Qafilah jan feb 2016

Page 1

‫مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين ‪ .‬العدد ‪ . 1‬مجلد ‪ . 65‬يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫الملف ن‬ ‫الجي�ز‬

‫نقاش مفتوح‪:‬‬

‫معارض الكتاب ومتاعبها‬

‫علوم‪ :‬البالستيك القابل للتح ُّلل‬ ‫ين‬ ‫ع� وعدسة‪ :‬متحف الصخور‬ ‫تحت سماء روافة‬ ‫اليموجي‪..‬‬ ‫حياتنا اليوم‪ :‬إ‬ ‫والتواصل بواسطة الرموز‬


‫مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين‬

‫العدد ‪ . 1‬مجلد ‪65‬‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫الناشر‬ ‫شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية)‪،‬‬ ‫الظهران‬ ‫رئيس الشركة‪ ،‬كبير إدارييها التنفيذيين‬ ‫أمين بن حسن الناصر‬

‫ت‬ ‫للمش� ي ن‬ ‫توزع مجاناً‬ ‫ك�‬ ‫• العنوان‪ :‬أرامكو السعودية‬ ‫ص‪.‬ب ‪ 1389‬الظهران ‪31311‬‬ ‫المملكة العربية السعودية‬

‫نائب الرئيس لشؤون أرامكو السعودية‬ ‫ناصر بن عبدالرزاق النفيسي‬

‫ال�يد إ ت ن‬ ‫و�‪:‬‬ ‫• ب‬ ‫اللك� ي‬ ‫‪alqafilah@aramco.com.sa‬‬

‫مدير عام دائرة الشؤون العامة‬ ‫عبدالله بن عيسى العيسى‬

‫• الموقع إ ت ن‬ ‫و�‪:‬‬ ‫اللك� ي‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬ ‫• الهواتف‪:‬‬ ‫ فريق التحرير‪+966 13 876 0175 :‬‬ ‫ت‬ ‫االش�اكات‪+966 13 876 0477 :‬‬ ‫فاكس‪+966 13 876 0303 :‬‬

‫رئيس التحرير‬ ‫محمد الدميني‬ ‫تصميم وتحرير‬

‫‪www.mohtaraf.com‬‬

‫صورة الغالف‬ ‫تخصص القافلة ملفها‬ ‫هذا الغالف | أن ِّ‬ ‫في هذا العدد لسروال الجينز‪ ،‬وأن‬ ‫تخصه بصورة الغالف‪ ،‬أ‬ ‫فالمر ال يعود إلى‬ ‫معين من المالبس‪ ،‬بل بما‬ ‫االحتفاء بطراز َّ‬ ‫يقف وراء رواجه‪ ،‬أال وهو مفهوم االبتكار‬ ‫وظروف نجاحه‪ ،‬وتبني العالم له‪ .‬إذ من‬ ‫المسلَّم به أن سروال الجينز هو واحد من‬ ‫أضخم ابتكارات الحياة المعاصرة‪.‬‬ ‫تصميم الغالف‪ :‬حنين جمال‬

‫طباعة‬ ‫شركة مطابع التريكي‬ ‫‪www.altraiki.com‬‬ ‫ردمد ‪ISSN 1319-0547‬‬ ‫• جميع المراسالت باسم رئيس التحرير‪.‬‬ ‫يعبر بالضرورة عن رأيها‪.‬‬ ‫• ما ينشر فـي القافلة ال ِّ‬ ‫• ال يجوز إعادة نشر أي من موضوعات أو صور‬ ‫«القافلة» إال بإذن خطي من إدارة التحرير‪.‬‬ ‫• ال تقبل «القافلة» إال أصول الموضوعات التي لم يسبق‬ ‫نشرها‪.‬‬


‫محتوى العدد‬

‫ً‬ ‫معا‬ ‫الرحلة‬ ‫ِم ْن رئيس التحرير ‬ ‫القراء ‬ ‫مع َّ‬ ‫أكثر من رسالة ‬

‫حياتنا اليوم‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬

‫المحطة األولى‬ ‫نقاش مفتوح‪ :‬معارض الكتاب ومتاعبه ا‬ ‫بداية كالم‪ :‬السفر السياحي مع مجموعة‬ ‫أو بشكل مستقل ‬ ‫كتب عربية‪ ..‬كتب من العالم ‬ ‫قول في مقال‪ :‬حول الكتابة عن المرأة ‬

‫‪6‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪20‬‬

‫علوم وطاقة‬ ‫علوم‪ :‬تخلص من عيبه البيئي‪..‬‬ ‫البالستيك القابل للتحلل ‬ ‫كيف يعمل؟‪ :‬فرن المايكروويف ‬ ‫التلوث الحراري للماء ‬ ‫الجرار ‬ ‫الشعاع‬ ‫العلم خيال‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الرمز «كاپا» ‬ ‫منتج‪ :‬صندوق التلفزيون الرقمي ‬ ‫طاقة‪ :‬الطاقة الشمسية‪..‬‬ ‫تحت سقفها الواقعي ‬ ‫من المختبر ‬ ‫االسم المعياري‪ُ :‬جول ‬ ‫ماذا لو‪ :‬انقرضت الصراصير؟ ‬

‫‪Qafilah App available at‬‬

‫‪21‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪38‬‬

‫‪39‬‬ ‫اليموجي والتواصل بواسطة الرموز ‬ ‫إ‬ ‫‪44‬‬ ‫الهندسة االجتماعية‪ ..‬فن اختراق العقول! ‬ ‫‪48‬‬ ‫تخصص جديد‪ :‬االبتكار في الصحافة ‬ ‫‪49‬‬ ‫الثقة في الدراسات الطبية‪ ..‬إلى أي حد؟ ‬ ‫عين وعدسة‪ :‬متحف الصخور تحت سماء روافة ‪52‬‬ ‫‪58‬‬ ‫فكرة‪ :‬بيوت من قناني البالستيك ‬ ‫أدب وفنون‬ ‫الدب الشعبي عند أ‬ ‫أدب‪ :‬أ‬ ‫الكراد ‬ ‫فنان ومكان‪ :‬بيكاسو وبرشلونة ‬ ‫أقول شعراً‪ :‬تمام التالوي ‬ ‫أ‬ ‫ذاكرة القافلة‪ :‬تاريخ الصيد في الردن ‬ ‫لغويات‪ :‬معرفة أ‬ ‫المعربة ‬ ‫السماء‬ ‫ّ‬ ‫فرشاة وإزميل‪ :‬رائدة فن المينا‬ ‫د‪ .‬مسعودة قربان ‬ ‫بيت الرواية‪« :‬حفلة التفاهة»لـ ميالن كونديرا ‬ ‫سينما وثائقية‪ِ :‬فلم هولندي عن الحج‬ ‫صور قبل ‪ 88‬عام اً‬ ‫ّ‬ ‫رأي أدبي‪ :‬غياب قصص أ‬ ‫الطفال‬ ‫تجاه الصراعات القائمة ‬

‫‪59‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪71‬‬ ‫‪76‬‬ ‫‪78‬‬ ‫‪80‬‬

‫التقرير‬ ‫صناعة الكتاب في العالم ‬

‫‪81‬‬

‫الملف‬ ‫الجينز أ‬ ‫الزرق ‬

‫‪89‬‬

‫‪@QafilahMagazine‬‬


‫‪3|2‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫القافلة أونالين‬

‫—‪www.qafilah.com‬‬

‫نقاش مفتوح | تشكِّل معارض الكتب‬ ‫مناسبات الستطالع أحوال الكتاب‬ ‫«بالجملة»‪ ،‬وهو ما تكون الصحافة‬ ‫«بالمفرق»‪ .‬وعلى‬ ‫الثقافية قد قامت به‬ ‫َّ‬ ‫الرغم من الطابع السلبي الذي غالباً ما‬ ‫يميز العناوين التي تتناول حال الكتاب‬ ‫ِّ‬ ‫العربي‪ ،‬تبدو معارض الكتب ذات حيوية‬ ‫تناقض سوء أ‬ ‫الحوال التي يشكو منها‬ ‫الكثيرون‪ .‬فهل هذه المعارض هي الدواء؟‬

‫فرشاة وإزميل | قالئل جداً هم‬ ‫الفنانون العرب الذين يحترفون اليوم‬ ‫فن المينا مقارنة بالرسامين والنحاتين‬ ‫ومن شابههم‪ ..‬فللمينا‪ ،‬فن الرسم على‬ ‫المعادن‪ ،‬تقنياته الخاصة التي ينفرد‬ ‫بها‪ ،‬ومستلزمات ال يشترك فيها مع باقي‬ ‫الفنون‪ ،‬ولربما كان في طليعتها الموهبة‪،‬‬ ‫والمزاج الشخصي الذي يميل إليه من بين‬ ‫كل الفنون‪ ،‬نظراً لصعوبة العمل فيه‪.‬‬

‫ين‬ ‫ع� وعدسة | يمكن للتكوينات الصخرية‬ ‫في البراري أن تتخذ أشكاال ً جميلة إلى‬ ‫حــد يدفع الحكومات في بعض الدول‬ ‫ٍّ‬ ‫إلى إعالنها محميات طبيعية‪ ،‬أو حدائق‬ ‫صخور‪ ،‬أو متاحف صخور‪ ..‬ومن دون أن‬ ‫نتقصد البحث عن مثل هذه «المتاحف»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وجدنا أنفسنا فجأة أمام أحدها في‬ ‫محيط مدينة روافة في شمال المملكة‪.‬‬

‫أدب | ينقسم أ‬ ‫الدب الكردي إلى أدب‬ ‫أ‬ ‫مدون‪ .‬وكان الدب الشعبي‬ ‫شعبي وأدب َّ‬ ‫الكردي شفهياً‪ ،‬ينتقل من جيل إلى جيل‬ ‫عبر الرواة والمغنين الذين كان لهم‬ ‫الفضل أ‬ ‫الكبر في الحفاظ عليه من‬ ‫أ‬ ‫الضياع وتمريره للجيال‪ ،‬على رغم معاناة‬ ‫الشعب الكردي من أ‬ ‫المية طويالً‪ ،‬وعيشه‬ ‫حيا َة البداوة والترحال بين جبال كردستان‬ ‫وسط طبيعة وظروف مناخية صعبة‪.‬‬

‫علوم | نعيش اليوم في عالم يحتل‬ ‫فيه البالستيك مكانة مهمة بدءاً بتغليف‬ ‫أ‬ ‫الطعمة إلى أكياس التسوق وغيرها‬ ‫الكثير‪ .‬ولكن‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬فإن‬ ‫البالستيك هو عنوان مشكلة بيئية‬ ‫معروفة‪ ،‬بسبب صعوبات التخلص‬ ‫منه بعد االستعمال‪ .‬ولكن ماذا لو ظهر‬ ‫بالستيك قابل للتحلل الطبيعي؟ هذا ما‬ ‫حصل فعالً‪.‬‬

‫الملف | ما هو هذا اللباس الذي تراه‬ ‫هو نفسه مالئماً إذا كنت للعمل على‬ ‫زراعة الحديقة أو إصالح السيارة‪ ،‬وأيضاً‬ ‫للذهاب إلى السوق ولحضور مباراة‬ ‫رياضية في الملعب ولقاء أ‬ ‫الصدقاء في‬ ‫المقهى أو تلبية دعوتهم لتناول العشاء‪..‬‬ ‫وحتى الذهاب به إلى مكتبك للعمل؟‪.‬‬ ‫ففي كل مكان ومهما كانت المناسبة‪،‬‬ ‫مرشح لكي يكون اللباس‪.‬‬ ‫الجينز ّ‬


‫تحية وبعد‬

‫الرحلة معاً‬ ‫ِمن رئيس التحرير‬

‫في بيت‬ ‫العرب الكبير‬

‫اختار منظِّمو مؤتمر «فكر ‪ »14‬هذا العام عقد ورش العمل‬ ‫والجلسات ف� ن‬ ‫مب� جامعة الدول العربية احتفا ًء بمناسبة الذكرى‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫السبع� لقيام هذه المؤسسة العريقة‪.‬‬

‫ت‬ ‫ال� كُتب ميثاقها عام ‪1945‬م‪ ،‬ووقَّعته أغلب الدول العربية‬ ‫ال بد أن الجامعة ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫مب� فارهاً يطل عىل النيل‪ ،‬وتحيط‬ ‫المستقلة آنذاك كانت‪ ،‬بمقاييس تلك اليام‪ً ،‬‬ ‫به المساحات الخالية والحدائق من جميع جهاته‪ ،‬لكنه اليوم يفاجىء زائره بصغره‬ ‫وضيق إمكاناته وخاصة التقنية منها‪ ،‬لكن هويته المعمارية وما شهده من فصول‬ ‫مفصلية ف� السياسة واالقتصاد أ‬ ‫والمن يبقيه حياً ف ي� ذاكرة وأذهان الجميع ويجعله‬ ‫ي‬ ‫الكب�» رغم أية إخفاقات الزمت هذا البيت‪ ،‬أو تحديات خاضها‪.‬‬ ‫رمزياً‪« :‬بيت العرب ي‬ ‫مو� بتواقيع رجاالت ذلك‬ ‫وقد أحسن المؤتمر بتوزيع نسخ زنكوغرافية للميثاق ش ًّ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ال� تنص مادتها الثانية عىل‪ :‬توثيق الصالت يب� الدول المش�كة‬ ‫العهد‪ ،‬وهو الوثيقة ي‬ ‫فيها وتنسيق خططها السياسية تحقيقاً للتعاون بينها وصيانة الستقاللها وسيادتها‪.‬‬ ‫العر�‪ :‬تجارب‪،‬‬ ‫انعقد مؤتمر هذا العام تحت شعار قديم يتجدد‪ ،‬هو ‪« :‬التكامل ب ي‬ ‫سبعينيتها أ‬ ‫تحديات‪ ،‬وآفاق» وفيما كان المتابع ن‬ ‫الوىل‬ ‫يتم� أن تكون الجامعة خالل‬ ‫ووحدت اقتصاديات‬ ‫قد َّرسخت أركان هذا التكامل‪ ،‬وأجابت عن أسئلة الهوية العربية‪ّ ،‬‬ ‫الدول العربية‪ ،‬وارتقت ببيئتها التعليمية والعلمية‪ ،‬فإن ما تحقّق عربياً لم يكن‬ ‫سياس‬ ‫بمستوى المأمول‪ ،‬بل إن إالخفاق الذي خالط بعض قراراتها قد أدى إىل تفكّك‬ ‫ي‬ ‫واقتصادي تدفع الشعوب العربية ثمنه عىل حساب تنميتها واستقرارها وصناعة‬ ‫مستقبلها‪.‬‬ ‫أ‬ ‫الجواء العربية الغائمة لم تفارق أجواء المؤتمر‪ ،‬ولعل هذا بعض مالمحه الشفّافة‪،‬‬ ‫ت‬ ‫يمر بها الوطن‬ ‫فقد تناولت كلمة الرئيس المرصي‪ ،‬عبدالفتاح‬ ‫ال� ّ‬ ‫السيس التحديات ي‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مش�اً إىل أنها لم تعد مشكالت‪ ،‬بل تشكل تهديدا وجوديا مبا�ا لكيانات‬ ‫العر� ي‬ ‫بي‬ ‫ومقدرات شعوبها‪ ،‬مما يتطلب ض�ورة الحفاظ عىل وحدة تال�اب الوط�ن‬ ‫الدول‬ ‫تلك‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫وتفعيل النظام إالقليمي كإطار منظّم لالتفاقيات العربية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫نفس‬ ‫من جهته رأى سمو ال يم� خالد الفيصل أننا نعيش حال عدم استقرار ي‬ ‫واضطراب فكري‪ ،‬ت‬ ‫وح� عقائدي‪ ،‬وأننا نسينا المواطنة أمام ظهور التيارات إالسالمية‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫المتطرفة‪ ،‬الفتاً إىل أننا أصبحنا شعوباً وحكومات نستدعي الخرين ليتدخلوا ي� شؤوننا‬ ‫ويفرضوا علينا حلولهم‪.‬‬ ‫إذا كان المؤتمر قد أصغى لكلمات القادة‪ ،‬فهو احتفى أيضاً بالطاقات الشابة المبدعة‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫كث�ة بينها مهارات التواصل‪،‬‬ ‫ال� تنخرط موسمياً ي� ورش عمل تدريبية تعالج مسائل ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫واختالف الثقافات‪ ،‬وتنمية بيئات العمل‪ ،‬وتطوير الب� التعليمية‪ ،‬وتعميق ثقافة‬ ‫ت‬ ‫ال� يتمتع بها الشباب‬ ‫الحوار والتسامح والمواطنة‪ .‬فوكان للروح الحيوية والخالقة ي‬ ‫والشابات خالل مداخالتهم ي� الجلسات الرسمية والورش أو من خالل الجوائز‬ ‫ت‬ ‫ال� يحصدونها دور واضح ف ي� صناعة أمل جديد يكون جناحاه العلم‬ ‫التشجيعية ي‬ ‫والمعرفة‪.‬‬ ‫من ي ن‬ ‫ب� أجمل مالمح المؤتمر إصدار التقرير السنوي للتنمية الثقافية الذي يدرس كل‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫بالضافة‬ ‫المتخصص�‬ ‫سنة معضلة عربية حية‪ ،‬ويكتب أبحاثها نخبة من‬ ‫والباحث�‪ ،‬إ‬ ‫إىل تقرير سنوي تي�جم عن الفرنسية عن أحوال العالم خالل سنة مقبلة‪ ،‬وبضعة‬ ‫كتب ف ي� السياسة واالقتصاد والعالقات الدولية‪.‬‬ ‫المؤتمر ثري بأعماله وأفكاره وطموحاته‪ ،‬ويبقى عىل ص َّناع القرار تحويل تلك‬ ‫الفكار إىل خطط عملية يلمسها ويتفاعل معها المواطن العر� رغم كل أ‬ ‫أ‬ ‫الزمات‬ ‫بي‬ ‫ت‬ ‫ال� تعصف به‪.‬‬ ‫ي‬


‫‪5|4‬‬

‫مع القرَّ اء‬

‫تحية وبعد‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫‪Corbis‬‬

‫أ‬ ‫عبر محمود‬ ‫وحول المواضيع الحدث نسبياً‪َّ ،‬‬ ‫عبدالمجيد عن رأيه في‬ ‫موضوع «غوغل‪ ..‬بيئة‬ ‫مثالية لالبتكار»‪ ،‬قائالً‪:‬‬ ‫«موضوع رائع جداً‪،‬‬ ‫ومن أجمل ما قرأت‬ ‫في القافلة‪ .‬أعتقد أن‬ ‫بيئة العمل الفريدة‬ ‫في غوغل هي واحد من أسرار‬ ‫نجاحاتها الكبيرة‪ .‬ولو عملت الشركات العربية الكبرى‬ ‫وفق هذا النهج ألصبحت أكثر ريادة وابتكاراً»‪.‬‬ ‫مار�س ‪� /‬أبريل ‪2013‬م‬

‫‪shutterstock‬‬

‫بيئة مثالية‬

‫لالبتكار‪ ..‬و«العمل» معاً!‬

‫‪I’m Feeling Lucky‬‬

‫‪Google Search‬‬

‫ح َّقق ��ت‬ ‫�شرك ��ة «غوغ ��ل» ‪Google‬‬ ‫�لعالم ��ات �لتجارية �شه ��رة على نجاح� �اً فائق� �اً جعلها ف ��ي مقدمة �أكثر‬ ‫�أي�شاً في رعاية موظفيها‪ ،‬ما دفعم�شتوى �لعالم‪ ،‬و�حتل ��ت �لمكانة نف�شها‬ ‫لو�شعها في �شد�رة قائمة «�أف�شلمجلة «فورت�شين ‪� »Fortune‬لأمريكية‬ ‫و�حتل ��ت �لمرتب ��ة �ل�شاد�شة في ‪� 100‬شركة للعمل فيها» لعام ‪2013‬م‪،‬‬ ‫ت�شنيف مجلة «فورب�س ‪ »Forbes‬لأف�شل‬ ‫�أماكن �لعمل‬ ‫في‬ ‫عام‬ ‫‪2013‬‬ ‫م‪.‬‬ ‫كما‬ ‫�‬ ‫أنها‬ ‫و�حدة‬ ‫من‬ ‫�أكبر �ل�شركات �لأمريكية‬ ‫م ��ن حيث �لقيمة �ل�شوقي ��ة‪ ،‬حيث‬ ‫دولر �أمريكي مع نهاية يناير ‪2013‬تخطت قيمتها حاج ��ز �ل�‪ 207‬مليار�ت‬ ‫م‪ ،‬على �لرغم من �أنها تاأ�ش�شت بعدة‬ ‫مئ ��ات �لآلف م ��ن �ل ��دولر�ت‬ ‫فح�شب‪� .‬لباح ��ث ح�شام فتحي �أب ��و جبارة‪،‬‬ ‫يعرِّفنا على بيئة �لعمل �لفريدة في‬ ‫«غوغل»‪ ،‬ودورها في تعزيز �لبتكار‪.‬‬

‫أ‬ ‫الوفر‬ ‫والك�يت)‪ ،‬فإنه‬ ‫والسليكون‪ ،‬والمغنيسيوم‪ ،‬ب‬ ‫أ‬ ‫الروا�‬ ‫ارة العالية‪ .‬وبعد ذلك ف ي� عام ‪1894‬م‪ ،‬كتب ي‬ ‫ق�تنا الأرضية‪ ،‬وعىل الرغم من هذه‬ ‫أكسج� ف� ش‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫الحر‬ ‫والستاذ‬ ‫يقول عالم الكيمياء‬ ‫ف خيالته العلمية المبكرة‪« :‬مما يذهلك‬ ‫أساس ف‬ ‫بعد ال ي ي ف أ‬ ‫كربو�‪ ،‬نتيجة‬ ‫الرض ذات‬ ‫بونامب�وما‪ :‬إتش جي ويلز‪� ،‬‬ ‫ي‬ ‫الوفرة‪ ،‬إل أن الحياة ي�‬ ‫ي‬ ‫س�يل‬ ‫وتجعله مناسباً ش‬ ‫يالخيالية الرائعة لكائنات من السليكون‬ ‫بجامعة يم�يالند ي‬ ‫وأك�‬ ‫هذه التصورات‬ ‫تم�فه‬ ‫الخصائص الكيميائية تال� ي‬ ‫«إذا كانت هناك حياة ف ي� مكان آخر‬ ‫الك�يت‬ ‫ألومنيوم‪ ،‬تجول خالل غالف جوي من ب‬ ‫قًا يللحياة عىل كوكبنا‪ ،‬حيث تحتاج‬ ‫مرونة ألن يكون صدي‬ ‫وال‬ ‫ف� الكون فستكون مماثلة لحياتنا‬ ‫شواطئ بحر من الحديد السائل‪،‬‬ ‫المف�َضة إل ظروف قاسية من ضغط‬ ‫السليكونية ت‬ ‫الغازي‪ ،‬وعىل مقربة من‬ ‫ي أ‬ ‫الرض من الناحية الكيميائية»‪،‬‬ ‫الكائنات‬ ‫مئوية»‪ ،‬وأخذت فكرة وجود أشكال‬ ‫عىل‬ ‫تبلغ حرارته ألف درجة‬ ‫وحرارة ك تشق طريقها إل الحياة‪.‬‬ ‫عىل تعميم كيمياء الحياة الكربونية‬ ‫ي‬ ‫ف أساسها عىل عنرص السليكون تحوز‬ ‫وهذه النظرة تقوم‬ ‫من الحياة تعتمد �‬ ‫الكون بأكمله‪ .‬هذا الكربون موجود‬ ‫أ‬ ‫ي العلماء وأدباء الخيال العلمي‪ ،‬وما‬ ‫السليكون والكربون‪ ،‬كون الكربون‬ ‫الرض عىل‬ ‫ف ي� كوكب‬ ‫عىل اهتمام وانبهار‬ ‫ومن أمثلة تشابه كيمياء‬ ‫فو� الهواء من حولنا‪ ،‬وهو أساس‬ ‫ف‬ ‫هيدروج� لتكوين غاز الميثان‪ ،‬بينما‬ ‫و� طعامنا‬ ‫يف‬ ‫زالت ت‬ ‫ح� هذه اللحظة‪.‬‬ ‫ف ي� أجسامنا ي‬ ‫يرتبط مع أربع ذرات‬ ‫يّن روابط فردية أو زوجية أو ثالثية‪،‬‬ ‫الكيمياء العضوية‪ ،‬ويكو‬ ‫نتيجة ارتباط السليكون بأربع ذرات‬ ‫يتشكل غاز السيالن‬ ‫وله القدرة عىل التحاد بسهولة مع نفسه‪ ،‬لتشكيل سالسل لماذا السليكون بدل الكربون؟‬ ‫ف لنا الختالف الجوهري بينهما عند‬ ‫يف‬ ‫يتب�‬ ‫عدد كب� من العنارص الأخرى‪ ،‬لإنتاج‬ ‫هيدروج�‪ .‬لكن ي ّ‬ ‫مخلوقات ذات قاعدة سليكونية تقوم‬ ‫أكسج�‪ ،‬فعندما يتفاعل الكربون مع‬ ‫ي‬ ‫كربونية طويلة‪ ،‬ومع‬ ‫بعنرص ال ي ف‬ ‫إن فكرة وجود‬ ‫أ‬ ‫ارتباطهما‬ ‫ف المركبات المهمة ف� بناء الكائنات الحية‪.‬‬ ‫الول‬ ‫علمية‪ ،‬فعنرص السليكون هو المرشح‬ ‫ف‬ ‫ثا� أكسيد الكربون‬ ‫ي‬ ‫المالي� من‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫عىل أسس‬ ‫أكسج� أثناء عملية التنفس لينتج ي‬ ‫عن الكربون للتشابه بينهما‪ .‬فكالهما‬ ‫ال ي يسهل تخلص الجسم منه‪ .‬أما ف ي� حالة‬ ‫ألن يكون ً‬ ‫بديال‬ ‫( ‪ ،)CO‬الذي‬ ‫اف�ض وجود حياة يغ� قائمة‬ ‫ش ف الجدول الدوري ت‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫ف‬ ‫من‬ ‫‪2‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬كان أول‬ ‫ي‬ ‫ثا� أكسيد‬ ‫يقع ف� المجموعة الرابعة ع�ة ي�‬ ‫السليكون مع ال ي ف‬ ‫أكسج� فإنه ينتج ي‬ ‫أ ف‬ ‫لما� يوليوس‬ ‫ي‬ ‫هو ي ف أ‬ ‫تفاعل‬ ‫والسليكون‪ ،‬والجرمانيوم‪ ،‬والقصدير‪،‬‬ ‫الفلك ال ي‬ ‫يكون صلباً ت‬ ‫يا� ي‬ ‫ح� ف ي� درجة الحرارة‬ ‫عىل عنرص الكربون‬ ‫الف� ي‬ ‫علمي فكرة وجود تضم الكربون‪،‬‬ ‫السليكون (‪ )SiO2‬الذي‬ ‫ف عام ‪1891‬م‪ ،‬حيث ناقش ف ي� مقال‬ ‫التنفس ت‬ ‫المف�ض‪.‬‬ ‫شاي�‬ ‫السليكون‪ .‬و�ف‬ ‫المرتفعة‪ ،‬ما يشكل تحدياً للجهاز‬ ‫والرصاص‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الرض قائمة عىل عنرص‬ ‫ي‬ ‫ثا� أكسيد الكربون‪ ،‬سوف يتم‬ ‫حياة خارج كوكب‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫فبدل أن يتم طرح غاز ي‬ ‫يطا� جيمس إيمرسون‬ ‫المرتبة الثامنة ي ف‬ ‫ب� العنارص‬ ‫السليكون المعروف باسم (الرمل)‪ ،‬وهو‬ ‫الصيدل بال� ي‬ ‫عام ‪1893‬م‪ ،‬ألقى‬ ‫ي‬ ‫وإذا كان السليكون يحتل‬ ‫ف‬ ‫ثا� أكسيد‬ ‫جمعية العلوم بال�يطانية‪ ،‬ذكر فيها‬ ‫يف‬ ‫طرح ي‬ ‫(الهيدروج�‪ ،‬والهيليوم‪،‬‬ ‫ش أ‬ ‫رينولدز كلمة أمام‬ ‫ال شك� وفرة ف ي� الكون‪:‬‬ ‫صلب يغ� قابل للذوبان ف ي� الماء‪.‬‬ ‫الع�ة‬ ‫ّل الحياة ف� درجة حرارة عالية جدًّ ا‪،‬‬ ‫والني� ي ف‬ ‫مركب‬ ‫والحديد‪ ،‬ت‬ ‫وج�‪،‬‬ ‫أن السليكون قد يشك‬ ‫ي‬ ‫أكسج�‪ ،‬والكربون‪ ،‬والنيون‪،‬‬ ‫وال ي ف‬ ‫مركبات السليكون مستقرة ف ي� درجة‬ ‫حيث إن عديد ًا من‬

‫وكان حسين الوباري قد عقَّب على الموضوع نفسه‬ ‫قائالً‪« :‬مع وجود ‪ 100‬مليار مجرة في الكون فإن‬ ‫شكال ً من أشكال الحياة الكربونية أو السيليكونية قد‬ ‫يكون محتمالً‪ ،‬ولكن السؤال هو‪ :‬هل هي حياة ذكية‬ ‫أم بسيطة؟»‪.‬‬ ‫وحول موضوع «الفصحى بين إزميل العولمة‬ ‫ومفاتيح الكيبورد»‪ ،‬كتب‬ ‫فالح العتيبي‪« :‬ال أظن‬ ‫أن تعريب أ‬ ‫اللعاب‬ ‫اللكترونية هو الحل‬ ‫إ‬ ‫الوحيد‪ ،‬ألن المشكلة‬ ‫هي في النمط النفسي‬ ‫واالجتماعي الذي يحكم‬ ‫هذه أ‬ ‫اللعاب‪ .‬وأظن أن الحل‬ ‫أ‬ ‫المثل هو دفع النشء الجديد إلى استخدام‬ ‫العربية‪ ،‬واعتبار فهمها وحسن استخدامها والتحدث‬ ‫بها من شروط التقدم ألي عمل»‪.‬‬

‫اللفظة ا ألُولى المُعَ َّل‬ ‫هذه َم ُة ِبنُجَ ْيمَةٍ ُ‬ ‫عثرت عليها‬ ‫يمكن رَصْ‬ ‫في قاموس المنهل (ف‬ ‫لمختلفة‪.‬دُ وزن الكلمة‬ ‫فيرنســي‪ -‬عربي)‪،‬‬ ‫لتوليد المدلولت‬ ‫ا‬ ‫منالتــي نحتاجها‬ ‫وقد ن‬ ‫مذكورة علوم الحيوان‬ ‫لحيوانَحَ وْتُ على مثَالهَا‬ ‫فيما صغتُ كلمات‬ ‫صفة ل الف الذي‬ ‫عولمة َوت أدناها ُم ْكت ٌ‬ ‫صحى ُ‬ ‫يعيش‬ ‫َهف‪:‬‬ ‫في ال ُكه‬ ‫بين‬ ‫إزميل‬ ‫صفة‬ ‫ُوف الوالمَغَ ارَات‬ ‫يعيشللحيوان الذي‬ ‫َجاويفهَا‪ .‬مُؤْ ت ٌ‬ ‫يعيش‬ ‫َرِض‪:‬‬ ‫في‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫أرض‬ ‫والوَحْ‬ ‫ل‪¯.‬‬ ‫م‬ ‫ُجْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫فيوم‬ ‫لحيوان الذي بِلٌ ‪ :‬صفة ل‬ ‫الجبال‪ ¯.‬مُحْ ت‬ ‫لحيوان الذي‬ ‫كيبورد‬ ‫فاتيحَرِجٌال‪ :‬صفة ل‬ ‫م‬ ‫ُخْ‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫يعيش‬ ‫َش‬ ‫ٌ‬ ‫فــي‬ ‫ــب‬ ‫ا‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬ ‫أحْ‬ ‫ر‬ ‫صفة‬ ‫َاج‬ ‫والغَ‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫للحيوان‬ ‫َات‪.‬‬ ‫الذي‬ ‫يعيش في الخَ شَ ب‪ُ .‬م ْرتَمِ ٌ‬ ‫الذي ِيعيش في ال ِّرم‬ ‫ل‪ :‬صفة للحيوان‬ ‫َال‪ ¯.‬مُشْ ت َِجرٌ‪ :‬صفة ل‬ ‫م ُْص‬ ‫لحيوانلحيوان الذي‬ ‫صفةطَ ح ٌر (أصْ ُلهَا م‬ ‫يعيشحْ رفي ا ألَشْ جَ ار‪.‬‬ ‫الذي ُْصت َِحر)‪ :‬صفة ل‬ ‫الذينيعيش في َّ‬ ‫للحيوان يعيش‬ ‫الص َاء‪ُ .‬م ْهتَذِ ٌ‬ ‫ب‪:‬‬ ‫في المياه العَ ذْ بَة ( َم ْحُ‬ ‫يعيشوتَةٌ من َك ِل َمت ْ‬ ‫المَاء)‪ +‬عَذْ ٌب)‪ُ .‬م‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫َقِ‬ ‫عٌ‬ ‫‪:‬‬ ‫صفة‬ ‫ل‬ ‫َي‪ :‬مَوَ ٌه (معناه‬ ‫لحيوان‬ ‫الذي‬ ‫عثرت عليها في في ال َمنَاقِ‬ ‫اللفظة ا ألُولى المُعَ َّل‬ ‫المنهلع(فروالمُسْ ــ َت ْنقَعَ ات‪.‬‬ ‫هذه َم ُة ِبنُجَ ْيمَةٍ ُ‬ ‫يمكن رَصْ دُ‬ ‫قاموسنحتاجها في نســي‪ -‬عربي)‪،‬‬ ‫وزننَحَ وْتُ الكلمة لتوليد‬ ‫المدلولت التــي‬ ‫المختلفة‪ .‬وقد‬ ‫كلمات مذكورة علوم الحيوان‬ ‫الذي على مثَالهَا فيما‬ ‫صفة للحيوان‬ ‫صغتُ والمنمَغَ ارَات َوت أدناها ُم ْكت ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َهف‪:‬‬ ‫يعيش في ال ُكهُوف‬ ‫صفة‬ ‫يعيشللحيوان الذي‬ ‫َجاويفهَا‪ .‬مُؤْ ت ٌ‬ ‫َرِض‪:‬‬ ‫يعيش في الأرض والوَحْ‬ ‫في‬ ‫ل‪ ¯.‬مُجْ َتبِلٌ ‪ :‬صفة ل‬ ‫الجبال‪¯.‬‬ ‫م‬ ‫ُحْ‬ ‫ت‬ ‫َرِجٌ‬ ‫‪:‬‬ ‫لحيوان الذي‬ ‫صفة‬ ‫ل‬ ‫لحيوان‬ ‫مُخْ ت َِش ٌ‬ ‫ــب‪:‬‬ ‫الذي شَيعيش فــي ال‬ ‫لأحْ‪ :‬رَاج والغَ ابَات‪.‬‬ ‫صفةمللحيوان الذي‬ ‫يعيش في الخَ ب‪ُ .‬م ْرتَمِ ٌ‬ ‫الذي يعيش في ال ِّر‬ ‫يعيش صفة للحيوان‬ ‫َال‪ ¯.‬مُشْ ت َِجرٌ‪ :‬صفة ل‬ ‫لحيوانلحيوان الذي‬ ‫م ُْصطَ ِح ٌر‬ ‫(أصْ‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫َا‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ُص‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫َح‬ ‫ر)‪:‬‬ ‫الصحْ رفي ا ألَشْ جَ ار‪.‬‬ ‫صفة‬ ‫ل‬ ‫الذي‬ ‫صفة للحيوان الذي‬ ‫يعيشمنفي َك ِل َمتَّ َاء‪ُ .‬م ْهتَذِ ٌ‬ ‫ب‪:‬‬ ‫يعيش في المياه‬ ‫لحيوانالعَ ذْ بَة ( َمنْحُ وتَةٌ‬ ‫المَاء)‪ +‬عَذْ ٌب‬ ‫ْ‬ ‫ُولى)‪.‬ال ُم ْنتَقِ عٌ ‪ :‬صفة ل‬ ‫َي‪ :‬مَوَ ٌه (معناه‬ ‫الذيفييعيش في ال َمنَاقِ‬ ‫اللفظة ا أل مُعَ َّل‬ ‫المنهلع(فروالمُسْ ــ َت ْنقَعَ ات‪.‬‬ ‫هذه َم ُة ِبنُجَ ْيمَةٍ ُ‬ ‫عثرت عليها‬ ‫يمكن رَصْ دُ‬ ‫قاموسنحتاجها في نســي‪ -‬عربي)‪،‬‬ ‫وزننَحَ وْتُ الكلمة لتوليد‬ ‫المدلولت التــي‬ ‫المختلفة‪ .‬وقد‬ ‫كلمات مذكورة علوم الحيوان‬ ‫الذي على مثَالهَا فيما‬ ‫صفة ل‬ ‫لحيوان‬ ‫صغتُ والمنمَغَ ارَات َوت أدناها ُم ْكت ٌ‬ ‫ُ‬ ‫يعيش‬ ‫َهف‪:‬‬ ‫في‬ ‫ال‬ ‫ُ‬ ‫كهُوف‬ ‫صفة‬ ‫يعيشللحيوان الذي‬ ‫َجاويفهَا‪ .‬مُؤْ ت ٌ‬ ‫َرِض‪:‬‬ ‫يعيش في الأرض والوَحْ‬ ‫في‬ ‫ل‪ ¯.‬مُجْ َتبِلٌ ‪ :‬صفة ل‬ ‫ــبالجبال‪ ¯.‬مُحْ تَرِجٌ‬ ‫لحيوان الذي‬ ‫للحيوان‪ :‬صفة للحيوان‬ ‫مُخْ ت َِش ٌ‬ ‫‪:‬‬ ‫الذي شَيعيش فــي ال‬ ‫صفة‬ ‫لأحْ‪ :‬رَاج والغَ ابَات‪.‬‬ ‫الذي‬ ‫يعيش في الخَ ب‪ُ .‬م ْرتَمِ ٌ‬ ‫الذي ِيعيش في ال ِّرم‬ ‫َال‪¯.‬‬ ‫م‬ ‫ُشْ‬ ‫يعيش صفة للحيوان‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫َج‬ ‫ر‬ ‫ٌ‪:‬‬ ‫صفة‬ ‫ل‬ ‫لحيوان‬ ‫الذي‬ ‫م ُْصطَ ح ٌر (أصْ‬ ‫للحيوان ُلهَا م ُْصت َِحر)‪:‬‬ ‫الصحْ رفي ا ألَشْ جَ ار‪.‬‬ ‫صفة للحيوان الذي‬ ‫صفة‬ ‫الذي‬ ‫يعيش‬ ‫يعيشمنفي َك ِل َمتَّ َاء‪ُ .‬م ْهتَذِ ٌ‬ ‫ب‪:‬‬ ‫َاء)‪ +‬عَذْ ٌب)‪ُ .‬م ْنتَقِ عٌ ‪ :‬في المياه‬ ‫الم‬ ‫لحيوانالعَ ذْ بَة ( َمنْحُ وتَةٌ‬ ‫ْ‬ ‫صفة ل‬ ‫َي‪ :‬مَوَ ٌه (معناه‬ ‫الذي يعيش في ال َمنَاقِ ع والمُسْ ــ َت ْنقَعَ ات‪.‬‬ ‫‪73 | 72‬‬

‫لغويات‬

‫الملــف‬

‫يُظلِّلُ الرا َأ�س والأبدانَ‪ ،‬في ال�صيف‬ ‫لم يكن ل�صي ٍء مقبَّب‪ ،‬محدَّب‪،‬‬ ‫كما يناأى بها عن البلل‪ ،‬اأن يرتح َل‬ ‫الحر‬ ‫وال�صتاء‪ ،‬يقيها من ّالتاريخ‪ ،‬ببع�س التنازع والختالف حول‬ ‫جغرافياً ويعب َر ف�صول‬ ‫«ال�صيء» تخطّ ى اعتبارات الحاجة‬ ‫هذا‬ ‫اأ�صله وف�صله‪ ،‬لول اأنّ اجتماعي ًة وثقافي ًة واقت�صاديةً‪ ،‬بل وفنيّة‬ ‫البحتة لي�صبح قيم ًة‬ ‫تطوّر العديد من الأ�صياء – قيمة‬ ‫مده�صة‪� ،‬صبقتها – بحكم‬ ‫تاريخية ودينية واعتبارية‪..‬‬ ‫ت�س‬ ‫عن المظلة‪ ،‬كاختراع ب�صري‪ ،‬لم ِ‬ ‫تتحدّث هنا حزامة حبايب‬ ‫البدء‪ ،‬وطابعها العملي‪ ،‬و�صكلها مكرَّ�س‬ ‫محدوديّة ا�صتخدامها في‬ ‫كلّ الأفكار الممكنة‪ ،‬بل قد ت�صتظلّ‬ ‫الهوية‪ ،‬اأنّها قابلة ل�صتيعاب‬ ‫أفكار والت�صورات خياليّة وجموحاً‪.‬‬ ‫تحت محيطها اأكثر ال‬

‫حسن الخاطر‬

‫نزار قبيالت‬

‫القافلة‬ ‫نوفمبر ‪ /‬ديسمبر ‪2015‬‬

‫ومن التعليقات أ‬ ‫الخرى على أعداد سابقة نذكر‬ ‫على سبيل المثال واحداً‬ ‫لـ معتز بغداد وافانا‬ ‫به مؤخراً حول ملف‬ ‫المظ ّلة‬ ‫«المظلة» المنشور في‬ ‫عدد سبتمبر‪-‬أكتوبر‬ ‫‪2012‬م‪ ،‬ويقول فيه‪:‬‬ ‫«لم أقرأ منذ سنين‬ ‫مقاال ً ممتعاً كهذا‪ ،‬خصب المادة ورائع الصياغة‬ ‫أ‬ ‫الدبية‪ .‬أشكر الكاتبة والمجلة»‪.‬‬

‫العلم خيال‬

‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬كتب حمود الغيالني في الثالث‬ ‫من أكتوبر الماضي تعليقاً‬ ‫دقيقاً في مالحظاته على‬ ‫ملف «البحر» الذي سبق‬ ‫نشره في القافلة في‬ ‫عدد مايو‪-‬يونيو ‪2009‬م‪.‬‬ ‫ومما جاء فيه أن «من‬ ‫المغالطات التي أوجدها‬ ‫الغربيون‪ ،‬وسار على نهجهم بعض‬ ‫الك َّتاب العرب‪ ،‬إطالق اسم (داو) على السفن في‬ ‫ُعمان والخليج العربي‪ .‬بينما هو اسم لنوع من‬ ‫السفن الهندية»‪ .‬كما انتقد في تعليقه المقارنة ما بين‬ ‫أحمد بن ماجد وماركوبولو‪ ،‬أ‬ ‫«فالول نوخذة معلم‬ ‫ومؤلف‪ ،‬والثاني مجرد قبطان َّرحال‪ »..‬مرتئياً أن هذه‬ ‫المقارنة ال تجوز‪.‬‬

‫‪31 | 30‬‬

‫احتمال وجود حياة خارج‬ ‫ذهب العلماء إلى‬ ‫االتساع الكوني‪ ،‬إضافة‬ ‫كوكب األرض نتيجة‬ ‫كواكب ذات ظروف مشابهة‬ ‫إلى اكتشاف عدة‬ ‫الحياة على كوكبنا تعتمد‬ ‫لألرض‪ .‬ولما كانت‬ ‫الكربون‪ ،‬فقد َّ‬ ‫حق لنا أن‬ ‫على عنصر أساسي هو‬ ‫ذلك على أشكال الحياة‬ ‫نتساءل‪ :‬هل ينطبق‬ ‫كما هي الفكرة السائدة‬ ‫على كواكب أخرى‪،‬‬ ‫العلمية؟ أو أن الحياة ستختلف‬ ‫في األوساط‬ ‫صورتها أفالم الخيال العلمي؟‬ ‫كيميائياً ‪ ،‬كما‬

‫القافلة‬ ‫نوفمبر ‪ /‬ديسمبر ‪2015‬‬

‫تعتز القافلة بأن تكون أعدادها التي صدرت منذ‬ ‫القراء‪ ،‬وكأن موادها ال‬ ‫سنوات‪ ،‬ال تزال مثار اهتمام َّ‬ ‫تشيخ بمرور الزمن‪ .‬وهذا ما نتلمسه يومياً في رصدنا‬ ‫اللكتروني للمجلة‪.‬‬ ‫القراء على الموقع إ‬ ‫لتعليقات َّ‬

‫وأثار موضوع «حياة من السيليكون» المنشور في‬ ‫القسم العلمي من عددها‬ ‫نوفمبر‪-‬ديسمبر الماضي‬ ‫تعليقات عديدة‪ .‬فقد‬ ‫كتب محمد حسين‬ ‫السليكون؟‬ ‫حياة من ِّ‬ ‫آل هويدي‪« :‬موضوع‬ ‫جميل ومتعوب عليه‪.‬‬ ‫ال عدمنا يراعتك يا أخ‬ ‫حسن‪ .‬وعطفاً على تساؤل‬ ‫أ‬ ‫الستاذ حسين الوباري‪ ،‬فإن الحياة الذكية تفترض‬ ‫وجود حياة بسيطة وبدائية تسبقها‪ .‬ولذلك يبقى‬ ‫صف الحياة البسيطة»‪.‬‬ ‫الترجيح دائماً في ّ‬

‫مرَّ الكيان العربي عبر عقودٍ خَ لت‬ ‫ومما ال شكّ فيه أن المعطيات‬ ‫بعديد‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫تحوالت حادةٍ قادتهُ إلى‬ ‫أاالجتماعية الحديثة قد وأين يقع‬ ‫تغيرت وأن مساحة‬ ‫بصرُك‪ ،‬فالتراجعُ هنا ذوقيّ مفادُه أن‬ ‫البون بين االصيل والمعاصر قد‬ ‫حالة انفصام وتوهان‪ ،‬وأبعدته‬ ‫االإنجليزية تُلهب‬ ‫أ‬ ‫تفاقمت وما تلبث تتسع وتتسع‪.‬‬ ‫حماس المتسوّق العربي وتثير شهيّته‬ ‫كثيراً عن مرابِ ضه االولى؛ فضاع‬ ‫ٍ‬ ‫بدرجة أكبر من العربية‪.‬‬ ‫لقد رَخّ صت وزا‬ ‫رات التربية والتعليم في العالم‬ ‫في تِيه الرقمية الجديدة بعد أن‬ ‫العربي َ‬ ‫عمل‬ ‫ولكي نتجاوز مربّع ِ‬ ‫جلد الذّ ات والتباكي على‬ ‫تخلّى عن القافلة‬ ‫الحالة‬ ‫ِ‬ ‫المدارس الخاصة‪ ،‬وكان ذلك أمراً غير‬ ‫والعيس‪ ،‬ولذا فهو اليوم بحاجة‬ ‫التي وصلت‬ ‫لِمن يعيد‬ ‫مرفوض بل يُقبَل على أساس‬ ‫إليها العربية ال بد لنا بدايةً من تهيئة‬ ‫له ثوبَه الذي خلعه وارتدى بدال‬ ‫ٍ من تنويعِ مصادرِ‬ ‫بعض‬ ‫ً منه شيئاً ال التعليم والتناف‬ ‫الحلول الجادة التي ستنقِ ذ ما تبقى من‬ ‫يُناسب قيافَته‬ ‫ُسيّة وتباين أساليب التعلّم‪ .‬لكن‪،‬‬ ‫البتة؛ فبعد هدير التحوالت المتتابعة‬ ‫العربية بعد أن عَم‬ ‫وبعد مضيِّ الوقت راحت تلك‬ ‫لم يعد لدينا شيء‬ ‫ِ لت بها لغة «الشات» البالستيكية‬ ‫ٌ أ نبرزه للجيل القادم الذي جاءت‬ ‫الدراسيّة خاليةً من مناهج المدارس تَضعُ خُ ططها المكوّنة من‬ ‫ثنائيّة لُغويّة وازدواجية؛ إذ إن لغة‬ ‫العربية‪،‬‬ ‫وتعدها مساقاً‬ ‫محاصيل قِ طافه االولى غير مطمئنة‪ٌ ،‬‬ ‫جيل يمسك‬ ‫آ‬ ‫آ‬ ‫التخاطب والحوار‬ ‫من مساقات‬ ‫بـ أ «االيباد» كأنه‬ ‫بين أبناء عصر «االيباد» هذا‪ ،‬هي‬ ‫الثقافات أو مهارات التواصل‪ ،‬وكانت‬ ‫اليراع‪ ،‬ويجلس طويال ً أمام قنوات‬ ‫أ‬ ‫العاميّات المَ مزُوجة‬ ‫دعوى القائمين‬ ‫االفالم االجنبية‬ ‫بشيءٍ من االإنجليزية والفرنسية‪،‬‬ ‫على هذه المدارس هي أن ملتحقي‬ ‫أكثر ما يجلس في أحضان جدّ اته‪،‬‬ ‫لغةٌ التقطت ع‬ ‫هذا البرنامج‬ ‫آ‬ ‫إنه جيل الوجبة‬ ‫َدوى السرعة والخفة في التواصل‬ ‫هم ِممن لم يدرسوا العربية أبداً أو‬ ‫الجاهزة الذي ينتمي لالخر بدعوى‬ ‫والتوصيل‪ ،‬لغةٌ‬ ‫ِممن ول‬ ‫أ نَالت من روحِ العربية وأفقدتها‬ ‫الرفعة‪ ،‬ويمارس‬ ‫ِدوا في بيئات غير عربية‪ ،‬وهو ما‬ ‫مع ماضيه وحاضره قطيعة شنعاء‪.‬‬ ‫يطلق عليهم بريقَها‪ ،‬وفي اال‬ ‫بالجيل «الهجين»‪ ،‬غير‬ ‫هذا الجيل‬ ‫لم‬ ‫أنّ‬ ‫الغلو‬ ‫ثناء يرى لغويّون وتربويّون أن ثمة‬ ‫يتث‬ ‫ب‬ ‫في‬ ‫ّت‬ ‫هذا‬ ‫ال‬ ‫ت‬ ‫من‬ ‫بعدُ‬ ‫ّوجه‬ ‫مكونات هويته العربية‬ ‫أمال ً في تطويع‬ ‫سيحطم أشياء‬ ‫التي‬ ‫أالمُ نجز الرقمي لصالح تعليم العربية‬ ‫َ ثمينةً يدركها العارفون؛ فأمر تيسير‬ ‫في مقدّ متها اللغة العربية‪ .‬إنه ٌ‬ ‫جيل قفزَ إلى‬ ‫للناشئة‪ ،‬فجُ ّل اال‬ ‫أ‬ ‫اللغة العربية‬ ‫لعاب الرقمية التي تستهدف االطفال‬ ‫أعلى السارية دون أن يمرّ بمرحلة‬ ‫وتبسيطها إلى حدّ السذاجة ال يستأهل‬ ‫يمكن يبها‬ ‫التأسيس والتأصيل‪ ،‬أن تُلغى‬ ‫فلُغتنا اليوم لم‬ ‫تعرِ واالإشراف عليها‪ ،‬كما ويُمكن اقتصار‬ ‫العربية من المناهج المدرسية‪ ،‬إذ‬ ‫تعد تعني أحداً وإن شا َع بأنّها من‬ ‫أ‬ ‫اللغة وعا ُء التخاطب في مواقع‬ ‫فكرٍ وتاريخ‬ ‫اللغات اال ُممية‬ ‫أ‬ ‫التواصل االجتماعي على العربية‪،‬‬ ‫وجغرافيا وفلسفة ومنطق ومهارات‬ ‫المُ ثبَتة في نواميس منظمات االمم‬ ‫تواصل غير أن حاجتنا‬ ‫ٍ‬ ‫أوتداول‪ ،‬فاللغة بمنزلة «السيما» االأولى والالفتة االأ‬ ‫المتحدة‪ ،‬وبأنها لغةٌ ساطعٌ نجمُ ها ستنجو من االأ‬ ‫لمؤسسة عربية تتولى مسؤولية هذا‬ ‫برز‬ ‫فول‬ ‫المشروع ومراقبته‬ ‫كيان بشري‪،‬‬ ‫الي ٍ‬ ‫القادم‪ ،‬غير‬ ‫وإنجاحه هي ما نفتقر إليه اليوم‪.‬‬ ‫واالبتعاد عنها يعني تعويم التربية‬ ‫أن عدداً من سدنتها ومُ دركيها باتوا‬ ‫إذاً‪ ،‬هناك حاجةٌ ِّ‬ ‫وإلغاء خصوصيتنا‬ ‫لدق ِ‬ ‫يستشعرون‬ ‫ناقوس الخطر وعقد مزيد من‬ ‫الثقافيّة باعتبارها شكال ً أصيال ً من‬ ‫الخَ طر المحدق‪ ،‬فقد ُصنفت العربيةُ‬ ‫الملتقيات والمؤتم‬ ‫أشكال‬ ‫مر ٍات ومرات ور‬ ‫رات التي تُعنى بهذا الشأن‪ ،‬ذلك‬ ‫أ الوجود العالمي وجزءاً إنسانياً حاض ً‬ ‫احت إيقاعاتها ورسمُ ها يختفيان بين‬ ‫را وفاعال ً في بعد أن تطورت‬ ‫االوساط العالمية‪.‬‬ ‫تالفيف اللهجات‬ ‫أداة العصر رقمياً ولم تلتفت التِ ئاد‬ ‫والدارجة؛ فمر ًة على أُسس عرقية‬ ‫العربي وبدأت‬ ‫يكاد حضور العربية أن‬ ‫تخطف منه أبناءه‪ ،‬ويبقى التساؤل إلى‬ ‫ومناطقية تتبع لخصوصية‬ ‫ينحصر اليوم على‬ ‫ألسنة‬ ‫ثيها‬ ‫متحدّ‬ ‫ً‬ ‫شرق‬ ‫ا‬ ‫وغرب‬ ‫ا‬ ‫متى‬ ‫ً‪،‬‬ ‫نبقى‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫مجتمع‬ ‫ا‬ ‫الخطباء والمؤرخين‬ ‫سهال ً ووادياً‪ ،‬ومرة‬ ‫يستورد ّكل شيءٍ ويستهلك حتى‬ ‫آ‬ ‫وأهل االدب‪ ،‬ففضال ً عن اللغات‬ ‫أخرى بشكل عمودي تبعاً للطبقة‬ ‫اللغة من االخر؟‬ ‫المحكية وما تحط‬ ‫االقتصادية‪ ،‬إذ‬ ‫ّمه هذه المحكيات من الفصحى‪،‬‬ ‫لهجة المترفين غير تلك اللهجة التي‬ ‫فإن العربية‬ ‫تُبتسر وتضيق على‬ ‫تعاني أيضاً ازدواجاً يتَمثّل بتداول‬ ‫ألسنة أصحابها كلما ضاق الشارع‬ ‫االإ نجليزية والفر‬ ‫وازدحم بقاطنيه‪.‬‬ ‫أ نسية بشكل جلي يكاد يطغى عليها‪.‬‬ ‫شاركنا رأيك‬ ‫ال سيما في االسواق‬ ‫وعلى اليافطات وفي «الموالت»‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬

‫وكتب ساعد غويني يقول‪« :‬لقد أتعبتموني بمجلتكم‬ ‫الرائعة هذه‪ ،‬وأجبرتموني على قراءتها كاملة‪ ..‬فما من‬ ‫عدد أراه عند صديقي إال وتملكني الذهول لجودة‬ ‫مواضيعها التي تضطرك إلى الوقوف عندها وقراءتها‬ ‫واالستفادة منها‪ ..‬شكراً لكم على هذا الصرح العربي‬ ‫يبدد هذه العتمة والظالم الحالك»‪.‬‬ ‫الذي ِّ‬ ‫ومع شكرنا أ‬ ‫للخ ساعد على عاطفته‪ ،‬نقول له‪:‬‬ ‫«ال داعي بعد اليوم ألن تطلع على القافلة عند‬ ‫صديقك‪ .‬أرسل لنا عنوانك البريدي‪ ،‬وسيسرنا أن‬ ‫نضع اسمك ضمن قائمة المشتركين»‪.‬‬

‫المشتركون الجدد‬ ‫أ‬ ‫الخوة‪ :‬الدكتور ياسر إبراهيم الخليفي‪ ،‬الرياض؛‬ ‫صباح محسن جاسم‪ ،‬العراق؛ محمد عبدالله‬ ‫العتيق‪ ،‬المذنب؛ جاسم أيوب‪ ،‬البحرين؛ أمل‬ ‫عبدالرحمن ناضرين‪ ،‬جدة؛ الدكتور الحسين‬ ‫محمد آل عواض‪ ،‬الرياض؛ حسن عبدالله العلي‪،‬‬ ‫المبرز؛ هاني بن جابر النجار‪ ،‬أ‬ ‫الحساء؛ الدكتور‬ ‫محمد عبداللطيف عيد حامد‪ ،‬مصر؛ محمد بن‬ ‫عبدالله الشهري‪ ،‬الظهران؛‬ ‫وصلتنا رسائلكم‪ ،‬وأحلنا عناوينكم وما طرأ على‬ ‫بعضها من تعديالت إلى قسم االشتراكات‪،‬‬ ‫وستصلكم أعداد القافلة تباعاً بإذن الله‪.‬‬

‫على شاطئ البحر‬ ‫على شاطئ البحر ألقيت هما‬ ‫وأغرقت في الماء حزناً وغما‬ ‫وداعبت إشعاع شمس الصباح‬ ‫بجلد تلبسه الدهر سقما‬ ‫تركت على الرمل إيقاع رقصي‬ ‫يغني حكاياه للروح نغما‬ ‫به سلم الدو ريمي فا سوالسي‬ ‫بيات الصبا للنهاوند يظما‬ ‫ودالي يترجمها للحيارى‬ ‫جنوناً يسربله الفكر رسما‬ ‫بموج يدغدغني حين يعتو‬ ‫طبعت ابتسامة شكري ختما‬ ‫يشاركني الملح لهوي فيبقى‬ ‫إذا عاد للبحر ملقيه قدما‬ ‫اسمر لوني فال تسألوني‬ ‫إذا َّ‬ ‫بتبديل لوني أقارفت جرما‬ ‫وهل كان ظلي على أ‬ ‫الرض مثلي‬ ‫يرافقني سائحاً مستجما‬

‫شعر‪ :‬محمد الزاير‬


‫تحية وبعد‬ ‫الخطاء ولكن أ‬ ‫كلنا نرتكب أ‬ ‫الشخاص الذين يتعلَّمون‬ ‫من أخطائهم هم الناجحون حقاً‪ .‬لقد اكتشف‬ ‫الدكتور هنري كالود مؤلف كتاب «عشرة أمور ال‬ ‫يكررها أ‬ ‫يكررون وال‬ ‫ال‬ ‫شخاص الناجحون» أن هؤالء ال ِّ‬ ‫يتعاملون مع أ‬ ‫المور التي تؤدي إلى الفشل بالطريقة‬ ‫يغيرون طرق تعاملهم معها‪ ،‬حتى‬ ‫نفسها‪ ،‬وإنما ِّ‬ ‫ينجحوا فيها سواء أكان ذلك في العمل أو العالقات‬ ‫إالنسانية أو في أي من أمور الحياة‪.‬‬ ‫بدأ الدكتور هنري بدراسة تصرفات أنجح أ‬ ‫الشخاص‪،‬‬ ‫وخلص إلى أن هناك عشرة أمور ال يكررها هؤالء‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬ال يرجعون إلى ممارسة الطرق التي ال تؤدي إلى‬ ‫النجاح‪ ،‬سواء في العمل أو في أي من أ‬ ‫المور‬ ‫الحياتية أ‬ ‫الخرى‪ ،‬وإنما يحاولون دائماً تغيير طرقهم‬ ‫أ‬ ‫حتى يصلوا إلى النجاح في المور التي فشلوا فيها‬ ‫سابقاً‪.‬‬ ‫أ‬ ‫‪ - 2‬ال ينفِّذون المور التي تتطلب منهم أن يكونوا‬ ‫عكس شخصيتهم وقناعاتهم‪ ،‬فهم دائماً‬ ‫يتساءلون‪« :‬لماذا أنا أفعل هذا أ‬ ‫المر؟ هل أنا‬ ‫أ‬ ‫النسب لهذا العمل؟ هل يناسبني؟»‪ .‬إذا كان‬

‫إنها ثقافة التبرع التي نفتقدها‬ ‫قرأت في العدد أ‬ ‫الخير من «القافلة» تحقيقاً ِّقيماً‬ ‫كتبه محمد أبو المكارم وفايز البيشي حول «المتحف‬ ‫أ‬ ‫المريكي للتاريخ الطبيعي»‪ ،‬واستوقفتني الفقرة‬ ‫يتحدث فيها الكاتبان عن ركن التاريخ العربي‬ ‫التي َّ‬ ‫والسالمي‪ ،‬وفقره بالمعروضات‪ ،‬وتساؤل الكاتبين‬ ‫إ‬ ‫حول أسباب هذا الفقر‪.‬‬ ‫والحقيقة أن السبب يكمن في كون معظم مجموعات‬ ‫هذا المتحف‪ ،‬كما هو الحال في غيره من المتاحف‬ ‫المريكية‪ ،‬وحتى أ‬ ‫أ‬ ‫الوروبية‪ ،‬قد تشكَّلت من تبرعات‬ ‫فضلوا وضع ما يملكونه بين أيدي مجتمعاتهم‪،‬‬ ‫أفراد‪َّ ،‬‬ ‫ال االحتفاظ بها في خزائنهم وقصورهم الخاصة‪.‬‬ ‫يقدمها الغربيون‪،‬‬ ‫يتفحص نوعية التبرعات التي ِّ‬ ‫َّإن من َّ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫والمريكيون بشكل خاص‪ ،‬سيصاب حتما بالدهشة من‬ ‫الحدود التي يمكن أن يذهب إليها سخاؤهم‪ .‬فالصائغ‬ ‫تبرع بأكبر‬ ‫الشهير هاري ونستون‪ ،‬على سبيل المثال‪َّ ،‬‬ ‫ماسة زرقاء في العالم لمتحف «سميثونيان»‪ ،‬الذي‬

‫قام أساساً في القرن التاسع عشر على تبرع بالنقد‬ ‫وبكنز من الحجارة من العا ِلم البريطاني جيمس‬ ‫سميسون‪ .‬ومن يزور هذا المتحف اليوم‪ ،‬يكتشف أن‬ ‫معظم ما فيه قد أتى عن طريق التبرعات‪..‬‬ ‫أ‬ ‫المر نفسه ينطبق على متحف «ناشيونال غاليري» في‬ ‫واشنطن‪ ،‬الذي تمكَّن في أقل من قرن واحد من الزمن‬ ‫من تشكيل مجموعة من أعمال كبار الفنانين العالميين‬ ‫تنافس أكبر المتاحف أ‬ ‫الوروبية في أهميتها‪ ،‬بما فيها‬ ‫مجموعة أندرو ميلون الشهير التي يستحيل تقديرها‬ ‫بثمن‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ولكي نختصر‪ ،‬نكتفي بالعودة إلى المس القريب‪،‬‬ ‫إلى عام ‪2013‬م‪ ،‬عندما نشرت وسائل إالعالم في‬ ‫العمال أ‬ ‫العالم بأسره خبر تبرع رجل أ‬ ‫المريكي ليونارد‬ ‫تقدر‬ ‫لودر بمجموعته من اللوحات التكعيبية التي َّ‬ ‫قيمتها بنحو ‪ 1.1‬مليار دوالر‪ ،‬لمتحف الفن الحديث‬ ‫في نيويورك‪.‬‬ ‫فهل ثقافة التبرع هذه موجودة عندنا في البالد‬ ‫العربية‪ ،‬وعلى هذا المستوى؟‬

‫ومن أ‬ ‫المور التي يجب أن نتذكرها دائماً أنه ال يمكن‬ ‫أ‬ ‫تجنب الخطاء‪ ،‬فهي تقع‪ ،‬ولكن يمكن تجنب تكرار‬ ‫أ‬ ‫الخطاء نفسها وذلك بالعمل وفق طرق غير تلك التي‬ ‫أدت إلى الخطأ‪.‬‬ ‫صالح النعيمي‬ ‫الظهران‬ ‫ما الذي يمنع كبار أ‬ ‫الثرياء العرب الذين يمتلكون‬ ‫والسالمية من‬ ‫كنوزاً حقيقية من التحف الفنية العربية إ‬ ‫التبرع بها أو حتى إعادتها للمتاحف‪ ،‬بدال ً من االحتفاظ‬ ‫بها‪ ،‬حيث ال وظيفة لها غير تأكيد المكانة االجتماعية‬ ‫لصاحبها‪ ،‬و«تفوقه» على محيطه المباشر؟‬ ‫إن مجموعة الفن إالسالمي في متحف المتروبوليتان‬ ‫في نيويورك‪ ،‬تأسست بشكل رئيس عام ‪1891‬م‬ ‫بفضل قيام رجل أ‬ ‫العمال إدوار مور بوهب مجموعته‬ ‫من التحف إالسالمية لهذا المتحف‪ .‬ومنذ ذلك‬ ‫اله َبات‬ ‫الحين وهذه المجموعة تكبر باستمرار بفضل ِ‬ ‫والتبرعات‪.‬‬ ‫باختصار‪ ،‬فإن أ‬ ‫المريكيين يقومون بأكثر مما هو‬ ‫مطلوب منهم في نشر ثقافات آ‬ ‫الخرين والتعريف بها‪،‬‬ ‫وإذا كان هناك من فقر في بعض الزوايا يتعلَّق بنا‪،‬‬ ‫فعلينا أن نحذو حذوهم لمعالجته‪.‬‬ ‫عبدهللا العطوي‬ ‫الرياض‬

‫أكثر من رسالة‬

‫عشرة أمور ال يكررها أ‬ ‫الشخاص‬ ‫الناجحون‬

‫الجواب «ال» عن أي من هذه أ‬ ‫السئلة فإنهم‬ ‫يتجنبون المضي فيها‪.‬‬ ‫‪ - 3‬ال يحاولون تغيير آ‬ ‫الخرين‪ .‬فعندما تالحظ أنك‬ ‫ال تستطيع أن تجبر شخصاً على أن يفعل شيئاً‪،‬‬ ‫فإنك تعطيه الحرية وتسمح له أن يكتشف عواقب‬ ‫اختياره‪ ،‬وبذلك تنال أنت أيضاً حريتك‪.‬‬ ‫‪ - 4‬ال يعتقدون أن عليهم إرضاء الجميع‪ ،‬فهم يعلمون‬ ‫أن هذا أ‬ ‫المر مستحيل؛ لذلك هم يعيشون في‬ ‫راحة ورغد من العيش‪.‬‬ ‫أ‬ ‫‪ - 5‬متى علم أ‬ ‫الشخاص الناجحون أن المر الذي‬ ‫يريدون تحقيقه يتطلب خطوة مؤلمة على المدى‬ ‫القصير‪ ،‬فإنهم ال يمانعون في اتخاذ هذه‬ ‫الخطوة المؤلمة؛ ألنها ستثمر بفائدة على المدى‬ ‫الطويل‪ ،‬وهو واحد من أهم أ‬ ‫المور التي تفرق بين‬ ‫أ‬ ‫الشخاص الناجحين وغيرهم سواء على الصعيد‬ ‫المهني أو الشخصي‪.‬‬ ‫‪ -6‬أ‬ ‫ الشخاص الناجحون ال ينشدون الكمال في‬ ‫موظفيهم أو أصدقائهم أو الشركات التي يتعاملون‬ ‫معها‪ ،‬فهم يعلمون يقيناً أنه ال يوجد إنسان أو‬ ‫سياسة ليس بها نقص أو عيب أو حتى أخطاء‪.‬‬ ‫‪ - 7‬الناجحون ال يغفلون عن رؤية أ‬ ‫المور من المنظور‬ ‫الشامل ومن كل الجوانب‪.‬‬ ‫‪ - 8‬هم ال يهملون النظر إلى أ‬ ‫المور من المنظورين‬

‫بالحكم على‬ ‫الخارجي والداخلي معاً‪ .‬وال يكتفون ُ‬ ‫أ‬ ‫المور من المنظور الخارجي فقط‪.‬‬ ‫‪ - 9‬أحد أهم الفوارق بين أ‬ ‫الشخاص الناجحين‬ ‫وغيرهم‪ ،‬هو أنهم يسألون أنفسهم ما هو دورهم‬ ‫في كل أمور الحياة سواء المهنية أو الشخصية‪ .‬وال‬ ‫ينظرون أبداً إلى أنفسهم على أنهم ضحية‪.‬‬ ‫تحدد نجاحهم‬ ‫‪ - 10‬ال يتناسون أن أعماقهم الداخلية ِّ‬ ‫ً‬ ‫الخارجي‪ .‬فالحياة الجيدة عادة ال تؤثر كثيرا في‬ ‫أ‬ ‫المور الخارجية فنحن سعداء بحسب شخصياتنا‬ ‫من الداخل‪.‬‬ ‫إن الكل يرتكب أ‬ ‫الخطاء‪ ،‬حتى أكثر الناس نجاحاً‪،‬‬ ‫ولكن ما يجعل أ‬ ‫الشخاص المنجزين ينجحون أكثر من‬ ‫غيرهم في الحياة هو حقيقة أنهم يتعرفون إلى ما‬ ‫هي أسباب أ‬ ‫الخطاء فال يعيدونها مرة أخرى‪ .‬باختصار‪،‬‬ ‫إنهم يتعلمون من أخطائهم وأخطاء آ‬ ‫الخرين‪.‬‬


‫‪7|6‬‬

‫نقاش مفتوح‬

‫جلسة نقاش على هامش‬ ‫معرض جدة للكتاب‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫معارض الكتاب‬ ‫ومتاعبها‬ ‫ِّ‬ ‫تشكل معارض الكتب مناسبات الستطالع أحوال الكتاب‬ ‫«بالجملة»‪ ،‬وهو ما تكون الصحافة الثقافية قد قامت به‬ ‫«بالمفرَّ ق» من حين إلى آخر‪ .‬أزمة قراءة‪ ،‬أزمة تأليف‪ ،‬ضعف‬ ‫التوزيع‪ ،‬مسألة الحقوق‪ ..‬إلخ‪ .‬وعلى الرغم من الطابع السلبي‬ ‫ً‬ ‫غالبا ما يميِّ ز العناوين التي تتناول حال الكتاب العربي‪ ،‬تبدو‬ ‫الذي‬ ‫ً‬ ‫معارض الكتب ذات حيوية تناقض ‪ -‬ظاهريا على األقل ‪ -‬سوء‬ ‫األحوال التي يشكو منها كثيرون‪ .‬فهل هذه المعارض هي الدواء؟‬

‫تغطية عمر المضواحي‬ ‫تصوير صالح الذبياني‬


‫ً‬ ‫مؤخرا في جدة‪ ،‬عقدت القافلة جلسة‬ ‫على هامش معرض الكتاب الذي أقيم‬ ‫نقاش مفتوح تناولت بعض أوجه حال الكتاب العربي وما طرأ عليه من‬ ‫تحوالت في السنوات األخيرة‪ .‬وشارك فيها عدد من المتخصصين في صناعة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وتسويقا‪ ،‬كما شارك فيها عدد من الزمالء‬ ‫ونشرا‬ ‫تأليفا وطباعة‬ ‫الكتاب‬ ‫اإلعالميين والمهتمين بشؤون الكتاب‪.‬‬ ‫أدار هذه الجلسة صديق القافلة الزميل عمر المضواحي ‪ -‬يرحمه اهلل ‪-‬‬ ‫وبكفاءته المعهودة بدأ العمل على تحرير مجرياتها‪ ،‬ولكن القدر لم يمهله‬ ‫حتى ُيكمل مهمته‪ ،‬فاضطر فريق التحرير‪ ،‬وهو يغالب حزنه‪ ،‬أن ينوب عنه‬ ‫في ذلك‪.‬‬


‫‪9|8‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫بدأت الجلسة بكلمة للمضواحي‬ ‫أشار فيها إلى أن الحضور مدعو‬ ‫لمناقشة «مجموعة محاور‬ ‫لمناسبة عودة معرض الكتاب‬ ‫إلى جدة بعد توقف دام ألكثر‬ ‫تغيرت صناعة الكتاب التقليدية‬ ‫من سنوات عشر‪ .‬إذ َّ‬ ‫خالل السنوات الماضية‪ .‬حيث ظهر الكتاب الرقمي‬ ‫والسمعي‪ ،‬ومعارض الكتاب نفسها تحولت إلى ما‬ ‫يشبه المنتجعات‪ ،‬تذهب إليها مع عائلتك وكأنك‬ ‫تقصد مكاناً لالستمتاع فيه‪ .‬إذ باتت هناك فعاليات‬ ‫مرافقة وأمسيات وندوات فكرية وشعرية‪ ..‬ووسط‬ ‫المحتفى به‪ ،‬الذي لم يعد‬ ‫كل هذا هناك المنتج ُ‬ ‫يقتصر على الكتاب الورقي التقليدي‪ ،‬فبجواره هناك‬ ‫أدوات إلكترونية‪ ،‬وعروض تحميل ‪ 10‬آالف كتاب على‬ ‫معين‪ ..‬وكل هذا بات متوفراً في معرض جدة‬ ‫جهاز َّ‬ ‫للكتاب»‪ .‬ولذا‪ ،‬كانت البداية بتناول معارض الكتب‬ ‫وتقييم ما باتت تمثله اليوم‪.‬‬

‫التسويق‪ ،‬وهذه حالة غير موجودة في الغرب‪ ،‬حيث‬ ‫تتولى شركات التوزيع هذه المهمة باعتبار الكتاب‬ ‫سلعة تسويقية»‪.‬‬ ‫وعقَّب على موضوع التسويق السيد عطاء رسولي‪،‬‬ ‫المتخصص في التسويق والرئيس التنفيذي لـ‬ ‫«عطاء الرسالة»‪ ،‬قائال‪« :‬التسويق هو أ‬ ‫الهم في كل‬ ‫ً‬ ‫المجاالت‪ ،‬وخاصة في عالم الكتاب بوصفه سلعة‪.‬‬ ‫أما نحن فمشكلتنا ليست مع الناشر أو الكاتب‪،‬‬ ‫بل هي مع المجتمع ومفهوم القراءة لديه‪ .‬ونرى‬ ‫تحول إلى‬ ‫أن أغلب الجهود التسويقية يجب أن َّ‬ ‫العالم الوصول إلى الشريحة‬ ‫العالم‪ .‬فبإمكان إ‬ ‫إ‬ ‫المستهدفة‪ .‬فنحن‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬نستهدف‬ ‫العالميين من خالل تويتر وإنستجرام إليصال‬ ‫إ‬ ‫رسالتنا ومنتجنا إلى الشريحة التي نستهدفها بهذا‬ ‫الكتاب أو ذاك»‪.‬‬

‫معارض الكتاب ومتاعب تسويقية‬ ‫أ‬

‫يقول الستاذ عبدالعزيز الغامدي‪ ،‬المدير التنفيذي‬ ‫لمطابع «السروات»‪« :‬لزيارة معارض الكتب نكهة‬ ‫خاصة تختلف من شخص إلى آخر‪ ،‬نظراً لتنوع‬ ‫القراء يتفحصون الكتب‪،‬‬ ‫المعروضات‪ .‬ترى فيها َّ‬ ‫ويتلمسون حاجتهم إليها‪ ،‬كما ترى أن كل ما تحتويه‬ ‫هذه المعارض له من يهتم به دون آ‬ ‫الخرين‪.‬‬ ‫والمجتمع الذي نتهمه اليوم بالعزوف عن القراءة‪،‬‬ ‫سيعود إليها وإن بنمط مختلف بفعل المنافسة‬ ‫والمغريات الحديثة أ‬ ‫الخرى‪ .‬فالكتاب بشكله العام‬ ‫أ‬ ‫وخاماته التي طُبع عليها ومحتواه العلمي أو الدبي‪،‬‬ ‫يختلف تماماً عن معظم ما تعرضه أ‬ ‫الجهزة الحديثة‬ ‫للقراءة»‪.‬‬

‫الغامدي‪ :‬لزيارة معارض الكتب نكهة خاصة!‬

‫المجتمع الذي نتهمه اليوم‬ ‫بالعزوف عن القراءة‪ ،‬سيعود‬ ‫إليها وإن كان بنمط مختلف‪..‬‬

‫وأضاف‪« :‬إننا عندما نخرج من قاعات المعرض‪،‬‬ ‫غالباً ما نكون منبهرين بما رأيناه من مظاهر االهتمام‬ ‫بالكتاب على الوجوه‪ ،‬وتطلعها إلى امتالك أكبر عدد‬ ‫يميز الكتاب ومعارضه عن غيره من‬ ‫منها‪ .‬وهذا ما ِّ‬ ‫النسان إلى المعرفة ال‬ ‫المعارض المختلفة‪ .‬فحاجة إ‬ ‫تقف عند حد»‪.‬‬ ‫وهنا طرح المضواحي سؤاال ً حول مكمن مشكلة‬ ‫الكتاب العربي طالما أن معارض الكتاب تلقى مثل‬ ‫القبال الكبير عليها؟‬ ‫هذا إ‬ ‫وعن هذا السؤال أجاب أ‬ ‫الستاذ ماهر الكيالي صاحب‬ ‫«المؤسسة العربية للدراسات والنشر» بقوله‪:‬‬ ‫«المشكلة هي في تسويق الكتاب‪ .‬والتسويق ليس‬ ‫مهمة الناشر‪ ،‬الذي يجب أن يعطيه إلى جهة تتولى‬ ‫أمر توزيعه‪ .‬لكن‪ ،‬مع أ‬ ‫السف‪ ،‬بات على الناشر‬ ‫نقيم الكتاب ونطبعه‬ ‫أن يقوم بكل شيء‪ .‬فنحن ِّ‬ ‫ونعلن عنه‪ ..‬ولذلك أصبحت المعارض وسيلتنا إلى‬

‫الكيالي‪ :‬مشكلة في تسويق الكتاب!‬

‫بات على الناشر أن يقوم بكل‬ ‫شيء‪ .‬فنحن ِّ‬ ‫نقيم الكتاب‬ ‫ونطبعه ونعلن عنه‪..‬‬

‫أما السيدة شيماء يماني المتخصصة في قطاع‬ ‫أ‬ ‫العمال والتسويق‪ ،‬فقد أضافت إلى ضعف دور‬ ‫العالم في مساعدة الناس على الوصول إلى الكتاب‬ ‫إ‬ ‫ومعارضه‪ ،‬تأخر الكتاب العربي عن اللحاق بإيقاع‬ ‫الحياة المتسارع في عصر المعلومات الرقمية‪..‬‬ ‫ولفتت إلى أن هذا الضعف هو ما يجعل الناس‬ ‫تميل أكثر لتعلم اللغات أ‬ ‫الخرى من أجل القراءة‬ ‫والوصول إلى المعلومات التي تهمها‪.‬‬ ‫ورداً عن سؤال حول الدور الذي يلعبه ثمن الكتاب‬ ‫والحسومات عليه في المعارض‪ ،‬قال الكيالي‪ :‬إن‬ ‫الكتب تُباع في المعارض بأسعار يمكننا أن نصفها‬ ‫بالتعبير العامي «بين بين»‪ ،‬أي متوسطة‪ .‬ففي‬ ‫أ‬ ‫الحوال العادية‪ ،‬نعطي نحن الناشرين المكتبات‬ ‫حسومات تصل إلى ‪ 50‬في المئة من السعر على‬ ‫الغالف‪ .‬ولكننا في المعارض غير مضطرين إلى‬ ‫ذلك‪ .‬ألن هناك مصاريف كبيرة تواجهنا‪ .‬فنحن‬ ‫ندفع على سبيل المثال أربعة آالف دوالر بدل‬ ‫إيجار جناح مساحته ‪ 24‬متراً مربعاً‪ .‬وهو مبلغ‬ ‫والقامة‬ ‫كبير‪ ،‬تضاف إليه تكاليف السفر والشحن إ‬ ‫وغير ذلك‪..‬‬ ‫ولدى سؤاله حول موقفه كناشر من تكاثر المعارض‪،‬‬ ‫وما إذا كان يهمه أن يشارك فيها كلها‪ ،‬خاصة وأن‬ ‫المنطقة الشرقية تطالب آ‬ ‫الن بمعرض فيها‪ ،‬قال‬ ‫نرحب بذلك‪ .‬ولكن يجب أن‬ ‫الكيالي‪« :‬نحن من جهتنا ِّ‬ ‫يكون هناك تنظيم وتنسيق‪ .‬فكثرة المعارض وتداخل‬ ‫بعضها بالبعض آ‬ ‫الخر يُرهق الناشر من ناحية اختيار‬ ‫العناوين التي يجب أن يشارك فيها هنا أو هناك‪،‬‬ ‫والشراف وتجهيز الكتب وشحنها‬ ‫وأيضاً التنظيم إ‬ ‫وغير ذلك»‪.‬‬


‫وفي الشأن نفسه قال الباحث محمد الفضلي‪:‬‬ ‫من خالل رحالتنا في البحث عن الكتب‪ ،‬الحظنا‬ ‫أن المعارض توفر أ‬ ‫الحدث والكتب النادرة التي ال‬ ‫تتوافر كلها في المكتبات حتى الكبيرة منها‪ .‬فالفترة‬ ‫الزمنية المحددة لمعارض الكتاب‪ ،‬والتنافس القوي‪،‬‬

‫يفرضان على الدور عرض كثير من العناوين غير تلك‬ ‫الرائجة في المكتبات‪.‬‬ ‫وفي البحث عن الكتاب المتوافر بسهولة‪ ،‬قال‬ ‫الكاتب الصحافي حسن شعيب إنه بدأ السفر للبحث‬

‫المعارض السعودية تفوقت على غيرها‬ ‫الهم و‪ ..‬أ‬ ‫والمكتبات العصرية هي الضلع أ‬ ‫السوأ‬ ‫حالت ظروف خاصة دون مشاركة الكاتب والناشر‬ ‫األستاذ عادل حوشان‪ ،‬صاحب دار «طوى» في‬ ‫الندوة‪ ،‬غير أنه حرص على إعداد ورقته وإرسالها إلى‬ ‫المنتدين‪ ،‬ونقتطف منها ما يأتي‪:‬‬ ‫«إن المكتبات هي الضلع األهم واألسوأ في الوقت‬ ‫نفسه بالنسبة لصناعة الكتاب‪ .‬ال أعتقد أن المكتبات‬ ‫العصرية التي ِّ‬ ‫تمثلها اليوم بعض الشركات التجارية‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫نموذجيا‪ .‬إنها النموذج التجاري‬ ‫ثقافيا‬ ‫عنصرا‬ ‫تشكل‬ ‫األنسب لترويج األجهزة الذكية واإلكسسوارات‬ ‫َّ‬ ‫المجمعة‪.‬‬ ‫وأغلفة الهواتف والمصنوعات‬ ‫في اعتقادي أن معارض الكتب هي النافذة األهم‪ .‬لقد َّ‬ ‫تغير مزاج الثقافة في الخليج‬ ‫خالل السنوات الخمس األخيرة بشكل خاص‪ ،‬فانصرف عن المتون والتجارب األهم في‬ ‫األدب والفكر والسياسة والتاريخ إلى أحدث العلوم والفنون‪.‬‬ ‫وحول صناعة الكتاب في المملكة يقول‪« :‬لقد عانت صناعة الكتاب في المملكة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫طويال بإنتاج األندية الفاقدة للخبرة‬ ‫طويال من إرث المؤسسات الثقافية التي حاصرتها‬ ‫في صناعة الكتاب‪ ،‬ومؤسسات تجارية انساقت خلف المزاج الثقافي التقليدي‪ ،‬بينما‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫اقتصاديا يوازي ما تملكه المملكة من أجل تطوير‬ ‫عمقا‬ ‫تقدمت دول أخرى ال تتملك‬ ‫هذه الصناعة‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬خالل السنوات القليلة الماضية‪ ،‬كان ال بد من هجرة صناعة الكتاب إلى دول‬ ‫ِّ‬ ‫تقدم النموذج األمثل في اختيار المواضيع وفي الجانب الفني والتقني للكتاب‪ .‬ورغم‬ ‫عمرها القصير‪ ،‬فإن صناعة الكتاب في المملكة‪ ،‬التي أتت من الخارج إلى الداخل‪،‬‬ ‫تطورت خالل السنوات العشر األخيرة‪ ،‬بحيث أصبحت المملكة محط أنظار الجميع‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫وبتميز يشهد له‬ ‫لما تمثله معارض الكتب فيها من حضور يفوق كل المعارض العربية‬ ‫معظم الناشرين»‪.‬‬

‫العالم!‬ ‫حول إلى إ‬ ‫رسولي‪ :‬التسويق يجب أن يُ َّ‬

‫مشكلتنا ليست مع الناشر أو‬ ‫الكاتب‪ ،‬بل هي مع المجتمع‬ ‫ومفهوم القراءة لديه‪...‬‬

‫بافقيه‪ :‬رواج المحتوى ليس تقييماً للكتاب!‬

‫تقييم الكتب مسألة صعبة‬ ‫للغاية‪ .‬فالكتب التي تشيع‬ ‫ويتلقفها َّ‬ ‫القراء ليست‬ ‫بالضرورة جيدة أو متواضعة‪..‬‬


‫‪11 | 10‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫عن الكتاب قبل سنوات سبع‪ ،‬برحلة البحث عن‬ ‫الكتاب المكي‪ ،‬بدءاً بمعرض الكويت فالرياض ثم‬ ‫الشارقة والدوحة‪ ،‬سعياً إلى الكتاب الجديد‪ ،‬وغير‬ ‫المتوافر في المعارض المحلية‪ .‬وأضاف‪« :‬هناك‬ ‫كتب غير مفسوحة وتباع تحت الطاولة‪ ،‬وكثيرون‬ ‫يسعون إليها‪.‬‬

‫المحتوى الجيد ليس بالضرورة‬ ‫أهو الرائج‬

‫ولن بعض معارض الكتاب تطالعنا أحياناً بعناوين‬ ‫«أكثر مبيعاً» من غيرها‪ ،‬ويثير ذلك جدال ً حولها‪،‬‬ ‫طرح المضواحي قضية محتوى الكتاب‪ ،‬وما إذا‬ ‫كانت جودته تلعب دوراً في المعرض‪ ،‬أو ما إذا كان‬ ‫المعرض قادراً على الترويج للمحتوى الجيد‪ .‬وهنا‬ ‫كانت للناقد والباحث حسين بافقيه مداخلة قال‬ ‫فيها‪:‬‬ ‫أ‬ ‫حد ما‪ .‬فرواج المحتوى‬ ‫«أعتقد أن المر معقَّد إلى ٍّ‬ ‫ليس بالضرورة تقييماً للكتاب‪ .‬إن تقييم الكتب‬ ‫مسألة صعبة للغاية‪ .‬فالكتب التي تشيع ويتلقفها‬ ‫القراء ليست بالضرورة جيدة أو متواضعة‪ ،‬ونضرب‬ ‫َّ‬ ‫مثال ً على ذلك نجيب محفوظ‪ ..‬كم نسخة كانت‬ ‫تُطبع من رواياته؟ حوالى ‪ 10‬آالف نسخة‪ ..‬فهل‬ ‫ومعبراً في المحيط المصري‬ ‫يُعد هذا الرقم كبيراً ِّ‬ ‫ً‬ ‫وتوزع ويعاد‬ ‫والعربي؟ في المقابل‪ ،‬نجد كتبا تباع َّ‬ ‫نشرها على نحو كبير‪ .‬فكتاب «ال تحزن» مثال ً‬ ‫للشيخ عائض القرني باع ماليين النسخ‪ .‬فهل هذا‬ ‫قيم أم ال؟ من يملك حق تقييم الكتاب؟‬ ‫الكتاب ِّ‬ ‫ً‬ ‫المسألة إذا صعبة ويجب أن يكون هناك احتراز‬ ‫عند التطرق إليها»‪.‬‬

‫مضواحي‪ :‬الدور الذي يمكن أن تؤديه‬ ‫المكتبات في إنقاذ الكتب!‬

‫لدينا في جدة ثالثة آالف‬ ‫مدرسة‪ ،‬ولو اشترت كل‬ ‫مدرسة نسختين‪ ،‬لكانت‬ ‫الحصيلة بيع ‪ 6‬آالف نسخة‪،‬‬ ‫فما بالك بباقي مدن‬ ‫المملكة؟ وأين دور الجهات‬ ‫الرسمية في إنقاذ الكتاب؟‪..‬‬

‫أجاب بافقيه‪ :‬نظرياً‪ ،‬يجب أن يكون حضور‬ ‫الكتاب على هذا المستوى في المكتبات‪ .‬لكن‬ ‫ما تقوله مثالي‪ .‬فأن تكون في مجتمع يهتم‬ ‫بالثقافة؛ فإنك تحتاج إلى بلدان تجاوزت‬ ‫مشكالتها‪ .‬وللوصول إلى ذلك‪ ،‬عليك أن تكون‬ ‫قد حققت كثيراً من أمور التنمية السياسية‬

‫وضرب بافقيه مثال ً آخر‪« :‬نحن نعرف قيمة طه‬ ‫حسين‪ ،‬عميد أ‬ ‫الدب العربي‪ ،‬الذي تشيع كتبه من‬ ‫الخليج إلى المحيط‪ ،‬لكننا نجد أن للشيخ علي‬ ‫الطنطاوي (قبل أن يكون شيخاً) رأياً في طه حسين‪،‬‬ ‫ألن هذا أ‬ ‫الخير يبدو في نظره «يلت ويعجن‬ ‫قمة وقيمة أدبية‪ ،‬فهل‬ ‫وكتبه تافهة»‪ ،‬وطه حسين َّ‬ ‫نصدقه‪ ،‬هل نختلف معه؟؟‪ ..‬إنني أتحفظ كثيراً‬ ‫ِّ‬ ‫على وصف كتاب بأنه ذو محتوى قوي أو متوسط‬ ‫أو غير ذلك»‪.‬‬ ‫وهنا تجاوز المضواحي قضية جودة المحتوى‬ ‫إلى قضية عدم جماهيرية بعض الكتب بغض‬ ‫النظر عن الحكم على جودتها‪ ،‬وسأل عن الدور‬ ‫الذي يمكن أن تؤديه المكتبات في إنقاذ الكتب‬ ‫غير الجماهيرية‪ ،‬قائالً‪« :‬لدينا في جدة ثالثة آالف‬ ‫مدرسة‪ ،‬ولو اشترت كل مدرسة نسختين‪ ،‬لكانت‬ ‫الحصيلة بيع ‪ 6‬آالف نسخة‪ ،‬فما بالك بباقي مدن‬ ‫المملكة؟ وأين دور الجهات الرسمية في إنقاذ‬ ‫الكتاب؟»‪.‬‬

‫والتعليمية‪ .‬إن مكتبات الجامعات عندنا فقيرة‪،‬‬ ‫كما أن بعض المكتبات العامة هي مجرد‬ ‫مبان‪ .‬ونحن نعرف أن وزارة الثقافة تشرف‬ ‫ٍ‬ ‫على ‪ 84‬مكتبة عامة سبق أن تحدثنا عنها في‬ ‫وسائط التواصل االجتماعي‪ .‬إن الناقد أ‬ ‫الدبي‬ ‫أو الفيلسوف الروائي ال يستطيع أن ينافس‬ ‫خطاب الشيخ أو رجل المنبر ألسباب ثقافية‪.‬‬ ‫يمس‬ ‫فهذا الخطيب يتوجه إلى الناس بما ّ‬ ‫حياتهم اليومية بأسلوب خفيف وقريب منهم‪ ،‬ال‬ ‫يحتاجون إلى جهد كبير لفهمه‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬من الصعب أن تبيع كتاباً في النقد أ‬ ‫الدبي‪.‬‬ ‫القبال‪ ،‬وكذلك الشعراء‬ ‫فالنقاد يشكون من ضعف إ‬ ‫الذين صاروا ينشرون شعرهم على نفقتهم الخاصة‪،‬‬ ‫إال الكبار منهم مثل محمود درويش‪ ،‬وغازي‬ ‫القصيبي ‪ -‬يرحمهما هللا ‪.-‬‬

‫شيماء‪ :‬تأخر الكتاب العربي عن اللحاق بإيقاع‬ ‫الحياة!‬

‫هو ما يجعل الناس تميل‬ ‫أكثر لتعلم اللغات األخرى من‬ ‫أجل القراءة والوصول إلى‬ ‫المعلومات التي تهمها‪.‬‬

‫وختم بافقيه كلمته بقوله‪« :‬الكتاب إذاً سلعة‪،‬‬ ‫وإال ما كان هناك معرض له‪ .‬إنه سلعة تغذِّ ي‬ ‫االقتصاد ووراء هذه السلعة هناك مئات‬ ‫العمال ما بين المطبعة والمعرض‪ ،‬ممن‬ ‫يعتمدون على هذه السلعة لكسب عيشهم‪..‬‬ ‫وبالتالي‪ ،‬علينا أن نتفهم إحجام الناشر مثال ً‬ ‫عن طباعة آالف النسخ‪ ،‬ألن ما سيبيعه منها لن‬ ‫يوازن التكلفة»‪.‬‬ ‫وهنا توجه المضواحي إلى الكيالي بالسؤال‪« :‬ما هي‬ ‫المعايير التي تتبعونها عندما تقررون نشر كتاب؟ وما‬


‫ربّما يا ُعمر‬

‫الشيق أم‬ ‫الذي يسعى إليه القارئ؟ أهو المحتوى ِّ‬ ‫والجدي؟»‪.‬‬ ‫الجيد‬ ‫ِّ‬ ‫فأجاب‪« :‬ال بد من أن يحمل الكتاب قيمة فكرية‪،‬‬ ‫جمالية‪ ،‬أدبية‪ ،‬كي نُقدم على نشره‪ .‬الناشر يبحث‬ ‫دائماً عن الحيوية‪ .‬فمن ناحية تجارية‪ ،‬المحتوى‬ ‫الشيق رائج أكثر من غيره بشكل عام‪ .‬ولكن النموذج‬ ‫ِّ‬ ‫والشيق في آن‪.‬‬ ‫الجيد‬ ‫الكتاب‬ ‫هو‬ ‫إليه‬ ‫نسعى‬ ‫الذي‬ ‫ِّ‬ ‫الونة أ‬ ‫ففي آ‬ ‫الخيرة‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬أصبحت‬ ‫الرواية موضع اهتمام الناشرين ألكثر من سبب‪.‬‬ ‫من ذلك‪ ،‬قدرة الرواية على التعبير عن أ‬ ‫الوضاع‬ ‫االجتماعية وتحوالتها التي هي شأن عام يهم‬ ‫كثيرين‪ .‬وساعد تقديم الجوائز على تحفيز الرواية‬ ‫والروائيين»‪.‬‬ ‫وفي إنقاذ صناعة الكتاب‪ ،‬يقول حسن شعيب في‬ ‫هذا الشأن‪ :‬يعاني الكتاب في عالمنا العربي من‬ ‫كساد في المبيعات مع قلّة الق َُّراء العرب‬ ‫حالة ٍ‬ ‫مقارنةً بالغرب؛ حيث اتخذت صناعة الكتاب‬ ‫عندهم منهجاً يصنع السوق ويتحكّم فيه؛ ما أثمر‬ ‫انتشاراً للكتاب وازدهاراً لبورصته‪ ..‬يقول أحد ص ّناع‬ ‫يقدم مؤل ٌّف نتاجه للمطبعة‬ ‫الكتاب الغربيين‪ :‬حين ِّ‬ ‫يكون قد انتهى من ‪ %10‬فقط من صناعة كتابه‪،‬‬ ‫وحسن عرضه‬ ‫وتبقت له ‪ %90‬هي تسويق الكتاب ُ‬ ‫أ‬ ‫وتعريفه للجمهور‪ ،‬وهو هنا أمام اتجاهين‪ :‬الول‬ ‫فردي يقوم هو فيه بهذه المهمة المضنية‪ ،‬آ‬ ‫والخر‬ ‫َّ ُ‬ ‫مؤسسي عبر جهات مختصة بالتسويق وهو ما تقوم‬ ‫به دور النشر أ‬ ‫الجنبية‪.‬‬

‫بنفس تلك الروح المندفعة الم َت َدفّقة التي طبعت مقاالته‪ ،‬وبنفس التفكير المنظَّم الحاسم الذي‬ ‫مهمة صحفية تولَّى عمر المضواحي إدارتها‬ ‫ُع ِرف به‪ ،‬أدار جلسة النقاش هذه‪ ،‬التي ربما هي آخر َّ‬ ‫وتحريرها‪.‬‬ ‫في الليلة التي سبقت صباح النبأ الحزين‪ ،‬كان عمر قد اعتذر عن دعوة عشاء للمشاركين في‬ ‫أ‬ ‫محررة في الصباح!‬ ‫النشاط نفسه‪ ،‬لنَّه وعد بتسليم الما َّدة َّ‬ ‫يحل بينه وبين التزامه بموعد‪ ،‬ما كان‬ ‫فإن هذا الصحفي الذي ِّ‬ ‫وهكذا َّ‬ ‫يقدس أصول المهنة لم ُ‬ ‫سيسمح لنفسه بالتخلُّف عنه‪ ،‬إال المنية دون سواها!‬ ‫أهمية االحتراف في الصحافة‪ ،‬لم يعمل في‬ ‫أن هذا الصحفي الذي كان شديد إ‬ ‫ورغم َّ‬ ‫الصرار على َّ‬ ‫ً‬ ‫كمنتم إال أنَّه رافقها منذ بدايات انطالقتها الجديدة قلبا وعقال ً وروحاً‪ ،‬وكان شديد الحماس‬ ‫القافلة ٍ‬ ‫يتحدث فيها عن قضايا يؤمن‬ ‫يتحدث عنهما في مجالسه بالروح نفسها التي َّ‬ ‫لشكلها ومضمونها‪َّ ،‬‬ ‫بها‪ ،‬وكان هو َّأول من وصف القافلة ببئر أرامكو الثامنة التي ال ينضب زيتها‪ ،‬وذلك ربما في أوسع‬ ‫تغطية صحفية عنها كتبها في جريدة «الشرق أ‬ ‫الوسط» يوم كان من ألمع محرريها‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫كل الصحافة السعوديَّة تفتقد روح عمر المضواحي‪ ،‬واحترافيته‪ ،‬لكن ربما يختلف افتقاد‬ ‫«القافلة» له عن سواها‪.‬‬ ‫ربما يا عمر!‬

‫لن تقوم صناعة الكتاب العربي إال عبر ذيْنك‬ ‫الخطين في صناعة الكتاب؛ وال تكفي جودة‬ ‫المحتوى وشهرة المؤلف لوصول الكتاب إلى‬ ‫أكبر شريحة من الناس؛ فكبار الك ّتاب العرب ال‬ ‫تتجاوز نسخ كتبهم المطبوعة أ‬ ‫اللفين في أحسن‬ ‫أ‬ ‫الحوال‪ ،‬بينما يطبع الغرب ماليين النسخ للكتاب‬ ‫الواحد!‬ ‫الورقية كثيرة‪ ،‬وهي‬ ‫إن أسباب ضعف هذه الصناعة‬ ‫َّ‬ ‫واجتماعية وفكريّة؛‬ ‫سياسية واقتصاديَّة‬ ‫مناح‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ذات ٍ‬ ‫ولكن هناك ما يمكن معالجته إذا اتخذت السبل‬ ‫المؤسسية فيه خاصةً ما يقع على عاتق دور‬ ‫العلمية‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫العلمية التي لديها إصدارات قيمة؛‬ ‫والهيئات‬ ‫النشر‬ ‫َّ‬ ‫تضم إليها متخصصين في التسويق‬ ‫تستطيع أن ّ‬ ‫جاهز‬ ‫كتاب‬ ‫لكل‬ ‫ة‬ ‫التسويقي‬ ‫يضعون الخطط‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫للنشر‪ ،‬واالستفادة من مواقع التواصل االجتماعي‪،‬‬ ‫والفن‬ ‫العالم‬ ‫العالم التقليديَّة‪ ،‬ونجوم إ‬ ‫ووسائل إ‬ ‫ِّ‬ ‫أ‬ ‫المحلية‬ ‫والرياضة المؤثرين‪ ،‬والحداث والمناسبات‬ ‫َّ‬ ‫قليمية‪.‬‬ ‫إ‬ ‫وال َّ‬

‫أن الكتاب لم‬ ‫وختم شعيب مداخلته بإشارته إلى َّ‬ ‫ليكون جزءاً‬ ‫يُصنع للقراءة على الورق فقط؛ وإنَّما‬ ‫َ‬ ‫من حياة وثقافة الناس؛ يشاهدونه في كل مكان في‬ ‫التعرف والتواصل مع‬ ‫حياتهم‬ ‫َّ‬ ‫اليومية‪ ،‬يستطيعون ُّ‬ ‫يتلمسونه في لوحة فنان أو‬ ‫مؤلفه بأيسر الطرق‪ّ ،‬‬ ‫مسرحية أو حتى مقال!‬ ‫ِفلم قصير أو‬ ‫َّ‬

‫المؤلفون من الجيل الجديد‬ ‫يسوقون أعمالهم بأنفسهم‬ ‫ِّ‬

‫قاد الحديث عن الرواية إلى التفكير بالشريحة‬ ‫الواسعة من الروائيين وغيرهم من المؤلفين‬ ‫الشبان الذين خاضوا غمار الكتابة بشكل الفت‬ ‫خالل السنوات أ‬ ‫الخيرة‪ .‬وفي هذا المجال قال‬ ‫بافقيه‪« :‬مشكلتنا أننا نتعامل مع هذه الفئة بشيء‬ ‫من عدم االهتمام‪ ،‬رغم أن المؤلفين الشبان‬ ‫يمثلون ظاهرة إيجابية‪ .‬فمن الجيد أن يكون‬ ‫الشاب مؤلفاً‪ .‬ولكننا نالحظ في الوقت نفسه أن‬ ‫نصفهم ال يقرأون‪ ،‬بل يستفيدون من الوسائط‬ ‫الجديدة‪ ،‬ولذلك صاروا يتحدثون بلغة «النت»‬


‫‪13 | 12‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫كما في رواية «بنات الرياض»‪ .‬وأصبح النقد أ‬ ‫الدبي‬ ‫التقليدي ال يصلح مع أعمالهم‪ .‬فهؤالء يصنعون‬ ‫ثقافة جديدة وبالغة جديدة‪ .‬والبالغة عندما‬ ‫ال نعرفها نتفهها‪ .‬ولكن حينما يكون هناك ناقد‬ ‫متفهم‪ ،‬فإنه يأتي بقيمتها وكأنها ظاهرة حقيقية‬ ‫لها روادها وتأثيرها»‪.‬‬ ‫وهنا كانت مداخلة للزميلة منال الحميدان قالت‬ ‫فيها‪« :‬عندما يتحدث بعض الك َّتاب الكبار والناشرين‬ ‫عن جيل الشباب‪ ،‬فإنهم يتحدثون وكأن هؤالء‬ ‫يشكِّلون فئة واحدة‪ .‬ولكن الجيل الشاب ليس موحداً‬ ‫في اهتماماته»‪ .‬وأضافت الحميدان‪« :‬إن الكاتب‬ ‫القراء‪،‬‬ ‫الشاب أصبح ِّ‬ ‫يسوق لنفسه‪ .‬فهو قريب من َّ‬ ‫يعرف كيف يصل إلى أبناء جيله من خالل وسائط‬ ‫التواصل االجتماعي‪ ،‬ويعرف كيف يختار دار النشر‬ ‫تسوق له‪ ،‬ويفهم في التصميم‪ ،‬ويمتلك الذكاء‬ ‫التي ِّ‬ ‫ً‬ ‫سوق لكتابه‬ ‫الالزم‪ ،‬ويتدخل في الطباعة‪ .‬فترى كاتبا َّ‬ ‫قبل أن يصدر الكتاب‪ ،‬وأشرف بنفسه حتى على‬ ‫طباعته»‪.‬‬

‫حماية الملكية الفكرية ال تزال‬ ‫هشَّ ة وقابلة لالختراق‬

‫وبحضور شخصيات عاملة في مجالي النشر‬ ‫والطباعة‪ ،‬كان وال بد من طرح مسألة «الملكية‬ ‫الفكرية» التي يقول كثيرون إنها واحدة من أكبر آفات‬ ‫حد كبير‬ ‫صناعة الكتاب العربي‪ ،‬وأنها مسؤولة إلى ٍّ‬ ‫الحباط العام التي يعاني منها عدد من‬ ‫عن حالة إ‬ ‫الك َّتاب والمؤلفين‪.‬‬ ‫يقول الغامدي‪« :‬نحن نعاني كطابعين ما يعانيه‬ ‫المؤلفون والناشرون من اعتداءات على الحقوق‬ ‫الفكرية‪ ،‬وأرهقنا ذلك كثيراً‪ ،‬وأدخلنا في مساءالت‬ ‫والعالم في‬ ‫قانونية‪ .‬وقد ك َّثفت وزارة الثقافة إ‬ ‫المملكة جهودها في مجال حماية الحقوق الفكرية‬ ‫للناشرين والمؤلفين‪ ،‬ووزعت تعميماتها في هذا‬ ‫الصدد على فروعها قبل نحو سنوات خمس‪ ،‬وهذا‬ ‫ما جعلنا نشعر بارتياح إلى وجود سلطتها على هذه‬ ‫المسألة‪ .‬هناك ك َّتاب يطبعون كتبهم في أماكن ما‪،‬‬ ‫ثم يأتون إلينا لتجليدها‪ .‬وقد حوسبنا بسبب تزوير‬ ‫أحد المؤلفين لكتاب مستنسخ من إحدى المكتبات‬ ‫الصغيرة‪ .‬إنها آفة تعاني منها معظم الدول‪ ،‬حتى‬ ‫أمريكا»‪.‬‬ ‫ويضيف الغامدي‪« :‬بصفتي رئيس لجنة الطباعة‬ ‫في الغرفة التجارية في جدة‪ ،‬أوصلت الرسالة‬ ‫إلى وزارة الثقافة‪ .‬لكن في رأيي‪ ،‬ورغم الجهود‬ ‫الكبيرة في مجال مكافحة القرصنة واالعتداء‬ ‫على الملكيات الفكرية‪ ،‬ال يمكن القضاء على‬ ‫االستنساخ‪ ،‬وذلك لسهولة توفر أدواته التي‬ ‫أصبحت متاحة للجميع‪ .‬فبإمكانك وأنت في البيت‬

‫من معرض يب�وت للكتاب‬ ‫سعت «القافلة» إلى تنويع مصادر اآلراء‬ ‫المختلفة في حال الكتاب العربي حتى أقصى‬ ‫ٍّ‬ ‫حد ممكن‪ .‬ولهذه الغاية استفادت من تزامن‬

‫يسوق لنفسه!‬ ‫شعيب‪ :‬إن الكاتب الشاب ِّ‬

‫فهو قريب من َّ‬ ‫القراء‪ ،‬يعرف‬ ‫كيف يصل إلى أبناء جيله‬ ‫من خالل وسائط التواصل‬ ‫االجتماعي‪..‬‬

‫أن تطبع كتاباً‪ .‬وفي معرض جدة هناك دار نشر‬ ‫تستنسخ لك عن طريق أمازون‪ .‬إذاً فالحماية‬ ‫الفكرية تحتاج إلى نشاط مك َّثف وتعاون من جميع‬ ‫الجهات»‪.‬‬ ‫وفي الشأن نفسه قال الكيالي‪ :‬هناك بالفعل مشكلة‪.‬‬ ‫واتحاد الناشرين العرب شكَّل «لجنة حقوق الملكية‬ ‫الفكرية»‪ .‬لكن المهمة صعبة في الواقع‪ .‬فالتزوير أو‬ ‫القرصنة آفة على الثقافة‪.‬‬ ‫في المملكة‪ ،‬نجد أن الكتاب المقرصن ال يُباع‪،‬‬ ‫وهذا من إيجابيات حضور الناشرين بأنفسهم إلى‬ ‫تسوق الطبعة القانونية فقط‪.‬‬ ‫المعرض‪ ،‬حيث َّ‬ ‫وفي مصر كان هناك نوع من الفوضى إلى أن‬ ‫أنشئت الشرطة الوقائية لحماية الحقوق الفكرية‬ ‫والمصنفات‪ .‬ولكن‪ ،‬حتى آ‬ ‫الن‪ ،‬نجد في معرض‬ ‫القاهرة للكتاب سوقاً موازية تبيع الكتب بأسعار‬ ‫تجن على الناشر‬ ‫زهيدة وتجارية‪ ،‬وفي هذا بالطبع ٍّ‬ ‫والكاتب‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬

‫معرضي جدة وبيروت للكتاب‪ ،‬فاستطلعت في‬ ‫هذا األخير آراء عدد من الناشرين العرب‪.‬‬ ‫فحول أهمية معارض الكتب‪ ،‬يقول إبراهيم‬ ‫الجريفاني‪ ،‬صاحب دار ّ‬ ‫«الرمك» السعودية‪ ،‬إنها‬ ‫«تظاهرات ثقافية مهمة‪ ،‬تجمع حولها كل‬ ‫فئات المجتمع ولكنها تختلف في جوهرها‬ ‫عن المعارض التي تقام في عواصم العالم‬ ‫الغربي‪ .‬هناك ال يجري بيع الكتب بل توقيع‬ ‫عقود بين دور النشر‪ ،‬وتتاح الفرصة لالطالع‬ ‫على اإلصدارات الجديدة‪ ،‬على عكس ما يحدث‬ ‫عندنا حيث ال يتجاوز المعرض كونه محطة‬ ‫َّ‬ ‫المخزنة في دور النشر»‪.‬‬ ‫لتسويق الكتب‬ ‫وفي رأي الجريفاني أن بعض المسؤولية عن‬ ‫قطع الطريق بين َّ‬ ‫َّ‬ ‫والقراء يقع على‬ ‫الكتاب‬ ‫عاتق دور النشر «فاألسعار ما زالت مرتفعة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جيدا لكي يصبح الكتاب‬ ‫جدا‪ ،‬ويجب أن ُتدرس‬ ‫في متناول الجميع»‪ .‬ويوافق على صحة هذه‬ ‫المالحظة السيد قيس عقل‪ ،‬ممثل داري‬ ‫«رسالن» و«عالء الدين» من سوريا‪.‬‬


‫أ‬ ‫ف‬ ‫آراء ي� الزمة وبعض أوجهها‬ ‫‪01‬‬

‫عزوف الشبان عن الكتاب‬ ‫ُ‬ ‫وفيما رأى ممثل وزارة اإلعالم في سلطنة عمان‬ ‫السيد موسى الذهلي أن «العالم العربي ال يزال‬ ‫ُيقبل على الكتاب ولو بنسبة أقل مما كان عليه‬ ‫ً‬ ‫سابقا»‪ ،‬أشار إلى «ضرورة دعم المساعي‬ ‫الحال‬ ‫ُّ‬ ‫الحكومية وغير الحكومية التي تصب في إطار‬ ‫التوعية ألهمية القراءة التي يمكننا من خاللها‬ ‫التعرف إلى ماضينا والتعلم من أخطائه»‪.‬‬ ‫المسؤول في «الملتقى العربي لناشري كتب‬ ‫ً‬ ‫مركزا‬ ‫األطفال» الذي يتخذ من دولة اإلمارات‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حادا يحكم‬ ‫«جفاء‬ ‫له‪ ،‬محمود حسونة‪ ،‬رأى أن‬ ‫العالقة الحالية بين العرب والكتاب»‪.‬‬ ‫ويؤكد صحة هذه المالحظة المسؤول في‬ ‫مجلس الثقافة العام في ليبيا‪ ،‬محمد الشوبكي‪،‬‬ ‫بقوله‪« :‬لم يعد الوضع كما كان في السابق‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كتابا اليوم بات نادر‬ ‫فالشخص الذي يحمل‬ ‫الوجود‪ .‬فالوزارات المعنية في الدول العربية‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫فضال عن أن التطور‬ ‫مقصرة في هذا اإلطار‪.‬‬ ‫التكنولوجي السريع واإلنترنت أسهما في‬ ‫ابتعاد العرب وال سيما الشباب عن قراءة الكتب‬ ‫واقتنائها»‪ .‬ويوافق الجريفاني على ما يقوله‬ ‫ً‬ ‫مضيفا‪« :‬إن أهم معاناة للكتاب العربي‬ ‫الشوبكي‪،‬‬ ‫اليوم هي ابتعاد الفئة الشابة عنه»‪.‬‬

‫‪02‬‬

‫دور الظروف السياسية واألمنية‬ ‫ولألوضاع األمنية والسياسية المضطربة ظلٌّ‬ ‫ثقيل على حال الكتاب وقراءته على ما يبدو‪.‬‬ ‫فالجريفاني يقول‪« :‬إن الظروف الجيوسياسية‬ ‫ً‬ ‫كثيرا على الناشرين العرب‪ .‬حتى إن بعضهم‬ ‫َّأثرت‬ ‫أحجم عن المشاركة في معرض بيروت»‪ .‬ويوافقه‬ ‫في رأيه هذا مدير «دار العلوم العربية» في بيروت‬ ‫خالد ناصر‪ ،‬الذي يقول‪« :‬خففت األوضاع األمنية‬ ‫والسياسية المتأزمة في لبنان مشاركة إخواننا‬ ‫العرب‪ ،‬وترك بصمتهم التي اعتدناها كل سنة في‬ ‫المعرض»‪ .‬أما مدير «الدار العربية للموسوعات»‬ ‫إسماعيل الطويل‪ ،‬وبعد قوله «إن اإلنسان‬ ‫َّ‬ ‫مشوش اليوم‪ ،‬وال مزاج لديه للقراءة‬ ‫العربي‬ ‫بسبب األوضاع»‪ ،‬فإنه يبدي تفاؤله في أن يحصد‬ ‫نتائج أفضل في معرض جدة للكتاب الذي كان‬ ‫على وشك االفتتاح‪.‬‬ ‫وإلى ما َّ‬ ‫تقدم‪ ،‬يضيف المشارك في الجناح‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫العماني مسلم الزكواني أن «اإلنترنت حجمت‬ ‫دور الكتاب وحضوره‪ ،‬واألجهزة الحديثة هي التي‬ ‫َّ‬ ‫حلت بين يدي القارئ محل الكتاب»‪.‬‬

‫‪03‬‬

‫مسألة اللغة‬ ‫وعن سبب اتجاه الشباب العربي إلى القراءة‬ ‫بلغات أجنبية أكثر من القراءة باللغة العربية‪،‬‬ ‫أكد حسونة أن «األمر ال يقتصر على القراءة‬ ‫فحسب‪ ،‬بل إن مجازر عديدة ُترتكب بحق اللغة‬ ‫العربية من قبل أشخاص يصفون أنفسهم‬ ‫َّ‬ ‫والكتاب‪ ،‬وذلك يعود بالدرجة األولى‬ ‫بالشعراء‬ ‫إلى عدم وجود رقابة حقيقية على مضمون‬ ‫الكتب التي ُتصدر وتنشر وتوزع باللغة العربية‬ ‫وفي األقطار العربية‪ ،‬باإلضافة إلى تراجع ثقة‬ ‫العرب بأنفسهم ونظرتهم إلى الغرب على أنه‬ ‫ً‬ ‫دائما ويجب علينا التحدث بلغته»‪.‬‬ ‫المتفوق‬ ‫وأشار الشوبكي إلى أنه «من الضروري القراءة‬ ‫بلغات متعددة‪ ،‬إال أنه من غير المقبول إهمال‬ ‫ً‬ ‫اللغة ّ‬ ‫سلبا على‬ ‫األم ألن ذلك سينعكس‬ ‫األفراد أنفسهم بشكل خاص وعلى أوطانهم‬ ‫بشكل عام»‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬اعتبر الذهلي أن «اعتماد اإلنترنت‬ ‫وكل وسائل التواصل االجتماعي والتطبيقات‬ ‫العالمية الحديثة على اللغات األجنبية‬ ‫ً‬ ‫وتحديدا اللغة اإلنجليزية‪ُ ،‬يلزم في بعض‬ ‫األحيان الشباب العربي تعلم تلك اللغات‬ ‫ً‬ ‫سببا‬ ‫واعتمادها‪ ،‬حتى بات تأثر البعض بها‬ ‫كافيا البتعادهم عن لغتهم العربية»‪ ،‬مشيراً‬ ‫ً‬ ‫إلى أن «ضعف اإلنتاج العربي والرقابة عليه‬ ‫وعلى مضمون الكتب التي تصدر‪ ،‬والتي وصل‬ ‫بعضها إلى حد االبتذال‪ ،‬أسهم في ابتعاد‬ ‫ً‬ ‫مؤكدا أنه «لمعالجة أزمة‬ ‫الشباب عنها»‪،‬‬ ‫االبتعاد عن اللغة العربية يجب إيجاد حلول‬ ‫منطقية وواقعية لتلك األسباب ومواجهتها»‪.‬‬


‫‪15 | 14‬‬

‫بداية كالم‬

‫السفر السياحي مع‬ ‫مجموعة أو بشكل مستقل‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫معاذ قاسم‬ ‫إعالمي‬

‫ما زلت أذكر ذلك اليوم من بداية العام الفائت ي ن‬ ‫ح�‬ ‫كنت أنوي السفر من فيالدلفيا ف ي� أمريكا إىل فرنسا‪ .‬كنت‬ ‫أنتظر بلهفة فرصة السفر إىل باريس كسائح وكطالب‬ ‫الكاديمية أ‬ ‫ف� برنامج الكتابة البداعية ف� أ‬ ‫المريكية بباريس؛ لكنها جاءت ف ي�‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أفوت الفرصة!‬ ‫وقت صعب‪ ،‬فإما أن أغامر بأقل التكاليف أو ّ‬ ‫قررت المغامرة وبدأت الرحلة بتخطيط مسبق ودقيق‪ ،‬توجهت ش‬ ‫الدول ثم إىل‬ ‫مبا�ة نحو مطار داالس‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫باريس وحيداً‪ .‬ال أملك سوى ت‬ ‫ال� سأتوقف فيها‬ ‫أمتع� وخريطة طبعتها من قوقل‪ ،‬بعد تحديد الماكن ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ومحطات ت‬ ‫يكلف� النقل سوى‬ ‫التاكس الباهظة‪ .‬لم‬ ‫الم�و وأرقام الباصات لوفِّر بذلك تكاليف سيارات‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪ 47‬دوالراً أمريكياً ت‬ ‫ح� الوصول إىل باريس‪ ،‬والتذكرة كانت من مكافأة أميال الخطوط السعودية والسفر‬ ‫بع� إحدى ش�كات تحالف سكاي تيم‪.‬‬ ‫ح� وصلت إىل مطار شارل ديغول‪ .‬وهناك أخذت بطاقة ت‬ ‫أخ�اً باريس‪ ،‬قلتها ي ن‬ ‫الم�و المفتوحة لمدة‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫مقر‬ ‫إىل‬ ‫صل‬ ‫ل‬ ‫ً‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫دوال‬ ‫‪90‬‬ ‫يعادل‬ ‫بما‬ ‫شهر‬ ‫الن�نت‪ ،‬بعيداً عن برامج‬ ‫إقام� الذي سبق وحجزته بع� إ‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ال�كات السياحية واالرتباط بمجموعات قد تعرقل خططي الخاصة‪ ،‬فأنا لم أفكِّر يوماً باالنضمام إىل‬ ‫ت‬ ‫خارط� السياحية‪.‬‬ ‫هذه المجموعات‪ ،‬ما دمت قادراً عىل رسم‬ ‫ي‬

‫ِّ‬ ‫أفضل خارطتي‬ ‫السياحية الخاصة‬

‫الصميل‬ ‫أحمد‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫مخت�ات طبية‬ ‫أخصا� ب‬ ‫ي‬

‫أعتقد أن التخطيط للسفر من أ‬ ‫المور المهمة‬ ‫ال� تسهم ف� االستمتاع بالرحلة‪ .‬ت‬ ‫ت‬ ‫وف�ة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫التخطيط بالنسبة يل هي جزء من تلك المتعة‪،‬‬ ‫إذ إن هناك نقاطاً ال َّبد من التأكد منها قبل السفر كالحجوزات‬ ‫والمرصوفات أ‬ ‫والوراق الثبوتية‪ ،‬ف‬ ‫و� ر ي يأ� إن ش‬ ‫كث�اً من أهميتها بعد‬ ‫ال�كات السياحية فقدت ي‬ ‫ي‬ ‫وح� أ‬ ‫ظهور ال تن�نت‪ .‬إذ بات بإمكانك االستعالم ع�ه عن كل أ‬ ‫والمت�هات ت‬ ‫نز‬ ‫الماكن‬ ‫الماكن‬ ‫إ‬ ‫ب‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫الخطرة لتجنبها‪ .‬أما بالنسبة ل�كات السفر فأرى أن دورها تقلَّص ليكاد ينحرص ي� الحجوزات‬ ‫للط�ان‪ .‬فلديها عروضها ف ي� هذا الجانب‪ ،‬وبرامجها قد توفر عليك جهد البحث‪ .‬لكن كل هذا‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫عىل حساب اخ�اق مبدأ الخصوصية؛ لنها غالبا ما تفرض السفر ي� مجموعات‪ .‬المر الذي‬ ‫قد يناسب البعض‪ ،‬وال يناسب البعض آ‬ ‫الخر‪.‬‬

‫اإلنترنت أفقد الشركات‬ ‫السياحية أهميتها‬


‫محمد السوادي‬ ‫ئ‬ ‫روا� سعودي‬ ‫ي‬

‫التكلفة ال تهمني‬ ‫بقدر الطمأنينة‬

‫السفر بع� إحدى ش‬ ‫ال�كات المشهود لها‬ ‫بالمهنية هو أ‬ ‫الفضل بالنسبة يل‪ .‬صحيح أن‬ ‫التكاليف ستكون مرتفعة عما لو توليت أمر‬ ‫ف‬ ‫نامج‬ ‫تنظيم سفري‬ ‫بنفس‪ ،‬ولكن الزيادة ي� التكاليف يقابلها بر ٌ‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫منظم سأكون فيه متفرغا لالستمتاع بالسياحة‪ ،‬متجنبا ما قد‬ ‫ٌ‬ ‫يحدث من مشكالت تتعلَّق بأنظمة البلدان السياحية المستهدفة‪ ،‬واالبتعاد عن أ‬ ‫الماكن ت‬ ‫ال�‬ ‫أ ي‬ ‫قد يحمل الوصول إليها خطراً من الناحية أ‬ ‫المنية‪ ،‬ثم إن ش‬ ‫بالماكن‬ ‫ال�كات المتخصصة أعلم‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫أبن ر ي يأ� هذا اعتباطاً بل من‬ ‫ال� سأسافر إليها‪ .‬لم ِ‬ ‫السياحية الفضل والجمل ي� تلك البلدان ي‬ ‫تجارب فعلية‪.‬‬ ‫ال�كة السياحية ت‬ ‫عىل السائح فقط أن يُحسن اختيار ش‬ ‫ح� ال يهرب من معاناة (الفردية) ليقع‬ ‫ت‬ ‫ف ي� معاناة أخرى تتمثل ف ي� عدم مقدرة ش‬ ‫ال� يتوقعها‪ .‬ش‬ ‫ف�كات‬ ‫ال�كة عىل خدمته بالصورة ي‬ ‫كغ�ها مختلفة‪ ،‬وعليه َّأل يثق ف ي� الوعود‪ ،‬بل أن يسأل‪ ،‬وسيجد ش‬ ‫ال�كات الموثوقة‬ ‫السياحة ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� يرتاح إليها وتخدمه جيداً‪ ،‬ح� وإن كانت أغىل من حيث التكلفة‪.‬‬ ‫ي‬

‫أشارك رفقاء السفر جدول الرحلة‬ ‫ناهد آل حبيل‬ ‫طالبة‬

‫بنفس وأحرص عىل‬ ‫أعشق التخطيط للسفر‬ ‫ي‬ ‫مشاركة رفقاء السفر بجدول الرحلة وكذلك‬ ‫اختيار الفنادق أ‬ ‫والماكن السياحية بع� التصفح‬ ‫عن طريق وسائل التواصل االجتماعي وكذلك‬ ‫من تجارب آ‬ ‫الخرين‪.‬‬ ‫ت‬ ‫وعائل� بدون تخطيط أو عن طريق المجموعات السياحية عىل الرغم من‬ ‫نادراً ما نذهب أنا‬ ‫ي‬ ‫أن تكلفة المجموعات السياحية أقل فعلياً‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ونس� أغوار المناطق ت‬ ‫ت‬ ‫ال� يندر‬ ‫تفويتها‬ ‫ينبغي‬ ‫ال� ال‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫نحرص عىل تغطية جميع الماكن ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫زيارتها‪ ،‬نحن عائلة يغ� تقليدية بتاتاً‪ ،‬نهتم بالدرجة الوىل بمدى أمان وسالمة البلدة ي‬ ‫نزورها ض‬ ‫ونق� أغلب أوقاتنا خارج الفندق ونستغل كل دقيقة لالستكشاف‪.‬‬ ‫ي‬

‫ً‬ ‫مستقال أفضل‬ ‫السفر‬ ‫عش�ي‬ ‫م‪.‬‬ ‫موىس ي‬ ‫ف‬ ‫مهندس ي� وزارة النقل‬

‫ن‬ ‫يعجب� ف ي� السياحة مع المجموعات بع� ش�كة‬ ‫ما كان‬ ‫ي‬ ‫الرشاد السياحي والتعارف بع� هذه‬ ‫سياحية هو إ‬ ‫ت‬ ‫تجرب�‬ ‫بعد‬ ‫لكن‬ ‫بطبعي‪.‬‬ ‫اجتماعي‬ ‫فأنا‬ ‫المجموعة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫ض‬ ‫الما�‪ ،‬ودون االعتماد‬ ‫أصدقا� خالل الصيف‬ ‫السياحية بشكل مستقل مع‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫لدي‪ .‬استمتعت‬ ‫ل‬ ‫المفض‬ ‫هو‬ ‫النمط‬ ‫هذا‬ ‫أن‬ ‫اكتشفت‬ ‫عىل أي وسيط سياحي‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ز‬ ‫الم�انية‬ ‫بالبحث بع� إ‬ ‫ال تن�نت عن الماكن الجذابة ي� الوجهة المقصودة‪ ،‬وحجز الفنادق حسب ي‬ ‫ً‬ ‫معينة مع مجموعات‪ .‬فالخيارات تبقى مفتوحة‬ ‫بأوقات‬ ‫تباط‬ ‫ر‬ ‫اال‬ ‫دون‬ ‫ا‬ ‫أيض‬ ‫التنقل‬ ‫ات‬ ‫ر‬ ‫وخيا‬ ‫المرصودة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫أمام السائح‪ ،‬هو من يختار حسب رغبته وظروف سفره وأيضا مرافقيه‪.‬‬


‫‪17 | 16‬‬

‫كتب عربية‬

‫المرأة والحدوتة‬ ‫تأليف‪ :‬الدكتور خالد أبو الليل‬ ‫الناشر‪ :‬دار العين للنشر (يونيو‬ ‫‪)2015‬‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫البداع الحكائي الشعبي للمرأة‬ ‫كتاب «المرأة والحدوتة» هو دراسة في إ‬ ‫وقدم لها الدكتور‬ ‫المصرية‪ ،‬جمعها ودرسها الدكتور خالد أبو الليل‪َّ ،‬‬ ‫أحمد مرسي‪ ،‬أستاذ أ‬ ‫الدب الشعبي بجامعة القاهرة‪ .‬ويقول الباحث‬ ‫فى كتابه إن المرأة هي المبدعة لمعظم أشكال المأثورات الشعبية‬ ‫البداع‪ ،‬سواء على‬ ‫والحافظة لها أيضاً‪ .‬فحياتها زاخرة بأشكال متنوعة من إ‬ ‫صعيد السلوك؛ مما جعلها قادرة على أداء أدوارها المتعددة‪ ،‬أو على‬ ‫عبرت من خالله عن مشاعرها ورؤيتها لنفسها‬ ‫صعيد إ‬ ‫البداع الفني الذي َّ‬ ‫ولدورها في الحياة‪ ،‬من خالل الحواديت التي كانت تحكيها ‪ -‬وما زالت‬ ‫تفعل ذلك ‪ -‬ألبنائها وأحفادها‪ ..‬والكتاب ثمرة للمقولة التي ترى «أن أكثر‬ ‫من ‪ %90‬من مأثوراتنا الشعبية تحفظها ذاكرة المرأة المصرية»‪ .‬وهي‬ ‫مقولة دفعت الكاتب إلى االنطالق منها كفرضية علمية بهدف إثباتها‬ ‫أو نفيها‪ .‬وكان هذا الكتاب ثمرة ذلك البحث‪ .‬وهو مقسم إلى قسمين‪،‬‬ ‫يبدأ أولهما بدراسة مستفيضة عن الحواديت‪ ،‬تبدأ بتعريف الحدوتة‪،‬‬ ‫والتوقف عند أهم خصائصها الفنية‪ .‬أما مجموعة الحواديت ‪ -‬التي‬ ‫تم ِّثل القسم الثاني من الكتاب ‪ -‬فهي في أصلها جزء قليل من مجموعة‬ ‫الحكايات الشعبية التي جمعها الكاتب من أ‬ ‫الدب الشعبي‪.‬‬

‫حدثني ميخائيل نعيمه‬ ‫تأليف‪ :‬إسكندر داغر‬ ‫الناشر‪ :‬دار نلسن (‪)2015‬‬

‫عشية الذكرى المئوية النتقال ميخائيل َنعيمه ِإلى نيويورك عام ‪1916‬م‪،‬‬ ‫«حدثَني ميخائيل َنعيمه»‪ ،‬متضمناً أربعة حوارات مع َنعيمه‪،‬‬ ‫صدر كتاب َّ‬ ‫َ‬ ‫وحواراً خامساً مع ابن أخيه الدكتور نديم َنعيمه بعد سنوات خمس على‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫تنبس ُط أَفكار َنعيمه في‬ ‫عمه‪ .‬وعلى مدى الَحاديث الَربعة في الكتاب‪ِ ،‬‬ ‫غياب ّ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫وبالنسان الذي يرى فيه طاقة عجيبة‬ ‫الحرية وعالقة الدب بالحياة والسياسة‪ِ ،‬إ‬ ‫على االكتشاف ستظهر قواها تباعاً في المستقبل‪.‬‬ ‫وفي بعض أجوبته إلى المؤلف يظهر نعيمه أنه قرأ كثيراً في أ‬ ‫الدب الروسي‪،‬‬ ‫ويحب منه كتابات تولستوي ودوستويفسكي‪ ،‬ويرى أن أ‬ ‫الدب العربي لم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ينفتح على العالمية َّإل مع بداية عصر النهضة‪ ،‬وقبلَها كان متقوقعا داخل‬ ‫حدود جغرافيته‪ ،‬حتى دخلَت على أُدبائه النهضويين أَنسام أ‬ ‫الَدب العالمي‬ ‫ُ‬ ‫ِ َّ‬ ‫خرج على نمطية المدح والفخر والرثاء إلى‬ ‫من قصة ورواية ومسرح‪ِ ،‬‬ ‫وشعر َ‬ ‫مواضيع إنسانية شاملة‪ .‬ويرى أن أ‬ ‫الدب العربي تُبعده عن جائزة «نوبل»‬ ‫ِ‬ ‫ْنعة‬ ‫وسواها بمستواها قلَّة الترجمة ِإلى اللغات العالمية الحية‪ .‬وفي لفْتة مق ٍ‬ ‫ِإلى المتلقّي يرى َنعيمه أَ ّن ضآلة القراءة في العالم العربي تُ َؤثِّـر في ضآلة‬ ‫أ‬ ‫الجيد‪ ،‬فالناس في بالدنا ال يُقبلون على القراءة ِإقبال الغربيين‬ ‫ِإ‬ ‫النتاج الَدبي ِّ‬ ‫المدن والقرى‬ ‫تشجع تالمذتها على القراءة‪ ،‬وال أكثرية ُ‬ ‫عليها‪ ،‬وال المدارس ِّ‬ ‫هرع ِإلى فتح المكتبات العامة والتشجيع على نشاطات القراءة‪ ،‬وال أرباب‬ ‫تَ َ‬ ‫البيوت يباهون بمكتباتهم مباهاتَهم بما فيها من تحف وجواهر وأدوات في‬ ‫والحمامات‪ .‬هذا عدا تع ُّثر النشر والتوزيع وخصوصاً خارج البالد‪،‬‬ ‫المطابخ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫يحصل حقوقَه‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫يتابع‬ ‫أن‬ ‫له‬ ‫حيلة‬ ‫وال‬ ‫َّفاته‬ ‫ل‬ ‫مؤ‬ ‫ر‬ ‫زو‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫المؤلف‪،‬‬ ‫حقوق‬ ‫وهدر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫والمزورين‪.‬‬ ‫من القراصنة‬ ‫ِّ‬

‫من قتل اإلبداع؟‬ ‫تأليف‪ :‬أندرو جرانت وجايا غرانت‬ ‫ترجمة‪ :‬أحمد عبدالمنعم يوسف‬ ‫الناشر‪ :‬مؤسسة هنداوي للثقافة والتعليم (‪)2015‬‬

‫يلفت المؤلفان أندرو جرانت وجايا جرانت إلى أن‬ ‫وتميزنا في صغرنا‪،‬‬ ‫البراءة إ‬ ‫البداعية التي كانت تعرفنا أ ِّ‬ ‫قد تاهت وسط السعي إلى تحقيق الهداف الشخصية‬ ‫نتحول إلى كائنات من الموتى‬ ‫أو المؤسسية‪ .‬ويبدو أننا َّ‬ ‫أ‬ ‫البداع جريمة‬ ‫الحياء بال مخيلة‪ .‬يرى المؤلفان أن قتل إ‬ ‫النسانية‪ .‬لذا‪ ،‬تعامال معها من خالل فصول‬ ‫في حق إ‬ ‫الكتاب التسعة كأنهما محققان قضائيان‪ .‬ويقع عملهما‬

‫في جزءين أساسيين‪ ،‬أولهما يحاول الجابة عن أ‬ ‫السئلة‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫الجهاد المفرط‬ ‫البداع؟ أَق ُ‬ ‫َتله إ‬ ‫الساسية التالية‪ :‬من قتل إ‬ ‫«الرغام الساحق»؟ أم‬ ‫في مكتب المدير التنفيذي بسالح إ‬ ‫قتلته البيروقراطية في مكتب الحسابات ِبط َ​َع َنات «السلبية‬ ‫البداعي يتناقص بدرجة مخيفة؛ فما‬ ‫الخبيثة»؟ إن التفكير إ‬ ‫السبيل إلى استعادته؟‬ ‫ُ‬ ‫جريت مؤخراً حول الرؤساء‬ ‫أ‬ ‫وبعدما كشفت دراسةٌ ِ‬ ‫أهم سمة من سمات القيادة‪،‬‬ ‫التنفيذيين أن إ‬ ‫البداع يُ َع ُّد َّ‬ ‫يبحث هذا الكتاب كيف تستطيع الشركات والقادة‬ ‫والمديرون أ‬ ‫والفراد بناء‪ ،‬أو إعادة بناء ثقافة االبتكار‪ ،‬عن‬ ‫التوصل إلى حلول‬ ‫طريق تعزيز التفكير إ‬ ‫البداعي ومهارات ُّ‬ ‫أفضل وأسرع للمشكالت‪.‬‬


‫من عاش يوماً غزارة مياه ينابيع واحة أ‬ ‫الحساء‪ ،‬يدرك أكثر من غيره‬ ‫خطورة استنزاف المياه الجوفية‪ .‬لقد عاش مؤلف هذا الكتاب؛ الدكتور‬ ‫محمد بن حامد الغامدي خبير المياه‪ ،‬وعضو هيئة التدريس في كلية‬ ‫العلوم الزراعية أ‬ ‫والغذية في جامعة الملك فيصل مالمح نضوب مياه‬ ‫تلك الينابيع التاريخية‪ ،‬وهكذا تخلقت لديه قضية المياه الجوفية‪.‬‬ ‫ومن خلفيته العلمية والواقع الذي كان شاهداً عليه‪ ،‬استشعر عظم‬ ‫المسؤولية‪ ،‬وأصبحت قضية المياه الجوفية وما يتعلق بها جزءاً ال يتجزأ‬ ‫من حياته‪.‬‬ ‫يبوح كتاب (الماء يبحث عن إدارة) عن هموم وقضايا المياه الجوفية في‬ ‫المملكة العربية السعودية وما يتعلَّق بها‪ ،‬بأربع وتسعين مقالة‪ ،‬كتبت‬ ‫على مدار سبع سنوات بدءاً من العام ‪2005‬م‪ ،‬في جريدة «اليوم‬ ‫السعودية»‪ .‬بدأ المؤلف بمجموعة مقاالت العام ‪2005‬م‪ ،‬حملت عنوان‬ ‫(التنبؤات) تناول فيها موضوعات مثل؛ التصحر ومشكالته‪ ،‬وذكرياته مع‬ ‫عيون أ‬ ‫الحساء؛ التي كان عددها فيما مضى ‪ 70‬عيناً تنتج كل منها ‪80‬‬ ‫متراً مكعباً في الدقيقة ويرتفع عمود الماء من بعضها إلى مترين‪ ،‬والتي‬ ‫نضبت وأصبحت في عام ‪2000‬م على بعد أكثر من ‪ 20‬متراً تحت سطح‬ ‫أ‬ ‫الرض‪.‬‬ ‫تطرق المؤلف في مقاالته إلى ندرة المياه والملوثات‪ ،‬وارتفاع منسوب‬ ‫َّ‬ ‫مياه البحار‪ .‬كما تحدث عن السيول والسدود وجدواها‪ .‬وباعتباره خبيراً‬ ‫للمياه فإنه يحذِّ ر من انتشار السدود في المناطق الجافة‪ ،‬والممارسات‬ ‫الخاطئة في التعامل مع شح المياه‪.‬‬

‫يمكن قراءة كتاب «متاهات» كحصيلة من النوع النقدي المستند‬ ‫إلى خلفية معرفية وثقافية امتازت بها الكاتبة في مقاربة الحياة أو‬ ‫نص الحياة‪ .‬تقول الكاتبة في «كلمة المؤلف»‪« :‬مجتمعنا أساسنا‬ ‫ّ‬ ‫نميز‬ ‫أن‬ ‫بد‬ ‫ال‬ ‫ذواتنا‬ ‫لتطوير‬ ‫نسعى‬ ‫فعندما‬ ‫صنعنا‪.‬‬ ‫من‬ ‫وثقافته‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫وأل نسير وفق ما يريده آ‬ ‫الحق من الباطل ّ‬ ‫الخرون‪ .‬فهناك من يغرس‬ ‫معتقدات باطلة في نفوسنا ليس لها مرجع سواه‪ ،‬وعندما نبحث عن‬ ‫أصلها فإننا قد نجد عكس ما قيل أو ما ينفي ذلك االعتقاد‪.‬‬ ‫إن تطوير الذات جزء من تقدم المجتمعات‪ .‬ولما كان الشخص يُعد‬ ‫جزءاً من مجتمعه‪ ،‬فكل ما يحمله من أفكار ومعتقدات هو بمنزلة‬ ‫تمثيل لمجتمعه‪ .‬فعندما ترغب أيها القارئ بتطوير ذاتك‪ ،‬تذكر أنك‬ ‫ستقوم بدور مجتمع بأكمله‪ .‬وبناء على مجموع ما يقوم به أ‬ ‫الفراد‬ ‫ً‬ ‫من تطوير لذواتهم سيكون المجتمع إما مجتمعاً متقدماً بثقافته‬ ‫وفكره ومعتقداته‪ ،‬وإما مجتمعاً يحمل معتقدات باطلة ليس لها أي‬ ‫مرجع»‪.‬‬ ‫وتقول في مكان آخر من الكتاب «إن تطوير ذواتنا‪ ،‬على الرغم من‬ ‫ارتباطه بنا‪ ،‬له دور كبير في تقدم مجتمعنا أو تراجعه‪ .‬وهذا الكتاب‬ ‫يحتوي على معتقدات باطلة يعتقد أشخاص مثلنا ومثل من حولنا‬ ‫أنها صحيحة نتيجة تداولها‪ .‬ما نسعى إليه في هذا الكتاب هو أن‬ ‫نثبت عدم صوابية هذه المعتقدات لنسهم برقي المجتمع وتطوره‬ ‫بشخصياتنا وثقافتنا وفكرنا الذي يُعد أساس المجتمع»‪.‬‬

‫ً‬ ‫معتزليا‪ :‬حفريات في‬ ‫كتاب سيبويه‬ ‫ميتافيزيقا النحو العربي‬ ‫تأليف‪ :‬إدريس مقبول‬ ‫أ‬ ‫الناشر‪ :‬المركز العربي للبحاث ودراسة السياسات‬ ‫(سبتمبر ‪)2015‬‬

‫يحاول إدريس مقبول في هذا الكتاب البرهنة على أن‬ ‫اللغة لم تنفصل في أي يوم من أ‬ ‫اليام عن العقيدة‪،‬‬ ‫وأن العقيدة ليس لها وجود فعلي َّإل باللغة؛ ألنها‬ ‫مضمرة وال تظهر إال باللسان‪ .‬ويرى الكاتب أن أكثر‬ ‫من َّ‬ ‫ضل من أهل العقيدة وحاد عن القصد هو َم ْن‬ ‫كان في لغته ضعف‪ .‬أما الهدف من هذا الكتاب فهو‬

‫فحص أ‬ ‫الثر المعتزلي في نصوص سيبويه‪ .‬ولهذه‬ ‫الغاية‪ ،‬عمد الكاتب إلى القيام بحفريات في المدونة‬ ‫النحوية لسيبويه الموسومة بعنوان «الكتاب»‪ ،‬وإلى‬ ‫تتبع الفكر النحوي لسيبويه‪ .‬وقاده هذا المسار إلى‬ ‫ّ‬ ‫قضايا التأويل النحوي للقراءات القرآنية‪ ،‬وإلى الر ّد‬ ‫على بعض التيارات االستشراقية التي تأبى َّإل أن تر ّد‬ ‫أي جهد فكري عربي إلى أصول غير عربية كاليونانية‬ ‫ّ‬ ‫أن‬ ‫مثالً‪ .‬فقد سعى كثيرون إلى إقامة البرهان على ّ‬ ‫النظر النحوي عند العرب مدين للفلسفة اليونانية في‬ ‫نشأته وبنائه‪ّ .‬أما الكاتب‪ ،‬فينتصر لسيبويه الذي تأثّر‬ ‫بالثقافة الفقهية وبالمنهج الفقهي‪ ،‬إال أنّه كان أحد‬ ‫ب ّنائي منهج النظر النحوي‪.‬‬

‫كتب عربية‬

‫الماء يبحث عن إدارة‬ ‫تأليف‪ :‬د‪ .‬محمد بن حامد الغامدي‬ ‫الناشر‪ :‬جامعة الملك فيصل ‪/‬‬ ‫دار الكفاح للنشر والتوزيع‬ ‫(مارس ‪)2013‬‬

‫متاهات‬ ‫تأليف‪ :‬روان بنت سليمان الجميل‬ ‫الناشر‪ :‬الدار العربية للعلوم‬ ‫ناشرون (سبتمبر ‪)2015‬‬


‫‪19 | 18‬‬

‫كتب من العالم‬

‫عار الجوع‪ :‬الغذاء والعدالة والمال‬ ‫في القرن الواحد والعشرين‬ ‫‪The Reproach of Hunger: Food, Justice‬‬ ‫‪and Money in the Twenty-First Century‬‬ ‫تأليف‪ :‬ديفيد ريف‬ ‫الناشر‪ - Simon and Schuster :‬أكتوبر (‪)2015‬‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫الصيد في الشعر العربي‪ :‬من الشعر‬ ‫البطولي إلى الغنائي إلى ما وراء الشعري‬ ‫‪The Hunt in Arabic Poetry: From Heroic‬‬ ‫‪to Lyric to Metapoetic‬‬ ‫تأليف‪ :‬جاروسالف ستيتكيفيتش‬ ‫الناشر‪University of Notre Dame Press :‬‬ ‫ديسمبر (‪)2015‬‬

‫اصطياد األغبياء‪ :‬اقتصاد التالعب‬ ‫والخداع‬ ‫‪Phishing for Phools: The Economics of‬‬ ‫‪Manipulation and Deception‬‬ ‫تأليف‪ :‬جورج أ‪ .‬أكرلوف و روبت ج‪ .‬شيلر‬ ‫الناشر‪- Princeton University Press :‬‬ ‫سبتمبر (‪)2015‬‬

‫إعادة التشغيل‪ :‬كيف أعادت كرة القدم‬ ‫األلمانية اختراع نفسها وهزمت العالم‬ ‫‪Das Reboot: How German Soccer‬‬ ‫‪Reinvented Itself and Conquered the World‬‬ ‫تأليف‪ :‬رافييل هونيغستين‬ ‫الناشر‪ - Nation Books :‬أكتوبر (‪)2015‬‬

‫في هذا الكتاب الرائد الذي يستند إلى سنوات ست من‬ ‫يقدم الخبير ديفيد ريف عرضاً‬ ‫االستقصاءات العملية‪ِّ ،‬‬ ‫موثقاً حول ما إذا كان القضاء على الفقر المدقع والجوع‬ ‫في متناول أيدينا‪ ،‬كما وعدت جهات عدة في العالم‪.‬‬ ‫فهل بإمكاننا توفير ما يكفي من الغذاء لحوالي ‪ 9‬مليارات‬ ‫شخص في عام ‪2050‬م خاصة في المناطق أ‬ ‫الكثر فقراً‬ ‫في جنوب الكرة أ‬ ‫الرضية؟‬ ‫يتوقع عدد كبير من أبرع العلماء والسياسيين وأبرز‬ ‫حد ألزمة سوء‬ ‫العاملين في مجال التنمية‪ ،‬وضع ٍّ‬ ‫التغذية في العقود القليلة المقبلة‪ .‬ولكن النشطاء في‬ ‫حقوق التغذية والداعمين لوسائل الزراعة التقليدية‬

‫يرفضون الحلول التي تعتمد على التكنولوجيات الحديثة‬ ‫والصناعات الزراعية‪.‬‬ ‫ويعد التقارير حول‬ ‫يدرس‬ ‫كان‬ ‫يضع ريف‪ ،‬الذي‬ ‫ّ‬ ‫والنمائية لمدة ثالثين عاماً‪ ،‬مطالب‬ ‫النسانية إ‬ ‫المساعدات إ‬ ‫الجانبين تحت المجهر ويسأل إذا كان بإمكان أي من هذه‬ ‫الجهود حل أ‬ ‫الزمة‪ .‬ويجيب أنه من غير الممكن حل هذه‬ ‫الزمة المستعصية إال إذا لم نخلط بين آ‬ ‫أ‬ ‫المال والحقائق‬ ‫والمكانات الفعلية‪.‬‬ ‫وبين النيات الحسنة إ‬

‫من بين التقاليد أ‬ ‫الدبية العريقة في العالم‪ ،‬يبدو أن الشعر‬ ‫العربي يتميز بتردد فكرة الصيد فيه بشكل استمر منذ ما‬ ‫قبل السالم مروراً بالعصرين أ‬ ‫الموي والعباسي إلى العصر‬ ‫إ‬ ‫الحديث‪ .‬وتخضع هذه االستمرارية لهذه الفكرة‪ ،‬من الصياد‬ ‫ورفاقه وفرسه والصقر والفريسة‪ ،‬إن كانت حماراً وحشياً أو‬ ‫غزاال أو أرنباً أو ثعلباً‪ ،‬إلى تحوالت دراماتيكية في أ‬ ‫النواع‬ ‫ً‬ ‫الشعرية وبنيتها أ‬ ‫الساسية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫يقدم‬ ‫ومن خالل الترجمات النيقة والتفسيرات المقنعة‪ِّ ،‬‬ ‫ستيتكيفيتش‪ ،‬أستاذ اللغة العربية في جامعة شيكاغو‬ ‫أ‬ ‫المريكية‪ ،‬هذا التقليد العربي العريق ويدخله إلى حقول‬ ‫والنسانية المعاصرة‪.‬‬ ‫الدراسات الثقافية إ‬

‫في الفصول أ‬ ‫الولى من الكتاب‪ ،‬يستكشف ستيتكيفيتش‬ ‫مواضيع متنوعة من مغامرات الصيد البطولية ضمن‬ ‫السالم إلى‬ ‫القصائد العربية القديمة‪ ،‬وتحولها مع ظهور إ‬ ‫شاعرية التضحية والفداء‪ .‬أما الجزء الثاني فيتتبع جماليات‬ ‫أشعار الصيد والتحول من مجرد الوصف إلى إطالق العنان‬ ‫للمخيلة‪ .‬ومن ثم ينتقل في الجزء الثالث إلى حداثة القرن‬ ‫العشرين مع أ‬ ‫الشعار العربية الحرة وعودة الفكرة الكالسيكية‬ ‫للصيد‪.‬‬

‫منذ أن وضع آدم سميث نظريته االقتصادية الشهيرة‬ ‫الساسي لالقتصاد يعتمد على كون أ‬ ‫بقي المبدأ أ‬ ‫السواق‬ ‫الحرة قادرة على توفير الرفاه المادي‪ .‬ولكن العا ِلمان‬ ‫الحائزان جائزة نوبل لالقتصاد‪ ،‬جورج أكرلوف وروبرت‬ ‫قدما تحدياً أساسياً لهذه النظرية‪ ،‬وأكدا أن‬ ‫شيلر‪َّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫السواق الحرة يمكن أن تكون مضرة بقدر ما قد تكون‬ ‫أ‬ ‫مفيدة‪ .‬فلطالما كان هناك سعي لتحقيق الرباح كان‬ ‫هناك دافع الستغالل نقاط الضعف لدى المستهلك‪ ،‬مما‬ ‫يجعل عمل أ‬ ‫السواق الحرة مملوءاً «بالخدع والكمائن التي‬ ‫تصطاد أ‬ ‫الغبياء»‪.‬‬ ‫يدعم أكرلوف وشيلر نظريتهما هذه بعشرات القصص‬

‫التي تُظهر كيف أن االصطياد يمكن أن يطال الجميع في‬ ‫كل جانب من جوانب الحياة‪ .‬فنحن ننجذب أكثر مما نظن‬ ‫الموال على أ‬ ‫إلى العالنات‪ ،‬كما أننا ندفع كثيراً من أ‬ ‫المور‬ ‫إ‬ ‫بالضافة إلى عدة ظواهر تنتج‬ ‫بشيء‪.‬‬ ‫تفيدنا‬ ‫ال‬ ‫التي‬ ‫إ‬ ‫عن استجابتنا لهذا التالعب أهمها ازدهار النظام المالي‬ ‫العالمي ومن ثم انهياره في دورات متعاقبة‪.‬‬

‫يقول مارتن ليمس من الجامعة التقنية في ميونيخ في‬ ‫ألمانيا إن حوالي نصف أ‬ ‫الهداف التي تُسجل في لعبة كرة‬ ‫القدم عشوائية‪ .‬ولكن كتاب «إعادة التشغيل» لمؤلفه‬ ‫رافييل هونيغستين يركِّز على الجانب غير العشوائي لهذه‬ ‫اللعبة الرياضية أ‬ ‫الكثر شعبية في العالم‪ ،‬ويؤكد أن‬ ‫المدرب والمج َّهز بشكل جيد قادر أن يتغلب على‬ ‫الفريق‬ ‫َّ‬ ‫جميع الصعوبات وتحقيق الفوز المنشود‪.‬‬ ‫فبعد فترة طويلة من النجازات أ‬ ‫اللمانية العظيمة في‬ ‫إ‬ ‫مجال كرة القدم‪ ،‬عانت هذه اللعبة تراجعاً كبيراً في‬ ‫تسعينيات القرن الماضي‪ ،‬مما أدى إلى اقتناع اتحاد كرة‬ ‫القدم الوطني هناك بوجوب اتخاذ خطوات إصالحية‬ ‫جذرية للنهوض بهذه اللعبة من جديد‪ .‬ويستعرض‬

‫الكتاب أهم هذه الخطوات التي يمكن أن تتلخص بإنشاء‬ ‫أ‬ ‫الكاديميات الكروية المتخصصة‪ ،‬التي تركز على تدريب‬ ‫والصالحات الكبيرة التي أدخلها يورغن‬ ‫الشباب الصغار‪ ،‬إ‬ ‫كمدرب للفريق الوطني في‬ ‫عمله‬ ‫كلينسمان عندما بدأ‬ ‫ِّ‬ ‫‪2004‬م حين سلَّط الضوء على تطوير الجانب الفكري‬ ‫لالعبين إلى جانب قدراتهم الجسدية‪ ،‬كما عمل على‬ ‫تحسين إدارة الفريق بشكل مستمر‪.‬‬


‫بين كتابين‬

‫أدوات التفكير الذكي‬

‫عدة العقل‪ :‬أدوات التفكير الذكي‪ .‬تأليف‪ :‬ريتشارد نيسبيت‬ ‫(‪ )1‬كتاب‪ّ :‬‬ ‫‪Mindware: Tools for Smart Thinking by Richard Nisbett‬‬ ‫الناشر‪ - Farrar, Straus & Giroux :‬أغسطس (‪)2015‬‬ ‫(‪ )2‬التوقع الدقيق‪ :‬فن وعلم التنبؤ‪ .‬تأليف‪ :‬فيليب تيتلوك ودان غاردنر‬ ‫‪Superforecasting: The Art and Science of Prediction by Philip‬‬ ‫‪Tetlock and Dan Gardner‬‬ ‫الناشر‪ - Crown Publishers :‬سبتمبر (‪)2015‬‬ ‫«عدة العقل» و«التوقع الدقيق»‪ ،‬طرقاً مختلفة‬ ‫يقدم كتابان صدرا حديثاً بعنواني ّ‬ ‫ِّ‬ ‫للتعامل مع العالم المعقَّد الذي نعيش فيه‪.‬‬ ‫«عدة العقل» هو كتاب مهم لعالم النفس ريتشارد نيسبيت‪ ،‬الذي قال عنه الكاتب‬ ‫ّ‬ ‫مالكولم غالدويل‪ ،‬صاحب المؤلفات الشهيرة مثل «الومضة» و«المميزون»‪ ،‬بأنه‬ ‫«أكثر المفكرين تأثيراً في حياتي»‪ ،‬وأضاف أنه «هو الذي ساعدني على تكوين رؤيتي‬ ‫للعالم»‪ .‬يعرض الكتاب في أجزائه الستة لعدد من العوامل المهمة التي تؤثر في‬ ‫طريقة التفكير‪ ،‬من دور الوعي في إطالق أ‬ ‫الحكام واتخاذ القرارات‪ ،‬إلى دروس‬ ‫االقتصاد السلوكي إلى مبادئ إالحصاء واالحتماالت‪ ،‬إلى علم المنطق وطبيعة‬ ‫المعرفة وكيفية اختبار أ‬ ‫الفكار‪ .‬وقد أشار نيسبيت إلى أنه «ال يوجد شيء في الكتاب‬ ‫ال يتطابق مع متطلبات الحس السليم»‪.‬‬

‫والسؤال الذي يمكن طرحه هنا‪ ،‬هو‪ :‬لماذا نهتم بكتاب يعلِّمنا كيفية التحلي بالحس‬ ‫السليم الذي نمتلكه جميعنا وإن كان بدرجات متفاوتة؟ يجيب نيسبيت نفسه عن‬ ‫هذا السؤال بقوله‪ :‬إنه عند قراءة هذا الكتاب سيصبح القارىء أذكى‪ ،‬ألن الكتاب‬ ‫المذكور يُعد مكمال ً للحس السليم من خالل عرضه لمجموعة من المبادئ والقوانين‬ ‫التي‪ ،‬عند اكتسابها بشكل جيد‪ ،‬يمكن تطبيقها تلقائياً لحل عدد كبير من المشكالت‬ ‫المعقَّدة‪ .‬ويضيف أن من أهم نقاط الضعف التي نعاني منها هي أننا ال نعرف‬ ‫كيفية وضع أطر مختلفة للمشكالت التي نواجهها‪ .‬ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب‬ ‫من حيث تقديمه لطرق مختلفة في التفكير بمسألة معينة‪ ،‬تكون كلها معتمدة على‬ ‫النسب وتغيير حياتنا إلى أ‬ ‫أدلة ثابتة‪ .‬وكل ذلك يسمح باتخاذ القرارات أ‬ ‫الفضل‪.‬‬ ‫«عدة العقل» لفهم العالم المعقَّد الذي نعيش فيه من عدة‬ ‫وبينما يتطرق كتاب ّ‬ ‫نكون النظريات حول‬ ‫جوانب‪ ،‬يركِّز كتاب «التوقع الدقيق» على مسألة واحدة‪ :‬كيف ِّ‬ ‫ما سيحدث في المستقبل‪ .‬هل ستنشب الحرب؟ هل أن االنهيار االقتصادي قادم ال‬ ‫سيتفشى هذا الوباء؟ماذا ستكون نتيجة هذه االنتخابات؟ وغيرها الكثير‬ ‫محالة؟ هل‬ ‫َّ‬ ‫من المسائل التي يمكن توقعها من أجل تجنبها أو التعامل معها بشكل أفضل‪.‬‬ ‫قسم تيتلوك أ‬ ‫الشخاص إلى فئتين‪« :‬القنافذ» الذين يعتمد فهمهم للعالم على‬ ‫ّ‬ ‫فكرة واحدة أو فكرتين‪ ،‬و«الثعالب» الذين يؤمنون بأن العالم الذي نعيش فيه‬ ‫معقَّد لدرجة أنه ال يمكننا أن نسير فيه تحت شعار واحد‪ .‬والذين يستطيعون‬ ‫التوقع الدقيق هم بالطبع من الفئة الثانية‪ .‬فهم واعون تماماً لخدع العقل التي‬ ‫يمكن توهمنا بأن ما نتوقعه هو دقيق بالفعل‪ ،‬وهم على استعداد دائم لتغيير‬ ‫توقعاتهم عند ظهور أدلة جديدة‪ ،‬كما أنهم منفتحون على أ‬ ‫الفكار الجديدة‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى تحلّيهم بميزة الحذر الدائم دون التخلي عن القدرة على الحسم‪ .‬ويضيف‬ ‫تيتلوك أن التوقع الدقيق يستدعي وجود «التواضع المطلوب لصدار أ‬ ‫الحكام‬ ‫إ‬ ‫بالحساس بعدم الموهبة وقلة‬ ‫السليمة‪ ،‬الذي ال عالقة له بالتشكيك بالنفس وال إ‬ ‫الذكاء أو القيمة»‪ ،‬وإنما المطلوب هو التواضع الفكري الذي يشمل إالدراك بأن‬ ‫الحقيقة معقَّدة بشكل كبير‪ ،‬وبأن رؤية أ‬ ‫المور بوضوح هي معاناة مستمرة‪ ،‬وبأن‬ ‫الحكام البشرية ال بد وأن يكون مشوباً أ‬ ‫إصدار أ‬ ‫بالخطاء‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫يقدم الكتاب مجموعة من المبادئ الساسية التي تعتمد على البيانات والمنطق‬ ‫ِّ‬ ‫والقضاء على التحيز الشخصي ومتابعة التقارير‪ ،‬لمعرفة دقة توقعاتك وتوقعات‬ ‫آ‬ ‫الخرين وتفكيك أية مسألة إلى أجزاء والتمييز بين الحقائق واالفتراضات‪ .‬وليست‬ ‫هذه بالمبادئ الجديدة أو المثيرة‪ ،‬ولكن المثير هو دقة التوقعات التي تُمكِّن‬ ‫أشخاصاً عاديين من تحقيقها من خالل التطبيق الدقيق لهذه المبادئ أ‬ ‫الساسية‪.‬‬ ‫ولسوء الحظ‪ ،‬يواجه معظم الناس صعوبة في تطبيق هذه المبادئ في حياتهم‬ ‫«عدة العقل»‬ ‫المقدمة في كتابي ّ‬ ‫اليومية‪ .‬ولكن مما ال شك فيه أن التوصيات َّ‬ ‫و«التوقع الدقيق»‪ ،‬تتيح للجميع فرصة التفاعل بشكل أفضل وأذكى مع العالم‬ ‫حير الذي نعيش فيه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الم ِّ‬

‫كتب من العالم‬

‫حديقة الكوكب وكتابات أخرى‬ ‫‪The Planetary Garden and Other‬‬ ‫تأليف‪ :‬جيل كليمان ‪ -‬ترجمة‪ :‬ساندرا موريس‬ ‫الناشر‪University of Pennsylvania Press :‬‬ ‫يونيو (‪)2015‬‬

‫هذا الكتاب من تأليف جيل كليمان‪ ،‬المهندس المعماري‬ ‫للمناظر الطبيعية المعروف بتصميم أهم وأجمل‬ ‫الحدائق العامة في العاصمة الفرنسية‪ ،‬ولكنه غالباً ما‬ ‫مجرد بستاني‪ .‬يقول‬ ‫عرف عن نفسه بكونه ّ‬ ‫يحب أن يُ ِّ‬ ‫كليمان في هذا الكتاب إنه من أجل رعاية وزراعة أي‬ ‫قطعة أرض‪ ،‬يجب على البستاني العمل بطريقة تتناغم‬ ‫مع النظام البيئي الطبيعي للحديقة‪ ،‬وليس ضده‪ .‬بهذا‬ ‫المعنى علينا النظر إلى كل كوكب أ‬ ‫الرض كحديقة واحدة‪،‬‬ ‫وإلى كوننا المؤتمنين على االهتمام به والمسؤولين عن‬ ‫احترام تعقيدات هذا الكوكب وتنوع الحياة الموجودة‬

‫عليه‪.‬‬ ‫يُعد هذا الكتاب بمنزلة بيان بيئي يرسم فيه كليمان‬ ‫القوانين العامة التي تحكم العالم الطبيعي والمبادئ‬ ‫التي ينبغي أن توجه إدارتنا لحديقة أ‬ ‫الرض العالمية‪ .‬وكل‬ ‫يشدد عليها كليمان‪،‬‬ ‫هذه المبادئ تؤكد على الفلسفة التي ِّ‬ ‫النسان والبيئة العالمية‬ ‫والتي تفترض عدم الفصل بين إ‬ ‫الطبيعية المحيطة به‪.‬‬


‫‪21 | 20‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫قول في مقال‬

‫حول الكتابة‬ ‫عن المرأة‬ ‫هند إبراهيم القحطاني‬

‫المرأة»‪.‬‬

‫قرأت ف� القافلة مؤخراً مقاال أ‬ ‫للستاذ‬ ‫ً‬ ‫ي‬ ‫محمد العصيمي بعنوان «أن تكتب عن‬

‫ن‬ ‫وأدهش� عنوانه ف ي� صيغته‬ ‫أخذ ب ي� المقال ي‬ ‫كث�اً‪ ،‬أ ي‬ ‫ش‬ ‫أت الحرف‪ ،‬وال أخفيكم قرأتها‬ ‫ال�طية (أن )‪ ،..‬قر ُ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫لكو� امرأة كما يريد الكاتب‬ ‫بجنس النثوي أو ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫استوقفت� قوة شواهده بزمانها وأسماء‬ ‫أه‪..‬‬ ‫ر‬ ‫أن أق‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫تشد وتقوي عضالت‬ ‫ال� ُّ‬ ‫صاحباتها ونقل مقوالتهن ي‬ ‫ت‬ ‫وال� من خاللها أبرز مقالته وطرح فكرته‬ ‫كلماته ي‬ ‫وعنون موضوعه‪.‬‬ ‫حينما نتحدث عن المرأة‪ ،‬ال بد أن نعي أن وراءها‬ ‫رجال ً وأمامها رجالً‪ ،‬وعند ذكر المرأة فهي دوماً‬ ‫مستعينة بك وبه وبهم‪ ،‬وأنت كذلك عىل الدوام‬ ‫ستكون برفقة امرأة‪ ،‬إن لم تكن أماً‪ ،‬فهي زوجة أو‬ ‫أخت‪ ،‬أو قد تكون تحت رئاسة امرأة كما ف ي� زمن‬ ‫ت‬ ‫ال� دبَّرت أمور الحكم ف ي� ظل وفاة زوجها‬ ‫شجر الدر ي‬ ‫السلطان الصالح أيوب‪ ،‬عىل مدى ي ن‬ ‫ثمان� يوماً تشهد‬ ‫أن للمرأة سيادتها إن هي أرادت وابتغت إىل ذلك‬ ‫سبيالً‪.‬‬ ‫يم� ي ن‬ ‫العر� ي ِّ ز‬ ‫ب� المرأة‬ ‫أتفق معك أن‬ ‫المجتمع ب ي‬ ‫أ‬ ‫حد ما‪ .‬ففي القرآن‬ ‫والرجل‪ ،‬ولكن المر طبيعي إىل ٍّ‬ ‫الكريم تكلم الرب بآيات موجهة للمرأة عىل وجه‬ ‫الخصوص‪ ،‬وال شأن للرجل بها‪.‬‬

‫فالنسانية‬ ‫التعميم ليس محموداً عىل الدوام‪ .‬إ‬ ‫أ‬ ‫بكث� من أن نجعلها ف ي� حروف سجينة لوضاع‬ ‫أوسع ي‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫الرث االجتماعي أو مخ�نة للعقل‬ ‫يتحكم بها إ‬ ‫االجتماعي الراهن ف ي� دماغ أحدنا‪.‬‬ ‫نحن نتحدث ونكتب عن الرجل بصفته أباً وأخاً وزوجاً‬ ‫ن‬ ‫ع� أختاً‬ ‫وصانعاً للبطوالت ومعلماً مربياً‪ ،‬فاكتب ي‬ ‫ن‬ ‫ع�‪ ،‬وال تكتب عنهم‪،‬‬ ‫وبنتاً ومعلمة وطبيبة‪ ..‬اكتب ي‬ ‫ف‬ ‫ُخ َّص ن ي� بالذكر‪ ،‬فاسمي مباح إن كان ي� ظل عمل‬ ‫ويعل ذكره وعمله‪..‬‬ ‫النسان‬ ‫ش�يف يرفع إ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ستجد� ف ي� البيت والمدرسة‪ ،‬ف ي� الجامعة والمستشفى‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫وح� ف ي� السوبرماركت‪ ،‬أبذل وأعطي لشيد حروفك‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ع�‪.‬‬ ‫وأصنع كلماتك ونتعاون ي� طرح الفكرة ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫معنويا�‪ ،‬لتجد يل مكاناً‬ ‫ع�‬ ‫لتحمي�‪ ،‬تل�فع‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫فاكتب ي‬ ‫� المجتمع أسهم فيه بدوري ت‬ ‫ح� أكون صوتاً وفكرة‬ ‫ي‬ ‫الشادة به‪.‬‬ ‫وطرحاً ومضموناً يستحق إ‬ ‫لقد كان للمرأة ف ي� عهد النبوة والخالفة الراشدة‬ ‫حضور وقوة ومشاركة فعالة ف ي� المجتمع‪ .‬فكانت‬ ‫تتعلم وتعلِّم ويقصدها طالب العلم أ‬ ‫للخذ منها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ولم تقترص براعة المرأة عىل ذلك‪ ،‬فقد تجاوزته إىل‬ ‫مجال الشعر أ‬ ‫والدب‪ ،‬وفاق بعض النسوة الرجال‪.‬‬ ‫فالمرأة منذ خلقت وصوتها مسموع‪ ،‬وفكرها إن كان‬ ‫محموداً فهو موجود وخلَّده التاريخ لها‪ ،‬ولك عىل‬

‫ض‬ ‫ت‬ ‫ال� أجمع‬ ‫سبيل المثال‪ :‬الخنساء (تما� بنت عمرو) ي‬ ‫الدارسون عىل رفعة مستوى شعرها‪ ،‬وهند بنت‬ ‫آ‬ ‫ال� تطرق أ‬ ‫أ‬ ‫السماع ت‬ ‫ت‬ ‫ح� الن‪،‬‬ ‫عتبة صاحبة البيات ي‬ ‫ض‬ ‫ر� هللا عنها ‪،-‬‬ ‫وكانت السيدة عائشة بنت ب يأ� بكر ‪ -‬ي‬ ‫أ‬ ‫من الصحابيات الفصيحات البليغات بالنساب‬ ‫أ‬ ‫ض‬ ‫ر� هللا عنها‪،‬‬ ‫والشعار‪ ،‬وال ننىس السيدة خديجة ي‬ ‫عنهن‬ ‫وغ�هن ي‬ ‫ي‬ ‫الكث�ات ممن خلدهن التاريخ‪ ،‬وتكلم َّ‬ ‫وفصلوا‪.‬‬ ‫وكتبوا‬ ‫اب‬ ‫ت‬ ‫الك‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الحال فالقائمة تطول بأسمائهن‪،‬‬ ‫وإن رغبت ف ي� عرصنا‬ ‫ي‬ ‫ولك عىل سبيل المثال ال الحرص‪ :‬الدكتورة الكاتبة‬ ‫أمل الطعيمي‪ ،‬د‪ .‬ثريا العريض‪ ،‬د‪ .‬عهود اليامي‪،‬‬ ‫ن‬ ‫والكث�ات‬ ‫القر�‪ ،‬أ‪ .‬سلطانة السديري‪،‬‬ ‫ي‬ ‫أ‪ .‬فاطمة ي‬ ‫يغ�هن‪...‬‬ ‫الثقا� هو آ‬ ‫التمي� الفكري ف‬ ‫يز‬ ‫الن عىل‬ ‫ال أعتقد أن‬ ‫ي‬ ‫أساس امرأة أو رجل فقط‪ ،‬فقد يكتب أحدهم من‬ ‫ين‬ ‫الجنس� وي�ض ب بالفكر والثقافة عرض الحائط‪.‬‬ ‫ف‬ ‫يز‬ ‫فالتمي� ي� هذا العرص انتقل إىل شعبة أوسع وهي‬ ‫«المضمون»‪.‬‬ ‫فأنا شخصياً أرى أن المسألة باتت حول المضمون‬ ‫والفكرة‪ ،‬فثقافة المرأة وحضورها ف ي� المجتمع‬ ‫موجودان منذ أ‬ ‫الزل‪ ،‬وال خالف عىل ذلك قطعياً‪.‬‬ ‫ولكن مستوى ذلك الحضور يحدده المضمون أوال ً‬ ‫وأخ�اً‪.‬‬ ‫ي‬


‫إيمان عبداهلل أمان‬

‫َّ‬ ‫تخلص من عيبه البيئي‬

‫البالستيك القابل‬ ‫للتحلل‬

‫علوم‬

‫نعيش اليوم في عالم يحتل فيه البالستيك‬ ‫ً‬ ‫بدءا بتغليف األطعمة وحفظ‬ ‫مكانة مهمة‪،‬‬ ‫المشروبات وتعبئتها‪ ،‬إلى أكياس التسوق‬ ‫وصناعة المفروشات وغيرها كثير مما‬ ‫يعتمد على المنتجات البالستيكية التي توفر‬ ‫الحماية للبضائع من التلف والتلوث والهدر‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬فإن البالستيك‬ ‫هو عنوان مشكلة بيئية معروفة‪ ،‬بسبب‬ ‫صعوبات التخلص منه بعد االستعمال‪.‬‬ ‫ولكن ماذا لو ظهر بالستيك قابل للتحلل‬ ‫ً‬ ‫فعال‪.‬‬ ‫الطبيعي؟ وهذا ما حصل‬


‫‪23 | 22‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫قبل عقود من الزمن‪ ،‬بدأ الترويج أ‬ ‫للكياس‬ ‫البالستيكية لتحل محل استخدام أ‬ ‫الكياس‬ ‫الورقية‪ ،‬ألنها تتميز بخفة وزنها وقوتها وبقائها‬ ‫لفترة طويلة دون أن تتغير! ولكن فكرة‬ ‫البالستيك الذي يبقى إلى أ‬ ‫البد باتت فكرة غير‬ ‫محبذة لصعوبة التخلص منه بسهولة‪ ،‬وللخطر الذي يشكله على‬ ‫ولنه يتسبب في تشويه الطبيعة‪ ،‬وأقله منظر أ‬ ‫البيئة‪ ،‬أ‬ ‫الكياس‬ ‫البالستيكية وهي ملقاة على أ‬ ‫الرض أو في البحر أو متعلقة‬ ‫أ‬ ‫بالشجار‪..‬‬

‫حقائق عن البالستيك‬

‫يستهلك العالم سنوياً حوالي تريليون كيس من البالستيك‪.‬‬ ‫فالصين وحدها تستهلك ‪ 3‬مليارات كيس يومياً! والواليات‬ ‫المتحدة أ‬ ‫المريكية تستهلك ‪ 380‬ملياراً سنوياً‪ .‬بينما تستهلك‬ ‫دول الخليج العربي حوالي ‪ 20‬إلى ‪ 25‬مليار كيس سنوياً‪.‬‬ ‫والجدير بالذكر أن أ‬ ‫الكياس البالستيكية هي مواد كيميائية‬ ‫مص َّنعة حرارياً من رقائق مرنة‪ ،‬وأفالم بالستيكية وأنسجة‬ ‫بالستيكية محبوكة‪ ،‬مصنوعة من البولي إيثلين المشتق من‬ ‫النفط‪ .‬وحسب دراسة لوكالة حماية البيئة في الواليات المتحدة‬ ‫أ‬ ‫المريكية‪ ،‬فإن ما بين ‪ %80 - 60‬من النفايات في المسطحات‬ ‫أ‬ ‫المائية هي من بالستيك‪ .‬ويشكِّل رمي الكياس البالستيكية‬ ‫في المسطحات الزراعية خطراً على التوازن الميكروبي للتربة‬ ‫وإعاقة تغذية النبات‪ .‬أما إذا تم دفنها في التربة‪ ،‬فيتسبب‬

‫ً‬ ‫سنويا حوالي‬ ‫يستهلك العالم‬ ‫تريليون واحد من األكياس‬ ‫ً‬ ‫يوميا‪ ،‬بينما‬ ‫البالستيكية ومليون‬ ‫تستهلك الصين وحدها ‪ 3‬مليارات‬ ‫ً‬ ‫يوميا!‬ ‫كيس‬

‫ذلك في فصل التربة إلى جزءين‪ ،‬العلوي حيث يتجمع فيه‬ ‫الماء‪ ،‬والسفلي الذي ال يحصل على الماء أ‬ ‫والسمدة الالزمة‬ ‫لنمو الزرع‪ .‬وتؤدي عملية حرق أ‬ ‫الكياس البالستيكية مع النفايات‬ ‫إلى تلوث الهواء بالغازات المتصاعدة السامة المضرة بصحة‬ ‫النسان‪ ،‬مثل أكاسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين‪ ،‬ومركبات‬ ‫إ‬ ‫هيدروكربونية طيارة عديدة‪.‬‬

‫التجارب الناجحة في التوعية البيئية‬

‫تشجع البلديات محالت التسوق الكبرى‪،‬‬ ‫في كثير من الدول‪ِّ ،‬‬ ‫على الحد من استهالك أ‬ ‫الكياس البالستيكية عن طريق بيع الكيس‬ ‫ّ‬ ‫يقدم إليه مجاناً‪،‬‬ ‫البالستيكي للمستهلك إذا أراد نقل مشترياته‪ ،‬فال َّ‬ ‫لتشجيع عادات بيئية جيدة مثل إعادة استخدام الكيس ألكثر من‬ ‫مرة واحدة‪ .‬وهناك منظمات بيئية تدعو إلى فرض حظر على بيع‬ ‫وشراء أ‬ ‫الكياس البالستيكية‪ ،‬وإلى تشجيع المحالت على التحول إلى‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الكياس البالستيكية القابلة للتحلل‪ ،‬بدال ً من الكياس البالستيكية‬ ‫الضارة‪.‬‬ ‫كانت إيطاليا أول دولة أوروبية تحظر استخدام أ‬ ‫الكياس البالستيكية‬ ‫بالضافة إلى عدد من الدول التي اقتصرت على‬ ‫غير القابلة للتحلل! إ‬ ‫حظر استخدام أ‬ ‫الكياس البالستيكية ذات النسيج الرقيق جداً (‪thin‬‬ ‫‪ ،)plastic bags‬مثل الصين وجنوب إفريقيا وكينيا وأوغندا‪ .‬وفي‬ ‫بنجالديش والنيبال صار القانون يحظر هذا النوع من البالستيك‬


‫بعد أن تسبب إلقاء المخلفات من أ‬ ‫الكياس البالستيكية في سد‬ ‫مجاري تصريف مياه أ‬ ‫المطار الغزيرة في الطرقات‪ ،‬وبالتالي حدوث‬ ‫المارات العربية المتحدة فقد َّتم‬ ‫فيضانات مميتة‪ .‬أما في دولة إ‬ ‫حظر استخدام أكياس البالستيك التقليدية‪ ،‬لتحل محلها أ‬ ‫الكياس‬ ‫البالستيكية القابلة للتحلل من نوع ‪.OXO‬‬

‫البالستيك القابلة للتحلل‬

‫مطور من البالستيك القابل للتحلل بعد فترة زمنية‬ ‫هو نوع َّ‬ ‫معينة يمكن أن تطول أو تقصر بحسب طبيعة العوامل‬ ‫المساعدة على التحلل في البيئة‪ ،‬وذلك بسبب مكوناته من‬ ‫الخامات النباتية‪.‬‬ ‫ويمكن تقسيم البالستيك القابل للتحلل إلى نوعين بحسب المادة‬ ‫المص َّنعة منه‪ :‬البالستيك الحيوي المعتمد في مكوناته على‬ ‫الخامات النباتية المتجددة ‪( organic materials‬النباتات والنشا‬ ‫والسكريات والسليلوز) القابلة للتحلل بشكل حيوي في ظروف‬ ‫مناسبة بفعل البكتيريا‪ ،‬فيتفكك إلى غاز ثاني أكسيد الكربون أو غاز‬ ‫الميثان في مدة قد تصل إلى ستة أشهر‪ .‬وثانياً‪ ،‬البالستيك القابل‬

‫تستهلك دول الخليج العربي‬ ‫حوالي ‪ 20‬إلى ‪ 25‬مليار كيس‬ ‫ً‬ ‫سنويا‪ .‬واألكياس البالستيكية هي‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫حراريا من‬ ‫مصنعة‬ ‫مواد كيميائية‬ ‫رقائق مرنة‪ ،‬وأفالم بالستيكية‬ ‫وأنسجة محبوكة أو بالستيكية‪.‬‬

‫للتحلل المص ّنع من البتروكيماويات مع إضافة مادة تسمى «‪»w2d‬‬ ‫تحسن قابليته للتحلل وبشكل كامل‪ .‬وتتم هذه العملية في‬ ‫إليه‪ِّ ،‬‬ ‫كافة الظروف‪ ،‬في الضوء والظالم‪ ،‬في الحر والبرد‪ ،‬سواء أكانت‬ ‫بيئته جافة أو مغمورة بالماء‪ ،‬دون ترك أي شظايا أو غاز الميثان‪،‬‬ ‫وال يحتاج إلى توفر بيئة من الميكروبات كي يتحلل ويتفكك‪ .‬وعندما‬ ‫يتحلل هذا البالستيك المميز في التربة فإنه يفيدها وال يؤثر على‬ ‫النبات‪ ،‬حتى إنه يمكن إعادة استخدام البالستيك القابل للتحلل في‬ ‫شكل أسمدة للنباتات‪ ،‬ويمكن إعادة تدوير المهمالت من البالستيك‬ ‫القابل للتحلل واستخدامها من جديد‪.‬‬ ‫ويمكن إجمال فوائد البالستيك القابل للتحلل على النحو التالي‪:‬‬ ‫• تخفيض االعتماد على مصادر الوقود أ‬ ‫الحفوري‪ :‬أغلب البوليمرات‬ ‫‪( polymers‬المكون للبالستيك التقليدي) هي مص َّنعة من‬ ‫المشتقات البترولية‪ ،‬مما يرفع الطلب على مشتقات النفط‪ ،‬خالفاً‬ ‫للبالستيك المصنع من خامات حيوية‪ ،‬مثل أ‬ ‫النواع المعروفة‬ ‫ّ‬ ‫بالرموز‪ ،PLA ،PHBV :‬و‪.PHA‬‬ ‫• البالستيك القابل للتحلل مصنوع من مواد حيوية وهي موارد‬ ‫الشجار والنباتات أ‬ ‫متجددة مثل أ‬ ‫والعشاب‪ ،‬وعدد من المواد‬ ‫العضوية القابلة للتحلل بسرعة مثل الدهون الحيوانية‬ ‫أ‬ ‫والنسجة‪.‬‬

‫زي مصنوع من األكياس البالستيكية‬ ‫ّ‬


‫‪25 | 24‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫ السهام في خفض كمية النفايات‪ ،‬حيث يمكن جمع بقايا الطعام‬ ‫• إ‬ ‫مع البالستيك القابل للتحلل وتحويل هذا الخليط إلى سماد‬ ‫دفعة واحدة دون فرز‪.‬‬ ‫• سهولة إعادة تدويره‪ ،‬بسبب قابلية مواده للتحلل‪ ،‬فإنه يحتاج إلى‬ ‫طاقة أقل‪ ،‬وهذا يرفع معيار الكفاءة لهذا النوع من البالستيك‪.‬‬ ‫• يتحلل (يتفكك) في مدة زمنية قصيرة في حال عدم تدويره‪،‬‬ ‫ويمكن إعادة استخدامه مرات عدة بعد التدوير‪.‬‬ ‫• البالستيك القابل للتحلل يعتمد في تصنيعه على الخامات النباتية‬ ‫سام‪ ،‬عكس البالستيك التقليدي‬ ‫والحيوية‪ ،‬وهو بذلك غير ّ‬ ‫بالنسان والبيئة‪.‬‬ ‫المحتوي على مواد ضارة وكيماوية ضارة إ‬ ‫• ال توجد تكلفة إضافية لتحويل منتجات البالستيك التقليدية إلى‬ ‫البالستيك القابل للتحلل‪ ،‬حيث تستخدم أ‬ ‫الجهزة نفسها في‬ ‫المصنع وكذلك نوعية أ‬ ‫اليدي العاملة‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬هذه الميزات لن تؤتي ثمارها إال إذا ترافقت مع حمالت‬ ‫التحول عن البالستيك التقليدي إلى‬ ‫ترشيد للرأي العام‪ ،‬تحضه على‬ ‫ُّ‬ ‫أ‬ ‫البالستيك القابل للتحلل‪ ،‬علماً أن حلول الثاني محل الول في كل‬ ‫مجاالت استخدام البالستيك ليس وارداً في الوقت الحاضر‪ .‬ألن‬ ‫عدم القابلية للتحلل بسرعة هي من المميزات المطلوبة في بعض‬ ‫التطبيقات‪ ،‬مثل قوارير حفظ أ‬ ‫الدوية لثالث أو خمس سنوات‪،‬‬ ‫حيث ال يمكن المجازفة بالتعليب أو التغليف بالبالستيك القابل‬ ‫للتحلل‪.‬‬

‫البيئية‬ ‫الحكومات ودعم االستدامة‬ ‫أ‬

‫والحد من التلوث من المور التي يسعى‬ ‫باتت مواضيع حماية البيئة‬ ‫ّ‬ ‫كثير من الحكومات إليجاد الحلول الناجعة لها‪ ،‬ومن ذلك مشكلة‬ ‫النفايات البالستيكية التي تشكِّل تحدياً يومياً للتخلص منها بشكل‬ ‫آمن أو إعادة تدويرها‪ .‬وتستقبل المرادم كثيراً من النفايات التي من‬

‫ضمنها البالستيك غير القابل للتحلل‪ ،‬الذي يبقى على سطح أ‬ ‫الرض‬ ‫أو يتم دفنه‪.‬‬ ‫الونة أ‬ ‫ومن الجراءات التي بدأت تروج في آ‬ ‫الخيرة العمل على سن‬ ‫إ‬ ‫َّ‬ ‫قوانين تحد أو تمنع استخدام أ‬ ‫الكياس البالستيكية غير القابلة‬ ‫ُّ‬ ‫للتحلل‪ ،‬خصوصاً في محالت البقالة الكبيرة‪ ،‬أو تحويل أ‬ ‫الكياس‬ ‫المستخدمة لديهم إلى أكياس قابلة للتحلل (صديقة للبيئة)‪.‬‬ ‫يضاف إلى ذلك تشجيع برامج إعادة التدوير للبالستيك التقليدي‪،‬‬ ‫ويمكن التعامل مع (البالستيك غير القابل للتحلل) بإضافة‬ ‫مادة ‪ OXO‬القابلة للتحلل‪ ،‬وهي عبارة عن مادة البولي أولفن‬ ‫(‪ )polyolefin‬مع مقدار معين من أ‬ ‫المالح‪ ،‬بحيث ال تحتوي معادن‬ ‫َّ‬ ‫ثقيلة ضارة‪ .‬وفي حالة عدم تدوير هذا النوع من البالستيك‪،‬‬ ‫(المالح) بالتحفيز الطبيعي في وجود أ‬ ‫تقوم أ‬ ‫الكسجين لتحويل‬ ‫البالستيك إلى مادة قابلة للتحلل وحماية البيئة من التلوث وإصدار‬ ‫غازات الدفيئة المغضوب عليها‪.‬‬ ‫ومع سياسة التوجه إلى تطبيق مستلزمات االستدامة البيئية‪ ،‬نرى‬ ‫تشجع على التحول‬ ‫أن كثيراً من الدول بادرت إلى تشريع قوانين ِّ‬ ‫إلى أ‬ ‫الكياس البالستيكية القابلة للتحلل أو تفرضه فرضاً‪ٍّ ،‬‬ ‫مجد‬ ‫كحل ٍ‬ ‫أ‬ ‫للحد من مضار الكياس البالستيكية التقليدية وآثارها السيئة على‬ ‫ِّ‬ ‫والنسان‪.‬‬ ‫البيئة إ‬ ‫يشار أخيراً إلى أنه لم يتم تصميم البالستيك القابل للتحلل‬ ‫ليتم رميه في أ‬ ‫الماكن العامة ومجاري المياه أو البحر‪ ،‬بل‬ ‫ال َّبد من العمل على توعية المستهلكين بضرورة تجميع هذا‬ ‫البالستيك في حاويات خاصة‪ ،‬إلعادة تدويره وتحقيق مطلب‬ ‫االستدامة البيئية‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫كيف يعمل‪...‬‬

‫فرن‬ ‫المايكروويف‬ ‫الصغْ ِريّة أو أشعة المايكرو‪-‬ويڤ (‪ )Microwave‬هي‬ ‫أشعة الموجات ُ‬ ‫ب� ‪ 1‬ملليم�ت‬ ‫قص� يمتد ي ن‬ ‫موجات كهرومغناطيسية ذات طول موجي ي‬ ‫ه�تز) إىل ‪ 1‬تم� ت‬ ‫ت‬ ‫ه�تز)‪.‬‬ ‫(ب�دد ‪ 300‬ميغا ي‬ ‫(ب�دد ‪ 300‬غيغا ي‬ ‫تنتج هذه أ‬ ‫ئ‬ ‫كهربا� بع� موصل‪ ،‬وهي تشبه موجات التلفزيون والراديو‬ ‫الشعة ف ي� الطبيعة عندما يمر تيار‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال ت‬ ‫ت‬ ‫«ماغني�ون»‪.‬‬ ‫لك�ونية أو الـ‬ ‫ال� تنتجها بالصمامات المغناطيسية إ‬ ‫والهاتف الجوال‪ .‬وتسمى الجهزة ي‬ ‫ت‬ ‫يز‬ ‫تتم� هذه الموجات بأنها تولّد حرارة عند اخ�اقها للنسيج الخلوي‪ ،‬إذ يتم امتصاصها من قبل جزيئات الماء‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫تز‬ ‫ف�داد رسعة حركتها وتنتج هذه الحركة المتسارعة حرارة‪ .‬ولذلك تستخدم هذه الشعة ي� الفران رسيعة‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ال� تسمى بأفران المايكروويف‪.‬‬ ‫ي‬ ‫التسخ� ي‬ ‫ت‬ ‫(الماغني�ون) داخل‬ ‫الكهر� مولِّد الموجات‬ ‫يشغّ ل مصدر التيار‬ ‫بي‬ ‫ت‬ ‫ه�تز‪.‬‬ ‫الفرن فينتج أشعة مايكروويف ب�دد يصل إىل ‪ 2450‬ميغا ي‬

‫مولد الموجات‬

‫مروحة توزيع الموجات‬

‫تقوم المروحة داخل الفرن بتوزيع أ‬ ‫الشعة داخل حجرة الطهي ذات‬ ‫الجدران المعدنية‪ .‬تنعكس أ‬ ‫الشعة عن الجدران ش‬ ‫فتنت� داخلها‪.‬‬ ‫يوضع الطعام المراد تسخينه داخل الحجرة قبل تشغيل الفرن عىل‬ ‫قاعدة دوارة لضمان مزيد من التوزيع العادل أ‬ ‫للشعة‪.‬‬ ‫ّ‬

‫حجرة الطبخ‬

‫تقوم أ‬ ‫ين‬ ‫بتسخ� المادة العضوية ‪ -‬الطعام ‪ -‬من الداخل‬ ‫الشعة‬ ‫للخارج‪ ،‬فيما تنعكس أ‬ ‫الشعة عن الوعاء ما يضمن عدم ت‬ ‫اح�اق‬ ‫أجزاء الطعام المالمسةله‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫يستمر‬ ‫ال� تمت برمجة الفرن بها‬ ‫التسخ� وفق المدة ي‬ ‫بواسطة المستخدم‪.‬‬ ‫ن‬ ‫معد� ف ي� فرن المايكروويف‪ ،‬فيعود إىل أن هذا‬ ‫أما التحذير من وضع أي جسم‬ ‫ي‬ ‫الجسم مهما كان شكله يلعب دور الالقط لهذه الموجات‪ ،‬ت‬ ‫ال� ينتج عنها تيار‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ئ‬ ‫المعد� مسنناً‪ ،‬أو ذا حواف معدنية دقيقة‪ ،‬فقد تنتج‬ ‫كهربا�‪ .‬وإذا كان الجسم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫اح�اق الفرن أو ت‬ ‫عنه ش�ارات كهربائية تؤدي إىل ت‬ ‫ح� انفجاره‪.‬‬

‫ئ‬ ‫الكهربا�‬ ‫مصدر التيار‬ ‫ي‬


‫‪27 | 26‬‬

‫علوم‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫العمري‬ ‫محمد مصطفى ُ‬

‫التلوث الحراري هو ارتفاع‬ ‫درجة حرارة الماء ألي سبب‬ ‫غير طبيعي‪ ،‬أ‬ ‫المر الذي يؤثِّر‬ ‫على التوازن البيئي للمسطح‬ ‫المائي‪ .‬ومن التعريفات أ‬ ‫الخرى‬ ‫بأنه إفساد البيئة عند مصبات المياه الحارة في‬ ‫المسطحات المائية‪.‬‬ ‫ومصادر التلوث الحراري كثيرة‪ .‬ويمكن إجمالها‬ ‫بالقول إنها كل الصناعات التي تتولد عنها طاقة‬ ‫حرارية عالية‪ ،‬يتم تصريفها في الطبيعة عشوائياً‪.‬‬ ‫ومن أبرز مصادر التلوث الحراري للماء يمكننا أن‬ ‫نذكر على سبيل المثال محطات توليد الطاقة‬ ‫الكهربائية‪.‬‬ ‫أحيان كثيرة بالقرب من‬ ‫تُبنى هذه‬ ‫المحطات في ٍ‬ ‫أ‬ ‫المصادر المائية‪ ،‬لنها تحتاج إلى كميات كبيرة من‬ ‫المياه لتبريد مفاعالتها‪ .‬والتبريد يعني نقل الحرارة‬ ‫من آ‬ ‫الالت إلى الماء‪ ،‬فترتفع حرارته‪ .‬وعندما يُصرف‬ ‫هذا الماء إلى المسطحات المائية‪ ،‬فإنه يرفع‬ ‫حرارتها‪ ،‬أ‬ ‫المر الذي يؤدي إلى خلل في الحياة المائية‬ ‫والحيوانية والنباتية‪.‬‬ ‫وإلى محطات التوليد الكهربائية‪ ،‬يمكننا أن نضيف‬ ‫أيضاً صناعة الحديد والصلب إلى مصادر التلوث‬ ‫الحراري للماء‪ .‬فهذه الصناعة هي من أكثر الصناعات‬

‫درجات مئوية قليلة‬ ‫تكفي إلفساده‬

‫التلوث‬ ‫الحراري للماء‬

‫استهالكاً للطاقة وتحتاج إلى كميات كبيرة من المياه‬ ‫للتبريد‪ .‬كما أن مياه تبريدها تحتوي كميات من‬ ‫جزيئات الحديد والقشور المختلفة‪.‬‬

‫مرة‪ .‬وهذا ما يؤدي إلى انعدام الحياة فيها تماماً‪.‬‬ ‫ومن أ‬ ‫السماك التي تتأثر جداً بالتلوث الحراري للماء‬ ‫مهما كان طفيفاً‪ ،‬أسماك السلمون‪.‬‬

‫ولمعرفة حجم المشكلة نشير إلى أن إنتاج طن واحد‬ ‫من الحديد يحتاج إلى ‪ 300‬متر مكعب من المياه‪.‬‬ ‫أما إنتاج طن واحد من أ‬ ‫السمدة النيتروجينية فيحتاج‬ ‫إلى ‪ 6000‬متر مكعب من المياه من أجل عمليات‬ ‫التصنيع والتبريد‪.‬‬

‫• تستطيع أ‬ ‫السماك وبعض الحيوانات المائية أن‬ ‫تهرب عند تعرضها للتلوث الحراري المائي ولكن‬ ‫بعض أ‬ ‫الصداف والالفقريات والرخويات ال تستطيع‬ ‫أن تهرب بسرعة نظراً لضعف حركتها مما يؤدي‬ ‫إلى موتها‪ .‬كما أن هروب أ‬ ‫السماك من منطقة‬ ‫معينة يعني إفقارها بما قد يكون مورد رزق وعيش‬ ‫للإنسان الذي يعيش في محيطها‪.‬‬

‫إالم يؤدي التلوث الحراري؟‬ ‫َ‬

‫كشفت الدراسات التي أجريت على الحياة المائية‬ ‫الملوثة حرارياً‪ ،‬عن بعض نتائج هذا‬ ‫في المسطحات ّ‬ ‫التلوث‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫اليضية أ‬ ‫• يؤثر على العمليات أ‬ ‫للحياء المائية‪ ،‬مما‬ ‫يقلل من نشاطها‪ ،‬وبالتالي إلى موتها المبكر‪.‬‬ ‫السماك في أ‬ ‫• تقل كمية أ‬ ‫النهار الملوثة‪ ،‬وخاصة‬ ‫إذا زادت درجة حرارة الماء عند المصب‬ ‫على ‪ 50‬درجة مئوية‪ ..‬ومن أ‬ ‫المثلة‬ ‫الدراماتيكية التي يمكننا أن نضربها‬ ‫عما يمكن أن يذهب إليه التلوث‬ ‫الحراري‪ ،‬أن بعض أنهار أمريكا‬ ‫الشمالية وصلت حرارتها إلى أكثر‬ ‫من درجة الغليان أكثر من‬

‫• إن ارتفاع حرارة الماء يؤدي إلى نقص أ‬ ‫الكسجين‬ ‫المذاب في الماء‪ .‬فمن جهة‪ ،‬تعمل الحرارة العالية‬ ‫على طرد أ‬ ‫الكسجين الذائب‪ ،‬ومن جهة أخرى‬ ‫تضعف قابلية الماء لذابة أ‬ ‫الكسجين فيه‪ .‬فاللتر‬ ‫ُ‬ ‫إ‬ ‫الواحد من المياه عند حرارة ‪ 5‬درجات مئوية يذيب‬ ‫‪ 9‬سنتيمترات مكعبة من أ‬ ‫الكسجين‪ ،‬أما عند ‪20‬‬ ‫درجة مئوية فاللتر الواحد يذيب ‪ 6‬سنتيمترات‬ ‫مكعبة من أ‬ ‫الكسجين فقط‪ .‬ولذلك‪ ،‬كلما زادت‬ ‫أ‬ ‫درجة حرارة الماء قلَّت نسبة الكسجين في‬ ‫الماء‪ .‬وينعكس هذا على الثروة السمكية مما‬ ‫يؤدي إلى خسارة كبيرة فيها وإلى موت كثير من‬ ‫الهائمات المائية (البالنكتون) التي تُعد مصدر غذاء‬ ‫رئيس ومهم أ‬ ‫للسماك ومصدراً غير مباشر لتوفير‬ ‫أ‬ ‫الكسجين أيضاً من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪www.breakingenergy.com‬‬

‫إضافة إلى األشكال المعروفة من التلوث‬ ‫البيئي التي تستقطب األضواء والتحذيرات‪،‬‬ ‫ً‬ ‫اهتماما‬ ‫ثمة نوع من التلوث يلقى‬ ‫ً‬ ‫متزايدا‪ ،‬أال وهو التلوث الحراري الذي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫محصورا في محيط المناطق‬ ‫وإن بقي‬ ‫الصناعية‪ ،‬فإن مفاعيله ملحوظة على‬ ‫الحياة‪ ،‬وخاصة المائية منها‪ .‬فالعمليات‬ ‫الصناعيه تؤدي عادة إلى انبعاث طاقات‬ ‫حرارية مختلفة كالمياه الحارة أو الهواء‬ ‫الساخن‪ ،‬وعلى الرغم من أن بعض هذه‬ ‫الصناعات ال تلوث الماء إال أن استخدامها‬ ‫كميَّ ات كبيرة من الماء في التبريد‪ ،‬ثم‬ ‫تصريف هذه الكميات إلى المحيطات‬ ‫والبحار واألنهار والبحيرات والسدود يؤثر‬ ‫على الحياة المائية والحيوانية والنباتية‪.‬‬


‫‪/www.ibtimes.co.uk‬‬

‫• تغير طوبوغرافي عام على المدى الطويل عند‬ ‫مصبات المياه الحارة‪.‬‬ ‫• إن البرمائيات مثل الضفادع والسرطانات هي أكثر‬ ‫حساسية من أ‬ ‫السماك تجاه التلوث الحراري الذي‬ ‫قد يؤدي إلى هجرتها أو موتها‪ ،‬أ‬ ‫المر الذي ينعكس‬ ‫سلباً بدوره على الطيور التي تتغذى عليها‪.‬‬ ‫الملوثات‬ ‫• يؤدي التلوث الحراري إلى تحلل ّ‬ ‫اليوينية‪ ،‬مثل أيون السيانيد وأيون أ‬ ‫أ‬ ‫المونيوم‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أما المونيا فتشكل حالة اتزان بين جزئي المونيا‬ ‫من جهة وأيون أ‬ ‫المونيوم وأيون الهيدروكسيد‬ ‫أ‬ ‫سام‬ ‫من جهة ثانية‪ .‬وال ننسى أن جزيء المونيا ٌّ‬ ‫جداً بالنسبة للحيوانات البحرية‪ .‬ومن أ‬ ‫المثلة‬ ‫على البحيرات التي توقفت فيها الحياة المائية‬ ‫بحيرة أورتا في إيطاليا منذ أكثر من ستين سنة‪،‬‬ ‫وبحيرة إيري في أمريكا الشمالية التي يصب فيها‬ ‫سبعة ماليين متر مكعب من المياه المستعملة‬ ‫في المدن‪ ،‬وثالثة ماليين من المياه الملوثة حرارياً‬ ‫والناتجة عن الصناعة‪.‬‬

‫النسان‬ ‫وصوال ً إىل إ‬

‫النسان‪.‬‬ ‫وتمتد مفاعيل التلوث الحراري للماء إلى إ‬ ‫وذلك ليس فقط من خالل خسارته للثروة السمكية‪،‬‬ ‫بل أيضاً من خالل ما يتبقى له منها‪ .‬فمعروف أن‬ ‫أ‬ ‫السماك النافقة تبدأ بإفراز مادة سامة تُعرف باسم‬ ‫«ديوكسين السمك»‪ .‬وبعيد اصطياد السمك بوقت‬ ‫قليل‪ ،‬تكون نسبة هذا الديوكسين ضئيلة جداً‪،‬‬ ‫ولكنها تزداد بمرور الوقت‪ ،‬ولذا تفسد أ‬ ‫السماك‬ ‫بعد أيام قليلة من اصطيادها‪ ،‬أو حتى بعد يوم‬ ‫واحد إذا لم يتم تبريدها أو تجميدها إلبطاء‬ ‫فرزها لهذا الديوكسين‪ .‬أما ارتفاع حرارة الماء بشكل‬ ‫ملحوظ في محيط السمكة‪ ،‬الذي يؤدي إلى موتها‬ ‫ببطء‪ ،‬فإنه يمنح وظائفها العضوية مزيداً من‬ ‫الوقت إلفراز الديوكسين الذي يمكن أن ينتقل إلى‬ ‫النسان الحقاً‪.‬‬ ‫إ‬

‫وما الحل؟‬

‫من آ‬ ‫الن وإلى أن تتبدل تقنيات الصناعة بشكل‬ ‫جذري في مستقبل ال يبدو قريباً‪ ،‬ال مناص من‬ ‫استخدام المياه في تبريد الصناعات الكبيرة‪ .‬غير أن‬ ‫حل مشكلة التلوث الحراري للماء ليست مستحيلة وال‬ ‫صعبة‪ ،‬وإن كانت مكلفة مادياً بعض الشيء‪.‬‬

‫‪www.trbimg.com‬‬

‫• زيادة التفاعالت الكيميائية وتسريعها‪ .‬أ‬ ‫المر الذي‬ ‫يؤدي إلى زيادة تحلل المواد العضوية الموجودة‬ ‫في الماء‪ .‬ولذلك‪ ،‬إذا زادت درجة حرارة الماء على‬ ‫عندئذ بيئة غير مناسبة‬ ‫‪ 40‬درجة مئوية فإنها تصبح‬ ‫ٍ‬ ‫للحياة المائية الحيوانية والنباتية‪.‬‬

‫• ومن التأثيرات الطبيعية للتلوث الحراري للماء تغير‬ ‫لزوجته وقدرته على الشد السطحي وعلى تذويب‬ ‫الغازات‪.‬‬

‫ففي مدينة الجبيل الصناعية‪ ،‬يتم تبريد‬ ‫المياه الحارة الخارجة من المصانع فيما‬ ‫يشبه البحيرة الصناعية وقناة تصريف‬ ‫تمتد لمسافة طويلة وتسمح للمياه أن‬ ‫تفقد حرارتها الخطرة قبل أن تصب في‬ ‫مياه الخليج العربي‪ .‬وهذه القناة الصناعية هي من‬ ‫الضخامة بحيث يمكن رؤيتها من الفضاء الخارجي‬ ‫على موقع «غوغل أ‬ ‫الرض»‪.‬‬ ‫إذن فإن الحل يكمن في تخطيط المنشآت الصناعية‬ ‫التي تستهلك الماء للتبريد‪ ،‬بشكل يضمن تبريد‬ ‫المياه بدورها قبل إعادة ضخها في المسطح المائي‬ ‫الطبيعي‪ ،‬كما هو حال المثل الذي ذكرناه أعاله‪.‬‬ ‫اللزامية في‬ ‫وال َّبد من سن القوانين ووضع النظم إ‬ ‫هذا الشأن‪ .‬ولكن في دول عديدة‪ ،‬ال يستقطب‬ ‫التلوث الحراري اهتمام الرأي العام بما يكفي لكي‬ ‫تعمل المنشآت من تلقاء نفسها على درء مشكلته‪.‬‬ ‫كما أن القوانين الضابطة لهذه المشكلة ال تزال‬ ‫عند حدودها الدنيا‪ ،‬ليس فقط في الدول آ‬ ‫السيوية‬ ‫والفريقية النامية‪ ،‬بل حتى في أمريكا‪ ،‬ودول حوض‬ ‫إ‬ ‫البحر المتوسط‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬

‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪29 | 28‬‬

‫العلم خيال‬

‫بسبب الزحام‪ ،‬ال شك أن سكان الرياض‬ ‫ِّ‬ ‫سيرحبون بشركة نقل لديها تقنية الشعاع‬ ‫الجرار‪ .‬ففي صباح يوم العمل‪ ،‬تخرج من‬ ‫بيتك إلى ساحة ُّ‬ ‫تجمع مخصصة لسكان‬ ‫الحارة‪ .‬وما إن تصل إليها حتى ترى مركبة‬ ‫ضخمة ِّ‬ ‫تحلق في األفق باتجاهك ومن‬ ‫معك من المنتظرين‪ .‬تصل المركبة فوقكم‬ ‫كسحابة‪ ،‬ثم ينزل منها شعاع يصاحبه صوت‬ ‫ً‬ ‫جميعا ويجذبكم‬ ‫رنان‪ ،‬فيحيطكم الشعاع‬ ‫إلى المركبة التي تطير بكم إلى ساحات إنزال‬ ‫على بعد خطوات من مكان عمل كل واحد‬ ‫منكم!‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫د‪َ .‬معين يحيى بن جنيد‬

‫قديماً وحديثاً‬

‫فكرة الشعاع الجرار (‪)Tractor Beam‬‬ ‫تراود كثيراً من العلماء وك َّتاب الخيال‬ ‫العلمي‪ .‬وتعود بداياتها إلى رواية‬ ‫نشرت عام ‪1931‬م‪ ،‬وفيها يتخيل‬ ‫الكاتب رحلة فضائية إلى المريخ تنتهي بهجوم تشنه‬ ‫النسان من‬ ‫مخلوقات فضائية مدججة بتقنية لم يرها إ‬ ‫قبل‪ :‬تقنية الشعاع الجرار! فمركبة أ‬ ‫العداء تسلط شعاعاً‬ ‫يحطِّم مركبة البشر‪ ،‬ويجر ركامها نحو قمر من أقمار‬ ‫كوكب زحل‪ .‬وهناك ينكب بطل الرواية ومساعدته ‪ -‬اللذان‬ ‫نجيا في إحدى المقصورات ‪ -‬على البحث عن مخرج من‬ ‫ورطتهم ويحاوالن االتصال أ‬ ‫بالرض‪.‬‬ ‫واليوم تعج روايات الخيال العلمي وبعض مسلسالته‬ ‫الشهيرة بتقنيات الشعاع الجرار‪ .‬ولو كنت قد شاهدت‬ ‫مسلسل جونكر صغيراً‪ ،‬فقد تذكر أنه كان يرسل شعاعاً‬ ‫من صدره ليجذب البطل الصغير إليه‪ .‬ال شك أن فكرة‬ ‫الشعاع الجرار جذابة للكاتب والقارئ وصانع أ‬ ‫الفالم‪،‬‬ ‫ولو كانت تقنية حقيقية لرأينا لها استخدامات ال حصر‬ ‫النقاذ‪ ،‬وفي الحروب‪ ،‬وفي‬ ‫لها! تخيل دورها في عمليات إ‬ ‫آ‬ ‫النقل الخاص والعام‪ ،‬وفي نقل الالت والجوامد!‬

‫علوم الشعاع الجرار‬

‫لو فكرت في االفتراض الذي ذكرناه في بداية المقال‪،‬‬ ‫ستعرف أنه ينبغي للشعاع الجرار أن يعمل عمل المضاد‬

‫ّ‬ ‫الجرار‬ ‫الشعاع‬


‫للجاذبية أ‬ ‫الرضية؛ لكي يتمكن من جذب الشخص‬ ‫من أ‬ ‫الرض إلى المركبة‪ .‬وإن كانت هذه الفكرة تبدو‬ ‫ضاربة في عمق الخيال‪ ،‬غير أن بعض جوانبها‬ ‫يتوافق مع الفيزياء‪ ،‬وتحديداً النظرية النسبية‬ ‫العامة‪ ،‬وهي النظرية العلمية للجاذبية‪.‬‬ ‫في المدرسة‪ ،‬تعرفنا على الجاذبية وفقاً لنيوتن‪ ،‬الذي‬ ‫يقال إن تفاحة سقطت على رأسه‪ ،‬فقاده ذلك إلى‬ ‫وضع نظريته وقوانينه! وجاذبية نيوتن هي نفسها‬ ‫التي تجعل أ‬ ‫الرض تدور حول الشمس‪ ،‬والقمر حول‬ ‫أ‬ ‫الرض‪ .‬غير أن ما يخفى على كثير منا هو أن جاذبية‬ ‫نيوتن ليست النوع الوحيد من أنواع الجاذبية!‬ ‫وفقاً للنسبية العامة ‪ -‬وهي االمتداد الذي يعالج‬ ‫قصور نظرية نيوتن ‪ ،-‬فإنك إذا أتيت بجسم على‬ ‫شكل حلقة (دونات)‪ ،‬وكان ذا كتلة كبيرة‪ ،‬وجعلته‬ ‫يدور حول نفسه‪ ،‬ثم وضعت جسماً صغيراً في‬ ‫منتصف الحلقة؛ فإن نوعاً جديداً من الجاذبية قد‬ ‫يظهر ويؤدي لرفع الجسم الصغير إلى أ‬ ‫العلى‪ .‬أي‬ ‫إنك قد ترى الجسم الصغير يطفو في الهواء؛ ال‬ ‫لشيء سوى دوران الحلقة الثقيلة! غير أن هذا النوع‬ ‫من الجاذبية الجديدة التي تتنبأ بها النسبية العامة‬ ‫ضئيل التأثير ويتطلب ظروفاً صعبة التحقيق تجريبياً‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬عموماً‪ ،‬قد يكون باستطاعتنا في المستقبل أن‬ ‫نحول تنبؤات النسبية العامة إلى تقنيات للتحكم‬ ‫بالجاذبية وربما لخلق تقنية الشعاع الجرار‪.‬‬

‫تجارب حديثة‬

‫لطالما ارتوى كثير من الصغار من معين الخيال‬ ‫العلمي حتى أصبح طموح بعضهم هو أن يكونوا‬ ‫علماء يحيلون الخيال إلى واقع‪ .‬وهذا ما حدث مع‬ ‫الشعاع الجرار‪ .‬إذ نجح علماء اليوم في تحقيقه‬ ‫تجريبياً‪ .‬ليس في نطاق نقل البشر‪ ،‬بل في العالم‬ ‫المجهري (واحد على مليون من المتر) وحدود‬ ‫الميليمتر (واحد على ألف من المتر)‪.‬‬ ‫ففي العام الماضي‪ ،‬تمكن باحثون من تحريك كرات‬ ‫زجاجية مغلفة بذرات الذهب وذات أبعاد مجهرية‬ ‫لعشرات السنتيمترات‪ ،‬وذلك باستخدام «شعاع‬ ‫جرار» من الليزر‪ .‬وتقوم الفكرة على تسليط شعاع‬ ‫ليزري خاص على الكرات المغموسة في وسط غازي‬ ‫داخل أنبوبة أسطوانية‪ ،‬وبسبب خصائص الليزر فإن‬ ‫درجة حرارة مختلف أجزاء الكرة تتغير بطريقة تؤدي‬ ‫إلى نشوء ظاهرة تسمى القوة الكهروضوئية‪ ،‬وهي‬ ‫التي تدفع الكرة ‪ -‬أو تجرها ‪ -‬لمسافات سنتيمترية‪.‬‬ ‫وفي هذا العام‪ ،‬قام باحثون بصناعة «شعاع‬ ‫جرار» باستخدام موجات فوق صوتية ‪ -‬مثل تلك‬ ‫المستخدمة في تصوير الجنين في بطن أمه ‪ -‬تقوم‬

‫الرمز كاپا ( ) هو الحرف ش‬ ‫العا� ف ي�‬ ‫أ‬ ‫الغريقية‪ .‬وكما هو واضح‪ ،‬فهو‬ ‫البجدية إ‬ ‫الجد القديم ‪ -‬شكال ً ونطقاً ‪ -‬للحرف ‪.K‬‬

‫عمل مضاد‬ ‫للجاذبية‬ ‫األرضية‬ ‫برفع وتحريك وتدوير كرات صغيرة بحجم نواة‬ ‫الفستق أو تصغرها‪ .‬وتصدر تلك الموجات عن‬ ‫منظومة مكبرات صغيرة ومترابطة مربعة الشكل‬ ‫تتحرك الكرة الصغيرة فوقها‪ .‬وتقوم فكرة التجربة‬ ‫على استخدام ضغط الموجات فوق الصوتية لرفع‬ ‫الكرة في الهواء والتحكم في حركتها‪ .‬أما المكبرات‪،‬‬ ‫فهي مبرمجة لخلق تلك الموجات فوق الصوتية على‬ ‫هيئة ثالثية أ‬ ‫البعاد تحيط بالجسم المراد تحريكه‪،‬‬ ‫ولتغيير خصائصها حسب المهمة المطلوبة‪.‬‬ ‫إن نتائج التجربتين السابقتين قد تستخدم في‬ ‫عالم أ‬ ‫البحاث والصناعات المجهرية والصغيرة‪ ،‬إذ‬ ‫أ‬ ‫يمكن أن تترجم إلى تقنيات لنقل الجسام وعزلها‬ ‫ودراستها‪ .‬بل قد تصل إلى عالم الجراحة الطبية‬ ‫الدقيقة!‬

‫البداية والنهاية‬

‫ولكن تقنية الشعاع الجرار ما زالت محصورة في‬ ‫نطاق أ‬ ‫البعاد الصغيرة‪ .‬وتقوم على فكرة الضغط‬ ‫الكهروضوئي‪ ،‬أو ضغط الموجات فوق الصوتية‪.‬‬ ‫وحتى آ‬ ‫الن‪ ،‬ال نعرف كيف نتحكم بالجاذبية على‬ ‫مستوى يمكننا من خلق شعاع جرار لمركبة تقلنا حول‬ ‫الرياض أو إلى مدينتك التي تسكنها!‬ ‫ربما أ‬ ‫الجيال المقبلة ستصل إلى هذه التقنية ليس‬ ‫الرض وحسب‪ ،‬بل لصد أ‬ ‫لالنتقال في أرجاء أ‬ ‫الجرام‬ ‫أ‬ ‫السماوية التي قد تهدد الرض‪ ،‬وصيد الكويكبات التي‬ ‫تحتوي معادن ثمينة‪ .‬وأخيراً‪ ،‬ستكون وسيلة غاية في‬ ‫أ‬ ‫الهمية عندما نزور كواكب أخرى‪ ،‬فمركباتنا ستكون‬ ‫مثل جونكر‪ ،‬والمستكشفون هم البطل الصغير‪.‬‬

‫ف أ‬ ‫الغريقية‪َّ ،‬تمت‬ ‫وبسبب موقعه ي� البجدية إ‬ ‫ف‬ ‫تسمية النجم ش‬ ‫العا� ي� مجموعة كوكبة‬ ‫الجبار باسمه ‪ Kappa Orion‬وهو النجم‬ ‫ّ‬ ‫(سيف) بالعربية‪.‬‬ ‫ف� علم المخططات حيث تم ِّثل العالقة ي ن‬ ‫ب�‬ ‫ي‬ ‫الموجودات بنقاط بينها خطوط أو روابط‪،‬‬ ‫يُعتمد الرمز كاپا للإشارة إىل مقدار التواصلية‬ ‫ب� نقاط الرسم ن‬ ‫ين‬ ‫البيا� لقياس العدد الالزم‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� لو أزلناها‪ ،‬لصارت هناك‬ ‫من الخدود ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫قطيعة ِّبينة يب� النقاط ي� الرسم‪.‬‬ ‫كاپا ض‬ ‫حا� كذلك ف� ي ز‬ ‫الف�ياء ويرمز إىل‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫(ثابت القوة) ي� قانون هوك الذي يقيس‬ ‫ت‬ ‫يتغ� بها شكل الجسم‬ ‫قوة إ‬ ‫ال� ي‬ ‫الجهاد ي‬ ‫المرن إذا ما تعرض لقوة قد تشوهه بحيث‬ ‫أ‬ ‫صل‪ .‬كما أن ثابت‬ ‫ال يعود إىل شكله ال ي‬ ‫آينشتاين للجاذبية يُرمز له بالرمز كاپا‪،‬‬ ‫والمعروف أن تعريف آينشتاين للجاذبية‬ ‫الكالسيك لكون‬ ‫يختلف عن تعريف نيوتن‬ ‫ي‬ ‫آينشتاين يقرن جاذبيته بالزمكان وبانحناء‬ ‫المسارات المستقيمة عند الماالنهاية!‬ ‫ف ي� علم النفس‪ ،‬ترمز كاپا إىل مقدار‬ ‫االعتمادية والموثوقية ف ي� تشخيص الحالة‪.‬‬ ‫أما ف ي� الصيدلة‪ ،‬تف�مز كاپا إىل نوع من‬ ‫المستقبالت العصبية تعرف بالمستقبالت‬ ‫أ ِ‬ ‫العص�‬ ‫الفيونية‪ ،‬الموجودة ف ي� الجهاز‬ ‫أبي‬ ‫المركزي والقناة الهضمية‪ ،‬وتُصنع لجلها‬ ‫لتسك� آ‬ ‫ين‬ ‫الالم‬ ‫مسكنات تستخدم عاد ًة‬ ‫الشديدة والحا ّدة كآالم الرسطان أو المغص‬ ‫الكلوي‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬

‫‪www.qafilah.com‬‬


‫منتج‬

‫‪31 | 30‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫صندوق‬ ‫التلفزيون‬ ‫الرقمي‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫التلفزيو�‬ ‫إن ارتباطنا القديم بالبث‬ ‫المبا�‪ ،‬ذلك‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫محدد وقد ال يعود أو يتكرر‬ ‫يأ� إلينا ي� وقت َّ‬ ‫الذي أي‬ ‫ف‬ ‫و� مستقبل مجهول‪ ،‬جعلنا نتعامل‬ ‫إال بعد َلْي ي‬ ‫بتقدير ت‬ ‫ش‬ ‫وب�ء من‬ ‫واح�‬ ‫ام مع المحتوى البرصي‪ ،‬ي‬ ‫أ‬ ‫ق‬ ‫تز‬ ‫خال� كذلك‪.‬‬ ‫االل�ام ال ي‬

‫ض‬ ‫م� زمن كان الناس يتحلقون فيه أمام‬ ‫ف‬ ‫ئ‬ ‫شاشة «الر يا�»‪ ،‬ي� المقاهي والبيوت‪،‬‬ ‫ليتابعوا مباراة كرة أو خطاب زعيم‪ .‬لكن‬ ‫التلفزيون اليوم بات يواجه منافسة ضارية تكاد أن‬ ‫تلغي دور محطات البث أ‬ ‫الرضية والفضائية‪ .‬هذا‬ ‫أ‬ ‫ال تن�نت‬ ‫ال تن�نت‪ .‬لن قنوات إ‬ ‫المنافس المرعب هو إ‬ ‫ اليوتيوب تحديداً ‪ -‬صارت تتيح لك أن تشاهد‬‫ما تشاء وقتما تشاء‪ .‬وصارت توفر كذلك محتوى‬ ‫أك�‪ ،‬يغ� ت‬ ‫بديال ً يناسب ذائقة الشباب ث‬ ‫مق�ن برؤى‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫العالن‪.‬‬ ‫المخرج�‬ ‫والمنتج� وال مرتهن بسوق إ‬ ‫مؤخراً‪ ..‬بات اليوتيوب ومشتقاته ف ي� مواجهة خطر‬ ‫جديد‪ .‬فالتلفزة اليوم مقبلة عىل مرحلة مختلفة‬ ‫تماماً مسخت التلفزيون إىل محض «شاشة» لعرض‬ ‫المحتوى فحسب‪ .‬أما المحتوى نفسه فمادة رقمية‬ ‫تأج�ها حسب الطلب‪ ،‬من قبل‬ ‫يتم بيعها أو ي‬ ‫ق� ت‬ ‫مح� ي ن‬ ‫مسو ي ن‬ ‫صغ�ة حلّت محل‬ ‫ف� بع� صناديق ي‬ ‫ِّ‬ ‫العالم بأرسها‪ .‬نحن‬ ‫«الرسيفر» والحاسوب ووزارات إ‬ ‫اليوم ف ي� عرص «التدفق التلفازي» أو (‪Streaming‬‬ ‫‪ ،)Television‬والمستحوذون عىل هذه السوق‬ ‫هم ذواتهم عمالقة العوالم الرقمية‪ :‬أبل وأمازون‬ ‫وغوغل‪ ،‬ومن سار مسارهم واختط خطهم‪.‬‬

‫صندوق وجهاز تحكم وبطاقة ائتمان‬

‫ف ي� السوق اليوم منتج واحد تقريباً لكنه مطروح تحت‬ ‫ث‬ ‫أك� من عالمة تجارية‪ .‬يحمل شعار غوغل وأبل‬ ‫ف‬ ‫وأمازون ي� إطار حرب شعواء لالستحواذ عىل سوق‬ ‫البث الرقمي التلفازي‪ .‬هذا المنتج ‪ -‬مع تعدد اسمه‬ ‫ت‬ ‫المش�كة‪ :‬صندوق أسود‬ ‫التجاري ‪ -‬له ذات السمات‬ ‫ت‬ ‫الن�نت‪،‬‬ ‫ينبغي لك وصله بمصدر للكهرباء‪ ،‬وبقابس إ‬ ‫ت‬ ‫يأ� بجهاز تحكم عن‬ ‫وبشاشة التلفاز‪ .‬كما أنه ي‬ ‫بُعد‪ .‬وهذا الوصف يكاد يكون مطابقاً لـ «الرسيفر»‬ ‫التقليدي‪ .‬لكن الفرق هنا أنك لن تحتاج لصحن‬ ‫فع�‬ ‫«الدش» المزعج وأسالكه المتدلية من السطح‪ .‬ب‬ ‫ال تن�نت ستتمكن من الوصول لكل محتوى‬ ‫فضاء إ‬

‫رقمي ممكن‪ .‬ش�ط أن يكون لديك حساب مستخدم‬ ‫مرتبط ببطاقتك االئتمانية؛ ألنك ستضطر ألن تدفع‬ ‫لتشاهد‪.‬‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫التقليدي� فطنوا للفكرة‬ ‫أساط� التلفزيون‬ ‫الكث� من‬ ‫ي‬ ‫الك�ى ال�ت‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫وتهيأوا للمرحلة المقبلة‪� .‬كات إ‬ ‫الن�نت ب‬ ‫ي‬ ‫تسوق لصناديق البث الرقمي هذه تتيح لك اليوم‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫منتج� جدد‬ ‫مشاهدة برامج من إنتاج (‪ ،)HBO‬أو‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫متخصص� بهذه المرحلة الجديدة من عرص التلفزة‬ ‫مثل ‪ Netflix‬و‪ ،Hulu‬إضافة لمحتوى موسيقي من‬ ‫متاجر أبل و‪ Spotify‬و‪ Pandora‬فضال ً عن مصفوفة‬ ‫المتناهية من أ‬ ‫اللعاب وبرامج ت‬ ‫ال�فيه‪ .‬هذه المنتجات‬ ‫إ ت‬ ‫تقدم خدمة الكل ف ي� واحد بشكل‬ ‫نتية الجديدة ِّ‬ ‫الن� ّ‬ ‫والذاعة‬ ‫يغ� مسبوق يلغي وظيفة محطة التلفزيون إ‬ ‫ف ي� ٍآن معاً‪.‬‬

‫تلفاز جديد‪ ..‬سلوك جديد‬

‫تمثل هذه المنتجات مرحلة ثورية جديدة ف ي� عرص‬ ‫التلفزيون‪ ،‬ال ألنها س ُتنهي وجود محطة التلفزة كما‬ ‫انتهى وجود جهاز «الفيديو كاسيت» قبل ي ن‬ ‫سن�‪..‬‬ ‫لكن ألنها ستقلب ممارسة «المشاهدة» رأساً عىل‬ ‫سيغ� من سلوكنا وتعاطينا من ذلك‬ ‫عقب وعىل نحو ي ِّ‬ ‫الجهاز الذي وسم سلوكنا ألجيال‪.‬‬

‫ف� ض‬ ‫الما� كان المشاهد مرتهناً بوقت البث الذي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫تقرره المحطة‪ .‬وإذا فاته موعد البث لي سبب‬ ‫ف‬ ‫و� ض‬ ‫الما� كان المحتوى‬ ‫كان‪ ..‬فاته المحتوى‪ .‬ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫التلفزيو� المهم يعامل بتقدير‪ .‬ال أحد يتكلم‬ ‫ي‬ ‫البداع الدرامي‪.‬‬ ‫ليقاطع المذيع وال ليفسد لحظة إ‬ ‫ال أحد يجرؤ عىل أن يمر مروراً من أمام الشاشة‬ ‫الخ�‬ ‫وقت تنفيذ ركلة الجزاء أو وقت إعالن ب‬ ‫المهم‪ .‬لكن ومنذ أن تم تقديم أجهزة تسجيل‬ ‫ن‬ ‫التلفزيو� ‪ TiVo‬ف ي� بدايات القرن‬ ‫المحتوى‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ش‬ ‫الحادي والع�ين‪ ،‬اه� هذا التقدير لموعد البث‬ ‫تغ�ت أنماط السلوك‪ .‬ألن المشاهد‬ ‫ولفردانيته‪ .‬ي َّ‬ ‫ش‬ ‫يسجل المحتوى المبا� ليشاهده‬ ‫بات بوسعه أن ِّ‬ ‫تغ�اً‬ ‫وقتما يحلو له مراراً وتكراراً‪ .‬ربما يُعد ذلك ي‬ ‫حميداً ألنه أدى ت‬ ‫الكث�ين‪..‬‬ ‫الس�خاء أعصاب ي‬ ‫لكن آ‬ ‫الن‪ ،‬ومع انهمار صناديق البث إ ت ت‬ ‫ن�‬ ‫الن� ي‬ ‫أ‬ ‫للسواق وانفتاح سوق النهائية المحتوى من‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الفالم الوثائقية ت‬ ‫وال�فيهية والمسلسالت والعمال‬ ‫التثقيفية بكل اللغات ولكل ش‬ ‫ال�ائح‪ ،‬فقد تؤدي‬ ‫هذه الوفرة المفرطة إىل أثر معاكس‪ ،‬ولعلها تقود‬ ‫االك�اث‪ .‬إن أ‬ ‫إىل عدم ت‬ ‫العمال الكالسيكية القديمة‬ ‫تث� فينا االنبهار نفسه الذي عرفه المشاهد‬ ‫قد ال ي‬ ‫القديم الذي انتظر طويال ً ف� ض‬ ‫الما� ث‬ ‫ليع� عليها‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� لم تكن تُعرض إال صبيحة‬ ‫كما أن المرسحية ي‬ ‫ف‬ ‫العيد قد صارت عىل بعد بضع نقرات ي� أي‬ ‫ين‬ ‫المخرج� العظماء‪ ،‬أفالم الرعب‬ ‫وقت‪ .‬أعمال‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫حد االبتذال‪..‬‬ ‫النادرة‪ ،‬كلها متوافرة وحا�ة ح� ّ‬ ‫طالما توفَّر ف ي� بطاقتك االئتمانية ما يكفي من‬ ‫رصيد‪.‬‬


‫تحت سقفها‬ ‫الواقعي‬

‫د‪ .‬أشرف فقيه‬

‫طاقة‬

‫الطاقة‬ ‫الشمسية‬

‫ً‬ ‫َّ‬ ‫دوما خيارات مصادر‬ ‫تتصدر الشمس‬ ‫الطاقة البديلة التي ُيراد بها أن تحل ‪ -‬ولو‬ ‫ً‬ ‫جزئيا ‪ -‬محل الوقود األحفوري (النفط‬ ‫ً‬ ‫بديهيا‬ ‫والغاز والفحم)‪ .‬ويبدو هذا االختيار‬ ‫ً‬ ‫دوما موجودة‬ ‫لعدة أسباب‪ .‬فالشمس كانت‬ ‫ومتوهجة تغمر كوكبنا بالضياء والدفء منذ‬ ‫‪ 5‬مليارات سنة‪ .‬كما أن الطاقة الناتجة عنها‬ ‫تستتبع مخاطر أقل إذا ما قورنت بالطاقة‬ ‫ً‬ ‫مثال‪ ..‬وثمة تقديرات أولية تشير إلى‬ ‫النووية‬ ‫أن مقدار اإلسقاط الشمسي الواقع على‬ ‫صحراء الربع الخالي وحده كفيل بتغطية‬ ‫حاجة الكوكب بأسره من الطاقة الكهربائية‪.‬‬ ‫ِل َم ال تحل الشمس ‪ -‬والحال كذلك ‪-‬‬ ‫محل الوقود األحفوري بالكليَّ ة؟ لم ال‬ ‫تحرك الكهرباء الشمسية سياراتنا وتضيئ‬ ‫ً‬ ‫بدال من االعتماد على المفاعالت‬ ‫بيوتنا‬ ‫النووية والفحم وسواها من مصادر‬ ‫ً‬ ‫أمانا؟‬ ‫الطاقة األقل‬


‫‪33 | 32‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫السكندرية كانت‬ ‫يُروى أن منارة إ‬ ‫مزودة عند قمتها بمرآة كبيرة‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫يتم تسليطها على سفن العداء‬ ‫فتسقط عليها أشعة الشمس‬ ‫وتحترق‪ .‬سواء أكانت هذه‬ ‫القصة حقيقية أم مختلقة إال أنها تشهد بفهم قديم‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫جداتنا‬ ‫للدوار المتعددة لشعة الشمس‪ ،‬نلحظه عند َّ‬ ‫اللواتي استخدمن هذه أ‬ ‫الشعة لتجفيف الغسيل‪.‬‬ ‫لكن فهم العالقة الفيزيائية بين الضوء وموجات‬ ‫الطاقة لم يتحقق إال بدايات القرن العشرين‪ ،‬ولم‬ ‫تظهر أول خلية كهروضوئية إال عام ‪1954‬م في‬ ‫مختبرات (بيل) أ‬ ‫المريكية‪ ،‬وكانت تلك أول خلية‬ ‫يسعها أن تشغل جهازاً إلكترونياً‪.‬‬ ‫منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم‪ ،‬باتت «الطاقة‬ ‫الشمسية» بمنزلة الوعد والحلم لمصادر الطاقة‬ ‫تشع بتفاعالتها النووية‬ ‫البديلة للنفط‪ .‬فالشمس ّ‬ ‫بعيداً على مسافة ‪ 150‬مليون كيلومتر عن أ‬ ‫الرض‪،‬‬ ‫هي آمن بكثير من المفاعالت النووية الصناعية التي‬ ‫تُرعبنا بحوادثها المحتملة‪ .‬والشمس ‪ -‬عكس الرياح ‪-‬‬ ‫تغطي أ‬ ‫الرض كلها‪ .‬كما أنها ‪ -‬عكس النفط والفحم ‪-‬‬ ‫مصدر طاقة متجدد ال ينضب‪ .‬بل إن مصادر الطاقة‬ ‫المتنوعة تبدو معتالة على الشمس‪ .‬فحرارة الشمس‬ ‫تسخن الهواء في الغالف الجوي أ‬ ‫الرضي وترفعه‬ ‫ِّ‬ ‫أ‬ ‫للطبقات العليا‪ .‬ويتحرك الهواء البارد ليمل الفراغ‪.‬‬ ‫هذه الحركة هي ما نسميه رياحاً‪ .‬وغني عن الذكر أن‬ ‫الحيوانات والنباتات التي عاشت وماتت قبل ماليين‬ ‫السنين قبل أن تتحول بقاياها إلى نفط وغاز وفحم‪،‬‬ ‫تلك الكائنات غذّ ت أجسامها طاقة أشعة الشمس‪.‬‬ ‫لكن مزيداً من التفكر في أ‬ ‫المر قد يكشف أن حلم‬ ‫َّ‬ ‫االستغناء بالشمس عن مصادر الطاقة أ‬ ‫الخرى ليس‬ ‫وردياً‪ ،‬ولن يكون كامال ً كما قد يبدو ألول وهلة‪.‬‬ ‫فهناك تعقيدات تقنية ولوجستية عدة تعترض‬ ‫سبيل ذلك‪ .‬إذ إن استغالل الطاقة الشمسية قائم‬ ‫على تحويل أشعة الشمس إلى طاقة كهربائية‬ ‫ذات فرق جهد (يقاس بالفولت) بواسطة ما يعرف‬

‫مع انخفاض تكلفة الخاليا‬ ‫الكهروضوئية وزيادة‬ ‫إنتاجها انخفضت أسعارها‬ ‫َّ‬ ‫وتنوعت استخداماتها في‬ ‫ً‬ ‫بدءا من‬ ‫األجهزة اليومية‪،‬‬ ‫ساعات المعصم واآلالت‬ ‫الحاسبة الصغيرة‬

‫بالخاليا «الفولت‪-‬ضوئية» المصنوعة أساساً من‬ ‫أشباه موصالت كالسليكون‪ .‬أ‬ ‫والسئلة الكبرى التي‬ ‫تطرح نفسها هنا‪ ،‬هي‪ :‬ما مدى كفاءة هذه الخاليا؟‬ ‫هل يسعها أن تنتج مقادير مهولة من الطاقة تنير‬ ‫مدننا الضخمة وتشغل المصانع ومحطات التحلية‬ ‫واللكترونية المتعددة؟ هل يمكن‬ ‫وأجهزتنا الكهربائية إ‬ ‫لطائراتنا وبوارجنا و‪ 1,2‬مليار سيارة أن تسير ‪ -‬ولو‬ ‫جزئياً ‪ -‬بفضل خاليا الطاقة الشمسية هذه؟ ألن‬ ‫النفط ومشتقاته يؤدي كل هذه المهمات على نحو‬ ‫جيد حتى آ‬ ‫الن‪ ،‬ويتوقع أن تستمر كذلك إلى ‪100‬‬ ‫ِّ‬ ‫سنة مقبلة‪ِ .‬ل َم التفكير في الطاقة الشمسية كبديل‬ ‫للنفط إذاً؟‬

‫لنبدأ بالخلية الضوئية‬

‫تبدو الطاقة الشمسية مغرية لعدة أسباب‪ :‬فهي أوال ً‬ ‫طاقة نظيفة ال تنتج عنها ملوثات‪ .‬وثانياً فإن مصدرها‬ ‫يتوهج على الدوام بإشعاع ال ينضب‪ ،‬وإن كان مركزاً‬ ‫على مناطق دون مناطق عبر كوكبنا‪ .‬وهذا السبب‬ ‫الثاني ‪ -‬يوحي ‪ -‬بكونها طاقة رخيصة كذلك‪ .‬ثالثاً؛‬ ‫الطاقة الشمسية سهلة التحويل إلى كهرباء وذلك‬ ‫بفضل التطور في صناعة الخاليا الشمسية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫السطح الصقيلة الزرقاء التي نراها في صور محطات‬ ‫الطاقة الشمسية ما هي إال دارات كهربائية مطبوعة‬ ‫على ما يُعرف بالخلية الشمسية أو «الكهرو‪-‬ضوئية»‪.‬‬ ‫ويتم وصل الخاليا الشمسية معاً لتشكل وحدة توليد‬ ‫معين (‪ 12‬فولتاً مثالً) على‬ ‫طاقة كهربائية بفرق جهد َّ‬ ‫هيئة تيار كهربي مستمر (‪ .)AC‬وبتجميع عدة خاليا‬ ‫معاً يصير لدينا لوح شمسي يمكن تثبيته على سطح‬ ‫البناية أو هيكل السيارة‪.‬‬ ‫منذ أن ظهرت الخلية الكهروضوئية أ‬ ‫الولى قبل ستة‬ ‫أ‬ ‫عقود وعنصر (السليكون) يُعد المكون الشهر لها‪.‬‬

‫يتم تصميم الخلية في رقاقة ُمعالجة بشكل خاص‬ ‫لتشكل حقال ً كهربائياً ذا قطبين‪ :‬موجب وسالب‪.‬‬ ‫وعندما تصل الطاقة الضوئية إلى الخلية‪ ،‬تقوم‬ ‫اللكترونات‬ ‫فوتونات ضوء الشمس بتحفيز حركة إ‬ ‫إلى مستوى أعلى من الطاقة الحركية‪ .‬يتم تجميع‬ ‫اللكترونات المحفّزة على شكل تيار كهربائي إذا‬ ‫إ‬ ‫تم وصل نواقل كهربائية إلى الطرفين السالب‬ ‫والموجب‪ .‬ويخضع تصميم الخاليا الكهروضوئية‬ ‫لتقنيات عدة معقدة لرفع كفاءتها‪ ،‬من ذلك رشها‬ ‫بمواد كيميائية لزيادة تفاعالتها وتزويدها بمواد تقلل‬ ‫االنعكاس لتركيز أشعة الشمس عليها أكثر‪ .‬والخلية‬ ‫الكهروضوئية العادية بمساحة ‪ 4‬بوصات مربعة تُنتج‬ ‫ما يقارب ‪ 1.5‬واط من الطاقة الكهربائية في ظهيرة‬ ‫يوم مشمس‪ ،‬ويبلغ متوسط عمر اللوح الشمسي ‪25‬‬ ‫عاماً‪.‬‬ ‫بدأ االستغالل الحقيقي أ‬ ‫لللواح الشمسية مع بدايات‬ ‫استكشاف الفضاء كمصدر منطقي للطاقة المتجددة‬ ‫في غياهب الفضاء الخارجي‪ .‬وال تزال أشعة‬ ‫الشمس خياراً مثالياً لتشغيل آليات أ‬ ‫القمار الصناعية‬ ‫والمركبات التي ال يزال أحدها (‪ )Opportunity‬في‬ ‫الخدمة على سطح المريخ منذ يناير ‪2004‬م‪.‬‬ ‫ومع انخفاض تكلفة الخاليا الكهروضوئية وزيادة‬ ‫إنتاجها انخفضت أسعارها وتنوعت استخداماتها في‬ ‫الجهزة اليومية‪ ،‬بدءاً من ساعات المعصم آ‬ ‫أ‬ ‫والالت‬ ‫الحاسبة الصغيرة‪ .‬فاليوم يزخر العالم بالمنتجات‬ ‫والمركبات التي تشتغل بطاقة الشمس‪ ،‬فضال ً عن‬ ‫المجتمعات التي تعتمد على محطات هائلة لحصد‬ ‫طاقة الشمس حول العالم‪.‬‬

‫حظوة متزايدة‬

‫حظيت الطاقة الشمسية باهتمام عالمي كبير‬


‫المتوسط السنوي للطاقة الشمسية على سطح األرض (‪2005 - 1983‬م)‬

‫كيلو واط ‪ /‬ساعة ‪ /‬متر‬ ‫مربع ‪ /‬يوم‬

‫كبديل واعد وبالذات مع االرتفاع في سعر النفط‬ ‫بعد عام ‪1973‬م‪ .‬ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم‪،‬‬ ‫ال تزال الطاقة الشمسية محل اهتمام متصاعد من‬ ‫الجهات البحثية واالستثمارية وتلك المناصرة ألشكال‬ ‫الطاقة الخضراء‪ .‬وثمة مشاريع طموحة جداً في‬ ‫أمريكا وأوروبا واليابان والهند لتوليد مقادير عالية‬ ‫من الكهرباء الشمسية‪ ،‬فضال ً عن مبادرات عدة‬ ‫في المناطق النائية التي ال تصلها شبكات الكهرباء‬ ‫التقليدية في العالم الثالث‪.‬‬ ‫ففي صحراء موهافي بجنوب كاليفورنيا‪ ،‬افتتحت‬ ‫محطة للطاقة الشمسية في فبراير ‪2015‬م كأكبر‬ ‫محطة إلنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في‬ ‫العالم‪ ،‬تبلغ قدرتها ‪ 550‬ميغا واط‪ .‬وهي تستخدم‬ ‫نحو ‪ 8,8‬مليون لوح من الكادميوم في هيئة خاليا‬ ‫شمسية‪.‬‬ ‫وال تفتأ أ‬ ‫الخبار ترد بخصوص مشاريع الستغالل‬ ‫طاقة الشمس في تطور منتجات ووسائل نقل‬ ‫متطورة‪ .‬لعل أشهرها الطائرة (هيليوس) التي طورتها‬ ‫وكالة (ناسا) وحققت نتائج مبهرة قبل أن يتحطم‬ ‫نموذجها الرابع في المحيط أ‬ ‫الطلسي قبالة سواحل‬ ‫هاواي عام ‪2003‬م‪ .‬وهناك عدة محاوالت معروفة‬ ‫إلنتاج سيارات شمسية‪ .‬وتطورت الجهود البحثية‬ ‫في هذا الصدد إلى منافسات بين فرق الطالب‬ ‫الجامعيين لتصميم مركبات تقطع مسافات بعيدة‬ ‫بكفاءة ضمن عدة (سباقات شمسية) تقام سنوياً في‬ ‫كل من أستراليا وأمريكا‪.‬‬

‫تحديات مختلفة‬ ‫ّ‬

‫لكن‪ ،‬وعند الحديث عن تولد الطاقة الكافية لحياة‬ ‫أ‬ ‫الحياء والمدن‪ ،‬فإن منظومة الطاقة الشمسية‬ ‫أ‬ ‫تتجاوز محض اللواح الشمسية‪ .‬وستظهر لنا‬ ‫تحد من حماستنا لهذه الفكرة‪.‬‬ ‫حينذاك تحديات قد ّ‬

‫كمية الطاقة الشمسية الساقطة‬ ‫على السطح أ‬ ‫الفقي‬

‫فالخاليا الشمسية مثال ً هشة وسريعة العطب‪.‬‬ ‫وتتم حمايتها غالباً عبر وضع طبقة زجاجية فوقها‪.‬‬ ‫لكنها تظل حساسة أمام عوامل الطقس من سحب‬ ‫كالبرد الذي قد يدمرها‪.‬‬ ‫وأمطار والظواهر الجوية أ َ‬ ‫أ‬ ‫ويُعد الغبار عدواً لدوداً لللواح الشمسية لنه يحد‬ ‫من كفاءتها وقد يعطلها تماماً خاصة في المناطق‬ ‫الصحراوية التي هي أ‬ ‫النسب أصال ً الستغالل وهج‬ ‫شمسها الوافر والمستمر‪.‬‬ ‫كما أن تصميم محطات الطاقة الشمسية يم ِّثل‬ ‫تحدياً هندسياً؛ ألنها يجب أن تقام في مناطق‬ ‫مفتوحة ال تطل عليها أية أبنية أو تضاريس مرتفعة‬ ‫تسقط ظاللها على أ‬ ‫اللواح خالل النهار فتعطل‬ ‫كفاءتها‪ .‬وهذه الدقة في الحسابات تتم أيضاً على‬ ‫مستوى أ‬ ‫اللواح والرقائق التي توضع متقاربة بشكل‬

‫الطاقة‬ ‫تكلفة الكيلو واط‬ ‫الساعي في السنة‬ ‫(بالسنت أ‬ ‫المريكي)‬ ‫الجدوى الكلية‬ ‫للكيلو واط الساعي‬ ‫(بالسنت أ‬ ‫المريكي)‬

‫مائل لتلتقط الكم أ‬ ‫الكبر من إشعاع الشمس‪ ،‬لكن‬ ‫متباعدة بشكل يجعل كل رقيقة في منأى عن ظل‬ ‫الرقيقة المجاورة‪ .‬طبعاً فالمساحات الفارغة هذه‬ ‫تُعد هندسياً بمنزلة الهدر لمورد كان يمكن استغالله‬ ‫لحصد مزيد من ضوء الشمس‪.‬‬ ‫مشكلة النظام الكهروضوئي الكبرى هي في صلب‬ ‫تعريفه‪ ،‬ذلك أنه معتمد كلياً على الشمس التي‬ ‫ال تلبث أن تغرب آخر النهار‪ .‬ولخلق نظام طاقة‬ ‫متوازن بواسطة أ‬ ‫اللواح الشمسية‪ ،‬يجب تحديد‬ ‫المطلوب منه؛ هل ينتج الطاقة أثناء النهار فقط‬ ‫أم في النهار والليل؟ ألن الخيار الثاني يستلزم‬ ‫تأمين نوع من أنظمة تخزين الطاقة نهاراً الستهالكها‬ ‫الشكالية تنسحب كذلك على وسائل‬ ‫ليالً‪ .‬وهذه إ‬ ‫المواصالت التي يراد لها أن تشتغل بالطاقة‬ ‫الشمسية‪ .‬تخيل أنك تقود سيارتك الشمسية في‬ ‫يوم صحو‪ ،‬لتفاجئك سحابة عابرة‪ .‬إن سيارتك هنا‬ ‫ستتباطأ وربما تقف‪ .‬والحلول لهذه المشكلة تتراوح‬ ‫بين تزويد سيارتك ببطارية كهربائية احتياطية مكلفة‬ ‫وثقيلة‪ ،‬وبين اعتماد خزان وقود ثانوي ‪ -‬للطوارئ ‪-‬‬ ‫وهي كلها حلول معقدة وغير عملية وال مقبولة‬ ‫بالنظر للسهولة الكبيرة التي نتحرك بها بفضل‬ ‫منظومة الوقود النفطي الحالية‪.‬‬ ‫من المشكالت أ‬ ‫الخرى التي تواجه نظم الطاقة‬ ‫الشمسية هي في كونها تولد تياراً مستمراً‪ .‬وللتكامل‬ ‫مع شبكات التيار الكهربي المنتشرة حول العالم‬ ‫لتزود المنازل والمنشآت بالطاقة‪ ،‬فال بد من توصيل‬ ‫بمحول للتيار الكهربائي من‬ ‫منظومة الطاقة الشمسية‬ ‫ِّ‬ ‫مستمر إلى متردد‪ .‬ومن شأن ذلك أن يزيد من تكلفة‬ ‫الكلية بطبيعة الحال‪.‬‬ ‫إ‬ ‫النتاج ّ‬

‫طاقة الرياح‬ ‫‪5,64‬‬

‫الطاقة الشمسية‬ ‫‪18,74‬‬

‫الطاقة النووية‬ ‫‪1,04‬‬

‫الغازولين‬ ‫‪3,18‬‬

‫‪0,87‬‬

‫‪13,63‬‬

‫‪4,12‬‬

‫‪6,64‬‬

‫مصدر الجدول‪20-low-carbon-wind-solar-power-frank/05/http://www.brookings.edu/blogs/planetpolicy/posts/2014 :‬‬


‫‪35 | 34‬‬

‫هل هي حقاً فعالة؟‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫فعال ومنتشر في‬ ‫لتتحول أية تقنية إلى منتج ٍ‬ ‫السوق‪ ،‬فال بد أن تكون الجدوى االقتصادية لها‬ ‫ذات مردود مقنع إن لم يكن عالياً‪ .‬في مجال الطاقة‬ ‫تحديداً فإن أ‬ ‫الماني الطيبة ال تكفي‪ .‬وحتى مع‬ ‫وجود تجارب عدة إلمداد المناطق الفقيرة والنائية‬ ‫بالطاقة الشمسية‪ ،‬يظل سؤال التكلفة والمردود‬ ‫ملحاً بل وحاسماً‪ .‬ويمكن صياغة هذا السؤال على‬ ‫النتاج لكل كيلو واط‬ ‫النحو التالي‪ :‬كيف تتغير تكلفة إ‬ ‫في الساعة؟‬ ‫ففي دراسة نشرت عام ‪2014‬م‪ ،‬حول التكلفة لكل‬ ‫كيلو واط في الساعة لعدة تقنيات بديلة مقارنة‬ ‫بمشتق النفط (الغازولين)‪ .‬يظهر جلياً أن الغازولين‬ ‫متفوق كثيراً على الطاقة الشمسية تحديداً في هذا‬ ‫الضافية الخاصة‬ ‫الصدد‪ .‬دون حساب التكاليف إ‬ ‫بالنقل والتخزين والصيانة‪.‬‬

‫الضافية في السياق‪ ،‬نشير‬ ‫ولوضع هذه التكاليف إ‬ ‫إلى أنه في العام ‪2012‬م كان متوسط تكلفة الكهرباء‬ ‫على المستهلكين في الواليات المتحدة (المستهلك‬ ‫أ‬ ‫الكبر للطاقة في العالم) ‪ 9.84‬سنت لكل كيلو واط‬ ‫ساعة‪ ،‬بما في ذلك تكلفة نقل وتوزيع الكهرباء‪ .‬وهذا‬ ‫يعني أن محطة رياح جديدة ستكلف أكثر من ‪ 50‬في‬ ‫المئة لكل كيلوواط ساعة إلنتاج الكهرباء‪ ،‬ومحطة‬ ‫جديدة للطاقة الشمسية أكثر من ‪ 200‬في المئة على‬ ‫أ‬ ‫القل لكل كيلوواط ساعة‪ ،‬مقارنة بتقنيات الوقود‬ ‫أ‬ ‫الحفوري من نفط وخالفه‪.‬‬ ‫مع ذلك وبالنظر للتذبذب في أسعار النفط وبالنظر‬ ‫للتطورات التقنية المتوقعة‪ ،‬ومع الضغط الكبير على‬ ‫الوقود أ‬ ‫الحفوري تظل الطاقة الشمسية بديال ً معتبراً‬ ‫إلنتاج جزء من الطاقة الكهربائية‪ ،‬وتخفيف جزء من‬ ‫العبء الذي يتحمله النفط ومشتقاته في عالم يزداد‬ ‫شراهة للطاقة كل يوم‪.‬‬

‫التجربة السعودية‬

‫تتميز المملكة العربية السعودية بموقع فريد على‬ ‫الخريطة الشمسية للعالم‪ .‬إذ إن أراضيها تتمتع‬ ‫بسطوع قوي ومستمر ألشعة الشمس على مدار‬ ‫وتقدر «القدرة الشمسية» للمملكة بنحو ‪7‬‬ ‫العام‪َّ .‬‬ ‫مليارات ميغا واط ساعي في العام وفقاً للمختبر‬ ‫الوطني للطاقة المتجددة في كولورادو‪.‬‬ ‫والمشاريع الرائدة بالمملكة الستغالل الطاقة‬ ‫الشمسية قديمة‪ .‬نذكر منها مشروع القرية الشمسية‬ ‫بالعيينة الذي كان خالل الثمانينيات الميالدية واحداً‬ ‫ُ‬ ‫من ‪ 10‬مشاريع دولية مشابهة أ‬ ‫والكبر من نوعه في‬ ‫العالم‪ .‬وتشير الدالئل إلى وجود نية قوية الستعادة‬ ‫هذه الريادة الشمسية‪.‬‬

‫الخلية الكهروضوئية‬ ‫العادية بمساحة ‪ 4‬بوصات‬ ‫مربعة ُتنتج ما يقارب ‪1.5‬‬ ‫واط من الطاقة الكهربائية‬ ‫في ظهيرة يوم مشمس‪،‬‬ ‫ويبلغ متوسط عمر اللوح‬ ‫ً‬ ‫عاما‬ ‫الشمسي ‪25‬‬


‫‪ ..‬ولها متاعبها البيئية أيض ًا‬ ‫ن‬ ‫ئ‬ ‫يع� أنها تخلو تماماً من‬ ‫البي�‪ ،‬فهذا ال ي‬ ‫أن تكون الطاقة الشمسية أنظف من يغ�ها عىل الصعيد ي‬ ‫ف‬ ‫المشكالت‪ .‬ففي شهر بف�اير من العام ض‬ ‫الما�‪ ،‬وخالل تجربة محطة للطاقة الشمسية ي� والية نيفادا‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫القيمون عليها بالطيور تتساقط من السماء مح�قة‪.‬‬ ‫المريكية‪ ،‬فوجىء ّ‬ ‫ت‬ ‫ال� تعكس أشعة الشمس صوب برج مركزي يتوسطها‪ ،‬لرفع‬ ‫المحطة المذكورة َّ‬ ‫تتضمن آالف المرايا ي‬ ‫ف‬ ‫حرارة الملح فيه ت‬ ‫ن‬ ‫وتبخ�ه إلدارة المولدات‪ .‬ولدى تحليق‬ ‫تسخ� الماء ي‬ ‫ح� الذوبان‪ ،‬واستخدامه ي� ي‬ ‫ف أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تكون فيها أشعة الشمس مكثفة جداً فوق المحطة‪ ،‬كانت تشتعل فجأة وتسقط‬ ‫الطيور ي� الماكن ي‬ ‫ال� ت‬ ‫ميتة أو جريحة‪ .‬وقد بلغ عدد الطيور ت‬ ‫ط�اً‪.‬‬ ‫اح�قت خالل هذه التجربة ‪ 130‬ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫خ�اء آخرين أن محطة‬ ‫ونسبت صحيفة‬ ‫الخ� ي� ‪ 23‬بف�اير ‪2015‬م‪ ،‬إىل ب‬ ‫ال� شن�ت ب‬ ‫ي‬ ‫«دايل ميل» ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫ط� ي� السنة‪ .‬المر الذي يتطلب معالجة جذرية‪،‬‬ ‫تق� عىل ما معدله ‪ 30‬ألف ي‬ ‫مشابهة ي ف� كاليفورنيا‪ ،‬ي‬ ‫قد تكون ي� إبعاد المرايا عن بعضها‪ ،‬أي إالقالل من كثافتها حول بال�ج المركزي‪ ،‬وهذا ما سيؤدي حتماً‬ ‫ن‬ ‫ب� القبول بذلك وإما االستعداد لمواجهة غضب ي ن‬ ‫تد� مستوى إنتاجه‪ .‬ولكن الخيار هو ما ي ن‬ ‫البيئي�‪.‬‬ ‫إىل ي‬

‫فوفقاً لتقرير نشرته (بلومبرغ بيزنس ويك) في أوائل‬ ‫‪2015‬م‪ ،‬فإن المملكة العربية السعودية تخطط‬ ‫الستثمار ‪ 109‬مليارات دوالر في منشآت الطاقة‬ ‫الشمسية لتوليد ‪ %20‬من االستهالك المحلي للكهرباء‬ ‫بحلول عام ‪2032‬م‪ ،‬وهو ما يعادل ‪ 41‬غيغا واط‪،‬‬ ‫متخطية بذلك المنتج أ‬ ‫الول عالمياً؛ ألمانيا‪ .‬وسيكون‬ ‫لهذه الخطط تأثير كبير على المملكة نظراً العتماد‬ ‫االقتصاد السعودي على النفط كسلعة تصدير أولى‪.‬‬ ‫كما أن توليد الكهرباء وتحلية المياه يقتطعان نحو‬ ‫‪ %40‬من مجمل االستهالك المحلي للنفط‪.‬‬ ‫وفي المجال البحثي التطويري‪ ،‬فقد نجح فريق من‬ ‫جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في تصميم‬ ‫وتصنيع أول سيارة شمسية‪ ،‬وأول سيارة عربية‬ ‫عموماً‪ ،‬تسجل في نظام ‪ SAE‬أ‬ ‫المريكي‪ ،‬وهي‬ ‫ُ ّ‬ ‫السيارة «وهج» التي شاركت نسختها أ‬ ‫الولى بنجاح‬ ‫في السباق الشمسي بأستراليا عام ‪2011‬م‪.‬‬ ‫أما مدينة الملك عبدهللا للطاقة الذرية والمتجددة‬ ‫(‪ )KACARE‬التي تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة‪،‬‬ ‫منذ إنشائها في ‪2010‬م بموجب مرسوم ملكي‪،‬‬ ‫فتهتم بالمساهمة في التنمية المستدامة في المملكة‬ ‫من خالل استخدام العلوم والبحوث والصناعات‬ ‫ذات الصلة بالطاقة الذرية والمتجددة‪ ،‬وهي تولي‬ ‫اهتماماً كبيراً بالطاقة الشمسية‪.‬‬ ‫وتعمل المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة‬ ‫(‪ )SWCC‬منذ ‪2013‬م‪ ،‬على إنشاء ثالث محطات‬ ‫لتحلية المياه تعمل بالطاقة الشمسية في كل‬ ‫من‪ :‬حقل وضبا وفَرسان‪ .‬وهناك محطتان لتحلية‬ ‫المياه تعمالن بالطاقة الشمسية حالياً في الخفجي‬ ‫والجبيل‪ .‬ويعود التقدم المحرز في تحلية المياه‬ ‫بالطاقة الشمسية إلى مشروع بحثي مشترك بين‬ ‫شركة «آي بي إم» أ‬ ‫للبحاث ومدينة الملك عبدالعزيز‬ ‫للعلوم والتقنية‪.‬‬ ‫ومن الواضح‪ ،‬في ضوء هذه المبادرات الطموحة‪،‬‬ ‫أن المملكة العربية السعودية تستعد لتصبح العباً‬ ‫رئيساً في سوق الطاقة الشمسية المزدهرة‪ .‬كما أن‬ ‫توجه المملكة لتشجيع االستثمار في مجال الطاقة‬ ‫المتجددة من الممكن أن يساعدها على أن تصبح‬ ‫منتجاً رئيساً للطاقة الشمسية في المستقبل‪ .‬وهو‬ ‫مجال ستعضده بال شك مشاريع الربط الكهربي‬ ‫الطموحة والمتوقعة على مستوى الخليج والعالم‬ ‫العربي‬

‫‪corbis‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪37 | 36‬‬

‫من المختبر‬

‫ِّ‬ ‫تحول‬ ‫أجهزة استشعار‬ ‫اإليماءات إلى لغة‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫ستوفر هذه التقنية الجديدة الحلول لمشكلة التواصل بين الصم وأولئك الذين ال‬ ‫الشارة‪ .‬وبإمكان هذه المجسات الشعور بالحركة والنشاط العضلي‬ ‫يفهمون لغة إ‬ ‫في ذراع الشخص‪ .‬وهذا ما يحاول تطويره مهندسون من جامعة تكساس‪.‬‬ ‫اليماءات الصادرة عن أي شخص باستخدام‬ ‫وتقوم هذه التقنية على تحديد إ‬ ‫مجسين‪ ،‬واحد يستجيب لحركة المعصم‪ ،‬وآخر لحركة العضالت في الذراع‪ .‬ثم‬ ‫النجليزية‪.‬‬ ‫يتلقى برنامج خاص هذه المعلومات ويحول البيانات إلى اللغة إ‬ ‫اليماءات إلى نصوص موجودة وباتت معروفة‪ ،‬وتصميمها ليس‬ ‫وأجهزة تحويل إ‬ ‫معقداً‪ .‬غير أنها تعتمد على الرؤية باستخدام كاميرات‪ .‬وهذه كما يقول أحد‬ ‫أ‬ ‫الشارة فإنه يستخدم‬ ‫المهندسين ال تفي بالغرض‪ .‬لنه عندما يتكلم أحدهم بلغة إ‬ ‫أ‬ ‫إشارات اليد جنباً إلى جنب مع حركات محددة للصابع‪ .‬وهذا ما ال تستطيعه‬ ‫أ‬ ‫الجهزة المتوافرة التقاطه‪.‬‬ ‫أ‬ ‫تبين أن للنموذج الولي بعد بنائه‪ ،‬عيباً واحداً يعمل الفريق على حله‪ ،‬وهو‬ ‫لكن َّ‬ ‫أنه يجب تدريب النظام على االستجابة لكل مستخدم بمفرده‪ .‬وتنطوي هذه‬ ‫العملية على الطلب إلى المستخدم أن يكرر إيماءات اليد عدة مرات‪ ،‬وهو ما‬ ‫يستغرق حوالي ‪ 30‬دقيقة إلكمالها‪ .‬ذلك ألن أجسامنا مختلفة‪ ،‬وكذلك أيضاً بنية‬ ‫عضالتنا‪ .‬ويخطط فريق المهندسين لتخطي هذه العقبة بتقليص وقت التدريب‬ ‫أو إلغائه كامال ً في الخطوة المقبلة من التطوير‪.‬‬

‫روبوتات كالنحل‬

‫لها عيون ليزرية يمكنها‬ ‫تحديد موقع ضحايا الكوارث‬

‫يطور الباحثون حالياً نوعاً من الروبوت الصغير‪،‬‬ ‫وسموه‬ ‫مستوحى بيولوجياً وحجماً واسماً من النحل‪ّ ،‬‬ ‫يوم ما‪ ،‬استعمال‬ ‫«روبوبيز»‪ .‬وسيصبح إ‬ ‫بالمكان في ٍ‬ ‫هذه أ‬ ‫الجهزة في مجموعة واسعة من االستخدامات؛‬ ‫من تلقيح المحاصيل إلى تحديد مواقع ضحايا‬ ‫الكوارث‪.‬‬ ‫كانت أ‬ ‫البحاث السابقة قد توصلت إلى أن روبوتات‬ ‫"«روبوبيز» قادرة على الطيران لكن وهي مربوطة‪.‬‬ ‫وتتحرك‪ ،‬لكن عندما تكون مغمورة بالمياه‪ .‬كما‬ ‫الدراك‬ ‫تعترضها مشكلة كبيرة‪ ،‬وهي أنها تفتقر إلى إ‬ ‫التناسبي‪ .‬بمعنى أنها ترى أ‬ ‫الشياء‪ ،‬لكنها ال تميز‬ ‫المسافات بينها في الحقل الواحد‪ .‬وهكذا ليس‬ ‫بإمكانها تجنب الجدران عند التحليق أو الهبوط على‬ ‫الزهور‪.‬‬ ‫لحل هذه المشكلة‪ ،‬يعتزم الباحثون تزويد هذه‬ ‫الروبوتات بليزر شبيه بذلك المستخدم في‬ ‫الرادارات‪ .‬وتدعى هذه التكنولوجيا «ليدار»‪ ،‬وهي‬ ‫نوع من أجهزة استشعار تكشف الضوء ونطاقه‪،‬‬ ‫وتقوم على بث نبضات من الليزر غير المرئي‬ ‫بدال ً من موجات الراديو المستخدمة في الرادار‪.‬‬ ‫وباستطاعة هذه أ‬ ‫الجهزة قياس الزمن الذي يستغرقه‬ ‫الضوء المنبعث للوصول‪ .‬مما يمكّن من قياس حجم‬ ‫أ‬ ‫الشياء وشكلها‪ .‬وخالفاً لمعظم أشعة الليزر‪ ،‬فهي‬ ‫آمنة للعيون عند االستخدام‪.‬‬ ‫تساعد حالياً تقنية «ليدار» نماذج السيارات بدون‬ ‫سائق على الحركة وتجنب االصطدام أ‬ ‫بالشياء في‬

‫محيطها‪ .‬لكنها كبيرة بحجم فانوس التخييم‪ .‬وهذا‬ ‫ال يناسب‪« ،‬فنحن بحاجة فقط إلى تقليص حجم‬ ‫هذه التكنولوجيا لتناسب الروبوبيز‪ ،‬التي هي بحجم‬ ‫قطعة نقد معدنية صغيرة» كما يقول كارثيك دانتو‬ ‫عا ِلم الكمبيوتر في جامعة «بوفالو» في نيويورك‬ ‫وأحد أعضاء الفريق الباحث‪.‬‬ ‫وسيكون وزن جهاز استشعار ليدار ‪ 56‬ملليغرام‪،‬‬ ‫أو جزءاً من ‪ 17‬من الغرام الواحد‪ .‬ويأمل الباحثون‬ ‫أن يكون هذا الجهاز قيد العمل في غضون سنوات‬ ‫ثالث‪ .‬وتتعاون في تطوير هذه التقنية عدة جامعات‬ ‫أمريكية بينها جامعة فلوريدا وجامعة هارفارد‪.‬‬ ‫ويقول الباحثون إن هذه التقنية لن تقتصر في‬ ‫المستقبل على روبوتات الحشرات‪ ،‬بل ستتعداها‬ ‫إلى تطبيقات أخرى يمكن أن تنطوي على مساعدة‬ ‫الناس على التفاعل مع أ‬ ‫الجهزة المحمولة‪ ،‬باستخدام‬ ‫وسائط االستخدام الطبيعية‪ .‬وهكذا يمكننا أن‬ ‫نتخيل الدور الذي ستلعبه هذه الوسائط في‬ ‫التكنولوجيات القابلة لالرتداء مثل أ‬ ‫اللبسة والساعات‬ ‫الذكية‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫االسم المعياري‬

‫ورود سايبورغية‬

‫ً‬ ‫ذاتيا‬ ‫مزودة بأسالك تنمو‬

‫ُجول‬ ‫جيمس بريسكوت جول هو عا ِلم‬ ‫إنجل�ي اكتشف العالقة ي ن‬ ‫تجري� ي ز‬ ‫ب�‬ ‫بي‬ ‫الطاقة والشغل المبذول إلنتاج هذه‬ ‫الطاقة‪ .‬وصار اسمه معياراً لقياس‬ ‫الشه�ة‪:‬‬ ‫مقدار الطاقة وفقاً للمعادلة‬ ‫ي‬ ‫‪ 1‬جول = ‪ 1‬نيوتن ‪ 1 .‬م�ت‬ ‫أو بكالم آخر‪ ،‬فإن الجول هو ناتج‬ ‫تسليط قوة مقدارها ‪ 1‬نيوتن بع�‬ ‫جيمس بريسكوت جول‬ ‫مسافة تم� واحد‪ .‬هذه العالقة كانت‬ ‫نتيجة لمالحظات وأبحاث مطولة‬ ‫ت‬ ‫اق�نت بالثورة الصناعية خالل القرن التاسع ش‬ ‫تفس� الطاقة‬ ‫الع� وبمحاولة ي‬ ‫ت‬ ‫ال� أنتجتها معجزة ذلك الزمان‪ :‬المحرك البخاري‪ .‬أراد العلماء أن يقدموا‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� كانت شكال ً من أشكال الطاقة وناتجاً من نواتج‬ ‫تعريفاً لـ «الحرارة» ي‬ ‫تشغيل المحرك البخاري‪.‬‬ ‫ز ئ‬ ‫نس سادي‬ ‫يا� للحرارة قبل ذلك‬ ‫ظهرت محاوالت إيجاد تعريف يف� ي‬ ‫عند الفر ي‬ ‫ف‬ ‫و� أمريكا‪ ،‬ت‬ ‫اق�ح‬ ‫كانو‪ ،‬وزميله الفوازييه الذي أطاحت مقصلة الثوار برأسه‪ .‬ي‬ ‫ن‬ ‫بريطا� يُدعى ي ن‬ ‫بنيام� طومسون أن تكون الحرارة ناجمة عن الحركة‬ ‫ضابط‬ ‫ي‬ ‫المتسارعة لجزيئات المادة‪ .‬ولم يقتنع المعارصون بهذه الفكرة الواعدة‪.‬‬

‫تحدد لها متى تزهر تجنباً‬ ‫هل سيصبح بإمكاننا يوماً ما إعطاء تعليمات إلى الزهور ِّ‬ ‫لصقيع وشيك؟ أو متى تتخلى عن الهرمونات لمنع يباسها؟ هذا ما يبدو محتمالً‪.‬‬ ‫فقد تمكن بعض العلماء في السويد من تصنيع وردة سايبورغية‪ ،‬تعيش بدوائر‬ ‫إلكترونية صغيرة مترابطة مع أوعيتها‪.‬‬ ‫والسايبورغ هو كائن مؤلف من عناصر عضوية متكاملة مع أخرى بيولوجية ‪-‬‬ ‫ميكانيكية ‪ -‬إلكترونية صناعية‪.‬‬ ‫اللكترونية المتناهية الصغر إلى النبتة‪ ،‬وبطريقة ما‪ ،‬تتجمع‬ ‫يتم إدخال البولمرات إ‬ ‫أ‬ ‫ذاتياً بفضل بنية الوردة الداخلية‪ .‬وهذا يعني أن الوردة تساعد في تنظيم الجهزة‬ ‫اللكترونية‪ ،‬كما يقول ماغنوس بيرغرين أحد الباحثين في جامعة «لينكوبينغ» في‬ ‫إ‬ ‫بلجيكا‪.‬‬ ‫قطع الباحثون سيقان الورود ثم وضعوها في محلول من البولمرات العضوية‬ ‫قشر‬ ‫التي هي موصلة جيدة للكهرباء عندما تصبح رطبة‪ .‬وبعد يوم أو يومين‪ّ ،‬‬ ‫الفريق الطبقات الخارجية من اللحاء‪ ،‬كاشفاً عن تشكل أسالك صغيرة من‬ ‫البولمرات العضوية وقد تسللت حتى ارتفاع ‪ 5‬سنتيمترات في الجذع‪.‬‬ ‫وعلق بيرغرين على هذه النتيجة بقوله‪ :‬عندما رأيت ذلك‪ ،‬عرفت فوراً أن الوردة‬ ‫قادرة على صنع أسالك إلكترونية‪.‬‬ ‫بعد عدة أيام‪ ،‬أوضح الفريق أن أ‬ ‫السالك أصبحت موصلة للكهرباء‪ .‬ومنذ‬ ‫ذلك الحين‪ ،‬اخترع الباحثون سلسلة من الترانزيستورات ذاتية التجميع‪ ،‬وهي‬ ‫من العناصر أ‬ ‫الساسية لشبكة االستشعار‪ .‬وإذا جمعنا هذه مع أجهزة التوزيع‪،‬‬ ‫فسنصل إلى نظام خاليا عصبية لتسجيل فيزيولوجيا النبات وإدراكها وتنظيمها‪.‬‬ ‫بالمكان التحكم بنمو النباتات‪ .‬خاصة‪ ،‬كما يضيف بيرغرين‪ ،‬عندما‬ ‫هكذا يصبح إ‬ ‫ندمج هذه التقنية الجديدة مع التقنية المطبقة على النبات حتى اليوم وهي‬ ‫الهندسة الجينية‪.‬‬

‫ف‬ ‫ت ت‬ ‫ال� كانت عاصمة أوروبا الصناعية‬ ‫ولد جول عام ‪1818‬م ونشأ ي� مانشس� ي‬ ‫ن‬ ‫يع� أنه كان محاطاً بالمحركات البخارية منذ أن وعى عىل الدنيا‪.‬‬ ‫حينها‪ ،‬ما ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ين‬ ‫وح� قرر أن يتخصص ي� العلوم‪ ،‬اتجه نحو دراسة العالقة يب� الحرارة‬ ‫والطاقة‪ ،‬ميكانيكية كانت أو كهربائية‪.‬‬ ‫فئ‬ ‫«المكا�‬ ‫ف ي� عام ‪1845‬م أجرى جول بحثاً بعنوان‬ ‫وقدمه‬ ‫الميكانيك للحرارة» َّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫كام�يدج‪ ،‬ت‬ ‫واق�ح فيه أن مقداراً محدداً من‬ ‫ال�يطانية ي� ب‬ ‫ي� جلسة الجمعية ب‬ ‫مع�اً عن الشغل‬ ‫الشغل‬ ‫الميكانيك سينتج عنه مقدار محدد من الحرارة‪ ،‬ب‬ ‫ي‬ ‫الميكانيك بواسطة السقوط من ارتفاع يؤدي لتدوير مروحة مغمورة ف ي� برميل‬ ‫ي‬ ‫من الماء‪ .‬ف ي� تلك التجربة أدى االحتكاك الناتج عن دوران المروحة ف ي� الماء‬ ‫ين‬ ‫التغ�‬ ‫إىل‬ ‫تسخ� الماء‪ ،‬الذي ارتفعت حرارته‪ .‬وقام جيمس جول بتسجيل ي‬ ‫ف‬ ‫والتغ� ي� ارتفاع الكتلة‪ .‬عن طريق تلك القياسات‬ ‫ف ي� درجة حرارة الماء‬ ‫ي‬ ‫فئ‬ ‫المكا�‬ ‫استطاع حساب‬ ‫الميكانيك للحرارة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫لم يؤخذ جول بجدية ي ن‬ ‫ب� أقرانه نظراً ألنه لم يكن يحمل شهادة جامعية‪.‬‬ ‫لكن زميال ً إيرلندياً له اسمه وليام واطسون تحمس لكتابات سادي كانو‬ ‫القديمة‪ ،‬ورأى أن جول ربما يكون يفكر باالتجاه الصحيح‪ .‬قرر طومسون‬ ‫بعد سنوات أربع من الدراسة أن أفكار كل من جول وكانو مكملة لبعضها‪،‬‬ ‫بالقانون� أ‬ ‫الول ن‬ ‫ين‬ ‫ليقدم للعالم ما يُعرف اليوم‬ ‫والثا� للديناميكا‬ ‫فصقلها ِّ‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫الحرارية‪ .‬فتحت هذه االكتشافات لطومسون أبواب المجد ولقِّب باللورد‬ ‫كالفن‪ ..‬لتنسب له الحقاً الوحدة المعيارية لقياس درجة الحرارة المطلقة‬ ‫(الكالفن)‪ .‬أما جول فعاش حياة متواضعة وبقي اسمه معلقاً ت‬ ‫ح� العام‬ ‫‪1879‬م ي ن‬ ‫ح� تمت نسبة الوحدة العالمية للطاقة (الجول) إليه تقديراً لدوره‬ ‫التاريخي ف� صياغة مفاهيم ي ز‬ ‫الف�ياء الحديثة‪.‬‬ ‫ي‬


‫‪39 | 38‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫ماذا لو؟‬

‫ماذا لو‪..‬‬ ‫انقرضت‬ ‫الصراصير؟‬

‫تخيل شكل هذه ش‬ ‫الح�ات يبعث‬ ‫مجرد ّ‬ ‫ف‬ ‫الكث�ين وخاصة‬ ‫القشعريرة ي� قلوب ي‬ ‫خ�اً ساراً لكل‬ ‫اص� ب‬ ‫النساء‪ .‬وقد يكون اختفاء الرص ي‬ ‫ح� أ‬ ‫المهتم� بنظافة بيوتهم‪ ،‬ت‬ ‫ين‬ ‫الجزاء الخفية منها‪،‬‬ ‫حيث تتكاثر هذه الكائنات بصمت وفاعلية‪ .‬اختفاء‬ ‫اص� ن ز‬ ‫سي�ل برداً وسالماً عىل قلوب أولئك‬ ‫الرص ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫المسكون� برعب احتمال العثور عىل أحدها يب� ثنايا‬ ‫ي‬ ‫المالبس النظيفة المطوية‪ ،‬أو فوق فرشاة أ‬ ‫السنان‬ ‫صباحاً‪ ،‬أو مجرد تخيل أحدها يهرع فوق وجوهنا‬ ‫ونحن نيام!‬ ‫هذه المخاوف الدفينة تدفعنا اىل إنفاق المال بال‬ ‫تردد القتناء المبيدات ش‬ ‫الح�ية‪ .‬وسيكون اختفاء‬ ‫اص� ض�بة قاصمة لسوق المبيدات والحال‬ ‫الرص ي‬ ‫كذلك‪ .‬لكن المسألة لها تبعات أعمق ومتعلقة‬ ‫بالتوازن الطبيعي للكوكب بأرسه‪.‬‬

‫يوجد ف� العالم ما ي ن‬ ‫ب� خمسة ش‬ ‫وع�ة آالف نوع‬ ‫ي‬ ‫الكل‬ ‫العدد‬ ‫إحصاء‬ ‫ويستحيل‬ ‫‪.‬‬ ‫اص�‬ ‫رص‬ ‫من ال‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫اص� ‪ -‬والح�ات‬ ‫لفراد هذا الكائن‪ .‬فالرص ي‬ ‫عموماً ‪ -‬هي مصدر مهم لغذاء عديد من‬ ‫الح�ات أ‬ ‫ئ‬ ‫ش‬ ‫الخرى والطيور والثدييات كالف�ان‬ ‫ش‬ ‫والجرذان‪ .‬بل إن بعض الب� يأكلونها‪ .‬واختفاء‬ ‫اص� لن ض‬ ‫يق� تماماً عىل ئ‬ ‫الف�ان لكنه‬ ‫الرص ي‬ ‫ي‬ ‫كب�‪ .‬ولكن نوعاً واحداً من‬ ‫سيحد منها بشكل ي‬ ‫ّ‬ ‫الدباب� الطفيلية ت‬ ‫ال� تقتات حرصاً‬ ‫الكائنات‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫عىل بيض الرصصور‪ ،‬ستنقرض حتماً مع اختفاء‬ ‫اص�‪.‬‬ ‫الرص ي‬ ‫االنخفاض ف� تعداد ئ‬ ‫الف�ان والجرذان سيؤثر بدوره‪،‬‬ ‫أ ي‬ ‫النواع ت‬ ‫ال� تتغذى عليها‪ ،‬بما ف ي� ذلك القطط‬ ‫عىل‬ ‫ي‬ ‫حد سواء ‪ -‬وعىل الثعالب‬ ‫ال�ية والمستأنسة عىل ٍّ‬ ‫ ب‬‫وغ�ها‬ ‫والذئاب وعديد من الزواحف‪ ،‬وكذلك النسور ي‬

‫ن‬ ‫ت‬ ‫كث�اً وستتقلص دائرة‬ ‫ال�‬ ‫ستعا� ي‬ ‫ي‬ ‫من الطيور الجارحة ي‬ ‫انتشارها‪.‬‬ ‫أ‬ ‫اص� سيخلخل‬ ‫والهم من ذلك كله‪ ،‬فإن اختفاء الرص ي‬ ‫نظاماً يعنينا جميعاً‪ ،‬يُعرف بدورة ت‬ ‫الني� ي ن‬ ‫وج�‪ .‬إذ‬ ‫اص� تتغذى عىل المواد العضوية‬ ‫إن معظم الرص ي‬ ‫المتحللة‪ ،‬والمحتوية عىل كميات عالية من عنرص‬ ‫اص� إخراج هذا ت‬ ‫ت‬ ‫الني� ي ن‬ ‫الني� ي ن‬ ‫وج�‬ ‫وج�‪ .‬وتعيد الرص ي‬ ‫مع فضالتها ليعود إىل ت‬ ‫ال�بة فتتغذى عليه النباتات‪.‬‬ ‫اص� سيكون له أثر عميق‬ ‫وهكذا فإن انقراض الرص ي‬ ‫عىل صحة الغابات وبالتال عىل جميع أ‬ ‫النواع ال�ت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫تعيش بها‪.‬‬ ‫بترصف عن مقالة‪:‬‬ ‫?‪What If There Were No Cockroaches‬‬ ‫موقع‪livescience.com :‬‬


‫اإليموجي‬ ‫والتواصل‬ ‫بواسطة الرموز‬

‫أمين نجيب‬

‫حياتنا اليوم‬

‫أهي عودة إلى‬ ‫ما قبل اللغة؟‬

‫يبدو أن عصر الصورة ال يزال يتحفنا‬ ‫بظواهره الجديدة‪ ،‬وآخر إبداعاته‪:‬‬ ‫«اإليموجي»‪ ،‬أو الصورة ‪ -‬الحرف‪.‬‬ ‫واإليموجي هذا هو فن يتألف من‬ ‫رسوم رمزية مختلفة تعبِّ ر عن المشاعر‬ ‫واألشياء‪ .‬وقد انطلق هذا التعبير من‬ ‫اليابان منذ بضع سنوات ليعم استخدامه‬ ‫العالم بأسره‪ ،‬وكأنه لغة كونية جديدة‬ ‫ً‬ ‫يوميا‪.‬‬ ‫يتخاطب بها الماليين‬


‫‪41 | 40‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫بدءاً من عام ‪2012‬م‪ ،‬عندما‬ ‫تب َّنت شركة «أبل» ألول مرة هذه‬ ‫اليقونات في جهاز آ‬ ‫أ‬ ‫اليفون «آي‬ ‫أو إس ‪ ،»5‬وتبعتها الحقاً معظم‬ ‫شركات الهواتف أ‬ ‫واللواح الذكية‪،‬‬ ‫قل نظيرها‪ ،‬توصف أحياناً‬ ‫تلقفها الجمهور بحماسة ّ‬ ‫الحصاءات إلى أن‬ ‫اليموجي‪ .‬وتشير بعض إ‬ ‫بحمى إ‬ ‫معظم السكان في الدول المتقدمة يستخدمون هذه‬ ‫الرموز‪ ،‬خاصة جيل أ‬ ‫اللفية الجديدة منهم‪.‬‬ ‫الشارة إلى أن‬ ‫ولفهم انتشار هذه الظاهرة‪ ،‬ال َّبد من إ‬ ‫أي كاتب‪ ،‬مهما كان طويل الباع في اللغة وقواعدها‬ ‫أو متواضعاً‪ ،‬ال َّبد أن يشعر أحياناً بالحيرة أو الضيق‬ ‫عند اختيار الكلمات المناسبة للتعبير عن مشاعره أو‬ ‫وصف أ‬ ‫الشياء التي يكتب عنها‪ .‬كيف هو حال أولئك‬ ‫الذين يفتقرون إلى أية خبرات أو تجارب في الكتابة‪،‬‬ ‫ويعانون من فقر مفرداتهم؟ كما هو حال معظم‬ ‫اللكترونية؟‬ ‫الذين يتواصلون على المواقع إ‬ ‫وفي عصر السرعة هذا‪ ،‬ال وقت للتأمل أو التفكير‪.‬‬ ‫هكذا يمكننا بكل سهولة تخيل معاناة الجيل الجديد‬ ‫اليموجي تشكل ِهبة من السماء لهم؛ ال‬ ‫المستمرة‪ .‬إ‬ ‫حيرة أو معاناة بعد اليوم‪.‬‬

‫المفردة وتاريخها‬

‫اليموجي تعبير ياباني مؤلف من كلمتين‪« :‬إي»‬ ‫إ‬ ‫وتعني صورة‪ ،‬و«موجي» وتعني حرفاً‪ .‬والمصمم‬

‫في البداية‪ ،‬أخذ مشغلو شبكات الهاتف النقال‬ ‫اليموجيات من كوريتا سنة ‪2010‬م‪.‬‬ ‫اليابانية هذه إ‬ ‫ومنذ ذاك التاريخ‪ ،‬بدأت بعض هذه الرموز تدرج في‬ ‫نظام «يونيكود» أ‬ ‫المريكي الموحد ألحرف الفهرسة‬ ‫على الشبكة‪.‬‬ ‫واليونيكود هي مؤسسة غامضةُ النشأة‪ ،‬وال تحمل‬ ‫أية صفة رسمية‪ .‬لكنها اكتسبت إجماعاً عالمياً‬ ‫شعبياً تلقائياً‪ .‬وتبنت قراراتها جميع شركات أجهزة‬ ‫االتصاالت‪ .‬ويقول مارك دايفس‪ ،‬أحد المؤسسين‪،‬‬ ‫إن هذه المنظمة شفافة وتضم مديرين من عمالقة‬ ‫التكنولوجيا مثل «أبل» و«غوغل» و«فيسبوك»‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫تضع اليونيكود الفكرة والتصميم العام‬ ‫للإ يموجي‪ .‬أما التفاصيل كاللون وبعض الخطوط‬ ‫الثانوية فهي تختلف بين جهاز وآخر‪ .‬فإذا أرسلت‬ ‫قلباً أصفر من جهاز «آيفون» مثالً‪ ،‬يظهر على‬ ‫«أندرويد» الطرف آ‬ ‫الخر بشكل قلب وردي مع‬ ‫بعض االختالف‪.‬‬

‫أ‬ ‫الساسي للإيموجي هو الياباني شيغيتاكا كوريتا الذي‬ ‫الولى من الرموز التعبيرية أ‬ ‫استلهم رسومه أ‬ ‫للحوال‬ ‫الجوية وتوقعاتها‪ ،‬كما استلهمها أيضاً من «المانغا»‪.‬‬ ‫والمانغا هي رسوم كاريكاتورية هزلية‪ .‬ولها تاريخ‬ ‫عريق في اليابان تطور الحقاً ليشمل مواضيع متنوعة‬ ‫أخرى‪ .‬ويقرأ المانغا في اليابان كافة فئات الشعب‬ ‫من كل أ‬ ‫العمار والطبقات‪ .‬كما أنها شائعة إلى درجة‬ ‫أ‬ ‫أن عائداتها السبوعية في اليابان تعادل العائدات‬ ‫السنوية لصناعة القصص المصورة أ‬ ‫المريكية جميعها‪.‬‬

‫اليموجيات‬ ‫وتطلق المنظمة كل فترة مجموعة من إ‬ ‫بعد التصويت عليها‪ .‬وتستعد المنظمة آ‬ ‫الن إلطالق‬ ‫عدة رموز رياضية لتسهيل الرسائل النصية في دورة‬ ‫اللعاب أ‬ ‫أ‬ ‫الولمبية المقبلة‪.‬‬ ‫ومنذ انطالقتها سنة ‪2012‬م وتطورها السريع بعد‬ ‫اليموجي تحل محل اللغات العامية‬ ‫ذلك‪ ،‬أخذت إ‬ ‫والمصطلحات والمختصرات العديدة التي شاعت‬ ‫على مواقع التواصل المختلفة حتى ذلك الحين‪.‬‬ ‫والمستقبل الواعد لهذه الرموز هو أنها أصبحت‬ ‫تشكِّل نوعاً من لغة شبه عالمية تحتاجها مواقع‬ ‫التواصل حاجة ماسة‪.‬‬

‫فبالضافة إلى يونيكود‪ ،‬يوجد على الشبكة موقع‬ ‫إ‬ ‫مرجعي للإيموجي اسمه «إيموجيبيديا»‪ .‬وهي نوع من‬ ‫موسوعة لهذه الرموز المستعملة‪ ،‬تسجل التغيرات‬ ‫اليموجيات وعلى معانيها الصادرة عن‬ ‫الحاصلة على إ‬ ‫«يونيكود»‪ .‬ويزور هذا الموقع نحو مليون شخص‬ ‫اليموجيبيديا أطلقت ما يعرف بـ‬ ‫أسبوعياً‪ .‬كما أن إ‬ ‫اليموجي العالمي» والموافق في ‪ 17‬يوليو من‬ ‫«يوم إ‬ ‫كل سنة‪.‬‬

‫عودة إلى أصل الكتابة؟‬

‫النسان الكتابية‬ ‫الجدير بالذكر أن أولى محاوالت إ‬ ‫أ‬ ‫هي أيضاً كانت عن طريق الرموز التصويرية كالحرف‬ ‫الهيروغليفية المصرية القديمة‪ .‬لكن تلك الرموز‬ ‫القديمة احتاجت عدة قرون لكي تترسخ كوسيط‬


‫للتواصل في ذلك الزمن الغابر‪ ،‬بالمقارنة مع‬ ‫السرعة المذهلة لالنتشار الواسع للإيموجي‪ .‬وانتظر‬ ‫نظام الكتابة أ‬ ‫البجدية ألفي عام بعد ذلك‪ ،‬ليظهر‬ ‫مع الفينيقيين منذ حوالي ‪ 3200‬عام‪ .‬ومن ثم‬ ‫توالت بعد حين‪ ،‬محاوالت عديدة من المفكرين‬ ‫والقادة لتشكيل لغة عالمية تكون جسراً للتفاعل‬ ‫بين كافة البشر‪ .‬أولى هذه المحاوالت كانت على‬ ‫يد الكاتب والفيلسوف أ‬ ‫اللماني «هيلديغارد أوف‬ ‫بينجن» وسميت «لينغيوا إغنوتا» في القرن الثاني‬ ‫عشر‪ .‬وظهرت في القرن السابع عشر في الشرق‬ ‫أ‬ ‫«السبرينتو»‬ ‫الوسط لغة «البليبالن»‪ .‬ثم ظهرت إ‬ ‫و«البليسيمبوليك»‪ ،‬لكنها جميعاً باءت بالفشل‪.‬‬ ‫اليموجي إلى هذه العائلة بوصفها لغة‬ ‫وتنتمي إ‬ ‫عالمية‪ .‬لكن عمرها القصير الذي ال يتعدى سنوات‬ ‫أربعاً ال يسمح لنا بالحكم على بقائها واستمرارها‪.‬‬

‫تعدد أشكالها‬

‫اليموجيات التي تستوحي‬ ‫يوجد عدد كبير من إ‬ ‫أ‬ ‫مواضيعها من أشياء مختلفة ومتنوعة كالماكن‬ ‫والحيوانات وأحوال الطقس وكثير من تعابير الوجه‪.‬‬ ‫الخيرة هي أ‬ ‫ولكن هذ أ‬ ‫الكثر انتشاراً في العالم وعلى‬ ‫كافة أ‬ ‫الجهزة‪ ،‬رغم اختالف بعض تفاصيلها بين جهاز‬ ‫وآخر‪:‬‬ ‫‪ - 1‬وجه مع دموع الفرح كما يظهر على جهاز «أبل ‪-‬‬ ‫آي أو اس ‪.»9.1‬‬ ‫ اليموجي نفسه كما يظهر على «غوغل – أندرويد‬ ‫‪ -2‬إ‬ ‫‪.»5‬‬ ‫‪ - 3‬نفسه كما يظهر على «مايكروسوفت ويندوز ‪.»10‬‬ ‫‪ - 4‬كما يظهر على «سامسونغ غاالكسي إس ‪.»5‬‬ ‫اليموجي على‬ ‫واختار قاموس أوكسفورد هذا الرمز إ‬ ‫أساس أنها الكلمة المختارة لسنة ‪2015‬م‪.‬‬

‫مقارنتها مع اللغات‬

‫أجرت مجلة نيوزويك مقارنة بين انتشار اللغة‬ ‫اليموجي حالياً‪ .‬وكانت‬ ‫النجليزية تاريخياً وانتشار إ‬ ‫إ‬ ‫ً‬ ‫نتيجتها «مهولة» حسب وصف المجلة‪ .‬انطالقا من‬ ‫موطنها أ‬ ‫الصلي في بلد صغير‪ ،‬من جزيرة صغيرة‪،‬‬ ‫النجليزية من االنتشار في أصقاع‬ ‫تمكنت اللغة إ‬ ‫أ‬ ‫الرض كلغة عالمية أولى‪ .‬إذ يبلغ عدد الناطقين‬ ‫أ‬ ‫بالنجليزية ‪ 335‬مليون نسمة‪ ،‬وهناك‬ ‫الصليين إ‬ ‫حوالي ‪ 505‬ماليين يتكلمونها كلغة ثانية‪ .‬أما بحسب‬ ‫إحصائية الصحيفة‪ ،‬فهناك حوالي ‪ 41‬مليار رسالة‬ ‫نصية ترسل كل يوم حول العالم على أ‬ ‫الجهزة‬ ‫ُ‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫اللكترونية الذكية‪ ،‬من ضمنها حوالي ‪ 6‬مليارات‬ ‫إ‬ ‫ً‬ ‫رسالة تتضمن واحدا من هذه الرسوم التعبيرية‬ ‫على أ‬ ‫القل‪ ،‬أو تتألف منها فقط‪ .‬وهذا رقم مذهل‬ ‫النجليزية قزماً أمامها‪ .‬يقول‬ ‫يجعل انتشار اللغة إ‬ ‫مارك دايفس‪ ،‬وهو أحد مديري منظمة «يونيكود»‬ ‫اليموجي ليست لغة جديدة‪ ،‬لكنها‬ ‫السالفة الذكر إن إ‬ ‫تحمل في طياتها إمكانية أن تصبح كذلك‪ .‬ويخالفه‬ ‫اليموجي‬ ‫في الرأي تايلر شنوبلن االختصاصي في إ‬ ‫من جامعة ستانفورد حيث يقول إنها تعمل كنظير‬ ‫للكتابة عن طريق لغة حركة الجسد‪ .‬والغريب في‬ ‫اليموجي‪ ،‬هو أن دايفس نفسه يقول إنها‬ ‫موضوع إ‬ ‫رغم انتشارها الواسع فإن معناها يختلف بين شخص‬ ‫وآخر‪ .‬فإذا كانت هذه هي الحال‪ ،‬فما هو السر في‬ ‫وتيرة انتشارها المتزايدة؟‬ ‫النجليزية في القرن‬ ‫ولكن‪ ،‬ألم تكن هذه حالة اللغة إ‬ ‫السادس عشر؟ كثير من الكلمات كانت تكتب دون أي‬ ‫تدقيق إمالئي‪ .‬وكثير من المفردات ال تزال حتى يومنا‬ ‫تكتب بطرق مختلفة‪ .‬ويقال إن شكسبير نفسه كان‬ ‫يكتب اسمه بشكل مختلف من وقت آلخر‪ .‬أما عالمات‬ ‫الترقيم فقد كانت في فوضى عارمة‪ .‬ولم تستقر حتى‬

‫مجيء آلة الطباعة التي فرضت قواعد لالستخدام‬ ‫القياسي‪ .‬وهكذا في النهاية سي َت َشكل مع الوقت فهم‬ ‫عالمي للإيموجي‪ .‬وفي مقابلة مع المصمم أ‬ ‫الساسي‬ ‫للإيموجي الياباني شيكيتاغا كوريتا‪ ،‬يعترف الرجل‬ ‫بفقدان هذا الفهم المشترك‪ ،‬ويقول إن حلمه هو‬ ‫حصول ذلك‪.‬‬

‫والعالن‬ ‫اليموجي إ‬ ‫إ‬

‫نظراً إلى أن نسبة عالية من السكان أصبحت‬ ‫اليموجية باستمرار‪ ،‬كما تشير نتائج‬ ‫تستعمل الرموز إ‬ ‫الحصاءات في بلدان عديدة‪ ،‬سارعت شركات إعالن‬ ‫إ‬ ‫كثيرة إلى إعادة النظر بطرق عملها لتتالءم مع هذه‬ ‫الموجة الجديدة‪.‬‬ ‫فقد أجرى البروفيسور فيف إفانس أستاذ اللسانيات‬ ‫في «جامعة بانغلور» دراسة حول هذا الموضوع‪،‬‬ ‫أظهرت أن ‪ 8‬من ‪ 10‬أشخاص من البريطانيين‬ ‫قد استعملوا هذه التقنية‪ .‬وأن معظم الناس‬ ‫يجدونها أسهل للتعبير عن المشاعر من الكلمات‪،‬‬ ‫وتبين إحصائية أجرتها شركة‬ ‫خاصة النساء أ منهم‪ِّ .‬‬ ‫المريكية للإعالن تحت عنوان «تقرير‬ ‫«إيموجي»‬


‫‪43 | 42‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫إيموجي ‪ ،»2015‬أن ‪ %33.5‬من عدد مستخدمي‬ ‫النترنت يستعملون اليموجي عدة مرات أ‬ ‫بالسبوع‪،‬‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫و‪ %30.4‬عدة مرات في اليوم‪ %15.9 ،‬عدة مرات‬ ‫في الشهر‪ ،‬و‪ %12.5‬عدة مرات في السنة و‪%7.6‬‬ ‫مرة واحدة بالسنة‪ .‬ويقول ترافيس مونتاك‪ ،‬أحد‬ ‫المديرين في هذه الشركة‪ ،‬إنهم أجروا إحصا ًء آخر‬ ‫حول استعمال المستهلكين للإيموجي بواسطة أجوبة‬ ‫اليموجي نفسه‪ ،‬أظهر أنها أيضاً تس ِّهل‬ ‫تستعمل إ‬ ‫على المستهلكين تزويد أجوبتهم للمعلنين بها‪ ،‬حيث‬ ‫يتمكنون من تحسين مبادراتهم التسويقية بشكل‬ ‫أفضل‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫النترنت‪،‬‬ ‫ولن جيل اللفية الجديدة الذي نشأ على إ‬ ‫يختلف اختالفاً كبيراً عن الجيل الذي سبقه من‬ ‫ناحية االهتمامات‪ ،‬وجد المسوقون أن «كل ما كانوا‬ ‫العالن ال معنى له»‪ ،‬كما تقول لورا‬ ‫يعرفونه عن إ‬ ‫العالنية‪.‬‬ ‫ديسموند مديرة «ستاركوم ميديا ويست» إ‬ ‫فهذا الجيل ال يشاهد التلفزيون التقليدي‪ ،‬وليست‬ ‫لديه عادة قراءة الصحف والمجالت المطبوعة‪ .‬كما‬ ‫العالنات التجارية على الشبكة‪ ،‬ويمنع‬ ‫أنه يتخطى إ‬ ‫العالن والدعاية على متصفحات الهواتف‪« .‬إن‬ ‫إ‬ ‫عما نعرفه ودرسناه‬ ‫عالم هذا الجيل مختلف تماماً َّ‬ ‫في الماضي» تضيف ديسموند‪ .‬إن فترة اهتمامه‬ ‫تميل إلى أن تكون قصيرة وتتر َّدد بسرعة بين الهواتف‬ ‫الذكية أ‬ ‫والجهزة اللوحية‪ ،‬وال يتسامح مع الدعاية‬ ‫التقليدية‪ .‬لهذه أ‬ ‫السباب بدأ المعلنون يتسابقون‬ ‫إلى التكيف مع عادات هذا الجيل‪ ،‬وإيجاد طرق‬ ‫العالن‬ ‫جديدة للتواصل معهم‪ ،‬والتخلي عن عادات إ‬ ‫التقليدية‪.‬‬

‫على هذا أ‬ ‫الساس‪ ،‬بدأت بعض العالمات التجارية‬ ‫اليموجي الشائعة‪.‬‬ ‫محاولة معرفة استخدام هذه إ‬ ‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬أطلقت شركة «جنرال‬ ‫إلكتريك» حملة إعالنية على «سناب تشات» تسمح‬ ‫للمستخدمين إرسال إيموجيات إليها‪ .‬كما أصبح‬ ‫زبائن شركة بيتزا «دومينو» بإمكانهم طلب منتجاتها‬ ‫اليموجي‪ .‬وأطلقت مطاعم «بيرغر كينغ»‬ ‫بواسطة إ‬ ‫لوحة مفاتيح إيموجية لمنتجاته لتسهل على الزبائن‬ ‫طلباتهم‪ .‬وهناك كثير من الشركات التي أخذت تتبع‬ ‫نفس الخطوات‪ .‬لقد بدأت هذه الرموز الجديدة‬ ‫تكتسب مكاناً في روح العصر الثقافية‪ .‬وتؤكد هذه‬ ‫الحقيقة إحصائية قامت بها شركة «كاري كانينغ‬ ‫للإعالن والعالمة التجارية» التي استنتجت بدورها‬ ‫أن هذه أ‬ ‫اليقونات تصبح مع الوقت أداة االتصال‬ ‫المفضلة لدى معظم التركيبات السكانية‪ ،‬وأن‬ ‫َّ‬ ‫المستهلكين ينجذبون إلى أ‬ ‫النواع المرحة منها‪.‬‬

‫اليموجي في المعارض‬ ‫إ‬

‫أقيم أول معرض فني للإيموجي سنة ‪2013‬م في‬ ‫مدينة نيويورك‪ .‬وكان الهدف من المعرض اكتشاف‬ ‫عالقة العواطف بالكمبيوتر والثقافة الشعبية‬ ‫وأهميتها في التفاعل بين الناس‪.‬‬ ‫وآخر المعارض أقيم في «أرك إنيمي أرتس» في‬ ‫فيالدلفيا‪ .‬وكان هدف المعرض‪ ،‬كما يقول مديره‬ ‫اليموجي‬ ‫«باتريك شيلين»‪ ،‬إلقاء الضوء على قدرة إ‬ ‫على نقل العواطف عبر اللغات المختلفة‪.‬‬

‫مغامرات إيموجية‬

‫وال تخلو أي ظاهرة جديدة من المبالغة‪ .‬وفي هذا‬ ‫السياق‪ ،‬يحاول «توم سكوت» البريطاني صنع لوحة‬ ‫مفاتيح إيموجية‪ ،‬بحيث يستغني كلياً عن استخدام‬ ‫الكلمات‪ .‬فقد سحب سكوت حوالي ألف إيموجي‬ ‫مختلفة ووضعها على ‪ 14‬لوحة مفاتيح موصولة إلى‬ ‫كمبيوتر محمول‪ .‬وقال إن في هذا العمل كثيراً من‬


‫أما اللغوي ون ماكهورتر فيرى أنه «ال يمكنك أن‬ ‫تتواصل بأيقونات المشاعر فقط‪ .‬عليك أن تعرف عما‬ ‫تتحدث عنه‪ ،‬ماذا حدث‪ ،‬ومتى‪ ..‬أيقونات المشاعر ال‬ ‫تقوم بذلك»‪.‬‬

‫النفس تؤيد هذه الرموز‪ .‬وإن الشكوى من أن‬ ‫اليموجي هي «نهاية اللغة» تظهر عادة كتعليق في‬ ‫إ‬ ‫أسفل المقاالت وليس في صلبها‪ .‬لقد فاق انتشارها‬ ‫واليموجي‬ ‫العالمي منتج «والت ديزني» ميكي ماوس‪ .‬إ‬ ‫صغيرة في الحجم لكنها ضخمة في التأثير‪ ..‬في كل‬ ‫أ‬ ‫الحوال لقد أصبحنا مدمنين بغرابة عليها»‪.‬‬

‫المرح في محاولة للتوصل إلى قصة‪ ،‬تروى بلغة‬ ‫الرموز التعبيرية‪ ،‬بدال ً عن الكلمات القديمة المملة‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن الفكرة تبدو جنونية‪ ،‬هناك بعض‬ ‫أ‬ ‫السباب العقالنية وراء هذه الملصقات‪ .‬وفي كل‬ ‫أ‬ ‫الحوال‪ ،‬ألم توصف بعض االكتشافات الكبيرة‬ ‫بالجنونية في بدايتها؟‬

‫اليموجي متباينة‬ ‫المواقف من إ‬

‫اليموجي‪ ،‬لكن معظمها‬ ‫هناك آراء متباينة حول قيمة إ‬ ‫يؤيد استعمالها وانتشارها‪ .‬غير أن صحيفة الغارديان‬ ‫انتقدت مؤخراً وبشدة‪ ،‬اختيار قاموس أكسفورد‬ ‫أيقونة إيموجي ذات الوجه مع دموع الفرح ككلمة‬ ‫السنة‪ .‬وذلك بمقالة كتبتها هانا باركينسون التي‪،‬‬ ‫رغم ذلك‪ ،‬أوردت رأي مدير مؤسسة أكسفورد غاسبر‬ ‫اليموجي أصبحت شعبية‬ ‫غراثوهل القائل «إن ثقافة إ‬ ‫حد أن كل صورة منها أخذت مساراً تطورياً خاصاً‬ ‫إلى ّ‬ ‫أ‬ ‫بها»‪ .‬والجدير بالذكر أن كلمة إيموجي دخلت لول‬ ‫مرة إلى قاموس أكسفورد سنة ‪2013‬م‪ .‬وتفضل‬ ‫باركينسون أن تكون المفردة المختارة كلمة عادية من‬ ‫أحرف أبجدية‪ .‬لكن نقدها تمحور الحقاً حول أن‬ ‫هناك إيموجيات أفضل من الوجه مع دموع الفرح‪،‬‬ ‫الذي «جعل وجهي يدمع من الحزن» كما تقول‪.‬‬ ‫ومع أن استعمال هذه الرموز يبدو أحياناً مضحكاً‪،‬‬ ‫تقول ماري مان الكاتبة في مجلة «ميديوم»‪ ،‬التي‬ ‫اليموجي بكثافة مع أصدقائها‪،‬‬ ‫تستخدم هي نفسها إ‬ ‫إن جاذبيتها تجعل الحديث عنها صعباً‪ ،‬تماماً‬ ‫كالتحدث إلى طفل ال يزال صوته في مرحلة النمو‬ ‫أ‬ ‫الولى‪ .‬وأن نجعل من هذه الرسوم وعا ًء حامال ً‬ ‫للعواطف هو أمر محرج‪ ..‬لكنها في الواقع فرضت‬ ‫نفسها شكال ً عالمياً مفهوماً للتواصل‪ .‬وتضيف «إن‬ ‫النسانية واللغوية وعلم‬ ‫معظم دراسات العلوم إ‬

‫اليموجي بقولها‬ ‫وتعلِّق‬ ‫المصممة ليزا نيلسون على إ‬ ‫ِّ‬ ‫«اليموجي تعني كل شيء‪ ،‬وال تعني شيئاً في الوقت‬ ‫إ‬ ‫نفسه»‪ .‬هل هي مثيرة للسخرية؟ حيث إنها تحولنا‬ ‫إلى نوع من البشر البدائيين كالنياندرتال الذي يتحرك‬ ‫بالغريزة؟ أم هي رائعة توفر لنا وسيطاً عالمياً‬ ‫والبداع؟ إنها غبية جداً لكنها‬ ‫للتعبير عن العواطف إ‬ ‫أفضل شيء حصل لجيلنا»‪.‬‬ ‫في الوقت نفسه‪ ،‬ال تتعارض آراء بعض أ‬ ‫الكاديميين‬ ‫واالختصاصيين مع الك َّتاب الصحفيين أعاله‪ .‬فقد‬ ‫وجد الدكتور أوين تشيرشيس‪ ،‬عالم النفس الذي‬ ‫اليموجي‪« ،‬أن ردة الفعل‬ ‫درس استخدامات وتأثير إ‬ ‫اليموجي هي نفسها وكأنها‬ ‫الشعورية الصادرة عن إ‬ ‫صادرة عن وجه إنسان حقيقي»‪ .‬ويشرح أنه مع‬ ‫الوقت‪ ،‬تعتاد عقولنا على إدراك الرمز‪ ،‬سعيداً كان‬ ‫أو حزيناً‪ ،‬ونكتسب القدرة على الشعور بالعاطفة‬ ‫اليموجي تعطينا قدرة فريدة إلضفاء‬ ‫نفسها‪« .‬إن إ‬ ‫مسحة إنسانية على االتصاالت الرقمية»‪ .‬أما اللغوي‬ ‫بن زيمر‪ ،‬فيرى أن «الغرب القاسي يأخذنا إلى عصر‬ ‫اليموجي‪ .‬الناس يصنعون القواعد (اللغوية) وهم‬ ‫إ‬ ‫يتحركون‪ ،‬هذا طبيعي‪ .‬لقد حلم فرانسيس بايكون‬ ‫وجون ميلكينز بتطوير لغة بصرية بإمكانها أن تأخذنا‬ ‫إلى عصر ما قبل بابل»‪ .‬كما حاول سنة ‪1982‬م‬ ‫عالم الكمبيوتر «سكوت فهلمان» الشيء نفسه‪ ،‬لحل‬ ‫مشكلة سوء الفهم والفوضى التي سادت الشبكة في‬ ‫النترنت‪.‬‬ ‫أوائل انتشار الرسائل على إ‬ ‫فهل العودة إلى الكتابة بالرموز التصويرية هي‬ ‫عودة للوراء؟ بن زيمر ال يراها كذلك‪ .‬هو يعتقد‬ ‫اليموجي «تعتمد بشكل أساسي على أيقونات‬ ‫أن إ‬ ‫المشاعر التي تؤدي المطلوب جيداً»‪ .‬وال يرى‬ ‫أنها تستطيع تهديد اللغة المكتوبة‪ ،‬بل إغناءها‪.‬‬ ‫«فأيقونات المشاعر تستطيع نقل أ‬ ‫المزجة المختلفة‬ ‫بشكل جيد دون بذل كثير من الجهد»‪.‬‬

‫اليموجي تأييداً قوياً من أستاذ العلوم‬ ‫وتلقى إ‬ ‫الدراكية في جامعة هارفارد ومؤلف عدة كتب على‬ ‫إ‬ ‫الئحة أ‬ ‫الكثر مبيعاً ستيفن بينكر حيث يقول‪« :‬ما‬ ‫تفعله هذه الوجوه المبتسمة بشكل خاص هي‬ ‫التعبير عن السخرية‪ ،‬والخفة ذات أ‬ ‫الهمية الحاسمة‬ ‫لنقل ما نريد قوله‪ .‬الكتابة النصية تجعل ذلك‬ ‫ملتبساً»‪.‬‬ ‫لكن هناك آراء معارضة‪ .‬فلعالم الكمبيوتر‬ ‫البروفيسور سكوت فهلمان السابق ذكره موقف‬ ‫متحفظ على انتشار اليموجي‪ ،‬أ‬ ‫«لنها تدمر التحدي‬ ‫إ‬ ‫في محاولة إيجاد طريقة إبداعية للتعبير‪ ،‬وتجعلنا‬ ‫كسالى في اتصاالتنا»‪.‬‬ ‫أما المصمم الغرافيكي المعروف مايكل بيروت‬ ‫فيقول في مقابلة مع صحيفة «وول ستريت‬ ‫اليموجي مرعبة وبال روح‪.‬‬ ‫جورنال»‪« :‬إنني أجد إ‬ ‫اليموجي‬ ‫إذا اعتبرنا وليم شكسبير على طرف‪ ،‬فإن إ‬ ‫ستكون على الطرف النقيض‪ .‬ولو كان باستطاعة‬ ‫واحدنا أن يضيف شيئاً إلى الرسم ألضفينا عليه‬ ‫بعض الخصوصية‪ ،‬وليس كما هو آ‬ ‫الن‪ ،‬نسخة‬ ‫واحدة من إنتاج ضخم مصنوع للجميع»‪.‬‬

‫الصورة ووعودها‬

‫جاء في أول تعليق لصحيفة «نيويورك تايمز» على‬ ‫مشاهدة أول أفالم السينما عام ‪1895‬م في باريس‪:‬‬ ‫«لم يعد التصوير يسجل الجمود‪ ،‬إنه يديم صورة‬ ‫الحركة‪ .‬وعندما تصبح هذه أ‬ ‫الدوات في متناول‬ ‫العامة‪ ،‬ويتمكن أي شخص من تصوير أحبائه‪ ،‬ليس‬ ‫فقط بوضعهم الجامد ولكن مع الحركة والعمل‬ ‫واليماءات المألوفة والكلمات من أفواههم‪ ،‬فهذا‬ ‫إ‬ ‫ً‬ ‫يعني أن الموت لم يعد مطلقا ونهائياً»‪.‬‬ ‫مع بداية عصر الصورة كانت التوقعات كبيرة‪.‬‬ ‫اليموجي‬ ‫هل بهذه الظاهرة الجديدة‪ ،‬أي صورة إ‬ ‫الجامدة‪ ،‬نعود إلى عصر ما قبل السينما؟ أو حتى‬ ‫إلى ما قبل أ‬ ‫البجدية؟ أم هي لغة عصرية جديدة‬ ‫ال تنطبق عليها مفاهيم وقيم سابقة على عصر‬ ‫التواصل الحديث على الخط وعبر الشبكة؟‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪45 | 44‬‬

‫حياتنا اليوم‬

‫الهندسة االجتماعية هو االسم الذي‬ ‫يطلق على نمط من «االحتيال» يقوم على‬ ‫استغالل نقاط الضعف في ذهن الضحية‪.‬‬ ‫وبات هذا الشكل من اختراق الخصوصيات‬ ‫والمعلومات التي يفترض فيها أن تكون‬ ‫ً‬ ‫جيدا‪ ،‬موضع دراسات علمية‬ ‫محمية‬ ‫تحاول الكشف عن وسائله وأسلحته‪ ،‬لما‬ ‫يتضمنه من مخاطر على أمن الشركات‬ ‫واألعمال بشكل خاص‪ .‬حتى إن البعض‬ ‫يرى أن خطورة المهندسين االجتماعيين‬ ‫باتت تفوق خطورة قراصنة المعلومات‬ ‫اإللكترونية‪.‬‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫د‪ .‬مرام عبد الرحمن َّ‬ ‫مكاوي‬

‫الهندسة‬ ‫االجتماعية‬

‫فن اختراق العقول!‬


‫قد يستغرق اكتساب المهاجم‬ ‫الثقة المرجوة من الضحية‬ ‫ً‬ ‫أياما أو أسابيع أو‬ ‫ساعات أو‬ ‫ً‬ ‫أشهرا متواصلة للتخطيط لهذه‬ ‫الهجمات‬

‫يقرر اقتحام شركة‬ ‫كيف يمكن لشخص أن ِّ‬ ‫شحن‪ ،‬وينجح بطريقة سلمية وباستخدام‬ ‫الدنى من المهارات التقنية؟ بدأ أ‬ ‫الحد أ‬ ‫المر‬ ‫ِّ‬ ‫النترنت‪ ،‬عرف‬ ‫بإجراء بحث عن الشركة عبر إ‬ ‫اللص من خالله رقم المسؤول عن الموارد‬ ‫البشرية‪ .‬وبعد مكالمة هاتفية عرف منه أسماء‬ ‫الشخاص أ‬ ‫أ‬ ‫الهم في الشركة‪ ،‬وبعض أسماء الموظفين في أقسام‬ ‫معينة‪ ،‬وأن أحد المديرين التنفيذيين في إجازة‪ .‬وصل إلى مقر‬ ‫َّ‬ ‫الشركة‪ ،‬وبلغة الواثق وبأسلوب لطيف وهو يحمل بطاقة عمل‬ ‫مزورة‪ ،‬ا َّدعى نسيان مفتاحه‪ .‬فسمح له الحارس بالدخول‪ .‬وعند‬ ‫وصوله إلى الدور الذي يعمل فيه الموظفون ا َّدعى نسيان بطاقات‬ ‫العمل تلك‪ ،‬الزمالء اللطفاء أدخلوه‪ .‬وجد مكتب المدير المجاز غير‬ ‫مغلق لغرض التنظيف‪ ،‬فاتصل من تحويلة هذا المكتب بالقسم‬ ‫التقني‪ ،‬وقال لموظف لم يسبق له التعامل مع المدير إنه يواجه‬ ‫سر الموظف الصغير لمساعدة‬ ‫مشكلة في نسيان كلمة المرور‪َّ ،‬‬ ‫سر جديدة‪ ،‬شكره المدير‬ ‫المدير‪ ،‬وساعده في الحصول على كلمة ٍّ‬ ‫(المهاجم)‪ ،‬وقام بجمع ما يحتاجه من معلومات‪ ،‬قبل أن يغادر‬ ‫بكل هدوء ودون إثارة الريبة بعد تحقيق هدفه‪ .‬مرحباً بكم في‬ ‫عالم الهندسة االجتماعية!‬

‫الهندسة االجتماعية‪ ..‬ما هي؟‬

‫حين يأتي الحديث عن منظومة أمن المعلومات فإن أول ما يتبادر‬ ‫أ‬ ‫اللكترونية الخاصة بها‪:‬‬ ‫إلى أذهان كثيرين هي البرامج والنظمة إ‬ ‫برامج الحماية من االختراق والفيروسات والجدران النارية وغيرها‪.‬‬ ‫متناسين أن العامل أ‬ ‫الهم في أي منظومة أمنية‪ ،‬إلكترونية أو‬ ‫أ‬ ‫غيرها‪ ،‬هو العنصر البشري‪ ،‬وهو في الوقت نفسه العامل الضعف‬ ‫فيها‪ ،‬إذ ال يمكن «برمجته» وضمان عدم ارتكابه أ‬ ‫للخطاء‪.‬‬ ‫تقوم الهندسة االجتماعية (‪ )Social Engineering‬على مجموعة‬ ‫من التقنيات المستخدمة لجعل الناس يؤدون عمال ً ما يفتح ثغرة‬ ‫أمنية أو يفضون بمعلومات سرية‪ .‬وقد تستخدم في عمليات‬ ‫النترنت أو على أرض الواقع‪ ،‬وتركز بشكل أساسي على‬ ‫احتيال عبر إ‬ ‫النسان‪ ،‬واستغالل نقاط ضعفه للحصول على المعلومات‬ ‫مهاجمة إ‬

‫المهمة‪ ،‬التي تمكن المهندس االجتماعي (المهاجم) من اختراق‬ ‫المباني أو أ‬ ‫النظمة أو الحسابات لتحقيق منافع معنوية أو مادية‬ ‫أو أمنية‪ .‬وذلك دون الحاجة إلى مهارات تقنية عالية كما هي الحال‬ ‫في «الهاكرز» و«الكراكرز» الذين غالباً ما يتميزون بمهارات برمجية‬ ‫ولديهم معرفة حاسوبية واسعة بالعتاد وأنظمة التشغيل والشبكات‬ ‫وثغراتها أ‬ ‫المنية المرتبطة بالتقنية‪ .‬فما يحتاجه المهاجم هنا ليست‬ ‫المعرفة التقنية وإنما المهارات االجتماعية (الذكاء االجتماعي)‬ ‫والقناع لخداع الضحية بحيث يأخذ منها ما‬ ‫ومهارات التسويق إ‬ ‫حد‬ ‫يريده دون إثارة الشبهات‪ .‬بل إن حصوله على المعلومات في ِّ‬ ‫عد عمال ً غير قانوني‪ ،‬إذ ال يوجد تشريع يمنع‬ ‫ذاته بهذه الطريقة ال يُ ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الشخاص من إفشاء أسرارهم الشخصية (المر مختلف بالنسبة‬ ‫ألسرار العمل)‪ .‬أ‬ ‫والهم من ذلك هو أنه ال يوجد تشريع وال قانون‬ ‫يجرم االستماع لشخص يختار أن يكشف لك عن معلوماته!‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫في أمريكا تقام في مدينة الس فيغاس سنوياً مسابقة هدفها‬ ‫المني‪ ،‬يتبارى فيها الهاكرز ممن يعتمدون أ‬ ‫زيادة الوعي أ‬ ‫الدوات‬ ‫التقنية فقط ومن يستخدمون الهندسة االجتماعية‪ ،‬وذلك الختراق‬ ‫الشركات أو المؤسسات الحكومية‪ ،‬ويعطى هؤالء اسم الهدف قبل‬ ‫المسابقة بفترة وجيزة‪ ،‬لكنها كافية لجمع المعلومات الضرورية‬ ‫عنه‪ .‬وتتم دعوة رؤساء هذه الشركات أو أ‬ ‫الشخاص المسؤولين‬ ‫عن أ‬ ‫المن المعلوماتي فيها ليكونوا حاضرين وقت قيام الهاكرز‬ ‫باختراق دفاعاتهم أمام أعينهم وعن بُعد‪ .‬ويالحظ بأنه غالباً ما‬ ‫ينجح المهندس االجتماعي في مهمته بشكل أسرع من التقني‪ .‬ومن‬ ‫أشهر المهندسين االجتماعيين‪ :‬فرانك أباغنال‪ ،‬ودايفيد بانون‪ ،‬وبيتر‬ ‫فوستر‪ ،‬وخالد الفيومي‪.‬‬

‫كيف تعمل؟‬

‫قد يستغرق اكتساب المهاجم الثقة المرجوة من الضحية ساعات‬ ‫أو أياماً أو أسابيع أو أشهراً متواصلة للتخطيط لهذه الهجمات‪ ،‬وفق‬ ‫درجة وعي الضحية وحساسية الهدف الذي يراد مهاجمته‪ .‬وقد يتم‬ ‫ذلك بطرق عدة إما شخصياً وإما عن طريق الهاتف أو من خالل‬ ‫اللكترونية‪.‬‬ ‫المواقع إ‬

‫يقول كيفن ميتنك وهو من أشهر المخترقين أ‬ ‫للنظمة‪ ،‬الذي نجح‬ ‫ذات مرة في اختراق وزارة الدفاع أ‬ ‫المريكية (البنتاغون)‪ ،‬وله كتاب‬ ‫شهير بعنوان فن الخداع (‪« :)The Art of Deception‬إن اختراق‬ ‫أ‬ ‫اللكترونية‪.‬‬ ‫العقول البشرية أسهل بكثير من اختراق النظمة إ‬ ‫النسان مثل رغباته وشهواته وحبه‬ ‫فاللعب على نقاط ضعف إ‬ ‫لمساعدة آ‬ ‫الخرين‪ ،‬وميله إلى الظهور بمظهر العالم وصاحب‬ ‫السلطة أو المعرفة‪ .‬ففلسفة الهندسة االجتماعية تقوم على‬


‫‪47 | 46‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫في أمريكا تقام في مدينة الس‬ ‫ً‬ ‫سنويا مسابقة هدفها‬ ‫فيغاس‬ ‫زيادة الوعي األمني‪ ،‬يتبارى فيها‬ ‫الهاكرز ممن يعتمدون األدوات‬ ‫التقنية فقط ومن يستخدمون‬ ‫الهندسة االجتماعية‬ ‫تجريدنا ‪ -‬ولبضع دقائق ‪ -‬من تفكيرنا المنطقي الحذر الذي نواجه‬ ‫به العالم فنحمي به أنفسنا وممتلكاتنا وأسرنا‪ .‬وحين نكون متعبين‬ ‫اليحاء‬ ‫القناع أو التملق أو إ‬ ‫أو حين يتم تشتيت انتباهنا عن طريق إ‬ ‫الغراء وغيرها من المهارات االجتماعية‪،‬‬ ‫أو الدعابة أو التحفيز أو إ‬ ‫فإن ذلك يمنعنا من رؤية المخاطر المحتملة‪.‬‬

‫أهم أساليبها‬

‫• االحتيال عبر مكالمات هاتفية‪ .‬وهكذا تتم النسبة أ‬ ‫العلى من هذه‬ ‫الهجمات‪ ،‬فيزعم المهندس االجتماعي بأنه مندوب شركة ما تقوم‬ ‫بعمل استبيانات ألهداف بحثية‪ ،‬أو حتى مندوب حكومي يهدف‬ ‫الحصاءات‪ ،‬أو مندوب مبيعات يحاول إقناع الضحية‬ ‫إلى جمع إ‬ ‫ً‬ ‫بشراء منتج ما عبر أسئلة تبدو ظاهريا بريئة‪.‬‬

‫• الهندسة االجتماعية المعاكسة وهي تستخدم الهاتف غالباً‪.‬‬ ‫والوضع هنا أخطر‪ ،‬إذ يدعي المهاجم بأنه شخص ذو منصب‬ ‫وصالحية في المؤسسة نفسها‪ ،‬مما يجعل الموظف أ‬ ‫الصغر‬ ‫المر وسارت أ‬ ‫مرتبة يرتبك ويخبره بما يريد‪ .‬وإذا نجح أ‬ ‫المور كما‬ ‫ُخطط لها‪ ،‬فقد يحصل المهاجم على فرصة أكبر للحصول على‬ ‫معلومات ذات قيمة كبيرة من الضحية‪ .‬وهذا أ‬ ‫السلوب معقد‬ ‫نسبياً لكونه يعتمد على مدى التحضير المسبق وحجم المعلومات‬ ‫التي بحوزة المهاجم‪.‬‬ ‫• استغالل المعلومات الموجودة في سلة المهمالت في غرف‬ ‫التصوير أو الطباعة أو السكرتارية‪ .‬واالحتيال في هذه الحالة قد‬ ‫يتمثل في الدخول إلى هذه المباني المحصنة‪ ،‬وذلك كما نشاهد‬ ‫في كثير من أ‬ ‫الفالم عبر االدعاء بأنه عامل صيانة أو تنظيف‪ .‬وإذا‬ ‫كان الهدف يستحق العناء‪ ،‬فقد يسعى المهاجم إلى الحصول‬ ‫على مثل هذه الوظائف بشكل رسمي بحيث تتاح له فرصة جمع‬ ‫المعلومات عن طريق البحث في سلة المهمالت‪ ،‬أو عبر التنصت‬ ‫على المكالمات أو االجتماعات دون إثارة أية شبهة‪.‬‬ ‫اللكتروني‪ .‬تصل إلى الضحية رسالة تدعي الفوز‬ ‫• رسائل البريد إ‬ ‫بجائزة ما‪ ،‬أو تدعي أنها من جهة أهلية (البنك) أو حكومية‪،‬‬ ‫وتطلب إدخال البيانات بشكل مباشر‪ ،‬عبر صفحة تبدو‬ ‫للمستخدم العادي وكأنها غير مزورة‪ .‬وتعرف هذه العملية‬ ‫بالتصيد (‪ ،)Phishing‬وتندرج تحتها أنواع مختلفة من الهجمات‪.‬‬ ‫ النترنت بشكل عام‪ .‬تشكل الشبكة العنكبوتية منجماً ضخماً‬ ‫• إ‬ ‫للمعلومات‪ ،‬وقد تضاعف حجم هذا المنجم مع ظهور الشبكات‬

‫االجتماعية التي أسرف كثير من مستخدميها في عرض معلوماتهم‬ ‫الشخصية ومشاركتها مع آ‬ ‫الخرين من خاللها‪ ،‬مما يسهل كثيراً عمل‬ ‫المهندس االجتماعي‪ .‬فحين يتصل بك شخص ويدعي أنه من‬ ‫طرف رئيسك أو أحد أفراد عائلتك‪ ،‬ويخبرك بأنه يعرف أنك تقضي‬ ‫حالياً إجازتك في تركيا مثالً‪ ،‬ويذكر اسم أحد زمالئك‪ ،‬ستثق به‪،‬‬ ‫وسيدور الحديث حول أمور تهتم بها كالرياضة والسياحة‪ ،‬ووسط‬ ‫هذه المحادثة ستنسى تحفظك الفطري‪ ،‬وتتخلى عن حذرك‪،‬‬ ‫فتصبح الفرصة مواتية للهجوم واستخراج المعلومات التي ما كنت‬ ‫لتدلي بها لو سئلت عنها بشكل مباشر من قبل غريب‪.‬‬ ‫وهناك نوع من الهندسة االجتماعية ليست ذات أهداف مادية‬ ‫الحب أو‬ ‫ملموسة‪ ،‬ولكن الشخص قد يسعى للحصول على ُ‬ ‫التعاطف اللذين يفتقدهما في حياته الواقعية عن طريق خداع‬ ‫آ‬ ‫الخرين بأنه شخص آخر‪ .‬فليس من الغريب وجود عدد كبير من‬ ‫الحسابات الوهمية على شبكات التواصل االجتماعي التي يتستر‬ ‫خلفها أشخاص هدفهم إقامة عالقة مع آ‬ ‫الخرين‪ .‬تعرف هذه‬ ‫الفلم الوثائقي الذي يحمل‬ ‫العملية بصيد القط (‪ .)Catfishing‬وفي ِ‬ ‫االسم نفسه (‪ )catfish‬يقوم شيلمن وهو مصور فوتوغرافي بتوثيق‬ ‫قصة وقوعه في ُحب فتاة ليكتشف الحقاً بأنها شخصية وهمية‪،‬‬


‫اخترعتها والدة الفتاة المزعومة لتهرب من واقعها الذي ترعى فيه‬ ‫طفلين معاقين إعاقة شديدة‪.‬‬

‫وللفن حضور‬

‫لم يكن الفن السابع بعيداً عن تناول هذا الموضوع المثير وتنبيه‬ ‫العالم لخطورته‪ .‬نذكر هنا مثالين شهيرين‪ .‬أولهما‪ِ ،‬فلم «امسك‬ ‫بي إن استطعت» (!‪ )Catch me if you can‬من بطولة ليونارديو‬ ‫ديكابريو‪ ،‬الذي يحكي قصة فرانك أباغنال‪ ،‬أحد أشهر المهندسين‬ ‫االجتماعيين‪ ،‬الذي يبدأ كمراهق يهرب من منزله وينجح في ادعاء‬ ‫العمل كقبطان طائرة‪ ،‬ويجمع أ‬ ‫الموال الطائلة من خالل هذا الدور‬ ‫ومن تنقله حول العالم‪ ،‬وينجح في التخفي من الشرطة كمعلم‬ ‫وطبيب‪ ،‬وبادعائه ممارسة هذه المهن الصعبة يخدع من حوله‪،‬‬ ‫والفلم الثاني هو «قضية‬ ‫قبل أن تتمكن الشرطة من إ‬ ‫اليقاع به‪ِ .‬‬ ‫توماس كراون» ‪ The Thomas Crown Affair‬من بطولة بيرس‬ ‫فيقرر سرقة لوحة نادرة‬ ‫بروسنن‪ ،‬الذي يلعب دور مليونير ملول ِّ‬ ‫من متحف نيويورك‪ ،‬وكان قد بدأ التخطيط لعمليته عن طريق‬ ‫الحضور إلى المتحف بشكل يومي بحيث صار وجهاً مألوفاً للحراس‬ ‫والمسؤولين فيه‪ ،‬كما ينجح في جمع ما يحتاجه من المعلومات عن‬ ‫أ‬ ‫المن والحماية وغيرها عبر زياراته المتكررة‪ ،‬وبالتالي تنجح مهاراته‬ ‫في الهندسة االجتماعية في تحقيق ما يريد‪.‬‬

‫كيفية التصدي لها؟‬

‫عد الهندسة االجتماعية من أكبر المشكالت التي تواجهها الشركات‬ ‫تُ ّ‬ ‫حالياً‪ ،‬ألنه ما من طريقة يمكن من خاللها اختبار وضمان عدم‬ ‫النسان بارتكاب خطأ كما هو الحال مع البرمجيات وجدران‬ ‫قيام إ‬ ‫أ‬ ‫اللكتروني‬ ‫الحماية‪ .‬كما أن من المشكالت الكبرى في عالم المن إ‬ ‫بشكل عام حالياً‪ ،‬كثرة تغير الموظفين في الشركة مقارنة بالسابق‪،‬‬ ‫فالحاجة المستمرة للدماء الشابة والمهارات الجديدة وللخبرات‬ ‫المتنوعة‪ ،‬ال سيما في المجاالت التقنية‪ ،‬تجعل الناس ينتقلون من‬ ‫شركة إلى أخرى بسرعة كبيرة‪ ،‬وللشركة الواحدة عدة فروع قد ال‬ ‫يعرف أفرادها بعضهم بعضاً أبداً‪ ،‬أو يعرفون بعضهم فقط من‬ ‫خالل تواصل إلكتروني ال يصعب معه إخفاء الهويات‪ .‬وال تقوم كل‬

‫الشركات بالتحري الدقيق عن الشخص المتقدم للوظيفة‪ ،‬وبالتالي‬ ‫ال يصعب أن يدخل المهاجم إلى قلب الشركة‪ ،‬وإلى مخزن‬ ‫البيانات الحساسة دون أن يثير أي ريبة‪ ،‬ألنه ببساطة موظف فيها!‬ ‫اللكترونية بمساعدة شخص من‬ ‫ففي حاالت كثيرة تنجح الهجمات إ‬ ‫داخل الشركة أو المؤسسة‪ ،‬إما عن طريق التعاون المباشر (عميل‬ ‫داخلي)‪ ،‬أو عن طريق الخطأ كما هو الحال في ضحايا الهندسة‬ ‫االجتماعية‪.‬‬ ‫ولذلك فإن أنجع طريقة لحماية المؤسسات والشركات‪ ،‬التي‬ ‫تكون صواريخ المهندس االجتماعي موجهة إليها‪ ،‬هي في التوعية‬ ‫والتدريب‪ .‬فتوعية الموظفين أ‬ ‫بالساليب التي يمكن أن يستخدمها‬ ‫المهندس االجتماعي الستخراج المعلومات منهم‪ ،‬وتنبيههم إلى‬ ‫سر أو معلومة ألي شخص‪ ،‬مهما ادعى علو‬ ‫عدم إعطاء أي كلمة ٍّ‬ ‫مرتبته في الشركة‪ ،‬إال بعد التثبت بشكل عملي من هويته‪ ،‬وحثهم‬ ‫على االقتصاد في تداول المعلومات الشخصية في وسائل التواصل‬ ‫االجتماعي‪ .‬ويمكن إجراء اختبارات دورية تشبه تلك التي تجرى‬ ‫باستمرار الختبار متانة أجهزة الكشف عن الحرائق‪.‬‬ ‫المر آ‬ ‫أ‬ ‫الخر‪ ،‬حينما يتم توظيف أشخاص جدد سواء بشكل دائم أو‬ ‫بعقود مؤقتة أو عبر شركة ثالثة‪ ،‬فال َّبد من السؤال والتقصي عن‬ ‫الشخص بشكل دقيق‪ ،‬لضمان خلو تاريخه مما يثير الريبة‪.‬‬ ‫وهذا ال يعني بأنه ستكون هناك حصانة تامة‪ .‬فحين يتعلق‬ ‫أ‬ ‫المر بأمن المعلومات‪ ،‬سيظل المجرمون يبتكرون طرقاً جديدة‬ ‫آ‬ ‫لالختراق‪ ،‬وسيظل الطرف الخر‪ ،‬يحاول استباق هجماتهم‬ ‫بالتحصين‪ ،‬فالعالقة بينهما طردية‪ .‬لكن الوقاية تبقى دائماً خير‬ ‫من العالج‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪49 | 48‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫تخصص جديد‬

‫االبتكار في‬ ‫الصحافة‬

‫أ‬ ‫يتطور مع كل‬ ‫لن المجال الصحافي َّ‬ ‫ابتكار رقمي؛ بات من الممكن االطالع‬ ‫على المؤثرات الجديدة في مجال صناعة‬ ‫الصحافة‪ ،‬من خالل تخصص جديد بعنوان‬ ‫«االبتكار في الصحافة» (‪Journalism‬‬ ‫‪.)Innovation Specialization‬‬ ‫تستكشف المقررات الرئيسة في هذا التخصص ُسبل‬ ‫التواصل من خالل وسائل التواصل االجتماعي ومنصات‬ ‫الوسائط المتعددة من أجل نقل الخبر وصناعته‪ .‬كما أنه‬ ‫العالم الجديدة‬ ‫يخوض في استخدام البيانات ووسائل إ‬ ‫من أجل ابتكار صحافة تعتمد على البيانات‪ .‬وسيتزود‬ ‫المتخرجون في هذا المجال‪ ،‬بمجموعة من المهارات أهمها‬ ‫جمع أ‬ ‫الخبار‪ ،‬وإنتاج محتوى الوسائط الرقمية وتحريره‪،‬‬ ‫وتقاسم أ‬ ‫الخبار وتوزيعها‪ ،‬إضافة إلى مهارات الصحافة‬ ‫االستقصائية‪.‬‬

‫السماء آ‬ ‫أما المقررات الرئيسة فتأتي تحت أ‬ ‫التية‪:‬‬ ‫أ‬ ‫النترنت والهواتف المحمولة‪.‬‬ ‫• إنتاج الخبار من خالل شبكة إ‬ ‫• الصحافة المعتمدة على البيانات‪.‬‬ ‫العالمية الناشئة‪.‬‬ ‫• المنابر إ‬ ‫• أنظمة التواصل الرقمية‪.‬‬ ‫• وسائل التواصل االجتماعي للعامة‪.‬‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫• قانون إ‬ ‫• البحوث التطبيقية في إدارة المحتوى‪.‬‬ ‫• االستراتيجيات والريادة في وسائل التواصل الرقمية‪.‬‬ ‫ويتضمن هذا التخصص مقررين تطبيقيين يتيحان الفرصة‬ ‫لحضور المحاضرات وورشات العمل المتعلقة بأي تقدم في‬ ‫عالم الصحافة في أماكن مختلفة من العالم‪.‬‬ ‫لمزيد من المعلومات يمكن االطالع على الرابط التالي‪:‬‬ ‫‪https://communications.syr.edu/academics/‬‬ ‫‪journalism-innovation/‬‬


‫مهى قمر الدين‬

‫حياتنا اليوم‬

‫ً‬ ‫تقريبا إال وتطالعنا‬ ‫ال يمضي أسبوع‬ ‫دراسة طبية جديدة حول كيفية العيش‬ ‫السليم‪ ،‬وحول فوائد هذا الغذاء ومضار‬ ‫ذاك‪ ..‬هذه تنصح باستهالك مزيد من‬ ‫القهوة‪ ،‬وأخرى ِّ‬ ‫تحذر منها‪ ،‬وتلك ِّ‬ ‫تحدد‬ ‫حصص الفاكهة في اليوم الواحد‪ ،‬وأخرى‬ ‫ِّ‬ ‫تشجع على ممارسة المشي وتربطها‬ ‫بفوائد عالجية تتجاوز توقعاتنا‪ ..‬وسيل‬ ‫ال يتوقف من الدراسات التي ِّ‬ ‫تحدد ما هو‬ ‫مضرّ وما هو مفيد‪ ،‬حتى بات األمر محيِّ ًرا‬ ‫ً‬ ‫متناقضا‪.‬‬ ‫للغاية بل‬


‫‪51 | 50‬‬

‫روابط ال عالقات سببية‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫يقول المفكر والفيلسوف فريدريك نيتشه‬ ‫الجمال‪« ،‬ال توجد حقائق‪ ،‬بل فقط‬ ‫إنه على إ‬ ‫تأويالت»‪ .‬هناك كثير من الصحة في هذا‬ ‫أ‬ ‫تتوجه بخالصاتها‬ ‫القول عندما يتعلق المر بالدراسات الطبية التي َّ‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫إلى العامة عبر وسائل إ‬ ‫يتم اختبار معظم القضايا المتعلِّقة بالتغذية أو أسلوب الحياة في‬ ‫حقل ما يسمى بـ «علم أ‬ ‫الوبئة»‪ ،‬حيث ترصد الدراسات المعلومات‬ ‫ُ‬ ‫حول أ‬ ‫النظمة الغذائية وفوائد التمارين الرياضية واستخدام‬ ‫العقاقير الطبية والمكمالت الغذائية وعوامل أخرى‪ ،‬كما أنها تراقب‬ ‫نسب أ‬ ‫المراض والوفيات‪ .‬وتنتج عن تلك الدراسات فرضيات حول‬ ‫العالقة بين زيادة الوزن وداء السكري مثالً‪ ،‬أو بين التدخين وأمراض‬ ‫القلب‪ ،‬ومن ثم يدرس الباحثون البيانات ويطلعون بوشائج أو‬ ‫معينة بأمراض محددة‪ .‬ولكن‬ ‫عالقات تربط ممارسات وحاالت َّ‬ ‫الروابط أو العالقات ليست أدلة ثابتة عن السببية‪.‬‬ ‫معين‪ ،‬ولكن ال يمكننا أن نجزم بأن‬ ‫قد يتزامن أمر ما مع مرض َّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫الول يسبب الثاني‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬غالبا ما يقوم الشخاص‬ ‫الذين يتبعون نظاماً غذائياً صحياً‪ ،‬بالتمارين الرياضية المنتظمة‬ ‫ويتجنبون التدخين‪ ،‬وإذا ما كانت موروثاتهم الجينية سليمة‬ ‫يمكنهم أن يعيشوا حياة مديدة‪ .‬وقد يُظهر تحليل العوامل‬ ‫المشتركة بين هؤالء أ‬ ‫الشخاص‪ ،‬بالمقارنة مع أولئك الذين يموتون‬ ‫باكراً‪ ،‬بأن المعمرين كانوا يتبعون نظاماً غذائياً سليماً‪ .‬ولكننا ال‬ ‫نستطيع القول إن النظام الغذائي السليم هو سبب عمرهم‬ ‫المديد‪ .‬قد يكون السبب مزيجاً من العوامل التي كان يمكنهم‬ ‫التحكم بها‪ ،‬أو قد يعود إلى أوضاعهم النفسية‪ ،‬أ‬ ‫المر الذي قد‬ ‫يدفعهم إلى اتباع ما نعرفه بالعيش الصحي السليم‪.‬‬ ‫يحاول علماء أ‬ ‫الوبئة تفسير ذلك من خالل تحليل تعدد المتغيرات‪،‬‬ ‫حيث يتم اختبار كل عامل على حدة بعد عزل تأثير المتغيرات‬ ‫أ‬ ‫الخرى‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬تبقى نتائج الدراسات مرتكزة فقط على الروابط‬ ‫التي يمكن تصنيفها بكونها ضعيفة أو قوية لكنها ال تثبت وجود‬ ‫عالقة بين السبب والنتيجة‪.‬‬

‫إمكانية التضليل‬

‫إن صدقية هذه الدراسات مسألة جدية جداً‪ ،‬ألنها كما يقول‬ ‫الطبيب البريطاني المهتم بالصحة الغذائية جون بريفا‪« ،‬يمكنها‬ ‫أن تعطي أفكاراً مضللة حول ما هو مهم للصحة وما هو غير‬ ‫ذلك»‪ .‬إذ إن هناك كثيراً من التضليل والتحريف والحيرة فيما يتعلَّق‬ ‫أ‬ ‫بالدلة التي تقدمها هذه الدراسات‪ .‬فهناك من يقول إن الصوديوم‬ ‫ال يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم‪ ،‬وهناك من يؤكد عكس ذلك‪ ،‬كما‬ ‫أن هنالك من يشير إلى أهمية استهالك النشويات وكذلك من يدعو‬ ‫إلى تجنبها تماماً‪ ،‬وجميعهم على استعداد للإشارة بأنهم استمدوا‬ ‫معلوماتهم من هذه الدراسة أو تلك‪.‬‬ ‫ولكن السؤال‪ ،‬هو‪ :‬لماذا يوجد هذا االهتمام الكبير لالطالع على‬ ‫بالجمال؟ تقول بيث سكاريكي‪ ،‬الكاتبة في مجال‬ ‫الدراسات الطبية إ‬ ‫العلوم‪« :‬هناك ميل عام لالستجابة‪ ،‬وبقوة‪ ،‬للتحذيرات من الخطر‬ ‫والوعود أ‬ ‫بالمور المفيدة (مثل الصحة السليمة وخسارة الوزن)‬

‫ينفق األشخاص بشكل عام الماليين من‬ ‫الدوالرات على المنتجات الغذائية الصحية‪ ،‬من‬ ‫َّ‬ ‫المعينة‬ ‫الكتب التي تنصح باألنظمة الغذائية‬ ‫إلى األطعمة الجاهزة والمكمالت الغذائية‬ ‫واألدوات الرياضية‬ ‫خاصة إذا كانت هذه التحذيرات أو الوعود قابلة للتطبيق‪ .‬وبالنسبة‬ ‫للسلوك الغذائي والصحي ينطبق هذا أ‬ ‫المر بشكل كبير»‪ .‬ويشعرنا‬ ‫ذلك بالراحة النفسية من خالل اعتقادنا بإمكانية السيطرة على ما‬ ‫يؤثر على صحتنا الجسدية‪.‬‬ ‫ولهذا السبب هناك استغالل فعلي لهذا الميل العام في العصر‬ ‫الحديث‪ .‬ينفق أ‬ ‫الشخاص بشكل عام الماليين من الدوالرات على‬ ‫المنتجات الغذائية الصحية‪ ،‬من الكتب التي تنصح أ‬ ‫بالنظمة‬ ‫أ‬ ‫الغذائية المعينة إلى أ‬ ‫الطعمة الجاهزة والمكمالت الغذائية والدوات‬ ‫َّ‬ ‫قدم ضمن وعود بحياة أطول وأكثر صحة‪ ،‬ولكنها‬ ‫الرياضية‪ .‬وكلها تُ َّ‬


‫في أكثر أ‬ ‫الحيان تكون جزءاً من التكتيكات التسويقية واللعب على‬ ‫حيرة المستهلك‪ .‬ومن هنا ضرورة البحث عن الجهات التي تقف وراء‬ ‫تمويل هذه الدراسات وتساعد في إعالن النتائج التي توصلت إليها‪.‬‬

‫تحيز في النشر‬

‫هل تساءلت يوماً لماذا يبدو كل شيء واعداً جداً في المجالت‬ ‫الطبية؟ فنحن ال نرى كثيراً من التقارير الطبية التي تتحدث عن‬ ‫مساوئ هذا العقار الطبي أو أخطاء الدراسة السابقة مثالً‪ .‬وتأكيداً‬ ‫على ذلك‪ ،‬استطاع فريق من الباحثين الوصول إلى مراجعات قامت‬ ‫بها إدارة الغذاء والدواء في الواليات المتحدة أ‬ ‫المريكية لـ ‪ 74‬بحثاً‬ ‫أُجري بواسطة بعض الشركات على ‪ 12‬عقاراً طبياً مضاداً لالكتئاب‪.‬‬ ‫وقد أشار فريق الباحثين هذا إلى أن «الدراسات التي ُحكم عليها‬ ‫من قبل إدارة الغذاء والدواء بأنها سلبية‪ ،‬باستثناء ثالثة‪ ،‬إما لم‬ ‫تُنشر أو أنها نُشرت بطريقة أوحت بنتائج إيجابية‪ .‬وهكذا‪ ،‬وفقاً‬ ‫لما نُشر‪ ،‬يبدو أن ‪ %94‬من التجارب كانت ناجحة‪ ،‬ولكن الحقيقة‬ ‫التي أظهرتها تحاليل إدارة الغذاء والدواء أن ‪ %51‬منها فقط كان‬ ‫ناجحاً»‪ .‬وقد خرج الفريق باالستنتاج التالي‪« :‬قد يكون للنشر‬ ‫االنتقائي لنتائج التجارب الطبية انعكاسات سلبية بالنسبة للباحثين‬ ‫أ‬ ‫بالضافة إلى المرضى»‪.‬‬ ‫والمشاركين في الدراسات والطباء إ‬ ‫والحقيقة أن هناك اتجاهاً لتغيير هذا الواقع‪ .‬إذ أصبحت «اللجنة‬ ‫العالمية لمحرري المجالت الطبية» تفرض‪ ،‬كشرط إلمكانية النشر‬ ‫في مجالتها‪ ،‬تسجيل أ‬ ‫البحاث فيما يُسمى بـ «سجل التجارب‬ ‫الطبية»‪ ،‬حيث يمكن التأكد من مدى جدية البحث والوثوق بنتائجه‪.‬‬ ‫لكن الصحافية أليسون باس في كتابها «آثار جانبية‪ :‬محاكمة مدعي‬ ‫عام ومبلّغ ومضاد االكتئاب أ‬ ‫الكثر مبيعاً»‪ ،‬تتناول التحيز في منشورات‬ ‫المجالت الطبية‪ ،‬مشيرة بوضوح إلى أن «هناك كثيراً من المجالت‬ ‫الطبية التي كانت (وما زالت) غير مهتمة بنشر النتائج السلبية‪ .‬فعلى‬ ‫الرغم من أن كثيراً منها يحقق أرباحاً طائلة من إعالنات عقاقير أ‬ ‫الدوية‬ ‫القراء‬ ‫التي تنشرها‪ ،‬فإن ميلها للنتائج القطعية الواضحة التي تجذب ّ‬ ‫وتحقق لها الرواج المنشود يلعب دوراً أكبر»‪.‬‬ ‫يقول الدكتور مارك هيلفاند‪ ،‬أستاذ الطب في جامعة أوريغون‬ ‫للصحة والعلوم‪ ،‬الذي درس هذه المسألة بصفته رئيس «مركز‬ ‫الممارسة المرتكزة على أدلة» إن المجالت «تريد أن تنشر نتائج‬ ‫ذات عناوين الفتة‪ .‬وهي ليست مهتمة بنشر أ‬ ‫الدلة الدقيقة التي قد‬ ‫تعكس رسائل مختلطة أو رأياً أكثر توازناً»‪.‬‬ ‫وهناك كثير من أ‬ ‫الطباء البارزين الذين يوافقون على هذا الرأي‪،‬‬ ‫حيث يقول الدكتور جوزيف م‪ .‬هيمان العضو في الرابطة الطبية‬ ‫المريكية‪« :‬هناك احتمال أكبر لنشر أ‬ ‫أ‬ ‫البحاث الطبية ذات النتائج‬ ‫اليجابية من الدراسات ذات النتائج السلبية أو الفارغة»‪.‬‬ ‫إ‬

‫التأكد من الصدقية؟‬

‫لسوء الحظ‪ ،‬ال يوجد بديل للتحقق من الدراسات الطبية من قبل‬ ‫ممكن‪ ،‬فمن الممكن‬ ‫الخبراء المختصين‪ .‬ولكن إذا ما كان ذلك غير ٍ‬ ‫القيام بعدة أمور ليصبح أي شخص مستهلكاً متنوراً للبحوث‬ ‫الطبية‪ .‬ومن أهم هذه أ‬ ‫المور‪ ،‬االطالع على بعض المواقع‬ ‫المتخصصة بالتحقق من جدية البحوث الطبية‪ ،‬مثل موقعي‬

‫(‪ )Minnesota Health News Review‬و(‪ )Medicine Plus‬اللذين‬ ‫يشيران إلى نوع االختبار الذي أُجريت الدراسة من خالله‪ ،‬مثل ما‬ ‫إذا اختبر العالج على الحيوانات فقط أو في أنبوب اختبار فقط‪،‬‬ ‫بحيث يجب طرح عديد من عالمات االستفهام حول فعالية العالج‬ ‫على البشر‪ .‬وإذا أجري االختبار على البشر يمكن السؤال عن أوجه‬ ‫الشبه بين الشخص المعني وبين العينات التي ركزت عليها الدراسة‪.‬‬ ‫وبالطبع هناك أسئلة مهمة أخرى‪ ،‬مثل‪ :‬هل اختبرت الدراسة آ‬ ‫الثار‬ ‫الجانبية مثلما اختبرت الفوائد؟‬ ‫وهناك مسألة مهمة أخرى‪ ،‬وهي أن معظم الدراسات تستثني‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وبالشارة‬ ‫الطفال والمسنين إما‬ ‫لدواع أخالقية أو لدواعي المان‪ .‬إ‬ ‫ٍ‬ ‫إلى نقطة الضعف هذه قدم أرون كارول‪ ،‬أستاذ طب أ‬ ‫الطفال في‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫جامعة إنديانا أ‬ ‫المريكية ومدير مركز «السياسات الصحية والبحاث‬ ‫المهنية» في الجامعة نفسها‪ ،‬مثاال ً مفاده أنه بنا ًء على التجارب‬ ‫العشوائية التي تناولت الراشدين فقط‪ ،‬أدت وصفات العقاقير‬ ‫الطبية المعروفة بمثبطات مضخة البروتون للرضع المصابين‬ ‫بمرض الجزر المعدي المريئي‪ ،‬إلى زيادة هذا المرض لديهم سبعة‬ ‫أضعاف بين عامي ‪ 2000‬و‪2004‬م‪ .‬والحقاً‪ ،‬وفي عام ‪2009‬م‬ ‫فقط‪ ،‬أُجريت دراسة مباشرة على أ‬ ‫الطفال الرضع‪ ،‬وكانت خالصتها‬ ‫أن هذه العقاقير تسببت لهم أ‬ ‫بالذى دون أن تقدم لهم أي فوائد‪.‬‬ ‫في نهاية المطاف ال توجد دراسة واحدة كاملة‪ ،‬وال يمكن للمرء أن‬ ‫يكون متأكداً من نتائج أية دراسة‪ .‬فالخيار أ‬ ‫الفضل يبقى االنتظار‬ ‫حتى تتراكم أ‬ ‫الدلة من عدة دراسات تستخدم عينات مختلفة من‬ ‫البشر‪ .‬ومما ال شك فيه أنه ال يوجد سوى القليل من العالجات‬ ‫المسلَّم بصحتها تماماً‪ .‬وعندما يظهر واحد منها‪ ،‬سنرى الموافقة‬ ‫عليه‪ ،‬ليس من مصدر واحد فقط‪ ،‬وإنما من مصادر مختلفة‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪53 | 52‬‬

‫عين وعدسة‬

‫يمكن للتكوينات الصخرية في البراري‬ ‫ً‬ ‫أشـكاال جميلة إلى ٍّ‬ ‫حد يدفع‬ ‫أن تتخـذ‬ ‫الحكومات في بعض الدول إلى إعالنها‬ ‫محميات طبيعية‪ ،‬أو حدائق صخور‪ ،‬أو‬ ‫ّ‬ ‫نتقصد‬ ‫متاحف صخور‪ ..‬ومن دون أن‬ ‫البحث عن مثل هذه «المتاحف»‪ ،‬وجدنا‬ ‫أنفسنا فجأة أمام أحدها في محيط‬ ‫مدينة «روافة» في شمال المملكة‪.‬‬

‫استطالع وتصوير‪ :‬ماجد المالكي‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫متحف الصخور‬ ‫تحت سماء روافة‬


‫تقع روافة بين مدينتي تبوك وضبا‪،‬‬ ‫وتبعد عن أ‬ ‫الولى نحو ‪ 90‬كيلومتراً‪ .‬ولعل‬ ‫الجبال الصخرية المتوسطة االرتفاع وذات‬ ‫تحف بالطريق إليها‬ ‫التضاريس المميزة التي ُّ‬ ‫من تبوك‪ ،‬هي هناك لتهيئة الزائر لما سيشاهده الحقاً‪.‬‬ ‫كانت زيارتنا إلى روافة لسبب ال يمت إلى الصخور الطبيعية‬ ‫المصور نايف العطوي‪ ،‬العارف جيداً‬ ‫بصلة‪ .‬ولكن زميلنا‬ ‫ّ‬ ‫بنواحي تلك المنطقة‪ ،‬حرص على أن يصطحبنا في رحلة على‬ ‫طريق وعر إلى ناحية تبعد قليال ً عن المدينة‪ ،‬حيث وجدنا‬ ‫أنفسنا أمام مشهد لم َنر مثيال ً له من قبل‪.‬‬

‫أمام حديقة الصخور‬

‫فوق أرض سهلية تقريباً‪ ،‬تناثرت مجموعة من الصخور‬ ‫العمالقة‪ ،‬التي يستحيل إيفاء غرابتها أو فرادتها حقها من‬ ‫الوصف‪ .‬حتى إن تبعثرها على هذه المساحة الكبيرة خدع‬ ‫أبصارنا‪ ،‬ولم ندرك حقيقة ضخامة الواحدة منها إال عندما‬ ‫دنونا منها أكثر‪.‬‬ ‫واحدة منها تشبه سفينة في عباب بحر من الرمل‪ ،‬وثانية تشبه‬ ‫الناقة حتى ليشك المرء في أن تكون تكويناً طبيعياً‪ ،‬وثالثة‬ ‫تشبه ثالثة حيوانات رابضة وكأنها أُسود تنتظر فريستها‪..‬‬ ‫ورابعة تبدو بقاعدتها الدقيقة المالمسة أ‬ ‫للرض وضخامة‬ ‫كتلتها القائمة في الهواء وكأنها هناك لمجرد نقض قانون‬ ‫الجاذبية‪..‬‬

‫كأنها حية‬

‫وفيما راح رفاق الرحلة يحاولون قراءة خطابات هذه الصخور‪،‬‬ ‫وكأنهم في مباراة الختيار أفضل تشبيه‪ ،‬لفتنا نايف إلى أن ما‬ ‫تبدو عليه هذه الصخور يتبدل تماماً‪ ،‬ويختلف كل االختالف‬ ‫بمرور الوقت خالل النهار‪ .‬فهي في الصباح تبدو بأشكال‬ ‫توحي بصور غير تلك التي توحي بها تحت شمس الظهيرة‪ ،‬أو‬ ‫تحت شمس الغروب‪ .‬وذلك بسبب لعبة الضوء والظالل التي‬ ‫ال تنفك تتحرك على تضاريسها الحادة والكثيرة وما فيها من‬ ‫فجوات وأسطح نافرة‪ .‬حتى إن هيئات هذه الصخور وما توحي‬ ‫عما‬ ‫به من مشاهد‪ ،‬تختلف تماماً عندما تكون السماء صافية‪َّ ،‬‬ ‫تبدو عليه عندما تكون السماء غائمة‪ .‬وما الذي يمكن أن نطلبه‬ ‫أكثر من ذلك لكي نصف مكاناً ما أو متحفاً بأنه حي؟‬

‫شيء من التفسير العلمي‬

‫المجسمات الصخرية هنا؟ سؤال ال َّبد لكل‬ ‫كيف قامت هذه‬ ‫َّ‬ ‫من يراها أن يطرحه وبإلحاح‪ .‬والجواب المتداول دائماً هو أن‬ ‫عوامل التعرية من فروقات حرارية عالية ورياح وأمطار تنحت‬ ‫هذه الصخور عبر آالف السنين‪ ،‬وهي مستمرة في نحتها‬ ‫آلالف السنين المقبلة حتى تحويلها كلها إلى رمال وحصى‬ ‫صغيرة‪ .‬ولكن هذا الجواب ال يشفي الغليل‪ ،‬ألنه يؤدي بدوره‬ ‫إلى أسئلة عديدة أخرى‪ :‬لماذا نحتت عوامل التعرية هذه‬ ‫البقعة من الصخرة وعفّت عن تلك؟ ولماذا لم تنحتها كما‬ ‫تنحت الحجارة الصغيرة من كل الجهات فتحولها إلى شكل‬ ‫كروي أو بيضاوي؟‬

‫مهابتها تتجلَّى عند االقتراب منها‬


‫‪55 | 54‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫إطاللة من فوق على حديقة الصخور‬

‫وبشيء من التبصر والمساعدة من ذوي المعرفة بالجيولوجيا‪،‬‬ ‫أدركنا أن هذه الصخور هي كلها رسوبية التكوين‪ .‬تشكَّلت أوال ً‬ ‫في باطن أ‬ ‫الرض‪ ،‬ومن ثم ارتفعت بفعل الحركة الجيولوجية‬ ‫إلى سطح أ‬ ‫الرض ضمن طبقة كاملة‪ .‬وبوصولها إلى السطح‪،‬‬ ‫بدأت عوامل التعرية تفعل فعلها‪ .‬ولكن التركيب المعدني‬ ‫لصخور الطبقة الرسوبية يختلف من موضع إلى آخر‪ ،‬باختالف‬ ‫المعادن المترسبة فيه‪ .‬وبذلك تكون بعض جوانب صخرة‬ ‫رسوبية ما أصلب من جوانب أخرى‪ ،‬وأقدر منها على مواجهة‬ ‫عوامل التعرية‪ .‬ومن الطبيعي إذاً أن تفعل عوامل التعرية‬ ‫فعلها أوال في المناطق أ‬ ‫الضعف‪ ،‬بحيث تصمد أمامها‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫المناطق الصلب‪.‬‬ ‫وعندما تصبح الصخرة المنحوتة جزئياً ذات فجوات ونتوءات‪،‬‬ ‫يتغير وقع عوامل التعرية عليها‪ .‬فالفجوات المظللة تصبح‬ ‫أقل عرضة للتقلبات الحرارية ألنها بمنأى عن أشعة الشمس‬ ‫والمطر‪ ،‬كما أن أثر الهواء بحركته وضغطه على الصخرة‬ ‫بما يحمله من رمال وجزيئات صلبة‪ ،‬يتبدل تماماً‪ ،‬فال يعود‬ ‫متجانساً على كافة جوانبها‪ ،‬وبذلك تصبح عملية النحت‬ ‫والتفتيت قوية في بعض المواضع وضعيفة في مواضع‬ ‫أخرى‪ ،‬ليبدأ بذلك تشكيل المنحوتة «فنياً»‪.‬‬

‫الصخرة الحزينة‬

‫خطوط وتجاويف قابلة‬ ‫للقراءة وفق مزاج المشاهد‬

‫تقطَّع بحثنا عن التفسير العلمي لهذه الظاهرة الطبيعية غير‬ ‫المألوفة أكثر من مرة بفعل طغيان المشاعر أ‬ ‫والحاسيس‬ ‫الشخصية عليه‪ ،‬كلما اقتربنا من واحدة من هذه الصخور‪.‬‬ ‫فبالقرب من واحدة منها‪ ،‬أحسسنا برهبة من االقتراب أكثر‪،‬‬ ‫ألنها كانت عند أسفلها مجوفة بحيث إن أعالها بدا كجبل‬ ‫من صخرة واحدة معلَّقة فوق رؤوسنا وقد تسقط علينا في‬ ‫أية لحظة‪ ..‬الشعور نفسه انتابنا أمام صخرة أخرى مشابهة‪،‬‬ ‫ذات قاعدة نحيلة جداً تحمل كتلة صخرية ضخمة‪ ،‬ال تفسير‬ ‫لبقائها صامدة في أ‬ ‫العلى‪ ،‬سوى الشك في صدقية قانون‬ ‫الجاذبية‪.‬‬


‫عوامل التعرية الطبيعية تفعل فعلها‬

‫التفسير الجيولوجي يبقى دون القراءة الشاعرية‪..‬الرعي بحراسة أ‬ ‫السود‬


‫‪57 | 56‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫شيء من طراوة الحياة في الجوار‬ ‫السفينة‪..‬‬


‫ومع مزيد من التجوال على هذه الصخور رغم تباعدها‬ ‫عن بعضها بعضاً‪ ،‬كانت الشحنة العاطفية التي تولِّدها في‬ ‫النفوس تكبر وتكبر‪ ..‬وعند وقوفنا أمام واحدة من أضخمها‬ ‫وشاهدنا الخطوط العامودية النافرة على أحد جوانبها‪ ،‬وكأنها‬ ‫تسيل عليها سيالً‪ ،‬بدت لنا كالدموع‪ ،‬وذكرتنا بتشبيه ألحد‬ ‫الشعراء‪« :‬كأنها دموع عين مكحلة‪ »..‬فقررنا تسميتها «الصخرة‬ ‫الحزينة»‪.‬‬

‫واحدة تتحدى قانون الجاذبية‬

‫خطاب الزمن‬

‫عندما جلنا بأبصارنا على هذه الحديقة الصخرية العمالقة‬ ‫في نظرة وداعية متأملة ومتأنية‪ ،‬أحسسنا بحضور الزمن من‬ ‫حولنا‪ ..‬الزمن الطويل الذي استغرقه تشكيل هذه الصخور‬ ‫على هذه الهيئات البديعة‪ .‬آالف‪ ،‬مئات آ‬ ‫الالف‪ ،‬ماليين‬ ‫السنين؟ ال نعرف‪ .‬ما نعرفه أنها هنا على هذه الهيئة منذ زمن‬ ‫بعيد‪ ،‬وستبقى هنا لزمن طويل مقبل‪ .‬ولكن‪..‬‬

‫إن عوامل التعرية ظالمة وعنيدة‪ ،‬وتستمر اليوم في نحت‬ ‫هذه الصخور وتفتيتها ولو ببطء شديد غير ملحوظ‪ .‬ويكفي‬ ‫أن نعرف أن الطبقة الرسوبية التي تشكَّلت فيها هذه الصخور‪،‬‬ ‫كانت في أ‬ ‫الساس من الرمال التي أنتجتها عوامل التعرية من‬ ‫أ‬ ‫الجبال البركانية الصلب منها‪ .‬وطالما أن الصخور البركانية‬ ‫لم تصمد في وجه عوامل التعرية إلى أ‬ ‫البد‪ ،‬فمن المؤكد أن‬ ‫هذه الصخور الرسوبية ستنهزم بدورها‪ ،‬وستستمر في التآكل‬ ‫والتفتت إلى أن يأتي يوم بعد آالف السنين‪ ،‬ال يبقى فيه من‬ ‫هذه المنحوتات الجميلة غير الرمال‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬

‫الناقة‪..‬‬


‫‪59 | 58‬‬

‫فكرة‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫بيوت من قناني‬ ‫البالستيك‬ ‫بيوت من البالستيك؟ قد تبدو الفكرة مستغربة وغير قابلة‬ ‫للتنفيذ‪ ،‬ولكن تجربة نيجيريا في بناء منازل من البالستيك‬ ‫أثبتت مدى متانة هذه البيوت وقابلية السكن فيها‪.‬‬ ‫ال شك في أن البالستيك هو في كل مكان في العالم‪ ،‬وقد بدأ يشكِّل عبئاً‬ ‫كبيراً على البيئة‪ .‬وعلى الرغم من حمالت التوعية الستخدام كميات أقل من‬ ‫البالستيك‪ ،‬فإن سكان عديد من البلدان في العالم‪ ،‬بما فيها البلدان المتقدمة‪،‬‬ ‫المكبات‪ ،‬دون أي وعي لخطورة‬ ‫ال يزالون يرمون كميات كبيرة من البالستيك في َّ‬ ‫عملهم‪.‬‬ ‫وقد دفعت هذه الحقيقة المرة عديداً من أ‬ ‫الشخاص إلى التفكير بطرق مبتكرة‬ ‫ّ‬ ‫الستخدام هذه المنتجات غير المرغوب فيها‪ .‬وبما أن هناك أزمة سكن جدية‬ ‫القل‪ ،‬أ‬ ‫في نيجيريا‪ ،‬وحاجة لبناء ‪ 16‬مليون وحدة سكنية على أ‬ ‫ولن بناء البيوت‬ ‫بالوسائل التقليدية ذو تكلفة عالية‪ ،‬تب َّنى السكان المحليون فكرة كانت قد اقترحتها‬ ‫اثنتان من المنظمات غير الحكومية هما‪« :‬جمعية التنمية للطاقات المتجددة»‬ ‫و«منظمة إفريقيا الوقفية الجماعية»‪ .‬وقد بدأوا آ‬ ‫الن ببناء بيوت من قناني‬ ‫البالستيك‪.‬‬ ‫وهذا المشروع أخذ يحل مشكلتين اثنتين‪ :‬أ‬ ‫الولى‪ ،‬معالجة مشكلة التشرد؛‬ ‫والثانية‪ ،‬مساعدة البيئة‪ .‬فمن خالل هذا المشروع ستكون هناك كميات أقل من‬ ‫البالستيك في مقالب النفايات‪ ،‬كما أن تلك المنازل ستكون خالية من انبعاثات‬ ‫وبالضافة إلى ذلك‪ ،‬فهذه البيوت مدعومة بالكامل بألواح‬ ‫الكربون الضارة‪ .‬إ‬ ‫الطاقة الشمسية وغاز الميثان من النفايات البشرية والحيوانية المعاد تدويرها‪.‬‬ ‫ومن أجل بناء منزل من غرفتين‪ ،‬يقوم العمال بتعبئة قناني البالستيك بالرمل‬ ‫والسمنت‪ .‬فيشكِّل ذلك جداراً‬ ‫ومن ثم يلصقونها ببعضها بعضاً بواسطة الوحل إ‬

‫الملونة مقاومة للرصاص‬ ‫أقوى من الطوب‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬فإن هذه البيوت ّ‬ ‫والحريق ويمكنها أن تتحمل الزالزل‪.‬‬ ‫مبان من ثالثة طوابق‪ ،‬وليس أكثر من ذلك‪ ،‬بسبب وزن القناني‬ ‫يمكن بناء ٍ‬ ‫المملوءة بالرمال‪ .‬وبطبيعة الحال‪ ،‬فإن التنوع الرائع في القناني المعاد‬ ‫تدويرها يعطي كل بيت منظراً فريداً ومشرقاً‪ .‬ويحتاج المنزل المؤلف من‬ ‫غرفتين حوالي ‪ 14000‬قنينة‪ .‬وإذا ما عرفنا بأن هناك حوالي ثالثة ماليين‬ ‫زجاجة يتم رميها في نيجيرياً يومياً‪ ،‬يتضح لنا أن هناك ما يكفي إليجاد منزل‬ ‫الفريقي‪ ،‬من خالل هذه الفكرة‬ ‫لكل من هو بحاجة إليه‪ .‬وقد يكون هذا البلد إ‬ ‫لتحول نفاياتها إلى ما فيه حل‬ ‫المبتكرة‪ ،‬مصدر إلهام لعديد من الدول ِّ‬ ‫لمشكالتها المستعصية‪.‬‬


‫مهوش أحمد‬ ‫َ‬

‫ويدونه‬ ‫ِّ‬ ‫صالح حيدو يجمعه‬

‫األدب الشعبي‬ ‫عند األكراد‬

‫أدب وفنون‬

‫ً‬ ‫تقريبا‪،‬‬ ‫ينقسم األدب الكردي‪ ،‬كما كل اآلداب‬ ‫ُ‬ ‫إلى أدب شعبي وأدب َّ‬ ‫البعض‬ ‫مدون‪ .‬ويَ عد‬ ‫َ‬ ‫واضع‬ ‫مال أحمد جزيري (‪975‬م ‪1055 -‬م)‬ ‫البداية األولى لتدوين الثقافة الكردية‪.‬‬ ‫أما قبل ذلك فكان األدب الشعبي الكردي‬ ‫ً‬ ‫شفهيا‪ ،‬ينتقل من جيل إلى جيل عبر الرواة‬ ‫والمغنين الذين كان لهم الفضل األكبر في‬ ‫الحفاظ عليه من الضياع وتمريره لألجيال‪،‬‬ ‫على رغم معاناة الشعب الكردي من األمية‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫حياة البداوة والترحال بين‬ ‫طويال‪ ،‬وعيشه‬ ‫جبال كردستان وسط طبيعة وظروف مناخية‬ ‫صعبة‪ .‬وبال شك فإن راوي القصة (الحكواتي‬ ‫أو جيروكبيج) والمغني (دنكبيج) هما الرائدان‬ ‫في األدب الشفهي؛ ألنهما ينقالن صورة‬ ‫حقيقية ومتنوعة عن ٍ‬ ‫بالد عانت من سيطرة‬ ‫الطبقات الحاكمة ومن النزاعات العشائرية‪.‬‬ ‫وفي المجمل‪ ،‬كان هذا األدب مرآة حقيقية‬ ‫عكست روح الشعب الكردي ومزاجه وتاريخه‪،‬‬ ‫وكافة المناسبات االجتماعية كاألفراح واألتراح‬ ‫والحروب واالنتصارات وقصص ُ‬ ‫الحب ومالحم‬ ‫البطولة وفصول السنة ومواسم االصطياف‪.‬‬


‫‪61 | 60‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫اث فلكلوري ٌ‬ ‫يدون‬ ‫للشعب الكردي تر ٌ‬ ‫هائل لم َّ‬ ‫منه إال الشيء القليل‪ ،‬حيث ركزت معظم‬ ‫البحوث والدراسات التي اهتمت بالفلكلور‬ ‫الكردي على جانب واحد هو أ‬ ‫الدب والشعر‪،‬‬ ‫وأهملت دراسة جوانب أخرى مهمة من ذلك‬ ‫التراث‪ .‬وثمة عدد كبير من المستشرقين والرحالة ورجال الفكر الذين‬ ‫زاروا كردستان وقاموا بجمع تراثها أمثال باسيل نيكيتين وليسكو‬ ‫ومينورسكي ومارغرت رودينكو وهذه أ‬ ‫الخيرة الرائدة الحقيقية في‬ ‫أ‬ ‫مجال إحياء التراث الكردي‪ .‬أما الباحثون الكراد فعلى رأسهم عز‬ ‫الدين مصطفى رسول‪ ،‬صاحب دراسة «في آداب الفولكلور الكردي»‬ ‫وعلي الجزيري‪ ،‬صاحب كتاب أ‬ ‫«الدب الشفاهي الكردي» وجليلي‬ ‫جليل‪ ،‬وصبحي جعفر‪ ،‬والشاعر الكبير جكرخوين والباحث والشاعر‬ ‫صالح حيدو‪.‬‬ ‫إال أن هذا التراث الضخم الذي يمتلكه الشعب الكردي لم يُدرس‬ ‫حتى آ‬ ‫الن دراسة ميدانية وعلمية؛ ألن الباحثين اعتمدوا على‬ ‫معلوماتهم الشخصية وعلى االستفسار من بعض كبار السن دون‬ ‫القامة في ميدان البحث‪ .‬يقول الباحث الجزيري‬ ‫االضطرار إلى إ‬ ‫كمعين ال ينضب إال‬ ‫‪« :‬الفلكلور الكردي رغم ثرائه ورغم وصفه‬ ‫ٍ‬ ‫أنه مهدد بالنسيان‪ ،‬بسبب موت من كان لهم الفضل الكبير في‬ ‫حفظه في صدورهم وصيانته‪ .‬ومن هنا‪ ،‬تتأتى ضرورة تدوينه‬ ‫ودراسته»‪ .‬وقد بذل الشاعر والباحث صالح حيدو جهوداً جبارة في‬ ‫جمع التراث أ‬ ‫والدب الكردي الشفاهي‪ ،‬حيث صدرت له مجموعة‬ ‫من الكتب‪ ،‬منها «مجموعة من أ‬ ‫الغاني الكردية في الفلكلور الكردي‬ ‫أ‬ ‫في سوريا» في خمسة أجزاء‪ ،‬و«شرح الغاني الكردية مع النصوص‬ ‫الكاملة» و«أغاني أ‬ ‫الطفال التراثية» و«مجموعة من القصص‬ ‫الكردية»‪ .‬لقد كتب خمسة وأربعين مجلداً جمع فيها التراث‬ ‫أ‬ ‫أغان فلكلورية إلى القصص والحكايات الرمزية‬ ‫الكردي الصيل من ٍ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الحكم والمثال‬ ‫والحقيقية التي يشتهر بها الدب الكردي‪ ،‬وفي ِ‬ ‫كردي شرحاً‪ ،‬وخمسمئة «حزورة»‬ ‫جمع أكثر من أربعة آالف َم َث ٍل ٍ‬ ‫وخمسمئة قصة كردية تراثية وقصص ذات نكت ومناقب ومثالب‬ ‫تحكي روح الشعب وطريقة عيشه في الحياة االجتماعية‪.‬‬

‫أ‬ ‫وخصوصياتها‬ ‫غنية‬ ‫ال‬ ‫أ‬

‫ال جدال حول غنى الدب الشعبي الكردي‪ ،‬ويتمثل هذا الغنى في‬ ‫تنوع أشكاله‪ .‬أ‬ ‫فالغاني الكردية‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬ال حصر لها‪،‬‬ ‫أ‬ ‫تعبر‬ ‫لنها حاضرة في كل تفاصيل الحياة اليومية للشعب الكردي ِّ‬ ‫عن أمنياته وآماله‪ .‬هناك أغاني الحب وأغاني الحرب التي تثبت‬ ‫بطولة الرجل الكردي في معاركه مع أعدائه‪ ،‬وأغاني أ‬ ‫الطفال‪،‬‬ ‫وأغاني الشباب‪ ،‬وأغاني الحصاد والفالحة والرعي‪ .‬وطبيعة أ‬ ‫الغنية‬ ‫الفلكلورية الكردية غزلية وفكاهية ودينية‪ ،‬لكنها ال تغفل عن أن‬ ‫تتحدث عن طبيعة كوردستان وجمالها‪ .‬ولقد كان ازدهار الغناء‬ ‫المارات كثر المغنون‪،‬‬ ‫بالمارات الكردية‪ ،‬إذ كلما كثرت إ‬ ‫مرتبطاً إ‬ ‫والعكس بالعكس‪ ،‬والسبب هو أن المغنين كانوا يكسبون رزقهم‬ ‫من الغناء أمام أ‬ ‫المراء‪.‬‬ ‫دون الباحث صالح حيدو مئة وخمسين أغنية‪ ،‬كتابة ولحناً‪ ،‬لكي‬ ‫ّ‬ ‫تنتشر في كافة أنحاء كردستان ويستفيد منها الشعب الكردي بعد‬ ‫أن يرى شخصيته من خالل موروثه الثقافي‪ّ .‬‬ ‫وجل ما جمعه حيدو‬ ‫أغان إيقاعية تدل على أصالة كرديتها لتوثيق الحياة اليومية‬ ‫من ٍ‬

‫والعياد أ‬ ‫بتفاصيلها‪ ،‬كالحصاد والجرش أ‬ ‫والعراس والختان وكل ما‬ ‫يتعلق بمسيرة هذا الشعب عبر التاريخ‪ .‬وعن أ‬ ‫الغنية الفلكلورية‬ ‫الكردية يقول حيدو‪« :‬تتكون غالباً من ثالثة مقاطع وكل مقطع‬ ‫من ثالثة أسطر أو أربعة تحمل قافية واحدة‪ ،‬وتتغير القافية أثناء‬ ‫أحادي الجانب‪،‬‬ ‫المقطع الثاني أو الثالث‪ ،‬وغالباً ما يكون الموضوع‬ ‫َّ‬ ‫اللوان أ‬ ‫وتروي موضوعاً بذاته تستخدم فيه أ‬ ‫والحجام والجمال‬ ‫والكلمة السلسة والمفهومة والجذابة‪ ،‬يفهمها الصغير والكبير وكل‬ ‫أفراد المجتمع وتحمل لحناً شجياً وجذاباً»‪.‬‬


‫وتصنف أ‬ ‫الغاني الكردية وفقاً لمضمونها‪ .‬فهناك القصة (جيروك)‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫شخص يدعى (جيروكبيج)‬ ‫يرويهما‬ ‫اللتان‬ ‫جيروك)‬ ‫(جير‬ ‫قصوصة‬ ‫وال‬ ‫ٌ‬ ‫أو الراوية‪ ،‬وينشدها (دنكبيج) أو المغني‪ .‬وهناك ما يعرف بـ‬ ‫(ديلوك) الذي يقصد به أغاني الرقص والدبكة‪ .‬أما (شر) التي هي‬ ‫أغاني الحرب أو الحماسة كما في المالحم أ‬ ‫والساطير فتقابلها‬ ‫الخيال‬ ‫(الوك) التي هي أغاني‬ ‫الحب التي تتحدث عن الفتى ّ‬ ‫أ‬ ‫وتصور شجاعته‪ .‬وتتميز الخيرة عن لحن (حيرانوك) الذي هو عبارة‬ ‫الحب الناقص غير المكتمل وكآبة‬ ‫يعبر فيها عن ُ‬ ‫عن قصائد حب َّ‬

‫طبيعة األغنية الفلكلورية الكردية‬ ‫غزلية وفكاهية ودينية‪ ،‬لكنها ال‬ ‫تغفل عن أن تتحدث عن طبيعة‬ ‫كوردستان وجمالها‬


‫‪63 | 62‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫الفراق‪ .‬كما أن هناك فرقاً بين ما يسمى (الويجوك أو الجه) أي‬ ‫النشيد والترتيل الديني وبين النشيد الجماعي الكالسيكي المعروف‬ ‫في أ‬ ‫الدب الكردي بـ (بليتيه)‪ .‬وتطول القائمة لتشمل أغاني (بايزوك)‬ ‫الحزينة التي تغنيها القبائل الكوردية في الخريف خاصة‪ ،‬وأغاني‬ ‫(الوج) التي تعزف في مراسم الحداد والتعزية‪ ،‬وليس أخيراً أ‬ ‫الغاني‬ ‫التي تهدهد بها أ‬ ‫المهات صغارهن‪.‬‬

‫والمغنون يتنوعون أيضاً‬

‫ويقابل تنوع أ‬ ‫الغنية الكردية تنو ُع المغنين‪ ،‬فهم على فئات‪ .‬على‬ ‫َ‬ ‫رأس تلك الفئات يأتي (سترانفان أو دنكبيج) ويقصد بها المغني‬ ‫الذي يؤلف أ‬ ‫الغنية ويؤديها‪ .‬يليه (جيروكبيز) وهو راوي الحكايات‪،‬‬ ‫الذي يغني حيناً ويروي حيناً آخر‪ ،‬وأكثر ما يكون ذلك في رواية‬ ‫القصص القصيرة‪ .‬وهناك أيضاً (مرطب أو مطرب) وهو الغجري‬ ‫بالضافة إلى ذلك (سازبند) وهو‬ ‫الذي يغني ويرقص معاً‪ .‬ويوجد إ‬ ‫الموسيقار الذي يسير مع المغني المؤلف‪ ،‬ثم (بلورفان) وهو عازف‬ ‫الناي‪ .‬ويستطيع كل من المغني والقاص «الحكواتي» أن يسردا ما‬ ‫في جعبتهما من قصص الشعب بكل سهولة وبراعة‪ ،‬ملونين كالمهما‬ ‫بشتى أنواع السجع والطرف والحكايات والدعابات والمواعظ والعبر‬ ‫واللحن والصوت الشجي‪ .‬كما تختلف أ‬ ‫المكنة التي يغنون فيها‪،‬‬

‫المراء أ‬ ‫فالديوان هو المكان الذي يغنى فيه عند أ‬ ‫والغوات وبيوت‬ ‫ُ َّ‬ ‫الغنياء‪ ،‬والخيمة أو خيام المصائف فعند أ‬ ‫أ‬ ‫الغوات والقرويين‪،‬‬ ‫أ‬ ‫وأخيراً هناك العراس أو االحتفاالت التي تُقام في القرى والمدن‪.‬‬

‫واللغاز أ‬ ‫الحاجي أ‬ ‫أ‬ ‫والمثال‬ ‫أ‬ ‫أ‬

‫الشكال المختلفة أ‬ ‫وتحتل الحاجي واللغاز موقعاً مرموقاً بين أ‬ ‫للدب‬ ‫الكردي الشعبي الفلكلوري‪ .‬وتمثل أ‬ ‫الحاجي مختصراً لحادثة أو‬ ‫ظاهرة معينة‪ ،‬على عكس أ‬ ‫المثال والحكم التي تسعى إلى تمرير‬ ‫جزء معرفي‪ .‬وتستخدم أ‬ ‫الحاجي عادة من أجل صقل التفكير أو‬ ‫لقضاء الوقت والتسلية كما هو الحال بالنسبة للطرائف أو الرمز‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫مدونة‬ ‫في ميدان الدب المكتوب‪ .‬ظلت الحاجي واللغاز غير َّ‬ ‫يتطور‬ ‫طويال ً مكتفية باالنتقال شفاهياً من جيل إلى آخر‪ ،‬ولم َّ‬ ‫حالها لتصبح جزءاً من أ‬ ‫الدب المدون إال في عهد قريب‪ .‬ومن أمثال‬ ‫أ‬ ‫الحاجي أحجية تقول‪« :‬تمشي وتظل تمشي معه وال تبلغه‪ ،‬فما‬ ‫هو؟»‪ ،‬وجوابها (الظل)‪ .‬وتلك التي تسأل‪« :‬ماءان في كأس واحدة‬ ‫ولكل منهما ظله»‪ ،‬وجوابها (البيضة)‪.‬‬ ‫الدب الشعبي الكردي ما يوجد في الحكَم أ‬ ‫ومن أ‬ ‫والمثال الشعبية‪،‬‬ ‫ِ ْ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الحك َْم والمثال في حديثهم‬ ‫والكراد مشهورون باستخدام كثير من ِ‬


‫هناك العقبات التي تعترض‬ ‫المحبين مثل بكو عوان الذي‬ ‫َّ‬ ‫فرق بين مم وزين‪ ،‬وهناك الحيلة‬ ‫والخداع واالمتحان والجزاء‬ ‫يطعمون حديثهم بها من أجل إضفاء القوة والبالغة على‬ ‫اليومي‪ّ .‬‬ ‫ً‬ ‫الحك َْم‬ ‫الحديث بحيث يكون مؤثراً‪ .‬والنتيجة أن هناك عددا من ِ‬ ‫والمثال أ‬ ‫أ‬ ‫والقوال الشعبية المأثورة التي تأتي في ثنايا الكالم‪،‬‬ ‫وتتناول موضوعات ذات صلة بالقيم الكردية‪ ،‬مثل تمجيد البطولة‬ ‫والشهامة والكرم وحسن أ‬ ‫الخالق‪ ،‬واالنتقاص من بعض الصفات‬ ‫َ َ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫والخسة والعمال السيئة‪ .‬كما أن هناك أمثاال ً‬ ‫كالنانية والغيرة ِ‬ ‫تتناول موضوعات أخرى مثل دور المرأة وفصول السنة والحيوانات‬ ‫والطبيعة‪ .‬ولعل أشهر أ‬ ‫المثال ذاك القائل‪« :‬طاحونة السفيه (أو‬ ‫الجاهل) تدور من تلقاء ذاتها»‪ .‬إنه ٌ‬ ‫مثل ساخر يتحدث عن الشخص‬ ‫المحظوظ الذي ينهي عمله بنجاح من دون فهم أو دراية‪.‬‬

‫الحكايات ورواتها‬

‫بالطبع ال يمكن الحديث عن أ‬ ‫الدب الشعبي الكردي دون أن تظفر‬ ‫عبرت الحكاية الشعبية‬ ‫الحكاية بنصيب وافر من العرض‪ .‬لقد َّ‬ ‫بألوانها المتعددة عن أفكار المجتمع الكردي منذ عهود سحيقة‪.‬‬ ‫وتنقسم إلى أقسام‪ ،‬فمنها الحكاية وتسمى (جيروك) والحكاية‬ ‫القصيرة أو أ‬ ‫القصوصة وتسمى (جيرجيروك)‪ ،‬وهذان القسمان‬ ‫نثريان موزونان‪ ،‬يرويهما شخص يدعى (جيروكبيج) أو الحكواتي‪،‬‬ ‫وينشدها (دنكبيج أو استرانفان) أو المغني‪ .‬وتُعد حكايات الحيوان‬ ‫من أبرز الحكايات الموجودة في الموروث الكردي‪ ،‬حيث تتصرف‬ ‫فيه الحيوانات كبني البشر تماماً‪ ،‬وتقوم بالكالم والتحرك وفقاً‬ ‫لذلك‪ .‬وهذا الصنف أ‬ ‫الدبي من حكاية الحيوان جنس أدبي شفاهي‬ ‫موجود في آداب أغلب الشعوب ومنها الشعب الكردي‪ ،‬وبالطبع‬ ‫النسان هو بالتأكيد‬ ‫فإن استخدام قناع الحيوان للحديث عن إ‬ ‫لتجنب رقابة السلطة الحاكمة والمستبدة‪ .‬ومن أبرزها في أ‬ ‫الدب‬ ‫الكردي حكايات تروى للصغار ومنها غزالوك وداللوك‪ ،‬وحكايات‬ ‫الديك أ‬ ‫البيض وحبة الرمان وحكاية الحمار والثعلب والذئب‪.‬‬ ‫وهناك حكاية شهيرة بعنوان «شنكي بنكي قالوجنكى»‪ .‬ويبدأ الراوي‬ ‫الكردي حكايته بـ (هبو تنبو رحمة ل دي وبافة تا بو) وهي تقابل‬ ‫«كان يا ما كان» في اللغة العربية إضافة إلى الترحم على والد‬ ‫المستمع‪.‬‬ ‫الملحمة‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬تشكِّل جزءاً من أ‬ ‫الدب الشعبي عند‬ ‫أ‬ ‫الكراد‪ .‬والملحمة هي الحادثة أو الواقعة العظيمة التي قلما تتكرر‬ ‫أ‬ ‫أغان وأناشيد تصور حجم الواقعة‪.‬‬ ‫وتخلد لهميتها وقيمتها في ٍ‬ ‫وتتميز الملحمة بوجود الحوار والوصف فيها بحيث يعطيان‬ ‫النسان المحور الرئيس فيها‪.‬‬ ‫للملحمة مظهر القصة التي يكون إ‬ ‫وتنقسم المالحم الكردية تقريباً إلى مالحم البطولة ومالحم الحب‪.‬‬ ‫في مالحم العشق تظهر الفوارق االجتماعية والدينية وعدم رضا‬ ‫أ‬ ‫الحب‪ ،‬بل وتظهر أحياناً‬ ‫الهل كعوائق تحول دون اكتمال قصص ُ‬ ‫الدسائس والحيل التي تضمن االنفصال أ‬ ‫البدي بين المتحابين‪ .‬ومن‬

‫مالحم العشق الكردية ملحمة «شيرين وفرهاد»‪ ،‬و«خجي وسيامند»‬ ‫و«زمبيل فروش»‪ .‬إال أن أعظم وأشهر ملحمة في الموروث الكردي‬ ‫هي ملحمة (مم وزين) التي صاغها الشاعر أحمد خاني شعراً‪،‬‬ ‫وهي مبنية على أصول وقواعد «ممي آالن» وهي الشاهد الوحيد‬ ‫على وقائع وأفعال المجتمع القديم‪ ،‬وتحمل أيضاً إلى يومنا هذا‬ ‫وشخصية المجتمع الكردي آنذاك‪ .‬ويمكن اعتبار ملحمة (مم وزين)‬ ‫آنفة الذكر مثاال على تعدد الرموز والموضوعات التي يتناولها أ‬ ‫الدب‬ ‫ً‬ ‫الكردي الشعبي‪ .‬فهناك الحلم والجن والعفاريت‪ ،‬والحوريات‬ ‫وخوجة‪ ،‬الذين يمثلون قوى الخير‪ .‬وأيضاً هناك العقبات التي‬ ‫فرق بين مم وزين‪ ،‬وهناك‬ ‫تعترض المحبين مثل بكو عوان الذي ّ‬ ‫ً‬ ‫الحيلة والخداع واالمتحان والجزاء‪ .‬ويحضر الموت أيضا باعتباره‬ ‫النهاية‪ ،‬حيث يموت كال العاشقين في الملحمة‪ .‬كما أن رمز الخاتم‬ ‫الذي يظهر جلياً في الملحمة نفسها‪ ،‬إذ تقوم أ‬ ‫الختان زين وستي‬ ‫بتبديل خاتميهما بخاتمي مم وتاج الدين‪ .‬وهناك أيضاً ماء الحياة‬ ‫أو المياه المقدسة والرسول أو القاصد والمرأة العجوز الحكيمة‬ ‫التي تُصلح بين المتحابين وتصل بينهم‪ ،‬ومثاله العجوز هيالنة‪.‬‬ ‫أما مالحم البطولة فأشهرها ملحمة «قلعة دمدم» التي تصور‬ ‫بطولة خان صاحب الكف الذهبية واستماتته في الدفاع عن قلعة‬ ‫دمدم ومقاومته لجيش الشاه عباس الصفوي في أعوام ‪-1608‬‬ ‫‪1610‬م‪ .‬وتقترب مالحم البطولة كثيراً في شكلها من أ‬ ‫السطورة التي‬ ‫النسان من جهة والعفاريت والجن من جهة‬ ‫يدور الصراع فيها بين إ‬ ‫أخرى‪ ،‬يمثل أ‬ ‫الول قوى الخير‪ ،‬بينما يمثل الثاني قوى الشر على‬ ‫الغلب‪ .‬وتمثل أ‬ ‫أ‬ ‫الفعى صورة لقوى الشر في الميثولوجيا الكردية‬ ‫أ‬ ‫كما في أسطورة عيد نوروز حيث نمت اثنتان من الفاعي على كتفي‬ ‫أزدهاك الحاكم الظالم لشعبه‪ .‬وفي المقابل تظهر شخصية خوجة‬ ‫خضر‪ ،‬باعتباره الملهم والمنقذ آ‬ ‫للخرين‪ ،‬جلية واضحة في ملحمة‬ ‫«ممى آالن» الفلكلورية‪ ،‬حيث ظهر أ‬ ‫للخوة الثالثة في الملحمة‬ ‫وأشار عليهم بتزويج أكبرهم ليساعدهم في محنتهم‪ .‬مثل ذلك‬ ‫النسان وال يؤذيه‪ ،‬حيث تقوم‬ ‫الخير‪ ،‬الذي يساعد إ‬ ‫نجد ّ‬ ‫الجن ّ‬ ‫الجنيات الثالث‪ ،‬بنات ملك الجن‪ ،‬بحمل زيني ووضعها إلى جوار‬ ‫«ممى آالن» النائم‪.‬‬ ‫الدب الشعبي عند أ‬ ‫يخدم أ‬ ‫الكراد أهدافاً شتى‪ ،‬لكن أبرزها على‬ ‫الطالق أنه يحمل القيم الكردية ويصور الممارسات االجتماعية‬ ‫إ‬ ‫النسان‬ ‫اليومية حتى غدا مخزوناً هائال ً ثرياً لكل ما يتعلق بحياة إ‬ ‫الساطير المتداولة في أ‬ ‫الكردي‪ .‬وقد تكون إحدى أ‬ ‫الدب الشعبي‬ ‫خير معبر عن أهمية الموروث الكردي‪ ،‬حيث تتقصى أ‬ ‫السطورة‬ ‫َّ‬ ‫أ ِّ‬ ‫الكراد وتحاول تقديم تصور عن نشأتهم‪ ،‬ومما خلصت إليه‬ ‫أصل‬ ‫الكراد أبناء الجن‪ .‬بمقدار الطرفة التي تحملها هذه أ‬ ‫أن أ‬ ‫السطورة‪،‬‬ ‫تكون أهمية أ‬ ‫الدب الشعبي الكردي وهو ينتقل من طور شفاهي‬ ‫النسانية بشتى وجوهها‬ ‫إلى طور كتابي‪ ،‬مستمراً في نقل التجربة إ‬ ‫وبعمق ثرائها‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪65 | 64‬‬

‫فنان ومكان‬

‫بيكاسو‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫وبرشلونة‬

‫لم يولد بيكاسو في برشلونة‬ ‫ولم يمت فيها‪ ،‬كما أنه لم‬ ‫يعش في هذه المدينة‬ ‫اإلسبانية إال سنوات قليلة في فتوته‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫نهائيا ألكثر‬ ‫الحقا عن زيارتها‬ ‫وانقطع‬ ‫من ثالثة عقود من الزمن‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬ ‫ثمة ُلحمة فريدة من نوعها وفي سببها‬ ‫ما بينه وبين المدينة التي تحتضن‬ ‫اليوم أكبر متحف ألعماله‪،‬ولم تغب‬ ‫ً‬ ‫يوما عن وجدانه‪.‬‬


‫الزيارة‬

‫بابلو بيكاسو «رسمة ذاتية»‬

‫نشأته فيها‬

‫ولد بابلو بيكاسو في مدينة ملقة في جنوب إسبانيا‬ ‫عام ‪1881‬م‪ ،‬وكان في الرابعة عشرة من عمره‬ ‫عندما انتقل الى برشلونة‪ ،‬مع والده الذي كان أيضاً‬ ‫فناناً معروفاً‪ .‬والتحق االثنان بمدرسة لوتخا للفنون‬ ‫الجميلة‪ ،‬أ‬ ‫الول للدراسة‪ ،‬والثاني للتدريس‪.‬‬ ‫كانت برشلونة آنذاك مدينة صناعية صاخبة‪ ،‬تعج‬ ‫أ‬ ‫بالفكار الطليعية والتقدمية في استعداداتها‬ ‫لدخول القرن العشرين‪ .‬وراح الفتى الصغير يرسم‬ ‫بغزارة ال مثيل لها‪ ..‬عشرات اللوحات وآالف الرسوم‬ ‫على الورق أكدت موهبته الفذة‪ ،‬ما دفع والده إلى‬ ‫إرساله إلى مدريد لدراسة الفن في أكاديمية سان‬ ‫فرناندو التي كانت أ‬ ‫الشهر في إسبانيا‪.‬‬ ‫لم يحضر ابن السادسة عشرة على مقاعد الدراسة‬ ‫أ‬ ‫وفضل عليها تمضية الوقت في‬ ‫الكاديمية إال نادراً‪ّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫دهاليز متحف برادو الستكشاف أعمال كبار الساتذة‬ ‫القدماء‪ .‬وعندما عاد عام ‪1899‬م إلى برشلونة‪،‬‬ ‫وضع خطاً فاصال ً بين ما تعلَّمه أكاديمياً وما يريد هو‬ ‫فعال ً أن يفعله‪.‬‬ ‫وجد بيكاسو البيئة الحاضنة ألفكاره المتمردة‬ ‫والطليعية في مقهى "إلس كواتري غاتس" (القطط‬ ‫أ‬ ‫الربعة)‪ ،‬الذي كان يرتاده فنانون طليعيون وشعراء‬ ‫وك ّتاب‪ .‬وفي عام ‪1900‬م أقام أول معرض منفرد‬ ‫ألعماله في هذا المقهى‪ .‬وبعد زيارة قام بها في‬

‫تبرع بيكاسو بعدد كبير‬ ‫من أعماله لمتحف‬ ‫برشلونة للفنون في‬ ‫عام ‪1968‬م‪..‬‬ ‫السنة نفسها إلى باريس حيث اطلع على أعمال‬ ‫سيزان وماتيس‪ ،‬عاد إلى برشلونة ليقلب مسار تاريخ‬ ‫الفن رأساً على عقب انطالقاً منها‪.‬‬ ‫بقي بيكاسو في برشلونة لسنوات خمس الحقة‪،‬‬ ‫وتُعرف أعماله خاللها باسم المرحلة الزرقاء‪،‬‬ ‫لطغيان اللون أ‬ ‫الزرق عليها وكأنه رسمها على ضوء‬ ‫القمر‪ .‬وكل ما رسمه آنذاك كان من وحي برشلونة‪.‬‬

‫هجرانها‬

‫في عام ‪1905‬م‪ ،‬انتقل بيكاسو لالستقرار في‬ ‫باريس‪ ،‬حيث أرسى الفن التكعيبي باالعتماد على‬ ‫كثير من الرسوم التحضيرية التي كانت في جعبته‬ ‫وأتى بها من إسبانيا‪ ..‬بقي يزور برشلونة من حين إلى‬ ‫آخر لتمضية بعض العطل مع العائلة أو أ‬ ‫الصدقاء‪،‬‬ ‫إلى أن كانت الحرب أ‬ ‫الهلية عام ‪1936‬م‪ ،‬التي‬ ‫انتصرت فيها قوات الجنرال فرانكو‪ .‬فقطع بيكاسو‬ ‫على نفسه عهداً َّ‬ ‫بأل يزور إسبانيا طالما بقيت تحت‬ ‫حكم فرانكو‪ .‬ولكن الجنرال بقي في الحكم حتى‬

‫وفاته عام ‪1975‬م‪ ،‬وكان بيكاسو قد توفي قبله‬ ‫بسنتين‪ ،‬عام ‪1973‬م‪.‬‬

‫متحــف بيكاسو في برشلونة‬

‫هو عربون اللُّحمة الوثيقة ما بين الفنان والمدينة‬ ‫التي لم ينسها يوماً حتى وهو في منفاه الطوعي‪.‬‬ ‫افتتح هذا المتحف في عام ‪1963‬م‪ ،‬ليضم‬ ‫اللوحات التي كان الفنان قد تبرع بها إلى «متاحف‬ ‫برشلونة للفنون»‪ ،‬وأيضاً تلك التي كانت بحوزة‬ ‫صديقه خاومي سابارتيس‪ .‬أ‬ ‫ولنه كان من غير‬ ‫المعقول إطالق اسم شخصية معارضة للنظام‬ ‫على منشأة بهذه الضخامة‪ ،‬حمل المتحف في‬ ‫البداية اسم «مجموعة سابارتيس»‪ .‬وفي عام‬ ‫‪1968‬م‪ ،‬ومناسبات عديدة أخرى‪ ،‬تبرع بيكاسو‬ ‫بعدد كبير من أعماله لهذا المتحف‪ ،‬وهو الذي‬ ‫كان يقول عن نفسه‪« :‬أنا أكبر جامع للوحات‬ ‫بيكاسو في العالم»‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬جاء دور الهواة‬ ‫للتبرع بما يملكون‪ ،‬بحيث بات هذا المتحف‬ ‫يمتلك اليوم أكثر من ‪ 3800‬لوحة ورسم ومنحوتة‬ ‫من عمل هذا الفنان الذي عاش تسعين سنة ولم‬ ‫ينس برشلونة يوماً‪.‬‬ ‫َ‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪67 | 66‬‬

‫ً‬ ‫شعرا‬ ‫أقول‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫تمام التالوي‬

‫ال أقول‬

‫ن‬ ‫المع� ضاقت العبارة‪.‬‬ ‫ال أقول ف ي� الشعر‪ :‬كلما اتَّسع‬ ‫ن‬ ‫المع� ‪ .‬ذلك أن الشعر هو فن ت ز‬ ‫االخ�ال‪ ،‬أما‬ ‫إنما أقول‪ :‬كلما ضاقت العبارة اتَّسع‬ ‫التفاصيل فهي من شأن المخيلة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فكث� ممن‬ ‫لهذا‪ ،‬ربما ال تجد شاعراً مبدعاً وروائيا مبدعا ي� الشخص نفسه‪ .‬ي‬ ‫ف‬ ‫يحك‬ ‫فشلوا ي� الشعر اتجهوا إىل الرواية‪ ،‬والعكس صحيح‪ .‬الشعر الجيد ي‬ ‫تز‬ ‫بكث� من التفاصيل‪.‬‬ ‫تحك القليل ي‬ ‫ي‬ ‫الكث� بأشد العبارات اخ�اال ً‪ .‬والرواية عموماً ي‬ ‫ولهذا‪ ،‬فال ش‬ ‫يع� الشعر‪،‬‬ ‫يع� عن مدى تعقيد المشاعر إ‬ ‫النسانية كما ِّب‬ ‫�ء ِّب‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫والمعا� بأقل‬ ‫كب� من المشاعر‬ ‫والشاعر المبدع هو الذي يستطيع إيصال زخم ي‬ ‫ي‬ ‫العبارات‪ ،‬لتصبح أشد إدهاشاً‪ .‬فهل كان لملحمة طروادة بتعقيداتها أن تصلنا‬ ‫بهذا الجمال لوال أنها صيغت شعراً؟‪ .‬وهل كان لها أن تعيش إىل يومنا هذا لوال‬ ‫لت عىل عربة الشعر؟‪.‬‬ ‫أنها ُح ِم ْ‬ ‫أ‬ ‫كث� من المشاعر‬ ‫ولن الحروب‬ ‫الك�ى والكوارث الطبيعية تنطوي عىل ي‬ ‫والمآس ب‬ ‫ي‬ ‫بالتعب� عنها من الشعر‪ .‬وبقدر ما يقف الشعراء‬ ‫المعقَّدة‪ ،‬فلن تجد شيئاً أجدر‬ ‫ي‬ ‫عاجزين وملجمي أ‬ ‫التعب�‬ ‫اللسن أمام هول الكارثة‪ ،‬بقدر ما يكون الشعر هو‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ال ثك� جدارة بوصفها‪.‬‬

‫لـك اآلن‬ ‫إني حزين‬

‫ن‬ ‫يقتلو�‪ ،‬فشاهدت عند الحدود زنابق داس‬ ‫هربت من الحرب من قبل أن‬ ‫«‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫عام� ي� ال�فات»‪.‬‬ ‫عليها الجنود‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أهل معلَّقة منذ ي‬ ‫وشاهدت قمصان ي‬ ‫كتبت هذه أ‬ ‫السطر وأنا خارج من بالدي ت‬ ‫ال� دمرتها الحرب‪ ،‬وكتبت يغ�ها أسطر‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫كث�ة مهولة‪،‬‬ ‫وقصائد‪ ،‬ولكن ي� المقابل لطالما‬ ‫أصاب� الصمت أمام مشاهد ي‬ ‫ي‬ ‫ح� آ‬ ‫أع� عنها ت‬ ‫الن‪ .‬شعراء ك ثُ� أخرستهم الحرب‪ ،‬كما أنطقت‬ ‫فلم أستطع أن ب ِّ‬ ‫آخرين لم يكونوا يكتبون الشعر من قبلها إال ما ندر‪ .‬ومنذ خروجي من بالدي‬ ‫قبل ي ن‬ ‫التعب� عما رأيته وشعرت به‪ ،‬مع‬ ‫عام� تقريباً‪ ،‬إىل هذا اليوم وأنا أحاول‬ ‫ي‬ ‫كث� من الفشل‪.‬‬ ‫ي‬ ‫لم أستطع الكتابة عن ت‬ ‫ابن� ت‬ ‫ال� تركتها هناك ور ئ يا� َّإل بعد عام ونصف العام‬ ‫ي ي‬ ‫ن‬ ‫كو� أدركت القصيدة‪.‬‬ ‫تقريباً من فراقها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ولست واثقاً بعد من ي‬ ‫دمر‪ ،‬وشعب يموت‪ ،‬فإنك تضع نفسك‬ ‫أن تكتب بجماليات شعرية عن وطن يُ َّ‬ ‫ق‬ ‫وجمال‪ :‬إىل أي مدى يحق لنا أن نحول القباحة والموت‬ ‫أخال�‬ ‫كشاعر ف ي� مأزق‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫نحول المأساة إىل ملهاة؟!‬ ‫إىل جمال رصف؟! وأن ِّ‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ً‬ ‫كث�‬ ‫سنخ� ف ي� خضم ذلك من ضياع‬ ‫وكم‬ ‫المعا�؟‪ ..‬ربما لهذا تحديدا صمت ي‬ ‫ي‬ ‫من الشعراء‪ ..‬ربما ليقولوا لنا بدورهم‪ :‬كلما اشتدت المأساة‪ ..‬صمتت العبارة‪..‬‬


‫ٌ‬ ‫حزين‬ ‫لك اآلن إني‬ ‫ال أقول ِ‬

‫ال ّ‬ ‫يتفت ُح ورد البساتين ما لم ّ‬ ‫تمري‬

‫ولكنني ّ‬ ‫َ‬ ‫أهادن أيلول‬ ‫أتذرع بالدمع حتى‬

‫ركض ِك‬ ‫غير ِ‬ ‫وال يصل النهر للبحر من ِ‬

‫كعطر َبردهة بيتي‬ ‫أنت تنتشرين‬ ‫ال ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫مكسورة في ّ‬ ‫ممر ِك‬ ‫قارورة العطر‬ ‫وال أنا‬

‫حول ضفافي‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫أتحد ُث عن درج البيت‬ ‫وال‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الحقيبة قبل العناق‬ ‫وضعت‬ ‫حيث‬

‫ها ّ‬ ‫مر ٌ‬ ‫عام وأكثر‬

‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫وأكثر‬ ‫عام‬ ‫والباب يستقبل العائدين من الحرب‬ ‫موتى وأشباه موتى‪..‬‬ ‫شرفة طالما ّ‬ ‫لي‬ ‫وال أتحدث عن‬ ‫ٍ‬ ‫لوح ْت َ‬ ‫يداك‬ ‫منها‬ ‫ِ‬

‫ُ‬ ‫أتحدث عن أصص الفل‬ ‫لكنني‬

‫لكن َّأم ِك كانت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ترتب فيها ثيابي‬

‫وأدمعها‬

‫وكانت ّ‬ ‫تحلق من فوقنا الطائرات‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫مسرعا‬ ‫هبطت بها‬ ‫الدر ُ‬ ‫ّ‬ ‫عت َ‬ ‫جات‪..‬‬ ‫فتصد ِ‬ ‫وها ّ‬ ‫َ‬ ‫مر ٌ‬ ‫وأكثر‬ ‫عام‬ ‫والطائرات ّ‬ ‫تدك البيوت‬

‫ْ‬ ‫عطشت في غيابي!‪..‬‬ ‫هل‬ ‫ال أقول عن الحب ما ُ‬ ‫عنك‬ ‫كنت أرويه ِ‬

‫وأيلول َ‬ ‫الذ بشرفتنا مرتين‬

‫وال عن حكايا األميرات‬ ‫ما ُ‬ ‫سرير ِك حتى تنامي‬ ‫كنت أحكيه قرب‬ ‫ِ‬

‫وعاتبني مرتين‬ ‫ُ‬ ‫وهادنت ُه مرتين‬

‫ولكن إذا لم أعد قبل أيلول‬

‫وأنت على الباب‬ ‫ِ‬

‫ّ‬ ‫أفقت ولم‬ ‫قصي عليه الحكاية منذ‬ ‫ِ‬

‫أصبحت أحلى‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وش ُ‬ ‫عر ِك يحكي أليلول‬ ‫مر ُ‬ ‫كم ّ‬ ‫أفقت ولم تبصريني‬ ‫منذ‬ ‫ِ‬

‫تبصريني‪..‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫صرت َ‬ ‫أجمل؟‬ ‫أطول؟‬ ‫أكبر؟‬ ‫ترى‬ ‫ِ‬ ‫يا َ‬ ‫ابنة أحلى النساء‬ ‫ّ‬ ‫الحب‬ ‫ويا برعم‬

‫َ‬ ‫عدن ُز َ‬ ‫َ‬ ‫سرير ِك‬ ‫رن‬ ‫وكيف األميرات ما‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وحش‬ ‫الحرب‬ ‫ساحرة‬ ‫جعلتني‬ ‫مذ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الغياب‪..‬‬

‫بعد خروجه من سوريا خالل السنة الثالثة من الحرب السورية‪ ،‬كتب الشاعر‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� امتدت ي ن‬ ‫لعام�‪ .‬ويُعد‬ ‫هذه القصيدة خالل ف�ة فابتعاده عن زوجته وابنته ي‬ ‫تمام من أبرز شعراء جيله ي� الشعر السوري المعارص‪ ،‬وقد نال عديداً من‬ ‫الجوائز العربية عن مجموعاته الشعرية‪.‬‬

‫صدر له‪:‬‬

‫ين‬ ‫• نز‬ ‫بالغائب� ‪ /‬صدر عن دار سعاد الصباح عام ‪.2000‬‬ ‫م�ل مزدحم‬ ‫• ِشعرائيل ‪ /‬صدر عن وزارة الثقافة السورية عام ‪.2006‬‬ ‫• تفس� جسمك ف� المعاجم ‪ /‬صدر عن أ‬ ‫المانة العامة ‪ -‬دمشق عاصمة‬ ‫ي‬ ‫ِ ي‬ ‫الثقافة العربية ‪.2008‬‬

‫تقولين ّإنا إذا ما التقينا‬ ‫ّ‬ ‫وقبلتِ ني‬

‫ُ‬ ‫أيلول من حولنا‬ ‫سوف يضحك‬ ‫وأعود جميال‪..‬‬

‫استمع للقصائد‬

‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪69 | 68‬‬

‫ذاكرة القافلة‬

‫تاريخ الصيد‬ ‫في األردن‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫في عددها لشهر‬ ‫رجب ‪1387‬هـ‬ ‫(أكتوبر ‪ /‬نوفمبر‬ ‫‪1967‬م)‪ ،‬نشرت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مصورا بقلم‬ ‫استطالعا‬ ‫القافلة‬ ‫لطفي عثمان ملحس‪ ،‬حول تاريخ‬ ‫الصيد في األردن‪ ،‬يلقي الضوء‬ ‫على وفرة الحيوانات البرية آنذاك‪،‬‬ ‫وحضور مشاهد الصيد في أطالل‬ ‫قصور األمويين واآلثار األردنية‪.‬‬ ‫وفيما يأتي أهم ما جاء فيه‪.‬‬ ‫بالد أ‬ ‫الردن من البالد الغنية بأنواع الصيد‪ ،‬وقد‬ ‫اشتهرت بهذا من أقدم أ‬ ‫الزمان‪ ،‬وال شك في أنها قد‬ ‫مفضل للصيد والقنص‪،‬‬ ‫بلغت ذروة ازدهارها كمكان َّ‬ ‫على عهد الغساسنة أ‬ ‫والمويين‪ .‬فقد كان هؤالء‬ ‫مولعين بحب الصحراء وحياتها‪ ،‬ينصبون خيامهم‬ ‫في أرجائها‪ ،‬ويقيمون في مضاربهم عدة أشهر من‬ ‫بالضافة إلى‬ ‫كل عام‪ .‬ثم قادهم ميلهم للصحراء إ‬ ‫عوامل أخرى إلى بناء عدد من القصور على أطرافها‬ ‫في بقاع معينة لتشرف على السهول أ‬ ‫والودية‪.‬‬ ‫تدل آ‬ ‫الثار الباقية لمناظر الصيد الجميلة والمنقوشة‬ ‫على بعض جدران تلك القصور‪ ،‬على أن أ‬ ‫المويين كانوا‬ ‫أ‬ ‫من هواة الصيد وعشاق الفروسية‪ .‬ومن قصور المويين‬ ‫التي ال تزال آثارها قائمة في الصحراء أ‬ ‫الردنية قصر‬ ‫«المشتى» الذي يقع على بُعد ‪ 32‬كيلومتراً إلى الجنوب‬ ‫عمان‪ .‬ففي زاوية من زوايا إحدى الواجهات‬ ‫الشرقي من َّ‬ ‫من خرائب المشتى يظهر نقش لطائر الزرزور الذي‬ ‫يكثر في هذه المنطقة‪ .‬ويليه صور متالحقة لحيوانات‬ ‫السد‪ ،‬والجاموس‪ ،‬والغزال‪ ،‬والنمر أ‬ ‫أشهرها أ‬ ‫الرقط‪.‬‬ ‫وهنالك صور تمثل طيور الطاووس والحجل والببغاء‪،‬‬ ‫وتُرى وكأنها تشرب من كؤوس الماء‪ ،‬أو تنقر حب‬

‫عمان‪ ،‬ويرجع عهده إلى عام ‪ 1800‬ق‪ .‬م‪.‬‬ ‫تمثال من الفخار لحيوان ُعثر عليه في جبل الجوفة في َّ‬

‫العنب في ظل أ‬ ‫الوراق الغصون التي تتدلى من عناقيد‬ ‫العنب وأكواز الصنوبر‪.‬‬ ‫أما قصر «عميرة» الواقع شرقي قصر المشتى الذي‬ ‫عمان نحو ‪ 83‬كيلومتراً‪ ،‬فتظهر في‬ ‫يبعد عن مدينة َّ‬ ‫يرجح أنها للخليفة الوليد بن‬ ‫إحدى واجهاته صورة َّ‬ ‫عبدالملك وبرز حول الصورة سرب من طيور القطا‪،‬‬ ‫وتحت قاعدة العرش تتالطم أمواج البحر التي يظهر‬ ‫بينها قارب من قوارب الصيد تتالعب أ‬ ‫السماك من‬ ‫حوله‪.‬‬ ‫وأما قصر هشام في خربة «المفجر» التي تبعد‬ ‫ثالثة كيلومترات عن مدينة أريحا‪ ،‬فهو من أعظم‬

‫القصور السالمية على الطالق‪ .‬ويعزو أ‬ ‫الثريون‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫بناءه إلى الخليفة أ‬ ‫الموي هشام بن عبدالملك‬ ‫(‪743 - 724‬م)‪ .‬وال نقصد في مقالتنا هنا وصف‬ ‫هذا القصر وعجائب فنونه‪ ،‬وإنما نريد التلميح‬ ‫عن بدائع ما ارتسم فوق فسيفساء قاعة االستقبال‬ ‫في هذا القصر من صور السباع والغزالن‪،‬‬ ‫وما تظهر عليه من أحاسيس الحيوان‪ ،‬الغالب‬ ‫والمغلوب‪ ،‬على جانبي نصف دائرة تقع في أحد‬ ‫أ‬ ‫رصعت‬ ‫الجزاء الداخلية من إيوان الملك‪ ،‬وقد ِّ‬ ‫بالفسيفساء‪ .‬وظهرت كذلك في بعض الغرف‬ ‫أ‬ ‫الخرى صور تمثل رؤوس مختلف أنواع الطيور‬ ‫والحيوانات البرية أ‬ ‫والليفة‪ ،‬بعضها يقضم قطوف‬ ‫العنب والثمار أ‬ ‫الخرى‪.‬‬


‫أسلحة الصيد ووسائله قديماً‬ ‫وحديثاً‬

‫ليست الصحراء هي الموقع الوحيد للصيد في‬ ‫بالدنا‪ .‬فإن أ‬ ‫الغوار والجبال في الشمال والجنوب‬ ‫كانت مرتعاً خصباً ألهم الوحوش الكاسرة أ‬ ‫كالسود‬ ‫والنمور والفهود‪ .‬وقد انقرض من هذه الوحوش‬ ‫أ‬ ‫السود والنمور‪ ،‬وبقي عدد قليل من الفهود تشاهد‬ ‫أحياناً في الجنوب وفي أطراف الصحراء النائية‪.‬‬ ‫كما تضاءل عدد الخنازير البرية‪ ،‬فهي ال توجد‬ ‫الن إال في أ‬ ‫آ‬ ‫الودية البعيدة ذات المرعى والماء‬ ‫والشجر الكثيف‪ .‬وقد يعجب المرء في عصرنا هذا‬ ‫إذ يعلم بأن أ‬ ‫السلحة التي استعملها العرب في‬ ‫صيد أ‬ ‫السود والنمور لم تتجاوز القوس والنشاب‬ ‫والرمح والسيف‪ ،‬وأن الخيل السريعة كانت من‬ ‫أهم الوسائل التي اعتمدوا عليها لهذه الغاية‪ ،‬وأن‬ ‫الفروسية كانت من ضروريات الصيد لما يحتاج‬ ‫إليه الصيد من قوة جسمية وخفة في الحركة‪ .‬وقد‬ ‫كانت تربية الصقور وتدريبها على صيد الحبارى‬ ‫أ‬ ‫والرانب من أهم وسائل الصيد التي نالت قسطاً‬ ‫كبيراً من اهتمام العرب‪ ،‬وما زالت تنال اهتمام‬

‫الصيادين في أيامنا هذه‪ ،‬وقد ال تجد قبيلة واحدة‬ ‫في صحرائنا دون أن يكون لديها عدد وافر من خيرة‬ ‫أنواع الصقور‪ .‬كما أن العرب كانوا أول من اعتنى‬ ‫بالكالب المعروفة بـ (السلوقي)‪ ،‬وذلك الشتهارها‬ ‫بسرعة العدو‪ ،‬وكانت تستعمل ‪ -‬بعد تدريبها ‪ -‬في‬ ‫صيد أ‬ ‫الرانب والغزالن‪ .‬وقد نقل السلوقي إلى‬ ‫حسن نسله‪ ،‬وتوالدت من فصيلته‬ ‫أوروبا وهناك ِّ‬ ‫أ‬ ‫أنواع عديدة تُعد اليوم من أثمن الكالب الوروبية‪.‬‬ ‫واليوم حلَّت بندقية الصيد محل أ‬ ‫السلحة القديمة‪،‬‬ ‫واستعملت السيارة للنقل والمطاردة‪ .‬وبما أن هذه‬ ‫تعرض الصيد للفناء السريع‪ ،‬فقد ُوضع‬ ‫الطريقة ِّ‬ ‫قانون للصيد الذي ُح ِّدد بموجبه الموسم والنوع‬ ‫المصرح بصيده‪.‬‬ ‫والعدد‬ ‫َّ‬

‫أنواع الصيد ومواقعه في أالبالد‬

‫ينقسم الصيد بصورة عامة إلى نوعين‪ ،‬الول يشمل‬ ‫الطيور المواطنة كالحجل والسفرج والسبت والحمام‬ ‫والحبارى‪ ،‬وبعض الحيوانات أ‬ ‫كالرانب والغزال‬ ‫والبدن (نوع من الغزال يمتاز بضخامته وطول قرنه)‪.‬‬ ‫أما النوع الثاني فيشمل جميع الطيور المهاجرة‪.‬‬

‫الطيور المواطنة‬

‫الطيور المواطنة موزعة في جميع أنحاء البالد‪،‬‬ ‫ال سيما قرب أ‬ ‫الحراج والمزارع والينابيع والجبال‬ ‫أ‬ ‫الوعرة النائية‪ ،‬وكذلك الرانب‪ ،‬ويجري صيدها‬ ‫بالبندقية مشياً على أ‬ ‫القدام‪ ،‬وتستعمل كالب الصيد‬ ‫المدربة لهذه الغاية‪ .‬أما أنواع الغزال والحبارى‬ ‫َّ‬ ‫فتوجد في أماكن بعيدة داخل الصحراء‪ ،‬يطاردها‬ ‫الصيادون بالسيارات السريعة‪ ،‬وقد كان الغزال إلى‬ ‫ما قبل بضع سنوات يعيش في مناطق صحراوية‬ ‫تقع قرب عمان إال أن اتساع مساحة أ‬ ‫الرض الزراعية‬ ‫َّ‬ ‫وحرثها آ‬ ‫بالالت الميكانيكية‪ ،‬وكثرة المترددين على‬ ‫الصحراء‪ ،‬بوسائل النقل السريعة‪ ،‬دفعت أنواع‬ ‫الغزال إلى أن يهجر مرابعه إلى أنحاء نائية في‬ ‫الصحراء‪ ،‬وكذلك أ‬ ‫المر مع الحبارى‪.‬‬ ‫وقد يجد الصياد قطعان الغزالن بكثرة في صحرائنا‬ ‫الشرقية الشمالية والجنوبية‪ ،‬في مواقع مختلفة‬ ‫يتوفر فيها المرعى‪ ،‬وتنتقل هذه القطعان إلى داخل‬ ‫الحدود السورية والعراقية‪ .‬وفي أحيان كثيرة ترحل‬ ‫بمجموعاتها الكثيرة إلى داخل أ‬ ‫الردن آتية من أحد‬ ‫هذين القطرين‪ .‬وللحفاظ على هذا الحيوان الجميل‪،‬‬ ‫البادة‪ ،‬وإبقاء للهواية الرياضية في‬ ‫وصيانته من إ‬ ‫الوقت نفسه‪ ،‬سمح قانون الصيد لكل صياد بصيد‬ ‫غزالين مرتين في الموسم‪ .‬أما (البدن) فإن صيدها‬ ‫من الصعوبة بمكان‪ ،‬إذ يحتاج الصياد إلى إجادة‬ ‫استعمال البندقية الحربية لصيدها وهي بعيدة عنه‬ ‫المتار‪ ،‬والسير على أ‬ ‫مسافة تزيد على مئات أ‬ ‫القدام‬ ‫أ‬ ‫عدة كيلومترات بحثاً عنها لنها تقطن الجبال الوعرة‬ ‫المسلك الشاهقة االرتفاع التي تقع جنوبي البالد‪.‬‬ ‫ومن الطيور الجميلة التي انقرضت منذ سنين قليلة‬ ‫(النعام) الذي كان يعيش في صحراء اللواء الجنوبي‪.‬‬

‫الطيور المهاجرة‬

‫أما النوع الثاني من طيور الصيد‪ ،‬فيتألف من الطيور‬ ‫المهاجرة‪ ،‬وهي كثيرة أ‬ ‫النواع‪ ،‬تمر بالبالد كل عام‪.‬‬ ‫أ‬ ‫باعتبارها مركزاً جذاباً لها لوجود نهر الردن والسهول‬ ‫الواسعة والبرك والقيعان الصحراوية التي تكثر فيها‬ ‫المياه عادة في موسم الشتاء‪ .‬ومن هذه الطيور‬ ‫المهاجرة‪ :‬البط‪ ،‬والوز‪ ،‬والقطا بأنواعه‪ ،‬والرها‪،‬‬ ‫والسنايب‪ ،‬والزرزور‪ ،‬والحمام‪ .‬وأما الفر‪ ،‬والرقطي‪،‬‬ ‫والسمان فيقوم بهجرته في موسم الربيع‪ ،‬ويجري‬ ‫صيده في أ‬ ‫الغوار والسهول المرتفعة‪.‬‬

‫اقرأ المزيد‬ ‫صور لمختلف أنواع الحيوانات البرية واألليفة ظهرت على أجزاء من قصر هشام الداخلية‪.‬‬

‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪71 | 70‬‬

‫لغويات‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫أ‬ ‫المعربة‬ ‫معرفة السماء‬ ‫ّ‬

‫د‪ .‬نجاح طلعت‬

‫العربية القدماء! لقد اشتغلوا ّ‬ ‫بكل شاردة وواردة في اللغة‬ ‫غريب أمر أئمة اللغة‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫المعربة‪ ،‬وهي اللفاظ التي دخلت إلى‬ ‫العربية‪ .‬ومن أكثر ما انشغلوا به اللفاظ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والحبشية‪ .‬فرصدوها‪،‬‬ ‫والسريانية‬ ‫اللغة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العربية من اللغات الفارسية واليونانية ّ‬ ‫إن ُعجمة االسم يُمكن أن‬ ‫فمما قالوه ّ‬ ‫أبنيتها‪ ،‬والحظوا سماتها‪ّ .‬‬ ‫وعاينوها‪ ،‬ودرسوا َ‬ ‫آ‬ ‫الشكل التي‪:‬‬ ‫معينة أُخرى على ّ‬ ‫معينة مع حروف ّ‬ ‫تُعرف من ورود حروف ّ‬ ‫«نرجس»‪ ،‬و«نرد»‪.‬‬ ‫• فليس هناك اسم يبدأ بنون ّثم راء مثل ِ‬ ‫«مهندس»‪.‬‬ ‫فصيره العرب‬ ‫ِ‬ ‫• وال زاي بعد دال في آخر االسم‪ .‬نحو «مهندز»‪ّ ،‬‬ ‫و«الجاص»‪.‬‬ ‫«صولجان»‪،‬‬ ‫و«الجص»‪ ،‬إ‬ ‫ّ‬ ‫• وال تجتمع الصاد والجيم‪ ،‬نحو َ‬ ‫البندق)‪،‬‬ ‫«منجنيق»‪،‬‬ ‫و«الجالهق» (وهو ُ‬ ‫• وال تجتمع الجيم والقاف‪ ،‬مثل َ‬ ‫ُ‬ ‫و«الجوسق» (وهو القصر)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫و«طيجن»‪.‬‬ ‫«طاجن»‬ ‫مثل‬ ‫والجيم‪،‬‬ ‫الطاء‬ ‫تجتمع‬ ‫• وال‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫عجمية إلى أقرب الحروف من‬ ‫وطريف أيضاً أن العرب كانوا يبدلون الحروف ال ّ‬ ‫مخارجها‪ ،‬كالحرف الذي بين الباء والفاء مثل بور إذا اضطروا قالوا ‪ :‬فُور؛ والفيروز‬ ‫أصلها بالفارسية‪« :‬بيروز» ومعناه المظفّر والمبارك‪ .‬وقالوا «توت» وأصله أ‬ ‫العجمي‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫يعربون الشين سيناً فيقولون‪« :‬نيسابور» وهي «نيشابور»‬ ‫وهم‬ ‫و«توذز»‬ ‫«توث»‬ ‫ّ‬ ‫في‪ ،‬و«دست» وهي «دشت»‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫عبدالرحمن الجوهري‬

‫في محترف رائدته د‪ .‬مسعودة قربان‬

‫فن المينا‪..‬‬ ‫ترصيع المعادن‬ ‫الملونة‬ ‫ّ‬ ‫بالرسوم‬

‫فرشاة وإزميل‬

‫ً‬ ‫جدا هم الفنانون العرب الذين‬ ‫قالئل‬ ‫يحترفون اليوم فن المينا مقارنة بالرسامين‬ ‫والنحاتين ومن شابههم‪ ..‬فللمينا‪ ،‬فن الرسم‬ ‫على المعادن‪ ،‬تقنياته الخاصة التي ينفرد‬ ‫بها‪ ،‬ومستلزمات ال يشترك فيها مع باقي‬ ‫الفنون‪ ،‬ولربما كان في طليعتها الموهبة‪،‬‬ ‫والمزاج الشخصي الذي يميل إليه من بين‬ ‫ً‬ ‫نظرا لصعوبة العمل فيه‪.‬‬ ‫كل الفنون‪،‬‬ ‫لالطالع على خصوصيات هذا الفن كانت لنا‬ ‫هذه الزيارة إلى محترف الدكتورة مسعودة‬ ‫قربان‪ ،‬المتخصصة في المينا‪ ،‬ورائدته في‬ ‫المملكة‪.‬‬


‫‪73 | 72‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫ما إن تدخل محترف الدكتورة‬ ‫مسعودة قربان الكائن في منزلها‬ ‫حتى تلفك الدهشة من أ‬ ‫الدوات‬ ‫الغريبة والمواد التي لم نتعود‬ ‫رؤيتها عند دخولنا أي محترف‬ ‫آخر‪ .‬معادن مرصوفة‪ ،‬زجاج‪ ،‬مساحيق ألوان في‬ ‫قوارير‪ ،‬أجهزة حرارية وأفران‪ ،‬نظارات ذات أشكال‬ ‫مختلفة ومواقد لحام‪ ،‬فتشعر بأنك في حضرة‬ ‫ورشة حيث العمل الدؤوب يصوغ الجمال من‬ ‫المعادن والزجاج أ‬ ‫واللوان‪ ،‬يصهرها بأناقة ودقة‪..‬‬ ‫هذا هو محترفها الذي يجسد كل ما في داخلها‬ ‫من صور ذهنية ومشاعر ليخرجها إلى العالم على‬ ‫هيئة أعمال فنية تتباهى بجمالها حين نراها‪ ،‬وأن‬ ‫هذا المعمل هو حائطها الذي اتكأت عليه واحتمت‬ ‫به‪ ،‬وفضاؤها الذي تعبر فيه عن أفكارها عبر هذه‬ ‫القطع وتخاطب بها آ‬ ‫الخر وتحاوره‪.‬‬

‫في البدء كانت هواية‬

‫بدأت الدكتورة قربان حياتها الفنية حين راحت‬ ‫تصقل موهبتها بالدراسة‪ ،‬وتخصصت في مرحلة‬ ‫الدكتوراة بأشغال المعادن «فن المينا»‪ .‬وكانت‬ ‫بداياتها مع هذا الفن بالذات خالل مرحلة‬ ‫البكالوريوس‪ ،‬وزاد تعلقها فيه بعد أن اكتشفت‬ ‫أنه فن قديم ولم يعمل فيه كثير من الفنانين‬ ‫مصرة‬ ‫لصعوبته‪ ،‬وعدم توفر الخامات‪ ،‬مما جعلها َّ‬ ‫على التمسك به‪ ،‬لتبدأ رحلة البحث والدراسة‪،‬‬ ‫ولتبتكر تقنية جديدة في تطبيق المينا من خالل‬ ‫التصوير بالضوء كيميائياً‪ ،‬وفي مرحلة الدكتوراة‬ ‫حصلت على براءة هذا االختراع من مدينة الملك‬ ‫عبدالعزيز للعلوم والتقنية‪.‬‬

‫ما هو فن المينا‬

‫المينا عبارة عن مادة مؤلفة من الزجاج المسحوق‪،‬‬ ‫وملونة‬ ‫ّ‬ ‫مذوبة مع الرصاص والبورق (أو البوراكس)‪ّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫المعدنية (أكسيد الزرنيخ للون‬ ‫عبر إضافة الكاسيد‬ ‫الحمر أ‬ ‫الزرق‪ ،‬والحديد والمنغنيز ّللون أ‬ ‫أ‬ ‫الرجواني‪،‬‬ ‫أ‬ ‫الشي في‬ ‫والقصدير للون البيض… الخ)‪ .‬وعند ّ‬ ‫أفران خاصة على حرارة مرتفعة (ما بين ‪ 600‬و‪800‬‬ ‫درجة مئويّة)‪ ،‬يذوب الزجاج وينصهر مع قاعدته‬ ‫عمد‬ ‫المعدنية ّثم يتجمد عند إعادة تبريده‪ ،‬ويُ َ‬ ‫ّ‬ ‫الحقاً إلى تسويته وصقله‪ .‬وبفضل مزاياها المقاومة‬ ‫تتميز مادة المينا بشكل رائع وببريق يشبه‬ ‫والثابتة‪ّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫بريق المعادن الثمينة والحجار الكريمة‪ ،‬ح ّتى‬ ‫تحل محل هذه أ‬ ‫إنّها ّ‬ ‫الخيرة في بعض طرز الحلي‬ ‫والمجوهرات‪.‬‬ ‫في الواقع‪ ،‬ال يمكن استخدام أ‬ ‫اللوان في المينا إال‬ ‫المعدني‬ ‫إن المصدر‬ ‫عبر وضعها بشكل‬ ‫متساو‪ ،‬إذ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫للصباغ يحول دون امتزاج اللوان‪ّ .‬أما درجة البريق‬ ‫الش ّي‬ ‫والشفافية أو الكثافة فهي عوامل ترتبط بدرجة َ‬ ‫ّ‬

‫د‪ .‬مسعودة عالم قربان‬

‫• الوحيدة عربياً الحاصلة عىل الدكتوراة ف� فن المينا‪ ،‬وحاصلة عىل براءة ت‬ ‫اخ�اع ف ي� طريقة جديدة بالرسم‬ ‫ي‬ ‫بالمينا‪.‬‬

‫المشاركات فالفنية‬

‫ معرض «ألوان» ي� جامعة الملك سعود ‪1420‬هـ‬‫ين‬ ‫التشكيلي� بجدة ‪1421‬هـ‬ ‫ معرض «تراثيات» ف ي� بيت‬‫أ‬ ‫ معرض «حروفيات» ف ي� السفارة المريكية بالرياض ‪1422‬هـ‬‫ معرض «إشكاليات» بدولة قطر ‪1431‬هـ‬‫ معرض مصاحب ف ي� مهرجان مسابقة الخيول العربية بالرياض ‪1435‬هـ‬‫شخص ف ي� السفارة الباكستانية ‪1435‬هـ‬ ‫ معرض‬‫ي‬

‫الجوائز‬

‫ين‬ ‫الفنان� بمناسبة مرور ‪ 100‬سنة عىل تأسيس المملكة بالرياض ‪1419‬هـ‬ ‫ جائزة اقتناء ف ي� معرض‬‫ جائزة اقتناء بمعرض مناطق المملكة ف ي� الرياض ‪1422‬هـ‬‫ جائزة اقتناء ف ي� ملون السعودية بالرياض ‪1423‬هـ‬‫ن‬ ‫الثا� بمعرض فنانات الرياض ‪1424‬هـ‬ ‫ جائزة المستوى ي‬‫ف‬ ‫السف� الرابعة بالرياض ‪1432‬هـ‬ ‫ جائزة لجنة التحكيم ي� مسابقة‬‫ي‬ ‫‪ -‬جائزة السعفة الفضية ف ي� ملتقى الفنون البرصية بالدوحة ‪1436‬هـ‬


‫المينا عبارة عن مادة‬ ‫مؤلفة من الزجاج‬ ‫مذوبة مع‬ ‫ّ‬ ‫المسحوق‪،‬‬ ‫الرصاص والبورق (أو‬ ‫وملونة عبر‬ ‫ّ‬ ‫البوراكس)‪،‬‬ ‫إضافة األكاسيد المعدنيّ ة‬

‫أ‬ ‫شي متتالية‬ ‫أفي الفران ومدته‪ .‬وقد تؤ ّدي أ ّ‬ ‫عمليات ّ‬ ‫لغراض المينا الشفّافة ذات اللوان المختلفة إلى‬ ‫اللوان‪ ،‬فهي في أ‬ ‫ظهور تدرجات في هذه أ‬ ‫الساس‬ ‫ّ‬ ‫مادة زجاجية ال لون لها يطلق عليها الفلكس‪ ،‬وإذا‬ ‫أضيفت لها أكاسيد المعادن عند صهرها تكتسب‬ ‫أ‬ ‫اللوان‪.‬‬

‫المينا عبر العصور‬

‫حول فن المينا ومكانته وتاريخه‪ ،‬تقول الدكتورة‬ ‫قربان‪ :‬إن فن الطالء بالمينا يعود إلى عام ‪1400‬‬ ‫قبل الميالد‪ .‬وكان مرتبطاً بالحلي والتحف المعدنية‪،‬‬ ‫واستخدمه قدماء المصريين في التطعيم بين‬ ‫شرائط دقيقة من المعدن‪ .‬ومن أشهر العينات التي‬ ‫وصلتنا من ذلك الزمن الغابر قناع توت عنح آمون‬ ‫والمرصع بالمينا إضافة إلى‬ ‫المشغول من الذهب‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫الحجار الكريمة‪.‬‬ ‫الغريق منذ القرن الرابع‬ ‫كما ُعرفت «المينا» عند إ‬ ‫قبل الميالد وأبدعوا فيها واستخدموها في الحلي‬ ‫أ‬ ‫سيما‬ ‫والواني‪ .‬وشهد ّ‬ ‫فن المينا في بيزنطة‪ ،‬ال ّ‬ ‫نطية «من القرن العاشر‬ ‫في أواسط الحقبة البيز ّ‬ ‫ً‬ ‫التقان‬ ‫إلى الثاني عشر»‪ ،‬انتشاراً فريدا بفضل إ‬ ‫متميزاً‬ ‫لتقنية «الحجز» التي تمنحه مركزاً ّ‬ ‫الممتاز ّ‬

‫في صفوف الفنون الرفيعة في القرون الوسطى‪.‬‬ ‫فتم استخدام المينا في عالم صياغة المجوهرات‬ ‫ّ‬ ‫لزخرفتها‪ .‬وتشكِّل القطع المطلية بالمينا المحفوظة‬ ‫حتى يومنا هذا نسبة ‪ 20‬بالمئة من المنتجات‬ ‫نطية‪.‬‬ ‫الفنية البيز ّ‬ ‫جداً‪،‬‬ ‫مهمة معقّدة ودقيقة ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن دراسة المينا وتاريخها ّ‬ ‫أ‬ ‫سيما عندما تكون مفصولة عن إطارها ال ّولي‪،‬‬ ‫ال ّ‬ ‫وعرضة لتغييرات بسبب إعادة االستخدام والترميم‪.‬‬ ‫وترجع أسباب عدم انتشار ورواج فن المينا بين‬ ‫المسلمين إلى ص َّناع المعادن‪ ،‬ألن التكفيت‬ ‫حد كبير منافساً لصناعة‬ ‫بالذهب والفضة كان إلى ٍّ‬ ‫المينا المطبقة على المعادن المختلفة‪ .‬ولعبت‬ ‫مصر في عصر الفاطميين دوراً أساسياً في ارتقاء‬ ‫الفنون المعدنية‪ ،‬وكانت فيها كنوز كثيرة من الحلي‬ ‫الثمينة‪ ،‬غير أن القليل منها كان مرصعاً بالمينا‪.‬‬ ‫ويرجع السبب في تدهور هذا الفن الحقاً إلى قلة‬ ‫المشتغلين فيه في الوطن العربي لقلة الخامات‪.‬‬ ‫كما أنه فن يحتاج إلى وقت وممارسة وخبرة وتجارب‬ ‫كثيرة‪.‬‬

‫أساليب فن المينا‬

‫في محترفها الحظنا أشكاال ً متعددة من القطع‬


‫‪75 | 74‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫الفنية‪ .‬وكل قطعة أُنجزت بأسلوب مختلف‪ .‬وفي‬ ‫هذا الصدد‪ ،‬تقول الدكتورة قربان‪ :‬إن هناك‬ ‫أكثر من ثالثين طريقة لتطبيق ألوان المينا على‬ ‫المشغوالت المعدنية‪ ،‬يعتمد بعضها على تطبيق‬ ‫ألوان المينا باستخدام حواجز أو فواصل معدنية‬ ‫اللوان‪ ،‬أو بين أ‬ ‫بين أ‬ ‫اللوان نفسها‪.‬‬

‫الهواية ليست كافية‬

‫ما يميز فن المينا أن التعليم المستمر والتطبيق‬ ‫العملي هو ما يضمن نجاح أ‬ ‫العمال‪ ،‬وهو بدوره‬ ‫ينمي الشخصية االبتكارية للفنان‪ ،‬ومواكبة كل‬ ‫تطور علمي في هذا المجال ضرورية بدورها‪،‬‬ ‫ومركبات جديدة‪ ،‬أو‬ ‫مكونات‬ ‫إما للحصول على ِّ‬ ‫َّ‬ ‫والمكونات‬ ‫اكتشاف خصائص غير معروفة للمركَّبات‬ ‫ِّ‬ ‫التقليدية‪.‬‬

‫نلحظ ذلك بين طيات حديث الدكتورة مسعودة‬ ‫التي تطوي أ‬ ‫الرض سعياً لحضور مؤتمر في أمريكا‪،‬‬ ‫أو ندوة في أوروبا‪ .‬وتراها تسافر لتحصل على ألوان‬ ‫وخامات تنجز بها أعمالها‪ .‬فالتخصص نادر في‬ ‫ولسد‬ ‫الوطن العربي‪ ،‬والمواد الالزمة له شحيحة‪ِّ .‬‬ ‫هذه الثغرة‪ ،‬فإن الفنانة‪ ،‬وهي عضو في الجمعية‬ ‫أ‬ ‫المريكية للمينا‪ ،‬تحرص على حضور كل فعاليات‬ ‫هذه الجمعية لتستقي الجديد منها‪ ،‬ولتكمل‬ ‫نواقص محترفها من المواد‪.‬‬ ‫وفي إطار حرصها على التعريف بهذا الفن على‬ ‫أوسع نطاق ممكن‪ ،‬تعتزم الدكتورة مسعودة‬ ‫إقامة معرض خاص في وقت قريب‪ ،‬تجمع فيه‬ ‫أعمالها في فن المينا وتدمج فيه الموروث الشعبي‬ ‫بالمعاصرة من خالل هذا الفن‪.‬‬


‫أدوات المينا‬ ‫للداللة عىل خصوصية فن المينا‪ ،‬نكتفي‬ ‫بالشارة إىل بعض مستلزماته من المواد‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫والدوات‪.‬‬ ‫فرن عىل قاعدة مقاومة للحرارة‪ ،‬وموقد‬ ‫لحام‪ ،‬ودرفيل سحب‪ ،‬ونظارات وقاية‬ ‫وقفازات بالستيك وأخرى ‪ -‬مقاومة للحرارة‪،‬‬ ‫وحجر كربوراندم للحك‪ ،‬ولوحات ورق‬ ‫صنفرة جاف رطب‪ ،‬وفرشاة نحاس‪ ،‬وريش‬ ‫رسم وأسياخ ستينليس مسننة‪ ،‬ومخرز‪،‬‬ ‫ومنشار‪ ،‬ومبارد رفيعة‪ ،‬وأقالم حفر‪ ،‬ومقص‬ ‫ومشارط‪ ،‬وشوكة لحام‪ ،‬وقاعدة اللحام‪،‬‬ ‫ومطرقة خشبية‪ ،‬ومنجلة ربط‪ ،‬ومثقاب‪،‬‬ ‫وغربال‪ ،‬وصدفة مساعد صهر «بوراكس»‪،‬‬ ‫اس وقواعد استناد‬ ‫وملقاط تشكيل‪ ،‬وكر ي‬ ‫لعملية الحرق‪ ،‬وألواح من الميكا‪ ،‬وألواح من‬ ‫الخزف‪.‬‬

‫يعود فن الطالء‬ ‫بالمينا إلى‬ ‫عام ‪ 1400‬قبل‬ ‫الميالد‪ .‬وكان‬ ‫ً‬ ‫مرتبطا بالحلي‬ ‫والتحف المعدنية‪،‬‬ ‫واستخدمه قدماء‬ ‫المصريين في‬ ‫التطعيم بين‬ ‫شرائط دقيقة من‬ ‫المعدن‪..‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪77 | 76‬‬

‫بيت الرواية‬

‫ال يمكن لمتابعي الساحة الروائية العالمية‬ ‫َّ‬ ‫والكتاب والسينمائيين وناشري‬ ‫من القرَّ اء‬ ‫ً‬ ‫مبيعا‪ ،‬وال حتى المراهنين على‬ ‫الكتب األكثر‬ ‫جوائز نوبل كل عام‪ ،‬أن يتجاهلوا اسم الروائي‬ ‫التشيكي العتيق‪ :‬ميالن كونديرا‪.‬خفته‬ ‫السردية التي ال تحتمل‪ ،‬ضحكه وسهواته‪،‬‬ ‫حياته التي هي في مكان آخر‪ ،‬مزحته الثقيلة‬ ‫ً‬ ‫أدبيا‪ ،‬لقاؤه النقدي والستارة التي تحيط‬ ‫خشبة مسرح األدب‪ ،‬بطؤه وخلوده وحكايته‬ ‫ً‬ ‫ومؤخرا‪« :‬حفلة التفاهة» التي‬ ‫عن الجهل‪،‬‬ ‫ترجمها إلى العربية معن عاقل‪ ،‬وصدرت عن‬ ‫المركز الثقافي العربي‪..‬‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫عبدالعزيز الزهراني‬

‫أين يراها ميالن كونديرا وكيف؟‬

‫«حفلة التفاهة»‬


‫كونديرا ساخر كبير‪ .‬سخر من‬ ‫نفسه‪ ،‬من مواطنيه‪ ،‬من تقنيته‬ ‫الروائية‪ ،‬من طرق الكتابة‪،‬‬ ‫من قارئه‪ ،‬مني شخصياً في‬ ‫«الحياة في مكان آخر»‪ ،‬من‬ ‫أ‬ ‫الوطان التي تزول‪ ،‬تضمحل وتختفي في طيات‬ ‫ثوب التاريخ السابغ‪ ،‬من المنافي التي تتلبس‬ ‫الروح واللغة والقلب‪ .‬يشترك كونديرا مع العمالق‬ ‫الروسي دوستويفسكي في تلبيس قارئه شخصيات‬ ‫الحكاية‪ ،‬في إيهامه أنه المعني بنقطة القنص‬ ‫النصي‪ ،‬في أن يقوم القارئ فزعاً‪ ،‬يبحث عن‬ ‫مرآة يستمري مالمحه‪ :‬أكل هذا الشبه المالمحي‬ ‫ودرس‬ ‫الحكائي محض حكاية؟ كونديرا درس َّ‬ ‫السينما طويال ً قبل أن يجرفه تسونامي الحكاية‬ ‫الكتابية‪.‬‬ ‫في حفلته أ‬ ‫الخيرة‪ ،‬المعنونة بـ «حفلة التفاهة»‪،‬‬ ‫أو «صخب الالمعنى»‪ ،‬يسخر كونديرا أيضاً‪،‬‬ ‫يسخر من الوالدة والموت‪ ،‬من مقاييس الجمال‬ ‫الغراء ومنابع الفتنة‪ ،‬من‬ ‫والقباحة‪ ،‬من سلطات إ‬ ‫التاريخ كيف ينتقل من العجائبية إلى االعتيادية‪،‬‬ ‫يسخر من الحروب والطغاة الكبار‪ ،‬من ستالين‬ ‫تحديداً‪ ،‬وقصص أ‬ ‫الكاذيب الساذجة‪ ،‬التي ما‬ ‫كان جمهور البطانة الصالحة يجد أمامها سوى‬ ‫الضحك الصاخب‪ ،‬لتكتمل حفلة التفاهة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ولن ستالين يمر في ثنايا الحكاية‪ ،‬فإن الكاتب‬ ‫المنزوع من بلده ولغته ‪ -‬يكتب كونديرا بالفرنسية‬ ‫منذ السبعينيات ‪ -‬بسبب هذا الطاغية ومجايليه‪،‬‬ ‫ولكونه في البلد واللغة التي شهدت ميالد حقوق‬ ‫يقدم هجا ًء الذعاً ومتهكماً لحقوق‬ ‫إ‬ ‫النسان‪ِّ ،‬‬ ‫النسان التي ال يختار المرء أبسط أبجدياتها‪ :‬حقه‬ ‫إ‬ ‫في الوالدة‪ ،‬وحقه في تحديد زمانها ومكانها‪،‬‬ ‫وحقه في الرحيل أيضاً‪ :‬االنتحار‪ ،‬مشيراً إلى أن‬ ‫النسان‪ .‬ويا لها من‬ ‫«الجميع يهذون حول حقوق إ‬ ‫طرفة! لم يتأسس وجودك على أي حق‪ ،‬وال حتى‬ ‫النسان أن تنهي حياتك‬ ‫يسمح لك فرسان حقوق إ‬ ‫بإرادتك‪ .‬انظر إليهم جميعاً‪ ،‬نصف هؤالء الذين‬ ‫تراهم قبيحون إلى حد ما‪ .‬أن يكون المرء قبيحاً‪،‬‬ ‫النسان؟ وهل‬ ‫هل هذا أيضاً جزء من حقوق إ‬ ‫تعرف أنه يحمل قبحه طيلة حياته؟ من دون أي‬ ‫راحة؟ جنسك أيضاً‪ ،‬أنت لم تختره‪ ،‬ولم تختر‬ ‫لون عينيك‪ ،‬وال الزمن الذي تعيش فيه‪ ،‬وال بلدك‪،‬‬ ‫وال أمك‪ ،‬وال أي شيء مهم‪ .‬الحقوق التي يمكن‬ ‫النسان‪ ،‬ال تتعلق َّإل بتفاهات‪،‬‬ ‫أن يحصل عليها إ‬ ‫وليس ثمة سبب للصراع حولها أو كتابة إعالنات‬ ‫شهيرة عنها»‪.‬‬ ‫يعرف كونديرا في الموسوعات أ‬ ‫الدبية بالكاتب‬ ‫َّ‬ ‫والفيلسوف‪ ،‬وبصفته هذه‪ ،‬فهو يفاجئك‪ .‬مرت‬

‫عليه الرؤى والحكايات‪ ،‬بزوايا ال يأخذها العابر‬ ‫على محمل َّ‬ ‫اللخفة‪ .‬في هذه الرواية‪ ،‬نراه يناقش‬ ‫مركز الجمال الذي يجب أن تلتفت إليه دور ترويج‬ ‫الجمال والتصميم‪ ،‬أو توجيه أ‬ ‫العين نحوه‪ ،‬بعد‬ ‫مرور قرون طويلة على اعتبار الخصور والصدور‬ ‫والنحور والثغور مصادر الجمال‪ ،‬ومحط رحال‬ ‫العيون‪.‬‬

‫ما بين الوالدة والموت‬

‫يتفق كونديرا مع سيوران‪ ،‬الذي شاركه أ‬ ‫المرين‬ ‫ يمكنك تشديد الراء ‪ -‬الهروب من شرق أوروبا‪،‬‬‫والمكوث في لغة دخيلة‪ ،‬في نظرتيهما إلى عموم‬ ‫الحياة‪ ،‬وإلى مسألة العبور إليها تحديداً‪ :‬الوالدة‪،‬‬ ‫فبعد أن كتب سيوران‪ ،‬كتاباً كامال ً يهجو به الوالدة‬ ‫«مثالب الوالدة»‪ - ،‬تُرجم مؤخراً على يد المختص‬ ‫فيه دائماً‪ :‬آدم فتحي ‪ -‬يأتي كونديرا فيقول‪:‬‬ ‫«سأكون صريحاً‪ .‬يبدو لي دائماً‪ ،‬أنه من المرعب‬ ‫أن ترسل شخصاً إلى عالم لم يكن يطلبه»‪ ،‬مما‬ ‫بحد رؤية روايته إلى انعدام جدية حقوق‬ ‫يؤدي ّ‬ ‫النسان‪.‬‬ ‫إ‬ ‫النسان‪،‬‬ ‫وإثر الوالدة التي تأتي من دون إذن إ‬ ‫يأتي الفصل النهائي متمثال ً بالموت‪ .‬والذي برغم‬ ‫جديته‪ ،‬يهجو كونديرا به حس الجمهور العام‪،‬‬ ‫وكيف يحكمه النسيان والتجاهل‪ .‬نسيان ناسه‬ ‫الموتى وحقوقه الحية‪ ،‬حتى يغدو النسيان نمط‬ ‫حياة‪ ،‬ومصدراً ليكمل المرء حياة الالمعنى التي‬ ‫مهما امتدت‪ ،‬بين الفصلين الالمختارين‪ ،‬تبدو‬ ‫ضئيلة وقصيرة‪.‬‬ ‫يكتب كونديرا هذا العمل وعمره جاوز الثمانين‪،‬‬ ‫سن يسعى الناس لتمضيتها في أي شيء‪،‬‬ ‫أي في ٍّ‬ ‫«إنهم مستعدون للذهاب إلى أي مكان‪ ،‬لفعل‬ ‫أي شيء‪ ،‬فقط ليقتلوا الوقت الذي ال يعرفون ما‬ ‫يفعلون به»‪ ،‬قائالً‪« :‬الزمن قصير‪ .‬وبفضله نحن‬ ‫أحياء أو ال‪ ،‬أي‪ :‬متهمون وقضاة‪ .‬ثم نموت‪ ،‬ونظل‬ ‫لبضع سنوات أيضاً مع أولئك الذين عرفونا‪ ،‬لكن‬ ‫سرعان ما يحدث تغير آخر‪ :‬يصبح أ‬ ‫الموات أمواتاً‬ ‫قدامى‪ ،‬وال يعود أحد يتذكرهم‪ ،‬ويختفون في‬ ‫العدم‪ ،‬بيد أن بعضهم‪ ،‬وهم قلة نادرة‪ ،‬يتركون‬ ‫أسماءهم في الذاكرة‪ ،‬وهؤالء يتحولون إلى دمى‬ ‫بعد تجريدهم من أية شهادة صادقة ومن أية‬ ‫ذكرى واقعية»‪.‬‬

‫في معناه للتفاهة‬

‫يفلسف كونديرا التفاهة‪ ،‬يقول عنها بحس‬ ‫المتهكم الخبير‪« :‬الالمعنى‪ ،‬يا صديقي‪ ،‬هو‬ ‫جوهر الوجود‪ .‬وهو معنا دائماً في كل مكان‪.‬‬ ‫إنه موجود حتى حيث ال أحد يريد أن يراه‪ :‬في‬ ‫أ‬ ‫الهوال وفي الصراعات الدموية وفي أخطر‬

‫المآسي‪ .‬ولكن ليس المقصود هو التعرف إلى‬ ‫الالمعنى‪ ،‬بل التعلق به وتعلّم كيفية الوقوع في‬ ‫حبه‪ ،‬صديقي‪ ،‬تنفس هذه التفاهة التي تحيط بنا‪،‬‬ ‫إنها مفتاح الحكمة‪ ،‬مفتاح المزاج الجيد والرضا»‪،‬‬ ‫«المزح خطرة» على حد‬ ‫في زمن أصبحت فيه حتى ُ‬ ‫حكايته‪.‬‬ ‫من يعرف أجواء كونديرا الكتابية‪ ،‬الدروس التي‬ ‫يمنحها بين سطوره الغزيرة‪ ،‬في مروياته‪ ،‬أو‬ ‫في نقدياته‪ ،‬يلمح تفاصيل الجد العدمي‪ ،‬وهو‬ ‫يأتي هزال ً ضاحكاً‪ ،‬يشبه الدمعتين اللتين توشكان‬ ‫الهطول إثر نكتة تُلقى على روح بائس‪ .‬يرى كيف‬ ‫يوقف الحكّاء الكبير تدفق الرواية السلس‪ ،‬ليطلب‬ ‫يغير مجرى‬ ‫بتهكم إذن القارئ المجهول‪ ،‬في أن ِّ‬ ‫الحكاية‪ ،‬بالتخلص من البطل الممل‪ ،‬بقتله أو‬ ‫تحويله إلى كومبارس‪ ،‬أو تقديم فصل على فصل‪،‬‬ ‫وإبدال حدث بحدث‪.‬‬ ‫وفي حفلته أ‬ ‫الخيرة‪ ،‬يرى المرء كيف أن كونديرا‬ ‫يحس بالالجدوى مؤخراً‪ ،‬بعد نصف قرن من‬ ‫الكتابة ‪ -‬بدأ االهتمام الفعلي بعالم كونديرا‬ ‫كتابياً عام ‪ ،- 1963‬فتبدو حفلة التفاهة حتى في‬ ‫طريقته السردية‪ ،‬في وصف «حفلة التفاهة»‪ ،‬في‬ ‫تركه للشعر مبكراً وعدم نشره منذ بدايات عمره‬ ‫الكتابي‪ .‬يقول عن أحد أبطال حكايته الجديدة‬ ‫«وسمح لنفسه بأن يفتحها يوم عيد ميالده‪،‬‬ ‫لالحتفال مع أصدقائه على شرفه‪ ،‬شرف شاعر كبير‬ ‫أقسم َّأل يكتب بيتاً شعرياً واحداً‪ ،‬بفضل تبجيله‬ ‫المهذب للشعر»‪.‬‬ ‫بسيطة هي حكاية كونديرا أ‬ ‫الخيرة‪ ،‬ال تزيد على‬ ‫‪ 111‬صفحة‪ ،‬وال ترتقي إلى سماء تحليقه الكتابي‪.‬‬ ‫تُقرأ ربما في محطة عبور أو انتظار‪ ،‬ال تحتاج إلى‬ ‫تركيز طويل وال لتملّي أحداثاً وصوراً كثيرة‪ ،‬لكأنه‬ ‫تعب‪ ،‬أو لكأنه يجذر معنى العنوان االعتباري‬ ‫لها‪ ،‬تمضي حكايات شخوصها بسالسة وتدفق‬ ‫أخاذ لتجيء خالصة ما يكتب هذا الحكيم الذي‬ ‫درسته المنافي قبل أ‬ ‫الوطان التي غادر‪ ،‬الحروب‬ ‫ّ‬ ‫التي خاض قبل السالم الذي يعايش‪ ،‬اللغات‬ ‫التي صمت عنها واللغات التي يكتب بها اليوم‪،‬‬ ‫بتنهيدة كتابية طويلة يقول في آخرها‪« :‬أدركنا منذ‬ ‫بالمكان قلب العالم‪ ،‬وال‬ ‫زمن طويل‪ ،‬أنه لم يعد إ‬ ‫تغييره إلى أ‬ ‫الفضل‪ ،‬وال إيقاف جريانه البائس إلى‬ ‫أ‬ ‫المام‪ ،‬لم يكن ثمة سوى مقاومة وحيدة ممكنة‪:‬‬ ‫أال نأخذه على محمل الجد»‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪79 | 78‬‬

‫سينما وثائقية‬

‫الفرق واضح بين ما هو وثائقي وما‬ ‫هو روائي األفالم‪ .‬ولكن الحدود ما‬ ‫بين النوعين تضيع في بعضها‪ ،‬كما‬ ‫هو الحال في ِفلم هولندي يعود‬ ‫إلى عشرينيات القرن الماضي‪ ،‬تم‬ ‫تصويره في المملكة بهدف «توثيق»‬ ‫فريضة الحج‪ ،‬وسجل بالفعل لقطات‬ ‫تاريخية ثمينة‪ .‬ولكن ما مدى أمانته‬ ‫للحقيقة؟‪.‬‬

‫صور قبل ‪ 88‬عاماً‬ ‫ِفلم هولندي عن الحج ّ‬

‫أسامة إبراهيم‬

‫«الوثائقي» عندما‬ ‫يخون الحقيقة‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫الحج قبل ‪ 88‬عاماً‬

‫موضوع الفلم تهتز له القلوب‪:‬‬ ‫مشاهد الحج عام ‪1928‬م‪.‬‬ ‫والفلم هولندي‪ ،‬يزعم أنه أول‬ ‫ِ‬ ‫ِفلم في التاريخ‪ ،‬يعرض الحج‬ ‫الندونيسيين من‬ ‫بصور غير ثابتة‪ ،‬يرافق الحجاج إ‬ ‫ديارهم‪ ،‬ثم على متن السفينة حتى وصولها إلى‬ ‫المنورة‪ ،‬ثم مكة‬ ‫جدة‪ ،‬ثم مكة المكرمة‪ ،‬ثم المدينة ّ‬ ‫مرة أخرى‪ ،‬قبل العودة إلى جدة‪ ،‬ومنها إلى السفينة‪،‬‬ ‫حتى الوصول إلى بالدهم‪.‬‬ ‫والفلم يشد المشاهد‪ ،‬رغم‬ ‫أكثر من سبعين دقيقة ِ‬ ‫أنه صامت والتعليقات الموجودة عليه ال تحتوي‬ ‫على معلومات جديدة‪ ،‬فجاذبيته هي في رؤية هؤالء‬ ‫المؤمنين وهم يتحملون كل التعب من أجل تأدية‬ ‫هذه الفريضة‪ ،‬واالنتقال من السفينة إلى قوارب‬ ‫شراعية‪ ،‬ثم على ظهر الجمل‪ ،‬أو السير على أ‬ ‫القدام‬ ‫مسافات طويلة‪ ،‬والتعرف على شكل المسجد الحرام‬ ‫آنذاك‪ ،‬وكذلك المسجد النبوي‪ ،‬وشوارع وميادين‬ ‫المدينتين الشريفتين‪.‬‬ ‫الفلم مرة وراء مرة‪ ،‬وظهرت أسئلة كثيرة ال‬ ‫شاهدنا ِ‬ ‫الفلم‪ ،‬فكان ال بد من الحديث مع االبن‬ ‫يجيب عنها ِ‬ ‫أ‬ ‫صوره‪ ،‬وهو الوحيد المتبقي‬ ‫الصغر للشخص الذي ّ‬ ‫من العائلة على قيد الحياة‪ ،‬اسمه يان كروجرز‪ ،‬ويبلغ‬ ‫من العمر ثمانين عاماً‪ ،‬ويحمل الدكتوراة في الكيمياء‪.‬‬ ‫قال إن أباه لم يكن مسلماً‪ ،‬وإنه دخل أ‬ ‫الراضي‬ ‫المقدسة متخفياً‪ ،‬وقام بالتصوير بكاميرا وضعها‬ ‫بين مالبسه‪ ،‬ولذلك فإن أ‬ ‫الميرة يوليانا‪ ،‬أميرة العرش‬ ‫الهولندي آنذاك والملكة فيما بعد‪ ،‬التي حضرت‬ ‫أ‬ ‫للفلم في مدينة اليدن الهولندية في‬ ‫العرض الول ِ‬ ‫عام ‪1928‬م‪ ،‬رفضت قبوله حفاظاً على مشاعر‬ ‫المسلمين‪ ،‬خاصة وأن إندونيسيا كانت آنذاك تابعة‬ ‫للتاج الهولندي‪ ،‬وتسبب هذا الموقف من أ‬ ‫السرة‬

‫المالكة الهولندية‪ ،‬إلى عدم حصول والده على‬ ‫أي دعم مادي من الحكومة‪ ،‬وعدم رغبة الجهات‬ ‫الفلم‪.‬‬ ‫الهولندية في اقتناء ِ‬

‫في إندونيسيا‪ ،‬بزعم أنه تعريفي بشعائر الحج‪ ،‬لكنه‬ ‫يقدم دعاية لها‪.‬‬ ‫في الحقيقة ِّ‬

‫اعترف بأن والده لم ينطلق من أي دوافع دينية‪،‬‬ ‫الفلم‪ ،‬وأن المعلومات‬ ‫عند قيامه بتصوير هذا ِ‬ ‫السالم عامة والحج بصورة‬ ‫الفلم عن إ‬ ‫الواردة في ِ‬ ‫خاصة‪ ،‬كتبها الحاج سليم آجوس‪ ،‬وهو من أهم‬ ‫الشخصيات التي أسهمت في تأسيس دولة إندونيسيا‪.‬‬

‫كذلك ذكر االبن أن والده سافر في رحلة الحج‪ ،‬ومعه‬ ‫‪ 12 – 10‬شخصاً‪ ،‬كلهم ممثلون‪ ،‬يتكرر ظهورهم في‬ ‫الفلم‪ ،‬وكانوا بالطبع يعرفون أنه غير مسلم‪ ،‬وأنهم‬ ‫ِ‬ ‫يصور‬ ‫كانوا بمنزلة الجواسيس له‪ .‬وبذلك استطاع أن ِّ‬ ‫مشهد وصول موكب الملك عبدالعزيز‪ ،‬إلى المسجد‬ ‫الحرام في اللحظة المناسبة‪ ،‬ألنه حصل على هذه‬ ‫المعلومات‪ ،‬قبل موعد وصوله بفترة كافية‪.‬‬

‫عندما يتناول ِفلم ما أحداث الحج‪ ،‬ثم تجده يركِّز‬ ‫كثيراً على شركة المالحة‪ ،‬والسفن التي تنقل الحجاج‪،‬‬ ‫وما توفره من خدمات‪ ،‬واهتمام الطاقم براحة‬ ‫الحجاج‪ ..‬فإن أ‬ ‫المر يصبح مفهوماً‪ ،‬عندما يذكر‬ ‫الدكتور كروجرز أن والدته كانت تعمل في مكتب‬ ‫مدير شركة المالحة في هولندا‪ ،‬قبل أن تنتقل إلى‬ ‫زوجها في إندونيسيا على حساب الشركة‪ ،‬ويؤكد‬ ‫كروجرز أن هناك كثيراً من المؤشرات أن تكون أمه‪،‬‬ ‫الفلم‪ ،‬بدعم من الشركة‪،‬‬ ‫أقنعت أباه بعمل هذا ِ‬ ‫الفلم باستمرار‬ ‫ويؤكد ذلك أن الشركة كانت تعرض ِ‬

‫الفلم هدفاً واضحاً‪ ،‬وهو‬ ‫يتضح من ذلك أن لممولي ِ‬ ‫الحصول على أكبر عدد من الحجاج‪ ،‬ليسافروا على‬ ‫سفنهم‪ ،‬فإذا كان عدد الحجاج آنذاك يبلغ حوالي‬ ‫خمسين ألف شخص‪ ،‬يدفع كل واحد منهم ما يعادل‬ ‫‪ 2500‬ريال سعودي‪ ،‬فإننا نتحدث عن ماليين كثيرة‪،‬‬ ‫يمكن أن تدخل خزائنهم عاماً وراء عام‪ ،‬وليس أ‬ ‫للمر‬ ‫عالقة بنقل صورة صادقة عن الحج‪ ،‬مما يوضح‬ ‫معلومات خاطئة‪ ،‬مثل القول إن الحجاج‬ ‫سبب وجود‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫يتجهون جميعا في اليوم الثالث من ذي الحجة إلى‬ ‫المدينة‪ ،‬لتأدية العمرة‪.‬‬

‫البحث عن الحقيقة‬


‫صحيح أن المشاهد يرى الصور التي توثِّق الحدث‪،‬‬ ‫لكن الكاميرا ليست هي التي تلتقط بل الشخص الذي‬ ‫وراءها‪ .‬فهو يختار ما يريدنا أن نعتقد أنه الحقيقة‪.‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬مثالً‪ ،‬لم َنر شيئاً سلبياً على السفينة‪ ،‬حتى‬ ‫مشهد الشخص الذي مات أثناء رحلة العودة‪ ،‬أظهر‬ ‫الفلم االهتمام البالغ بتغسيله‪ ،‬وتكفينه‪ ،‬والصالة‬ ‫ِ‬ ‫شديد في مياه المحيط‪.‬‬ ‫بوقار ٍ‬ ‫عليه‪ ،‬قبل إلقاء الجثمان ٍ‬ ‫كذلك ال يستطيع المشاهد أن يعرف‪ ،‬من هم‬ ‫أ‬ ‫الشخاص الذين يؤدون الحج فعالً‪ ،‬ومن هم هؤالء‬ ‫الممثلون‪ ،‬الذين رافقوه في مهمة عمل ال عالقة لها‬ ‫بالحج؟ هل هم هؤالء أ‬ ‫الشخاص‪ ،‬الذين يجلسون في‬ ‫الخيمة أثناء وجودهم في عرفة‪ ،‬وبدال ً من أن تلهج‬ ‫ألسنتهم بالدعاء‪ ،‬وبدال ً من أن يقرأوا القرآن الكريم‪،‬‬ ‫تراهم يدخنون بشراهة ويضحكون ويتسامرون؟‬ ‫الفلم‪ ،‬والبالغ عددها‬ ‫حتى النصوص التي تظهر في ِ‬ ‫‪ 157‬تعليقاً على المشاهد المعروضة‪ ،‬تبدو وكأنها‬ ‫وصف محايد وموضوعي‪ ،‬ولكنها في الحقيقة‬ ‫الوصف الذي وضعه الحاج سليم آجوس‪ ،‬الذي‬ ‫يقال إنه كان صاحب رؤية اشتراكية للإسالم‪ ،‬وأنه‬ ‫كان مؤيداً لفكر المعتزلة‪ ،‬ولذلك فإن هذا الوصف‬ ‫يوجه من يرى الصور إلى اتجاه معين‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫رؤية الخبير‬

‫الفلم تزامناً‬ ‫قررت جامعة أوتريخت الهولندية عرض ِ‬ ‫مع موسم الحج‪ ،‬وفي إطار مشروع بحثي أكاديمي‪،‬‬ ‫ورأى الدكتور يان كروجرز أن المشاهدين لن يتحملوا‬ ‫‪ 72‬دقيقة من الصمت‪ ،‬فقرر تكليف متخصص في‬ ‫الموسيقى الشرقية‪ ،‬أن يضع موسيقى تصويرية‬ ‫للفلم‪ .‬وإذا بهذه الموسيقى تُضيف بُعداً جديداً‬ ‫ِ‬ ‫للفلم‪ ،‬فهي قادرة على أن تجعلك ترى المشهد‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫بصور متعددة‪ ،‬تبعا الختيار اللحن‪.‬‬

‫الفلم صامتاً‪ ،‬تركِّز على الصورة‪،‬‬ ‫عندما يكون ِ‬ ‫وتقرأ باهتمام كل كلمة‪ ،‬ولكن الموسيقى ال‬ ‫تخاطب العقل‪ ،‬بقدر ما تؤثر على المشاعر‪،‬‬ ‫فالموسيقى التي ترافق صعود القنصل الهولندي‬ ‫الندونيسيين‪،‬‬ ‫إلى السفينة‪ ،‬لتفقد رعايا بالده من إ‬ ‫تختلف تماماً عن الموسيقى المصاحبة لمشاهد‬ ‫أ‬ ‫الفارقة المقيمين خارج أسوار جدة‪ .‬ومرة تسمع‬ ‫أ‬ ‫الذان من شخص تركي‪ ،‬ومرة أخرى تسمع‬ ‫أ‬ ‫فيروز (المسيحية) وليلى مراد (اليهودية الصل)‪،‬‬ ‫وأسمهان (الدرزية)‪ ،‬وأم كلثوم‪ ،‬وهن يغنين‬ ‫للحجاج‪.‬‬ ‫تحدثت مع الدكتور عمرو رياض‪ ،‬أ‬ ‫الستاذ بجامعة‬ ‫الفلم جوانب أخرى كثيرة‪،‬‬ ‫أوتريخت‪ ،‬الذي رأى في ِ‬ ‫الفلم على الجانب الصحي‪ ،‬من فحص‬ ‫منها تركيز ِ‬ ‫طبي للحجاج قبل السفر إلى مكة‪ ،‬ودخولهم الحجر‬ ‫الصحي فور نزولهم من السفينة‪ ،‬وقبل عودتهم إلى‬ ‫أهلهم‪ ،‬مع التنبيه إلى حالة الوفاة على السفينة‪،‬‬ ‫لتوضيح عواقب التهاون في الجانب الصحي‪،‬‬ ‫والتحذير من مخاطر نقل العدوى‪.‬‬ ‫وأشار الدكتور رياض إلى الجانب السياسي‪ ،‬وأن‬ ‫هولندا عانت بشدة من تبادل أ‬ ‫الفكار بين الحجاج‪،‬‬ ‫وخوفها من أن ينقلوا إلى بعضهم بعضاً خبراتهم‬ ‫في ظل االحتالل أ‬ ‫الوروبي‪ ،‬سواء كان إنجليزياً أو‬ ‫فرنسياً أو هولندياً‪ ،‬والخوف من انطالق شرارة الثورة‬ ‫الفلم إلى حرص القنصل‬ ‫بينهم‪ .‬ولذلك كانت إشارة ِ‬ ‫الهولندي فان در مولن على متابعة أحوال الحجاج‬ ‫بنفسه‪ ،‬رغم أن هذا القنصل كان معروفاً بحرصه‬ ‫الندونيسيين‬ ‫على جمع تقارير سرية عن الحجاج إ‬ ‫يرسلها لوزارته في الهاي‪ ،‬ومعرفة أ‬ ‫الشخاص‬ ‫المؤثرين بين الحجاج‪ ،‬بحيث يستميلهم‪ ،‬ويكسب‬ ‫والءهم لبالده‪.‬‬

‫الفلم لمدرسة الفالح التي كانت‬ ‫كما أشار إلى عرض ِ‬ ‫أ‬ ‫السالمية‪ ،‬والفكار‬ ‫مصدراً للحصول على العلوم إ‬ ‫التي كانت جماعات كبيرة في إندونيسيا تتبناها‪،‬‬ ‫هدد من قبل عروش أمراء‬ ‫وتعمل على تطبيقها‪ ،‬مما َّ‬ ‫كانوا موالين لهولندا‪.‬‬ ‫فعندما تشاهد مقطع فيديو‪( ،‬يوثِّق) حادثة‪ ،‬حتى لو‬ ‫تعلَّق أ‬ ‫المر بمشاهد الحج‪ ،‬تذكر أن عينك مهمتها أن‬ ‫ترى فقط‪ ،‬أما التفكير فيقوم به العقل‪.‬‬ ‫الفلم‪:‬‬ ‫روابط ِ‬

‫‪http://www.npogeschiedenis.nl/speler.WO_VPRO_040381.html‬‬ ‫‪http://www.npogeschiedenis.nl/speler.WO_VPRO_040380.html‬‬ ‫‪http://www.npogeschiedenis.nl/speler.WO_VPRO_040379.html‬‬ ‫‪http://www.npogeschiedenis.nl/speler.WO_VPRO_040378.html‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪81 | 80‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫غياب قصص‬ ‫األطفال تجاه‬ ‫الصراعات‬ ‫القائمة‬ ‫بقلم‬ ‫د‪ .‬فاطمة اللواتي‬ ‫ف ي� عالم يضج بالمتناقضات‪ ،‬لم يستطع أدب الطفل‬ ‫العر� أن يشيد جرساً ألطفاله للولوج إىل ذاك‬ ‫بي‬ ‫ين‬ ‫التغ� الذي لوحظ‬ ‫العالم بفهم وإدراك‬ ‫عميق�‪ .‬إن ي‬ ‫أ‬ ‫ف آ‬ ‫خ�ة هو االنتقال‬ ‫العر� ي� الونة ال ي‬ ‫عىل أدب أالطفل ب ي‬ ‫الخالقيات العامة وبأسلوب مجرد‪ ،‬إىل أدب‬ ‫من أدب تقليدي محصور ف ي�‬ ‫يحمل رسالة أقرب إىل حياة الطفل وبأسلوب ث‬ ‫أك� تشويقاً عما كان عليه‬ ‫أ‬ ‫من قبل‪ .‬لكن وعىل الرغم من ذلك‪ ،‬فإن هذا الدب ما زال يرزح تحت‬ ‫عبء متطلبات السوق‪ ،‬بعيداً عن أية دراسات جادة تبحث ف ي� حاجات‬ ‫العر� ومتطلباته‪.‬‬ ‫الطفل ب ي‬ ‫أ‬ ‫العر�‪ ،‬لم يظهر سوى‬ ‫فمن حرب الخليج الأوىل إىل ما يسمى بالربيع ب ي‬ ‫ت‬ ‫القليل من‬ ‫ال� يتقاسم فيها الكاتب مع الطفل تجارب‬ ‫قصص الطفال‪ ،‬أ ي‬ ‫ف‬ ‫أطفال عاشوا ف ي� خضم تلك الحداث ي� دول مثل الكويت أو العراق أو‬ ‫تونس أو ليبيا أو مرص آ‬ ‫والن سوريا واليمن وقبل ذلك لبنان والسودان‬ ‫ال� التفتت إىل عرض معاناة أ‬ ‫ت‬ ‫الطفال‬ ‫ي‬ ‫وغ�ها‪ .‬من هذه القصص القليلة ي‬ ‫العرب عىل سبيل المثال قصة للكاتبة ثريا البقصمي بعنوان‪« :‬مذكرات‬ ‫ت‬ ‫ال� تناولت أحداث احتالل الكويت ف ي� التسعينيات من القرن‬ ‫فطومة» ي‬ ‫أ‬ ‫ض‬ ‫الجالص بعنوان «السد‬ ‫التونس عماد‬ ‫الما�‪ .‬أما قصة الكاتب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫العر� وقد‬ ‫المخلوع» فقد تناولت أحداث تونس أثناء ما يسمى بالربيع ب ي‬ ‫بع�ت عن نفس ت‬ ‫الف�ة الزمنية الكاتبة لطيفة بطي‪ ،‬حيث تناولت مطالب‬ ‫َّ‬ ‫ت‬ ‫الشعب المرصي ف ي� قصتها بعنوان‪« :‬الشعب يريد حرية واح�ام»‪.‬‬ ‫ين‬ ‫فلسط� سندرك‬ ‫الموجهة للطفل حول قضية‬ ‫وإذا تمعنا ف ي� الكتابات‬ ‫َّ‬ ‫ين‬ ‫فلسط� لم يثمر‬ ‫العر�‪ .‬فاحتالل‬ ‫الشح الشديد الذي يعيشة الطفل ب ي‬ ‫قياساً ت‬ ‫بف�ته الزمنية سوى عدد من القصص الموجهة للطفل‪ .‬ولعل «دار‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� أنشئت ي� عام ‪1974‬م واستهدفت الطفال من عمر‬ ‫الف� ب ي‬ ‫العر�» ي‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫الفلسطي�‪ ،‬إال‬ ‫قدمت كتباً توثيقية للحفاظ عىل ال�اث‬ ‫‪ 3‬إىل ‪ 16‬سنة َّ‬ ‫ي‬ ‫أنها مع أ‬ ‫ف‬ ‫الحال هناك عدد قليل‬ ‫السف لم يُكتب لها االستمرار‪ .‬ي� الوقت‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الفلسطي� ووثَّقوا‬ ‫من الك َّتاب المعارصين ممن التفت إىل مأساة الشعب‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫كنفا� والكاتبة‬ ‫تلك التجارب ي� قصص للطفال مثل الكاتب ي‬ ‫الكب� غسان ي‬ ‫وغ�هم‪َّ .‬إل‬ ‫تغريد النجار والكاتبة روضة الهدهد والكاتب محمد جمال ي‬

‫للطفال أ‬ ‫أن معظم تلك الكتابات كانت موجهة أ‬ ‫ال بك� سناً‪ ،‬والقليل منها‬ ‫العر�‪.‬‬ ‫متوفر ومتاح للطفل ب ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تسببها الحروب والمعارك الدائرة ف ي� المنطقة‬ ‫إن‬ ‫المآس اليومية ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫العربية تركت آثاراً سيئة عىل الطفال بشكل عام‪ .‬فمن أولئك الطفال‬ ‫من يعيش وجال ورعباً من تلك أ‬ ‫الحداث‪ ،‬ومنهم من يعيش ف ي� خضم‬ ‫ً‬ ‫معمعتها حيث تستهدفه يومياً كما تستهدف وطنه وأمته وتاريخة وتراثه‪.‬‬ ‫ومنهم من يعيش مراقباً أو الهياً مع ما تم ابتكاره من وسائل وألعاب‬ ‫ت‬ ‫إلك�ونية يندمج معها ف ي� ألعاب تُظهر له القتل لعبة جميلة يغ� مدرك‬ ‫لواقع يكاد يلتهمه‪.‬‬ ‫َّإل أن واقع أدب الطفل لم يعكس معاناة ذلك الطفل الالجئ أو ش‬ ‫الم�د‬ ‫بسبب حرب هنا أو مجاعة هناك أو أوضاع أمنية واقتصادية مزرية ف ي� بلد‬ ‫وأع� به أدب أ‬ ‫آخر‪ .‬بينما نجد ف� المقابل أن أ‬ ‫ن‬ ‫الطفال‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫دب العالمي‪ ،‬ي‬ ‫ية‪ ،‬تطرق لمعاناة أ‬ ‫ين‬ ‫ال ي ز‬ ‫والمسلم� من مختلف‬ ‫الطفال العرب‬ ‫نجل�‬ ‫باللغة إ‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫والدراك لدى‬ ‫الدول‪ .‬وهذا النوع من الدب يسهم ي� تنمية الوعي إ‬ ‫الطفل بما يدور ف ي� العالم‪ .‬فالمنادون بأدب الطفل العالمي يرون أنه‬ ‫من الممكن ع� قصص أ‬ ‫الطفال أن يتم عرض العالم من زوايا مختلفة‬ ‫ب‬ ‫ويك� وهو ث‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫وبالتال‬ ‫محيطه‬ ‫فهم‬ ‫عىل‬ ‫وقدرة‬ ‫ا‬ ‫اك‬ ‫ر‬ ‫إد‬ ‫أك�‬ ‫الطفل‬ ‫ح� ينمو‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫العالم الذي هو جزء منه‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� أبرزت معاناة‬ ‫كث� من النماذج العالمية‬ ‫هناك ي‬ ‫لقصص الطفال ي‬ ‫العر�‪ .‬فعىل سبيل المثال‪ :‬ف ي� قصة بعنوان‪A long Walk« :‬‬ ‫الطفل ب ي‬ ‫سوداني� كالهما �ف‬ ‫ين‬ ‫طفل�ن‬ ‫‪ »to Water‬تطرقت كاتبة القصة إىل قصة ي‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫ع�ة من العمر‪ ،‬ولكنهما عاشا ف� تف� ي ن‬ ‫الحادية ش‬ ‫مختلفت�‪..‬‬ ‫زمنيت�‬ ‫ت�‬ ‫ي‬ ‫مثال آخر قصة بعنوان‪� .»Sami and the Time of the Troubles« :‬ف‬ ‫ي‬ ‫هذه القصة يعرض الكاتب معاناة الطفل سامي ف ي� يب�وت أثناء الحرب‬ ‫الما�‪ ..‬لكن أمام كل هذه أ‬ ‫أ‬ ‫الهلية ف� ثمانينيات القرن ض‬ ‫الحداث فإن ما‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫تم تقديمه للطفل ب ث‬ ‫العر�‪ .‬فيا تُرى ما هي‬ ‫الغر� أك� مما ق ُِّدم للطفل ب ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫السباب ت‬ ‫العر� نصوصاً عن المعاناة‬ ‫ال� حالت دون أن ِّ‬ ‫يقدم الكاتب ب ي‬ ‫ي‬ ‫ال� يعيشها أ‬ ‫ت‬ ‫الطفال العرب؟‬ ‫ي‬


‫صناعة الكتاب في العالم‬

‫تقرير القافلة‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫رقميا‬ ‫ورقيا كان أم‬ ‫الكتاب واحد‪،‬‬


‫‪83 | 82‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫ِّ‬ ‫المتعددة هو من معالم كل العصور‪ .‬ومع ظهور الكتاب الرقمي في عصرنا‬ ‫الكتاب بأشكاله‬ ‫الحالي‪ ،‬برزت توقعات كثيرة حول نهاية صيغته الورقية التي رافقت الحضارة الحديثة قرابة‬ ‫ً‬ ‫أيضا توقعات بضعف اإلقبال على القراءة مما‬ ‫خمسة قرون مذ ظهرت آلة الطباعة‪ .‬كما برزت‬ ‫ً‬ ‫سلبا على صناعة الكتاب‪ .‬وبالرغم من ازدياد الطلب على الكتاب اإللكتروني منذ ظهوره‬ ‫يؤثر‬ ‫في أواخر القرن الماضي‪ ,‬إال أنه بقي ضمن نسب مئوية أقل بكثير من اإلقبال على الكتاب الورقي‪ .‬كما أن‬ ‫ً‬ ‫معا‪ .‬غير‬ ‫اإلحصاءات األخيرة في سنة ‪ 2014‬و‪2015‬م أشارت بوضوح إلى اتجاه معاكس لهذين التوقعين‬ ‫أن هذه اإلحصاءات هي صحيحة بشكل عام على مستوى العالم‪ .‬لكن على مستويات معيَّ نة خاصة في‬ ‫منطقتنا‪ ،‬فهي مع األسف مخيِّ بة‪.‬‬ ‫نعرض ف ي� هذا التقرير لمحة رسيعة عن أماكن‬ ‫والقبال عىل القراءة ف ي� العالم‪،‬‬ ‫شن� الكتاب إ‬ ‫ن‬ ‫واختالف أحجام هذه الصناعة ما يب� الدول‬ ‫والخرى أ‬ ‫المتقدمة أ‬ ‫القل تقدماً‪ ،‬وكذلك أحجام‬ ‫أ‬ ‫مبيعات الكتب الورقية مقارنة بالخرى الرقمية‪.‬‬ ‫الدول للكتاب‬ ‫يعطينا معرض فرانكفورت‬ ‫ي‬ ‫‪ ،2015‬الذي يُعد من أهم المعارض وأشهرها‬ ‫ف ي� العالم‪ ،‬بسبب عدد زواره‪ ،‬وعدد الدول‬ ‫الن� المشاركة فيه‪ ،‬وحركة البيع ش‬ ‫ودور ش‬ ‫وال�اء‬ ‫ت‬ ‫ال� تجري أثناء افتتاحه‪ ،‬صورة عامة عن حال‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الكتاب‪ .‬إذ إنه سجل زيادة ي� عدد زواره لهذا‬ ‫العام مقارنة بالعام ض‬ ‫الما� خالفاً للتوقعات‪.‬‬ ‫ي‬ ‫فقد أعلن مسؤولو المعرض‪ ،‬أن «القسم‬ ‫ن‬ ‫المه�» ف ي� المعرض سجل حضور ‪140,474‬‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫يع� زيادة طفيفة عىل عدد زوار‬ ‫زائراً‪ ،‬وهذا ي‬ ‫السنة الماضية‪ ،‬الذي كان ‪ 140,291‬زائراً‪ .‬أما عدد‬ ‫جمال‪ ،‬ومن ضمنهم «المستهلكون»‬ ‫الزوار إ‬ ‫ال ي‬ ‫القراء ال تجار الكتاب)‪ ،‬فبلغ ‪ ،275,791‬أي‬ ‫(أي ّ‬ ‫بزيادة نسبتها ‪ %2,3‬عىل مجموع زوار ‪،2014‬‬ ‫الذي بلغ ‪ 269,534‬زائراً‪ .‬إضافة إىل هذا‪ ،‬زار‬ ‫ف‬ ‫صحا�‪ ،‬ف ي� مقابل ‪ 9,500‬العام‬ ‫المعرض ‪9,900‬‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫الما�‪ .‬وقال مديره يورغن بوس‪« :‬كان معرض‬ ‫ي‬ ‫الك� حشداً أ‬ ‫أ‬ ‫وال ثك� نجاحاً ف ي� معارض‬ ‫‪ 2015‬ب‬ ‫الكتاب منذ سنوات»‪.‬‬ ‫وعىل الرغم من أن الزيادة هذه السنة كانت‬ ‫خ�اً جيداً ف ي� نظر‬ ‫طفيفة نسبياً‪ ،‬إال أنها كانت ب‬ ‫ّم�‪ .‬فمنذ سنة ‪ ،2009‬ي ن‬ ‫المنظ ي ن‬ ‫ح� أخذت آثار‬ ‫الركود العالمي ت�ض ب الصناعة فعالً‪ ،‬انخفض‬ ‫تعداد زوار «القسم ن‬ ‫المه�» بنسبة ‪ .%6,7‬وبلغ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫عدد الزوار حينذاك ‪ 152,530‬ي� ذلك القسم‪.‬‬

‫ت‬ ‫الدول ف ي� صناعة الكتاب‬ ‫ال�تيب‬ ‫ي‬

‫شن�ت منظمة أ‬ ‫المم المتحدة ت‬ ‫لل�بية والثقافة‬ ‫والعلم «يونيسكو»‪ ،‬جدوال ً ي ّ ن‬ ‫الدول‬ ‫يب� تال�تيب‬ ‫ي‬ ‫إلصدارات الكتب الجديدة ف ي� العالم‪ .‬وتتفاوت‬ ‫ت‬ ‫الف�ات الزمنية للمعلومات ف ي� الجدول‪ ،‬نتيجة‬

‫عدم توفرها من المصدر‪ .‬مع ذلك‪ ،‬يعطينا‬ ‫الجدول فكرة واضحة‪ ،‬وإن لم تكن شديدة الدقّة‪،‬‬ ‫ف ي� شأن ازدهار صناعة الكتاب والتأليف‪ ،‬والبلدان‬ ‫المتقدمة ف� هذا المجال‪ ،‬وتلك أ‬ ‫القل تقدماً‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫وغ� عن القول إن الدول العربية ليست مدرجة‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ب� الدول المتقدمة‪ .‬فمرص هي الوىل ي ن‬ ‫ين‬ ‫ب� الدول‬ ‫ف‬ ‫العربية لكن ترتيبها يقع ي� المرتبة ‪ 37‬بحجم‬ ‫حوال ‪ 9022‬كتاباً‪.‬‬ ‫إصدارات بلغ سنة ‪ 2000‬ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� تصدر ي� العالم‬ ‫َّ‬ ‫ويقدر عدد الكتب الجديدة ي‬ ‫كل سنة نحو ‪ 2,200,000‬كتاب‪ ،‬مع العلم أن‬ ‫لتعذُّ‬ ‫الحصاء ال يستند إىل أرقام السنة نفسها‪ ،‬ر‬ ‫إ‬

‫جمعها من الدول المختلفة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� الجدول‪ ،‬عىل الصفحة المقابلة‪ ،‬ترتيب الدول‬ ‫ي‬ ‫والع�ين أ‬ ‫الخمس ش‬ ‫الوىل ف ي� العالم‪ ،‬مع عدد‬ ‫الكتب الجديدة ت‬ ‫ال� صدرت ف� السنة المبينة يب�ن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫هالل�‪ ،‬يليه تال�تيب الذي حلت فيه الدول العربية‬ ‫ف‬ ‫التوال‪ ،‬وعدد الكتب الصادرة ي� السنة‪ ،‬مع‬ ‫عىل ي‬ ‫ذكر سنة الحصول عىل الرقم المذكور‪ ،‬وهي آخر‬ ‫سنة جاء فيها رقم إحصاء ف� البلد ن‬ ‫المع�‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ال بد من مالحظة عدد من ي أ‬ ‫المور عىل هذا‬ ‫َّ‬ ‫الحصاء‬ ‫الجدول‪ .‬أولها أن معظم سنوات إ‬ ‫العربية سابقة لبداية القرن الجاري‪ ،‬أي إن‬


‫عمر هذه أ‬ ‫الرقام يزيد ف� ث‬ ‫أك�ها عىل ‪ 15‬عاماً‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫و� هذه السنوات الماضية من القرن الواحد‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫كث�ة ي� عدد من الدول‬ ‫والع�ين‪ ،‬جرت أحداث ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫العربية‪ ،‬ال شك أثرت ي� الرقام بشكل أو بآخر‪.‬‬ ‫تش� التطورات‬ ‫ففي المملكة العربية السعودية‪ ،‬ي‬ ‫أ‬ ‫الكث�ة منذ عام ‪1996‬م‪،‬‬ ‫العلمية والدبية ي‬ ‫إىل أن الرقم المذكور هنا ضئيل بالمقارنة مع‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� تحتل‬ ‫واقع الحال اليوم‪ .‬وأما ي� فمرص ي‬ ‫الصدارة ي ن‬ ‫ب� الدول العربية ي� الجدول‪ ،‬فليس‬ ‫تش� إىل تطور صناعة‬ ‫من إحصاءات يمكنها أن ي‬ ‫الكتاب اليوم فيها‪ ،‬ال سيما بعد العام ‪2011‬م‪.‬‬ ‫كذلك ف ي� سوريا وليبيا وتونس‪ .‬والمؤكد أن‬ ‫أ‬ ‫الحداث ضأ�ت بصناعة الكتاب ف ي� هذه الدول‪.‬‬ ‫والجدير بالذكر أن عدداً من الدول العربية‪،‬‬ ‫إضافة إىل المملكة العربية السعودية‪ ،‬شهدت‬ ‫الحصاء المذكورة‪،‬‬ ‫حركة ناشطة‪ ،‬بعد سنوات إ‬ ‫وغ�ها‪.‬‬ ‫والكويت‬ ‫والمارات‬ ‫مثل لبنان إ‬ ‫ي‬

‫ق‬ ‫الور� مقابل الرقمي‬ ‫الكتاب‬ ‫ي‬

‫َّ‬ ‫سجل حضور معرض‬ ‫فرانكفورت الدولي للكتاب‬ ‫ً‬ ‫زائرا‪ ،‬وهذا يعني‬ ‫‪140,474‬‬ ‫زيادة طفيفة على عدد زوار‬ ‫السنة الماضية‪ ،‬وكانوا‬ ‫ً‬ ‫زائرا‪.‬‬ ‫‪140,291‬‬ ‫الدول أ‬ ‫الجنبية‬ ‫‪ .1‬ي ن‬ ‫الص�‪:‬‬ ‫‪ 440,000‬كتاب (‪)2013‬‬

‫‪ .10‬إسبانيا‪:‬‬ ‫‪ 44,000‬كتاب (‪)2011‬‬

‫ال�ازيل‪:‬‬ ‫‪ .19‬ب‬ ‫‪ 20,792‬كتاباً (‪)2012‬‬

‫‪ .2‬الواليات المتحدة أ‬ ‫المريكية‪:‬‬ ‫‪ 304,912‬كتاباً (‪)2013‬‬

‫‪ .11‬تركيا‪:‬‬ ‫‪ 43,100‬كتاب (‪)2011‬‬

‫‪ .20‬كندا‪:‬‬ ‫‪ 19,900‬كتاب (‪)1996‬‬

‫‪ .3‬المملكة المتحدة‪:‬‬ ‫‪ 184,000‬كتاب (‪)2011‬‬

‫‪ .12‬فرنسا‪:‬‬ ‫‪ 41,902‬كتاب (‪)2011‬‬

‫‪ .21‬جمهورية التشيك‪:‬‬ ‫‪ 18,985‬كتاباً (‪)2011‬‬

‫الروس‪:‬‬ ‫‪ .4‬االتحاد‬ ‫ي‬ ‫‪ 101,981‬كتاباً (‪)2013‬‬

‫‪ .13‬إيران‪:‬‬ ‫‪ 28,322‬كتاباً (‪)2012‬‬

‫‪ .22‬ي ز‬ ‫مال�يا‪:‬‬ ‫‪ 17,923‬كتاباً (‪)2011‬‬

‫‪ .5‬الهند‪:‬‬ ‫‪ 90,000‬كتاب (‪)2013‬‬

‫‪ .14‬ت‬ ‫أس�اليا‪:‬‬ ‫ً‬ ‫‪ 28,234‬كتابا (‪)2014‬‬

‫‪ .23‬بولندا‪:‬‬ ‫‪15,580‬كتاباً (‪)2013‬‬

‫‪ .6‬اليابان‪:‬‬ ‫‪ 82,589‬كتاباً (‪)2013‬‬

‫‪ .15‬تايوان‪:‬‬ ‫‪ 28,084‬كتاباً (‪)2014‬‬

‫‪ .24‬رومانيا‪:‬‬ ‫‪ 14,984‬كتاباً (‪)2008‬‬

‫‪ .7‬ألمانيا‪:‬‬ ‫‪ 82,048‬كتاباً (‪)2013‬‬

‫‪ .16‬أ‬ ‫ال ي ن‬ ‫رجنت�‪:‬‬ ‫‪ 28,010‬كتب (‪)2014‬‬

‫‪ .25‬أوكرانيا‪:‬‬ ‫‪ 14,790‬كتاباً (‪)2004‬‬

‫‪ .8‬إيطاليا‪:‬‬ ‫‪ 61,966‬كتاباً (‪)2013‬‬

‫‪ .17‬فيتنام‪:‬‬ ‫‪ 24,589‬كتاباً (‪)2009‬‬

‫‪ .9‬كوريا الجنوبية‪:‬‬ ‫‪ 47,589‬كتاباً (‪)2014‬‬

‫‪ .18‬إندونيسيا‪:‬‬ ‫‪ 24,000‬كتاب (‪)2009‬‬

‫ت‬ ‫لف�ة يغ� بعيدة‪ ،‬كان التوقع السائد هو تم�‬ ‫ق‬ ‫الور�؟ وبالفعل‬ ‫يسيطر‬ ‫الكتاب الرقمي عىل ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ازداد القبول ي� الواليات المتحدة المريكية عىل‬ ‫الكتاب الرقمي ليصل إىل الذروة سنة ‪2012‬م‬ ‫ف‬ ‫الحصاءات‪ ،‬قبل أن‬ ‫بنسبة ‪ 25‬إىل ‪ %30‬ي� بعض إ‬ ‫أ‬ ‫خ�ة إىل نتائج معاكسة‪.‬‬ ‫تش� إ‬ ‫الحصاءات ال ي‬ ‫ي‬ ‫ويبدو‪ ،‬للمفارقة‪ ،‬أن أوروبا لم تلحق هذه المرة‬ ‫بأمريكا ف ي� هذا االتجاه‪ .‬وحافظت عىل نسب إقبال‬ ‫متواضعة عىل الكتاب الرقمي مقارنة معها‪ .‬عىل‬ ‫العكس من ذلك‪ ،‬فالواليات المتحدة هي من‬ ‫تأثرت وبدأت بإعادة إحياء مجد الورق والطباعة‪.‬‬ ‫وتش� إحصائية من مؤسسة «بيست ريدر ريفيو»‬ ‫ي‬ ‫إىل أن حجم مبيعات الكتب الورقية العالمي‬ ‫سنة ‪ 2013‬هو ‪ 53.9‬مليار دوالر بينما بينما‬ ‫بلغت مبيعات الكتب الرقمية ف� نفس ت‬ ‫الف�ة ‪8.4‬‬ ‫ي‬ ‫مليار دوالر‪.‬‬

‫‪ .37‬مرص‪:‬‬ ‫‪ 9,022‬كتاباً (‪)2000‬‬

‫‪ .70‬الجزائر‪:‬‬ ‫‪ 670‬كتاباً (‪)1996‬‬

‫المكتبات ت‬ ‫االف�اضية المجانية‬

‫‪ .48‬المملكة العربية السعودية‪:‬‬ ‫‪ 3,900‬كتاب (‪)1996‬‬

‫‪ .75‬أ‬ ‫الردن‪:‬‬ ‫‪ 511‬كتاباً (‪)1996‬‬

‫‪ .116‬البحرين‪:‬‬ ‫‪ 40‬كتاباً (‪)1996‬‬

‫‪ .49‬لبنان‪:‬‬ ‫‪ 3,686‬كتاباً (‪)2005‬‬

‫المارات العربية‪:‬‬ ‫‪ .87‬إ‬ ‫‪ 293‬كتاباً (‪)1993‬‬

‫‪ .118‬ليبيا‪:‬‬ ‫‪ 26‬كتاباً (‪)1994‬‬

‫‪ .63‬سوريا‪:‬‬ ‫‪ 1,138‬كتاباً (‪)2004‬‬

‫‪ .95‬قطر‪:‬‬ ‫‪ 209‬كتب (‪)1996‬‬

‫‪ُ .123‬عمان‪:‬‬ ‫‪ 7‬كتب (‪)1996‬‬

‫‪ .67‬المغرب‪:‬‬ ‫‪ 918‬كتاباً (‪)1996‬‬

‫‪ .96‬الكويت‪:‬‬ ‫‪ 196‬كتاباً (‪)1992‬‬

‫‪ .68‬تونس‪:‬‬ ‫‪ 720‬كتاباً (‪)1996‬‬

‫ين‬ ‫فلسط�‪:‬‬ ‫‪.103‬‬ ‫‪ 114‬كتاباً (‪)1996‬‬

‫بالتوازي مع ظهور الكتاب الرقمي وانتشار شبكة‬ ‫ال تن�نت‪ ،‬ظهر عديد من المكتبات والمواقع‬ ‫إ‬ ‫ت‬ ‫ال� يستطيع أي شخص عىل الكرة‬ ‫المجانية ي‬ ‫أ‬ ‫الرضية تحميلها أو قراءتها مجاناً بشكل ش�عي‬ ‫ن‬ ‫وقانو� دون أي ت ز‬ ‫الطالق‪ .‬ومن‬ ‫ال�امات عىل إ‬ ‫ي‬ ‫كب� عىل‬ ‫المؤكد أن هذه الظاهرة قد أثَّرت بشكل ي‬ ‫كث�اً‪ ،‬إن لم يكن‬ ‫صناعة الكتاب وسوقه‪ .‬إال أن ي‬ ‫معظم‪ ،‬دور ش‬ ‫الكب�ة‪ ،‬خاصة العلمية منها‬ ‫الن� ي‬ ‫ش‬ ‫تحتفظ بملكيتها الفكرية وال تسمح بن�ها مجاناً‬

‫الدول العربية‬

‫‪ .105‬ت‬ ‫إري�يا‪:‬‬ ‫‪ 106‬كتب (‪)1993‬‬


‫‪85 | 84‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫ت‬ ‫لف�ة طويلة‪.‬‬ ‫إال أن معظم هؤالء ش‬ ‫النا�ين يمتلكون قواعد‬ ‫معلومات مختلفة إلصداراتهم تضم ما ش‬ ‫ين�ون‪،‬‬ ‫أو أنهم ت‬ ‫يش�كون ف ي� قواعد أخرى‪ .‬وتُباع‬ ‫كب�ة كالجامعات‬ ‫هذه القواعد إىل موسسات ي‬ ‫والمكتبات العامة ومراكز أ‬ ‫البحاث المختلفة‪،‬‬ ‫حيث تصبح ف ي� متناول عديد من أعضائها‪ .‬وهذا‬ ‫كث�اً عىل صناعة الكتاب‪.‬‬ ‫ما أثر ي‬ ‫وحول المكتبات المجانية نورد ي ن‬ ‫مثل� عىل ذلك‪:‬‬ ‫أ‬ ‫أك�‬ ‫‪ – 1‬مكتبة‬ ‫مريك‪ ،‬وهي من ب‬ ‫الكونغرس ال ي‬ ‫ف‬ ‫المكتبات ي� العالم‪ ،‬وفيها ركن خاص‬ ‫ع�ات أ‬ ‫بالكتب المجانية تضم ش‬ ‫اللوف من‬ ‫جميع االختصاصات‪.‬‬ ‫الي�يري»‬ ‫‪« – 2‬المكتبة المفتوحة» أو «أوبن ب‬ ‫ف‬ ‫حوال مليون كتاب وقد ارتادها ي� شهر‬ ‫تضم ي‬ ‫ض‬ ‫نوفم�‬ ‫الما� ‪ 8,534,792‬زائراً‪.‬‬ ‫ب‬ ‫ي‬

‫مقارنة ي ن‬ ‫الك�ى‬ ‫ب� الدول ب‬

‫الحصاءات عن تفاصيل حركة تجارة‬ ‫نظراً لقلة إ‬ ‫ف‬ ‫الحصاءات‬ ‫مفر من اعتماد إ‬ ‫الكتاب ي� العالم‪ ،‬ال َّ‬ ‫القليلة المتوافرة‪ ،‬ومنها إحصاء تاريخه ‪ 1‬مارس‬

‫‪2008‬م‪ .‬إال أنه ال َّبد من التحفظ عىل هذه‬ ‫أ‬ ‫الرقام‪ ،‬فقد حصلت تطورات وتغ�ات كث�ة �ف‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫العالم منذ ذلك الوقت وال سيما تلك المتسارعة‬ ‫ين‬ ‫والص� عىل الخصوص‪ .‬وقد شن�ت‬ ‫ف ي� الهند‬ ‫الحصائية مجموعة دراسات صناعة الكتاب‬ ‫هذه إ‬ ‫(‪ )The Book Industry Study Group‬وهي‬ ‫مؤسسة أمريكية تعمل ف ي� هذا المجال‪.‬‬ ‫تب� الدراسة أن ف� الواليات المتحدة أ‬ ‫ي ِّ ن‬ ‫المريكية‬ ‫ي‬ ‫نحو ‪ 63,000‬ش‬ ‫نا� كتب‪ .‬والحظت الدراسة أن‬ ‫كث�اً من ش‬ ‫النا�ين يبيعون كتبهم خارج إطار‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫وسائل بيع الكتب التقليدية‪ .‬وأن نصف النا�ين‬ ‫ين‬ ‫يسوقون كتبهم دون المرور‬ ‫الصغار‬ ‫والمتوسط� ِّ‬ ‫ف‬ ‫و� محالت مثل المتاجر‬ ‫بالجملة‪،‬‬ ‫البيع‬ ‫شب�كات‬ ‫أي‬ ‫العامة أو محالت بيع الدوات الرياضية‪ .‬وهذا‬ ‫أ‬ ‫الحصاء ف ي� هذا القطاع أمراً صعباً‪،‬‬ ‫المر يجعل إ‬ ‫يش� ف ي� الوقت نفسه إىل أن تقديرات حجم‬ ‫لكنه ي‬ ‫الحصائية أقل من حقيقته الفعلية‪.‬‬ ‫الكتاب‬ ‫سوق‬ ‫إ‬ ‫ش‬ ‫وأطلقت الدراسة عىل كبار النا�ين اسم‪:‬‬ ‫أ‬ ‫وس ب ي�‬ ‫الخوات الست‪ ،‬وهم‪ :‬برتلزمان‪ ،‬ي‬ ‫إس كوربوريشن‪ ،‬وهاشيت فرنسية‪ ،‬ونيوز‬ ‫وب�سون‪ ،‬وفرالغ غروبيه (ألمانية)‪.‬‬ ‫كوربوريشن‪ ،‬ي‬

‫ثمة أكثر من ‪ 10,000‬ناشر‬ ‫كتب في العالم‪ ،‬ال يبتغون‬ ‫الربح‪ ،‬وما بين ‪ 8‬آالف‬ ‫و‪ 11‬ألف شركة نشر كتب‬ ‫جديدة تنشأ كل عام‪.‬‬

‫أما ث‬ ‫أك� ش‬ ‫إلسفي�‪،‬‬ ‫النا�ين ربحاً هم‪ :‬ريد‬ ‫ي‬ ‫وب�سون‪ ،‬وتومسون‪ ،‬وبرتلزمان‪ ،‬ت‬ ‫وفول�ز كلور‪،‬‬ ‫ي‬ ‫وماكغروهيل إديوكيشن‪ ،‬وريدرز دايجست‪،‬‬ ‫ن‬ ‫أغوستي� إديتوري‪،‬‬ ‫وسكوالستيك‪ ،‬ودي‬ ‫ي‬ ‫وهولتس�ينك‪ ،‬وجي آر بالنيتا‪.‬‬ ‫ب‬ ‫• ف� ت‬ ‫الجمالية‬ ‫أس�اليا‪ :‬تصل قيمة مبيعات الكتب إ‬ ‫ي‬ ‫أمريك‪ ،‬بينها مبيعات‬ ‫إىل ‪ 820‬مليون دوالر‬ ‫ي‬ ‫الكتب الصادرة ف� ت‬ ‫أس�اليا وقيمتها ‪ 486‬مليون‬ ‫دوالر‪ .‬أما قيمة يصادرات الكتب أ‬ ‫ال ت‬ ‫س�الية فهي‬ ‫وأك� أسواق التصدير‬ ‫حوال ‪ 105,6‬مليون دوالر‪ .‬ب‬ ‫ي‬ ‫هي‪ :‬الواليات المتحدة ‪ ،%34‬ونيوزيالندا ‪،%16‬‬ ‫والمملكة المتحدة ‪.%14‬‬ ‫• ف ي� كندا‪ :‬تزيد قيمة مبيعات الكتب سنوياً عىل‬ ‫‪ 1,5‬مليار دوالر كندي‪ ،‬ومعظم هذه المبيعات‬ ‫تتم بع� ش�كة توزيع واحدة وهي «‪ 230‬ستور‬ ‫إنديغو بوكس أند ميوزيك»‪ .‬وهناك ث‬ ‫أك� من‬ ‫‪ 627‬ش‬ ‫نا�اً‪ ،‬أصدروا ‪ 27,797‬كتاباً‪ ،‬منها ‪15,744‬‬ ‫طبعة أوىل‪ .‬وتمنح الحكومة ش‬ ‫النا�ين ‪ 48‬مليون‬ ‫دوالر دعماً لصناعتهم‪ .‬وقيمة الكتب المصدرة‬ ‫‪ 154,8‬مليون دوالر‪ ،‬أما الحقوق أ‬ ‫الجنبية ف ي�‬


‫ق‬ ‫أوروبا ي ن‬ ‫الور� والرقمي‬ ‫ب�‬ ‫ي‬

‫يؤكد تقرير «غلوبال إي‪-‬بوك» الذي وضعه الباحث روديغر فيشنبارت‪ ،‬عن تطور الكتاب إ ت ن‬ ‫و�‪ ،‬الذي‬ ‫اللك� ي‬ ‫ن ش� ف� ‪ 30‬سبتم� ‪2013‬م ما ذهبنا اليه آنفاً من أن القارة أ‬ ‫الوروبية تلكأت ف ي� حلول الكتاب الرقمي مكان‬ ‫ب‬ ‫ُ قي‬ ‫الور�‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ب� الدول المتقدمة ف‬ ‫التحول إىل الكتاب الرقمي‪ ،‬فيما تحل إيطاليا ف� آخر ت‬ ‫ن‬ ‫ال�تيب‬ ‫ة‬ ‫مس�‬ ‫�‬ ‫هي‬ ‫سكندنافية‬ ‫ال‬ ‫والبالد‬ ‫يطانيا‬ ‫بف�‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫تسبقها فرنسا‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫لك�و�ن‬ ‫ال ت‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫التحول المذكور‪،‬‬ ‫مريكي� ي�‬ ‫يطاني� لحقوا سابقا بال‬ ‫ال�‬ ‫ال� تحتلها مداخيل سوق الكتاب إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ذلك أن ب‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫حيث تبلغ النسبة ي‬ ‫ف ي� بريطانيا ‪ %15‬من مجمل دخل ش‬ ‫النا�ين ف ي� أسواق الكتاب العامة ف ي� العام ‪2013‬م‪.‬‬ ‫أك� أسواق الكتاب ف ي� أوروبا‪ ،‬إذ يبلغ سوق الكتاب فيها ‪ 9,52‬مليارات يورو‪ ,‬ق ُّد َرت ف ي� منتصف العام ‪2013‬م‪،‬‬ ‫أما ألمانيا‪ ،‬وهي ب‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� ُس ّجلَت ي� العام ‪2012‬م‪ .‬واليوم‪ ،‬بات ‪%84‬‬ ‫الجمالية بنحو ‪ ،%5‬وكان هذا‬ ‫حصة الكتاب الرقمي من السوق إ‬ ‫ضعف النسبة ي‬ ‫نا�ي الكتب أ‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫اللمان ش‬ ‫من ش‬ ‫ين�ون الكتب الرقمية أيضاً‪ ،‬أو يرغبون ي� ن�ها‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫سلسلت�ن‬ ‫ش‬ ‫أك�‬ ‫ي‬ ‫وتسيطر «أمازون» المريكية عىل ‪ %50‬من سوق الكتاب ي� ألمانيا‪ ،‬يتبعه نا� آخر‪ ،‬هو التحالف الذي أنشأته ب‬ ‫المستهلك� أ‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫اللمان يَ ُع ُّدون أن أسعار الكتب‬ ‫وتش� بعض الدراسات إىل أن‬ ‫ألمانيت� لبيع الكتب‪« :‬تاليا» و«فلتبيلد‪-‬هوغندوبل»‪ .‬ي‬ ‫أ‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫الرقمية ال تزال مرتفعة‪ ،‬فسعر الكتاب إ ت ن‬ ‫الور�‪.‬‬ ‫لما� ال يقل َّإل ‪ %40‬عن سعر الكتاب‬ ‫و� ال ي‬ ‫اللك� ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫لك� ن‬ ‫ال ت‬ ‫و� إسبانيا‪ ،‬تتطور سوق ش‬ ‫و� إيجاباً‪ ،‬عىل نحو يوحي أن هذا إنما هو رد فعل عىل الزمة االقتصادية ي� البالد‪ .‬ونتيجة‬ ‫الن� إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫يش�ون الكتاب إ ت ن‬ ‫السبان ت‬ ‫لذلك يقول ش‬ ‫و� بأسعار «مكسورة»‬ ‫القراء إ‬ ‫النا�ون إ‬ ‫اللك� ي‬ ‫السبان إن رقم أعمالهم تراجع بنسبة ‪ ،%8‬لن َّ‬ ‫أي منخفضة جداً‪ ،‬بدال ً من ش�اء الكتب المطبوعة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫و� النصف الول من العام ‪2013‬م‪،‬‬ ‫و� العام ‪2012‬م بلغت قيمة سوق مبيع الكتب الرقمية وتحميلها ‪ 12‬مليون فيورو‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫تضاعف هذا الرقم‪ ،‬إال أنه ال يزال عند نسبة ‪ ،%3‬من مجمل مبيعات الكتب � نفس الوقت‪.‬‬ ‫نسي� تم�ددون ف� القبال يعىل الكتاب الرقمي مقارنة بالدول أ‬ ‫لفرنسا مكانة خاصة مع الكتاب وصناعته‪ .‬لكن الفر ي ن‬ ‫الخرى‪ .‬فقد‬ ‫ي إ‬ ‫ت‬ ‫ال� لها عالقة‬ ‫بلغت قيمة سوق الكتاب فيها العام ‪2013‬م‪ 4,13 ،‬مليار يورو‪،‬‬ ‫نس ال يزال َّ‬ ‫يتقدم كل الصناعات ي‬ ‫فالكتاب الفر ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫بالثقافة كالسينما أو الموسيقى‪ .‬لكن رقم أعمال الكتاب إ ت‬ ‫و� ي� هذه المرحلة ال يزيد عىل نسبة ‪ %2,1‬من رقم أعمال‬ ‫اللك� ي‬ ‫ن‬ ‫ض‬ ‫ال ت‬ ‫النا�ين الفر ي ن‬ ‫ش‬ ‫و� لتتساوى بنسبة �يبة القيمة المضافة‬ ‫لك�‬ ‫نسي�‪ .‬ولقد خفَّضت الحكومة ض�يبة القيمة المضافة عىل الكتاب إ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫و� أن يكون ي� هذا المر قوة‬ ‫ال� هي ‪ ،%5‬بدءاً من رأس السنة عام ‪2014‬م‪ .‬ويأمل نا�و الكتاب إ‬ ‫اللك� ي‬ ‫عىل الكتاب المطبوع ي‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫و� مرتفعة‬ ‫دافعة لهذا القطاع‪ .‬إال أن دراسات االستطالع المختلفة تثبت أن‬ ‫نسي� يجدون أسعار الكتاب إ‬ ‫المستهلك� الفر ي‬ ‫ي‬ ‫اللك� ي‬ ‫ق‬ ‫الور�‪ ،‬سوى بنسبة ‪ %30‬فقط‪.‬‬ ‫للغاية‪ .‬فمعدل أسعار الكتاب الرقمي الجديد ف ي� الواقع ال تقل عن أسعار الكتاب‬ ‫ي‬ ‫‪http://raseef22.com/culture/201523/04//reading-habits-in-the-arab-world/‬‬

‫العنوان‬ ‫ين‬ ‫مدينت�‬ ‫قصة‬ ‫سيد الخواتم‬ ‫أ‬ ‫الصغ�‬ ‫ال يم�‬ ‫ي‬ ‫هاري بوتر وحجر الفيلسوف‬ ‫ثم لم يبق أحد‬ ‫حلم الغرفة الحمراء‬

‫جدول بالكتب أ‬ ‫الكثر مبيعاً في التاريخ‬

‫تشارلز ن ز‬ ‫ديك�‬

‫البلد‬

‫الطبعة أ‬ ‫الوىل‬

‫ين‬ ‫(مالي� النسخ)‬ ‫المبيعات‬

‫بريطانيا‬

‫‪1859‬م‬

‫‪200‬‬

‫ج‪.‬ر‪.‬ر‪ .‬ي ن‬ ‫تولك�‬

‫بريطانيا‬

‫‪1954‬م‬

‫‪150‬‬

‫أنطوان دو سانت أكزوبري‬

‫فرنسا‬

‫‪1943‬م‬

‫‪140‬‬

‫ج‪.‬ك‪ .‬رولينغ‬ ‫ت‬ ‫كريس�‬ ‫أغاتا‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫خيوك�‬ ‫ساو‬

‫بريطانيا‬

‫‪1997‬م‬

‫‪107‬‬

‫بريطانيا‬ ‫ين‬ ‫الص�‬

‫‪1939‬م‬

‫‪100‬‬

‫‪1791-1754‬م‬

‫‪100‬‬

‫الكاتب‬

‫ج‪.‬ر‪.‬ر‪ .‬ي ن‬ ‫تولك�‬

‫بريطانيا‬

‫‪1937‬م‬

‫‪100‬‬

‫هي‪ :‬تاريخ من المغامرات‬ ‫أ‬ ‫السد‪ ،‬الساحرة وخزانة المالبس‬

‫ه‪ .‬رايدر هاغارد‬

‫بريطانيا‬

‫‪1887‬‬

‫‪100‬‬

‫س‪.‬أس‪ .‬لويس‬

‫بريطانيا‬

‫‪1950‬م‬

‫‪85‬‬

‫شيفرة دا ش‬ ‫فين�‬ ‫ي‬

‫دان براون‬

‫أمريكا‬

‫‪2003‬م‬

‫‪2014/3/-8/2/26‬‬

‫الهوبيت (أو ذهاباً وإياباً)‬

‫‪http://top101news.com/20152018-2017-2016-/news/education/best-selling-books-all-time-world/‬‬ ‫‪http://www.listchallenges.com/101-best-selling-books-of-all-time‬‬


‫‪87 | 86‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫الكتب المنشورة فتبلغ ‪ 313‬مليون دوالر كندي‪.‬‬ ‫ين‬ ‫البالغ�‬ ‫وتش� بعض الدراسات إىل أن ‪ %31‬من‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الكندي� لم يقرأوا كتاباً واحداً سنة ‪2007‬م (مقابل‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫كب�ة ممن‬ ‫‪ %27‬ي� الواليات المتحدة)‪ ،‬لكن نسبة ي‬ ‫يقرأون‪ ،‬إنما يقرأون ث‬ ‫أك� من ‪ 20‬كتاباً ف ي� السنة‪.‬‬ ‫• المملكة المتحدة‪ :‬ت‬ ‫ال�يطانيون ف ي� سنة‬ ‫اش�ى ب‬ ‫‪ 2007‬نحو ‪ 338‬مليون كتاب‪ ،‬قيمتها ‪2,478‬‬ ‫ت ن‬ ‫لي�‪.‬‬ ‫مليون جنيه إس� ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫• ين‬ ‫الص�‪ ،‬كما شأ�نا سابقاً‪ ،‬الوىل‬ ‫الص�‪ :‬جاءت ي‬ ‫ف ي� العالم من حيث حجم إصدارات الكتب‬ ‫وذلك سنة ‪2013‬م وهو ‪ 440,000‬كتاب‪ .‬ومن‬ ‫المعروف أنه يوجد ف� ي ن‬ ‫كث� من عمليات‬ ‫الص� ي‬ ‫أ ي‬ ‫الجنبية‪ ،‬أي شن� هذه الكتب‬ ‫«قرصنة» الكتب‬ ‫ش‬ ‫دون الحصول عىل حق الن�‪.‬‬

‫العر�‪ :‬صورة يغ� زاهية‬ ‫العالم ب‬

‫ي‬ ‫جاء ف ي� «تقرير التنمية ش‬ ‫الب�ية» الذي شن�ته‬ ‫منظمة أ‬ ‫المم المتحدة ت‬ ‫لل�بية والثقافة والعلوم‬ ‫العر�‬ ‫«اليونيسكو» عام ‪2003‬م‪ ،‬أن المواطن ب ي‬ ‫ف‬ ‫بكث�‪ ،‬فكل ‪80‬‬ ‫يقرأ ي� السنة أقل من كتاب ي‬

‫شخصاً عربياً يقرأون كتاباً واحداً ف ي� السنة‪ .‬مقارنة‬ ‫أ‬ ‫ورو� الذي يقرأ نحو ‪ 35‬كتاباً ف ي�‬ ‫بالمواطن ال ف ب ي‬ ‫السنة‪ .‬وجاء ي� «تقرير التنمية الثقافية» للعام‬ ‫العر�» أن‬ ‫‪2011‬م الصادر عن «مؤسسة الفكر ب ي‬ ‫العر� يقرأ كمعدل عام ‪ 6‬دقائق سنوياً‪ ،‬بينما‬ ‫ب‬ ‫يقرأ ي أ‬ ‫ورو� ‪ 200‬ساعة سنوياً‪.‬‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫إال أن هذه ي أ‬ ‫الرقام ال تشمل قراءة النصوص‬ ‫ت‬ ‫الحصاء‬ ‫ال� إذا ما شملها إ‬ ‫الدينية عىل أنواعها‪ ،‬ي‬ ‫كب�اً‪.‬‬ ‫تغ�اً ي‬ ‫تتغ� ي‬ ‫ي‬ ‫ويش� «تقرير التنمية الثقافية» إىل أن عدد كتب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫العر�‬ ‫ن�‬ ‫ال� تُ ش َ‬ ‫سنوياً ي� العالم ب ي‬ ‫الثقافة العامة ي‬ ‫ف‬ ‫ال تتجاوز ‪ 5,000‬عنوان‪ .‬أما ي� الواليات المتحدة‬ ‫أ‬ ‫المريكية‪ ،‬عىل سبيل المثال‪ ،‬فيصدر سنوياً‪،‬‬ ‫نحو ‪ 300‬ألف كتاب‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫وبحسب تقرير «اليونسكو»‪ ،‬يُ� َجم سنوياً ي� العالم‬ ‫الصغ�ة‪.‬‬ ‫العر� ُخمس ما يُ ت� َجم ف ي� دولة اليونان‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫وحصيلة ما تُرجم إىل العربية منذ عرص الخليفة‬ ‫العباس المأمون إىل العرص ض‬ ‫الحا� تقارب ‪10,000‬‬ ‫ّ‬ ‫كتاب‪ ،‬يوهذا العدد يساوي ما تت�جمه إسبانيا �ف‬ ‫ي‬ ‫و� النصف أ‬ ‫ف‬ ‫ثمانينيات القرن‬ ‫الول من‬ ‫ّ‬ ‫سنة واحدة‪ .‬ي‬

‫الع�ين‪ ،‬كان متوسط الكتب ت‬ ‫ش‬ ‫الم�جمة لكل مليون‬ ‫مواطن‪ ،‬عىل مدى خمس سنوات‪ ،‬هو ‪ 4.4‬كتاب‬ ‫عر� ف ي� السنة) أما ف ي�‬ ‫(أقل من كتاب لكل مليون ب‬ ‫المجر فبلغ الرقم ‪ 519‬كتاباً يلكل مليون مجري‪ ،‬و�ف‬ ‫ي‬ ‫إسبانيا ‪ 920‬كتاباً لكل مليون‪.‬‬ ‫ت‬ ‫وأشارت المنظمة العربية لل�بية والثقافة‬ ‫والعلوم «أليكسو» ف ي� بيان أصدرته مؤخراً‪ ،‬إىل‬ ‫أ‬ ‫مية ف ي� الدول العربية تبلغ ‪.%19.73‬‬ ‫أن نسبة ال َّ‬ ‫كب� ي ن‬ ‫ب� النساء والرجال‪ ،‬إذ تبلغ‬ ‫وهناك تفاوت ي‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫نسبة النساء من ال�يحة المية ‪.%60.60‬‬ ‫مقابل هذا التخلف الرهيب‪ ،‬تجاهد معارض‬ ‫ين‬ ‫الكتب العربية ف ي� محاوالتها‬ ‫تحس� هذه الصورة‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫للقبال عىل‬ ‫بال�ويج للكتاب وتشجيع الجيال إ‬ ‫امتالك الكتب وقراءتها‪.‬‬

‫إشكالية أ‬ ‫الرقام عربياً‬

‫وال يجدر بنا الختام دون التطلع إىل حال أحد‬ ‫العنارص أ‬ ‫الساسية ف ي� صناعة الكتاب‪ ،‬وهو‬ ‫ف‬ ‫الكاتب‪ .‬وقد أسهبنا بما فيه الكفاية ي� التقرير‬ ‫حول أحوال العنرصين آ‬ ‫الخرين وهما القارئ‬

‫الدول العربية نشرت ‪ 6,500‬كتاب عام ‪ ،1991‬بالمقارنة مع ‪ 102,000‬كتاب في‬ ‫أمريكا الشمالية‪ ،‬و‪ 42,000‬كتاب في أمريكا الالتينية ومنطقة البحر الكاريبي‬


‫ش‬ ‫والنا�‪ .‬والمسألة الحيوية ف ي� هذا الخصوص هي‬ ‫حقوق الملكية الفكرية وصيانة مصلحة الكاتب‪.‬‬ ‫فبينما يرعى عديد من ش‬ ‫الت�يعات والمؤسسات‬ ‫القانونية والرسمية أ‬ ‫والهلية لمراقبة ش‬ ‫الن�‬ ‫والتحقق منه هذه الحقوق ف ي� الدول المتقدمة‪،‬‬ ‫إال أنها شبه غائبة أو قليلة الفعالية ف ي� عدد من‬ ‫الدول أ‬ ‫الخرى بما فيها منطقتنا‪.‬‬ ‫ين‬ ‫كث�اً من ش‬ ‫المحلي� يطبعون‬ ‫النا�ين‬ ‫والحال أن ي‬ ‫من الكتاب الواحد طبعات ثانية وثالثة بعد‬ ‫الطبعة أ‬ ‫الوىل‪ ،‬دون معرفة الكاتب‪ ،‬ودون‬ ‫الضافية‪ .‬كما‬ ‫حصوله عىل حقوق الطبعات إ‬ ‫أن ش‬ ‫كث�ين تي�جمون كتباً أجنبية دون‬ ‫نا�ين ي‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫صل‪ .‬ومن الطبيعي‬ ‫إذن المؤلف أو النا� ال ي‬ ‫َّأل يُفصح هؤالء عن أعمالهم هذه ال لمنظمة‬ ‫اليونيسكو وال لغ�ها‪ .‬وهذا أمر شديد التأث� �ف‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ش‬ ‫العر� وسوق التأليف والن�‪،‬‬ ‫صناعة الكتاب ب ي‬ ‫وبالتال القراءة‪.‬‬ ‫ي‬

‫المواطن العربي يقرأ في‬ ‫السنة أقل من كتاب بكثير‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عربيا يقرأون‬ ‫شخصا‬ ‫فكل ‪80‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫واحدا في السنة‪ .‬مقارنة‬ ‫كتابا‬ ‫بالمواطن األوروبي الذي يقرأ‬ ‫ً‬ ‫كتابا في السنة‪ .‬وجاء‬ ‫نحو ‪35‬‬ ‫في «تقرير التنمية الثقافية»‬ ‫للعام ‪2011‬م الصادر عن‬ ‫«مؤسسة الفكر العربي»‬ ‫أن العربي يقرأ كمعدل عام‬ ‫ً‬ ‫سنويا بينما يقرأ‬ ‫‪ 6‬دقائق‬ ‫ً‬ ‫سنويا‬ ‫األوروبي ‪ 200‬ساعة‬

‫أ‬ ‫ورو�‬ ‫سوق كتاب الورق ال يب‬

‫النا�ين أ‬ ‫ال ي ن‬ ‫أعلن اتحاد ش‬ ‫وروبي� ف ي� ‪3‬‬ ‫ديسم� ‪2012‬م‪ ،‬إحصاءه السنوي‬ ‫ب‬ ‫ف‬ ‫ق‬ ‫الور�‪ ،‬ي� العام ‪2011‬م‪.‬‬ ‫لسوق الكتاب ي‬ ‫ويضم هذا االتحاد ‪ 28‬جمعية ش‬ ‫نا�ين‪،‬‬ ‫ع� القارة أ‬ ‫الوروبية (المنطقة االقتصادية‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫الوروبية والمملكة المتحدة)‪ .‬وكانت‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫الحصاء‪ ،‬هي‬ ‫الرقام الساسية ي� إ‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫أ‬ ‫ورو� سنة‬ ‫• بلغ دخل سوق الكتاب ال ب ي‬ ‫‪ 22,8 ،2011‬مليار يورو‪ ،‬تب�اجع ‪%3‬‬ ‫عن السنة السابقة‪ ،‬وقد بلغ فيها ‪23,5‬‬ ‫مليار يورو‪.‬‬ ‫ف‬ ‫الحصاء ‪ 530‬ألف كتاب‬ ‫• صدر ي� سنة إ‬ ‫جديد‪ ،‬بزيادة نسبتها ‪ %1‬عىل السنة‬ ‫أ‬ ‫ورو�‬ ‫فالسابقة‪ .‬ويضم سوق الكتاب ال ب ي‬ ‫ي� مستودعاته‪ ،‬من إصدارات السنة‬ ‫‪2011‬م وما قبلها ‪ 8,5‬مليون كتاب‬ ‫ف‬ ‫و�‬ ‫(المقصود العناوين ال النسخ)‪ ،‬ي‬ ‫طليعة الدول ش‬ ‫النا�ة لهذه الكتب‪:‬‬ ‫المملكة المتحدة (‪ 4,2‬مليون كتاب) ثم‬ ‫ألمانيا (نحو ‪ 1,4‬مليون كتاب) فإيطاليا‬ ‫ث‬ ‫(أك� من ‪ 700‬ألف كتاب)‪ ،‬ثم فرنسا‬ ‫ث‬ ‫(أك� من ‪ 600‬ألف كتاب) وإسبانيا‬ ‫ث‬ ‫(أك� من ‪ 450‬ألف كتاب)‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� أصدرت كتباً‬ ‫• ترتيب البلدان ي‬ ‫جديدة‪ ،‬يغ� كتب الطبعات الثانية‬ ‫فما فوق ف ي� سنة ‪2011‬م‪ ،‬هي المملكة‬ ‫المتحدة (‪ 149,800‬كتاب) وألمانيا‬ ‫(‪ 82,048‬كتاباً) وإسبانيا (نحو ‪44,000‬‬ ‫كتاب) وفرنسا (‪ 41,902‬كتاب) وإيطاليا‬ ‫(‪ 39,898‬كتاباً)‪.‬‬ ‫• يشتغل ف ي� صناعة الكتب ف ي� أوروبا ‪135‬‬ ‫ألف شخص‪.‬‬ ‫‪http://www.idboox.com/etudes/‬‬ ‫‪les-chiffres-de-l-economie-du-livre‬‬‫‪en-europe/‬‬


‫‪89 | 88‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫الواليات المتحدة أ‬ ‫المريكية‬ ‫الرقام لمبيعات الكتب أ‬ ‫تش� أحدث أ‬ ‫المريكية‬ ‫ي‬ ‫مث�ة للدهشة‪ .‬فبيانات‬ ‫لسنة ‪2014‬م إىل قصة ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تتابع مسلك‬ ‫مؤسسة «نيلسن بوك سكان» ي‬ ‫القراء‪ ،‬وجدت أن مبيعات الكتب الورقية‬ ‫َّ‬ ‫ارتفعت ‪ %2.4‬ف ي� ش�كة «أمازون» وكافة أنواع‬ ‫المكتبات خالفاً لكل التوقعات‪.‬‬ ‫ش‬ ‫ش‬ ‫ويكل» عىل ذلك أن‬ ‫وعلَّقت أ�كة «بابل�ز ي‬ ‫تش� إىل أن الكتب المطبوعة‬ ‫«هذه الرقام ي‬ ‫الكب�‬ ‫تحقق مبيعات أفضل منذ االرتفاع ي‬ ‫الذي حققته الكتب الرقمية ف ي� ذروتها سنة‬ ‫‪2012‬م»‪ .‬ويبدو أن مبيعات الكتب الورقية‬ ‫وصلت إىل الحضيض سنة ‪2012‬م‪ .‬لكن ومنذ‬

‫فرنسا‪ 13 :‬كتاباً ف ي� الثانية‬ ‫يُباع ف ي� فرنسا ‪ 13‬كتاباً كل ثانية‪ ،‬أي ما يقرب‬ ‫من ‪ 400‬مليون كتاب ف ي� السنة‪ ،‬ويبلغ رقم‬ ‫أ‬ ‫جمال ‪ 4,2‬مليار يورو‪ ،‬يشمل أعمال‬ ‫العمال إ‬ ‫ال ي‬ ‫كل دور ش‬ ‫الن�‪ .‬وتُباع الكتب ضمن شبكة توزيع‬ ‫تضم ‪ 15,000‬نقطة بيع‪ .‬ويقول ‪ %89‬من‬ ‫نسي�‪ ،‬إنهم قرأوا كتاباً واحداً عىل أ‬ ‫الفر ي ن‬ ‫القل‬ ‫سنة ‪2011‬م‪.‬‬ ‫وتتوقّع مؤسسة «جي إف كا» (‪ )GfK‬نمو‬ ‫الكتاب الرقمي ف ي� فرنسا‪ ،‬من سنة ‪ 2013‬إىل‬ ‫سنة ‪2016‬م‪ ،‬مع بلوغ رقم أ‬ ‫العمال ‪ 55‬مليون‬ ‫يورو‪ .‬يغ� أن المؤسسة أكدت أن الكتاب‬ ‫الرقمي‪ ،‬لم يتخ َّط نسبة ‪ %2‬من سوق الكتاب‪،‬‬ ‫ولذا فإن نمو هذا القطاع لن يشكِّل صدمة‬ ‫ق‬ ‫الور� ف ي� هذه السنوات‪.‬‬ ‫رئيسة للكتاب ي‬ ‫الحصاءات المعلنة ت‬ ‫ح� اليوم‪،‬‬ ‫وتش� آخر إ‬ ‫ي‬

‫مصادر التقرير‬

‫ذلك الوقت عكست كتب أ‬ ‫الطفال المطبوعة‬ ‫هذا االتجاه وبدأت باالرتفاع‪ ،‬ثم لحقت بها‬ ‫بعد ذلك كتب الراشدين‪.‬‬ ‫ف‬ ‫«الي�يري جورنال» ف ي� عدد‬ ‫و� إحصائية لـ ب‬ ‫ي‬ ‫ديسم� ‪ 3‬سنة ‪2015‬م أن تجارة الكتب‬ ‫ب‬ ‫الرقمية انخفضت ‪ %10‬مقارنة بسنة ‪2014‬م‪.‬‬ ‫وقد أشارت دراسات أخرى إىل أن الطالب‬ ‫قد أعادوا اكتشاف الورق‪ .‬منها دراسة أجرتها‬ ‫ت‬ ‫ال� وجدت‬ ‫إحدى مؤسسات «هيوليت باكارد» ي‬ ‫تفضيال ً قوياً للكتب المدرسية المطبوعة‬ ‫جربوا‬ ‫ال سيما طالب الجامعات الذين َّ‬ ‫النوع�‪ .‬ي ِّ ن‬ ‫ين‬ ‫الحصائية أن ‪ %57‬منهم‬ ‫وتب� هذه إ‬

‫وهي تعود للعام ‪2011‬م‪ ،‬إىل أن السوق‬ ‫تأثرت بتسويق القارئة الرقمية «كيندل»‪ ،‬من‬ ‫ش�كة «أمازون»‪ ،‬و«كوبو» من ش�كة «فناك»‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� هذا العام‪ُ ،‬ح ِّمل ‪ 1,1‬مليون كتاب رقمي‪،‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫وبلغ رقم العمال ‪ 12‬مليون يورو‪.‬‬ ‫وبالعودة إىل أرقام العام ‪2008‬م الفرنسية‪،‬‬ ‫بيع ‪ 468,3‬مليون كتاب‪ ،‬منها ‪ %26,6‬كتب‬ ‫ف‬ ‫و� ذلك العام‪،‬‬ ‫«جيب» (‪ .)livres de poche‬ي‬ ‫نسي� لم ت‬ ‫‪ %43‬من الفر ي ن‬ ‫يش�وا كتاباً‪ .‬و‪%27‬‬ ‫ب� كتاب و‪ 5‬كتب‪ .‬و‪ %14‬ت‬ ‫ت‬ ‫اش�وا ي ن‬ ‫اش�وا ي ن‬ ‫ب�‬ ‫ت‬ ‫‪ 6‬كتب و‪ 11‬كتاباً‪ .‬و‪ %16‬اش�وا ‪ 12‬كتاباً أو‬ ‫ث‬ ‫أك�‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أما الكتب ال ثك� مبيعاً فهي كتب فن العيش‬ ‫ت‬ ‫وال�فيه (المطبخ‪ ،‬ت ز‬ ‫ال�ويق‪ ،‬البستنة‪ ،‬السفر)‬ ‫تتقدم عىل كتب الروايات والتاريخ‪.‬‬ ‫فهي َّ‬

‫فضلوا الرقمية‬ ‫يفضلون الورق بينما ‪َّ %21‬‬ ‫ِّ‬ ‫منها‪.‬‬ ‫ووجدت إحصائية «بيست ريدر ريفيو» أن‬ ‫ال تن�نت ف ي� الواليات‬ ‫‪ %46‬من مستخدمي إ‬ ‫المتحدة أ‬ ‫المريكية يقرأون فقط كتباً مطبوعة‪.‬‬ ‫وأن ‪ %16‬يقرأون كتباً مطبوعة ث‬ ‫أك� من‬ ‫الرقمية‪ .‬وكذلك ‪ %17‬يقرأون كتباً رقمية‬ ‫متساوية مع الورقية‪ .‬و‪ %15‬يقرأون كتباً رقمية‬ ‫ث‬ ‫أك� من الورقية‪ .‬و‪ %6‬يقرأون فقط كتباً رقمية‪.‬‬ ‫الناث‬ ‫الحصائية إىل أن ‪ %23‬من إ‬ ‫وأشارت إ‬ ‫ف‬ ‫و‪ %33‬من الذكور ي� الواليات المتحدة يقرأون‬ ‫كتباً رقمية‪.‬‬

‫وتباع ف ي� مختلف أنواع المتاجر‪ ،‬مثل متاجر‬ ‫المأكوالت‪ ،‬والمراكز الثقافية‪ ،‬أ‬ ‫والكشاك‪،‬‬ ‫ومؤسسات الطباعة‪ .‬أما ف ي� المكتبات التجارية‬ ‫فنسبة البيع فيها وحدها ‪.%45‬‬ ‫ف ي� سنة ‪2006‬م‪ ،‬أنفقت العائالت الفرنسية‬ ‫والمقيمة ف ي� فرنسا ‪ 3,5‬مليار يورو عىل‬ ‫الكتب‪ ،‬أي أقل من ‪ %1‬من موازنتها‬ ‫تش�‬ ‫إ‬ ‫الجمالية‪ .‬وآخر ما يتوافر من أرقام‪ ،‬ي‬ ‫إىل أن رقم أعمال سوق الكتاب الفرنس �ف‬ ‫ي ي‬ ‫العام ‪2008‬م‪ ،‬كان ‪ 2,8‬مليار يورو‪ ،‬بعدما‬ ‫كان ف ي� العام ‪2007‬م ‪ 2,9‬مليار يورو‪ .‬لكنه‬ ‫قفز ف ي� العام ‪2011‬م إىل ‪ 4,2‬مليارات يورو‪،‬‬ ‫وفق تقديرات «جي إف كا»‪.‬‬

‫‪http://www.npr.org/2014/05/12/311111701/why-arent-teens-reading-like-they-used-to‬‬ ‫‪http://www.lemonde.fr/economie/article/2013/10/09/livre-numerique-la-fracture-europeenne‬‬ ‫‪http://moderato.wordpress.com/2008/01/16/a-new-culturalrevolution/‬‬ ‫‪http://raseef22.com/culture/2015/04/23/reading-habits-in-the-arab-world/‬‬ ‫‪http://www.cbsnews.com/news/study-americans-reading-a-lot-less/‬‬ ‫‪http://bestereaderreview.org/paper-book-vs-ebook-industry-statics‬‬ ‫‪http://www.geekwire.com/2015/paper-back-real-books-rebound/‬‬ ‫‪https://openlibrary.org/‬‬ ‫‪https://archive.org/details/library_of_congress?and[]=subject%3A%22World%20War%2C%201914-1918%22‬‬

‫‪Source : MCC/DEPS‬‬


‫الملف‪:‬‬

‫الجينز‬ ‫األزرق‬ ‫اكتسب سروال الجينز األزرق خالل‬ ‫العقود القليلة الماضية مكانة‬ ‫في الحياة اليومية ترتقي به من‬ ‫كونه مجرد قطعة لباس إلى مرتبة‬ ‫ذات ُبعد ثقافي واجتماعي تستحق‬ ‫التوقف أمامها‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫أطل على الحياة اليومية كرمز‬ ‫من رموز البساطة‪ ،‬ينتصر للطابع‬ ‫العمالني الذي يجب أن يميِّ ز‬ ‫األشياء كما نريدها في عصرنا‪ .‬وعلى‬ ‫الرغم من أنه فقد داللته الرمزية‬ ‫واالجتماعية األولى‪ ،‬فإنه تابع تقدمه‬ ‫في كل اتجاه في العالم‪ ،‬وفرض‬ ‫نفسه على خزائن األثرياء بعدما‬ ‫انطلق من بيوت العمال والفقراء‪.‬‬ ‫في هذا الملف إطاللة من‬ ‫إبراهيم العريس وشوقي الدويهي‪،‬‬ ‫وبمساهمة محدودة من فريق‬ ‫التحرير‪ ،‬على عالم سروال الجينز‬ ‫األزرق وتاريخه ومسيرته‪َّ ،‬‬ ‫عل في ذلك‬ ‫ما ِّ‬ ‫يفسر لغز تمسك العالم بقطعة‬ ‫َّ‬ ‫موحدة استمدت قيمتها‬ ‫مالبس‬ ‫األولى من بساطتها‪.‬‬


‫‪91 | 90‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫ما سر هذا اللباس الذي قد ال‬ ‫يضاهيه لباس آخر؟‬ ‫قد ال يكاد يكون هناك إنسان في‬ ‫ً‬ ‫فقيرا كان أم‬ ‫العالم مهما عال شانه أو تواضع‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫واحدا على األقل‪ ،‬وكثيرون‬ ‫جينزا‬ ‫ثريا‪ ،‬إال ويمتلك‬ ‫يمتلكون عدة‪.‬‬ ‫ما هو هذا اللباس الذي تراه هو نفسه مالئماً‬ ‫للعمل على زراعة الحديقة أو إصالح السيارة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأيضا للذهاب إلى السوق ولحضور مباراة رياضية‬ ‫أو لقاء األصدقاء في المقهى أو تلبية دعوتهم‬ ‫لتناول العشاء‪..‬وحتى الذهاب به إلى مكان‬ ‫العمل؟‬ ‫ً‬ ‫ففي كل مكان تقريبا ومهما كانت المناسبة‪،‬الجينز‬ ‫ّ‬ ‫مرشح لكي يكون اللباس‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مرغوبا‬ ‫ما سر هذا اللباس الذي قد يكون قديمه‬ ‫أكثر من جديده‪ ،‬ويتمسك به صاحبه كلما ازداد‬ ‫ِق ً‬ ‫دما حتى حدود المبالغة الغامضة في ذلك؟‬ ‫ً‬ ‫صبحا‬ ‫ما هو هذا «اللباس الظاهرة» الذي تلبسه‬ ‫ً‬ ‫مساء‪ ،‬في الحر والبرد‪..‬‬ ‫أو‬ ‫ال ريب في أن أي إحصاء في أي فصل من السنة‪،‬‬ ‫وفي أي ساعة من اليوم‪ ،‬سوف ُيثبت أنه اللباس‬ ‫ً‬ ‫شيوعا بال منازع‪ .‬وكم من منتج في تاريخ‬ ‫األكثر‬ ‫اإلنسانية حقق هذا االنتشار ّ‬ ‫والرواج الكاسح؟‬ ‫إنه محاك من خيوط «الجوت» التي تجمع نعومة‬ ‫الملمس إلى القدرة على مقاومة العوامل المؤثرة‬ ‫ً‬ ‫متوافرا بأنسجة‬ ‫في األقمشة األخرى‪ .‬وبات‬ ‫قابال لالرتداء صيفاً‬ ‫ً‬ ‫مختلفة السماكة‪ ،‬ما يجعله‬ ‫وشتاء‪ ،‬حتى يمكن تشبيهه إلى ٍّ‬ ‫ً‬ ‫حد ما بجدران‬ ‫الطين في البيوت القديمة‪ ،‬دافئة في الشتاء‬ ‫ً‬ ‫صيفا‪ .‬كما أن لونه الكحلي القاتم أو األزرق‬ ‫وباردة‬ ‫الحالم يجعله سهل التماشي مع معظم ألوان‬ ‫قطع المالبس األخرى‪ .‬فزرقته تبرز بقوة أمام‬ ‫العين‪ ،‬ولكنها تتسم بحياد خاص يجعلها قابلة‬ ‫للتناغم مع باقي المالبس مهما كان لونها أو‬ ‫ً‬ ‫شكلها‪ .‬إنه على بساطته الشديدة‪ ،‬يبقى واحدا من‬ ‫أضخم ابتكارات الحياة في العصر الحديث وأكثرها‬ ‫ً‬ ‫رواجا‪ ،‬ويستحق التوقف أمامه‪.‬‬

‫ش‬ ‫�ء بداية… عبارة بديهية مثل الكالم الذي قاله دكتور واطسون‬ ‫لكل ي‬ ‫لصديقه ش�لوك هولمز‪ .‬ومع هذا فثمة أمور تبدو من الرسوخ ما‬ ‫يوحي إىل المرء أنها بال بداية معروفة‪ .‬إنها وجدت هكذا‪ ،‬ربما بصدفة‬ ‫من الصدف‪ .‬من هذه أ‬ ‫نز‬ ‫«الجي�»‪..‬‬ ‫المور رسوال‬ ‫ولكن لرسوال ن ز‬ ‫الجي� حكاية… وهي حكاية طويلة‪ ،‬لها بداية وإن كان‬ ‫نز‬ ‫فالجي�‪ ،‬شكال ً وقماشاً تغلغل‬ ‫يصعب اليوم أن تقول إن لها نهاية…‬ ‫ت‬ ‫ف ي� ثنايا كل ما له عالقة بالحياة اليومية‪ ،‬ح� صار أسلوب حياة‪..‬‬ ‫بل أسلوب حيوات عديدة‪ ،‬إذ كان عليه ف ي� البداية أن يكون قوياً‬ ‫ف‬ ‫و�‬ ‫وديمقراطياً وللعمال أالفقراء‪ ،‬فصار منذ ما ال يقل عن ربع قرن‪ ،‬ي‬ ‫العالم كله‪ ،‬متعة للغنياء يتباهون بها وبسعرها الباهظ‪ .‬فكيف حدث‬ ‫هذا االنقالب؟‬

‫البداية عند رجل واحد‬

‫للبدء بالقصة حسبنا أن نذكر اسم ليفي ت‬ ‫ش�اوس‪ ،‬الذي ال تزال تحمله‬ ‫ت‬ ‫وغ� الرساويل‪،‬‬ ‫ح� اليوم‪ ،‬وربما زمناً طويال ً مقبالً‪ ،‬أشهر الرساويل‪ ،‬ي‬ ‫نز‬ ‫الجي�‪ .‬هذا الرجل‪ ،‬دخل اسمه عالم الخلود بفضل نوع من القماش‪،‬‬ ‫وعقل تجاري واع‪ ،‬فكان هو «المكتشف» أ‬ ‫الول لرسوال ن ز‬ ‫الجي�‪ ،‬ولن‬ ‫المخ�ع ٍ أ‬ ‫ت‬ ‫الول‪ ،‬ألن رس مكانة هذا الرسوال ف ي� قماشه‪ .‬وكان‬ ‫نقول‬ ‫قماشه مجرد بضاعة آتية من إيطاليا‪ :‬أقمشة مجهزة لتتحول إىل خيام‪،‬‬ ‫ف‬ ‫و� ذلك التحول رس ليفي ت‬ ‫ش�اوس وقيمة ما فعل‪.‬‬ ‫ال رساويل‪ .‬ي‬ ‫ّ‬ ‫فمن هو ليفي ت‬ ‫حسه التجاري‬ ‫ش�اوس هذا؟ من هو الرجل الذي حفزه‬ ‫ّ‬ ‫ذات يوم من العام ‪1850‬م‪ ،.‬ليبتكر رسواالً‪ ،‬باعت ش�كته منه ف ي� قرن‬ ‫ح� اليوم‪ ،‬ث‬ ‫ونصف القرن‪ ،‬ت‬ ‫أك� من مليار قطعة‪ ،‬إذا لم نذكر سوى‬ ‫الرساويل؟‬ ‫مثل الجميع ف ي� أمريكا (عدا الهنود‬ ‫الحمر)‪ ،‬تأ� ليفي ت‬ ‫ش�اوس من‬ ‫الخارج‪ .‬من بافاريا ف ي� ألمانيا‪ ،‬حيث‬ ‫ولد العام ‪1829‬م‪ .‬ي ن‬ ‫وح� بلغ‬ ‫الرابعة ش‬ ‫ع�ة‪ ،‬هاجرت عائلته إىل‬ ‫الواليات المتحدة‪ ،‬بحثاً عن وضع‬ ‫ليفي ت‬ ‫ش�اوس‬


‫عمال المناجم‬

‫أفضل‪ .‬وأقامت أرسة ت‬ ‫ش�اوس‬ ‫ف‬ ‫كنتاك‬ ‫ي� مدينة لويزفيل بوالية ي‬ ‫بعض الوقت‪ ،‬ثم نزحت‬ ‫بعدئذ إىل نيويورك‪ .‬وهناك‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫مثل ألوف يغ�هم من أبناء‬ ‫الطبقة المتوسطة والدنيا‪،‬‬ ‫عاش ذوو ليفي ت‬ ‫ش�اوس‬ ‫من تجارة القماش‪ ،‬عيشاً‬ ‫متواضعاً للغاية‪ .‬كانت تلك‬ ‫سنوات الرواد‪ ،‬وكان ف ي� وسع‬ ‫كل ذي عقل مبتكر ونشاط‬ ‫يومي أن يكسب عيشاً وثروة إن عرف كيف يشتغل‪ .‬ورسعان ما أحرز‬ ‫آل ت‬ ‫ش�اوس نجاحاً متواضعاً بفضل قماش كانت تستورده من ألمانيا‬ ‫ف‬ ‫أ ن‬ ‫ف ض‬ ‫لما�‪.‬‬ ‫وإيطاليا وتبيعه ي� حا�ة ف العالم الجديد‪ ،‬وال سيما ي� الحي ال ي‬ ‫ض‬ ‫يغ� أن ذلك ي ز‬ ‫ير� الشاب ليفي‪،‬‬ ‫الح� الجغر يا� لم يكن من شأنه أن ي‬ ‫الذي كان تجاوز ش‬ ‫عائل لدرس سبل إحراز مزيد‬ ‫الع�ين‪ .‬ففي اجتماع‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الثا� ف ي�‬ ‫من النجاح والغ�‪ ،‬تحدث المجتمعون عما يحدث ي� المركز ي‬ ‫أمريكا‪ :‬كاليفورنيا‪ ،‬حيث كان الباحثون عن الذهب يتجهون ألوفاً خلف‬ ‫ألوف لينشئوا مجتمعاً جديداً ويكسبوا ثروات جديدة‪ .‬وإزاء استعراض‬ ‫الوضع قال ليفي ألخويه أ‬ ‫ن‬ ‫«أعطو� القماش‬ ‫ال بك�ين جوناس ولويس‪:‬‬ ‫ي‬ ‫وسأذهب إىل كاليفورنيا»‪.‬‬

‫طلب عمال المناجم‬

‫كانت تلك هي البداية الحقيقية‪ .‬فبعد أسابيع قليلة‪ ،‬كان ليفي ن ز‬ ‫ي�ل‬

‫ين‬ ‫الباحث� عن‬ ‫من باخرة ركاب ف ي� مرفأ سان فرانسيسكو‪ ،‬بصحبة مئات‬ ‫الذهب‪ .‬أما هو فكان محمال أ‬ ‫بالقمشة‪ ،‬أو ما كان بقي له منها‪ ،‬ذلك أن‬ ‫ً‬ ‫صاحبنا‪ ،‬بذكائه الموروث من أرسته‪ ،‬باع وهو بعد عىل ظهر الباخرة‪،‬‬ ‫معظم ما كان لديه من قماش صوف وقطن‪ .‬أما ما بقي لديه فلفائف‬ ‫قماش سميك أزرق اللون‪ ،‬مصنوع ف� أ‬ ‫الصل لصنع الخيام‪ .‬وكان‬ ‫ي‬ ‫(جي� ف‬ ‫ن‬ ‫ز‬ ‫ال ي ز‬ ‫نجل�ي آنذاك)‪.‬‬ ‫اللفظ‬ ‫�‬ ‫القماش مستورداً من مدينة جنوى‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫وسار صاحبنا ليفي‪ ،‬وهو يحمل لفائف القماش الباقية لديه ضمن‬ ‫قافلة ي ن‬ ‫باحث� عن الذهب‪ ،‬واتجه إىل مناطق الداخل‪ ،‬دون أن يدرك‬ ‫آنذاك أنه بدوره‪ ،‬اكتشف «الذهب» من يغ� أن يتجشم عناء دخول‬ ‫لك‬ ‫أي منجم‪ .‬كان ّ‬ ‫همه أن يغري أي تاجر شب�اء ما لديه من قماش‪ ،‬ي‬ ‫بعدئذ من أخويه أن يرسال إليه حمولة جديدة‪.‬‬ ‫يطلب‬ ‫ٍ‬ ‫وصل ليفي إىل مدينة سكرامنتو‪ ،‬حيث التقى جماعة من عمال‬ ‫المناجم‪ .‬وسألهم من فوره‪« :‬هل يهمكم ش�اء قماش لصنع‬


‫‪93 | 92‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫الخيام؟» كان الجواب حاسماً‪« :‬ال‪ ..‬بل يهمنا الحصول عىل قماش‬ ‫مت� نصنع منها رساويل قوية‪ ،‬ال ت‬ ‫ين‬ ‫ته�ئ ف ي� أيام قليلة من العمل‬ ‫ف‬ ‫الشاق� � ت‬ ‫ال�اب ي ن‬ ‫ن‬ ‫وب� الصخور‪ .‬رساويل يمكن لنسائنا‬ ‫والزحف‬ ‫ي ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كث�ا»‪ .‬ما إن سمع‬ ‫أن يغسلنها دون أن تتمزق فورا‪ .‬وال تكلفنا ماال ً ي‬ ‫آ‬ ‫ت‬ ‫ليفي هذا ت‬ ‫ح� أضاءت الفكرة ف ي� رأسه‪ :‬هذا القماش ال ي� من جنوى‬ ‫سيتحول إىل رساويل‪.‬‬

‫طبعاً‪ ،‬ف� ذلك ي ن‬ ‫الح� كان ليفي يعرف أنه أحرز نجاحاً… وسيحرز مزيداً‪،‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ً‬ ‫لكنه لم يكن ي� وسعه أبدا أن يتصور مداه‪ .‬كل ما ي� المر أنه‪ ،‬ي� ذلك‬ ‫ين‬ ‫الح�‪ ،‬راح يجول ف ي� مدن «الغرب» وقراه ‪ ،‬يسجل الطلب‪ ،‬مئات وألوفا‪ً،‬‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ليصنع رساويله � ت‬ ‫الصغ� الذي أنشأه ي� سان فرانسيسكو‪ .‬وبعد‬ ‫مح�فه‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫ح�‪ ،‬عجزت جنوى إاليطالية عن تلبية كل طلب صاحبنا من قماش‪،‬‬ ‫ومعها مدينة نيم الفرنسية‪ ،‬من شدة إالقبال عىل مالبسه‪.‬‬

‫هنا ظهر اسم شخص تجاهله التاريخ تجاهال ً شبه تام‪ ،‬إنه اسم‬ ‫الخياط جاكوب دبليو ديفيس‪ ،‬الذي كان أول خياط ف ي� التاريخ يخيط‬ ‫أ‬ ‫«بلو ن ز‬ ‫كث�اً‪ ،‬عكس ما كان من‬ ‫جي�»‪ .‬كان الول لكن ذلك لم يفده ي‬ ‫نصيب ليفي ت‬ ‫ش�اوس‪ .‬فمنذ أن بدأ ديفيس يخيط أول رسوال من‬ ‫هذا النوع ت‬ ‫وح� يومنا هذا‪ ،‬أُهمل اسمه ولم يَ ْب َق سوى اسم «ليفي‬ ‫ت‬ ‫ش�اوس»‪.‬‬

‫ث‬ ‫وما كان عىل ليفي ت‬ ‫نس‬ ‫ش�‬ ‫اوس إال فأن يسجل الطلب ويراكم ال�وة‪ ،‬وقد ي‬ ‫أ‬ ‫تماماً أنه إذا كان العقل الول ي� ذلك ش‬ ‫الم�وع‪ ،‬إلدراكه قوة القماش‬ ‫ف‬ ‫كب�‬ ‫ومتانته‪ ،‬فإن الخياطة المزدوجة‬ ‫للحوا� والجيوب‪ ،‬كانت ذات فضل ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ف ي� النجاح‪ .‬ولم تكن هذه الخياطة من بنات فكر ليفي وال ح� من بنات‬ ‫فكر خياطه أ‬ ‫الول ديفيس‪ ،‬بل ابتكار شخص عادي‪ ،‬كان مجرد باحث عن‬ ‫فأرس بها إىل ليفي‪.‬‬ ‫الذهب‬ ‫وفضول يدعى ي‬ ‫ي‬ ‫الكال آيك‪ ،‬واتته الفكرة يوماً ّ‬


‫جانب غير مشرق في صناعته‬

‫ما من شاب ف ي� العالم إال ويعرف أن هناك «مستويات» عدة من‬ ‫الجي� الواحد‪ ،‬استناداً إىل بلد صناعته الذي قد يكون ي ن‬ ‫نز‬ ‫الص� أو فيتنام‬ ‫أو أمريكا مروراً بتايلند أو بنغالديش‪ ..‬وله أن يختار منها ما يريد‪ ،‬من‬ ‫دون التوقف عىل ما يخبئه انتشار هذه الصناعة من مشارق أ‬ ‫الرض إىل‬ ‫مغاربها‪.‬‬ ‫ف� شهر أبريل من عام ‪2013‬م‪ ،‬أدى انهيار مصنع للمالبس �ف‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫بنغالدش عىل َم ْن فيه إىل مقتل ‪ 1127‬شخصاً‪ ،‬وإصابة نحو ‪2000‬‬ ‫بجروح مختلفة‪ .‬وكانت الكارثة ذات حجم جذب أنظار العالم إىل واقع‬ ‫حال صناعة المالبس ف� دول جنوب آسيا‪ ،‬بما فيها صناعة ن ز‬ ‫الجي�‪،‬‬ ‫ي‬ ‫لتكشف التحقيقات عن وقائع وأرقام مخيفة ومحزنة‪.‬‬ ‫فمنذ خمسينيات القرن ض‬ ‫الما�‪ ،‬عندما بدأت المالبس الجاهزة‬ ‫ي‬ ‫بالرواج ف ي� أوروبا‪ ،‬التفت التجار الغربيون صوب آسيا‪ ،‬وبشكل خاص‬ ‫صوب ي ن‬ ‫الص� للتصنيع بالجملة فيها واالستفادة من رخص تكلفة اليد‬ ‫ف‬ ‫العاملة هناك مقارنة بأوروبا‪ .‬ومن ي ن‬ ‫الص� طغت بقعة الزيت ي� صناعة‬ ‫أ‬ ‫خ�ة‬ ‫المالبس لتشمل فيتنام وتايلند والهند وبنغالدش‪ ،‬وهذه ال ي‬ ‫صدرت ف� العام ض‬ ‫الما� وحده ستة مليارات قطعة مالبس مختلفة‪.‬‬ ‫َّ ي‬ ‫ي‬

‫حياة العامل تتوقف عىل ‪ 15‬سنتاً أمريكياً‬

‫نز‬ ‫بالجي� تحديداً‪ ،‬يقول أصحاب المصانع إن مكوناته هي‬ ‫فيما يتع َّلق‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫وبا� دول العالم‪ .‬أما‬ ‫ذات تكلفة موحدة تقريباً ي� ي‬ ‫الص� وأمريكا ي‬ ‫الفارق الكب� فيكمن ف� أ‬ ‫الجور المدفوعة للخياطة‪ .‬إذ إن عامل (أو‬ ‫ي ف ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫و� فيتنام‬ ‫عاملة)‬ ‫الخياطة ي� بنغالدش يتقا� ‪ 50‬دوال فراً ي� الشهر‪ ،‬ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ح� أنه يصل ي� والية‬ ‫و� ي‬ ‫الص� ارتفع إىل ‪ 235‬دوالراً‪ ،‬ي� ي‬ ‫‪ 100‬دوالر‪ ،‬ي‬

‫أ‬ ‫ف‬ ‫و� كاليفورنيا إىل ‪ 1800‬دوالر‪.‬‬ ‫أوكالهوما المريكية إىل ‪ 1440‬دوالراً ف ي‬ ‫وفس أصحاب مصانع خياطة ن ز‬ ‫«بلوم�غ»‬ ‫الجي� ي� بنغالدش لتلفزيون‬ ‫ب‬ ‫أ َّ‬ ‫ف‬ ‫الحوال المزرية والخطرة عىل السالمة والصحة ي� مصانعهم بقولهم‬ ‫إنهم يتقاضون ‪ 75‬سنتاً أمريكياً عىل خياطة الرسوال الواحد‪ .‬وأشاروا‬ ‫إىل أن الدراسات أكدت أنه فيما لو قبل الزبائن (أصحاب الماركات‬ ‫وتجار الجملة) رفع هذا السعر إىل ‪ 90‬سنتاً‪ ،‬لتمكَّ نت المصانع من‬ ‫ين‬ ‫يرصون عىل أن تبقى تكلفة‬ ‫تأم� بيئة عمل آمنة وسليمة‪.‬‬ ‫ولكن هؤالء ّ‬ ‫أ‬ ‫الخياطة عند ن‬ ‫أقر بصحته التجار‪ .‬ولكنهم‬ ‫أد� ٍّ‬ ‫حد ممكن‪ .‬المر الذي َّ‬ ‫أضافوا أن الطلب عىل تصنيع ن ز‬ ‫الجي� يتم بشكل «وحدات» تتألف كل‬ ‫منها من ‪ 100‬ألف رسوال‪ .‬أي إن كل وحدة ستكلفهم مبلغاً إضافياً‬ ‫قدره ‪ 15‬ألف دوالر‪ ،‬وأن المليون رسوال (وهو رقم شبه عادي) سيك ِّلف‬ ‫‪ 150‬ألف دوالر إضافية‪.‬‬ ‫الجي� �ف‬ ‫إال أن واحداً من أقبح الوجوه ت‬ ‫ال� تكشفت عنها صناعة ن ز‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� انفجرت ف ي� الهند عام ‪2010‬م‪ ،‬عندما‬ ‫آسيا‪ ،‬هو ي� الفضيحة ي‬ ‫كشف صحافيون أن مصنعاً ينتج رساويل لصالح ماركة معروفة‬ ‫عالمياً‪ ،‬يفرض عىل عماله العمل لمدة ‪ 16‬ساعة يومياً‪ ،‬مقابل ‪ 40‬سنتاً‬ ‫أمريكياً‪ ،‬أي ‪ 12‬دوالراً ف� الشهر‪ .‬أ‬ ‫المر الذي دفع ش‬ ‫ال�كة العالمية‬ ‫ي‬ ‫إىل إصدار بيان تقول فيه إنها تحرص عىل «تصنيع منتجاتها وفق‬ ‫مقاييسها ش‬ ‫و�وطها»‪ ،‬وأنها ستعالج هذه القضية‪ .‬ولم يسمع أحد‬ ‫الحقاً بأية تطورات طرأت عىل ذلك‪ ،‬ت‬ ‫ح� عام ‪2013‬م‪ ،‬عندما أعلنت‬ ‫ال�كة نفسها أنها ستتعاون مع ش‬ ‫ش‬ ‫ع�ين ش�كة أخرى لتفتيش المصانع‬ ‫ف‬ ‫المتعاقدة معها ي� بنغالدش لالطالع عىل ظروفها‪ ،‬وكان ذلك عقب‬ ‫الكب� الذي شأ�نا إليه‪.‬‬ ‫انهيار المصنع ي‬


‫‪95 | 94‬‬

‫أساطير متحف‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫نز‬ ‫ف ي� العام ‪1873‬م‪ ،‬وبعد ش‬ ‫«الجي�» و«الدينيم»‪،‬‬ ‫ع�ين عاماً من بداية‬ ‫أخ�اً عىل براءة ت‬ ‫حصل ليفي ت‬ ‫االخ�اع باسمه‪ .‬وكان من ش�وط‬ ‫ش�اوس ي‬ ‫ال�اءة أن يواصل الرجل بيع الرسوال بدوالر‪ .‬فهل علينا أن نقارن ذلك‬ ‫ب‬ ‫ح� تباع رساويل ن ز‬ ‫بما يحدث اليوم ي ن‬ ‫جي� من عالمات تجارية عالمية‪،‬‬ ‫بسعر قد يصل إىل ألف دوالر؟!‬ ‫أ‬ ‫نز‬ ‫«الجي�» أن‬ ‫الحد‪ ،‬كان عىل رسوال‬ ‫قبل أن تصل المور إىل هذا ّ‬ ‫ين‬ ‫للباحث� عن الذهب‪ ،‬إىل‬ ‫يواصل رحلة نجاحه‪ ،‬فيتحول من ذخر‬ ‫زي لرعاة البقر‪ ،‬ثم إىل رداء رسمي لجنود الشمال‪ ،‬كما تدل رساويل‬ ‫ال تزال معروضة ت‬ ‫ح� اليوم ف ي� جناح خاص ف ي� متحف سميثسونيان‬ ‫ف ي� واشنطن‪ ،‬إىل جانب بعض أثمن القطع المتعلقة بتاريخ الواليات‬ ‫الجي� رسعان ما دخل من باب أ‬ ‫وأساط�ها‪ .‬ذلك أن ن ز‬ ‫السطورة‬ ‫المتحدة‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫كتا� جون دوس باسوس وجون‬ ‫والتاريخ ي� ٍآن‪ .‬وحسبنا هنا أن نتذكر ب ي‬ ‫ف‬ ‫ث‬ ‫شناينبك وما جاء فيهما عن تلك الرساويل‪ ،‬ي� بعض أك� الروايات‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫مريك‪.‬‬ ‫ارتباطاً بالسطورة المريكية والحلم ال ي‬ ‫ولقد عاش ليفي ت‬ ‫ح� بداية القرن ش‬ ‫الع�ين‪ .‬فمات عام ‪1902‬م‪.‬‬ ‫ثرياً ف ي� سان فرانسيسكو‪ ،‬قبل أن يخطر ف ي� باله أن رسواله سيصبح‬ ‫جزءاً من ثقافة‪ ،‬ويحدث تبدال ً أساسياً ف ي� الذهنية العامة‪ .‬وال نخالنا‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫مغال� إن قلنا هذا‪ .‬فالقرن ش‬ ‫ساط�‬ ‫الع�ون‪ ،‬كما كان حافال ً بال ي‬ ‫نز‬ ‫«الجي�» واحدة من‬ ‫الثقافية العديدة والمتشعبة‪ ،‬عرف كيف يجعل‬

‫أساط�ه‪ ،‬وال سيما مع خروج أمريكا نفسها إىل العالم‪ .‬وقد يصح‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ش‬ ‫هنا أن نقفز مبا�ة إىل الربعينيات من القرن الع�ين‪ ،‬ل�ى كيف‬ ‫نز‬ ‫«الجي�» إىل أوروبا‪ ،‬بعدما كان سمة أساسية من سمات الفقر‪،‬‬ ‫وصل‬ ‫أ‬ ‫مريك‪ .‬وصل‬ ‫منذ انهيار سوق مال نيويورك والركود االقتصادي أ ال ي‬ ‫ين‬ ‫مريكي� الذين‬ ‫الرسوال إىل أوروبا‪ ،‬أوال ً إىل إيطاليا‪ ،‬مع الجنود ال‬ ‫كانوا يرتدونه‪ .‬وبهذا اكتشف أ‬ ‫الوروبيون رسواالً‪ ،‬لم يدركوا أن أصله‬ ‫عندهم‪ ،‬مع «العلكة» (اللبان) و«الكوكا كوال» والسوبرماركت‪ ،‬وزمن‬ ‫الهم�غر‪.‬‬ ‫سبق ب‬

‫رفيق التحول في العمارة والفن‬

‫العالم كان مستعد ًا الستقباله‬

‫ن‬ ‫الثا� من القرن ش‬ ‫الع�ين‪ ،‬ظهر ف ي� أوروبا ميل واضح إىل‬ ‫منذ العقد ف ي‬ ‫النسان‪ ،‬تماشياً مع متطلبات الحياة‬ ‫«التبسيط» ي� كل ما ينتجه إ‬ ‫ف� المدن الصناعية‪ ،‬ت‬ ‫وح� مع فلسفة الصناعة نفسها‪ .‬ففي الفن‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫المبا� الخالية‬ ‫و� العمارة ظهرت لول مرة‬ ‫التشكيل ظهر‬ ‫ي‬ ‫التجريد‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫من أية زخارف‪ ،‬المر نفسه ينطبق عىل صناعة المفروشات والدوات‬ ‫نز‬ ‫وتعزز هذا الميل إىل تبسيط‬ ‫الم�لية وكل مستلزمات الحياة اليومية‪َّ .‬‬ ‫العالميت� ي ن‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫الحرب�‬ ‫كل ش�ء بفعل‬ ‫الكث� من‬ ‫اللت� تركتا خلفهما ي‬ ‫و� الوقت نفسه إىل االقتصاد �ف‬ ‫الفقر ياء المضطرين إىل العمل‪ ،‬ف‬ ‫ي‬ ‫الباذخة‪ .‬ف� ذلك الوقت بالذات‪ ،‬أي ي�ف‬ ‫مصاريفهم عىل المظاهر‬ ‫في‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ز‬ ‫خ�ة من الحرب العالمية الثانية َّ‬ ‫أطل الجي� برأسه ي�‬ ‫السنوات ال ي‬ ‫أوروبا‪ ،‬وكانت أوروبا مستعدة تماماً الستقباله‪.‬‬


‫كان ف� أوروبا آنذاك عدد من دور أ‬ ‫ي ت‬ ‫ال� عملت عىل‬ ‫الزياء‬ ‫ي‬ ‫الشه�ة ي‬ ‫ت‬ ‫العمل‬ ‫حد ممكن‪ ،‬وانترصت للطابع‬ ‫تبسيط المالبس ح� أقىص ٍّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫كث�ة الحشو بعنارص‬ ‫والمريح عىل حساب مقاييس الناقة التقليدية ي‬ ‫ت‬ ‫ال� كانت رائدة‬ ‫ال لزوم فلها‪ ،‬ومن أشهر هذه الدور دار «شانيل» ي‬ ‫وطليعية ي� هذا التطوير‪.‬‬ ‫ولكن تطور تصميم أ‬ ‫الزياء هذا كان ش‬ ‫مؤ�اً عىل تطور الحاجات‬ ‫العامة ث‬ ‫أك� مما كان موجهاً إىل تلبيتها‪ .‬فالمالبس الجاهزة كانت شبه‬ ‫وبالتال فإن خياطة المالبس بقيت يغ� قادرة‬ ‫يغ� معروفة آنذاك‪ .‬ف ي‬ ‫عىل تلبية رغبات الناس ي� تخفيض مصاريفها‪ .‬فاتجهت أنظار الفقراء‬ ‫ين‬ ‫والمت� والرخيص‪..‬‬ ‫وأبناء الطبقات الدنيا إىل هذا الرسوال الجاهز‬ ‫ت‬ ‫ولهذا ارتبط رسوال ن ز‬ ‫الجي� ف ي� أوىل إطالالته خالل تلك الف�ة‬ ‫ف‬ ‫بالطبقات االجتماعية الدنيا‪ ،‬قبل أن ينجح ي� اكتساح العالم خالل‬ ‫ن‬ ‫الثا� من القرن‪.‬‬ ‫النصف ي‬ ‫ويعزو علماء االجتماع مراحل النجاح وأسبابها إىل حركات الشبيبة‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫الثا� من القرن‬ ‫ال� سيطرت عىل الفق االجتماعي ي� النصف ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ين‬ ‫الع�ين‪ .‬بل إنهم يقسمون هذا ي ز‬ ‫ش‬ ‫قسم�‪ :‬قبل‬ ‫الزم�‬ ‫الح� أ ي‬ ‫نز‬ ‫الجي�‬ ‫العام ‪1970‬م وبعده‪ .‬خالل القسم الول‪ ،‬كان ارتداء‬ ‫معينة‪ ،‬لكنه ف ي� الوقت نفسه أصبح‬ ‫مقترصاً عىل ش�ائح اجتماعية َّ‬ ‫ت‬ ‫واحدة من عالمات ي ن‬ ‫ال� رأت فيه تخلصاً‬ ‫تزي� الطليعة الثقافية‪ ،‬ي‬ ‫ت‬ ‫وك‬ ‫ال� تحتاج إىل عناية ي‬ ‫منطقياً من ضغط الرساويل المنمقة ي‬ ‫ين‬ ‫دائم�‪.‬‬ ‫نز‬ ‫ف� ذلك ي ن‬ ‫«الجي�» ف ي�‬ ‫الح� لم تكن الشبيبة قد «اكتشفته» بعد‪ .‬كان‬ ‫ي‬ ‫الكب�ة يرتديه جيمس دين ومارلون‬ ‫حاجة إىل أن يشاهد بع� الشاشة ي‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫نجل�ية‪ ،‬ح� تتنبه الشبيبة‬ ‫براندو وإلفيس‬ ‫برسل‪ ،‬ثم فرق الروك إ‬ ‫ال ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الثا� من‬ ‫ف ي� أوروبا‪ ،‬ثم ف ي� العالم كله إليه‪ .‬وما إن أطل‬ ‫القسم ي‬ ‫أ‬ ‫خ�ة‪ ،‬ت‬ ‫تحول ن ز‬ ‫سنوات القرن ش‬ ‫الجي� ف ي� العالم كله‪ ،‬من‬ ‫الع�ين ال ي‬ ‫ح� ّ‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫�ء آخر‪ ،‬إىل عالمة عىل نزعة طليعية‪.‬‬ ‫مجرد رسوال‪ ،‬أو س�ة أو أي ي‬ ‫عاد ما كان أسطورة ليتحول من جديد إىل جزء من الحياة اليومية‪،‬‬ ‫إىل جزء من حرية الفرد ف ي� مواجهة المجتمع‪ .‬ال حرية الحركة فقط‬ ‫بل تحرر العقل أيضاً‪ .‬وإذا كان علينا أن نصل إىل خاتمة الحكاية‪،‬‬ ‫عما صارت إليه الحكاية‬ ‫فالحكاية لم تنته بعد‪ ،‬ويمكننا الحديث َّ‬ ‫آ‬ ‫الن‪ ،‬وهذا أمر يدخل ف ي� نطاق ما يمكن لعلم االجتماع‪ ،‬ال تاريخ‬ ‫أ‬ ‫الزياء‪ ،‬أن يدرسه‪.‬‬ ‫المنس اليوم «نحو التحرر»‪ ،‬يتحدث عالم االجتماع‬ ‫ف ي� كتابه شبه‬ ‫ي‬ ‫لما� أ‬ ‫أ‬ ‫ال ن‬ ‫مريك هربرت ماركوزه‪ ،‬الذي يُعد من أبرز المفكرين‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الذين درسوا وحللوا حركات الشبيبة العالمية ف ي� الستينيات من القرن‬ ‫ض‬ ‫الما�‪ ،‬مفرساً كيف استوعب سادة العالم وسادة ش‬ ‫ال�كات هذه‬ ‫ي‬ ‫ال�كات والمؤسسات أ‬ ‫الحركات‪ ،‬وكيف تمكنت ش‬ ‫والنظمة المهيمنة‬ ‫من استيعاب الفنون وأفكار التمرد الطليعية وإعادة توظيفها‪ ،‬ت‬ ‫ح�‬ ‫فقدت جوهرها وبقي شكلها‪ .‬ف�ض ب أمثلة من لوحات أندي دارهول‬


‫إىل سان فرانسيسكو‪ ،‬محمال ً قماشاً ال يعرف ماذا يعمل به أو من‬ ‫يش�يه‪ :‬فهي بعدما كانت ت‬ ‫سوف ت‬ ‫اع�اضاً عىل المجتمع ورهافته‬ ‫الكاذبة‪ ،‬صارت اليوم جزءاً من هذا المجتمع‪ .‬جزءاً من كماليات هذا‬ ‫ح� وإن بدت للوهلة أ‬ ‫وأساط�ه‪ ،‬ت‬ ‫الوىل ديمقراطية‪ ،‬إذ‬ ‫المجتمع‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫والفق� ي� الوقت نفسه‪ .‬فالحقيقة أن ليفي ش�اوس‪،‬‬ ‫الغ�‬ ‫ي‬ ‫يرتديها ي‬ ‫ونيف‪ ،‬ما كان ليتصور‬ ‫الر‬ ‫احل سعيداً بأفكاره وثروته‪ ،‬قبل مئة عام ّ‬ ‫ف‬ ‫أبداً ي� حياته أن رسواال ً يحمل اسمه سوف يباع ذات يوم بما يساوي‬ ‫دخل عائلة متوسطة‪ ،‬شهراً ف ي� بلد متواضع‪ ،‬من دون ذكر رساويل‬ ‫نز‬ ‫«جي�» تطرز بالجواهر‪ ،‬وتباع بسعر يناسب اسم العالمة التجارية‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ال نوع القماش ومتانته‪ .‬وقد وصل المر إىل بيع أحد نماذجه‬ ‫المصوغة عام ‪1880‬م‪ ،‬بمبلغ ‪ 46,532‬دوالراً ف ي� صفقة عىل شبكة‬ ‫ال ت‬ ‫لك�ونية‪.‬‬ ‫التجارة إ‬

‫‪97 | 96‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫والسوريالية وما إىل ذلك… وصوال ً إىل ن‬ ‫أغا� البيتلز‪ ،‬ت‬ ‫ال� صارت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫جزءاً من أرقام أعمال تقدر بالمليارات‪ ،‬وكانت نهضت ف� أ‬ ‫الصل‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ث‬ ‫ت‬ ‫أيد قليلة‪ .‬والمؤكد أن هذا‬ ‫ال� تجمعها ٍ‬ ‫اع�اضاً عىل هذه ال�وات ي‬ ‫ف‬ ‫التحليل النافذ‪ ،‬وإن كان يبدو خارج إطار الدارج ي� زمننا هذا‪ ،‬يصح‬ ‫الذك الذي انتقل ذات يوم من نيويورك‬ ‫عىل رساويل ذلك الشاب ي‬

‫ولكن هذه المغاالة نفسها ف ي� السعر‪ ،‬لن تكون أبداً قادرة عىل محو‬ ‫أ‬ ‫السطورة‪ ،‬طالما وجد ف ي� طول العالم وعرضه ألوف المصانع تنتج‬ ‫كل يوم ي ن‬ ‫وغ� الرساويل‪ ،‬تباع بسعر يراوح حقاً‪،‬‬ ‫مالي� الرساويل ي‬ ‫ت‬ ‫ب� دوالر أو دوالرين‪ ،‬شغل تايوان‪ ،‬وألف ي ن‬ ‫وح� اليوم‪ ،‬ي ن‬ ‫وألف� من‬ ‫الدوالرات للقطعة الواحدة!‬

‫لغز الجيب الصغير‪ ..‬وابتكار الجيبين أ‬ ‫الماميين‬

‫فوق الجيب أ‬ ‫اليمن من كل سروال جينز يوجد جيب صغير‪ ،‬غير مستخدم عملياً ألي‬ ‫شيء‪ .‬ولكنه هناك «لزوم ما ال يلزم»‪.‬‬ ‫وفي البحث عن أصل هذا الجيب تب َّين أنه كان في ثمانينيات القرن التاسع عشر أكبر‬ ‫بقليل مما هو عليه اليوم‪ ،‬وأن ليفي شتراوس أضافه إلى التصميم ألن رعاة البقر‬ ‫كانوا يربطون الساعات التي يحملونها بسالسل إلى سراويلهم ويخبئون الساعة‬ ‫تحت الحزام‪ ،‬فكان هذا الجيب الصغير لوضع الساعة فيه أوالً‪ .‬ثم صار يُستعمل‬ ‫لوضع شذرات الذهب الصغيرة التي يعثر علهيا الباحثون عن الذهب في كاليفورنيا‪.‬‬ ‫كما يُروى أن البعض كان يستخدم الجيب الصغير لحمل النقود الذهبية وفصلها‬ ‫والشياء أ‬ ‫عن الفضية الكبيرة أ‬ ‫الخرى التي كانت تُحمل في الجيب الكبير‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ولن السراويل التقليدية في القرن التاسع عشر‪ ،‬كانت إما من دون جيوب‪ ،‬أو ذات‬ ‫جيب أو جيبين جانبيين‪ ،‬ابتكر ليفي شتراوس الجيبين أ‬ ‫الماميين لحمل أشياء‪ ،‬قد‬ ‫تكون مهددة بالسقوط من الجيب الجانبي‪ ،‬خاصة عند ركوب الخيل‪ .‬أما الجيبان‬ ‫الخلفيان‪ ،‬فواحد منهما كان للمنديل‪ ،‬آ‬ ‫والخر لالستعمال الحر‪.‬‬ ‫واليوم‪ ،‬ال يزال الجينز التقليدي بجيوبه التقليدية الخمسة‪ .‬غير أن االستعماالت‬ ‫تبدلت‪ .‬فمن الجيوب الخلفية يستعمل الكثيرون واحدة فقط لحمل المحفظة‪،‬‬ ‫والجيبان أ‬ ‫الماميان للنقود والمفاتيح (يضيف البعض إلى ذلك التلفون)‪ .‬أما الجيب‬ ‫الصغير فيبقى مجرد تذكار من القرن التاسع عشر‪.‬‬


‫أقمشة ممزقة على الموضة‬

‫من عناصر «التجديد» التي أضيفت إلى سراويل «الجينز» في‬ ‫السنوات أ‬ ‫الخيرة‪ ،‬تجديد ما كان في إمكانه أبداً أن يخطر ببال‬ ‫ليفي شتراوس‪ ،‬يوم كان يضاعف إنتاج السراويل المصنوعة‬ ‫من ذلك القماش السميك‪ ،‬ليضرب سوقاً تزيد طلبها‪ .‬لكن هذا‬ ‫التجديد يتالءم مع سمعة قماش هذه السراويل منذ البداية‬ ‫بصفته قوياً صلباً‪ .‬فمنذ عقد ونصف العقد من السنين‪،‬‬ ‫بدأت تظهر (موضة) السراويل الممزقة‪ .‬حتى صار السروال‬ ‫الممزق‪ ،‬أو المشروخ هنا وهناك‪ ،‬يباع بأغلى من السروال‬ ‫غير الممزق‪ ،‬على أساس أن التمزيق يتطلب وقت الخياطين‪،‬‬

‫عند حدود االحترام‬

‫رغم شيوعه‪ ،‬لم يستطع سروال الجينز أن يتجاوز بعض‬ ‫الخطوط الحمراء التي تصده في بعض الظروف والمناسبات‪،‬‬ ‫وفي كل مجتمعات العالم تقريباً‪.‬‬ ‫فبسبب خطابه الذي يقول بالبساطة والتواضع‪ ،‬والالمباالة‬ ‫إذا كان السروال معتقاً أو ممزقاً‪ ،‬يصبح ارتداء الجينز غير‬ ‫مستحب (أو حتى غير مقبول بتاتاً) في المناسبات التي تشكِّل‬ ‫فيها الالمباالة إهانة‪ ،‬مثل اللقاءات الرسمية وحفالت أ‬ ‫العراس‬ ‫والمآتم ولقاءات الشخصيات المهمة‪ .‬فإذا كان مقبوال ً أن‬ ‫يتقدم شاب إلى وظيفة مع َّينة وهو يرتدي سروال جينز شبه‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ال‬ ‫سروا‬ ‫يرتدي‬ ‫أن‬ ‫ا‬ ‫بتات‬ ‫المقبول‬ ‫غير‬ ‫فمن‬ ‫نع‪،‬‬ ‫الص‬ ‫وحسن‬ ‫جديد‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫من الجينز الممزق عندما يكون على موعد مسبق مع مديره‪،‬‬

‫ناهيك بأن التمزق نفسه يعد دليال ً على قوة القماش ومتانته‪.‬‬ ‫وهذا صحيح إذ إننا نعرف أن ليس ثمة في العالم‪ ،‬إذا استثنينا‬ ‫قماش الجينز‪ ،‬أي قماش يخدش أو يمزق‪ ،‬ويبقى الخدش أو‬ ‫المزق في حدوده‪ .‬فأي شرخ في القماش يزداد اتساعاً من فوره‬ ‫ليشمل قطعة القماش كلها‪ .‬أما قماش الجينز فعسير جداً على‬ ‫أي شرخ‪ .‬ومن هنا انتشرت هذه الدرجة‪ ،‬وال تزال حتى آ‬ ‫الن‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وصار الخياطون يتفنون في أماكن التمزيق‪ ،‬إلى درجة صار‬ ‫معها ارتداء سروال جينز ممزق‪ ،‬دليال ً على الطليعية وربما الثراء‬ ‫أيضاً!‬

‫مهما غال ثمن هذا السروال‪.‬‬ ‫فحسن المظهر وفق المقاييس التقليدية ال يزال قيمة تفرض‬ ‫ُ‬ ‫نفسها على مناسبات عديدة‪ ،‬حيث ال مكان للجينز‪ ..‬وفي‬ ‫ذلك رسم للحدود ما بين المجاالت التي يمكن تقبل البساطة‬ ‫والالمباالة فيها من جهة‪ ،‬وتلك التي تصبح فيها البساطة إما‬ ‫تعبيراً عن قلة االحترام‪ ،‬وإما مجرد ادعاء بساطة‪.‬‬ ‫فصحيح أن بعض رؤساء الجمهوريات ظهروا أمام عدسات‬ ‫التصوير بسراويل الجينز (كان أولهم الرئيس أ‬ ‫المريكي جيمي‬ ‫كارتر)‪ ،‬ولكن علينا أن نتذكر أن حراسهم وخدمهم لم يظهروا‬ ‫يوماً إال ببذالتهم الرسمية وربطات العنق‪ .‬فالمسألة مسألة‬ ‫تراتبية‪ ،‬لم يتمكن الجينز إلى آ‬ ‫الن من تحطيمها‪.‬‬


‫‪99 | 98‬‬

‫الجينز في البالد العربية‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫دخل ن ز‬ ‫الجي� إىل البالد العربية من بوابة يب�وت‪ ،‬وتحديداً من محيط‬ ‫الجامعة أ‬ ‫المريكية فيها‪ .‬وتاريخ هذا الدخول موثق بدقة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫مريك‬ ‫النزال‬ ‫فقد اكتشف سكان يب�وت هذا الرسوال عقب إ‬ ‫البحري ال ي‬ ‫أ‬ ‫ف ي� يب�وت إبان أحداث عام ‪1958‬م‪ .‬ورافق هذا ظهور الحذية‬ ‫الرياضية الخاصة بلعبة كرة السلة‪ ،‬ت‬ ‫ال� لم يعد انتعالها مقترصاً عىل‬ ‫ي‬ ‫مزاول الرياضة‪ ،‬إنما أمىس يحل تدريجاً محل أ‬ ‫الحذية العادية لدى‬ ‫ي‬ ‫فئات الشباب‪.‬‬ ‫وقد خطرت فكرة االتجار برساويل ن ز‬ ‫الجي� يوم الحظ أحد أبناء‬ ‫ح� كان يرتاد مالعب الجامعة أ‬ ‫آل الخوري‪ ،‬ي ن‬ ‫المريكية‪ ،‬شباناً يزاولون‬ ‫بعض ض�وب الرياضة وهم يرتدون هذا الزي‪ .‬وبعد اطالعه ف ي�‬ ‫المجالت عىل شؤون هذا الزي وشجونه‪ ،‬لم يتأخر والد الشاب‬ ‫عن أ‬ ‫الخذ بفكرة ولده‪ ،‬القائلة إنه يمكن االتجار به‪ ،‬عىل الرغم من‬ ‫الكب�ة‪ .‬ذاك أن هذا الزي‪ ،‬إضافة إىل كونه جديداً‪ ،‬فهو‬ ‫المجازفة ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫درج ي� أي باب من أبوابها‬ ‫غامض الهوية يب� اللبسة‪ ،‬أي إنه ال يَ ُ‬ ‫المعروفة‪ ،‬فهو بهذا خارج التصنيف التقليدي‪.‬‬ ‫المريكية المع� أ‬ ‫كانت الجامعة أ‬ ‫الول الذي بع� منه هذا الزي إىل‬ ‫ب‬ ‫المدينة وسوقها‪ .‬وبهذه الصفة لم يسلك المسار الذي سلكه ف ي�‬ ‫تحول من زي للعمال ف ي� بدايته ليصبح فيما بعد زياً‬ ‫أمريكا‪ ،‬حيث ّ‬ ‫ين‬ ‫للمثقف�‪ ،‬بل ربما يمكن القول إنه سلك المسار الذي عرفته أوروبا‬ ‫عىل هذا الصعيد‪.‬‬ ‫وشاع ن ز‬ ‫الجي� ف ي� لبنان عند فئات جديدة‪ .‬فإذا كان ف ي� بدايته مقترص ًا‬ ‫عىل فئات الشبان من الذكور الذين لم تكن أعمارهم تتجاوز ش‬ ‫ع�ين‬

‫سنة‪ ،‬أي ما يمكن تبويبه ف ي� أوىل سنوات الدراسة الجامعية‪ ،‬فالمالحظ‬ ‫قص�ة‪ ،‬أي بدءاً‬ ‫أن الفتيات لم يتأخرن عن التهافت عليه بعد مدة ي‬ ‫ف‬ ‫الستينيات‪ .‬يغ� أن التهافت هذا الذي ظل ي� الحقيقة‪،‬‬ ‫من أواسط‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫حد ما‪ ،‬لم يؤ ِّد إىل صنع زي خاص بهن‪ ،‬زي «يح�م»‬ ‫محدوداً إىل ٍّ‬ ‫خصوصيتهن‪.‬‬ ‫لكن الجديد عىل هذا الصعيد‪ ،‬ظهر يوم بدأت الفتيات ارتداء هذا‬ ‫والسود وأحياناً أ‬ ‫أ‬ ‫اللوان‪ ،‬فرصت ترى فيه أ‬ ‫الزي متعدد أ‬ ‫الخ�ض‬ ‫الحمر‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� بداية السبعينيات‪ ،‬ومن أجل ت‬ ‫ال�ويج ن ز‬ ‫للجي� لدى فئات عمرية‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫أك�‪ ،‬كتب صاحب محالت خوري الفتة علقها عند مدخل محله‪:‬‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫«للهل والوالد»‪ .‬وكان طبيعياً أن يرافق هذا المر ٌ‬ ‫شكل جديد‬ ‫من ن ز‬ ‫الجي� يغ� شكله التقليدي المعروف‪ .‬وأهم ما حدث عىل هذا‬ ‫ف‬ ‫الصعيد اعتماد «الغمزات» � خياطة خرص ن ز‬ ‫الجي�‪ ،‬وجعل جيبه‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الجانب�‪ ،‬بدال ً من أن‬ ‫شبيهاً بجيب الرسوال الرجال العادي‪ ،‬أي عىل‬ ‫ي‬ ‫يكون من أ‬ ‫المام عند الزنار‪ .‬ي غ� أن التحول هذا وإن لعب دوراً �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال�ويج للزي الجديد لدى هذه الفئة‪ ،‬إال أن ن ز‬ ‫الجي� ظل عند هذه‬ ‫أ‬ ‫الفئة زياً خاصاً بعطلة نهاية السبوع‪ ،‬ذاك أن النظرة إليه لم تخرج‬ ‫عن كونه زياً ي ز‬ ‫يتم� بالخفة‪ ،‬إن لم نقل عدم لياقته‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ظل االسم التجاري الوحيد ف ي� السوق ذلك المسمى «ليفايز» الذي‬ ‫الشه�‪.‬‬ ‫وفّر ثالثة طرز (موديالت) فقط‪ ،‬أشهرها طراز ‪501‬‬ ‫ي‬ ‫التحول الذي ذكرنا ت‬ ‫الثمانينيات‪،‬‬ ‫ح� بداية‬ ‫لم يطرأ جديد عىل‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ز‬ ‫تحول الجي� من الشكل التقليدي إىل الشكل‬ ‫فخالل تلك السنوات َّ‬ ‫المسمى «فاشن» (‪ .)Fashion‬ويبدو أن االنتقال هذا لم يكن ممكناً‬ ‫نز أ‬ ‫ورو� إىل السوق‪ .‬وشهدت تلك المرحلة‪ ،‬عىل‬ ‫لوال دخول الجي� ال ف ب ي‬ ‫ما يبدو‪ ،‬انقالباً فعلياً ي� هوية زبائن هذا الزي‪ .‬فبعدما كانت نسبة‬


‫مبيعه لدى الشبان هي العليا‪ ،‬تساوت النسبة لدى الشابات مع‬ ‫الشبان‪ ،‬فأصبح لدى عديد منهن جزءاً من خزانة مالبسهن لمجموعة‬ ‫نز‬ ‫الجي�‪ ،‬ولم تعد النظرة إليه خاصة فيما يتعلق بهن‪ ،‬نظرة يشوبها‬ ‫كث� من االلتباس‪ ،‬إن لم نقل من عدم اللياقة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ف� أي حال‪ ،‬أمىس هذا كله من ض‬ ‫الما�‪ ،‬إذ إن هذا الزي أضحى بدءاً‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫منذ أواسط التسعينيات زياً يُعد زبائنه من الجنس اللطيف ث‬ ‫الك�ة‬ ‫ّ‬ ‫الواضحة‪ .‬ف‬ ‫محال ن ز‬ ‫و� هذا يُجمع أصحاب ّ‬ ‫الجي� عىل أن مبيعاتهم‬ ‫ي‬ ‫لدى الفتيات تفوق ي ن‬ ‫سبع� ف ي� المئة‪ ،‬شأن نسب مبيعه ف ي� العالم‪.‬‬ ‫الجي� الذي يصنع ف� ي ن‬ ‫ويالحظ عىل هذا الصعيد أن ن ز‬ ‫الص� وبعض‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫بلدان ش�ق آسيا‪ ،‬صار يستأثر تقريباً‬ ‫بثمان� ف ي� المئة من البضاعة ف ي�‬ ‫ق‬ ‫البا� فيصنع ف ي� فرنسا أو إيطاليا‪.‬‬ ‫السوق‪ .‬أما ي‬ ‫الجي� إىل ق‬ ‫ومن يب�وت انطلق ن ز‬ ‫با� الدول العربية وال سيما سوريا‬ ‫ي‬ ‫والعراق ودول الخليج العر�‪ .‬فكث� من طالب الجامعة أ‬ ‫المريكية ف ي�‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫ً‬ ‫كب�اً ف ي� تعريف هذا‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫دو‬ ‫ولعبوا‬ ‫الدول‪،‬‬ ‫يب�وت كانوا من أبناء هذه‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الزي ف� بلدانهم ت‬ ‫ال� كانت ي� البدء ترتاب حياله‪ .‬إذ كان هذا الزي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫عندها رمزاً من رموز طريقة العيش أ‬ ‫المريكية‪ .‬ولكنها‪ ،‬تدريجاً بدأت‬ ‫باالرتياح إليه‪ ،‬أو لنقل باتت تقابله بال مباالة‪ ،‬إن كان ارتداؤه ال يخرق‬ ‫ف ي� بعض الظروف القيم االجتماعية المتعارف عليها‪.‬‬ ‫والواقع‪ ،‬أن المواقف االجتماعية من ارتداء رساويل ن ز‬ ‫الجي� ليس‬ ‫واحداً ف ي� العالم‪ .‬ش‬ ‫وال�ائح االجتماعية المحافظة ف ي� البلدان العربية‪،‬‬ ‫نز‬ ‫كث�‬ ‫ليست وحدها ف ي� التطلع إىل رسوال‬ ‫«الجي�» بعدم الرضا‪ .‬ففي ي‬ ‫من الدول آ‬ ‫السيوية مثل الهند والنيبال وميانمار‪ ،‬ظل ارتداء الفتيات‬ ‫«الجي�» يغ� مقبول اجتماعياً ت‬ ‫نز‬ ‫ح� سنوات قليلة خلت‪،‬‬ ‫لرساويل‬ ‫أ‬ ‫الصغ�ة والرياف عىل نظرتها المتحفظة هذه‬ ‫ولربما ال تزال المدن‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ح� يومنا هذا‪.‬‬

‫حجم صناعته وسوقه‬ ‫تستهلك أمريكا الشمالية نحو ‪ 39‬ف ي� المئة من إنتاج العالم‬ ‫نز‬ ‫الجي�‪ ،‬تليها أوروبا الغربية بنحو ‪ 10‬ف ي� المئة‬ ‫من رساويل‬ ‫وبا� دول العالم ‪� 31‬ف‬ ‫ومن ثم اليابان وكوريا ‪ 10‬ف� المئة ق‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫آي‬ ‫المئة‪ .‬أ‬ ‫السيوية هي أرخص تكلفة بشكل‬ ‫ولن اليد العاملة‬ ‫ملحوظ مما هي عليه ف ي� أوروبا أو أمريكا‪ ،‬ثك�ت ف ي� العقود‬ ‫أ‬ ‫الجي� ف� ي ن‬ ‫نز‬ ‫خ�ة مصانع‬ ‫الص� وتايلند ورسيالنكا‬ ‫الثالثة ال ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫تصدر منتجاتها إىل البلدان الغربية‪.‬‬ ‫ال� ِّ‬ ‫والهند‪ ،‬ي‬ ‫ويقول مدير مصنع برانديكس‪ ،‬الذي بلغت تكلفة إنشائه‬ ‫‪ 10‬ي ن‬ ‫مالي� دوالر‪ ،‬ف ي� رسيالنكا‪ ،‬أن مصنعه ينتج ثالثة‬ ‫مالي� رسوال ن ز‬ ‫ين‬ ‫جي� ف ي� السنة‪ ،‬وإن العمال يستغرقون‬ ‫حوال ‪ 13‬دقيقة لتفصيل وخياطة الرسوال الواحد ذي‬ ‫ي‬ ‫الخمسة جيوب‪ ،‬وتبلغ تكلفته أ‬ ‫الصلية نحو ‪ 6‬دوالرات‪،‬‬ ‫أما زبائنه الذين يضعون اسمهم عىل المنتج فيبيعونه ف ي�‬ ‫ف‬ ‫و� العام ‪2005‬م‪ ،‬رصف‬ ‫أوروبا وأمريكا بنحو مئة دوالر‪ .‬ي‬ ‫أ‬ ‫نز‬ ‫الجي�‪ .‬ولكن‬ ‫المريكيون ‪ 15‬مليار دوالر عىل ش�اء رساويل‬ ‫هذا الرقم انخفض ف ي� عام ‪2011‬م إىل ‪ 13.8‬مليار دوالر‪.‬‬ ‫نز‬ ‫الجي�‪ ،‬أال‬ ‫والسبب ف ي� ذلك ظهور منافس جديد لرسوال‬ ‫ض‬ ‫الريا� الفضفاض للرجال‪ ،‬ورسوال «اليوغا»‬ ‫وهو الرسوال‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ز‬ ‫الضيق للنساء‪ ..‬فهل بدأ الجي� يفقد زعامته عىل عرش‬ ‫ِّ‬ ‫المالبس الشعبية ف ي� العالم؟‬


‫‪101 | 100‬‬

‫الجينز في الغناء الغربي‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫بدأ ن ز‬ ‫فن الغناء من باب التمثيل أوالً‪ ،‬إذ ظهر إلفيس‬ ‫الجي� يغزو ّ‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫الما�‪ ،‬وهو يلبس‬ ‫ي‬ ‫بريسل ف ي� الخمسينيات من القرن الميالدي ف ي‬ ‫نز‬ ‫الجي� ي� فلم‪« :‬جيلهاوس روك» (رقص الروك ي� السجن)‪ .‬ثم ظهر‬ ‫به مارلون براندو ف ي� فلم‪« :‬وايلد وان» (المتوحش)‪ ،‬وجيمس دين ف ي�‬ ‫ين‬ ‫ومارل� مونرو ف ي� «رصاع ف ي� الليل»‪ .‬وظهر مغنو‬ ‫«متمرد بال سبب»‪،‬‬ ‫فرقة «رولنغ ستونز» عىل غالف إحدى إسطواناتهم وهم يرتدون‬ ‫أ ن‬ ‫غا� نفسها‪ .‬فغ�ن‬ ‫الجي�‪ .‬يغ� أن ن ز‬ ‫نز‬ ‫الجي� صار موضوعاً يتناوله شعر ال ي‬ ‫ين‬ ‫البلوجي�»‪ ،‬و«رسوال ن ز‬ ‫نز‬ ‫و«بلوج�‬ ‫جي� أسود»‪،‬‬ ‫نيل يونغ‪ :‬شفينوس ف ي�‬ ‫بوب»‪ .‬وغنت مادونا‪« :‬يمكن للبنات أن يلبسن ن ز‬ ‫وغ� نيل‬ ‫الجي�»‪ .‬ن ّ‬ ‫جي� إىل أ‬ ‫دايموند‪ :‬ف‬ ‫«� البلو ن ز‬ ‫البد»‪ .‬ويرى إلتون جون أن موسيقى‬ ‫ي‬ ‫ال� ظهرت ف� أواسط القرن الميالدي ض‬ ‫ت‬ ‫الما�‪ ،‬ف ي� مدينة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫«البلوز» ي‬

‫نيو أورليانز أ‬ ‫ين‬ ‫الموسيقي�‬ ‫المريكية الجنوبية‪ ،‬إنما سميت «بلوز» ألن‬ ‫نز‬ ‫ين‬ ‫البلوجي�‪.‬‬ ‫والمغن� السمر كانوا يؤدونها وهم يلبسون رسوال‬ ‫ين‬ ‫وصار ن ز‬ ‫جوبل�‪« :‬كنت أحس‬ ‫الجي� مزاجاً ف ي� الغناء‪ ،‬فغنت جانيس‬ ‫ن‬ ‫أن� باهتة مثل رسوال ن ز‬ ‫الجي�»‪ ،‬وهي أغنية كتبها معها الممثل كريس‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الجي�»‪ .‬ي ن‬ ‫كريستفرسون‪ .‬وغنت مليسا إثردج‪« :‬ثمة مزق ف� ن ز‬ ‫وح� أراد‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫التعب� عن شعوره بالراحة قال ف ي� أغنيته‪:‬‬ ‫جو�‬ ‫ي‬ ‫المغ� جون بون ي‬ ‫ي‬ ‫نز‬ ‫البلوجي� المفضل الممزق‪ ،‬ذلك الجلد الذي أسكنه مطمئناً»‪.‬‬ ‫«مثل‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫«البلوجي�ز‬ ‫كذلك غ� إلتون جون لسيارته وكيف يحلم برسواله‬ ‫القديم»‪ .‬وتحدثت أغنية للورين هيل عن كتابة أسماء قدامى‬ ‫أ‬ ‫نز‬ ‫البلوجي�‪ .‬وذهب ديفيد بووي إىل حد تسمية‬ ‫بالح� عىل‬ ‫الصدقاء ب‬ ‫الفتاة ي ت‬ ‫ال� قابلها لتوه «بلو ن ز‬ ‫جي�»‪.‬‬ ‫الفق�ة ي‬

‫بيت الشمس الشارقـة (أو الطالعـة)‬

‫بالجي� أ‬ ‫نز‬ ‫فينوس‪،‬‬ ‫الزرق‬

‫الزرق‪ ،‬إىل أ‬ ‫بالجي� أ‬ ‫نز‬ ‫البد‬

‫«أنيمالز» ‪1964‬م‪:‬‬ ‫هناك بيت ف ي� نيو أورليانز‬ ‫يدعونه «الشمس الشارقة»‬ ‫كان «خرابة» كث� من أ‬ ‫الوالد الفقراء‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫أن� واحد منهم‪.‬‬ ‫أعرف ي‬ ‫خياطة‪،‬‬ ‫أمي‪ ،‬كانت َّ‬ ‫ن‬ ‫ز‬ ‫رسوال «الجي�» الجديد‪.‬‬ ‫خاطت يل‬ ‫ي‬ ‫ب يأ�‪ ،‬كان رجال ً مقامراً‬ ‫ف ي� حارات نيو أورليانز‬

‫جيمي كالنتون ‪1962 -‬م‪:‬‬ ‫بالجي� أ‬ ‫نز‬ ‫الزرق‬ ‫إنها فينوس‪،‬‬ ‫يز‬ ‫مونال�ا‪ ،‬ذات خصلة كذيل المهر‬ ‫ن‬ ‫ف�‬ ‫تخطر‪ ،‬وتتكلم‪ ،‬كعمل ي‬ ‫ت‬ ‫قل�‪.‬‬ ‫إنها الفتاة ي‬ ‫ال� سلبت ب ي‬ ‫ت‬ ‫نز‬ ‫بالجي�‬ ‫خاص�‪،‬‬ ‫هذه الفينوس‪،‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� أعشق‬ ‫الزرق هي السندريلال ي‬ ‫مالك الخاص جداً‬ ‫إنها أيضاً ي‬ ‫مجسدة‬ ‫إنها أسطورة َّ‬

‫نيل دايموند ‪1979 -‬م‪:‬‬ ‫قد تتكلم النقود‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫تم�‬ ‫تغ�‪ ،‬وال ترقص‪ ،‬وال ي‬ ‫لكنها ال ي‬ ‫وطالما كان بوسعي االحتفاظ بك‬ ‫هنا‪ ،‬معي‪،‬‬ ‫ن‬ ‫فإ� غالباً ما سأبقى مرتدياً ن‬ ‫الجي�ز‬ ‫أي‬ ‫أ‬ ‫الزرق‪ ،‬إىل البد‪.‬‬


‫السراويل القوية بين الفن واإلعالن‬

‫بعد سنوات طويلة تجاهل فيها الفنانون رساويل‬ ‫«الجي�»‪ ،‬ت‬ ‫نز‬ ‫ح� وإن اعتادوا ارتداءها‪ ،‬أتت سنوات‬ ‫ين‬ ‫المثقف� منذ الستين ّيات‪،‬‬ ‫صخب الشباب‪ ،‬وصخب‬ ‫ين‬ ‫الفنان� إىل مزاج التمرد الذي يمكن‬ ‫لتلفت نظر‬ ‫إسباغه عىل هذه الرساويل ومرتديها‪ .‬وهكذا لم‬ ‫نز‬ ‫يعد ارتداء رسوال‬ ‫الجي� دليل ثورة شباب‪ ،‬ف ي�‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫و� الحياة الثقافية فقط‪ ،‬بل‬ ‫الفالم السينمائية ي‬ ‫صار دارجاً عند الفتية أيضاً‪ .‬وهكذا شاهدنا ي ن‬ ‫فنان�‬ ‫من طينة آندي دارهول يُلبسون أشخاص لوحاتهم‬ ‫تلك الرساويل‪ .‬ذلك قبل أن تدخل فنون الدعاية‬ ‫مستع�ة مواضعيها من‬ ‫والعالن هذا المجال‪،‬‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫لوحات كالسيكية وأقل كالسيكية‪ ،‬لبعض أهم‬ ‫ين‬ ‫التشكيل‪ ،‬ومضيفة إىل أزياء‬ ‫الرسام� ف ي� تاريخ الفن‬ ‫ي‬ ‫وس ت�‬ ‫أشخاص اللوحات‪ ،‬أو مغطية فيها برساويل ُ‬ ‫من ن ز‬ ‫جي�‪ .‬وعىل هذا النحو باتت لدينا لوحات‪ ،‬كانت‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫مجرد الفتات دعائية ي� أول المر‪ ،‬ثم صارت معلقة‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫والعالن‪ ،‬يرتدي أشخاصها تلك‬ ‫ي� لوحات الزياء إ‬ ‫الرساويل وتوابعها‪ :‬لوحة لديالكروا‪ ،‬وأخرى النغر‪،‬‬ ‫لج�يكو أو تمثال لمايكل أنجلو‪ ،‬وصوال ً إىل‬ ‫لوحة ي‬ ‫ت‬ ‫الكب� بي� بروغل‪ ،‬الذي صار‬ ‫الفنان الهولندي ي‬ ‫ش‬ ‫ال�ء‪ ،‬من‬ ‫فالحوه الذين يخلدون إىل الراحة بعض ي‬ ‫نز‬ ‫مرتدي رساويل‬ ‫الجي�‪..‬الزرق‪.‬‬


‫‪103 | 102‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫ف‬ ‫نز‬ ‫الجي�‪ ...‬سالح ي� الحرب الباردة‬

‫ين‬ ‫قسم�‪ :‬غربياً تحتله‬ ‫بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬انقسمت ألمانيا‬ ‫ت‬ ‫ال� انترصت ف ي� الحرب‪ ،‬وهي الواليات المتحدة‬ ‫الدول الغربية الثالث ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫المريكية وفرنسا وبريطانيا‪ ،‬ش‬ ‫و� سنة‬ ‫و�قياً يحتله االتحاد‬ ‫في‬ ‫السوفيا�‪ .‬ي‬ ‫‪1948‬م‪ ،‬أخذت أ‬ ‫المور تتحسن عىل الصعيد االقتصادي ي� القسم‬ ‫الغر� الذي سمي‪ :‬جمهورية ألمانيا االتحادية‪ ،‬فيما كان الوضع‬ ‫بي‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫االقتصادي ي� �ق البالد الذي سمي‪ :‬جمهورية ألمانيا الديمقراطية‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫ال يزال سيئاً‪ .‬وكان‬ ‫لهذا سبب واضح‪ ،‬هو أن الواليات المتحدة ي‬ ‫ف‬ ‫لم تمسسها الحرب ي� أراضيها خرجت مزدهرة بصناعة نشطتها‬ ‫الرض أ‬ ‫الحرب ولم تلحق بها ال�ض ر الذي شهدته أ‬ ‫الوروبية‪ .‬ولم تكن‬ ‫الواليات المتحدة بحاجة إىل أ‬ ‫اللمان وال إىل مصانعهم وال ت‬ ‫ح� إىل‬ ‫ت‬ ‫السوفيا�‬ ‫التعويض الذي تقرر أن تدفعه ألمانيا للحلفاء‪ .‬أما االتحاد‬ ‫ي‬ ‫كث�اً من المصانع من الجانب‬ ‫الذي خرج مثخناً بالخراب‪ ،‬فبدأ ينقل ي‬ ‫ش‬ ‫ال� ق ي� من ألمانيا إىل أرضه‪ ،‬بدل التعويض الذي أقر له بموجب‬ ‫ف‬ ‫تسوية ما بعد الحرب‪ .‬ورسعان ما أخذ هذا الفرق يظهر ي� مستوى‬ ‫وال� ق� ف� ألمانيا‪ ،‬ت‬ ‫ين‬ ‫كث� من العائالت‬ ‫عيش‬ ‫ال� كان ي‬ ‫الجانب� ب ي‬ ‫الغر� ش ي ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫ال� كانت جزيرة ي� قلب‬ ‫منقسما فيها يب�‬ ‫الدولت�‪ ،‬وال سيما ي� ي‬ ‫ي‬ ‫برل� ي‬ ‫ألمانيا ش‬ ‫أمريك‬ ‫ال�قية‪ ،‬وكانت منقسمة هي نفسها إىل أربعة قطاعات‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫وسوفيا�‪.‬‬ ‫وبريطا�‬ ‫نس‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وفر ي‬ ‫ت‬ ‫من داخل ي ن‬ ‫ال� تتوسط ألمانيا ش‬ ‫ال�قية‪ ،‬ومن داخل‬ ‫برل� الغربية هذه‪ ،‬ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أرض ألمانيا الغربية المتاخمة‪ ،‬كان االتصال ي ن‬ ‫ب� اللمان ي� البدء‬ ‫ميسوراً‪ ،‬لكنه أخذ يضيق شيئاً فشيئاً‪ ،‬مع بداية الحرب الباردة‪.‬‬ ‫ب� أ‬ ‫ين‬ ‫وح� بدأ فارق مستوى العيش ي ن‬ ‫ين‬ ‫الذاعة‬ ‫ال‬ ‫لمانيت� يتسع‪ ،‬كانت إ‬ ‫ال� ي ن‬ ‫تتوىل إخبار ش‬ ‫قي� ببعض ما ُحظر عليهم سماعه من تقدم عند‬ ‫ف‬ ‫أقربائهم ف ي� الغرب‪ .‬وصدف أن ظهرت التلفزة ي� ذلك الوقت‪ .‬كانت‬ ‫الرقابة الشيوعية الصارمة قادرة عىل منع المنشورات والصحف‬ ‫التية من الغرب‪ ،‬أما موجات أ‬ ‫والكتب آ‬ ‫ن‬ ‫التلفزيو� فكان‬ ‫ال يث� والبث‬ ‫ي‬ ‫أمرهما صعباً‪ .‬كان الشيوعيون المتشددون والحزبيون التقليديون‬ ‫ت‬ ‫ال� تروج ف ي� الغرب وتستهوي أذواق‬ ‫ينظرون نظرة ارتياب إىل المالبس ي‬ ‫ال� ي ن‬ ‫ش‬ ‫قي�‪ ،‬وال سيما الشبان‪ .‬وكانوا يصنفون هذا التأثر عىل أنه «تأثر‬

‫أشد الخشية أن يتسع التأثر‬ ‫بنمط حياة بورجوازية فاسدة»‪ ،‬ويخشون ّ‬ ‫ن‬ ‫وح� أخذ الخياطون‬ ‫من الجانب االجتماعي إىل االقتصاد والسياسة‪ .‬ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ف ي� ألمانيا ش‬ ‫�ء‬ ‫ال�قية‪ ،‬يسايرون ذوق زبائنهم من الشبان الر ي‬ ‫اغب� ي� ي‬ ‫الجي�‪ ،‬كانت الجودة ن‬ ‫مما يروج ف� الغرب‪ ،‬مثل ن ز‬ ‫أد� مرتبة والوقت‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫و� سنة‬ ‫متأخراً سنوات عن زمن بدء دروج المالبس ي� الغرب‪ .‬ي‬ ‫برل� الغربية �ف‬ ‫برل�‪ ،‬الذي أحاط ي ن‬ ‫شيد الشيوعيون جدار ي ن‬ ‫‪1961‬م‪َّ ،‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫برل� ال�قية‪.‬‬ ‫ال� تتالصق فيها الحياء‪ ،‬مع أحياء ي‬ ‫بعض المناطق ي‬ ‫ش‬ ‫َّ‬ ‫لكن هذا الجدار الذي قلص احتمال االنتقال أو الهرب من �ق‬ ‫الذاعي‬ ‫المدينة إىل غربها‪ ،‬لم يستطع بالطبع أن يمنع انتقال البث إ‬ ‫والتلفزيو�‪ ،‬من غرب المدينة إىل ش�قها‪ .‬كانت ألمانيا حالة خاصة �ف‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ال� ق� والغر�‪ ،‬ألن أ‬ ‫ال� ي ن‬ ‫ن‬ ‫اللمان ش‬ ‫قي�‬ ‫الحرب‬ ‫بي‬ ‫الباردة يب� المعسكرين أ ش ي‬ ‫أ‬ ‫الغربي�‪ ،‬بل إن التماس يب�ن‬ ‫ين‬ ‫لغتهم الم هي نفسها لغة اللمان‬ ‫ين‬ ‫الجانب� كان وثيقاً يصعب فكاكه‪ .‬ولم تكن حالة تشيكوسلوفاكيا أو‬ ‫ق‬ ‫المجر أو بولندا‪ ،‬وهي دول انتقلت إىل المعسكر ش‬ ‫ال� ي� موحدة يغ�‬ ‫مقسومة‪ .‬كانت اللغة والصالت االجتماعية أ‬ ‫اللمانية حصان طروادة‬ ‫الذي اقتحم المعسكر ش ق‬ ‫اندن�غ‪ ،‬رمز الحدود ي ن‬ ‫ب�‬ ‫ال� ي�‪ ،‬من بوابة بر ب‬ ‫لين�‪ ،‬ف� جادة ت‬ ‫ب ن‬ ‫أون� دن ليندن‪.‬‬ ‫ال� ي ي‬ ‫ينت� ي ن‬ ‫ف� هذه الحقبة من التاريخ بالضبط‪ ،‬كان ن ز‬ ‫الجي� ش‬ ‫ب� الشبان‬ ‫في‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ي� الغرب انتشار النار ي� الهشيم‪ ،‬ولم تكن ثورة الطالب ي� فرنسا‬ ‫سنة ‪1968‬م تدفع ف� اتجاه معاكس‪ ،‬بل إنها فاقمت أ‬ ‫المور‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫ش‬ ‫العقائدي� المتشددين ي� المعسكر ال� ي�‪ .‬وعندما جاءت‬ ‫لدى‬ ‫ض‬ ‫ن‬ ‫ز‬ ‫السبعينيات من القرن الما�‪ ،‬كانت موضة الجي� والقمصان‬ ‫البسيطة قد غلبت عىل لباس ي الشبان ف� ألمانيا الغربية‪ .‬وساعد �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الوضع� عىل الصعيد االقتصادي‪،‬‬ ‫ذلك اشتداد الوضوح ف ي� تباين‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫جان� البالد‪ .‬إذ كان النجاح بادياً ف ي� الغرب‪ ،‬ولم يكن ما ف ي�‬ ‫ي� كل من ب ي‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫الذاعي‬ ‫يأ� من البث إ‬ ‫ال�ق يشبهه عىل إ‬ ‫الطالق‪ .‬أما ي‬ ‫التأث� فلم يكن ي‬ ‫ن‬ ‫فيل برانت‪،‬‬ ‫ي‬ ‫والتلفزيو� من ألمانيا الغربية وحدها‪ .‬فبعد اعتماد ي‬ ‫ش‬ ‫مستشار ألمانيا الغربية آنذاك‪ ،‬سياسة االنفتاح عىل ألمانيا ال�قية‪،‬‬ ‫أخذ أ‬ ‫ين‬ ‫الوالد والشبان ش‬ ‫المقيم�‬ ‫ال�قيون يتلقون من أفراد عائالتهم‬


‫ف� الغرب‪ ،‬بل ت‬ ‫ح� ف� أمريكا نفسها‪ ،‬مالبس وهدايا‪ .‬وكان ن ز‬ ‫الجي� من‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ز‬ ‫أفضل ما يتوقعونه منهم‪ .‬والجي� رخيص ي� الغرب‪.‬‬ ‫ال� أنشأتها الحكومة أ‬ ‫أضف إىل ذلك أن الرقابة نفسها ت‬ ‫اللمانية‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ال�قية الشيوعية عىل المطبوعات‪ ،‬لم يكن ثمة ما يوازيها ف ي� مجال‬ ‫ن‬ ‫يشوشان‬ ‫الذاعي أو‬ ‫مراقبة البث إ‬ ‫التلفزيو�‪ .‬ومع أن المعسكرين كانا ِّ‬ ‫آي‬ ‫ف‬ ‫بعضهما عىل إذاعات البعض الخر ي� خضم الحرب الباردة‪ ،‬إال‬ ‫أن الغريب ف ي� هذه الحرب أن ألمانيا ش‬ ‫ال�قية لم تشوش عىل البث‬ ‫والتلفزيو� آ‬ ‫ن‬ ‫ال ت ي� من ألمانيا الغربية‪ .‬صحيح أن االستماع‬ ‫الذاعي‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫إىل إذاعات الغرب ومشاهدة تلفزيونات الجانب آ‬ ‫الخر‪ ،‬كان ممنوعاً‬ ‫ف‬ ‫أ ن‬ ‫لما� الشيوعي آنذاك‪ ،‬إال أن الجميع كان يستمع إىل‬ ‫ي� القانون ال ي‬ ‫ن‬ ‫التلفزيو� من ي ن‬ ‫برل� الغربية ومن ألمانيا‬ ‫الذاعات‪ .‬وكان البث‬ ‫هذه إ‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ش‬ ‫ا� ألمانيا ال�قية‪ ،‬عدا قليل من‬ ‫الغربية نفسها يصل إىل معظم أر ي‬ ‫ت‬ ‫كب� من‬ ‫ال� كانت جبال تحجب عنها هذا البث‪ .‬ويرى عدد ي‬ ‫المناطق ي‬ ‫الغر�‪ ،‬وال سيما اللباس‬ ‫علماء االجتماع أن مشاهدة أسلوب العيش ب ي‬

‫ت‬ ‫ال� ي ن‬ ‫ش‬ ‫والرفاه‪ ،‬كان أشد أثراً ف ي� ش‬ ‫ال�‬ ‫قي� من الدعاية السياسية المبا�ة ي‬ ‫الكث�ة والمتنوعة‪ .‬ولم يقترص ما‬ ‫كان الغرب يبثها بع� وسائل إعالمه ي‬ ‫يشاهده أ‬ ‫اللمان ش‬ ‫ال�قيون ف ي� هذه الوسائل عىل ما ينتجه إخوانهم‬ ‫ت‬ ‫ال� كانت تصل إليهم كانت‬ ‫الغربيون‪ ،‬بل إن نسبة ي‬ ‫كب�ة من المادة ي‬ ‫ً‬ ‫مادة أمريكية وأفالم «كاوبوي» أو أفالما اجتماعية تلفت االنتباه‬ ‫البطال من مالبس عىل الطريقة أ‬ ‫بما يرتدي فيها أ‬ ‫ن‬ ‫والجي�ز‬ ‫المريكية‪.‬‬ ‫ف� الطليعة‪ .‬ويعرف الذين ن‬ ‫تس� لهم السفر إىل البالد الشيوعية ف ي�‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫الما�‪ ،‬أيام النظام الشيوعي‪،‬‬ ‫السبعينيات والثمانينيات من القرن‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫أن المالبس كانت عىل رأس قائمة السلع المشتهاة ي� تلك البالد‬ ‫آنذاك‪ ،‬ت‬ ‫ح� إن الطالب الذين كانوا يهربون رساويل ن ز‬ ‫الجي� أو جوارب‬ ‫ّ‬ ‫يسددون جزءاً ملحوظاً من نفقاتهم هناك من‬ ‫النساء «النايلون» كانوا ِّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� كانت يغ� قانونية‪ .‬وأما السكان ي� تلك البالد‪،‬‬ ‫بيع هذه المهربات ي‬ ‫فكانوا يدخرون ما أمكنهم من عملة صعبة‪ ،‬بل صعبة جداً‪ ،‬شل�اء‬ ‫ف‬ ‫خط� ف ي� الحرب الباردة‬ ‫و� طليعتها سالح ي‬ ‫هذه المالبس المهربة‪ ،‬ي‬ ‫اسمه‪ ...‬ن ز‬ ‫الجي�‪.‬‬


‫‪| 104‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫الجينز والبيئة‬

‫الجي� أ‬ ‫عىل الرغم من أن رسوال ن ز‬ ‫الزرق يُغسل أقل من يغ�ه من‬ ‫أ‬ ‫تقدر الوساط العلمية‬ ‫المالبس كالقمصان البيضاء وما شابهها‪ ،‬إذ ِّ‬ ‫معدل ما يستهلكه رسوال ن ز‬ ‫الجي� الواحد من الماء عىل مدى عمره‬ ‫أن َّ‬ ‫ت‬ ‫يبلغ نحو ‪ 3479‬لي�اً‪ ،‬ويشمل هذا الرقم الماء الالزم لري قطنه‬ ‫ئ‬ ‫نز‬ ‫البي� تصبح‬ ‫وتصنيعه وغسله‪ .‬يغ� أن قضية أالجي� عىل المستوى ي‬ ‫أخطر من ذلك‪ ،‬عندما يتعلق المر برساويل ن ز‬ ‫الجي� ذات المظهر‬ ‫فلضفاء هذا المظهر‪ ،‬تستخدم المصانع مجموعة من‬ ‫المستعمل‪ .‬إ‬ ‫المواد الكيميائية مثل برمنغانات البوتاسيوم‪ ،‬والهيبوكلورايت والفينول‬ ‫وبعض الراتنجات أ‬ ‫والحماض‪ .‬ومن وسائل تعتيق ن ز‬ ‫الجي� غسله بالرمال‬ ‫أو حكه بورق الزجاج‪ ..‬واستنشاق غبار هذه المواد يمكنه أن يؤدي‬ ‫إىل مرض رئوي يُعرف باسم «سيليكوزيس»‪ .‬وتذكر موسوعة ويكيبيديا‬ ‫أن مصانع ن ز‬ ‫الجي� ف ي� تركيا‪ ،‬شهدت خمسة آالف إصابة بهذا المرض‪،‬‬ ‫انتهت ‪ 46‬منها إىل الوفاة‪ .‬مما حمل عدداً من ش�كات تصنيع ن ز‬ ‫الجي�‬ ‫عىل إعالن امتناعها عن استخدام ورق الزجاج والرمال ف ي� «تعتيق»‬ ‫نز‬ ‫الجي�‪.‬‬ ‫ف ي� أواخر عام ‪2010‬م‪ ،‬أجرت منظمة «غرين بيس آسيا» استطالعاً‬ ‫الص�‪ ،‬ت‬ ‫ال� تُعد عاصمة صناعة ن ز‬ ‫ألحوال منطقة كسينتا ف� ي ن‬ ‫الجي� ف ي�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫العالم بإنتاجها البالغ ‪ 260‬مليون رسوال سنوياً‪ ،‬أي ما يوازي ‪ 60‬ف ي�‬ ‫الجي� ف� ي ن‬ ‫المئة من إجمال إنتاج ن ز‬ ‫الص� و‪ 40‬ف ي� المئة مما يباع ف ي� أمريكا‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫خالل العام الواحد‪.‬‬ ‫وجاء ف ي� التقرير الذي شن�ته المنظمة عىل موقعها أن تحليل ‪ 21‬عينة‬ ‫من مياه هذه المنطقة‪ ،‬أكد احتوائها عىل خمس معادن ثقيلة هي‬ ‫الكادميوم‪ ،‬الكروميوم‪ ،‬الزئبق‪ ،‬الرصاص‪ ،‬والنحاس‪ ،‬المتأتية من‬ ‫الجي� وصباغته وتعتيقه‪ .‬وأن نسبة الكادميوم بلغت �ف‬ ‫صناعة قماش ن ز‬ ‫ي‬ ‫إحدى العينات ‪ 128‬مرة الحد أ‬ ‫القىص المسموح به ف� ي ن‬ ‫الص�‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫العامل� ف ي� صباغ‬ ‫ونسب التقرير إىل شهود عيان وعمال أن معظم‬ ‫نز‬ ‫الجي� وغسله‪ ،‬يعانون من متاعب صحية متفاوتة الخطورة‪ ،‬ينتهي‬ ‫النجاب‪.‬‬ ‫كث� منها بأورام رئوية قاتلة‪ ،‬وفقدان القدرة عىل إ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ز‬ ‫ش‬ ‫ويُروى أن �كة «ليفايز» طرحت مؤخراً جي�اً صديقاً للبيئة‪ ،‬مصنوعاً‬ ‫ت‬ ‫النبا�)‪ ،‬ومصبوغاً بمواد صباغة طبيعية‪،‬‬ ‫من القطن العضوي ي‬ ‫(غ� ي‬ ‫ويحمل زراً عىل الوسط من قوقعة جوز الهند الطبيعي‪ ،‬والورقة ال�ت‬ ‫ي‬ ‫بح�‬ ‫تحمل السعر مصنوعة من الورق المعاد تدويره‪ ،‬ومطبوع عليها ب‬ ‫من الصويا (الصديقة للبيئة)‪ ،‬أما السعر المطبوع عىل الورقة فهو‬ ‫بكل بساطة ‪ 250‬دوالراً‪.‬‬


‫دليل المعلِّمين لمحتوى القافلة‬ ‫الطاقة‬ ‫الشمسية‬

‫تحت سقفها‬ ‫الواقعي‬

‫‪7|6‬‬

‫نقاش مفتوح‬

‫جلسة نقاش على هامش‬ ‫معرض جدة للكتاب‬

‫د‪ .‬أشرف فقيه‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2016‬‬

‫معارض الكتاب‬ ‫ومتاعبها‬

‫الطاقة ال‬ ‫شمسية تحت‬ ‫س‬ ‫قفها الواقعي‬

‫مقابل الصو‬ ‫للطاقة ال رة التي يرسمها البعض‬ ‫شم‬ ‫المشكال سية على أنها الحل لكل‬ ‫ت‪ ،‬يت َّ‬ ‫ضمن هذا البحث الإشارة‬ ‫إلى أن التقدم ف‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ست‬ ‫ثم‬ ‫ار‬ ‫ه‬ ‫ذه‬ ‫ال‬ ‫طا‬ ‫قة‬ ‫النظيفة ال يزال ي‬ ‫وا‬ ‫جه‬ ‫ص‬ ‫ع‬ ‫ً‬ ‫اب‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫قت‬ ‫ص‬ ‫اد‬ ‫ية‬ ‫وتقنية آوحتى بيئي‬ ‫ة‪،‬‬ ‫رغ‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ما‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫إن‬ ‫جازه‬ ‫حتى ا‬ ‫لن على هذا الصعيد‪.‬‬

‫ِّ‬ ‫تشكل معارض الكتب مناسبات الستطالع أحوال الكتاب‬ ‫«بالجملة»‪ ،‬وهو ما تكون الصحافة الثقافية قد قامت به‬ ‫«بالمفرَّ ق» من حين إلى آخر‪ .‬أزمة قراءة‪ ،‬أزمة تأليف‪ ،‬ضعف‬ ‫التوزيع‪ ،‬مسألة الحقوق‪ ..‬إلخ‪ .‬وعلى الرغم من الطابع السلبي‬ ‫ً‬ ‫غالبا ما يميِّ ز العناوين التي تتناول حال الكتاب العربي‪ ،‬تبدو‬ ‫الذي‬ ‫ً‬ ‫ظاهريا على األقل ‪ -‬سوء‬ ‫معارض الكتب ذات حيوية تناقض ‪-‬‬ ‫األحوال التي يشكو منها كثيرون‪ .‬فهل هذه المعارض هي الدواء؟‬

‫تغطية عمر المضواحي‬ ‫تصوير هادي جبيلي‬

‫معارض ال‬ ‫ك‬ ‫تا‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫تا‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫في جلسة النقا‬

‫ش‬ ‫أهمية معارض ا هذه مجموعة آراء حول‬ ‫لبعض الآراء لكتاب ودورها‪ .‬ويمكن‬ ‫أن تكو‬ ‫أهمية هذه المع ن منطلقات الستكشاف‬ ‫ارض بالنسبة للطالب‪.‬‬

‫أدب وفنون‬

‫ً‬ ‫تقريبا‪،‬‬ ‫ينقسم األدب الكردي‪ ،‬كما كل اآلداب‬ ‫ُ‬ ‫إلى أدب شعبي وأدب َّ‬ ‫البعض‬ ‫مدون‪ .‬ويَ عد‬ ‫َ‬ ‫واضع‬ ‫مال أحمد جزيري (‪975‬م ‪1055 -‬م)‬ ‫البداية األولى لتدوين الثقافة الكردية‪.‬‬ ‫أما قبل ذلك فكان األدب الشعبي الكردي‬ ‫ً‬ ‫شفهيا‪ ،‬ينتقل من جيل إلى جيل عبر الرواة‬ ‫والمغنين الذين كان لهم الفضل األكبر في‬ ‫الحفاظ عليه من الضياع وتمريره لألجيال‪،‬‬ ‫على رغم معاناة الشعب الكردي من األمية‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫حياة البداوة والترحال بين‬ ‫طويال‪ ،‬وعيشه‬ ‫جبال كردستان وسط طبيعة وظروف مناخية‬ ‫صعبة‪ .‬وبال شك فإن راوي القصة (الحكواتي‬ ‫أو جيروكبيج) والمغني (دنكبيج) هما الرائدان‬ ‫في األدب الشفهي؛ ألنهما ينقالن صورة‬ ‫حقيقية ومتنوعة عن ٍ‬ ‫بالد عانت من سيطرة‬ ‫الطبقات الحاكمة ومن النزاعات العشائرية‪.‬‬ ‫وفي المجمل‪ ،‬كان هذا األدب مرآة حقيقية‬ ‫عكست روح الشعب الكردي ومزاجه وتاريخه‪،‬‬ ‫وكافة المناسبات االجتماعية كاألفراح واألتراح‬ ‫والحروب واالنتصارات وقصص ُ‬ ‫الحب ومالحم‬ ‫البطولة وفصول السنة ومواسم االصطياف‪.‬‬

‫مهوش أحمد‬ ‫َ‬

‫ويدونه‬ ‫ِّ‬ ‫صالح حيدو يجمعه‬

‫األدب الشعبي‬ ‫عند األكراد األد‬ ‫ب الشعبي عند‬ ‫األكراد‬ ‫عرض لهذا أ‬ ‫أ‬ ‫العربي الدب المجاور للدب‬ ‫وخصو‬ ‫من االطالع عل صياته‪ ،‬يش ِّجع على مزيد‬ ‫ى‬ ‫الحكايات وا أ ألوانه أالتي تتراوح بين‬ ‫لشعار والحاجي‪.‬‬

‫الملف‪:‬‬

‫الجينز‬ ‫األزرق‬ ‫اكتسب سروال ال‬ ‫جينز األزرق خالل‬ ‫العقود القليلة‬ ‫الماضية مكانة‬ ‫في الحياة الي‬ ‫ومية ترتقي به من‬ ‫كونه مجرد قطعة‬ ‫لباس إلى مرتبة‬ ‫ذات بُ عد ثقافي‬ ‫واجتماعي تستحق‬ ‫التوقف أمامها‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫أطل على ال‬ ‫حياة اليومية كرمز‬ ‫من رموز البسا‬ ‫طة‪ ،‬ينتصر للطابع‬ ‫العمالني ا‬ ‫لذي يجب أن يميِّ ز‬ ‫األ‬ ‫شياء‬ ‫كما‬ ‫نريدها‬ ‫في عصرنا‪ .‬وعلى‬ ‫الرغم من أنه‬ ‫فقد داللته الرمزية‬ ‫واال‬ ‫جتماعية األولى‪،‬‬ ‫فإنه‬ ‫تابع‬ ‫تق‬ ‫دمه‬ ‫في كل اتجاه في‬ ‫العالم‪ ،‬وفرض‬ ‫نفسه على خ‬ ‫زائن األثرياء بعدما‬ ‫ان‬ ‫طلق من بيوت ال‬ ‫عمال والفقراء‪.‬‬ ‫في هذا ال‬ ‫ملف إطاللة من‬ ‫إبراهيم العريس‬ ‫وشوقي الدويهي‪،‬‬ ‫وب‬ ‫مسا‬ ‫همة‬ ‫محدودة من فريق‬ ‫التحرير‪ ،‬على‬ ‫عالم سروال الجينز‬ ‫األزرق وتاريخه‬ ‫َّ‬ ‫ومس‬ ‫يرته‪،‬‬ ‫عل‬ ‫في ذلك‬ ‫ما ِّ‬ ‫يفسر لغز تم‬ ‫َّ سك العالم بقطعة‬ ‫مالبس موحدة‬ ‫استمدت قيمتها‬ ‫ا‬ ‫ألولى من بساطتها‪.‬‬

‫ملف الجينز‬

‫سروال ال‬ ‫االبتكارا جينز هو واحد من أشهر‬ ‫ت في‬ ‫راج بهذا ال العصر الحديث‪ .‬فلماذا‬ ‫شكل؟‬ ‫وماذا تخبئ صن وما هو تاريخ صناعته؟‬ ‫ِّ‬ ‫اعته خلفها؟‬

‫طاقة‬

‫هذه الصفحة هي للتفاعل مع قطاع المعلِّمين والمعلِّمات ومساعدتهم على‬ ‫تلخيص أبرز موضوعات القافلة في إصدارها الجديد‪ ،‬وتقريبها إلى مفهوم وأذهان‬ ‫الفئات العمرية المختلفة للطالب والطالبات‪.‬‬

‫َّ‬ ‫ً‬ ‫تتصدر ال‬ ‫شمس دوما خيارات مصادر‬ ‫الطاقة البديلة‬ ‫يُ‬ ‫التي راد بها أن تحل ‪ -‬ولو‬ ‫ً‬ ‫جزئيا ‪ -‬محل‬ ‫الوقود األحفوري (النفط‬ ‫والغاز وا‬ ‫ً‬ ‫لفحم)‪ .‬ويبدو هذا االختيار‬ ‫بديهيا‬ ‫لعدة أسباب‪ .‬فال‬ ‫ً‬ ‫شمس كانت دوما موجودة‬ ‫ومتوهجة تغمر‬ ‫كوكبنا بالضياء والدفء منذ‬ ‫‪ 5‬مليارات سنة‪ .‬كما‬ ‫أن الطاقة الناتجة عنها‬ ‫تستتبع مخاطر أقل‬ ‫إذا ما قورنت بالطاقة‬ ‫ً‬ ‫النووية مثال‪ ..‬وثمة ت‬ ‫قديرات أولية تشير إلى‬ ‫أن مقدار ا‬ ‫إلسقاط الشمسي الواقع على‬ ‫صحراء الربع‬ ‫الخالي وحده كفيل بتغطية‬ ‫حاجة الكوكب بأسره‬ ‫من‬ ‫الطاقة‬ ‫الك‬ ‫هربائية‪.‬‬ ‫لِ َم ال تحل ال‬ ‫شمس ‪ -‬والحال كذلك ‪-‬‬ ‫محل الوقود األ‬ ‫حفوري بالكليَّ ة؟ لم ال‬ ‫تحرك الكهرباء ال‬ ‫شمسية سياراتنا وتضيئ‬ ‫ً‬ ‫بيوتنا‬ ‫بدال من ا‬ ‫العتماد على المفاعالت‬ ‫النووية والفحم‬ ‫وسواها‬ ‫من‬ ‫مصادر‬ ‫ً‬ ‫الطاقة األقل‬ ‫أمانا؟‬


Saudi Aramco website

Qafilah website

Al-Qafilah Bi-Monthly Cultural Magazine A Saudi Aramco Publication January - February 2016 Volume 65 - Issue 1 P. O. Box 1389 Dhahran 31311 Kingdom of Saudi Arabia www.saudiaramco.com


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.