Elderly book final16

Page 1

‫كبار السن‬

‫ما لهم وما علينا‬



‫كبار السن‬

‫ما لهم وما علينا‬



‫كبار السن‬

‫ما لهم وما علينا‬

‫في األول من أكتوبر‪ ،‬تحتفل األمم المتحدة ودول‬ ‫الســن‪ .‬واعتماد هــذا اليوم‬ ‫العالــم معهــا بيوم كبار‬ ‫ّ‬ ‫من كل عام في المنظمة العالمية مدعاة لالغتباط‬ ‫فــي مســيرة تعزيــز ثقافــة االهتمــام بالمســنّ ين‪،‬‬ ‫لاللتفــات إلى هذه الفئة الشــديدة الخصوصية من‬ ‫ً‬ ‫وتلبية‬ ‫البشــر‪ ،‬لقــاء فضلهــم على األجيــال الناشــئة‪،‬‬ ‫لحاجاتهم حين تتقدم بهم السن‪.‬‬ ‫والحــق يقــال‪ ،‬إن رعايــة المســنين مبدأ ليــس جديداً‬ ‫دخيــا علــى حضارتنــا‪ .‬ففــي ُعرفنــا‪ ،‬يحمــل‬ ‫وال‬ ‫ً‬ ‫المســنّ ون فــي عقولهم عصارة حكمــة كل مجتمع‪.‬‬ ‫والمســنّ ون مــن اآلبــاء واألمهــات يرشــدوننا فــي‬ ‫طيــش فتوتنــا‪ ،‬قبــل أن نبلــغ ســن الرشــد‪ .‬إنهــم‬ ‫مكرمــون فــي اإلســام‪ ،‬وفــي التــراث الشــرقي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتقاليد مجتمعاتنا‪ ،‬وفي كثير من مجتمعات البشر‬ ‫فــي العمــوم‪ .‬ففــي القــرآن الكريــم ارتبطــت عبادة‬ ‫اللــه باإلحســان للوالديــن فــي غير آيــة كريمة‪ ،‬وفي‬ ‫حــض علــى المعاملــة الكريمة‬ ‫األحاديــث الشــريفة‪ٌ ،‬‬ ‫للمســن‪ .‬وفــي الشــعر واألدب العربييــن قيل بعض‬ ‫ّ‬ ‫أجمــل ما كُ تــب عن األم واألب‪ .‬أما فــي مجتمعاتنا‬ ‫الملتزمــة هذه المبادئ والتقاليد‪ ،‬فللشــيخ مكانته‬ ‫المحترمة‪ .‬وقد جاءت مؤتمرات المنظمات الدولية‬ ‫بالمقــررات والتوصيــات لتؤكــد الحــرص علــى رعايــة‬ ‫المسنّ ين واالهتمام بهم‪.‬‬



‫كبار السن ما لهم وما علينا‬

‫لن ننساهم ولو نسونا‬

‫مهما تنوعت احتياجات المسنين وأحوالهم مابين‬ ‫القدرة على االستمرار في العطاء ولو بشكل‬ ‫محدود بعد تجاوز سن العمل‪ ،‬وفقدان كل قدرة‬ ‫على العطاء غير ما يكتنزه القلب من عاطفة‪،‬‬ ‫أوالعقل من حكمة‪ ،‬فإن ما هو مشترك بين كل‬ ‫كبار السن يتمثل في حاجتهم إلى من يتكئون‬ ‫عليه‪ ،‬في مواجهة ضعفهم‪ .‬ضعف يتطلب يد‬ ‫العون من الجيل الالحق لرفع تبعاته‪ .‬ولعل من‬ ‫أجمل ما يلخص واجباتنا تجاه المسنين‪ ،‬وهم‬ ‫في أضعف أحوالهم‪ ،‬الشعار الذي ترفعه إحدى‬ ‫الجمعيات العربية للعناية بالعجزة فاقدي الذاكرة‪،‬‬ ‫ويقول ‪« :‬لن ننساهم ولو نسونا‪».‬‬

‫حب أكبر مــن حب األم واألب‬ ‫عمــر‬ ‫ال َي ُ‬ ‫قلــب إنســان ٌ‬ ‫َ‬ ‫ألبنائهمــا‪ .‬وغاية الوفــاء لهذا الحب‪ ،‬المنزّ ه عن كل‬ ‫ســر قامت على‬ ‫بــر األبنــاء للوالدين‪ .‬إنه ٌّ‬ ‫غــرض‪ ،‬هي ّ‬ ‫أساســه الحيــاة‪ .‬فالمــرء ُيطــل علــى الدنيــا ضعيفــاً‬ ‫ال يقــوى علــى العيــش يومــاً ‪ ،‬لــوال عطــف األم‬ ‫وحماية األب‪.‬‬ ‫وقد عرفت المجتمعات البشرية كافة‪ ،‬هذا الفضل‬ ‫وخــص البشــر كبارهــم والمســنّ ين منهــم‬ ‫لألبويــن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بأجــل االحتــرام والتقديــر‪ .‬واعترفــت كل الثقافــات‬ ‫ّ‬ ‫والحضــارات بجميــل األبويــن‪ .‬فقــال الفيلســوف‬ ‫خير من عشرة‬ ‫أب واحد ٌ‬ ‫الفرنســي جان جاك ّ‬ ‫روســو‪ٌ :‬‬ ‫مربين‪ .‬فالعاطفة األبوية أقوى ضمانة للولد‪ .‬وقال‬ ‫ّ‬ ‫مثــل بلغــاري‪ :‬يزأر األســد لكنه ال يلتهــم صغاره‪ .‬أما‬ ‫الوزير الفرنســي ريشيليو‪ ،‬فقال‪ :‬ال يغفو قلب األب‬ ‫حتــى تغفــو جميــع القلوب‪ .‬ذلــك أن األب‪ ،‬كما قال‬ ‫الشــاعر األلماني الكبير جوته‪ :‬األب وحده ال يحســد‬ ‫ابنه على موهبته‪.‬‬ ‫ولــم تخرج حضارتنا عــن هذا‪ ،‬بل إنها فاقت حضارات‬ ‫أخرى‪ ،‬في رفع الوالدين خصوصاً والمسنّ ين عموماً‬ ‫إلــى مكانــة رفيعــة فــي المجتمــع‪ .‬وللشــيخ فــي‬ ‫الحضــارة العربية موقــع ال ُينازَ ع فيه‪ .‬وتبارى األدباء‬ ‫والشعراء في مدح األم واألب على السواء‪.‬‬ ‫يعبر‬ ‫الذي‬ ‫وخص الشعراء العرب األم بجميل الشعر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الالمحدودين‪.‬‬ ‫وحنوها‬ ‫عن أصدق االمتنان لعطفها‬ ‫َ‬ ‫ّ‬


‫فلألديب رشــدي المعلوف قصيدة شــهيرة يقول‬ ‫فيها عن األمهات‪:‬‬ ‫ّربي َ‬ ‫باسم ِهنَّ ‬ ‫ِ‬ ‫سألتُ َك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫له َّن‬ ‫أن‬ ‫ ‬ ‫الدنيا ُ‬ ‫تفرش ّ‬ ‫ ‬ ‫يداك‬ ‫بالورد ِإن َس َم َحت‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫بعد ُه َّن‬ ‫وبالبنفسج‬ ‫ ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ ‬ ‫الجراح‬ ‫فامسح ُبأنملِ َك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أطراف األسنّ ة‬ ‫ور َّد‬ ‫ ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الصباح ‬ ‫شمس َك في‬ ‫طل‬ ‫لتُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫أم مطمئنّ ة‬ ‫ُّ‬ ‫ ‬ ‫وكل ٍ‬ ‫وقال شاعر النيل حافظ ابراهيم‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫ ‬ ‫مدرسة إذا َأعددتَ ها‬ ‫األم‬ ‫األعراق‬ ‫طيب‬ ‫شعباً‬ ‫أعددت‬ ‫ ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫أما الشاعر محمود درويش‪ ،‬فقال مخاطباً أمه‪:‬‬ ‫يك امرأة‬ ‫سم ِ‬ ‫لن ُأ ّ‬ ‫يك كل شيء‬ ‫سأسم ِ‬ ‫ّ‬ ‫قبل يديك‬ ‫حينما أنحني ُأل ّ‬ ‫وأسكب دموع ضعفي فوق صدرك‬ ‫وأستجدي نظرات الرضا من عينيك‬ ‫حينها فقط أشعر باكتمال رجولتي‬ ‫وقال إسالم شمس الدين‪:‬‬ ‫تخــل الحضــارات األخــرى مــن هذه النظــرة إلى‬ ‫ُ‬ ‫ولــم‬ ‫األم‪ ،‬إذ ليس في العالم وسادة أنعم من حضن األم‪.‬‬ ‫وإذا كان فضل األم قد نال حصة وافرة من شــعراء‬ ‫العــرب وأدبائهــم‪ ،‬حتى في الجاهليــة‪ ،‬فإن األب لم‬ ‫يفتقــر إلــى قصائد عربية قيلت في فضله هو أيضاً‪.‬‬ ‫إذ جــاء فــي ديــوان‪ :‬بــدر الدجــى‪ ،‬للشــاعر مصطفى‬ ‫عباس‪ ،‬مخاطباً أباه‪:‬‬ ‫قاسم ّ‬ ‫الشعر يوماً ما وال األدبا‬ ‫لم تَ كتُ ب‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫تقرأ الكُ تُ با‬ ‫سهرت الليالي‬ ‫وما‬ ‫ ‬ ‫َ‬

‫ ‬

‫ُ‬ ‫به ‬ ‫نعيش ِ‬ ‫كنزت لنا مجداً‬ ‫لكن‬ ‫َ‬ ‫الله َمن للخير قد وهبا‬ ‫ ‬ ‫فنحمد َ‬ ‫ ‬ ‫سأنظم الشعر مدحاً فيك منطلقاً‬ ‫ُّ‬ ‫والش ُهبا‬ ‫واألفالك‬ ‫البدر‬ ‫جاوز‬ ‫ ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُي ِ‬ ‫ ‬ ‫بشعر َك ذا‬ ‫فمن تعني‬ ‫قالوا تُ غالي َ‬ ‫ِ‬ ‫بذاك أبا‬ ‫أنعم‬ ‫فقلت‪ :‬أعني أبي ِ‬ ‫ ‬ ‫َ‬


‫الشيخوخة ليست‬ ‫فقدان الشباب‪،‬‬ ‫وإنما مرحلة جديدة‬ ‫للفرصة والقوة‪.‬‬ ‫بيتي فريدان‬



‫العمر الحقيقي‬ ‫لإلنسان هو عمره‬ ‫بعد موته‪.‬‬ ‫محمد بن صالح العثيمين‬


‫طيبعة نسيج األسرة‬

‫كبار السن ما لهم وما علينا‬

‫ونظراً إلى هذه المرتبة التي يحتلها الوالدان‪،‬‬ ‫األبناء‬ ‫خص‬ ‫ال سيما في المجتمعات الشرقية‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫تميز‬ ‫المسنّ ين برعاية تبلغ مرتبة الواجب‪ .‬ويعود ّ‬ ‫المجتمعات الشرقية‪ ،‬في رعايتها للمسنّ ين‪ ،‬إلى‬ ‫أن نظام األسرة هو النسيج األساسي الذي تقوم‬ ‫عليه هذه المجتمعات‪.‬‬

‫فاألسرة هي عماد المجتمع الشرقي في العموم‪،‬‬ ‫وال يتوقــف اهتمــام األب واألم عمليــاً بأوالدهمــا‬ ‫حتــى يبلغــا ســن الشــيخوخة ويصبحــا عاجزيــن عــن‬ ‫تحمل كل األعباء العائلية‪ ،‬فيكون أوالدهما‬ ‫متابعة ّ‬ ‫قــد أدركــوا ســن البلــوغ وباتــوا قادريــن علــى تولّ ي‬ ‫المهــام كاملــة‪ ،‬مــن توفيــر مصــدر الرزق‪ ،‬إلــى تدبير‬ ‫شــؤون البيــت‪ ،‬وإلى تربية الحفــدة ورعاية أمورهم‪.‬‬ ‫بهــذا النمــط مــن العيــش‪ ،‬تشــتد خيــوط النســيج‬ ‫العائلي ترابطاً ‪ ،‬فتكون األســرة كالهرم رأسه الشيخ‬ ‫والجدة‪ ،‬وقاعدته الجيل الطالع‪،‬‬ ‫الجد‬ ‫والعجــوز‪ ،‬أي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األبنــاء والحفــدة‪ ،‬ويكــون مترابــط األركان‪ ،‬متيــن‬ ‫البنيان‪.‬‬ ‫وال تتوقــف الروابــط المتينــة فــي المجتمعــات‬ ‫تتعداها لتشــمل‬ ‫الشــرقية عنــد حــدود األســرة‪ ،‬بــل‬ ‫ّ‬ ‫المتحدرين من‬ ‫أســراً أخــرى من األقــارب واألنســباء‪،‬‬ ‫ّ‬

‫األربعون شيخوخة‬ ‫الشباب‪،‬والخمسون‬ ‫شباب الشيخوخة‪.‬‬ ‫هوسيا بالو‬


‫والجــدة‪ ،‬أو أولئــك الذيــن‬ ‫الجــد‬ ‫أشــقاء وشــقيقات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تربطهــم باألســرة روابــط المصاهــرة والــزواج‪ .‬وفي‬ ‫كل هــذا المشــهد‪ ،‬تــرى علــى قمــة الهــرم شــيخاً ‪،‬‬ ‫هــو الخيــط الرابــط بيــن كل خيــوط هــذا النســيج‬ ‫االجتماعــي‪ ،‬وهــو المرجــع فــي الغالب‪ ،‬حيــن تحتاج‬ ‫األســرة وأنســباؤها إلى مشــورة حكيــم عاقل‪ ،‬خبير‬ ‫بأمور الحياة‪ ،‬فتكون له في معظم األحيان الكلمة‬ ‫األخيرة في األمور المهمة‪ .‬والشــيخ رأس المجتمع‬ ‫العربي منذ الزمان الغابر‪.‬‬ ‫فعلى هذا األساس االجتماعي المعتمد على نواة‬ ‫األســرة‪ ،‬قامــت المجتمعــات فــي المــدن واألرياف‬ ‫العربية‪ ،‬وقامت العشائر والقبائل والبطون لتشكّ ل‬ ‫يشــد بعضها أزر بعــض‪ ،‬في تكافل‬ ‫تجمعات بشــرية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للمســن الــذي أفنــى عمــره فــي‬ ‫اجتماعــي‪ ،‬يضمــن‬ ‫ّ‬ ‫رعايــة األبنــاء‪ ،‬وربما الحفدة أيضــاً ‪ ،‬أن يتلقى الرعاية‬ ‫التي يستحق في سني عمره األخيرة‪ ،‬بعدما تقاعد‬ ‫مــن عملــه وانقطع مــورد رزقه واســتبد به الضعف‬ ‫والمرض ووهنت عزيمته‪.‬‬ ‫وهــذه صــورة تختلــف تمامــاً عــن تقاليــد الكثيــر من‬ ‫مجتمعــات الغرب‪ ،‬حيث ال ينــدر أن ترى األب واألم‬ ‫ُيخرجان الولد من البيت‪ ،‬ليتولّ ى أمر نفســه بنفســه‪،‬‬ ‫حالما يبلغ من الســن‪ ،‬ما قد ال يتجاوز أحياناً الرابعة‬ ‫عشــر‪ .‬فيمضــي الولــد في الحيــاة وحيــداً ‪ ،‬ال يضمن‬ ‫مســاراً مســتقيماً في عيشــه‪ ،‬وفي المقابل ال يرى‬

‫حاجــة إلــى االلتفات إلى والديــه اللذين تركاه وحيداً‬ ‫ســن مبكــرة‪ .‬ومــن هنــا اعتمــدت‬ ‫فــي الحيــاة‪ ،‬فــي‬ ‫ّ‬ ‫الدول الغربية كثيراً في مناهجها االجتماعية‪ ،‬نظام‬ ‫بيــوت العجــزة‪ ،‬حيــث يعيــش الشــيخ الهــرم وحيــداً‬ ‫تيســر‬ ‫وبعيــداً عــن عائلتــه‪ ،‬يكتفــي مــن الحيــاة بمــا ّ‬ ‫مــن الطعــام والمأوى والــدواء‪ ،‬ويفتقــر إلى حضن‬ ‫العائلة الدافئ‪.‬‬ ‫أما األســرة العربية والشرقية عموماً ‪ ،‬فتشعر بحرج‬ ‫مــن إيداع شــيخها فــي بيوت العجــزة‪ ،‬لتتركه وحيداً‬ ‫عمــن أحــب ورعــى‬ ‫يغالــب ســنوات هرمــه‪ ،‬بعيــداً ّ‬ ‫وقوتــه وشــبابه‪ .‬ولــذا يشــعر‬ ‫فتوتــه‬ ‫ّ‬ ‫فــي ســنوات ّ‬ ‫المتشــبع بتقاليــد مجتمعــه وبيئتــه‪ ،‬بأن‬ ‫المشــرقي‬ ‫ّ‬ ‫يتقدم على‬ ‫االعتناء بالمســنّ ين في العائلة‪ ،‬واجب ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كثير من الواجبات‪.‬‬



‫العمر ثمن باهظ‬ ‫جداً ندفعه‬ ‫للنضوج‪.‬‬ ‫توم ستوبارد‬


‫أساليب التعامل مع كبار السن‬

‫هــذا هو عنوان كتاب الدكتور‬ ‫علي ابراهيــم الزهراني‪ ،‬وفيه‬ ‫شــرح لألســاليب التــي ينبغي‬ ‫مراعاتهــا عنــد التعامــل مــع‬ ‫كبير السن‪ ،‬ومنها ‪:‬‬

‫‪ -1‬مبادرة المسنّ ين بالتحية‬ ‫والسالم والمصافحة وتقبيل‬ ‫الرأس واليد ال سيما إن كان أباً‬ ‫أو أماً أو عالما‪.‬‬ ‫‪ -2‬رفع الروح المعنوية بحسن‬ ‫استقبالهم والترحيب بهم‬ ‫والدعاء لهم وإظهار البشر‬ ‫والتبسم في‬ ‫بقدومهم‬ ‫ّ‬ ‫وجههم‪ ،‬فهذا يشعرهم بالحب‬ ‫وأنهم غير منبوذين‪.‬‬ ‫المسن عن ماضيه‬ ‫‪ -3‬سؤال‬ ‫ّ‬ ‫وذكرياته ومنجزاته واإلصغاء‬ ‫إليه وعدم مقاطعته فهو يتذكر‬ ‫جيداً أعماله في شبابه ويرغب‬ ‫في التحدث عنها مع غيره‪.‬‬ ‫المسن‬ ‫‪ -4‬إبراز منجزات‬ ‫ّ‬ ‫والحديث عما قدمه من‬ ‫خدمات إلى مجتمعه والدعوة‬ ‫إلى االقتداء به والدعاء له‬ ‫وإشعاره بأهميته وخاصة‬ ‫في اللقاءات العائلية فشعور‬ ‫المسن أنه قد أنجز أعماال باهرة‬ ‫ّ‬ ‫يولّ د لديه إحساساً من السعادة‬ ‫النفسية‪.‬‬ ‫‪ -5‬الحذر من االستئثار بالحديث‬ ‫في حضرتهم أو تجاهلهم‬ ‫دون منحهم فرصة للتعبير عن‬ ‫مشاعرهم أو ذكر شيء من‬ ‫آرائهم وخبراتهم‪.‬‬

‫التبرم والضجر من‬ ‫‪ -6‬عدم ّ‬ ‫المسن لماضيه ألن‬ ‫تعصب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المسن بماضيه يمثّ ل‬ ‫اعتزاز‬ ‫ّ‬ ‫بالنسبة له القوة والنشاط‬ ‫والمكانة االجتماعية والمنجزات‪.‬‬ ‫المسن‬ ‫‪ -7‬ضرورة االقتراب من‬ ‫ّ‬ ‫ال سيما أقرباؤه وأصدقاؤه‪،‬‬ ‫ففي هذه المرحلة من العمر‬ ‫يزداد الشعور بالوحدة والغربة‬ ‫المسن بانفضاض‬ ‫ويشعر‬ ‫ّ‬ ‫األقارب واألصدقاء عنه وهذا‬ ‫الوضع قد يزيد الخيبة والحسرة‬ ‫لديه ويدهور شخصيته ويزيد‬ ‫شعوره باألمراض واآلالم‪.‬‬ ‫المسن في‬ ‫‪ -8‬مساعدة‬ ‫ّ‬ ‫المشاركة االجتماعية وحضور‬ ‫المناسبات والتكيف مع وضعه‬ ‫الجديد‪.‬‬ ‫المسن بما ينفعه من‬ ‫‪ -9‬إشغال‬ ‫ّ‬ ‫أمور دنياه وآخرته إما بتكوين‬ ‫عالقات جديدة وصداقات‬ ‫السن أو‬ ‫أخرى مع أنداده في‬ ‫ّ‬ ‫علمية‪.‬‬ ‫المشاركة في حلقات‬ ‫ّ‬ ‫‪ -10‬مراعاة التغيرات العضوية‬ ‫المسن‬ ‫والنفسية والذهنية عند‬ ‫ّ‬ ‫حين يصبح عرضة لكثير من‬ ‫والنفسية‪.‬‬ ‫الجسمية‬ ‫التغيرات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫‪ -11‬مراعاة آداب المجالسة‬ ‫والمخالطة والمصاحبة‪.‬‬ ‫المسن ونفعه‬ ‫‪ -12‬معاونة‬ ‫ّ‬ ‫حيث تزداد حاجته إلى المعاونة‬ ‫والمساعدة‪.‬‬ ‫‪ -13‬تطييب نفوس المسنّ ين‬ ‫وتقوية قلوبهم‪.‬‬ ‫المسن من مخاوف‬ ‫‪ -14‬حماية‬ ‫ّ‬ ‫الشيخوخة ومنها الخوف من‬ ‫فقدان المركز االجتماعي‬ ‫والقلق بشأن الحالة الصحية‬ ‫والمادية وازدياد مرارة الشعور‬ ‫قل الناس من‬ ‫بالوحدة كلّ ما ّ‬ ‫حوله وخاصة األوالد واألهل أو‬ ‫تناقص األصدقاء‪.‬‬ ‫المسن من‬ ‫‪ -15‬حماية‬ ‫ّ‬ ‫االنسحاب االجتماعي بسبب‬ ‫السن والعجز واألمراض‬ ‫تقدم‬ ‫ّ‬ ‫وضعف السمع والبصر مما هو‬ ‫من عالمات الشيخوخة‪ ،‬فيميل‬ ‫المسن إلى االمتناع كثيراً عن‬ ‫ّ‬ ‫المشاركة االجتماعية‪ ،‬وإذا‬ ‫حضر يظل ساكتاً ‪ ،‬لذلك ينبغي‬ ‫على من حوله وقايته من هذا‬ ‫االنسحاب‪.‬‬

‫المسن للعنت‬ ‫‪ -16‬عدم تعريض‬ ‫ّ‬ ‫والمشقة وإذا عجز عن أمر ما‬ ‫وجبت مساعدته‪.‬‬ ‫المسن بالعناية‬ ‫‪ -17‬إشعار‬ ‫ّ‬ ‫واالهتمام ال سيما من جانب‬ ‫من تربطه بهم قرابة أو صداقة‬ ‫أو زمالة عمل أو جوار‪.‬‬ ‫المسن باألمور‬ ‫‪ -18‬ملء فراغ‬ ‫ّ‬ ‫النافعة ومن ذلك ربطهم‬ ‫بالمساجد وأداء العمرة وتوفير‬ ‫مكتبة ثقافية في مكانه‬ ‫وممارسة بعض التمارين‬ ‫الرياضية‪.‬‬ ‫التعرف على أبرز مشكالت‬ ‫‪-19‬‬ ‫ّ‬ ‫المسن التي أدت إلى ضعف‬ ‫ّ‬ ‫الصالت االجتماعية عنده وال‬ ‫سيما بسبب أن أفكار المسنّ ين‬ ‫ال تعجب األوالد‪ ،‬والشعور‬ ‫بالعزلة ورفض األوالد الجلوس‬ ‫المسن والحديث معه‬ ‫مع‬ ‫ّ‬ ‫المسن بأنه أصبح عبئاً‬ ‫وشعور‬ ‫ّ‬ ‫ثقيال على أفراد أسرته‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ -20‬االعتناء بنظافة كبار السن‬ ‫وستر عوراتهم‪.‬‬

‫المسن بأوقات‬ ‫‪ -21‬تذكير‬ ‫ّ‬ ‫العبادات‪.‬‬ ‫‪ -22‬أهمية تبصير األسرة‬ ‫المسن وضرورة العناية‬ ‫بحقوق‬ ‫ّ‬ ‫به وزيارته والسؤال عنه‪.‬‬ ‫‪ -23‬ضرورة تعليم األوالد‬ ‫والصغار وتدريبهم على رعاية‬ ‫الوالدين فتقديم الخدمات إلى‬ ‫الوالدين وكبار السن يقوي‬ ‫العالقة بهم فينشأ األوالد‬ ‫بارين بكبار السن‬ ‫والحفدة ّ‬ ‫يظهرون االحترام والتقدير لهم‪،‬‬ ‫فيبادر األوالد بالسالم عليهم‬ ‫ويقبلون رؤوسهم وأيديهم‬ ‫ّ‬ ‫ألنهم اعتادوا على هذه األمور‬ ‫منذ الصغر‪.‬‬ ‫‪ -24‬االعتناء بغذاء المسنّ ين‬ ‫ومراعاة حالتهم الصحية‬ ‫والنفسية‪.‬‬


‫كبار السن ما لهم وما علينا‬

‫ّ‬ ‫السن‬ ‫تكاثر كبار‬

‫والمسنّ ون على تكاثر‪ ،‬وواجبهم على تعاظم‪.‬‬ ‫وليس من شك في أن من حق البشرية أن تغتبط‬ ‫لتقدم الخدمات الصحية وعلوم الطب والجراحة‬ ‫ّ‬ ‫وصناعة الدواء‪ ،‬إذ كان من ثمار هذا التقدم أن‬ ‫مطرداً ‪،‬‬ ‫معدالت عمر اإلنسان ارتفاعا ّ‬ ‫ارتفعت‬ ‫ّ‬ ‫حتى في البلدان الفقيرة من العالم‪.‬‬

‫تخطــى‬ ‫فقــد كان الرجــل فــي الزمــان الغابــر متــى ّ‬ ‫األربعيــن مــن عمره‪ُ ،‬صنِّ ــف في الجيــل الثالث‪ ،‬جيل‬ ‫الشــيوخ الذين قد ُيســتفاد في أحسن األحوال من‬ ‫حكمتهم وحلمهم‪ ،‬لكن أمر االستفادة من عملهم‬ ‫ونشــاطهم المهنــي وخبرتهــم العمليــة وقدراتهــم‬ ‫الجســدية أمر آخر‪ .‬وفــي العصر الحديث‪ ،‬حين تقدم‬ ‫الطــب خطــوة إلى األمــام‪ ،‬اتُّ ِفق فــي العموم في‬ ‫الدول الحديثة على أن ســن التقاعد في الوظائف‪،‬‬ ‫هي الســتّ ون‪ .‬أما اليوم فقد رفعت كثير من الدول‬ ‫ســن التقاعد إلى الخامســة والســتين‪ ،‬فيما ُأعفيت‬ ‫بعــض المهــن‪ ،‬كالفنــون والبحث العلمــي والتعليم‬ ‫الحــد العمري‪ .‬وصار بلوغ ســن‬ ‫الجامعــي‪ ،‬مــن هــذا‬ ‫ّ‬ ‫الثمانيــن أمــراً ال يثيــر الدهشــة واالســتغراب‪ ،‬بل ان‬ ‫فــي بعض البلدان المتقدمــة أعداداً متزايدة‪ ،‬ممن‬ ‫يكونــون شــريحة متعاظمــة‬ ‫تخطــوا المئــة عــام‪ّ ،‬‬


‫مــن شــرائح هــرم األعمــار‪ .‬لكــن المشــكلة هــي في‬ ‫أن المــرء‪ ،‬مهمــا كان ســليم البنيــة مكتمــل الصحة‪،‬‬ ‫ســيتوقف يومــاً مــا عــن العمــل‪ ،‬فــا يرتــزق مــن‬ ‫كــده وعملــه‪ ،‬بــل من صناديــق الشــيخوخة أو راتب‬ ‫ّ‬ ‫تقاعــده أو تعويــض نهاية خدمته‪ ،‬أو قد يصبح عالة‬ ‫اقتصاديــة واجتماعيــة علــى أوالده‪ ،‬أو مجتمعــه‪،‬‬ ‫همــل تماماً فيبلغ من البــؤس منتهاه‪ .‬وقد‬ ‫وربمــا ُي َ‬ ‫ّ‬ ‫ظهــرت في الــدول المتقدمة‪ ،‬وحتــى في عدد من‬ ‫الــدول الناميــة‪ ،‬مشــكلة عــدم التوازن بيــن مداخيل‬ ‫ومدخــرات التقاعــد‪ ،‬وبيــن‬ ‫صناديــق الشــيخوخة‬ ‫ّ‬ ‫المعمريــن‪،‬‬ ‫النفقــات المتزايــدة بفعــل تزايــد عــدد‬ ‫َّ‬ ‫وحاجتهم المتعاظمة إلى الخدمات الطبية وغيرها‪.‬‬ ‫فتحولــت نعمة التطور الطبــي‪ ،‬إلى مصدر لمتاعب‬ ‫ّ‬ ‫اقتصاديــة‪ ،‬ال تنــذر فقــط بحــدوث اضطــراب فــي‬ ‫معاييــر المحاســبة الماليــة‪ ،‬بــل قد تفضــي في كثير‬ ‫الحاالت إلى تقليص الموارد الضرورية لإلنفاق على‬ ‫فيتحــول طول‬ ‫المســنّ ين‪ ،‬فــي آخــر مراحــل عمرهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫العمــر مــن ســبب لالغتبــاط والســعادة‪ ،‬إلــى مصدر‬ ‫للبؤس واالكتئاب والشقاء‪.‬‬ ‫ومــن ناحيــة أخــرى أثبتــت دراســات متخصصــة فــي‬ ‫العلــوم االجتماعيــة‪ ،‬أن التقاعــد يؤثــر فــي التوافق‬ ‫االجتماعــي لــدى المســنّ ين‪ ،‬مــا لــم يتمكنــوا مــن‬ ‫متنــوع‬ ‫تعويــض انتهــاء خدمتهــم بنشــاط عملــي‬ ‫ّ‬ ‫يتناســب وحالهــم الفكريــة والثقافيــة واالجتماعية‬ ‫ومؤهالتهــم المهنيــة‪ .‬فهــذا النشــاط فــي أوقــات‬ ‫فراغهم‪ ،‬وهي وفيرة بعد التقاعد‪ ،‬يساعدهم على‬ ‫اإلحســاس بــأن قيمتهم مصونة‪ ،‬مــا دام ثمة حاجة‬ ‫إليهــم‪ ،‬ضمــن العائلــة أو المجتمــع‪ ،‬وبأنهــم ليســوا‬ ‫عالة على محيطهم المباشر ال فائدة منها‪ .‬والعزلة‬ ‫التكيف مع بيئتهم‪،‬‬ ‫تجعل المسنّ ين أقل قدرة على‬ ‫ّ‬ ‫فيعينُ هم‬ ‫مظهره‪،‬‬ ‫في‬ ‫أما العمل مهما كان بسيطاً‬ ‫ُ‬ ‫في معالجة الكثير من مشــكالتهم النفســية‪ ،‬وفي‬ ‫إشعارهم بالقيمة الشخصية‪.‬‬ ‫ومــن أوجــه العمــل التــي تكتســب قيمــة عالية في‬ ‫المتقدمــة‪ ،‬وتنطــوي علــى فائــدة‬ ‫هــذه الســن‬ ‫ّ‬ ‫اجتماعيــة فــي الوقــت نفســه‪ ،‬عقــد صــات متينــة‬ ‫الح َفدة من‬ ‫بيــن األجــداد‬ ‫والجدات مــن جهة‪ ،‬وبيــن َ‬ ‫ّ‬ ‫األطفــال الذيــن يقاســمونهم المبيــت فــي المنــزل‬ ‫نفســه‪ .‬ففــي المجتمعــات الحديثة التــي صار الجيل‬ ‫األوســط الناشــط فيهــا منصرفــاً أكثــر فأكثــر إلــى‬ ‫أعمالــه خــارج المنــزل‪ ،‬بعيــداً عــن األطفــال‪ ،‬يمكــن‬


‫لألجــداد والجــدات أن يســدوا ثغــرة مهمــة فــي‬ ‫النســيج االجتماعــي األســري‪ ،‬فــي عصرنــا هــذا‪ ،‬ال‬ ‫ســيما وأن الطفــل فــي حاجــة إلــى االكتســاب من‬ ‫التــراث المخــزون فــي أحاديث األجــداد وقصصهم‬ ‫وذكرياتهــم وعلومهــم وتقاليدهــم‪ .‬ففــي هــذا‬ ‫يعــوض الجيــل الطالــع مــن فقــدان‬ ‫المخــزون مــا‬ ‫ّ‬ ‫صلتــه بتراثه الثقافي واألخالقــي واللغوي‪ ،‬بعدما‬ ‫صــار االنصــراف شــبه كامــل نحــو وســائل اللهــو‬ ‫اإللكترونيــة المســتوردة‪ ،‬فــي أدواتهمــا وفــي‬ ‫مضمونهــا االجتماعي والثقافي أيضا‪.‬‬ ‫وليــس مــن شــك‪ ،‬كما يــدل علم االجتمــاع‪ ،‬في أن‬ ‫المســن‪ ،‬قبل‬ ‫المنــزل والمجتمــع الــذي عــاش فيــه‬ ‫ّ‬ ‫التقاعد‪ ،‬هو المكان األنســب لعيشــه في تقاعده‪،‬‬ ‫لتمضيــة ســنوات عمــره األخيــرة‪ .‬ولــذا ينبغــي‬ ‫أن تتضافــر جميــع الجهــود العائليــة والرســمية‬ ‫والتطوعيــة‪ ،‬فــي المؤسســات العامــة واألهليــة‬ ‫مدة‬ ‫علــى الســواء‪ ،‬من أجل إبقــاء المســنّ ين أطول ّ‬ ‫ممكنــة فــي منزلهــم األول‪ ،‬وفــي المجتمــع الذي‬ ‫شــاخوا في كنفه‪ ،‬وبذلك يعتمدون على أنفســهم‬ ‫بنســبة عاليــة‪ ،‬ويحتاجــون إلــى القليــل فقــط مــن‬ ‫األقــارب أو الجمعيــات المهتمــة بالمســنّ ين أو‬ ‫المساعدات الحكومية‪.‬‬

‫عندما تكبر‪ ،‬من‬ ‫المحتمل أن يصبح‬ ‫لديك أمران أهم‬ ‫من غيرهما‪:‬‬ ‫الصحة والمال‪.‬‬ ‫هيلين غورلي براون‬


‫النواحي النفسية‬

‫كبار السن ما لهم وما علينا‬

‫المسن المتقاعد‪،‬‬ ‫وفي إطار االستفادة من‬ ‫ّ‬ ‫سؤال وجيه‪ :‬أال يمكن تكليف الشيخ أو العجوز‬ ‫بإعطائهما دوراً ما في البرامج التنموية التي‬ ‫تشرف عليها المؤسسات والمنظمات الرسمية‬ ‫واألهلية؟ إن من حسنات مثل هذه االستفادة‪،‬‬ ‫المسن من الدائرة المنزلية‬ ‫أنها فيما تُ خرج‬ ‫ّ‬ ‫الضيقة‪ ،‬فهي تُ بقيه على صلة بالمجتمع الذي‬ ‫طالما نشط فيه‪ ،‬فيحتفظ هو بقدراته االجتماعية‬ ‫والفكرية ما أمكن‪ ،‬ويستثمر المجتمع طاقته على‬ ‫العطاء‪ ،‬وهو في خريف العمر‪.‬‬

‫فمــن األخطــاء الشــائعة فــي التفكيــر العــام‪ ،‬حيــن‬ ‫حصــر‬ ‫المتقدميــن فــي‬ ‫يتحدثــون عــن‬ ‫ّ‬ ‫الســن‪ ،‬أن تُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مشــكلتهم بالنواحــي الصحيــة الخالصــة‪ .‬صحيــح‬ ‫الشــبان ألمــراض مزمنــة‪،‬‬ ‫معرضــون أكثــر مــن‬ ‫ّ‬ ‫أنهــم ّ‬ ‫والســكري واألمــراض‬ ‫مثــل ارتفــاع ضغــط الــدم‬ ‫ّ‬ ‫المرتبطــة بالقلــب والشــرايين وااللتهــاب العصبــي‬ ‫وآالم المفاصــل وضعــف البصــر والســمع‪ ،‬وغيرهــا‪.‬‬ ‫لكــن العلــوم‪ ،‬مــع تقدمهــا‪ ،‬تثبــت أكثــر فأكثــر‪ ،‬أن‬ ‫المســن‪،‬‬ ‫الحالــة النفســية الســيئة التــي قــد يعانيها‬ ‫ّ‬ ‫إنمــا تفاقــم هــذه األمــراض‪ ،‬إن لــم تكــن مــن أهــم‬ ‫أسبابها‪ .‬ولذا فال بد والحال هذه‪ ،‬من إيالء اهتمام‬ ‫المســن‪،‬‬ ‫أكبــر بالبــؤس والشــقاء الناتجين من انزواء‬ ‫ّ‬ ‫وإحساســه بأنــه أصبــح بــا فائــدة فــي المجتمــع‪،‬‬ ‫وااللتفــات إلــى مغالبــة مشــاعر الوحــدة واليــأس‬ ‫التي تنتابه‪.‬‬ ‫لقد بات لزاماً القول إن المشكلة‪ ،‬حين يتقدم المرء‬ ‫الســن‪ ،‬ال تنحصر في توفير المســكن والملبس‬ ‫في‬ ‫ّ‬ ‫والمــأكل والــدواء‪ ،‬وهي في أي حــال تبقى ضرورية‬ ‫بالطبــع‪ .‬لكــن ال بد في الوقت نفســه‪ ،‬بل قبل هذا‬ ‫وذاك‪ ،‬مــن التفكيــر فــي إشــراك المتقدميــن فــي‬ ‫السن‪ ،‬ال سيما القادرين نسبياً من الناحية الجسدية‪،‬‬ ‫فــي الحيــاة العائليــة وفــي البرامــج االجتماعيــة‬ ‫والتنموية التي تتناســب مــع مؤهالتهم وماضيهم‬ ‫المهنــي ومعارفهــم‪ .‬فلهــذا األمر فائدتان ال شــك‬ ‫المســن منتجاً بشــكل من‬ ‫فيهما‪ ،‬األولى هي إبقاء‬ ‫ّ‬ ‫األشــكال‪ ،‬يفيــد مجتمعه‪ ،‬وال يكــون عالة عليه‪ .‬أما‬ ‫المســن بــأن لــه دوراً‬ ‫الفائــدة الثانيــة فهــي إشــعار‬ ‫ّ‬ ‫مهماً يقوم به‪ ،‬وأن المجتمع من حوله يحتاج إليه‪.‬‬



‫سر العبقرية هو‬ ‫أن تحتفظ بروح‬ ‫الطفولة إلى سن‬ ‫الشيخوخة‪ ،‬ما‬ ‫يعني أال تفقد‬ ‫حماسك أبدا‪.‬‬ ‫ألدوس هكسلي‬


‫املس ّنون في اللغة العربية‬

‫المسنّ ون هم الذين أدركوا ِس ّن‬ ‫الشيخوخة‪ .‬جاء في «لسان‬ ‫العرب»‪ ،‬في مادة سنن‪« :‬وقد‬ ‫والس ّن‬ ‫ِ‬ ‫بالس ّن عن العمر‪...‬‬ ‫عبر ِ‬ ‫ُي َّ‬ ‫من العمر ُأنثى‪ ،‬تكون في الناس‬ ‫وغيرهم‪ ...‬وفي حديث عثمان‪:‬‬ ‫وجاوزت أسنان أهل بيتي‪ ،‬أي‬ ‫ُ‬ ‫فالن ِس ُّن فالن‬ ‫أعمارهم‪ .‬يقال‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫الس ّن‪َ .‬‬ ‫وأ َس َّن‬ ‫إذا كان مثله في ِ‬ ‫كب َرت‬ ‫المحكم‪:‬‬ ‫الرجل كبر‪ ،‬وفي‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫سنُّ ه‪ُ ،‬ي ِس ُّن إسناناُ فهو ُم ِس ّن‪.‬‬ ‫أكبر سناً‬ ‫أس ُّن من هذا‪ ،‬أي ُ‬ ‫وهذا َ‬ ‫والسن من العمر‬ ‫منه»‪ .‬ولقوله‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الس ّن‪،‬‬ ‫تقدمت به ِ‬ ‫أنثى‪ ،‬نقول‪ّ :‬‬ ‫السن‪.‬‬ ‫تقدم به ِ‬ ‫وال نقول‪ّ :‬‬

‫«ع ِم َر‬ ‫وفي «اللسان» أيضا‪َ :‬‬ ‫مارة‬ ‫وع ً‬ ‫ُ‬ ‫عم ُر َع َمراً َ‬ ‫الرجل َي َ‬ ‫وع ْمراً ‪ ...‬عاش وبقي زماناً‬ ‫َ‬ ‫طويال‪ ...‬ومنه قولهم‪ :‬أطال‬ ‫ً‬ ‫وعم ّره‬ ‫مرك‪...‬‬ ‫َّ‬ ‫وع َ‬ ‫مرك ُ‬ ‫الله َع َ‬ ‫وع َم َره‪ ،‬أبقاه»‪ .‬ومنه‬ ‫الله َ‬ ‫أسن‪ :‬إنه‬ ‫القول عن الرجل إذا‬ ‫ّ‬ ‫مثال‪ ،‬فهو‬ ‫ُع ِّم َر ثمانين عاماً ‪ً ،‬‬ ‫عمر‪.‬‬ ‫ُم َّ‬ ‫أما العجوز‪ ،‬فيقول فيها ابن‬ ‫منظور‪« :‬والعجوز والعجوزة‬ ‫رمة‪...‬‬ ‫اله َ‬ ‫من النساء‪ :‬الشيخة َ‬ ‫وع ْجزٌ وعجائز‪...‬‬ ‫والجمع ُع ُجزٌ ُ‬ ‫معجزة طعنت في‬ ‫إمرأة‬ ‫ّ‬ ‫السن‪ ...‬والعرب تقول المرأة‬ ‫شابة‪ :‬هي‬ ‫الرجل‪ ،‬وإن كانت ّ‬ ‫عجوزُ ُه‪ ...‬وللزوج وإن كان حدثاً ‪،‬‬ ‫هو شيخها»‪.‬‬ ‫«اله َرم أقصى‬ ‫وقال في الهرم‪:‬‬ ‫َ‬ ‫هرماً ‪،‬‬ ‫وم َ‬ ‫هرماً َ‬ ‫يهر ُم َ‬ ‫الكبر‪ ،‬هرم‪َ ...‬‬ ‫هرم‪ ،‬من‬ ‫وقد‬ ‫أهرمه الله‪ ،‬فهو ٌ‬ ‫َ‬ ‫وهرمى‪ ...‬واألنثى‬ ‫رجال َهرمين َ‬ ‫رمى‪،‬‬ ‫وه َ‬ ‫هرمة من نساء َهرمات َ‬ ‫وهر َمه‪ ...‬وابن‬ ‫هر ّ‬ ‫الد ُ‬ ‫أهر َمه ّ‬ ‫وقد َ‬ ‫آخر ولد الشيخ»‪.‬‬ ‫هرمة‪ُ ،‬‬ ‫َ‬


‫والكهولة منتصف العمر‪،‬‬ ‫وليست هي الشيخوخة كما‬ ‫يشيع في كتابات البعض‪ ،‬إذ جاء‬ ‫«الكهل‬ ‫ً‬ ‫في «لسان العرب»‪:‬‬ ‫الرجل إذا َو َخ َطه ّ‬ ‫الشيب‪ ...‬وفي‬ ‫الصحاح الكهل من الرجال‪ ،‬الذي‬ ‫وو َخ َطه ّ‬ ‫الشيب‪.‬‬ ‫جاوز الثالثين َ‬ ‫وفي فضل أبي بكر وعمر رضي‬ ‫سيدا كهول‬ ‫الله عنهما‪ :‬هذان ّ‬ ‫الجنّ ة‪ ...‬قال ابن األثير‪ :‬الكهل‬ ‫من الرجال من زاد على ثالثين‬ ‫سنة إلى األربعين‪ ،‬وقيل هو‬ ‫من ثالث وثالثين إلى تمام‬ ‫الخمسين‪ ،‬وقد اكتهل الرجل‬ ‫وكاهل‪ ،‬إذا بلغ الكهولة فصار‬ ‫َ‬ ‫كهل حينئذ‬ ‫ٌ‬ ‫كهال‪ ...‬وقيل له‬ ‫ً‬ ‫قوته‪،‬‬ ‫واكتمال‬ ‫شبابه‬ ‫النتهاء‬ ‫ّ‬ ‫هول وكهال‬ ‫ٌ‬ ‫والجمع كَ هلون وكُ‬ ‫ميادة‪:‬‬ ‫وكُ هالن‪ .‬قال ابن ّ‬ ‫حال دونَ ها‬ ‫رجيها وقد َ‬ ‫َ‬ ‫وكيف تُ ّ‬ ‫وشبابها؟»‬ ‫بنو أسد كُ هالنُ ها‬ ‫ُ‬ ‫وفي الشيخ‪ ،‬قال ابن منظور‪:‬‬ ‫«الشيخ الذي استبانت فيه‬ ‫السن‪ ،‬وظهر عليه َّ‬ ‫الشيب‪،‬‬ ‫ّ‬

‫وقيل هو شيخ من خمسين‬ ‫إلى آخره‪ .‬وقيل هو من إحدى‬ ‫وخمسين إلى آخر عمره‪ ،‬وقيل‬ ‫هو من الخمسين إلى الثمانين‪.‬‬ ‫وشيوخ‬ ‫ٌ‬ ‫وشيخان‬ ‫أشياخ‬ ‫ٌ‬ ‫والجمع‬ ‫ٌ‬ ‫شي ٌ‬ ‫خة‪ ...‬ومشايخ‪.‬‬ ‫وم َ‬ ‫وشي َخة‪َ ...‬‬ ‫َ‬ ‫واألنثى شيخة‪ ...‬وقد شاخ‬ ‫ً‬ ‫يشيخ َش َيخاً ‪ُ ...‬‬ ‫يوخة‪...‬‬ ‫وش‬ ‫وشيخوخة‪ ...‬فهو شيخ»‪.‬‬ ‫وفي الطاعن في السن‪ ،‬جاء‬ ‫«وطعن‬ ‫في «لسان العرب»‪:‬‬ ‫َ‬ ‫طع ُن‪ ...‬إذا‬ ‫فالن في‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫السن َي ُ‬ ‫تقدم‬ ‫شخص فيها» إي إذا ّ‬ ‫فيها‪.‬‬



‫كبار السن ما لهم وما علينا‬

‫ّ‬ ‫املسن‬ ‫تكريم‬

‫من القرآن الكريم إلى شعوب العالم‬

‫عمال بأمره‬ ‫للمسن مكانة عالية في اإلسالم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫تعالى‪ ،‬الذي يأمر فيه ببر الوالدين‪ ،‬وهما حكماً‬ ‫متقدمان فيها على الولد‪ .‬وقد‬ ‫بالغان في السن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫جمع القرآن الكريم بين عبادة الله واإلحسان‬ ‫للوالدين‪ ،‬في قوله تعالى‪ ،‬في اآلية ‪ 36‬من‬ ‫به شيئاً‬ ‫شركوا ِ‬ ‫اعبدوا َ‬ ‫{و ُ‬ ‫سورة النساء‪َ :‬‬ ‫الله َوال تُ ِ‬ ‫وبالوالدين ِإحسانا}‪ .‬كذلك ربط القرآن الكريم عبادة‬ ‫ِ‬ ‫الله وعدم اإلشراك به‪ ،‬باإلحسان للوالدين‪ ،‬في‬ ‫اآليتين ‪ 23‬و‪ 24‬من سورة اإلسراء‪ ،‬حيث قال عزّ‬ ‫وبالوالدين‬ ‫اه‬ ‫َ‬ ‫وجل‪:‬‬ ‫عبدوا ِإ ّل ّإي ُ‬ ‫{وقضى ُّربك َأ ّل تَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫كالهما‬ ‫حدهما أو‬ ‫عند َك ِ‬ ‫ُ‬ ‫الك َب َر أ ُ‬ ‫ِإحساناً ِإ ّما َيبلُ َغ َّن َ‬ ‫وال‬ ‫لهما ُأ ٍف وال تَ نْ َه ْر ُهما ُ‬ ‫وقل ُ‬ ‫َفال تَ ُقل ُ‬ ‫لهما َق ً‬ ‫كَ ريماً * َ‬ ‫وقل‬ ‫حم ِة ُ‬ ‫ناح ُّ‬ ‫الر َ‬ ‫الذ ِّل ِم َن ّ‬ ‫لهما َج َ‬ ‫وأ ْخ ِف ْض ُ‬ ‫ارح ْم ُهما كَ ما َر َّبياني َصغيراً }‪.‬‬ ‫رب َ‬ ‫ِّ‬

‫إذا كان القرآن الكريم قد رفع ّبر الوالدين إلى مرتبة‬ ‫الواجــب الدينــي‪ ،‬فــإن عدداً مــن الحضــارات لحظت‬ ‫هــذا الواجــب من زاوية اجتماعيــة أيضا‪ .‬ففيما ُيعزَ ل‬ ‫المســن غالبــاً فــي الحضــارة الغربيــة‪ ،‬ويحــال علــى‬ ‫ّ‬ ‫المــآوي والمستشــفيات‪ ،‬تحتفــل حضــارات عديــدة‬ ‫بالشــيخوخة وتكرمهــا أيمــا تكريــم‪ ،‬ال ســيما فــي‬ ‫مشارق األرض‪.‬‬ ‫يقــول المفكر كوشــين باليه إليســون مــن نيويورك‪:‬‬ ‫الســن‬ ‫«ثمــة خجــل فــي ثقافتنــا مــن التقــدم فــي‬ ‫ّ‬ ‫الســن يشــعرون‬ ‫والمــوت‪ .‬وحيــن يتقدم الناس في‬ ‫ّ‬ ‫بــأن بهــم خطباً ما‪ ،‬وأنهم فقدوا قيمتهم»‪ .‬ويقول‬ ‫عالم الفيزيولوجيا إريك إريكســون‪« :‬إن افتقارنا إلى‬ ‫النظرة المثالية إلى الشيخوخة يحرمنا من أن تكون‬ ‫لنا نظرة شاملة إلى الحياة»‪.‬‬ ‫أمــا فــي اليونــان‪ ،‬فــإن عبــارة الرجــل العجوز ليســت‬ ‫محــل احتفــال وتكريــم‬ ‫ّ‬ ‫ســلبية‪ ،‬بــل ان الشــيخوخة‬ ‫والمسن يحتل مكانة المركز في العائلة‪.‬‬ ‫واحترام‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يسمون عادة‪:‬‬ ‫وينظر سكان أمريكا األصليون‪ ،‬الذين‬ ‫َّ‬ ‫الهنــود الحمــر‪ ،‬بتبجيــل كبير إلى كبارهــم‪ ،‬لحكمتهم‬ ‫وخبرتهــم فــي الحيــاة‪ .‬وتالحظ دراســة فــي جامعة‬ ‫ميســوري‪ ،‬في كنســاس ســيتي‪ ،‬أن الشــيوخ منهم‬ ‫يحرصــون على نقل معارفهــم وخبرتهم إلى األجيال‬ ‫الناشئة‪.‬‬ ‫المســن مبــدأ مــن مبادئ‬ ‫وفــي كوريــا‪ ،‬يعــد تبجيــل‬ ‫ّ‬ ‫تعاليــم كونفوشــيوس الحكيــم الصينــي‪ ،‬واحتــرام‬ ‫بالمســن فــي العائلة‬ ‫الوالديــن واجــب‪ .‬بل إن العناية‬ ‫ّ‬


‫واجــب أيضــا‪ .‬وفــي خــارج اإلطــار العائلــي‪ ،‬يبــدي‬ ‫الكوريــون عمومــاً احترامهــم للمســنّ ين‪ .‬يقــول‬ ‫ّ‬ ‫كونفوشيوس في تعاليمه‪« :‬خشوع األبناء واحترام‬ ‫اإلخوة هما أســاس اإلنســانية»‪ .‬وفي كوريا تقاليد‬ ‫تقضــي االحتفــال ببلوغ الرجل أو المرأة الســتين‪ ،‬ثم‬ ‫الســبعين مــن العمــر‪ ،‬ذلــك أن بلــوغ هاتين الســنّ ين‬ ‫مدعــاة لفــرح العائلــة‪ ،‬ألن الســابقين فــي ماضــي‬ ‫الزمان‪ ،‬نادراً ما كانوا يبلغونهما‪.‬‬ ‫نظر إلى خشوع األبناء‬ ‫وفي الصين‪ ،‬كما في كوريا‪ُ ،‬ي َ‬ ‫للوالدين على أنه أسمى الفضائل‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫أن بعض التغريب وسياسة الولد الواحد أضعفا نوعاً‬ ‫مــا هــذا التقليــد‪ ،‬إال أن البالغ الصينــي في العموم‪،‬‬ ‫نظر إلى‬ ‫وي َ‬ ‫يبــدي احتراماً كبيــراً لوالديه وللمســنّ ين‪ُ .‬‬ ‫يودع والديه في مأوى‪ ،‬على أنه عاق‪.‬‬ ‫َمن ِ‬

‫والمســن فــي الهنــد هــو رأس العائلــة‪ .‬فالكثير من‬ ‫ّ‬ ‫الجدين‬ ‫الهنــود يعيشــون ضمن عائلتهم التــي تضم‬ ‫ّ‬ ‫الجــد هــو رأس العائلة‪.‬‬ ‫واألوالد والحفــدة‪ ،‬ويكــون‬ ‫ّ‬ ‫فاعــا فــي تنشــئة الحفــدة‪.‬‬ ‫الجــدان دوراً‬ ‫ويلعــب‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ــرد عنــد استشــارتهما فــي األمــور‬ ‫وكلمتهمــا ال تُ ّ‬ ‫المسن أكثر أفراد العائلة‬ ‫األساسية‪ .‬وغالباً ما يكون‬ ‫ّ‬ ‫المســن أو‬ ‫احتــرام‬ ‫وعــدم‬ ‫تعلقــاً بالديــن واألخــاق‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إيداعه في مأوى‪ ،‬أمر معيب لدى الهنود‪.‬‬ ‫وفــي رومــا القديمــة‪ ،‬كان معــدل عيــش الفــرد ال‬ ‫يتعــدى ‪ 25‬ســنة تقريبــاً ‪ ،‬لكــن بعــض األفــراد كانــوا‬ ‫ّ‬ ‫يبلغــون ســن الســبعين‪ ،‬وكانــوا يحظــون باالحتــرام‪،‬‬ ‫لحكمتهم‪.‬‬


‫تقــول د‪ .‬كاريــن كوكايــن‪ ،‬مــن جامعــة ريدينــغ‪« :‬كان‬ ‫الرومــان يســتفيدون مــن مســنّ يهم‪ ،‬ويؤمنــون‬ ‫ســبت إلــى الخطيــب‬ ‫بحكمتهــم وتجربتهــم»‪ .‬وقــد نَ َ‬ ‫الرومانــي شيشــرون قولــه‪« :‬ليــس أعــز عند اإلنســان‬ ‫مــن الحكمــة‪ .‬ومع أن التقدم في الســن يأخذ منّ ا كل‬ ‫شــيء‪ ،‬إال أنــه يعطينــا الحكمــة»‪ .‬أما الشــرط الذي ال‬ ‫للمســن مــن أن يتحلّ ى به ليســتحق االحترام‪ ،‬فهو‬ ‫بد‬ ‫ّ‬ ‫أن يعيــش حيــاة فاضلــة‪ .‬تقــول كوكايــن‪« :‬كان ال بــد‬ ‫مــن االجتهــاد لبلوغ مرتبــة الحكمــة‪ ،‬بالعمل الدؤوب‬ ‫فالمســن كان‬ ‫والــدرس‪ ،‬وال ســيما بالعيــش الفاضــل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فتــرض أن يعمــل دائمــاً باعتــدال ووقــار‪ .‬كان علــى‬ ‫ُي َ‬ ‫مثاال أعلى للشــبان‪،‬‬ ‫يكونوا‬ ‫أن‬ ‫الســن‬ ‫في‬ ‫المتقدمين‬ ‫ً‬ ‫ألن هؤالء ســيتعلّ مون منهم الســلوك الحســن‪ .‬كان‬ ‫متأص ًال في الحضارة الرومانية»‪.‬‬ ‫هذا‬ ‫ّ‬

‫تبدو الشيخوخة‬ ‫الطريقة الوحيدة‬ ‫المتاحة لتعيش‬ ‫طويال‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كيتي أونيل كولينز‬


‫الشيخوخة عدديًا‬

‫في البالد العربية اليوم‬

‫كبار السن ما لهم وما علينا‬

‫جاء في دراسة للّ جنة االقتصادية واالجتماعية‬ ‫لغرب آسيا (اإلسكوا)‪ ،‬أن نمط التوازن الديمغرافي‬ ‫تغير في العقود‬ ‫التقليدي في البالد العربية ّ‬ ‫ّ‬ ‫التحول الديمغرافي‬ ‫وتمثلت إحدى نتائج‬ ‫الماضية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫معدالت الخصوبة إلى انخفاضها ومن‬ ‫من ارتفاع‬ ‫ّ‬ ‫الو َف َيات إلى انخفاضه في تطور‬ ‫ارتفاع‬ ‫معدل َ‬ ‫ّ‬ ‫الهيكل العمري للسكان (هرم األعمار)‪ .‬وأدى‬ ‫تراجع الخصوبة في البلدان العربية إلى تغييرات‬ ‫مهمة في هذا الهيكل‪.‬‬ ‫ّ‬

‫وتتمثّ ل التغييرات في ارتفاع حاد لنسبة السكان‬ ‫بسن العمل (‪ 25‬إلى ‪ 64‬عاما) وانخفاض نسبة‬ ‫السكان في فئة األطفال (إلى سن ‪ 14‬عاما)‬ ‫وارتفاع بطيء وإن كان تدريجياً في نسبة‬ ‫المسنّ ين (‪ 65‬عاما وأكثر)‪.‬‬ ‫وعمليــة الشــيخوخة هــي أيضاً فــي مراحلها األولى‬ ‫فــي المنطقــة العربيــة حيــث تشــكل بدايــة تراجــع‬ ‫الخصوبــة اتجاهــاً حديثــاً نســبياً‪ .‬ومــع ذلــك وفــي‬ ‫أعقــاب التغيــر الســريع للوضــع الديمغرافــي فــي‬ ‫المنطقــة‪ ،‬ال يمكــن التقليل من أهميــة الحاجة إلى‬ ‫مواجهة التحديات الكامنة في ارتفاع نسبة السكان‬ ‫المســنّ ين‪ ،‬نظــراً إلــى أن العــدد المطلق لألشــخاص‬ ‫البالغيــن مــن العمــر ‪ 65‬عاما وأكثر قــد تضاعف من‬ ‫‪ 5,7‬مالييــن نســمة في عام ‪ 1980‬إلــى ‪ 10,4‬ماليين‬ ‫نســمة فــي عــام ‪( ،2000‬وإلــى‪ 14 )...‬مليون نســمة‬ ‫ويتوقــع أن يبلــغ ‪ 21,3‬مليــون نســمة‬ ‫ّ‬ ‫عــام ‪،2010‬‬ ‫بحلول عام ‪.2020‬‬ ‫خمســينيات‬ ‫والعالــم بأســره يــزداد شــيخوخة فــي‬ ‫ّ‬ ‫القــرن العشــرين‪ ،‬كانــت الفئــة العمرية من ‪ 65‬ســنة‬ ‫مثال‪ ،‬تشــكل نســبة ‪ %5‬من‬ ‫فمــا فــوق فــي اليابــان ً‬ ‫مجمل تعداد الســكان‪ .‬وقد اســتقرت النســبة على‬ ‫نموها‬ ‫حالها بعض الوقت‪ ،‬لكنها أخذت تتسارع في ّ‬ ‫في العقود التالية من السنوات‪ .‬وفي العام ‪،1989‬‬ ‫بلغت نســبة السكان فوق ‪ 65‬سنة في اليابان ‪11,6‬‬ ‫‪ %‬من مجمل الســكان‪ ،‬وفي سنة ‪ 2000‬بلغت هذه‬ ‫ويتوقــع أن تبلــغ فــي ســنة ‪،2020‬‬ ‫ّ‬ ‫النســبة ‪.%16,9‬‬


‫نســبة ‪ .%25,2‬أبــرز مــا في هــذه األرقــام‪ ،‬أن اليابان‬ ‫هي أســرع الشــعوب في الدول الصناعية نمواً في‬ ‫مثال بالواليات المتحدة‪،‬‬ ‫فئة الشــيوخ‪ .‬فإذا قورنت ً‬ ‫فإننــا نالحــظ أن نســبة الفئــة العمريــة مــن الشــيوخ‬ ‫األمريكييــن اســتغرقت لتنمــو من ‪ %7‬إلــى ‪ ،%14‬ما‬ ‫يقــرب مــن ‪ 75‬ســنة‪ .‬أمــا فئــة الشــيوخ من ســن ‪65‬‬ ‫سنة وما فوق في ألمانيا وبريطانيا‪ ،‬فنمت نسبتها‬ ‫من ‪ %7‬إلى ‪ %14‬في مدى ‪ 45‬ســنة‪ .‬ولم يســتغرق‬ ‫هذا النمو في اليابان غير ‪ 24,5‬سنة فقط‪ ،‬من سنة‬ ‫‪ 1970‬إلى سنة ‪ .1995‬ولكن رغم تفاوت النسب هنا‬ ‫وهناك‪ ،‬فأنها كله تؤكد أن العالم بأسره يشيخ أكثر‬ ‫فأكثر‪ ،‬وبوتيرة أسرع من أي وقت مضى‪.‬‬


‫هرم األعمار وأهميته‬

‫كبار السن ما لهم وما علينا‬

‫هــرم األعمــار هــو رســم بياني يمثــل توزيع الســكان‬ ‫حســب الجنــس (الذكــور فــي جانــب واإلنــاث فــي‬ ‫الجانــب اآلخــر) وحســب فئــات األعمــار (في شــرائح‬ ‫متصاعــدة‪ ،‬فاألطفــال في قاعدة الهرم‪ ،‬والشــيوخ‬ ‫في أعاله)‪.‬‬ ‫يتميــز هــرم األعمــار فــي الــدول الناميــة بقاعــدة‬ ‫ّ‬ ‫عريضــة تمثــل غلبــة فئــة األطفــال والشــباب علــى‬ ‫فئــات المتقدميــن فــي الســن‪ ،‬بفعــل ارتفــاع وتيرة‬ ‫حســب هذه الوتيرة بالفرق بين‬ ‫التكاثر الطبيعي‪ .‬وتُ َ‬ ‫الو َف َيات‪ ،‬في كل ألف شخص‬ ‫عدد الوالدات وعدد َ‬ ‫من السكان‪.‬‬ ‫المتقدمــة‬ ‫أمــا هــرم األعمــار فــي الــدول الصناعيــة‬ ‫ّ‬ ‫فيتميــز بكبر حجــم فئة األعمار المتوســطة وارتفاع‬ ‫ّ‬ ‫نســبة الشيوخ‪ .‬وســبب ذلك انخفاض نســبة التكاثر‬ ‫الطبيعي بفعل اعتماد سياســة تحديد النسل‪ ،‬على‬ ‫نحو يقلّ ص قاعدة الهرم‪.‬‬ ‫وال تكتفــي الــدول عادة في إحصاءاتها االقتصادية‬ ‫بهــرم األعمــار وحــده‪ ،‬لتعييــن وضعهــا الســكاني‬ ‫(الديمغرافي) بل تســتند أيضاً إلى احتســاب الفئات‬ ‫الناشــطة والفئــات غيــر الناشــطة فــي المجتمــع‪.‬‬ ‫ففــي اإلحصاءات‪ ،‬الفئات الناشــطة تشــمل األفراد‬ ‫البالغيــن ســن العمــل (بيــن ‪ 15‬ســنة‪ ،‬و‪ 60‬أو ‪65‬‬ ‫ســنة)‪ .‬وتنقسم فئة الســكان الناشطين إلى سكان‬ ‫ناشــطين يعملــون‪ ،‬وســكان ناشــطين عاطليــن من‬ ‫العمــل‪ .‬أمــا الفئة غير الناشــطة‪ ،‬فتشــمل األطفال‬ ‫والتالميــذ والطــاب وربــات البيــوت والمتقاعديــن‬ ‫المسنّ ين وذوي الحاجات الخاصة‪.‬‬


‫حســب نســبة النشــاط فــي الســكان‪ ،‬بالنســبة‬ ‫وتُ َ‬ ‫المئويــة التــي تمثلهــا الفئة الناشــطة مــن مجموع‬ ‫الســكان‪ ،‬وحســابها يكــون بالمعادلــة التاليــة‪( :‬عدد‬ ‫السكان الناشطين‪ :‬مجموع السكان)‪.%... =100 x‬‬ ‫إن نســبة النشــاط فــي الــدول الصناعيــة المتقدمة‬ ‫(ال ســيما دول الشــمال والغرب) أعلى من النســبة‬ ‫فــي الــدول الناميــة (دول الجنوب والعالــم الثالث)‪،‬‬ ‫ألن فــي دول الجنــوب نســبة أكبــر مــن األطفــال‬ ‫وربات البيوت‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وال بد من أن نالحظ‪ ،‬أن أســلوب رســم هرم األعمار‬ ‫قــد يختلــف‪ ،‬حســب اختــاف فئــات العمــر‪ .‬فبعض‬ ‫أهــرام العمــر تجعــل كل خمــس ســنين فئــة تمثلهــا‬ ‫شــريحة مــن الهرم‪ ،‬وبعضهــا اآلخر قد يجعل الســن‬ ‫حتى العشــرين فئة‪ ،‬ومن العشرين إلى الستين فئة‬ ‫ثانية‪ ،‬وما فوق الســتين فئة ثالثة‪ .‬كذلك ال بد من‬ ‫مالحظــة أن هــرم األعمــار في الــدول النامية أقرب‬ ‫إلى شــكل الهــرم‪ ،‬ألن القاعدة فيه عريضة‪ .‬أما في‬ ‫الــدول المتقدمــة‪ ،‬فيقترب شــكل الهرم من شــكل‬ ‫بين الهرم والعمود‪.‬‬ ‫وتهتــم األبحــاث االقتصاديــة والتنمويــة فــي‬ ‫يبيــن بصــورة‬ ‫البــاد المتطــورة بهــرم األعمــار‪ ،‬ألنــه ّ‬ ‫مبســطة ونظــرة واحــدة‪ ،‬إذا كانــت البــاد «فتيــة»‬ ‫أم أنها «تشــيخ»‪ .‬فلهذا الشــأن عالقة بوتيرة النمو‬ ‫االقتصــادي‪ .‬ولــذا يشــجعون الهجــرة الوافــدة‪ ،‬وال‬ ‫الشبان‪ ،‬حين يخشون هذه «الشيخوخة»‪.‬‬ ‫سيما‬ ‫ّ‬



‫سن الكبر هو‬ ‫السن الذي يزيد‬ ‫عن عمري الحالي‬ ‫بخمسة عشر عاما‪.‬‬ ‫أوليفر وندل هولمز‬


‫األمم املتحدة‬

‫قضية ذات أبعاد أخالقية واقتصادية وحقوقية‬

‫كبار السن ما لهم وما علينا‬

‫السن‪،‬‬ ‫إن إعالن األول من أكتوبر يوماً دولياً لكبار‬ ‫ّ‬ ‫ال ينم عن اهتمام جديد بهذه المسألة‪ .‬فقد‬ ‫اهتمت األمم المتحدة‪ ،‬منذ العام ‪ 1982‬على‬ ‫وعددت على أحد‬ ‫الخصوص بحقوق كبار السن‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أقرت فيها النصوص‬ ‫مواقعها المؤتمرات التي ّ‬ ‫والمبادئ المتعلقة بهذا الموضوع‪ .‬وصنّ فت‬ ‫المنظمة الدولية سوء معاملة كبار السن على‬ ‫وأقرت ما يلي‪:‬‬ ‫أنه مسألة حقوق إنسان‪،‬‬ ‫ّ‬

‫ ‬

‫توجيه االنتباه إلى المسائل السياسية‬ ‫التي ينطوي عليها سوء معاملة كبار ‬ ‫ضدهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫السن والتمييز ّ‬ ‫التصدي لسوء المعاملة فيما يتصل ‬ ‫ّ‬ ‫السن في الحصول على ‬ ‫بحق كبار‬ ‫ّ‬ ‫المنافع االجتماعية وغيرها من ‬ ‫االستحقاقات‪.‬‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫التصدي بفعالية لسوء المعاملة ‬ ‫ ‬ ‫ّ‬ ‫والعنف‪.‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫وأجملــت خطــة العمــل الدوليــة للشــيخوخة التــي‬ ‫اعتمدتهــا الجمعيــة العالميــة األولــى للشــيخوخة‬ ‫وبينت‬ ‫في فيينا في عام ‪ ،1982‬حقوق كبار‬ ‫ّ‬ ‫الســن‪ّ ،‬‬ ‫الســن‬ ‫مبــادئ األمــم المتحــدة المتعلقــة بكبــار‬ ‫ّ‬ ‫حقوقهــم فــي مجــاالت االســتقاللية والمشــاركة‬ ‫والرعايــة وتحقيــق الــذات والكرامــة‪ .‬وفــي عــام‬ ‫وجهــت اللجنة المعنيــة بالحقوق االقتصادية‬ ‫‪ّ 1995‬‬ ‫واالجتماعيــة والثقافيــة فــي تعليقهــا المتعلــق‬ ‫بتنفيذ العهــد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية‬ ‫واالجتماعيــة والثقافيــة انتبــاه الــدول األعضــاء‬ ‫توجيهيــة‬ ‫الســن‪ ،‬ووضعــت مبــادئ‬ ‫إلــى حالــة كبــار‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لتسترشــد بهــا الدول األطراف فــي تعميق فهمها‬ ‫السن في تنفيذ أحكام العهد‪.‬‬ ‫اللتزاماتها إزاء كبار‬ ‫ّ‬


‫واعتمدت مؤتمرات القمة التي عقدتها األمم المتحدة‬ ‫أيضــاً التزامــات ومبــادئ توجيهيــة‪ ،‬تشــدد بالخصــوص‬ ‫السن‪ ،‬منها إعالن وبرنامج عمل‬ ‫على تعزيز حقوق كبار‬ ‫ّ‬ ‫كوبنهاغــن اللــذان اعتمدهمــا مؤتمــر القمــة العالمــي‬ ‫للتنميــة االجتماعيــة فــي عــام ‪ 1995‬وإعــان ومنهــاج‬ ‫عمــل بيكين اللــذان اعتمدهما المؤتمــر العالمي الرابع‬ ‫المعني بالمرأة في عام ‪ ،1995‬والمبادرات األخرى من‬ ‫أجــل التنميــة االجتماعية التــي اتخذتهــا دورة الجمعية‬ ‫العامــة االســتثنائية الرابعة والعشــرون‪ ،‬وإعالن األمم‬ ‫المتحــدة لأللفيــة الــذي اعتمــده مؤتمــر قمــة األلفية‬ ‫باألمم المتحدة في عام ‪.2000‬‬ ‫وتــرى المواثيــق الدوليــة فــي هــذا الشــأن‪ ،‬أن الفقــر‬ ‫يزيــد حــدة الحرمــان مــن حقــوق اإلنســان األساســية‬ ‫ويقلــل الخيارات والفرص المتاحــة لحياة مقبولة‪ .‬وفي‬ ‫الســن نســبة‬ ‫العديــد مــن المجتمعــات توجــد بيــن كبــار‬ ‫ّ‬ ‫غيــر متناســبة من الفقــراء وفقراء الفقــراء‪ .‬ولذلك فإن‬ ‫مكمالن‬ ‫القضــاء علــى الفقر والحد من العنــف هدفان‬ ‫ّ‬ ‫لحقــوق اإلنســان فــي العديــد مــن المناطــق‪ ،‬وعناصــر‬ ‫هامة من عناصر التنمية البشرية‪.‬‬ ‫السن‬ ‫حرم كبار‬ ‫ّ‬ ‫والشــيخوخة هي إحدى الوســائل التي ُي َ‬ ‫بواســطتها من حقوق اإلنســان‪ ،‬أو تُ نتَ هك عن طريقها‬ ‫تتحــول الصــور النمطيــة‬ ‫تلــك الحقــوق‪ .‬ويحــدث أن‬ ‫ّ‬ ‫الســن وإســاءة معاملتهــم إلــى قلــة‬ ‫الســلبية لكبــار‬ ‫ّ‬ ‫اهتمــام المجتمــع بهــم‪ ،‬بما فــي ذلك خطــر التهميش‬ ‫والحرمــان مــن تســاوي الفــرص ومــن المــوارد ومــن‬ ‫السن‬ ‫الحقوق‪ .‬ويؤدي التمييز في العمل على أساس‬ ‫ّ‬ ‫العمال المســنّ ين من العمالــة النظامية‪.‬‬ ‫إلــى اســتبعاد‬ ‫ّ‬ ‫وتؤثّ ــر القيــم الثقافية فيما يتصل بالســن ونوع الجنس‬ ‫ضد المســنّ ين في الحياة االجتماعية‬ ‫على درجة التمييز ّ‬ ‫واالقتصاديــة والسياســية‪ .‬وقد تنجــح النظم القانونية‬ ‫أو تفشــل فــي مقاومــة الضغــوط التعويضيــة لحمايــة‬ ‫حقوق اإلنسان‪.‬‬



‫خاتمة‬

‫لقدأمرنــا الديــن ببــر الوالديــن‪ ،‬فصــار األمــر محتوماً‬ ‫َ‬ ‫مــرد لــه‪ ،‬وأعطت النظــم االجتماعيــة والمواثيق‬ ‫ال‬ ‫ّ‬ ‫حقــه فــي الكرامة واالحتــرام‪ ،‬في‬ ‫المســن ّ‬ ‫الدوليــة‬ ‫ّ‬ ‫تتقــدم العلــوم‬ ‫خريــف العمــر‪ .‬وفــي هــذه األثنــاء‬ ‫ّ‬ ‫الطبية‪ ،‬ويبدو في األفق مزيد من المكاســب على‬ ‫ّ‬ ‫معــدل العمر‬ ‫هــذا الصعيــد‪ ،‬علــى النحو الــذي يرفع‬ ‫ّ‬ ‫المتوقع لإلنسان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫التقــدم الذي يدعو إلــى االغتباط من جانب‪،‬‬ ‫وبهــذا‬ ‫ّ‬ ‫تــزداد البشــرية شــيخوخة مــن الجانــب اآلخــر‪ ،‬أي‬ ‫أن نســبة الذيــن يخرجــون مــن ســوق العمــل تــزداد‪،‬‬ ‫فتــزداد معهم أعباء الرعاية‪ ،‬وتتعاظم الجهود التي‬ ‫يتعيــن علــى البشــرية أن تبذلهــا‪ ،‬فــي توفير حياة‬ ‫ّ‬ ‫كريمــة لكبارنا‪.‬‬ ‫بجــد فــي المســألة‪،‬‬ ‫بــد للبشــرية مــن أن تنظــر‬ ‫ّ‬ ‫وال ّ‬ ‫لتوازن بين أمر رعاية الشيخوخة المفروغ منه‪ ،‬وبين‬ ‫توفيــر المــوارد الماديــة والمعنويــة الالزمــة لهــذا‬ ‫الواجب الديني واإلنساني‪.‬‬ ‫والمسؤولية تقع على النواة األولى‪ ،‬وهي العائلة‪،‬‬ ‫وعلــى كاهــل الجمعيــات األهليــة المتخصصــة فــي‬ ‫هــذا الشــأن‪ ،‬ثــم علــى المؤسســات العامــة‪ ،‬التــي‬ ‫تخطط لشعبها وتنظر في حاضره ومستقبله‪.‬‬ ‫تلك هي المسألة‪ ،‬وهي ليست مما يستعصي حلّ ه‪.‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.