Qafilah (jul aug 2014)

Page 1

‫مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين ‪ .‬العدد ‪ . 4‬مجلد ‪ . 63‬يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬ ‫الورشة‪..‬‬

‫القص�‬ ‫الفلم‬ ‫ي‬ ‫ِ‬

‫يز‬ ‫بم�انية محدودة‬

‫ع� وعدسة‪ :‬المتحف أ‬ ‫ال ض‬ ‫ين‬ ‫خ�‬ ‫تغ� ف ي�‬ ‫كأس العالم‪ ..‬ما الذي ي َّ‬ ‫نظرتك إليها؟‬ ‫ملف العدد‬ ‫القبعات وأغطية الرأس‬


‫النـــــــاشر‬ ‫شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية)‪،‬‬ ‫الظهران‬ ‫مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين‬

‫العدد ‪ . 4‬مجلد ‪63‬‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫ت‬ ‫للمش� ي ن‬ ‫توزع مجاناً‬ ‫ك�‬ ‫• العنوان‪ :‬أرامكو السعودية‬ ‫ص‪.‬ب ‪ 1389‬الظهران ‪31311‬‬ ‫المملكة العربية السعودية‬ ‫ال�يد إ ت ن‬ ‫و�‪:‬‬ ‫• ب‬ ‫اللك� ي‬ ‫‪alqafilah@aramco.com.sa‬‬ ‫• الموقع إ ت ن‬ ‫و�‪:‬‬ ‫اللك� ي‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬ ‫• الهواتف ‪:‬‬ ‫ فريق التحرير‪+966 13 876 0175 :‬‬ ‫ت‬ ‫االش�اكات‪+966 13 876 0477 :‬‬ ‫فاكس‪+966 13 876 0303 :‬‬

‫رئيس الشركة‪ ،‬كبير إدارييها التنفيذيين‬ ‫خالد بن عبدالعزيز الفالح‬ ‫المدير التنفيذي لشؤون أرامكو السعودية‬ ‫ناصر بن عبدالرزاق النفيسي‬ ‫مدير عام دائرة الشؤون العامة‬ ‫عصام زين العابدين توفيق‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫محمد العصيمي‬ ‫نائب رئيس التحرير‬ ‫محمد أبو المكارم‬ ‫مستشار التحرير‬ ‫محمد الدميني‬ ‫مشرفة وسائل التواصل االجتماعي‬ ‫هيفـاء خالد‬ ‫تصميم‬

‫صورة الغالف‬ ‫الغالف | في إطار تعزيز قدرات‬ ‫الشباب المهتمين بلغة جديدة للتعبير‬ ‫من خالل وسائل االتصال الحديثة‬ ‫التي جعلت من رجل الشارع ناشراً‬ ‫ومصوراً وصانع أفالم‪ ،‬نظَّمت القافلة‬ ‫ورشة عمل بعنوان‪« :‬كيف تصنع ِفلماً‬ ‫قصيراً بميزانية محدودة»‪ ،‬شارك فيها‬ ‫عدد من الهواة والمهتمين إضافة إلى‬ ‫بعض المحترفين‪.‬‬

‫‪www.mohtaraf.com‬‬ ‫طباعة‬ ‫شركة مطابع التريكي‬ ‫‪www.altraiki.com‬‬ ‫ردمد ‪ISSN 1319-0547‬‬ ‫• جميع المراسالت باسم رئيس التحرير‪.‬‬ ‫يعبر بالضرورة عن رأيها‪.‬‬ ‫• ما ينشر فـي القافلة ال ِّ‬ ‫• ال يجوز إعادة نشر أي من موضوعات أو صور‬ ‫«القافلة» إال بإذن خطي من إدارة التحرير‪.‬‬ ‫• ال تقبل «القافلة» إال أصول الموضوعات التي لم يسبق‬ ‫نشرها‪.‬‬


‫محتوى العدد‬

‫ً‬ ‫معا‬ ‫الرحلة‬ ‫من رئيس التحرير ‬ ‫رسالة المحرر ‬ ‫القراء ‬ ‫مع َّ‬ ‫أكثر من رسالة ‬

‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬

‫المحطة األولى‬ ‫الفلم القصير بميزانية محدودة ‪8‬‬ ‫ورشة عمل‪ِ :‬‬ ‫بداية كالم‪ :‬كأس العالم‪..‬‬ ‫‪14‬‬ ‫تغير في نظرتك إليها؟ ‬ ‫ما الذي َّ‬ ‫‪16‬‬ ‫كتب ‬ ‫أ‬ ‫‪20‬‬ ‫الجندة‪ :‬مواعيد ثقافية ‬ ‫‪22‬‬ ‫قول في مقال‪ :‬إلى التراث نعود ‬ ‫علوم وطاقة‬ ‫علوم‪ :‬ربوتات القرن الـ‬ ‫كفاءة آ‬ ‫لللة وبطالة للبشر ‬ ‫السيارة الكهربائية‪ ...‬محاولة عمرها قرنان ‬ ‫زي ذكي لجندي خارق ‬ ‫العلم خيال‪ّ :‬‬ ‫منتج‪ :‬الناقل التسلسلي العام ‬ ‫ماذا يحصد مزارعو الرياح؟‬ ‫طاقة الرياح‪ :‬بين ّ‬ ‫والشكالية ‬ ‫الحل إ‬ ‫من المختبر ‬ ‫ابتكار ومبتكر‪ :‬جوزيف ليسلر‬ ‫مبتكر مرشة السقي آ‬ ‫اللية ‬ ‫ّ‬ ‫ماذا لو‪ :‬ماذا لو ذاب الجليد‬ ‫على القطبين؟ ‬

‫‪24‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪40‬‬

‫حياتنا اليوم‬ ‫الطباعة الثالثية أ‬ ‫والتطور في عالم‬ ‫البعاد‬ ‫ّ‬ ‫تصميم أ‬ ‫الثاث المنزلي ‬

‫أحوال العالم في عام ‪ 2050‬‬ ‫تخصص جديد‪ :‬دكتوراة في علم القرار ‬ ‫عين وعدسة‪ :‬متحف «الصندوق أ‬ ‫الخضر»‬ ‫سفارة الفن السعودي المعاصر في هولندا ‬ ‫فكرة‪ :‬شكل دائري مذهل‪..‬ولو بال رسالة! ‬

‫‪44‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪58‬‬

‫أدب وفنون‬ ‫‪60‬‬ ‫أدب وفنون‪ :‬تان تان والعرب‪ ...‬‬ ‫‪64‬‬ ‫نحو خارطة طريق ثقافية عربية ‬ ‫لغويات‪ :‬فُصحى القرن الحادي والعشري ن ‪68‬‬ ‫سينما سعودية‪ :‬خفة الظل ترفع مشاهديه‬ ‫‪69‬‬ ‫إلى مليون في أسبوعين‪ ..‬حسن وحسنين ‬ ‫‪70‬‬ ‫فنان ومكان‪ :‬جمانة الحسيني والقدس ‬ ‫أقول شعراً‪ :‬خالد قماش‪..‬‬ ‫‪72‬‬ ‫حكاية الشاعر وغواية الشعر ‬ ‫‪74‬‬ ‫الس َي ْر ‬ ‫ذاكرة القافلة‪ :‬فن كتابة ِّ‬ ‫فرشاة وإزميل‪ :‬أحمد ماطر‪..‬‬ ‫‪75‬‬ ‫من المختبر إلى المحترف ‬ ‫زاوية رأي أدبي‪ :‬تجربتي في العلم والشعر ‪80‬‬ ‫التقرير‬

‫‪41‬‬

‫معاينة غابات أ‬ ‫الرض ‬

‫‪42‬‬

‫الملف‬ ‫القبعات وأغطية الرأس ‬

‫‪81‬‬

‫‪89‬‬


‫القافلة أونالين‬

‫—‪www.qafilah.com‬‬

‫تصفّح القافلة أونالين بح َّلة جديدة وموضوعات‬ ‫موسعة لتشمل أ‬ ‫الفالم الوثائقية والمقابالت‬ ‫ّ‬ ‫المسجلة والشعر بالصوت والصورة بإلقاء الشاعر‪.‬‬

‫ورشة عمل | ف ي� إطار تعزيز قدرات‬ ‫ين‬ ‫للتعب�‬ ‫المهتم� بلغة جديدة‬ ‫الشباب‬ ‫ي‬ ‫من خالل وسائل االتصال الحديثة ت‬ ‫ال�‬ ‫ي‬ ‫جعلت من رجل الشارع ش‬ ‫نا�اً ومصوراً‬ ‫وصانع أفالم‪ ،‬نظَّمت القافلة ورشة عمل‬ ‫قص�اً ي ز‬ ‫بم�انية‬ ‫بعنوان‪« :‬كيف تصنع ِفلماً ي‬ ‫محدودة»‪ ،‬شارك فيها عدد من الهواة‬ ‫ت‬ ‫المح� ي ن‬ ‫ين‬ ‫ف�‪.‬‬ ‫والمهتم� إضافة إىل بعض‬

‫رجمت مغامرات تان‬ ‫أدب وثقافة | تُ َ‬ ‫تان إىل نحو مئة لغة‪ ،‬وتخطت مبيعاتها‬ ‫‪ 220‬مليون نسخة‪ .‬كان تان تان من أبرز‬ ‫«شخصيات» القرن ش‬ ‫الع�ين‪ ،‬وقد ترك‬ ‫ف ي� ذلك القرن بصمة أقوى من ٍأي من‬ ‫معارصيه‪.‬‬

‫ين‬ ‫ع� وعدسة | ف ي� أحد شوارع العاصمة‬ ‫أمس�دام‪ ،‬ف‬ ‫الهولندية ت‬ ‫و� الدور الخامس‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫صغ�‬ ‫من أحد البنية‪ ،‬يوجد متحف ي‬ ‫يختلف كل االختالف عما يمكن توقعه‪ .‬إنه‬ ‫متحف خاص بالفن السعودي المعارص‪،‬‬ ‫أُ ش ئ‬ ‫ن� بمبادرة فردية‪ ،‬ليشكِّل ظاهرة الفتة‬ ‫للنظر ت‬ ‫ويستث� عدداً‬ ‫الح�ة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ح� حدود ي‬ ‫أ‬ ‫العجاب‪.‬‬ ‫من السئلة إضافة إىل إ‬

‫يتجول ف ي� أرياف بعض الدول‬ ‫طاقة | من َّ‬ ‫أ‬ ‫الوروبية قد يلحظ انتشار تلك المراوح‬ ‫العمالقة المثبتة عىل أعمدة معدنية‬ ‫شاهقة االرتفاع‪ ،‬وغرضها تحويل طاقة‬ ‫الرياح إىل طاقة كهربائية‪ .‬وعىل الرغم‬ ‫من أن البعض يرى ف ي� انتشارها الرسيع‬ ‫ت‬ ‫اخ�اقاً قبيحاً لمنظر الريف الهادئ‪ ،‬إال‬ ‫أنها صارت واقعاً ال مفر منه‪.‬‬

‫حياتنا | لقد أسهمت تقنية الطباعة ثالثية‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫البعاد بإحداث ثورة ف ي�‬ ‫الطريقة ي‬ ‫أ‬ ‫نزل‪.‬‬ ‫يعمل أبها مصممو ومنتجو الثاث الم� ي‬ ‫توف� مروحة‬ ‫وذلك لنها‬ ‫استطاعت ي‬ ‫واسعة ّمن قطع أ‬ ‫الثاث المختلفة ومكنت‬ ‫ين‬ ‫المصمم� من إطالق العنان لمخيالتهم‬ ‫ووضعها قيد التنفيذ‪.‬‬

‫النسان‬ ‫الملف | ُولدت القبعة من حاجة إ‬ ‫إىل الحماية من عوامل الطقس والطبيعة‪.‬‬ ‫ولكنها خضعت ف ي� تصميمها وصناعتها‬ ‫خالل تاريخها الطويل العتبارات وعوامل‬ ‫ال حرص لها وال عد‪ ،‬ت‬ ‫ح� بتنا نجدها ف ي�‬ ‫كل بلد وعند كل شعب رمزاً ثقافياً وإعالناً‬ ‫عن الهوية‪.‬‬


‫تحية وبعد‬

‫عىل عكس أهل ش‬ ‫العر� الذين‬ ‫الم�ق ب ي‬ ‫يتابعون التلفزيون ومسلسالته الكوميدية‬ ‫والعادية ف ي� رمضان‪ ،‬يُقْبل أهل المغرب‬ ‫العر� ف ي� هذا الشهر المبارك عىل‬ ‫بي‬ ‫القراءة المكثفة للكتب الدينية وخاصة عىل قراءة الصحف‬ ‫ت‬ ‫ال� تفرد صفحات ومالحق دينية رمضانية‬ ‫والمجالت‪ ،‬ي‬ ‫أ‬ ‫ض‬ ‫ش‬ ‫المبا�‬ ‫تستح� التاريخ ِوع ب َ َ�ه وبعض مفاصله ذات الثر‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫المسلم� ي� سالف الزمان‪.‬‬ ‫عىل حياة‬ ‫ف‬ ‫كث� من الناس فإن شهر رمضان يُعد‪ ،‬كما هو‬ ‫و� تجارب ي‬ ‫ي‬ ‫شهر الصوم‪ ،‬شهر القراءة‪ ،‬نظراً لما يكتنف نهاره من هدوء‬ ‫وسكينة‪ .‬ولكونه يوفِّر للشخص أوقات فراغ جيدة تعطيه‬ ‫ت‬ ‫ال� غالباً ما تكون مؤجلة‬ ‫والطالة ف ي� قر‬ ‫أمداً للتدبر إ‬ ‫اءاته ي‬ ‫أ‬ ‫خالل العام لحساب زحمة العمال ومطاردة شؤون الحياة‬ ‫ت‬ ‫تعددت وتنوعت ولم تعد محصورة‪ ،‬كالسابق‪ ،‬ي ن‬ ‫ب�‬ ‫ال� َّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الحقل والبيت والحاديث العابرة عن هموم المعيشة‪.‬‬ ‫الم� ي ن‬ ‫لقد رسق التلفزيون من ش‬ ‫قي� العرب خاصة لذة‬ ‫(القراءة الرمضانية) بعد أن ش‬ ‫است�ت حالة ارتباط الموسم‬ ‫ن‬ ‫الرمضا�‪ ،‬الكوميدي والدرامي‪ ،‬بالشهر الفضيل‪ .‬وبات‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫التنافس عىل أشده ي ن‬ ‫ال� تستهدف شهر‬ ‫ب� مؤسسات إ‬ ‫النتاج ي‬ ‫أ‬ ‫رمضان ف ي� أعمالها سعياً وراء حشد المشاهدين لهذه العمال‬ ‫والتكسب من وراء هذا الحشد بيعاً وإعالناً‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫وما حدث‪ ،‬نتيجة هذا السباق‪ ،‬أننا خرسنا القراءة ولم‬ ‫ن‬ ‫التلفزيو�‬ ‫نكسب التلفزيون‪ .‬والسبب هو أن الحشد‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الرمضا� لم يأت ف ي� معظمه عىل المستوى المطلوب‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫وتأث�ها ي� أفكار الناس‬ ‫من حيث دسامة العمال وإتقانها ي‬ ‫وثقافتهم ووجدانهم وأذواقهم‪ .‬كل ما هنالك‪ ،‬بع�‬ ‫السنوات الماضية‪ ،‬هو محض (سلق) ألعمال تلفزيونية‬ ‫مستعجلة أو مكررة ال تت�ك أي أثر بعد أن ض‬ ‫يم� الموسم‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫تحولت شيئاً فشيئاً إىل بضائع‬ ‫يع� أن المسألة َّ‬ ‫ما ي‬ ‫ت‬ ‫للمنتج�ن‬ ‫تلفزيونية رديئة‪ ،‬الغرض منها ال�بح المادي فقط‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫والعارض�‪.‬‬ ‫آ‬ ‫يث� االستغراب‪ ،‬عىل سبيل المثال‪ ،‬أنه إىل الن ال توجد‬ ‫وما ي‬ ‫ف‬ ‫قناة عربية واحدة قادرة عىل الصمود ي� عرض مسلسل‬ ‫تاريخي سنوي ف ي� رمضان عىل االلرغم من ثراء المادة‬ ‫التاريخية العربية وتنوع موادها ومصادرها‪ .‬ومرد ذلك ف ي�‬ ‫نظري أن المسلسل التاريخي الجيد والجاذب للمشاهدين‬ ‫يتطلب ي ز‬ ‫م�انيات إنتاج ضخمة ال تملكها القنوات العربية أو‬ ‫أ‬ ‫ال تريد رصفها عىل مثل هذه العمال المكلفة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ح� مع هذا ت‬ ‫وأعتقد أننا سنبقى إىل ي ن‬ ‫االس�خاص ي� أعمالنا‬ ‫التلفزيونية الرمضانية إىل أن تفهم القنوات أن المشاهد‬ ‫العر�‪ ،‬ش‬ ‫الم� ق ي� بالذات‪ ،‬بدأ يملها وينرصف عنها‪ .‬وحينذاك‬ ‫بي‬ ‫تحسن من إنتاجها أو ربما‪ ،‬وهذا من وجهة نظري‬ ‫ربما ِّ‬ ‫بكث�‪ ،‬نعود إىل القراءة المفيدة والممتعة‪ ،‬خاصة‬ ‫أفضل ي‬ ‫يتخ� ما نقرأ ونتأثر أونتفاعل معه بطريقتنا‬ ‫وأننا نحن من ي‬ ‫ن‬ ‫المغار� بأن يحافظ‬ ‫أوص القارئ‬ ‫بي‬ ‫فإن� ي‬ ‫الخاصة‪ .‬ولذلك ي‬ ‫محتفظاً بها إىل آ‬ ‫عىل عادة القراءة الرمضانية ت‬ ‫الن‪.‬‬ ‫ال� ال يزال‬ ‫ي‬

‫الرحلة معاً‬ ‫‪shutterstock‬‬

‫من رئيس التحرير‬

‫تلفزيون‬ ‫رمضان‬


‫رسالة المحرر‬

‫هذا العدد‬

‫‪5|4‬‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫نظراً لتزايد عدد المهتمين بصناعة أ‬ ‫الفالم‬ ‫القصيرة‪ ،‬واالرتفاع المدهش فيما يتم‬ ‫تحميله منها على قنوات التواصل‪ ،‬بحيث‬ ‫بدأت تؤثر في طبيعة المحتوى الرقمي‪ ،‬يطالع القارئ‬ ‫في بداية هذا العدد تغطية لورشة العمل التي أقامتها‬ ‫«الفلم القصير بميزانية محدودة»‪.‬‬ ‫القافلة بعنوان ِ‬ ‫قبل أن يتوقف في زاوية «بداية كالم» أمام سؤال‬ ‫مواكب لمباريات كأس العالم في كرة القدم‪ ،‬حول‬ ‫تعبر عن ذلك‬ ‫تغير النظرة إليها عند البعض كما ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫أجوبتهم المثيرة للنقاش‪.‬‬ ‫وفي هذا العدد‪ ،‬انتقال سلس بين محتويات قسمي‬ ‫العلوم والحياة اليومية‪ .‬فمعظم محتويات أ‬ ‫الول على‬ ‫تماس مع الحياة اليومية مثل الروبوتات وأثرها على سوق‬ ‫العمل والبطالة وطاقة الرياح وآثارها البيئية واالقتصادية‪،‬‬ ‫في حين أن مواضيع قسم الحياة اليومية لم تبتعد عن‬ ‫العلم كثيراً‪ .‬إذ تبدأ بالطباعة ثالثية أ‬ ‫البعاد ودورها في‬ ‫تصميم أ‬ ‫الثاث المنزلي‪ ،‬وتمر أيضاً بعرض لما سيكون‬ ‫عليه العالم وحياتنا فيه بحلول منتصف القرن الجاري‪،‬‬ ‫استناداً إلى أحد العلماء أ‬ ‫اللمان المتخصصين في أبحاث‬ ‫المستقبل‪.‬‬ ‫أما القسم الثقافي‪ ،‬فقد حرص على تحقيق أعلى مستوى‬ ‫البداع المحلي‬ ‫من التنوع في هذا العدد‪ .‬إذ جمع من إ‬ ‫والرسام أحمد ماطر‪ ،‬إلى قراءة قنصل‬ ‫الشاعر خالد َّ‬ ‫قماش َّ‬ ‫فرنسا في جدة الدكتور لويس بلين لصورة العالم العربي‬ ‫المصورة الشهيرة «تان تان»‪ .‬مروراً‬ ‫كما تظهر في القصص‬ ‫َّ‬ ‫بارتباط الفنانة الفلسطينية جمانة الحسيني بمدينة القدس‪،‬‬ ‫واستضافة قلمين أكاديميين هما د‪ .‬حامد قنيبي من أ‬ ‫الردن‪،‬‬ ‫ود‪ .‬طارق عبدالباري من مصر‪.‬‬ ‫وبعد تقرير وثائقي يعاين أحوال‬ ‫الغابات في العالم والمخاطر‬ ‫الناجمة عن قطعها‪ ،‬نختتم‬ ‫كما جرت العادة مع الملف‬ ‫المخصص في هذا العدد‬ ‫للقبعة وأغطية الرأس ودالالتها‬ ‫على مستوى االنتماء والهوية‪.‬‬


‫تحية وبعد‬

‫طاقة‬

‫المهندس ياسر أسامة فقيه‬

‫‪thinkstock‬‬

‫ورشة عمل‬

‫تغطية‪ :‬فريق القافلة‬ ‫تصوير‪ :‬عبداهلل صالح‬

‫تحية وبعد‬

‫ين‬ ‫ح� تستقبلون هذا العدد من مجلة‬ ‫القافلة تكونون‪ ،‬كما أنتم دائماً‪ ،‬ضيوفاً‬ ‫أعزاء عىل مائدة ثقافية إعالمية متجدِّ دة‬ ‫تع� بكم ومعكم إىل المستقبل وصناعة‬ ‫ب‬ ‫المعرفة‪ .‬لقد مضت آ‬ ‫الن سنوات ش‬ ‫ع� عىل إطالق‬ ‫التطوير السابق ن ي� حياة هذه المجلة ن ي� العام ‪2003‬م‪،‬‬ ‫الذي لقي حينذاك ترحيباً كب�اً من جمهور القرَّاء أ‬ ‫الوفياء‬ ‫ي‬ ‫لدور المجلة التاريخي‪ .‬ذلك الدور الذي تبادلنا شعور‬ ‫ت‬ ‫الع�ناز به وبأثره عىل حياتنا بشكل عام‪ ،‬وعىل حياة كل‬ ‫مثقف وإعالمي سعودي بشكل خاص‪.‬‬

‫‪Silvan Bachmann / Thinkstock‬‬

‫ً‬ ‫معا‬ ‫الرحلة‬

‫ن ي� ذلك العام‪ ،‬أي العام ‪2003‬م‪ ،‬ظننا‪ ،‬ونحن نُطلق‬ ‫ن‬ ‫مس�ة هذه المجلة‪ ،‬أنه لن‬ ‫متغ�ة بالكامل ي� ي‬ ‫مرحلة ي ِّ‬ ‫يكون ن ي� الإمكان أفضل مما كان‪ .‬واعتقدنا بأن ِ(مزْوَ َدتَنا)‬ ‫استنفدت كل أسباب التطوير‪ ،‬وأننا قد بلغنا غايتنا‬ ‫ورسمنا سياستنا التحريرية النهائية‪ .‬لكن‪ ،‬وأنا من‬ ‫ن‬ ‫ين‬ ‫تك�‬ ‫نك� ي� العمر ب‬ ‫المغرم� بـ (لكن)‪ ،‬وجدنا أننا بينما ب‬ ‫وتك� القافلة ن ي� العطاء الجتماعي‬ ‫أرامكو السعودية ب‬ ‫والإعالمي‪.‬‬

‫وها نحن‪ ،‬نطوي سنة القافلة ي ن‬ ‫الست�‪ ،‬لننقض ضفائر‬ ‫لك ننهض‬ ‫سياستنا التحريرية السابقة‪ ،‬ونعيد جدلها ي‬ ‫بدور مختلف ن ي� زمن يرفع رايات إعالمية مختلفة لهذا‬ ‫ن‬ ‫و� كل‬ ‫النوع من المجالت‪ :‬نحن‪ ،‬ابتدا ًء من هذا العدد ي‬ ‫أبواب المجلة من بابها الجديد (ورشة عمل) إىل ملفها‬ ‫الشه�‪ ،‬نحاول أن نغرس أ‬ ‫الرض الجتماعية‪ ،‬السعودية‬ ‫ي‬ ‫والعربية‪ ،‬بأشجار المعرفة المثمرة‪ .‬ونحاول أن نفهم‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� ستقود مراكب‬ ‫ونتفاهم مع الجيال الشابة الجديدة‪ ،‬ي‬ ‫التنمية وتطور وسائل هذه المعرفة‪ .‬نحاول‪ ،‬أيضاً‪ ،‬أن‬ ‫نق�ب من ثقافات آ‬ ‫الخرين ش‬ ‫ت‬ ‫لنع� عىل مزيد من كنوز‬ ‫ت‬ ‫وأخ�اً‪ ،‬وليس آخراً‪،‬‬ ‫ال� هي ضالة المؤمن‪ ..‬ي‬ ‫الحكمة ي‬ ‫نحاول أن نواكب سيل اتصالت (الديجتال) الذي ش‬ ‫يؤ�‬ ‫آ‬ ‫الن صعوداً ن ي� تقدم المجتمع‪ ،‬أي مجتمع‪ ،‬أو ش‬ ‫يؤ�‬ ‫هبوطاً عىل تخلفه‪.‬‬

‫وهكذا تكون (القافلة) ن ي� عِ قدها الجديد‪ :‬مجلة تحافظ‪،‬‬ ‫باغتباط شديد‪ ،‬عىل نسختها الورقية وتُطور‪ ،‬بحرص‬ ‫شديد‪ ،‬نسختها ت‬ ‫الإلك�ونية‪ ،‬ليتحقق الهدفان‪ :‬هدف‬ ‫استمرارية الوصول شل�ائح قرَّائها الذين ل يزالون أوفياء‬ ‫لرائحة الورق والح�‪ ،‬وهدف الوصول إىل أ‬ ‫الجيال الشابة‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ال� تتنقل مثل النحل ي ن‬ ‫ب� شاشات الكمبيوتر‬ ‫الجديدة ي‬ ‫آ‬ ‫واليباد والهواتف الذكية‪.‬‬

‫ومن الجمهورين‪ ،‬ت‬ ‫ت ن‬ ‫ن‬ ‫نستغ� أبداً عن‬ ‫و� ل‬ ‫الور� والإلك� ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫الراء‪ ،‬فنحن نعلم علم ي ن‬ ‫اليق� أنه ل مطبوعة تعيش من‬ ‫يغ� أنفاس وعقول وأفكار قرَّائها‪ ،‬فال تبخلوا علينا بالدعاء‬ ‫والمعرفة‪.‬‬

‫لماذا يخبو اإلبداع حيناً ‪ ،‬وتشتعل‬ ‫جذوته أحياناً أخرى؟! وما الذي يجعله‬ ‫مبدع دون غيره‪ ،‬وهل‬ ‫أقرب مناالً من‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بيئات بعينها‬ ‫يتركز هذا اإلبداع في‬ ‫ولماذا؟! الحقيقة أن فهم طبيعة‬ ‫اإلبداع واإلجابة عن األسئلة المرتبطة‬ ‫بها بدقة أمرٌ في غاية الصعوبة تبعاً‬ ‫لطبيعته الحرة‪ ،‬والخارجة عن النسق‬ ‫المألوف‪ ،‬ما يجعل إيجاد اإلجابات‬ ‫َّ‬ ‫معقدة‪.‬‬ ‫المرتبطة به مسألة‬ ‫كل ما يمكننا هو الدوران في فلك هذه‬ ‫األسئلة واستقراء الشواهد والتجارب‬ ‫لمحاولة فهم منابع اإلبداع العربي‪،‬‬ ‫ومحاولة سبر أغوار التفاعالت التي‬ ‫يعيشها المبدع العربي المعاصر‪،‬‬ ‫لتحديد مكانه‪ ،‬وإضاءة ما يحيط به من‬ ‫ظروف تعوقه أو تعينه على اإلبداع‪.‬‬

‫أما أيمن عبدالسميع‬ ‫حسن‪ ،‬فرأى أن العرض‬ ‫«البداع‬ ‫الذي تناول إ‬ ‫العربي» بالتساؤل إن كان‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫يتجدد‬ ‫يجف أم‬ ‫يتجدد هو‪:‬‬ ‫قد َّ‬ ‫جف أم َّ‬ ‫«مقال رائع وممتع‪ .‬وهذا ما عودتنا عليه الرائدة‬ ‫مجلة القافلة‪ .‬والله ولي التوفيق»‪.‬‬ ‫اإلبداع العربي‪..‬‬

‫مكان بسيط أقرب‬ ‫نطيل الجلوس في‬ ‫ٍ‬ ‫إلى الضيق لكننا مع ذلك ال نشعر‬ ‫بمحدودية حيزه؟ لماذا نحس بمثل‬ ‫هذه الراحة و بشيء من االنشراح؟‬

‫وتعقيباً على موضوع‬ ‫«الهل وفروض أ‬ ‫أ‬ ‫الوالد‬ ‫المدرسية» كتب محمد‬ ‫شمص‪« :‬أهنئ القافلة‬ ‫والسيدة مهى قمر الدين على مقاالتها الرائعة‬ ‫والمفيدة‪ ..‬بوركت سيدتي وبوركت أعمالك»‪.‬‬ ‫مرسم‬ ‫الفنان فهد‬ ‫النعيمة ‪..‬‬

‫إعداد‪ :‬منال حميدان‬ ‫تصوير‪ :‬مبارك الدوسري‬

‫بلون الصحراء ومكتظ بالزوار‬

‫ووصف نايف علي حمراني الموضوع العلمي‬ ‫الذي كان بعنوان «ماذا نعرف عن السرطان؟»‬ ‫بقوله‪« :‬مقالة رائعة وتُعد بصدق بحثاً مصغراً‬ ‫عن هذا المرض الخطير‪ ..‬شكراً دكتور»‪.‬‬ ‫وناقش عبدالله التميمي ما جاء في زاوية‬ ‫فيزياء دقيقة واحدة بعنوان «تحت المطر»‬ ‫بقوله‪ :‬مع أنني أتفق‬ ‫مع ما جاء في التحليل‬ ‫المنشور‪ ،‬فإنني أرى‬ ‫أن الكاتب أغفل أنك‬ ‫إن سرت أو عدوت‪،‬‬ ‫فهناك نقاط مطر‬ ‫كانت ستصيب الرأس‬ ‫من الخلف‪ ،‬ولكنك تجاوزتها‪ .‬المحصلة هي‬

‫المشتركون الجدد‬

‫وردتنا طلبات اشتراك من كل من السادة‬ ‫الدكتور لويس بلين قنصل فرنسا العام في‬ ‫جدة‪ ،‬حسين عبدالوهاب المعلم ‪ -‬الدمام‪،‬‬ ‫جواد حسن رمضان ‪ -‬أ‬ ‫الحساء‪ ،‬أحمد‬ ‫حسن البقشي ‪ -‬أ‬ ‫الحساء‪ ،‬عبدالله صالح‬ ‫الدرويش ‪ -‬الخبر‪ ،‬وجيه محمد آل رمضان‬ ‫ القطيف‪ ،‬الدكتور هشام بن سليمان أبو‬‫عودة ‪ -‬الرياض‪ ،‬المهندس عماد بن جميل‬ ‫خياط ‪ -‬جدة‪ ،‬محمد عبدالله الهنائي ‪-‬‬ ‫سلطنة عمان‪ ،‬سيد خالف ‪ -‬القاهرة‪ ،‬موفق‬ ‫عبدالمحسن ‪ -‬الجزائر‪ ،‬الشيخ محمد فضيل‬ ‫‪ -‬سري النكا‪.‬‬

‫‪43 | 42‬‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2014‬‬

‫وكتب عبدالرحمن عبدالله محسن العطاس‬ ‫معقِّباً على افتتاحية رئيس التحرير «قافلة‬ ‫متطورة لجمهور‬ ‫متجدد»‪« :‬قد ال أملك‬ ‫الشكر الكافي لرئيس‬ ‫تحرير القافلة وإلى كل‬ ‫القائمين عليها‪ .‬ولكني‬ ‫أقول كلمة حق إن هذه‬ ‫المجلة تركت أثراً كبيراً‬ ‫في قلوبنا‪ ،‬وأصبحت‬ ‫أ‬ ‫تمل حياتنا أمال ً ال غنى لنا عنه‪ ،‬ال سيما بعد‬ ‫اللكترونية‪.‬‬ ‫إصدار نسختها إ‬

‫محترف الفنان التشكيلي السعودي‬ ‫الشاب فهد النعيمة غرفة صغيرة ال‬ ‫تتجاوز مساحتها ثالثين متراً مربعاً ‪،‬‬ ‫وهي أكبر مساحة استطاع تخصيصها‬ ‫من شقته المكونة من أربع حجرات‬ ‫ومرسم‪ ،‬تتسع لعائلته الصغيرة وفنه‪،‬‬ ‫وزواره من أصدقاء‪ ،‬وفنانين ومحبين‪.‬‬ ‫عند الدخول إليه والجلوس للحظات‬ ‫تتكثف األفكار داخل رأسك‪ ،‬وتتساءل‪:‬‬ ‫لماذا تدفعنا بعض األماكن إلى التفكير‬ ‫كثيراً فيما يميزها؟ ما الذي يجعلها‬ ‫ً‬ ‫وبهجة؟ لماذا نميل إلى أن‬ ‫أكثر دفئاً ‪،‬‬

‫فرشاة وإزميل‬

‫وحول الموضوع نفسه كتب إبراهيم عوض‬ ‫خلف‪ :‬إن أسلوب التدريب المتبع حالياً يضع‬ ‫المعلم في المرحلة أ‬ ‫الخيرة من التدريب‪ ،‬مع‬ ‫أ‬ ‫أنه هو المعني بالدرجة الولى بهذا التطوير‪.‬‬ ‫إن أسلوب التسلسل الهرمي للتدريب غير‬ ‫جد‪.‬‬ ‫ُم ٍ‬

‫وحظي باب «فرشاة وإزميل» الذي كان مخصصاً‬ ‫للفنان فهد النعيمة بتعليقات عديدة‪ ،‬منها قول‬ ‫بدر حزام العتيبي‪« :‬ما شاء الله‪ ،‬تبارك الله‪..‬‬ ‫الله يوفقه‪ ..‬رسام متميز‪،‬‬ ‫والمستقبل أمامه»‪.‬‬

‫‪65 | 64‬‬

‫أدب وفنون‬

‫في إطار برنامج التطوير‬ ‫ِّ‬ ‫للمعلم‬ ‫المهني‬

‫في إطار «مشروع الملك عبداهلل‬ ‫لتطوير التعليم»‪ ،‬وكحلقة واحدة‬ ‫من حلقات عديدة وضخمة يتألف‬ ‫منها هذا المشروع‪ُ ،‬عقدت في جدة‬ ‫مؤخراً ‪ ،‬وعلى مدى ثالثة أيام‪ ،‬ورشة‬ ‫عمل تهدف إلى االرتقاء بأداء مئة‬ ‫مدرِّ ب ومدرِّ بة‪ ،‬لينقل هؤالء الحقاً‬ ‫الخبرات الجديدة التي يكتسبونها‬ ‫من هذه الورشة إلى المعلمين‬ ‫والمعلمات في مناطقهم‪.‬‬

‫وعلَّق عبدالله محمد على موضوع التصوير‬ ‫بالجوال قائالً‪ :‬إن تطور كاميرات الهاتف الجوال‬ ‫أمر متوقَّع ألنه يأتي بموازاة التطورات الكثيرة‬ ‫ٌ‬ ‫في جوانب التقنية عموماً‪ .‬ما يجب االهتمام به‬ ‫هو ضبط استخدام هذه التقنيات واستحداث‬ ‫استخدامات مفيدة لها‪.‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2014‬‬

‫فقد كتب عبدالله محمد حول ورشة العمل‬ ‫التي كانت بعنوان‬ ‫«برنامج التطوير المهني‬ ‫ورشة‬ ‫لتدريب‬ ‫للمعلم»‪ ،‬يقول‪« :‬من‬ ‫المدرِّ بين‬ ‫وجهة نظري الشخصية‪،‬‬ ‫فإن التطوير الحقيقي‬ ‫للمعلِّم يبدأ من خالل‬ ‫إعادة تصميم المناهج‬ ‫والمقررات التي تدرس للطالب الجامعي المقرر‬ ‫تخرجه معلماً‪ ،‬وتطويرها باستمرار‪ ،‬وبذلك تضمن‬ ‫الوزارة معلماً محترفاً في التعليم»‪.‬‬

‫من رئيس التحرير‬

‫ثار الجدل خالل السنوات القليلة الماضية‬ ‫حول موضوع الصراع بين الوقود والغذاء‪،‬‬ ‫بسبب سعي مصنِّ عي الوقود الحيوي إلى‬ ‫استغالل بعض المحاصيل الزراعية على‬ ‫حساب استعماالتها الطبيعية كغذاء‬ ‫لإلنسان وعلف للمواشي‪ .‬وقد بلغ الجدل‬ ‫ذروته في هذا الشأن أواخر العقد الماضي‬ ‫عندما ارتفعت أسعار السلع الغذائية‬ ‫األساسية في األسواق العالمية بشكل‬ ‫حاد‪ ،‬وشمل االرتفاع كذلك أسعار اللحوم‬ ‫باإلضافة إلى كثير من السلع الثانوية‬ ‫المعتمدة على الخمائر النشوية والمشتقات‬ ‫السكرية من أغذية األطفال إلى مستلزمات‬ ‫التجميل وغيرها‪.‬‬

‫فيزياء دقيقة واحدة‬

‫تحت‬ ‫المطر‬

‫الوقوف تحت المطر يعرّضك أ‬ ‫للمطار التي تسقط‬ ‫عليك من أ‬ ‫العلى مباشرة‪ .‬ولكنك حين تمشي‬ ‫ستصيبك النقاط الساقطة من أ‬ ‫العلى وتلك التي‬ ‫ستصطدم بها من أ‬ ‫المام‪ .‬إذاً الواقف يتبلل أقل من‬ ‫السائر لكن إذا كنت بحاجة إلى أن تنتقل من مكانك‬ ‫إلى نقطة ما‪ .‬فهل تسير أم تعدو؟‬

‫في حال قررت الوقوف أم السير أم العدو فلن تتغير كمية‬ ‫المياه‪ ،‬التي تصيبك من أ‬ ‫العلى‪ .‬أما الكمية التي تأتيك من‬ ‫الجوانب فستبقى هي نفسها أيضاً أكنت تسير بشكل عادي أم‬ ‫تعدو‪ ،‬كجرافة الثلج التي حتى لو أسرع بها سائقها ستجرف كمية‬ ‫الثلج نفسها‪.‬‬

‫لكن الفرق بين الوقوف والمشي والركض تحت المطر‪ ،‬هو الوقت‬ ‫المطار الهابطة من أ‬ ‫الذي ستقضيه بين نقاط أ‬ ‫العلى والمرتطمة‬ ‫بك من الجوانب‪.‬‬ ‫إذاً الجواب ‪ :‬هيَّا أسرع الخطى!‬ ‫العدو السريع هو الحل أ‬ ‫المثل للوصول من مكانك إلى كوب‬ ‫شاي دافىء في المنزل بأقل نسبة من البلل!‬

‫‪MinutePhysics, http://www.youtube.com/watch?v=3MqYE2UuN24&feature=share‬‬

‫كما وصلتنا العناوين الجديدة لكل من‬ ‫عثمان صالح النمير ‪ -‬الظهران‪ ،‬محمد جمال‬ ‫المجحد ‪ -‬ألمانيا‪ ،‬يوسف نور الزبير شمس‬ ‫الحق ‪ -‬مكة المكرمة‪ ،‬وقد أحلنا عناوين‬ ‫الجميع إلى قسم االشتراكات‪ ،‬وستصلهم‬ ‫القافلة بانتظام قريباً إن شاء الله‪.‬‬

‫مع القرَّ اء‬

‫رهين السياسة أكثر ما هو حل اقتصادي‬

‫اللكتروني عدداً‬ ‫تلقَّت القافلة على موقعها إ‬ ‫كبيراً من الرسائل والتعليقات على المواد‬ ‫المنشورة‪ ،‬نقتطف منها ع ِّينة محدودة جداً‬ ‫بسبب ضيق المجال‪.‬‬

‫قافلة متطوِّ رة‬ ‫لجمهور متجدِّ د‬

‫وعلَّق الدكتور خالد‬ ‫الوقود‬ ‫الحيوي‬ ‫ناصر الرضيمان على‬ ‫وأزمة الغذاء‬ ‫العالمية‬ ‫موضوع «الوقود‬ ‫الحيوي وأزمة الغذاء‬ ‫العالمية» بقوله‪« :‬مقال‬ ‫متميز ومجلة متميزة‬ ‫في مواضيعها وتنوع‬ ‫ثقافتها»‪ .‬أما موضوع «ازرع ما تحتاجه بنفسك»‬ ‫فقد وصفه قائالً‪« :‬متميز‪ .‬وأتمنى وجود حديقة‬ ‫في كل منزل ومدرسة وأي مكان يمكن الزراعة فيه‬ ‫من أ‬ ‫السطح إلى االستراحات»‪.‬‬

‫أنك إن سرت أو عدوت فإن كمية المطر التي‬ ‫ستصيبك هي واحدة‪.‬‬


‫‪7|6‬‬

‫أكثر من رسالة‬

‫تحية وبعد‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫وفى جولة على منطقة «تحت الربع»‪ ،‬تجد‬ ‫أشهر ورش الصناعة‪ ،‬وكذلك أشهر العائالت‬ ‫التي تتوارثها جيال ً بعد جيل‪ .‬وتُعد الفوانيس‬ ‫المصرية ذات عمر طويل‪ ،‬وقد شهدت تطوراً‬ ‫الونة أ‬ ‫كبيراً في آ‬ ‫الخيرة‪ .‬فبعد أن كان الفانوس‬ ‫عبارة عن علبة من الصفيح توضع بداخلها‬ ‫شمعة‪ ،‬تم تركيب الزجاج مع الصفيح مع‬ ‫عمل بعض الفتحات التي تجعل الشمعة‬ ‫تستمر في االشتعال‪ .‬ثم بدأت مرحلة أخرى‬ ‫تم فيها تشكيل الصفيح وتلوين الزجاج ووضع‬ ‫بعض النقوش أ‬ ‫والشكال‪ .‬وكان ذلك يتم يدوياً‬ ‫وتستخدم فيه المخلفات الزجاجية والمعدنية‪،‬‬ ‫وكان أ‬ ‫المر يحتاج إلى مهارة خاصة ويستغرق وقتاً‬ ‫طويالً‪.‬‬

‫فانوس رمضان‬ ‫الفانوس الذي ارتبط منذ زمن طويل بشهر‬ ‫رمضان المبارك‪ ،‬حتى أصبح من الرموز الشعبية‬ ‫الدالة على الشهر الفضيل‪ ،‬ال يزال اليوم كما كان‬ ‫أ‬ ‫بالمس‪ ،‬ال بل إن شعبيته في ازدياد‪ ،‬واتسعت‬ ‫مجاالت حضوره وتنوعت أشكاله ما بين أزقة‬ ‫المدن الصغيرة وزينة الجادات العريضة وصوال ً‬ ‫إلى الفواصل بين البرامج التلفزيونية‪ .‬وفي مصر‪،‬‬ ‫التي يُقال إنها منشأ عادة اعتماد الفانوس رمزاً‬ ‫رمضانياً‪ ،‬نوقشت أكثر من رسالة جامعية حول‬ ‫تاريخ الفانوس ودالالته‪ ،‬كأحد مظاهر شهر‬ ‫يتجزأ من احتفاالته ولياليه‪.‬‬ ‫رمضان وجزء ال َّ‬ ‫أصل الفانوس‬ ‫الضاءة‬ ‫السالم في إ‬ ‫استخدم الفانوس في صدر إ‬ ‫ليال للذهاب إلى المساجد وزيارة أ‬ ‫الصدقاء‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫والقارب‪ .‬أما كلمة الفانوس فهي إغريقية‬ ‫الضاءة‪ ،‬وفي بعض‬ ‫تشير إلى إحدى وسائل إ‬ ‫اللغات السامية يقال للفانوس «فناس»‪ .‬ويذكر‬ ‫الفيروز أبادي مؤلف القاموس المحيط‪ ،‬أن‬ ‫المعني أ‬ ‫الصلي للفانوس هو «النمام»‪ ،‬ويرجع‬ ‫صاحب القاموس تسميته بهذا االسم إلى أنه‬ ‫يظهر حامله وسط الظالم والكلمة بهذا المعنى‬ ‫معروفه‪.‬‬ ‫أول من عرف فانوس رمضان هم المصريون‪..‬‬ ‫وذلك يوم دخول المعز لدين هللا الفاطمي‬ ‫مدينة القاهرة قادماً من الغرب ‪ ..‬وكان ذلك في‬ ‫يوم الخامس من رمضان عام ‪ 358‬هجرية‪..‬‬ ‫وخرج المصريون في موكب كبير جداً اشترك فيه‬ ‫الرجال والنساء أ‬ ‫والطفال على أطراف الصحراء‬ ‫الغربية من ناحية الجيزة للترحيب بالمعز الذي‬ ‫وصل ليالً‪ ..‬وكانوا يحملون المشاعل والفوانيس‬ ‫الملونة والمزينة وذلك إلضاءة الطريق إليه‪..‬‬ ‫وهكذا بقيت الفوانيس تضئ الشوارع حتى آخر‬

‫شهر رمضان‪ ..‬لتصبح عادة يلتزم بها كل سنة‪..‬‬ ‫ويتحول الفانوس رمزاً للفرحة وتقليداً محبباً في‬ ‫شهر رمضان‪.‬‬ ‫وانتقلت فكرة الفانوس المصري إلى أغلب الدول‬ ‫العربية وأصبح جزءاً من تقاليد شهر رمضان‬ ‫والسالمية‪ .‬وصار‬ ‫في كافة أرجاء البالد العربية إ‬ ‫يظهر بأشكال ال عهدة لنا بها سابقاً‪ ،‬مثل رسمه‬ ‫بالوسائل الرقمية لشاشات التلفزيون‪ ،‬وصناعة‬ ‫مجسمات عمالقة لفوانيس مؤلفة من مئات‬ ‫المصابيح الكهربائية الصغيرة وغير ذلك‪.‬‬ ‫صناعة الفانوس‬ ‫صناعة الفوانيس ليست صناعة موسمية‪ ،‬ولكنها‬ ‫مستمرة طوال العام حيث يتفنن ص َّناعها ابتكار‬ ‫أشكال ونماذج مختلفة‪ ،‬وتخزينها ليتم عرضها‬ ‫للبيع في رمضان الذي يعد موسم رواج هذه‬ ‫الصناعة‪ .‬وتعد مدينة القاهرة المصرية من أهم‬ ‫السالمية التي تزدهر فيها هذه الصناعة‪.‬‬ ‫المدن إ‬ ‫وهناك مناطق معينة مثل منطقة تحت الربع‬ ‫القريبة من حي أ‬ ‫الزهر‪ ..‬والغورية‪ ..‬ومنطقة‬ ‫بركة الفيل بالسيدة زينب من أهم المناطق التي‬ ‫تخصصت في صناعة الفوانيس‪ .‬وقبل حلول‬ ‫رمضان بأربعة أيام تقريباً‪ ،‬يبدأ أ‬ ‫الوالد في مصر‬ ‫بالتحضير لشراء الفوانيس الخاصة بهم‪.‬‬

‫أنواع الفوانيس‬ ‫توجد بعض الفوانيس المعقدة من ناحية‬ ‫تصميمها مثل الفانوس المعروف «بالبرلمان»‬ ‫سمي بذلك نسبة إلى فانوس مشابه كان‬ ‫والذي ِّ‬ ‫معلقاً في قاعة البرلمان المصري في ثالثينيات‬ ‫القرن الماضي‪ .‬وكذلك الفانوس المسمى‬ ‫«فاروق» الذي يحمل اسم ملك مصر السابق‬ ‫والذي كان قد ُص ِّمم خصيصاً الحتفال القصر‬ ‫الملكي بيوم ميالده‪ ،‬وتم شراء ما يزيد على‬ ‫‪ 500‬فانوس من هذا النوع يومها لتزيين القصر‬ ‫الملكي‪.‬‬ ‫أ‬ ‫وظلت صناعة الفانوس تتطور عبر الزمان حتى‬ ‫ظهر الفانوس الكهربائى الذي يعتمد في إضاءته‬ ‫على البطارية واللمبة بدال ً من الشمعة‪ .‬ولم يقف‬ ‫التطور عند هذا الحد بل غزت الصين مصر‬ ‫السالمي بصناعة الفانوس الصينى‬ ‫ودول العالم إ‬ ‫الذي يضيء ويتكلم ويتحرك‪ ،‬وتطور أ‬ ‫المر إلى‬ ‫ظهور أشكال أخرى غير الفانوس‪ ،‬ولكنها ال‬ ‫تباع إال في رمضان تحت اسم «الفانوس»‪ .‬فقد‬ ‫تغير الفانوس وتبدل‪ ،‬وأصبح نادراً ما ترى طفال ً‬ ‫يمسك بالفانوس الزجاجى الملون المحتضن‬ ‫للشمعة المضيئة‪.‬‬ ‫أسامة محمد علي (أسامة الزقزوق)‬ ‫مصر‪ ،‬سوهاج‪ ،‬طهطا عنيبس‬


‫المحطة األولى‬

‫الحماسة‪..‬مرّ تين‬ ‫الورشة‪ ،‬كل ورشة‪ ،‬تتوجه بالدرجة أ‬ ‫الوىل للشباب‪ .‬ألن وظيفة ُورش العمل‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫تسد خالل أيّام معدودة نقصاً ي� معرفة كيفية القيام بأعمال فنية‬ ‫هي أن ّ‬ ‫أو تقنية‪ .‬والشباب اليوم بسبب تعدد اهتماماتهم‪ ،‬أصبحت لديهم رغبة‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫التعرف إليها‪ .‬ال‬ ‫ي� تجربة أشياء ي‬ ‫كث�ة لم تسمح دراستهم الكاديمية ي� ّ‬ ‫ت‬ ‫ال� تستهويهم تتطور برسعة بشكل تجعل‬ ‫بل إن ي‬ ‫كث�اً من المهن والفنون ي‬ ‫ف‬ ‫التعرف إىل الجديد ي� هذا المجال أو ذاك‪.‬‬ ‫ورش العمل توفر أحياناً فرصة ّ‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫بم�انية محدودة»‪،‬‬ ‫قص� ي‬ ‫«فلم ي‬ ‫ال� طبعت ورشة عمل ِ‬ ‫ومن الحماسة ي‬ ‫أ‬ ‫تضم المح ّ‬ ‫طة الوىل بداية كالم حول المونديال الذي يلهب حماسة‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫تجمعات الشباب ي� المقاهي تتك ّثف‬ ‫الناس ي� كل مكان‪ ،‬لكن ال شك أن ّ‬ ‫فيها الحماسة بشكل خاص‪ .‬وربما ف ي� مشاهدة المباراة متعة‪ ،‬ولكن‬ ‫ين‬ ‫المتجمع� متعة من نوع آخر‪ .‬لدرجة أن إحدى‬ ‫مشاهدة انفعال الشباب‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫تكونت ي� نهاية الورشة المذكورة أعاله كانت فكرتهم‬ ‫ال� َّ‬ ‫المجموعات ي‬ ‫ف‬ ‫القص� هي شبه توثيق لمشاهد تجمعات الشباب ي� مقاهي‬ ‫للفلم‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫«المشاهدة الجماعية»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫النسان‪ .‬هي طاقة‬ ‫و� جميع الحوال فإن الحماسة من أعظم ابتكارات إ‬ ‫ي‬ ‫ال� تدفع بالمجتمعات إىل أ‬ ‫ت‬ ‫المام‪.‬‬ ‫مضافة‪ ،‬أبرز ص ّناعها الشباب‪ ،‬وهي ي‬ ‫المحرر‬

‫‪09‬‬

‫الفلم القصير بميزانية‬ ‫ِ‬ ‫محدودة‬

‫‪16‬‬

‫كأس العالم‪ ..‬ما‬ ‫الذي َّ‬ ‫تغير؟‬

‫‪18‬‬

‫في المكتبة‬

‫‪22‬‬

‫األجندة الثقافية‬


‫‪9|8‬‬

‫ورشة عمل‬

‫الفلم‬ ‫ِ‬ ‫القصير‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫بميزانية محدودة‬ ‫في إطار تعزيز قدرات الشباب المهتمين بلغة جديدة‪،‬‬ ‫للتعبير من خالل وسائل االتصال الحديثة التي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ومصورا وصانع أفالم‪،‬‬ ‫ناشرا‬ ‫جعلت من رجل الشارع‬ ‫َّ‬ ‫نظمت القافلة ورشة عمل بعنوان‪« :‬كيف تصنع‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ِفلما قصيرا بميزانية محدودة»‪ ،‬شارك فيها‬ ‫عدد من الهواة والمهتمين إضافة إلى‬ ‫بعض المحترفين‪ ،‬وأدارها المخرج والمنتج‬ ‫مجدي وعدو والمخرج ومدير التصوير‬ ‫عماد طاهر‪.‬‬

‫تغطية منال حميدان‬


‫الونة أ‬ ‫شهدت آ‬ ‫الخيرة نمواً‬ ‫متصاعداً لعدد أ‬ ‫الفالم القصيرة‬ ‫العربية‪ ،‬الوثائقية والروائية‬ ‫منها‪ ،‬التي يتم تحميلها على‬ ‫«يوتيوب» وغيره من وسائط‬ ‫التواصل االجتماعي‪ ،‬بشكل بدأ يعزز‪ ،‬كماً على أ‬ ‫القل‪،‬‬ ‫ِّ َّ‬ ‫المحتوى الرقمي العربي في هذا المجال‪.‬‬ ‫بعض هذه أ‬ ‫الفالم جيد‪ ،‬وبعضها ليس كذلك‪.‬‬ ‫ولكن المتابعين والنقاد يُجمعون على أن كثيراً من‬ ‫هذه أ‬ ‫الفالم قد تع َّثر في طريقه إلى النجاح بسبب‬ ‫معين‪ .‬ولذا‪ ،‬كانت ورشة‬ ‫ثغرة معينة في موضع َّ‬ ‫العمل هذه‪ ،‬التي أقامتها القافلة في جدة يومي‬ ‫الثنين والثالثاء ‪ 16‬و‪ 17‬يونيو‪ ،‬لتحديد العناصر‬ ‫إ‬ ‫الالزمة إلنتاج ِفلم قصير بميزانية محدودة‪ ،‬طالما‬ ‫أنها موجهة إلى الهواة‪ ،‬وتسلسل هذه العناصر‬ ‫وأهمية كل منها‪.‬‬ ‫م َّهد المدرب وعدو لمحتوى الورشة بطرح مجموعة‬ ‫أسئلة منها‪:‬‬ ‫أ‬ ‫ من ص َّناع الفالم القصيرة؟‬‫ هل التخصص شرط إلنتاج ِفلم عالي الجودة وقادر‬‫على جذب االنتباه؟‬ ‫ هل بمقدور الهواة صناعة ِف ٍلم قصير ناجح‬‫بميزانية محدودة؟‬ ‫ هل يعني عدم وجود فريق كبير أن العمل سيكون‬‫أقل قيمة؟‬ ‫ومن أ‬ ‫الجوبة الالفتة التي أعطاها على بعض‬ ‫هذه أ‬ ‫المدرب‪« :‬إن العمل القصير‬ ‫السئلة‪ ،‬قال‬ ‫ِّ‬ ‫أ‬ ‫النموذجي‪ ،‬وفقاً للمتخصصين في صناعة الفالم‪،‬‬ ‫هو ذلك الذي يقوم صانعه بكتابته وتصويره‬ ‫وإخراجه بنفسه على الرغم من تواضع إمكاناته‪.‬‬

‫مجلة‬

‫كتيب عن الورشة‬ ‫قبيل ختام الورشة‪ ،‬كان فريق «القافلة» قد تمكن من إعداد‬ ‫تضمن ملخصاً ألهم النقاط التي أثيرت في‬ ‫كتيب وطباعته‪َّ ،‬‬ ‫اليوم أ‬ ‫الول منها‪ ،‬ولقي ترحيباً كبيراً من الحاضرين الذين‬ ‫جرى توزيعه عليعهم‪.‬‬ ‫عرض الكتيب للخطوات الواجب اتخاذها إلنتاج ِفلم قصير‬ ‫جيد‪ ،‬بشكل نقاط وفقرات قصيرة مرقمة من ‪ 1‬حتى ‪،14‬‬ ‫بدءاً بكتابة النص وصوال ً إلى المشاركة في المهرجانات‪،‬‬ ‫وتحميل بعض مقاطعه على «يوتيوب»‪.‬‬ ‫ألن اعتماده على نفسه في إنجاز كافة المراحل‪،‬‬ ‫يجعله أكثر استيعاباً للفكرة والتصاقاً بها‪ ،‬وأقدر‬ ‫على ترجمتها»‪.‬‬

‫العمل الجيد يبدأ بفكرة‪..‬‬

‫بعد هذا التمهيد‪ ،‬والحديث عن إمكانية إنجاز‬ ‫مشروع بجهد ذاتي وميزانية بسيطة جداً‪ ،‬بدأ المدرب‬ ‫بتحديد تسلسل الخطوات الالزمة للتنفيذ الجيد‪.‬‬ ‫أ ف‬ ‫الفلم هي ف ي� فكرته‪ .‬إذ ال‬ ‫الخطوة الوىل ي� صناعة ِ‬ ‫بد من البدء بدراسة الفكرة جيداً‪ ،‬مع إعطاء أولوية‬ ‫للتفك� بالمعادل البرصي للفكرة‪ .‬ومع القراءة وبحث‬ ‫ي‬ ‫يتب� صانع أ‬ ‫الفكرة ي ن‬ ‫الفالم إن كانت قابلة للتنفيذ‬ ‫ضمن سقف الميزانية‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬يجب أن يركز على‬ ‫محور خاص للحديث عنه ليستطيع تغطية موضوعه‬ ‫ٍ‬ ‫ويوصل رسالته دون أن يتشعب كثيراً ويبتعد عن‬ ‫صلب الفكرة‪.‬‬ ‫بعد الحديث عن تحديد الفكرة القابلة للتناول‬ ‫المصور والمسجل‪ ،‬دار نقاش بين المشاركين‬

‫ص�‬ ‫في زلم ق ي‬ ‫ب ي‬ ‫م�انية‬ ‫محدودة‬

‫والمدرب حول أ‬ ‫الفكار غير القابلة للتنفيذ بسهولة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫مع إعطاء نماذج لنوعيات من الفالم يجب على‬ ‫أصحاب الميزانيات المحدودة تالفيها‪.‬‬

‫أ‬ ‫البحاث‬

‫المرحلة التالية ف ي� خطوات صناعة الفلم هي ف ي� إجراء‬ ‫أ‬ ‫أك� قدر‬ ‫البحاث المتعلقة بالفكرة‪ ،‬والحصول عىل ب‬ ‫من المعلومات بأعىل دقة ممكنة‪ .‬ووفقاً للمدرب‬ ‫فإن كل ِفلم ناجح ال بد أن يحظى بباحث جيد‪،‬‬ ‫وبحث معمق‪ ،‬مهما كانت فكرته‪ .‬فالبحث بالنسبة‬ ‫للفلم هو العمود الفقري الذي يبني عليه صانع‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫الفلم كل العناصر الخرى من معلومات‪ ،‬ونصوص‪،‬‬ ‫ِ‬

‫ب‬ ‫عد دراس‬ ‫ة‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫تشكل‬ ‫األبحاث‬ ‫المت‬ ‫علقة بها‬ ‫المرحل‬ ‫ة الثانية‬ ‫م‬ ‫ن صناع‬ ‫ة ال ِفلم‪..‬‬


‫‪11 | 10‬‬

‫األبحاث من وجهة نظر المحترفين‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫ومشاهد تصويرية‪ .‬وهو المعيار الذي يمكِّ نه من‬ ‫معرفة مدى قابليته للتنفيذ‪ ،‬والكيفية التي يمكن أن‬ ‫يتم بها التصوير والتنفيذ‪ .‬ومن مصادر أ‬ ‫البحاث التي‬ ‫يمكن االستعانة بها في هذه المرحلة‪ ،‬هناك الكتب‪،‬‬ ‫النترنت‪.‬‬ ‫وشهود العيان‪ ،‬وشبكة إ‬ ‫وأشار المدرب إلى أنه في أ‬ ‫الفالم ذات الميزانية‬ ‫المرتفعة يكون هناك فريق متكامل ومتخصص لعمل‬ ‫البحاث‪ .‬أما في أ‬ ‫أ‬ ‫الفالم البسيطة ومحدودة الميزانية‬ ‫الفلم القيام بهذا الدور بنفسه‪،‬‬ ‫فإن على صانع ِ‬ ‫ويمكن أن يكسب بذلك مزيداً من الترابط والقوة في‬ ‫عرض موضوع ِفلمه‪.‬‬ ‫وفي ختام النقاش حول قيمة أ‬ ‫البحاث في تحديد‬ ‫مسار العمل بشكل صحيح‪ ،‬وتحديد محور‬ ‫الفكرة‪ ،‬قام المدرب بتمرين بسيط تفاعلي مع‬ ‫المشاركين القتراح مثال متخيل لفكرة ِفلم يتم‬ ‫البحث حولها‪.‬‬ ‫الفكرة كانت عبارة عن ِفلم عن عنترة بن شداد‪ ،‬أما‬ ‫الجابة عنه‪ ،‬فهو‪:‬‬ ‫السؤال الذي كان على المشاركين إ‬ ‫ماهي مصادر أ‬ ‫البحاث والمعلومات المتاحة؟ وكيف‬

‫كان من بين حضور الورشة في‬ ‫يومها أ‬ ‫الول كان هناك عد ٌد من‬ ‫المحترفين‪ ،‬الذين أثرى حضورهم‬ ‫النقاش‪ ،‬ومنهم خالد الفاضلي‪،‬‬ ‫المنتج والمعد ومدير مكتب قناة‬ ‫العربية بجدة‪ ،‬وبدر الشريف كبير‬ ‫المراسلين في مجموعة إم بي سي‬ ‫بجدة‪ .‬وجه المدرب مجدي وعدو‬ ‫سؤاال ً مباشراً للفاضلي‪ ،‬وهو لماذا‬ ‫يصور أفالمه وينتجها‪ ،‬وهل يقوم‬ ‫بأبحاثه بنفسه؟ فأجاب بأنه يصنع‬ ‫أ‬ ‫الفالم‪ ،‬ألن أفكاره وقناعاته تتربص‬ ‫به‪ ،‬ويريد الخالص منها‪ ،‬وصناعة‬ ‫الفلم تحقق له ذلك‪ .‬أما عن‬ ‫أ‬ ‫البحاث‪ ،‬فيقول‪« :‬أحب أن أقوم‬ ‫بالبحث بنفسي دائماً‪ .‬لكن يحدث‬ ‫أحياناً أن أستعين بغيري في بعض‬ ‫الجزئيات نظراً لضيق الوقت‪،‬‬ ‫ولكن أحرص على أن أتفحص نتائج‬ ‫البحوث المقدمة من المساعدين‬ ‫بدقة شديدة‪ ،‬وأدرسها بتمعن»‪.‬‬ ‫نستفيد من المعلومات المختلفة‪ ،‬والصور التشبيهية‬ ‫التي تمر بنا في مرحلة البحث؟‬

‫ِّ‬ ‫المدربان وعدو وطاهر‬

‫وتضمنت أ‬ ‫الجوبة‪ :‬كتب التاريخ‪ ،‬المتخصصين في‬ ‫التاريخ أ‬ ‫والدب العربي‪ ،‬سكان منطقة الجواء التي‬ ‫سكنها عنترة تاريخياً‪ ،‬القصائد الشعرية‪ .‬خبراء في‬ ‫علم النفس لتحليل تأثيرات حياته على شخصيته‪.‬‬ ‫أما الصور والنصوص الوصفية في هذه المصادر‬ ‫فيمكن االستعانة بها بتنفيذ مشاهد تمثيلية تحاكي‬ ‫واقع الشاعر‪ ،‬أ‬ ‫والماكن مثل المنطقة التي عاش فيها‪،‬‬ ‫ومضارب بني عبس فيمكن تصويرها واالستعانة‬ ‫بمشاهدها على أنها المنطقة التي عاش فيها الشاعر‬ ‫قبل أكثر من ألف عام‪.‬‬

‫المرحل‬ ‫ة التالية‬ ‫في‬ ‫خطوات‬ ‫صناعة ا‬ ‫ل ِفلم هي‬ ‫في إجرا‬ ‫ء األبحاث‬ ‫ا‬ ‫لمتعلقة‬ ‫بالفكرة‪.‬‬

‫مجدي وعدو‬ ‫أ‬ ‫صحافي ومنتج وسيناريست سعودي‪ ،‬متخصص في الفالم الوثائقية‪ ،‬وسبق له أن‬ ‫قدم عدة أفالم عرضت على قناة «العربية»‪ ،‬منها مسلسل وثائقي بعنوان «على‬ ‫َّ‬ ‫خطى الرسول»‪ ،‬وفلم وثائقي من ثالثة أجزاء تحت عنوان «هجرة الحضارم»‪.‬‬

‫عماد طاهر‬ ‫مخرج ومدير تصوير وإضاءة‪ ،‬عمل مع عديد من المحطات الفضائية‪ ،‬منها مجموعة «إم بي سي»‪،‬‬ ‫الخبار أ‬ ‫و«العربية»‪ .‬وغطى أحداث الربيع العربي في ثالث دول‪ ،‬بالضافة إلى عديد من أ‬ ‫والحداث‬ ‫إ‬ ‫المحلية والعالمية‪.‬‬


‫نصائح‬ ‫لمرحلة البحث‬ ‫التلفزة البريطانية‪ ،‬و«ناشيونال جيوغرافيك»‪،‬‬ ‫و«ديسكفري» ال تحتوي على أية مقابالت على‬ ‫الطالق‪ .‬لكن الخالص من المقابالت ال يكون إال‬ ‫إ‬ ‫بوجود فريق أبحاث قوي‪ ،‬وميزانية ضخمة ووجود‬ ‫والعداد والبحث‬ ‫المعد البارع القادر على الكتابة إ‬ ‫والتصوير والتعليق والظهور في فلمه مع كل‬ ‫المعطيات السابقة‪ ،‬ليمنح الفلم الصدقية والقوة‬ ‫في إيصال الرسالة‪ .‬وهو ما اليتوافر كثيراً في‬ ‫العالم العربي‪ ،‬ولذا فإن المقابالت مع الخبراء‪ ،‬أو‬ ‫الشخصيات المهمة لفكرة الفلم تغطي على نقص‬ ‫العناصر السابقة‪.‬‬

‫تدوين محاور العمل لتنفيذ‬ ‫العمل المصور‬ ‫أ‬

‫بعد االنتهاء من مرحلة البحاث‪ ،‬يبدأ العمل على‬ ‫الفلم الدقيقة على‬ ‫رسم الخطة وتدوين تفاصيل ِ‬ ‫الورق لتنفيذه‪ .‬وهنا يجب التنبه إلى وضع جدول‬ ‫زمني بموازاة تدوين وكتابة أ‬ ‫الحداث والمحاور‬ ‫والنصوص‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬ولهذا ّنبه المدرب المشاركين‬ ‫الفلم المسجل يعتمد على قناة عرضه‬ ‫إلى أن توقيت ِ‬ ‫والطريقة التي سيتم بها ذلك‪ ،‬فالساعة التلفزيونية‬ ‫لمادة مصورة على سبيل المثال‪ ،‬هي في الواقع بين‬ ‫العالنات التجارية‬ ‫‪ 52 – 45‬دقيقة‪ .‬وذلك لطرح زمن إ‬ ‫وما شابه ذلك‪ .‬أما نصف الساعة التلفزيونية‪ :‬فتتراوح‬ ‫بين ‪ 25 - 20‬دقيقة‪.‬‬ ‫وأضاف المدرب‪ ،‬أن من بين المحاور التي يجب أن‬ ‫يتم تدوينها عدد أ‬ ‫الشخاص الذين سيظهرون في‬ ‫الفلم‪ ،‬والمقابالت التي سيتم إجراؤها‪.‬‬ ‫ورداً على سؤال حول ما إذا كان يتوجب وجود‬ ‫مقابالت مصورة في كل عمل تسجيلي‪ ،‬كان الجواب‬ ‫بأن ذلك يخضع لطبيعة الفلم وفكرته‪ .‬وأشار‬ ‫مصورة رفيعة المستوى‬ ‫المدرب إلى أن هناك أعماال ً َّ‬ ‫مثل بعض إنتاجات قنوات‪« :‬بي بي سي»‪ ،‬هيئة‬

‫فكر دائماً بالصورة‪.‬‬ ‫ ابحث عن المعلومات التي تمنحك إطاراً تصويرياً‪،‬‬ ‫وامنحها أ‬ ‫الولوية‪.‬‬ ‫سجل نتائج بحثك في خطوط عريضة‪.‬‬ ‫ تأكد من صدقية معلوماتك وال تستسهل الحصول‬ ‫النترنت دون التأكد من المصدر‪.‬‬ ‫عليها من شبكة إ‬

‫بفريق خارجي للتصوير أو تستأجر المعدات‬ ‫تستعين‬ ‫ٍ‬ ‫التي تنفذ بها مشروعك المسجل‪.‬‬ ‫والختصار الوقت‪ ،‬واالستفادة القصوى رتب‬ ‫مواعيدك الخاصة بإجراء المقابالت الداخلية‬ ‫مع الضيوف في أ‬ ‫الوقات غير المناسبة للتصوير‬ ‫الخارجي‪.‬‬

‫التصوير‬

‫قدم لمرحلة التصوير‬ ‫المصور والمخرج عماد طاهر َّ‬ ‫بشرح مفصل عن أنواع الكاميرات‪ ،‬وتطور تقنيات‬

‫وأشار المدرب إلى أنه في ساعة مصورة فإن عدد‬ ‫المقابالت يجب أن يتراوح بين ‪ 6‬و‪ 8‬مقابالت‪ .‬أما‬ ‫في نصف ساعة مصورة فإن عدد المقابالت يتراوح‬ ‫بين ‪ 4‬و‪ 5‬مقابالت‪ .‬وذلك للخروج من فخ التكرار‬ ‫والملل الذي يكمن في منح مساحة كبيرة لشخص‬ ‫واحد‪.‬‬

‫تصوير المقابالت‬ ‫مواعيد‬ ‫أ‬

‫ولزيادة التوفير في العمال ذات الميزانيات‬ ‫المتواضعة‪ ،‬يلجأ صانع الفلم لنوع من الجدولة‬ ‫الذكية في التنفيذ‪ ،‬فالوقت في إنتاج وتصوير‬ ‫وصناعة العمل المصور يعني ماالً‪ ،‬خاصة إذا كنت‬

‫من‬ ‫أفضل‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫ا‬ ‫لمونتا‬ ‫ج التي‬ ‫يمكن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ة‬ ‫العم‬ ‫بر ل عليها‬ ‫نامج‬ ‫«‪Final‬‬ ‫‪Pro‬‬ ‫‪..»Cut‬‬

‫الورشة‪ ..‬لعقد الشراكات؟‬ ‫على الرغم من انتهاء المدة المحددة للورشة‪ ،‬بقي الحضور لنحو ساعة إضافية‪ ،‬امتد فيها النقاش‬ ‫إلى مزيد من القضايا المتصلة بصناعة الفلم القصير‪ ،‬والمتصلة باختيار أ‬ ‫الفكار والتنفيذ وشؤون‬ ‫ِ‬ ‫الميزانية‪ ،‬وتفاصيل فنية متعلقة بالتصوير والمونتاج‪.‬‬ ‫وبسبب تنوع مستويات المشاركين‪ ،‬وخبراتهم العلمية والعملية‪ ،‬وبشكل خاص خبراتهم المتعلقة‬ ‫بصناعة أ‬ ‫الفالم القصيرة‪ ،‬أتاحت الورشة عقد بعض الشراكات‪ .‬إذ وجد بعض المشاركين خالل‬ ‫هذين اليومين شركاء لمساعدتهم على تنفيذ أفكارهم وأفالمهم القصيرة التي كانوا قد بدأوا‬ ‫بإعدادها‪ .‬والبعض حظي بأسماء مقترحة لمساعدته بشكل خاص على إنجاز ما يعوق مشروعه من‬ ‫نواح فنية‪ ،‬مثل الموسيقى الخاصة والمونتاج‪ ،‬والتصوير وغير ذلك‪.‬‬ ‫ٍ‬


‫‪13 | 12‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫التصوير‪ ،‬وخيارات معدات التصوير منخفض‬ ‫التكلفة بالنسبة لصناع أ‬ ‫الفالم محدودة الميزانية‪.‬‬ ‫وبحسب طاهر فإن التقنية الحديثة الثورية لكاميرات‬ ‫الـ ‪ HD‬يمكن أن تجعل أمر التصوير ميسوراً ووفق‬ ‫ميزانيات محدودة وبنتائج عالية جداً‪ ،‬حيث تبدأ‬ ‫أسعار الكاميرات المناسبة لتنفيذ أ‬ ‫الفالم المسجلة‬ ‫من ‪ 2000‬وتصل حتى مليون ريال سعودي‪ .‬وهناك‬ ‫دائماً خيار استئجار المعدات بتكلفة يومية تصل إلى‬ ‫‪ 500‬ريال‪ ،‬واالستعانة بمصور محترف أيضاً لتصوير‬ ‫بعض المشاهد الصعبة‪.‬‬ ‫وفرق طاهر ي ن‬ ‫ب� المعدات بحسب وسيلة العرض‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أما َّ أ‬ ‫النسب من وجهة نظره بالنسبة لصناع الفالم‬ ‫محدودة ي ز‬ ‫كام�ات الـ «‪،»DSLR‬‬ ‫الم�انية هي ي‬ ‫لتطابقها مع طبيعة المواد التسجيلية المعروضة‬ ‫ال تن�نت وعىل قنوات التواصل‬ ‫عىل شبكة إ‬ ‫ف‬ ‫االجتماعي مثل يوتيوب‪ .‬وهي موجودة ي� السوق‬

‫ث‬ ‫بك�ة من ش�كات مختلفة‪ ،‬أبرزها نيكون وكانون‪.‬‬ ‫الكام�ات بـ ‪ 2000‬ريال سعودي‪،‬‬ ‫وتبدأ أسعار‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫يقت� صانع الفلم حامال ً‬ ‫ومن المهم أيضا أن ي‬ ‫للكاميرا ال تتجاوز قيمته ‪ 400‬ريال‪ ،‬وإضاءة خاصة‬ ‫بقيمة ال تتجاوز ‪ 300‬ريال سعودي‪ ،‬وعاكس‬ ‫للضوء‪ ،‬يمكن االستعاضة عنه بقطعة من الفلين‪،‬‬ ‫أو قطعة مربعة فضية أو ذهبية أو بيضاء اللون‬ ‫الضاءة‪.‬‬ ‫لعكس إ‬

‫أنواع الصور‬

‫يقول المدرب وعدو بأن هناك ثالثة أنواع من الصور‪:‬‬ ‫ الصور الطبيعية‪ :‬وهي المشاهد التي يتم التقاطها‬‫بالفديو مباشرة للقطات ومقاطع طبيعية‪.‬‬ ‫ الصور الثابتة‪ :‬وهي الصور أ‬‫الخرى مثل الصور‬ ‫الفوتوغرافية أو صور الوثائق وغير ذلك‪.‬‬ ‫ صور الديكودراما‪ :‬وهي المشاهد التمثيلية ت‬‫ال� يتم‬ ‫ي‬ ‫صنعها من أجل إبراز فكرة الفلم المسجل‪.‬‬

‫الفن للفن أم للمعلومة‬ ‫في بداية اليوم الثاني من الورشة‪ ،‬فاجأ‬ ‫المشارك الفنان الشاب رامي القثامي الحضور‬ ‫بمداخلة حول الرؤى المختلفة لصناعة أ‬ ‫الفالم‬ ‫والغاية منها‪ .‬فمن وجهة نظره الفلم هو نوع‬ ‫فني‪ ،‬وهو من أنصار نظرية الفن ألجل الفن‪،‬‬ ‫وبالتالي ال يجب إيجاد مبررات إليجاد هذا‬ ‫الفن‪ ،‬وليس هناك من ضرورة لجعل فكرته ذات‬ ‫مضمون معلوماتي‪ .‬أ‬ ‫المر الذي ر َّد عليه المدرب‬ ‫وعدو بأنه هو شخصياً من مدرسة تهتم‬ ‫بالمعلومة‪ .‬لكن هذا ليس قاعدة‪ .‬وأن القواعد‬

‫العامة لصياغة فكرة أو معالجة فلم ليست‬ ‫نصوصاً منزلة ولكن يمكن هدمها ببساطوسيتم‬ ‫ذلك مع تطور أ‬ ‫الفكار والمعالجات‪ .‬لكن‬ ‫القواعد العامة تعين المبتدئين والمهتمين على‬ ‫البداع‬ ‫وضع قدمهم على الطريق ولهم حرية إ‬ ‫واالبتكار بعد تحليقهم أ‬ ‫الول المنفرد‪.‬‬

‫ الجرافيك‪ :‬وهي الصور المعدلة والمصنعة أو‬‫المرسومة‪.‬‬ ‫المدرب عماد طاهر فإن من أهم‬ ‫وبالعودة إلى‬ ‫ِّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الساسيات لص َّناع الفالم اختيار الوقات المناسبة‬ ‫للتصوير‪ ،‬فهناك أوقات تُعرف بين المخرجين‬ ‫وصناع أ‬ ‫الفالم والمصورين بـ «الميتة» (التي ال يمكن‬ ‫َّ‬ ‫التصوير فيها خارجياً)‪ .‬أما أفضل أوقات التصوير‬ ‫الخارجي فهي قبل غروب الشمس بقليل‪ ،‬وفي‬ ‫الصباح الباكر‪.‬‬ ‫كما لفت طاهر إلى أن هناك عيوباً كبيرة في تصوير‬ ‫المقابالت بشكل خاص ينبغي التنبه لها‪ .‬وهي غالباً‬ ‫الضاءة‪ ،‬أو عدم إدارة موقع الضيف بشكل‬ ‫إما في إ‬ ‫صحيح‪ ،‬مثل جعله يقف على مسافة قريبة جداً‬ ‫بالضاءة‪ ،‬أو يجعل الصورة‬ ‫من حائط‪ ،‬مما يخل إ‬ ‫مسطحة‪ ،‬أو يظهر ظل الضيف‪ .‬أشار طاهر أيضاً‬ ‫إلى أن هناك أخطا ًء شائعة يمكن كشفها أثناء‬ ‫التصوير منها على سبيل المثال تصوير ضيف يرتدي‬ ‫ثوباً أبيض أمام خلفية بيضاء‪ .‬فحينما ال يستطيع‬ ‫المصور على الكاميرا فصل الضيف عن الكتلة‬ ‫البيضاء وراءه‪ ،‬ستعاني الصورة عندها خلال ً غير‬ ‫قابل للإصالح في مرحلة المونتاج‪.‬‬

‫مرحلة ما بعد التصوير‪ :‬الرقمنة‬

‫بعد إتمام تصوير مقاطع ومشاهد الفلم الخارجية‬ ‫الفلم إلى‬ ‫والداخلية واستكمال مقابالته‪ ،‬يصل إنتاج ِ‬ ‫مرحلة جديدة تسمى الرقمنة (‪ ،)Digitize‬وتعني‬ ‫النتاج‪ ،‬أو‬ ‫إدخال كل ما تم تصويره إلى وحدة إ‬ ‫جهاز الكمبيوتر الشخصي في أ‬ ‫الفالم ذات الميزانية‬ ‫المحدودة‪ ،‬وذلك بهدف معالجته والعمل عليه‪ .‬عبر‬ ‫المدرب إلى أن أفضل‬ ‫برنامج مونتاج‪ ،‬وهنا يشير‬ ‫ِّ‬ ‫أ‬ ‫برامج المونتاج التي يمكن لصناع الفالم العمل‬ ‫عليها هو برنامج‪.»Final cut Pro« :‬‬ ‫المدرب أن هناك مدارس مختلفة ف ي� صناعة‬ ‫ويوضح‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الفلم‪ .‬فالبعض يفضل الكتابة الكاملة للنص‬


‫مما ينبغي معرفته عن‬ ‫المصورة‪:‬‬ ‫المقابالت‬ ‫ّ‬

‫والسيناريو مبكراً منذ المراحل أ‬ ‫الولى‪ .‬لكنه يقترح‬ ‫على المبتدئين البدء في الكتابة وتفريغ النصوص‬ ‫والصور في مرحلة ما بعد التصوير‪ .‬ألن ذلك يسهل‬ ‫حصر الصور والكتابة لها‪ .‬وتناول وعدو كيفية الكتابة‬ ‫وإعداد النص النهائي وهو النص الذي سيظهر في‬ ‫الفلم إما مصاحباً للصور وشارحاً لها‪ ،‬أو مسجال ً عبر‬ ‫تقنية الصوت المضاف (‪ .)Voice over‬وأعطى وعدو‬ ‫المشاركين عدداً من النصائح في صياغة هذا النص‬ ‫منها‪:‬‬ ‫ تز‬‫ال�ام الفصحى البيضاء‪ ،‬أو الفصحى المبسطة‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ح� يصل الفلم ل بك� �يحة ممكنة من المشاهدين‬ ‫من دون صعوبة ودون الوقوع في فخ اللهجات‪.‬‬ ‫ الكتابة المحايدة‪ ،‬بمعنى االبتعاد عن وضع آ‬‫الراء‬ ‫الخاصة أ‬ ‫والحكام المسبقة إذا كان موضوع الفلم‬ ‫واقعياً ويحتوي على معلومات محددة‪ .‬ألن االنحياز‬ ‫قد ينفر المشاهد ويفقد الفلم مصداقيته‪.‬‬ ‫ النص في أ‬‫الفالم المسجلة يمتاز بالقصر والتركيز‬ ‫ألن الصور والمقابالت وبقية العناصر تكمله‪.‬‬

‫الموسيقى والمؤثرات الصوتية‬

‫يحتاج كل ِفلم إلى مؤثرات صوتية وموسيقى خاصة‪.‬‬

‫ وجود ضيوف نجوم‪ ،‬وضيوف أقل نجومية من‬ ‫ناحية مشاركاتهم في العمل المصور‪ .‬لكن ال بد‬ ‫من الحفاظ على جميع الضيوف لضمان التنوع‪.‬‬ ‫ طرح أ‬ ‫السئلة الضرورية على كافة الضيوف أثناء‬ ‫تصوير المقابالت‪ ،‬النتقاء أ‬ ‫الفضل من بينها الحقاً‪.‬‬ ‫ عدم مناقشة الضيف في الموضوع قبل بدء‬ ‫التصوير مباشر ًة أبداً‪ ،‬ألنه قد يلجأ إلى اختصار ما‬ ‫سبق أن قاله قبل قليل‪.‬‬

‫ويمكن أن يحصل عليها عن طريقين‪ :‬إما عن طريق‬ ‫شرائها‪ ،‬وهنا يعرض صانع الفلم نفسه ألن يكون‬ ‫المقطع المستخدم شائعاً وغير فريد من نوعه‪،‬‬ ‫بالضافة إلى إشكالية التعامل مع حقوق النشر‬ ‫إ‬ ‫والملكية الفكرية الخاصة بالموسيقي‪ .‬أما الخيار‬ ‫الفضل‪ ،‬أ‬ ‫الثاني وهو أ‬ ‫والكثر احترافية وجودة‪ ،‬هو‬ ‫تأليف مقاطع موسيقية خاصة بالفلم‪ .‬وللخالص من‬ ‫الميزانية المرتفعة لتأليف الموسيقى الخاصة طرح‬ ‫المدرب بعضاً من الحلول منها البحث عن مؤلفين‬ ‫موسيقيين هواة راغبين في المشاركة‪ ،‬والترويج‬ ‫لمؤلفاتهم الموسيقية عبر الفيم المسجل‪.‬‬

‫عملية‬ ‫فتمارين‬ ‫أ‬

‫ن‬ ‫المدربان‬ ‫الثا�‪ ،‬أجرى‬ ‫و� المرحلة ال ي‬ ‫ِّ‬ ‫خ�ة من اليوم ي‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫تمريناً عملياً‬ ‫للمشارك� الذين تم تقسيمهم إىل أربع‬ ‫فرق‪ ،‬كل واحدة من أربعة أشخاص‪ ،‬ض‬ ‫وق� التمرين‬ ‫قص�‬ ‫مفصل لفكرة وتنفيذ فلم ي‬ ‫بإعداد مخطط َّ‬ ‫من اختيارهم‪ ،‬وتحديد الخطوات الالزمة لذلك‪.‬‬ ‫ين‬ ‫بأربع� دقيقة إلعداد‬ ‫وحظيت الفرق المشاركة‬ ‫ن‬ ‫المدر يب�‪ .‬وبعد‬ ‫المخطط‪ ،‬ومن دون أي تدخل من‬ ‫ِّ‬ ‫ذلك عرض المشاركون مشاريعهم ت‬ ‫ال� شملت أربعة‬ ‫ي‬ ‫أفالم تمحورت مواضيعها حول «رقصة الفرح»‬ ‫و«تعليم المرأة» الذي عرضته فاطمة سيديا‪،‬‬ ‫و«فالش» (حول تفاعل المجتمع السعودي مع‬ ‫كام�ات «ساهر»)‪ ،‬و«من دون كالم» كقصة إبداعية‬ ‫ي‬ ‫ومبتكرة… وجرت مناقشة هذه المشاريع بتفاصيلها‬ ‫من قبل الجميع‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬

‫ ال تكن من صانعي أ‬ ‫الفالم والمعدين الذين‬ ‫يقومون بمقاطعة ضيوفهم‪ .‬اعرض فكرتك على‬ ‫ضيفك بالكامل‪ ،‬وابدأ تصوير المقابلة ودعه‬ ‫يسترسل حتى ال تقطع سلسلة أفكاره‪ .‬وبإمكانك‬ ‫فيما بعد في مرحلة المونتاج انتقاء ما تريد من‬ ‫حديثه‪.‬‬


‫‪15 | 14‬‬

‫بداية كالم‬

‫كأس العالم‪..‬‬

‫ما الذي َّ‬ ‫تغير في نظرتك إليها؟‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫نرسين نجم الدين‪ ،‬إعالمية سعودية‬

‫قل�‪،‬‬ ‫كأس العالم مناسبة ي‬ ‫أث�ة وقريبة من ب ي‬ ‫ن‬ ‫أن� ال أهتم مطلقاً بكرة‬ ‫عىل الرغم من ي‬ ‫القدم‪ ،‬وال أتابعها‪ ،‬وال أعلم عنها وعن المنتخبات‬ ‫ولعل هذا يبدو غريباً للوهلة أ‬ ‫ين‬ ‫والالعب� شيئاً‪َّ .‬‬ ‫الوىل‪ .‬ولكن الرس الذي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫اهتماما�‪ ،‬هو‬ ‫يجمع� بهذه المناسبة الرياضية البعيدة كل البعد عن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الكب�ة مجتمعة لمشاهدة المباريات‪ ،‬وال�ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� تقضيها‬ ‫االجتماع‬ ‫عائل� ي‬ ‫العائل والوقات ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الكث�ة ي‬ ‫بكث� من نصيب الرياضة‪.‬‬ ‫أك� ي‬ ‫تتحول إىل لحظات وذكريات عائلية دافئة وممتعة نصيب العائلة منها ب‬ ‫َّ‬ ‫الخوة أ‬ ‫تق� باجتماع أ‬ ‫لدينا عادة عائلية لطيفة ض‬ ‫والخوات وأبنائهم ف� نز‬ ‫م�لنا عىل البحر لمشاهدة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫كث�اً‪ ،‬فإن ئ‬ ‫المباريات‪ .‬وعىل الرغم من ن‬ ‫أبنا� مختلفون من هذه الناحية‪.‬‬ ‫أن� وزوجي ال نهتم بالرياضة ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أراهم يشاهدون المباريات بحماس‪ ،‬ويقومون بدعوة أصدقائهم لمشاهدتها ف� كث� من أ‬ ‫الحيان‪.‬‬ ‫ي ي‬ ‫كث�اً ألنهم يقضون أوقاتاً ممتعة‪ .‬ي ن‬ ‫وح� أنضم إىل العائلة‬ ‫وأستمع إىل هتافهم وتشجيعهم‪ ،‬فأسعد ي‬ ‫أبنا� عن الفريق أ‬ ‫ئ‬ ‫ن‬ ‫الفضل لتشجيعه‪ .‬طبعاً توقفت عن التشجيع‬ ‫فإن� أقوم بسؤال ي‬ ‫لمشاهدة مبار ٍاة ما‪ ،‬ي‬ ‫ئ‬ ‫أبنا�‪ ،‬عندما اكتشفت أن كال ً منهم يشجع فريقاً مختلفاً تماماً‪،‬‬ ‫بالمجاملة والتشجيع‬ ‫مدفوعة بتفضيالت ي‬ ‫ألما� الهوى‪ ،‬آ‬ ‫ن‬ ‫ع� وعن والدها عدم ت‬ ‫ابن� فقد ورثت ن‬ ‫والخر مولع بإسبانيا‪ ،‬أما ت‬ ‫اك�اثنا بالكرة‪.‬‬ ‫فأحدهما ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫االستثناء الوحيد بل�ودي الريا� كان عندما لعبت المملكة � كأس العالم‪ ،‬حينها كان الهتاف ث‬ ‫أك� من‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫تعب�اً عن الوالء وشعوراً باالنتماء‪ ،‬تلك اللحظات ال أنساها أبداً‪ .‬وأتم� أن‬ ‫مجرد متعة أو حماس‪ ،‬كان ي‬ ‫ف‬ ‫ئ‬ ‫أبنا� باهتمام حقيقي ومحبة‪.‬‬ ‫تعود وأن ِّ‬ ‫أشجع فريق بالدي ي� المونديال برفقة ي‬

‫كأس العالم متعة كرة القدم‪..‬‬

‫محمد برزنجي ‪ -‬محلل مال‬

‫كأس العالم‬ ‫متعة عائلية‬ ‫فقط إال عندما‬ ‫يلعب األخضر ‪..‬‬

‫ي‬ ‫هي متعة كرة القدم‪ ،‬والمناسبة الرياضية أ‬ ‫الهم ف ي�‬ ‫كأس العالم من دون جدال‬ ‫الص�‪ ،‬وأستعد لقدومها‪ .‬هذا العام‪،‬‬ ‫العالم‪ .‬شخصياً أنتظر هذه المناسبة بفارغ ب‬ ‫ت‬ ‫أسبوع كامل ح� أتمكن من متابعة المباريات‬ ‫عمل لمدة‬ ‫أخذت إجازة ي‬ ‫قص�ة من ي‬ ‫ٍ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫عمل‪.‬‬ ‫وقت متأخر من الليل ب� يك�‪ ،‬ودون القلق من ي‬ ‫المنقولة ي� ٍ‬ ‫تأث� ذلك عىل ف ي‬ ‫ن‬ ‫بي� ي ن‬ ‫وب� كرة القدم عالقة وثيقة بدأت ف ي� السابعة من عمري مع أول كأس عالم تابعته وكان ي� عام ‪1994‬م‪ .‬وبعدها توالت الكؤوس‪ ،‬وتعمق‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫الشغف بالكرة من مجرد اللعب بع� ألعاب الفديو‪ ،‬إىل لعب الكرة بشكل دائم وعىل مدار ي ن‬ ‫يوم� عىل القل ي� السبوع‪ .‬فريقي المفضل هو‬ ‫وأتم� له النرص‪ ،‬وإن كنت ال أتوقع فوزه هذا العام رغم وجود الالعب أ‬ ‫أ‬ ‫رجنت� ن‬ ‫السطورة ميس ي ن‬ ‫ال ي ن‬ ‫ال�ازيل وهولندا أقرب إىل تحقيق اللقب هذا‬ ‫ب� صفوفه‪ .‬وأجد ب‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫ح� الن‪ .‬ورغم ذلك سأشجع فريقي ت‬ ‫العام بنا ًء عىل المعطيات المتوافرة ت‬ ‫ح� النهاية‪ ،‬ي� الوقت نفسه أجد مستوى الفريق الجزائري جيداً ش‬ ‫بالخ�‪.‬‬ ‫ومب�اً ي‬ ‫أفضل مشاهدة كأس العالم مع ت‬ ‫نشجع الفريق نفسه‪ .‬لذا تنتهي المباراة دون مهاترات أو مشاحنات جانبية تشتت االنتباه‪ .‬بعد انتهاء كأس العالم‪،‬‬ ‫عائل�‪ ،‬فنحن جميعاً ِّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫أن� ألعب الكرة بشكل دائم‪ .‬كرة القدم هي‬ ‫مشجع عنيد‬ ‫ال ينتهي المر بالنسبة يل‪ ،‬فأنا أقوم بمتابعة الدوري إ‬ ‫سبا� عىل مدار العام‪ ،‬وأنا ِّ‬ ‫ال ي‬ ‫لفريق ريال مدريد‪ .‬كما ي‬ ‫ف‬ ‫ئ‬ ‫أصدقا� أو ت‬ ‫أسلوب حياة ومتعة استثنائية ال تتكرر‪ .‬وأنا ال أعرف شخصاً سوا ًء من ت‬ ‫معار� ال يحب كرة القدم أو ال يهتم بها‪ ،‬وإن كانت درجة االهتمام‬ ‫ح�‬ ‫عائل� أو‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫أك� دليل عىل أن كرة القدم ليست مجرد رياضة‪.‬‬ ‫شخص لخر‪ .‬لكن هذا إ‬ ‫الجماع بر ي يأ� هو ب‬ ‫تتفاوت من ٍ‬


‫ت‬ ‫بدر‬ ‫البهي� ‪ /‬مهندس كيمياء طبية حيوية‬ ‫ي‬

‫ت‬ ‫وال� يحتشد العالم لمشاهدتها‪،‬‬ ‫كأس العالم المقامة حالياً ي‬ ‫ت‬ ‫البع�‪ ،‬وأنهت عالقةً قديمة‬ ‫ال� قصمت ظهر ي‬ ‫كانت القشة ي‬ ‫بحب جارف‪ ،‬ومرت بلحظات جميلة مملوءة‬ ‫متوترة‪ ،‬بدأت ٍ‬ ‫ف‬ ‫والثارة‪ ،‬والعشق الذي ال ينتهي‪ ،‬ثم وقعت ي� فخ الجفاء قبل سنوات‪،‬‬ ‫بالشغف إ‬ ‫ت‬ ‫بغ� رجعة ف ي� هذا الصيف‪.‬‬ ‫ح� آلت إىل نهايتها ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫أن� أرفض‬ ‫هذا الصيف قررت أن أقاطع المناسبة الكروية الهم عىل مستوى العالم‪ ،‬والسبب ي‬ ‫االش�اك ف� القنوات الفضائية الناقلة ألتمكن من المشاهدة‪ ،‬عىل الرغم من استطاع�ت‬ ‫دفع مبلغ ت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ذلك‪ .‬وهذا مبدأ‪ ،‬فكأس العالم واللعبة ال ثك� شعبية ال يجب أن يحرم منها جمهورها بهذه‬ ‫الطريقة التجارية والمادية الفجة‪.‬‬ ‫الخط� الذي يحرم البسطاء‬ ‫التحول‬ ‫امتناعي عن مشاهدة كأس العالم هو نوع من االحتجاج والرفض لهذا‬ ‫ي‬ ‫ُّ‬ ‫أ‬ ‫خ� لمسلسل‬ ‫من عشاق هذه اللعبة من مشاهدتها‪ .‬طبعاً‪ ،‬هذا االنحدار من وجهة نظري هو المشهد ال ي‬ ‫أ‬ ‫تحولت الرياضة إىل صناعة‪ ،‬وأصبح الالعب يلعب‬ ‫سقوط المنافسة الكروية الهم‪ ،‬وقد بدأ منذ أعوام عندما َّ‬ ‫ث‬ ‫ين‬ ‫داخل الملعب ليس إلمتاع المشاهدين‪ ،‬ولكن لرفع قيمته ف ي� السوق إىل ش‬ ‫ولك يحقق‬ ‫ع�ات‬ ‫المالي� أو أك�‪ ،‬ي‬ ‫مكاسب أك� ف� سوق العالنات ونواحي التجارة أ‬ ‫الخرى ت‬ ‫ال� سيطرت عىل كرة القدم واختطفتها تماماً‪.‬‬ ‫إ‬ ‫ب ي‬ ‫ي‬ ‫الكب� ف ي� مباريات كأس العالم‪ ،‬كان ف ي� التسعينيات عندما كان زين الدين زيدان‬ ‫آخر مرة شعرت بالحماس ي‬ ‫ح� النخاع‪ ،‬عىل الرغم من ن ف‬ ‫هو النجم بال منازع‪ ،‬حينها كنت فرنسياً ت‬ ‫أشجع اللعب النظيف‬ ‫أن� ي� العادة ِّ‬ ‫ي‬ ‫والجميل‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫عالق� بالكرة ما زالت مستمرة‪ .‬عوضا عن مشاهدة المالعب‬ ‫عالق� بكأس العالم‪ ،‬إال أن‬ ‫ورغم انقطاع‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫التجارية‪ ،‬أجلس برفقة ن‬ ‫ين‬ ‫الالعب� ف ي� الحارات وتشجيع اللعب‬ ‫الصغ� ذي السنوات الخمس‪ ،‬لمشاهدة‬ ‫اب�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫ولحراز النرص‪،‬‬ ‫الجميل‪ .‬ونشعر بقيمة الكرة وحماسها ألن هؤالء‬ ‫الالعب� يلعبون جيداً إلمتاع المشاهدين‪ ،‬إ‬ ‫يلعبون للكرة وليس المال‪.‬‬

‫تكريس لطقس‬ ‫يلخص أسلوب حياة‬

‫عالقتي بكأس‬ ‫العالم لم َ‬ ‫يبق‬ ‫منها سوى‬ ‫الذكرى‪..‬‬

‫عبد هللا عثمان – فنان وصانع أفالم سعودي‬

‫كرة القدم بالنسبة يل ليست مجرد رياضة‪ ،‬إنها أسلوب حياة‪،‬‬ ‫وشغف يجمع حوله طيفاً من كافة الطبقات االجتماعية‪ ،‬بكل‬ ‫تناقضاتها واختالفاتها لتشكل فسيفساء فنية ف ي� غاية الروعة‬ ‫ف‬ ‫العرس واالجتماع الذي‬ ‫بالتنوع والتوحد ي� الوقت نفسه‪ .‬إنه ُ‬ ‫الكب�ة من ش‬ ‫الب� بشكل واقعي دون تكلف‪ ،‬وبجمال وتلقائية من‬ ‫يوحد هذه الهالة ي‬ ‫ِّ‬ ‫مناسبة أخرى‪.‬‬ ‫المستحيل أن تحدث ف ي� أي‬ ‫ٍ‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫أشهر‬ ‫ال� تتكرر كل أربعة أعوام بشكل‬ ‫ي‬ ‫استبا�‪ ،‬ربما قبل االفتتاح بستة ٍ‬ ‫أنا أنتظر أهذه المناسبة ي‬ ‫ن‬ ‫فب� متابعة المباريات المهمة‪،‬‬ ‫مس�اً تبعاً لها‪ ،‬ي‬ ‫عىل القل‪ .‬ومع انطالقتها‪ ،‬يصبح جدول يومي ي َّ‬ ‫ت‬ ‫الخبارية حول المناسبة هنا‬ ‫ال� تناقش أداء الفرق‪ ،‬وقراءة التغطيات إ‬ ‫وحضور ب‬ ‫ال�امج الرياضية ي‬ ‫وهناك‪ ،‬ض‬ ‫كث� من ت‬ ‫وق� يومياً‪ .‬وال أعد هذا الوقت ضائعاً مطلقاً‪ ،‬فأنا أعيش حالة جمالية‬ ‫يم�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫جديدة‪ ،‬ويوماً ممتعاً‪ ،‬وطقساً استثنائياً ن‬ ‫يهم� أنا بالذات محب كرة القدم‪ ،‬وممارسها ابتدا ًء‬ ‫ي‬ ‫ح� آ‬ ‫من ساحة المدرسة‪ ،‬ومروراً بدوري الحواري‪ ،‬وما زلت ت‬ ‫الن أحرص عىل عدم االنقطاع عن‬ ‫ممارسة ت‬ ‫هواي� المفضلة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫أول كأس عالم تابعتها كانت ي� عام ‪1994‬م عندما تأهل المنتخب السعودي‪ .‬حينذاك كنت‬ ‫ف‬ ‫متأخر من الليل‪ .‬كنت ما أزال عىل‬ ‫وقت‬ ‫أسهر لمشاهدة المباريات عىل الرغم من عرضها ي� ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مقاعد الدراسة‪ ،‬وكنت أجهد لالستيقاظ ومتابعة المباراة رغم موعد نومي المبكر‪.‬‬ ‫مفضل‪ .‬فأنا أميل دائماً إىل تشجيع الفريق الذي يلعب كرة القدم بفن ومهارة‬ ‫ليس ل فريق َّ‬ ‫ويفوز ي بجدارة‪ .‬أحب ال�ازيل ولعبها‪ .‬فهي البلد أ‬ ‫ال ثك� احتفا ًء بكرة القدم‪ ،‬والكرة هناك هي‬ ‫ب‬ ‫وأك� من مجرد رياضة‪ .‬ورغم ذلك‪ ،‬أنا متعاطف هذا العام مع أ‬ ‫رجنت� ن‬ ‫أسلوب حياة‪ ،‬ث‬ ‫ال ي ن‬ ‫وأتم� لها الفوز‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫رجنتي� السطورة‪ ،‬والذي يجب أن يحقق اللقب‪.‬‬ ‫ميس العب المنتخب ال‬ ‫ي‬ ‫فقط لجل ي‬ ‫الشه� وودي آلن هو صاحب‬ ‫كرة القدم ليست مجرد رياضة‪ ،‬لست الوحيد الذي يدرك ذلك‪ .‬فالمخرج‬ ‫ي‬ ‫الثارة‬ ‫أضحي بجميع أفالم الدنيا من أجل لحظة إ‬ ‫أبلغ ما قيل عن الكرة عىل إ‬ ‫الطالق «أنا عىل استعداد أن ِّ‬ ‫ت‬ ‫ال� تبعثها الرياضة»‪.‬‬ ‫ي‬


‫‪17 | 16‬‬

‫كتب عربية‬

‫قضايا عالمية معاصرة في الموارد البشرية‬

‫تأليف عاطف جابر طه‬ ‫النا�‪ :‬الدار أ‬ ‫ش‬ ‫(ف�اير ‪)2014‬‬ ‫للعلوم‬ ‫كاديمية‬ ‫ال‬ ‫ب‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫يتناول هذا الكتاب عديداً من القضايا المهمة‬ ‫المتعلقة بالموارد ش‬ ‫الب�ية من منظور عالمي‬ ‫والدور ت‬ ‫االس�اتيجي الذي تلعبه إدارة هذه الموارد‬ ‫ف‬ ‫الدول‬ ‫والتغي�ات المعارصة ي� سوق العمل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫والمعاي� ف ي� حقل الموارد ش‬ ‫الب�ية‬ ‫واالختالفات‬ ‫ي‬ ‫العالمية ومشكالت الموارد ش‬ ‫الب�ية ف ي� العالم‬ ‫والمؤثرات عليها ف� السوق العالمي أ‬ ‫والداء المتوازن‬ ‫ي‬ ‫والقياسات المرجعية العالمية‪.‬‬ ‫ومن أهم أهدافه التعريف بأهم القضايا المتعلقة‬ ‫بالموارد ش‬ ‫الب�ية‪ ،‬وخصوصاً ف ي� أمريكا واالتحاد‬ ‫أ‬ ‫بالضافة اىل العالم‬ ‫ورو� ودول ش�ق آسيا‪ ،‬إ‬ ‫ال ب ي‬ ‫العر�‪ ،‬والتعرف عىل أهم االتفاقات الدولية‬ ‫بي‬ ‫المتعلقة بالموارد ش‬ ‫الب�ية‪.‬‬

‫المشهد االقتصادي العربي الراهن‬ ‫واستشراف خيارات السيطرة على المستقبل‬

‫الجميل‬ ‫تأليف د‪ .‬حميد‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ش‬ ‫النا�‪ :‬مؤسسة الو َّراق للن� والتوزيع (‪)2013‬‬

‫يحتوي الكتاب عىل سبعة ش‬ ‫ع� فصال ً تتضمن تحليال ً‬ ‫معمقاً للحالة الراهنة أ‬ ‫للوضاع العربية عىل المستوى‬ ‫القطاعي وعىل المستوى االقتصادي لمجموع الدول‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫تعا�‬ ‫ال� ي‬ ‫العربية‪ .‬كما يتضمن تحليال ً لالختالالت ي‬ ‫منها االقتصادات العربية وسبل معالجتها‪ ،‬كاختالل‬ ‫أوضاع الصناعة التحويلية العربية واختالل أوضاع‬ ‫الزراعة العربية واوضاع التجارة الخارجية العربية‪.‬‬ ‫ويضم الكتاب عدة فصول مخصصة ألزمة التكامل‬ ‫الخفاق عىل جبهة هذا‬ ‫العر� ولعوامل إ‬ ‫االقتصادي ب ي‬ ‫ش‬ ‫الست�اف‬ ‫بالضافة إىل فصل ُخ ِّصص‬ ‫التكامل‪ ،‬إ‬ ‫العر� عىل‬ ‫خيارات السيطرة عىل مستقبل االقتصاد ب ي‬ ‫التغي�ات ف ي� اقتصاد الغرب ف ي� القرن الواحد‬ ‫ضوء‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫أن المشهد‬ ‫والع�ين‪ .‬وتوضح فصول الكتاب ّ‬ ‫ن‬ ‫متعددة‬ ‫يعا� من إخفاقات ّ‬ ‫العر� ي‬ ‫االقتصادي ب ي‬ ‫الجوانب‪ ،‬سواء ما كان منها عىل جبهة التنمية‬ ‫ت‬ ‫المش�كة‪ ،‬أو ما كان منها عىل جبهة التكامل‬ ‫العربية‬ ‫العر�‬ ‫العر� والعمل االقتصادي ب ي‬ ‫االقتصادي ب ي‬ ‫ت‬ ‫المش�ك‪.‬‬

‫«الجادة والمطيّ ة»‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫جيل في رجل‬ ‫ٍ‬ ‫سيرة‬ ‫المؤلف‪ :‬ناصر العجمي‬ ‫الموضوع‪ :‬سيرة ذاتية‬

‫مؤخرا‪،‬‬ ‫ُزخرت المكتبة العربية‪ ،‬والسعودية خاصة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الس� الذاتية والوطنية‪ ،‬ت‬ ‫ال� تستعرض‬ ‫بواحدة من أحدث ي‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫التحول التاريخي الشامل‬ ‫بأسلوب الفت‪ ،‬أحداث قصة‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫تغي�ا جذريًا ف ي� كافة معالم الحياة عىل أرض‬ ‫غ� ًي‬ ‫الذي ّي‬ ‫التحول‪ ،‬هو‬ ‫مؤثر ف ي� هذا‬ ‫ودونها‬ ‫ٌ‬ ‫الجزيرة العربية‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫شاهد ٌ‬ ‫معال أ‬ ‫الستاذ نارص ابن محمد بن ّ‬ ‫شلن العجمي‪.‬‬ ‫ي‬ ‫بالق َيم والتجارب‬ ‫«الجا ّدة‬ ‫والمطية» هي ي‬ ‫س�ة حافلة ِ‬ ‫ّ‬ ‫التحول النموذجي الشامل الذي‬ ‫والذكريات‪ ،‬تستعرض‬ ‫ّ‬ ‫شهدته المملكة منذ تأسيسها واكتشاف ثرواتها النفطية‪.‬‬ ‫شم َر عن‬ ‫الس�ة بالتقدير إ‬ ‫كما تُزجي ي‬ ‫لجيل َّ‬ ‫والجالل ٍ‬ ‫سواعده وامتطى الصعاب ف ي� سبيل العلم‪ ،‬والمعرفة‪،‬‬ ‫س�ة ذاتية للمؤلف‪.‬‬ ‫إضافة إىل كونها ي‬ ‫الس�ة عىل سبع محطات متمايزة من حيث‬ ‫تحتوي ي‬ ‫التوقيت والمضمون أ‬ ‫والحداث‪ ،‬إال أن ت‬ ‫ال�ابط والتداخل‬ ‫الديناميك ي ن‬ ‫ب� محطاتها جعل منها منظومة متواصلة‬ ‫ي‬ ‫ومتتالية‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫ويقدم المؤلف‬ ‫ّ‬ ‫خالصة ذهبية لتجربته العملية ي‬ ‫متدربا �ف‬ ‫ف‬ ‫عاما ي� أرامكو السعودية‪ ،‬بدأها‬ ‫امتدت لـ ‪ً 43‬‬ ‫ً ي‬ ‫أسفل الهرم‪ ،‬ت‬ ‫ح� تقاعد ف ي� عام ‪1993‬م‪ ،‬بمنصب النائب‬ ‫التنفيذي لرئيس ش‬ ‫الدارة‪.‬‬ ‫ال�كة وعضوية مجلس إ‬ ‫أيضا رحلته ف ي� خدمة الوطن بعد صدور‬ ‫ويرسد المؤلف ً‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫عاما للمؤسسة العامة‬ ‫ر‬ ‫بتعيينه‬ ‫السامي�‬ ‫المرين‬ ‫ئيسا ً‬ ‫ً‬ ‫ف‬ ‫عضوا ي� مجلس الشورى‪ ،‬عىل‬ ‫للخطوط الحديدية‪ ،‬ثم ً‬ ‫التوال‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫و� محطة (خاصة) أطلق عليها محطة الراحة‪ ،‬يبوح فيها‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫للقارئ بمشاعره الرسية‪ ،‬وكذلك المذكرات‪ ،‬والقصائد‬ ‫والرحالت الموثّقة بالصور مع أصدقائه المقر ي ن‬ ‫ب�‪.‬‬ ‫َّ‬


‫ن‬ ‫الكع�‬ ‫تأليف د‪ .‬معجب‬ ‫ي‬ ‫العدوا�‪ ،‬ود‪ .‬ضياء ب ي‬ ‫ش‬ ‫العر� (مارس ‪)2014‬‬ ‫االنتشار‬ ‫النا�‪ :‬دار‬ ‫بي‬

‫الك�ى نظراً لتعانقه مع‬ ‫للخطاب‬ ‫السجال أهميته ب‬ ‫ي‬ ‫النسانية بتنوعاتها واختالفاتها‪.‬‬ ‫الثقافات والحضارات إ‬ ‫ولذلك‪ ،‬فهو يشتغل عىل بالغة االختالف ويحتفي‬ ‫بها‪ .‬كما ش‬ ‫يؤ� وجوده وكثافته ف ي� بيئة ما عىل فاعلية‬ ‫هذه البيئة وحضارتها‪ .‬ومن هنا وقف مؤلفا هذا‬ ‫السجال ف ي� الثقافة‬ ‫الكتاب‪ ،‬ف ي� تفكيكهما للخطاب‬ ‫ي‬ ‫العربية‪ ،‬عىل مفاصل بدت لهما ف� غاية أ‬ ‫الهمية‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫العر� القديم كان سجال‬ ‫والتنوع‪ .‬فمن ال�اث ب ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ض‬ ‫القا� عبد الجبار ي� كتاب دالئل‬ ‫الجرجا� مع‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫العجاز‪ ،‬ومن سجاالت النهضة العربية ي� مطلع‬ ‫إ‬ ‫القرن ض‬ ‫الما� كان خطاب المرأة‪ :‬التأويل والتأويل‬ ‫ي‬ ‫المضاد‪ .‬ومن السجاالت النقدية ف ي� مرحلة الحداثة‬ ‫وما بعدها كانت آليات السجال ف ي� خطاب التقليد‬ ‫والحداثة ف� أ‬ ‫الدب السعودي‪ ،‬وآليات الخطاب‬ ‫ي‬ ‫السجال ف� النقد العر� الحديث‪ :‬النقد ف‬ ‫الثقا�‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫وتطبيقاته العربية‪.‬‬ ‫الواقعية التسجيلية في السينما الروائية‬ ‫العربية‬

‫تأليف صالح هاشم‬ ‫ش‬ ‫النا�‪ :‬المصدر القومي للسينما ف ي� وزارة الثقافة‬ ‫المرصية (‪)2014‬‬

‫ّيركز هذا الكتاب عىل مفاهيم وتيارات وأساليب‬ ‫ت‬ ‫ال� تناقش هموم وتطلعات‬ ‫السينما‬ ‫الواقعية الجديدة ي‬ ‫ف‬ ‫ث‬ ‫أفراد وجماعات ي� أك� من بيئة إنسانية‪ .‬واتبع هاشم‬ ‫ف� موضوعات الكتاب منهجية الرصد ي ن‬ ‫المت� لتحوالت‬ ‫ي‬ ‫الواقع ف‬ ‫الفلم العر� ئ‬ ‫الروا� متوقفاً عند الخطوط‬ ‫�‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫الفاصلة ي ن‬ ‫ب� السينما الروائية والسينما التسجيلية‪.‬‬ ‫ث‬ ‫ليقدم‬ ‫عينة سينمائية عربية ّ‬ ‫ويورد الكتاب أك� من ِّ‬ ‫معاينات فكرية ونقدية دقيقة عن الفواصل ي ن‬ ‫ب�‬ ‫الحقيقة بسائر أبعادها ومفاهيمها الجمالية‪ ،‬يجري‬ ‫للتفك�‬ ‫فيها توظيف عنارص اللغة السينمائية كأداة‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫يحدد الكاتب‬ ‫نسا�‪ .‬كما ّ‬ ‫والتأمل ي� تناقضات الواقع إال ي‬ ‫رؤيته للسينما‪ ،‬يف�ى أن عليها أن تهتم بالغموض‬ ‫والبهام اللذين تي�كان للمتفرج فرصة أو طاقة ينفذ‬ ‫إ‬ ‫تث�‬ ‫أن‬ ‫السينما‬ ‫فعىل‬ ‫وروحه‪.‬‬ ‫لم‬ ‫الف‬ ‫قلب‬ ‫إىل‬ ‫منها‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫التساؤل وتشعل المخيلة‪ .‬فهي أقرب إىل فن الشعر‬ ‫الذي يع� عن المشاعر أ‬ ‫والحاسيس بالصورة‪ .‬فسحر‬ ‫ب ِّ‬ ‫السينما يكمن ف ي� «الكتابة بالضوء»‪.‬‬

‫ب� الكتب ي ت‬ ‫ما ي ن‬ ‫الك�ى ف ي� المملكة‪،‬‬ ‫ال� تتناول المدن ب‬ ‫الكث�ة ي‬ ‫ت‬ ‫ال� توثِّق أحوال المدن المتوسطة أو‬ ‫وتلك الحفنة القليلة ي‬ ‫الصغ�ة‪ ،‬ثمة فجوة تستحق الردم‪ .‬وهذا بالضبط ما يسعى‬ ‫ي‬ ‫الكاتب سلمان بن محمد السلمان أن يقوم به من خالل كتابه‬ ‫أ‬ ‫النيق الذي أصدره مؤخراً حول مدينة المجمعة‪ ،‬وهو الكتاب‬ ‫ن‬ ‫الثا� للمؤلف بعد كتابه عن عيون الجواء الذي حاز عىل جائزة‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫الهيئة العامة للسياحة والثار‪.‬‬ ‫يركِّز المؤلف ف ي� هذا الكتاب عىل المجمعة المدينة‪ ،‬العاصمة‬ ‫القليمية لمحافظة المجمعة أو إقليم السدير الجغر ف يا�‪ ،‬من‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫دون التوسع ي� الحديث عن البلدات والقرى المرتبطة بها‬ ‫إدارياً‪ .‬وجاء الكتاب مزيجاً مكثفاً من المعلومات التاريخية‬ ‫ال� تتعلق تب�اث هذه المدينة ض‬ ‫ت‬ ‫وحا�ها‬ ‫والبيانات الحديثة ي‬ ‫ومستقبلها الواعد‪.‬‬ ‫وتكمن أهمية اختيار هذه المدينة بالذات موضوعاً للكتاب ف ي�‬ ‫ت‬ ‫ال� يعود‬ ‫كونها من جهة واحدة من المدن النجدية العريقة ي‬ ‫تاريخها الموثَّق إىل ستة قرون خلت‪ ،‬يدل عىل ذلك تراثها‬ ‫العمر نا� ومعالمها أ‬ ‫الثرية العديدة‪ .‬ومن جهة أخرى افتاحها‬ ‫ي‬ ‫تطور كب�‪ ،‬قد تكون «مدينة سدير للصناعة أ‬ ‫والعمال»‬ ‫عىل‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� ستبلغ مساحتها‬ ‫أحد أبرز معالمه‪ .‬هذه المدينة الصناعية ي‬ ‫عند اكتمالها نحو ‪ 265‬مليون تم� مربع‪ ،‬والجاري تطويرها‬ ‫أك� مدينة صناعية ف ي�‬ ‫عىل مراحل‪ ،‬بحيث ستكون عند اكتمالها ب‬ ‫ن‬ ‫تغ�ات عىل بيئتها الحاضنة‪.‬‬ ‫يع� ذلك من ي‬ ‫المملكة‪ ،‬بكل ما ي‬ ‫وال ي ز‬ ‫ين‬ ‫يع� تماماً بالنص‬ ‫الكتاب الصادر‬ ‫باللغت� العربية إ‬ ‫نجل�ية‪ ،‬ب ِّ‬ ‫ت‬ ‫الكث�ة عن ثنائية ال�اث والتطوير العرصي هذه‪ ..‬إذ‬ ‫والصور ي‬ ‫يجمع إىل صور البلدة القديمة ببيوتها الطينية ومعالمها أ‬ ‫الثرية‪،‬‬ ‫صور معالم أخرى تبدو آتية من المستقبل مثل مجسم‬ ‫المدينة الصناعية‪ ،‬أو محطة سكة الحديد الجاري إنشاؤها‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ال� قامت فيها ف ي�‬ ‫والجامعة ي‬ ‫وغ� ذلك من الرصوح الحديثة ي‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫خ�ة‪.‬‬ ‫الونة ال ي‬

‫كتب عربية‬

‫كتاب‪ :‬الخطاب السجالي في الثقافة العربية‬

‫المجمعة‪ ..‬مدينة‬ ‫المستقبل‬ ‫المؤلف‪ :‬سلمان بن محمد‬ ‫السلمان‬ ‫عدد الصفحات‪88 :‬‬ ‫إصدار‪ :‬رعاية الجمعية‬ ‫السعودية لعلوم العمران‬


‫‪19 | 18‬‬

‫كتب من العالم‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫رأس المال‬

‫في القرن الواحد والعشرين‬ ‫‪Le capital au XXI siècle by Thomas Piketty‬‬

‫تأليف‪ :‬توماس بيكتي‬

‫ق‬ ‫كب�اً ف ي� جميع أنحاء العالم ووصل‬ ‫ال� هذا الكتاب رواجاً ي‬ ‫ال ثك� مبيعاً ف� الواليات المتحدة أ‬ ‫إىل الئحة الكتب أ‬ ‫المريكية‬ ‫ي‬ ‫وأعاد االهتمام بفرنسا وكل ما يصدر فيها‪ .‬يحلل توماس‬ ‫ت‬ ‫بيك� ف ي� هذا الكتاب مجموعة فريدة من البيانات المجمعة‬ ‫ي‬ ‫ع�ين دولة تمتد من القرن الثامن ش‬ ‫من ش‬ ‫ع� إىل وقتنا‬ ‫ض‬ ‫الحا�‪ ،‬ليكشف من خاللها أنماطاً اقتصادية واجتماعية‬ ‫فريدة‪.‬‬ ‫أن عدم المساواة ف� توزيع ث‬ ‫ال�وة‪ ،‬نز‬ ‫وال�عة‬ ‫ي‬ ‫ويش� إىل ّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫معدل النمو‬ ‫لن تتخطى العائدات عىل رؤوس الموال ّ‬ ‫كب�ة يمكنها‬ ‫االقتصادي‪ ،‬يهددان بتكوين فروقات اقتصادية ي‬ ‫أن تقوض البنية االجتماعية المتوازنة‪.‬‬ ‫ت‬ ‫هناك أدلة علمية ت ز‬ ‫الذا�‬ ‫م�ايدة تظهر ّ‬ ‫أن السعادة واالكتفاء ي‬ ‫نز‬ ‫ز‬ ‫رودريغ� غي�و‬ ‫الحقيقي يأتيان من الداخل‪ .‬ويظهر مارتو‬ ‫ي‬ ‫ف� هذا الكتاب أ‬ ‫السس الصحيحة للصحة النفسية السليمة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ويق�ح إعادة تعريف مفهوم السعادة‪ ،‬ويناقش نقاط‬ ‫الضعف ف ي� نموذج الطب الحيوي لمحاربة االكتئاب‪ ،‬ويشدد‬ ‫عىل االلتصاق الكامل ي ن‬ ‫ب� العقل والجسد‪.‬‬

‫السعادة التلقائية‬

‫‪La Felicidad te está esperando by Martu‬‬ ‫‪Rodriguez Ginzo‬‬

‫تأليف‪ :‬مارتن رودريغز غينزو‬

‫يقدم هذا الكتاب مروحة من ت‬ ‫االس�اتيجيات العلمية‬ ‫ّ‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ال� يمكنها‬ ‫الشاملة المثبتة من علم النفس ال� ي�‬ ‫بي‬ ‫والغر� ي‬ ‫أن ترفع المعنويات وتعزز االكتفاء ت‬ ‫الذا�‪ ،‬وتؤمن الهدوء‬ ‫ي‬ ‫والتوازن العاطفي‪ .‬تعتمد تلك ت‬ ‫االس�اتيجيات عىل تقنيات‬ ‫ن‬ ‫وتغي�‬ ‫الصي� والعالج‬ ‫الطب‬ ‫النفس والتمارين الذهنية ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫الموظف�‪ ،‬خصوصاً مع‬ ‫كب�ة ف ي� أماكن عمل‬ ‫طرأت تطورات ي‬ ‫الكب� من العالم الزراعي إىل االقتصادات الصناعية‬ ‫التحول ي‬ ‫ُّ‬ ‫ومن ثم إىل االقتصادات المعتمدة عىل عالم المعلومات‪.‬‬

‫الجلوس في حجرة‬ ‫المكتب‪:‬‬

‫السري لمكان العمل‬ ‫ّ‬ ‫التاريخ‬ ‫‪Cubed: A secret History of the Workplace‬‬ ‫‪by Nikil Saval‬‬

‫تأليف‪ :‬نيكيل سافال‬

‫أك�‪ ،‬ومصممة لتكون ث‬ ‫أصبحت مكاتب العمل عملية ث‬ ‫أك�‬ ‫ين‬ ‫معدل إنتاجيتهم‪ .‬دخلت‬ ‫فاعلية بالنسبة‬ ‫للموظف� لتعزز ّ‬ ‫النساء أماكن العمل لتحدث ثورة فيه من الداخل‪ ،‬ومن‬ ‫ت‬ ‫ال� تحتوي عىل المساحات‬ ‫ّثم طغت ناطحات فالسحاب ي‬ ‫الك�ى‪.‬‬ ‫المخصصة للمكاتب ي� مختلف المدن ب‬ ‫ف� عام ‪1964‬م‪ ،‬قام شخص يدعى روبرت بروبست ت‬ ‫باق�اح‬ ‫يما عرف بـ أ‬ ‫«الكشن أوفيس» أو «مكان الحركة» وهو عبارة‬ ‫عن مساحة للعمل شبه مغلقة تتحىل بالمرونة ويدخلها‬ ‫كث� من الضوء‪ ،‬ولكن فكرته لم تلق رواجاً إذ آثرت ش‬ ‫ال�كات‬ ‫ي‬

‫بيك� من منظور أ‬ ‫ت‬ ‫الفكار الديمقراطية االجتماعية‬ ‫ويكتب ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تؤكد عىل أن الحكومات‬ ‫المشككة بالسواق الحرة ي‬ ‫المركزيّة قادرة أن تدير القضايا االقتصادية لمصلحة‬ ‫ت‬ ‫ال� توصل إليها ف ي� هذا الكتاب‬ ‫الجميع‪ .‬وستؤدي النتائج ي‬ ‫إىل تحويل نوعية النقاش المتعلق ث‬ ‫بال�وة وعدم المساواة‬ ‫أ‬ ‫بالنسبة أ‬ ‫للجيال القادمة‪ .‬إضافة إىل أن الفكار القديمة ‪-‬‬ ‫ت‬ ‫ال� طرحها هذا الكتاب‪ ،‬قد تكون ش‬ ‫مؤ�اً إىل القول‬ ‫الجديدة ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫تغ� الظروف‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تأ� وتذهب مع ي ّ‬ ‫بأن الفكار ال تموت وإنّما ي‬

‫ف‬ ‫ت‬ ‫يقدم‬ ‫ال� تحبسنا ي� أنماط سلبية‪ .‬كما ِّ‬ ‫العادات الفكرية ي‬ ‫الكاتب نصائح متعلقة بأسلوب الحياة والسلوك والغذاء‪،‬‬ ‫القراء عىل تقييم مدى سعادتهم وعىل وضع‬ ‫ويساعد َّ‬ ‫خطط شخصية إلدارة مزاجهم ولتطوير الجانب الروحي ف ي�‬ ‫ف‬ ‫و� نهاية الكتاب هناك ت‬ ‫اق�اح بل�نامج من ثمانية‬ ‫حياتهم‪ .‬ي‬ ‫يعدل حسب احتياجات الشخص الخاصة‪،‬‬ ‫أسابيع يمكنه أن ّ‬ ‫وموجه إىل أ‬ ‫الشخاص الذين يعانون من االكتئاب أو كل من‬ ‫ين‬ ‫تحس� مزاجه وزيادة مستوى سعادته‪ ،‬ومن ثم‬ ‫يسعى إىل‬ ‫إنتاجيته‪.‬‬

‫الصغ�ة ذات المقاييس‬ ‫استخدام المساحات الضيقة‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تناسب الجميع‪ ،‬وتشبه بشكلها المكعبات‬ ‫الموحدة ي‬ ‫ف‬ ‫الصغ�ة‪ .‬واستمر العمل ي� هذه المكعبات إىل أن ظهرت‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ش‬ ‫ش‬ ‫مؤخراً �كات شبابية مثل �كة غوغل حيث ام�جت أماكن‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� تؤمن جميع احتياجات‬ ‫العمل بالوسائل ال�فيهية ي‬ ‫ين‬ ‫الموظف�‪.‬‬ ‫ين‬ ‫الموظف�‬ ‫مقدمة إىل مستقبل قريب بإمكان‬ ‫قد يكون ذلك ّ‬ ‫العمل من أي مكان ممكن تخيله‪.‬‬


‫تأليف‪ :‬وارن بيرغر‬

‫بين كتابين‬

‫كتاب‪« :‬ها! ِع ْل ُم متى نضحك ولماذا» تأليف‪:‬‬ ‫سكوت ويمز‬

‫‪Ha! The Science of When we Laugh and Why‬‬ ‫)‪By Scott Weems - Basic Books (March 2014‬‬

‫ً‬ ‫جدا»‬ ‫كتاب‪« :‬الفكاهة‪ :‬مقدمة مختصرة‬ ‫تأليف‪ :‬نويل كارول‬

‫‪Humour: A Very Short Introduction‬‬ ‫‪By Noel Carroll - Oxford University Press‬‬ ‫)‪(March 2014‬‬

‫لطالما حاول المفكرون عبر العصور وضع نظريات مختلفة متعلِّقة بالفكاهة والضحك‪ .‬ولكن لم يكن‬ ‫لدى أي منهم التقنيات الحديثة لتصوير ما يحدث في الدماغ أثناء عملية الضحك‪ .‬يشير سكوت ويمز‬ ‫في كتابه‪« :‬ها! ِعلْم متى نضحك ولماذا» أنّه لم يكن أحد ليعرف أسباب الظاهرة االجتماعية – الثقافية‬ ‫للضحك قبل وجود آالت التصوير بالرنين المغناطيسي‪ .‬ويقول إن «للفكاهة بعض المكونات أ‬ ‫الساسية‬ ‫التي بدأ العلم بإظهارها للتو»‪.‬‬ ‫فقد خضع بعض أ‬ ‫الشخاص لتصوير أدمغتهم‪ ،‬بعد تعريضهم لمحفزات خارجية فكاهية‪ ،‬بآالت المسح‬ ‫الضوئي‪ ،‬ووجد الباحثون أنه عندما كان هؤالء أ‬ ‫الشخاص يضحكون‪ ،‬كانت الحركة تنشط في بعض‬ ‫ّ‬ ‫المناطق الدماغية لديهم‪ ،‬وهي المناطق المرتبطة‪ ،‬بما سماه ويمز‪ ،‬بمكافأة دائرة الدوبامين الكهربائية‪ّ .‬إل‬ ‫تتحرك من جراء عوامل أخرى مثل تناول الشوكوال وألعاب‬ ‫ّأن ذلك ال ّ‬ ‫يقدم أي جديد بما ّأن تلك الدائرة ّ‬ ‫يقدمه ويمز هو ما أشار إليه بـ «النموذج االستفزازي الجديد للفكاهة» الذي‬ ‫الفديو‪ ،‬ولكن الجديد الذي ّ‬ ‫يعتمد على الفكرة القائلة ّإن تقدير الفكاهة يتضمن ّ‬ ‫حل التناقضات الفكرية‪ ،‬إذ ال بد أل ّي نكتة أن تحتوي‬ ‫عنصر مفاجأة يقلب أ‬ ‫الطر أو يتجاوز المعايير الثقافية أو يعتمد على اللعب على الكالم‪ ،‬فتقوم أدمغتنا‬ ‫ّ‬ ‫بحل تلك التناقضات من أجل االستمتاع بروح الفكاهة التي تنضوي عليه النكتة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ويركّز ويمز كثيراً على الجانب العلمي للبحث في تفسير ظاهرة الضحك‪ ،‬متجاوزاً إالطار الفكري الخالقي‬ ‫وفره بشكل أفضل كتاب نويل كارول «الفكاهة‪ :‬مقدمة مختصرة جداً» حيث تناول كارول‪ ،‬كفيلسوف‪،‬‬ ‫الذي ّ‬ ‫العالقة بين الفكاهة والمشاعر والفكر واستكشف قيمة الفكاهة فيما يتعلق بوظائفها االجتماعية‪ .‬فقد أشار‬ ‫إلى ّأن للفكاهة واالستمتاع بالضحك دوراً في بناء المجتمعات‪ .‬وهنا نجح في تسليط الضوء على بعض‬ ‫المسائل الضمنية أ‬ ‫الخالقية التي تتعلق بالفكاهة‪.‬‬ ‫فإن أي‬ ‫فيمكن للفكاهة أن تكون قذرة أو حتى شريرة اعتماداً على إالطار الذي تروى من خالله‪ .‬وبالتالي‪ّ ،‬‬ ‫نكتة عنصرية‪ ،‬مثالً‪ ،‬تروى من قبل فرد من أفراد الجماعة المستهدفة شيء وأن تروى من فرد من خارجها‬ ‫هو شيء آخر‪ .‬وفيما يتعلق بالمسالة أ‬ ‫الخالقية للضحك‪ ،‬يقول كارول إنه يمكن الضحك على نكات مبنية‬ ‫بحد ذاتها‪ ،‬إذ يمكن للشخص أن يتخيلها ضمن إطار‬ ‫على افتراضات خبيثة من دون دعم تلك الفرضيات ّ‬ ‫بعيد عن الواقع‪.‬‬ ‫الخالقية بنظريات علم أ‬ ‫وال شك في أنه ال يمكن تفسير هذه المسائل أ‬ ‫العصاب التي ركّز عليه ويمز‪ .‬ولكن‬ ‫ّ‬ ‫تكمل بعضها‪ ،‬لتقديم نظرية شاملة تقّيم ظاهرة الفكاهة‬ ‫ما يمكن قوله هو إن الكتابين يطرحان أفكاراً ّ‬ ‫والضحك وتفسرهما‪ ،‬وتتضمن كل الجوانب المختلفة لعملية التفكير والتحليل إالنساني إن كانت عصبية أو‬ ‫تحليلية أو اجتماعية أو أخالقية‪.‬‬

‫كتب من العالم‬

‫سؤال أجمل‪:‬‬

‫قوة االستفسار لتحفيز األفكار‬ ‫المبتكرة‬ ‫‪A More Beautiful Question: The Power of‬‬ ‫‪Inquiry to Spark Breakthrough Ideas by‬‬ ‫‪Warren Berger‬‬

‫الصحا� والخب� ف� أ‬ ‫ف‬ ‫المور‬ ‫ف ي� هذا الكتاب الرائد يُظهر‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تساعد عىل‬ ‫البداعية وارن يب�غر أنّه من أهم‬ ‫إ‬ ‫العوامل ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ز‬ ‫البداع ي� عالم العمال كما ي� حياتنا اليومية هي‬ ‫تحف� إ‬ ‫ي‬ ‫وسيلة بسيطة للغاية ومتوافرة دائماً أال وهي طرح أ‬ ‫السئلة‬ ‫بطرق عميقة وجميلة تتحىل بالخيال الواسع‪ .‬لماذا إذاً تن�دد‬ ‫ف ي� طرح سؤال «لماذا؟» يجد يب�غر أنه عىل الرغم من أن‬ ‫الطفال يبدأون حياتهم بطرح عديد من أ‬ ‫معظم أ‬ ‫السئلة‪ ،‬إال‬ ‫أن هذه القدرات تت�اجع مع دخولهم المدرسة وانخراطهم‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫الناجح�ن‬ ‫إن الشخاص‬ ‫ف ي� الحياة‬ ‫ي‬ ‫العملية‪.‬ولكن يب�غر يقول ّ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الخ�ة ف ي� طرح‬ ‫وال ثك� إبداعاً هم الشخاص أصحاب ب‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� ال يتجرأ‬ ‫السئلة‪ ،‬إذ إنهم ال يخافون من طرح‬ ‫السئلة ي‬ ‫عىل طرحها غ�هم‪ ،‬ويسعون ليجاد أ‬ ‫الجوبة الشافية لها‪.‬‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫يأخذنا الكتاب ي� رحلة ي� عديد من ال�كات الناجحة مثل‬

‫غوغل وغ�ها ليظهر لنا كيف أن طرح أ‬ ‫السئلة هو ف ي� أساس‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫و� بنيتها أ‬ ‫ال�كات ف‬ ‫ش‬ ‫الساسية‪ .‬كما يتشارك معنا‬ ‫عمل تلك‬ ‫ي‬ ‫وناشط�ن‬ ‫ن‬ ‫ورواد أعمال وأساتذة‬ ‫ي‬ ‫قصصاً ملهمة عن ي‬ ‫فنان� َّ‬ ‫ين‬ ‫تغي� حياتهم وحياة العالم‬ ‫وغ�هم استطاعوا ي‬ ‫اجتماعي� ي‬ ‫حولهم بمجرد طرح «أسئلة جميلة»‪.‬‬


‫‪21 | 20‬‬

‫األجندة‬

‫مواعيد‬ ‫ثقافية‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ودوليا‪،‬‬ ‫وعربيا‬ ‫خليجيا‬ ‫تضع أجندة القافلة بين أيديكم بعض أبرز النشاطات الثقافية‬ ‫للفترة الالحقة لتاريخ صدور العدد‪.‬‬ ‫أما على الموقع اإللكتروني‪ ،‬فتمتد األجندة إلى ما هو أبعد من ذلك‪.‬‬

‫كنوز األرشيف الملكي‬ ‫البريطاني‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫معرض الفنانة النمساوية‬ ‫المعاصرة آنا فيرونيكا‬ ‫جانسنس‬

‫المكان معهد الفن المعاصر فى مدينة فيللوربان‬ ‫الفرنسية‬ ‫التاريخ من ‪ 10‬أغسطس حتى ‪ 15‬سبتمبر ‪2014‬‬

‫معرض الثقافة الدولي‬ ‫للكتاب في الصين‬ ‫المكان‬ ‫التاريخ من ‪ 27‬حتى ‪ 31‬أغسطس ‪2014‬‬

‫المكان لندن‬ ‫التاريخ من ‪ 17‬مايو ‪ 2014‬حتى ‪ 25‬يناير‬ ‫‪2015‬‬

‫مهرجان البراري لكل‬ ‫الفنون‬

‫المكان لندن‬ ‫التاريخ من ‪ 7‬حتى ‪ 10‬أغسطس ‪2014‬‬

‫باريس ‪1900‬‬

‫المكان القصر الصغير‪ ،‬باريس‬ ‫التاريخ من ‪ 2‬أبريل حتى ‪ 17‬أغسطس ‪2014‬‬

‫مهرجانات بعلبك الدولية‬

‫المكان لبنان‬ ‫التاريخ من ‪ 30‬يوليو حتى ‪ 31‬أغسطس ‪2014‬م‬

‫معرض الحداثة في‬ ‫المتحف الوطني‬ ‫«مفاجآت صيف دبي»‬ ‫مهرجان عائلي‬

‫المكان دبي‬ ‫التاريخ من ‪ 2‬أغسطس حتى ‪ 5‬سبتمبر ‪2014‬م‬

‫المكان سان فرانسيسكو‪ ،‬الواليات المتحدة‬ ‫التاريخ من ‪ 7‬يونيو حتى ‪ 12‬أكتوبر‬

‫معرض متحف قطر‬ ‫األولمبي الرياضي‬

‫المكان البرازيل‬ ‫التاريخ من ‪ 3‬يوليو ويستمر لفترة أربعة أشهر‬

‫أسبوع ثقافي أردني في تايلند‬ ‫المكان بانكوك‬ ‫التاريخ من ‪ 27‬أغسطس حتى ‪ 2‬سبتمبر ‪2014‬‬

‫مهرجان أبحر السياحي الثقافي‬ ‫المتنوع‬ ‫المكان منطقة أبحر‪ ،‬جدة‬ ‫التاريخ من ‪ 27‬يوليو حتى ‪ 2‬أغسطس ‪2014‬م‬


‫أخبار ثقافية‬ ‫ملتقى الشباب بالرياض‬ ‫«ثقافة حياة»‬ ‫أقيم بمتنزه الملك عبداهلل‬ ‫ابن عبدالعزيز بالملز في‬ ‫الرياض‪ ،‬وذلك في الفترة من‬ ‫‪ 15‬حتى ‪ 22‬يونيو ‪2014‬م‪.‬‬ ‫ركز الملتقى على المواهب‬ ‫الشابة ودعمها باإلضافة إلى‬ ‫مناقشة الشباب لمشكالتهم‬ ‫وهمومهم مبرزين التحديات‬ ‫التي واجهتهم وتواجههم‬ ‫في العصر الحالي‪ ،‬وذلك عبر‬ ‫جلسات الحوار المفتوحة‪،‬‬ ‫كما تطرقت فعاليات‬ ‫الملتقى على آخر اهتمامات‬ ‫ومواهب الشباب الجديدة‬ ‫وبحث السبل المتاحة‬ ‫لدعمها وتطويره‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الملك عبدالعزيز الثقافي‬ ‫العالمي وجمعية الثقافة‬ ‫والفنون بالدمام‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫مهرجان اإلسماعلية‬ ‫السينمائي‬ ‫انطلق من ‪ 3‬حتى ‪ 8‬يونيو‬ ‫‪2014‬م بمدينة اإلسماعيلية‬ ‫المصرية المهرجان الدولي‬ ‫السابع عشر لألفالم‬ ‫التسجيلية والقصيرة بعرض‬ ‫الوثائقي «عن يهود مصر»‬ ‫ألمير رمسيس‪ .‬وعرض أفالم‬ ‫حول الثورة المصرية وأخرى‬ ‫حول كرة القدم بمناسبة‬ ‫كأس العالم‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تشكيليون يرسمون‬ ‫فرقة اللوريت في مهرجان التغريبة السورية في لندن‬ ‫أقام خمسة فنانين‬ ‫أبها‬ ‫تشكيليين سوريين في‬ ‫دشنت فرقة «اللوريت» يوم‬ ‫‪ 21‬يونيو أولى فعالياتها على األسبوع األول من يونية‬ ‫‪ 2014‬معرض في وسط‬ ‫مسرح المفتاحة في أبها‪،‬‬ ‫ضمن فعاليات «مهرجان أبها العاصمة البريطانية‪ ،‬حين‬ ‫يجمعنا»‪َّ .‬‬ ‫وقدمت الفرقة أربع استحضرت معاناة الحرب‬ ‫والعنف والحصار وتراجيديا‬ ‫لوحات إنشادية ‪،‬‬ ‫«التغريبة السورية»‪ .‬الفنانون‬ ‫وأوضح مدير العالقات‬ ‫العامه في مؤسسة «همة» هم‪ :‬محمد خياطة‪ ،‬فادي‬ ‫حمودي‪ ،‬ثائر معروف‪ ،‬أشرف‬ ‫المسؤولة عن الفرقة أن‬ ‫راهيب‪ ،‬وطارق بطيحي‪.‬‬ ‫فرقة «اللوريت» هي األولى‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫من نوعها في منطقة‬ ‫عسير‪ ،‬وظهورها على مسرح‬ ‫الفلم‬ ‫اختتام مهرجان ِ‬ ‫المفتاحة يشكل بدوره‬ ‫اللبناني‬ ‫انطالقتها األولى‪.‬‬ ‫اختتمت‪ ،‬في بيروت يوم‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪ 11‬يونيو ‪2014‬م‪ ،‬الدورة الـ‬ ‫الفلم اللبناني‬ ‫‪ 11‬لمهرجان ِ‬ ‫فنانو بابل يشاركون‬ ‫باإلعالن عن فوز ِفلم‬ ‫بمعرض للفن التشكيلي‬ ‫«نادي سبورتينغ» للمخرجة‬ ‫في دبي‬ ‫أقيم معرض للفن التشكيلي اللبنانية‪ ،‬زلفا سورا‪ ،‬بجائزة‬ ‫ُ‬ ‫«تراتيل بابلية»‪ ،‬أفضل ِفلم روائي‪.‬‬ ‫في دبي باسم‬ ‫وعادت جائزة أفضل ِفلم‬ ‫في الفترة من ‪ 21‬مايو حتى‬ ‫ٍ‬ ‫وثائقي لفيلم «يوميات‬ ‫لثمانية من‬ ‫‪ 4‬يونيه ‪2014‬م‬ ‫ُ‬ ‫شهرزاد» للمخرجة زينة‬ ‫تعود‬ ‫الفنانين العراقيين‬ ‫ُ‬ ‫أصولهم إلى بابل‪ ،‬وهم فاخر دكاش‪ ،‬فيما حاز كل من‬ ‫«مونديال» للمخرج لروي‬ ‫محمد‪ ،‬عاصم عبد األمير‪،‬‬ ‫ديب و«الحائط» ألوديت‬ ‫أحمد البحراني‪ ،‬محمد‬ ‫مخلوف على جائزة العمل‬ ‫فهمي‪ ،‬محمود شبر‪ ،‬مؤيد‬ ‫محسن‪ ،‬محمود عبود‪ ،‬وعلي األول لهذا المهرجان الذي‬ ‫انطلق في السادس من‬ ‫شاكر‪.‬‬ ‫هذا الشهر وعرف مشاركة‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪ِ 50‬ف ً‬ ‫لما‪.‬‬ ‫مهرجان الدمام المسرحي ـــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫للعروض القصيرة ‪ ،‬بمركز‬ ‫اختتام أسبوع بيروت‬ ‫«إثراء»‬ ‫انطلقت فعاليات المهرجان للتصميم‬ ‫من ‪ 12‬حتى الرابع والعشرين اختتمت في ‪ 15‬يونيو ‪2014‬م‬ ‫بيروت الدورة الثالثة لـ «أسبوع‬ ‫من شهر يونيو ‪ 2014‬في‬ ‫بيروت للتصميم»‪ .‬الذي‬ ‫مسرح إثراء المعرفة‬ ‫َّ‬ ‫نظمه «مركز مينا للبحوث‬ ‫بالظهران بالتعاون بين مركز‬

‫التصميمية»‪ ،‬بمشاركة ‪21‬‬ ‫ً‬ ‫مصمما من لبنان والعالم‪.‬‬ ‫واشتملت على معرض‬ ‫وورشات حول التصميم‬ ‫الداخلي واإلضاءة والمعمار‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫برنامج تمويل اإلبداع‬ ‫العربي‬ ‫أطلق الصندوق العربي‬ ‫للثقافة والفنون برنامج‬ ‫تمويل المبادرة واإلبداع‬ ‫في العالم العربي لسنة‬ ‫‪ .2014‬ويهدف حسب بيان‬ ‫للصندوق‪ ،‬الذي اختير له‬ ‫شعار «استثمر في الموهبة‬ ‫والمستقبل»‪ ،‬إلى «جمع‬ ‫مليون دوالر» وذلك لدعم ‪50‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ثقافيا في مجاالت‬ ‫مشروعا‬ ‫األدب‪ ،‬الفنون البصرية‪،‬‬ ‫الفنون األدائية‪ ،‬السينما‪،‬‬ ‫الموسيقى ‪ ،‬وورشات العمل‬ ‫الفلم الوثائقي‬ ‫في مجال ِ‬ ‫والتصوير الفوتوغرافي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫تقريرا‬ ‫وأشار المصدر إلى أن‬ ‫ً‬ ‫نهائيا سينشر في ‪ 15‬أبريل‬ ‫‪ 2015‬يتضمن الئحة بأسماء‬ ‫المستفيدين‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫مكتبة اإلسكندرية‬ ‫واحتفالية إيراتوستينس‬ ‫‪2014‬‬ ‫نظم مركز القبة السماوية‬ ‫العلمي بمكتبة اإلسكندرية‬ ‫في ‪ 21‬احتفالية‬ ‫إيراتوستينس؛ وهي‬ ‫احتفالية سنوية تقام يوم ‪21‬‬ ‫يونيه بمكتبة اإلسكندرية‬ ‫ومدينة أسوان‪ .‬واالحتفالية‬ ‫مصممة لطالب المرحلة‬ ‫اإلعدادية‪ ،‬وتشمل مجموعة‬ ‫من النشاطات محورها‬ ‫المنهج العلمي الذي اتبعه‬ ‫إيراتوستينس منذ ألفي عام‬ ‫لقياس محيط الكرة األرضية‪.‬‬ ‫ويوم ‪ 21‬يونيه هو يوم‬ ‫االنقالب الصيفي‪ ،‬حيث‬ ‫يقوم طالب القرن الحادي‬ ‫والعشرين بعمل تجربة‬ ‫إيراتوستينس بساحة المكتبة‬ ‫وأسوان بجنوب مصر لقياس‬ ‫محيط األرض‪ .‬كما يشارك‬ ‫عدد من طالب المدارس‬ ‫بفرنسا‪ ،‬واألرجنتين‪ ،‬وإسبانيا‬ ‫لتبادل نتائج القياس عن‬ ‫طريق البث المباشر‪.‬‬

‫ّ‬ ‫الكشاف‬

‫لوفر أبو ظبي في لوفر باريس‬ ‫«والدة متحف» هو العنوان الذي اختاره متحف‬ ‫اللوفر في باريس للمعرض الذي يقيمه حالياً ويستمر‬ ‫حتى ‪ 28‬يوليو‪ .‬حيث يستضيف مجموعة مختارة من‬ ‫مقتنيات مشروع متحف «لوفر أبو ظبي» الجاري‬ ‫إنشاؤه‪ ،‬والذي يتوقع افتتاحه في شهر ديسمبر من‬ ‫هذا العام‪.‬‬ ‫يضم المعرض مئة وخمسين تحفة من مقتنيات‬ ‫الماراتي‪ ،‬تنتمي إلى حضارات وثقافات‬ ‫المتحف إ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫من مشارق الرض ومغاربها‪ ،‬من تمثال لميرة من‬ ‫آسيا الوسطى يعود إلى نهاية أ‬ ‫اللف الثالث قبل‬ ‫الميالد‪ ،‬وصوال إلى تسع لوحات للرسام أ‬ ‫المريكي‬ ‫ً‬ ‫اليطالية‬ ‫المعاصر ساي تومبلي‪ ،‬مروراً ببعض الحلي إ‬ ‫من العصر الوسيط ولوحات زيتية لكبار أ‬ ‫الساتذة‬ ‫أ‬ ‫الوروبيين مثل جوردانز ومانيه وبيكاسو‪.‬‬ ‫ومعلوم أن مشروع متحف «لوفر أبو ظبي» هو‬ ‫مشروع متحف موسوعي‪ ،‬يحتضن أعماال ً وتحفاً من‬ ‫كل ثقافات العالم‪ ،‬وهو بذلك سيكون أ‬ ‫الول من نوعه‬ ‫في البالد العربية‪.‬‬ ‫ويقول منظمو المعرض إنه سيشكِّل مناسبة تسمح‬ ‫للجمهور الفرنسي وآالف السياح الذي يرتادون باريس‬ ‫في هذه الفترة من السنة‪ ،‬باالطالع على هذه الثروة‬ ‫الثقافية التي ُجمعت على مراحل‪ ،‬وأيضاً إلقاء نظرة‬ ‫على هذا المشروع ككل بجانبيه المعماري والثقافي‪.‬‬


‫‪23 | 22‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫قول في مقال‬

‫‪...‬إلى التراث‬ ‫نعود‬ ‫كميل ّ‬ ‫حوا‬ ‫ف‬ ‫تفس�ه لعدم نجاح صناعة‬ ‫ي� محاولة ي‬ ‫ف‬ ‫السيارات اليابانية ي� المحافظة عىل حصة‬ ‫كب�ة وثابتة ف ي� فئة السيارات الفاخرة‪ ،‬وعودة الغلبة‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫للسيارات الوروبية واللمانية منها بنوع خاص‪ ،‬قال‬ ‫السيد تويودا مدير مجموعة تويوتا‪ ،‬كلمة موجزة‪,‬‬ ‫مفادها أن لتلك الماركات تراثاً طويالً‪.‬‬ ‫فالذين كانوا عىل دراية بصناعة السيارات خالل‬ ‫ت‬ ‫«ال� لها‬ ‫العقود الماضية ويعرفون السيارات ي‬ ‫تراث»‪ ،‬فوجئوا بذاك الظهور المفاجئ والمبهر‬ ‫ت‬ ‫متحدية‬ ‫ال� دخلت السوق‬ ‫ّ‬ ‫للسيارات اليابانية ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫باع�از عىل سدة الفئة الوىل‪ .‬ي ن‬ ‫بع� ت ز‬ ‫الم� ي ن‬ ‫وح�‬ ‫القت هذه السيارات إقباال ً واسعاً من جهة‪ ،‬سلّم‬ ‫البعض بهذه الغلبة أمام حقيقة أن هذه السيارات‬ ‫الجديدة ي ّ ز‬ ‫وبكث� من‬ ‫بتفوق تكنولوجي ي‬ ‫تم�ت ّ‬ ‫ف‬ ‫المزايا‪ .‬بينما استمر البعض ي� التشكيك بدوام‬ ‫هذا النجاح‪ ،‬ألن ف ي� أعماق أنفسهم كانت هناك‬ ‫هذه القناعة بأن السيارات أ‬ ‫الخرى لديها تراث‪ .‬وال‬ ‫سيهز رأسه مبتسماً‬ ‫شك أن َم ْن يسمع قولهم هذا‬ ‫ّ‬ ‫بالموافقة!‬ ‫وما حدث ف ي� سوق السيارات حدث ما يشبهه ف ي� سوق‬ ‫الساعات أيضاً‪ .‬فعندما غزت الساعات اليابانية سوق‬ ‫كب�ة راسخة‪ ،‬شاعت‬ ‫الساعات طاردة منها أسماء ي‬ ‫قناعة بأن زعيمة صناعة الساعات التاريخية سويرسا‬ ‫عىل أفول‪ .‬وعىل الرغم من أن الساعات اليابانية‪،‬‬ ‫كما السيارات‪ ،‬احتفظت بالغلبة ف ي� سوق الساعات‬ ‫المتوسطة‪ ،‬إال أن الماركات السويرسية عادت‬ ‫ّ‬ ‫كب�اً من السوق ت‬ ‫ً‬ ‫ال� كانت‬ ‫ا‬ ‫جزء‬ ‫فقط‬ ‫ليس‬ ‫واستعادت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫لها بالكامل‪ ،‬بل أيضاً بريق الزعامة وسمعة الجودة‬ ‫أ‬ ‫والناقة‪.‬‬ ‫ولربما نشاهد نحن آ‬ ‫الن منتجات قد تكرس القاعدة‪:‬‬ ‫والجوال وتوابعهما‪ .‬إنها منتجات ال يضاهي‬ ‫الكمبيوتر‬ ‫ّ‬ ‫عمرها عمر السيارة أو الساعة‪ .‬فقد تزامن االنتشار‬ ‫الواسع للجوال‪ ،‬الذي احتلت ش�كة فنلندية‪ ،‬يغ�‬ ‫الك�ى لسوقه‪ ،‬مع‬ ‫معروفة سابقاً‪ ،‬الريادة والحصة ب‬

‫ئ‬ ‫النها�‬ ‫وما يعزز هذه السمعة ليس فقط المستخدم‬ ‫ي‬ ‫أو المستهلك‪ ،‬بل كذلك التقنيون والذين يتولون‬ ‫ويعزز‬ ‫أعمال الصيانة إ‬ ‫والصالح‪ .‬كذلك مما يعود ِّ‬ ‫ن‬ ‫السن� التجديدات‬ ‫ترسخ بع� ي‬ ‫هذا االنطباع الذي ّ‬ ‫ت‬ ‫ال� يُدخلها المص ِّنع إىل المنتج‪ .‬وهذه‬ ‫إ‬ ‫والضافات ي‬ ‫تحسن وتس ّهل االستخدام من جهة‪،‬‬ ‫التجديدات ِّ‬ ‫ين‬ ‫تكون لديهم ذاك‬ ‫لكنها أيضاً تؤكد لنا‬ ‫كمستهلك� َّ‬ ‫الوالء‪ ،‬أن أصحاب الصناعة ساهرين عليها وعىل‬ ‫كث�اً ما تتكلل هذه‬ ‫جودتها وتطويرها‪ .‬وبالطبع ي‬ ‫الصورة الراسخة‪ ،‬بأن يرى الناس أن من يستخدمون‬ ‫المنتج إياه هم بدورهم أصحاب مكانة وحسن‬ ‫اختيار‪ ..‬ومع مرور الزمن يصبح المنتج مطبوعاً‬ ‫بمكانة اجتماعية‪.‬‬

‫طرح أول سيارة يابانية فاخرة مع َّززة بمزايا تكنولوجية‬ ‫الوىل أ‬ ‫متفوقة لتنافس سيارات الفئة أ‬ ‫الوروبية‪ .‬وقد‬ ‫آ‬ ‫ض‬ ‫حوال ربع قرن من الزمن‪ .‬لكن‬ ‫م� عىل ذلك الن ي‬ ‫الجوال الرائدة لم تحمها ريادتها وال ت‬ ‫ال�اث‬ ‫مص ّنعة ّ‬ ‫كونته أمام االبتكارات التكنولوجية‬ ‫الحقيقي الذي ّ‬ ‫للجواالت الذكية‪ .‬عىل أ‬ ‫القل ت‬ ‫ح� إشعار آخر‪ .‬وال‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫الجواالت الذكية من بالد ابتكار الكمبيوتر‪،‬‬ ‫ح� ّ‬ ‫استطاعت أن تبقى أ‬ ‫الوىل وتحافظ عىل الصدارة �ف‬ ‫ي‬ ‫بال�كة الكورية ت‬ ‫المبيعات‪ ،‬إذ ش‬ ‫تخ�ق المجال وتفوز‬ ‫الك�ى‪.‬‬ ‫بالحصة ب‬ ‫ماذا يجعل لمنتج ما تراثاً؟ يمكننا أن نبدأ التعريف‬ ‫ال�اث هو بالتأكيد ث‬ ‫بالقول إن ت‬ ‫أك� من سمعة‪.‬‬ ‫صحتها أم ال‪ .‬أما إذا‬ ‫السمعة ظرفية‪ .‬قد تثبت ّ‬ ‫يتكون للمنتج‬ ‫ثبتت‪ ،‬مرة تلو مرة‪ ،‬حينذاك يبدأ ّ‬ ‫تراث‪ .‬وعىل مر ي ن‬ ‫السن�‪ ،‬تت� ّسخ هذه السمعة ف ي� كون‬ ‫المنتج يتمتع بمزايا مثل متانة الصنع‪ ،‬وجودة المواد‬ ‫المستخدمة فيه‪ ،‬وكونه قليل أ‬ ‫العطال‪ ،‬بل إنه كمنتج‬ ‫متكامل فإنه يحمل موثوقية تفوق تفاصيله وتجعله‬ ‫موضع إعجاب وثقة‪ ...‬تظهر ف ي� الكل كما تظهر ف ي�‬ ‫أ‬ ‫الجزاء‪.‬‬

‫ت‬ ‫يأ� ت‬ ‫«ال�اث» هذا‪ ،‬وكيف يتدخل لينقذ‬ ‫لكن من أين ي‬ ‫ت‬ ‫يأ� من حيث‬ ‫صناعة مهددة باالنقراض؟ ال شك أنه ي‬ ‫ت ف‬ ‫ن‬ ‫وط� شامل‪ ،‬ترعرع ف ي�‬ ‫أ� ي� البداية‪ ،‬من ّ‬ ‫تطور فكري ي‬ ‫أروقة العلم والمعرفة‪ ،‬داخل الجامعات وخارجها‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الجادة‬ ‫ويأ� من سلسلة قيم ي� العمل مثل حب إ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫بالرادة‬ ‫ويأ� من ثقة عميقة وراسخة إ‬ ‫إ‬ ‫والتقان‪ .‬ي‬ ‫النسانية ت‬ ‫ال� اختارت السعي الذي ال يمل وال‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫للمحافظة عىل مستوى أ‬ ‫الداء وتجاوزه‪ .‬ويأ�ت‬ ‫يكل‪،‬‬ ‫ي‬ ‫من حس مرهف بكيف يكون المنتج ث‬ ‫أك� تجاوباً مع‬ ‫ت‬ ‫ويأ�‬ ‫حاجة المستخدم وراحته وسالمته واستمتاعه‪ .‬ي‬ ‫من قناعة قويّة بأن هناك دائماً فرصة الكتشاف‬ ‫تجديد ف ي� المنتج يساعد ف ي� حملة استعادته لسمعته‪.‬‬ ‫ويشمل هذا كله نظرة إىل الشكل كما إىل المضمون‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� لها تراث هي ككل ال يتج ّزأ‪ .‬وبالطبع‪،‬‬ ‫فالمنتجات ي‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫نادراً ما يكون هذا ال�اث ل�كة واحدة أو لمنتج‬ ‫بمس�ة حضارية تتجاوز ح�ت‬ ‫واحد‪ ،‬بقدر ما يتصل ي‬ ‫دولة أو منطقة ف ي� دولة‪ .‬وإذا ما حافظ بلد عىل هذه‬ ‫الخصائص ي ز‬ ‫والم�ات من القيم والرؤى يستطيع أن‬ ‫المهددة‪،‬‬ ‫يستنهضها لتعيد صياغة كل مالمح صناعاته َّ‬ ‫ت‬ ‫لك تستعيد مكانتها‪.‬‬ ‫ال� تأخذ منها الدفعة المطلوبة ي‬ ‫ي‬ ‫هكذا يفعل ت‬ ‫التفوق وإليه‬ ‫ال�اث‪ ،‬الذي به يبدأ ّ‬ ‫يعود‪..‬‬


‫علوم وطاقة‬

‫من طاقة الخيال‬ ‫إلى طاقة الرياح‬

‫تح� آ‬ ‫ض‬ ‫«اللة» ف ي� هذا العدد بقوة بع� عدة أقسام ومحاور‪ .‬ويمكننا أن‬ ‫نَ ُع ّد هذا نز‬ ‫بم�لة ش‬ ‫مؤ� عىل توتر قد يشوب عالقتنا بهذا المنتج الذي‬ ‫أ‬ ‫صنعناه‪ ،‬وها هو يهدد باحتالل وظائفنا وسلب مصدر رزقنا‪ .‬عىل القل‬ ‫يست�ف مستقبلنا مع آ‬ ‫هذا هو ما يجادل به هادي فقيهي الذي ش‬ ‫الالت من‬ ‫منظور سوق العمل‪.‬‬ ‫ف‬ ‫عىل صعيد مختلف تماماً‪ ،‬يخوض مقال (العلم خيال) ي� حلم إنتاج‬ ‫زي يآل مشابه لما قرأناه وشاهدناه ف ي� حكايا «الرجل الحديدي»‪ ،‬أما د‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فكتور سحاب يف�وي لنا قصة حياة آلة مختلفة هي السيارة الكهربائية‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫يس�ها الوقود‬ ‫ال� يبدو أن عقبات ت َّ‬ ‫ال� ي ّ‬ ‫ش� تمنع إحاللها مكان السيارة ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الهيدروكربو�‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ولمناسبة الحديث عن الوقود‪ ،‬فإن مقال زاوية الطاقة ي� هذا العدد الذي‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫تعا� هي‬ ‫وال� ي‬ ‫كتبه يارس فقيه يستعرض هموم الطاقة المو ّلدة بالرياح ي‬ ‫أ‬ ‫الخرى من تحديات ت‬ ‫اس�اتيجية وبيئية جديرة بالفهم‪.‬‬ ‫منتجنا ف ي� هذا العدد هو‪ ،‬بطبيعة الحال‪ ،‬يآل لكنه ربما يعد مسؤوال ً عن‬ ‫ض ف‬ ‫ت‬ ‫ال� تأخذنا إليها خاتمة القسم ف ي�‬ ‫ازدهار المساحات الخ�اء ي� بيئاتنا‪ ،‬ي‬ ‫ين‬ ‫بالقطب�؟‬ ‫عم� طيبة‪ :‬ماذا لو ذاب الجليد المركوم‬ ‫مقالة يسأل فيها ي‬ ‫د‪ .‬أشرف فقيه‬

‫‪26‬‬

‫روبوتات القرن الـ ‪ ..21‬كفاءة‬ ‫لآللة وبطالة للبشر‬

‫‪30‬‬

‫السيارة الكهربائية‪ ...‬محاولة‬ ‫عمرها قرنان‬

‫‪37‬‬

‫ّ‬ ‫الحل‬ ‫طاقة الرياح‪ :‬بين‬ ‫واإلشكالية‬


‫‪25 | 24‬‬

‫علوم‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫تبدو الروبوتات بصورتها السينمائية القريبة‬ ‫من أشكال البشر وحركاتها اآللية والدقيقة‪،‬‬ ‫آالت تتحلى بقدر من اللطف والقدرة‬ ‫ّ‬ ‫وتستحق التصفيق‬ ‫على جذب االنتباه‬ ‫أمام محاولتها البطيئة لتهجئة الحروف‬ ‫والكلمات‪ .‬إنها المنتج الذي يثير اعتداد‬ ‫إنسان الثورة الصناعية والمعلوماتية بذاته‬ ‫وقدرته على اإلنجاز واالبتكار‪.‬‬ ‫غير ّ‬ ‫أن لحظة الفخر نفسها تكشف عن‬ ‫مفارقة ساخرة‪ .‬فالتطبيقات المتالحقة‬ ‫للروبوتات ال تكشف عن إتقان اإلنسان‬ ‫فحسب‪ ،‬وإنما عن عيوب طبيعته البشرية‬ ‫وقصوره‪ .‬فهذه الروبوتات ُوجدت ً‬ ‫أوال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫محدودا من الوظائف التي‬ ‫نطاقا‬ ‫لتؤدي‬ ‫ال يستطيع البشر تنفيذها بكفاءة عالية‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫خطرا عليهم‪ ،‬ولكنها تعد اليوم‬ ‫تشكل‬ ‫أو‬ ‫ِّ‬ ‫باحتالل ثالثة أرباع المهن التي تشكل‬ ‫مصدر دخل غالبية سكان الكوكب‪ .‬فاآلالت‬ ‫التي ال تأكل وال تستريح وال تنام‪ ،‬ستترك‬ ‫البشر خلفها في سباق إلى دفع المنتجات‬ ‫إلى سوق العمل بأسرع وقت وبأعلى كفاءة‬ ‫ّ‬ ‫وأقل تكلفة‪ .‬وهو سباق عمره يتجاوز المئة‬

‫عام منذ قرر اإلنسان أن يحاكي اآللة في‬ ‫ّ‬ ‫ولكن لحظته الفارقة تحدث اآلن‪.‬‬ ‫تصرفاته‪،‬‬

‫هادي فقيهي‬

‫ربوتات القرن الـ ‪21‬‬

‫كفاءة لآللة‬ ‫وبطالةللبشر‬


‫النسان‬ ‫التايلورية‪ ..‬إ‬ ‫الروبوت‬

‫في مطلع القرن العشرين‬ ‫الميالدي كان ّثمة مهندس‬ ‫ميكانيكي أمريكي اسمه فريدريك تايلور يعمل‬ ‫بشكل جا ّد على حل إحدى أهم المعضالت التي‬ ‫تواجه المنجز البشري في حينه‪ .‬لم تكن تلك‬ ‫المعضلة تتعلق باالحتباس الحراري أو بمعدالت‬ ‫البطالة المتزايدة أو بالنمو السكاني‪ ،‬بل كانت‬ ‫إشكالية وليدة عصر الثورة الصناعية الذي استطاع‬ ‫النتاج الصناعي من الجهد‬ ‫بفضل تحويل عملية إ‬ ‫اليدوي إلى آ‬ ‫اللة‪ ،‬من اتساع نهم أرباب رأس المال‬ ‫نحو العثور على مزيد من المواد الخام ومزيد من‬ ‫خطوط النتاج ومزيد من أ‬ ‫السواق‪ ،‬وفوق ذلك‬ ‫إ‬ ‫كله مزيد من العاملين الجاهزين إلدارة عجلة هذه‬ ‫المصانع‪.‬‬ ‫وبينما لم يتوقف النجاز الوحيد آ‬ ‫لللة على احتاللها‬ ‫إ‬ ‫النتاج‪،‬‬ ‫للوظائف القديمة للبشر عند زيادة معدالت إ‬ ‫بل أيضاً في تحقيق ذلك بكفاءة أعلى‪ ،‬كان فريدريك‬ ‫تايلور منشغال ً برفع مستوى كفاءة العاملين الذين‬ ‫يديرون هذه آ‬ ‫الالت أو يزودونها بالمواد الخام‪ .‬ففي‬ ‫نظر تايلور كان تدنّي مستوى كفاءة العمال والجهد‬ ‫وطنية تقف عقبة أمام‬ ‫البشري المهدور‪،‬‬ ‫مشكلة ّ‬ ‫آ‬ ‫والنسان التي كانت أهم‬ ‫عملية التزاوج بين اللة إ‬ ‫سمات الثورة الصناعية‪ .‬آ‬ ‫فلللة نمط وتكرار محددان‬ ‫بتزامن دقيق واستغالل تام للوقت‪ .‬ولكن العاملين‬ ‫الذين يديرونها لم يكونوا يحملون شيئاً من تلك‬ ‫الصفات‪.‬‬ ‫كان تايلور‪ ،‬الذي توفي في العام ‪1915‬م وفي يده‬ ‫عداد الوقت‪ ،‬يؤمن بأنه يمكن هندسة الطريقة التي‬ ‫َّ‬ ‫آ‬ ‫يتم برمجة الالت‪،‬‬ ‫يؤ ّدي بها العاملون مهامهم‪ ،‬كما ّ‬ ‫عداد وقت يحدد الوقت المطلوب‬ ‫وذلك باستخدام َّ‬ ‫إلنجاز كل مهمة‪ ،‬وبتقسيم عملية التصنيع المعقدة‬ ‫إلى مجموعة من المهام الصغيرة وتوزيعها على‬ ‫العاملين في المصنع لتؤ ّدى بتزامن وتناوب دقيق‪.‬‬ ‫واعتبر تايلور أن الجهد البشري يمكن تصنيفه كعلم‬ ‫يجب تحليله ودراسته وإجراء التجارب عليه للوصول‬ ‫إلى طريقة واحدة مثلى لتأدية هذا الجهد‪.‬‬ ‫قدم أفكاره في نظرية ُعرفت‬ ‫لقد أحدث تايلور الذي ّ‬ ‫الدارة العلمية أو إدارة المهام‪ ،‬ثورة كبرى‬ ‫باسم إ‬ ‫في مفهوم إدارة الموارد البشرية عبر دفع المديرين‬ ‫الذين لم يكن يعنيهم ما هو أكثر من مراقبة الناتج‬ ‫التدخل في طبيعة جهد‬ ‫النهائي للمصانع‪ ،‬إلى ّ‬ ‫العاملين وتقرير طريقة واحدة إلنجاز الجهد‪ ،‬ومن‬ ‫ثم إلزام العاملين به دون ترك أ‬ ‫المر الجتهاداتهم‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫الفردية في تقرير الوسيلة الفضل لتحقيق الغاية‬ ‫المشتركة‪.‬‬

‫لم يكن تايلور خبيراً نفسياً أو اجتماعياً‪ ،‬وإنما كان‬ ‫عداد‬ ‫مهندساً ماهراً يعتقد أن العالم يعمل وفق َّ‬ ‫آ‬ ‫النسان في سبيل‬ ‫وقت‪ ،‬وأنه ال فرق بين اللة أو إ‬ ‫الوصول إلى هدف الكفاءة المثلى‪ .‬وقد اتسمت‬ ‫أفكاره في إدارة العاملين بالتقليل من شأن قدراتهم‬ ‫العقلية‪ ،‬وتقدير جهدهم البدني الذي يجب أن يتبع‬ ‫ما يقرره مديرو ومالكو المصانع‪ .‬وتُنسب إليه مقولة‬ ‫«دع عقلك عند بوابة المصنع»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫الدارية التي قدمها تايلور‬ ‫استطاعت الساليب إ‬ ‫سد فجوة عانت منها الثورة الصناعية‪.‬‬ ‫بشكل سريع ّ‬ ‫ونقلت المصانع إلى مستوى أعلى من الكفاءة‪،‬‬ ‫ونظمت عالقات المديرين والعاملين‪ .‬وسرعان ما‬ ‫وعدت‬ ‫نشأ مصطلح إداري جديد يعرف بالتايلوريّة‪َّ ،‬‬ ‫الفكار في المجتمع أ‬ ‫إحدى أهم أ‬ ‫المريكي منذ‬ ‫كتابة أ‬ ‫الوراق الفيدرالية التي حددت منهج السياسة‬ ‫أ‬ ‫المريكية‪.‬‬ ‫غير ّأن أسطورة تايلور لم تستمر طويالً‪ .‬ففي حين‬ ‫استطاعت نظريته أن تجلب مزيداً من المال إلى‬ ‫جيوب مالّك المصانع ومزيداً من المنتجات إلى‬ ‫أ‬ ‫السواق في وقت ّ‬ ‫أقل وبجودة أعلى‪ ،‬إال أنها فشلت‬ ‫في إرضاء العاملين على الرغم من أنها وعدت‬ ‫بجعلهم أسعد وأغنى‪ .‬والسبب هو أن العاملين‬ ‫لم يرق لهم أن يُعاملوا كآالت أو روبوتات تنفّذ‬ ‫محددة الوقت والتكرار‪ .‬وكان لتجارب‬ ‫مهام روتينية َّ‬ ‫«هوثرون» التي قام بها باحثون من جامعة هارفارد‬ ‫في عشرينيات وثالثينيات القرن الميالدي الماضي‪،‬‬ ‫أهمية العالقات االجتماعية‬ ‫دوراً رئيساً في الكشف عن ّ‬ ‫في بيئة العمل‪ ،‬على صعيد زيادة إالنتاجية‪ .‬وهو ما‬ ‫كان قد سعى إليه تايلور‪ ،‬ولكن عبر جعل إالنسان في‬ ‫سباق محاكاة مع آ‬ ‫اللة‪ .‬ورغم أن تايلور أحدث أثراً‬ ‫باقياً في بيئات العمل عبر تقديمه أول جهد علمي في‬ ‫مجال إدارة الموارد البشرية‪ ،‬إال أنه وبعد مرور قرابة‬

‫فإن التايلورية هي أسوأ صفة‬ ‫مئة عام على وفاته‪ّ ،‬‬ ‫يمكن أن يتسم بها أي مدير تنفيذي‪ .‬وعلى العكس‬ ‫تماماً مما روج له تايلور‪ ،‬يتسابق المديرون التنفيذيون‬ ‫في القرن الحادي والعشرين إلى منح صالحيات أكثر‬ ‫تنوع بيئة العمل وأنسنة‬ ‫للعاملين واالستفادة من ّ‬ ‫العالقة مع آ‬ ‫اللة‪.‬‬

‫النسان‬ ‫عصر الروبوت إ‬

‫في أربعينيات القرن العشرين كان أصحاب رأس‬ ‫المال والتنفيذيون قد أداروا ظهورهم ألفكار تايلور‪.‬‬ ‫إال أن البحث عن إدارة الوظائف البشرية بطريقة‬ ‫توازي التقان الدقيق آ‬ ‫لللة وتتجاوز عيوب البشر‬ ‫إ‬ ‫وقصورهم‪ ،‬لم يتوقف عند مراقبة العاملين بواسطة‬ ‫النسان قد فشل في التحول‬ ‫عداد الوقت‪ .‬فإذا كان إ‬ ‫َّ‬ ‫فإن السباق نحو تصميم الروبوت‬ ‫إلى روبوت‪ّ ،‬‬ ‫النسان كان قد بدأ للتو‪.‬‬ ‫إ‬ ‫تعد تقنية خط التجميع التي ابتكرها هنري فورد في‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫دق على هذا التحول‪.‬‬ ‫نهاية العام ‪1913‬م المثال ال ّ‬ ‫فهذه التقنية التي بدأت في مصانع السيارات عبر‬ ‫تقسيم عملية التصنيع المعقدة إلى مجموعة من‬ ‫المهام الصغيرة يؤديها عدد كبير من العاملين‪ ،‬كانت‬ ‫تطبيقاً حرفياً ألفكار تايلور التي طرحها في كتابه‬ ‫الدارة العلمية‪ .‬وعلى طول هذا الخ ّط يقف‬ ‫مبادئ إ‬ ‫ً‬ ‫عشرات العاملين جنبا إلى جنب يؤ ّدون مهام بسيطة‬ ‫التعقيد وتتطلب مستوى دقيقاً في التنفيذ‪ ،‬وبتكرار‬ ‫البد‪ ..‬إنه التعريف أ‬ ‫يبدو وكأنه مستمر إلى أ‬ ‫المثل‬ ‫ّ‬ ‫للملل!‬ ‫لذا‪ ،‬لم يكن حدثاً استثنائياً أن يكون أول ظهور‬ ‫للروبوتات الحديثة في بيئات العمل‪ ،‬عبر خ ّط‬ ‫التجميع نفسه الذي شهد المحاوالت أ‬ ‫الولى إلعادة‬ ‫تصميم تصرفات البشر على نحو آلي‪ .‬ففي العام‬ ‫‪1961‬م ظهر الروبوت «‪ »Ultimate‬الذي كان أول‬


‫‪27 | 26‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫ويبدو أن رحلة البحث عن الكفاءة في بيئة العمل‬ ‫التي بدأها تايلور قبل مئة عام قد بلغت لحظتها‬ ‫الفارقة للتو‪ .‬وإن كان الرقم السابق يبدو مزعجاً‪،‬‬ ‫فإن توقعات أخرى تحذِّ ر من عالم تصل فيه‬ ‫معدالت البطالة إلى ‪ %75‬بنهاية هذا القرن‪ ،‬إذا ما‬ ‫أتيح للروبوتات فرصة شغل كل وظيفة يمكن لها أن‬ ‫تؤديها بشكل أفضل من البشر‪ .‬فالسيارات التي تعمل‬ ‫دون سائق‪ ،‬سترمي بأربعة ماليين شخص يعملون‬ ‫كسائقي مركبات في الواليات المتحدة إلى الشارع‬ ‫دون وظائف ودون مركبات كذلك‪ .‬إضافة إلى سبعة‬ ‫ماليين وظيفة في مجال إدخال البيانات والتحليل‬ ‫المالي تنتظر الروبوتات التي قطعت شوطاً في مجال‬ ‫اكتساب الذكاء الصناعي الالزم لتشغيلها في القريب‬ ‫العاجل‪.‬‬

‫لقد وضع تايلور الذي ربما لم‬ ‫يشاهد روبوتاً واحداً في حياته‪،‬‬ ‫المبادئ التي أطلقت مارد‬ ‫الروبوتات من قمقمه‪ ،‬من أجل‬ ‫تنظيم القوة البشرية‬

‫روبوت رقمي يمكن إعادة برمجته‪ ،‬في مصنع لشركة‬ ‫جنرال موترز‪ .‬وكان عمله يتلخص في التقاط قطع‬ ‫المعدن الساخن من قوالب الصهر وتجميعها‪ .‬واليوم‬ ‫تعمل ‪ %90‬من الروبوتات في خطوط التجميع في‬ ‫المصانع‪ ،‬ونصفها يعمل في مصانع السيارات‪.‬‬ ‫هذه الروبوتات وإن كانت ال تظهر حسب الصورة‬ ‫السينمائية في شكل مقارب للبشر‪ ،‬وإنما هي آالت‬ ‫ميكانكية بأذرع وعجالت ولكنها جميعها تتفق في‬ ‫عملها بشكل آلي وقابليتها للبرمجة والتحكم بها‬ ‫بواسطة الكمبيوتر لتنفيذ مهام يؤ ّديها البشر عادة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫هم من ذلك قدرتها على تحقيق الكفاءة التي‬ ‫وال ّ‬ ‫يعجز عنها البشر‪.‬‬

‫البشر‪ ..‬أقل ّية في كوكبهم‬

‫أعمال خطرة أو روتينية جداً‪ ،‬هاتان هما الصفتان‬ ‫اللتان دعتا الروبوتات إلى بيئات العمل البشرية‪.‬‬ ‫ولكن يبدو أن هذه الروبوتات قد أعجبتها الحفلة‬ ‫أكثر مما تستوجب الدعوة‪ .‬فإضافة إلى خوف البشر‬ ‫السامة وغيرها‬ ‫من بيئات العمل المشبعة بالغازات ّ‬ ‫من المخاطر‪ ،‬ومللهم السريع من أ‬ ‫العمال اليدوية‬ ‫فإن معظهم ال يحبذون االستيقاظ في‬ ‫الروتينية‪ّ ،‬‬ ‫ساعات الصباح الباكر أو العمل في نهاية أ‬ ‫السبوع‪،‬‬ ‫ويرغبون دائماً في مزيد من استراحات القهوة‬ ‫والجازات السنوية والعالوات في الرواتب‪ .‬مطالب‬ ‫إ‬ ‫أي منها! وإن كنت تعتقد‬ ‫ال تشاركهم الروبوتات في ّ‬ ‫أن التفوق العقلي للبشر يجعلهم في موضع ال‬ ‫يستوجب الخشية من غزو الروبوتات‪ ،‬فربما حان‬ ‫الوقت لتعيد التفكير فيما إذا كان لروبوت أن يؤ ّدي‬ ‫وظيفتك الحالية بكفاءة أعلى‪ .‬فقد كشفت دراسة‬ ‫أجراها باحثون من جامعة أكسفورد لسوق العمل في‬ ‫الواليات المتحدة أ‬ ‫المريكية أن ‪ %47‬من الوظائف‬ ‫يمكن للروبوتات تأديتها بديال ً عن البشر‪.‬‬

‫لقد وضع تايلور الذي ربما لم يشاهد روبوتاً‬ ‫واحداً في حياته‪ ،‬المبادئ التي أطلقت مارد‬ ‫الروبوتات من قمقمه‪ ،‬من أجل تنظيم القوة‬ ‫البشرية العاملة حول روتين يبسط العمل ويجعله‬ ‫أكثر إنتاجية‪ .‬وعلى هذا أ‬ ‫الساس قام االقتصاد‬ ‫أ‬ ‫البشري في معظمه على مفهوم الروتين والنماط‬ ‫أن هذا النوع‬ ‫المحددة سلفاً وتوزيع المهام‪ .‬غير ّ‬ ‫من االقتصاد الذي كان سبيال ً لتحقيق الكفاءة‬ ‫في القرن الفائت‪ ،‬سيكون عائقاً أمامها في ّ‬ ‫ظل‬ ‫وجود آالت صنعت من أجل الروتين ذاته‪ .‬وال‬ ‫يتوقف ذلك الروتين عند خ ّ‬ ‫ط التجميع أو التقاط‬ ‫قطع المعدن الساخنة‪ ،‬بل ربما يصبح الروبوت‬ ‫هو رئيسك في العمل الذي ال تقوى على تجاوز‬ ‫أوامره‪ .‬ففي شهر مايو من هذا العام قامت شركة‬ ‫استثمار يابانية بتعيين روبوت يُدعى «فيتال»‬ ‫(‪ )Vital‬كأحد أعضاء مجلس إدارتها‪ ،‬وسيملك قريباً‬ ‫حقاً في التصويت مماثال ً لبقية أعضاء مجلس‬ ‫الدارة‪ .‬والسبب في ذلك أن الروبوت فيتال بلغ‬ ‫إ‬ ‫مستوى من الذكاء الصناعي يمكنه من قراءة قواعد‬ ‫أدق من البشر‪ ،‬ومن ّثم المساعدة‬ ‫البيانات بشكل ّ‬ ‫في اتخاذ قرارات استثمارية بناء على نتائج قراءته‬ ‫وتحليله‪.‬‬ ‫وعلى ضوء هذا المستوى الدقيق من الكفاءة التي‬ ‫وصلت إليها الروبوتات‪ ،‬ال تبدو مبالغة أن نستعرض‬ ‫أطروحة آرثر سي كالرك‪ ،‬مخترع أقمار االتصاالت‬ ‫الصناعية ومؤلف الرواية التي قام عليها ِفلم الخيال‬ ‫العلمي «‪ :2001‬أوديسا فضائية»‪ ،‬الذي قال في‬ ‫العام ‪1960‬م بأن التطورات التي تشهدها آ‬ ‫اللة‬ ‫ّ‬ ‫ستقلص ‪ %99‬من النشاط البشري‪.‬‬ ‫كان العام ‪2001‬م أقرب بكثير من توقعات كالرك‪،‬‬ ‫ولكن يبدو أن البشر في طريقهم إلى أن يصبحوا‬ ‫أقلية الواحد بالمائة في كوكبهم الوحيد الذي‬ ‫ّ‬ ‫يعرفون‪.‬‬


‫ثورة الروبوت لن تتوقف عند‬ ‫قطاع التصنيع والعمالة‬ ‫منخفضة التكلفة‪ .‬فباإلضافة‬ ‫إلى احتاللها للمصانع فإن‬ ‫ستحتل المكاتب‬ ‫ّ‬ ‫الروبوتات‬

‫الروبوتات ليست الحاضر ولكنه‬ ‫المستقبل‬

‫تبدو الصورة السابقة قاتمة في وجه الباحثين عن‬ ‫حصتهم من سوق العمل مستقبالً‪ .‬ولكنها صورة‬ ‫مبنية بالكامل على الوعود التي تبشر بها الثورة التي‬ ‫تجتاح قطاعات الروبوتات حالياً‪.‬‬ ‫فالروبوتات ال تزال عالية التكلفة ومعقدة التركيب‬ ‫والتشغيل ومحدودة في نطاق المهام التي تقوم‬ ‫بتنفيذها‪ .‬إضافة إلى أن غالبية الروبوتات ال تزال‬ ‫خطرة على البشر في بيئات عملهم‪ .‬وإلى أن‬ ‫تتحول الروبوتات من أجهزة معقدة إلى سهلة‬ ‫االستخدام‪ ،‬كما حدث مع أجهزة الكمبيوتر في‬ ‫أواخر القرن الماضي‪ ،‬فإن قطاع أ‬ ‫العمال سيواصل‬ ‫مطاردة أ‬ ‫السواق ذات العمالة الرخيصة كما ّ‬ ‫ظل‬ ‫يفعل دائماً‪ .‬متنقال ً من اليابان في أعقاب الحرب‬ ‫العالمية الثانية إلى كوريا ثم تايوان والصين والهند‬ ‫وبنغالديش‪ .‬وتبدو صورة ساخرة حين تعلم‬ ‫أن الروبوتات ما زالت تص ّنع وتجمع باستخدام‬ ‫أ‬ ‫اليادي البشرية‪ ،‬غير أن شركة ناشئة في وادي‬ ‫السيليكون تعد بتغيير كل ذلك‪ .‬ففي سبتمبر‬ ‫‪2012‬م قامت شركة «ريثينك روبوتيكس» بتصنيع‬ ‫روبوت صناعي يدعى «باكستر» (‪ )Baxter‬ال تتجاوز‬ ‫تكلفته ‪ 22‬ألف دوالر‪.‬‬ ‫ويتميز باكستر إضافة إلى تكلفته المنخفضة بسهولة‬ ‫ّ‬ ‫برمجته‪ ،‬حيث ال يتطلب استخدامه مهارات أكثر‬ ‫من تلك التي يتطلبها استخدام هاتف ذكي‪ .‬ويتمتع‬ ‫بعدد كبير من الحساسات التي تمكنه من أداء نطاق‬ ‫واسع من المهام في عملية التصنيع التي تتم‬ ‫في الغالب بواسطة العمالة رخيصة التكلفة‪ .‬كما‬ ‫يمكن لباكستر أن يشارك البشر بيئات عملهم دون‬ ‫أن يشكل خطراً عليهم باستثناء خطر أن يجعلهم‬ ‫لرب العمل!‬ ‫عديمي الفائدة ّ‬ ‫ولكن ثورة الروبوت لن تتوقف عند قطاع التصنيع‬ ‫فبالضافة‬ ‫والعمالة منخفضة التكلفة‪ .‬إ‬ ‫إلى احتاللها للمصانع فإن‬ ‫الروبوتات ستحتلّ‬ ‫المكاتب‪ ،‬أو ربما‬ ‫ستلغي الحاجة إليها‬ ‫والسر في ذلك‬ ‫كلياً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أن الجيل الجديد من‬ ‫الروبوتات ال يتوقف عند‬ ‫حدود تقسيم العمليات المعقدة‬ ‫إلى مجموعة من المهام الروتينية ومن ّثم‬ ‫تنفيذها‪ ،‬إذ إن قدرات الذكاء الصناعي تمكّن‬ ‫الروبوتات من تمييز أ‬ ‫النماط السائدة في مجموعة‬ ‫كبيرة من البيانات وتحليلها ومقارنتها والحكم‬ ‫عليها‪.‬‬

‫وكما ينبئ إيقاع الحاضر بواقع المستقبل‪ ،‬فالروبوتات‬ ‫ستتسلّق سلّم المهن‪ ،‬وصوال ً إلى تلك التي أمضى‬ ‫أصحابها سنوات طوال في مقاعد الدراسة والتدريب‬ ‫للوصول إليها‪ .‬ففي مجال المحاماة‪ ،‬يمكن لبرنامج‬ ‫النترنت أن يعتمد على آالف الوثائق المخ ّزنة‬ ‫على إ‬ ‫أ‬ ‫مسبقاً لتقديم نصائح قانونية لماليين الشخاص‬ ‫الذين لم يكن بمقدورهم استئجار خدمات محام‬ ‫إن قاعات المحاكم‬ ‫يرتدي سترة من ثالث قطع‪ .‬بل ّ‬ ‫نفسها ستنتقل من مبانيها القديمة ذات أ‬ ‫العمدة‬ ‫للبت في القضايا‬ ‫الرومانية‪ ،‬إلى فضاء إ‬ ‫النترنت ّ‬ ‫التي تتطلب أحكاماً روتينية‪ ،‬وقد بدأت محاكم‬ ‫في نيويورك وأستراليا بتجريب استخدام آ‬ ‫اللة في‬ ‫تصحيح سلوكيات البشر‪.‬‬ ‫وأما أ‬ ‫الطباء الذي يجبرونك حالياً على القيام بعدد‬ ‫ّ‬ ‫من الفحوصات عبر آالت لتقرير طبيعة حالتك‬ ‫الصحية سيجدون نفسهم في منافسة مع روبوتات‬ ‫ّ‬ ‫تقوم بقراءة نتائج تلك الفحوصات ومطابقتها مع‬ ‫قاعدة بيانات تحوي معظم أ‬ ‫المراض الشائعة‪.‬‬ ‫وهناك جائزة بمقدار عشرة ماليين دوالر تقدمها‬ ‫منظمة «اكس برايز» (‪ )XPrize‬ألول فريق يستطيع‬ ‫تصميم روبوت يمكنه تشخيص مجموعة من خمسة‬ ‫عشر مرضاً دون الحاجة إلى حضور مختص طبي‪.‬‬ ‫وإذا سلمنا بأن الروبوتات من شأنها تنفيذ مهام‬ ‫عال‪ ،‬فإن العمليات الجراحية تبدو‬ ‫دقيقة بإتقان ٍ‬ ‫تفوقه‪ .‬وقد قامت شركة‬ ‫مجاال ً مثالياً ليظهر الروبوت ّ‬ ‫في وادي السيلكون بتصميم نظام جراحي يدعى‬ ‫«دافنشي» (‪ )Davinci‬يمكن لجراح أن يتحكم به‬ ‫أ‬ ‫احية عن بعد‪.‬‬ ‫لداء عملية جر ّ‬ ‫والحال ال يختلف عند المعماريّين أو المهندسين أو‬ ‫المحللين الماليين وغيرها من مهن الطبقة الوسطى‪.‬‬ ‫فهاجس الكفاءة وتقليص التكلفة ال يستثني من‬ ‫عداد الوقت في يد فريدريك‬ ‫قائمته أحداً‪ ،‬ودقّات َّ‬ ‫تايلور تضبط إيقاع الجميع‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪29 | 28‬‬

‫علوم‬

‫ً‬ ‫جزءا من‬ ‫هل تحل السيارة الكهربائية‬ ‫مشكلة البيئة واالحتباس الحراري في‬ ‫العالم؟‬ ‫هل تستطيع السيارة الكهربائية أن تصل‬ ‫ً‬ ‫يوما إلى األداء الذي تؤديه السيارة العاملة‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫بالوقود األحفوري؟‬ ‫لقد أحاطت آمال كبيرة بالسيارة الكهربائية‪،‬‬ ‫ال سيما في العقود األخيرة من القرن‬ ‫الميالدي الماضي‪ ،‬حين بدأ الوعي‬ ‫بمشكالت البيئة ينتشر في العالم‪ .‬لكن‬ ‫ورديا تماما‪ً.‬‬ ‫ً‬ ‫سرعان ما بدا أن الحلم ليس‬ ‫فما هو تاريخ السيارة الكهربائية؟ ولم ال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مقنعا للسيارة الحاليّ ة؟‬ ‫بديال‬ ‫تمثل بعد‬

‫د‪ .‬فكتور سحاب‬

‫السيارة‬ ‫الكهربائية‪...‬‬ ‫محاولة‬ ‫عمرها قرنان‬


‫في سنة ‪1828‬م‪ ،‬صمم المجري‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مصغرا‬ ‫نموذجا‬ ‫أنيوس يدليك‪،‬‬ ‫لسيارة يحركها محرك كهربائي‬ ‫صممه بنفسه‬

‫في ‪1835‬م‪ ،‬صنع توماس‬ ‫ديفنبورت من براندون بوالية‬ ‫فيرمونت األمريكية سيارة‬ ‫كهربائية صغيرة‪ .‬واخترع‬ ‫ديفنبورت أول محرك كهربائي‬ ‫ّ‬ ‫المطرد‪.‬‬ ‫يعمل بالتيار‬

‫النماذج أ‬ ‫الوىل‬

‫ال نعرف بالضبط لمن يُنسب‬ ‫ت‬ ‫«اخ�اع» السيارة الكهربائية!‬ ‫ت‬ ‫المخ�عات‬ ‫والحق أن عدداً من‬ ‫َ‬ ‫المتفرقة أسهمت ف ي� ظهور هذه‬ ‫المركبة‪ .‬ففي سنة ‪1828‬م‪ ،‬صمم المجري أنيوس‬ ‫ئ‬ ‫كهربا�‬ ‫يحركها محرك‬ ‫ي‬ ‫يدليك‪ ،‬نموذجاً فمصغراً لسيارة ِّ‬ ‫ش‬ ‫ثالثينيات القرن التاسع ع� صنع‬ ‫و�‬ ‫ّ‬ ‫صممه بنفسه‪ .‬ي‬ ‫أ‬ ‫تتحرك بالكهرباء‪.‬‬ ‫عربة‬ ‫أندرسون‬ ‫روبرت‬ ‫السكتلندي‬ ‫َّ‬ ‫ف‬ ‫و� سنة ‪1835‬م ظهر نموذج مصغر آخر من‬ ‫ي‬ ‫ال�وفيسور ت‬ ‫س�اتينغ أوف‬ ‫العربة الكهربائية‪ ،‬صممه ب‬ ‫خروننغن‪ ،‬ف ي� هولندا‪ ،‬وص َّنعه له مساعده كريستوفر‬ ‫بيكر‪ .‬وكذلك ف ي� ‪1835‬م‪ ،‬صنع توماس ديفنبورت‬ ‫من براندون بوالية ف�مونت أ‬ ‫المريكية سيارة كهربائية‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫صغ�ة‪ .‬ت‬ ‫كهربا� يعمل‬ ‫محرك‬ ‫أول‬ ‫ديفنبورت‬ ‫واخ�ع‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫المتحول‪.‬‬ ‫بالتيار‬ ‫ِّ‬ ‫ف‬ ‫حسن كل من ديفنبورت‬ ‫ي� أسنة ‪1842‬م‪ّ ،‬‬ ‫والسكتلندي روبرت دافيدسون صناعة العربات‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫الكهربائية‪ ،‬باستخدام البطاريات الكهربائية‪ ،‬ي‬ ‫كانت قد ظهرت حديثاً‪ ،‬لكنها لم تكن بعد قابلة‬ ‫ت‬ ‫نس غاستون بالنت‬ ‫إلعادة الشحن‪ .‬ف واخ�ع الفر ي‬ ‫بطارية أفضل ي� تخزين الطاقة سنة ‪1865‬م‪ ،‬ثم‬ ‫ين‬ ‫تحس� البطارية سنة‬ ‫واصل مواطنه كميل فور‬ ‫ن‬ ‫تحس� قدرة‬ ‫‪1881‬م‪ .‬ولقد ظهر منذ البدء أن‬ ‫ي‬ ‫البطاريات عىل خزن الطاقة هو المفتاح أ‬ ‫الهم لصنع‬ ‫سيارة كهربائية عملية‪.‬‬

‫ف ي� أواخر القرن الميالدي التاسع ش‬ ‫ع�‪ ،‬كانت فرنسا‬ ‫ت‬ ‫ال� ساندت فكرة تصميم‬ ‫وبريطانيا أوىل الدول ي‬ ‫ف‬ ‫و� سنة ‪1899‬م‪،‬‬ ‫وتطوير السيارة الكهربائية‪ .‬ي‬ ‫حطمت سيارة سباق كهربائية سميت «الحانقة أبداً»‬ ‫(‪ )La Jamais Contente‬رقم الرسعة عىل اليابسة ف ي�‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�ات‬ ‫العالم‪ ،‬وهو ‪ 68‬ميال ً ف ي� الساعة (نحو ‪110‬‬ ‫ف ي� الساعة)‪ .‬وقد صممها كميل جناتزي‪.‬‬ ‫لم يعاود أ‬ ‫المريكيون االهتمام فعال ً بالسيارة‬ ‫الكهربائية‪ ،‬إال سنة ‪1895‬م‪ ،‬بعدما صنع أ‪ .‬ل‪.‬‬ ‫رايكر سيارة كهربائية بثالثة دواليب‪ ،‬وصنع وليام‬ ‫موريسون عربة تتسع لستة ركّاب‪ ،‬ظهرتا كالهما ف ي�‬ ‫سنة ‪1891‬م‪ .‬وتلت ذلك سلسلة تطورات تمثلت ف ي�‬ ‫ت‬ ‫«ال� ال‬ ‫ازدياد اهتمام العامة بالسيارة ذات المحرك ي‬ ‫تجرها الجياد»‪ ،‬واع ُتمدت سيارة موريسون عىل أنها‬ ‫أول سيارة كهربائية عملية‪ ،‬ف ي� تاريخ الصناعة‪.‬‬

‫سنوات االزدهار‬

‫مع انقالب القر ي ن‬ ‫ش‬ ‫ن� التاسع ش‬ ‫والع�ين‪ ،‬كانت‬ ‫ع�‬ ‫أمريكا ف ي� حال ازدهار‪ ،‬فراحت ش‬ ‫تنت� فيها السيارات‬ ‫ين‬ ‫الغازول�‪.‬‬ ‫العاملة بمحركات‪ ،‬سواء بالكهرباء أو‬ ‫ت‬ ‫سن� الذروة للسيارة‬ ‫وكانت السنتان ‪ 1899‬و‪1900‬م أ ي‬ ‫أ‬ ‫الكهربائية‪ ،‬إذ فاقت مبيعاتها كل النواع الخرى‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� شاعت سيارة فايتون «‪،»Phaeton‬‬ ‫ومن الطرز ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫كومبا� ي� شيكاغو‪.‬‬ ‫ال� صنعتها �كة وودز موتور‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وبلغ مجالها‪ -‬قبل إعادة شحن البطارية‪ -‬نحو ‪29‬‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�اً ف ي�‬ ‫كيلوم�اً‪ ،‬أما رسعتها القصوى فكانت ‪22,5‬‬

‫أمريك‪ .‬وفيما بعد‪ ،‬سنة‬ ‫الساعة‪ ،‬وثمنها ‪ 2000‬دوالر‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫بالغازول�‬ ‫‪1916‬م‪ ،‬صنع وودز سيارة هجينة تعمل‬ ‫والكهرباء معاً‪.‬‬ ‫كانت للسيارة الكهربائية ي ز‬ ‫م�ات عديدة عىل سيارة‬ ‫ين‬ ‫ش‬ ‫الغازول�‪ ،‬ف ي� أوائل القرن الع�ين‪ .‬إذ لم تكن تشكو‬ ‫ف‬ ‫االرتجاج والرائحة والضجيج‪ .‬وكان أصعب ما ي� قيادة‬ ‫ين‬ ‫مبدل الرسعة‪ ،‬أما السيارة‬ ‫سيارة‬ ‫تغي� ّ‬ ‫الغازول� ي‬ ‫الكهربائية فلم تكن تحتاج إىل مبدل رسعة‪ .‬وكانت‬ ‫السيارة العاملة بالبخار أيضاً ن‬ ‫بغ� عن مبدل الرسعة‪،‬‬


‫‪31 | 30‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫سنة ‪1916‬م‪ ،‬صنع وودز‬ ‫سيارة هجينة تعمل‬ ‫بالغازولين والكهرباء معا‪ً.‬‬

‫وكانت السنتان ‪ 1899‬و‪1900‬م سنتي‬ ‫الذروة للسيارة الكهربائية‪ ،‬إذ فاقت‬ ‫مبيعاتها كل األنواع األخرى‪ .‬ومن الطرز‬ ‫التي شاعت سيارة فايتون «‪»Phaeton‬‬ ‫لكنها كانت تحتاج إىل وقت طويل إلدارة المحرك‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ال�د‪ .‬وكان مجال‬ ‫قد يبلغ ‪ 45‬دقيقة ي� صباح أيام ب‬ ‫سيارة البخار أقرص من مجال السيارة الكهربائية‪ ،‬إذ‬ ‫تحتاج إىل ملء خزان الماء من جديد‪ .‬وكانت الطرق‬ ‫الوحيدة الجيدة ف ي� تلك السنوات‪ ،‬هي طرق المدن‪،‬‬ ‫أي إن السيارة الكهربائية كانت مثالية لهذه المسافات‬ ‫القص�ة‪ ،‬بسبب قرص مجالها‪ .‬وكان معظم الناس‬ ‫ي‬ ‫يفضلون السيارة الكهربائية ألنها لم تكن تحتاج إىل‬ ‫جهد يدوي من إجل إدارة المحرك‪ .‬وكان عىل سائق‬ ‫ين‬ ‫كب�اً بالمرفق (ذراع‬ ‫سيارة‬ ‫الغازول� أن يبذل جهداً ي‬ ‫التدوير)‪ ،‬ليدير محركه‪.‬‬ ‫وفيما كانت السيارة الكهربائية البسيطة تساوي نحو‬ ‫‪ 1000‬دوالر‪ ،‬كان معظم السيارات الكهربائية فخمة‪،‬‬ ‫كب� ومصنوعة الستخدام الطبقة ث‬ ‫وذات ت ن‬ ‫ال�ية‬ ‫م� ي‬ ‫من الناس‪ .‬كان داخلها مفروشاً فرشاً فاخراً‪ ،‬ولذا كان‬ ‫معدل سعرها سنة ‪1910‬م‪ ،‬يساوي ‪ 3000‬دوالر‬ ‫أمريك‪ .‬وظلت السيارات الكهربائية مطلوبة ت‬ ‫ح�‬ ‫ي‬ ‫ينيات من القرن ش‬ ‫ش‬ ‫الع�ين‪ ،‬متخطّية ذروة‬ ‫الع� ّ‬ ‫إنتاجها سنة ‪1912‬م‪.‬‬

‫أفول نجم السيارة الكهربائية‬

‫عىل الرغم من تعدد مزايا السيارة العاملة بالطاقة‬ ‫مص�ها كان إىل أفول‪ ،‬لعدد من‬ ‫الكهربائية‪ ،‬إال أن ي‬ ‫أ‬ ‫السباب‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫• ف � سنة ‪1920‬م كانت الواليات المتحدة أ‬ ‫المريكية‬ ‫ي‬ ‫قد ش�عت ف ي� إطالق ش‬ ‫م�وع جبار لربط مدنها‬ ‫كب�ة من الطرق العابرة للواليات‪،‬‬ ‫البعيدة بشبكة ي‬

‫العودة الخجولة‬

‫والسبعينيات من القرن ش‬ ‫الع�ين‬ ‫الستينيات‬ ‫شهدت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫سيارة تعمل‬ ‫تعاظم الحاجة ي� بعض البلدان إىل ّ‬ ‫ين‬ ‫للغازول�‪ ،‬وذلك لدوافع بيئية‬ ‫بوقود بديل‬ ‫است�اد‬ ‫واقتصادية متعلقة بغازات العوادم وبمشكلة ي‬ ‫النفط مع االرتفاع المطّرد ف ي� سعره‪.‬‬

‫وهي طرق طويلة وبعيدة المدى‪ ،‬وتحتاج إىل سيارة‬ ‫مجالها أطول من مجال سيارة الكهرباء‪.‬‬ ‫• كان اكتشاف النفط ف ي� والية تكساس عىل‬ ‫الغازول�‪ ،‬ت‬ ‫ين‬ ‫ح�‬ ‫الخصوص‪ ،‬سبباً لرخص ثمن وقود‬ ‫صار ف ي� متناول المستهلك المتوسط العادي‪.‬‬ ‫• تمكن تشارلز تك�نغ سنة ‪1912‬م من ت‬ ‫اخ�اع مشغّ ل‬ ‫ئ‬ ‫ين‬ ‫الغازول�‪ ،‬فلم تعد بحاجة‬ ‫كهربا� لمحرك سيارة‬ ‫ي‬ ‫إىل مرفق للتدوير‪.‬‬ ‫• اعتمد رائد أ‬ ‫ن‬ ‫الشه� ه�ي فورد صناعة‬ ‫العمال‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫بالغازول� بالجملة بع� ما يعرف‬ ‫المحركات العاملة‬ ‫بـ «خط التجميع» الذي أدى إىل انخفاض درامي‬ ‫ف� سعر السيارة ت‬ ‫ح� صارت ف ي� متناول المستهلك‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫و� المقابل ظل سعر‬ ‫بسعر معدله ‪ 750‬دوالراً‪ .‬ي‬ ‫السيارات الكهربائية يرتفع ت‬ ‫ح� وصل إىل ‪1750‬‬ ‫دوالراً‪.‬‬ ‫بذلك اختفت السيارة الكهربائية تماماً ف ي� سنة‬ ‫‪1935‬م‪ .‬وظل موضوعها معلقاً ت‬ ‫ح� الستينيات فلم‬ ‫تطور خالل تلك السنوات‪.‬‬ ‫ّ‬

‫الستينيات‪ ،‬شكلت ش�كة «بويرتاون أوتو‬ ‫ففي أوائل‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫بادي ووركس» �اكة مع «بَ�ونيك تراك»‪ ،‬و«سميث‬ ‫ال ي ز‬ ‫نجل�ية‪ِ ،‬وقسم «إكزايد» ف ي�‬ ‫دلفري فيهيكلز» إ‬ ‫ش�كة ت‬ ‫ً‬ ‫«إلك�يك باتري»‪ ،‬وصنعوا معا أول شاحنة‬ ‫ش‬ ‫عاملة بالكهرباء‪ ،‬وسلموها إىل �كة «بوتوماك إدسون‬ ‫ن‬ ‫كومبا�»‪ ،‬سنة ‪1964‬م‪ .‬كانت تلك الشاحنة تستطيع‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�اً ف ي� الساعة‪ ،‬مسافة ‪100‬‬ ‫الس� برسعة ‪40‬‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�‪ ،‬بحمولة ‪ 1130‬كيلوغراماً‪.‬‬ ‫«ج�ال ت‬ ‫«ب�ونيك» مع ن‬ ‫ثم عملت ت‬ ‫إلك�يك» من ‪1973‬‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ح� ‪1983‬م‪ ،‬ي� إنتاج ‪ 175‬عربة نقل‪ ،‬لالستخدام‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ولثبات قدرة العربات العاملة‬ ‫ي� الغراض الصناعية‪ ،‬إ‬ ‫بالبطاريات‪ .‬وأنتجت ت‬ ‫«ب�ونيك» أيضاً ‪ 20‬حافلة‬ ‫السبعينيات‪.‬‬ ‫ركاب‪ ،‬ف ي� أواسط‬ ‫ّ‬ ‫تتقدمان الصفوف ف ي� تلك الحقبة‪ ،‬ف ي�‬ ‫وكانت ش�كتان ّ‬ ‫«س�ينغ فانغارد»‬ ‫مجال تطوير السيارة الكهربائية‪ :‬ب‬ ‫ال� صنعت ث‬ ‫ت‬ ‫أك� من ‪ 2000‬سيارة لشوارع المدن‬ ‫ي‬ ‫«سي� كار»‪ .‬وبلغت رسعتها القصوى نحو ‪ 71‬كيلوم�اًت‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ف ي� الساعة‪ ،‬أما رسعتها المتوسطة فبلغت ‪ 38‬ميال ً (نحو‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�اً تقريباً‪.‬‬ ‫كيلوم�اً) ف ي� الساعة‪ ،‬ومجالها ‪90‬‬ ‫‪61‬‬


‫سيارة «تسال رودستر» (‪Tesla‬‬ ‫‪ )Roadster‬التي ظهرت في‬

‫العام ‪2008‬م فكانت أول سيارة‬ ‫ذات بطارية كهربائية مخصصة‬ ‫للخطوط السريعة‬

‫وكانت ش‬ ‫ال�كة الثانية هي «إلكار كوربوريشن»‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�اً ي� الساعة‪،‬‬ ‫وكانت رسعة سيارتها القصوى ‪72‬‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫كيلوم�اً تقريباً‪ .‬وراوح ثمنها يب� ‪4000‬‬ ‫ومجالها ‪96‬‬ ‫و‪ 4500‬دوالر‪ ،‬بأسعار تلك الحقبة بالطبع‪.‬‬

‫وزارة الطاقة أ‬ ‫المريكية‪ ،‬ف ي� بذل الجهود ومحاوالت‬ ‫م�وع‪ :‬ش‬ ‫تطوير السيارة الكهربائية‪ ،‬من خالل ش‬ ‫ال�اكة‬ ‫من أجل جيل سيارات جديد (‪Partnership for a‬‬ ‫‪.)New Generation of Vehicles‬‬

‫اش�ت ش�كة ال�يد أ‬ ‫ف‬ ‫و� سنة ‪1975‬م‪ ،‬ت‬ ‫المريكية‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫«أم�كان موتور‬ ‫‪ 350‬سيارة توزيع كهربائية‪ ،‬من ش�كة ي‬ ‫ن‬ ‫كومبا�»‪ ،‬عىل سبيل تجربتها‪ .‬وكانت رسعة هذه‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�اً ف ي� الساعة‪ .‬أما مجالها‬ ‫السيارات القصوى ‪80‬‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫كيلوم�اً‪ .‬وكان من يم�اتها التدفئة‬ ‫فبلغ نحو ‪64‬‬ ‫سخان عىل البخار‪ ،‬ووقت‬ ‫وتذويب الجليد بواسطة ّ‬ ‫إعادة الشحن ‪ 10‬ساعات‪.‬‬

‫ئ‬ ‫البي� هذا‪ ،‬وإن كان ال يزال قائماً‪،‬‬ ‫ولكن العامل ي‬ ‫ف‬ ‫فإنه فقد بعض زخمه ي� هذا المجال بالذات خالل‬ ‫ين‬ ‫الماضي�‪ .‬فقد عملت ش�كات النفط من‬ ‫العقدين‬ ‫ِ‬ ‫ين‬ ‫تحس� نوعية المشتقات النفطية‪ ،‬وما‬ ‫جهتها عىل‬ ‫إنتاج نز‬ ‫الخال من الرصاص إال واحداً من‬ ‫الب�ين‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫و� الوقت نفسه عملت صناعة‬ ‫هذه التحسينات‪ ،‬ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫تحسن‬ ‫السيارات عىل‬ ‫ي‬ ‫تحس� نوعية االح�اق‪ ،‬بحيث ّ‬ ‫أداء المحركات بكميات الوقود ذاتها عما كانت عليه‬ ‫ف� ستينيات وسبعينيات القرن ض‬ ‫الما� عىل سبيل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫المثال‪.‬‬

‫ويالحظ أن جميع تلك المحاوالت تظل متواضعة‬ ‫النتائج من حيث معاي� أ‬ ‫الداء (الرسعة والمدى)‬ ‫ي‬ ‫إضافة إىل عدد إنتاجها البسيط إذا قورن بسيارات‬ ‫ين ت‬ ‫ين‬ ‫المالي� منها تغزو‬ ‫ال� كانت‬ ‫محرك‬ ‫الغازول� ي‬ ‫الشوارع والطرق‪.‬‬

‫ش‬ ‫الت�يعات البيئية‬

‫من منظور تسويقي بحت‪ ،‬لم تكن لدى السيارة‬ ‫الكهربائية أي فرصة للمنافسة‪ .‬لكن ظهور عديد من‬ ‫ش‬ ‫الت�يعات البيئية الحديثة‪ ،‬ال سيما ف ي� الواليات‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫المتحدة‪ ،‬أسهم ي� إحياء البحاث الجادة لتطوير‬ ‫السيارة الكهربائية‪ .‬وكان من أهم هذه ش‬ ‫الت�يعات‪،‬‬ ‫ن أ‬ ‫مريك لسنة ‪ :1990‬قانون الهواء‬ ‫التعديل‬ ‫ي‬ ‫القانو� أال ي‬ ‫مريك ‪ :1992‬سياسة الطاقة‪،‬‬ ‫ال‬ ‫والقانون‬ ‫النقي‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� صدرت عن مجلس والية كالفورنيا‬ ‫والنظم ي‬ ‫لمصادر الهواء (‪ .)CARB‬وإضافة إىل هذا‪ ،‬أصدر‬ ‫عدد من الواليات نظماً لخفض بعث الغازات من‬ ‫ين‬ ‫الغازول�‬ ‫عوادم السيارات وتقليص استخدام‬ ‫وقوداً‪.‬‬ ‫وهكذا نشطت ش‬ ‫الك�ى» ف ي� صناعة‬ ‫«ال�كات الثالث ب‬ ‫السيارات ن‬ ‫(ج�ال موتورز وفورد وكرايسلر)‪ ،‬وكذلك‬

‫محاوالت مستمرة وعقبات ثابتة‬

‫من نافلة القول إن تسعينيات القرن ض‬ ‫الما� والعقد‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الول من القرن الميالدي الجاري قد شهدت تواصال ً‬ ‫ف ي� محاوالت إنتاج سيارة كهربائية أفضل (أرسع وأقوى‬ ‫وأبعد مدى) مع حدوث ت‬ ‫اخ�اق الفت ف ي� هذا الصدد‪.‬‬ ‫ففي العام ‪1996‬م صممت ش�كة ن‬ ‫«ج�ال موتورز»‬ ‫وطورت سيارة كهربائية جديدة تماماً‪ ،‬بدال ً من تعديل‬ ‫ّ‬ ‫وسمت هذه السيارة (‪.)EV1‬‬ ‫أي من طرزها الموجودة‪ّ .‬‬ ‫وهي سيارة رياضية بر ي ن‬ ‫ي�د‬ ‫اكب�‪ ،‬يحركها محرك َّب‬ ‫بالسائل‪ ،‬ويعمل بالتيار المتناوب وبطارية رصاص‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�اً‬ ‫وأسيد‪ .‬وبلغت رسعتها القصوى نحو ‪129‬‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�اً‪ ،‬وتستطيع‬ ‫ف ي� الساعة‪ ،‬ومجالها نحو ‪129‬‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�اً ف ي� الساعة ف ي� أقل من سبع‬ ‫التسارع إىل ‪80‬‬ ‫ً‬ ‫ثوان‪ .‬نذكر أيضا سيارة «‪ »BMW 18‬الرياضية‪ ،‬وهي‬ ‫خفيفة الوزن‪ ،‬وقد ُعرضت أول مرة سنة ‪2009‬م ف ي�‬ ‫معرض فرانكفورت للسيارات‪ ،‬مع وعد بأن تُطرح ف ي�‬ ‫السوق سنة ‪2015‬م‪ .‬وهي صديقة للبيئة‪ ،‬وتنطلق‬ ‫كيلوم� ف� الساعة �ف‬ ‫ت‬ ‫من حال الوقوف إىل رسعة ‪100‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫خمس ثوان فقط‪.‬‬

‫لكن الحدث أ‬ ‫البرز ف ي� قصة السيارة الكهربائية‬ ‫ح� آ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫رودس�» (‪Tesla‬‬ ‫تجسده سيارة «تسال‬ ‫الن‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� ظهرت ي� العام ‪2008‬م فكانت‬ ‫‪ )Roadster‬ي‬ ‫أول سيارة ذات بطارية كهربائية مخصصة‬ ‫للخطوط الرسيعة‪ .‬ظهرت سيارة «تسال» من رحم‬ ‫ش�كة تحمل االسم نفسه‪ ،‬مقرها والية كالفورنيا‬ ‫أ‬ ‫المريكية‪ ،‬متخصصة ف ي� إنتاج السيارات الكهربائية‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫«رودس�» بالذات هزة ي� المشهد‬ ‫وقد شكل طراز‬ ‫فكان أحد ث‬ ‫أك� محاوالت السيارة الكهربائية شعبية‬ ‫آ‬ ‫للن‪.‬‬ ‫مع ذلك‪ ،‬فإن فكرة السيارة الكهربائية‪ ،‬بالرغم من‬ ‫غ� مقنعة اقتصادياً‪.‬‬ ‫كل أبعادها البيئية‪ ،‬تبقى ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� تعد‬ ‫فسيارة «تسال رودس�» السالفة الذكر ي‬ ‫مثاال ً ساطع النجاح‪ ،‬استمرت دورة إنتاجها سنوات‬ ‫خمس فقط ت‬ ‫(ح� العام ‪2012‬م) أنتجت خاللها‬ ‫ش‬ ‫أقل من ‪ 2500‬سيارة (أنتجت �كة تويوتا اليابانية‬ ‫خالل العام ‪2012‬م وحده ثمانية ي ن‬ ‫مالي� سيارة)‪.‬‬ ‫درة تاج السيارات الكهربائية تلك‪ ،‬إىل‬ ‫وتحتاج ّ‬ ‫إعادة شحن بطارياتها مدة ‪ 48‬ساعة كل ‪90‬‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�اً‪ ،‬فضال ً عن كونها مصممة لر ي ن‬ ‫اكب� فقط‬ ‫ومن دون ت‬ ‫ال� ي ز‬ ‫ك� عىل سعرها الذي يتجاوز المئة‬ ‫ألف دوالر!‬ ‫الكث� ‪-‬تقنياً‬ ‫هكذا يتضح أن السيارة الكهربائية يلزمها ي‬ ‫ومن ناحية البنية التحتية‪ -‬يك تحتل مكانة سيارة‬ ‫الغازول�‪ .‬ت‬ ‫ين‬ ‫وح� نصل إىل وقت ش‬ ‫تنت� فيه محطات‬ ‫ف‬ ‫ئ‬ ‫وتص� البطاريات‬ ‫إعادة الشحن‬ ‫الكهربا� ي� الشوارع ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الفادة‬ ‫بكفاءة وقوة محرك الديزل‪ ،‬فإننا سنستمر ي� إ‬ ‫من سيارة وقود النفط‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪33 | 32‬‬

‫العلم خيال‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫ظهرت شخصية الرجل الحديدي (‪)Iron Man‬‬ ‫َّ‬ ‫المصورة ألول مرة عام ‪1963‬م‪.‬‬ ‫في القصص‬ ‫ومنذ ذلك الحين وهي تداعب مخيالت أجيال‬ ‫من الرجال‪ .‬كيف ال وهي تجسيد لفكرة‬ ‫الجندي الخارق المدجج –بفضل التكنولوجيا‬ ‫المتقدمة‪ -‬بكل سالح يخطر على بال‪.‬‬ ‫لقد اختزلت شخصية طوني ستارك كل‬ ‫أحالم الذكورة في اسم واحد‪ ،‬فهو ثري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويتوج ذلك كله‬ ‫لعوب‪ ،‬وسيم وعبقري‪.‬‬ ‫صنعه لـ «بدلة» أو ّ‬ ‫َّ‬ ‫يتحول إذا ما ارتداه‬ ‫زي‬ ‫إلى «الرجل الحديدي»؛ بطل خارق يسعه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مطلقا من‬ ‫متجاوزا سرعة الصوت‬ ‫أن يطير‪،‬‬ ‫راحتي يديه أشعة تنسف حصون الشر أينما‬ ‫تطلب األمر‪ .‬ومنذ أول ظهور‪ ،‬تطور زي الرجل‬ ‫الحديدي ليتواءم مع التكنولوجيا المعاصرة‬ ‫بل ويسبقها‪.‬‬

‫ّ‬ ‫زي ذكي‬ ‫لجندي خارق‬ ‫مفاعل بحجم علبة ش‬ ‫م�وبات غازية لكنه قادر عىل‬ ‫صغ�ة! لكن‬ ‫إنتاج طاقة توازي مفاعل غواصة نووية ي‬ ‫بحسب قواعد ي ز‬ ‫الف�ياء والديناميكا الحرارية الحقيقية‪،‬‬ ‫سينتج حرارة ستطبخ من‬ ‫فإن مفاعال ً بهذه القوة ُ‬ ‫بكث� من‬ ‫أك� ي‬ ‫بداخل الزي المزعوم‪ ،‬فضال ً عن كونه ب‬ ‫أن يحتويه صدر إنسان‪ .‬وقد يكون أقرب مثال واقعي‬ ‫لمفاعالت الدمج االنصهاري هذه هي ما يعكف عىل‬ ‫تنفيذه ش‬ ‫الدول‪.‬‬ ‫م�وع «‪»ITER‬‬ ‫ي‬

‫د‪ .‬أشرف فقيه‬

‫الشعاع الكفّي‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫خ�ة بتنا نعرف‬ ‫بفضل سلسلة الفالم السينمائية ال ي‬ ‫أن الزي مرتبط بحاسوب أذىك من أي آلة اسمه‬ ‫«جارفيس» بع� شبكة السلكية عصية عىل االنقطاع‪.‬‬ ‫ف‬ ‫الزي مزودة بمنظومة ذكاء صناعي‬ ‫بل إن كل قطعة ي� ّ‬ ‫تجعله يوائم قدراته التعبوية ليتفوق عىل العدو أياً‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫خ�ة تمت إضافة ي ز‬ ‫م�ات‬ ‫كان‪ .‬ي� القصص المصورة ال ي‬ ‫الزي نفسه آنياً‬ ‫تعتمد تكنولوجيا النانو بحيث يصلح ّ‬ ‫عقب كل مشاجرة يخوضها (ستارك) ف ي� سبيل‬ ‫العدل‪.‬‬ ‫هل أ‬ ‫ئ‬ ‫سينما�؟ ال شك‬ ‫المر كله محض خيال‬ ‫ي‬ ‫بأن أبحاثاً تجري ف ي� هذا الشأن‪ .‬وثمة أخبار‬ ‫بخصوص ش‬ ‫م�وع اسمه «‪ »TALOS‬شت�ف‬ ‫عليه جامعة «‪ »MIT‬إلنتاج زي خارق لالستخدام‬ ‫العسكري‪ .‬فإىل أي مدى يسعنا أن ننتج شيئاً‬ ‫ن‬ ‫«طو� ستارك» اليوم؟‬ ‫مشابهاً لما عند‬ ‫ي‬ ‫زي الرجل‬ ‫تعالوا نفكك قدرات ّ‬ ‫الحديدي كما وردت ف ي� أدبيات الخيال‬ ‫ونقارنها بما يعد به العلم اليوم‪.‬‬

‫مصدر الطاقة‬ ‫أ‬

‫ساس لطاقة بدلة الرجل‬ ‫المصدر ال ي‬ ‫الحديدي هي المفاعل النووي‬ ‫الصغ� المثبت بصدره (‪Arc‬‬ ‫االنصهاري‬ ‫ي‬ ‫‪ .)Reactor‬بحسب الرواية الخيالية‪ ،‬فإنه‬

‫ت‬ ‫ال� ينتجها المفاعل االنصهاري ف ي� بدلة‬ ‫الطاقة ي‬ ‫ف‬ ‫(ستارك) يتم تكثيفها ي� القصص الخيالية عىل‬ ‫ت‬ ‫اح� ي ن‬ ‫تفس�‬ ‫الكف�‪ .‬ي‬ ‫هيئة شعاع مدمر ينطلق من ر ي‬ ‫هذا الشعاع المسمى «‪ »Repulsor Beam‬هو‬ ‫كونه عبارة عن طاقة ارتجاجية مكونة أساساً من‬ ‫جسيمات كهربية دون ذرية اسمها (الميونات)‬ ‫موجودة فعال ً ف ي� الطبيعة‪ .‬لكن التحكم فعلياً‬ ‫ف‬ ‫الشعاع االرتجاجي هذه شبه مستحيلة‬ ‫ي� دفقة إ‬ ‫الفالم‪ .‬أو عىل أ‬ ‫عىل النحو الذي يتم ف� أ‬ ‫القل‬ ‫ي‬ ‫تصغ� مدافع تطلق جسيمات إشعاعية‬ ‫يستحيل‬ ‫ي‬ ‫بحيث تحتويها راحة اليد‪ .‬لكن ثمة محاوالت إلنتاج‬ ‫أسلحة إشعاعية تستخدم نفس المبدأ بحيث تولد‬ ‫مجاالت كهرومغناطيسية ألجل ي ز‬ ‫ترك� الجسيمات‬ ‫المراد إطالقها –كالميونات‪ -‬ف ي� بؤرة حرارية محددة‪.‬‬ ‫مثل هذه أ‬ ‫السلحة‪ ،‬لو ُوجدت‪ ،‬ستصهر الدارات‬ ‫أ‬ ‫الكهربية لمعدات العدو‪ ،‬كما ستحرق الجسام‬ ‫ت‬ ‫ال� هي ف ي� مجال إطالقها‪ ،‬بما ف ي� ذلك‬ ‫الحية ي‬ ‫الشخص الذي يشغلها!‬

‫الط�ان‬ ‫القدرة عىل ي‬

‫محرك� ي ن‬ ‫ين‬ ‫نفاث� ينطلق‬ ‫عقبا البدلة التخيلية‬ ‫يحوي ِ‬ ‫بهما الرجل الحديدي طائراً‪ ،‬فيما يضمن االشعاع‬ ‫االرتجاجي الصادر من مدفعي ي ن‬ ‫الكف� التوازن‬ ‫ّ‬ ‫ف ي� الفراغ‪ .‬بطبيعة الحال‪ ،‬فإن المحرك النفاث‬ ‫ت‬ ‫أك�‬ ‫المف�ض هذا هو بحاجة لعوادم ومراوح ب‬ ‫بكث� مما يحتمله نعل حذاء متطور تقنياً‪ ،‬فضال ً‬ ‫ي‬ ‫عن غياب أي ذكر لخزانات الوقود‪ .‬طالما اتفقنا‬ ‫الشخص ليست‬ ‫عىل أن فكرة المفاعل االندماجي‬ ‫ي‬ ‫سديدة‪.‬‬


‫‪e‬‬

‫التخيل ‪ ،i‬فإن الرقم‬ ‫مثل پاي (‪ )π‬والثابت‬ ‫ي‬ ‫نس�؛ أي ال‬ ‫الذي ب ِّ‬ ‫يع� عنه الرمز ‪ e‬هو يغ� ب ي‬ ‫يمكن كتابته عىل صورة كرس اعتيادي بسطه‬ ‫التعب�‬ ‫ومقامه عددان صحيحان‪ ،‬وال يمكن‬ ‫ي‬ ‫عنه بعدد ي ن‬ ‫مع� من الخانات بعد الفاصلة‬ ‫ش‬ ‫يع� عنه الرمز ‪ e‬له عدد‬ ‫الع�ية‪ .‬الرقم الذي ب ِّ‬ ‫ئ‬ ‫نها� من الخانات‪ .‬إننا يمكن أن نكتبه هكذا‪:‬‬ ‫ال ي‬ ‫‪ 2,718281828459045235‬إلخ‪ ،‬ويمكن أن‬ ‫التعب� المبسط ‪2,72‬‬ ‫نخترص هذه المأساة إىل‬ ‫ي‬ ‫تجاوزاً‪.‬‬ ‫ماهي أ‬ ‫الهمية الرياضية للثابت ‪e‬؟ لعل ذلك‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫وال�‬ ‫ال� تجمعه‬ ‫برفيقيه ‪ π‬و ‪ i‬ي‬ ‫يكمن ي� العالقة ي‬ ‫ف‬ ‫ع� عنها السويرسي ليونارد أويلر ي� العام‬ ‫بّ‬ ‫التال‪:‬‬ ‫‪1748‬م عىل النحو ي‬ ‫ط�ان‪ ،‬أو مركبة‬ ‫لكن هناك مشاريع عدة إلنتاج بدلة ي‬ ‫طائرة لشخص واحد شبيهة بما شب�ت به أدبيات‬ ‫ت‬ ‫ال� تُرتدى‬ ‫الخيال العلمي‪ .‬فنفاثات الراكب الواحد ي‬ ‫عىل الظهر وتعتمد الهواء المضغوط لتحقيق قفزات‬ ‫الرتفاعات تصل إىل ‪ 150‬قدماً موجودة منذ عقود‪.‬‬ ‫وهناك مشاريع أخرى واعدة ف ي� هذا السياق مثل‬ ‫نفاثات «‪ »Martin Technology‬المحمولة ومركبة‬ ‫ت‬ ‫ال� هي نز‬ ‫بم�لة‬ ‫روس ي‬ ‫«‪ »Jetman‬من تطوير إيف ي‬ ‫الشخص‪ .‬عىل صعيد‬ ‫أجنحة نفاثة لالستخدام‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تعمل فوق سطح‬ ‫مختلف‪ ،‬فهناك نفاثة ‪ Jetlev‬ي‬ ‫الماء مستفيدة من ضخ المياه بقوة هائلة لتحلق‬ ‫بمرتديها ت‬ ‫ح� ارتفاع ‪ 30‬قدماً‪ .‬لكن هذه تظل ألعاباً‬ ‫ن‬ ‫(طو� ستارك) عىل مناورة طائرة‬ ‫مقارنة بقدرة‬ ‫ي‬ ‫إف ‪ 22 -‬داخل زيه الخارق!‬

‫القوة الخارقة‬

‫التخيل جانباً‪،‬‬ ‫إذا وضعنا المفاعل االندماجي‬ ‫ي‬ ‫فإن هناك أزياء آلية حقيقية تزيد من قوة مرتديها‬ ‫بالفعل! تلك الهياكل الخارجية (‪)Exoskeletons‬‬ ‫عبارة عن آليات ملبوسة مدعمة بقدرات ميكانيكية‬ ‫وهيدروليكية‪ ،‬أشبه ما تكون بدروع فرسان العصور‬ ‫أك�‬ ‫الوسطى‪ ،‬إنما مطورة تقنياً بحيث تعطي قوة ب‬ ‫لحركة مرتديها فيستطيع أن يجري أرسع ويرفع‬ ‫أحماال ً أثقل ويوجه لكمات أقوى‪ .‬بطبيعة الحال‬ ‫فمعظم النماذج المنتجة ف ي� هذا السياق هي‬ ‫ضمن مشاريع عسكرية‪ ،‬نذكر منها ش‬ ‫م�وع «»‪HAL‬‬ ‫ن‬ ‫اليابا�‪ ،‬وإضافة لـ‬ ‫‪)(Hybrid Assistive Limb‬‬ ‫ي‬ ‫«‪ »HULC‬الذي تنتجه لوكهيد مارتن‪ ،‬و«‪ »XOS‬من‬ ‫إنتاج ريثيون‪.‬‬

‫مبا�ة مطروحة ف� أ‬ ‫ش‬ ‫السواق بالفعل نذكر منها‬ ‫ي‬ ‫الالسلك‬ ‫‪ Google Glass‬كنموذج دارج‪ .‬أما االتصال‬ ‫ي‬ ‫ذك فتضمنه عدة تقنيات بدءاً من شبكات‬ ‫بحاسوب ي‬ ‫وانتهاء بمنظومات أ‬ ‫القمار الصناعية‪ .‬وإن كان‬ ‫الجوال‬ ‫حاسوب بذكاء «جارفيس» قادر عىل التفاعل مع بن�ة‬ ‫صوت صاحبه والتفريق ي ن‬ ‫ب� الهزل والجد ف ي� كالمه‬ ‫أ‬ ‫المحك بعيداً عن الممكن حالياً‪ .‬كما وأن النسجة‬ ‫ي‬ ‫المضادة للرصاص والمكونات من مركبات نانوية‬ ‫بالغة الدقة قد بلغت شأناً متقدماً ف� الفعالية‪ ،‬ت‬ ‫ح�‬ ‫ي‬ ‫أن زي «‪ »TALOS‬سالف الذكر يكاد يضاهي زي الرجل‬ ‫التخيل ف ي� قدرته عىل صد الطلقات‪.‬‬ ‫الحديدي‬ ‫ي‬ ‫بالمخترص‪ ..‬إننا عىل بعد أقل من عقدين من الطراز‬ ‫أ‬ ‫الول «‪ »Mark-1‬لزي ن‬ ‫(طو� ستارك)‪ ..‬وهذه قد‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫تكون نتيجة مخيبة للبعض‪ .‬لكن لنتذكَّر أن الظهور‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫خمس� عاماً‪ .‬لقد‬ ‫الول لهذه الشخصية كان قبل‬ ‫كث�اً منذ ذلك ي ن‬ ‫الح�‪ ..‬والخيال وجد أصال ً يك‬ ‫تقدمنا ي‬ ‫يسعى العلم للحاق به دون كلل‪.‬‬

‫فسمات أخرى موجودة‬

‫كث�اً من السمات المتطورة للزي‬ ‫و� الواقع‪ ،‬فإن ي‬ ‫ي‬ ‫الخارق موجودة اليوم‪ .‬فالقدرة عىل الرؤية الليلية‪،‬‬ ‫والنظارات الذكية المربوطة بحواسيب تقرأ الوجوه‬ ‫وتحلل البيانات وتعرض النتائج ف� ي ن‬ ‫ع� مرتديها‬ ‫ي‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬

‫من الحرف أ‬ ‫الول لالسم ‪ Euler‬اشتقت تسمية‬ ‫هذا الثابت‪ ،‬عىل الرغم من ضلوع آخرين ف ي�‬ ‫أ‬ ‫ناپ� والسويرسي‬ ‫اكتشافه مثل السكتلندي جون ي ّ‬ ‫آ‬ ‫نول‪ .‬وبغض النظر‪ ،‬يقول‬ ‫الخر جاكوب يب� ّ ي‬ ‫أ‬ ‫الرياضيون بأن تلك المعادلة المنسوبة لويلر‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الطالق‪ ،‬ألنها‬ ‫هي الجمل وال ثك� أناقة عىل إ‬ ‫ف‬ ‫سف�اً‬ ‫تجمع أهم خمس قيم ي� الرياضيات‪ i :‬ي‬ ‫سف�اً عن علم المثلثات‬ ‫عن العالم‬ ‫التخيل‪ π ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫والهندسة‪ ،‬الصفر رمز العدم والقيمة المحايدة‬ ‫ف� الجمع‪ ،‬والواحد أول أ‬ ‫العداد الصحيحة‬ ‫ي‬ ‫ال�ب‪ ..‬ت‬ ‫الموجبة والقيمة المحايدة ف� ض‬ ‫ليأ�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الثابت ‪ e‬من عوالم التفاضل والتكامل ويكمل‬ ‫ت‬ ‫ال� تربط ي ن‬ ‫ب� تلك الفضاءات الرياضية‬ ‫فالعالقة ي‬ ‫ي� هذه المعادلة البسيطة البديعة والمثبتة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫البيا� فإن ‪ e‬هو أساس‬ ‫عىل مسطح الرسم ي‬ ‫اللوغاريتم الطبيعي‪( .‬اللوغاريتم) ‪-‬كما نذكر من‬ ‫المدرسة‪ -‬هو الجواب عىل السؤال‪« :‬كم نسخة‬ ‫من عدد ما تحتاج لتحصل عىل العدد س؟»‬ ‫لوغاريتم العدد ‪ 8‬هو ‪ ،3‬لو اعتمدنا القيمة ‪2‬‬ ‫كقاعدة لحساباتنا؛ ذلك أن ‪ 2‬ض‬ ‫م�وباً ف ي� ذاتها‬ ‫«ثالث» مرات تعطينا ‪.8‬‬ ‫لكن ف� عالم أساسه القيمة ‪ ،e‬فإن ي ن‬ ‫قوان�‬ ‫ي‬ ‫اللوغاريتمات تنقلب رأساً عىل عقب لتتفتح‬ ‫وللتعب� عن الكون كما‬ ‫أبواب جديدة لالكتشاف‬ ‫ي‬ ‫نفهمه‪ ..‬وهذه إحدى حسنات ‪ e‬العدة‪.‬‬ ‫نحن نقول إن رسمة الدالة ت‬ ‫«تق�ب» من قيمة‬ ‫بتغ� قيم س َو ص وفق معادلة أخرى‬ ‫معينة ‪ e‬ي‬ ‫ناپ� عام ‪1618‬م مفادها‪:‬‬ ‫وضعها ي ّ‬ ‫ص = (‪/1 + 1‬س)س ‪.‬‬ ‫هذا ت‬ ‫االق�اب الذي ال يصل للنتيجة المنشودة إال‬ ‫اف�اضياً عند الماالنهاية‪ ،‬له استخدامات عدة �ف‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫الف� وح� حساب‬ ‫تطبيقات الهندسة والتصميم ي‬ ‫الفائدة ت‬ ‫الم�اكمة عىل الربح‪ .‬بالمخترص‪ ،‬فحيثما‬ ‫كان هناك تصاعد تدريجي مستمر ومتضائل إنما‬ ‫منته‪ ..‬كانت القيمة ‪ e‬ض‬ ‫حا�ة‪.‬‬ ‫يغ� ٍ‬


‫‪35 | 34‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫منتج‬

‫العنوان المخيف أعاله ما هو إال ترجمة‬ ‫حرفية للعبارة «‪Universal Serial‬‬ ‫‪ ،»Bus‬واختصارها «‪ .»USB‬نحن نتناول إذاً أحد‬ ‫ت‬ ‫ال� ال يخلو بيت ‪-‬وربما جيب‪-‬‬ ‫أهم المنتجات ي‬ ‫أحدنا من صورة له‪ .‬يسعنا القول بثقة أن قابس‬ ‫الـ ‪ ..USB‬وما آل إليه بما يُعرف بـ «الفالشة» كما‬ ‫التعب�‬ ‫ف ي�‬ ‫غ�ت الطريقة‬ ‫ي‬ ‫الشع� الدارج‪ ،‬قد ي َّ‬ ‫بي‬ ‫ت‬ ‫ال� نتعامل بها مع الحواسيب ابتدا ًء‪ ،‬ثم مع كل‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫و� قابل للشحن أو التوصيل بحاسوب‪.‬‬ ‫جهاز إلك� ي‬ ‫والمستقبل يعد بمزيد لهذا المنتج البسيط بالغ‬ ‫الفعالية كما ن‬ ‫س�ى‪.‬‬ ‫ف‬ ‫أمريك‬ ‫قدم مهندس حاسوب‬ ‫ي� العام ‪1997‬م‪ّ ،‬‬ ‫ي‬ ‫من أصل هندي اسمه أجاي بات الـ ‪ USB‬للعالم‪.‬‬ ‫الساس كان أبسط مما آلت إليه أ‬ ‫غرض بات أ‬ ‫المور‪:‬‬ ‫ي‬ ‫أن يكون هناك قابس موحد إليصال عتاد الحاسوب‬ ‫بوحدة المعالجة المركزية‪ .‬قابس من نوع (ركّب‬ ‫وشغّ ل – ‪ )Plug and Play‬ال يتطلب مصدر طاقة‬ ‫ن‬ ‫ف�‪ .‬قبل الـ‬ ‫منفصال ً وال ضبطاً مسبقاً من قبل أي ي‬ ‫‪ ،USB‬كان للفأرة سلك ينتهي بقابس معياري مختلف‬ ‫السماعات‪،‬‬ ‫عن قابس لوحة المفاتيح‪ ،‬وعن قابس ّ‬ ‫وعن قابس الطابعة وعن قابس مشغل أ‬ ‫القراص أو‬ ‫ف‬ ‫و� هذا الزحام كان عىل‬ ‫وحدة التخزين الخارجية‪ .‬ي‬ ‫المستخدم أن يعرف أي فتحة توصيل هي لقابس‬ ‫ئ‬ ‫الكهربا�‬ ‫أي جهاز‪ ..‬ناهيك عن أسالك التوصيل‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ال�مجيات‬ ‫إ‬ ‫الضافية لكل من تلك الجهزة‪ ،‬وعن ب‬ ‫ال� يتطلبها كل واحد من تلك أ‬ ‫(‪ )Drivers‬ت‬ ‫الجهزة‬ ‫ي‬ ‫ويضحي بال قيمة من دون تثبيتها عىل الحاسوب‪.‬‬ ‫الـ «‪ »USB‬أريد منه أن يتجاوز تلك المعمعة بأرسه‪،‬‬ ‫وقد فعل‪ ،‬ثم تطور متجاوزاً أحالم مبتكره أ‬ ‫الولية‬ ‫ّ‬ ‫فيما يبدو‪.‬‬

‫«فالشة» التخزين‬

‫لم تلبث تقنية الـ ‪ USB‬أن أثبتت أهمية قصوى‬ ‫بالتضافر مع نوعية خاصة من العتاد‪ :‬وسائط‬ ‫التخزين الخارجية‪ .‬ويمكن القول إن التطور ف ي�‬ ‫كث�اً من وجود‬ ‫تقنيات التخزين الرقمية قد أفادت ي‬ ‫قابس الـ ‪ ،USB‬والعكس بالعكس صحيح‪.‬‬ ‫الكب� ف ي� وسائط التخزين الرقمية‬ ‫إن المتابع للتحسن ي‬ ‫أ‬ ‫كب�اً‬ ‫خ�ين سيلحظ فوراً تصاعداً ي‬ ‫خالل العقدين ال ي‬ ‫ف ي� السعة ورسعة النقل من جهة‪ ،‬مقابل انخفاض‬ ‫محمود ومطلوب من جهة السعر وحجم الرقاقة‬

‫الناقل‬ ‫التسلسلي‬ ‫العام‬

‫ال ت‬ ‫لك�ونية‪ .‬ف ي� العام ‪2007‬م كان سعر ما سعة‬ ‫إ‬ ‫تخزينه يت�ابايت واحد من البيانات يبلغ نحو ‪400‬‬ ‫ت‬ ‫ويأ� ف ي� هيئة صندوق أسود ثقيل بحاجة‬ ‫دوالر ي‬ ‫ئ‬ ‫كهربا� منفصل‪ .‬أما اليوم‪ ،‬فإن مساحة‬ ‫لمصدر‬ ‫ي‬ ‫الت�ابايت يمكن ش�اؤها بأقل من ‪ 100‬دوالر ويمكن‬ ‫ي‬ ‫صغ�ة‪ .‬هذه التسمية‬ ‫حملها عىل هيئة «فالشة» ي‬ ‫مشتقة من تقنية (الذاكرة الوميضية – ‪Flash‬‬ ‫ت‬ ‫كث�اً بع� المسارات المذكورة‬ ‫ال� تطورت ي‬ ‫‪ )Memory‬ي‬ ‫ت‬ ‫ث‬ ‫ال� توفرها الـ‬ ‫وصارت أك� شعبية بفضل السهولة ي‬ ‫‪ USB‬ف ي� االتصال بمصادر البيانات المراد نسخها أو‬ ‫تثبيتها‪.‬‬ ‫ولك ندرك القيمة العظيمة لتحالف الـ ‪USB‬‬ ‫ي‬ ‫والذاكرة الوميضية «الفالش»‪ ،‬فما علينا إال أن‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� كان أحدنا يقوم‬ ‫نحاول اس�جاع الكيفية ي‬ ‫بنسخ قرصه الصلب بها قبل زمن الـ ‪ .USB‬حينها‬ ‫ع�ات أ‬ ‫كانت البدائل المتاحة هي ش‬ ‫القراص‬ ‫الممغنطة‪ ،‬أو بضع أسطوانات مضغوطة‪،‬‬ ‫ميكانيك خارجي يتم توصيله‬ ‫أو قرص صلب‬ ‫ي‬ ‫ع� وصلة ‪-‬ليست ‪ -USB‬قد‬ ‫بالحاسوب الرئيس ب‬ ‫ال تتواءم مع إمكانات الجهاز المراد نسخ بياناته!‬

‫اليوم‪ ،‬ما عليك إال أن تخرج الفالشة الموجودة‬ ‫ضمن سلسلة المفاتيح ف ي� جيبك‪ ،‬تنسخ ما تريد‪،‬‬ ‫ض‬ ‫وتم� ف ي� حال سبيلك‪.‬‬ ‫ي‬

‫ن‬ ‫الكو�‬ ‫الشاحن‬ ‫ي‬

‫ت‬ ‫وال� ربما لم تكن ف ي� نية‬ ‫القيمة المضافة فللـ ‪ USB‬ي‬ ‫مبتكره بات‪ ،‬هي ي� كونه وسيلة شحن بالطاقة‬ ‫الكهربائية‪ .‬لكن تقنية الـ ‪ ،USB‬بفضل كونها ذاتية‬ ‫ين‬ ‫للمهندس� فرصة‬ ‫التغذية بالطاقة‪ ،‬قد أتاحت‬ ‫للغوص ث‬ ‫أك� ف ي� هذا المجال‪ .‬فاليوم يوجد حول‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫و� يمكن أن يعاد شحنها‬ ‫العالم ‪ 10‬ي‬ ‫بالي� جهاز إلك� ي‬ ‫ف‬ ‫الكام�ات‬ ‫بسلك ينتهي بقابس ‪ ..USB‬بما ي� ذلك ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تمكننا وصالتها الموحدة من‬ ‫والهواتف الذكية ي‬ ‫الشحن والمواءمة وتبادل البيانات مع الحاسبات‬ ‫ت‬ ‫الدف�ية ف ي� آن معاً‪ .‬بل إن بإمكان أحدنا أن يوصل‬ ‫ئ‬ ‫كهربا� يك يحصل عىل إمداد‬ ‫قابس الـ ‪ USB‬بموائم‬ ‫ي‬ ‫من التيار الرئيس نز‬ ‫للم�ل بقوة ‪ 10‬واط ألي جهاز‬ ‫صغ�‪.‬‬ ‫ي‬ ‫الجهزة الكب�ة؟ هذا السؤال يمثل أ‬ ‫لكن ماذا عن أ‬ ‫الفق‬ ‫ي‬ ‫القادم لتقنية الـ ‪ USB‬بع� نظام معياري عالمي‬ ‫التحض� له اسمه ‪ USB Power Delivery‬يراد‬ ‫يجري‬ ‫ي‬ ‫منه أن يسمح بطاقة شحن تصل إىل ‪ 100‬واط بع�‬ ‫ذات قابس الـ ‪ USB‬الدقيق‪ .‬واعتماد هذا المعيار‬ ‫الكث�ون انتصاراً لتوماس إديسون‬ ‫يعت�ه ي‬ ‫عالمياً ب‬ ‫(عراب‬ ‫(عراب التيار‬ ‫المستمر ‪ )DC‬عىل نيكوال ِتسال ّ‬ ‫ّ‬ ‫التيار المتحول ‪ )AC‬ف� المعركة ت‬ ‫ال� قامت ي ن‬ ‫ب� أولئك‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫العمالق� قبل مئة عام وانتهت بانتصار مؤقت‬ ‫ِلتسال‪ .‬ذلك أن تقنية الـ ‪ USB‬مؤهلة لحمل التيار‬ ‫المستمر‪ ،‬كما البيانات‪ ،‬وهي ذكية كفاية لتتوقف عن‬ ‫ن‬ ‫يع� أنها ستكون أيضاً‬ ‫الشحن عند عدم الحاجة‪ .‬ما ي‬ ‫ض‬ ‫يفس‬ ‫«خ�اء» رفيقة بالبيئة وبالجيب‪ ..‬وهذا ما ِّ‬ ‫ت‬ ‫الكهر�‬ ‫ال� يحظى بها هذا المعيار‬ ‫الشعبية ب‬ ‫بي‬ ‫الك�ى ي‬ ‫منذ آ‬ ‫الن‪.‬‬ ‫واليوم‪ ،‬فيما يستقبل العالم معيار «‪»USB 3.1‬‬ ‫الذي يعد بنقل أرسع وأكفأ للبيانات والطاقة‪ ،‬فإن‬ ‫عدد أ‬ ‫ال� تعتمد هذه التقنية يزداد ث‬ ‫الجهزة ت‬ ‫أك�‪.‬‬ ‫ي‬ ‫مقابس الـ ‪ USB‬باتت ض‬ ‫حا�ة ف ي� هواتفنا وسياراتنا‬ ‫وكام�اتنا وقريباً ف ي� جدران منازلنا وأجهزتنا الكهربائية‬ ‫ي‬ ‫الكب�ة‪ .‬إنه منتج صغ� لكنه رخيص وحاسم أ‬ ‫الثر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ويحمل جذوة تطور ال تنطفئ‪ ..‬وتلك هي سمات‬ ‫المنتجات العظيمة دوماً‪.‬‬


‫المهندس ياسر أسامة فقيه‬

‫ماذا يحصد مزارعو الرياح؟‬ ‫‪illustration of article: Almohatarf Alssaudi / Sarah Habli‬‬

‫طاقة الرياح‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الحل‬ ‫بين‬ ‫واإلشكالية‬

‫طاقة‬

‫من يتجول في أرياف بعض الدول‬ ‫األوروبية قد يلحظ انتشار تلك المراوح‬ ‫العمالقة المثبتة على أعمدة معدنية‬ ‫شاهقة االرتفاع‪ ،‬وغرضها تحويل طاقة‬ ‫الرياح إلى طاقة كهربائية‪ ،‬حيث ُتثبت‬ ‫أعداد كبيرة متراصة من تلك المراوح‬ ‫على مسطحات اليابسة أو على امتداد‬ ‫السواحل في ما يعرف بمزارع الرياح‬ ‫(‪ .)Wind Farms‬ورغم أن البعض يرى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫قبيحا لمنظر‬ ‫اختراقا‬ ‫في انتشارها السريع‬ ‫ً‬ ‫الريف الهادئ‪ ،‬إال أنها صارت واقعا ال‬ ‫مفر منه‪ ،‬وبدأ الرأي العام يتقبل إلى حد‬ ‫ما وجودها‪ ،‬بفعل ما صاحب انتشارها‬ ‫من دعاية وترويج بمزاياها البيئية‬ ‫واالقتصادية‪.‬‬


‫‪37 | 36‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫حققت طاقة الرياح نمواً‬ ‫الفتاً خالل السنوات العشر‬ ‫الماضية‪ ،‬ونجحت في دخول‬ ‫منظومة توليد الكهرباء في‬ ‫عديد من دول العالم‪ .‬إال‬ ‫أنها وعلى الرغم من هذا النمو‪ ،‬ال تمثل حتى‬ ‫آ‬ ‫الن سوى ‪ %3‬من إجمالي مصادر الطاقة في‬ ‫قطاع توليد الكهرباء حول العالم‪ ،‬وأقل من‬ ‫‪ %1‬من إجمالي الطاقة المستخدمة عالمياً‬ ‫بكل أشكالها وكافة استعماالتها (بما فيها قطاع‬ ‫النقل والصناعة‪ ..‬إلخ)‪ .‬وفي أحسن أ‬ ‫الحوال‪،‬‬ ‫لن تزيد مساهمتها على ‪ %5‬من إجمالي الطاقة‬ ‫المستخدمة بحلول العام ‪2030‬م‪ .‬ولكن هل لنا‬ ‫أن نتوقع استمرار زخم النمو الحالي على الوتيرة‬ ‫نفسها –حوالي ‪ %25‬سنوياً–على المدى البعيد‪،‬‬ ‫مما يعني هيمنة طاقة الرياح الحتمية على ما‬ ‫سواها من مصادر؟ المسألة ليست بتلك البداهة‪،‬‬ ‫والواقع يشي بكثير من التحديات في هذا الصدد‪،‬‬ ‫لذا علينا الخوض في شيء من التفاصيل‪.‬‬

‫سر النمو السريع‪ :‬أكثر من مجرد‬ ‫تقنية‬

‫من الواضح أن أبرز ميزة لطاقة الرياح هي أنها‬ ‫طاقة نظيفة ال تصدر عنها أية انبعاثات ضارة كثاني‬ ‫أكسيد الكربون‪ .‬كما أن تكلفة وقودها (الرياح)‬ ‫تساوي صفراً‪ ،‬ولكن هذه المزايا تنطبق أيضاً على‬ ‫فلم إذاً‬ ‫مصادر متجددة أخرى كالطاقة الشمسية‪َ ،‬‬ ‫تميزت طاقة الرياح بهذا النمو المتسارع مؤخراً دون‬ ‫غيرها؟‬ ‫يمكن أن نعزو وتيرة النمو المذهلة في استغالل‬ ‫طاقة الرياح لسببين رئيسين‪ :‬أولهما التقدم التقني‬ ‫وتراكم الخبرات في صناعة مراوح التوليد وإدارة‬ ‫شبكات الكهرباء وتوصيالتها‪ .‬وأدى هذا العامل‬ ‫التقني على مدار الثالثين عاماً الماضية إلى انخفاض‬ ‫تكلفة طاقة الرياح بحوالي ‪ .%80‬وهي التي كانت‬ ‫في أ‬ ‫الساس أقل تكلفة من مصادر الطاقة المتجددة‬ ‫أ‬ ‫الخرى كالطاقة الشمسية‪ .‬فال غرابة إذاً أن يكون‬ ‫انخفاض تكلفتها نتيجة التقدم التقني قد أعطاها‬ ‫ميزة نسبية وزاد من جاذبيتها‪.‬‬

‫أما السبب الثاني‪ ،‬الذي ال يقل أهمية‪ ،‬فهو الكم‬ ‫الهائل من الدعم الحكومي سواء بالمال مباشرة‬ ‫والعفاءات الضريبية‪ ،‬لجعل مشاريع‬ ‫أو بالحوافز إ‬ ‫طاقة الرياح مربحة اقتصادياً‪ .‬حيث إنه وعلى الرغم‬ ‫من التقدم التقني المشار إليه آنفاً‪ ،‬ال تزال طاقة‬ ‫الرياح مكلفة جداً‪ ،‬إذا ما قورنت بغيرها من مصادر‬ ‫الطاقة التقليدية كالفحم أو الغاز أو حتى الطاقة‬ ‫النووية‪ .‬وال تصمد مشاريعها اقتصادياً لوال هذا‬ ‫الدعم والحماية الحكومية‪ .‬ويمثل الدعم الحكومي‬ ‫حوالي نصف إجمالي أرباح مشاريع طاقة الرياح أي‬ ‫أن زواله في الظروف الحالية سيقضي فعلياً على‬ ‫مستقبل هذا المصدر في المدى المنظور‪ ،‬ويمثل‬ ‫الدعم دون شك عبئاً على الحكومات ودافعي‬ ‫الضرائب‪ .‬ولكن يبرره أ‬ ‫المل المعقود على طاقة‬ ‫ّ‬ ‫الرياح في تقليل االنبعاثات الضارة من مصادر‬ ‫الطاقة التقليدية‪.‬‬ ‫أما إذا أريد لطاقة الرياح أن تنافس مباشرة دون‬ ‫دعم حكومي‪ ،‬فال بد عندئذ من رفع قيمة البدائل‬ ‫التقليدية أوالً‪ .‬وال يتم ذلك إال بفرض ضرائب عالية‬ ‫على انبعاثات الكربون من المصادر التقليدية‪ .‬مما‬ ‫يعني رفع تكلفة إنتاج الكهرباء على كل أ‬ ‫الطراف‪ ،‬بما‬ ‫فيها المستهلك النهائي‪ ،‬لتحقيق استخدام أوسع‬ ‫لطاقة الرياح‪.‬‬

‫كفاءة التشغيل‬

‫طاقة الرياح كما ذكرنا هي من أسرع أنواع الطاقة‬ ‫البديلة نمواً‪ .‬فمنذ العام ‪2005‬م تضاعف أعداد‬ ‫مراوح طاقة الرياح في العالم كل أربع سنوات‬ ‫تقريباً‪ .‬حتى إن هناك دوال ً أوروبية كالدانمارك‪،‬‬ ‫صارت تسد حاجاتها في مجال توليد الكهرباء بالكامل‬ ‫من طاقة الرياح عندما تكون الرياح مواتية‪ .‬ويالحظ‬ ‫هنا أننا نتحدث عن سعة التوليد القصوى‪ ،‬وليس‬ ‫عما يتم إنتاجه من الكهرباء فعلياً‪ ،‬فهبوب الرياح‬ ‫َّ‬ ‫بسرعة مناسبة طوال الوقت نادر الحدوث‪ .‬لذا‪،‬‬

‫كثيراً ما تضطر الدانمارك الستيراد الكهرباء من جارتها‬ ‫النرويج عند سكون الرياح الدانماركية‪.‬‬ ‫الجمالية المعلنة‬ ‫يُستنتج من هذا أن طاقة التوليد إ‬ ‫نادراً ما يتم استغاللها فعلياً ألقصى حد‪ .‬إذ إنها‬ ‫تعتمد على وتيرة الرياح وشدتها وتوقيت هبوبها‪.‬‬ ‫وكلها عوامل خارج تحكم البشر‪ ،‬اللهم إال في‬ ‫محاولتهم التنبؤ بمسارات وحركة الرياح‪ .‬ولذا فإن‬ ‫غالبية مشاريع طاقة الرياح ال تحقق نسبة تشغيل‬ ‫تفوق ‪ 25‬إلى ‪ %30‬من الطاقة القصوى الممكنة‪.‬‬ ‫فهذه ألمانيا مثال ً لم تحقق في العام الماضي كفاءة‬ ‫أعلى من ‪ %18‬من مراوحها‪ ،‬علماً بأن هذه المراوح‬ ‫قد نُصبت بدءاً بأفضل مواقع هبوب الرياح في‬ ‫البالد‪.‬‬

‫هل هي فعال ً متجددة؟ إعادة‬ ‫تعريف‬

‫صدرت مقاالت مؤخراً تقول إن العالم إذا ُملئت‬ ‫سواحله وسهوله بمزارع الرياح الستغالل طاقتها‬ ‫وتحويلها إلى كهرباء‪ ،‬سيكون بمقدورنا االستغناء‬ ‫عن كل أشكال الطاقة أ‬ ‫الخرى‪ .‬هذا القول وإن كان‬ ‫البعد االقتصادي‬ ‫صحيحاً نظرياً‪ ،‬إال أنه يُغفل ُ‬ ‫والعملي لهذه المشاريع‪ .‬فرغم كون الرياح عنصراً‬ ‫متجدداً ال ينفد‪ ،‬إال أن تعريف النفاد والندرة‬ ‫ينبغي أن يكون أكثر شموالً‪ .‬ولتحقيق أفضل عائد‬ ‫تخير‬ ‫ومردود تشغيلي على مشاريع الرياح ينبغي ّ‬ ‫مواقع هبوب الرياح ذات المميزات المطلوبة من‬ ‫قربها من مراكز الطلب والتجمعات السكانية‪،‬‬ ‫بالضافة إلى تمتعها بنسبة هبوب رياح مناسبة‬ ‫إ‬ ‫على مدار العام‪ ،‬وبُعدها عن المحميات البيئية‬ ‫أو المواقع السياحية التي تفسدها مناظر هذه‬ ‫الغابات الصناعية من مراوح التوليد‪ .‬وإذا أردنا‬ ‫اجتماع كل هذه الخصال في موقع واحد‪ ،‬فإن‬ ‫هذه المواقع الجذابة ستكون محدودة و«قابلة‬ ‫للنفاد» تماماً كمصادر الطاقة التقليدية‪ ،‬وإن‬ ‫اختلف مفهوم النفاد هنا‪ .‬أي أن البحث عن‬ ‫مواقع جديدة مميزة يعني االبتعاد أكثر فأكثر عن‬ ‫مواقع االستهالك‪ ،‬وصعوبة مد أ‬ ‫السالك وخطوط‬ ‫النقل وازدياد تكاليف التشغيل والتركيب ونقل‬ ‫المعدات‪ ،‬وبالتالي زياد ًة في التكلفة وتباطؤاً في‬


‫‪shutterstock‬‬

‫توربينات الرياح في الدانمارك‬

‫وتيرة النمو وعائقاً دون توسع القطاع فوق مستوى‬ ‫معين‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫هذا التعريف للنفاد ليس جديداً‪ ،‬بل يفهمه القريبون‬ ‫من صناعة الطاقة التقليدية من نفط وغاز مثالً‪،‬‬ ‫فإن مفهوم الندرة ال بد أن يرتبط بالظروف التقنية‬ ‫واالقتصادية المتاحة‪ .‬فمثال ً يمكننا أن نستمر في‬ ‫استخراج مزيد من النفط لقرون قادمة إن كان عامل‬ ‫الجدوى االقتصادية موائماً أو كانت التقنية تتطور‬ ‫بشكل سريع‪ .‬الحال ينطبق تماماً على طاقة الرياح‪،‬‬ ‫التي تتأثر أيضاً بعامل ندرة المواقع في تقييم‬ ‫مشاريعها وتغيير معطيات جدواها اقتصادياً وفق‬ ‫التقنيات المتاحة حالياً‪.‬‬

‫اياها البيئية‬ ‫أماذا عن مز‬ ‫أ‬

‫الثر العام على الحياء الطبيعية‬ ‫عند الحديث عن أ‬ ‫الثر البيئي الستخدام طاقة‬ ‫الرياح‪ ،‬ال بد أن نتذكر أنها ال تزال تمثل جزءاً‬ ‫يسيراً من منظومة توليد الطاقة القائمة‪ ،‬أي أن‬ ‫المفاضلة ليست بين استخدامها وحدها وترك ما‬ ‫سواها‪ ،‬بل في مدى التوسع فيها لتكون مكملّة‬ ‫لنظام الطاقة الحالي على اختالف أشكاله‪ .‬هناك‬ ‫أثر بيئي مباشر لتركيب آالف المراوح على سواحل‬ ‫الدول ومسطحات اليابسة‪ ،‬فمثال ً تلقى آالف الطيور‬ ‫المهاجرة حتفها سنوياً نتيجة االصطدام بمراوح‬ ‫التوليد الضخمة التي يصل ارتفاع عمودها إلى‬ ‫‪ 80‬متراً‪ ،‬مع أذرع المراوح التي يصل طول الواحد‬ ‫منها إلى أربعين متراً وتدور بسرعة تصل إلى ‪320‬‬ ‫كلم في الساعة عند أ‬ ‫الطراف‪ ،‬كما تقتل المراوح‬ ‫أشكاال ً أخرى من الكائنات ذات الدور المحوري في‬ ‫توازن البيئة كالخفافيش التي تسهم في السيطرة‬ ‫على آ‬ ‫الفات الحشرية التي تغزو المحاصيل‪ .‬هذه‬ ‫آ‬ ‫الثار البيئية بدأت تثير غضب المزارعين والناشطين‬ ‫على حد سواء‪ .‬أما الذبذبات واالهتزازات الناجمة‬

‫عن دوران هذه المراوح الضخمة فتؤثر سلباً على‬ ‫ديدان التربة المفيدة والنباتات الدقيقة وغير ذلك‬ ‫أ‬ ‫بالضافة‬ ‫من أشكال الحياء صغيرها وكبيرها‪ .‬هذا إ‬ ‫إلى شكوى السكان المجاورين من آثار الضوضاء‬ ‫واالهتزازات والتلوث البصري على جودة حياتهم‬ ‫وصحتهم‪ ،‬وهي بعض من أ‬ ‫الثار الجانبية السلبية‬ ‫لمراوح توليد طاقة الرياح‪.‬‬ ‫عشوائية الرياح وأثرها عىل االنبعاثات‬ ‫يك نستطيع تقدير فائدة طاقة الرياح ف ي� تخفيف‬ ‫االنبعاثات الكلية‪ ،‬ال بد من معرفة مدى تناغم‬ ‫مصدر الطاقة هذا مع يغ�ه من المصادر التقليدية‪.‬‬ ‫معظم نظم توليد الكهرباء ف ي� العالم ال يعتمد‬ ‫عىل مصدر واحد للطاقة فحسب‪ ،‬بل تستخدم‬ ‫مجموعة مصادر متفاوتة التكاليف والخصائص‪.‬‬ ‫وتوظّف كل منها حسب تغ� أ‬ ‫الحمال عىل مدار‬ ‫ي‬ ‫اليوم وع� المواسم‪ .‬أ‬ ‫فالحمال الكهربائية الثابتة‬ ‫ب‬ ‫تقريباً عىل مدار اليوم وقليلة التقلب تتم تلبيتها عن‬

‫إن هناك دوالً أوروبية‬ ‫كالدانمارك‪ ،‬صارت تسد‬ ‫حاجاتها في مجال توليد‬ ‫الكهرباء بالكامل من طاقة‬ ‫الرياح عندما تكون الرياح‬ ‫مواتية‬


‫‪39 | 38‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫معظم نظم توليد الكهرباء في‬ ‫العالم ال يعتمد على مصدر‬ ‫واحد للطاقة فحسب‪ ،‬بل‬ ‫تستخدم مجموعة مصادر‬ ‫متفاوتة التكاليف والخصائص‬

‫طريق مصادر تتطلب تكلفة إنشاء عالية مقابل تكلفة‬ ‫يفضل إبقاؤها تعمل طوال‬ ‫تشغيل منخفضة‪ .‬ولذا ّ‬ ‫الوقت‪ ،‬وأبرز أمثلتها مولدات الفحم‪ .‬أما أ‬ ‫الحمال‬ ‫ي ت‬ ‫ال� تزيد وتنقص حسب نشاط السكان عىل‬ ‫المتغ�ة ي‬ ‫مدار اليوم كأوقات العمل وأوقات ازدياد تشغيل‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ظه�ة‬ ‫الجهزة الكهربائية‪ ،‬أو أوقات الذروة ي� ي‬ ‫الصيف مثالً‪ ،‬فتتم تلبيتها عن طريق معامل توليد‬ ‫ذات تكلفة إنشائية أقل‪ ،‬ولكن تكلفتها التشغيلية‬ ‫أعىل بسبب ارتفاع ثمن الوقود المستخدم فيها‪،‬‬ ‫وأبرز أمثلتها مولدات الغاز الطبيعي والديزل‪ ،‬ويتم‬ ‫تشغيل هذه المولدات حسب الحاجة لمراعاة دورة‬ ‫أحمال الكهرباء عىل مدار اليوم والموسم‪.‬‬ ‫المعاي�‪ .‬فبحكم‬ ‫طاقة الرياح ال تخضع لهذه‬ ‫ي‬ ‫شبه انعدام تكلفتها التشغيلية –إذ ال تكلف الرياح‬ ‫شيئاً– فإن الخيار أ‬ ‫لمشغل شبكة الكهرباء هو‬ ‫المثل‬ ‫ي‬ ‫استقبالها ش‬ ‫مبا�ة طالما هبت الرياح‪ ،‬سواء دعت‬ ‫ف‬ ‫حاجة الشبكة ي� ذلك الوقت أم ال‪ .‬لذا‪ ،‬فإن دخول‬ ‫طاقة الرياح عىل الخط يستوجب تكاليف وتقنيات‬ ‫المتغ� الجديد‪ .‬المفارقة‬ ‫إضافية الستيعاب هذا‬ ‫ي‬ ‫بوت�ة أعىل ف ي� ساعات الليل‬ ‫أن الرياح غالباً ما تهب ي‬ ‫ين‬ ‫ب� الواحدة إىل الرابعة فجراً‪ ،‬أي ف ي� الوقت الميت‬ ‫ف‬ ‫و� المقابل‪ ،‬فإن أيام شدة‬ ‫من ناحية الطلب‪ ،‬ي‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫حرارة الصيف وذروة الطلب عىل التكييف ت�امن‬ ‫غالباً مع مناطق ضغط جوي مرتفع وسكون ف ي� حركة‬ ‫الرياح‪ ،‬أي أن هبوب الرياح قد ال يواكب أنماط‬ ‫ف‬ ‫كث� من‬ ‫الطلب عىل الكهرباء‪ ،‬بل ربما يخالفه ي� ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫الحيان‪ ،‬مما يفقد هذا المصدر فاعليته ي� مواجهة‬ ‫أحمال الذروة‪.‬‬

‫‪shutterstock‬‬

‫مولدات غاز احتياطية‬

‫بالضافة إىل ما سبق‪ ،‬تضطر ش�كات الكهرباء‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫لالستثمار ي� مولدات غاز احتياطية ووضعها عىل‬ ‫أهبة االستعداد تحسباً لسكون مفاجئ للرياح‪ ،‬وال بد‬ ‫مشغل شبكة مهرة ومزودين بتقنية عالية‬ ‫توف�‬ ‫من ي‬ ‫ي‬ ‫للتعامل مع فوائض طاقة الرياح المفاجئة ت‬ ‫وال� قد‬ ‫ي‬ ‫تزيد عىل قدرة تحمل الشبكة فتسبب ضأ�اراً عىل‬ ‫الشبكة ومكوناتها مما يزيد التكاليف الكلية‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� يتم تفاديها‬ ‫نذكر أيضاً أن نوع وكمية االنبعاثات ف ي‬ ‫أ‬ ‫نتيجة استعمال طاقة الرياح يعتمد ي� المقام الول‬ ‫عىل مصدر الطاقة التقليدي الذي تحل محله ضمن‬ ‫منظومة إنتاج الكهرباء‪ .‬فمن الخطأ ت‬ ‫اف�اض أن كل‬ ‫كيلو واط من طاقة الرياح سيستبدل كيلو واط من‬ ‫مصادر الطاقة أ‬ ‫ال ثك� تلويثاً (كالفحم مثالً)‪.‬‬ ‫كمثال مبسط‪ ،‬فإذا كانت شبكة الكهرباء تغذيها‬ ‫ثالثة معامل‪ ،‬أ‬ ‫الول معمل توليد بطاقة الفحم ذو‬ ‫أ‬ ‫سعة عالية لتلبية الحمال الكهربائية الدائمة‪ ،‬وآخر‬ ‫يعمل بطاقة الغاز الطبيعي ذو سعة متوسطة‬ ‫بالضافة إىل عدد من مراوح طاقة‬ ‫صغ�ة‪ ،‬إ‬ ‫أو ي‬ ‫الرياح‪ ،‬ثم ازدادت رسعة الرياح فجأة ف ي� وقت يقل‬ ‫فيه الطلب عىل الكهرباء‪ ،‬فإن المشغل للشبكة‬ ‫سيضطر إىل إيقاف بعض المولدات من المصادر‬ ‫التقليدية لفسح المجال أمام دفعة طاقة الرياح‬ ‫ح� ال ض‬ ‫المفاجئة ت‬ ‫تت�ر الشبكة‪ .‬وخياره سيكون‬ ‫غالباً إيقاف مولدات الغاز الطبيعي نظراً لسهولة‬ ‫أ‬ ‫البقاء عىل‬ ‫إيقافها وتشغيلها ولسعتها القل‪ ،‬مع إ‬ ‫المعمل أ‬ ‫ال ثك� تلويثاً (الفحم) يعمل دون انقطاع‬ ‫نظراً لسعته العالية وصعوبة إيقافه وتشغيله‬


‫كث�‬ ‫التأث� عىل كفاءته‪ .‬وهذا السيناريو ي‬ ‫برسعة دون ي‬ ‫ين‬ ‫وغ�ها‪ ،‬ويقلل‬ ‫الحدوث ف ي� دول مثل أمريكا‬ ‫والص� ي‬ ‫بالتال من النفع المتوقع لطاقة الرياح ف ي� تخفيف‬ ‫ي‬ ‫االنبعاثات الضارة‪ ،‬ألن طبيعتها المتذبذبة تضعها‬ ‫النظف‪ ،‬ال أ‬ ‫مبا�ة مع المصدر أ‬ ‫ف ي� منافسة ش‬ ‫ال ثك�‬ ‫تلويثاً‪.‬‬

‫نظرة إلى المستقبل المنظور‬

‫بعد أن استعرضنا أبرز العوائق التقنية واالقتصادية‬ ‫ت‬ ‫ال� تواجه التوسع ف ي� استغالل طاقة الرياح‪،‬‬ ‫الحالية آ ي‬ ‫ننتقل الن إىل ش‬ ‫است�اف المستقبل والمسارات‬ ‫المتوقعة لكل واحدة من هذه التحديات‪.‬‬ ‫الكب� لهذا‬ ‫أوالً‪ :‬يُستبعد استمرار الدعم الحكومي ي‬ ‫القطاع عىل المدى البعيد‪ ،‬خاصة مع ازدياد أعباء‬ ‫الديون عىل الدول المنتجة‪ .‬ومع زوال هذا الدعم‬ ‫وت�ة النمو ستتأثر بال شك‪ .‬لكن مقابل ذلك‪،‬‬ ‫فإن ي‬ ‫فإن التطور ن‬ ‫التق� الرسيع قد تكون له الغلبة ف ي�‬ ‫ي‬ ‫تخفيض تكلفة هذه الطاقة ت‬ ‫ح� تنافس يغ�ها دون‬ ‫ن‬ ‫الثا� ف ي� هذه المعادلة هو‬ ‫الحاجة للدعم‪ .‬العامل ي‬ ‫أن دول العالم تتجه بوضوح إىل فرض أسعار عادلة‬ ‫وك�يت‬ ‫عىل كافة أشكال االنبعاثات الضارة من كربون ب‬ ‫وغ�ه‪ ،‬بحيث يتحمل منتجو الطاقة التقليدية‬ ‫ي‬ ‫التكلفة الحقيقية أ‬ ‫لل ض�ار البيئية الجانبية النبعاثات‬ ‫معاملهم‪ .‬ض�ائب االنبعاثات هذه كفيلة بجعل‬ ‫مصادر إنتاج الكهرباء التقليدية أقل جاذبية إذا توفر‬ ‫بديل من الطاقة المتجددة كالرياح‪ ،‬مما يعزز فرص‬ ‫التوسع ف ي� مشاريعها‪.‬‬

‫وإضافة إىل ذلك‪ ،‬فإن عامل الندرة واستنفاد مواقع‬ ‫ف‬ ‫كب�ة‬ ‫الرياح المجدية اقتصادياً وخاصة ي� الدول ي‬ ‫المساحة هو عامل مهم أيضاً‪ ،‬خاصة أنه كلما‬ ‫ازدادت مزارع الرياح بُعداً عن مراكز االستهالك‪،‬‬ ‫ازدادت الحاجة الستثمارات ضخمة ف ي� التمديدات‬ ‫ومحطات التقوية والتوزيع مع ما يصاحبها من‬ ‫صعوبات تقنية واقتصادية‪ .‬هذه الندرة قد تؤثر‬ ‫وت�ة االستثمارات الجديدة ف ي� هذا‬ ‫سلباً عىل ي‬ ‫ف‬ ‫ً‬ ‫الت�م من‬ ‫المجال‪ ،‬خصوصا إذا بدأ الناس ي� ب‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫تسد الفق وتقتل أشكاال ً‬ ‫ال� ّ‬ ‫منظر هذه الم أراوح ي‬ ‫من الطيور والحياء‪ .‬وال بد لتجاوز هذه العقبة‬ ‫من حلول سياسية وتقنية قد ال تكون بالسهولة‬ ‫المتوقعة‪.‬‬

‫طاقة الرياح ال تخضع لهذه‬ ‫المعايير‪ .‬فبحكم شبه انعدام‬ ‫تكلفتها التشغيلية – فإن‬ ‫الخيار األمثل لمشغلي شبكة‬ ‫الكهرباء هو استقبالها مباشرة‬ ‫طالما هبت الرياح‪ ،‬سواء دعت‬ ‫حاجة الشبكة في ذلك الوقت‬ ‫أم ال‪..‬‬

‫أما العامل أ‬ ‫الهم والذي قد يحل ث‬ ‫أك� المشاكل‬ ‫الحالية فهو إيجاد طريقة فعالة لتخزين طاقة‬ ‫الرياح‪ ،‬وهو ما سيمكِّن شبكة الكهرباء من‬ ‫االستفادة القصوى من هذه الطاقة وقت الحاجة‬ ‫إليها‪ ،‬ال االضطرار إىل استهالكها فوراً وتطويع‬ ‫ق‬ ‫با� مصادر الطاقة من أجلها‪ .‬فتقنية تخزين‬ ‫ي‬ ‫الطاقة ستحل مشكلة المولدات االحتياطية‬ ‫وتقلل تكلفة إدارة الشبكات تحسباً لهبات الرياح‬ ‫العشوائية‪.‬‬ ‫وغ�ها من‬ ‫يظل الطريق طويال ً أمام طاقة الرياح ي‬ ‫مصادر الطاقة المتجدد ت ز‬ ‫ل�يح المصادر التقليدية‪،‬‬ ‫كث� من العوامل‬ ‫وتبقى توقعات المستقبل رهينة ي‬ ‫المتغ�ة‪.‬‬ ‫التقنية واالقتصادية‬ ‫ي‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫ً‬ ‫َّ‬ ‫وراثيا‪..‬‬ ‫المعدل‬ ‫القطن‬ ‫ً‬ ‫أيضا‬ ‫إنتاجه أكبر ومخاطره‬

‫‪41 | 40‬‬

‫من المختبر‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫‪shutterstock‬‬

‫المعدل وراثياً مقاومة تُذكر مقارنة‬ ‫لم يُ ث� القطن‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� واجهتها الطعمة من الخضار والحبوب‬ ‫بالمقاومة ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� ُمنعت زراعتها واستهالكها ي� بلدان‬ ‫وخاصة الذرة ي‬ ‫ت‬ ‫ال� أحرقت‬ ‫عديدة آخرها فرنسا‪ ،‬وقبلها بأشهر المجر ي‬ ‫المعدلة وراثياً‪ .‬ولكن بعد هذه‬ ‫كافة حقول الذرة‬ ‫َّ‬ ‫المعدلة وراثياً‪ ،‬تتجه أنظار‬ ‫االنتصارات عىل الحبوب‬ ‫َّ‬ ‫ين‬ ‫الباحث� صوب القطن الذي هو ف ي� الواقع مادة للنسيج‬ ‫وطعام وعلف‪ .‬فمن زهرته تُصنع خيوط القماش‪ ،‬ومن‬ ‫ق‬ ‫با� النبتة ُفيستخدم علفاً‬ ‫بذوره يُستخرج الزيت‪ ،‬أما ي‬ ‫للماشية‪.‬‬ ‫ومن المفاجآت ت‬ ‫ال� تمخضت عنها مؤخراً دراسة القطن‬ ‫ي‬ ‫المعدل وراثياً‪ ،‬استناداً إىل «معهد العلم والمجتمع»‬ ‫َّ‬ ‫ف� بريطانيا‪ ،‬أنه ت‬ ‫المعدلة وراثياً ف ي�‬ ‫يش�ك مع الحبوب‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫التسبب بعدم تجاوب جسم إالنسان مع المضادات‬ ‫ت‬ ‫ال� قد يحتاجها ف ي� حاالت المرض‪ .‬إضافة إىل‬ ‫الحيوية ي‬ ‫سمية الجينات االصطناعية المغروسة فيه عىل صعيد‬

‫تشويه سلسلة الحمض النووي عند المستهلك‪ ،‬إضافة‬ ‫إىل عدد آخر من المخاطر جمعتها الدراسة المذكورة‬ ‫المعدل وراثياً يغ� آمن»‪.‬‬ ‫تحت عنوان «القطن‬ ‫َّ‬ ‫ومعلوم أن القطن المعدل لقي رواجاً كب�اً �ف‬ ‫َّ‬ ‫ي ي‬ ‫أ‬ ‫خ�ة بسبب قدرته عىل رفع كميات إالنتاج‬ ‫السنوات ال ي‬ ‫ف‬ ‫بشكل ملحوظ‪ .‬وثمة تقارير تقول إن نحو ‪ 90‬ي� المئة‬ ‫من القطن المزروع ف� الهند (المنتج العالمي أ‬ ‫الول)‬ ‫ِ‬ ‫أي‬ ‫ً‬ ‫المر الذي أ َّدى عرضيا إىل مشكلة‬ ‫معدل وراثياً‪.‬‬ ‫هو َّ‬ ‫أخرى تم َّثلت ف� انهيار صغار المز ي ن‬ ‫ارع� بسبب انخفاض‬ ‫ي‬ ‫‪ 1.1‬دوالر أ‬ ‫أ‬ ‫للقة إىل ‪ 54‬سنتاً خالل أقل‬ ‫السعار من‬ ‫من عقد واحد‪ ،‬مما ألحق خسائر فادحة بمصارف‬ ‫إالقراض الزراعي ف ي� المناطق الريفية‪ ،‬بسبب عجز‬ ‫صغار المز ي ن‬ ‫ارع� عن تسديد القروض ف ي� كارثة بك�ت‬ ‫ككرة الثلج‪.‬‬ ‫المصدر‪:‬‬ ‫‪http://www.i-sis.org.uk‬‬

‫مكافحة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية‬

‫‪shutterstock‬‬

‫يدق عديد من علماء أ‬ ‫الحياء الدقيقة والمناعة‬ ‫البكت�يا‬ ‫تطور سالالت‬ ‫ي‬ ‫نواقيس الخطر بشأن ّ‬ ‫مش�ين إىل‬ ‫المقاومة للمضادات الحيوية الصناعية‪ ،‬ي‬ ‫خط�ة قد توازي ف ي� شموليتها تهديدات‬ ‫إشكالية أممية ي‬ ‫االحتباس الحراري‪ .‬ذلك أن ترسانتنا الكاملة من‬ ‫فالبكت�يا‬ ‫المضادات الحيوية تفقد فعاليتها تدريجياً‪.‬‬ ‫ي‬ ‫باتت تكتسب مناعات ت ز‬ ‫م�ايدة ضد تلك المركّبات‬ ‫العالجية‪ .‬ومقاومة المضادات الحيوية لاللتهابات‬ ‫ت‬ ‫ال� دأبنا‬ ‫البكت�ية‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫والعقاق� المضادة للميكروبات ي‬ ‫والف�وسات‬ ‫عىل استعمالها لمعالجة الطفيليات ي‬ ‫والفطريات‪ ،‬تزداد ضعفاً بشكل ينذر بالخطر‪ .‬وإذا‬ ‫تحققت تلك المخاوف‪ ،‬فإن أ‬ ‫البكت�ية‬ ‫المراض‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� كانت تُعالج‪ ،‬قد تصبح قاتلة عندما‬ ‫البسيطة ي‬ ‫تكتسب المناعة‪.‬‬ ‫ين‬ ‫ال�يطانيا‬ ‫لكن فريقاً من‬ ‫الباحث� بجامعة كولومبيا ب‬ ‫ف‬ ‫ً‬ ‫بكندا‪ ،‬نجح مؤخرا ي� التعرف إىل نوع من المركبات‬ ‫العضوية (البيبتيدات) واسمه «‪ ،»1018‬يعمل‬ ‫البكت�يا من أن تتحول إىل‬ ‫كمضادات طبيعية تمنع‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الصابات‪.‬‬ ‫ال� تسبب‪ ،‬ي� الغالب‪ ،‬إ‬ ‫أغشية حيوية هي ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تنمو عىل الجلد والرئة‬ ‫إن عدداً من‬ ‫ي‬ ‫البكت�يا أ ي‬ ‫ش‬ ‫والقلب وعىل بعض النسجة الب�ية‪ ،‬تتطور إىل‬ ‫الب ن� المنظمة للغاية‪،‬‬ ‫أغشية حيوية‪ ،‬وهي نوع من ُ‬ ‫ث‬ ‫ثل� االصابات ش‬ ‫الب�ية‪ .‬وال يوجد‬ ‫وتُعد مسؤولة عن ي َ‬ ‫حالياً أي عالج رسمي ُموافق عليه إلصابات االغشية‬

‫البكت�يا ف ي� هذه االغشية تُعد‬ ‫الحيوية‪ .‬كما أن‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫العقاق� المعروفة‪ .‬لكن البيبتيد‬ ‫ال ثك� مناعة ضد‬ ‫ي‬ ‫البكت�يا‪،‬‬ ‫المكتشف يعمل عىل تثبيط مجموعات من‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� ال يمكن معالجتها بوساطة‬ ‫بما ي� ذلك عديد من ي‬ ‫المضادات الحيوية‪ ،‬وذلك بع� تكوين جزيئات‬ ‫تكس بنية الغشاء الحيوي‪.‬‬ ‫بروتينية ّ‬ ‫الباحث�ن‬ ‫كب�‬ ‫ي‬ ‫ال�وفيسور بوب هانكوك ي‬ ‫ويعلِّق ب‬ ‫ف ي� هذا ش‬ ‫الم�وع عىل هذا االكتشاف بقوله ‪« :‬إن‬ ‫المضادات الحيوية هي العقاق� أ‬ ‫النجح عىل‬ ‫ي‬

‫الكوكب‪ .‬ومن دونها سنواجه صعوبات عميقة ف ي�‬ ‫إجراء العمليات الجراحية أ‬ ‫الساسية‪ ،‬وعمليات زرع‬ ‫أ‬ ‫العضاء‪ ،‬وبعض العالجات الكيميائية ت‬ ‫وح� معالجة‬ ‫الصابات الطفيفة‪ .‬اكتشافنا يمثل تقدماً مهماً‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫بكت�يات الغشية‬ ‫للوصول إىل وسائل الستهداف ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تهدد كل تلك المساعي العالجية»‪.‬‬ ‫الحيوية ي‬ ‫المصدر‪:‬‬ ‫‪http://www.sciencenewsline.com/‬‬ ‫‪summary/2014052221560008.html‬‬


‫ابتكار ومبتكر‬

‫قيادة الطائرات بمجرد التفكير‬

‫جوزيف ليسلر‬

‫ّ‬ ‫مرشة السقي اآللية‬ ‫مبتكر‬

‫‪A. Heddergott/TU München‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬

‫‪shutterstock‬‬

‫سيكون بإمكان طياري المستقبل قيادة‬ ‫التفك�‪.‬‬ ‫طائراتهم بمجرد‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫و� مشهد تأدية لتجربة بمعهد ديناميكا‬ ‫ي‬ ‫التقنية‬ ‫ي‬ ‫الط�ان التابع لجامعة ميونيخ ّ‬ ‫االف� ض‬‫بألمانيا‪ ،‬فإن الطيار ت‬ ‫س�تدي‬ ‫ا�‪ -‬ي‬ ‫ي‬ ‫قبعة بيضاء عامرة بالوصالت الكهربائية‬ ‫أ‬ ‫والسالك‪ ،‬مثبتاً نظره عىل المدرج أمامه‪.‬‬ ‫وفجأة ستبدأ عصا التحكم الخاصة بطائرته‬ ‫بالتحرك‪ ،‬لتميل الطائرة ت‬ ‫وتق�ب ش‬ ‫مبا�ة نحو‬ ‫المدرج‪ .‬ثم يتم تصحيح وضع الطائرة مراراً‬ ‫وتكراراً ت‬ ‫ح� تالمس العجالت سطح المدرج‬ ‫الطيار‪ ،‬خالل‬ ‫بلطف‪ ،‬من دون أن يلمس ّ‬ ‫هذه التجربة كلها‪ ،‬أياً من معدات الطائرة‬ ‫بيديه!‬ ‫هذا ليس مشهداً من ِفلم للخيال العلمي‪.‬‬ ‫فعل قام به المعهد‬ ‫بل استعادة الختبار ي‬ ‫المذكور أعاله‪ ،‬عمل عليه علماء يعملون مع‬ ‫أ‬ ‫الستاذ «فلوريال هولزابفيل»‪ ،‬وقُدم إىل‬ ‫أ‬ ‫للط�ان بالتحكم‬ ‫ورو� ي‬ ‫برنامج االتحاد ال ب ي‬ ‫«الط�ان الدماغي»‪ .‬وبهذا‬ ‫العقل ويدعى ي‬ ‫ي‬ ‫يكون الباحثون قد نجحوا ف ي� إثبات أن‬ ‫الط�ان المتحكم به دماغياً ممكن وبدقة‬ ‫ي‬ ‫مدهشة‪.‬‬ ‫شارك ف ي� هذا االختبار سبعة أشخاص ذوو‬

‫خ�ات متفاوتة‪ ،‬بينهم واحد ليس لديه أية‬ ‫ب‬ ‫ف‬ ‫خ�ة ي� قمرة القيادة عىل إالطالق‪ .‬ونجح‬ ‫ب‬ ‫ف‬ ‫بالط�ان والهبوط بمجرد‬ ‫الجميع ي� التحكم ي‬ ‫التفك� أ‬ ‫بالوامر‪.‬‬ ‫ي‬ ‫فمن أجل أن تتواصل آ‬ ‫اللة مع ش‬ ‫الب�‪،‬‬ ‫يتم قياس الموجات الكهربائية لدماغ‬ ‫الطيار بوساطة آلة تخطيط كهرباء الدماغ‬ ‫مع تقنيات معينة تشكل نظاماً للحلول‬ ‫طوره علماء من أقسام علم‬ ‫الحاسوبية‪َّ ،‬‬ ‫ف‬ ‫برل�ن‬ ‫النفس والهندسة العصبية ي� كلية ي‬ ‫للتقنية‪ ،‬ويستطيع فك إالشارات الكهربائية‬ ‫من الدماغ وتحويلها إىل أوامر مفيدة‬ ‫للتحكم‪.‬‬ ‫الط�ان‬ ‫ويوضح تيم فريك مهندس ي‬ ‫المسؤول عن بال�نامج ف ي� الجامعة‪« :‬إن‬ ‫الط�ان‬ ‫لل�نامج هو أن يصبح ي‬ ‫الهدف البعيد ب‬ ‫أك� من الناس لسد النقص ف ي�‬ ‫متاحاً لعدد ب‬ ‫ن‬ ‫المؤهل�؛ إضافة لزيادة‬ ‫سوق الطيارين‬ ‫ي‬ ‫معاي� السالمة‪ ،‬حيث إن الطيارين سيكون‬ ‫ي‬ ‫لديهم حرية الحركة لدارة المهام أ‬ ‫الخرى �ف‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫قمرة القيادة»‪.‬‬ ‫مصدر المقال‪:‬‬ ‫‪ http://www.sciencedaily.com/‬‬ ‫‪releases/2014140527101454/05/.htm‬‬

‫ال شك بأننا نحن‪ ،‬المقيمون في بيئات صحراوية قاحلة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫كثيرا لهذا االبتكار وصاحبه‪ ،‬الذي َّ‬ ‫مكننا من تحويل‬ ‫ممتنون‬ ‫أجزاء شاسعة من أحيائنا لمسطحات خضراء‪ .‬ويبقى السؤال‬ ‫ً‬ ‫مطروحا بخصوص أهمية صرف الماء على شأن كهذا‬ ‫ومناقشة األهمية البيئية والجمالية للمسطحات الخضراء‬ ‫مقابل األهمية الحيوية للثروة المائية النادرة في منطقتنا‪.‬‬

‫قصة ابتكار «المرشة آ‬ ‫ب� القر ي ن‬ ‫اللية» بدأت ي ن‬ ‫ع� والتاسع ش‬ ‫ن� الثامن ش‬ ‫ع�‬ ‫ّ‬ ‫مدفوعة بالتأث� الذي جلبه المهاجرون أ‬ ‫الوروبيون معهم إىل القارة‬ ‫ي‬ ‫المريكية‪ .‬أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫فالثرياء الجدد ي� أمريكا َّيمموا أنظارهم شطر قصور أوروبا‬ ‫ال� تحيط بها مساحات ض‬ ‫ت‬ ‫حد‪ ،‬وسعوا‬ ‫التاريخية‬ ‫خ�اء ليس لها ّ‬ ‫الفارهة‪ ،‬ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ث‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إىل تقليدها ح� ي� الواليات المريكية الك� جفافا والقل حظا بالمطر‪.‬‬

‫تلك المساحات ض‬ ‫الخ�اء المزروعة بالنجيلة البديعة انتعشت ف ي� فرنسا‬ ‫ع�‪ ،‬وتطلبت ف‪ �-‬عرص ما قبل آ‬ ‫خالل القرن السابع ش‬ ‫اللة‪ -‬جيوشاً من‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫والجز‬ ‫البستاني� والخدم لضمان أقىص درجات الدقة ي� السقاية‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫والتنسيق‪ .‬كانت تلك هواية مكلفة خاصة بالثرياء الذين يملكون المال‬ ‫ف‬ ‫و� أمريكا لم تكن هناك مشكلة‬ ‫واليد العاملة ويملكون المساحة كذلك‪ .‬ي‬ ‫ع� كامل القارة‬‫مع المال وال المساحة‪ ،‬لكن الماء لم يكن متاحاً ب‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫الس� والراين‪.‬‬ ‫ال� هي ي� أحواض النهر الوروبية مثل ي‬ ‫المريكية‪ -‬بالوفرة ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫الثا� من القرن التاسع ش‬ ‫ع� جاءت التقنية بحل مدهش‬ ‫و� النصف ي‬ ‫ي‬ ‫أساس عند‬ ‫هو «الخرطوم المطاطي» الذي سيستخدم الحقاً كسالح‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫طفائي�‪ .‬لكن بالنسبة للسيد جوزيف لسلر من بافلو بوالية نيويورك‪،‬‬ ‫ال‬ ‫إ‬ ‫ميكانيك يتحرك بفعل ضغط المياه‬ ‫مرشة‬ ‫فقد ألهمه ذلك البتكار رأس ّ‬ ‫ي‬ ‫مخصص ألجل سقاية المساحات ض‬ ‫الخ�اء‪ ،‬ويمكن نقله وتثبيته مؤقتاً‬ ‫ببساطة لتغطية أية مساحة بأقل تكلفة ممكنة من ناحية اليد العاملة‪.‬‬ ‫ديسم�‬ ‫هكذا تم تسجيل هذا االبتكار باسم السيد ليسلر بتاريخ ‪19‬‬ ‫ب‬ ‫ال�اءة رقم ‪ .121,949‬ليثبت وجوده ث‬ ‫أك� خالل القرن‬ ‫‪1871‬م تحت ب‬ ‫التال بفضل انتشار شبكات نقل المياه العمومية‪ ،‬ويسمح بنقلة نوعية �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫تصميم أ‬ ‫الحياء والبيوت ت‬ ‫ال� بات بوسع أصحابها أن يستمتعوا ببساتينهم‬ ‫ي‬ ‫الشخصية‪ ..‬بقدر ما تسمح به ذات اليد‪.‬‬


‫‪43 | 42‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫ماذا لو؟‬

‫ماذا لو ذاب‬ ‫الجليد على‬ ‫القطبين؟‬ ‫عمير طيبة‬

‫‪shutterstock‬‬

‫ذوبان كل الجليد المتجمع في القطبين‬ ‫الشمالي والجنوبي هو احتمال‬ ‫منخفض جداً‪ .‬وقد حلّت آخر فترة من عمر كوكبنا‬ ‫بال جليد قبل ‪ 34‬مليون سنة‪ ،‬فيما يعرف بعصر‬ ‫«اليوسين»‪ .‬ولكن مع التزايد المستمر لمستويات‬ ‫إ‬ ‫ثاني أكسيد الكربون بالغالف الجوي‪ ،‬وتفاقم‬ ‫ظاهرة االحتباس الحراري نتيجة لذلك‪ ،‬فإن فكرة‬ ‫ذوبان بعض الجليد القطبي تستحق الطرح‪.‬‬ ‫وبحسب بعض التقارير‪ ،‬فإن مستوى سطح البحر‬ ‫قد ارتفع فعال ً بمعدل ‪ 15‬إلى ‪ 20‬سنتيمتراً في‬ ‫المئة عام أ‬ ‫الخيرة‪ .‬وقد يكون مرد ذلك تسارع‬ ‫وتيرة ذوبان الجليد القطبي‪.‬‬ ‫آ‬ ‫والن إلى التفاصيل‪ ،‬فالقطب الشمالي والقطب‬ ‫الجنوبي مختلفان عن بعضهما من ناحية التركيب‪.‬‬ ‫القطب الشمالي عبارة عن محيط ذي سطح‬ ‫متجمد‪ .‬أما القطب الجنوبي فقارة يابسة‪ ،‬اسمها‬ ‫انتاركتيكا‪ ،‬تكسوها طبقات وطبقات من الثلج‪.‬‬ ‫هذا الفرق مهم في تفسير ما قد يحدث‪.‬‬ ‫الجليد فوق القارة المتجمدة الجنوبية يصل‬ ‫سمكه إلى أكثر من كيلومترين في بعض‬

‫المناطق‪ .‬ومعدل درجة الحرارة هناك هو ‪37‬‬ ‫درجة مئوية تحت الصفر‪ .‬درجة الحرارة في‬ ‫معظم أنحاء القارة ال تتجاوز درجة الذوبان‬ ‫عموماً‪ .‬وعلى أية حال‪ ،‬فإذا ذاب جليد انتاركتيكا‬ ‫فسيرتفع مستوى البحر حول الكوكب بمعدل ‪61‬‬ ‫كاف إلغراق كثير من المدن‬ ‫متراً‪ ،‬وهذا معدل ٍ‬ ‫الساحلية مثل سان فرانسيسكو‪ ،‬لندن‪ ،‬كوبنهاغن‬ ‫كاف البتالع مساحات‬ ‫ونيويورك‪ .‬بل إن ذلك ٍ‬ ‫أ‬ ‫كبيرة من اليابسة‪ ،‬مثل والية فلوريدا المريكية‬ ‫بأسرها‪ .‬كما وأن جزءاً كبيراً من شرق الصين‪،‬‬ ‫يسكن به نحو ‪ 600‬مليون إنسان‪ ،‬سيختفي تماماً‬ ‫تحت الماء‪ .‬وعلى المستوى العربي ستغرق مدن‬ ‫السكندرية‪ ،‬جدة‪ ،‬دبي‪ ،‬إضافة‬ ‫ساحلية عدة مثل إ‬ ‫للقاهرة وبغداد بسبب فيضان النيل ودجلة على‬ ‫التوالي‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬فإن ذوبان جليد القطب‬ ‫الشمالي سيعود بالنفع على شركات المالحة‬ ‫البحرية‪ ،‬ذلك أن تفكك المحيط المتجمد الشمالي‬ ‫سيفتح طرقاً بحرية أقصر بين أوروبا وأمريكا ألول‬ ‫مرة في التاريخ الحديث‪ ،‬ما سيحدث ثورة في‬ ‫عالم النقل البحري وفي التجارة وسيؤدي الزدهار‬

‫موانئ جديدة واندثار أخرى في تأثير تاريخي‬ ‫مشابه الكتشاف (رأس الرجاء الصالح) على خارطة‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫أ‬ ‫الهم من ذلك طبعاً أن مستوى سطح البحر‬ ‫لن يرتفع فيما لو ذاب الجليد الشمالي‪ .‬فالجليد‬ ‫الطافي على المحيط سيتحول حينذاك من الحالة‬ ‫الصلبة إلى السالبة‪ .‬ووفقاً لمبدأ (أرخميدس)‪ ،‬فإن‬ ‫الجليد يزيح ما يعادل حجمه من ماء المحيط‪.‬‬ ‫وبالتالي لن يؤثر ذوبانه على مستوى سطح البحر‪.‬‬ ‫إال أن ذوبان الجليد المتراكم فوق جزيرة جرينلند‬ ‫تحديداً قد يرفع من مستوى سطح البحر بمعدل‬ ‫‪ 7‬أمتار أخرى‪.‬‬ ‫أكثر التقارير تشاؤماً تتوقع ارتفاع مستوى‬ ‫البحر ‪ 95‬سنتيمتراً بحلول العام ‪2100‬م‪ .‬أما‬ ‫أقلها تشاؤماً فتكتفي بارتفاع قدره ‪ 15‬سنتيمتراً‪.‬‬ ‫نحن نتعامل إذاً مع معدل ارتفاع يبلغ نحو ‪50‬‬ ‫سنتيمتراً بنهاية القرن‪ .‬هذا االرتفاع سيكون له‬ ‫تأثير كبير على المدن الساحلية بالذات في وقت‬ ‫العواصف‪ ..‬والتي ستغدو حتى ذلك الحين أكثر‬ ‫ضراوة وإغراقاً‪.‬‬


‫حياتنا اليوم‬

‫التطور اليوم‪..‬‬ ‫لمالقاة الغد‬

‫ف‬ ‫ف‬ ‫تلوث البيئة‬ ‫أن هناك ضغوطاً ي‬ ‫ال شك ي� ّ‬ ‫كب�ة تمارس عىل الطبيعة تسهم ي� ّ‬ ‫التقنيات الحديثة‪ ،‬ليس‬ ‫كرس عديد من أ ّ‬ ‫وزيادة االحتباس الحراري‪ .‬ولهذا السبب ّ‬ ‫النتاج وتفعيل الداء فقط‪ ،‬وإنّما أيضاً‬ ‫فقط من أجل تطوير التصاميم وزيادة إ‬ ‫ثالثية‬ ‫للمحافظة عىل البيئة‬ ‫وصيانة الطبيعة‪ .‬ومن أهم هذه التقنيات الطباعة ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫البعاد ت‬ ‫كث� من الصناعات بدءاً بالمجوهرات وصوال ً إىل‬ ‫ال� أحدثت ثورة ي� ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫وغ� ذلك‪..‬‬ ‫نزل ي‬ ‫السيارات والثاث الم� ي‬ ‫ن‬ ‫تق� الفت يشكِّل مناسبة تحفز عىل التساؤل حول ما ستكون عليه‬ ‫وكل‬ ‫تطور ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫الجابة عنه‪ .‬ولكن واحدة‬ ‫حياتنا ي� المستقبل‪ .‬تساؤل تتعدد المناهج ي� محاوالت إ‬ ‫ال� وضعها العالم أ‬ ‫اللما�ن‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫من أقرب هذه المحاوالت إىل المنهج العلمي هي تلك ي‬ ‫ف‬ ‫إيب�ل‪ ،‬الذي سعى إىل رسم صورة العالم وما سيكون عليه ي� أواسط‬ ‫أولريش ي‬ ‫القرن الميالدي الجاري‪ ،‬وعرض تصوراته للتحديات المستقبلية والحلول ال�ت‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫أ ن‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫لما� توقعاته‬ ‫يق�حها ي� كتاب بعنوان «العالم عام ‪ .»2050‬وقد ب� الباحث ال ي‬ ‫ن‬ ‫وفرضياته عىل جملة ش‬ ‫السكا� وما‬ ‫مؤ�ات ومعطيات راهنة‪ ،‬أهمها اثنان‪ :‬االنفجار‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫سينجم عن تضخم المدن من قضايا وتحديات بيئية ومعيشية‪ ،‬واالتجاهات ي‬ ‫تتحكم بتطور العلوم والتقنية وقدرتها عىل مواجهة صعاب الغد‪..‬صعاب يدعونا‬ ‫الباحث إىل التوجه منذ آ‬ ‫الن إىل مالقاتها بدال ً من انتظار وقوعها‪.‬‬ ‫مهى قمر الدين‬

‫‪46‬‬

‫الطباعة ثالثية األبعاد والتطور‬ ‫في عالم تصميم األثاث المنزلي‬

‫‪50‬‬

‫أحوال العالم في عام ‪2050‬‬

‫‪55‬‬

‫«الصندوق األخضر» سفارة‬ ‫الفن السعودي في هولندا‬


‫‪45 | 44‬‬

‫حياتنا اليوم‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫أصبحت الطباعة الثالثية األبعاد‬ ‫تستخدم في صناعة مختلف المنتجات‬ ‫من المجوهرات إلى األلعاب إلى‬ ‫األدوات الطبية إلى قطع السيارات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تطورت فيه‬ ‫وإنما أكثر ما‬ ‫والطائرات‪.‬‬ ‫وازداد استخدامها في حقل تصميم‬ ‫األثاث المنزلي‪ .‬تعتمد الطباعة الثالثية‬ ‫األبعاد‪ ،‬المعروفة بالتصنيع اإلضافي‪،‬‬ ‫على استخدام صورة رقمية لجسم‬ ‫معيَّ ن ومن ّ‬ ‫ثم تقوم المطبعة بتقطيع‬ ‫تلك الصورة إلى آالف الطبقات‪ ،‬وبعد‬ ‫ذلك تترجم المطبعة هذه الطبقات من‬ ‫خالل إنتاج أجسام متكاملة مؤلفة من‬ ‫طبقات البالستيك أو المعادن أو الرمل‬ ‫أو مواد أخرى‪.‬‬

‫مهى قمر الدين‬

‫والتطور في عالم تصميم‬ ‫ّ‬

‫األثاث المنزلي‬


‫‪Melle Hammer & Yara‬‬ ‫©‪Khoury, Kasheeda‬‬ ‫‪Latin and Arabic 3D‬‬ ‫‪typeface‬‬

‫©‪FreedomofCreation‬‬

‫لقد أسهمت هذه التقنية‬ ‫بإحداث ثورة ف� الطريقة ال�ت‬ ‫ي‬ ‫مصممو ومنتجو ي أ‬ ‫الثاث‬ ‫يعمل بها‬ ‫أ‬ ‫نزل‪ .‬وذلك لنّها استطاعت‬ ‫الم� ي‬ ‫توف� مروحة واسعة من قطع‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫المصمم� من إطالق‬ ‫الثاث المختلفة ومكنت‬ ‫ي‬ ‫العنان لمخيالتهم ووضعها قيد التنفيذ‪.‬‬ ‫ليست الطباعة الثالثية أ‬ ‫البعاد باالكتشاف‬ ‫الجديد‪ ،‬فمنذ حوال ‪ 30‬عاماً عمد العاملون �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫تصميم أ‬ ‫نزل اىل هذه التقنية لتصنيع‬ ‫الم�‬ ‫الثاث‬ ‫ي‬ ‫التطور الذي حصل‬ ‫قوالب ونماذج رسيعة‪ .‬ولكن‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ال ت‬ ‫ين‬ ‫للمصمم� باستخدام‬ ‫لك�ونيات سمح‬ ‫ي� عالم إ‬ ‫أ‬ ‫المطابع الثالثية البعاد لصناعة المنتجات‬ ‫ئ‬ ‫اس إىل الطاوالت إىل‬ ‫بشكلها‬ ‫ي‬ ‫النها� من الكر ي‬ ‫ث‬ ‫وغ�ها‪ .‬وفق التقرير الصادر عن مؤسسة‬ ‫ال�يات ي‬ ‫وول�ز(‪ ،)Wohlers‬وهي المؤسسة االستشارية‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫نز‬ ‫إن‬ ‫ال� تع� بأمور إنتاج المفروشات الم�لية‪ّ ،‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫السوق العالمي للطباعة الثالثية البعاد وصل‬ ‫إىل ‪ 2.2‬مليار دوالر ف ي� ‪2012‬م‪ ،‬أي بزيادة ‪28,6‬‬ ‫بالمائة عن السنة السابقة‪.‬‬

‫إن السوق العالمي للطباعة‬ ‫ّ‬ ‫الثالثية األبعاد وصل إلى‬ ‫‪ 2.2‬مليار دوالر في ‪ ،2012‬أي‬ ‫بزيادة ‪ 28.6‬بالمائة عن السنة‬ ‫السابقة‪.‬‬

‫مزايا الطباعة الثالثية أ‬ ‫بعاد‪:‬‬ ‫ال‬ ‫ف‬

‫خب� ي� صناعة‬ ‫أم� يك ي‬ ‫يش� بول ليباغ‪ ،‬وهو مصمم ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ضا�‪،‬‬ ‫أن التصنيع إ‬ ‫قطع الثاث الخشبية التقليدية‪ّ ،‬‬ ‫ال ي‬ ‫أو الطباعة الثالثية أ‬ ‫البعاد‪ ،‬تسمح بطرق جديدة‬ ‫أ‬ ‫إن‪« :‬تقنيات‬ ‫لتخيل قطع الثاث المختلفة‪ .‬ويقول َّ‬ ‫ت‬ ‫ال� تعود إىل المدرسة القديمة‪ ،‬ف ي� النحت‬ ‫التصنيع ي‬ ‫والصب والصهر‪ ،‬تحمل معها مجموعة من القيود‬ ‫أسهمت ف� تحديد قطع أ‬ ‫الثاث المتعارف عليها ت‬ ‫ح�‬ ‫ي‬ ‫يومنا هذا»‪.‬‬ ‫فالطباعة الثالثية أ‬ ‫البعاد تفتح طرقاً جديدة‬ ‫للتصنيع‪ ،‬حيث لم يعد من المهم أ‬ ‫الخذ بالحسبان‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫سماكة المواد المستخدمة وقطع الساس والدوات‬ ‫المستعملة ف ي� التصنيع‪ ،‬مما يوفر حرية أوسع لعمل‬ ‫ين‬ ‫المصمم�‪ .‬يعطي ليباغ مثاال ً عىل ذلك الشمعدانات‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫وال� تبدو كأنها‬ ‫ال� ُعرف بتصنيعها ي‬ ‫الغريبة الشكل ي‬ ‫بالمكان‬ ‫أذيبت عىل أثر الحرارة‪ ،‬ويقول إنه لم يكن إ‬ ‫الحصول عىل هذه أ‬ ‫الشكال الجميلة دون استخدام‬ ‫برنامج ث أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� أنتجت‬ ‫ي‬ ‫ثال� البعاد ووضعه ي� المطبعة ي‬ ‫القالب ومن ّثم هذه الشمعدانات الرائعة‪.‬‬


‫‪47 | 46‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫إذا كان المطلوب صناعة‬ ‫مئات اآلالف من النسخ من‬ ‫منتج واحد‪ ،‬فلن يكون هناك‬ ‫أية حاجة الستخدام الطباعة‬ ‫الثالثية األبعاد ألنها ستكون‬ ‫مكلفة وغير مستحبة لإلنتاج‬ ‫بهذه الطريقة‪.‬‬

‫توفر المطابع الثالثية‬ ‫مدى ّ‬ ‫أ‬ ‫البعاد‬ ‫ف‬

‫‪ ,Paul Loebach‬شمعدانات ذائبة‬

‫الطباعة الثالثية أ‬ ‫يّ ز‬ ‫والتم�‬ ‫بعاد‬ ‫ال‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أ أ ث‬

‫قد يكون المر الك� إثارة ي� الطباعة الثالثية البعاد‬ ‫هي القدرة عىل جعل ّكل قطعة من قطع أ‬ ‫الثاث‬ ‫فريدة ي ز‬ ‫القيم عىل معرض‬ ‫ومم�ة‪ .‬يقول مارك نيوسن‪ّ ،‬‬ ‫ف‬ ‫تصميم المفروشات ي� متحف لندن للتصميم‪ ،‬إنه‬ ‫«إذا كان المطلوب صناعة مئات آ‬ ‫الالف من النسخ‬ ‫من منتج واحد‪ ،‬لن يكون هناك أية حاجة الستخدام‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وغ�‬ ‫الطباعة الثالثية البعاد‪ ،‬لنها ستكون مكلفة ي‬ ‫أ‬ ‫مستحبة للإنتاج بهذه الطريقة‪ّ .‬أما إذا كانت الولوية‬ ‫ف‬ ‫يّ ز‬ ‫ضا�‬ ‫لعنرص التخصيص‬ ‫والتم� فسيكون التصنيع إ‬ ‫ال ي‬ ‫أمراً مفيداً»‪.‬‬ ‫فالطباعة الثالثية أ‬ ‫البعاد أحدثت نقلة نوعية ف ي� عالم‬ ‫ش‬ ‫�ء من قطع‬ ‫التصميم وأ أ ّدت إىل تخصيص ّكل ي‬ ‫أ‬ ‫الثاث إىل الكسسوارات نز‬ ‫الم�لية‪ ،‬ونقلت السوق‬ ‫من وجود قلة قليلة تصنع التصاميم لعامة الشعب‬ ‫المالي� الذين سيطلبون القطع ي ز‬ ‫ين‬ ‫المم�ة ذات‬ ‫إىل‬ ‫الشخص‪ .‬ويعتقد‬ ‫ذوقهم‬ ‫وفق‬ ‫الفريدة‬ ‫التصاميم‬ ‫ي‬ ‫بأن هذا‬ ‫نس‬ ‫ي‬ ‫الشه� ّ‬ ‫فيليب ستارك‪ ،‬المصمم الفر ي‬ ‫أ‬ ‫بأن انخفاض تكلفة‬ ‫المر يعتمد عىل التكلفة ويضيف ّ‬ ‫أ‬ ‫إنتاج المفروشات باستخدام الطباعة الثالثية البعاد‬ ‫لن يكون بعيداً‪ .‬وعندها سيحدد أ‬ ‫الشخاص الطريقة‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� يختارونها لفرش منازلهم ولن تقترص مش�ياتهم‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫عىل ما هو متوافر ي� الصاالت التجارية‪ .‬وهذا المر‬ ‫سيحارب اتجاهات الموضة المعتمدة ف� أ‬ ‫السواق‬ ‫ي‬ ‫وسيكون االتجاه المقبول هو اتجاه ي ّ ز‬ ‫التم�‪.‬‬

‫الحال‪ ،‬ال تقوم المطابع الثالثية‬ ‫ي� الوقت‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الصغ�ة المستخدمة ف ي� المنازل ّإل بإنتاج‬ ‫البعاد‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫صغ�ة مثل الجواهر واللعاب وتراوح‬ ‫قطع ي‬ ‫اس� ن‬ ‫ب� ‪ 750‬و ‪ 3000‬جنيه ت‬ ‫أسعارها ما ي ن‬ ‫لي�‪.‬‬ ‫أ ي‬ ‫البعاد‬ ‫بينما يتم اللجوء إىل المطابع الثالثية‬ ‫الصناعية من خالل استخدام الراتنج‪ ،‬وهي‬ ‫مادة صمغية سائلة‪ ،‬أو مسحوق المعادن أو‬ ‫النايلون أو الخزف أو البالستيك وتستطيع أن‬ ‫أك� مثل أثاث المنازل‬ ‫تنتج قطع ذات حجم ب‬ ‫وقطع السيارات‪ ،‬ت‬ ‫وت�اوح أسعارها ي ن‬ ‫ب� ‪30000‬‬ ‫ت ن‬ ‫لي�‪.‬‬ ‫و‪ 500000‬جنيه إس� ي‬ ‫كما أصبحت هناك مواقع ت‬ ‫إلك�ونية مثل موقع‬ ‫ت‬ ‫ال� تسهل‬ ‫كيوبيفاي (‪،)Cubify‬‬ ‫عىل سبيل المثال‪ ،‬ي‬ ‫أ‬ ‫إنتاج القطع الثالثية البعاد‪ ،‬إذ يمكن من هذه‬ ‫ت‬ ‫ال� تسمح بتعديل وإنتاج‬ ‫المواقع تحميل ب‬ ‫ال�امج ي‬ ‫أ‬ ‫ولكن هناك من يتخيل‬ ‫النماذج الثالثية البعاد‪ّ .‬‬ ‫مستقبل‪ ،‬حيث يمكن للزبون أن يقوم‪ ،‬وببساطة‪،‬‬ ‫بتحميل ملف رقمي وإنتاج الجسم المطلوب من‬ ‫نز‬ ‫مؤسس مركز‬ ‫الم�ل‪ .‬بقول جان كيتانن‪ ،‬أحد‬ ‫ي‬ ‫البداع» بأنّه‬ ‫التصميم الهولندي المعروف «بحرية إ‬ ‫الثال� أ‬ ‫«قريباً جداً سنتمكن من إرسال الفاكس ث‬ ‫البعاد‬ ‫ي‬


‫سلبيات هذه الطباعة‬

‫المحل التجاري ‪iMaker‬‬

‫من مكان إىل آخر‪ .‬ومن خالل هذا الفاكس سيتمكن‬ ‫أ‬ ‫الشخاص من تبادل الملفات الرقمية المختلفة‬ ‫اس‬ ‫القابلة للطباعة مثل الطاوالت‬ ‫ي‬ ‫الصغ�ة والكر ي‬ ‫وغ�ها»‪.‬‬ ‫ي‬ ‫وقد أصبحت توقعات كيتانن ف ي� طور الحقيقة إذ‬ ‫قامت هناك مؤسسات تجارية مثل مؤسسة ‪iMaker‬‬ ‫ف ي� لندن وراحت تقّدم خدمات للطباعة الثالثية‬ ‫أ‬ ‫البعاد‪ ،‬حيث يمكن للزبائن أن يحملوا ملفاتهم‬ ‫الرقمية عىل آالت الطبع المتوافرة هناك والحصول‬ ‫أن حضور الزبائن‬ ‫عىل الجسم المطلوب‪ .‬كما ّ‬ ‫شخصياً إىل تلك المؤسسات ليس ض�ورياً‪ ،‬حيث‬ ‫ال�يد إ ت ن‬ ‫و�‬ ‫يمكن إرسال ملفاتهم الرقمية بع� ب‬ ‫اللك� ي‬ ‫ين‬ ‫المختص�‬ ‫ومن ّثم يُعمد إىل طبعها من قبل‬ ‫الموجودين ف ي� مثل هذه المؤسسات وإرسالها‬ ‫وشحنها إىل الجهة المطلوبة‪.‬‬

‫بينما يرحب كث�ون بقدوم الطباعة الثالثية أ‬ ‫البعاد‪،‬‬ ‫ي‬ ‫أن هذه الطباعة‬ ‫هناك قلق من قبل البعض من ّ‬ ‫ستجعل تقنيات النحت والتصنيع التقليدية أمر نادر‬ ‫الشه�‪ ،‬كويج‬ ‫يش� المصمم الهولندي‬ ‫ي‬ ‫الوجود‪ .‬ي‬ ‫كث�اً من قيمتها إذا‬ ‫بأن أي قطعة قد تفقد ي‬ ‫‪ّ ،Kooij‬‬ ‫أ‬ ‫ما لجأنا إىل المطابع الثالثية البعاد دون إضافة‬ ‫الب�ية عليها‪ .‬ويقول إن أ‬ ‫اللمسة ش‬ ‫«المر نفسه ينطبق‬ ‫ح� لو ت‬ ‫عىل اللوحات الفنية إذ ت‬ ‫اش�ينا صورة طبق‬ ‫أ‬ ‫الصل عن اللوحة نفسها لن تكون بجمال القطعة‬ ‫أ‬ ‫الصلية ولن تكون قيمتها المادية والمعنوية مثل‬ ‫القطعة أ‬ ‫الصلية»‪ .‬ولكن عىل الرغم من ت‬ ‫اع�اضاته‬ ‫أ‬ ‫عىل استخدام المطابع الثالثية البعاد‪ ،‬فقد‬ ‫استخدم كويج هذه التقنيات من أجل إنتاج أعمال‬ ‫أ‬ ‫اس‬ ‫رائعة‪ .‬ومن أهم هذه العمال سلسلة الكر ي‬

‫ً‬ ‫كثيرا‬ ‫أي قطعة قد تفقد‬ ‫من قيمتها إذا ما لجأنا إلى‬ ‫المطابع الثالثية األبعاد دون‬ ‫إضافة اللمسة البشرية عليها‪.‬‬

‫ف‬ ‫الغريقي ف ي� لندن‪.‬‬ ‫التشا� المعروضة ي� المتحف إ‬ ‫ب‬ ‫وقد ياستخدم ف� إنتاجها مطبعة ثالثية أ‬ ‫البعاد‬ ‫ي‬ ‫بم�مجة لتستخدم قطع بالستيكية مذابة من قطع‬ ‫اس‬ ‫برادات قديمة‪ .‬وتشبه عمليات تصنيع هذه الكر ي‬ ‫تصنيع النقانق‪ ،‬حيث توضع صفائح البالستيك الذي‬ ‫أعيد تدويرها ومن ّثم تُقولب ف ي� المطبعة ف ي� شكل‬ ‫أ‬ ‫اس‬ ‫مادة معجون السنان ومن ّثم تأخذ شكل الكر ي‬ ‫النهائية‪.‬‬ ‫ولكن هناك من لديه نظرة مختلفة عن نظرة كويج‬ ‫أن العالم يشهد زيادة‬ ‫إذ إنه عىل الرغم من ّ‬ ‫ف‬ ‫ولكن الطباعة‬ ‫ي� الطلب عىل السلع الصناعية‪ّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫الثالثية البعاد لن ّ‬ ‫تحل مكان عمليات التصنيع‬ ‫التقليدية المعتمدة حالياً‪ ،‬بشكل كامل‪ .‬وإنما سوف‬ ‫ّتعززها وتكون نز‬ ‫بم�لة مكمل لها‪ .‬وكانت مجموعة‬ ‫ت‬ ‫ال� ابتكرها المصممان كرام‬ ‫الطاوالت والرفوف ي‬ ‫أك� مثال عىل‬ ‫وفيسهار(‪ )Kram&Weisshaar‬هي ب‬ ‫ذلك‪،‬حيث وضع هذان المصممان برامج كمبيوتر‬ ‫صممت إلصالح عيوب بنائية ف ي� قطع مصصمة‬ ‫ت‬ ‫ال� وضعاها عدة‬ ‫من قبل‪ .‬تحتمل ب‬ ‫ال�امج ي‬ ‫بتغي� أشكال المفاصل‬ ‫سيناريوهات قاما من خاللها ي‬ ‫وتغي�‬ ‫اس والطاوالت لتقويتها ي‬ ‫المعدنية لتلك الكر ي‬ ‫ت‬ ‫ال� لجأ إليها‬ ‫استخداماتها‪ .‬سميت تلك التقنية ي‬ ‫ئ‬ ‫االنتقا� الذي يمكنه صهر المساحيق‬ ‫بالتذويب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫تغي� شكل‬ ‫المعدنية بطرق مختلفة ساعدت ي� ي‬ ‫ووظائف المفاصل وتحركاتها‪ .‬ومن خالل هذه‬ ‫ين‬ ‫المختص� مستقبل التصاميم‬ ‫العملية يرى عديد من‬ ‫الثالثية أ‬ ‫البعاد‪ ،‬حيث تبتعد عن إنتاج قطع خيالية‬ ‫ال� تكون �ف‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫وفريدة وتتجه نحو القطع العملية ي‬ ‫متناول الجميع‪ .‬وكما يقول ليباغ‪« :‬سيبتعد التصنيع‬ ‫مجرد إنتاج قطع تظهر التصاميم الفريدة فقط‬ ‫عن ّ‬ ‫بالتوف� ف ي�‬ ‫إىل قطع لالستخدام اليومي مما يسمح‬ ‫ي‬ ‫استخدام المواد الخام وإنتاج مفروشات صديقة‬ ‫للبيئة»‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪49 | 48‬‬

‫حياتنا اليوم‬

‫ً‬ ‫يوميا‪ ،‬تطالعنا توقعات بتحوالت ما ستطرأ‬ ‫على جزئية ما من عالمنا خالل السنوات‬ ‫المقبلة‪ .‬ولكن الباحث أولريش إيبيرل‪،‬‬ ‫الذي ُيعد من كبار العلماء في مجال‬ ‫أبحاث المستقبل في ألمانيا‪ ،‬وضع نصب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫محددا‪ :‬منتصف القرن‪ ،‬العام‬ ‫تاريخا‬ ‫عينيه‬ ‫‪2050‬م‪ ،‬وما سيؤول إليه العالم بقضاياه‬ ‫الكبرى آنذاك‪ ،‬وجمع توقعاته في كتاب‬ ‫بعنوان‪« :‬المستقبل ‪ .»2050‬فما أبرز ما جاء‬ ‫فيه؟‬

‫أسامة إبراهيم‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫أحوال‬ ‫العالم في‬ ‫عام ‪2050‬‬

‫‪shutterstock‬‬


‫يتكون هذا الكتاب من سبعة عشر‬ ‫فصالً ‪ ،‬توضح آلية استقراء التطورات‬ ‫المستقبلية‪ ،‬والتحديات الكبرى التي‬ ‫تواجه البشرية‪ ،‬والحلول المقترحة‬ ‫الجتياز هذه التحديات‬

‫ال يعتمد هذا الكتاب على‬ ‫تنبؤات المنجمين‪ ،‬وال على‬ ‫أفالم الخيال العلمي‪ ،‬لكي‬ ‫يكشف لنا ما ستشهده البشرية‬ ‫بعد أقل من أربعة عقود‪ .‬هو‬ ‫ليس كتاباً سطحياً للتسلية‪ ،‬ولكنه في الوقت نفسه‬ ‫ليس كتاباً مملوءاً بالمصطلحات العلمية المعقَّدة‬ ‫موجه‬ ‫بحيث ال يفهمه إال المتخصصون‪ .‬إنه كتاب َّ‬ ‫في المقام أ‬ ‫الول إلى الشباب‪ ،‬من طالب المدارس‬ ‫والجامعات‪ ،‬الذين سيعيشون في هذه الفترة‪ ،‬لكي‬ ‫يعرفوا ما ينتظرهم‪ ،‬ويستعدوا للغد‪.‬‬ ‫ليس الشباب وحدهم من يحتاج إلى معرفة‬ ‫موجه أيضاً‬ ‫مضمون ما في هذا الكتاب‪ ،‬بل هو َّ‬ ‫إلى المعلمين والباحثين والمديرين وأصحاب‬ ‫القراء المهتمين‬ ‫الشركات‪ ،‬والسياسيين‪ ،‬وغيرهم من َّ‬ ‫بالمستقبل‪ ،‬خاصة إذا عرفنا أن المؤلف إيبيرل‪،‬‬ ‫الحاصل على الدكتوراة في الفيزياء والكيمياء‬ ‫أ‬ ‫والحياء وتقنيات الجينات عام ‪1992‬م‪ ،‬هو‬ ‫من كبار العلماء‪ ،‬ويعمل حالياً في شركة سيمنز‬ ‫العمالقة‪ ،‬وعمل قبل ذلك في شركة دايملر‪ ،‬كما أنه‬ ‫رئيس تحرير مجلة «صور المستقبل»‪ ،‬التي حصلت‬ ‫على كثير من الجوائز العلمية‪.‬‬ ‫يتكون هذا الكتاب من سبعة عشر فصالً‪ ،‬توضح‬ ‫آلية استقراء التطورات المستقبلية‪ ،‬والتحديات‬ ‫الكبرى التي تواجه البشرية‪ ،‬والحلول المقترحة‬ ‫الجتياز هذه التحديات‪ ،‬من توفير مصادر للطاقة‬ ‫المستدامة‪ ،‬إلى حماية البيئة‪ ،‬والتطورات التقنية‬

‫آ‬ ‫والنجازات الطبية‬ ‫النسان اللي‪ ،‬إ‬ ‫في مجال إ‬ ‫المتوقعة‪.‬‬

‫صناعة المستقبل ذي أ‬ ‫الرقام‬ ‫الكبيرة‬ ‫أ‬

‫واحد من أهم القوال التي وردت في الكتاب‪،‬‬ ‫هو ما ورد على لسان العالم أ‬ ‫المريكي آالن كاي‪،‬‬ ‫الذي قال‪« :‬أفضل الطرق الستشراف المستقبل‪،‬‬ ‫هو أن تخترعه بنفسك»‪ .‬وهي دعوة ألن يشارك‬ ‫النسان في صناعة المستقبل‪ ،‬وترك السلبية‬ ‫إ‬ ‫القائمة على انتظار ما ستأتي به أ‬ ‫اليام‪ ،‬ثم ننظر‬ ‫كيف نتعامل معها‪ ،‬وهذا هو الفرق بين العالم‬ ‫أ‬ ‫الول‪ ،‬الذي يصنع المستقبل‪ ،‬والعالم الثالث‪،‬‬ ‫الذي يكتفي بالخوف منه‪ ،‬أو يقنع بأن يعيش‬ ‫يومه فحسب‪.‬‬ ‫في عام ‪2050‬م سيصل إجمالي عدد سكان الكرة‬ ‫أ‬ ‫الرضية إلى حوالي ‪ 9,5‬مليار نسمة‪ ،‬منهم ‪6‬‬ ‫مليارات نسمة يسكنون في المدن وحدها‪ .‬فهل‬ ‫استعدت المدن لهذا الزحف؟ ومن أين للكرة‬ ‫أ‬ ‫الرضية بالطعام الذي يحتاجه هؤالء؟ وكيف‬ ‫يمكن تغطية احتياجاتهم من الطاقة؟ وإلى أين‬ ‫ستذهب المخلفات والقمامة التي سيتسبب فيها‬ ‫كل هؤالء؟ الحل هو تطوير آليات إعادة التدوير‪،‬‬ ‫لالستفادة من هذه المخلفات‪ ،‬بدال ً من إنتاج‬ ‫مواد جديدة‪.‬‬ ‫وعندما تتطور المعدات الطبية‪ ،‬ويصبح من‬ ‫الممكن اكتشاف خاليا السرطان في بداية تكونها‪،‬‬

‫وقبل انتشارها‪ ،‬والتوصل إلى تشخيص أي قصور‬ ‫في أي عضو في الجسم‪ ،‬من خالل كاميرات‬ ‫النسان‪،‬‬ ‫دقيقة متناهية الصغر‪ ،‬تسبح في جسم إ‬ ‫وتتمكن في الوقت نفسه صناعة الدواء من إنتاج‬ ‫عقاقير متطورة‪ ،‬فليس من المستبعد في ظل‬ ‫الوضاع أن يرتفع متوسط أعمار أ‬ ‫هذه أ‬ ‫الشخاص‪،‬‬ ‫وستكون نسبة أ‬ ‫الشخاص الذين يبلغون المائة سنة‬ ‫أ‬ ‫عندئذ‪ ،‬هي نفس نسبة الشخاص الذين يبلغون‬ ‫السبعين حالياً‪.‬‬ ‫ال يمكن تجاهل هذه الماليين أو المليارات من‬ ‫كبار السن‪ ،‬بل ال بد من تجهيز الطرق والمباني‬ ‫والمطارات والفنادق أ‬ ‫والندية الرياضية لهم‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬من المتوقع أن تكون هناك سيارات مزودة‬ ‫بكاميرات ومعدات متطورة ذكية‪ ،‬تساعد هؤالء‬ ‫أ‬ ‫الشخاص على القيادة‪ ،‬فتراعي السرعة المسموح‬ ‫بها‪ ،‬وحركة السيارات حولها‪ ،‬والمساحة المتوافرة‬ ‫لركن السيارة في أماكن االنتظار‪ ،‬ألنه من غير‬ ‫الممكن أن توفر لكل هؤالء أ‬ ‫الشخاص من كبار‬ ‫السن من يرافقهم طوال الوقت‪.‬‬ ‫النسان آ‬ ‫اللي القادر على خدمة كبار السن‪ ،‬لم‬ ‫إ‬ ‫يعد خياال ً علمياً‪ ،‬بل تحقق بالفعل‪ .‬فهو يتلقى‬ ‫الوامر‪ ،‬ويلبيها‪ ،‬ويحضر المشروبات أ‬ ‫أ‬ ‫والطعمة‪.‬‬ ‫وكما تخزن ذاكرة الكمبيوتر آخر المواقع التي‬ ‫زرتها في النترنت‪ ،‬يالحظ النسان آ‬ ‫اللي‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫المشروب المفضل لكل شخص‪ ،‬وغير ذلك من‬ ‫المعلومات التي تجعله مساعداً جيداً في كثير‬ ‫من المجاالت‪.‬‬


‫‪51 | 50‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫السيارة التي تطير ليست‬ ‫محض خيال‪ ،‬بل إن هناك‬ ‫شركة أمريكية‪ ،‬اسمها‬ ‫تيرافوجيا (‪ ،)Terrafugia‬تقوم‬ ‫بإنتاجها بالفعل‪..‬‬

‫أبحاث آلية المستقبل‬

‫يقول المؤلف إن شركة سيمنز التي يعمل فيها‪،‬‬ ‫بدأت قبل خمسة عشر عاماً في رسم صور‬ ‫المستقبل‪ ،‬وذلك من خالل التوفيق بين عنصرين‬ ‫يسيران في اتجاهين متضادين‪ ،‬أ‬ ‫الول هو ما يعرف‬ ‫باالستقراء الخارجي (‪ ،)Extrapolation‬والثاني هو‬ ‫ما يعرف باسم السيناريو المستقبلي‪ ،‬أو نظرة إلى‬ ‫الوراء من المستقبل‪.‬‬ ‫ويوضح أن االستقراء الخارجي هو عبارة عن‬ ‫توقعات للمستقبل‪ ،‬كما تفعل غالبية الشركات‬ ‫الصناعية‪ ،‬وذلك من خالل النظر إلى التقنيات‬ ‫المتاحة في الوقت الراهن‪ ،‬والتطورات التي تسير‬ ‫معينة في‬ ‫تجاهها‪ ،‬واستنتاج موعد توفر تقنيات‬ ‫المستقبل‪ ،‬وعلى قدر ما تتمتع به هذه َّ آ‬ ‫اللية من‬ ‫أساس قوي قائم على قاعدة المعلومات الدقيقة‬ ‫أ‬ ‫للوضاع الحالية‪ ،‬فإن نقطة ضعفها تكمن في عدم‬ ‫قدرتها على مراعاة أي أحداث طارئة‪ ،‬قد تسير بها‬ ‫إلى منحنى مختلف عن التوقعات‪ .‬ويشبهها المؤلف‬ ‫بسيارة تسير على طريق معبد بصورة جيدة‪ ،‬لكنها‬ ‫ال تراعي ما يحدث على جانبي الطريق‪ ،‬أ‬ ‫والخطر من‬ ‫ذلك أنها ال تراعي احتمال أن ينتهي الطريق فجأة‪،‬‬ ‫مع أن تغيير الطريق كان هو الخيار أ‬ ‫الفضل‪.‬‬ ‫أما آلية السيناريو المستقبلي‪ ،‬فهي ال تقتصر في‬ ‫نظرتها على استشراف المستقبل من خالل الحاضر‪،‬‬ ‫بل تسعى إلى مراعاة أكبر قدر من المعلومات عن‬ ‫الماضي والحاضر والمستقبل‪ ،‬والتطورات السياسية‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬ومشكالت البيئة واحتياجات العمالء‪،‬‬ ‫ثم ينطلق من افتراض ما في المستقبل‪ ،‬وبعد‬ ‫ذلك يرجع بنظره من المستقبل إلى الحاضر‪ ،‬لبحث‬ ‫الخطوات الالزمة للوصول إلى أفضل النتائج‪ ،‬أي‬ ‫هي استراتيجيات لمواجهة احتماالت مستقبلية‪.‬‬

‫التقنية ليست كل شيء‬

‫يعتقد كثيرون أن نجاح العلماء في التوصل‬ ‫إلى حلول تقنية‪ ،‬يضمن انتشارها وخروجها من‬ ‫معامل االختراعات إلى االستخدام اليومي‪ .‬ولكن‬ ‫هذا االعتقاد ليس دقيقاً‪ ،‬ونضرب على ذلك مثاال ً‬ ‫بالصورة الخيالية التي يصر كثير من أفالم الخيال‬ ‫العلمي على الترويج لها‪ ،‬وهي السيارة التي تقدر‬ ‫أن تطير‪ ،‬بحيث ال تحتاج إلى الوقوف في زحمة‬ ‫السير‪ ،‬وتختصر الوقت‪ ،‬وتجعل قائدها يشعر‬ ‫بالتفوق‪ ،‬وتجاوز كل القيود‪ ،‬التي تعوق حركته‬ ‫وانتقاله‪.‬‬ ‫ربما ال يعرف كثيرون أن هذه السيارة التي‬ ‫تطير ليست محض خيال‪ ،‬بل إن هناك شركة‬ ‫أمريكية‪ ،‬اسمها تيرافوجيا (‪ ،)Terrafugia‬تقوم‬ ‫بإنتاجها بالفعل‪ .‬لكن هل توفرها يعني إمكانية‬ ‫استخدامها؟‬ ‫وبغض النظر عن سعر السيارة‪ ،‬الذي يبلغ حوالي‬ ‫مائتي ألف دوالر أمريكي‪ ،‬فإن إقالع السيارة‬ ‫ال يمكن أن يتم إال من أرضية المطار‪ ،‬وبالتالي فإن‬ ‫السائق ال يستطيع أن ينطلق من أي مكان‪ ،‬بل عليه‬ ‫دوماً أن يبحث عن أقرب مطار‪ ،‬والنقطة أ‬ ‫الهم‬ ‫هي أن قيادة الطائرة تحتاج إلى رخصة مختلفة عن‬ ‫قيادة السيارة‪ ،‬وحتى ال تحدث حوادث تصادم‪،‬‬ ‫ال بد أن تكون هناك مسارات مختلفة في الجو لكل‬ ‫سيارة طائرة‪ ،‬فمن يستطيع تنظيم طيران آالف أو‬ ‫ماليين السيارات في الجو‪ ،‬وكم ستكون تكاليف‬ ‫التأمين ضد الحوادث؟‪.‬‬ ‫يوضح هذا المثال أن هناك جوانب كثيرة غير‬ ‫الجانب التقني‪ ،‬تشارك في قرار انتشار استخدام‬ ‫االختراع أو تحول دون ذلك‪ .‬وإذا كانت الواليات‬

‫المتحدة أ‬ ‫المريكية قد أنفقت المليارات من أجل‬ ‫الوصول إلى سطح القمر‪ ،‬بعد أن سبقها االتحاد‬ ‫النجاز العلمي‪ ،‬مما‬ ‫السوفيتي السابق إلى هذا إ‬ ‫يعرف بصدمة «سبوتنيك»‪ ،‬وبعد هذا النجاح‬ ‫وإحضار عينات من أرضية القمر‪ ،‬انطلق الخيال‬ ‫العلمي ليتصور انتقال البشر إلى القمر‪ ،‬والبقاء‬ ‫لفترات طويلة بل والعيش هناك‪ .‬ولكن الواقع‬ ‫يقول إن الواليات المتحدة لم تعد متحمسة‬ ‫المكانيات‬ ‫لالستمرار في هذه الرحالت‪ ،‬وإن توافر إ‬ ‫التقنية للسفر إلى هناك‪ ،‬ال يعني بالضرورة التوسع‬ ‫في ذلك‪ ،‬وتوفير رحالت منتظمة إلى القمر أو‬ ‫المريخ‪.‬‬ ‫وبعيداً عن الجانب المادي والصعوبات الفنية‪ ،‬فإن‬ ‫مدى تقبل الناس لالختراع يلعب دوراً في انتشاره‬ ‫من عدمه‪ ،‬فإذا كان مترو أ‬ ‫النفاق يسير في باريس‬ ‫منذ سنوات بطريقة آلية‪ ،‬ودون وجود سائق‪ ،‬فإن‬ ‫بعضنا سيرفض بالتأكيد أن يضع رجله في قطار أو‬ ‫مترو في بالده‪ ،‬إذا علم أنه يسير بدون سائق من‬ ‫الشارات‬ ‫البشر‪ ،‬يتحكم فيه حين يتجاهل البعض إ‬ ‫الشارة‬ ‫المرورية‪ ،‬وحين يعبرون المزلقانات‪ ،‬رغم إ‬ ‫الحمراء‪ ،‬ويغامرون بأرواح البشر‪.‬‬

‫صور من المستقبل‬

‫يتناول إيبيرل المحاوالت الدولية لوقف تلوث‬ ‫البيئة‪ .‬فيشير بوضوح إلى أن الدول الصناعية‬ ‫الكبرى عاشت سنوات طويلة في رخاء‪ ،‬وتسببت في‬ ‫التلوث أ‬ ‫الخطر في تاريخ البشرية‪ .‬ويرى أنه ليس‬ ‫من النصاف آ‬ ‫الن حرمان دول العالم الثالث‪ ،‬التي‬ ‫إ‬ ‫استطاعت بعد جهود ضخمة‪ ،‬أن تنهض بالطبقة‬ ‫المحرومة لتصبح طبقة متوسطة‪ ،‬وما يعنيه ذلك‬ ‫من زيادة االستهالك من الطاقة‪ .‬لكنه يدعو إلى‬ ‫البحث عن أفضل السبل للحفاظ على كوكب‬


‫أ‬ ‫الرض‪ .‬موضحاً أن االستهالك الحالي يحتاج إلى‬ ‫أ‬ ‫كوكبي أرض على الرجح‪.‬‬ ‫ويضرب أمثلة على الحلول المستقبلية لمشكالت‬ ‫البيئة‪ ،‬فالسيارات الكهربائية ستصبح هي القاعدة‬ ‫وليست االستثناء‪ .‬والمباني الحديثة لن تحتاج إلى‬ ‫الضاءة من خالل ألواح في‬ ‫طاقة إضافية‪ ،‬وستكون إ‬ ‫الجدران‪ ،‬تحتوى على ما يعرف باسم (صمامات‬ ‫الضوء الثنائية العضوية)‪ ،‬وهي قادرة على توليد‬ ‫الطاقة بواسطة الخلية الشمسية المصنوعة من‬ ‫مواد عضوية مضيئة‪.‬‬ ‫يشير إيبيرل إلى ثورة في عالم المجسات‪ ،‬وهي‬ ‫عبارة عن شرائح متناهية الصغر توضح في أركان‬ ‫المنزل‪ ،‬فتقيس كل شيء‪ ،‬الحرارة والبرودة‪،‬‬ ‫وتكشف تسرب أي غازات‪ ،‬وتصدر تنبيهاً بأن‬ ‫الموقد مازال مشتعالً‪ ،‬أو أن باب الثالجة لم‬ ‫يغلق‪ ،‬بل تتعرف المجسات أيضاً إلى أي روائح‬ ‫كريهة في المنزل‪ ،‬وتعمل على تغيير الهواء‪.‬‬ ‫ستدخل هذه الشرائح كل مكان‪ .‬فإذا كانت المالبس‬ ‫مزودة بها‪ ،‬فإن الغسالة ستتعرف إلى نوع النسيج‬ ‫والبرنامج المناسب للغسيل‪ ،‬وكمية المسحوق‬ ‫المطلوبة‪ ،‬وكمية الماء الالزمة‪ ،‬وفوق كل ذلك يمكن‬ ‫أن تحدد الغسالة الوقت المناسب للتشغيل‪ ،‬تبعاً‬ ‫الستهالك الطاقة في المنزل‪ ،‬بحيث ال يكون ذلك‬ ‫مثال ً في نفس الوقت الذي تعمل فيه أجهزة أخرى‬ ‫كثيرة‪.‬‬ ‫كما سيحقق النسان آ‬ ‫اللي تطورات كبيرة‪ ،‬وقد‬ ‫إ‬ ‫تم تجربته في العديد من المهام بنجاح‪ ،‬خاصة‬ ‫الشارة‪ ،‬وإذا كان عادياً‬ ‫مع كبار السن‪ ،‬كما سبقت إ‬ ‫النسان‬ ‫أن يلعب بطل العالم في الشطرنج أمام إ‬ ‫آ‬ ‫اللي‪ ،‬فإنه من المتوقع أن يتوسع استخدام‬ ‫آ‬ ‫النسان اللي خالل العقدين التاليين‪ ،‬ليصبح بديال ً‬ ‫إ‬ ‫النسان في الكثير من الخدمات المساعدة في‬ ‫عن إ‬ ‫المصانع والمستشفيات والمكاتب‪.‬‬ ‫ولمواجهة النقص المتوقع في الغذاء‪ ،‬فإن‬ ‫ناطحات السحاب المستقبلية‪ ،‬لن تخصص للسكن‬ ‫والفنادق والمكاتب فقط‪ ،‬بل يمكن أن تخصص‬ ‫أ‬ ‫الدوار العليا فيها لتكون بمثابة مزارع للمحاصيل‬ ‫الغذائية‪ ،‬فيجد سكان المبنى والمنطقة المجاورة‬ ‫الكثير من احتياجاتهم من الطعام‪ ،‬دون حاجة إلى‬ ‫التوجه إلى السوق‪ ،‬ودون تكاليف نقل من أماكن‬ ‫بعيدة‪.‬‬ ‫كما ستجد تقنيات التعرف إلى أ‬ ‫الشخاص رواجاً‬ ‫في المستقبل‪ ،‬بحيث تستطيع كاميرات المراقبة‬

‫تحديد الشخص المسموح له الدخول إلى مكان ما‪،‬‬ ‫وبالتالي زيادة معدالت أ‬ ‫المان في المباني والطرق‪.‬‬ ‫عالوة على وجود تقنيات للتعرف على أي مواد‬ ‫الجراءات الالزمة‬ ‫متفجرة أو أي مخاطر‪ ،‬واتخاذ إ‬ ‫لمنع انتقال من يحمل هذه المواد‪ ،‬إلى مناطق‬ ‫حساسة‪.‬‬ ‫أما أ‬ ‫البحاث في مجال تنقية المياه‪ ،‬فإنها قد‬ ‫حققت تقدماً هائالً‪ ،‬بحيث أصبح ممكناً تنقية‬ ‫المياه المستخدمة‪ ،‬لتصبح مياه شرب خالية من‬ ‫أي رواسب أو ميكروبات‪ ،‬وبالتالي تنتفي الحاجة‬ ‫إلى تحلية مياه البحار‪ ،‬التي تكلف كثير من الطاقة‬ ‫أ‬ ‫والموال‪.‬‬ ‫وفي مجال التعليم ستكون التقنيات المتوافرة‬ ‫ثالثية أ‬ ‫البعاد‪ ،‬تجعل الطالب يعيشون التجارب‬ ‫العلمية بصورة مجسدة‪ .‬ومن خالل التقدم في‬ ‫مجال االتصاالت‪ ،‬سيكون بديهياً أن يدرس الطالب‬ ‫الجامعي في جامعات في مختلف دول العالم في‬ ‫الوقت نفسه‪ ،‬بعد توفير أ‬ ‫السس القانونية لالعتراف‬ ‫بمادة عند أستاذ في جامعة أمريكية‪ ،‬ومادة أخرى‬ ‫عند أستاذ في جامعة عربية‪ ،‬ومادة ثالثة عند أستاذ‬ ‫في جامعة صينية‪.‬‬ ‫ويبدو أن تطوير برامج الكمبيوتر سيواصل قفزاته‬ ‫التي تفرض واقعاً جديداً كل عدة سنوات‪ .‬فمن‬ ‫سيرتدي نظارة خاصة‪ ،‬ويقف على سجادة مجهزة‬ ‫لذلك‪ ،‬سيشعر بأنه يقف على السجادة الطائرة‪،‬‬ ‫ويجول بين شوارع المدينة‪ ،‬التي يرغب في‬ ‫التعرف إليها‪ ،‬ويحدث أ‬ ‫المر نفسه عند الرغبة في‬ ‫زيارة متحف‪ ،‬حيث يشاهد الشخص كل متاحف‬ ‫الدنيا‪ ،‬وهو في غرفته‪ ،‬بل يمكن أن يتفاعل مع‬ ‫الثار والتماثيل‪ ،‬لتحكي له عن عصرها أ‬ ‫آ‬ ‫والحداث‬ ‫التاريخية في وقتها‪.‬‬ ‫والعالن طفرة كبيرة‪،‬‬ ‫كما سيشهد عالم الدعاية إ‬ ‫من خالل تبادل المعلومات بين جهاز الجوال‬ ‫العالنية في كل شارع‪.‬‬ ‫لكل شخص‪ ،‬واللوحات إ‬ ‫إذ لن تكون هناك صور ثابتة لمنتجات بعينها‪.‬‬ ‫بل كلما مر شخص على لوحة إعالنية‪ ،‬ظهر عليها‬ ‫العالن المناسب لميول هذا الشخص أو ذاك‪،‬‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫وهو ما نرى مالمحه الولية اليوم في الكمبيوتر‪،‬‬ ‫فمن يشاهد مواقع رحالت إلى الواليات‬ ‫اللكتروني إعالنات‬ ‫المتحدة‪ ،‬يجد في بريده إ‬ ‫تتعلق بهذه الرحالت‪ .‬ويرى دعاية أخرى على‬ ‫هامش الشاشة‪ ،‬وهو يقرأ موضوعاً مختلفاً تماماً‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫(النسان‬ ‫(النسان الشفاف) أو على الصح إ‬ ‫لن إ‬ ‫المخترق) أصبح سمة العصر‪ ،‬هناك في مكان‬ ‫ما‪ ،‬من يجمع عنك كل المعلومات‪ ،‬ويعرف عنك‬

‫أكثر مما تعرف عن نفسك‪ ،‬وال تقدر أن تحول‬ ‫دون ذلك‪.‬‬ ‫أخيراً يتوقع المؤلف أن يحقق التقدم الطبي‬ ‫إنجازات ُعظمى في العقود التالية‪ ،‬بحيث‬ ‫النسان الضرير قادراً على الرؤية بتقنيات‬ ‫يصبح إ‬ ‫حديثة‪ ،‬أ‬ ‫والصم قادراً على السمع‪ ،‬والمصاب‬ ‫بالشلل قادراً على الحركة من جديد‪ .‬ومن خالل‬ ‫تطور أبحاث الجينات البشرية‪ ،‬س ُتحل شفرة كثير‬ ‫من أ‬ ‫المراض الخطيرة‪ ،‬وس ُتنتج أدوية تتناسب مع‬ ‫االحتياجات الفردية للحالة الصحية لكل فرد‪.‬‬ ‫ختاماً‪ ،‬يمكن أن يكون في هذا الكتاب بعض ما‬ ‫يستحق التأمل من تصورات حول المستقبل‪.‬‬ ‫وللقارئ أن يصدق ما فيه أو ال يصدقه‪ .‬لكن‬ ‫المؤكد أنه يثير الفكر في قضايا حاسمة للبشرية‬ ‫جمعاء‪ ،‬ألن الدنيا لن تبقى على حالها‪ ،‬أ‬ ‫ولن‬ ‫التغير قادم ال محالة‪ .‬أ‬ ‫ولن بإمكاننا أن نستعد‬ ‫لهذا المستقبل‪ ،‬من خالل المشاركة في صناعته‪،‬‬ ‫أو على أ‬ ‫القل من خالل بحث سبل التأقلم‬ ‫مع المتغيرات‪ ،‬ولعلنا نتذكر ما قاله تشارلز‬ ‫داروين بأن «الكائنات أ‬ ‫الكثر قابلية للتأقلم مع‬ ‫المتغيرات‪ ،‬هي التي تستطيع البقاء»‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪53 | 52‬‬

‫تخصص جديد‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫دكتوراة في‬ ‫علم القرار‬

‫علم القرار أو اتخاذ القرار‪ ،‬هو أحد فروع العلوم‬ ‫الدارية المتقدمة‪ ،‬ويشمل التركيز على اتخاذ‬ ‫إ‬ ‫القرارات ووضع السياسات المناسبة لمختلف‬ ‫الشركات والمؤسسات‪ .‬كما يهتم بتطوير المعرفة‬ ‫أ‬ ‫والدوات والمنهجيات الضرورية إلدارة المشاريع‪،‬‬ ‫بطريقة تقدم إضافة اقتصادية ومعنوية للشركة أو المؤسسة‪.‬‬ ‫إضافة إلى حل المشكالت المعقدة المرتبطة باالقتصاد المعولم‪،‬‬ ‫سواء أكانت مالية أوقانونية أو مرتبطة بمشكالت االتصاالت‪ ،‬وذلك‬ ‫والحصائي ومعالجة البيانات‬ ‫اعتماداً على أساليب التحليل الكمي إ‬ ‫والمنهجيات الحديثة‪.‬‬

‫وفي السنتين أ‬ ‫الخيرتين يركِّز البرنامج على وضع خطة للبحث العام‪،‬‬ ‫والتفرغ لمتابعة الخطة البحثية بانتظام مع اللجنة العلمية ودعمها‬ ‫بالدراسات أ‬ ‫والوراق البحثية‪ .‬كما تولي الجامعة اهتماماً خاصاً‬ ‫بالعلوم التعليمية كالقيادة وأساليب التعليم المبتكرة‪ ،‬حرصاً من‬ ‫القسم على دمج تعليم طلبة الدكتوراة بتدريس المراحل أ‬ ‫الخرى من‬ ‫البكالوريوس والماجستير‪.‬‬

‫ومن أهم أهداف هذا التخصص الجديد إكساب الطالب مهارة‬ ‫اتخاذ القرارات السريعة والحاسمة في آن‪ ،‬وذلك من خالل تقنيات‬ ‫بالضافة إلى إمداد السوق‬ ‫متنوعة في طرح الحلول والتوصل إليها‪ ،‬إ‬ ‫الداري بمتخذي القرار المتمكنين؛ للمحافظة على التوازن بين نشر‬ ‫إ‬ ‫ودعم البحث أ‬ ‫الكاديمي في هذا التخصص الجديد‪ ،‬وتعزيز الجانب‬ ‫التطبيقي الذي يخدم السوق بشكل مباشر‪.‬‬

‫يسعى القسم إلى تخريج عدد من الطالب القادرين على العمل في‬ ‫كافة مجاالت صنع القرار‪ ،‬باستخدام أ‬ ‫السس المفاهيمية والتحليلية‬ ‫أ‬ ‫وتطبيقاتها في جميع مجاالت العلم‪ .‬ويتم استخدام هذه الساليب‬ ‫التجريبية المتقدمة في حل المشكالت‪ ،‬واتخاذ القرارات في جميع‬ ‫العمليات التي تغطي عديداً من المجاالت الوظيفية مثل التمويل‪،‬‬ ‫والنتاج‪.‬‬ ‫والدارة‪ ،‬والتسويق‪ ،‬والرعاية الصحية‪ ،‬إ‬ ‫واالقتصاد‪ ،‬إ‬

‫تقدم جامعة جورج واشنطن بالواليات المتحدة برنامج دكتوراة متميز‬ ‫ِّ‬ ‫في علم القرار‪ ،‬يركز على إعداد الطلبة للنشاط البحثي بشكل مكثف‪،‬‬ ‫خالل ‪ 4‬سنوات من الدراسة‪ .‬فتشمل السنتين أ‬ ‫الوليين المواد النظرية‬ ‫الحصاء‪ ،‬نظريات البحث والتصميم‪ ،‬المحاسبة‪،‬‬ ‫مثل االقتصاد‪ ،‬إ‬

‫لمزيد من المعلومات‪:‬‬ ‫‪Web: www.business.gwu.edu/decisionsciences‬‬ ‫‪Phone: 202-994-6298‬‬ ‫‪E-mail: sbphd@gwu.edu‬‬

‫نظريات اتخاذ القرار‪ ،‬التمويل‪ ،‬أمن المعلومات‪ ،‬نظم المعلومات‬ ‫الدارية‪ ،‬التحليل الكمي وإدارة المشاريع‪ .‬ويتطلب تجاوز هذه‬ ‫إ‬ ‫المرحلة الخضوع الختبارات تحريرية‪ ،‬شاملة تقديم أوراق بحثية‪.‬‬


‫سفارة الفن السعودي‬ ‫المعاصر في هولندا‬

‫مودة البارقي‬

‫عين وعدسة‬

‫متحف‬ ‫«الصندوق‬ ‫األخضر»‬

‫في أحد شوارع العاصمة الهولندية‬ ‫أمستردام‪ ،‬وفي الدور الخامس من أحد‬ ‫األبنية‪ ،‬يوجد متحف صغير يختلف كل‬ ‫االختالف عما يمكن توقعه‪ .‬إنه متحف‬ ‫ُ‬ ‫خاص بالفن السعودي المعاصر‪ ،‬أنشئ‬ ‫ِّ‬ ‫ليشكل ظاهرة الفتة‬ ‫بمبادرة فردية‪،‬‬ ‫للنظر حتى حدود الحيرة‪ ،‬ويستثير عدداً‬ ‫من األسئلة ويلقى اإلعجاب‪.‬‬ ‫إن كان إنشاء متحف للفن السعودي‬ ‫ً‬ ‫حدثا‬ ‫المعاصر في أية بالد أجنبية‬ ‫يستدعي التوقف أمامه‪ ،‬وأن تكون هذه‬ ‫البالد هولندا بالذات‪ ،‬فإن هذا يضاعف‬ ‫من أهميته‪ ،‬ويفرض قراءة هذا المتحف‬ ‫ً‬ ‫انطالقا من موقعه هذا‪.‬‬


‫‪55 | 54‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫ال ي ن‬ ‫يطالي�‬ ‫الهولنديون يزاحمون إ‬ ‫والفر ي ن‬ ‫كذواقة فنون من‬ ‫نسي� َّ‬ ‫الطراز أ‬ ‫الرفع‪ .‬إذ إن البالد‬ ‫الواطئة تز َّعمت الفنون التشكيلية‬ ‫(إىل جانب إيطاليا‪ ،‬وربما ث‬ ‫أك� منها ومن فرنسا‬ ‫لبعض الوقت) منذ عرص النهضة قبل ستة قرون‬ ‫اخ�عت أ‬ ‫ال� ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫اللوان الزيتية‬ ‫وح� اليوم‪ .‬فهي البالد ي‬ ‫للرسم‪ ،‬وهي بالد مئات العمالقة من يان فان إيك‬ ‫ع� ت‬ ‫ف ي� القرن الخامس ش‬ ‫وح� موندريان ف ي� القرن‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫و� عاصمتها‬ ‫الع�ين مروراً بفان دايك وفان غوخ‪ .‬ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫أمس�دام نحو ‪ 50‬متحفاً‪ ،‬أما ي� البالد بأرسها فقد‬ ‫يصل عدد المتاحف إىل أ‬ ‫اللف غالبيتها الساحقة‬ ‫وطنية ومحلية الهوية‪ .‬وها هو متحف جديد يضاف‬ ‫إليها‪ ،‬أسماه صاحبه «غرينبوكس» (ترجمتها الحرفية‪:‬‬ ‫الصندوق أ‬ ‫ال ض‬ ‫خ�)‪ ،‬وخصصه للفن السعودي‬ ‫المعارص‪.‬‬ ‫مؤسس هذا المتحف وصاحبه هو مثقف وذواقة‬ ‫هولندي يُدعى أرنوت هلب‪ ،‬جمع خالل السنوات‬ ‫الماضية عدداً من أ‬ ‫العمال الفنية السعودية‬ ‫المعارصة‪ ،‬واستأجر المساحة الالزمة لعرضها‪ ،‬ليطلق‬ ‫ف‬ ‫و� هويته ف ي� هولندا وأوروبا‬ ‫متحفاً فريداً من نوعه ي‬ ‫بأرسها‪.‬‬

‫ف ي� المتحف‬

‫المتحف ليس ضخماً‪ .‬وهو أقرب إىل المتاحف‬ ‫ال� كان كبار الهواة أ‬ ‫ت‬ ‫ال ي ن‬ ‫وروبي� ينشؤونها ف ي�‬ ‫الخاصة ي‬ ‫قصورهم قبل القرن الثامن ش‬ ‫ع�‪ ،‬ويسمونها «خزانة‬ ‫اللوحات» أو «خزانة الرسم»‪ .‬إذ أن المتاحف‬ ‫الك�ى لم تنشأ إال بعد ذلك عىل أيدي الحكومات‬ ‫ب‬ ‫وبدعمها‪.‬‬ ‫ين‬ ‫الثمان� تم�اً مربعاً‪،‬‬ ‫فضمن مساحة ال تتجاوز‬ ‫ض‬ ‫وعىل جدران ذات لون أخ� فاتح‪ ،‬وتحت إضاءة‬ ‫ممتازة‪ ،‬يعرض هذا المتحف نحو ‪ 35‬عمال ً من‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫وال� تضم‬ ‫ال� يمتلكها صاحبه ي‬ ‫أصل المجموعة أ ي‬ ‫نحو ‪ 80‬عمالً‪ ،‬لسماء معروفة جيداً عىل الساحة‬ ‫السعودية وتشمل عىل سبيل المثال‪ :‬عبدالنارص‬ ‫غارم‪ ،‬ريم الفيصل‪ ،‬أحمد ماطر‪ ،‬نارص السالم‪،‬‬ ‫سارة أبو عبدهللا‪ ،‬مها ملّوح‪ ،‬عبدهللا العثمان‬ ‫وغ�هم‪..‬‬ ‫ي‬ ‫وقبل التوقف أمام هذه أ‬ ‫العمال‪ ،‬ال بد من طرح‬ ‫التساؤل العام حول المفهوم الذي قام عليه هذا‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫«�‬ ‫و� هذا الصدد يقول السيد هلب‪ :‬ي‬ ‫المتحف‪ .‬ي‬ ‫البدء لم يكن هناك أي مفهوم محدد‪ .‬فالمصممون‬ ‫مثال ً يحتاجون إىل مفاهيم للإجابة عن أسئلة قد‬

‫مؤسس هذا المتحف وصاحبه‬ ‫هو مثقف وذواقة هولندي‬ ‫يُ دعى أرنوت هلب‪ ،‬جمع خالل‬ ‫السنوات الماضية عدداً من‬ ‫األعمال الفنية السعودية‬ ‫المعاصرة‪ ،‬واستأجر المساحة‬ ‫الالزمة لعرضها‪ ،‬ليطلق متحفاً‬ ‫فريداً من نوعه وفي هويته في‬ ‫هولندا وأوروبا بأسرها‪..‬‬


‫تُطرح عليهم‪ .‬أما الفنانون فقد يبدأون بسحب‬ ‫الخيط من ثقب أسود‪ .‬والمتحف بدأ بشكل أو بآخر‬ ‫هكذا‪ .‬ف ي� البدء كانت هناك خطوات وأفكار صائبة‬ ‫حيناً وخاطئة حيناً‪ .‬فمعظم المرحلة التأسيسية كانت‬ ‫قائمة عىل الحدس… إذ إن التحدي يكمن ف ي� زيارة‬ ‫أ‬ ‫الشياء القديمة والتطلع إليها تحت ضوء مختلف‪،‬‬ ‫ومن ثم إعادة ُصنعها مجدداً‪ .‬فهذا المتحف هو‬ ‫متحف «عودة إىل أ‬ ‫السس»‪ .‬إنه متحف أقامه فضول‬ ‫شخص واحد تربطه بالعالم عالقة يغ� نمطية‪،‬‬ ‫متحف كما كانت المتاحف أ‬ ‫الوروبية ف� القر ي ن‬ ‫ن� السابع‬ ‫ي‬ ‫ع� والثامن ش‬ ‫ش‬ ‫ع�»‪.‬‬ ‫ولماذا السعودية والفن السعودي دون يغ�ه؟‬ ‫يقول صاحب المتحف‪« :‬إن أول ما قُمت به‬ ‫ام�ن‬ ‫الرس ي‬ ‫د�‪ .‬وقلت ممازحاً أحد َّ‬ ‫لم يكن زيارة ب ي‬ ‫ين ن‬ ‫إن� سأسافر لمشاهدة «آرت‬ ‫السعودي� ي‬ ‫ف‬ ‫د�)‪ ،‬بعد أن أكون قد‬ ‫د�» (سوق الفن ي� ب ي‬ ‫بي‬ ‫شاهدت «آرت المدينة»‪ .‬فلماذا المملكة العربية‬ ‫أن‬ ‫ن� أعتقد أن التصنيفات الجغرافية‬ ‫السعودية؟ ل ي‬ ‫مع�ة‪ .‬وليست الحدود الجغرافية‬ ‫لم تعد ب ِّ‬ ‫ت‬ ‫تث� اهتمامي‪ ،‬بل فضاؤها‬ ‫ال� ي‬ ‫للمملكة هي ي‬ ‫المسلم�‪ ،‬حيث ض‬ ‫ين‬ ‫تح� دائماً‬ ‫الشاسع‪ ،‬وعقول‬ ‫مكة المكرمة كمدينة أساس ومحور للمرجعيات‪..‬‬ ‫هذا هو الفضاء الذي يعمل فيه المتحف‪.‬‬ ‫ووجوده ف ي� هولندا هو صدفة تعود إىل أن بعض‬ ‫ين‬ ‫المثقف�‬ ‫جذوري هي إندونيسية‪ ،‬وأذكر أن أحد‬ ‫ف‬ ‫هناك كان يردد دائماً أن العقول ق‬ ‫تتال� ي� الحجاز‬ ‫ِّ‬ ‫وليس ف ي� ميدان المعركة»‪.‬‬ ‫ويضيف ف ي� فكرة عميقة تتناول جوهر التبادل ونقل‬ ‫وشكسب� إىل كابول‬ ‫المعارف‪« :‬إن نقل الجنود‬ ‫ي‬ ‫ومال كما تعتقد حكومة بالدي ضب�ورته‪،‬‬ ‫والعراق ي‬ ‫ن‬ ‫إل عىل المدى الطويل‪.‬‬ ‫ال‬ ‫يحمل أي مع� بالنسبة ي َّ‬ ‫فنقل أ‬ ‫الشياء من مكان إىل آخر هو ما تقوم به‬ ‫منظمات يغ� حكومية عديدة‪ .‬ونقل الفن السعودي‬ ‫إىل هولندا ليس هو ما يقوم به هذا المتحف‪.‬‬ ‫فالهدف منه هو الصغاء واستخراج أفضل ما �ف‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫المهتم� بالمشاركة‪ .‬ولهذا فإن هذا المكان هو‬ ‫الناس‬ ‫ن‬ ‫الفنان� أحمد وعبدالنارص وريم ولولوة وأيمن‬ ‫ملك‬ ‫ي‬ ‫وغ�هم ممن ت‬ ‫ستأ� أعمالهم‬ ‫ومساعد‬ ‫وسارة‬ ‫وسامي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الحقاً»‪.‬‬ ‫ولن أ‬ ‫أ‬ ‫العمال المعروضة ف ي� هذا المتحف تبدو‬ ‫مختارة بعناية‪ ،‬وسبق لبعضها أن حظي بوصف‬ ‫مسهب ف ي� الصحافة السعودية‪ ،‬طرحنا عىل‬ ‫صاحب المتحف سؤاال ً عن المقاييس المعتمدة‬ ‫ف� انتقاء هذه أ‬ ‫العمال‪ ،‬أو منهجه ف ي� ذلك‪.‬‬ ‫ي‬ ‫فجاءت بداية جوابه وكأنها مشتقة من الثقافة‬ ‫السعودية‪ ،‬إذ قال‪ :‬لدينا تقنية تجعل الزيت‬ ‫الخفيف يطفو عىل سطح الزيت الخام‪ .‬إن‬

‫«إن نقل الجنود‬ ‫وشكسبير إلى كابول‬ ‫والعراق ومالي كما‬ ‫تعتقد حكومة بالدي‬ ‫أنه ضروري‪ ،‬ال يحمل‬ ‫إلي‬ ‫أي معنى بالنسبة َّ‬ ‫على المدى الطويل‪.‬‬ ‫فنقل األشياء من‬ ‫مكان إلى آخر هو ما‬ ‫تقوم به منظمات غير‬ ‫حكومية عديدة»‪..‬‬

‫ويح� ن ي�‪ .‬ولو كان‬ ‫المسار يكاد أن يكون لغزاً ي ِّ‬ ‫لسجلت براءة‬ ‫لدي جواباً أوضح عن هذا السؤال َّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫اخ�اعه باسمي‪ ..‬كيف يختار الشعراء البيات ي‬ ‫يضعونها عىل الورق؟‬

‫به الذين منحوه «اليك» وفاق عددهم المليون‬ ‫وتسع� ألفاً‪ ،‬أ‬ ‫ين‬ ‫المر الذي يضعه ف ي� مرتبة متقدمة‬ ‫ت‬ ‫الك�ى‪ .‬ولكن‬ ‫ح� عن بعض المتاحف الموسيقية ب‬ ‫ماذا عن زواره فعالً؟‬

‫زوار هذا المتحف ومستقبله‬ ‫َّ‬

‫أ‬ ‫كب�ة‪ .‬فصاحبه يتوقع استقبال ما ي ن‬ ‫ب�‬ ‫الرقام ليست ي‬ ‫ف‬ ‫و� هذا‬ ‫‪ 500‬وألف شخص خالل العام الجاري‪ .‬ي‬ ‫الصدد يقول‪« :‬إن نوعية الزوار هي المهمة‪ .‬فشهرة‬

‫ت‬ ‫ال� تنتظر كل من يتصفَّح صفحة‬ ‫المفاجأة ب‬ ‫الك�ى ي‬ ‫ف‬ ‫المعجب�ن‬ ‫هذا المتحف عىل «فايسبوك» هي ي� عدد‬ ‫ي‬


‫‪57 | 56‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫المتحف تعود إىل ما يتبادله الناس شفهياً من فرد‬ ‫ت‬ ‫ال� تظهر‬ ‫إىل آخر‪ .‬وإىل آبعض المقاالت الصحافية ي‬ ‫ب� ي ن‬ ‫ين‬ ‫زوارنا عىل سبيل المثال قبل‬ ‫الح� والخر‪ .‬فمن َّ‬ ‫أيام‪ ،‬كانت هناك عائلة هولندية من ‪ 30‬شخصاً‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ثقا� ف� ت‬ ‫أمس�دام‪ ،‬وأحد أفرادها‬ ‫قررت تمضية يوم ي ي‬ ‫ف‬ ‫وهو طالب يتخصص ي� العالقات الدولية كان قد‬ ‫سبق له المجيء إىل هنا‪ .‬وكالعادة فوجئ معظمهم‬ ‫أ‬ ‫بالعمال المعروضة‪ ،‬وبدا عليهم االهتمام واالستثارة‬ ‫الثقافية‪.‬‬ ‫ورداً عىل سؤال حول ما إذا كان هذا المتحف‬ ‫يحظى بدعم أو رعاية حكومية أو من أية جهة‬ ‫أخرى أجاب‪« :‬إن ‪ %99‬من تكلفة هذا المتحف‬ ‫ممولة ن‬ ‫م� شخصياً‪ ،‬و‪ %1‬فقط من رسوم الدخول‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫إن هذا يالمتحف ال يستطيع المنافسة المالية �ف‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫أمس�دام بموازاة كل تلك النشاطات الثقافية الممولة‬ ‫والمدعومة وفقاً لحظوظها فقط‪.‬‬ ‫وحول مستقبل هذا المتحف يقول إنه حالياً ف ي� صدد‬ ‫إجراء مباحثات مع بعض المتاحف التقليدية لدمج‬ ‫متحف «غرينبوكس» فيها‪ ،‬كمجموعة متخصصة‬ ‫أ‬ ‫للبحاث ضمن فضائها‪ .‬وبهذه الطريقة‪ ،‬سيتمكن‬ ‫أك� من الناس من االطالع عليها‪ ،‬عىل الرغم من‬ ‫عدد ب‬ ‫أنها لن تكون معروضة باستمرار‪.‬‬ ‫أما عىل المستوى البعيد (‪ 25‬عاماً)‪ ،‬فيخطط السيد‬ ‫أرنوت هلب لمنح نصف مجموعته‪ ،‬والمتحف نفسه‪،‬‬ ‫أك� ودائمة‪ ،‬وأن يعيد طرح نصف‬ ‫إىل مؤسسة ب‬ ‫المجموعة ف ي� السوق لتعويض بعض ما تكبده عىل‬ ‫إنشائها‪ .‬ويختتم حديثه قائالً‪« :‬لقد بقيت بعيداً‬ ‫عن الحكومة وبعض الوكاالت والصناديق أ‬ ‫الخرى‪،‬‬ ‫و�وط ال أرغب �ف‬ ‫ألن معظمها يعمل وفق ي ن‬ ‫قوان� ش‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تربط هذا‬ ‫قبولها‪ ،‬وال أجدها مناسبة للعالقة ي‬ ‫المتحف بالمملكة العربية السعودية‪ ،‬وتتعلق بالفن‬ ‫فقط‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬



‫‪59 | 58‬‬

‫فكرة‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫شكل دائري مذهل‪..‬ولو بال رسالة!‬ ‫خالل أحد الصفوف االختيارية لشهادة الليسانس‪ ،‬ذكر‬ ‫أ‬ ‫الستاذ عرضاً أن شكل أغطية فتحات التصريف على‬ ‫الشوارع دائري ألن الدائرة هي الشكل الوحيد‪ ،‬حيث يكون‬ ‫القطر موازياً من حيث الطول للجهة ؛ بمعنى آخر فلو‬ ‫كان غطاء فتحة التصريف مربع الشكل ً‬ ‫بالمكان‬ ‫مثل لكان إ‬ ‫أن يسقط داخل قطر الفتحة إذا ما أدرناه ‪ 45‬درجة‪ ،‬فيما‬ ‫من المستحيل أن يسقط غطاء فتحة التصريف في الفتحة‬ ‫طالما هو دائري‪.‬‬ ‫تستعمل قناة «يورو نيوز» شكل الدائرة في شعارها ألن‬ ‫الدائرة هي رمز الحقيقة‪ ،‬وهي كذلك ألن الدائرة تتألف من‬ ‫متناه من الجهات‪ ،‬وليست فيها جهات البتة (في آن‬ ‫عدد ٍ‬ ‫معا !)‪ ،‬ومركز واحد‪.‬‬ ‫ً‬

‫غير أن الشخص الذي صمم غطاء فتحات التصريف لم‬ ‫والتجرد‪َ .‬من صمم غطاء الفتحات‬ ‫مهتما بالحقيقة‬ ‫يكن ً‬ ‫ّ‬ ‫نجح في أن يحصر تفكيره بالشيء الموجود أمامه ‪ -‬بال‬ ‫ومعان ‪ -‬وطرح ً‬ ‫سؤال بسي ًطا‪« ،‬إذًا كيف لي‬ ‫رسائل ورموز‬ ‫ٍ‬ ‫أن أمنع الغطاء من أن يسقط داخل الفتحة ؟»‪.‬‬ ‫البساطة التي أجاب بها على هذا السؤال مذهالً‪ ،‬لكن هذا‬ ‫تخصه كتب‬ ‫المصمم ال يزال مجهول الوجه والهوية‪ ،‬وال ّ‬ ‫تاريخ التصميم ِبذ ٍكر‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫التيان‬ ‫والرجح أن هذا المصمم لم يشتهر لنه نجح في إ‬ ‫تصميما يعالج‬ ‫بما يحلم به جميع المصممين ‪ :‬أنتج‬ ‫ً‬ ‫المسألة المطلوبة بطريقة فاقدة ألي تك ُّلف لدرجة أننا‬ ‫ننسى أنها «مصممة» أساساً‪.‬‬


‫أدب وفنون‬

‫من المحلي إلى العالمي‬ ‫وما بينهما‬

‫يتم� القسم ف‬ ‫ي َّ ز‬ ‫الثقا� ف ي� هذا العدد بأعىل قدر ممكن من التنوع ف ي� إطالالته عىل‬ ‫ي‬ ‫البداع محلياً وعربياً وعالمياً‪.‬‬ ‫عوالم إ‬ ‫ف‬ ‫قماش‪،‬‬ ‫فمن المملكة‪ ،‬يستضيف هذا القسم ي� باب «أقول شعراً» الشاعر خالد َّ‬ ‫ويصحبنا ف� جولة عىل ت‬ ‫مح�ف الفنان أحمد ماطر ذي االسم الذي بدأ يخرج من‬ ‫ي‬ ‫المحلية إىل العالمية‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ومن البالد العربية سيكون القارئ ي� باب «فنان ومكان» عىل موعد مع الفنانة‬ ‫الحسي� ومدينة القدس ض‬ ‫ن‬ ‫الحا�ة دائماً ف ي� أعمالها‪ .‬أما الدكتور‬ ‫الفلسطينية جمانة‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫المهتم�ن‬ ‫ال� تشغل‬ ‫طارق‬ ‫ي‬ ‫عبدالباري فيتناول من مرص واحدة من أهم القضايا ي‬ ‫ف‬ ‫العر�‪ ،‬أال وهي عقم ثقافة النخبة عىل صعيد‬ ‫ف ي� الشأن‬ ‫الثقا� عىل المستوى ب ي‬ ‫ي‬ ‫تطوير المجتمع إذا لم تكن مصحوبة بنشاط مماثل عىل صعيد الثقافة بمفهومها‬ ‫أ‬ ‫ال تن�وبولوجي الذي يشمل نمط الحياة اليومية وحرفها ومعالمها المحلية‬ ‫والخاصة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ز‬ ‫مم�ة ي� هذا العدد لسعادة قنصل فرنسا ي� مدينة جدة‬ ‫ومن العالم‪ ،‬ثمة إطاللة ي‬ ‫الدكتور لويس ي ن‬ ‫خص القافلة بقراءته الخاصة والموضوعية جداً لصورة‬ ‫بل�‪ ،‬الذي َّ‬ ‫ف‬ ‫المصورة الفرنسية «تان تان»‪ ،‬ذات الشهرة‬ ‫العر� كما ظهرت ي� القصص‬ ‫إ‬ ‫َّ‬ ‫النسان ب ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ش‬ ‫ورو� ي� القرن الع�ين‪.‬‬ ‫ال� صاغت ي َّ‬ ‫ح�اً مهماً من وجدان الشباب ال ب ي‬ ‫العالمية ي‬ ‫علي المجنوني‬

‫‪62‬‬

‫تان تان والعرب‬

‫‪66‬‬

‫نحو خارطة طريق ثقافية‬ ‫عربية‬

‫‪77‬‬

‫أحمد ماطر من المختبر‬ ‫إلى المحترف‬


‫‪61 | 60‬‬

‫أدب وفنون‬

‫تان تان‬ ‫والعرب‪...‬‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫ُت َ‬ ‫رجمت مغامرات تان تان إلى نحو مئة لغة‪ ،‬وتخطت مبيعاتها ‪ 220‬مليون نسخة‪ .‬كان تان‬ ‫أي من‬ ‫تان من أبرز «شخصيات» القرن العشرين‪ ،‬وقد ترك في ذلك القرن بصمة أقوى من ٍ‬ ‫معاصريه‪ .‬لقد ّأثر هيرجيه‪ ،‬المبدع البلجيكي لشخصية تان تان‪ ،‬أكثر من أي كاتب آخر‪ ،‬في نفسية‬ ‫األوروبيين الذين ُولدوا بين عامي ‪ 1920‬و‪1990‬م‪ ،‬وليس فقط في الجمهور الفرنكفوني‪ .‬وقد‬ ‫ً‬ ‫شاهدا على‬ ‫اعترف الجنرال ديغول بأن تان تان هو «المنافس الدولي الوحيد» له‪ .‬كان تان تان‬ ‫ً‬ ‫أيضا في صنع هذا العصر‪ .‬وقد ّ‬ ‫شكلت مسيرة تان تان خالل القرن العشرين‬ ‫عصره‪ ،‬لكنه أسهم‬ ‫ً‬ ‫نوعا من المحفوظات الحقيقية لمفاهيم وأزمات ذلك القرن‪.‬‬ ‫لويس بلين‬ ‫القنصل الفرنسي العام في جدة‬

‫‪© HERGÉ / MOULINSART 2014‬‬


‫لك نتمكن من فهم تان تان‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ال بد من أن نعيد وضعه ف ي�‬ ‫العالم ف‬ ‫الثقا� والعرص الذي‬ ‫ي‬ ‫عاش فيه مؤلفه‪ .‬وذلك ينطبق‬ ‫فالمكونات‬ ‫أيضاً عىل مسألة عالقة تان تان بالعرب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫الدبية والسينماتوغرافية والعقائدية ألعمال‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫ه�جيه‪ ،‬تجعل منها نموذجاً‬ ‫ورو�‪،‬‬ ‫ي‬ ‫لالست�اق ال ب ي‬ ‫حل أ‬ ‫اللغاز العديدة ال�ت‬ ‫ّ‬ ‫وقد دعانا المؤلف إىل‬ ‫ي‬ ‫ثن�ها ف ي� مغامراته‪.‬‬

‫شخصية مبدعة‬

‫ه�جيه مستمد من الحركة‬ ‫إن نظام قيم ي‬ ‫ّ‬ ‫الكشفية‪ :‬إنه مثال أعىل للعيش‪ ،‬وزاوية نظر‬ ‫إىل العالم‪ ،‬وموقف ف ي� المجتمع‪ .‬سمحت له‬ ‫ت‬ ‫ال� أمضاها ف ي� الكشافة بمغادرة الجو‬ ‫السنوات ي‬ ‫العائل الذي كان يخنق هذا الطفل المتمرد ذي‬ ‫ي‬ ‫السياس‪ ،‬كانت الحركة‬ ‫الصعيد‬ ‫عىل‬ ‫الحر‪.‬‬ ‫الفكر‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫الكشفية تن� بطريقة ضمنية‪ ،‬عقيدة تحفِّز الفرد‬ ‫بدال ً من أن تطرح مسائل المجتمع من منظور‬ ‫كث�ين من‬ ‫ه�جيه أيضاً‪ ،‬مثل ي‬ ‫سياس‪ .‬وتأثر ي‬ ‫أ ي‬ ‫طفال الذين نشأوا أثناء الحرب العالمية أ‬ ‫الوىل‬ ‫ال‬ ‫ت‬ ‫ال� وقعت خالل سنوات دراسته االبتدائية وما‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� كانت هي كذلك‬ ‫بعدها‪ ،‬بالحركة السلمية‪ ،‬ي‬ ‫السياس‪ .‬كانت فلسفته الفردانية‬ ‫ترفض الشقاق‬ ‫ي‬ ‫تجعله يقبل العالم كما هو‪ ،‬من يغ� أن يسعى‬ ‫تغي�ه‪.‬‬ ‫إىل ي‬

‫وشخصية تان تان‬

‫ُولد تان تان ف ي� يناير ‪ ،1929‬ف ي� زمن بداية صعود‬ ‫الفاشية ف ي� أوروبا‪ ،‬وهو االبن الذي حلم به‬ ‫ه�جيه ولم يستطع إنجابه‪ .‬شخصية تان تان هي‬ ‫ي‬ ‫ه�جيه‪ ،‬بافتتانه‬ ‫يصبح‬ ‫أن‬ ‫يريد‬ ‫كان‬ ‫ا‬ ‫عم‬ ‫موجز‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫بعالم المغامرات‪ ،‬حيث وحدها الشجاعة‬ ‫والتصميم والصالبة تتيح للمرء أن يصل سالماً‬ ‫إىل بر أ‬ ‫المان‪ .‬إنه تف� كشافة مقدام ف ي� التاسعة‬ ‫ش‬ ‫ه�جيه)‪ ،‬ويتعاطف‬ ‫ع�ة من عمره (حسب قول ي‬ ‫مع الضعفاء‪.‬‬

‫‪© HERGÉ / MOULINSART 2014‬‬

‫النسانية‪،‬‬ ‫ه�جيه بصفة جوهرية وهي إ‬ ‫تمتع ي‬ ‫لذا شعر بالتضامن مع المقهورين والمستغَ ل ي نّ�‪.‬‬ ‫يتطوع للدفاع عنهم وهذا ي ّ ن‬ ‫يب� حدود‬ ‫لكنه لم ّ‬ ‫تز‬ ‫ال�امه‪ .‬فطبيعة عمله وجدانية وليست سياسية‪.‬‬ ‫ولذلك يبدو لنا اليوم حقيقياً جداً‪ .‬كان يمكن‬ ‫ه�جيه‬ ‫أن ي ّتخذ مقولة جوزف كيسل‪ ،‬الذي كان ي‬ ‫«يهم� الناس ث‬ ‫ن‬ ‫أك� من‬ ‫من معجبيه‪ ،‬شعاراً له‪:‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الفكار»‪.‬‬

‫وهو شخص وسيم جاهز دوماً للدفاع عن ضحايا‬ ‫البؤس والظلم أو العنف‪ ،‬أياً كان مصدرها‪.‬‬ ‫ويستطيع تان تان أن ض‬ ‫يم� إىل آخر الدنيا‬ ‫ي‬ ‫ليصارع ألوف المخاطر‪ ،‬من أجل أن ينقذ صديقاً‪،‬‬ ‫لكنه لن يقاتل من أجل سعادة كل التعساء أو‬ ‫قضاياهم‪ .‬يمكنه أن يمد يد المساعدة لرجل‪ ،‬ال‬ ‫لشعب‪ .‬فليست لديه حوافز أخالقية جماعية‪ .‬إنه‬ ‫يطارد اللصوص‪ ،‬وينقذ أصحابه‪ ،‬لكنه ال يهتم‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� يجتازها‪ .‬ومهما أبدى تان تان‬ ‫لقضايا الزمات ي‬ ‫ين‬ ‫المظلوم�‪ ،‬إال أنه ال يؤمن بعالم‬ ‫من عطف عىل‬ ‫أفضل‪.‬‬

‫ّ‬ ‫المكونات األدبية‬ ‫والسينماتوغرافية‬ ‫والعقائدية ألعمال‬ ‫هيرجيه‪ ،‬تجعل منها‬ ‫ً‬ ‫نموذجا لالستشراق‬ ‫األوروبي‪..‬‬


‫‪63 | 62‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫الصورة التي يرسمها للعرب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مستمدة من نظرته إلى العالم‪،‬‬ ‫وهي نظرة مطبوعة بالعصر‬ ‫االستعماري الذي قام خالله‬ ‫بكتابة المغامرات العربية‬ ‫األربع لبطله تان تان‪..‬‬

‫في مغامراته العربية‬

‫يكشف تحليل عالقة تان تان بالعرب بعض أبعاد‬ ‫عالقة أوروبا بالعرب ش‬ ‫وال�ق‪ .‬وال بد لذلك من‬ ‫فك رموز المجلدات أ‬ ‫الربعة ت‬ ‫ال� تقع أحداثها‪،‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫خ�ة‬ ‫كلياً أو جزئياً‪ ،‬ي� بالد عربية‪ ،‬ومغامرته ال ي‬ ‫ت‬ ‫يأ� عرب إىل‬ ‫ي‬ ‫غ� التامة‪ ،‬حيث عىل العكس‪ ،‬ي‬ ‫ف‬ ‫أوروبا‪ .‬ي� «سجائر الفرعون» وهو مجلد بدأ‬ ‫كتابته سنة ‪1932‬م‪ ،‬يختفي تان تان ف ي� مرص‪،‬‬ ‫ليبعث ف� البحر أ‬ ‫الحمر‪ ،‬قبل أن يطأ الجزيرة‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫العربية‪ .‬ويتيح له انبعاثه ف ي� ش‬ ‫ال�ق‪ ،‬أن يتخطّى‬ ‫ف‬ ‫الكب�‬ ‫عىل نحو رمزي مرشده‪،‬‬ ‫نس ي‬ ‫ي‬ ‫الصحا� الفر ي‬ ‫ألب� لوندر‪ ،‬ليصبح هو مغامراً يطل بنفسه عىل‬ ‫ي‬ ‫العالم‪ .‬إنها مغامرة رسيّة‪ ،‬تنسب إىل ش‬ ‫ال�ق‬ ‫دوراً غريباً‪ ،‬موروثاً من أ‬ ‫ش‬ ‫االست�اقية‬ ‫الدبيات‬ ‫ف‬ ‫والسينما االستعمارية‪ .‬ف ي� «تان تان ي� أرض‬ ‫أ‬ ‫ه�جيه إرسال بطله إىل‬ ‫الذهب السود»‪ ،‬يعاود ي‬ ‫يضطر إىل قطع تسلسل‬ ‫المرسح نفسه‪ ،‬لكنه‬ ‫ّ‬ ‫ح� يكون تان تان تم�وكاً وحيداً �ف‬ ‫المغامرة‪ ،‬ي ن‬ ‫ي‬

‫ين‬ ‫النازي� بلجيكا‪ ،‬ف ي� مايو‬ ‫الصحراء‪ ،‬يوم غزو‬ ‫‪1940‬م‪.‬‬ ‫ويتيح مجلد «السلطعون ذو الكالبات الذهبية»‬ ‫له�جيه أن يثأر رمزياً من الغزاة‪ ،‬بواسطة ت ن‬ ‫الكاب�‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫المهاجم�‬ ‫هادوك الذي يتمكن من دفع عصابة من‬ ‫وين� «تان تان ف� بالد الذهب أ‬ ‫إىل الفرار‪ .‬ب ئ‬ ‫السود»‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫بدور النفط ف ي� ش‬ ‫و� سنة ‪1971‬م‪،‬‬ ‫ال�ق الوسط‪ .‬ي‬ ‫ال ي ز‬ ‫طلب ش‬ ‫نجل�ية لهذه المغامرة‪،‬‬ ‫نا� النسخة إ‬ ‫ه�جيه‬ ‫وبسبب انحيازه إىل إرسائيل‪ ،‬أن يشطب ي‬ ‫ف‬ ‫أية إشارة إىل نز‬ ‫و� مجلد‬ ‫ال�اع إ‬ ‫ائيل‪ -‬ب ي‬ ‫العر�‪ .‬ي‬ ‫الرس ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫مخزن» يلقي تان تان درساً ي� الخالق‪،‬‬ ‫«فحم ّ‬ ‫بإفشاله صفقة تجارة عبيد ف� البحر أ‬ ‫الحمر سنة‬ ‫ي‬ ‫‪1956‬م‪ .‬إنه ال يدرك أن زمن االستعمار قد ّ‬ ‫ول‪،‬‬ ‫ت‬ ‫العر�‪ ،‬حالماً يكف‬ ‫ويبدي عدم اك�اث بالعالم ب ي‬ ‫ق‬ ‫معاي� حلمه ش‬ ‫ال� ي�‪.‬‬ ‫هذا العالم عن التجاوب مع ي‬ ‫ه�جيه العربية الظهور‬ ‫وتعاود بعض شخصيات ي‬ ‫أ‬ ‫ف ي� أوروبا‪ ،‬ف ي� مجلد «تان تان وفن البجدية»‪،‬‬ ‫أ‬ ‫خ� ف ي� السلسلة‪ ،‬وهو بحث غامض عن‬ ‫المجلد ال ي‬ ‫الهوية‪ ،‬ظل يغ� مكتمل ت‬ ‫ه�جيه سنة‬ ‫ح� وفاة ي‬ ‫‪1983‬م‪.‬‬

‫االستشراق الملطّف‬

‫ه�جيه مؤلف مفتون بالمغامرة الغنية بالغرائب‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫االست�اقية عىل بلدان لم‬ ‫وهو يبسط نظرته‬ ‫ت‬ ‫مستمدة‬ ‫ال� يرسمها للعرب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يزرها قط‪ .‬الصورة ي‬ ‫من نظرته إىل العالم‪ ،‬وهي نظرة مطبوعة بالعرص‬ ‫االستعماري الذي قام خالله بكتابة المغامرات‬ ‫العربية أ‬ ‫الربع لبطله تان تان‪ .‬تسيطر عىل هذه‬ ‫الصورة نظرة ذات سمة استعمارية‪ ،‬تلطّفها نزعة‬ ‫إنسانية تجاه بعض شخصياته العربية‪.‬‬

‫‪© HERGÉ / MOULINSART 2014‬‬

‫العر�‬ ‫وتشكل الصور النمطية عن العالم ب ي‬ ‫ه�جيه للغة‬ ‫وسكانه‪ ،‬ديواناً للجهل‪ .‬ومعالجة ي‬ ‫العربية ليست ألطف‪ .‬وهذا يوضح السبب وراء‬ ‫قيام ش‬ ‫النا� المرصي الذي ترجم مجلداته إىل‬ ‫ت‬ ‫ال� تدور وقائعها‬ ‫العربية‬ ‫بإهمال المجلدات ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ف ي� ش‬ ‫الن�نت‬ ‫ال�ق الوسط‪ .‬ومع ذلك نجد عىل إ‬ ‫ف‬ ‫و� الحقيقة‪ ،‬لم تمنع‬ ‫ترجمة لهذه المجلدات‪ .‬ي‬ ‫كث�ين من العرب‪ ،‬من‬ ‫ه�جيه هذه ي‬ ‫نظرة ي‬ ‫العجاب بتان تان‪ .‬ولفهم هذا التناقض‪ ،‬ال بد‬ ‫إ‬ ‫من تقدير البعد ن ف‬ ‫ه�جيه‪ ،‬وعدم‬ ‫الف� ي� أعمال ي‬ ‫ي‬ ‫الحكم عليها من مظهرها التوثيقي وحده‪.‬‬ ‫المملكة العربية السعودية هي أول بلد وآخر بلد‬ ‫عر� يزوره تان تان‪ .‬وهو بذلك زار المملكة ث‬ ‫أك�‬ ‫بي‬


‫مما زار أي بلد آخر‪ ،‬لكن قلة من القراء يالحظون‬ ‫المر عن جهل أ‬ ‫ذلك‪ .‬وينم هذا أ‬ ‫ال ي ن‬ ‫وروبي� بهذا‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫خ�ة من ي ن‬ ‫السن�‪ .‬لقد اختفى‬ ‫البلد ي� العقود ال ي‬ ‫من دنيا الثقافة أ‬ ‫الوروبية الحالية‪ ،‬مع أنه كان جزءاً‬ ‫ه�جيه‪ .‬لم تعد شبه الجزيرة العربية‬ ‫من عالم ي‬ ‫تسحر تان تان وقرائه بعد أن خرجت من حلمهم‬ ‫ف‬ ‫ش ق‬ ‫يحدد‬ ‫ال� ي� لتدخل ي� تاريخ العالم‪ .‬وكما ّ‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫ورو�‬ ‫الغر� الموروث عن‬ ‫االست�اق ال ب ي‬ ‫التصور ب ي‬ ‫مسار تان تان ف‬ ‫العر�‪ ،‬كان محكوماً عىل‬ ‫العالم‬ ‫�‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫ال� ق ي� بالفشل لحظة استعادة ش‬ ‫الحلم ش‬ ‫ال�ق‬ ‫الحقيقي لحقوقه‪.‬‬ ‫ه�جيه رجال ً من ت‬ ‫ح�‬ ‫بقي ي‬ ‫الف�ة االستعمارية‪ ،‬ت ّ‬ ‫أ‬ ‫مستعمراً‪ ،‬لن تان تان‪ ،‬الذي لم يكن‬ ‫لو لم يكن‬ ‫ِ‬ ‫ض‬ ‫التح�‪.‬‬ ‫يسع إىل‬ ‫ّ‬ ‫مناضالً‪ ،‬لم َ‬ ‫ه�جيه رومانسياً مصاباً بخيبة أمل وإنسانياً‬ ‫كان ي‬ ‫يائساً من مشاهد العالم‪ .‬خاب أمل هذا الفنان‬ ‫من عرصه‪ ،‬اعت� كما عديد من أ‬ ‫ال ي ن‬ ‫وروبي� ش‬ ‫ال�ق‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫منفذ أحالمه‪ ،‬لكنه صدم بتبدد السطورة‬ ‫ال�قية‪ .‬وال يستطيع أ‬ ‫ش‬ ‫الوروبيون مقاومة سحر‬ ‫هذه أ‬ ‫السطورة الذي ساهم ت‬ ‫ح� يومنا هذا ف ي�‬ ‫نجاح مغامرات تان تان‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬

‫‪© HERGÉ / MOULINSART 2014‬‬

‫‪© HERGÉ / MOULINSART 2014‬‬


‫‪65 | 64‬‬

‫أدب وفنون‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫ماذا لو استيقظ المواطن العربي‬ ‫البسيط ذات يوم على نبأ في وسائل‬ ‫اإلعالم مفاده أن وزارة الثقافة في بلده‬ ‫قد اختفت فجأة؟ ترى‪ :‬هل سيخرج‬ ‫المواطنون يبحثون عن وزارة الثقافة؟‬ ‫هل ستندلع المظاهرات غاضبة‬ ‫ومستنكرة ماحدث؟ أغلب الظن أن شيئاً‬ ‫من هذا لن يحدث‪ .‬بل ربما نادي البعض‬ ‫ً‬ ‫ضغطا‬ ‫بضرورة التوقف عن البحث‬ ‫للنفقات‪.‬‬ ‫وبعد شهر من اختفاء وزارة الثقافة‪.‬‬ ‫سؤال ضروري‪ :‬هل طرأ على حياة‬ ‫المواطن البسيط أى تغيير؟ هل أصبح‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫شيئا ما؟‬ ‫مثال؟ هل افتقد‬ ‫أكثر تعاسة‬ ‫ً‬ ‫أغلب الظن أن شيئا من هذا لن يحدث‬ ‫كذلك‪.‬‬ ‫ماهي إذن مشكلة الثقافة في بالدنا‬ ‫العربية؟‬

‫د‪ .‬طارق عبد الباري‬

‫نحو خارطة‬ ‫طريق ثقافية‬ ‫عربية‬

‫‪illustration of article: Almohatarf Alssaudi / Sarah Habli‬‬


‫تكمن المشكلة في مفهوم‬ ‫الثقافة المطبق لدينا‪ ،‬وهو‬ ‫مفهوم الثقافة النخبوية الذي‬ ‫يقتصر على الفنون الجميلة‬ ‫والتطبيقية وفنون أ‬ ‫الداء ‪...‬إلخ‪.‬‬ ‫وهذا مفهوم يجب أن يتطور أو تتغير أولويات‬ ‫السياسة الثقافية لتضع متطلبات الشعوب في‬ ‫المقدمة‪ .‬فنحن بحاجة لمفهوم يساعد الفقراء‬ ‫وغير المتعلمين والحرفيين‪ ،‬مفهوم يراعي موروثاتنا‬ ‫الثقافية وبيئتها الشفهية في نشر الثقافة‪ ،‬أى‬ ‫أننا في حاجة للمفهوم أ‬ ‫النثروبولوجي للثقافة‪.‬‬ ‫النسان الفرد‬ ‫الذي يركِّز في العمل الثقافي على إ‬ ‫والجماعة المحددة ذات الهوية الثقافية المشتركة‪،‬‬ ‫ويعنى أ‬ ‫بالساس بتنمية سلوك الفرد والجماعة في‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫العمل والحياة المعاشة انطالقا من أن الثقافة‬ ‫تجسد مدى انعكاس مايؤمن به الفرد من حزمة قيم‬ ‫ومفاهيم ومعارف إيجابية في سلوكه وتعامالته‬ ‫على المستوى الشخصي والمستوى االحترافي في‬ ‫العمل‪.‬‬ ‫أما التوجه النخبوي فيهتم في المقام أ‬ ‫الول‬ ‫الفلم‪ ،‬المسرحية‪...‬إلخ)‬ ‫بالمنتج الثقافي (الكتاب‪ِ ،‬‬ ‫أ‬ ‫انطالقاً من أن المنتج الثقافي هو الذي يغير الفراد‬ ‫الذين يختارونه أو يشترونه وهم في المعتاد نسبة‬ ‫ضئيلة‪.‬‬

‫سلبيات اقتصاد العمل الثقافي‬ ‫على المفهوم النخبوي‬ ‫أوالً‪ :‬االبتعاد عن الشعب‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬عدم قابلية نتائجه للقياس بشكل عملي‬ ‫(فنحن النستطيع أن نقيس تأثير عروض فنية‬ ‫مثال ً على َم ْن حضروها إال بدراسات مطولة وعلى‬

‫عينات صغيرة)‪ .‬أما ما يحققه من نتائج بالفعل‬ ‫فإنها تعكس عدم التناسب الهائل بين حجم‬ ‫االستثمارات والعائد من ورائها في شعوب يعاني‬ ‫أغلبها من فقر مدقع‪ ،‬وهو ما يجعل فرص تمويله‬ ‫ضعيفة محلياً ودولياً‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬عدم توفيق النخب الثقافية في تقديم رؤية‬ ‫مقنعة لنا عن العالم من حولنا‪ ،‬في الوقت الذي‬ ‫تعتمد فيه رؤية أنصار الفكر المتطرف والتدين‬ ‫السطحي أ‬ ‫بالساس على «العالم البديل» وهو‬ ‫ماضوى‪ ،‬وينهض أصال ً على نفي‬ ‫عالم وهمي‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫العالم الحقيقي‪ ،‬إما نفيا لوجوده أو نفيا لقيمته‬ ‫وبالتالي فلدينا عقول كثيرة غير جاهزة للتعامل مع‬ ‫عالم اليوم وال مع نفسها‪.‬‬

‫إيجابيات المفهوم‬ ‫أ‬ ‫النثروبولوجي للثقافة‬

‫على النقيض من المفهوم النخبوي فإن إدارة‬ ‫العمل الثقافي بالمفهوم أ‬ ‫النثروبولوجي تتسم‬ ‫بقابلية كافة أعمالها للقياس من حيث النجاح وقوة‬ ‫التأثير ألنها تكون عبارة عن مشروعات لها أهداف‬ ‫محددة وتظهر نتائجها مباشرة على أ‬ ‫الفراد‪ ،‬بما‬ ‫يعكس مفاهيمهم الثقافية وقيمهم ومعتقداتهم‬ ‫اليجابية‪.‬‬ ‫إ‬ ‫أما الميزة العملية أ‬ ‫الساسية فإنها تكمن في تعديل‬ ‫دور المؤسسة المسؤولة‪ ،‬كوزارة الثقافة‪ ،‬حيث‬ ‫سيقتصر على التوجيه العملي والرقابة والوساطة‬ ‫الثقافية مع الجهات الداعمة‪ .‬وبذلك تحل مشكلة‬ ‫البطء الشديد في التحوالت الثقافية الملموسة في‬ ‫المجتمع‪ ،‬ألن المنفِّذ هو المستفيد‪ ،‬وستتحول‬ ‫قطاعات كبيرة من الشعب إلى جهات منتجة‬ ‫للثقافة ال مستهلكة لها فقط‪.‬‬

‫‪shutterstock‬‬

‫الثقافة والتعليم‬

‫كما أننا بهذا المفهوم سوف نتيح الفرصة‬ ‫لمؤسسات المجتمع المدني والشركات عابرة القارات‬ ‫ذات المسؤولية االجتماعية لتطرح برامج تطويرية‬ ‫لقطاعات ضخمة وتفتح المجال إلطالق طاقات‬ ‫العمل المنتج بها‪.‬‬ ‫وهناك عديد من النماذج التي يمكن تكوينها لتطبق‬ ‫على كل فئات المجتمع التي أغفلتها أ‬ ‫النظمة‬ ‫المتعاقبة‪ ،‬أوتقريباً استثنتها من نطاق العمل‬ ‫الثقافي من البداية‪ ،‬مثل الفالحين وطالب المدارس‬ ‫الفنية والصناعية والعاملين متوسطي أو عديمي‬ ‫التعليم في مجال السياحة والفنادق وغير ذلك‪.‬‬ ‫فالثقافة التي تهم الفالح من هذا المنظور هي‬ ‫معرفته بما يلوث البيئة في منظومة عمله وإنتاجه‬ ‫أ‬ ‫والساليب التي يمكنه اتباعها نحو تطوير وسائل‬ ‫عمل وأساليب معيشية له أ‬ ‫ولسرته‪ ،‬تساعده على‬ ‫إعادة تدوير المخلفات والنفايات بشكل أفضل‬ ‫وكيفية تحقيق كسب مادي من وراء ذلك‪ .‬وفي‬ ‫السياحة مثال ً تطوير أساليب التعامل مع السياح‬ ‫واالرتقاء بها بعد أن بلغت في مصر على سبيل‬ ‫المثال كبلد سياحي حداً منفراً لدرجة تُقصي مرتاد‬ ‫السياحة المتميز عن زيارة البالد وتهبط بالصورة‬ ‫الذهنية للشعب المصري أكثر كثيراً مما تتسبب‬ ‫الرهاب واالضطرابات‬ ‫فيه عوامل مباشرة مثل إ‬ ‫السياسية‪.‬‬ ‫كما يتميز هذا التوجه بأنه أكثر مرونة في انتقاء‬ ‫أفراده‪ ،‬حيث يخاطب مجتمعات بكاملها‪ ،‬وفق‬ ‫تكوين هذه المجتمعات واحتياجاتها ونقاط قوتها‪.‬‬ ‫عالوة على أن دوراته أسرع‪ ،‬وال يتطلب حداً‬ ‫أدنى من المعرفة أو التعليم النظامي للفرد ليبدأ‬ ‫التدريب‪ ،‬وبالتالي فإنه اليستثني أحداً في المجتمع‪.‬‬


‫‪67 | 66‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫وعلينا أال ننسى أن نسبة أ‬ ‫المية مرتفعة للغاية في‬ ‫العالم العربي‪ ،‬ولو أن هذا الكم الكبير من البشر‬ ‫قد ضاع حظه في التعليم مرة وسقط من اعتبارات‬ ‫العمل الثقافي والتثقيفي مرة أخرى ألنه فقد حظه‬ ‫في التعليم فسنجد أنفسنا أمام جريمة ضد‬ ‫النسانية ومسؤولية تاريخية تجاه شعوب تتساقط‬ ‫إ‬ ‫تباعاً وبتسارع مذهل في هوة سحيقة من التخلف‪،‬‬ ‫تجاوزتها البشرية المتحضرة منذ قرون طويلة‪.‬‬

‫بين الثقافة والتعليم‬

‫وحتى ال يتم الخلط بين أهداف العمل التعليمي‬ ‫والعمل الثقافي ال بد من توضيح أن الهدف‬ ‫الرئيس من التعليم هو تكوين منظومة معرفية‬ ‫تتميز بالتوحيد القياسي والمساواة المعرفية قدر‬ ‫المستطاع‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فهي قادرة على إنتاج النمط‬ ‫اليجابي المطلوب لنمو المجتمع في متطلباته‬ ‫إ‬ ‫النمطية (من زراعة وصناعة وتجارة وخدمات‪...‬‬ ‫النثروبولوجي فتكتسب‬ ‫إلخ)‪ .‬أما الثقافة بالمفهوم إ‬ ‫النسانية والذي‬ ‫أهميتها من التنوع الطبيعي للحياة إ‬ ‫تفرضه إلى حد كبير الجغرافيا الثقافية والمالبسات‬ ‫التاريخية للإقليم أو المنطقة المعنية‪ ،‬وعالقة‬ ‫ذلك بالطار أ‬ ‫العم كعالقة أخالقيات مهنة الفالحة‬ ‫إ‬ ‫بثقافة البيئة الصحية وأخالقيات مهن السياحة‬ ‫أ‬ ‫اليجابي‬ ‫بالتواصل مع الثقافات الخرى والمردود إ‬ ‫في كليهما من جراء السلوك الثقافي السليم‪.‬‬ ‫ويصبح دور الجهاز التعليمي هنا هو إتاحة قنواته‬ ‫للتعاون مع المؤسسة الثقافية المعنية‪ ،‬التي‬ ‫تعنى من ناحيتها بإصدار حزمة وسائط تعليمية‬ ‫حديثة وكتب وميديا ترافق المنهج التعليمي‬ ‫اللزامية‪ ،‬وتختلف باختالف‬ ‫النظامي في المرحلة إ‬ ‫المحافظة المعنية من حيث التاريخ والجغرافيا‬ ‫بالقليم‪..‬‬ ‫والعادات والتقاليد والثقافة السائدة إ‬ ‫ويكون هذا المحتوى الثقافي جزءاً اليتجزأ من‬ ‫المحتوى التعليمي‪ .‬وبهذا تسير المنظومتان جنباً‬ ‫إلى جنب‪ :‬منظومة التوحيد المعرفي والمهاري‬ ‫القياسي (التعليم) ومنظومة التنوع الحضاري‬ ‫أ‬ ‫النسان العربي‬ ‫(الثقافة)‪ .‬فتكون الولى لبناء إ‬ ‫وهويته العامة‪ ،‬والثانية لبناء شخصيته ومهاراته‬ ‫العملية وهويته الشخصية‪ .‬وال شك في أن‬ ‫المؤسسات والشركات الكبري بالوطن العربي‬ ‫سيسعدها أن تدعم مثل هذا المشروع التعليمي‬ ‫الثقافي الحيوي‪.‬‬

‫محو المية الثقافية‬ ‫انطالقاً من المفهوم أ‬ ‫النثروبولوجي البد أن يأتي‬ ‫محو أ‬ ‫المية الثقافية وتنمية الوعي لدى ضعيفي‬ ‫التعليم في مرتبة متقدمة على محو أمية القراءة‬ ‫والكتابة‪ ،‬على أهميته البالغة‪ .‬إذ إننا هنا ننطلق‬ ‫من محددات الثقافة الشفهية التي يعيش فيها‬ ‫مايقرب من نصف الشعوب العربية‪ .‬علينا أن نركز‬ ‫أوال على محو أ‬ ‫المية الثقافية‪ .‬فهي أسرع كثيراً في‬ ‫ً‬ ‫نتائجها وأكثر فاعلية في الواقع‪ .‬إذ إنه ال معنى على‬ ‫الطالق لمحو أمية الكتابة والقراءة لدى بسطاء‬ ‫إ‬ ‫الناس مع تركهم غرقى في أمية ثقافية مظلمة‪.‬‬ ‫الضبط الفكري‬ ‫تنهار القيم مع اختالل المفاهيم واضطراب الفكر‪.‬‬ ‫والمتابع لصفحات التواصل االجتماعي كالفيس‬ ‫بوك وغيره سيتأكد حتماً من أننا في حاجة ماسة‬ ‫لنتحدث للناس عن البديهيات‪ .‬الناس في حاجة‬ ‫لضبط فكري لترى بوضوح ماهو ظاهر بذاته‬ ‫للعيان‪ .‬ومن أهم مزايا التطوير الثقافي هي العمل‬ ‫على ضبط المفاهيم لدى الناس الذي معه ينضبط‬ ‫الفكر بالضرورة‪ .‬نحن بحاجة كبيرة إلنتاج ميديا‬ ‫توضح للناس كارثية ما يرتكبون كل يوم مع زمالئهم‬ ‫بالعمل ومع أسرهم من تصرفات يأتونها بجهالة‬ ‫متناهية‪ ،‬وتوعيتهم بالنهج الحضاري‪.‬‬ ‫حلول ومشاريع مبتكرة‬ ‫أ‬ ‫من أهم خصائص المفهوم النثروبولوجي للثقافة‬ ‫من الناحية التنفيذية القائمة على فكرة «المشروع»‬ ‫هو وجود منتج نهائى ملموس وأن يعمل الناس‬

‫«األيزو الثقافي» هو عبارة عن «شهادة رسمية»‬

‫‪shutterstock‬‬

‫يتضح لنا هنا أن هذا المفهوم اليهتم بالمعارف‬ ‫والمعلومات النظرية التي يتم حفظها في وعاء‬ ‫الذاكرة فقط‪ ،‬ولكنه يهتم بالمفاهيم التطبيقية‬ ‫التي تعود على المواطنين بما يدعمهم مباشرة في‬ ‫حياتهم اليومية والمهنية‪.‬‬

‫أولويات مهمة‬ ‫أ‬

‫الثقافة المغربية‬

‫معاً شيئا بأنفسهم وأال يقتصر دورهم على‬ ‫التلقى السلبي‪ .‬هذه فرصة كي تتالحم الشعوب‬ ‫العربية مع بعضها البعض من خالل المشروعات‬ ‫الثقافية العملية المشتركة‪ .‬ولنبدأ بمشروعين‬ ‫يمكن اقتراحهما كحل عملى لتحقيق عائدات كبيرة‬ ‫وإيجاد فرص عمل هائلة للشباب فضال عن أ‬ ‫الثر‬ ‫ً‬ ‫الثقافي اليجابي‪ ،‬وهما‪ :‬أ‬ ‫«اليزو الثقافي» و«النحو‬ ‫إ‬ ‫الجمالي»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫اليزو الثقافي (تطبيقاً على السياحة في مصر)‬ ‫أ‬ ‫«اليزو الثقافي» هو عبارة عن «شهادة رسمية»‬ ‫يستطيع الفرد العامل بشكل مستقل أو المنشأة‬ ‫السياحية الحصول عليها بعد اجتياز مجموعة‬ ‫دورات تدريبية تنويرية وميدانية للتعريف‬ ‫بالثقافات أ‬ ‫الخرى والمفاهيم المختلفة التي تحكم‬ ‫التواصل بين الثقافات وكذلك أخالقيات وثقافة‬ ‫العمل في المجال السياحي بحسب نوع المنشأة‪.‬‬ ‫ويعقب هذا ما يفيد باستحقاق المشارك بالدورة‬ ‫بحصوله على شهادة أ‬ ‫«اليزو الثقافي»‪ .‬ولضمان‬ ‫إقبال أ‬ ‫الفراد والمؤسسات على هذه الشهادة‪،‬‬ ‫تتم توصية السياح بالوسائل المختلفة عن طريق‬ ‫المكاتب الثقافية والشركات السياحية بالخارج‬ ‫الرشادية السياحية‪ ،‬بتفضيل التعامل مع‬ ‫والكتب إ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫المنشآت والفراد الذين يعلقون شهادة «اليزو‬ ‫الثقافي» على المنشأة من الخارج أو يحملون‬ ‫شارتها على صدورهم‪ .‬وهكذا ترتبط الثقافة بلقمة‬ ‫العيش‪ .‬وحده هذا االقتراح سيقضي على كثير من‬ ‫المشكالت السياحية‪ ،‬بما فيها االعتداءات التي‬ ‫تحدث حتى داخل منشآت سياحية من فئة خمسة‬ ‫نجوم‪ .‬ألن أ‬ ‫«اليزو الثقافي» اليركز على البنية‬ ‫أ‬ ‫الساسية والتجهيزات المكانية للمنشأة‪ ،‬ولكن على‬ ‫أ‬ ‫السلوك الثقافي للفراد في التعامل مع الضيف‪.‬‬ ‫وبالتالي ال يستثني أية مؤسسة‬ ‫صغرت أم كبرت من التنمية‬ ‫والتطوير الثقافي‪.‬‬


‫األزمة الحقيقية في بالدنا‬ ‫العربية هي أزمة ثقافية في‬ ‫المقام األول‪ .‬فكما صنع‬ ‫اإلنسان الثقافة فإنها تصنعه‬ ‫كذلك‪ .‬ولو صحت الثقافة صح‬ ‫ماسواها‪..‬‬

‫‪shutterstock‬‬

‫أ‬ ‫النثروبولوجي للثقافة ال يقتصر‬ ‫ونظراً لن المفهوم إ‬ ‫هنا على المتعلمين فقط‪ ،‬ولكن ينسحب كذلك‬ ‫على أ‬ ‫الميين‪ ،‬فليس التعليم هو المعيار ولكن‬ ‫السلوك الثقافي للفرد‪ ،‬ومن هنا نجد أنه يمثل باباً‬ ‫رحباً يتعامل باحترام مع المجتمع وواقعه بكل‬ ‫نقائصه ويعمل على تنمية الطبيعة الطيبة للمجتمع‬ ‫والتغلب على عيوبه بقدر ماهو متاح من إمكانات‪.‬‬

‫‪shutterstock‬‬ ‫‪shutterstock‬‬

‫النحو الجمالي‬ ‫لقد اختلت مفردات لغة الجمال عندنا وتاهت‬ ‫قواعدها‪ ،‬وصار لزاماً علينا أن نصححها و«ننحو‬ ‫هذا النحو»‪ .‬ولعل من أهم واجبات الثقافة‬ ‫ومؤسساتها هي رعاية الجمال الثقافي بكل أشكاله‬ ‫في الحياة العامة‪ .‬كاالهتمام بالنسق المعماري‬ ‫المتناغم مع روح التراث الثقافي للمنطقة المعنية‪.‬‬ ‫وتُعد المملكة المغربية رائدة في هذا الصدد بكل‬ ‫عبق وروعة وسحر مدنها من مراكش إلى الرباط‬ ‫وفاس وغيرها‪ .‬حدث هذا ألنهم اهتموا ثقافياً بكل‬ ‫تفصيلة صغيرة من تفاصيل جماليات هذه المدن‬ ‫فصار الجمال واحداً من أهم أسباب إقبال السياح‬ ‫على زيارتها‪ .‬وهنا تحقق مفهوم إيجابي للثقافة‬ ‫يرعى الهوية ويفتح مجاالت عمل وكسب للناس‪.‬‬ ‫هذا مجرد مثال وال أريد أن أسأل هنا عن عدد‬ ‫شركات البناء والتعمير العالمية التي سيسرها أن‬ ‫تشارك في ضبط «النحو الجمالي»‪ ،‬بحيث يعود‬ ‫لبالدنا العربية جمالها المرتبط بهويتها‪ ،‬وتكون‬ ‫الثقافة هي الشريك أ‬ ‫الول في هذه المشاريع‪.‬‬ ‫فإذا توسعنا ليصير الجمال الثقافي هو صديق‬

‫العين حيثما تسير القدم‪ ،‬فتصبح ألوان الجدارن‬ ‫والبنايات وإضاءة الميادين وتصميمات واجهات‬ ‫المتاجر مستوحاة من هويتنا العربية باختالف‬ ‫مشاربها‪ .‬فنحن نتحدث هنا عن تحقق ثقافي في‬ ‫الشارع وبين الناس‪ .‬فالجمال الحقيقي اليصنعه‬ ‫البذخ بل تصنعه البساطة وهوية صانعيه‪.‬‬ ‫إن أ‬ ‫الزمة الحقيقية في بالدنا العربية هي أزمة ثقافية‬ ‫أ‬ ‫النسان الثقافة فإنها‬ ‫في المقام الول‪ .‬فكما صنع إ‬ ‫تصنعه كذلك‪ .‬ولو صحت الثقافة صح ماسواها‪ .‬ألن‬ ‫أ‬ ‫النسان بسبب‬ ‫الزمة تكون في أوجها حينما تطال إ‬ ‫تهدد كيانه‪ .‬ثم تتدرج للمستويات التالية بعد‬ ‫أفكار ِّ‬ ‫ذلك كالمستوى االقتصادي والمستوى السياسي‪.‬‬ ‫ولكننا قلما نرى المشكلة من هذه الزاوية ألننا‬ ‫نتعامل مع الثقافة حتى آ‬ ‫الن على أنها شيء مجرد‬ ‫وقليل الخطورة وليس له أهمية في الحياة اليومية‪.‬‬ ‫البد أن نعترف بأن الثقافة ال تؤخذ بالجدية الكافية‬ ‫عندنا‪ ،‬بل إننا نصبر على تجريفها صبراً عجيباً‪،‬‬ ‫قلما ينتبه له أحد‪ .‬بالثقافة سيعمل الناس‪ ،‬وتصبح‬ ‫لحياتهم قيمة مادية ومعنوية‪ ،‬وعندما يعمل الناس‬ ‫ويشعرون بقيمتهم وبثراء الجمال من حولهم‪ ،‬فإن‬ ‫حياتهم ستصبح أكثر هدوء واستقراراً‪ .‬واالستقرار هو‬ ‫أقدم صديق للحضارة‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫عثرت عليها في قاموس المنهل (فرنســي‪ -‬عربي)‪،‬‬ ‫للفظة ا ألُولى المُعَ َّل َم ُة ِبنُجَ ْيمَةٍ ُ‬ ‫مكن رَصْ دُ وزن هذه الكلمة لتوليد المدلوالت التــي نحتاجها في علوم الحيوان‬ ‫َهف‪:‬‬ ‫لمختلفة‪ .‬وقد نَحَ وْتُ على مثَالهَا فيما صغتُ من كلمات مذكورة أدناها ُم ْكت ٌ‬ ‫َرِض‪:‬‬ ‫يعيش في ال ُكهُوف والمَغَ ارَات َوتَجاويفهَا‪ .‬مُؤْ ت ٌ‬ ‫للحيوان الذي ُ‬ ‫صفة‬ ‫ُ‬ ‫القرنل‪ ¯.‬مُجْ َتبِلٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي‬ ‫صحىفي الأرض والوَحْ‬ ‫للحيوان الذي يعيش‬ ‫صفة‬ ‫ف‬ ‫عيش في الجبال‪ ¯.‬مُحْ تَرِجٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش فــي الأحْ رَاج والغَ ابَات‪.‬‬ ‫ل‪ :‬صفة للحيوان‬ ‫ــب‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في الخَ شَ ب‪ُ .‬م ْرتَمِ ٌ‬ ‫مخْ ت َِش ٌ‬ ‫والعشرينيعيش في ا ألَشْ جَ ار‪.‬‬ ‫الحاديُشْ ت َِجرٌ‪ :‬صفة للحيوان الذي‬ ‫لذي يعيش في ال ِّرمَال‪ ¯.‬م‬ ‫ب‪:‬‬ ‫الصحْ رَاء‪ُ .‬م ْهتَذِ ٌ‬ ‫مصطَ ِح ٌر (أصْ ُلهَا م ُْصت َِحر)‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في َّ‬ ‫ْ‬ ‫َي‪ :‬مَوَ ٌه (معناه‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في المياه العَ ذْ بَة ( َمنْحُ وتَةٌ من َك ِل َمت ْ‬ ‫التحوالتَعَ ات‪.‬‬ ‫اللغوينَاقِالذيعيضبطوالمهذهُسْ ــ َت ْنق‬ ‫نواحيفي ال َم‬ ‫يعيش‬ ‫الذي‬ ‫اللغاتللحيوان‬ ‫الفصحى‪:‬ككلصفة‬ ‫العربية ْنتَقِ عٌ‬ ‫اللغةب)‪ُ .‬م‬ ‫لمَاء)‪ +‬عَذْ ٌ‬ ‫ثم َم َّست‬ ‫جوانب الحياة كلها؛ ّ‬ ‫نســي‪-‬تأث� ٍاتعربي)‪،‬‬ ‫المنهلوال(ف‬ ‫عليها في‬ ‫عثرت‬ ‫والتبديل‪.‬ة ِبنونحنُجَنرْياهامَةٍ فحياة ُ‬ ‫للتطورمُعَ َّل َم ُ‬ ‫ُولى ال‬ ‫للفظة ا أ‬ ‫قاموس ويعالجها‪،‬‬ ‫العالم المختلفة‪:‬‬ ‫الناس ف ي� أرجاء‬ ‫لقابلة‬ ‫سيمارإن كانت ي‬ ‫التــي سلبيةً ‪.‬‬ ‫وتقاليدهم‪،‬‬ ‫لتوليدثقافتهم‪ ،‬وعاداتهم‬ ‫ي�‬ ‫هذهلغة العلوم‬ ‫وزن أن تكون‬ ‫مكن رَصْ دُقادرة عىل‬ ‫نحتاجها في علوم الحيوان‬ ‫المدلوالت‬ ‫الكلمة‬ ‫وتعليمهم‪ ،‬وطعامهم‪ ،‬ولغاتهم‪.‬‬ ‫النسانية والتكنولوجيا‪.‬‬ ‫إ‬ ‫َهف‪:‬‬ ‫أدناها ُمأهم ْكت يتأث�ات ٌ‬ ‫مذكورة‬ ‫كلمات‬ ‫من‬ ‫صغتُ‬ ‫فيما‬ ‫َا‬ ‫ه‬ ‫َال‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫على‬ ‫وْتُ‬ ‫َحَ‬ ‫ن‬ ‫وقد‬ ‫لمختلفة‪.‬‬ ‫وليس بخاف عىل أحد أن‬ ‫َرِض‪:‬‬ ‫المحلية‪ ،‬اللغة ٌ‬ ‫اللغاتَا‪.‬هي مُؤْ ت‬ ‫َجاويفبماه‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫َات‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫َغَ‬ ‫م‬ ‫وال‬ ‫ُوف‬ ‫ه‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫يعيش‬ ‫ُ‬ ‫الذي‬ ‫للحيوان‬ ‫صفة‬ ‫هيمنة‬ ‫العولمة اللغوية‪،‬‬ ‫العولمة‬ ‫تقنيات‬ ‫اقتحام‬ ‫وليس‬ ‫التقنية من‬ ‫والتكنولوجيا‪( :‬أو‬ ‫آ‬ ‫ز‬ ‫نجل�ية عىل‬ ‫اللغوية‬ ‫للقضايا‬ ‫هي التطبيق‬ ‫فصاعداً)‬ ‫الن‬ ‫أمرا مُجْ َتبِلٌ إ‬ ‫ال ‪ :‬ي‬ ‫واللسانيات ً‬ ‫داخليةالذي‬ ‫للحيوان‬ ‫صفة‬ ‫ل‪¯.‬‬ ‫والوَحْ‬ ‫أرض‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫في‬ ‫يعيش‬ ‫الذي‬ ‫للحيوان‬ ‫صفة‬ ‫ف‬ ‫تأث�ات لغوية بنيوية‬ ‫أمر لم يكن ممك ًنا‬ ‫ولكنه‬ ‫ا‪،‬‬ ‫د‬ ‫مقصو‬ ‫وهذا‬ ‫العلم‪.‬‬ ‫لنظريات‬ ‫العمل‬ ‫تتجىل ي� ي‬ ‫ً‬ ‫أ ٌ‬ ‫ي‬ ‫داخلها‪.‬بَات‪.‬‬ ‫الوطنيةَاجمنوالغَ ا‬ ‫فــي االلغةلأحْ تر‬ ‫مواليدتَرِجٌ‬ ‫الجبال‪¯.‬عنه مُحْ‬ ‫يعيشد َهم بنية‬ ‫الذي ذلك‬ ‫للحيوانكلها‪ .‬وبيان‬ ‫الحوال‬ ‫‪ :‬صفةاجتنابه عىل‬ ‫جديدة‬ ‫عيش فيالتطبيق ينتج‬ ‫تَ ْ‬ ‫مفردات‬ ‫تق�ض‬ ‫اللغات‬ ‫من‬ ‫فكث�‬ ‫فيمن‬ ‫التقنية‬ ‫كل ما تنتجه‬ ‫أن‬ ‫مثل‬ ‫والمصطلحات‬ ‫المفاهيم‬ ‫ٌمن‬ ‫منتجات ب‪ُ .‬م ي‬ ‫الزمنللحيوان‬ ‫صفة‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬ ‫ٌ‬ ‫َمِ‬ ‫ت‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫شَ‬ ‫الخَ‬ ‫يعيش‬ ‫الذي‬ ‫للحيوان‬ ‫صفة‬ ‫‪:‬‬ ‫ــب‬ ‫َش‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫مخْ‬ ‫ز‬ ‫ُ‬ ‫نجل�ية تحت وطأة‬ ‫ال‬ ‫اللغة‬ ‫ظ‬ ‫ف‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫إنما‬ ‫والتقنية‬ ‫المعرفة‬ ‫االجتماعي‪.‬‬ ‫‪=facebook‬التواصل‬ ‫ُ َ َّ ُ ْ َ‬ ‫إ ي‬ ‫صفة ت‬ ‫هذهلَشْ جَ ار‪.‬‬ ‫في ا أ‬ ‫يعيش‬ ‫الذي‬ ‫للحيوان‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ُشْ‬ ‫م‬ ‫َال‪¯.‬‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ِّ‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫يعيش‬ ‫لذي‬ ‫َجرٌ‪ :‬ش‬ ‫والرسعة‪ ،‬ورسعان ما تخضع‬ ‫ال� يعرفها الناس أو‬ ‫باللغة الب�ية ي‬ ‫المفردات إىل ي ن‬ ‫الرصف‬ ‫الرمز صفة أغلبهم‪.‬‬ ‫َحأو‬ ‫اللفظ‬ ‫هو‬ ‫والمصطلح‪:‬‬ ‫ب‪:‬‬ ‫الحاكمة ٌ‬ ‫العربية ُم ْثهيك�تَذِ‬ ‫قوان�رَاء‪.‬‬ ‫الصففيحْ‬ ‫للحيوان الذي يعيشللغةفيالوطنية؛ َّ‬ ‫ر)‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ُص‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َا‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫(أصْ‬ ‫ر‬ ‫ٌ‬ ‫ح‬ ‫ِ‬ ‫طَ‬ ‫مص‬ ‫ْ‬ ‫مع�ن‬ ‫مفهوم‬ ‫عىل‬ ‫الدال‬ ‫اللغوي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫نجل�ميةَوَ ٌهعىل (معناه‬ ‫المفردات إْ‬ ‫ترصيف َك ِل َمت‬ ‫المجتمعات‪،‬تَةٌ من‬ ‫تطاوعَة ( َمنْحُ و‬ ‫اللغة ذْ ب‬ ‫المياهأن العَ‬ ‫للحيوان الذي‬ ‫صفة‬ ‫َي‪ :‬ي ز‬ ‫ال‬ ‫يعيش في ومعلوم‬ ‫عمل ذي‬ ‫ي� علم أو فن أو أي ٍ‬ ‫النسان عىل‬ ‫لما ينتجه‬ ‫وتستجيب‬ ‫‪=email‬ال�يد‬ ‫(مثل‬ ‫خاصة‬ ‫طبيعة‬ ‫الذي إ‬ ‫ب‬ ‫برمج‪َ...‬عَ‪ ..‬ات‪.‬‬ ‫مثل‪َ:‬رَ​َتم ْن َتق‬ ‫تلفز‪...‬موذلكُسْتلفزةً‪ ..‬فــ‬ ‫رصفامج‪،‬عالعربيةوال‬ ‫يعيش في بي�الوفقمج َم‪..‬نبرَاقِ‬ ‫للحيوان‬ ‫صفة‬ ‫‪:‬‬ ‫عٌ‬ ‫َقِ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫)‪.‬‬ ‫ب‬ ‫ٌ‬ ‫َذْ‬ ‫ع‬ ‫َاء)‪+‬‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫المستوى الفكري أو عىل المستوى‬ ‫و�=الشابكة)‬ ‫اللك�‬ ‫إ‬ ‫ُولى ي‬ ‫ْ‬ ‫نســي‪-‬شييكًا‪،‬عربي)‪،‬‬ ‫ر‬ ‫(ف‬ ‫المنهل‬ ‫قاموس‬ ‫في‬ ‫عليها‬ ‫عثرت‬ ‫ُ‬ ‫َةٍ‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ُجَ‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ُ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫َّ‬ ‫ُعَ‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫للفظة ا أل‬ ‫ن‬ ‫التق� وما يرتبط به من إنتاج التقنيات ف َْر َمتةً ‪َ ،‬س َّيف‪ ...‬تَسييفًا‪َ ،‬ش َّيك‪...‬تَ‬ ‫ي‬ ‫ج‪...‬تمسيجا‪.‬في علوم الحيوان‬ ‫الكلمةاحلعرصلتوليد‬ ‫هذه‬ ‫وزن‬ ‫دُ‬ ‫َصْ‬ ‫ر‬ ‫مكن‬ ‫المدلوالت التــي َم َّس‬ ‫والمعدات المختلفة‪.‬‬ ‫مرحلة من مر‬ ‫والعولمة‪ :‬هي‬ ‫نحتاجها ً‬ ‫التاريخ الحضاري ش‬ ‫مثل‬ ‫للب�ية‬ ‫َهف‪:‬‬ ‫التأث�م ْاتكت ٌ‬ ‫أدناها ي ُ‬ ‫مذكورة‬ ‫كلمات‬ ‫من‬ ‫صغتُ‬ ‫فيما‬ ‫َا‬ ‫ه‬ ‫َال‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫على‬ ‫لمختلفة‪ .‬آوقد نَحَ وْتُ‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫والمشغول� بقضايا‬ ‫اللساني�‬ ‫ثم إن‬ ‫اللة البخارية‪ ،‬عرص االستعمار‬ ‫وقد انتهت مثل هذه‬ ‫َرِض‪:‬‬ ‫شائعةن ُعمُؤْرفتت ف ي� ٌ‬ ‫َجاويفهَا‪.‬‬ ‫االجتماعيةوالمعمَغَاللغةارَاتإىل َوت‬ ‫تفاعلكهالبيئةُوف‬ ‫يعيش في ال ُ‬ ‫الذيوال يمكن ُ‬ ‫صفة‬ ‫للحيوان ونحوها‪،‬‬ ‫والرأسمالية‪..‬‬ ‫ظواهر لغوية‬ ‫التطورمات‬ ‫لهذه‬ ‫يستجيبون‬ ‫رسعان ما‬ ‫العولمة بأبعادها التقنية‬ ‫للحيوانأثر‬ ‫إغفال‬ ‫الهج�‬ ‫صفةب ِـ (‬ ‫لغات العالم‬ ‫ي‬ ‫اللغوي)‪ ،‬الذي‬ ‫للحيوان‬ ‫‪:‬‬ ‫ِلٌ‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ُجْ‬ ‫ل‪¯.‬‬ ‫والوَحْ‬ ‫أرض‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫في‬ ‫يعيش‬ ‫الذي‬ ‫صفة‬ ‫ف‬ ‫المتالحقة؛ تف�اهم ينشغلون بتتبع‬ ‫والتأث� عىل‬ ‫والنسانية عن التأثر‬ ‫وعرفناها ي� العربية ب ِـ (التعريب أو‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫يعيش ي ز‬ ‫ي)!!!الأحْ رَاج والغَ ابَات‪.‬‬ ‫العرب�فــي‬ ‫للحيوان‬ ‫الجبال‪ ¯.‬مومنهاُحْ تاللغةَرِجٌ ‪:‬‬ ‫التغ�ات‬ ‫الناتجة عن‬ ‫صفةالظواهر اللغوية‬ ‫العربية‬ ‫عيش فياللغات القومية‪،‬‬ ‫الذي ي‬ ‫االجتماعية‬ ‫والتحوالت‬ ‫المعارصة‪.‬‬ ‫ل‪ :‬صفة للحيوان‬ ‫وتتبعها‪،‬ب‪ُ .‬م ْرتَمِ ٌ‬ ‫والتقنيةالخَ شَ‬ ‫في‬ ‫يعيش‬ ‫الذي‬ ‫للحيوان‬ ‫صفة‬ ‫ــب‪:‬‬ ‫مخْ ت َِش ٌ‬ ‫المختلفة‪ ،‬يحاولون رصدها‬ ‫للحيوان الذي يعيش في ا ألَشْ جَ ار‪.‬‬ ‫صفة‬ ‫انتقلتممنُشْ ت َِجرٌ‪:‬‬ ‫َال‪¯.‬‬ ‫التكنولوجيا ِّرم‬ ‫يعيش في ال‬ ‫لذي‬ ‫ذلك إىل رسم سياسات‬ ‫ويتجاوزون‬ ‫والعولمة‬ ‫إن‬ ‫بتداب�‬ ‫صفة لغوية تنتهي‬ ‫ر)‪ً:‬ء إىل‬ ‫َح ابتدا‬ ‫وتجارية‬ ‫ي‬ ‫ب‪:‬‬ ‫الصحْ رَاء‪ُ .‬م ْهتَذِ ٌ‬ ‫التخطيطيعيش في َّ‬ ‫للحيوان منالذي‬ ‫اقتصادية ُْصت ِ‬ ‫غايات ُلهَا م‬ ‫مصطَ ِح ٌر (أصْ‬ ‫ْ‬ ‫َي‪ :‬مَوَ ٌه (معناه‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في المياه العَ ذْ بَة ( َمنْحُ وتَةٌ من َك ِل َمت ْ‬ ‫لمَاء)‪ +‬عَذْ ٌب)‪ُ .‬م ْنتَقِ عٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في ال َمنَاقِ ع والمُسْ ــ َت ْنقَعَ ات‪.‬‬ ‫‪69 | 68‬‬

‫لغويات‬

‫د‪ .‬حامد قنيبي‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫حسن وحسنين‬

‫النساني في كافة ضروب الحياة‬ ‫الوعي بالتعامل إ‬ ‫وإدراك سلبيات التسلط والعنجهية والتعالي‪ ،‬غدا‬ ‫مفهوماً متنامياً في صفوف الشباب السعودي‪ .‬أ‬ ‫المر‬ ‫الذي دفع ثالثة منهم‪ ،‬هم‪ :‬كامل زين‪ ،‬ياسين‬ ‫الفلم‬ ‫كامل ومؤيد النفيعي‪ ،‬لكتابة قصة وسيناريو ِ‬ ‫السعودي القصير «حسن وحسنين» الذي قام‬ ‫ببطولته الممثل الموهوب «مؤيد النفيعي» وأخرجه‬ ‫المخرج الواعد «كامل زين» بكثير من االحترافية‪،‬‬ ‫الخراج الدرامي على الرغم من أن‬ ‫وكأنه متمرس في إ‬ ‫فقدم في ‪ 18‬دقيقة‬ ‫تجربته ما زالت في بداياتها‪َّ ..‬‬ ‫ِفلماً قصيراً‪ ،‬وجعله صفعة نقدية للسلوك السلبي‪،‬‬ ‫ولكنها صفعة فنية عبر السخرية الالذعة والفنتازيا‬ ‫الباعثة على التأمل والكوميديا السوداء المرحة‪.‬‬

‫خفّة ومشاهد أطريفة‬

‫وتبدأ الفنتازيا ‪..‬‬

‫يذهب حسن إلى منزله وينام نوماً قلقاً‪ .‬وعندما‬ ‫استيقظ‪ ،‬وجد أن شكله تغير وأصبح بدون شارب‬ ‫أو لحية‪ .‬وحينما أراد التفوه بالكالم‪ ،‬وجد أنه ينطق‬ ‫الكالم باللهجة المصرية (أجاد ممثل «االستاند‬ ‫كوميدي» مؤيد النفيعي اللهجة أ‬ ‫والداء)‪ ،‬وينسى‬ ‫أنه على موعد مع زوجته التي ذهبت للتسوق وكان‬ ‫وعدها بأنه سيأتي إلحضارها بعدما تفرغ من التسوق‪.‬‬

‫في الدقائق الخمس الولى من الفلم نتعرف إلى‬ ‫جسد شخصية شاب سعودي يعمل‬ ‫«حسن» الذي يُ ِّ‬ ‫ولكن حسن يدير الشركة‬ ‫مديراً في شركة والده الثري‪َّ .‬‬ ‫بفوقية وفظاظة شديدة‪ ،‬وال يحترم مواعيد عمله‬ ‫وال يكترث لالجتماعات المهمة في الشركة‪ .‬كما أنه‬ ‫ال يبدي أدنى احترام للموظفين وزمالئه العاملين‬ ‫تحت إدارته في الشركة‪...‬‬

‫صعقه هذا التغيير الذي اعتراه فجأة‪ .‬لقد وجد‬ ‫نفسه يرتدي بنطاال ً وقميصاً ويذهب إلى العمل‪،‬‬ ‫ويبدأ في البحث عن الموظف المصري «محمود»‪،‬‬ ‫فقد أدرك أن دعاءه هو الذي أدى به إلى هذا الحال‪.‬‬

‫تدور المشاهد أ‬ ‫الولى في الفلم بخفة وبقدرة عالية‬ ‫في التمثيل أ‬ ‫والداء الطبيعي للممثلين‪ :‬براء حسن‪،‬‬ ‫صالح الخالفي‪ ،‬عبدالخالق عاطف‪ ،‬آالء ّتمار وهبة‬ ‫شرقاوي‪ ،‬لينقلوا للمشاهد في إيقاع ال تشوبه الرتابة‬ ‫أو الملل‪ ،‬عالم الشركة التي يدير أحد أقسامها‬ ‫حسن‪ ..‬تستمر أ‬ ‫الحداث‪ ،‬ويحدث أن يراجع أحد‬ ‫الموظفين من الجنسية المصرية واسمه «محمود»‬ ‫مديره حسن‪ ،‬حيث مرض والده وجاء يطلب إجازة‬ ‫اضطرارية لمدة خمسة أيام لكي يسافر ويطمئن على‬ ‫الجازة‬ ‫والده‪ .‬ولكن «حسن» يرفض منح «محمود» إ‬ ‫ويعنفه بكل قسوة‪ .‬وهنا نشاهد الموظف المصري‬ ‫وقد رفع يديه ليدعو على حسن‪.‬‬

‫تحول حسن إلى شخص مصري اسمه «حسنين»‪..‬‬ ‫َّ‬ ‫وهنا تتجلى المفارقة والكوميديا الباعثة على‬ ‫الضحك‪ ..‬ويواجه حسن‪/‬حسنين والده صاحب‬ ‫الشركة‪ ،‬فينهره ويطرده من العمل ألن الجميع بدأ‬ ‫يشكو منه ومن تصرفاته وعنجهيته‪ ...‬يهيم حسنين‬ ‫على نفسه وينخرط في عالم الموظفين المصريين‬ ‫الذين يلتقون في مقهى‪ ،‬فيسخرون منه ألنه يدعي‬ ‫أنه سعودي بينما شكله وحديثه يشير إلى أنه مصري‪..‬‬ ‫بعد حوار طريف مع الزبائن المصريين في المقهى‬ ‫يقول له النادل‪ ،‬بعدما استمع إلى حكايته‪« :‬بص يا‬ ‫النسان في أخالقه‬ ‫باشا‪ ،‬كلنا أوالد تسعة‪ ،‬يعني قيمة إ‬ ‫مش في جنسيته»‪.‬‬

‫خالد ربيع السيد‬

‫يغادر حسنين المقهى وعند قيادته لسيارته يشتبك مع‬ ‫شرطي شك في أنه ينتحل شخصية كفيله السعودي‪،‬‬ ‫بالقامة ويقود السيارة الخاصة‬ ‫وال يحمل تصريحاً إ‬ ‫بالسعودي حسن‪ ..‬يتم توقيف حسن‪/‬حسنين‪ ،‬وفي‬ ‫السجن يلتقي برجل اسمه «خالص» يقوم بازدرائه‬ ‫وتوبيخه فيصرخ حسنين‪ :‬خالص‪ ..‬خالص ‪..‬خالص‪.‬‬

‫واصلة ‪..‬بغير مباشرة فجة‬ ‫رسالة‬ ‫أ‬

‫في الدقيقتين الخيرتين من الفلم نشاهد حسنين‬ ‫وقد عاد إلى منزله ولكنه لم يكف عن تعاليه وغلظته‬ ‫مع حارس المنزل الهندي الذي وقف مكسوراً مطأطئ‬ ‫الرأس‪ ..‬يدخل حسنين إلى بيته ويحاول النوم بمزيد‬ ‫من أ‬ ‫الرق‪ ..‬وعندما يستيقظ يجد نفسه مرتدياً مالبس‬ ‫هندية ويتكلم بلغة أ‬ ‫الوردو الخاصة بالهنود‪.‬‬ ‫النسانية التي كانت مغيبة عن‬ ‫مثل هذه القضايا إ‬ ‫المناقشة واالنتقاد‪ ،‬بدأت تطرح مع فئات كثيرة‬ ‫العالم المرئية‬ ‫من الشباب في شتى حقول وسائل إ‬ ‫والمسموعة والمقروءة‪ .‬وأخذت تتفاعل في النشاطات‬ ‫الكتابية على مواقع التواصل االجتماعي‪ .‬لكن يبقى‬ ‫دائماً أثر الدراما عبر أ‬ ‫الفالم السينمائية سواء القصيرة‬ ‫أو الطويلة فعاال ً ونافذاً‪ .‬فتصل رسالتها إلى متلقيها‬ ‫بحميمية أعمق‪ ،‬مغلفة بروح الفن الذي ال يقدم‬ ‫الوعظ والوصاية والخطابة‪ ،‬بل اللفتة النابهة والهمسة‬ ‫المؤثرة‪ ..‬وهذا ما تنبه له فريق العمل في فلم «حسن‬ ‫وحسنين»‪ .‬وهو في كل حال اتجاه محمود يراقبه‬ ‫الجمهور بعين التقدير لهؤالء الشباب الذين قدموه‪.‬‬ ‫وال غرابة إذ ارتفع عدد مشاهدي الفلم إلى ما يزيد‬ ‫على ‪ 800‬ألف مشاهد من خالل قناة اليوتيوب التي‬ ‫السبوع أ‬ ‫عرضته في أ‬ ‫الول من يونيو ‪2014‬م‪ .‬وحملته‬ ‫مواقع أخرى ليتجاوز الرقم المليون مشاهد‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬

‫سينما سعودية‬

‫خفة الظل ترفع مشاهديه إلى مليون في أسبوعين‬


‫‪71 | 70‬‬

‫فنان ومكان‬

‫جمانة الحسيني‬ ‫والقدس‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫جمانة أيقونة القدس والقدس أيقونة جمانة‪ .‬دخلت عالم الفن كما تدخل فراشة في حقل‬ ‫ً‬ ‫عالما تشبهه ويشبهها‪ ،‬عالم مشبَّ ع بالحلم واالنتصار‪ .‬أعلنت منذ بداياتها‬ ‫زهور‪ .‬دخلت‬ ‫انتسابها المطلق للحق وأعلنت أن الحق جمال‪ .‬حملتها ريشتها وألوانها إلى مالعب‬ ‫الطفولة‪ ،‬إلى القدس‪ ،‬وأريحا ويافا… مدن وقرى وربوع فلسطين كلها احتشدت في المشهد‬ ‫الذي أفصحت عنه جمانة في أعمالها‪.‬‬

‫ناصر السومي‬

‫ما يلفت االنتباه في أعمال جمانة الحسيني هو تساوي عناصر‬ ‫الرقة والرهافة كالعصافير والفراشات والزهور وغروب الشمس‪ ،‬مع‬ ‫كالحصنة والنمور والفهود والبيوت أ‬ ‫عناصر القوة والثبات أ‬ ‫والشجار‬ ‫وشجر الصبار رمز المقاومة والبقاء‪ .‬أليست كل هذه الكائنات‬ ‫أ‬ ‫والشكال هي مكونات الذاكرة الطفولية التي حملتها جمانة معها من‬ ‫ربوع فلسطين‪ ،‬وخصوصاً من مسقط رأسها القدس‪ ،‬إلى المهاجر‬ ‫التي توالت بعد أن أبعدت قسراً عن وطنها الحبيب؟‬ ‫للقدس كما يتبين من إنتاجها الغزير مكان الصدارة‪ .‬ليس فقط‬ ‫ألنها من مواليد القدس عام ‪1932‬م‪ ،‬بل ألن مدينتها سيدة مدن‬ ‫فلسطين وعروسة مدن الشرق العربي‪ .‬حاراتها‪ ،‬أزقتها‪ ،‬أسواقها‪،‬‬ ‫وسور القدس الجميل الذي يحتضن بجناحيه أزقة وشوارع وبيوت‬ ‫مدينة المحبة والسالم‪ .‬سور القدس هو السور الوحيد الباقي‬ ‫لمدينة في المشرق العربي‪ .‬لم تجتمع كل تلك الصفات في مدينة‬ ‫أخرى غير مدينة القدس‪.‬‬

‫ارتباط أُسري بالمدينة‬

‫ترتبط جمانة وعائلتها العريقة لجهة والدها بالمدينة المقدسة منذ‬ ‫القرن الثالث عشر على أقل تقدير‪ .‬تقلَّد أجدادها أعلى المناصب‬ ‫المدنية والروحية في المدينة‪ .‬وقاد قريبها مفتي القدس وفلسطين‬ ‫المقاومة ضد االنتداب البريطاني والمشروع االستيطاني الصهيوني‬ ‫في فلسطين‪ .‬والدها جمال الحسيني‪ ،‬شغل منصب أ‬ ‫المين العام‬ ‫للجان التنفيذية للحركة الوطنية الفلسطينية وأميناً عاماً للمجلس‬

‫السالمي أ‬ ‫العلى ثم رئيساً للحزب العربي الفلسطيني‪ ،‬وترأس الوفد‬ ‫إ‬ ‫الفلسطيني إلى لندن سنة ‪1936‬م ثم تقلب في مناصب كثيرة‬ ‫أخرى في فلسطين وفي المهجر‪ .‬أخذت عن والدتها نعمتي العلمي‪،‬‬ ‫سليلة العائلة المقدسية العريقة‪ ،‬النفحة الفنية‪ .‬وتفتخر جمانة‬ ‫برسمة نبتة قرن الغزال التي رسمتها أمها فأطرتها ووضعتها في مكان‬ ‫أثير‪.‬‬ ‫تجذر جمانة في القدس وانتمائها للمكان روحياً وفنياً جعل من‬ ‫القدس أيقونة جمانة أ‬ ‫الولى ورأس هرم انتاجها الفني‪.‬‬ ‫أكثر ما يلفت االنتباه في كثير من أعمالها هو انحيازها لمخزون‬ ‫ذاكرتها للتعبير عن الماضي‪ ،‬وعن أملها بالمستقبل‪ ،‬واضعة الحاضر‬ ‫بين هاللين ألنه شأن ال تتقن التعامل معه‪ .‬ولذلك‪ ،‬ابتعدت عنه‬ ‫مبرزة تشبثها العاشق بعالم العصافير والعرائس المحلقة فوق‬ ‫مدينتها العتيدة القدس‪.‬‬ ‫ال شك أن الحالة الحلمية تشي بكثير مما كان يجول في خيال البنت‬ ‫الصغيرة‪ ،‬التي ما لبثت أن أصبحت صبية رقيقة‪ .‬صبية مقبلة على‬ ‫مزق االحتالل واالقتالع إيقاع نغماتها‬ ‫الحياة بحلم كبير وأمل واعد‪َّ .‬‬ ‫أ‬ ‫الولى ولكنها لم تستسلم‪ .‬درست العلوم السياسية لتفهم أكثر ما‬ ‫أ‬ ‫حل بها وببلدها ولكن حدسها دفع بها إلى الجهة الخرى‪ ،‬إلى عالم‬ ‫الخيال والحلم‪ .‬صبية ما لبثت أن أصبحت زوجة ثم أماً لثالثة‬ ‫أبناء‪ ،‬ولكنها لم تغادر مكمن أسرارها أ‬ ‫الول‪ ،‬مدينتها التي شهدت‬ ‫أشكال عشقها أ‬ ‫الولى‪.‬‬ ‫وأظهرت أعمالها عنفوانها الرقيق ورغبتها في عالم تسوده المحبة‬ ‫والوداعة والمساواة‪.‬‬


‫بين أعمالها أ‬ ‫الولى والالحقة‬ ‫أ‬

‫الفرق بين أعمالها الولى التي كرستها للفراشات وللعرائس وللقدس‬ ‫ولشيائها الكثيرة أ‬ ‫أ‬ ‫الخرى‪ ،‬وأعمالها الالحقة التي جاءت مبسطة‬ ‫مختصرة كتمائم عجيبة تروي حكاية تجربة وزمن وتحوالت‬ ‫في المكان وفي الزمان‪ .‬ال فرق‪ .‬ال فرق إال في اختالف تناولها‬ ‫أ‬ ‫المقدس بعالم تسوده المحبة والتسامح‬ ‫لموضوعها الثير‪ ،‬إيمانها َّ‬ ‫ويعيد لها جنتها المفقودة وعالمها الذي حولوه إلى أشالء‪.‬‬ ‫لم تعد قوى استحضار المكان بالصورة وحدها تكفي فصارت‬ ‫تستحضره بالتمائم المكتوبة أو ببعض أ‬ ‫الشكال الغامضة التي‬ ‫لجأت إليها لتساعدها على القبض على ذكرياتها وعالمها الحميم‬ ‫الول‪ .‬ما الفرق بين أعمال مرحلتها أ‬ ‫أ‬ ‫الولى والثانية؟ ال فرق سوى‬ ‫أنها نزعت الخمار أ‬ ‫الخير عن حكاياها لتكتب ذاتها ووجودها الكلي‬ ‫أ‬ ‫المفعم بذكرياتها الولى‪ .‬تلك الذكريات التي تأكدت وتأصلت‬ ‫باالختصار والتجريد‪ ،‬وكأن الوقت صار للضروري المقدس بعيداً‬ ‫عن الرغبات أ‬ ‫والحالم التي دونتها على مدى ما يزيد على أربعين‬ ‫عاماً‪ .‬ازدادت بمرحلتها الثانية عمقاً وحنيناً لكل ما هو أصيل وعادل‬ ‫وحقيقي في هذا الوجود‪.‬‬

‫الكثيرون من محبي فن جمانة لم يحبذوا في البداية انعطافها‬ ‫الفني الجديد ولكنها بمثابرتها وبعمق تجربتها استطاعت ليس فقط‬ ‫الحفاظ على مكانتها المتوهجة‪ ،‬بل أثبتت أن بمقدورها أن تذهب‬ ‫إلى نقطة أبعد طالما انتظرت فرصة االنطالق نحوها‪.‬‬ ‫القدس البداية والقدس النهاية‪ ،‬القدس خط الدفاع أ‬ ‫الول حيث‬ ‫قضى ابن عمها عبدالقادر الحسيني في الدفاع عنها عام ‪1948‬م‪.‬‬ ‫القدس خط الدفاع أ‬ ‫الخير حيث ال وجود وال كرامة وال ماض وال‬ ‫حاضر دون امتالكه بكليته‪ ،‬ألنه حق والحق ال يقبل القسمة‪.‬‬ ‫قاومت جمانة بإيمان قوي ال يتزعزع ذلك الوحش الشرس الذي‬ ‫يتربص بوجودها وبممتلكاتها الروحية والخاصة‪ .‬زارت اليابان عام‬ ‫‪1979‬م وشاهدت أثر الدمار الذي حل بهروشيما نتيجة قصفها‬ ‫بقنبلة نووية‪ .‬رسمت حية شيطانية تخترق هيروشيما متجهة إلى‬ ‫المسجد أ‬ ‫القصى‪ ،‬رابطة بذلك بين التدمير الوحشي الذي أحدثته‬ ‫القنبلة الذرية‪ ،‬واعتداءات الصهاينة المتطرفين على المسجد‬ ‫أ‬ ‫القصى الستكمال جريمة مسح كل أثر للذاكرة الفردية والجماعية‬ ‫لشعب فلسطين بأكمله‪ .‬على الرغم من كل ذلك لم تكن جمانة‬ ‫صاحبة شعارات طنانة‪ ،‬ولم تكن ترسم لتنشر رسالة تبشيرية تدعو‬ ‫إلى االقتداء بها‪ .‬رسمت جمانة من موقع الجرح مباشرة‪ ،‬رسمت من‬ ‫مكمن الروح‪ ،‬لذلك جاءت رسومها كصك بوح داخلي ارتبط كحبل‬ ‫سري بهويتها وببالدها وبعاصمة بالدها الجميلة‪ ،‬زهرة المدائن‪،‬‬ ‫القدس‪.‬‬


‫‪73 | 72‬‬

‫ً‬ ‫شعرا‬ ‫أقول‬

‫حكاية الشاعر‬ ‫وغواية الشعر‬

‫خالد قماش‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫في قرية جنوبية تلوذ بأشجار اللوز ورائحة الحبق‪،‬‬ ‫تذكر أمي أن عالمات الطلق أ‬ ‫الولى جاءتها وهي‬ ‫ُ‬ ‫تستسقي من بئر(القطعة)‪ .‬وبينما (الدلو) يتفايض‬ ‫بالماء كان مولود برج (الحوت) يتهيأ للخروج إلى‬ ‫الداخل أو للدخول إلى الخارج ال فرق‪ ،‬فالنتيجة‬ ‫واحدة‪ ..‬عادت أمي وجاءها المخاض إلى جذع‬ ‫(الزافر)‪ ،‬عمود من شجر العرعر يسند سقف البيت‪،‬‬ ‫وبقرب‪( ‬الملة) كانت والدتي‪ ..‬والملة حفرة دائرية غير‬ ‫تترمد‬ ‫عميقة توقد فيها النار من شدة برد الجنوب‪ّ ،‬‬ ‫فيها النار أ‬ ‫والحالم معاً‪ ..‬كان ذلك في الخامس من‬ ‫مارس ‪1971‬م‪.‬‬ ‫عشت طفولة ممزقة جغرافياً متوترة اجتماعياً‪.‬‬ ‫انتقلت مع أ‬ ‫السرة الصغيرة إلى تبوك ثم النماص ثم‬ ‫نجران ثم الجنوب ثم الطائف‪ .‬وطاب القرار في واد‬ ‫غير ذي شعر في مكة المكرمة‪.‬‬ ‫والحب والغناء‬ ‫كل تلك الفضاءات المشحونة بالضوء ُ‬ ‫والفقد‪ ،‬في بدايات الصبا بدأ الشاعر ينمو في‬ ‫عروقي ويتمدد في شراييني‪ ،‬وكتبت وارتكبت أول‬ ‫نص أو نصل عبر خاصرة الورق أ‬ ‫والرق بعد أول رفّة‬ ‫قلب‪.‬‬

‫استمع للقصائد‬ ‫بصوت الشاعر‬

‫‪www.qafilah.com‬‬

‫كنت أجيء للطائف كزائر مبهور بقشور المدينة‬ ‫وفتوة الحارة الذين يتهكمون على هذا الولد القروي‬ ‫الساذج‪ ،‬ولم أعرف أني سأغرق يوماً في سحر وعطر‬ ‫وشعر هذه المدينة الغافية في أحضان العشب‪،‬‬ ‫المتأرجحة بين أهداب الغي وأعشاب الغيم‪..‬‬ ‫الثانوية‪ ،‬مرحلة التشكّل أ‬ ‫الولى‪ ،‬حيث فتح (منهج‬ ‫النصوص) بالصف أ‬ ‫الول ثانوي نخاعي المستطيل‬ ‫الحب والغزل‪ .‬كان منهجاً شهياً‪ ..‬حيث‬ ‫على أشعار ُ‬ ‫والحب العفيف‪.‬‬ ‫شعراء المعلقات ُ‬ ‫في الطائف‪ ..‬عصر التنوير والمرحلة الجامعية وطالل‬ ‫يمول‪:‬‬ ‫مداح‪/‬صداح ّ‬ ‫مهد الغرام ومرتع الغزالن‪ /‬حيث الهوى ضرب من‬ ‫الكتمان‬ ‫جئت إلى هذه المدينة غريباً فآوتني‪ ،‬وضاال ً فهدتني‪،‬‬ ‫ومتمرداً فاحتوتني بجنونها ومجونها‪ ..‬وعائال ً فأغنتني‬ ‫بصهيل أفراسها وهديل حمائمها التي تكنس العتمة‬ ‫أستبد بي الحنين‪.‬‬ ‫كلما‬ ‫ّ‬ ‫وبسبب الغواية الشهية من الدكتور عثمان الصيني‬ ‫تهجا نبوغاً ربما‬ ‫والدكتور عالي القرشي اللذين َّ‬ ‫شعرياً أو كتابياً في سحنة هذا الفتى القروي الذي‬ ‫يعرش الشيح بين أصابعه وتخضر حقول القمح في‬ ‫ّ‬

‫حولت تخصصي من الرياضيات‬ ‫عينيه العسليتين‪ّ ،‬‬ ‫إلى اللغة العربية‪ .‬وكان ذلك في نهاية الثمانينيات‬ ‫الميالدية‪ ،‬حيث الصراع بين الحداثة والتقليد في‬ ‫أوجه‪.‬‬ ‫كانت تلك الفترة مشبعة بالهذيان والقراءة السافرة‬ ‫والكتابة المندفعة والنشر الغزير في أغلب الصحف‬ ‫والمجالت أ‬ ‫وبالخص صحف‪ :‬البالد‪ ،‬عكاظ‪ ،‬المدينة‪..‬‬ ‫وقد أفادني كثيراً تعرفي على الصديقين الشاعرين‬ ‫الحميدي الثقفي وخالد المحاميد‪ ،‬نتبادل الكتب‬ ‫ونتقاسم الشعر والجنون والصعلكة‪ ،‬شكلنا ثالثياً‬ ‫مثيراً وخالقاً‪.‬‬ ‫التقيت في مكة بالشاعر الكبير محمد‪ ‬الثبيتي‬ ‫مصادفة وهو يصرف (معاشه) في أحد البنوك‬ ‫التجارية‪ ،‬وكنت قد قرأت تجربته في دواوينه‬ ‫تقى صعباً في ديوانه‬ ‫الثالثة وقتها‪ ..‬حتى ارتقى مر ً‬ ‫التضاريس‪.‬‬ ‫وأخيراً‪ ..‬ومنذ بدأت أكتب المقالة شبه اليومية سابقاً‬ ‫في صحيفة عكاظ وحالياً في صحيفة مكة بدأت‬ ‫بتصحر الروح‪ ،‬ونضوب مناهل الشعر في‬ ‫أشعر‬ ‫ّ‬ ‫داخلي‪ ،‬وهذا يفزعني كثيراً‪ ،‬ولكن لعلها استراحة‬ ‫عاشق أضناه الركض في مضمار الحياة الطويل‪.‬‬


‫شعر خالد ّ‬ ‫قـماش‬

‫خمس تراتيل‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ين‬ ‫كالحلم ‪..‬‬ ‫وتأت�‬ ‫ِ‬ ‫ين‬ ‫ً‬ ‫بالحن�‪،‬‬ ‫مورقة‬ ‫ت‬ ‫وم� ً‬ ‫عة بالشجن ‪..‬‬ ‫غيمة من ي ن‬ ‫أن� ‪..‬‬ ‫تدلـّت عىل ٍ‬ ‫ين‬ ‫السن�!‬ ‫وممتد ًة فوق جرح‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ن‬ ‫وتأت� كالغيب ِ ‪..‬‬ ‫ي‬ ‫مكتظة ً بالذي قد يكون ‪..‬‬ ‫لنا مانرى ‪..‬‬ ‫وماال نرى ‪:‬‬ ‫«مثمراً‬ ‫بالغوايات حيناً‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وحيناً نجد ُه ‪..‬‬ ‫مسجى بعطر الظنون»!‬ ‫ّ‬

‫(‪)3‬‬ ‫ين‬ ‫وتأت� كالليل ِ ‪..‬‬ ‫أغنية ً من سهاد ‪،‬‬ ‫تذوب ُ بأنغامها شهقة ٌ ‪..‬‬ ‫ت ن‬ ‫جعة ً من نبيذ‪..‬‬ ‫شف� ّ‬ ‫ل� ي‬ ‫شهي المداد !‬ ‫ب‬ ‫وح�ا ً َّ‬ ‫فتثمل ُ بالشعر ِ سكرى ‪..‬‬ ‫تـُر ّد ُد أهزوجة ً للنسا ْء ‪:‬‬ ‫«أيا امرأة ً‪..‬‬ ‫ف‬ ‫ال شبيهَ لها ي� البالد»‪!..‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫ن‬ ‫وتأت� كالصبح ِ ‪..‬‬ ‫ي‬ ‫عصفورة ً من شجن ‪،‬‬ ‫و(ف�وز) نصل ٌ بخارصة الشمس ِ ‪..‬‬ ‫ي‬ ‫نز‬ ‫ت�ف ورداً‪..‬‬ ‫وأنشودة ً للوطن ‪!..‬‬

‫(‪)5‬‬ ‫ين‬ ‫وتأت� كالشعر ِ‪..‬‬ ‫مفعمة ً بالقلق ‪..‬‬ ‫شجي ‪،‬‬ ‫نص‬ ‫كأنك ِ ٌّ‬ ‫ٌّ‬ ‫عىل حفنة ٍ من ورق !‬ ‫عل ‪،‬‬ ‫كأنك ٌّ‬ ‫وحي ي ٌّ‬ ‫وقديسة ٌ من ألق !‬ ‫كأنك ٌ ت‬ ‫ع� ‪/‬‬ ‫موج ي ٌّ‬ ‫قص ‪/‬‬ ‫‪..... ... ..........‬‬ ‫ي ٌّ‬ ‫ندي‬ ‫‪ٌّ ...... .......... .... ..........‬‬ ‫ي ن ن ت‬ ‫مو� البعيييييييييد ‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫يخ� ي� يب� ي‬ ‫ن‬ ‫وب� ا لــ ‪..‬‬ ‫ي‬ ‫‪ .... ..........‬غ‬ ‫‪ ...... .......... ..........‬ر‬ ‫‪ ......... .......... .......... ..........‬ق !‬

‫في رثاء فارس عربي‬ ‫ق ّبـل يديه ‪ ..‬‬ ‫فإن يل روحا ً‬ ‫ت� بطينها وجعا شفيف‬ ‫ن زّ‬ ‫لم تبتسم اال له ‪ ..‬‬ ‫وما بكت إال عليه!‬ ‫‪ ****** ‬‬ ‫ق ّبـل يديه ‪..‬‬ ‫‪ ‬فإن يل عينا ً‬ ‫تحدق ف ي� الورى ‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬فال ترى‪ ‬‬ ‫أ‬ ‫الغماءة الوىل ‪..‬‬ ‫إال سديما ً خالط إ‬

‫ف‬ ‫صحونا� غيمتيه !‬ ‫وعـتـّـق‬ ‫ي‬ ‫******‬ ‫ق ّبـل يديه ‪..‬‬ ‫فإن ب ي� شعراً‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫عرو� خاشعا ً‬ ‫تشـكـّل ي� ي‬ ‫صىل صالة القهر ‪..‬‬ ‫قبل أوانه‬ ‫الص� ‪..‬‬ ‫صىل صالة ب‬ ‫ين‬ ‫ح� أوانه‬ ‫الح� ‪..‬‬ ‫صىل صالة ب‬ ‫بعد أوانه‬

‫ورتـّل ما ت ّيرس‬ ‫وردة‪..‬‬ ‫من شظايا ٍ‬ ‫ف ي� وجنتيه !‬ ‫******‬ ‫قبـّل يديه‪..‬‬ ‫فما يزال بغصنه‬ ‫ولها ً لعصفور ٍتغنـّى‪..‬‬ ‫أو نقل ‪ :‬قلبا ً تمنـّى‬ ‫أو نقل ‪ :‬جرحاً تدلـّى‬ ‫فاتنا ً من مــقـلــــتـــيـــه!‬


‫‪75 | 74‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫ذاكرة القافلة‬

‫فن كتابة‬ ‫ِّ‬ ‫الس َي ْر‬ ‫في عدد القافلة لشهر أغسطس‬ ‫عام ‪1960‬م‪ ،‬كتب أ‬ ‫الستاذ‬ ‫محمد عبدهللا عنان مقالة حول‬ ‫مكانة السير في أ‬ ‫الدب العربي‪،‬‬ ‫ِّ َ‬ ‫آ‬ ‫واستعرض تاريخها وقارنها بما هي عليه في الداب‬ ‫الغربية‪ .‬وفيما يأتي مقتطفات من أبرز ما جاء‬ ‫فيها‪:‬‬ ‫أ‬ ‫السير منذ عصر‬ ‫فطن َّ‬ ‫رواد الدب العربي إلى أهمية ِّ‬ ‫الس َير منذ عصر السيرة النبوية حتى‬ ‫وتطورت‬ ‫مبكر‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫غدت فنا رفيعاً‪ ،‬يستكمل كل أصوله الفنية والدبية‪.‬‬ ‫ومنذ القرن الثاني للهجرة (القرن الثامن الميالدي)‬ ‫بالسير والتراجم‬ ‫يُعنى الرواة والمؤرخون المسلمون ِّ‬ ‫الفردية‪ .‬وقد لبثت تراجم العظماء والخاصة حتى‬ ‫تمل فراغاً كبيراً في آ‬ ‫الخير‪ ،‬أ‬ ‫العصر أ‬ ‫الداب التاريخية‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫وإن كان مما يدعو إلى أ‬ ‫السف أنه وقف عند المستوى‬ ‫الكالسيكي‪ ،‬الذي انتهى إليه في عصر الركود واالنحالل‪،‬‬ ‫ولم يكتسب تلك أ‬ ‫الوضاع العلمية المصقولة‪ ،‬التي‬ ‫آ‬ ‫السير في الداب الحديثة‪.‬‬ ‫انتهى إليها فن ِّ‬ ‫فقد بلغ فن التراجم ذروة ازدهاره في القرنين الثامن‬ ‫والتاسع من الهجرة‪ ،‬وظهرت في تلك الفترة طائفة‬ ‫كبيرة من الموسوعات الحليلة والسير الخاصة‪،‬‬ ‫وخصت كل طائفة‬ ‫وخص كل عصر وكل قرن بأعالمه‪ّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫بأقطابها فيما يسمى كتب الطبقات‪ .‬ونستطيع أن‬ ‫نذكر من آثار هذه الفترة كتاب «أعيان العصر وأعوان‬ ‫النصر» لصالح الدين الصفدي المتوفى سنة ‪764‬هـ‪،‬‬ ‫وهو موسوعة كبيرة في تراجم أ‬ ‫العالم المعاصرين‪،‬‬ ‫لم يصلنا منها سوى بضعة مجلدات‪ .‬وللصفدي‬ ‫أيضاً كتاب «الوافي بالوفيات» وهو موسوعة عام‬ ‫في تراجم أعالم أ‬ ‫المم إالسالمية من سائر الطبقات‬ ‫والطوائف منذ الصحابة إلى عصره‪ ،‬ولم يصلنا منها‬ ‫أيضاً سوى بضعة مجلدات‪ ،‬وقد ذيل عليها مؤرخ‬ ‫مصر‪ ،‬أبو المحاسن بن ثغرى بردى بمعجمه «المنهل‬

‫الصافي‪ ،‬والمستوفى بعد الوافي» في تراجم أ‬ ‫العالم‬ ‫منذ القرن السابع إلى عصره‪ ،‬أي إلى منتصف القرن‬ ‫التاسع‪ .‬ولدينا منذ القرن الثامن سلسلة متصلة من‬ ‫السير‪ ،‬يختص كل منها بقرنه‪ ،‬وهي على‬ ‫معاجم ِّ‬ ‫التوالي‪ :‬كتاب «الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة»‪،‬‬ ‫لحافظ ابن حجر‪ ،‬ثم «الضوء الالمع في أعياد القرن‬ ‫التاسع» لشمس الدين السخاوي‪ ،‬وهو من أنفس‬ ‫معاجم الترجمة وأقواها من الوجهة النقدية‪ ،‬ثم‬ ‫كتاب «الكواكب السائرة بمناقب أعيان المائة العاشرة»‬ ‫لنجم الدين الغزي‪ ،‬ثم «خالصة أ‬ ‫الثر في أعيان القرن‬ ‫الحادي عشر» للمحبي الحموي‪ ،‬ثم «سلك الدرر في‬ ‫أعيان القرن الثاني عشر» ألبي الفضل المرادي‪.‬‬ ‫السالمي‪،‬‬ ‫السير يزدهر كذلك في الغرب إ‬ ‫ونجد فن ِّ‬ ‫أ‬ ‫أي في المغرب والندلس‪ ،‬ونكتفي بأن نذكر من‬ ‫ذلك على سبيل المثال‪ ،‬جذوة المقتبس للحميدي‪،‬‬ ‫والصلة البن بشكوال‪ ،‬وتكملة الصلة والحلة السيراء‬ ‫البن أ‬ ‫البار القضاعي‪ ،‬وبغية الملتمس للضبي‪،‬‬ ‫والحاطة البن الخطيب‪،‬‬ ‫والذخيرة البن بسام‪ ،‬إ‬ ‫والتكملة البن عبدالملك المراكشي‪.‬‬ ‫أ‬ ‫السير المعروفة‬ ‫بيد‬ ‫أننا مع السف‪ ،‬ال نجد في تراث ِّ‬ ‫أ‬ ‫في الدب العربي‪ ،‬على ضخامته وتنوعه‪ ،‬ما يضارع‬ ‫آثار السير الحديثة‪ ،‬في آ‬ ‫الداب الغربية‪ .‬ففي الوقت‬ ‫الذي ركدت فيه آ‬ ‫الداب الغربية‪ ،‬منذ خاتمة العصور‬ ‫الداب أ‬ ‫الوسطى‪ ،‬كانت آ‬ ‫الوروبية‪ ،‬منذ عصر النهضة‬ ‫أو عصر أ‬ ‫الحياء‪ ،‬تسير قدماً في سبيل التقدم‬ ‫واالزدهار‪ .‬وتستكمل أسباب تنوعها وصقلها‪ ،‬سواء‬ ‫من حيث المادة أو أ‬ ‫السلوب‪ ،‬وقد انتهت فيها كتابة‬ ‫بالخص إلى ذروة االكتمال أ‬ ‫السير أ‬ ‫الدبي والفني‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫أ‬ ‫السير‪ ،‬مع أرفع فنون الدب‪ ،‬التي تبرز في‬ ‫وأضحت‬ ‫ِّ‬ ‫الذهان أ‬ ‫ميدانها ألمع أ‬ ‫والقالم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫كامال‬ ‫تصفح المقال‬

‫‪www.qafilah.com‬‬


‫من المختبر إلى المحترف‬

‫أجرى الحوار‪ :‬حامد سليمان‬ ‫تصوير‪ :‬ماجد المالكي‬

‫فرشاة وإزميل‬

‫أحمد ماطر‬

‫إذا كانت هذه‬ ‫الزاوية في القافلة‬ ‫مخصصة لمحاورة‬ ‫فنان في محترفه‪،‬‬ ‫فما وجدناه حين‬ ‫وصلنا لمقابلة‬ ‫أحمد ماطر لم نكن‬ ‫ّ‬ ‫نتوقعه‪.‬‬


‫‪77 | 76‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫المفارقة َت ِسم‬

‫أعمالي‪ ،‬وكأنها‬ ‫ال تفارقها‪!..‬‬

‫حين انتقل أحمد من أبها إلى‬ ‫جدة منذ حوالي ثالث سنوات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يتحدث عن إنشاء محترف‪،‬‬ ‫وكان ّ‬ ‫مجرد انتقال من‬ ‫أنه‬ ‫كان الظن‬ ‫ّ‬ ‫أبها إلى هنا‪ ،‬حامال ً ما قد أسسه‬ ‫هناك ليكمل المشوار نفسه‪ .‬لكن اتضح آ‬ ‫الن أنه‬ ‫أكثر من انتقال‪ ،‬بل نقلة‪ ،‬وليس نقلة واحدة بل‬ ‫نقلتان‪ .‬فالمكان الذي استقبلنا عند مدخله ليس‬ ‫نحات‪ ،‬أو حتى متعدد‬ ‫محترفاً مستقراً لرسام أو َّ‬ ‫االهتمامات‪ ،‬كما هو أحمد ماطر‪ ،‬بل هو مكان‬ ‫ال يبدو فيه شيء على استقرار سوى المكتبة التي‬ ‫أ‬ ‫تمل جداراً كامالً‪ .‬فيما عدا ذلك صناديق تصوير‬ ‫فوتوغرافي بعضها فوق البعض‪ .‬أدوات الرسم‬ ‫ليس لها وجود‪ ،‬وشرح أحمد أنه رفعها إلى الدور‬ ‫أ‬ ‫العلى ريثما تنتهي إعادة هيكلة المكان للمشروع‬ ‫الجديد‪ .‬جدار عليه صفحات صحف ُصفر قديمة‪،‬‬ ‫جدران بيض غير مكتملة المعالم تنتظر أعماال ً‬ ‫فنية‪.‬‬

‫فما هي الحكاية وأين نحن‬ ‫بالضبط يا ترى؟‬

‫كان معه عند الباب شابان عرفنا أن أحدهما مصمم‬ ‫فني آ‬ ‫والخر سينمائي‪ .‬وعندما أوضحنا له أن طبيعة‬ ‫هذه المقابالت هي حوار مع محترف الفنان أكثر‬ ‫منها حوار مع الفنان‪ ،‬ابتسم وكان ذلك هو بالنسبة‬ ‫له غب الطلب‪ ،‬ألنه يريد أن يشرح ما هو عازم عليه‬ ‫مع زمالئه‪ .‬قال‪« :‬وصلت إلى اقتناع دفعني بعيداً‬ ‫عن الفنان القابع منعزال ً في مرسمه‪ .‬ال أسعى إلى‬ ‫فنان ينفعل بالمجتمع فقط‪ ،‬بل فنان يفعل به»‪.‬‬ ‫ما نقوم بإنشائه هنا ليس محترفاً لفنان‪ ،‬بل‬ ‫هو مكان للمشاركة أ‬ ‫بالفكار والعمل الفني‪ .‬فيه‬ ‫مكتبة‪ ،‬وغرفة تظهير أفالم تقليدية ‪dark room‬‬ ‫ومختبر واستديو تصوير‪ .‬إنه مساحة مفتوحة‬ ‫لتبادل أ‬ ‫الفكار والتفاعل الثقافي إنه مقهى فكري‬ ‫سمه ما شئت‪.‬‬ ‫وصالون فني ومجلس ثقافي‪ّ .‬‬ ‫نحن نخلق هنا ما يسمى «حاوية تفكير» (‪think‬‬ ‫‪ .)tank‬‬

‫مغادرة أبها كانت مغادرتين‪ ‬‬

‫أحمد ماطر الذي غادر أبها‪ ،‬غادر في الحقيقة مدينة‬ ‫ومهنة في ٍآن معاً‪ .‬كان ذاك المنعطف هو آخر صلة‬ ‫له بمهنة الطب‪ ،‬التي مارسها في المستشفى هناك‬ ‫طوال سنين‪ .‬وخالل تلك المدة لم يكن أثر المهنة‬ ‫النساني‬ ‫على فنه من خالل المنحى االجتماعي أو إ‬ ‫غير المباشر‪ ،‬بل كان لها تجسيدات مباشرة جداً‪.‬‬ ‫وبينما أخذ أحمد الطبيب الناشئ‪ ،‬يُعرف بأعماله‬


‫أحمد ماطر في سطور‬

‫الفوتوجرافية لطبيعة عسير (نشرت القافلة له في‬ ‫حينه فاصال ً مصوراً مكرساً لسحر‪ ‬طريق الهدا)‪،‬‬ ‫أ‬ ‫الفنية الخالبة‬ ‫ظهرت له فجأة مجموعة من العمال ّ‬ ‫والغريبة في ٍآن معاً‪ ،‬فيها استخدام واسع‪ ‬لصور‬ ‫أشعة إكس بشكل مفاجئ‪ .‬وحين حملها إلى لندن‬ ‫ّ‬ ‫كانت أول ما لفت نظر أ‬ ‫الوساط الفنية العالمية إلى‬ ‫ّ‬ ‫موهبته‪ .‬‬ ‫وكأن المختبر الطبي كان أول محترفاته الفنية‪.‬‬ ‫واستمرت تنويعاته على صور أشعة إكس تمثل‬ ‫إحدى عالمات ف ّنه المميزة‪ ،‬حتى يومنا هذا‬ ‫على الرغم من ابتعاده عن أروقة المستشفيات‬ ‫ومختبرات أ‬ ‫الشعة‪.‬‬

‫ •ولد أحمد ماطر عسيري بمدينة تبوك عام ‪1979‬م‪.‬‬ ‫ •نشأ متأثراً برسوم والدته للمنازل العسيرية الشعبية برجال ألمع‪.‬‬ ‫ •بدأ نشاطه الفني برفقة عدد من أصدقائه على مجموعة «شتا» عام‬ ‫‪2004‬م‪.‬‬ ‫وتخرج في جامعة الملك‬ ‫الفن‬ ‫عن‬ ‫يكون‬ ‫ما‬ ‫أبعد‬ ‫وهو‬ ‫‪،‬‬ ‫الطب‬ ‫ •درس‬ ‫ّ‬ ‫خالد بدرجة البكالريوس عام ‪2006‬م‪.‬‬ ‫قدم أعماله المستوحاة من مزيج الموروث الشعبي والفن المعاصر‬ ‫ • َّ‬ ‫ً‬ ‫ •يستخدم عددا غير محدود من المواد المختلفة في تقديم أعماله‪،‬‬ ‫بدءاً من أ‬ ‫اللوان‪ ،‬الصور الفوتغرافية‪ ،‬الخط و الرسم مروراً بالفديو‬ ‫و الشاشات ‪ ،‬وانتها ًء ببعض الخامات الغريبة مثل قطع البالستيك‬ ‫لحشو البنادق وبرادة الحديد حول المغناطيس‪.‬‬ ‫ •كان له دور كبير في برنامج «‪ »edge of arabia‬بين دبي والمملكة‬ ‫ونشر له كتاب لقى رواجاً واسعاً هو «البقرة الصفراء»‪.‬‬ ‫ •شارك في عدد من المعارض مطلع أ‬ ‫ً‬ ‫اللفية تشمل بلدانا عدة مثل‪:‬‬ ‫الشارقة ‪ ،2007‬البندقية ‪ ،2009‬لندن ‪ ،2010‬ميامي ‪ ،1011‬قرطاج‬ ‫واليابان ‪ ..2012‬وعدد كبير من مناطق المملكة على مدار سنوات‬ ‫نشاطه‪ ،‬وحتى آ‬ ‫الن‪.‬‬

‫وهو يقول متذكراً أول ما جذبه إلى فيلم أشعة‬ ‫إكس‪ ،‬وهو كمادة ليس غريباً عن الفيلم الفوتوجرافي‬ ‫الذي كان قد بدأ يختفي في ذلك الوقت‪« :‬أرى أن‬ ‫أ‬ ‫يعبر من كونه موقعاً تشخيصياً محدداً‬ ‫فيلم ال ّ‬ ‫شعة ُ‬ ‫إلنسان محدد‪ ،‬الى كونه موقعاً تشخيصياً أوسع‬ ‫للحياة‪ .‬وهذه نقلة بسيطة لكن لها معنى كبيرا‪ .‬وهذا‬ ‫هو وجه الجمال الذي لفتني»‪ .‬ويتذكّر تلك الحقبة‬ ‫فيقول‪« :‬كنت أعيش حياة مزدوجة‪ .‬حياة فيها هذه‬ ‫المفارقة‪ .‬الطب علم عظيم»‪.‬‬ ‫وليس مجرد علم في البحث‪ ،‬وال هو علم للخيال‪.‬‬ ‫فيه االثنان‪ .‬وهذه المفارقة تسم فني‪ .‬وهكذا فإن‬ ‫أعمالي تميل إلى التعاكس أو «الكونتراست» بدل‬


‫‪79 | 78‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫ً‬ ‫بعيدا عن‬ ‫وصلت إلى اقتناع دفعني‬ ‫ً‬ ‫منعزال في مرسمه‪ .‬ال‬ ‫الفنان القابع‬ ‫أسعى إلى فنان ينفعل بالمجتمع فقط‪،‬‬ ‫بل فنان يفعل به‪.‬‬ ‫االنسجام والوئام‪ .‬وأعطاني الطب أيضاً النزوع‬ ‫إلى إعادة تكوين أ‬ ‫الشياء‪ .‬الفن التشريحي‪ ،‬إذا جاز‬ ‫التعبير‪ .‬من هنا يخرج العمل الفني فيه إعادة تكوين‬ ‫‪ .reconstruction‬والمفارقة تسم أعمالي‪ ،‬وكأنها ال‬ ‫تفارقها»‪.‬‬ ‫وهكذا انتقل أحمد ماطر من مختبر المستشفى‪ ،‬إلى‬ ‫مرسم أبهى‪ ،‬إلى محترف جدة‪.‬‬ ‫ويقول إنه إلى جانب إدراكه تأثير الطب‪ ،‬أدرك‬ ‫أيضاً تأثير الريف‪ .‬القرية‪ .‬وهو يشعر بعد انتقاله‬ ‫أ‬ ‫تغيرت عليه‪ ،‬وأن القرية‬ ‫إلى المدينة أن الجواء قد ّ‬ ‫ال تزال تعيش في داخله‪.‬‬

‫وهو يودعنا أشار إلى أعمال تُعد‬ ‫تنويعات على رواشين الحجاز‬ ‫من خشب كان تالفاً‪ ،‬فشكلوا‬ ‫منه جداراً وكأنه كتالوج ألنماط‬ ‫الرواشين لمن يرغب‪.‬‬

‫في جدة أمنعطف ضد العزلة‬

‫خالل المرحلة الولى من وجوده في جدة تابع‬ ‫أحمد ماطر النشاطين الرئيسين في إنتاجه الفني‪.‬‬ ‫البداعي المحض‪ ،‬إلى جانب القيام بمهام‬ ‫العمل إ‬ ‫فوتوجرافية‪ .‬منها محض توثيقي وذلك بكونه فناناً‬


‫محترفاً قديراً‪ ،‬مثل قيامه بتصوير أعمال النحت التي‬ ‫يتم‪ ‬ترميمها في جدة ونقلها إلى متحف في الهواء‬ ‫الطلق‪ .‬ولكن شغفه الفوتوجرافي الرئيس كان في‬ ‫تحوالت عمرانية كبيرة‪.‬‬ ‫تصوير مكة وما تشهده من ّ‬ ‫وخالل تجواله في مكة جمع أشياء بسيطة قديمة‬ ‫وجديدة صادفها‪ ،‬من حجر قديم إلى ساعة جيب‬ ‫تقليدية إلى لوحة سيارة عالها الصدأ إلى وسام‬ ‫المشاركين في معركة جهيمان‪ .‬وقد نظمت لها هيئة‬ ‫كتيباً‬ ‫الثقافة في الشارقة معرضاً توثيقياً‪ ،‬تصدر معه ّ‬ ‫سوف يشرح كل قطعة وكأنه يروي قصة مكة من‬ ‫القدم حتى يومنا هذا‪.‬‬

‫الرحلة إلى فاران‬

‫كتاب يوثّق مكة فوتوجرافياً‪ ،‬ولكنه فني جداً‪ .‬بحث‬ ‫بصري فني معاصر للتاريخ‪ ،‬أستعمل له اسم‬ ‫«صحراء فاران»‪ .‬ألنه ثبت أن هذه الجبال التي‬ ‫تضم مكة والتي أقام إبراهيم فيها بيته هي نفسها‬ ‫جبال فاران وتسمى أ‬ ‫بالجنب ّية ‪.Paran Mountains‬‬ ‫وأنا شعرت أني جئت من الطرف الجنوبي من هذا‬ ‫الشريط الذي يسمى صحراء فاران إلى شماله كي‬ ‫أنجز هذا العمل»‪ .‬‬ ‫وأعلن لنا في الختام أنه في هذه أ‬ ‫الثناء يستعد‬ ‫الول في مركز بومبيدو في باريس آ‬ ‫لمعرضين أ‬ ‫والخر‬ ‫في «ذا نيو ميوزيم» في نيويورك‪.‬‬

‫وقبل ان يأخذنا إلى ركن عمله على الكمبيوتر خرجنا‬ ‫النشاء‬ ‫من الصالة‪ ،‬وإذ بنا في قاعة شاسعة قيد إ‬ ‫وبسقف عال‪ ،‬فهمنا أنها سوف تكون استديو‬ ‫لعلوها واتساعها‬ ‫التصوير بشكل أساسي‪ ،‬علماً بأنها ّ‬ ‫تصلح لنشاطات فنية ال حصر لها‪ .‬‬ ‫وهذا ما يجعل جدية المشروع تكتمل‪ ،‬فنحن في‬ ‫قاعة استديو احترافية بالمعنى الكامل‪ .‬‬ ‫عندما جلسنا أمام الكمبيوتر عاد ليشرح رؤيته‬ ‫لمشروعه حول مكة‪ .‬وشاهدنا على الشاشة صوراً‬ ‫بالبيض أ‬ ‫خارقة أ‬ ‫والسود أو ربما ما يسمى باللون‬ ‫أ‬ ‫الدخاني (النتراسيد) لمشاهد من مكة بعضها‬ ‫كانّه أُخذ من الجو‪ .‬وشرح قائال ً‪« :‬أنا أعمل على‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪81 | 80‬‬

‫بقلم‬

‫د‪ .‬سائر بصمه جي‬ ‫ف‬ ‫و� عرصنا‪،‬‬ ‫كان قدر الشعر أن يظهر قبل أن يظهر العلم‪ .‬ي‬ ‫ف‬ ‫نقدم العلم عىل الشعر ت‬ ‫ح� ي� العناوين‪.‬‬ ‫ربما بشكل عفوي‪ِّ ،‬‬ ‫النسانية‬ ‫لقد زودنا فرجيل بنموذج لصياغة شعرية للتقانات إ‬ ‫وجب أن تكون أساسية ف ي� مجال التعليم؛ فقصائده‬ ‫ت‬ ‫تمجد السلطة الجدلية‬ ‫ال� تتحدث عن أعمال الزراعة‪ ،‬تؤلف أنشودة ِّ‬ ‫«جورجيك» ي‬ ‫أ‬ ‫للجهد المتعلق بالتقنية‪ .‬وإن التقاعس عن االعتناء بالرض وتركها لعفويتها‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫متالزم�‪.‬‬ ‫حادث�‬ ‫وفقدان التملك يؤلفان ف ي� نظره‬ ‫«العمال أ‬ ‫ومنذ عهد هزيود‪ ،‬فإن أ‬ ‫واليام» ال تحظى بلهجة شاعرية إال من أجل‬ ‫تمجيد الحياة الريفية‪ ،‬وقد كسب النشاط الزراعي امتيازاته ولعدة قرون‪ .‬وبات‬ ‫الحراث لو أنهم عرفوا‬ ‫الفالح الشخص الوحيد السعيد‪ ،‬كما يقول‪« :‬ما أسعد ّ‬ ‫ف‬ ‫خ�اتهم»‪ .‬وهكذا ظهر تقييم عمل الفالح عىل هذا النحو ي� شعر الرعاة كله‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الذي يمثل مواكبة للشعور بالطبيعة وكونه وظيفة اجتماعية ثقافية‪ ،‬إنه إعادة بناء‬ ‫(العمال أ‬ ‫أ‬ ‫واليام) بطريقة شعرية‪.‬‬ ‫درج العرب قديماً عىل تعلم الشعر وتفعيالته بالسليقة ومشافهة من بوادي‬ ‫الصحراء وواحاته‪ ،‬وما زلنا نحن اليوم عىل عهد أجدادنا‪ .‬لكننا نقلنا أ‬ ‫المر إىل‬ ‫ت‬ ‫ال� تتمكن من أن تصبح شعراء‪.‬‬ ‫مدارسنا‪ ،‬وقلة قليلة فقط هي ي‬ ‫أذكر عندما تعلَّمت بحور الشعر وأردت أن أكتب فيه‪ ،‬أحسست بالفقر المدقع من‬ ‫ذخ� ت� اللغوية‪ ،‬فرحت أعب من كتب أ‬ ‫ال ي ن‬ ‫قدم� عباً وأقرأ ليال ً ونهاراً صبحاً ومسا ًء‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ي ي‬ ‫ومع توجهي للتخصص العلمي بدأت أشعر أن أمتنا بحاجة للعلم وتطبيقاته �ف‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ن‬ ‫الحا� والمستقبل ث‬ ‫يخالج� شعور‬ ‫أك� من حاجتها للشعر‪ .‬وال شعورياً‪ ،‬بدأ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ث‬ ‫ال�‬ ‫«بالعداء من الشعر» إذ لم يعدو ي� نظري حينذاك أك� من (تجارة بالكالم) ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫أكن للشعراء كل اح�ام وتقدير‪ ،‬فقد كنت‬ ‫لكن� كنت ُّ‬ ‫غ� من جوع‪ ،‬ي‬ ‫ال تُسمن وال تُ ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ف� من اللفاظ العذبة‪.‬‬ ‫أشعر بأنهم ِّ‬ ‫يقدمون فكرهم ورؤاهم بقالب ي‬ ‫غصت بعدها ف ي� بحور العلم وتقاناته أل ثك� من خمس ش‬ ‫وع�ين سنة؛ كتابةً وتأليفاً‬ ‫وصغ�ة‪ .‬طوال هذه ت‬ ‫وترجمةً وأبحاثاً ت‬ ‫واخ�اعاً ش‬ ‫الف�ة وأنا‬ ‫كب�ة‬ ‫ي‬ ‫وم�وعات علمية ي‬ ‫الداخل‪ ،‬أنظر للخارج للطبيعة وللتقدم والتطور العلمي‬ ‫مبتعد عن عالمي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫هاجس‬ ‫بات‬ ‫العر�‪ ،‬الذي‬ ‫وديد�‪.‬‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وما إن وجهت منظاري لنفس كإنسان ت‬ ‫ح� اختلفت الرؤية‪ ،‬كنت أشعر أن هناك‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫البداع الذي ال يُقاس بالجهزة وال بالمقاييس‪،‬‬ ‫شيئاً ما‬ ‫يدفع� إىل نوع آخر من إ‬ ‫ي‬ ‫بدأت أرسم لوحات تجريدية تنتمي إىل المدرسة التكعيبية‪ .‬وبدأت أتفاوض مع‬ ‫ت‬ ‫وأطبع‬ ‫عالقا� معه لنتصالح‪ .‬فكان أن تذوقت نوعاً جديداً من الجمال‬ ‫الشعر ّ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الوجدا� الذي لم أجده ف ي� كتب العلم ومعادالت الرياضيات والتصاميم‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� ربما لها جماليتها الخاصة‪ ،‬لكنها بالتأكيد تختلف عن جماليات‬ ‫الهندسية‪ ،‬ي‬ ‫ن‬ ‫مع� الصورة الشعرية‪.‬‬

‫‪shutterstock‬‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫تجربتي‬ ‫في العلم والشعر‬

‫بدأت أفهم ظاهرة «الطبيب الشاعر» بشكل أفضل؛ فمع أن أ‬ ‫الطباء يسيطر‬ ‫ف‬ ‫عىل عقولهم الجانب العلمي‪ ،‬إال أنهم يلتقون مع وجدانيات الشعر ي� الحس‬ ‫إ ن‬ ‫نسا�‪.‬‬ ‫ال ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت ن‬ ‫ي�‪ ،‬سواء‬ ‫ع� بها عن الواقع‬ ‫لقد التمست ي� الشعر حاجة ل ب ِّ‬ ‫ي‬ ‫الداخل الذي يع� ي‬ ‫ف‬ ‫ف ي� طقوس الحب والكراهية‪ ،‬أو ي� نوبات الغضب واالنفعال‪ ،‬ووجدت الحقيقة‬ ‫نجل�ي أ‪ .‬ريتشاردز‪ :‬بأن هذه أ‬ ‫ت‬ ‫ال ي ز‬ ‫الشياء ال يمكن الحكم عليها‬ ‫ال� تناولها الشاعر إ‬ ‫ي‬ ‫بأساليب المجهر والتلسكوب وأنبوب االختبار‪.‬‬ ‫طبعاً قد نُدهش عندما نرى عوالم ال يمكننا رؤيتها إال بوساطة المجهر أو‬ ‫ت‬ ‫ال� تبقى عىل مر الزمن‪.‬‬ ‫التلسكوب‪ ،‬إال أن للشعر إثارته ي‬ ‫بعد خوض التجربة الجديدة مع الشعر أحسست بالفرق‪:‬‬ ‫العلم‪ :‬يقوم عىل تعريفات وقواعد محددة بدقة‪.‬‬ ‫الشعر‪ :‬ال قواعد تضبطه‪ ،‬باستثناء الشعر التقليدي‪.‬‬ ‫العلم‪ :‬إبداعه يُ نب� عىل حقائق لينتج حقائق أخرى جديدة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫معا� وكلمات‬ ‫الشعر‪ :‬إبداعاته حرة طليقة تُ نب� عىل كلمات‬ ‫ٍ‬ ‫ومعان وصور وتنتج ي‬ ‫وصور جديدة‪.‬‬ ‫الدف� من أ‬ ‫ن‬ ‫وحقيقةً ‪ ،‬لوال الشعر لما استطعت أن أخرج الخبء ي ن‬ ‫والمعا�‬ ‫لفاظ‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ذا�‪.‬‬ ‫ال� اجتهدت عىل ترسيبها ي� أعماق ي‬ ‫والمفردات اللغوية ي‬ ‫سألت� آ‬ ‫ولو ن‬ ‫ين‬ ‫التجربت� «الشعرية والعلمية»‪ -‬عن القمر علمياً‬ ‫الن ‪-‬بعد خوض غمار‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫لقلت لك‪ :‬إنه يعادل بحجمه ربع حجم الرض‪ ،‬ويعادل ي� قطره طول أس�اليا‪،‬‬ ‫ويعادل ف� جاذبيته سدس الجاذبية أ‬ ‫الرضية‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ولو ن‬ ‫سألت� أن أصف لك الحقائق العلمية المتعلقة بالقمر شعراً لقلت لك‪:‬‬ ‫ي‬ ‫«فالة رمادية بال زهور‬ ‫ثرى وصخور‬ ‫ً‬ ‫ف� ُفلْكه حول أ‬ ‫الرض‬ ‫ي ِ​ِ‬ ‫يدور ويدور»‪.‬‬ ‫والفرق ي ن‬ ‫ال�ء ووصفه شعراً تختلف عن استخدام ش‬ ‫التعب� عن حقيقة ش‬ ‫ال�ء‬ ‫ب�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫نفسه ف ي� االستعارة كصورة فنية وجدانية‪ ،‬وأذكر هنا يأ� قلت مرةً‪:‬‬ ‫ئن‬ ‫«ل� كان شعرك أسو ٌد كظلمة الليل‬ ‫كالبدر»‪.‬‬ ‫فوجهك فيها‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫َّك� الشعر دون جلجلة أو ضجيج إعالمي‪ ،‬بوحدانية منفردة وخصوصية‬ ‫وهكذا تمل ي‬ ‫أك� من الغاوين �ف‬ ‫يتبع� الغاوون ف� العلم ث‬ ‫مطلقة‪ .‬إ ْذ ما زلت أحرص عىل أن ن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الشعر‪ .‬كما أحرص عىل أن أهيم ف ي� وديان السليكون عىل أن أهيم عىل أبواب‬ ‫القصور‪ ،‬وأن أقول وأفعل ث‬ ‫أك� من أن أقول وال أفعل‪.‬‬


‫تقرير القافلة‬

‫معـــاينة‬ ‫غـــابـــات‬ ‫األرض‬


‫‪83 | 82‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫معاينة الغابات‬

‫ً‬ ‫ّ‬ ‫جدا على مستقبل الحياة‪..‬‬ ‫تقلصها خطر‬ ‫واألمل في جهود دولية عالمية عاجلة وشاملة‬ ‫تُعيل الغابات ش‬ ‫مبا�ة ‪ 400‬مليون إنسان‪ .‬وكلما عرفنا دورها‬ ‫ف� حياتنا بدت مخاطر تدم�ها أعظم وأفدح‪ .‬فغابة أ‬ ‫المازون‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وحدها تمتص سنوياً ‪ 1.3‬جيغا طن من الكربون‪ ،‬الذي يشكو‬ ‫العالم من ارتفاع نسبته ف ي� الغالف الجوي‪ ،‬ومع ذلك يبدو أن‬ ‫القليل جداً من نداءات المحافظة عىل الغابات قد وجد بعض االستجابة‪ .‬إذ‬ ‫ف‬ ‫مث� للقلق‪ ،‬وفق‬ ‫تتعرض‬ ‫ال تزال‬ ‫للتدم� بشكل ي‬ ‫ي‬ ‫غابات بك�ى وحيوية ي� العالم َّ‬ ‫أ‬ ‫ال�يطانية استناداً‬ ‫معاينة لحوال هذه الغابات أجرتها مجلة إ‬ ‫«اليكونوميست» ب‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫يأ� أبرز ما جاء فيها‪.‬‬ ‫إىل تقارير منظمة الغذية والزراعة الدولية (فاو)‪ ،‬وفيما ي‬

‫مع انبالج نور الفجر الباكر فوق غابات أ‬ ‫المازون‬ ‫ف‬ ‫الناظريْن مشهد ساحر‬ ‫ال�ازيل‪ ،‬يمتد أمام‬ ‫ي� ب‬ ‫َ‬ ‫الكب�‬ ‫لغمامة فضية اللون‪ ،‬تغطي بحر َ‬ ‫الخضار ي‬ ‫عىل امتداده‪ ،‬فيما تستفيق أعظم جوقات‬ ‫الط� المغردة‪ ،‬ف ي� سمفونية‬ ‫العالم‪ ،‬من كل أنواع ي‬ ‫تأخذ أ‬ ‫باللباب‪.‬‬ ‫ومع أشعة الصباح أ‬ ‫الوىل تستيقظ أشجار‬ ‫الغابة‪ ،‬ويبدأ (كلوروفيل) أوراقها ف ي� أداء‬ ‫ئ‬ ‫وظيفة ت‬ ‫الضو�‪ .‬فهي تستخدم ضوء‬ ‫ال�كيب‬ ‫ي‬ ‫النهار‪ ،‬من أجل تحليل جزيئات الماء‪ ،‬لتدمج‬ ‫ين ن‬ ‫بثا� أكسيد الكربون ف ي� الهواء‪.‬‬ ‫الهيدروج� ي‬ ‫أ‬ ‫تحولها الشجار‬ ‫ينتج من ذلك هيدرو كربونات ّ‬ ‫إىل سكريات تحتاج إليها لتتنفس وتقتات‪ .‬أما‬ ‫«النفايات» الناتجة من هذه العملية‪ ،‬فهي‪...‬‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫وكسج� الذي ينطلق ف ي� الهواء‪ .‬وهو الذي‬ ‫ال‬ ‫ت‬ ‫ال� نشاهدها ف ي� الغمام الذي‬ ‫يرفع الرطوبة ي‬ ‫يغطي الغابات االستوائية‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ثا� أكسيد الكربون‪ ،‬ويبث‬ ‫الشجر‬ ‫يمتص إذن ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫وكسج� ي� الهواء‪ .‬تلك أمور كانت معروفة‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫عىل القل منذ سنة ‪1774‬م ي ن‬ ‫ح� اكتشف‬ ‫الكيميا� ب ن‬ ‫ئ‬ ‫بريستل أن فأراً‬ ‫يطا� جوزف‬ ‫ال� ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫انحبس تحت وعاء مقلوب شبيه بالجرس‪ ،‬لم‬ ‫يمت مختنقاً‪ ،‬ألن نبتة نعناع محبوسة معه كانت‬ ‫تمده أ‬ ‫ين‬ ‫وكسج�‪ .‬وعىل الرغم من معرفتنا هذه‪،‬‬ ‫بال‬ ‫ّ‬ ‫مقدرين كما يجب هذا الدور‬ ‫فإننا ال نبدو بعد ّ‬ ‫الذي يلعبه الشجر ف� جعل الكرة أ‬ ‫الرضية مكاناً‬ ‫ي‬ ‫سابقت�‪ ،‬ي ن‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫ح� كان‬ ‫حقبت�‬ ‫جيداً للعيش‪ .‬ففي‬ ‫جو الكرة أ‬ ‫الرضية يحتوي عىل نسبة عالية جداً‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الكربو�‬ ‫ثا� أكسيد الكربون‪ ،‬هما العرص‬ ‫ي‬ ‫من ي‬ ‫(‪ )carboniferous‬الذي بدأ قبل ‪ 350‬مليون سنة‪،‬‬ ‫الطباش�ي (‪ )cretaceous‬الذي بدأ قبل‬ ‫والعرص‬ ‫ي‬


‫أسهم اإلنسان منذ نحو‬ ‫‪ ١0,000‬سنة في قطع‬ ‫الغابات وحرقها‪ ،‬من‬ ‫أجل األرض الزراعية أو‬ ‫وقود الخشب‪..‬‬ ‫ن‬ ‫ثا� أكسيد‬ ‫‪ 150‬مليون سنة‪ ،‬انخفضت نسبة ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تمتصه‪.‬‬ ‫الكربون‪ ،‬بفضل ازدهار الغابات ي‬

‫احتساب الكربون‬

‫يعد القضاء عىل مساحات ت ز‬ ‫م�ايدة من الغابات‬ ‫ّ‬ ‫يقدرون أن نصف وزن‬ ‫فكرة سيئة‪ .‬فالعلماء ّ‬ ‫أ‬ ‫مكون من كربون مخزون‪،‬‬ ‫الشجار الجافة تقريباً‪ّ ،‬‬ ‫وح� تتلف الشجرة‪ ،‬أو ي ن‬ ‫ين‬ ‫ح� نحرقها‪ ،‬يتحرر‬ ‫من جديد معظم هذا الكربون‪ .‬وقد أسهم‬ ‫النسان‪ ،‬منذ نحو ‪ 10,000‬سنة ف ي� قطع الغابات‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫وحرقها‪ ،‬من أجل الرض الزراعية أو وقود‬ ‫النسان نصف المساحة‬ ‫جرد إ‬ ‫الخشب‪ .‬وبذلك ّ‬ ‫ت‬ ‫ال� كانت تكسوها الغابات‪ .‬وثمة تقدير أن‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫الما�‪،‬‬ ‫ستينيات القرن الميالدي‬ ‫النسان‪ ،‬ح�‬ ‫إ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫جراء‬ ‫تسبب ي� معظم زيادة بث الكربون‪ ،‬من َّ‬ ‫السهام‪،‬‬ ‫قطعه الغابات‪ .‬وبلغت حصة هذا إ‬ ‫زيادة نسبتها ي ن‬ ‫ب� ‪ 15‬و‪ %17‬من الغازات‪ ،‬أي‬ ‫ث‬ ‫أك� مما فعلت كل السفن والسيارات والقطارات‬ ‫ف‬ ‫والطائرات ي� العالم‪.‬‬ ‫لكن هذه أ‬ ‫الرقام تقلل ف ي� الواقع من أثر قطع‬ ‫الغابات‪ .‬ذلك أن ثمة أدلة علمية ت ز‬ ‫م�ايدة‪ ،‬عىل‬ ‫أك� من الغابات �ف‬ ‫أن الغابات االستوائية‪ ،‬ث‬ ‫ي‬ ‫المناطق أ‬ ‫الكربون �ف‬ ‫الخرى‪ ،‬تستغل فرصة ازدياد‬ ‫ي‬ ‫الجو‪ ،‬ت ز‬ ‫ل�يد هي امتصاصها هذا الكربون‪ .‬وهذه‬ ‫ن‬ ‫الكربو�» (‪carbon‬‬ ‫تسمى‪« :‬التسميد‬ ‫عملية ّ‬ ‫ي‬ ‫ويقدر وزن ما تمتصه غابة‬ ‫‪ّ .)fertilisation‬‬ ‫أ‬ ‫المط�ة‪ ،‬من كربون «زائد»‪ ،‬بنحو ‪1,3‬‬ ‫المازون‬ ‫ي‬ ‫جيغاطن ف ي� السنة‪ ،‬أي ما يساوي تقريباً مقدار‬ ‫الغازات الزائدة بفعل قطع أ‬ ‫الشجار ف ي� السنة‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� تحفز عىل حماية‬ ‫هذه واحدة من النواحي ي‬ ‫الغابات‪ .‬لكن ثمة نواحي أخرى‪ .‬فالغابات تؤوي‬

‫ث‬ ‫والعصاف�‬ ‫أك� من نصف أنواع الحيوانات‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫و� غابة المازون التنوع‬ ‫والح�ات ي� العالم‪ .‬ي‬ ‫ف‬ ‫البيولوجي مذهل‪ .‬ت‬ ‫فح� ي� سواقيها وجداولها‬ ‫والعصاف�‬ ‫الصغ�ة نجد أنواعاً فريدة من القردة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫والمخلوقات من كل صنف‪ .‬والغابات هي‬ ‫الطعمة أ‬ ‫مصدر معظم أنواع أ‬ ‫والدوية الحديثة‪.‬‬ ‫وهي تعيل نحو ‪ 400‬مليون نسمة من أفقر‬ ‫شعوب الدنيا‪ .‬وكلما اكتشف العالم حقيقة دور‬ ‫الغابات‪ ،‬بدت مخاطر قطعها أعظم وأفدح‪.‬‬

‫مصدر أ‬ ‫المطار‬

‫تنظم الغابات دفق الماء‪ ،‬وتضبط مخاطر‬ ‫الفيضان والجفاف‪ .‬هذه أمور كانت معروفة‬ ‫منذ أقدم العصور‪ .‬وكان أ‬ ‫القدمون يعرفون أن‬ ‫الغابات تزيد من هطول المطر‪ ،‬وأما قطعها‬ ‫فيقلصه‪ .‬ويؤدي قطع أ‬ ‫الشجار إىل تقليص‬ ‫إنتاج أ‬ ‫ين‬ ‫وكسج� وبخار الماء‪ .‬وهذا يقود إىل‬ ‫ال‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫المط�ة‪،‬‬ ‫و� حال غابة المازون‬ ‫ي‬ ‫قلة المطر‪ .‬ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫نجد أن أثرها هائل ي� المناطق الزراعية ي� كال‬ ‫ت� أ‬ ‫ين‬ ‫القار ي ن‬ ‫ال�ازيل‪،‬‬ ‫ال‬ ‫مريكيت�‪ .‬ففي جنوب ب‬ ‫أ‬ ‫وشمال ال ي ن‬ ‫رجنت� والباراغواي‪ ،‬تعتمد رطوبة‬ ‫الرياح أ‬ ‫المط�ة‪ .‬هذه الرياح‬ ‫الطلسية عىل الغابة‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫طلس‪ ،‬وتتشبع‬ ‫ال�ازيل‬ ‫تدخل ب‬ ‫من المحيط ال ي‬ ‫رطوبة من غابة أ‬ ‫المازون‪ ،‬ثم تنحرف جنوباً بفعل‬ ‫اصطدامها بجبال أ‬ ‫النديز‪ ،‬حاملة معها المطر‬ ‫أ‬ ‫الغزير‪ .‬وثمة أدلة أيضاً عىل أن الغرب الوسط‬ ‫ف ي� الواليات المتحدة يستمد ماءه من المصدر‬ ‫نفسه‪ ،‬غابة أ‬ ‫المازون‪ ،‬بفضل الرياح المتجهة‬ ‫منها شماالً‪.‬‬ ‫ويقول باحثان روسيان‪ ،‬هما فكتور غورشكوف‬ ‫وأناستازيا ماكارييفا‪ ،‬إن الغابات‪ ،‬ال الحرارة‪ ،‬هي‬ ‫أ‬ ‫ساس‪ .‬وقد بنيا نظريتهما هذه‬ ‫جالب الرياح ال ي‬

‫يتحول‬ ‫عىل أن الضغط الجوي ينخفض عندما ّ‬ ‫ن‬ ‫يع� أن النظام‬ ‫الماء من بخار إىل مطر‪ ،‬وهذا ي‬ ‫ئ‬ ‫البي� الذي يُ ش ئ‬ ‫ن� المطر‪ ،‬يُحدث أيضاً الرياح‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� يسقيها‪.‬‬ ‫ال� تدفع هذا المطر إىل المناطق ي‬ ‫ي‬ ‫وإذن فاختالل هذا النظام‪ ،‬قد يؤدي إىل عواقب‬ ‫أخطر مما يُظَن‪.‬‬ ‫هذه النظرية أحدثت جدال ً ف ي� محافل العلماء‬ ‫ين‬ ‫الغربي�‪ ،‬منذ شن� المقالة ت ش‬ ‫� َحتها‪ ،‬ف ي� مجلة‬ ‫ي‬ ‫ال� َ َ‬ ‫«بيوساينس» (‪ ،)Bioscience‬إذ رأى البعض فيها‬ ‫شيئاً من المبالغة‪ ،‬لكن آخرين أكدوا أنها تعزز‬ ‫ئ‬ ‫الما�‬ ‫القول إن حماية الغابات‪ ،‬عىل الصعيد ي‬ ‫وحده‪ ،‬أمر ض�وري أيضاً‪.‬‬ ‫يدمرون الغابات‪ .‬إذ جاء ف ي�‬ ‫ومع ذلك فما ز‬ ‫الوا ّ‬ ‫أ‬ ‫أرقام المصدر الول للمعلومات عن الغابات‬ ‫ف� العالم‪ ،‬منظمة أ‬ ‫الغذية والزراعة الدولية‬ ‫ي«فاو»‪ ،‬أن ف� الكرة أ‬ ‫الرضية ال تزال ثمة ‪ 4‬مليارات‬ ‫ي‬ ‫هكتار (‪ 10‬مليارات فدان) تغطيها الغابات‪،‬‬ ‫أي ‪ %31‬من مساحة اليابسة‪ .‬لكن ثلثها فقط‬ ‫ق‬ ‫فكث� منه ف ي� حالة سيئة‪.‬‬ ‫البا� ي‬ ‫غابات ي‬ ‫مط�ة‪ .‬أما ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� يغطي‬ ‫وتص ّنف «فاو» الغابة عىل أنها الرض ي‬ ‫‪ %10‬منها فقط الشجر‪.‬‬ ‫ما يقرب من نصف الغابات الباقية لنا‪ ،‬تقع ي ن‬ ‫ب�‬ ‫مط�ة‪ ،‬وهي‬ ‫المدارين‪ ،‬ومعظم هذه غابات ي‬ ‫المعاي� أنفس وأثمن الغابات‪ .‬ويقع نحو‬ ‫بكل‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ال�ازيل‪ ،‬حيث يقع‬ ‫ثلث الغابات‬ ‫المط�ة ي� ب‬ ‫ي‬ ‫الثلثان منها ف� حوض أ‬ ‫المازون‪ .‬ويقع ُخمس‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫الغابات ي ف‬ ‫و�‬ ‫ي‬ ‫المط�ة ي� العالم ي� الكونغو ي‬


‫‪85 | 84‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫في أرقام منظمة «الفاو»‪ :‬كل سنة‬ ‫تشهد إعادة زراعة ‪ 7‬ماليين هكتار‪،‬‬ ‫ال سيما في الصين وأمريكا‪.‬‬

‫إندونيسيا‪ .‬أما المنطقة الثانية من الغابات‪ ،‬أي‬ ‫المشجرة الباقية ف ي�‬ ‫نحو ثلث مجموع المساحة‬ ‫َّ‬ ‫العالم‪ ،‬فهي ف ي� المناطق دون القطبية الشمالية‪،‬‬ ‫وتسمى «التايغا»‪ .‬ويقع معظم منطقة التايغا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ف� روسيا وإسكندينافيا وفنلندا وكندا‪ .‬و�ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫صغ� منها‪ .‬ويقع ف ي�‬ ‫الواليات المتحدة جزء ي‬ ‫المناطق المعتدلة المناخ نحو ‪ %11‬من الغابات‪،‬‬ ‫ت‬ ‫دمرت نحو‬ ‫ومعظمها ف ي� الواليات‬ ‫ال� ّ‬ ‫المتحدة‪ ،‬ي‬ ‫ف‬ ‫نصف غاباتها الشاسعة‪ ،‬ي� القرن الميالدي التاسع‬ ‫ين ت‬ ‫ش‬ ‫ع�‪ ،‬وكذلك ف ي� أوروبا‬ ‫ال� قُطعت‬ ‫والص�‪ ،‬ي‬ ‫بكث�‪ .‬فقد قطعت أوروبا نصف‬ ‫غاباتها قبل ذلك ي‬ ‫غاباتها ف� القرون الوسطى‪ .‬وتوقف القطع ي ن‬ ‫ح�‬ ‫السود بالقارة أ‬ ‫حلت كا يرثة الطاعون أ‬ ‫الوروبية‬ ‫ن ت‬ ‫سن� ‪ 1348‬و‪1350‬م‪ .‬وعادت الغابات ف ي�‬ ‫يب� ي‬ ‫آ‬ ‫المنطقة المعتدلة الن إىل النمو من جديد‪ .‬ففي‬

‫أرقام «فاو»‪ ،‬أن كل سنة تشهد إعادة زرع ‪7‬‬ ‫مالي� هكتار‪ ،‬ال سيما ف� ي ن‬ ‫ين‬ ‫الص� وأمريكا‪.‬‬ ‫ي‬

‫المشكلة ف‬ ‫المناطق االستوائية‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫آ‬

‫نس�‬ ‫ّ‬ ‫تحسن ب ي‬

‫تفاؤل مبالغ فيه‬

‫وعىل الرغم من ذلك‪ ،‬فقد كان هذا أفضل من‬ ‫السابق‪ ،‬بشكل من أ‬ ‫تسعينيات‬ ‫الشكال‪ .‬ففي‬ ‫ّ‬ ‫الع�ين‪ ،‬ي ن‬ ‫القرن ش‬ ‫النف� يُطلَق عىل أشده‬ ‫ح� كان ي‬ ‫ف� مسألة قطع الغابات‪ ،‬كانت ث‬ ‫أك� من ‪ 16‬مليون‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫هكتار تُقطَع كل سنة‪ .‬والتباطؤ ال بك� سببه‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫منطقت�‬ ‫أك�‬ ‫تقليص عدد رخص قطع الشجر ي� ب‬ ‫ن أ ف‬ ‫ال�ازيل وإندونيسيا‪.‬‬ ‫معنيت� بالمر ي� العالم‪ :‬ب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫ال�ازيل‪ ،‬ي� السنوات الع�‬ ‫وقد أصدرت ب‬ ‫ت‬ ‫كيلوم� مربع‬ ‫الماضية‪ ،‬مراسيم لحماية ‪500,000‬‬ ‫أ‬ ‫ويش� تقرير‬ ‫من غابات المازون االستوائية‪ .‬ي‬ ‫الملك للشؤون الدولية‪ ،‬وهو‬ ‫حديث للمعهد ن ي‬ ‫بريطا�‪ ،‬إىل أن قطع الغابات يغ�‬ ‫منتدى فكر‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫خ�ة‪ ،‬ف ي�‬ ‫كث�اً ي� السنوات ال ي‬ ‫ال�عي قد تقلص ي‬ ‫والكام�ون‪.‬‬ ‫ال�ازيل وإندونيسيا‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫مط�ة أصغر‪،‬‬ ‫وثمة بلدان أخرى فيها غابات ي‬ ‫أخذت تهتم أ‬ ‫للمر‪ ،‬مثل كوستا ريكا‪ ،‬ت‬ ‫ال�‬ ‫ي‬ ‫فقدت ف ي� زمن ما ‪ %4‬من غاباتها كل سنة‪ .‬لكنها‬ ‫آ‬ ‫الن أوقفت قطع أشجار غاباتها تماماً‪ .‬وتقول‬ ‫ت‬ ‫ال� تغطي الغابات‬ ‫كل من الغابون وغويانا‪ ،‬ي‬

‫الخ�اء أن‬ ‫كث�ون من ب‬ ‫ومع كل ذلك‪ ،‬يرى ي‬ ‫ت‬ ‫النس� مبالَغ فيه‪ ،‬وأنه ح� لو كان‬ ‫ّ‬ ‫التحسن ب ي‬ ‫عظيم�ن‬ ‫كاف‪ ،‬بسبب خطرين‬ ‫ي‬ ‫حقيقياً‪ ،‬فإنه يغ� ٍ‬ ‫ين‬ ‫التبدل المناخي‪،‬‬ ‫محدق� بالغابات‪ ،‬أولهما هو ّ‬ ‫الذي يُتوقّع أن يعيد رسم خريطة النظام البي�ئ‬ ‫ي‬ ‫ف ي� الغابات‪ .‬فغابات المنطقة دون القطبية سوف‬

‫‪shutterstock‬‬

‫ت‬ ‫ال� تحدث الن‪ ،‬هي عىل الخصوص‬ ‫المجزرة ي‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫ب� المدارين‪ ،‬ي� المناطق االستوائية‪ .‬ففي‬ ‫ن‬ ‫السن�‪ ،‬تقلصت‬ ‫العقود الستة الماضية من ي‬ ‫غابات هذه المناطق ث‬ ‫أك� من ‪ .%60‬وأما ثلثا‬ ‫المساحة الباقية فهي مقطّعة‪ ،‬يغ� متصلة‪ .‬وهذا‬ ‫التدم�‪ .‬وعىل الرغم‬ ‫يجعلها ف ي� خطر مزيد من‬ ‫ي‬ ‫كث� من الحمالت‪ ،‬بواسطة المنظمات يغ�‬ ‫من ي‬ ‫الحكومية وجمعيات التوعية وحفالت الموسيقى‬ ‫الداعمة لحماية الشجر‪ ،‬ومشاريع ش�اء الغابات‬ ‫وت�ة القطع ال تزال مخيفة‪ .‬وترى‬ ‫وتأج�ها‪ ،‬فإن ي‬ ‫ي‬

‫منظمة «الفاو»‪ ،‬أن ‪ 13‬مليون هكتار من غابات‬ ‫العالم‪ ،‬أي ما يُعادل مساحة ت‬ ‫إنجل�ا‪ ،‬تقطع‬ ‫ت‬ ‫ال� تملك من مساحة الغابات‬ ‫كل سنة‪ .‬فروسيا ي‬ ‫ث‬ ‫أك� من أي دولة أخرى ال تزال تقطع غاباتها‪ .‬إذ‬ ‫ن ت‬ ‫سن� ‪ 2000‬و‪2005‬م‪ ،‬قُطعت الغابات من‬ ‫يب� ي‬ ‫ت‬ ‫مساحة ‪ 144‬ألف كيلوم� مربع‪ ،‬أي ‪ %14‬من‬ ‫مجموع غاباتها‪.‬‬

‫ثالثة أرباع مساحتها‪ ،‬إنهما بمساعدة أجنبية‪،‬‬ ‫يرسهما أن تبقيا الوضع عىل حاله‪ .‬ومع تنامي‬ ‫العالم والحمالت الخاصة بهذا‬ ‫الوعي وتنظيم إ‬ ‫الموضوع‪ ،‬أعلنت ش�كات الخشب الكندية ف ي�‬ ‫مايو ‪ ،2014‬أنها أخذت تعمل مع منظمات‬ ‫ض‬ ‫ين‬ ‫تحس� إدارة ‪ 72‬مليون هكتار‬ ‫الخ� من أجل‬ ‫ف‬ ‫من الغابات القطبية ي� كندا‪.‬‬


‫أماكن وجود الغابات‬ ‫المطيره في العالم‪.‬‬ ‫تتقلّص نحو الشمال مع ذوبان الثلوج‪ ،‬وتعاظم‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫و� تقدير ما‪ ،‬يمكن لغابات‬ ‫«التسميد‬ ‫ي‬ ‫الكربو�»‪ .‬ي‬ ‫بوت�ة أرسع ‪ %44‬نتيجة لذلك‬ ‫فنلندا أن تنمو ي‬ ‫التسميد‪ .‬لكن هذا ليس مدعاة لالحتفال‪ ،‬ألن‬ ‫ذوبان الثلوج سيطلق مليارات أطنان الميتان‪،‬‬ ‫التأث� ف ي� االحتباس الحراري‪.‬‬ ‫غاز الدفيئة الشديد ي‬ ‫أك� منه �ف‬ ‫وما نكسبه ف� غابات فنلندا‪ ،‬سنخرس ث‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫مناطق أخرى‪ ،‬بسبب زيادة الجفاف‪ ،‬والوعورة‪،‬‬ ‫وتزايد ش‬ ‫الح�ات الضارة والحرائق‪ ،‬وهي جميعاً‬ ‫من أعراض االحتباس الحراري‪ .‬فقطع الغابات‬ ‫الذي يسبب اشتداد الحرارة محلياً‪ ،‬يفاقم هذه‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫العراض‪ .‬وقد يجعل كل هذا المساحات ي‬ ‫تغطيها الغابات اليوم يغ� مناسبة لنموها‪.‬‬ ‫كث� من ش‬ ‫الح�ات‪.‬‬ ‫ففي المناطق دون القطبية ي‬ ‫تب� أن ض‬ ‫وقد ي ّ ن‬ ‫ال�ر الذي تلحقه‪ ،‬مع الحرائق‪،‬‬ ‫أك� مما توقّعت الدراسات‪ .‬ي ن ت‬ ‫سن� ‪2000‬م‬ ‫ب‬ ‫فب� ي‬ ‫و‪2005‬م‪ ،‬فقدت هذه المناطق ‪351,000‬‬ ‫ت‬ ‫كيلوم� مربع من الغابات‪ ،‬معظمها بفعل‬ ‫الح�ات والحرائق‪ .‬وال تظهر هذه أ‬ ‫الرقام �ف‬ ‫ش‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫تعد من فعل الطبيعة ال‬ ‫تقارير «الفاو»‪ ،‬لنها ّ‬ ‫يز‬ ‫التمي� هنا يبدو يغ� واضح‪ .‬وكندا‬ ‫النسان‪ .‬لكن‬ ‫إ‬ ‫ت‬ ‫أك� مساحة من الغابات‬ ‫ال� تعد صاحبة ثالث ب‬ ‫ي‬ ‫ف ي� العالم‪ ،‬فقدت ف ي� السنوات الخمس المذكورة‪،‬‬ ‫إذا استثنينا من الحساب جهودها إلعادة‬

‫التشج�‪ %5.2 ،‬من غاباتها‪ .‬كان ذلك جزئياً‬ ‫ي‬ ‫بسبب وباء ش‬ ‫ح�ات ف ي� القطاعات المعتدلة من‬ ‫المناطق القطبية‪ .‬وقد اكتسحت هذه ش‬ ‫الح�ات‪،‬‬ ‫بوبائها‪ ،‬سنة ‪2009‬م‪ ،‬ث‬ ‫أك� من ‪ 16‬مليون هكتار‪،‬‬ ‫من غابة كندا الصنوبرية‪.‬‬ ‫ف أ‬ ‫خط�اً‪.‬‬ ‫ويبدو الوضع ي� المازون أيضاً ي‬ ‫أ‬ ‫خ�ة توحي بأن ارتفاع الحرارة‬ ‫فالدراسات ال ي‬ ‫والجفاف والحرائق وقطع الشجر‪ ،‬قد تصل‬ ‫كث�اً مما كان يُظ َّن‪ ،‬إىل‬ ‫بالغابة‬ ‫المط�ة بأرسع ي‬ ‫ي‬ ‫«التحول الخطر» الذي تصبح معه يغ�‬ ‫حافة‬ ‫ّ‬ ‫ح� آ‬ ‫قابلة للعيش‪ .‬ت‬ ‫الن قُطع من الغابة ف ي�‬ ‫أ‬ ‫وتش� دراسة للبنك‬ ‫المازون ‪ %18‬من مساحتها‪ .‬ي‬ ‫الدول السنة الماضية‪ ،‬إىل أن فقدان ‪ %2‬أخرى‬ ‫من يمساحة غابة أ‬ ‫المازون‪ ،‬قد يطلق مساراً‬ ‫النس� ف ي� الجنوب والجنوب‬ ‫ّ‬ ‫يتوسع فيه الجفاف ب ي‬ ‫ش‬ ‫ال� ق ي�‪ .‬وقد يقلص احتمال ارتفاع الحرارة من‬ ‫آ‬ ‫ت‬ ‫المط�ة‬ ‫الن ح� نهاية هذا القرن‪ ،‬الغابة‬ ‫ي‬ ‫إىل نصفها‪ .‬ن‬ ‫كب�ة من‬ ‫ويع� هذا إطالق نسبة ي‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫الخمس� جيغاطن من الكربون الذي تحتبسه‬ ‫الغابة‪ ،‬عىل وجه التقدير‪ ،‬أي ‪ 10‬سنوات مما‬ ‫يمكن أن يبثه حرق الوقود أ‬ ‫الحفوري‪.‬‬

‫أفواه جائعة‬

‫ن‬ ‫الثا� المحدق بالغابات‪ ،‬خطر شب�ي‪.‬‬ ‫الخطر ي‬

‫الب� ي ز‬ ‫فتعداد ش‬ ‫س�داد‪ ،‬وفق التوقعات‪ ،‬بنسبة‬ ‫أ‬ ‫النصف‪ ،‬ف ي� العقود الربعة المقبلة‪ ،‬ليبلغ‬ ‫‪ 9‬مليارات نسمة‪ .‬ومعظم الزيادة ف� أ‬ ‫الفواه‬ ‫ي‬ ‫الجوعى‪ ،‬وهي ‪ 3‬مليارات نسمة‪ ،‬ستكون ف ي�‬ ‫البلدان النامية‪ ،‬وال سيما المدارية‪ .‬فشعب‬ ‫الكونغو البالغ اليوم ‪ 70‬مليوناً‪ ،‬سيبلغ الضعف‪.‬‬ ‫وسيتضاعف إذن طلب الغذاء ف ي� هذه البلدان‪.‬‬ ‫النتاجية الزراعية فيها منخفضة‪،‬‬ ‫ولما كانت إ‬ ‫أ‬ ‫فإن الوضع سيؤدي إىل إقبال عىل قطع الشجار‬ ‫لزراعة أ‬ ‫الرض‪.‬‬ ‫وقطع أ‬ ‫الشجار ف ي� بلدان وسط إفريقيا‪ ،‬كما ف ي�‬ ‫الن‪ .‬والحافز أ‬ ‫الكونغو‪ ،‬محدود آ‬ ‫الول له هو‬ ‫اقتطاع أرض زراعية‪ ،‬واستخدام الخشب وقوداً‪.‬‬ ‫فليس ف ي� الكونغو زراعة تجارية واسعة‪ ،‬نظراً‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ال� دمرتها الحرب‪.‬‬ ‫إىل سوء حال الب� التحتية ي‬ ‫ت‬ ‫ال� خلفها البلجيك‬ ‫فوالحق أن تهالك حال الطرق ي‬ ‫ي� البالد سنة ‪1960‬م‪ ،‬وهي نحو ‪100,000‬‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�‪ ،‬ينبغي أن يدخل ف ي� باب «رب ضارة‬ ‫نافعة»‪ .‬فهو حمى الغابات‪ ،‬مثلما حماها طاعون‬ ‫القرون الوسطى ف ي� أوروبا (‪1350 1348-‬م)‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫وغ�ها‬ ‫أما الحال ي� البلدان إ‬ ‫الفريقية الخرى‪ ،‬ي‬ ‫من البلدان ذات الغابات‪ ،‬فمختلفة‪ .‬ذلك أن‬ ‫معظم قطع أ‬ ‫الشجار ف ي� تلك البلدان‪ ،‬هو نتيجة‬


‫‪87 | 86‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫في تسعينيَّ ات القرن العشرين‪،‬‬ ‫حين كان النفير ُيطلق على‬ ‫أشده حيال مسألة قطع‬ ‫الغابات‪ ،‬كانت أكثر من ‪16‬‬ ‫مليون هكتار ُتقطع كل سنة‪.‬‬ ‫توسع المزارع التجارية‪ ،‬عىل حساب الغابة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫جراء زيادة طلب‬ ‫من‬ ‫كالصاروخ‪،‬‬ ‫ا‬ ‫متعاظم‬ ‫عا‬ ‫توس‬ ‫ّ‬ ‫الغذاء المحل والعالمي‪ ،‬والقبال ّ عىل أ‬ ‫اللياف‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫والوقود البيولوجي‪ .‬ففي إندونيسيا‪ ،‬الحافز‬ ‫الول لقطع أ‬ ‫أ‬ ‫الشجار‪ ،‬هو اشتداد الطلب عىل‬ ‫زيت النخيل‪ ،‬المصدر الممتاز لزيت الطعام‪،‬‬

‫وللوقود البيولوجي عىل السواء‪ .‬ي ن ت‬ ‫سن� ‪2000‬‬ ‫وب� ي‬ ‫و‪2006‬م‪ ،‬زرعت إندونيسيا كل سنة نحو نصف‬ ‫أ ض‬ ‫ا�‪ ،‬شجر نخيل‪ .‬وكان‬ ‫مليون هكتار من الر ف ي‬ ‫معظم هذه الزراعة ي� أرض غابات مقطوعة‬ ‫ف‬ ‫ال�ازيل‪ ،‬ومعظمه‬ ‫الشجر‪ .‬أما قطع الشجر ي� ب‬ ‫غ� ش�عي آ‬ ‫الن‪ ،‬فللمراعي‪ .‬إذ نمت قطعان‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫الماضي�‪ ،‬ح�ت‬ ‫ين‬ ‫منطقة المازون‪ ،‬ي� العقدين‬ ‫وصل عددها إىل نحو ‪ 40‬مليون رأس‪ .‬وقد أدى‬ ‫ف‬ ‫ال�ازيل ف ي� زراعة نبتة زيت أخرى‪،‬‬ ‫النمو الهائل ي� ب‬ ‫تش�ادو‪،‬‬ ‫تدم� حقيقي لسافانا ي‬ ‫هي الصويا‪ ،‬إىل ي‬ ‫وهي مناطق ال يُنظر إليها بصفتها غابات‪ ،‬عىل‬ ‫ث‬ ‫ثل� مقدار الكربون‬ ‫الرغم من أنها‬ ‫تحتوي عىل ي‬ ‫أ‬ ‫المط�ة‪ .‬وإىل الشمال‬ ‫الذي تضمه غابة المازون‬ ‫ي‬ ‫من هذه المنطقة يتوغل مزارعو الصويا شيئاً‬ ‫فشيئاً ف� غابة أ‬ ‫المازون‪.‬‬ ‫ي‬ ‫لقد أدت التوقّعات يغ� المشجعة عن المناخ‪،‬‬ ‫أخ�اً‪ ،‬إىل تعاظم‬ ‫وتضخم أسعار الغذاء ي‬ ‫المخاوف ف� شأن أ‬ ‫ئ‬ ‫الغذا�‪ ،‬عىل نحو زاد‬ ‫المن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الضغط‪ .‬فالحكومات والمستثمرون الجانب‬ ‫أ ض‬ ‫ث‬ ‫ث‬ ‫ش‬ ‫ا� المدارية‬ ‫يتطلعون أك� فأك� إىل �اء الر ي‬ ‫فالص� مثالً‪ ،‬ال�ت‬ ‫ين‬ ‫الرخيصة الغنية بالماء‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫وافقت عىل تعبيد ‪ 6,000‬كيلوم� من الطرق‬ ‫أو إعادة تأهيلها‪ ،‬ترغب ف ي� زراعة النخيل هناك‬ ‫عىل نطاق واسع‪ .‬ألنها حالياً المستورد أ‬ ‫الول‬ ‫ف ي� العالم لزيت النخيل‪ ،‬وال يكف الطلب عن‬ ‫االزدياد‪ ،‬ت‬ ‫ح� قبل أن يتعاظم تحويل هذا‬ ‫الزيت إىل وقود بيولوجي‪ .‬وحيثما يتعاظم‬ ‫القبال عىل الزراعة المدارية يزداد قطع الشجر‪.‬‬ ‫إ‬ ‫والحصول عىل رخصة لقطع غابة صار ف ي�‬ ‫الغالب‪ ،‬أسهل من الحصول عىل يغ� ذلك من‬ ‫رخص أ‬ ‫العمال‪.‬‬

‫أين هي آ‬ ‫المال؟‬

‫وبعد كل ما سبق‪ ،‬هل يمكن للغابات أن تبقى‪،‬‬ ‫وال سيما الغابات االستوائية‪ ،‬وهي أ‬ ‫النفس‬ ‫أ‬ ‫والشد تعرضاً للخطر؟ ثمة حكومات اليوم‬ ‫تنظم دفاعاً واسع النطاق‪ .‬ويعمل ف ي� هذا‬ ‫أيضاً جمعيات أهلية وعلماء‪ ،‬ت‬ ‫وح� مستثمرون‪،‬‬ ‫تتقدمهم منظمة تدعى‪« :‬رد» منظمة تقليص‬ ‫والساءة إليها‬ ‫بث الغازات بفعل قطع الغابات إ‬ ‫(‪Reduced Emissions from Deforestation‬‬ ‫‪ )and Forest Degradation REDD‬وهي منظمة‬ ‫أمريك‪،‬‬ ‫نشأت برأس مال يبلغ ‪ 4,5‬مليارات دوالر‬ ‫ي‬ ‫وفكرتها أ‬ ‫الساسية هي العمل لحض الدول‬ ‫الفق�ة‪ ،‬لالمتناع عن‬ ‫الغنية عىل دفع الدول ي‬ ‫قطع الشجر‪ .‬وثمة خشية من أن «رد» قد ال ت‬ ‫تؤ�‬ ‫ي‬ ‫الثمار المنشودة منها‪.‬‬ ‫إن حاجة أ‬ ‫الرض إىل الغابات لتمتص ما يُبث من‬ ‫كربون هي حاجة ال حدود لها تقريباً‪ .‬ويجب أن‬ ‫ننظر إىل حماية ما بقي لنا من غابات عىل أنها هدف‬ ‫متواضع‪ .‬ولكن ت‬ ‫ح� هذا الهدف يتطلب جهوداً‬ ‫ين‬ ‫لتحس� إدارة الغابات‪ ،‬مثل إصالح تسجيل‬ ‫هائلة‬ ‫أ‬ ‫الر ض‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫�ء‪،‬‬ ‫كل‬ ‫وقبل‬ ‫‪.‬‬ ‫القوان�‬ ‫بتطبيق‬ ‫والتشدد‬ ‫‪،‬‬ ‫ا�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫تقدر الحكومات الغابات ث‬ ‫أك�‬ ‫يتطلب المر أن ّ‬ ‫آ‬ ‫كث�اً مما تفعل الن‪ .‬وإال‪ ،‬فال أمل ف ي� إالصالحات‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫عتمد خارج نطاق معالجة الغابات‪ .‬وال بد‬ ‫ال� تُ َ‬ ‫ي‬ ‫كذلك من أن يأخذ الساسة عىل محمل الجد مسألة‬ ‫ن‬ ‫يع� ثورة‪ ،‬وهي ثورة قد‬ ‫التبدل المناخي‪ .‬وكل هذا ي‬ ‫كث�اً بحدوثها‪ .‬لكن حدوثها يغ� ممكن‪ ،‬دون‬ ‫نطلب ي‬ ‫معالجة وضع الغابات‪.‬‬ ‫أ‬ ‫والمر ليس مستحيالً‪ ،‬وال بد من المعالجة‪ ،‬وإال‬ ‫فإن الثمن سيكون باهظاً جداً‪.‬‬


‫الغابات في المملكة‬ ‫نظام بيئي فريد‪ ..‬ال يزال‬ ‫ً‬ ‫مهددا‬ ‫عىل الرغم من أن مساحة الغابات ف ي� المملكة‬ ‫ال تتجاوز ‪ 221‬ألف هكتار‪ ،‬أي ‪ %0.1‬من‬ ‫إجمال مساحة البالد البالغة نحو ‪ 2.5‬مليون‬ ‫يت‬ ‫كيلوم� مربع‪ ،‬فإن هذه الغابات تمثِّل نظاماً‬ ‫بيئياً فريداً ف ي� منطقة الحزام الصحراوي‪.‬‬ ‫تت�كز معظم الغابات ف ي� المملكة ف ي� جنوبها‬ ‫الغر�‪ ،‬عىل المرتفعات ش‬ ‫ال�قية من جبال‬ ‫بي‬ ‫الرسوات ما ي ن‬ ‫ب� الطائف شماال ً وجبال جازان‬ ‫جنوباً‪ .‬ف� ي ن‬ ‫ح� ش‬ ‫تنت� غابات أخرى أصغر مساحة‬ ‫ي‬ ‫ولكنها أقل شأناً من أشجار المانجروف عىل‬ ‫ب� ضبا شماال ً ت‬ ‫الساحل ما ي ن‬ ‫وح� حدود اليمن‪.‬‬ ‫الفريقي نحو ‪ %90‬من‬ ‫يشكِّل شجر العرعر إ‬ ‫ت‬ ‫النبا� ف ي� الغابات الجنوبية (وثمة دراسات‬ ‫الغطاء ي‬ ‫ف‬ ‫تؤكد أن شجر العرعر ظهر أوال ً ي� بالد الحجاز‪،‬‬ ‫ومنها انتقل إىل إثيوبيا ثم إىل بلدان عديدة ف ي�‬ ‫ش‬ ‫الفريقي ف ي� تلك‬ ‫ويل العرعر إ‬ ‫�ق إفريقيا)‪ .‬ي‬ ‫أ‬ ‫ال�ي وبعض الكاسيات عىل‬ ‫الغابات الزيتون ب‬

‫أماكن تواجد الغابات‬ ‫في المملكه‬

‫تنت� ف� أ‬ ‫المرتفعات‪ ،‬ف� ي ن‬ ‫الودية أشجار‬ ‫ح� ش أ ي‬ ‫ي‬ ‫والثل وبعض الكاسيات‪.‬‬ ‫السدر إ‬ ‫وإضافة إىل عوائدها االقتصادية والبيئية‪ ،‬تمثل‬ ‫كب�ة‪،‬‬ ‫هذه الغابات موطناً لحيوانات ثديية ي‬ ‫مثل البابون والذئب والثعلب والضبع المخطط‬ ‫والنمس أبيض الذنب والوشق والوبر‪.‬‬ ‫وواجهت الغابات ف ي� المملكة خالل القرن‬ ‫ض‬ ‫الما� ما واجهته الغابات ف ي� معظم أنحاء‬ ‫ي‬ ‫وتدم�‪ .‬فالغابات‬ ‫العالم من قطع واعتداءات‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫النبا� بفعل‬ ‫الجبلية خرست ي‬ ‫كث�اً من غطائها ي‬

‫االحتطاب للبناء والتدفئة وصناعة المفروشات‬ ‫والتمدد العمر نا� الذي تم ف� ي ِّ ز‬ ‫ح� ملحوظ منه‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫عىل حساب الغابات‪ .‬إضافة إىل الرعي الجائر‬ ‫ئ‬ ‫والعشوا� والحرائق‪ .‬أما غابات المانجروف‬ ‫ي‬ ‫كب�ة منها‬ ‫الساحلية فقد خرست مساحات ي‬ ‫وتدهورت نوعية أشجارها ف ي� مواقع عديدة بفعل‬ ‫تلوث مياه الشاطئ ف� بعض أ‬ ‫الماكن وأعمال‬ ‫ي‬ ‫الردم البحرية ف ي� مواضع أخرى من جملة أسباب‬ ‫عديدة‪.‬‬


‫‪89 | 88‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫النقاذ‬ ‫مساعي إ‬

‫بدءاً من ثمانينيات القرن الميالدي ض‬ ‫الما�‪ ،‬بدأ‬ ‫ي‬ ‫االهتمام بالحفاظ عىل الغابات يتعاظم عىل كافة‬ ‫المستويات الحكومية والعلمية‪ .‬فبدأت الدراسات‬ ‫العلمية لهذه الغابات ف ي� جامعة الملك سعود‬ ‫بالرياض منذ عام ‪1980‬م‪ ،‬وأنشئت «الهيئة‬ ‫الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها» عام‬ ‫‪1986‬م‪.‬‬ ‫وأولت الدولة الغابات والمراعي االهتمام الالزم‬ ‫من خالل عدد من أ‬ ‫الوامر السامية ش‬ ‫والت�يعات‬ ‫ين‬ ‫والقوان�‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫• نظام الغابات والمراعي الصادر بقرار من‬ ‫الملك الكريم‬ ‫مجلس الوزراء والمتوج بالمرسوم‬ ‫ي‬ ‫عام ‪1398‬هـ‪.‬‬ ‫• وضع الالئحة التنفيذية لقانون الغابات والمراعي‬ ‫من قبل وزارة الزراعة والمياه عام ‪1399‬ه‪.‬‬ ‫• وضع الئحة ضبط المخالفات لنظام الغابات‬

‫والمراعي من قبل وزارة الزراعة والمياه ووزارة‬ ‫الداخلية‪.‬‬ ‫والحقاً‪ ،‬صدرت أوامر سامية تُكمل تطبيق قانون‬ ‫الغابات والمراعي‪ ،‬ومنها أ‬ ‫المر السامي بالمحافظة‬ ‫عىل الغابات وعدم ي ن‬ ‫تمك� أي كان من استخراج‬ ‫أ‬ ‫حجج استحكام عليها عام ‪1405‬هـ‪ ،‬والمر‬ ‫السامي بتشكيل لجنة من وزارة الداخلية ووزارة‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫الزراعة والمياه‬ ‫تكون مهمتها تحديد الماكن ي‬ ‫تبقى كمراع‪ ،‬أ‬ ‫والر ضا� ت‬ ‫ال� يتم توزيعها كمزارع‬ ‫ي ي‬ ‫ٍ‬ ‫وال ضت� بالمراعي ف ي� جميع مناطق المملكة‪.‬‬ ‫ومن جملة ما نص عليه نظام الغابات والمراعي‪:‬‬ ‫• عدم جواز قطع أ‬ ‫الشج�ات أو‬ ‫الشجار أو‬ ‫ي‬ ‫ال ض�ار بموارد الغابات والمراعي أياً كانت‪.‬‬ ‫إ‬ ‫• عدم استثمار أي من موجودات الغابات‬ ‫والمراعي وأراضيها دون تصاريح من وزارة‬ ‫الزراعة والمياه‪.‬‬

‫ض‬ ‫ا� الغابات‬ ‫• عدم نقل أي من منتجات أر ي‬ ‫والمراعي بدون تصاريح‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� تُفرض عىل‬ ‫كما شمل النظام العقوبات ي‬ ‫ين‬ ‫المخالف�‪ .‬وعىل الرغم من أن هذه ش‬ ‫الت�يعات‬ ‫ين‬ ‫والقوان�‪ ،‬المصحوبة باهتمام علمي جاء‬ ‫من ث‬ ‫أك� من جهة‪ ،‬يُ تف�ض فيها أن تبعث عىل‬ ‫ف‬ ‫االطمئنان إىل مستقبل الغابات ي� المملكة‪ .‬فإن‬ ‫الواقع يُبقيها ف ي� دائرة التهديد‪.‬‬ ‫ولالطالع عىل التفاصيل‪ ،‬يمكن للقارئ أن يعود‬ ‫ت‬ ‫ال� كانت مرجعنا ف ي� هذه‬ ‫إىل الدراسة ِّ‬ ‫القيمة ي‬ ‫النبذة‪ ،‬ووضعها كل من الدكتور إبراهيم محمد‬ ‫ن‬ ‫الجه� من قسم‬ ‫عارف والدكتور لطفي إبراهيم‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫النبا� بكلية الزراعة ف ي� جامعة الملك‬ ‫إ‬ ‫النتاج ي‬ ‫«ما� ض‬ ‫سعود بعنوان ض‬ ‫وحا� الغابات الطبيعية‬ ‫ي‬ ‫والصناعية ف ي� المملكة العربية السعودية»‪ ،‬عىل‬ ‫الموقع إ ت ن‬ ‫و�‪.faculty.ksu.edu.sa :‬‬ ‫اللك� ي‬


‫الملف‪:‬‬

‫القبعات‬ ‫وأغطية الرأس‬ ‫ُولدت القبعة من حاجة اإلنسان إلى الحماية‬ ‫من عوامل الطقس والطبيعة‪ .‬ولكنها خضعت‬ ‫في تصميمها وصناعتها خالل تاريخها الطويل‬ ‫العتبارات وعوامل ال حصر لها وال عد‪ ،‬تبدأ‬ ‫بالوظيفة العملية المتوخاة منها والمواد‬ ‫المتوافرة لصناعتها في هذه البيئة أو تلك‪،‬‬ ‫وتصل إلى قوتها التعبيرية عن وظيفة صاحبها‬ ‫ومكانته االجتماعية وانتمائه ونظرته إلى‬ ‫األناقة والجمال‪ .‬حتى بتنا نجدها في كل بلد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وإعالنا عن الهوية‪.‬‬ ‫ثقافيا‬ ‫رمزا‬ ‫وعند كل شعب‬ ‫في هذا الملف نجوب مع حسام الدين صالح‬ ‫في عوالم القبعة الالمتناهية‪ّ ،‬‬ ‫نقلب تاريخها‬ ‫ً‬ ‫احتراما ألهميتها‬ ‫وأنواعها وأشكالها‪ ،‬ونرفعها‬ ‫في حياة اإلنسان القديم والمعاصر‪.‬‬


‫‪91 | 90‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫النسان‬ ‫يعود تاريخ ارتداء القبعات إىل تاريخ ارتداء إ‬ ‫للمالبس نفسه‪ .‬فلم تكن القبعات بأقل أهمية من‬ ‫النسان القديم‪ ،‬ت‬ ‫ت‬ ‫لس� عورته‬ ‫ال� لبسها إ‬ ‫بقية المالبس ي‬ ‫وحماية جسمه من الطبيعة حوله‪ .‬ولهذا يبدأ تاريخ‬ ‫ت‬ ‫ال� شعر فيها‬ ‫اعتمار الناس للقبعات من النقطة الزمانية والمكانية ي‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫إ‬ ‫النسان بالحاجة لتدفئة رأسه من ب‬ ‫ال�د الشديد‪ ،‬ومن اللحظة ي‬ ‫ض‬ ‫ش‬ ‫ب�ء يحمي الرأس‬ ‫أحس فيها‬ ‫َّ‬ ‫ب�ورة تجنب أشعة الشمس المحرقة ي‬ ‫أ‬ ‫ز‬ ‫ين‬ ‫التم� كحاجة ُم ِل َّحة ومرتبطة بالسلطة‪،‬‬ ‫والع� من الذى‪ .‬ثم ظهر ّي‬ ‫فبدأت أشكال القبعات ف ي� التطور باستصحاب الوظيفة الحمائية‬ ‫أ‬ ‫الوىل‪ .‬فارتدى المرصيون القدماء التاج منذ ثالثمائة ألف عام قبل‬ ‫بغ�هم‪ ،‬مثلما ارتدى الرومان‬ ‫الميالد للداللة عىل نبلهم مقارنة ي‬ ‫والغريق قبعات تدل عىل مكانتهم االجتماعية‪ ،‬وشيئاً فشيئاً بدأت‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫التجمل‪ ،‬ويلحظ المؤرخون‬ ‫النسانية ي�‬ ‫القبعات تستجيب للحاجات إ‬ ‫ّ‬ ‫ش‬ ‫كب�اً ف ي� أشكالها بدءاً من القرن الرابع ع� الميالدي‪.‬‬ ‫تطوراً جمالياً ي‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫تتم� بألوان وأشكال ش� تبعاً لطبيعة الجغرافية‬ ‫وظلت القبعات ي‬ ‫ف‬ ‫والهوية والتقاليد لكل بلد‪ ،‬ولم تكن القبعات ي� تطورها التاريخي‬ ‫ف ت‬ ‫تفرق ي ن‬ ‫معينة استخدام‬ ‫ب� رجل وامرأة‪ ،‬لكن قد‬ ‫يطغى ي� ف�ة تاريخية َّ‬ ‫ِّ‬ ‫آ‬ ‫جنس للقبعات ث‬ ‫أك� من الجنس الخر‪.‬‬ ‫ف‬ ‫تعب�اً عن المكانة االجتماعية‬ ‫وعىل الرغم من أن القبعة ي� وقت ما كانت ي‬ ‫يز‬ ‫المم�ة للنخبة الحاكمة‪ ،‬إال أنها ظلت كذلك رفيقة العامة والبسطاء‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ولم يكن ي ز‬ ‫التمي� سوى ي� مستوى الناقة ومادة القبعة‪ ،‬فكان الملوك‬ ‫أ‬ ‫يرتدون قبعات ريش النعام والتيجان المرصعة بالحجار الكريمة‪،‬‬ ‫بينما يرتدي عامة الشعب قبعات القش أو القماش‪.‬‬


‫ارتدى المصريون القدماء التاج‬ ‫منذ ثالثمائة ألف عام قبل‬ ‫الميالد للداللة على نبلهم‬ ‫مقارنة بغيرهم‬ ‫صناعة متطورة مع الزمن‬

‫‪thinkstock / Kraig Scarbinsky‬‬

‫أضحت صناعة القبعات عمال يدر أ‬ ‫الرباح منذ وقت بعيد‪ .‬ففي القرن‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الثامن ش‬ ‫العامل� ي� صناعة القبعات اسم‬ ‫وروبي�‬ ‫ي‬ ‫ع� أطلق عىل ال ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫و� فرنسا‬ ‫(الميللي�ز) نسبة لمدينة ميالنو إ‬ ‫ال� انطلقوا منها‪ .‬ي‬ ‫اليطالية ي‬ ‫كانوا يدعون «الشابولييه» قبل أن يسموهم «الموديست»‪ .‬وبحلول‬ ‫القرن ش‬ ‫الع�ين صارت القبعات زياً أساسياً للخارج إىل الشارع‪ ،‬ثم‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أصابها الضمور مع بداية الحرب العالمية الوىل‪ ،‬إىل أن عاد لها اللق‬ ‫وأصبحت إكسسواراً مهماً أ‬ ‫للناقة المكتملة بجانب وظيفتها العملية‬ ‫ت‬ ‫ال� أصبحت‬ ‫المالئمة للطقس‪ ،‬فصار لكل فصل من الفصول قبعته‪ ،‬ي‬ ‫عنواناً ألناقة الرجل والمرأة‪ ،‬وصارت لها مدارسها المختلفة ومصمموها‬ ‫الذين يغذونها بابتكاراتهم المتماشية مع أ‬ ‫الذواق والتطلعات‪ .‬وتبع‬ ‫هذا التطور تطوراً ف� أشكالها وموادها وطريقة ارتدائها‪ ،‬ت‬ ‫ح� تدخلت‬ ‫ي‬ ‫مالمح الوجه والميول النفسية ف ي� تحديد القبعة المناسبة للشخص‬ ‫المناسب‪.‬‬

‫قبعات العرب‪:‬‬ ‫قلنسوة وطاقية وغفارة وكلوتة‪ ..‬و‪ ..‬و‪..‬‬

‫‪shutterstock / chippix‬‬

‫ت‬ ‫ال� عرفها العرب قديماً هي القلنسوة‪ .‬ويطلقون عليها أيضاً‬ ‫القبعة ي‬ ‫يسةُ ‪ .‬بيد أن القبعة ي ز‬ ‫تتم�‬ ‫فال َق ْل ُأس َوة وال َق ْلساة وال ُق َل ْن ِس َية وال َق َل ْن َساة والق ْل ِن َ‬ ‫ف‬ ‫ي� الصل بحافة دائرية ممتدة‪ ،‬وهو ما ليس موجوداً ي� القلنسوة‪ ،‬إال‬ ‫أنها تُعد من القبعات الحتوائها عىل مكونات أخرى موجودة ف ي� القبعة‬ ‫مثل الجزء المالمس للرأس ويسمى التاج‪.‬‬

‫قبعات الملوك‪ :‬تيجان‬

‫الب�ية البعيد ت‬ ‫التاج هو رفيق رؤوس الملوك‪ ،‬منذ تاريخ ش‬ ‫ح� اليوم‪ .‬بدأت التيجان بسيطة ومصنوعة من‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫الزهور‪ ،‬ثم تطورت ت ز‬ ‫مرمزة كالكوبرا والكبش‬ ‫ل�ينها المعادن النفيسة‪ .‬وكان لها ي� العهد‬ ‫الفرعو� أشكال ّ‬ ‫ي‬ ‫ملك‪ ،‬ويتضح شكله بصورة‬ ‫وقرص الشمس مع قرون البقر‪ ،‬واشتهر (النمس) عند الفراعنة كغطاء رأس ي‬ ‫جلية عند الملك توت عنخ آمون‪.‬‬ ‫أصبح التاج مع ّظماً منذ ذلك الوقت‪ ،‬يختلف ما ترتديه الملكات عن تيجان الملوك‪ ،‬ت‬ ‫ح� أصبح عند الرومان‬ ‫ش‬ ‫واستمرت عادة لبس‬ ‫م�فة تحمي الملك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مرتبطاً بالمكافآت وجائز اقتناؤه لدى العامة إذا قاموا بأفعال ّ‬ ‫الملوك للتيجان عىل مر العصور‪ ،‬وما زال التاج ف� العرص الحال يستمد حياته من تقاليد التتويج ال�ت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫تقيمها الدول أ‬ ‫الوروبية المرتبطة ت‬ ‫الملك‪.‬‬ ‫ح� اليوم بالنظام‬ ‫ي‬


‫‪93 | 92‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫الرؤوس وتجمع‬ ‫وتُعرف المعاجم العربية القلنسوة عىل أنها مالبس ُّ‬ ‫ف‬ ‫َالس و َق َل ْنس‪ ،‬وقالوا عنها قديما ي� شعرهم‪:‬‬ ‫عندهم عىل قَال ِنس وق ٍ‬ ‫ال مهل ت‬ ‫ح� تلحقي بعنس‬ ‫أهل الرباط البيض والقلنس‬ ‫للعج� السلومي ‪:‬‬ ‫وروى ثعلب‬ ‫ي‬ ‫القلنسوالعمائمأجهلت‬ ‫إذاما‬ ‫ي‬ ‫ففيهن عن صلع الرجال حسور‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ال�‬ ‫وكانت تُ ّ‬ ‫سمى عندهم أيضاً بالكُمة‪ ،‬ي‬ ‫وتع� القلنسوة المدورة ي‬ ‫تغطي الرأس‪.‬‬ ‫أما الطاقية فلن تجدها ف ي� قواميس اللغة العربية القديمة‪ ،‬لكنك‬ ‫والمست� ي ن‬ ‫ش‬ ‫ق�‬ ‫ستجدها ف ي� كتب التاريخ وكتب الرحالة العرب‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫ومسجل� لعادات الناس‬ ‫مستكشف�‬ ‫الذين قدموا إىل بالد العرب‬ ‫للشارة إىل‬ ‫وطبائعهم‪ .‬والمرجح أن الطاقية قدمت من بالد فارس إ‬ ‫ن‬ ‫الفارس عصابة تربط‬ ‫تع� ف ي� أصلها‬ ‫ي‬ ‫قبعة تُلبس تحت العمامة‪ ،‬أو ي‬ ‫عىل الرأس‪.‬‬

‫ويبدو أن الطاقية بدأت تأخذ مكانها ف� أ‬ ‫ب� القر ي ن‬ ‫اللسنة والكتب ي ن‬ ‫ن�‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫ندلس ب يأ� حامد‬ ‫الخامس والثامن‬ ‫الهجري� خصوصاً عند َّ‬ ‫الرحالة ال ي‬ ‫الغرناطي وعند ابن بطوطة‪.‬‬

‫للمتزينة غفارة وللمقاتل مغفر‬

‫وعرفت المرأة العربية قديماً أنواعاً من القبعات‪ ،‬منها الغفارة‪ ،‬وهي‬ ‫ال� تعتمرها المرأة حينما تدهن شعرها‪ .‬وعرفها ابن منظور �ف‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫القبعة ي‬ ‫لسان العرب بأنها خرقة تلبسها المرأة فتغطي رأسها ما قبل منه وما‬ ‫ق‬ ‫تو� بها‬ ‫دبر يغ� وسط رأسها‪ ،‬وقيل‪ :‬الغفارة خرقة تكون دون المقنعة ي‬ ‫ش‬ ‫المست�ق الهولندي رينهارت دوزي‬ ‫المرأة الخمار من الدهن‪ .‬ويعتقد‬ ‫أن أ‬ ‫ال� يسمونها �ف‬ ‫ندلسي� قد أطلقوا كلمة غفارة عىل الطاقية ت‬ ‫ين‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫المغرب شاشية وتلبس عادة بدون عمامة‪.‬‬ ‫وقريباً من الغفارة‪ ،‬وبعيداً عن استخدامها أ‬ ‫التجميل‪ ،‬نجد‬ ‫النثوي‬ ‫ي‬ ‫المغفر كقبعة عسكرية صنعت من الحديد لتقي الفارس المقاتل ش�‬ ‫السيوف والحراب والسهام‪ ،‬وعرف العرب منذ القدم المغفر كدرع‬ ‫من الحديد يوضع عىل الرأس كالقلنسوة‪.‬‬ ‫وبظهور الطاقية ف ي� سماء العرب ورؤوسهم‪ ،‬ظهرت قبعة أخرى شبيهة‬ ‫بالطاقية هي الكلوتة‪ .‬وقد يطلق عليها أيضاً الكلفتاة والكلفة‪ ،‬لكنها‬

‫‪Yousef Al-Dubaisi‬‬

‫ويبدو أن الطاقية قد م َّثلت دور المخفف نز‬ ‫ل�ع العمامة الذي كان يُعد‬ ‫قديماً ض� ٌب من العار‪ .‬فأصبحت الطاقية وسيطاً ي ن‬ ‫التقيد بلبس‬ ‫ب� ّ‬ ‫ت‬ ‫العمامة ي ن‬ ‫ش‬ ‫الكب� كان‬ ‫دوس ي‬ ‫وب� تعرية الرأس تماماً‪ ،‬ح� أن المست�ق ي‬ ‫يصف القبعة بقوله‪« :‬العمامة المثىل»‪.‬‬

‫أ‬ ‫ث أ‬ ‫ف‬ ‫يو� ت ز‬ ‫م�امنة‬ ‫ارتبطت أك� بالمراء‪ ،‬وازدهرت أ صناعتها ي� العهد ال ب ي‬ ‫ت‬ ‫ال� كان يرتديها المراء بمسمى ش‬ ‫«ال�بوش»‪ ،‬ويشهد‬ ‫مع العمائم ي‬ ‫كب� اكتسبته بعد أيام السلطان خليل ابن‬ ‫المؤرخون للكلوتة بشأن ي‬ ‫أ‬ ‫قالوون‪ ،‬فكان نزعها وإلقاؤها عىل الرض كفيل بإعالن سقوط الملك‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ج�اي نائب‬ ‫ح� أنه حدث ي� سنة ‪710‬هـ أن قبض عىل ال يم� ي‬ ‫أ‬ ‫السلطنة بالشام نز‬ ‫صغ�ة‬ ‫ف�عت كلوته ومرغت بالرض‪ ،‬وألبس عمامة ي‬ ‫بدال ً منها‪ ،‬ففهم منها أنه فقد كل سلطانه ونفوذه‪.‬‬ ‫وحينما عظمت أهمية الكلوتة كقبعة مرتبطة بالسلطة‪ ،‬صارت ث‬ ‫أك�‬ ‫قيمة‪ ،‬ت‬ ‫ح� أنه يُحىك عن الوزير عبدهللا بن زنبور أن ثروته ضمت ستة‬ ‫آالف كلوتة‪.‬‬

‫العمامة‪ :‬أ‬ ‫ين‬ ‫والمسلم�‬ ‫الشهر عند العرب‬

‫تُعد العمامة من أشهر أغطية الرأس عند العرب‪ ،‬ولمكانتها وأهميتها‬ ‫قيل‪« :‬تيجان العرب العمائم» وكان للقبعة ش�ف االرتباط بالعمامة‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� يرتدي فيها‬ ‫منذ العصور العربية الوىل وح� هذه اللحظة ي‬ ‫كث� من العرب العمامة‪ .‬فكانت القبعة دائماً ‪ -‬بمسمياتها القديمة‬ ‫ي‬ ‫نز‬ ‫كالقلنسوة والحديثة نسبياً كالطاقية ‪ -‬تالزم لبس العمامة لتكون بم�لة‬ ‫أ‬ ‫الساس لها ك ترتفع فوق الرأس ثابتة وشامخة ي ز‬ ‫ومم�ة‪ .‬وتأخذ العمامة‬ ‫أي‬ ‫عديداً من السماء تبعاً الختالف البيئات وطريقة لفها عىل الرأس‪،‬‬ ‫المك ََّورة‪ ،‬والعمار‪ ،‬والعصابة‪ ،‬والمعجر‪ ،‬والمق ّطعة‬ ‫فهناك العمامة ُ‬ ‫والتلثيمة‪ ،‬والمشوذ‪.‬‬


‫‪shutterstock / Fotonium‬‬

‫‪shutterstock / Axente Vlad‬‬

‫الطاقية بدأت تأخذ مكانها في‬ ‫األلسنة والكتب بين القرنين‬ ‫الخامس والثامن الهجريين‬ ‫خصوصاً عند الرحالة‬ ‫األندلسي أبي حامد الغرناطي‬ ‫وعند ابن بطوطة‪.‬‬ ‫وع ّظمت العرب العمامة ت‬ ‫ح� قال قائلهم إذا رأى شخصاً حسن الشكل‪:‬‬ ‫يتم� ي ن‬ ‫«أجمل من ذي العمامة»‪ .‬وكان سعيد بن العاص بن أمية ي ز‬ ‫ب�‬ ‫العرب القدامى بجمال عمامته‪ ،‬ت‬ ‫ح� وصف بـ «ذو العمامة» و«ذو‬ ‫العصابة» كناية عن السيادة والعظمة والمسؤولية‪ ،‬وقيل‪ :‬كان سعيد إذا‬ ‫اعتم لم يعتم أحد من قريش ت نز‬ ‫ش‬ ‫قر�‬ ‫ح� ي�ع عمامته‪ ،‬أو لم يعتم ي‬ ‫بعمامة عىل لونها‪ .‬وعندما سئل أ‬ ‫الحنف بن قيس عن عالمات العز‬ ‫والسؤدد ف ي� العرب‪ ،‬قال‪« :‬إذا تق َّل ُدوا‬ ‫وش ُّدوا العمائم» فضال ً‬ ‫السيوف‪َ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫عن أ� أ‬ ‫الدؤل الذي قال عن العمامة‪« :‬هي وقاية ف ي� الحرب‪،‬‬ ‫السود‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الحر‪ِ ،‬وم ْدفأة من بال�د‪ ،‬ووقار ي� المجلس‪ ،‬وواقية من‬ ‫حافظة من ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫الحداث‪ ،‬وزيادة ي� القامة‪ ،‬وعادة من عادات العرب»‪.‬‬

‫والمسلم� ي ز‬ ‫ين‬ ‫يتم�ون عن يغ�هم بضخامة‬ ‫وكان القضاة عند العرب‬ ‫العمامة‪ .‬ومضت العزة بالعمامة أبعد من ذلك‪ ،‬حيث ُع ّد من إكرام‬ ‫الرجل ضيفه أو صاحبه أن يلبسه عمامته‪.‬‬ ‫وكانت العمامة قديماً مكاناً آمناً لحفظ أ‬ ‫الشياء‪ ،‬حيث اشتهر العرب حينها‬ ‫م�لة جيوبهم ت‬ ‫ي�لون عمائمهم نز‬ ‫بأنهم نز‬ ‫ح� إن اللصوص كانوا يحرصون‬ ‫عىل اختطاف عمائم المسافرين للظفر بما تحتويه من غنائم‪.‬‬ ‫وال تتوقف وظائف العمامة عند هذا الحد‪ ،‬فكانت تستخدم ف ي� تكتيف‬ ‫ن أ‬ ‫س�‪ ،‬ولهذا تحفل حكايات ألف ليلة وليلة بقصص من‬ ‫السج� وال ي‬ ‫ي‬

‫ين‬ ‫وللبقال�‬ ‫ولهذا كان الجاحظ يقول‪« :‬للخلفاء ِع َّمة‪ ،‬وللفقهاء ِعمة‪،‬‬ ‫وللعراب عمة‪ ،‬وللصوص عمة‪ ،‬أ‬ ‫عمة‪ ،‬أ‬ ‫وللبناء عمة‪ ،‬وللروم والنصارى‬ ‫عمة‪ ،‬أ‬ ‫ولصحاب التشاجي عمة»‪.‬‬ ‫وخالفاً للوظائف الحيوية‪ ،‬كانت للعمامة وظيفة مميتة‪ ،‬إذ كانت‬ ‫ف‬ ‫بكث�ين إىل حتفهم باالنتحار‬ ‫تستخدم ي� الخنق والشنق‪ ،‬وربما أودت ي‬ ‫يحك ابن بطوطة ف ي� رحالته ‪-‬‬ ‫طوعاً أو كرهاً‪ .‬وكان أهل الهند ‪ -‬كما كان ي‬ ‫يضعون العمامة عىل أعناق خيولهم إذا أرادوا الموت‪.‬‬ ‫ولم تندثر العمامة من حياة العرب اليوم‪ ،‬فما زال يرتديها أهل مكة‬ ‫واليمني�ن‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫والموريتاني�‬ ‫والسوداني�‬ ‫والعماني�‬ ‫السعودي�‪،‬‬ ‫وجدة من‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫المرصي� والطوارق‪.‬‬ ‫وبعض‬ ‫ي‬ ‫الشه�ة ي ن‬ ‫يز‬ ‫ب� أهل الحجاز عن يغ�ها‬ ‫وتم�ت العمامة المكية (الغبانة)‬ ‫ي‬ ‫من العمائم بنسيجها ونقوشها وطريقة لفها‪ ،‬وما زال أبناء الحجاز‬ ‫يجتهدون ف ي� تطويرها بلمسات حداثية لتواكب العرص وتواجه‬ ‫االندثار‪.‬‬

‫‪Mohammad Al-Khabbaz‬‬

‫أك� من أي وقت ض‬ ‫السالم ترسخت مكانة العمامة ث‬ ‫م�‪ ،‬وثبت عن‬ ‫بعد إ‬ ‫الرسول ‪-‬صىل هللا عليه وسلم‪ -‬أنه كان يلبس العمامة ويلبس تحتها‬ ‫القلنسوة‪ ،‬وكانت لديه عمامة اشتهرت بالسحاب وعندما دخل مكة‬ ‫فاتحاً كانت عليه العمامة السوداء‪.‬‬

‫قبضوا عليه وأوثقوه بعمامته‪ .‬وكان لف العمامة عىل الرأس وحول‬ ‫العنق دليال عىل االنقياد والطاعة أ‬ ‫للسياد والملوك ويقولون «فالن‬ ‫ً‬ ‫عمامته ف ي� عنقه»‪.‬‬


‫‪95 | 94‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫ين‬ ‫والمسلم�‪ ،‬فقد لبسها منذ‬ ‫ولم تنحرص العمامة كذلك ف ي� العرب‬ ‫وقت قديم أ‬ ‫الوروبيون واختلف المؤرخون ف ي� شكلها وموادها المصنعة‬ ‫منها‪ .‬وما زالت العمامة ي ز‬ ‫تم� ِع ْل َية القوم ف ي� بعض الطوائف‪ ،‬حيث‬ ‫يلبسها كبار رجال الدين عندهم وتسمى العمامة المكورة أو المكولسة‬ ‫وفلسط�‪ ،‬وهي نوعان أ‬ ‫ين‬ ‫الوىل عادية‬ ‫وكانت مقصورة عىل لبنان‬ ‫بطربوش أحمر ملفوف بقماشة بيضاء والثانية هي العمامة المكولسة‬ ‫ت‬ ‫نس‪.‬‬ ‫ال� تعود إىل ما قبل أيام االنتداب الفر ي‬ ‫ي‬

‫طاقية اإلخفاء‪ :‬حلم في طور التحقق‬ ‫كانت قبعة إالخفاء وما زالت‪ ،‬حلماً طفولياً يالزم الصغار والكبار عىل‬ ‫حد سواء‪ ،‬أمنية تدغدغ رغباتنا إالنسانية ف ي� التملص من قبضة الدنيا‬ ‫والسياحة ف� عالم الغيب مع مخلوقاته ت‬ ‫ال� ترانا وال نراها‪ ،‬مثلما‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫ً‬ ‫تمثل قبعة إالخفاء عند البعض تحقيقا لرغباته ال�يرة ي� الهروب‬ ‫من استحقاقات الواقع أو استحقاقات آ‬ ‫الخرين عليه‪ ،‬أو حينما ي ُهم‬ ‫أحدهم بفعل شائن ال يغتفره خجل إالنسان من نظر إالنسان‪،‬‬ ‫يل�تدي الطاقية السحرية ويفعل أفاعيله دون أن تمتد إليه نظرات‬ ‫الناس أو سلطتهم بالتقريع أو المنع أو المحاكمة‪.‬‬

‫أما عند طائفة السيخ ف ي� الهند‪ ،‬فيجب عىل كل فرد ارتداء العمامة‬ ‫بألوان ترمز إىل ش‬ ‫ال�ف والهوية الدينية وحرصاً عىل تغطية الشعر يغ�‬ ‫المقصوص‪ ،‬وهي عمامة طويلة قد تبلغ ثمانية أمتار ويلبسها السيخي‬ ‫منذ أن يبلغ الخامسة من عمره‪.‬‬

‫إذا ق ُّدر لطاقية إالخفاء أن تدخل عالم السينما العربية كموضوع‬ ‫أساس من مواضيعها‪ ،‬فإن هذه الطاقية قد خطت بالفعل خطوات‬ ‫حقيقية نحو التحقق عىل أرض الواقع بع� باب ت‬ ‫االخ�اعات الحديثة‪.‬‬ ‫ويرجو الباحث أ‬ ‫مريك بجامعة تكساس أندري ألو أن تتم والدة‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫طاقية إالخفاء الحقيقية عىل يديه الماهر ي ن‬ ‫ت� ف ي� تقنيات الخداع‬ ‫البرصي لدرجة الشهرة‪ ،‬حيث ظل يعمل عىل تصميم قبعة بوسعها‬ ‫ش‬ ‫�ء تحتها‪.‬‬ ‫إخفاء أي ي‬

‫الطرطور‪ :‬قبعة السخرية والعقاب‬

‫تروي حكايات ألف ليلة وليلة أن سيدة ف� مقتبل عمرها قالت أ‬ ‫لل يم�‬ ‫ي‬ ‫ش(�كان) بعد أن رصعته ف ي� مبارزة وهي تضحك‪« :‬كأنك طرطور بدوي‬ ‫تحولت هذه المقولة فيما بعد إىل مثل يتداوله‬ ‫تقع من بطشة» وقد َّ‬ ‫الناس‪.‬‬ ‫اط�هم إىل‬ ‫كان البسو الطرطور من أهل البادية المرصية يحتفون بطر ي‬ ‫الدرجة ت‬ ‫ال� جعلتهم يقسمون بها عىل ما أرادوا تعظيمه أو الصدق‬ ‫ي‬ ‫فيه‪ .‬وهو ما نقلته حكايات ألف ليلة وليلة‪ .‬وكان الطرطور ف ي� بداية‬ ‫أ‬ ‫ول� القول والجانب ت‬ ‫المر يرمز إىل السماحة ي ن‬ ‫ح� إن البسه حينما يقول‬ ‫ض‬ ‫ن‬ ‫يع� ي ن‬ ‫ل� عريكته وإمكانية‬ ‫إن «طرطوري يقع من أول �بة» فإنه ي‬ ‫تبديل رأيه‪ ،‬إال أن الصورة المضحكة والمستخفّة بالطرطور كقبعة‬ ‫ت‬ ‫كب�‬ ‫ال� يلبسها الناس‪ ،‬لم ترتسم بشكل ي‬ ‫مثلها مثل ي‬ ‫كث� من القبعات ي‬ ‫إال عند سكان المدن الذين كانوا يستخفون آنذاك بالبدو الذين يلبسون‬ ‫اط�‪.‬‬ ‫الطر ي‬

‫ت‬ ‫ين‬ ‫المشارك� عىل‬ ‫ال� طرحها ألو وباحثوه‬ ‫وتعتمد فكرة قبعة إالخفاء ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تعتمد عىل وجود مصدر خارجي للطاقة‪،‬‬ ‫استخدام التقنية ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تشتغل عىل انتشار الموجات الضوئية‬ ‫بعكس تقنية النانو ي‬ ‫المؤمل أن يحوز نجاح هذه التقنية الجديدة‬ ‫وتحويل اتجاهاتها؛ ومن ّ‬ ‫العسكري� أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ين‬ ‫والمشتغل� بصناعة ال�فيه‪ ،‬بجانب‬ ‫والطباء‬ ‫عىل اهتمام‬ ‫ي‬ ‫والالسلك‪.‬‬ ‫مساعدتها عىل تطوير تقنيات االتصال الخلوي‬ ‫ي‬ ‫وكان ألو قد رصح لوسائل إالعالم بأن القبعة المراد إنتاجها ستحتوي‬ ‫ومك�ات تستخدم لرفع قدرة‬ ‫عىل شبكة كهربائية‪ ،‬وبطارية‪ ،‬ب‬ ‫إالشارات‪ .‬وسيكون باستطاعتها تخفيض تشتت الضوء ضمن مجال‬ ‫كث�اً من مشاريع الخداع البرصي تعتمد‬ ‫ويش� إىل أن ي‬ ‫تال�ددات؛ ي‬ ‫ف‬ ‫معينة أو لدى استخدام موجة واحدة‬ ‫عىل حجب الرؤية ي� ظروف َّ‬ ‫الكهرومغناطيس‪ ،‬إال أنهم يريدون أن يجعلوا قبعة إالخفاء‬ ‫للشعاع‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫تعمل ضمن مجال واسع للموجات الكهرومغناطيسية‪.‬‬

‫أ‬ ‫اط� أن جعلت ملبساً لرأس المجرم‪ ،‬والعدو‬ ‫وقد وصل المر بالطر ي‬ ‫المنهزم‪ ،‬والتصقت بها منذ ذلك الوقت صفة السخرية والضعة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أس�ه غي‬ ‫أج� ي‬ ‫يو� خالل حصاره للقدس‪ ،‬ب‬ ‫ويُروى أن صالح الدين ال ب ي‬ ‫دي لوزينيان عىل ارتداء طرطور وأجلسه عىل حمار واستعرضه أمام‬ ‫الفرنجة المحارصين ف ي� المدينة لزعزعة معنوياتهم‪ .‬إىل أن ظهرت‬ ‫«قبعة أ‬ ‫الغبياء» المخروطية الورقية‪ ،‬ت‬ ‫ج� عىل ارتدائها تالميذ‬ ‫ال� كان يُ ب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫تقص�هم ف ي� واجباتهم‬ ‫المدارس إمعاناً ي� معاقبتهم عىل شقاوتهم أو ي‬ ‫ف‬ ‫كث� من‬ ‫وتحولت هذه القبعة إىل (أيقونة) للغباء ي� ي‬ ‫المدرسية‪َّ ،‬‬ ‫الثقافات الشعبية والرسوم الكاريكاتورية المتحركة‪.‬‬ ‫‪thinkstock / Mirjana Jovic‬‬

‫الطربوش بدالالته المتناقضة‬

‫لمع نجم الطربوش ف ي� البالد العربية خالل العرص الحديث ‪ -‬كقبعة‬ ‫حمراء ذات ذيل خيطي أسود يتدىل من أعالها ‪ -‬بفضل أ‬ ‫التراك‪ ،‬وخفت‬ ‫بريقه –للمفارقة‪ -‬عىل يد أ‬ ‫التراك أنفسهم‪ .‬فأول من فرض لبس‬


‫الطرابيش ف ي� البالد العربية كانوا هم الوالة العثمانيون‪ ،‬كما أن أول من‬ ‫ف‬ ‫تعب�اً عن محاربته‬ ‫حارب ارتداء الطربوش ي� تركيا هو كمال أتاتورك‪ ،‬ي‬ ‫ال بم�اطورية العثمانية‪ .‬لكن المؤكد أن الطربوش كان‬ ‫لكل مظاهر إ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫المؤرخ�ن‬ ‫كث� من‬ ‫ي‬ ‫سابقاً للتراك ولوجودهم ي� البالد العربية‪ .‬إذ يؤكد ي‬ ‫والمست� ي ن‬ ‫ق� أن الطربوش ظهر مع مطلع القرن السادس ش‬ ‫ش‬ ‫ع�‬ ‫العرب‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ال� هي �بوش‬ ‫الميالدي وقيل إنه‬ ‫تحريف لكلمة رسبوش الفارسية ي‬ ‫ف‬ ‫ف ي� العربية‪ ،‬وكان متداوال ً ي� مرص بمسمى الشاشية وهو االسم نفسه‬ ‫الذي يُعرف به ف ي� المغرب‪ .‬وكان شائعاً ف ي� سوريا ويختلف عن المرصي‬ ‫بعدم مالمسته الكاملة للرأس وميالنه إىل أحد جوانبه‪.‬‬ ‫وكان الطربوش ف ي� السودان قبعة شائعة االستخدام يرتديه موظفو‬ ‫ين‬ ‫والمثقف� الذين كانوا يُعرفون‬ ‫الدولة والفقهاء وتالميذ المدارس‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫بالفندية‪ ،‬كما كان رمزاً اشتهر به قادة حركة اللواء البيض الذين‬ ‫كانوا يُعرفون بثوار حركة ‪1924‬م فاتخذ بعضهم الطربوش انحيازاً‬

‫ورشة بلحسن الطرودي‬ ‫لصنع الطربوش بتونس‬

‫القبعة في الشعر العربي المعاصر‬ ‫ف‬ ‫العر�‬ ‫ورد ذكر القبعة ي� الشعر ب ي‬ ‫المعارص بدالالت مختلفة كل االختالف‬ ‫تع� عن‬ ‫عن بعضها‪ ،‬والمختارات التالية ب ِّ‬ ‫تنوعها‪:‬‬

‫ت‬ ‫ال�‬ ‫آه من قبعة الشمس ي‬ ‫يلهث الصيف عىل خيطانها‬

‫ويفر دمي مذعوراً ف ي� كل اتجاه‬ ‫ّ‬ ‫ليس يل ِع ْل ُم الحوا ْة‬ ‫أنا َ‬ ‫ن‬ ‫قبا�)‬ ‫(محمد الماغوط)‬ ‫(نزار ي‬

‫****‬ ‫****‬ ‫َلبست آ‬ ‫َ ي ْك أُ‬ ‫ال َن ق َُّب َعةً بَعيداً‬ ‫كانوا ثالثة عائدين‬ ‫من الحصا ْة‬ ‫الجب َل‬ ‫خر َج‬ ‫ِ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫العظيم َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫عن أ‬ ‫آالف الفوارس أ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫جون‬ ‫الش‬ ‫د‬ ‫عتا‬ ‫م‬ ‫وطان‬ ‫ال‬ ‫قديم‬ ‫وجندي‬ ‫وابنته‪،‬‬ ‫شيخ‪،‬‬ ‫انب‬ ‫ر‬ ‫كال‬ ‫ـر‬ ‫ج‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ِ ُ َ ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ت‬ ‫مامةَ‬ ‫الع‬ ‫أضع‬ ‫م�‬ ‫فإ�‬ ‫‪..‬‬ ‫الجرس‬ ‫عند‬ ‫يقفون‬ ‫ـعات‬ ‫ُب‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫طون‬ ‫ب‬ ‫من‬ ‫شكل ن يِّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ِ َّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫فإن ِه َي غ ي َّ َ​َ� ْت ي‬ ‫ن‬ ‫تعرفو�‬ ‫وبعد‬ ‫قبعة‪،‬‬ ‫الليل‬ ‫وكان‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ن‬ ‫نعسا‬ ‫الجرس‬ ‫كان‬ ‫ليس يل ِع ْل ٌـم‬ ‫أنا‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫الشجاعة ف� ن‬ ‫الجارم)‬ ‫(عل‬ ‫يصلون‬ ‫دقائق‬ ‫القنا�‬ ‫بتعبئة‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ ي‬ ‫ي‬ ‫هل ف‬ ‫تال‬ ‫ثم‬ ‫فتاح‬ ‫الم‬ ‫س‬ ‫وتحس‬ ‫؟‬ ‫ماء‬ ‫البيت‬ ‫�‬ ‫حصان !‬ ‫إىل‬ ‫الخروف‬ ‫تحويل‬ ‫فن‬ ‫أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫شاعراً‬ ‫****‬ ‫آية‬ ‫آن‬ ‫ر‬ ‫الق‬ ‫من‬ ‫ال‬ ‫إ‬ ‫لست‬ ‫أنا‬ ‫ُ ّ ِ‬ ‫ف‬ ‫نز‬ ‫ال أعرف كيف أجلس هكذا‬ ‫منتعشا‪ :‬وكم من م�ل ي�‬ ‫قال الشيخ‬ ‫العار‬ ‫ً‬ ‫أَ ُ‬ ‫برصت َ‬ ‫نار ِ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ناشبةً‬ ‫أس قبعة الكون ويداي ف ي� جنون‬ ‫الرض يألفه الف�‬ ‫بأرديـة الغُ فا ْة‬ ‫ِ‬ ‫ر ي‬ ‫متعباً وال حزيناً‬ ‫ولكن المنازل يا ب يأ� أطالل‬ ‫فرصخت ‪ُ :‬ه ّبـوا للنجا ْة‬ ‫لست َ‬ ‫ُ‬ ‫قالت‪ّ :‬‬ ‫ض‬ ‫أرى البياض أبراج الفو�‬ ‫(أحمد مطر)‬ ‫فأجاب‪ :‬تبنيها يدان‬ ‫ت‬ ‫اح� جنةُ الكالم‬ ‫(محمود درويش)‬ ‫****‬ ‫ألم ُس ِ‬ ‫َ‬ ‫الح ب َ� ور ي‬ ‫ش‬ ‫حداد)‬ ‫(قاسم‬ ‫الجنـاس لهـا‬ ‫لت‬ ‫َص‬ ‫ف‬ ‫»‪..‬‬ ‫ون‬ ‫وع�‬ ‫«بضع‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫****‬ ‫«عارضـة»‬ ‫أعطـاف‬ ‫عىل‬ ‫»‬ ‫ي‬ ‫«ز‬ ‫تفصيل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍّ‬ ‫****‬ ‫مز طربوشاً يُـ َظـ ِّل ُل ُه‬ ‫ما إن أرى ورقةً رسميةً عىل عتبة‬ ‫ُ‬ ‫أهديت َّ‬ ‫لـلر ِ‬ ‫يثب الفنجان من لهفته‬ ‫بخلت عىل المع َنـى ِبـق َُّب َع ِة‬ ‫وما‬ ‫أو قبعةً من فرجة باب‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ف ي� يدي‪ ،‬شوقاً إىل فنجانها‬ ‫(جاسم محمد الصحيح)‬ ‫ح� تصطكّ عظامي ودموعي ببعضها‬


‫‪97 | 96‬‬

‫‪thinkstock‬‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫‪thinkstock‬‬

‫لم يعد للطربوش الملبوس على‬ ‫الرأس سوى سيرة التاريخ القديم‬ ‫يستذكرها الناس في الكتب والفلكلور‬ ‫والمتاحف واألعمال السينمائية‬

‫‪thinkstock‬‬

‫‪shutterstock‬‬

‫لمرص وثورتها بقيادة سعد زغلول كمقابل ثوري يرمز لرفض إمالءات‬ ‫ال� ن‬ ‫يطا� الذي كان يريد أن يعمم القبعة بدال ً للطربوش‬ ‫االستعمار ب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الذي ارتبط بالحكم ال� يك ي� مرص والسودان‪.‬‬ ‫ف‬ ‫نس‪ ،‬أصبح ارتداء الطربوش رمزاً‬ ‫ي‬ ‫و� لبنان خالل مرحلة االنتداب الفر ي‬ ‫السياس‪ .‬فالذين كانوا يعتمرونه كانوا من أنصار االستقالل عن‬ ‫لالنتماء‬ ‫ي‬ ‫فرنسا واالنضمام إىل سوريا‪ ،‬أما الذين ارتدوا القبعات الغربية‪ ،‬فكانوا‬ ‫ين‬ ‫المتحفظ� عىل الوحدة مع سوريا‪.‬‬ ‫من أنصار االنتداب‪ ،‬أو أقله من‬ ‫س�ة‬ ‫أما اليوم فما عاد للطربوش الملبوس عىل الرأس سوى ي‬ ‫التاريخ القديم يستذكرها الناس ف ي� الكتب والفلكلور والمتاحف‬ ‫أ‬ ‫والعمال السينمائية‪ .‬وعىل الرغم من ذلك‪ ،‬يظل الملمح‬ ‫النها�‪ ،‬فما زالت أ‬ ‫ئ‬ ‫الرس‬ ‫االجتماعي للطربوش عصياً عىل الزوال‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� ارتبطت بصناعة الطرابيش تحتفظ به ي� ذاكرتها‬ ‫العربية ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ال�‬ ‫ابي� ي� الشام ي‬ ‫العائلية وأسماء شهرتها يب� الناس‪ ،‬كعائلة طر ي‬ ‫اشتهرت قديما بتصنيع الطرابيش‪.‬‬

‫أغطية رؤوسنا اليوم‬

‫‪Yousef Al-Dubaisi‬‬

‫يكاد الشماغ العر� بطرزه المختلفة أن يكون غطاء الرأس أ‬ ‫القوى‬ ‫بي‬ ‫ن‬ ‫حضوراً ف ي� عالمنا اليوم‪ ،‬من يب� كل أنواع أغطية الرأس والقبعات‬ ‫ين‬ ‫للمالي� ف ي� كل دول‬ ‫المعتمرة ف ي� العالم‪ .‬فهو جزء من اللباس اليومي‬ ‫الجزيرة العربية‪ ،‬وأيضاً ف� العراق وسوريا وإىل حد ما ف� أ‬ ‫الردن ومرص‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫تحول عن جدارة إىل رمز من رموز االنتماء إىل الهوية‬ ‫وبذلك يكون قد َّ‬ ‫العربية ف ي� نظر كل من يراه من شعوب العالم المختلفة‪.‬‬ ‫وبعد الشماغ التقليدي‪ ،‬وبمسافة شاسعة‪ ،‬تظهر عندنا وعىل رؤوس‬ ‫شبابنا قبعات من طرز مستوردة‪ ،‬قد يكون أشهرها قبعة «البايسبول»‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� يرى الشبان أنها سهلة االستخدام‪ ،‬ولربما رأوا فيها أيضاً‬ ‫المريكية ي‬ ‫تعب�اً عن انتمائهم إىل «الحداثة»‪ ،‬بسبب رواجها العالمي‪ .‬ولكن‪،‬‬ ‫ي‬


‫أشهر مصممي القبعات‬ ‫كث� من‬ ‫مس�ة التصنيع إ‬ ‫البداعي للقبعات الممتدة‪ ،‬اشتهر ي‬ ‫خالل ي‬ ‫مصممي القبعات عىل مستوى العالم بتصميم قبعات جذَّ ابة‬ ‫النسانية‪ .‬فعرف الناس منذ القرن‬ ‫ومتماشية مع الموضة والحاجة إ‬ ‫أ‬ ‫ض‬ ‫سكاب�يلل ال�ت‬ ‫الما� عديداً من السماء الالمعة أمثال إيلسا ي ي ي‬ ‫ي‬ ‫نقلت القبعات النسائية من محطات الرصامة إىل الطرافة متعاونة‬ ‫دال‪ ،‬ثم أعقبتها‬ ‫لتحقيق هذا الهدف مع فنان الرسيالية سلفادور ي‬ ‫أ‬ ‫نس كريستوبل بالنسياغا الذي‬ ‫ال‬ ‫مريكية ي‬ ‫ليل داشيه‪ ،‬والمصمم الفر ي‬ ‫لفت أ‬ ‫النظار بتصاميمه الضئيلة والمتضخمة للقبعات‪ ،‬ثم ظهرت‬ ‫ن‬ ‫أرما�‪،‬‬ ‫تريس‪،‬‬ ‫فيفان ويستوود‪ ،‬وفيليب‬ ‫ي‬ ‫أوليفي� شانان‪ ،‬جيورجيو ي‬ ‫ي‬ ‫جون غاليانو‪ ،‬مارك جايكوبس‪ ،‬ستيفن‬ ‫ن‬ ‫الشه� أكيو‬ ‫اليابا�‬ ‫جونز‪ ،‬والمصمم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ه�اتا‪ ،‬ولن ننىس المصمم‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫فوك‬ ‫الس� يال فريمان ي‬ ‫صمم‬ ‫الذي ّ‬ ‫أ‬ ‫قبعات لل يم�ة‬ ‫ديانا وهيالري‬ ‫كلينتون وجوان‬ ‫كولي� ونجوم أ‬ ‫نز‬ ‫الفالم‬ ‫وقدم مئات‬ ‫الكالسيكية َّ‬ ‫ز‬ ‫إل�ابيت‬ ‫القبعات للملكة ي‬ ‫خالل ي ن‬ ‫ثالث� عاماً‪.‬‬

‫لحسن الحظ ال تزال الطرز المستوردة هذه أضعف وأقل شأناً من أن‬ ‫تنافس الشماغ عىل مكانته‪.‬‬

‫المثال‬ ‫نصيب القبعات من أ‬

‫ •إذا أردت ان ترأس فعليك بقبعة رأس‪.‬‬ ‫كث�ة‪ ،‬لكن ال ماشية‪.‬‬ ‫ •قبعات ي‬ ‫ •لبس القبعة‪ ،‬ولحق ربعه‪.‬‬ ‫ •الغاوي ينقط بطاقيته‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ •منكس الطاقية وعاملها عن�ية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫قل� يا بهية زي حب القرع للكوفية‪.‬‬ ‫ •حبك ي� فب ي‬ ‫ •طاقية ده ي� راس ده‪.‬‬ ‫ •الطاقية لو وقعت من الراس بتلزم الكتف‪.‬‬ ‫ •عريان والبس طاقية‪.‬‬ ‫ •ر ن ف‬ ‫قحفية‪.‬‬ ‫ي‬ ‫اس� ي� ّ‬

‫ت‬ ‫ال� تلعب عند شعوب العالم الدور‬ ‫أما أغطية الرأس والقبعات ي‬ ‫كث�ة‪ ،‬نذكر‬ ‫العر� عىل مستوى الهوية‪ ،‬فهي ي‬ ‫الذي يلعبه الشماغ ب ي‬ ‫منها‪:‬‬ ‫• قبعة الهنود الحمر‬ ‫• قبعة رعاة البقر(الكاوبوي)‬ ‫(سوم�يرو)‬ ‫• القبعة المكسيكية‬ ‫ب‬ ‫• القبعة الروسية (أوشنكا)‬ ‫• القبعة الكولمبية (فيولتياو)‬ ‫• القبعة القوقازية (باباخا)‬ ‫• القبعة الصينية‬ ‫• القبعة أ‬ ‫ال ت‬ ‫س�الية (أكوبرا)‬ ‫• القبعة الفلبينية (ساالكوت)‬ ‫(ب�يه)‬ ‫• القبعة الفرنسية ي‬


‫‪99 | 98‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬ ‫‪almohtaraf Assaudi / Zaki Ghawwas‬‬

‫القبعات الرياضية‪..‬‬ ‫أشكال وألوان‬

‫‪shutterstock‬‬

‫العبو البيسبول‪ :‬قبعة أنيقة وخفيفة وقد تستخدم خارج‬ ‫المالعب‪.‬‬ ‫ف‬ ‫راكبو الدراجات البخارية‪ :‬قبعة قوية ي� شكل خوذة لكامل‬ ‫الرأس‪.‬‬ ‫راكبو الدراجات الهوائية‪ :‬قبعة ذات فتحات لتهوية الرأس‪.‬‬ ‫السباحون‪ :‬قبعة مطاطية تلتصق بالرأس تص ّنع عادة من‬ ‫السيلكون‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫العبو كرة القدم المريكية‪ :‬قبعة حديدية ي� شكل خوذة‬ ‫تغطي كامل الرأس‪.‬‬ ‫أ‬ ‫الهوك‪ :‬قبعة حديدية تشبه قبعة كرة القدم المريكية‪.‬‬ ‫العبو‬ ‫ي‬ ‫الث�ان‪ :‬قبعة خفيفة مستديرة قد تكون سوداء أو‬ ‫مصارع ي‬ ‫حمراء‪.‬‬

‫أرني قبعتك أقل لك َم ْن أنت‬

‫‪shutterstock‬‬

‫كب� بقبعاتها‪ .‬من هذه المهن الطب‬ ‫كث�ة إىل حد ي‬ ‫واليوم ترتبط مهن ي‬ ‫ال سيما قبعة الطبيب حينما يدخل غرفة العمليات وهي غالباً قبعة‬ ‫ض‬ ‫خ�اء أو زرقاء خفيفة وشفَّافة‪ ،‬بينما ي ز‬ ‫تتم� الممرضات بقبعة بيضاء‬ ‫صغ�ة تزيّن مقدمة الرأس‪ ،‬وهي قبعة ترتديها الممرضات من دون‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الممرض� الرجال‪ .‬أما الطهاة فيمتازون بقبعة بيضاء طويلة ومستقيمة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫قد تنتهي أحياناً بتكورات منتفخة‪ ،‬وقيل إنها أخذت هذا الشكل لتسمح‬ ‫ين‬ ‫الطباخ�‪ .‬ومن‬ ‫بتسهيل مرور الهواء وتقليل أثر حرارة المطبخ عىل‬ ‫الذين ترى قبعاتهم فتعرف وظائفهم‪ :‬العسكريون بكافة رتبهم‪ ،‬ورجال‬ ‫ش‬ ‫والصيادون وعمال البناء‬ ‫والبحارة‪ ،‬والطيارون‬ ‫ال�طة‪ ،‬ورجال إالطفاء‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫والمناجم‪ .‬أما إذا كنت معتمراً قبعة زرقاء فأنت تنتسب إىل بعثة من‬ ‫المنت�ة ف� العالم لحفظ أ‬ ‫بعثات أ‬ ‫المن والسالم‪ .‬بينما‬ ‫المم المتحدة‬ ‫ش ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تتدىل منها خيوط حمراء أو‬ ‫لو كنت معتمرا للقبعة السوداء المربعة ي‬ ‫سوداء فأنت خريج جامعي عىل أعتاب مهنة جديدة‪.‬‬


‫حتى القبعة صارت ذكية!‬

‫للقبعات جمعيات‬

‫ألن المكان الذي تعلوه القبعة هو المكان أ‬ ‫الغىل عند‬ ‫النسان (الرأس)‪ ،‬كان البد للدراسات الحديثة أن تمنح‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫بعض وقتها للقبعات‪ .‬صارت القبعة مجاال ً لتطبيق الفكار‬ ‫الجديدة وإنزالها عىل أرض الواقع عىل نحو ما نشاهده‬ ‫ح� آلخر عن ت‬ ‫ونسمعه من ي ن‬ ‫اخ�اعات جديدة ف ي� شكل‬ ‫النسان عىل مواجهة أمراضه باقتدار‪ .‬من‬ ‫قبعات تساعد إ‬ ‫هذه ت‬ ‫التعب� عن المشاعر) وهي قبعة‬ ‫االخ�اعات (قبعة‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫بأذن� يرتديها الشخص فتتحرك طبقاً الختالجات مشاعره‬ ‫آ‬ ‫الرادية‪ .‬فإذا شعر بالحزن تنخفض الذان‬ ‫وغ� إ‬ ‫إ‬ ‫الرادية ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ألسفل‪ ،‬وتقف ي� حالة السعادة وته� ي� حالة الشعور‬ ‫ن‬ ‫بالتسلية‪ ،‬ويستفاد من هذا ت‬ ‫اليابا� ف ي� تسهيل‬ ‫االخ�اع‬ ‫ي‬ ‫التعب� عن المشاعر المكبوتة بتحويله لما يحدث �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫العصاب إىل حركة مرئية‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫يابا� آخر لقبعة ذكية لمراقبة نشاط الدماغ‪،‬‬ ‫وثمة اخ�اع ي‬ ‫وتستخدم هذه القبعة التحليل الفوري لنشاط الدماغ عن‬ ‫الشعاعات الضوئية للصمامات وعرض‬ ‫تغ� ألوان إ‬ ‫طريق ي ّ‬ ‫النتائج عىل شاشة تلفزيونية‪.‬‬ ‫ض‬ ‫وتم� ش�كة سويدية ف ي� تجربة قبعة تدعى (ديجنيكاب)‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫تقي ض‬ ‫ين‬ ‫الكيميا� من‬ ‫الخاضع� للعالج‬ ‫مر� الرسطان‬ ‫ي‬ ‫ي�د بصيالت‬ ‫تساقط الشعر‪ ،‬وتحوي القبعة عىل مرهم ب ّ‬ ‫الكيميائية الموجودة �ف‬ ‫الشعر ويحد من امتصاصها للمواد‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫حوال‬ ‫العالج‪.‬‬ ‫ويؤمل مخ�عو هذه القبعة أن يستفيد منها ي‬ ‫أ‬ ‫ض‬ ‫‪ %65‬عىل القل من مر� الرسطان الذين يتلقون العالج‬ ‫ئ‬ ‫جان� للعالج‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الكيميا� ويخرسون بسببه شعرهم كأثر ب ي‬ ‫للكث�ين ضأ�اراً نفسية بالغة تؤثر عىل‬ ‫وهو ما يسبب ي‬ ‫حياتهم االجتماعية‪.‬‬

‫ال يعرف قيمة القبعات إال من ينتسب إليها‪ .‬ش�ف االنتساب‬ ‫ن‬ ‫المد�‬ ‫كث� من جمعيات المجتمع‬ ‫إىل القبعات تتقلده ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� تتمركز حول القبعة وتساهم ي� تطويرها‪ ،‬من هذه‬ ‫ي‬ ‫الروابط المدنية‪ :‬جمعية القبعات أ‬ ‫ت‬ ‫ال� أسست‬ ‫ال‬ ‫مريكية ي‬ ‫ف� العام ‪1908‬م بالواليات المتحدة أ‬ ‫المريكية‪ ،‬وتشتهر‬ ‫ي‬ ‫بإصدارها قائمة سنوية بأفضل معتمري القبعات ف ي� العالم‬ ‫وت�ك جمهورها ف� التصويت أ‬ ‫المشاه�‪ ،‬ش‬ ‫للفضل بع�‬ ‫من‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫و�‪.‬‬ ‫موقعها إ‬ ‫اللك� ي‬ ‫أما جمعية القبعات الحمراء بأوروبا وأمريكا فلعلها استلفت‬ ‫من أ‬ ‫الشه�ة‪« :‬أنا الذي‬ ‫نس فيكتور هوجو قولته‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ديب الفر ي‬ ‫أ‬ ‫نس القبعة الحمراء» للداللة عىل الجمال‪،‬‬ ‫ألبس الدب الفر ي‬ ‫وكذلك فعلت هذه الجمعية لتستعيد جمال النساء بعد أن‬ ‫ين‬ ‫الخمس�‪ ،‬وقيل إنها تأسست بالصدفة حينما‬ ‫يتجاوزن سن‬ ‫ت‬ ‫اش�ت سيدة أمريكية باقة زهور وقرأت مطلعاً من قصيدة‬ ‫ن‬ ‫ال ي ز‬ ‫جي� جوزيف تقول فيها‪« :‬عندما أصبح‬ ‫للشاعرة إ‬ ‫نجل�ية ي‬ ‫امرأة مسنة سأرتدي اللون البنفسجي وأضع قبعة حمراء‬ ‫ال تناسب عمري»‪ .‬لقد تفاجأت أ‬ ‫المريكية سو ي ن‬ ‫إيل� كوبر‬ ‫ت‬ ‫ال� أسستها‪ ،‬ولم يدر ف ي� خلدها أن تجد النجاح‬ ‫بالجمعية ي‬ ‫الكب�ين‪ .‬وهي تتخذ من جمعيتها هدفاً واحداً‬ ‫واالهتمام ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫الخمس� من العمر‪ .‬وتوزعت‬ ‫الال� بلغن‬ ‫ي‬ ‫هو إسعاد النسوة ي‬ ‫آ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ثالث� دولة كما تقول كوبر‪ ،‬وال يش�ط‬ ‫الن الجمعية عىل ي‬ ‫ت‬ ‫تز‬ ‫الال� تقل أعمارهن عن‬ ‫لالنضمام إليها سوى ال�ام النساء ي‬ ‫ين‬ ‫خمس� عاماً بارتداء قبعات وردية اللون‪ ،‬وأن يطلق عىل‬ ‫المرأة المؤسسة لكل فرع لقب الملكة أ‬ ‫الم‪.‬‬


‫‪101 | 100‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫القبعة في السينما‪ :‬للفكاهة‬ ‫وألناقة الفكرة وغموضها‬ ‫ف‬ ‫الفلم‬ ‫ي� عالقة القبعة بالفن السابع‪ ،‬نتذكر ِ‬ ‫العر� «طاقية إالخفاء» الذي أنتج ف ي� العام‬ ‫بي‬ ‫‪1959‬م ببطولة عبد المنعم إبراهيم وزهرة‬ ‫العال وإخراج نيازي مصطفى‪ .‬أ‬ ‫ولن القبعة‪ -‬كما‬ ‫يقول المخرج الروس ي ن‬ ‫غ� بارجانوف‪« :‬رمز‬ ‫س� ي‬ ‫ي‬ ‫للنوعية‪ ،‬إشارة نز‬ ‫لل�عات الفنية‪ ،‬وفوق كل ش‬ ‫�ء‪،‬‬ ‫ي‬ ‫هي رمز للذوق واللياقة وآداب السلوك»‪،‬‬ ‫اهتمت بها السينما الغربية‪ ،‬فظهرت بوضوح‬ ‫وفاعلية ف ي� سلسلة أفالم هاري بوتر خاصة‬ ‫فلم «هاري بوتر وحجرة أ‬ ‫الرسار» حيث يرتدي‬ ‫ِ‬ ‫تالميذ مدرسة هوغورتس «قبعة التنسيق»‬ ‫السحرية تف�يهم ما ف ي� دواخلهم‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫الما�‪،‬‬ ‫ال� تعود إىل القرن ف ي‬ ‫ومن الفالم ي‬ ‫نس الكوميدي «السيدات ي�‬ ‫ِ‬ ‫الفلم الفر ي‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫القبعات الخ�اء» الذي عرض ي� العام‬ ‫والفلم‬ ‫‪1929‬م وأخرجه أندريه يب�ثومي‪ِ ،‬‬ ‫أ‬ ‫مريك الكوميدي «القبعة العلوية» المنتج‬ ‫فال ي‬ ‫ي� العام ‪1935‬م وأدى فيه دور البطولة فريد‬ ‫أست� وجنجر روجرز‪ِ ،‬وفلم «القط ف ي� القبعة»‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫المنتج ي� العام ‪2003‬م للممثل الكندي مايك‬ ‫مايرز الذي يجسد شخصية القط اللعوب ذي‬ ‫القبعة الحمراء الطويلة الذي يُدخل البهجة ف ي�‬ ‫الم�ل بمقابل ض‬ ‫طفل� وحيدين ف� نز‬ ‫قل� ي ن‬ ‫الفو�‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫ت‬ ‫ال� تعم المكان‪.‬‬ ‫ي‬ ‫وال تنتهي الفكاهة السينمائية مع القبعات‪،‬‬ ‫الفلم إالير ن يا� «القبعة الحمراء‬ ‫فها هو ذا ِ‬

‫والطفل المدلل» للمخرج إيرج‬ ‫طهماس�‪،‬‬ ‫بي‬ ‫القياس‬ ‫استطاع ف ي� يوم واحد تحطيم الرقم‬ ‫ي‬ ‫ألعىل إيرادات مالية ف ي� دور السينما إاليرانية‪،‬‬ ‫كث�ون نجاحه إىل خفة دمه ومخاطبته‬ ‫ويرجع ي‬ ‫أ‬ ‫شل�يحة الطفال واهتمامه بالتسويق المنظم‪.‬‬ ‫ف‬ ‫الفلم الوثائقي‬ ‫و� العام ‪2008‬م عرض ِ‬ ‫ي‬ ‫«رجال مع قبعات» للمخرج ألفيس ويلسون‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� عرضت ف ي�‬ ‫ومن أفالم الحرب الفيتنامية ي‬ ‫ض‬ ‫العام ‪1968‬م نشاهد ِفلم «القبعات الخ�»‬ ‫لجون واين الذي يرسف ف ي� وصف «النبل‬ ‫والبطولة» أ‬ ‫المريكية ف ي� الحرب‪.‬‬

‫في صياغة الشخصيات السينمائية‬ ‫من شارلي شابلن إلى جوني ديب‬ ‫كث�ة ستفقد بريقها مع‬ ‫شخصيات سينمائية ي‬ ‫أول وهلة نزيل فيها قبعاتها من عىل رؤوسها‪،‬‬ ‫ألن لحم الشخصية ودمها وطبائعها ت ز‬ ‫ام�جت‬ ‫ت‬ ‫ال� ترتديها بطريقة تجعل‬ ‫مع شكل القبعة ي‬ ‫من المستحيل المجازفة بإبعادها عن قبعاتها‪.‬‬ ‫شخصيات عديدة كان لها فضل التغلغل‬ ‫ف� دواخلنا بمشاركتنا لمشاعرها‪ ،‬ارتسمت �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ز‬ ‫المم�ة‪ ،‬من هذه الشخصيات‬ ‫أذهاننا بقبعاتها ي‬ ‫السينمائية شخصية القرصان جاك سبارو �ف‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ِفلم «قراصنة‬ ‫ال� برع ف ي� أدائها‬ ‫الكاري�» ي‬ ‫بي‬ ‫الممثل ن‬ ‫جو� ديب الفائز بلقب أفضل معتمر‬ ‫ي‬ ‫للقبعة ف ي� العالم ف ي� الحياة الواقعية‪ .‬ولذلك‬


‫لم يكن غريبا أن يبدع ف ي� تقمص شخصية‬ ‫ف‬ ‫الفلم‪ ،‬ولك أن‬ ‫جاك سبارو بقبعته المخيفة ي� ِ‬ ‫ت‬ ‫ال� ظهرت بها‬ ‫تعرف أن قبعة البحارة الجلدية ي‬ ‫ن‬ ‫جو� ديب‬ ‫شخصية سبارو كانت من إضافات ي‬ ‫عىل الشخصية‪.‬‬ ‫تشارل شابلن‬ ‫واشتهر الممثل الكوميدي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� عندما بيعت حققت‬ ‫بقبعته السوداء ي‬ ‫ث‬ ‫أك� من ثمانية ش‬ ‫ع� ألف دوالر‪ .‬وكان للقبعة‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫كب� ف ي� نجاح‬ ‫دور ي‬ ‫شخصية (ذا ترامب) ي‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫تشارل شابلن ي� القرن الع�ين‪،‬‬ ‫امتاز بها‬ ‫ي‬ ‫يعتمر هذه القبعة ف� جوالته �ف‬ ‫وكان شابلن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الواليات المتحدة وإنجل�ا‪ ،‬وأصبح بقبعته‬ ‫الممثل� إال ي ز‬ ‫ين‬ ‫نجل� ف ي� نهايات‬ ‫الهزلية من أفضل‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫الحرب العالمية الوىل‪ .‬إذ طالما كان مرصا عىل‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫لتكمل‬ ‫اختيار القبعة ّ‬ ‫شخصية الصعلوك ي‬ ‫أ‬ ‫اعت�ت من الشخصيات الساسية لشابلن المرح‬ ‫ب‬ ‫والمضحك‪.‬‬ ‫يطال سوبر ماريو‬ ‫أما شخصية السباك ف إال ي‬ ‫فظهرت كلعبة فديو ي� ثمانينيات القرن‬ ‫ن‬ ‫ض‬ ‫شيغ�و‬ ‫الما� عىل يد المصمم‬ ‫اليابا� ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫مياموتو‪ ،‬وظلت تطور نفسها مع تطور تقنيات‬ ‫أ‬ ‫الكاريكات�ية‪ .‬وقيل إن قبعة‬ ‫اللعاب والرسوم‬ ‫ي‬ ‫ماريو الحمراء ما كان لها لتظهر إىل الوجود‪،‬‬ ‫لوال عجز الرسام عىل إيجاد شعر مناسب‬ ‫الكاريكات�ية‪.‬‬ ‫للشخصية‬ ‫ي‬ ‫وتشتهر ف� أوساط أ‬ ‫الطفال‪ ،‬قبعة رامي الصياد‬ ‫ي‬ ‫الصغ� ف� مسلسل الرسوم المتحركة ال�ت‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫أنتجته ش�كة «نيبون أنيميشن اليابانية» عام‬ ‫‪1980‬م‪ ،‬مقتبساً من سلسلة مانغا للمؤلف‬ ‫ن‬ ‫ياغوت�‪ .‬ي ز‬ ‫ش‬ ‫وتتم� شخصية رامي‬ ‫اليابا� تاكاو‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الكب�ة‬ ‫المحب لصيد السمك‪ ،‬بقبعة الصيادين ي‬ ‫والمستديرة‪.‬‬ ‫الطفول‪ ،‬مسلسل‬ ‫واكتسب ذات االهتمام‬ ‫ي‬ ‫الرسوم المتحركة «أسطورة زورو» المن َتج‬ ‫ليحك عن شخصية زورو‬ ‫شب�اكة إيطاليةأ يابانية ي‬ ‫الذي يواجه ال ش�ار بوجه مق ّنع ورأس مغ ّطى‬ ‫بقبعة سوداء‪ ،‬كما شاهدناه ف ي� الحلة نفسها ف ي�‬ ‫ئ‬ ‫ِفلم‬ ‫سينما�‪ ،‬وقبل ذلك ف ي� القصص المصورة‬ ‫ي‬ ‫المطبوعة‪.‬‬

‫القبعة في الفن التشكيلي‬

‫أ‬ ‫ورو�‪ ،‬خاصة ف ي� مجال رسم الصور الشخصية أن‬ ‫يكاد تاريخ الفن ال ب‬ ‫ي‬ ‫يكون توثيقاً لما كانت عليه طرز القبعات وأغطية الرأس ف ي� أوروبا مند‬ ‫ت‬ ‫عينات من الفن المعارص‪،‬‬ ‫عرص النهضة وح� اليوم‪ .‬ولو توقفنا أمام ف ِّ‬ ‫ن‬ ‫سبا� بابلو بيكاسو اهتم ي� أعماله التشكيلية‬ ‫لوجدنا أن الفنان إ‬ ‫ال ي‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫الشه�ة‬ ‫بالقبعة بقدر اهتمامه بالمرأة‪ ،‬فح�ت القبعة ي� أعماله‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الشه�ة «المرأة‬ ‫كث�ة بالمرأة‪ ،‬مثل لوحته‬ ‫ي‬ ‫والمهمة مرتبطة ي� أحيان ي‬ ‫ت‬ ‫ال� رسمها ف ي� العام ‪1937‬م لتجسد شخصية زوجته دورا‬ ‫الباكية» ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تزوجها قبل ي ن‬ ‫سنت� من إنجازه لهذه اللوحة‪ ،‬فتناظرت الدموع‬ ‫مار ي‬ ‫مع القبعة الحمراء ذات الوردة الزرقاء‪ ،‬وقيل إن دورا كانت تعشق‬ ‫ت‬ ‫ال� ظل يحولها بيكاسو إىل أشكال تتقلب ي ن‬ ‫ب� الفكاهة‬ ‫اعتمار القبعات ي‬ ‫ف‬ ‫ت ت‬ ‫ال� كان‬ ‫والسخرية الحزينة‪ .‬وتركز اهتمام بيكاسو بالقبعات ي� الف�ة ي‬ ‫يميل فيها نحو المدرسة التكعيبية ومن أشهر لوحات هذه ت‬ ‫الف�ة لوحة‬ ‫ت‬ ‫خ�ية‬ ‫ال� بيعت لصالح جمعية ي‬ ‫«الرجل بالقبعة» أو«قبعة الغيبوس» ي‬ ‫تعمل إلنقاذ آثار مدينة صور اللبنانية‪.‬‬ ‫دال‬ ‫الرسيال بع� فنانها‬ ‫ودخلت القبعة الفن‬ ‫ي‬ ‫الشه� سلفادور ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫بلوحته"رجل ف ي� قبعة وس�ة" حيث تمتد القبعة الطويلة ليستقر جزء‬ ‫منها ف� رأس الرجل ويهرب الجزء آ‬ ‫الخر ليستقر عىل عكازة من ي ن‬ ‫لسان�‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫البلجيك رينيه ماجريت كان يحب التخفّي‪ ،‬كانت‬ ‫ولن الفنان‬ ‫الرسيال ف ي‬ ‫ي‬ ‫القبعة من أدواته المهمة ي� إنجاح مهمته‪ ،‬فكان دائما يرسم الوجوه‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ال� رسمت ف ي� العام ‪1964‬م «الرجل‬ ‫�ء ما‪ ،‬مثل لوحته ي‬ ‫متوارية خلف ي‬ ‫ذو القبعة السوداء المستديرة» وظهرت القبعة‬ ‫الشه�ة «ابن إالنسان» لتشارك‬ ‫كذلك ف ي� لوحته‬ ‫ي‬ ‫التفاحة الحمراء طقس االختباء المحبب‪.‬‬


‫‪103 | 102‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫القبعة في عالم الرواية والمسرح‬ ‫الروائي� ف� العالم القبعة كرمز ن ف‬ ‫ن‬ ‫ثقا� يمتاز‬ ‫كث� من‬ ‫استخدم ي‬ ‫ي‬ ‫إنسا� ي‬ ‫ي ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫للتأث� ي� أوساط اجتماعية متعددة‪.‬‬ ‫بتمدد جغر يا� وتاريخي يؤهله ي‬ ‫ولذلك رأينا القبعة تظهر ف ي� كتابات أدبية قديمة كرواية «القبعة‬ ‫ثالثية أ‬ ‫للروا� إ ن‬ ‫ئ‬ ‫سبا� بيدرو أنطونيو دي أالركون الذي ولد‬ ‫البعاد»‬ ‫ال ي‬ ‫ي‬ ‫ف ي� غرناطة ف ي� العام ‪1883‬م واشتهر بكتاباته المتأثرة بالواقعية‪ ،‬إال‬ ‫أن روايته «القبعة ثالثية الزوايا» المنشورة ف ي� العام ‪1871‬م كان لها‬ ‫الشه�ة المرتبطة بالقبعات‬ ‫كب�‪ .‬ومن الروايات الغربية‬ ‫ي‬ ‫شع� ي‬ ‫صدى ب ي‬ ‫أ‬ ‫رواية أستاذ علم العصاب أوليفر ساكس «الرجل الذي حسب زوجته‬ ‫ت‬ ‫يشخص فيها مرض بطل روايته الموسيقي المصاب‬ ‫ال� ّ‬ ‫قبعة» ي‬ ‫باضطراب برصي ال يمكّ نه من رؤية المشاهد متكاملة فيكتسب قدرة‬ ‫الشياء وفق أشكالها أ‬ ‫خارقة عىل تبسيط أ‬ ‫الساسية‪ ،‬وعىل هذه الطريقة‬ ‫ت‬ ‫ال� يراها ف ي� شكل قبعة‪.‬‬ ‫يتعامل مع من حوله‪ ،‬ال سيما زوجته ي‬ ‫ئ‬ ‫ين‬ ‫يستع� ف ي� روايته‬ ‫والروا� المرصي‬ ‫العر�‪ ،‬نجد الكاتب‬ ‫ي‬ ‫عىل المستوى ب ي‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫«العمامة والقبعة» بفكرة المقابلة ما يب� المظاهر الثقافية ال�قية‬ ‫والغربية‪ .‬فيختار القبعة أ‬ ‫الفرنجية مقابال ً للعمامة العربية‪ ،‬ويعكس‬ ‫ف‬ ‫نس‬ ‫صاحب «اللجنة» ي� روايته «العمامة والقبعة» أجواء االحتالل الفر ي‬ ‫الج� ت ي�‪.‬‬ ‫لمرص بلسان بطلها المتتلمذ عىل يد المؤرخ المرصي‬ ‫الشه� ب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الم َمازج ي ن‬ ‫ب� التاريخية والتخييل عن حقيقة‬ ‫وتتساءل الرواية ي� مجملها ُ ِ‬ ‫التاريخ المكتوب وصدقيته‪.‬‬ ‫ن‬ ‫الفلسطي� الراحل غسان‬ ‫ّأما الكاتب‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫القص�ة‬ ‫كنفا� فكتب مرسحيته‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫«الن� والقبعة» ي� العام‬ ‫ي‬ ‫الشه�ة ب‬ ‫‪1967‬م دون ي أن يشهد شن�ها �ف‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تغلب عليها‬ ‫حياته‪ .‬المرسحية ي‬ ‫النظرة الفلسفية تدور حول محاكمة‬ ‫فق� متهم بال ش ئ‬ ‫�‪ .‬وقريباً‬ ‫شاب ي‬

‫من المعالجة المرسحية‪ ،‬ظهرت رواية «قبعتان ورأس واحد» للكاتب‬ ‫أ ن‬ ‫ت‬ ‫تحولت فيما بعد إىل مرسحية تدور ف ي� عمارة‬ ‫ال� َّ‬ ‫ال ي‬ ‫رد� مؤنس الرزاز ي‬ ‫من العمارات‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� تتخذ من الهند‬ ‫وهناك رواية «قبعة الوطن» لزكريا عبدالجواد ي‬ ‫موطناً لعالمها ئ‬ ‫الروا�‪ .‬بجانب رواية الخيال العلمي لطالب عمران‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫«زمن القبعات المنتفخة واللسنة الطويلة» وهي رواية تتحدث عن‬ ‫مدينة تعيش ف� المستقبل وتتعرض لوباء أ‬ ‫اللسنة الممدودة‪ ،‬والرؤوس‬ ‫ي‬ ‫الضامرة المعتمرة للقبعات المنتفخة طمعاً فيما عند التجار الوافدين‬ ‫إىل المدينة الغريبة‪.‬‬ ‫واستطاعت القبعة أن تضع الكاتبة أ‬ ‫الردنية تغريد النجار ف ي� القائمة‬ ‫الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب عن فئة أدب الطفل والناشئة ف ي�‬ ‫وتحك القصة المنشورة‬ ‫دورتها الثامنة ‪2014‬م‪ ،‬لقصتها «قبعة رغدة»‪،‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تنتقل مع أرستها إىل‬ ‫عن دار السلوى الردنية عن الفتاة رغدة ي‬ ‫نز‬ ‫م�ل جديد وتواجه أوضاعاً صعبة للتأقلم مع المحيط الجديد بسبب‬ ‫ت‬ ‫ال� ترتديها طوال الوقت‪ ،‬وال ينصلح حال رغدة مع صديقاتها‬ ‫قبعتها ي‬ ‫الناقمات عليها‪ ،‬إال حينما تكشف لهن عن رس اعتمارها الدائم لقبعتها‪.‬‬


‫قبعات في كتب‬

‫من الكتب الحديثة ت‬ ‫ال� تناولت مراحل تطور القبعات ف ي�‬ ‫ي‬ ‫الم�لة الرفيعة أ‬ ‫العالم كتاب «القبعات‪ :‬نز‬ ‫والناقة والسحر»‬ ‫ح�ت القبعة �ف‬ ‫ال� ض‬ ‫لمؤلفه كولن ماكداول؛ أما الكتب ت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫عناوينها فمنها كتاب «قبعة يف� يم�‪ :‬القرن السابع ع� وفجر‬ ‫ن‬ ‫يطا� المتخصص ف� تاريخ ي ن‬ ‫الص�‬ ‫العولمة» للمؤرخ ب‬ ‫ال� ي‬ ‫ي‬ ‫ث‬ ‫تيمو� بروك تب�جمة شاكر عبد الحميد ويستعرض الكتاب‬ ‫ي‬ ‫بدايات العولمة المتجسدة ف ي� لوحات الفنان يف� يم� والمتمثلة‬ ‫التشكيل كالقبعات‪ ،‬والكؤوس والفضة‬ ‫ف ي� تفاصيل عالمه‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫وغ�ها‪ ،‬كما يتتبع تاريخ الرحالت‬ ‫وأطباق‬ ‫البورسل� والخرائط ي‬ ‫أ‬ ‫ال�ق والغرب �ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ال� دارت يب� المم ي�‬ ‫ي‬ ‫البحرية والحروب ي‬ ‫ذلك الوقت‪.‬‬ ‫ي ئ‬ ‫للتفك�»‬ ‫ويج� مرتبطاً بالقبعة كتاب «القبعات الست‬ ‫ي‬ ‫للدكتور إدواردر ديبونو ش‬ ‫لي�ح فيه نظريته التنموية حول‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫القبعات الست‪ .‬وصدر حديثاً عن مركز الهرام لل�جمة‬ ‫ش‬ ‫والن� كتاب «السودان‪ :‬القبعة والعمامة‪ :‬زلزال انفصال‬ ‫ن‬ ‫الحسي� الذي يناقش‬ ‫الجنوب وتوابعه» للكاتب حمدي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫التأث�ات المتوقعة النفصال جنوب السودان عن الوطن الم‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫القذا�‪ :‬سقوط‬ ‫ومن الكتب الصادرة حديثا أيضا كتاب «قبعة‬ ‫ي‬ ‫طاغية وقيام أمة» وهو كتاب للمراسلة الصحفية أليكس‬ ‫ت‬ ‫تحك فيه عن يومياتها الخطرة ف ي� ليبيا‪.‬‬ ‫ال� ي‬ ‫كراوفورد ي‬


‫‪| 104‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫بين خلعها وحظرها‬ ‫للقبعة كامل الحق والحرية ف ي� الظهور عىل رؤوس الناس ف ي�‬ ‫و� أي مكان يرتادونه‪ .‬هذا هو أ‬ ‫ف‬ ‫الصل الذي ظل يتعرض‬ ‫العالم‪ ،‬ي‬ ‫آ‬ ‫وتقت� ض‬ ‫ض‬ ‫لالستثناءات من ي ن‬ ‫ال�ورات‬ ‫ح� لخر‪ ،‬حيث تفرض الظروف‬ ‫ي‬ ‫أن يتم منع القبعات من أداء مهامها االعتيادية عىل الرؤوس‪ .‬قد‬ ‫ت‬ ‫ال� قد‬ ‫يكون ف منع القبعات مرتبطاً بهوية المجتمعات وثقافاتها‪ ،‬ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تعارفت عىل نوع ي َّ ن‬ ‫مع�‬ ‫ترى ي� قبعة ما مهدداً للهوية المحلية ي‬ ‫من القبعات وأغطية الرأس‪ ،‬وقد يكون سبب المنع أمنياً‪ ،‬مثلما‬ ‫منعت ش‬ ‫ال�طة الفيلبينية ف ي� مانيال اعتمار قبعات تخفي مالمح الوجه‬ ‫ف‬ ‫كام�ات‬ ‫ي� المراكز التجارية لردع اللصوص عن إخفاء هويتهم من ي‬ ‫الجراء ت‬ ‫المراقبة‪ ،‬وتوصلت ش‬ ‫االح�ازي بعد استعانة‬ ‫ال�طة إىل هذا إ‬ ‫لصوص بقبعات بيسبول إلخفاء هوياتهم عند رسقتهم متجراً‬ ‫للمجوهرات‪.‬‬ ‫وهناك قبعات تم منعها ألخطارها الصحية عىل مرتديها‪ ،‬مثل‬ ‫ت‬ ‫ال� ظل يلبسها المالكمون الهواة ف ي� مبارياتهم‬ ‫الخوذة الواقية ي‬ ‫لتقليل إصابات الرأس‪ ،‬حيث حظرت رابطة المالكمة الدولية (أيبا)‬ ‫ت‬ ‫بالمح� ي ن‬ ‫ين‬ ‫ف� ألنها‬ ‫المالكم� الهواة أسوة‬ ‫ارتداء هذه القبعة عىل‬

‫تحجب الرؤية المحيطة بالالعب‪ ،‬وتجعل من الصعب معرفة مكان‬ ‫تلقى اللكمة التالية من الالعب آ‬ ‫الخر عىل جانب الرأس‪ .‬ويؤكد‬ ‫واق للرأس‬ ‫فباحثون أن دراسات سابقة أظهرت أن عدم وجود غطاء ٍ‬ ‫الصابة باالرتجاجات لشعور‬ ‫ي� لعبات المالكمة يقلل من خطر إ‬ ‫وجه لكمات مميتة عىل رأس الالعب‬ ‫الالعب المنافس بالخوف إذا ما َّ‬ ‫آ‬ ‫الخر ف� عدم وجود وقاية كاملة للرأس‪.‬‬ ‫ويخلع الناس قبعاتهم ف ي� العادة حينما تنتفي الحاجة إليها‪ .‬لكنها‬ ‫ف� أحوال كث�ة‪ ،‬وبفضل التقاليد أ‬ ‫والعراف‪ ،‬صارت تخلع أمام‬ ‫ي‬ ‫يآ‬ ‫ت‬ ‫الخرين إلثبات االح�ام‪ ،‬وأصبح رفع القبعة رمزا إللقاء التحية‪،‬‬ ‫وهو تقليد غر� قديم أنتجته طرائق أ‬ ‫الدب ف ي� التعامل مع الملوك‪،‬‬ ‫بي‬ ‫كما صار من آداب السلوك ف ي� أوروبا فيما بعد‪ ،‬أن يبادر الرجل‬ ‫إىل خلع قبعته ف� أ‬ ‫ت‬ ‫ال� بإمكانها‬ ‫الماكن المسقوفة‪ ،‬بعكس‬ ‫ي‬ ‫المرأة ي‬ ‫ارتداؤها‪ .‬بينما يكون عىل الجميع خلع القبعة ف ي� دور السينما‬ ‫ح� ال تحجب الرؤية عن آ‬ ‫ض‬ ‫والمسارح والمالعب ت‬ ‫وتقت�‬ ‫الخرين‪،‬‬ ‫ي‬ ‫كث� من الشعوب عىل الضيف خلع قبعته ومعطفه قبل‬ ‫تقاليد ي‬ ‫الدخول إىل بيت المضيف‪.‬‬


‫دليل المعلِّمين لمحتوى القافلة‬

‫هذه الصفحة هي للتفاعل مع قطاع المعلمين والمعلمات ومساعدتهم على‬ ‫تلخيص أبرز موضوعات القافلة في إصدارها الجديد‪ ،‬وتقريبه إلى مفهوم وأذهان‬ ‫الفئات العمرية المختلفة للطالب والطالبات‪.‬‬

‫‪47 | 46‬‬

‫حياتنا اليوم‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫أصبحت ا‬ ‫لطباعة الثالثية األبعاد‬ ‫تستخدم في‬ ‫صناعة مختلف المنتجات‬ ‫من الم‬ ‫جوهرات الى األلعاب الى‬ ‫األدوات‬ ‫الطبية الى قطع السيارات‬ ‫والطائرات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وإنما أكثر ما‬ ‫ّ‬ ‫تطورت فيه‬ ‫وازداد است‬ ‫خدامها في حقل تصميم‬ ‫األثاث المنزلي‪.‬‬ ‫تعتمد الطباعة الثالثية‬ ‫األبعاد‪ ،‬ال‬ ‫معروفة بالتصنيع اإلضافي‪،‬‬ ‫على ا‬ ‫ستخدام صورة رقمية لجسم‬ ‫ّ‬ ‫معين ومن ّ‬ ‫ثم‬ ‫تقوم المطبعة بتقطيع‬ ‫تلك الصورة‬ ‫الى آالف الطبقات وبعد‬ ‫ذلك تترجم ال‬ ‫مطبعة هذه الطبقات من‬ ‫خالل‬ ‫انتاج‬ ‫أجسام متكاملة مؤلفة من‬ ‫طيقات الب‬ ‫الستيك أو المعادن أو الرمل‬ ‫أو مواد أخرى‪.‬‬

‫مهى قمر الدين‬

‫الملف‪:‬‬

‫القبعات‬ ‫وأغطية الرأس‬ ‫ُولدت القبعة من حاجة اإلنسان إلى الحماية‬ ‫من عوامل الطقس والطبيعة‪ .‬ولكنها خضعت‬ ‫في تصميمها وصناعتها خالل تاريخها الطويل‬ ‫العتبارات وعوامل ال حصر لها وال عد‪ ،‬تبدأ‬ ‫بالوظيفة العملية المتوخاة منها والمواد‬ ‫المتوافرة لصناعتها في هذه البيئة أو تلك‪،‬‬ ‫وتصل إلى قوتها التعبيرية عن وظيفة صاحبها‬ ‫ومكانته االجتماعية وانتمائه ونظرته إلى‬ ‫األناقة والجمال‪ .‬حتى بتنا نجدها في كل بلد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وإعالنا عن الهوية‪.‬‬ ‫ثقافيا‬ ‫رمزا‬ ‫وعند كل شعب‬ ‫في هذا الملف نجوب مع حسام الدين صالح‬ ‫في عوالم القبعة الالمتناهية‪ّ ،‬‬ ‫نقلب تاريخها‬ ‫ً‬ ‫احتراما ألهميتها‬ ‫وأنواعها وأشكالها‪ ،‬ونرفعها‬ ‫في حياة اإلنسان القديم والمعاصر‪.‬‬

‫والت ّ‬ ‫طور في عالم تصميم‬ ‫األثاث المنزلي‬

‫الطباعة‬ ‫ثالثية األبعاد‬ ‫عرض عام‬ ‫لهذه التقنية التي تفتح‬ ‫آفاقاً وا‬ ‫تص سعة وغير تقليدية أمام‬ ‫أ ميم منتجا‬ ‫ت وصناعتها فعال ً مثل‬ ‫الثاث والحل‬ ‫والطائرا ي وقطع غيار السيارات‬ ‫ت‪.‬‬

‫ملف ال‬ ‫الرأس‬ ‫يكشف هذا‬ ‫تحملها الملف عن المكانة التي‬ ‫ت‬ ‫صاميم القبعات وأغطية‬ ‫الرأس ودالالتها‬ ‫المختلفة عند شعوب‬ ‫العالم‪ ،‬ال‬ ‫إلى اله سيما على صعيد الإشارة‬ ‫وي‬ ‫المع ة‪ ،‬حتى غدت من أوضح‬ ‫الم ال‬ ‫وانتما دالة على هوية صاحبها‬ ‫ئه الوطني واالجتماعي‪.‬‬ ‫قبعة وأغطية‬

‫‪71 | 70‬‬

‫العلم خيال‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2014‬‬

‫د‪ .‬أشرف فقيه‬

‫الشعاع الكفّي‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫خ�ة بتنا نعرف‬ ‫بفضل سلسلة الفالم السينمائية ال ي‬ ‫أن الزي مرتبط بحاسوب أذىك من أي آلة اسمه‬ ‫«جارفيس» بع� شبكة لسلكية عصية عىل النقطاع‪.‬‬ ‫ف‬ ‫الزي مزودة بمنظومة ذكاء‬ ‫بل إن كل قطعة ي� ّ‬ ‫اصطناعي تجعله يوائم قدراته التعبوية ليتفوق عىل‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫خ�ة تمت‬ ‫العدو أياً كان‪ .‬ي� القصص المصورة ال ي‬ ‫إضافة ي ف‬ ‫م�ات تعتمد تكنولوجيا النانو بحيث يصلح‬ ‫الزي نفسه آنياً عقب كل مشاجرة يخوضها‬ ‫ّ‬ ‫(ستارك) ف ي� سبيل العدل‪.‬‬ ‫هل أ‬ ‫أ‬ ‫سينما�؟ ل شك‬ ‫المر كله محض خيال‬ ‫ي‬ ‫بأن أبحاثاً تجري ف ي� هذا الشأن‪ .‬وثمة أخبار‬ ‫بخصوص ش‬ ‫م�وع اسمه «‪ »TALOS‬شت�ف‬ ‫عليه جامعة «‪ »MIT‬لإنتاج زي خارق لالستخدام‬ ‫العسكري‪ .‬فإىل أي مدى يسعنا أن ننتج شيئاً‬ ‫ف‬ ‫«طو� ستارك» اليوم؟‬ ‫مشابهاً لما عند‬ ‫ي‬

‫ت‬ ‫ال� ينتجها المفاعل النصهاري ف ي� بدلة‬ ‫الطاقة ي‬ ‫(ستارك) يتم تكثيفها ف ي� القصص الخيالية عىل‬ ‫ت‬ ‫اح� ي ف‬ ‫تفس�‬ ‫الكف�‪ .‬ي‬ ‫هيئة شعاع مدمر ينطلق من ر ي‬ ‫هذا الشعاع المسمى «‪ »Repulsor Beam‬هو‬ ‫كونه عبارة عن طاقة ارتجاجية مكونة أساساً من‬ ‫جسيمات كهربية دون ذرية اسمها (الميونات)‬ ‫موجودة فعال ً ف ي� الطبيعة‪ .‬لكن التحكم فعلياً‬ ‫ف ي� دفقة الإشعاع الرتجاجي هذه شبه مستحيلة‬ ‫الفالم‪ .‬أو عىل أ‬ ‫عىل النحو الذي يتم ف� أ‬ ‫القل‬ ‫ي‬ ‫تصغ� مدافع تطلق جسيمات إشعاعية‬ ‫يستحيل‬ ‫ي‬ ‫بحيث تحتويها راحة اليد‪ .‬لكن ثمة محاولت لإنتاج‬ ‫أسلحة إشعاعية تستخدم نفس المبدأ بحيث تولد‬ ‫مجالت كهرومغناطيسية ألجل ي ف‬ ‫ترك� الجسيمات‬ ‫المراد إطالقها –كالميونات‪ -‬ف ي� بؤرة حرارية محددة‪.‬‬ ‫مثل هذه أ‬ ‫السلحة‪ ،‬لو وُجدت‪ ،‬ستصهر الدارات‬ ‫الكهربية لمعدات العدو‪ ،‬كما ستحرق أ‬ ‫الجسام‬ ‫ت‬ ‫ال� هي ف ي� مجال إطالقها‪ ،‬بما ف ي� ذلك‬ ‫الحية ي‬ ‫الشخص الذي يشغلها!‬

‫زي ذك‬ ‫يسعى ي لجندي خارق‬ ‫هذا الب‬ ‫حث المنشور في زاوية‬ ‫«العلم خ‬ ‫يال» إلى رسم الحدود‬ ‫الفاصلة ما‬ ‫بين الحقيقة والخيال‪،‬‬ ‫وأيضاً بين ا‬ ‫مجال ت لممكن والم أستحيل‪ ،‬في‬ ‫صاميم‬ ‫أزياء البطال الخارقين‬ ‫كما تظهر في السينما‪.‬‬

‫زي الرجل‬ ‫تعالوا نفكك قدرات ّ‬ ‫الحديدي كما وردت ف ي� أدبيات الخيال‬ ‫ونقارنها بما يعد به العلم اليوم‪.‬‬

‫مصدر الطاقة‬

‫أ‬ ‫ساس لطاقة بدلة الرجل‬ ‫المصدر ال ي‬ ‫الحديدي هي المفاعل النووي‬ ‫الصغ� المثبت بصدره (‪Arc‬‬ ‫النصهاري‬ ‫ي‬ ‫‪ .)Reactor‬بحسب الرواية الخيالية‪ ،‬فإنه‬

‫الط�ان‬ ‫القدرة عىل ي‬

‫محرك� ي ف‬ ‫يف‬ ‫نفاث� ينطلق‬ ‫يحوي عقِ با البدلة التخيلية‬ ‫بهما الرجل الحديدي طائراً‪ ،‬فيما يضمن الشعاع‬ ‫الرتجاجي الصادر من مدفعي ي ف‬ ‫الكف� التوازن‬ ‫ّ‬ ‫ف ي� الفراغ‪ .‬بطبيعة الحال‪ ،‬فإن المحرك النفاث‬ ‫ت‬ ‫أك�‬ ‫المف�ض هذا هو بحاجة لعوادم ومراوح ب‬ ‫بكث� مما يحتمله نعل حذاء متطور تقنياً‪ ،‬فضال ً‬ ‫ي‬ ‫عن غياب أي ذكر لخزانات الوقود‪ .‬طالما اتفقنا‬ ‫الشخص ليست‬ ‫عىل أن فكرة المفاعل الندماجي‬ ‫ي‬ ‫سديدة‪.‬‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪/‬‬ ‫أغسطس ‪2014‬‬

‫مفاعل بحجم علبة ش‬ ‫م�وبات غازية لكنه قادر عىل‬ ‫صغ�ة! لكن‬ ‫إنتاج طاقة توازي مفاعل غواصة نووية ي‬ ‫بحسب قواعد ي ف‬ ‫الف�ياء والديناميكا الحرارية الحقيقية‪،‬‬ ‫سينتج حرارة ستطبخ من‬ ‫فإن مفاعال ً بهذه القوة ُ‬ ‫بكث� من‬ ‫أك� ي‬ ‫بداخل الزي المزعوم‪ ،‬فضال ً عن كونه ب‬ ‫أن يحتويه صدر إنسان‪ .‬وقد يكون أقرب مثال واقعي‬ ‫لمفاعالت الدمج النصهاري هذه هي ما يعكف عىل‬ ‫تنفيذه ش‬ ‫الدوىل‪.‬‬ ‫م�وع «‪»ITER‬‬ ‫ي‬

‫فنان ومكان‬

‫‪35 | 34‬‬

‫ظهرت شخصية الرجل الحديدي (‪)Iron Man‬‬ ‫في القصص المصورة ألول مرة عام ‪1963‬م‪.‬‬ ‫ومنذ ذلك الحين وهي تداعب مخيالت أجيال‬ ‫من الرجال‪ .‬كيف ال وهي تجسيد لفكرة‬ ‫الجندي الخارق المدجج –بفضل التكنولوجيا‬ ‫المتقدمة‪ -‬بكل سالح يخطر على بال‪.‬‬ ‫لقد اختزلت شخصية طوني ستارك كل‬ ‫أحالم الذكورة في اسم واحد‪ ،‬فهو ثري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويتوج ذلك كله‬ ‫لعوب‪ ،‬وسيم وعبقري‪.‬‬ ‫صنعه لـ «بدلة» أو ّ‬ ‫زي يتحول إذا ما ارتداه‬ ‫إلى «الرجل الحديدي»؛ بطل خارق يسعه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مطلقا من‬ ‫متجاوزا سرعة الصوت‬ ‫أن يطير‪،‬‬ ‫راحتي يديه أشعة تنسف حصون الشر أينما‬ ‫تطلب األمر‪ .‬ومنذ أول ظهور‪ ،‬تطور زي الرجل‬ ‫الحديدي ليتواءم مع التكنولوجيا المعاصرة‬ ‫بل ويسبقها‪.‬‬

‫ّ‬ ‫زي ذكي‬ ‫لجندي خارق‬

‫ج‬ ‫مانة الحسيني‬ ‫والقدس‬

‫جمانة أي‬ ‫قونة القدس وال‬ ‫قدس أيقونة ج‬ ‫ً‬ ‫زهور‪ .‬دخلت‬ ‫مانة‪ .‬دخلت عالم‬ ‫الفن كما تدخل‬ ‫عالما تشبهه ويش‬ ‫فراشة في حقل‬ ‫بهها‪ ،‬عالم مشبَّ ع با‬ ‫انتسابها الم‬ ‫لحلم واالنتصار‪ .‬أ‬ ‫طلق للحق وأعلنت‬ ‫علنت منذ بداياتها‬ ‫أن الحق جمال‪.‬‬ ‫ح‬ ‫الطفولة‪،‬‬ ‫ملتها‬ ‫إلى‬ ‫ري‬ ‫الق‬ ‫شتها وأل‬ ‫دس‪ ،‬وأريحا ويافا…‬ ‫وانها إلى مالعب‬ ‫الذي‬ ‫مدن وقرى وربوع‬ ‫أفصحت عنه ج‬ ‫فلسطين كلها احت‬ ‫مانة في أعمالها‪.‬‬ ‫شدت في المشهد‬

‫ما يلفت‬ ‫االنتباه في أعمال جمانة ال‬ ‫الرقة والرهافة كالعصافير والفر حسيني هو تساوي عناصر‬ ‫اشات‬ ‫أ‬ ‫عناصر القوة‬ ‫والزهور وغروب الشمس‪ ،‬مع‬ ‫والثبات كاالحصنة والنمور‬ ‫أ‬ ‫وشجر الصبار رمز المقاومة والبقاء‪ .‬والفهود والبيوت واالشجار‬ ‫أ‬ ‫أليست كل هذه الكائنات‬ ‫هي‬ ‫واالشكال مكونات‬ ‫الذاكرة الطفولية التي‬ ‫ربوع فلسطين‪،‬‬ ‫حملتها جمانة معها من‬ ‫وخصوصاً من مسقط ر‬ ‫التي‬ ‫أسها القدس‪ ،‬إلى المهاجر‬ ‫توالت بعد أن أبعدت‬ ‫قسراً عن وطنها الحبيب؟‬

‫أللقدس كما‬ ‫يتبين من إنتاجها الغزير‬ ‫مكان أالصدارة‪ .‬ليس فقط‬ ‫النها من مواليد‬ ‫القدس عام ‪1932‬م‪ ،‬بل‬ ‫الن مدينتها سيدة مدن‬ ‫فلسطين وعروسة‬ ‫مدن الشرق العربي‪ .‬حا‬ ‫راتها‪ ،‬أزقتها‪ ،‬أسواقها‪،‬‬ ‫وسور القدس‬ ‫الجميل الذي يحتضن ب‬ ‫جناحيه‬ ‫أزقة‬ ‫وشوارع‬ ‫مدينة المحبة‬ ‫وبيوت‬ ‫والسالم‪ .‬سور القدس‬ ‫هو السور الوحيد الباقي‬ ‫لمدينة في المشرق‬ ‫العربي‪ .‬لم تجتمع كل‬ ‫تلك الصفات في مدينة‬ ‫أخرى غير مدينة القدس‪.‬‬

‫ارتباط أُسري بالم‬

‫دينة‬ ‫ترتبط جمانة‬ ‫القرن الثالث وعائلتها العريقة لجهة والدها‬ ‫بالمدينة المقدسة منذ‬ ‫عشر‬ ‫على أقل تقدير‪ .‬تقلَّد أ‬ ‫جدادها أعلى المناصب‬ ‫المدنية والروحية‬ ‫في المدينة‪ .‬وقاد قريبها‬ ‫المقاومة‬ ‫مفتي القدس وفلسطين‬ ‫ضد االنتداب البريطاني‬ ‫وال‬ ‫مشروع‬ ‫اال‬ ‫في فلسطين‪.‬‬ ‫ستيطاني الصهيوني‬ ‫أ‬ ‫والدها جمال الحسيني‪،‬‬ ‫للجان التنفيذية للحركة الوطنية الفل شغل منصب االمين العام‬ ‫سطينية وأميناً عاماً للمجلس‬

‫ناصر السومي‬

‫أ‬ ‫االإسالمي االعلى‬ ‫ثم رئيساً للحزب العربي‬ ‫الفلسطيني إلى‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬وترأس الوفد‬ ‫لندن سنة ‪1936‬م ثم‬ ‫تقلب في مناصب كثيرة‬ ‫أخرى في فلسطين‬ ‫وفي المهجر‪ .‬أخذت عن‬ ‫سليلة‬ ‫والدتها نعمتي العلمي‪،‬‬ ‫العائلة المقدسية العريقة‪،‬‬ ‫النفحة‬ ‫الفنية‪.‬‬ ‫وتفتخر جمانة‬ ‫برسمة نبتة قرن الغز‬ ‫ال التي رسمتها أمها فأط‬ ‫أثير‪.‬‬ ‫رتها ووضعتها في مكان‬ ‫تجذر‬ ‫جمانة في القدس وانتمائها‬ ‫القدس أيقونة جمانة االأولى ور للمكان روحياً وفنياً جعل من‬ ‫أس هرم انتاجها الفني‪.‬‬

‫أكثر ما‬ ‫ذاك يلفت االنتباه في كثير من‬ ‫أعمالها هو انحيازها لمخزون‬ ‫رتها للتعبير عن ال‬ ‫ماضي‪ ،‬وعن أملها بالم‬ ‫بين هاللين الأ‬ ‫ستقبل‪ ،‬واضعة الحاضر‬ ‫نه شأن ال تتقن التعامل‬ ‫مبرزة‬ ‫معه‪ .‬ولذلك‪ ،‬ابتعدت عنه‬ ‫تشبثها العاشق بعالم ال‬ ‫عصافير‬ ‫والع‬ ‫ر‬ ‫ائس‬ ‫ا‬ ‫لمحلقة فوق‬ ‫مدينتها العتيدة القدس‪.‬‬ ‫ال شك أن الحالة‬ ‫الصغيرة‪ ،‬التي الحلمية تشي بكثير مما كان‬ ‫يجول في خيال البنت‬ ‫ما‬ ‫لبثت أن أصبحت صبية‬ ‫رقيقة‪ .‬صبية مقبلة على‬ ‫الحياة بحلم كبير‬ ‫االأولى ولكنها وأمل واعد‪ .‬مزَّق االحتالل‬ ‫واالقتالع إيقاع نغماتها‬ ‫لم‬ ‫ت‬ ‫ستسلم‪.‬‬ ‫درست العلوم ال‬ ‫سياسية لتفهم أكثر ما‬ ‫حل بها وببلدها‬ ‫أ‬ ‫ولكن حدسها دفع بها إلى‬ ‫الجهة االخرى‪ ،‬إلى عالم‬ ‫الخيال والحلم‪.‬‬ ‫صبية‬ ‫ما‬ ‫لبثت‬ ‫أن‬ ‫أ‬ ‫صبحت زوجة ثم أماً لثالثة‬ ‫أبناء‪ ،‬ولكنها لم تغادر مكمن أسرارها االأ‬ ‫ول‪،‬‬ ‫أ‬ ‫مدينتها التي شهدت‬ ‫أشكال عشقها االولى‪.‬‬

‫ج‬ ‫مانة الحسيني‬ ‫والقدس‬ ‫في باب فنان‬ ‫ومكان‪ ،‬عرض لحضور‬ ‫مدينة القد‬ ‫الفنانة س بشكل كبير في أعمال‬ ‫ج‬ ‫مانة الحسيني‪ ،‬كنموذج‬ ‫للعالقة المتي‬ ‫الذي ين نة ما بين الفنان والمكان‬ ‫تمي إليه‪.‬‬ ‫وأظهرت أعمالها‬ ‫عنفوانها الرقيق ورغبتها‬ ‫والوداعة والمساواة‪.‬‬

‫في عالم تسوده المحبة‬


Saudi Aramco website

Qafilah website

Al-Qafilah Bi-Monthly Cultural Magazine A Saudi Aramco Publication July - August 2014 Volume 63 - Issue 4 P. O. Box 1389 Dhahran 31311 Kingdom of Saudi Arabia www.saudiaramco.com


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.