ﻓﺒﺤﻜﻢ ﱡ ٍ ٍ ﺑﻤﺤﺎﻛﻤﺔ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺪ اﻟﺴﺎﺧﻦ، اﻟﺤﻖ ﰲ املﻄﺎ َﻟﺒﺔ ﺑﺠﺮﻳﻤﺔ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﻗﺪﻳﻢ ،ﻛﺎن ﻷي ﺷﺨﺺ ﻣﺘﱠﻬﻢ ﻗﻀﻴﺐ ﺣﺪﻳﺪي ﺳﺎﺧﻦ ملﺴﺎﻓﺔ واﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺸﺨﺺ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ أن ﻳﺤﺎول ﺣﻤ َﻞ ٍ َ إﻃﻼق ﴎاﺣﻪ .ﻳﻮرد ﻛﺘﺎب »ﻣﻄﺮﻗﺔ اﻟﺴﺎﺣﺮات« ﻣﻌﻴﻨﺔ؛ ﻛﺎن ﻧﺠﺎح اﻟﺸﺨﺺ ﰲ ذﻟﻚ ﻳﻌﻨﻲ ً ً ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﰲ اﻟﻘﺮﻳﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺳﺎﺣﺮة ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ( ﺑﺎﻟﺤﻖ اﻷﺻﻴﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﻃﺎﻟﺒ َْﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﺎﺣﺮة )ﻛﺎﻧﺖ 219
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ٍ ملﺤﺎﻛﻤﺔ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺪ اﻟﺴﺎﺧﻦ ،ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ُﺳ ِﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﺬﻟﻚ — ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺛﻤﺔ ﺳﺒﻴﻞ ﻟﻠﺮﻓﺾ ﰲ املﺜﻮل ً َ َ — وﺗﻤ ﱠﻜﻨ ْﺖ ﻣﻦ ﺣﻤﻞ اﻟﻘﻀﻴﺐ اﻟﺤﺪﻳﺪي ﺿﻌﻔﻲ املﺴﺎﻓﺔ املﻄﻠﻮﺑﺔ؛ ووﻓﻘﺎ ﻟﻠﻌﺎدة اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ َ ُ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ إﻃﻼق ﴎاﺣﻬﺎ .رأى ﻣﺆ ﱢﻟ َﻔﺎ ﻛﺘﺎب »ﻣﻄﺮﻗﺔ اﻟﺴﺎﺣﺮات« ﺗﻠﻚ أﺻﺒﺢ ﺣﺘﻤﻴٍّﺎ ً ﻣﺤﺎﻻ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺴﺎﺣﺮ ُة ﻗﺪ ﺗﻤ ﱠﻜﻨ َ ْﺖ ﻣﻦ ﺣﻤﻞ اﻟﺤﺪﻳﺪ ﻟﺘﻠﻚ إﺟﻬﺎض ﺧﻄري ﻟﻠﻌﺪاﻟﺔ؛ إذ ﻛﺎن املﺴﺎﻓﺔ دون ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﺸﻴﻄﺎن ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﺑﺪوره ﻟﻴُﺴﺪِي إﻟﻴﻬﺎ ﺗﻠﻚ املﺴﺎﻋﺪة ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ ﺗﻘﺪﻳ ًﺮا ﻟﻮﻻﺋﻬﺎ؛ وﻟﻜﻦ ﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ إﻃﻼق ﴎاﺣﻬﺎ ،وﻟﻢ ﻳَﻌُ ْﺪ ﺣﻖ املﺤﺎﻛﻤﺔ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺪ اﻟﺴﺎﺧﻦ ﻣُﻌﱰ ًَﻓﺎ ﺑﻪ ﻟﻠﺴﺎﺣﺮات املﺪاﻧﺎتَ .و ْﻟ ِ ﻨﻜﺘﻒ ﺑﻬﺬا اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺴﺎﺣﺮات. َ ٍ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻣﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ أي ﺑﻤﺠﺮد أن ﻧﺨﺮق اﻟﻨﻤﻮذج املﻨﻄﻘﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﻋﱰاف ﺑﺄن ً ُ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻷي ﺷﺨﺺ )ﻣﺎ ﻋﺪا املﺘﻬﻢ ﻋﲆ اﻷرﺟﺢ( ،وأن اﻵﻟﻬﺔ ﻟﻦ ﺗﺴﺪِي ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮن ري ،وﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻘﻒ ﻋﻨﺪﻫﺎ أي ﻧﻔﻊ؛ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار أﺻﻌﺐَ ﺑﻜﺜ ٍ وﻧﺤﻦ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ .ﰲ اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ اﻟﺒﺤﺖ ﻟﻼﻳﻘني اﻟﺬي وﺻﻔﻨﺎه ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ،ﻳﻮﺟﺪ ﻻﻳﻘني ﺑﺸﺄن ْ إن ﻛﺎن ﻣﺘﱠﻬ ٌﻢ ﻣﺎ ﻣﺬﻧﺒًﺎ أم ﻻ ،وﺗﻜﻤﻦ املﺸﻜﻠﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﰲ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات اﻟﻼزﻣﺔ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻫﺬا اﻟﻼﻳﻘني؛ وﻳﻌﺘﻤﺪ ﻫﺬا ﺑﺸﻜﻞ ﺣﺘﻤﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل داﺋﻤً ﺎ ،ﻋﲆ أﻫﺪاﻓﻨﺎ .وإﺣﺪى اﻟﻄﺮق املﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻟﺪﻳﻨﺎ ،ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،ﻫﻲ ﻋﺮض اﻟﻘﻀﻴﺔ ﻋﲆ ﻫﻴﺌﺔ ﻣﺤﻠﻔني. ﻟﻬﻴﺌﺎت املﺤﻠﻔني ﺗﺎرﻳﺦ ﻏﺎﻣﺾ؛ ﻓﻴ َ ُﻌﺘﻘﺪ أﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﻇﻬﺮت ﻷول ﻣﺮة ﰲ زﻣﻦ ﺷﺎرملﺎن، وأﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﻧُﻘِ ﻠﺖ إﱃ إﻧﺠﻠﱰا ﻋﲆ ﻳﺪ اﻟﻨﻮرﻣﺎﻧﺪﻳني ،وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳُﻌ َﺰى ﺗﺎرﻳﺦ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﰲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻃﻘﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ إﱃ وﺛﻴﻘﺔ ﻣﺎﺟﻨﺎ ﻛﺎرﺗﺎ )١٢١٥ق.م( ،وﻟﻜﻦ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ املﺎﺟﻨﺎ ﻛﺎرﺗﺎ ﳾء ﻋﻦ ﻫﻴﺌﺎت املﺤﻠﻔني .ﺻﺤﻴﺢ أن اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺗﻌﻠﻦ أن ﺑﻌﺾ رﺟﺎل أﻣﻨﺎء ﰲ اﻟﺠرية« ،وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ دور ﻗﻀﺎﺋﻲ. اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت ﻗﺪ ﻻ ﺗُﻔﺮض إﻻ »ﺑﻘﺴﻢ ٍ وﺗﻨﺺ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﻋﲆ أن اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺴﻴﺊ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻹﻳﺮﻻت واﻟﺒﺎروﻧﺎت ﻗﺪ ﻻ ﻳ َ ُﻌﺎﻗﺐ ﻋﻠﻴﻪ إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل أﻗﺮاﻧﻬﻢ ،وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺗﻘﻴﻴﻢ اﻟﻨﻈﺮاء ،وﻟﻴﺲ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ أﻣﺎم ﻫﻴﺌﺔ ﻣﺤﻠﻔني. ﱢ وﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ أﺻﻞ ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة ،ﻓﻘﺪ ﺗﺮﺳﺨﺖ ﻣﻨﺬ ﺣﻮاﱄ ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﻋﺎم ،وﻧﻤَ ْﺖ ً وﺻﻮﻻ إﱃ إﻧﺠﻠﱰا؛ ﺣﻴﺚ اﻧﺘﻘﻠﺖ ﻣﻦ ﻫﻨﺎك إﱃ ﺑﺒﻂء ﰲ أوروﺑﺎ اﻟﴩﻗﻴﺔ ،ﺛﻢ ﻋﱪت اﻟﻘﻨﺎل اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة )ﻣﺴﺘﻌﻤﺮات إﻧﺠﻠﱰا ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ( ،ﺑﻌﺪﻫﺎ واﺟﻬَ ِﺖ اﻧﺤﺪا ًرا ﰲ ﺷﻌﺒﻴﺘﻬﺎ ﰲ ﺑﻘﻴﺔ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻇ ﱠﻠ ْﺖ ﺗﺘﻨﺎﻣﻰ وﺗﺘﺴﻊ ﻫﻨﺎ .ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﺎﻛﻤﺎت ﻫﻴﺌﺔ املﺤﻠﻔني 220
اﻟﻘﺎﻧﻮن واملﺤﻠﻔﻮن
إﻣﺎ ﻣﻬﺠﻮر ًة ،وإﻣﺎ ﻋﲆ وﺷﻚ اﻻﺿﻤﺤﻼل ﰲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺪول املﺘﺤﴬة ،ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟﻮﻻﻳﺎت ً أﻃﺮاﻓﺎ ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ذات املﺘﺤﺪة اﻟﺘﻌﻴﺴﺔ اﻟﺤﻆ؛ ﻓﺎملﺤﺎﻣﻮن ﻳﺤﺒﻮﻧﻬﺎ ،وﺗُﻌَ ﱡﺪ رواﺑﻂ املﺤﺎﻣني ً ٍ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﴏاﺣﺔ ﻋﲆ اﻟﺤﻖ ﰲ ﺛﻘﻞ ﰲ ﻫﻴﺌﺎت املﴩﻋني اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮق اﻟﺘﻄﻮﻳﺮ .ﻳﻨﺺ دﺳﺘﻮرﻧﺎ أﻣﺎم ﻫﻴﺌﺔ ﻣﺤﻠﻔني ﻣﺤﺎﻳﺪة ،و ٩٠ﺑﺎملﺎﺋﺔ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﱄ ﻣﺤﺎﻛﻤﺎت املﺤﻠﻔني اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻌﻘﺪ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﴎه ﺗﻨﻌﻘﺪ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة .وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻻﻋﺘﻘﺎد اﻟﺸﺎﺋﻊ ،واﻟﺬي ﻳﻌﺰز ﻳﻨﺺ« ﻋﲆ أي ﳾء ﺑﺸﺄن أيﱢ ﱟ ﰲ املﺪارس ،ﻓﺈن اﻟﺪﺳﺘﻮر »ﻻ ﱡ ﺣﻖ ﰲ املﺜﻮل أﻣﺎم ﻫﻴﺌﺔ ُ ﻫﻴﺌﺔ املﺤﻠﻔني ﻣﺤﺎﻳﺪ ًة .وﻫﻨﺎك ﻣﺤﻠﻔني ﻣﻜﻮﱠﻧﺔ ﻣﻦ أﻗﺮاﻧﻨﺎ؛ وإﻧﻤﺎ ﻳُﺸﱰط ﻓﻘﻂ أن ﺗﻜﻮن ً ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ،وأن ﻳﻜﻮن ﻟﻠﻤﺘﻬﻤني اﺷﱰاﻃﺎت أﺧﺮى ﻻﺣﻘﺔ ﻣﺜﻞ أن ﺗﻜﻮن ﻫﻴﺌﺔ املﺤﻠﻔني دو ٌر ﰲ اﺧﺘﻴﺎر ﻫﻴﺌﺔ املﺤﻠﻔني اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎﻛﻤﻬﻢ ،وﺗﻠﻚ اﻻﺷﱰاﻃﺎت ً أﻳﻀﺎ ﻟﻢ ﺗَ ِﺮ ْد ﰲ اﻟﺪﺳﺘﻮر. )ورﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤ ﱠﻞ ﺳﺨﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ (.ﻳﻨﻌﻘﺪ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﲆ ﻣﺎﺋﺔ أﻟﻒ ﻣﺤﺎ َﻛﻤﺔ ﻣﺤﻠﻔني ﻛ ﱠﻞ ﻋﺎم ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة؛ وﻻ ﺗﻮﺟﺪ دوﻟﺔ أﺧﺮى ﺗﻘﺎرب ﻫﺬا اﻟﺮﻗﻢ، َ ً دوﻟﺔ واﺣﺪة ﱡ ﻫﻴﺌﺔ املﺤﻠﻔني اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻖ ﻓﻴﻬﺎ ملﺘﻬﻢ أن ﻳﺨﺘﺎر وﻻ ﻳﻌﺮف ﻣﺆ ﱢﻟﻒ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ً رﺋﻴﺴﺎ ﰲ اﻹﻋﺪاد ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻤﺔ ﰲ ﺳﺘﺤﺎﻛﻤﻪ .وﻳُﻌَ ﱡﺪ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻫﻴﺌﺔ املﺤﻠﻔني املﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻜ ﱢﻮﻧًﺎ ُ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ وﺗﺤﺪﻳ ُﺪ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻫﻤﺎ اﻟﻬﺪﻓني اﻟﺤﻘﻴﻘﻴني اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ،وﻟﻮ ﻛﺎن ﻷي ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ أﻣﺎم ﻫﻴﺌﺔ ﻣﺤﻠﻔني ،ﻓﺈن ﻫﺬا ﻳﺒﺪو ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﺠﻨﻮن ﰲ ﻧﻈﺮ املﺆﻟﻒ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﻫﺬا املﺆ ﱢﻟﻒ ﻟﻴﺲ ﻣﺤﺎﻣﻴًﺎ. ﻃﺮأ ﱡ ﺗﻐري ﻛﺒري وﺟﻮﻫﺮي ﻋﲆ ﺷﺨﺼﻴﺔ املﺤﻠﻔني ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺧﻼل اﻟﻌﻘﻮد اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ املﺎﺿﻴﺔ؛ ﻓﺤﺘﻰ وﻗﺖ ﻗﺮﻳﺐ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺎﻳريُ اﺧﺘﻴﺎر ﻫﻴﺌﺎت املﺤﻠﻔني ﻫﻲ املﻌﺎﻳري اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒري ،وﻋﲆ رأﺳﻬﺎ ﴍط اﻟﺤﻴﺎدﻳﺔ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻗﻴﻮد ﻋﲆ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺤﻠﻔني أ ْﻛﻔﺎء ،ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺤﻠﻔني ﻋﲆ ﻋﻠﻢ ﺑﴚء ﻋﻦ املﻮﺿﻮع ﻣﺤﻞ اﻟﻨﺰاع. ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺪواﺋﺮ اﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ )وﻋﺪدﻫﺎ ﺗﺴﻌﻮن داﺋﺮ ًة ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺒﻼد( ،ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻤﲇ ،ﺗﺘﺒﻊ املﻤﺎرﺳﺎت واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ املﻌﺘﻤﺪة ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮاﺟﺪ ﺑﻬﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ املﻌﺎﻳري ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒري ﺑني اﻟﻮﻻﻳﺎت ،وﻟﻜﻦ ﰲ ﻋﺎم َ ١٩٦٨أﻗ ﱠﺮ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس ﻗﺎﻧﻮﻧًﺎ ﻳﺸﱰط »اﺧﺘﻴﺎر« ﻫﻴﺌﺎت املﺤﻠﻔني اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ »ﻋﺸﻮاﺋﻴٍّﺎ ﻣﻦ ﻗﻄﺎع ﻋﺮﻳﺾ ﻧﺰﻳﻪ ﻣﻦ املﺠﺘﻤﻊ« .ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻗﺎﻧﻮﻧًﺎ ،وﻟﻴﺲ ﺑﻨﺪًا ﻣﻦ ﺑﻨﻮد اﻟﺪﺳﺘﻮر؛ ﻟﺬﻟﻚ ،وﺑﺪءًا ﻣﻦ ﻋﺎم ،١٩٦٩أﺻﺒﺢ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﰲ املﺤﺎﻛﻢ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﺗﺸﺪﻳ ٌﺪ أﻛﱪ ﻛﺜريًا ،ﴎﻋﺎن ﻣﺎ َ اﻧﺘﻘ َﻞ إﱃ ﺑﻘﻴﺔ املﻨﻈﻮﻣﺔ ،ﻋﲆ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ املﺘﻨﺎﺳﺐ ﰲ ﻫﻴﺌﺎت املﺤﻠﻔني ،إﱃ اﻟﺤﺪ اﻟﺬي ﺻﺎرت ﻋﻨﺪه اﻟﻜﻔﺎءة واملﻌﺮﻓﺔ ﺗُ َ ِ ﻌﺘﱪان ﻋﻤﻠﻴٍّﺎ ً ِ ٍ ملﺤﺎﻣﻲ ﻛ ﱢﻞ ﻃﺮف ﻣﻦ أﻃﺮاف اﻟﻘﻀﻴﺔ ﻫﻲ إﻗﻨﺎع إﻗﺼﺎﺋﻴﺔ .إن املﻬﻤﺔ املﺪرﻛﺔ ﻣﻌﻮﻗﺎت 221
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻫﻴﺌﺔ املﺤﻠﻔني ﺑﺼﺤﺔ رؤﻳﺘﻬﻢ ﻟﻠﺤﻘﺎﺋﻖ؛ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺔ املﺤﺎﻣني ،ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ، أن ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻫﻴﺌﺔ ﻣﺤﻠﻔني ﻳﻤﻜﻦ إﻗﻨﺎﻋﻬﺎ؛ أيْ ﻳﻤﻜﻦ ﺧﺪاﻋﻬﺎ ،وأﻓﻀﻞ ﻣَ ﻦ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻴﺎم ﻣﻌﻬﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﻫﻢ املﺤﻠﻔﻮن ذوو اﻟﻌﻘﻮل ﻏري املﺸﺘﺘﺔ ﺑﺎملﻌﺮﻓﺔ أو ﺑﻔﻬﻢ املﻮﺿﻮع ﻣﺤﻞ اﻟﻨﺰاع؛ أو إذا أردﻧﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﻠﻜﻮن ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﺎﻟﻜﺎد ﻋﻦ اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﻣﻦ اﻟﺬﻛﺎء أو اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ) .إن ﻣﺆﻟﻒ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻳﻌﱰف ﺟﻬﺎ ًرا ﺑﻌﺎر ﻋﻤﻠﻪ ﻛﺄﺳﺘﺎذ ﺟﺎﻣﻌﻲ ،وﺑﺎﻟﻌﺎر اﻷﻛﱪ وﻫﻮ ﺣﺼﻮﻟﻪ ﻋﲆ درﺟﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮراه — ﺛﻤﻦ ﻃﻴﺶ اﻟﺸﺒﺎب ورﻋﻮﻧﺘﻪ — ﻟﺬا ﻳ َ ُﺮﻓﺾ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر ﻃﻠﺐ اﻟﺘﺤﺎﻗﻪ ﺑﻬﻴﺌﺎت املﺤﻠﻔني ﺣني ﺗﺘﻀﺢ ﻫﺬه اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻟﻠﻤﺤﺎﻣني ﰲ اﻟﻘﻀﻴﺔ. وإن ﻟﻢ ﻳ َ رﻓﻀﻪ ﻣﻦ اﻟﻄﺮف َ ُ ْ اﻵﺧﺮ ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ؛ اﻷﻣﺮ ﻳﻌﺘﻤﺪ ُﺮﻓﺾ ﻣﻦ أﺣﺪ اﻟﻄﺮﻓني ،ﻳﺘﻢ ﻋﲆ اﻟﻄﺮف ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻷﺿﻌﻒ اﻟﺬي ﻳﻌﻮﱢل أﻛﺜﺮ ﻋﲆ إرﺑﺎك ﻫﻴﺌﺔ املﺤﻠﻔني .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻳﺒﺎﻟﻎ املﺤﺎﻣﻮن ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮﻫﻢ ِﻟ ﱠﻠﻘﺐ واﻟﺪرﺟﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻋﻦ ذﻟﻚ؟( وﻗﺪ ﺣﻜﻤَ ِﺖ املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ )ﻣﺮ ًة أﺧﺮى ﻟﻢ ﻳ َِﺮد ﻫﺬا ﰲ اﻟﺪﺳﺘﻮر( ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮز ﻟﻠﻤﺤﺎﻣني ْ رﻓ ُ ﺾ ﻣﺤ ﱠﻠﻒ ﻷﺳﺒﺎب ﺗﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎﻟﻌِ ْﺮق ،أو اﻟﻨﻮع ،أو اﻻﻧﺘﻤﺎء اﻟﺪﻳﻨﻲ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻻ ﻳﻨﺪرج ﰲ ُ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺬا ﻫﺬه اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ .وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻐري اﻟﺠﻮﻫﺮي — وﻫﻮ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺟﻮﻫﺮي — اﻧﺤﺪا ًرا ﱡِ ﻛﺒريًا ﰲ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎملﻨﻈﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ ﻧﺴﺒﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن ،ﻋ ﱠﺰزه ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺰﺋﻲ ﺑﻌﺾ ﻗﺮارات املﺤﻠﻔني اﻟﺘﻲ ﻳﺼﻌﺐ ﺗﱪﻳﺮﻫﺎ واﻟﺪﻓﺎع ﻋﻨﻬﺎ ﰲ ﻛ ﱟﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ واملﺪﻧﻴﺔ؛ ٍ ﻧﺰاﻋﺎت ﺑﺸﺄن اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻗﺪ ﻻ ﺗﺨﻀﻊ ﻓﻘﺮارات ﻫﻴﺌﺔ املﺤﻠﻔني ،اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺴﻢ ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ ﻟﻠﻤﺮاﺟﻌﺔ واﻟﺘﻘﻴﻴﻢ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ أي ﻣﺤﻜﻤﺔ ﰲ اﻟﺒﻼدً ، وﻓﻘﺎ ﻟﻠﺪﺳﺘﻮر؛ ﻓﻬﻲ ﻗﺮارات ﻧﻬﺎﺋﻴﺔ. ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻔﱰة اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ — ﻣﻦ ﱢ ﺗﻮﺧﻲ اﻟﺤﻴﺎدﻳﺔ وإﻳﺠﺎد اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻋﻨﺪ اﺧﺘﻴﺎر املﺤﻠﻔني إﱃ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ املﺘﻜﺎﻓﺊ واﻟﻼﻣﺒﺎﻻة — ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك أﺣﺪاث ﺑﺎرزة ،وﻟﻜﻦ اﻟﺤﺪث ً راﺳﺨﺎ ﰲ ذاﻛﺮة ﻣﺆﻟﻒ اﻟﻜﺘﺎب ﻫﻮ ﻣﺸﻬﺪ أﺣﺪ اﻟﺴﻴﻨﺎﺗﻮرات اﻷﻣﺮﻳﻜﻴني وﻫﻮ اﻟﺬي ﺳﻴﻈﻞ ﻳﺘﺤﺪﱠث ﺗﺄﻳﻴﺪًا ملﺮﺷﺢ ﻟﻠﺘﻌﻴني ﺑﺎملﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،أﻋﲆ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﰲ اﻟﺒﻼد .ﻛﺎن ﻫﺬا املﺮﺷﺢ ﻗﺪ ﺗﻌ ﱠﺮ َ ض ﻻﻧﺘﻘﺎدات واﺳﻌﺔ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻣﺎ ﻧﺴﻤﻴﻪ اﻵن ﻗﺎﴏًا ذﻫﻨﻴٍّﺎ؛ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺒﺪو ً ﺧﺎدﻋﺔ( ،إﻻ ﻋﲆ ﻗﺪر ﻛﺒري ﻣﻦ اﻟﺬﻛﺎء )ﺣﺘﻰ ﻧﻜﻮن ﻣﻨﺼﻔني ،ﻣﻦ املﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن املﻈﺎﻫﺮ داﻓ َﻊ ﻋﻦ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﺎﻻﻋﱰاف ﺑﺄن ﱠ أن اﻟﺴﻴﻨﺎﺗﻮر َ املﺮﺷﺢ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﺘﻮﺳﻂ املﺴﺘﻮى، ﺑﺘﴫﻳﺢ ﺑﺄﻧﻪ ﺣﺘﻰ اﻷﺷﺨﺎص املﺘﻮﺳﻄﻮن ﻳﺴﺘﺤﻘﻮن اﻟﺘﻤﺜﻴ َﻞ ﰲ املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ. أﺗﺒﻌﻪ ٍ ً ﺳﺨﻴﻔﺎ )ﺑﻞ ﻣﻀﺤ ًﻜﺎ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ( ،وﻟﻜﻦ ﺑﻤﺠﺮد أن ﻧﺒﺪأ ﻃﺮﻳﻖ املﻄﺎ َﻟﺒﺔ ﺑﺄن ﺗﻜﻮن ﻳﺒﺪو اﻷﻣﺮ أي ﻫﻴﺌﺔ ﻣﺤﻠﻔني ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻟﻘﻄﺎع ﻋﺮﻳﺾ ﻣﻦ املﺠﺘﻤﻊ ،ملﺎذا ﻻ ﱢ ﻧﻮﺳﻊ ﻧﻄﺎق اﻟﻔﻜﺮة ﻟﻴﺸﻤﻞ اﻟﻘﻀﺎة؟ ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﻫﺬا ﱡ ﺗﻐريًا ﻣﻬﻤٍّ ﺎ ﰲ املﻌﺎﻳري ،وﺗﻠﻚ اﻟﺤﺠﺔ ﺗﻤﺘ ﱡﺪ اﻵن ﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻗﻮاﺋﻢ املﺆﻫﻼت 222
اﻟﻘﺎﻧﻮن واملﺤﻠﻔﻮن
ٍ وﻇﻴﻔﺔ ،ﻟﻪ اﻷوﻟﻮﻳﺔ ﻋﲆ اﻟﺤﻖ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﺼﺎﺣﺐ اﻟﻮﻇﻴﻔﻴﺔ؛ ﻓﺤﻖ ﻛﻞ ﻓﺮد ﰲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺸﺨﺺ اﻷﻛﻔﺄ واﻷﺟﺪر ﻟﻠﻮﻇﻴﻔﺔ .إن اﻟﺜﻤﻦ اﻟﺬي ﺳﻨﺪﻓﻌﻪ ﻣﻘﺎﺑﻞ ً ﻣﻌﺮوﻓﺎ ﺑﻌﺪُ ،وﻟﻜﻦ ﺳﻴﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺛﻤﻦ. ﻫﺬا ﻟﻴﺲ إن ﻫﻴﺌﺔ املﺤﻠﻔني ﻳﺴﺘﻌﺎن ﺑﻬﺎ ﻓﻘﻂ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻣﺤﻞ اﻟﻨﺰاع ،وﻟﻴﺲ ﺗﻔﺴري اﻟﻘﺎﻧﻮن ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺸﺎﺑُﻚ اﻟﺤﺘﻤﻲ ﺑني اﻷدوار .ﻗﺪ ﻳﻌﺘﻘﺪ أﺣﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﺴﺬاﺟﺔ أن ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻷﻫﺪاف اﻟﺘﻲ أوﻟﻴﻨﺎﻫﺎ أﻫﻤﻴﺔ ﻛﺒرية ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ذات ﺻﻠﺔ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ اﻋﺘﻘﺎد ذﻟﻚ؛ ﻓﺤني ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺷﻚ إزاء اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ،ﻳﺘﱠﺴﻊ املﺠﺎل ﻟﻈﻬﻮر ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻳﻤﻜﻦ دﻓﻊ اﻟﻘﺮار ﰲ أي اﺗﺠﺎه ﺑﻔﻌﻞ ﺗﺤﻴ ٍﱡﺰ ﻓﻄﺮيﱟ ﻣﺎ. ً ً ﺳﻴﺌﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﻌﻨﻴﻪ اﻟﻜﻠﻤﺔ املﻴﻞ ﰲ اﺗﺠﺎ ٍه ﻣﺎ ،وﻗﺪ ﺳﻤﻌﺔ ﻟﻘﺪ اﻛﺘﺴﺒ َْﺖ ﻛﻠﻤﺔ »ﺗﺤﻴﱡﺰ« ﻳﻜﻮن ﻫﺬا املﻴﻞ — أو ﻻ ﻳﻜﻮن — ﻣﱪ ًرا ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرات أﺧﺮى. ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﰲ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﱪاءة أو اﻹداﻧﺔ ،اﺗﺨﺬﻧﺎ ﻗﺮا ًرا ﻣﺠﺘﻤﻌﻴٍّﺎ ﺑﺘﻔﻀﻴﻞ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪم اﻹداﻧﺔ ﰲ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻓﻌﻠﻨﺎ ذﻟﻚ ﺑﺈﻟﻘﺎء ﻋﺐء اﻹﺛﺒﺎت ﻋﲆ ﻛﺎﻫﻞ اﻻدﱢﻋﺎء؛ ﻓﺎملﺘﻬﻢ ﺑﺮيء ﺣﺘﻰ ﺗﺜﺒﺖ إداﻧﺘﻪ .ﰲ املﻘﺎﺑﻞ ،ﰲ ﺗﻌﺎﻣﻼﺗﻚ ﻣﻊ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﴬاﺋﺐ أﻧﺖ ﻣﺪان َ ﻛﻨﺖ ﺗﻄﺎﻟﺐ ﺑﺨﻔﺾ ﻗﻴﻤﺔ ﴐاﺋﺒﻚ ،ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻜﻨﻚ إﺛﺒﺎت ﺑﺮاءﺗﻚ؛ ﻓﺈذا َ ﻣﺴﺘﻌِ ﺪٍّا ﻹﺛﺒﺎت أﺣﻘﻴﺘﻚ ﰲ ذﻟﻚ؛ إذ إن ﻗ َﺴﻤﻚ ﻟﻴﺲ ﻛﺎﻓﻴًﺎ .وإذا اﺗﻬﻤﻚ ﴍﻃﻲ املﺮور ﺑﺘﺠﺎوز اﻟﴪﻋﺔ املﻘ ﱠﺮرة أو ﻛﴪ اﻹﺷﺎرة ،وأﻗﺴﻤْ َﺖ أﻧﻚ ﻟﻢ ﺗﻔﻌﻞ أي ﳾء ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﻴﻞ، ﻓﺈن ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎل أن ﺗﻘﻮل إن ﻋﺐء اﻹﺛﺒﺎت ﻳﻘﻊ ﻋﲆ ﻛﺎﻫﻠﻪ ﻫﻮ؛ ﻓﻬﻮ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻴﻚ أﻧﺖ. ﻟﺬا ﻧﻮﺟﱢ ﻪ ﻫﻴﺌﺎت املﺤﻠﻔني ﰲ اﻟﺪﻋﺎوى اﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ إﱃ ﴐورة اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪم اﻹداﻧﺔ )وﻫﻮ ً ﻣﺠﺎﻻ ﻟﻠﺸﻚ — ﺑﺄن املﺘﻬﻢ ﻣﺬﻧﺐ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﱪاءة( ،ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﻨﻌﻬﻢ اﻻدﱢﻋﺎء — ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳَﺪَع ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ .وﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻣﺘﻌﻤﺪة ﻹﻣﺎﻟﺔ ﻛﻔﺔ اﻷﻣﻮر ً ﻗﻠﻴﻼ ،وﻫﻲ ﺗﻌﻜﺲ رأﻳًﺎ )وﻫﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻻ ﻳﺸﺎرﻛﻪ ﺿﺤﺎﻳﺎ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ( ﻣﻔﺎده أن ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ أن ﺗﻄﻠﻖ ﴎاح ﻣﺬﻧﺐ ﻟﻴﻌﻮد ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻋﻦ أن ﺗﺤﺒﺲ ﺑﺮﻳﺌًﺎ .وإذا اﻧﻄﺒﻖ ﻫﺬا املﺒﺪأ ﻋﲆ ﻣﻌﺘﺎدي اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﺸﻨﻴﻌﺔ ﺿﺪ اﻷﻓﺮاد ،ﻓﻠﻦ ﻳﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻮى ﻗﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﰲ اﻟﺸﺎرع؛ ْ وﻟﻜﻦ ﺗﻠﻚ ﻗﻮاﻧﻴﻨُﻨﺎ ،وﻗﺪ ﺣﺎول ﻣﺆ ﱢﻟﻒ اﻟﻜﺘﺎب أن ﻳﺴﺄل أﺻﺪﻗﺎءَ ﻟﻪ إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺮون إن ﻛﺎن ﻳﺠﺐ إﻃﻼق ﴎاح ﺷﺨﺺ اﺗﱡ ِﻬﻢ ﺑﺠﺮﻳﻤﺔ اﻏﺘﺼﺎب ،ﻣﻊ أن ُﻓ َﺮص إداﻧﺘﻪ ﺑﺎﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ) .ﻣﻌﻈﻢ املﻐﺘﺼﺒني ارﺗﻜﺒﻮا ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻌﻠﺔ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ؛ ﻓﻬﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﺘﻲ ﺗُﻘﱰَف ﻣﺮة واﺣﺪة ﰲ اﻟﻌﻤﺮً (. وﻓﻘﺎ ﻟﻌﺎداﺗﻨﺎ وأﻋﺮاﻓﻨﺎ ،ﻻ ﺑﺪ أن ﻳُﻄ َﻠﻖ ﴎاح ﻫﺬا اﻟﺸﺨﺺ؛ إذ إن وﺟﻮد ﻓﺮﺻﺔ إداﻧﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٥٠ : ٥٠ﻳﺸري ﺿﻤﻨًﺎ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ إﱃ ﺷﻚ ﻣﻌﻘﻮل .ﻳﻨﻔﻌﻞ 223
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﱢ وﻳﻔﻀﻠﻮن ﻋﺪم ﻣﻮاﺟﻬﺘﻪ ،وﻟﻜﻦ ﺣني ﻳﺘﻌ ﱠﺮﺿﻮن ﻟﻀﻐﻂ، ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﺟ ﱠﺮاء اﻟﺴﺆال، ﻳﻮدﱡون ﻟﻮ ﺗﻢ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻣﻌﺎﻳري ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻺﺛﺒﺎت ﻣﻊ اﺧﺘﻼف اﻟﺠﺮاﺋﻢ .وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺠﺮاﺋﻢ ﻳﻌﺎود ﻣﺜﻞ ﺟﺮﻳﻤﺔ اﻻﻏﺘﺼﺎب ،ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ املﺮﺟﺢ ﻟﺸﺨﺺ ارﺗ َﻜﺐَ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻣﺮ ًة أن ِ اﻟ َﻜ ﱠﺮة ﻣﺮة أﺧﺮى ،ﱢ ﻳﻔﻀﻞ اﻟﻨﺎس ﺗﺤ ﱢﺮي اﻷﻣﺎن ،ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻣﺠﺎ ٌل ﻟﻠﺨﻄﺄ ﰲ اﻟﺤﻜﻢ، ً ﺷﻨﺎﻋﺔ ،أيْ ﻏري املﻮﺟﱠ ﻬﺔ ﻧﺤﻮ اﻷﻓﺮاد ،ﻳﺴﺘﻴﻘﻆ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺮﺣﻴﻢ أﻣﺎ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻷﻗﻞ ﺑﺪاﺧﻠﻨﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻗﻮاﻧﻴﻨﻨﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ. إن ﻣﻨﻈﻮﻣﺘﻨﺎ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺗُ ِﻠﺰﻣﻨﺎ ﺑﺘﻌﺮﻳﻒ اﻟﺸﻚ املﻌﻘﻮل ﺑﻜﻠﻤﺎت ﺑﺴﻴﻄﺔ؛ ﻷن ﻣﻦ ﻏري املﺘﺼﻮﱠر أن ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا املﻔﻬﻮم ﻏري املﺄﻟﻮف ﻛﺎﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﰲ ﻗﺎﻋﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ. واﻟﺤﻖ أن اﻷﻣﺮ ﻗﺪ ﻳﺘﺤﻮﱠل إﱃ ﻛﺎرﺛﺔ ﺣني ﻳﻜﻮن ﺑني أﻳﺪي اﻟﻘﻀﺎة واملﺤﺎﻣني) .ﰲ إﺣﺪى اﻟﺪﻋﺎوى اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘُﺪﻋِ ﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺆﻟﻒ اﻟﻜﺘﺎب ﻟﻠﻤﺜﻮل ﻟﻠﺸﻬﺎدة ،ﻗﺎل اﻟﻘﺎﴈ ﰲ َ ٍ ﺘﴫﱠف ﻛﻤﺮاﻫﻦ ،و»ﻫﺬه املﺤﻜﻤﺔ ﺟﻠﺴﺔ ﻋﻠﻨﻴ ٍﺔ إﻧﻪ ﻻ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺎﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ؛ ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﻬﺘﻤٍّ ﺎَ ،ﻟ ً ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻟﻠﻤﺮاﻫﻨﺎت« .ﻫﺬا ﺗﻌﻠﻴﻖ ﺳﺨﻴﻒ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ،وﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﻤﱠ ْﺖ اﻹﻃﺎﺣﺔ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ (.وﻟﻜﻦ ﰲ ﺿﻮء ﻋﺪم ﻗﺪرﺗﻨﺎ ﻋﲆ اﻟﺘﺤﺪﱡث ﻋﻦ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗُﻌَ ﱡﺪ اﻟﻠﻐﺔ املﻼﺋﻤﺔ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣُﻞ ﻣﻊ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﺗﺤﺖ اﻟﺸﻚ ،ﻣﺎذا ﻧﻔﻌﻞ ﺣﻴﺎل اﻟﺸﻚ املﻌﻘﻮل؟ ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ املﻮﺿﻮع ﻣﻦ ﺧﻼل اﻹﻃﻨﺎب واملﻮارﺑﺔ ﰲ اﻟﻜﻼم ،واﻟﻜﻠﻤﺎت املﺜﻘﻠﺔ َ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف ﺑﺎﻻﺣﺘﻤﺎﻻت واملﺘﻌﺪﱢدة املﻘﺎﻃﻊ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ﺑﻼ أي ﻣﻌﻨًﻰ .ﺗﺬ ﱠﻛ ِﺮ اﻷملﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﺗﺤﺪﱠﺛﻨﺎ ﻋﻨﻪ ً آﻧﻔﺎ. ﰲ ﻣﻌﻈﻢ املﺤﺎﻛﻢ ﻳ َ ُﻌﺘﱪ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻜﻠﻤﺎت املﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﺘﻌﺮﻳﻒ اﻟﺸﻚ املﻌﻘﻮل أﻣ ًﺮا ٍ ﻟﺪرﺟﺔ ﻳﺠﺐ ﻣﻌﻬﺎ ﱠأﻻ ﻳُﱰَك ﻟﻠﻘﺎﴈ ،ﺑﻞ ﻳُﻌﺘﻤَ ﺪ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ ﺳﻠﻄﺔ أﻋﲆ ،رﺑﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻬﻤٍّ ﺎ ﻣﺸﺎورات ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻘﺎﻧﻮن .وﻓﻴﻤﺎ ﻳﲇ ﻧﺺ اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ املﻌﺘﻤَ ﺪ ﻟﻠﻤﺼﻄﻠﺢ ﰲ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ؛ وﻫﻮ ﻣﺸﺎﺑﻪ ﻟﻨﻈريه ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻷﺧﺮى: ﻳُﻌ ﱠﺮف اﻟﺸﻚ املﻌﻘﻮل ﻛﺎﻟﺘﺎﱄ :إﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮد ﺷﻚ ﺟﺎﺋﺰ؛ ﻷن ﻛ ﱠﻞ ﳾء ﻳﺘﻌ ﱠﻠﻖ ٌ ﻋﺮﺿﺔ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺸﻚ املﻤﻜﻦ ﺑﺎﻟﺸﺌﻮن اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،وﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺪﻟﻴﻞ املﻌﻨﻮي، ُ أو اﻟﺨﻴﺎﱄ .إﻧﻪ ﺗﻠﻚ املﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻘﻮل املﺤﻠﻔني — ﺑﻌﺪ ﻧﺔ واﻋﺘﺒﺎر ﻛ ﱢﻞ اﻷدﻟﺔ — ﰲ ٍ ﻣﻘﺎ َر ِ ﺣﺎﻟﺔ ﻳﻌﺠﺰون ﻣﻌﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﻘﻨﺎﻋﺔ ﻣﻠﺰﻣﺔ ،ﺗﺴﺘﻨﺪ إﱃ ﻳﻘني ﻣﻌﻨﻮي ،ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ اﻻﺗﻬﺎم. ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻳﻌﻴﻨﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ،أ َﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ؟ ﻓﻠﻴﺲ ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﻜﻮن ﻣﺘﺄ ﱢﻛﺪًا ،ﺑﻞ أن ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻳﻘﻴﻨًﺎ ﻣﻌﻨﻮﻳٍّﺎ ﻓﺤﺴﺐ .ﻫﺬا اﻟﻠﻐﻮ ﻳﺠﺐ ﺗﻼوﺗﻪ ،ﺣﺮﻓﻴٍّﺎ ،ﻋﲆ ﻫﻴﺌﺔ املﺤﻠﻔني ﰲ أي ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ 224
اﻟﻘﺎﻧﻮن واملﺤﻠﻔﻮن
ﺟﻨﺎﺋﻴﺔ ﰲ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ؛ إﻧﻪ اﻟﺜﻤﻦ اﻟﺬي ﻧﺪﻓﻌﻪ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻋﺪم ذِ ْﻛﺮ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ﰲ ﻗﺎﻋﺔ املﺤﻜﻤﺔ، وﻫﻮ أﺣﺪ أﺳﺒﺎب اﺳﺘﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻨﺒﱡﺆ ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﺤﺎﻛﻤﺎت املﺤﻠﻔني. َ ﻟﺬا ْ إداﻧﺔ اﻷﺑﺮﻳﺎء ،ﻳﻤﻜﻦ اﺗﺨﺎذ اﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﻣﺴﻠ ًﻜﺎ ،وﻫﻮ إن أردﻧﺎ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن املﺘﺤﴬ ﻇﺎﻫﺮﻳٍّﺎ .وإذا ﱠ َ ﱢ إﻃﻼق ﴎاح ﻓﻀﻠﻨﺎ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻻ ﻳﺰال ﻳُﻤﺎ َرس ﻋﲆ ٍ املﺬﻧﺐ ،ﻓﺈن ﻣﻨﻈﻮﻣﺘﻨﺎ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎرﻋﺔ ﰲ ذﻟﻚ إﱃ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﱢ ﻧﺤﻘﻖ اﻷﻣﺮﻳﻦ ﻣﻌً ﺎ. اﻟﺪﻗﺔ ﺗﺘﻤﺮﻛﺰ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ﰲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ ﺣﻮل ﻣﺸﻜﻠﺔ اﺗﺨﺎذ ﻗﺮارات ﻣﻌﻴﱠﻨﺔ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺸﻜﻮك؛ ﺳﻮاء أﻛﺎن إزاء اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ،أم اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ،أم املﻨﺎﻓﻊ ،أم أي ﳾء ﻛﺎن؛ ﻓﺎﻟﺸﻜﻮك ﺟﺰء ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻌﻨﺎﴏ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﺧﻞ ﰲ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار .وﻳﴪي ﻫﺬا ً أﻳﻀﺎ ﻋﲆ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻹداﻧﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺎﻗﺸﻨﺎﻫﺎ ﰲ اﻟﺠﺰء اﻟﺴﺎﺑﻖ — ﻓﺎﻟﻘﻮاﻧني ﻓﻀﻔﺎﺿﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ،واﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻏري ً ﺻﻌﺒﺔ — ﺣﻴﺚ ﻳﻜﺜﺮ اﻟﺸﻚ وﻋﺪم واﺿﺤﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ،ﺑﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻗﻀﻴﺔ اﻹداﻧﺔ أو اﻟﱪاءة اﻟﻴﻘني. ﺛﻤﺔ وﺳﻴﻠﺔ أﺧﺮى ﻟﺤﺴﻢ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﻜﻮك ،وﻫﻲ ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن ذاﺗﻪ ﻣﻊ وﺿﻊ ً َ ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻹداﻧﺔ داﺧﻞ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺻﻴﺎﻏﺘﻪ اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﰲ اﻟﺬﻫﻦ؛ ﻓﻴﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻀﻤﱢ ﻦ ُ ﱠ إﺛﺒﺎت اﻹداﻧﺔ أﺳﻬ َﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ،وﻳﻤﻜﻦ ﺗﻨﻔﻴﺬ ذﻟﻚ ،ﺑﺎﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ،ﻋﻦ ﻣﺒﺴﻄﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮن ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻐﺮض اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ. ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل ،ﻣﻦ املﻔﱰض أن ﻣﻌﻈﻢ ﺣﺪود اﻟﴪﻋﺔ ﻋﲆ اﻟﻄﺮق اﻟﴪﻳﻌﺔ ﻫﻲ ﺑﺪاﺋﻞ ﻟﻠﺴﻼﻣﺔ واﻷﻣﺎن؛ وﺑﺪﻳﻬﻴٍّﺎ ،ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﴎﻋﺔ آﻣﻨﺔ ﻋﲆ أي ﻃﺮﻳﻖ ﴎﻳﻊ ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﺴﺎﺋﻘني ،وﻟﺠﻤﻴﻊ املﺮﻛﺒﺎت ،وﻟﺠﻤﻴﻊ ﻇﺮوف املﺮور واﻟﻄﺮﻳﻖ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ أيﱡ ﻣﻌﻴﺎر ﻣﺘﱠﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﺤﺪﱢد ﻛﻴﻒ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻄﺮق اﻟﴪﻳﻌﺔ آﻣﻨﺔ؛ وﻟﻌﻞ ﻣﻦ أﺣﺪ أوﻫﺎﻣﻨﺎ اﻟﺴﺨﻴﻔﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪة أﻧﻨﺎ ﻟﻮ ﺣﺎوﻟﻨﺎ ﻓﻘﻂ ﺑﺠﻬﺪ أﻛﱪَ ،ﻻﺳﺘﻄﻌﻨﺎ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ ﻛﻞ ﺣﻮادث اﻟﻄﺮق اﻟﴪﻳﻌﺔ .إن اﻟﻐﺮض اﻷﺳﺎﳼ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﻮﻫﻢ ﻫﻮ إﻋﻔﺎء أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﺸﻘﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻗﺪر ﱢ اﻷﻣﺎن اﻟﺬي ﻧﺮﻳﺪه ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؛ وﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪادٍ ﻟﻠﺘﺨﲇ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ .ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﴎﻋﺔ ﻣﺤﺪﱠدة ﺗﻔﺼﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ِآﻣﻦ ﻋﻤﱠ ﺎ ﻫﻮ ﺧﻄﺮ ﺑﺸﻜﻞ داﺋﻢ ودﻗﻴﻖ؛ ﻓﻜﻤﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﻛﻞ ﻗﺎﺋﺪي ﱢ ﻣﺘﻐريات أﺧﺮى ﻋﺪﻳﺪة؛ ﻓﺒﻌﺾ ﻗﺎﺋﺪي اﻟﺴﻴﺎرات ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻟﺘﺤ ﱡﻜ َﻢ اﻟﺴﻴﺎرات ،ﻫﻨﺎك ﰲ ﺳﻴﺎراﺗﻬﻢ وﻫﻲ ﻋﲆ ﴎﻋﺔ أرﺑﻌني ً ﻣﻴﻼ ﰲ اﻟﺴﺎﻋﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻘﻮد آﺧﺮون ﺑﴪﻋﺎت أﻋﲆ 225
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﺗﺪرك ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺴﻤﺎح ري ،واﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻗﻮاﻧني اﻟﴪﻋﺔ )وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ( ِ ﺑﻜﺜ ٍ ٍ ﺑﴪﻋﺔ املﴪع ﺑﺎدﱢﻋﺎء )وﻣﺤﺎوﻟﺔ إﺛﺒﺎت( أﻧﻪ ﻛﺎن ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻳﻘﻮد ﻟﻠﺴﺎﺋﻖ وأﻣﺎن ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ ِ ٍ ٌ ﻓﺮﺻﺔ ﺗُﺬ َﻛﺮ ﻟﻠﻔﻮز ﰲ املﺤﻜﻤﺔ ،ﺑﺮﻏﻢ أﻧﻒ اﻟﻘﺎﻧﻮن(. ﺳﻮاء) .ﻻ ﺗﺤﺎول ذﻟﻚ؛ ﻓﻠﻴﺴﺖ ﻟﺪﻳﻚ وﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ ﺣﺪود اﻟﴪﻋﺔ املﻄﻠﻘﺔ ﻻ ﺗُﻄﺒﱠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ أي اﺳﺘﺜﻨﺎءات ،وﻫﻲ ﺗﻠﻚ املﻨﺼﻮص ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﻗﻮاﻧني اﻟﴪﻋﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﻟﺪى اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺑﺄﴎﻫﺎ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺤﺪ املﻄ َﻠﻖ ﻟﻠﴪﻋﺔ ،اﻟﺒﺎﻟﻎ ﺧﻤﺴﺔ وﺧﻤﺴني ً ﻣﻴﻼ ﰲ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻋﲆ ﻣﺪى ﻋﴩﻳﻦ ﻋﺎﻣً ﺎ .ﺻﺤﻴﺢ أن اﻷﻣﺮ ﻗﺪ ﺑﺪأ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻟﺒﻨﺰﻳﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﻈﺮ اﻷول ﻟﻠﻨﻔﻂ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﺎﻣَ ْﻲ ١٩٧٤ و) ١٩٧٥ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك أي ﺣﻈﺮ َ آﺧﺮ( ،وﻟﻜﻦ ﺗ ﱠﻢ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻌﴩﻳﻦ ﻋﺎﻣً ﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻷﺳﺒﺎب ﺗﺘﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎﻷﻣﺎن) .ﻗﺒﻞ ﻓ ْﺮ ِض اﻟﺤﺪ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻟﻠﴪﻋﺔ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪى ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻻﻳﺎت أيﱡ ﺳﺎﺋﻖ ﺣﺪود ﻟﻠﴪﻋﺔ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ،وﻛﺎن اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻳﺸﱰط اﻟﺤﺬر ﻓﻘﻂ .ﻟﻜﻦ إﺛﺒﺎت رﻋﻮﻧﺔ ٍ ﻣﺎ ﰲ اﻟﻘﻴﺎدة أﺻﻌﺐُ ﻛﺜريًا ﻣﻦ ﻗﻴﺎس ﴎﻋﺘﻪ؛ وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﱢ ﻳﻔﻀﻞ ﻣﺴﺌﻮﻟﻮ ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻟﻘﺎﻧﻮن ٍ ﺑﺪرﺟﺔ أﻛﱪ .إن ﺗﺠﻨﱡﺐَ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ،وﻟﻴﺲ ﺗﺠﻨﱡﺐ اﻟﺼﺪام ،ﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﺪو َد اﻟﴪﻋﺔ املﻄﻠﻘﺔ ﻳﻘﻒ وراء ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺣﺪود اﻟﴪﻋﺔ(. ﻟﻘﺪ ذﻛﺮﻧﺎ أن اﻟﻌﺮﺑﺎت ﻏري املﺰوﱠدة ﺑﺄﺣﺼﻨﺔ ﰲ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﻜﻮن ﻟﻬﺎ رﻓﺎرف ،وﻣَ ﺮاﻳﺎ ﻟﻠﺮؤﻳﺔ اﻟﺨﻠﻔﻴﺔ ،وﻛﺎﺗﻢ ﺻﻮت؛ ﻓ ِﻠ َﻢ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺗﺮﻛﻴﺐ املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﺘﺠﻬﻴﺰات اﻷﻣﺎن؟ ِﻟ َﻢ ﻻ ﻳُﻔ َﺮض ﺣ ﱞﺪ ﻋﲆ ﺿﻮﺿﺎﺋﻬﺎً ، ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﺷﱰاط ﺗﺮﻛﻴﺐ ﻛﺎﺗﻢ ﺻﻮت ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﻣﺤﺪﱠدة؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ رؤﻳﺔ املﺮاﻳﺎ ،واﻟﺮﻓﺎرف ،وﻛﻮاﺗﻢ اﻟﺼﻮت ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ رؤﻳﺔ اﻟﻀﻮﺿﺎء .وﻛﻤﺜﺎل َ آﺧﺮ ،ﻣﻦ ﻏري اﻵﻣﻦ ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ أن ﺗﻘﻮد ﺑﺰﺟﺎج أﻣﺎﻣﻲ ً ﻣﺸﻜﻠﺔ؟ ﰲ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ﻳﺤﺠﺐ اﻟﺮؤﻳﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻗﺪر اﻟﺤَ ﺠْ ﺐ املﻄﻠﻮب ﻟﻜﻲ ﻳﻤﺜﱢﻞ اﻷﻣﺮ ) َو ْﻟﻨﻠﺘﻤﺲ اﻟﻌﺬ َر ملﺆﻟﻒ اﻟﻜﺘﺎب ﻟﺘﻜﺮاره اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ وﻻﻳﺘﻪ؛ ﻓﻘﻮاﻧني ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ﻣﺘﺎﺣﺔ ٌ ٌ ﻣﺮﺑﻌﺔ ﻗﻄ ُﺮﻫﺎ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻟﻪ ،واﻟﻮﻻﻳﺎت اﻷﺧﺮى ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻗﻮاﻋﺪ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ( ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ أن ﺗُﺤﺠَ ﺐ ُ ﺧﻤﺲ ﺑﻮﺻﺎت ﻋﲆ أﺣﺪ ﺟﺎﻧﺒﻲ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺴﻔﲇ ﻣﻦ اﻟﺰﺟﺎج اﻷﻣﺎﻣﻲ اﻷﻗﺮب ﻟﻠﺴﺎﺋﻖ ،وﻟﻜﻦ املﺴﺎﺣﺔ املﺤﺠﻮﺑﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﺳﺒﻊ ﺑﻮﺻﺎت ﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧﺐ َ اﻵﺧﺮ .ﻛﻠﻨﺎ ﻳﻌﺮف أن ُ ﺧﻤﺲ ﺑﻮﺻﺎت ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺑﻌﺾ أﻧﻮاع اﻟﺰﺟﺎج اﻷﻣﺎﻣﻲ وﺑﻌﺾ اﻟﺴﺎﺋﻘني ﻣﺮﺑﻌً ﺎ ﻗﻄ ُﺮه )ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ذوي اﻟﻘﺎﻣﺔ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ اﻟﻘِ َﴫ( ،ﻳﺴﺒﱢﺐ ﺣﺠﺒًﺎ ً ﺑﺎﻟﻐﺎ ﻟﻠﺮؤﻳﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺳﺎﺋﻖ ذو ﻗﺎﻣﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻻ ﻳﻠﺤﻆ ﺣﺘﻰ ذﻟﻚ اﻟﺠﺰء ﻣﻦ اﻟﺰﺟﺎج اﻷﻣﺎﻣﻲ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻋﲆ ﻫﺬه ﻗﺮار ﰲ املﺤﻜﻤﺔ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻳﺤﻤﻞ اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ ﻳﺴﻬﻞ ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ؛ ﻓﻬﻮ ﻳﺘﺠﻨﱠﺐ اﺗﺨﺎذَ ٍ ً ﺻﻠﺔ ﻣﺤﺪودة ﺑﻐﺮﺿﻪ املﺰﻋﻮم. 226
اﻟﻘﺎﻧﻮن واملﺤﻠﻔﻮن
ﺳﻴﺠﺪ املﺮء ﰲ ﻛﻞ ﻛﺘﺐ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻗﻮاﻧ َ ني وﻗﻮاﻋ َﺪ ﻣﺼﺎﻏﺔ ﻟﺘﺴﻬﻴﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ، ً ﱢ ﻗﺎﻃﻌﺔ ﻟﻠﺨﻂ اﻟﻔﺎﺻﻞ ﺑني اﻟﺼﻮاب واﻟﺨﻄﺄ ،واﻟﺬي ﻳُﻌَ ﱡﺪ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻮﻓﺮ ًة ﺑﺬﻟﻚ ﺣﺪودًا ﺿﺒﺎﺑﻴٍّﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ .ﻳﺤﻤﻞ ﻫﺬا ﴐ ًرا ﺟﻮﻫﺮﻳٍّﺎ ﻷي دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ؛ ﻷﻧﻪ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻳﺴﻠﻢ ﻟﻮﻛﺎﻻت ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺌﻮل ﻟﻠﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﻌ ﱢﺰز اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ .ﻓﻔﻲ ﺧﻼل اﻷﺷﻬﺮ اﻷﺧرية ﻣﻦ ﻋُ ﻤْ ﺮ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺣ ﱢﺪ اﻟﺨﻤﺴﺔ واﻟﺨﻤﺴني ً ﻣﻴﻼ ﰲ اﻟﺴﺎﻋﺔ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك أيﱡ ﺳﺎﺋﻖ ﻳﻤﺘﺜﻞ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن إﻻ ﺑﺎﻟﻜﺎد ،وﻛﺎن ﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﴩﻃﺔ اﺧﺘﻴﺎر أي ﺳﻴﺎرة أو ﺳﺎﺋﻖ ﻟﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻋﻠﻴﻪً ، وﻓﻘﺎ ﻟﺘﻔﻀﻴﻼﺗﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ .وﻣﻦ املﻌﺮوف ﺟﻴﺪًا ﺑني ﺳﺎﺋﻘﻲ اﻟﺴﻴﺎرات اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ اﻟﺼﻐرية أﻧﻬﻢ ﺗﺤﺪﻳﺪًا ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻠﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰي ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن ،ﺷﺄﻧﻬﻢ ﺷﺄن ﻗﺎﺋﺪي اﻟﺴﻴﺎرات اﻟﺸﺒﺎب واﻟﺴﺎﺋﻘني اﻟﺬي ﻳﻘﻮدون ﺳﻴﺎرات ذات أﻟﻮان ﺑ ﱠﺮاﻗﺔ. وﻟﻜﻦ اﻟﻘﻮاﻧني اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ،ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻏري ﻣﺪروﺳﺔ ،ﺗﻘ ﱢﻠﻞ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻻﺗﺨﺎذ ﻗﺮار ﰲ اﻟﻘﺎﻧﻮن؛ إﻧﻬﺎ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻣﺨﺮج. ﱠ ﻣﻌﻘﺪة أﻣﻮر إن أﻣﻮ ًرا ﻣﺜﻞ اﻹداﻧﺔ أو اﻟﱪاءة ﻟﻬﺎ أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﰲ اﻟﺸﻜﻞ ،ﻣﺜﻞ اﺧﺘﺒﺎر ُ ﱠ ﺗﻌﺎﻗﺪ وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺾ املﺴﺎﺋﻞ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻛﺬﻟﻚ؛ ﻫﻞ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك اﻟﺼﻮاب واﻟﺨﻄﺄ، ﺻﺤﻴﺢ؟ ﻫﻞ ﻫﻨﺎك ﺧﻄﻮرة ﻣﻦ املﺒﻴﺪات؟ ﻫﻞ ﻧﺘﺞ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ ﴎﻃﺎن اﻟﺮﺋﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﺪﺧني؟ ﻫﻞ ﻛﺎن ﺗﺼﻤﻴﻢ اﻟﺠﴪ ردﻳﺌًﺎ ،أم أن اﻧﻬﻴﺎره ﻛﺎن ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﻔﻴﻀﺎن؟ ﻫﻞ ﻛﺎﻧﺖ ً ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻺﻓﺮاط ﰲ ﺗﻨﺎول اﻟﺸﻮﻛﻮﻻﺗﺔ ﰲ ﻋﻴﺪ اﻟﺤﺐ؟ وﻫﻜﺬا .ﺗﺘﺨﺬ ﻫﻴﺌﺎت ﻫﺬه اﻟﺜﺂﻟﻴﻞ ً ً ﻣﻬﻤﺔ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﻮر ً ٍ ﻣﺘﻌﺔ ﻛﺒرية ،ﰲ أﻳﻀﺎ ،وﻳﺠﺪ املﺤﺎﻣﻮن ﰲ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻗﺮارات املﺤﻠﻔني ﻛﻞ ﻣﺮة ﻳﺤﺪث ﻓﻴﻬﺎ .ﺳﻮف ﻳﺨﱪك املﺤﺎﻣﻮن املﺤﱰﻣﻮن أن ﻣﻬﻤﺔ أي ﻣﺤﺎ ٍم ﻫﻲ ﻣﺴﺎﻋﺪة ﱠ وﻟﻜﻦ املﺤﺎﻣني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺨﺬون ﻫﻴﺌﺔ املﺤﻠﻔني أو املﺤﻜﻤﺔ ﻋﲆ رؤﻳﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻳﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ، ﻣﻦ ﻫﺬا ً ً رﺋﻴﺴﺎ ﻟﻬﻢ ،ﺳﻴﻌﺎﻧﻮن ﻣﻦ ﻗﻠﺔ اﻟﻌﻤﻼء ﻋﻤﱠ ﺎ ﻗﺮﻳﺐ؛ وﺳﻴﺨﱪك ﻣﻌﻈﻢ املﺤﺎﻣني ﻫﺪﻓﺎ ﻧﺤﻮ ﻣﻤﻜﻦ ،وﻫﻮ أن اﻟﺘﺰاﻣﻬﻢ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ ﺗﻤﺜﻴﻞ اﻟﻌﻤﻼء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﻓﻌﻮن ﻟﻬﻢ ﻋﲆ أﻓﻀﻞ ٍ ً ﻏﺎﻳﺔ ﻫﺪف ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ .وﺑﻌﺾ اﻟﻨﺰاﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻔﺼﻞ ﻓﻴﻬﺎ املﺤﻠﻔﻮن ﺗﺘﻀﻤﻦ أﻣﻮ ًرا ﰲ اﻟﺘﻌﻘﻴﺪ ،ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﻪ ﻻ أﺣﺪ ﰲ ﻗﺎﻋﺔ املﺤﻜﻤﺔ — ﺳﻮاء أﻛﺎن املﺤﺎﻣﻲ ،أم اﻟﻘﺎﴈ ،أم ﻫﻴﺌﺔ املﺤﻠﻔني — ﻳﺘﻨﺎول اﻷﻣ َﺮ وﻟﺪﻳﻪ أي ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺴﺒﻘﺔ ﺑﺎملﻮﺿﻮع) .أي ﻣﺤﻠﻒ ﻣﺤﺘﻤﻞ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه املﻬﺎرات ،ﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﺳﻴﺘﻢ رﻓﻀﻪ (.إن ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﻦ اﻟﻐﻄﺮﺳﺔ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺆدﱢي 227
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
إﱃ اﻻﻋﺘﻘﺎد )اﻟﺬي ﺻﺎر ﻣﻘﺪ ًﱠﺳﺎ ﰲ ﻋﺎم ١٩٩٣ﰲ ﺣﻜ ٍﻢ ﺗﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﺑﺸﺄن ﻗﺎض ﻟﺪﻳﻪ اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﺌﻮل ﻣﻊ آﺛﺎر أﺣﺪ أﻧﻮاع املﺨﺪرات( ﺑﺄن أي ٍ أي ﻣﻮﺿﻮع ﻳﺄﺗﻲ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻪ .ﻟﻢ ﺗﺬﻛﺮ املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ أيﱠ ﳾء ﻋﻦ املﺤﺎﻣني أو املﺤﻠﻔني، إﱃ ﺟﺎﻧﺐ أن املﺤﻜﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﺖ ﻫﺬا اﻟﺤﻜﻢ ﻣﺆ ﱠﻟﻔﺔ ﻣﻦ ﻗﻀﺎة ،ﻫﻢ ﻣﺤﺎﻣﻮن ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ. أن ﻧَﻔِ ﻴَ ُﻪ ﱠ إﻧﻪ ﻣﻮﺿﻮع ﻃﻮﻳﻞ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ْ ﺣﻘﻪ ﰲ املﻨﺎﻗﺸﺔ ﻫﻨﺎ )اﻧﻈﺮ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺮاﺋﻊ »ﺛﺄر ﺟﺎﻟﻴﻠﻴﻮ« ،ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺑﻴﱰ ﻫﻮﺑﺮ ﻟﻼ ﱢ ﻃﻼع ﻋﲆ ﺟﻮﻫﺮ املﻮﺿﻮع( .إن إﻏﺮاء اﻟﺘﻌﻤﱡ ﻖ ﰲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻫﺎﺋﻞ :ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﺳﻜﻮﺑﺲ ﰲ وﻻﻳﺔ ﺗﻴﻨﻴﴘ ،اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﻌﺪﻳﺪة ﻋﲆ ﺻﻼﺣﻴﺔ اﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ، اﻟﻔﻠﻮرة ،ﻋﻼﺟﺎت اﻟﴪﻃﺎن ،ﺣﻮادث اﻟﻄﺎﺋﺮات ،دﻟﻴﻞ اﻟﺤﻤﺾ اﻟﻨﻮوي ،اﻷﺳﺒﺴﺘﻮس ،وﻣﺎ ﱠ ُ املﻌﻘﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻀﻤﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ واﻟﻘﺎﻧﻮن وﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار املﺘﻌ ﱢﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﻳﺎ إﱃ ذﻟﻚ. ٌ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻓﻮﺿﻮﻳﺔ .اﻗﺮأ ﻛﺘﺎب ﻫﻮﺑﺮ ،واﺳﺘﻤﺘﻊ. ﻣﻌﻘﺪًا ،ﻓﻬﻮ ﱠ ﺗﻜﻤﻦ املﺸﻜﻠﺔ ﰲ أﻧﻪ إذا ﻛﺎن ﻣﻮﺿﻮ ٌع ﻣﺎ ﱠ ﻣﻌﻘﺪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،وﻣﺎ ﺗﻌﻨﻴﻪ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻷﻣﺮ اﻟﺒﺴﻴﻂ؛ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﻋﺪم إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﴍﺣﻪ ﰲ ﻛﻠﻤﺎت ﺑﺴﻴﻄﺔ، ﱢ ﻣﺘﺄﻫﺐ وﻣﺘﻠﻬﻒ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﺆﻟﻒ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب أﺳﺘﺎذًا ﰲ اﻟﻔﻴﺰﻳﺎء ِﻤﺴﺘﻤﻊ ﺣﺘﻰ ﻟ ٍ ملﻌﻈﻢ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،وﻳَﻌﺮف ﻣﻦ واﻗﻊ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ املﺒﺎﴍة أن اﻟﻔﻴﺰﻳﺎء ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ املﻮاد ﺗﺤﺎول ﺗﺪرﻳﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻬﻞ ﺗﺪرﻳﺴﻬﺎ ،ﺣﺘﻰ ﺗﺤﺖ أﻓﻀﻞ اﻟﻈﺮوف؛ وﻟﻜﻦ ﺗﺨﻴﱠ ْﻞ أﻧﻚ ِ ﻓﺼﻞ ﺑﻪ ﺷﺨﺺ ﻣﻬﻤﺘﻪ ﺗﻔﻨﻴﺪ ودﺣﺾ ﻛﻞ ﳾء ﺗﻘﻮﻟﻪ ،وﺗﺤﺮﻳﻒ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﻻ ﰲ ٍ ﻳﺪﺣﻀﻬﺎ ،واﻟﻜﺬب دون ﻋﻘﺎب ،وﻋﺪم إﺧﻔﺎء اﺷﻤﺌﺰازه ﻣﻨﻚ ،واﻹﻟﺤﺎح ﻋﲆ اﻟﻄﻼب ﺑﺄن أوراق اﻟﺸﺎيً ، ﻓﺼﻞ ﻣﻦ ﻣﺜﻼ ،ﻃﺮﻳﻘﺔ أﻓﻀﻞ ﻟﻠﺘﻨﺒﱡﺆ ﺑﺎﻟﻜﺴﻮف؛ ﻛﻞ ﻫﺬا ﻳﺠﺮي أﻣﺎم ٍ اﻟﻄﻼب اﺧﺘريوا ﺧﺼﻴﴡ ﻟﻌﺪم وﺟﻮد ﺧﻠﻔﻴﺔ ﻣﺴﺒﻘﺔ ﻟﺪﻳﻬﻢ ،وﺗ ﱠﻢ ﺗﻮﺟﻴﻬﻬﻢ ﺑﺈﻋﻄﺎء اﻵراء ٍ املﻀﺎدة َ ﺣﺪث ﻛﻬﺬا ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﺘﻮازﻧﺔ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗُﺼﻨَﻊ ﻳﺨﻨﺔ ﻧﻔﺲ اﻟﺜ ﱢ َﻘﻞ) .أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻧﻄﻠﻖ ﻋﲆ ً ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺤﺼﺎن واﻷرﻧﺐ ﺑﺤﺼﺎن واﺣﺪ وأرﻧﺐ واﺣﺪ (.إن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﰲ ﻣﺠﺎﻟﺴﻨﺎ اﻟﺘﴩﻳﻌﻴﺔ ً ﻗﺪر وﻟﻮ ﺿﺌﻴﻼ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻗﻠﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ اﻟﻀﻮاﺑﻂ واﻟﺘﻮازﻧﺎت ﻟﻮﺿﻊ اﻷﻣﻮر ﺗﺤﺖ ٍ اﻟﺴﻴﻄﺮة ،وﻟﻜﻦ ﻻ وﺟﻮد ﻟﻬﺬا ﰲ املﺤﺎﻛﻢ) .ﺣﺘﻰ ﰲ املﺠﺎﻟﺲ اﻟﺘﴩﻳﻌﻴﺔ ،ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﺸﺎﻫﺪ َ ﻗﺎﻧﻮن ﻋﺎم ١٨٩٧اﻟﺬي ذﻛﺮﻧﺎه ﰲ اﻟﻔﺼﻞ ﻣﺠﻠﺲ وﻻﻳﺔ إﻧﺪﻳﺎﻧﺎ اﻟﺘﴩﻳﻌﻲ وﻫﻮ ﻳﻜﺎد ﻳﻤ ﱢﺮر اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﴩ ،وﻗﺎﻧﻮن ﺗﻴﻨﻴﴘ اﻟﺬي َ أﺳﻔ َﺮ ﻋﻦ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ اﻟﻘﺮد ﺳﻜﻮﺑﺲ ،واﻟﻘﺮارات اﻟﺘﻲ ﺗُﺘﱠ َﺨﺬ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻬﻴﺌﺎت اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﻷي ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت واملﺪن — ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻮس أﻧﺠﻠﻮس — ﻹﻧﻜﺎر ﻓﻮاﺋﺪ اﻟﻔﻠﻮرة ﻷﻃﻔﺎﻟﻬﻢ اﻟﺘﻌﺴﺎء اﻟﺤﻆ .وﰲ ﺑﻌﺾ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻻت ﻳُﻌ َﺰى اﻷﻣﺮ 228
اﻟﻘﺎﻧﻮن واملﺤﻠﻔﻮن
ﻟﻠﺠﻬﻮد اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺒﺬﻟﻬﺎ أﺷﺨﺎص ﻣﺘﺤﻤﱢ ﺴﻮن ﻏري ﻣﺘﻌ ﱢﻠﻤني ،وﰲ ﺣﺎﻻت أﺧﺮى ﻻ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا ﺣﺘﻰ ﴐورﻳٍّﺎ؛ ﻓﺎملﺠﺎﻟﺲ اﻟﺘﴩﻳﻌﻴﺔ ﺗﺘﺼﺪﱠى ﻟﻠﻤﻬﻤﺔ دوﻧﻤﺎ ﻣﺴﺎﻋﺪة ﻣﻦ أﺣﺪ(. ﻻ ﺗﺰال ﻫﻨﺎك ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻟﻸرض املﺴﻄﺤﺔ؛ ﻟﺬا ﺗﺨﻴﱠ ْﻞ وﺟﻮد ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻣﻜ ﱠﺮﺳﺔ ﻟﻔﻜﺮة أن .٥ = ٢ + ٢إن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﺮﻓﻊ دﻋﻮى ملﻨﻊ املﺪارس ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻄﻼب أن ٤ = ٢ + ٢وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ ،وﻣﻄﺎﻟﺒﺘﻬﺎ ﺑﺘﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﮐ »ﻣﺠﺮد ﻧﻈﺮﻳﺔ« ﻟﻬﺎ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺪﻳﻠﺔ، وﻫﻲ أن ،٥ = ٢ + ٢وﻫﻲ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺴﺘﺤﻖ وﻗﺘًﺎ ﻣﺴﺎوﻳًﺎ ﻟﺪراﺳﺘﻬﺎ؛ وﻗﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﺑﻼ ﺷﻚ ﺳﻴﻘﻮﻟﻮن إن اﻟﻬﺪف ﻣﻦ أي ﻣﺪرﺳﺔ ﻫﻮ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،وﻟﻴﺲ ﻏﺮس اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ واﻷﻓﻜﺎر) .ﻫﻞ ﻳﺒﺪو ً ﻣﺄﻟﻮﻓﺎ؟ ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﺤﺎل ﻣﻊ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺨﻠﻖ واﻟﺘﻄﻮر (.ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ إﻳﺠﺎد ﻛ ﱡﻞ ﻫﺬا ﻣﻜﺎن ﻣﺎ ،أو ﺣﺘﻰ ﺧﺒري ،ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪادٍ ﻻﺗﺨﺎذ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﺆﻳﺪ ﻟﻔﻜﺮة أن ٢ + ٢ ﻣﺮﺟﻊ ﰲ ٍ ﺗﺴﺎوي ٍّ ﺣﻘﺎ ) .٥ﻳﺄﺗﻲ اﻟﺨﱪاء ﺑﻤﺴﺘﻮﻳﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﱪة ،وأﺗﻌﺎب ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .وﻗﺮار املﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻋﺎم ١٩٩٣اﻟﺬي ذﻛﺮﻧﺎه ً ً ﻣﺠﺎﻻ واﺳﻌً ﺎ ﻟﻠﻘﺎﴈ ﰲ اﺧﺘﻴﺎر ﻧﻮﻋﻴﺔ آﻧﻔﺎ أﻋﻄﻰ ﺷﻬﺎدة اﻟﺨﺒري املﺴﻤﻮح ﺑﻬﺎ ﰲ املﺤﻜﻤﺔ .ﰲ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﺤﻴﻂ اﻟﺪاﺋﺮة ﻫﻨﺎك ﻣﺮﺟﻊ إﻧﺠﻴﲇ ﻳﻘﺪﱢره ﺑﺜﻼﺛﺔ أﺿﻌﺎف اﻟﻘﻄﺮ؛ وﻫﻮ اﻗﱰاح ﻟﻴﺲ ﺧﺎﻃﺌًﺎ ﻛﻘﻴﻤﺔ إﻧﺪﻳﺎﻧﺎ املﻘﱰﺣﺔ ﻟﺒﺎي، وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻈ ﱡﻞ ﺧﺎﻃﺌًﺎ ﺟﺪٍّا (.ﻟﺬا ،ﰲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﻨﺎرﻳﻮ اﻟﺨﻴﺎﱄ ﻋﻦ ﻣﺴﺄﻟﺔ ،٢ + ٢ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ً َ )ﻟﻨﺴﻤﱢ ﻪ د .إي( ،ﻟﻴﺪور ﻣﻌﺮوﻓﺎ ﻣﻦ ﺑﺮﻧﺴﺘﻮن ﻟﻠﻤﻨﺼﺔ اﻟﺪﻓﺎ ُع ﻋﺎ ِﻟ َﻢ رﻳﺎﺿﻴﺎت وﻓﻴﺰﻳﺎء اﻟﺤﻮار اﻟﺘﺎﱄ: دﻛﺘﻮر ،ﻣﺘﻰ ﱠ ﺗﻮﺻ ْﻠ َﺖ ﻟﻼﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن اﺛﻨني زاﺋﺪ اﺛﻨني ﺗﺴﺎوي أرﺑﻌﺔ ﻷول ﻣﺮة؟ ﻛﻨﺖ ً أوه ،ﻟﻘﺪ ﻋﺮﻓﺘُﻬﺎ ﻣﻨﺬ ُ ﻃﻔﻼ. ﻫﻞ أﺛﺒَﺘَﻬﺎ ﻟﻚ ﻣﻌ ﱢﻠﻤﻮك ،أم أﺧﱪوك ﻓﻘﻂ ﺑﺄن ﺗﺼﺪﱢﻗﻬﻢ ،وﺗﺘﻘﺒﱠﻠﻬﺎ دون إﺛﺒﺎت؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ إﺛﺒﺎت ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻣﻮر ﰲ املﺪرﺳﺔ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻴﺔ؛ ﻓﺤني ﺗﺒﺪأ ﰲ دراﺳﺔ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ،ﺗﺤﺘﺎج ﺑﻌﺾ اﻷﺷﻴﺎء ﻟﻠﺤﻔﻆ. إذن ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻠﻮك ﺗﺘﴩﱠﺑﻬﺎ ﻓﺤﺴﺐ .وﻫﻞ ﺗﻌ ﱠﻠﻤﻮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﻌ ﱢﻠﻤﻴﻬﻢ؟ اﻋﱰاض ،ﺗﻠﻚ ﻣﺠﺮد أﻗﺎوﻳﻞ ﻣﻨﻘﻮﻟﺔ ﻋﻦ اﻟﻐري. اﻟﺘﺰ ْم ﺑﻤﺎ ﻳﻌﺮﻓﻪ اﻟﺸﺎﻫﺪ ﺑﺼﻔﺘﻪ ﺧﺒريًا. ﺗﻢ ﻗﺒﻮل اﻻﻋﱰاضِ . ﺣﺴﻨًﺎ ﻳﺎ دﻛﺘﻮر ،ﻫﻞ أﺧﱪك ﻣﻌ ﱢﻠﻤﻮك ﻋﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ؟
229
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻛﻼ )ﻳﺘﻤ ﱠﻠﻜﻪ اﻟﻐﻀﺐ( ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻧﻈﺮﻳﺎت ﺑﺪﻳﻠﺔ ﺗﺴﺘﺤﻖ أن ﻳُﻄ َﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻣﻦ اﻷﺳﺎس. اﻫﺪأ ﻳﺎ دﻛﺘﻮر ،ﻓﻨﺤﻦ ﻫﻨﺎ اﻟﻴﻮم ﻷن ﻫﻨﺎك ً أﻧﺎﺳﺎ أﻓﺎﺿﻞ ﻳﻌﺘﻘﺪون ﻋﻜﺲ ذﻟﻚ ،وﻟﻬﻢ ﺣﻘﻮق ً أﻳﻀﺎ. أﺷﻌﺮ ﺑﺎﻷﺳﻒ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ؛ ﻷﻧﻬﻢ ﻣﻀ ﱠﻠﻠﻮن. ﻛﻨﺖ ً ﺣﺴﻨًﺎ ،إذن ﻳﺎ دﻛﺘﻮر ،إذا َ واﺛﻘﺎ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻚ إﱃ ﻫﺬا اﻟﺤﺪ ،ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺜﺒﺖ ﻟﻬﻴﺌﺔ املﺤﻠﻔني اﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ﻫﺬه أن اﺛﻨني زاﺋﺪ اﺛﻨني ﺗﺴﺎوي أرﺑﻌﺔ؟ ﻓﻨﺤﻦ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﻧﻮ ﱡد أن ﻧﺴﻤﻌﻚ ﺗﺤﺎول إﺛﺒﺎت ذﻟﻚ. ُ ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺴﺘﺨﺪم ﻛﻠﻤﺔ »إﺛﺒﺎت« ﰲ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﺬي ﺗﺴﺘﺨﺪَم ﺑﻪ ﰲ املﺤﻜﻤﺔ. َ ﺳﻤﻌﺖ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ ﻋﻦ ﺑﺪﻳﻬﻴﺎت إذن ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻔﻌﻞ .ﺣﺴﻨًﺎ ﻳﺎ دﻛﺘﻮر ،ﻫﻞ ﺑﻴﺎﻧﻮ؟ َ اﻷﺳﺎس ﻟﻠﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،إﻧﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺎت ﺗﺸ ﱢﻜﻞ ﻟﻸﻋﺪاد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ. راﺋﻊ ﻳﺎ دﻛﺘﻮر ،إذن ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ اﺛﻨني زاﺋﺪ اﺛﻨني ﺗﺴﺎوي أرﺑﻌﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ؟ ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ ،أﺟﻞ. وﻫﻞ ﻳﻤﻜﻨﻚ إﺛﺒﺎت ﺗﻠﻚ اﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺎت ﻟﻬﻴﺌﺔ املﺤﻠﻔني؟ ﻛﻠﻬﻢ آذان ﺻﺎﻏﻴﺔ. ﻟﻘﺪ أﺧﱪﺗُ َﻚ ﻣﻦ ﻗﺒ ُﻞ أن ﻛﻠﻤﺔ إﺛﺒﺎت ﺗﻌﻨﻲ … أﺟﻞ ،أﺟﻞ ﻳﺎ دﻛﺘﻮر ،وﻫﻞ أﺛﺒ ََﺖ ﺑﻴﺎﻧﻮ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺎت املﺰﻋﻮﻣﺔ؟ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻻ ،إﻧﻬﺎ ﺑﺪﻳﻬﻴﺎت ،واﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺎت ﻻ ﺗُﺜﺒَﺖ؛ ﻓﺎﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺎت ﻫﻲ اﻻﻓﱰاﺿﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻌﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ إﺛﺒﺎت ﻧﻈﺮﻳﺎت. ُ ﻓﻬﻤﺖ؛ أﻧﺖ ﺗﺪ ﱢرس ﻛ ﱠﻞ ﻫﺬا ﻷﻃﻔﺎل أﺑﺮﻳﺎء ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﻣﺤﺾ اﻓﱰاﺿﺎت، وﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ إﺛﺒﺎﺗﻬﺎ؟ ]اﻟﻘﺎﴈ[ :دﻛﺘﻮر ،دﻛﺘﻮر ،أﻧﺰل ﺗﻠﻚ املﻄﺮﻗﺔ ،ﺗﻤﺎ َﻟ ْﻚ أﻋﺼﺎﺑﻚ. ٌ ﻛﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ إن اﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ ﻣُﺴﺘﺒﻌَ ﺪًا ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﺗﻌﺘﻘﺪ؛ ﻓﺎﻟﺘﺴﺎؤﻻت ﺑﺸﺄن إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮا ﱡد ﻣﻌﻴﱠﻨﺔ »ﺗﺴﺒﱢﺐ« اﻟﴪﻃﺎن ،أو ﻛﻴﻒ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﻔﺴري أدﻟﺔ اﻟﺤﻤﺾ اﻟﻨﻮوي ،أو إذا ﻣﺎ ﻛﺎن إﻧﺸﺎﺋﻲ ﻣﺎ ﻳُﻌ َﺰى إﱃ املﻮاد أم إﱃ اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ؛ ﻛﻠﻬﺎ ﺗﺤﺴﻤﻬﺎ ﻫﻴﺌﺎت ﻣﺤﻠﻔني ﺗﺤﺖ اﻧﻬﻴﺎ ٌر ﱞ 230
اﻟﻘﺎﻧﻮن واملﺤﻠﻔﻮن
اح ﻻﺳﺘﺌﺼﺎل ﻇﺮوف ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ .وأﻳﻨﻤﺎ ﻳﻤﺜﱢﻞ اﻷﻣﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻨﺎ — ﻛﻤﺎ ﰲ ِ اﺧﺘﻴﺎر ﺟ ﱠﺮ ٍ ﱢ ﻟﻠﺘﺨﲇ ﻋﻦ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺨﱪة ،وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ زاﺋﺪة دودﻳﺔ ﻣﻠﺘﻬﺒﺔ — ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻤﻴﻞ ﰲ ﻣﺤﺎﻛﻤﺎت ﻫﻴﺌﺔ املﺤﻠﻔني.
231
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﻌﴩون
إﻋﺎدة ﳌﺎ ﺳﺒﻖ
إذن أﻳﻦ ﻧﺤﻦ؟ ذﻛﺮﻧﺎ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ أن اﻟﻜﺘﺎب ﺳﻮف ﻳﺒﺪأ ﻣﻦ اﻟﻘﺮارات اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﱠﺨﺬﻫﺎ ﻓﺮ ٌد ﻋﲆ ﻋﻠ ٍﻢ ﺑﻜ ﱢﻞ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ،ﻣﺮو ًرا ﺑﻤﺸﻜﻼت املﺠﻤﻮﻋﺎت ،ﺛﻢ املﺠﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﻻ ﻧﻌﺮف ﻓﻴﻬﺎ ٍ ﻃﺮق ﻣﺘﱠﺴﻘﺔ ﻻﺗﺨﺎذ ﻗﺮارات ﻣﺜﲆ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ،أو ﻟﻸﻓﺮاد املﻌﻨﻴﱢني ﺑﺎﻷﻣﺮ. ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ أيﱠ ٍ ﺗﻨﺪرج ﻟﻌﺒﺔ املﻮاﻋَ ﺪة اﻟﺘﻲ ﺑﺪأﻧﺎ ﺑﻬﺎ ﺗﺤﺖ اﻟﻔﺌﺔ اﻷوﱃ ،وﻛﻞ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ ﺗﻘﻊ ﺿﻤﻦ اﻟﻔﺌﺔ اﻷﺧرية ،وﻟﻜﻨﻨﺎ ﺣﺎوﻟﻨﺎ اﻟﺘﺄﻛﻴ َﺪ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻤﺎت املﺸﱰﻛﺔ ﺑني ﻛ ﱢﻞ ﻫﺬه ﻃﺮة ً املﺸﻜﻼت ،وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ املﻔﻴﺪ إﻋﺎدة ﴎدﻫﺎ) .ﻣﻦ املﺨﺎ َ ﻗﻠﻴﻼ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺬﻟﻚ؛ إذ إﻧﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ﻧﻤﻴﻞ ﻟﻠﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﰲ ﺗﺒﺴﻴﻂ اﻟﺤﻴﺎة ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻌﴫ اﻟﺬي ﺻﺎرت ﻓﻴﻪ اﻟﻠﻘﻢ ﺑﺪﻳﻼ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ ،وﻣﺮاﺟﻌﺎت اﻟﻜﺘﺐ ً ﺑﺪﻳﻼ ﻟﻨﴩة اﻷﺧﺒﺎر ،واﻟﺪراﻣﺎ اﻟﻮﺛﺎﺋﻘﻴﺔ ً اﻟﺼﻮﺗﻴﺔ ً ﺑﺪﻳﻼ ٌ ﻣﻠﺨﺺ ﻟﻠﻜﺘﺎب. ﻟﻠﻜﺘﺐ (.ﻟﺬا ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻌﺘﻘﺪ أن ﻣﺎ ﺳﻴﲇ ﻫﻮ إن اﺗﺨﺎذ ﻗﺮارات ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ ﴐبٌ ﻣﻦ املﺴﺘﺤﻴﻞ ﻣﺎ ﻟﻢ ﱠ ﺗﺘﺒني ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻣﺎ ﺗﺮﻏﺐ ﰲ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ،وﻣﺎ ﺗﺮﻏﺐ ﰲ ﺗﺠﻨﱡﺒﻪ ،وﻳﴪي ﻫﺬا ﻋﲆ اﻟﻘﺮارات اﻟﻔﺮدﻳﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﻋﲆ ﺣ ﱟﺪ ﺳﻮاءْ ، وإن ﻛﺎن ﺑﺪﻳﻬﻴٍّﺎ أن ﻳﻜﻮن اﻷﻣ ُﺮ أﺻﻌﺐَ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻷﺧرية. ً إذا أﻣﻜﻨﻚ ً ﻗﻴﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ املﺤﺘﻤﻠﺔ ،ﺑﺎﻟﺰﻳﺎدة أو اﻟﻨﻘﺼﺎن ،وﺗﻘﺮن أﻳﻀﺎ أن ﺗُﻀﻔِ ﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻘِ ﻴَﻢ ﺑﺎﻷرﺟﺤﻴﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻨﺘﻴﺠﺔ ﻣﻌﻴﱠﻨﺔ ،ﻓﺈن ﻫﺬا املﺰﻳﺞ ﻳﻤﻨﺤﻚ ﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻴﻪ ﻻﺗﺨﺎذ ﻗﺮار ﻋﻘﻼﻧﻲ. ﺣﺘﻰ اﻟﻘﺮار اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ اﻟﺬي ﻳﻘﻒ ﻋﲆ أرﺿﻴﺔ ﺻﻠﺒﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﱠ ِﻀﺢ ﺧﻄﺆه )واﻟﻌﻜﺲ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ(؛ ﻟﺬا ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺳﺒﺐٌ ﻟﻼﻧﻐﻤﺎس ﰲ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺬﻧﺐ أو اﺣﺘﻘﺎر اﻟﺬات إذا ﺳﺎ َر ِت ﱠ ٌ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﺎ ﻏريَ ﻣﺆ ﱠﻛﺪة ،ﻓﻬﻲ ﻏري ﻣﺘﻮﻗﻊ؛ ﻓﺈن ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻣﻮ ُر ﰲ اﺗﺠﺎه ﺧﺎﻃﺊ ﺑﺸﻜﻞ ﻏري ﻣﺆ ﱠﻛﺪة ،وﻛ ﱡﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﻓﻌﻠﻪ ﻫﻮ املﺨﺎﻃﺮة؛ وﺳﻮف ﺗﻔﻮز أﻛﺜﺮ ﻣﻤﱠ ﺎ ﺗﺨﴪ إذا ﺧﺎﻃ ْﺮ َت ﺑﺬﻛﺎء.
ملﺎذا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺤﻆ؟
ﻣﻦ اﻟ ﱡ ٍ ﻗﺮارات ﺳﻴﺌﺔ ْ ﻓﺼ ُﻞ ﺻﻨﱠﺎع اﻟﻘﺮار ﻋﻦ املﺴﺘﻔﻴﺪﻳﻦ ﻣﻨﻪ؛ ﻄ ُﺮق اﻷﻛﻴﺪة ﻻﺗﺨﺎذ أيْ ﻓﺼﻞ املﻘ ﱢﺮرﻳﻦ ﻋﻦ املﻘ ﱠﺮر ﻟﻬﻢ ،إذا ﺟﺎز اﻟﺘﻌﺒري ،ﻛﻤﺎ ﰲ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺑﻼ ﴐاﺋﺐ ،وﻫﻴﺌﺎت املﺤﻠﻔني .وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻨﺎس ﻳﺘﺤﺪﱠﺛﻮن ﺑﺄﺳﻠﻮب ﻣﺘﻌﺎﻟﻢ ﺑﺸﺄن اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ ﺑﺼﺎﻟﺢ ﱠ ﻳﺘﺠﲆ ﰲ أوﺿﺢ ُ ﺻﻮَره ﺣني ﻳﻤﻜﻦ إﺑﺪاؤه دون أن ﻳﺘﻜﺒﱠﺪوا أي املﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﺈن ﻫﺬا اﻻﻫﺘﻤﺎم ً ﺧﺠﻼ. ﺗﻜﻠﻔﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ ﺣني ﺗﻜﻮن ﻟﻺﻳﺜﺎر ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﻣﺰﻋﺠﺔ ،ﻧﺠﺪه ﻳﺘﻮارى إن ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ﻳﺴﺘﻠﺰم ﻧﻮﻋً ﺎ ﻣﻦ ﻓﻬﻢ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮًى ﻣﺎ؛ وﻛﻠﻤﺎ ازداد اﻟﻔﻬﻢ ،ﻛﺎن ذﻟﻚ أﻓﻀﻞ ،واﻟﺘﻤ ﱡﺮس ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻬﺬه اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ. ﺗُﻌَ ﱡﺪ اﻟﻘﺮارات اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ أﺻﻌﺐَ ﺟﻮﻫﺮﻳٍّﺎ ﰲ ﺻﺒﻐﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮارات اﻟﻔﺮدﻳﺔ، وﻫﻨﺎك ﻣﺠﺎل ﻛﺒري ﰲ آﻟﻴﺎت ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﺘﻼﻋﺐ واﻟﺨﺪاع ،وﻻ ﺗﻮﺟﺪ وﺳﻴﻠﺔ اﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﻣﺤﺼﻨﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا ،وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك وﺳﺎﺋﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻘﺎو ً َﻣﺔ ﻟﻠﻤﺮض ﻣﻦ أﺧﺮى. ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣُﻘﻨِﻌﺔ ﻟﱰﺟﻤﺔ اﻟﺘﻔﻀﻴﻼت اﻟﻔﺮدﻳﺔ إﱃ ﺗﻔﻀﻴﻞ ﺟﻤﺎﻋﻲ ،ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻗﺐ ﻏري املﺮﻏﻮب ﻓﻴﻬﺎ؛ ﻫﺬا ﻫﻮ ﻓﺤﻮى ﻧﻈﺮﻳﺔ أرو ،وﻫﻲ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﺑﻼ ﺟﺪال؛ ﻟﺬا ﻓﺈن ً ِ ٍ ﻣﺮﻏﻮﺑﻴﺔ ﰲ أي ﻣﻮﻗﻒ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻳﱰﺗﱠﺐ ﺗﺼﻮﻳﺖ ﻋﻴﻮﺑًﺎ ،واﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻷﻛﺜﺮ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻜ ﱢﻞ ﻗﺪر ﻣﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﴬر. ﻋﲆ ﻋﻴﻮﺑﻬﺎ أﻗ ﱡﻞ ٍ ُ اﻟﻘﺮارات اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻬﺪف اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻟﻴﺲ ﺻﺤﻴﺤً ﺎ ﺑﺎﻟﴬورة أن ﺗﻜﻮن ذات ﻧﻔﻊ ﻟﻸﻏﻠﺒﻴﺔ ،أو ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻛﻜ ﱟﻞ؛ وﻟﻴﺲ ﺻﺤﻴﺤً ﺎ ً ﻣﻮاﻓﻘﺔ اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ َ ً ﺷﺨﺼﺎ أﻳﻀﺎ أن ﺛﻤﺔ ﻳﻌﺮف ٍّ َ ﻋﻜﺲ ذﻟﻚ ،واﻟﻘﻴﺎم ﺑﺬﻟﻚ ﺣﻼ ﻣُﺮﺿﻴًﺎ ﻟﺘﻠﻚ املﺸﻜﻠﺔ اﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ؛ ﻓﺎملﺪارس ﺗﻌ ﱢﻠﻤﻨﺎ ﻳﻌﻄﻲ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻋﻜﺴﻴﺔ ﺗﻤﺎﻣً ﺎ ،وﺧريٌ ﻟﻚ أن ﺗﻌﺮف ﻣﺸﻜﻼﺗﻚ ﻣﻦ أن ﺗﺘﻈﺎﻫﺮ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻮﺟﻮد ًة؛ وأي ﻃﺒﻴﺐ ﻧﻔﴘ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﺨﱪك ﺑﺬﻟﻚ. ﻣﻦ املﺆﻛﺪ أن اﻷﻛﺬوﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﴤ ﺑﺄﻧﻪ إذا ﻛﺎن املﺘﺤ ﱢﻜﻢ ﰲ ﺳﻠﻮك ﻛ ﱢﻞ ﻓﺮد ﻫﻮ املﺼﻠﺤﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ املﺴﺘﻨرية ﻓﺴﻮف ﺗﻜﻮن اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ؛ ﻻ ﺗﻌﺪو أن ﺗﻜﻮن ﻣﺠﺮد أﻛﺬوﺑﺔ ،وﻣﻦ املﺆﺳﻒ ً أﻳﻀﺎ أﻧﻬﺎ أﻛﺬوﺑﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﺗﻤﻮﻳﻪ ﻟﻨﺘﺎﺋﺞ املﺼﻠﺤﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻏري املﺴﺘﻨرية. َ وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر ﺗﺠﺪ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ داﺧﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﻊ ﻗﺮاراﺗﻨﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ، ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮًى ﻋﻤﻴﻖ ،ﻓﺈن اﻟﻜﺜري ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺳﺎﺗﻨﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﺒﺪو ﻣﺮﺗﻜﺰ ًة ﻋﲆ اﻻﻓﱰاض اﻟﺨﺎﻃﺊ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﳾء ﻣﻤﱠ ﺎ ﺳﺒﻖ ﻟﻪ أﺳﺎس ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺔ. ﺷﻜﻞ ُﻣ ْﺮ ٍض ﺑﺸﻜﻞ ﺗﺎم وﻛﻨﺘﻴﺠﺔ ﻣﻼزﻣﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻟﻢ ﻳﺨﱰع اﻟﺠﻨﺲ اﻟﺒﴩي ﺑﻌ ُﺪ أيﱠ ٍ ﻟﻠﺤﻜﻢ ،ﰲ ﺻﻮرة ﺻﻨﻊ ﻗﺮار ﺟﻤﺎﻋﻲ ﻳﺼﺐﱡ ﰲ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﺠﻤﻴﻊ؛ واﻟﺨﺮاﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺰﻋﻢ أن 234
إﻋﺎدة ملﺎ ﺳﺒﻖ
ﻧﻈﺎم اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺨﺎص ﺑﻨﺎ ﺗﺠﺴﻴ ٌﺪ ﻟﺬﻟﻚ اﻻﺧﱰاع ﻫﻲ ﻣﺠﺮد أﻛﺬوﺑﺔ أﺧﺮى؛ ﻓﺤﻘﻴﻘﺔ أﻧﻨﺎ ﻻ َ ِ ﺻﺤﺔ ذﻟﻚ اﻟﺰﻋﻢ. إﺛﺒﺎت ﻧﻌﺮف أيﱠ ﺻﻮرة أﺧﺮى أﻗﺮب ﻻ ﺗﻌﻨﻲ ً َ رﻳﺎﺿﺔ ،أو ﺗﺴﺘﺜﻤﺮ ﰲ ﺳﻮق اﻷوراق املﺎﻟﻴﺔ ،أو ﺗﺨﺘﺎر أردت أن ﺗﻘﺎﻣﺮ ،أو ﺗﻤﺎرس إذا ﴍﻳ َﻚ ﺣﻴﺎةٍ ،أو ﺗُﺸﻌِ ﻞ ﺣﺮﺑًﺎ؛ ﻓﻤﻦ املﻔﻴﺪ أن ﺗﻌﺮف ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻞ. ﱠ ﻳﺘﺤﺴﻦ ﺑﺎملﻌﺮﻓﺔ، إن ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار ،ﻋﲆ ﺟﻤﻴﻊ املﺴﺘﻮﻳﺎت ،وﰲ ﻛﻞ املﺠﺎﻻت ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﻗﻠﻴﻼ ﰲ ﺗﻠﻚ املﻌﺮﻓﺔ ،وﻧﺮﺟﻮ ً ﺳﺎﻫ َﻢ وﻟﻮ ً وﻧﺮﺟﻮ أن ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻗﺪ َ أﻳﻀﺎ أن ﺗﻜﻮﻧﻮا ﻗﺪ اﺳﺘﻤﺘﻌﺘﻢ ﺑﻘﺮاءﺗﻪ.
235