Qafilah janfeb 2015

Page 1

‫مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين ‪ .‬العدد ‪ . 1‬مجلد ‪ . 64‬يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫الورشة‬

‫من خطط الحروب‬ ‫إىل أ‬ ‫العمال‬ ‫أدب‪ :‬العالقة الشائكة ي ن‬ ‫ب�‬ ‫الكاتب والمحرر‬

‫الملف‬ ‫الحياة الفطرية‬


‫مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين‬

‫العدد ‪ . 1‬مجلد ‪64‬‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫النـــــــاشر‬ ‫شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية)‪،‬‬ ‫الظهران‬ ‫رئيس الشركة‪ ،‬كبير إدارييها التنفيذيين‬ ‫خالد بن عبدالعزيز الفالح‬

‫ت‬ ‫للمش� ي ن‬ ‫توزع مجاناً‬ ‫ك�‬ ‫• العنوان‪ :‬أرامكو السعودية‬ ‫ص‪.‬ب ‪ 1389‬الظهران ‪31311‬‬ ‫المملكة العربية السعودية‬

‫المدير التنفيذي لشؤون أرامكو السعودية‬ ‫ناصر بن عبدالرزاق النفيسي‬

‫ال�يد إ ت ن‬ ‫و�‪:‬‬ ‫• ب‬ ‫اللك� ي‬ ‫‪alqafilah@aramco.com.sa‬‬

‫مدير عام دائرة الشؤون العامة‬ ‫عصام زين العابدين توفيق‬

‫• الموقع إ ت ن‬ ‫و�‪:‬‬ ‫اللك� ي‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬ ‫• الهواتف ‪:‬‬ ‫ فريق التحرير‪+966 13 876 0175 :‬‬ ‫ت‬ ‫االش�اكات‪+966 13 876 0477 :‬‬ ‫فاكس‪+966 13 876 0303 :‬‬

‫رئيس التحرير‬ ‫محمد الدميني‬ ‫تصميم وتحرير‬

‫‪www.mohtaraf.com‬‬

‫صورة الغالف‬ ‫الغالف | ورشة عمل «القافلة» كانت‬ ‫هذه المرة بعنوان «نظرية أ‬ ‫اللعاب»‪،‬‬ ‫وهو اسم واحدة من أحدث النظريات‬ ‫الهادفة إلى تطوير التفكير االستراتيجي‬ ‫في عالم أ‬ ‫العمال انطالقاً مما تتكشف‬ ‫عنه أ‬ ‫اللعاب من عناصر وعوامل تقود إما‬ ‫إلى الفوز وإما إلى الخسارة‪ .‬وهي ورشة‬ ‫أدارها المهندس دانيال ّنمور وشارك فيها‬ ‫حوالي ‪ 15‬شخصاً تعددت اختصاصاتهم‬ ‫ونشاطاتهم الوظيفية واالقتصادية‪.‬‬

‫طباعة‬ ‫شركة مطابع التريكي‬ ‫‪www.altraiki.com‬‬ ‫ردمد ‪ISSN 1319-0547‬‬ ‫• جميع المراسالت باسم رئيس التحرير‪.‬‬ ‫يعبر بالضرورة عن رأيها‪.‬‬ ‫• ما ينشر فـي القافلة ال ِّ‬ ‫• ال يجوز إعادة نشر أي من موضوعات أو صور‬ ‫«القافلة» إال بإذن خطي من إدارة التحرير‪.‬‬ ‫• ال تقبل «القافلة» إال أصول الموضوعات التي لم يسبق‬ ‫نشرها‪.‬‬


‫محتوى العدد‬

‫ً‬ ‫معا‬ ‫الرحلة‬ ‫من رئيس التحرير ‬ ‫القراء ‬ ‫مع َّ‬ ‫أكثر من رسالة ‬

‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬

‫المحطة األولى‬ ‫ورشة عمل‪ :‬ورشة عمل استراتيجية اللّعب ‪6‬‬ ‫‪14‬‬ ‫بداية كالم‪ :‬كيف الحال مع فيسبوك؟ ‬ ‫‪16‬‬ ‫كتب ‬ ‫قول في مقال‪ :‬الثقافة حالة تالية‬ ‫‪20‬‬ ‫لتوفر أدوات التعبير ‬ ‫علوم وطاقة‬ ‫علوم‪ :‬التجربة أ‬ ‫اللمانية في بناء‬

‫‪21‬‬ ‫مجتمع المعرفة ‬ ‫‪27‬‬ ‫كيف يعمل؟‪ :‬محرك االحتراق الداخلي ‬ ‫‪28‬‬ ‫النسان كأحفورة متحركة ‬ ‫إ‬ ‫العلم خيال‪ :‬قارئ أ‬ ‫‪32‬‬ ‫الفكار ‬ ‫منتج‪ :‬الصمام الثنائي الباعث للضوء ‪34 LED‬‬ ‫‪35‬‬ ‫طاقة‪ :‬هيدرات الميثان‪ ..‬‬ ‫‪40‬‬ ‫من المختبر ‬ ‫‪41‬‬ ‫االسم المعياري‪ :‬ريختر ‬ ‫‪42‬‬ ‫ماذا لو‪ :‬ماذا لو لم نتوقف عن النمو؟ ‬ ‫حياتنا اليوم‬ ‫ركالت الترجي ح‬ ‫البعد االجتماعي للهدايا ‬ ‫ُ‬

‫‪@QafilahMagazine‬‬

‫‪43‬‬ ‫‪48‬‬

‫السر ‬ ‫أسرار كلمات ّ‬ ‫أ‬ ‫تخصص جديد‪ :‬ريادة العمال‪ ..‬إطالق‬ ‫المشاريع المبتكرة ‬ ‫مصور المدن من‬ ‫ج‪.‬ر‪.‬‬ ‫عين وعدسة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫خالل وجوه أهلها ‬ ‫فكرة‪ :‬المبنى الموسيقي ‬

‫‪52‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪60‬‬

‫أدب وفنون‬

‫أدب‪ :‬العالقة الشائكة بين أ‬ ‫الديب والمحرر ‪61‬‬ ‫فنان ومكان‪ :‬المقهى في أعمال الفنان‬ ‫‪66‬‬ ‫خليل حسن خليل ‬ ‫أقول شعراً‪َ :‬م ْن يكتب َم ْن‪ ..‬الشاعر أم‬ ‫‪68‬‬ ‫القصيدة؟ ‬ ‫‪70‬‬ ‫ذاكرة القافلة‪ :‬جازان قبل نصف قرن ‬ ‫لغويات‪ :‬العربية‪ ..‬هل هي لغة‬ ‫‪72‬‬ ‫الضاد حقاً؟؟ ‬ ‫‪73‬‬ ‫فرشاة وإزميل‪ :‬فاطمة النمر ‬ ‫سينما سعودية‪ :‬ثريا أبار‪ ..‬من التصوير‬ ‫‪78‬‬ ‫الفوتوغرافي إلى السينما ‬ ‫‪80‬‬ ‫رأي أدبي‪ :‬رقص رقص رقص ‬ ‫التقرير‬ ‫الثروة السمكية العربية ‬

‫‪81‬‬

‫الملف‬ ‫الحياة الفطرية ‬

‫‪89‬‬


‫‪3|2‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫القافلة أونالين‬

‫—‪www.qafilah.com‬‬

‫تصفّح القافلة أونالين بح َّلة جديدة وموضوعات‬ ‫موسعة لتشمل أ‬ ‫الفالم الوثائقية والمقابالت‬ ‫ّ‬ ‫المسجلة والشعر بالصوت والصورة‪.‬‬

‫ورشة عمل | «نظرية أ‬ ‫اللعاب»‪ ،‬وهو‬ ‫اسم واحدة من أحدث النظريات الهادفة‬ ‫إلى تطوير التفكير االستراتيجي في عالم‬ ‫العمال انطالقاً مما تتكشف عنه أ‬ ‫أ‬ ‫اللعاب‬ ‫من عناصر وعوامل تقود إما إلى الفوز‬ ‫وإما إلى الخسارة‪.‬‬

‫فرشاة وإزميل | يقع مرسم الفنانة‬ ‫التشكيلية السعودية الشابة فاطمة النمر‬ ‫في مدينة القطيف في المنطقه الشرقية‪،‬‬ ‫في منزل ّ‬ ‫يطل على أزرق الخليج وأخضر‬ ‫المتنوعة‬ ‫الحديقة القريبة وألوان الزهور‬ ‫ّ‬ ‫النابتة فيها‪ .‬في هذا المرسم تنتج لوحاتها‬ ‫التي تقوم بأغلبها على رسم التفاصيل من‬ ‫أشكال ونقوش وجزيئات صغيرة‪ ،‬وكأنها‬ ‫المكبرة في كل سنتيمتر‬ ‫تستخدم العدسة ّ‬ ‫على قماش لوحتها‪.‬‬

‫ين‬ ‫ع� وعدسة | يشاهد الفنان الفرنسي‬ ‫ج‪ .‬ر‪ ،.‬ملك ما يعرف بفن الشوارع‪،‬‬ ‫يتجول في مدن الصفيح أو‬ ‫دائماً وهو َّ‬ ‫في أحياء البؤس الشعبية الحساسة التي‬ ‫تشكل قروح المدن الكبرى‪ .‬وها هو في‬ ‫أحد أخطر أحياء مدينة ريو دي جانيرو‬ ‫البرازيلية‪ ،‬محاطاً بأناس فرحين‪.‬‬

‫طاقة | بعد ‪ 12‬عاماً من أ‬ ‫البحاث وعلى‬ ‫بعد ‪ 80‬كيلومتراً قبالة السواحل اليابانية‬ ‫في المحيط الهادي‪ ،‬تم استخراج عشرات‬ ‫آالف أ‬ ‫المتار المكعبة من الغاز المشتعل‬ ‫كثير ‪-‬شأن كثير من الموارد‬ ‫الذي ُيعده ٌ‬ ‫الواعدة‪ -‬واحداً من مصادر الطاقة‬ ‫المستقبلية المرتقبة‪ ،‬على الرغم من‬ ‫التحديات البيئية والتشغيلية الكبرى التي‬ ‫تعترض هذا المشروع‪.‬‬

‫تضمن عدد القافلة لشهر‬ ‫ذاكرة القافلة | َّ‬ ‫يونيو ‪1971‬م‪ ،‬استطالعاً مصوراً حول‬ ‫جازان بقلم سليمان نصر هللا‪ ،‬لمناسبة‬ ‫تدشين سد وادي جازان‪ .‬ومن االستطالع‬ ‫الذي صدر في ‪ 12‬صفحة نختار‬ ‫تصور ما كانت عليه المدينة‬ ‫مقتطفات ِّ‬ ‫ومنطقتها آنذاك‪..‬‬

‫الملف | نستعرض في هذا الملف بعض‬ ‫ما أنجزه العالم المعاصر على صعيد‬ ‫حماية الحياة الفطرية‪ ،‬بعد تاريخ‬ ‫طويل م ّهد الطريق أمام وعينا الحاضر‬ ‫أ‬ ‫ومكوناتها‪ ،‬وفيه كثير مما يؤكد‬ ‫لهميتها ّ‬ ‫النساني وثقافاته‬ ‫أن حضورها في التاريخ إ‬ ‫كان أكبر مما نعتقد‪.‬‬


‫تحية وبعد‬

‫إنها ظاهرة إدارية تستحق القراءة والفحص‪ ،‬يسميها‬ ‫البعض «القيادات الشابة» ف� ريادة أ‬ ‫العمال ويسميها‬ ‫ي‬ ‫آخرون «الطاقات الواعدة»‪ .‬ولكن بعيداً عن المسميات‬ ‫فإنها ش�يحة يزداد حضورها ف ي� المؤسسات ش‬ ‫وال�كات‪،‬‬ ‫ين‬ ‫ف ي�‬ ‫القطاع� العام والخاص‪ ،‬عىل حد سواء‪ .‬وهي ظاهرة تزداد أهمية ف ي�‬ ‫أ‬ ‫مجتمعاتنا العربية نظراً إىل أنها ش‬ ‫تش� إىل‬ ‫ال�يحة الغلب سكانياً‪ .‬فالدراسات ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ال� تراوح أعمارها يب� ‪ 15‬و‪ 35‬سنة أصبحت تشكِّل نسبة‬ ‫أن هذه ال�يحة ي‬ ‫ت‬ ‫تق�ب من ‪ %70‬من‬ ‫إجمال سكان المملكة‪ ،‬وهذا الرقم قد يزيد أو يقل قليال ً‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫ح� نقيس حالة الدول العربية الخرى‪.‬‬ ‫الداري‪ ،‬وجدت دائماً مواهب قيادية يافعة تؤدي‬ ‫عىل مدى حقب التاريخ إ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫الداري ال بك� سناً‪ ،‬والطول تجربة‪،‬‬ ‫ال� يرسمها إ‬ ‫أدوارها‪ ،‬ولكن ضمن الدائرة ي‬ ‫أ‬ ‫الدارية لتلك المواهب تصب‬ ‫المخرجات‬ ‫كانت‬ ‫خ�ة‪ ...‬وغالباً ما‬ ‫إ‬ ‫والعمق ب‬ ‫ف‬ ‫بح�ة «المدير» القابض عىل زمام المؤسسة ونظامها فيصبح‬ ‫تلقائياً ي� ي‬ ‫أ‬ ‫الصانع البرز والمعتمد لكل إنجاز‪ ،‬وتلقائياً تذبل عطاءات تلك المواهب‬ ‫ض‬ ‫البداعي واالبتكاري‪ ،‬ويصبحون أفراداً‬ ‫الخ�اء‪ ،‬وتضمر دوافعها نحو الفعل إ‬ ‫ين‬ ‫عادي�‪.‬‬ ‫كب�‪ ،‬أن زخم القيادات الشابة لم ينطلق إال مع ش�وق‬ ‫أظن‪ ،‬دون جزم ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫والدارة‬ ‫اللفية الجديدة‪ .‬فقد صعدت إىل سطح عالم العمال واالبتكار إ‬ ‫والتقنية والمال مجموعة من المواهب االبتكارية تمكنت من صناعة وتسويق‬ ‫منتجات كونية‪ ،‬أصبحت ف ي� صميم حياة كل إنسان عىل هذه البسيطة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫كث�ة هنا‪ ،‬ولكن سأكتفي بأمثلة سار بها الركبان‪ ،‬هي‪ :‬بيل غيتس‬ ‫المثلة ي‬ ‫وس�جي برين‪ ،‬ت‬ ‫ومخ�ع‬ ‫مؤسس مايكروسوفت‪ ،‬وصانعا غوغل الري بيج ي‬ ‫زوكرب�ج‪ ،‬هؤالء صنعوا ت‬ ‫مخ�عات مبهرة‪ ،‬لكنهم لم يسلِّموا‬ ‫الفيسبوك مارك‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ح�ن‬ ‫وتسوقها‪ ،‬كما كان يفعل المخ�عون الوائل‪ ،‬ي‬ ‫ابتكاراتهم شل�كات تنفِّذها ّ‬ ‫كانوا يقبلون ببعض الهبات أو الهدايا‪ ،‬ي ن‬ ‫تارك� ش‬ ‫لل�كات استثمار مبتكراتهم‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫خ�ة‪ ،‬فكل مبتكر ال يكتفي بمخ�عاته‪ ،‬بل‬ ‫لقد حدث العكس ي� العقود ال ي‬ ‫ف‬ ‫الدارية‪ ،‬وهكذا‬ ‫شي�ع ي� بناء ش�كته الخاصة ويجلب إليها ألمع العقول إ‬ ‫يصبح العقل المبتكر عقال ً إدارياً وتسويقياً‬ ‫ويتحول إىل قائد شاب‪ ،‬أو أيقونة‬ ‫َّ‬ ‫إدارية نابضة تلهم أجياال ً تم�عة بالحيوية والطاقة‪ ...‬فتنتقل العدوى بع�‬ ‫قنوات التواصل‪ ،‬وتكون المحصلة مجموعات شابة مؤهلة تطالب بنصيبها �ف‬ ‫ي‬ ‫قيادة المؤسسات أ‬ ‫والعمال‪.‬‬ ‫ين‬ ‫اليافع� واليافعات الذين يزاحمون الكبار عىل‬ ‫ولكن‪ ..‬أين تكمن أهمية هؤالء‬ ‫قيادة أعرق ش‬ ‫ال�كات والمؤسسات؟‬ ‫ف‬ ‫والخ�ات‪ ،‬وهو‬ ‫تعمل القيادات الشابة اليوم ي� محيط متالطم من المعارف ب‬ ‫ما يجعلها شديدة الحيوية والتجدد وقادرة عىل استثمار المعرفة لصقل‬ ‫مواهبها ومهاراتها‪ ،‬وهي ف ي� الوقت نفسه تستثمر منجزات التقنية الحديثة‬ ‫وأساليبها ف� تعميق تواصلها‪ ،‬وترسيع إنجازاتها‪ ،‬كما أنها تكون أكفأ ي ن‬ ‫ح�‬ ‫تعمل ف� يفرق ومجموعات متضامنة‪ ،‬وأجرأ عىل تطوير اللوائح أ‬ ‫والنظمة‬ ‫ي‬ ‫وامتالك إدارة التغي�‪ ،‬كما أنها قادرة عىل العمل مع الفرق أ‬ ‫الخرى ت‬ ‫ال�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫تنتمي إىل مرجعيات ثقافية متنوعة دون ريبة أو عقد‪ .‬ولعل إحدى خصائص‬ ‫ال� لمستها عن قرب‪ ،‬هي ف� انخراطها ف� أ‬ ‫ت‬ ‫العمال االجتماعية‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫هذه القيادات‪ ،‬ي‬ ‫والخ�ية‪ ،‬وحماية المجتمع ومصادره الحياتية والطبيعية من النفاد‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫إذن‪ ..‬فإن التفات القطاعات الحكومية والخاصة الم�ايد إىل حيوية هذه‬ ‫إيجا�‪ ،‬ت‬ ‫ح� وإن جاء‬ ‫الفئة ومنها حق الصعود إ‬ ‫الداري الرسيع‪ ،‬هو أ توجه ب ي‬ ‫متأخراً‪ .‬فعوائد هذه الخطوة عىل قطاعات العمال والخدمات‪ ،‬وما تحدثه‬ ‫من آثار اجتماعية ب َّناءة سيوطّد أقدامها‪ ،‬ويحفّز تلك القطاعات عىل االعتماد‬ ‫أك� ث‬ ‫عليها ث‬ ‫فأك� ف ي� معركة صنع المستقبل‪ ،‬وقيادة تنمية صالحة مستدامة‪..‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫هذا هو المل المعقود ي� القيادات الشابة والواعدة‪...‬‬

‫الرحلة معاً‬ ‫من رئيس التحرير‬

‫القيادات الشابة‬ ‫تتقدَّ م إلى‬ ‫الواجهة‬


‫‪5|4‬‬

‫مع القرَّ اء‬ ‫تحية وبعد‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫كما هو الحال عند صدور كل عدد‪ ،‬تلقَّت القافلة‬ ‫اللكتروني عدداً كبيراً من الرسائل‬ ‫على موقعها إ‬ ‫والتعليقات على المواد المنشورة‪ ،‬نقتطف منها‬ ‫ع ِّينة محدودة جداً بسبب ضيق المجال‪.‬‬

‫وللخت أنوار أ‬ ‫أ‬ ‫والخ كامل نقول إن صفحات القافلة‬ ‫مفتوحة لهما‪ ،‬شرط التزام المعايير المهنية‪ ،‬والتقيد‬ ‫بطبيعة أبواب المجلة‪ .‬كما أننا احتفظنا بعناوينكما‬ ‫للتنسيق مستقبالً‪ ،‬إن شاء الله‪.‬‬

‫كتب عبدالعزيز النملة على موقع المجلة يقول‪:‬‬ ‫«ركبت سيارتي‬ ‫صباحاً ألوصل ابنتي‬ ‫لينا ذات السنوات‬ ‫السبع إلى مدرستها‪.‬‬ ‫وعندما الحظت‬ ‫ابنتي مجلة القافلة‪.‬‬ ‫وكانت ال تزال ضمن‬ ‫غالفها البالستيكي‪،‬‬ ‫استأذنتني كي تفتحه‪،‬‬ ‫فسمحت لها بذلك‪ ،‬وأنا فرح بذلك‪ ،‬لعلمي أنها‬ ‫تهوى أ‬ ‫المور العلمية‪ .‬اعتقدت أنها ستتوقف عند‬ ‫التطلع إلى الصور‪ ،‬ولكنها سألتني «ما الحديقة‬ ‫الجوراسية؟»‪ .‬قلت لها إن العصر الجوراسي هو‬ ‫عصر الديناصورات‪ .‬وبسبب اهتمامها بالموضوع‪،‬‬ ‫وعدتها بأن نقرأ المقال سوية في المساء‪ .‬وظلَّت‬ ‫ابنتي تتصفح المجلة حتى وصلنا إلى المدرسة‪ .‬ثم‬ ‫خطرت في ذهني فكرة أنقلها إلى حضراتكم وهي‬ ‫إصدار ملحق خاص أ‬ ‫بالطفال مع كل عدد‪ .‬فأرامكو‬ ‫السعودية رائدة في هذا المجال‪ ،‬وخير دليل على‬ ‫ذلك تنظيمها لمعرض «إثراء» الذي زارته ابنتي أكثر‬ ‫من مرة واستفادت منه كثيراً»‪.‬‬

‫ومن سوريا كتب القاص محمد طه خلف الناصر‬ ‫يسأل عن إمكانية نشر مجموعة من القصص القصيرة‬ ‫في زاوية خاصة على صفحات القافلة‪.‬‬

‫ومن جامعة الملك عبدالعزيز كتبت أنوار عبدالله‬ ‫فلمبان تقول‪« :‬أنا من أشد المعجبين بمجلة القافلة‬ ‫منذ صغري‪ ،‬منذ أن كان الوالد ‪-‬حفظه الله‪ -‬يحضرها‬ ‫من عمله إلى المنزل‪ .‬وسيكون من دواعي سروري وشرف‬ ‫كبير لي في حال إتاحة الفرصة لي كي أنضم إلى أسرة‬ ‫تحريرها‪ ،‬علماً أنني الخامسة على دفعتي في التخصص‬ ‫في الصحافة»‪ .‬كما كتب من القاهرة عبدالخالق كامل‬ ‫سائال ً عن مجاالت التعاون مع المجلة‪.‬‬

‫أ‬ ‫وللخ محمد نقول إن تصميم القافلة في الوقت‬ ‫الحاضر ال يترك مجاال ً لتخصيص زاوية للقصص‬ ‫القصيرة‪ .‬ففي الواقع‪ ،‬إن المكان أ‬ ‫النسب لنشر‬ ‫أ‬ ‫القصص القصيرة هو في المجالت الدبية‬ ‫المتخصصة‪ ،‬وليس في مجالت الثقافة العامة‪.‬‬ ‫ومن مصر كتبت سهير الشاذلي تقول‪ :‬ذكر أ‬ ‫الستاذ‬ ‫فكتور سحاب في‬ ‫ملف العدد ‪ 6‬المجلد‬ ‫‪ 63‬نوفمبر – ديسمبر‬ ‫‪2014‬م أن‪« :‬أول‬ ‫ما ذُكر في التاريخ‬ ‫عن قلم يحمل‬ ‫خزاناً للحبر‪ ،‬كان‬ ‫ّ‬ ‫سنة ‪953‬م‪ ،‬في‬ ‫عز الخليفة‬ ‫الم ّ‬ ‫عهد ُ‬ ‫الفاطمي في مصر‪ .‬وقد قيل فيه إنه قلم ال يلطّخ‬ ‫الخزان‬ ‫اليدين أو الثياب‪ ،‬وكان الحبر ينساب من ّ‬ ‫إلى ريشة في طرف القلم‪ ،‬لعل هذا هو الجد‬ ‫أ‬ ‫عرف إلى‬ ‫الول لقلم الحبر العصري‪ ،‬لكن لم يُ َ‬ ‫آ‬ ‫مم كان مصنوعاً؟»‪.‬‬ ‫الن كيف كان يعمل‪ ،‬أو ّ‬ ‫والواقع أن عباس بن فرناس بن فرداس القرطبي‬ ‫(مخترع وفيلسوف وشاعر أندلسي وأول رائد‬ ‫فضاء في العالم توفي‪888 :‬م) هو صاحب أول‬ ‫اختراع لقلم الحبر‪ ،‬حيث ذكر المقري في كتابه‬ ‫«نفح الطيب من غصن أ‬ ‫الندلس الرطيب»‪« :‬أبدع‬ ‫عباس بن فرناس عندنا في فنون التعاليم القديمة‬

‫والحديثة‪ ،‬وفلسف وعرب في غير ما ذهب من‬ ‫الحكمة وحذق الموسيقي‪ ،‬ومن عجائبه اللطيفة‬ ‫التي لم يُسبق فيها آلة أسطوانية الشكل تستخدم‬ ‫للكتابة والخط وتغذى بالحبر فكان واضحاً وأفاد‬ ‫النساخ والكتاب حيث سهل مهمتهم في الكتابة‬ ‫والنسخ ووفر لهم مؤونة حمل أ‬ ‫القالم والمحابر‬ ‫أينما ذهبوا»‪.‬‬ ‫وبذلك يكون عباس بن فرناس قد سبق مخترعي‬ ‫القالم الحديثة بمئات السنين‪ .‬وأوجد هذه آ‬ ‫أ‬ ‫اللة‬ ‫التي تشكِّل أهمية كبرى في نشر العلم والمعرفة‬ ‫والثقافة على نطاق واسع‪.‬‬ ‫ومن أرامكو السعودية كتب ماجد الشمراني معرباً‬ ‫عن سروره بتوفر «القافلة» في صيغة إلكترونية على‬ ‫النترنت‪ .‬واقترح علينا بعض التعديالت على‬ ‫شبكة إ‬ ‫صيغة الـ «بي دي اف»‪ ،‬ونحن سنحيل مالحظاته إلى‬ ‫القسم التقني في المجلة التخاذ التدبير المالئم‪.‬‬ ‫ومن الهفوف كتب ميثم جابر الجابر يقول إنه تقدم‬ ‫بطلب اشتراك في شهر نوفمبر الماضي‪ ،‬ولم يصله‬ ‫أي عدد حتى آ‬ ‫الن‪ ،‬علماً أن صديقاً له اشترك قبله‬ ‫بيوم أو يومين وقد وصلته المجلة قبل شهر‪.‬‬ ‫أ‬ ‫وللخ ميثم نقول إن المسألة مرتبطة حتماً بموعد‬ ‫وصول طلب االشتراك الذي يدخل حيز التنفيذ بدءاً‬ ‫من أول عدد يصدر بعد تسلمه‪ .‬وستصلك أعداد‬ ‫المجلة من آ‬ ‫الن فصاعداً‪ ،‬إن شاء الله‪.‬‬


‫تحية وبعد‬

‫علي عفيفي علي غازي‬ ‫صحافي وأكاديمي مصري‬

‫مائة عام على رحيل جرجي زيدان‬ ‫فقيد أ‬ ‫الدب العربي في الشرق‪ ،‬مؤسس نهضته‬ ‫العلمية‪ ،‬مؤسس مجلة الهالل‪ ،‬ومؤلف عديداً من‬ ‫الكتب التي تداولتها أ‬ ‫اليدي في الشرق والغرب‪ .‬حتى‬ ‫أجمع المثقفون على أنها خير ما ألف باللغة العربية‬ ‫السالمي‬ ‫في القرن التاسع عشر‪ .‬إذ كتب في التاريخ إ‬ ‫روايات كانت لها ضجة كبرى في أ‬ ‫الدب العربي‪،‬‬ ‫وترجمها الغربيون والشرقيون إلى لغاتهم‪ ،‬وبذلك‬ ‫رفع شأن أ‬ ‫الدب العربي‪.‬‬ ‫ولد جرجي زيدان في مدينة بيروت في ‪ 14‬ديسمبر‬ ‫‪1861‬م‪ ،‬وتلقى مبادئ العلوم في مدارسها‬ ‫االبتدائية‪ ،‬اضطرته الظروف لمغادرة المدرسة صغيراً‬ ‫لمساعدة والده في أشغاله‪ ،‬وهو لم يبلغ الثانية‬ ‫عشرة من عمره‪ ،‬وكان خالل أشغاله ال يترك فرصة‬ ‫دون أن يستفيد منها بمطالعة ما تصل إليه يده من‬ ‫النجليزية في مدة خمسة أشهر في‬ ‫الكتب‪ ،‬ودرس إ‬ ‫إحدى المدارس الليلية مع مزاولة عمله طوال نهاره‬ ‫وبعض ليله‪.‬‬ ‫صحت عزيمته على ترك عمله‬ ‫‪1881‬م‬ ‫في سنة‬ ‫ّ‬ ‫وطلب العلم‪ ،‬فالح له أن الطب خير وسيله تقربه‬ ‫من العلم وتساعده على الكسب‪ .‬فدرس العلوم‬ ‫العدادية كلها على أحد أصدقائه بمدة ال تتجاوز‬ ‫إ‬ ‫الشهرين ونصف الشهر‪ ،‬ولما حان أوان افتتاح‬ ‫المدرسة تقدم لالمتحان واجتازه بنجاح باهر‪ ،‬واجتاز‬ ‫السنة أ‬ ‫الولى الطبية بتفوق على أقرانه‪ ،‬ولما وافت‬ ‫السنة الثانية عاد إلى المدرسة‪ ،‬فدرس فن الصيدلة‬ ‫أوال ً في بيروت ثم هاجر بعد ذلك إلى مصر لتكملة‬ ‫الطب‪ ،‬ولكنه عدل عن ذلك واشتغل بالعلم وتولى‬ ‫تحرير جريدة الزمان‪ ،‬ولبث يحررها مدة سنة إلى‬ ‫أن كانت الحملة النيلية على السودان عام ‪1886‬م‪،‬‬ ‫فسار برفقتها مترجماً بقلم المخابرات‪ ،‬وقضى في‬ ‫هذه الوظيفة عشرة أشهر حضر في خاللها المواقع‬ ‫الحربية كلها‪ ،‬وكوفئ على شجاعته وإخالصه في‬ ‫الخدمة بثالثة أوسمة‪.‬‬ ‫ولما عاد من الحملة سافر إلى بيروت سنة ‪1885‬م‬ ‫لطلب العلم فمكث عشرة أشهر يدرس اللغات‬ ‫الشرقية مثل العبرانية والسريانية‪ ،‬ووضع على إثر‬ ‫ذلك كتابه في أ‬ ‫اللفاظ العربية والفلسفة اللغوية‬

‫حلم القافلة‬

‫وانتدبه المجمع العلمي الشرقي عضواً عامالً‪.‬‬ ‫وفي صيف عام ‪1886‬م زار لندن‪ ،‬وتردد فيها على‬ ‫أندية العلم ودور آ‬ ‫الثار‪ ،‬ثم عاد إلى مصر‪ ،‬حيث تولى‬ ‫إدارة أشغال مجلة المقتطف‪ ،‬لبث في هذه الوظيفة‬ ‫حتى أوائل سنة ‪1888‬م حيث استقال وانصرف إلى‬ ‫الكتابة والتأليف‪ ،‬فألف تاريخ مصر الحديث في جزأين‬ ‫ضخمين‪ ،‬وتاريخ الماسونية العام وغيرهما‪.‬‬ ‫وفي أواخر سنة ‪1889‬م تولَّى إدارة تدريس اللغة‬ ‫العربية في المدرسة العبيدية‪ ،‬ولبث في هذه‬ ‫الوظيفة مدة سنتين‪ .‬ثم تركها وأنشأ مطبعة صغيرة‪،‬‬ ‫وانصرف إلى الكتابة والتأليف‪ ،‬ثم أصدر مجلة‬ ‫الهالل في أواخر سنة ‪1892‬م وكان في أول نشأته‬ ‫يتولى كل شؤونه بنفسه من إدارة وتحرير ومكاتبات‬ ‫حتى إنه كان بنفسه يغلِّفه ويلصق طوابع البريد‪،‬‬ ‫ولما اتسع نطاقها عهد بإدارتها إلى شقيقه متري‬ ‫أفندي زيدان‪ ،‬ورحل عدة رحالت إلى أ‬ ‫الستانة وأوروبا‬ ‫وفلسطين‪ ،‬وأنشأ مكتبة الهالل الشهيرة‪ ،‬وعهد إدارتها‬ ‫إلى شقيقه إبراهيم أفندي زيدان‪.‬‬ ‫كان يُجيد تسع لغات قراءة وكتابة‪ ،‬وكانت له‬ ‫مراسالت مع أكثر مستشرقي أوروبا وأمريكا‪ ،‬وكان‬ ‫عضواً في عدة جمعيات علمية وشرقية منها الجمعية‬ ‫آ‬ ‫والنجليزية والفرنسية‪ ،‬منحه‬ ‫اليطالية إ‬ ‫السيوية إ‬ ‫أ‬ ‫باي تونس نيشان االفتخار من الدرجة الولى فضال ً‬ ‫عن أوسمة حرب السودان‪ ،‬وأنعم عليه خديوي‬ ‫مصر برتبة التمايز الرفيعة‪ ،‬ومنحته الكلية السورية‬ ‫أ‬ ‫المريكية في بيروت لقب شرف من ألقابها العلمية‪.‬‬ ‫وأصدر الهالل مدة اثنتين وعشرين سنة انتشر‬ ‫خاللها انتشاراً عظيماً لم يعهد له مثيل بين الصحف‬

‫القافلة إحدى أهم المجالت العربية آ‬ ‫الن‪ .‬فهي‬ ‫المقدمة‪ .‬تجيب مواضيعها‬ ‫وتطور لتكون في ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫تجدد ِّ‬ ‫عن أسئلة الحاضر وتغوص في أعماق المستقبل‪،‬‬ ‫تكشف كل ما هو جديد في مجاالت العلوم‬ ‫والتكنولوجيا‪ .‬تسابق الزمن لتصل بقارئها إلى المعرفة‬ ‫الصحيحة لمدى تطور الدول والعقول‪ .‬تنقب في‬ ‫الماضي‪ ،‬وتتعلم من دروسه لتحافظ على الحاضر‬ ‫وتصنع المستقبل‪ .‬أحياناً أجدها علمية متخصصة‬ ‫وأحياناً أجدها أدبية متخصصة‪ ،‬لكن أجمل ما يميزها‬ ‫أنها ترى أن العلم طريق النجاح‪ ،‬طريق التقدم‪،‬‬ ‫طريق المستقبل‪ ،‬وأجد البون شاسعاً بينها وبين‬ ‫حالنا العربي‪ ،‬وأتمنى أن نسير نحن العرب على‬ ‫دربها‪ ،‬هدفنا العلم لحل مشكالت أوطاننا‪.‬‬ ‫أتعجب من الذين تسألهم عن حاضرهم فيجيبون‬ ‫بماضيهم‪ .‬إننا نحن العرب نقول دائماً إننا حكمنا‬ ‫نصف العالم‪ .‬فهل سنظل نفتخر أننا كنا نمتلك‬ ‫العلم وأوروبا كانت تعيش في الظالم؟ كان من أراد‬ ‫العلم فعليه ببغداد أيام الخالفة العباسية‪ ،‬ومن‬ ‫أراد المعرفة فعليه ببالد أ‬ ‫الندلس‪ .‬كان علماؤنا هم‬ ‫أ‬ ‫الوائل‪ ،‬فالفارابي المعلِّم الثاني وابن بطوطة أول‬ ‫الرحالة والخوارزمي أبو الجبر وابن سينا أبو الطب‬ ‫وابن خلدون أبو التاريخ واالجتماع الحديث‪ ..‬هؤالء‬ ‫وغيرهم كثير علَّموا العالم‪ .‬آ‬ ‫والن بعد أن كنا نطعم‬ ‫أهل أ‬ ‫الرض وتهابنا كل الدول‪ ،‬لم يعد يبقى لنا إال‬ ‫الفخر واالعتزاز بالماضي‪.‬‬ ‫تعلَّمنا أن الفتى ليس من يقول هذا أبي إنما الفتى‬ ‫من يقول ها أنا ذا‪ .‬فمنا من يقول نحن بناة أ‬ ‫الهرامات‬ ‫ومنا من يقول جدي صالح الدين‪ ،‬ويقول آخر نحن‬ ‫أول من بني سفينة‪ ..‬وهكذا نفتخر بالماضي لكن‬ ‫حاضرنا ال نصنعه فقد أهملنا العلم وضاع منا‬ ‫الحلم‪ .‬فنحن نستورد الغذاء والدواء والكساء‪.‬‬ ‫نستورد كل شيء ألننا ال ننتج إال القليل‪.‬‬ ‫فمتى نفتخر بالحاضر ويتحقق الحلم؟‬ ‫مصطفى أحمد عبد القادر البواب‬ ‫دمشيت‪ ،‬مركز طنطا‪ ،‬جمهورية مصر العربية‬

‫أكثر من رسالة‬

‫والمجالت العربية‪ ،‬وكان يطرق فيه المواضيع الشيقة‬ ‫التي تلفت أ‬ ‫النظار وتثير علمية فكرية في النفوس‪.‬‬


‫‪7|6‬‬

‫ورشة عمل‬

‫ورشة عمل استراتيجية ّ‬ ‫اللعب‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫من خطط الحروب‬ ‫إلى خطط األلعاب‬ ‫إلى األعمال‬

‫«نظرية األلعاب» هو اسم واحدة من أحدث النظريات الهادفة إلى‬ ‫ً‬ ‫انطالقا مما تتكشف‬ ‫تطوير التفكير االستراتيجي في عالم األعمال‬ ‫عنه األلعاب من عناصر وعوامل تقود إما إلى الفوز وإما إلى الخسارة‪.‬‬ ‫وعلى مدى يومين‪ّ ،‬‬ ‫نظمت القافلة ورشة عمل حول هذه النظرية‬ ‫ً‬ ‫الجديدة‪ ،‬أدارها المهندس دانيال ّ‬ ‫شخصا‬ ‫نمور وشارك فيها ‪15‬‬ ‫تعددت اختصاصاتهم ونشاطاتهم الوظيفية واالقتصادية‪.‬‬

‫تغطية نبيل الخشن‬ ‫تصوير هادي جبيلي‬


‫اليوم أ‬ ‫الول‬

‫من الحروب التاريخية‬ ‫إىل لعبة الورقة والمقص‬ ‫نمور استهلها قائال ً إن هدفها في‬ ‫مدير الورشة المهندس دانيال ّ‬ ‫النهاية هو تعزيز التفكير االستراتيجي والتفكير (العمالني) لدى‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫تطور‬ ‫الفراد من خالل اللعاب‪ .‬وأتبع ذلك بمقدمة قصيرة تناولت ّ‬ ‫االستراتيجيات عبر التاريخ البشري‪ ،‬موضحاً أن االستراتيجيات‬ ‫أ‬ ‫النسان كانت تتناول الحروب‪ ،‬وهي نابعة من‬ ‫الولى التي عرفها إ‬ ‫ضرورة التفكير بكيفية تحقيق النصر في ظل عوامل عدة تشمل‬ ‫عدد «جنود» كل جانب‪ ،‬وما لديهم من أسلحة وعتاد‪ ،‬وجغرافية‬ ‫أرض المعركة‪ ،‬وميزان القوى بين الجانبين المتحاربين‪ ،‬وتحديد‬ ‫نقاط القوة والضعف عند العدو‪ ،‬وكيفية االستفادة القصوى من‬ ‫نقاط القوة التي يملكها أحد الجانبين مع محاولة تقليص أو حتى‬ ‫إلغاء نقاط قوة العدو‪.‬‬ ‫«السكندر» يتناول المعركة بين‬ ‫تبع ذلك عرض لمقطع من ِفلم إ‬ ‫جيش إالغريق بقيادة إالسكندر المقدوني وجيش الفرس بقيادة‬

‫‪ 15‬دقيقة‬ ‫من ِفلم‬ ‫«اإلسكندر»‬

‫فر منسحباً إلى‬ ‫إلى أن انكشفت له ثغرة أوصلته إلى داريوس الذي ّ‬ ‫أعالي التالل المحيطة بأرض المعركة متبوعاً بما تبقى من جيشه‪.‬‬

‫أهم االستراتيجيات التي شهدها تاريخ الحروب‬ ‫السكندر مركز‬ ‫— ضرب مركز الثقل‪ :‬كما رأينا‪ ،‬فقد استهدف إ‬

‫الثقل في جيش الفرس‪ ،‬فانهار الجيش‪ .‬هنالك مركز ثقل لكل‬ ‫خصم في كل حرب‪ ،‬له مفعول جاذبية أ‬ ‫الرض‪ :‬فهو يضمن بقاء‬ ‫الجيش متالحماً ومتماسكاً‪ ،‬ومتى ضرب مركز الثقل فإن النتيجة‬ ‫تكون تفكك الجيش‪ .‬علينا أن نبحث وراء الظاهر عن مركز الثقل‬ ‫هذا وأن نجعله هدفنا‪.‬‬ ‫استخدم القائد المسلم عمرو بن العاص هذه االستراتيجية في‬ ‫فتح مصر‪ ،‬حيث حاصر حصن بابليون الذي كان أقوى حصون‬ ‫السكندرية واستولى عليه‪ .‬وما أن سقط حصن بابليون‬ ‫الرومان في إ‬ ‫حتى تهاوت باقي الحصون في الدلتا والصعيد أمام الجيوش‬ ‫السالمية‪ ،‬وقد تم لعمرو بن العاص االستيالء على مصر بفتح‬ ‫إ‬ ‫ويتبين من هذا الفتح أن خطة عمرو‬ ‫‪21‬هـ‬ ‫العام‬ ‫في‬ ‫سكندرية‬ ‫ال‬ ‫إ‬ ‫ّ‬ ‫االستراتيجية كانت ضرب موقع القوة‪ ،‬الذي إذا سقط‪ ،‬سقطت‬ ‫بعده المواقع التي ال تجاريه قوة ومنعة‪.‬‬ ‫— استراتيجية أرض الموت‪ :‬تقوم على تعمد إيجاد وضعية‬ ‫ال مجال فيها للتراجع‪ ،‬بحيث ال يكون أمامنا سوى أحد خيارين ال‬ ‫ثالث لهما‪ :‬أن ننتصر أو نهزم (قاتل أو مقتول)‪.‬‬ ‫وأشهر من طبق هذه االستراتيجية القائد العربي طارق بن زياد في‬ ‫فتح أ‬ ‫الندلس‪ :‬فقد أمر بإحراق سفن أسطوله بعد أن وطأ بجيشه‬

‫معركة غوغميال‬ ‫السكندر بثالث‬ ‫لخّ صت الورشة استراتيجية إ‬ ‫كلمات!‬

‫وبعد أخذ ورد‪َّ ،‬‬ ‫توصل أحد‬ ‫داريوس‪ ،‬حيث كان جيش الفرس‬ ‫يفوق الجيش اليوناني عدداً وعتاداً‪.‬‬ ‫المشاركين إلى التوصيف‬ ‫بعد العرض الذي دام حوالي ‪15‬‬ ‫الصحيح لهذه االستراتيجية‪:‬‬ ‫دقيقة‪ ،‬طُلب من المشاركين تلخيص‬ ‫«ضرب مركز الثقل»‬ ‫االستراتيجية التي اعتمدها إالسكندر في‬ ‫جملة ال تتعدى أربع أو خمس كلمات‪.‬‬ ‫نواح عدة‬ ‫تفاوتت استنتاجات المشاركين حول ما رأوه‪ ،‬وأشاروا إلى ٍ‬ ‫تعلّق معظمها بتكتيك المعركة (تمهيد الهجوم من جانب الفرس‬ ‫أ‬ ‫الغريق‪،‬‬ ‫بوابل من النبال التي أردت الموجة الولى من مشاة إ‬ ‫السكندر لفتح ثغرة في جيش الفرس‪ ،‬إلخ‪ .).‬وبعد أخذ‬ ‫ومناورة إ‬ ‫ورد‪ ،‬توصل أحد المشاركين إلى التوصيف الصحيح الستراتيجية‬ ‫السكندر يعرف أن القضاء‬ ‫السكندر‪« :‬ضرب مركز الثقل»‪ .‬كان إ‬ ‫إ‬ ‫على داريوس سيؤدي إلى انهيار جيشه‪ ،‬فظل يناور بخيالته ومشاته‬

‫طارق بن زياد في فتح األندلس‬ ‫َّ‬ ‫توجه إلى جنوده بخطبته الشهيرة‪:‬‬ ‫«العدو من أمامكم والبحر من‬ ‫ورائكم‪»...‬‬


‫‪9|8‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫اليبيرية‪ ،‬بحيث لم يعد لدى جيش المسلمين‬ ‫ساحل شبه الجزيرة إ‬ ‫خط رجعة‪ ،‬ثم توجه إلى جنوده بخطبته الشهيرة‪« :‬العدو من‬ ‫أمامكم والبحر من ورائكم‪ ،»...‬وكان النصر حليفه‪.‬‬

‫الرباك الخاضع للتحكم‪ ،‬وتجزئة‬ ‫— استراتيجية إ‬

‫القوات‪ :‬وهي االستراتيجية التي طبقها نابوليون في معركة‬ ‫قسم قواته إلى عدة فرق مكلفة بمهام محددة‬ ‫أوسترليتز‪ ،‬حيث ّ‬ ‫ذهبت في عدة اتجاهات‪ ،‬بحيث أربك العدو الذي عجز عن‬ ‫(«فرق لتعيش‬ ‫توقّع الجهة التي سيستهدفها جيش نابوليون ّ‬ ‫واتحد لتقاتل»‪ -‬نابوليون)‪ .‬تقوم هذه االستراتيجية على مقولة إن‬ ‫الوحدات أ‬ ‫والتكيف مع ظروف‬ ‫الصغر حجماً أقدر على المناورة‬ ‫ّ‬ ‫المعركة وأسرع حركة من جيش كبير‪ ،‬على الرغم مما قد ينطوي‬ ‫عليه تقسيم القوات من مخاطرة‪.‬‬ ‫— استراتيجية التعبئة المعنوية‪ :‬توحيد القوات حول قضية‬ ‫(يحتاج الناس إلى أن يؤمنوا بقضية يقاتلون من أجلها) ‪ .‬يجب أن‬ ‫تكون القضية مناسبة للزمن المعين‪ ،‬وأن تكون إلى جانب المستقبل‬ ‫وقادرة على صنع االنتصار‪ .‬خير شاهد على نجاح هذه االستراتيجية‬ ‫السالمية‪ ،‬حيث كانت قوة جيوش المسلمين‬ ‫حقبة الفتوحات إ‬ ‫تكمن أوال ً في صالبة إيمانها وعقيدتها مما جعلها قادرة على هزيمة‬ ‫جيوش تفوقها عدداً وعدة وتمرساً في القتال‪.‬‬

‫‪01‬‬

‫لعبة «معضلة السجين» (‪)Prisoner's Dilemma‬‬

‫— تقوم هذه اللعبة على تدبير واقعي‪ ،‬حيث يتم عزل سجينين شاركا‬ ‫في عمل مخالف للقانون ً‬ ‫معا‪ ،‬واستجوابهما دون أن يسمح ألي‬ ‫منهما معرفة ماذا قال أو اعترف اآلخر به‪.‬‬ ‫— طلب من العبين أن يخرجا‬ ‫الالعب ‪2‬‬ ‫لعبة‬ ‫من القاعة والجلوس في غرفة‬ ‫«معضلة‬ ‫السجين»‬ ‫ً‬ ‫منعزلة‪ .‬وعرض «المحقق»‬ ‫اعترف‬ ‫بقي صامتا‬ ‫على كل منهما العرض التالي‪:‬‬ ‫اعترف‬ ‫ً‬ ‫صامتا‬ ‫بقي‬

‫فماذا يختار؟‬

‫الالعب ‪1‬‬

‫‪ .1‬إذا اعترف دون أن يعترف شريكه يخرج‬ ‫ً‬ ‫حكما بعشر سنين‪.‬‬ ‫بعد سنة فينال شريكه‬ ‫‪ .2‬إذا لم يعترف هو واعترف شريكه يحدث‬ ‫العكس‪.‬‬ ‫‪ .3‬إذا لم يعترف أي منهما ينال كل واحد‬ ‫ً‬ ‫حكما بسنتين‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ .4‬إذا اعترف االثنان معا ينال كل واحد‬ ‫ثالث سنوات‪.‬‬

‫ّ‬ ‫«فرق لتعيش واتحد لتقاتل»‪ -‬نابوليون‪.‬‬

‫تقوم هذه االستراتيجية على‬ ‫قاعدة أن الوحدات األصغر حجماً‬ ‫ّ‬ ‫والتكيف مع‬ ‫أقدر على المناورة‬ ‫ظروف المعركة‪..‬‬

‫— التأني في اختيار المعركة (استراتيجية التوفير المثالي‬ ‫لكل نقطة ضعفه‪ ،‬حتى إن الحجم الكبير قد يكون‬ ‫للقدرات)‪ٍ :‬‬

‫ضعفاً في بعض أ‬ ‫الحيان‪ .‬ال تجابه عامل قوة عدوك بعامل قوتك‪،‬‬ ‫بل عليك اختيار معارك ال تكون فيها نقطة ضعفك مؤثرة بينما‬ ‫تكون نقطة ضعف خصمك حاسمة في إلحاق الهزيمة به‪.‬‬

‫تحاش خوض «المعركة أ‬ ‫الخيرة»‪«-‬حرب عصابات»‬ ‫— َ‬ ‫تكرر الصيغ القديمة لكي تكسب عنصر المفاجأة‪،‬‬ ‫ال‬ ‫العقول‪:‬‬ ‫ِّ‬

‫كما أن تكرار النصر نفسه الذي حققته في حرب سابقة مستحيل‪:‬‬ ‫«ال يمكنك السباحة في النهر نفسه مرتين» فالمياه التي سبحت‬ ‫فيها قد جرت وأنت تسبح آ‬ ‫الن في نهر آخر‪ .‬تتشكل عوامل النصر‬ ‫كاستجابة للظروف المتغيرة (الفيلسوف الصيني صن تزو‪ ،‬كتاب‬ ‫«فن الحرب»)‪.‬‬

‫— استراتيجية القيادة والسيطرة أو تحاشي مطبات‬

‫التفكير الجماعي‪ :‬اعمل على إيجاد إحساس بالمشاركة‪ ،‬لكن‬ ‫تحاش مطبات العقالنية التفكير الجماعي‪ ،‬فلكل فرد «أجندته»‬ ‫َ‬ ‫الخاصة‪ .‬حافظ على وحدة القيادة‪ ،‬وعلى إبقاء زمام أ‬ ‫المور في‬ ‫َّ‬ ‫يدك‪ .‬اطلب المشورة‪ ،‬وخذ بالجيد من أ‬ ‫الفكار واطرح السيئ‬ ‫منها‪ .‬كن حازماً وحليماً في الوقت نفسه‪ ،‬كي ال تخسر سيطرتك‬ ‫على جنودك‪.‬‬ ‫— استراتيجية الهجوم المضاد‪ :‬مبادرتك بالهجوم أوال ً‬ ‫قد تنقلب أحياناً كثيرة عليك‪ ،‬فأنت تكشف استراتيجيتك وتقلل‬ ‫خياراتك‪ .‬اكتشف بدال ً من ذلك قوة ضبط النفس وترك الجانب‬ ‫آ‬ ‫الخر يتحرك أوالً‪ ،‬بحيث تكون لك مرونة شن هجوم مضاد من‬ ‫أية زاوية مناسبة‪ .‬إذا كان خصمك عدوانياً‪ ،‬فعليك أن تغريه بشن‬ ‫هجوم متهور سيتركه في موقف ضعيف‪.‬‬

‫— شراء الوقت بالمساحة‪ -‬استراتيجية عدم االشتباك‬ ‫(خالد بن الوليد والجنرال الروسي كوتوزوف)‪ :‬التقدم بأي‬

‫ثمن ليس دائماً أفضل الخيارات‪ ،‬والتراجع ليس عالمة ضعف‪ ،‬بل‬


‫طريقة الستخدام وتعظيم الموارد المتوافرة‪ .‬جوهر االستراتيجية هو‬ ‫أن تضع نفسك في موقف تكون فيه خياراتك أكثر من خيارات العدو‪.‬‬

‫نظرية أ‬ ‫اللعاب‬ ‫أ‬

‫تقوم نظرية اللعاب على دراسة السلوك العقالني في أوضاع‬ ‫تؤثر فيها خياراتك على آ‬ ‫الخرين وتؤثر خياراتهم عليك (ما يسمى‬ ‫أ‬ ‫اللمام بنظرية لعبة ما ال يضمن‬ ‫«اللعاب»)‪ .‬ومع أن مجرد إ‬ ‫الفوز‪ ،‬إال أن النظرية تمثل إطاراً لتكوين أفكار حول أنماط التفاعل‬ ‫االستراتيجي‪ .‬يمكننا من خالل دراسة نظرية أ‬ ‫اللعاب صياغة‬ ‫االستراتيجيات الفعالة‪ ،‬وتوقع مآل أ‬ ‫الوضاع االستراتيجية‪ ،‬واختيار‬ ‫ّ‬ ‫أو حتى تصميم ما يناسبنا منها‪.‬‬

‫النجليزي ألفرد جيوم إن الشعوب في مصر‬ ‫يقول المستشرق إ‬ ‫أ‬ ‫والشام والعراق وغيرها استقبلت المسلمين بالترحاب لنهم‬ ‫المبراطوري الروماني والفارسي‪ .‬اعتمد‬ ‫خلصوها من االبتزاز إ‬ ‫خالد بن الوليد‪ ،‬الذي كان القائد العام لجيش المسلمين‪ ،‬هذه‬ ‫االستراتيجية تمهيداً لمعركة اليرموك‪ .‬في الجولة الثانية من‬ ‫فتوحات الشام‪ ،‬وعندما حشد هرقل حملته العسكرية الضخمة‬ ‫السترداد الشام وقد بلغ قوامها ‪ 200‬ألف جندي‪ ،‬قرر جيش‬ ‫المعلومات‬ ‫االستراتيجيات‬ ‫ماذا يعرفون؟‬ ‫المسلمين االنسحاب من حمص لقربها من الجيش الروماني‪،‬‬ ‫ما هي خياراتهم؟‬ ‫ثم توالت االنسحابات بعد ذلك من دمشق إلى الجابية ثم إلى‬ ‫المحطة أ‬ ‫الخيرة في «أذرعات»‪ .‬كان خالد بن الوليد يعلم مدى‬ ‫تذمر سكان المدن والمناطق التي‬ ‫ّ‬ ‫أهم عناصر‬ ‫انسحب منها من جور الروم‪ ،‬مما‬ ‫األلعاب‬ ‫سيجعلها «أراضي محروقة» تحرمهم‬ ‫المردود‬ ‫ما هي حوافزهم؟‬ ‫الالعبون‬ ‫من أي إسناد وخلفية حاضنة‪ ،‬وبعد‬ ‫َم ْن يتفاعل منهم؟‬ ‫لئن كانت الحرب هي أم جميع االستراتيجيات‪،‬‬ ‫المعركة الفاصلة في اليرموك أجبر‬ ‫فقد كان من الطبيعي أن تنتقل االستراتيجيات‬ ‫الروم على االنهزام إلى خارج الشام‬ ‫من الحروب إلى محاكاة سلمية لما تنطوي عليه‬ ‫وبال رجعة!‬ ‫الحرب من تنافس وتطلع إلى الفوز‪ :‬أ‬ ‫اللعاب‪.‬‬ ‫أ‬ ‫العقالنية‬ ‫تطور البشر‪،‬‬ ‫كانت الحرب العامل الول في ّ‬ ‫كيف يفكرون؟‬ ‫حملة نابوليون على روسيا‪ :‬كان‬ ‫فقد أجبرتهم على تطوير نواح عدة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫الجيش الروسي بقيادة كوتوزوف‬ ‫كيفية تنظيم أنفسهم لخوضها وابتكار أدوات‬ ‫ينسحب أمام جيش نابوليون متحاشياً طلب مدير الورشة من المشاركين أن يتطوع اثنان منهم للتنافس‬ ‫وأسلحة تضمن لهم التفوق على العدو‪ ،‬وما‬ ‫االشتباك‪ ،‬ويقوم بإحراق أ‬ ‫الراضي التي في لعبة تدعى «المقص والورقة والحجر»‪ ،‬يقوم مبدؤها على‬ ‫زالت الصناعات العسكرية تلعب حتى يومنا‬ ‫ينسحب منها حتى ال يجد العدو فيها‬ ‫أن المقص يقطع الورقة والورقة تقطع الحجر والحجر يقطع‬ ‫هذا دوراً كبيراً في تطوير أو تطبيق كثير من‬ ‫ما يفيده أو يطعمه لجنوده‪ .‬استغل‬ ‫العد إلى الثالثة‪ ،‬بمد‬ ‫المقص‪ ،‬حيث يقوم كل من الالعبين‪ ،‬بعد ّ‬ ‫التقنيات الجديدة‪.‬‬ ‫كوتوزوف مساحة روسيا الهائلة وبرد‬ ‫ذراعه مشكال ً بيده عالمة المقص (إصبعان ممدودان) أو الورقة‬ ‫يمثل اللعب عنصراً مهماً من عناصر الفطرة‬ ‫الشتاء الروسي القارس للقضاء على‬ ‫(كف مبسوطة) أو الحجر (قبضة اليد)‪ .‬تكرر هذه الحركة لعدد‬ ‫البشرية‪ ،‬فالناس‪ ،‬كباراً كانوا أم صغاراً‪،‬‬ ‫جيش نابوليون الذي قضى معظمه‬ ‫متفق عليه من المرات‪ ،‬ويحصى في نهاية اللعبة عدد المرات التي‬ ‫يمارسون ألعاباً اجتماعية ورياضية مختلفة‬ ‫جوعاً وبرداً‪.‬‬ ‫شكّل فيها كل العب عالمة تقطع عالمة خصمه (أي مقص للورقة‬ ‫تتناسب مع أعمارهم‪ ،‬وهي فطرة نراها أيضاً‬ ‫لدى صغار الحيوان التي تتعارك وتطارد‬ ‫بعضها فتكتسب بذلك مهارات تساعدها‬ ‫لعبة «المقص والورقة والحجر»‬ ‫على البقاء‪.‬‬

‫من الحرب إلى اللعب‬

‫‪02‬‬

‫من المستحيل أن تفوز باستمرار في لعبة‬ ‫«صخرة‪-‬ورقة‪-‬مقص» أليس كذلك؟‬ ‫أفضل ما يمكن القيام به هو تخمين‬ ‫عشوائي‪ ،‬على أمل أن تكون‬ ‫االحتماالت في صالحك‪.‬‬

‫المقص‬ ‫أقوى من‬ ‫الورق‬

‫خطأ!‬ ‫الورق‬ ‫أقوى من‬ ‫الحجر‬

‫الحجر‬ ‫أقوى من‬ ‫المقص‬


‫‪11 | 10‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫أو ورقة للحجر أو حجر للمقص) يكون الفوز لمن‬ ‫جمع العدد أ‬ ‫الكبر من حاالت «قطع» إشارة الخصم‪.‬‬ ‫يجب في هذه اللعبة مراقبة ما إذا كان الخصم يتبع‬ ‫الشارة أو وتيرة اعتباطية‪ ،‬ومن‬ ‫وتيرة ثابتة في تغيير إ‬ ‫ثم توقّع العالمة التي سيشكلها الخصم وتشكيل‬ ‫العالمة المضادة لها‪.‬‬ ‫كانت اللعبة الثانية في يوم الورشة أ‬ ‫الول لعبة‬ ‫الشطرنج التي يتعلَّم المرء منها كيفية استعمال ما‬ ‫يدعى «شجرة القرارات»‪ .‬تقوم اللعبة‪ ،‬كما رأينا‬ ‫والسكندر المقدوني‪،‬‬ ‫مع مثلي عمرو بن العاص إ‬ ‫على مناورات هدفها فتح ثغرة في دفاعات الخصم‬ ‫من أجل الوصول إلى «مركز الثقل» (وهو الشاه‬ ‫في لعبة الشطرنج) من أجل محاصرته ومهاجمته‬ ‫والقضاء عليه‪ ،‬ويفوز من «يُميت» شاه خصمه أوالً‪ .‬تتطلّب‬ ‫هذه اللعبة‪ ،‬التي تعد من أفضل أ‬ ‫اللعاب الذهنية التي اخترعها‬ ‫ُ‬ ‫البشر‪ ،‬القدرة على توقع نقالت الخصم وإعداد الكمائن‪،‬‬ ‫والتضحية بأية قطعة مهما علت قيمتها من أجل الوصول إلى‬ ‫الهدف النهائي (إماتة شاه الخصم)‪ ،‬وهي لعبة ممتازة لتنمية‬ ‫القدرة على صياغة االستراتيجيات ووضع التكتيكات الضرورية‬ ‫الكفيلة بتطبيقها‪.‬‬

‫‪03‬‬

‫لعبة «التكامل» (‪)Complementary Game‬‬

‫— على الالعبين التعاون فيما‬ ‫بينهم‪ ،‬من خالل استعمال‬ ‫مواردهم المالية المحدودة‪،‬‬ ‫للحصول على أكبر كمية ممكنة‬ ‫من الحلوى‬ ‫— ظنوا أن المسألة سهلة‪ ،‬لكن‬ ‫لم يتم أي اتفاق حتى بعد‬ ‫َّ‬ ‫عملية تفاوض طويلة ومعقدة‬ ‫فيما بينهم‪.‬‬ ‫— في النهاية فشلوا في االتفاق وسبب ذلك أن كل العب وضع‬ ‫مصلحته الذاتية القصوى كمقياس وحيد‪.‬‬ ‫— كان الحل األمثل‬ ‫أن يتشارك الثالثة‬ ‫لشراء الكيلو‬ ‫الكامل وبعد ذلك‬ ‫يتقاسمونه كل‬ ‫حسب حصته‪.‬‬ ‫— تستخدم هذه اللعبة‬ ‫في عمليات الدمج‬ ‫واالستحواذ للشركات‬

‫ن‬ ‫الثا�‬ ‫اليوم ي‬

‫اللعاب إىل أ‬ ‫من أ‬ ‫العمال‬

‫من استراتيجيات الحروب‪ ،‬مروراً باستراتيجيات أ‬ ‫اللعاب‪ ،‬كان‬ ‫المشاركون في اليوم الثاني من ورشة العمل على موعد مع‬ ‫استراتيجيات أ‬ ‫العمال‪.‬‬ ‫كان أجدادنا يتاجرون ويحسنون عادة تدبر أمور تجارتهم بالفطرة‪،‬‬ ‫لكن إدارة منشآت أ‬ ‫العمال‪ ،‬والسيما الكبيرة منها‪ ،‬أصبحت في‬ ‫يدرس في الجامعات ويشمل معرفة‬ ‫يومنا هذا علماً بحد ذاته َّ‬ ‫االستراتيجيات التي تتناسب مع نوع وحجم العمل وأحوال السوق‬ ‫المستهدف إلخ‪...‬‬

‫وحيث إن االستراتيجية قد ولدت من رحم‬ ‫الحرب‪ ،‬فإنه من الطبيعي أن نرى في‬ ‫اللعاب أ‬ ‫استراتيجيات أ‬ ‫والعمـال تكراراً لعديد‬ ‫من المفاهيم الرئيسة التي تقوم عليها مختلف‬ ‫االستراتيجيات العسكرية‪ .‬وبعبارة أبسط‪ ،‬فإن التنافس‬

‫الشديد الذي تزداد حدته بظهور مزيد من المتنافسين الذين‬ ‫يستهدفون أحياناً الشريحة نفسها من المستهلكين‪ ،‬يؤدي إلى‬ ‫غربلة ال بد فيها من منتصرين ومهزومين وتكون نتيجتها أن البقاء‬ ‫أ‬ ‫للفضل‪.‬‬ ‫بدأ اليوم الثاني باستعراض عام لنظرية تحليل القوى الخمس التي‬ ‫وضعها مايكل إي‪ .‬بورتر ‪ Michael E. Porter‬من جامعة هارفارد‬ ‫كنقيض لتحليل ‪( SWOT‬تحليل نقاط القوة ونقاط الضعف والفرص‬ ‫والتهديدات) التي كانت النظرية السائدة حينئذ‪.‬‬ ‫خطر دخول‬ ‫منافس‬ ‫جديد‬

‫التزاحم بين‬ ‫المنافسين‬ ‫الموجودين‬

‫خطر‬ ‫الذهاب‬ ‫إلى بدائل‬ ‫خمس قوى‬ ‫تحدد القدرة‬ ‫التنافسية‬ ‫ّ‬ ‫قوة‬ ‫المساومة‬ ‫لدى الزبائن‬

‫ّ‬ ‫قوة‬ ‫المساومة‬ ‫لدى‬ ‫ّ‬ ‫الموردين‬

‫تمثل هذه النظرية إطاراً تحليلياً يقوم على خمس قوى (التزاحم‬ ‫بين المتنافسين الحاليين‪ ،‬التهديد الذي يمثله الوافدون الجدد‬ ‫على الصناعة‪ ،‬قوة الموردين التفاوضية‪ ،‬قوة العمالء التفاوضية‪،‬‬ ‫والتهديد الذي تمثله البدائل) تحدد القدرة التنافسية لصناعة ما‬ ‫وبالتالي مدى جاذبيتها للعمالء المستهدفين‪.‬‬


‫لدى الشركة «أ» استراتيجية فعالة للتعامل مع‬ ‫منافسيها الحاليين وضمان حصتها من السوق بل وزيادة تلك‬ ‫الحصة‪ ،‬ولكنها لم تلتفت إلى التهديد الذي يمثله الوافدون الجدد‬ ‫على الصناعة والتهديد الذي تمثله بدائل ما تص ّنعه أو تبيعه من‬ ‫منتجات‪ .‬النتيجة‪ :‬إفالس الشركة‪.‬‬ ‫قوة الموردين التفاوضية‪ :‬قد تكون لموردي المواد‬ ‫الخام‪ ،‬والمكونات‪ ،‬والعمالة‪ ،‬والخدمات (مثل خدمات الخبرة)‪،‬‬ ‫سطوة كبيرة على الشركة حين يكون عدد الموردين البدالء قليالً‪.‬‬ ‫مثالً‪ ،‬تقوم الشركة «ب» بتصنيع البسكويت‪ ،‬وهناك تاجر واحد‬ ‫فقط يحتكر بيع الطحين‪ ،‬مما يعني أن الشركة مجبرة على شراء‬ ‫الطحين منه بالشروط أ‬ ‫والسعار التي يفرضها عليها‪.‬‬ ‫قوة العمالء التفاوضية‪ :‬الشركة «ج» لديها عميل ممتاز‬ ‫أصبح تدريجياً يشتري أكثر من نصف ما تعرضه من منتجات أو‬ ‫خدمات‪ .‬جاء يوم طلب فيه العميل من الشركة أن يصبح شريكاً‬ ‫فيها ويملك الحصة الكبرى من أسهمها بشروط تناسبه‪ ،‬وإال فإنه‬ ‫سيحول مشترياته إلى شركة أخرى منافسة‪ .‬وجدت الشركة نفسها‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫في موقف ضعيف جدا إزاء قوة العميل التفاوضية‪ ،‬ورضخت‬ ‫لطلب العميل‪.‬‬

‫اعتبارات خاصة بزمن العولمة‬

‫يفترض العلم المعرفي أن محاولة استشراف المستقبل يتطلب فهم الماضي ثم استخدام‬ ‫الخيال البتكار أنماط جديدة‪ ،‬وهكذا يتعلم البشر‪.‬‬ ‫اختالل التوازن‪ :‬يتسم زمن العولمة بإحداث اختالل في التوازن القائم‪ .‬يشكِّل اختالل‬ ‫التوازن الطريق إلى الثروة لمن يملك استراتيجية تسمح له باستغالله بحيث يستفيد من‪:‬‬ ‫التغيرات االجتماعية‪ :‬تغير البنى الديموغرافية‪ ،‬وتغير بنى الدخل‪ ،‬وتغير أفضليات شرائح‬ ‫المجتمع ‪...‬‬ ‫التغيرات التنموية‪ :‬البحث عن طريقة جيدة لحركة سلعة أو عمل ما بين أماكن مختلفة‪.‬‬ ‫يمكن االستفادة من ميزات العولمة بغض النظر عن حجم منشأة أ‬ ‫العمال‪ .‬ورث «زيد» عن‬ ‫أبيه وجده مصنع حلويات محلية رائجة‪ ،‬وقد استفاد من ميزات العولمة فتعاقد مع شركة‬ ‫خدمات لوجستية عالمية تتولى توصيل منتجه إلى موزعين في بلدان عدة وأنشأ موقعاً‬ ‫النترنت يسمح له بالتواصل مع موزعيه وعمالئه‪ ،‬فزاد حجم أعماله بأكثر من‬ ‫إلكترونياً على إ‬ ‫خمسة أضعاف‪ .‬بنت شركة كبيرة استراتيجيتها على شقين‪ :‬أ) نقل مصانعها إلى بلدان يكون‬ ‫أقل نظراً لتوفر العمالة بأجور متدنية؛ ب) بيع المنتجات في أ‬ ‫النتاج فيها بتكلفة َّ‬ ‫الماكن‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫التي يمكنها فيها تحقيق المردود الكبر‪.‬‬ ‫تهديد الوافدين الجدد‪ :‬كيف ستتعامل الشركة «د»‬ ‫مع هذا الوافد الجديد الذي يحاول الهيمنة على السوق من‬ ‫خالل عرض المنتجات والخدمات نفسها بأسعار أقل؟ هل لديها‬ ‫معلومات موثوقة عن كفاية الوافد المالية تؤكد أنها ستستطيع‬ ‫الصمود واالنتصار في حرب أسعار قد تدوم لفترة طويلة؟ أم‬ ‫هل ستلجأ إلى خيار آخر هو تحسين نوعية منتجاتها وخدماتها‬ ‫أو محاولة التحالف مع منافسيها القدامى لكسر شوكة الوافد‬ ‫الجديد؟‪.‬‬ ‫تهديد البدائل‪ :‬هو أخطر التهديدات‪ .‬على مدى‬ ‫عقود من الزمن‪ ،‬كانت الشركة «هـ» تستحوذ على حصة كبيرة‬

‫‪04‬‬

‫لعبة الجرة (‪)Urn Game‬‬

‫جرتان‪ّ :‬‬ ‫— هناك ّ‬ ‫جرة ‪ 1‬تحتوي على كرتين‬ ‫زرقاوين وكرة بيضاء‪ ،‬جرة ‪ 2‬تحتوي على‬ ‫كرتين بيضاوين وكرة زرقاء‪.‬‬ ‫— أحد الالعبين اختار كرة من الجرة التي تم‬ ‫اختيارها‪ ،‬وكانت زرقاء‪ ،‬وأعلن أنها زرقاء (أي‬ ‫مع اللون)‪ .‬الثاني‪-‬اختار مع اللون أي مع‬ ‫االفتراض المنطقي بأن الكرة الزرقاء هي‬ ‫من الجرة التي تحوي كرتين من هذا اللون‬ ‫وكرة واحدة بيضاء‪ .‬الثالث‪-‬اختار عكس‬ ‫اللون‪ .‬الرابع‪-‬اختار مع اللون‪ .‬الخامس‪-‬‬ ‫اختار مع اللون‪ .‬السادس‪-‬اختار مع اللون‪.‬‬ ‫السابع‪-‬اختار عكس اللون‪ .‬الثامن‪-‬اختار‬ ‫عكس اللون‪.‬‬ ‫— نصف المشاركين كان اختيارهم عكس‬ ‫المنطق البسيط‪.‬‬ ‫— هدف اللعبة رؤية مدى تصديق‬ ‫المشاركين لصحة ما يقوله زمالؤهم‬ ‫لجهة لون الكرة التي اختاروها ومحاولة‬ ‫معرفة االحتماالت وإمكانية التوقع‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مزدحما؟‬ ‫ مثال‪ :‬لماذا المطعم الجديد يكون‬ ‫—‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫استنادا‬ ‫مرشح واعد لوظيفة‪،‬‬ ‫لماذا ُيستغنى عن‬ ‫ِّ‬ ‫موظف سابق له؟‬ ‫إلى قول مدير أو‬ ‫ً‬ ‫دوما يكون‬ ‫ال أحد يذهب هناك اآلن‪ ،‬المكان‬ ‫ً‬ ‫مكتظا!‬


‫‪13 | 12‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫‪05‬‬

‫«لعبة أ‬ ‫المثل» (‪)Optimization Game‬‬

‫— في هذا التمرين ُق ّسم الحضور إلى ثالث مجموعات وطلب‬ ‫منهم وصل المدن على اللوح بالحبل المتاح ببعضها البعض‬ ‫بأقصر طريق‪.‬‬ ‫— بعد ‪ 20‬دقيقة استعمل الفريق الثاني أقصر حبل لوصل المدن‪،‬‬ ‫لكنه لم يكن الحل األمثل‪.‬‬ ‫— أظهر المدرب أقصر طريق باستعمال طرق حسابية بحتة‪.‬‬ ‫— تستخدم هذه الطرق شركات الخدمات اللوجستية وخطوط الطيران‬ ‫والشركات العاملة في مد شبكات الخدمات‪.‬‬

‫والقليمية‬ ‫من السوق المحلية إ‬ ‫في بيع آالت الطباعة‬ ‫«الداكتيلو» وقد أسست‬ ‫واشترت بمرور الزمن مصانع‬ ‫تنتج أفضل وأحدث أنواع‬ ‫هذه آ‬ ‫الالت‪ .‬لكن الشركة لم‬ ‫تكن لديها «عيون وآذان»‬ ‫مفتوحة على المستقبل‬ ‫تنبئها بأن شركة «آي بي‬ ‫إم» أ‬ ‫المريكية تعمل على‬ ‫تطوير جهاز جديد (الكمبيوتر) سيؤدي‬ ‫إلى إبطال استعمال الداكتيلو بشكل‬ ‫كامل تقريباً‪ .‬بدخول الكمبيوتر‬ ‫إلى السوق‪ ،‬أصبحت قيمة‬ ‫مخزونات وباقي موجودات‬ ‫الشركة مساوية للصفر‬ ‫تقريباً‪ ،‬وأفلست الشركة‪ .‬يوضح‬ ‫هذا المثال كيف يؤدي قصر النظر‬ ‫االستراتيجي وعدم المرونة إلى خنق قدرة الشركة على‬ ‫النمو والتكيف مع تغيرات بيئة العمل أو التهديدات التنافسية‪.‬‬ ‫بعد أن شارك الحاضرون بمعلومات أثرت مختلف الجوانب النظرية‬ ‫واالستراتيجية‪ ،‬طلب منهم االشتراك في لعبتين‪ :‬لعبة الجرة (‪Urn‬‬ ‫‪ )Game‬ولعبة تعظيم الموارد المتوافرة‪.‬‬ ‫في اللعبة أ‬ ‫الولى‪ ،‬توضع كرات بيضاء وصفراء (مثال ً كرتان‬ ‫بلون أبيض وثالث كرات بلون أحمر‪ ،‬دون إخبار المشاركين‬ ‫بعدد الكرات من كل لون) داخل علبة كرتونية بأعالها فتحة‬ ‫تسمح للمشارك بأن يمد يده ليختار إحدى الكرات‪ ،‬ثم‬ ‫يعيدها إلى مكانها بعد أن يراها ويخبر آ‬ ‫الخرين بلون الكرة؛‬ ‫يطلب من المشارك التالي عمل الشيء نفسه ثم يطلب من‬ ‫المشارك الثالث توقع لون الكرة التي سيختارها بنا ًء على ما‬ ‫أعلنه المشاركان السابقان‪ ،‬وهكذا دواليك‪ .‬هدف اللعبة رؤية‬ ‫مدى تصديق المشاركين لصحة ما يقوله زمالؤهم لجهة لون‬ ‫الكرة التي اختاروها ومحاولة معرفة االحتماالت وإمكانية‬ ‫التوقع‪.‬‬ ‫في اللعبة الثانية «لعبة أ‬ ‫المثل» (‪،)Optimization Game‬‬ ‫توضع أمام المشاركين لوحة كبيرة عليها أسماء مجموعة من‬ ‫المدن على أماكن متفرقة من اللوحة‪ ،‬ويعطى كل مشارك شريطاً‬ ‫ويطلب منه أن يرسم على اللوحة بواسطة الشريط أقصر طريق‬ ‫لوصل المدن ببعضها البعض‪ .‬يكون مدير اللعبة قد وضع‬ ‫في مكان ظاهر شريط قياس (متر)‪ .‬يفوز من يدرك أوال ً أن خير‬ ‫طريقة لتنفيذ المطلوب هي قياس المسافات على اللوحة بين‬ ‫المدن المختلفة‪ ،‬فينتبه إلى وجود المتر الموضوع على طاولة‬ ‫مدير اللعبة أو يطلب تزويده بمتر لتنفيذ المهمة المطلوبة‪ .‬تبرز‬ ‫هذه اللعبة ضرورة تعظيم الموارد المتوافرة (مثل االستفادة‬ ‫من المتر لقياس المسافات بدال ً من االنشغال بمعرفة أقصر‬ ‫طريق)‪ .‬تستخدم هذه االستراتيجية في تطبيقات مختلفة‪ ،‬وتلجأ‬ ‫إليها غالباً شركات الخدمات اللوجستية وخطوط الطيران في مد‬ ‫شبكات الخدمات‪.‬‬


‫ما الفائدة من المشاركة ف ي� هذه الورشة؟‬ ‫عادة‪ ،‬تتطلّب صياغة أ‬ ‫الفكار االستراتيجية قدراً كبيراً من الخبرات العالية‬ ‫وقوة الحدس‪ ،‬ولذلك فإن ورش العمل التي تشبه هذه الورشة‪ ،‬قد تكون‬ ‫قدم لمجموعة معينة ومحددة من‬ ‫إلى حد ما ذات طبيعة «نخبوية»‪ ،‬أي تُ َّ‬ ‫أ‬ ‫والدارة العليا‪ .‬ولكن تطوير‬ ‫الشخاص‪ ،‬وتقتصر على أفراد في سلم القيادة إ‬ ‫التفكير االستراتيجي يمكن أن يكون على الرغم من ذلك عملية تبدأ في سن‬ ‫مبكرة‪ ،‬وقد كانت المقاربة المعتمدة في ورشة العمل هذه تقوم على اختبار‬ ‫وتجربة هذه الفكرة من خالل التعامل مع مزيج من كبار صانعي القرارات‬ ‫بالضافة إلى مهنيين‬ ‫الدارية الوسطى‪ ،‬إ‬ ‫االستراتيجية‪ ،‬وخبراء من الشريحة إ‬ ‫شبان يتحلون بروح القدام والحس السليم في مجال أ‬ ‫العمال‪ .‬لذلك فقد‬ ‫إ‬ ‫رأينا‪ ،‬بين الذين حضروا الورشة‪ ،‬المدير العام لمجموعة‬

‫صناعية‪ ،‬وموظفاً شاباً يعمل في شركة تصميم‪ ،‬ومالك‬ ‫شركة هندسية حديثة العهد ونامية‪ ،‬ومدير موارد‬ ‫بشرية في مجموعة أعمال كبيرة‪ ،‬ومسؤوال ً تنفيذياً شاباً‬ ‫في مجال العالقات العامة‪.‬‬

‫مجرد أسئلة وأجوبة‪ ،‬لكنهم‬ ‫جاء الحاضرون وهم يتوقعون أن تكون الورشة َّ‬ ‫غادروا الورشة وهم يحملون في رؤوسهم مزيداً من المسائل من دون أجوبة‬ ‫صريحة عليها‪ .‬لكنهم تزودوا مع ذلك بمنظور أو‪ ،‬أ‬ ‫بالحرى‪،‬‬

‫سماه الصينيون القدامي قبل خمسة‬ ‫بموقف فكري ّ‬

‫آالف سنة «شيه‪ :»SHIH -‬موقف قوة كامنة‪ ،‬كما لو أنك‬ ‫كنت تقف على قمة جبل تكشف لك ميدان المعركة بأكمله‪ ،‬بحيث تستطيع‬ ‫تصوب نيران سالحك إلى أي اتجاه تختاره‪.‬‬ ‫أن ِّ‬

‫والقراء قد أدركوها‬ ‫تلك هي الفكرة التي نأمل أن يكون المشاركون في الورشة َّ‬ ‫وفهموا مدى أهميتها‪.‬‬

‫التنوع الذي اتسمت به ورشة العمل ينطبق أيضاً على مديرها دانيال‬ ‫هذا ّ‬ ‫ّنمور‪ ،‬فهو مهندس وصاحب شركة استشارات وأستاذ جامعي‪.‬‬ ‫معمقة في مجاالت متنوعة‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬فإن التفكير االستراتيجي يتطلب معرفة ّ‬ ‫لذلك‪ ،‬ومع أن كثيراً من ورش العمل يقتصر عادة على مجال واحد أو‬ ‫مجالين‪ ،‬فقد كانت المقاربة التي اعتمدت في هذه الورشة مزيجاً من أربعة‬ ‫مكونات مختلفة‪ ،‬هي تحديداً االستراتيجية كما تفهم وتطبق في الحروب‪،‬‬ ‫واالستراتيجية كما طورت في أ‬ ‫اللعاب (وقد كان هذا موضع التركيز الرئيس)‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واالستراتيجية في أ‬ ‫ً‬ ‫العمال‪ ،‬وأخيرا االعتبارات االستراتيجية في دنيا العولمة‪.‬‬ ‫تنوع‬ ‫بنا ًء على ذلك‪ ،‬فقد جرى في هذه الورشة التعامل مع ٍّ‬ ‫تحد مزدوج‪ّ :‬‬ ‫المشتركين‪ ،‬مقروناً بكثافة محتوى الورشة‪ .‬ولهذا فقد تم اللجوء في إطار‬ ‫المقاربة إلى اختيار أفكار تبدو سهلة وبسيطة من أجل تلخيص وضعيات‬ ‫نظرية شديدة التعقيد‪.‬‬

‫ولتحقيق هذه الغاية‪ ،‬فقد كان علينا أن نلعب‪.‬‬ ‫لذلك فقد مزج الجد باللعب‪ ،‬فإذ بنظرية رياضية معقدة تمتزج بخريطة‬ ‫عملية لمواقع مدن يتعين تحديد أقصر طريق توصلها ببعضها البعض من‬ ‫خالل استعمال شريط قياس متري‪ ،‬وإذ بعلب شوكوالتة مختلفة الوزن يتعين‬ ‫على الالعبين التعاون فيما بينهم‪ ،‬من خالل استعمال مواردهم المالية‬ ‫المحدودة‪ ،‬للحصول على أكبر كمية ممكنة من الشوكوالتة‪ ،‬وهو ما لم يتم‬ ‫لهم إال بعد عملية تفاوض طويلة ومعقَّدة فيما بينهم‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪15 | 14‬‬

‫بداية كالم‬

‫كيف الحال مع‬

‫فيسبوك؟‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫عبدهللا المحسن ‪ /‬شاعر من السعودية‬

‫أحدد ما إذا كانت سلبيات فيسبوك ث‬ ‫ال ن‬ ‫أك� من إيجابياته‬ ‫يمكن� أن ِّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ا� يمكنه الوقوع‬ ‫أو العكس‪ ،‬لن المشارك ي� هذا العالم االف� ي‬ ‫عىل إاليجابيات والسلبيات معاً‪ .‬فقد يكون إالدمان عىل الحضور‬ ‫أو الطالل عىل آ‬ ‫ت ض‬ ‫ا� هو حالة سلبية‬ ‫الخرين داخل‬ ‫إ‬ ‫العالم االف� ي‬ ‫بعينها‪ ،‬ألنها تسبب الخروج من الحياة الواقعية‪ .‬لكن ف ي� الوقت عينه‪ ،‬فإن هذا العالم‬ ‫آ‬ ‫ت ض‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ال� تفصلنا عنهم‬ ‫يؤمن مساحة واسعة‬ ‫ي‬ ‫ا� ِّ‬ ‫للتعب� عن الرأي والتواصل مع الخرين‪ ،‬فالذين تتال� المسافة ي‬ ‫االف� ي‬ ‫ت‬ ‫ال� يحب‪ ،‬أو إيجاد‬ ‫ليضحوا كأنهم بيننا‪ .‬وفيسبوك يوجد عالماً خاصاً يتحكّم فيه‬ ‫المستخدم ي� إيجاد مساحته ي‬ ‫أ‬ ‫مساحات ت‬ ‫ين‬ ‫مستخدم� آخرين‪ ،‬ما يفتح المجال لتبادل الفكار إالبداعية أو النقدية‪.‬‬ ‫مش�كة مع‬ ‫ن‬ ‫أصاب� الضجر من العالم‬ ‫الشخص‪ ،‬استفدت من تشكيل مساحة إبداعية أعود إليها كلما‬ ‫عىل المستوى‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ض‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫فح�ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫أوقا� يب�‬ ‫ا�‪.‬‬ ‫الواقعي‪ ،‬أي الواقع خارج‬ ‫العالم�‪ .‬ي‬ ‫ي‬ ‫أن� و ّزعت ي‬ ‫ويمكن� أن أزعم ي‬ ‫ي‬ ‫عالم فيسبوك االف� ي‬ ‫أضجر من أحدهما أعود إىل آ‬ ‫اف� ض‬ ‫كائن�‪ :‬ت‬ ‫حو نل� فيسبوك إىل ي ن‬ ‫ا� وواقعي ف ي� الوقت عينه‪.‬‬ ‫الطريقة‬ ‫وبهذه‬ ‫خر‪،‬‬ ‫ال‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫ّ‬ ‫حولني إلى كائنين‪:‬‬ ‫واقعي وافتراضي‬

‫دارا العبدهللا ‪ /‬باحث من سوريا‬

‫ن‬ ‫يخص� ككاتب وباحث‪ ،‬أسأل عن سلبيات وإيجابيات‬ ‫فيما‬ ‫ي‬ ‫التال‪ :‬هل سيؤثر الفيسبوك عىل أساليب‬ ‫الفيسبوك السؤال ي‬ ‫ت‬ ‫وإجاب� هي‪ :‬بالتأكيد نعم‪ .‬العدد القليل‬ ‫الكتابة الحديثة؟‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الفيسبوك»‬ ‫ال� يجب أن يتكّون منها «الستاتوس‬ ‫ي‬ ‫من الكلمات ي‬ ‫والتلغ�‪،‬ز‬ ‫يمل عىل الكاتب االختصار والتكثيف والتلميح‬ ‫ي‬ ‫يك يبقى جاذباً َّ‬ ‫للقراء‪ ،‬ي‬ ‫ف‬ ‫أد� حديث لم يأخذ حقّه ي� الكتابة العربية المعارصة‪ ،‬أال وهو «كتابة الشذرة»‪.‬‬ ‫وهذا هو أساس أسلوب ب ي‬ ‫الساس لحياء هذا النمط من الكتابة ف� أ‬ ‫فيسبوك الباعث أ‬ ‫العر�‪.‬‬ ‫دب‬ ‫ال‬ ‫فمن الممكن أن يكون‬ ‫إ‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫العامة‬ ‫هذا من جهة‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬أعتقد أن لفيسبوك سيئة أساسية تبينت ي� تعميم القراءة السطحية ّ‬ ‫وال�كيب وكشف أ‬ ‫عىل حساب التحليل ت‬ ‫ش‬ ‫المبا�ة مع الحدث يساعد عىل‬ ‫العماق المتعددة‪ ،‬وااللتصاق‬ ‫انتشار القراءة أ‬ ‫ش‬ ‫المبا�ة‪ ،‬وهذه مشكلة من مشكالت فيسبوك‪ ،‬وهي أفضل طريقة‬ ‫اليديولوجية المسطحة‪،‬‬ ‫للتشويش عىل الحقيقة‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ومن ي ّ ز‬ ‫ً‬ ‫م�ات فيسبوك أيضا كرس احتكار الصحافة لمنابر الرأي‪ ،‬فال محرر وال رقيب وال أخطاء وال فل�ة‪ ،‬النص‬ ‫أ‬ ‫نز‬ ‫ش‬ ‫أذن القارئ‪ ،‬ال رتوش وال إضافات وال تجميل‪ .‬وأعتقد أن هذا سي�ل اللغة والفكار‬ ‫مبا�ة من فم الكاتب إىل ِ‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫والمهمش�‪.‬‬ ‫العادي�‬ ‫التفك� من مستوى المؤسسات والسلطات والهيئات إىل صلب المجتمع والناس‬ ‫وطرائق‬ ‫ي‬ ‫فيسبوك هو صوت التحت والمهمش والضئيل ف ي� مواجهة الفوق والسلطة والمنظم‪.‬‬

‫فيسبوك سيؤثر في‬ ‫أساليب الكتابة‬


‫فيسبوك تأويل‬ ‫للواقع بطرق مختلفة‬

‫أشعر أني مدمنة‬ ‫فيسبوكية‬

‫نورا السفر ‪ /‬طبيبة من السعودية‬

‫تفس� ت‬ ‫ين‬ ‫عالق� بفيسبوك أقول إنه مجرد شبكة تواصل تعكس ما نغذيها م ّنا أو من‬ ‫ح� أحاول ي‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫كلقا� بصديقة الطفولة بع�ه‪ ،‬ومرات‬ ‫معلوماتنا وثقافاتنا وأخالقياتنا‪ ،‬ومرات بما هو مفيد‪ ،‬ي‬ ‫ن‬ ‫كث�ة من يومي أمضيها أمام شاشة فيسبوك‪.‬‬ ‫سل� مثل‬ ‫فقدا� لساعات ي‬ ‫ي‬ ‫بشكل ب ي‬ ‫هناك من يمارس ضغطاً اجتماعياً وتوعوياً عن طريقه ويستخدمه لصالح أعمال معينة‪،‬‬ ‫وهناك من يجمع أ‬ ‫ين‬ ‫للمقرب�‪،‬‬ ‫الصدقاء كوسيلة لتعزيز شعبية وهمية‪ ،‬وهناك من يغلق صفحته لتكون خاصة‬ ‫الخرين دون مشاركة فعلية‪ ،‬وهناك من يلقي بأعماله ويومياته أمام أ‬ ‫وهناك من يستمتع بصفحات آ‬ ‫المل ويكون‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫محور أ‬ ‫ئ‬ ‫واالنطوا� المحافظ‪ .‬هذا عىل مستوى الفراد‪ .‬وهناك المستوى ال بك�‪،‬‬ ‫الحداث‪ ،‬وهناك العابث المنفتح‬ ‫ي‬ ‫مستوى حشد الشعبيات أ‬ ‫للعمال االنتخابية‪ ،‬أو لقضايا معينة‪ ،‬وهناك من يستخدمه للتجسس عىل رواده أو أقربائه‬ ‫ين‬ ‫الوجه�‪ ،‬وقد يطغى أحدهما عىل‬ ‫أو أصدقائه‪ .‬لذا ال يمكن الحسم بسلبيات الفيسبوك أو إيجابياته‪ ،‬فهو يحمل‬ ‫آ‬ ‫م�ات الحياة الواقعية أيضاً وليس ت‬ ‫الخر ف� لحظات‪ ،‬وقد تكون هذه من ي ز‬ ‫االف�اضية فقط‪.‬‬ ‫ي‬

‫رنا نجار ‪ /‬محررة صحافية من لبنان‬

‫ف‬ ‫تعرفت إىل فيسبوك وكان مبهماً بالنسبة يل‪.‬‬ ‫ي� العام ‪ّ 2007‬‬ ‫الحقاً صار موقع فيسبوك محطة لمتابعة النشاطات الثقافية‬ ‫ال� يدعو إليها أ‬ ‫ت‬ ‫الصدقاء‪ ،‬إضافة إىل مالحقة‬ ‫والمشاريع ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫تحول‬ ‫العر�‪ّ ،‬‬ ‫المقاالت ي� الصحف الجنبية‪ .‬ومع الربيع ب ي‬ ‫خ� يومي‪ ،‬ووسيلة إعالمية بديلة أصدق من الوسائل التقليدية‪.‬‬ ‫فيسبوك إىل مصدر ب‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫أكب عليها‬ ‫صفح� مح ّط تفريغ آر ئ يا� الغاضبة فيما يتعلق بالمجتمع‬ ‫ورسعان ما أصبحت‬ ‫اللبنا�‪ ،‬ومحطّة ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫سيؤسس لعالقات‬ ‫االجتماعي‪،‬‬ ‫الموقع‬ ‫هذا‬ ‫أن‬ ‫ا‬ ‫يوم‬ ‫ل‬ ‫أتخي‬ ‫لم‬ ‫لك�‬ ‫احي‪.‬‬ ‫ر‬ ‫وأف‬ ‫ا�‬ ‫ز‬ ‫وأح‬ ‫ومواقفي‬ ‫همومي وعواطفي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫جديدة مع أصدقاء قدماء أو سيكشف َّنيات دفينة وأفكارا سوداوية وسيئة لصدقاء كنت أعرفهم منذ الطفولة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� أحيان‪ ،‬كان مح ّط خالف مع زوجي الذي ال يحب ش‬ ‫«ن�»‬ ‫جراء موقف بع� فيسبوك‪ .‬ي‬ ‫لقد خرست صديقة َّ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫نموها لعلّها تكون‬ ‫حولته إىل صفحة أن� فيها صور‬ ‫حياتنا الخاصة عىل إ‬ ‫وليد� وأخبار ّ‬ ‫الن�نت كما يقول‪ .‬لذا ّ‬ ‫ي‬ ‫مواد توثيقية لحياتنا المقموعة‪.‬‬ ‫ت‬ ‫بداخل‪ ،‬وبعدما صار إدماناً أفتحه كل ساعة‬ ‫أع� عما‬ ‫اليوم أشعر برغبة جامحة ب�ك فيسبوك‪ ،‬حيث لم أعد ب ّ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫طاق� دون أي جدوى‪.‬‬ ‫وق� ويستهلك‬ ‫تقريباً‪ .‬أشعر أنه ّ‬ ‫ي‬ ‫يضيع ي‬

‫صميل ‪ /‬موظف من السعودية‬ ‫أحمد‬ ‫ي‬

‫أصبح فيسبوك عالماً بحد ذاته‪ ،‬ودولة ت‬ ‫اف�اضية لها جوازاتها ودستورها‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� تدخل إىل حياتنا فتصبح‬ ‫وشعبها‪ ،‬ي‬ ‫وكغ�ها من االخ�اعات الجديدة ي‬ ‫ت‬ ‫جزءاً منها‪ ،‬ونعتادها ح� ال نتمكن من أن نعيش من دونها‪ .‬وهذا كله‬ ‫ت‬ ‫ال� تمتلك ي ن‬ ‫وجه�‪ ،‬أحدهما يمتص العتمة وقسوة‬ ‫سالح ذو حدين‪ ،‬تماماً كأعواد الثقاب ي‬ ‫آ‬ ‫الظالم ويشعل النار ليطرد بال�د‪ ،‬والوجه الخر يحيل الغابة والجمال إىل رماد‪ .‬أعتقد أن مواقع‬ ‫التواصل االجتماعي أصبحت المكان الثالث الذي يلجأ إليه النسان بعد مكانه أ‬ ‫الول (البيت) ن‬ ‫والثا� (المدرسة أو العمل)‪،‬‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫و� اعتقادي أن مواقع التواصل االجتماعي استطاعت أن‬ ‫لقد أصبح واضحاً أن المكان الثالث أصبح مكاناً إلك�ونياً بامتياز‪ ،‬ي‬ ‫تمد جذورها إىل كل فرد من أ‬ ‫الرسة العربية لتصبح جزءاً ال يتجزأ من حياتنا اليومية‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال تن�نت فإيجابياته تطغى عىل سلبياته‪ ،‬ويخترص‬ ‫من‬ ‫أعت� فيسبوك من أفضل الشبكات االجتماعية عىل إ‬ ‫تجرب� الشخصية ب‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫والمشاه�‪ .‬ويتيح‬ ‫كث�اً من الوقت والجهد والتكلفة ي� معرفة حال الصدقاء والقارب‪ ،‬وح� من أعجب بهم كالنجوم‬ ‫ي‬ ‫يل ي‬ ‫ل مشاركة آ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫وكث�اً من الحديث الذي‬ ‫صفح� غرفة حميمة تحمل صوري‬ ‫الخرين أفراحهم وأتراحهم‪ ،‬ويجعل من‬ ‫وذكريا� ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫لتع� عن نفسك‬ ‫ُتب‬ ‫ك‬ ‫بأنامل‪ ،‬أحب أن ينظر إليها الناس وأن يقرأ الصدقاء ما أكتبه‪ .‬فهذا عالم يفتح لك الباب واسعاً ّب‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫وتخرج من قوقعة عوالم الواقع المجبولة بالضجر ف� عمومها‪ .‬وهذا ما ن‬ ‫إن� بمجرد ما أن أضع‬ ‫يحيل�‬ ‫ي‬ ‫إىل «الاليك»‪ ،‬إذ ي‬ ‫ي‬ ‫ال� تي�كها أ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫الصدقاء‪ ،‬بل وأعرف َم ْن منهم أعجب‬ ‫صورة أو جملة عىل‬ ‫صفح� أحصل مبا�ة عىل تشجيع بـ «الاليك» ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ويقلق� غيابه ي� حال لم ي� بـ «اليك»‪ .‬أعتقد أن‬ ‫فتفرح� مشاركته‪،‬‬ ‫بها‪ ،‬وأحياناً أنتظر «اليكاً» من أحدهم بالتحديد‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫«الاليك» نز‬ ‫«باروم�» عالم الفيسبوك الذي يقيس أمزجة الصدقاء وآراءهم تجاه مزاجك وآرائك‪.‬‬ ‫بم�لة‬

‫الاليك‬ ‫بارومتر‬ ‫الفيسبوك‬


‫‪17 | 16‬‬

‫كتب عربية‬

‫تاريخ المساجد األثرية‬ ‫تأليف‪ :‬حسن عبد الوهاب‬ ‫الناشر‪ :‬الهيئة العامة لقصور‬ ‫الثقافة‪ ،‬القاهرة ‪2014‬‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫تتضمن بداية هذا الكتاب تنويهاً بجهود الملك فاروق أ‬ ‫الول في رعاية‬ ‫آ‬ ‫الثار العربية‪ ،‬وخاصة المساجد التي كانت العناية تلحق بها فور‬ ‫وضعها على خريطة صلوات الجمعة التي كان يقوم بها الملك في‬ ‫مساجد شتى في أنحاء القاهرة‪ ،‬وهو ما أدى إلى ترميم عدد هائل‬ ‫منها‪.‬‬ ‫أ‬ ‫مفصلة للمساجد التي‬ ‫ويتألف الكتاب من مجلدين‪ ،‬الول دراسة َّ‬ ‫صدرها بتمهيد عن نشأتها‪.‬‬ ‫صلى فيها الملك فاروق الجمعة وقد َّ‬ ‫ّأما القسم الثاني من الكتاب فيشمل مجموعة صور فوتوغرافية‬ ‫التقطها حسن عبدالوهاب بنفسه وانتقى أفضلها‪ ،‬وحرص فيها على‬ ‫السالمية ّ‬ ‫بكل تفصيلها وهي تحتوي على واجهات‬ ‫إظهار العمارة إ‬ ‫ومناظر داخلية لتلك المساجد‪ ،‬كما تضم كثيراً من التفاصيل‬ ‫المعمارية التي تساعد على تبيان دقائقها واجتالء محاسنها‪ .‬ومن‬ ‫نماذج الصور التي وضعها في الكتاب نماذج للواجهات أ‬ ‫والبواب‬ ‫والقباب والمنارات والمصاريع الخشبية المطعمة بالسن والمكسوة‬ ‫بالنحاس والزخارف المنقوشة على السن والخشب والرخام والحجر‬ ‫والحصى‪ ،‬وبجانب ذلك مجموعة كبيرة من المنابر والسقوف‬ ‫والمحاريب والوزرات أ‬ ‫والرضيات الرخامية والشبابيك النحاسية‪.‬‬

‫هنا ترقد الغاوية‬ ‫تأليف‪ :‬محمد إقبال حرب‬ ‫الناشر‪ :‬الدار العربية للعلوم‬ ‫ناشرون ‪2014‬‬

‫قسم الكاتب محمد حرب روايته في أبواب أعطى كل باب‬ ‫منها عنواناً بدءاً من عنوان الرواية «هنا ترقد الغاوية»‪ ،‬مروراً‬ ‫بعناوين أخرى مثل‪ :‬معبد منسي‪ ،‬ذات الخمار‪ ،‬جريمة شرف‪،‬‬ ‫حديث الوحدة‪ ،‬زيارة مالك‪ ...،‬إلخ‪ .‬ومن خالل هذه العناوين‬ ‫طرح لنا الفكرة المركزية التي بنى عليها روايته‪ ،‬وهي قضية‬ ‫جرائم الشرف‪ ،‬التي ما زالت تؤرق كثيراً من مجتمعاتنا العربية‬ ‫التي تحكمها عادات وتقاليد يخرج بعضها عن نطاق السيطرة‪.‬‬ ‫مزج الكاتب بين أسلوب السرد وأسلوب الحوار‪ ،‬والتشويق‬ ‫والترقب والقلق‪ ،‬وعمل على تصوير الجوانب النفسية‬ ‫والنسانية لشخوصه من خالل تحركاتهم وتصرفاتهم‪ ،‬وترك‬ ‫إ‬ ‫الشخوص تحلل نفسها بنفسها سواء بالكالم أو الحركة أو‬ ‫التصرفات‪ ،‬وكذلك تصويرهم من الداخل والخارج‪.‬‬ ‫وتمثل الرواية محاولة نقدية للواقع المعيش‪ ،‬ونقداً لبعض‬ ‫المجتمعات المغلقة التي تعيش في التردي‪ ،‬والتمسك‬ ‫ببعض العادات والتقاليد البالية في إلقائها اللوم على المرأة‬ ‫وحدها‪ ،‬حيث تغرق المرأة نفسها في بحر من الدموع واليأس‬ ‫واالستسالم‪ ،‬بينما هي مدعوة للمحافظة على القيم من جهة‪،‬‬ ‫وعلى إنسانيتها من جهة أخرى‪.‬‬

‫دور المعمار في حضارة اإلنسان‬ ‫تأليف‪ :‬رفعة الجادرجي‬ ‫الناشر‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية ‪2014‬‬

‫في هذا الكتاب يقّدم أ‬ ‫الكاديمي والمعمار العراقي‬ ‫معمقة تهدف إلى إظهار‬ ‫رفعة الجادرجي دراسة َّ‬ ‫الدور االجتماعي للمعمار‪ ،‬ويسلِّط الضوء على‬ ‫والنسانية والفنية التي تمثلها‪ .‬فيبدأ‬ ‫الرسالة الثقافية إ‬ ‫ويطور هذا‬ ‫بشرح مفهوم بنيوية العمارة‪ ،‬ويوسع‬ ‫ّ‬ ‫ثم‬ ‫المفهوم في مجاالته النظرية والتطبيقية‪ .‬ومن ّ‬ ‫يتحدث عن الهوية والخصوصية في الفن والعمارة‬ ‫وذلك من خالل تفاعل فن البناء مع البيئة المحيطة‬ ‫به‪ .‬ولذلك فهو يصبح بمنزلة التعبير المادي عن‬ ‫المطلب‪ .‬وهنا مصدر أهمية العالقة بين البيئة‬ ‫والبنيوية وترابطهما الجدلي‪ :‬عندما تكون البنية‬

‫هي واقعية الوجود‪ ،‬المادي والمعنوي‪ ،‬في الزمان‬ ‫والمكان للمقومات الفكرية والمادية فمحصلتها كيان‬ ‫قائم ومقترن بوظيفة اجتماعية‪.‬‬ ‫أن العمارة‬ ‫ويشير الجادرجي في كتابه أيضاً إلى ّ‬ ‫تؤلف مقوماً متأصال ً في سلوكيات الفرد مع البيئة‬ ‫االجتماعية المتمثلة بالدار والمعبد والمخزن وغيرها‬ ‫من بُنى أخرى‪ ،‬أي إنّها أساس في تفعيل القدرات‬ ‫الحسية البصرية والوجدانية للفرد في معيشه‬ ‫اليومي‪.‬‬ ‫أن الكاتب يتوجه في خطابه في‬ ‫تبقى إ‬ ‫الشارة إلى ّ‬ ‫جميع مراحل الكتاب إلى القارئ والمعمار العربيين‪.‬‬


‫التحوالت المتسارعة بفعل‬ ‫يشهد المجتمع الخليجي الحاضر نتيجة‬ ‫ّ‬ ‫العولمة نوعاً من الصراع الفكري والحضاري‪ .‬وانعكست آثار هذا‬ ‫الصراع على معظم جوانب الحياة في هذا المجتمع‪ .‬وكانت اللغة من‬ ‫أبرز الجوانب وأكثرها تأثراً به وبتبعاته‪ .‬ذلك ألن أ‬ ‫الضرار التي لحقت‬ ‫أ‬ ‫يكونون الجيل المقبل‬ ‫بها ضربت الجذور‪ ،‬فأصابت الطفال الذين ّ‬ ‫وأساس المستقبل‪ ،‬إلى درجة أصبحت هويتهم اللغوية والثقافية معها‬ ‫حد بعيد‪.‬‬ ‫مهددة إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطار تأتي الدراسة المعروضة في هذا الكتاب التي ّتم‬ ‫في هذا إ‬ ‫خاللها إلقاء الضوء على بعض المظاهر اللغوية ومعالجة بعض‬ ‫التحوالت‬ ‫الجوانب المهمة المرتبطة بها‪ ،‬من خالل الحديث عن‬ ‫ّ‬ ‫االجتماعية والثقافية والحضارية الجديدة التي حصلت في منطقة‬ ‫التحوالت من آثار وانعكاسات‬ ‫الخليج العربي‪ ،‬وتتبع ما نتج عن هذه‬ ‫ّ‬ ‫سلبية على لغة المجتمع الخليجي‪ ،‬وعلى لغة الطفل بنحو أخص‪،‬‬ ‫وعلى هويته القومية ومستقبله مع تنويه المؤلف أن دراسته الخاصة‬ ‫عن الطفل العربي الواردة في هذا الكتاب‪ ،‬ال تقتصر على إطار مرحلي‬ ‫محدد‪ ،‬وإنّما تشمل جميع المراحل العمرية‬ ‫ّ‬ ‫معين أو مستوى اجتماعي ّ‬ ‫أ‬ ‫للطفال‪ ،‬وتتعلق بمستوياتهم التعليمية واالجتماعية على اختالفها‪،‬‬ ‫دون تخصيص‪.‬‬

‫كتاب «عصور نهضة أخرى» هو كتاب نادر بين تلك الكثرة من الكتب والدراسات‬ ‫التي عالجت مصطلح النهضة سواء النهضة أ‬ ‫الوروبية الشهيرة التي نشأت في‬ ‫إيطاليا إبان القرنين الخامس عشر والسادس عشر أو تلك النهضات أ‬ ‫الخرى التي‬ ‫تفجرت هنا وهناك في العالم غير أ‬ ‫الوروبي‪ ،‬كالصين والبنغال شرقاً ونيوزيالندا‬ ‫جنوباً‪ ،‬وإيرلندا والمكسيك‪ ،‬بل والواليات المتحدة غرباً‪ ،‬مروراً بنهضة عربية في‬ ‫الشرق أ‬ ‫الوسط وأخرى في ألمانيا‪.‬‬ ‫ويدعي محررو الكتاب أنه يقدم مدخال جديداً لدراسة أ‬ ‫العالمي‪ ،‬وتحديداً‬ ‫الدب‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ما عرف بأدب النهضة في مناطق مختلفة من العالم‪ ،‬مقابل أدب عصر النهضة‬ ‫أ‬ ‫الوروبية المعروف‪ .‬وبذلك يعيد منظور الكتاب صياغة مفهوم النهضة بحيث‬ ‫أ‬ ‫تصبح النهضة الوروبية فكرة ملهمة وخالقة‪ ،‬بدال ً من كونها مجرد حقبة في‬ ‫التاريخ‪ .‬وتتقاطع أطروحات المقاالت التي تتناول دراسات مفصلة لمفهوم‬ ‫النهضة خارج سياق النهضة اليطالية أ‬ ‫الوروبية التي فصلت تاريخ أوروبا‬ ‫إ‬ ‫وعصورها الوسطى مع مفاهيم أخرى كالحداثة والثقافة والتحديث وما بعد‬ ‫الكولونيالية (االستعمار)‪.‬‬ ‫ومتعددة القوميات التي يتمتع‬ ‫متعددة الثقافات‬ ‫ّ‬ ‫ركزت هذه الدراسة على الحركية ّ‬ ‫الوروبية‪ ،‬حيث تجاوز هذا المفهوم مكان نشأته أ‬ ‫بها مفهوم كالنهضة أ‬ ‫الوروبية‬ ‫بمعان‬ ‫وزمانها‪ ،‬ليصل إلى ثقافات غير أوروبية استخدمت المصطلح‬ ‫نفسه‪ ،‬ولكن أ ٍ‬ ‫أ‬ ‫أخرى تقترب كثيراً أو قليالً‪ ،‬بل تبتعد أحياناً عما يعنيه المفهوم الوروبي الصلي‪.‬‬

‫ثورة الفن‬ ‫تأليف‪ :‬أحمد حسن مشرف‬ ‫الناشر‪« :‬نوليدجابل»‪ ،‬جدة ‪2014‬‬

‫كيف يعمل الفنان وكيف يعمل آ‬ ‫الخرون؟ هذا هو‬ ‫السؤال الذي اتخذه المؤلف أحمد حسن مشرف‬ ‫عنواناً ثانياً لكتابه «ثورة الفن»‪.‬‬ ‫يقع هذا الكتاب في ‪ 190‬صفحة تقريباً موزعة على‬ ‫ثالثة أقسام رئيسة‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫ أن تكون إنساناً ال أن تكون مؤدياً للعمل‪.‬‬‫ التعايش مع الفن‪ ،‬ثماني قناعات يعيشها كل فنان‪.‬‬‫ ماذا بعد ثورة الفن؟‬‫ً‬ ‫وتحت هذا التبويب جمع المؤلف عددا من مقاالته التي كتبها على مدى فترة طويلة‬ ‫من الزمن‪ .‬وتتضمن كثيراً من العناوين الفرعية القابلة ألن تكون موضوع نقاش‪،‬‬ ‫وتستحق التوسعة مثل دور اللهام في الفن‪ ،‬أ‬ ‫والثر الذي تتركه غزارة إالتناج‪.‬‬ ‫إ‬

‫حد منفوحة‬ ‫تأليف‪ :‬طارق الجاسر‬ ‫الناشر‪ :‬دار أثر ‪2014‬‬

‫رواية جديدة من تأليف إالعالمي‬ ‫والذاعي السعودي طارق‬ ‫إ‬ ‫الجاسر‪ ،‬تقع في ‪ 198‬صفحة‪،‬‬ ‫وتتضمن عشرة فصول‪.‬‬ ‫ومن أ‬ ‫السطر الممهدة للدخول‬ ‫في مناخ الرواية نقرأ للكاتب‪« :‬تسلب منا الحياة لحظات‬ ‫اعتدنا على العيش برتابة في تفاصيلها‪ ،‬ولكنها ما إن تسلبها‬ ‫حتى تضعنا في موسم آخر تختلف فيه أ‬ ‫اللوان والروائح‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من تذمرنا من هذا التغيير‪ ،‬إال أننا مجبرون على‬ ‫ذلك‪ ،‬وبإرادتنا نرضخ لها‪ ،‬ال لرفضنا للتغيير‪ ،‬ولكن لشدة‬ ‫تعلقنا بها نمجد كل طرقها معنا‪.»...‬‬

‫كتب عربية‬

‫اللغة العربية المعاصرة‬ ‫في دول الخليج العربي‬ ‫وقضية الهوية‬ ‫تأليف‪ :‬أحمد محمد المعتوق‬ ‫الناشر‪ :‬الدار العربية للعلوم‬ ‫ناشرون ‪2013‬‬

‫عصور نهضة أخرى من‬ ‫سلسلة عالم المعرفة‬ ‫الشهرية‬ ‫الناشر‪ :‬المجلس الوطني للثقافة‬ ‫والفنون آ‬ ‫والداب الكويت‬ ‫‪2014‬‬


‫‪19 | 18‬‬

‫كتب من العالم‬

‫الحياة االجتماعية للمال‬ ‫‪The Social Life of Money‬‬ ‫تأليف‪ :‬نيجل دود‬ ‫الناشر‪Princeton University Press :‬‬ ‫(سبتمبر ‪)2014‬‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫األخضر‪ :‬تاريخ لون‬ ‫‪Vert: Histoire d’une couleur‬‬ ‫تأليف‪ :‬ميشال باستورو‬ ‫الناشر‪( Seuil :‬سبتمبر ‪)2013‬‬

‫تسوكورو تازاكي عديم اللون‬ ‫وسنوات رحلته‬ ‫‪Colorless Tsukuru Tazaki and His‬‬ ‫‪Years of Pilgrimage‬‬ ‫تأليف‪ :‬هاروكي موراكامي‬ ‫الناشر‪ :‬اليابان (‪)2013‬‬

‫من صفر إلى واحد‪ :‬مالحظات على‬ ‫الشركات الناشئة أو كيف نبني المستقبل‬ ‫‪Zero to One: Notes on startups, or How to‬‬ ‫‪Build the Future by Peter Thiel, Blake Masters‬‬ ‫تأليف‪ :‬بيتر ثيل وبليك ماسترز‬ ‫الناشر‪( Crown Business :‬سبتمبر ‪)2014‬‬

‫برزت تساؤالت عديدة حول طبيعة المال ال سيما بعد أ‬ ‫الزمة‬ ‫المالية العالمية أ‬ ‫الخيرة‪ .‬فقد أصبح هناك عدة أشكال للمال‬ ‫والقراض‬ ‫وأنظمة مالية مختلفة مثل العمالت المحلية إ‬ ‫االجتماعي والمال المحمول‪ .‬ولكن مفهومنا للمال أ‬ ‫وللشكال‬ ‫المختلفة التي يمكن أن يتخذها ليست كافية‪ .‬لذلك قام‬ ‫عالم االجتماع المتخصص بالمال‪ ،‬نيجل دود‪ ،‬بإعادة صياغة‬ ‫كل ما يتعلق بالمال من أجل فهم عالم ما بعد أ‬ ‫الزمة المالية‬ ‫بعدما دخلت عليه أشكال جديدة‪.‬‬ ‫في كتابه هذا يحاول الجابة عن أ‬ ‫السئلة التالية‪ :‬ما الخطوات‬ ‫إ‬ ‫السليمة التي يمكن أن تتخذها البنوك المركزية عندما تصدر‬ ‫العمالت وتضع السياسات المالية؟ ما الذي يعطي الحق‬

‫للجهات غير الحكومية في إصدار أشكال مالية جديدة؟‬ ‫وكيف يمكن أ‬ ‫للشكال المالية الجديدة أن تتجاوز أو تلحق‬ ‫تقرها الدولة؟‬ ‫الضرر بالعمالت التي‬ ‫ومن اهتمامات الكتاب ّ أ‬ ‫الساسية كيفية إنقاذ المال من‬ ‫سيطرة البنوك والحكومات وسوء إدارتها‪ ،‬وإعادته إلى مكانته‬ ‫الساسية كـ «حق اجتماعي» كما وصفه الفيلسوف أ‬ ‫أ‬ ‫اللماني‬ ‫الشهير‪ ،‬جورج سيمل‪ .‬ويستكشف هذا الكتاب الجوانب‬ ‫المهمة للمال والطريقة التي تؤثر فيها التحوالت التي تحصل‬ ‫فيه على المجتمع والسياسة واالقتصاد‪ .‬وكانت نتيجة أ‬ ‫الفكار‬ ‫المعروضة في هذا الكتاب رسم طرق جديدة للتفكير بالمال‬ ‫تساعد‪ ،‬ليس فقط على فهمه‪ ،‬وإنما تغييره أيضاً‪.‬‬

‫يعد الخبير العالمي ميشال باستورو أحد أبرز أ‬ ‫العالم‬ ‫ُ ُّ‬ ‫المعاصرين المتخصصين في تاريخ أ‬ ‫اللوان بدءاً من العصور‬ ‫القديمة وصوال ً إلى وقتنا الحاضر‪ .‬فقد استطاع هذا‬ ‫الباحث الكبير في جامعة السوربون الفرنسية عبر نصوصه‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫البحار في عالم اللوان محلال ً‬ ‫النثروبولوجية المستفيضة‪ ،‬إ‬ ‫رموزها ومعانيها المستترة وأسرارها وإيحاءاتها‪.‬‬ ‫وفي هذا الكتاب يستكشف باستورو المكانة المتغيرة‬ ‫والزياء أ‬ ‫الخضر في الفنون أ‬ ‫للّون أ‬ ‫والدب والدين والحياة‬ ‫غيرت فيه الثقافة معاني‬ ‫اليومية‪ .‬ويالحق المسار الذي ّ‬ ‫هذا اللون عبر التاريخ‪ .‬والكتاب مملوء بالحكايات المسلية‬ ‫والمفيدة‪ .‬فطالما كان هذا اللون رمز الحياة والحظ أ‬ ‫والمل‬ ‫كما كان أيضاً رمز الفوضى والجشع والسموم‪ .‬ومن الناحية‬

‫أ‬ ‫النتاج والتثبيت‪.‬‬ ‫الكيميائية‪ ،‬فالصباغ الخضراء صعبة إ‬ ‫لذلك ارتبط هذا اللون ّ‬ ‫بكل ما هو متغير وعابر مثل الطفولة‬ ‫والحب والثروة‪ .‬وحتى العصر الرومنسي لم يكن اللون‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫الخضر قد ارتبط بشكل ثابت بالطبيعة‪ .‬كما يشرح باستورو‬ ‫أ‬ ‫بالمبراطور الروماني نيرون‪،‬‬ ‫كيف ارتبط اللون الخضر إ‬ ‫ولماذا ربط الفيلسوف أ‬ ‫اللماني غوته هذا اللون بالطبقات‬ ‫الوسطى‪ ،‬ولماذا اعتقد بعض المفكرين في القرن التاسع‬ ‫الغريق القدامى لم يستطيعوا تمييز اللون‬ ‫عشر بأن إ‬ ‫أ‬ ‫الخضر‪.‬‬ ‫ومن خالل تصميمه المميز ونصه المقنع‪ ،‬نجح هذا الكتاب‬ ‫في استقطاب اهتمام كل َم ْن هو مهتم بالتاريخ والثقافة‬ ‫والعالم‪.‬‬ ‫والفن والموضة إ‬

‫يتميز هاروكي موراكامي‪ ،‬الروائي الياباني الشهير برواياته‬ ‫ولكن ذلك لم يمنع رواجها وترجمتها‬ ‫الغريبة والغامضة‪ّ .‬‬ ‫عدة لغات عالمية‪ .‬وكان من آخر رواياته «تسوكورو‬ ‫إلى ّ‬ ‫تازاكي عديم اللون وسنوات رحلته»‪ ،‬الكتاب الذي باع‬ ‫السبوع أ‬ ‫أكثر من مليون نسخة في اليابان في أ‬ ‫الول‬ ‫لنزوله إلى المكتبات‪.‬‬ ‫تتحدث الرواية عن الشاب تسوروكو الذي «ليس لديه‬ ‫أن ليس لديه أية هواية أو أية‬ ‫أي اهتمام بالفن كما ّ‬ ‫مهارة خاصة‪ ...‬كان يخجل بسهولة‪ ،‬متقوقع ال يمكنه‬ ‫االسترخاء مع أشخاص غرباء‪ ...‬ال يملك أي شخصية‬ ‫مميزة أو أي مزايا خاصة»‪ .‬باختصار هو شخص عديم‬ ‫وإنما كانت لهذا الشاب‪ ،‬عندما كان في المدرسة‪،‬‬ ‫اللون‪ّ ،‬‬

‫أ‬ ‫ولكن تلك المجموعة‬ ‫مجموعة صغيرة من الصدقاء‪ّ ،‬‬ ‫تركته دون أي سابق انذار‪ ،‬ولم تعد ترد على اتصاالته‬ ‫وقطع أفرادها العالقة بتسوكورو بشكل نهائي‪ّ .‬أما‬ ‫السبب الذي تركه من أجله أصدقاؤه هو اللغز أ‬ ‫الساسي‬ ‫الذي يحرك هذه القصة‪ .‬وبعد أن كبر تسوروكو وازداد‬ ‫بالحباط والعزلة عاد في رحلة طويلة إلى‬ ‫شعوره إ‬ ‫الماضي ليستأنف البحث عن سبب ترك أصدقائه له‪.‬‬ ‫وتتخلل هذه الرواية لحظات من النثر التأملي الرائع‬ ‫ومن أ‬ ‫الحداث المدهشة والقصص المتداخلة التي تنتقل‬ ‫بها من كونها قصة عادية عن شخصية غريبة تبحث عن‬ ‫وجودها‪ ،‬لتضع المألوف والخيالي جنباً إلى جنب في‬ ‫تداخل جذّ اب‪.‬‬

‫من أهم ما يميز عصرنا الحالي هو أنّه ما زالت هناك‬ ‫حدود مجهولة يمكن استكشافها واختراعات جديدة‬ ‫يمكن الوصول إليها‪ .‬في كتابه «من صفر إلى واحد»‬ ‫يظهر رجل أ‬ ‫العمال الشهير بيتر ثيل كيفية إيجاد الطرق‬ ‫أ‬ ‫الفعالة البتكار هذه المور الجديدة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إن عصرنا‬ ‫يبدأ ثيل من الفرضية الجدلية التي تقول ّ‬ ‫الحالي هو عصر ركود تكنولوجي‪ ،‬حتى لو ظن البعض‬ ‫شك في أن تكنولوجيا‬ ‫أن العكس هو الصحيح‪ .‬ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫المعلومات قد تطورت بسرعة‪ ،‬وإنما ليس هناك أي‬ ‫سبب لتقتصر االبتكارات على مجال الكمبيوتر أو وادي‬ ‫السيليكون‪ .‬إذ يمكن للتطور أن يطال أي صناعة أو‬ ‫مجال آخر‪ .‬وينبع أي تطور من أهم مهارة يمكن أن‬

‫يكتسبها أي فرد وهي أن يفكّر بمفرده‪.‬‬ ‫تعلم ما يستطيع أي شخص آخر أن يفعله‬ ‫يقول ثيل إن ّ‬ ‫وإنما ابتكار أي شيء‬ ‫ال يأخذ العالم إلى أي مكان‪ّ ..‬‬ ‫جديد يأخذ العالم من صفر إلى واحد أي من ال شيء‬ ‫إلى شيء ذي قيمة‪ .‬لن ينجح أي شخص في المستقبل‬ ‫ولن يظهر أي بيل غيتس آخر من خالل التنافس على ما‬ ‫هو موجود في السوق الحالي‪ ،‬بل سينجح من يتجنب‬ ‫المنافسة بالمطلق ويفرض نفسه باختراع فريد‪.‬‬ ‫يقدم هذا الكتاب نظرة متفائلة إلى المستقبل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وطريقة جديدة للتفكير باالختراعات حيث تبدأ بطرح‬ ‫أ‬ ‫السئلة التي تؤدي إلى إيجاد القيمة في مجاالت غير‬ ‫متوقعة‪.‬‬


‫بين كتابين‬

‫مقاييس نجاح الفن المعاصر‬

‫(‪ )1‬كتاب‪ 33 :‬فناناً في ‪ 3‬أعمال ‪ -‬تأليف‪ :‬سارة ثورنتون‬ ‫‪33Artists in 3 Acts by Sarah Thornton‬‬ ‫الناشر‪( W.W. Norton & Co :‬نوفمبر ‪)2014‬‬ ‫(‪ )2‬كتاب‪ :‬طرق للنظر‪ :‬كيف نختبر الفن المعاصر ‪ -‬تأليف‪ :‬أوسيان وارد‬ ‫‪Ways of Looking: How to Experience Contemporary Art by Ossian Ward‬‬ ‫الناشر‪( Laurence King :‬سبتمبر ‪)2014‬‬ ‫هناك من يقول إن بعض أشكال النجاح قد تكون مقلقة أو حتى مرعبة‪ .‬وسوق الفن‬ ‫أن هذا السوق يشهد‬ ‫في القرن الواحد والعشرين هو واحد منها‪ .‬فعلى الرغم من ّ‬ ‫أ‬ ‫ولكن هواة الفن‬ ‫ارتفاعاً جنونياً في السعار وتخمة في المعارض وتدفق الزبائن‪ّ ،‬‬ ‫والقيمين على معارضه وحتى الفنانين أنفسهم يعملون‬ ‫والمتعاملين به والناقدين له ِّ‬ ‫أن الفن المعاصر‬ ‫إلى‬ ‫ذلك‬ ‫يعود‬ ‫هل‬ ‫يشهدونه‪.‬‬ ‫بقلق وبتبرير دائم للنجاح الذي‬ ‫ّ‬ ‫ثوري وغامض؟ أم إلى أنّه فارغ وسطحي؟‬ ‫ظهر مؤخراً كتابان حاوال إيجاد معنى للفن والعالم «المتضخم» الذي يحيط به‪.‬‬ ‫في كتابه «طرق للنظر»‪ ،‬يقول وارد‪ :‬ال أحد يحتاج إلى معرفة كبيرة بتاريخ الفن أو‬ ‫أ‬ ‫لخبرة فنية عالية من أجل االستمتاع بالفن‪ّ .‬‬ ‫التقرب من‬ ‫فكل ما يحتاجه المر هو ُّ‬ ‫أ‬ ‫النتاج الفني بعقل ّنير والتسلُّح بمجموعة من الدوات التي تسمح باستيعاب الفن‬ ‫إ‬ ‫المعاصر من خالل االحتكاك المطول‪ .‬ومن أول هذه أ‬ ‫الدوات‪ ،‬الوقت‪ ،‬أي أخذ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫بعض الوقت للتأمل بالقطعة الفنية قبل أن ندير لها ظهرنا‪ ،‬وثانياً‪ ،‬إيجاد الرابط‪ ،‬أي‬ ‫البحث عن مدخل للقطعة كي تنفذ فيه إلى ذاتنا وذلك من خالل استكشاف المغزى‬ ‫أو المعنى أو المزاج الذي يمكن أن تحركه تلك القطعة في داخلنا‪ ،‬وثالثاً‪ ،‬الخلفية‪،‬‬

‫االطالع على خلفية القطعة الفنية وخلفية صاحبها مما قد يمكننا من فهمها‬ ‫وتقديرها بطريقة أفضل‪ ،‬ورابعاً‪ ،‬التقييم‪ ،‬حيث يمكننا في المرحلة أ‬ ‫نكون‬ ‫أن‬ ‫الخيرة‬ ‫ّ‬ ‫االنطباعات الذاتية‪ ،‬وإعطاء رأينا النهائي بالعمل الفني‪.‬‬ ‫ومن خالل استخدام تلك أ‬ ‫الدوات حاول وارد استلهام المعاني من ‪ 14‬عمال ً من‬ ‫يقدم العمل الفني الذي‬ ‫أعمال الفن المفاهيمي المعاصر‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ّ ،‬‬ ‫«الضواء التي تضيء وتنطفئ»‪ ،‬بأنه «الشرط أ‬ ‫عرضه مارتن كريد بعنوان أ‬ ‫الساسي‬ ‫ّ‬ ‫ألي عمل فني‪ :‬أي أن يعبر عن فكرة معينة تنعكس من خالل تمثيل مرئي لشرارة‬ ‫البداع»‪ّ .‬أما عرض داميان هيرست «للجمجمة الماسية» بعنوان «رأفة بنا»‪ ،‬فهو‬ ‫إ‬ ‫أن العالم الذي نعيش فيه سطحي تحكمه أسواق تسيطر عليها‬ ‫فكرة‬ ‫عن‬ ‫ر‬ ‫يعب‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫أ‬ ‫أن عرض سوفي كال لمجموعة من الرسائل البريدية‬ ‫مجموعة من الثرياء الطغاة‪ :‬كما ّ‬ ‫تسمح بإلقاء نظرة غير مباشرة على حقيقة الوجود‪.‬‬ ‫ومن خالل ذلك يعطي وارد أ‬ ‫والرباك الذي يدور في فلك‬ ‫الحيرة‬ ‫المل في تبديد‬ ‫إ‬ ‫ولكن تحليله يظهر‪ ،‬في الوقت نفسه‪ ،‬بأن الفكرة وليس الشكل هو‬ ‫الفن المعاصر‪ّ ،‬‬ ‫الذي يسيطر على الفن المعاصر‪ ،‬لذلك إذا ما ّتم تجريد نظرية ما بعد الحداثة التي‬ ‫تشكل بوابة فكرية لمعظم الفن المفاهيمي المعاصر‪ ،‬فإن ما يتبقى هو مجرد فراغ‬ ‫وسطحية هذا الفن المسيطر على القرن الواحد والعشرين‪.‬‬ ‫وخالفاً لوارد الذي حاول تسليط الضوء على أ‬ ‫العمال الفنية نفسها واستلهام المعاني‬ ‫منها‪ ،‬ذهبت سارة ثورنتون في كتابها «‪ 33‬فناناً في ‪ 3‬أعمال» في رحلة وراء الكواليس‬ ‫عند أهم الفنانين في العالم من أجل «أنسنة» الفن المعاصر وإزالة الغموض‬ ‫الذي يحيط به‪ .‬فهي تصل القارئ بمجموعة مهمة من الفنانين‪ ،‬الرسامين والنحاتين‬ ‫وأساتذة الفن‪ ،‬ومن خالل التقرب منهم تستكشف ما الذي يعنيه أن يكون الشخص‬ ‫فناناً حقيقياً‪ .‬وقد تركت تورنتون هؤالء الفنانين يتحدثون عن أنفسهم‪ ،‬فيقول جيف‬ ‫المريكي المعروف باستنساخه أ‬ ‫كونز‪ ،‬الفنان أ‬ ‫للجسام الغريبة‪ ،‬بأنّه يشعر لدى‬ ‫إنجازه أي قطعة فنية «بسلطة االستحواذ» ويقول عن هذه السلطة بأنها هي الطاقة‬ ‫الحقيقية‪« ،‬هي المعنى»‪ّ .‬أما الرسامة والنحاتة اليابانية يايو كوساما‪ ،‬فتعبر عن‬ ‫بأن ّ‬ ‫البداعية تعيش بانسجام في داخلها»‪.‬‬ ‫«كل ذواتها إ‬ ‫إحساسها بقولها إنها تشعر ّ‬ ‫بأن الموت قريب وأنّها ال تشعر دائماً بأنّها فنانة عظيمة لذلك فهي تبقى‬ ‫وتضيف ّ‬ ‫اليطالي المعروف مورزيو كاتالن صاحب‬ ‫النحات إ‬ ‫منغمسة في رسوماتها‪ .‬كما ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫المنحوتات الساخرة يعترف بأنّه «يتحدث من خالل الصور ألنّه ال يجيد الكالم‪،‬‬ ‫أن أعماله‬ ‫فلطالما كان التعبير بواسطة الكالم يشكِّل إعاقة بالنسبة له»‪ ،‬ولك ّنه‪ ،‬يؤكد ّ‬ ‫الفنية ساعدت على تعويضه عن معاناته عندما كان صغيراً‪.‬‬ ‫تستنتج ثورنتون بأنه ال يوجد هناك أي مقياس موضوعي للجودة الفنية‪ .‬ولذلك‪،‬‬ ‫فالفنانون أنفسهم هم الذين يحددون معاييرهم الخاصة للتميز‪ ،‬وذلك بعد أن‬ ‫تحولت استوديوهات هؤالء الفنانين إلى مسارح خاصة تتم فيها تمرينات يومية في‬ ‫َّ‬ ‫الثقة بالنفس‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أن الفنانين المعاصرين‬ ‫ومهما كانت السباب وراء نجاحهم‪ ،‬فمما ال شك فيه ّ‬ ‫أصبحوا نماذج للإبداع المنقطع النظير واستطاعوا بقدرتهم على إيجاد سوق‬ ‫ألعمالهم وأفكارهم أن يتحولوا إلى مصدر إلهام لرجال أ‬ ‫العمال والمخترعين والقادة‬ ‫َّ‬ ‫في مختلف المجاالت‪.‬‬

‫كتب من العالم‬

‫يوميات برلين‬ ‫‪Ausdem Berliner Journal‬‬ ‫تأليف‪ :‬ماكس فريش‬ ‫الناشر‪( Suhrkamp Verlag :‬يناير ‪)2014‬‬

‫يعد ماكس فريش من أهم الكتاب أ‬ ‫الوروبيين في القرن‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫الماضي‪ .‬وقد كتب مذكراته قبل وفاته في ‪1994‬م‪،‬‬ ‫ولك ّنه أوصى بعدم نشرها إال بعد عشرين سنة من‬ ‫دون مذكراته عند إقامته في برلين بين‬ ‫وفاته‪ .‬وكان قد ّ‬ ‫عامي ‪ 1973‬و‪1980‬م‪.‬‬ ‫بالضافة إلى حديثه عن التوتر بين قسمي المدينة‬ ‫إ‬ ‫الشرقي والغربي‪ ،‬كتب فريش كثيراً عن تأمالته حول‬ ‫التقدم في العمر وما يرافقه من خيارات مستقبلية‬ ‫وتتميز أبواب الكتاب بكونها مقطوعات‬ ‫محدودة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أدبية مصاغة بدقة شديدة‪ ،‬طالما برز فيها التساؤل‬

‫الذي طغى على مؤلفات فريش العديدة‪ ،‬وهو «من‬ ‫الحساس بالسمو‬ ‫أنا؟» وهناك دائماً في تلك اليوميات إ‬ ‫بالضافة إلى‬ ‫ومساءلة الذات ووجهة نظر موضوعية إ‬ ‫ومعبرة‪.‬‬ ‫مشاعر قويّة ّ‬ ‫بالدب أ‬ ‫لكل مهتم أ‬ ‫يُعد هذا الكتاب مهماً ّ‬ ‫اللماني في‬ ‫القرن العشرين‪ ،‬ليس فقط فيما يتعلق بأفكار الكاتب‬ ‫وإنما أيضاً من الناحية التاريخية حيث يتضمن‪،‬‬ ‫الخاصة‪ّ ،‬‬ ‫من بين مواضيع أخرى‪ ،‬نظرة الكاتب إلى مدينة برلين‬ ‫الغارقة في التقسيم وكيف رأى المثقفون في كلتا‬ ‫الجهتين ذلك الوضع القائم‪.‬‬


‫‪21 | 20‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫قول في مقال‬

‫الثقافة حالة‬ ‫تالية لتوفر‬ ‫أدوات التعبير‬ ‫سلمان السليماني‬

‫ولكن السؤال المهم هو حول تراتبية الثقافة‪ ،‬أي‬ ‫وم�راتها‪.‬‬ ‫حول أسباب ظهورها وإعادة اكتشافها ب‬ ‫هنا‪ ،‬يمكننا أن نعود بالذاكرة إىل حال الثقافة ف ي� زمن‬ ‫قريب م�ض ‪.‬‬ ‫ففي نهاية الثمانينيات خفَت النشاط ف‬ ‫الثقا� بعد‬ ‫َ َ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� كانت قد شهدتها السنوات السابقة‪.‬‬ ‫الرصاعات ي‬ ‫ف‬ ‫الثقا� خالل التسعينيات هامداً‪ ،‬ومخبأ‬ ‫ظل النشاط‬ ‫ي‬ ‫كالندية أ‬ ‫الحاضنة للنخب‪ ،‬أ‬ ‫الدبية‪،‬‬ ‫ف ي� المؤسسات‬

‫؟!!‬

‫؟!!‬

‫للتمكن من تحليل المسألة لن ننطلق من فرضية‪،‬‬ ‫بل من المعطيات ف ي� صورة المجتمع وثقافته‪.‬‬ ‫ف‬ ‫الثقا� الذي‬ ‫فنتساءل عن أسباب هذا الفيض‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫بي�ز عىل سطح المشهد المجتمعي ي� ظروف‬ ‫معينة‪ ،‬مثل احتدام الحوار ت‬ ‫ح� وإن كان سلبياً‬ ‫أ‬ ‫ع� الوسائط االجتماعية‪،‬‬ ‫متعصباً‪ ،‬وتداول الفكار ب‬ ‫واالنحياز إىل آراء معينة بشكل قوي‪ ،‬ت‬ ‫وح�‬ ‫الرصاع عىل فرضها‪ .‬وإىل ذلك نضيف بروز أشكال‬ ‫ت‬ ‫ال� تُنشأ لتعزيز هذا الغرض‪..‬‬ ‫ال ُنظم المدنية ي‬ ‫وكل هذه المظاهر هي ش‬ ‫مؤ�ات عىل نشوء ثقافة‬ ‫جديدة‪ ،‬أو لنقل إعادة اكتشاف الثقافة الكامنة �ف‬ ‫ي‬ ‫أي مجتمع قابل إلنتاج الثقافة‬ ‫عمق المجتمع ‪ّ -‬‬ ‫وتطويرها‪.‬‬

‫؟!!‬

‫؟!!‬

‫قال ديكارت‪« :‬أنا أفكر إذن أنا موجود»‪،‬‬ ‫ولم يكن ديكارت يبحث عن نفسه ف ي�‬ ‫هذه المقولة‪ .‬ولكن الغرب الحديث هو‬ ‫من وجد نفسه بفضلها ‪ .‬فقد أسست هذه المقولة‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫يأ� بعد الفكر‪ ،‬وهي الفلسفة‬ ‫لمع� الوجود الذي ي‬ ‫ال� قامت عليها نهضة الغرب ف� العرص الحديث �ف‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫النسانية والتقنية والعلوم النظرية‪.‬‬ ‫مجاالت العلوم إ‬ ‫ف‬ ‫إننا لسنا هنا لنتعمق ي� أغوار مقولة ديكارت‪ ،‬فهذا‬ ‫ليس شأن مقالنا الذي سيكتفي باستعارة هندسة‬ ‫هذه المقولة فقط للبحث فيما إذا كانت الثقافة أولية‬ ‫أو ثانوية‪.‬‬

‫ت‬ ‫ال� ال يقرؤها‬ ‫أو الجامعات‪ ،‬أو المالحق الثقافية ي‬ ‫يغ� النخبة وأصدقاء النخبة‪ ،‬ناهيك عن عدم توفر‬ ‫ت‬ ‫ال� تضمن توزيع هذه المواد الثقافية‬ ‫الوسائط ي‬ ‫ش‬ ‫وتعميمها عىل �ائح أوسع‪.‬‬ ‫الشارة إليه‬ ‫وبالعودة إىل فيض الثقافة الذي سبقت إ‬ ‫وع�نا عنه بمصطلح إعادة اكتشاف الثقافة‪ ،‬نلحظ‬ ‫ب‬ ‫التغ�‬ ‫أن تلك الحركة الثقافية الناشطة نشأت عن ي‬ ‫التعب�‪ .‬ن‬ ‫ونع� بذلك تحريرها‬ ‫المفصل ف ي� أدوات‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وقدرة غالبية المجتمع عىل امتالك هذا الحق ف ي�‬ ‫ال� أصبحت ث‬ ‫ت‬ ‫أك� حضوراً‬ ‫ي‬ ‫التعب� من خالل الوسائل ي‬ ‫ويرساً وخصوصية‪.‬‬

‫وهنا نعود إىل مقولة ديكارت لنعلل استعارة‬ ‫هندستها‪ ،‬ونضيف إليها تصوراً يساعدنا عىل فهم‬ ‫الظاهرة المشابهة أو المفارقة لظاهرة الفيض الثقا�ف‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� ذكرناها‪ .‬فأوروبا الحديثة توصلت إىل حداثتها‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫انطالقاً من تحرير الداة‪( :‬أنا أفكر)‪ ،‬ح� وصلت‬ ‫إىل‪( :‬أنا موجود)‪ .‬وبغض النظر عن العمق الفلسفي‬ ‫للفكرة‪ ،‬الذي ليس هو موضوع بحثنا هنا‪ ،‬فإن ما‬ ‫يهمنا فيها هو آلية الفكرة ف� المقام أ‬ ‫الول‪ .‬إذ نجد‬ ‫ي‬ ‫«تحرير أ‬ ‫آ‬ ‫الداة» ف ي� الشأن‬ ‫اللية نفسها فيما ندعوه‬ ‫التعب�‬ ‫الذي نحن بصدد تناوله‪ ،‬وهو القدرة عىل‬ ‫ي‬ ‫وسهولة امتالك الوسيلة الالزمة لذلك والقادرة أن‬ ‫التعب� أياً كان نوعه وشكله‪ ،‬وهذا ما‬ ‫تحمل هذا‬ ‫ي‬ ‫أدى سابقاً إىل تطور الكتابة‪ ،‬والتدوين‪ ،‬والقراءة‪،‬‬ ‫والتفك�‪ ،‬والنقد‪ ،‬وبهذا ت‬ ‫ال�تيب تحديداً‪ .‬وجيل‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال تن�نت والمنتديات يعلم تماماً رجاحة هذا ال�تيب‪،‬‬ ‫إ‬ ‫ويعي أهميته تماماً‪.‬‬ ‫ومن خالل هذا التفصيل والمقاربة مع المقولة‬ ‫ت‬ ‫ال� اعتمدناها كمنطلق لطرح فكرتنا ف ي�‬ ‫الفلسفية ي‬ ‫هذا المقال‪ ،‬يمكننا رسم ملمح المنهجية الممكنة‬ ‫لفهم ومساءلة النظريات المختلفة‪ ،‬ولنعي بشكل‬ ‫أعمق ظواهر عدة ونفهمها‪ ،‬سواء أكانت ثقافية أو‬ ‫ين‬ ‫نستع� بهذه‬ ‫فكرية أو اجتماعية‪ .‬ومع هذا الفهم‪،‬‬ ‫المنهجية عىل تأسيس وابتكار مشاريع تنموية ثقافياً‪،‬‬ ‫يز‬ ‫تفك� فلسفي من‬ ‫متم�ة نوعاً وجودة‪ ،‬والوصول إىل ي‬ ‫ف‬ ‫المحل يسهم ي� تشكيل واقع مجتمعه‬ ‫إنتاج المثقف‬ ‫ي‬ ‫البداع ف ي� مجاالت‬ ‫النسانية من خالل إ‬ ‫وصورته إ‬ ‫آ‬ ‫وغ�هما‪.‬‬ ‫عديدة كالفنون والداب ي‬ ‫وختاماً‪ ،‬نخلص من التساؤل الذي طرحناه ف ي�‬ ‫بداية المقال‪ ،‬إىل أن الثقافة حالة تالية‪ ،‬بعدية‪،‬‬ ‫تسبقها حالة أو عدة حاالت تؤسس وجودها الذي‬ ‫حرة‪ .‬وال أدري هل‬ ‫يبقى بحاجة إىل أداة ي‬ ‫تعب� ّ‬ ‫أع�‪ ..‬إذن أنا‬ ‫يستقيم القول لو أننا قلنا ي‬ ‫أخ�اً‪« :‬أنا ب ّ‬ ‫مثقف»؟‬


‫أسامة أمين‬

‫التجربة األلمانية في‬ ‫بناء مجتمع المعرفة‬ ‫هل السنوات العلمية هي الحل؟‬

‫علوم‬

‫ً‬ ‫عاما هي عمر التجربة‬ ‫خمسة عشر‬ ‫األلمانية مع سنوات العلوم‪ ،‬سنة‬ ‫للفيزياء وأخرى لألحياء وثالثة‬ ‫لعلم األرض‪ ،‬ورابعة للكيمياء‪،‬‬ ‫وأخرى للعلوم اإلنسانية‪ ،‬وفي‬ ‫كل مرة تقام عشرات بل مئات‬ ‫الفعاليات‪ ،‬يحضرها جمهور يصل‬ ‫عدده إلى ميلون بل وإلى مليوني‬ ‫شخص‪ ،‬تهدف إلى تعزيز الحوار‬ ‫بين المؤسسات العلمية والمعاهد‬ ‫البحثية من جانب‪ ،‬والمواطنين‬ ‫العاديين من جانب آخر‪ .‬فقد أدركت‬ ‫ألمانيا أن التفوق العلمي‪ ،‬ال يعني‬ ‫بقاء العلماء في أبراجهم العاجية‪،‬‬ ‫بل يجب أن ينزلوا إلى األسواق‪،‬‬ ‫ويخاطبوا الناس على قدر عقولهم‪،‬‬ ‫ففعلوا ونجحت التجربة‪.‬‬


‫‪23 | 22‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫البحث العلمي والمباريات‬ ‫الرياضية‬ ‫على الرغم من أن نسبة مخصصات البحث‬ ‫العلمي في ألمانيا‪ ،‬والبالغة ‪ %3‬من إجمالي‬ ‫الدخل القومي‪ ،‬تفوق تلك التي في الواليات المتحدة أ‬ ‫المريكية‬ ‫وكثير من الدول أ‬ ‫الوروبية‪ ،‬وعلى الرغم من المكانة الرائدة التي‬ ‫البحاث أ‬ ‫تحتلها مراكز أ‬ ‫اللمانية على مستوى العالم‪ ،‬فإن الجامعات‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫اللمانية شهدت في نهاية اللفية الثانية عزوفاً عن دراسة العلوم‬ ‫المر الذي دفع الحكومة أ‬ ‫الطبيعية وخاصة الفيزياء‪ .‬أ‬ ‫اللمانية إلى‬ ‫أن تدق ناقوس الخطر‪ ،‬وتحذِّ ر من عواقب الهوة الفاصلة بين‬ ‫المجتمع وبين المؤسسات العلمية ومراكز أ‬ ‫البحاث‪ ،‬واعترفت بأن‬ ‫المواطنين ال يهتمون بما يحققه العلماء والباحثون من اكتشافات‪،‬‬ ‫كما يهتمون بنتائج المباريات الرياضية‪.‬‬ ‫ونظراً ألن النقد الذاتي هو أحد أهم معالم الشخصية أ‬ ‫اللمانية‪،‬‬ ‫فإن نتائج دراسة أسباب هذه القطيعة بين العلماء والمجتمع كانت‬ ‫قاسية‪ .‬وتوصلت إلى أن اهتمام العلماء والباحثين انصب على‬ ‫التجارب أ‬ ‫والبحاث‪ ،‬وأنهم نسوا أن مئات المليارات التي تأتيهم‬ ‫من ميزانية الدولة‪ ،‬إنما هي أموال دافعي الضرائب‪ ،‬وأن للمجتمع‬ ‫الحق في معرفة ما يفعلونه بهذه أ‬ ‫الموال‪ ،‬وأنه ليس من المنتظر‬ ‫أن يدق المواطنون على أبواب المعاهد البحثية‪ ،‬بل يجب على‬ ‫العلماء والباحثين أن يتركوا أبراجهم العاجية‪ ،‬وأن ينزلوا إلى الناس‬ ‫ويتعلموا كيف يتحدثون معهم باللغة التي يفهمونها‪.‬‬ ‫ما حدث بعد ذلك‬ ‫يستحق االهتمام‪ ،‬لنأ‬ ‫أ‬ ‫الفكار المبتكرة التي‬ ‫خرجت بها الجهات‬ ‫المشاركة‪ ،‬استطاعت‬ ‫اجتذاب أعداد وصلت‬ ‫إلى مليوني شخص‪.‬‬ ‫سفينة تطوف الموانئ المختلفة‪ ،‬وعلى متنها معارض ومعامل‬ ‫وعلماء وباحثون يستقبلون الزوار‪ ،‬ويتنقلون بهم في أرجاء السفينة‬ ‫العمالقة‪ ،‬ليتعرفوا إلى أهمية هذا العلم أو ذاك لحياتهم اليومية‬ ‫تتحول إلى مسرح أمام المدارس وفي وسط‬ ‫ومستقبلهم‪ ،‬وشاحنة َّ‬ ‫المدينة لتعرض فقرات تجذب الصغير والكبير‪ ،‬وقاعات سينمائية‬ ‫تعرض أفالماً عادية‪ ،‬لكنها تحتوي على معلومات علمية‪ ،‬تجري‬ ‫الفلم أو بعده‪ ،‬وليلة العلوم التي تبقى فيها‬ ‫مناقشتها قبل ِ‬ ‫أ‬ ‫الجامعات مفتوحة طوال الليل‪ ،‬ليقوم الشباب والطفال بمغامرات‬ ‫في قبو تحت أ‬ ‫الرض‪ ،‬وبحضور محاضرات يلقيها أساتذة بلغة‬ ‫سهلة‪ ،‬حتى تظهر أول خيوط النهار‪ ،‬فينصرف الجميع إلى بيوتهم‪،‬‬ ‫وهم يحملون انطباعات ال ينسونها‪.‬‬

‫العلوم الطبيعية‬ ‫كانت البداية عام ‪2000‬م‪ ،‬حين أعلنت جميع مؤسسات البحث‬ ‫العلمي‪ ،‬عن إنشاء مبادرة «الحوار حول العلم»‪ ،‬التي قامت‬ ‫بالتعاون مع وزارة التعليم والبحث العلمي بدعوة كل الجهات‬

‫الراغبة في المشاركة في (سنة الفيزياء)‪ ،‬فاستجابت الجامعات ومراكز‬ ‫البحث العلمي‪ ،‬ومتاحف وجمعيات علمية ومدارس‪ ،‬وأسهمت مدن‬ ‫ألمانية في ميزانية الفعاليات بماليين الماركات آنذاك‪.‬‬ ‫بين عشية وضحاها أصبحت الفيزياء حديث العامة‪ .‬فقد أفردت‬ ‫العالم صفحات كاملة للفعاليات التي لم تقتصر على‬ ‫وسائل إ‬ ‫العاصمة القديمة بون والعاصمة الجديدة برلين‪ .‬بل أقيمت أكثر‬ ‫من ‪ 200‬فعالية في مختلف المدن‪ ،‬عرف الحاضرون منها أهمية‬ ‫هذا العلم واستطاع العلماء أن يتخلصوا من المفردات الصعبة‪،‬‬ ‫والمصطلحات أ‬ ‫الجنبية‪ .‬كما استطاعوا تقديم هذا العلم بصورة‬ ‫شيقة‪ ،‬وأوضحوا المجاالت التي تلعب فيها الفيزياء دوراً كبيراً‪.‬‬ ‫ظهرت نتائج هذه السنة بسرعة‪ ،‬وارتفع عدد الطالب الذين التحقوا‬ ‫بدراسة الفيزياء في الجامعة‪ ،‬من ‪ 5500‬إلى ‪ 7200‬طالب وطالبة‪.‬‬ ‫وتنفس العلماء الصعداء ألنهم كانوا يخشون أن تواجه بالدهم في‬ ‫المستقبل نقصاً في علماء الفيزياء‪ ،‬القادرين على مواصلة البحث‬ ‫العلمي‪ ،‬الذي هو أحد ركائز الرفاهية أ‬ ‫اللمانية‪.‬‬ ‫وتوصلت استطالعات الرأي التي أجرتها‬ ‫المبادرة إلى أن غالبية من حضروا‬ ‫فعاليات هذه السنة العلمية‪ ،‬أدركوا أن‬ ‫تفوق بالدهم ال يقوم على المنتجات‬ ‫الصناعية فحسب‪ ،‬بل على البحث‬ ‫العلمي أيضاً‪ ،‬الذي تعتمد عليه هذه‬ ‫الصناعات في تفوقها‪ ،‬والذي يفتح‬ ‫المجال لزيادة أماكن العمل‪ ،‬ويسهم في‬ ‫عدم انتقال المصانع إلى دول أخرى‪،‬‬ ‫حيث تنخفض تكاليف اليد العاملة‪.‬‬

‫ليس من المنتظر أن يدق‬ ‫المواطنون على أبواب‬ ‫المعاهد البحثية‪ ،‬بل يجب‬ ‫على العلماء والباحثين أن‬ ‫يتركوا أبراجهم العاجية‪ ،‬وأن‬ ‫ينزلوا إلى الناس ويتعلموا‬ ‫كيف يتحدثون معهم باللغة‬ ‫التي يفهمونها‪.‬‬

‫في العام التالي وقع االختيار على علم‬ ‫أ‬ ‫الحياء‪ ،‬وجرى التركيز على الثورة التي‬ ‫أحدثها علم الوراثة‪ ،‬وانعكاسات شفرة الجينوم البشري‪ ،‬أ‬ ‫والغذية‬ ‫المعالجة جينياً‪ ،‬آ‬ ‫والمال المعقودة على أبحاث علم الوراثة في‬ ‫التوصل إلى عالج ألمراض مستعصية مثل السرطان‪ ،‬وحدود‬ ‫البحاث العلمية إذا تعارضت مع القيم أ‬ ‫أ‬ ‫الخالقية‪ ،‬مثل استنساخ‬ ‫الخاليا البشرية‪.‬‬


‫بضرورة الحفاظ على المصادر الطبيعية‪ ،‬حتى تتوافر مقومات‬ ‫الحياة أ‬ ‫للجيال المقبلة‪ .‬وقد أقيمت في هذه السنة ‪ 2500‬فعالية‪،‬‬ ‫أ‬ ‫حضرها ثالثة أرباع مليون شخص‪ ،‬المر الذي أكد نجاح الجهود في‬ ‫تقريب العلوم والبحث العلمي من المواطنين العاديين‪.‬‬ ‫وفي سنة الكيمياء أمكن للمرة أ‬ ‫الولى اجتذاب أكثر من مليون‬ ‫شخص‪ ،‬بفضل اللجوء إلى طرق غير تقليدية مثل استخدام‬ ‫الشاحنة التي حملت اسم عالم الكيمياء أ‬ ‫اللماني يوستوس فون‬ ‫ليبيج‪ ،‬وكان طول الشاحنة ‪ 16.5‬متر‪ ،‬وطافت بحوالي خمسين‬ ‫مدينة‪ ،‬بقيت فيها ‪ 115‬يوماً‪ ،‬ليتحول نصفها إلى مسرح‪ ،‬والنصف‬ ‫آ‬ ‫الخر إلى معمل لمشاهدة التجارب العلمية‪ ،‬وأحدث االكتشافات‬ ‫المر على متن سفينة أ‬ ‫في أبحاث الكيمياء‪ .‬وتكرر أ‬ ‫البحاث‪ ،‬التي‬ ‫بلغ طولها ‪ 105‬أمتار‪ ،‬وطافت بموانئ نهر الراين طوال ثالثة أشهر‪،‬‬ ‫وتناولت دور الكيمياء في الحياة‪.‬‬

‫النسانية‬ ‫رد االعتبار إلى العلوم إ‬

‫لم تقتصر هذه المرة الفعاليات على سفينة أ‬ ‫البحاث‪ ،‬والمعامل‬ ‫والجامعات‪ ،‬بل نزل العلماء إلى محطة قطارات اليبزيغ‪ ،‬وأقاموا‬ ‫معرضاً بعنوان «بين رصيف القطار‪ ،‬وشباك التذاكر»‪ ،‬تناول‬ ‫التطورات التي تشهدها علوم الحياة‪ ،‬والتي ال تقتصر على علم‬ ‫أ‬ ‫الحياء‪ ،‬بل تضم كثيراً من التخصصات مثل الطب والكيمياء‬ ‫والزراعة والصيدلة والزراعة والتغذية‪ ،‬حيث يتعاون العلماء من‬ ‫هذه التخصصات على دراسة مختلف مظاهر الحياة‪ ،‬وتتكامل‬ ‫أبحاثهم‪ ،‬لتتوصل إلى نتائج تفيد البشرية‪.‬‬ ‫أدرك الحضور في هذه الفعاليات أن النباتات المعالجة جينياً قد أصبحت‬ ‫تشغل ‪ 40‬مليون هكتار من أ‬ ‫الراضي الزراعية على مستوى العالم‪ ،‬وأن‬ ‫حجم التعامل في مجال التقنية العضوية تجاوز ألول مرة حاجز المليار‬ ‫مارك آنذاك‪ ،‬وتوقعت التقديرات أن يصل عدد اليد العاملة في هذا‬ ‫المجال إلى نصف مليون وظيفة‪ ،‬وكانت هذه البيانات كافية لجذب‬ ‫اهتمام الزوار‪ ،‬الذين رأوا أن المعرفة والعلم مرتبطان مباشرة بحياتهم‪.‬‬ ‫في عام ‪2002‬م الذي كان موضوعه علم أ‬ ‫الرض‪ ،‬أو الجيولوجيا‪،‬‬ ‫أ‬ ‫جراء قيام‬ ‫أوضح العلماء للجمهور المخاطر التي َّ‬ ‫تتهدد الرض َّ‬ ‫النسان بالقضاء على مساحات شاسعة من الغابات‪ ،‬واالستخدام‬ ‫إ‬ ‫المفرط أ‬ ‫للسمدة الكيماوية التي تترسب في المياه الجوفية‪ ،‬وعواقب‬ ‫انبعاث الغازات الضارة وتأثيرها السلبي على المناخ‪.‬‬ ‫تزامنت هذه السنة العلمية مع مؤتمر القمة العالمي للتنمية‬ ‫المستدامة في جوهانسبورج‪ ،‬أ‬ ‫المر الذي أسهم في إقناع الجمهور‬

‫بعد عام ‪2004‬م الذي حمل عنوان سنة التكنولوجيا‪ ،‬أقامت‬ ‫ألمانيا في العام التالي ما أطلقت عليه «سنة أينشتاين»‪ ،‬حيث‬ ‫لم يقتصر االهتمام فيها على علم الفيزياء‪ ،‬الذي سبق تناوله‬ ‫من قبل‪ ،‬بل تناولت شخصية العالم الفيزيائي العبقري‪ ،‬واعتلت‬ ‫أقواله المباني‪ ،‬ووضعت وزارة التعليم والبحث العلمي على مقرها‬ ‫عبارته الشهيرة‪« :‬من المهم أال يتوقف النسان عن طرح أ‬ ‫السئلة»‪،‬‬ ‫إ‬ ‫كما أبرزت الفعاليات جهوده إلحالل السالم العالمي‪ ،‬ومحاولته‬ ‫وقف الخطط أ‬ ‫المريكية إللقاء القنبلة النووية على اليابان‪ .‬وفي عام‬ ‫‪2006‬م جاءت «سنة‬ ‫المعلوماتية»‪ ،‬التي‬ ‫جعلت المواطن يدرك‬ ‫كيف تغلغل الكمبيوتر‬ ‫في حياتنا‪ ،‬بحيث لم‬ ‫يعد ممكناً تصور الحياة‬ ‫بدونه‪.‬‬ ‫‪Wissenschaftsjahr‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪Die Geisteswissenschaften.‬‬

‫بعد سبع سنوات من‬ ‫‪der‬‬ ‫التركيز على العلوم‬ ‫‪Menschheit‬‬ ‫الطبيعية‪ ،‬أرادت ألمانيا‬ ‫النسانية‪ ،‬فخصصت لها عام ‪2007‬م‪ ،‬وركزت‬ ‫أال تغفل العلوم إ‬ ‫في المقام أ‬ ‫الول على اللغة التي بدونها ال توجد علوم‪ ،‬والتي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫تحفظ التراث‪ .‬وانطالقاً من البجدية اللمانية التي تضم ‪ 26‬حرفاً‪،‬‬ ‫اختارت كل مؤسسة أحد هذه الحروف‪ ،‬ومصطلحاً يبدأ بالحرف‪،‬‬ ‫ليكون شعاراً لها طوال هذه السنة‪ ،‬فاختارت وزارة التعليم‬ ‫والبحث العلمي (م مثل مستقبل)‪ ،‬ووزارة الخارجية (أ مثل أوروبا)‪،‬‬ ‫والبرلمان أ‬ ‫اللماني (د مثل ديمقراطية)‪.‬‬

‫‪ABC‬‬

‫زاد عدد الشركاء في هذه السنة على ‪ 300‬مؤسسة‪ .‬وأقيمت أكثر‬ ‫النسانية‪،‬‬ ‫من ‪ 1000‬فعالية‪ ،‬سعت كلها للتأكيد على أهمية العلوم إ‬ ‫وأعلنت الحكومة أ‬ ‫اللمانية تخصيص ميزانيات إضافية لهذه‬ ‫العلوم‪ ،‬وعملت على إدراجها في برنامج االتحاد أ‬ ‫الوروبي السابع‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫النسانية‪ ،‬بالتنسيق‬ ‫للبحاث‪ ،‬وعلى تأسيس مركز لبحاث العلوم إ‬ ‫مع أكبر مؤسسات البحث أ‬ ‫اللمانية‪ .‬كما أضافت محوراً جديداً‬


‫‪25 | 24‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫لتمويل أ‬ ‫البحاث يعتمد على الربط بين العلوم الطبيعية والعلوم‬ ‫النسانية‪.‬‬ ‫إ‬ ‫نجحت هذه السنة في اجتذاب الشباب‪ ،‬من خالل ورش عمل‪،‬‬ ‫حيث يتولى الشعراء أ‬ ‫والدباء المرموقون إعداد الجيل الجديد‪،‬‬ ‫للمشاركة في مسابقات على مستوى ألمانيا‪ ،‬حول أجمل نص‬ ‫لغوي‪ ،‬يكتبه الشاب حول موضوع يتحدد أثناء المسابقة‪ ،‬على أال‬ ‫يستغرق إلقاؤه أكثر من خمس دقائق‪ ،‬ويحتوي على لغة رصينة‬ ‫وأفكار مبتكرة‪ ،‬سواء كان نصاً نثرياً أو شعرياً‪ ،‬أو حتى على شكل‬ ‫أغنية راب‪.‬‬ ‫النسانية في مجمع‬ ‫وقد أقيم الحفل الختامي لسنوات العلوم إ‬ ‫متاحف «بيرجامون» في العاصمة أ‬ ‫اللمانية برلين‪ ،‬بحضور كثير من‬ ‫السياسيين والعلماء والباحثين‪ ،‬الذين اعتبروا أن هذه السنة قد‬ ‫استطاعت إعادة االعتبار إلى هذه العلوم‪ ،‬التي رأوا أنها الجسر‬ ‫الذي يربط الماضي بالحاضر والمستقبل‪ ،‬ألنها تحافظ على التراث‬ ‫الفكري للشعوب‪ ،‬وتنقلها إلى ثقافته الحاضرة‪ ،‬وتجعل المجتمع‬ ‫منفتحاً على المستقبل‪.‬‬

‫تحديات المستقبل‬ ‫نجحت سنة الرياضيات عام ‪2008‬م في اجتذاب آالف الطالب‬ ‫من المدارس والجامعات ألكثر من ‪ 30‬مسابقة‪ ،‬من بينها أ‬ ‫الولمبياد‬ ‫الدولي للرياضيات‪ ،‬عالوة على مشاركتهم في ‪ 205‬مشاريع أ‬ ‫للفكار‬ ‫المبتكرة في الرياضيات‪ .‬وللمرة أ‬ ‫الولى بلغ عدد الطالب المشاركين‬ ‫في االختبار السنوي لقياس مستوى الرياضيات في المدارس‪ ،‬والذي‬ ‫يعرف باسم «الكنغر»‪ ،‬حوالي ثالثة أرباع مليون طالب وطالبة من‬ ‫الصفوف الثالث االبتدائي وحتى الثالث الثانوي‪.‬‬

‫كانت سنة الرياضيات آخر سنة علمية تقتصر على تخصص بعينه‪.‬‬ ‫وحمل عام ‪2009‬م‪ ،‬عنوان «البعثة االستكشافية البحثية في‬ ‫ألمانيا»‪ ،‬سعياً إلى تسليط الضوء على جهود الباحثين أ‬ ‫اللمان في‬ ‫استكشاف آفاق جديدة في العلوم‪.‬‬ ‫بدأت فعاليات هذه السنة في العاصمة أ‬ ‫اللمانية برلين في شهر‬ ‫أبريل‪ ،‬بحضور المستشارة أ‬ ‫اللمانية أنجيال ميركل‪ ،‬التي أعطت‬ ‫إشارة انطالق «قطار المستقبل» الذي بلغ طوله ‪ 300‬متر‪ .‬وقامت‬ ‫مؤسسة «ماكس بالنك» بتجهيزه علمياً‪ ،‬بحيث يحصل الزائر على‬ ‫تصور ما سيكون عليه العالم في عام ‪2020‬م‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫برامج وأجهزة تفاعلية‪ ،‬وصور توضيحية‪ .‬وقطع القطار خالل هذه‬ ‫السنة العلمية ‪ 15000‬كيلو متر‪ ،‬واستمر العرض ‪ 216‬يوماً‪ ،‬وبلغ‬ ‫عدد زواره ‪ 260000‬شخص‪ ،‬شاهدوا التحديات التي يواجهها‬ ‫العالم‪ :‬مثل التغير المناخي‪ ،‬ونقص مصادر البيئة‪ ،‬والتطورات‬ ‫والبحاث التي يجريها العلماء أ‬ ‫المتعلقة بالتركيبة السكانية‪ ،‬أ‬ ‫اللمان‪،‬‬ ‫للتوصل إلى حلول خالل السنوات العشر المقبلة‪.‬‬ ‫أما سفينة أ‬ ‫البحاث فقد زارها ‪ 90000‬شخص‪ ،‬علما أنها زارت ‪34‬‬ ‫مدينة‪ ،‬وشاهد الزوار عائلة افتراضية من عام ‪2030‬م‪ ،‬ليتعرف‬ ‫عندئذ‪ .‬ووجد الزوار في‬ ‫الزوار على أنماط الحياة المتوقعة‬ ‫ٍ‬ ‫قدمت لهم المؤسسات‬ ‫انتظارهم معروضات بطول السفينة‪ ،‬كما َّ‬ ‫أ‬ ‫يوضح كيفية إسهام‬ ‫العلمية اللمانية ‪ 27‬جهازاً ِّ‬ ‫البحث العلمي في جعل أنماط السكن والعمل‬ ‫والعالج والمواصالت وقضاء وقت الفراغ‪ ،‬مناسبة‬ ‫أ‬ ‫للوضاع السائدة في المستقبل‪.‬‬ ‫تناولت السنوات التالية التحديات التي تواجه العالم‪.‬‬ ‫ركزت سنة ‪2010‬م على الحاجة المتزايدة إلى الطاقة‬


‫في المستقبل‪ ،‬وضرورة التوصل إلى حلول ناجعة لمصادر الطاقة‬ ‫المتجددة‪ ،‬واستطاعت هذه السنة أن تجتذب مليوني شخص من‬ ‫كافة أرجاء ألمانيا‪ ،‬حضروا حوالي ‪ 2000‬فعالية‪ .‬وحمل العام التالي‬ ‫شعار «البحث العلمي من أجل صحتنا»‪ ،‬وأعلنت‬ ‫الوزارة تخصيص ‪ 1.4‬مليار يورو أ‬ ‫للبحاث الطبية في‬ ‫إن االئتالف الحاكم‬ ‫السنوات أ‬ ‫الربع المقبلة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حاليا قد‬ ‫في ألمانيا‬

‫نص في اتفاقية‬ ‫في عام ‪2012‬م‪ ،‬كان موضوع السنة العلمية هو‬ ‫أ‬ ‫تشكيل الحكومة‪،‬‬ ‫«مشروع المستقبل‪ :‬الرض»‪ .‬وفي العام التالي‬ ‫التحديات الديموغرافية التي تواجهها ألمانيا‪،‬‬ ‫على أن يكون نشر‬ ‫بسبب تراجع أعداد المواليد‪ ،‬وارتفاع متوسط أعمار‬ ‫المعرفة حول العلوم‪،‬‬ ‫أ‬ ‫تغير التركيبة السكانية‪ ،‬والحاجة‬ ‫الشخاص‪ ،‬وبالتالي ّ‬ ‫أحد مهام العمل‬ ‫إلى يد عاملة من الخارج‪ .‬لذلك حملت الفعاليات‬ ‫شعار «سنعيش أطول‪ ،‬سنصبح أقل عدداً‪ ،‬سنصبح‬ ‫الحكومي‪...‬‬ ‫أكثر تنوعاً»‪ ،‬وما يعنيه ذلك من ضرورة تقبل‬ ‫الثقافات أ‬ ‫الخرى‪ .‬وفي عام ‪2014‬م كان موضوع السنة العلمية هو‬ ‫«المجتمع الرقمي»‪ ،‬التي أوضحت الفوائد الضخمة التي يجنيها‬ ‫المجتمع من هذه الثورة التقنية‪ .‬ولكنها تنضوي أيضاً على مخاطر‪،‬‬ ‫تتطلب العمل على تأمين المعلومات‪ ،‬وخصوصية أ‬ ‫الفراد‪ ،‬مما‬ ‫جعل ألمانيا تقيم دائرة مستقلة لمفوض الحكومة االتحادية لحماية‬ ‫المعلومات‪ .‬وأخيراً موضوع العام الحالي هو (مدينة المستقبل)‪.‬‬

‫جديدة في الحوار‪ ،‬ونشر المعرفة حول العلوم‪ ،‬والعمل على زيادة‬ ‫االهتمام والتقدير للعلوم والبحث العلمي لدى مختلف الطوائف‬ ‫المجتمعية‪.‬‬ ‫وشددت على أن المؤسسات العلمية أدركت أهمية التواصل‬ ‫مع المجتمع من خالل مختلف القنوات‪ ،‬ومن بينها التعاون مع‬ ‫العالميين‪ ،‬لمخاطبة الرأي العام‪ .‬وأن العلماء والباحثين لديهم‬ ‫إ‬ ‫قناعة متزايدة بمسؤوليتهم عن التعريف بأعمالهم‪ ،‬وأن الباحثين‬ ‫بصورة خاصة يستخدمون الصيغ الحديثة في التواصل لتحقيق‬ ‫هذا الهدف بنجاح‪.‬‬ ‫وأشارت إلى أن استطالعات الرأي التي تجريها مبادرة «الحوار حول‬ ‫العلوم» باستمرار‪ ،‬تؤكد على أن غالبية كبيرة من المواطنين تدرك‬ ‫الهمية الفائقة للعلوم والبحث العلمي بالنسبة للمجتمع أ‬ ‫أ‬ ‫اللماني‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ويرون أن االستثمارات في البحوث الساسية‪ ،‬هي طريقة جيدة‬ ‫لتوفير مزيد من فرص العمل‪.‬‬ ‫ولم ترغب في ربط النجاح بعدد الحاضرين فحسب‪ ،‬بل رأت أن‬ ‫كل سنة علمية كان لها جمهورها‪ ،‬فالعام الذي ركز على التغيرات‬ ‫الديموغرافية‪ ،‬اجتذب كبار السن بصورة واضحة‪ ،‬ألنها ركزت على‬ ‫المكانات التي توفرها هذه التغيرات لهذه الفئة العمرية‪ ،‬في حين‬ ‫إ‬ ‫موجهة إلى الجيل‬ ‫كانت السنة التي حملت عنوان (المجتمع الرقمي) َّ‬ ‫الجديد‪ ،‬الذي يتقن التعامل مع التقنيات الرقمية‪.‬‬ ‫ورداً على سؤال حول الشروط الالزم توافرها في الدولة الراغبة‬ ‫في إقامة سنوات علمية‪ ،‬قالت السيدة برونج‪ ،‬إن كل دول العالم‬

‫إن كل دول العالم‬ ‫التي تهتم برفع‬ ‫النضج العلمي لدى‬ ‫مواطنيها ومواطناتها‪،‬‬ ‫قادرة على أن تقيم‬ ‫سنوات علمية‪.‬‬

‫حديث مع القافلة‬ ‫في حديث خاص بالقافلة‪ ،‬توضح السيدة كرستينا برونج‪ ،‬وهي‬ ‫مسؤولة االتصاالت االستراتيجية بوزارة التعليم والبحث العلمي‬ ‫أ‬ ‫اللمانية‪ ،‬أن االئتالف الحاكم حالياً قد نص في اتفاقية تشكيل‬ ‫الحكومة‪ ،‬على أن يكون نشر المعرفة حول العلوم‪ ،‬أحد مهام‬ ‫العمل الحكومي‪ ،‬نظراً للتأثير الكبير للعلوم والبحث العلمي على‬ ‫التطورات االجتماعية واالقتصادية والثقافية‪ ،‬والحاجة إلى صيغ‬

‫التي تهتم برفع النضج العلمي لدى مواطنيها ومواطناتها‪ ،‬قادرة‬ ‫على أن تقيم سنوات علمية‪ .‬وحول كيفية استفادة الدول أ‬ ‫الخرى‬ ‫من التجربة أ‬ ‫اللمانية‪ ،‬اعتبرت أن أهم ما فيها هو التأكيد على‬ ‫المشاركة بين أطراف كثيرة لتحقيق هدف مشترك‪ ،‬وإسهام مختلف‬ ‫القطاعات العلمية والبحثية والسياسية والتعليمية والمجتمعية‬ ‫تحت سقف واحد‪ ،‬بحيث تتولى جهة مركزية‪ ،‬تنسيق هذه الجهود‪،‬‬ ‫والتحدث باسم الجميع أمام الرأي العام‪ .‬وكشفت أن وزارة‬ ‫التعليم والبحث العلمي أ‬ ‫اللمانية‪ ،‬تخصص حالياً ستة ماليين يورو‪،‬‬ ‫لكل سنة علمية‪ ،‬وأن بقية الشركاء يتحملون التمويل من ميزانياتهم‪.‬‬ ‫وعما إذا كانت السنوات العلمية ستشهد تكراراً للموضوعات السابقة‬ ‫في المستقبل‪ ،‬أم ستتوقف بعد أن تنتهي الموضوعات‪ ،‬أكدت أنه‬ ‫ما زال هناك كثير من الموضوعات بالغة أ‬ ‫الهمية التي ينبغي تناولها‪.‬‬ ‫ٌ‬


‫‪27 | 26‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫في إشارة إلى التحديات التي تواجهها البشرية‪ ،‬والتي ترغب الحكومة‬ ‫في أن يدور حوار مجتمعي عنها مع العلماء والباحثين‪ ،‬لرفع الوعي‬ ‫لديهم‪ ،‬ولتستحق ألمانيا اسم «مجتمع المعرفة» عن حق‪.‬‬

‫ختاماً‬ ‫يصعب اختزال تجارب خمسة عشر عاماً في صفحات قليلة‪،‬‬ ‫ويستحيل تناول الفعاليات التي بلغت عشرات آ‬ ‫الالف‪ .‬لكن أهم‬ ‫ما يمكن االستفادة منه في هذه التجربة‪ ،‬هو حاجة المجتمع‬ ‫لفهم التطورات العلمية والبحثية‪ ،‬ليدرك حجم التحديات التي‬ ‫تواجه مستقبله ومستقبل أبنائه وأحفاده‪ .‬وليعرف أن حماية البيئة‪،‬‬ ‫والحفاظ على المصادر الطبيعية‪ ،‬ليس رفاهية‪ ،‬وال يجب أن ينطلق‬ ‫من الخوف من العقوبات القانونية‪ ،‬بل بنا ًء على قناعة بأن إهدار‬ ‫الن‪ ،‬سيجعل حياة أ‬ ‫هذه المصادر آ‬ ‫الجيال المقبلة أشد صعوبة‪.‬‬ ‫والدرس الثاني من هذه التجربة هو أن العلماء والباحثين أيضاً‬ ‫في حاجة إلى المجتمع‪ ،‬الذي يمكن أن يدعم أعمالهم‪ ،‬ويقبل‬ ‫تخصيص مزيد من الميزانيات لهم‪ ،‬حتى لو تسبب ذلك في‬ ‫النفاق على جوانب أخرى تمس حياته مباشرة‪ .‬وال‬ ‫تخفيض إ‬ ‫يستغرب مثال ً من مساعدة دولة نائية‪ ،‬تعاني حروباً أهلية‪ ،‬بدال ً من‬

‫ضخ أ‬ ‫الموال في القرية المجاورة‪ ،‬ألن الكوارث الكونية‪ ،‬ال تقف‬ ‫(اليبوال) دليال ً على ذلك‪.‬‬ ‫آثارها عند الحدود‪ ،‬ويكفي وباء إ‬ ‫الدرس الثالث هو أن العلوم لم تعد معزولة عن بعضها البعض‪،‬‬ ‫وأن حصيلة التعاون بين العلماء والباحثين من تخصصات متعددة‪،‬‬ ‫أكثر بكثير من حصيلة مجموع أ‬ ‫البحاث في كل تخصص على حدة‪،‬‬ ‫وأن وحدة الهدف يجب أن تحل محل كل رغبة في الظهور‪ ،‬وأن‬ ‫السفينة ال تصل إلى الهدف‪ ،‬إال إذا أجمع كل من فيها على االتجاه‪،‬‬ ‫الذي يجب أن تسير فيه‪.‬‬ ‫وأخيراً ال يتحقَّق مجتمع المعرفة بأن يتحدث زعماء الدول عنه‬ ‫العالميون في صحفهم‬ ‫في خطبهم فحسب‪ ،‬وال أن يكتب عنه إ‬ ‫ومجالتهم فقط‪ ،‬وال أن تصدر كتب مبسطة عن المعارف والعلوم‪،‬‬ ‫وال بأن تخصص حصص للمعلومات العامة‪ ،‬وال بفرض اختبارات‬ ‫معلومات للمتقدمين إلى الوظائف‪ ،‬بل من خالل تصور كامل‪،‬‬ ‫ومشروع ضخم يسهم فيه كل طرف على قدر إمكاناته‪ ،‬ليس ألجل‬ ‫الحصول على ميدالية أو وسام‪ ،‬بل لكي يخرج مجتمع بأكمله من‬ ‫ظالم الجهل والتخلف واالنشغال بأمور ال قيمة لها‪ ،‬إلى مجتمع‬ ‫المعرفة الذي يفكر في تحديات المستقبل‪ ،‬ويهتم بأخبار جائزة‬ ‫نوبل‪ ،‬أكثر من نتائج بطولة العالم لكرة القدم‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬

‫‪www.qafilah.com‬‬


‫كيف يعمل‪...‬‬

‫محرك االحتراق‬ ‫الداخلي‬ ‫تستخدم معظم السيارات اليوم ما يسمى بمحرك ت‬ ‫الدوار‪.-‬‬ ‫االح�اق‬ ‫الداخل ‪-‬أو ّ‬ ‫ي‬ ‫وأك�ها شيوعاً هي تلك ت‬ ‫ث‬ ‫ين‬ ‫(الغازول�) من خالل أربع مراحل تحدث‬ ‫ال� تحرق الوقود‬ ‫ي‬ ‫السطوانة –السلندر‪ -‬ينتج عنها طاقة دافعة تدير العجالت فتتحرك المركبة أ‬ ‫داخل أ‬ ‫للمام‪.‬‬

‫مرحلة سحب الوقود‪:‬‬

‫ي�ل المكبس داخل أ‬ ‫نز‬ ‫السطوانة فيصنع‬ ‫مساحة يملؤها الهواء إضافة لرذاذ‬ ‫الوقود الذي تحقنه البخاخات‪.‬‬

‫مرحلة االشتعال‪:‬‬

‫تقوم شمعة ت‬ ‫االح�اق (البوجي)‬ ‫بإصدار ش�ارة كفيلة باشتعال مزيج‬ ‫الهواء والوقود‪ .‬هذا االشتعال يؤدي‬ ‫لتمدد عنيف للمزيج ف ي� هيئة انفجار‬ ‫يدفع بالمكبس عنو ًة للتحرك نحو‬ ‫أ‬ ‫يحرك بدوره عمود نقل‬ ‫السفل يك ِّ‬ ‫الحركة للعجالت‪.‬‬

‫مرحلة الضغط‪:‬‬

‫يتحرك المكبس صعوداً فيتقلص‬ ‫الفراغ داخل السلندر‪ .‬أما مزيج‬ ‫الهواء والوقود فينكبس وتتقارب‬ ‫مفر‪.‬‬ ‫ذراته بدون وجود أي ّ‬

‫مرحلة إخراج العادم‪:‬‬

‫وهو الغاز الناجم عن عملية‬ ‫االنفجار‪ .‬ينفتح صمام لتفريغ‬ ‫هذا الغاز بع� الشكمان‪ .‬بخلو‬ ‫السلندر يعود المكبس للصعود‬ ‫مجدداً لتتكرر المراحل أ‬ ‫الربع‬ ‫ف ي� كل واحد من سلندرات‬ ‫المحرك‪.‬‬


‫‪29 | 28‬‬

‫علوم‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫األعضاء األثرية‬

‫اإلنسان‬ ‫كأحفورة‬ ‫متحركة‬ ‫حين نتأمل في تسمية «الزائدة الدودية»‪ ،‬وحين‬ ‫نتساءل عن أهمية الشعر الذي يكسو أجسام الرجال‪،‬‬ ‫أو قيمة شحمة األذن من الناحية الوظيفية‪ ،‬فإننا‬ ‫نتطرَّ ق لفرع علمي مختص بما ُيعرف باألعضاء أو‬ ‫التراكيب األثرية ‪ ،Vestigial Structures‬وهو ٌ‬ ‫علم‬

‫د‪ .‬محمد الحمراني‬

‫‪Wikipedia‬‬

‫يتجاوز الجسم البشري ليشمل تشريح الكائنات الحية‬ ‫كلها ويدرس الطريقة التي ّ‬ ‫طورت هذه الكائنات‬ ‫بها قدراتها ووظائف أعضائها عبر التاريخ لتتواءم‬ ‫بالفطرة التي فطرها اهلل عليها‪ -‬مع ظروف بيئاتها‬‫عبر العصور‪.‬‬


‫ف ي� القرن الرابع قبل الميالد‪،‬‬ ‫كتب أرسطو ف ي� كتابه (تاريخ‬ ‫ين‬ ‫العين�‬ ‫الحيوانات) عن‬ ‫الضامر ي ن‬ ‫الخلد‪،‬‬ ‫ت� لحيوان ُ‬ ‫فوصفهما بأنهما قد «توقفتا‬ ‫عن النمو»‪ ،‬ألن هذه الكائنات تُعد عمياء من‬ ‫ف‬ ‫و� العام ‪ 1798‬وصف العا ِلم إتيان‬ ‫ناحية عملية‪ .‬أ ي‬ ‫هيل� العضاء الزائدة أو يغ� ذات القيمة‬ ‫سانت ي‬ ‫الفسيولوجية لدى بعض الحيوانات بـ «البقايا»‬ ‫بقوله‪« :‬هذه البقايا يغ� ذات فائدة ف ي� هذه الظروف‪،‬‬ ‫لكن لم يتم استبعادها تماماً من بنية الكائنات الحية‬ ‫أ‬ ‫التغ� الطبيعي ال يمارس القفز بع� المراحل‪.‬‬ ‫لن ي ّ‬ ‫أ‬ ‫هكذا ترث الجيال التالية آثاراً من أسالفها‪ ،‬عىل‬ ‫الرغم من أن وجود هذه آ‬ ‫الثار ف ي� الكائنات المعارصة‬ ‫سيستأثر ي ّ ز‬ ‫بح� من أجسامها دون أية فائدة تُذكر‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫بالمقارنة بالوظيفة القدم لهذا العضو الثري عند‬ ‫الجيل السالف»‪.‬‬ ‫وعدد‬ ‫الحقاً‪ ،‬جاء تشارلز داروين (‪)1882-1809‬م ّ‬ ‫ف� كتابه (ساللة النسان) بعضاً من هذه أ‬ ‫العضاء‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫النسان نفسه‪ ،‬ومنها‪ :‬عضالت‬ ‫يغ� المفيدة عند إ‬ ‫أ‬ ‫الذن‪ ،‬أ�ض اس العقل‪ ،‬الزائدة الدودية‪ ،‬عظم الذيل‬ ‫وغ�ها‪ .‬لكن‬ ‫(أو ُعجب الذنب)‪ ،‬شعر الجسم‪ ،‬ي‬ ‫داروين لم يكن قطعياً ف� نفيه لفائدة تلك أ‬ ‫العضاء‬ ‫ي‬ ‫كتابه ف ّ� أصل أ‬ ‫ت‬ ‫النواع أن‬ ‫وال�اكيب‪ ،‬بل ذكر ف ي�‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫هذه العضاء ربما خرست وظيفتها الولية‪ ،‬ولكنها‬ ‫ال تزال تحمل وظيفة ثانوية‪« :‬عندما يخدم العضو‬ ‫ين‬ ‫وظيفت�‪ ،‬قد يصبح يغ� فعال وضعيفاً جداً ف ي�‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أحدهما‪ ،‬مقابل فعالية عالية ي� الوظيفة الخرى‪،‬‬ ‫وبهذا يصبح عضواً أثرياً يغ� ذا فائدة بالنسبة‬ ‫للوظيفة أ‬ ‫الوىل‪ ،‬إنما يُستغل ف ي� وظيفة أخرى بشكل‬ ‫ث‬ ‫أك� فعالية»‪.‬‬ ‫إن هذا المصطلح «عضو أثري» قد تم صكّه‬ ‫وترويجه عىل يد روبرت فيدرشايم ف ي� العام‬ ‫‪1893‬م‪ ،‬ي ن‬ ‫ح� شن� قائمة تحتوي عىل ‪ 86‬عضواً‬ ‫شب�ياً وصفها بأنها كانت ذات أهمية وظيفية بالغة‬ ‫سابقاً‪ .‬منذ ذلك ي ن‬ ‫الح� اك ُتشفت وظائف ثانوية‬ ‫آ‬ ‫لبعض هذه أ‬ ‫العضاء‪ ،‬والبعض الخر لم يزل دون‬ ‫أية فائدة تذكر‪ ،‬فيما توسعت القائمة لتشمل اليوم‬ ‫‪ 180‬تركيباً شب�ياً أثرياً‪.‬‬

‫ما العضو أ‬ ‫الثري؟‬ ‫أ‬ ‫أ‬

‫العضاء الثرية هي تراكيب شت�يحية مطابقة‬ ‫تل�اكيب أخرى لها وظيفة واضحة عند أجناس‬ ‫الدالف�ن‬ ‫أخرى‪ .‬عىل سبيل المثال؛ تحوي زعانف‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫كث�‬ ‫والحيتان أصابع حقيقية‪ ،‬مطابقة لصابع ي‬ ‫الب�‪ .‬لكن هذه أ‬ ‫من الثدييات بما فيها ش‬ ‫الصابع‬ ‫وتحولت إىل‬ ‫لدى الحيتان قد ضمرت وتحورت‬ ‫َّ‬ ‫أعضاء أثرية‪.‬‬

‫العضاء أ‬ ‫إذن ‪-‬ووفقاً لعلم أ‬ ‫الثرية‪ -‬فإنه ابتدا ًء‬ ‫السالف أ‬ ‫من أ‬ ‫الوىل لكائن ما‪ ،‬وبنا ًء عىل االنتخاب‬ ‫الطبيعي‪ ،‬بقيت جميع أ‬ ‫العضاء الوظيفية �ف‬ ‫ي‬ ‫ساللة هذا الكائن لكونها مفيدة لحياته واستمرار‬ ‫أ‬ ‫وتغ�‬ ‫نوعه‪ .‬لكن مع تعاقب الزمن والجيال‪ ،‬ي ّ‬ ‫ت‬ ‫تحدد‬ ‫ال� ِّ‬ ‫الظروف المحيطة‪ ،‬ي‬ ‫تتغ� فالعوامل ي‬ ‫ت‬ ‫و� هذه الف�ة يتم‬ ‫استمرارية الكائن وتكاثره‪ ،‬ي‬ ‫خصائص أخرى أ‬ ‫للعضاء‬ ‫اختيار خصائص دون‬ ‫ت‬ ‫يحورها االنتخاب الطبيعي‪ ،‬وبهذا يمكن‬ ‫ال� ّ‬ ‫ي‬ ‫ث‬ ‫للكائنات أن ترث العضو بأك� من شكل‪ ،‬بعضها‬ ‫غ� ضارة‪.‬‬ ‫متطابق وبعضها أقل فعالية ولكنها ي‬ ‫ويظل بعضها جزءاً أساسياً من تركيب الكائن الحي‬ ‫ألهميتها ف ي� النمو عىل الرغم من خسارتها للوظيفة‬ ‫أ‬ ‫الوىل‪.‬‬

‫هيل�‬ ‫إتيان سانت ي‬

‫ن‬ ‫يع�‬ ‫هل وجود وظيفة لعضو ي‬ ‫أنه ليس تركيباً‬ ‫أثرياً؟‬ ‫أ‬ ‫أ‬

‫كب� عادة‬ ‫يواجه موضوع العضاء الثرية سوء فهم ي‬ ‫بحيث يوصم بأنه علم البحث عن أ‬ ‫العضاء ال�ت‬ ‫ي‬ ‫ال وظيفة لها‪ ،‬ومن ثم تسميتها أ‬ ‫بالثرية! وهذا يغ�‬ ‫صحيح بتاتاً‪ .‬فالعضو أ‬ ‫الثري ال يكتسب اسمه إال من‬ ‫ب� ي ن‬ ‫الت�يح المقارن ي ن‬ ‫خالل ش‬ ‫نوع� ومقارنة وظائف‬ ‫ين‬ ‫النوع�‪ .‬وهذا بالتأكيد ال ينفي وظيفة‬ ‫العضوين عند‬ ‫ما عند النوع أ‬ ‫ن‬ ‫الثا�‪.‬‬ ‫النوع‬ ‫أو‬ ‫ول‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫تعرف العضو‬ ‫ي� أ المقابل‪ ،‬بعض المراجع الطبية ّ‬ ‫الثري بأنه «ال يحمل أية وظيفة» قطعياً‪ .‬ولهذا‬ ‫السبب نجد أحياناً بعض المراجع تنفي صفة‬ ‫الثرية عن بعض أ‬ ‫أ‬ ‫وظيفة‬ ‫العضاء بمجرد اكتشاف‬ ‫ٍ‬ ‫ما لها‪ .‬وهذا الخطأ ناتج عن أن كث�اً من أ‬ ‫الطباء‬ ‫ي‬ ‫ليسوا ي ن‬ ‫ملم� بمبادئ البيولوجيا التطوريّة‪ .‬كما‬ ‫أ‬ ‫وأن أ‬ ‫ض‬ ‫ش‬ ‫العضاء الثرية تحتاج بال�ورة لت�يح‬ ‫مقارن وال يكفي االكتفاء ش‬ ‫النسان‬ ‫بت�يح جنس إ‬ ‫الت�يح الوحيد الذي يلم به المتخصص �ف‬ ‫ـ ش‬ ‫ي‬ ‫الط� ـ ‪ -‬لتحديد ما إذا كان العضو أثرياً‬ ‫المجال ب ي‬ ‫غ� أثري‪.‬‬ ‫أو ي‬ ‫فأطراف طائر البطريق لديها وظيفة بالتأكيد بالنسبة‬ ‫للبطريق حالياً‪ ،‬ولكنها قد خدمت كأجنحة ف ي� زمن‬ ‫سابق‪ ،‬ثم فقدت وظيفتها هذه اليوم‪ ،‬وعليه تُعد‬ ‫أعضا ًء أثرية‪.‬‬

‫ال�اكيب أ‬ ‫ت‬ ‫النسان‬ ‫ثرية‬ ‫ال‬ ‫عند فإ‬ ‫أ‬ ‫أ‬

‫ماذا عن العضاء ت‬ ‫وال�اكيب الثرية ي� جسم‬ ‫ين‬ ‫التسع� عضواً‬ ‫عدها العلماء بنحو‬ ‫إ‬ ‫النسان؟‪ ،‬حيث َّ‬ ‫قبل ث‬ ‫أك� من قرن ليتضاعف هذا العدد اليوم‪.‬‬ ‫يمكن تقسيم هذه أ‬ ‫العضاء أو ت‬ ‫ال�اكيب الموروثة‬ ‫ين‬ ‫مجموعت� وفقاً لطبيعتها‪ ،‬لكونها‬ ‫عن أسالفنا إىل‬ ‫موروثات شت�يحية أو سلوكية‪.‬‬

‫تشارلز داروين‬

‫روبرت فيدرشايم‬

‫وفقاً لعلم األعضاء األثرية‪،‬‬ ‫ابتداء من األسالف األولى‬ ‫ً‬ ‫فإنه‬ ‫لكائن ما‪ ،‬بقيت جميع األعضاء‬ ‫الوظيفية في ساللة هذا‬ ‫الكائن لكونها مفيدة لحياته‬ ‫واستمرار نوعه‬


‫‪31 | 30‬‬

‫الزائدة الدودية لدى اإلنسان وبعض الحيوانات‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫اإلنسان‬

‫الكنغر‬

‫األبوسوم‬

‫الحمار الوحشي‬

‫األرنب‬

‫الكواال‬

‫في العام ‪ 1798‬وصف العالِ م‬ ‫إتيان سانت هيلير األعضاء‬ ‫الزائدة أو غير ذات القيمة‬ ‫الفسيولوجية لدى بعض‬ ‫الحيوانات بـ «البقايا»‬

‫الزائدة الدودية‪:‬‬ ‫تُعد الزائدة عند إالنسان عضواً أثرياً للزائدة الدودية‬ ‫ت‬ ‫ال� توظف هذا العضو‬ ‫عند ي‬ ‫كث� من الحيوانات ي‬ ‫أ‬ ‫لهضم سكر السيليلوز وسكريات النباتات الخرى وذلك‬ ‫بشكل ث‬ ‫أك� فعالية مما يحصل ف ي� الجهاز الهضمي لدى‬ ‫ن‬ ‫كث�ة من الحيوانات‪،‬‬ ‫إالنسان‪ .‬وبالمقارنة‪ ،‬نجد يب� أنواع ي‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫سواء آكالت النبات أو آكالت اللحوم‪ ،‬تفاوتا يب� وجود‬ ‫أ‬ ‫كب� جداً وغياب الزائدة‪ ،‬وصغر‬ ‫المرصان العور بحجم ي‬ ‫أ‬ ‫حجم المرصان العور ووجود الزائدة كلما ازداد اعتماد‬ ‫ئ‬ ‫غذا�‪.‬‬ ‫الحيوان عىل اللحوم كمصدر ي‬ ‫لقد الحظ العلماء أن الزائدة تنشأ من طرف المرصان‬ ‫العور ف� مكان محدد عند كث� من أ‬ ‫أ‬ ‫الجناس‪ ،‬وأن‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫المرصان أ‬ ‫ين‬ ‫وظيفت�‬ ‫العور والزائدة الدودية يحمالن‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫كث� من الجناس تتمثالن ي� تجمع‬ ‫أخري� عند ي‬ ‫ف‬ ‫البكت�يا‬ ‫لخاليا المناعة ي� النسيج ومصدر لتكاثر‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الطبيعية تجمع بقايا الغذاء فيها ث‬ ‫وك�ة النواع‬ ‫الصابة بالتسمم المعوي مثال ً‬ ‫البكت�ية فيها‪ ،‬بعد إ‬ ‫ي‬ ‫أو العالج بالمضادات الحيوية‪ .‬وبهذا نجد أن وظيفة‬ ‫ش‬ ‫المنت� ف ي� الجهاز الهضمي أو ما‬ ‫الجهاز المناعي‬ ‫يعرف بـ ‪( MALT‬النسيج اللمفاوي المصاحب للنسيج‬ ‫المخاطي) هي وظيفة قديمة وما زالت الزائدة‬ ‫الدودية محافظة عليها‪ ،‬بينما خرست هذه الزائدة‬ ‫وظيفتها أ‬ ‫الوىل وهي هضم سكر السيليلوز‪.‬‬ ‫عظم الذيل‪:‬‬ ‫عظمة الذيل‪ ،‬أو العجز‪ ،‬أو ُعجب الذنب‪ ،‬تُعد من‬ ‫بقايا الذيل عند الثدييات‪ .‬فجميع الثدييات تحمل‬

‫ذيال ً ف� مرحلة ما من مراحل نموها‪ .‬بل إن ي ن‬ ‫جن�‬ ‫ي‬ ‫النسان يحمل ذيال ً لمدة أربعة أسابيع من المرحلة‬ ‫إ‬ ‫الجني� (يكون ث‬ ‫ن‬ ‫‪ 14‬ت‬ ‫أك� وضوحاً‬ ‫التخلق‬ ‫من‬ ‫‪22‬‬ ‫وح�‬ ‫ي‬ ‫من خالل أ‬ ‫اليام ‪ 31‬إىل ‪ 35‬من عمر ي ن‬ ‫الجن�)‪.‬‬ ‫بطبيعة الحال فقد خرست عظام الذيل وظيفتها‬ ‫أ‬ ‫الوىل وهي موازنة حركة الكائن‪ ،‬وبقيت الوظائف‬ ‫أ‬ ‫النسان‬ ‫الخرى كمراكز لتثبيت عضالت مهمة عند إ‬ ‫ف ي� منطقة الحوض‪ .‬مع ذلك‪ ،‬فقد تم تسجيل ‪23‬‬ ‫حالة منذ العام ‪ 1884‬لمواليد بذيول وصلت أطوال‬ ‫بعضها إىل ‪ 12‬سم‪ ،‬ويتم التخلص من هذه الزوائد‬ ‫أ‬ ‫الثرية جراحياً بدون أية أ�ض ار الحقاً‪.‬‬ ‫ضأ�اس العقل‪:‬‬ ‫ين‬ ‫البالغ� وقد تُفقد الحقاً‬ ‫تظهر أ�ض اس العقل لدى‬ ‫كث�اً عىل كفاءة عملية المضغ‪ .‬إن هذه‬ ‫بدون أن تؤثر ي‬ ‫أ‬ ‫ال�ض اس هي ف ي� الواقع تراكيب أثرية من أسالف كانوا‬ ‫أك� وأطول احتاجوها لتسهيل عملية‬ ‫ذوي فكوك ب‬ ‫أك�‪ .‬وقد ساهم التغي� ف‬ ‫ئ‬ ‫المضغ ث‬ ‫الغذا�‬ ‫النظام‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫وصغر حجم الفك لدى الجيال الالحقة ي� جعل‬ ‫أ�ض اس العقل غ� محورية أ‬ ‫الهمية بسبب وجودها‬ ‫ي‬ ‫قص داخل الفم‪ .‬بل إن ضيق المساحة‬ ‫ف ي� ركن‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫أ�ض‬ ‫ت‬ ‫ال� تظهر قبلها قد‬ ‫ومزاحمتها لل اس الخرى ف ي‬ ‫كث� من التهابات‬ ‫جعل من أ�ض اس العقل سبباً ي� ي‬ ‫الفم والمشكالت الصحية أ‬ ‫الخرى ما يستدعي‬ ‫ف‬ ‫كث�ة بعمليات مؤلمة!‬ ‫اقتالعها ي� أحيان ي‬ ‫تراوح نسبة نمو أ�ض اس العقل ضمن الجنس ش‬ ‫الب�ي‬ ‫ب� االنعدام الكل عند سكان تسمانيا أ‬ ‫ال ي ن‬ ‫ين‬ ‫صلي�‪،‬‬ ‫يّ‬ ‫والنمو الكامل بنسبة ‪ %100‬ي ن‬ ‫ب� سكان المكسيك‪،‬‬ ‫ن‬ ‫وبعض هذا الفارق يعزى للتنوع يب� أفراد الجنس‬ ‫الب�ي ف� ترجمة ي ن‬ ‫الج� ‪.PAX9‬‬ ‫ش ي‬ ‫أ‬ ‫ال ُذن‪:‬‬ ‫لعلك قد صادفت أحداً من ش‬ ‫الب� ممن يمتلك القدرة‬ ‫آ‬ ‫عىل تحريك صيوان أذنه بشكل يُدهش الخرين‪ .‬هذه‬ ‫الحركة مرتبطة بمقدار الضمور الذي أصاب عضلة‬ ‫أ‬ ‫الذن ش‬ ‫فعاال ً بشكل‬ ‫الب�ية‪ ،‬كعضو أثري ال نزال نراه ّ‬ ‫كب� لدى أ‬ ‫الرانب والقطط عىل سبيل المثال‪.‬‬ ‫ي‬ ‫وكث� من‬‫عىل مستوى الرئيسيات‪ ،‬فإن قردة المكاك ي‬ ‫الخرى‪ -‬تمتلك عضالت حول أ‬ ‫الثدييات أ‬ ‫الذن أك�ث‬ ‫بكث� من إالنسان‪ ،‬بحيث تستطيع تحريك‬ ‫فعالية ي‬ ‫ت‬ ‫أذانها ف ي� جميع االتجاهات‪ ،‬فيما نش�ك نحن مع‬ ‫الشيمبانزي وحيوان (إنسان الغاب) ف ي� غياب هذه‬ ‫القدرة عىل تحريك أ‬ ‫الذن وإن كنا حافظنا عىل أحجامها‬ ‫الكب�ة‪ .‬وكأية صفة أثرية نجد أن بعضاً من أفراد‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫الجنس الب�ي لديهم القدرة عىل تحريك آذانهم‬ ‫طورنا قدرة أفضل‬ ‫ولكن بنسبة قليلة جداً تدل ‪-‬بعدما ّ‬


‫النقطة الدمعية‬ ‫الثنية الهاللية‬ ‫اللحيمة الدمعية‬ ‫النقطة الدمعية‬ ‫فتحات الغدد الجفنية‬

‫رسم تشريحي للعين يبيِّ ن مكان‬ ‫وجود الثنية الهاللية‬

‫عىل تحريك الرأس بشكل أفقي‪ -‬أن االنتخاب الطبيعي‬ ‫الجيال يفضل العضالت المحركة أ‬ ‫لم يعد ع� أ‬ ‫للذن‬ ‫ّ‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫الجي� ي� الجنس‪.‬‬ ‫ضمن التعدد‬ ‫ي‬ ‫غشاء ي ن‬ ‫الع�‬ ‫الجان� (الثنية الهاللية)‪:‬‬ ‫بي‬ ‫ف‬ ‫هذه الثنية توجد عىل طرف المقلة‬ ‫الجان� ي� كل‬ ‫بي‬ ‫ين‬ ‫كب�‬ ‫داخل‬ ‫ثالث‬ ‫ع�‪ ،‬ممثلة لعضو أثري هو جفن‬ ‫ي ي‬ ‫ف‬ ‫نراه ي� الطيور والزواحف اليوم‪ ،‬ووظيفته عندها‬ ‫حماية الملتحمة بحيث يغطي سطح ي ن‬ ‫الع� بغشاء‬ ‫البقاء عىل ي ن‬ ‫الع� مفتوحة‪ .‬وتظل لها‬ ‫شفاف مع إ‬ ‫للع�‪.‬ن‬ ‫وظيفة مهمة اليوم ضمن الجهاز الدمعي ي‬ ‫ال�اكيب أ‬ ‫أما فيما يخص ت‬ ‫الثرية السلوكية‪ ،‬فسنتناول‬ ‫القشعريرة مثاالً‪.‬‬

‫القشعريرة‪:‬‬ ‫تكاس ‪-‬ال إرادي‪ -‬يتولد لدى الكائنات‬ ‫ر‬ ‫هي سلوك ا أ ي‬ ‫عند تعرضها لي نوع من الضغوطات أو التهديد‪،‬‬ ‫مثل هجوم ت‬ ‫ال�د الشديد‪ ،‬ليجعل الكائن‬ ‫مف�س أو ب‬ ‫أك� ويحافظ عىل طبقة من الهواء ي ن‬ ‫ب�‬ ‫يبدو بحجم ب‬ ‫الشعر والجلد للتدفئة‪.‬‬

‫لماض ي ن‬ ‫دف�‬ ‫آثار باقية ٍ‬

‫إن مصطلح العضو أ‬ ‫الثري ف� اللغة إال ي ز‬ ‫نجل�ية مشتق‬ ‫ي‬ ‫من الكلمة ‪ Vestigium‬ومعناها ف‬ ‫الحر� «طبعة القدم»‪،‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫وسنختم المقالة شب�ح مصطلح العضو الثري الحقيقي‬ ‫أليكس يابلوكوف‬ ‫الروس‬ ‫كما سماه عالم الحيوان‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الذي استخدم الحيتان‬ ‫والدالف� كمثال واضح شديد‬ ‫ي‬ ‫الوضوح لتوضيح العضو أ‬ ‫الثري الحقيقي‪.‬‬

‫على مستوى الرئيسيات‪ ،‬فإن‬ ‫ً‬ ‫كثيرا من الثدييات يمتلك‬ ‫عضالت حول األذن أكثر فاعلية‬ ‫بكثير من اإلنسان‪ ،‬بحيث‬ ‫تستطيع تحريك آذانها في‬ ‫جميع االتجاهات‪..‬‬ ‫ين‬ ‫والدالف� ال تحمل‬ ‫كما هو معروف‪ ،‬فإن الحيتان‬ ‫أية أطراف نتوءات عىل أسطح أجسامها السفلية‪،‬‬ ‫ولكنها جميعها وبدون استثناء تمتلك عظمة الفخذ‬ ‫والحوض مدفونة بعمق تحت الجلد‪ .‬كما لوحظ أن‬ ‫هذه أ‬ ‫النواع من الثدييات البحرية ال تظهر عليها‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫الجني�‬ ‫النتوءات إال ي� مراحل مبكرة من التخلق‬ ‫ي‬ ‫ورسعان ما تنكمش فال يبقى مكانها إال سطح أملس‬ ‫تز‬ ‫لي�امن ذلك مع تكون الزعانف الخلفية‪ ،‬ما عدا‬ ‫ت‬ ‫ال� سجلت وجود نتوء واضح عند‬ ‫بعض الحاالت ي‬ ‫أ‬ ‫بعض أفراد هذه النواع‪.‬‬ ‫يظهر هنا جلياً أن هذه آ‬ ‫الثار تعطينا صورة واضحة‬ ‫ت‬ ‫ال� طرأت عىل الثدييات أسالف الحيتان‬ ‫ي‬ ‫للتغ�ات ي‬ ‫�ض‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫تدب عىل أربع فيما م ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ال� كانت ّ‬ ‫والدالف� ي‬ ‫ف‬ ‫العن�‬ ‫ي� العام ‪ ،1956‬تم صيد إحدى إناث حيتان ب‬ ‫فوجد زوج من النتوءات عىل‬ ‫قبالة سواحل اليابان‪ُ ،‬‬ ‫الطرف الخلفي للحوت‪ .‬طولها يقارب ‪ 5‬سم �ف‬ ‫ي‬ ‫الجهة ن‬ ‫اليم� و‪ 6.5‬عىل الجهة اليرسى‪ .‬بعد ذلك‬ ‫فُحصت النتوءات من الداخل ووجدت بكل منها‬ ‫‪ 3‬عظام‪ ،‬ترتبط أ‬ ‫الوىل بالثانية من خالل عضالت‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫ضعيفت�‬ ‫عضلت�‬ ‫قوية‪ ،‬والثانية بالثالثة من خالل‬ ‫ين‬ ‫كث�اً‪ ،‬بينما‬ ‫ومتليفت�‪ ،‬وتشبه عظم الحوض والفخذ ي‬ ‫وغ� مكتملة النمو‪.‬‬ ‫صغ�ة ي‬ ‫الثالثة تبدو ي‬

‫‪http://creationtoday.org‬‬

‫ن‬ ‫الجني� بحيث تم‬ ‫هذه الحالة تفهم كخلل ف ي� النمو‬ ‫ي‬ ‫البقاء عىل أعضاء عادة ما تنكمش خالل التخلق‬ ‫إ‬ ‫ن‬ ‫الجني�‪ ،‬لكنها تعطينا كذلك دليال ً يغلب الظن عىل‬ ‫صحتهي لبقايا الحالة رباعية أ‬ ‫الطراف ألسالف الحيتان‬ ‫ين‬ ‫الضارب� ف ي� القدم‪ ،‬ومن الصعب أن نقبلها كتشوه‬ ‫بدون أي إشارة للتاريخ الطبيعي لساللة الحيتان‪.‬‬ ‫مت بقرابة بعيدة‬ ‫عليه‪ ،‬لنتذكر دوماً أن الماسة تَ ُّ‬ ‫للفحم‪ ،‬نحتاج أحياناً أن نتجاوز ما نراه بأعيننا‬ ‫ت‬ ‫وي�ك فينا انطباعاً أولياً بصعوبة الفهم‬ ‫أو التصور‪.‬‬

‫الحوت أ‬ ‫الزرق وعظمتا الحوض والفخذ تظهر ف ي�‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ال�‬ ‫تم�‬ ‫مكان مطابق لما هي عليه ي� الكائنات ي‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ويتما� هذا مع سلف‬ ‫عىل أطرافها الخلفية‬ ‫الحوت من الثدييات‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪33 | 32‬‬

‫العلم خيال‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫كم تمنينا أن نعرف بماذا يفكر اآلخرون‬ ‫وكيف يشعرون نحونا‪ .‬وفي الوقت الذي‬ ‫نتمسك فيه بهذه األمنية فنحن نتفنن‬ ‫في تزييف مالمحنا وتعبيرات وجوهنا حتى‬ ‫ال يرى اآلخرون ما نحاول إخفاءه‪ .‬وعلى‬ ‫هذا األساس عاش البشر حياتهم في‬ ‫ظل افتراض أساسي مفاده أن ال مخلوق‬ ‫ً‬ ‫فعال ما يدور في عقولهم من نيَّ ات‬ ‫سيعرف‬ ‫وغايات وأفكار مختلفة‪ .‬ولكن إلى متى‬ ‫سيصمد هذا االفتراض؟ وهل ستقدم‬ ‫علوم األعصاب واإلدراك أية منجزات ترغمنا‬ ‫على «الخوف من قدرة العلماء على قراءة‬ ‫الدماغ» كما تحذر مجلة اإليكونيميست؟‬

‫فهد الحازمي‬

‫قارئ األفكار‬ ‫«أنا أفكر إذن أنا‬ ‫موجود»‬

‫قبل أن نستعرض المشاريع‬ ‫القائمة آ‬ ‫والفاق القريبة لقراءة‬ ‫أ‬ ‫نس رينييه‬ ‫الفكار‪ ،‬ال بد أن نعطي الفيلسوف الفر ي‬ ‫ديكارت (‪ )1650-1596‬وأتباعه قليال ً من المساحة‬ ‫لنفهم إحدى وجهات النظر السائدة ي ن‬ ‫ب� علماء‬ ‫أ‬ ‫العصاب اليوم‪.‬‬ ‫كان التفريق ي ن‬ ‫ب� «الدماغ» و«العقل» أحد أهم أركان‬ ‫فلسفة ديكارت‪ .‬حيث اعتقد ديكارت أن كل ما ت‬ ‫نش�ك‬ ‫فيه مع الحيوانات أ‬ ‫الخرى يمكن رده إىل أعضاء‬ ‫ال� يمكن أن نراها ونقيسها‪ ،‬بما �ف‬ ‫ت‬ ‫الجسم‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫الحسية ي‬ ‫ذلك القدرة عىل الحركة والرؤية والنوم والسماع‪.‬‬ ‫نتم� عن كل الحيوانات أ‬ ‫لكننا ي ز‬ ‫الخرى بالعقل‪ ،‬حيث‬ ‫التفك�‪ ،‬وهو الذي اعتقد ديكارت أنه ال‬ ‫يحدث‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫يمكن أن يوجد ي� المادة وال ي� الزمن بل يتواصل مع‬ ‫أجسامنا بع� الغدة الصنوبرية وسط الدماغ‪ .‬ولهذا‬ ‫قال جملته المشهورة‪« :‬أنا أفكر إذن أنا موجود»؛‬ ‫التفك� هو النشاط الوحيد الذي ي ّ ز‬ ‫يم� وجود‬ ‫لكون‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫النسان ووعيه‪ .‬وظل العقل بعيدا عن حقول العلم‬ ‫إ‬ ‫الطبيعي بعد ذلك ت‬ ‫تأث� الفلسفة‬ ‫لف�ة طويلة تحت ي‬ ‫أ ن‬ ‫لما�‬ ‫الديكارتية‪ .‬بل إن بعضهم‪ ،‬مثل الفيلسوف ال ي‬ ‫كانط‪ ،‬ا ّدعى بأن العلوم القائمة عىل دراسة العقل‬ ‫يستحيل أن توجد‪ ،‬ألن العقل ليس له طبيعة حسية‬ ‫مثل المعادن والمواد‪ ،‬وليس له وزن وال مكان‪.‬‬

‫وبالتال فإنه ال يخضع للتجارب العلمية‪ .‬ولكن رسعان‬ ‫ي‬ ‫العص�‬ ‫والنشاط‬ ‫للدماغ‬ ‫العلمية‬ ‫اسات‬ ‫ر‬ ‫الد‬ ‫أثبتت‬ ‫ما‬ ‫بي‬ ‫أن أ‬ ‫المر ليس كما يتصورون‪.‬‬

‫البدايات‬

‫من المجازفة أن نزعم أننا اليوم نستطيع قراءة‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫يع� أنه ال توجد مشاريع قائمة‬ ‫الفكار‪ .‬لكن هذا ال ي‬ ‫عىل قدم وساق لتحقيق هذه الغاية‪ .‬فوكالة مشاريع‬ ‫البحوث المتطورة الدفاعية (داربا) التابعة لوزارة الدفاع‬ ‫أ‬ ‫وغ�ها من المنظمات‪ ،‬بدأت فعال ً بوضع‬ ‫ال يم�كية‪ ،‬ي‬ ‫ف‬ ‫الم�رات‬ ‫قدمها ي� هذا الحقل بدعم سخي للغاية بت�ره ب‬ ‫أ‬ ‫المنية لهذه البحوث‪ .‬من ذلك برنامج إدارة الهجرة‬ ‫أ‬ ‫ال يم�كية المسمى «تكنولوجيا فرز السمات المستقبلية‬ ‫ ‪ »Future Attribute Screening Technology‬أو‬‫حساسات آنية تلتقط إالشارات‬ ‫(فاست) الساعي إىل إنشاء ّ‬ ‫ت‬ ‫(الشارات الفسيولوجية‬ ‫النيات السيئة إ‬ ‫ال� تدل عىل َّ‬ ‫ي‬ ‫وغ�ها)‪ .‬حيث تهدف هذه التقنية للمساعدة‬ ‫والسلوكية ي‬ ‫ف� كشف المحاوالت الرهابية قبل وقوعها‪ .‬ف‬ ‫و� مايو‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪ 2011‬تم بالفعل وضع فاست تحت االختبار ف ي� أحد‬ ‫مالعب نيويورك‪ .‬إضافة إىل ذلك‪ ،‬أعلنت وكالة الفضاء‬ ‫(ناسا) أنها ستم�ض ف ي� ش‬ ‫م�وع مشابه لقراءة نشاط أدمغة‬ ‫ي‬ ‫المسافرين جواً‪ ،‬إال أنها وتحت إالحراج العام أعلنت أنها‬ ‫ال تملك القدرة عىل قراءة أ‬ ‫الفكار‪.‬‬

‫مسح الدماغ‬

‫النقاشات الفلسفية حول قراءة أ‬ ‫الفكار قد تصبح ث‬ ‫أك�‬

‫أهمية إذا حققت هذه المحاوالت نجاحات ملموسة‪.‬‬ ‫فعديد من هذه المشاريع يستخدم التصوير بالر ي ن‬ ‫ن�‬ ‫المغناطيس الوظيفي (‪ ، )fMRI‬كإحدى أهم النوافذ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� يرى العلماء من خاللها النشاط‬ ‫العص� داخل‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫الدماغ‪ .‬وتقوم فكرة هذه التقنية عىل مقارنة تدفق‬ ‫الدم عىل مناطق محددة من الدماغ حيث إن الخاليا‬ ‫أك� من الدم‪ ،‬وبهذه الطريقة‬ ‫النشطة تستهلك كمية ب‬ ‫ن‬ ‫يتس� معرفة أي مناطق الدماغ يتم تشغيلها وربط‬ ‫ذلك بالنيات‪ .‬وهناك وسائل أخرى لتصوير نشاط‬ ‫الدماغ وتستخدم تقنيات مختلفة مثل التصوير‬ ‫ت ن‬ ‫و� (‪ )PET‬وتخطيط‬ ‫المقطعي إ‬ ‫بالصدار البوزي� ي‬ ‫الط� بأشعة جاما‬ ‫موجات الدماغ (‪ )EEG‬والتصوير ب ي‬ ‫ت‬ ‫غ�ت من نظرتنا للدماغ‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ال� ي ّ‬ ‫وغ�ها من الوسائل ي‬ ‫بحيث توصلنا بع� آالف التجارب المتخصصة‪ ،‬إىل‬ ‫حقائق أساسية عن الدماغ ش‬ ‫الب�ي لم يكن بمقدورنا‬ ‫أن نتوصل لها من خارج هذا الصندوق المغلق‪.‬‬ ‫لكن ألن أ‬ ‫الجهزة تتطلب معدات خاصة تستأثر‬ ‫كب�ة جداً تشبه ما كانت عليه الحواسيب‬ ‫بمساحات ي‬ ‫أ‬ ‫ض‬ ‫الما�‪ ،‬فمن المستبعد‬ ‫الول ف ي� منتصف القرن‬ ‫ي‬ ‫الصغ�ة قارئة‬ ‫أن نصل قريباً إىل امتالك الخوذات‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� شب�ت بها أعمال الخيال العلمي‪.‬‬ ‫الفكار ي‬ ‫وتحاول (داربا) دفع تقنيات المسح‬ ‫العص� إىل‬ ‫بي‬ ‫أ‬ ‫المام لتحقق هذا الحلم‪ .‬وأحد المشاريع ت‬ ‫ال�‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫تدعمها داربا وتقوم عليه ش�كة ي� والية أوريغون‬ ‫المريكية‪ ،‬يسعى إىل تطوير نظام لتصوير أ‬ ‫أ‬ ‫العصاب‬ ‫باستخدام رقائق ضوئية‪ .‬تكمن فكرة هذا النظام‬ ‫ف ي� زرع حساسات دقيقة ف ي� شبكة توضع حول الرأس‬ ‫لتتمكن من التقاط نشاط الدماغ ونقله وإعادة بنائه ف ي�‬ ‫وحدة معلومات مستقلة‪ .‬وهناك ش‬ ‫م�وع آخر تدعمه‬


‫النشاط‬ ‫العص� إىل حد أن هناك «محادثة»‬ ‫بي‬ ‫العص�‬ ‫النشاط‬ ‫تشف�‬ ‫لفك‬ ‫التقنية‬ ‫هذه‬ ‫أة»‪.‬‬ ‫و«امر‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫ف‬ ‫لتخم�ن‬ ‫استخدمت بنجاح كذلك ي� تجربة أخرى‬ ‫ي‬ ‫الحرف أ‬ ‫البجدي الذي يفكر فيه الفرد الخاضع‬ ‫للتجربة‪.‬‬

‫‪humanconnectome.org‬‬

‫داربا يهدف إىل رصد أ‬ ‫العصاب ف ي� البيئات التشغيلية‬ ‫أ‬ ‫بالشعة تحت الحمراء‪ ،‬ويشمل أيضاً استغالل ش�ائح‬ ‫شبكات السلكية اللتقاط النشاط‬ ‫العص� وإرساله‬ ‫بي‬ ‫آ‬ ‫إىل حاسوب مستقل لمعالجة البيانات‪ .‬والن‪،‬‬ ‫تملك داربا بالفعل نماذج أولية لخوذات يوجد بها‬ ‫حساسات قادرة عىل التقاط حالة تدفق الدم ف ي�‬ ‫ش‬ ‫الق�ة المخية عىل عمق ‪ 5‬سم‪ .‬ولكن بعيداً عن‬ ‫التفاصيل والمشاريع القائمة‪ ،‬إىل أين وصلت تقنيات‬ ‫مسح الدماغ بخصوص قراءة أ‬ ‫الفكار؟‬ ‫وصلت إىل مدى أبعد مما نتوقع‪ .‬فمثالً‪ ،‬قد تمكن‬ ‫ف‬ ‫الدراك بمعهد ماكس‬ ‫العلماء ي� معهد علوم إ‬ ‫ين‬ ‫التخم� الصحيح إذا ما كان الفرد‬ ‫بالنك بألمانيا من‬ ‫الخاضع للتجربة عىل وشك أن يجري عملية حسابية‬ ‫محددة (جمع أو طرح) قبل أن يجريها فعالً‪ .‬وهذا‬ ‫بع� تحليل نمط النشاط‬ ‫العص� باستخدام برامج‬ ‫بي‬ ‫حاسوبية قائمة عىل خوارزميات رياضية معقدة (مثل‬ ‫المتغ�ات ‪.)MVPA‬‬ ‫خوارزمية تحليل النمط متعدد‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫كل تمكن العلماء أثناء‬ ‫و� جامعة كاليفورنيا ي‬ ‫ي‬ ‫بب� ي‬ ‫تشف� جزء من‬ ‫دراستهم للإدراك البرصي من فك ي‬ ‫نشاط الدماغ ي ِّ ز‬ ‫ليم�وا ما يراه الفرد الخاضع للتجربة‪،‬‬ ‫ئ‬ ‫جز�‪ .‬فمثال ً أثناء مشاهدة الفرد لمحادثة‬ ‫ولو بشكل ي‬ ‫ين‬ ‫ب� رجل وامرأة‪ ،‬تستطيع تلك الخوارزميات تحليل‬

‫لكن هناك عقبات بك�ى تجعلنا نشك ف ي� أن نتائج تلك‬ ‫المخت�ات‬ ‫التجارب يمكن تعميمها عىل الحياة خارج‬ ‫ب‬ ‫للمتغ�ات‪ .‬وتزيد هذه الشكوك إذا‬ ‫حيث ال حدود‬ ‫ي‬ ‫تخم� الحروف أو أ‬ ‫عرفنا أن دقة ي ن‬ ‫الوجه أو ما إىل ذلك‬ ‫– ما نعده قراءة أ‬ ‫للفكار‪ -‬تحت ظروف هذه التجارب‬ ‫ب� ‪ 60‬و‪%70‬؛ أي ث‬ ‫تراوح ي ن‬ ‫أك� بقليل من احتمال‬ ‫الصدفة المحضة ‪.%50‬‬

‫الحدود‬

‫يبدو جلياً أن العقبات العملية ما زالت هائلة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� توفر قراءات دقيقة ‪-‬وتقوم عليها‬ ‫فالجهزة ي‬ ‫أ‬ ‫البحاث العلمية اليوم‪ -‬تزن عدة أطنان وتكلف عدة‬ ‫مالي� كذلك‪ .‬ولكن ت‬ ‫ين‬ ‫لنف�ض جدال ً أن ش‬ ‫م�وعاً ما‬ ‫ف‬ ‫مما ذكر أعاله نجح ي� إنتاج خوذة تستطيع تسجيل‬ ‫النشاط الدماغي بدقة زمانية وموضعية متناهية‪،‬‬ ‫فهل يمكن حينها أن نقول إننا نستطيع قراءة أ‬ ‫الفكار؟‬ ‫بالطبع ال‪ .‬فطريقة تسجيل الدماغ للمعلومات‬ ‫تشكل عقبة هي أ‬ ‫الخرى‪ .‬إذ إن كل الخوارزميات ت‬ ‫ال�‬ ‫ي‬ ‫العص� يتم تدريبها واختبارها عىل‬ ‫تخمن النشاط ف ب ي‬ ‫و� تف�ة زمنية محدودة‪ .‬حيث ال‬ ‫فرد واحد فقط ي‬ ‫ن‬ ‫تخم� النشاط‬ ‫العص� لدماغ‬ ‫تستطيع الخوارزميات ي‬ ‫بي‬ ‫فرد آخر من العينة ألننا لم ندرب تلك الخوارزميات‬ ‫وح� لو ت‬ ‫عىل أنماط عمل أدمغة سواه‪ .‬ت‬ ‫اف�ضنا‬ ‫أننا سنعمل عىل ذات الفرد طوال الوقت‪ ،‬فقد ال‬ ‫تخم� نشاط أ‬ ‫تستطيع الخوارزميات ي ن‬ ‫العصاب بعد‬ ‫أ‬ ‫تتغ�‪ ،‬وكذا المسارات‬ ‫تف�ة معينة لن الخاليا نفسها ي‬ ‫ت‬ ‫تغ�‬ ‫ال� ي‬ ‫العصبية بفضل ما يعرف بالمرونة العصبية ي‬ ‫الخ�ات‪.‬‬ ‫من تركيبة الدماغ مع تراكم ب‬ ‫كل هذه االعتبارات قادت إىل موجة جديدة ضمن‬ ‫أ‬ ‫كب� من آفاق القراءة‬ ‫علماء العصاب تقلل بشكل ي‬ ‫أ‬ ‫يش� مايكل كازينكا‪ ،‬أحد أشهر‬ ‫الحرفية للفكار‪ .‬حيث ي‬ ‫أ‬ ‫علماء أ‬ ‫ف‬ ‫العصاب اليوم ي� كتابه «الدماغ الخالق»‬ ‫إىل أن علم أ‬ ‫العصاب اليوم ال يملك أي برهان عىل‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫طريقة تمثيل الفكار ي� موجات الدماغ‪ ،‬وبأنه عىل‬ ‫الرغم من أن أ‬ ‫الفكار كلها تتوالد ف ي� الدماغ‪ ،‬إال أننا‬ ‫أ‬ ‫قد ال نستطيع قراءتها مطلقاً‪ .‬فعلم العصاب يقرأ‬ ‫الدماغ‪ ،‬وال يقرأ العقل‪ .‬وهذا ربما يعيدنا عدة قرون‬ ‫إىل الوراء حيث الفرق ي ن‬ ‫ب� الدماغ والعقل عند ديكارت‪.‬‬ ‫وإىل أن تبلغ هذه التجارب والتقنيات مستوى أعىل‬ ‫والتقان‪ ،‬علينا أن نتذكر أن أفضل طريقة‬ ‫من الدقة إ‬ ‫لمعرفة أفكار آ‬ ‫الخرين هي أن نبادرهم بالسؤال‪،‬‬ ‫ين‬ ‫الالزم� ألن‬ ‫والنسانية‬ ‫الص� إ‬ ‫ونكون عىل قدر من ب‬ ‫نفهم بعضنا البعض عىل نحو أفضل‪.‬‬

‫الول ف� أ‬ ‫الرمز ألفا ( ) هو الحرف أ‬ ‫البجدية‬ ‫ي‬ ‫الغريقية القديمة‪ ،‬واسمه ذو جرس ال تخطئه‬ ‫إ‬ ‫الذن‪ ،‬شبيه بجرس حرف أ‬ ‫أ‬ ‫العر�‪.‬‬ ‫«اللف»‬ ‫يب‬ ‫وهذا التشابه ليس اعتباطياً بل مرده لجذور‬ ‫مش�كة تربط أ‬ ‫تاريخية ت‬ ‫البجديات ش‬ ‫الب�ية‬ ‫معاً‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ولية‪.‬‬ ‫االسم «ألفا» إذاً مق�ن بالبدايات وبال ّ‬ ‫أ‬ ‫ف ي� علم الحيوان مثال ً يُطلق لقب (الذكر اللفا‬ ‫– ‪ )Alpha Male‬عىل قائد قطيع الذئاب‪..‬‬ ‫كأقوى وأبرز أفراد القطيع‪ .‬وهي تسمية‬ ‫استعملت ف ي� المجتمعات ش‬ ‫لتع� عن‬ ‫الب�ية ب ِّ‬ ‫العىل تحصيال أ‬ ‫أ‬ ‫والول ضمن دفعته الدراسية!‬ ‫ً‬ ‫ف ي� مجاالت الرياضيات والعلوم‪ ،‬فإن الرمز‬ ‫�ض‬ ‫كث� من‬ ‫ع� به عن ي‬ ‫ألفا حا وبقوة ويُ ب ّ‬ ‫الثوابت والمصطلحات والقيم‪ .‬نذكر من‬ ‫ت‬ ‫ال� تمثلها نواة ذرة‬ ‫ذلك جسيمات ألفا ي‬ ‫ونيوترون�‪.‬ن‬ ‫ن‬ ‫بروتون�‬ ‫الهيليوم المكونة من‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫هناك أيضاً إشعاع ألفا الصادر عن العنارص‬ ‫تتحول إىل عنارص أخرى‬ ‫الثقيلة كاليورانيوم إذ َّ‬ ‫أخف‪ .‬ف� الكيمياء ي ز‬ ‫يع� الثابت ألفا‬ ‫يائية‬ ‫الف�‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫عن معامل التمدد الحراري أ‬ ‫للجسام‪ .‬ف‬ ‫و�‬ ‫ي‬ ‫يز‬ ‫الف�ياء البحتة فإن ألفا هو اسم معامل‬ ‫ف‬ ‫التسارع الزاوي‪ .‬أما ي� الرياضيات‪ ،‬فطالما‬ ‫ظهر لنا هذا الرمز كاسم للزاوية المقابلة‬ ‫يرص عىل‬ ‫للضلع «أ»‪ ،‬وهو ذات االسم الذي ّ‬ ‫للتعب� عن‬ ‫استخدامه الطيارون الحربيون‬ ‫ي‬ ‫زاوية االنقضاض بمقاتالتهم‪ .‬كما وأن ألفا أو‬ ‫«أ» هو جزء من المعادلة العتيدة المعروفة‬ ‫لحل معادالت الدرجة الثانية‪ .‬فضال ً عن أن‬ ‫له نصيباً ي ن‬ ‫الحصاء كرمز‬ ‫ب� مصطلحات علم إ‬ ‫للدالة المعنوية‪ .‬ويبقى علم الفلك‪ ،‬ليقدم‬ ‫لنا الرمز ألفا‪ ،‬كقيمة للمطلع المستقيم وهو‬ ‫البعد الزاوي لجرم سماوي عن نقطة أول‬ ‫االعتدال الربيعي‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪35 | 34‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫الصمام الثنائي‬ ‫الباعث للضوء ‪..LED‬‬ ‫نقلة نوعية في عالم‬ ‫اإلضاءة‬ ‫د‪ .‬محمد خلف الغامدي‬

‫‪fotografos / shutterstock.com‬‬

‫ث‬ ‫الثال� الحائز لجائزة نوبل ف ي�‬ ‫لم يكن ي‬ ‫يز‬ ‫الف�ياء لعام ‪2014‬م ‪ -‬اليابانيان إيسامو‬ ‫و� أمانو أ‬ ‫والمريك‪-‬اليابا�ن‬ ‫أكاز ياك ي ش‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وه� ي‬ ‫شوجي ناكامورا ‪ -‬أول من اكتشف الصمام الثنا�ئ‬ ‫ي‬ ‫الباعث للضوء ‪ ،LED‬لكن الجائزة العريقة منحت لهم‬ ‫ألنهم تمكنوا ف� العام ‪1993‬م من ت‬ ‫اخ�اع أول صمام‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫للضوء أ‬ ‫ئ‬ ‫الزرق‪ .‬فما ي ز‬ ‫المم� ف ي� اللون الزرق؟‬ ‫ثنا� باعث‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫الثنا� بالضبط؟‬ ‫وما أهمية هذا الصمام ي‬ ‫ئ‬ ‫الثنا� الباعث (‪)Light Emitting Diode‬‬ ‫ُعرف الصمام ي‬ ‫منذ أوائل القرن ش‬ ‫الع�ين كبديل لمصباح (التوهج)‬ ‫الذي ينسب ابتكاره لتوماس إديسون‪ .‬حيث لوحظ أول‬ ‫ئ‬ ‫ضو� من أشباه الموصالت نتيجة مرور تيار‬ ‫انبعاث ي‬ ‫ئ‬ ‫كهربا� بها ف� تجربة قام بها ن‬ ‫ه�ي راوند عام ‪1907‬م‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ماركو� بب�يطانيا‪ ،‬وتبعه ت‬ ‫السوفيا�‬ ‫المخ�ع‬ ‫ف ي� معامل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫أوليغ لوسيف ي� عام ‪1927‬م مقدماً أول مصباح ‪LED‬‬ ‫الحال‪ .‬بقي هذا االكتشاف معروفاً من دون‬ ‫بمفهومه ي‬ ‫ف‬ ‫و� عام ‪،1957‬‬ ‫تطبيق حقيقي واضح الستثماره‪ .‬ثم‪ ،‬ي‬ ‫الل�ر‪ ،‬استخدم العالم براون بر ي ن‬ ‫ف� ع ّز ثورة ي ز‬ ‫اونست�‬ ‫ي‬ ‫صمام الجاليوم أرسنايد (الزرنيخيد) ليولد شعاع‬ ‫يز‬ ‫ل�ر ف ي� أول تجربة ف ي� تطبيق االتصاالت البرصية‪ .‬ومع‬ ‫ظهور هذا التطبيق المهم توالت االبتكارات وتنافست‬ ‫ال�كات إلنتاج صمامات ‪ LED‬ث‬ ‫ش‬ ‫أك� مالءمة لتطبيقات‬ ‫االتصاالت البرصية‪.‬‬ ‫ف‬ ‫(ج�ال ت‬ ‫ح� كان علماء ومهندسو ش�كة ن‬ ‫و� ي ن‬ ‫إلك�يك)‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫يركزون اهتماهم عىل ي ز‬ ‫–كغ�هم‪-‬‬ ‫المر� ي‬ ‫الل�ر يغ� ي‬ ‫لمواكبة الموجة‪ ،‬أرص د‪ .‬نك هولنياك الباحث �ف‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫مخت�ات ش‬ ‫يأ� بأول ‪ LED‬مشع‬ ‫ب‬ ‫ال�كة نفسها عىل أن ي‬ ‫ف‬ ‫بضوء ئ‬ ‫مر�‪ ،‬لينجح ي� ذلك عام ‪1962‬م‪ ،‬ويعطينا‬ ‫ي‬ ‫‪ LED‬مشعاً باللون أ‬ ‫الحمر‪ .‬بعدها ش‬ ‫بع�ة‬ ‫صمام‬ ‫أعوام‪ ،‬نجح طالبه جورج كرافورد ف ي� ابتكار ‪LED‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫عال الكفاءة‬ ‫مشع باللون الصفر ممهداً لول ‪ LED‬ي‬ ‫عال السطوع استخدم خصيصاً لتطبيقات اتصاالت‬ ‫أي‬ ‫اللياف البرصية‪.‬‬ ‫استخدم مصباح ‪ LED‬أ‬ ‫الحمر كبديل للمصباح‬ ‫التقليدي المتوهج ف ي� منتجات وتطبيقات مختلفة‬ ‫الجهزة الكهربائية وشاشات عرض أ‬ ‫كمؤ�ات أ‬ ‫ش‬ ‫الرقام‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� ي� الالت الحاسبة‪ -‬وكان ذلك‬ ‫إاللك�ونية – كتلك ي‬ ‫المخت�ات والمعامل المتقدمة‬ ‫حرصاً عىل أجهزة‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫أمريك‪.‬‬ ‫ال� كانت تقارب ‪ 200‬دوالر‬ ‫ي‬ ‫لتكلفتها العالية ي‬ ‫وقد بقيت حدة إالشعاع ف ي� تلك التطبيقات منخفضة‬ ‫نسبياً إنما كافية الستخدامها ش‬ ‫كمؤ�ت أو كمصادر‬ ‫آ‬ ‫إضاءة ف ي� التطبيقات المحمولة كالساعات والالت‬ ‫الحاسبة‪ .‬كما شاع استخدام مصابيح ‪ LED‬بألوان‬ ‫مختلفة وانخفضت تكلفة الواحد منها إىل أقل من‬ ‫خمسة سنتات أمريكية نتيجة لتطوير ف ي� طريقة‬ ‫تصنيعها من قبل ش�كة يف�تشيلد ت‬ ‫للإلك�ونيات‬ ‫الضوئية‪ .‬واع ُتمدت تلك الطريقة لتصنيع مصابيح‬ ‫‪ LED‬من حينها – ‪1970‬م‪ -‬ت‬ ‫ح� يومنا هذا‪.‬‬ ‫الجدير بالذكر هنا أن ألوان مصابيح ‪ LED‬اقترصت عىل‬ ‫الحمر أ‬ ‫أ‬ ‫وال ض‬ ‫خ� بدرجات لون وشدة سطوع متفاوتة‪.‬‬

‫وظل اللون أ‬ ‫ين‬ ‫والباحث�‬ ‫الزرق عصياً عىل العلماء‬ ‫ح� العام ‪1994‬م ي ن‬ ‫ح� تمكن كل من‬ ‫طوال عقدين‪ ،‬ت منتج‬ ‫شوجي ناكامورا وإيسامو أكاز ياك ي ش‬ ‫و� أمانو من‬ ‫وه� ي‬

‫ت‬ ‫ش‬ ‫عال‬ ‫�كة نتيشيا اليابانية من اخ�اع أول ضوء أزرق ي‬ ‫السطوع ي ن‬ ‫مكمل� بذلك حلقة ألوان الطيف‪ .‬ما أدى إىل‬ ‫تسارع وت�ة أ‬ ‫ف‬ ‫الحداث ي� مجال أبحاث مصابيح ‪.LED‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫وتم ابتكار أول مصباح ‪ LED‬إلنتاج اللوان الثالثة‬ ‫والصفر أ‬ ‫الحمر أ‬‫الرئيسة أ‬ ‫والزرق‪ -‬بنفس الحدة من‬ ‫ش�يحة أشباه موصالت واحدة إلنتاج مصباح ‪LED‬‬ ‫أبيض بدرجات مختلفة ليحل بديال ً لمصابيح التوهج‬ ‫العال للطاقة ومصابيح الفلوروسنت‬ ‫ذات االستهالك ي‬ ‫والخط�ة عىل الصحة والبيئة‪،‬‬ ‫المحتوية عىل الزئبق‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ث‬ ‫ن‬ ‫الثال�‬ ‫اليابا� الحائز لجائزة نوبل لبحاثهم‬ ‫فقد تمكن ي‬ ‫ي‬ ‫حول مصابيح ‪ LED‬من إحداث تحول رئيس �ف‬ ‫ّ‬ ‫تكنولوجيا الضاءة‪ ،‬ونجحوا ف� ما فشل فيه ي آ‬ ‫الخرون‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫من قبلهم (بحسب قرار لجنة جائزة نوبل)‪.‬‬

‫كيف سيؤثر عىل حياتنا؟‬

‫تاريخياً‪ ،‬حلت المصابيح المتوهجة – مصابيح فتيل‬ ‫تن‬ ‫التنغس�‪ -‬كبديل آمن للشموع ومصابيح الزيت والغاز‪.‬‬ ‫فالعنرص المتوهج معزول خلف البلورة الزجاجية‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ال� تساعد ف ي� شن� شعاع الضوء‪ .‬لكن كان يعاب عىل‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ا� والحرارة المنبعثة‬ ‫مصباح التوهج قرص عمره االف� ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تزداد طردياً مع قوة توهج المصباح‪ .‬قدم‬ ‫منه ي‬ ‫العلماء مصباح الغاز المفرغ (كمصابيح الفلورسنت)‬ ‫كبديل للمصباح المتوهج متفوقاً عليه بقوة سطوع‬ ‫الضوء وانخفاض استهالك الطاقة‪ .‬لكن معظم هذه‬ ‫المصابيح تستخدم الغازات النادرة السامة وغالباً ما‬

‫وغ�ه من المعادن الثقيلة‬ ‫تحتوي كذلك عىل الزئبق ي‬ ‫ذات التأث� الضار عىل النسان والبيئة‪ .‬آ‬ ‫الن ومع ابتكار‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫‪ LED‬ذي اللون البيض‪ ،‬تفرض هذه المصابيح نفسها‬ ‫حال ً أمثل كبديل للمصابيح المتوهجة ومصابيح الغاز‬ ‫المفرغ‪.‬‬ ‫يل نلخص أهمية استبدال وسائل إالضاءة‬ ‫وفيما ي‬ ‫بنظ�اتها مصابيح ‪:LED‬‬ ‫الحالية ي‬ ‫توف� الطاقة‪ :‬من أهم ي ز‬ ‫مم�ات مصابيح ‪ LED‬قلة‬ ‫• ي‬ ‫استهالكها للطاقة نسبة إىل مستوى الضوء الصادر‬ ‫مقارنة بالمصابيح أ‬ ‫الخرى‪ .‬إذ يستطيع مصباح ‪LED‬‬ ‫توليد إضاءة بمقدار ‪ 1000‬شمعة باستهالك ‪12.5‬‬ ‫ح� يستهلك مصباح الفلورسنت ‪ 20‬واط‪ .‬ف‬ ‫واط ف� ي ن‬ ‫و�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫توف�اً بمقدار‬ ‫المجمل يحقق استخدام مصابيح ‪ LED‬ي‬ ‫بغ�ه‪.‬‬ ‫‪ %90 - 50‬مقارنة ي‬ ‫ت ض‬ ‫ا� أطول‪ :‬يستطيع مصباح ‪ LED‬العمل‬ ‫• عمر اف� ي‬ ‫بنفس كفاءة شدة السطوع ومستوى استهالك الطاقة‬ ‫المنخفض لمدة تت�اوح ي ن‬ ‫ب� ‪ 35,000‬و‪ 45,000‬ساعة‪.‬‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ا� للمصباح‬ ‫وهذا أطول بـ ‪ 30‬ضعفاً من العمر االف� ي‬ ‫الهالوج�ن‬ ‫المتوهج و ‪ 25‬مرة أطول من عمر مصباح‬ ‫ي‬ ‫و‪ 10‬أضعاف مصباح الفلورسنت‪ ،‬مع أ‬ ‫الخذ باالعتبار‬ ‫تتغ� شدة سطوعها‬ ‫أن كل التقنيات المختلفة ي‬ ‫وتنخفض كفاءة استهالكها للطاقة مع مرور الوقت‪.‬‬ ‫• طاقة حرارية مشعة منخفضة‪ :‬مبدأ عمل مصابيح‬ ‫‪ LED‬يعتمد عىل إطالق الفوتونات الضوئية إذا مر‬ ‫التيار ف� الصمام ئ‬ ‫الثنا� المص ّنع باستخدام سبيكة من‬ ‫ي‬ ‫أشباه يالموصالت المطعمة بمواد أخرى‪ .‬هذه آ‬ ‫اللية‬ ‫ف� إنتاج الضوء ال تعتمد عىل ي ن‬ ‫تسخ� أي عنرص أو غاز‬ ‫يبخالف أنواع المصابيح أ‬ ‫الخرى‪.‬‬ ‫خال من المعادن الثقيلة‪ :‬جاء مصباح الغاز‬ ‫• ٍ‬ ‫المفرغ ‪-‬الفلورسنت‪ -‬كبديل لمصباح الفتيل المتوهج‪.‬‬ ‫يعتمد مصباح الغاز عىل تشبيع أ‬ ‫النبوب المفرغ بغاز‬ ‫نادر مع إضافة معدن ثقيل وغالباً ما يكون الزئبق‪.‬‬ ‫بسميته وخطره فهو مادة مرسطنة‬ ‫والزئبق معروف ّ‬ ‫شديدة السمية واحتمال انتشاره ف ي� البيئة المحيطة مع‬ ‫عال لتعرض المصباح للكرس‪ .‬كل تلك‬ ‫وجود احتمال ٍ‬ ‫المشكالت تختفي تماماً مع مصباح ‪ LED‬الذي يُعد‬ ‫صديقاً للبيئة‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬تقدم مصابيح ‪ LED‬طريقة سهلة واقتصادية‬ ‫ف‬ ‫الضاءة ببدائل آمنة خالية من المعادن‬ ‫تسهم ي� إ‬ ‫الشعاع الحراري ث‬ ‫(أك� برودة عند‬ ‫الثقيلة‪ ،‬قليلة إ‬ ‫لمسها وال ترفع الحرارة ف� محيطها)‪ ،‬اقتصادية �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫اف� ض‬ ‫استهالك الطاقة وذات عمر ت‬ ‫ا� يبلغ ‪40-10‬‬ ‫ي‬ ‫ضعفاً من منافساته التقليدية‪ .‬مصابيح ‪ LED‬لها‬ ‫ف‬ ‫الضاءة‬ ‫شكل مدمج يسمح بوضعها ي� تركيبات إ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫الضاءة ي� الماكن‬ ‫جيد‪ ،‬فضال ً عن إ‬ ‫ّ‬ ‫المصممة بشكل ّ‬ ‫الضيقة ويمكن تصنيعها بأشكال وتكوينات ث‬ ‫أك�‬ ‫ّ‬ ‫تنوعاً من مثيالتها‪ .‬ويُتوقّع أن تصبح مصابيح ‪LED‬‬ ‫مصدر الضاءة أ‬ ‫ال ثك� أهمية لتستحوذ عىل ‪%70‬‬ ‫إ‬ ‫من السوق الذي ستبلغ قيمته ‪ 100‬مليار دوالر‬ ‫عام ‪2020‬م‪.‬‬


‫المهندس أمجد قاسم‬

‫هيدرات‬ ‫الميثان‪..‬‬

‫بلورات ثلجية في أعماق‬ ‫البحار والمحيطات‬ ‫تشتعل وتنتج الطاقة‬

‫طاقة‬

‫أثار نجاح اليابانيين في استخراج غاز مشتعل‬ ‫ً‬ ‫جدال‬ ‫من قاع البحر (في ‪ 12‬مارس ‪2013‬م)‪،‬‬ ‫ً‬ ‫كبيرا في أوساط المهتمين بالطاقة في‬ ‫العالم وكذلك في أوساط المدافعين عن‬ ‫ً‬ ‫عاما من األبحاث وعلى بعد‬ ‫البيئة‪ .‬فبعد ‪12‬‬ ‫ً‬ ‫كيلومترا قبالة السواحل اليابانية في‬ ‫‪80‬‬ ‫المحيط الهادي‪ ،‬تم استخراج عشرات آالف‬ ‫األمتار المكعبة من الغاز المشتعل الذي‬ ‫يعده الكثير ‪-‬شأن كثير من الموارد الواعدة‪-‬‬ ‫ً‬ ‫واحدا من مصادر الطاقة المستقبلية‬ ‫المرتقبة‪ ،‬على الرغم من التحديات البيئية‬ ‫والتشغيلية الكبرى التي تعترض هذا‬ ‫المشروع‪.‬‬

‫‪Mark Thiessen/National Geographic Creative/Corbis‬‬


‫‪37 | 36‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫هذا الغاز الذي تم استخراجه‪ ،‬هو غاز الميثان‬ ‫‪ ، CH4‬والذي ينتمي إلى عائلة الوقود أ‬ ‫الحفوري‬ ‫المتشكل في أعماق محيطات العالم‪ ،‬بسبب‬ ‫احتجاز الرواسب العضوية لعدة ماليين من‬ ‫السنين تحت ضغط هائل ودرجة حرارة متدنية‪،‬‬ ‫فتكونت بذلك هيدرات الميثان التي تعرف باسم الجليد الحارق‪،‬‬ ‫وهي تتألف أساساً من الميثان وبعض الغازات الهيدروكربونية‬ ‫أ‬ ‫الخرى‪ ،‬التي تقدر احتياطاتها حول العالم بنحو ‪ 3000‬غيغا‬ ‫طن‪ ،‬لتتفوق بذلك على احتياطات النفط والفحم والغاز الطبيعي‬ ‫مجتمعة‪.‬‬

‫بدايات القصة‬

‫يعود اكتشاف الهيدرات الغازية إلى العام ‪1810‬م‪ ،‬عندما كان‬ ‫الكيميائي «همفري ديفي» يجري تجاربه على عنصر الكلور‪،‬‬ ‫النجليزي الشهير «مايكل فاراداي»‪ ،‬حيث خلط‬ ‫بمساعدة العالم إ‬ ‫االثنان الغاز أ‬ ‫الخضر مع الماء وعرضا المزيج لدرجات حرارة‬ ‫تكون مواد صلبة غريبة‪ ،‬هي ذرات كلور‬ ‫متدنية‪ ،‬عندها الحظ ديفي ّ‬ ‫مغطاة ببلورات ثلجية‪ ،‬وفي عام ‪1823‬م نشر فاراداي تقريراً يصف‬ ‫فيه هذه المادة الغريبة بأنها كلور في قفص من الهيدرات‪.‬‬ ‫في ثالثينيات القرن الماضي‪ ،‬اشتكى عمال المناجم من تشكل مادة‬ ‫جليدية في أنابيب الغاز عند تعرضها لدرجات حرارة منخفضة‪،‬‬ ‫وعندما فحص العلماء هذه المادة‪ ،‬أدركوا أن تلك المادة لم تكن‬ ‫ما ًء متجمداً نقياً‪ ،‬بل جليداً يحيط بجزيئات الميثان‪.‬‬ ‫أعقب ذلك في ستينيات القرن الماضي‪ ،‬اكتشاف هيدرات‬ ‫الميثان ‪ -‬أطلق عليها اسم الغاز الطبيعي الصلب‪ -‬في بعض‬ ‫حقول الغاز غرب سيبيريا‪ ،‬وقد درسها الجيولوجيون والكيميائيون‬ ‫تبين لهم أن تلك الرواسب‬ ‫للتعرف إلى ظروف تكونها‪ ،‬حيث َّ‬ ‫متجمدة وموجودة في عدة مناطق في خطوط العرض العليا‪،‬‬ ‫كما في منطقة المنحدر الشمالي آلالسكا وعلى عمق كبير في‬ ‫باطن أ‬ ‫الرض‪ ،‬كما عثرت شركات النفط التي كانت تنقب في‬ ‫القطب الشمالي على مكامن لهذه المركّبات‪ ،‬ثم اك ُتشفت في‬ ‫مطلع الثمانينيات قبالة ساحل المحيط الهادي في غواتيماال‬ ‫خالل مشروع حفر في أ‬ ‫العماق‪ ،‬وقد اس ُتخرجت عينات من‬ ‫الهيدرات لدراستها وانتشرت أنباء في العالم تفيد بالعثور على‬ ‫مادة متجمدة قابلة لالحتراق‪.‬‬ ‫وبين عامي ‪ 1982‬و‪1992‬م أجرى مختبر تكنولوجيا الطاقة الوطني‬ ‫المريكية‪ ،‬ووكالة المسح الجيولوجية أ‬ ‫التابع لوزارة الطاقة أ‬ ‫المريكية‬ ‫بحوثاً مستفيضة للكشف عن مكامن هيدرات الميثان في الرواسب‬ ‫البحرية‪ ،‬وفي منتصف عقد التسعينيات الماضي اهتمت اليابان‬ ‫والهند بالبحث عن تلك المادة الكتشاف مكامنها وتطوير وسائل‬ ‫الستخراج غاز الميثان المحصور فيها بطرق اقتصادية‪.‬‬

‫مكامن بلورات الميثان المتجمدة‬

‫غاز الميثان المحتجز في هيئة هيدرات الميثان‪ ،‬هو غاز طبيعي‬ ‫متجمد يكمن في قيعان البحار والمحيطات وعلى أعماق تتجاوز‬ ‫‪ 350‬متراً ضمن مناطق الرواسب التي تدعى بمنطقة استقرار غاز‬ ‫الهيدرات التي يتفاوت عمقها عبر محيطات الكوكب‪.‬‬

‫غاز الميثان المحتجز في هيئة هيدرات‬ ‫الميثان‪ ،‬هو غاز طبيعي متجمد يكمن‬ ‫في قيعان البحار والمحيطات وعلى‬ ‫ً‬ ‫مترا‬ ‫أعماق تتجاوز ‪350‬‬ ‫تكون غاز الميثان من البقايا الحيوانية والنباتية الميتة التي‬ ‫تاريخياً‪ّ ،‬‬ ‫تراكمت في قيعان المستنقعات والبحار والمحيطات عبر ماليين‬ ‫السنوات‪ ،‬حيث عملت البكتيريا على تحليل تلك البقايا‪ .‬وعندما‬ ‫يكون أ‬ ‫الكسجين متوفراً فإن البكتيريا تفكك تلك المواد العضوية‬ ‫هوائياً لينتج غاز ثاني أكسيد الكربون‪ ،‬إال إنه في حال نضوب‬ ‫أ‬ ‫الكسجين‪ ،‬يحدث التحلل الالهوائي الذي يؤدي إلى إنتاج الميثان‬ ‫وبعض الغاز الكربوني‪.‬‬ ‫كثير من الدول التي‬ ‫لقد استرعى هذا المصدر الجديد اهتمام ٍ‬ ‫تسعى إلى سد حاجتها المتزايدة من الطاقة‪ ،‬كاليابان والصين‬ ‫والهند وكوريا الجنوبية والبرازيل والواليات المتحدة أ‬ ‫المريكية‬ ‫وألمانيا‪ ،‬فاستخدمت تقنيات حديثة جداً للكشف عن مكامن هذا‬ ‫الغاز الذي يكون على شكل بلورات من الثلج المتجمدة‪ ،‬من تلك‬ ‫أ‬ ‫المواج الصوتية لدراسة أعماق المحيطات والبحار في العالم‬ ‫تبين مدى توفر هذا المركّب فيها‪.‬‬ ‫ورسم خرائط خاصة ِّ‬ ‫ويُعد مشروع (‪Submarine Gashydrate Reservoirs (SUGAR‬‬ ‫الذي بدأ في عام ‪2008‬م من أهم المشاريع في العالم‬


‫‪Louise Murray/Robert Harding World Imagery/Corbis‬‬

‫‪wikipedia‬‬

‫للكشف عن هيدرات الميثان والتعرف إليها بدقة واالستفادة‬ ‫منها‪ ،‬وهذا المشروع الذي تدعمه الحكومة أ‬ ‫اللمانية بنحو عشرة‬ ‫ماليين يورو وبالخبرات العملية ويسهم فيه كثير من الجهات‬ ‫أ‬ ‫الكاديمية واالقتصادية‪ ،‬يسعى إلى تكوين فكرة دقيقة حول‬ ‫آ‬ ‫التغيرات المناخية المتوقعة في المستقبل‪ ،‬والثار السلبية‬ ‫النبعاثات غازات الدفيئة كثاني أكسيد الكربون إلى الغالف‬ ‫الجوي وتأثير ذلك على الحياة البحرية في العالم‪ ،‬وكيفية‬ ‫االستفادة من هيدرات الميثان والتقنيات الخاصة التي يمكن‬ ‫استخدامها الستخراج هذا الغاز وبشكل آمن‪ ،‬وكذلك تطوير طرق‬ ‫خاصة لتخزين ثاني أكسيد الكربون في قاع البحر بدال ً من الغاز‬ ‫المستخرج‪ ،‬وذلك في إطار مراقبة التغيرات المناخية آ‬ ‫والثار‬ ‫السلبية المترتبة عليها ومدى تأثير انبعاثات ثاني أكسيد الكربون‬ ‫على توازن البيئة البحرية‪ ،‬وسعياً إلى ابتكار تقنيات خاصة لخفض‬ ‫تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغالف الجوي وذلك من خالل‬ ‫إحالل هذا الغاز مكان هيدرات الميثان‪ ،‬حيث يتم االستفادة‬ ‫من الميثان كمصدر للطاقة وتخزين الغاز الكربوني بدال ً منه على‬ ‫شكل متجمد في قيعان البحار والمحيطات‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬ذكر العالم أ‬ ‫المريكي «تشارلز بول» من بعثة اكتشاف‬ ‫الحافة القارية المقابلة لساحل كاروالينا أن هذه المنطقة تحتوي‬ ‫على كميات هائلة من غاز الميثان وعلى أعماق تبلغ ‪ 860‬متراً‬ ‫تحت سطح المحيط أ‬ ‫الطلسي‪ ،‬وهذه الكميات المهولة من الغاز‬ ‫أ‬ ‫تلبي احتياجات الواليات المتحدة المريكية من الطاقة لنحو قرن‬ ‫تقدر بنحو ‪ %5‬من المادة‬ ‫من الزمان‪ ،‬وأن كمية هيدرات الميثان َّ‬

‫‪Mopic / shutterstock.com‬‬

‫همفري ديفي‬

‫المترسبة في الطبقة الصخرية على امتداد حافة الرصيف القاري‬ ‫المقابل ألمريكا الشمالية‪.‬‬ ‫بالضافة إلى اليابان‬ ‫لقد تعاونت أكثر من عشرين دولة أوروبية إ‬ ‫وأستراليا والصين في أكبر برنامج دولي للتنقيب في قيعان‬ ‫المحيطات‪ ،‬بواسطة سفينة مجهزة لهذه الغاية تحتوي على معمل‬ ‫متكامل قادر على استخراج عينات من قيعان المحيطات ومن أعماق‬ ‫تبلغ مئات أ‬ ‫المتار دون أن تتأثر تلك العينات عند نقلها إلى سطح‬ ‫الماء‪ ،‬وذلك من أجل دراستها من قبل الباحثين ومعرفة تركيبها‬ ‫بدقة عالية‪.‬‬ ‫يذكر أنه عند درجات الحرارة المتدنية التي قد تصل إلى ‪40‬‬ ‫درجة مئوية تحت الصفر‪ ،‬فإنه يمكن اكتشاف هيدرات الميثان‬ ‫على أعماق قليلة‪ ،‬أما عندما تكون درجة الحرارة‪ 20 ،‬درجة مئوية‬ ‫مثالً‪ ،‬فإنه يجب البحث في أعماق تصل إلى ‪ 3‬كيلومترات للعثور‬ ‫على هذا الغاز‪.‬‬


‫‪39 | 38‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫التخطيط الزلزالي‬ ‫مكبس أخذ العينات‬

‫التدفق الحراري‬

‫انتشار الميثان‬

‫هيدرات الميثان‬

‫هيدرات الميثان المستقرة في قاع المحيط‬ ‫تجمعات الميثان في القيعان‬

‫حين يتحرر المارد من القمقم‬

‫غاز الميثان الموجود في قيعان المحيطات يكون متجمداً‪ ،‬حيث‬ ‫ينتج عن اتحاد هذا الغاز مع الماء‪ ،‬تشكل هيدرات الميثان التي‬ ‫تكون تحت ضغط مرتفع ودرجات حرارة متدنية‪ ،‬ولدى تغيير‬ ‫الضغط الواقع عليها وانخفاضه أو ارتفاع درجة الحرارة‪ ،‬يتحرر‬ ‫غاز الميثان من مكمنه ويخرج إلى سطح الماء على شكل فقاعات‬ ‫ضخمة‪ ،‬وهذا قد يفسر غرق السفن المفاجئ في منطقة مثلث‬ ‫برمودا وفي أماكن أخرى من العالم‪.‬‬ ‫لقد أُجري عديد من التجارب الستخراج غاز الميثان من‬ ‫أعماق المياه‪ ،‬ومنها تجربة لفريق من المهندسين تحت إقليم‬ ‫التندرا في شمال كندا‪ ،‬حيث حققوا نجاحاً محدوداً في عملية‬ ‫االستخراج‪ ،‬وتلتها اليابان في عام ‪2013‬م بتجربة كانت رائدة‬ ‫وشكلت تقدماً حقيقياً في هذا المضمار‪ ،‬حيث عملت الشركة‬ ‫الوطنية اليابانية للنفط والغاز والمعادن ‪ JOGMEC‬ومقرها في‬ ‫طوكيو على تطوير تقنيات متقدمة للوصول إلى غاز الميثان‬ ‫القابع على عمق يبلغ نحو كيلومتر واحد‪ ،‬وقد عملت سفينة‬ ‫«تشيكيو» ‪ Chikyu‬أ‬ ‫للبحاث على حفر نحو ‪ 270‬متراً في‬ ‫الرواسب البحرية للوصول إلى طبقة مكامن هيدرات الميثان‬ ‫التي يصل سمكها إلى الستين متراً‪.‬‬ ‫وبعد ذلك تم تخفيض الضغط في منطقة الحفر بواسطة مضخة‬ ‫ضخمة‪ ،‬لينطلق الغاز من مكمنه الجليدي نحو منصة الحفر على‬ ‫متن السفينة ولتندلع النيران في هذا الغاز سريع االشتعال‪ ،‬وخالل‬ ‫ذلك كان يتم جمع عدد كبير من البيانات من قبل فريق البحث‪،‬‬ ‫كالعمق ومقدار الضغط ودرجة الحرارة في المكمن وسرعة ومعدل‬ ‫تدفق الغاز وتركيبه الكيميائي وغيرها من البيانات المهمة‪.‬‬ ‫هذه التجربة استمرت لمدة ستة أيام‪ ،‬تدفقت خاللها عشرات‬ ‫آالف أ‬ ‫المتار المكعبة من الغاز‪ ،‬حيث كان يتم استخراج ما معدله‬ ‫‪ 20‬ألف متر مكعب من الغاز يومياً‪ ،‬وهذا فاق كل التوقعات‪ ،‬إال‬ ‫أنه وفي اليوم السادس من التجربة ومع انخفاض الضغط حتى‬

‫التدفق أ‬ ‫الفقي للميثان‬

‫هيدرات الميثان‬

‫مصدر التحكم‬ ‫الكهرومغناطيسي‬ ‫محاكاة عملية االنعكاس للموجات من قاع المحيط‬

‫‪ 4.5‬ميغا باسكال‪ ،‬حدث انسداد للمضخة بسبب الرمل وتوقفت‬ ‫التجربة‪.‬‬ ‫يقول «كوجي ياماموتو» مدير المشروع‪( :‬لقد كانت خيبة أمل‪،‬‬ ‫تم استخدام جهازي غربلة لمنع االنسداد‪ ،‬لكن التجربة توقفت)‬ ‫ويبين ياماموتو أنه وفريقه سيعملون على التغلب على هذه العقبة‬ ‫عال وليصبح هذا‬ ‫للوصول إلى إمدادات ثابتة من الميثان‪ ،‬وتدفق ٍ‬ ‫المصدر جزءاً رئيساً في خارطة الطاقة في اليابان‪ ،‬حيث تقدر كمية‬ ‫الغاز الموجودة نحو تريليون متر مكعب‪ ،‬وهي تلبي حاجة اليابان‬ ‫من الطاقة لعشرة أعوام على أ‬ ‫القل‪.‬‬ ‫إن كمية الغاز التي تم استخراجها في التجربة اليابانية تفوق بأكثر‬ ‫من عشرة أضعاف ما تم استخراجه من بئر حفر في عام ‪2008‬م‬ ‫في منطقة الجليد الدائم في كندا بنفس تقنية تخفيض الضغط‬ ‫في البئر‪.‬‬ ‫وفي سياق متصل وحول التجربة اليابانية‪ ،‬قال «ريه بوزويل»‬ ‫مدير شؤون التقنية لبرنامج هيدرات الميثان في مختبر تكنولوجيا‬ ‫الطاقة الوطني بمورغانتاون في فرجينيا الغربية التابع لوزارة الطاقة‬ ‫أ‬ ‫المريكية‪« :‬إن التجربة اليابانية تثبت أن ما تعلمناه في القطب‬ ‫الشمالي يمكن تطبيقه في البيئة البحرية‪ ،‬إذ إن الموارد تكون‬ ‫أكثر أهمية»‪.‬‬ ‫هذا وقد كان على فريق البحث التغلب على كثير من الصعوبات‪،‬‬ ‫أ‬ ‫كالحوال الجوية المتقلبة والرواسب السائبة المتحركة‪ ،‬وكذلك‬ ‫مشكلة أن غاز الميثان لدى تحريره من مكمنه‪ ،‬يتسبب في انخفاض‬ ‫درجة حرارة محيطه‪ ،‬وهذا يؤدي إلى تكوين هيدرات جديدة تتسبب‬ ‫النتاج‪.‬‬ ‫في سد البئر أو تقليل كمية إ‬

‫تحديات كبرى تحد من آ‬ ‫المال‬ ‫ّ‬ ‫أ‬

‫ليست الصورة بالوردية المتبدية لول وهلة‪ .‬إذ تنطوي عملية‬ ‫استخراج غاز الميثان من أ‬ ‫العماق البحرية السحيقة على كثير‬


‫عملية استخراج الميثان من قيعان‬ ‫البحار والمحيطات‪ ،‬محفوفة بكثير‬ ‫ً‬ ‫خصوصا إذا طبقت على‬ ‫من المخاطر‪،‬‬ ‫نطاق تجاري‬

‫‪National Geographic‬‬

‫من المخاطر البيئية والتشغيلية التي قد تحد من آ‬ ‫المال الكبيرة‬ ‫ّ‬ ‫المعقودة على مصدر الطاقة هذا‪ .‬إذ إن هيدرات الميثان التي‬ ‫تكمن في الرواسب في قيعان المحيطات وتحت القيعان تكون‬ ‫على درجات حرارة منخفضة وضغط مرتفع كما أسلفنا‪ ،‬وتؤدي‬ ‫عملية زيادة درجات حرارة المياه بسبب الزيادة الملحوظة في‬ ‫درجات حرارة الكرة أ‬ ‫الرضية أو عند تخفيف الضغط الواقع عليها‬ ‫أثناء عملية استخراجها ‪ ،‬إلى انطالق الميثان بشكل سريع نحو‬ ‫سطح الماء‪.‬‬ ‫وتبين الدراسات أن زيادة درجة حرارة التيارات المائية تتسبب في‬ ‫ِّ‬ ‫زعزعة استقرار هيدرات الميثان الموجودة على الحواف القارية كما‬ ‫في منطقة أمريكا الشمالية‪ ،‬حيث تلتقي أعماق المحيط مع أ‬ ‫الرصفة‬ ‫القارية الضحلة‪ ،‬وهذا أيضاً يحدث في مناطق القطب الشمالي‬ ‫التي خسرت جزءاً كبيراً من الغطاء الجليدي فيها خالل العقود‬ ‫القليلة الماضية‪ ،‬وهذا يتسبب في انطالق الميثان من قاع البحر‬ ‫وتراكمه في الغالف الجوي‪ ،‬وال يستبعد الباحثون حدوث ذلك عدة‬ ‫مرات في الماضي الجيولوجي‪.‬‬

‫أما عملية استخراج الميثان من قيعان البحار والمحيطات‪،‬‬ ‫فمحفوفة بكثير من المخاطر‪ ،‬وخصوصاً إذا طبقت على نطاق‬ ‫تجاري‪ ،‬إذ إن أي خلل في عملية االستخراج وخصوصاً عند تخفيض‬ ‫الضغط قد تؤدي إلى تفكك الجليد‪ ،‬وبالتالي تتسبب في انطالق‬ ‫غاز الميثان على شكل فقاعات ضخمة تنطلق نحو أ‬ ‫العلى وتحدث‬ ‫اضطرابات هائلة في المياه وزيادة في تركيز غازات الدفيئة في‬ ‫الغالف الجوي‪.‬‬ ‫هذا وقد دعمت عدة جهات مهتمة بالبيئة مشاريع تخزين ثاني‬ ‫أكسيد الكربون مكان غاز الميثان المستخرج من قيعان البحار‬ ‫والمحيطات‪ ،‬وذلك للحد من تأثيراته السلبية على مناخ العالم‪،‬‬ ‫ويعد المجلس الدولي للمناخ من المشجعين لتقنية ‪ CCS‬الخاصة‬ ‫بتجميع الغاز الكربوني ودفنه في أعماق أ‬ ‫الرض‪.‬‬ ‫إن المصاعب التي تواجه استخراج هذا النوع من الغاز تفوق بكثير‬ ‫الحفوري أ‬ ‫تلك التي تواجه استخراج أنواع الوقود أ‬ ‫الخرى‪ ،‬كالبترول‬ ‫والفحم والغاز الطبيعي‪ ،‬فالتكلفة تظل عالية جداً والتقنية الخاصة‬ ‫باستخراجه ما زالت في مرحلة التجريب‪ ،‬كما أن عدداً من الدول‬

‫‪wikipedia‬‬

‫كما تشير الدراسات الجيولوجية والبيئية‪ ،‬إلى اكتشاف تسريبات‬ ‫كبيرة من قاع المحيط المتجمد الشمالي وبقطر يصل إلى ‪1000‬‬ ‫تسرع‬ ‫متر‪ ،‬حيث ظهرت فقاعات طافية على سطح الماء‪ ،‬وسوف ّ‬ ‫من وتيرة ظاهرة االحترار العالمي‪ ،‬علماً بأن غاز الميثان يمتلك قدرة‬ ‫على االحتباس الحراري تفوق ثاني أكسيد الكربون ‪ -‬المتهم الرئيس‬ ‫في قضية االحتباس الحراري ‪ -‬بما يعادل ‪ 25‬جزيئاً لكل جزيء‪.‬‬

‫التي اهتمت بعمليات استخراج هيدرات الميثان واستثمار هذا‬ ‫المصدر من الطاقة‪ ،‬قد أولت حالياً اهتماماً أكبر باستخراج الغاز‬ ‫الصخري‪ ،‬نظراً لتوفر كميات وافرة منه في أراضيها‪ ،‬كالواليات‬ ‫المتحدة أ‬ ‫المريكية وكندا‪ ،‬بينما ما زال عدد من الدول كالصين وكوريا‬ ‫الجنوبية والهند وألمانيا واليابان تسعى الستثمار هذا المصدر من‬ ‫الطاقة وتطوير التكنولوجيا القادرة على استخراجه من مكامنه‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن غاز الميثان يُعد من أفضل وأنظف أنواع وقود‬ ‫االحتراق‪ ،‬إال أن عمليات استخراجه من هيدرات الميثان تتطلب‬ ‫إيجاد تقنيات آمنة ومجدية اقتصادياً بحيث ال تؤثر على استقرار‬ ‫قيعان المحيطات والبحار‪ ،‬وأن تكون هذه التقنيات قادرة على‬ ‫استخراج الميثان والحيلولة دون انطالقه إلى الغالف الجوي لدرء‬ ‫تأثيراته السلبية على بيئة أ‬ ‫الرض التي قد تفوق كل التوقعات‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪41 | 40‬‬

‫من المختبر‬

‫أمل في استعادة‬ ‫الذاكرة المفقودة‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫‪LauraD / shutterstock.com‬‬

‫لعقود طويلة‪ ،‬اعتقد علماء الجهاز‬ ‫العص� أن‬ ‫بي‬ ‫الجزء من الدماغ الذي تُخ ّزن فيه الذكريات قد يكون‬ ‫ين‬ ‫مستدل� عىل‬ ‫المشبكات العصبية (‪،)Synapses‬‬ ‫ّ‬ ‫ذلك بفقد الذاكرة الذي يسببه مرض آلزهايمر المتلف‬ ‫المشبكات العصبية‪ .‬لكن دراسة جديدة يقود‬ ‫لهذه‬ ‫ّ‬ ‫فريقها «دايفد غالنزمان» من جامعة كاليفورنيا ‪ -‬لوس‬ ‫أنجلوس‪ ،‬أظهرت أن الذاكرة طويلة أ‬ ‫المد تُحفظ ف ي�‬ ‫أنوية الخاليا العصبية وليس ف� روابطها‪ .‬ت‬ ‫وت�تب عىل‬ ‫ي‬ ‫تغ�ات جذرية لعالج هذا آلزهايمر‪.‬‬ ‫هذا االستنتاج ي‬ ‫المشبكات‬ ‫فإذا تمكّن العلماء من إعادة إنتاج‬ ‫ّ‬ ‫العصبية‪ ،‬فسيكون من الممكن حينها ت‬ ‫اس�جاع‬ ‫الذاكرة المفقودة بمجرد ي ز‬ ‫تحف� الجهاز‬ ‫العص� عىل‬ ‫بي‬ ‫القيام بذلك ذاتياً‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أجرى «غالنزمان» وفريقه اختبارا عىل نوع من‬ ‫الحلزون البحري يدعى ي ز‬ ‫«إبل�يا»‪ ،‬يمتلك مزايا جزيئية‬ ‫ت‬ ‫ال� للدماغ‬ ‫وخليوية مشابهة لحد الدهشة لتلك ي‬ ‫ش‬ ‫ش‬ ‫الب�ي‪ .‬مع فرق امتالك الحلزون البحري ع�ين‬ ‫ألف خلية عصبية‪ ،‬مقابل تريليون (ألف مليار) خلية‬ ‫النسان‪ .‬وكان الغرض من االختبار فهم ردة‬ ‫بدماغ إ‬ ‫فعل الحلزون عند تعرضه للخطر‪ ،‬وكيفية تعلمه من‬ ‫التجربة وتذكّر هذه الدروس الحقاً‪.‬‬ ‫إن تشكل الذاكرة الطويلة المدى يجعل الخاليا‬ ‫ال� ي ن‬ ‫المشبكات‬ ‫وت� الذي بدوره يشكل‬ ‫العصبية تفرز ب‬ ‫ّ‬

‫العصبية‪ .‬وإعاقة هذه العملية‪ ،‬بواسطة ارتجاج ف ي�‬ ‫ال� ي ن‬ ‫وت�‬ ‫الدماغ ناتج ‪-‬مثالً‪ -‬عن حادثة ارتطام‪ ،‬سيمنع ب‬ ‫من التكون ويقطع الطريق عىل تشكّل الذاكرة‪ .‬ولهذا‬ ‫السبب ال يتذكر الناس اللحظات السابقة للحوادث‬ ‫ش‬ ‫مبا�ة‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬ووفق تجربة الحلزون‪ ،‬فعندما تم ي ز‬ ‫تحف�‬ ‫ز‬ ‫ال� ي ن‬ ‫بل�يا»‬ ‫وت� للتشكل من خالل تعريض ذيل إ‬ ‫«ال ي‬ ‫ب‬ ‫لصدمات كهربائية خفيفة‪ ،‬لوحظ تشكل ذاكرة طويلة‬ ‫أ‬ ‫المد لدى الكائن بعد أيام‪ ،‬بدليل وجود ردة فعل‬ ‫ارتكاسية عند تعرضه لصدمة مماثلة‪.‬‬ ‫ال� ي ن‬ ‫وت� قبل‬ ‫يقول «غالنزمان»‪« :‬عندما منعنا تشكل ب‬

‫‪ 24‬ساعة من التمرين لم تتشكل الذاكرة‪ .‬وعندما قمنا‬ ‫ش‬ ‫ال�ء بعد ‪ 24‬ساعة كانت الذاكرة موجودة‪.‬‬ ‫بنفس ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫يع� ان الذاكرة تتشكل ي� الخاليا العصبية‬ ‫هذا ف ي‬ ‫وليس � وصالتها»‪.‬‬ ‫ويرجى يأن تتكلل هذه التجارب بما يعزز أ‬ ‫المل ف ي�‬ ‫ُ‬ ‫استعادة ض‬ ‫مر� «آلزهايمر» بعض ذاكراتهم خصوصاً‬ ‫خالل المراحل أ‬ ‫الوىل من المرض‪.‬‬ ‫‪http://www.sciencealert.com/a-new-study‬‬‫‪suggests-alzheimer-s-patients-may-be‬‬‫‪able-to-restore-their-lost-memories‬‬

‫ً‬ ‫نقاطا كمومية‬ ‫تلفازك الجديد يتضمن‬

‫‪http://gizmodo.com/why-your-next‬‬‫‪tv-could-and-should-be-stuffed-with‬‬‫‪qua-1677617045‬‬

‫‪cigdem / shutterstock.com‬‬

‫لمح� الصورة فائقة الجودة‪ ،‬فإن‬ ‫بالنسبة ب ي‬ ‫شاشات تلفاز ‪ ،OLED‬أو (الصمام ئ‬ ‫الثنا�‬ ‫ي‬ ‫العضوي باعث الضوء) تمثل اليوم قمة ما‬ ‫توف�ه من بث بجودة ‪ .HDTV‬لكن سعرها‬ ‫يمكن ي‬ ‫المرتفع جداً ‪ -‬الذي يصل حالياً إىل خمسة‬ ‫ش‬ ‫وع�ين ألف دوالر ‪ -‬يحول دون أن تصبح ف ي�‬ ‫متناول الجميع‪.‬‬ ‫الخ� السعيد تحمله تقنية جديدة قد تسهم‬ ‫ب‬ ‫ف ي� تخفيض أسعار هذه الشاشات إىل حد‬ ‫وتحسن بعض خصائصها‪ .‬هذه‬ ‫ي‬ ‫كب�‪ ،‬بل ِّ‬ ‫تسخر من يعرف بـ «النقاط الكمومية»‬ ‫التقنية ّ‬ ‫نسبة للنظرية الكمومية‪ -‬وهي شبه موصالت‬‫للكهرباء‪ ،‬عىل شكل بلورات نانوية ‪-‬أي تقاس‬ ‫أبعادها بأجزاء من المليار من ت‬ ‫الم�‪ -‬متناهية‬ ‫الصغر تقوم بنفس ما تقوم به شبه الموصالت‬ ‫ت‬ ‫ال� تُستخدم ف ي�‬ ‫الهايدروكربونية المعقدة ي‬ ‫الحال‪ .‬لكن النقاط الكمومية تعمل عىل‬ ‫التلفاز ي‬

‫امتصاص اللون وإعادة بثه بموجات ضوئية‬ ‫مختلفة ومحددة جداً‪ .‬وهذا الضوء الذي‬ ‫تصدره يعتمد عىل حجمها وليس عىل تكوينها‬ ‫ئ‬ ‫الكيميا�‪ ،‬وهنا تكمن أهميتها‪ .‬فهذه البلورات‬ ‫ي‬ ‫تلمع عند تعرضها للكهرباء حيث يمر الضوء من‬ ‫خالل مجموعة من المرشحات تجعل الصورة‬ ‫عىل التلفاز شديدة الوضوح وألوانها حية قريبة‬ ‫من الواقع الطبيعي وبتباين زائد‪.‬‬ ‫هذا التصميم الجديد يجعل التلفاز أقل‬ ‫ين‬ ‫المصنع� من إنتاج‬ ‫سماكة ووزناً‪ .‬كما سيمكّن‬ ‫أك� من الموجودة حالياً‪.‬‬ ‫شاشات ذات أحجام ب‬ ‫مما سيخدم سوق السينما والعروض المرسحية‬ ‫نز‬ ‫الم�لية‪.‬‬


‫االسم المعياري‬ ‫أول مضاد حيوي جديد ال‬ ‫يمكن مقاومته‬

‫ريختر‬

‫تشارلز فرانسيس ريختر‬

‫‪royaltystockphoto / shutterstock.com‬‬

‫إن الوت�ة المتسارعة لتطور قدرة الميكروبات المسببة أ‬ ‫للمراض عىل مقاومة‬ ‫ي‬ ‫المضادات الحيوية الصناعية‪ ،‬بات يشكل أزمة عالمية عىل صعيد الصحة‬ ‫ين‬ ‫الباحث� عىل تطوير أدوية‬ ‫الوت�ة هي أرسع من قدرة‬ ‫العامة‪ ،‬بل إن هذه ي‬ ‫للميثيسيل�ن‬ ‫للتغلب عليها‪ .‬ويمثل مايكروب (مارسا – ‪ )MRSA‬المقاوم‬ ‫ي‬ ‫والمعشش ف ي� المستشفيات مسبباً التهابات مميتة ف ي� مجرى الدم‪ ،‬يمثل‬ ‫نموذجاً مرعباً ف ي� هذا السياق‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫لكن‪ ،‬وحسبما جاء ف ي� دورية ش‬ ‫(نيت�) خالل السبوع الول من شهر يناير‪،‬‬ ‫بكت�يا ت‬ ‫ال�بة باستطاعته القضاء‬ ‫فإن هذا المضاد الجديد المستخرج من ي‬ ‫أ‬ ‫عىل مجموعة ضخمة من الميكروبات المسببة للمراض‪ ،‬بدون أن تالحظ‬ ‫ش‬ ‫ويستب� العلماء بأن يتأخر تطوير أجيال‬ ‫أية مقاومة له عند تعرضه لها‪.‬‬ ‫السن�‪.‬ن‬ ‫ش‬ ‫الميكروبات لمناعة ضد هذا المضاد الجديد إىل ع�ات‬ ‫ي‬ ‫كب� بقيادة «كيم لويس» من جامعة «نورث ت‬ ‫إيس�ن»‬ ‫فقد أعاد فريق عالمي ي‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫بكت�يا ال�بة‬ ‫ف ي� بوسطن النظر ف ي�‬ ‫حوال ع�ة آالف مركّب أخذت من ي‬ ‫ي‬ ‫منذ مدد طويلة ولم تتم زراعتها آنذاك لعدم تكيفها تماماً مع الحياة ف ي�‬ ‫«وعاء تب�ي» العلمي‪ .‬ولهذا الغرض طور الفريق وعا ًء حاضناً جديداً ُوضع‬ ‫تحت أ‬ ‫البكت�يا ت‬ ‫ح� تتفاعل وتتكاثر‪ .‬وخالل العملية‪ ،‬اكتشف‬ ‫الرض لخداع‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫البكت�ية‪.‬‬ ‫«تايكزوباست�» يمنع تركيب جدران الخلية‬ ‫الفريق مركباً اسمه‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫ن‬ ‫البكت�يا ومنها تلك‬ ‫بكث� من‬ ‫ي‬ ‫تب� أنه بالغ الفتك ي‬ ‫وعند تجربته عىل الف�ان ي‬ ‫المعششة ف ي� المستشفيات والمسببة للسل وسواها‪.‬‬ ‫‪http://www.iflscience.com/health-and-medicine/resistance‬‬‫‪proof-antibiotic-we-ve-been-waiting‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬

‫بينو غوتنبرغ‬

‫ف أ‬ ‫ين‬ ‫وقدرت قوته بـ «كذا»‬ ‫ح� نسمع ي� الخبار أن زلزاال ً قد �ض ب منطقة ما‪ّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫ئ‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫مريك‬ ‫عىل مقياس (ريخ�)‪ ،‬فإننا نستح� اسم عالم الزالزل ي‬ ‫والف� ي‬ ‫يا� ال ي‬ ‫تشارلز فرانسيس ت‬ ‫ً‬ ‫ريخ� (‪ )1985 - 1900‬الذي غدا اسمه معيارا لقياس كمية‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تنتجها اله ّزة الرضية من مركزها‪ .‬وبمزيد من التعقيد سنقول‬ ‫الطاقة ي‬ ‫ت‬ ‫للتعب� عن أقىص‬ ‫(ريخ�) تم ّثله دالة رياضية لوغاريتمية الشكل‬ ‫إن مقياس‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫الهزة الرضية‪.‬‬ ‫للموجة‬ ‫ارتفاع‬ ‫ال� ترسمها ّ‬ ‫ي‬ ‫شدة كل منها‪.‬‬ ‫إن الزالزل تنتج ‪-‬بدهياً‪ -‬كمية من الطاقة تتناسب مع ّ‬ ‫لمالي� أ‬ ‫ين‬ ‫الطنان‬ ‫تفج�‬ ‫هزة زلزالية تشبه عملية ي‬ ‫ويسعنا أن نتخيل أن كل ّ‬ ‫أ‬ ‫من الديناميت إنما تحت سطح الرض‪ .‬وكلما زادت قوة الزلزال مع‬ ‫صعودنا درجات مقياس ت‬ ‫ريخ� بمقدار درجة واحدة‪ ،‬فإن الزلزال سيطلق‬ ‫وثالث� ضعفاً عن الزلزال المسجل �ف‬ ‫مقداراً من الطاقة يزيد بواحد ي ن‬ ‫ي‬ ‫الدرجة السابقة‪.‬‬ ‫استلهم ت‬ ‫ريخ� أسلوب قياسه من طريقة مشابهة لقياس مدى سطوع‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫وقدم لنا‪ ،‬ي� العام ‪1935‬م‪ ،‬بال�اكة مع زميله (بينو‬ ‫النجوم ي� السماء‪ّ .‬‬ ‫للإيطال‬ ‫غوتن�غ) معياراً دقيقاً وبديال ً عن المعيار‬ ‫ب‬ ‫السابق المنسوب ف ي‬ ‫أ‬ ‫(م� يّ‬ ‫كال) الذي اكتفى بقياس الزالزل بنا ًء عىل الثر الذي تحدثه ي� بيئتها‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫المنكوبة‪ .‬أما مقياس ريخ� ال يقيس أثر الزلزال فيحسب كم مب� هدم‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫وال� تقيسها‬ ‫وكم نفساً أهلك‪ ،‬بل ِّ‬ ‫ال� يطلقها‪ ،‬ي‬ ‫يقدر قوته من حيث الطاقة ي‬ ‫أجهزة الرصد والراسمات الزلزالية‪.‬‬ ‫الشائع أن مقياس ت‬ ‫ريخ� يتدرج من الواحد إىل ش‬ ‫الع�ة‪ ،‬لكنه عملياً مقياس‬ ‫«مفتوح»‪ .‬إذ ال ش�ء يمنع من وقوع زلزال يفوق الدرجة ش‬ ‫العا�ة وفق‬ ‫ي‬ ‫عىل الرغم من أن ذلك لم يقع آ‬ ‫مقياس ت‬ ‫للن ف ي� تاريخ الزالزل‪،‬‬ ‫ريخ�‪،‬‬ ‫ريخ� ت‬ ‫قدم ت‬ ‫وهلل الحمد‪ .‬ي ن‬ ‫اق�احه المعياري‪ ،‬كانت أضعف الزالزل‬ ‫وح� ّ‬ ‫ت‬ ‫ال� يمكن رصدها بقوة ‪ .3.0‬لكننا اليوم بفضل تقدم تقنيات الرصد‬ ‫ي‬ ‫واالستشعار نستطيع تسجيل هزات ضئيلة ذات قوى سالبة ‪-‬أقل من‬ ‫الصفر‪ -‬وفقاً لمقياس ت‬ ‫ئن‬ ‫المطم� أن نعود لمالحظة‬ ‫ريخ� كذلك‪ .‬ولعله من‬ ‫علمية مفادها أنه كلما زادت قوة الزلزال‪ّ ،‬‬ ‫قل احتمال وقوعه مجدداً‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� تسجلها‬ ‫تُحدد ّ‬ ‫شدة الزلزال عىل أساس القوة القصوى للموجة الزلزالية ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تفصل جهاز الرصد عن نقطة‬ ‫أجهزة الرصد‪ ،‬إضافة إىل مقدار المسافة ي‬ ‫ال تن�نت‬ ‫مركز الزلزال‪ .‬وتستخدم أحدث أنظمة رصد الزالزل اليوم خطوط إ‬ ‫أ‬ ‫يقدم نتائج مبدئية فورياً‪.‬‬ ‫والقمار الصناعية لالتصال بحاسوب مركزي ِّ‬ ‫ريخ� ن‬ ‫درج� ت‬ ‫ال� تبلغ قوتها نحو ت‬ ‫ت‬ ‫صغ�ة قد ال‬ ‫فأد� زالزل ي‬ ‫ّ‬ ‫تعد الزالزل ي‬ ‫يّ‬ ‫ت‬ ‫ال� تفوق قوتها ‪ 4.5‬درجة‪ ،‬فهذه يقع منها‬ ‫يشعر بها الناس‪ .‬أما الزالزل ي‬ ‫آ‬ ‫الالف سنوياً‪ .‬ووفقاً لمقياس ت‬ ‫ريخ�‪ ،‬فإن أي زلزال تزيد قوته عىل ‪ 8‬درجات‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫يعد كارثياً‪ .‬وال يفيد القياس ي� هذه الحاالت إال لغراض التأريخ والدراسة‪.‬‬ ‫ت‬ ‫وي�بع عىل عرش هذه الكوارث زلزال‬ ‫تشيل الذي وقع عام ‪1960‬م مسجال ً‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫‪ 9.5‬درجات وفقاً‬ ‫لريخ�؛ االسم المعياري لقياس اله ّزات الرضية‪.‬‬


‫ماذا لو؟‬

‫‪43 | 42‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫ماذا لو لم‬ ‫نتوقف عن‬ ‫النمو؟‬ ‫ُعمير طيبة‬

‫ف ي� بداية البحث عن جواب لهذا السؤل‪،‬‬ ‫وبالتال سيكون‬ ‫خيال‬ ‫ي‬ ‫قد نعتقد أن السؤال ي‬ ‫أك� مما هو واقعي‪ .‬لكننا بالبحث أك�ث‬ ‫الجواب نظرياً ث‬ ‫ث‬ ‫سنع� عىل حالة مرضية تعرف بـ «العملقة النخامية»‬ ‫تصيب فئة قليلة من الناس‪ .‬والعارض الرئيس لهذا‬ ‫المرض هو زيادة ف ي� إفراز هرمون النمو‪ ،‬وله حاالت‬ ‫مسجلة منذ بداية منذ العرص إالغريقي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫النسان خالل مراحل النمو بع�‬ ‫مبدئياً‪ ،‬يزيد طول إ‬ ‫تطور عدة أعضاء من ضمنها صفائح عىل أطراف‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫العظام تستمر بالنمو ح� سن معينة (الحادية‬ ‫والع�ين عند الرجال والثامنة ش‬ ‫ش‬ ‫ع� عند النساء‬ ‫عادة)‪ .‬حينها يكتمل نمو الصفائح هذه ويُستبدل بها‬ ‫ما يعرف بخط المشاشية‪.‬‬

‫النسان بهذا المرض ف ي� طفولته‬ ‫إذا أصيب إ‬ ‫ئ‬ ‫االستثنا� غالباً عىل طوله فقط‪،‬‬ ‫نموه‬ ‫فسيقترص‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ز‬ ‫س�يد من رسعة نمو الصفائح‪.‬‬ ‫لن هرمون النمو ي‬ ‫وقد يصل طول «المريض» حينها إىل ت‬ ‫الم�ين و‪74‬‬ ‫ت‬ ‫سنتيم�اً ف ي� أقىص الحاالت المسجلة‪ .‬وبما أن نمو‬ ‫هذه الصفائح يتوقف –عادة‪ -‬بعد سن معينة‪،‬‬ ‫فإن االستمرار ف ي� تضخم صفائح العظام بسبب‬ ‫العملقة النخامية سيؤدي اىل مواصلة هذه الصفائح‬ ‫ف� التمدد إنما عرضياً هذه المرة! وبالتال ي ز‬ ‫س�يد‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫سمك عظامه وسيظهر عىل أطرافها ثخن زائد يغ�‬ ‫متناسب مع طول الجسم‪.‬‬ ‫أصاب هذا المرض عدة شخصيات تاريخية معروفة‬ ‫أ‬ ‫مريك أبراهام لينكولن‪.‬‬ ‫ومنها الرئيس ال ي‬

‫من الناحية النظرية‪ ،‬ينمو الطفل خالل أول شهر‬ ‫ت‬ ‫سنتيم�‪ .‬أي ما يعادل ش‬ ‫ع�ة‬ ‫بعد الوالدة بمعدل ‪4.4‬‬ ‫اهق�‪.‬ن‬ ‫أضعاف معدل نمو المر ي‬ ‫ولو تخيلنا أن رسعة النمو ال ّ‬ ‫تقدم العمر‪،‬‬ ‫تقل مع ُّ‬ ‫ت‬ ‫النسان إىل ‪ 3.14‬م� عند سن‬ ‫فسيصل طول إ‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫الخامسة‪ ،‬و‪ 5.8‬م� عند سن العا�ة‪ .‬وبحسب‬ ‫قانون طبيعي معروف اسمه قانون المربع‪-‬مكعب‪،‬‬ ‫فإن نسبة زيادة الحجم تعادل مكعب نسبة زيادة‬ ‫الطول‪ .‬مما سيسبب عدم توازي سمك العظام‬ ‫النسان ستعجز عن تحمل‬ ‫مع طولها‪ ،‬أي إن عظام إ‬ ‫وزنه‪ .‬وسيصعب عىل قلبه ضخ كميات مناسبة من‬ ‫الدم لجميع أطراف الجسم‪ .‬حينها‪ ،‬سيتوقف النمو‬ ‫قرساً‪ ..‬إنما بسبب الموت المبكر!‬


‫فريق القافلة‬

‫في أعقاب مونديال البرازيل أزمة‬ ‫نفسية ووطنية اسمها‪:‬‬

‫ركالت الترجيح‬

‫حياتنا اليوم‬

‫تحتشد في مباريات كأس العالم لكرة القدم‬ ‫هنيهات من الحماسة والفرح والترقب‬ ‫ّ‬ ‫والتوتر واالنفراج‪ ،‬وكل‬ ‫والخيبة واألمل‬ ‫أنواع المشاعر التي يمكن تخيلها‪ .‬لكن‬ ‫لحظات الذروة في التوتر تختص بالثواني‬ ‫والدقائق التي َّ‬ ‫تنفذ فيها ركالت الترجيح‬ ‫عند تعادل الفريقين‪ .‬فما هو سر هذا‬ ‫الرعب والتوتر الشديد؟ ولماذا تختلف هذه‬ ‫الثواني والدقائق المعدودة‪ ،‬عن ‪ 120‬دقيقة‬ ‫يخوض فيها الفريقان أشد تنافس لتسجيل‬ ‫األهداف؟‬

‫‪Achim Scheidemann/dpa/Corbis‬‬


‫‪45 | 44‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫صعوبة الركالت‬

‫الولى كانت الهزيمة التي أنزلها أ‬ ‫في الدرجة أ‬ ‫اللمان‬ ‫بالبرازيل ‪ ،1-7‬في الثامن من يوليو الماضي‪ ،‬هي‬ ‫الحدث أ‬ ‫البرز في مونديال ‪ 2014‬الذي سيطر على‬ ‫فكر المليارات من المتفرجين في العالم‪ .‬لكن‬ ‫الجماهير التي أذهلتها هذه «المجزرة»‪ ،‬لم تفُتها‪،‬‬ ‫في اليوم التالي الموقعة التي خسرتها هولندا أمام‬ ‫أ‬ ‫الرجنتين في المباراة نصف النهائية‪ ،‬بركالت الترجيح‬ ‫‪ ،2-4‬بعد مباراة تكافأ فيها مستوى الفريقين‪ ،‬من غير‬ ‫يسجال أي هدف‪.‬‬ ‫أن ّ‬

‫وقد أدهش لويس فان غال‪ ،‬مدير الفريق الهولندي‬ ‫الفني القراء في صحف صبيحة اليوم الثالث‪ ،‬حين‬ ‫كشف أن اثنين من العبي الفريق رفضا أن يتقدما‬ ‫لتسديد ركلة الترجيح أ‬ ‫الولى‪ .‬وقد شرح فان غال‪،‬‬ ‫ببساطة‪ ،‬شيئاً من أسباب هذا الرفض‪ ،‬حين قال‪« :‬إن‬ ‫الركلة أ‬ ‫الولى دائماً ما تكون صعبة‪ ،‬والخسارة بركالت‬ ‫الترجيح هي أسوأ سيناريو كنت أتوقعه‪ .‬على‬ ‫أ‬ ‫القل كنا متساوين معهم في المباراة‪ ،‬إن لم‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫مخيب للمال»‪.‬‬ ‫نكن الفضل‪ ،‬إنه أمر ّ‬

‫لكن‪ ،‬فلننظر في أمر هذين الالعبين اللذين رفضا‬ ‫تسديد الركلة أ‬ ‫الولى لهولندا‪ .‬لماذا يرضى الالعب‬ ‫أن يلعب مباراة كاملة في أ‬ ‫الدوار الحساسة النصف‬ ‫ويتحمل‬ ‫النهائي‪ ،‬أو النهائي‪ ،‬في بطولة العالم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تحمل‬ ‫مسؤولية اللعب ‪ 120‬دقيقة‪ ،‬ثم يرفض ّ‬ ‫مسؤولية تسديد الركلة الترجيحية أ‬ ‫الولى‪ ،‬فيما يقل‬ ‫ثوان معدودة؟‬ ‫عن ٍ‬

‫عندما يخ ِّيم الصمت‬ ‫ح� عىل ت‬ ‫ت‬ ‫توي�‬

‫مسؤولية فردية في لعبة جماعية‬

‫السبب بسيط‪ ،‬فقد قيل كثير في أن لعبة كرة‬ ‫القدم‪ ،‬لعبة جماعية‪ ،‬ينبغي فيها لالعبين أن يفكروا‬ ‫أ‬ ‫نانية وحب الظهور بمظهر البطل‬ ‫تفكيراً بعيداً عن ال ّ‬ ‫أ‬ ‫سيما في تصريحات‬ ‫الوحد‪ .‬وقيل كذلك كثير‪ ،‬ال ّ‬ ‫الالّعبين أنفسهم‪ ،‬إن الربح والخسارة مسألة‬ ‫يتحمل العب وحده مسؤولية الخسارة‪،‬‬ ‫جماعية‪ ،‬فال ّ‬ ‫ً‬ ‫مثلما أنه ال يحظى منفردا بشرف الربح‪ .‬بل إن دائرة‬ ‫تتوسع دوماً‬ ‫مسؤولية الخسارة وشرف االنتصار‪ّ ،‬‬ ‫المدرب وفريق عمله‪ .‬ولذا يستقيل المدير‬ ‫لتشمل‬ ‫ّ‬ ‫الفني بعد كل خسارة مذلّة‪ ،‬أو يقطف هذا المدير‬ ‫السخية‪ ،‬حين يسجل‬ ‫الفني أكاليل الغار‪ ،‬والعقود‬ ‫ّ‬ ‫فريقه انتصاراً مدوياً‪.‬‬

‫ف‬ ‫ت‬ ‫تسدد فيها ركالت‬ ‫ال� َّ‬ ‫ي� أثناء المرحلة الحرجة ي‬ ‫ت‬ ‫يخيم صمت رهيب عىل العالم كلّه‪:‬‬ ‫فال�جيح‪ّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫و� المنازل حيث تجتمع الرس‬ ‫� الملعب‪ ،‬أوالً‪،‬‬ ‫يللمشاهدة جماعة‪ ،‬ي ف‬ ‫العامة ت‬ ‫ال�‬ ‫المقاهي‬ ‫و�‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يخيم كذلك‬ ‫تعرض المباريات‪ ،‬ولكن ّ‬ ‫الصمت ّ‬ ‫عىل ت‬ ‫"توي�" ف ي� الشبكة العنكبوتية‪.‬‬ ‫فقد ذكرت ش�كة ت‬ ‫«توي�» أن التغريدات عىل‬ ‫ن‬ ‫ح� االستعداد لتسديد‬ ‫موقعها تكاد تنعدم‪ ،‬ي‬ ‫ركالت ت‬ ‫ال�جيح‪ ،‬انعداماً تاماً‪ .‬والحظت ش‬ ‫ال�كة‬ ‫ت‬ ‫ال� تسبق التسديد‪ ،‬تشهد انخفاضاً‬ ‫أن‬ ‫الدقائق ي‬ ‫شديداً ف ي� نسبة التغريدات‪ ،‬ثم يكون صمت تام‬ ‫عند انطالق صفارة الحكم للتسديد‪ ،‬لكن بعد‬ ‫التسديد يعود التغريد كثيفاً للغاية‪.‬‬ ‫وقال مدير علوم البيانات لدى ت‬ ‫«توي�» ميغيل‬ ‫ت‬ ‫ريوس‪« :‬إن ما يحدث عىل موقع توي�‪ ،‬هو‬ ‫نفسه الذي يحدث ف ي� العالم الحقيقي‪ ،‬عىل‬ ‫أرض الملعب‪ ،‬فالزمن الذي يسبق تسديد الكرة‬ ‫ن‬ ‫ثوا� صمت وترقب حرج ومتوتر‪ ،‬للجمهور‬ ‫يكون ي‬ ‫الذي تصيبه حالة توتر شديد‪ ،‬لكنه رسعان ما‬ ‫ينفجر فرحاً أو حزناً‪ ،‬تبعاً لنتيجة التسديد»‪.‬‬

‫‪Marcos Mesa Sam Wordley / Shutterstock.com‬‬

‫فإذا كانت ركلة الترجيح أ‬ ‫الولى صعبة كما قال‬ ‫فان غال‪ ،‬فالحقيقة أن كل ركالت الترجيح صعبة‬ ‫أ‬ ‫سيئ في كل‬ ‫نفسياً‪ ،‬ال الولى فقط‪ .‬وهذا السيناريو أ ّ‬ ‫حال‪ ،‬ما دام يتيح أحياناً كثيرة للفريق الضعف أن‬ ‫يكسب المباراة‪« ،‬من غير وجه حق» كما قد يرى‬ ‫الكثير‪.‬‬

‫‪Jefferson Bernardes / Shutterstock.com‬‬

‫يضع الالعب الكرة بهدوء‪ ،‬على‬ ‫نقطة التسديد‪ ،‬التي ال تبعد‬ ‫سوى بضعة أمتار قبالة مرمى‬ ‫فسيح يقف في وسطه حارس‬ ‫المرمى الخصم‪ .‬ويكتم الجميع‬ ‫أنفاسهم‪ ،‬العبو الفريقين في الملعب والمتفرجون‬ ‫المدرجات‪ ،‬والمشاهدون أمام شاشات التلفزة‬ ‫في‬ ‫ّ‬ ‫في العالم‪ ،‬ويسألون وهم يرون كم هي المسافة‬ ‫قريبة‪ ،‬وكم يبدو الحارس محدود القدرة على‬ ‫صد الكرة عن أمتار عن يمينه‪ ،‬وأمتار أخرى عن‬ ‫يساره‪ :‬هل يمكن الخفاق في التسجيل؟ يبدو أ‬ ‫المر‬ ‫إ‬ ‫مستحيالً! التسجيل سهل كما نظن‪ .‬ومع ذلك يُخفق‬ ‫أعظم أبطال كرة القدم في تسجيل ركالت الترجيح‪.‬‬ ‫لماذا؟‬

‫وتقول ش‬ ‫ال�كة إنها تدرس سلوك الجمهور ف ي�‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� تسجل أعىل كثافة‪ ،‬ي� أثناء هذا‬ ‫تغريداته‪ ،‬ي‬ ‫ض‬ ‫الكب�‪ .‬ويستخدم ي ن‬ ‫مالي� ش‬ ‫الريا�‬ ‫الحدث‬ ‫الب�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫العالم‪ ،‬مواقع التواصل االجتماعي‪� ،‬ف‬ ‫ف ي� أنحاء‬ ‫ي‬ ‫أثناء أ‬ ‫الحداث الرياضية‪ ،‬للدردشة أو التعقيب‬ ‫أ‬ ‫للتعب� عن‬ ‫المث�ة للجدل‪ ،‬أو‬ ‫ي‬ ‫عىل الحداث ي‬ ‫فرحهم أو حزنهم‪ ،‬لهذا االنتصار أو تلك‬ ‫الخسارة‪.‬‬


‫أين سيسدد؟‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫صد ركلة الجزاء من أصعب المهام ي‬ ‫يواجهها حارس المرمى‪ ،‬فنظراً إىل المسافة‬ ‫ي ت‬ ‫مسدد الكرة عن المرمى‪،‬‬ ‫ال� تفصل ّ‬ ‫القص�ة ي‬ ‫فالوقت ال يكاد يتسع لرد فعل سليم‪ .‬لذلك‬ ‫يعمد حراس المرمى‪ ،‬اتكاال ً عىل الحظ‪ ،‬إىل‬ ‫تسدد الكرة‪ .‬وعليهم أن‬ ‫التحرك قبل أن َّ‬ ‫ستسدد‪ .‬ويقرر‬ ‫أين‬ ‫إىل‬ ‫أمكنهم‪،‬‬ ‫يتوقّعوا ما‬ ‫َّ‬ ‫ث‬ ‫بعض حراس االمرمى‪ ،‬وهم ك�‪ ،‬أن يرموا‬ ‫بأنفسهم ف ي� اتجاه اختاروه قبل الركلة بأجزاء‬ ‫من الثانية‪ ،‬لعلهم يحظون بالتوفيق ف ي� الوقت‬ ‫المناسب‪ .‬ويحاول آخرون أن يستنتجوا من‬ ‫ف‬ ‫و� المقابل كان‬ ‫حركة الخصم اتجاه ركلته‪ .‬ي‬ ‫مسددو الكرة يخادعون الحراس‪ ،‬فيتجهون‬ ‫ّ‬ ‫صوب الكرة ثم يتوقفون‪ ،‬ريثما يرون ف ي�‬ ‫أي اتجاه رمى الحارس بجسمه‪ ،‬ليسددوا ف ي�‬ ‫االتجاه آ‬ ‫الخر‪ .‬لكن هذا النوع من الخداع صار‬ ‫محظوراً‪.‬‬ ‫إحصائياً‪ ،‬أفضل الفرص تحظى بها الركالت‬ ‫ف ي� الوسط‪ ،‬ألنه المكان الذي أخاله الحارس‬ ‫بقفزته إىل ي ن‬ ‫اليم� أو اليسار‪ .‬لكن خطر هذه‬ ‫ف‬ ‫التسديدة‪ ،‬أنها ي� أحيان تطيح فوق العارضة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� ي ن‬ ‫ب� صفارة الحكم والركلة‪،‬‬ ‫ي� أجزاء الثانية ي‬ ‫ت‬ ‫تحرك‬ ‫يحاول الحراس أن ي�جموا أسلوب ّ‬ ‫الخصم‪ ،‬للتكهن بوجهة ركلته‪ .‬فإذا تكهنوا‬ ‫ف‬ ‫كب�‪.‬‬ ‫تكهناً صحيحاً‪ ،‬فحظهم ي� صد الكرة ي‬ ‫الشه�ة ف ي� هذا الشأن أن‬ ‫ومن الحوادث‬ ‫ي‬ ‫هلموت دوكادام‪ ،‬حارس مرمى ستيوا‬ ‫بوخارست‪ ،‬صد رقماً قياسياً هو ‪ 4‬ركالت‪ ،‬ف ي�‬ ‫ئ‬ ‫لالع� فريق‬ ‫ي‬ ‫نها� كأس أوروبا سنة ‪ ،1986‬ب ي‬ ‫اليم�‪،‬ن‬ ‫برشلونة‪ .‬إذ رمى نفسه ‪ 3‬مرات إىل ي‬ ‫ومرة إىل اليسار‪ ،‬فصد الكرة ف ي� جميعها‪،‬‬ ‫وضمن لفريقه الفوز‪.‬‬

‫تحمل‬ ‫تبين ضرورة ّ‬ ‫ومن أوضح النماذج التي ّ‬ ‫المسؤولية كفريق‪ ،‬حين يكون العبان من الفريق‬ ‫همة تسجيل هدف‪ ،‬فيجد الالعب الذي‬ ‫نفسه على ّ‬ ‫يحوز الكرة أن رفيقه في وضع أفضل للتسجيل‪.‬‬ ‫عندها يتقرر ما إذا كان أنانياً‪ ،‬أو صاحب تفكير‬ ‫جماعي في اللعب‪ ،‬إذا أصر أن يحاول بنفسه‬ ‫التسجيل‪ ،‬رغم ضعف فرصته‪ ،‬أو تنازل عن الكرة‬ ‫لزميله الذي يحظى بفرصة أفضل‪.‬‬ ‫هذا صحيح! المسؤولية جماعية في متن المباراة‪،‬‬ ‫لكنه ال يعود صحيحاً في ركالت الترجيح‪ .‬وهنا‬ ‫يكمن سبب رعب الالعبين‪ .‬ففي هذه الركالت‪ ،‬ال‬ ‫يعود الالعبون جميعاً في المواجهة‪ .‬وال يعود ثمة‬ ‫مسدد الكرة‬ ‫تعاون ممكن‪ ،‬بل تصبح المواجهة بين ّ‬ ‫وحارس المرمى وحدهما‪ .‬وإذا كانت مسؤولية الركالت‬ ‫الخمس تقع على خمسة العبين بالمداورة‪ ،‬فإن‬ ‫«مسؤولية» حارس المرمى مضاعفة بخمسة‪ ،‬ألنه‬ ‫يقف منفرداً في مواجهة العبي الخصم الخمسة‪،‬‬ ‫واحداً بعد آ‬ ‫الخر‪.‬‬ ‫في هذه اللحظات العصيبة قبل التسديد‪ ،‬ماذا‬ ‫يمكن أن يدور في رأس حارس المرمى والالعب‬ ‫الخصم المتقدم للتسديد؟ ال شك في أن أهم ما‬ ‫يفكران به‪ ،‬هو‪ :‬إلى أي وجهة س ُت َس َّدد الكرة‪ ،‬إلى‬

‫يمين الحارس أم يساره‪ ،‬أم إلى الوسط‪ .‬ولعل‬ ‫الحارس يُمعن النظر في الالعب الخصم وهو‬ ‫يتقدم نحو الكرة‪ ،‬ليستكشف من حركته‪ ،‬نيته في‬ ‫ّ‬ ‫توجيه ركلته‪ :‬أإلى اليسار أم اليمين‪ .‬وبناء على ذلك‬ ‫يقفز الحارس محاوال ً صد الكرة‪ .‬لكنه في كثير من‬ ‫الحاالت يقفز في االتجاه المخالف لمسار الكرة‪.‬‬ ‫فلقد أثبتت دراسات‪ ،‬أن كال الالعبين المتواجهين‪،‬‬ ‫سره بالطبع‪،‬‬ ‫الحارس وخصمه‪ ،‬يقرران سلفاً‪ ،‬كل في ّ‬ ‫تغير حركة‬ ‫الوجهة المنشودة أو المتوقعة‪ ،‬وال ّ‬ ‫الالعب المتقدم نحو الكرة‪ ،‬قرار حارس المرمى‪ ،‬وال‬ ‫الالعب يتسع له الوقت لتغيير وجهة ركلته‪ ،‬وفقاً‬ ‫لقفزة الحارس‪ .‬المسألة في معظم الحاالت مسألة‬ ‫حظ إذن‪ .‬ونسبة البراعة فيها ال تضمن النجاح في‬ ‫التسديد‪ .‬لذلك يشعر كثير من الناس أن الفوز‬ ‫بركالت الترجيح‪ ،‬غير عادل‪ ،‬أو أقل عدال ً من الفوز‬ ‫في دقائق المباراة نفسها‪.‬‬ ‫غير أن االضطرار إلى حسم النتيجة هو الذي كان‬ ‫وراء فكرة اعتماد ركالت الترجيح‪.‬‬

‫قبل ركالت الترجيح‬

‫كيف كان يتقرر َم ْن هو الفريق الرابح‪ ،‬حين يتعادل‬ ‫الفريقان‪ ،‬قبل اعتماد التمديد نصف ساعة‪ ،‬ثم قبل‬ ‫اعتماد أسلوب الركالت؟‬

‫‪Mooinblack / Shutterstock.com‬‬


‫‪47 | 46‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫كان ال بد من إعادة المباراة‪ ،‬أو قذف العملة‬ ‫المعدنية‪ ،‬أو سحب القرعة‪ ،‬إذا تعادل الفريقان‪.‬‬ ‫ولكن نظام الركالت اع ُتمد بصيغ مختلفة‪ ،‬في عديد‬ ‫من الدورات الرياضية المحلية في الماضي‪ ،‬مثل‬ ‫كأس يوغوسالفيا سنة ‪1952‬م‪ ،‬كذلك في كأس إيطاليا‬ ‫في موسم ‪1959-1958‬م‪ ،‬وكأس الشبيبة السويسرية‬ ‫في موسم ‪1960-1959‬م‪ ،‬ثم أخذت تنتشر الفكرة‬ ‫عتمد حتى في بعض الدورات الدولية‪ .‬ولكن ّ‬ ‫ظل‬ ‫وتُ َ‬ ‫ً‬ ‫خيار إعادة المباراة عند التعادل معتمدا في كثير من‬ ‫الحاالت‪.‬‬ ‫ولكن في الدورات الكبرى والدولية‪ ،‬كانت إعادة‬ ‫المباراة أمراً متعذراً‪ ،‬ألن في الدورة مواعيد معينة‬ ‫سلفاً للمباريات‪ ،‬ولم يكن ممكناً تأجيل كل الجدول‬ ‫الزمني‪ ،‬بسبب مباراة انتهت بالتعادل‪ ،‬فكانوا يلجأون‬ ‫إلى قذف النقود‪ ،‬أو سحب القرعة‪ .‬ففي دورة‬ ‫بطولة أوروبا لكرة القدم التي نُظّمت سنة ‪1968‬م‪،‬‬ ‫فازت إيطاليا في المباراة نصف النهائية على االتحاد‬ ‫السوفياتي بسحب القرعة‪ ،‬بعد تعادلهما‪.‬‬

‫كيف اع ُتمدت ركالت الترجيح؟‬

‫في أغسطس سنة ‪1969‬م‪ ،‬نشرت مجلة الفيفا‪،‬‬ ‫االتحاد الدولي لكرة القدم‪ ،‬رسالة تقترح صيغة‬ ‫لركالت الترجيح‪ ،‬بدل سحب القرعة‪ .‬وأخذ كو إيوي‬ ‫تيك‪ ،‬العضو الماليزي في لجنة الحكّام‪ ،‬يقود الجهود‬ ‫للموافقة على االقتراح‪ .‬وقد نوقش أ‬ ‫المر في ‪ 20‬فبراير‬ ‫‪1970‬م‪ ،‬في إطار لجنة عمل شكّلها مجلس جمعية‬ ‫كرة القدم الدولية (‪ ،)IFAB‬واقترحت اللجنة قبول‬ ‫قرت الفكرة في االجتماع السنوي العام‪،‬‬ ‫الفكرة‪ .‬وأُ ّ‬ ‫الذي عقده المجلس‪ ،‬في ‪ 27‬يونيو ‪1970‬م‪ .‬هذه‬ ‫النباء أ‬ ‫هي القصة الرسمية‪ ،‬لكن وكالة أ‬ ‫اللمانية (‪)DPA‬‬ ‫تلقت في ‪2006‬م‪ ،‬اعتراضاً من الحكم السابق كارل‬ ‫فالد‪ ،‬يقول فيه إنه هو الذي كان اقترح ذلك أوال ً سنة‬ ‫‪1970‬م‪ ،‬على جمعية كرة القدم البافارية‪.‬‬

‫ركلة بالتيني‬

‫كان أول الالعبين الذين فشلوا في تسديد ركلة ترجيح‬ ‫في تاريخ كرة القدم الرسمي‪ ،‬هو دنيس لو‪ ،‬في مباراة‬ ‫جرت في عام ‪1970‬م‪ ،‬بين هل سيتي ومانشستر‬ ‫يونايتد‪ ،‬في مباريات كأس االتحاد إالنجليزي‪.‬‬

‫يومئذ نجم فرنسا وأوروبا بال منازع في‬ ‫كان بالتيني ٍ‬ ‫كرة القدم‪ .‬لكنه في المباراة تلك‪ ،‬التي كانت مع‬ ‫البرازيل‪ ،‬في الدور النصف النهائي لبطولة العالم‪،‬‬

‫التوتر في التسديد‬

‫آ‬ ‫تسوغ‬ ‫والالم التي كان يعانيها بالتيني في الواقع‪ ،‬ال ّ‬ ‫فشله في التسديد‪ ،‬فكم من نجم فشل وهو في‬ ‫أحسن حال‪ .‬بل إن الحدس العام لدى الجمهور‪،‬‬ ‫بعد عدد من حوادث الفشل هذه‪ ،‬استبطن نوعاً من‬ ‫الحساس بأن النجوم البارزين في اللعبة هم أكثر‬ ‫إ‬ ‫الالعبين إضاعة لركالت الترجيح‪ .‬والسبب هو أن‬ ‫والعالم والحديث عن عبقرية هذا النجم‬ ‫الدعاية إ‬ ‫أو ذاك‪ ،‬واالعتماد عليه في فوز فريق بالده‪ ،‬كل‬ ‫هذا يضع فعال ً عبئاً إضافياً على كاهل الالعب‪ ،‬حتى‬ ‫إذا حانت لحظة الحسم‪ ،‬وتوقفت دقّات الساعة‬ ‫ونبضات القلوب بين النجاح والفشل‪ ،‬استبد به‬ ‫الرعب وتوترت أعصابه على أشد ما يكون‪.‬‬ ‫لكن هذا ليس قانوناً قاطعاً بالتأكيد‪ .‬فثمة حراس‬ ‫مرمى (والحارس أشد توتراً وحمال ً للمسؤولية كما‬ ‫بصد تسديدات‬ ‫يُفترض) كانوا سبباً لربح فريقهم‪ ،‬ال ّ‬ ‫الخصم فقط‪ ،‬بل بالتسديد الناجح أيضاً‪ .‬ففي سنة‬ ‫‪2004‬م‪ ،‬في المباراة الربع النهائية لكأس االتحاد‬ ‫أ‬ ‫الوروبي‪ ،‬صد حارس مرمى البرتغال ريكاردو‬ ‫النجليزي داريوس فاسيل‪ ،‬ثم‬ ‫ركلة الالعب إ‬ ‫النجليزي‪.‬‬ ‫سدد الركلة الحاسمة في المرمى إ‬ ‫وفي بطولة «كوبا ليبرتادوريس» دورة‬ ‫الندية أ‬ ‫أ‬ ‫المريكية الالتينية السنوية سنة‬ ‫‪1994‬م‪ ،‬فعل الشيء نفسه حارس‬ ‫المرمى خوسيه لويس شيالفرت‪،‬‬ ‫الذي اش ُتهر بأنه حارس المرمى الذي‬ ‫يسجل أ‬ ‫الهداف أيضاً‪ ،‬إذ إن في‬ ‫سجلها في مرمى‬ ‫سجله ‪ 41‬هدفاً ّ‬ ‫الخصوم‪.‬‬

‫تقليد وطني!‬

‫يرى المتخصصون في الصحافة‬ ‫الرياضية أن تسجيل أ‬ ‫الهداف‬ ‫بركالت الترجيح‪ ،‬ليس من صفات‬ ‫أهم الالعبين‪ .‬بل إن غير يورديت‪،‬‬ ‫من كلية الدراسات الرياضية في‬ ‫النروج‪ ،‬يرى أن النجوم من الالعبين‬

‫إحصاءات‬ ‫ف� ركالت الجزاء‪ ،‬ف� ت ن‬ ‫م� المباراة‪ ،‬لو صد‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الحارس الكرة لكنها أفلتت من يديه‪ ،‬يمكن‬ ‫ف‬ ‫و�‬ ‫لالع� الخصم أن يعاودوا‬ ‫تسديد الكرة‪ .‬ي‬ ‫بي‬ ‫معظم الحاالت يكون الحارس ف ي� وضع ال‬ ‫يسمح له بصدها‪ ،‬مرة ثانية‪ .‬ولذا يشيع اعتقاد‬ ‫أن ركلة الجزاء هي نز‬ ‫بم�لة هدف مؤكد‪.‬‬ ‫كث�اً صد ركالت الجزاء‪ .‬أما ف ي�‬ ‫ذلك أنه يصعب ي‬ ‫ركالت ت‬ ‫ال�جيح‪ ،‬بعد التعادل‪ ،‬فال يُسمح لالعب‬ ‫ف‬ ‫الخفاق ي� التسجيل‬ ‫إال بركلة أوىل‪ .‬ولذا فإن إ‬ ‫ث‬ ‫أك� حدوثاً منه ف� ركالت الجزاء ف� ت ن‬ ‫م� المباراة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ال ي ز‬ ‫نجل�ية لكرة‬ ‫يمي� ليغ» إ‬ ‫«ال� ي‬ ‫ي� موسم ب‬ ‫القدم‪2006-2005 ،‬م‪ ،‬أمكن تسجيل ‪ 57‬هدفاً‬ ‫من ركالت الجزاء‪ ،‬أي إن ‪ %30‬من الركالت‬ ‫الخفاق‪.‬‬ ‫تقريباً كان نصيبها إ‬ ‫ن‬ ‫ألما� ف ي�‬ ‫وقد تخصص أستاذ جامعي في‬ ‫دراسة إحصاءات ركالت الجزاء‪ ،‬ي� مباريات‬ ‫«البوندسليغا»‪ ،‬طوال ‪ 16‬سنة‪ .‬فوجد أن ‪%76‬‬ ‫من ركالت الجزاء ُس ِجلت‪ ،‬خالل هذه السنوات‪،‬‬ ‫ال� وجهت إىل أ‬ ‫العىل ف ي�‬ ‫وأن ‪ %99‬من الركالت ت ي ُ ِّ‬ ‫وسط المرمى‪ُ ،‬س ِّجلت‪.‬‬ ‫ف‬ ‫الشه� روبرتو باجيو‪،‬‬ ‫يطال‬ ‫ي� تاريخ الالعب إ‬ ‫ي‬ ‫ال ي‬ ‫ف‬ ‫حدث مر ي ن‬ ‫ت� أن سدد الكرة ي� أعىل وسط‬ ‫المرمى‪ ،‬فاصطدمت الكرة بالعارضة‬ ‫من أسفلها‪ ،‬ونزلت إىل خط المرمى‪،‬‬ ‫قبل أن تدخله‪.‬‬

‫‪Jean-Yves Ruszniewski/TempSport/Corbis‬‬

‫على أن أشهر حادثة إخفاق في تسديد ركلة ترجيح‪،‬‬ ‫حدثت في بطولة العالم لكرة القدم‪ ،‬في المكسيك‬ ‫سنة ‪1986‬م‪ .‬لم يكن الالعب المخفق عادياً‪ ،‬فهو‬ ‫اليوم رئيس ‪ ،UEFA‬اتحاد كرة القدم أ‬ ‫الوروبي‪:‬‬ ‫ميشال بالتيني‪.‬‬

‫لم يكن في أحسن أحواله‪ .‬ذلك أنه كان يشكو من‬ ‫سجل‬ ‫آالم‪ ،‬ونزل إلى الميدان بفضل إبرة مسكّن‪ّ .‬‬ ‫بالتيني هدف التعادل لفرنسا‪ ،‬بعدما كان كاريكا قد‬ ‫سجل هدف السبق للبرازيل‪ .‬وهكذا انتهت المباراة‬ ‫ّ‬ ‫وتمديدها‪ ،‬بالتعادل بين الفريقين‪ .‬فذهبا إلى ركالت‬ ‫الترجيح‪ ،‬فحبس الجمهور والمتفرجون في العالم‬ ‫عندئذ أنفاسهم‪ ،‬حين تقدم بالتيني ليسدد‪ ،‬وإذا‬ ‫ٍ‬ ‫به يطيح الكرة فوق المرمى‪ .‬غير أن فرنسا عادت‬ ‫يتصور‬ ‫وكسبت في الركالت ‪ .3-4‬وال يسع المرء إال أن‬ ‫ّ‬ ‫ما كان ليحدث له‪ ،‬لو أنه كان السبب في خسارة‬ ‫بالده في يوم عيده‪.‬‬


‫ركالت ترجيح ف ي� أرقام‬ ‫ف ئ‬ ‫نها� كأس العالم سنة ‪1994‬م‪ ،‬ف ي� باسادينا‪،‬‬ ‫ي� ي‬ ‫ال�ازيل وإيطاليا‪ ،‬بال أهداف‬ ‫كاليفورنيا‪ ،‬تعادلت ب‬ ‫ف� المباراة والوقت ال ف‬ ‫ال�ازيل‬ ‫كسبت‬ ‫ثم‬ ‫‪،‬‬ ‫ضا�‬ ‫ب‬ ‫إ ي‬ ‫ي‬ ‫بركالت ت‬ ‫ال�جيح ‪ ،2-3‬وفازت بكأس العالم‪.‬‬

‫‪AGIF / Shutterstock.com‬‬ ‫‪Jefferson Bernardes / Shutterstock.com‬‬

‫هم أميل إلى الفشل في هذا من الالعبين العاديين‪.‬‬ ‫فاللعبة هذه لعبة أعصاب‪ ،‬ال سيما في الثواني التي‬ ‫يستغرقها خروج الالعب من مكان تجمع فريقه‪،‬‬ ‫وسيره هنيهات عصيبة باتجاه المرمى‪ ،‬ثم وضعه‬ ‫الكرة وتبادل النظرات مع حارس مرمى الخصم‬ ‫وانتظار صفارة الحكم‪ .‬أ‬ ‫المور تبدو بسيطة‪ ،‬لكن‬ ‫المسألة أشبه بـ «االحتضار»‪ .‬لذا فالركالت ليست‬ ‫اختباراً في القوة الرياضية‪ ،‬بقدر ما هي اختبار لقوة‬ ‫أ‬ ‫العصاب‪ .‬فإذا كان المتفرج الجالس في مقعده‪،‬‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫ربما على الطرف الخر من الكرة الرضية‪ ،‬يقترب من‬ ‫االنهيار لشدة توتره في انتظار الركلة‪ ،‬فكيف الحال‬ ‫عند الالعب نفسه؟‬ ‫وليس تسجيل ركالت الترجيح من صفات الفرق‬ ‫القوية حتى‪ .‬فمن الالفت أن بعض الدول أكثر‬ ‫مثابرة على الخسارة في ركالت الترجيح من غيرها‪.‬‬ ‫فالنجليز‪ ،‬الذين ربحوا كأس العالم‪ ،‬في مواجهة‬ ‫إ‬ ‫ألمانيا‪ ،‬سنة ‪1966‬م‪ ،‬هم أسوأ الفرق سجال ً في‬ ‫ركالت الترجيح‪ .‬فقد خسروا ست مرات‪ ،‬من أصل‬

‫سبع مرات كان عليهم أن يسددوا ركالت الترجيح‬ ‫في بطولة العالم‪ ،‬أو البطولة أ‬ ‫الوروبية‪ .‬يليهم‬ ‫الهولنديون الذين خسروا أربع مرات من خمس‪ .‬أما‬ ‫اللمان فقد ربحوا جميع المرات أ‬ ‫أ‬ ‫الربع‪ ،‬حتى إن‬ ‫نقاداً رياضيين محترمين في إنجلترا يرون أن أ‬ ‫اللمان‬ ‫هزمون في ركالت الترجيح‪ .‬ويحل التشيكيون في‬ ‫ال يُ َ‬ ‫المرتبة أ‬ ‫الولى‪ ،‬إذ إنهم لم يفشلوا في أي تسديدة‬ ‫في ركالت الترجيح في تاريخ لعبهم الدولي‪.‬‬

‫أ‬ ‫السباب‬

‫تقول إحدى النظريات في تفسير ذلك‪ ،‬إن الهزيمة‬ ‫وتتسرب‬ ‫حين تحدث مرة تدخل في الالوعي الوطني‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫حتى إلى الالعبين‪ .‬فيخسرون‪ ،‬إذا كان فريقهم قد‬ ‫خسر في السابق‪ .‬ويصبحون «قدريين» في هذا‬ ‫الشأن‪ ،‬وقد يُهملون االستعداد الجيد للركالت‪.‬‬ ‫وثمة تفسير آخر‪ ،‬مفاده ما قاله جون بيلزبيري في‬ ‫جامعة ديكين أ‬ ‫السترالية‪ ،‬إذ يرى أن «البالد التي يعم‬ ‫الحساس الجماعي بالطبيعة تميل إلى أن تكون‬ ‫فيها إ‬

‫ف� ئ‬ ‫نها� كأس العالم سنة ‪2006‬م‪ ،‬تعادلت‬ ‫ي‬ ‫يإيطاليا وفرنسا ف� المباراة والوقت ال ف‬ ‫ضا� ‪،1-1‬‬ ‫إ ي‬ ‫ي‬ ‫ثم فازت إيطاليا بركالت ت‬ ‫ال�جيح ‪ 3-5‬وفازت‬ ‫بكأس العالم‪.‬‬ ‫أصحاب الرقم القياس ف� فشل ركالت ت‬ ‫ال�جيح‬ ‫ي ي‬ ‫ال�ازيليون‪ ،‬الذين فشلوا ف ي� التسديد ‪4‬‬ ‫هم ب‬ ‫مرات متتالية‪ ،‬ف� كوبا أم�كا‪ ،‬ف� أ‬ ‫ال ي ن‬ ‫رجنت�‪20 ،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يوليو ‪2011‬م‪ ،‬فربحت الباراغوي ‪ ،0-2‬وتأهلت‬ ‫للمباراة النصف النهائية‪.‬‬ ‫الرقم القياس ف� عدد الركالت ت‬ ‫ح� الحسم‪،‬‬ ‫ي ي‬ ‫ف ي� مباراة واحدة‪ ،‬هو ‪ 30‬ركلة احتاج إليها فريقا‬ ‫ال ي ز‬ ‫نجل�يان‪ ،‬ف ي� كأس‬ ‫بروكنه�ست وأندوفر تاون إ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫هامش� سينيور ف ي� ‪ 9‬أكتوبر ‪2013‬م‪ ،‬ح� ربح‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الول ‪.14-15‬‬ ‫أفضل في ركالت الترجيح‪ ،‬من البالد التي تنتشر فيها‬ ‫الذهنية الفردية»‪.‬‬ ‫الحصاءات إلى أن الالعبين أميل إلى‬ ‫وتشير إ‬ ‫يسددون ركلة يمكن‬ ‫إ‬ ‫الخفاق في تسديدهم‪ ،‬حين ّ‬ ‫تنجيهم من خسارة المباراة (بتحقيق التعادل)‬ ‫أن ّ‬ ‫من تسديدهم ركالت تضمن لهم االنتصار‪ .‬ولذا‬ ‫فإن الفريق الذي يبدأ بالركلة أ‬ ‫الولى‪ ،‬أكبر حظاً في‬ ‫الربح من الفريق آ‬ ‫الخر‪ ،‬الذي يكون عليه أن يعادل‪،‬‬ ‫أ‬ ‫يسجل في‬ ‫سجل‪ ،‬وهو ّ‬ ‫حين يكون الفريق الول قد ّ‬ ‫معظم الحاالت‪.‬‬ ‫سر سحر كرة‬ ‫فإذا كان بعد هذا ّثمة من يسأل عن ّ‬ ‫القدم‪ ،‬فالجواب هو أنها ليست رياضة وحسب‪ ،‬بل‬ ‫مهرجان نفساني وموسم عصبي واحتفال وطني على‬ ‫أعلى مستوى‪ ،‬وفي كثير من أ‬ ‫الحيان‪ ،‬عيد جماعي‬ ‫تزول فيه الحدود بين مختلف مستويات البشر‬ ‫ومشاربهم‪ .‬إنها الكرة أ‬ ‫الرضية في االحتفال‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪49 | 48‬‬

‫حياتنا اليوم‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫البهجة الموعودة بقدوم يوم العيد‪ ،‬أو‬ ‫باقتراب أي مناسبة حميمة‪ ،‬ال يضاهيها‬ ‫سوى االفتتان بتسلم الهدية أو تقديمها‪.‬‬ ‫وهذه المناسبات عديدة في العائلة‬ ‫والمجتمع‪ .‬فالهدية في هذه األوقات‬ ‫تشغل المجتمع بأسره‪ ،‬بنقاش حميم حول‬ ‫ما هي الهدية المناسبة لهذا أو ذاك من‬ ‫أفراد العائلة أو األصدقاء‪ .‬ويمتد النقاش‬ ‫َّ‬ ‫تسلموه بأنفسهم في‬ ‫ليستذكر الناس ما‬ ‫الماضي للرد بالمثل أو حتى اإلضافة إليه‪.‬‬ ‫ويتداخل كل ذلك مع اإلعالن والدعاية‬ ‫والترويج في التلفزيون والصحف وكافة‬ ‫وسائل التواصل االجتماعي‪ .‬هكذا‪ ،‬تصبح‬ ‫الهدية شغل المجتمع دون منازع‪.‬‬

‫ُ‬

‫أمين نجيب‬


‫نشأتها‬

‫الهدية وتبادلها يعنيان كثير ًا‬ ‫بما يرمزان إليه في العالقات‬ ‫االجتماعية‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫تبدل طبيعتها وقيمتها وظرف‬ ‫إعطائها‪ ،‬ظلت‪ ،‬كما يقول عالم أ‬ ‫النثروبولوجيا كلود‬ ‫ليفي شتراوس‪ ،‬واحدة من ثالث عمليات تبادل تحكم‬ ‫تكونها؛ اللغة حيث نتبادل‬ ‫العالقات إ‬ ‫النسانية منذ ّ‬ ‫الكلمات‪ ،‬والقرابة في تبادل الزيجات‪ ،‬واالقتصاد‬ ‫حيث نتبادل الهدايا أ‬ ‫والشياء‪.‬‬ ‫وتبدل خالل التاريخ وعبر‬ ‫تغي َر َّ‬ ‫لكن تقديم الهدايا َّ‬ ‫المجتمعات المختلفة كثيراً‪ .‬وذلك بفعل عاملين‬ ‫مهمين‪ ،‬هما‪ :‬العالقات االجتماعية التي باتت تعتمد‬ ‫بدرجات متزايدة‪ ،‬على الصداقة أكثر من اعتمادها‬ ‫على القرابة كما كانت الحال فيما مضى‪ .‬وسيادة‬ ‫النزعة االستهالكية وقيم السوق على ما عداها‪.‬‬ ‫فعندما تكون عالقات القُربى هي أ‬ ‫الساس فإن فعل‬ ‫الهداء هو المهم أكثر من الهدية‪ .‬بينما في الواقع‬ ‫إ‬ ‫الحالي فإن فعل الهداء يتساوى أ‬ ‫بالهمية مع الهدية‬ ‫إ‬ ‫نفسها‪.‬‬ ‫في الثقافات القديمة‪ ،‬لم يكن تبادل الهدايا مزاجاً‬ ‫فردياً كما هو سائد اليوم‪ .‬في ذلك الوقت‪ ،‬كان‬ ‫يشبه التبادالت االقتصادية واالتفاقيات القانونية‬ ‫التي تجري في السوق بين الشركات والمؤسسات‬ ‫في عصرنا الحالي‪ .‬ويقول مارسيل ماوس في‬ ‫كتابه الشهير «الهدية» (‪1950‬م) إن «اقتصاد‬ ‫تبادل الهدايا هو أقدم نظام اقتصادي وقانوني‬ ‫يمكننا الحصول عليه أو تصوره»‪ .‬كما يُعد عالم‬ ‫أ‬ ‫النثروبولوجيا مارشال ساهلين أن تقديم الهدايا‬ ‫الشكال أ‬ ‫هو أحد أ‬ ‫الولى لتشكل االقتصاد ووالدة‬ ‫السوق‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ربما كان الدافع الساس لتقديم هدية ما متأصال ً‬ ‫بالتزامات دينية أو أخالقية معينة مع نزعة قوية‬ ‫لالعتراف وتثبيت تراتبية اجتماعية ما‪ ،‬وتأكيد‬ ‫العالقات السلمية بينها‪ .‬أو ببساطة‪ ،‬ربما يكون‬ ‫الدافع هو توقع العمل بالمثل‪ .‬يضيف «ماوس»‪،‬‬ ‫هذه الدوافع تصبح‪ ،‬مع الوقت‪ ،‬متأصلة بنسيج‬ ‫المجتمع بحيث يصبح الفرد‪ ،‬بحكم ظروف معينة‪،‬‬ ‫مضطراً اجتماعياً إلى أن يقدم الهدايا‪ .‬وبهذا المعنى‬ ‫أيضاً‪ ،‬يصبح تسلّم الهدية ملزماً‪ .‬ورفضها يعتبر غير‬ ‫اجتماعي وحتى عدائي‪.‬‬ ‫في البدء ينشأ نوع من التوتر عند تقديم الهدية ألن‬ ‫المستلم يُعد قبولها اعترافاً ضمنياً باعتماده على‬ ‫المانح أو بسلطة معينة عليه‪ .‬إلزالة هذا التوتر‪،‬‬ ‫الهداء بدوره‪ ،‬ملزماً‪ .‬النكوص‬ ‫يصبح الرد بالمثل‪ ،‬أو إ‬ ‫عن ذلك‪ ،‬أو الرد بالمثل بطريقة غير كافية‪ ،‬يُعد‬

‫حينئذ نقصاً للمكانة واالحترام الذاتي‪ .‬وهكذا عندما‬ ‫يفي المستلم برده يصبح المانح أ‬ ‫الساسي ملزماً بالرد‬ ‫من جديد‪ .‬فتولد وتتأسس عند ذلك دورة قائمة‪ ،‬كما‬ ‫يقول س‪ .‬د‪ .‬روبرتس‪ ،‬على «المديونية»‪ .‬كال الطرفين‬ ‫يف تماماً بالتقابلية عند رده‬ ‫ينتابهما شعور بأنه لم ِ‬ ‫بالمثل‪ .‬هذا الشعور بالمديونية هو ما يقود نظام‬ ‫تبادل الهدايا بأكمله‪.‬‬

‫التبادل‬

‫وهكذا حسب ماوس‪ ،‬فإن تبادل الهدايا هو نظام‬ ‫يحمل في طياته االستدامة الذاتية ويقوم على‬ ‫التزامات ثالثة‪:‬‬ ‫‪ -1‬االلتزام بالعطاء‬ ‫‪ –2‬االلتزام بالتس ُّلم‬ ‫‪ – 3‬االلتزام بالعمل بالمثل‬ ‫ويقول روبرتس إن التزام العمل بالمثل ليس مهماً‬ ‫فقط إليجاد تقابلية متوازنة بين الطرفين‪ ،‬بل ما‬ ‫يوازي ذلك أهمية هي الطقوس التي يتم من خاللها‬ ‫تقديم الهدايا ألنها تثبت العالقات االجتماعية‬ ‫القائمة‪ ،‬كطقوس مناسبات ميالد أ‬ ‫الشخاص وغيرها‬ ‫كما يوضح بيار بورديو‪ .‬فالتبادل لم يقتصر على‬ ‫أ‬ ‫الشياء المادية‪ ،‬بل كان تبادال ً للمجامالت في‬ ‫احتفاالت تتخللها الوالئم والطقوس بين العائالت‬ ‫والقبائل والعشائر‪.‬‬ ‫نقدم‬ ‫والهدية يجب أن تعكس المناسبة‪ .‬عندما ِّ‬ ‫نقدم فقط الشيء بل إننا بحسب ماوس‬ ‫الهدية ال ِّ‬ ‫نقدم جزءاً من أنفسنا‪ .‬وتُعد الهدايا رمزاً للعالقة‬ ‫ِّ‬ ‫بين الطرفين يتم من خاللها التواصل دون استعمال‬ ‫اللغة‪ .‬لهذا يقول راسل بالك من جامعة «يورك» إن‬ ‫الهدية المثالية تتسم بست سمات‪:‬‬ ‫‪ – 1‬وضوح تعبيرها عن التضحية من قبل المانح‬ ‫‪ – 2‬أن تكون أمنية المانح سعادة المتسلِّم‬ ‫‪ – 3‬أن تكون الهدية نوعاً من الرفاهية‬ ‫‪ - 4‬أن تكون الهدية مناسبة للمتسلِّم‬ ‫‪ – 5‬يجب أن يتفاجأ المتسلِّم بالهدية‬ ‫‪ – 6‬أن تنجح الهدية في إسعاد المتسلِّم‬ ‫إذ ذاك يصبح لدينا أربعة عناصر أساسية‪ :‬المانح‬ ‫والمتسلِّم والمناسبة والهدية‪ .‬ويقول ج‪ .‬ف‪ .‬شاري‬ ‫اليثار (أو الغيرية)‬ ‫إن هذه العملية قائمة على إ‬ ‫والتسابقية بمعنى أنها تؤدي إلى تعظيم االكتفاء‬ ‫الذاتي للمانح من خالل تعظيم متعة المتسلِّم‪.‬‬ ‫بالمقابل‪ ،‬فإن عملية مشاركة المتسلِّم باختيار نوع‬ ‫الهدية محدودة جداً‪ ،‬وتجري عن طريق الصدفة‬ ‫عندما يكون المتسلِّم برفقة المانح حيث يتم االقتراح‬

‫اقتصاد تبادل‬ ‫الهدايا هو أقدم‬ ‫نظام اقتصادي‬ ‫وقانوني يمكننا‬ ‫الحصول عليه أو‬ ‫تصوره‬


‫‪51 | 50‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫وهناك أربعة عوامل تؤثر في الحكم الذي يصدره‬ ‫المتسلِّم‪ :‬العالقة بين االثنين‪ ،‬والسياق الذي تقدم‬ ‫فيه‪ ،‬وقيمة الهدية‪ ،‬وتناسبيتها‪.‬‬

‫بطريقة مواربة‪ .‬لكن في هذه الحالة تفقد الهدية‬ ‫الرمزية الديناميكية الموصوفة أعاله‪.‬‬ ‫وعن ردود الفعل‪ ،‬استنتجت دراسة قام بها «د‪ .‬ب‪.‬‬ ‫ووتن» أن متسلِّمي الهدايا يالئمون ردود أفعالهم‬ ‫لتوافق التوقعات االجتماعية للمانحين‪ ،‬من خالل‬ ‫اليحاء أو تعابير الوجه أو كيفية‬ ‫التوضيح العلني أو إ‬ ‫التعاطي مع الهدية‪ .‬لكن في حاالت قليلة‪ ،‬تخفت‬ ‫هذه الدالالت مما يعني أن الهدية مرفوضة وعديمة‬ ‫القيمة‪.‬‬

‫البحاث أ‬ ‫فقد تمكنت أ‬ ‫الحفورية من اكتشاف مغارة‬ ‫سنة ‪1991‬م في جنوب إفريقيا على شاطئ المحيط‬ ‫الهندي تُعرف بمغارة «بلومبوس»‪ ،‬حيث وجدوا‬ ‫داخلها ‪ 39‬محارة حلزون صغيرة بحجم حبة‬ ‫الحمص‪ ،‬مخرمة بعناية بغرض تقديمها كهدايا تعلق‬ ‫كقالدة‪ .‬وأثبتت الفحوصات المخبرية أنها تعود إلى‬ ‫خمس وسبعين ألف سنة خلت خالل العصر الحجري‬ ‫الوسيط‪.‬‬

‫الشارة إلى اختالف‬ ‫وعلى الرغم من كل ذلك‪ ،‬تجدر إ‬ ‫بين علماء أ‬ ‫النثروبولوجيا واالقتصاد حول أهمية‬ ‫أ‬ ‫الهدايا‪ .‬فبينما يعتقد الولون أن منح الهدايا هي‬ ‫عملية اجتماعية إيجابية‪ ،‬حيث تحقق عدة أهداف‬ ‫سياسية ودينية ونفسية‪ ،‬كما يقول ماوس‪ ،‬فإن‬ ‫االقتصاديين يُعدونها هدراً للموارد‪ .‬وحجتهم أن‬ ‫المانحين يشترون أشيا ًء يمكن أال َّ يشتريها المتسلِّمون‬ ‫أنفسهم إذا ترك أ‬ ‫المر لهم‪ ،‬أو أنهم يقيمونها بأقل‬ ‫من سعر السوق‪.‬‬

‫ويقول أالن ووكر وبات شيبمان في كتابهما «البحث‬ ‫عن أصول إالنسان» إنه منذ ذلك التاريخ هناك‬ ‫انفجار للفن والزخرفة والتبرج والوشم كوسائل إلبراز‬ ‫التميز خصوصاً عندما بدأت التجمعات إالنسانية‬ ‫تتكثف‪ .‬وكذلك كعالمة لالنتماء إلى مجموعة أو‬ ‫أخرى مختلفة‪ .‬ويعلق «راندال وايت» من جامعة‬ ‫نيويورك إنه في هذه المناسبات التبادلية المتقطعة‬ ‫للمعرفة والتكنولوجيا وكذلك للجينات من خالل تبادل‬ ‫الزيجات‪ ،‬ظهر إالهداء كواحد من التعامالت التي ترمز‬ ‫إلى االلتزامات المتبادلة التي بدأت تتأسس وتتقونن‪.‬‬

‫النسان منذ القدم‪.‬‬ ‫إن تقديم الهدايا هو دأب إ‬

‫جاء في ملحمة «جلجامش» السومرية القديمة‪،‬‬ ‫التي تعود إلى حوالي أربعة آالف سنة ما يلي‪« :‬فتح‬ ‫جلجامش فاه وأجاب عشتار العظيمة‪ :‬إذا تزوجتك‬ ‫أية هدايا يمكن أن أقدمها لك بالمقابل؟ أية دهون‬ ‫وأية مالبس لجسمك؟ سأكون فرحاً اذا أعطيتك خبزاً‬ ‫وكل أنواع الطعام الذي يليق‪ ...‬سأفرغ الشعير في‬ ‫صوامعك»‪.‬‬

‫تاريخها قديم جد ًا‬

‫ويصف تشارلز ديكينز في إحدى رواياته الحياة التي‬ ‫تخلو من العطاء والكرم بالعاقرة روحياً‪ .‬وهذه‬ ‫حال أحد أبطاله «أبينيزر سكروج» الذي يجلس‬ ‫على ثروته متهرباً من العطاء‪ ،‬واصفاً إياه بالفقير‬ ‫النساني‪ .‬بينما الموظف الفقير‬ ‫الحقيقي وبغير إ‬ ‫«بوب كراتشيت» مستعد إلهداء القليل الذي يملكه‬ ‫حتى إلى صاحب عمله الوضيع‪ ،‬هو الغني الفعلي‪.‬‬ ‫لكن في النهاية عندما يقرر «سكروج» العطاء يستعيد‬ ‫إنسانيته‪.‬‬

‫تقاليد مختلفة لتقديم الهدايا‬

‫تختلف تقاليد تقديم الهدايا وتسلمها من مجتمع‬ ‫إلى آخر‪ .‬ففي الثقافة الصينية واليابانية تكون الصفة‬ ‫الجماعية واالحتفالية في تقديم الهدايا هي الغالبة‪.‬‬ ‫بينما في الثقافة الالتينية أ‬ ‫والنكلوساكسونية فإن‬ ‫العالقات الشخصية هي السائدة‪.‬‬ ‫كب�اً ف ي� القطاع االقتصادي‬ ‫تلعب الهدايا دوراً ي‬ ‫لك�و�ن‬ ‫ال ت‬ ‫ً‬ ‫العالنات‪ ،‬مرورا بالتسويق إ‬ ‫ابتدا ًء من إ‬ ‫ي‬ ‫وليس انتها ًء بخدمات التوصيل‬

‫تقتضي التقاليد الصينية للهدايا االمتناع عن قبول‬ ‫الهدية لثالث مرات‪ .‬وذلك لدحض أي شعور يمكن‬ ‫أن يخالج الطرف آ‬ ‫الخر بوجود طمع ما‪ .‬وعلى مانح‬ ‫الهدية في كل مرة أن يواصل بإصرار تقديمها بلطف‪.‬‬


‫واضعو قواعد‬ ‫اتيكيت الهدايا في‬ ‫ِّ‬ ‫يشددون‬ ‫أمريكا‬ ‫على ضرورة تقديم‬ ‫الهدية باليدين‬ ‫االثنتين‬

‫قدم باليدين االثنتين وأن تكون الهدية‬ ‫ويجب أن تُ َّ‬ ‫ملفوفة بورق خاص‪ .‬وفي النهاية تقبل الهدية‬ ‫وتوضع جانباً دون أن تفتح أمام المانح تجنباً للحرج‬ ‫الذي يمكن أن يظهر على وجه المقدم إليه‪ .‬الرموز‬ ‫اللوان أ‬ ‫في الثقافة الصينية مهمة جداً‪ .‬أ‬ ‫والرقام لها‬ ‫معان خاصة‪ .‬ففي رأس السنة الصينية يجب أن‬ ‫ٍ‬ ‫هدى أ‬ ‫الموال في مغلف وأن يكون عددها مفرداً‪ .‬أما‬ ‫تُ‬ ‫في اليابان فإن تقديم الهدية هو شكل من أشكال‬ ‫الفن‪ .‬فاالحتفالية والمظهر الخارجي يُعدان أهم من‬ ‫قيمة الهدية نفسها‪ .‬لكن هذا يُعد في المجتمعات‬ ‫الغربية مبالغة غير مفيدة‪.‬‬ ‫وفي البلدان العربية تختلف أشكال التقديم والتسلُّم‬ ‫بشكل كبير وفق البيئات المختلفة حتى على نطاق‬ ‫ضيق‪ .‬ولكنها عموماً تتراوح ما بين فتح الهدية أمام‬ ‫متسلِّمها‪ ،‬وما بين إحجام هذا عن فعل ذلك أمام‬ ‫المانح‪ .‬والرائج أيضاً‪ ،‬أن يترافق ذلك مع بعض‬ ‫عبارات المجاملة من قبل المتسلِّم تتضمن لمسة‬ ‫مبالغة في تقديره لقيمة الهدية‪.‬‬ ‫مع توسع العولمة وتشابك العالقات الدولية على‬ ‫ُص ُع ٍد عدة‪ ،‬ازداد احتكاك القيم الثقافية المختلفة‬ ‫بعضها مع البعض آ‬ ‫الخر‪ .‬لهذا السبب أنشأ كثير من‬ ‫الشركات أقساماً خاصة لدراسة كيفية التعامل مع‬ ‫ثقافات غريبة عما هو سائد في بلدها المنشأ‪.‬‬ ‫وفي حادثة ذات مغزى أرسلت إحدى الشركات‬ ‫أ‬ ‫المريكية عدداً من الساعات التي توضع على المكاتب‬ ‫كهدايا لزبائنها حول العالم‪ .‬لكن الذين تسلَّموا هذه‬ ‫الهدايا في شرق آسيا أبدوا كثيراً من االضطراب‪.‬‬ ‫إذ تبين أن كلمة «ساعة» تعني بالصينية شيئاً‬ ‫قريباً من «موت» وهي بذلك ترمز إلى النية بإنهاء‬ ‫العالقة وليس تعزيزها‪ .‬وهذا بالطبع ليس غاية‬ ‫الشركة المرسلة التي اضطرت إلى استرجاع هداياها‬ ‫واستبدلت بها أخرى مناسبة‪.‬‬ ‫ترك هذا التبادل الثقافي أيضاً أثراً على طريقة تبادل‬ ‫الهدايا‪ .‬فتقديم الهدية باليدين االثنتين لم يكن‬ ‫سائداً في الواليات المتحدة أ‬ ‫المريكية‪ .‬أما اليوم فإن‬ ‫كثيراً من المهتمين وواضعي قواعد إتيكيت الهدايا‬ ‫في أمريكا يشددون مثال ً على ضرورة تقديم الهدية‬ ‫باليدين االثنتين‪ .‬ويشيرون إلى أن المتسلِّم أيضاً‬ ‫عليه مد يديه االثنتين ألخذها متأثرين بذلك بعادات‬ ‫بلدان شرق آسيا‪ .‬كذلك فتح الهدية مباشرة عند‬ ‫تسلّمها وأمام أناس آخرين كما هو سائد في الواليات‬ ‫المتحدة وأوروبا‪ ،‬بدأ يتغير متأثراً بثقافات أخرى‪ .‬كما‬ ‫أن بعض العادات اليابانية كربطات الهدايا البسيطة‬ ‫والنيقة وتجنب أ‬ ‫أ‬ ‫اللوان الحادة‪ ،‬بدأ تأثيرها يتسرب‬ ‫إلى كثير من البلدان الغربية‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪53 | 52‬‬

‫حياتنا اليوم‬

‫ً‬ ‫َّ‬ ‫أحيانا‪ ،‬ولكننا في الوقت نفسه‬ ‫نتذمر منها‬ ‫وأعز الذكريات وكثيراً‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫نحملها أعمق المعاني‬ ‫من آمالنا وأحالمنا‪ .‬إنها كلمات السر التي‬ ‫ً‬ ‫جزءا من نسيج حياتنا اليومية‪.‬‬ ‫أصبحت‬ ‫نختارها بعناية عند اعتمادها‪ ،‬وهاجسنا‬ ‫األول هو َّ‬ ‫أال تكون قابلة للتكهن بها من‬ ‫قبل اآلخرين‪ .‬فهي السور الدفاعي الذي‬ ‫يحمي خصوصياتنا وحتى أموالنا‪ .‬ولكن في‬ ‫لحظة االختيار بالذات‪ ،‬ثمة عوامل عديدة‬ ‫غير جانب السرية والطابع األمني تدخل‬ ‫على الخط وتوجه اختياراتنا‪ .‬فما هي؟‪.‬‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫مهى قمر الدين‬

‫السر‬ ‫ّ‬ ‫أسرار كلمات‬ ‫السر التي‬ ‫قد تكون كلمة ّ‬ ‫أ‬ ‫نسجل فيها دخولنا إلى الجهزة‬ ‫ِّ‬ ‫إاللكترونية المختلفة‪ ،‬أكثر من‬ ‫مجرد رمز يفتح أمامنا عالم‬ ‫َّ‬ ‫إاللكترونيات بل هي بمنزلة‬ ‫المدخل الذي ينفذ إلى داخلنا ويكشف أعمق أسرارنا‪.‬‬ ‫وذلك حسب عالمة النفس البريطانية هيلين بيتري التي‬ ‫السر توازي اختبار «‪»Rorschach‬‬ ‫اعتبرت ّأن كلمات ّ‬ ‫في القرن الواحد والعشرين‪ .‬وهو االختبار الذي‬ ‫اشتهر بتسجيل انطباعات أ‬ ‫الشخاص عند رؤيتهم‬ ‫لبقعة حبر عادية ومن ّثم كان الخبراء يقومون بتحليل‬ ‫تلك االنطباعات باستخدام ّإما التحليل النفسي أو‬ ‫السر هذه‬ ‫الخوارزميات‬ ‫المعقَّدة أو كليهما‪ .‬فكلمات ّ‬ ‫أ‬ ‫فن الورغامي الياباني من حيث إنّها أعمال‬ ‫تشبه كثيراً ّ‬ ‫إبداعية صغيرة وتلقائية تنبع من أعماق وجودنا‪.‬‬ ‫حاول الكاتب دوغالس هوفستادتر تحديد الحلقات‬ ‫نتحدث بها‬ ‫الدقيقة التي تمكننا من صناعة اللغة التي ّ‬ ‫وإحساسنا بذاتنا من المواد الجامدة حولنا‪ .‬ال شكّ في‬ ‫السر وبين الحلقات‬ ‫ّ‬ ‫مواز بين كلمات ّ‬ ‫أن هناك ما هو ٍ‬ ‫الدقيقة الموجودة في الموسيقى والرياضيات والفن‬ ‫التي وصفها هوفستادتر في كتابه‪ .‬فالطبيعة البشرية‬ ‫وإنما تبتكر تلك التي‬ ‫السر فقط‪ّ ،‬‬ ‫ال تتقن ابتكار كلمات ّ‬ ‫الحساس الذاتي‬ ‫تحمل معها حلقات متداخلة من إ‬ ‫العميق‪.‬‬

‫وعندما سئل هوفستادتر عن رأيه فيما إذا كانت هناك‬ ‫السر وبين‬ ‫عالقة بين العادات المتعلقة بكلمات ّ‬ ‫الحساس الذاتي التي درسها في كتابه‪ ،‬أكَّد‬ ‫حلقات إ‬ ‫أ‬ ‫أن بعض النماط التي ترسمها تلك الحلقات موجودة‬ ‫ّ‬ ‫طبيعياً ونقوم نحن باكتشافها‪ ،‬والبعض آ‬ ‫الخر نقوم‬ ‫بابتكاره‪ .‬ولك ّنه يشير في الوقت نفسه إلى أن الطبيعة‬ ‫البشرية تعارض أكثر من أي شيء آخر‪ ،‬االعتباطية‬ ‫السر يتوافق مع تلك‬ ‫في االختيار وأن اختيار كلمات ّ‬ ‫الطبيعة بالكامل‪ ،‬إذ إن اختيارها يأتي دائماً بالتوافق‬ ‫مع الوعي الكامل دون أي عشوائية‪.‬‬

‫الجوانب النفسية المختبئة فيها‬

‫النترنت للإيقاع‬ ‫في ديسمبر ‪ ،2009‬عندما كان يتصيد إ‬ ‫بأهداف محتملة‪ ،‬استطاع أحد قراصنة الكمبيوتر في‬ ‫أوروبا الشرقية اختراق قاعدة البيانات المؤلفة من‬ ‫سر لشركة (‪ )Rock you‬التي تدير‬ ‫‪ 32‬مليون كلمة ّ‬ ‫عدة أسابيع‪ ،‬قام هذا‬ ‫شبكة ألعاب إلكترونية‪ .‬وبعد ّ‬ ‫لتتحول إلى أحد‬ ‫الشخص بنشر قاعدة البيانات هذه‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫السر في العالم‪.‬‬ ‫أهم مراجع الرشيف لكلمات ّ‬ ‫وعلى مدى السنوات أ‬ ‫الخيرة قام فريق صغير من‬ ‫علماء الكمبيوتر في معهد أونتاريو للتكنولوجيا‬ ‫بدراسة قاعدة البيانات هذه وخرج باستنتاجات‬ ‫أن معظم الدراسات‬ ‫مهمة‪ .‬فعلى الرغم من ّ‬ ‫المتعلقة بكلمات السر ركّزت على الجانب أ‬ ‫المني‬ ‫ّ‬

‫نفسية‬ ‫تبين ّ‬ ‫أن لهذه الكلمات دالالت ّ‬ ‫إال ّ أنّه ّ‬ ‫وأنتروبولوجية مهمة‪.‬‬ ‫السر تعكس مروحة‬ ‫فقد ظهر ّ‬ ‫أن معظم كلمات ّ‬ ‫النسانية المختلفة‪ .‬وكانت أكبر‬ ‫كبيرة من المشاعر إ‬ ‫الحب‪ .‬حيث‬ ‫نسبة منها هي الكلمات التي ّتعبر عن ُ‬ ‫اختار عديد من أ‬ ‫الشخاص كلمات ترمز إلى أشخاص‬ ‫وأحداث لها قيمة عاطفية‪ .‬وهناك نسبة مهمة تحتوي‬ ‫العدا ِئين‪ ،‬على‬ ‫على تعويذات تحفيزية‪ ،‬حيث إن أحد َّ‬ ‫السر «‪ »16:59‬وهو‬ ‫سبيل المثال‪ ،‬كان يستخدم كلمة ّ‬ ‫الوقت الذي يهدف إلى تحقيقه في السباق مسافة‬ ‫‪ 5000‬متر‪ .‬وكان أحد السجناء السابقين يستخدم‬ ‫الرقم الخاص به عندما كان سجيناً ليذكره بأال َّ يرتكب‬ ‫خطأ آخر يعيده إلى السجن من جديد‪ .‬وكانت‬ ‫الالف من الكلمات تعبر عن الحنين أ‬ ‫آ‬ ‫واللم من أمور‬ ‫ِّ‬ ‫أ‬ ‫خسرناها‪ ،‬فكانت إحدى المهات‪ ،‬مثالً‪ ،‬تستخدم‬ ‫اسم طفلها الذي فقدته صغيراً في محاولة منها‬ ‫حية‪ .‬وفي أحيان أخرى عكست الكلمات‬ ‫البقاء ذكراه ّ‬ ‫الدعابة والمرح إذ استخدم بعض أ‬ ‫الشخاص‬ ‫نوعاً من‬ ‫سر «غير صحيح» حتى في حال نسيانها يقوم‬ ‫كلمة ّ‬ ‫السر الصحيحة‬ ‫كلمة‬ ‫إلى‬ ‫بتوجيههم‬ ‫الكمبيوتر‬ ‫برنامج‬ ‫ّ‬ ‫السر غير صحيحة‪.‬‬ ‫بمجرد أن يشير لهم ّ‬ ‫أن كلمة ّ‬ ‫السر الالفتة لبراعتها وهي‬ ‫وهناك بعض كلمات ّ‬ ‫التي تضم أفكاراً كبيرة وتحفظها في شيفرة صغيرة‪.‬‬ ‫فهناك أحد مهندسي الكمبيوتر الذي يهوى اللعب‬


‫السر «‪»TnsitTpsif‬‬ ‫على الكالم‪ ،‬كان يستخدم كلمة ّ‬ ‫التي ترمز حرفياً إلى ‪The next sentence is true.‬‬ ‫‪ .The previous sentence is false‬أي إن «الجملة‬ ‫الالحقة صحيحة‪ .‬والجملة السابقة غير صحيحة»‪.‬‬ ‫يسمى بعالم الفلسفة بـ «مفارقة الكذّ اب»‪.‬‬ ‫وهو ما ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالضافة إلى كل ذلك كانت هناك نسبة ضئيلة من‬ ‫إ‬ ‫النساني المظلم‬ ‫كلمات السر التي تعكس الجانب إ‬ ‫آ‬ ‫تتحدث عن‬ ‫حيث وجدت الالف من الكلمات التي ّ‬ ‫العنف والقتل‪.‬‬ ‫هذا من الجانب النفسي‪ّ ،‬أما من جانب آخر‪ ،‬فقد‬ ‫والعالم في‬ ‫قدم آندي ميا‪ ،‬أستاذ علم التواصل إ‬ ‫ّ‬ ‫جامعة سافورد في بريطانيا وجهة نظر أنتروبولوجية‪،‬‬ ‫تحول استخدام التكنولوجيا من شيء‬ ‫وذلك بعد أن ّ‬ ‫خارجي إلى ما هو متداخل تماماً مع حياتنا الخاصة‪.‬‬ ‫السر بمنزلة طقس يومي نتواجه‬ ‫فقد أصبحت كلمات ّ‬ ‫فيه مع ذكرياتنا الخاصة التي ال يمكننا استرجاعها‬ ‫من أي مكان آخر‪ ،‬إذ أصبح من النادر جداً في حياتنا‬ ‫المعاصرة السريعة أن نستعرض الصور القديمة أو‬ ‫أن نقرأ رسالة شخصية مثالً‪ .‬خصوصاً وأن استخدام‬ ‫إن‬ ‫السر أصبح من الممارسات العالمية حيث ّ‬ ‫كلمات ّ‬ ‫والمتقدم بالعمر والكل تقريباً‬ ‫الغني والفقير والشاب‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫اللكترونية التي تتطلب‬ ‫يتواجه يومياً مع أحد الجهزة إ‬ ‫تسجيل الدخول إن كانت التحويالت المالية أو‬

‫اللكتروني‬ ‫النترنت أو البريد إ‬ ‫الخدمات المصرفية عبر إ‬ ‫أو بطاقات االتصال أو غيرها‪ .‬ويؤكد ميا على أهمية‬ ‫هذا الطقس اليومي في حياتنا المعاصرة ويقول‬ ‫إنّه إذا ما فقدناه «نفتقد الحميمية التي نختبرها مع‬ ‫أنفسنا»‪.‬‬

‫السر هي هنا لتبقى‬ ‫كلمات ّ‬

‫منذ بضع سنوات توقّع بيل غيتس خالل مؤتمر أمن‬ ‫التكنولوجيا تراجع اعتماد أ‬ ‫الشخاص على كلمات‬ ‫أ أ‬ ‫حد‬ ‫السر قريباً ل ّن الفراد والمؤسسات‪ ،‬على ّ‬ ‫ّ‬ ‫تحدي إبقاء معلوماتهم‬ ‫سواء‪ ،‬لن تستطيع مواجهة ّ‬ ‫السرية بأمان‪ .‬وخالل السنوات أ‬ ‫الخيرة جرى بالفعل‬ ‫ّ‬ ‫تحديث ألجهزة مختلفة للتعرف على أ‬ ‫الشخاص‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وإنما من خالل أمور أو‬ ‫السر‪ّ ،‬‬ ‫ليس من خالل كلمات ّ‬ ‫ممتلكات خاصة مثل القطع المعدنية أو البطاقات‬ ‫العين أو أ‬ ‫أو من خالل مسح أ‬ ‫الصوات أو البصمات‪.‬‬ ‫وفي السنة الحالية‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬قامت شركة‬ ‫غوغل بشراء الشركة الناشئة ‪ Slik Login‬التي تتحقق‬ ‫من هويات أ‬ ‫الشخاص من موجات الصوت‪ .‬وقد‬ ‫أصبحت هواتف آي فون مج َّهزة بتقنيات مسح ضوئي‬ ‫للبصمات ألكثر من سنة آ‬ ‫الن‪ .‬ولكن على الرغم من‬ ‫السر‪ ،‬ال بل ازداد‬ ‫ّكل ذلك‬ ‫استمر العمل بكلمات ّ‬ ‫ّ‬ ‫استخدامها‪ ،‬وأنتجت أجهزة كثيرة مثل لوحات مفاتيح‬ ‫النذار المنزلية‬ ‫السيارة وأجهزة تنظيم الحرارة وأجهزة إ‬

‫يتم تشغيلها من‬ ‫الموصولة بشبكة إ‬ ‫النترنت‪ ،‬التي ّ‬ ‫السر‪.‬‬ ‫خالل كلمة ّ‬ ‫السر للشخص‬ ‫ومنذ سنوات خمس كان ّ‬ ‫معدل كلمات ّ‬ ‫الواحد حوالي ‪ ،21‬ولكن هذا العدد تزايد اليوم إلى ‪81‬‬ ‫كلمة سر‪ ،‬وذلك وفقاً لشركة ‪ ،Last Pass‬وهي الشركة‬ ‫السر‪ .‬ويظهر ذلك‬ ‫التي تص ّنع البرامج لتخزين كلمات ّ‬ ‫ً‬ ‫السر تضع ضغوطا على‬ ‫أنّه على الرغم من ّأن كلمات ّ‬ ‫الذاكرة‪ ،‬وتشعرنا بالدرجة الكبيرة التي يسيطر بها علينا‬ ‫العصر الرقمي‪ ،‬إال ّأن هناك صعوبة في التخلّي عنها‪.‬‬ ‫عندما ُسئل بول سافو‪ ،‬أستاذ الهندسة في جامعة‬ ‫ستانفورد والمهتم بمستقبل التكنولوجيا‪ ،‬عن رأيه‬ ‫السر‪ ،‬قال إنّها تشبه الشيفرة التي تحمل‬ ‫في كلمات ّ‬ ‫نحملها‬ ‫عديداً من المعاني‪ ،‬وهذه المعاني التي ِّ‬ ‫الحرف أ‬ ‫لتلك أ‬ ‫والرقام تجعلها تحمل معها كثيراً من‬ ‫الحنين والمشاعر الخاصة‪ ،‬مما يمنحها نوعاً من الحياة‬ ‫السرية هي التي تتوق الطبيعة‬ ‫السرية‪ .‬وهذه الحياة ّ‬ ‫ّ‬ ‫البشرية إلى المحافظة عليها والتمسك بها على الرغم‬ ‫من تعقيداتها والضغوط التي تفرضها علينا‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪55 | 54‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫تخصص جديد‬

‫ريادة األعمال‬ ‫إطالق المشاريع‬ ‫المبتكرة‬

‫ال شك في أن ريادة أ‬ ‫العمال باتت ضرورة‬ ‫تعزز التغيير‬ ‫اجتماعية مهمة‪ .‬فهي‬ ‫التي ِّ‬ ‫أ‬ ‫االجتماعي والتكنولوجي ل َّن االختراعات‬ ‫واالبتكارات هي التي تشكل المستقبل‪.‬‬ ‫وانطالقاً من هذه أ‬ ‫الهمية حرصت «مؤسسة‬ ‫روثمان للريادة» على تقديم برنامج الماجستير في ريادة عالم‬ ‫أ‬ ‫العمال‪ .‬وفي هذا البرنامج‪ ،‬يتعلَّم الطالب كيفية إطالق‬ ‫المشاريع المبتكرة من خالل التركيز على الدور المهم لالبتكار‬ ‫في تأسيس المشاريع الجديدة وفي تطوير عملها بطريقة‬ ‫فعالة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّأما المهارات التي يكتسبها الطالب من خالل هذا التخصص‪،‬‬ ‫فهي‪:‬‬ ‫‪ .1‬كيفية تطوير المشاريع مع أ‬ ‫الخذ بعين االعتبار تقدير‬ ‫قيمة المشروع وقاعدة العمالء والعالقات مع الزبائن‪،‬‬ ‫اليرادات والشركاء والموارد المحتملة ومختلف‬ ‫ونماذج عن إ‬ ‫النشاطات والتكاليف‪.‬‬ ‫‪ .2‬تحديد المفاتيح للوصول إلى الزبائن المحتملين مع‬ ‫التركيز على الالعبين أ‬ ‫الهم في السوق ووضع المخططات‬ ‫لمواجهة المشكالت المختلفة‪.‬‬ ‫‪ .3‬تطوير رؤى واضحة للتحقق من نوعية الزبائن من خالل‬ ‫وضع الدراسات التي تسلّط الضوء على تناسب المنتج مع‬ ‫متطلبات السوق‪ ،‬إضافة إلى وضع خارطة طريق واضحة‬ ‫تحدد وسائل البيع والتسويق‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪ .4‬آلية إطالق المشروع بعد تحليل مدروس لجميع عناصره‪.‬‬ ‫وتقدم المقررات من خالل مزيج من محاضرات أ‬ ‫الساتذة‬ ‫ّ‬ ‫المعتمدين ومحاضرات الشخصيات الريادية الزائرة ودراسة‬ ‫الحاالت والتمارين التطبيقية‪ .‬كما يمكن تلخيص المقررات‬ ‫المطلوبة في هذا التخصص بأربعة عناوين رئيسة‪:‬‬ ‫أ‬ ‫‪ .1‬تطوير أفكار جديدة لمؤسسات حديثة‪ :‬الخطوة الولى في‬ ‫ريادة أ‬ ‫العمال‪.‬‬ ‫‪ .2‬االبتكار لرواد أ‬ ‫العمال‪ :‬االنتقال من الفكرة إلى سوق العمل‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ .3‬كيفية تمويل المشاريع الجديدة‪.‬‬ ‫‪ .4‬المشروع التطبيقي النهائي‪.‬‬ ‫وبعد التخرج يكون الطالب قد تزودوا بالمعرفة الشاملة‬ ‫للجوانب المختلفة لعالم أ‬ ‫العمال‪ ،‬مما يسمح لهم بتنظيم‬ ‫الموارد المختلفة وإدارتها‪ .‬كما أنهم يصبحون قادرين على‬ ‫تحديد السلع والخدمات الناجحة والقابلة للتسويق وتنفيذ‬ ‫المهمات إليصالها للزبائن‪ .‬وفي الوقت نفسه يتأهلون لوضع‬ ‫خطة العمل وتنظيم الجهود للتوصل إلى االنطالقة الناجحة‬ ‫لمشروعهم‪ .‬كما تمكنهم شهادة الماجستير في ريادة أ‬ ‫العمال‬ ‫من تحقيق أهدافهم النهائية‪ ،‬سواء أكانت إنشاء مؤسساتهم‬ ‫الخاصة أو العمل في مؤسسات قائمة والعمل على إطالق‬ ‫المشاريع الريادية من خاللها‪ .‬لمزيد من المعلومات‪:‬‬ ‫‪http://view2.fdu.edu/academics/silberman-college/‬‬ ‫‪graduate/mba/mba-entrepreneurship/‬‬


‫وها هو في أحد أخطر أحياء مدينة ريو دي‬ ‫ً‬ ‫محاطا بأناس فرحين‪:‬‬ ‫جانيرو البرازيلية‪،‬‬ ‫إنه الفنان الفرنسي ج‪ .‬ر‪ ،.‬ملك ما يعرف‬ ‫بفن الشوارع‪ ،‬والمصور الشهير والناشط‬ ‫االجتماعي والفنان المبدع‪ ،‬ذو المنهج‬ ‫الفني الفريد من نوعه في العالم‪.‬‬

‫عين وعدسة‬

‫ً‬ ‫َّ‬ ‫يتجول في مدن الصفيح‬ ‫دائما وهو‬ ‫يشاهد‬ ‫أو في أحياء البؤس الشعبية الحساسة التي‬ ‫ِّ‬ ‫تشكل قروح المدن الكبرى والتي ال يجرؤ‬ ‫ً‬ ‫علنا‪.‬‬ ‫حتى رجال الشرطة على الظهور فيها‬

‫ج‪.‬ر‪.‬‬ ‫فريق القافلة‬

‫مصور المدن‬ ‫ّ‬ ‫من خالل وجوه‬ ‫أهلها‬


‫‪57 | 56‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫يقول أحد أشهر فناني الشوارع‬ ‫في العالم إن الممكن بالنسبة‬ ‫له «يبدأ حين نجتاز حدود‬ ‫المستحيل»‪ .‬ويضيف‪« :‬يبدو‬ ‫أ‬ ‫المر بالنسبة لي وكأنني أملك‬ ‫آلة هي كناية عن مطبعة سعادة‪ ،‬فالناس يأتون‬ ‫ويتكلمون ويتحاورون ويتفاعلون‪ ،‬وأنا أعشق هذا‬ ‫الجو»‪.‬‬

‫كيف يعمل ف ي� نيويورك مثالً؟‬

‫‪carol.anne / Shutterstock.com‬‬

‫تمثل مرحلة تايم سكوير في نيويورك الحلقة الرئيسة‬ ‫في مشروع ج‪ .‬ر‪ .‬المسمى «استخراج الباطن ليصبح‬ ‫الظاهر» الذي مر بهونغ كونغ ولشبونة وبيت لحم‬ ‫وتكساس‪ ،‬مظهراً روح المدن وساكنيها من خالل‬ ‫صور مكبرة ملصقة على واجهات المباني أو على‬ ‫أرضية الساحات‪ .‬يقول ج‪ .‬ر‪« :.‬عندما كنت أذهب‬ ‫إلى أطراف العالم ويأتيني الناس بحماس ّ‬ ‫قل نظيره‪،‬‬ ‫كنت أقول لنفسي إن هذا ربما يعود إلى افتقار‬ ‫الناس في تلك أ‬ ‫الماكن إلى المعارض والمتاحف‪.‬‬ ‫لكن ها هو المشهد نفسه يتكرر في تايم سكوير‬ ‫بنيويورك التي تغص بالمتاحف والمعارض‪ .‬الناس‬ ‫هنا مستعجلون ومشغولون جداً‪ ،‬وهم يقطعون‬ ‫الساحة عادة في خمس دقائق أو ربما أقل‪ ،‬ولكنهم‬ ‫آ‬ ‫ويضحون بساعات كاملة‬ ‫الن يتوقفون ويتمهلون‬ ‫ُّ‬ ‫من وقتهم للمساعدة في إلصاق الصور وأعمال‬ ‫أخرى‪ .‬هذا ما يعزز إيماني بالناس ويشكِّل حافزي‬ ‫الحقيقي»‪.‬‬

‫‪reuters‬‬

‫اكتست أرضية ساحة تايم سكوير الشهيرة في‬ ‫نيويورك بصور فوتوغرافية مكبرة لوجوه أناس من‬ ‫كافة شرائح مجتمع المدينة‪ ،‬وعلى مقربة من هذا‬ ‫«المعرض» وقف ج‪ .‬ر‪ ،.‬الذي ال تفارقه نظارته‬ ‫السوداء وقبعته‪ ،‬يدعو المارة إلى دخول كابينة‬ ‫التصوير المقامة في الساحة اللتقاط صور لهم‬ ‫مجاناً وتكبيرها ولصقها بجانب مئات الصور أ‬ ‫الخرى‪.‬‬

‫شارك حتى آ‬ ‫الن أكثر من ‪ 150‬ألف شخص في هذا‬ ‫المشروع‪ ،‬وها هي صبية نيويوركية تصرخ ضاحكة‪:‬‬ ‫«انظروا! إنها صورتي‪ .‬أليست جميلة؟»‪ .‬وتقول‬ ‫أخرى إنها كانت تتابع عمل ج‪ .‬ر‪ .‬منذ أكثر من ثالث‬ ‫العجاب بالطريقة التي يشرك‬ ‫سنوات وإنها شديدة إ‬ ‫بها الناس في عمله ليوجد هذا الجو من التضامن‬ ‫النساني‪ .‬أما هذا الرجل العجوز فيقول‬ ‫والدفء إ‬ ‫مبتسماً‪« :‬ها قد عادني مجدداً حب التقاط الصور!»‪.‬‬

‫كانت البداية من تونس‬

‫‪reuters‬‬

‫تمثل هذه العروض مناسبة فريدة تتيح فرصة‬ ‫المشاركة لجميع سكان المدينة‪ .‬والمهم هنا أن‬ ‫التقاط الصور بالنسبة لـ ج‪ .‬ر‪ – .‬الذي ترك بصمته‬ ‫على أ‬ ‫الماكن العامة في العالم أكثر من أي فنان‬


‫آخر‪ -‬ليس نهاية أو غاية بذاتها‪ ،‬بل مجرد بداية‬ ‫قدمت إحدى‬ ‫لعمل أعظم‪ .‬في العام ‪2011‬م َّ‬ ‫المؤسسات ‪ 100‬ألف دوالر أمريكي إلى ج‪ .‬ر‪ .‬مكافأة‬ ‫له على جهده لتغيير العالم إلى أ‬ ‫الحسن‪ ،‬فأنفق‬ ‫المبلغ في إقامة حفل جماهيري ضخم دعا فيه‬ ‫الحاضرين إلى التفاعل فيما بينهم ومشاركته في‬ ‫مشروعه قائال‪« :‬ها نحن نقوم آ‬ ‫الن معاً بقلب باطن‬ ‫ً‬ ‫العالم لنجعله ظاهره‪ ،‬وأنا أتمنى لكم أن تناضلوا‬ ‫من أجل ما تؤمنون به»‪ .‬يدعو ج‪ .‬ر‪ .‬الناس من‬ ‫مختلف أصقاع أ‬ ‫الرض إلى التقاط صور لهم‪ ،‬ثم‬ ‫يقوم بتكبيرها وتقديمها لهم لعرضها على جدران‬ ‫أحيائهم‪ .‬وقد أبصر هذا المشروع النور في تونس‬ ‫أثناء ذروة غليان «ثورة الياسمين»‪ ،‬فرأى التونسيون‬ ‫يعبرون‬ ‫فيه بعداً سياسياً يناسب المرحلة بحيث ِّ‬ ‫عن أنفسهم وتزدان شوارعهم بصورهم بدال ً من‬ ‫صور السياسيين‪ .‬وكان الناس الذين لم يشاركوا في‬ ‫المشروع يتساءلون عن هوية أصحاب هذه الصور‬ ‫الجديدة‪ ،‬أو يعمدون أحياناً إلى تمزيقها‪ .‬ويعلِّق‬ ‫ج‪ .‬ر‪ .‬على تلك المرحلة قائالً‪« :‬بعض المارة كانوا‬ ‫ال يعرفون أنها صور ألناس بسطاء وعاديين مثلهم‪.‬‬ ‫وطالما أننا ندافع عن حق الناس في تعليق الصور‪،‬‬ ‫فللناس أيضاً حق تمزيقها‪ .‬إنها الديمقراطية على‬ ‫أي حال‪ ،‬مع أن الذين مزقوا الصور كانوا يخافون‬ ‫من أن تكون دعاية لديكتاتوريين جدد سيخضعون‬ ‫العباد مجدداً لنير االستبداد»‪.‬‬

‫لغة الوجوه تروي التاريخ‬

‫‪cdrin / Shutterstock.com‬‬ ‫‪cdrin / Shutterstock.com‬‬

‫حين ذهب ج‪ .‬ر‪ .‬إلى برلين العابقة برائحة التاريخ‬ ‫لينفذ مشروعه المسمى «تجاعيد المدينة»‪ ،‬كان‬ ‫ينظر إلى صور التقطها لعدد من سكان المدينة‬ ‫ويقول للمتجمعين‪« :‬انظروا إلى التجاعيد على‬ ‫هذا الوجه وعلى ما يبدو من هذا الجسم‪ .‬إنها‬ ‫تروي قصة مدينتكم‪ .‬نعم‪ ،‬هذه هي برلين التي‬ ‫ال نستطيع التعرف إليها من خالل كتب التاريخ‪.‬‬ ‫لقد استغرق تشكل هذه التجاعيد ردحاً طويل من‬ ‫الزمن‪ ،‬وعندما تكون في الثمانين أو التسعين من‬ ‫العمر‪ ،‬فإنك تكون قد شاهدت كثيراً‪ :‬الحروب‪،‬‬ ‫والديكتاتورية‪ ،‬واالنتقال إلى الديمقراطية‪ ،‬وتطور‬ ‫فن العمارة والغناء‪ ،‬وموجات الهجرة الجماعية‪،‬‬ ‫وأشياء أخرى كثيرة ال يعرفها الشباب‪ .‬لذلك فإن‬ ‫هذه الخطوط التي حفرها الزمن هي بمنزلة خميرة‬ ‫تحكي‪ ،‬لمن يحسن قراءتها‪ ،‬حياة أجيال كاملة‪.‬‬ ‫وأنا شغوف بإبراز التفاعل بين هذه التجاعيد وما‬ ‫في جدران المدينة من صدوع وشقوق‪ ،‬فهي كلها‬ ‫كهوف يختبئ فيها تاريخ المكان»‪ .‬ويقول ج‪ .‬ر‪ .‬إن‬ ‫فكرة المشروع راودته حين رأى في مدينة إسبانية‬ ‫جعدتهم الشمس وجففت مالمحهم‪،‬‬ ‫أناساً قد ّ‬ ‫أ‬ ‫فباتوا أشبه بتماثيل متحجرة لن المدينة من‬ ‫حولهم قد تغيرت كثيراً بحيث تحولوا إلى ظالل‬ ‫ماض اندثر‪ .‬وقد استشاط غضباً‬ ‫وشواهد على ٍ‬


‫‪59 | 58‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫حين رأى أجزاء محطمة من صالة «إيست سايد‬ ‫غاليري» العريقة في برلين‪ ،‬فبادر مع مجموعة من‬ ‫المتطوعين إلى التقاط أجزاء الجدران وتجميعها مع‬ ‫بعضها لمحاولة إعادة الغاليري إلى سابق عهدها‪،‬‬ ‫مع أنه كان يعلم أن الشرطة قد تنقض عليه وعلى‬ ‫مساعديه في أية لحظة‪.‬‬

‫إبقاؤه عىل غموض هويته‬

‫‪reuters‬‬

‫كان ذلك المنطلق الذي أدرك ج‪ .‬ر‪ .‬عنده أن الصورة‬ ‫يمكن أن تكون سالحاً لتحسين حياة الناس‪ ،‬وأن الفن‬ ‫الذي يستهدف نخبة محدودة تملك القدرة على‬ ‫فهمه قد يكون شيئاً مهماً ولكن ليس بأهمية الفن‬

‫الشعبي الذي يعجب ويحرك الجميع‪ ،‬ألنه الفن‬ ‫العفوي والغرائزي الذي يفهمه كل الناس والذي يثير‬ ‫عواطفهم‪.‬‬

‫تفاوت المواقف من فنه‬

‫يجدد هذا الفنان الملتزم تفكيره بمسائل الهوية‬ ‫والحرية على الدوام‪ .‬فهو يجوب كافة أرجاء العالم‪،‬‬ ‫وفي كل محطة يزورها تبرز مجدداً التساؤالت نفسها‪:‬‬ ‫ما هي الحدود التي يستطيع الفن بلوغها؟ وما هو‬ ‫تأثير الفن؟‬ ‫أتعرض‬ ‫وعن تجربته الخاصة يقول‪« :‬هنالك أوقات َّ‬ ‫فيها للطرد والغرامات‪ ،‬وقد أزور يوماً بالداً أستقبل‬ ‫رواد فن التصوير ثم أزور بالداً تعد عملي‬ ‫فيها كأحد َّ‬ ‫خروجاً على القانون أو عمال ً يخفي أهدافاً سياسية‪.‬‬ ‫كما قد أزور بلداناً ال تعرف ما هي الخانة التي يجب‬ ‫عليها تصنيف عملي فيها‪ ،‬وهل يجدر بها السماح‬ ‫به أم منعه؟ متغيرات كثيرة تتوالى في حياتي تبعاً‬ ‫للسياق أ‬ ‫والحوال‪ ،‬وعلى الفنان الحقيقي أن يتوقع‬ ‫أ‬ ‫تعرضه ألي شيء»‪ .‬حاول أفراد من المن في برلين‬

‫‪carol.anne / Shutterstock.com‬‬

‫ال يرغب ج‪ .‬ر‪ .‬في الكشف عن هويته‪ ،‬ويعود‬ ‫ارتداؤه القبعة والنظارة السوداء واستخدام حرفين‬ ‫فقط اسماً له‪ ،‬إلى عهد كان فيه يزاول عمله الفني‬ ‫في الخفاء‪ .‬وكانت بدايات ظهوره على مسرح هذا‬ ‫الفن أثناء أعمال الشغب التي اجتاحت ضواحي‬ ‫باريس الفقيرة التي تقطنها أغلبية من المهاجرين‬ ‫الذين أتوا من المستعمرات الفرنسية السابقة‪،‬‬ ‫وال سيما من القارة السمراء‪ .‬يقول ج‪ .‬ر‪ .‬إنه نشأ في‬ ‫ضاحية باريسية متوسطة المستوى‪ ،‬ولكنه صدم‬ ‫حين رأى ضواحي مثل كليشي تغرق في بؤس لم‬ ‫يتصور يوماً إمكان وجوده في عاصمة النور‪ .‬فبدأ‬ ‫في عام ‪2005‬م بالتقاط صور في ضاحية كليشي‬ ‫لشبان من المهاجرين‪ ،‬قال له أحدهم‪« :‬نحن هنا‬ ‫ال نملك شيئاً‪ .‬المصاعد ال تعمل ومصابيح النور‬ ‫محطمة‪ .‬حياتنا صعبة جداً»‪ .‬قام ج‪ .‬ر‪ .‬بتغطية‬ ‫جدران أحياء باريس الراقية بصور شبان يبدو‬ ‫الغضب على وجوههم‪ ،‬في حملة اتسمت بمغزى‬ ‫سياسي واضح ينم عن واقع الضواحي الفقيرة‪ .‬وقد‬ ‫عرض عليه عدد من الصحف الفرنسية أثناء أعمال‬ ‫الشغب شراء صوره‪ ،‬ولكنه رفض بيعها قائال ً إنها‬ ‫ملك ألصحابها وإنها أداة تعبير هدفها تغيير واقع‬ ‫أحياء البؤس‪.‬‬

‫منع ج‪ .‬ر‪ .‬من إصالح ما هدم من غاليري إيست‬ ‫فسر لهم الهدف من عمله وطلب‬ ‫سايد‪ ،‬فاكتفى بأن َّ‬ ‫ً‬ ‫تعاونهم‪ .‬وهو يقول‪« :‬عليك أحيانا أن تتوقف أو‬ ‫أن ترحل بكل بساطة‪ .‬هذا ما تعلمته»‪ .‬وعندما سئل‬ ‫إذا كان يحب أن يعمل بشكل غير قانوني‪ ،‬أجاب‪:‬‬ ‫«ليس هدفي أن أعمل خالفاً للقانون‪ ،‬فهذا ال يرقى‬ ‫إلى هدف بذاته‪ .‬أنا أقوم بما يجب علي القيام به‬ ‫وأترك الباقي للظروف»‪ .‬بعد أن أزالت الشرطة كل‬ ‫أثر لعمله‪ ،‬عاد ج‪ .‬ر‪ .‬في اليوم التالي لمواصلة‬ ‫البداعي‪ ،‬ولكن بصورة قانونية تماماً هذه‬ ‫عمله إ‬ ‫المرة‪ .‬وقال عجوز وقف ينظر إليه وهو يلصق صورة‬ ‫عمالقة على جدار مبنى «إنه حقاً صاحب رسالة‪ ،‬وأنا‬ ‫معجب بعبقريته ومثابرته‪ .‬إنه يستحق الدعم منا‬ ‫جميعاً»‪.‬‬ ‫‪carol.anne / Shutterstock.com‬‬

‫ال يعترف ج‪ .‬ر‪ .‬في عمله بالمسلمات أ‬ ‫والفكار‬ ‫المسبقة‪ ،‬وقد يتخذ ذلك التوجه أحياناً طابعاً‬ ‫مثيراً والفتاً مثلما حدث حين ذهب إلى قطاع غزة‬ ‫في إطار مشروعه «وجهاً لوجه»‪ ،‬حيث ألصق‬ ‫على جانبي جدار الفصل العنصري الذي يفصل‬


‫‪Ted Soqui/Corbis‬‬

‫‪carol.anne / Shutterstock.com‬‬

‫‪carol.anne / Shutterstock.com‬‬

‫«كان أصدقائي يقولون لي هذا‬ ‫عمل خطر‪ ،‬وقد تدفع الثمن‬ ‫ً‬ ‫غاليا‪ .‬لكن كل ما عدت به إلى‬ ‫بالدي كان لسعة الشمس على‬ ‫وجهي واالحتكاك والتفاعل‬ ‫مع أناس كثير أبدوا لي الود‬ ‫وأخبروني بأشياء كثيرة كنت‬ ‫أجهلها»‪.‬‬

‫القطاع عن فلسطين المحتلة صوراً لفلسطينيين‬ ‫وإسرائيليين‪ ،‬بحيث بات الفلسطينيون يرون ألول‬ ‫مرة صور إسرائيليين يبتسمون لهم‪ ،‬بينما يرى‬ ‫السرائيليون من جانبهم وجوهاً فلسطينية تتطلع‬ ‫إ‬ ‫إليهم‪ .‬كان ذلك معرض الصور أ‬ ‫الكثر خروجاً‬ ‫على القانون في تاريخ البشرية‪ ،‬معرض مقام في‬ ‫القل أرجحية أ‬ ‫الهواء الطلق في المكان أ‬ ‫والكثر‬ ‫رمزية إلقامته‪ .‬ويقول ج‪ .‬ر‪ .‬عن تجربته هذه‪" :‬كان‬ ‫أصدقائي يقولون لي هذا عمل خطر‪ ،‬وقد تدفع‬ ‫الثمن غالياً‪ .‬لكن كل ما عدت به إلى بالدي كان‬ ‫لسعة الشمس على وجهي واالحتكاك والتفاعل مع‬ ‫أناس كثير أبدوا لي الود وأخبروني بأشياء كثيرة‬ ‫كنت أجهلها‪ .‬وباختصار فقد عدت في الواقع‬ ‫بنظرة جديدة إلى صراع طالما كنت أسمع أخباره‬ ‫منذ نعومة أظافري‪ .‬هنالك أشياء كثيرة نعتقد أنه‬ ‫يستحيل علينا القيام بها‪ ،‬ولكن التحدي أ‬ ‫الكبر‬ ‫هو أن نتجاوز مخاوفنا وما راكمناه من مفاهيم‬ ‫البداع الفني‪ ،‬وللفن قوة كبيرة‬ ‫جامدة‪ .‬هنا يبدأ إ‬ ‫يمكنها أن تسهم بفاعلية في تغيير ما يبدو جامداً‬ ‫وأزلياً»‪.‬‬

‫يقوم ج‪ .‬ر‪ .‬بتمويل مشاريعه الفنية من خالل‬ ‫إقامة معارض في عدد من الصاالت المرموقة‪،‬‬ ‫حيث تباع الواحدة من صوره بخمسمائة يورو‬ ‫كحد أدنى‪ ،‬وبثمن قد يصل لبعض أ‬ ‫العمال‬ ‫الكبيرة إلى عشرات آ‬ ‫الالف من اليورو‪ .‬ويبذل‬ ‫ج‪ .‬ر‪ .‬كل ما في وسعه‪ ،‬منذ بداية مسيرته‬ ‫الفنية‪ ،‬لكي يظل مستقالً‪ ،‬ويرفض كل عروض‬ ‫وأشكال التبني والرعاية من جانب المصالح‬ ‫التجارية ومحاوالت االحتواء من جانب‬ ‫المؤسسات أ‬ ‫والحزاب السياسية‪ .‬منتصف الليل‬ ‫في نيويورك‪ :‬تفسح الدعايات لبضع دقائق‬ ‫المكان لصور على جدران تايم سكوير التقطها‬ ‫ج‪ .‬ر‪ .‬وقام بتكبيرها ثم تعاون مع عشرات‬ ‫المتحمسين على لصقها حول الساحة‪ .‬وفي‬ ‫منهاتن‪ ،‬تضفي صوره لمسة إنسانية على جدران‬ ‫هذا الحي الذي يحرص المتجمهرون من سكانه‬ ‫على أن يعربوا للفنان «أبو قبعة ونظارة سوداء»‬ ‫عن مدى تقديرهم لما أضافه من جمالية على‬ ‫حيهم ومن شعور فيما بينهم باالنتماء إلى‬ ‫مدينة واحدة‪.‬‬


‫‪61 | 60‬‬

‫فكرة‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫المبنى الموسيقي‬ ‫عندما طُلب إلى المهندسين المعماريين الثالثة‪ ،‬أنيت‬ ‫بول وكريستوفر روسنر وأندريه تيمبل ترميم أحد‬ ‫المباني القديمة في مدينة دريسدن أ‬ ‫اللمانية‪ ،‬أدركوا أنّه‬ ‫مفر من وجود أنابيب خارجية لتصريف مياه المطر‪.‬‬ ‫ال ّ‬ ‫وكان السؤال الذي برز أمامهم هو لماذا ال نجعل هذه‬ ‫أ‬ ‫النابيب تعزف الموسيقى؟ وقد يكون هذا السؤال «اليوريكا» هو الذي‬ ‫حمل هؤالء المصممين إلى تحويل أكثر العناصر بدائية في ذلك المبنى‬ ‫القديم إلى فرصة لالبتكار‪.‬‬ ‫استلهم هؤالء المبدعون الفكرة من متحف سان بطرسبرغ في روسيا‬ ‫المج ّهز بآالت قديمة تساعد على إصدار تأثيرات صوتية تشبه صوت المطر‬ ‫والريح والقطارات‪ .‬ولكنهم استطاعوا جعل قطرات أ‬ ‫المطار الفعلية تصدر‬ ‫ّ‬ ‫أصواتاً موسيقية جذَّ ابة‪ .‬ومن خالل نظام من المواسير أ‬ ‫والنابيب المج ّهزة‬ ‫برؤوس معدنية مخروطية الشكل مصممة بطريقة متداخلة على طريقة‬ ‫آالت روب غولدبرغ‪ ،‬وروب غولدبرغ هو فنان الرسوم المتحركة الشهير‬ ‫الذي كان يبتكر أ‬ ‫الجهزة المعقدة التي كانت‪ ،‬من خالل تفاعل تسلسلي‪،‬‬ ‫تقوم بمهام بسيطة‪.‬‬

‫ال شك في أن صوت المطر هو من أجمل أ‬ ‫الصوات الطبيعية المهدئة‬ ‫للروح‪ ،‬ولكن عند هطول المطر‪ ،‬ومن خالل هذا التصميم الذي عرف بـ‬ ‫ليتحول إلى‬ ‫«باحة العناصر»‪ ،‬كان يتضاعف صوت حبات المطر ويتناغم‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫مزودة بأجهزة‬ ‫سيمفونية موسيقية جذّ ابة‪ .‬ولم تكن النابيب والمواسير ّ‬ ‫الصوات ولكن تصميم أ‬ ‫استشعار تضخم أ‬ ‫النابيب نفسه وطريقة تضارب‬ ‫حبات المطر مع القطع المعدنية المخروطية وحده كان مسؤوال ً عن إصدار‬ ‫ّ‬ ‫تلك أ‬ ‫اللحان الجميلة التي كانت تنبعث من ذلك المبنى العتيق‪.‬‬ ‫تحول ذلك المبنى إلى قطعة فنية من حيث تصميم‬ ‫من ناحية الشكل ّ‬ ‫أ‬ ‫النابيب على جدرانه الخارجية‪ ،‬ومن حيث الجدران الخلفية المدهونة‬ ‫أ‬ ‫تحول المبنى إلى آلة‬ ‫باللون الزرق الذي كان يعكس عنصر الماء‪ .‬وبذلك ّ‬ ‫بمجرد هطول المطر‪ ،‬آلة موسيقية مائية‬ ‫موسيقية فريدة تنبض بالحياة ّ‬ ‫استقطبت إليها السياح من جميع أنحاء العالم‪.‬‬ ‫قد يكون هذا االبتكار من أهم أشكال الهندسة المعمارية التفاعلية التي تسعى‬ ‫البنية أ‬ ‫إلى إدخال التقنيات الذكية إلى عناصر أ‬ ‫الساسية‪ ،‬ألنّه نجح في تحويل‬ ‫ذلك المبنى إلى مزيج مثير لالهتمام من ف ّني‪ :‬الموسيقى والعمارة‪.‬‬


‫العالقة‬ ‫الشائكة بين‬ ‫األديب والمحرِّ ر‬

‫غوردن ليش‬

‫‪illustration: Omer Subair, almohtaraf assaudi‬‬

‫حالة ريموند كارفر وغوردن‬ ‫ً‬ ‫مثاال‬ ‫ليش‬

‫ضن‬ ‫أن األول قد حسم أمره بعد تفكير ُم ٍ‬ ‫وطويل في شأن الكتاب الذي كان الرجالن‬ ‫ً‬ ‫سويا على تجهيزه وإعداده للنشر‪،‬‬ ‫يعمالن‬ ‫أال وهو المجموعة القصصية الجديدة‬ ‫لكارڤر بعنوان «مبتدئون»‪ ،‬وكتب رسالة‬ ‫طويلة أجاد البعض في وصفها اللماح‬ ‫حين قالوا إنها كانت أطول من أغلب‬ ‫قصص كارڤر التي ُعرف بها‪ .‬مما جاء‬ ‫في الرسالة قول الكاتب‪« :‬عزيزي غوردن‪،‬‬ ‫علي أن أتراجع عن هذا الكتاب‪ .‬أرجوك أن‬ ‫ّ‬ ‫تسمعني‪ ،‬فقد نظرت إلى األمر من كل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫نسختي المسودة حتى‬ ‫قارنت‬ ‫النواحي‪ .‬لقد‬ ‫كادت عيناي أن تسقطا من رأسي»‪.‬‬

‫علي المجنوني‬

‫ريموند كارڤر‬

‫أدب وفنون‬

‫في ليلة من ليالي يوليو ‪1980‬م جلس‬ ‫كاتب القصة القصيرة‪ ،‬الكاتب األمريكي‬ ‫ريموند كارڤر (‪1988 – 1938‬م) إلى منضدة‬ ‫الكتابة ليكتب رسالة إلى محرره األمريكي‬ ‫ً‬ ‫أيضا غوردن ليش (مولود عام ‪1934‬م)‪ .‬بدا‬


‫‪63 | 62‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫تُرى‪ ،‬ما الذي دفع كارڤر إلى‬ ‫الكتابة إلى ليش واالعتراض على‬ ‫استمرارهما في تحرير مجموعته‬ ‫القصصية «مبتدئون» بتلك‬ ‫النبرة؟ سنعرف من خالل المقال‬ ‫اسمي الكاتب والمحرر التصاقاً قد يكون‬ ‫عن التصاق َ‬ ‫استثنائياً‪ ،‬وهذا ما سيجعلنا نتساءل حول طبيعة‬ ‫ذلك التعاون‪ ،‬ونستجوب الظروف التي دفعت كارڤر‬ ‫إلى الكتابة إلى محرره بتلك النبرة‪.‬‬

‫دور يستحق إعادة القراءة‬

‫يقوم المحرر بدور حيوي في صنعة التأليف والنشر‬ ‫يحتل بسببه مكانة مرموقة في تلك المنظومة‪.‬‬ ‫وتتعدد المهام المنوطة به‪ ،‬فليس أولها اكتشاف‬ ‫الدبية أ‬ ‫المواهب أ‬ ‫والصوات الجديدة‪ ،‬كما أن آخرها‬ ‫البداعي وإخراجه للقارئ في‬ ‫ليس صقل المن َتج إ‬ ‫شكله النهائي‪ .‬هذا الدور الحاسم جعل معظم‬ ‫دور النشر في الغرب تمتنع عن التواصل مع الك ّتاب‬ ‫مباشرة‪ ،‬بل عن طريق محرر باعتباره الركيزة أ‬ ‫الهم‬ ‫في ُشغلها‪.‬‬ ‫القليمي‪ ،‬ال ينفك عدد من الك َّتاب‬ ‫وعلى المستوى إ‬ ‫العرب يطالبون‪ ،‬والحق معهم‪ ،‬بإيجاد وتفعيل‬ ‫مهنة المحرر في عالم التأليف والنشر‪ .‬ينطلقون‬ ‫في مطالباتهم التي نطالعها بين الفينة أ‬ ‫والخرى‬ ‫من إيمانهم بالدور المهم الذي يضطلع به‬ ‫المحرر في تسهيل مهمة الكاتب وإضفاء االحترافية‬ ‫على مهمة دار النشر وصناعة الكتاب‪ .‬وما زالت‬ ‫االستجابة لتلك المطالبات مع أ‬ ‫السف دون‬ ‫المستوى‪ ،‬في ظل غياب المحررين أ‬ ‫الدبيين وعدم‬ ‫استعداد دور النشر إليجادهم وإدراجهم بفعالية‬ ‫في بنية صنعة النشر‪ .‬وبغض النظر عن أ‬ ‫السباب‬ ‫أ‬ ‫التي حالت دون ازدهار المهنة في الوسط الدبي‬ ‫العربي عموماً‪ ،‬إال أن أهمها عائد فيما يبدو إلى‬

‫اللمام بثقافة التحرير الكتابي ودور محرري‬ ‫غياب إ‬ ‫الكتب‪.‬‬ ‫والحق أننا لسنا بصدد تسليط الضوء على أهمية‬ ‫دور المحرر أ‬ ‫الدبي‪ ،‬بل النظر إلى حادثة ذات مغزى‬ ‫تكشف جوانب من العالقة الشائكة بين أ‬ ‫الديب‬ ‫والمحرر قلّما يتنبه إليها المطالبون بإيجاد المحرر‬ ‫أ‬ ‫الدبي وتفعيل دوره‪ .‬قد يتساءل المرء‪ :‬هل المحرر‪،‬‬ ‫بهذا الحضور وتلك المنزلة‪ ،‬كله خير؟ هل نفترض‬ ‫عالقة مثمرة ومثالية دائماً بين كاتب ومحرر؟ إلى غير‬ ‫أ‬ ‫لحة‪.‬‬ ‫ذلك من السئلة ُ‬ ‫الم ّ‬ ‫وعلى سبيل االستجابة لتلك أ‬ ‫السئلة أو بعضها‪ ،‬فإن‬ ‫مثاال ً واحداً‪ ،‬وهو الذي أشرنا إليه في مقدمة المقال‬ ‫وسنعرض له مزيداً من التفصيل في أ‬ ‫السطر القادمة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫يدفعنا إلى إعادة النظر في مهنة المحرر أ‬ ‫الدبي‬ ‫قد‬ ‫والتعامل معها بحذر وتعقّل‪ .‬هذا المثال يوفر فرصة‬ ‫استثنائية لمراجعة دور المحرر وقراءة الظروف التي‬ ‫تتيح تواصال معيناً فيما بين أ‬ ‫الديب والمحرر‪ .‬ونقصد‬ ‫ً‬ ‫به العالقة التي أثارت اهتمام الباحثين مؤخراً‪،‬‬ ‫وطرفاها ريموند كارڤر وغوردن ليش‪.‬‬ ‫عالقة‬ ‫لقد أشارت السير التي تناولت حياة كارڤر إلى ٍ‬ ‫شكلة بينه وبين محرره الذي عمل معه سنوات‬ ‫ُم ِ‬ ‫أ‬ ‫طويلة حتى قبيل وفاة الول‪ .‬راح المهتمون من‬ ‫الباحثين والصحفيين يفتشون في السير والمذكرات‬ ‫التي كتبتها زوجتا كارڤر‪ ،‬كما أجريا مع المحرر‬ ‫وأصدقاء الرجلين حوارات تنشد الكشف عن قضية‬ ‫الدبي في الواليات المتحدة أ‬ ‫شغلت الرأي أ‬ ‫المريكية‪.‬‬

‫شخصية أ‬ ‫الديب‬

‫ينحدر كارڤر من عائلة تنتمي إلى أسفل الطبقة‬ ‫الوسطى‪ ،‬ولذا شق طريقه إلى النجومية بصعوبة‪،‬‬ ‫أشد المعاناة في أغلب مراحل عمره‪ ،‬إذ‬ ‫وعانى ّ‬

‫ِّ‬ ‫المحرر‪ ،‬بهذا‬ ‫هل‬ ‫الحضور وتلك‬ ‫المنزلة‪ ،‬كله خير؟‬ ‫هل نفترض‬ ‫عالقة مثمرة‬ ‫ً‬ ‫دائما بين‬ ‫ومثالية‬ ‫الكاتب والمحرر؟‬


‫بعد حوالي عقدين من وفاة كارڤر‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وتحديدا في عام ‪2009‬م‪ ،‬جاء ذلك اليوم‪،‬‬ ‫حيث قدمت غاالغر مسودة «مبتدئون»‬ ‫إلى النشر في عملية تصفها بأنها‬ ‫ٌ‬ ‫«إحياء» للكاتب الذي مات بسرطان الرئة‬ ‫عام ‪1988‬م‬ ‫عمل مع والده بعد تخرجه في المدرسة‪ ،‬وتزوج في‬ ‫التاسعة عشرة من عمره‪ ،‬ثم أنجبت زوجته التي‬ ‫تصغره بثالث سنوات بنتاً وولداً وهو ال يزال في‬ ‫العشرين‪ .‬كما اضطر إلى العمل هو وزوجته في‬ ‫عدد من المهن المتواضعة ليغطيا تكاليف الحياة‪.‬‬ ‫وربما انعكس هذا في شخصيات كارڤر التي تأتي‬ ‫من قاع المجتمع‪ ،‬الشخصيات التي أدار لها السرد‬ ‫الحديث ظهره وترفّع عنها بغرور‪ .‬الشخصيات في‬ ‫قصص كارڤر أناس يعملون إما في مطعم ليلي أو‬ ‫نزل مهجور‪ ،‬أعضاؤهم مبتورة وهجرهم أ‬ ‫الهل‬ ‫ُ​ُ‬ ‫أ‬ ‫والحباب‪ ،‬ويسكنون في منازل بال أثاث غالباً‪ .‬اشتهر‬ ‫كارڤر بشخصياته هذه‪ ،‬ثم بأسلوبه الذي يعمد إلى‬ ‫والحدة والفراغات المفاجئة في الحبكة‬ ‫االختزال‬ ‫ّ‬ ‫النساني إلى‬ ‫التي‬ ‫التبسيطية‬ ‫والنبرة‬ ‫تعري السلوك إ‬ ‫ّ‬ ‫أقصى درجة ممكنة‪ .‬هكذا استطاع كارڤر العثور على‬ ‫صوته الخاص الذي أسهم فيما بعد في تبوئه منزلة‬ ‫خاصة بين ُمجايليه‪ .‬ويمكننا القول باطمئنان أن‬ ‫ال خالف حول مكانة ريموند كارڤر بين ك ّتاب السرد‬ ‫أ‬ ‫المريكي باعتباره أحد أبرز رموز القصة القصيرة‬ ‫الحديثة‪.‬‬

‫وشخصية المحرر‬

‫فاسم أدبي المع‬ ‫أما غوردن ليش‪ ،‬في المقابل‪ٌ ،‬‬ ‫الدبي أ‬ ‫ومؤثر‪ ،‬عرف في الوسط أ‬ ‫المريكي بقبطان‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫باليجاز‬ ‫السرد‪ .‬كتب قصصا قصيرة وروايات اتسمت إ‬ ‫والغرابة والميتاسردية‪ .‬لكن صيته ذاع كمحرر أدبي‬ ‫متمكن‪ ،‬له قدرة فائقة على مالحظة الك َّتاب الجيدين‬ ‫مبكراً‪ ،‬وبالفعل فقد نشر أعماال ً قصصية لمجموعة‬ ‫من الك َّتاب قبل أن تسطع نجومهم‪ ،‬كما حدث مع‬ ‫أميري باراكا (الذي كان اسمه ليروي جونس وقتذاك)‬ ‫وغريس بيلي وليونارد غاردنر‪ ،‬أ‬ ‫المر الذي ساهم في‬ ‫انتقاله إلى نيويورك للعمل مع دار نوبف المرموقة‬ ‫للنشر‪ ،‬وعمله في التحرير لك َّتاب مشاهير على شاكلة‬ ‫الروائي الكبير دون ديليلو‪.‬‬

‫لكنه قبل ذلك كان قد أخذ بيد كارڤر من البداية‪،‬‬ ‫حين ساعده في نشر قصصه أ‬ ‫الولى في مجلة‬ ‫اسكواير‪ .‬كان كارڤر في ذلك الوقت يعمل في‬ ‫دار نشر للكتب المدرسية‪ ،‬وكان مدمناً على شرب‬ ‫الكحول‪ ،‬يعيش نمط حياة فوضوياً‪ ،‬ويعاني من‬ ‫متاعب جمة على المستويين العائلي واالقتصادي‪.‬‬ ‫أثمر تعاونهما بأن حرر ليش أولى مجموعات كارڤر‬ ‫القصصية بعنوان «هل من الممكن أن تصمت‪،‬‬ ‫أرجوك؟» عام ‪1976‬م‪ .‬ثم تبعت تلك المجموعة‬ ‫بضع مجموعات أُخريات‪ .‬وهكذا عمل‬ ‫بالطبع ُ‬ ‫الرجالن سوية لفترة طويلة من الزمن‪ ،‬واقترن‬ ‫اسماهما بطريقة يصعب معها فصلهما‪ ،‬إذ ال يكاد‬ ‫الدبي أ‬ ‫يضاهي اقتران اسميهما في الوسط أ‬ ‫المريكي‬ ‫اقتران‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬قد يتساءل المرء‪ ،‬إذا كان الرجالن قد ارتبط‬ ‫اسماهما ببعض كثيراً وكتبا سوياً تاريخاً ملهماً في‬ ‫الوسط أ‬ ‫الدبي‪ ،‬فما الذي يجعل كارڤر يرغب في أن‬ ‫يضع حداً لذلك التاريخ؟‬ ‫ألن أ‬ ‫المر مع مجموعة «مبتدئون» مختلف تماماً‪،‬‬ ‫إذ طفح بكارڤر الكيل ولم يعد بوسعه أن يحتمل‬ ‫تدخالت ليش في نصوصه مرة أخرى‪ .‬هي المجموعة‬ ‫أ‬ ‫الولى التي يكتبها بعد أن قرر أال يكتب من جديد‬ ‫أ‬ ‫أبداً‪ ،‬وهي المجموعة الولى التي يكتبها بعد أن أقلع‬ ‫تماماً عن شرب الكحول‪ ،‬وهي المجموعة أ‬ ‫الولى التي‬ ‫أ‬ ‫يكتبها بعد أن هجر زوجته أ‬ ‫الولى ماريان‪ ،‬والهم‬ ‫من ذلك كله أنها هي المجموعة أ‬ ‫الولى التي يكتبها‬ ‫بعد أن التقى الشاعرة المعروفة تَس غاالغر التي‬ ‫سيقضي معها باقي حياته‪ .‬من هذه السلسلة من‬ ‫أ‬ ‫الولويات تنبع أهمية هذا الكتاب بالنسبة لكارڤر‪.‬‬ ‫ولهذا فإن رسالته الطويلة التي كتبها تلك الليلة من‬ ‫يوليو ‪1980‬م قد رسمت معالم الخطوة المقبلة من‬ ‫العالقة بين ريموند كارڤر وغوردن ليش‪.‬‬


‫‪65 | 64‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫الخالف النموذجي‬ ‫تجاو ُز حدود التحرير‬

‫كانت المشكلة أن نسخة ليش المعدلة‪ ،‬التي أراد‬ ‫تغيير عنوانها إلى «ما نتحدث عنه عندما نتحدث‬ ‫عن الحب»‪ ،‬تختلف كثيراً عن تلك التي أنجزها كارڤر‬ ‫لدرجة أن أ‬ ‫الخير شعر بصعوبة تمييزها أو التعرف‬ ‫إليها‪ .‬وكما أشرنا أعاله إلى معنى الكتابة في ظروف‬ ‫صعبة بالنسبة لكارڤر‪ ،‬فقد رأى أن «سالمة عقله النآ‬ ‫على المحك» كما كتب إلى محرره في الرسالة نفسها‪.‬‬ ‫وبغض النظر عما إذا كانت تعديالت ليش ستجعل‬ ‫من قصصه أفضل‪ ،‬فإن الكاتب قد ضاق ذرعاً وأمسى‬ ‫عدم المساس بنصوصه من أ‬ ‫الهمية بمكان لدرجة‬ ‫أنه أبدى استعداداً ألن ينهي عالقة مهمة منقطعة‬ ‫النظير بين كاتب ومحرر‪ .‬وللتأكيد على هذه النقطة‬ ‫كتب معلقاً حول القصص في نسخة ليش من‬ ‫المسودة‪« :‬حتى وإن كانت [القصص المحررة] أقرب‬ ‫إلى كونها أعماال فنية من النسخ أ‬ ‫الصلية‪ ،‬ما زال حريّاً‬ ‫ً‬ ‫بها أن تكتب نهايتي»‪.‬‬ ‫عد بعض النقَّاد هذه الرسالة وثيقة مهمة‪ ،‬ووصفها‬ ‫ّ‬ ‫غابي وود بأنها «استرحام ومانيفستو» ألنها تكشف‬ ‫إلى أي مدى كانت الكتابة متعالقة مع إحساس كارڤر‬ ‫بذاته كإنسان أوال ً ثم ككاتب ثانياً‪ ،‬كما وصفها أيضاً‬ ‫بأنها تشبه إلى حد كبير شخصيات كارڤر الذين طالما‬ ‫القراء بين ثنايا قصصه‪.‬‬ ‫التقاها َّ‬ ‫الشارة هنا إلى دور الشاعرة‬ ‫على أية حال‪ ،‬ينبغي إ‬ ‫أ‬ ‫تَس غاالغر‪ ،‬التي التقاها كارڤر لول مرة في داالس‬

‫عام ‪1977‬م‪ ،‬ثم عاش معها بعد انفصاله عن‬ ‫زوجته أ‬ ‫الولى‪ ،‬في مراجعة النسختين ومحاولة‬ ‫دفع كارڤر إلى كتابة فصل جديد في مهنته‬ ‫الكتابية‪ .‬لقد الحظت غاالغر البون الشاسع بين‬ ‫نسخ َتي المسودة وآمنت بالصوت المفقود ما بينهما‬ ‫وحرضت شريكها على االحتجاج‪ .‬إال أن استرحام‬ ‫كارڤر لم يجد نفعاً‪ ،‬إذ واصل الكتاب طريقه إلى‬ ‫النشر بتحرير ليش‪ ،‬وبالعنوان الذي اقترحه ليش‪،‬‬ ‫الذي هو «ما نتحدث عنه عندما نتحدث عن‬ ‫الحب»‪ ،‬واستعاض الكاتب عن ذلك بشيء آخر‪.‬‬ ‫جدير بالذكر أن المجموعة القصصية لقيت عند‬ ‫صدى ورواجاً كبيرين‪ ،‬ويعزو‬ ‫نشرها عام ‪1981‬م‬ ‫ً‬ ‫رسوخ شهرة كارڤر ككاتب قصة‬ ‫جمع من النقَّاد إليها‬ ‫َ‬ ‫ُملهم‪.‬‬ ‫ما استعاض به كارڤر هو أنه أهدى الكتاب إلى‬ ‫غاالغر‪ ،‬ووعدها بأن تجد النسخة أ‬ ‫الصلية التي‬ ‫قرأتها وأحبتها في عام ‪1980‬م طريقها إلى النشر‬ ‫في يوم من أ‬ ‫اليام‪ .‬وبعد حوالي عقدين من وفاة‬ ‫كارڤر‪ ،‬وتحديداً في عام ‪2009‬م‪ ،‬جاء ذلك اليوم‪،‬‬ ‫حيث قدمت غاالغر مسودة «مبتدئون» إلى النشر‬ ‫في عملية تصفها بأنها «إحيا ٌء» للكاتب الذي مات‬ ‫و«نبش لكلماته من تحت‬ ‫بسرطان الرئة عام ‪1988‬م‬ ‫ٌ‬ ‫سطوة ليش»‪.‬‬ ‫كانت غاالغر تؤمن كثيراً بحظها الميمون الذي لم‬ ‫تكن مستعدة للتخلي عنه بعد زواجها منه‪ .‬وقد‬ ‫واجهته بذلك‪ ،‬حسب روايتها‪ ،‬حيث قالت له‪:‬‬

‫«حتى وإن كانت‬ ‫[القصص المحررة]‬ ‫أقرب إلى كونها‬ ‫ً‬ ‫أعماال فنية من‬ ‫النسخ األصلية‪،‬‬ ‫ما زال ّ‬ ‫حري ًا بها أن‬ ‫تكتب نهايتي»‬ ‫«اسمع‪ ،‬أنا أحبك‪ ،‬لكني لم أقطع آالف أ‬ ‫الميال‬ ‫لكي ألقى الحظ السيئ‪ .‬حظي جيد وأود أن يبقى‬ ‫تغير‬ ‫على ما هو عليه‪ ،‬أما أنت فينبغي عليك أن ّ‬ ‫حظك»‪.‬‬ ‫ذكرنا أن أثر ليش على كارڤر لم يكن‬ ‫جدير بالقول ُ‬ ‫بالكاد ظاهراً‪ ،‬لكن كانت هناك وشايات‪ .‬ثم كان أن‬ ‫كثير ممن تسربت إليهم تلك‬ ‫خطرت على أذهان ٍ‬ ‫الوشايات أسئلة‪ .‬منها على سبيل المثال‪ :‬إذا كان‬ ‫تحرير ليش لنصوص كارڤر ثقيال ً ومؤثراً وجريئاً‪ ،‬فهل‬ ‫ما نعتبره أسلوب «الكارڤري» هو في الواقع أسلوب‬ ‫ليش؟ وإن كان ليش فعال ً بهذه الموهبة‪ِ ،‬فل َم ال‬


‫كتاب السرد الناجحين من اليهود أمثال جي دي‬ ‫سالينجر وغريس بيلي وبرنارد ماالمود حتى يحظى‬ ‫بالشهرة التي يستحق‪.‬‬

‫إذا كان الرجالن‬ ‫قد ارتبط اسمهما‬ ‫ً‬ ‫كثيرا وكتبا‬ ‫ببعض‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ملهما‬ ‫تاريخا‬ ‫سوي ًا‬ ‫في الوسط األدبي‪،‬‬ ‫فما الذي يجعل‬ ‫كارڤر يرغب في أن‬ ‫يضع ً‬ ‫حدا لذلك‬ ‫التاريخ؟‬

‫يذيع صيت كتاباته هو مثلما ذاع صيت كتابات‬ ‫كارڤر؟ وهل كان كارڤر قلقاً من انفضاح تأثير ليش‬ ‫على قصصه؟‬

‫بين خدمة النص واالنقالب عليه‬

‫استطاع الباحثون أن يجدوا إشارات يمكن أن تعين‬ ‫في الجابة عن هذه أ‬ ‫السئلة‪ .‬ففي إحدى رسائل كارڤر‬ ‫إ‬ ‫إلى ليش ذكر أ‬ ‫الول‪« :‬ال أستطيع أن أستسلم لذلك‬ ‫َ‬ ‫النوع من البتر واالستزراع الجراحي الذي قد يجعل‬ ‫[قصصي] تظهر بطريقة ما مناسبة ليحتويها الكرتون‬ ‫بحيث يمكن لغطائه أن ينغلق‪ .‬ال بد أن تكون هناك‬ ‫أطراف وذوائب شعر خارجة منه»‪ .‬وحين العودة‬ ‫إلى النسختين المتاحتين آ‬ ‫الن للمجموعة القصصية‬ ‫آنفة الذكر‪ُ ،‬وجد أن كثيراً من القصص قد اق ُتطع‬ ‫منها ما مجموعه ‪ 50‬إلى ‪ 70‬في المئة‪ .‬يبدو أن ليش‬ ‫قد أطلق العنان ليده في التحرير بحرية وتصرف‬ ‫واسعين‪ .‬هذا الشيء قد يفسر حقيقة أن كارڤر كان‬ ‫َ‬ ‫سمى «تبسيطياً» على رغم أنه كان كثيراً‬ ‫يكره أن يُ َّ‬ ‫ما يوصف كذلك عطفاً على أسلوب قصصه‪ .‬على‬ ‫أية حال‪ ،‬تغييرات ليش لم تقف عند هذا الحد‪،‬‬ ‫بل طالت العناوين والشخصيات والحبكة والنبرة‬ ‫أ‬ ‫والسلوب‪.‬‬ ‫بعض الدراسات بحثت في سيرة غوردن ليش‬ ‫المتناثرة بين طيات الكتب‪ ،‬ونقبت فيها في محاولة‬ ‫لفهم شخصيته التي تطورت كمحرر أدبي‪ ،‬ثم‬ ‫استلّت منها ما يمكن أن يفيد في سبيل هذا القصد‪.‬‬ ‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬أشار بعضهم إلى معاناة ليش‬ ‫ككاتب‪ ،‬أثناء دراسته في جامعة أريزونا‪ ،‬إذ حطم‬ ‫إدوارد لوميس خريج ستانفورد قلبه وقسا عليه فيما‬ ‫يتعلق بطموحاته أ‬ ‫الدبية‪ ،‬ما دعا ليش إلى أن يغادر‬ ‫الصف غارقاً في دموعه وتاركاً أريزونا إلى أ‬ ‫البد‪ .‬كما‬ ‫لم توافق جهة في بداية مهنته الكتابية على نشر أي‬ ‫من قصصه‪ ،‬ما جعله يقول مازحاً إنه ينتظر أن يموت‬

‫وقد يعتقد أحد أن صرامة ليش مردها إلى تلك‬ ‫الخفاقات المبكرة‪ ،‬لكن الحقيقة أن ليش لم‬ ‫إ‬ ‫تعزه الحماسة أ‬ ‫الدبية أبداً‪ ،‬بل إنه دفع ثمن‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫حماسته وانفتاحه على الفكار المثيرة للجدل‬ ‫بأن طرد من المدرسة التي كان يعمل فيها بعد‬ ‫أن ُضيق عليه الخناق ووضع تحت المراقبة‪،‬‬ ‫على رغم شهادات الكثير بلمعان تميزه وإلهامه‬ ‫التالميذ‪ .‬وكان من بين التهم التي ألقيت ضده‬ ‫آنذاك حث الطالب على قراءة إيمرسون وارتداؤه‬ ‫القبعة في الداخل واستعجاله في قراءة أداء‬ ‫القسم وامتالكه «أثاثاً ُمضحكاً» إضافة إلى‬ ‫لوحات تجريدية في منزله‪.‬‬ ‫الكيد أن غوردن ليش شق عالمه في التحرير أ‬ ‫أ‬ ‫الدبي‬ ‫قدمها‬ ‫بجدارة‪ ،‬وال ينكر أحد أهمية إ‬ ‫الضافة التي َّ‬ ‫الدبي أ‬ ‫للمشهد أ‬ ‫المريكي‪ .‬لقد خدم ليش‪ ،‬بشهادة‬ ‫غير واحد‪ ،‬كثيراً من الكتاب‪ ،‬إال أنه غدا في نظر‬ ‫البعض واثقاً أكثر مما يجب‪ ،‬ومعتقداً بأنه «يعرف‬ ‫كل شيء في وقت لم يكن يعرف فيه كل شيء»‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن هذا الملمح من شخصيته أصبح‬ ‫ووفياً‬ ‫مؤذياً لبعضهم‪ ،‬إال أن كارڤر ظل مخلصاً لليش ّ‬ ‫له حتى مات‪.‬‬ ‫هل كانت العالقة التي تجمع ريموند كارڤر بمحرره‬ ‫أ‬ ‫الدبي غوردن ليش عالقة طفيلية أم تكافلية؟ وإن‬ ‫كانت طفيلية‪ ،‬فلصالح َم ْن على حساب َم ْن؟ قد ال‬ ‫نجد بُ ّداً من إطالق هذا السؤال‪ .‬ولكن‪ ،‬على الرغم‬ ‫مما اش ُتهر به غوردن ليش من أنه «مجتزئ ريموند‬ ‫كارڤر» إال أنه ظل معلماً أدبياً بارزاً‪ ،‬أوال ً ككاتب‬ ‫يعده بعضهم نظير صاميويل‬ ‫حداثي طالئعي‪ّ ،‬‬ ‫بيكيت أ‬ ‫المريكي‪ ،‬وثانياً كمحرر مرموق تعاون مع‬ ‫البداعية في‬ ‫كتاب كبار‪ ،‬ثم ثالثاً كمدرس للكتابة إ‬ ‫جامعتين عريقتين‪ ،‬ييل وكولومبيا‪ .‬واعترف كارڤر‬ ‫بفضل ليش عليه‪ ،‬إذ قال له في إحدى الرسائل‪« :‬لو‬ ‫موضع قدم في هذا العالم‪ ،‬فأنا مدين لك‬ ‫أن لي‬ ‫َ‬ ‫به»‪.‬‬ ‫في النهاية‪ ،‬قد تكون العالقة بين االثنين عالقة‬ ‫استثنائية‪ ،‬وقد ال تتكرر الظروف التي جمعت بينهما‬ ‫ككاتب ومحرر‪ ،‬إال أنها قدمت حالة خاصة استرعت‬ ‫اهتمام الباحثين والك ّتاب‪ .‬لقد سلطت الضوء على‬ ‫إشكالية تمس مهنة الكتابة ويتعامل معها الكتاب‬ ‫َ‬ ‫المجال لسيل‬ ‫يومياً‪ ،‬كما أفسحت‪ ،‬وهذا هو المهم‪،‬‬ ‫أ‬ ‫والبداع والملكية‬ ‫من السئلة‪ ،‬هي أسئلة التأليف إ‬ ‫الفكرية‪.‬‬


‫ً‬ ‫حلما‪..‬‬ ‫مكان يتنفس‬

‫‪67 | 66‬‬

‫فنان ومكان‬

‫المقهى‬

‫في أعمال الفنان خليل حسن خليل‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫‪illustration: Omer Subair, almohtaraf assaudi‬‬

‫عبد اهلل البراك‬

‫عندما طالعتنا األخبار بفوز الروائي الفرنسي‬ ‫باتريك موديانو‪ ،‬بجائزة نوبل لآلداب لعام‬ ‫‪2014‬م‪ ،‬استدعت ذاكرتي أمرين‪ ،‬أولهما رواية‬ ‫«مقهى الشباب الضائع» لموديانو نفسه‪،‬‬ ‫وثانيهما لوحات الفنان التشكيلي السعودي‬ ‫َ‬ ‫لوحت ْي (قال الراوي) التي‬ ‫الكبير خليل حسن خليل وبالذات‬ ‫أنجزها الفنان في عام ‪2010‬م ولوحة (على رصيف القمر)‬ ‫التي أنجزها في عام ‪1982‬م‪.‬‬


‫على رصيف القمر‪1982 ،‬م‪ 96x76 ،‬سم‬

‫أول ما يتبادر إلى ذهن المتلقي عند مشاهدته‬ ‫لوح َت ْي خليل حسن خليل هو كيف أن سطوة‬ ‫المكان فيهما حاضرة بكل ما تبذره اللحظات في‬ ‫النفس من شجن إنساني ومحاولة لفهم التفاصيل‬ ‫وإدراك قيم المرئي والال مرئي‪ ،‬والمحكي‬ ‫والمسكوت عنه في المشهد عندما نبتعد عنه‬ ‫بذواتنا الواعية وننظر إليه من بعيد‪.‬‬ ‫إن المقهى‪ ،‬ذلك الكائن الذي يبتلع أ‬ ‫المكنة وأوقات‬ ‫الناس على اختالف مشاربهم‪ ،‬لعالمة فارقة في‬ ‫حياة المدن ونبضها‪ .‬هو مزيج من المشروبات‬ ‫والبشر والدخان وحكايات تأتي وتذهب قبل أن‬ ‫تتناسل منتشرة في الهواء‪ ،‬محملة بأنفاس مرتاديه‪،‬‬ ‫بآالمهم وآمالهم‪ ،‬حكايات ال يجمع شتاتها ضيق‬ ‫الفواه المقبلة وال اتساع آ‬ ‫أ‬ ‫الذان المغادرة‪ ،‬فضاء‬ ‫تتقافز فيه ضحكات تثير الفضول وتنبش بين‬ ‫الوجوه عن ثرثرات ترضي غرور المقاعد المتراصة‪.‬‬ ‫نصب باتريك موديانو مقهى (كوندي) نوال ً نسج‬ ‫شخوص روايته حوله‪ ،‬شخوصاً تستعمر مقاعد‬ ‫المقهى المتعبة‪ ،‬وأناساً يجترون ذكرياتهم في‬ ‫المقهى عنه وحوله‪.‬‬ ‫ومن مقهى كوندي وشخوصه الغارقة في الواقع‬ ‫الباريسي الحالم إلى مقاهي جيزان بسحرها‬ ‫ونسائم البحر وأصوات البحارة‪ .‬نستبصر الخطى‬ ‫لنبحر في فضاء لوحة (قال الراوي)‪ ،‬فيطالعنا‬ ‫في مقدمتها من اليمين شخص مسيطر على ثالثة‬

‫قال الراوي‪2010 ،‬م‪ 200x210 ،‬سم‬

‫أرباع اللوحة مسنداً ظهره إلى مقعد المقهى‪،‬‬ ‫غارقاً في أحالمه‪ .‬أمامه طاولة خشبية تتحرك‬ ‫البل تعبر مغادرة فضاء‬ ‫على سطحها قافلة من إ‬ ‫اللوحة‪ .‬وفي وسط اللوحة يد ممتدة من أ‬ ‫العلى‪،‬‬ ‫وما بين القافلة التي على الطاولة واليد الممتدة‬ ‫برتقالة تاركة المتلقي في حيرة عظيمة‪ :‬هل اليد‬ ‫تود التقاط البرتقالة أم هي التي ألقتها من أ‬ ‫العلى؟‬ ‫شاهد ٌ‬ ‫رجل ملقى على عتبة‬ ‫ثم في خلفية اللوحة يُ َ‬ ‫الباب‪.‬‬ ‫أما في لوحة (على رصيف القمر) التي حازت‬ ‫الجائزة أ‬ ‫الولى في معرض المقتنيات الثامن‬ ‫تصور مقهى على‬ ‫بالرياض عام ‪1984‬م‪ ،‬فهي ِّ‬ ‫رصيف البحر يخلو من العنصر البشري‪ .‬هو عبارة‬ ‫عن مجرد بقايا علب وأوراق وقشور برتقال ملقاة‬ ‫على الرصيف‪ ،‬فيما تنتشر حول مقاعد وطاوالت‬ ‫المقهى (الشيش) أو أ‬ ‫الراجيل ‪-‬أداة التدخين‬ ‫المعروفة‪ -‬وما زلنا في أجواء المقهى وتشكيالت‬ ‫الغيوم تسدل الستار على مشهد دراماتيكي‪ ،‬وكأن‬ ‫رواد المقهى قد غادروه للتو‪ ،‬أو أن شيئاً ما حدث‬ ‫َّ‬ ‫وأجبرهم على المغادرة‪ ،‬ربما سفينة مقبلة أو‬ ‫غائب منتظر‪.‬‬

‫أعضائها في المقاهي‪ .‬اعتمد السرياليون عموماً‬ ‫في لوحاتهم على أ‬ ‫الشياء الواقعية التي تستخدم‬ ‫أ‬ ‫كرموز للتعبير عن أحالمهم واالرتقاء بالشكال‬ ‫الطبيعية إلى ما فوق الواقع المرئي‪ .‬وتهدف‬ ‫السريالية إلى البعد عن الحقيقة وإطالق أ‬ ‫الفكار‬ ‫المكبوتة والتصورات الخيالية وسيطرة أ‬ ‫الحالم‪،‬‬ ‫حيث اعتمد فنانوها على نظريات فرويد في‬ ‫التحليل النفسي‪.‬‬ ‫يقول أوسكار ويلد‪« :‬كل فن هو أ‬ ‫بالساس فضا ٌء من‬ ‫الرموز»‪ .‬وفي اللوحتين التي نتناولهما اعتمد الفنان‬ ‫خليل حسن خليل على رسم عناصر اللوحتين‬ ‫أ‬ ‫بالسلوب الواقعي كرموز وظفها في فنه إليصال‬ ‫أفكاره وأحاسيسه للمتلقي‪ .‬وبطبيعة الحال فإن‬ ‫للعناصر المرسومة دالالت غنية بالمعنى‪ ،‬إذ‬ ‫الرمز في الفن التشكيلي يقوم على مبدأ التواصل‬ ‫البصري ويخلق معناه عبر ذلك التواصل‪.‬‬ ‫نغادر كل أ‬ ‫الفكار التي تتحدث عن السريالية وعالم‬ ‫أ‬ ‫والسقاطات النفسية للعناصر المرسومة‪،‬‬ ‫الحالم إ‬ ‫وال يغادرنا ذلك الفنان الجنوبي الذي يتنفس‬ ‫الحلم في أحد مقاهي شاطئ جيزان‪.‬‬

‫رسم خليل حسن خليل لوحتيه بأسلوب سريالي‬ ‫متمكن‪ ،‬انتهجه الفنان وبرع فيه‪.‬‬ ‫تميزت الحركة‬ ‫لم نغادر المقهى بعد‪ ،‬حيث ّ‬ ‫السريالية في منتصف العشرينيات باجتماعات‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪69 | 68‬‬

‫ً‬ ‫شعرا‬ ‫أقول‬

‫َم ْن يكتب َم ْن‪..‬‬ ‫الشاعر أم القصيدة؟‬ ‫شفيق العبادي‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫باعتقادي أن خيوط النص شت�ع ف ي� حياكة بعضها قبل تشكُّل‬ ‫أ‬ ‫خ�ة إال عملية استنطاق‬ ‫الشاعر ككائن لغوي‪ .‬وما هذه المرحلة ال ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تلبدت ف ي� فضاء لم يعد يحتمل المراوحة أو‬ ‫غيوم الذاكرة ي‬ ‫ف‬ ‫المراوغة‪ .‬ففي إحدى تجليات توفيق الحكيم تحت عنوان ي(� بيتنا‬ ‫موهوب) أرى أن هذه أ‬ ‫اليقونة ت‬ ‫حظ�ته إىل‬ ‫ال� تسللت (غزالة) من ي‬ ‫ي‬ ‫اءا� أ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫الوىل والخداج‬ ‫محمية‬ ‫ذاكر� منذ وقت مبكر بع� خطوات قر ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫لمعالجة مناخ عاشه طفال ً ليعيد تدويره الحقا كفكرة منفتحة عىل‬ ‫ت‬ ‫لساقي� أن ثت�ثر به لفضح‬ ‫مديات أوسع‪ ،‬أراها تخترص ما أريد‬ ‫ي‬ ‫حديقة النص هذا‪ ،‬من خالل ثيمة أشبه بنقطة ارتكاز شبكة عنكبوتية‬ ‫ت‬ ‫بشفر� مروحتها‬ ‫وبتكثيف الفت للحظتها الزمانية والمكانية (هنا ‪)...‬‬ ‫ي‬ ‫(هنا كنت ‪ ،...‬هنا لم تكن ‪ )...‬منشطراً النص خاللها بع� محطاته‬ ‫ت‬ ‫س�ة ذاتية التذهب ف ي� المغامرة‬ ‫ال� زارها (عابر سبيل)‪ ،‬كفصل من ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫بعيداً لن غايتها النهائية تعرية الواقع ال الذات‪ .‬فهي أشبه ماتكون‬ ‫ت‬ ‫ال� ن‬ ‫تع� بالمحيط ليس بالمادة‪.‬‬ ‫بالصورة الفوتوغرافية ي‬

‫‪illustration: Omer Subair, almohtaraf assaudi‬‬

‫استمع للقصائد‬ ‫بصوت الشاعر‬

‫‪www.qafilah.com‬‬


‫«هنا‪»..‬‬ ‫هنا لم تكن أنت‬ ‫‪1‬‬ ‫ملع�‬ ‫من عـقـدوا ف ي� جبينك (شمساً) وأهدوك لليم يرسم‬ ‫هنا ‪ ...‬كنت من غيمة ب ي‬ ‫هنا كنت أنقش ي ن‬ ‫بالط� ذكرى الذين بع�ت بمينائهم دربك ماء الجهات‬ ‫شهقة المتعـب‬ ‫هنا لم تكن أنت‬ ‫ت‬ ‫بن‬ ‫تالعـ� ب ي�‬ ‫اللوا�‬ ‫هنا كنت أغـري (الصبايا)‬ ‫من شد مرزامه الغيم ف ي� ساعـديك وأوحت إليك‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� أوكل ْتك مفاتيحها‬ ‫هنا كنت أرقـب أمي تطحـن مـن حـنطة العمر شيئاً الجرار ي‬ ‫تل�سمه ف ي� المساء رغيفاً ‪ ....‬فأسأل‬ ‫يك تراودها كيفما شئت ‪ ...‬نافلة ‪ ...‬أو صالة‬ ‫ماذا سيبقى لنا بعدما يأكل البحـر حـصته‪ ،‬والنوارس هنا ‪ ...‬لم تكن أنت‬ ‫ن‬ ‫ياأ�؟‬ ‫أخطأ� ظله ذات مرسى‬ ‫وجه الغـريب الذي كان‬ ‫حصتها ب ي‬ ‫ي‬ ‫وقد كان يولم يل كلما مر لكنه اليوم أومأ يل‬ ‫هنا كنت أرقبها وهي تغـزل شاال ً لفاتنة سوف‬ ‫ن‬ ‫ترسق� من يديها إذا ما اكتملت كقارورة العطر ليالً‪ ،‬حول الطرف عـنا إذا جئت صوب الحمى ياغـريب‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ث‬ ‫ال� خضبتك أسنتها أمس ش‬ ‫كالن�‬ ‫م�عة كالفالة‬ ‫فالعيون ي‬ ‫وبع�ت أرسارها ب ي‬ ‫هنا كنت أحص الغزاالت ي ن‬ ‫فلماذا زرعتك ف� ي ن‬ ‫ح� ئ ن‬ ‫الط� قافية عطرها من رحيق‬ ‫يض� الدروب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫القديمة شعراً‬ ‫الفسات�‬ ‫الص�‬ ‫لكن ألحانها من نشيد الحفاة‬ ‫ويغـزلـن بالحزن ذاك ب ي‬ ‫ف‬ ‫كث�ون مرت حكاياهم من هنا‬ ‫ليال الشتاة‬ ‫هنا ‪ ....‬ي‬ ‫ولماذا تشكلت يل قمراً سادراً ي� ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫خربشات عىل حائط الروح‬ ‫ولماذا‬ ‫ذاكر� (نخلة) !‬ ‫تخاتل� كلما رحت أدعك‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫كم تركوا خصلة من قصاصات أحالمهم‬ ‫رسها تاه ف ي� ذكريات النواة‬ ‫ين‬ ‫ح� الحت لهم غـيمة فارتدوها مناماً إىل حلم‬ ‫ترجل‬ ‫أي هاذا المقيم بروحي َّ‬ ‫أرحـب‬ ‫فقد أدرك الشوط غايته‬ ‫والجياد أ‬ ‫الصيالت أتعبها االنتظار‬ ‫ين‬ ‫ووحدي أنا واقف ي ن‬ ‫‪2‬‬ ‫شوط�‬ ‫ب�‬ ‫هنا ‪ ...‬لم تكن أنت‬ ‫هذا يريد ابتكار الحياة‪،‬‬ ‫من نقـشته القوابل حـرزاً عـىل كفها‬ ‫وهذا يجيد ارتكاب الحياة ‪.‬‬ ‫ثم رشـته ف ي� بركة الدرب (صبحاً) لليل الحداة‬


‫‪71 | 70‬‬

‫‪Pictures: Saudi Aramco Archive‬‬

‫ذاكرة القافلة‬

‫جازان قبل نصف قرن‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫َّ‬ ‫تضمن عدد القافلة‬ ‫لشهر يونيو ‪1971‬م‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مصورا حول‬ ‫استطالعا‬ ‫جازان بقلم سليمان‬ ‫نصر اهلل‪ ،‬لمناسبة‬ ‫تدشين سد وادي جازان‪ .‬ومن‬ ‫االستطالع الذي صدر في ‪ 12‬صفحة‬ ‫ِّ‬ ‫تصور ما كانت عليه‬ ‫نختار مقتطفات‬ ‫المدينة ومنطقتها آنذاك‪..‬‬

‫جازان اليوم‬

‫شتان بين جازان أ‬ ‫المس واليوم‪ ..‬هي اليوم مدينة‬ ‫آخذة بأسباب التقدم والتطور‪ ،‬فبينما كان معظم‬ ‫بيوتها من العشش المخروطية الشكل حتى العقدين‬ ‫الخيرين من هذا القرن‪ ،‬نجدها آ‬ ‫أ‬ ‫الن تشهد حركة‬ ‫عمرانية واسعة‪ ،‬فقد نسقت طرقاتها ووسعت‪،‬‬ ‫ورصفت شوارعها وأنيرت‪.‬‬ ‫المارة‬ ‫الدارية فمدينة جازان تضم إ‬ ‫أما من الناحية إ‬ ‫المركزية‪ ،‬ويتبعها ‪ 29‬إمارة فرعية موزعة في قرى‬ ‫الدارات الحكومية‬ ‫المنطقة الرئيسة‪ ،‬كما تضم إ‬ ‫المختلفة من أمن‪ ،‬وزراعة‪ ،‬وصحة‪ ،‬وتعليم‪،‬‬ ‫وتجارة‪ ،‬ومواصالت‪ ،‬وعدل‪ ،‬ومالية‪ ،‬وعمل‪ .‬وتوجد‬ ‫فيها الفنادق وفروع البنوك وفرع مؤسسة الخطوط‬ ‫الجوية السعودية‪.‬‬ ‫وقد كانت جازان في الماضي تعاني قلة مياه‬ ‫الهالي يعتمدون على آ‬ ‫الشرب‪ ،‬فكان أ‬ ‫البار‬ ‫أ‬ ‫والحفار التي كانوا يحفرونها على مقربة من‬ ‫المدينة‪ ،‬إال أن ماءها غالباً ما يكون ملحاً‪ .‬ومن‬ ‫أهم هذه آ‬ ‫البار بئر اسمها «العميرية» تقع‬ ‫على بُعد ‪ 9‬كيلومترات إلى الشرق من جازان‪.‬‬ ‫ثم تم حفر أربع آبار ارتوازية في مكان يُقال له‬

‫‪1971‬م‪ :‬منظر عام لسد جازان وقد بدأ الماء يتدفق من فتحاته‬ ‫بعد تدشينه‬

‫«الماطري»‪ ،‬وأنشئ خزان ضخم على مقربة منها‪،‬‬ ‫وجلب ماؤها إلى جازان بوساطة ثالثة خطوط من‬ ‫أ‬ ‫النابيب متوسط قطر الواحد منها ‪ 25‬سنتيمتراً‪.‬‬ ‫كما أنشئ في المدينة أربعة خزانات لتوزيع المياه‬ ‫على المنازل‪ ،‬وبذلك سدت حاجة هذه المدينة‬ ‫من الماء بصفة دائمة‪ .‬وكان لهذا أثره العظيم في‬ ‫إنعاشها واتساع عمرانها وانتشار الرخاء فيها‪.‬‬ ‫وأول ما يطالع المقبل على مدينة جازان من ناحية‬ ‫المطار‪ ،‬حي «المطلع»‪ ،‬وهو مدخل المدينة‪ ،‬حيث‬ ‫يسير في شارع الملك عبدالعزيز الذي تنتشر على‬ ‫جانبيه الحوانيت والمقاهي التي تغص بروادها في‬ ‫المساء يشربون الشاي الممزوج بالشمطري‪ ،‬إلى أن‬ ‫يواجهه مبنى البلدية القابع في أعلى شارع الملك‬ ‫فيصل الذي يتجه غرباً‪ ،‬إلى أن يفضي إلى الميناء‪.‬‬ ‫ويُعد هذا الشارع قلب المدينة النابض‪ ،‬إذ تقوم‬ ‫على جانبيه المحالت التجارية‪.‬‬ ‫فإذا ما شعر بالتعب من التجوال بين حوانيت‬ ‫البزازين‪ ،‬وما أكثرهم في هذا الشارع‪ ،‬فما عليه إال‬ ‫أن يسلك شارع «مصلى العيد» الذي يبدأ من مكتب‬ ‫المارة‪ ،‬ويتجه جنوباً إلى حي الجبل الذي يحتضن‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫أبنية جميلة‪ ،‬من بينها قصر المير تركي السديري‪،‬‬

‫والد أ‬ ‫المير الحالي للمنطقة‪ .‬في هذه المنطقة يلحظ‬ ‫سوقاً أ‬ ‫للواني الفخارية وأخرى للمظالت «قبعات‬ ‫الخوص» والحصر والمفارش وسجاجيد الصالة‬ ‫والحبال والزنانيل المصنوعة من السعف‪ ،‬وبعض‬ ‫النباتات والحشائش كالحلفاء والطفي والصافي‬ ‫والمشل وغيرها‪ .‬ويشتهر أهالي منطقة جازان بصنع‬ ‫قبعات الخوص التي يرتديها الفالحون منهم لتقيهم‬ ‫غائلة الحر الالفح في فصل الصيف‪ ،‬ويتراوح ثمن‬ ‫الواحدة منها بين خمسة رياالت وعشرين رياالً‪،‬‬ ‫تبعاً لنوعها وشكلها وطريقة صنعها‪ .‬وعلى مقربة‬ ‫من هذه السوق يرتفع جبل الملح الذي تقوم عليه‬ ‫بعض منازل المدينة‪ .‬ولقد قامت بعثة كندية بحفر‬ ‫تلك المنطقة‪ ،‬فعثرت على كميات كبيرة من الملح‬ ‫قدر بنحو ‪ 500‬مليون طن‪ .‬وتوجد هذه الكميات‬ ‫تُ َّ‬ ‫ً‬ ‫في طبقات تمتد إلى عمق عشرين مترا تحت سطح‬ ‫أ‬ ‫الرض‪ ،‬وتجري في الوقت الحاضر دراسات واسعة‬ ‫أ‬ ‫الستغالل هذه الثروة الضخمة بالساليب الحديثة‪.‬‬ ‫ويقوم أ‬ ‫الهالي حالياً بتفتيت صخور الملح بطرق‬ ‫بدائية وتعبئتها في أكياس من الخيش يباع الواحد‬ ‫منها بأربعة رياالت ألهل جازان والقرى المجاورة‪.‬‬ ‫ومن هناك تصافح ناظريك «قلعة الدوسرية» تتربع‬ ‫على جبل وسط المدينة وتطل على الميناء‪ ،‬وهي‬ ‫قلعة تركية على أ‬ ‫الرجح‪.‬‬


‫ويشتهر أبناء جازان بصناعة قوارب صيد أ‬ ‫السماك‬ ‫وخاصة السنابيك‪ .‬ويبلغ عدد القوارب في مينائها ما‬ ‫ينوف على أربعمائة قارب‪ ،‬تستخدم حالياً في صيد‬ ‫السماك المختلفة من البحر أ‬ ‫أ‬ ‫الحمر‪ ،‬وقد كانت‪ ،‬حتى‬ ‫وقت قريب‪ ،‬تستخدم في صيد اللؤلؤ‪ .‬ومن أشهر‬ ‫أ‬ ‫وش ّرواء‪،‬‬ ‫السماك عندهم‪ :‬الظيراك‪ ،‬وزين أبوه‪َ ،‬‬ ‫وم ّلون‪ ،‬وتُوداف‪ِ ،‬وقرب‪ ،‬وم َنقّم‪،‬‬ ‫وص َهب‪ُ ،‬‬ ‫و َعقَام‪ُ ،‬‬ ‫ومسلبه‪ ،‬وأبو لعالع‪ ،‬وبياض‪ ،‬والقرش بأنواعه‪ ،‬وثمد‪،‬‬ ‫وأبو سالمة (الدلفين)‪ ،‬والخوتة‪ ،‬وقيده‪ ،‬والطويلة‬ ‫(عروس البحر)‪ ،‬وبتان وهي من أ‬ ‫السماك الضخمة‬ ‫ُ‬ ‫التي يتراوح طول الواحدة منها بين ‪ 3‬و‪ 5‬أمتار‪.‬‬ ‫ويشتغل أهالي جازان بالتجارة والصناعة اليدوية‬ ‫وفي الوظائف الحكومية المختلفة‪ ،‬أما باقي سكان‬ ‫المنطقة فيشتغلون بالزراعة وتربية المواشي‪.‬‬

‫جازان ممر حيوي‬

‫ليس غريباً أن تصبح جازان بحكم موقعها ممراً حيوياً‬ ‫للرائح والغادي‪ ،‬ومحطة يلتقي فيها المسافرون‬ ‫على الطرق البرية والبحرية على حد سواء‪ .‬ولهذا‬ ‫بادرت وزارة المواصالت بربط هذه المدينة بشبكة‬ ‫من الطرق‪ .‬ويجري العمل حالياً على تعبيد الطريق‬ ‫الرئيس الذي يربط جازان بصبيا وأبها والطائف‪ ،‬وهو‬ ‫طريق يبلغ طوله ‪ 775‬كيلومتراً‪ .‬كما سيعاد تمهيد‬ ‫الطريق الذي تعطَّل بفعل السيول والذي يربط‬ ‫جازان بأبي عريش والسد ويمتد إلى الجبال‪ .‬وال شك‬

‫قلعة الدوسرية التي تتربع على جبل في وسط مدينة جازان‬ ‫وتطل على الميناء من الجهة األخرى‬

‫تالميذ فصل العلوم يصغون باهتمام للمدرس وهو يشرح‬ ‫لهم تجربة علمية في المختبر‬

‫تشتهر جازان بصناعة قلل الماء الفخارية التي تمتاز بفتحة‬ ‫ضيقة في أعالها وفتحة جانبية لتركيب صنبور عليها‬

‫شارع الملك فيصل حيث تعج المتاجر بأنواع من الملبوسات‬ ‫والكماليات‬

‫أن هذه الشبكة من الطرق تسهل نقل حاصالت‬ ‫البلد الزراعية إلى المناطق المجاورة‪ .‬كما أن العمل‬ ‫جار آ‬ ‫الن على توسعة ميناء جازان الذي يكلف نحو‬ ‫‪ 15‬مليون ريال‪ .‬وقد بدأ العمل في منتصف عام‬ ‫‪1967‬م بإنشاء جسر حجري يمتد من الساحل إلى‬ ‫البحر مسافة ‪ 625‬متراً ويتفرع منه رصيفان طول‬ ‫أحدهما ‪ 127‬متراً‪ ،‬آ‬ ‫والخر ‪ 60‬متراً‪ ،‬ويبلغ عمق المياه‬ ‫عندهما سبعة أمتار‪ .‬والمشروع في مراحله النهائية‬ ‫وقد أوشك على االنتهاء‪.‬‬

‫السعودية‪ .‬وقد احتفل رسمياً بتدشينه في يوم‬ ‫الثنين ‪ 25‬المحرم ‪ ،1391‬وقام بافتتاحه صاحب‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫السمو الملكي المير فهد بن عبدالعزيز‪ ،‬النائب‬ ‫الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية‪ ،‬قائالً‪:‬‬ ‫«بسم هللا الرحمن الرحيم‪ ،‬في هذا اليوم المبارك‬ ‫نفتتح سد وادي جيزان نيابة عن جاللة الملك‬ ‫المعظَّم وأرجو من هللا أن يكون فاتحة خير وبداية‬ ‫مشاريع لهذه المنطقة وجميع مناطق المملكة‬ ‫العربية السعودية»‪.‬‬

‫وبالضافة إلى ذلك تقوم وزارة المواصالت بدراسة‬ ‫إ‬ ‫إلنشاء أربعة أرصفة أخرى للميناء وإقامة عنابر‬ ‫تقدر تكاليفها بمبلغ ‪120‬‬ ‫ضخمة ومنشآت إضافية َّ‬ ‫مليون ريال‪ .‬وسيتس َّنى لهذا الميناء بعد هذه‬ ‫التوسعة استقبال السفن الضخمة‪ ،‬وسيسهم إلى‬ ‫حد كبير في تصدير الحبوب والمواشي والجلود‬ ‫أ‬ ‫والسماك المجففة والسمن إلى مصوع وعدن‬ ‫والسودان وينبع وأملج وغيرها‪ .‬وفي مجال النقل‬ ‫الجوي فإن طائرات مؤسسة الخطوط الجوية العربية‬ ‫السعودية تربط مدينة جازان بأمهات مدن المملكة‬ ‫برحالت يومية منتظمة‪.‬‬

‫لخص معالي وزير الزراعة والمياه‪ ،‬الشيخ حسن‬ ‫وقد َّ‬ ‫المشاري‪ ،‬أ‬ ‫الهداف والفوائد التي ستجنيها المنطقة‬ ‫من وراء إقامة هذا السد بقوله‪« :‬إن إنشاءات السد‬ ‫ما هي إال جزء من مشروع متكامل لتطوير الزراعة‬ ‫بالمنطقة‪ ،‬تدخل فيه إنشاءات شبكة للري والصرف‪،‬‬ ‫كما تدخل فيه أعمال استصالح أ‬ ‫الرض والبحوث‬ ‫والرشاد الزراعي‪ ،‬وتقديم العون الفني والعيني‬ ‫إ‬ ‫للمزارعين‪ .‬وبهذا يكون الهدف النهائي للمشروع‬ ‫ككل‪ ،‬هو توفير المياه الالزمة للزراعة‪ ،‬وزيادة مساحة‬ ‫أ‬ ‫الرض المزروعة والمروية رياً دائماً‪ ،‬بما يتصل بكل‬ ‫ذلك من آثار اقتصادية واجتماعية تتمثل في رفع‬ ‫مستوى إنتاج أ‬ ‫الرض والعاملين فيها‪ ،‬وفي زيادة في‬ ‫الدخل وفي فرص العمل»‪ .‬وقد ألقى الشاعر فؤاد‬ ‫شاكر قصيدة في الحفل الذي أقيم الفتتاح السد‪،‬‬ ‫نقتطف منها ما يلي‪:‬‬ ‫تألق‪ ،‬في يومه أ‬ ‫المثل‬ ‫بناء على صرحه يعتلي ‬ ‫تتيه على دهرها‪ ،‬المقبل‬ ‫به اليوم «جازان» مزهوة ‬ ‫فال البحر يشرب من مائها وال السيل يمضي‪ ،‬وال يأتلي‬ ‫فأمواجه فيه كالجدول‬ ‫ولكنه «السد» قيد المياه‪ ،‬‬ ‫ويحيي به هللا في كل أرض‪ ،‬مواتاً من الجدب‪ ،‬والممحل‬ ‫ويسقي‪ ،‬ويسقى بأثباجه رحيق حالل من السلسل‬

‫سد وادي جازان‬

‫هو أضخم سد تم بناؤه في المملكة العربية‬

‫هذه األطباق الملونة تستعمل لتزيين العشة من الداخل‬ ‫وتصدر عنها أصوات يأنس بها الجازانيون كلما هبت الريح عليها‬

‫صور‪:‬‬ ‫عبداللطيف‬ ‫يوسف‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫عثرت عليها في قاموس المنهل (فرنســي‪ -‬عربي)‪،‬‬ ‫للفظة ا ألُولى المُعَ َّل َم ُة ِبنُجَ ْيمَةٍ ُ‬ ‫مكن رَصْ دُ وزن هذه الكلمة لتوليد المدلوالت التــي نحتاجها في علوم الحيوان‬ ‫َهف‪:‬‬ ‫لمختلفة‪ .‬وقد نَحَ وْتُ على مثَالهَا فيما صغتُ من كلمات مذكورة أدناها ُم ْكت ٌ‬ ‫َرِض‪:‬‬ ‫لغةمُؤْ ت ٌ‬ ‫هي َوتَجاويفهَا‪.‬‬ ‫هلمَغَ ارَات‬ ‫العربية‪..‬هُوف وال‬ ‫يعيش في ال ُك‬ ‫صفة للحيوان الذي ُ‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في الأرض والوَحْ ل‪ ¯.‬مُجْ َتبِلٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي‬ ‫للحيوان الذي يعيش فــي الأحْ رَاج والغَ ابَات‪.‬‬ ‫عيش في الجبال‪ ¯.‬مُحْ تَرِجٌ ‪ :‬صفة‬ ‫ً‬ ‫ل‪ :‬صفة للحيوان‬ ‫؟؟الخَ شَ ب‪ُ .‬م ْرتَمِ ٌ‬ ‫يعيش في‬ ‫الذي‬ ‫ــب‪ :‬صفة للحيوان‬ ‫مخْ ت َِش ٌ‬ ‫حقا‬ ‫الضاد‬ ‫لذي يعيش في ال ِّرمَال‪ ¯.‬مُشْ ت َِجرٌ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في ا ألَشْ جَ ار‪.‬‬ ‫ب‪:‬‬ ‫الصحْ رَاء‪ُ .‬م ْهتَذِ ٌ‬ ‫مصطَ ِح ٌر (أصْ ُلهَا م ُْصت َِحر)‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في َّ‬ ‫ْ‬ ‫َي‪ :‬مَوَ ٌه (معناه‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في المياه العَ ذْ بَة ( َمنْحُ وتَةٌ من َك ِل َمت ْ‬ ‫لمَاء)‪ +‬عَذْ ٌب)‪ُ .‬م ْنتَقِ عٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في ال َمنَاقِ ع والمُسْ ــ َت ْنقَعَ ات‪.‬‬ ‫عثرت عليها في قاموس المنهل (فرنســي‪ -‬عربي)‪،‬‬ ‫للفظة ا ألُولى المُعَ َّل َم ُة ِبنُجَ ْيمَةٍ ُ‬ ‫مكن رَصْ دُ وزن هذه الكلمة لتوليد المدلوالت التــي نحتاجها في علوم الحيوان‬ ‫َهف‪:‬‬ ‫لمختلفة‪ .‬وقد نَحَ وْتُ على مثَالهَا فيما صغتُ من كلمات مذكورة أدناها ُم ْكت ٌ‬ ‫َرِض‪:‬‬ ‫يعيش في ال ُكهُوف والمَغَ ارَات َوتَجاويفهَا‪ .‬مُؤْ ت ٌ‬ ‫صفة للحيوان الذي ُ‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في الأرض والوَحْ ل‪ ¯.‬مُجْ َتبِلٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي‬ ‫عيش في الجبال‪ ¯.‬مُحْ تَرِجٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش فــي الأحْ رَاج والغَ ابَات‪.‬‬ ‫ل‪ :‬صفة للحيوان‬ ‫ــب‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في الخَ شَ ب‪ُ .‬م ْرتَمِ ٌ‬ ‫مخْ ت َِش ٌ‬ ‫لذي يعيش في ال ِّرمَال‪ ¯.‬مُشْ ت َِجرٌ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في ا ألَشْ جَ ار‪.‬‬ ‫ب‪:‬‬ ‫الصحْ رَاء‪ُ .‬م ْهتَذِ ٌ‬ ‫مصطَ ِح ٌر (أصْ ُلهَا م ُْصت َِحر)‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في َّ‬ ‫ْ‬ ‫َي‪ :‬مَوَ ٌه (معناه‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في المياه العَ ذْ بَة ( َمنْحُ وتَةٌ من َك ِل َمت ْ‬ ‫لمَاء)‪ +‬عَذْ ٌب)‪ُ .‬م ْنتَقِ عٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في ال َمنَاقِ ع والمُسْ ــ َت ْنقَعَ ات‪.‬‬ ‫عثرت عليها في قاموس المنهل (فرنســي‪ -‬عربي)‪،‬‬ ‫للفظة ا ألُولى المُعَ َّل َم ُة ِبنُجَ ْيمَةٍ ُ‬ ‫مكن رَصْ دُ وزن هذه الكلمة لتوليد المدلوالت التــي نحتاجها في علوم الحيوان‬ ‫َهف‪:‬‬ ‫لمختلفة‪ .‬وقد نَحَ وْتُ على مثَالهَا فيما صغتُ من كلمات مذكورة أدناها ُم ْكت ٌ‬ ‫َرِض‪:‬‬ ‫يعيش في ال ُكهُوف والمَغَ ارَات َوتَجاويفهَا‪ .‬مُؤْ ت ٌ‬ ‫الذي أم الظاء؟ُ‬ ‫للحيوان‬ ‫صفة‬ ‫صفة للحيوان لغة‬ ‫الذيالضاديعيش في الأرض والوَحْ ل‪ ¯.‬مُجْ َتبِلٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي‬ ‫عيش في الجبال‪ ¯.‬مُحْ تَرِجٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش فــي الأحْ رَاج والغَ ابَات‪.‬‬ ‫ل‪ :‬صفة للحيوان‬ ‫ــب‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في الخَ شَ ب‪ُ .‬م ْرتَمِ ٌ‬ ‫مخْ ت َِش ٌ‬ ‫لذي يعيش في ال ِّرمَال‪ ¯.‬مُشْ ت َِجرٌ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في ا ألَشْ جَ ار‪.‬‬ ‫ب‪:‬‬ ‫الصحْ رَاء‪ُ .‬م ْهتَذِ ٌ‬ ‫مصطَ ِح ٌر (أصْ ُلهَا م ُْصت َِحر)‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في َّ‬ ‫ْ‬ ‫َي‪ :‬مَوَ ٌه (معناه‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في المياه العَ ذْ بَة ( َمنْحُ وتَةٌ من َك ِل َمت ْ‬ ‫لمَاء)‪ +‬عَذْ ٌب)‪ُ .‬م ْنتَقِ عٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في ال َمنَاقِ ع والمُسْ ــ َت ْنقَعَ ات‪.‬‬ ‫‪73 | 72‬‬

‫لغويات‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫منذ بدأنا نستهل صباحاتنا المدرسية بعطر المداد ونكتحل بإشراقة‬ ‫المفردات‪ ،‬ونحن نصدح مع الشاعر السوري‪ :‬فخري البارودي‪،‬‬ ‫قوله‪:‬‬ ‫من الشام لبغداني‬ ‫بالد العرب أوطاني ‬

‫هو الحرف الوحيد المختص بالعربية‪ ،‬واقتصر عليها دون غيرها من‬ ‫اللغات أ‬ ‫الخرى‪ ،‬وذكر في كتابه «العين» قائالً‪:‬‬ ‫أ‬ ‫• «وليس في شيء من اللسن ظاء غير العربية» وكرر هذا المعنى‬ ‫في أكثر من موضع في سياق الكتاب نفسه‪ ،‬وأضاف‪:‬‬ ‫• «والظاء عربية لم تعط أحداً من العجم‪ ،‬وسائر الحروف اشتركوا‬ ‫فيها بما في ذلك الضاد»‪.‬‬ ‫• لغة الضاد أم الظاء أم الحاء؟‬

‫وكم كان معلمونا أ‬ ‫الوائل يجهدون في شرح الضاد كحرف مجهور‬ ‫مستطيل‪ ،‬يتردد صداه في الحنك أ‬ ‫العلى‪.‬‬

‫إال أنه وما كاد هذا النقاش يحتدم في أي من الحرفين يستحق هذا‬ ‫المكانة حتى فوجئنا برأي آخر مخالف يفيد‪:‬‬ ‫• «إن ال الضاد وال الظاء يستحق أن توصف العربية في وصفه‪.‬‬ ‫للقوام أ‬ ‫فالضاد من أسهل الحروف نطقاً بالنسبة أ‬ ‫الخرى من‬ ‫غير العرب‪ .‬ومن نقائض الضاد أنه يسم جبين كل كلمة بمكروه‪،‬‬ ‫وبالكاد تسلم منه مفرده من اسم أو فعل‪ ،‬مثل‪« :‬ضجر ضوضاء‬ ‫ضالل ضنك ضنا ضوى ضراوة ضرر‪ ،‬إلخ …»‪.‬‬

‫إلى أن يقول بيتاً‪ ،‬كنت شغوفاً به لهوجاً بإنشاده‪:‬‬ ‫بغسان وعدنان‬ ‫لسان الضاد يجمعنا ‬

‫ويذكر «الفيروز بادي» في مقدمة كتابه القاموس المحيط‪« :‬ويأتي‬ ‫الضاد في المرتبة الخامسة عشرة في منظومة الحروف العربية‪،‬‬ ‫وهو حرف مشهور يحل في الكلمة أصال ً ال بدال ً وال زائداً‪ ،‬وهو‬ ‫للعرب خاصة»‪.‬‬

‫وكان العالمة بطرس البستاني يقول‪« :‬فصوت الضاد بفخامته‬ ‫ونضارته وغنته‪ ،‬إنما هو أوحى أصوات الحروف الهجائية قاطبة‪،‬‬ ‫فتحس معه بمشاعر الشهامة والمروءة والشمم…‬

‫وحرف هذا شأنه يستحق في نظر العربي أن يحمل لسانه مشقة‬ ‫لفظه‪ ،‬وتوسم العربية بوسمه‪ ،‬وقديماً قال المتنبي مفتخراً‪:‬‬ ‫وبهم فخر كل من نطق بالضاد‬ ‫وغل الجاني وغوث الطريد‬

‫والمتنبي ال يقصد هنا بالضاد اللغة العربية بشكل عام‪ ،‬وإنما حرف‬ ‫الضاد تحديداً‪.‬‬ ‫فمنذ قرون عديدة أصبح من المعهود والمقبول أن تحمل العربية‬ ‫لقباً يطلق عليها هو «لغة الضاد»‪.‬‬

‫لكن وبعد هذا كله‪ ،‬هل العربية لغة الضاد حقاً وفعالً؟ أم هناك‬ ‫ثمة صوت آخر يزاحمه على هذه المكانة التي تبوأها منذ أن عرفت‬ ‫اللسن؟ يبدو أن أ‬ ‫العربية طريقها إلى أ‬ ‫المر كذلك‪ .‬فالفراهيدي‬ ‫صرحوا بأن «الظاء»‬ ‫اللغوي العربي المشهور‪ ،‬يُعد من أوائل الذين َّ‬

‫• وأن شقيقه الظاء اليقل عنه تطرفاً من حيث اختصاصه بمفردات‬ ‫توصف بالعتمة والضيق من مثل‪« :‬ظالم ظلم اكتظاظ لظى‬ ‫غيظ»‪ .‬والى ما هنالك من كلمات مدلهمة تبعث على التشاؤم‬ ‫وتدعو لالنقباض‪.‬‬

‫• بينما عكسهما الحاء الذي يكاد يحتكر أشرف المعاني وأقواها‪،‬‬ ‫مثل‪« :‬حب حسن حق حركة حزم وحي‪ ،‬إلخ»‪ ..‬فحرف الحاء‬ ‫من أظهر الحروف أثراً بمعاني السعة‪ ،‬حسية كانت أو فكرية‪،‬‬ ‫ويعم الحكم فيسوى بين موقعه في أول الكلمة أو في وسطها أو‬ ‫آخرها‪ ،‬مثل‪« :‬الحرية والحياة والحكم والحكمة والحالوة والحالل‬ ‫والرحمة»‪ .‬وإليها نضيف‪« :‬االرتياح والسماح والفالح والنجاح‬ ‫والفصاحة والفرح والمرح والصفح والروح والريحان والترويح»‪.‬‬

‫وأن هذا الحرف الحلقي من أصعب الحروف نطقاً على حناجر‬ ‫العاجم‪ ،‬الذين يلفظونه‪« :‬هـ» أو «خاء» وهو بذلك يكون أ‬ ‫أ‬ ‫الجدر‬ ‫بأن تنسب إليه لغتنا الجميلة‪ ،‬فنقول بملء أفواهنا‪« :‬لغة الحاء‬ ‫بدال ً من قولنا لغة الضاد أو الظاء»‪.‬‬

‫غازي خيران الملحم‬ ‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫فيديل سبيتي‬

‫فاطمة النمر‬

‫والتساؤالت حول عالم اليوم‬

‫فرشاة وإزميل‬

‫يقع مرسم الفنانة التشكيلية السعودية‬ ‫الشابة فاطمة النمر في مدينة القطيف‬ ‫ّ‬ ‫يطل على‬ ‫في المنطقه الشرقية‪ ،‬في منزل‬ ‫أزرق الخليج وأخضر الحديقة القريبة وألوان‬ ‫ّ‬ ‫المتنوعة النابتة فيها‪ .‬والمرسم‬ ‫الزهور‬ ‫عبارة عن غرفة ملحقة بمنزل العائلة‪،‬‬ ‫تتمتع باالستقالل كما يليق بمرسم ِّ‬ ‫يؤمن‬ ‫ً‬ ‫وحيدا‬ ‫العزلة لفنان يحتاج إلى أن يكون‬ ‫مع أفكاره وخياله وألوان وعدة الرسم‬ ‫التي ّ‬ ‫تحول األفكار المتخيّ لة إلى لوحات‬ ‫هي خليط بين موهبة الفنانة واألدوات‬ ‫المستخدمة وطول األناة التي تتمتع بها‬ ‫النمر‪ ،‬إذ إن لوحاتها بأغلبها تقوم على رسم‬ ‫التفاصيل من أشكال ونقوش وجزيئيات‬ ‫صغيرة‪ ،‬وكأن ّ‬ ‫الرسامة تستخدم العدسة‬ ‫المكبّ رة في كل سنتيمتر على قماش‬ ‫لوحتها‪.‬‬


‫‪75 | 74‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫في المرسم نافذتان تدخالن نور الشمس وهواء‬ ‫تضم كتباً عن الرسم‬ ‫البحر‪ ،‬بينهما المكتبة التي ّ‬ ‫والفنون التشكيلية‪ ،‬وأريكة سوداء ومغسلة‬ ‫وتتوزع الشموع في الزوايا‪ ،‬وكذلك‬ ‫ألوان‪ّ ،‬‬ ‫هزاز وكوب قهوة على الطاولة‬ ‫النباتات‪ ،‬وكرسي ّ‬ ‫وأقماع أ‬ ‫اللوان مبعثرة هنا وهناك‪ ،‬ثم هناك اللوحات المرصوفة‬ ‫على الجدران‪ ،‬وبعض اللوحات المرصوفة فوق بعضها‪ ،‬وأخيراً‬ ‫هناك اللوحات التي لم تكتمل بعد‪.‬‬

‫العالقة مع المحترف‬

‫تقول الفنانة فاطمة النمر إن محترفها يشعرها باالستقاللية ويمنحها‬ ‫الزعاج الخارجي‪ .‬فهي تحتاج إلى مثل هذا‬ ‫الخصوصية بعيداً عن إ‬ ‫االنعزال كي تستلهم أفكارها بحرية‪ .‬وتقول إن مرسمها هو بيتها‬ ‫معينون تختارهم من بين أصدقائها‬ ‫الذي ال يدخله إال أشخاص َّ‬ ‫أ‬ ‫الكثر‪« .‬فمحترفي مملكتي التي ال أسمح لحد بالعبث بها وفيها»‪.‬‬ ‫يقدمه‬ ‫والعزلة والتفكّر والوحدة والتأمل‪ ،‬والراحة النفسية هي ما ِّ‬ ‫المحترف للفنان‪ .‬حتى يكاد المكان وجسد الفنان يصيران واحداً‪،‬‬ ‫ويتكامالن ببعضهما‪ ،‬روح كل واحد منهما في الثاني‪.‬‬ ‫عن لوحاتها تقول فاطمة النمر إنها «تحمل في طياتها تساؤالت‬ ‫حول ما يحدث في عالم اليوم‪ ،‬خصوصاً ما يتصل بالوعي الذي‬ ‫التشدد‪ ،‬وكذلك بسبب المنعطفات‬ ‫تمدد حركات‬ ‫ّ‬ ‫جراء ّ‬ ‫يبدو جريحاً ّ‬ ‫يمر بها العالم والعالم العربي منه تحديداً‪ .‬أما‬ ‫الحادة التي أ ّ‬ ‫أضمنه في معظم لوحاتي فهو‬ ‫موضوعي الثير على قلبي الذي ّ‬ ‫تقيد المرأة تحديداً‪ .‬لذا يمكن للناظر إلى‬ ‫نقاش التقاليد التي ّ‬ ‫اللوحات أن يكتشف أهمية المرأة فيها‪ ،‬والتي تأخذ أشكاال ً مختلفة‬ ‫وتحديداً في وجهها‪ ،‬وهي مرة مغطاة العينين ومرة مغطاة الفم‪،‬‬ ‫ودائماً محاطة بهاالت من أ‬ ‫اللوان‪ ،‬بعضها إيجابي المعنى‪ ،‬وبعضها‬ ‫سلبي»‪.‬‬

‫التجربة والتالقح الثقافي‬

‫أما عن صغر سنها والتجربة الفنية التي باتت معروفة في المملكة‬ ‫وفي الخليج وعلى مستوى العالم العربي‪ ،‬فتقول الفنانة النمر‪ ،‬إن‬ ‫يطوره‪ ،‬والتجربة الشخصية‬ ‫لكل فنان ناجح فكراً مستقال ً يستطيع أن ّ‬ ‫ال تتعلق بالسن‪ ،‬فقد يكون فناناً كبيراً في السن‪ ،‬ولكنه ما زال يرسم‬ ‫اللوحة أ‬ ‫الولى التي بدأ بها شاباً‪ ،‬وقد يكون الرسام شاباً‪ ،‬ولكن‬ ‫اطالعه ومتابعته لعالم الرسم وموهبته وفكره التجديدي‪ ،‬كلها‬ ‫عوامل تساعده على أن يتخطى الفكرة العمرية‪ ،‬فيرسم ما ال ينتظر‬ ‫من شاب في مقتبل العمر‪ .‬وال أنكر أن كثرة أسفاري في بلدان‬ ‫العالم التي أقيم لي فيها معارض‪ ،‬ساعدتني في تنمية ذاتي كفنانة‬ ‫بات لها حضورها على ساحة الفن التشكيلي في العالم العربي‪.‬‬ ‫برسام عالمي أو عربي أو محلي؟ سألنا‪ .‬فأجابت بأنها‬ ‫هل تأثرت ّ‬ ‫محدد «هذا على الرغم من اطالعي على كل‬ ‫برسام ّ‬ ‫لم تتأثر ّ‬ ‫جديد‪ ،‬ولكن هذا االطالع ليس بالضرورة أن يكون ذا تأثير مباشر‪،‬‬ ‫قدر ما هو إضاءة‪ .‬أنا أبحث عن الجمال أينما وجد وقد اطلعت‬ ‫على كل جديد في الفنون التشكيلية عالمياً ومحلياً‪ ،‬لكنني اخترت‬ ‫أجسد أسلوبي الخاص‪ ،‬فلم أفكر باالنتماء يوماً‬ ‫في النهاية أن ّ‬ ‫أفضل هذه المدرسة على تلك‪ ،‬بل‬ ‫ما إلى مدرسة معينة‪ ،‬ولم ّ‬ ‫أحببت أن أرى الجمال من وجهة أو زاوية نظري‪ ،‬فما يهمني قبل‬

‫والسقاطات واالنتماءات الفنية هو إيصال رسالتي‬ ‫التعريفات إ‬ ‫وأفكاري»‪.‬‬ ‫وتضيف‪« :‬إن الفن التشكيلي يحمل قوة خاصة في إشاراته ورسائله‬ ‫المنطوية‪ .‬إذ إن فن الرسم لم يعد ألواناً ولوحة ذات أبعاد ثابتة‪،‬‬ ‫والتحوالت التي طرأت على الزمن والعقل والرؤية وتطور‬ ‫فالتبدالت‬ ‫ّ‬ ‫حولت العالم إلى قرية‬ ‫العلوم والتقنية وثورة االتصاالت التي ّ‬ ‫كونية كل ذلك أصاب الفنون على اختالفها‪ .‬وهذه التغييرات تضع‬ ‫الفنان أمام تحديات إيجاد تقنيات تشكيلية جديدة‪ ،‬ومنها على‬ ‫سبيل المثال ما أقوم به من استخدام التوليف والكوالج وألوان‬ ‫أ‬ ‫بالضافة إلى الغرافيك‪ ،‬مع استخدام زخارف من الفن‬ ‫الكريلك إ‬ ‫والسالمي‪ ،‬لتبدو «شيفرة» اللوحات منطوية في تفاصيل‬ ‫العربي إ‬ ‫النقوش والزخارف أ‬ ‫والشكال النباتية والهندسية‪ ،‬لتضع المشاهد في‬ ‫فضاء عربي شرقي‪ .‬أما المرأة فهي جزء أساسي من مواضيع لوحاتي‪،‬‬ ‫وتدخل دائماً كعنصر إنساني يستحق أن يُحاكى‪ ،‬ولكوني أنثى في‬ ‫المجتمع السعودي‪ ،‬لجأت إلى محاكاة أوضاع المرأة المختلفة التي‬ ‫يمكن أن تقلّب على وجوهها الكثيرة»‪.‬‬


‫المعارض الشخصية والجماعية‬ ‫التي شاركت فيها‬

‫الزلي»‪ ،‬عمان – أ‬ ‫• معرض «الحب أ‬ ‫الردن‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫• معرض «كيان»‪ ،‬صالة أكوستك‪ ،‬الخبر – السعودية‬ ‫• معرض «بقاء»‪ ،‬صالة العالمية للفنون التشكيلية – جدة‬

‫المشاركات الخارجية‬ ‫مجموعة من المشاركات الخارجية في كل من البحرين‪،‬‬ ‫والمارات‪ ،‬والكويت‪ ،‬وقطر‪ ،‬وعمان‪ ،‬أ‬ ‫والردن‪ ،‬ومصر‪،‬‬ ‫إ‬ ‫ُ‬ ‫وكازاخستان‪ ،‬والسويد‪ ،‬واليابان‪ ،‬والهند‪ ،‬وهولندا‪.‬‬


‫‪77 | 76‬‬

‫السيرة الذاتية‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫ولدت الفنانة فاطمة النمر في المنطقة الشرقية من المملكة العربية‬ ‫السعودية‪ ،‬ودرست في مدارسها وشغفت بالرسم منذ نعومة‬ ‫أظافرها‪ ،‬فبدأت بحثها حول الفنون مبكراً وتمكنت من صناعة خط‬ ‫فني خاص بها‪ .‬وكانت ألسفارها فائدة كبيرة في االنفتاح على ثقافات‬ ‫والمساك بثروة أسلوبية تبرز كينونتها الفنية الخاصة‪.‬‬ ‫مختلفة إ‬ ‫برزت شخصية النمر على الساحة الفنية العربية والعالمية وباتت‬ ‫تُعد من الفنانات اللواتي يتمتعن بقدرة عالية في كيفية التعامل‬ ‫مع سطح اللوحة‪ .‬علماً أنها واجهت في مسيرتها الفنية عديداً من‬ ‫المعوقات والصعاب منذ ولعها بالفن‪ ،‬أي منذ الصغر إال أنها‬ ‫استطاعت أن تقف بقوة أمام تلك المعوقات لتنطلق نحو عالم‬ ‫الفن الذي يتخذ من الحرية والجرأة المنطلق أ‬ ‫الساس في بث رؤى‬ ‫تشكيلية فنية‪.‬‬ ‫على مستوى أ‬ ‫السلوب الفني والمعالجة التقنية التي اشتغلت عليها‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الفنانة النمر فإنها بدأت باستخدام اللونين السود والبيض‪ .‬ومن‬ ‫الضوئية وأبعادها‪ ،‬ثم اشتغلت‬ ‫ّثم أخذت تركز على المساحات‬ ‫ّ‬ ‫الفادة منه في السطح التصويري‪ ،‬وأخيراً‬ ‫حول الحرف وكيفية إ‬ ‫تناولت أسلوباً فنياً يجعل من صورة المرأة جزءاً ال يتجزأ من‬ ‫ومعان‬ ‫المنظومة التشكيلية إلنتاجها‪ ،‬بوصف المرأة حاملة لمضامين‬ ‫ٍ‬ ‫ربما أرادت فاطمة أن تشتغل وفق رؤيتها على ترسيخ تلك المعاني‬ ‫وبثها بشكل رؤية اتصالية مع المجتمع‪.‬‬

‫الجوائز التي حصلت عليها‬ ‫• ‪ - 2010‬الجائزة أ‬ ‫الولى في معرض الفن السعودي المعاصر‬ ‫• ‪ - 2010‬الجائزة الثانية في معرض صيف أرامكو السعودية ‪31‬‬ ‫• ‪ - 2010‬جائزة مسابقة الشباب الثانية المنظمة من قبل وزارة‬ ‫الثقافه والفنون‬ ‫• ‪ - 2011‬الجائزة الثالثه في مسابقة الخط العربي المنظمة من‬ ‫قبل وزارة الثقافة والفنون‬


‫مشاركات مختارة‬

‫• ‪ - 2009‬معرض جرش للفنون التشكيلية – عمان‪ ،‬أ‬ ‫الردن‬ ‫• ‪ - 2010‬معارض أ‬ ‫اليام الثقافية السعودية التابعة لوزارة‬ ‫والعالم في كل من‪ :‬كازاخستان‪ ،‬وتركمانستان‪،‬‬ ‫الثقافة إ‬ ‫واليابان‪ ،‬و ُعمان‪ ،‬والدوحة‪ ،‬وتركيا‪ ،‬وباريس‪ ،‬والهند‪.‬‬ ‫• ‪ - 2010‬معرض مشترك لفنانين من الشرق أ‬ ‫الوسط والدول‬ ‫أ‬ ‫السكندنافية – متحف أمير ويلز– بومبي – الهند‪.‬‬ ‫• ‪ - 2010‬بينالي الخرافي الدولي الرابع للفن العربي المعاصر–‬ ‫الكويت العاصمة‪.‬‬ ‫• ‪ - 2010‬ملتقى أصدقاء الجمعية القطرية للفنون التشكيلية‬ ‫«ورشة عمل ومعرض» – الدوحة قطر‪.‬‬ ‫• ‪ - 2010‬معرض مسابقة المنمنمات المقام في الجمعية‬ ‫البحرينية للفنون التشكيلية‪.‬‬ ‫• ‪ - 2010‬معرض لوحة وقصيدة بدعوة من رابطة الفنون‬ ‫أ‬ ‫عمان‪،‬‬ ‫التشكيلية الردنية «معرض وورشة عمل» – َّ‬ ‫أ‬ ‫الردن‪.‬‬ ‫• ‪ - 2012‬معرض مدى ‪ 2‬في العاصمة استوكهوم –السويد‪.‬‬ ‫• ‪ - 2012‬معرض الوزارة المقام في قصر اليونيسكو –باريس‪.‬‬

‫مشاركات داخلية‬ ‫• ‪ - 2001‬معرض الجنادرية ‪ -‬الرياض‬ ‫السالم سالم‬ ‫• ‪ - 2004‬معرض إ‬ ‫• ‪ - 2010‬معرض ‪ four‬في جاليري تراث الصحراء ‪ -‬الخبر‬ ‫• ‪ - 2005‬معرض الهيئة الملكية في ينبع‬ ‫• ‪ - 2010‬معرض الفن المعاصر – الرياض‬

‫• ‪ - 2010‬معرض مسابقة الشباب الثانية ‪36‬‬ ‫• ‪ - 2010‬معرض لوحة وقصيدة – الطائف‬ ‫• ‪ - 2010‬معرض صيف أرامكو السعودية ‪ – 31‬الظهران‬ ‫• ‪ - 2010‬معرض لكل بيت لوحة – جدة‬ ‫• ‪ - 2011‬معرض سايتك – الخبر‬ ‫• ‪ - 2011‬معرض مدى المقام في قاعة اكوستك ‪ -‬الخبر‬ ‫• ‪ - 2011‬معرض وزارة التعليم العالي – الرياض‬ ‫السالمي المعاصر ‪ -‬الرياض‬ ‫• ‪ - 2011‬معرض الفن إ‬ ‫• ‪ - 2011‬معرض مسابقة الخط العربي ‪ -‬الرياض‬ ‫• ‪ - 2012‬معرض جمعية أ‬ ‫المير سلطان الخيري – الرياض‬ ‫• ‪ - 2012‬معرض جمعية الجوف للفنون التشكيلية – الجوف‬


‫‪79 | 78‬‬

‫سينما سعودية‬

‫الولى لمهرجان أ‬ ‫فازت بالجائزة أ‬ ‫الفالم المستقلة الدولي بلوس أنجلوس‬

‫ثريا أبار‪ ..‬من التصوير‬ ‫الفوتوغرافي إلى السينما‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫أتت المخرجة السعودية‬ ‫الشابة «ثريا أبار» من‬ ‫ثقافة الفديو والتصوير‬ ‫الرقمي‪ .‬فقد اشتغلت‬ ‫بإعالنات الفديو‪،‬‬ ‫وإعالنات الطرق‬ ‫المعتمدة على الصورة‬ ‫الثابتة أو المتحركة‪.‬‬ ‫كما عملت في مجال‬ ‫العالنات المتحركة في‬ ‫إ‬ ‫النترنت والوسائط‬ ‫مواقع إ‬ ‫العالمية المتعددة‪..‬‬ ‫إ‬ ‫صورت وكتبت وأخرجت‬ ‫وأنتجت ومثلت وكانت‬ ‫النتاج‬ ‫تتولى إدارة إ‬ ‫المشترك مع جهات‬ ‫تجارية ومؤسسات‬ ‫ربحية تعمل على ترويج‬ ‫منتجاتها‪.‬‬ ‫هي إذن موهبة جديدة‬ ‫قادمة من عاصمة‬ ‫لتعبر عن‬ ‫الضباب لندن ِّ‬ ‫المرأة السعودية الشابة‬ ‫أ‬ ‫ملصق ِفلم «أين نختفي؟»‬ ‫والجيال الناهضة التي‬ ‫تلقت تعليمها بالخارج‪،‬‬ ‫وأكسبها ذلك الجرأة على العمل في الفن السينمائي‬ ‫الذي ما زال في خطواته التأسيسية في المملكة‪ .‬فقد‬ ‫الولى لمهرجان أ‬ ‫فازت بالجائزة أ‬ ‫الفالم المستقلة الدولي‬ ‫بمدينة لوس أنجلوس أ‬ ‫المريكية ‪2014‬م‪ ،‬الذي يقام‬ ‫كل سنة في شهر مايو‪ ،‬وذلك عن ِفلمها الروائي الطويل‬ ‫«‪ ،»The Tube‬وهو إنتاج مشترك بينها وبين شركة «آرت‬ ‫ديلوكس» النمساويَّة‪.‬‬ ‫لم تكن هذه هي المرة أ‬ ‫الولى التي تحصد فيها‬ ‫الخراج السينمائي في‬ ‫المخرجة الشابة التي درست إ‬

‫خالد ربيع السيد‬

‫ثريا أبار‬

‫بدايات مبكِّرة‬

‫بداياتها الفنية ترجع إلى الدراسة الجامعية بكلية‬ ‫«كامبرويل» في جامعة لندن للفنون‪ ،‬التي تركزت‬ ‫حول التصوير الفوتوغرافي‪ .‬ثم أدركت أن أسلوبها‬ ‫يتطور باتجاه التصوير السينمائي‪ .‬وهو‬ ‫يمكن أن َّ‬ ‫ما جعلها تبدأ بدراسة تخصصات متعددة في‬ ‫مجال الفنون السينمائية ومنها كتابة السيناريو‬ ‫والخراج السينمائي الذي‬ ‫السينمائي والتصوير إ‬ ‫تفوقت فيه‪.‬‬

‫العاصمة البريطانية «لندن» جائزة دولية‪ ،‬إذ سبق‬ ‫أن نالت عديداً من الجوائز على المستوى المحلي‬ ‫البريطاني‪ ،‬وأخرجت سابقاً عديداً من أ‬ ‫الفالم منها‬ ‫الفلم القصير «في وأنا» (‪ )V & Me‬وهو ِفلم صامت‬ ‫ِ‬ ‫يوظف الموسيقى والمؤثرات الصوتية توظيفاً درامياً‬ ‫لتعمل على التأثير الفني بدال ً من الحوار‪ِ .‬وفلم «أين‬ ‫نختفي؟» (‪ ،)Where we disappear‬الذي حظي‬ ‫بترحيب كبير‪ ،‬وأظهر مقدرتها على توظيف الموسيقى‪.‬‬ ‫السينمائية على‬ ‫كما شاركت في عديد من المحافل‬ ‫َّ‬ ‫القليمي والدولي‪.‬‬ ‫المستويين إ‬

‫في أبريل ‪2014‬م شاركت في معرض لندن للفنون‬ ‫مع شقيقها المصور عبدالله أبار‪ ،‬الذي دعمها في‬ ‫تعلم التصوير‪ ،‬وكان المعرض مختصاً بأعمال‬ ‫فنية متنوعة خاصة بالرسم والنحت والتصوير‬ ‫الفوتوغرافي والتصوير بكاميرات الفديو الرقمية‪.‬‬

‫نظرة إلى بعض أفالمها‬

‫ِفلمها القصير‪« ،‬أين نختفي» الذي أخرجته عام‬ ‫‪2009‬م‪ ،‬وأنتجته وقامت بتمثيل دور البطولة‬ ‫فيه‪ ،‬م ّثل االختيار الرسمي عام ‪2010‬م في‬ ‫مهرجان «شيكاغو أ‬ ‫للفالم القصيرة»‪ ،‬وكذلك كان‬


‫االختيار الرسمي في نفس العام لمهرجان «سينما‬ ‫انترناسيونال دي برشلونة»‪.‬‬ ‫الفلم‪ ،‬في ثماني دقائق ونصف الدقيقة‪،‬‬ ‫ويصور ِ‬ ‫ِّ‬ ‫حالة وجودية مبهمة لفتاة تعيش في غربة داخلية‬ ‫تعانيها في وحدتها ولحظات شرودها‪ .‬وربما تعيش‬ ‫أيضاً هذه الغربة عن محيطها الخارجي عن المجتمع‬ ‫الذي تعيش فيه‪.‬‬ ‫أما ِفلمها القصير الثاني الذي ال يتجاوز زمن‬ ‫عرضه الخمس دقائق فكان بعنوان «في وأنا»‬

‫(‪ )V&Me‬وكان أول عرض له بالمركز السينمائي‬ ‫الكندي ‪ .Shortnonstop‬بمدينة تورنتو‬ ‫في أبريل ‪2012‬م‪ ،‬وشاركت به في بعض‬ ‫المعارض‪ ،‬ولقي ترحيباً كبيراً وتشجيعاً من قبل‬ ‫الجمهور والنقَّاد‪.‬‬ ‫الفلم عن فتاة تستيقظ عند الفجر‪،‬‬ ‫ويحكي ِ‬ ‫بعدما كانت تسترخي على ضفة النهر‪ ،‬فتبدو‬ ‫في تلك اللحظة وكأنها مغيبة عن الوعي لعدم‬ ‫فهم ما يحصل لها‪ ..‬نجدها ترحل بذاكرتها عبر‬ ‫لقطات نفهم منها تأثرها بعالقتها مع صديقها‬

‫‪ ،V‬ومن ثم تأخذنا تداعيات الذاكرة لديها إلى‬ ‫تفاصيل تلك العالقة وتداخلها مع صديقة لها‪.‬‬ ‫ولكن كما يبدو أن تلك الحالة ال تسعدها فنراها‬ ‫الفلم ال يعتمد على‬ ‫تلقي بنفسها في النهر‪ ،‬ولكن ِ‬ ‫السرد الواقعي‪ .‬فكل المشاهد التي نراها تحتمل‬ ‫الخيال الذي يدور في مخيلة البطلة ومن ثم‬ ‫تقود المتفرج إلى إحاالت وتهيؤات تعتمل داخل‬ ‫الفلم على ذلك‪ ..‬ويخرج‬ ‫نفسية البطلة‪ ،‬وينتهي ِ‬ ‫بالحساس بحالة الضياع التي‬ ‫المشاهد منه إ‬ ‫تعانيها الفتاة‪.‬‬ ‫الفلم‬ ‫الفلم في لندن‪ ،‬ومعظم طاقم ِ‬ ‫تم تصوير ِ‬ ‫كان من ممثلين من المملكة المتحدة‪ ،‬فيما أدار دفة‬ ‫الكاميرا المصور السينمائي البريطاني «الكسندر‬ ‫كينسمان» الشهير بتصويره للبرنامج الشهير‬ ‫«‪ »X-Factor‬في بريطانيا‪.‬‬ ‫الفلمين يمكن الوقوف على أسلوب‬ ‫من خالل هذين ِ‬ ‫المخرجة الذي تجلى في تتابع اللقطات والمشاهد‬ ‫في إيقاع متسارع‪ ،‬خاصة في ِفلمها «في وأنا»‪ ،‬فقد‬ ‫عمدت فيه إلى التنقل بين مواقع تصوير عديدة‬ ‫في زمن قليل‪ .‬كما أنها لجأت إلى التأثير التصويري‬ ‫في بعض اللقطات حيث استخدمت تقنية «السلو‬ ‫موشن» أو السرعة البطيئة‪ ..‬وفي فيلمها «أين‬ ‫الضاءة والظالل‬ ‫نختفي» اشتغلت على تقنيات إ‬ ‫إلحداث أثر نفسي عند المشاهد وعملت على‬ ‫الحساس النفسي بنوعية الموسيقى المختارة‬ ‫زيادة إ‬ ‫وتوقيت بثها‪ .‬وغير ذلك يمكن التعرف على طبيعية‬ ‫أدائها التمثيلي الذي بدا واثقاً ومترابطاً ال يخالطه‬ ‫االرتباك أو الصنعة المفتعلة أو المبالغة المنفرة‪،‬‬ ‫سواء في أدائها الشخصي أو في أداء الممثلين‬ ‫آ‬ ‫الخرين‪.‬‬ ‫وربما يكون لبعض المشاهد أثر قوي على المشاهد‪،‬‬ ‫ولكنها تؤكد‪ ،‬في لقاءاتها الصحافية‪ ،‬على أنها‬ ‫تنقل حاالت واقعية في الحياة الغربية كما تحدث‬ ‫تماماً‪ ،‬وترفض السينما الخادشة لمسلمات العادات‬ ‫والتقاليد والدين‪.‬‬ ‫ختاماً نشير إلى أن المخرجة أبار المقيمة منذ‬ ‫فترة في مدينة لوس أنجلوس أ‬ ‫المريكية‪ ،‬تستعد‬ ‫لتصوير ِفلم روائي طويل‪ .‬سيتم إنتاجه مع شركة‬ ‫«‪ ،»Artdeluxe‬وهي شركة إنتاج أ‬ ‫للفالم المبتكرة في‬ ‫فيينا‪.‬‬

‫شاهد المزيد‬

‫لقطات من أعمال ثريا أبار‬

‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪81 | 80‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫رقص رقص‬ ‫رقص‬

‫د‪ .‬معجب الزهراني‬ ‫ن‬ ‫لليابا�‬ ‫قرأت كل ما وجدت من روايات‬ ‫ي‬ ‫هور ياك موراكامي الذي كان مرشحاً مستحقاً‬ ‫لجائزة نوبل العام ض‬ ‫الما�‪ .‬وعىل الرغم‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫أن� قرأتها‬ ‫من أن أعماله طويلة صعبة إال ي‬ ‫ب� يدي آ‬ ‫يغ� مرة‪ ،‬و«كافكا عىل الشاطئ» ي ن‬ ‫الن للمرة الثالثة‬ ‫ف‬ ‫ولتعر ي� إىل هذا الكاتب وعوالمه‬ ‫وهي تتجاوز ستمائة صفحة!‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫حكاية طريفة حقاً‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫دعا�‬ ‫قبل سنوات ثالث كنت ي� َّ‬ ‫عمان‪ ،‬مشاركاً ي� مؤتمر‪ .‬ي‬ ‫ين‬ ‫المثقف� إىل بيته‪.‬‬ ‫الصديق إبراهيم نرصهللا ومجموعة من‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫سأل� أحدهم نسخة من ت‬ ‫ن‬ ‫ن� لم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫رواي� «رقص» فاعتذرت ل ي‬ ‫أحملها معي قط‪ .‬تدخل فخري صالح‪ ،‬ليقول إنها متوافرة �ف‬ ‫ي‬ ‫مكتبة المركز ف ف‬ ‫التال قُمنا بجولة ف ي� المدينة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫الثقا�‪ .‬ي� اليوم ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫الروما� وبيت الشعر والقلعة الموية ثم نزلنا‬ ‫زرنا المدرج‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫لن�ب الشاي ونرتاح قبيل تناول الغداء ي� مطعم أبو نواس‬ ‫وسط البلد‪ .‬سألت عن المكتبة فقيل إنها قريبة‪ ،‬فذهبت‬ ‫بمفردي‪ .‬سألت عن رواية بعنوان «رقص» لكاتب من السعودية‬ ‫ن‬ ‫ليأخذ� إىل‬ ‫فقال المدير إنها موجودة واستدعى أحد الباعة‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ح� ض‬ ‫ت‬ ‫كب�ة ي ن‬ ‫أح� يل رواية‬ ‫الثا�‪ .‬وكم كانت‬ ‫دهش� ي‬ ‫الدور ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫اليابا� الذي‬ ‫كب�ة الحجم بعنوان «رقص رقص رقص» للكاتب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫قرأت عنه ولم أقرأ له شيئاً من قبل‪ .‬اش�يتها ومعها كافكا‪..‬‬ ‫والغابة ن‬ ‫ال�ويجية‪ .‬ي ن‬ ‫وح� وصلت إىل الفندق بدأت القراءة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫أن� أمام واحدة من‬ ‫بضع صفحات فقط وبعدها أدركت ي‬ ‫ت‬ ‫ال� ال تشبه يغ�ها ومجال الخالص من فتنتها‪.‬‬ ‫تلك النصوص ي‬ ‫مارك�‪ ،‬ي ن‬ ‫كأعمال دستويفسك‪ ،‬غارسيا ي ز‬ ‫أم� معلوف‪ ،‬أورهان‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الكو� وأمثالهم‪.‬‬ ‫باموق‪ ،‬إبراهيم‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫محدد عن فن الرقص كما توقعت!‪ .‬فالرواية كلها‬ ‫�ء َّ‬ ‫وال ي‬ ‫ت‬ ‫ال� اكتسحت تقاليد الحياة‬ ‫تأمالت ثاقبة للتحوالت الرأسمالية ي‬

‫‪lobsterdance.wordpress.com‬‬

‫بقلم‬

‫اليابانية العريقة لتحول أ‬ ‫الفراد إىل كائنات فعالة ال يحكم‬ ‫ُّ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫تعا� أشكال االستالب‬ ‫عالقاتها يغ� منطق الكسب‪ .‬ولنها ي‬ ‫ف‬ ‫والشقاء فال غرابة أن تظهر غالبية الشخصيات ي� ذروة النجاح‬ ‫وعىل حافة الخطر ف ي� الوقت نفسه‪.‬‬ ‫الراوي كاتب تحقيقات صحافية يقف ف ي� منتصف العالقات‬ ‫لينقل أ‬ ‫الخبار والمشاهد‪ ،‬مرة من موقع المراقب الحر نز‬ ‫ال�يه‪،‬‬ ‫ومرة من موقع الشخص الطيب الذي يحب الناس ويحاول‬ ‫آ‬ ‫كب� جدوى!‪.‬‬ ‫مساعدة الخرين دون ي‬ ‫معت�ة‪ ،‬بعض‬ ‫وحينما تبدر منه‪ ،‬ككاتب تحقيقات صحافية ب‬ ‫التساؤالت الفضائحية‪ ،‬يتذكر الرجل المقنع الذي يصل عالم‬ ‫أ‬ ‫الحياء بعالم ت‬ ‫المو� وطالما نصحه بالحكمة نفسها ‪« :‬ارقص‪.‬‬ ‫يجب أن ترقص‪ .‬ما دامت الموسيقى تعزف يجب أن ترقص‪ .‬ال‬ ‫التفك� فسوف تتوقف قدماك‬ ‫تفكر ف ي� السبب‪ .‬إذا ش�عت ف ي�‬ ‫ي‬ ‫ونتعطل نحن‪ .‬وإذا تعطلنا فسوف تتعطل أنت‪ ..‬ارقص‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫�ء يدور‪.‬‬ ‫بأقىص ما استطعت من قوة‪ .‬ارقص ح� يظل كل ي‬ ‫إذا فعلت ذلك فلربما استطعنا أن نفعل شيئاً من أجلك»!‪.‬‬ ‫ال يخفى أن الرقص هنا مقولة رمزية تدخل ف ي� عالقة طباقية‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫ال�ء ونقيضه وكأن‬ ‫مع الحياة لتدل ي� الوقت نفسه عىل ي‬ ‫السخرية من العالم هي ما تبقى للكائن‪ .‬وهناك أثر خفي‬ ‫ال� ت‬ ‫ت‬ ‫تخ�ق أعمال ي ز‬ ‫مارك�‪ ،‬حفيد‬ ‫لتلك الرؤية المأساوية المرحة ي‬ ‫الثر أ‬ ‫و�‪ ،‬لكن أ‬ ‫رسفانتس أ‬ ‫ال ف‬ ‫القوى يظل لكافكا وهرمان هسة‪.‬‬ ‫وتظل الروح الخاصة بالكاتب وتراثه البوذي مهيمنة‪ ،‬خاصة‬ ‫ح� ض‬ ‫ين‬ ‫احتفال يخفِّف‬ ‫تح� الطبيعة وعنارصها الخالقة بشكل‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫من ثقل الحياة‪ ،‬وقد يشكل المصدر الوحيد لمعانيها ال ثك�‬ ‫جماالً‪ .‬ولمن يحبون فن الرقص وزوربا أقول‪ :‬اقرأوا «رقص» ال‬ ‫هذه الرواية!‪.‬‬


‫تقرير القافلة‬

‫الثروة‬ ‫السمكية‬ ‫العربية‬


‫‪83 | 82‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫مصدر وفير‬ ‫لالكتفاء الذاتي والتصدير‬ ‫ّ‬ ‫تعد البالد العربية من‬ ‫ّ‬ ‫بلدان العالم المطلة‬ ‫على شواطئ طويلة‬ ‫االمتداد‪ ،‬ومتنوعة‬ ‫المناخات والبيئات‬ ‫البحرية‪ ،‬التي تزخر ّ‬ ‫بتنوع كبير ووفرة‬ ‫غنية في الثروة السمكية‪ .‬ولما كانت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عجزا‬ ‫عموما تشكو‬ ‫البالد العربية‬ ‫في ميزان تبادل المواد الغذائية‬ ‫في التجارة الدولية بينها وبين دول‬ ‫العالم األخرى‪ ،‬فإن قدرتها على‬ ‫االكتفاء الذاتي باألسماك‪ ،‬وإمكانات‬ ‫التصدير الوفير لهذه الثروة الغذائية‪،‬‬ ‫تجعل من تنمية الثروة السمكية‬ ‫وصيد األسماك من ضمن الحلول‬ ‫االستراتيجية المتاحة لتعديل العجز‬ ‫في ميزان المبادالت الغذائية‪،‬‬ ‫وتحسين وضع األمن الغذائي‬ ‫العربي‪ ،‬في جانب منه على األقل‪.‬‬ ‫إعداد‪ :‬د‪ .‬فكتور سحاب‬

‫�ض‬ ‫ث‬ ‫لكن حسن االستفادة‬ ‫من فهذه ال�وة يقت ي‬ ‫االستثمار الرأسمال ف‬ ‫الكا� ي� قطاع صيد السمك‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫وإنشاء ش‬ ‫وتحس�‬ ‫ال�كات العاملة ف ي� الميدان‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الوسائل والدوات فيه‪ ،‬وتشكيل الساطيل‬ ‫العرصية العاملة بأساليب العلم الحديث‪،‬‬ ‫وحسن التنظيم عىل نحو ال يكتفي بحفظ هذه‬ ‫ث‬ ‫ينميها استناداً إىل الدراسات‬ ‫ال�وة فقط‪ ،‬بل ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫يعد اس�راع السمك ي� النهار‬ ‫الحديثة‪ .‬كذلك ّ‬ ‫المخصصة لهذا القطاع‪ ،‬من الحلول‬ ‫والمزارع‬ ‫ّ‬ ‫المناسبة المطروحة ف ي� هذا المجال‪ .‬ويؤدي‬ ‫الت�يد والتعليب والحفظ‪ ،‬إىل‬ ‫إنشاء مصانع ب‬ ‫زيادة القيمة المضافة ف ي� صناعة صيد السمك‪.‬‬ ‫ف ي� هذا التقرير‪ ،‬نلقي نظرة عامة عىل وضع‬ ‫ث‬ ‫نتحول إىل‬ ‫ال�وة السمكية ف ي� البالد‬ ‫العربية‪ ،‬ثم ّ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫التفصيل ي� حالة هذا القطاع‪ ،‬ي� كل من المملكة‬ ‫العربية السعودية‪ ،‬ومرص‪ ،‬وموريتانيا‪ ،‬والمغرب‪.‬‬

‫شواطئ ومسطحات شاسعة‬

‫تنت� البالد العربية عىل مساحة ف� الكرة أ‬ ‫ش‬ ‫الرضية‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫تطل عىل شواطئ من أطول شواطئ المناطق‬ ‫ف‬ ‫إالقليمية ي� العالم‪ .‬كذلك تمتاز هذه الشواطئ‬

‫بي�‪ ،‬يجعلها غنية أ‬ ‫ّ ئ‬ ‫بالسماك‪ ،‬ال من الناحية‬ ‫بتنوع ي‬ ‫الكمية فقط‪ ،‬بل من الناحية النوعية أيضاً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تمتد الشواطئ العربية البحرية ف ي� مجموعها‪،‬‬ ‫نحو ‪ 22.4‬ألف كيلو تم�‪ .‬فهي تبدأ ف ي� المحيط‬ ‫أ‬ ‫طلس الذي يطل عليه بلدان‪ ،‬هما موريتانيا‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫والمغرب‪ ،‬ثم تنكفئ ش�قاً ف� داخل البحر أ‬ ‫البيض‬ ‫ي‬ ‫المتوسط‪ ،‬الذي يطل عىل شواطئه الجنوبية‬ ‫كل من المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومرص‪.‬‬ ‫ال� ق� من البحر أ‬ ‫البيض المتوسط‪،‬‬ ‫أما الجانب ش ي‬ ‫فلسط� ولبنان وسورية‪ .‬و�ف‬ ‫ين‬ ‫فتطل عليه‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫المقابل‪ ،‬يعد البحر الحمر بحراً عربياً خالصاً‪،‬‬ ‫ت‬ ‫تطل عليه مرص والسودان ت‬ ‫وجيبو�‪،‬‬ ‫وإري�يا‬ ‫ي‬ ‫غرباً‪ ،‬أ‬ ‫والردن والمملكة العربية السعودية واليمن‪،‬‬ ‫العر�‪ ،‬فتطل‬ ‫ش�قاً‪ .‬أما بحر العرب والخليج ب ي‬ ‫عىل شواطئهما كل من الصومال واليمن و ُعمان‬ ‫والمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة‬ ‫إ‬ ‫العربية السعودية والبحرين والكويت والعراق‪.‬‬ ‫ويتضح بذلك أن كل البلدان العربية تطل عىل‬ ‫ف‬ ‫و� متناولها جميعاً إذن‪ ،‬استثمار‬ ‫شاطئ ما‪ .‬ي‬ ‫ف‬ ‫ث‬ ‫القليمية ومياه مناطقها‬ ‫ال�وة السمكية ي� مياهها إ‬ ‫االقتصادية وما يجاورها من المياه الدولية‪.‬‬


‫أ‬ ‫يقدر طولها بنحو ‪4‬‬ ‫طلس‪ّ :‬‬ ‫شواطئ المحيط ال ي‬ ‫ت‬ ‫فتقدر‬ ‫آالف‬ ‫كيلوم�‪ ،‬أما مساحة جرفها القاري‪ّ ،‬‬ ‫كيلوم� مربع‪ .‬وهي من أغ�ن‬ ‫ت‬ ‫بنحو ‪ 94‬ألف‬ ‫المناطق العربية ث‬ ‫بال�وة السمكية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫يقدر طولها‬ ‫شواطئ البحر البيض المتوسط‪ّ :‬‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�‪ ،‬فيما تبلغ مساحة جرفها‬ ‫بنحو ‪ 7‬آالف‬ ‫ت‬ ‫وتعد هذه‬ ‫القاري نحو ‪ 200‬ألف كيلوم� مربّع‪ّ .‬‬ ‫النتاج من السمك نسبياً‪ ،‬ألن‬ ‫الشواطئ قليلة إ‬ ‫الفريز القاري ف ي� جنوب البحر المتوسط أقل‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ال� تصب‬ ‫خصبا تمن شماله‪ ،‬نظرا إىل قلة النهار ي‬ ‫وتأ� بمياه عذبة وغنية بالغذاء إىل هذه‬ ‫فيه ي‬ ‫الشواطئ‪ ،‬باستثناء المياه المقابلة لمصب نهر‬ ‫النيل‪ .‬لكن بعض السنوات تزخر بوفرة مفاجئة‬ ‫ف� بعض أ‬ ‫الصغ�ة‪ ،‬نتيجة‬ ‫السماك الساحلية‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫لظروف بيئية موقّتة‪ .‬ومن الشواطئ الغنية هنا‪،‬‬ ‫خليج قابس ف ي� تونس‪ ،‬وخليج رست ف ي� ليبيا‪ ،‬إىل‬ ‫جانب شاطئ دلتا النيل‪.‬‬

‫‪%108‬‬

‫اكتفاء البلدان العربية من األسماك‬

‫‪%70‬‬

‫المغرب وموريتانيا ومصر‬

‫‪%20.3‬‬

‫ُعمان واإلمارات وتونس والجزائر واليمن‬

‫أ‬ ‫يقدر طول سواحل‬ ‫شواطئ البحر الحمر‪ّ :‬‬ ‫ال�قية والغربية ف� البحر أ‬ ‫ين‬ ‫الضفت� ش‬ ‫الحمر بنحو‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫‪ 6.5‬آالف كيلوم�‪ ،‬بينما تبلغ مساحة جرفها‬ ‫ت‬ ‫كيلوم� مربّع‪ .‬ويعد البحر‬ ‫القاري نحو ‪ 189‬ألف‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تزدهر فيها الحياة‬ ‫الدافئة‬ ‫الحمر من البحار‬ ‫ي‬ ‫تنوعاً غنياً‪.‬‬ ‫وتتنوع ّ‬ ‫البحرية‪ّ ،‬‬ ‫شواطئ بحر العرب والخليج‪ :‬طول السواحل‬ ‫العربية ف ي� هذه المنطقة ‪ 4.9‬ألف كيلو تم�‪.‬‬ ‫وتبلغ مساحة جرفها القاري نحو ‪ 121‬ألف كيلو‬ ‫ت‬ ‫العر� بالدفء‪،‬‬ ‫م� مربّع‪ .‬وتمتاز مياه الخليج ب ي‬ ‫وعدم االضطراب من جراء التيارات البحرية‪،‬‬ ‫أ‬ ‫بح�ة مغلقة‪ .‬ومياه الخليج‬ ‫لن الخليج شبه ي‬ ‫الدافئة من أخصب المياه البحرية‪ ،‬إذ تتوافر‬ ‫الغذية الالزمة الزدهار أ‬ ‫فيها أ‬ ‫السماك‪ .‬ويصب‬ ‫ف ي� الخليج نهر شط العرب (التقاء دجلة والفرات)‬ ‫ومياه خليج ُعمان‪.‬‬

‫أ‬ ‫النهار والمياه العذبة‪ :‬تشمل هذه الفئة من‬ ‫أ‬ ‫مصادر ث‬ ‫ال�وة السمكية مجاري النهار العربية‬ ‫وبح�ات السدود‪.‬‬ ‫وخزانات المياه السطحية ي‬ ‫ويقدر طول أ‬ ‫النهار العربية أو المارة بالبالد‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫العربية‪ ،‬بنحو ‪ 16.6‬ألف كيلوم�‪ ،‬أما مساحة‬ ‫فتقدر‬ ‫وبح�ات السدود‪ّ ،‬‬ ‫خزانات المياه العذبة ي‬ ‫ن‬ ‫مليو� هكتار‪ ،‬منها ‪ 744.2‬ألف‬ ‫بنحو ‪2.4‬‬ ‫ي‬ ‫الخ�ان (الخور مسطح ئ‬ ‫ما�‬ ‫مساحة‬ ‫هكتار‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ساحل عىل شكل خليج شبه مغلق‪ ،‬يصب فيه‬ ‫ي‬ ‫نهر أو عدة أنهار من جهة‪ ،‬وهو متصل بالبحر‬ ‫من الجهة أ‬ ‫الخرى‪ ،‬ت ز‬ ‫وتم�ج فيه المياه المالحة‬ ‫بالمياه العذبة)‪ ،‬يقع معظمها ف ي� العراق ومرص‬ ‫والسودان‪ .‬كذلك ثمة ف ي� السودان مساحات‬ ‫واسعة من المستنقعات‪ ،‬تغطي نحو ‪6.85‬‬ ‫مليون هكتار‪.‬‬

‫ثروة وافرة غ� مستغ ّلة‬

‫ي‬ ‫العر� كفايته من أ‬ ‫السماك‪ ،‬ف ي�‬ ‫يُنتج العالم ب ي‬ ‫ث‬ ‫يز‬ ‫االست�اد والتصدير‪ .‬لكن وفرة ال�وة‬ ‫م�ان‬ ‫ي‬ ‫السمكية المتاحة عىل شواطئه الشاسعة ومصادر‬ ‫واالس�راع أ‬ ‫تز‬ ‫الخرى‪ ،‬تؤهله لتعزيز إنتاجه‬ ‫الصيد‬ ‫أ‬ ‫وصادراته من السماك‪ ،‬عىل النحو الذي يمكّ نه‬ ‫من أن يسد بالتصدير‪ ،‬نسبة جيدة من عجز‬ ‫ئ‬ ‫يز‬ ‫الغذا� مع العالم الخارجي‪ .‬بل‬ ‫م�ان التبادل‬ ‫ي‬ ‫إن تعزيز قطاع صيد السمك وإنتاجه‪ ،‬يسد ثغرة‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫العر�‪ ،‬ذلك‬ ‫ي� مجال التغذية ي� داخل الوطن ب ي‬ ‫تعد من ن‬ ‫أغ� البالد من‬ ‫أن بالداً مثل موريتانيا‪ّ ،‬‬ ‫حيث وفرة ث‬ ‫ال�وة السمكية عىل شواطئها‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك يتجه معظم سكانها‪ ،‬إىل مصادر لحوم‬ ‫ش‬ ‫ال�وتينات‪.‬‬ ‫الموا� الحمراء لسد حاجتهم من ب‬ ‫وتعزيز ي الصيد يمكنه أن يحسن التوازن الغذا�ئ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫فيها‪ ،‬ال سيما وأن لحوم السمك‪ ،‬من الناحية‬ ‫تدل أ‬ ‫الصحية‪ ،‬غذا ٌء أفضل‪ ،‬كما ّ‬ ‫البحاث الطبية‪.‬‬ ‫لقد بلغت نسبة اكتفاء البلدان العربية من‬ ‫أ‬ ‫السماك ‪ ،%108‬ف ي� إحصاء تناول السنة‬


‫‪85 | 84‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫به هذه الشواطئ‪ ،‬الدفء وخصوبة المياه‪،‬‬ ‫السمك‪ ،‬من المصائد‬ ‫النتاج‬ ‫عىل نحو يدعم إ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫النتاج ي� السنوات القليلة‬ ‫البحرية‪ .‬وقد زاد هذا إ‬ ‫الماضية‪ ،‬ليبلغ ‪ 66591‬طناً‪ ،‬بعدما كان ‪55419‬‬ ‫طناً سنة ‪2004‬م‪.‬‬

‫في المملكة العربية السعودية‪:‬‬ ‫ً‬ ‫طنا‬ ‫• إنتاج السمك في المزارع‪11172 :‬‬ ‫• اإلنتاج من المياه الدولية‪ 10 :‬أطنان‬ ‫• قيمة الصادرات‪ 106 :‬ماليين ريال‬ ‫• قيمة الواردات‪ 682 :‬مليون ريال‬ ‫و� سنة ‪2000‬م‪ ،‬قُدر إنتاج أ‬ ‫‪1999‬م‪ .‬ف‬ ‫السماك‬ ‫ِّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫مليو� طن‪.‬‬ ‫العر� كله‪ ،‬بنحو ‪2.7‬‬ ‫ي‬ ‫ي� الوطن ب ي‬ ‫وتعد ُعمان والمغرب وموريتانيا ومرص من‬ ‫ّ‬ ‫المكانات المرتفعة ف ي� إنتاج السمك‪.‬‬ ‫الدول ذات إ‬ ‫فقد بلغت نسبة ما أنتجته موريتانيا والمغرب‬ ‫ومرص سنة ‪2000‬م‪ %70 ،‬من إنتاج العالم‬ ‫والمارات وتونس‬ ‫العر� كله‪ .‬تلتها ُعمان إ‬ ‫بي‬ ‫والجزائر واليمن‪ ،‬بنسبة بلغت نحو ‪ .%20‬ومنذ‬ ‫تلك السنوات‪ ،‬تطور إنتاج أ‬ ‫السماك والروبيان ف ي�‬ ‫ّ‬ ‫كب�اً‪ ،‬بإنشاء‬ ‫السعودية‪،‬‬ ‫المملكة العربية‬ ‫تطوراً ي‬ ‫ّ‬ ‫المزارع‪.‬‬ ‫ت‬ ‫العر� من‬ ‫الذا� ب ي‬ ‫وعىل الرغم من االكتفاء ي‬ ‫أ‬ ‫يعد ضعيفاً‪ ،‬إذا قورن‬ ‫السماك‪ ،‬إال أن إ‬ ‫النتاج ّ‬ ‫بالمكانات المتاحة ث‬ ‫وال�وة السمكية الغنية جداً‬ ‫إ‬ ‫الوف�ة‪.‬‬ ‫وامتداد الشواطئ ي‬ ‫النتاج‪ ،‬فمعظمها يُعزى إىل‬ ‫أما أسباب ضعف إ‬ ‫ف‬ ‫أن وسائل الصيد المستعملة ي� البالد العربية‬ ‫عموماً‪ ،‬ال تزال بدائية‪ .‬ويعجز الصيادون العرب‬ ‫عموماً عن امتالك أ‬ ‫الساطيل والسفن المجهزة‬ ‫لمهام الصيد الحديث‪ ،‬ال عىل الشواطئ‬ ‫ف‬ ‫أعال البحار‪ ،‬سواء ف ي� مجال‬ ‫وحسب‪ ،‬بل ي� ي‬ ‫القليمية أو المناطق االقتصادية البحرية‬ ‫المياه إ‬ ‫ف‬ ‫التابعة لهذه البلدان‪ ،‬أو ي� مجال المياه الدولية‪،‬‬ ‫المتاحة لها‪ .‬ولذا فإن مهمة إنشاء صناعة متطورة‬ ‫لصيد أ‬ ‫السماك تقوم أساساً عىل أكتاف الدول‬ ‫ش‬ ‫وال�كات المستثمرة‪.‬‬ ‫النتاج أيضاً أن سكان‬ ‫ومن أسباب ضعف إ‬ ‫أك� إىل العمل �ف‬ ‫السواحل العربية يتجهون ث‬ ‫ي‬ ‫كث� من الدول‬ ‫الزراعة والصناعة‪ ،‬وتفتقر برامج ي‬ ‫عادة إىل عوامل التشجيع عىل تنظيم القطاع‬ ‫البحري وتنميته‪ .‬وهذا أيضاً دور ال بد من أن‬

‫تلعبه الدول واالستثمارات الخاصة‪ ،‬وفق خطط‬ ‫وعلمية سليمة‪.‬‬ ‫عرصيّة‬ ‫ّ‬ ‫وال يستطيع استثمار ث‬ ‫ال�وة السمكية استثمار ًا‬ ‫متدرج ومستدام‪ ،‬إال َّ‬ ‫كافياً أن ّ‬ ‫يتطور عىل نحو ّ‬ ‫بإنشاء المصانع المواكبة لهذا االستثمار‪ ،‬مثل‬ ‫والعداد‬ ‫والت�يد إ‬ ‫مصانع الحفظ والمعلبات ب‬ ‫للتصدير‪.‬‬ ‫كذلك ال بد من أن تهتم الجامعات العربية‬ ‫أ‬ ‫خ�اء ث‬ ‫ال�وة السمكية‪،‬‬ ‫ومراكز البحاث بتخريج ب‬ ‫وعلماء البيئة البحرية‪ ،‬من أجل حماية ث‬ ‫ال�وة‬ ‫أ‬ ‫السمكية من آفات منها الصيد الجائر‪ ،‬والمراض‬ ‫بمالي� أ‬ ‫البحرية أ‬ ‫والوبئة ت‬ ‫ين‬ ‫السماك‬ ‫ال� تفتك‬ ‫ي‬ ‫ف� كل سنة‪ ،‬من جراء تلويث أ‬ ‫النهار والشواطئ‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫البحرية‪ ،‬ومن أجل وضع خطط لتنمية هذه‬ ‫ث‬ ‫ال�وة السمكية‪.‬‬ ‫وإذا كانت ش‬ ‫ال�كات الخاصة مسؤولة عن مزارع‬ ‫ت‬ ‫ال� تستثمرها أو تملكها‪ ،‬من حيث تنمية‬ ‫السمك ي‬ ‫أ‬ ‫التلوث والوبئة‬ ‫إنتاجها وحماية‬ ‫أسماكها من ّ‬ ‫وتوف� الغذاء أ‬ ‫والسمدة لها‪ ،‬فإن المسؤولية‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫تُلقَى بكاملها عىل الحكومات‪ ،‬ي� مسألة حماية‬ ‫ال�وة السمكية ف� أ‬ ‫ث‬ ‫النهار وشواطئ البحار‬ ‫ّ ي‬ ‫والبح�ات‪ ،‬وتنمية هذه ث‬ ‫ال�وة‪ ،‬ومراقبة ش‬ ‫ال�كات‬ ‫ي‬ ‫�ض‬ ‫ث‬ ‫الصناعية ت‬ ‫ال� يمكن أن تق ي عىل ال�وة‬ ‫ي‬ ‫السمكية النهرية‪ ،‬بما تلقيه من نفاياتها السامة‪.‬‬ ‫ّ‬

‫في السعودية‪:‬‬ ‫مزارع بين البحر والخليج‬ ‫يبلغ طول شاطئ البحر أ‬ ‫الحمر الذي تطل عليه‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�اً‪ ،‬فيما تطل عىل الخليج‬ ‫المملكة‪1830 ،‬‬ ‫ت‬ ‫تتم�ز‬ ‫بشاطئ طوله ‪ 650‬كيلوم�اً‪ .‬وأهم ما ي‬

‫لكن المملكة مهتمة كذلك بإنتاج السمك ف ي�‬ ‫المزارع‪ ،‬وقد بلغ إنتاجها ‪ 11172‬طناً‪ ،‬أي ‪%17‬‬ ‫النتاج من‬ ‫من مجموع إنتاج السمك‪ .‬فيما بلغ إ‬ ‫المياه الدولية ‪ 10‬أطنان فقط‪.‬‬ ‫النتاج‬ ‫وعىل الرغم من أن حصة المواطن من إ‬ ‫زادت لتبلغ ‪ 8‬كيلوغرامات ف ي� السنة‪ ،‬إال أن هذه‬ ‫ت‬ ‫توص بها‬ ‫ال� ي‬ ‫الحصة ال تبلغ ثلث الحصة في‬ ‫منظمة الصحة العالمية للفرد ي� السنة‪ ،‬وهي ‪25‬‬ ‫كيلوغراماً‪ .‬ومع زيادة الطلب‪ ،‬لسد حاجة النمو‬ ‫ن‬ ‫ئ‬ ‫ولتحس� ي ز‬ ‫ين‬ ‫الم�ان‬ ‫السكا�‪،‬‬ ‫الغذا� وتعزيز حصة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫السمك ف ي� المطبخ السعودي‪ ،‬اتجه االهتمام إىل‬ ‫النتاج‪ ،‬وتحقيق االكتفاء‬ ‫المزارع السمكية‪ ،‬لتنمية إ‬ ‫ت‬ ‫الذا�‪ ،‬حالما تُستكمل مشاريع ت ز‬ ‫االس�راع وتطوير‬ ‫ي‬ ‫النتاج‪ .‬ت‬ ‫تز‬ ‫المس� َرع الذي بلغ‬ ‫ح� إن الروبيان‬ ‫إ‬ ‫إنتاجه ‪ 8705‬أطنان‪ ،‬زاد عىل ذلك المصيد من‬ ‫البحر‪ ،‬وكان يبلغ ‪ 7280‬طناً سنة ‪2004‬م‪.‬‬ ‫أ‬ ‫كب�اً‪،‬‬ ‫لكن العجز التجاري بالسماك‪ ،‬ال يزال ي‬ ‫ويحتاج إىل مواصلة تطوير مصادر ث‬ ‫ال�وة‬ ‫السمكية‪ .‬فقد بلغت قيمة الصادرات من السمك‬ ‫السعودي ‪ 106‬ي ن‬ ‫مالي� ريال سعودي‪ ،‬فيما بلغت‬ ‫قيمة الواردات ‪ 682‬مليون ريال‪ .‬وقد نجحت‬ ‫المملكة ف ي� تصدير الروبيان إىل السوق اليابانية‬ ‫المريكية أ‬ ‫تليها السوقان أ‬ ‫والوروبية‪.‬‬

‫وسائل الصيد‬

‫يستخدم الصيد البحري وسائل الصيد التقليدية‬ ‫ف‬ ‫القليمية‬ ‫والصيد الصناعي عىل السواء‪ ،‬ي� المياه إ‬ ‫السعودية‪.‬‬ ‫أما الوسائل التقليدية‪ ،‬فهي عىل الخصوص‬ ‫صغ�ة‪ ،‬مجهزة بمحرك يتيح لها‬ ‫قوارب صيد ي‬ ‫رحالت صيد ال تتجاوز ي ن‬ ‫يوم�‪ .‬وعددها ف ي� البحر‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫و� الخليج ‪ 1843‬قارباً‪.‬‬ ‫الحمر ‪ 11863‬قارباً‪ ،‬ي‬ ‫ستخدم فيه‬ ‫والصيد التقليدي هو الغالب‪ .‬ويُ َ‬ ‫الخيط والشص والشباك الخيشومية‪ ،‬وشباك‬ ‫التحويط والخيط المجرور وشباك الجر القاعي‪،‬‬ ‫اق� (السخاوي) لصيد الروبيان وأسماك‬ ‫والقر ي‬ ‫القاع‪.‬‬ ‫الكب�ة‪ ،‬فعددها نحو ‪ 154‬ف ي� البحر‬ ‫أما القوارب ي‬ ‫أ‬ ‫الحمر‪ ،‬و‪ 29‬ف ي� الخليج‪ .‬وهي تتيح رحالت صيد‬ ‫قد تمتد أسبوعاً‪ .‬ت‬ ‫وي�كز صيدها عىل الروبيان‪.‬‬


‫َ‬ ‫المستزرع‪:‬‬ ‫الروبيان‬ ‫إنتاجه‪ 8705 :‬أطنان‬

‫• البحر أ‬ ‫الحمر ‪ 11863‬قارباً‬ ‫• الخليج ‪ 1843‬قارباً‬ ‫• القوارب أ الكبيرة ‪ 154‬في‬ ‫البحر الحمر‬ ‫• ‪ 29‬في الخليج‬

‫‪ 28088‬صياداً‬ ‫‪ 16821‬منهم صياداً أجنبياً‬ ‫أ‬ ‫السماك أغذا ًء‬

‫تحتوي أنواع السماك المختلفة عىل ما‬ ‫ال�وتينات الحيوانية‪.‬‬ ‫معدله ‪ %20‬من ب‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وهي تشبه ف ي� تركيبتها الحماض المينية‬ ‫الموجودة ف� ي ن‬ ‫بروت� الدجاج‪ .‬وتمتاز عىل‬ ‫ي‬ ‫الفادة‪ .‬ومن‬ ‫لحم البقر‪ ،‬بارتفاع ُمعامل إ‬ ‫حسنات السمك‪ ،‬غذا ًء‪ ،‬أنه سهل الهضم‪،‬‬ ‫وهو يسهم ف ي� تنشيط النمو‪ ،‬ويفوق ف ي�‬ ‫الحيوا� أ‬ ‫هذا أ‬ ‫ن‬ ‫الحمر‪.‬‬ ‫المر أيضاً اللحم‬ ‫ي‬ ‫فتبلغ نسبته ف� هذا التنشيط ي ن‬ ‫ب� ‪80‬‬ ‫و‪ ،%100‬ف� يمقابل ‪ %63‬ف� اللحم أ‬ ‫الحمر‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ويعد السمك مصدراً مهماً للدهون‬ ‫ّ‬ ‫ض‬ ‫ال�ورية والفيتامينات والمعادن‪ ،‬وهو‬ ‫ن‬ ‫غ� بالكالسيوم والحديد‪ ،‬واليود‪ ،‬وال سيما‬ ‫أي‬ ‫أ‬ ‫النواع البحرية من السمك‪ .‬ويرى الطباء‬ ‫يسد حاجة‬ ‫أن كيلوغراماً واحداً من السمك‪ّ ،‬‬ ‫النسان إىل اليود‪.‬‬ ‫إ‬

‫‪%100-80 %63‬‬ ‫السهام ف ي� تنشيط النمو‬ ‫إ‬

‫وقد زاد عدد الصيادين ف ي� المصائد البحرية‪،‬‬ ‫فبلغ ‪ 28088‬صياداً‪ ،‬منهم ‪ 16821‬صياداً‬ ‫أجنبياً‪.‬‬

‫تز‬ ‫اس�راع السمك‬ ‫ف‬

‫ي� العام ‪1999‬م أنشئت ف ي� المملكة مزرعة‬ ‫رائدة للروبيان‪ ،‬الذي شهد إنتاجه ف ي� السنوات‬ ‫ش‬ ‫الع� الماضية انطالقة قوية‪ .‬وتضمنت‬ ‫أك� المزارع المماثلة‬ ‫المزرعة‪ ،‬وهي من ب‬ ‫ف ي� العالم‪ ،‬إنشاء مشاريع ش‬ ‫«�كة الروبيان‬ ‫الوطنية»‪ ،‬عىل ساحل البحر أ‬ ‫الحمر‪ ،‬ف ي� محافظة‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�اً مربّعاً‪،‬‬ ‫الليث‪ ،‬عىل مساحة ‪129‬‬ ‫بتكاليف بلغت ‪ 200‬مليون دوالر‪ .‬وتزيد طاقة‬ ‫النتاج ف ي� المزرعة عىل ‪ 30‬ألف طن ف ي� السنة‪،‬‬ ‫إ‬ ‫ش‬ ‫ً‬ ‫أك� ع�ة‬ ‫لتجعل من السعودية واحدا من ب‬ ‫بلدان منتجة للروبيان ف ي� العالم‪ .‬وسبق إنشاء‬ ‫المزرعة تأسيس محطة أبحاث وتجارب‪ ،‬أثبتت‬ ‫جدوى المشاريع االقتصادية‪.‬‬ ‫وأسهم المناخ المناسب ودعم الدولة ف ي�‬ ‫تحقيق تقدم ملحوظ ف ي� إنتاج مزارع السمك‬ ‫والصيد البحري عىل السواء‪ .‬ش‬ ‫ويب� هذا‬ ‫ف‬ ‫النتاج‪ ،‬من أجل سد عجز‬ ‫التقدم بنمو ي� إ‬ ‫التبادل ف ي� هذا المجال‪ ،‬ال سيما بوجود‬ ‫مساحات شاسعة لالستثمار ف ي� مزارع السمك‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ال� يمكن للمياه فيها‪ ،‬أن يعاد استخدمها‬ ‫ي‬ ‫للري‪ ،‬لما تحتويه من أسمدة طبيعية وعنارص‬ ‫و� المملكة آ‬ ‫ف‬ ‫الن ث‬ ‫أك� من ‪ 100‬مزرعة‬ ‫معدنية‪ .‬ي‬ ‫سمك‪ ،‬ف ي� المياه العذبة والمالحة عىل السواء‪،‬‬ ‫الكب�ة عىل ساحل‬ ‫إضافة إىل مزارع الروبيان ي‬ ‫البحر أ‬ ‫الحمر‪.‬‬

‫المشاريع والتطوير‬

‫استعانت المملكة أ‬ ‫بالبحاث والدراسات الحديثة‬ ‫لتطوير ثروتها السمكية‪ ،‬فتمكّ نت من تفريخ‬ ‫وأقلمة عديد من أنواع أ‬ ‫السماك والروبيان تل�بيتها‬ ‫ف ي� بيئة المملكة‪ ،‬وأحرزت نجاحاً ف ي� تحقيق‬ ‫إنتاجية متقدمة ف ي� مزارع الروبيان‪ ،‬وإنتاجية‬ ‫ف‬ ‫والصا� والهامور‬ ‫مستمرة من أسماك البلطي‬ ‫ي‬ ‫والسبيطي والناجل والقاروص‪ .‬واع ُتمدت‬ ‫التقنيات الحديثة ف� نظم تربية أ‬ ‫السماك‬ ‫ي‬ ‫والروبيان‪ ،‬و ُعقدت اتفاقات ف� مجال ت ز‬ ‫االس�راع‬ ‫ي‬ ‫والخ�ات واستقدام‬ ‫السمك لتبادل المعلومات ب‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫المتخصص� ف ي� هذا المجال لتطويره‪،‬‬ ‫الخ�اء‬ ‫ب‬

‫ن‬ ‫الف� والتسهيالت‬ ‫إ‬ ‫بالضافة إىل تقديم فالدعم ي‬ ‫المادية للمستثمرين ي� هذا المجال‪ .‬ومن حصيلة‬ ‫ذلك تنفيذ ش‬ ‫مخت�ي صحة وسالمة‬ ‫م�وعي إنشاء ب‬ ‫أ‬ ‫السماك بجدة والدمام‪.‬‬

‫أبحاث ث‬ ‫ال�وة السمكية‬

‫تملك السعودية عديداً من المراكز والمحطات‬ ‫تع� بأبحاث ث‬ ‫ال� ن‬ ‫ت‬ ‫ال�وة السمكية‪،‬‬ ‫البحثية ي‬ ‫منها مركز المزارع السمكية ومركز أبحاث ث‬ ‫ال�وة‬ ‫ّ‬ ‫السمكية بالبحر أ‬ ‫الحمر ف ي� جدة‪ ،‬ومركز أبحاث‬ ‫ّ‬ ‫ث‬ ‫السمكية بالمنطقة ش‬ ‫ال�قية ف ي� القطيف‪،‬‬ ‫ال�وة‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫كذلك توجد محطتان لبحاث السماك بمدينة‬ ‫الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ف ي� كل من‬ ‫ديراب والقصيم‪ ،‬وكلية علوم البحار بجامعة‬ ‫النتاج‬ ‫الملك عبدالعزيز‪ ،‬فضال ً عن قسم إ‬ ‫الحيوا� والسمك بكلية العلوم الزراعية أ‬ ‫ن‬ ‫والغذية‬ ‫ّ‬ ‫يّ‬ ‫يّ‬ ‫يخرج كل عام‬ ‫ف ي� جامعة الملك فيصل‪،‬‬ ‫وهو ّ‬ ‫مالكات فنية مؤهلة للعمل ف� مجال ث‬ ‫ال�وة‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫تز‬ ‫السمك‪.‬‬ ‫واالس�راع‬ ‫السمكية‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫والحقيقة أن صناعة ت ز‬ ‫السمك تتطور‬ ‫االس�راع‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫كث�ة‬ ‫تطوراً رسيعاً ي� العالم وتقدم حلوال ً تقنية ي‬ ‫ّ‬ ‫منها ما يتم توطينه محلياً‪ ،‬وتهيئته بما يناسب‬ ‫بيئة المملكة‪.‬‬

‫في مصر ‪:‬‬ ‫تعدد المصائد ووضع مقبول‬ ‫تعد ث‬ ‫ال�وة السمكية ف ي� مرص‪ ،‬واحداً من أهم‬ ‫ال�وتي�ن‬ ‫مصادر الدخل القومي‪ ،‬وتوفّر الغذاء ب ي‬ ‫بنسبة جيدة للسوق الداخلية‪ ،‬بالمقارنة مع‬ ‫الحاجات‪ .‬وتشغل مصائد السمك مساحة‬ ‫شاسعة تزيد عىل ‪ 13‬مليون فدان (الفدان �ف‬ ‫ّ‬ ‫ّ ي‬ ‫مرص يساوي ‪ 4200‬تم� مربع)‪ ،‬ومنها المصائد‬ ‫البيض المتوسط أ‬ ‫البحرية‪ ،‬ف� البحرين أ‬ ‫والحمر‪،‬‬ ‫ي‬ ‫كبح�ة نز‬ ‫الم�لة‪،‬‬ ‫كث�ة‪ ،‬ي‬ ‫البح�ات‪ ،‬وهي ي‬ ‫ومنها ي‬ ‫وال�دويل وإدكو وقارون ومريوط‬ ‫وال�لّس ب‬ ‫ب‬ ‫المرة ومالحة بور فؤاد‪ .‬أما نهر النيل‬ ‫ات‬ ‫والبح�‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫أك� مصادر‬ ‫وبح�ة نارص الصناعية‪ ،‬فهما من ب‬ ‫ي‬ ‫صيد السمك‪.‬‬

‫المصائد البحرية‬

‫النتاج‬ ‫فدان‪ ،‬لكن إ‬ ‫تزيد مساحتها عىل ‪ 11‬مليون ّ‬ ‫فيها يعد متدنياً‪ ،‬لعدم وجود أ‬ ‫ت‬ ‫تصب‬ ‫ال�‬ ‫نهار‬ ‫ال‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫فيها المياه العذبة‪ ،‬سوى نهر النيل‪.‬‬ ‫فدان ف ي� البحر‬ ‫من هذه المساحة‪ 4.4 ،‬مليون ّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�‪،‬‬ ‫الحمر الذي تمتد شواطئه ألف‬ ‫وتشمل مناطق الطور ودهب والغردقة وخليج‬ ‫وغ�ها‪ .‬أما مساحة مصايد البحر‬ ‫السويس ي‬


‫‪87 | 86‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫حال ش� ق� المتوسط‪ :‬أ‬ ‫الفقر‬ ‫ي‬

‫ال� ق� من البحر أ‬ ‫البيض‬ ‫يُعد الجزء ش ي‬ ‫المتوسط‪ ،‬المعروف باسم حوض‬ ‫الليفانتاين‪ ،‬الذي تطل عليه سوريا ولبنان‬ ‫أ‬ ‫ن أ‬ ‫ق‬ ‫ببا�‬ ‫ي‬ ‫وفلسط� الفقر بالسماك مقارنة ي‬ ‫أحواضه وشواطئه‪ .‬وبشكل عام‪ ،‬فقد‬ ‫ضعفت ث‬ ‫ال�وة السمكية ف ي� المتوسط نتيجة‬ ‫فدان‪ ،‬وتمتد‬ ‫المتوسط‪ ،‬فتبلغ ‪ 6.8‬مليون ّ‬ ‫ت‬ ‫كيلوم� أيضاً‪ .‬وأهم المصائد هنا‪،‬‬ ‫شواطئه ألف‬ ‫ف‬ ‫السكندرية‬ ‫مناطق بورسعيد ودمياط‬ ‫وأبوق� ي� إ‬ ‫ي‬ ‫ومطروح والعريش وبلطيم ف ي� كفر الشيخ‪.‬‬ ‫وتحتل المصائد البحرية المرتبة الثانية ف ي� إنتاج‬ ‫ف‬ ‫النتاج‬ ‫السمك ي� مرص‪ ،‬إذ تبلغ نسبة هذا إ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫و� البحر الحمر‬ ‫عىل شاطئ‬ ‫المتوسط ‪ ،%11‬ي‬ ‫ق‬ ‫البح�ات‬ ‫با� إ‬ ‫النتاج فمصدره ي‬ ‫‪ ،%8.81‬أما ي‬ ‫وبح�ة نارص‪ .‬ويُعزى سبب انخفاض‬ ‫ونهر النيل ي‬ ‫النتاج البحري‪ ،‬إىل ضعف الخصوبة ف ي� البحر‬ ‫إ‬ ‫المتوسط‪ ،‬نظر ًا لكونه شبه مغلق‪ ،‬ويستقبل‬ ‫كث�ة من الدول المطلّة عليه‪ .‬أما ف ي�‬ ‫ملوثات ي‬ ‫ّ‬ ‫البحر أ‬ ‫الحمر‪ ،‬فإن االهتمام االستثماري م ّتجه‬ ‫إىل المرافق السياحية‪ .‬وهو أيضاً بحر شبه‬ ‫مغلق‪.‬‬

‫البح�ات‬ ‫مصائد ي‬

‫بح�ات العالم‬ ‫بح�ات مرص من أخصب ي‬ ‫تعد ي‬ ‫ّ‬ ‫وأغناها بالغذاء الطبيعي المتاح للسمك‪،‬‬ ‫كالبوري والطوبار والدنيس والقاروص واللوت‬ ‫النتاج يتأثر‬ ‫والثعبان‬ ‫والجم�ي (الروبيان)‪ .‬لكن إ‬ ‫ب‬ ‫البح�ات وبتكاثر‬ ‫بنمو حركة البناء عىل ضفاف ي‬ ‫البح�ات‪،‬‬ ‫البوص‪،‬‬ ‫والتلوث‪ .‬ومن أهم هذه ي‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫ال�دويل (طولها ‪ 90‬كيلوم�ا وعرضها‬ ‫بح�ة ب‬ ‫ي‬ ‫النتاج فيها سنة ‪2003‬م‪3250 ،‬‬ ‫‪ )22‬وقد بلغ إ‬ ‫طناً‪ .‬ش‬ ‫البح�ة لجنة‪ ،‬تسهر عىل‬ ‫وت�ف عىل ي‬ ‫ئ‬ ‫ن‬ ‫البي� وتحريم‬ ‫تطوير المصائد‬ ‫ي‬ ‫وتحس� فوضعها ي‬ ‫المخالفات‪ ،‬ومنع الصيد ي� مواسم التكاثر من‬ ‫أول يناير إىل نهاية أبريل‪.‬‬

‫الصيد المكثف عىل شواطئه أ‬ ‫الوروبية‪ .‬وإىل‬ ‫ذلك‪ ،‬يضاف عامالن خاصان بالقسم ش‬ ‫ال� ق ي�‬ ‫منه‪:‬‬ ‫الفق� نسبياً بالمراعي‪.‬‬ ‫• طبيعة قاعه ي‬ ‫يدمر هذه المراعي‬ ‫الذي‬ ‫• التلوث الشديد‬ ‫ًّ‬ ‫�ض‬ ‫الهزيلة أساساً‪ ،‬ويق ي عىل الطبقات‬ ‫الدنيا ف ي� السلسلة الغذائية للكائنات‬ ‫البحرية‪.‬‬ ‫فدان‪،‬‬ ‫المرة فتبلغ مساحتها ‪ 76‬ألف ّ‬ ‫أما ي‬ ‫البح�ات ّ‬ ‫ف‬ ‫السماعيلية‪.‬‬ ‫بح�ة التمساح ي� محافظة إ‬ ‫وتشمل ي‬ ‫بح�ة قارون ومساحتها‬ ‫البح�ات المهمة‪ ،‬ي‬ ‫ومن ي‬ ‫‪ 55‬ألف فدان‪ ،‬ف‬ ‫الفيوم‪ .‬وهي من‬ ‫محافظة‬ ‫�‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫أك� وأجمل المحميات الطبيعية ف� مرص‪ .‬ي ّ ز‬ ‫وتتم�‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫بإنتاج ‪ 10‬أنواع من السمك‪ .‬وهي تحتاج إىل‬ ‫التلوث والصيد الجائر‪ ،‬اللذين يهددان‬ ‫حماية من ّ‬ ‫ئ‬ ‫الحساس‪ .‬وقد اشتهرت أسماك‬ ‫البي� ّ‬ ‫وضعها ف ي‬ ‫البح�ة ببطارخها الفاخرة‪ .‬ومن‬ ‫البوري ي� هذه ي‬ ‫ال�لّس‪ ،‬ومساحتها‬ ‫البح�ات المنتجة للسمك ب‬ ‫ي‬ ‫‪ 136‬ألف فدان‪ ،‬وتشمل مناطق صيد بلطيم �ف‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫محافظة كفر الشيخ‪.‬‬ ‫بح�ة نز‬ ‫الم�لة من الظواهر السلبية‬ ‫وتعد حالة ي‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال� تتطلّب المعالجة‪ ،‬فقد تقلصت مساحتها‪،‬‬ ‫ي‬ ‫فدان‪ ،‬إىل نحو ‪100‬‬ ‫بالتجفيف‪ ،‬من ‪ 700‬ألف ّ‬ ‫فدان‪ ،‬منها ‪ 30‬ألفاً فقط صالحة للصيد‪.‬‬ ‫ألف ّ‬ ‫التلوث وإغالق‬ ‫بسبب‬ ‫فيها‬ ‫الصيد‬ ‫اجع‬ ‫وقد تر‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ال� تتيح تجديد المياه فيها‪.‬‬ ‫ي‬ ‫البواغ� (المداخل) ي‬

‫يمارس الصيد ف ي� هذه البلدان عموماً بشكل‬ ‫ف‬ ‫صغ� جداً‪،‬‬ ‫ر� ويدوي عىل نطاق ي‬ ‫ِح ي‬ ‫بواسطة زوارق ال تحمل ث‬ ‫أك� من صيادين‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫اثن� أو ثالثة‪ .‬ونظراً لقلة السماك‪ ،‬فإن‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الصيادين ي� لبنان مثال ً اع�ضوا بعنف عىل‬ ‫مشاريع إنشاء أساطيل حديثة للصيد‪ .‬ورأوا‬ ‫أنها لن تت�ك لهم شيئاً ونجحوا ف ي� إفشال‬ ‫هذه المشاريع‪.‬‬ ‫بح�ة إدكو‬ ‫صغ�تان نسبياً هما ي‬ ‫بح�تان ي‬ ‫وهناك ي‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫وبح�ة مريوط‪ ،‬وهما صالحتان أيضا ل�بية‬ ‫ي‬ ‫السمك‪.‬‬

‫بح�ة نارص والنيل‬ ‫ي‬

‫فدان‪،‬‬ ‫بح�ة نارص مساحتها نحو ‪ 1.2‬مليون ّ‬ ‫ي‬ ‫أك� مسطّح مياه عذبة ف ي� مرص‪ ،‬وتشمل‬ ‫وهي ب‬ ‫العال ف ي� أسوان‪ .‬وهي‬ ‫مناطق صيد ي‬ ‫بح�ة السد ف ي‬ ‫الفريقية‪.‬‬ ‫�‬ ‫الصناعية‬ ‫ات‬ ‫البح�‬ ‫القارة إ‬ ‫أك� ي‬ ‫من ب‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ث‬ ‫ً‬ ‫ويعيش فيها أك� من ‪ 50‬نوعا من السماك‪،‬‬ ‫والجاليل والبياض والرابة‬ ‫النيل‬ ‫ي‬ ‫أهمها البلطي ي‬ ‫والشال والليبس‪ .‬وقد أنشئت فيها ‪ 3‬موا�نئ‬ ‫للصيد‪ ،‬و‪ 7‬مفرخات للسمك‪ .‬أما نهر النيل‬ ‫بفرعيه‪ ،‬ت‬ ‫وال�ع والمصارف المتفرعة منه‪ ،‬فتبلغ‬ ‫أساس من‬ ‫فدان‪ .‬وهو مصدر‬ ‫مساحته ‪ 178‬ألف ّ‬ ‫ي‬ ‫مصادر السمك ف ي� مرص‪.‬‬

‫ش‬ ‫م�وع خريطة المصائد‬

‫ّ‬ ‫يتول المعهد القومي لعلوم البحار والمصائد‬ ‫أ‬ ‫مسح شواطئ البحرين المتوسط والحمر‪،‬‬ ‫لرسم خريطة المصائد واستكشاف مواقع‬ ‫ث‬ ‫النتاج منها‪.‬‬ ‫ال�وة السمكية فيها وزيادة إ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫سفين� البحاث‪« :‬سلسبيل»‬ ‫ويَستخدم ي� ذلك‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫و«ال�موك» (البحر المتوسط)‪.‬‬ ‫(البحر الحمر) ي‬ ‫ين‬ ‫خريطت�‬ ‫وقد تمكنت السفينتان من رسم‬ ‫لشواطئ البحرين‪ ،‬هما أ‬ ‫الوليان من نوعهما‪.‬‬ ‫جر‪،‬‬ ‫وتعمل‬ ‫السفينتان كذلك‪ ،‬بواسطة شباك ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫تجمع‬ ‫ي� استكشاف العماق‪ ،‬لمعرفة أماكن ّ‬ ‫السمك‪ ،‬ومواسم توالده‪ ،‬ووضع قواعد لتج ّنب‬


‫‪29%‬‬

‫‪10%‬‬ ‫المحل القومي‬ ‫‪ %10‬من الناتج‬ ‫ي‬ ‫لموريتانيا‬

‫‪18%‬‬

‫‪58%‬‬ ‫أ‬ ‫المصدرة‪ %58 :‬من‬ ‫السماك‬ ‫ّ‬ ‫مجموع صادرات موريتانيا‬ ‫الوطنية‬

‫النتاج عىل نحو يحول‬ ‫الصيد الجائر‪ ،‬وتنظيم إ‬ ‫نز‬ ‫االست�اف‪ .‬كذلك ترصد السفينتان مصادر‬ ‫دون‬ ‫التلوث‪ ،‬من أجل حرصها وتقليص آثارها‪ .‬وبناء‬ ‫عىل ذلك تصدر توجيهات ألساطيل الصيد‪ ،‬ف ي�‬ ‫الماكن والمواسم وأساليب الصيد‪ ،‬أ‬ ‫شأن أ‬ ‫والنواع‬ ‫الموىص بصيدها‪ ،‬عىل أساس علمي ي ن‬ ‫مت�‪ .‬وأدت‬ ‫البحاث أ‬ ‫أ‬ ‫الخرى ت‬ ‫ال� أمكن الوصول بها إىل نتائج‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫بح�ة‬ ‫مفيدة إىل اكتشاف نوع من‬ ‫البكت�يا ي� ي‬ ‫ي‬ ‫إدفو‪ ،‬تصيب الصيادين الذين يغطسون �ف‬ ‫ي‬ ‫البح�ة‪.‬‬ ‫ي‬

‫إمكانات واسعة‬ ‫أ‬

‫إن هذه البحاث‪ ،‬إضافة إىل وفرة المسطحات‬ ‫ف‬ ‫تب� بإمكانات واسعة لتطوير‬ ‫المائية ي� مرص‪ ،‬ش ّ‬ ‫ث‬ ‫ال�وة السمكية‪ ،‬عىل أن يتجه االهتمام الرسمي‬ ‫أ‬ ‫نحو حماية البيئة المائية‪ ،‬وتشجيع البحاث‪،‬‬ ‫وحفز القطاع الخاص عىل االستثمار ف ي� تعزيز‬ ‫النتاج‪ ،‬عىل نحو مستدام‪ ،‬ضمن خطة شاملة‬ ‫إ‬ ‫بعيدة المدى‪ .‬ذلك أن هذا القطاع قادر عىل سد‬ ‫ئ‬ ‫الغذا� الذي‬ ‫جزء ال يستهان به من عجز التبادل‬ ‫ي‬ ‫وكث� من البلدان العربية‪.‬‬ ‫تعانيه مرص ي‬

‫شواطئ األطلسي العربية‬ ‫يرهقها الصيد األوروبي فيها‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تطل عليها‬ ‫طلس ي‬ ‫تُ َع ّد مياه المحيط ال ي‬ ‫شواطئ المغرب وموريتانيا‪ ،‬من ن‬ ‫أغ� مصادر‬ ‫ث‬ ‫ال�وة السمكية ف ي� البالد العربية‪ .‬ذلك أن‬

‫‪ %29‬من موازنة موريتانيا ونحو‬ ‫نصف مصادر العملة الصعبة‬

‫‪44%‬‬

‫تحتل موريتانيا المرتبة العربية‬ ‫الثالثة ف ي� إنتاج السمك‪ ،‬بنسبة‬ ‫العر�‪،‬‬ ‫‪ %18‬من مجموع إ‬ ‫النتاج ب ي‬ ‫بعد المغرب ومرص‬

‫المصدر‬ ‫موريتانيا هي‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫الول بنسبة ‪ %44‬من‬ ‫مجموع صادرات السمك‬ ‫العر�‬ ‫بي‬

‫ت‬ ‫ال� تجول ف ي� المحيط‬ ‫التيارات البحرية ب‬ ‫الك�ى ي‬ ‫أ‬ ‫طلس من غربه إىل ش�قه‪ ،‬وبالعكس‪ ،‬تحمل‬ ‫ال ي‬ ‫معها العوالق والطحالب والجزيئات الغذائية‬ ‫ت‬ ‫ال� تبقي هذه الشواطئ غنية بالمواد الغذائية‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫القليمية‬ ‫زاخرة بالسمك المتجدد‪ ،‬سواء ي� المياه إ‬ ‫ت‬ ‫ال� تمتد ف ي� عمق المحيط ش‬ ‫ع�ين ميال ً بحرياً‪ ،‬أو‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫مائ� ميل بحري‪،‬‬ ‫ال� تمتد ي‬ ‫المناطق االقتصادية ي‬ ‫أو ت‬ ‫ح� المياه الدولية المتاخمة لهذه المناطق‪.‬‬ ‫ين‬ ‫العربي�‪ ،‬اللذين يسعيان‬ ‫يغ� أن هذين البلدين‬ ‫ف ي� تطوير اقتصادهما المستند إىل الموارد‬ ‫الطبيعية المتاحة لهما‪ ،‬يواجهان مشكالت ف ي�‬ ‫تنمية استفادتهما من ث‬ ‫الكب�ة‬ ‫ال�وة السمكية ي‬ ‫ال� يملكانها ف� مياههما‪ .‬لكن المشكالت �ف‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫البلدين ليست متشابهة‪ .‬ففيما تشكو موريتانيا‬ ‫استئثار أساطيل الصيد أ‬ ‫الجنبية‪ ،‬وال سيما‬ ‫أ‬ ‫الوف�ة‪ ،‬وضآلة‬ ‫الوروبية‪ ،‬بمعظم غالل الصيد ي‬ ‫ين‬ ‫الموريتاني� منها‪ ،‬يشكو‬ ‫ما يعود إىل الصيادين‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ورو� الجائر ي� مياهه‪،‬‬ ‫المغرب أزمة الصيد ال ب ي‬ ‫عىل النحو الذي يهدد ث‬ ‫ال�وة السمكية بالتقلص‬ ‫ت‬ ‫وال�اجع‪.‬‬ ‫يل خالصة مقابالت عقدتها قناة الجزيرة‬ ‫فيما ي‬ ‫إللقاء الضوء عىل ما تواجهه صناعة صيد‬ ‫السمك‪ ،‬ف ي� كل من البلدين‪.‬‬

‫للموريتاني� أم أ‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫وروبي�؟‬ ‫ال‬

‫يمكن ث‬ ‫لل�وة السمكية الموريتانية‪ ،‬لو اس ُت ِثمرت‬

‫ّ‬ ‫مصاف‬ ‫االستثمار السليم‪ ،‬أن تضع البالد ف ي�‬ ‫الدول النفطية‪ ،‬من حيث الوفرة والرخاء‬ ‫االقتصادي‪ .‬ففي مياه المحيط المقابل‬ ‫لشواطئ موريتانيا‪ 300 ،‬نوع من أ‬ ‫السماك‪ ،‬منها‬ ‫ستخرج‬ ‫‪ 170‬نوعاً قابال ً للتسويق‪ .‬ويزيد ما يُ‬ ‫َ‬ ‫من السمك ف ي� المياه الموريتانية‪ ،‬عىل ‪840‬‬ ‫ف‬ ‫أك� الصيادين ف ي� المياه‬ ‫ألف طن ي� السنة‪ .‬لكن ب‬ ‫أ‬ ‫الموريتانية هم الوروبيون‪ ،‬يليهم اليابانيون‬

‫فالصينيون‪ .‬وعىل الرغم من أن طول الساحل‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�اً‪ ،‬يغ� أن‬ ‫الموريتا� يمتد عىل ‪780‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫الموريتاني� ي� الصيد قلة‪ ،‬والوسائل‬ ‫العامل�‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫الموريتا� بدائية‬ ‫ال� يستخدمها الصياد‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫بالمقارنة مع الساطيل الجنبية ي ت‬ ‫ال�‬ ‫الكب�ة ي‬ ‫تنافسه ف ي� عقر داره‪.‬‬ ‫وتستحوذ أ‬ ‫المصدرة عىل ‪ %58‬من‬ ‫السماك‬ ‫ّ‬ ‫مجموع صادرات موريتانيا الوطنية‪ ،‬و‪%10‬‬ ‫المحل القومي‪ ،‬و‪ %29‬من موازنة‬ ‫من الناتج‬ ‫ي‬ ‫الدولة‪ ،‬ونحو نصف مصادر العملة الصعبة‪.‬‬ ‫ومع أن موريتانيا تحتل المرتبة العربية الثالثة‬ ‫ف ي� إنتاج السمك‪ ،‬بنسبة ‪ %18‬من مجموع‬ ‫العر�‪ ،‬بعد المغرب ومرص‪ ،‬إال أنها‬ ‫إ‬ ‫النتاج أ ب ي‬ ‫المصدر الول‪ ،‬بنسبة ‪ %44‬من مجموع‬ ‫ّ‬ ‫العر�‪ .‬فاستهالك المواطن‬ ‫السمك‬ ‫ات‬ ‫صادر‬ ‫بي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫الموريتا� من السمك ي� طعامه قليل‪ ،‬إذا‬ ‫ي‬ ‫النتاجية‪ ،‬ذلك أن لحم‬ ‫قورن بمكانة البالد إ‬ ‫وت� أ‬ ‫أ‬ ‫ال� ي ن‬ ‫ش‬ ‫الول عىل‬ ‫الموا� الحمر هو مصدر ب‬ ‫ي‬ ‫الموائد الموريتانية‪.‬‬


‫‪89 | 88‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫أ‬ ‫ورو� عام‬ ‫لقد أبرمت نواكشوط مع االتحاد ال ب ي‬ ‫‪ 2001‬اتفاقاً يسمح ت‬ ‫لمائ� سفينة صيد أوروبية‬ ‫ي‬ ‫بصيد السمك من شواطئ موريتانيا‪ ،‬لقاء ‪430‬‬ ‫مليون يورو ف ي� السنة‪ .‬لكن هذا االتفاق يشكو‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫ورو�‪،‬‬ ‫أمرين‬ ‫أساسي� عىل القل‪ ،‬فالصيد ال ب ي‬ ‫ش‬ ‫بوسائله العلمية المتطورة صيد جائر‪ ،‬ويُخ�‬ ‫أن يستنفد شيئاً فشيئاً ث‬ ‫ال�وة السمكية‪ ،‬ثم‬ ‫الساطيل أ‬ ‫إن أ‬ ‫الوروبية قلما توظّف الصيادين‬ ‫ين‬ ‫الموريتاني� عىل متنها‪.‬‬ ‫وعىل الرغم من أن الدولة أنشأت نقابة‬ ‫للصيادين‪ ،‬تتوىل مساعدتهم ف ي� ش�اء الزوارق‬ ‫وأدوات الصيد‪ ،‬إال أن المختار ولد أحمد طالب‪،‬‬ ‫مدير الصيد الصناعي ف ي� وزارة الصيد واالقتصاد‬ ‫البحري الموريتانية‪ ،‬يرى أن هذا ليس كافياً‬ ‫لتعظيم االستفادة الوطنية من ث‬ ‫ال�وة السمكية‪.‬‬ ‫ف‬ ‫وهو يعتقد أن ش� ي ن‬ ‫ط� يجب أن يتوافرا ي� هذا‬ ‫ن‬ ‫كاف له‬ ‫وط� ِ‬ ‫المجال‪ ،‬هما‪ :‬إنشاء أسطول ي‬ ‫القدرة عىل استغالل هذه ث‬ ‫ال�وة‪ ،‬وإقامة موا�نئ‬ ‫وبنية تحتية ومصانع لتحويل النتاج‪ ،‬من أجل‬ ‫ن‬ ‫أك�‪.‬‬ ‫ج� قيمة مضافة ب‬ ‫ي‬ ‫وقد بدأ فعال االهتمام بهذين أ‬ ‫المرين‪ ،‬فعدد‬ ‫ً‬ ‫مصانع أ‬ ‫ين‬ ‫مصنع�‪ ،‬قبل ‪40‬‬ ‫السماك‪ ،‬زاد من‬ ‫سنة‪ ،‬إىل ‪ 150‬مصنعاً آ‬ ‫الن‪ ،‬وهي ليست كافية‪،‬‬ ‫لكن االتجاه صحيح‪.‬‬

‫والصيد الجائر‬ ‫فالمغرب‪...‬‬ ‫أ‬

‫و� المغرب أعلن ال ي ن‬ ‫م� العام لنقابة ضباط‬ ‫ي‬ ‫وبحارة الصيد ف‬ ‫أعال البحار‪ ،‬عبد الرحمن‬ ‫�‬ ‫ّ‬ ‫ي ي‬ ‫ال�يدي‪ ،‬تناقص ث‬ ‫يز‬ ‫ال�وة السمكية المغربية‬ ‫كب�اً‪ ،‬فلم يعد من فائض إال الرسدين‪،‬‬ ‫تناقصاً ي‬ ‫وهو ف ي� المناطق الجنوبية المقابلة للصحراء‪.‬‬

‫متطورة بالمقارنة من مراكب‬ ‫بأنها تقليدية‪ ،‬هي‬ ‫ّ‬ ‫الصيد المغربية‪ .‬وأكد أن المغاربة قادرون عىل‬ ‫استغالل سمكهم بأنفسهم‪ .‬وطالب بتفريغ‬ ‫حصيلة صيد السفن أ‬ ‫الوروبية ف ي� نئ‬ ‫موا� مغربية‪،‬‬ ‫من أجل تشغيلها‪ ،‬ومراقبة عمل هذه السفن‪.‬‬ ‫وقال إن الصيادين أ‬ ‫ال ي ن‬ ‫وروبي� يستعملون أساليب‬ ‫صيد ممنوعة ت‬ ‫ح� ف ي� أوروبا‪.‬‬ ‫كذلك أشار ي ز‬ ‫نص‬ ‫ال�يدي إىل فأن االتفاق المذكور ّ‬ ‫ت‬ ‫مغر� ي� قوارب مش�كة‪ ،‬بعدما‬ ‫عىل فتشغيل ‪ 300‬ب ي‬ ‫نص عىل تشغيل ‪ 3500‬صياد‬ ‫كان ي� السابق قد ّ‬ ‫مغر�‪ .‬وقد طالبت النقابات المعنية‪ ،‬من جانبها‪،‬‬ ‫بي‬ ‫الساحل‪ ،‬وتوزيعها عىل‬ ‫بزيادة حصص الصيد‬ ‫ي‬ ‫كاف لكل زورق ف ي�‬ ‫المراكب‪ ،‬إلتاحة اصطياد مقدار ٍ‬ ‫ن‬ ‫يع� زيادة حصة الصيادين‬ ‫كل رحلة صيد‪ .‬وهذا ي‬ ‫الوطني� من ث‬ ‫ين‬ ‫ال�وة السمكية‪.‬‬ ‫تجدر الشارة إىل أن إنتاج المغرب من أ‬ ‫السماك‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫بلغ نحو مليون طن ي� السنة بقيمة تجاوزت ‪7‬‬ ‫الساحل بنسبة‬ ‫مليارات درهم‪ ،‬ويسهم الصيد‬ ‫ي‬ ‫المحل‪.‬‬ ‫النتاج‬ ‫‪ %82‬من إ‬ ‫ي‬ ‫السمكية ف ي� المملكة المغربية‬ ‫وشهدت الصناعات‬ ‫السواق ّ أ‬ ‫انفتاحاً كب�اً عىل أ‬ ‫واليابانية‪،‬‬ ‫ة‬ ‫وروبي‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫أّ‬ ‫ووصلت صادرات المغرب من السماك‬ ‫السمكية إىل ‪ %50‬من قيمة مجموع‬ ‫والصناعات‬ ‫ّ‬ ‫المغربية‪.‬‬ ‫والغذائية‬ ‫اعية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصادرات الزر ّ‬

‫ورأى ي ز‬ ‫ال�يدي أن هذا الخفض لعدد السفن‬ ‫ت‬ ‫ال� وصفها االتفاق‬ ‫ليس كافياً‪ ،‬ذلك أن القوارب ي‬

‫الشارة إىل أن إنتاج المغرب من‬ ‫تجدر إ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫السماك بلغ نحو مليون طن ي� السنة‬ ‫بقيمة تجاوزت ‪ 7‬مليارات درهم‬

‫مصادر التقرير‪:‬‬ ‫ د‪.‬عادل أحمد ثروت ‪www.networkofanimalproduction&fish -‬‬‫‪eriessciences‬‬ ‫بترصف‬ ‫ ويكيبيديا‪،‬‬‫ّ‬ ‫ من تحقيق للحسن الرسات وأحمد بشتو‪ ،‬مراسال الجزيرة ف ي� الرباط‬‫ونواكشوط‬

‫السبانية إىل موانئها‪،‬‬ ‫وعادت مراكب الصيد إ‬ ‫بعدما تيقّنت من نقص ث‬ ‫ال�وة السمكية الحاد‬ ‫ف� أعال البحار‪ ،‬عقب اتفاق الصيد البحري ي ن‬ ‫ب�‬ ‫يالرباط ي واالتحاد أ‬ ‫ورو� ف ي� يوليو ‪2006‬م‪ .‬وقد‬ ‫ال‬ ‫أ‬ ‫بي أ‬ ‫ورو�‬ ‫خفّض فاالتفاق عدد سفن السطول ال ب ي‬ ‫العامل ي� المياه المغربية‪ ،‬من ‪ ،600‬إىل ‪119‬‬ ‫سفينة مدة أربع سنوات قابلة للتجديد‪.‬‬ ‫الصيادين المغاربة من أن‬ ‫وحذّ رت فدرالية ّ‬ ‫ث‬ ‫البحار مهددة بالقضاء عىل ال�وة السمكية‬ ‫فيها‪ ،‬إذ بلغ مجموع ما اصطيد سنة ‪2006‬م‪،‬‬ ‫نحو ‪ 710‬آالف طن‪ ،‬حسب إحصاءات المكتب‬ ‫ن‬ ‫الوط� للصيد‪.‬‬ ‫ي‬

‫خفّض االتفاق ي ن‬ ‫ب� المغرب واالتحاد‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ورو�‬ ‫ورو� فعدد سفن السطول ال ب ي‬ ‫ال ب ي‬ ‫العامل ي� المياه المغربية‪ ،‬من ‪600‬‬ ‫إىل ‪ 119‬سفينة مدة أربع سنوات قابلة‬ ‫للتجديد‬

‫البحار مهددة بالقضاء عىل ث‬ ‫ال�وة السمكية‬ ‫فيها‪ ،‬إذ بلغ مجموع ما اصطيد سنة ‪2006‬م‬ ‫نحو ‪ 710‬آالف طن‬

‫وصلت صادرات المغرب من أ‬ ‫السماك‬ ‫والصناعات السمك ّية إىل ‪ %50‬من قيمة‬ ‫مجموع الصادرات الزراع ّية والغذائ ّية‬ ‫المغرب ّية‬

‫أ‬ ‫ن‬ ‫ورو�‬ ‫االتفاق يب� المغرب واالتحاد فال ب ي‬ ‫مغر� ي� قوارب‬ ‫نص عىل تشغيل‬ ‫ّ‬ ‫‪ 300‬ب ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫نص‬ ‫قد‬ ‫السابق‬ ‫�‬ ‫كان‬ ‫بعدما‬ ‫كة‪،‬‬ ‫مش�‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫مغر�‬ ‫صياد‬ ‫‪3500‬‬ ‫عىل تشغيل‬ ‫بي‬


‫الملف‪:‬‬

‫الحياة‬ ‫الفطرية‬

‫‪Almohtaraf Assaudi Archive‬‬

‫خالل أقل من نصف قرن خرج االهتمام‬ ‫بالحياة الفطرية من دوائر العلماء الضيقة‬ ‫وأبحاثهم‪ ،‬ليكتسح الثقافة العامة‬ ‫للمجتمعات‪ ،‬حتى تحولت حمايتها إلى‬ ‫شأن يشغل العالم‪ ،‬بعدما تأكد لنا مدى‬ ‫ارتباطها بحياتنا نحن‪ ،‬وبمستقبل الحياة‬ ‫ً‬ ‫وتفصيال‪.‬‬ ‫على األرض جملة‬ ‫فكيف التفت العالم المتمدن إلى العالم‬ ‫البرّ ي‪ ،‬وكيف هو حال العالقة بينهما‬ ‫اليوم؟ وماذا في جعبة معارفنا وعلومنا‬ ‫من جديد بشأنها؟‬ ‫في هذا الملف‪ ،‬يستعرض فريق القافلة‬ ‫بعض ما أنجزه العالم المعاصر على‬ ‫صعيد حماية الحياة الفطرية‪ ،‬بعد تاريخ‬ ‫طويل ّ‬ ‫مهد الطريق أمام وعينا الحاضر‬ ‫ّ‬ ‫ومكوناتها‪ ،‬وفيه كثير مما يؤكد‬ ‫ألهميتها‬ ‫أن حضورها في التاريخ اإلنساني وثقافاته‬ ‫كان أكبر مما نعتقد‪.‬‬


‫‪91 | 90‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫النسان منذ أن نشأ المجتمع ش‬ ‫الب�ي أنه يملك‬ ‫ظن إ‬ ‫الحق والقدرة عىل التالعب بهذه الطبيعة بما فيها من‬ ‫وط� وغابات وهواء وماء‪.‬‬ ‫أنهار وبحار وجبال وحيوان ي‬ ‫ف‬ ‫يسخر كل ما‬ ‫ورأى ي� نفسه أيضاً الحق والقدرة عىل أن ّ‬ ‫ف� الطبيعة لمصلحته وفائدته أ‬ ‫النانية‪ ،‬بغض النظر عما يمكن أن يُلحقه‬ ‫ي‬ ‫بهذه الطبيعة الفطرية ت‬ ‫ال� عاش ف ي� حضنها‪ ،‬من أذى وفساد وتلويث‪.‬‬ ‫ي‬ ‫إال أنه أخذ يكتشف‪ ،‬مع تقدم العلوم والوعي بمشكالت البيئة والتوازن‬ ‫الطبيعي‪ ،‬ومع تطور عمل مراكز أ‬ ‫البحاث البيئية‪ ،‬ونشاط الجمعيات‬ ‫ّ‬ ‫الساعية ف� حماية الحياة الفطرية‪ ،‬ومع ظهور فكرة أن موارد أ‬ ‫الرض‬ ‫ي‬ ‫محدودة‪ ،‬وأنها قابلة يوماً من أ‬ ‫تسخ� الطبيعة بال‬ ‫أن‬ ‫للنفاد‪،‬‬ ‫يام‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫حدود مسألة ال يمكن أن تستمر إىل ما ال نهاية‪ ،‬وأن أ‬ ‫المور يمكن أن‬ ‫تنقلب بل أخذت تنقلب وباال ً عىل ش‬ ‫الب�ية نفسها‪ ،‬مثلما يرتد «البومرانغ»‬ ‫تسخ� الطبيعة من‬ ‫عىل صاحبه‪ .‬وبذلك وصل إالنسان إىل االقتناع بأن ي‬ ‫دون االهتمام بصحتها وبالتوازن فيها‪ ،‬وبقدرتها عىل تجديد نفسها‪ ،‬بدأ‬ ‫يتحول فعال ً إىل �ض ر ال يلحق بالطبيعة وحدها‪ ،‬بل بالمجتمع ش‬ ‫الب�ي‬ ‫ّ‬ ‫ش‬ ‫أخ�اً أن مصلحتهم ال يمكن أن تكون ضد الطبيعة‬ ‫الب�‬ ‫وأدرك‬ ‫نفسه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫والحياة الفطرية‪ ،‬بل إن هذه المصلحة هي ف ي� حماية توازن الطبيعة‬ ‫مص� ش‬ ‫الب� ومجتمعاتهم‪.‬‬ ‫والحرص عىل الحياة الفطرية‪ ،‬وعليها يتوقف ي‬ ‫توصل إليها النضج ش‬ ‫الب�ي ش ئ‬ ‫المس�ة‬ ‫النا�‪ ،‬ف ي� هذه‬ ‫ي‬ ‫ولعل أعظم فكرة ّ‬ ‫السن�‪،‬ن‬ ‫ش‬ ‫المتفاعلة مع الحياة الفطرية‪ ،‬المستمرة منذ ع�ات ألوف ي‬ ‫هي أن حياة ش‬ ‫الب� ال يمكنها أن تكون حلقة مستقلة منفصلة عما‬ ‫حولها من حياة فطرية وبيئة طبيعية‪ ،‬بل إنها من ضمن الحلقات‬ ‫المتصلة من حلقات هذه الحياة‪ ،‬فالعنكبوت السام مثالً‪ ،‬الذي نُظر‬

‫‪World Wide Fund for Nature‬‬

‫ماذا نفعل بكوكبنا؟‪ :‬إعالن للصندوق العالمي‬ ‫ئ‬ ‫البي�‬ ‫للحياة ب‬ ‫ال�ية ‪ WWF‬عن الوعي ي‬

‫إليه منذ البدء‪ ،‬عىل أنه كائن كريه ضار ال فائدة منه‪ ،‬وأنه محكوم‬ ‫«الحق�»‪ ،‬ال غ�ن‬ ‫النسان‪ ،‬هذا الكائن‬ ‫عليه بالفناء من أجل مصلحة إ‬ ‫ي‬ ‫عنه ف ي� الحياة الفطرية‪ ،‬إذا كان لتوازن الطبيعة أن يبقى مصوناً‪ ،‬فال‬ ‫تطغى عىل الكرة أ‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ال�‬ ‫الرضية أو تتكاثر فيها أو‬ ‫تجتاحها الح�ات ي‬ ‫يعتاش منها هذا العنكبوت‪ .‬وقس عىل ذلك‪ ،‬ف ي� نظرة كانت ش�يرة‪،‬‬ ‫حيال الذئب‪ ،‬أو الثعبان أو أي كائن كرهه ش‬ ‫الب� أجياال ً خلف أجيال‪،‬‬ ‫وهم ال يدركون أنه حلقة ف� السلسلة الحيوية‪ ،‬ال ن‬ ‫غ� عنها‪ ،‬إذا كان‬ ‫لسلسلة الحياة عىل هذه ي أ‬ ‫الرض أن تكتمل وتستقر وتستمر‪.‬‬ ‫لقد وضع الخالق ف� الطبيعة حكمته ت‬ ‫ال� تشاء أن يكون نظام الحياة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫متوازناً‪ .‬ونظرية توازن الطبيعة خالصتها أن النظم البيئية هي ف ي�‬ ‫تغ� بسيط‬ ‫المعتاد مستقرة بفضل هذا التوازن الطبيعي‪ .‬أي إن كل ي‬ ‫ف‬ ‫مع�ن‬ ‫ي� بعض عنارص الطبيعة وعواملها (مثل نقصان تعداد جنس ي‬ ‫من الحيوانات مثالً) تصححه آثار سلبية ليعود التعداد إىل ما كان‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تعتمد‬ ‫فيعود معه التوازن‪ .‬وهذا ينطبق عىل الجناس الحيوانية ي‬ ‫ب� الجنس ت‬ ‫بعضها عىل بعض‪ ،‬مثل التوازن ي ن‬ ‫المف�س وجنس فرائسه‪.‬‬ ‫فإذا ثك�ت أ‬ ‫السود‪ ،‬تكاثرت الظباء للتعويض‪ ،‬وإذا ثك�ت الظبا‪ ،‬توافر‬ ‫للسود مزيد من الطعام‪ ،‬وتزايد عدد أ‬ ‫أ‬ ‫السود ت‬ ‫المف�سة ليعود التوازن‬ ‫ين‬ ‫م�ان الطبيعة ي ن‬ ‫إىل ي ز‬ ‫الجنس�‪ .‬وهذا المبدأ يصح‪ ،‬حسب نظرية‬ ‫ب�‬ ‫الم�ان ي ن‬ ‫التوازن‪ ،‬ف� ي ز‬ ‫ب� تركيبة الجو‪ ،‬والمناخ العالمي أيضاً‪.‬‬ ‫ي‬ ‫لكن نظرية التوازن الدائم‪ ،‬وتصحيح الطبيعة ألي خلل‬ ‫فيها‪ ،‬أو ف ي� قدرتها‬ ‫الدائمة عىل تعويض نواقصها‪،‬‬ ‫تراجعت ف ي� المحافل العلمية ف ي� أواسط‬


‫الع�ين‪ ،‬إذ إن التدخل ش‬ ‫القرن ش‬ ‫الب�ي المتخطي الحدود الطبيعية‬ ‫شحها‪،‬‬ ‫للتدخل‪ ،‬والذي ال يقيم وزناً للطبيعة وتوافر الموارد أو ّ‬ ‫كث�اً من هذا التوازن‪ ،‬ت‬ ‫نز‬ ‫ح� بات أمراً‬ ‫والمبالغ ف ي�‬ ‫االست�اف‪ ،‬أفسد ي‬ ‫ملحاً‪ ،‬أن يعيد ش‬ ‫الب� النظر ف ي� سلوكهم حيال الطبيعة‪.‬‬ ‫لقد عاث النسان ف� أ‬ ‫الرض فساداً‪ ،‬فلم يضع حدوداً الستهالكه‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫واستنفاده الموارد‪ ،‬ولم يقف عند قدرة الطبيعة عىل التجدد‪ ،‬وإعادة‬ ‫إنتاج نفسها‪ .‬وهو ربما كان ال يدري‪ ،‬لكنه بات آ‬ ‫الن يعرف تماماً‪ ،‬أن‬ ‫سلوكه إذا استمر عىل وضعه‪ ،‬من استنفاد للموارد الطبيعية والتالعب‬ ‫ئ‬ ‫ئ‬ ‫والضو�‬ ‫بالحياة الفطرية‪ ،‬فإن النتيجة هي‪ :‬التلوث الجوي‬ ‫والما� أ ي‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫والضوضا� والبرصي والور ث يا� واالحتباس الحراري وانحسار الوزون‬ ‫ي‬ ‫وتدم� الغابة‬ ‫والتصحر‬ ‫وتدم� الموائل الطبيعية وقطع الشجر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫بالمركبات‬ ‫االستوائية‬ ‫ي‬ ‫المط�ة ي� المازون وتلويث ال�بة الزراعية ُ‬ ‫أ‬ ‫الكيميائية وتعديل جينات المزروعات واجتياح السمنت للمساحة‬ ‫أ‬ ‫ئ‬ ‫البي�‪ ،‬وهكذا‪ .‬لقد آن‬ ‫الزراعية وانقراض النواع الضامنة للتوازن ي‬ ‫أ‬ ‫الوان لوقف هذا المسار والنظر فيه بحكمة وعمق وروية‪.‬‬ ‫ت‬ ‫تأ� أهمية الحياة الفطرية وإدراك دورها الحيوي ض‬ ‫ال�وري‪،‬‬ ‫من هنا ي‬ ‫والوعي بحاجتنا إليها‪ ،‬ربما ث‬ ‫أك� من حاجتها إلينا‪ .‬بذلك الوعي نشأت‬ ‫ف‬ ‫فكرة المحميات‪ ،‬لحظر النشاط ش‬ ‫الب�ي الضار‪ ،‬ي� مناطق الكثافة‬ ‫ف‬ ‫الحيوية الطبيعية‪ ،‬والتط ّلع إىل توسيع هذه المحميات‪ ،‬ي� زحف‬ ‫وبالتال انتصار الحياة‪.‬‬ ‫معاكس يرمي إىل انتصار الطبيعة‪،‬‬ ‫ي‬

‫تاريخ محم ّيات الحياة الفطرية‬ ‫يرجع تاريخ المحميات الطبيعية إىل العصور القديمة‪ ،‬فالفكرة ليست‬ ‫حديثة العهد‪ .‬إذ أنشأ ملك رسيالنكا‪ ،‬ديفانامبيا تيسا‪ ،‬أحد أقدم‬ ‫ال�ية ف ي� القرن الثالث قبل الميالد‪ .‬وال تزال رسيالنكا‬ ‫موائل الحياة ب‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫إىل يومنا هذا من أغ� مواقع الرض ِغ� بالتنوع البيولوجي‪ .‬وأنشأ‬ ‫المحمية‪ ،‬وغرضها منع عامة الشعب‬ ‫والقطاعيون المناطق‬ ‫الملوك إ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ح� كان الصيد هواية‬ ‫من منافسة نبالء البالد عىل طرائد صيدهم‪ ،‬ي‬ ‫النبالء ال يغ�‪ .‬أما أول محمية للحياة الفطرية ف ي� العصور الحديثة‪،‬‬ ‫ن‬ ‫يطا�‬ ‫فقد أنشأها سنة ‪1821‬م‪ ،‬عالم الطبيعة والمستكشف ب‬ ‫ال� ي‬ ‫تشارلز واترتون‪ ،‬ف ي� ممتلكاته‪ ،‬ف ي� والتون هول‪ ،‬ف ي� منطقة غرب‬ ‫ت ن‬ ‫لي� ف ي� تشييد سور طوله‬ ‫ي‬ ‫يوركش�‪ .‬وأنفق واترتون ‪ 9000‬جنيه إس� ي‬ ‫منتهك حرمة أمالكه‪ .‬وقد‬ ‫‪ 3‬أميال‪ ،‬وارتفاعه ‪ 9‬أقدام‪ ،‬لمنع دخول‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الط� بزرعه الشجر‪ ،‬وتجويف جذوعها‪،‬‬ ‫سعى واترتون ي� تعزيز حياة ي‬ ‫ط� البوم أعشاشاً فيها‪.‬‬ ‫لتتخذ ي‬

‫أ‬ ‫الرسة الحاكمة السنهالية‬ ‫للملك ديفانامبيا تيسا‬

‫الحياة الفطرية‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ال� يعمل الوعي الب�ي الجديد‬ ‫فما هي هذه الحياة الفطرية ي‬ ‫عرف الحياة الفطرية تعريفاً متطوراً مع الزمن‪ .‬ففي‬ ‫عىل حمايتها؟ تُ ّ‬ ‫ن‬ ‫مدجن‪ ،‬يحيا‬ ‫تع� كل حيوان يغ� ّ‬ ‫فالبدء كانت عبارة الحياة الفطرية ي‬ ‫ويدجنه ويكون‬ ‫ي� الطبيعة دون حاجة إىل تدخل شب�ي يسيطر عليه ّ‬ ‫مصدر إطعامه‪ .‬لكن تعريف الحياة الفطرية‪ ،‬مع تقدم العلوم‪،‬‬ ‫واكتشاف مدى ترابط السالسل الحيوية بعضها ببعض‪ ،‬صار يتضمن‬ ‫والح�ات والكائنات البحرية ت‬ ‫ش‬ ‫وح� الفطريات‪.‬‬ ‫النبات‬ ‫المحميات الطبيعية‬ ‫والمحميات الطبيعية هي مناطق معينة مقفلة غرضها حماية الحياة‬ ‫الفطرية من أي تدخل شب�ي‪ ،‬مثل الصيد أو البناء أو التلويث بكل‬ ‫أشكاله‪ ،‬ت‬ ‫ين‬ ‫التدج�‪ .‬وتعلن الدول هذه المحميات‪ ،‬أو تعلنها الهيئات‬ ‫وح�‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الخ�ي‪ ،‬أو معاهد البحاث‬ ‫الخاصة المالكة للرض‪ ،‬أو منظمات العمل ي‬ ‫ين‬ ‫القوان� والنظم‪ ،‬وتُ َخ ّط المعاهدات الدولية‪.‬‬ ‫صدر فيها‬ ‫العلمية‪ ،‬وتَ ُ‬ ‫توضع المحميات الطبيعية تحت شإ�اف هيئة رسمية ف ي� المعتاد‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وتمتاز بكونها تحتوي عىل نباتات وأشجار وحيوانات قد تكون مهددة‬ ‫تعدي ش‬ ‫الب�‬ ‫باالنقراض‪ ،‬عىل النحو الذي يستدعي حمايتها من ّ‬ ‫أحاف� من‬ ‫والتلوث عىل اختالف أنواعه‪ .‬وقد يكون غرض الحماية ي‬ ‫عصور جيولوجية سالفة‪ ،‬حفظاً لعاديات أ‬ ‫الزمنة الغابرة من الزوال‪.‬‬

‫تشارلز واترتون‬

‫قاعة والتون‪ :‬مسقط رأس تشارلز ف واترتون‪،‬‬ ‫الذي جعلها أول محمية طبيعية ي� العالم‬


‫أقرت الجمعية العمومية ف ي� قرارها‪ ،‬أهمية الحياة الفطرية عىل‬ ‫وقد ّ‬ ‫وال�بوي والثقا�ف‬ ‫والجي� واالجتماعي والعلمي ت‬ ‫ن‬ ‫مختلف الصعد‪ ،‬البي�ئ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫والجمال‪ ،‬ودعت إىل اعتماد التطوير المستدام للرفاه‬ ‫وال�فيهي‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫يل� حاجة‬ ‫الب�ي‪ .‬وقد ُع ّرف التطوير المستدام‪ ،‬بأنه أالتطوير الذي ب ي‬ ‫أ‬ ‫�ض‬ ‫�ض‬ ‫الجيال الحا ة‪ ،‬وال يلحق راً بحاجات الجيال القادمة‪.‬‬

‫‪93 | 92‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫قمة ريو لعام ‪1992‬م‬

‫قمة ريو لعام ‪1992‬م‬

‫ط� الزرزور وغربان‬ ‫كذلك صنع واترتون علب أعشاش من خشب إليواء ي‬ ‫وخ ّطاف الرمل‪ ،‬وحاول بال طائل ي ن‬ ‫الصغ�‪ ،‬الذي‬ ‫توط� البوم‬ ‫الزيتون ُ‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ن‬ ‫المحلي� بدخول أمالكه‪.‬‬ ‫استح�ه من إيطاليا‪ .‬وسمح واترتون للسكان‬ ‫ي‬ ‫وقد وصفه ديفيد أتن�و‪ ،‬صاحب برنامج أ‬ ‫«الرض الكوكب الحي» (‪The‬‬ ‫ب‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫الشه�‪ ،‬بأنه «من أوائل الناس ي� كل‬ ‫التلفزيو�‬ ‫‪)Living Planet Earth‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫مكان‪ ،‬الذين ت‬ ‫اع�فوا‪ ،‬ليس فقط بأن العالم الطبيعي مهم للغاية‪ ،‬بل‬ ‫ف‬ ‫أيضاً بأنه بحاجة إىل حماية‪ ،‬فيما كانت ش‬ ‫الب�ية تبالغ ي� التطلب منه»‪.‬‬ ‫وأقيمت الحماية عىل الحياة الفطرية ف ي� دراخنفلز (الجبال السبعة)‬ ‫عىل أنها أول محمية طبيعية رسمية‪ ،‬فيما صار ألمانيا اليوم؛ وكانت‬ ‫اش�ت أ‬ ‫ال� ت‬ ‫ت‬ ‫الرض سنة ‪1836‬م‪ ،‬لحمايتها من‬ ‫الدولة ب‬ ‫ال�وسية هي ي‬ ‫مواصلة عمل المقالع فيها‪.‬‬

‫ويرمي اليوم العالمي للحياة الفطرية إىل االحتفال والتوعية بالحياة‬ ‫النباتية والحيوانية ف ي� العالم‪ ،‬والدعوة إىل منع التجارة الدولية من‬ ‫تشكيل خطر عىل بقاء أ‬ ‫والتنوع البيولوجي‪ .‬ودعت الجمعية‬ ‫الجناس‬ ‫ّ‬ ‫ب� المنظمات المعنية ف� أ‬ ‫العمومية إىل التنسيق ي ن‬ ‫المم المتحدة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫لتيس� تنظيم االحتفال بيوم الحياة الفطرية‪.‬‬ ‫ي‬ ‫إفساد الطبيعة وتلويثها‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ال� يمكن أن تلحق ال�ر‬ ‫ال يمكن إحصاء أنماط النشاط الب�ي ي‬ ‫أ‬ ‫بالطبيعة وحياتها الفطرية‪ .‬إذ إن هذه النماط من السلوك يغ�‬ ‫فالب�ية‪ ،‬مع الكرة أ‬ ‫كث�ة جداً‪ .‬ش‬ ‫الرضية‪ ،‬تواجه عىل سبيل‬ ‫المتبص‪ ،‬ي‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫المثال مشكلة تزايد نسبة غازات الدفيئة‪ ،‬ي� الجو‪.‬‬ ‫وغازات الدفيئة تنتج من النشاط الصناعي عىل الخصوص‪ ،‬وتسهم‬ ‫ف‬ ‫الك�ى‪ ،‬مثل الواليات المتحدة‬ ‫ي� إنتاج معظمها الدول الصناعية ب‬ ‫وغ�هما‪ .‬وأخطر هذه الغازات‪ ،‬ن‬ ‫ين‬ ‫ثا� أكسيد الكربون والميثان‪.‬‬ ‫والص�‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫وهي تؤدي إىل االحتباس الحراري‪ ،‬وزيادة حرارة الكرة الرضية‪ ،‬عىل‬ ‫نحو خطر ينذر بعض العلماء‪ ،‬بل معظمهم‪ ،‬بأنه قد يصل إىل‬ ‫س�ورة ت‬ ‫اح�ار تجعل الحياة عىل سطح الكرة‬ ‫حالة الالرجوع‪ ،‬فتنطلق ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫السن�‪.‬ن‬ ‫الرضية متعذّ رة‪ ،‬ي� غضون أجيال وربما عقود معدودة من ي‬ ‫الخط�ة‪،‬‬ ‫وقد نُ ّظمت عدة مؤتمرات دولية‪ ،‬لمعالجة هذه المسألة‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫جان�و‪ ،‬يب� ‪ 3‬و‪14‬‬ ‫ال� ُعقدت ي� ريو دو ي‬ ‫لعل أشهرها «قمة ريو»‪ ،‬ي‬ ‫يونيو سنة ‪1992‬م‪ .‬وكان من أهم مبادئها‪ ،‬أن التنمية االقتصادية‬ ‫تق�ن بعدم إلحاق أ‬ ‫يجب أن ت‬ ‫الذى بالبيئة‪ ،‬وأن ت ز‬ ‫المعاي�‬ ‫تل�م‬ ‫ي‬ ‫الك�ى الموقّعة عىل «إعالن قمة‬ ‫البيئية‪ .‬يغ� أن الدول الصناعية ب‬ ‫ريو»‪ ،‬تتم ّلص من ت ز‬ ‫العالن‪ ،‬إما لزيادة نشاطها‬ ‫االل�ام الدقيق بمبادئ إ‬

‫كب�ة هي المحمية الوطنية يلوستون‪ ،‬ف ي� والية‬ ‫لكن أول محمية طبيعية ي‬ ‫وايومنغ أ‬ ‫سيد�‪� ،‬ف‬ ‫المريكية‪ ،‬تليها المحمية الوطنية الملكية قرب ن‬ ‫ي ي‬ ‫ت‬ ‫أس�اليا‪ ،‬ومحمية بارغوزين الطبيعية‪ ،‬ف ي� روسيا القيرصية‪ ،‬وهي أول‬ ‫ف‬ ‫«زابوفدنيك» ي� روسيا‪ ،‬أي أول محمية أقيمت لتبقى «عىل طبيعتها إىل‬ ‫أ‬ ‫البد» ف ي� البطاح الروسية الشاسعة‪.‬‬ ‫يوم الحياة الفطرية‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ديسم� ‪2012‬م‪ ،‬قررت الجمعية العمومية ي� المم المتحدة‪،‬‬ ‫ف ي� ‪20‬‬ ‫ب‬ ‫ين‬ ‫والست�‪ ،‬أن تعلن الثالث من مارس من كل سنة‪ ،‬يوماً‬ ‫ف ي� دورتها الثامنة‬ ‫عالمياً للحياة الفطرية‪ ،‬بنا ًء عىل ت‬ ‫اخت� الثالث من‬ ‫اق�اح تايلند‪ .‬وقد ي‬ ‫مارس‪ ،‬ألنه اليوم الذي أُقرت فيه معاهدة مراقبة التجارة العالمية‬ ‫أ‬ ‫المعرضة لالنقراض من الحياة الفطرية‪.‬‬ ‫بالجناس‬ ‫ّ‬

‫المصدر‪WWF :‬‬


‫أ‬ ‫بوت�ة تُمكّن‬ ‫ففي بعض المناطق ذات المناخ المعتدل‪ ،‬تقطع الشجار ي‬ ‫الطبيعة من أن تستدرك أ‬ ‫المر‪ ،‬بإنبات أشجار بديلة‪ ،‬عىل نحو يجدد‬ ‫الغابات‪ .‬لكن ما يجري ف ي� بعض مناطق العالم‪ ،‬وال سيما ف ي� غابات‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫وغ�ها‪،‬‬ ‫المازون‬ ‫و� إندونيسيا ي‬ ‫المط�ة ي� ب‬ ‫ي‬ ‫ال�ازيل وأمريكا الجنوبية‪ ،‬ي‬ ‫بوت�ة وأساليب تق ّلص مساحات‬ ‫تدم� الغابة‬ ‫المط�ة ي‬ ‫ي‬ ‫بمس�ة ي‬ ‫يس� ي‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫شاسعة من هذه الغابة‪ ،‬إلقامة نشاط ب�ي يحول دون تجدد‬ ‫أ‬ ‫المط�ة تنتج من‬ ‫تطور خطر للغاية‪ ،‬ليس ألن الغابات‬ ‫ي‬ ‫الشجار‪ .‬وهذا ّ‬ ‫وكسج� ما يبقي جو أ‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫الرض سليماً لتنفّس الكائنات الحية فقط‪ ،‬بل‬ ‫ال‬ ‫كب�ة من‬ ‫ألن أشجار الغابات‬ ‫وتخزن نسبة ي‬ ‫ي‬ ‫المط�ة تمتص من الجو ّ‬ ‫الكربون الموجود ف ي� الجو‪ ،‬وهو كربون باتت نسبته ف ي� تزايد‪ ،‬بسبب‬ ‫جراء النشاط ش‬ ‫الب�ي الصناعي‪.‬‬ ‫تعاظم بث غازات الدفيئة‪َّ ،‬‬ ‫أما لماذا يقطعون الشجر‪ ،‬أ‬ ‫فلسباب منها إفراغ مناطق وإنشاء مزارع‬ ‫ومستوطنات وقرى فيها‪ ،‬أو قطع الشجر الستخدام الحطب بدل‬ ‫ال�كات ي ت‬ ‫ال� ش‬ ‫الوقود‪ ،‬ف ي� االستخدام الم�نزل‪ ،‬أو مشاريع ش‬ ‫تن�ئ‬ ‫ي‬ ‫الكب�ة ي‬ ‫مزارع شاسعة أو تتاجر بخشب الشجر للبناء أو لصنع الورق‪ ،‬أو إلفراغ‬ ‫مناطق ف ي� الغابة لتحويلها إىل مر ٍاع لقطعان الماشية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تواجهها‪ ،‬أو‬ ‫الصناعي من أجل معالجة الزمات االقتصادية ي‬ ‫للحفاظ عىل نسبة نمو اقتصادها‪.‬‬ ‫الصيد الجائر‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫تطور أساليب صيد السمك‪،‬‬ ‫وكما ي� الجو كذلك ي� البحار‪ ،‬ذلك أن ّ‬ ‫تحول من حرفة يمتهنها الصيادون‪ ،‬ف ي� مستوطناتهم الساحلية‬ ‫الذي ّ‬ ‫ش‬ ‫القروية ف ي� الغالب‪ ،‬إىل صناعة تديرها �كات عمالقة‪ ،‬تستخدم السفن‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫تجرها سفينة الصيد‬ ‫ال� تمتد عدة أكيلوم�ات ّ‬ ‫الضخمة والشباك ي‬ ‫وصغ�ها‪ ،‬وغالباً‬ ‫كب�ها‬ ‫ي‬ ‫خلفها‪ ،‬ف ُتفرغ مناطق كاملة من السماك‪ ،‬ي‬ ‫ما تصطاد ما يعاد إلقاؤه (ميتاً) إىل البحر‪ ،‬ألنه يغ� النوع المقصود‬ ‫صيده‪ ،‬أو من النوع الذي ال يؤكل‪ .‬وقد أدت هذه أ‬ ‫الساليب‪ ،‬عىل‬ ‫ت‬ ‫ال� َوضعت لها قيوداً وحدوداً‪ ،‬إىل‬ ‫الرغم من المؤتمرات‬ ‫الدولية ي‬ ‫ف‬ ‫تناقص عدد الحيتان مثال ً ي� المحيطات‪ ،‬عىل نحو ينذر باختالل‬ ‫التوازن البيولوجي ف ي� موائلها البحرية الطبيعية‪.‬‬ ‫وال تلحق هذه أ‬ ‫الساليب المفرطة ف� الصيد الجائر‪ ،‬ض‬ ‫ال�ر‬ ‫ي‬ ‫بالبيئة البحرية فقط‪ ،‬بل إنها تلحق أذى شديداً أيضاً ف ي�‬ ‫ين‬ ‫التقليدي�‪ ،‬الذين يفقدون موارد رزقهم‪،‬‬ ‫مجتمعات الصيادين‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫الكب�ة‪.‬‬ ‫غ� متكافئة مع �كات الصيد ي‬ ‫ي� منافسة ي‬ ‫تدمير الغابات المطيرة‬ ‫ش‬ ‫يدمر الب� الغابات‬ ‫ومن أنماط النشاط المؤذي للحياة الفطرية‪ ،‬أن ّ‬ ‫المط�ة‪ ،‬بقطع الشجر إلنشاء مزارع أو إقامة مستوطنات وقرى‪ ،‬أو‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال�ازيل‪،‬‬ ‫ح� مدن‪ ،‬مثلما حدث عند إنشاء مدينة برازيليا‪ ،‬عاصمة ب‬ ‫عام ‪1960‬م‪ .‬وليس كل قطع للشجر مخال ً بتوازن البيئة الحيوية‪،‬‬

‫أ‬ ‫المط�ة عىل‬ ‫بوت�ة تفوق قدرة الغابة‬ ‫ي‬ ‫ولقد أدت رسعة قطع الشجار ي‬ ‫كب�ة من حيوانات‬ ‫إعادة تجديد نفسها‪ ،‬إىل القضاء عىل موائل نسبة ي‬ ‫الغابة ش‬ ‫تدم� منهجي للحياة‬ ‫وح�اتها وطيورها‪ ،‬بما يمكن وصفه بأنه ي‬ ‫أ‬ ‫الفطرية ف ي� منطقة ال يملكها بلد واحد‪ ،‬مقدار ما تملكها الكرة الرضية‬ ‫بكل شعوبها‪ ،‬وكائناتها الحية‪.‬‬ ‫محميات في العالم‬ ‫ف‬ ‫�ض‬ ‫ش‬ ‫نتيجة للوعي الذي انت� ي� العالم‪ ،‬حيال ورة حماية الحياة‬ ‫الفطرية‪ ،‬أنشئت ف� معظم أنحاء الكرة أ‬ ‫محميات تؤوي‬ ‫الرضية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫معرضة لالنقراض‪ ،‬ولذلك يُمنع صيدها‬ ‫نباتات وحيوانات‪ ،‬قد تكون ّ‬ ‫وتدم� موائلها الطبيعية‪.‬‬ ‫وإتالفها وتلويث بيئتها‬ ‫ي‬ ‫يل صورة بانورامية من العالم عن أوضاع المحميات ف ي� عدد من‬ ‫وفيما ي‬ ‫البلدان‪.‬‬ ‫أس�اليا اليوم ث‬ ‫ف� ت‬ ‫أك� من ‪ 9700‬محمية طبيعية تغطي مساحة تزيد‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫مالي� هكتار‪ .‬وتتوىل شؤون إدارة هذه المحميات‪ ،‬ثالثة‬ ‫عىل ‪ 103‬ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫أنواع من السلطات‪ :‬الكومنولث‪ ،‬والحكومة الس�الية‪ ،‬وحكومات‬ ‫أ‬ ‫القاليم المحلية‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ال�ازيل‪ ،‬ص ّنفت الهيئة الوطنية لنظام الحماية‪ ،‬المحميات‬ ‫ي� ب‬ ‫الطبيعية عىل أنها «محميات بيولوجية»‪ ،‬وأغراضها أ‬ ‫الساسية هي‬ ‫حماية الحيوانات والنباتات والعنارص الطبيعية أ‬ ‫الخرى‪ ،‬من تدخل‬ ‫ش‬ ‫ش‬ ‫ال�ازيلية تت�كز ف ي� منطقة‬ ‫الب�‬ ‫المبا�‪ .‬والمحميات البيولوجية ب‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫وغورو�‬ ‫وكولوي� وغوابوري‬ ‫المازون عىل الخصوص‪ .‬ومنها أبوفاري‪،‬‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫وغ�ها‪.‬‬ ‫والغو دي يب�اتوبا ي‬


‫‪95 | 94‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬ ‫‪Oro Verde Reinforest Foundation‬‬

‫ت�ع بتكليف‬ ‫كن مثل الشجرة‪ :‬حملة ب ّ‬ ‫من ‪ ،OroVerde‬مؤسسة ألمانية‪،‬‬ ‫استحوذت عىل انتباه الما ّرة‬

‫وتملك الدانمرك‪ ،‬ف ي� شمال أوروبا‪ ،‬ثالث حدائق عامة وطنية‪ ،‬وعدد ًا‬ ‫ف‬ ‫أك� هذه‬ ‫من المحميات الطبيعية‪ ،‬بعضها ي� داخل الحدائق العامة‪ .‬ب‬ ‫محمية هانزثولم الطبيعية‪ ،‬ومساحتها ‪40‬‬ ‫المحميات مساحة هي ف ّ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�اً مربعاً‪ ،‬وهي تقع ي� داخل حديقة ثاي الوطنية العامة‪.‬‬ ‫محمية‪،‬‬ ‫ف ي� ألمانيا‪ ،‬كان عدد المحميات الطبيعية سنة ‪1995‬م‪5314 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫وأك�ها ف ي� بافاريا‪ ،‬وتبلغ‬ ‫الجمالية ‪6845‬‬ ‫مساحتها إ‬ ‫كيلوم�اً مربعاً‪ ،‬ب‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫و� ساكسونيا السفىل وتبلغ مساحتها‬ ‫مساحتها ‪ 1416‬كيلوم�اً مربّعاً‪ ،‬ي‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�اً مربّعاً‪.‬‬ ‫‪1275‬‬ ‫ف� المجر ‪ 10‬حدائق عامة‪ ،‬ونحو ‪ 15‬محمية طبيعية ث‬ ‫وأك� من ‪ 250‬منطقة‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫أك� منطقة متصلة‬ ‫أك� الحدائق العامة حديقة هورتوباغي‪ ،‬وهي ب‬ ‫محمية‪ .‬ب‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫مساحةً من العشاب الطبيعية ي� أوروبا‪ .‬وتقع ي� �ق المجر ي� سهل‬ ‫يشاهد ف ي� هذه‬ ‫ألفولد‪ .‬وقد أُعلنت حديقة عامة سنة ‪1972‬م‪ .‬أفضل ما َ‬

‫‪World Wide Fund for Nature‬‬

‫إعالن للـ ‪ WWF‬عن إزالة الغابات‬

‫ط� الغُ رنوق الجماعية ف ي� الخريف‪ .‬وتعيش ف ي� الحديقة‬ ‫الحديقة هجرة ي‬ ‫ش‬ ‫الموا� الرمادية وخرفان راكا ذات الصوف‬ ‫أنواع مشهورة من الحيوان‪ ،‬مثل‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� ال توجد إال ف ي� المجر‪ ،‬وكذلك الخيول والجواميس المجرية‪.‬‬ ‫الطويل‪ ،‬ي‬ ‫المملكة المتحدة‪ ،‬كانت تمتلك سنة ‪2004‬م‪ 215 ،‬محمية طبيعية‬ ‫ف‬ ‫وطنية‪ ،‬ش‬ ‫وكث� من هذه المحميات‬ ‫تنت� تقريباً ي� كل مناطق المملكة‪ .‬ي‬ ‫يؤوي حيوانات ونباتات مهمة عىل صعيد التنوع البيولوجي‪ ،‬مثل‬ ‫بعض أ‬ ‫ش‬ ‫والح�ات‪ .‬وتلجأ بعض‬ ‫الزهار والرسخس والمخرزي والفراش‬ ‫إنجل�ا ث‬ ‫الطيور إىل هذه المحميات ف� إشتائها‪ .‬كذلك ف� ت‬ ‫أك� من ‪1050‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫المعمرة والزهار النادرة‪ .‬وقد‬ ‫محمية طبيعية محلية‪ ،‬غنية بالشجار‬ ‫َّ‬ ‫أخذت هذه المحميات ت‬ ‫ن‬ ‫توط� أنواع من الحيوان‬ ‫تس�د عافيتها وتعيد ي‬ ‫كانت قد اختفت منها‪.‬‬ ‫في البالد العربية‬ ‫ف ي� مرص اليوم ‪ 29‬محمية طبيعية‪ ،‬تغطي ‪ %12‬من مساحة البالد‪.‬‬ ‫وقد أنشئت هذه المحميات‪ ،‬بموجب القانون ‪ ،1983/102‬والقانون‬ ‫‪ ،1994/4‬من أجل حماية الحياة الفطرية المرصية‪ .‬وأعلنت الحكومة‬ ‫خطة إلنشاء ‪ 40‬محمية طبيعية‪ ،‬ي ن‬ ‫ب� عامي ‪ 1997‬و‪2017‬م‪ ،‬وذلك من‬ ‫ف‬ ‫أك�‬ ‫أجل حماية الموارد الطبيعية والنبات والتاريخ ي� هذه المناطق‪ .‬ب‬ ‫المحمية ف ي� مرص هي محمية جبل ألبا‪ ،‬ومساحتها ‪ 35‬ألف‬ ‫المناطق‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫كيلوم� مربّع‪ ،‬وهي ي� جنوب �ق البالد‪ ،‬عىل ساحل البحر الحمر‪.‬‬ ‫ف� أ‬ ‫الردن سبع محميات طبيعية‪ .‬ف ي� سنة ‪1966‬م تأسست الجمعية‬ ‫ي‬ ‫ال� بدأت فيما بعد �ف‬ ‫الملكية لحماية الطبيعة‪ ،‬وهي الجمعية ت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫توط� بعض‬ ‫الردن إنشاء المحميات الطبيعية‪ .‬وقد أسهمت ي� إعادة ي‬ ‫ت‬ ‫ال� كانت معرضة بشدة لالنقراض ف ي� المملكة‪ .‬ففي عام‬ ‫الحيوانات ي‬ ‫‪1973‬م‪ ،‬أنيطت بالجمعية سلطة منح تراخيص الصيد‪ ،‬وبذلك أمسكت‬ ‫النواع المهددة أ‬ ‫المور ف� حماية أ‬ ‫الجمعية بزمام أ‬ ‫بالنقراض‪ .‬وكانت‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� اتخذتها ف ي� هذا المجال هي إنشاء محمية الشومري‬ ‫أوىل خطواتها ي‬ ‫الفطرية‪ ،‬سنة ‪1975‬م‪ .‬ومن المهام ت‬ ‫ال� قامت بها الجمعية إعادة‬ ‫ي‬ ‫توط� المها العر� والغزالن والنعام أ‬ ‫ين‬ ‫وال ُخدر‪ ،‬ف ي� موائلها الطبيعية‪.‬‬ ‫بي‬


‫في الفن التشكيلي‬ ‫الحياة الفطرية كانت‬ ‫وراء نشوء فن الرسم‬ ‫ف‬ ‫كث� ًا‬ ‫تحتل الحياة الفطرية مكانة ي� تاريخ الفن قد تفاجئ ي‬ ‫التذك� بأنها كانت وراء نشوء‬ ‫بضخامتها‪ .‬ويكفي للداللة عىل ذلك‬ ‫ي‬ ‫فن الرسم جملة وتفصيال ً قبل نحو ‪ 18‬ألف سنة‪ ،‬وتستعيد اليوم‬ ‫م�ايد‪ ،‬ت‬ ‫الفنان� بشكل ت ز‬ ‫ين‬ ‫ح� باتت تشكِّل محور‬ ‫مكانتها ف ي� اهتمامات‬ ‫ن‬ ‫ف� متخصص ومستقل‪.‬‬ ‫تيار ي‬ ‫رسوم كهف السكو‬ ‫ف‬ ‫ف ي� العام ‪1940‬م‪ ،‬اك ُتشف ي� فرنسا كهف السكو الذي فاجأ‬ ‫العالم باحتوائه عىل نحو ألفي رسم تعود إىل ما قبل ‪17,300‬‬ ‫سنة‪ ،‬ومن ضمنها نحو ‪ 900‬رسم لحيوانات برية من يث�ان وغزالن‬ ‫وطيور ت‬ ‫ين‬ ‫والمحلل�‬ ‫تفس�ات العلماء‬ ‫وح� وحيد القرن‪ .‬وتعددت ي‬ ‫ن‬ ‫لمعا� هذه الرسوم ت‬ ‫التقان‪.‬‬ ‫ال� جاءت عىل مستويات مؤهلة من إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫فمنهم من رأى أنها مجرد تسجيل إلنجازات مذهلة ف ي� الصيد‪،‬‬ ‫ومنهم من أدرجها ف� إطار طقوس العالقة ما ي ن‬ ‫النسان والحياة‬ ‫ب� إ‬ ‫ي‬ ‫ال�ية حرصاً‪ ،‬بدليل غياب أي رسم لغزالن الرنة ت‬ ‫ال� كانت تشكل‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫الطعام الرئيس ف� تلك المنطقة ف‬ ‫و� ذلك العرص‪ .‬أما النقطة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� أجمع عليها هؤالء‪ ،‬فهي أن الحياة الفطرية الحيوانية شكلت‬ ‫ي‬ ‫الب�ية‪ ،‬أو عىل أ‬ ‫المادة أ‬ ‫الوىل لفن الرسم ف ي� تاريخ ش‬ ‫القل ما وصلنا‬ ‫منه‪.‬‬

‫رسم ف ي� كهف السكو‬

‫ف‬ ‫و� بدء تشكل الحضارات‪ ،‬كان من الطبيعي أن ينظر‬ ‫والحقاً‪ ،‬ي‬ ‫النسان إىل الحياة الفطرية كنقيض لما يسعى إىل بنائه من‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫مجتمعات منظمة ي� مدن آمنة‪ .‬ولذا‪ ،‬فإن معظم ما وصلنا من‬ ‫هذه الحضارات ت‬ ‫وح� نهاية العرص الوسيط‪ ،‬هو مشاهد الصيد‬ ‫حيث بت�ز الحيوانات ت‬ ‫للنسان‪ ،‬تُعد مواجهتها‬ ‫المف�سة كعدوة إ‬ ‫وقتلها فعال ً نبيال ً من خصال الشجعان والملوك والنبالء‪ ،‬وذلك‬ ‫من عرص فراعنة مرص‪ ،‬ت‬ ‫وح� نبالء أوروبا ف ي� القرون الوسطى‪.‬‬ ‫عىل الطريق إىل عرصنا‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫مس�ة حضور الحياة الفطرية ي� فن الرسم ما يب� عرص‬ ‫ي� ي‬ ‫النهضة أ‬ ‫الوروبية ووقتنا الحا�ض يمكننا أن ي ِّ ز‬ ‫نم� ثالثة أشكال‬ ‫مختلفة من الحضور‪:‬‬ ‫‪ - 1‬توثيق عرص االكتشافات‪ .‬فغداة وصول أ‬ ‫ين‬ ‫وروبي� إىل أمريكا‬ ‫ال‬ ‫ف ي� أواخر القرن الخامس ش‬ ‫ع�‪ ،‬ظهر نوع من الرسم يهدف إىل‬ ‫ال�ء بأقىص حد ممكن من أ‬ ‫نقل صورة ش‬ ‫المانة لهيئته الحقيقية‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫وكان هذا ش ف‬ ‫غ� مألوف‬ ‫ال�ء ي� معظم الحيان نباتاً أو حيواناً ي‬ ‫ي‬ ‫قليلة يتكون من السكان أ‬ ‫ف‬ ‫ال ي ن‬ ‫صلي� للمناطق المكتشفة‪.‬‬ ‫و� حاالت‬ ‫ي‬ ‫بالحجار أو أ‬ ‫والالفت ف� هذه الرسوم أنها كانت تنجز أ‬ ‫باللوان‬ ‫ُ‬ ‫المائية‪ ،‬يوغابت عنها بشكل تام أ‬ ‫اللوان الزيتية‪ .‬إذ إن الغاية منها‬ ‫ش‬ ‫ال�ء إىل بيئة أخرى ال تعرفه إلطالعها‬ ‫كانت مجرد نقل صورة ي‬ ‫عليه‪ ،‬وأيضاً لتسهيل صناعة اللوحات الحفرية للطباعة‪.‬‬ ‫ع� ت‬ ‫استمرت هذه «الصنعة» الفنية من القرن السادس ش‬ ‫وح�‬ ‫ع�‪ .‬وما ي ن‬ ‫ظهور آلة التصوير الفوتوغر ف يا� ف ي� القرن التاسع ش‬ ‫ب� هذين‬ ‫ن� أنتج الفنانون المتخصصون مئات آ‬ ‫الالف‪ ،‬وربما ي ن‬ ‫القر ي ن‬ ‫مالي�‬ ‫الرسوم الورقية ت‬ ‫ال�ية من‬ ‫ال� توثق طبيعة الحيوانات والنباتات ب‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫زهور وأشجار ف ي� أمريكا وإفريقيا ش‬ ‫وكث� منها فقد‬ ‫وال�ق القىص‪ .‬ي‬ ‫قيمته العلمية اليوم‪ ،‬ولكنه بات موضع إعجاب بجماليته الفنية‪،‬‬

‫جاكوب فان رويسدايل ‪Un Univers intime‬‬


‫‪97 | 96‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫فريدريك إدوين تش�ش ‪ -‬قلب أ‬ ‫النديز‬ ‫ي‬

‫وهو يكتسب حالياً مزيداً من أ‬ ‫الهمية ت ز‬ ‫ال�يينية وبات له هواة‬ ‫متخصصون ف ي� جمعه‪ ،‬ومتاحف تسعى إىل اقتناء النادر منه‪.‬‬ ‫‪ - 2‬توثيقها ف ي� المدارس الكالسيكية‪ :‬كان الرسام الهولندي‬ ‫جاكوب فان رويسدايل ف ي� القرن السابع ش‬ ‫أورو�‬ ‫ع�‪ ،‬أول فنان ب ي‬ ‫للنسان فيها‪ ،‬ال‬ ‫يرسم طبيعة برية خالية تماماً من أي حضور إ‬ ‫الشجار أ‬ ‫ل�ء إال لظهار جمال أ‬ ‫ش‬ ‫والنهار البعيدة عن أي تدخل‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫نسا�‪،‬‬ ‫ال� تتضمن بعض الحضور إ‬ ‫ال ي‬ ‫ب�ي‪ .‬وح� ي� لوحاته ي‬ ‫فإن هذا الحضور كان ثانوياً‪ ،‬أو مجرد حجة لرسم المنظر‬ ‫ال�ي الجميل‪.‬‬ ‫الطبيعي ب‬ ‫سيتحول ف ي� القرن التاسع ش‬ ‫ع� إىل مدرسة فنية مستقلة‬ ‫وهذا ما‬ ‫َّ‬ ‫نشأت ف ي� فرنسا بموازاة الرومنطيقية و ُعرفت باسم «مدرسة‬ ‫بارب�ون»‪ .‬ت‬ ‫يز‬ ‫ح� الرومنطيقية نفسها‪ ،‬وإن اكتفت باستخدام‬ ‫ف‬ ‫الطبيعة كخلفية للحدث‪ ،‬فإنها لعبت دوراً مهماً ي� رفع مستوى‬ ‫النسانية تجاه الطبيعة والحياة الحيوانية‪ .‬ويظهر هذا‬ ‫الحساسية إ‬ ‫ف أ‬ ‫فين� «موت الذئب»‪،‬‬ ‫جلياً ي� الدب من خالل قصيدة ألفرد دي ي ي‬ ‫العارمة بالمشاعر المتعاطفة مع ذئب ض‬ ‫يحت� عىل أيدي الصيادين‪.‬‬ ‫وبموازاة هذه االتجاهات العامة‪ ،‬هناك فنانون كبار يدينون‬ ‫بشهرتهم إىل ي ز‬ ‫ترك� اهتمامهم عىل الحياة الفطرية‪ .‬وأشهرهم‬ ‫عىل الطالق أ‬ ‫المريك فريدريك إدوين تش�ش الذي سافر �ف‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫أواسط القرن التاسع ش‬ ‫الكوادور بنا ًء عىل طلب من رجل‬ ‫ع� إىل إ‬ ‫أعمال يرغب ف ي� الحصول عىل لوحات تظهر تلك البالد بهدف‬ ‫تشجيع المستثمرين أ‬ ‫ين‬ ‫مريكي� االنضمام إىل مشاريعه ف ي� تلك‬ ‫ال‬ ‫الكوادور‪ ،‬وعندما‬ ‫تش�ش عدة رسوم لطبيعة إ‬ ‫البالد‪ .‬فرسم ي‬ ‫عاد إىل نيويورك عمل عىل تحويلها إىل لوحات زيتية‪ .‬ومن ضمن‬ ‫هذه اللوحات واحدة تحمل اسم «قلب أ‬ ‫النديز» رسمها عام‬ ‫‪1859‬م‪ ،‬وما أن عرضها ف� نيويورك ت‬ ‫ان�عت فوراً ت‬ ‫ح� ت ز‬ ‫االع�اف‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫مريك‪.‬‬ ‫بأنها أهم لوحة تمثل مشهداً طبيعياً ي� كل تاريخ الفن ال ي‬ ‫وبالفعل‪ ،‬فإن هذه اللوحة ذات المقاييس الضخمة تظهر ثالث‬ ‫بيئات طبيعية مختلفة‪ :‬االستوائية الخصبة ف� أ‬ ‫السفل‪ ،‬والزراعية‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫المأهولة ف ي� الوسط‪ ،‬والجبال الجرداء المغطاة بالثلوج ي� أعالها‪.‬‬ ‫وتتضمن الكث� من تفاصيل أ‬ ‫النواع النباتية والحيوانية (خاصة‬ ‫ي‬ ‫ف� قسمها أ‬ ‫ت‬ ‫السفل) بحيث إنها ال تزال ح� اليوم مصدر دراسة‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫للمهتم� بدراسة البيئة الفطرية ي� جبال النديز‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪ - 3‬حضور الحياة الفطرية ف ي� الفن‪ ،‬وهو ما نعايشه اليوم‪،‬‬ ‫ويختلف تماماً عن كل ما سبق ف ي� القرون القليلة الماضية‪ ،‬لكنه قد‬ ‫يكون أ‬ ‫القرب إىل الشكل الذي ظهر فيه ف� كهف السكو قبل ث‬ ‫أك� من‬ ‫ي‬ ‫‪ 17,000‬سنة‪.‬‬ ‫اليوم‪ :‬منظمات ومتخصصون‬ ‫كان ال بد للوعي ت ز‬ ‫الم�ايد ألهمية الحياة الفطرية الذي بدأ باالنتشار‬


‫ن‬ ‫الثا� من القرن ش‬ ‫الع�ين‪ ،‬من‬ ‫عىل نطاق واسع خالل‬ ‫النصف ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫الفنان�‪ .‬فظهر‬ ‫أن يجد أصداء متجاوبة ي� صفوف عدد من كبار‬ ‫ي‬ ‫رسامون ونحاتون حرصوا نشاطاتهم الفنية ف ي� مواضيع مستمدة‬ ‫من الحياة الفطرية‪ .‬إما لتنمية حساسية المجتمعات تجاه هذه‬ ‫النسان ف ي� الطبيعة‪ .‬ومن أشهر‬ ‫الحياة‪ ،‬وإما لمحاولة فهم مكانة إ‬ ‫ت‬ ‫نس‬ ‫ام�اندت‬ ‫هؤالء عالمياً النحات إ‬ ‫يطال ر ب‬ ‫ي‬ ‫ال ي‬ ‫بوغا�‪ ،‬والنحات الفر ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫فرانسوا بومبون‪ ،‬والرسامة الس�الية يت�ي آن جاكسون‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� العام ‪1997‬م‪ ،‬تأسست جمعية عالمية تحت اسم‬ ‫ي‬ ‫«فنانون للمحافظة عىل البيئة»‪ ،‬وباتت تضم اليوم ‪500‬‬ ‫فنان من ‪ 30‬بلداً‪ ،‬تنصب جهودهم عىل إظهار جماليات‬ ‫الحياة الفطرية‪ ،‬تحريضاً لعمل مزيد عىل حمايتها‪ ،‬مثل قيام‬ ‫البلجيك ديرك كاليسن عام ‪2008‬م‪ ،‬ببناء مجسم‬ ‫الفنان‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫دقيق لحوت يبلغ طوله ‪ 18‬م�اً عىل الشاطئ المقابل لحد‬ ‫المتاحف المحلية ف ي� هولندا‪ ،‬بهدف تحريك مشاعر الناس‬ ‫تجاه ما تواجهه الحيتان من صيد جائر‪.‬‬

‫الشارة إىل عامل مختلف يقف وراء تعاظم‬ ‫ختاماً‪ ،‬ال بد من إ‬ ‫ف‬ ‫حضور الحياة الفطرية ي� الفن‪ ،‬أال وهو السياحة‪ .‬فقد أدى‬ ‫تعاظم الوعي ألهمية البيئات الفطرية إىل انتعاش السياحة‬ ‫الطبيعية‪ ،‬الذي أدى بدوره إىل قيام صناعة إنجاز رسوم‬ ‫يدوية تمثل مشاهد من هذه الطبيعة وبعض كائناتها الحية‪،‬‬ ‫بهدف بيعها للسياح‪.‬‬ ‫ف‬ ‫الطار يبقى ف ي� إطار الفنون‬ ‫صحيح أن معظم ما يُنجز ي� هذا إ‬ ‫الحرفية البسيطة‪ ،‬ويفتقر إىل القيمة الفنية العالية‪.‬‬ ‫ولكن حجمه بات ضخماً جداً‪ ،‬ويشكل مصدر رزق ش‬ ‫لع�ات آالف‬ ‫ف‬ ‫ن ف‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫ال�‬ ‫الحرفي� وصغار‬ ‫ي‬ ‫الفنان� ي� العالم‪ ،‬وخاصة ي� البلدان ي‬ ‫تتمتع بحياة فطرية غنية مثل الهند‪ ،‬حيث توجد مئات قاعات‬ ‫العرض المتخصصة ف ي� هذا المجال‪.‬‬

‫ديرك كاليسن‬

‫‪Carl Friedrich Deiker Hirsch‬‬


‫‪99 | 98‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫أبطالها في حقل اإلعالم‬ ‫طائر الحبارى‬

‫‪Almohtaraf Assaudi Archive‬‬

‫محم ّية جزر فرسان‬

‫ف ي� سبعينيات القرن ش‬ ‫الع�ين‪ ،‬بدأ االهتمام بالحياة‬ ‫العالم‪ .‬وأطل أوال ً من باب الرفق‬ ‫الفطرية يكتسح وسائل إ‬ ‫بالحيوان ف ي� حمالت هادفة إىل وقف صيد الفيلة واستغالل‬ ‫ن‬ ‫الحيا� ف ي� المالبس‪،‬‬ ‫أنيابها‪ ،‬وأيضاً ضد استخدم الفرو‬ ‫ي‬ ‫وبشكل خاص فرو صغار حيوان الفقمة‪ .‬وعمال ً بهذا‬ ‫الوعي ش ئ‬ ‫النا� لحماية الحياة الفطرية‪ ،‬تأسست منظمات‬ ‫وهيئات ووسائل إعالم أخذت عىل عاتقها العمل لتعزيز‬ ‫هذا الوعي بقيمة الحياة الفطرية والحاجة إىل حمايتها‪.‬‬

‫ف ي� لبنان‪ ،‬تغطي المحميات الطبيعية ‪ %2‬من مساحة البلد‪ ،‬وفيه‬ ‫تعد «محميات نموذجية»‪،‬‬ ‫عدد من المحميات الطبيعية‪ ،‬ثالث منها ّ‬ ‫أ‬ ‫تعد «محمية حيويّة» ف ي� منطقة ش‬ ‫ال�ق الوسط‪ .‬وأهم‬ ‫وواحدة ّ‬ ‫أك� المحميات‬ ‫المحميات محمية أرز الشوف الطبيعية‪ ،‬وهي ب‬ ‫وأك�ها ن‬ ‫الطبيعية ث‬ ‫وتعد محمية نموذجية وتص َّنف‬ ‫ال�ية‪ّ ،‬‬ ‫غ� بالحياة ب‬ ‫ال�ق أ‬ ‫مع مستنقع َع ّميق عىل أنها محمية حيوية مهمة ف ي� ش‬ ‫الوسط‪ ،‬إذ‬ ‫الط� المهاجرة المألوفة والنادرة‪ .‬وتقع‬ ‫كب�اً من ي‬ ‫إنها تستقطب عدداً ي‬ ‫ف ي� الشوف وتشمل جبل الباروك‪ .‬أما محمية حرج إهدن الطبيعية فهي‬ ‫ن‬ ‫أك� محمية ف ي� لبنان‪ ،‬وتقع ف ي� الشمال بالقرب من بلدة إهدن‪.‬‬ ‫ثا� ب‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫وهي أيضاً محمية نموذجية‪ ،‬ث‬ ‫النبا�‪،‬‬ ‫وأك�‬ ‫غ� بالتنوع ي‬ ‫محميات لبنان ً‬ ‫كب� من أنواع الشجر النادر ف ي� ش�ق البحر المتوسط‪ ،‬وأنواع‬ ‫وفيها عدد ي‬ ‫ف‬ ‫زهور ونباتات مستوطنة فقط ي� لبنان‪ .‬ومحمية جزر النخيل الطبيعية‬ ‫صغ�ة قبالة‬ ‫هي ثالث محمية نموذجية‪ ،‬وتتألف من مجموعة جزر ي‬ ‫أك� المحميات ن‬ ‫تعد ث‬ ‫والط�‬ ‫السمك‬ ‫غ� بالتنوع‬ ‫ي‬ ‫شاطئ طرابلس‪ّ .‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫خ� لفقمة حوض المتوسط الراهبة‪.‬‬ ‫البحرية‪ ،‬كذلك تُشكل المالذ ال ي‬

‫قناة ديسكوفري‬

‫العالمية العاملة ف ي� نطاق‬ ‫ومن أهم وأشهر المؤسسات إ‬ ‫ف‬ ‫التوعية البيئية لحفظ الموائل الفطرية ي� العالم‪ ،‬قناة‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تأسست سنة‬ ‫ديسكوفري التلفزيونية المريكية‪ ،‬ي‬ ‫‪1982‬م‪ ،‬وبدأت البث سنة ‪1985‬م‪ ،‬وتملكها ش�كة‬ ‫«ديسكوفري كوميونيكيشن»‪ .‬وقد احتلت القناة سنة‬ ‫‪2012‬م المرتبة الثالثة من حيث االنتشار‪ ،‬ي ن‬ ‫ب� القنوات‬ ‫أ‬ ‫المريكية العاملة بالكبل‪ ،‬إذ كان ت‬ ‫يش�ك فيها ما يقرب‬ ‫مالي� نز‬ ‫من ‪ 409‬ي ن‬ ‫م�ل ف ي� ‪ 170‬بلداً ف ي� العالم‪ ،‬وبات عدد‬ ‫م�ل �ف‬ ‫ت‬ ‫ك� فيها سنة ‪2013‬م‪ ،‬نحو ‪ 99‬مليون نز‬ ‫المش� ي ن‬ ‫ي‬

‫الهيئة السعودية للحياة الفطرية‬ ‫ن‬ ‫ح� تأسست باسم‪:‬‬ ‫كانت الهيئة السعودية للحياة الفطرية تُعرف ي‬ ‫الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها‪ .‬وقد أُنشئت عام‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫والنبا� وللمحافظة عىل‬ ‫الحيوا�‬ ‫‪1986‬م‪ ،‬للمحافظة عىل التنوع‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الحياة الفطرية ف ي� المملكة‪.‬‬ ‫وقد صدرت أربعة أنظمة لتحديد مهام الهيئات ي ن‬ ‫وتقن� أنظمة‬ ‫المحافظة عىل الحياة الفطرية‪:‬‬ ‫• نظام الهيئة السعودية للحياة الفطرية‪ ،‬وقد احتوى عىل أهم مواد‬

‫أتن�و‬ ‫ديفيد ب‬


‫الواليات المتحدة وحدها‪.‬‬ ‫ف‬ ‫تقدم القناة برامج توثيقية علمية ي� متناول عامة الناس‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫و� عام‬ ‫كذلك تعالج مواضيع التكنولوجيا والتاريخ‪ .‬ي‬ ‫‪1988‬م‪ ،‬بدأت تنتج برنامجاً سنوياً عنوانه «أسبوع القرش»‬ ‫اكتسب شعبية واسعة‪ ،‬وهو يعالج قضايا تتع ّلق بأسماك‬ ‫ت‬ ‫ال� ال تحظى بمحبة خاصة لدى الناس‪ ،‬ألن‬ ‫القرش‪ ،‬ي‬ ‫ف‬ ‫شهرتها هي أنها حيوانات قاتلة ش�سة‪ .‬وال شك ي� أن‬ ‫كث� من الناس حيال هذا الحيوان‬ ‫ال�نامج ّبدل نظرة ي‬ ‫ب‬ ‫البحري الفريد‪ ،‬ضمن حركة توعية تسهم فيها القناة‪،‬‬ ‫غرضها حفظ هذا النوع ت‬ ‫ح� ال يؤدي الخوف منه إىل‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫كث�ة‪،‬‬ ‫انقراضه ي� يوم من اليام‪ .‬وللقناة برامج بيئية ي‬ ‫تجتذب جمهوراً واسعاً‪ ،‬ال ف ي� الواليات المتحدة فقط‪ ،‬بل‬ ‫ف ي� العالم أيضاً‪.‬‬

‫س وايلداليف‬ ‫ب ي� ب ي� ي‬

‫ين‬ ‫وح� تُذكر المؤسسات المدافعة عن الحياة الفطرية‪،‬‬ ‫س وايلداليف»‪ ،‬المجلة‬ ‫ال بد من ذكر مجلة ب ي‬ ‫«� ب ي� ي‬ ‫ت‬ ‫س»‪،‬‬ ‫ال�يطانية‬ ‫ب‬ ‫ال� أسستها «مجالت ب ي� ف ب ي� ي‬ ‫الشهرية ي‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫وبدأت ن�ها ي� يناير ‪1963‬م‪ .‬وكان اسمها ي� البدء‬ ‫س‬ ‫«مجلة الحيوان»‪ ،‬لكنها حملت اسمها‬ ‫الحال ب ي‬ ‫ي‬ ‫«� ب ي� ي‬ ‫وايلداليف»‪ ،‬بدءاً من سنة ‪1983‬م‪.‬‬ ‫ال�يطا�ن‬ ‫من أشهر‬ ‫أتن�و‪ ،‬ب‬ ‫مسؤول التحرير فيها‪ ،‬ديفيد ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫كب�اً من‬ ‫وقدم عدداً ي‬ ‫أعد ّ‬ ‫المولود سنة ‪1926‬م‪ ،‬الذي ّ‬ ‫أ‬ ‫ال�امج التلفزيونية‪ ،‬وال سيما برنامج «الرض‪ :‬الكوكب‬ ‫ب‬ ‫الكام�ا عىل كل مناطق العالم‪،‬‬ ‫الحي»‪ ،‬وفيه يجول مع ي‬ ‫فيعرف المشاهدين بجبال إفريقيا‪ ،‬منبع مياه النيل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وبطاح الثلوج القطبية‪ ،‬وما بينهما من حياة شب�ية‬

‫وحيوانية ونباتية وظواهر طبيعية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫المسهم� الفراد‪ ،‬ي� التوعية‬ ‫أتن�و هو أحد أهم‬ ‫ي‬ ‫ولعل ب‬ ‫البيئية وتقريب العلوم إىل العامة وجعل المشاهد يعشق‬ ‫ف‬ ‫والغنية‪.‬‬ ‫المتنوعة‬ ‫و� كل مظاهرها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطبيعة‪ ،‬بكل وجوهها ي‬

‫ناشيونال جيوغرافيك‬

‫العالمية ف ي� هذا المجال أيضاً‪،‬‬ ‫ومن أبرز هذه الهيئات إ‬ ‫مؤسسة «ناشيونال جيوغرافيك»‪ ،‬ف� واشنطن‪ ،‬ال�ت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫تنت� ف� كل أنحاء العالم بنحو ي ن‬ ‫أربع�‬ ‫تُصدر مجلة ش ي‬ ‫وغ�ها من الوسائط‪ .‬تأسست‬ ‫لغة‪ ،‬وقنوات تلفزيونية‪ ،‬ي‬ ‫«ناشيونال جيوغرافيك» سنة ‪1888‬م‪« ،‬لزيادة المعرفة‬ ‫الجغرافية ش‬ ‫وجعلت مهمتها أن تُلهم وتُ ين�‬ ‫ون�ها»‪ُ .‬‬ ‫وتُع ّلم‪.‬‬ ‫وتمتاز مقاالت المجلة وبرامج تلفزيونها‪ ،‬بإظهار جمال‬ ‫وط�‬ ‫الطبيعة‪ ،‬بما فيها من جبال وبحار وأنهار وحيوان ي‬ ‫وشعوب وعادات وتقاليد وحرف يدوية‪ ،‬عىل نحو جذّ اب‬ ‫التأث� ف ي� القارئ والمشاهد‪.‬‬ ‫قوي ي‬ ‫ت‬ ‫وتنتج المؤسسة عدداً من المجالت والكتب ال�بوية‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫كب� من البلدان‪ .‬ويدير‬ ‫والخرائط والفالم‪ ،‬ي� عدد ي‬ ‫المؤسسة مجلس أمناء من ‪ 21‬عضواً‪ ،‬منهم مربون‬ ‫الناشط�ن‬ ‫ومديرو أعمال ومسؤولو حكومة سابقون وبعض‬ ‫ي‬ ‫ف ي� مجال حفظ البيئة‪ .‬وال تكتفي المؤسسة بالعمل‬ ‫تمول البحث العلمي واالستكشاف‪ .‬وقد‬ ‫إ‬ ‫العالمي بل ّ‬ ‫ث‬ ‫منحت لجنتها أك� من ‪ 11‬ألف منحة بحث علمي‪.‬‬ ‫ويصل إشعاع «ناشيونال جيوغرافيك» إىل ث‬ ‫أك� من ‪600‬‬ ‫مليون إنسان كل شهر‪ .‬وهي تدير متحفاً للعموم �ف‬ ‫ي‬ ‫واشنطن‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬ناشيونال جيوغرافيك‬


‫‪101 | 100‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬ ‫‪Almohtaraf Assaudi Archive‬‬

‫محم ّية جزر فرسان‬

‫النظام إلنشاء الهيئة‪ ،‬وبيان غرضها الرئيس ومجاالت اختصاصها‪.‬‬ ‫• نظام المناطق المحمية للحياة الفطرية‪ ،‬ويشمل أهم مواد النظام‬ ‫لتحديد هدف إنشاء المناطق المحمية‪ ،‬وكيفية حراستها وتنظيم دخول‬ ‫المواطن� إليها‪ ،‬ي ن‬ ‫ين‬ ‫وتعي� عقوبات مخالفة النظام وكيفية تطبيقها‪.‬‬ ‫ال�ية‪ ،‬ويتضمن أهم مواد النظام‬ ‫• نظام صيد الحيوانات والطيور ب‬ ‫لحظر الصيد دون ترخيص من الهيئة‪ ،‬ومنع صيد أنواع معينة من‬ ‫الحيوانات والسماح بصيد نوع أو أنواع معينة ف ي� أوقات معينة‪،‬‬ ‫وتحديد عقوبات مخالفة النظام وجهة النظر فيها والتظلم منها‪.‬‬ ‫• نظام االتجار بالكائنات الفطرية المهددة باالنقراض ومنتجاتها‪،‬‬ ‫ويتضمن أهم مواد نظام حظر االتجار بالكائنات الفطرية إال‬ ‫تب�خيص من الهيئة‪ ،‬وبيان الكائنات الفطرية ومنتجاتها المشمولة �ف‬ ‫ي‬ ‫الحظر‪ ،‬وتحديد عقوبات مخالفة أحكام أ‬ ‫النظمة‪.‬‬

‫العر�‬ ‫الذئب ب ي‬

‫أهم المحميات السعودية‬ ‫كب�‬ ‫وقد أدى االهتمام الرسمي بحماية الحياة الفطرية‪ ،‬إىل إنشاء عدد ي‬ ‫المحميات‪ ،‬أهمها‪:‬‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫• محمية التّيس ّية‬ ‫ت‬ ‫الرياض؛ مساحتها ‪ 4262‬كيلوم�اً مربّعاً‪.‬‬ ‫تقع شمال ش�ق منطقة ّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫النبا�‬ ‫ويعتقد بوجود طائر الحبارى ي� المحمية إال أنه نادر‪ ،‬والغطاء ي‬ ‫فيها جيد ويمتاز بوجود ث‬ ‫أك� من ‪ 50‬نوعاً أهمها شجر الطلح والسدر‬ ‫والشج�ات أ‬ ‫الخرى مثل العوسج والعرفج والرمث‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫• محم ّية الجبيل للحياء البحرية‬ ‫ت‬ ‫الصناعية من جزيرة أبو عىل جنوباً ح� رأس‬ ‫تقع شمال مدينة الجبيل‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال ّزور شماال ً بمساحة ‪ 2000‬كيلوم� مربّع‪،‬‬ ‫مرجانية؛ ودوحة‬ ‫بالضافة إىل خمس جزر‬ ‫إ‬ ‫الد� ودوحة المسلمية والجزر ّ الواقعة �ف‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ال�ية ال ّثعلب‬ ‫تلك المنطقة‪ .‬ففي البيئة ب‬ ‫أ‬ ‫الحمر وابن آوى وعدة أنواع من القوارض‬ ‫وال ّطيور منها القنابر والعظايا وال ّث ي ن‬ ‫عاب�‪.‬‬ ‫• محمية الجندل ّية‬ ‫الرياض؛ مساحتها ‪1160‬‬ ‫تقع شمال ش�ق ّ‬

‫ت‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�اً مربّعاً‪ .‬ي ز‬ ‫نبا� جيد مثل السدر والعوسج والشفلح‬ ‫وتتم� بغطاء ي‬ ‫وغ�ها‪ .‬وتناسب المحمية برنامج المحافظة عىل‬ ‫والخزامى والحنظل ي‬ ‫الط� وإعادة ي ن‬ ‫توط� الحبارى‪.‬‬ ‫ي‬ ‫• محم ّية الخنفة‬ ‫الكب� شمال مدينة تيماء؛‬ ‫تقع عند الحافة‬ ‫الغربية لصحراء ال ّنفود ي‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫مساحتها ‪ 20450‬كيلوم�اً مربّعاً‪ .‬تمتاز بتضاريس تتأ ّلف غالباً من‬ ‫ت‬ ‫‪1141‬م�اً‪ .‬ومن أهم شجر‬ ‫الرمل مع جبال يصل ارتفاعها إىل‬ ‫الحجر ي‬ ‫أ‬ ‫�ض‬ ‫ظ�‬ ‫المحمية ال ّطلح إ‬ ‫ّ‬ ‫والرطي والغ والثل‪ .‬أما أالحيوانات فأهمها ب ي‬ ‫وال�ابيع‪.‬‬ ‫ظ� إ‬ ‫ال�ية ي‬ ‫الدمي وال ّثعالب والرانب ب‬ ‫الريم مع قليل من ب ي‬ ‫• محم ّية الوعول‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الرياض ‪ 180‬كيلوم�اً؛ مساحتها‬ ‫تقع ي� المنطقة الوسطى وتبعد عن ّ‬ ‫ت‬ ‫كب�ة وعرة ضمن سلسلة جبال‬ ‫‪2369‬‬ ‫كيلوم�اً مربّعاً وهي هضبة ي‬ ‫�ض‬ ‫ث‬ ‫والسدر والغ بصورة‬ ‫والسلم ّ‬ ‫والسمر ّ‬ ‫طويق‪ .‬فتك� أشجار ال ّطلح ّ‬ ‫خاصة ي� أودية المحمية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫• محم ّية جبل شدا العىل‬ ‫ت‬ ‫تقع شمال غرب محافظة المخواة؛ مساحتها ‪ 67‬كيلوم�اً مربعاً‪.‬‬ ‫ويرتفع الجبل نحو ‪ 2200‬تم�‪ .‬من أهم أشجار المحمية العرعر‬ ‫والعتم (الزيتون ال�ي)‪ ،‬بالضافة إىل عديد من الشج�ات أ‬ ‫والعشاب‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫العر� والضبع المخطط‬ ‫والحشائش‪ .‬أما الحيوانات فأهمها النمر ب ي‬

‫الق ّ‬ ‫مل‬ ‫ط ّ‬ ‫الر ي‬


‫‪Almohtaraf Assaudi Archive‬‬

‫الصيد‬ ‫محم ّية محازة ّ‬

‫‪Almohtaraf Assaudi Archive‬‬

‫العر� والثعالب والوشق‪.‬‬ ‫والذئب ب ي‬ ‫• محم ّية ح ّرة الحرة‬ ‫ت‬ ‫ال� أقامتها الهيئة؛ وتقع شمال‬ ‫حرة الحرة هي أوىل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫محمية ّ‬ ‫المحمي أات ي‬ ‫ش‬ ‫الهاشمية‪ ،‬وتمتد �ق وادي‬ ‫ردنية‬ ‫ّ‬ ‫غرب المملكة مع حدود المملكة ال ّ‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫المحمية‬ ‫المحمية ‪ 13775‬كيلوم�ا مربّعا‪ .‬تمتاز‬ ‫الرسحان؛ مساحة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫الريم والذّ ئب‬ ‫ّ‬ ‫بتنوع غطائها ال ّن أي‬ ‫ظ� ّ‬ ‫با�‪ .‬ومن أهم الحيوانات فيها ب ي‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫والضبع المخطط والرنب‬ ‫مل ّ‬ ‫بي‬ ‫العر� وال ّثعلب الحمر والثعلب ّ‬ ‫الر ي‬ ‫ه� والكروان‬ ‫ال�ي والجربوع‪ .‬ومن ي‬ ‫بّ‬ ‫الط� الحبارى والعقاب الذّ ب ي‬ ‫وتسعة أنواع من القنابر‪.‬‬ ‫• محم ّية جرف ريدة‬ ‫السوات‪ ،‬ومساحتها ‪9‬‬ ‫تقع جنوب غرب المملكة ضمن جبال ّ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫النبا� ففيها غابات‬ ‫كيلوم�ات مربعة‪ .‬تمتاز‬ ‫ّ‬ ‫المحمية بكثافة غطائها ي‬ ‫ال�ي) والطلح وعدة أنواع من الصبار‪.‬‬ ‫العرعر وأشجار العتم (الزيتون ب‬ ‫العر� والثعالب والضبع‬ ‫من أهم الحيوانات أقرد البابون والذئب ب ي‬ ‫والمحمية موطن‬ ‫المخطط والنمس البيض الذنب والوشق والوبر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫الساق ونقار‬ ‫العر� الحمر ّ‬ ‫لتسعة أنواع من ال ّط ي� أهمها الدراج ب ي‬ ‫العس�ي‪.‬‬ ‫العر� والعقعق‬ ‫ي‬ ‫الخشب ب ي‬ ‫• محمية سجا وأم الرمث‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�اً مربعا‪ً،‬‬ ‫تقع شمال غرب محمية محازة الصيد؛ مساحتها ‪7190‬‬ ‫نبا� يساعد ف� حفظ أ‬ ‫وتمتاز بغطاء ت‬ ‫الصول الوراثية لبعض الثدييات‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫والط� والزواحف المتوطنة والنادرة‪ .‬وقد أطلق ف ي� المحمية عدد‬ ‫ي‬ ‫محدود من الحبارى لكون المحمية امتداداً طبيعياً النتشار الحبارى‬ ‫ب� محمية محازة الصيد ومواطن تكاثرها أ‬ ‫ين‬ ‫الخرى‪.‬‬ ‫• محم ّية عروق بني معارض‬ ‫الخال؛ مساحتها ‪11,980‬‬ ‫للربع‬ ‫تقع عند الحافة الجنوبية‬ ‫ّ‬ ‫الغربية ّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫وتضم عدداً من ال ّتشكيالت الرضية والمواطن‬ ‫كيلوم�اً مربّعاً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ج�يّة‬ ‫رملية مرتفعة وهضبة ي‬ ‫الفطريّة ال ّطبيعية المهمة منها كثبان ّ‬ ‫أ‬ ‫متق ّطعة‪ .‬من ث‬ ‫أك� النباتات شيوعاً الغ�ض والثموم والطلح والبان‪.‬‬ ‫مل والضبع المخطط‬ ‫ومن‬ ‫مل والثعلب ّ‬ ‫الحيوانات الذّ ئب والق ّط ّ‬ ‫الر ي‬ ‫الر ي‬ ‫أ‬ ‫والصد‬ ‫والوبر والرنب ب‬ ‫ال�ي‪ ،‬ومن ال ّط ي� الحبارى والقطا والحجل ّ‬ ‫والرخمة المرصية‪.‬‬ ‫الرمادي ّ‬ ‫ّ‬ ‫• محم ّية جزر فرسان‬ ‫ال� ق� للبحر أ‬ ‫الحمر‪ ،‬وتبعد نحو ‪ 42‬كيلوم�اًت‬ ‫ش‬ ‫تقع ف ي� القسم‬ ‫بي‬ ‫الجنو� ّ ي‬ ‫ت‬ ‫عن ساحل مدينة ي ز‬ ‫كيلوم� مربّع‪ .‬ومن‬ ‫المحمية ‪600‬‬ ‫ج�ان؛ مساحة‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫والسدر والراك والشورة‬ ‫أهم أنواع الشجر فيها السمر والبلسم ّ‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ظ�‬ ‫يم�‬ ‫تكون أيكات‬ ‫ساحلية كثيفة‪ .‬ي‬ ‫ال� ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والقندل ّ ي‬ ‫المحمية وجود ب ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫الدمي‬ ‫الفرسا� المتو ّطن؛ وال ّنمس البيض الذّ نب وعدد من القوارض‪.‬‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫الرمادي وال ّنورس القاتم‬ ‫أما ال ّط ي� فأهمها العقاب ال ّنساري والبجع ّ‬ ‫ومالك الحزين وصقر الغروب وأنواع من القماري‪.‬‬ ‫• محم ّية مجامع الهضب‬ ‫كيلوم�اً ش�ق مدينة رنية؛ مساحتها ‪ 3800‬كيلوم�ت‬ ‫ت‬ ‫تقع عىل بعد ‪80‬‬ ‫مربّع‪ُ .‬س ّجل بالمحمية ‪ 48‬نوعاً نباتياً وهي تحتوي عىل شجر السمر‬ ‫توط� بعض أ‬ ‫والطلح والسدر والرسح والبان‪ .‬ويؤمل إعادة ي ن‬ ‫النواع‬ ‫ت‬ ‫ال� كانت موجودة ف ي� المحمية ثم اختفت منها‪.‬‬ ‫الفطرية ي‬

‫• محمية نفود العريق‬ ‫تقع ف ي� المنطقة الوسطى جنوب غرب مدينة القصيم؛ مساحتها ‪1960‬‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫نبا� جيد يشجع عىل إعادة ي ن‬ ‫كيلوم�اً مربعاً؛ ي ز‬ ‫توط� بعض‬ ‫وتتم� بغطاء ي‬ ‫وتعد المنطقة حمى قديماً إلبل الصدقة‪ .‬ومن‬ ‫الط� ال سيما الحبارى‪ّ .‬‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫النبا� الجيد إلعادة‬ ‫المتوقع أن تسهم عدة عوامل مثل وجود الغطاء ي‬ ‫ين‬ ‫توط� الحبارى‪.‬‬ ‫الصيد‬ ‫• محم ّية محازة ّ‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫الغربية عىل بعد ‪ 180‬كيلوم�اً شمال �ق ال ّطائف؛‬ ‫تقع ف ي� المنطقة‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�اً مربّعاً‪ .‬أعلنت المنطقة محمية ثم أحيطت‬ ‫مساحتها ‪2190‬‬ ‫ت‬ ‫المحمية الذئب‬ ‫بسياج محيطه ‪ 220‬كيلوم�اً‪ .‬من أهم حيوانات‬ ‫ّ‬ ‫مل وعدة أنواع من‬ ‫بي‬ ‫مل والق ّط ّ‬ ‫العر� والثعلب ّ‬ ‫الر ي‬ ‫الر ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫القوارض‪ ،‬ومن ال ّط ي� أهمها ال ّنرس الصلع وال ّنرس السمر‬ ‫ين‬ ‫التوط� بإطالق ‪17‬‬ ‫والرخمة المرصيّة‪ .‬بدأ برنامج إعادة‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫مهاة عربية ي� المحمية ي� عام ‪1990‬م‪ ،‬تبعتها مجموعات‬ ‫صغ�ة‪ .‬وأعيد أيضاً ي ن‬ ‫الريم‬ ‫أخرى ي‬ ‫ظ� ّ‬ ‫توط� ب ي‬ ‫ف‬ ‫وطائر الحبارى ي� عامي ‪ 1990‬و‪1991‬م‪،‬‬ ‫والنعام أ‬ ‫الحمر الرقبة‪ ،‬وهو أقرب أنواع‬ ‫العر� المنقرض‪.‬‬ ‫النعام إىل النعام ب ي‬ ‫الريم‬ ‫ظ� ّ‬ ‫بي‬

‫المصدر‪http://al-maglo3. :‬‬ ‫‪forumarabia.com/t2303-topic‬‬


‫‪103 | 102‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫األنواع المهددة‬ ‫في عصر‬ ‫االنقراض الكبير‬

‫خطر األنواع الدخيلة‬

‫‪Almohtaraf Assaudi Archive‬‬

‫ال ي ز‬ ‫نجل� نبتة متسلقة ِّبرية من‬ ‫خالل الحرب العالمية الثانية نقل إ‬ ‫ف‬ ‫المكسيك وزرعوها ف ي� غابات شمال الهند‪ ،‬الستخدامها ي� تمويه‬ ‫آ‬ ‫الليات والمواقع العسكرية‪ ،‬ألن ال فائدة أخرى لهذه النبتة‪ .‬ولكن ما‬ ‫حصل بعد ذلك هو أن البيئة آ‬ ‫السيوية كانت مالئمة جداً لهذه النبتة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ث‬ ‫صل ف ي� المكسيك‪ .‬فراحت تتكاثر برسعة‬ ‫وأك� ي‬ ‫بكث� من موطنها ال ي‬ ‫القيمون عىل الغابات إىل أنها تق�ض ي تماماً عىل‬ ‫مدهشة‪ .‬ولما انتبه ِّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تتسلقها‪ ،‬كان الوان قد فات عىل استئصالها‪ ،‬فاستمر‬ ‫الشجار ي‬ ‫ين‬ ‫والص� حيث قضت وال تزال‬ ‫انتشارها من الهند إىل النيبال وبوتان‬ ‫ن أ‬ ‫تنصب‬ ‫ال�ية سنوياً‪ .‬ومنذ سنوات عديدة‬ ‫مالي� الشجار ب‬ ‫تق�ض ي عىل ي‬ ‫ّ‬ ‫ين‬ ‫البيئي� عىل اكتشاف وسيلة تسمح لهم بالقضاء عىل‬ ‫جهود العلماء‬ ‫آ‬ ‫ت‬ ‫هذه النبتة‪ ،‬ولكن دون جدوى ح� الن‪.‬‬

‫َّ‬ ‫المحرمة‬ ‫التجارة‬ ‫الدول‬ ‫يبلغ حالياً عدد الدول الموقِّعة عىل اتفاقية االتجار‬ ‫ي‬ ‫بالحيوانات والنباتات المهددة باالنقراض ‪ 162‬دولة‪ .‬ومنذ أن دخلت‬ ‫هذه االتفاقية ي ز‬ ‫ح� التنفيذ‪ ،‬لم ينقرض أي كائن حي بفعل التجارة‪.‬‬ ‫تش� إىل أن حجم التجارة بمشتقات‬ ‫وعىل الرغم من أن التقديرات ي‬ ‫الحياة الفطرية يصل إىل مليارات الدوالرت سنوياً‪ ،‬وتتسم بتنوع‬ ‫كب� يمتد من النبات والحيوان الحي إىل أنواع مختلفة من المشتقات‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الجانبية بما ي� ذلك المواد الغذائية والجلود وصوال ً إىل مستلزمات‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫حيوا�‬ ‫الالت الموسيقية‪ ،‬فإن هذه االتفاقية حمت نحو ‪ 5000‬نوع‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫نبا�‪ .‬وهي ملزمة قانونياً للدول الموقعة عليها‪ .‬وهناك‬ ‫و‪ 25000‬نوع ي‬ ‫منظمات عالمية معروفة تعمل عىل مؤازرة هذه االتفاقية وضمان‬ ‫تطبيقها مثل ال تن�بول ومنظمة الجمارك العالمية وبرنامج أ‬ ‫المم‬ ‫إ‬ ‫المتحدة للبيئة ومنظمات أخرى يغ� حكومية‪.‬‬

‫ف‬ ‫خ� موته‬ ‫ي� ‪ 24‬يونيو ‪2012‬م مات «جورج الوحيد»‪ ،‬فحظي ب‬ ‫س�ته‬ ‫بتغطية إعالمية واسعة عىل مستوى العالم‪ ،‬كما احتلت ي‬ ‫مواقع ت‬ ‫إلك�ونية عديدة‪ .‬والسبب ف ي� ذلك هو أن جورج‪ ،‬وهو‬ ‫أ‬ ‫خ� ف ي� العالم‬ ‫سلحفاة من جزيرة بينتا‪ ،‬كان فعال ً وحيداً‪ ،‬وال ي‬ ‫المر الذي س َّلط أ‬ ‫من جنسه‪ .‬أ‬ ‫الضواء بقوة عىل مخاطر انقراض‬ ‫كث�ة‪.‬‬ ‫أجناس حيوانية ونباتية ي‬ ‫االنتباه إىل مخاطر االنقراض ليس جديداً‪ ،‬بل اتخذ بُعداً دولياً‬ ‫كب�اً منذ عام ‪1973‬م‪ ،‬عندما وقَّعت ‪ 80‬دولة عىل اتفاقية‬ ‫ي‬ ‫الدول بالحيوانات والنباتات المهددة باالنقراض‪،‬‬ ‫االتجار‬ ‫ي‬ ‫المعروفة باسمها المخترص (‪ .)CITES‬وكانت مسودة هذه‬ ‫االتفاقية قد ظهرت نتيجة قرار ضاغط صدر عام ‪1963‬م عن‬ ‫االتحاد الدول لحماية البيئة‪ ،‬ودخلت ي ز‬ ‫ح� التنفيذ عام ‪1975‬م‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ولكن‪ ،‬عىل الرغم من أن الجهود المبذولة عالمياً ف ي� هذا المجال‬ ‫أثمرت ف ي� بعض المواضع‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة إىل الفيلة‬ ‫ت‬ ‫ال� عادت إىل التكاثر‪ ،‬ونجت من الخطر بعد حظر‬ ‫إالفريقية ي‬ ‫معدل انقراض‬ ‫تجارة العاج ومنع صيدها‪ ،‬فإن العلماء يرون أن َّ‬ ‫أ‬ ‫النواع كان ف ي� عام ‪2014‬م‪ ،‬ضعف ما ذهبت إليه تقديرات‬ ‫الخ�اء قبل أربعة أعوام فقط‪ .‬ويضيف هؤالء أن معدل تناقص‬ ‫ب‬ ‫النواع الحاصل حالياً هو أ‬ ‫أ‬ ‫الف�ة ت‬ ‫ال بك� منذ ت‬ ‫ال� شهدت انقراض‬ ‫ي‬ ‫الديناصورات قبل خمسة ي ن‬ ‫وست� مليون سنة‪ .‬وبهذا‪« ،‬فنحن‬ ‫ت‬ ‫نق�ب من حالة انقراض جماعية مماثلة لما وقع من قبل‪ .‬وإذا‬ ‫لم يتوقف التدهور الحاصل ف ي� البيئة‪ ،‬فإن العالم سيفقد وإىل‬ ‫أ‬ ‫البد نحو ‪ %55‬من الكائنات خالل تف�ة تراوح ما ي ن‬ ‫ب� ‪ 50‬و‪100‬‬ ‫سنة من آ‬ ‫الن»‪.‬‬


‫الخطر‪ .‬وبالضجيج نفسه يدور الحديث عن النمر‬ ‫يبق منه ف� بال�ية ث‬ ‫أك� من ‪300‬‬ ‫ي‬ ‫السيب�ي الذي لم َ ف ي‬ ‫نمر (إضافة إىل نحو ‪ 250‬ي� مراكز التوليد)‪ .‬ولكن‬ ‫هناك مئات وآالف أ‬ ‫النواع من ش‬ ‫الح�ات والنباتات‬ ‫ت‬ ‫ال� تنقرض من دون أن يلحظ انقراضها يغ�‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫المتخصص�‪.‬‬ ‫العلماء‬

‫مستويات الخطر‬

‫أ‬ ‫بالرقام‬

‫أ‬ ‫الرقام كلها تقديرات وستبقى كذلك ت‬ ‫لف�ة طويلة‪.‬‬ ‫إذ إن ما تي�اوح ي ن‬ ‫ب� ‪ 13‬و‪ 14‬ف ي� المئة فقط من‬ ‫ح� آ‬ ‫أ‬ ‫النواع الحية تمت دراستها جينياً ت‬ ‫الن‪،‬‬ ‫وذلك من أصل ث‬ ‫أك� من ‪ 13‬مليون نوع‪ .‬أي إن‬ ‫مالي� أ‬ ‫النواع ت‬ ‫هناك ي ن‬ ‫ال� نجهل وجودها‪ ،‬ينقرض‬ ‫ي‬ ‫بعضها من دون أن نعرف أنها كانت بجوارنا ف ي� هذا‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أك� هو انقراض الجناس‬ ‫ما يتم إحصاؤه بسهولة ب‬ ‫(الجنس يتضمن عدة أنواع ذات اختالفات جينية‬ ‫ف‬ ‫و� هذا إالطار يحدد العلماء أن ‪816‬‬ ‫محدودة)‪ .‬ي‬ ‫جنساً حيوانياً انقرض تماماً خالل القرون الخمسة‬ ‫أ‬ ‫الكب�ة‪ ،‬ألنها سبقت‬ ‫خ�ة‪ ،‬معظمها من الحيوانات ي‬ ‫ال ي‬ ‫الصغ�ة و ش‬ ‫الح�ات إىل الدراسة والتصنيف‪.‬‬ ‫الكائنات‬ ‫ي‬ ‫تش� التقديرات إىل أن ‪ 1‬من ‪ 4‬أنواع‬ ‫بشكل عام‪ ،‬ي‬ ‫ف‬ ‫من الثدييات يواجه خطر االنقراض ي� المستقبل‬ ‫القريب‪ ،‬و‪ 1‬من ‪ 7‬أنواع من النباتات يواجه الخطر‬ ‫نفسه‪ .‬أما النسبة ف ي� عالم الطيور فتصل إىل ‪ 1‬من‬ ‫‪ 8‬أنواع‪.‬‬ ‫ف‬ ‫فالالفت للنظر أنه ي� مواجهة خطر االنقراض‪ ،‬يتث�‬ ‫أ‬ ‫الكب�ة تعاطفاً وضجيجاً إعالمياً ث‬ ‫أك� من‬ ‫الجناس ي‬ ‫انقراض أ‬ ‫الصغ�ة ش‬ ‫والح�ات‪ .‬عىل الرغم‬ ‫النواع‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫خ�ة ال تقل‬ ‫من إقرار الجميع بأن هذه الفئة ال ي‬ ‫الكب�ة بالنسبة لتوازن الحياة‬ ‫أهمية عن الثدييات ي‬ ‫الفطرية والبيئة عموماً‪.‬‬ ‫ت‬ ‫قص�ة‪،‬‬ ‫فقبل السلحفاة «جورج الوحيد» بف�ة ي‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫خ� ف ي� إندونيسيا‬ ‫مات وحيد القرن السيوي ال ي‬ ‫وبكث� من الضجيج‬ ‫وسط متابعة إعالمية ملحوظة‪ .‬ي‬ ‫أعادت أمريكا الذئب الرمادي إىل خانة الحيوانات‬ ‫المهددة بعدما ساد االعتقاد ت‬ ‫لف�ة أنه نجا من‬

‫يقسم العلماء المخاطر تال� تحيق أ‬ ‫بالنواع الحية‬ ‫ِّ‬ ‫ي‬ ‫إىل سبعة مستويات مختلفة‪ ،‬ويُرمز لكل منها‬ ‫ين‬ ‫بحرف�‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫ نق ‪ :‬منقرض تماماً‬‫ قب ‪ :‬منقرض ف ي� بال�ية (وتوجد منه بعض عينات‬‫ف ي� حدائق الحيوان أو مراكز إالكثار)‬ ‫ خق ‪ :‬خطر االنقراض‬‫ خم ‪ :‬معرض للخطر‬‫(غ� محصن)‬ ‫ خد ‪ :‬خطر داهم ي‬‫ قخ ‪ :‬قريب من الخطر (بحاجة إللكثار)‬‫ غم ‪ :‬يغ� مهدد‬‫ويمكن برسعة أن ينتقل كائن ما من فئة إىل أخرى‪،‬‬ ‫وغالباً باتجاه أ‬ ‫العىل‪ ،‬من دون أن يلغي ذلك تماماً‬ ‫احتمال تحسن وضعه‪.‬‬

‫أخبار ومفاجآت سا َّرة‬

‫ئ‬ ‫البي� والجهود الحكومية ف ي�‬ ‫تضافر العلم والوعي ي‬ ‫القوان�‪ ،‬إىل ي ن‬ ‫ين‬ ‫مجاالت ش‬ ‫تحس� أحوال‬ ‫الت�يع وسن‬ ‫بعض أ‬ ‫الجناس‪ ،‬وإبعاد خطر االنقراض عنها‪.‬‬ ‫فإحجام دور أ‬ ‫الزياء العالمية عن صناعة مالبس‬ ‫من فرو الحيوانات المهددة تحت ضغط الرأي‬ ‫كث�ة من‬ ‫العام‪ ،‬أنقذ حيوانات الفقمة وأنواعاً ي‬

‫الثعالب النادرة‪ .‬كما أن منع تجارة العاج ف ي� العالم‬ ‫أخرجت الفيل إالفريقي من دائرة الخطر‪ .‬أما قصة‬ ‫النجاح أ‬ ‫البرز فهي ف ي� إنقاذ المها العربية‪.‬‬ ‫ففي عام ‪1972‬م‪ ،‬أعلن عن انقراض المها العربية‬ ‫ف ي� بال�ية‪ .‬وكل ما كان قد تبقَّى منها ال يتجاوز‬ ‫الع�ات ف� أ‬ ‫ش‬ ‫الرس‪ .‬ولكن بدءاً من العام ‪1982‬م‪،‬‬ ‫ي‬ ‫أعيد إطالق بعضها ف ي� بال�ية‪ ،‬ف ي� كل من ُعمان‬ ‫والمملكة ودولة إالمارات يل�تفع عددها ف ي� بال�ية‬ ‫إىل نحو ‪ 1000‬رأس تقريباً بحلول عام ‪2008‬م‪،‬‬ ‫تنت� ما ي ن‬ ‫ش‬ ‫ب� ُعمان ف ي� جنوب الجزيرة العربية‬ ‫والصحراء أ‬ ‫ين‬ ‫فلسط� المحتلة‪،‬‬ ‫الردنية والنقب ف ي�‬ ‫ليصبح وضعها ضمن الفئة المهددة بخطر‬ ‫انقراض ن‬ ‫أد�‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� محيط مدينة تدمر‬ ‫وقبل أعوام قليلة‪ ،‬ي‬ ‫يعدان دراسة عن‬ ‫السورية‪ ،‬اكتشف شخصان كانا َّ‬ ‫أحد المراعي وجود خمسة طيور من نوع «أبو‬ ‫منجل أ‬ ‫الصلع» الذي لم يبق منه ف ي� العالم سوى‬ ‫ط� ث‬ ‫ما تي�اوح ي ن‬ ‫مبع�ين ف ي� المغرب‬ ‫ب� ‪ 200‬و‪ 300‬ي‬ ‫وتركيا وسوريا واليمن والسنغال‪ .‬ي ز‬ ‫وم�ة الطيور‬ ‫المكتشفة ف ي� تدمر هي ف ي� أنها إضافة إىل ندرة‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� حافظت عىل خط‬ ‫نوعها‪ ،‬الوحيدة ي� العالم في‬ ‫هجرتها التقليدي الذي يبقيها ي� تدمر من نهاية‬ ‫فصل الشتاء ت‬ ‫ح� مطلع الصيف‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� جنوب ش�ق آسيا‪ ،‬وفيما انقرض ف ي� بنغالدش‬ ‫ي‬ ‫التمساح الطويل الفك المعروف باسم‬ ‫«الغاريال»‪ ،‬نجحت النيبال ف ي� إكثاره ضمن مركز‬ ‫متخصص وأطلقت منه المئات ف ي� أنهارها‪ .‬كما أدى‬ ‫تعاون الهند ي ن‬ ‫والص� والنيبال وبنغالدش وبهوتان‬ ‫إىل وقف تدهور حالة نمر البنغال‪ ،‬وازدياد عدده‬ ‫ف� بعض أ‬ ‫الماكن‪.‬‬ ‫ي‬


‫‪| 104‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫الغوريال واألسد من نجومها في السينما‬ ‫لم يقترص تعامل السينما مع الحياة والبيئات الفطرية عىل‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� تجري‬ ‫كونها منف أجمل الخلفيات ي� أفالم المغامرات ي‬ ‫وال�اري‪ .‬بل أدت ما يمكننا القول إنه‬ ‫أحداثها ي� الغابات ب‬ ‫«واجبها» ف ي� شن� الوعي حول أهمية الحياة الفطرية‪ ،‬ورفع‬ ‫مستوى االهتمام بكائناتها من كونها مجرد طرائق إىل ما هو‬ ‫أهم من ذلك‪.‬‬ ‫ومن بواك� أ‬ ‫الفالم السينمائية ف ي� هذا المجال ِفلم كينغ كونغ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫والشه� الذي ظهر عام ‪1933‬م‪ ،‬ونرى فيه الغوريال‬ ‫الول‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫مث�اً للعطف‪ ،‬ث‬ ‫وعدوا�‪ .‬وبازدياد‬ ‫أك� مما هو مخيف‬ ‫العمالق ي‬ ‫ي‬ ‫الوعي ألهمية الحياة الفطرية‪ ،‬كان من الطبيعي أن يعاد‬ ‫تصوير القصة نفسها تقريباً نحو ش‬ ‫ع� مرات ف ي� ِص َيغ مختلفة‪،‬‬ ‫وغ�هما‪.‬‬ ‫من بينها «كينغ كونغ» ‪ ،2005‬و«جويونغ العظيم»‪ ،‬ي‬ ‫والالفت أن السينما اختارت الغوريال دون يغ�ه ليكون نجمها‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تدور حول هذه القردة العمالقة‬ ‫الول‪ .‬فالئحة الفالم ي‬ ‫تبدو ضخمة جداً عىل موسوعة ويكيبيديا‪.‬‬

‫أ‬ ‫صياديها‪ ،‬وقام‬ ‫أدامسون المدافع عن السود إ‬ ‫الفريقية ضد َّ‬ ‫ببطولته ريتشارد هاريس‪.‬‬ ‫ولكن السينما لم تتوقف عند حدود أ‬ ‫الخالقيات البيئية‪،‬‬ ‫بل وثَّقت أيضاً بعض أ‬ ‫الحداث التاريخية الخاصة بالحياة‬ ‫يصور قصة حقيقية‬ ‫الفطرية‪ِ .‬ففلم «الشبح والظالم» مثالً‪ِّ ،‬‬ ‫كان بطالها ضابط وصياد (مايكل دوغالس وفال كيلمر)‪،‬‬ ‫ضخم� اعتادا ت‬ ‫ين‬ ‫اف�اس الناس‬ ‫يسعيان إىل القضاء عىل أسدين‬ ‫ش‬ ‫ف ي� منطقة تسافو ف ي� كينيا ف ي� بدايات القرن الع�ين‪ .‬ولعل‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ويع� عن‬ ‫ال� تتناول الحياة ب‬ ‫ال�ية‪ ،‬ب ِّ‬ ‫واحداً من أجمل الفالم ي‬ ‫اتساع مجاالت تلونها سينمائياً هو ِفلم «مدغشقر» ‪،2005‬‬ ‫حيث نرى حيوانات تخرج من حديقتها ف ي� أمريكا‪ ،‬وتصل‬ ‫بالصدفة عىل ت ن‬ ‫م� سفينة مخطوفة إىل إفريقيا حيث تكتشف‬ ‫ال�ية‪.‬‬ ‫الحياة ب‬

‫وأشهر أ‬ ‫العمال الكالسيكية ف ي� شأنها ِفلم «غوريال ف ي� الضباب»‬ ‫ن‬ ‫سيجور� ويفر دور امرأة أمريكية توقف حياتها‬ ‫الذي مثلت فيه ف ي‬ ‫للدفاع عن الغوريال ي� إفريقيا‪.‬‬ ‫يأ� أ‬ ‫ئ‬ ‫وبعد الغوريال‪ ،‬ت‬ ‫سينما� ف ي� أفالم عديدة‪.‬‬ ‫السد كنجم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أشهرها «الس� مع أ‬ ‫السود» (‪1999‬م) الذي يروي قصة جورج‬ ‫ي‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬

‫فيلم الشبح والظالم‬


‫دليل المعلِّمين لمحتوى القافلة‬

‫هذه الصفحة هي للتفاعل مع قطاع المعلِّمين والمعلِّمات ومساعدتهم على‬ ‫تلخيص أبرز موضوعات القافلة في إصدارها الجديد‪ ،‬وتقريبها إلى مفهوم وأذهان‬ ‫الفئات العمرية المختلفة للطالب والطالبات‪.‬‬

‫‪49 | 48‬‬

‫حياتنا اليوم‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫‪15 | 14‬‬

‫البهجة ال‬ ‫موعودة بقدوم يوم العيد‪ ،‬أو‬ ‫باقتراب أي‬ ‫مناسبة حميمة‪ ،‬ال يضاهيها‬ ‫سوى االفتتان‬ ‫بتسلم الهدية أو تقديمها‪.‬‬ ‫وهذه الم‬ ‫ناسبات‬ ‫عديدة في العائلة‬ ‫والمجتمع‪.‬‬ ‫فالهدية في هذه األوقات‬ ‫تشغل المجتمع‬ ‫بأسره‪ ،‬بنقاش حميم حول‬ ‫ما هي‬ ‫الهدية‬ ‫ال‬ ‫مناسبة لهذا أو ذاك من‬ ‫أفراد العائلة أو األ‬ ‫صدقاء‪ .‬ويمتد النقاش‬ ‫َّ‬ ‫ليستذكر الناس ما‬ ‫تسلموه بأنفسهم في‬ ‫ا‬ ‫لماضي‬ ‫للرد‬ ‫بالمثل‬ ‫أو حتى اإلضافة إليه‪.‬‬ ‫ويتداخل كل‬ ‫ذلك مع اإلعالن والدعاية‬ ‫والترويج في الت‬ ‫لفزيون والصحف وكافة‬ ‫وسائل‬ ‫ال‬ ‫تواصل‬ ‫االجتماعي‪ .‬هكذا‪ ،‬تصبح‬ ‫الهدية‬ ‫شغل المجتمع دون منازع‪.‬‬

‫بداية كالم‬

‫كيف الحال مع‬

‫أمين نجيب‬

‫فيسبوك؟‬ ‫ُ‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫عبدهللا المحسن ‪ /‬شاعر من السعودية‬

‫يمكن� أن أحدِّ د ما إذا كانت سلبيات فيسبوك ث‬ ‫ال ن‬ ‫أك� من إيجابياته‬ ‫ي أ‬ ‫ن‬ ‫ت ن‬ ‫ا� يمكنه الوقوع‬ ‫أو العكس‪ ،‬الن المشارك ي� هذا العالم االف� ي‬ ‫عىل االإيجابيات والسلبيات معاً‪ .‬فقد يكون االإدمان عىل الحضور‬ ‫أو االإطالل عىل آ‬ ‫ت ن‬ ‫ا� هو حالة سلبية‬ ‫االخرين داخل‬ ‫العالم االف� ي‬ ‫بعينها‪ ،‬أالنها تسبب الخروج من الحياة الواقعية‪ .‬لكن ن ي� الوقت عينه‪ ،‬فإن هذا العالم‬ ‫آ‬ ‫ت ن‬ ‫ت‬ ‫ث‬ ‫ال� تفصلنا عنهم‬ ‫ا� يؤمِّ ن مساحة واسعة‬ ‫ي‬ ‫للتعب� عن الرأي والتواصل مع االخرين‪ ،‬نالذين تتال� المسافة ي‬ ‫االف� ي‬ ‫ت‬ ‫ال� يحب‪ ،‬أو إيجاد‬ ‫ليضحوا كأنهم بيننا‪ .‬وفيسبوك يوجد عالماً خاصاً يتحكّم فيه‬ ‫المستخدم ي� إيجاد مساحته ي‬ ‫مستخدم� آخرين‪ ،‬ما يفتح المجال لتبادل أ‬ ‫مساحات ت‬ ‫ين‬ ‫االفكار االإبداعية أو النقدية‪.‬‬ ‫مش�كة مع‬ ‫ن‬ ‫أصاب� الضجر من العالم‬ ‫الشخص‪ ،‬استفدت من تشكيل مساحة إبداعية أعود إليها كلما‬ ‫عىل المستوى‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أن� وزّعت ت‬ ‫االف� ن‬ ‫ويمكن� أن أزعم ن‬ ‫ن‬ ‫الواقعي‪ ،‬أي الواقع خارج عالم فيسبوك ت‬ ‫العالم�‪ .‬ي ن‬ ‫ين‬ ‫أوقا� ي ن‬ ‫فح�‬ ‫ب�‬ ‫‪.‬‬ ‫ا�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أضجر من أحدهما أعود إىل آ‬ ‫حوّل� فيسبوك إىل ي ن ت ن‬ ‫االخر‪ ،‬وبهذه الطريقة ن‬ ‫ا� وواقعي ن ي� الوقت عينه‪.‬‬ ‫كائن�‪ :‬اف� ي‬ ‫ي‬

‫ّ‬ ‫حولني إلى كائنين‪:‬‬ ‫واقعي وافتراضي‬

‫دارا العبدهللا ‪ /‬باحث من سوريا‬

‫ن‬ ‫يخص� ككاتب وباحث‪ ،‬أسأل عن سلبيات وإيجابيات‬ ‫فيما‬ ‫ي‬ ‫التاىل‪ :‬هل سيؤثر الفيسبوك عىل أساليب‬ ‫الفيسبوك السؤال ي‬ ‫ت‬ ‫وإجاب� هي‪ :‬بالتأكيد نعم‪ .‬العدد القليل‬ ‫الكتابة الحديثة؟‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الفيسبوك»‬ ‫ال� يجب أن يتكّون منها «الستاتوس‬ ‫ي‬ ‫من الكلمات ي‬ ‫ين‬ ‫والتلغ�‪،‬‬ ‫يمىل عىل الكاتب االختصار والتكثيف والتلميح‬ ‫يك يبقى جاذباً َّ‬ ‫للقراء‪ ،‬ي‬ ‫أد� حديث لم يأخذ حقّه ن ي� الكتابة العربية المعارصة‪ ،‬أال وهو «كتابة الشذرة»‪.‬‬ ‫وهذا هو أساس أسلوب ب ي‬ ‫ن أ‬ ‫أ‬ ‫العر�‪.‬‬ ‫سا� الإحياء هذا النمط من الكتابة ي� االدب ب ي‬ ‫فمن الممكن أن يكون فيسبوك الباعث اال ي‬ ‫هذا من جهة‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬أعتقد أن لفيسبوك سيئة أساسية تبينت ن ي� تعميم القراءة السطحية العامّ ة‬ ‫وال�كيب وكشف أ‬ ‫عىل حساب التحليل ت‬ ‫ث‬ ‫المبا�ة مع الحدث يساعد عىل‬ ‫االعماق المتعددة‪ ،‬وااللتصاق‬ ‫انتشار القراءة أ‬ ‫ث‬ ‫المبا�ة‪ ،‬وهذه مشكلة من مشكالت فيسبوك‪ ،‬وهي أفضل طريقة‬ ‫االيديولوجية المسطحة‪،‬‬ ‫للتشويش عىل الحقيقة‪.‬‬ ‫م�ات فيسبوك أيضاً كرس احتكار الصحافة لمنابر الرأي‪ ،‬فال محرر وال رقيب وال أخطاء وال ت‬ ‫ومن ي ّ ن‬ ‫فل�ة‪ ،‬النص‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ث‬ ‫أذن القارئ‪ ،‬ال رتوش وال إضافات وال تجميل‪ .‬وأعتقد أن هذا سي�ل اللغة واالفكار‬ ‫مبا�ة من فم الكاتب إىل ِ‬ ‫والمهمش�‪.‬ن‬ ‫ن‬ ‫العادي�‬ ‫التفك� من مستوى المؤسسات والسلطات والهيئات إىل صلب المجتمع والناس‬ ‫وطرائق‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫فيسبوك هو صوت التحت والمهمش والضئيل ن ي� مواجهة الفوق والسلطة والمنظم‪.‬‬

‫ال ُبعد اال‬ ‫ج‬ ‫ت‬ ‫ما‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫دايا‬ ‫لماذا نهدي؟ ول‬

‫ماذا نتلقى الهدايا؟‬ ‫وكيف يتعامل الع‬ ‫تقديمها وتس ّل الم مع الهدايا وتقاليد‬ ‫يالمس اهت مها؟ موضوع اجتماعي‬ ‫ماما‬ ‫ح ٍّد سواء‪ .‬ت الصغار والكبار على‬

‫كيف الحال مع‬ ‫فيسبوك؟‬ ‫فيسبوك سيؤثر في‬ ‫أساليب الكتابة‬

‫يت َّ‬ ‫ضمن باب «بدا‬ ‫مختلفة إلى و ية كالم» خمس نظرات‬ ‫سي‬ ‫هذه‪ .‬وكلها ق لة التواصل االجتماعي‬ ‫اب‬ ‫للجيل الشا لة للنقاش‪ ،‬وإليها يمكن‬ ‫ب أن يضيف الكثير‪.‬‬ ‫علوم‬

‫ً‬ ‫عاما هي عمر التجربة‬ ‫خمسة عشر‬ ‫األلمانية مع سنوات العلوم‪ ،‬سنة‬ ‫للفيزياء وأخرى لألحياء وثالثة‬ ‫لعلم األرض‪ ،‬ورابعة للكيمياء‪،‬‬ ‫وأخرى للعلوم اإلنسانية‪ ،‬وفي‬ ‫كل مرة تقام عشرات بل مئات‬ ‫الفعاليات‪ ،‬يحضرها جمهور يصل‬ ‫عدده إلى ميلون بل وإلى مليوني‬ ‫شخص‪ ،‬تهدف إلى تعزيز الحوار‬ ‫بين المؤسسات العلمية والمعاهد‬ ‫البحثية من جانب‪ ،‬والمواطنين‬ ‫العاديين من جانب آخر‪ .‬فقد أدركت‬ ‫ألمانيا أن التفوق العلمي‪ ،‬ال يعني‬ ‫بقاء العلماء في أبراجهم العاجية‪،‬‬ ‫بل يجب أن ينزلوا إلى األسواق‪،‬‬ ‫ويخاطبوا الناس على قدر عقولهم‪،‬‬ ‫ففعلوا ونجحت التجربة‪.‬‬

‫أسامة أمين‬

‫هل السنوات العلمية هي الحل؟‬

‫المجتم‬ ‫ع المعرفي في‬ ‫الم‬ ‫يمكن فهوم األلماني‬

‫لهذا المو‬ ‫العلوم أن ي ضوع المنشور في باب‬ ‫تكامل الع كون مدخال ً للحديث عن‬ ‫لوم الد‬ ‫في صياغة مف قيقة والعلوم ا إلنسانية‬ ‫استناداً إلى ت هوم المجتمع المعرفي‪،‬‬ ‫جر‬ ‫في ألمانيا‪ .‬بة «السنوات العلمية»‬

‫الحياة‬ ‫الفطرية‬ ‫خالل أقل من نصف‬ ‫قرن خرج االهتمام‬ ‫بالحياة‬ ‫الفطرية من دوائر‬ ‫العلماء الضيقة‬ ‫وأبحاثهم‪ ،‬ليكتسح‬ ‫الثقافة العامة‬ ‫لل‬ ‫مجتمعات‪ ،‬حتى ت‬ ‫حولت حمايتها إلى‬ ‫شأن ي‬ ‫شغل‬ ‫العالم‪ ،‬ب‬ ‫عدما تأكد لنا مدى‬ ‫ارتب‬ ‫اطها بحياتنا نحن‪،‬‬ ‫وبمستقبل الحياة‬ ‫على‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫ألرض جملة وتف‬ ‫صيال‪.‬‬ ‫فكيف ا‬ ‫لتفت العالم الم‬ ‫تمدن إلى العالم‬ ‫البرّ ي‪،‬‬ ‫وكيف هو حال‬ ‫العالقة بينهما‬ ‫اليوم؟‬ ‫وماذا في جعبة‬ ‫معارفنا وعلومنا‬ ‫من جديد بشأنها؟‬ ‫في‬ ‫هذا الملف‪ ،‬يست‬ ‫عرض فريق القافلة‬ ‫ب‬ ‫عض ما أنجزه ا‬ ‫لعالم المعاصر على‬ ‫صعيد‬ ‫حماية الحياة الف‬ ‫طرية‪ ،‬بعد تاريخ‬ ‫طويل ّ‬ ‫مهد الطريق‬ ‫أمام وعينا الحاضر‬ ‫ألهميتها‬ ‫ّ‬ ‫ومكوناتها‪،‬‬ ‫وفيه كثير مما يؤكد‬ ‫أن ح‬ ‫ضورها في التاريخ‬ ‫اإلنساني وثقافاته‬ ‫كان‬ ‫أكبر مما نعتقد‪.‬‬

‫‪Archive‬‬ ‫‪Almohtaraf Assaudi‬‬

‫التجربة األلمانية في‬ ‫بناء مجتمع المعرفة‬

‫الملف‪:‬‬

‫ملف ال‬ ‫يتضمن هذا حياة الفطرية‬

‫االهتمام الملف نظرة إلى نشوء‬ ‫ال‬ ‫وموجبات حديث بالحياة ا ألفطرية‬ ‫ال‬ ‫التي ته حفاظ عليها‪ ،‬والخطار‬ ‫أ‬ ‫ددها‪،‬‬ ‫المحميات إضافة إلى عرض لهم‬ ‫الطبيعية في المملكة‪.‬‬


Saudi Aramco website

Qafilah website

Al-Qafilah Bi-Monthly Cultural Magazine A Saudi Aramco Publication January - February 2015 Volume 64 - Issue 1 P. O. Box 1389 Dhahran 31311 Kingdom of Saudi Arabia www.saudiaramco.com


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.