الفكرة
نصف االبتكار... واالبتكار نصف... كل شيء
1
2
الفكرة
نصف االبتكار... واالبتكار نصف... كل شيء
3
4
5
االبتكار، من كلمات السر األساسية في عصرنا الحديث؛ حيث اكتسبت هذه الكلمة قيمة مضاعفة ال سيما عند منقلب القرنين العشرين والواحد والعشرين. 6
دفع العصر الحديث االبتكار إلى واجهة حياتنا اليومية ،حتى طغى مفهومه على مفهوم آخر من أعظم المفاهيم البشرية :االختراع. ذلك أن االبتكار هو الترجمة العملية تحوله من المستفيدة من االختراع ،التي ّ فكرة تخطر في بال حالم ،إلى سلعة تأخذ ليغيروا نمط فيقبلون عليها ّ بألباب الناس ُ عيشهم أو أسلوب عملهم. صارت حياتنا سلسلة متالحقة من االبتكارات، حتى بتنا نلهث وراءها. أما االقتصاديون ،فلم يعد االبتكار عندهم محل سؤال :إنه العامل األول في التنمية االقتصادية .لم تعد عناصر التفوق األولى هي زيادة رأس المال ،أو تجنيد اليد العاملة. بل االبتكار هو المحرك األساسي. كيف نفهم االبتكار ،وما الذي يجعله المحرك األول في االقتصاد ،والجاذب ّ األقوى للمستهلك في يومنا هذا؟ 7
"هذا الهاتف مليء بالنواقص كوسيلة اتصال .إنه جهاز ال قيمة له عندنا". مشروع تمويل جهاز الهاتف وسترن يونيون
8
أنا أبتكر ،إذن أنا موجود! طبعت المبتكرات عصرنا الحاضر ،وتعززت مكانتها بوصفها من أهم مصادر الثروة ،ويرى البعض أن االبتكار مصدرها المضمون الوحيد .وقد أخذت وتيسر الحية تبذل جهوداً كبيرة لتشجيع األفكار الجديدة والجريئة، ّ الشركات ّ
المناخ المالئم الذي يضمن لها أسباب النجاح ،حتى أصبح األمر شرطاً ال غنى عنه في الصمود أمام المنافسة.
ورصدت للجهود االبتكارية وقد صار لالبتكار بند رئيسي في موازنات الشركاتُ ، المخصصات الالزمة التي تتوزع بين نشر «ثقافة االبتكار» داخل الشركة وتأمين
المستلزمات الضرورية التي تسمح للمبتكرين بتحقيق أحالمهم .وعلى عكس ما تمول أبحاثه كان الحال في الماضي ،عندما كان المبتكر يبحث جاهداً عن جهة ّ
وتوفر له اإلمكانات التي يحتاج إليها ،أصبحت اإلمكانات في يومنا هذا هي
ساع وراءها .فقد مضى الزمن الذي ترفض الساعية وراء االبتكار أكثر مما هو ٍ ٌ شركة تمويل ابتكار لمجرد بعض النواقص فيه .وكم سمعنا من نوادر قديمة فيه
تمويل مبتكِ ر ،وندمت الحقاً على ذلك َ في هذا السياق رفضت فيها شركة ما ُم ّر الندم .ومنها على سبيل المثال -واألمثلة كثيرة -ما ورد في مذكرة لشركة
«وسترن يونيون» تعقيباً على مشروع تمويل جهاز الهاتف ،وجاء فيها:
«هذا الهاتف مليء بالنواقص كوسيلة اتصال .إنه جهاز ال قيمة له عندنا».
التحوالت التي شهدها عصرنا أصحاب األفكار ،قوة ومكانة لم تكن لقد أعطت ّ
لهم من قبل .فليس في دنيا االبتكار صغير ،فرداً كان أم شركة .وللشركات الصغيرة التي تنجح في تحقيق أفكار ابتكارية مكانة تحسدها عليها الشركات
التحول إلى شركة كبرى بسرعة مذهلة الكبيرة أحياناً .فهي تستطيع أن تختار بين ّ
فعال في حاالت عديدة معروفة ،وبين بيع أفكارها ومبتكراتها كما حصل ً للشركات الكبرى ،والعيش في رغد المداخيل المريحة ضمن حجمها الصغير.
االبتكار ووسائله طغت المبتكرات اإللكترونية على الحياة االقتصادية في العقدين األخيرين، مذهال ،وأهم أسباب ذلك أنها وتسارعت وتيرة ظهور الجديد فيها تسارعاً ً
تحولت إلى أكثر أدوات إنجاز االبتكار فاعلية… االبتكار في جميع هي نفسها ّ
المجـاالت األخرى.
فالكمبيوتر ابتكار للعصر ولكل ابتكار فيه ،وذلك لما يوفره من مساعدة على البحث ،وفي تسريع العمليات المطلوبة للوصول إلى النتائج .وغدت السرعة في إنجاز االبتكار الشغل الشاغل للشركات المتفوقة في العالم ،لما لذلك من دور في السباق التنافسي .حتى قيل في هذه األيام:
لم يعد الكبير يطغى على الصغير ،بل السريع على البطيء! 9
الشركات األكثر ابتكاراً ولماذا! منتجاتها حققت اختراقاً
وفرت تجارب فريدة لزبائنها
ابتكرت أساليب إنتاج جديدة
المصدر :مجموعة بوسطن االستشارية: المد في التجديد؟» ،دراسة BCGلإلدارة العليا. يتبدل اتجاه ّ «هل ّ
«لم يقدم االبتكار في أي وقت مضى من تاريخ اإلنسانية هذا القدر لهذا العدد من الناس ،وفي ْ هذا الوقت القصير». بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت
10
االبتكار أو االندثار في مجتمع اقتصادي تشتد فيه المنافسة على األسواق ،لم تعد الشركة،
أي شركة ،تستطيع أن تبقى وتستمر من دون تطوير منتجاتها وخدماتها، بل وأنماط إدارتها ألعمالها في أي مجال من المجاالت .وكلما وجدت شركة
من الشركات نفسها في وضع تراجع يصبح االبتكار مالذها الوحيد ،فهي مخيرة بين االبتكار أو االندثار. ّ
قد يكون االبتكار منتَ جاً جديداً ،أو تطويراً في ُصلب المنتَ ج ،وقد يأتي التجديد في
المنْ تَ ج الخارجي فقط ،ال يضيف إليه سوى جاذبية الشكل .ومن األمثلة مظهر ُ المعروفة على هذا ما قامت به شركة «أبل» حين وجدت أن مبيعاتها تتراجع،
تضمر ،فجاء إنقاذها من طريق ثورة قادها رئيس جديد وحصتها في السوق ُ فغيره من جهاز رمادي رتيب إلى جهاز عصري للشركة ،وطالت تصميم الجهاز، ّ
التحول الذي أنقذ جذاب المظهر الفت للنظر في شكله وألوانه .فصنع بذلك ّ ّ المنْ تَ ج لم يعد يؤخذ بالخفة نفسها «أبل» من مصير محتوم .والحقيقة أن جمال ُ
تميز النظرة إليه من قبل .ذلك أن التجديد أصبح شبه حاجة يتطلبها التي كانت ّ اإلنسان ،وسبباً لشحذ الرغبة في االستخدام ،أو الحماسة لالستخدام ،وقيمة مضافة إلى المنتجات ،بما في ذلك أكثرها تخصصاً وتقنية.
متعمق لكي يدرك أهمية التجديد واالبتكار في عارف ٍ وال يحتاج الموضوع إلى ّ
زيادة مبيعات الشركات وأرباحها وتأثيرها في اتجاه األسواق .يكفيه أن يتذكر
تفوقت منتجاتها ،كبرامج الكمبيوتر ،أو أجهزة ما يقرأه في الصحف عن شركات ّ الهاتف الخليوي أو أصناف األدوية الجديدة أو غيرها ،حيث التجديد في المنتَ ج أو إضافة منتَ ج جديد يضاعف مبيعاتها ويضعها في المراتب األولى في األسواق.
وال شك في أن الروح االبتكارية هي التي أوصلت شركة مثل «مايكروسوفت» إلى المكانة التي ال ينافسها فيها أحد اليوم.
يقول مؤسسها بيل غيتس ،الذي غدا رمزاً لنجاح األفكار الجريئة:
القدر لهذا العدد «لم يقدم االبتكار في أي وقت مضى من تاريخ اإلنسانية هذا ْ من الناس ،وفي هذا الوقت القصير».
ضاعف فيه أرباح الشركات ،في وتسهم المبتكرات الجديدة ،في الوقت الذي تُ ِ
إعطاء االقتصاد الوطني نفسه شحنات جديدة من الحيوية والقدرة من خالل تعزيز الشركات الوطنية وقدراتها على التنافس مع شركات من بلدان أخرى .وقد
جاء في دراسة لمجلة «إيكونومست» أن االبتكار يقف وراء نصف حجم النمو في
تبين هذه الدراسة نفسها أن الدخل القومي بالواليات المتحدة وبريطانيا .كذلك ّ الشركات التي تنجح في تحقيق ابتكار ما تجني ضعفي أرباح الشركات األخرى،
عال .والمتفوقة منها تحقق أربعة أضعاف المردود وتتمتع دوماً بمؤشر نمو ٍ
للمساهمين .باختصار ،لقد غدا االبتكار الفرس التي تضع أي شركة في الطليعة، حيث يقول هارولد ماك ألندون في هذا السياق:
«قادة العالم في االبتكار واإلبداع هم قادة العالم في كل شيء آخر». 11
عناصر روح االبتكار حتى تكون لدى المرء روح ابتكارية ،فال بد من اجتماع ثالثة عناصر أساسية فيه ،هي:
•المقدرة الشخصية ،وهي تتضمن الذكاء والمعرفة والمواهب الذاتية.
•الحوافز ،وهي تتضمن االلتزام واالندفاع الذاتي واالهتمام الشخصي والمكافآت المنتظرة.
•المهارات :ومنها التقنية ،ومهارات العمل الجماعي ،والقدرة على ابتداع حلول للمشكالت.
إذا اجتمعت كل هذه في الشخص ،أمكنه أن يكون مبتكراً ناجحاً.
«المبتكر مهما صغر حجم ِ والمخترع مهما ابتكاره، ِ عظمت مكانة اختراعه، يتمتعان بالروح االبتكارية نفسها ،روح التجديد والبحث واإلصرار على إنجاز الفكرة مهما كلف األمر».
12
الحاجة ُأ ّم … االثنين غالباً ما يطلق االبتكار -بمعناه المحدد -على تطوير في المنتَ ج ،أو تجديد يتميز عن االختراع الذي يكون في أسلوب الخدمة أو إنجاز األعمال .وبذلك ّ
ثمرة جهد طويل ويكون اكتشافاً محدداً بالمعنى الكامل للكلمة .ولكن
االبتكار ،مثل االختراع ،ينتج من حاجة في أغلب األحيان .ولذا تبقى الحاجة
أم االختراع واالبتكار معاً .والصورة األدق في وصف االبتكار هي نفسها ّ تقول إنه غالباً ما يخطر في البال خالل السعي إلى التغلب على صعوبة ما في خضم العمل .والمبتكر قد يكون أي إنسان تخطر له فكرة ما تجعل أداءه يطوره أكثر فاعلية ،أو سرعة ،أو سهولة ،أو أقل تكلفة ،فيبحث عن تفصيل ّ
المنتَ ج .ولكن قد تكون ليحقق هذا الهدف الذي ال يتجاوز مجرد تحسين في ُ لهذا التحسين فوائد كبيرة في االستخدام .فليست األفكار االبتكارية كلها
من النوع الذي يحصل على براءة اختراع أو ما شابه ذلك .قد تكون أحياناً
فكرة عابرة نجحت في تحقيق شيء بسيط بشكل أفضل ،لن يتذكرها أحد وال حتى صاحبها .لكن هناك أيضاً مبتكرات تقف جنباً إلى جنب مع أعظم المخترعات مكانة وقيمة وفائدة. َ
والمخترع مهما عظمت واالثنان في أي حال :المبتكِ ر مهما صغر حجم ابتكاره، ِ مكانة اختراعه ،يتمتعان بالروح االبتكارية نفسها ،روح التجديد والبحث واإلصرار على إنجاز الفكرة مهما كلف األمر.
والشركة التي تنتشر فيها الروح االبتكارية قد تشهد خالل يوم واحد آالف األفكار
«المبتكرة» الصغيرة ،وذلك من دون أن تسجل براءة اختراع أو شهادة ابتكار واحدة ألي من منتسبيها .فالتجديد والتحسين في أساليب العمل يبدآن بأبسط
وصوال إلى أكبر األهداف .إنه مناخ كامل ال تجزئة فيه .ونشر الروح التفاصيل ً التجديدية االبتكارية هو الهدف العام من نشر «ثقافة االبتكار» في الشركة إنه ليس إدخال االبتكار في هيكل الشركة بل إدخال الشركة في هيكل االبتكار!
13
اإلبداع والتجديد ميز بعض الباحثين ،الذين تناولوا االبتكار وعناصره ،بين أمرين: ّ •االبداع ،وهو اجتراح فكرة جديدة أو حل لمشكلة أو أسلوب عمل يسهل ما كان صعبا. مبتكر ّ
•التجديد ،وهو تحويل اإلبداع من فكرة إلى نتاج ملموس أو وسيلة تطبيق عملية لحل المشكالت أو تسهيل األعمال.
الخالقة ،من ورأى هؤالء الباحثون ،أنك تستطيع أن تكون مبدعاً لألفكار ّ دون أن تصبح مجدداً من الناحية العملية .لكنك ال تستطيع أن تكون مجدداً من دون أن تكون مبدعاً.
وترى «آي بي إم» أن اإلبداع هو المادة الخام للتجديد ،أما التجديد فهو التطبيق العملي لإلبداع.
14
روح عصرية وشبابية عامال رئيسياً النزوع إلى االبتكار والتجديد الزم جميع الحضارات الحية ،وكان ً
المد االبتكاري ،الذي نراه اليوم، من عوامل نهضتها وعمرانها .إال أن هذا ّ له خصوصية معينة تكمن في أنه يعود في بعض مقوماته إلى التيارات الشبابية التي اجتاحت العالم خالل عقود ثالثة.
والسبعينيات من القرن العشرين ،حركات تمرد شبابية الستينيات فقد شهدت ّ ّ
تغير كل شيء .وال غرابة في أن نجد بدايات الموجة االبتكارية في أرادت أن ّ
حركات الشباب التغييرية هذه .وكان أول مظاهر هذا التغيير في الملبس
والفنون ،ولكن جوهره كان في تلك الدعوات إلى الخروج على التقليد ،والتحرر من سطوة األفكار السائدة .وعلى الرغم من أن أبعد آثارها المباشرة كان في الثقافة والقيم االجتماعية إال أن ذيولها وصلت إلى دنيا العلوم على أشكالها. وفي عالم الكمبيوتر بالذات وامتداداته الالحقة في اإلنترنت وألعاب الفيديو وغيرها ،يمكننا أن نجد أسماء مبتكرين حققوا منجزاتهم وهم في سن مبكرة
جداً ،معتمدين على وسائل وأدوات صنعوها بأقل قدر ممكن من اإلمكانات. ومع انتشار الكمبيوتر الشخصي الذي َيسهل امتالكه ،تعزز الدورالشبابي في
الشبان وسيلة ابتكارية يستخدمونها بمهارة أعطتهم مجال االبتكار وأصبح لدى ّ تفوق كبيراً على»أصحاب الخبرة». هامش ّ
وأصبح مشهد األب الذي يقف إلى جانب ابنه يراقبه يتعامل مع الكمبيوتر
بهذه المهارة والكفاءة والتحكم ،ويصنع من خالله أشياء ال تعد وال تحصى،
الشبان المبادرة، منظراً اجتماعياً مألوفاً ،محزناً ومفرحاً في آن معاً .لقد امتلك ّ
وطبعوا المبتكرات الحديثة بطابعهم وجعلوها تتجاوب مع رغباتهم وأذواقهم
وحاجاتهم المعيشية التي اختلفت عن أنماط المجتمع التقليدي المتوارثة .وقد
ففتحت لهم الشبان وقبل راضخاً بحقهم في االختالفُ ، جارى العصر المبتكرين ّ
أبواب التقدم ونَ صبت لهم الشركات أقواس المجد!
15
تبد الفكرة مستهجنة للوهلة األولى، إذا لم ُ
ألبرت آينشتاين
لن يكون لها أي أمل في النجاح»؟
تبد الفكرة مستهجنة «إذا لم ُ للوهلة األولى ،لن يكون لها أي أمل في النجاح»؟
16
الجنون ابتكار إذا استعرضنا مصطلحات النهج االبتكاري الرائج اليوم فإننا نتلمس أوجه
التشابه بينها وبين الدعوات التي كانت تطرحها الحركات الشبابية بدءاً
بتجربة أي فكرة قد تخطر بالبال على أساس مبدأ «لِ َم ال؟» ،والتفكير خارج
الصندوق كما يقال ،وتأكيد أن «أياً كان» يستطيع أن يبتكر .وفي كل هذه نتلمس أسلوب الشباب في الطرح الجريء الذي ال التعابير نستطيع أن ّ
تحدها حدود. يرضخ وال يبالي بشيء إال تحقيق أحالم ال ّ
وال شك في أن هذه الموجة االبتكارية الشبابية كانت على أشدها في الجامعات ،وظهرت أولى ثمارها في الجامعات األوروبية واألمريكية .وراجت في تلك الفترة صورة الشاب الفذ في أفكاره ،بثيابه الرثّ ة وشعره الطويل ونظاراته
السميكة ،يقوم بأبحاث وتجارب مجنونة!
و«الفكرة المجنونة» هي من التعابير المعروفة في قاموس االبتكار ،ألم يقل
تبد الفكرة مستهجنة للوهلة األولى ،لن يكون ألبرت آينشتاين يوماً « :إذا لم ُ لها أي أمل في النجاح»؟ .وكم من فكرة بدت كذلك في البدء ثم تحولت إلى
ابتكار هائل؟ وأصبح التقاط هؤالء الشباب من الجامعات من أهم ما يشغل بال
لتضمهم إلى صفوفها وتفتح لهم أبواب االبتكار الشركات الرائدة ،فتبحث عنهم ّ واسعة .ويتّ صف هذا المناخ بالحيوية وبتوفير فسحة للتفكير الجريء ووجود
حوافز شخصية مشجعة باإلضافة إلى الوسائل واألجهزة الحديثة التي تساعد
المبتكر في إنجاز ابتكاره.
وفي هذا المناخ ،ال يحتاج المبتكر إلى أكثر من إيجاد فكرة ابتكارية ليصبح مبتكِ راً
بالفعل ،خاصة أن هذا الشباب يمتلك علوم الكمبيوتر وفنونه .ومن يراجع لوائح
الشبان .ومما يعزز هذا المنحى ،من المبتكِ رين يجد أن نسبة عالية منهم هم من ّ دون شك ،هو هذا التحدي العام المطروح اليوم أمام الشباب ليثبتوا كفاءتهم
وجدارتهم في مجال العمل.
17
chrishallamworldview.wordpress.com/2014
مصنع فولكس فاجن بيتل أو الخنفساء autoconcept-reviews.com/cars_reviews/volkswagen
18
أصناف االبتكار الخمسة المنظر االقتصادي النمسوي يوزف شومبيتر ،في كتابه: ّ صنّ ف الرأسمالية واالشتراكية والديمقراطية ،سنة ،1942االبتكار في خمسة أصناف رئيسية ،هي:
•ابتكار سلع جديدة
•اعتماد أساليب جديدة في اإلنتاج •فتح أسواق جديدة
•استعمال مواد خام جديدة
•وضع نظام جديد إلدارة األعمال
وهذا هو التصنيف المعتمد في وثيقة أوسلو ( )2005الصادرة عن
منظمة التعاون والتنمية االقتصادية.
النفاث ()1954 من األمثلة على ابتكار سلع جديدة ،محرك الطائرات ّ الذي قلب الموازين في الحركة الجوية؛ الهايدروجيت (المحرك المائي
النفاث) ()1960؛ الحاوية (للنقل البحري)؛ نظام كابح السيارات ABS، ّ )(1980؛ شاشات اللّ مس «تاتش»؛ الصمام الثنائي المتألق ()LED؛ سيارة تويوتا الهجينة (العاملة بالكهرباء والبنزين معاً )؛ نظام العصف الثنائي من
دايسون ( ،)Dual Cyclone by Dysonوهو يفصل القاذورات عن الهواء في المكانس الكهربائية ()1986؛ والجنيحات ،التي تثبت على أجنحة الطائرات؛ وغيرها.
ومن األمثلة على اعتماد أساليب جديدة في اإلنتاج ،وهو تبنّ ي نمط
أصال ،شركات السفر الزهيد جديد في االستثمار ،بأدوات إنتاج موجودة ً تبديال أساسياً ،لكنها اعتنقت نموذجاً تبدل في الطائرات التكلفة التي لم ّ ً
جديداً في االستثمار ،وهو تقليص النفقات إلى أدنى حد ممكن ،لخفض
rngare1.wordpress.com/author/rngare1
أثمان تذاكر السفر (شركات «إيزي جت»« ،هوب» وغيرهما).
19
توماس أديسون
«إن من يأتي بفكرة ويبدأ بتجربتها وتطويرها يصل إلى مكان يرى فيه أنها مستحيلة التحقيق فيشعر باليأس .ولكن هذه هي بالذات المحطة التي ال يجوز فيها للمبتكر أن ييأس» 20
ابتكر … وأنت حر! وفر .تبدأ بمواجهة رحلة االبتكار رحلة شاقة ال تخلو من سجال .وفيها كر ّ
المعضلة أو تمييز الحاجة ،ثم تعريفها بشكل محدد ،ومن ثم تخطر فكرة حل أو عالج أو بديل ...ثم تُ عزَ ل المعضلة ويعاد التأمل فيها من جديد والدرس
والبحث والمراجعة ،ثم يكون االقتراب من الحل ثم الفشل واإلحباط واليأس
مرة تلو األخرى إلى أن ...تظهر أولى بوادر األمل، ثم العودة إلى المحاولة ّ
ثم يكون االختراق الفاصل الذي يحقق الوثبة الكبيرة والنتيجة المأمولة. ويكون االبتكار قد تحقق ولو بقيت فيه بعض الشوائب .فتكون هنا
خطوات أخيرة تشمل التهذيب والتشذيب إلى أن يصل االبتكار إلى شكله النهائي القابل للعرض على المأل.
وال تخلو هذه الرحلة من معارك جانبية :صبر المديرين وتعاون الزمالء وتوافر
والمخصصات اإلضافية ثم المراوحة التي ال تتوقف بين والمعدات األدوات ّ ّ
اليأس واألمل… وال ينتهي المبتكر من ابتكاره إال وقد شعر كما يشعر الفارس
الذي خاض معركة وخرج منها مظفراً مرفوع الجبين .فليس المبتكر إنساناً حالماً
فحسب ،فالحالم إنسان تخطر له األفكارّ ،أما المبتكر فيصنعها .المبتكر يحلم ،ثم
يطور إلى أن يصل إلى غايته .لقد قال يتأمل ،ثم يقاوم الشكوك ،ثم يجرب ثم ِّ ّ
مرة توماس أديسون« :إن من يأتي بفكرة ويبدأ بتجربتها وتطويرها يصل إلى مكان يرى فيه أنها مستحيلة التحقيق فيشعر باليأس .ولكن هذه هي بالذات المحطة التي ال يجوز فيها للمبتكر أن ييأس» .فالقدرة على الصبر والمواظبة وتحدي اليأس من صفات المبتكر ،وهي الصفات ذاتها التي تعطيه الحق بدور ّ
أكبر في عمله وفي المجتمع بشكل عام.
واالبتكار ُم ْع ٍد .إنه كأي شكل آخر من أشكال النجاح ،إذا انتقل إلى مكان ،أثار في
والموظف المبتكر يحصل في النهاية ّ الجميع الرغبة في رفع التحدي نفسه. جدد… ومن جد ّ على ما ال يحصل عليه غيره من المكافآت .ولقد قيل بحق« :من ّ
جدد وجد!» لكن ما يناله في النهاية يفوق المكافآت :إنّ ه ينال درجة رفيعة من ّ
الثقة تعطيه حرية استثنائية في مجال عمله .إنجازه يضعه في مصاف قيادية ليس بسبب مردود االبتكار المالي وحسب ،بل بسبب الصفات الشخصية التي أثبت المبتكر امتالكه لها.
21
من خارج الصندوق إلى خارج األسوار ال تبقى فوائد االبتكار محصورة في الدائرة الصغيرة التي شهدت والدته. بد له من أن ينتشر لتصل إشعاعاته إلى ما هو أبعد من دائرته األولى. إذ ال ّ
يصدر الروح االبتكارية ال ينفع محيطه فقط ،بل ان هذه المنفعة ومن ّ سوف تعود عليه أيضاً .ففي عودتها إذكاء للروح االبتكارية لديه.
وال شك في أن نشر هذه الروح في الغرب من خالل حاالت النجاح االبتكارية ومن خالل مئات المقاالت والكتب التي كُ تبت حول االبتكار ،كان له أعظم مردود في إبقاء جذوة االبتكار على أشدها وتغذيتها باستمرار.
إن االبتكار يؤدي إلى التغيير ،والتغيير يعود فيصنع مبتكرات جديدة تُ حدث بدورها تغييراً جديداً .هذه هي الدورة التي يعيشها المجتمع البشري اليوم .ومن
يبق خارج الدورة يخسر الموقع تلو الموقع سواء أكان فرداً أم شركة .هذا هو َ
التحول الذي أحدثته العقود األخيرة من العصر الحديث ،ولقد تبين من خالل هذا ّ
التحول نتائج التحول أن القدرة على اإلبداع أثمن ما يمتلكه اإلنسان .وكان لهذا ّ
اقتصادية كبيرة ،لكنه في نهاية المطاف سمة لحضارة جديدة.
فنحن بحاجة إلى أن نبحث في أنفسنا اليوم عن حلم جديد .حلم َينْ ُـف ُـذ عبر العصر
من اإلعالنات األولى لتلفزيون فيليبس vepca.files.wordpress.com/201012//philips-family.jpg
الحاضر ،لتحقيق مبتكرات تعيدنا إلى درب المستقبل.
22
عدم االكتفاء! أحد أهم األمثلة في عصرنا ،على ما يمكن أن تفعله روح االبتكار، التي تتوق إلى تطوير ما لدينا لصنع ما هو أفضل أو أرخص أو أسرع أو أسهل ،وعدم االكتفاء بما هو موجود ،هو ما حدث من «انفجار
تاريخي» لألعمال اإللكترونية في «سيليكون فالي» في كاليفورنيا
األمريكية ،انطالقا من «ستانفورد إندستريال بارك» (حديقة ستانفورد الصناعية) .ففي سنة ،1957كانت شركة «شوكلي
سميكوندكتر» (شركة شوكلي ألشباه الموصالت) ،وهي شركة
حامل جائزة نوبل وليام شوكلي ،المشارك في اختراع الترانزستور،
تعمل في هذا المجال .إال أن عدداً من موظفيها غير الراضين،
الذين لم يكتفوا بما أتيح لهم في الشركة من مجال للتجديد، غادروها لتأسيس شركة أخرى مستقلة ،هي شركة «فيرتشايلد سميكوندكتر».
طورت هذه الشركة الناشئة لنفسها ولم تمض سنوات قليلة ،حتى ّ
مذهال في قطاع أشباه الموصالت ،الذي كان أساس ظهور حضوراً ً الحواسيب وكل صناعة اإللكترون الحديثة. لقد غادر هؤالء المبتكرون شركتهم األولى ،لينشئوا شركاتهم الخاصة.
وفي غضون عشرين سنة ،أحدثت كرة الثلج هذه انفجاراً حقيقياً بظهور
كثير من شركات الصناعة اإللكترونية في «سيليكون فالي» ،المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات .ولقد نشأت «سيليكون فالي» على أكتاف 65مؤسسة جديدةُ ،ولدت بين أيدي ثمانية موظفين غير راضين ،كانوا يعملون سابقاً في شركة شوكلي.
والمحرض لخوض غمار المحرك وكان عدم اكتفائهم بما بين أيديهم، ّ ّ
سيليكون فالي أو وادي السيليكون
االبتكار ،في المغامرة الكبرى التي اسمها :تكنولوجيا اإللكترون.
23
االبتكار والنمو االقتصادي كتب ناتان روزنبرغ ،أستاذ (شرف) مادة االقتصاد في جامعة ستانفورد
قيمة ركزت على تفسير لماذا االبتكار التكنولوجي يعد األمريكية دراسة ّ قوة أساسية دافعة للنمو االقتصادي ،وتناولت على الخصوص بعض أبرز
عناصر االبتكار في دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية ( ،)OECDمع إلقاء بعض الضوء على تجارب أمريكية .وأشارت الدراسة إلى أثر االبتكار
التكنولوجي في تطوير السياحة.
فلقد بات مسلّ ماً به أن المناخ االبتكاري هو العامل األهم في النمو االقتصادي
على المدى البعيد ،حسبما أثبت البروفيسور موزس أبراموفيتش (1912-
خمسينيات القرن العشرين. )2000في ّ
وثمة طريقتان فقط لزيادة اإلنتاج في اقتصاد ما :األولى هي زيادة عدد
المدخالت (رأس المال واليد العاملة) في هذا االقتصاد ،أما الثانية ،إذا كنت ُ خرجات أكثر باستثمار أذكى ،فهي العثور على أساليب جديدة للحصول على ُم َ فسيهمك أن تعرف أي الطريقتين المدخالت نفسها .وإذا كنت رجل اقتصاد، ّ ُ
أهم ،وكم هي أهم من الطريقة األخرى .لقد عمد أبراموفيتش إلى قياس نمو المدخالت خرجات االقتصاد األمريكي بين عامي 1870و ،1950ثم قاس نمو ُ ُم َ
(من رأس مال ويد عاملة) في السنوات نفسها .ثم استخلص خالصة منطقية عن مقدار النمو الذي تُ حدثه وحدة قياس اليد العاملة ،ومقدار النمو الذي تُ حدثه
المدخالت (أي زيادة رأس المال واليد وتبين له أن نمو ُ وحدة قياس رأس المالّ .
العاملة) بين العامين 1870و 1950لم ُيحدث نمواً في االقتصاد يزيد على نحو
خرجات في االقتصاد .إذن من أين أتت نسبة النمو الباقية الم َ %15من نمو ُ وهي %85؟
خمسينيات القرن قد يستغرب المرء لماذا لم تخطر فكرة هذا القياس قبل ّ العشرين .لقد كانت المرحلة هي ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ،وهي
خرجات المدخالت والم َ ُ المرحلة التي بدأت تظهر فيها اإلحصاءات الدقيقة عن ُ في االقتصاد األمريكي ،في مدة زمنية طويلة نسبياً .وقد يثير الشك أن النسبة التي توصل إليها البحث كبيرة جداً ( .)%85غير أن باحثين آخرين أجروا أبحاثاً موازية
وستينياته، خمسينيات القرن العشرين لقياس عناصر اإلنتاج األمريكية ،بين ّ ّ باستخدام أساليب مختلفة ،وفي حقب زمنية مختلفة ،وتوصلوا إلى النتيجة ذاتها
تقريباً .%85 :
24
روبرت سولو ،الحائز على جائزة نوبل في االقتصاد ،كان أحد هؤالء الباحثين
المدخالت .استخدم سولو منهجية الذين وجدوا نسبة نمو كبيرة ال تفسرها ُ
مختلفة جداً عن أبراموفيتش ،وبحث في حقبة زمنية أخرى فعاود التوصل إلى النسبة ذاتها.
منظري العلوم ّ لقد أقنعت هذه النسبة من النمو االقتصادي معظم
محركاً أساسياً القتصاد االقتصادية ،بأن االبتكار التكنولوجي ال بد وأن يكون إذن ّ الدول الصناعية المتطورة.
في السنوات المئتين السابقة ،كانت دراسات معظم االقتصاديين مبنية على أساس أن مسألة تنمية االقتصاد هي في جوهرها مسألة تتعلق بإضافة
ُمدخالت في عملية اإلنتاج ،وال سيما رأس المال .وكانت نسبة النمو الكبيرة المنظرين ّ التي ال يفسرها حجم رأس المال وال تعداد اليد العاملة ،سبباً في دفع
روبرت سولو
محرك آخر للنمو. إلى البحث عن ّ
25
عدم اليقين في االبتكار ترتبط فكرة االبتكار وريادة األعمال ،بعنصر :عدم اليقين ،ألن كال األمرين
ختبر بعد .وقد يسهل االستنتاج أن عدم يخوض في ميدان جديد ،لم ُي َ اليقين هذا ،في الدول المتطورة تكنولوجياً ،حيث تعمل شركات عمالقة، ليس باألمر المثير لالهتمام أو القلق .ففي الواليات المتحدة اليوم أكثر من 16ألف شركة تدير مختبراتها الخاصة لألبحاث الصناعية ،ومنها على األقل 20شركة ،تزيد موازنة األبحاث والتطوير السنوية فيها على مليار دوالر أمريكي .وعند ترتيب الشركات الصناعية حسب قيمة موازنة األبحاث نفق عام 2000بلغ 54مليار دوالر. والتطوير فيها ،نجد أن مجموع ما ُأ َ
وقد يظن المرء أن هذه الشركات لم تعد تقلق في شأن عدم اليقين ،حيال هذا الحجم من اإلنفاق .وهذا خطأ ،لسببين :األول هو أن نفقات البحث
والتطوير في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة هي نفقات باهظة جداً . خرجات هذا اإلنفاق على البحث والتطوير ،تتسم بنسبة والثاني هو أن ُم َ
عالية من المخاطرة المالية غير المحسوبة ،لمجموعة من العوامل:
01
قد يفشل اإلنفاق على البحث العلمي ببساطة ،في الوصول إلى معارف
02
حتى لو أنتجت األبحاث معارف علمية جديدة ،فقد ال ينجم من هذا نتاج
علمية جديدة ،أو في تحقيق أي فائدة على اإلطالق.
جديد قابل للتسويق .أو قد تحتاج هذه المعارف الجديدة إلى وقت ترجم إلى نتاج مفيد ،فيقرر أصحاب القرار طويل جداً ونفقات كبيرة ،لتُ َ
عدم تطوير اإلنتاج الجديد ،ألن األرباح بالنسبة إلى التكاليف لن تكون
مجزية .وحتى لو أدت األبحاث إلى ظهور نتاج جديد ،فقد يواجه هذا النتاج
عقبات أخرى.
03
كيف سيكون أداء النتاج الجديد ،ال تكنولوجياً فقط ،بل اقتصادياً أيضا؟
سيتبين أن التكاليف كانت أعلى من أن يكون اإلنتاج رابحاً في الزمن هل ّ ُ المناسب؟ فعندما أنتجت طائرة «الكونكورد» الفرنسية البريطانية
المدنية األسرع من الصوت ،كان يجب أن يباع منها 300طائرة في مدى
زمني منظور ،ليكون مشروعها رابحاً .لكن بيعت منها 16طائرة فقط.
04
26
سيتحسن أداء النتاج الجديد ،وكم من الوقت ستستغرق تكلفة بأي وتيرة ّ اإلنتاج حتى تنخفض؟
05
كم ستكون نسبة استفادة الشركة صاحبة األبحاث ،من ابتكارها الجديد. هذا يعتمد على مدى قدرة هذه الشركة على تسجيل ابتكارها باسمها،
حتى ال يستولي آخرون على االبتكار الستثماره من دون اإلنفاق في
يسجل االبتكار باسمها ،فكم سيمضي من األبحاث والتطوير .فإذا لم َّ
الوقت قبل أن يستولي اآلخرون على االبتكار فسيتثمرونه لصالحهم.
06
قد تؤدي نظم حكومية ما ،أو قرارات محاكم ،إلى إفساد خطة اإلنتاج
وتأخير مواعيد التسويق .ففي صناعة الدواء األمريكية ،تفرض وكالة الغذاء والدواء ( )FDA: Food and Drug Administrationأن يمضي
وقت قد يمتد سنوات ،على تجربة دواء جديد ،قبل السماح بتسويقه.
وقد تمتد سنوات التجربة إلى عشر في حاالت ،مثل حاالت اللقاحات أو حبوب منع الحمل .لذا يكلف كل دواء جديد مئات الماليين من الدوالرات
قبل أن يصل إلى المشتري .وهناك الدعاوى التي يرفعها متضررون من نتاج معين ،مثل األسبستوس ،الذي أدى إلى إصابة مئات الماليين في
العالم باألمراض.
07
تتخطاه ّ يتفوق عليه منافس ،أو كم سيطول عمر النتاج الجديد ،قبل أن ّ
التكنولوجيا الحديثة ،المتطورة بسرعة مدهشة؟ فليس غريباً اليوم إذا
علمنا أن أحد أهم عوامل عدم اليقين التي يواجهها االبتكار الجديد ،هو
ابتكار أجدد منه.
08
عامل جديد دخل في الحسبان ،ليزيد من آثار عدم اليقين .ففي السياحة، تأثرت الحركة االقتصادية ومشاريع التطوير تأثراً شديداً بظاهرة اإلرهاب، ال سيما السفر بالطائرات ،أو السفر إلى مناطق معينة من العالم حيث يتعاظم الخطر .وليس من صناعة أخرى أشد تأثراً باإلرهاب من السياحة.
لهذا ال شك في أن االبتكار يواجه مخاطر عدم اليقين ،وأهم هذه المخاطر
هي أن أي نتاج جديد يدخل السوق ،ال يضمن ردة فعل المستهلك،
ورغباته وميوله وحتى ربما حاجاته.
27
اقرأ:
األسس النفسية لالبتكار هذا الكتاب محاولة جادة لدراسة طبيعة االبتكار من جهة القدرات
والسمات االجتماعية التي يتميز بها الشخص المبتكِ ر، العقلية المكونّ ة له، ّ والدوافع المختلفة الكامنة خلف الناتج االبتكاري .ويساعد هذا الكتاب
الذي وضعه الدكتور ممدوح عبد المنعم الكناني اآلباء والمعلمين
تميز على فهم العملية االبتكارية والحاالت النفسية أو االجتماعية التي ّ المبتكِ ر ،وقد تكون في بعض األحيان مضطربة ومشتتة ،بحيث يصعب
على البعض التعامل معها.
ويشير المؤلف إلى التمايز بين الذكاء واالبتكار والتحصيل العلمي ،ويعرض
لدراسة تناولت سمات األذكياء والمبدعين مقارنة بسمات العاديين، والمقاييس التي يجب العناية بها عند استكشاف المبدع في المراحل
العمرية األولى التي تستقطب أنظارالعلماء ومكتشفي الموهوبين.
ويتضمن الكتاب الذي يقع في 341صفحة ستة فصول ،خصص المؤلف
فصال للتوسع في دراسة المناخ االبتكاري في األسرة ،ومن عناوينه منها ً الفرعية :الممارسات واالتجاهات الوالدية التي تشجع روح االبتكار لدى
األبناء ،والمستوى الثقافي واالقتصادي وعالقته بروح األبناء االبتكارية. كذلك يتوسع الكتاب في دراسة المناخ االبتكاري داخل الفصل المدرسي،
ويتطرق إلى جميع جوانبه والمؤثرات فيه مثل المناخ االبتكاري والمناخ
التسلطي ،ومرونة شخصية المدرس ومنح األمان للتالميذ المبدعين.
28
أمثلة على االبتكار ومصيره المجهول يتبين أنها من المفارقات التاريخية ،ما قد يواجهه ابتكار جديد من ردة فعل ّ كانت خاطئة تماماً في تقدير استجابة المستهلكين له .في العام ،1939 جاء في صحيفة نيويورك تايمز األمريكية نبأ عن نجاح التجارب العلمية،
التي أنبأت بظهور ابتكار جديد مدهش :التلفزيون .لكن محرري الصحيفة مستقبال زاهراً ،على األقل في الواليات العلميين لم يروا أن لهذا االبتكار ً
المتحدة .وقالت أبرز وأشهر الصحف األمريكية في هذا الشأن« :لن يكون التلفزيون يوماً منافساً جدياً للراديو ،ألنه يجبر الناس على الجلوس
والشخوص بأبصارهم على الشاشة؛ والعائلة األمريكية المتوسطة ال التوقع أن ّ نفسر هذا الفشل الكامل في تملك الوقت لهذا الغرض» .كيف ّ
التلفزيون سيصبح أكثر األجهزة المنزلية االستهالكية في القرن العشرين،
توقع مثال صارخاً على عدم القدرة تماماً على ّ تأثيراً في المجتمع؟ كان هذا ً يتبين فيما بعد. قبول المستهلك أي ابتكار جديد ،مهما كان مهماً ،كما ّ
فلقد تأكد باإلحصاء أن العائلة األمريكية المتوسطة لم تكن في الواقع تملك كثيراً من الوقت لغير ...التلفزيون!
إذا نظرنا إلى ابتكار أحدث ،هو الهاتف المحمول ،فماذا نجد؟ في العام
،1983حين كانت شركة الهاتف العمالقة «إيه تي أند تي» ( )AT&Tمنهمكة
ضدها ،الحتفاظها بترددات السلكية في حوزتها، في مواجهة دعوى احتكار ّ أرادت أن تعرف هل كان األمر يستأهل االحتفاظ بالترددات الضرورية لتشغيل
الهاتف المحمول الذي كان في طور األبحاث والتطوير لديها ،فكلّ فت إحدى أهم الشركات االستشارية األمريكية لدراسة الموضوع .فانتهت هذه الشركة
يتوقع َّ االستشارية إلى أن عدد المشتركين األمريكيين في الهاتف المحمول، أن يبلغ في العام ،1999نحو مليون مشترك .وأما في الواقع ،فقد زاد عدد
willmckinley.wordpress.com
المشتركين في العام المذكور على 70مليون مشترك!
29
األخوان رايت «أورفيل وويلبر رايت هما مخترعان أمريكيان ينسب
إليهما معظم المؤرخون اختراع أول طائرة والقيام بأول
تجربة طيران ناجحة عن طريق آلة أثقل من الهواء في 17 ديسمبر .1903
وبعد عدة سنوات من طيرانهما الناجح تنبهت الحكومة األمريكية إلى أهمية الطيران وإمكاناته الواسعة .كما
استقبل المخترعان في فرنسا استقبال األبطال .وكان
أطول طيران حققه أورفيل رايت قد استغرق 75دقيقة على ارتفاع قارب المائة»
30
مستقبل االبتكارات يقول الدكتور فرج موسى رئيس االتحاد الدولي لجمعيات
المخترعين (أفيا)« :إن براءة االختراع ال تحمي المنتَ ج العلمي إال في البلد الذي أصدر البراءة» .وهذا يعني أن تسويق المبتكرات
يبقى مشكلة فردية ،على المنظمات الدولية أن ترعاها وتدعم المخترعين مادياً و معنوياً .
وساعد قيام االتحادات والمنظمات العالمية ونشاطاتها وتبنيها للمعارض العلمية في ظهور جيل مختلف يسعى إلى التطويرالتكنولوجي. وتعددت المنظمات الفاعلة التي ترعى المبتكَ رات والمبتكرين مثل ّ
االتحاد الدولي لبراءات االختراع (أفيا) والمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) التي أنشئت عام 1970م ،كما قام المجمع العربي
للملكية الفكرية عام 1987م الذي شاركت المملكة العربية السعودية في مجلس إدارته التأسيسي مع عشر دول أخرى ،وكلها تسهم مباشرة
المخترعات وتسهيل منح الرخص في تنمية المجال العلمي وزيادة عدد َ العلمية .كذلك انضمت السعودية إلى اتفاقية باريس لحماية الملكية
الصناعية واتفاقية بيرن لحماية المصنَّ فات األدبية والفنية.
وللمملكة جهود واثقة في تشجيع المخترعات وحماية حقوق الملكية الفكرية وتوطيد العالقة بين الموهوبين ومؤسسات الدولة التي تعنى بالرعاية وتنظيم البرامج اإلثرائية .تؤكد ذلك جهود مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين في نشاطها خالل اللقاء الثالث للمخترعين السعوديين الذي عقد في 21/3/1425هـ ،وهناك نشرة
براءات االختراع التي تصدرها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بإشراف اإلدارة العامة لبراءات االختراع .وكان أول نظام لبراءات االختراع في المملكة صدر عام 1409هـ ،كما صدر أول نظام لحماية
حقوق المؤلف عام 1410هـ ،وجرى تعديله عام 1424هـ ،وصدر أول
نظام للعالمات التجارية عام 1358هـ .وهناك العديد من المشاريع بالمخترعات وإحداث حركة علمية التخطيطية التي تُ درس للنهوض َ
شأنها االرتقاء بالمستوى العلمي واالبتكاري في المملكة عموماً .
31
ّ التوقع أسباب عدم الصحيح كيف يمكن أن يحدث هذا الخطأ في التقدير ،وهو خطأ يبدو لنا اليوم
فترض أنه خبير ُيستشار في أمر يجب فادحاً ،ال سيما وأن من وقع فيه ُي َ أوال ،لقد كان في المثلين المذكورين ،ثمة عدم تقدير أن يكون ملماً به؟ ً
دقيق للوجوه العديدة التي يمكن فيها لالبتكار الجديد أن يكون مفيداً ،
التوقع الخاطئ كان من أسبابه أيضاً ّ وعلى الخصوص الهاتف المحمول .لكن
عدم النظر في عامل آخر في الموضوع ،وهو أن معظم المبتكرات الكبرى أوال في صورة بدائية جداً ،وتسير في مسار طويل من التحسين تظهر للمأل ً
التقني وخفض التكلفة ،قبل أن تحظى بالتتويج الذي تستحقه.
لقد أقلعت أول طائرة عن األرض ،في العام .1903وكان طيرانها األول ال يتجاوز
طول ملعب كرة قدم .ولم تصبح الطائرة ذات فائدة اقتصادية ظاهرة ،إال في
ثالثينيات القرن العشرين .لقد احتاجت إلى ثلث قرن كامل ،ألنها احتاجت إلى ّ
المحسنة ،قبل أن تصبح مأمونة حتى ينتشر استخدامها على ألوف التصاميم ّ
نطاق يتسع شيئاً فشيئا .والمنطق يقول ،إن أي شخص ،لو كان في ذلك المكان
يتخيل رؤية سنة ،1903وشاهد إقالع أول طائرة هناك ،ما كان يمكن له أن ّ تعج بماليين المسافرين بانتظام عبر القارات اليوم ،وهم خطوط الطيران التي ّ جالسون براحة تامة في مقاعدهم. كان الحال مع مشروع الهاتف المحمول سنة ،1983
شبيهاً بحال أول طائرة .كان الهاتف المحمول آنذاك وثقيال وضخما ،ولم يكن حتماً يستحق بدائياً جداً ، ً «الجوال» .كان الصوت رديئاً جداً ،فيما سعره اسم ّ
آنذاك 3000دوالر أمريكي .فلنقارنه بجودة الهواتف
كان الهاتف المحمول وثقيال آنذاك بدائياً جداً ، ً وضخما ،ولم يكن حتماً «الجوال» يستحق اسم ّ
32
موتوروال داينا تاك موبايل تم تصنيعه سنة .1948
اليوم التي تباع بأقل من 100دوالر.
الليزر والكمبيوتر في العا م ،1960كان الليزر (�Laser: Light Amplification by Stimu المستح ّث»، )lated Emission of Radiationأي «تكثيف الضوء باإلشعاع َ جذابة ال تبدو منها فائدة .غير أن الضغوط التنافسية مجرد فكرة علمية ّ ّ
في األسواق االقتصادية ،حفزت على تطوير منتجات ووسائل جديدة، فكان الليزر أداة علمية لمبتكرات جديدة وعديدة مثيرة .فقد صار الليزر أداة
مفضلة في الجراحة الطبية. ّ أساسية في األبحاث الكيميائية .وهو أداة وفي بريطانيا خمس دوريات متخصصة في نشر المقاالت واألبحاث عن
الليزر وأوجه استخدامه في الطب (أمراض الجلد ،طب العيون ،الجراحة،
وغيرها) .والليزر أساسي في إنتاج أقراص الموسيقى العالية الجودة .وفي
المتاجر الكبرى ،حين تسدد الثمن ،فإنما تقرأ آلة عند الصندوق سعر السلع، بالليزر .وأحسن طابعات الحواسيب اليوم تستخدم الليزر .وقد حدثت ثورة في االتصال الالسلكي في العالم ،بفضل الليزر واأللياف البصرية .وأخيراً
أقرت وكالة الغذاء والدواء األمريكية استخدام الليزر في حفر وليس آخراً ّ ،
تسوس األسنان من دون ألم تقريباً . ّ
توقع ألبرت آينشتاين عمل الليزر نظرياً ،بالطبشور على لوح أسود سنة لقد ّ
.1916لكن استغرق العلماء أكثر من 40عاماً حتى يصنعوا حزمة شعاع ليزر.
وأخيراً الكمبيوتر .كان أول كمبيوتر رقمي إلكتروني ،قد ُصنع في جامعة بنسلفانيا، في كلية الهندسة ،عام ،1945وأخذت عدة شركات في تصنيع الكمبيوتر وبيعه في عام .1950لكن في عام ،1956كان هوارد آيكان ،وهو أستاذ فيزياء المع
في جامعة هارفرد وأحد رواد تطوير الكمبيوتر ،يرى أن هذا االبتكار ليس سوى
أداة بحث علمي متطورة جداً .وقد شهد بذلك أمام لجنة في الكونغرس
األمريكي ،فقال إنه سيستغرب جداً إذا أمكن استخدام الكمبيوتر في األعمال الحسابية في متجر ،وسيكون هذا أغرب صدفة يصادفها .لقد كان آيكان عالماً
المعاً ،لكنه افتقر إلى أي مفهوم لألثر الممكن الذي سيحدثه االبتكار الذي
أسهم فيه إسهاماً كبيرا.
33
34
ستيف جوبز يعرض جهاز «اآلي فون» ألول مرة
قال ستيف جوبز كال من جهاز الماكنتوش ماك بأنواعه وثالثة من األجهزة (أخرج للنور ً المحمولة وهي آيبود وآيفون وآي باد). «النظام هو أنه ال يوجد نظام .هذا ال يعني أننا ال نملك نهجاً نسير عليه .كال فأبل شركة منضبطة للغاية ،ولدينا تنظيم رائع .ليس هذا المقصد ،فال خالف على أن التنظيم يجعلك أكثر فاعلية .لكن اإلبداع يأتي من الناس الذين يعقدون
ليال ألجل طرح فكرة اجتماعاتهم في األروقة أو يتصلون ببعضهم في العاشرة ً
جديدة ،أو ألنهم أدركوا شيئاً بمقدوره تغيير طريقة تفكيرنا في كيفية حل
مشكلة ما .إنها اجتماعات الستة أفراد الذين دعاهم شخص يعتقد أنه اكتشف أجمل وأحدث شيء على اإلطالق ويريد أن يعرف رأي اآلخرين عنه .إنه يأتي من
قول «ال» أللف شيء ،كي نتأكد من أننا لم نسلك طريقاً خاطئاً أو أرهقنا أنفسنا بالكثير .إننا نفكر دائماً باألسواق الجديدة التي بإمكاننا أن ندخلها ،لكن فقط
بقول «ال» استطعنا التركيز على ما يهم حقاً ».
تطوع التقنية طبقاً لها، «عليك أن تبدأ بدراسة احتياجات المستخدم ،ثم ّ وليس العكس».
«الحاسوب بالنسبة لي هو أروع أداة قد اخترعناها .إنه نظير الدراجة لعقولنا». «ال تستطيع أن تقوم ببساطة بسؤال المستخدمين «ماذا تريدون؟» ثم تعمل على إعطائه لهم؛ فبحلول الوقت الذي أنهيت فيه بناء طلبهم سيكونون قد أرادوا شيئاً جديداً ».
«بيكسار هي أكثر شركة إبداع متقدمة تكنولوجياً ،وأبل هي أكثر شركة تكنولوجيا متقدمة إبداعياً ».
فعلت شيئاً جيداً للغاية ،فعليك أن تذهب بعدها لتفعل «باعتقادي ،أنك إن َ طويال .اكتشف ما هو القادم شيئاً آخر رائعاً ،ال أن تركن إلى نجاحك األول ً وحسب».
«أريد أن أضع بصمة في الكون».
«حين كنت في السابعة عشرة ،قرأت مقولة من قبيل« :إن عشت كل يوم كما لو كان آخر يوم في حياتك ،فسيأتي يوم تكون فيه على حق ».لقد تركت تلك المقولة أثرها علي ،ومنذ ذلك الوقت ،وعلى مر 33عاماً ،كنت أنظر إلى المرآة
كل صباح وأسأل« :إن كان اليوم هو األخير من حياتي ،فهل سأفعل ما أنتوي فعله اليوم؟» ومتى ما كانت اإلجابة «ال» لعدة أيام ،كنت أدرك حاجتي لتغيير شيء ما».
35
آثار االبتكار التكنولوجي في العموم ،قد ال تكون آثار االبتكار التكنولوجي وفوائده مقتصرة على عمل المبتكِ ر نفسه ،بل ربما أيضاً على روح االبتكار عند المستهلك المحتمل للتكنولوجيا الجديدة.
مثال على هذا كهربة تشغيل المصانع .فطالما كانت المصانع تعمل بالطاقة
البخارية ،مصدراً أساسياً للتشغيل ،كان التنظيم والترتيب ألعمال اإلنتاج يتوقفان على قرب مصدر الطاقة :المحرك البخاري .وكان العمل يسير عبر تعقيدات
المطاط ّ ومصاعب في نقل الطاقة ،بواسطة أحزمة وأسيار وزنانير من الجلد أو يبدأ تحريكها عند المحرك البخاري .وكان اعتماد المحركات الكهربائية فاتحة عصر مستقال بمحرك كهربائي ،وأصبح الوضع مرناً صارت فيه كل آلة مرتبطة ارتباطاً ً
للغاية وازدادت الجدوى اإلنتاجية كثيرا .وبدأ ترتيب سلسلة اإلنتاج حسب حاجة
هذا اإلنتاج ،ولم يعد مرهوناً بمكان المحرك البخاري .وقد استغرقت كهربة إنتاج
عشرينيات ثمانينيات القرن التاسع عشر ،إلى المصانع األمريكية 40سنة ،من ّ ّ التحول ،في رفع إنتاجية القرن العشرين ،حتى بدأت تظهر بوضوح آثار هذا ّ
المصانع .ولعل المرء يرى أن اعتماد الكمبيوتر سيكون أعمق تأثيراً بكثير ،من
تأثير دخول الكهرباء في وسائل اإلنتاج .ففي هذه الحالة أيضاً ،سيكون أثر ابتكار الكمبيوتر متوقفاً أيضاً على مستخدميه ،ال على مبتكريه وحدهم.
ولم يعد في العالم اليوم من يجادل ،في أن مستخدمي الكمبيوتر ،حتى لو لم
تكن لهم يد في ابتكاره ،إال أنهم يعززون حركة االبتكار والتجديد في العالم، بفضل استخدامهم هذا االبتكار العظيم في األبحاث والتطوير .وقل كذا في شأن الليزر ،والمجال الواسع لالبتكار في استنباط أوجه جديدة الستخدامه ،أو في شأن كل المبتكرات اإللكترونية الحديثة.
هائال ،منذ كان خزانة ضخمة، تطور تطوراً وال بد من أن نتذكّ ر ،أن الكمبيوتر نفسه ّ ً ال يقوى على اقتنائها إال الشركات الكبرى ،إلى أن تضاعفت قدرته بما ال يقاس،
ويوضع على المكتب ،لمختلف َ حمل في حقيبة صغيرة، ومع ذلك صار جهازاً ُي َ األعمال .والنتيجة ...انفجار في إمكانات األبحاث والتطوير ،تقوم على استخدام مئات الماليين في العالم لهذا الجهاز العجيب ،في كل ميادين العلوم واألعمال. لقد أدى ابتكار الكمبيوتر الشخصي إلى إعادة النظر في أساليب األعمال ونظمها،
لالستفادة من المرونة وسرعة التنفيذ في تسيير العمل ،اللتين يتيحهما.
36
التجديد في قطاع السياحة لقد كان اختراع الشبكة الدولية «اإلنترنت» ،والبريد اإللكتروني ،والكمبيوتر
الشخصي ،والهاتف الذكي ،خير ممهد لتستفيد شركات السفر والسياحة في
العالم ،من أجل ابتكار وسائل جديدة لخدمة زبائنها ،بطرق أسرع وأسهل وأجدى،
المخترعات وما ويتوقع الخبراء أن تواصل هذه ّ وعلى نطاق أوسع بما ال يقاس. َ يرافقها من ابتكار وسائل عمل جديدة ،في تطوير وظيفة وكالء السفر ،وتقليص دورهم التقليدي في الوساطة بين الزبون وشركات النقل الجوي .وال بد لوكالء
السفر إذا كانوا يريدون البقاء في السوق ،من أن يبتكروا خدمات جديدة يمكن يؤدوها لزبائنهم ،استناداً إلى حسن استخدام الوسائل التكنولوجية المتاحة. أو ّ
فكل بيت على اتصال باإلنترنت ،أي بمحركات البحث األساسية على الشبكة الدولية ،يمتلك الوسيلة المباشرة لالطالع على أكبر عدد ممكن من المواقع
يطور على اإلنترنت، السياحية على امتاد الكرة األرضية .ويمكن لشراء التذاكر أن َّ فيوفر للمسافرين المحتملين أوفى المعلومات عن عروض السفر واألسعار ّ والوجهات الممكنة .وبالفعل ،جاء في بحث لشركة فورستر األمريكية أن قطاع السفر يحتل اليوم المكانة األولى حجماً بين األعمال التي تجري عبر اإلنترنت.
هائال في تطوير قطاع وهذا يعني أن الشبكة الدولية قد أسهمت إسهاماً ً السفر في العالم ،بطرق مختلفة ،بفضل سهولة االتصاالت والتنافس الشفاف المتزايد بين مختلف الوكاالت والشركات .ويبقى أن نعرف كيف ستتطور األمور مر السنين. في هذا القطاع ،مع ظهور مبتكرات تكنولوجية جديدة ،على ّ
37
38
المصدر :مجلة
39
40