Qafilah (sept oct 2014)

Page 1

‫مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين ‪ .‬العدد ‪ . 5‬مجلد ‪ . 63‬سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬ ‫ملف العدد‪..‬‬

‫السفر‬

‫ن‬ ‫أتب� بيتاً‪ ..‬لحظة من‬ ‫الورشة‪ :‬ي‬ ‫أ‬ ‫فضلك‪ ..‬الخطوات الساسية قبل‬ ‫وضع حجر أ‬ ‫الساس‬ ‫كيف يُمكن فقدان طائرة؟‬ ‫فرشاة وإزميل‬ ‫ن‬ ‫تا�‪ ..‬تعيد إىل ثنايا‬ ‫دانة عور ي‬ ‫التكوينات الهندسية روح ش‬ ‫ال�ق‬


‫النـــــــاشر‬ ‫شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية)‪،‬‬ ‫الظهران‬ ‫مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين‬

‫العدد ‪ . 5‬مجلد ‪63‬‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫ت‬ ‫للمش� ي ن‬ ‫توزع مجاناً‬ ‫ك�‬ ‫• العنوان‪ :‬أرامكو السعودية‬ ‫ص‪.‬ب ‪ 1389‬الظهران ‪31311‬‬ ‫المملكة العربية السعودية‬ ‫ال�يد إ ت ن‬ ‫و�‪:‬‬ ‫• ب‬ ‫اللك� ي‬ ‫‪alqafilah@aramco.com.sa‬‬ ‫• الموقع إ ت ن‬ ‫و�‪:‬‬ ‫اللك� ي‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬ ‫• الهواتف ‪:‬‬ ‫ فريق التحرير‪+966 13 876 0175 :‬‬ ‫ت‬ ‫االش�اكات‪+966 13 876 0477 :‬‬ ‫فاكس‪+966 13 876 0303 :‬‬

‫رئيس الشركة‪ ،‬كبير إدارييها التنفيذيين‬ ‫خالد بن عبدالعزيز الفالح‬ ‫المدير التنفيذي لشؤون أرامكو السعودية‬ ‫ناصر بن عبدالرزاق النفيسي‬ ‫مدير عام دائرة الشؤون العامة‬ ‫عصام زين العابدين توفيق‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫محمد العصيمي‬ ‫نائب رئيس التحرير‬ ‫محمد أبو المكارم‬ ‫مستشار التحرير‬ ‫محمد الدميني‬ ‫مشرفة وسائل التواصل االجتماعي‬ ‫هيفـاء خالد‬ ‫تصميم‬

‫صورة الغالف‬ ‫الغالف | للعلم أو للعمل‪،‬‬ ‫لالستجمام أو لالستكشاف‪ ،‬أطوعياً‬ ‫كان أم قسرياً‪ ،‬شاع السفر في عصرنا‬ ‫أكثر من أي وقت مضى‪ ،‬حتى بات‬ ‫فعال ً حاضراً في حياة أي إنسان‪.‬‬ ‫في ملف هذا العدد‪ ،‬نختصر أبرز‬ ‫التحوالت التي طرأت على تاريخ فعل‬ ‫السفر الذي صار أضخم صناعة‬ ‫عالمية دون منافس قريب‪.‬‬

‫‪www.mohtaraf.com‬‬ ‫طباعة‬ ‫شركة مطابع التريكي‬ ‫‪www.altraiki.com‬‬ ‫ردمد ‪ISSN 1319-0547‬‬ ‫• جميع المراسالت باسم رئيس التحرير‪.‬‬ ‫يعبر بالضرورة عن رأيها‪.‬‬ ‫• ما ينشر فـي القافلة ال ِّ‬ ‫• ال يجوز إعادة نشر أي من موضوعات أو صور‬ ‫«القافلة» إال بإذن خطي من إدارة التحرير‪.‬‬ ‫• ال تقبل «القافلة» إال أصول الموضوعات التي لم يسبق‬ ‫نشرها‪.‬‬


‫محتوى العدد‬

‫ً‬ ‫معا‬ ‫الرحلة‬ ‫من رئيس التحرير ‬ ‫رسالة المحرر ‬ ‫القراء ‬ ‫مع َّ‬ ‫أكثر من رسالة ‬

‫حياتنا اليوم‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬

‫المحطة األولى‬ ‫ورشة عمل‪ :‬أتبني بيتاً‪ ..‬لحظة من فضلك‪:‬‬ ‫الساسية قبل وضع حجر أ‬ ‫الخطوات أ‬ ‫الساس ‪9‬‬ ‫تفضل العمل‬ ‫بداية كالم‪ :‬أيهما ِّ‬ ‫‪16‬‬ ‫الذاعة أم التلفزيون؟ ‬ ‫في إ‬ ‫‪18‬‬ ‫كتب ‬ ‫أ‬ ‫‪22‬‬ ‫الجندة‪ :‬مواعيد ثقافية ‬ ‫قول في مقال‪ :‬التربية ومستقبل‬ ‫أ‬ ‫‪24‬‬ ‫الدب العربي ‬ ‫علوم وطاقة‬ ‫علوم‪ :‬بعد اختفاء الطائرة الماليزية‪:‬‬ ‫كيف يمكن فقدان طائرة؟ ‬ ‫العملة الحيوية‪ ..‬كم تكلّف رمشة العين؟ ‬ ‫ُ‬ ‫العلم خيال‪ :‬االنتقال آ‬ ‫الني‪..‬‬ ‫لهذه أ‬ ‫السباب يبقى مستحيل التطبيق ‬ ‫منتج‪ :‬السحابة ‬ ‫متقدمة‬ ‫طاقة‪ :‬حتى آخر قطرة‪ ...‬تقنيات ِّ‬ ‫لتعزيز استخراج النفط من باطن أ‬ ‫الرض ‬ ‫من المختبر ‬ ‫ابتكار ومبتكر‪ :‬من كيبورد إلى سيبورد‪..‬‬ ‫تبدأ بلمسة ثم تسبح بأمواج أ‬ ‫الفق ‬ ‫ماذا لو‪ :‬توقفت أ‬ ‫الرض عن الدوران فجأة؟ ‬

‫‪26‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪42‬‬

‫اتجاه نحو المالبس «الخضراء »‬ ‫العالن عنها العضوية‬ ‫أية أغذية يجب إ‬ ‫المعدلة وراثياً ‬ ‫أم‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫شبكات العمال‪..‬‬ ‫أنماط العمل في عالم متغير ‬ ‫تخصص جديد‪ :‬الزراعة البيئية ‬ ‫عين وعدسة‪ :‬في متحف التصميم‪ ،‬لندن‪:‬‬ ‫دانيال وايل وآالت الزمن ‬ ‫مجزءاً ‬ ‫فكرة‪ :‬الجواّل ّ‬

‫‪44‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪58‬‬

‫أدب وفنون‬ ‫أدب وفنون‪ :‬مسرح الطفل العرب ي‬ ‫مازج الثقافات وألهم آ‬ ‫الداب والفنون‪:‬‬ ‫َ َ​َ‬ ‫على سكة قطار الشرق السريع ‬ ‫اللكتروني‬ ‫لغويات‪ :‬العربية بين البريد إ‬ ‫والدردشة ‬ ‫سينما سعودية‪ :‬صورة متقنة يُضعفها أداء‬ ‫مسرحي‪« :‬ظلي لم يعد يتبعني»‪ ..‬‬ ‫فنان ومكان‪ :‬الحجاز في أعمال طه صبان ‬ ‫أقول شعراً‪ :‬صالح زمانان‪ :‬أنا‪ ..‬والميناء ‬ ‫ذاكرة القافلة‪ :‬الحج كان سبباً في ظهور‬ ‫َّرحالة مسلمين ‬ ‫فرشاة وإزميل‪ :‬دانة عورتاني‪ ..‬تعيد إلى‬ ‫ثنايا التكوينات الهندسية روح الشرق ‬ ‫رأي أدبي‪ :‬الك َّتاب واستقراء المستقبل ‬

‫‪60‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪67‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪73‬‬ ‫‪80‬‬

‫التقرير‬ ‫قضية المياه عربياً ‬

‫‪81‬‬

‫الملف‬ ‫النترنت ‬ ‫السفر‪ ..‬من نشوء التجارة إلى إ‬

‫‪89‬‬


‫تويت‬ ‫تويت‬ ‫‪ #‬بداية كالم‬ ‫تويت‬ ‫‪ #‬الورشة‬ ‫تويت‬ ‫‪ #‬ين‬ ‫ع� وعدسة‬ ‫تويت‬ ‫‪ #‬ذاكرة القافلة‬ ‫تويت‬ ‫‪ #‬التقرير‬ ‫تويت‬ ‫‪ #‬الملف‬

‫‪@QafilahMagazine‬‬


‫تحية وبعد‬

‫تغ�ت وسائلها‬ ‫السفر حالة شب�ية قديمة ي َّ‬ ‫ش‬ ‫وبقيت عىل حالها‪ :‬شب� يذهبون‪ ،‬وب�‬ ‫يؤوبون‪ ،‬وآخرون ربما ال يكتب لهم خط‬ ‫أ‬ ‫صور‬ ‫رجعة لسباب متعددة‪ .‬من أبرز من َّ‬ ‫ف‬ ‫العر� ابن زريق البغدادي‬ ‫فحالة السفر (المضنية) ي� شعرنا ب ي‬ ‫ت‬ ‫ال� قال فيها‪:‬‬ ‫ي� قصيدته‬ ‫ي‬ ‫الشه�ة ال تعذليه‪ ،‬ي‬ ‫ما آب من سفر إال وأزعجه‬ ‫رأي إىل سفر بالعزم يزمعه‬ ‫كأنما هو ف ي� حل ومرتحل‬ ‫موكـل بفضـاء هللا يذرعــه‪.‬‬

‫الرحلة معاً‬ ‫من رئيس التحرير‬

‫شغف المعرفة‬ ‫وأسباب المتعة‬

‫ومن المسافرين ف ي� هذا الزمان‪ ،‬من يعرف شعور ابن زريق‬ ‫هذا من ثك�ة ما استعدوا للسفر ث‬ ‫وك�ة ما أصابهم من‬ ‫تغ� المناخات والثقافات‬ ‫قلق ومشقة الطريق وأتعبهم ي ُّ‬ ‫والوجوه‪ ،‬لكنهم يظلون دائماً عىل سفر‪ ،‬حيث كُتب عليهم‪،‬‬ ‫لطلب الرزق أو الدراسة أو حضور المنتديات أو إجراء‬ ‫االتفاقيات‪ ،‬أن يمتطوا ظهور الدواب الحديثة‪ ،‬السيارات‬ ‫والطائرات‪ ،‬ليصلوا إىل أهدافهم الجغرافية ف ي� مشارق‬ ‫أ‬ ‫الرض ومغاربها‪.‬‬ ‫يتغ�ا‪ ،‬عىل الرغم من‬ ‫ويقال إن مشقة السفر وقلقه لم ي‬ ‫تغ� الدواب وتحقيق سهولة الوصول إىل جهات المسافرين‬ ‫ي ُّ‬ ‫بما ال يمكن أن يقاس بأية صورة من الصور ف ي� السابق‪.‬‬ ‫والسبب ف ي� ذلك هو أن الحالة النفسية للمسافر بالسيارة‬ ‫ت‬ ‫البل أو الخيل أو‬ ‫ال� ركبت إ‬ ‫والطائرة هي نفسها فالحالة ي‬ ‫البغال‪ .‬الفرق فقط ي� طي المسافات من أشهر إىل أيام ومن‬ ‫أيام إىل ساعات‪.‬‬ ‫وربما تكون الطائرة‪ ،‬وسيلة السفر أ‬ ‫الرسع ف ي� أيامنا هذه‪،‬‬ ‫أضافت عبء مغادرة أ‬ ‫الرض إىل كاهل الحاالت النفسية‬ ‫للمسافرين‪ ،‬حيث ال يوجد مسافر واحد ف ي� العالم ال تنتابه‬ ‫رهبة بقائه معلقاً ف ي� الهواء لساعات يغ� ضامن عودته إىل أمه‬ ‫ومستودعه الطبيعي‪ :‬أ‬ ‫الرض‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬وهذا هو بيت القصيد‪ ،‬سيبقى السفر حالة مطلوبة‬ ‫ف‬ ‫صور ابن زريق ف ي� أوائل القرن‬ ‫ومزعجة ي� نفس الوقت‪ ،‬كما َّ‬ ‫الخامس الهجري‪ .‬واليوم‪ ،‬ث‬ ‫أك� من السابق‪ ،‬نشأ سفر السياحة‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ين‬ ‫المالي� يومياً ي� مدن‬ ‫العالم�‪ ،‬حيث يهبط ويقلع‬ ‫ف ي� بالد‬ ‫ي‬ ‫العالم‪ .‬والهدف فقط هو قضاء أيام ممتعة ال تخلو من‬ ‫وال�ود ف‬ ‫اكتساب التجارب والتعلم والتسوق ت ز‬ ‫الثقا� والحضاري‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ومثلما ت‬ ‫س�ون ف ي� ملف هذا العدد‪ ،‬فإن السفر أو حاالته‬ ‫النسان المسافر صفحاته‪ ،‬بينما لو‬ ‫عبارة عن كتاب يق ِّلب إ‬ ‫بقي ف ي� مكانه فإنه لن يقرأ سوى صفحة واحدة من هذا‬ ‫الكتاب‪ .‬ولذلك‪ ،‬بعد أن تقرأوا هذا الملف‪ ،‬ال تبخلوا علينا‬ ‫بتجاربكم ف ي� السفر‪ ،‬فقد نجد لديكم ما ثي�ي هذه الحالة‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫تفس�ها وفهمها‪.‬‬ ‫الب�ية الزلية ويفتح آفاقاً جديدة عىل ي‬


‫رسالة المحرر‬

‫هذا العدد‬

‫‪5|4‬‬

‫ألن البيت هو مشروع العمر في حياة كل فرد‪،‬‬ ‫ن َّظمت القافلة لهذا العدد ورشة عمل أدارها‬ ‫المهندس المعماري الدكتور مشاري النعيم‪،‬‬ ‫وتناولت الجوانب والقضايا التي تتع َّلق ببناء‬ ‫المسكن‪ ،‬وتسبق البدء بتنفيذه‪ ،‬وعليها يتوقف الرضا عن هذا‬ ‫المسكن الحقاً‪ .‬وبعرض أهم النقاط التي وردت في ورشة العمل‬ ‫القراء في هذا العدد‪.‬‬ ‫هذه‪ ،‬تبدأ القافلة رحلتها مع َّ‬

‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫حيزاً مهماً من هذا العدد‪ ،‬فإضافة‬ ‫ويحتل الشأن البيئي الحياتي ًّ‬ ‫إلى «التقرير» الذي يتناول هنا قضية المياه على المستوى‬ ‫العربي‪ ،‬ويشير بوضوح أ‬ ‫وبالرقام إلى التحديات التي‬ ‫سنواجهها على صعيد تأمين المياه خالل المستقبل‬ ‫المنظور‪ ،‬يتضمن قسم الحياة اليومية تقريراً عن‬ ‫«المالبس الصديقة للبيئة»‪ ،‬وصفحة تطرح قضية‬ ‫وجوب العالن عن أ‬ ‫المعدلة وراثياً على أنها‬ ‫الغذية‬ ‫إ‬ ‫َّ‬ ‫كذلك‪ ،‬وعرضاً «للزراعة البيئية» كتخصص جامعي‬ ‫جديد‪ ،‬يتوقع له أن يرث تخصص الهندسة الزراعية‪.‬‬ ‫ويستمر قسم العلوم والطاقة في الجمع بين‬ ‫الخيال مثل طرح السؤال «ماذا لو توقفت أ‬ ‫الرض‬ ‫عن الدوران؟» وآخر التطورات العلمية الدقيقة‬ ‫مثل التقنيات الجديدة التي تسمح باستخراج مزيد‬ ‫من النفط من مكامن كان يُعتقد أنها على مشارف‬ ‫النضوب‪ ،‬وما بينهما قضية شغلت العالم مؤخراً‪ ،‬أال‬ ‫وهي كيف يمكن لطائرة أن تختفي وال يُعثر لها على‬ ‫أثر‪.‬‬ ‫وبعد جولة ثقافية تنتقل بالقارئ من الدور التاريخي‬ ‫الذي لعبه قطار الشرق السريع كحلقة وصل بين‬ ‫الشرق والغرب‪ ،‬إلى العالقة الوثيقة التي جمعت بين‬ ‫الفنان طه صبان والحجاز‪ ،‬إلى زيارة محترف الفنانة‬ ‫دانة عورتاني‪ ،‬يصل القارئ إلى الملف الذي خصصناه‬ ‫في هذا العدد لموضوع «السفر»‪ ،‬بحضوره الدائم‬ ‫في كل الحضارات والثقافات وحياة أ‬ ‫الفراد‪ ،‬وما طرأ‬ ‫عليه من متغيرات عبر التاريخ حتى يومنا هذا‪.‬‬


‫تحية وبعد‬ ‫اللكتروني عدداً كبيراً من‬ ‫تلقَّت القافلة على موقعها إ‬ ‫الرسائل والتعليقات على المواد المنشورة‪ ،‬نقتطف‬ ‫منها ع ِّينة محدودة جداً بسبب ضيق المساحة‪.‬‬ ‫كتب مدحت عاصم عبدالوهاب من القاهرة‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫«عبر سنوات طوال وأنا أتعايش مع القافلة عاشقاً‬ ‫قارئاً متعلماً‪ ،‬فهي دائماً متجددة‪ ،‬ممتعة‪ ،‬مملوءة‪،‬‬ ‫بكل ما يحتاجه القارئ مهما اختلفت مشاربه‪ ،‬من‬ ‫علم وفن وثقافة ومعلومات يتم انتقاؤها بعناية‪،‬‬ ‫لتساير الركب والزمن‪ .‬ولذلك‪ ،‬لم يغلبها تطور‬ ‫وسائل النشر وشبكات البث؛ ألن متعة القراءة في‬ ‫واد إلى آخر في إخراج بديع‬ ‫القافلة تنتقل بك من ٍ‬ ‫وانتقاء أكثر إبداعاً‪ ،‬فتلتحم بك ومعك وال تتركها‬ ‫بل تحجز مكانها دائماً في دوالب مكتبتك وبجوار‬ ‫منضدتك‪ .‬وهذا هو قمة نجاح القائمين عليها‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من تعدد المواضيع‪ ،‬نجد القافلة‬ ‫ال تنسى دورها المجتمعي‪ .‬فها هي تضيف النشرات‬ ‫الهادفة ضد الهدر‪ .‬وإن كانت شركة الكهرباء بدأت‬ ‫توزيع نشرات التوعية لتخفيض استهالك الكهرباء منذ‬ ‫سنوات‪ ،‬إال أن القافلة حينما تبنت هذا الموضوع‪،‬‬ ‫لم تتوقف على نوع واحد من أنواع الهدر المختلفة‬ ‫في حياتنا وفي مجتمعاتنا العربية‪ ،‬التي تكلفنا كثيراً‬ ‫وكثيراً ونخشى أن يؤثر ذلك علينا في مستقبل أ‬ ‫اليام‬ ‫اقتصادياً ويبتعد بنا عما ترشدنا إليه وتأمرنا به عقيدتنا‬ ‫ومنهاجنا‪ .‬فها هي نشرة عن إهدار الورق وأخرى‬ ‫عن إهدار المياه وكل منهما يحتوي على التوجيهات‬ ‫والرشاد بأسلوب وعرض أنيق ال ينقصه سوى‬ ‫والنصح إ‬ ‫أن يكون حجم تلك النشرات في متناول اليد لكي يتم‬ ‫تناقلها وعرضها على أكثر من شخص كي تعم الفائدة‪.‬‬

‫وأعتقد أن تلك النشرات ستتوالى في مجاالت أخرى‬ ‫كثيرة مثل استهالك الوقود والتغيير المستمر في‬ ‫مستلزماتنا المنزلية عامة‪.‬‬ ‫وفي النهاية أرى القافلة تقتحم شبكة المعلومات‬ ‫بفكرها‪ ،‬وال تترك قارئها يجلس أمام الشاشة بعيداً‬ ‫عنها‪ .‬بل هي معه من خالل موقعها الذي تطلب فيه‬ ‫المشاركة واالستماع واالطالع والتصفح‪ ،‬فيتعايش‬ ‫معها‪ ،‬ويزيد إدمانه عليها‪ ،‬كما تخططون على الرغم‬ ‫الدمان موجود منذ سنوات عديدة‪.‬‬ ‫من أن ذلك إ‬ ‫وال أنسى ختاماً أن أشكركم جزيل الشكر على مداومة‬ ‫إرسال القافلة إلينا دون انقطاع أو تأخير فلكم كل‬ ‫االمتنان على ذلك»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫تلبي القافلة طموحاتك‬ ‫وللخ الكريم نقول‪ :‬أ نرجو أن ِّ‬ ‫قرائها العزاء‪ ،‬وسنواصل نشر رسائلنا‬ ‫وطموحات َّ‬ ‫التوعوية ضد الهدر تباعاً‪ ،‬آملين أن تحقق الفائدة‬ ‫المرجوة منها‪.‬‬ ‫وكتب القارئ أعظم جنيد الله يقول‪« :‬كنت وما زلت‬ ‫قراء القافلة‪ ..‬فلكم الشكر على جهودكم المبذولة‬ ‫من َّ‬ ‫الستمرارية المجلة‪.‬‬ ‫أعجبت بشدة بفكرة النشرة التوعوية عن الورق‬ ‫شد‬ ‫التي تم توزيعها مع العدد ‪ 2‬مجلد ‪ .63‬ولكن َّ‬ ‫انتباهي تناقضكم في دعوتكم للترشيد في استخدام‬ ‫الورق وخصوصاً في طباعة المستندات وغيرها‬ ‫وبين عدم التزامكم أنتم بما تنصحون به‪ .‬النشرة‬ ‫تمت طباعتها على مقاس ورق يقارب ‪ A2‬وعلى وجه‬ ‫واحد من الورق‪ .‬في حين أنكم كنتم تستطيعون‬ ‫طباعة محتويات النشرة على ورق مقاس ‪ A3‬وعلى‬ ‫وجهين وبذلك توفرون نصف كمية الورق الذي‬ ‫استخدمتمونه في طباعة النشرة»‪.‬‬ ‫والواقع يا أخ أعظم أن المراد بما تسميه «نشرة» هو‬ ‫أن يكون ملصقاً‪ ،‬يُعلَّق على الجدار ليؤدي مهمته‬ ‫على المدى الطويل‪ .‬أ‬ ‫والمر غير ممكن مع اقتراحك؛‬ ‫ألن أحد وجهي هذا الملصق سيكون لجهة الجدار‪.‬‬ ‫وهذا ما أجبرنا على طباعته على ورق أكبر‪ ،‬وعلى‬ ‫جهة واحدة فقط‪.‬‬

‫ونحن بدورنا أحلنا االسم والعنوان وأسماء أ‬ ‫الخوة‬ ‫الذين طلبوا اشتراكات في القافلة إلى قسم التوزيع‪،‬‬ ‫لكي تُرسل إليهم بانتظام‪.‬‬ ‫أما أ‬ ‫الخ علواني خالد الذي كتب يقول‪« :‬إن عثوري‬ ‫على مجلة القافلة ومعرفتي بها من أهم ما حصل لي‬ ‫خالل فترة تدريبي الصيفي في أرامكو السعودية التي‬ ‫سأودعها في نهاية هذا الصيف‪ .‬وال أريد أن تنقطع‬ ‫عالقتي بمجلة القافلة الثرية والرائعة‪ .‬فهل من‬ ‫الممكن االشتراك في النسخة الورقية من المجلة؟»‪،‬‬ ‫اللكترونية عنوانه‬ ‫يضمن رسالته إ‬ ‫فقد نسي أن ِّ‬ ‫البريدي‪ .‬وهذا سهو يقع فيه كثير من أصدقائنا‪،‬‬ ‫ونرجوهم االنتباه إليه‪.‬‬ ‫وكتب فيصل بندر يقول‪« :‬أنا من المشتركين لديكم‬ ‫منذ ما يزيد على سنوات ثالث وممتن لكم جداً على‬ ‫القيمة والهادفة‪ ،‬التي ما زالت شعلة ال‬ ‫هذه المجلة ِّ‬ ‫ينطفي وهجها في زحمة المطبوعات ومخرجات عصر‬ ‫السرعة التي تُعصر على عجل وال تفيد في حال من‬ ‫أ‬ ‫الحوال‪ .‬أريد أن أعلمكم أن المجلة كانت تصلني‬ ‫تباعاً وبانتظام على صندوق بريدي‪ ،‬لكن العدد‬ ‫الخامس من المجلد ‪( 62‬لشهري سبتمبر وأكتوبر‬ ‫من العام ‪2013‬م) لم يصلني على الرغم من تتابع‬ ‫أ‬ ‫العداد من بعده بشكل منتظم‪ .‬أرجو منكم التكرم‬ ‫بإرساله مع أ‬ ‫العداد المقبلة»‪.‬‬ ‫ونحن ال يسعنا أن نتعامل مع هذه الدقة في‬ ‫المتابعة والحرص على المجلة إال بتقدير كبير‪ ،‬ونأمل‬ ‫يا أخ فيصل أن ترسل لنا عنوانك البريدي من جديد‪،‬‬ ‫حتى نرسل إليك العدد المطلوب قريباً إن شاء الله‪.‬‬ ‫ختاماً‪ ،‬وردتنا رسائل كثيرة من أصدقاء يرغبون‬ ‫في الكتابة للمجلة ويسألون عن الشروط‬ ‫ترحب‬ ‫وإمكانية ذلك‪ .‬والواقع أن القافلة ِّ‬ ‫ً‬ ‫بالجميع‪ .‬ولكن لكي يكون التعاون مثمرا فعالً‪،‬‬ ‫نرجو التنسيق المسبق مع فريق التحرير من‬ ‫خالل اقتراح المواضيع التي يجب أن تكون‬ ‫منسجمة تماماً مع أبواب المجلة والمساحة‬ ‫المخصصة لكل باب‪.‬‬

‫مع القرَّ اء‬

‫وكتب المقدم الركن الطيار سعد بن علي أ‬ ‫الحمري‬ ‫من الظهران‪ ،‬يقول‪« :‬لقد وقع في يدي صدفة العدد‬ ‫الثالث من مجلة القافلة (مايو ‪ -‬يونيو ‪2014‬م)‪ ،‬عن‬ ‫طريق صديق لي مشترك فيها‪ ،‬وقد أعجبتني كثيراً‪،‬‬ ‫مما يدل على رقي المجلة ومواضيعها‪ .‬أرجو وضع‬ ‫اسمي ضمن قائمة المشتركين»‪.‬‬


‫‪7|6‬‬

‫أكثر من رسالة‬

‫تحية وبعد‬

‫لغتنا إلى أين؟‬

‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫صارت لغتنا خط النار‪.‬‬ ‫فعلى مواقع التواصل االجتماعي تسقط الحروف‬ ‫وتتآكل أطرافها من همزات وتشكيل ونقاط‪َّ .‬نبه‬ ‫الكاديميون إلى ذلك‪ ،‬ولكن البعض رأى أن أ‬ ‫أ‬ ‫المر‬ ‫ال يعدو أكثر من أخطاء خالل التسرع في الكتابة‬ ‫بوساطة لوحة المفاتيح‪ .‬ولكن الحقيقة أن لغتنا‬ ‫صارت إلى شفا التغريب والهاوية بعدما استهترنا‬ ‫بالتعريب كيفما اتفق‪ .‬حتى إن اللغات أ‬ ‫الجنبية‬ ‫احتلت عقولنا قبل ألسنتنا‪ .‬وأصبحت متداولة‬ ‫في مدارسنا وشوارعنا وبيوتنا‪.‬‬ ‫في ‪ 18‬ديسمبر الماضي احتفلت اليونيسكو‬ ‫باليوم العالمي للغة العربية‪ .‬وطرح السؤال‬ ‫نفسه أين نحن من االحتفال بلغتنا؟‬ ‫وهل يحمي هذا االحتفال اللغة من التغريب‬ ‫واالندثار؟‬ ‫قضية طالما كانت مصدر قلق وترقب من‬ ‫أصحاب الغيرة الحميدة على اللغة العربية‪،‬‬ ‫التي هي لغة أهل الجنة ولغة القرآن‪ ،‬اللغة‬ ‫التي نزل بها القرآن‪ ،‬يقول تعالى «بلسان عربي‬ ‫مبين»‪« ،‬إنا أنزلنه قرآناً عربياً»‪ ،‬وقد اصطفاها‬ ‫هللا تعالى على كل اللغات عندما جعلها لغة‬ ‫القرآن الكريم‪ .‬وأثناء قراءاتي لما رصد من‬ ‫كتابات حول هذا االحتفال‪ ،‬كان هناك طرح‬ ‫لمناقشة ومناظرة تمت تحت مسمع ومرأى من‬ ‫الوطن العربي مفادها‪ :‬الملتقيات والمؤتمرات‬ ‫المهمة عن اللغة العربية‪.‬‬ ‫من هذه الملتقيات البارزة كان هناك «الملتقى‬ ‫التنسيقي للجامعات والمؤسسات المعنية باللغة‬ ‫العربية في دول مجلس التعاون الخليجي»‬ ‫الذي نظمه مركز الملك عبدهللا الدولي لخدمة‬ ‫اللغة العربية في الرياض‪ ،‬وكذلك مؤتمر «اللغة‬ ‫العربية في خطر‪ ..‬كلنا شركاء في حمايتها»‪،‬‬ ‫الذي نظمه المجلس الدولي للغة العربية في‬ ‫بالضافة إلى جهود االئتالف الوطني من‬ ‫دبي‪ ،‬إ‬ ‫أجل اللغة العربية في المغرب‪ ،‬الذي ذكر من‬

‫ضمن اهتماماته وضع مشروع قانون حماية اللغة‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫وقد شارك في هذه المؤتمرات والملتقيات‬ ‫عدد من المهتمين باللغة العربية من وزراء‬ ‫سابقين وحاليين للثقافة ورؤساء منظمات‬ ‫وأعضاء المجامع اللغوية والعلمية وأساتذة‬ ‫جامعات وعلماء لغة ومهتمين باللغة العربية‬ ‫قدموا أوراق عمل‬ ‫من ك َّتاب ومؤلفين وإعالميين‪َّ ،‬‬ ‫ومناقشات ومداخالت وندوات مختلفة‪.‬‬ ‫وتم طرح المحاور الثالثة التي دللت على ما آلت‬ ‫إليه اللغة‪.‬‬ ‫‪ - 1‬اللغة بخير‪ !..‬هل هذا وصف للوضع الراهن‬ ‫فعالً‪..‬؟‬ ‫‪ - 2‬اللغة تتآكل حقيقة ال مجازاً‪ !..‬أرى أن هذا ما‬ ‫كان محل نقاش‪..‬؟‬ ‫‪ - 3‬فريق توفيقي يرى أن لغتنا بخير‪ !..‬التدليل‬ ‫على حوار ال يحتاج مناقشة‪..‬؟ غير أن الغريب‬ ‫في أ‬ ‫المر هو أن عدداً من الوزراء ورؤساء‬ ‫المنظمات ورؤساء الجامعات السابقين والحاليين‬ ‫يرجعون أ‬ ‫الزمة إلى عدم وجود قرار سياسي‬ ‫ُ‬ ‫بذلك‪ ،‬وكأنهم لم يكونوا ضمن دائرة أصحاب‬ ‫القرار‪.‬‬ ‫محمود حسانين‬ ‫مصر‪ ،‬محافظة سوهاج‬

‫الغابات‪..‬‬ ‫مشكلة ضخمة‪ ،‬حلها سهل‬ ‫قرأت في العدد أ‬ ‫قيماً‬ ‫الخير‬ ‫من القافلة تقريراً ِّ‬ ‫بعنوان «معاينة غابات أ‬ ‫الرض»‪ ،‬يسلِّط الضوء‬ ‫على قضية قطع الغابات في العالم‪ ،‬نظراً لما‬ ‫لها من آثار بالغة الخطورة على كافة المستويات‬ ‫البيئية والحياتية واالقتصادية‪ .‬وقد ساءني ما‬ ‫طالعته في الصفحة أ‬ ‫الخيرة من هذا الملف‪،‬‬ ‫وبالخط العريض «الغابات في المملكة‪ ،‬نظام‬ ‫بيئي فريد ال يزال مهدداً»‪ .‬وال أقصد بذلك أن‬ ‫تضمن خطأ ما‪ ،‬ولكن ألني قرأته بعد‬ ‫هذا الجزء َّ‬ ‫عنوان آخر على صفحة سابقة يقول إن أرقام‬ ‫تضمنت ما يلي‪« :‬كل سنة تشهد‬ ‫منظمة «الفاو» َّ‬ ‫إعادة زراعة ‪ 7‬ماليين هكتار ال سيما في الصين‬ ‫وأمريكا»‪.‬‬

‫لقد قامت وزارة الزراعة والهيئة الوطنية لحماية‬ ‫الحياة الفطرية في المملكة بجهود مشكورة في‬ ‫مجال ضبط الرعي وإنشاء المحميات الطبيعية‪،‬‬ ‫ولكننا نأمل االنتقال من حماية الموجود إلى‬ ‫تعزيز الغابات وإكثارها؟‬ ‫صحيح أن جغرافية بالدنا ال تساعد على‬ ‫الزراعة أينما شئنا‪ .‬ولكن المؤكد أن هناك‬ ‫مساحات شاسعة في مختلف أرجاء المملكة‬ ‫قابلة للتشجير بنسب مختلفة‪ ،‬وبعضها قابل‬ ‫إلنشاء غابات صناعية حقيقية‪ ،‬وبتكلفة زهيدة‬ ‫جداً مقارنة مع عائدها البيئي والمناخي‪ ،‬وحتى‬ ‫مقارنة بتكلفة مشاريع متوسطة على مستوى‬ ‫البلديات‪.‬‬ ‫ولو شئت أن أضرب مثال ً محدداً‪ ،‬كي ال أبقى في‬ ‫مجال التنظير غير المدعوم بالحقائق‪ ،‬أشير إلى‬ ‫شجر العرعر دائم االخضرار الذي نراه في بعض‬ ‫المناطق (ومنها المنطقة الشرقية) ينمو ويكبر في‬ ‫مواضع كثيرة من دون أي عناية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫فكم تبلغ تكلفة إنشاء مشتل كبير لشجار‬ ‫العرعر‪ ،‬وكم تبلغ تكلفة اليد العاملة إلعادة زرع‬ ‫الشتالت وتشكيل غابات صناعية حقيقية وكبيرة‬ ‫تشكِّل مقرات للطيور التي تحمل بدورها بذور‬ ‫نباتات وأعشاب وشجيرات مختلفة‪.‬‬ ‫إن الغابات ومصيرها تشكِّل قضية ضخمة على‬ ‫مستوى العالم‪ ،‬ولكن حلّها ليس مستحيالً‪.‬‬ ‫البراهيم‬ ‫منذر عبداللطيف إ‬ ‫الدمام‬


‫المحطة األولى‬

‫بين البيت والعمل‪..‬‬ ‫بإطاللة فصل الخريف‪ ،‬تعود الحياة الثقافية من عطلتها الصيفية أ‬ ‫لتمل‬ ‫الدنيا صخباً بالمعارض والمؤتمرات والنشاطات المختلفة‪ .‬وهذا ما تتكشف‬ ‫عنه صفحة المواعيد الثقافية‪ .‬ولكن‪..‬‬ ‫ف‬ ‫ث‬ ‫ش‬ ‫بكث� من ذلك‪ .‬إنه‬ ‫�ء‪ .‬والمسكن ليس ملجأ‪ ..‬إنه أك� ي‬ ‫ي� المسكن يبدأ كل ي‬ ‫كث�ة‪ .‬ولكن من م َّنا حقق هذا الحلم؟‬ ‫أوال ً حلم‪ ،‬دون تنفيذه تحديات ي‬ ‫ت‬ ‫ال� ال بد من دراستها جيداً‬ ‫ف ي� باب «ورشة عمل» ٌ‬ ‫عرض للخطوات الرئيسة ي‬ ‫قبل ش‬ ‫ال�وع ف ي� البناء؛ ألن الرضا عن المسكن أصعب من تأمينه حسبما‬ ‫ف‬ ‫يقول المتخصصون ي� هذا المجال‪.‬‬ ‫ومن الرضا عن المسكن إىل الرضا عن العمل‪.‬‬ ‫السؤال الذي ت‬ ‫اخ�ناه لباب «بداية كالم» ف ي� هذا العدد هو حول تفضيل‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫العالم‬ ‫الذاعة أم ي� التلفزيون؟ القطاعان أساسيان ومتقاربان ي� إ‬ ‫العمل ي� إ‬ ‫ئ‬ ‫كث�ون‪ .‬وإن اعتقد البعض خطأ أن‬ ‫المر� والمسموع‪ ،‬الذي يطمح إليه ي‬ ‫ي‬ ‫التلفزيون حجب الذاعة‪ ،‬ففي أ‬ ‫الجوبة عن هذا السؤال‪ ،‬نستشف توازناً‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫المجال�‪،‬ن‬ ‫ن‬ ‫حميداً‪ ،‬ونطالع بعض الفروقات الساسية � العمل يب� هذين‬ ‫ي‬ ‫قبل أن نختتم هذا القسم‪ ،‬بقول ف� مقال ييعقِّب عىل سؤال ُطرح سابقاً �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫العر� إىل العالمية‪.‬‬ ‫القافلة حول دور ال�جمة ي� نقل أدبنا ب ي‬

‫‪09‬‬

‫أتبني ً‬ ‫بيتا‪ ..‬لحظة من‬ ‫فضلك‬

‫‪16‬‬

‫أيهما ِّ‬ ‫تفضل العمل في‬ ‫اإلذاعة أم التلفزيون؟‬

‫‪18‬‬

‫في المكتبة‬

‫‪22‬‬

‫األجندة الثقافية‬


‫‪9|8‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫القافلة أونالين‬

‫—‪www.qafilah.com‬‬

‫تصفّح القافلة أونالين بح َّلة جديدة وموضوعات‬ ‫موسعة لتشمل أ‬ ‫الفالم الوثائقية والمقابالت‬ ‫ّ‬ ‫المسجلة والشعر بالصوت والصورة‪.‬‬

‫ورشة عمل | ألن بناء المسكن يشكِّل‬ ‫واحداً من تحديات العمر بالنسبة للفرد‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ولن الرضا عن المسكن يرتبط بسلسلة‬ ‫الخطوات التي تسبق الشروع في تنفيذ‬ ‫البناء‪ ..‬عقدت القافلة‪ ،‬يوم ‪ 7‬أغسطس‬ ‫في فندق الميريديان بالخبر‪ ،‬ورشة عمل‬ ‫بعنوان «أتبني بيتاً‪ ..‬لحظة من فضلك‪.‬‬ ‫كيف تقرأ المخطط المعماري الخاص‬ ‫بمنزلك»‪.‬‬

‫أدب وثقافة | «قطار الشرق السريع»‪،‬‬ ‫حد بعيد‬ ‫لعب دوراً تاريخياً تجاوز إلى ٍّ‬ ‫ليتحول السفر‬ ‫والرحالة‪،‬‬ ‫نقل المسافرين َّ‬ ‫َّ‬ ‫على متنه إلى غاية وقيمة ثقافية بحد‬ ‫ذاته‪ .‬قيمة أعاد معهد العالم العربي في‬ ‫باريس تسليط الضوء عليها‪ ،‬من خالل‬ ‫المعرض الضخم الذي أقامه لهذا القطار‬ ‫المثقل بذكريات أدبية وثقافية صيغت‬ ‫على متنه أو بوحي منه ألكثر من قرن من‬ ‫الزمن‪.‬‬

‫ين‬ ‫ع� وعدسة | سمعنا في الماضي‬ ‫شيدته‬ ‫ببنتاغرام‪ ،‬وتراث التصميم الذي ّ‬ ‫عبر السنين‪ ،‬لكننا لم نتوقع يوماً‪ ،‬أن‬ ‫يخصص واحد من شركاء بنتاغرام جهداً‬ ‫كبيراً لمفهوم الوقت‪« .‬آالت الزمن‪:‬‬ ‫دانيال وايل وفن التصميم»‪ ،‬هو معرض‬ ‫ساعات وأساليب تصميمها‪ ،‬من أعمال‬ ‫دانيال وايل‪ ،‬وهو أحد مصممي بنتاغرام‬ ‫الصناعيين وشركائها‪.‬‬

‫طاقة | يقول الخبراء إنه تحت أفضل‬ ‫الظروف التشغيلية التقليدية‪ ،‬ال يمكن‬ ‫استخراج أكثر من خمسين بالمائة من‬ ‫النفط الموجود في أي مكمن‪ ،‬وهذه‬ ‫الكميات التي يتم استخراجها تكون‬ ‫موجودة في مناطق المكامن‪ ،‬في حين‬ ‫تبقى كميات هائلة من النفط ما بين‬ ‫الصخور‪ .‬من هنا تبرز أهمية استخدام‬ ‫طرق مبتكرة وحديثة لتعزيز إنتاجية‬ ‫النفط‪.‬‬

‫فنان ومكان | يصعب تقدير أعمال الفنان‬ ‫التشكيلي طه صبان دون استحضار المكان‬ ‫الذي يتبوأ الصدارة ضمن موضوعات‬ ‫لمحات من الحياة في الحجاز ال‬ ‫لوحاته‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫تُخطئ المشاهد‪ .‬واللمحات الحياتية تلك‬ ‫تدور في فلك المكان وتحقق من خالل‬ ‫الشخصيات المكانية والحركة وجودها‪ ،‬ما‬ ‫المحور الذي تدور حوله‬ ‫المكان‬ ‫يجعل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫باقي عناصر العمل الفني‪.‬‬

‫الملف | للعلم أو للعمل‪ ،‬لالستجمام‬ ‫أو لالستكشاف‪ ،‬أطوعياً كان أم قسرياً‪،‬‬ ‫فقد شاع السفر في عصرنا أكثر من أي‬ ‫وقت مضى‪ ،‬حتى بات فعال ً حاضراً في‬ ‫حياة أي إنسان‪ ،‬مهما تباطأ أو تقطَّع أو‬ ‫تسارع تكراره‪ .‬في هذا الملف‪ ،‬نختصر‬ ‫أبرز التحوالت التي طرأت على تاريخ فعل‬ ‫السفر الذي كان مهارة في عصور التجارة‬ ‫القديمة والمستكشفين‪ ،‬وصار أضخم‬ ‫صناعة عالمية دون منافس قريب‪.‬‬


‫الخطوات األساسية‬ ‫قبل وضع حجر‬ ‫األساس‬

‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫واحدا من تحديات العمر‬ ‫يشكل‬ ‫ألن بناء المسكن‬ ‫بالنسبة للفرد‪ ،‬وألن الرضا عن المسكن يرتبط‬ ‫بسلسلة الخطوات التي تسبق الشروع في تنفيذ‬ ‫البناء‪ ..‬عقدت القافلة‪ ،‬يوم ‪ 7‬أغسطس في فندق‬ ‫الميريديان بالخبر‪ ،‬ورشة عمل بعنوان «أتبني ً‬ ‫بيتا‪..‬‬ ‫لحظة من فضلك‪ .‬كيف تقرأ المخطط المعماري‬ ‫الخاص بمنزلك»‪ .‬أدارها المهندس المعماري‬ ‫الدكتور مشاري النعيم‪ ،‬وشاركه في إدارة جلستها‬ ‫األولى المهندس حمد‬ ‫الشقاوي‪ ،‬رئيس مجلس‬ ‫إدارة الهيئة السعودية‬ ‫للمهندسين‪ ،‬بحضور‬ ‫عدد من المهندسين‬ ‫والمستثمرين العقاريين‬ ‫والمهتمين‪.‬‬

‫تغطية‪ :‬عبود عطية‬ ‫تصوير‪ :‬زكي غواص‬

‫ورشة عمل‬

‫ً‬ ‫أتبني بيتا‪ ..‬لحظة‬ ‫من فضلك‬


‫‪11 | 10‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫يبدأ المسكن المثالي والخاص في‬ ‫يتحول إلى‬ ‫ذهن إالنسان حلماً ثم َّ‬ ‫مشروع‪ .‬وفي مرحلة ما يبدأ تنفيذ‬ ‫المشروع على أمل أن يأتي على‬ ‫قياس الطموحات‪ .‬ولكن‪ ،‬في أحيان كثيرة هي الغالبة‪،‬‬ ‫تتبدد تدريجياً بهجة االنتقال إلى المسكن الجديد‬ ‫بفعل أمور لم تؤخذ سابقاً في الحسبان‪ .‬وكثيراً‪ ،‬ما‬ ‫تبدأ بعد ذلك ورشة أخرى‪ ،‬أال وهي ورشة تعديل‬ ‫المسكن وإجراء التعديالت عليه‪ .‬ويمكن لعدم الرضا‬ ‫عنه أن يصل إلى التخلي عنه واالنتقال إلى غيره‪.‬‬ ‫الشكاليات والتحديات والمنزلقات التي تُحيط ببناء‬ ‫إ‬ ‫وتهدد الرضا عنه هي أكثر من أن‬ ‫المسكن المالئم ِّ‬ ‫الشكاليات نجد‬ ‫تُحصى‪ .‬ولكن‪ ،‬بمراجعة متأنية لهذه إ‬ ‫أن معظم أسبابها يعود إلى ما قبل البدء بتنفيذ‬ ‫أعمال البناء‪ .‬وهذا ما سعت القافلة إلى تسليط‬ ‫الضوء عليه في ورشة العمل هذه التي وصفها‬ ‫مديرها المهندس المعماري الدكتور مشاري النعيم‬ ‫بأنها‪« :‬رائدة‪ ،‬أ‬ ‫والولى من نوعها‪ .‬والمفاجئ فيها أنها‬ ‫تأتي من مجلة غير متخصصة‪ ،‬لتطرح قضية المسكن‬ ‫الذي يم ِّثل إشكالية على صعيد توفره ومشكلة على‬ ‫مستوى الرضا عنه‪ ،‬وهذا ما لم يقم به أحد حتى‬ ‫المجالت المتخصصة»‪.‬‬ ‫بالشارة إلى أن الرضا‬ ‫بدأ الدكتور النعيم حديثه إ‬ ‫عن المسكن يمثل مشكلة أكبر من مشكلة تأمين هذا‬ ‫المسكن‪ .‬فهناك قول معروف من اليابان إلى أمريكا‪:‬‬ ‫«عندما ينتهي بناء المسكن يبدأ التغيير»‪ .‬وهذا ما‬ ‫ال يرغب فيه أحد‪ ،‬ولكن كثيرين يقومون به مرغمين‪.‬‬ ‫فالسكن حاجة أساسية مثل الطعام والشراب‪.‬‬ ‫والنسان القديم سكن الكهوف كما سكن القصور‬ ‫إ‬ ‫الحقاً‪ .‬أما الرضا عن المسكن فهو خطوة متقدمة على‬ ‫المفهوم الذي يرى في المسكن مجرد ملجأ‪.‬‬ ‫وعدم الرضا عن المسكن هو قضية عالمية‪ ،‬حتى إن‬ ‫هناك توجهاً جديداً في عالم تصميم المساكن يُعرف‬ ‫بـ «شبه استقاللية المسكن»‪ ،‬أي كيف يكون التصميم‬ ‫مطواعاً لتغييرات الحقة بنا ًء على احتياجات مستقبلية‬ ‫أو غير متوقعة‪.‬‬

‫ويضيف النعيم‪ :‬إن أفالطون كان يرى أن المسكن‬ ‫النسان‪ .‬ولذلك نجد‬ ‫هو المقابل المادي لجسم إ‬ ‫كثيراً من الدراسات الغربية التي تناولت المسكن‬ ‫النسان‪ .‬ومثل هذه الدراسات‬ ‫كتعبير عن شخصية إ‬ ‫قديمة جداً‪ ،‬وهي محاولة لفهم المسكن المالئم‬ ‫لهذا الشخص بالذات‪ ،‬وليست بذخاً أو ترفاً‪ .‬إذ ال‬ ‫حلول جاهزة لكل مشكالت المساكن‪ .‬ولكن هناك‬ ‫توجهات عامة تسمح بإيجاد الحلول لكل عائلة على‬ ‫حدة‪ .‬فبناء المجمعات السكنية المؤلفة من وحدات‬ ‫متشابهة وال تختلف عن بعضها إال بتفاوت محدد‬ ‫في المساحات أ‬ ‫والحجام‪ ،‬لزبائن غير معروفين‬ ‫يأتون الحقاً‪ ،‬أثبت عدم جدواه أينما كان في العالم‪،‬‬ ‫حسبما يقول النعيم‪ .‬وضرب على ذلك مثال ً حي‬ ‫الكالبية في أ‬ ‫الحساء‪ ،‬حيث انتهت تجربة «البناء‬ ‫بالجملة» للمساكن إلى تعديالت كثيرة أجريت على‬ ‫معظمها‪ .‬وبعض هذه البيوت ُهدم بالكامل وأعيد‬ ‫بناؤه من جديد‪.‬‬


‫تصميم المسكن‬ ‫ملكية فكرية غير محمية‬ ‫الشكاالت التي يواجهها التصميم المعماري للمسكن‪ ،‬وأثيرت خالل الورشة‪ ،‬عدم وجود قوانين تحمي الملكية‬ ‫من إ‬ ‫الفكرية لهذه التصاميم‪ .‬بحيث يمكن لبعض تجار التصاميم أن يبيعوا التصميم الواحد ألكثر من جهة‪ ،‬ويمكن‬ ‫لمشتري تصميم جيد أن يمرره مجاناً إلى شخص آخر‪ .‬في حين أن التصاميم المعمارية في أمريكا مثال ً ومعظم‬ ‫دول أوروبا‪ ،‬محمية قانوناً‪ ،‬ويُمنع استنساخها‪.‬‬

‫وعلى هذا الصعيد‪ ،‬فإن المشكلة ليست مشكلة‬ ‫تصاميم سيئة أو جيدة‪ .‬ففي أمريكا‪ ،‬فشلت فكرة‬ ‫إقامة تجمع سكني ضخم صممه الياباني كنزو‬ ‫تانغي وهو واحد من أشهر المهندسين المعماريين‬ ‫وهدم بعد نحو سنة على تدشينه بعد‬ ‫في العالم‪ُ ،‬‬ ‫بن‬ ‫تحوله إلى بذرة اجتماعية فاسدة‪ .‬والسبب أن لم يُ َ‬ ‫لشريحة محددة وفق احتياجاتها الخاصة‪ .‬فالتصميم‬ ‫مسألة فردية‪ .‬وهنا أوضح المهندس الشقاوي الفرق‬ ‫بين «البناء للناس»‪ ،‬ومفهوم «البناء مع الناس»‪،‬‬ ‫حيث يشارك المصمم صاحب المسكن العتيد رحلته‬ ‫في بناء هذا المسكن وفق احتياجاته ومعطياته‬ ‫الشخصية‪.‬‬

‫الفضل هو في أ‬ ‫ورأى ثالث أن أ‬ ‫الرض الجديدة‪ ،‬حيث‬ ‫تشعب الحديث‬ ‫ال أبنية كثيرة في الجوار‪ ..‬وبعد أن َّ‬ ‫أ‬ ‫استطراداً إلى دور أ‬ ‫المانات في تخطيط الحياء‬ ‫السكنية وتوفير الخدمات التي تجذب شرائح معينة‬ ‫لخص النعيم هذا الجانب بقوله‪ :‬إن‬ ‫من السكان‪َّ ،‬‬ ‫اختيار موقع السكن هو مسألة ثقافية عند كل فرد‪.‬‬ ‫وكلما ارتفع المستوى العلمي والثقافي عند الفرد‬ ‫معين‪ .‬ولكن‬ ‫كان مستعداً للتحرر أمن ارتباطه بمكان َّ‬ ‫الواقع القائم على الرض يقول إن معظم الناس‬ ‫يفضلون التكتل ضمن مجموعات متشابهة ثقافياً‬ ‫واجتماعياً‪ ..‬وهذه ليست خاصية سعودية‪ ،‬بل هي‬ ‫عامة‪ .‬ففي أمريكا‪ ،‬تؤكد الدراسات أن أ‬ ‫المريكيين‬ ‫يعطون أ‬ ‫الولوية لموقع البيت على باقي االعتبارات‪.‬‬ ‫بحيث يرضون بالسكن في بيت صغير في حي جيد‪،‬‬ ‫على السكن في بيت كبير في موقع سيء‪.‬‬

‫اتفق مديرا الورشة على أن الخطوة أ‬ ‫الولى التي يجب‬ ‫بتأن هي اختيار موقع المسكن‪ .‬وإن بدا‬ ‫أن تُدرس ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫هذا الجانب أوال ً أمرا بسيطا فإن إضاءته من قبل‬ ‫المتحدثين والمشاركين أظهرت أنه أكثر تعقيداً وأبعد‬ ‫أثراً على مستقبل المسكن مما يتوهم البعض‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬قال النعيم‪ :‬إن االنطباع عن‬ ‫صورة أ‬ ‫الحياء في المدن هي ذات تأثير كبير على‬ ‫اختيار الموقع‪ .‬فللإنسان القدرة على ربط الصورة‬ ‫التي يراها في مخزونه الذهني‪ ،‬ويميل إلى اعتماد‬ ‫الصورة التي تُعطي أفضل انطباع‪ .‬ولهذا‪ ،‬فإننا نراه‬ ‫يقبل عادة في المسكن ما هو مقبول في مجتمعه‪،‬‬ ‫الشكاالت‪.‬‬ ‫ولكنه عندما ينتقل إلى البيت قد تبدأ إ‬

‫فمن أين تبدأ الرحلة كي تكون خواتيمها سعيدة؟‬

‫«الجار قبل الدار»‬

‫يلق‬ ‫يقول النعيم‪ :‬إن اختيار موقع السكن لم َ‬ ‫سابقاً أي اهتمام يستحق الذكر ولم يتم التفكير‬ ‫فيه كقضية‪ .‬فكانت النتيجة أن متوسط عمر الحي‬ ‫السكني في المملكة أصبح ثالثين سنة تقريباً‪ ،‬ثم‬ ‫يتدهور بعدها‪ ،‬ويُهجر الحقاً لصالح مواقع جديدة‬ ‫أخرى‪ ،‬كما حصل مثال ً في هجرة السعوديين للخبر‬ ‫الشمالية‪.‬‬ ‫وبمجرد طرح السؤال حول االعتبارات الفُضلى التي‬ ‫يجب أ‬ ‫الخذ بها الختيار موقع المسكن المزمع إنشاؤه‪،‬‬ ‫ظهرت عند المشاركين في الورشة مواقف مختلفة‬ ‫حتى حدود التناقض‪ .‬فالبعض رأى بأهمية التجانس‬ ‫االجتماعي والثقافي في الحي‪ ،‬في حين رأى آخر أن‬ ‫االختالط والتالقي مع آ‬ ‫الخر المختلف هو أفضل‪،‬‬

‫وعلى الرغم من أن توافر الخدمات التي يحتاجها‬ ‫صاحب البيت وأفراد أسرته في محيط المسكن‪،‬‬ ‫تُعد من الشروط الضرورية التي يجب أخذها بعين‬ ‫االعتبار عند اختيار الموقع‪ ،‬وإشارة أحد المشاركين‬ ‫إلى أن المعايير المعتمدة عالمياً في هذا المجال‪،‬‬ ‫هي القدرة على الوصول إلى هذه الخدمات مشياً‬ ‫على أ‬ ‫القدام خالل خمس دقائق‪ ،‬فإن اختيار موقع‬ ‫المسكن يبقى مسألة ثقافية فردية‪ ،‬واختيار المواقع‬ ‫بمكانة اجتماعية معينة‪ ،‬وإن كان مستحباً مبدئياً من‬ ‫الكثيرين‪ ،‬ال يجب أن يتم على حساب الميزانية‪،‬‬ ‫وال على حساب وظيفة البيت واحتياجات سكانه‬ ‫المختلفة‪.‬‬


‫‪13 | 12‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫يز‬ ‫التدب� بها‬ ‫وحسن‬ ‫ي‬ ‫الم�انية ُ‬

‫على الميزانية المخصصة لبناء المسكن أن تتحدد‬ ‫بالتزامن مع اختيار موضع البناء‪ .‬بحيث ال يبتلع‬ ‫اختيار الموقع معظمها وال يترك ما يكفي إلنشاء‬ ‫المسكن الجيد‪ .‬أ‬ ‫ولن معظمنا يبني اليوم بيوتاً وفقاً‬ ‫لميزانيات محددة سلفاً‪ ،‬فإن تحديدها يقتضي‬ ‫التوقف عنده ملياً‪.‬‬ ‫فالميل الفطري إلى بناء مسكن بأقل تكلفة ممكنة‪،‬‬ ‫ليس بالضرورة سليماً‪ .‬فالمسكن هو «مشروع عمر»‬ ‫كما يُقال‪ .‬ولذا فإن المبالغة في عصر الميزانية لن‬ ‫يؤدي إال إلى إنشاء «ملجأ» بدل «بيت العمر»‪.‬‬ ‫قديماً‪ ،‬كان صندوق التنمية العقاري يمنح قروضاً‬ ‫سكنية بقيمة ‪ 300‬ألف ريال لكل منها‪ ،‬وكان هذا‬ ‫المبلغ يكفي لبناء المسكن ويزيد‪ .‬أما اليوم فإن هذا‬ ‫القرض الذي ارتفع إلى ‪ 500‬ألف ريال لم يعد كافياً‬ ‫لذلك‪ .‬فقد ارتفعت أسعار أ‬ ‫الراضي ومواد البناء‬ ‫وتكلفة اليد العاملة‪ ،‬حيث إن الميزانية المرصودة‬ ‫لبناء المسكن باتت تشكل تحدياً حقيقياً للكثيرين‪.‬‬ ‫وكما أشار أحد الحاضرين إلى أنه وفقاً لمبادئ‬ ‫االقتصاد السليم‪ ،‬يجب أن تكون نسبة ‪ %25‬من‬ ‫مرتب شخص لمدة عشر سنوات كافية إلنشاء مسكن‬ ‫أو شرائه‪ .‬وهو أمر غير محقق عالمياً‪.‬‬ ‫إن تحديد الميزانية وتدبرها يجب أن يقوم أوال ً‬ ‫على البرنامج الوظيفي للبيت‪ ،‬وعلى ما يتطلبه‬ ‫التوازن بين تكلفة الموقع وهذا البرنامج الوظيفي‪،‬‬ ‫والحد الممكن (أو المفروض قانوناً) لجهة الشكل‬ ‫والصورة االجتماعية والجمالية‪ .‬وغالباً ما يكون من‬ ‫يقدر بنفسه هذه‬ ‫الصعب على صاحب المسكن أن ِّ‬ ‫ً‬ ‫الميزانية بدقة‪ ،‬بحيث تحقق له مشروعا كامالً‪ .‬وهنا‬ ‫يأتي أول أدوار المصمم المعماري‪ ،‬وهو مساعدة‬ ‫صاحب المسكن على تحديد هذه الميزانية المالئمة‬ ‫المرتجى‪.‬‬ ‫وجوانب صرفها‪ ،‬بحيث يتحقق المسكن ُ‬ ‫أ‬ ‫التيان بميزانية محددة إلى المصمم والطلب‬ ‫لن إ‬ ‫إليه تنفيذ مسكن بمواصفات‪ ،‬هي عادة طموحة‬ ‫أكثر من الميزانية‪ ،‬لن يؤدي سوى إلى المساومات‬ ‫على المواصفات ومخطط المسكن وغير ذلك من‬ ‫المفاجآت غير السارة والطرق المسدودة‪.‬‬ ‫وفي إطار مناقشة هذا الجانب في مداخالت‬ ‫الحضور‪ ،‬أشار المهندس سامي الحداد إلى أن‬ ‫تحديد الميزانية يقوم على ثقافة الفرد‪ .‬والمشكلة‬ ‫أ‬ ‫الساس تكمن في غياب مؤشر سعر البناء‪ .‬فمن‬ ‫أ‬ ‫العناصر الساسية التي تحدد الميزانية هناك البرنامج‬ ‫الوظيفي للبيت‪ ،‬كما أن قنوات التمويل المختلفة‬ ‫تلعب دوراً آخر‪ .‬أما محمد أ‬ ‫البيض الذي يعمل‬ ‫في االستثمار العقاري‪ ،‬فأبدى مالحظة أخرى وهي‬

‫عدم دراسة مواقع بناء‬ ‫المساكن‪ ،‬هو ما جعل متوسط‬ ‫عمر المنطقة السكنية في‬ ‫ً‬ ‫عاما‬ ‫مدن المملكة نحو ‪30‬‬ ‫فقط‬


‫«الرضا عن‬ ‫المساكن أصعب‬ ‫من تأمينها»‪.‬‬

‫عمل المصمم المعماري ضمن إطارين‬ ‫معي ٍن من التجانس االجتماعي والتوافق في القيم االجتماعية ال يعني وجوب‬ ‫إن وجود‬ ‫ً‬ ‫مستوى ّ‬ ‫أو إمكانية توحيد المساكن للجميع‪ .‬ولذا على التصميم المعماري كما أشار المهندس النعيم‪ ،‬أن‬ ‫يأخذ بالحسبان العناصر التي تجتمع ضمن إطارين‪:‬‬ ‫الطار أ‬ ‫الول‪ :‬ما هو مشترك بين أبناء هذا المجتمع‪.‬‬ ‫إ‬ ‫يميز الفرد عن باقي أفراد المجتمع‪ ،‬أي احتياجاته وما‬ ‫الذي‬ ‫الفردي‬ ‫طار‬ ‫ال‬ ‫هو‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫طار‬ ‫وال‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫ِّ‬ ‫يبغيه من بيته وأفضلياته وأولوياته‪.‬‬

‫أن كثيرين من الراغبين في تملك البيوت صاروا‬ ‫يخضعون لرأي صاحب المكتب العقاري للشراء هنا‬ ‫أو هناك‪ ،‬وفق الميزانية المحددة لشراء بيت‪ ،‬أي‬ ‫بيت‪ ،‬أو أفضل ما يشتريه هذا المبلغ‪.‬‬ ‫أشار النعيم في حديثه إلى أن المساكن السعودية‬ ‫شهدت تحوالت كبيرة خالل العقود الثالثة‬ ‫أ‬ ‫الخيرة‪ .‬فمنذ تسعينيات القرن العشرين‪ ،‬بدأت‬ ‫تظهر البيوت الصغيرة المدروسة‪ .‬إذ قبلها‪ ،‬كانت‬ ‫المجالس الضخمة تشغل نحو ‪ %40‬من مساحة‬ ‫المسكن‪ ،‬على الرغم من أنها ما كانت تستعمل‬ ‫مرات قليلة في السنة‪ .‬وكانت البيوت محشوة‬ ‫إال َّ‬ ‫بفضاءات وغرف ومساحات ال وظيفة حقيقية أو‬ ‫ال حاجة لها‪ .‬ولكن بسبب «الضائقة» االقتصادية‬ ‫الراضي وتكلفة البناء‪ ،‬جاءت أ‬ ‫وارتفاع أثمان أ‬ ‫العمال‬ ‫الجديدة مدروسة ومتعقلة أكثر‪ .‬ولكننا ال نزال‬ ‫بعيدين عموماً عن المنهج السليم في التخطيط‬ ‫لبناء المسكن الذي يستحق الرضا عنه على المدى‬ ‫الطويل‪.‬‬

‫المعماري‬ ‫التصميمويبقى أ‬ ‫دور أ‬ ‫الصغر!‬ ‫الهم‪..‬‬ ‫هو‬

‫وفقاً لمبدأ أو شعار «البناء مع الناس» (وليس‬ ‫للناس)‪ ،‬يفترض في المصمم المعماري أن يكون‬ ‫شريك صاحب المسكن منذ بدء التفكير في البناء‪.‬‬ ‫فإضافة إلى دوره المساعد في اختيار الموقع المالئم‬ ‫وتحديد الميزانية المالئمة‪ ،‬فإن التصميم الجيد‬ ‫هو العامل أ‬ ‫الساس في استحواذ المسكن على رضا‬ ‫صاحبه على المدى الطويل‪ .‬وهو ما يجعل البيت‬ ‫بيتاً وليس ملجأً مؤقتاً‪ ،‬وهو يشكِّل قيمة مضافة إلى‬ ‫قيمة العقار‪ .‬فالتصميم الجيد يبقي البيت جيداً‬ ‫النشائي سيئاً‪ ،‬أما التنفيذ الجيد‬ ‫حتى ولو كان تنفيذه إ‬ ‫لتصميم سيئ فيبقي البيت سيئاً‪ .‬ولكن‪ ،‬ما الحاصل‬ ‫عندنا؟‬

‫الخطوات الثالث التي‬ ‫تتوقف عليها جودة‬ ‫المسكن‪ :‬اختيار الموقع‬ ‫المالئم‪ ،‬وتحديد الميزانية‬ ‫المالئمة‪ ،‬والتصميم الجيد‬


‫‪15 | 14‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫خالل بحث ميزانية المسكن‪ ،‬أشار المهندس الشقاوي‬ ‫إلى أن أحد أوجه مشكلة بناء المساكن تكمن في عدم‬ ‫تقدير قيمة الدور الذي يلعبه التصميم المعماري‪،‬‬ ‫وبدل أتعاب المصمم‪ .‬بحيث تدنت هذه القيمة‬ ‫حتى خمسة آالف أو ثالثة آالف ريال‪ ،‬في مكاتب‬ ‫عدة سلفاً ألي كان‪ .‬حتى إن‬ ‫تبيع تصاميم جاهزة ُم َّ‬ ‫التصميم الجيد صار حكراً على البيوت الكبيرة‪( ،‬علماً‬ ‫بأن البيوت الصغيرة قد تكون بحاجة إلى التصميم‬ ‫الجيد أكثر من الكبيرة)‪.‬‬ ‫ومقابل هذا «االستخفاف» النسبي من قبل بناة‬ ‫المساكن بأهمية الدور الذي يمكن للمصمم أن‬ ‫يلعبه‪ ،‬هناك «فتور» عند المصممين المعماريين‬ ‫للعب دورهم كامال ً على صعيد المساكن‪.‬‬

‫تتراوح قيمة التصميم المعماري الجيد للمسكن من‬ ‫قبل مصمم ناجح ما بين ‪ %15‬من تكلفة المسكن‬ ‫الصغير‪ ،‬وتتدنى حتى ‪ %3‬إذا كانت تكلفة البيت‬ ‫كبيرة (فوق عشرين مليون ريال مثالً)‪ .‬وفي حين يرى‬ ‫بعض بناة المساكن أن هذه التكلفة كبيرة‪ ،‬ويمكنهم‬ ‫توفيرها باللجوء إلى مكتب يبيع خرائط جاهزة‬ ‫بخمسة آالف ريال‪ ،‬يرى المصممون المعماريون أنها‬ ‫«ال تستحق عذاب النفس»‪.‬‬ ‫وشرح الدكتور النعيم هذا الجانب من المسألة‬ ‫بقوله‪ :‬إن الهندسة المعمارية هي فن وعمل‬ ‫اقتصادي في الوقت نفسه‪ .‬والمشكلة عندنا هي‬ ‫في اختالل الميزان بين هذين العاملين‪ .‬فالمصمم‬ ‫يفضل العمل على تصميم برج مكاتب‬ ‫المعماري ِّ‬

‫مديرا الورشة‬ ‫أدار الورشة الدكتور مشاري النعيم‪ ،‬وهو من المهندسين المعماريين الالمعين في المملكة‪،‬‬ ‫وأستاذ جامعي في النقد المعماري‪ .‬له عديد من أ‬ ‫البحاث والدراسات في مجال التراث‬ ‫العمراني وقضايا فن العمارة والتخطيط‪ .‬يعمل حالياً مشرفاً على مركز التراث العمراني‬ ‫والثار‪ .‬وشاركه في إدارة جلستها أ‬ ‫الوطني ضمن الهيئة العامة للسياحة آ‬ ‫الولى المهندس‬ ‫حمد الشقاوي‪ ،‬رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للمهندسين‪ ،‬العاملة على االرتقاء‬ ‫بالمهنة وتمكين المهندسين والمؤسسات الهندسية من الوصول إلى الحلول المثلى للقضايا‬ ‫البداع واالبتكار بما يخدم احتياجات المجتمع‪ ،‬وتحفيز المنشآت‬ ‫التي يواجهونها‪ ،‬وتشجيع إ‬ ‫الهندسية السعودية والمهندسين السعوديين وتنمية مقدراتهم التنافسية‪.‬‬

‫على بناء مسكن‪ .‬أوال ً ألن العائد الذي يجنيه من‬ ‫تصميم البرج هو أكبر بكثير من عائد تصميم‬ ‫المسكن‪ ،‬كما أن تصميم أ‬ ‫البراج يترك له حرية‬ ‫للإبداع أكبر بكثير من الحرية المتروكة له في‬ ‫تصميم المساكن‪ .‬إضافة إلى كونه سهال نسبياً؛ لنأ‬ ‫ً‬ ‫بناة أ‬ ‫البراج المكتبية هم أقل تدخال ً في سير عمل‬ ‫المصمم من بناة المساكن‪ .‬ولهذا نرى في ناطحات‬ ‫السحاب والمباني الكبيرة التي تُقام اليوم في مدن‬ ‫المملكة إبداعاً فنياً ومعمارياً أكبر بكثير مما نراه في‬ ‫المساكن الجديدة‪.‬‬ ‫والحل؟‬ ‫الحساس بالمسؤولية االجتماعية‬ ‫أشار النعيم إلى إ‬ ‫التي يجب أن يتحلى بها المعماريون‪ .‬وأشار آخرون‬ ‫إلى وجوب وضع التنظيمات والتشريعات التي تُخرج‬ ‫«مصممي الشنطة» من سوق البناء‪ .‬ولكن حل الجزء‬ ‫أ‬ ‫الشكالية هي في تنمية الوعي عند‬ ‫الكبر من هذه إ‬ ‫باني المسكن بأهمية اختياره للمصمم المعماري‪،‬‬ ‫وبالتطلع إليه كشريك‪ ،‬ال كبائع رسوم‪ .‬وعلى‬ ‫التعاون مع المصمم‪ ،‬والتأني في اتخاذ القرارات‬ ‫المتعلِّقة بالموقع والميزانية والتصميم‪ ،‬يتوقف‬ ‫الرضا الدائم عن المسكن‪ .‬إذ ال عودة إلى الوراء بعد‬ ‫ضربة المعول أ‬ ‫الولى في البناء‪.‬‬ ‫ِ ْ َ‬

‫المصمم‬ ‫الجيد هو‬ ‫شريك لصاحب‬ ‫المسكن في‬ ‫بنائه‪ ،‬وعلى‬ ‫دوره َّ‬ ‫يعول‬ ‫الكثير‪ .‬ولكن…‬


‫قالوا في الورشة‬

‫الشكاليات والقضايا‬ ‫ سامي الحداد (مهندس)‪ :‬المست الورشة إ‬‫السكان والسكن على المستويين العقاري والفردي‪،‬‬ ‫التي يواجهها إ‬ ‫من جوانب عديدة بدءاً من اختيار الموقع والتصميم‪ ..‬وال شك أن‬ ‫مداخالت المشاركين كانت ثرية جداً‪ .‬وأقترح تعميق محاور الورشة‬ ‫والسكان والتصميم‪.‬‬ ‫رواد التطوير العقاري إ‬ ‫باستدعاء مزيد من َّ‬ ‫ عبدالعزيز جار هللا السنيدي (معماري)‪ :‬الورشة كانت جيدة‪.‬‬‫ولكني كنت أتمنى توحيد عناوين المحاور بما يتناسب معها‪ ،‬بحيث‬ ‫تغطي جميع الموضوعات التي تندرج تحت كل محور‪.‬‬ ‫ عبدهللا حسن شهاب (مستثمر عقاري)‪ :‬أفادتني الورشة على‬‫أ‬ ‫الشراف على البناء‬ ‫صعيد االختيار السلم للموقع وللمقاول وأهمية إ‬ ‫والتركيز على الجودة‪ .‬وأقترح تركيزاً أكبر على عنوان الورشة‪« :‬كيف‬ ‫تقرأ المخطط المعماري؟»‪.‬‬

‫ صالح عبدهللا الحايك (رجل أعمال)‪ :‬لقد تمت مناقشة كل‬‫المشكالت بكل حرية‪ ،‬وتعرفنا إلى قنوات إليجاد الحلول‪ .‬ومما‬ ‫تعلمته من الورشة هو أسباب التحول االستراتيجي في سوق العقار‬ ‫وسبب الغالء فيه‪ ،‬والتغير العمراني غير المقنع على مستوى بناء‬ ‫منزل العائلة‪ .‬وأقترح عقد ورشة أو لقاء خاص على مستوى رؤساء‬ ‫أ‬ ‫المانات لبحث حلول قضايا السكن‪.‬‬ ‫ محمد سلمان أ‬‫البيض (مستثمر عقاري)‪ :‬الورشة كانت مفيدة‬ ‫في المساعدة على اتخاذ بعض القرارات المناسبة واختيار المقاول‬ ‫والمكتب الهندسي ذي الخبرة الكبيرة‪ .‬وأقترح تحديد المحاور‬ ‫والتركيز عليها‪ ،‬وتحديد وقت للمداخالت‪.‬‬

‫ المهندس ناصر محمد آل ظفر (مدير إدارة خطط التنمية)‪:‬‬‫محاور الورشة كانت ممتازة‪ ،‬والمشاركون كانوا على كفاءة عالية‪ .‬ومن‬ ‫أ‬ ‫المور الجديدة التي تعلمتها ضرورة إيجاد التشريعات التي تواكب‬ ‫تطلعات المجتمع‪ ،‬وإيجاد البدائل التنظيمية لتثقيف المجتمع حول‬ ‫دور المكاتب الهندسية والمقاولين‪.‬‬ ‫ إبراهيم حسن آل قوأحمد (مستثمر عقاري)‪ :‬أضافت هذه‬‫إلي معلومات كثيرة على مستوى اختيار المكان المناسب‬ ‫الورشة َّ‬ ‫ً‬ ‫للبناء‪ ،‬كما استفدت أيضا من تجارب المشاركين وآرائهم‪ ،‬ووفرت لي‬ ‫أ‬ ‫الدارية‪.‬‬ ‫فهماً أعمق لبعض النظمة والتشريعات إ‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪17 | 16‬‬

‫بداية كالم‬

‫أيهما ِّ‬ ‫تفضل العمل في‬

‫اإلذاعة أم التلفزيون؟‬

‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫المام ‪ /‬مذيعة‬ ‫نازك إ‬

‫أ‬ ‫ف‬ ‫تحققت ت‬ ‫أك� من‬ ‫الذاعة؛ لن جمهور إ‬ ‫أمني� كإعالمية ي� إ‬ ‫الذاعة ب‬ ‫ي‬ ‫الذاعة تتوافر بال تكلفة‬ ‫جمهور التلفزيون عىل ما أعتقد‪ .‬فقنوات إ‬ ‫ف ي� أي مكان وزمان‪ ،‬داخل المكتب أو ف ي� البيت أو أثناء قيادة السيارة‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫قص‪ ،‬ما يسمح للمستمع بحرية التحرك‬ ‫أو ي� نزهة ي� مكان ي‬ ‫يج�ك عىل الجلوس والمشاهدة‪ ،‬فتضطر إىل‬ ‫والمشاركة‪ .‬بعكس التلفزيون الذي ب‬ ‫تحض� طقوس المشاهدة التلفزيونية ف� الغرفة المخصصة للتلفزيون داخل ن ز‬ ‫الم�ل‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫والتلفزيون يقدم الخيال جاهزاً ونهائيا إىل مخيلة المشاهد‪ ،‬فتصاب قدرات المشاهدين عىل التخيل بالنضوب‪،‬‬ ‫الذاعة‪ ،‬كما الكتاب‪ ،‬آفاق الخيال‪.‬‬ ‫بينما تفتح إ‬

‫اإلذاعة‬ ‫أكثر حرية‬

‫التلفزيون‬ ‫يقتل الخيال‬

‫وليد الشهري ‪ /‬مذيع‬

‫أجد أن إالذاعة ث‬ ‫ين‬ ‫المستمع� أو‬ ‫تأث�اً عىل المستمع من شاشات التلفزيون‪ ،‬وتحتاج من المذيع مجهوداً إلقناع‬ ‫أك� ي‬ ‫المسجل أو المبثوث ش‬ ‫مبا�ة عىل الهواء‪ .‬من الناحية المادية‬ ‫يعل من قدرة وقيمة التقديم‬ ‫ّ‬ ‫إليصال الفكرة إليهم‪ ،‬مما ي‬ ‫ن‬ ‫بكث� من زميله ف� إالذاعة‪ ،‬وكأن الشهرة ت‬ ‫ال� يوفرها التلفزيون أو الصورة‬ ‫أك�‬ ‫أجر‬ ‫التلفزيو� عىل‬ ‫يحصل المذيع‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ال� تبقي المذيع شخصا مغفال ً من حيث الشكل‪ .‬لكن‬ ‫ال� تدخل منازل المشاهدين أغىل ثمنا من الشهرة إالذاعية ي‬ ‫ي‬ ‫ث‬ ‫من الناحية العملية‪ ،‬فإن عمل إالذاعي مريح أك�‪ .‬بينما مقدم بال�امج التلفزيونية مسؤول عما يقوله وعن حالته الشكلية والنفسية أمام‬ ‫أفضل العمل ف� التلفزيون‪ ،‬خصوصاً ف� ت‬ ‫المخرج�ن‬ ‫كث� من‬ ‫الجمهور‪ .‬ال ّ‬ ‫الف�ة الحالية؛ لقلة الكفاءات إالخراجية إ‬ ‫ي‬ ‫والبداعية‪ ،‬وعدم اهتمام ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ال� قد تغ� كث�اً ف‬ ‫تلفزيو�‪ .‬أشعر أن العمل ف� التلفزيون سيضط ن‬ ‫ن‬ ‫والضافات الفنية ت‬ ‫ين‬ ‫التلفزيوني�‬ ‫ّر�‬ ‫محتوى‬ ‫أي‬ ‫تقديم‬ ‫�‬ ‫التقنية‬ ‫ات‬ ‫بالتأث�‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫إىل البحث عن مخرج ممتاز للقيام بذلك‪ ،‬ت‬ ‫ح� ذلك ي ن‬ ‫أعمال وبرامجي إالذاعية‪.‬‬ ‫الح� أفضل أن أدير ي‬

‫ن‬ ‫تلفزيو�‬ ‫مقدم برنامج‬ ‫قماش ‪ّ /‬‬ ‫خالد ّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬

‫تز‬ ‫الذاعة حواسك وأحاسيسك ي� موهبة الصوت والتلقي‪ .‬أما ف ي� التلفزيون‬ ‫تخ�ل إ‬ ‫فتتوزع مهاراتك الحسية وإيماءاتك الفنية الخاصة عىل كل جوارحك المعنوية‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ومقدم برامج‬ ‫التلفزيو�‬ ‫تجرب� ف ي� العمل‬ ‫ومالمحك الجسدية‪ .‬كانت‬ ‫كمعد ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫والمبدع� � ش�ت‬ ‫ين‬ ‫المثقف�ن‬ ‫غنية جداً‪ ،‬وكنت صاحب فكرة عرض أحوال‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫المجاالت الثقافية من شعر ورسد ونقد ومرسح وسينما وتشكيل بع� شاشة التلفزيون‪ ،‬وتمكينهم‬ ‫ن‬ ‫ولك� أزعم أنها جيدة من‬ ‫من التحاور والكالم حول أنفسهم وشخصياتهم‪ .‬كانت التجربة متواضعة من ناحية إمكانات القناة‪ .‬ي‬ ‫ف‬ ‫الكام�ا غالباً ما يكون أمراً مربكاً ومحبباً ي� الوقت عينه‪ .‬إذ‬ ‫جهة الضيوف والفكرة والمحاور‪ .‬ولكن فيما يبدو يل أن التعامل مع ي‬ ‫ئ‬ ‫المر� تحتاج إىل «كاريزما»‬ ‫ال بد من أن تكون مهيأ نفسياً وصاحب حضور جيد وإطاللة مقبولة عىل أقل تقدير‪ .‬ففي إ‬ ‫العالم ي‬ ‫معينة تشد الجمهور إليك‪ .‬ولكن كل هذا ينسف أهمية الحضور الذاعي‪ ،‬حيث خامة الصوت وتلونها يلعبان الدور الرئيس �ف‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫يّ ز‬ ‫الذاعي‪ .‬‬ ‫وتفردك إ‬ ‫تم�ك ّ‬

‫موهبة‬ ‫الصوت والتلقي‬


‫ن‬ ‫السليما� ‪ /‬مقدمة تلفزيونية‬ ‫رغدة‬ ‫ي‬

‫ن‬ ‫يدفع� إىل‬ ‫الذاعة‪ ،‬فهو‬ ‫قل� من إ‬ ‫ي‬ ‫التلفزيون أقرب إىل ب ي‬ ‫ن‬ ‫نفس أثناء‬ ‫رؤية‬ ‫عىل‬ ‫ويساعد�‬ ‫العمل ف ي� الميدان‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الذاعة ال تسمح يل‬ ‫تقديم تقريري أو برنامجي‪ ،‬بينما إ‬ ‫ت‬ ‫صو� وهذا ال ن‬ ‫يكفي� يك أكون راضية‬ ‫سوى بسماع ي‬ ‫ي‬ ‫عما أقوم به‪ .‬ثم إن ت‬ ‫بداي� كإعالمية كانت من أمام شاشات التلفزيون‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫أفضل العمل‬ ‫الذاعة‪ّ .‬‬ ‫ووفاء للبدايات سأنحاز إىل التلفزيون ي� مقارنته مع إ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫واللقاء‪.‬‬ ‫التأث� عىل المشاهد إىل جانب الصوت إ‬ ‫تعزز ي‬ ‫ي� التلفزيون؛ لن ي‬ ‫تعاب� الوجه ولغة الجسد ِّ‬ ‫الذاعة تعتمد عىل الصوت‪ ،‬بينما ف� التلفزيون ال يهم الصوت بالتحديد طالما أن المذيع ماهر �ف‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫والتوجه إىل جمهوره‪ .‬أعتقد أن التلفزيون ث‬ ‫العالمية‬ ‫إدارة الحوارات ومخاطبة ضيوفه‬ ‫أك� الوسائل إ‬ ‫ّ‬ ‫متابعة ف� هذا العرص‪ ،‬بعدما كان الراديو نجم العقود السابقة‪ .‬آ‬ ‫والن باتت الرسالة تصل بشكل أرسع‬ ‫ي‬ ‫تأث�ات إبداعية تستخدم الخلط ن‬ ‫الف� من خالل مزيج‬ ‫وللتلفزيون‬ ‫المعمورة‪.‬‬ ‫أنحاء‬ ‫كل‬ ‫إىل‬ ‫وأسهل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫والعالنات وما إىل ذلك مما يعزز االنطباع البرصي لدى المتلقي‪.‬‬ ‫ال�امج إ‬ ‫ب‬

‫ال ّأفضل أي منهما‬ ‫على اآلخر‬

‫ّ‬ ‫أفضل‬ ‫رؤية نفسي‬

‫ن‬ ‫معدة ومقدمة برامج‬ ‫مريم‬ ‫الفرجا� ‪ّ /‬‬ ‫ي‬

‫عمل أل ثك� من ‪ 20‬عاماً متواصلة ف ي� مجال‬ ‫بحكم ي‬ ‫ن‬ ‫والتلفزيو�‪ ،‬تيرس يل أن أعيش‬ ‫الذاعي‬ ‫العالم إ‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫ش‬ ‫المبا�ة‬ ‫الذاعة العالقة‬ ‫التجربت� معاً‪ .‬أحب ي� إ‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫الدائم� بل�نامجنا‪ ،‬وهذا ما‬ ‫والمتابع�‬ ‫بالجمهور‬ ‫ن‬ ‫التلفزيو� حيث تتسع قاعدة المشاهدين ليغدو‬ ‫يفتقده المرء ف ي� العمل‬ ‫ي‬ ‫من المتعذر تعريفهم وتحديدهم‪ .‬عىل المستوى ن‬ ‫المه�‪ ،‬هناك فوارق‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫الذاعة عىل الصوت والكالم أن يحيطا بموضوعه تماماً‬ ‫ب� العمل للإذاعة والعمل للتلفزيون‪ ،‬ي� إ‬ ‫ف‬ ‫من يغ� اتكال عىل عنرص الصورة‪ ،‬كما يحدث ي� الكتابة للتلفزيون‪ .‬وعىل المذيع أن يمنح من خالل‬ ‫تصوراً عن شكله وشخصيته للمستمع‪ .‬بينما ف ي� التلفزيون فإن كل ش‬ ‫ال�وط تجعل من المذيع‬ ‫صوته ّ‬ ‫ف‬ ‫ضيفاً ض‬ ‫المجال�ن‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حا�ا وموجودا يب� مشاهديه ي� غرف جلوسهم‪ .‬لذا أعتقد أن المقارنة تظلم كال‬ ‫ي‬ ‫ن أ‬ ‫العالمي‬ ‫تك� وتصغر بحسب قدرات إ‬ ‫إ‬ ‫عالمي�؛ لن لكل منهما ما يجعل العمل فيه محاسن ومثالب‪ ،‬ب‬ ‫ال ي‬ ‫كام�ا أم أمام ميكروفون‪.‬‬ ‫سواء أكان أمام ي‬

‫فادي توفيق ‪ /‬إذاعي وإعالمي‬

‫ف‬ ‫الذاعة والتلفزيون‪ ،‬وإذا‬ ‫عملت ي� إ‬ ‫ن‬ ‫أن� أميل إىل‬ ‫لجأت فإىل المقارنة أظن ي‬ ‫الذاعة ث‬ ‫أك� من التلفزيون‪،‬‬ ‫العمل ي� إ‬ ‫لسبب بسيط‪ ،‬وهو أن رهبة المخاطبة‬ ‫ن‬ ‫تفارق�‪.‬‬ ‫من خلف الميكروفون لم‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫يخت� خلف ما نسميه‬ ‫هذه الرهبة تفرض عىل المذيع أن ب‬ ‫الوقار‪ ،‬وهو االبتعاد عن المزاج المرح وما يمكن أن يكون نوعاً من خفة الدم‪ ،‬ت‬ ‫ال�‬ ‫ي‬ ‫آ ف‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫افقت�‪،‬‬ ‫ال� ر ي‬ ‫يتقنها البعض وال يتقنها البعض الخر ي� فمثل هذه المواقف‪ .‬كانت الرهبة ي‬ ‫وأش� لمهندس الصوت أن‬ ‫تتيح يل عند الحرج‪ ،‬أن أقفل الميكروفون ي� إ‬ ‫الذاعة‪ ،‬ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� يكون أعدها سلفاً‪ .‬أما ي� التلفزيون‪ ،‬فما هو الحل عند‬ ‫يدير القطعة الموسيقية ي‬ ‫والكام�ا‪ ،‬وال مجال لالنتقال إىل بديل يزيل‬ ‫حدوث أمر محرج‪ ،‬ما دمت أمام الناس‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫تجار� التلفزيونية كانت برنامجا أعده وأسجلّه سلفاً‪ ،‬قبل بثه‪ .‬فالتسجيل‬ ‫الحرج‪ .‬أفضل ب ي‬ ‫المسبق يحل هذه المشكلة؛ ألنك لو وقعت ف ي� خطأ ما‪ ،‬أو حدث ما ال تريد‪ ،‬أمكنك‬ ‫الع�ين‪ ،‬ي ن‬ ‫والعادة‪ .‬لم يكن هذا ممكناً قبل سبعينيات القرن ش‬ ‫ح� كان‬ ‫وقف التسجيل إ‬ ‫الفديو يغ� شائع االستعمال بعد‪ ،‬ت‬ ‫ح� ف ي� محطات التلفزيون‪.‬‬ ‫ِ‬

‫اإلذاعة تعفينا من‬ ‫المواقف الحرجة‬


‫‪19 | 18‬‬

‫كتب عربية‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫المهارات اللغوية لالتصال اإلنساني‬

‫الخلود البيولوجي‬

‫ت‬ ‫ال� تمكّن الفرد من التواصل‬ ‫غدت المهارات اللغوية ي‬ ‫الناجح مهارات حياتية ال ن‬ ‫غ� عنها ّ‬ ‫لكل فرد‪ ،‬ولذلك‬ ‫استعرض هذا الكتاب موضوعات مهمة حول أهمية‬ ‫التواصل وعنارص النجاح ف ي� هذا االتصال‪ ،‬وكذلك‬ ‫النسانية وعالقتها بالثقافة والمجتمع‪.‬‬ ‫اللغة إ‬ ‫أ‬ ‫فقد تناول الكاتبان المهارات اللغوية الربع‪ :‬القراءة‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫والكتابة واالستماع‬ ‫ّ‬ ‫والتحدث‪ ،‬وهي المهارات ي‬ ‫التحدث بطالقة‪ ،‬وتقديم‬ ‫قادرا عىل‬ ‫ّ‬ ‫تجعل الفرد ً‬ ‫العروض‪ ،‬وكذلك الكتابة بلغة سليمة فضال ً عن مهارة‬ ‫ت‬ ‫ال� تعد فضيلة زيادة عىل كونها مهارة‬ ‫االستماع ي‬ ‫إنسانية إلنجاح التواصل‪.‬‬

‫القدم‬ ‫مسألة الحياة والموت وسعي إ‬ ‫النسان منذ ِ‬ ‫ت‬ ‫ال� تضمن له البقاء‪ ،‬من القضايا‬ ‫إىل إيجاد‬ ‫الوسيلة ي‬ ‫الوجودية أ‬ ‫ف‬ ‫الطول عمراً ي� كل الحضارات‪.‬‬ ‫ف ي� هذا الكتاب‪ ،‬يدعو المؤلف إىل إعمال العقل‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫س�‬ ‫واستخدام الدوات والمنجزات العلمية ي� ب‬ ‫أغوار هذه القضايا‪ ،‬استناداً إىل مجموعة ضخمة من‬ ‫المصادر العربية أ‬ ‫والجنبية‪ ،‬ش‬ ‫يست�ف من خاللها‬ ‫أ‬ ‫جوانب هذا الشأن ي ن‬ ‫كس� تاريخياً وأحالم‬ ‫ب� خرافة ال ي‬ ‫العلماء بالخلود وكلمة العلم الحديث‪.‬‬

‫مالمح الدراما في التراث الشعبي العربي‬

‫عمكا‬ ‫ْ‬

‫«إن دراسة متفحصة‬ ‫يبدأ مؤلف هذا الكتاب بالقول ّ‬ ‫أ‬ ‫أللعاب أ‬ ‫الطفال والفتيان ومناسبات عديدة كالفراح‬ ‫أ‬ ‫والحزان تجعل الباحث يتأكد من ثبات وجود جذور‬ ‫أن فضل‬ ‫وظواهر مرسحية عربية»‪ّ .‬ثم ي‬ ‫يش� إىل ّ‬ ‫الغريق عىل المرسح «يكمن ف ي� بلورته وإبداع شكله‬ ‫إ‬ ‫ت‬ ‫ال� نعرفها» مبيناً أن هذا الشكل الذي أبدع‬ ‫بالصورة ي‬ ‫به «الك َّتاب العرب مرسحياتهم يدين بتقنياته للمرسح‬ ‫أ‬ ‫ورو�»‪ .‬ويحتوي الكتاب عىل عرض توثيقي‬ ‫ال ب ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تشكِّل ظواهر‬ ‫لمجموعة من االحتفاالت الشعبية ي‬ ‫درامية ومرسحية‪ .‬ومن هذه المواسم االحتفالية‬ ‫والعرس‪ ،‬والموالد‬ ‫القران ُ‬ ‫خميس المشايخ‪ ،‬عقد ِ‬ ‫وغ�ها‪ .‬وال يكتفي الباحث بالوصف الرسدي لهذه‬ ‫ي‬ ‫يتبع ما يقال فيها من‬ ‫ما‬ ‫ن‬ ‫وإ‬ ‫المرسحية‪،‬‬ ‫المشاهد‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫أناشيد وأهازيج وأشعار‪ .‬وربما كان تجميع نصوص‬ ‫هذه أ‬ ‫الهازيج قد استغرق سنوات من جهد المؤلف‬ ‫ومتابعة البحث والمقارنة والتحقيق فيها‪.‬‬ ‫ماسة إىل‬ ‫العر� بحاجة ّ‬ ‫ويؤكد الكاتب ّأن «مرسحنا ب ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تكرس‬ ‫اعتماد الفرجة كعنرص من العنارص الرئيسة ي‬ ‫حالة الجمود‪ ،‬وتخدم التواصل ي ن‬ ‫ب� الجمهور والعرض‬ ‫المرسحي» مؤكداً أهمية التواصل مع ت‬ ‫ال�اث‪ ،‬وأهمية‬ ‫المشاركة الشعبية‪ ،‬من خالل حضور الجمهور الواسع‬ ‫الذي يعطي االحتفالية قيمتها الفنية واالجتماعية‪.‬‬

‫«عمكا» هي رواية مكان والمكان هو بلدة عينكاوا‬ ‫ْ‬ ‫الحالية المالصقة لمدينة أربيل ف ي� إقليم كردستان‬ ‫مس�ة‬ ‫عدة ي‬ ‫العراق‪ .‬ترسد من التاريخ ومن أزمان ّ‬ ‫الناس وأماكنهم‪ ،‬وتحتفي بالذاكرة وبالموروث‬ ‫التية من أ‬ ‫وعالماته آ‬ ‫السطورة والدين والجغرافيا‬ ‫والتاريخ والحلم والحكايات‪.‬‬ ‫ومن خالل الرسد ئ‬ ‫الروا� ف ي� هذا الكتاب ّ‬ ‫يتجل المكان‬ ‫ي‬ ‫تعرض‬ ‫بوصفه سفراً إنسانياً ال يمكن محوه مهما ّ‬ ‫تصور ف ي�‬ ‫لقسوة الزمن‪ .‬فكانت ي‬ ‫كام�ا الراوي الواعية ّ‬ ‫جميع االتجاهات‪ ...‬بآلية تعريف وتشكيل واستنارة‬ ‫المكنة أ‬ ‫تجمع أ‬ ‫والزمنة والحوادث والشخصيات ف ي�‬ ‫سلّة رسدية واحدة‪ ،‬ذات رائحة ومزاج وتطلّع‪ ،‬فيها‬ ‫من أ‬ ‫اللفة مثل ما فيها من الغرابة‪ .‬وهي تهدف إىل‬ ‫ف‬ ‫إعادة االعتبار لحضور المكان وفعاليته ي� صياغة‬ ‫رسدية روائية تتجاوز المألوف وتنفتح عىل المغامرة‬ ‫بكل أبعادها‪.‬‬

‫نص�ات وباسم البديرات‬ ‫تأليف‪ :‬صالح ي‬ ‫النا�‪ :‬دار ش‬ ‫ش‬ ‫ال�وق ‪2014‬‬

‫يح� الخواجه‬ ‫تأليف‪ :‬د‪ .‬هيثم ي‬ ‫ش‬ ‫أبو‬ ‫–‬ ‫مارات‬ ‫ال‬ ‫النا�‪ :‬نادي تراث‬ ‫ظ� ‪2013‬‬ ‫إ‬ ‫بي‬

‫تأليف‪ :‬حسن الخاطر‬ ‫النا�‪ :‬أطياف ش‬ ‫ش‬ ‫للن� والتوزيع ‪2014‬‬

‫تأليف‪ :‬سعدي الصالح‬ ‫ش‬ ‫النا�‪ :‬دار ضفاف ‪2014‬‬


‫تأليف‪ :‬د‪ .‬نجم عبد هللا كاظم‬ ‫المؤسسة العربية للدراسات ش‬ ‫والن� ‪2014‬‬

‫أ‬ ‫ف‬ ‫عموما ف ي� العرص‬ ‫جاء ي� ّ‬ ‫مقدمة الكتاب ّ‬ ‫أن الدباء ً‬ ‫الحديث قد تمثلوا اللقاء ي ن‬ ‫ب� ش‬ ‫غالبا‬ ‫ال�ق ممثال ً ً‬ ‫لكن‬ ‫بالعرب‪ ،‬والغرب ممثال ً بشكل خاص بأوروبا‪ّ .‬‬ ‫أك� هؤالء أ‬ ‫الروائي� كانوا ث‬ ‫ين‬ ‫الدباء إقداماً عىل ذلك‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ئ‬ ‫العر�‪،‬‬ ‫عىل الرغم من حداثة الفن‬ ‫الروا� ي أ� الدب ب ي‬ ‫ي‬ ‫مقارنة بالشعر مثالً‪ ...‬صحيح أن الدباء عموماً‪،‬‬ ‫يهتمون بالعالم والناس من حولهم‪ ،‬يكتبون‬ ‫أعمالهم أ‬ ‫الدبية لينعكس ذلك بشكل ما ف ي� هذه‬ ‫أ‬ ‫أن ئ‬ ‫الروا� هو ث‬ ‫أك�هم عناية بتقديم‬ ‫العمال‪ .‬إال ّ ّ‬ ‫ي‬ ‫الوقائع‪ ،‬أو ربما يمكن القول إن العالقة ي ن‬ ‫ب� الرواية‬ ‫والواقع تتيح رؤية صورة هي‪ ،‬بدرجة ما‪ ،‬تم ّثل‬ ‫الواقع‪.‬‬ ‫من هنا ت‬ ‫تأ� أهمية صورة العالقة ما ي ن‬ ‫ب� ش‬ ‫ال�ق‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� يتناولها‬ ‫والغرب كما تم ّثلها الرواية العربية‪ ،‬أي‬ ‫الدكتور نجم عبد هللا كاظم‪ ،‬أستاذ الدب المقارن‬ ‫والحديث ف� كلية آ‬ ‫الداب بجامعة بغداد‪ ،‬ف ي� كتابه‬ ‫ي‬ ‫الجديد الذي ت‬ ‫يأ� بعد ش‬ ‫يش�‬ ‫ع�ين كتابًا له‪ .‬وهو ي‬ ‫الخر وعالقة أ‬ ‫إىل أن دراساته يتغطي حضور آ‬ ‫النا‪ ،‬أو‬ ‫ّ‬ ‫النحن ف ي� الرواية العربية خالل العقود الثالثة أو‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫خ�ة‪.‬‬ ‫الربعة ال ي‬

‫عندما كان الكبار تالمذة‬

‫تأليف‪ :‬إبراهيم مضواح أ‬ ‫اللمعي‬ ‫ش‬ ‫العر� ‪2013‬‬ ‫النا�‪ :‬مؤسسة االنتشار ب ي‬

‫يجمع أ‬ ‫اللمعي ف ي� هذا الكتاب مقتطفات من ِس ي� بعض‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫العالم العرب ي� الدب والشعر وعالقاتهم بالساتذة‬ ‫ت‬ ‫ال� جمعت‬ ‫الذين تتلمذوا عىل أيديهم‪ .‬مثل العالقة ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ما ي ن‬ ‫قبا� وأستاذه الذي أثر فيه أبلغ الثر‬ ‫ب�‬ ‫الشاعر نزار ي‬ ‫أ‬ ‫أال وهو الديب خليل مردم رئيس المجمع العلمي‬ ‫ف ي� دمشق‪ .‬وأيضاً عالقة عباس محمود العقاد بأستاذه‬ ‫أحمد الجداوي الذي كان من أوسع الناس حفظاً للشعر‬ ‫ث‬ ‫والن�‪.‬‬ ‫يضمن المؤلف‬ ‫شيق ال يخلو من الطرافة‪ِّ ،‬‬ ‫وبأسلوب ِّ‬ ‫كث�اً من المعلومات يغ� الشائعة عن نشأة‬ ‫كتابه هذا ي‬ ‫بعض كبار أ‬ ‫الدباء العرب من أمثال طه ي ن‬ ‫حس� وأحمد‬ ‫وغ�هم‪.‬‬ ‫ج�ا وفدوى طوقان ي‬ ‫وج�ا إبراهيم ب‬ ‫السباعي ب‬

‫ت‬ ‫ش‬ ‫ظ�‬ ‫ضمن م�وع «كلمة» لل�جمة التابع لهيئة أبو ب ي‬ ‫للسياحة والثقافة‪ ،‬صدر كتاب جديد بعنوان «لغات‬ ‫ئ‬ ‫ش‬ ‫البنغالدي� قوبال هالدر‪ ،‬وترجمه‬ ‫والروا�‬ ‫الهند» للكاتب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫عل الولص‪.‬‬ ‫الدكتور بكيل ي‬ ‫يتضمن هذا الكتاب عرضاً للدور الذي لعبته لغات عديدة‬ ‫ف� تشكيل التاريخ ف‬ ‫الثقا� لشبه القارة الهندية‪ ،‬وصوال ً‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الحال عىل ُص ُعد الوحدة الوطنية واالندماج‬ ‫دورها‬ ‫إىل‬ ‫ي‬ ‫والتعايش االجتماعي‪.‬‬ ‫فبعد موجز تاريخي عن نشأة وتطور اللغات الهندية‬ ‫ن أ‬ ‫ن‬ ‫الثا� قبل الميالد وعرصنا ض‬ ‫الحا�‪ ،‬يتناول‬ ‫ي‬ ‫ماب� اللف ي‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ال� ال تزال‬ ‫ب�ء من التفصيل اللغات ب‬ ‫الك�ى ي‬ ‫المؤلف ي‬ ‫حية ويعتمدها الدستور الهندي‪ ،‬ويبلغ عددها نحو‬ ‫ش‬ ‫ع�ين لغة‪ ،‬ومدى فاعلية هذه اللغات ف ي� مختلف أوجه‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫السياس‬ ‫د� والتاريخي‪ ،‬أو‬ ‫الحياة سوا ًء ي� جانبها ال ب ي‬ ‫ي‬ ‫واالقتصادي المعارص‪.‬‬ ‫ويستمد هذا الكتاب قيمته من مكانة مؤلفه ئ‬ ‫الروا�‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫والقانو� قوبال هالدر الذي سبق للعالم أن‬ ‫واللغوي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫عرفه من أبحاثه العديدة ي� مجال اللغة والكتابة مثل‬ ‫«نشوء الثقافة» و«الكتابة التافهة»‪ ،‬ومن رواياته «يوماً‬ ‫الكث�‪ .‬أما ت‬ ‫الم�جم‬ ‫وغ�ها ي‬ ‫ما» و«يوماً آخر» و«التآكل»‪ ..‬ي‬ ‫الدكتور الولص الذي يعمل حالياً مدرساً بكلية اللغات‬ ‫ف ي� جامعة صنعاء‪ ،‬فقد حاز شهادة الدكتوراة من جامعة‬ ‫جواهر الل نهرو ف ي� نيوديلهي‪ ،‬مما يضعه ف ي� أفضل موقع‬ ‫تل�جمة مثل هذا الكتاب‪.‬‬

‫كتب عربية‬

‫نحن واآلخر‪ :‬في الرواية العربية المعاصرة‬

‫لغات الهند‬ ‫المؤلف‪ :‬قوبال هالدر‬ ‫المترجم‪ :‬د‪ .‬بكيل علي‬ ‫الولص‬ ‫الناشر‪ :‬مشروع كلمة للترجمة‬


‫‪21 | 20‬‬

‫كتب من العالم‬

‫بعد أن كانت تصله حوال ‪ 68‬رسالة بع� بريده إ ت ن‬ ‫و�‬ ‫اللك� ي‬ ‫ي‬ ‫حوال ‪ 45‬منها‪ ،‬وبعد أن اعتاد أن يبدأ‬ ‫ً‬ ‫يوميا‪ ،‬وكان يرد عىل ي‬ ‫ال تن�نت وينهيه كذلك‪ ،‬وبعد أن أدرك‬ ‫نهاره باالطالع عىل إ‬ ‫ف‬ ‫الصحا�‬ ‫قرر‬ ‫تحول إىل نوع من إ‬ ‫بأن تعلقه إ‬ ‫بال تن�نت ّ‬ ‫ي‬ ‫الدمان‪ّ ،‬‬ ‫رول العيش لنصف سنة من دون الوصول ال إىل‬ ‫ألكس ي‬ ‫غوغل‪ ،‬وال أمازون وال فيسبوك وال بالك يب�ي‪.‬‬

‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫من دون إنترنت‪:‬‬

‫نصف السنة التي قضيتها من دون‬ ‫تواصل إلكتروني‬ ‫‪Ohne Netz: Mein Halbes Jahr Offline by‬‬ ‫‪Alex Rühle‬‬

‫تأليف‪ :‬ألكس رولي‬

‫يروي رول ف� هذا الكتاب تجربته خالل تلك ت‬ ‫الف�ة‪ ،‬حيث‬ ‫ي ي‬ ‫واجه مهمات قديمة جديدة مثل البحث عن أرقام الهواتف‬ ‫ف� دليل التلفونات واستخدام القاموس من أجل ت‬ ‫ال�جمة‬ ‫يوالفاكس لرسال أ‬ ‫الوراق المهمة والذهاب شل�اء الصحف‬ ‫إ‬ ‫بالضافة إىل‬ ‫ال تن�نت‪ .‬إ‬ ‫والمجالت الورقية بدل قراءتها بع� إ‬ ‫قد يكون هذا الكتاب أ‬ ‫وتعب�ا عن المشاعر‬ ‫ال ثك�‬ ‫شخصانية ي ً‬ ‫اللبنا� أ‬ ‫ن‬ ‫الصل ي ن‬ ‫من ي ن‬ ‫أم� معلوف‪ ،‬حيث‬ ‫ب� مؤلفات الكاتب‬ ‫ي‬ ‫تفك�ه‪ .‬فهو‬ ‫يُ ثك� فيه من‬ ‫التعب� عن شخصيته وطريقة ي‬ ‫ي‬ ‫يتحول‬ ‫يتوق للعودة إىل الوطن‪ ،‬المكان يغ�‬ ‫ّ‬ ‫المحدد الذي ّ‬ ‫تأمالت عالمية عن الصداقة والحب والذاكرة والمنفى‬ ‫إىل ّ‬ ‫والهوية والحاجة لبناء الجسور ي ن‬ ‫ب� ش‬ ‫ال�ق والغرب‪ ،‬وهو‬ ‫أ‬ ‫المر ض‬ ‫الحا� الدائم ف� معظم كتابات ي ن‬ ‫أم� معلوف‪.‬‬ ‫ي‬

‫التائهون‬

‫‪Les désorientés by Amin Maalouf‬‬

‫تأليف‪ :‬أمين معلوف‬

‫ف‬ ‫قصة أشخاص ي ن‬ ‫تائه� تربط‬ ‫يروي معلوف ي� هذا الكتاب ّ‬ ‫اضطروا جميعاً إىل‬ ‫معينة‪ .‬وكانوا قد‬ ‫ما بينهم صداقة َّ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫وبالتال‬ ‫مغادرة بالدهم بسبب الحداث الجارية فيها‪.‬‬ ‫ي‬ ‫رافقهم الشعور بفقدان أمر ما‪ .‬فهو يروي ترصفاتهم تجاه‬ ‫قد يبدو الحساب الذي نتعلمه ف ي� المدرسة مجموعة مملة‬ ‫ت‬ ‫ال� ال يمكن مناقشتها‪ .‬ولكن جوردان‬ ‫من القواعد‬ ‫الصلبة ي‬ ‫ألن�غ يظهر‪ ،‬ف ي� كتابه «كيف ال نكون عىل خطأ»‪ ،‬مدى‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫محدودية هذه النظرية‪ .‬ل ّن الحساب ال يقترص فقط عىل‬ ‫مجردة بعيدة عن الحياة الواقعية وإنّما يالمس ّكل‬ ‫أحداث ّ‬ ‫ما نقوم به ويؤثّر فيه‪.‬‬

‫كيف ال تكون‬ ‫ً‬ ‫مخطئا‪:‬‬

‫قوة التفكير الحسابي‬ ‫ّ‬ ‫‪How not to be wrong: The Power of‬‬ ‫‪Mathematical thinking by Jordan Ellenberg‬‬

‫تأليف‪ :‬جوردان ألنبرغ‬

‫يسمح الحساب برؤية بُ ن َ� خفية تقبع تحت سطح عالم‬ ‫ض‬ ‫الفو� والرسعة الذي نعيش فيه‪ .‬فهو العلم الذي يتج ّنب‬ ‫أ‬ ‫الخطأ؛ لننا إذا ما ّتم تزويدنا بسالح الحساب يمكننا رؤية‬ ‫ن‬ ‫المع� الحقيقي ّ‬ ‫لكل ما نأخذه عىل أنّه من المسلَّمات‪ :‬ما‬ ‫ف‬ ‫هو الوقت المطلوب الذي يجب أن نكون فيه ي� المطار‬ ‫قبل أي رحلة؟ ماذا يم ِّثل «الرأي العام» فعالً؟ لماذا ينجب‬

‫شخصيا‪.‬‬ ‫ال�يد إلرسالها‬ ‫كتابة الرسائل يدوياً‪ ،‬وزيارة مركز ب‬ ‫ً‬ ‫ع� من خالل تلك التجربة عن موجة اجتماعية جديدة‬ ‫وقد ب ّ‬ ‫ت‬ ‫اللك�ونية‬ ‫تحاول تحرير نفسها والخروج من حبال الشبكة إ‬ ‫والعودة إىل الحياة الواقعية بكتبها وشبكاتها االجتماعية‬ ‫الفعلية‪.‬‬ ‫ويخلص المؤلف إىل القول إن تجربته كانت جميلة وفظيعة‬ ‫ف‬ ‫كث�اً من وقت الفراغ وكمية‬ ‫ي� الوقت نفسه‪ .‬إذ وجد فيها ي‬ ‫ف‬ ‫ّ‬ ‫لكث� من‬ ‫اللهاء‪ .‬وإنّما ي� الوقت نفسه‬ ‫أقل من إ‬ ‫اضطر ي‬ ‫ّ‬ ‫ولكث�‬ ‫العمل‪ .‬ولكنه‪ ،‬عىل الرغم من ذلك‪ ،‬أثبت لنفسه ي‬ ‫أ‬ ‫ال تن�نت ليست‬ ‫ممن يفكّرون مثله بأن المر ممكن‪ ،‬وأن إ‬ ‫ش‬ ‫«�اً» ال بد منه‪.‬‬ ‫بعضهم البعض وآراءهم عن ض‬ ‫الما� ومحادثاتهم عن ّكل‬ ‫ي‬ ‫ما يدور حولهم ف ي� العالم‪ .‬إنهم أشخاص فقدوا‪ ،‬ليس فقط‬ ‫أيضا أحالمهم وأوهامهم وبعضاً‬ ‫طفولتهم وشبابهم‪ ،‬وإنّما ً‬ ‫ف‬ ‫و� عنوان الكتاب تكمن الداللة إىل ش‬ ‫ال�ق‪،‬‬ ‫من ش� ّقيتهم‪ .‬ي‬ ‫حيث يمكن اشتقاق كلمة «‪ »Les désorientées‬من كلمة‬ ‫«‪.»Orient‬‬ ‫أ‬ ‫يتحدث‬ ‫يحدد الشخصيات وال المكنة‪ ،‬وإنّما ّ‬ ‫ولكن معلوفاً ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫عن ش‬ ‫ويش� إىل معاناة الشخاص الذين‬ ‫ال�ق إ‬ ‫بالجمال‪ ،‬ي‬ ‫كث�ة منه مرافقة لهم وليتحولوا إىل‬ ‫يهجرونه لتبقى بقايا ي‬ ‫أشخاص ي ن‬ ‫تائه�‪.‬‬

‫الوالدان الطويالن أبناء أقرص قامة؟ وما هي النسبة الفعلية‬ ‫للإصابة بمرض ي ّ ن‬ ‫مع�؟‬ ‫ألن�غ أفكاراً من التاريخ ومن أحدث التطورات‬ ‫يستمد ب‬ ‫ّ‬ ‫النظرية ليدعم المعرفة القائمة بالقواعد الحسابية السليمة‪.‬‬ ‫ألن�غ‪ ،‬هو ن ز‬ ‫«بم�لة إضافة قوية‬ ‫فالحساب‪ ،‬كما يقول ب‬ ‫يقويها ويزيد من فعاليتها‪ ،‬وبذلك يمكن‬ ‫للفطرة السليمة مما ّ‬ ‫فهم العالم بشكل أعمق»‪.‬‬


‫قيام مدرسة أخرى‬ ‫أمر ممكن‬

‫‪Otra Escuela es Posible by Rafael Feito‬‬ ‫‪Alonzo‬‬

‫تأليف‪ :‬رافايال فيتو ألونسو‬

‫طالما كان مثل هذا النقاش غائباً عن المجتمع إ ن‬ ‫سبا� عىل‬ ‫ال ي‬ ‫الرغم من ش‬ ‫الت�يعات الحديثة‪ .‬يدعم الكاتب‪ ،‬وهو أستاذ‬ ‫ف‬ ‫علم االجتماع ي� جامعة مدريد‪ ،‬مفهوماً مختلفاً تماماً قادراً‬ ‫تحديات العرص‬ ‫عىل دعم نظام تعليمي يستطيع مواجهة ّ‬ ‫ويشدد عىل ض�ورة إيجاد مدارس تؤكِّد عىل‬ ‫الحديث‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫النجاح وتتبع أساليب تعليم جديدة‪ ،‬حيث يكون فيها محور‬

‫بين كتابين‬

‫كتاب‪« :‬الذكاء الخارق‪ :‬المسارات والمخاطر‬ ‫واالستراتيجيات» تأليف نِ ك بوستروم‬

‫‪Super intelligence: Paths, Dangers, Strategies‬‬ ‫‪by Nick Bostrom‬‬

‫كتاب‪« :‬طريق وعر إلى المستقبل» تأليف‬ ‫جيمس لوفلوك‬

‫‪A Rough Ride to the Future by James‬‬ ‫‪Lovelovk‬‬

‫إن التعليم يجب «أن يمكّن الطالب من‬ ‫يقول ألونسو ّ‬ ‫ف‬ ‫تفك�هم أم‬ ‫المهارات إ‬ ‫الفعالة‪ ،‬سواء أكان ي� طريقة ي‬ ‫البداعية ّ‬ ‫تفس�هم للعالم حولهم‪ .‬ومن أجل ترجمة‬ ‫ترصفاتهم أم ي‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال� َّ‬ ‫تتحل بالديناميكية‬ ‫ذلك من المهم إيجاد الصفوف ي‬ ‫الصغاء‬ ‫حيث يُسمع صوت الطالب‪ ،‬وحيث بإمكان الطالب إ‬ ‫والتعب� عن مشاعرهم ّ‬ ‫وحل خالفاتهم»‪.‬‬ ‫لبعضهم البعض‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تظهر مدى‬ ‫ينتهي الكتاب بعرض بعض دراسات الحالة ي‬ ‫ال� عرضها ألونسو ف� هذا الكتاب وال�ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫جدوى االق�احات ي‬ ‫تح ّتم وجود مدارس من نوع آخر‪.‬‬

‫يعتقد عديد من العلماء الكبار من أمثال ستيفن هوكينغ وماكس تيغمارك ّأن ابتكار آالت خارقة الذكاء أمر‬ ‫وأن نتائج استخدامها يمكن أن تكون ّإما أسوأ أو أفضل أمر قد يحدث للبشرية‪ .‬وإذا ما افترضنا أن‬ ‫ممكن‪ّ ،‬‬ ‫وجود مثل هذه آ‬ ‫الالت ممكن‪ ،‬ماذا سيحصل وما هي تداعياته؟‬ ‫حاول ّكل من ِنك بوستروم في كتابه «الذكاء الخارق» وجيمس لوفلوك في كتابه «طريق وعر إلى المستقبل»‬ ‫إالجابة عن هذين السؤالين‪ .‬والكاتبان مختلفان تماماً من حيث الخلفية‪ .‬إذ إن بوستروم أكاديمي شاب تتركز‬ ‫اهتماماته على الفلسفة‪ .‬ولوفلوك عالم عجوز تخطّى التسعين من عمره‪ .‬وقد اشتهر بنظرية الغايا (‪)Gaia‬‬ ‫التي تقول إن الحياة على أ‬ ‫الرض بالمجمل لديها القدرة على التنظيم الذاتي‪ ،‬وبالتالي تستطيع أن توجد‬ ‫ّ‬ ‫قدم بوستروم أفكاراً راديكالية متعلقة بما يسمى‬ ‫بينما‬ ‫ازدهارها‪.‬‬ ‫وتضمن‬ ‫ارها‬ ‫ر‬ ‫استم‬ ‫تؤمن‬ ‫التي‬ ‫الظروف‬ ‫ّ‬ ‫«بالنسانية العابرة» وراح بعيداً ليقول ّإن هناك احتماال ً أن يعيش إالنسان داخل عالم افتراضي يرتكز على‬ ‫إ‬ ‫الكمبيوتر قد يؤدي إلى تهديد وجوده‪.‬‬ ‫منذ أوائل أربعينيات القرن الماضي‪ ،‬كان هناك من رأى أنه سيكون آ‬ ‫للالت تأثيراً كبيراً على إالنسانية وعلى‬ ‫ّ‬ ‫الرض‪ .‬ولكن حتى وقتنا الحاضر‪ ،‬لم يكن ألكثر آ‬ ‫الحياة على كوكب أ‬ ‫ً‬ ‫كبير‪ ،‬إذ اقتصر عملها‬ ‫تأثير‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫تطو‬ ‫الت‬ ‫ال‬ ‫ٌ ٌ‬ ‫صممها إالنسان وبرمجها لتقوم بها دون غيرها‪ .‬وبقي إالبداع والقدرة على ابتكار معارف جديدة‬ ‫على قدرات ّ‬ ‫ومهارات فكرية خارج نطاق معين‪ ،‬فوق قدراتها بكثير‪.‬‬ ‫يشير بوستروم إلى ّأن هناك عديداً من الباحثين في العالم يضعون نسبة عالية جداً تصل إلى ‪%90‬‬ ‫تتطور‬ ‫إلمكانية تطوير آالت بنفس قدرات الذكاء إالنساني بين عامي ‪ 2075‬و‪2090‬م‪ .‬ومن‬ ‫المحتمل أن ّ‬ ‫آ‬ ‫لتتفوق على ذكاء النسان فيما بعد‪ .‬وتتركز النظرية أ‬ ‫الساسية في كتاب بوستروم على ّأن الالت الخارقة‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫فعالة‬ ‫التي سيتم ابتكارها سيكون لها ميزة المبادرة الولى‪ ،‬حيث لن يكون هناك أي منافس لها وستكون ّ‬ ‫للغاية‪ .‬إال ّ ّأن المسألة السلبية تكمن بتدمير الحياة والقيم إالنسانية‪.‬‬ ‫ويقول إنه‪ ،‬مع وجود مثل هذه آ‬ ‫الالت‪ ،‬ستكون إالنسانية كأطفال يلهون بقنبلة قابلة لالنفجار في أي لحظة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫تستمر‪.‬‬ ‫يشدد بوستروم على وجوب توجيه البحاث في إطار أخالقي يسمح إلنسانيتنا أن‬ ‫لذلك ّ‬ ‫ّ‬ ‫ولكن لوفلوك يقول إن المشكلة أ‬ ‫الكبر التي تواجه البشرية في الوقت الحالي‪ ،‬هي مشكلة ارتفاع حرارة‬ ‫ّ‬ ‫أ ّ‬ ‫ً‬ ‫والتطور‬ ‫اعات‬ ‫ر‬ ‫االخت‬ ‫خالل‬ ‫من‬ ‫المشكلة‬ ‫من‬ ‫ا‬ ‫جزء‬ ‫نسانية‬ ‫ال‬ ‫كانت‬ ‫كما‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫وأ‬ ‫الخارق‪.‬‬ ‫الذكاء‬ ‫آالت‬ ‫وليس‬ ‫رض‪،‬‬ ‫ال‬ ‫ّ‬ ‫إ‬ ‫ّ‬ ‫الصناعي الذي أدى إلى تدمير «الغايا» أ‬ ‫الولى التي وجدت منذ أكثر من ‪ 3‬مليارات عام من خالل التركيب‬ ‫ّ‬ ‫الحل أيضاً‪ .‬ويضيف بأن آ‬ ‫الضوئي‪ ،‬سيكون الذكاء إالنساني جزءاً من ّ‬ ‫الالت خارقة الذكاء هي مشروع بعيد‬ ‫ّ‬ ‫وأن التكنولوجيا ستبقى تحت سيطرة البشر‪ .‬لذلك فإن ّكل ما نراه في الوقت الحاضر هو نوع من‬ ‫المنال‪ّ ،‬‬ ‫أنواع الفوضى البناءة التي تنتظر قيام بنى تحتية جديدة‪ .‬وإذا ما كنا أذكياء بما فيه الكفاية‪ ،‬يمكننا قيادة‪،‬‬ ‫يشدد على ّأن الطريق إلى‬ ‫تطور «الغايا» الثانية‪ .‬ولكن على الرغم من أن لوفلوك ّ‬ ‫وحتى السيطرة على‪ّ ،‬‬ ‫المستقبل ستكون وعرة ومكلفة‪ ،‬فإنه‪ ،‬خالفاً لما تنبأ به بوستروم‪ ،‬سيكون عبورها أمراً ممكناً‪.‬‬

‫كتب من العالم‬

‫كيف يمكن للمدرسة أن تنمي قدرة التحليل وطرح‬ ‫أ‬ ‫حب االستطالع‬ ‫السئلة لدى الطالب ّ‬ ‫وتعزز عندهم ّ‬ ‫واالستكشاف طيلة تف�ة حياتهم؟ هل يجب تعليمهم‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تساعدهم عىل تحديد مسار حياتهم‬ ‫الساليب ي‬ ‫ت‬ ‫لك‬ ‫ّ‬ ‫الخاصة أو أن ن�كهم عرضة للعوامل الخارجية ي‬ ‫تحددها لهم؟‬ ‫ّ‬

‫االهتمام الطالب وليس أ‬ ‫الستاذ‪ ،‬مدارس قادرة عىل تجاوز‬ ‫نقاط الضعف ف ي� النظام التعليمي القائم‪.‬‬


‫‪23 | 22‬‬

‫األجندة‬

‫مواعيد‬ ‫ثقافية‬

‫ً‬ ‫خليجيا‬ ‫تضع أجندة القافلة بين أيديكم بعض أبرز النشاطات الثقافية‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ودوليا‪ ،‬للفترة الالحقة لتاريخ صدور العدد‪.‬‬ ‫وعربيا‬

‫المهرجان الثقافي البرازيلي‬

‫مهرجان فنون‬ ‫التصميم‬

‫المكان قطر‬ ‫التاريخ من ‪ 1‬حتى ‪ 8‬نوفمبر ‪2014‬م‬

‫المكان لندن‬ ‫التاريخ من ‪ 12‬حتى ‪ 21‬سبتمبر ‪2014‬م‬

‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫سوق الفن المعاصر‬

‫المكان لندن‬ ‫التاريخ من ‪ 16‬حتى ‪ 19‬أكتوبر ‪2014‬م‬

‫السوق العالمي للفن‬ ‫المعاصر‬

‫المكان القصر الكبير‪ ،‬باريس‬ ‫التاريخ من ‪ 23‬حتى ‪ 26‬أكتوبر ‪2014‬م‬

‫معرض فرانكفورت للكتاب‬ ‫المكان فرانكفورت‪ ،‬ألمانيا‬ ‫التاريخ من ‪ 8‬حتى ‪ 13‬أكتوبر ‪2014‬م‬

‫معرض «مظالت السالم»‬

‫المكان سان فرانسيسكو‪ ،‬الواليات المتحدة‬ ‫التاريخ من ‪ 21‬سبتمبر حتى ‪ 21‬أكتوبر ‪2014‬م‬

‫معرض ومؤتمر الشرق‬ ‫األوسط األخضر‬

‫أساطير أمريكية‬

‫المكان متحف ويتني‪ ،‬نيويورك‬ ‫التاريخ حتى ‪ 19‬أكتوبر ‪2014‬م‬

‫المكان الشارقة‬ ‫التاريخ ‪ 1‬أكتوبر ‪2014‬م‬

‫مهرجان الدوخلة‬

‫المكان المنطقة الشرقية‪ ،‬سنابس‬ ‫التاريخ من ‪ 3‬حتى ‪ 12‬أكتوبر ‪2014‬م‬

‫مهرجان الكتاب العالمي‬ ‫المكان بورت هاركور‪ ،‬نيجيريا‬ ‫التاريخ من ‪ 20‬حتى ‪ 25‬أكتوبر ‪2014‬م‬

‫عرض أوبرا عايدة‬

‫المكان القاهرة‪ ،‬دار أ‬ ‫الوبرا‬ ‫التاريخ من ‪ 30‬سبتمبر حتى ‪ 1‬أكتوبر ‪2014‬م‬


‫أخبار ثقافية‬ ‫«االنتصار على الرق» في‬ ‫األمم المتحدة‬ ‫افتتح في مقر األمم المتحدة‬ ‫ً‬ ‫مؤخرا معرض‬ ‫بنيويورك‬ ‫«االنتصار على الرق»‪،‬‬ ‫بمشاركة المدير العام‬ ‫لليونيسكو‪ ،‬واألمين العام‬ ‫لألمم المتحدة‪ ،‬والممثلين‬ ‫الدائمين لالتحاد اإلفريقي‬ ‫وهاييتي وجمايكا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وه َد َف المعرض إلى إحياء‬ ‫ذكرى هؤالء الذين عانوا‬ ‫من االتجار بالرقيق‪ ،‬وتنمية‬ ‫الوعي بما تنطوي عليه كافة‬ ‫أشكال العنصرية من مخاطر‬ ‫في يومنا هذا‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫اليونيسكو واآلثار اليمينة‬ ‫المسروقة‬ ‫شهدت ثمانية مواقع أثرية‬ ‫في جزيرة سوقطرة اليمنية‬ ‫نهب محتوياتها من ِقبل‬ ‫عصابة متخصصة في تجارة‬ ‫اآلثار‪ .‬والتحف المسروقة‬ ‫تبدو على جانب من األهمية‪،‬‬ ‫مما دفع اللجنة الوطنية‬ ‫لليونيسكو ممثلة بمديرتها‬ ‫العامة إيرنا يوكوفا إلى إدانة‬ ‫هذه الجريمة التي وصفتها‬ ‫في بيانها بأنها «ليست فقط‬ ‫جريمة ضد الذاكرة والتراث‬ ‫اليمني‪ ،‬بل ضد التراث والفكر‬ ‫اإلنساني النادر والحيوي»‪.‬‬ ‫ومعلوم أن جزيرة سوقطرة‬ ‫مسجلة من قبل اليونيسكو‬ ‫على قائمة مواقع التراث‬ ‫العالمي‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫«أمازون» تستفز دور النشر‬ ‫تعتزم شركة «أمازون دوت‬ ‫كوم» للتجارة اإللكترونية‬ ‫إطالق خدمة جديدة‬ ‫مدفوعة للكتب الرقمية‬ ‫والمسموعة باسم «كيندل‬ ‫ليمتد»‪ ،‬التي ستتيح‬ ‫للمستخدمين قراءة الكتب‬ ‫واالستماع إليها مقابل ‪9.99‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫واستنادا إلى‬ ‫شهريا‪.‬‬ ‫دوالر‬ ‫موقع «جيغا أوم» المعني‬ ‫بأخبار التكنولوجيا‪ ،‬فإن‬ ‫ً‬ ‫عددا من الناشرين الكبار‬ ‫قرروا االمتناع عن مشاركة‬ ‫«أمازون» في هذه الخدمة‪،‬‬ ‫التي باتت تمتلك حقوق‬ ‫تقديم ‪ 638‬ألف عنوان على‬ ‫موقعها‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬

‫رحيل نادين جورديمر‬ ‫المهرجان السعودي‬ ‫توفيت في جوهانسبرغ‬ ‫اإلماراتي‬ ‫بجنوب إفريقيا في الخامس‬ ‫تحت شعار «نلتقي ونرتقي»‬ ‫والعشرين من يوليو الماضي‪،‬‬ ‫أقيم «المهرجان السعودي‬ ‫الروائية الجنوب إفريقية‬ ‫اإلماراتي» في أبها بمنطقة‬ ‫نادين جورديمر الحائزة جائزة‬ ‫عسير خالل الفترة الواقعة‬ ‫نوبل لآلداب عام ‪1987‬م‪.‬‬ ‫بين األول من أغسطس‬ ‫ُ‬ ‫وعرف عن األديبة الراحلة‬ ‫وحتى الثامن منه‪ .‬وتمثلت‬ ‫مناهضتها للحكم العنصري‬ ‫المشاركة اإلماراتية بجناح‬ ‫ً‬ ‫قائما في بالدها‬ ‫كبير أشرفت على إعداده وزارة الذي كان‬ ‫حتى العام ‪1994‬م‪ ،‬حتى إن‬ ‫الثقافة والشباب وتنمية‬ ‫المجتمع اإلماراتية‪ ،‬بالتعاون سلطات التمييز العنصري‬ ‫مع جهات ومؤسسات عديدة التي كانت تحكم البالد‬ ‫حظرت بعض رواياتها مثل‬ ‫معنية بالثقافة والتراث‬ ‫«عالم من الغرباء» و«ابنة‬ ‫والفنون الشعبية في دولة‬ ‫بيرجر»‪ ،‬مما زاد من شهرتها‬ ‫اإلمارات‪.‬‬ ‫العالمية‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أول مسرحية نسائية في‬ ‫معرض «تاريخ تدوين‬ ‫جدة‬ ‫القرآن الكريم»‬ ‫شهدت فعاليات مهرجان‬ ‫من ضمن الفعاليات العديدة‬ ‫أمانة جدة «عيدكم عيدنا»‬ ‫التي تضمنها برنامج «رمضان‬ ‫الذي أقيم لمناسبة عيد‬ ‫الشارقة»‪ ،‬برز بشكل خاص‬ ‫الفطر المبارك‪ ،‬إنتاج أول‬ ‫معرض «تاريخ تدوين القرآن‬ ‫مسرحية نسائية بعنوان‬ ‫الكريم»‪ ،‬الذي تعاون على‬ ‫«خصومات للزواج»‪.‬‬ ‫إقامته المنتدى اإلسالمي‬ ‫المسرحية الفكاهية التي‬ ‫ً‬ ‫مجانا للنساء هي من بالشارقة وإدارة الفنون‬ ‫ُعرضت‬ ‫في دائرة الثقافة واإلعالم‪،‬‬ ‫تأليف سارة محمد وبطولة‬ ‫وهدف إلى توضيح صورة‬ ‫الممثالت أغادير السعيد‬ ‫ورانيا محمد وسارة اليافعي تدوين القرآن الكريم‪ ،‬والعناية‬ ‫ً‬ ‫تاريخيا‬ ‫ومرفت المنصوري وبسمة‪ ،‬بالمصحف الشريف‬ ‫ً‬ ‫بدءا من العصرين النبوي‬ ‫وإعداد فاروق الشعيبي‪.‬‬ ‫والراشدي‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ً‬ ‫صورا‬ ‫وتضمن المعرض‬ ‫ونماذج من األدوات التي‬ ‫كريس تاكر في جولة‬ ‫ِّ‬ ‫دون عليها القرآن الكريم مثل‬ ‫خليجية‬ ‫الممثل والكوميدي األمريكي الرقاع والعظام‪ ،‬ونماذج من‬ ‫ً‬ ‫عالميا كريس تاكر الخطوط المختلفة وتقنيات‬ ‫المعروف‬ ‫التذهيب القرآني وأشهر‬ ‫يبدأ في أكتوبر الجاري أول‬ ‫جولة له على منطقة الخليج الطبعات المبكرة‪ ،‬وأشهر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وحديثا‪،‬‬ ‫قديما‬ ‫الخطاطين‬ ‫إلحياء سلسلة عروض‬ ‫مسرحية فكاهية‪ ،‬منها واحد وشجرة علوم القرآن‪.‬‬ ‫في مدينة جدة في األول من‬ ‫أكتوبر‪ ،‬وآخر في الرياض في‬ ‫الثامن منه‪.‬‬ ‫ويحظى تاكر بشعبية‬ ‫ملحوظة في صفوف‬ ‫الشباب الخليجي الذي عرفه‬ ‫بشكل خاص من خالل‬ ‫مشاركته للممثل جاكي شان‬ ‫في سلسلة أفالم «ساعة‬ ‫الذروة»‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َّ‬ ‫الكشاف‬

‫«غاليكا»‬ ‫اللكتروني التابع للمكتبة‬ ‫«غاليكا» هو اسم الموقع إ‬ ‫الوطنية الفرنسية‪ ،‬الذي يضع في تصرف الجمهور‬ ‫قدر‬ ‫جزءاً محدوداً جداً من موجودات المكتبة التي تُ َّ‬ ‫بنحو ‪ 40‬مليون قطعة‪ ،‬من ضمنها نحو ‪ 14‬مليون‬ ‫كتاب ومطبوعة‪.‬‬ ‫المدهش هو أن هذا الموقع كان يضع حتى العام‬ ‫القراء‬ ‫‪2012‬م نحو ‪ 320‬ألف كتاب فقط في تصرف َّ‬ ‫عن بُعد (أي أقل من نصف ما تعرضه شركة أمازون)‪،‬‬ ‫و‪ 410‬آالف صورة فوتوغرافية (أقل من نصف ما‬ ‫تعرضه أية وكالة تصوير متوسطة الحجم)‪ ،‬وسبعة‬ ‫آالف عمل مسموع أو مرئي‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن أرقاماً أخرى مثل وجود ‪19462‬‬ ‫مخطوطة على هذا الموقع‪ ،‬و‪ 36‬ألف خريطة‪ ،‬و‪830‬‬ ‫ألف مجلة وصحيفة تنهض بهذا المحتوى الرقمي‪،‬‬ ‫فإن كنز المعارف المتراكمة في هذه المكتبة منذ‬ ‫تأسيسها عام ‪1461‬م‪ ،‬يبقى في صيغته الورقية‬ ‫أضخم بكثير‪ .‬ويكفي للداللة على ذلك أن نشير إلى‬ ‫أن قسم المخطوطات فيه يضم من جملة ما يضم‬ ‫‪ 5000‬مخطوطة يونانية قديمة‪ .‬وهي المجموعة أ‬ ‫الكبر‬ ‫من نوعها في العالم‪.‬‬ ‫في العام ‪1988‬م‪ ،‬أمر الرئيس الفرنسي الراحل‬ ‫فرانسوا ميتران بتوسعة هذه المكتبة بإنشاء مقر‬ ‫جديد لها‪ .‬وقد تم تدشين المبنى الجديد عام‬ ‫‪1996‬م‪ ،‬وبعد ذلك بعام واحد أطلق الموقع‬ ‫اللكتروني «غاليكا»‪ ،‬الذي ال يزال حتى يومنا هذا‪،‬‬ ‫إ‬ ‫على الرغم من خدماته الكثيرة‪ ،‬أصغر من أن يُغني‬ ‫الباحثين في العمق عن زيارة المكتبة الجديدة‪ ،‬وال‬ ‫مقرها القديم الذي ال يزال يحتفظ بقسم كبير من‬ ‫هذا الكنز‪.‬‬


‫‪25 | 24‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫قول في مقال‬

‫أ‬ ‫من خالل ت‬ ‫د�‪ ،‬الحظت‬ ‫عالق� بالوسط ال ب ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫المهتم�ن‬ ‫كث�ين من‬ ‫ي‬ ‫يأساً ي� كلمات ي‬ ‫أ‬ ‫بالدب والثقافة عموماً‪ ،‬وذلك لضبابية العالقة ي ن‬ ‫ب�‬ ‫ص َّناع الثقافة والذين يسيطرون عىل سوقها وكذلك‬ ‫كث�ين يفكرون ف ي� إشباع رغبتهم‬ ‫جمهورها‪ ،‬مما جعل ي‬ ‫ف‬ ‫التأث�‪ ،‬بالبحث عن عوالم أخرى من خالل تال�جمة‪،‬‬ ‫ي� ي‬ ‫يكون التعامل فيها أفضل‪ .‬وشكلت محدودية انتشار‬ ‫أ‬ ‫العر� خارج إطاره الجغر ف يا� عقدة بالنسبة‬ ‫الدب ب ي‬ ‫ف‬ ‫لكث�ين‪ .‬فها هي الكاتبة حياة الرايس ي� مقالها الذي‬ ‫ي‬ ‫شن�ته القافلة ف ي� عدد مارس‪-‬أبريل ‪2014‬م تحت‬ ‫العر� إىل العالمية‪،‬‬ ‫عنوان‪ :‬لماذا لم يصل أدبنا ب ي‬ ‫تتساءل‪« :‬كيف يمكننا أن نبحث عن ترجمة ألدب يغ�‬ ‫مقروء ف ي� لغته أصالً؟»‪ ،‬وهذه عبارة دقيقة وإن كان‬ ‫فيها االستياء واضحاً‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫العر�‪ ،‬ليس‬ ‫يزعج�‬ ‫ولكن ما‬ ‫شخصيا بشأن الدب ب ي‬ ‫ي‬ ‫ساحة أ‬ ‫الدب العالمي‪ ،‬بقدر ما يزعج�ن‬ ‫عن‬ ‫غيابه‬ ‫ي‬ ‫عدم قدرته عىل التعاطي الفعال مع محيطه الذي‬ ‫خرج منه‪ ،‬مع ت‬ ‫اع� ف يا� ب�ض ورة التفاعل الحضاري مع‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫الخرين‪ ،‬من أجل المساهمة ي� صناعة الواقع الذي‬ ‫ن‬ ‫لكن� تعلمت من الكيمياء أن التفاعل‬ ‫نحن جزء منه‪ .‬ي‬ ‫أ‬ ‫ب� ذر ي ن‬ ‫ال يمكن أن يحدث ي ن‬ ‫ت� إحداهما نشطة والخرى‬ ‫خاملة‪.‬‬

‫ال�ط أ‬ ‫ش‬ ‫الول للتعامل‬

‫إننا نمتلك رصيداً من التاريخ ومن الجغرافيا ومن‬ ‫التفرد كان من الممكن أن يجعلنا نستحوذ عىل موقع‬ ‫الثقا� العالمي‪ ،‬أ‬ ‫ريادي ف� المشهد ف‬ ‫والمثلة عىل ذلك‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫كث�ة‪ .‬فالك َّتاب الذين تأثروا بالثقافة العربية ت‬ ‫ح�‬‫ي‬ ‫المعارصين منهم‪ -‬من يغ� العرب‪ ،‬جاءت أعمالهم‬ ‫ذات نكهة خاصة عززت موقع أدبهم عىل الخارطة‬ ‫العالمية‪ ،‬منهم بورخيس وباولو كويلو اللذان ت‬ ‫يع�فان‬ ‫التأث�‬ ‫التأث� عن طيب خاطر‪ ،‬وكذلك ظهر ي‬ ‫بهذا ي‬ ‫ف‬ ‫أم�تو إيكو ذائعة‬ ‫العر� ي� رواية اسم الوردة؛ رائعة ب‬ ‫بي‬ ‫الصيت‪ .‬هذه مجرد أمثلة‪ ،‬وهذا ن‬ ‫يع� أن إمكانية‬ ‫ي‬ ‫أحسن أ‬ ‫الديب‬ ‫إدهاش العالم ممكنة جداً‪ ،‬إذا ما‬ ‫العر�‪ ،‬تعامله مع مكوناته الثقافية‪ .‬ولكن يجب أال َّ‬ ‫بي‬ ‫تسيطر علينا فكرة آ‬ ‫الخر‪ ،‬ألنها ستجعلنا ننىس أنفسنا‬ ‫ف� رحلة البحث عنه‪ .‬علينا أوال أن نبحث عن آ‬ ‫الليات‬ ‫ً‬ ‫ي‬ ‫ال� تجعل من أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الدب عنرصاً فاعال ً ي� بناء الواقع الذي‬ ‫ي‬ ‫بتعب�ه عن إالشكاالت السياسية واالجتماعية‬ ‫نعيشه‪ ،‬ي‬ ‫واالقتصادية والنفسية للشعوب العربية‪.‬‬ ‫ف‬ ‫تغي�‬ ‫إن أهمية المنتجات الثقافية تكمن ي� قدرتها عىل ي‬ ‫المفاهيم‪ ،‬وهذا ما يدفع بدوره إىل خطوات من أجل‬ ‫فالبداع بطبيعته الحالمة يخلق الرؤى‬ ‫تغي� الواقع‪ .‬إ‬ ‫ي‬

‫التربية‬ ‫ومستقبل‬ ‫األدب العربي‬ ‫معتصم الشاعر‬ ‫ال� تدفعنا إىل التغي� نحو أ‬ ‫ت‬ ‫الفضل‪ .‬وقد كان لبعض‬ ‫ي‬ ‫أي‬ ‫أ‬ ‫تأث� ت‬ ‫ح� عىل دنيا العلوم‬ ‫العمال الدبية العالمية‪ ،‬ي‬ ‫العر� بحياة‬ ‫أدبنا‬ ‫إشباع‬ ‫التجريبية‪ .‬ولذلك أرى بأن‬ ‫أ بي‬ ‫تستمد روحها من روحنا‪ ،‬هو العتبة الوىل للتفاعل‬ ‫الثقا� مع آ‬ ‫ف‬ ‫شكسب� لم يكتب مرسحياته‬ ‫الخرين‪ ،‬إن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫العالمي�‪ ،‬بل‬ ‫الرائعة ليدرج اسمه عىل قائمة الدباء‬ ‫ن‬ ‫ح� نضع‬ ‫ع� عن عرصه‪ ،‬ولذلك كسب الخلود‪ .‬ونحن ي‬ ‫ب َّ‬ ‫آ‬ ‫الخرين نصب أعيننا‪ ،‬ال نرى أنفسنا‪ ،‬ولذلك أنتج‬ ‫المهووسون ت‬ ‫بال�جمة والعالمية‪ ،‬أعماال ً ليس بها ش‬ ‫�ء‬ ‫ي‬ ‫عر� سوى اسم المؤلف‪.‬‬ ‫بي‬

‫المشكلة ف ي� نظرتنا إىل الثقافة‬

‫إننا خالصة تربية يغ� منهجية‪ ،‬جعلتنا نفتقر إىل‬ ‫الشياء أ‬ ‫الفلسفة الواضحة ف� التعامل مع أ‬ ‫والحداث‪،‬‬ ‫ومع حياتنا أيضاً‪ ،‬يومن هذه أ‬ ‫الخطاء ت‬ ‫ال� ورثناها هي‬ ‫ال� شكلت نظرتنا ي أ‬ ‫ت‬ ‫للدب والثقافة‬ ‫تلك الفكرة الظالمة ي‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ش‬ ‫�ء ل�جية‬ ‫عموماً‪ ،‬وهي أنها بال جدوى‪ ،‬أو هي مجرد ي‬ ‫الفراغ‪ ،‬وتعلمنا أن كل قراءة خارجة عن إطار المقررات‬ ‫اعت� الكاتب أيضاً‬ ‫الدراسية هي مجرد هواية‪ .‬ولذلك‪ ،‬ب‬ ‫أن ما يكتبه مجرد هواية‪ ،‬ومن الطبيعي أن يكون ناتج‬ ‫ب� ي ن‬ ‫التفاعل ي ن‬ ‫اثن� بهذا الفكر‪ ،‬صفراً‪ .‬وهذه المعضلة‬ ‫أ‬ ‫الرئيسة إذا لم تختف عن عقلية الجيال القادمة‪ ،‬فلن‬ ‫أ‬ ‫الفعال‪.‬‬ ‫يكون للدب دوره َّ‬ ‫أ‬ ‫إن أهم ما نقدمه للجيال القادمة هو تربية ثقافية‬ ‫المستقبل‪ ،‬يكون هدفها‬ ‫جديدة للتعامل مع الواقع‬ ‫ي‬

‫تنشئة الجيل القادم عىل آليات للتعاطي مع الثقافة‬ ‫والعلم أيضاً‪ -‬وكيفية ربط الحصيلة المعرفية بالواقع‬‫والسهام ف ي� صناعة المعرفة بطريقة علمية سليمة‬ ‫إ‬ ‫كنوع من ض‬ ‫بالنتاجات ت‬ ‫ال� أبدعها‬ ‫االستمتاع‬ ‫يبة‬ ‫�‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫آخرون‪.‬‬

‫الخلل فينا خلل ف ي� تربيتنا‬ ‫ف‬

‫كب�اً ي� طرق التلقي‪ ،‬فنحن نتعامل‬ ‫إن هنالك خلال ً ي‬ ‫مع قشور أ‬ ‫الشياء وال نتجه إىل عمقها‪ ،‬ويبدو هذا‬ ‫ف‬ ‫تفك�نا ف ي� حل المشكالت‪ ،‬حيث يمكننا‬ ‫جلياً ي� طرق ي‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫�ء حول المشكلة إال الحل‪ .‬لقد‬ ‫أن نفكر ي� كل ي‬ ‫غفلت المناهج الدراسية أن تجعلنا نتلمس الحكمة‬ ‫أو أن نبحث عن زبدة أ‬ ‫الشياء‪ .‬وهذا الخمول الفكري‬ ‫الذي نعيشه إنما هو لغياب فلسفة واضحة للتلقي‬ ‫ف‬ ‫المعر�‪.‬‬ ‫ي‬ ‫االخ�اعات وأسماء ت‬ ‫لقد حدثونا عن تاريخ ت‬ ‫المخ� ي ن‬ ‫ع�‪،‬‬ ‫لكن أحداً لم يذكر لنا أن بإمكاننا أن نكون ضمن‬ ‫ت‬ ‫ال� نُعطَى عليها الجوائز ي ن‬ ‫ح� يتم‬ ‫القائمة الذهبية ي‬ ‫اختبارنا بسؤال‪ :‬من هو أول من فعل كذا؟‪.‬‬ ‫ي ت‬ ‫ال� توصل إىل االكتشاف‬ ‫يخ�ونا عن آليات‬ ‫لم ب‬ ‫التفك� ي‬ ‫ت‬ ‫أو االخ�اع‪ ،‬وجعلونا نحفظ القصائد والقطع‬ ‫واخت�ونا ف ي� مضمونها‪ .‬ولكن‬ ‫إالنشائية‪ .‬وقرأنا روايات ب‬ ‫لم يذكر لنا أحد كيف نكتب قصيدة أو رواية إن كان‬ ‫لنا ميل إىل ذلك‪ ،‬وهأنذا شن�ت عدداً من الروايات‪،‬‬ ‫وأخ� أن ن‬ ‫ش‬ ‫يسأل� أحد عن تعريف علمي للرواية‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫إن خالصة ما نريد الوصول إليه ي� هذا الصدد هو‬ ‫نر� الجيل القادم عىل التلقي‬ ‫أن علينا جميعاً أن ب ي‬ ‫يجا�‪ ،‬والتفاعل مع المنتجات الثقافية ومحاورتها‪،‬‬ ‫إال ب ي‬ ‫وأن نملِّكه آليات لصناعة المعرفة وابتكار أساليب‬ ‫جديدة خاصة‪ ،‬وفلسفة ي ن‬ ‫تع� عىل ربط إالبداع بحركة‬ ‫الواقع وبالمثاليات‪ ،‬فلسفة تجيب عن أسئلة التلقي‬ ‫أ‬ ‫العر� أفضل‪ ،‬ي ن‬ ‫ح�‬ ‫إ‬ ‫والبداع‪ .‬وسيكون مستقبل الدب ب ي‬ ‫ف‬ ‫وح�ن‬ ‫يعرف المتلقي أنه عنرص مهم ي� عملية التثاقف‪ ،‬ي‬ ‫يكون قادراً عىل تحويل الخالصة المعرفية إىل أثر ف ي�‬ ‫الحياة فإنه يحصل عىل آليات فكرية يعرف بع�ها‬ ‫كيفية التعاطي مع المستجدات‪ .‬وكذلك يحتاج منتجو‬ ‫ين‬ ‫المستقبلي� إىل تربية إبداعية تساعدهم عىل‬ ‫المعرفة‬ ‫التفك� بحرية ت‬ ‫وإح�افية‪ ،‬وإنتاج أعمال تشبع حاجة‬ ‫ي‬ ‫وح�ن‬ ‫المحل وتتفق مع‬ ‫الجمهور‬ ‫المعاي� العالمية‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫نب� عالقات جديدة ي ن‬ ‫ب� ش‬ ‫النا�ين والكتاب من جهة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫وب� الكتاب والقراء من جهة‪ ،‬ي ن‬ ‫ين‬ ‫وح� نتبع أساليب‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫الثقا�‪ ،‬وقتها سيبحث العالم عن‬ ‫جديدة ي� التسويق‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫العر� ت‬ ‫ن‬ ‫ويف� به‪ ،‬كما سحرته سابقا‪ -‬وما زالت‬ ‫الدب ب ي‬ ‫تسحره‪ -‬ألف ليلة وليلة‪.‬‬


‫علوم وطاقة‬

‫لغز وحقائق‬ ‫يقودنا التقدم أحياناً إىل الغرور فننىس كم أن الوجود شاسع‬ ‫وحافل بالمجاهيل‪ .‬أحياناً‪ ،‬تكون العودة إىل هذا الواقع صادمة‬ ‫الطار سنتأمل ف ي� المعوقات الفنية‬ ‫وغالية الثمن‪ .‬داخل هذا إ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫المال�ية ي� شهر‬ ‫ال� جعلت من حادث اختفاء الطائرة ي‬ ‫والتقنية ي‬ ‫ف‬ ‫لك�يائنا‬ ‫مح�اً لكل من تأمل ي� تفاصيله‪ ..‬وتحدياً ب‬ ‫مارس ‪ 2014‬لغزاً ي‬ ‫ن‬ ‫التق� ف ي� عرص االتصاالت هذا‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫بكث�‪ ،‬ن‬ ‫مكونات‬ ‫وعىل مستوى أدق ي‬ ‫س�افق ريم خوجة لنتأمل ي� ّ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ش‬ ‫ال� هي بم�لة «سعر الرصف»‬ ‫الخلية الب�ية ووحدة الطاقة فيها‪ ،‬ي‬ ‫ق‬ ‫لكل عملية حيوية نقوم بها‪ .‬ثم ستأخذنا د‪ .‬حنان ش‬ ‫ال� ي� إىل‬ ‫آن ت‬ ‫ال� عرفناها‬ ‫مستويات أدق من التأمل لتحلل فكرة االنتقال ال ي� ي‬ ‫ز ئ‬ ‫أ ث‬ ‫يا�‪.‬‬ ‫خيال علمي يك نحاول فهمها من منطلق يف� ي‬ ‫عمل ي‬ ‫ثيمة لك� من ٍ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� باتت‬ ‫ي‬ ‫و� مجال الطاقة‪ ،‬يعرض لنا أمجد قاسم تطور التقنيات ي‬ ‫تسمح باستخراج مزيد من الزيت من مكامن صعبة‪ ،‬أو كان يعتقد‬ ‫أنها س ُتستنفَذ قريباً‪.‬‬ ‫ف‬ ‫عم� طيبة بتساؤله المعتاد‪ :‬ماذا لو‪ ..‬توقفت‬ ‫ي� النهاية يختمها ي‬ ‫أ‬ ‫الرض بغتة عن الدوران؟!‬ ‫د‪ .‬أشرف فقيه‬

‫‪26‬‬

‫كيف يمكن فقدان طائرة؟‬

‫‪30‬‬

‫كم ّ‬ ‫تكلف رمشة العين؟‬

‫‪35‬‬

‫ِّ‬ ‫متقدمة لتعزيز استخراج‬ ‫تقنيات‬ ‫النفط من باطن األرض‬


‫‪27 | 26‬‬

‫علوم‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫ستة‬ ‫الواحد‬ ‫الميالديمن‬ ‫القرنمرور أكثر‬ ‫الرغم من‬ ‫علىأوائل‬ ‫في‬ ‫اختفاء‬ ‫السباق‬ ‫يزال لغز‬ ‫البشر أن‬ ‫الحادثة‪ ،‬ال‬ ‫والعشرين‪ ،‬ظن‬ ‫أشهر على‬ ‫على‪370‬‬ ‫الماليزية‬ ‫الخطوط أو انه‬ ‫رحلة قد انتهى‬ ‫الفضاء‬ ‫طائرة‬ ‫إلى‬ ‫ومثيراً‬ ‫ً‬ ‫هادئة‪ .‬لكن‬ ‫محيرا‪ ،‬بل‬ ‫على نار‬ ‫‪2014‬‬ ‫سيستمر‬ ‫األقل مارس‬ ‫في ‪8‬‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الدول‬ ‫لكبريائنا‬ ‫عاودت‬ ‫أنهاتحديا‬ ‫يشكل‬ ‫ألنهتبدو‬ ‫السباق‬ ‫لالستفزاز‪.‬‬ ‫حمى‬ ‫فقدخفايا‬ ‫بعض‬ ‫‪،2007‬‬ ‫سنة في‬ ‫التأمل‬ ‫منذ‬ ‫لكن‬ ‫العظمى‪،‬‬ ‫التقني‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عالم ّ‬ ‫التجاريبعدد‬ ‫من جديد‬ ‫الطيران‬ ‫الحمى‬ ‫وتفاصيلهذه‬ ‫استبدت‬ ‫الدول ً‬ ‫من ّ‬ ‫القمر‬ ‫الحيرة‬ ‫وعاد‬ ‫أسباب‬ ‫العظمى‪،‬‬ ‫شيئا من‬ ‫هذهر لنا‬ ‫يفس‬ ‫قد‬ ‫ّ‬ ‫هي‬ ‫ويبصرنا‬ ‫السباق‪ .‬ما‬ ‫هذاالحادث‬ ‫فيهذا‬ ‫الواجهةلنا‬ ‫التي يمثلها‬ ‫إلى‬ ‫إجراءات‬ ‫بها البحث‬ ‫تمر إنه‬ ‫األهداف؟‬ ‫هييجدر أن‬ ‫التي‬ ‫وما‬ ‫بالتغيرات‬ ‫الحوافز‬ ‫النقل الجوي‪ .‬على الرغم من‬ ‫الطاقة‪.‬‬ ‫سالمة‬ ‫عن‬ ‫الطيران يظل‬ ‫أنأولها‪.‬‬ ‫تثبتمن‬ ‫القصة‬ ‫األرقام‬ ‫ولنبدأ‬ ‫أن‬ ‫ً‬ ‫أحد وسائل التنقل األكثر أمنا‪ ،‬مقارنة‬ ‫بالسيارات التي تودي حوادثها بحياة‬ ‫ً‬ ‫سنويا‪.‬‬ ‫اآلالف‬

‫د‪ .‬فكتور سحاب‬ ‫د‪ .‬أشرف فقيه‬

‫بعد اختفاء الطائرة الماليزية‬

‫كيف يمكن‬ ‫فقدان طائرة؟‬


‫المراقبة األرضية اعتماداً على األقمار الصناعية تبقى محدودة‪..‬‬

‫ف ي� ‪ 8‬مارس ‪2014‬م‪ ،‬اختفت من عىل شاشات‬ ‫المتابعة الجوية طائرة "بوينغ ‪ "777‬تابعة‬ ‫للخطوط الجوية ي ز‬ ‫المال�ية‪ ،‬ف ي� الرحلة االعتيادية‬ ‫ب� كوااللمبور ي ن‬ ‫‪ MH370‬ي ن‬ ‫وبك�‪ .‬وبعد أيام من‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫الخ�ات التقنية والب�ية المتاحة‪،‬‬ ‫البحث‬ ‫المض� المدعم بكل ب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫واعت�ت أن جميع‬ ‫أعلنت ال�كة ي� ‪ 24‬مارس‪ ،‬تأكيد فقدان الطائرة‪ ،‬ب‬ ‫والطاقم البالغ عددهم ‪ 239‬شخصاً هم ف� عداد أ‬ ‫الموات‪.‬‬ ‫الركاب‬ ‫ي‬ ‫مع التأكيد عىل أن أي أثر أو جزء من حطام الطائرة المفقودة لم‬ ‫يتم العثور عليه ت‬ ‫ح� تاريخه!‬ ‫لوهلة‪ ،‬يبدو حدث «ضياع» طائرة هائلة الضخامة زنتها ‪ 250‬طناً‬ ‫عمن تحملهم من أنفس شب�ية‬ ‫وتكلفتها ‪ 260‬مليون دوالر‪ ،‬فضال ً ّ‬ ‫لتب�‬ ‫حية‪ ،‬حدثاً غرائبياً عصياً عىل التصديق‪ .‬ما يدفع ي‬ ‫كث�ين ن يّ‬ ‫ّ‬ ‫اف�اض وجود تفاصيل خفية تم ت‬ ‫نظريات مؤامراتية أو ت‬ ‫التس� عليها‬ ‫ّ‬ ‫عنوة ف� هذه القصة‪ .‬إذ كيف يمكن أن تختفي طائرة فال يُ ث‬ ‫ع� لها عىل‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫والع�ين؟ وفيما العالم يكت ّظ‬ ‫أثر ونحن ف ي� خضم القرن الحادي‬ ‫والالسلك عىل اختالف أنواعها؟‬ ‫السلك‬ ‫بنظم الرصد واالتصال‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ما يزيد ي ن‬ ‫الط� بلّة‪ ،‬أن طائرة (بوينغ) من طراز ‪ 777‬بالذات مج ّهزة‬ ‫ين‬ ‫بجهازين ي ن‬ ‫مخصص� لالستجابة للذبذبة الرادارية‪ ،‬وثالثة أجهزة‬ ‫اثن�‬ ‫ت‬ ‫القص�ة‪،‬‬ ‫العال جداً (‪ ،)VHF‬للمسافات‬ ‫ي‬ ‫لبث الموجات ذات ال�دد ي‬ ‫ت‬ ‫العال (‪ ،)HF‬للمسافات البعيدة‪ ،‬وجهاز‬ ‫وجهازي ر‬ ‫اديو بال�دد ي‬ ‫أ‬ ‫اتصال مع أ‬ ‫القمار الصناعية‪ ،‬إضافة إىل الهواتف الجوالة والجهزة‬ ‫ت‬ ‫ال� يحملها الركاب (وهي بالطبع يغ� قادرة عىل بث رسائل‬ ‫الذكية ي‬ ‫أ‬ ‫تصل إىل محطات االتصال الرضية‪ ،‬عىل مسافة ال تقل عن ارتفاع‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�ات)‪.‬‬ ‫تحليق الطائرة‪ ،‬أي ‪10‬‬ ‫كيف اختفت الطائرة من شاشات الرادار إذاً؟ وإذا كانت قد تحطمت‬ ‫ح� آ‬ ‫يع� عىل أثر لحطامها ت‬ ‫أو انفجرت مثالً‪ ،‬ف َِل َم لم ث‬ ‫الن‪ .‬صحيح‬

‫أن تيارات المحيط الهندي حيث اختفت الطائرة قوية ومياهه‬ ‫كث�اً من أجزاء الطائرات مصممة يك تظل طافية‬ ‫بالغة العمق‪ ،‬لكن ي‬ ‫احتساباً لمواقف كهذه‪ .‬وإذا كانت الطائرة قد انفجرت‪ ،‬فكيف لم‬ ‫تخلّف أثراً رادارياً يدل عىل انفجارها أو يرصد القذيفة ت‬ ‫االف�اضية‬ ‫ت‬ ‫ال� أسقطتها‪ ..‬لو كان هذا ما حدث؟‬ ‫ي‬ ‫كث�ة تطرح نفسها ف ي� هذا السياق‪ .‬ولعل البحث عن إجاباتها‬ ‫أسئلة ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ث‬ ‫ً‬ ‫سيكشف لنا بعضا من الجوانب الك� إثارة للدهشة ي� تفاصيل‬ ‫عالم النقل الجوي‪.‬‬


‫‪29 | 28‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫نظام ‪ ACAR‬الخاص باتصال الطائرة‬ ‫بشركتها يوفر للطائرة وسيلة إرسال‬ ‫معلومات تقنية إلى األرض‪ ،‬بالراديو‬ ‫توقع‬ ‫أو األقمار الصناعية‪ ،‬من أجل ّ‬ ‫حدوث أمر ما يوجب الصيانة عند انتهاء‬ ‫الرحلة‪...‬‬ ‫الدراك بأن الطائرات المدنية ال تحظى‬ ‫باديء ذي بدء‪ ،‬ال بد من إ‬ ‫باتصال مستمر وال بتغطية رادارية طوال رحالتها‪ ،‬ف‬ ‫و� كل المواقع‬ ‫ي‬ ‫عىل الكرة أ‬ ‫الرضية‪ .‬ويمكن تعليل هذه الثغرة العجيبة ف ي� االتصال‬ ‫من منطلقات تقنية ومالية أيضاً‪.‬‬

‫سماء حافلة بالثقوب!‬

‫الحقيقة تقول إن التغطية الرادارية للمجال الجوي ف ي� كل أنحاء‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫الكرة الرضية‪ ،‬محدودة ي أ� أماكن عديدة‪ .‬وحدها المناطق ي‬ ‫تحظى بالحركة الجوية ال ثك� اكتظاظاً‪ ،‬تحظى بشبكات كاملة‬ ‫للمتابعة الالسلكية والرادارية‪ ،‬وهي شبكات باهظة الثمن‪.‬‬ ‫عىل سبيل المثال‪ ،‬فإن أ‬ ‫الجواء الفرنسية تحظى بالتغطية الرادارية‬ ‫الكاملة‪ ،‬ت‬ ‫ح� مع وجود جبال تعيق البث‪ .‬فإذا تعطّل جهاز الذبذبة‬ ‫ف‬ ‫ز‬ ‫المال�ية‬ ‫الرادارية ي� الطائرة أو انقطع بثه‪ ،‬مثلما حصل مع الطائرة ي‬ ‫تقال عىل شاشات مراقبة نظام‬ ‫المنكوبة‪ ،‬تظهر الطائرة باللّون ب‬ ‫ال� ي‬ ‫نس‪ ،‬ويتم االنتقال فوراً لنظم الرادارات العسكرية‪.‬‬ ‫المالحة أ الفر ي‬ ‫فالجهزة العسكرية تملك تقنيات لكشف صدى أي كتلة طائرة‬ ‫وإن لم تكشف هويتها‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫مد� يغطي المناطق‬ ‫و� المقابل‪ ،‬ال أيوجد أي رادار ي‬ ‫لكن ي‬ ‫النائية فوق القارة ال ت‬ ‫س�الية‪ ،‬أو أقىص الشمال الكندي‪،‬‬ ‫أو أطراف غابات أ‬ ‫المازون‪ ،‬وال سيما فوق المحيطات‬ ‫أ‬ ‫الشاسعة‪ .‬والباع أ‬ ‫القىص الذي تملكه الرادارات الرضية‬ ‫المخصصة شل�كات الخطوط الجوية‪ ،‬ال يتجاوز الـخمسمائة‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�‪.‬‬ ‫والنتيجة أنه ف� سفرة معتادة ي ن‬ ‫ب� باريس ونيويورك تمتد عادة لنحو‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫«غ� راداري» فوق المحيط‬ ‫‪ 8‬ساعات‪ ،‬فإن الطائرة ستحلّق ي� مجال ي‬ ‫أ‬ ‫ضطر الطيارون‬ ‫طلس لمدة ال تقل عن الساعات الثالث! ويُ ّ‬ ‫ال ي‬ ‫حينئذ‪ ،‬كلما قطعوا ش‬ ‫ع� درجات من درجات الطول‪ ،‬أي كل ساعة‬ ‫أ‬ ‫ض‬ ‫ر�‪ ،‬إلعالمه بموقع الطائرة‬ ‫تقريباً‪ ،‬إىل االتصال بالمراقب ال ي‬ ‫شفهياً‪.‬‬ ‫طيار الطائرة ي ز‬ ‫المال�ية المفقودة لم يَر ّد أبداً (عمداً؟) عىل هذه‬ ‫ّ‬ ‫االتصاالت الدورية‪ .‬ي ن‬ ‫وب� مواضع االتصال هذه يخيم صمت‬ ‫كب�‪ .‬وهو صمت قد يمتد ف ي� المناطق الشمالية من الكرة‬ ‫راداري ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ح� تشتد العواصف المغناطيسية وتعطّل موجات‬ ‫الرضية‪ ،‬ي‬ ‫الراديو العالية ت‬ ‫ال�دد‪ ،‬ففي الوقت نفسه ال تصل موجات بث‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫تط�‬ ‫القمار الصناعية «الثابتة» ي� مداراتها‪ ،‬إىل االرتفاع الذي ي‬ ‫عنده الطائرات‪.‬‬

‫مسألة تـكلفة‬

‫ف‬ ‫ن‬ ‫يع� هذا الصمت‪ ،‬أن الطائرة منقطعة‬ ‫ي� الحاالت العادية‪ ،‬ال ي‬ ‫عن العالم‪ :‬فنظام ‪ ACAR‬الخاص باتصال الطائرة شب�كتها‬ ‫ش‬ ‫س� الرحلة‪ ،‬يوفر للطائرة وسيلة إرسال‬ ‫مبا�ة ليمدها ببيانات عن ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫معلومات تقنية إىل الرض‪ ،‬بالراديو أو القمار الصناعية‪ ،‬من أجل‬ ‫توقّع حدوث أمر ما يوجب الصيانة عند انتهاء الرحلة‪ .‬لكن المشكلة‬ ‫أن هذه االتصاالت متفرقة وقليلة جداً ومحدودة‪ ،‬بالنظر إىل تكلفة‬ ‫أ‬ ‫الط�ان تختار أال‬ ‫وكث� من ش�كات ي‬ ‫االتصال بالقمار الصناعية‪ .‬ي‬ ‫القالع‪ ،‬ومرة أخرى‬ ‫ترسل سوى معلومات عن المحركات‪ ،‬مرة عند إ‬ ‫ف ي� أثناء التحليق‪ ،‬وغرض هذه الرسائل ليس سالمة الرحلة‪ ،‬بل‬ ‫معرفة معلومات تخص صيانة الطائرات‪ .‬والواقع أن هذه الرسائل‬ ‫أ‬ ‫بالقمار الصناعية‪ ،‬قلما يتلقاها المراقبون الجويون‪ ،‬وهي ف ي� أي‬ ‫حال ال تفصح عن موقع الطائرة عىل الدوام بنظام تحديد المواقع‬ ‫ين‬ ‫يتفحصوا هذه المعلومات‬ ‫يتس�‬ ‫العالمي ‪ .GPS‬وال ن ّ‬ ‫للمحقق� أن ّ‬ ‫ت‬ ‫ترسل بنظام ‪ ،ACAR‬إال‬ ‫ال� َ‬ ‫القليلة‪ ،‬إضافة إىل الرسائل االختبارية ي‬ ‫بعد وقوع حوادث‪.‬‬ ‫الشكالية إذاً هو ف ي� اعتماد نظم اتصاالت عتيقة تم‬ ‫جزء من إ‬ ‫ض‬ ‫ش‬ ‫تطويرها ف ي� خمسينيات القرن‬ ‫الما�‪ .‬ويتوقع أن يكلف م�وع‬ ‫ي‬ ‫حوال‬ ‫ترقية نظم اتصاالت المالحة الجوية إىل أحدث‬ ‫ي‬ ‫المعاي� ي‬ ‫ين‬ ‫الط�ان التجاري أن‬ ‫السبع� مليار دوالر ‪ ،‬وهو مبلغ ال يسع سوق ي‬ ‫تتحمله‪.‬‬ ‫المال�ية المنكوبة‪ ،‬ت‬ ‫الخ�اء يقولون إن الطائرة ي ز‬ ‫ح� لو كانت‬ ‫لكن ب‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫مرتبطة كليا بشبكة القمار الصناعية ‪ ،GPS‬فإن ذلك كان سيعطينا‬ ‫تصوراً أفضل عن آخر موقع وجدت به قبل أن تختفي‪ ..‬لكنه لم‬ ‫يكن ليفرس اختفاءها‪.‬‬ ‫ثمة مشاريع للمتابعة الجوية المستمرة تحت الدراسة‪ ،‬كاستخدام‬ ‫االتصال بالطائرات القريبة‪ ،‬من أجل إيصال المعلومات المطلوبة‪،‬‬ ‫من طائرة إىل طائرة وصوال ً إىل المراقب الجوي‪ .‬يغ� أن أحداً ال‬ ‫التقدم‬ ‫لتحمل تكاليف هذه الحلول‪ ،‬خصوصاً مع ّ‬ ‫يبدي حماسة ّ‬ ‫ف‬ ‫الط�ان ي� العالم‪ .‬إذ تقول شبكة سالمة‬ ‫الذي أحرزته سالمة حركة ي‬ ‫الط�ان‪ ،‬إن النقل الجوي لم يؤ ّد إال إىل ‪ 265‬وفاة‪ ،‬ف ي� سنة ‪،2013‬‬ ‫ي‬ ‫بوقوع ‪ 29‬حادثة‪ 4 ،‬حوادث منها فقط لطائرات نفاثة تجارية‪ ،‬وهذا‬ ‫من أصل ‪ 31‬مليون رحلة جوية ف ي� السنة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� المحصلة‪ ،‬إذا كانت تقع حوادث فقدان طائرة من وقت‬ ‫آي‬ ‫لخر‪ ،‬فإن ث‬ ‫الك�ة الساحقة من الرحالت تصل بسالمة إىل بر‬ ‫أ‬ ‫المان‪.‬‬


‫سالمة الرحلة الجوية تبقى هاجساً عند المسافر كما عند الناقل‬

‫إبرة‪ ..‬وألف كومة قش‬

‫قد يكون التعذّ ر بالتكلفة المادية مبتذال ً إذا ما قورن بأهمية‬ ‫ت‬ ‫تقدر بثمن‪ .‬لكن حل لغز‬ ‫ال� ال َّ‬ ‫المحافظة عىل أرواح المسافرين ي‬ ‫الطائرة ي ز‬ ‫المال�ية ليس معقوداً بعقدة المال وحسب‪ .‬ذلك أن‬ ‫خ�اؤه المدركون تماماً‬ ‫البحث عن أي طائرة مختفية هو علم له ب‬ ‫ت‬ ‫ال� تحكم مسار أي مركبة طائرة‪.‬‬ ‫للتفاصيل ي‬ ‫الكث�ة والدقيقة ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫الدالئل من النبضات الدورية يب� الطائرة وشبكة القمار الصناعية‬ ‫ف‬ ‫–� منطقة مجهولة‪ -‬ت‬ ‫لف�ة‬ ‫ي‬ ‫تش� إىل أن الطائرة قد استمرت بالتحليق ي‬ ‫تصل إىل خمس ساعات بعد اختفائها عن الرادار‪ .‬هذه معلومة‬ ‫ن‬ ‫تع� أن مجال البحث عن الطائرة قد يمتد ليشمل دائرة قطرها‬ ‫ي‬ ‫‪ 2500‬ميل‪ ،‬أو تصل مساحتها إىل ‪ 20‬مليون ميل مربع‪ .‬هذا‬ ‫االمتداد الهائل يمثل ُع ش� مساحة الكوكب ويغطي شبه القارة‬ ‫الهندية كلها وأطراف اليابان ت‬ ‫وأس�اليا كذلك‪ .‬والبحث عن محض‬ ‫صغ�ة ف� تلك المساحة قد يستغرق أعواماً! عىل ت‬ ‫اف�اض أنها‬ ‫مركبة ي ي‬ ‫ال تزال سليمة وركابها أحياء‪.‬‬ ‫ماذا عن المصفوفات الرادارية الخاصة بالدول ف ي� تلك المنطقة‬ ‫التقديرية‪ .‬الواقع يقول إن تحليل قراءات الرادار الخاصة بكل‬ ‫للب�وقراطية‬ ‫المؤسسات المدنية والعسكرية هي مسألة خاضعة ي‬ ‫الدارية ش‬ ‫للب� الذين ينفذون مثل هذه التحليالت‪ .‬وعىل‬ ‫والكفاءة إ‬ ‫أ‬ ‫ز‬ ‫المال�ية بحثها خالل اليام‬ ‫سبيل المثال‪ ،‬فقد ركزت السلطات ي‬ ‫أ‬ ‫غر� مسار الطائرة ناحية مضيق مالقة‪،‬‬ ‫الوىل عىل المنطقة الواقعة ب ي‬ ‫لتتقدم السلطات التايلندية بعد ذلك بتحليالت معاكسة تماماً‬ ‫مبنية عىل تسجيالتها الرادارية الخاصة‪ .‬وهذه حال من التخبط‬ ‫تضافرت فيها كل المعوقات المالية والفنية المذكورة سابقاً‪.‬‬ ‫البعض يتساءل عن جدوى ما يعرف بالصندوق أ‬ ‫السود عىل‬ ‫هذه الطائرات‪ ،‬الذي هو ن ز‬ ‫بم�لة القلب النابض الذي يسجل‬ ‫أ‬ ‫الحداث‪ ،‬ويرسل ما يدل عىل موقعه باستمرار‪ .‬لهؤالء نذكر أن‬

‫هذا «الصندوق» يك يعمل يحتاج لمصدر طاقة‪ .‬بطاريته الخاصة‬ ‫مصممة لتعمل لمدة ‪ 30‬يوماً‪ ،.‬وبعد ذلك فإنه سيموت ويصمت‬ ‫أ‬ ‫وغ� عن الذكر أن تلك المهلة قد انقضت دون أن ث‬ ‫ن‬ ‫يع� عىل‬ ‫للبد‪ .‬ي‬ ‫أي جزء من الطائرة أو أي أثر لركابها‪.‬‬ ‫قد تكون الطائرة ي ز‬ ‫المال�ية سليمة ف ي� مكان ما‪ ،‬وقد تكون تحطمت‬ ‫بركابها عىل قمة جبل أو ابتلعها المحيط‪ .‬لقد استغرق العثور عىل‬ ‫حطام السفينة أ‬ ‫الشهر (تايتانيك) سبعة عقود إىل أن تم تطوير‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫طلس السحيقة‪ .‬ولعل‬ ‫التقنيات المناسبة للبحث ي� أعماق ال ي‬ ‫لس� أغوار المحيط الهندي والعثور عىل حطام‬ ‫تقنيات ستظهر ب‬ ‫المال�ية‪ .‬ف� أغسطس ‪ 2014‬عمدت الحكومة أ‬ ‫ال ت‬ ‫الطائرة ي ز‬ ‫س�الية‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ش�كة هولندية لمسح قاع البحر بموجات (السونار) للتأكد من عدم‬ ‫وجود حطام غارق‪ .‬كما أن مصفوفات المراقبة أ‬ ‫بالقمار الصناعية ال‬ ‫تزال تزود فرق المراقبة بصور ألجزاء «محتملة» من الطائرة‪ .‬كل ذلك‬ ‫يتم تحليله ونفيه الحقاً‪ .‬لكن ذلك لن يقدم أي عزاء لذوي ركابها‪..‬‬ ‫وقد ال يهدئ من مخاوف بعضنا عىل الرغم من أن أ‬ ‫الرقام تثبت‬ ‫ف‬ ‫بكث� من أي‬ ‫أن مشواراً اعتيادياً بالسيارة ي� شوارع مدننا هو أخطر ي‬ ‫ط�ان تجارية حول العالم‪.‬‬ ‫رحلة ي‬

‫المسمى «أسود» أحمر اللون‪..‬‬ ‫َّ‬ ‫الصندوق‬


‫‪31 | 30‬‬

‫علوم‬ ‫ُ‬ ‫العملة الحيوية‬

‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫ّ‬ ‫كم تكلف رمشة العين؟‬

‫ريم خوجة‬

‫‪shutterstock‬‬

‫الطاقة هي أهم عملة متداولة في عالمنا الصناعي‪ .‬فالنفط هو من أهم المصادر األولية إلنتاج‬ ‫الطاقة‪ .‬ومنه ُيشتق الغازولين الذي ِّ‬ ‫يشكل العملة الرئيسة لتحريك المركبات‪ .‬فالسيارة لن تتحرك‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫واحدا دون غازولين‪ .‬فما هو حال ومصدر الطاقة لعالمنا الحيوي الدقيق على مستوى‬ ‫مترا‬ ‫الخلية؟‬

‫«ثال� فوسفات أ‬ ‫ث‬ ‫ين‬ ‫دينوس�» هو اسم العملة الحيوية‬ ‫ال‬ ‫ي ُّ‬ ‫ت‬ ‫المش�كة لتحريك جميع الوظائف الحيوية عند الكائنات‬ ‫بكت�ياً‬ ‫أكانت نبتةً تمتص أشعة الشمس‪ ،‬أم كائناً ي‬ ‫الحية‪ ،‬سواء َ‬ ‫ن‬ ‫ثا� أكسيد الكربون الموجود ف ي� أمعاء كائنات‬ ‫يعتاش عىل ي‬ ‫أك� منه‪ ،‬أم إنساناً يتناول فطوره‪ .‬ومصادر هذه العملية‬ ‫ب‬ ‫الحيوية متعددة ومختلفة أ‬ ‫الشكال‪.‬‬

‫مادتها‬

‫�ض‬ ‫ت‬ ‫ال� تستمد‬ ‫تُصنع هذه المادة ف ي�‬ ‫البالستيدات الخ اء بالخاليا النباتية ي‬ ‫ف‬ ‫طاقتها من أشعة الشمس‪ .‬أما ي� الخاليا الحيوانية‪ ،‬فإنها تصنع فيما يُعرف بـ‬ ‫ثال� فوسفات أ‬ ‫ث‬ ‫ين‬ ‫دينوس�‬ ‫ال‬ ‫«الميتوكوندريا»‪ ،‬أو «بيت الطاقة» بالخلية‪ ،‬الذي ينتج ي‬ ‫من المركّبات العضوية الناتجة عن تفكيك المواد الغذائية‪ .‬لذلك نحس بالخمول‬ ‫والتعب عندما نمتنع عن أ‬ ‫لف�ة طويلة ت‬ ‫الكل ت‬ ‫ح� لو لم نتحرك‪ .‬إذ إن تشغيل‬


‫الب السائق بطاقة وتوتر‪ .‬وكلما انفصل ورجع واحد من أ‬ ‫أ‬ ‫الطفال إىل المقعد‬ ‫الخلفي يقل التوتر والزعاج ويتحرر جزء من طاقة أ‬ ‫الب ت‬ ‫الم�اكمة‪ .‬عليه‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫ث‬ ‫ن‬ ‫دينوس� هي أعىل من الطاقة‬ ‫ثال� فوسفات ال‬ ‫يمكننا أن نفهم كيف أن طاقة‬ ‫ي‬ ‫«ثنا� ي فوسفات أ‬ ‫المخزنة ف� مركَّب آخر اسمه ئ‬ ‫ين‬ ‫أك� من‬ ‫ال‬ ‫دينوس�» لوجود عدد ب‬ ‫ي‬ ‫جزيئات يالفوسفات (أو أ‬ ‫المزعج� كما ف� المثال) المتصارعة ف� ي ّ ز‬ ‫ين‬ ‫ح�‬ ‫الطفال‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫صغ�‪.‬‬ ‫ي‬

‫كب�ة‪ .‬وهكذا يقوم الجسم باستغالل‬ ‫أجسامنا وإن كانت ساكنة يحتاج إىل طاقة ي‬ ‫السكر والدهون المخ ّزنة إلنتاج الطاقة الالزمة لتشغيل الوظائف العضوية‬ ‫الشارات العصبية‪ ،‬إضافة إىل‬ ‫مثل نبض القلب وتحريك العضالت وإرسال إ‬ ‫ال�وتينات وتشكيل الدهون ونسخ الحمض النووي‬ ‫الوظائف الخلوية مثل تصنيع ب‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ش‬ ‫واالنقسام‪ .‬ونستطيع أن نغش أجسامنا ل�ويدنا بالنشاط عن طريق م�وبات‬ ‫ث‬ ‫ت ت‬ ‫«ثال� فوسفات‬ ‫الطاقة‪ ‬ال� سي�كز عملها الوحيد عىل ترسيع عملية إنتاج ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫دينوس�‪ ،‬ف ي� الميتوكوندريا»‪.‬‬ ‫ال‬ ‫ف‬ ‫ث‬ ‫ثال� فوسفات‬ ‫يوجد ي� جسم إ‬ ‫النسان كمية محدودة من جزيئات ي‬ ‫أ‬ ‫ئ‬ ‫ين‬ ‫الكيميا�‬ ‫حوال ‪ 300‬جرام تقريباً‪ .‬ويحتوي هذا المركب‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫دينوس�‪ ،‬تبلغ ي‬ ‫عىل ثالثة جزيئات من الفوسفات المتصارعة الغنية بالطاقة‪ .‬هذه الجزيئات‬ ‫الثالثة ت ز‬ ‫كب�اً للمركّب وتشحنه بطاقة كيميائية‪ .‬وعندما‬ ‫الم�احمة تسبب إزعاجاً ي‬ ‫ينفصل جزيء الفوسفات‪ ،‬يطلق المركّب بعضاً من الطاقة المشحونة‪.‬‬ ‫وهكذا تستغل هذه الطاقة ف ي� الوظائف الحيوية المختلفة‪ .‬ولتقريب مفهوم‬ ‫ثال� فوسفات أ‬ ‫ث‬ ‫ين‬ ‫دينوس�‪ ،‬ن�ض ب مثالً‪ ،‬هو‪:‬‬ ‫ال‬ ‫عملية إنتاج الطاقة أمن مركب ي‬ ‫ين‬ ‫دينوس�) يقود السيارة وثالثة من أطفاله (جزيئات‬ ‫تخيل أب (مركب ال‬ ‫الفوسفات) تربطهم عالقة قوية جداً ويرصون عىل الجلوس جميعاً �ف‬ ‫ي‬ ‫الب السائق‪ .‬إن انحصار ثالثة من أ‬ ‫المامي بجانب أ‬ ‫المقعد أ‬ ‫الطفال ف ي� مقعد‬ ‫واحد سيجعلهم يتصارعون عىل ي ز‬ ‫الزعاج وسيشحن‬ ‫الح� المتاح مما سيسبب إ‬

‫قياسها بالسعرات الحرارية‬

‫إذا كان أ‬ ‫ين ث‬ ‫ثال� الفوسفات هو المعيار الرئيس إلنتاج أو تخزين‬ ‫ال‬ ‫دينوس� ي‬ ‫الطاقة‪ ،‬فلماذا نستخدم مصطلح السعرة الحرارية أو «الكالوري» لقياس‬ ‫استهالكنا أ‬ ‫للغذية؟ إذ من الدارج أن نجد كمية السعرة الحرارية لكل جرام‬ ‫كث� من المنتجات الغذائية‪ .‬لكن ِلم نربط نشاطنا‬ ‫مطبوعة عىل عبوات ي‬ ‫ض‬ ‫الريا� بإنقاص عدد ي ن‬ ‫مع� من السعرات‬ ‫ي‬ ‫الحرارية؟ السبب الرئيس هو أنه من‬ ‫الصعب جداً قياس شحن أو استهالك‬ ‫جزيئات أ‬ ‫ئ‬ ‫ين ث‬ ‫ثنا�‬ ‫ال‬ ‫ثال� أو ي‬ ‫دينوس� ي‬ ‫الفوسفات ف ي� الجسم‪ .‬ولكن يمكن ربط‬ ‫استهالك وتخزين الطاقة بوحدة ي ز‬ ‫ف�يائية‬ ‫شبه ملموسة‪ .‬فالتعريف ي ز ئ‬ ‫يا� البحت‬ ‫الف� ي‬ ‫للسعرة الحرارية أو الكالوري متعلق‬ ‫بكونها وحدة لقياس الطاقة الحرارية‪،‬‬ ‫وتحديداً‪ :‬وحدة قياس كمية الطاقة‬ ‫ﻓﻮﺳﻔﺎﺕ‬ ‫الالزمة لرفع حرارة جرام واحد من الماء‬ ‫بمقدار درجة مئوية واحدة‪ .‬فعند تحرير‬ ‫ين ث‬ ‫ين‬ ‫أدينوس�‬ ‫ثال� الفوسفات ليصبح‬ ‫ذرة فوسفات من مول واحد من‬ ‫أدينوس� ي‬ ‫ئ‬ ‫ثنا� الفوسفات‪ ،‬تنتج طاقة حرارية بمعدل ‪ 7000‬كالوري لكل مول‪ .‬أما كلمة‬ ‫ي‬ ‫يع�‬ ‫«مول» هذه فهي وحدة‬ ‫كب�ة جداً جداً من الجزيئات ب‬ ‫للتعب� عن كمية ي‬ ‫ي‬ ‫ز‬ ‫الف�يائية‬ ‫ولك نريح أنفسنا من هذه المعمعمة ي‬ ‫عنها بالرقم ‪ .10²³ × 6.022 ‬ي‬ ‫استعضنا عن ذلك كله بمفهوم «الكالوري»‪.‬‬

‫ﺍﻷﺩﻳﻨﻮﺳﻴﻦ‬ ‫ثالثي فوسفات األدينوسين‬ ‫ُّ‬

‫‪ADP‬‬

‫‪ADP‬‬

‫‪ATP‬‬

‫‪ATP‬‬

‫ﻣﻴﺘﻮﻛﻨﺪﺭﻳﺎ‬ ‫إطالق الطاقة من الفوسفات‬

‫من جهة أخرى‪ ،‬يمكن أيضاً تخزين الطاقة عن طريق إضافة جزيء فوسفات إىل‬ ‫ين ئ‬ ‫ثنا� أو أحادي الفوسفات‪ .‬فمثال ً جزيء سكر الجلوكوز الواحد ينتج‬ ‫أدينوس� ي‬ ‫ين ث‬ ‫ثمانية ي ن‬ ‫ثال� الفوسفات» ف ي� الخلية‪ .‬وهكذا يعمل هذا‬ ‫وثالث� مركّباً من‬ ‫«أدينوس� ي‬ ‫المركَّب الرائع كالبطارية عن طريق شحنه بجزيئات الفوسفات‪ .‬ولتشغيل جميع‬ ‫ين‬ ‫أدينوس� من‬ ‫وظائف أجسامنا بشكل طبيعي‪ ،‬فإننا نحتاج إىل تحويل كل مركّب‬ ‫ئ‬ ‫ث‬ ‫ثنا� الفوسفات ‪ 300‬مرة ف ي� اليوم‪.‬‬ ‫ثال� إىل ي‬ ‫ي‬

‫ين ث‬ ‫ثال�‬ ‫ف ي� المعدل‪ ،‬يحتاج الفرد إىل ‪ 2000‬كيلو كالوري (أي ‪ 167‬مول من‬ ‫أدينوس� ي‬ ‫الفوسفات) يومياً إلنجاز الوظائف البيولوجية للجسم‪ .‬ويختلف هذا الرقم اعتماداً‬ ‫ت‬ ‫ال� تتحكم بالوزن والطول والجنس‪.‬‬ ‫عىل عمر إ‬ ‫النسان وجيناته ي‬ ‫إن المحرك الرئيس لكل نشاطات الكائنات الحية هو هذا المركب العظيم‪ .‬ونحن‬ ‫نشارك أ‬ ‫ين ث‬ ‫ثال� الفوسفات مع أقدم شجرة وأرسع نمر وأطول دودة‬ ‫ال‬ ‫دينوس� ي‬ ‫بكت�يا‪ .‬جميعنا ال نستطيع البقاء عىل قيد الحياة جزءاً من الثانية‬ ‫ش�يطية وأصغر ي‬ ‫ين‬ ‫المالي� من روابط الفوسفات‪.‬‬ ‫دون تفكيك‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪33 | 32‬‬

‫العلم خيال‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫يرتقي البطل فوق منصة خاصة ويتم‬ ‫تسليط شعاع ضوئي على جسده فيختفي‬ ‫ً‬ ‫لحظيا في مكان آخر‪ ،‬ربما‬ ‫من عليها‪ ،‬ويظهر‬ ‫في قارة بعيدة أو على كوكب آخر ليكون‬ ‫ً‬ ‫هاربا من خطر محدق‪.‬‬ ‫في موقع الحدث أو‬ ‫هكذا في لمح البصر يصير اإلنسان في‬ ‫المكان الذي يريده‪ ،‬عبر ما سمي باالنتقال‬ ‫اآلني أو الـ «‪ .»Teleportation‬هذا المشهد‬ ‫طالما داعب أحالم محبي أدبيات الخيال‬ ‫العلمي‪ ،‬وتم تكريسه كأحد أبرز شواهد‬ ‫التطور المستقبلية حيث ينتصر اإلنسان‬ ‫بالعلم على المعوقات الطبيعية التي‬ ‫تفرضها عليه قيود المكان والزمان‪.‬‬

‫االنتقال اآلني‬ ‫لهذه األسباب يبقى‬ ‫مستحيل التطبيق‬

‫د‪ .‬حنان الشرقي‬

‫حسب خيال ك َّتاب أفالم الخيال العلمي‪ ،‬ينطوي‬ ‫االنتقال آ‬ ‫ال ن ي� عىل تحديد وحفظ المعلومات الخاصة‬ ‫بـ «كينونة» الشخص بدقة ال متناهية‪ ..‬إىل مستوى‬ ‫مكون ذري من جسده‪ ،‬ومن ثم نقل هذه‬ ‫أصغر ّ‬ ‫ت‬ ‫ال� يقصدها الشخص‪ ،‬ليتم‬ ‫المعلومات إىل الوجهة ي‬ ‫تفكيك وتركيب هذا المسافر آنياً‪ ،‬وترتيب معلومات‬ ‫ذراته من مادة جديدة متوافرة هناك‪ ..‬حيث‬ ‫سيتمظهر مجدداً‪ ،‬ف ي� الوقت نفسه الذي يتم فيه‬ ‫تدم� النسخة أ‬ ‫الصلية للشخص!‬ ‫ي‬ ‫لكن هل من الممكن أن يتحقق هذا الحلم بهذا‬ ‫الشكل حقاً؟‬

‫بداية مناقشتها علمياً‬

‫ت‬ ‫ال� تحوم حولها فكرة االنتقال‬ ‫الحقيقة العلمية ي‬ ‫آ‬ ‫ال ن� هي ظاهرة ي ز‬ ‫ف�يائية تعرف بالـ «‪Quantum‬‬ ‫ي‬ ‫‪ »Entanglement‬أو «التشابك الكمي»‪ .‬وهي ظاهرة‬ ‫عالم ي ن� آخرين‬ ‫تنبأ بوجودها ب‬ ‫أل�ت آينشتاين مع ِ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫وپودولسك ي� سياق مجادالتهم لدحض‬ ‫هما روزن‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫نظريات ي ز‬ ‫ال� تناقش حالة المادة عىل‬ ‫الف�ياء الكمية‪ ،‬ي‬ ‫المستوى الذري وما دونه وتقول إن للمادة خاصية‬ ‫جسيمية وخاصية موجية كذلك‪.‬‬ ‫توقع العلماء الثالثة ف ي� جدالهم أن النظرية الكمية‬ ‫ستسمح تبعاتها بال�ض ورة بوجود ظروف معينة‬ ‫ين‬ ‫يرتبط فيها جسيمان ارتباطاً وثيقاً‪،‬‬ ‫فوتون� مثال ً‬ ‫أ‬ ‫ول لشعاع الضوء)‪،‬‬ ‫(الفوتون هو الجسيم ال ي‬ ‫ش‬ ‫تغ�‬ ‫أي ي‬ ‫ل�ء واحد‪ّ :‬‬ ‫فيصبحان أوكأنهما نسختان ي‬ ‫ف‬ ‫يحدث لحدهما سينعكس آنياً ي� اللحظة نفسها‬ ‫عىل آ‬ ‫الخر مهما فصلت بينهما المسافات‪.‬‬ ‫فمثال ً عند قيامنا بقياس رسعة دوران أحد أولئك‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫المشتبك� كمياً وتحديدها‪،‬‬ ‫الجسيم�‬ ‫�ض‬ ‫فإن ذلك سيؤدي بال ورة إىل‬ ‫اتخاذ الجسيم آ‬ ‫الخر للرسعة نفسها‬ ‫ن‬ ‫يع� أن معرفتنا‬ ‫عىل الفور‪ .‬وهذا ي‬ ‫بمعلومات عن أحدهما ستدلنا حتماً عىل‬ ‫معلومات عن آ‬ ‫الخر‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬ووفقاً ي ز‬ ‫لف�ياء الكم كذلك‪ ،‬فبحسب مبدأ اسمه‬ ‫مبدأ الريبة (‪ )Uncertainty‬ال يمكننا تحديد مكان‬ ‫الفوتون ورسعته عىل وجه الدقة ف ي� آن واحد؛ ألن‬ ‫الخواص الكمية ألي جسيم ال تتخذ شكال ً محدداً‬

‫أينشتاين‪ ..‬أول من ناقش الفكرة‬

‫ن‬ ‫يع� بال�ض ورة أن خواص‬ ‫إال بعد المالحظة‪ ،‬وهذا ي‬ ‫ن‬ ‫الثا� ال تتشكل فعلياً إال بعد مالحظة‬ ‫الفوتون أ ي‬ ‫أ‬ ‫وبالتال فإن معلومات الفوتون الول‬ ‫الفوتون الول‪،‬‬ ‫ي‬ ‫يتم مشاركتها مع الفوتون ن‬ ‫الثا� فقط بعد المالحظة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫اعتقد آينشتاين بوجود ثغرة ف ي� النظرية الكمية‪ .‬ألنه‬ ‫ين‬ ‫كب�ة عن بعضهما‬ ‫ف ي� حالة وجود‬ ‫فوتون� عىل مسافة ي‬ ‫ن‬ ‫يع� أنهما يتشاركان المعلومات‬ ‫البعض‪ ،‬فإن ذلك ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أك�‬ ‫كب�ة قد تكون ي� بعض الحيان ب‬ ‫بينهما برسعة ي‬ ‫من رسعة الضوء وهو ش‬ ‫�ء يستحيل حدوثه حسب‬ ‫ي‬ ‫قوان� ي ز‬ ‫ين‬ ‫الف�ياء الكالسيكية‪ .‬وهذا ما جعله يطلق‬ ‫ت‬ ‫اعت�ها «تخيلية» وصف‬ ‫ال� ب‬ ‫تهكماً عىل هذه الحالة ي‬ ‫ت‬ ‫«سلوك‬ ‫عفاري� عابر للمسافات – ‪Spooky Action‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫‪ .»at a Distance‬ولن الكون ال يخلو من المفاجآت‪،‬‬ ‫وخالفاً لما توقعه آينشتاين‪ ،‬فقد تم بالتجربة‬ ‫العملية رصد إمكانية حدوث هذا التشابك الكمي‬ ‫عىل يد ي ز ئ‬ ‫نس آالن آسبكت أثناء تجربته‬ ‫الف� ي‬ ‫يا� الفر ي‬ ‫الشه�ة عام ‪1982‬م‪.‬‬ ‫ي‬


‫ً‬ ‫مصدرا في عالم الفنون والخيال‬ ‫‪..‬ويبقى االنتقال اآلني‬

‫فتحت تجرية آسبكت الباب لتجارب عديدة متتالية‬ ‫تهدف الختبار تطويع هذه الظاهرة لنقل المعلومات‬ ‫«كمومياً» بحيث يتم استغالل التشابك لنقل‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫كمي من مكان لخر‪،‬‬ ‫«معلومات» مشفرة ي� جسيم ّ‬ ‫كما ف� تجربة جامعة فيينا عام ‪2012‬م‪ ،‬ي ن‬ ‫ح� تم‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�اً‪ .‬وكما كان‬ ‫بنجاح نقل فوتون مسافة ‪143‬‬ ‫أ‬ ‫متوقعاً‬ ‫صل قد ُد ّمر فور ظهور‬ ‫فإن الفوتون ال ي‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫نسخته الخرى عىل الطرف الخر للتجربة! الهدف‬ ‫من وراء هذه التجارب بالطبع لم يكن الوصول إىل‬ ‫وسيلة فائقة لنقل ش‬ ‫الب�‪ ،‬بل الستحداث وسائل لنقل‬ ‫معلومات مشفرة ال يمكن كشفها‪ ،‬أو إيجاد شبكة‬ ‫إن�نت كمية فائقة الرسعة أ‬ ‫ت‬ ‫والمان‪.‬‬ ‫ّ‬

‫المسألة ف ي� حجم المعلومات‬

‫وحيث إنه ال يوجد ما يعيق الفكرة نظرياً‪ ،‬ما الذي‬ ‫يمنع استخالص معلومات الكائن الحي‪ ،‬ت‬ ‫ح� أصغر‬ ‫ذرة من الذرات المكونة لخالياه بما تحويه من‬ ‫إنزيمات وتفاعالت وترتيبها الدقيق‪ ،‬ومن ثم إرسالها‪،‬‬ ‫ين‬ ‫مستغل� ظاهرة التشابك الكمي هذه‪ ،‬ومن ثم إعادة‬ ‫أ‬ ‫تركيب الكائن عىل الجهة الخرى المقابلة؟‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫أول المعوقات التقنية متعلق بكمية البيانات ي‬ ‫لنص َف كائناً إنسانياً بدقة‪ .‬إذ إن متوسط‬ ‫نحتاجها ِ‬ ‫ت‬ ‫ال� يحتويها جسم إنسان يزن ‪70‬‬ ‫عدد الذرات ي‬ ‫كيلوجراماً‪ ،‬هو ش‬ ‫قدرنا‬ ‫ع�ة مرفوعة إىل القوة ‪ .27‬ولو ّ‬ ‫ت‬ ‫لتشف�‬ ‫مائ� ِب ْت (‪)bit‬‬ ‫ي‬ ‫أن كل ذرة منها تحتاج إىل ي‬ ‫معلوماتها الكاملة ‪-‬وهذا تقدير بالغ المرونة‪ -‬فإن‬ ‫ت‬ ‫ال� ال بد من تسجيلها وإرسالها‬ ‫كمية المعلومات ي‬ ‫ت‬ ‫مائ� ألف يوتابايت‬ ‫إلعادة بناء هذا إ‬ ‫النسان هي ي‬ ‫(‪- )Yottabyte‬اليوتابايت الواحد يساوي تريليون‬ ‫يت�ابايت‪ ،‬أو ألف تريليون جيجابايت‪ .-‬وهذا الرقم‬ ‫المريع يمثل كمية بيانات هي أضعاف أضعاف كمية‬ ‫ت‬ ‫النسان منذ بدء الحضارة إىل‬ ‫ال� أنتجها إ‬ ‫البيانات ي‬ ‫ف‬ ‫يومنا هذا‪ ،‬وال نستطيع حالياً ت‬ ‫التفك� ي� طريقة‬ ‫ح�‬ ‫ي‬ ‫لتخزينها ناهيك عن إرسالها وبرسعة!‬

‫وعوائق أخرى‬

‫أك� مما سبق‪ .‬فمن ناحية‬ ‫لكن هناك عائقاً جوهرياً ب‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫المبدأ‪ ،‬لو اعتقدنا بإمكانية حصول االنتقال ال ي�‪،‬‬ ‫فإننا بذلك نكون قد سلّمنا بأن الكائن الحي ما هو‬ ‫ت‬ ‫ال� يكفل وجودها ف ي�‬ ‫إال خليط من المواد الكيميائية ي‬ ‫بيئة مناسبة تب�تيب ي ن‬ ‫مع� إيجاد الحياة واستمراريتها‪،‬‬ ‫وأن الوعي والذاكرة والتجارب ماهي إال نتيجة‬ ‫طبيعية حتمية لهذه المواد‪ ،‬وهذا ما يتعارض مع‬ ‫تدم� النسخة‬ ‫ثوابت دينية‪ .‬أضف إىل ذلك أن عملية ي‬ ‫أ‬ ‫الصلية من الكائن الحي تستدعي إعادة النظر �ف‬ ‫ي‬ ‫معاي� أخالقية كذلك‪ .‬فمثالً؛ ماذا ن‬ ‫يع� أن تدمر‬ ‫ي‬ ‫النسخة أ‬ ‫الصلية لكائن حي؟ هل هي يإنهاء لحياته �ف‬ ‫ي‬ ‫مكان وإعادة بثها ف ي� مكان آخر؟ ف ي� بعض الروايات‬ ‫العلمية‪ ،‬فإن االنتقال آ‬ ‫ال ن ي� يتضمن فقط إيجاد نسخة‬ ‫جديدة من الكائن مع البقاء عىل أ‬ ‫الصل‪ ،‬تماماً مثل‬ ‫إ‬ ‫ً‬ ‫الفاكسميل‪ .‬وهنا أيضا بت�ز‬ ‫عملية إرسال رسالة بع�‬ ‫ي‬ ‫أسئلة أخالقية‪ :‬هل النسخة الجديدة هي نسخة من‬ ‫ف‬ ‫محرفة‬ ‫إنسان أ متو�؟ هل هي نسخة أصلية أم صماء ّ‬ ‫عن الصل؟‪.‬‬ ‫كث�اً من العلماء يجزم بأن‬ ‫هذه المعوقات جعلت ي‬ ‫استخدام تقنية كهذه ف ي� نقل الكائنات الحية سيظل‬ ‫النسان‬ ‫مقصوراً عىل روايات الخيال العلمي‪ .‬فتمكن إ‬ ‫من‬ ‫تسخ� تقنية كهذه يقت�ض ي تمكنه من كشف رس‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫والمع�‬ ‫الحياة‪ ،‬والموت‪ ،‬والوعي‪ ،‬والمادة‪ ،‬والزمن‪،‬‬ ‫أ‬ ‫النسان إنساناً‪ ،‬وهذا ما لن تحيط‬ ‫الحقيقي لن يكون إ‬ ‫به معارفنا أبداً‪.‬‬

‫ف‬ ‫الغريقي روه ( ) لما‬ ‫ي� الرياضيات‪ ،‬يرمز الحرف إ‬ ‫يعرف بالعدد الف�ض ي ‪ ،‬وهو ما يدفعنا الستحضار‬ ‫العدد‬ ‫الذه� أو النسبة الذهبية فاي (‪)ø‬‬ ‫بي‬ ‫قدمناها ف‬ ‫ت‬ ‫تع�‬ ‫كقيمة‬ ‫اير‬ ‫يناير‪-‬ف�‬ ‫عدد‬ ‫�‬ ‫وال�‬ ‫ب‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫معاي� الجمال ي� أتم قياساتها كما يعتقد‬ ‫عن ي‬ ‫ب� أ‬ ‫الرياضيون‪ .‬وكنا ذكرنا أن النسبة ‪ ø‬ي ن‬ ‫البعاد‬ ‫موجودة ف ي� مظاهر الخلق الجميلة من حولنا ف ي�‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫و� كل أمثلة التناسق‬ ‫مملك� النبات والحيوان ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� أبدعها الفنانون والمهندسون فيما بعد‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫مستوح� من المثلة الطبيعية المتقنة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫النسبة متعلقة بمقاييس الجمال كذلك‪ ،‬لكن‬ ‫ين‬ ‫الرياضي� يضعونها ف ي� مرتبة أقل من ‪ .ø‬لذا كانت‬ ‫التسمية بـ «الفضية»‪ ..‬لكونه يعد أقل مقاماً �ف‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الرياضيا� من القيمة الذهبية!‬ ‫معيار الجمال‬ ‫ي‬ ‫بلغة أ‬ ‫الرقام‪ ،‬فإن هذا الثابت يمثل القيمة‬ ‫ين‬ ‫القيمت�‬ ‫العددية الناتجة عن جمع‬ ‫وتساوي تقريباً ‪ .2,414‬وهو كذلك يمثل الحل‬ ‫التقري� أ‬ ‫للحجية التالية‪:‬‬ ‫بي‬

‫لكن أهمية هذا الثابت لم تصنعها أ‬ ‫الحاجي وال‬ ‫أ‬ ‫اللغاز‪ .‬فالدافع الذي جعل علماء الرياضيات‬ ‫أ‬ ‫يطرحون هذه السئلة ث‬ ‫ويع�ون عىل إجاباتها منذ‬ ‫ف‬ ‫قرون لم يكن محض التسلية‪ ،‬بل الرغبة ي� فهم‬ ‫ف‬ ‫تفس� رقمي لكل الموجودات‬ ‫و� إيجاد ي‬ ‫العالم ي‬ ‫ف‬ ‫معاي� خلق وتصنيع‬ ‫من حولهم‪ .‬بما ي� ذلك ي‬ ‫الموجودات‪ .‬ولنفهم كيف تم اعتبار النسبة‬ ‫معاي� الجمال سنذكر أن ورق‬ ‫الفضية أحد ي‬ ‫الطباعة ذي القياس المعياري المعروف بـ ‪A4‬‬ ‫يتبع النسبة (واحد إىل الجذر ت‬ ‫ال�بيعي ي ن‬ ‫الثن�)‪.‬‬ ‫أك� مساحة مربعة من هذه الورقة‬ ‫وإزالة ب‬ ‫سيبقينا مع مساحة مستطيلة أبعادها موافقة‬ ‫ال�اتبية ف� ت‬ ‫كذلك للنسبة الفضية‪ .‬هذه ت‬ ‫ال�كيب‬ ‫ي‬ ‫والمسافات لها أهمية بك�ى عند وضع التصاميم‬ ‫والنشائية ي ز‬ ‫المم�ة‪ .‬وهي تصاميم ترتاح‬ ‫الهندسية إ‬ ‫ف‬ ‫لها أعيننا ومكامن النظام ي� إدراكنا وإن لم ندرك‬ ‫دقائقها العلمية والرياضية‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪35 | 34‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫منتج‬

‫السحابة‬ ‫ت‬ ‫ال� نحن بصددها ليست‬ ‫السحابة ي‬ ‫«منتجاً» بقدر ما هي «خدمة»‪ ،‬أو‬ ‫ُ‬ ‫منصة لتقديم الخدمات‪ .‬لكن هذه‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫المنصة تعيد تعريف الكيفية ي‬ ‫وتروج بها منتجات أخرى ال‬ ‫تسوق ّ‬ ‫ّ‬ ‫حرص لها‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� نتكلم عنها هنا هي‬ ‫السحابة ي‬ ‫سحابة حاسوبية‪ ،‬فيما يعرف بتقنية‬ ‫«الحوسبة السحابية» (‪Cloud‬‬ ‫ت‬ ‫ال� تستخدم هذا‬ ‫‪ )Computing‬ي‬ ‫ق‬ ‫الفو� «السحابة»‬ ‫الوصف المجازي‬ ‫ي‬ ‫تز‬ ‫لتخ�ل عالماً من الخدمة الكمبيوترية‬ ‫ف‬ ‫الموجود «هناك»‪ ..‬طافياً ي� «مكان‬ ‫ما»‪ .‬ال تعرفه أنت كمستخدم وال‬ ‫يعنيك أن تعرفه طالما يوفر ما‬ ‫تطلبه‪ ..‬سواء أكان طلبك متعلقاً باالتصال الرسيع‬ ‫بال تن�نت‪ ،‬أم الحصول عىل مساحات تخزين‬ ‫إ‬ ‫مضاعفة‪ ،‬أم قدرة معالجة خارقة ال يقدر عليها‬ ‫الشخص وتتجاوز قدرتك المادية‪.‬‬ ‫حاسوبك‬ ‫ي‬ ‫الحاسو�‪ ،‬باتت‬ ‫بالغيث‬ ‫المحملة‬ ‫السحابة‬ ‫هذه‬ ‫بي‬ ‫لكث� من مستخدمي أجهزة‬ ‫معروفة بالنسبة ي‬ ‫وبرمجيات أبل وأمازون ومايكروسوفت ودروب‪-‬‬ ‫ال ي ز‬ ‫نجل�ي (كالود) دارجاً‪ ،‬ويكاد‬ ‫بوكس‪ ..‬وصار اللفظ إ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫يعرب لفرط اعتماد ش‬ ‫المستخدم� عىل‬ ‫مالي�‬ ‫ي‬ ‫ع�ات ي‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ال�مجية واستعادتها‪،‬‬ ‫هذه التقنية ي� تخزين المواد ب‬ ‫عىل الرغم من أن أياً من تلك ش‬ ‫الك�ى ال‬ ‫ال�كات ب‬ ‫يدعي سبق االعتماد عىل السحابة ذات التاريخ‬ ‫القديم آ‬ ‫والفاق الواعدة‪.‬‬

‫الغيمة أ‬ ‫الوىل‬

‫الفكرة أ‬ ‫الساس للحوسبة السحابية ظهرت‪ ،‬قبل‬ ‫«الطارات الرئيسة» أو‬ ‫التسمية‪ ،‬أيام ما يعرف بـ إ‬ ‫ال� ُوجدت قبل أك�ث‬ ‫ت‬ ‫الحواسيب المركزية ب‬ ‫الك�ى ي‬ ‫من نصف قرن‪ .‬وقتها‪ ،‬كان المستخدم يتعامل‬ ‫ت ن‬ ‫و�»‬ ‫بواسطة لوحة مفاتيح وشاشة‪ -‬مع «عقل إلك� ي‬‫موجود ف ي� مكان آخر‪ .‬هذه الصيغة من الشبكات‬ ‫المحدودة المدى‪ ،‬ومن مشاركة الموارد الخاصة‬ ‫بالمعالجة والتخزين‪ ،‬اختفت مع ازدهار «الحواسيب‬ ‫الشخصية» حيث بات لكل مستخدم حاسوبه‬ ‫الخاص بقرصه الصلب الخاص بمعالجه الخاص‬

‫والمستقل عن أي حاسوب أو أي مستخدم آخر‪.‬‬ ‫لكن مع انتعاش الشبكات مجدداً وتمددها بفضل‬ ‫الحاسو�‬ ‫ال تن�نت وبفضل وتطور تقنيات االتصال‬ ‫إ‬ ‫بي‬ ‫ف ي� التسعينيات‪ ،‬عادت الحاجة الستعارة مفهوم‬ ‫السحابة بكل ما يرمز له من مرونة وعلو‪ .‬بكالم آخر‪،‬‬ ‫صارت هناك حاجة ت ز‬ ‫م�ايدة ألساليب مبتكرة ورسيعة‬ ‫الستغالل أمثل للموارد الحاسوبية بع� الشبكات‬ ‫العابرة للقارات‪ ،‬خاصة مع نمو الحاجة لمزيد من‬ ‫مساحات التخزين‪ ،‬ومزيد من رسعات االتصال‬ ‫والمعالجة‪ .‬وهذه كلها أهداف لتقنيات الحوسبة‬ ‫السحابية‪.‬‬ ‫تقوم فكرة الحوسبة السحابية عىل مشاركة الموارد‬ ‫ألجل تحقيق استغالل أفضل اقتصادياً‪ ،‬أو لتفادي‬ ‫هدرها بكالم آخر‪ .‬وهو نمط مشابه لما يحصل‬ ‫ئ‬ ‫الكهربا�‪ ،‬حيث يتم توليد كمية‬ ‫مع شبكات الربط‬ ‫ي‬ ‫معينة ومن ثم‬ ‫مركزية‬ ‫محطات‬ ‫من الكهرباء ف ي�‬ ‫َّ‬ ‫توزيعها واستغالل تفاوت ساعات الذروة ي ن‬ ‫ب� مناطق‬ ‫أ‬ ‫توف� خدمة كهربية أفضل‪.‬‬ ‫االستهالك لجل ي‬ ‫بالمثل‪ ،‬يتم توجيه خدمات السحابة الحاسوبية‬ ‫عىل نحو ديناميك لخدمة المستفيدين بع� ت‬ ‫ضف�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الطلس ‪-‬مثالً‪ -‬خالل ساعات عمل ش‬ ‫ال�ق فيما‬ ‫ي‬ ‫الغرب نائم‪ ،‬والعكس بالعكس صحيح‪.‬‬

‫تط�‬ ‫أثقل من أن ي‬

‫ثمة من يعتقد بأن مفهوم السحابة قد ينوء بحمل‬ ‫ت‬ ‫ال� ننتجها اليوم‪.‬‬ ‫الكميات المهولة من البيانات ي‬

‫فكل إنتاج ش‬ ‫ّ‬ ‫الب�ية الرقمي يُنسخ بشكل‬ ‫أو بآخر داخل الخوادم والحواسيب‬ ‫ت‬ ‫ال� يصل‬ ‫المكونة لجسد السحابة‪ ،‬ي‬ ‫ين‬ ‫للمالي� وتملكها ش�كات‬ ‫تعدادها‬ ‫بعضها معروف لنا جيداً‪ ،‬مثل أبل‬ ‫وغوغل وأمازون‪ ،‬وبعضها مجهول‬ ‫لكنه يعمل وراء الكواليس شئنا أم‬ ‫أبينا‪.‬‬ ‫ولو فكرنا عىل نطاق محصور للغاية‪،‬‬ ‫فإننا كأفراد‪ ،‬ومن خالل هواتفنا‬ ‫الذكية فقط‪ ،‬نتداول كمية مذهلة من‬ ‫البيانات ف ي� كل دقيقة‪ .‬أين تخزن هذه‬ ‫البيانات؟ وكيف تستعاد؟ وما القوة‬ ‫والفادة منها‬ ‫الحاسبية الالزمة لتحليلها إ‬ ‫واستغالل ذلك ف ي� التسويق والدعاية‬ ‫وتطوير مزيد من المنتجات؟ كل هذه أسئلة إجاباتها‬ ‫مكنونة ي ن‬ ‫ب� حنايا السحابة وما تخفيه‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ح� ش‬ ‫ال�كات ومؤسسات العمال يغ� المختصة‬ ‫أ‬ ‫بالتقنية باتت تفضل حل السحابة لنه يكفيها مؤونة‬ ‫ش�اء أجهزة جديدة وصيانتها وحمايتها من ت‬ ‫االخ�اق‪.‬‬ ‫ال�يد إ ت ن‬ ‫و�‪ ،‬ونظم الموارد‬ ‫ومؤونة إدارة نظم ب‬ ‫اللك� ي‬ ‫ش‬ ‫الب�ية‪ ،‬ونظم خزن ومشاركة الوثائق‪ .‬السحابة باتت‬ ‫نز‬ ‫بم�لة تفويض آخرين ليكونوا هم بنيتك الحاسوبية‬ ‫التحتية‪.‬‬ ‫لكن ماذا عن الخصوصية؟ وماذا سيحل بذكرياتنا‬ ‫الحميمة لو أفلس مشغل السحابة‪ ،‬أو انهارت‬ ‫ن‬ ‫تق� ما؟ ماذا عن المعلومات‬ ‫سحابته لسبب ي‬ ‫الحساسة الخاصة بالمستشفيات والمصارف وأجهزة‬ ‫الدولة؟ هل يكفي أن نعرف أن هناك سحابات‬ ‫عمومية وأخرى خصوصية ك ئ ن‬ ‫نطم� ونتعذر بوجود‬ ‫ي‬ ‫حلول تقنية وهيكلية تتناسب وحساسية المعلومات‬ ‫المحلقة ف ي� السحاب؟‬ ‫بحوال ‪200‬‬ ‫قدر سوق الحوسبة السحابية‬ ‫اليوم يُ ّ‬ ‫ي‬ ‫كث� من تلك‬ ‫مليار دوالر‪ .‬وهو رقم كفيل بحجب ي‬ ‫ئن‬ ‫التساؤالت القلقة إىل ي ن‬ ‫المطم� ‪-‬نوعاً ما‪ -‬ف ي�‬ ‫ح�‪ .‬لكن‬ ‫السحا� هو كون تلك التساؤالت ثابتة وباقية‬ ‫الشأن‬ ‫بي‬ ‫ت‬ ‫ال� نتعامل مع القيمة الرقمية‬ ‫مهما اختلفت التقنية ي‬ ‫من خاللها‪ .‬تبقى السحابة اليوم ت‬ ‫اس�اتيجية إدارية‬ ‫ومنتجاً مواكباً تماماً لهذا االنفجار‬ ‫وتسويقية فاعلة ُ‬ ‫ال تن�نت‪.‬‬ ‫العظيم الذي تعيشه مجرة إ‬


‫المهندس أمجد قاسم‬

‫حتى آخر قطرة ‪...‬‬

‫ِّ‬ ‫متقدمة لتعزيز استخراج‬ ‫تقنيات‬ ‫النفط من باطن األرض‬

‫طاقة‬

‫منذ بدايات القرن الماضي‪ ،‬وإلى يومنا هذا‪،‬‬ ‫كان للمشتقات النفطية دور مهم وحيوي‬ ‫في التطور الحضاري والتقني الذي حققه‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وهذه الثروة المهمة التي حظيت‬ ‫منطقتنا العربية بنصيب وافر منها‪َّ ،‬‬ ‫شكل‬ ‫استثمارها واستخراجها بطريقة مثلى أحد‬ ‫التحديات التي تواجه مستقبل صناعة النفط‪.‬‬ ‫ويقول الخبراء إنه تحت أفضل الظروف‬ ‫التشغيلية التقليدية‪ ،‬ال يمكن استخراج أكثر‬ ‫من خمسين بالمائة من النفط الموجود‬ ‫في أي مكمن‪ ،‬وهذه الكميات التي يتم‬ ‫استخراجها تكون موجودة في مناطق‬ ‫المكامن‪ ،‬في حين تبقى كميات هائلة من‬ ‫النفط ما بين الصخور‪ ،‬بعضها على شكل نفط‬ ‫ً‬ ‫ثقيل َّ‬ ‫عالميا بحوالي ثالثة‬ ‫تقدر احتياطاتها‬ ‫تريليونات برميل‪ ،‬ويصعب استخراجها حتى‬ ‫باستخدام الحقن المائي أو الحقن الغازي‪.‬‬ ‫من هنا تبرز أهمية استخدام طرق مبتكرة‬ ‫ً‬ ‫وخصوصا من‬ ‫وحديثة لتعزيز إنتاجية النفط‪،‬‬ ‫اآلبار الناضبة‪ ،‬ومن تلك الطرق‪ ،‬استخدام‬ ‫بعض المعالجات الحرارية والكيميائية‬ ‫والبيولوجية‪ ،‬لرفع معدالت استخراج البترول‪،‬‬ ‫وزيادة عمر آبار النفط لعقود قادمة قد تتجاوز‬ ‫القرن الحادي والعشرين‪.‬‬


‫‪37 | 36‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫توقعات مبالغة ف ي�‬ ‫فالتشاؤم‬

‫إن الحدود القصوى إلنتاج النفط‪ ،‬قضية يصعب‬ ‫تحديدها‪ ،‬إذ يتداخل ف ي� ذلك عدة عوامل‪ .‬ويُعد‬ ‫أ‬ ‫مريك «كينج هوبرت» أول من‬ ‫عالم الجيولوجيا ال ي‬ ‫وضع تصوراً بيانياً إلنتاجية حقول النفط‪ ،‬حيث‬ ‫النتاج تسلك ن‬ ‫ت‬ ‫منح� عىل شكل‬ ‫اف�ض أن عملية إ‬ ‫جرس مقلوب‪ ،‬وقد عرفت نظريته باسم «نظرية قمة‬ ‫هوبرت» (‪ ،)Hubbert Peak Theory‬وحسب هذه‬ ‫النظرية‪ ،‬فإن إنتاج ت‬ ‫الب�ول يأخذ ف ي� التصاعد بشكل‬ ‫لوغاريتمي‪ ،‬حيث يسجل أعىل معدالته ويصل إىل‬ ‫نقطة ذروة إنتاج النفط‪ ،‬ثم يتناقص بمرور الوقت‬ ‫بشكل تدريجي‪ .‬وحسبما توقعته هذه النظرية‪ ،‬فإن‬ ‫نقطة الذروة ستكون ي ن‬ ‫ب� عامي ‪1970 – 1965‬م‪،‬‬ ‫وهذا لم يحدث‪ ،‬مما اضطر صاحب النظرية‬

‫‪shutterstock / Richard Thornton‬‬

‫ي� عام ‪1899‬م اكتشف حقل‬ ‫«ك�ن ريفر» ف ي� وادي كاليفورنيا‬ ‫ي‬ ‫الخ�اء ف ي�‬ ‫بأمريكا‪ ،‬وقد توقَّع ب‬ ‫عام ‪1942‬م كمية النفط المتبقية فيه بنحو ‪54‬‬ ‫مليون برميل‪ ،‬بعد أن تم استخراج ‪ 278‬مليون‬ ‫برميل سابقاً‪ ،‬لكن ف� عام ‪1986‬م ي َّ ن‬ ‫تب� أن ما تم‬ ‫ي‬ ‫استخراجه من الحقل بلغ ‪ 736‬مليون برميل وأن ‪54‬‬ ‫مليون برميل كانت تقديرات بعيدة عن الصواب‪.‬‬ ‫ف‬ ‫خب� الطاقة‬ ‫و� عام ‪1995‬م توقَّع ي‬ ‫ومن جديد‪ ،‬ي‬ ‫ف‬ ‫«أديلمان» وجود ‪ 970‬مليون برميل ي� هذا الحقل‪،‬‬ ‫ال�كة أ‬ ‫إال أن ش‬ ‫المريكية «شيفرون» كشفت ف ي� عام‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫بليو� برميل‪،‬‬ ‫‪2007‬م عن أن إ‬ ‫النتاج ال�اكمي قد بلغ ي‬ ‫ن‬ ‫وما زالت ش‬ ‫ثمان� ألف برميل نفط‬ ‫ال�كة تستخرج ي‬ ‫يومياً‪ ،‬وأن احتياطي هذا الحقل يبلغ ‪ 627‬مليون‬ ‫ت‬ ‫ال� استثمرت هذا الحقل‬ ‫برميل‪ ،‬فوأن «شيفرون» ي‬ ‫ض‬ ‫النفطي ي� ستينيات القرن‬ ‫عززت إنتاج‬ ‫الما� قد َّ‬ ‫ي‬ ‫هذا الحقل من خالل حقن البخار فيه‪.‬‬

‫«كيرن ريفر» في وادي كاليفورنيا‬

‫إىل أن يعدل ذروة إنتاج النفط إىل عام ‪1995‬م‪،‬‬ ‫ومن جديد فشلت هذه التوقعات‪ ،‬إذ إن أعمال‬ ‫استكشاف مزيد من آبار النفط مستمرة‪ ،‬والتكنولوجيا‬ ‫تقدم تقنيات إبداعية الستخراج‬ ‫الحديثة ما زالت ِّ‬ ‫مزيد من النفط‪ ،‬ت‬ ‫الخ�اء اعتقاد بأن‬ ‫ح� بات لدى ب‬ ‫النتاج‪ ،‬هي مشكلة هالمية ال يمكن‬ ‫نقطة ذروة إ‬ ‫التنبؤ بها‪ .‬فحسب توقعات ش�كة ‪Cambridge‬‬ ‫‪ Energy Research Associates‬ف ي� عام ‪2005‬م‪،‬‬ ‫فإن إنتاج النفط ف ي� العالم سيشهد تصاعداً لعقود‬ ‫قادمة‪ ،‬ثم يقل بعدها بشكل بطيء جداً‪ ،‬وهذا‬ ‫مطابق لتوقعات صحيفة «وول ت‬ ‫س�يت جورنال»‬ ‫ي ت‬ ‫ال� بينت ف ي� عام ‪2007‬م تزايد إنتاج النفط‬ ‫الشه�ة ي‬ ‫ليصل إىل مستوى ثابت لوقت طويل دون تناقص‪.‬‬

‫مكامن النفط ف� باطن أ‬ ‫الرض‬ ‫ي‬

‫كب� من الناس‪ ،‬أن‬ ‫يسود اعتقاد خطأ لدى عدد ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫بح�ات أو‬ ‫النفط يوجد ي� باطن الرض عىل شكل ي‬ ‫ف‬ ‫أن النفط الذي تشكل‬ ‫أنهار أو ي� كهوف ي‬ ‫كب�ة‪ ،‬إال َّ‬ ‫من مواد عضوية تم احتجازها ف� باطن أ‬ ‫الرض‬ ‫ي‬

‫قمة إنتاج النفط‬

‫نظرية قمة هوبرت ‪Hubbert Peak Theory‬‬

‫كب� وحرارة عالية تحولت خالله‬ ‫وتعرض لضغط ي‬ ‫ت‬ ‫تلك المواد العضوية من مركبات معقَّدة ال�كيب‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ال� تشبه‬ ‫إىل مواد أبسط هي الهيدروكربونات ي‬ ‫«الك� ي ن‬ ‫وج�»‪ .‬توجد هذه المواد‬ ‫إ‬ ‫وتسمى ي‬ ‫السفلت َّ‬ ‫عىل شكل قطرات ي ن‬ ‫ب� المسامات والشقوق الدقيقة‬ ‫وحبيبات الرمل‪ ،‬تماماً كما يتسلل الماء ف ي� حجر‬ ‫الخفان‪ .‬وعند استمرار التفاعالت البيولوجية‪ ،‬فإن‬ ‫تتحول إىل مواد بسيطة ت‬ ‫الك� ي ن‬ ‫ال�كيب‪،‬‬ ‫مادة ي‬ ‫وج� َّ‬ ‫هي ت‬ ‫الب�ول السائل الخفيف‪.‬‬ ‫ت‬ ‫تعرضت لها المواد‬ ‫ال� َّ‬ ‫إن التفاعالت البيولوجية ي‬ ‫العضوية خالل آالف السنوات‪ ،‬قد حددت‬ ‫جودة النفط‪ .‬إذ تؤثر الحرارة والضغط العاليان‬ ‫ت‬ ‫تتعرض لها المواد‬ ‫ال� َّ‬ ‫عىل التحوالت الكيميائية ي‬ ‫ن‬ ‫تتغ� عىل مر‬ ‫وج� ي‬ ‫الك� ي‬ ‫الهيدروكربونية‪ ،‬فمادة ي‬ ‫فيتحول ت‬ ‫الب�ول الثقيل إىل نفط أخف أو‬ ‫العصور‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ت‬ ‫إىل غاز طبيعي‪ ،‬كما قد تهاجر تلك المواد الب�ولية‬ ‫من مكان إىل آخر‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫تتكون‬ ‫و� العادة‪ ،‬يوجد النفط ي� أحواض ترسيبية‪َّ ،‬‬ ‫ي‬ ‫الرمل عىل شكل قبة‪ ،‬وتدعى بـ «المصائد‬ ‫ف ي� الحجر‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الب�ولية» (‪ )Oil Traps‬حيث يوجد النفط الذي‬ ‫يطفو عىل الماء‪ ،‬ويعلوه الغاز الطبيعي‪ .‬وهذه‬ ‫المكونات تكون تحت ضغط مرتفع‪ ،‬وعند تحرير‬ ‫النفط من محبسه بسبب عملية الحفر‪ ،‬يندفع‬ ‫الداخل المرتفع إىل سطح‬ ‫النفط بفعل الضغط‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫والط� والماء‪ ،‬ويستمر‬ ‫الرض تم�افقاً مع الحجارة‬ ‫هذا االندفاع ت‬ ‫ح� ش‬ ‫يتال� هذا الضغط‪ ،‬وبذلك‬ ‫يتم الحصول عىل نحو ‪ %20‬من النفط الموجود‬ ‫ف� الحقل‪ ،‬وتسمى هذه الطريقة بالطريقة أ‬ ‫الولية‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫الستخراج النفط‪ ،‬أو الطريقة الذاتية‪ .‬حيث يكون‬ ‫تدفق النفط طبيعياً بفعل ضغط الغاز الذي يدفع‬ ‫الزيت من ئ‬ ‫وجة النفط دوراً مهماً‬ ‫الب�‪ .‬كما تلعب ل ُ​ُز َ‬ ‫ف ي� كمية الزيت الذي يمكن استخراجه‪ ،‬إذ كلما قلَّت‬ ‫اللزوجة زاد معدل االستخراج‪.‬‬


‫استخدمت طريقة الحقن‬ ‫المائي منذ زمن بعيد‪ ،‬من‬ ‫أجل زيادة الضغط داخل البئر‪..‬‬ ‫وتؤدي هذه العملية إلى تدفق‬ ‫ً‬ ‫محتويا على‬ ‫النفط من البئر‬ ‫مياه الحقن‪ ،‬وكذلك المياه‬ ‫المصاحبة للنفط‪ ،‬ويتم فصل‬ ‫تلك المياه عن الزيت بواسطة‬ ‫مرشحات خاصة‪..‬‬

‫تقنيات تقليدية الستخراج النفط‬

‫بعد أن تقل كمية النفط المستخرجة من ئ‬ ‫الب�‪ ،‬يتم‬ ‫اللجوء إىل «الطريقة الثانوية» (‪Secondary Oil‬‬ ‫ت‬ ‫ال� تهدف إىل زيادة الضغط‬ ‫‪ )Extraction Methods‬ي‬ ‫داخل ئ‬ ‫الب�‪ ،‬حيث يتم حقن الماء أو الغاز الطبيعي‬ ‫أو بعض الغازات الثانوية الناتجة من ئ‬ ‫الب� خالل‬ ‫ن‬ ‫ثا� أكسيد الكربون أو‬ ‫عملية الحفر‪ ،‬أو يتم حقن غاز ي‬ ‫الهواء داخل ئ‬ ‫الب�‪ ،‬مما يؤدي إىل دفع مزيد من الزيت‬ ‫إىل أ‬ ‫العىل‪.‬‬ ‫ئ‬ ‫الما� منذ زمن‬ ‫لقد استخدمت طريقة الحقن ي‬ ‫بعيد‪ ،‬من أجل زيادة الضغط داخل ئ‬ ‫الب�‪ .‬وتؤدي‬ ‫عملية الحقن إىل تدفق النفط من ئ‬ ‫الب� محتوياً‬ ‫عىل مياه الحقن‪ ،‬وكذلك المياه المصاحبة للنفط‪،‬‬ ‫حيث يتم فصل تلك المياه عن الزيت بواسطة‬

‫‪1‬‬

‫المياه‬

‫رمل‬

‫أ‬ ‫وبالضافة إىل فائدتها ف ي� تعزيز الضغط‬ ‫المريكية‪ .‬إ‬ ‫ف‬ ‫الداخل � ئ‬ ‫الب�‪ ،‬فإنها أيضاً تساعد عىل التخلص‬ ‫ي ي‬ ‫من غاز ن‬ ‫ثا� أكسيد الكربون الملوث للبيئة والمتهم‬ ‫ي‬ ‫الرئيس بظاهرة االحتباس الحراري‪.‬‬

‫مرشحات خاصة‪ .‬كما يتم التخلص من حبيبات‬ ‫الرمل والرواسب المختلفة‪ .‬كما يتم تخليص المياه‬ ‫من أ‬ ‫ين‬ ‫وكسج� من أجل منع نمو بعض الميكروبات‬ ‫ال‬ ‫ئ ت‬ ‫تكون غاز بك�يتيد‬ ‫ال� ينجم عنها ُّ‬ ‫داخل الب� ي‬ ‫ين‬ ‫الهيدروج� السام الذي يغلق مسامات الصخور‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫وكسج� ي� المياه عىل زيادة تآكل‬ ‫كما يعمل ال‬ ‫ف‬ ‫النتاج‪.‬‬ ‫المعدات المعدنية المستخدمة ي� عملية إ‬ ‫الخ�اء ف ي� مجال استخراج‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬قد يلجأ ب‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ثا� أكسيد الكربون ي� آبار‬ ‫النفط إىل استخدام غاز ي‬ ‫النفط من أجل استعادة الضغط ف ي� داخل الحوض‪،‬‬ ‫عال جداً‪ ،‬ويتم‬ ‫حيث يضخ هذا الغاز بضغط ٍ‬ ‫الحصول عليه من محطات توليد الطاقة الكهربائية‬ ‫أو من محطات معالجة الغاز الطبيعي‪ ،‬وهذه‬ ‫الطريقة متبعة عىل نطاق واسع ف ي� الواليات المتحدة‬

‫‪2‬‬

‫كب�ة‬ ‫وشهدت صناعة استخراج النفط تطورات ي‬ ‫الخ�ة‪ ،‬ومنها اعتماد طريقة حفر آ‬ ‫أ‬ ‫ف آ‬ ‫البار‬ ‫ي� الونة ي‬ ‫أك� من النفط تفوق‬ ‫بشكل أفقي إلنتاج كميات ب‬ ‫إن‬ ‫ما تنتجه طريقة الحفر‬ ‫الشاقول التقليدية‪ .‬إذ َّ‬ ‫ي‬ ‫البار أ‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫القائم� عىل استخراج النفط من‬ ‫الفقية تمكِّن‬ ‫ي‬ ‫النفاذ إىل قطاعات ف ي� الحوض ال يمكن الوصول إليها‬ ‫بالطريقة التقليدية‪ .‬كذلك تطورت أعمال تصوير‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� ي ِّ ن‬ ‫تب� بشكل دقيق‬ ‫باطن الرض ثالثية البعاد ي‬ ‫البنية الداخلية للحقل وأفضل أماكن الحفر‪.‬‬

‫المرحلة الثالثة ومزيد‬ ‫تقنيات‬ ‫أ‬ ‫من الذهب السود‬

‫ي ِّ ن‬ ‫تب� الدراسات الجيولوجية أن مرحلة االستخراج‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫مجتمعت�‪ ،‬تؤديان إىل استخراج‬ ‫الوىل والثانية‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫طور‬ ‫نحو ‪ %50‬من النفط ي� الحقل‪ ،‬ومن هنا فقد َّ‬ ‫الخ�اء تقنيات خاصة تعرف باسم طرق المرحلة‬ ‫ب‬ ‫الثالثة (‪ )Tertiary Oil Recovery Methods‬وذلك‬ ‫الستخراج أك� قدر ممكن من النفط من آ‬ ‫البار‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ف‬ ‫باالعتماد عىل تقليل لزوجة النفط المتبقي ي� باطن‬ ‫أ‬ ‫الرض‪.‬‬ ‫ين‬ ‫لتسخ� الزيت‬ ‫ومن تلك الطرق‪ ،‬استخدام الحرارة‬ ‫وجعله قليل اللزوجة‪ ،‬بواسطة حقن بخار ساخن �ف‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫مطبقة بشكل واسع ف ي� حقل‬ ‫الب�‪ .‬وهذه العملية َّ‬

‫المياه قليلة الملوحة‬

‫‪3‬‬

‫النفط الخام‬

‫التصاق النفط بالرمال‬ ‫حقن الماء ‪Secondary Oil Extraction Methods‬‬

‫إدخال المياه قليلة الملوحة‬

‫خروج النفط‬


‫‪39 | 38‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫يوجد النفط في أحواض‬ ‫َّ‬ ‫تتكون في الحجر‬ ‫ترسيبية‪،‬‬ ‫الرملي على شكل قبة‪ ،‬حيث‬ ‫يوجد النفط الذي يطفو على‬ ‫الماء‪ ،‬ويعلوه الغاز الطبيعي‪..‬‬

‫«ك�ن ريفر» النفطي ف ي� كاليفورنيا‪ .‬كما يمكن أن يتم‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫التسخ� عن طريق حرق جزء من الزيت المستخرج‬ ‫لتسخ� الزيت الموجود ف� ئ‬ ‫ين‬ ‫الب�‪ .‬ويرافق هذه‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫العملية ضخ للهواء من أجل تغذية االح�اق‪ ،‬وتعمل‬ ‫ن‬ ‫ثا� أكسيد الكربون وحرارة‬ ‫ي‬ ‫الن�ان عىل تكوين غاز ي‬ ‫عالية‪ ،‬وهذا يؤدي إىل تقليل لزوجة النفط وتحطيم‬ ‫ن‬ ‫ثا�‬ ‫الكب�ة والثقيلة‪ .‬إ‬ ‫الجزيئات ي‬ ‫بالضافة إىل أن غاز ي‬ ‫أكسيد الكربون يعمل عىل دفع النفط من مكمنه‪،‬‬ ‫ويمكن السيطرة عىل عملية ت‬ ‫االح�اق من خالل‬ ‫ف‬ ‫ئ‬ ‫التحكم بالهواء الذي يتم ضخه ي� الب�‪.‬‬ ‫إن استخدام البخار لتعزيز إنتاج النفط من آ‬ ‫البار‪،‬‬ ‫ف‬ ‫و�‬ ‫يتطلَّب استهالك كميات ي‬ ‫كب�ة من الطاقة‪ ،‬ي‬ ‫كث� من أ‬ ‫الحيان‪ ،‬يتم حرق الغاز الطبيعي لتوليد‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ئ‬ ‫البخار من أجل ضخه ي� الب� الستخالص النفط‬ ‫الثقيل‪ .‬وتؤدي عملية استخدام الغاز الطبيعي إىل‬ ‫رفع تكلفة استخراج النفط الثقيل إىل نحو ‪%60‬‬ ‫النتاجية‪ .‬وثمة ت‬ ‫اق�اح بأن يتم‬ ‫من تكلفة العملية إ‬ ‫استغالل الطاقة الشمسية لتوليد البخار‪ ،‬وخصوصاً‬ ‫كث�اً من مكامن النفط الثقيل موجودة ف ي� أماكن‬ ‫أن ي‬ ‫ف‬ ‫شمس مرتفع‪ ،‬كما ي� منطقة الخليج‬ ‫ذات سطوع‬ ‫العر� وكاليفورنيا ي ف� الواليات المتحدة أ‬ ‫المريكية‬ ‫بي‬ ‫ي‬

‫ ‬ ‫ثا أكسيد الكربون‬ ‫ ‬

‫المكمن )النفط الخام(‬

‫حقن ثاني أكسيد الكربون ‪Secondary Oil Extraction Methods‬‬

‫وحزام «أورينوكو» ف� ن ز‬ ‫ف�ويال‪.‬‬ ‫ي‬

‫مكعبة من البخار نحو دوالرين‪ ،‬وعىل الرغم من‬ ‫أهمية استغالل الطاقة الشمسية لتوليد البخار‬ ‫أن ذلك لن يكون‬ ‫الالزم لتعزيز إنتاج النفط‪ ،‬إال َّ‬ ‫كافياً بشكل كامل لالستغناء عن الغاز الطبيعي أو‬ ‫أي مصدر حراري آخر‪ .‬وذلك بسبب وجود تف�ات‬ ‫متقطعة للسطوع الشمس خالل بعض أ‬ ‫اليام‪ ،‬كما‬ ‫ي‬ ‫أن ضوء الشمس ‪-‬بطبيعة الحال‪ -‬يختفي ف ي� الليل‪.‬‬

‫لقد طبقت تقنية ت‬ ‫ال� ي ز‬ ‫ك� الحراري للطاقة الشمسية‬ ‫لتعزيز إنتاج النفط أول مرة ف� والية كاليفورنيا ال�ت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يز‬ ‫شمس جيد‪ .‬وقد بلغت‬ ‫تتم� بمستوى سطوع‬ ‫ي‬ ‫تكلفة توليد البخار بواسطة الطاقة الشمسية ‪2.8‬‬ ‫دوالر لكل مليون قدم مكعبة بوجود حوافز ض�يبية‬ ‫ف‬ ‫فتش�‬ ‫العر�‪ ،‬ي‬ ‫اتحادية‪ .‬أما ي� منطقة الخليج ب ي‬ ‫ت‬ ‫ال� ي ز‬ ‫تتم� بشدة‬ ‫الدراسات إىل أن هذه المنطقة ي‬ ‫أشعة الشمس فيها‪ ،‬ستبلغ تكلفة إنتاج مليون قدم‬

‫كذلك تم استخدام بعض المواد الكيميائية لتقليل‬ ‫لزوجة النفط الثقيل‪ ،‬وهذه المواد تعمل بطريقة‬ ‫تشبه طريقة عمل الصابون ومواد التنظيف‪ ،‬حيث‬ ‫تقلل من لزوجة النفط وتدفعه باتجاه ئب� الحفر‪،‬‬ ‫وقد طبقت هذه الطريقة بنجاح ف ي� حوض حقل‬ ‫الص� منذ تسعينيات القرن ض‬ ‫«داكينك» ف� ي ن‬ ‫الما�‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫ُحسن استخراج‬ ‫كائنات دقيقة ت ِّ‬ ‫النفط الخام‬ ‫ف‬

‫‪Saudi Aramco archive‬‬

‫وللتقنية الحيوية الميكروبية تطبيقات مهمة ي�‬ ‫ين‬ ‫تحس� وزيادة استخراج‬ ‫مجال صناعة النفط‪ .‬ومنها‬ ‫ت‬ ‫الب�ول باستخدام النشاطات الميكروبية‪ .‬وتستخدم‬ ‫ت‬ ‫ال� يتم‬ ‫ف ي� هذه التكنولوجيا بعض أنواع‬ ‫ي‬ ‫البكت�يا آ ي‬ ‫عزلها من أ‬ ‫الب�ولية ت‬ ‫الوحال ت‬ ‫الم�سبة ف ي� البار‪،‬‬ ‫ف‬ ‫حيث يتم حقنها � داخل ئ‬ ‫الب� مع بعض العنارص‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ئ‬ ‫الغذائية ال�ض ورية لها‪ ،‬ثم تُغلق بعدها الب� لف�ة‬ ‫لك يتم إعطاء‬ ‫زمنية قد تصل إىل عدة أسابيع‪،‬‬ ‫فرصة لتلك البكت�يا لتنمو وتنتج يبعض أ‬ ‫الحماض‬ ‫ي‬ ‫العضوية والغازات ومخفضات التوتر السطحي‬ ‫وبعض المذيبات العضوية‪ .‬وهذه المركبات تعمل‬


‫عندما تعجز الطرق التقليدية‬ ‫عن استخراج مزيد من النفط‬ ‫من باطن األرض‪ ،‬يكون‬ ‫للتقنيات غير التقليدية دور‬ ‫مهم في توفير مزيد منه‪..‬‬ ‫عىل تقليل لزوجة النفط الثقيل وتزيد من رسعة‬ ‫تدفقه‪ ،‬وبالتال يرتفع إنتاج ئ‬ ‫الب� النفطي‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪Saudi Aramco archive‬‬

‫إن فعالية هذه التقنية الحيوية‪ ،‬هي ف ي� قدرتها عىل‬ ‫تقليل اللزوجة العالية لبعض أنواع النفط‪ ،‬وهي‬ ‫أيضاً فعالة ف ي� تحرير كميات الزيت الملتصق بأسطح‬ ‫الصخور‪ ،‬حيث تفشل الطرق أ‬ ‫الولية والثانوية ف ي�‬ ‫استخالصها‪.‬‬ ‫لقد أسهمت أبحاث التعديل الور ث يا�‪ ،‬ف ي� استخدام‬ ‫سالالت من البكت�يا من أ‬ ‫الوحال النفطية ت‬ ‫الم�سبة‬ ‫ي‬ ‫ف� المكامن العميقة ف� باطن أ‬ ‫الرض‪ ،‬وتعديلها‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫آ ت‬ ‫ين‬ ‫ال�‬ ‫وراثياً‪،‬‬ ‫لتحس� استخراج النفط من البار في‬ ‫توقف إنتاجها‪ .‬حيث يتم إكثارها خارج ئ‬ ‫الب� ي�‬ ‫بيئة خاصة‪ ،‬ثم يتم حقنها مع المغذيات الالزمة‬ ‫لنموها‪ ،‬كما يتم توجيهها إىل الصخور قليلة‬ ‫كب�ة من النفط‬ ‫المسامية والمحتوية عىل كميات ي‬

‫الملتصق بالصخور الذي ينبغي تحريره‪ .‬وتدل‬ ‫البكت�يا قد استطاعت‬ ‫التجارب عىل أن تلك‬ ‫ي‬ ‫تخفيض لزوجة النفط عدة مرات‪.‬‬ ‫يز‬ ‫وتتم� طريقة ‪ MEOR‬بفاعليتها العالية‪ ،‬كما أنها‬ ‫بسيطة وآمنة بيئياً وتنافس الطريقة الكيميائية‬ ‫أ‬ ‫خ�ة تستلزم‬ ‫إن ال ي‬ ‫لتعزيز استخراج النفط‪ ،‬إذ َّ‬ ‫ت‬ ‫ال� قد تكون‬ ‫استخدام بعض المواد الكيميائية ي‬

‫البكترىيا ‪ +‬المغذيات‬ ‫ ‬

‫المكمن )النفط الخام(‬

‫ضغط المياه‬

‫ ‬ ‫البرىول الخام‬

‫التحلل البيولوجي‬ ‫البكترىيا‬ ‫مستقلب‬ ‫ ‬

‫النشاطات الميكروبية ‪MEOR Microbial Enhanced Oil Recovery‬‬

‫تأث�ات ُسمية‪ ،‬أو أنها تتسبب ف ي� تآكل معدات‬ ‫ذات ي‬ ‫الحفر والتنقيب وأنابيب نقل النفط الخام‪.‬‬ ‫البكت�يا عىل إنتاج مواد‬ ‫كذلك تعمل بعض سالالت‬ ‫ي‬ ‫استحالب بيولوجية ومخفضات توتر سطحي ما‬ ‫ين‬ ‫ب� الماء والزيت‪ ،‬وتساعد عىل استخالص النفط‬ ‫ن‬ ‫المحجوز يب� حبيبات الصخور الرملية‪.‬‬ ‫يشار هنا إىل أن التقنية الحيوية الميكروبية لها‬ ‫ت‬ ‫فبالضافة‬ ‫كث� من التطبيقات ف ي�‬ ‫ول‪ .‬إ‬ ‫ي‬ ‫المجال الب� ي‬ ‫ين‬ ‫تحس� وزيادة كفاءة‬ ‫إىل دورها المهم والفعال ف ي�‬ ‫استخراج النفط من باطن أ‬ ‫الرض‪ ،‬فإنها ذات أهمية‬ ‫ف ي� الكشف عن النفط والغاز الطبيعي‪ ،‬والتخلص من‬ ‫ت‬ ‫ال� قد تلوث البيئة جراء حوادث‬ ‫المواد النفطية ي‬ ‫ناقالت ت‬ ‫الب�ول وانسكاب محتوياتها أو بسبب‬ ‫حدوث ترسب للنفط الخام من أنابيب نقله‪ .‬وقد‬ ‫البكت�يا أيضاً ف ي� أعمال تفكيك‬ ‫استغلت بعض أنواع‬ ‫ي‬ ‫بالك�يت‪ .‬كما أن‬ ‫السالسل الهيدروكربونية المرتبطة ب‬ ‫من تطبيقاتها المهمة استخدام بعض أنواع الكائنات‬ ‫الدقيقة ف ي� تنظيف أنابيب نقل النفط‪ ،‬حيث يمكن‬ ‫أن تت�اكم مواد إسفلتية وشحوم ومركبات بارافينية‬ ‫تعمل عىل إغالقها وإعاقة مرور النفط فيها‪.‬‬ ‫لقد أصبح تطبيق هذه التقنيات أمراً ممكناً ومجدياً‬ ‫الكب�ة ف ي� أسعار النفط الخام‬ ‫اقتصادياً بعد القفزة ي‬ ‫عالمياً‪ .‬فعندما تعجز الطرق التقليدية عن استخراج‬ ‫مزيد من النفط من باطن أ‬ ‫الرض‪ ،‬يكون للتقنيات‬ ‫ف‬ ‫توف� المزيد منه‪.‬‬ ‫يغ� التقليدية دور مهم ي� ي‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪41 | 40‬‬

‫من المختبر‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫القص�ة‪ ،‬هي يغ� صديقة للبيئة‪،‬‬ ‫وتح ُّمليتها‬ ‫ي‬ ‫نسبياً َ‬ ‫ألنها تعمل بالليثيوم وبعض الكيميائيات السامة‪ .‬إن‬ ‫أي ت‬ ‫اخ�اق تكنولوجي بهذا الصدد سيطلق سلسلة‬ ‫تغ�ات مهمة بمجال الطاقة المتجددة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫هذا االخ�اق التكنولوجي المهم‪ ،‬توصل إليه علماء‬ ‫من «جامعة جنوب كاليفورنيا»‪ .‬فقد طوروا بطارية‬ ‫قائمة عىل المياه‪ ،‬عمادها مواد رخيصة ال تشمل‬ ‫المعادن أو أي مواد سامة وتَ َح ُّمليتها طويلة‪.‬‬

‫يقول «رسي نريان» أستاذ الكيمياء ف ي� الجامعة‬ ‫المذكورة‪ ،‬إن هذه البطارية تستمر لنحو ‪ 5000‬دورة‬ ‫يقدر بـ ‪ 15‬عاماً مقارنة مع‬ ‫تغذية‪ .‬مما يمنحها عمراً َّ‬ ‫بطارية «الليثيوم أيون»‪ ،‬المستعملة اليوم‪ ،‬ال�ت‬ ‫ي‬ ‫تتحلل عند ‪ 1000‬دورة تغذية‪ ،‬وتكلفة صناعتها ش‬ ‫ع�ة‬ ‫أضعاف‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ساس الذي قام به فريق البحث‬ ‫االخ�اق ال ي‬ ‫ن‬ ‫هو المادة المكهربة‪ .‬فمن خالل الجمع يب� نهج‬ ‫«التجربة والخطأ» وخصائص بعض «تصميمات‬ ‫الجزيئات»‪ ،‬وجدوا أن بعض المركبات العضوية‬ ‫المؤكسدة‪ ،‬وهي كينونات تحصل ف ي� الطبيعة‪،‬‬ ‫تناسب ش‬ ‫م�وعهم تماماً‪ .‬وهي موجودة بشكل أساس‬ ‫ف� بعض النباتات والفطريات والبكت�يا‪ ،‬وتساهم �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫ت‬ ‫الضو� والتنفس الخلوي وهي من الحاجات‬ ‫كيب‬ ‫ال�‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الساس للحياة‪.‬‬ ‫ويعلق «سورا براكاش» أحد علماء الفريق‪« :‬دفق‬ ‫كهذا من هذه البطاريات العضوية سيكون الحافز‬ ‫لتغي� شبكة تخزين الطاقة الكهربائية من حيث‬ ‫ي‬ ‫البساطة والتكلفة والوثوقية واالستدامة»‪.‬‬ ‫إن تصميم البطارية الجديدة مماثل لخلية الوقود‬ ‫القائم عىل تدفق أ‬ ‫الكسدة مع خز ي ن‬ ‫ان� من المواد‬ ‫المكهربة المذابة بالماء‪ .‬يتم ضخ المحلول إىل خلية‬ ‫اثن� من السوائل مع ت‬ ‫ب� ي ن‬ ‫تحتوي عىل غشاء ي ن‬ ‫الك�ود‬ ‫عىل كل جانب فتولد الطاقة‪.‬‬ ‫‪http://www.sciencenewsline.com/‬‏‬ ‫‪summary/2014062520190057.html‬‬

‫الروبوت العضوي أو البيولوجي ‪ Bio-bot‬ليس‬ ‫جديداً‪ .‬وتعتمد فكرته عىل تزويد روبوتات دقيقة ف ي�‬ ‫ت‬ ‫–سنتيم� مكعب واحد‪ -‬بخاليا عضلية يتم‬ ‫الحجم‬ ‫التحكم بنشاطها بع� نبضات كهربية ضئيلة‪ .‬إنما‬ ‫القفزة النوعية ف ي� تطوره هي لناحية مزيد من التحكم‬ ‫بوظائفه‪ .‬ويسعى الباحثون ف ي� هذا المجال لتوحد‬ ‫مبادئ الهندسة مع علم أ‬ ‫الحياء بطرق تمكنهم من‬ ‫تصميم وتطوير آ‬ ‫الالت وأنظمة عضوية الستخدامها‬ ‫ف ي� أغراض بيئية وطبية‪.‬‬ ‫الول من يوليو‪ ،‬شن� فريق من العلماء أ‬ ‫ف� أ‬ ‫ال ي ن‬ ‫مريكي�‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫ال�وفيسور (رشيد ي‬ ‫بقيادة ب‬ ‫بش�) نتيجة أبحاثهم ي‬ ‫تشكل قفزة نوعية من ناحية القدرة عىل التحكم بشكل‬ ‫أدق ف ي� وظائف هذه الروبوتات العضوية‪.‬‬ ‫رواد تصميم وبناء الروبوتات‬ ‫ي‬ ‫بش� وفريقه من َّ‬ ‫العضوية المصنوعة من هالميات مائية ثالثية‬ ‫أ‬ ‫البعاد مع خاليا حية‪ ،‬وكان بوسع تلك الروبوتات‬ ‫التحرك ذاتياً مدعومة بخاليا حية من قلوب ئف�ان‬ ‫الكب� تم ّثل ف ي� كون الخاليا‬ ‫التجارب‪ .‬لكن العيب ي‬ ‫الحية تتقلص مع الوقت وتعيق وظائف تشغيل‬ ‫وإيقاف و ترسيع حركة الروبوت عند الطلب‪ .‬يتمثل‬ ‫النجاز ف ي� المحرك الجديد الذي اكتشفه الفريق‬ ‫إ‬

‫والذي يعتمد عىل ش�يط من خاليا العضالت الهيكلية‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫النسان والقادرة‬ ‫ساس ي� جسم إ‬ ‫(وهي المحرك ال ي‬ ‫ت‬ ‫وال� تدار‬ ‫عىل تحويل الطاقة الكيميائية إىل حركية)‪ ،‬ي‬ ‫بواسطة ذبذبات كهربائية من الخارج‪ .‬وقد أعطى هذا‬ ‫ين‬ ‫الباحث� طريقة بسيطة لتحكم أفضل‬ ‫االكتشاف‬ ‫بالروبوتات العضوية‪ ،‬كما فتح الباب أمام احتماالت‬ ‫عدة لتصاميم مختلفة ف ي� المستقبل يستطيع‬ ‫المهندسون بواسطتها تخصيص الروبوت العضوي‬ ‫لتطبيقات أدق‪.‬‬ ‫بش� بالقول‪« :‬إن خاليا العضالت‬ ‫ال�وفيسور ي‬ ‫يعلق ب‬ ‫أ‬ ‫فعالة جداً؛ لنه بإمكانك تشغيلها باستخدام‬ ‫الهيكلية َّ‬ ‫إشارات من الخارج‪ .‬عىل سبيل المثال‪ :‬يمكن‬ ‫اسخدامها عند تصميم أجهزة تريدها أن تبدأ العمل‬ ‫عند استشعارها وجود مواد كيميائية أو عند تلقيها‬ ‫إشارات معينة»‪ .‬هذا العمل يمثل خطوة أوىل مهمة‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� يمكن السيطرة عليها‬ ‫ي� تطوير الالت فالحيوية ي‬ ‫أ‬ ‫وبرمجتها لتساعد ي� إيصال المركبات الدوائية لجزاء‬ ‫محددة بالجسم بع� مجرى الدم‪،‬أو كروبوتات ف ي�‬ ‫العمليات الجراحية أو ف ي� عمليات الزرع الذكية‪.‬‬ ‫‪www.sciencenewsline.com/‬‏‬ ‫‪summary/2014070117000008.html‬‬

‫بطارية رخيصة‪ ،‬نظيفة‪ ،‬قابلة‬ ‫للشحن‪ ..‬وصديقة للبيئة‬

‫أحد العوائق أ‬ ‫الساس أمام تقنيات الطاقة المتجددة‪،‬‬ ‫أو الصديقة للبيئة‪ ،‬يتمثل ف ي� محدودية مصادرها‬ ‫أ‬ ‫فاللواح الشمسية تعمل عند توفر الشمس‪،‬‬ ‫وتوربينات الريح تدور فقط عند توفر الرياح‪.‬‬ ‫والحال أن بعض عمليات التخزين للطاقة الفائضة‪،‬‬ ‫الستعمالها ف� أوقات مختلفة‪ ،‬من هذه أ‬ ‫الجهزة‬ ‫ي‬ ‫حالياً‪ ،‬يستعمل البطاريات الموجودة‪ .‬لكن هذه‬ ‫البطاريات بجانب سعتها المتدنية وتكلفتها العالية‬

‫البيوبوت‪ :‬روبوت‬ ‫صغير يتحرك‬ ‫بواسطة خاليا‬ ‫بيولوجية‬


‫ابتكار ومبتكر‬ ‫الهاتف الخليوي‬ ‫ً‬ ‫جزءا من نسيج‬ ‫سيكون‬

‫من كيبورد‬ ‫إلى سيبورد‬

‫قميصك‬

‫موصالت‬ ‫أشباه ِّ‬

‫عنرص التيللوريوم‬

‫عنرص الموليبدينيوم‬

‫تبدأ بلمسة ثم تسبح بأمواج األفق‬

‫معدن‬

‫موصالت‬ ‫أشباه ِّ‬

‫كث� منا يتذكر ماذا كان يُك َتب عىل‬ ‫ال يزال ي‬ ‫الم َخرمة المستعملة إلدخال‬ ‫البطاقات ُ‬ ‫المعلومات إىل أجهزة الحاسب المركزية‬ ‫ف� سبعينيات القرن ض‬ ‫الما� كتعليمات‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫تشوه‪.‬‬ ‫ال‬ ‫لالستعمال‪:‬‬ ‫تطو‪ ،‬ال تدور‪ ،‬ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫الخيال ف ي� أجهزة‬ ‫اليوم‪ ،‬وبعد التطور‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫الحاسب‪ ،‬يسعى الباحثون لبناء أدوات‬ ‫فيخت�ون‬ ‫تستطيع تخطي تلك العقبات‪.‬‬ ‫ب‬ ‫أنظمة ت‬ ‫إلك�ونية تعتمد عىل مواد جديدة‬ ‫تتمتع بالمرونة وكذلك إمكانية التبديل ي ن‬ ‫ب�‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫المنطقيت�‪« :‬تشغيل‪-‬إيقاف»‬ ‫الحالت�‬ ‫و«واحد‪-‬صفر» ي ن‬ ‫اللت� هما أساس اللغة‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تتفاهم بها المكونات الساس‬ ‫أالثنائية ي‬ ‫لي حاسوب‪.‬‬ ‫ثالثة ي ن‬ ‫باحث� من جامعة ستانفورد يقولون‬ ‫إنهم توصلوا إىل اكتشاف هذه المادة‪ .‬هي‬ ‫نوع من البلّور (أو الكريستال) يمكن أن‬ ‫يتشكل كورقة سماكتها بقدر ثالث ذرات‬ ‫فقط‪ .‬وتُظهر المحاكاة الحاسوبية لهذه‬ ‫الشعرية البلورية‪ ،‬أن لها قدرة رائعة لنأ‬ ‫ئ‬ ‫كهربا�‪ .‬أي يمكن ميكانيكياً‬ ‫تعمل كمفتاح‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تشكيل� من‬ ‫سحبها ودفعها ذهابا وإيابا يب�‬ ‫ي‬ ‫الذرات‪ ،‬واحدة موصلة للكهرباء وأخرى يغ�‬ ‫موصلة‪.‬‬ ‫ال ت‬ ‫لك�ونية لديها القدرة‬ ‫نظرياً‪ ،‬هذه المواد إ‬

‫عىل الحد من ن ز‬ ‫است�اف البطارية كما ف ي�‬ ‫الهواتف الذكية الحالية‪ .‬كما أن هذه المواد‪،‬‬ ‫الموفرة للطاقة‪ ،‬يمكن استعمالها ف ي� المالبس‬ ‫الذكية ‪-‬تصور أن هذا الهاتف الفائق الخفة‬ ‫يمكن أن يصبح جزءاً من نسيج قميصك‪.-‬‬ ‫ين‬ ‫المشارك�‬ ‫ويقول «كارل دويرلو» أحد‬ ‫ف ي� البحث‪ ،‬أن هذه المواد القابلة للفتح‬ ‫والغالق‪ ،‬تتشكل عندما تنحرص طبقة ذرات‬ ‫إ‬ ‫ين‬ ‫من عنرص «الموليبدينيوم» ي ن‬ ‫طبقت� من‬ ‫ب�‬ ‫ذرات عنرص «التيللوريوم»‪.‬‬ ‫هذا السندويتش الذري له خصائص مهمة‬ ‫جداً‪ ،‬فبينما إحدى تشكيالته البلورية هي‬ ‫موصلة للكهرباء‪ ،‬أ‬ ‫فالخرى يغ� موصلة‪.‬‬ ‫وتحويلها بالكامل من هذه الحالة إىل تلك‬ ‫يتم بسهولة‪.‬‬ ‫‪https://engineering.stanford.edu/‬‏‬ ‫‪news/stanford-engineers-envision‬‬‫‪electronic-switch-just-three-atoms‬‬‫‪thick‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬

‫مكونة من أصابع بالفعل‪ ،‬وإنما مما هو أشبه‬ ‫لوحة أصابع مبتكرة ليست ّ‬ ‫بال ي ز‬ ‫نجل�ية اسم‬ ‫الكاوتشوك الناعم‬ ‫بالبساط‬ ‫والمتموج‪ ،‬وقد أطلق عليها إ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫«ك بورد» (‪،)keyboard‬‬ ‫صل للوحة أصابع البيانو ي‬ ‫فيه تحوير لالسم ال ي‬ ‫«س بورد» (‪ )sea board‬أي لوحة البحر أو‬ ‫ليصبح المنتج الجديد ي‬ ‫الموج‪.‬‬ ‫وما ي ّ ز‬ ‫الس بورد هذه أنها تسمح للعازف ببدء العزف بنوتة واحدة‪،‬‬ ‫يم� ي‬ ‫ويستمر سابحاً بها بإيقاعات مختلفة مرتفعاً بحجم الصوت أو منخفضاً‬ ‫الس بورد فاتحة‬ ‫به‪ ،‬منوعاً مادة الصوت وملوناً للحن دون‬ ‫انقطاع‪ .‬وتعد ي‬ ‫آ‬ ‫ت‬ ‫تعد جامعة ي ز‬ ‫لم�ات الالت ال�اثية التقليدية وكل‬ ‫آفاق جديدة للعزف إذ ّ‬ ‫ال ت‬ ‫يز‬ ‫لك�ونية الحديثة‪.‬‬ ‫م�ات المبتكرات إ‬ ‫ويتيح البساط الموسيقي هذا للعازف‪ ،‬أن ينقر عىل النوتة المنشودة‪،‬‬ ‫فيصدر عن آ‬ ‫اللة الموسيقية صوت نقرة‪ ،‬أو أن يتابع الضغط عىل النوتة‪،‬‬ ‫ف‬ ‫فيحصل عىل صوت متصل‪ ،‬وهذا ما ال يمكن الحصول عليه ي� البيانو‪.‬‬ ‫ويمكن لهذا الصوت المتصل عىل نوتة معينة‪ ،‬أن يتصل بصوت نوتة‬ ‫أخرى‪ ،‬ينتقل إليها إصبع العازف‪ ،‬فيحصل عىل تنغيم بصوت البيانو‪،‬‬ ‫ولكن مختلف عن الصوت المتقطع الذي يصدر عن البيانو العادي‪.‬‬ ‫وبذلك تتسع آفاق التعب� الموسيقي الممكنة من هذه آ‬ ‫اللة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫إنها التقنية ف ي� خدمة الفن!‬


‫‪43 | 42‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫ماذا لو؟‬

‫توقفت‬ ‫األرض عن‬ ‫الدوران‬ ‫فجأة؟‬ ‫ُعمير طيبة‬

‫‪shutterstock‬‬

‫ف‬ ‫ش‬ ‫يم� برسعة‬ ‫تخيل أنك ي� قطار أ ي‬ ‫وأسقطت كرة ما عىل الرض‪ .‬ستقع‬ ‫َ‬ ‫الكرة رأسياً إىل أ‬ ‫السفل‪ ،‬ولن ترجع إىل الوراء كما‬ ‫أ‬ ‫يتخيل البعض‪ .‬هذا لن الكرة تتحرك أساساً‬ ‫قد َّ‬ ‫فسيط�‬ ‫برسعة القطار‪ .‬وإذا توقف القطار فجأة‬ ‫ي‬ ‫كل ما هو غ� مثبت عىل أرضية القطار إىل أ‬ ‫المام‪،‬‬ ‫ي ّ‬ ‫ف�يائياً بالقصور ت‬ ‫وهذا بسبب ما يعرف ي ز‬ ‫الذا�‬ ‫ي‬ ‫«‪.»Inertia‬‬ ‫المر نفسه سيحدث لكل ما هو عىل كوكب أ‬ ‫أ‬ ‫الرض‬ ‫إذا ما توقف عن الدوران فجأة‪ .‬الغالف الجوي‬ ‫وكل ما ليس له أساس ثابت عىل أ‬ ‫الرض سيستمر‬ ‫الرض برسعة دورانها أ‬ ‫بالدوران حول أ‬ ‫الصلية‬ ‫كب�ة بالنسبة للهواء‬ ‫‪ 1770‬كلم‪/‬ساعة‪ .‬وهذه رسعة ي‬ ‫حيث إنها تزيد عىل رسعة عبور الصوت خالله‪.‬‬ ‫مما سيسبب رياحاً شديدة القوة قد تقتلع معظم‬

‫والشجار عىل الكرة أ‬ ‫المبا� أ‬ ‫ن‬ ‫الرضية‪ .‬والمشكلة‬ ‫أ ي‬ ‫ت‬ ‫ستكون‬ ‫ال�‬ ‫ّ‬ ‫ال بك� ستكون مع مياه المحيطات ي‬ ‫ت‬ ‫أمواج (تسونامي) عظيمة ستغمر ‪ 27‬كيلوم�اً من‬ ‫اليابسة ف ي� أقل من دقيقة‪.‬‬ ‫بالنسبة ش‬ ‫للب�‪ ،‬نعلم أن حوادث السيارات برسعة‬ ‫أ‬ ‫وبالتال فإن ارتطام الجساد‬ ‫‪ 180‬كلم‪/‬ساعة قاتلة‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫الب�ية الهشة بكل الموجودات حولها برسعات‬ ‫تصل إىل ‪ 1770‬كلم‪/‬ساعة كما ذكرنا ستكون بشعة‬ ‫بشكل يفوق التصور‪ .‬وال يسعنا أن نتخيل مشهداً‬ ‫مهوال ً تتطاير وتتصادم فيه كل الموجودات تحت‬ ‫ن‬ ‫المبا� كذلك‪ ،‬مع‬ ‫السماء‪ ،‬وكل الموجودات داخل‬ ‫ي‬ ‫بعضها البعض بتلك الرسعة الرهيبة‪.‬‬ ‫لنتخيل ث‬ ‫أك�‪ ،‬قم عزيزي القارئ بهذه التجربة‪:‬‬ ‫خذ بيضة وأبرمها حول محورها‪ .‬ثم حاول إيقاف‬

‫قص�ة‪ .‬النتيجة هي أن‬ ‫البيضة للحظة رسيعة ي‬ ‫البيضة ستتوقف عن الدوران للحظة‪ ،‬ومن ثم‬ ‫ستكمل دورانها مجدداً‪ .‬يحدث هذا ألن زخم‬ ‫حركة السائل داخل البيضة ستمنعه من التوقف‬ ‫وستدفعه إىل مواصلة الدوران‪ .‬قياساً عىل هذا‬ ‫أ‬ ‫أك� ألن‬ ‫المثال‪ ،‬فستتشكل عىل الرض مشكلة ب‬ ‫أ‬ ‫كب� من باطنها سائل‪.‬‬ ‫الرض –مثل البيضة‪ -‬جزء ي‬ ‫أ‬ ‫وإذا توقفت هذه الرض عن الدوران فإن محتوى‬ ‫اللب والصهارة السائل ف ي� باطنها سيندفع إىل‬ ‫ق�ة أ‬ ‫الخارج محطماً سطح ش‬ ‫الرض الصلب‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� قيعان المحيطات‬ ‫سيحدث هذا ب‬ ‫ع� القارات ي‬ ‫ً‬ ‫كذلك‪ ،‬مخلفاً كوكبا سطحه عبارة عن معادن‬ ‫تغل‪.‬‬ ‫سائلة ي‬


‫حياتنا اليوم‬

‫بين البيئة واألعمال‬ ‫ف‬ ‫متغ�ات شملت عديداً من المجاالت والحقول‬ ‫دخلت ي� روح العرص الجديد ّ‬ ‫عدة ي ّ‬ ‫كب�‪.‬‬ ‫تعاب� جديدة أصبحت مألوفة ومتعارف عليها بشكل ي‬ ‫وتكونت ي‬ ‫المعرفية المختلفة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال� تسمى ح�ت‬ ‫فقد دخل مفهوم المالبس «الخ�ض اء» أو المالبس «المستدامة» أو ت‬ ‫ي‬ ‫بالمالبس أ‬ ‫«الخالقية» لتصف المالبس الصديقة للبيئة المص ّنعة بأساليب تحافظ عىل‬ ‫ئ‬ ‫عدة عوامل منها وسائل‬ ‫الموارد‬ ‫البي� الناتج عن ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطبيعية‪ .‬ومما ال شك فيه أن الوعي ي‬ ‫ش‬ ‫التواصل االجتماعي الجديدة أوجد تجاوباً مع هذه الظاهرة والحرص عىل �اء مثل هذه‬ ‫أن الوسائل المستخدمة ف ي� إنتاجها وسائل مستدامة‪.‬‬ ‫المالبس والتأكّد من ّ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ئ‬ ‫ز‬ ‫السكا� العالمي كان ال بد من إيجاد وسائل‬ ‫البي� أيضاً وبسبب ال�ايد‬ ‫ي‬ ‫وبسبب الوعي ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫النتاج ي� الوقت الذي تحافظ فيه عىل التوازن البيولوجي‬ ‫زراعية جديدة تسهم ي� زيادة إ‬ ‫جامعية حديثة ومنها تخصص الزراعة البيئية‪.‬‬ ‫الطبيعي‪ .‬ولهذا السبب نشأت تخصصات ف ّ‬ ‫وعىل مسافة يغ� بعيدة عن هذا الشأن‪ ،‬نطرح ي� هذا القسم السؤال عما إذا بات من‬ ‫ال�ض وري العالن عن أ‬ ‫المعدلة وراثياً أم ال‪.‬‬ ‫الغذية‬ ‫إ‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫عىل صعيد آخر‪ ،‬ثمة ظاهرة حديثة نسبياً‪ ،‬تتعاظم شأناً اليوم‪ ،‬أال وهي شبكات العمال‬ ‫ت‬ ‫ال� صارت تربط ما ي ن‬ ‫ب� ش�كات ذوات تخصصات مختلفة‪ ،‬ف ي� إطار السعي إىل‬ ‫الجديدة ي‬ ‫ف‬ ‫التكامل‪ ،‬وهذا ما نحاول تسليط الضوء عليه ي� الصفحات التالية‪.‬‬ ‫مهى قمر الدين‬

‫‪44‬‬

‫اتجاه نحو المالبس «الخضراء»‬

‫‪48‬‬

‫شبكات األعمال‪ ..‬أنماط‬ ‫العمل في عالم متغير‬

‫‪53‬‬

‫دانيال وايل يفكك الزمن‬ ‫ويصممه من جديد!‬


‫‪45 | 44‬‬

‫حياتنا اليوم‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫األزياء المستدامة أو األزياء الصديقة للبيئة‬ ‫هي نوعية جديدة في عالم تصميم األزياء‪،‬‬ ‫تهدف إلى إيجاد نظام رفيق بالبيئة‪ .‬واألزياء‬ ‫المستدامة هي جزء من اتجاه جديد يهتم‬ ‫بجميع المراحل التي يمر فيها تصنيع‬ ‫المالبس ويركز على مجمل «البصمة‬ ‫الكربونية» التي تؤدي إلى تكوينها‪ .‬والبصمة‬ ‫الكربونية هي التي تأتي نتيجة أفعال‬ ‫الشخص وممارساته المباشرة على البيئة‬ ‫فيما يتعلق بانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون‪.‬‬ ‫وال يبدو ّأنه اتجاه يقتصر على المدى‬ ‫القريب‪ ،‬وإنما قد يستمر في المستقبل مع‬ ‫استمرار االنتهاكات التي تحدث بحق البيئة‬ ‫وزيادة الوعي العالمي ألهمية حمايتها‪.‬‬ ‫بينما كانت في السابق حماية البيئة في‬ ‫عالم األزياء تقتصر على وهب جزء من‬ ‫مجمل المبيعات إلى قضايا خيرية‪ ،‬أصبح‬ ‫مصممو األزياء اآلن ُيدخلون أساليب‬ ‫صديقة للبيئة في عملية التصنيع من‬ ‫خالل استخدام أقمشة‬ ‫صديقة للبيئة ووسائل‬ ‫تتحلى بالمسؤولية‬ ‫االجتماعية‪.‬‬

‫مهى قمر الدين‬

‫اتجاه نحو‬ ‫المالبس‬ ‫«الخضراء»‬


‫تكمن المشكلة في القطن‬ ‫المزروع بالطريقة التقليدية‬ ‫بأنه يستخدم ‪ 35‬في المائة من‬ ‫ً‬ ‫عالميا‬ ‫المبيدات التي تستخدم‬

‫القطن‪ ..‬أكبر مستهلك للمبيدات في قطاع الزراعة‬

‫وفقاً لمنظمة «تع ّهد الكرة‬ ‫أ‬ ‫الرضية» (‪،)Earth Pledge‬‬ ‫وهي منظمة ال تبغي الربح‬ ‫النماء‬ ‫تهتم بتعزيز ودعم إ‬ ‫المستدام‪« ،‬هناك‪ ،‬على‬ ‫أ‬ ‫القل‪ 8000 ،‬مادة كيميائية تستخدم في تحويل‬ ‫المواد الخام إلى منسوجات‪ ،‬و‪ 25‬في المائة‬ ‫من المبيدات في العالم تستخدم في زراعة‬ ‫القطن غير العضوي‪ ،‬ويتسبب ذلك في دمار ال‬ ‫حد سواء‪ .‬ومع‬ ‫رجعة عنه للناس والبيئة‪ ،‬على ّ‬ ‫أ‬ ‫تتكون ثلثا البصمة الكربونية لي قطعة من‬ ‫ذلك ّ‬ ‫المالبس بعد شرائها وليس قبله»‪ .‬هناك عدة‬ ‫أمور يجب أخذها باالعتبار فيما يتعلق بعنصر‬ ‫اللياف المستخدمة في أ‬ ‫استدامة أ‬ ‫القمشة‪ :‬مصدر‬ ‫أ‬ ‫التجدد‪ ،‬العملية التي‬ ‫اللياف وقدرتها على‬ ‫ّ‬ ‫تحول أ‬ ‫اللياف الخام إلى نسيج‪ ،‬وظروف العمل‬ ‫ّ‬ ‫التي تحيط بالعمال الذين يصنعون المالبس‬ ‫في مختلف المراحل‪ ،‬ومجمل البصمة الكربونية‬ ‫للمنتج النهائي‪.‬‬

‫الحيوانية الصوف والحرير والكشيمر أ‬ ‫والنجورا‬ ‫وغيرها‪.‬‬

‫أ‬ ‫لياف المعادة التدوير‬ ‫ال‬ ‫أ‬

‫تصنع اللياف المعادة التدوير من بقايا أ‬ ‫القمشة‬ ‫المجمعة من المصانع ومن ّثم يُعمل على إعادة‬ ‫تحول إلى غزل جديد‪.‬‬ ‫حياكتها في ألياف قصيرة ّ‬ ‫هناك عدد قليل جداً من المصانع حول العالم‬ ‫يمكنها إعادة تصنيع بقايا أ‬ ‫القمشة وتراوح منتجاتها‬ ‫بين مزيج من القطن المعاد التدوير مع إضافة غزل‬ ‫جديد لتعزيز متانته‪ ،‬وبين ألياف القطن المعادة‬ ‫التدوير المضاف إليها ألياف أ‬ ‫الكريليك الخام من‬ ‫أجل تناسق أ‬ ‫اللوان والمتانة‪.‬‬

‫وبرزت هناك مؤسسات عالمية تهتم بزيادة الفرص‬ ‫لمصممي أ‬ ‫الزياء المستدامة‪ ،‬مثل «الرابطة الوطنية‬ ‫لمصممي أ‬ ‫الزياء المستدامة»‪ ،‬وهي مؤسسة‬ ‫ال تبغي الربح‪ ،‬وتهدف إلى مساعدة أصحاب‬ ‫الريادة الذين يمتلكون مؤسسات لها عالقة بعالم‬ ‫أ‬ ‫الزياء ويهتمون بإحداث فرق اجتماعي وبحماية‬ ‫البيئة‪ .‬كما تهتم بتقديم التعليم والتدريب‪،‬‬ ‫وتسهل الوصول إلى أ‬ ‫الدوات والموارد التي تدعم‬ ‫المؤسسات المبدعة‪.‬‬

‫الجدال القائم حول أ‬ ‫الزياء‬ ‫المستدامة‬

‫أ‬ ‫ُحول إلى‬ ‫أنواع اللياف التي ت َّ‬ ‫أأقمشة‬ ‫أ‬

‫اللياف الطبيعية هي اللياف الموجودة في‬ ‫الطبيعة التي ال تعتمد على مواد بترولية‪ .‬ويمكن‬ ‫أ‬ ‫لللياف الطبيعية أن تصنف إلى ألياف السليلوز‬ ‫أو أ‬ ‫اللياف النباتية‪ ،‬وإلى ألياف البروتين أو‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫اللياف الحيوانية‪ .‬أما اللياف النباتية فتشمل‬ ‫القطن الذي يعد من المحاصيل أ‬ ‫الوسع انتشاراً‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫في العالم والكثر استخداما للمواد الكيميائية‪.‬‬ ‫وتكمن المشكلة في القطن المزروع بالطريقة‬ ‫التقليدية بأنه يستخدم ‪ 35‬في المائة من‬ ‫المبيدات التي تستخدم عالمياً‪ .‬ومن أ‬ ‫اللياف‬ ‫النباتية أ‬ ‫الخرى‪ :‬الق ّنب‪ ،‬والجوت والك ّتان‪،‬‬ ‫والباكا‪ ،‬وتضم أ‬ ‫والصويا‪ ،‬والخيزران‪ ،‬أ‬ ‫اللياف‬

‫حاولوا لفت االنتباه إلى هذا النوع من أ‬ ‫الزياء‪،‬‬ ‫وذلك مع زيادة الوعي البيئي واالجتماعي‪ .‬وأصبح‬ ‫هناك أقسام من عروض أ‬ ‫الزياء في العالم‬ ‫مخصصة لهذا النوع من المالبس مثل عرض‬ ‫«‪ »Estethica‬الشهير في أسبوع الموضة في لندن‬ ‫المخصص أ‬ ‫للزياء الصديقة للبيئة‪.‬‬

‫اتجاهات حديثة‬

‫يتجه المص ِّنعون في الوقت الحالي إلى إدخال عدد‬ ‫من الممارسات المستدامة في أ‬ ‫الزياء العصرية‪.‬‬ ‫وبسبب الجهود التي تبذل في تصنيع وشحن تلك‬ ‫المنتجات‪ ،‬أ‬ ‫فالزياء المستدامة هي أغلى ثمناً من‬ ‫المالبس المنتجة بالطرق التقليدية‪ .‬وهناك عديد‬ ‫من النجوم أ‬ ‫والشخاص البارزين في العالم الذين‬

‫على أرض الواقع‪ ،‬هناك تعريفات متعددة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫تعرف‬ ‫للزياء المستدامة‪ .‬فكلية لندن للزياء ِّ‬ ‫أ‬ ‫الزياء المستدامة على أنّها تلك التي تعتمد في‬ ‫إنتاجها على «تسخير الموارد بطريقة أخالقية‬ ‫ومسؤولة دون تهديد التوازن البيئي واالجتماعي»‪.‬‬ ‫إن «المالبس‬ ‫ويقول المصمم أوسكار دي الرنتا ّ‬ ‫المستدامة تعني تب ّني التقنيات التقليدية في‬ ‫التصنيع‪ ،‬وال تقتصر فقط على فن صناعة أ‬ ‫الزياء»‪.‬‬ ‫وتشدد المصممة فريدا جيانيني على أن أ‬ ‫الزياء‬ ‫المستدامة هي أزياء «ذات نوعية عالية تتحدى‬ ‫مرور الزمن ويمكن توارثها من جيل إلى آخر»‪.‬‬ ‫تعرف مبدأ‬ ‫وتقول المصممة أنيا هندمارش بأنها ِّ‬ ‫التصميم المستدام على أنّه «ذلك الذي يلجأ‬ ‫تلوث البيئة‬ ‫إلى استخدام الموارد المحلية التي ال ِّ‬ ‫ال خالل عملية تصنيعها وال عند التخلص منها‪،‬‬


‫‪47 | 46‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬ ‫«مالبس خضراء» بألوان مختلفة‬

‫والتي تستغرق مسافات شحن قصيرة لتصل إلى‬ ‫المستهلك»‪.‬‬ ‫ومع وجود ّكل تلك التعريفات المختلفة ال يوجد‬ ‫موحد يمكن للمستهلك الرجوع‬ ‫هناك تطبيق ّ‬ ‫إليه‪ .‬حتى إنه ليس أ‬ ‫للمم المتحدة تعريف متفق‬ ‫عليه لما هو مستدام‪ .‬إذ طالما كان عالم الغذاء‬ ‫يتصارع على مدى سنوات لتحديد ما هو «عضوي»‬ ‫أو «اليت» أو «مغذّ ى بالحبوب»‪ .‬لذلك‪ ،‬هناك‬ ‫على أرض الواقع كثير من الشكوك والغموض‬ ‫في االدعاءات التي يطلقها بعض مصممي أ‬ ‫الزياء‬ ‫المستدامة‪ ،‬كما أن هناك تزايداً في استخدام‬ ‫ملصقات على المالبس مثل «مستدام» أو‬ ‫«أخضر» أو «صديق للبيئة» أو حتى «أخالقي»‪.‬‬ ‫والمسألة ليست أخالقية فقط‪ ،‬ولك ّنها اقتصادية‬ ‫في الوقت نفسه‪ .‬إذ تشير شركة مينتل (‪)Mintel‬‬ ‫العالمية التي تُعنى بأبحاث السوق‪ ،‬إلى أنّه «مع‬ ‫ازدياد متطلبات المستهلكين من الشركات التي‬ ‫يتعاملون معها‪ ،‬بدأوا يطلبون مزيداً من التفحص‬ ‫لالدعاءات أ‬ ‫الخالقية التي ّتدعيها تلك الشركات في‬ ‫ما يتعلق بمنتجاتها»‪.‬‬ ‫يجب النظر إلى الموضوع بطريقة أشمل‬ ‫وأعمق‪ .‬إذ ليس من المهم وضع ملصق ما‪،‬‬

‫وإنما يجب فهم ما يعنيه بالتحديد‪ .‬قد ّتدعي‬ ‫بعض العالمات التجارية بأنّها تستخدم قطناً‬ ‫غير مبيض‪ ،‬ولكن ذلك ال يشير أبداً إلى ما كان‬ ‫يحدث خالل عملية زراعة القطن ونوعية المبيدات‬ ‫بأن‬ ‫المستخدمة‪ .‬وقد تذكر بعض الملصقات ّ‬ ‫القطن المستخدم هو قطن «ما قبل العضوي»‪،‬‬ ‫وقد يعني ذلك بأن مصدر القطن مزرعة في‬ ‫طريقها ألن تصبح عضوية‪ ،‬وبالتالي فهي ليست‬ ‫الطالق‪ .‬وقد يكون ذلك الحذاء‬ ‫عضوية على إ‬ ‫الذي يعد بإمكانية إعادة تدويره ألنّه مصنوع من‬ ‫البالستيك‪ ،‬حذا ًء عضوياً من ناحية المبدأ وإنّما‪،‬‬ ‫في الواقع‪ ،‬ال توجد هناك مصانع تقبل إعادة‬ ‫تدوير أ‬ ‫الحذية‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬تكمن المشكلة بعدم وجود تعريف‬ ‫محدد‪ ،‬مدعوم بالحماية القانونية‪ ،‬أ‬ ‫للزياء‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫«الخضراء» أو «العضوية» أو «الخالقية»‪ ،‬تعريف‬ ‫ال يدفع بالمستهلك الذي يتحلى بالوعي البيئي أن‬ ‫يقوم‪ ،‬شخصياً‪ ،‬أ‬ ‫بالبحاث عن المنتج الذي يشتريه‬ ‫لمعرفة مصدره الفعلي وكيفية تصنيعه‪ .‬ولكن‪،‬‬ ‫على الرغم من ذلك‪ ،‬هناك عديد من المصممين‬ ‫الذين يقومون ما بمقدورهم إلنتاج المالبس‬ ‫المستدامة‪ ،‬ولو ليس بالمفهوم الكامل لما هو‬ ‫مستدام‪ .‬ولكن‪ ،‬ممارساتهم تدخل في روح‬ ‫العصر الجديد‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫أية أغذية يجب‬ ‫اإلعالن عنها‬

‫العضوية أم‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫وراثيا‬ ‫المعدلة‬

‫‪shutterstock‬‬

‫تطالعنا ف� متاجر أ‬ ‫الطعمة وخاصة ف ي�‬ ‫ي‬ ‫�ض‬ ‫أجنحة الفاكهة والخ اوات‪ ،‬أصناف‬ ‫تفوق أسعارها بشكل ملحوظ أسعار‬ ‫ولت�ير الفرق ف ي�‬ ‫أصناف أخرى من النوع نفسه‪ .‬ب‬ ‫اختالف أ‬ ‫السعار‪ ،‬نجد الباعة قد أعلنوا عن الصنف‬ ‫(وبجوار سعره المرتفع) أنه «عضوي»‪ .‬فماذا عن‬ ‫الخرى؟ وتحديداً أ‬ ‫الصناف أ‬ ‫أ‬ ‫المعدلة وراثياً؟‬ ‫الصناف‬ ‫َّ‬ ‫العالن عن تلك وليس عن هذه؟‬ ‫لماذا يتم إ‬ ‫ت‬ ‫ال� نراها اليوم فاخرة‪،‬‬ ‫المنتجات «العضوية» ي‬ ‫هي ما كان يأكله آباؤنا وأجدادنا كل يوم‪ .‬ولكن‬ ‫التطور العلمي ف� مجال أ‬ ‫البحاث الجينية‪ ،‬أغرق‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫المعدلة وراثياً‪ ،‬بحيث صارت‬ ‫السواق بالمنتجات‬ ‫َّ‬ ‫الئحة المواد الغذائية شبه الخالية تماماً من‬ ‫أ‬ ‫صل أو تحتوي عىل نسبة‬ ‫الحمض النووي ال ي‬ ‫قليلة منه تشمل من جملة ما تشمل‪ :‬القمح والذرة‬ ‫والصويا والكانوال والقطن والشمندر السكري (أي‬ ‫أ‬ ‫السكر) والبطاطس والبابايا والجبان‪ ...‬وصوال ً‬ ‫ف‬ ‫و� طليعتها سمك‬ ‫إىل آخر المبتكرات‪ :‬اللحوم ي‬ ‫تث�‬ ‫السلمون‪ .‬ومن ضمن هذه الالئحة الطويلة ي‬ ‫كب�ة بسبب‬ ‫الحبوب‪ ،‬وخاصة الذرة‪ ،‬إشكالية ي‬ ‫ثك�ة مشتقاتها الداخلة ف ي� صناعات غذائية‬ ‫ت‬ ‫ال� تُضاف‬ ‫ي‬ ‫كث�ة‪ ،‬وخاصة الزيوت والنشويات ي‬ ‫إىل العصائر‪ ،‬ويدخل بعضها ضمن مواد حفظ‬ ‫المعلبات‪.‬‬

‫بين السماح والحظر‬ ‫يقع الإ عالن‬

‫كب�اً ي ن‬ ‫ب� دول االتحاد‬ ‫من المعروف أن هناك خالفاً ي‬ ‫الورو� والواليات المتحدة أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫المريكية ي� الموقف‬ ‫بي‬ ‫المعدلة وراثياً‪ .‬فمقابل توسع هذه‬ ‫من الزراعات‬ ‫َّ‬ ‫ف‬ ‫أورو� شديد عليها‪.‬‬ ‫الزراعات ي� أمريكا‪ ،‬هناك تحفظ ب ي‬ ‫وشهد العام ض‬ ‫الما� تخلص بعض البلدان من بقايا‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫الزراعات‬ ‫َّ‬ ‫المعدلة وراثياً‪ ،‬كما حصل ي� المجر ي‬ ‫المعدلة‪.‬‬ ‫أحرقت كل حقول الذرة‬ ‫َّ‬ ‫المعدلة لم يعد كافياً إلخالء‬ ‫ولكن منع الزراعات‬ ‫َّ‬ ‫المتاجر من أ‬ ‫المعدلة جزئياً‪ ،‬بسبب تغلغل‬ ‫الغذية‬ ‫َّ‬ ‫مشتقاتها بنسب مختلفة ف ي� معظم المنتجات‬ ‫العالمية والتوعوية‬ ‫الغذائية‪ .‬ومع ازدياد الحمالت إ‬ ‫تجاه المخاطر المحتملة الستهالك أ‬ ‫المعدلة‬ ‫الطعمة‬ ‫َّ‬ ‫وراثياً‪ ،‬صارت نوعية أ‬ ‫الغذية المعروضة ف ي� المتاجر‬ ‫ين‬ ‫المستهلك�‪ .‬وتفضيلهم‬ ‫موضع التباس عند‬ ‫المعدلة وراثياً‪،‬‬ ‫للمنتجات العضوية‪ ،‬وخاصة يغ�‬ ‫َّ‬ ‫يبدو واضحاً ف� أ‬ ‫السعار المرتفعة ت‬ ‫ال� هم عىل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الم�عون �ف‬ ‫استعداد لدفعها مقابلها‪ .‬وهنا وقع ش‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫التداب� الواجب اتخاذها للإعالن عن‬ ‫ح�ة حيال‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫طبيعة الغذاء المعروض للبيع‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ح� نهاية العام ‪2013‬م‪ ،‬بلغ عدد دول العالم‬ ‫ت‬ ‫معدال ً‬ ‫ال� تفرض إ‬ ‫العالن عىل المنتج ما إذا كان َّ‬ ‫ي‬

‫أ‬ ‫ورو�‪.‬‬ ‫وراثياً ‪ 64‬دولة‪ ،‬ثلثها من دول االتحاد ال ب ي‬ ‫ف‬ ‫و� هذا المجال اعتمد ش‬ ‫الم�عون وجوب احتواء‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫الغذاء عىل نسبة (تختلف من دولة إىل أخرى)‬ ‫العالن عنها‬ ‫من المواد‬ ‫المعدلة وراثياً ليصبح إ‬ ‫َّ‬ ‫إلزامياً‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫و� ي ن‬ ‫ورو� تحدد هذه النسبة‬ ‫ح� أن دول االتحاد ال أ ب ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫بـ ‪ ،%0.9‬فإن فحص بعض الطعمة ي� جنوب‬ ‫إفريقيا (وهي واحدة من الدول أ‬ ‫ين‬ ‫والست�) أكد‬ ‫الربع‬ ‫وجود ث‬ ‫المعدلة ضمن‬ ‫أك� من ‪ %31‬من العنارص‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ح� أن‬ ‫ال� لم يُعلن عنها أنها كذلك‪ .‬ي� ي‬ ‫الغذية ي‬ ‫ت‬ ‫العالن‪،‬‬ ‫ال� لم تفرض هذا النوع من إ‬ ‫أسواق الدول ي‬ ‫تشهد استهالكاً لمنتجات هي ‪ %100‬معدلة وراثياً‬ ‫مثل الذرة ودقيقها وزيتها ومشتقاتها‪ ،‬والقطن وزيته‪،‬‬ ‫الكث�‪.‬‬ ‫وغ� ذلك ي‬ ‫ي‬ ‫ف� آخر فصول المواجهة ما ي ن‬ ‫ب� الجهات المختلفة‬ ‫ي‬ ‫المعدلة وراثياً ش‬ ‫الك�ى‬ ‫المناهضة للزراعات‬ ‫وال�كات ب‬ ‫َّ‬ ‫ف‬ ‫وتروج لها‪ ،‬نجح‬ ‫العاملة ي� مجالها وتبيع بذورها ِّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫الفريق الول ي� الوصول إىل عقر دار هذه ش‬ ‫ال�كات‬ ‫ف‬ ‫العالن عن‬ ‫ي� أمريكا‪ .‬فبدأت بعض الواليات بفرض إ‬ ‫أ‬ ‫المعدل وراثياً‪ ،‬المر الذي ال تزال ش‬ ‫ال�كات‬ ‫المنتج‬ ‫َّ‬ ‫العالن ف ي� المتاجر‬ ‫المنتجة تحاربه ب�ض اوة‪ .‬بحيث إن إ‬ ‫المعدلة‬ ‫ال يزال مرافقاً للمنتجات العضوية يغ�‬ ‫َّ‬ ‫وراثياً‪.‬‬


‫‪49 | 48‬‬

‫حياتنا اليوم‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫ياسر عبدالعزيز الغسالن‬

‫‪Illustration: Omer Subair / almohtaraf assaudi‬‬

‫ظهرت طريقة إدارة المشاريع عبر‬ ‫االستعانة بشبكات األعمال كحل لتعقيدات‬ ‫ً‬ ‫عديدا‬ ‫البيئة العملية التي أصبحت تميز‬ ‫من المشاريع المتوسطة الحجم والكبيرة‪.‬‬ ‫يحدث ذلك في عالم األعمال الذي أصبح‬ ‫يتسم أكثر وأكثر مع مرور األيام بالتنافس‬ ‫الشديد والتداخل الواضح بين مجاالته‬ ‫وزوال الحدود بين الدول وارتكاز األعمال‬ ‫والمشاريع على المصالح المشتركة بين‬ ‫األطراف‪ ،‬إضافة إلى اضمحالل السوق‬ ‫بمفهومه الضيق المحلي وتحوله إلى‬ ‫مساحة متاحة للجميع بفعل العولمة‬ ‫وسياسة السوق العالمية المنفتحه‪.‬‬

‫شبكات األعمال‬

‫أنماط العمل في‬ ‫عالم متغيِّ ر‬

‫‪shutterstock‬‬


‫تشهد المملكة بفعل الطفرة‬ ‫االقتصادية الكبيرة التي‬ ‫تعيشها‪ ،‬حالة من إعادة إنشاء‬ ‫تنموي يعمل على أ‬ ‫الخذ‬ ‫بالبالد إلى القرن الواحد‬ ‫أ‬ ‫والدارية‬ ‫والعشرين وفق أرقى السس العلمية إ‬ ‫والتنموية والبشرية‪ ،‬بحيث تعمل على نقل الفرد‬ ‫السعودي إلى مستقبله المفعم عمال ً وجدية‬ ‫وتطوراً في جميع المجاالت الفكرية والمهنية‬ ‫واالجتماعية‪ .‬وهو أ‬ ‫المر الذي دعا الدولة إلى‬ ‫إطالق عديد من المشاريع العمالقة التي تركز‬ ‫على تحديث البنى التحتية لمستقبل أ‬ ‫الجيال‪.‬‬ ‫فبدأت‪ ،‬مثالً‪ ،‬مشاريع الطرق التي تربط‬ ‫بين المدن إما من خالل مد الطرق السريعة‬ ‫التقليدية أو من خالل مشاريع القطارات‬ ‫أ‬ ‫والقليمية الدولية‬ ‫والنفاق والمطارات المحلية إ‬ ‫الممتدة في سائر المدن السعودية‪.‬‬ ‫العالم وخلق آليات‬ ‫ومع االنفتاح الكبير في وسائل إ‬ ‫شفافة في رقابة العمل الحكومي كان لزاماً على‬ ‫القائمين على المشاريع الحكومية والخاصة والمرتبطة‬ ‫تحديداً بالفرد السعودي وخدمته أن يأخذوا بعين‬ ‫االعتبار جانب الجودة وسرعة التنفيذ والسعر‬ ‫والنتاجي‪ ،‬فبدأت تلك‬ ‫المناسب في المزيج العملي إ‬ ‫الجهات تنظر إلى أفضل الطرق وأسرع الوسائل‬ ‫وأجودها والجهات القادرة على التسليم وفقها ضمن‬ ‫الشروط الفنية المطلوبة التي تضع في عين االعتبار‬ ‫المكونات الثالثة الرئيسة (الجودة والسعر‬ ‫توازن‬ ‫ِّ‬ ‫ووقت التسليم)‪.‬‬

‫إدارة المشاريع‬

‫عرف إدارة المشاريع بأنها نمط العمل الذي من‬ ‫تُ َّ‬ ‫خالله يتم تنظيم الموارد البشرية والفنية وإدارتها‬ ‫وفق أ‬ ‫السس التي من خاللها يتم إنجاز المشروع‬ ‫وااللتزام بالمضامين المحددة سلفاً‪ ،‬واضعة في عين‬ ‫االعتبار‪ ،‬كما أوضحنا‪ ،‬توازن المكونات الثالثة سالفة‬ ‫الذكر‪ .‬وعليه فإدارة المشروع مرتبطة أساساً بوقت‬ ‫محدد أي له تاريخ بداية وتاريخ نهاية من أجل تقديم‬ ‫خدمة معينة أو منتج ملموس بهدف إحداث تغيير‬ ‫محدد أو تقديم قيمة مضافة‪.‬‬ ‫ومن التعريفات المتداولة في إدارة المشاريع ما قاله‬ ‫هيرسون أن المشروع هو «أي سلسلة من النشاطات‬ ‫أو المهام التي لها أهداف محددة‪ ،‬يجب أن تنجز‬ ‫ضمن مواصفات محددة ولها بداية ونهاية محددتان‪،‬‬ ‫ولها تمويل وتستعمل مصادر مختلفة من أ‬ ‫الموال‬ ‫أ‬ ‫وعرفه ليش وتيرز بأنه‬ ‫والوقت والمعدات والعمال»‪َّ .‬‬ ‫«وحدة استثمار صناعي جديدة لها بعض المعالم‬ ‫المميزة أو المتفردة وذلك من خالل تناغم الوقت‬ ‫والتكلفة»‪.‬‬

‫فمن المعروف أن المشروع يمر بدورة تسمى «دورة‬ ‫حياة المشروع»‪ ،‬وتتضمن خمس مراحل رئيسة هي‪:‬‬ ‫أ‬ ‫الطار النظري العام‬ ‫المرحلة الولى‪ :‬التأسيس ووضع إ‬ ‫للمشروع‪ .‬المرحلة الثانية‪ :‬التخطيط وهي مرحلة‬ ‫تأخذ بعين االعتبار جميع المتطلبات البشرية والفنية‬ ‫والتشغليلة والمالية المتعلقة بتنفيذ المشروع‪.‬‬ ‫المرحلة الثالثة‪ :‬التنفيذ التي تتحول فيها جميع‬ ‫الخطط والدراسات إلى واقع ملموس يمكن قياس‬ ‫ومراقبة قيمته المضافة‪ .‬المرحلة الرابعة‪ :‬المراقبة‬ ‫والتحكم لضمان التزام المخرجات بما تم تحديده‬ ‫في مرحلة التخطيط ووفق أ‬ ‫السس التي وضعت‪.‬‬ ‫المرحلة الخامسة‪ :‬انتهاء المشروع وتسليمه للعميل‬ ‫بالشكل المناسب ووفق الجودة والسعر والوقت‬ ‫المحدد والمتفق عليه‪.‬‬ ‫وضمن هذه العملية المعقدة والمتناسقة يجب أن‬ ‫تكون هناك هيكلة واضحة للمشروع‪ .‬وجدولة ألعماله‬ ‫ونشاطاته الفردية والجماعية‪ .‬بحيث يتم تقسيم‬ ‫العمل وفق المتاح‪ ،‬على أن يتم أثناء سير المشروع‬ ‫إجراء التعديالت الالزمة التي تحتمها الظروف التي‬ ‫تطرأ‪ ،‬ولها تأثير على مسار العمل بحيث يمكن‬ ‫االستمرار بالعمل بالشكل الصحيح وفق أ‬ ‫الهداف‬ ‫المحددة له في المشروع‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬وبناء على هذا التفصيل الخاص أ‬ ‫بالسس التي‬ ‫تُبنى عليها المشاريع‪ ،‬يتضح لدينا أن المجهودات‬ ‫المتعلقة بإنجاز العمل تتطلب عديداً من المصادر‬ ‫الفنية والبشرية والتشغيلية التي تتوزع على‬ ‫تخصصات مهنية عديدة منها المرتبط بالتنفيذ‬ ‫الداري ومنها‬ ‫المكيانيكي ومنها المعني بالجانب إ‬ ‫المرتكز على أ‬ ‫العمال الفنية واالستشارية‪ ،‬وهي‬

‫مكونات يصعب وجودها تحت مظله مؤسساتية‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫واحدة باستثناء الشركات العمالقة‪ ،‬التي غالبا ما‬ ‫معينة مستمرة‪ ،‬كما هو‬ ‫ينحصر عملها في مشاريع َّ‬ ‫الحال في المؤسسات الرائدة في مجال النفط أو‬ ‫البناء الدولية‪.‬‬

‫نسيج الشبكة من مصادر خارجية‬ ‫أ‬

‫إن الغلبية العظمى من تلك المؤسسات وغيرها من‬ ‫الشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة التي تعمل‬ ‫في مجال خدمة العمالء والمشاريع‪ ،‬تعتمد بتفاوت‬ ‫على مصادر خارجية تعينها في جوانب معينة على‬ ‫أداء أعمالها المناطة بشكل يتناسب مع المواصفات‬ ‫والمقاييس المطلوبة من قبل العميل‪ ،‬وذلك بهدف‬ ‫تقليل التكاليف وضمان التخصص وبالتالي إجادة‬ ‫المخرج وسرعة التنفيذ وتسليم يتطابق مع الجداول‬ ‫المحددة‪.‬‬

‫المعروف أن المشروع يمر بدورة‬ ‫تسمى «دورة حياة المشروع»‪،‬‬ ‫وتتضمن خمس مراحل‬ ‫َّ‬ ‫أساسية هي‪ :‬مرحلة التأسيس‪،‬‬ ‫ثم مرحلة التخطيط‪ ،‬ثم مرحلة‬ ‫تتحول فيها‬ ‫َّ‬ ‫التنفيذ التي‬ ‫الخطط إلى واقع‪ ،‬ثم مرحلة‬ ‫المراقبة والتحكم لضمان التزام‬ ‫المخرجات‪ ،‬وأخيراً مرحلة انتهاء‬ ‫المشروع وتسليمه للعميل‪.‬‬


‫‪51 | 50‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫لذلك نجد أن مصطلح «شبكات أ‬ ‫العمال» ظهر‬ ‫ليشرح بشكل واضح آ‬ ‫اللية التي تم ابتكارها لتحقيق‬ ‫ذلك التكامل المطلوب في خلق طواقم من الكوادر‬ ‫البشرية والتشغيلية والفنية التي تعمل مع بعضها‬ ‫إلنجاز المشروع‪ ،‬معتمدة أساساً على قوة كل طرف‬ ‫وتخصصه‪ ،‬وبالتالي اعتباره ترسانة حقيقية ألصحاب‬ ‫أ‬ ‫العمال ومتعهدي المشاريع يستعينون بها من أجل‬ ‫تحقيق أهدافهم التجارية والربحية المنشودة‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬يمكن تعريف نمط (شبكات أ‬ ‫العمال) بأنها‬ ‫«العملية التي تنفذ فيها المشاريع عبر تبادل الموارد‬ ‫والخبرات بين أكثر من طرف وذلك بهدف تحقيق‬ ‫منفعة مشتركة»‪.‬‬ ‫وللتأكد من جدوى هذه الشبكات‪ ،‬فإنه من المهم‬ ‫أن يحرص أطراف الشبكة في مرحلة تأسيسهم‬ ‫لشبكة أعمالهم على تكوين انطباع جيد تجاه آ‬ ‫الخر‬ ‫الولى‪ .‬فاالنطباع أ‬ ‫ومنذ الوهلة أ‬ ‫الول دائماً ما يكون‬ ‫الهم‪ ،‬واللقاء المباشر أ‬ ‫أ‬ ‫الول دائماً ما يكون هو‬ ‫أ‬ ‫الساس الذي من خالله تُبنى العالقة المستقبلية بين‬ ‫أ‬ ‫الطراف وتؤسس الثقة‪ .‬كما أن التفاعل والتفاهم‬ ‫ومحاولة اكتشاف قوة الطرف المقابل وضعفه‪ ،‬تُعد‬ ‫أساسية في تلك المرحلة‪ ،‬مع الحرص على االبتعاد‬ ‫قدر المستطاع عن الحديث عن النفس بزهو وافتخار‬ ‫مبالغ وبعيد عن صلب التخصص‪ .‬فذلك غالباً ما‬

‫يخلق شعوراً لدى الطرف آ‬ ‫الخر بالفوقية التي يصعب‬ ‫أ‬ ‫التعاطي معها في مجال العمل والعمال‪.‬‬ ‫هذه أ‬ ‫السس الشخصية والمهنية تُعد أساسية في‬ ‫بناء العالقات والشبكات‪ ،‬وذلك لكونها النواة التي‬ ‫من خاللها يستطيع صاحب أ‬ ‫العمال أن يبني ترسانته‬ ‫من العالقات المهنية والشراكات الفنية والتحالفات‬ ‫التخصصية‪ .‬فخلق شبكة أعمال متوازنة ومتكاملة‬ ‫ومكملة لبعضها‬ ‫مكونات متوافقة ِّ‬ ‫تعتمد على ّ‬ ‫أ‬ ‫ومتناغمة في مسار تحقيق الهداف المشتركة‪.‬‬ ‫وال شك في أن الميزة التنافسية أصبحت اليوم أهم‬ ‫ما ينظر إليه صاحب المشروع نظراً التساع السوق‬ ‫وتنوع العرض وتزايده‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن الشركة التي‬ ‫تسعى للدخول كمنافس قوي في المشاريع يجب أن‬ ‫يكون لديها قيمة تنافسية تمكنها من الوقوف أمام‬ ‫أ‬ ‫يتلمس‬ ‫الشركات الخرى بشكل يجعل صاحب العمل َّ‬ ‫والنجاز‪ .‬وهو تماماً ما‬ ‫القدرة على تقديم المطلوب إ‬ ‫يوفره نمط العمل بشبكات أ‬ ‫العمال التي تعمل وفق‬ ‫هذا النمط والتي تتميز بقدرتها على تغيير طريقة‬ ‫أدائها وعملها‪ ،‬الذي في الغالب يعتمد على إمكانات‬ ‫محدودة‪ ،‬إلى نمط يتسم بالديناميكية والمرونة‪.‬‬

‫أنماط التعاون والتحالف‬

‫هناك عديد من أشكال وأنواع شبكات أ‬ ‫العمال التي‬

‫قد تستعين بها الشركات لالستفادة من مزيجها‬ ‫وذلك حسب الحاجة وحسب طبيعة المشروع‬ ‫وحسب السوق الذي تعمل به الشركة والمجال‬ ‫الذي تعمل به‪.‬‬ ‫فمن أكثر أ‬ ‫الشكال استخداماً في هذا المجال ما يمكن‬ ‫تسميته بـ «نمط التعاون»‪ ،‬حيث نجد شركة تتفق مع‬ ‫شركة أخرى تعمل في مجال مرتبط بمجالها‪ ،‬ولكنها‬ ‫تتخصص في جانب فرعي منه بحيث تقوم الشركة‬ ‫بالتعاقد مع تلك الشركة المتخصصة بتوفير الدعم‬ ‫التقني والفني في ذلك المجال المتخصص‪ ،‬وبأسعار‬ ‫تنافسية خاصة بها ال توفرها للغير‪ ،‬وذلك مقابل‬ ‫إعطائها أ‬ ‫الولوية أو الحصرية في تنفيذ جميع أعمالها‬ ‫معين‬ ‫معينة أو في سوق َّ‬ ‫ضمن ذلك التخصص ولمدة َّ‬ ‫معين‪.‬‬ ‫أو في قطاع َّ‬ ‫وغالباً ما يستمر هذا النوع من التعاون لسنوات‪،‬‬ ‫نظراً للمصلحة المشتركة بين الطرفين وللتفاهم الذي‬ ‫تخلقه الظروف والتعاون المثمر بينهما‪ ،‬وهو أ‬ ‫المر‬ ‫الذي قد يجعل بعض الشركات ومع مرور الوقت‬ ‫تسعى لالستحواذ على تلك الشركة المتخصصة في‬ ‫حال تبين لها أنها أصبحت جزءاً ال يتجزأ من التركيبة‬ ‫التشغيلية‪ ،‬وأن ضمها تحت غطائها يوفر لها ميزة‬ ‫تنافسية أكبر‪.‬‬ ‫كما أن هناك نمطاً يمكن تسميته بـ «التحالف»‪ ،‬وهو‬ ‫الذي يتم عبر االتفاق بين طرفين على تقديم عرض‬ ‫معين‪،‬‬ ‫مشترك بين الطرفين للحصول على مشروع َّ‬ ‫وهو على خالف نمط «التعاون» يكون عبر بروز‬ ‫هوية الشركتين باعتبارهما مستقلتين أمام صاحب‬ ‫العمل‪ ،‬ولكنهما متحالفتان في تقديم عرضهما المالي‬ ‫والتنفيذي لتحقيق الهدف المحدد من قبله‪.‬‬ ‫وفي الغالب‪ ،‬تكون الشركتان المتحالفتان متساويتين‬ ‫بالمكانات‪ .‬ويُعد تحالفهما هذا ميزة‬ ‫في الحجم أو إ‬ ‫تنافسية على اعتبار القيمة المضافة التي يقدمانها مع‬ ‫بعضهما نتيجة قوتهما في مجاالتهما‪ .‬وهو نمط غالباً‬ ‫ما يتم تطبيقه في المشاريع الضخمة التي تتطلب‬ ‫إمكانات بشرية وفنية وإدارية عالية وتاريخاً طويال ً من‬ ‫النجاحات‪ .‬ونجد هذا النمط مطبقاً بشكل الفت في‬ ‫المشاريع الضخمة التي إما تملكها أو تديرها الدولة‬ ‫أو المشاريع التي تديرها مؤسسات دولية أو عابرة‬ ‫القارات‪.‬‬

‫أ‬ ‫القليمية والفردية‬ ‫النماط أ إ‬

‫ومن أكثر النماط المستخدمه من قبل الشركات‬ ‫المتوسطة والصغيرة أو الناشئة هي تلك التي يمكن‬ ‫«القليمية»‪ ،‬وهي تلك التي توزع كوادرها‬ ‫تسميتها بـ إ‬ ‫وإمكاناتها البشرية والفنية على مكاتب متفرقة من‬


‫أرض الوطن أو في دول إقليمية أو قريبة‪ ،‬يتميز‬ ‫معينة‪ .‬وهذا ما‬ ‫أبناؤها بجودة العمل في مجاالت َّ‬ ‫العالم الذي نجد عديداً من مؤسساته‬ ‫نراه في مجال إ‬ ‫أ‬ ‫يفتتح مكاتب إقليمية مخصصة لعمال الترجمة‬ ‫أو التصميم أو التحرير… ففي ظل عالم يعتمد‬ ‫النترنت فإن االستعانة‬ ‫فيه التواصل على شبكة إ‬ ‫بتلك الكوادر التي غالباً ما تكون تكلفتها منخفضة‬ ‫ومتخصصة وذات جودة عالية يجعل تسليم‬ ‫المتطلبات المحددة من قبل العميل أو صاحب‬ ‫العمل متوافقاً مع أ‬ ‫السس الفنية والمالية المحددة‪،‬‬ ‫وبالتالي يتم تحقيق المطلوب بأسهل و أرخص‬ ‫الطرق‪.‬‬ ‫غالباً ما يكون نمط «الشبكة» مصدراً ممتازاً للحصول‬ ‫على أعمال متخصصة دون الحاجة إلى السعي‬ ‫كثيراً‪ .‬فهناك كثير من الشبكات الدولية المتخصصة‬ ‫معينة يتعاون فيها‬ ‫المنتشرة في مجاالت أعمال َّ‬ ‫معينة‪ .‬وإن كان هذا النمط‬ ‫أطرافها في تنفيذ مشاريع َّ‬ ‫يتشابه مع نمط «التعاون» من حيث الطريقة إال أنه‬ ‫يختلف من حيث آ‬ ‫اللية‪ ،‬باعتبار أن العمل يكون ضمن‬ ‫شبكة كبيرة مغلقة من الشركات وفي أسواق مختلفة‬ ‫وفي مناطق جغرافية متباعدة‪ ،‬ويكون التعاون فيما‬ ‫بينها بناء على أفضل العروض المقدمة من أطراف‬ ‫مختلفة تعمل في السوق نفسه والموقع الجغرافي‬ ‫المحدد ووفق الشروط المحددة من الطالب‪ ،‬فال‬ ‫حصرية أو ضمان ألحد ضمن هذا النمط على اعتبار‬ ‫أنها شبكة كبيرة من المنافسين والموردين‪.‬‬ ‫وأخيراً‪ ،‬هناك نمط أ‬ ‫«الفراد»‪ ،‬وهو النمط الذي‬ ‫غالباً ما تتم االستعانة به في المشاريع التي تتطلب‬ ‫معينة يعملون‬ ‫استشاريين متخصصين في مجاالت َّ‬ ‫في مؤسسات دولية أو إقليمية خاصة أو رسمية‪ ،‬حيث‬ ‫تميز‬ ‫يتم التعاقد معهم بناء على ما يعرف عنهم من ّ‬ ‫وتمكّن في هذا المجال أو ذاك بهدف تقديم خدمات‬ ‫معين دون‬ ‫استشارية أو إشرافية أو توجيهية لمشروع َّ‬ ‫الحاجة لتوظيفهم بدوام كامل‪.‬‬ ‫وال بد من االنتباه في هذا النمط من أ‬ ‫العمال بأن‬ ‫ال يكون هناك تضارب مصالح بين االستعانة بذلك‬ ‫االستشاري وما بين صاحب العمل‪ .‬فيجب َّأل يعمل‬ ‫ذلك االستشاري مثال ً في شركة منافسة‪ ،‬فذلك من‬ ‫الناحية أ‬ ‫الخالقية يعد خروجاً وتجاوزاً غير مقبول قد‬ ‫يدخل في خانة الفساد أو التحايل أو الخروج على‬ ‫أسس المهنية واالحترافية للتعاقد‪.‬‬ ‫ال شك في أن أنماط شبكات أ‬ ‫العمال تبقى عالماً‬ ‫واسعاً من التجدد والتنوع واالبتكار‪ .‬لذا يصعب‬ ‫النواع أ‬ ‫جداً تحديد كل أ‬ ‫والشكال المطبقة‪ .‬فهناك‬ ‫أنماط قد ال تتناسب مع طبيعة أسواق بعينها‪ ،‬وقد‬

‫ال يتوافق بعضها آ‬ ‫الخر مع أسوق أخرى‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫أن أنماط شبكات أ‬ ‫العمال ما زالت تتكون وتتشكل‬ ‫مع تشكل وتطور أ‬ ‫السواق العالمية واالنفتاح الذي‬ ‫تشهده أ‬ ‫السواق والدول فيما بينها‪ .‬إال أنها من حيث‬ ‫البنى أ‬ ‫والهداف تبقى مرتكزة إلى أساس التكامل‬ ‫ُ‬ ‫بالمكانات‬ ‫والتعاون بين المؤسسات‪ ،‬واالستعانة إ‬ ‫والقدرات التي يوفرها السوق بمكوناته البشرية‬

‫والمؤسساتية‪ .‬ومن المؤكد أنه مع مرور أ‬ ‫اليام‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ستظهر أنماط أخرى تتوافق مع متطلبات السواق‬ ‫العالمية والمحلية‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪53 | 52‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫تخصص جديد‬

‫الزراعة‬ ‫البيئية‬

‫الزراعة البيئية هي علم تطبيق مفاهيم ومبادئ بيئية على‬ ‫أنظمة الزراعة المستدامة من حيث التصميم والتطوير‬ ‫والدارة‪ .‬وهي تهدف إلى تحقيق االستدامة في أ‬ ‫النظمة‬ ‫إ‬ ‫الزراعية من خالل التوازن بين الجوانب االجتماعية‬ ‫والبيئية‪.‬‬ ‫عدة أمور‪ ،‬منها‪ ،‬أوالً‪،‬‬ ‫تختلف الزراعة البيئية عن طرق الزراعة التقليدية في ّ‬ ‫االهتمام بالصيانة في مراحل مبكرة ومتعاقبة وثانياً‪ ،‬أ‬ ‫الحادية أو زراعة‬ ‫المحاصيل من نوع واحد وثالثاً‪ ،‬الحراثة بطريقة تجنب تعرية التربة ورابعاً‪،‬‬ ‫الحفاظ‪ ،‬من خالل الزراعة‪ ،‬على التنوع البيولوجي الطبيعي‪.‬‬ ‫ومن هنا جاء االهتمام بالزراعة البيئية كتخصص جامعي جديد في أقسام‬ ‫كلية الزراعة في عديد من الجامعات المهمة خاصة في أمريكا وأوروبا‪.‬‬ ‫من الممكن أن يبدأ هذا التخصص في المراحل الجامعية أ‬ ‫الولى‪ ،‬حيث‬ ‫أ‬ ‫مقررة في الهندسة الزراعية وعلوم البيئة من علم الحياء‬ ‫يجمع بين مواد ّ‬ ‫واليكولوجيا وعلوم النباتات وغيرها‪.‬‬ ‫إ‬

‫متعدد التخصصات المتداخلة يشمل شبكة إيكولوجية تضم‬ ‫وهو برنامج ّ‬ ‫ً‬ ‫بيئة التربة والنباتات الزراعية والبستانية وأنواعا مختلفة من الكائنات الحية‬ ‫بما فيها الميكروبات والحشرات وحيوانات أخرى‪ .‬ويتم توجيه الطالب‬ ‫المهتمين أكثر بعلوم التربة في الزراعة البيئية من خالل كلية إدارة وعلوم‬ ‫أ‬ ‫النظمة البيئية‪ ،‬بينما يتم توجيه المهتمين بالمحاصيل الزراعية والبستانية‬ ‫من خالل كلية علوم النباتات‪.‬‬ ‫ويشمل تخصص الزراعة البيئية عدداً من الفروع المتداخلة التي تسمح‬ ‫لطالب الزراعة وعلم أ‬ ‫الحياء والجغرافيا وعلوم الغابات بالدخول إلتمام‬ ‫مرحلة الماجستير أو الدكتوراة في علوم الزراعة البيئية‪ .‬وفي هذه المراحل‬ ‫الكاديمي من خالل التعليم التجريبي أ‬ ‫بالذات يتم دعم التعليم أ‬ ‫والبحاث‬ ‫وبرامج التدريب التطبيقي‪.‬‬ ‫لمزيد من المعلومات‬ ‫‪www.cnr.berkely.edu‬‬ ‫‪email: agroeco3@berkeley.edu‬‬


‫دانيال وايل‬ ‫وآالت الزمن‬

‫استطالع‪ :‬يارا خوري نمور‬ ‫تصوير‪ :‬يارا خوري نمور ورانيا نادر بشارة‬

‫عين وعدسة‬

‫في متحف التصميم‪ ،‬لندن‬

‫ً‬ ‫سابقا بـ‬ ‫سمع الكثيرون‬ ‫«بنتاغرام» وتراث التصميم الذي‬ ‫ً‬ ‫أحدا‬ ‫راكمته عبر السنين‪ .‬لكن‬ ‫ً‬ ‫يوما أن يخصص‬ ‫لم يتوقع‬ ‫واحد من شركاء بنتاغرام الجهد‬ ‫الكبير لمفهوم الوقت المألوف‬ ‫ً‬ ‫جميعا‪ ،‬ليقدمه لنا في‬ ‫عندنا‬ ‫صيغة غير مألوفة‪ ،‬كما فعل‬ ‫دانيال وايل الذي جمع إبداعاته‬ ‫في فن تصميم الساعات ضمن‬ ‫معرض خاص َّ‬ ‫سماه «آالت‬ ‫الزمن»‪.‬‬


‫‪55 | 54‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬ ‫‪© Pentagram‬‬

‫الساعة التي تستقبل الزائر على المدخل‪ ،‬وتميّ زت بوجود األرقام في غير مواضعها المعهودة‪ ،‬تماشياً مع شكل الحامل الخشبي‬

‫على السلم المؤدي إلى الدور الثاني من المتحف‪ ،‬يرى الزائر كلمات‬ ‫سوداء كبيرة تزيّن الدرج فالوقت ال يتوقف‪ ،‬وال يبدأ‪ .‬هذا هو‬ ‫اليحاء المنشود من هذه الكلمات‪ ،‬وال يبدأ الزمن «يتكتك» إال عند‬ ‫إ‬ ‫االقتراب من أول قطعة فنية في المعرض‪ :‬شكالن خشبيان كبيران‪،‬‬ ‫مشدودان أحدهما إلى آ‬ ‫الخر‪ ،‬يُعلنان بداية المعرض‪.‬‬

‫‪© Pentagram‬‬

‫في هذا المعرض‪ ،‬الذي أقيم في «متحف‬ ‫التصميم» في لندن‪ ،‬يفكِّك وايل الزمن ويعيد‬ ‫تصميمه من جديد‪ ،‬في آالت ووحدات فنية‬ ‫غير مألوفة سابقاً‪ .‬فالزمن في كل مكان‪ ،‬وعلى‬ ‫كل جهاز نمسك به أو نراه أو نستعمله‪ ،‬وهو‬ ‫«يتكتك» دائماً في زاوية ما‪ .‬ولسنا بحاجة إلى ساعة إضافية‬ ‫يقدمه هذا المعرض لنا‪ ،‬هو نظرة‬ ‫لنتذكر ما هو الوقت‪ .‬لكن ما ِّ‬ ‫يحول‬ ‫إلى الوقت مضادة لما نراه كل يوم‪ .‬وها هو دانيال وايل ّ‬ ‫أ‬ ‫الشياء التي نصادفها في حياتنا اليومية‪ ،‬إلى قطع فنية توحي‬ ‫إلينا بذلك‪.‬‬ ‫وما أن يستدير المرء ويدخل في القاعة‪ ،‬حتى يرى مجموعة كبيرة‬ ‫من رسوم وايل وأفكاره وأشيائه الغريبة والعادية في آن‪ .‬أشياء‬ ‫جمعها عبر السنين‪ ،‬وها هي موضوعة على منضدة طويلة‪،‬‬ ‫تجمع أطراف المعرض بعضها إلى بعض‪ ،‬من أول القاعة إلى‬ ‫آخرها‪.‬‬


‫موصالت الطاقة والحركة وحدها تجمع األجزاء المتناثرة‬ ‫في الهواء‬

‫ّ‬ ‫متمثل في شكل‬ ‫الوقت‬ ‫ساعات مفككة‪ُ ،‬تظهر أجزاءها‬ ‫الميكانيكية‪ .‬ومن أشهر‬ ‫التصاميم‪ ،‬تصميم «راديو‬ ‫حقيبة اليد» (‪ ،)Bag Radio‬من‬ ‫سنة ‪1982‬م‪ ،‬وقد ُصنعت منه‬ ‫‪ 2000‬قطعة‪ ،‬بترخيص من‬ ‫«أبيكس»‪.‬‬


‫‪57 | 56‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬ ‫بعض الرسوم التحضيرية لساعات أقرب إلى أن تكون منحوتات‬

‫استعمل وايل طول حياته نوعاً واحداً من دفاتر الرسم‪ ،‬وأبدع عليها‬ ‫‪ 309‬تصاميم‪ ،‬منها ‪ 65‬تصميماً مفتوحاً أمام أعين الجمهور‪ .‬وتم ِّثل‬ ‫هذه المجموعة فلسفته الفنية وأسلوبه‪ ،‬وهي عبارة عن نوع من‬ ‫تسجيل اليوميات التي تضم أفكاره‪ ،‬وتحثك‪ ،‬لمتعتك الشخصية‪،‬‬ ‫على أن تعيد تلمس أفكار المصمم‪ ،‬ومصادر وحيه‪ ،‬وسير أ‬ ‫المور‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫داخل تفكيره‪.‬‬ ‫يؤمن وايل‪ ،‬بأن الرسم هو التفكير التصميمي لدى التظهير‪ ،‬وليس‬ ‫كما يراه كثيرون‪ ،‬مسألة محاولة إعادة إنتاج ما نراه‪.‬‬ ‫وسرعان ما نجد أن هذا المعرض الصغير نسبياً‪ ،‬يضم كثيراً من‬ ‫المواد المك ّثفة‪ ،‬التي يكاد الفكر يعجز عن استيعابها كلها‪ ،‬وهي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫طورها المصمم‪.‬‬ ‫تراوح بين الساعات والشياء الخرى التي ّ‬ ‫فالوقت يظهر لدى وايل متم ّثال ً في شكل ساعات مفككة‪ ،‬تظهر‬ ‫أجزاءها الميكانيكية‪ .‬ومن أشهر التصاميم‪ ،‬تصميم «راديو حقيبة‬ ‫اليد» الذي يعود إلى سنة ‪1982‬م‪ ،‬وقد ُصنعت منه ‪ 2000‬قطعة‬

‫بترخيص من «أبيكس»‪ ..‬وفي بعض أعماله أ‬ ‫الخرى تظهر أجزاء‬ ‫الساعة وقطعها وكأنها معلقة في الفراغ‪.‬‬ ‫في هذه القطع الفنية يتداخل الفن بالعلم‪ ،‬لصنع قطع مثل‬ ‫«ساعة خطوط الطاقة»‪ ،‬و«ساعة المعمار»‪ .‬فالبطاريات معلّقة‬ ‫كموصالت وتوحي‬ ‫ومتداخلة بواسطة أسالك من الصلب‪ ،‬وتعمل‬ ‫ّ‬ ‫بالحركة الدائمة‪ ،‬فيما يتكشف الجانب الميكانيكي الداخلي للزمن‬ ‫والفضاء‪ .‬وخطوط الطاقة في الساعة التي أشرنا إليها مستوحاة من‬ ‫رحالت القطار البعيدة التي كان عليه أن يعرفها‪ ،‬حيث كان يشاهد‬ ‫خطوط الطاقة تمتد وتنشئ ثلة من الخيوط السود‪ ،‬في حركة دائمة‪.‬‬ ‫يضم المعرض أيضاً‪ ،‬مشروعات تصاميم وايل الصناعية أ‬ ‫الخرى‪،‬‬ ‫مثل زجاجات رضاعة أ‬ ‫الطفال‪ ،‬التي ُص ِّم َمت لشركة «ماذركير»‪،‬‬ ‫وكسبت جائزة‪ ،‬ومجموعة السكاكين والمالعق لشركة «يونايتد‬ ‫إيرالينز»‪ ،‬وغالف قرص مدمج لـ «بتشوب بويز»‪ .‬ويرى وايل‪ ،‬أن‬ ‫دالالت شيء ما‪ ،‬تفرض تصميم هذا الشي في شكل «يصبح فيه‬ ‫الشيء ما تنتظره أن يكون»‪.‬‬


‫يرفض وايل أن يكون التصميم‬ ‫مجهول الفاعل‪ ،‬فيما ِّ‬ ‫يوقع‬ ‫ّ‬ ‫الفنان على منتجاته الفنية‪.‬‬ ‫كما أنه ال يقبل أن يكون عمل‬ ‫ً‬ ‫منسوبا إلى الثقافة‪،‬‬ ‫الفنانين‬ ‫وال أن يكون عمل المصممين‬ ‫هو فقط تلبية رغبات التجارة‪..‬‬

‫خطوط الطاقة في هذه الساعة مستوحاة من األسالك الكهربائية في خطوط القطارات‬

‫اليحاءات‬ ‫إن أكثر ما يثير الزائر في هذا المعرض‪ ،‬إضافة إلى إ‬ ‫التي يوحي بها‪ ،‬وقطع الساعات المفككة‪ ،‬هو مجموعة الرسوم‬ ‫والتصاميم الغنية التي وضعت أمامه ليفك رموزها‪ .‬إن أ‬ ‫اللواح‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫تبدل طبيعة الرسم‬ ‫إ‬ ‫اللكترونية والجهزة الرقمية في أيامنا هذه‪ّ ،‬‬ ‫وعالقتنا بالقلم تكاد تزول‪ .‬ولعل التجربة تكون فريدة‪ ،‬حين نرى‬ ‫كيف أن الرسم يحتل مكانة مركزية‪ ،‬فيما يصنعه كل من المصممين‬ ‫والباحثين على السواء‪.‬‬

‫من هو دانيال وايل؟‬ ‫ولد دانيال وايل في بوينس أيرس‪ ،‬سنة ‪1953‬م‪ ،‬وهو‬ ‫مهندس معماري ومصمم صناعي‪ .‬درس الهندسة‬ ‫المعمارية في جامعة بوينس أيرس وتخرج فيها عام‬ ‫‪ ،1977‬ثم سافر إلى لندن حيث التحق بالمعهد الملكي‬ ‫للفنون وحصل على درجة الماجستير في الفنون سنة‬ ‫‪1981‬م‪ .‬ثم عمل أستاذاً في المعهد الملكي‪.‬‬ ‫بعد مغادرته المعهد‪ ،‬أخذ يصمم مصنوعاته الخاصة‪.‬‬ ‫صمم «الراديو الخاتم»‪ ،‬وهو جهاز‬ ‫وفي سنة ‪1982‬م‪ّ ،‬‬ ‫راديو موضوع في خاتم شفاف‪ .‬فأخذت شهرته تتسع‬ ‫شيئاً فشيئاً‪.‬‬ ‫انضم إلى «بنتاغرام» سنة ‪1992‬م‪ .‬وعمل عن كثب مع‬ ‫شركة «ألدو غروب»‪ ،‬فصمم لها ثالثة متاجر‪ .‬ومن زبائن‬ ‫وايل «يونايتد إيرالينز»‪ ،‬شركة الطيران المدني أ‬ ‫المريكية‪.‬‬ ‫وقد صمم لها مقصورة الركاب‪ ،‬وبعض التجهيزات مثل‬ ‫صواني الطعام ومالبس المال َّحين وكثيراً من أ‬ ‫المور التي‬ ‫تشكل هوية بصرية للشركة داخل الطائرة‪.‬‬


‫‪59 | 58‬‬

‫فكرة‬

‫مجزءاً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الجوال‬

‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫ال ت‬ ‫ولنه من المتوقع أن يحظى هذا االبتكار الجديد باهتمام‬ ‫لك�ونية‬ ‫جراء استبدال الدوات إ‬ ‫تالفياً للهدر ي‬ ‫الكب� الحاصل َّ‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫طور المصمم الهولندي ديف ن ز‬ ‫المستهلك� ورضاهم‪ ،‬نظراً لنه يوفِّر عليهم تكلفة امتالك‬ ‫مجسمات‬ ‫المستعملة‪َّ ،‬‬ ‫هاكي� َّ‬ ‫هواتف جديدة بالكامل‪ ،‬سارعت ش�كات عمالقة مثل غوغل‬ ‫ذك‪،‬‬ ‫لوحدات مستقلة وعديدة تشكِّل مجتمعة جهاز هاتف ي‬ ‫وموتوروال إىل تبنيه فور الكشف عنه‪.‬‬ ‫وأطلق عليها اسم «مكعبات الهاتف» (فون بلوكس)‪ ،‬ونال‬ ‫يز‬ ‫أك� ف ي� خياراته‪ ،‬من‬ ‫المتم�ة لعام ‪2014‬م الجاري‪.‬‬ ‫عليها جائزة المبتكرات‬ ‫ويسمح االبتكار الجديد لصاحبه بحرية ب‬ ‫ف‬ ‫«الموحد» الذي نعرفه حالياً‪.‬‬ ‫الجوال‬ ‫َّ‬ ‫تلك المفروضة عليه ي� َّ‬ ‫الكام�ا ف ي� هاتفه بوحدة‬ ‫وعىل الرغم من أن فكرة تحويل جهاز الجوال إىل وحدات‬ ‫إذ يمكن لصاحبه أن يستبدل وحدة ي‬ ‫أخرى من إنتاج ش�كة مختلفة تعجبه ث‬ ‫أك�‪ ،‬أو تتمتع بمزايا‬ ‫مستقلة ليست جديدة تماماً‪ ،‬فإن هذا المصمم أوصلها إىل‬ ‫أ‬ ‫الكام�ات إىل التنافس‬ ‫عال من التكامل‪ ،‬بحيث بات بإمكان المستخدم‬ ‫أفضل‪ .‬وبالطبع‪ ،‬سيقود المر ش�كات ي‬ ‫مستوى ٍ‬ ‫لعطل فيما بينها عىل تصنيع هذه الوحدة دون يغ�ها من بقية‬ ‫تعرضت‬ ‫االستغناء عن أي وحدة من وحدات جواله إذا َّ‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫يؤ� ثماراً‬ ‫ما أو أصبحت مواصفاتها قديمة أو ذات طاقة استيعاب‬ ‫وحدات َّ‬ ‫الجوال الخرى‪ ،‬المر الذي يتوقع له أن ي‬ ‫مدهشة عىل مستوى تطور كل وظائف الجوال وقدراته‪.‬‬ ‫محدودة‪ ،‬وإبدالها بوحدة جديدة‪.‬‬


‫أدب وفنون‬

‫الثقافة بمفهومها‬ ‫األرحب‬

‫يحظى الفن التشكيل ف� القسم ف‬ ‫الثقا� من هذا العدد ي ن‬ ‫بباب�‪« :‬فنان ومكان» حيث‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ف‬ ‫والنسانية ي� أعمال‬ ‫نستطلع الحضور القوي للحجاز بمعالمه العمرانية والجمالية إ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫تا�‪.‬‬ ‫الفنان المعروف طه صبان‪ ،‬ونزور ي� «فرشاة ف وإزميل» مح�ف الفنانة دانة عور ي‬ ‫التشكيل يح�ض الشعر‪ ،‬وهو ي� هذا العدد مع قصيدة للشاعر‬ ‫وبموازاة الفن‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫العر�‪،‬‬ ‫النجر ن يا� صالح زمانان‪،‬‬ ‫ال� تدور هنا حول مرسح الطفل ب ي‬ ‫والقضية ي‬ ‫وصفحات اللغة والرأي أ‬ ‫والرشيف‪.‬‬ ‫كما يلقي ملف الثقافة الضوء عىل قطار ش‬ ‫ال�ق الرسيع الذي أقام له معهد العالم‬ ‫ف‬ ‫الك�ى‬ ‫العر� ي� باريس معرضاً استعادياً لتاريخه‪ ،‬بوصفه إحدى صالت الوصل ب‬ ‫بي‬ ‫أ‬ ‫ما ي ن‬ ‫ش‬ ‫ش‬ ‫ب� أوروبا وال�ق خالل النصف الول من القرن الع�ين‪ .‬والواقع أننا ارتبكنا‬ ‫ف‬ ‫لبعض الوقت ي� التعامل مع هذا الموضوع لجهة أي قسم من المجلة يجب أن‬ ‫مصور عن وسيلة نقل أم ث‬ ‫أك� من ذلك؟ وهل‬ ‫يضمه‪ .‬أهو مجرد استطالع تاريخي َّ‬ ‫التشكيل واللغة‪.‬‬ ‫يجوز تناول موضوع قطار إىل جانب الشعر والفن‬ ‫ي‬ ‫إن المفهوم الرحب للثقافة يشمل كل المؤثرات فيها‪ ،‬وال يقترص أبداً عىل استعراض‬ ‫الكب� الذي لعبه هذا‬ ‫منتجاتها‪ .‬وانطالقاً من هذا المفهوم‪ ،‬وبعد استطالع الدور ي‬ ‫القطار‪ ،‬وخاصة ف� مجال إطالع أ‬ ‫ال�ق‪ ،‬ت‬ ‫ين‬ ‫الغربي� عىل ش‬ ‫تحول هو نفسه‬ ‫الدباء‬ ‫ح� َّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫إىل مادة أدبية‪ُ ،‬حسم االرتباك‪ ،‬وها هو ي� مكانه الصحيح ي� هذا القسم‪.‬‬ ‫علي المجنوني‬

‫‪60‬‬

‫مسرح الطفل العربي‬

‫‪62‬‬

‫على سكة قطار الشرق‬ ‫السريع‬

‫‪73‬‬

‫دانة عورتاني‪ ..‬تعيد إلى ثنايا‬ ‫التكوينات الهندسية روح الشرق‬


‫‪61 | 60‬‬

‫أدب وفنون‬

‫َّ‬ ‫الموجه للكبار‪،‬‬ ‫على عكس حال المسرح الجاد‬ ‫والذي هو غربي المنشأ ولم يدخل ثقافتنا‬ ‫العربية إال في العصر الحديث‪ ،‬فإن العروض‬ ‫اإلبداعية الموجهة لألطفال هي ذات تاريخ‬ ‫عريق في ثقافتنا‪ ،‬ليس «خيال الظل» و«مسرح‬ ‫العرائس» إال بعض تجلياتها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يبقى‬ ‫ً‬ ‫عموما دون مستوى‬ ‫مسرح الطفل العربي‬ ‫الطموحات التي تعبِّ ر عنها كثرة المهرجانات‬ ‫والمساعي المختلفة الهادفة إلى النهوض به‪.‬‬ ‫أميمة عز الدين‬

‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مسرح الطفل العربي‬ ‫ال أحد ينكر أن أوبريت «الليلة‬ ‫الكب�ة» للشاعر الراحل صالح‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫جاه� يمثل نقلة نوعية لمرسح‬ ‫ي‬ ‫الطفل ف‬ ‫العر�‪ ،‬وأننا كباراً‬ ‫الوطن‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫بالبيض أ‬ ‫شغوف� أ‬ ‫ين‬ ‫والسود‪.‬‬ ‫وصغاراً كنا وما زلنا‬ ‫يندرج هذا الفن تحت اسم «مرسح العرائس» الذي ظهر‬ ‫الغريق الذين كانوا يلقِّنون الجند فن‬ ‫قديماً عند الفراعنة‪ ،‬وأيضاً إ‬ ‫المحاكاة‪ ،‬وتمثيل أدوار درامية تتعلق بالمروءة والفضيلة والدفاع‬ ‫ين‬ ‫الصيني� الذين تفننوا ف� تمثيليات خيال الظل‪،‬‬ ‫عن الوطن‪ .‬وال ننىس‬ ‫ت‬ ‫ال� احتلوها‪ ،‬ثم ظهر‬ ‫ونقلها عنهم المغول وحملوها إىل العراق ي‬ ‫الموصل‬ ‫اعي‬ ‫ز‬ ‫الخ‬ ‫هذا الفن عىل يد الحكيم شمس الدين بن‬ ‫ي‬ ‫الذي نزح إىل القاهرة‪ ،‬ثم وصل هذا الفن إىل تركيا عام‬ ‫‪1517‬م ف� عهد السلطان سليم أ‬ ‫الول‪ ،‬ش‬ ‫لينت� الحقاً‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫نس جان جاك روسو مبدأ‬ ‫ي� أوروبا‪ .‬رفض المفكر الفر ي‬ ‫ين‬ ‫والتلق� عن طريق الكتب وشجع التعلم عن‬ ‫التعليم‬ ‫طريق اللعب والحركة واستخدام الحواس‪ ،‬ودعا إىل‬ ‫استخدام تلك أ‬ ‫الساليب ف� كتابه «إميل»‪ .‬واستفاد منه المسؤولون عن ت‬ ‫ال�بية‪،‬‬ ‫أ‬ ‫والبداع‬ ‫فتعلم الطفال وقتذاك وشجع عىل تأسيس مرسح للطفل للتعلم إ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫ش‬ ‫المبا�‪.‬‬ ‫والتلق�‬ ‫تر� جيال ً يعتمد عىل االبتكار والتنوير دون الحفظ‬ ‫ال� ب ي‬ ‫ولل�بية ي‬ ‫ين‬ ‫الياباني� تلقفوا هذا الفن باهتمام شديد‪ ،‬وأعادوا اكتشافه‬ ‫جدير بالذكر أن‬ ‫ت‬ ‫عىل طريقتهم‪ ،‬وعملوا عىل تطوير أدواته ومعطياته وأفكاره ح� أصبح له كيان‬ ‫مستقل‪ .‬ولعل ت‬ ‫بي� شومان ف� مرسحه الذي يسمى بمرسح «الدمى ب ز‬ ‫والخ�» هو‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫المخرج� المعارصين الذي يعتمد عىل مرسح العرائس ‪ /‬الدمى‪.‬‬ ‫أشهر‬


‫صالح جاهين‬

‫الطريق إىل المرسح المعارص‬

‫هناك من يؤكد أن المغرب عرف مرسح الطفل منذ عام ‪1860‬م‪ ،‬عندما استوىل‬ ‫السبان عىل مدينة تطوان‪ ،‬حيث مثلت فرقة بروتون مرسحية بعنوان‪« :‬الطفل‬ ‫إ‬ ‫المغر�»‪ ،‬وذلك عىل خشبة مرسح إيزابيل الثانية بتطوان‪ ،‬وهي أول خشبة �ف‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫و� إفريقيا‪ .‬وظهرت بعدها قاعة مرسح أ‬ ‫العالم العر� ف‬ ‫الزبكية عام ‪1868‬م‪،‬‬ ‫بي ي‬ ‫أ‬ ‫والوبرا بالقاهرة سنة ‪1869‬م بمناسبة افتتاح قناة السويس ف ي� عهد الخديوي‬ ‫إسماعيل‪.‬‬ ‫وال يفوتنا ذكر دور الرائد السوري أبو خليل ن ف‬ ‫ئ‬ ‫غنا�‬ ‫القبا� ي� تأسيس مفهوم مرسح ي‬ ‫ي‬ ‫عر� مستقل ف ي� القرن التاسع ش‬ ‫ع� ف ي� كل من سوريا ومرص‪ ،‬وقد تتلمذ عىل فنه‬ ‫بي‬ ‫العر� إىل يومنا هذا‪.‬‬ ‫المرسح‬ ‫أعالم‬ ‫المرسحية‬ ‫وتجاربه‬ ‫بي‬ ‫لم يؤسس لمرسح الطفل ف� البالد العربية إال ف� أواسط القرن ض‬ ‫الما�‪ .‬ولعل فن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الراجوز كان محاولة لتقديم مرسح يخص الطفل بإمكانات متواضعة‪ .‬وقد اختلف‬ ‫الباحثون حول ن‬ ‫مع� كلمة «أراجوز»‪ .‬فهناك رأي يُرجعها إىل اللغة الفرعونية «أورو‬ ‫ال�كية‪ ،‬ت ن‬ ‫جوز» أي راوي الحكايات‪ ،‬وآخر ينسبها إىل «القرة قوز» باللغة ت‬ ‫تع�‬ ‫ال� ي‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫الع� السوداء‪ ،‬وآخرون يقولون إنها تحريف لقراقوش نسبة إىل بهاء الدين قراقوش‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫العثما�‪ ،‬وأيضاً مرسحيات خيال الظل الذي عرفته مرص‬ ‫أحد حكام مرص ي� العهد‬ ‫ح� يقال إن ي صالح الدين أ‬ ‫الفاطمي�‪ ،‬ت‬ ‫ين‬ ‫يو� ح�ض عرضاً لخيال الظل‬ ‫ال‬ ‫ف ي� عرص‬ ‫بي‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫مع وزيره‬ ‫الموصل‬ ‫القا� الفاضل عام ‪567‬هـ‪ .‬اشتهر ي� هذه اللعبة ابن دنيال‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫والشيخ مسعود… وهذا الفن هو عبارة عن دمى ملونة ورقية أو جلدية‪ ،‬تقوم‬ ‫عص خشبية ف ي�‬ ‫بتمثيل مرسحية تصاحبها موسيقى‪ .‬ويستعمل ممثلو خيال الظل ِ ي ّ‬ ‫تحريك الدمى من وراء الستار‪ ،‬ومن خالل عكس الضوء عىل الستار شبه الشفاف‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫بالممثل� أن يتمتعوا بمواهب عديدة‪ ،‬بحيث يمكنهم الغناء وتقليد‬ ‫ويف�ض‬ ‫أ‬ ‫الصوات‪.‬‬ ‫وعىل الرغم من التقدم العظيم ف ي� وسائل االتصال والتكنولوجيا‪ ،‬إال أن الطفل‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫ما زال يرغب برؤية مرسح يخصه‪ ،‬ب ِّ‬ ‫يع� عن أحالمه وطموحاته والتحديات ي‬ ‫ف‬ ‫والرشاد وإعالء‬ ‫تواجهه ي� الحياة‪ .‬فما زال االعتماد قائماً عىل مرسح الوعظ إ‬ ‫توف� أساليب ممتعة جذابة‪ .‬أو ن ز‬ ‫ي�ع القائمون عىل مرسح‬ ‫القيم الهادفة دون ي‬ ‫الطفل إىل االبتذال ف ي� تقديم أعمال تخلو من المتعة والرسالة الهادفة‪ ،‬وتقوم‬ ‫ت‬ ‫عىل المبالغة ف� ت ز‬ ‫ال�‬ ‫ان�اع الضحكات من خالل إ‬ ‫التيان ببعض الحركات العصبية ي‬ ‫م� جيداً ي ن‬ ‫يطلقون عليها «كوميديا»‪ ،‬ويتناىس معظمهم أن الطفل كائن ذك يُ ي ز‬ ‫ب�‬ ‫ي‬ ‫الغث والمفيد‪.‬‬

‫بيتر شومان‬

‫مرسح الطفل اليوم‬

‫ت‬ ‫كث�ة‪ ،‬ونذكر منها عىل‬ ‫ال� تُروج لمفهوم المرسح لدى الطفل باتت ي‬ ‫المهرجانات ي‬ ‫أ‬ ‫المارات لمرسح‬ ‫العر�‪ ،‬ومهرجان إ‬ ‫سبيل المثال مهرجان الردن لمرسح الطفل ب ي‬ ‫الدول لمرسح الطفل‬ ‫الطفل‪ ،‬ومهرجان أصيلة بالمغرب‪ ،‬وهناك أيضاً المهرجان‬ ‫ي‬ ‫الذى يُعقد بالغردقة ف ي� مرص بالتعاون مع مؤسسة «مانيتون» لمرسح الطفل‪.‬‬ ‫وأيضاً ال يفوتنا أن نذكر المهرجان العر� لمرسح الطفل أ‬ ‫الول برعاية المجلس‬ ‫بي‬ ‫الكوي� آ‬ ‫للداب والفنون ف� مارس‪ ،‬العام ض‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫قدم تجارب‬ ‫الوط�‬ ‫الما�‪ ،‬الذي َّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫مرسحية عديدة من بلدان عربية مختلفة نذكر أبرزها مرسحية «مريوم والسنافر»‬ ‫المارات العربية المتحدة‪ ،‬ومرسحية «التعاون» من سلطنة ُعمان‪،‬‬ ‫من دولة إ‬ ‫ف‬ ‫ومرسحية «أشعل شمعة» من مملكة البحرين‪ ،‬ومرسحية «همام ي� رحلة بالد‬ ‫بالضافة إىل ثالثة عروض من الكويت‪،‬‬ ‫الشام» من المملكة العربية السعودية‪ ،‬إ‬ ‫ومشاركات أخرى من بعض الدول العربية‪.‬‬ ‫ف‬ ‫العر� ما زال مرسح الطفل‬ ‫ولكن‪ ،‬عىل الرغم من كل تلك المهرجانات ي� الوطن ب ي‬ ‫يحتاج إىل وقفة حاسمة ت‬ ‫المكانات المادية والتقنية والفنية‬ ‫وتوف� كافة إ‬ ‫لل�ويج له ي‬ ‫والبداعية ت‬ ‫ح� يظهر بما يليق وعقلية الطفل الذي تي�ب َّ� اليوم عىل الكمبيوتر‬ ‫إ‬ ‫آ‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫ال� يزخر بها المجتمع‪ .‬ال ننكر أن‬ ‫االجتماعي‬ ‫التواصل‬ ‫وسائل‬ ‫ا‬ ‫وأيض‬ ‫باد‪،‬‬ ‫ي‬ ‫وال‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫ال�‬ ‫ومهتم� بهذا الشأن‬ ‫مبدع�‬ ‫هناك‬ ‫ومخلص� له‪ ،‬لكن تبقى إ‬ ‫المكانات المادية ي‬ ‫البهار البرصي والسمعي‬ ‫كب� منه عىل إ‬ ‫يحتاجها مرسح الطفل الذي يعتمد جزء ي‬ ‫ين‬ ‫الممثل�‪ ،‬بحاجة إىل تدفق مادي منتظم‪ ،‬ال يقترص عىل أيام المهرجانات‬ ‫وأداء‬ ‫فقط‪ ،‬وإنما يكون إبداعاً منتظماً وله مواسمه المعلومة خالل العام‪ ،‬بما يتناسب‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� يجب أن‬ ‫مع إجازات الطفال بالمدراس‪ .‬وحبذا لو تم تعزيز عروض الصيف ي‬ ‫تكثف‪ ،‬لشغل أوقات الفراغ عند الصغار‪ ،‬وإكسابهم مزيداً من المتعة والتعلم‬ ‫ش‬ ‫المبا� من خالل مرسح متخصص ف ي� أهدافه وأدواته‪ ،‬وموجه خصيصاً للطفل‬ ‫يغ�‬ ‫العر� للتعريف به وتقديمه‬ ‫اثنا‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫واستغالل‬ ‫البيئية‬ ‫الظروف‬ ‫كل‬ ‫اعاة‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫مع‬ ‫العر�‬ ‫بي‬ ‫بي‬ ‫بأسلوب عرصى يتناغم مع متطلبات طفل اليوم‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪63 | 62‬‬

‫ً‬ ‫َّ‬ ‫غالبا من‬ ‫والرحالة الذين كانوا‬ ‫المسافرين‬ ‫َّ‬ ‫ليتحول السفر على متنه إلى‬ ‫علية القوم‪،‬‬ ‫غاية وقيمة ثقافية بحد ذاتها‪ .‬قيمة أعاد‬ ‫معهد العالم العربي في باريس تسليط‬ ‫الضوء عليها‪ ،‬من خالل المعرض الضخم‬ ‫الذي أقامه لهذا القطار المثقل بذكريات‬ ‫أدبية وثقافية صيغت على متنه أو بوحي‬ ‫منه ألكثر من قرن من الزمن‪.‬‬

‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫د‪ .‬أسماء َّ‬ ‫كوار‬

‫َم َ‬ ‫از َج الثقافات‬ ‫وألهم اآلداب والفنون‬

‫على سكة قطار‬ ‫الشرق السريع‬

‫ألبرت برينيه ‪ -‬قطار الشرق السريع في فرنسا‬

‫أدب وفنون‬

‫صلة وصل ال مثيل لها بين الغرب‬ ‫والشرق‪ .‬بهذه الكلمات يمكن وصف‬ ‫«قطار الشرق السريع»‪ ،‬الذي لعب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تاريخيا تجاوز إلى ٍّ‬ ‫حد بعيد نقل‬ ‫دورا‬


‫يقول كلود موالر محافظ المعرض «إن هذا القطار‬ ‫ف‬ ‫و� الوقت نفسه معقَّد‪.‬‬ ‫أسطورة‪ ،‬وهو ِّ‬ ‫مشوق ي‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫نث� موضوعا ما يتعلَّق به‪ ،‬ح� نرى‬ ‫فيكفي أن ي‬ ‫بريقاً ف ي� عيون من يتحدثون عنه‪ ..‬يذكرونه من‬ ‫رواية قرأوها أو من ِفلم شاهدوه مثل مرسحية‬ ‫لغراهام غرين‪ ،‬أو قصة بوليسية نسجتها أجاثا‬ ‫ت‬ ‫كريس� عام ‪1934‬م عىل شاكلة «جريمة ف ي� قطار‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ال�ق الرسيع»‪.‬‬ ‫فقد عاش قطار ش‬ ‫ال�ق الرسيع غداة انطالقه عام‬ ‫‪1883‬م‪ ،‬عىل إيقاع الجغرافيا خاصة الجغرافيا‬ ‫السياسية‪ .‬فقد تزامن عرصه‬ ‫الذه� مع عرص‬ ‫بي‬ ‫وتغ�‬ ‫تصادم إ‬ ‫ال بم�اطوريات وتهاوي عديد منها ي‬ ‫ين‬ ‫حدود الدول بفعل ي ن‬ ‫عالميت�‪ .‬فحمل عىل‬ ‫حرب�‬ ‫متنه من جملة ما حمل العديد من الر ي ن‬ ‫اغب� ف ي�‬ ‫المعرفة واالكتشاف‪.‬‬

‫في عربات قطار الشرق السريع‪،‬‬ ‫ُكتب فصل من فصول األدب‬ ‫في العصر الحديث‪ ،‬هذا‬ ‫األدب المسكون بحمى اإلبداع‬ ‫والمرفق بقصص خيالية‪ ،‬لم‬ ‫تحبسها العربات األربع الزرقاء‬ ‫والذهبية‪ ،‬فكانت مفتوحة‬ ‫على عالم الطبيعة الخالب من‬ ‫جبال وصحارى إلى هضاب‬ ‫وسهوب‪..‬‬

‫ويقول كريستوفر بورستال فيما كتبه بعنوان «غراهام‬ ‫أ‬ ‫إكس�س» عام ‪1968‬م‪:‬‬ ‫غرين يستقل الورينت ب‬ ‫«أهوى أن أرى الحدود ش‬ ‫تتال�‪ ،‬وأحب رؤية بلد‬

‫يذوب ف� بلد آخر‪ ..‬أ‬ ‫الكيد أنه يمكن أن يحدث أي‬ ‫ش�ء ف� ي أي لحظة‪ ،‬لكن كنا نشعر بذلك أ‬ ‫المان ف ي�‬ ‫ي ي‬ ‫عرباته ف ي� كل وقت‪ ...‬والكل يبحث عن وريقات وعن‬ ‫ين‬ ‫الموهوب�‪ ...‬لنكتب رواية‬ ‫مغامرات ف ي� قصاصات‬ ‫أو قصة جديدة تمتد إىل العراق أو مرص أو لبنان»‪.‬‬ ‫ت ت‬ ‫ال ي ز‬ ‫ال�‬ ‫الشه�ة أجاثا‬ ‫نجل�ية‬ ‫تقول الروائية إ‬ ‫ي‬ ‫كريس� ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫أمضت شهر العسل عىل م� هذا القطار‪« :‬طوال‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫يقل� هذا القطار المرموق‪.‬‬ ‫ي‬ ‫حيا� كنت أتم� أن ي‬ ‫فعندما كنت أتجه إىل فرنسا‪ ،‬كنت أعجب جداً به‪..‬‬ ‫وقد تحققت ت‬ ‫أمني�»‪.‬‬ ‫ي‬ ‫وتضيف‪...« :‬من حولنا أناس من كل الطبقات‪ ،‬ومن‬ ‫كل الجنسيات‪ ،‬ومن كل أ‬ ‫العمار‪ ،‬يتعايشون لمدة‬ ‫ثالثة أيام هؤالء الغرباء تحت سقف واحد‪ ،‬ينامون‬ ‫ويأكلون تحت نفس السقف‪ ..‬وليس لهم أن يتفادوا‬ ‫و� نهاية أ‬ ‫ف‬ ‫اليام الثالثة ت‬ ‫يف�ق الجميع‪،‬‬ ‫بعضهم‪ ،‬ي‬ ‫ويسلك كل طريقه‪ ،‬ولن يلتقوا مرة أخرى دون‬ ‫شك…»‪.‬‬ ‫ت‬ ‫مر عىل هذه العربات بيار‬ ‫ومثل أجاثا‬ ‫كريس�‪َّ ،‬‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫لو�‪ ،‬جوزيف كيسال الذي صدر له عن دار‬ ‫ي‬ ‫بأرسة»‪ ،‬وكتب بول‬ ‫غاليمار عام ‪1932‬م «عربات َّ‬ ‫ف‬ ‫مورو «مفتوح ليالً» عن الدار نفسها ي� ‪1922‬م‪.‬‬ ‫مست� ي ن‬ ‫ش‬ ‫ق�‪ ،‬حاولوا ولوج عالم‬ ‫بالضافة إىل‬ ‫إ‬ ‫ش‬ ‫الم�ق من خالل الثقافة والعادات والتقاليد‬ ‫وأسماء أخرى مثل لون فليمينغ‪ ،‬جون دي كارز‬ ‫الذي كتب «كان يا ما كان قطار ش‬ ‫ال�ق الرسيع»‪،‬‬ ‫بالضافة إىل عدد من العمالقة من أمثال تولستوي‬ ‫إ‬ ‫وهمنغواي وشخصيات مشهورة مثل الممثلة‬ ‫مارل� ت‬ ‫ين‬ ‫دي�يخ‪ ،‬ولورانس العرب والجاسوسة ماتا‬ ‫ت‬ ‫ال� كانت تتجسس لصالح مصالح‬ ‫هاري‪ ،‬المرأة ي‬ ‫مخابراتية غربية‪ ،‬وعىل مسامع أمثال هؤالء غ َّنت‬ ‫أسمهان قصائد وألحاناً عربية‪.‬‬

‫أدباء ‪ ...‬ف ي� ذاكرتهم القطار‬ ‫أ‬ ‫السطورة‬ ‫ف‬

‫ي� عربات قطار ش‬ ‫ال�ق الرسيع‪ ،‬كُتب فصل من‬ ‫أ‬ ‫فصول أ‬ ‫الدب ف ي� العرص الحديث‪ ،‬هذا الدب‬ ‫البداع والمرفق بقصص خيالية‪.‬‬ ‫المسكون بحمى إ‬ ‫لم تحبسها العربات أ‬ ‫الربع الزرقاء والذهبية‪،‬‬ ‫فكانت مفتوحة عىل عالم الطبيعة الخالب من‬ ‫جبال وصحارى إىل هضاب وسهوب‪ ..‬ت‬ ‫يخ�قها‬ ‫ومشاه� من كل الجنسيات‬ ‫قطار جمع أدباء‬ ‫ي‬ ‫محموم� بـ ي ن‬ ‫ين‬ ‫«ج�» االكتشاف المصحوب بحب‬ ‫التطلع وكتابة تاريخه داخل عربات مفتوحة عىل‬ ‫عالم الطبيعة‪ ...‬روائع أدبية حملها قطار ش‬ ‫ال�ق‬ ‫الرسيع أو كان ملهمها‪ ،‬أو ملهم مبدعيها‪ .‬واحد من‬ ‫هؤالء هو أدمون فرانسوا فالونتان آبو‪ ،‬أحد الكتاب‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫كاديمي� الفر ي ن‬ ‫ين‬ ‫المرموق�‪ ،‬كان له ش�ف‬ ‫نسي�‬ ‫وال‬ ‫ت‬ ‫ال� شاركت ف ي� افتتاح‬ ‫االنتماء إىل القلة المحظوظة ي‬


‫‪65 | 64‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫«آه يا أورينت إكسبريس‪...‬‬ ‫قاطراتك العالية والرقيقة‬ ‫تقرضني معجزة ضجيجك‬ ‫الصامت الممتد إلى‬ ‫الشرق‪ ..‬وصدى صوتك‬ ‫النابض بالحياة‪ ،‬يقرضني‬ ‫جرعة خفيفة وسهلة‬ ‫للتنفس‪»)…( ...‬‬

‫أول خط للسكك الحديدية لقطار ش‬ ‫ال�ق الرسيع‪.‬‬ ‫وعند عودته كتب آبو شهادته «لمتعة» امتدت من‬ ‫دو بونتواز بفرنسا إىل إسطنبول تب�كيا وذلك عام‬ ‫‪1884‬م‪ .‬فكتب يقول‪:‬‬ ‫«لقد شهدت عن حق أن عرصنا هو «الطفرة»‬ ‫ف‬ ‫أك�‬ ‫ي� صنع المعجزات؛ لم أر أي إنجاز مذهل ب‬ ‫من هذه الملحمة»‪ .‬أ‬ ‫ولن قطار ش‬ ‫ال�ق جعله‬ ‫يكتشف ش‬ ‫ال�ق ومرص عىل الخصوص‪ ،‬كتب كتابه‬ ‫«الفالح» قصة الفالح المرصي الذي أصبح من‬ ‫أشهر الشخصيات وتزوج بفتاة ي ز‬ ‫إنجل�ية من عائلة‬ ‫أرستقراطية‪.‬‬ ‫ومثل أدمون آبو‪« ،‬ترنح» أدباء آخرون عىل خط‬ ‫أ‬ ‫العر�‪،‬‬ ‫الورينت ب‬ ‫إكس�يس‪ ،‬أفاكتشفوا العالم ب ي‬ ‫واكتشفوا رونقاً آخر لدب ش‬ ‫ال�ق‪ ،‬فمدوا بينه وبينهم‬ ‫يسجل عند مشارف كل بلد بداية تاريخية‪...‬‬ ‫جرساً ّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫فيتحول الديب من السائح المغ�ب إىل المقيم‬ ‫والزائر الدائم‪ ،‬يحول الكلمة ف ي� غرف العربات‬ ‫إىل عناقيد ضياء‪ ،‬فتصف التل والنجم والبحر‬ ‫والصحراء‪ ،‬تصف نجمة تومض عند كل محطة‪،‬‬ ‫الظه�ة لتصل تحت ضوء القمر إىل أطراف‬ ‫وتحلق ف ي�‬ ‫ي‬ ‫قاهرة المعز‪.‬‬

‫المشغلة للقطار‬ ‫ِّ‬ ‫شعار الشركة‬

‫هنا قطار ش‬ ‫ال�ق الرسيع‪ ..‬حلم ومصدر إلهام‪..‬‬ ‫كث�ون وشهدوا أنه خط أسطوري‬ ‫حلم كتب عنه ي‬ ‫منح أ‬ ‫ً‬ ‫الدب عمراً وعرصا ذهبياً… فاقتطع أمثال‬ ‫فال�ي الربو‪ ،‬تذكرة سفر عىل عرباته‪ ،‬ليقول‪« :‬آه‬ ‫ي‬ ‫إكس�يس‪ ...‬قاطراتك العالية والرقيقة‬ ‫يا أورينت ب‬ ‫ن‬ ‫تقرض� معجزة ضجيجك الصامت الممتد إىل‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫يقرض�‬ ‫ال�ق‪ ..‬وصدى صوتك النابض بالحياة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫جرعة خفيفة وسهلة للتنفس‪( .»)...( ...‬أشعار ثري‬ ‫فال�ي الربو‪1908 ،‬م)‪.‬‬ ‫مبتدئ‪ ،‬ي‬

‫جريمة على قطار الشرق السريع‬ ‫ت‬ ‫ال ي ز‬ ‫كريس� بحق رائدة‬ ‫نجل�ية أجاثا‬ ‫إن كانت الكاتبة إ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫البوليس ف ي� القرن الع�ين‪ ،‬فما من شك‬ ‫الدب‬ ‫ي‬ ‫أيضاً أن روايتها «جريمة عىل قطار ش‬ ‫ال�ق الرسيع»‬ ‫ت‬ ‫ال� شن�تها عام ‪1934‬م‪ ،‬هي أشهر أعمالها عىل‬ ‫ي‬ ‫الفلم‬ ‫إ‬ ‫الطالق‪ .‬شهرة عززتها السينما من خالل ِ‬ ‫الشه� الذي حمل العنوان نفسه وأدهش العالم‬ ‫ي‬ ‫ضم آنذاك من عمالقة التمثيل‬ ‫عام ‪1974‬م‪ ،‬إذ َّ‬ ‫ئ‬ ‫ألب�ت‬ ‫السينما� ما لم يجتمع مثيل له من السابق‪ :‬ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫أنتو� يب� ن ز‬ ‫في�‪ ،‬ي ن‬ ‫ك�‪،‬‬ ‫ش� كونري‪ ،‬لورين باكال‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫جون جيلغود‪ ،‬مايكل يورك‪ ،‬ي ن‬ ‫جاكل� بيسيه‪ ،‬فانيسا‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� حازت جائزة الوسكار‬ ‫ريدغريف وأنغريد يب�غمان ي‬ ‫ف‬ ‫الفلم‪.‬‬ ‫لدورها ي� هذا ِ‬ ‫تدور أحداث هذه الرواية عىل ت ن‬ ‫م� القطار خالل‬ ‫ن‬ ‫ح� يضطر إىل‬ ‫رحلة العودة من إسطنبول إىل لندن‪ ،‬ي‬ ‫التوقف لعدة أيام ف ي� مكان ما من البلقان‪ ،‬بسبب‬ ‫ف‬ ‫و� الليل‪ ،‬يُقتل رجل‬ ‫عاصفة ثلجية عطَّلت سكته‪ .‬ي‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫طعناً‬ ‫ال�‬ ‫بالسكاك�‪ ،‬لتبدأ سلسلة التحقيقات ي‬ ‫ه�كول بوارو‪..‬‬ ‫يُجريها بشكل يغ� رسمي المحقق ي‬ ‫أ‬ ‫ويتوصل المحقق إىل اكتشاف القاتل (والصح أن‬

‫نقول القتلة) قبيل معاودة القطار استئناف رحلته‬ ‫بعد بضعة أيام‪ ،‬من خالل حوار وتحقيق أجمع‬ ‫النقاد وال يزالون يُجمعون‪ ،‬عىل أنه من أذىك ما ظهر‬ ‫ف� أ‬ ‫البوليس‪.‬‬ ‫الدب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫كريس� حبكة روايتها ومناخها العام من‬ ‫استوحت‬ ‫ي‬ ‫جملة عنارص واقعية‪ .‬فالقتيل عىل القطار هو قاتل‬ ‫سبق أن قتل طفلة ف ي� الثالثة من عمرها‪ .‬وهذه‬ ‫تعرض لها‬ ‫النقطة‬ ‫مستوحاة من عملية خطف حقيقية َّ‬ ‫أ‬ ‫الشه� تشارلز ليندبرغ عىل يد‬ ‫مريك‬ ‫ي‬ ‫ابن الطيار ال ي‬ ‫خادمته عام ‪1932‬م‪.‬‬ ‫ت‬ ‫كريس� نفسها أجواء توقف القطار‬ ‫وإىل ذلك‪ ،‬عاشت‬ ‫ي‬ ‫‪ 24‬ساعة عام ‪1931‬م‪ ،‬عندما كانت عائدة من زيارة‬ ‫إىل زوجها ف ي� نينوى بالعراق‪ .‬كما سبق أن تناهى إىل‬ ‫خ� توقف القطار لمدة ستة‬ ‫سمعها عام ‪1929‬م‪ ،‬ب‬ ‫أيام بعيد مغادرته إسطنبول بسبب الضباب‪.‬‬ ‫المتخيل تمكنت من إنتاج تحفتها‬ ‫المعاش إىل‬ ‫وبجمع ُ‬ ‫َّ‬ ‫الخالدة هذه‪.‬‬


‫الكبائن الليلية والنهارية في قطار الشرق السريع‬

‫القطار بحد ذاته‬ ‫انطلق «قطار ش‬ ‫ال�ق الرسيع» ف ي� أوىل رحالته عام ‪1883‬م‪ ،‬وكانت آخر‬ ‫رحالته عام ‪2009‬م‪ .‬البداية كانت بطيئة والنهاية أيضاً‪ ،‬وما بينهما عرص‬ ‫ذه� تركَّز بشكل خاص ف� النصف أ‬ ‫الع�ين‪ .‬ي ن‬ ‫الول من القرن ش‬ ‫ح� كانت‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫صلة الوصل المنتظمة ما ي ن‬ ‫ب� لندن ف ي� الغرب وإسطنبول ف ي� ش‬ ‫ال�ق مروراً‬ ‫بباريس ت‬ ‫وغ�ها‪ .‬ومن‬ ‫وس�اسبورغ ولندن وفيينا وبودابست وبوخارست ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫إسطنبول إىل طرابلس ي� لبنان ي� رحلة كانت تدوم أربعة أيام ونصف‪،‬‬ ‫وإىل بغداد ف ي� مدة ثمانية أيام‪ ،‬وإىل القاهرة ف ي� سبعة أيام ومنها إىل‬ ‫أ‬ ‫القرص وأسوان‪.‬‬

‫عيِّ نة مما كانت عليه‬ ‫مقصوراته‬

‫ملصق دعائي لسكة‬ ‫قطار الشرق السريع‬

‫فال�ي الربو تذكرة السفر عىل ت ن‬ ‫م�‬ ‫وبينما اقتطع ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫قطار الرفاهية‪ ،‬تم� آخرون وهم ي� سن مبكرة‬ ‫اقتناء هذا ت‬ ‫ال�ف العابر للقارات وربما تحقق حلمهم‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫الك� مثل جوزيف كاسل الذي ن‬ ‫«تم� ي� طفولته‬ ‫ي� ب‬ ‫م� ذلك ت‬ ‫الفق�ة أن يسافر عىل ت ن‬ ‫ال�ف الفاخر‪ .‬وحلم‬ ‫ي‬ ‫ف ي� عديد من المرات أن يمتطي منصات محطة‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تتكون فقط من عربات‬ ‫الورينت ب‬ ‫إكس�يس ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫وال� يقول إنها تتضمن جوهر وسحر رحلة‬ ‫ال ِسة‪ ...‬ي‬ ‫أرضية‪ ...‬يكتشفها عىل مشارف إسطنبول وبغداد‬ ‫والقاهرة» (‪1932‬م)‪ .‬تقهقرت مكانة قطار ش‬ ‫ال�ق‬ ‫الرسيع خالل الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وبعدها‪.‬‬ ‫وجاء تطور وسائل السفر ف ي� ستينيات القرن‬ ‫ش‬ ‫الع�ين‪ ،‬ليجهز عىل ما بقي من هذه المكانة‪،‬‬ ‫فتقطَّعت رحالته‪ ،‬وقرصت سكته‪ ،‬إىل أن توقف‬ ‫نهائياً عام ‪2009‬م‪ ،‬تاركاً خلفه إرثاً من التبادل ف‬ ‫الثقا�‬ ‫ي‬ ‫والحضاري‪ ،‬ع َّز عىل وسيلة سفر أخرى أن َّتدعي مثيال ً‬ ‫له لنفسها‪.‬‬

‫العر� ف ي� باريس خالل هذا‬ ‫وضم المعرض الذي أقامه معهد العالم ب ي‬ ‫الصيف قاطرة وأربع عربات أصلية ُعرضت ف ي� باحة مفتوحة فوق سكة‬ ‫حديد‪ .‬فكان االطالع عليها أشبه برحلة بع� الزمن‪ .‬فكل أريكة أو آنية أو‬ ‫قطعة أثاث أو وريقة ألديب سافر عىل متنه يفوح منها عبق ت‬ ‫ال�ف الذي‬ ‫ي َّ ز‬ ‫م� ذلك العرص‪.‬‬ ‫وكل ما ف ي� هذه العربات من أدوات خاصة ببعض الك َّتاب إىل ديكوره‬ ‫مستقى من ثقافات متعددة‪ ،‬وكأن الخيال فرض عىل مصممه‬ ‫العام‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مس�سل ف� ثقافة ت‬ ‫ب� غرب ت‬ ‫رينيه يب�و أن يخلق تمازجاً ي ن‬ ‫ال�ف الممزوج‬ ‫ي‬ ‫بالحداثة والنهضة الصناعية‪ ،‬تدل عليها المفروشات الفرنسية والستائر‬ ‫المخملية المحاكة ف� جنوة اليطالية آ‬ ‫ت‬ ‫ال� صاغتها أنامل‬ ‫والنية‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫البلورية ي‬ ‫أ‬ ‫الشه�‪ ..‬ي ن‬ ‫وب� ش�ق يستقي ثقافته من الصالة والعمق‬ ‫رنيه الليك‬ ‫ي‬ ‫الروحي‪ ،‬وينفتح ف� الوقت نفسه عىل ثقافات آ‬ ‫الخرين‪ ،‬ويتمثل ف ي� أسقف‬ ‫العربات المغطاة ي بالجلود المزينة بزخارف قرطبية‪ ،‬آ‬ ‫والنية الفضية‬ ‫َّ‬ ‫المستقدمة من فنون الصياغة العثمانية‪.‬‬ ‫وإضافة إىل العربات والقاطرة‪ ،‬شغلت المعروضات أ‬ ‫الخرى ‪ 800‬تم� مربع‬ ‫ت‬ ‫ال� كتبت عىل ت ن‬ ‫م� هذا‬ ‫ي‬ ‫داخل‪ ،‬توزعت عىل دورين‪ ،‬وتضمنت الكتب ي‬ ‫القطار أو حوله‪ ،‬وملصقات وصور وأدوات مختلفة‪ ،‬إضافة إىل شاشة‬ ‫وأ�طة سينمائية تستح�ض‬ ‫عرض عمالقة تستعرض مقاطع من أفالم ش‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ئ‬ ‫ت‬ ‫د�‬ ‫والسينما� المستوحى من هذا القطار‪ ،‬مثل‬ ‫ال�اث السطوري وال ب ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫وص ِّور ي� لبنان ي� محطة رياق من قبل جيل‬ ‫ِ‬ ‫يحك قصته ُ‬ ‫الفلم الذي ي‬ ‫غوتيه وإيريك دارمون‪.‬‬


‫عثرت عليها في قاموس المنهل (فرنســي‪ -‬عربي)‪،‬‬ ‫للفظة ا ألُولى المُعَ َّل َم ُة ِبنُجَ ْيمَةٍ ُ‬ ‫مكن رَصْ دُ وزن هذه الكلمة لتوليد المدلوالت التــي نحتاجها في علوم الحيوان‬ ‫َهف‪:‬‬ ‫لمختلفة‪ .‬وقد نَحَ وْتُ على مثَالهَا فيما صغتُ من كلمات مذكورة أدناها ُم ْكت ٌ‬ ‫َرِض‪:‬‬ ‫يعيش في ال ُكهُوف والمَغَ ارَات َوتَجاويفهَا‪ .‬مُؤْ ت ٌ‬ ‫صفة للحيوان الذي ُ‬ ‫البريد‪ :‬صفة للحيوان الذي‬ ‫بينوالوَحْ ل‪ ¯.‬مُجْ َتبِلٌ‬ ‫العربيةفي الأرض‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش‬ ‫عيش في الجبال‪ ¯.‬مُحْ تَرِجٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش فــي الأحْ رَاج والغَ ابَات‪.‬‬ ‫ل‪ :‬صفة للحيوان‬ ‫ــب‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في الخَ شَ ب‪ُ .‬م ْرتَمِ ٌ‬ ‫مخْ ت َِش ٌ‬ ‫والدردشةفي ا ألَشْ جَ ار‪.‬‬ ‫اإللكترونيصفة للحيوان الذي يعيش‬ ‫لذي يعيش في ال ِّرمَال‪ ¯.‬مُشْ ت َِجرٌ‪:‬‬ ‫ب‪:‬‬ ‫الصحْ رَاء‪ُ .‬م ْهتَذِ ٌ‬ ‫مصطَ ِح ٌر (أصْ ُلهَا م ُْصت َِحر)‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في َّ‬ ‫ْ‬ ‫َي‪ :‬مَوَ ٌه (معناه‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في المياه العَ ذْ بَة ( َمنْحُ وتَةٌ من َك ِل َمت ْ‬ ‫لمَاء)‪ +‬عَذْ ٌب)‪ُ .‬م ْنتَقِ عٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في ال َمنَاقِ ع والمُسْ ــ َت ْنقَعَ ات‪.‬‬ ‫عثرت عليها في قاموس المنهل (فرنســي‪ -‬عربي)‪،‬‬ ‫للفظة ا ألُولى المُعَ َّل َم ُة ِبنُجَ ْيمَةٍ ُ‬ ‫مكن رَصْ دُ وزن هذه الكلمة لتوليد المدلوالت التــي نحتاجها في علوم الحيوان‬ ‫َهف‪:‬‬ ‫لمختلفة‪ .‬وقد نَحَ وْتُ على مثَالهَا فيما صغتُ من كلمات مذكورة أدناها ُم ْكت ٌ‬ ‫َرِض‪:‬‬ ‫يعيش في ال ُكهُوف والمَغَ ارَات َوتَجاويفهَا‪ .‬مُؤْ ت ٌ‬ ‫صفة للحيوان الذي ُ‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في الأرض والوَحْ ل‪ ¯.‬مُجْ َتبِلٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي‬ ‫عيش في الجبال‪ ¯.‬مُحْ تَرِجٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش فــي الأحْ رَاج والغَ ابَات‪.‬‬ ‫ل‪ :‬صفة للحيوان‬ ‫ــب‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في الخَ شَ ب‪ُ .‬م ْرتَمِ ٌ‬ ‫مخْ ت َِش ٌ‬ ‫لذي يعيش في ال ِّرمَال‪ ¯.‬مُشْ ت َِجرٌ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في ا ألَشْ جَ ار‪.‬‬ ‫ب‪:‬‬ ‫الصحْ رَاء‪ُ .‬م ْهتَذِ ٌ‬ ‫مصطَ ِح ٌر (أصْ ُلهَا م ُْصت َِحر)‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في َّ‬ ‫ْ‬ ‫َي‪ :‬مَوَ ٌه (معناه‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في المياه العَ ذْ بَة ( َمنْحُ وتَةٌ من َك ِل َمت ْ‬ ‫لمَاء)‪ +‬عَذْ ٌب)‪ُ .‬م ْنتَقِ عٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في ال َمنَاقِ ع والمُسْ ــ َت ْنقَعَ ات‪.‬‬ ‫عثرت عليها في قاموس المنهل (فرنســي‪ -‬عربي)‪،‬‬ ‫للفظة ا ألُولى المُعَ َّل َم ُة ِبنُجَ ْيمَةٍ ُ‬ ‫مكن رَصْ دُ وزن هذه الكلمة لتوليد المدلوالت التــي نحتاجها في علوم الحيوان‬ ‫َهف‪:‬‬ ‫لمختلفة‪ .‬وقد نَحَ وْتُ على مثَالهَا فيما صغتُ من كلمات مذكورة أدناها ُم ْكت ٌ‬ ‫َرِض‪:‬‬ ‫يعيش في ال ُكهُوف والمَغَ ارَات َوتَجاويفهَا‪ .‬مُؤْ ت ٌ‬ ‫صفة للحيوان الذي ُ‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في الأرض والوَحْ ل‪ ¯.‬مُجْ َتبِلٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي‬ ‫عيش في الجبال‪ ¯.‬مُحْ تَرِجٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش فــي الأحْ رَاج والغَ ابَات‪.‬‬ ‫ل‪ :‬صفة للحيوان‬ ‫للحيوان الذي يعيش في الخَ شَ ب‪ُ .‬م ْرتَمِ ٌ‬ ‫صفة‬ ‫‪:‬‬ ‫ــب‬ ‫ٌ‬ ‫َش‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫مخْ‬ ‫العربية �ف‬ ‫لك� ن‬ ‫ال ت‬ ‫و�‬ ‫يد‬ ‫ال�‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫(فيسبوك) الذي يعيش في ا ألَشْ جَ ار‪.‬‬ ‫للحيوان‬ ‫العربية ف ي�صفة‬ ‫َال‪ ¯.‬مُشْ ت َِجرٌ‪:‬‬ ‫لذي يعيش يفي بال ِّرم‬ ‫مواقع الدردشة‬ ‫ب‪:‬‬ ‫الصحْ رَاء‪ُ .‬م ْهتَذِ ٌ‬ ‫مصطَ ِح ٌر (أصْ ُلهَا م ُْصت َِحر)‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في َّ‬ ‫ْ‬ ‫َي‪ :‬مَوَ ٌه (معناه‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في المياه العَ ذْ بَة ( َمنْحُ وتَةٌ من َك ِل َمت ْ‬ ‫لمَاء)‪ +‬عَذْ ٌب)‪ُ .‬م ْنتَقِ عٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في ال َمنَاقِ ع والمُسْ ــ َت ْنقَعَ ات‪.‬‬ ‫‪67 | 66‬‬

‫لغويات‬

‫د‪ .‬حامد قنيبي‬

‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مشكالت‬ ‫واجهت العربية أول أمرها مع الحاسوب‬ ‫ٍ‬ ‫ن‬ ‫تق� خالص؛ ذلك أن الحاسوب إنما‬ ‫ي‬ ‫كب� ًة مرجعها ي‬ ‫بال ي ز‬ ‫نجل�ية‪ ،‬وكذلك ُملْحقاته‪ .‬ولعل المشكلة‬ ‫ُص ِّم َم إ‬ ‫ف‬ ‫العر� إىل‬ ‫المفتاحية كانت ي� صعوبة إدخال الحرف ب ي‬ ‫الحاسوب‪.‬‬

‫عىل أن العربية تجاوزت هذه المحنة‪ ،‬وانتقلت‬ ‫إىل مر َ‬ ‫احل نحسبها متقدمة ف ي� سبيل دخول عرص‬ ‫الحوسبة ومن َّثم مجتمع المعرفة‪ .‬ولم تعد‬ ‫مشكالت العربية آ‬ ‫الن تقنية وهندسية خالصة‪،‬‬ ‫ولكنها مشكالت نشأت عن تطويع الحاسوب للعربية‪،‬‬ ‫ش‬ ‫�ء من‬ ‫إذ تحولت حوسبة العربية من نعمة إىل ي‬ ‫الخطر؛ فقد ش‬ ‫انت�ت أساليب لغوية واستعماالت‬ ‫ين‬ ‫تهدد‬ ‫كث� من‬ ‫اللساني�‪ِّ ،‬‬ ‫حادثة بدأت‪ ،‬عىل ما يرى ي‬ ‫وتهددها ف� ن ز‬ ‫م�لتها االستعمالية‬ ‫بنية العربية اللغوية‪ِّ ،‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫الناطق� بها‪.‬‬ ‫و� نفوس‬ ‫ي‬ ‫التداولية‪ ،‬ي‬

‫ونحن نقصد هنا دراسة واقع العربية ف ي� وسائل‬ ‫لنتشوف مستقبلها‪،‬‬ ‫التواصل االجتماعي المختلفة‬ ‫َّ‬ ‫ف‬ ‫لتوظيفها ف ي� حياتنا المعارصة ي� مجاالت التعلم‬ ‫العالم المرئية والمكتوبة‪ ،‬ومن مجاالتها‪:‬‬ ‫ووسائل إ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫نماذج‬ ‫الول‪ :‬دراسة حقلية ميدانية تمثلت ي� تتبع‬ ‫َ‬ ‫ال�اسل إ ت ن‬ ‫واقعية من استعمال العربية ف� ت‬ ‫و�‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫اللك� ي‬ ‫ي‬ ‫الخبارية‪ ،‬والدردشة عىل‬ ‫والتعليق عىل المواقع إ‬ ‫«فيسبوك»‪.‬‬ ‫ن‬ ‫مستعمل‬ ‫عينة واسعة من‬ ‫الثا�‪ :‬استطالع آراء ِّ‬ ‫ي‬ ‫ف ي‬ ‫(ال�يد إ ت ن‬ ‫و� ‪ )E-Mail‬العرب ي� الوسائل‬ ‫الشابكة ب‬ ‫اللك� ي‬ ‫الثالث السابقة‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬تتبع الدراسات السابقة‪ ،‬عىل قلتها‪،‬‬ ‫لمضاهاتها بنتائج هذه الدراسة‪.‬‬ ‫ال�يد إ ت ن‬ ‫و� واحد من أهم نتائج ابتكار الشابكة‪،‬‬ ‫ب‬ ‫اللك� ي‬ ‫ت‬ ‫ث‬ ‫ويمكننا القول باطمئنان إنه أك� أشكال ال�اسل‬ ‫الشابك محافَظةً عىل القواعد اللغوية وتقاليدها‬ ‫ي‬

‫أ‬ ‫الصيلة؛ إذ ال يزال يحتفظ إىل حد بعيد بسمات‬ ‫الح� المكا�ن‬ ‫اللغة الرسمية الفصيحة‪ .‬وإذا كان ي ز‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ال ت‬ ‫لك�ونية قد أثر نسبياً ي� بنية اللغة‬ ‫المتاح للرسائل إ‬ ‫المستعملة إال أن الخيارات المتاحة له قد حافظت‬ ‫الم ْر ِسل أن‬ ‫عىل َس ْمت اللغة الرسمي؛ فإذا ما شعر ُ‬ ‫حجم رسالته سيتجاوز ي ز‬ ‫الح� المتاح يرجع إىل إرفاق‬ ‫الملفات‪ ،‬وهي ملفات مدونة باللغة الفصيحة‬ ‫المكتوبة‪.‬‬

‫ال ي ز‬ ‫نجل�ية‬ ‫قدمنا بالقول‪ :‬إن استعمال اللغة إ‬ ‫وقد َّ‬ ‫ومزاحمتها اللغات المحلية هو الموضوع الرئيس �ف‬ ‫ي‬ ‫لسانيات العولمة ولسانيات الشابكة؛ ولذلك فإنه‬ ‫من المعتاد التحدث عن استعمال العرب اللغة‬ ‫ال�اسل إ ت ن‬ ‫نجل�ية ف� ت‬ ‫إ ز‬ ‫و�‪.‬‬ ‫اللك� ي‬ ‫ال ي ي‬

‫وعىل الرغم من ضآلة الدراسات المتخصصة ف ي�‬ ‫ال ي ز‬ ‫نجل�ية‬ ‫الموضوع إال أنه يمكن القول إن استعمال إ‬ ‫ف‬ ‫لك� ن‬ ‫ال ت‬ ‫و� قليل ي ن‬ ‫ب� العرب أنفسهم‪،‬‬ ‫ال�يد إ‬ ‫ي� ب‬ ‫ي‬ ‫يك� حينما يكون الطرف آ‬ ‫الخر ف� ت‬ ‫وإنما ث‬ ‫ال�اسل‬ ‫ي‬ ‫بال ي ز‬ ‫نجل�ية أو ناطقًا بلغة أخرى‪ ،‬فتكون‬ ‫ناطقًا إ‬ ‫مش�كة بينهما‪ .‬وهذا يع�ن‬ ‫ح� ذاك لغة ت‬ ‫نجل�ية ي ن‬ ‫ال ي ز‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ز‬ ‫نجل�ية يغلب أن يكون ي� سياقات‬ ‫أن استعمال إ‬ ‫ال ي‬ ‫رسمية وليست اعتيادية؛ كأن يكون ي ن‬ ‫ب� مدير ش�كة‬ ‫عر� وآخر أعجمي‪ ...‬هكذا‪.‬‬ ‫بي‬

‫التأث� ِات البنيويةَ‬ ‫وليس همنا هنا أن نستعرض ي‬ ‫لل�يد إ ت ن‬ ‫و� ف� العربية‪ ،‬وإنما نقصد ي ن‬ ‫تب� واقع‬ ‫ب‬ ‫اللك� ي ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الشابك‪،‬‬ ‫استعمال العربية الفصيحة ي� هذا ال�اسل‬ ‫يّ‬ ‫وقد أظهرت الدراسات الميدانية غلبة استعمال‬ ‫ال�اسل إ ت ن‬ ‫العربية الفصيحة ف� ت‬ ‫و� ف ي� هذا الباب‬ ‫اللك� ي‬ ‫ي‬ ‫لدرجة ممتازة‪.‬‬ ‫لعل ظهور مواقع الدردشة والتواصل االجتماعي‬ ‫ت ض‬ ‫ت‬ ‫ا�‬ ‫يمثل أقرب مظاهر اق�اب المجتمع االف� ي‬

‫الشابك من المجتمع ش‬ ‫الب�ي؛ ذلك أن ثمة تشابهاً‬ ‫ي‬ ‫ي ن‬ ‫الوجاهي والدردشة من حيث‬ ‫كب�اً يب� التواصل ِ‬ ‫بنية عملية التواصل وعنارصها وأساليبها اللغوية؛‬ ‫فكث� من خصائص لغة الدردشة تضاهي الخطاب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫س�ته ش‬ ‫الب�ية‪ ،‬وإن حك َ​َم ْت ُه ش�وط‬ ‫المنطوق ي� ي‬ ‫التقنية‪.‬‬

‫وال يختلف اثنان عىل أهمية هذه المواقع ف ي� حياة‬ ‫المجتمعات عىل مستوياتها المختلفة‪ :‬االجتماعية‬ ‫واالقتصادية والسياسية واللغوية‪ .‬وقد ظهرت‬ ‫للجميع أهمية هذه المجتمعات ت‬ ‫االف�اضية عىل نحو‬ ‫ف‬ ‫العر� وخاصة فيما‬ ‫ال يقبل المماراة ي� حراك الربيع ب ي‬ ‫ف‬ ‫وغ�ها ف ي� أقطار‬ ‫انعكس أثره ي� تونس ثم مرص‪ ...‬ي‬ ‫ت‬ ‫و«توي�»؛‬ ‫العر� والسيما موقعي «فيسبوك»‬ ‫العالم ب ي‬ ‫ت‬ ‫ح� سماها بعض الناس ثورات الفيسبوك‪.‬‬

‫وقد شغلت اللغة المستعملة أدا ًة للتواصل ي ن‬ ‫ب�‬ ‫ين‬ ‫المهتم�‬ ‫الناس ف ي� هذه المنتديات والمجتمعات‬ ‫ين‬ ‫والباحث� ومؤسسات الدراسة والبحث والتخطيط‪،‬‬ ‫ف‬ ‫عىل ما سيجيء ي� هذه الدراسة الحقاً‪ ،‬ورغم ذلك‬ ‫حصل باحثو هذه الدراسة أي بحث علمي‬ ‫لم يُ ِّ‬ ‫ن‬ ‫ز‬ ‫بالعربية يتناول العربية واستعمالها وم�لتها عىل‬ ‫«فيسبوك»‪.‬‬

‫وليس يعنينا هنا تحليل البنية اللغوية للعربية ف ي�‬ ‫هذه المواقع بقدر اعتنائنا ن ز‬ ‫بم�لة العربية الفصيحة‬ ‫ف‬ ‫التعب� عن‬ ‫مستعمل هذه المواقع ي�‬ ‫تعييناً لدى‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫آرائهم وتعليقاتهم‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫صورة متقنة يُ ضعفها أداء مسرحي‪:‬‬

‫كثيراً ما تنتج أفالم كان من الممكن أن تحقق نصاباً‬ ‫فنياً متكامالً‪ ،‬لوال خفوت آليات تنفيذ جزئيات مهمة‬ ‫منها‪ .‬قد يكون الموضوع ممتازاً‪ ،‬والفكرة التي يبثها‬ ‫الفلم‬ ‫جيدة‪ ،‬ولكن يأتي السيناريو ضعيفاً فيفقد ِ‬ ‫كثيراً من قيمته ويضعف حبكته‪ ..‬أو قد يكون‬ ‫الشريط الصوتي والموسيقي المصاحب غير مالئم‬ ‫أ‬ ‫الفلم أو مبالغاً في توظيفه الدرامي‪ ،‬أو‬ ‫لحداث ِ‬ ‫غير ذلك‪ ،‬ولكن قد يبقى المحصل النهائي جديراً‬ ‫بالتوقف والتأمل والنقاش‪.‬‬

‫ذكريات الطفولة المؤلمة‬

‫الفلم السعودي القصير «ظلي‬ ‫يتأنى كثيراً مخرج ِ‬ ‫لم يعد يتبعني» قاسم المسري في سرد أحداث‬ ‫ِفلمه الذي تبلغ مدته خمساً وعشرين دقيقة‪،‬‬ ‫وهو من تأليف وبطولة يوسف أبو راكان وهاشم‬ ‫العبدالله‪ ،‬تمثيل أمجد قريش‪ ،‬ومحمد قريش‪،‬‬ ‫وأحمد رمزي‪.‬‬ ‫الفلم معاناة شاب (فهد) خرج من مستشفى‬ ‫يسرد ِ‬ ‫أ‬ ‫المراض النفسية بعدما قضى بها ست سنوات‬ ‫ألمت به جراء القسوة التي‬ ‫نتيجة أزمات نفسية‪َّ ،‬‬ ‫يتعرض لها إبان طفولته على يد والده‪ .‬يخرج‬ ‫كان َّ‬ ‫وحيداً ساهماً يجر خلفه حقيبته وهو مطأطأ الرأس‬ ‫والروح‪ ..‬يخرج فهد ويذهب إلى بيت العائلة‬ ‫الليمة‪ .‬أ‬ ‫فتهاجمه الذكريات أ‬ ‫الب القاسي الذي كان‬ ‫يضربه ألقل أ‬ ‫السباب‪ .‬والقسوة هذه غير مبررة على‬ ‫الفلم أو على مستوى‬ ‫المستوى الدرامي في سرد ِ‬ ‫الواقع‪ ،‬إال بقدر يسير من االجتهاد المسرحي‬ ‫التضخيمي‪ ،‬أو كما يدعي لسان حال أ‬ ‫الب أنه‬ ‫أسلوب تربوي يريد منه أن يربي ابنه على مبادئ‬ ‫الرجولة أ‬ ‫والخالق الفاضلة‪ ..‬في حين أنه يخطئ في‬ ‫يقوم ابنه وينبهه إلى‬ ‫أسلوبه هذا‪ .‬فهو يعتقد أنه ّ‬ ‫أ‬ ‫الخطاء التي يرتكبها‪ ،‬حتى لو كانت أخطاء غير ذات‬ ‫بال وال تستوجب الذكر‪.‬‬

‫عال‬ ‫أداء مسرحي بتكريس ٍ‬

‫الفلم موضوعه بكثير من تكريس‬ ‫هكذا يطرح ِ‬ ‫التمثيل المسرحي للممثلين يوسف أبو راكان‪ ،‬الذي‬ ‫قام بدور فهد‪ ،‬وهاشم العبدالله الذي أدى‬ ‫دور أ‬ ‫الب‪ .‬إنهما يجتهدان في زج المشاهد في‬ ‫زاوية التراجيديا السوداء‪ ،‬وتكثيف ذلك بالمؤثرات‬ ‫الصوتية والموسيقى الحزينة‪ .‬نشاهد أ‬ ‫الب وهو‬ ‫يضرب ويع ّنف ابنه بطريقة وحشية على تصرفات‬ ‫هامشية ال تعني أية انحرافات في السلوك‪ ،‬مثل‬ ‫كسره كأس الماء الذي سقط منه عفواً‪ ..‬تعود ذاكرة‬ ‫الشاب إلى تلك التفاصيل ويجدها مجسدة أمامه‪،‬‬ ‫بلعبة إخراجية تضع الشاب في الحدث الماضي‬ ‫وكأنه يحدث أمامه في اللحظة الراهنة‪ .‬وحتى يكون‬ ‫معبراً عن هذا الماضي يجتهد المخرج في تصوير‬ ‫ِّ‬ ‫البيض أ‬ ‫تلك المشاهد باللونين أ‬ ‫والسود‪ .‬ثم تنتقل‬ ‫الذاكرة بالشاب من فترة الطفولة إلى فترة الصبا‪...‬‬ ‫يتنقل الشاب في زوايا البيت فيتذكر لحظات‬ ‫المعاناة مع والده الفظ‪ ،‬وأنه كان له بالمرصاد في‬ ‫كل صغيرة وكبيرة‪.‬‬ ‫موال عراقي حزين يفهم‬ ‫ثم من خالل انسياب َّ‬ ‫أ‬ ‫المشاهد أن «فهداً» يعاني من فقدان حنان الم‪،‬‬ ‫الموال‪:‬‬ ‫إذ تقول كلمات َّ‬ ‫يايمه‬ ‫«يايمة ليش العمر ضيعته من دونك َّ‬ ‫َّ‬

‫يايمه‪.‬‬ ‫علي مو شايف عيونك َّ‬ ‫وسنين مرت ّ‬ ‫العين قد ما بكت حتى بيها انعمت ولو دوروا بالقلب‬ ‫وبروحي يلقونك يا َّيمه‪ ..‬يا َّيما»‪..‬‬

‫لحظة التطهير أفي تراجيديا مركّزة‬

‫في تلك اللحظة يظهر الب‪ ،‬ويدخل حجرة «فهد»‬ ‫الذي عاد بعد ست سنوات قضاها في المصحة‬ ‫النفسية‪ .‬يستقبله والده بكثير من المودة‪ ،‬ويحضنه‬ ‫والدموع تنهال من عينيه‪ ،‬وكأنه ندم على القسوة‬ ‫التي كان يعامل بها ولده‪ .‬هنا تبرز لحظة التطهير‬ ‫الفلم ضمن‬ ‫التي أرادها المؤلف‪ ،‬لتظهر في سياق ِ‬ ‫أداء تراجيدي عال‪ ..‬نرى في لقطات متتالية أ‬ ‫الب‬ ‫ٍ‬ ‫وهو يحتضن ابنه عندما كان طفالً‪ ،‬ولقطة أخرى‬ ‫بعدما صار صبياً‪ ،‬ولقطة ثالثة وهو مراهق‪ ،‬ورابعة‬ ‫عندما صار شاباً يافعاً مكتمل الرجولة‪ ،‬في تواؤم‬ ‫مع تلك اللقطات والمشاهد التي ظهر فيها أ‬ ‫الب‬ ‫يضرب فيها االبن‪ ..‬يفتح حقيبته ويخرج منها بروازاً‬ ‫يحمل صورة أمه‪ ،‬يحتضنه ويجهش بالبكاء في أداء‬ ‫مسرحي خالص‪ .‬فيتمتم بجمل تبوح بما يعانيه‪،‬‬ ‫مر‪.‬‬ ‫وتخرج منه بنحيب حارق وعويل ّ‬

‫ينتهي الفلم ويترك للمشاهد كثيراً من أ‬ ‫السئلة‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫المفتوحة‪ ،‬منها ما الدافع وراء قسوة الب؟‪ .‬كيف‬ ‫كانت تسير حياة أ‬ ‫الب وابنه دون أم وزوجة؟ وربما‬ ‫تساءل المشاهد بينه وبين نفسه عن العقد النفسية‬ ‫النسان فاقداً‬ ‫التي يسببها العنف‪ .‬وكيف يصبح إ‬ ‫لوزنه الروحي‪ ،‬وبالتالي عديم الفاعلية والحيوية إلى‬ ‫درجة تجعل ظله ال يتبعه‪ .‬وهي كناية عن تشتت‬ ‫والمكون النفسي‪ ،‬حيث يصبح وجود‬ ‫الوجدان‬ ‫ِّ‬ ‫حيز آخر‪.‬‬ ‫في‬ ‫وأثره‬ ‫وظله‬ ‫حيز‬ ‫في‬ ‫النسان‬ ‫إ‬ ‫ِّ‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬

‫سينما سعودية‬

‫«ظلي لم يعد يتبعني»‪..‬‬

‫خالد ربيع السيد‬


‫‪69 | 68‬‬

‫فنان ومكان‬

‫الحجاز في أعمال‬

‫طه صبان‬

‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫يصعب تقدير أعمال الفنان التشكيلي طه صبان (مولود عام ‪1948‬م) دون‬ ‫ٍ‬ ‫لمحات من‬ ‫استحضار المكان الذي يتبوأ الصدارة ضمن موضوعات لوحاته‪:‬‬ ‫الحياة في الحجاز ال ُتخطئ المشاهد‪ .‬واللمحات الحياتية تلك تدور في فلك‬ ‫المكان وتحقق من خالل الشخصيات المكانية والحركة وجودها‪ ،‬ما يجعل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫المحور الذي تدور حوله باقي عناصر العمل الفني‪.‬‬ ‫المكان‬ ‫علي المجنوني‬ ‫كون‬ ‫العالقة بين الفن التشكيلي والمكان عالقة أزلية تتجاوز َ‬ ‫المكان موضوعاً للفن إلى كونه ممارسةً أيضاً‪ ،‬حيث ال يمكن للفن‬ ‫بحال ِ من أ‬ ‫الحوال أن يوجد دون مكان‪ .‬ولذا كان لزاماً أال ّ يزوغ‬ ‫المكان عن االهتمام عند مقاربة أي عمل فني‪ .‬فالفنان يتعامل‬ ‫مع اللوحة باعتبارها مكاناً يخطط له‪ ،‬ثم يملؤه بالشخوص ويؤثث‬ ‫باللوان أ‬ ‫مساحاته أ‬ ‫والشكال وفق رؤيته الخاصة‪ .‬ونتج عن هذا‬ ‫مستويات‬ ‫متباينة من المكان‪ ،‬تبع ْتها بالضرورة‬ ‫مستويات‬ ‫التعالق‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫حي ُز اللوحة بين يدي الفنان وأقصاها‬ ‫أدناها‬ ‫الفنية‪،‬‬ ‫الممارسة‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫الفضاء الفكري المجرد‪.‬‬ ‫يعيد طه صبان إنتاج الحجاز في لوحاته‪ ،‬بَ ْيد أنّا ونحن نتأمل تلك‬ ‫اللوحات نفطن إلى أن صبان ال يعيد على قماشة الرسم إنتاج‬ ‫المكان كما هو‪ ،‬أو كما كان في الواقع‪ .‬بل اتخذ في إعادة إنتاج‬ ‫المكان ُضروباً مختلفة تُعين على فهم المغامرة الفنية التي يجترحها‬

‫في أعماله‪ .‬إن ألوان اللوحة غير ألوان المكان الذي تحاول تمثيله‪،‬‬ ‫عال‬ ‫على سبيل المثال‪ ،‬إذ ينتقي صبان للوحاته ألواناً تتسم بقدر ٍ‬ ‫من الحيوية والتناغم واالنسجام‪ ،‬وتبعث سكوناً وطمأنينة يدعوان‬ ‫إلى التأمل والتذوق‪ ،‬خصوصاً حينما تحاول بعض اللوحات أن‬ ‫تمثل حارة حجازية بأكملها تتكئ مبانيها على بعضها ويتشارك‬ ‫يمد‬ ‫التناغم‬ ‫أشخاصها البناء‪ .‬ويطرز هذا‬ ‫المادي الضوء الذي ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اللوحة بدفء روحاني يعكس إحساسا فريدا بالمكان‪ .‬يزيد من هذا‬ ‫صبان مفردا ِته اللونية والزخرفية بطريقة معينة‪ ،‬ما‬ ‫رصف‬ ‫الحساس ُ‬ ‫إ‬ ‫َ‬ ‫يجعلها وحدات تزدحم في الغالب في قلب اللوحة النابض بالحركة‬ ‫والمفعم بالحيوية كما هو حال الحارة الحجازية الملفوفة بالتقارب‬ ‫والحميمية‪.‬‬

‫الحجاز بين زمنين‬

‫لكن معالجة الفنان للمكان ال تكتمل كممارسة فنية دون تناول‬

‫الفنان في محترفه‪..‬‬


‫أ‬ ‫شخاص قيمة قصوى‪ ،‬حتى إن أشخاصاً في بعض‬ ‫عنه أن أُعطي ال ُ‬ ‫اللوحات بدوا أطول من البناية‪ .‬إنهم أشخاص مرتبطون بالمكان‬ ‫ويملكون إحساساً إيجابياً بالمكان‪.‬‬ ‫ما من شك أن المعمار الحجازي آخذ في االضمحالل وربما غدا‬ ‫مآله المحو يوماً ما عطفاً على الكساح الفني الذي يعتري الذائقة‬ ‫الجمعية‪ ،‬فيما يتعلق بالمعمار خصوصاً والفن عموماً‪ .‬وهكذا‬ ‫فإن ما يُعلي من شأن لوحات الصبان أنها تشده إلى الذاكرة‬ ‫أخضر في الذاكرة والمخيلة‪ ،‬كلما طالع لوحاته‬ ‫وتبقي حضوره‬ ‫َ‬ ‫مطالع‪ .‬إن استلهام صبان النم َط أو النموذج المعماري الحجازي‬ ‫بتفاصيله الخالبة وتركيزه على إبراز وظيفته االجتماعية من خالل‬ ‫تمثيل الرواشين والمشاريب أ‬ ‫والبواب والنوافذ الخشبية التي تزين‬ ‫الواجهات‪ ،‬ليعيد النظر إلى دور المكان في تشكيل هوية المنطقة‬ ‫والفرد على السواء‪.‬‬

‫‪..‬ولوحتان من أعماله‬

‫الزمان أو التعليق عليه‪ ،‬وأعمال الصبان ليست استثنا ًء‪ .‬فعلى الرغم‬ ‫ألوان صبان‪ ،‬تخلق الكيفية التي تعالج بها‬ ‫من التناغم في لوحة ِ‬ ‫المكان توتّرا ما بين زمنين مختلفين‪ .‬إن الحجاز الذي تصوره‬ ‫لوحاتُه‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫تلك اللوحات آفل لسوء الحظ‪ ،‬كله أو جزء منه‪ ،‬ولم يعد يحتل‬ ‫من مساحة اليوم سوى الذاكرة والمخيلة‪ .‬وهنا تكمن المفارقة‪ ،‬إذ‬ ‫يجاور صبان ما بين الماضي والحاضر‪.‬‬

‫أخال أن المشاهد ألعمال طه صبان معروضةً في أحد المعارض‬ ‫والصاالت المنتشرة في مدينة جدة مثالً‪ ،‬سيشعر بنوع من‬ ‫المسؤولية تجاه المكان الذي شكّل ربما جزءاً مهماً من هويته‪.‬‬ ‫تنسحب تلك المسؤولية بطبيعة الحال على المؤسسة‪ .‬وأشدد‬ ‫أنّي ال أعني بالضرورة تلك المسؤولية التي تستلزم القيام بعمل‬ ‫ما‪ ،‬ولكنها المسؤولية الصادرة عن تقدير للقيمة الجمالية في الفن‬ ‫باعتباره نشاطاً إنسانياً‪ .‬إن النماذج الحداثية التي اس ُتجلبت لتأثيث‬ ‫الرث الحضاري والثقافي للمنطقة‪،‬‬ ‫المدينة الحجازية لم تراع إ‬ ‫ولهذا جاءت بليدة وصماء‪ .‬هذا ما سيشعر به المشاهد للوحات‬ ‫طه صبان‪ .‬لم تكن الدعوة إلى التشبث بالماضي والركون إليه من‬ ‫سنن الفن يوماً‪ ،‬ولكنه التطلع الدائم إلى النقد والمغايرة وتهذيب‬ ‫النسانية‪.‬‬ ‫التجربة إ‬

‫حاضن للذكرى‬ ‫فن‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬

‫المجاورة كلمة مفتاحية في شخصية الحجاز والحجازي‪ ،‬إال أنني‬ ‫ال أستطيع أن أجزم أن المجاورة في أعمال صبان آمنة أو مريحة‬ ‫على أقل تقدير‪ .‬فالتوتر الذي تعمد اللوحات إلى إحداثه في ذهن‬ ‫المتلقي عائد إلى حقيقة أنها تضيء العالقة بين المكان والذاكرة‪.‬‬ ‫هل اندثر حجاز صبان أم ال يزال باقياً في الذاكرة؟ أيا تكن إجابة‬ ‫السؤال‪ ،‬يعمل الفن عند صبان حاضناً للذاكرة‪ ،‬حاضناً ال يكتفي‬ ‫بدور الصون أ‬ ‫والرشفة‪ ،‬ولكنه يحرض على تقدير الدور الجمالي‬ ‫والثقافي للفن وينحاز إلى القيمة الجمالية والنقدية‪.‬‬ ‫يعيد طه صبان إنتاج المكان على اللوحة كما أسلفنا‪ ،‬ولكن جانباً‬ ‫من المكان يظهر في لوحاته على شكل خاص‪ ،‬أعني به الهندسة‬ ‫المعمارية الحجازية‪ .‬فاهتمام الفن بالمعمار عائد بشكل رئيس إلى‬ ‫قصدية المعمار ودوره الوظيفي الذي قد ال يرقى الفن إلى تأديته‬ ‫بالطريقة التي يقوم بها المعمار‪ .‬ولهذا فإن أعمال صبان تستزيد‬ ‫من تناولها للمكان عبر اتخاذها من المعمار الحجازي موضوعاً لها‪،‬‬ ‫تبرز من خالله السمة الجمالية للمكان الحجازي‪.‬‬ ‫الطراز المعماري الحجازي أيضاً لم ينقله صبان كما كان في‬ ‫وحرف المنظور‪ .‬وكان أن أزال‬ ‫الواقع‪ ،‬بل انتزع منه َ‬ ‫البعد الثالث ّ‬ ‫َّ‬ ‫هذا التدخل الفني عن المكان كل القيود التي قد يفرضها الواقع‬ ‫المادي‪ .‬فمثال‪ ،‬مجاورة أ‬ ‫الشخاص لبنايات الحارة الحجازية نتج‬ ‫ً‬

‫الخطوط واأللوان وكثافة‬ ‫العناصر كلها مستمدة من‬ ‫المناخ الجمالي الحجازي‬


‫‪71 | 70‬‬

‫ً‬ ‫شعرا‬ ‫أقول‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫أنا‪..‬‬ ‫والميناء‬ ‫كان من المفترض أن أكون في تلك الليلة‬ ‫بالرياض‪ ..‬مع عادل الحوشان للإ يفاء بوعد كنت‬ ‫قد اقترفته بالسالم عليه وإنجاز بعض أ‬ ‫العمال‬ ‫والمحاوالت التي تقاوم العدم معه‪.‬‬ ‫«طالما كان يُطلق على الكتابة أسماء غريبة‪،‬‬ ‫ووحشية أحياناً!» لكن القدر والظروف العابسة‪،‬‬ ‫أعد القوارب‬ ‫أبت إال أن أكون تائهاً في البحرين‪ّ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫وأحدق‬ ‫الخشبية على شاطئها في الصباح الباكر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫في منارة قديمة‪ ،‬ما زالت تصارع الزمن الغاشم‬ ‫وتستقيم كسبابة للوجود!‪.‬‬ ‫كنت قد سافرت تلك أ‬ ‫اليام‪ ،‬إلى المنطقة‬ ‫ُ‬ ‫الشرقية لعمل ما‪ ،‬أنجزته‪ ،‬وبدال ً من ذهابي إلى‬ ‫ذهبت إلى البحرين‪.‬‬ ‫كنت أخطط‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الرياض كما ُ‬ ‫وقضيت هناك يومين‪ ،‬انتهت بعدها إجازتي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وصار من الصعب ذهابي للرياض‪.‬‬ ‫في ذلك الصباح البحريني الساكن‪ ،‬وصلتني‬ ‫رسالة من هذا الصديق‪ ،‬كان قد أرسلها قبل‬ ‫ساعات يسأل عن ساعة قدومي‪ ،‬ولم أتمكن من‬ ‫رؤيتها إال متأخراً وأنا على إحدى صخور ذلك‬ ‫المرفأ المهجور الذي ال أعرف اسمه‪ ،‬وتوقفت‬ ‫استمع للقصائد‬ ‫بصوت الشاعر‬

‫‪www.qafilah.com‬‬

‫صالح زمانان‬

‫عنده بعد أن لفتتني هيئته القديمة‪ ،‬والهدوء‬ ‫الذي يخيم على أرجائه حتى أ‬ ‫المواج ِقبالته‬ ‫ّ‬ ‫كانت وديعة وتضربه كما لو كان جثة!‬ ‫أكثر الرسائل مودة ومحبة في العالم مهما‬ ‫كان طولها أو قصرها كان يكتبها هو و«كافكا»‪.‬‬ ‫معبرة عن‬ ‫حتى إن أيقوناته ال تبدو وجوهاً ّ‬ ‫حالة مزاجية ما‪ ،‬بل كأنها تتحدث وتقفز‬ ‫وتخرج من الحدائق والمالهي‪ ..‬عندما قرأت‬ ‫لسبب ال‬ ‫رسالته أيقنت أنني في «البحرين»‬ ‫ٍ‬ ‫أعرفه حتى أنا‪ ،‬سبب غامض تماماً‪ ،‬وخاطئ ال‬ ‫يمكن تبريره لنفسي قبل تبريره له‪ ،‬أنا الذي‬ ‫كان يجب أن أر ّد على رسالته بأن ينتظرني بعد‬ ‫ساعتين أو ثالث‪ .‬لم أستطع أن أرد عليه حين‬ ‫وجلست على تلك الصخور المتراكمة‬ ‫قرأتها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بعشوائية وغربة‪ ،‬ونبتت من بينها شجرة ال‬ ‫أعرف كيف استطاعت إلى ذلك سبيالً‪ ،‬أو‬ ‫تحملت تلك الكدمات في ساقها‪ .‬كان‬ ‫كيف ّ‬ ‫الوقت في حوالي الساعة السادسة صباحاً‪،‬‬ ‫عبرت‬ ‫جلست حوالي الساعة ونصف الساعة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وهجست إلى‬ ‫بعيني تفاصيل ذلك المكان‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫مرت‬ ‫الخيبات‬ ‫الرث‪ :‬كم من‬ ‫أثاثه الزمني ّ‬ ‫ّ‬ ‫عليك؟!‬

‫ال أعلم إذا كانت الشطآن والمرافئ تستطيع أن‬ ‫تفهم هواجس بدوي مثلي‪ ،‬أو أنني أفهمها كما‬ ‫يجب‪ ،‬ال أعلم إذا ك ّنا سنتفق إذا فهمنا بعضنا‪،‬‬ ‫أو سنختلف وينبري ٌكل م ّنا إلى تراثه المديد‪.‬‬ ‫أن أكثر خاليا جسدي ذلك الحين‬ ‫ما أعرفه‪ّ ..‬‬ ‫نت قلبي وذائقتي ولم أكن في بيته‬ ‫تعلم أنني ُخ ُ‬ ‫أجلس في ذلك القسم المنخفض من‬ ‫بالرياض‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الفسيحة أ‬ ‫والنيقة بجانب مكتبة الكتب‬ ‫صالته‬ ‫النادرة واللوحات المعلَّقة كأوجاع‪ ،‬أضحك معه‬ ‫بصخب على «فوبيا» النظافة التي تداهمه كلما‬ ‫سكبنا الشاي‪ ،‬أو مر بنا أ‬ ‫الطفال‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أتسرب إلى المكان متمنياً لو كان هو هنا‬ ‫ُ‬ ‫كنت ّ‬ ‫أيضاً‪ ،‬ربما ك ّنا سنتحدث عن هذه التفاصيل‬ ‫كمجانين‪ ،‬أو نقوم برجم قارب خشبي ال يقطنه‬ ‫وسندعي أننا نوقظه من سباته أو نؤنس‬ ‫أحد‬ ‫ّ‬ ‫وجعه ما زالت تستقيم‬ ‫وحشته أو نقتل حسرة تُ ِ‬ ‫فوقه كقرصان!‬ ‫بحثت في جيوبي عن أي ورقة ولم أجد إال‬ ‫ُ‬ ‫دس‬ ‫قطعة الورق‬ ‫ّ‬ ‫المقوى والمصفودة‪ ،‬التي تُ ّ‬ ‫وكتبت عليها هذا‬ ‫اللكترونية‬ ‫فيها مفاتيح الفندق إ‬ ‫ُ‬ ‫النص‪ ،‬ولم أبعثه إلى أكثر الناس رحابة ورقّة‪..‬‬ ‫إال بعد وقت طويل نكاية بقذائف الوقت التي‬ ‫تضرب خاصرة الوعود!‪.‬‬


‫شعر صالح زمانان‬

‫الميناء‬

‫إىل عادل الحوشان‪..‬‬ ‫الذي د ّر ن‬ ‫يلعق جراحه‬ ‫أكون ذئباً ُ‬ ‫أن َ‬ ‫ب� ْ‬ ‫ي‬ ‫ويعضها ف� رؤوس الجبال‪ .‬أ‬ ‫ولنه أول‬ ‫ّ ي‬ ‫ال� نَبت الشيب �ف‬ ‫ذئاب العالم ت ي َ َ‬ ‫ُ ي‬ ‫سواعدها‪ ،‬واستقال من مهنة الهرولة؛‬ ‫ِ‬

‫ت‬ ‫ح� إذا ما هبط موسم الكآبة صار يقفز‬ ‫أن‬ ‫القمم والهضاب‪ ,‬فيعلو‪ ..‬يعلو‪ ..‬إىل ْ‬ ‫يغرس مخلبه ف ي� أصداغ قمر‪ ،‬ويعوي ف ي�‬ ‫َ‬ ‫قلبه‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ليل حزين‪..‬‬ ‫سبق� ذات ٍ‬ ‫لنه كذلك‪ ..‬فقد ِ ي‬

‫ن‬ ‫السفح الطويل المظلم‬ ‫ع� خلف‬ ‫َ‬ ‫غاب ي‬ ‫ِ‬ ‫يز‬ ‫فأضعت الدرب السارب للعواء‪..‬‬ ‫كن�ك‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وانتهيت عىل أحجار ميناء قديم‪ ,‬خلفه‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫مهيب ال توجعه المخالب‪ ،‬ويوجع‬ ‫أزرق‬ ‫ٌ‬ ‫ت‬ ‫الف�!‬

‫النورس‬

‫المنارة‬

‫السفينة‬

‫النورس ث‬ ‫أك� الحز نا� ف ي� الميناء‬ ‫المعذبة‬ ‫يظن ّ‬ ‫أن المنارة أيقونته ُ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫ُ‬ ‫وأن �اع السفينة‪ ..‬أمه الوىل‬ ‫ّ‬ ‫لهذا ظل مرابطاً حول المقاهي‬ ‫والصيادين‬ ‫يصل آللهته المتحجرة‬ ‫ي‬ ‫ويكمد جراح أمه بعد ِطعان العواصف‬ ‫ّ‬ ‫‪....‬‬ ‫يا للمأساة يا للمأساة‬ ‫بساعده‬ ‫الشيب‬ ‫نبت‬ ‫أيها الذئب الذي َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫المنارات والسفن والنوارس‬ ‫يك يدلوا طريق الغناء عن الكآبة‬ ‫ينقصهم عواؤك ف ي� القمر‬ ‫‪..‬‬ ‫أما البحر‬ ‫فوحد ُه‬ ‫راض بركل الريح‬ ‫ٍ‬ ‫مهزوم قبل البدء‬ ‫سعيد‬ ‫ٌ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫يح ي� زُرقة البد !‬ ‫مس� ٌ‬

‫منارة الميناء‬ ‫ال تعجبها استقامتها‬ ‫يؤلمها َق َوام الحجر‬ ‫وتصلبات الملح ف ي� أسفلها‬ ‫وكلما فتحت عينها المضيئة‬ ‫ف ي� دروب السفن العائدة‬ ‫آمنت‬ ‫ْ‬ ‫أنها بومة البحار‬

‫تلك السفينة ت‬ ‫ال� أرشدتها المنارة‬ ‫ي‬ ‫تكره طريق السفر الخال من أ‬ ‫الشجار‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫تعا� منذ سنوات ِطوال‬ ‫ي‬ ‫دوار البحر‬ ‫من ِ‬ ‫ف‬ ‫ت� كلما ربطوها ي� شاطئ‬ ‫ئِ ن ُّ‬ ‫ن‬ ‫وتتم� لو كانت نورساً عند المنارات‬ ‫نورساً‪ ..‬قد يرديه طفل بهيج‬ ‫وأن ال تكون تابوتاً أ‬ ‫للسماك‬ ‫ْ‬ ‫ت‬ ‫والعاشق�ن‬ ‫ولعنة للمو�‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫عاص� نائية‬ ‫وفريسة منتظرة ل ي‬


‫‪73 | 72‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫ذاكرة القافلة‬

‫الحج‬ ‫ً‬ ‫سببا في‬ ‫كان‬ ‫ظهور َّ‬ ‫رحالة‬ ‫مسلمين‬ ‫في عدد القافلة لشهر ذي‬ ‫الحجة ‪1381‬هـ (مايو ‪ /‬يونيو‬ ‫‪1962‬م)‪ ،‬كتب أ‬ ‫الستاذ‬ ‫عبدالفتاح أبو مدين مقالة ر َّد‬ ‫الرحالة المسلمين وأدبهم إلى فريضة‬ ‫فيها ظهور َّ‬ ‫الحج‪ .‬وفيما يأتي أبرز ما جاء فيها‪:‬‬ ‫بدأت الرحالت تأخذ طابعها الرسمي عند المسلمين‪،‬‬ ‫السالمية في بغداد‪،‬‬ ‫بتكليف من السلطات المركزية إ‬ ‫أ‬ ‫السالمية في‬ ‫حينما كانت المركز الول للخالفة إ‬ ‫العهد العباسي‪ .‬وذلك لمعرفة الطرق والممالك‬ ‫التي تربط العاصمة بالبالد التابعة لها‪ ..‬ثم شملت‬ ‫هذه الرحالت طائفة من الحجاج إلى بيت هللا‬ ‫الحرام‪ .‬فكان الحج سبباً في ظهور َّرحالة مسلمين‪،‬‬ ‫أشهرهم أبو الحسين محمد بن جبير أ‬ ‫الندلسي‪،‬‬ ‫أ‬ ‫وقد بدأ رحلته من غرناطة في المغرب القصى‪ ،‬في‬ ‫شهر شوال من السنة الثمانية والسبعين بعد المائة‬ ‫الخامسة هجرية‪.‬‬ ‫ثم كان أبو عبدهللا محمد بن عبدهللا بن محمد ابن‬ ‫إبراهيم اللواتي ثم الطنجي‪ ،‬المشهور بابن بطوطة‪.‬‬ ‫وفي العصر الحديث‪ ،‬عرف أ‬ ‫الستاذ إبراهيم المازني‬ ‫ُ‬ ‫في كتابه الذي سماه «رحلة الحجاز»‪ ،‬والدكتور‬ ‫محمد حسين هيكل الذي ألَّف كتاباً سماه «في منزل‬ ‫الوحي»‪ ،‬رحمهم هللا جميعاً‪.‬‬ ‫زودت الحجاج‬ ‫كان الحج من أغنى الينابيع التي َّ‬ ‫بألوان المعرفة‪ ،‬وقد صحب الحجاج القصص‬ ‫أ‬ ‫والخبار التي سمعوها في طريقهم‪ .‬وقد وصفوا ما‬ ‫ودون بعضهم من واسعي‬ ‫وقفوا عليه في سبيلهم‪َّ ،‬‬ ‫الثقافة مشاهداتهم بعد عودتهم‪ ..‬فكانت حافزاً‬ ‫لطالبي المعرفة‪ ،‬للسعي إلى الحج‪.‬‬

‫السالمية واسعة‪ ..‬وسبل المواصالت‬ ‫رقعة البالد إ‬ ‫لم تكن سوى وسائل البحر البدائية والدواب‪ ،‬لذلك‬ ‫المم أ‬ ‫فإن أخبار البالد السالمية‪ ..‬بل أ‬ ‫الخرى‪ ،‬كانت‬ ‫إ‬ ‫أو تكاد تكون منقطعة عن بعضها بعضاً‪ .‬إذن فإن‬ ‫الفضل أ‬ ‫الول لوجود هذه الثروة من قصص وغرائب‬ ‫السالمية وغيرها‪ ،‬كان مصدرها الحج‬ ‫الرحالت إ‬ ‫ونمى حب االستطالع‪.‬‬ ‫وحده‪ ،‬الذي أتاح َّ‬ ‫أ‬ ‫وحج‬ ‫رحل ابن جبير ثالثاً من الندلس إلى المشرق َّ‬ ‫في كل واحدة منهم‪ ..‬على أن رحالت ابن جبير‬ ‫الثالث‪ ،‬لم تزد على تسع سنين‪ .‬وقد توفاه هللا‬ ‫السكندرية‪ .‬أما رحلة ابن بطوطة فقد‬ ‫في مدينة إ‬ ‫استغرقت ربع قرن من الزمن‪ ،‬بدأها شاباً‪ ،‬لم يتجاوز‬ ‫الثانية والعشرين‪ ..‬وألقى عصا التسيار في بلده وقد‬ ‫بلغ الخمسين‪.‬‬ ‫وابن بطوطة رجل عالم اختير قاضياً في مصر‬ ‫والهند‪ ،‬أما ابن جبير فهو شاعر مجيد‪ ،‬وقد اهتما‬ ‫وصورا‬ ‫مرا بها وعاشا معها‪َّ ،‬‬ ‫بحياة الشعوب التي َّ‬ ‫ذلك في كتابيهما أصدق تصوير وأدقه‪ .‬والكتابان‬ ‫ثروة تجاريب وأسفار طويلة شاقة‪ ،‬وهما جديران‬ ‫بالمطالعة والدرس‪ ،‬كما أن كتابي أ‬ ‫الستاذين المازني‬ ‫وهيكل الحديثين يُعدان من كتب الرحالت الحديثة‪،‬‬ ‫وإن كان مداهما غير بعيد‪ ..‬وغير طويل‪ ..‬إال أن‬ ‫الرجلين يجيدان تصوير الوقائع وخلجات النفس‪..‬‬ ‫لخصب خيالهما‪ ..‬وسعة ثقافتهما‪ ،‬وكثرة اطالعهما‪،‬‬ ‫ومهما يكن من أمر فكتابا هيكل والمازني صورة‬ ‫انطباعات ودراسة‪ ..‬تصل الماضي بالحاضر بأسلوب‬ ‫الرجلين المجيدين‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫كامال‬ ‫تصفح المقال‬

‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪Pictures of Article: from Artist‬‬

‫تعيد إلى ثنايا التكوينات‬ ‫الهندسية روح الشرق‬ ‫ُمحترف دانا عورتاني‪ ،‬الذي يحتل الدور الثاني‬ ‫من سكن العائلة‪ ،‬ينقسم إلى قسمين‪ :‬داخلي‬ ‫وخارجي‪ .‬وهي تستخدم االثنين‪ ،‬حسب‬ ‫نوع العمل وحجمه‪ ،‬وحالة الجو بطبيعة‬ ‫الحال‪ .‬ومن النظرة األولى أنت تعرف أنك‬ ‫في محترف فني من نوع آخر‪ .‬هناك مناخ من‬ ‫الصفاء والهدوء والتوازن يحيط بالمرسم‪،‬‬ ‫دون أن يفقده حيوية هادئة ّ‬ ‫متسقة تشع من‬ ‫ّ‬ ‫معلقة دون إطارات ثقيلة على‬ ‫أعمال فنية‬ ‫الجدران‪ ،‬ومن فنانة ّ‬ ‫تتنقل بين أرجائه مرحة‪،‬‬ ‫واثقة‪ ،‬مجتهدة‪.‬‬ ‫إعداد‪ :‬منال حميدان‬

‫فرشاة وإزميل‬

‫دانة عورتاني‬


‫‪75 | 74‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫ليست هناك لوحات كثيرة متراكمة مرصوفة قرب‬ ‫الجدران‪ ،‬وال حوامل عليها لوحات غير مكتملة‪،‬‬ ‫وال أكواب كثيرة من الفرش المتراّصة‪ ،‬وال أكوام‬ ‫والقمشة المتسخة على أ‬ ‫اللوان أ‬ ‫أنابيب أ‬ ‫الرض‪،‬‬ ‫وغير ذلك مما نراه دائماً في مراسم الفنانين‬ ‫التشكيليين‪ .‬أنت هنا في مدار آخر تماماً‪ .‬كل شيء نظيف ومرتب‬ ‫بعناية فائقة‪ .‬وربما اليوم أكثر من العادة‪ ،‬ألن الفنانة الشابة‬ ‫تستعد للقيام برحلة إلى جنوب إفريقيا بعد ساعات قليلة‪ .‬لكن‬ ‫واللوان أ‬ ‫ترتيب مرسمها‪ ،‬بما في ذلك عدد الرسم أ‬ ‫والوراق وغيرها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ال تساهل فيه‪ ،‬ال بل هو أشبه بطقس أساسي من طقوس نوع‬ ‫الفن الذي تمارسه والذي يقوم على دقّة هندسية فائقة وعناية‬ ‫شبه صوفية بالتفاصيل‪.‬‬ ‫المشهد العام من بعيد يشبه مراسم المهندسين من حيث‬ ‫العدة الفنية‪ .‬ويشبه مصممي مصانع الخزف والسيراميك وأقمشة‬ ‫أ‬ ‫الرابسك من حيث الرسوم المع ّلقة على الجدران‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫مكعبات هندسية من أشكال مختلفة‪ .‬المساطر والبيكار الكبير‬ ‫ّ‬ ‫العدد اختفت من التداول إال من‬ ‫وأقالم الروترنج‪ ،‬أنواع من ِ‬ ‫أ‬ ‫المعبأة في حناجر‬ ‫مرسم دانة عورتاني‪ ،‬أو تكاد‪ .‬مجموعات اللوان‬ ‫ّ‬ ‫وتعدها دانة كما‬ ‫خاصة جميعها مستخرجة من مساحيق طبيعية‪ّ .‬‬ ‫كان فنانو وحرفيو العصور السابقة يعدون أحبارهم وألوانهم‪.‬‬ ‫جميعها من مواد طبيعية من مصادر مختلفة في الخارج‪.‬‬ ‫لذلك تأتي أ‬ ‫اللوان في الرسوم دافئة‪ ،‬نضرة‪ ،‬صافية‪ .‬وكي تحافظ‬ ‫دانة على نقاء اللون جعلت لكل لون صدفة بحر خاصة به تمزجه‬

‫انتصار التركيب الهندسي الخالص في أعمال دانة عورتاني‬



‫‪77 | 76‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫وتعده للرسم‪ .‬إنها ألوان أصلية وأحبار أصلية‪،‬‬ ‫فيها ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫لمن يعرف ما هي اللوان الصلية بالفعل‪ .‬إنها حالة‬ ‫لونية خاصة ال نراها إال في منمنمات أ‬ ‫القدمين‪ ،‬أو‬ ‫السجاد الفارسي العريق‪.‬‬ ‫إلى الجانب آ‬ ‫الخر مكتبة غنية بالمراجع التي تعدها‬ ‫دانة مصدر إلهام أساسي‪ ،‬بل مصدر إلهامها أ‬ ‫الكبر‪،‬‬ ‫وحيث إن فنها يبدأ من إحياء مزاج فني كاد أن يندثر‪-‬‬ ‫دون أن يقف عند ذلك‪ -‬فهي تحتاج إلى الرجوع ألعمال‬ ‫يخبئ‬ ‫تعيد فيها الصلة بعالم الفن الهندسي الذي ّ‬ ‫في ثناياه روحية الشرق‪ .‬من زخارف المصاحف‪ ،‬إلى‬ ‫أعمال أ‬ ‫الرابسك وصوال ً إلى حدود بعض الزخرفة التي‬ ‫رافقت فناني أوروبا االنطباعيين مثل ماتيس وغيره‪.‬‬ ‫وم ْن يستعرض أعمال دانة يشهد بأنها أشبه ما تكون‬ ‫َ‬ ‫ممتطية «قطار الشرق السريع»‪ ،‬تنطلق من ف ّنه‬ ‫الهندسي الثري العريق‪ ،‬لتدخل العصر الحديث‪.‬‬ ‫وفي أعمال دانة أ‬ ‫الخيرة بنوع خاص‪ ،‬التي شاركت‬ ‫فيها بمعارض جدة هذا العام هناك بال شك مالمح‬ ‫جديدة‪ :‬أنت أمام مشهد يتصل بالتراث بحسه الشرقي‬ ‫الصافي من جهة‪ ،‬وبالعصر الحديث بنضارته وجرأته‬ ‫وبساطته من جهة أخرى‪.‬‬ ‫الحقيقة أن هذا النوع من المجهود الفني (لكيال‬ ‫نستخدم تعابير مستهلكة) يمكن إلى حد ما تشبيهه‬ ‫بحركة فنية كان لها أثر بعيد في فنون القرنين التاسع‬ ‫عشر والعشرين‪ ،‬ليس التشكيلية فقط وإنما بكل ما‬ ‫يحيط حياتنا من أدوات وأثاث وقماش وما إلى ذلك‬ ‫والحرف في بريطانيا ‪The‬‬ ‫والتي ُعرفت بحركة الفنون ِ‬ ‫‪ .Arts and Crafts movement‬خصوصية هذه الحركة‬

‫أدوات محترفها ذات شخصية خاصة بها‬

‫ترتيب مرسمها‪ ،‬بما في ذلك ِعدد الرسم واأللوان‬ ‫واألوراق وغيرها‪ ،‬ال تساهل فيه‪ ،‬ال بل هو أشبه‬ ‫بطقس أساسي من طقوس نوع الفن الذي‬ ‫تمارسه والذي يقوم على ّ‬ ‫دقة هندسية فائقة‬ ‫وعناية شبه صوفية بالتفاصيل‪..‬‬


‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫مشهدا يتصل‬ ‫تشكل‬ ‫بعض أعمالها‬ ‫فيه التراث بحسه الشرقي الصافي من‬ ‫جهة‪ ،‬وبالعصر الحديث بنضارته وجرأته‬ ‫وبساطته من جهة أخرى‪..‬‬


‫‪79 | 78‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫«أحتاج إلى الرجوع إلى مكتبة كبيرة‬ ‫تعيد الصلة بعالم الفن الهندسي الذي‬ ‫يخبّ ئ في ثناياه روحية الشرق»‪..‬‬

‫أنها تنشط وتنمو وتنتج على الحدود ما بين الفن والحرفة‬ ‫الحرف بعطاء فني ر ٍاق ظهر في‬ ‫اليدوية‪ ،‬وبالتالي أغنت ِ‬ ‫الواني أ‬ ‫أ‬ ‫والقمشة وغيرها‪ ،‬وذلك دون أن يسلب الفنون‬ ‫مكانتها المرموقة‪.‬‬ ‫وحين طرحنا على دانة هذه المقارنة وافقت بحماسة‪.‬‬ ‫إنها تعرف هذه الحركة جيداً‪ ،‬وإنتاجها في توزعه على‬ ‫المواد المختلفة من ورق وقماش وخشب وسيراميك‪،‬‬ ‫يجاري تلك الحركة الحرفية في تعدد المواد‪.‬‬ ‫وبالفعل نجد في بعض أرجاء المرسم أعماال ً زخرفية على‬ ‫تحولت إلى صندوق بغطاء يمكن أن يستخدم‬ ‫الخشب ّ‬ ‫لحفظ ما نشاء‪ .‬وألواح من السيراميك يمكن إعادة إنتاجها‬ ‫فتزيّن جداراً في متحف أو صالة مؤتمرات‪ .‬ودانة تحب‬ ‫موادها جميعها‪ ،‬وإن كان الرسم على الورق بالحبر‬ ‫واللوان هو أ‬ ‫أ‬ ‫الثير لديها‪ .‬وهي محقّة بهذا التفضيل‬ ‫بال شك‪ ،‬ذلك أنه في أ‬ ‫العمال على ورق تظهر أعلى‬ ‫درجات التعبير لديها‪ ،‬حيث ال يغني أي شرح أو تحليل‬ ‫عن النظر‪ .‬انظر إلى هذه أ‬ ‫العمال فينفتح أمامك فضاء‬ ‫تعرف نفسها‬ ‫روحي م ّتسق ّأخاذ‪ .‬وفنانتنا الشابة التي ّ‬ ‫كفنانة سعودية فلسطينية‪ ،‬بدأت رحلة الشرق لتطل‬ ‫على العالم الفسيح‪ ،‬وها هي صاالت العالم تستقبلها‬ ‫بحماسة وإعجاب‪.‬‬

‫المكتبة الالزمة للدراسة قبل العمل‪..‬‬


‫ً‬ ‫تقديرا لدراستها في الفنون والمعمار التراثي اإلسالمي»‪.‬‬ ‫«دانة عورتاني حققت التميز األكاديمي؛‬ ‫ولي العهد البريطاني األمير تشارلز‬

‫سيرة دانة‬

‫دانة عورتاني سعودية من أصول فلسطينية‪ ،‬درست الفن المعاصر في كلية سنترال سانت مارتين‪ ،‬ولكنها وجدت نفسها تتجه‬ ‫السالمي‪ ،‬وهو ما تعده اكتشافاً‪ .‬تقول دانة التي حصلت على درجة الماجستير من المدرسة مع مرتبة الشرف‪:‬‬ ‫إلى دراسة الفن إ‬ ‫أ‬ ‫«سمعت عن مدرسة (ولي العهد البريطاني) المير تشارلز للفنون التراثية من صديقة للعائلة تقوم بالتدريس في لندن‪،‬‬ ‫الولى أشكال أ‬ ‫وعندما رأيت الموقع اللكتروني للمدرسة قررت االلتحاق بها»‪ .‬تشير دانة إلى أنها درست خالل السنة أ‬ ‫العمال‬ ‫إ‬ ‫والرابيسك والخزفيات‪ ،‬إلى الخط والزخرفة وعمل أ‬ ‫الحرفية والتقليدية‪ ،‬التي تنوعت من الرسم أ‬ ‫اليقونات‪ ،‬والرسم على الزجاج‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بعد ذلك قررت االتجاه إلى السيراميك والرسم‪ ،‬وكيفية استخدام الهندسة في أكثر من مجال‪.‬‬ ‫سنوات الدراسة في المدرسة فتحت أمامها باباً الكتشاف الفنون التراثية‪« :‬لم أكن أعرف كثيراً عن هذا النوع من الفنون‪ ،‬ولم‬ ‫آ‬ ‫تحولت تماماً إلى صفها وازداد تقديري لها»‪.‬‬ ‫أكن حتى أعرف إن كان هناك من ال يزال يمارسها‪ ،‬ولكنني الن ّ‬ ‫أ‬ ‫ما يجعل هذا النوع من الفنون مميزاً‪ ،‬برأي دانة‪ ،‬هو التركيز على الجودة والخامات المستخدمة‪ ،‬وتضرب المثال باللوان‬ ‫اللوان التي نستخدمها بأنفسنا بالطريقة التقليدية‪ .‬أ‬ ‫المير تشارلز‪« :‬نقوم بتجهيز أ‬ ‫التي يستخدمها الطلبة في مدرسة أ‬ ‫فاللوان‬ ‫مدة أطول‪ ،‬وتحافظ على بهائها وجمالها‪ .‬موطن الجمال في الفنون التراثية يتمثل في الطريقة‬ ‫المجهزة بهذه الطريقة تستمر ّ‬ ‫العمال الفنية‪ ،‬سواء كان ذلك عبر اختيار الورق أو أ‬ ‫التي تنفذ بها أ‬ ‫اللوان والفرش»‪.‬‬ ‫مشاريع دانة المستقبلية تبدو متأثرة بدراستها‪ ،‬فترى نفسها تعود إلى السعودية لتعمل بالتدريس هناك‪« :‬هذا إرثنا وتاريخنا‪،‬‬ ‫وأنا متيقنة من أن هناك كثيرات ممن سيستفدن من دراسة هذا النوع من الفنون»‪ .‬تبدو حماسة دانة منبعثة من انتهاء سنوات‬ ‫انغمست فيها في عالم التراث‪ ،‬ولكنها أيضاً ترى أن ذلك التأثر سيمتد‪ ،‬وقد ينتج عنه إقامة معارض فنية خاصة بها‪.‬‬


‫‪81 | 80‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫َّ‬ ‫الكتاب‬ ‫واستقراء‬ ‫المستقبل‬ ‫بقلم‬

‫سهام عريشي‬ ‫تفك� مستمر‪ .‬إنها مصفاة‬ ‫الكتابة عملية ي‬ ‫النسان ويستأنسه من‬ ‫وجودية لكل ما يبرصه إ‬ ‫أفكار ومشاهدات وحقائق أو أخيلة‪ .‬ي ن‬ ‫ح� خ ّط‬ ‫إنسان الكهف عىل الجدار أوىل رسوماته عن‬ ‫الحيوانات وأشكالها وطريقة حركتها وتزاوجها‪ ،‬كان يبحث عن نفسه‬ ‫وعن موقعه ن‬ ‫الكو� ن‬ ‫ومع� وجوده ي ن‬ ‫ب� آالف الكائنات الحية من‬ ‫يّ‬ ‫تحول الحجر إىل قلم ثم إىل‬ ‫حوله‪ .‬وتدريجاً‪ ،‬ب‬ ‫وع� مئات القرون‪َّ ،‬‬ ‫ف‬ ‫النسان‬ ‫وتطور معها وعي إ‬ ‫لوحة مفاتيح كما ي� عرصنا الرقمي هذا‪ّ ،‬‬ ‫بالكتابة‪..‬‬ ‫النسان برصه إىل السماء ليقرأ المستقبل ف ي� النجوم والكواكب‪،‬‬ ‫رفع إ‬ ‫ثم خفضه ليتفحص أثر القوافل ف� الصحراء‪ ،‬ثم خفضه ث‬ ‫أك�‬ ‫أي‬ ‫ليستكشف أ‬ ‫ولن الحياة فوضوية ومرتبكة وال‬ ‫الحماض النووية‪.‬‬ ‫ين‬ ‫العر� ف ي�‬ ‫تخضع‬ ‫لقوان� التفاضل والتكامل‪ ،‬فقد لجأ إ‬ ‫النسان ب ي‬ ‫الجاهلية إىل الكهانة والعرافة والقيافة والعيافة والزجر والرؤية‬ ‫والفراسة وعلم التنجيم ليقرأ الغيب وليستف ّز بها أقىص قدر من‬ ‫االحتماالت‪.‬‬ ‫وغ� قابل للتصديق‪ ،‬ولذلك‬ ‫لكن التنبؤ بالكتابة ظل أمراً مرفوضاً ي‬ ‫ّ‬ ‫ش‬ ‫«المتن�‬ ‫بـ‬ ‫الكب�‬ ‫العرب‬ ‫شاعر‬ ‫ي‬ ‫سم‬ ‫ال�ء‬ ‫يستبق‬ ‫إنه‬ ‫قيل‬ ‫فقد‬ ‫»‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫فيتنبأ بوقوعه قبل أن يحدث‪ ،‬ومن ذلك أنه تنبأ بموت أحد‬ ‫ممدوحيه وهو أبو عل هارون بن عبدالعزيز أ‬ ‫الوراجي‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫سياس باختالف مدارسه الفلسفية وما بعد الحداثية‪،‬‬ ‫ولننا ف ي� عرص‬ ‫ي‬ ‫للتأش� عىل وضع‬ ‫التحليل‬ ‫فقد اتجهت الكتابة إىل هذا المنحى‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫العر� الذي أصبح وجوده قائماً عىل ما يمكن أن تؤول إليه‬ ‫إ‬ ‫النسان ب ي‬ ‫أ‬ ‫المثقف�ن‬ ‫الوضاع االجتماعية والسياسية من حوله‪ .‬بل إن أشهر‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫الخمس� سنة الماضية ُعرفوا بتوجهاتهم ف ي�‬ ‫والك ّتاب العرب ف ي�‬ ‫ن‬ ‫نسا� من زوائد‬ ‫استقراء التاريخ ومقاربة الوقائع وتخليص‬ ‫الضم� إ‬ ‫ي‬ ‫ال ي‬ ‫التشدد ف‬ ‫الثقا� والحضاري كأحمد مطر ومحمود درويش وأدونيس‬ ‫ي‬ ‫وغ�هم‪ .‬ولذلك تبدو قراءة هؤالء الك ّتاب بع�‬ ‫وعبدالرحمن منيف ي‬ ‫والمبا�ة أمراً يستحق أ‬ ‫ش‬ ‫استخالص ش‬ ‫الولوية ف ي�‬ ‫است�افاتهم الرمزية‬ ‫المعالجة‪.‬‬ ‫السياس المرن‪،‬‬ ‫محمود درويش عىل سبيل المثال ُعرف بوعيه‬ ‫ي‬ ‫الوف� نجد التقاطات عميقة يمكن النظر‬ ‫وبقراءة منتجه الشعري ي‬

‫إليها كشيفرة تحذير ال مجرد محاكاة رمزية للواقع‪ .‬يقول ف ي� كتابه‬ ‫«يوميات الحزن العادي» الصادر ف� طبعته أ‬ ‫الوىل عام ‪1973‬م‬ ‫ي‬ ‫«هل يمزح التاريخ؟ يخرج أيار‪ /‬مايو ليدخل حزيران‪/‬يونيو‪ ،‬والبنادق‬ ‫تصوب إىل كل االتجاهات إال االتجاه الصحيح» ف ي� إشارة‬ ‫العربية ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� تحصل‬ ‫واضحة يمكن قراءتها بواقعية ي� سياق الحداث ال ي‬ ‫خ�ة ي‬ ‫ف ي� بعض البلدان العربية‪.‬‬ ‫القصي� يعلم أنه يكتب موته ي ن‬ ‫هل كان غازي‬ ‫ح� كتب روايته‬ ‫بي‬ ‫البسيطة المعقدة «رجل جاء وذهب»؟‬ ‫«يعقوب العريان» العاشق الذي يموت وحيداً ف ي� مصح الرسطان‬ ‫بإحدى ضواحي لندن‪ ،‬والوزير الشاعر مات برسطان المعدة بعد‬ ‫أن تنقل ف ي� مستشفيات الغرب‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� صدرت عام ‪1946‬م ألحمد‬ ‫إن رواية مثل رواية «فكرة» ي‬ ‫تش� بطريقة مواربة إىل سواد المستقبل الذي ينتظر‬ ‫السباعي ي‬ ‫العر�‪ .‬فراعية الغنم رباب تطوف العصور التاريخية‬ ‫إ‬ ‫النسان ب‬ ‫العربية لكنها ي ف� نهاية أ‬ ‫المر تظل راعية‪.‬‬ ‫ي‬ ‫لقد ظلت الكتابة دائماً هاجس أ‬ ‫الدباء والشعراء والرواة‪ .‬يركنون‬ ‫أ‬ ‫إليها فتمنحهم صفاء النفس وزوال الغبش عن العيون والذهان‪.‬‬ ‫إن الكتابة عن الحياة تزيد من فهمنا للحياة‪ ،‬كما أن عدم االكتفاء‬ ‫نز‬ ‫ير� ف ي�‬ ‫بالممكن وال�وح بالذات إىل عوالم متخيلة آ أخرى هو ما ب ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫والروائي� قدرتهم عىل استقراء ال ي� من العمر ي� محاولة‬ ‫الشعراء‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫الغي� البعيد‪.‬‬ ‫للتطاول عىل جدران الحا� والنظر إىل ب ي‬ ‫ف� إطار روايات آ‬ ‫الخر‪ ،‬تنبأ إسحاق عظيموف بالتعليم إ ت ن‬ ‫و�‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫اللك� ي‬ ‫ي‬ ‫ال ت‬ ‫ادب�ي بوصول‬ ‫ونية‪،‬‬ ‫لك�‬ ‫بالكتب‬ ‫آدام‬ ‫دوغالس‬ ‫أ‬ ‫وتنب‬ ‫إ‬ ‫وتنبأ راي بر ي‬ ‫َّ‬ ‫و� عام ‪1898‬م ألَّف َّ ئ أ‬ ‫ف‬ ‫مريك مورقان‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫الروا� ال ي‬ ‫النسان إىل المريخ‪ .‬ي‬ ‫روبرتسون رواية سماها «العبث‪ ،‬أو حطام التايتان» بتفاصيل‬ ‫ت‬ ‫ال� غرقت عام‬ ‫دقيقة تقارب بشكل عجيب ما أ حدث لباخرة التايتنك ي‬ ‫ت‬ ‫تحرض عىل‬ ‫ال� ّ‬ ‫‪1912‬م‪ .‬والمؤكد من هذه المثلة أن البيئة هي ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫كب�اً ي� ثمانينيات‬ ‫ال� القت رواجاً ي‬ ‫تأليف روايات الخيال العلمي ي‬ ‫وتسعينيات القرن ض‬ ‫الما� مواكبة للتقدم الصناعي آنذاك‪ .‬لكن هذا‬ ‫الجنس من الروايات ال ي يزال دائرة مغلقة‪ ،‬يتحرج كث� من كتابنا �ف‬ ‫ّ ي‬ ‫ّ ي‬ ‫ت‬ ‫اخ�اقها وتجريبها إال فيما ندر‪.‬‬


‫تقرير القافلة‬

‫قضية‬ ‫المياه‬ ‫عربياً‬

‫‪20‬‬

‫‪30‬‬

‫‪40‬‬

‫‪50‬‬


‫‪83 | 82‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مشكلة عربية مصيرية‪:‬‬

‫ّ‬ ‫شح المياه‬

‫ّ‬ ‫شح المياه ليس‬ ‫مشكلة عربية فقط‪،‬‬ ‫بل إنه مشكلة عالمية‬ ‫تمتد عبر القارات‪.‬‬ ‫فالنمو السكاني أينما‬ ‫كان في العالم يتحالف مع تضخم‬ ‫المدن وقضايا أخرى مثل متطلبات‬ ‫الزراعة والتلوث البيئي وتفاقم‬ ‫مشكلة المياه وزيادة حدتها‪.‬‬ ‫ولو توقفنا هنا أمام هذه القضية‬ ‫على المستوى العربي‪ ،‬لوجدنا أن‬ ‫تقارير عديدة على مستويات عليا‬ ‫جمع‬ ‫من الرصانة والجدية‪ ،‬باتت ُت ِ‬ ‫ً‬ ‫عربيا مشكلة‬ ‫على أن مشكلة المياه‬ ‫تتطلب معالجة شاملة ليس ترشيد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫صغيرا منها‪.‬‬ ‫جزءا‬ ‫االستهالك إال‬ ‫فما هي معطيات هذه األزمة‬ ‫وعناصرها؟ وما هي احتماالت‬ ‫تطورها؟ وماذا يمكن أن يتوافر لها‬ ‫من حلول؟‬

‫المصدر‪ :‬دراسة عنوانها‪ :‬إدارة مصادر المياه‬ ‫في المنطقة العربية‪ :‬التحديات والفرص‬ ‫والتغيّ رات‪ ،‬ألقيت في ورشة‪ :‬الطريق إلى إدارة‬ ‫مائية مستدامة التي عقدت في القاهرة‪ ،‬في ‪11‬‬ ‫مارس ‪2013‬م‬

‫ين‬ ‫والباحث� هذه المشكلة‬ ‫عالج عدد من المؤسسات‬ ‫ووضعوا لها الحلول الممكنة‪ ،‬ورفعوها إىل‬ ‫منظمات أ‬ ‫المم المتحدة والمنظمات إالقليمية‬ ‫ف‬ ‫كث� من بلدان العالم‪.‬‬ ‫والوطنية المتخصصة‪ ،‬ي� ي‬ ‫ذلك أن العالم ش‬ ‫تسبب ندرة‬ ‫يخ� اليوم‪ ،‬أن ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫دولت� أو‬ ‫المياه حروباً ال تقترص عىل نزاع يب� ي‬ ‫أك�‪ ،‬بل قد تؤ ّدي ت‬ ‫ث‬ ‫داخل واقتتال‬ ‫ح� إىل نزاع‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫أهل ي� بعض الدول عىل مصادر المياه العذبة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫منسق ش‬ ‫م�وع‪:‬‬ ‫فقد ّ‬ ‫قدم الدكتور ّ‬ ‫حمو العمر ف يا�‪ِّ ،‬‬ ‫المغر� ي� مجال الزراعة‬ ‫والخب�‬ ‫«قرية نت»‪،‬‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫أ‬ ‫ئ‬ ‫الغذا�‪ ،‬تقريراً لورشة‪ :‬الطريق إىل إدارة‬ ‫والمن‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� ُعقدت ي� القاهرة ي� ‪11‬‬ ‫مائية مستدامة‪ ،‬ي‬ ‫مارس ‪2013‬م‪ .‬جاء فيه أن دول مجلس التعاون‬ ‫تعا� واحداً من ن‬ ‫الخليجي ن‬ ‫أد� معدالت حصة‬ ‫ي‬ ‫الفرد من المياه المتجددة ف ي� العالم‪ ،‬إذ ال تزيد‬ ‫مكعباً ف ي� السنة‪.‬‬ ‫هذه الحصة عىل ‪ 177‬تم�اً ّ‬ ‫يغ� أن المشكلة ال تنحرص ف ي� هذه المنطقة‬ ‫العربية وحدها‪ ،‬ذلك أن تقريراً آخر‪ ،‬وضعه‬ ‫ّ‬ ‫وفال�ي لوكاس‪-‬‬ ‫الخب�ان ساربجيت ناهال‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫و«م�يل‬ ‫أم�كا» ي‬ ‫لوكل�‪ ،‬لحساب «بنك أوف ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫لنش»‪ ،‬عنوانه‪« :‬الثورة الزرقاء‪ :‬الماء ي� العالم»‪،‬‬ ‫نوفم� ‪ ،2012‬ذكر أن شح المياه‬ ‫وتاريخه ‪ 7‬ب‬ ‫ف‬ ‫حقيقة عالمية‪ ،‬إذ إن ‪ 783‬مليون نسمة ي� العالم‪،‬‬ ‫ال يحصلون عىل مياه ش�ب نقية‪ ،‬وأن الماء‬ ‫يقع آ‬ ‫الن تحت ضغوط متعاظمة‪ ،‬عىل طر�ف‬ ‫ي‬ ‫المعادلة‪ :‬طرف العرض (نقص المياه العذبة‪،‬‬ ‫وسوء التوزيع‪ ،‬والجودة المنخفضة‪ ،‬وهدر الماء‪،‬‬ ‫يسببه) وطرف الطلب (تسارع‬ ‫والتغ� المناخي وما ّ‬ ‫يّ‬ ‫ف‬ ‫كب� ف ي� استهالك الماء ي� الزراعة‪ ،‬والصناعة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫والمنازل‪ ،‬والبلديات)‪.‬‬ ‫شح المياه ممتدة عىل مساحة‬ ‫وإذا كانت مشكلة ّ‬ ‫جغرافية واسعة من الكرة أ‬ ‫الرضية‪ ،‬فهي ممتدة �ف‬ ‫ي‬ ‫التاريخ أيضاً إىل عصور قديمة‪.‬‬

‫فالباحثون يعرفون ن ز‬ ‫ال�اع عىل الماء‪ ،‬عىل أنه‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫رصاع ي ن‬ ‫ب� بلدان‪ ،‬أو جماعات شب�ية ي� بلد واحد‪،‬‬ ‫عىل مصادر المياه‪ .‬ومع أن الماء بنفاسته للزرع‬ ‫ش‬ ‫يفس احتمال‬ ‫وال�ب وتربية الماشية والصناعة‪ّ ،‬‬ ‫ت‬ ‫ال� نشبت‬ ‫نشوب الرصاع عليه‪ ،‬إال أن الحروب ي‬ ‫ش‬ ‫المبا�‪ ،‬وإن كان‬ ‫فعال ً نادراً ما كان الماء سببها‬ ‫ف‬ ‫نز‬ ‫ال�اع عىل الماء دخل من زمن ي� إطار المشكالت‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� تدخل � السجال ي ن‬ ‫ب� الدول‪.‬‬ ‫ي‬ ‫السياسية ي‬ ‫فهي تش� إىل أننا بلغنا قمة �ف‬ ‫ش‬ ‫والمؤ�ات مقلقة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ّ ي‬ ‫ف‬ ‫تحديات‬ ‫الضغوط عىل طلب الماء ي� العالم‪ ،‬وأن ّ‬ ‫عرض الماء واسعة النطاق‪ .‬فالطلب يُنتظر أن‬ ‫يفوق العرض بنسبة ‪ ،%40‬ف ي� سنة ‪ ،2030‬وعندئذ‬ ‫الب�ية أزمة مياه‪ .‬أما الوضع آ‬ ‫ن‬ ‫سيعا� نصف ش‬ ‫الن‬ ‫ي‬ ‫يش� إىل أن ‪ 1,2‬مليار نسمة أي نحو ُخمس‬ ‫فهو ي‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫الب�ية‪ ،‬يعانون ندرة ي� المياه‪ ،‬وأن ‪ 500‬مليون‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫يعا�‬ ‫نسمة آخرين يق�بون من هذه الحال‪ ،‬فيما أ ي‬ ‫‪ 1,6‬مليار نسمة‪ ،‬أي نحو ربع سكان الكرة الرضية‪،‬‬ ‫نقصاً بالماء‪.‬‬

‫في البالد العربية‬

‫ت‬ ‫ال� تراوح ي ن‬ ‫ب� النقص والقلة والشح‬ ‫إن قلة الماء ي‬ ‫ف‬ ‫والجفاف‪ ،‬مشكلة حادة ي� البالد العربية‪ ،‬حسبما‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫الثا� من تقرير التنمية‬ ‫جاء أيضاً ي� الفصل ي‬ ‫ش‬ ‫خ�اء‬ ‫الب�ية العربية ‪ 2009 -‬الذي وضعه ب‬ ‫الدول للتنمية (‪ ،)UNDP‬وعنوان‬ ‫لمنظمة بال�نامج‬ ‫ي‬ ‫البيئة‪ ،‬وضغوط الموارد أ‬ ‫هذا الفصل ن‬ ‫والمن‬ ‫الثا�‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫الب�ي ف ي� البالد العربية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تعد من التحديات الساسية‬ ‫هذه المشكلة ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تواجه المجتمعات العربية عموماً‪ ،‬تستدعي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫جهوداً مركّزة ي� غياب الوسائل المثالية لضبط‬ ‫والرض ومياه أ‬ ‫استعمال المساحات أ‬ ‫النهار‪،‬‬ ‫وعدم اتباع وسائل زيادة المردود االقتصادي‬ ‫للماء‪ ،‬وكذلك عدم الوصول إىل حلول لمشكلة‬


‫وضع بات حرجاً‬

‫المتجددة‬ ‫ّ‬ ‫حصة الفرد السنوية من المياه‬ ‫الشرق األوسط‬ ‫وشمال إفريقيا‬

‫جنوب آسيا‬

‫‪10‬‬

‫‪20‬‬

‫مكعب‪ /‬سنة‬ ‫ّ‬ ‫‪ 1000‬متر‬

‫نسبة المياه‬ ‫ّ‬ ‫المخزنة‬ ‫السطحية‬ ‫في صهاريج‬

‫أوروبا‬ ‫الغربية‬

‫شرق آسيا‬ ‫إفريقيا‬ ‫والمحيط الهادي جنوب‬ ‫(مع اليابان‬ ‫الصحراء‬ ‫والكوريتين)‬

‫أوروبا وآسيا‬ ‫الوسطى‬

‫أمريكا‬ ‫الشمالية‬

‫أمريكا‬ ‫الالتينية وجزر‬ ‫الكاريبي‬

‫أستراليا‬ ‫ونيوزيالندا‬

‫‪30‬‬ ‫المصدر‪ :‬إدارة مصادر المياه‬ ‫في المنطقة العربية‬

‫أمريكا الالتينيّ ة‬ ‫وجزر الكاريبي‬

‫جنوب آسيا‬

‫شرق آسيا‬ ‫والمحيط الهادي‬

‫أوروبا الغربية‬

‫أوروبا وآسيا‬ ‫الوسطى‬

‫إفريقيا جنوب‬ ‫الصحراء‬

‫أستراليا‬ ‫ونيوزيالندا‬

‫المعدل العام‬ ‫ّ‬

‫أمريكا الشمالية‬

‫الشرق األوسط‬ ‫وشمال إفريقيا‬

‫المصدر‪ :‬إدارة مصادر المياه‬ ‫في المنطقة العربية‬

‫المركزية المسؤولية ف ي� تنفيذ سياسات إدارة‬ ‫أ ض‬ ‫ا� والمياه‪ .‬فلما كانت هذه المسؤولية مو ّزعة‬ ‫الر ي‬ ‫كب� من المؤسسات والوزارات‪ ،‬يرى‬ ‫عىل عدد ي‬ ‫ض‬ ‫ش‬ ‫تقرير التنمية الب�ية العربية �ورة إنشاء هيئة‬ ‫تتحمل وحدها إدارة الموارد‬ ‫مؤسسية مستقلة ّ‬ ‫ّ‬ ‫المائية‪ .‬فمثل هذه الهيئة تستطيع أن تقيم‬ ‫التوازن المثال ي ن‬ ‫ب� العرض والطلب‪ ،‬عىل أساس‬ ‫ي‬ ‫اجتماعي‪ -‬اقتصادي سليم‪.‬‬ ‫لكن ثمة حاجة عاجلة آ‬ ‫الن إىل بداية جا ّدة إلنشاء‬ ‫المتخصصة‪ ،‬ف ي�‬ ‫شبكات من المراكز الدراسية‬ ‫ّ‬ ‫الحساسة هذه‪ ،‬من أجل تطوير مجموعة‬ ‫المناطق ّ‬ ‫من الحلول البديلة‪ ،‬يمكن أن يَختار منها ص ّناع‬ ‫القرار ما يرونه مناسباً للتطبيق‪.‬‬

‫ن‬ ‫السكا� وطلب الماء‬ ‫النمو‬ ‫ي‬

‫يرى تقرير التنمية ش‬ ‫الب�ية العربية أيضاً أن أحد‬ ‫أهم أسباب تعاظم الضغوط ف� طلب الماء‪� ،‬ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الكب�‪ .‬ففي‬ ‫السكا�‬ ‫الدول العربية‪ ،‬هو النمو‬ ‫ي ي‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫العر�‪،‬‬ ‫وت�ة ال�ايد‬ ‫سنة ‪ 2010‬ق ُِّدرت ي‬ ‫السكا� ب ي‬ ‫ي‬

‫بنحو ‪ %2‬كل سنة‪ .‬ي ن‬ ‫وب� ‪ 2010‬و‪ ،2015‬هبطت‬ ‫المقدرة هبوطاً طفيفاً إىل ‪.%1.9‬‬ ‫هذه النسبة ّ‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫وت�ة ال�ايد‬ ‫وتكاد هاتان النسبتان‪ ،‬تبلغان ضعفي ي‬ ‫ن‬ ‫التوال‪1.2 :‬‬ ‫السكا� ف ي� العالم‪ ،‬ونسبته عىل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫و‪.%1.1‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫تقدر المم‬ ‫الوت�ة ي� الحسبان‪ّ ،‬‬ ‫ومع أخذ هذه ي‬ ‫المتحدة‪ ،‬أن يبلغ عدد سكان البالد العربية عام‬ ‫‪ 2015‬نحو ‪ 385‬مليون نسمة (للمقارنة‪ ،‬كان تعداد‬ ‫السكّان ف ي� البالد العربية عام ‪ 331 ،2007‬مليون‬ ‫نسمة‪ ،‬وعام ‪ 172 ،1980‬مليوناً)‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫ا�‬ ‫و�‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫منطقة تتعاظم فيها ندرة الماء والر ي‬ ‫ن‬ ‫السكا� بال‬ ‫سيثقل التكاثر‬ ‫الزراعية برسعة‪ُ ،‬‬ ‫ي‬ ‫منذ آ‬ ‫الن‪ ،‬كاهل مصادر الماء‬ ‫شك‪ ،‬وهو يُثقل‬ ‫أ‬ ‫ض‬ ‫ا� الزراعية وعىل االستدامة‬ ‫المحدودة وعىل الر ي‬ ‫البيئية أيضاً‪.‬‬

‫ندرة المياه العربية‬

‫إن سبب معاناة البلدان العربية من شح الماء‬ ‫ومصادره‪ ،‬هو أن هذه البلدان تقع ف ي� منطقة‬


‫‪85 | 84‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مناطق الشح‬ ‫في العالم‬

‫ّ‬ ‫اللون األزرق ّ‬ ‫الجافة‬ ‫يدل على المناطق‬ ‫في العالم وتبدو المنطقة العربية كلها‬ ‫تقريبا بهذا اللون‪.‬‬ ‫المصدر‪ :‬الثورة الزرقاء – الماء في العالم‬

‫جافة من الكرة أ‬ ‫الرضية‪ .‬وتزداد المعاناة‪ ،‬بسبب‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫السكا�‬ ‫النمو‬ ‫الزيادة المطّردة ي� استنباط الماء مع ّ‬ ‫ي‬ ‫واالقتصادي‪ .‬أ‬ ‫والنهار الدائمة‪ ،‬هي المصدر‬ ‫أ‬ ‫ساس للمياه السطحية ف ي� البالد العربية‪ ،‬تليها‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫وال�ع أ‬ ‫الينابيع ت‬ ‫والنهار الموسمية‪.‬‬ ‫ويبلغ مجموع المياه ف ي� البالد العربية نحو ‪300‬‬ ‫مكعب ف ي� السنة‪ ،‬منها المياه السطحية‪،‬‬ ‫مليار تم� ّ‬ ‫ف‬ ‫مكعب ي� السنة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وتقدر بنحو ‪ 277‬مليار تم� ّ‬ ‫لكن نسبة ما ينبع ف ي� داخل هذه البالد العربية‬ ‫من أ‬ ‫النهار ال تتعدى ‪ .%43‬أما النسبة الباقية من‬ ‫فتأ� بها أنهار تنبع �ف‬ ‫ت‬ ‫المياه السطحية وهي ‪ %57‬ي‬ ‫ي‬ ‫الخارج‪.‬‬

‫التصنيف المائي للدول العربية‬ ‫بين القلة والشح والندرة‬

‫وقد شن� تقرير"الثورة الزرقاء‪ :‬الماء ف ي� العالم"‪،‬‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫تعا� مشكلة مياه‪ ،‬فجعل‬ ‫ال� ف ي‬ ‫جدوال ً لدول العالم ي‬ ‫معاناة الدول لهذه المشكلة ي� ثالثة أصناف‪ :‬قلة‬ ‫الماء (‪ )water stress‬وشح الماء (‪)water scarcity‬‬ ‫وندرة الماء (‪.)absolute water scarcity‬‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫تعا� قلة الماء‪ ،‬هي جزر‬ ‫ال� ي‬ ‫فالدول العربية ي‬ ‫ت‬ ‫‪1592‬م�اً‬ ‫القمر (وحصة الفرد السنوية فيها‬ ‫مكعبا) والسودان‬ ‫مكعباً) والصومال (‪ 1538‬تم�اً ّ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مكعباً)‬ ‫مكعباً) وإري�يا (‪ 1161‬م�ا ّ‬ ‫(‪ 1445‬م�ا ّ‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫مكعباً)‪.‬‬ ‫ا‬ ‫م�‬ ‫ولبنان (‪1057‬‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫شح المياه‪ ،‬هي‬ ‫تعا� ّ‬ ‫ال� ي‬ ‫والدول العربية ي‬ ‫مكعب) وسوريا (‪ 808,5‬م�ت‬ ‫المغرب (‪ 898,6‬تم� ّ‬

‫مكعب)‪.‬‬ ‫مكعب) ومرص (‪ 694,2‬تم� ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال� ن‬ ‫أما الدول العربية ت‬ ‫تعا� ندرة الماء‪ ،‬فهي عىل‬ ‫ي ي‬ ‫مكعب) وتونس (‪433,7‬‬ ‫التوال‪ُ :‬عمان (‪ 491,9‬تم� ّ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫مكعب) والجزائر‬ ‫مكعب)‬ ‫وجيبو� (‪ 331,1‬تم� ّ‬ ‫تم� ّ‬ ‫ي‬ ‫مكعب) أ ض‬ ‫ا� الفلسطينية المحتلة‬ ‫(‪ 324,2‬تم� ّ‬ ‫والر ي‬ ‫أ‬ ‫مكعباً)‬ ‫مكعب) والردن (‪ 148‬تم�اً ّ‬ ‫(‪ 201,6‬تم� ّ‬ ‫مكعبة) والبحرين (‪ 87,6‬تم�‬ ‫وليبيا (‪ 109‬أمتار ّ‬ ‫مكعب) والمملكة العربية السعودية (‪ 85,5‬م�ت‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫مكعب) وقطر (‪ 31‬تم�اً‬ ‫م�‬ ‫(‪84,7‬‬ ‫واليمن‬ ‫ب)‬ ‫مكع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مكعباً)‬ ‫مكعباً) إ‬ ‫والمارات العربية المتحدة (‪ 19‬تم�اً ّ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫مكعب)‪.‬‬ ‫ي‬ ‫وأخ�اً الكويت (‪ 7,1‬م� ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫عربي� لم‬ ‫ويالحظ ي� هذه الرقام‪ ،‬أن بلدين ي‬ ‫َ‬ ‫يُذكرا‪ ،‬هما العراق‪ ،‬الذي يمر فيه نهرا الفرات‬ ‫ودجلة‪ ،‬وهما من المصادر المائية الغنية نسبياً‪،‬‬ ‫وإن كانا يحتاجان إىل حسن إالدارة‪ ،‬لحفظ الماء‬ ‫ونقائه‪ .‬أما البلد آ‬ ‫الخر‪ ،‬فهو موريتانيا‪ ،‬وهو‬ ‫ال� ن‬ ‫من البلدان ت‬ ‫تعا� نقصاً ف ي� المياه‪ ،‬وإن كان‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫التقرير لم يص ِّنف هذين البلدين ف ي� أي من الفئات‬ ‫الثالث المذكورة‪.‬‬

‫أنهار وطنية ودولية‬

‫ف‬ ‫يش� تقرير التنمية ش‬ ‫الب�ية‬ ‫� البالد العربية أنهار‪ ،‬ي‬ ‫يالعربية إىل أن بعضها ينبع ويجري ويصب �ف‬ ‫ي‬ ‫داخل هذه البالد‪ ،‬وبعضها آ‬ ‫الخر تتشارك فيها‬ ‫البالد العربية مع بلدان أخرى‪.‬‬ ‫فالفرات ودجلة كالهما ينبع ف� تركيا‪ ،‬ويجري �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫سوريا‪ ،‬وينتهي إىل العراق‪ ،‬حيث يلتقي النهران‬

‫ف ي� شط العرب‪ ،‬الذي يصب ف ي� الخليج‪ .‬وينبع‬ ‫العاص ف ي� لبنان‪ ،‬ويجري شماال ً إىل سوريا‪،‬‬ ‫نهر‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫وينتهي إىل البحر البيض المتوسط ي� تركيا‪ .‬وأما‬ ‫نهر أ‬ ‫الردن ورافده يال�موك‪ ،‬فتتشارك فيهما سوريا‬ ‫ولبنان أ‬ ‫ين‬ ‫وفلسط� المحتلة‪.‬‬ ‫والردن‬ ‫ت‬ ‫ال� تتشارك ف ي� مياه نهر النيل‪،‬‬ ‫ومن الدول ف التسع ي‬ ‫الذي ينبع ي� أواسط إفريقيا‪ ،‬دولتان عربيتان‬ ‫فقط‪ ،‬هما السودان ومرص‪ .‬وقد بُ ِذلت سنوات‬ ‫من الجهود من أجل الوصول إىل معاهدات‬ ‫بشأن مياهه‪ ،‬منها "مبادرة حوض النيل"‪ ،‬وهي‬ ‫ترمي إىل إدارة مياه النهر وتقاسمها‪ .‬لكن معظم‬ ‫فعالة أو‬ ‫هذه المعاهدات‪ ،‬إما جزئية‪ ،‬أو يغ� ّ‬ ‫يغ� منصفة ف ي� مسألة حقوق الدول المتشاركة ف ي�‬ ‫النهر‪ .‬وعىل الصعيد إالقليمي يُ ش‬ ‫خ� عىل التعاون‬ ‫ف ي� استعمال المياه وإدارتها‪ ،‬من نزاعات سياسية‬ ‫عديدة‪.‬‬

‫المياه الجوفية‬

‫وثمة مصادر أخرى للمياه ف ي� البالد العربية أهمها‬ ‫ويقدر االحتياطي فيها بنحو‬ ‫المياه الجوفية‪ّ ،‬‬ ‫مكعب‪ ،‬أما كمية المياه ت‬ ‫ال�‬ ‫‪ 7,734‬مليار تم� ّ‬ ‫ي‬ ‫قدر بنحو‬ ‫تغذّ ي هذه المياه الجوفية كل سنة‪ ،‬ف ُت ّ‬ ‫مكعب فقط ف ي� جميع المناطق‬ ‫‪ 42‬مليار تم� ّ‬ ‫العربية‪ .‬وال تزيد الكمية المتاحة لالستعمال عىل‬ ‫مكعب سنوياً‪.‬‬ ‫‪ 35‬مليار تم� ّ‬ ‫أك� احتياطات المياه الجوفية‪ ،‬ث‬ ‫وأك�ها‬ ‫وتوجد ب‬ ‫ف‬ ‫تجدداً ف ي� البالد العربية‪ ،‬ي� بلدان شمال إفريقيا‬


‫ً‬ ‫أيضا أن‬ ‫يرى تقرير التنمية البشرية العربية‬ ‫أحد أهم أسباب تعاظم الضغوط في طلب‬ ‫الماء‪ ،‬في الدول العربية‪ ،‬هو النمو السكاني‬ ‫الكبير‪ .‬ففي سنة ‪ُ 2010‬ق ِّدرت وتيرة التزايد‬ ‫السكاني العربي‪ ،‬بنحو ‪ %2‬كل سنة‪ .‬وبين‬ ‫ّ‬ ‫المقدرة‬ ‫‪ 2010‬و‪ ،2015‬هبطت هذه النسبة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫طفيفا إلى‬ ‫هبوطا‬

‫‪%1,9‬‬

‫زيادة الطلب‬ ‫المتوقعة عالمياً‬ ‫من ‪ 2005‬إلى‬ ‫‪ 2030‬سيزداد‬ ‫طلب الماء بنسبة‪:‬‬

‫‪%283‬‬ ‫إفريقيا جنوب الصحراء‬

‫‪%61‬‬

‫‪%109‬‬ ‫أوقيانيا‬

‫‪%58‬‬

‫الصين‬

‫الهند‬

‫‪%47‬‬

‫‪%43‬‬

‫الشرق األوسط‬ ‫وشمال إفريقيا‬

‫شمال أمريكا‬

‫‪%95‬‬ ‫أمريكا الجنوبية‬

‫‪%50‬‬ ‫أوروبا‬

‫من تقرير‪ :‬الماء‬ ‫سنة ‪2030‬‬

‫ش‬ ‫و�قها (الجزائر ومرص وليبيا والمغرب والصومال‬ ‫والسودان وتونس)‪.‬‬ ‫ف‬ ‫والمياه الجوفية هي مياه عذبة تتجمع ي� مخازن‬ ‫طبيعية ف� جوف أ‬ ‫الرض‪ .‬وهي المصدر الوحيد‬ ‫ي‬ ‫للمياه العذبة‪ ،‬ف ي� المناطق الصحراوية الجدباء‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ئ‬ ‫الما�‬ ‫ّ‬ ‫وتعد ضمانة حيوية وطنية وإقليمية‪ ،‬للمن ي‬ ‫ف ي� عدد من البلدان‪.‬‬ ‫وثمة خزانات مياه جوفية‪ ،‬عابرة للحدود‪،‬‬ ‫وهي متجددة المياه‪ .‬ومنها ما يمتد ف ي� جوف‬ ‫أ‬ ‫ب� سوريا وتركيا‪ ،‬ي ن‬ ‫الرض‪ ،‬بع� الحدود ي ن‬ ‫وب�‬ ‫وب� أ‬ ‫وفلسط�‪ ،‬ي ن‬ ‫ين‬ ‫الردن وسوريا‪ .‬وثمة‬ ‫لبنان‬ ‫مياه جوفية يغ� متجددة‪ ،‬مثل المياه الجوفية‬ ‫ال� تمتد تحت أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الرض ي ن‬ ‫ب�‬ ‫ي� منطقة النوبة‪ ،‬ي‬ ‫أ‬ ‫تشاد ومرص وليبيا‪ ،‬والمياه الجوفية ي ن‬ ‫ب� الردن‬ ‫والمملكة العربية السعودية‪ ،‬وثمة خزان آخر‬ ‫ب� العراق وسوريا أ‬ ‫يغ� متجدد المياه ي ن‬ ‫والردن‪.‬‬ ‫ومع أن بعض هذه المياه جيدة لتلبية طلب‬ ‫المياه العذبة‪ ،‬إال أن بعضها آ‬ ‫الخر يتصف‬ ‫َّ‬ ‫بالملوحة‪.‬‬

‫حسن االستعمال‬

‫تحتاج كل هذه المصادر إىل معاهدات وإىل‬ ‫مؤسسات مناسبة إلدارتها إدارة سليمة‪ .‬ذلك‬ ‫أن استنباط الماء منها كيفما اتفق‪ ،‬أمر غاية ف ي�‬ ‫مص� هذه المصادر‪ ،‬وقد يكون‬ ‫الخطورة عىل ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ال� تتشارك ي� هذه‬ ‫سبباً ي� نزاع يب� الدول ي‬ ‫المخازن الجوفية‪ .‬ففي مخازن المياه الجوفية‬

‫ال� تتشارك فيها دولتان أو ث‬ ‫ت‬ ‫أك�‪،‬‬ ‫"الدولية"‪ ،‬أي ي‬ ‫يمكن ألثر أي استخدام ي ّ ئ‬ ‫س� أن يمتد من بلد إىل‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫الناحيت�‬ ‫الجو�‪ .‬ذلك ممكن من‬ ‫بلد بع� الخزان‬ ‫ي‬ ‫الكمية (أي السحب الجائر للمياه الجوفية) أو‬ ‫النوعية (أي التسبب مثال ً ف ي� زيادة ملوحة المياه‬ ‫الجوفية)‪ .‬وقد ال تظهر نتائج هذا السلوك ش‬ ‫مبا�ة‬ ‫وبوضوح ف ي� البلدان المجاورة‪ ،‬ولكن إعادة الحال‬ ‫إىل وضعها السليم‪ ،‬بعد حدوث ال�ض ر‪ ،‬أمر‬ ‫صعب للغاية‪.‬‬ ‫واالستنباط الجائر المبالغ فيه للمياه الجوفية‪،‬‬ ‫قد يكون الدافع إليه زيادة الطلب ت‬ ‫الم�تبة عىل‬ ‫نمو السكان‪ ،‬أو التطوير الزراعي‪ ،‬أو المتطلبات‬ ‫الصناعية ت ز‬ ‫الم�ايدة‪ .‬لكنه يناقض مبدأ االستدامة‪،‬‬ ‫ويؤدي ف ي� الغالب‪ ،‬بعد وقت ما‪ ،‬إىل عدم صالح‬ ‫ف‬ ‫الماء ق‬ ‫الجو�‪ .‬ففي المناطق‬ ‫البا� ف ي� الخزان‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الساحلية مثالً‪ ،‬تؤدي المبالغة ف ي� استنباط المياه‬ ‫الجوفية إىل فراغ ف ي� الخزان‪ ،‬يستدعي مياه البحر‬ ‫المجاورة‪ ،‬ت ز‬ ‫ف�داد ملوحة الماء زيادة تجعله يغ�‬ ‫لل�ب أو للزراعة ت‬ ‫صالح ش‬ ‫ح�‪ ،‬أو الصناعة‪.‬‬

‫مشكلة قلة ومشكلة جودة‬

‫وقد لفت تقرير «الثورة الزرقاء‪ :‬الماء ف ي� العالم»‪،‬‬ ‫إىل مسألة مهمة جداً ف ي� أزمة المياه‪ ،‬ف ي� مالحظة‬ ‫تصح عىل البلدان العربية‪ ،‬أو معظمها عىل أ‬ ‫القل‪.‬‬ ‫فمشكلة قلة الماء ليست مشكلة كمية فقط‪،‬‬ ‫بل هي أيضاً مشكلة نوعية‪ .‬فالشح ناتج بنسبة‬ ‫كب�ة وعىل نحو ش‬ ‫مبا�‪ ،‬من تردي جودة ما يتوافر‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫من مياه‪ .‬وقد أخذت جودة المياه ي� التفاقم‬ ‫ف� العقود الماضية من ي ن‬ ‫السن�‪ .‬أما أسباب هذا‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال�دي ف ي� الجودة‪ ،‬فهي عديدة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫• أن مدن العالم‪ ،‬ومنها المدن العربية‪ ،‬تواجه‬ ‫م�ايداً للمياه‪ ،‬بسبب سوء استعمال أ‬ ‫تلوثاً ت ز‬ ‫الرض‬ ‫آ‬ ‫الملوثة أو السنة‪.‬‬ ‫وسوء معالجة المياه ّ‬ ‫ف‬ ‫المخصبات الكيميائية ي� الزراعة‪،‬‬ ‫• تزايد استخدام‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫وهي مواد تنتهي إىل المياه الجوفية‪ ،‬وت�كز فيها‪،‬‬ ‫تصب ف ي� البحار والمحيطات‪.‬‬ ‫وقد ّ‬ ‫• استخدام أساليب الري المكثف ف ي� المزارع‬ ‫ف‬ ‫يحد من قدرة‬ ‫والحقول‪ ،‬وهذا الجور ي� الري ّ‬ ‫أ‬ ‫النهار‪ ،‬عىل نقل الطمي والرواسب الخصبة‪.‬‬ ‫• استخدام أ‬ ‫النهار ومجاري المياه العذبة‪،‬‬ ‫لترصيف المياه الصناعية الملوثة والمياه آ‬ ‫السنة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫• ف ي� معظم البالد العربية معالجة مياه الرصف‬ ‫الصناعي والصحي هي إما ضعيفة أو ال وجود لها‬ ‫عىل إالطالق‪.‬‬ ‫يضاف إىل هذا ما سلف ذكره عن زيادة ملوحة‬ ‫المياه الجوفية‪ ،‬أو ت‬ ‫ح� جفافها‪ ،‬بسبب عدم‬


‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫التردي البيئي للمياه‬ ‫ّ‬ ‫تكلفة‬

‫‪3‬‬ ‫النسبة من الناتج المحلّ ي اإلجمالي‬

‫‪87 | 86‬‬

‫‪2.5‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1.5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪0‬‬ ‫الجزائر‬

‫مصر‬

‫إيران‬

‫األردن‬

‫لبنان‬

‫المغرب‬

‫سوريا‬

‫تونس‬

‫إنتاج طن من‬ ‫لحم البقر يحتاج‬ ‫إلى ‪16,726‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مكعبا من‬ ‫مترا‬ ‫المياه‪ ،‬وصناعة‬ ‫الغذاء تستهلك‬ ‫‪ 1000‬ضعف ما‬ ‫يستهلكه شرب‬ ‫الماء‬

‫المصدر‪ :‬إدارة مصادر المياه في المنطقة العربية‬

‫الموازنة ي ن‬ ‫سحب من المياه‪ ،‬وما يتجدد من‬ ‫ب� ما يُ َ‬ ‫ف‬ ‫الجو�‪ .‬فإذا‬ ‫كميات تضاف كل سنة إىل الخزان‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ز‬ ‫الم�ان‪ ،‬فإن‬ ‫أدى سحب المياه إىل عجز ي� هذا ي‬ ‫المياه الجوفية ت ز‬ ‫س�داد ملوحة مع مر السنوات‪،‬‬ ‫وقد يصل بها أ‬ ‫المر إىل الجفاف‪.‬‬

‫االتجاه إىل أ‬ ‫السوأ؟‬

‫كث�ة‪ ،‬إىل أبعاد أزمة المياه ف ي�‬ ‫تش� تقارير ي‬ ‫ي‬ ‫المنطقة العربية‪ .‬ي ّ ن‬ ‫وتب� أرقام هذه التقارير‪،‬‬ ‫تصاعد أ‬ ‫ش‬ ‫والع�ين‪.‬‬ ‫الزمة منذ بداية القرن الواحد‬ ‫ت‬ ‫المش�ك ‪2001‬‬ ‫العر� االقتصادي‬ ‫فالتقرير ب ي‬ ‫(‪The Joint Arab Economic Report JAER,‬‬ ‫العر�‪،‬‬ ‫‪ )2001‬الذي يصدره صندوق النقد ب‬ ‫أكد قبل ‪ 13‬سنة‪ ،‬أن المنطقة دخلت فع يال ً �ف‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫الما�"‪ ،‬وأن هذا كان‪ ،‬ف ي� زمن‬ ‫مرحلة من "الفقر ي‬ ‫ف‬ ‫صدور التقرير‪ ،‬أسوأ وضع ي� مناطق العالم عىل‬ ‫المتجددة‬ ‫الطالق‪ ،‬استناداً إىل معدل كمية المياه‬ ‫إ‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫وقدر التقرير مقدار المياه‬ ‫للفرد ي� السنة‪ّ .‬‬ ‫ت‬ ‫ال� تحصل عليها البالد العربية من‬ ‫ّ‬ ‫المتجددة ي‬ ‫مصادرها المختلفة‪ ،‬بما مجموعه ‪ 265‬مليار م�ت‬ ‫ف‬ ‫مكعب للفرد‪.‬‬ ‫مكعب ي� السنة‪ ،‬أي نحو ‪ 1000‬تم� ّ‬ ‫ّ‬ ‫كان المعدل العالمي للفرد ف ي� السنة تلك‪ ،‬سبعة‬ ‫العر� من‬ ‫أضعاف ما يحصل عليه المواطن ب ي‬ ‫المياه‪ .‬وتك ّهن التقرير منذئذ‪ ،‬بأن معدل حصة‬ ‫العر� من المياه سنة ‪ ،2025‬سينخفض‬ ‫الفرد ب ي‬ ‫ف‬ ‫مكعباً ي� السنة‪ ،‬أي دون حد الفقر‬ ‫إىل ‪ 460‬تم�اً ّ‬

‫الشد بالمعاي� الدولية المعتمدة‪ .‬أ‬ ‫أ‬ ‫والسوأ من‬ ‫ي‬ ‫هذا أن المعدل المذكور سيكون صحيحاً إذا‬ ‫كانت المياه المتوافرة آنذاك صالحة ش‬ ‫لل�ب‬ ‫والخدمة‪ .‬وهو أمر يغ� مضمون‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫و� تقرير آخر‪ ،‬هو تقرير التنمية الب�ية الذي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أصدره برنامج المم المتحدة للتنمية (‪Human‬‬ ‫‪ )Development Report of UNDP 2006‬سنة‬ ‫كث�اً من مصادر المياه العربية تقع‬ ‫‪ ،2006‬أن ي‬ ‫بعيداً عن مكان االستهالك‪ ،‬وهذا يجعل تخزين‬ ‫المياه ونقلها‪ ،‬باهظي الثمن‪ ،‬إىل درجة جعل هذه‬ ‫المياه يغ� قابلة اقتصادياً ش‬ ‫لل�ب أو لري الزرع‪ ،‬أو‬ ‫ت‬ ‫ح� لالستخدام الصناعي‪ .‬ويؤكد هذا التقرير‪،‬‬ ‫بعد سنوات خمس من صدور التقرير السابق‪ ،‬أن‬ ‫مشكلة المياه ف ي� البالد العربية تتعاظم مع هبوط‬ ‫معدل حصة الفرد نحو الربع‪ ،‬ويتفق مع التقرير‬ ‫ت‬ ‫المش�ك‪ ،‬عىل أن هذه الحصة‬ ‫العر� االقتصادي‬ ‫بي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫مكعب‪ ،‬ي� السنوات‬ ‫ستنخفض نحو ‪ 500‬م� ّ‬ ‫ن‬ ‫شح المياه‪.‬‬ ‫المقبلة‪.‬‬ ‫وسيعا� ‪ %90‬من السكان ّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫وفيما تضاءلت مشكلة المياه ي� العالم برسعة‬ ‫ب� ت‬ ‫نسبية ي ن‬ ‫سن� ‪ 1990‬و‪ ،2004‬كان تضاؤلها ف ي�‬ ‫ي‬ ‫و� السنوات آ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫التية لن‬ ‫العالم ب ي‬ ‫العر� هو البطأ‪ .‬ي‬ ‫ف‬ ‫كث� من السكان العرب‪ ،‬أن يحصلوا‬ ‫يكون ي� وسع ي‬ ‫مكعب ف ي� السنة‪ ،‬فيما ستحصل‬ ‫عىل ‪ 1700‬تم� ّ‬ ‫ت‬ ‫ث‬ ‫مكعب‪.‬‬ ‫الك�ة الغالبة عىل أقل من ‪ 1000‬م� ّ‬ ‫تقرير ثالث للجنة االقتصادية االجتماعية لغرب‬ ‫"السكوا" (‪United Nations Economic and‬‬ ‫آسيا إ‬

‫‪Social Commission for Western Asia – UN‬‬ ‫‪ )ESCWA‬يقارن ي ن‬ ‫ب� مستويات شدة المشكلة ف ي�‬ ‫أربعة بلدان عربية آسيوية‪ ،‬متفاوتة الوضع‪ .‬ويص ّنف‬ ‫التقرير البلدان ف ي� أربع فئات‪ ،‬وفقاً لشدة المشكلة‪،‬‬ ‫ين‬ ‫ب� «خفيفة» و«قوية» و«جدية» و«حرجة»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف ي� الفئة الوىل أربعة بلدان تواجه مشكلة‬ ‫«خفيفة»‪ ،‬وبلدان اثنان مشكلتهما «قوية»‪،‬‬ ‫وخمسة ف ي� فئة المشكلة «الجدية»‪ ،‬واثنان هما‬ ‫إالمارات العربية المتحدة والكويت‪ ،‬مشكلتهما‬ ‫«حرجة»‪.‬‬

‫الطعام والمياه ت‬ ‫االف�اضية‬ ‫أ‬

‫جاء ف ي� تقرير لمنظمة الغذية والزراعة التابعة‬ ‫أ‬ ‫للمم المتحدة "فاو" (‪UN Food and‬‬ ‫‪ )Agriculture Organization FAO‬أن حاجة الفرد‬ ‫العادي اليومية من مياه ش‬ ‫ال�ب‪ ،‬أكان شي�بها أو‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫يحتاج إليها ف ي� طهو طعامه‪ ،‬ت�اوح يب� ل�ين‬ ‫وخمسة تل�ات‪ .‬أما غذاؤه‪ ،‬فيحتاج ف ي� اليوم‬ ‫الواحد إىل ما تي�اوح ي ن‬ ‫ب� ‪ 2000‬و‪ 5000‬تل�‪ .‬ذلك‬ ‫ف‬ ‫أن ب ز‬ ‫وتحض�ه‬ ‫الخ� الذي يأكله‪ ،‬استهلك ي� زرعه‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� يتناولها‪،‬‬ ‫ي‬ ‫كث�اً من الماء‪ ،‬وقل كذا ي� الخضار ي‬ ‫ومقدار الماء الذي تحتاج إليه لتنبت‪ .‬كذلك‬ ‫كث� ف ي� سقاية‬ ‫اللحم الذي يتناوله‪ ،‬اس ُتهلك ماء ي‬ ‫ت‬ ‫ال� أنتجته‪ ...‬وهكذا‪ .‬أي إن الغذاء‬ ‫الماشية ي‬ ‫يستهلك من المياه ‪ 1000‬ضعف ما يستهلكه ش�ب‬ ‫الماء‪.‬‬


‫الندرة ‪ +‬االستنزاف والتلويث‬ ‫استنزاف المياه الجوفية‬

‫‪ %‬من الناتج المحلّ ي اإلجمالي‬

‫المغرب‬

‫األردن‬

‫اليمن‬

‫مصر‬

‫تونس‬

‫‪0‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1.5‬‬ ‫‪2‬‬ ‫المصدر‪ :‬إدارة مصادر المياه في المنطقة العربية‬

‫وجاء ف� التقرير أيضاً‪ ،‬أن الطعام إذا كان ي ز‬ ‫س�داد‬ ‫ي‬ ‫ب� ت‬ ‫طلبه ي ن‬ ‫سن� ‪ 2025‬و‪ ،2030‬بنسبة ‪ %50‬عىل‬ ‫آ ي‬ ‫الن‪( ،‬يقدر تقرير «الثورة الزرقاء» نسبة‬ ‫ما هو‬ ‫الزيادة بنحو ‪ %40‬ت‬ ‫ح� ‪ )2030‬بسبب زيادة‬ ‫تعداد سكان أ‬ ‫الرض‪ ،‬والنمو االقتصادي الذي‬ ‫ن‬ ‫يع�‬ ‫يتبعه‬ ‫إقبال عىل مزيد من االستهالك‪ ،‬فهذا ي‬ ‫أ‬ ‫أن الكرة الرضية بحاجة إىل كمية ماء إضافية تبلغ‬ ‫ت‬ ‫مكعب‪ ،‬أي ما يوازي ‪ 20‬مرة نهر‬ ‫‪1000‬‬ ‫كيلوم� ّ‬ ‫النيل‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫قدر تقرير «الثورة الزرقاء» أن إنتاج‬ ‫ي� هذا المر ّ‬ ‫طن من لحم البقر‪ ،‬يحتاج من المياه إىل ‪16,726‬‬ ‫تم�اً مكعباً‪ ،‬وطن ب ن‬ ‫الج� ‪ 5,288‬تم�اً مكعباً‪ ،‬وطن‬ ‫مكعبة‪ ،‬وطن البيض ‪3,519‬‬ ‫الدجاج ‪ 3,809‬أمتار ّ‬ ‫تم�اً مكعباً‪ ،‬وطن أ‬ ‫ت‬ ‫الر ّز ‪ 2552‬م�اً مكعباً‪.‬‬ ‫ت‬ ‫تعد من ث‬ ‫أك� البلدان‬ ‫صحيح أن البالد‬ ‫ال� ّ‬ ‫العربية ي‬ ‫اعتماداً عىل االست�اد ف‬ ‫كث�اً‬ ‫تستورد‬ ‫غذائها‪،‬‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫من حاجتها إىل مياه الزراعة‪ ،‬من خالل "المياه‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� تحملها المنتجات الغذائية‬ ‫االف�اضية" ي‬ ‫ن‬ ‫يع�‪ ،‬أن البالد العربية‬ ‫المستوردة‪ ،‬يغ� أن هذا ي‬ ‫ن‬ ‫ئ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ستعا� كذلك‬ ‫الما�‪،‬‬ ‫ي‬ ‫تعا� مزيداً من الشح ي‬ ‫ال� ي‬ ‫ي‬ ‫نوعاً من االعتماد الكامل أو شبه الكامل عىل‬ ‫ف‬ ‫توف� الغذاء‪.‬‬ ‫الخارج ي� ي‬

‫ما هي المياه ت‬ ‫االف�اضية؟‬

‫ت‬ ‫ين‬ ‫ال�‬ ‫ح� تزرع بالد ما الحبوب والخضار والفاكهة ي‬ ‫يستهلكها شعبها عىل موائده‪ ،‬فإنها بحاجة إىل‬

‫الطلب العالمي على الماء سيفوق العرض عام‬ ‫‪2030‬م بنسبة ‪ 40‬في المائة‪..‬‬ ‫ِّ‬ ‫المتجددة تبلغ‬ ‫حصة الفرد في العالم من المياه‬ ‫سبعة أضعاف حصة الفرد العربي‪..‬‬ ‫ما هي «المياه االفتراضية» وما دورها في‬ ‫المعالجات الموضوعية؟‬ ‫كب�ة من المياه‪ ،‬ف ي� هذه الزراعة‪.‬‬ ‫استهالك كميات ي‬ ‫ش‬ ‫الموا� والدواجن إىل مقادير‬ ‫كذلك تحتاج تربية‬ ‫ي‬ ‫هائلة من الماء ت‬ ‫ح� تصبح صالحة الستهالك‬ ‫ش‬ ‫الموا� هي المستهلك‬ ‫لحمها‪ .‬فالزراعة وتربية‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ال بك� للمياه‪ ،‬ي ن‬ ‫الك�ى‪ :‬الزراعة‪،‬‬ ‫الثالث‬ ‫الفئات‬ ‫ب�‬ ‫ب‬ ‫والحاجات ن ز‬ ‫الم�لية‪ ،‬والصناعة‪.‬‬ ‫أما إذا استوردت هذه البالد نسبة معينة من‬ ‫أ‬ ‫الغذية‪ ،‬من مزروعات أو لحوم أو أغذية أخرى‪،‬‬ ‫مثلما يفعل معظم البالد العربية‪ ،‬إن لم نقل‬ ‫ت‬ ‫ال� تحتاج إليها المزارع‪،‬‬ ‫كلها‪ ،‬بسبب شح المياه ي‬ ‫فإنها كمن يستورد‪ ،‬مع اللحم والفاكهة والخضار‬ ‫ت‬ ‫ال� اس ُتهلكت إلنتاجها‪.‬‬ ‫المستوردة‪ ،‬كمية المياه ي‬

‫خ�اء االقتصاد والزراعة‪:‬‬ ‫وهذا ما بات يسميه ب‬ ‫«المياه ت‬ ‫االف�اضية» (‪.)virtual water‬‬ ‫وقد جاء بهذه التسمية بال�وفيسور ب ن‬ ‫يطا�‬ ‫ال� ي‬ ‫ن‬ ‫الملك ف ي� لندن‪،‬‬ ‫جون‬ ‫ي‬ ‫أنطو� أالن‪ ،‬من المعهد ي‬ ‫ش‬ ‫والفريقية‪ .‬فهو يقول إن‬ ‫قية‬ ‫ال�‬ ‫اسات‬ ‫ر‬ ‫الد‬ ‫وكلية‬ ‫إ‬ ‫ال�ق أ‬ ‫بلدان ش‬ ‫تعوض نقص الماء‬ ‫أن‬ ‫الوسط يمكن‬ ‫ّ‬ ‫لديها‪ ،‬وتوفّر المياه الشحيحة المتاحة لها‪ ،‬بزيادة‬ ‫است�اد الغذاء‪ .‬وقد حاز بفضل‬ ‫االعتماد عىل ي‬ ‫نظريته االقتصادية هذه جائزة استوكهولم للمياه‬ ‫‪.2008‬‬ ‫«اف�اضية‪ ،‬لنأ‬ ‫وتسمى المياه ف� هذه الحالة ت‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ال� استهلكت �ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫القمح ي‬ ‫ح� ينضج‪ ،‬فإن المياه ي ُ ِ ي‬


‫‪89 | 88‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫قضية تسعيره‬ ‫ً‬ ‫عالميا‬ ‫غالباً ما يفتقر الناس إىل حافز لالستخدام‬ ‫االقتصادي للماء‪ ،‬ألن الماء بال ثمن‪ ،‬أو أن ثمنه‬ ‫بكث� من أن يكون حافزاً‬ ‫للتوف�‪ .‬هذا‬ ‫ي‬ ‫أرخص ي‬ ‫مع أن تكلفة الماء عالية‪ ،‬وهي تتضمن الطلب‬ ‫ومعالجة المياه وتكلفة النقل من المصدر إىل‬ ‫المستهلك‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن القاعدة العامة‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� توفر الماء‬ ‫ي� العالم‪ ،‬هي أن الهيئات ي‬ ‫تسع�اً يغطي ت‬ ‫ين‬ ‫ح� التكلفة‬ ‫تسعره ي‬ ‫للمواطن� ال ّ‬ ‫أ‬ ‫الساسية للتشغيل والصيانة‪ .‬والواقع أن ثمة‬ ‫حاجة إىل آليات جديدة‪ ،‬مثل استعادة التكلفة‬ ‫الكاملة‪ ،‬أي أن يتضمن ثمن الماء رصاحة أو‬ ‫ضمناً تكلفة البنية التحتية والصيانة وتكاليف‬

‫إنتاجه‪ ،‬ال تعود موجودة فيه»‪.‬‬ ‫ومن البديهي أن كث�اً يرفضون نظرية أالن؛ لنأ‬ ‫ي‬ ‫است�اد المياه ت‬ ‫االف�اضية‪ ،‬واتخاذ‬ ‫االعتماد عىل ي‬ ‫ن‬ ‫يع� من ناحية‬ ‫هذا االعتماد سياسة رسمية‪ ،‬ي‬ ‫أخرى االتجاه نحو إهمال تطوير الموارد المائية‬ ‫والزراعية كليهما‪.‬‬ ‫ف‬ ‫لكن النظرية مفيدة ال شك ي� تسليط الضوء عىل‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫الذا�‪ ،‬ف ي�‬ ‫هذه العالقة الوثيقة يب� الماء واالكتفاء ي‬ ‫العر�‪.‬‬ ‫العالم ب ي‬

‫ما هي الحلول إذن؟‬

‫العر� يبقى أمام واحد من أمرين‪:‬‬ ‫إن العالم ب ي‬ ‫است�اد الغذاء‪ ،‬ومعه المياه ت‬ ‫االف�اضية‪ ،‬والوقوع‬ ‫ي‬ ‫االست�اد‪ ،‬وعدم القدرة عىل‬ ‫إىل‬ ‫الحاجة‬ ‫أرس‬ ‫ف ي�‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫الغذا�‪ ،‬أو مواجهة حالة نقص شديد‬ ‫حماية أمنه‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف ي� موارد الغذاء‪ ،‬لقلة الماء المتاحة له ي� مجال‬ ‫الزراعة‪ .‬ناهيك عن أزمة الماء الحقيقي‪ ،‬ال المياه‬ ‫ت‬ ‫االف�اضية فقط‪.‬‬

‫هل من حل سحري‪ ،‬لهذه‬ ‫المعضلة؟‬

‫ت‬ ‫ال� تمكن البالد العربية من حل معضلة‬ ‫العنارص ي‬ ‫المياه المتعاظمة‪ ،‬موجودة بوفرة‪ ،‬وتحتاج إىل‬ ‫ُحسن دراية وإدارة‪ .‬فمصادر الطاقة النفطية‬ ‫متوافرة ف� هذه البالد ث‬ ‫أك� مما تتوافر ف ي� أي‬ ‫ي‬ ‫منطقة أخرى من العالم‪ ،‬والبالد العربية ف ي� نطاق‬ ‫من الكرة أ‬ ‫الرضية يتلقى مقادير هائلة من الطاقة‬ ‫الشمسية‪ ،‬وهي تمتد عىل شواطئ طويلة للغاية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫طلس‪،‬‬ ‫فالمغرب وموريتانيا يطالن عىل المحيط ال ي‬

‫الدارة‬ ‫الحصول عىل الماء وإدارته‪ .‬فمن أمثلة إ‬ ‫غ� المجدية للماء‪ ،‬أن مداخيل سلطة المياه �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫نيودلهي‪ ،‬تقل عن ‪ %20‬مما تنفقه البلدية كل‬ ‫لتوف�ها‪.‬‬ ‫عام ي‬

‫ين‬ ‫المستهلك�‬ ‫كبار‬ ‫ف‬

‫ين‬ ‫لتحس�‬ ‫لقد بدأت الحكومات ي� اتخاذ إجراءات‬ ‫التسع� لكبار‬ ‫توف� الماء‪ ،‬ومنها زيادة‬ ‫ي‬ ‫إدارة ي‬ ‫ين‬ ‫ال�تغال‪ ،‬زادت الحكومة سنة‬ ‫المستهلك�‪ .‬ففي ب‬ ‫‪ 2008‬سعر الماء ش‬ ‫لل�كات الزراعية والصناعية‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� ي ن‬ ‫الص�‪ ،‬ف ي� يونيو ‪ ،2012‬أعلنت الحكومة‬ ‫ي‬ ‫أنها ت ز‬ ‫لكث�‬ ‫س�يد سعر الماء للصناعة المستهلكة ي‬ ‫من الماء‪ ،‬وتشجع استعمال المياه المعادة‬ ‫تسعر سنغافورة الماء‪ ،‬بما‬ ‫معالجتها‪ .‬كذلك ّ‬ ‫يناسب قلة توافره (المصدر‪.)KPMG :‬‬ ‫ف‬ ‫و� تقرير أصدرته «أوراكل كورب» ف ي� أكتوبر‬ ‫ي‬

‫وال� ق� من البحر أ‬ ‫ين‬ ‫البيض‬ ‫الجانب�‬ ‫وكل‬ ‫بي‬ ‫الجنو� ش ي‬ ‫أ‬ ‫المتوسط‪ ،‬تطل عليهما بالد عربية‪ .‬والبحر الحمر‬ ‫عر� من ضفتيه ش‬ ‫ال�قية والغربية‪ ،‬وبحر العرب‬ ‫بي‬ ‫العر�‪ ،‬فتطل‬ ‫تطل عليه اليمن وعمان‪ ،‬أما الخليج ب ي‬ ‫عليه كل من إالمارات العربية المتحدة وقطر‬ ‫والبحرين والمملكة العربية السعودية والكويت‪.‬‬ ‫وال ينقص لحل معضلة المياه أي من العنارص‬ ‫أ‬ ‫الساسية‪.‬‬ ‫ين‬ ‫فح� يجتمع الماء‪ ،‬ولو مالحاً‪ ،‬مع مصادر‬ ‫متجددة من الطاقة‪ ،‬ال يعود ينقصهما سوى‬ ‫ت‬ ‫ال� تتسم بالنظرة ت‬ ‫االس�اتيجية‬ ‫المشاريع ي‬ ‫أ‬ ‫والدارة المدركة لخطورة الزمة والحاجة‬ ‫البص�ة‪ ،‬إ‬ ‫ي‬ ‫الملحة إىل حلها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يقول تقرير التنمية ش‬ ‫الب�ية العربية ‪،2009‬‬ ‫كب�ة‬ ‫إن البالد العربية وال شك‪ ،‬بذلت جهوداً ي‬ ‫لتوف� مياه ش‬ ‫ال�ب ومياه االستخدام االقتصادي‬ ‫ي‬ ‫لمواطنيها‪ .‬ونتيجة لهذه الجهود‪ ،‬زادت نسبة تلبية‬ ‫حاجة الشعوب العربية من ‪ %83‬ف ي� سنة ‪،1990‬‬ ‫إىل ‪ %85‬ف ي� سنة ‪ ،2004‬مع أن التعداد ش‬ ‫الب�ي‬ ‫لهذه الشعوب‪ ،‬زاد من ‪ 180,1‬مليون‪ ،‬إىل ‪231,8‬‬ ‫مليون ف ي� السنوات نفسها‪ .‬ويتابع التقرير أنه عىل‬ ‫الرغم من عدم وجود حلول سحرية لمشكلة‬ ‫الخط�ة المتعاظمة‪ ،‬فإن الدراسات‬ ‫قلة المياه‬ ‫ي‬ ‫وضعت بعض الخطوط العريضة للخطوات ال�ت‬ ‫ي‬ ‫يمكن اتخاذها لتخفيف الخطر الداهم‪ .‬وتتضمن‬ ‫يل‪:‬‬ ‫هذه الخطوط‪ ،‬ما ي‬ ‫‪ .1‬ي ن‬ ‫تحس� توزيع نسبة المياه المخصصة لكل‬ ‫من القطاعات الثالثة‪ :‬الزراعة‪ ،‬والصناعة‪،‬‬ ‫واالستخدام ن‬ ‫الم� يزل‪.‬‬

‫ين‬ ‫المستهلك� للماء هو العقبة‬ ‫‪ ،2012‬ورد أن هدر‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫الساسية ت‬ ‫ز‬ ‫ال� تحول دون تلبية الطلب الم�ايد‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫المشارك� ف ي�‬ ‫وأشار التقرير إىل أن ‪ %49‬من‬ ‫استفتاء ف ي� الموضوع‪ ،‬أجابوا بأنهم يرون‬ ‫تسع� أفضل من أجل حث‬ ‫الحاجة إىل سياسة ي‬ ‫ين‬ ‫المستهلك� عىل حفظ المياه‪ ،‬ووقف هدرها‪.‬‬ ‫تسع�اً مناسباً‪ ،‬يزيد الحوافز‬ ‫تسع� الماء ي‬ ‫إن ي‬ ‫عىل استعمال الماء استعماال ً حكيماً‪ ،‬ويؤدي إىل‬ ‫ويحسن االستدامة‬ ‫استعادة قطاع الماء تكاليفه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫االقتصادية لنظم الماء ف ي� المدن‪ .‬وهو مفيد من‬ ‫جميع وجهات النظر إىل الموضوع‪ .‬وقد يكون‬ ‫مفيداً أيضاً لدى المجتمعات ي ت‬ ‫ال� ال‬ ‫الفق�ة ي‬ ‫تصل إليها المياه البلدية‪ ،‬وتضطر إىل ش�اء الماء‬ ‫من مصادر أخرى‪ ،‬وهو ف ي� الغالب أعىل ثمنا‪.‬‬ ‫من تقرير التنمية ش‬ ‫الب�ية العربية ‪2009‬‬

‫‪ .2‬اعتماد ت‬ ‫اس�اتيجية إنتاج مياه مناسبة تؤدي إىل‬ ‫است�اد المياه‪ ،‬بواسطة المياه ت‬ ‫االف�اضية‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪ .3‬معالجات شاملة ومتكاملة إلدارة وتخطيط‬ ‫العرض والطلب ف ي� مجال المصادر المائية‪.‬‬ ‫ن‬ ‫التق�‪ ،‬لدى‬ ‫‪.4‬‬ ‫تعزيز القدرة إالنتاجية فواالرتقاء ي‬ ‫أ‬ ‫جميع الطراف المساهمة ي� قطاع الماء‪.‬‬ ‫‪ .5‬تعزيز الوعي عىل كل المستويات‪ ،‬بدءاً‬ ‫ين‬ ‫بالمستهلك�‪ ،‬انتهاء بأصحاب القرار‪.‬‬ ‫‪ .6‬إصدار وتطبيق سياسات مائية مستدامة‪،‬‬ ‫مؤسسة عىل المعلومات أ‬ ‫والبحاث المائية‪،‬‬ ‫المتوافرة آ‬ ‫الن والمتوقعة ف ي� المستقبل‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� يمكن أن‬ ‫‪ .7‬تطوير نماذج إدارة الموارد المائية ي‬ ‫ترسم خططاً ت‬ ‫اف�اضية لمختلف الحلول الممكنة‪،‬‬ ‫من أجل اختيار المعالجة المناسبة‪.‬‬ ‫وال يغيب عن البال‪ ،‬أن تشكيل المؤسسات‬ ‫إالقليمية المتخصصة ف ي� هذه المشكلة‪ ،‬وتعاون‬ ‫الدول العربية فيما بينها‪ ،‬لوضع الحلول‬ ‫ح� تتشارك أ‬ ‫ت‬ ‫المش�كة‪ ،‬ال سيما ي ن‬ ‫بالنهار وخزانات‬ ‫المياه الجوفية‪ ،‬أمور ض�ورية‪ .‬وال شك ف ي� أن‬ ‫تشابه المناخات وتقاربها‪ ،‬ي ن‬ ‫ب� هذه البالد‪ ،‬يتيحان‬ ‫تماماً االستفادة من تجاربها استفادة جماعية‪،‬‬ ‫مص�‪ ،‬وهي ما عادت تحتمل‬ ‫فالمشكلة مشكلة ي‬ ‫التأجيل أو التباطؤ ف ي� المسارعة إىل حلها‪.‬‬


‫الملف‪:‬‬

‫السفر‬

‫من نشوء التجارة‬ ‫إلى اإلنترنت‬ ‫للعلم أو للعمل‪ ،‬لالستجمام أو‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أطوعيا كان أم قسريا‪ ،‬فقد‬ ‫لالستكشاف‪،‬‬ ‫شاع السفر في عصرنا أكثر من أي وقت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حاضرا في حياة‬ ‫فعال‬ ‫مضى‪ ،‬حتى بات‬ ‫ً‬ ‫أي إنسان‪ ،‬مهما تباطأ أو ّ‬ ‫تقطع أو تسارع‬ ‫تكراره‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من شيوعه والتحوالت الكثيرة‬ ‫َّ‬ ‫وسهلته‪ ،‬يبقى فعل السفر‬ ‫التي طرأت عليه‬ ‫من أكثر أفعال اإلنسان مهابة واستثارة‬ ‫َّ‬ ‫يتطلب تدابير وترتيبات مسبقة‪،‬‬ ‫للرهبة‪.‬‬ ‫ويصحبه الترقب إن لم نقل الحذر‪ ،‬ليبقى‬ ‫ً‬ ‫الحقا في النفس كواحد من أكبر المؤثرات‬ ‫فيها وفي صياغة ذكرياتها‪.‬‬ ‫إنه انتقال اإلنسان من مكان إلى مكان آخر‬ ‫ً‬ ‫نسبيا عنه‪ .‬ولكن هيهات أن تختصر‬ ‫بعيد‬ ‫هذه الكلمات ما ينطوي عليه السفر‬ ‫من نتائج‪ .‬فهو رسام خرائط دول العالم‪،‬‬ ‫ومحرِّ ك اقتصادها وثقافاتها‪ ،‬وصانع‬ ‫معارفها…‬ ‫في هذا الملف‪ ،‬يختصر عبود عطية أبرز‬ ‫التحوالت التي طرأت على تاريخ فعل السفر‬ ‫الذي كان مهارة في عصور التجارة القديمة‬ ‫والمستكشفين‪ ،‬وصار أضخم صناعة‬ ‫عالمية دون منافس‪ .‬وما بين هذا وذاك‬ ‫ألوان من السفر ال ُتعد وال ُتحصى‪ ،‬ولم‬ ‫ً‬ ‫قطاعا من قطاعات الحياة اإلنسانية‬ ‫تترك‬ ‫إال واقتحمته‪.‬‬

‫لوحة غالف الملف رسم‬ ‫مادس برغ‬


‫‪91 | 90‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫يتضمن ملف القافلة نبذة عن تاريخ‬ ‫درجت العادة أن َّ‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫الموضوع الذي يتناوله وتجلياته المختلفة ي� الداب‬ ‫والفنون والثقافة إالنسانية بشكل عام‪ .‬ولكن كيف لنا أن‬ ‫نطبق ذلك عىل موضوع بدأت فصوله أ‬ ‫الوىل قبل نحو‬ ‫ِّ‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫مليون سنة‪ ،‬عندما خرج إالنسان القديم من إفريقيا لينت� ي� أصقاع‬ ‫أ‬ ‫الرض المختلفة‪ ،‬وال يزال يتعاظم شأناً ت‬ ‫ح� يومنا هذا‪ ،‬وكل الدالئل‬ ‫تش� إىل أنه سيبقى يتطور بمختلف وسائله وغاياته ث‬ ‫أك� من أي وقت‬ ‫ي‬ ‫م�ض ؟‬ ‫فالسفر فعل ض‬ ‫حا� دائماً ف ي� تاريخ إالنسان‪ .‬إنه القاعدة‪ ،‬وانعدامه‬ ‫هو االستثناء‪ .‬وتحت عنوان «السفر» العريض تنضوي غايات ودوافع‬ ‫عد لها وال حرص‪ .‬فخالل بحثنا عىل شبكة إال تن�نت عن‬ ‫ووسائل ونتائج ال َّ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫يتضمن تعدادا لبرز المحطات التاريخية‬ ‫تاريخ السفر‪ ،‬ثع�نا عىل موقع َّ‬ ‫ف ي� هذا الشأن‪ ،‬ويخترص كل تطور بسطر أو سطرين‪ ،‬والحصيلة ‪136‬‬ ‫صفحة‪ !..‬كما أن أ‬ ‫القوال المأثورة ف ي� السفر تشغل وحدها عىل موقع آخر‬ ‫نحو ‪ 40‬صفحة!!‬ ‫وعندما نضيف إىل فعل السفر ما ينطوي عليه من عنارص معنوية‬ ‫ين‬ ‫والحن� والخوف من المجهول ودهشة‬ ‫وإنسانية مثل ألم الفراق‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫االكتشاف‪ ،‬وما إىل ذلك‪ ،‬نجد ي� الداب والفنون ما يمكنه أن يمل قاعات‬ ‫أك� المكتبات الوطنية‪ .‬فما من ئ‬ ‫روا� إال وشغل السفر بعض فصول‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫رواياته‪ ،‬وما من شاعر إال وتناول السفر مرة عىل القل ي� قصائده‪ ،‬وما‬ ‫وغ� عن السفر أو للمسافر…‬ ‫مغن إال ن َّ‬ ‫من ٍّ‬ ‫من ي ن‬ ‫ب� ما وقعنا عليه مما قيل ف ي� السفر‪ ،‬وأبلغه‪ ،‬بيتان من الشعر‬ ‫للمام الشافعي‪ ،‬يقول فيهما‪:‬‬ ‫يُنسبان إ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫العىل‬ ‫«تغَ َّر ْب عن الوطان ي� طلب ُ‬ ‫أ‬ ‫فوائد‬ ‫خمس ِ‬ ‫وسافر ففي السفار ُ‬ ‫ ‬ ‫واكتساب معيشة‬ ‫هم‬ ‫تَف َُّر ُج ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫ماجد»‬ ‫ٌ‬ ‫وعلم وآداب وصحبة ِ‬

‫ف‬ ‫ن‬ ‫الثا�‪ ،‬عناوين‬ ‫فماذا لو أخذنا هذه الفوائد الخمس المذكورة ي� البيت ي‬ ‫(ب�ء من التحرر من ترتيبها الذي ت ز‬ ‫ش‬ ‫ال�م به‬ ‫لجولتنا عىل عالم السفر ي‬ ‫الشاعر لسالمة الوزن)؟‬ ‫«اكتساب معيشة»‬ ‫السفر الذي رسم صورة العالم‬ ‫ً‬ ‫شكَّل السعي إىل كسب الرزق ف ي� أماكن بعيدة عن المواطن واحدا من‬ ‫أطول الدوافع إىل السفر عمراً‪ .‬بدأ يوم راح إالنسان القديم (جداً) يف ِّتش‬ ‫عن أماكن يتوافر فيها الغذاء والطرائد‪ ،‬وهو مستمر ت‬ ‫ح� يومنا هذا‪،‬‬ ‫أك� من أي وقت م�ض ‪.‬‬ ‫وربما بزخم ب‬ ‫فاستناداً إىل التاريخ المدون‪ ،‬كانت التجارة هي الدافع أ‬ ‫ال بك� إىل السفر ف ي�‬ ‫َّ‬ ‫كث�ة خالل السعي‬ ‫الحضارات القديمة‪ .‬ولخدمة التجارة‪ ،‬تطورت علوم ي‬ ‫وتكدست المعارف واالكتشافات‪.‬‬ ‫إىل تطوير وسائل النقل والسفر‪َّ ،‬‬ ‫التجار ترسم خريطة العالم‪.‬‬ ‫وبدورها‪ ،‬راحت حركة َّ‬ ‫فخالل أ‬ ‫اللفية الرابعة قبل الميالد‪ ،‬عىل سبيل المثال‪ ،‬كانت الممالك‬ ‫السومرية ف� بالد ما ي ن‬ ‫ب� النهرين تستورد سلعاً (أهمها الالزورد) من‬ ‫في‬ ‫الكب�‪.‬‬ ‫بدخشان ي� أفغانستان‪ ،‬بع� ما كان يُعرف بطريق خراسان ي‬ ‫ولخدمة قوافل التجار‪ ،‬نشأت عىل جنبات هذه الطريق محطات‬ ‫تك� شيئاً فشيئاً ت‬ ‫ت‬ ‫ح�‬ ‫اس�احة وتموين‪ .‬وراحت هذه المحطات ب‬ ‫أصبحت مدناً وممالك مثل سوسة وجيان وسيالك وراحت تتحرر‬ ‫بال بم�اطورية‬ ‫تدريجاً من الهيمنة السومرية لتشكِّل نواة ما ُعرف إ‬ ‫الفارسية‪.‬‬ ‫والحقاً‪ ،‬وعىل سبيل المثال أيضاً‪ ،‬هناك ش‬ ‫ع�ات المدن القاريَّة مثل‬ ‫ت‬ ‫صغ�ة‪،‬‬ ‫ال� ما كانت لتقوم‪ ،‬أو لبقيت قرى وهجرات ي‬ ‫حلب وسمرقند ي‬ ‫لوال حركة المسافرين عىل ما يُعرف باسم طريق الحرير‪ .‬وهو كما نعرف‬ ‫طريق� ر ي ن‬ ‫ين‬ ‫ئيس�‬ ‫شبكة طرق معقَّدة (برية أوالً‪ ،‬ثم بحرية) تصب ف ي�‬ ‫آ‬ ‫ال�قية ي ن‬ ‫جنو�‪ ،‬يصالن الشواطئ ش‬ ‫للص� بأنطاكية‬ ‫شمال والخر ب ي‬ ‫أحدهما ي‬


‫بساط الريح‬

‫‪..‬وسندباد يختزل‬

‫بساط الريح هو أجمل ما تف َّتق عنه‬ ‫الخيال ف� ت‬ ‫اخ�اع وسائل للسفر‪.‬‬ ‫ي‬

‫ت‬ ‫تز‬ ‫ال� رسمها الخيال‬ ‫تخ�ل حكايات سندباد البحري ي‬ ‫كث�اً من الصور ي‬ ‫الشع� ف ي� العرص الوسيط عن متاعب السفر‪ ،‬وبلدان العالم‬ ‫بي‬ ‫المجهولة بالنسبة إليه‪.‬‬ ‫اسمه ن‬ ‫«أم� السند»‪ ،‬ومن المرجح أن شخصيته ظهرت‬ ‫يع� ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫البحار ت‬ ‫البحارة ف ي� نهر السند‪.‬‬ ‫بفعل المهارة ي� إ‬ ‫ال� ُعرفت عن َّ‬ ‫ي‬ ‫واستناداً إىل حكاياته ت‬ ‫ال� تتضمن سبع رحالت‪ُ ،‬ولد سندباد ف ي�‬ ‫ي‬ ‫البرصة ف ي� عرص الخالفة العباسية‪ ،‬ومنها انطلق ف ي� أسفاره البحرية‬ ‫إىل سواحل إفريقيا ش‬ ‫كث�اً من‬ ‫ال�قية وجنوب آسيا‪ ،‬حيث يواجه ي‬ ‫لتلخص‬ ‫الغرائب والمغامرات والمخاطر والمخلوقات العجيبة‪ِّ ..‬‬ ‫مجتمعة الصورة العامة لما كان ينطوي عليه السفر آنذاك �ف‬ ‫ي‬ ‫الكث�ة‪ ،‬وتوقع مفاجآت ث‬ ‫أك�‪.‬‬ ‫وجدان العامة‪ :‬حذر من المخاطر ي‬ ‫إنها صورة العوالم أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫تحاك خياال ً يرغب ي� التعرف إىل‬ ‫ال� ي‬ ‫خرى ي‬ ‫هذه العوالم‪ ،‬ويحذرها ف ي� الوقت نفسه‪.‬‬ ‫وحكايات سندباد ليست من ضمن حكايات «ألف ليلة وليلة»‪ .‬ففي‬ ‫ت‬ ‫المست� ي ن‬ ‫ش‬ ‫ق� ف ي� القرن التاسع‬ ‫ولكن‬ ‫العر� هي مستقلة‪َّ ،‬‬ ‫ال�اث ب ي‬ ‫ال ي ز‬ ‫ش‬ ‫نجل�ية والفرنسية‪،‬‬ ‫ع� الذين ترجموا «ألف ليلة وليلة» إىل إ‬ ‫ضموها إىل مجموعة حكايات شهرزاد‪!..‬‬ ‫ُّ‬

‫ظهر أوال ً ف ي� «ألف ليلة وليلة»‪ ،‬حيث‬ ‫تقول الحكاية إن أ‬ ‫ال يم� ي ن‬ ‫حس� ابن‬ ‫سلطان الهند‪ ،‬سافر إىل بيسناغار‬ ‫حيث ت‬ ‫اش�ى بساطاً سحرياً‪ ،‬يكفي‬ ‫المرء أن يجلس عليه ن‬ ‫ويتم�‬ ‫الوصول إىل مكان بعيد‪ ،‬لينتقل‬ ‫فوراً‪ .‬وبلمح البرص إىل ذلك المكان‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫الحر�‬ ‫بالمع�‬ ‫يط�‬ ‫ولكن ي� حكايات أخرى‪ ،‬فإن بساط الريح ي‬ ‫ي‬ ‫للكلمة‪ .‬كما هو الحال ف ي� «قالئد الجواهر»‪ ،‬حيث يُروى أن شيخاً‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫يم� عىل صفحة الماء ف ي� نهر‬ ‫جيال�‬ ‫يُدعى عبدالقادر‬ ‫ي‬ ‫عندما كان ي‬ ‫ف‬ ‫دجلة‪ ،‬ظهرت سجادة طائرة ي� السماء فوقه «كما لو كانت بساط‬ ‫سليمان»‪.‬‬ ‫و«بساط سليمان» حسب حكاية أخرى‪ ،‬هو سجادة من الحرير‬ ‫أ‬ ‫الخ�ض مربعة الشكل يبلغ طول ضلعها ‪ 60‬ميالً‪ ،‬وكانت تنقل‬ ‫ث‬ ‫حر الشمس رسب من‬ ‫أك� من ‪ 40‬ألف شخص‪ ،‬يحميها من ّ‬ ‫يط� فوقها!‬ ‫الطيور ي‬ ‫ويظهر بساط الريح الصغ� نسبياً ف� أ‬ ‫الشع�‬ ‫الدب‬ ‫الروس‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫حيث يُروى أن شخصاً يُدعى بابا ياغا أهدى شخصاً يُدعى إيفان‬ ‫المجنون بساط ريح ضمن مجموعة هدايا سحرية‪ .‬ومثل هذا‬ ‫ين‬ ‫بشخص� ويهبط فوق المدن‬ ‫يط� بشخص أو‬ ‫البساط الذي ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫والحقول والجبال‪ ،‬هو الذي ظهر ي� السينما ي� أفالم عديدة‬ ‫أشهرها «لص بغداد»‪.‬‬

‫بساط الريح‪ ..‬أسطورة عابرة للقارات‬

‫سندباد‪ ..‬كما تخيله أحد الفنانين‬


‫‪93 | 92‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫الهجرة‪ ..‬السفر القسري‬ ‫الهجرة هي السفر تحت‬ ‫ضغط عامل خارجي‬ ‫للقامة ف ي� مكان آخر‬ ‫إ‬ ‫إما لمدة طويلة يغ�‬ ‫محددة وإما نهائياً‪ .‬إنه‬ ‫السفر الذي ال يصحبه‬ ‫أ‬ ‫والمآس‪،‬‬ ‫إال الحزان ف ي‬ ‫وبصيص أمل ي� العثور‬ ‫عىل حياة أفضل ف ي�‬ ‫مكان آخر‪.‬‬ ‫وتاريخ الهجرة كما‬ ‫ض‬ ‫حا�ها‪ ،‬مرتبط‬ ‫بالحروب والهزائم‬ ‫أ‬ ‫والزمات المعيشية مثل المجاعات والكوارث الطبيعية‪ .‬وعليه‪،‬‬ ‫يمكننا الجزم بأن ما من حضارة أو مجتمع إال وعرف الهجرة‬ ‫والتهج� ف� وقت من أ‬ ‫الوقات‪.‬‬ ‫ي ي‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫يرلندي� إىل‬ ‫ال‬ ‫من أضخم الهجرات ي� التاريخ الحديث هجرة إ‬ ‫أمريكا خالل القرن التاسع ش‬ ‫ع� تحت ضغط الفقر بالدرجة‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫يرلندي� ي� مدينة نيويورك وحدها عام‬ ‫ال‬ ‫الوىل‪ ،‬بحيث فاق عدد إ‬ ‫‪1850‬م‪ ،‬عدد سكان مدينة دبلن‪ .‬واليوم يوجد ف ي� أمريكا نحو‬ ‫‪ 56.7‬مليون شخص من أصل إيرلندي‪ ،‬ف� ي ن‬ ‫ح� أن عدد سكان‬ ‫ي‬ ‫إيرلندا ال يتجاوز ‪ 4.6‬مليون!‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫اللبناني� الذين يوجد منهم ف ي�‬ ‫المر نفسه تقريباً ينطبق عىل‬ ‫المهاجر اليوم نحو ‪ 11‬مليون شخص (‪ 1.2‬مليون ال يزالون‬ ‫أ‬ ‫الباق�ن‬ ‫يحملون جنسيتهم الصلية)‪ ،‬مقابل نحو ‪ 4.5‬مليون من ي‬ ‫ف ي� وطنهم‪.‬‬ ‫ي ت‬ ‫ال� شهدها القرن ش‬ ‫الع�ون عىل‬ ‫أما أعنف حركات‬ ‫التهج� ي‬ ‫ت‬ ‫ال� شهدتها أوروبا غداة توقيع اتفاقية‬ ‫إ‬ ‫الطالق‪ ،‬فهي تلك ي‬ ‫ف‬ ‫بودابست عام ‪1945‬م‪ ،‬ي� نهاية الحرب العالمية الثانية‪ ،‬ونقلت‬ ‫نحو ‪ 20‬مليون أورو� من مكان إىل آخر‪ ،‬وكانت «مصيبة» أ‬ ‫اللمان‬ ‫بي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ألما� من أوروبا ال�قية‬ ‫هي ال بك�‪ ،‬إذ ُطرد نحو ‪ 16.5‬مليون ي‬ ‫باتجاه الغرب‪.‬‬

‫ف‬ ‫و� عام ‪1947‬م عند‬ ‫ي‬ ‫انفصال باكستان عن‬ ‫مالي�ن‬ ‫الهند‪ ،‬رحل ‪ 10‬ي‬ ‫شخص عن مواطنهم‬ ‫أ‬ ‫الصلية‪ .‬المسلمون‬ ‫من الهند إىل باكستان‪،‬‬ ‫والهندوس والسيخ‬ ‫من باكستان إىل الهند‪.‬‬ ‫وبلغ عدد الذين قضوا‬ ‫نحبهم عىل الطرقات‬ ‫ف ي� ذلك العام نحو‬ ‫مليون شخص‪.‬‬ ‫وبعد ذلك بعام واحد‪،‬‬ ‫تهج�‬ ‫جاء دور‬ ‫التهج� الذي نعرفه جميعاً وما زلنا نعايش ذيوله‪ :‬ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الفلسطيني� من بالدهم‪ .‬ومن قصيدة طويلة كتبها الشاعر‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫فلسطي�» ومؤلفة من ‪24‬‬ ‫محمود درويش بعنوان «يوميات جرح‬ ‫ي‬ ‫مقطعاً‪ ،‬طغى مقطع واحد بشهرته عىل كل ما عداه‪ ،‬ويقول‪:‬‬ ‫«آه يا جرحي المكابر‬ ‫ن‬ ‫وط� ليس حقيبة‬ ‫ي‬ ‫وأنا لست مسافر‬ ‫إن� العاشق أ‬ ‫ن‬ ‫والرض حبيبة»‪.‬‬ ‫ي‬ ‫«التمدن»‪ ..‬هجرة الريف‬ ‫ال� لم يسلم منها بلد �ف‬ ‫أما أضخم الهجرات ف� العرص الحديث ت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ً‬ ‫العالم‪ ،‬فهي هجرة الرياف بحثا عن حياة أفضل ي� المدن‪.‬‬ ‫بدأ هذا النوع من السفر ف ي� بريطانيا ف ي� أواخر القرن الثامن ش‬ ‫ع�‪،‬‬ ‫بفعل الثورة الصناعية‪ .‬ش‬ ‫وانت�ت هذه الظاهرة الحقاً ف ي� أوروبا‬ ‫ومن ثم ف� العالم بأرسه‪ ،‬ت‬ ‫ح� باتت عنوان مشكلة ديموغرافية‬ ‫ي‬ ‫تسعى دول العالم جاهدة إىل مكافحتها دون أن يُتوقع لها نجاح‬ ‫الحال‬ ‫تش� الدراسات إىل أنه بحلول منتصف القرن‬ ‫ملحوظ‪ .‬إذ ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫متجمع� ف� المدن‪ ..‬المدن ال�ت‬ ‫ين‬ ‫سيكون نصف سكان الرض‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫الريفي� بالعمل ي� المصانع‪ ،‬وعدتهم بالعلم‬ ‫بعدما وعدت‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� لم يطرأ‬ ‫والخدمات والحياة المرفهة مقابل مواطنهم الصلية ي‬ ‫كب�‪.‬‬ ‫تغي� ي‬ ‫عىل وعودها ي‬


‫الغنى‬ ‫«سر في بالد اهلل والتمس ِ‬ ‫ودع الجلوس مع العيال مخيِّ ما‬ ‫ال خير في ُح ٍّر يجالس حرة‬ ‫ويبيع قرطيها إذا ما أعدما»‪.‬‬ ‫أبو شرحبيل الكندي‬ ‫والسكندرية عىل ساحل المتوسط‪ .‬وقد بدأ طريق الحرير هذا باالرتسام‬ ‫إ‬ ‫منذ القرن ن‬ ‫ب� ي ن‬ ‫الثا� قبل الميالد‪ ،‬بفعل التبادل التجاري ما ي ن‬ ‫الص�‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫وأوروبا مروراً‬ ‫الصي� السلعة الرئيسة ف ي�‬ ‫الحرير‬ ‫كان‬ ‫وحيث‬ ‫الشام‪،‬‬ ‫ببالد‬ ‫ي‬ ‫هذا التبادل‪.‬‬ ‫ومثل طريق الحرير‪ ،‬عرفت الجزيرة العربية طريق البخور الذي يعود ف ي�‬ ‫مع�اً‬ ‫نشأته إىل ما قبل القرن الثامن قبل الميالد‪ .‬فقد كان هذا الطريق ب‬ ‫للتجارة الدولية يبدأ من سواحل اليمن عىل بحر العرب وينقسم إىل ي ن‬ ‫خط�‪:‬‬ ‫خط يتجه شماال ً بع� غرب الجزيرة العربية إىل ت‬ ‫ين‬ ‫فلسط� فالبحر‬ ‫الب�اء ثم‬ ‫المتوسط‪ ،‬وخط يمتد إىل نجد ثم العراق فبالد فارس‪ .‬وعىل جنبات هذا‬ ‫مسجل اليوم عىل الئحة مواقع تال�اث‬ ‫الطريق قامت مدن‪ ،‬منها ما هو َّ‬ ‫ف‬ ‫وغ�ها‪.‬‬ ‫العالمي‪ ،‬مثل البليد‪ ،‬خور روري‪ ،‬شرص (وبار) ي� ُعمان ي‬ ‫ظلت التجارة المحرك أ‬ ‫الول للسفر ت‬ ‫ح� القرن الخامس ش‬ ‫ع�‪ ،‬عندما‬ ‫أ ِّ‬ ‫ال ي ن‬ ‫وروبي� إىل أمريكا إىل اكتشاف مورد رزق ال يقل شأناً عن‬ ‫أ َّدى وصول‬ ‫الكث�ة‪ .‬فظهر عرص السفر بهدف‬ ‫التجارة‪ :‬الموارد الطبيعية ولوجستياتها ي‬ ‫آ‬ ‫مالي� أ‬ ‫وروبي� (وبدرجة أقل ال ي ن‬ ‫ال ي ن‬ ‫االستيطان‪ ،‬وبدأ ي ن‬ ‫سيوي�) بالتوجه إىل‬ ‫ث‬ ‫القارة الجديدة‪ .‬ففي والية كاليفورنيا مثالً‪ ،‬لم يكن هناك أك� من جيل‬ ‫خريطة تُ ظهر الخط الشمالي الرئيس من طريق الحرير‬

‫ف‬ ‫ن‬ ‫و� حالة كاليفورنيا‪،‬‬ ‫واحد يب� وصول أول مستوطن ودفع أول إيجار‪ .‬ي‬ ‫حيث إننا بصدد الحديث عنها‪ ،‬نعرف جميعاً التدفق ش‬ ‫الب�ي عليها من‬ ‫أ‬ ‫كل أصقاع أ‬ ‫الرض غداة إالعالن عن اكتشاف الذهب فيها‪ .‬المر نفسه‬ ‫ع� ي ن‬ ‫ينطبق عىل جنوب إفريقيا ف ي� القرن التاسع ش‬ ‫ح� اكتشف الذهب‬ ‫والماس فيها‪.‬‬ ‫وإن كان لنا أن ن�ض ب مثال ً عن مسافر من تلك الحقبة سعى إىل كسب‬ ‫ت‬ ‫يأ� هذا المثل‪ .‬إذ من ي ن‬ ‫ب�‬ ‫معيشته فنال ُ‬ ‫العال‪ ،‬فمن جنوب إفريقيا ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ين‬ ‫ش‬ ‫بريطا� ي� السابعة ع�ة‬ ‫المالي� الذين تدفقوا عليها كان هناك شاب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫من عمره‪ ،‬يُدعى سيسيل رودس‪ ،‬سافر إليها للعمل ي� زراعة القطن‪،‬‬ ‫عص� لعمال المناجم‪ ،‬ومن ثم راح ت‬ ‫يش�ي‬ ‫فعمل لبعض الوقت بائع ي‬ ‫ت‬ ‫صغ�ة ف ي� المناجم‪ ،‬ح� سيطر عىل كل مناجم الماس‬ ‫تباعاً حصصاً ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫كم� يل‪ ،‬وأسس عمالق احتكار الماس ي� العالم «دي يب�ز»‪.‬‬ ‫ي� مقاطعة ب‬ ‫ث‬ ‫نسق جهوده مع الحكومة ف ي� لندن عام ‪1894‬م لضم‬ ‫وأك� من ذلك‪َّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ا�‬ ‫أر ٍاض تبلغ مساحتها نحو ‪ 1‪,‬143‬مليون كيلوم� مربع إىل الر ي‬ ‫ت‬ ‫ال� هي‬ ‫بال�يطانية إلنشاء دولة جديدة أطلق اسمه عليها‪ :‬روديسيا‪ ،‬ي‬ ‫اليوم زيمبابوي‪.‬‬ ‫و� النصف أ‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫الول من القرن ش‬ ‫وجهت�‬ ‫أك�‬ ‫الع�ين شكَّلت أمريكا وإفريقيا ب‬ ‫ف ي‬ ‫ن‬ ‫الثا�‪،‬‬ ‫ي� العالم للمسافرين بهدف كسب العيش‪ .‬أأما بدء أاً من فالنصف ي‬ ‫العر� الوجهة ال بك� والشهر ي� هذا المجال‪،‬‬ ‫فقد أصبحت دول الخليج ب ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ال� كانت تستقبل تاريخياً‬ ‫ح� باتت مقصد بعض‬ ‫مواط� الدول ي‬ ‫ي‬ ‫المسافرين بحثاً عن كسب العيش‪.‬‬ ‫تعزز السفر الكتساب المعيشة ف ي� عرصنا بفعل تطور وسائل السفر‬ ‫كث�اً‪ ،‬فلم يعد يقترص عىل السفر ت‬ ‫ت‬ ‫لف�ات طويلة أو عىل‬ ‫ال� س َّهلته ي‬ ‫ي‬ ‫قص�ة قد ال تتجاوز‬ ‫الهجرة الدائمة‪ ،‬بل صار يتضمن أيضاً أسفاراً ي‬


‫‪95 | 94‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫«العالم كتاب‪َ ،‬‬ ‫وم ْن ال يسافر‬ ‫َ‬ ‫كم ْن ال يقرأ غير صفحة واحدة»‪.‬‬ ‫سانت أوغسطين‬ ‫العمال‪ .‬أما التطور أ‬ ‫اليوم� لنجاز بعض أ‬ ‫ال بك� الذي‬ ‫اليوم أو‬ ‫ين إ‬ ‫تحالفت عىل تحقيقه وسائل السفر الحديثة مع السياسات الحكومية‪،‬‬ ‫فهو تضاؤل الهجرة الدائمة مقابل تعاظم السفر ت‬ ‫لف�ة محددة‪.‬‬ ‫فأمريكا ت ش‬ ‫�عت أبوابها قديماً أمام المهاجرين‪ ،‬صارت تضع‬ ‫ي‬ ‫ال� َّ‬ ‫ف‬ ‫ش�وطاً‬ ‫و� دول الخليج‬ ‫العمل‪.‬‬ ‫إىل‬ ‫يسعى‬ ‫مسافر‬ ‫أي‬ ‫الستقبال‬ ‫صعبة‬ ‫ي‬ ‫كما نعرف‪ ،‬ال إقامات دائمة للوافدين‪ ،‬والمسافر إليها ال بد له وأن‬ ‫يعود إىل بالده يوماً‪.‬‬ ‫«وعلم وآداب»‬ ‫الفترات الذهبية في السفر المعرفي‬ ‫ً‬ ‫يمكننا أن ننطلق ف ي� الحديث عن السفر طلبا للعلم من آخر فصوله‬ ‫أ‬ ‫خ�‪ ،‬كان هناك‬ ‫الك�ى‪ ،‬مما يجري حولنا اليوم‪ .‬ففي العام‬ ‫اس ال ي‬ ‫ب‬ ‫الدر ي‬ ‫مختلف التخصصات �ف‬ ‫‪ 12‪,‬915‬طالباً سعودياً يتابعون دروساً جامعية �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫يف� لالبتعاث‬ ‫‪ 33‬دولة من دول العالم ضمن برنامج خادم‬ ‫الحرم� ال� ي‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫الخارجي‪ ..‬هذا بال�نامج الذي انطلق قبل نحو سنوات ع� ولم يعرف‬ ‫العالم مثيال ً له ف ي� ضخامته وكثافته‪.‬‬ ‫السفر طلباً للعلم ليس جديداً‪ ،‬عرفته كل الشعوب ف ي� تف�ات نهوضها‬ ‫ت‬ ‫ال� حملت إالمام الشافعي عىل ذكر‬ ‫الحضاري‪ .‬ومما يُروى عن الدوافع ي‬ ‫ف‬ ‫كث�ين من معارصيه كانوا‬ ‫العلم ي� بيت الشعر الذي انطلقنا منه‪ ،‬هو أن ي‬ ‫يسافرون من بغداد مثال ً إىل مكة المكرمة لمقابلة علمائها سعياً إىل التدقيق‬ ‫ف� صحة حديث نبوي ش�يف واحد‪ .‬كما أن أ‬ ‫الزهر ش‬ ‫ال�يف كان منذ ألف‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫عام وح� اليوم يستقبل طالب العلوم الدينية من كافة أصقاع العالم‬ ‫إالسالمي ش�قاً وغرباً‪ .‬ولكن ماذا عن العصور الذهبية للسفر طلباً للعلم‪،‬‬ ‫ت‬ ‫غ�ت تاريخ العالم؟‬ ‫ال� ي َّ‬ ‫ي‬

‫الجامعات‪ ..‬صارت أينما كان في العالم وجهة سفر لطلب العلم‬

‫الرحالة والمكتشفين‬ ‫عصر َّ‬ ‫«الرحالة» هم المسافرون الذين «امتهنوا» السفر بغية‬ ‫والمقصود بـ َّ‬ ‫ت‬ ‫كث�ة‬ ‫ال� يجهلونها ودراستها‪ .‬وكما هو حال أشياء وأمور ي‬ ‫اكتشاف العوالم ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الص� أيضاً‪.‬‬ ‫الرحالة العظام بدأ ي� ي‬ ‫تعود ي� جذورها إىل ي‬ ‫الص�‪ ،‬فإن تاريخ َّ‬ ‫ففي القرن الميالدي السابع‪ ،‬وتحديداً ف� عام ‪629‬م‪ ،‬انطلق ن‬ ‫الصي� هوان‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫محمال ً بكمية هائلة من‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫عام‬ ‫‪16‬‬ ‫بعد‬ ‫تسانغ ف ي� رحلة إىل الهند‪ ،‬وعاد منها‬ ‫َّ‬ ‫ف‬ ‫ش� المعارف والعلوم‪ ،‬وبصحبته أيضاً عدد من ت‬ ‫الم� ي ن‬ ‫جم�‪،‬‬ ‫المخطوطات ي� ت َّ‬ ‫ليضع الحقاً كتاباً ضخماً بعنوان «سجالت تسانغ العظيم للمناطق الغربية»‪.‬‬ ‫الرحالة ف ي� تأدية دورهم الريادي العظيم ف ي� تعريف مجتمعاتهم‬ ‫استمر َّ‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫بالعالم لنحو ع�ة قرون من الزمن‪ .‬ومن هؤالء الرواد ي� الحضارة العربية‬ ‫دريس‬ ‫يمكننا أن نذكر عىل سبيل المثال ال‬ ‫الحرص‪ ،‬أبو عبدهللا محمد إال ي‬ ‫ف‬ ‫(‪1166 - 1099‬م) الرحالة الذي عاش ي� بالط ملك صقلية ورسم أول‬ ‫جب� (‪1217 - 1145‬م) الذي‬ ‫خريطة للعالم المعروف آنذاك‪ .‬وابن ي‬ ‫شملت رحالته المنطلقة من غرناطة‪ ،‬دمشق وبغداد والمدينة المنورة‬ ‫والسكندرية وصقلية‪ .‬وأشهرهم عىل إالطالق‬ ‫ومكة المكرمة والقاهرة إ‬ ‫ابن بطوطة (‪1377 - 1304‬م) الذي خرج من طنجة قاصداً مكة المكرمة‬ ‫ألداء فريضة الحج‪ ،‬فاستمرت رحلته ‪ 27‬عاماً‪ ،‬جال فيها عىل معظم أرجاء‬ ‫العالم إالسالمي وصوال ً إىل ي ن‬ ‫الص� ش�قاً وأواسط إفريقيا جنوباً‪ ،‬ووضع ف ي�‬ ‫أ‬ ‫نهايتها كتابه الخالد «تحفة النظار ف ي� غرائب المصار»‪.‬‬ ‫الرواد ماركو بولو (‪1324 - 1254‬م) التاجر‬ ‫ومن أوروبا يمكننا أن نذكر من َّ‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫الص�‪ ،‬ولكنه كان أول‬ ‫والرحالة‬ ‫أورو� يصل إىل ي‬ ‫َّ‬ ‫البند� الذي لم يكن أول ب ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الص� وآسيا بعنوان «روائع العالم»‪.‬‬ ‫َّرحالة يضع كتاباً أوروبياً عن ي‬ ‫وثمة َّرحالة أوروبيون ثك� كانوا أقرب إىل مستكشفي الطرق‪ ،‬فلم تي�كوا أي‬ ‫غ�ت تاريخ المعارف والعالم‪.‬‬ ‫آثار أدبية‪ ،‬ولكن اكتشافاتهم «العرضية» ي َّ‬ ‫أ‬ ‫تغال (‪1524 - 1460‬م) الول الذي وصل إىل‬ ‫من هؤالء فاسكو دي غاما بال� ي‬ ‫تغال أيضاً‪ ،‬الذي‬ ‫الهند ف بع� االلتفاف حول إفريقيا‪ .‬وفردينان ماجيالن بال� ي‬ ‫تمكَّن ي� رحلته (من ‪ 1519‬إىل ‪1522‬م) من أن يكون أول شخص يدور حول‬ ‫العالم ويصل إىل الهند عن طريق الغرب‪ ،‬ناجحاً بذلك حيث فشل سلفه‬


‫‪1‬‬

‫‪3‬‬

‫‪2‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪ .1‬فردينان ماجيالن‬ ‫‪ .2‬ابن بطوطة‬ ‫‪ .3‬فاسكو دي غاما‬ ‫‪ .4‬هوان تسانغ‬ ‫‪ .5‬ماركو بولو‬ ‫جب�‬ ‫‪ .6‬ابن ي‬

‫‪4‬‬

‫‪6‬‬


‫‪97 | 96‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫كريستوف كولومبوس (‪1506 - 1451‬م) الذي يبقى أشهر مستكشف ف ي�‬ ‫التاريخ؛ ألنه ف ي� سعيه إىل الوصول إىل الهند عن طريق الغرب‪ ،‬وصل ف ي�‬ ‫عام ‪1492‬م إىل أمريكا‪ ،‬وعاد منها إىل إسبانيا دون أن يعرف أوال ً أين كان‪،‬‬ ‫وال أنه اكتشف قارة جديدة‪.‬‬ ‫عصر االستشراق‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ش‬ ‫الغربي� بدراسة ال�ق كان أمراً‬ ‫االست�اق بمعناه المطلق‪ ،‬أي اهتمام‬ ‫ي‬ ‫قائماً منذ عرص إالغريق‪ .‬ولكنه لم يبلغ يوماً من الزخم والهوس ما بلغه‬ ‫ف ي� القرن التاسع ش‬ ‫ع�‪ .‬فقد أدت حملة نابليون بونابرت عىل مرص وسوريا‬ ‫(‪1801 - 1798‬م) إىل إشعال رغبة أ‬ ‫ال ي ن‬ ‫وروبي� ف ي� التعرف إىل ش‬ ‫ال�ق‪ ،‬بفعل‬ ‫ف‬ ‫ثقا� أنجبته هذه الحملة‪ ،‬وكان بعنوان «وصف مرص»‪.‬‬ ‫أضخم عمل ي‬ ‫فقد اصطحب بونابرت معه ف ي� حملته ‪ 160‬عالماً ومهندساً لدراسة مرص‬ ‫ووصفها‪ .‬والحقاً عمل نحو ‪ 2000‬فنان ن‬ ‫وف� بمن فيهم ‪ 400‬حفَّار رسوم‬ ‫ي‬ ‫عىل إنجاز هذا العمل‪ ،‬الذي ظهر ف� طبعته أ‬ ‫الوىل ف ي� ‪ 23‬مجلداً‪ ،‬منها ‪9‬‬ ‫ي‬ ‫مجلدات للنصوص‪ ،‬و‪ 10‬مجلدات للرسوم‪ ،‬ومجلد للتعليق عىل الرسوم‪،‬‬ ‫ومجلدان عمالقان للوحات حول آ‬ ‫«الثار والدولة الحديثة»‪ ،‬ومجلد‬ ‫للخرائط‪ ..‬وإىل ذلك‪ ،‬جاء تمكن عالم آ‬ ‫نس شامبليون من فك‬ ‫الثار الفر‬ ‫ي‬ ‫المثقف� أ‬ ‫ال ي ن‬ ‫ين‬ ‫وروبي�‬ ‫اله�وغليفية ليصب الزيت عىل نار حماسة‬ ‫رموز اللغة ي‬ ‫ن‬ ‫لزيارة ش‬ ‫والفنان� الذين‬ ‫ال�ق واستكشافه‪ .‬فبلغ عدد الك َّتاب والشعراء‬ ‫ي‬ ‫سافروا من أوروبا إىل البالد العربية خالل القرن التاسع ش‬ ‫ع� ما تي�اوح‬ ‫ين‬ ‫عد لها وال حرص‪ .‬بعضهم كان يبحث عن‬ ‫ب� ‪ 40‬و‪ 50‬ألفاً‪ ،‬لغايات ال َّ‬ ‫لللهام‪ ،‬مثل الشاعر المار ي ن‬ ‫ت� ف ي� زيارته إىل لبنان وسوريا‪،‬‬ ‫مصادر جديدة إ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫أو الرسام ي ن‬ ‫أوج� ديالكروا ي� الجزائر‪ ،‬وبعضهم كان يرغب ي� تدوين ما لم‬ ‫يسبق تدوينه مثل الرسام إال ي ز‬ ‫نجل�ي دايفيد روبرتس ولوحاته الحفرية عن‬ ‫ين‬ ‫وفلسط� ومعالمهما‪ ،‬وبعضهم إلشباع إعجابهم بالمختلف مثل‬ ‫آثار مرص‬ ‫كريستوفر كولومبوس‪ ..‬أشهر‬ ‫الرحالة المستكشفين في العالم‬ ‫َّ‬

‫أ ن‬ ‫لما� لودفيغ رويتش‪ ،‬أو الستكشاف حال أمر ما كالخيول العربية‬ ‫الرسام ال ي‬ ‫بالنسبة لاليدي آن بالنت‪ ،‬أو دراسة العادات والتقاليد والقيم االجتماعية‬ ‫كتا� ف ي� الغرب‪ ..‬والنتيجة ظهور ثقافة جديدة تضم آالف‬ ‫وتحقيق سبق ب ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫السياس‪،‬‬ ‫مث�ة للجدل عىل المستوى‬ ‫العمال الفنية والدبية‪ ،‬قد تكون ي‬ ‫ي‬ ‫هوة الجهل الذي كان قائماً ي ن‬ ‫ب� ش‬ ‫ال�ق‬ ‫حد ي‬ ‫ولكنها دون شك ردمت إىل ٍّ‬ ‫كب� َّ‬ ‫وال� لم تستطع التجارة القديمة أن تردم إال جزءاً يس�اً منها �ف‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫والغرب‪ ،‬ي‬ ‫التجار‪.‬‬ ‫إطار ال يخرج عن دائرة َّ‬ ‫ش‬ ‫االست�اق بمعناه المحدد هذا؛ ألننا معنيون به‬ ‫وأن نكون قد توقفنا عند‬ ‫ن‬ ‫ث‬ ‫ن‬ ‫يع� أن حركة العالم انحرصت آنذاك ما يب� أوروبا‬ ‫أك� من يغ� أه‪ ،‬فهذا ال ي‬ ‫ش‬ ‫وال�ق‪ .‬فالدباء الروس مثال ً اكتشفوا أوروبا الغربية وتأثروا بثقافتها وأثَّروا‬ ‫ف‬ ‫ع� ث‬ ‫أك� من أي عرص آخر‪ ..‬و� ي ن‬ ‫فيها خالل القرن التاسع ش‬ ‫ح� أن بعض‬ ‫ي‬ ‫الرسام� الفر ي ن‬ ‫ين‬ ‫نسي� مثال ً قصدوا ش‬ ‫لللهام‪ ،‬سافر‬ ‫ال�ق بحثاً عن مصادر إ‬ ‫الكب�ة‬ ‫بعضهم غرباً‪ ،‬ومنهم عىل سبيل المثال غوغان الذي يدين بشهرته ي‬ ‫ال� أنجزها ف� جزر ت‬ ‫ت‬ ‫تاهي� ف ي� المحيط الهادي‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫للوحاته ي‬ ‫عصر الدراسة الحديثة‬ ‫ع�‪ ،‬وال يزال يتعاظم ح�ت‬ ‫وهو العرص الذي بدأ ف ي� أواخر القرن التاسع ش‬ ‫يومنا هذا‪ .‬فقد تزامن تطور وسائل المواصالت بحراً ثم جواً ف ي� العرص‬ ‫من لوحات غوغان‬


‫من هذا المبنى بدأ‬ ‫تنظيم السياحة‬ ‫بمفهومها الحديث‬

‫ما نسميه «سياحة»‪ ،‬لم يكن معروفاً أو مألوفاً قبل القرن السابع ش‬ ‫ع�‬ ‫نجل�ية ن‬ ‫الميالدي‪ .‬ت‬ ‫ح� إن كلمة «‪ »Tourist‬إال ي ز‬ ‫(وتع� السائح) لم تظهر إال ف ي�‬ ‫ي‬ ‫عام ‪1772‬م‪ ،‬أما كلمة «‪ »Tourism‬أي سياحة فلم تظهر إال ف ي� عام ‪1811‬م‪.‬‬ ‫ف� عام ‪1936‬م‪ ،‬حددت عصبة أ‬ ‫المم السائح عىل أنه «المسافر خارج‬ ‫يالحدود لمدة ال تقل عن ‪ 24‬ساعة»‪ .‬وعدلت خليفتها هيئة أ‬ ‫المم المتحدة‬ ‫َّ‬ ‫هذا التحديد بتضمينه «إقامة لمدة ال تزيد عىل ستة أشهر»‪ .‬أما التحديد‬ ‫الد� أ‬ ‫أ‬ ‫والصح للسائح فهو «المسافر إىل خارج بيئة سكنه وعمله‪ ،‬سواء‬ ‫بي‬ ‫قص�ة نسبياً بهدف تال�ويح‬ ‫أكان داخل الحدود أم يتعداها‪ ،‬ولمدة زمنية ي‬ ‫عن النفس‪ ،‬أو تثقيف نفسه‪ ،‬أو المشاركة ف ي� نشاطات محددة مثل‬ ‫المؤتمرات والمناسبات الرياضية وما شابه…»‪.‬‬

‫الحديث مع بدء إنشاء الرصوح التعليمية الحديثة ف ي� العواصم ثم ف ي� المدن‬ ‫ع�‪ .‬أ‬ ‫الثانية الحقاً‪ ،‬بدءاً من النصف ن‬ ‫الثا� من القرن التاسع ش‬ ‫المر الذي س َّهل‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� كانت‬ ‫السبل أمام أطالب فالعلم للسفر بهدف الدراسة ي� هذه الرصوح ي‬ ‫تفتقر إليها الرياف � كل دول العالم‪ ،‬ت‬ ‫وح� بعض عواصمها‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ودوافع الطالب إىل السفر طلباً للعلم ف ي� معاهد وجامعات بعيدة قد‬ ‫تكون الرغبة بالتخصص ف ي� مجال علمي ال توفره المعاهد الوطنية‪ ،‬أو‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫مجا� ف ي� تلك الجامعة (إحدى‬ ‫قد تكون لعامل فاقتصادي لن التعليم ف ي‬ ‫أقوى نقاط القوة ي� التعليم الجامعي ي� فرنسا مثالً)‪ ،‬أو لشهرة هذه‬ ‫ت‬ ‫ال� توفرها شهاداتها‪ ..‬ولكن بدءاً من أواسط القرن‬ ‫الجامعة وفرص العمل ف ي‬ ‫ش‬ ‫إضا� يتع َّلق بجوهر المعرفة وبالعمق‪ ،‬أال وهو‬ ‫الع�ين‪ ،‬ظهر دافع ي‬ ‫إغناء المعارف بما يتجاوز المناهج الدراسية‪ .‬وهكذا وجدنا آالفاً وربما‬ ‫ن‬ ‫ين‬ ‫مواط� الدول المتقدمة علمياً يسافرون إىل بلدان أخرى‬ ‫مالي� الطالب من‬ ‫ي‬ ‫للدراسة الجامعية فيها‪ .‬فالسفر واالحتكاك بثقافة مختلفة بات جزءاً حيوياً‬ ‫ف ي� عملية اكتساب المعارف‪ ..‬تدل عىل ذلك بوضوح برامج تبادل الطالب ما‬ ‫ين‬ ‫ب� المدارس والجامعات عىل مختلف المستويات‪ ،‬وإدراج الرحالت ضمن‬ ‫ال�امج المدرسية حيثما يسمح معدل أ‬ ‫الحوال االجتماعية للطالب بذلك‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ب‬ ‫ريج هَ ٍّم»‪ ..‬أضخم الصناعات العالمية‬ ‫« َت ْف ُ‬ ‫تحدث عنه إالمام الشافعي كان يأ�ت‬ ‫المرجح أن «تفريج الهم» الذي َّ‬ ‫من َّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫عرضاً مع السفر لغايات أخرى‪ .‬لن السفر بهدف ال�ويح عن النفس أي‬

‫ظهر المفهوم الحديث للسفر السياحي ف ي� أوروبا ف ي� أواسط‬ ‫القرن السابع ش‬ ‫ع�‪ .‬فمنذ عام ‪1660‬م‪ ،‬بدأ أبناء الطبقات‬ ‫العليا بتنظيم رحالت سياحية ثقافية إىل ألمانيا وإيطاليا‪،‬‬ ‫وكان المشاركون ف� هذه الرحالت من كبار أ‬ ‫اغب� �ف‬ ‫الثرياء الر ي ن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الفنون ف� الدول أ‬ ‫الخرى‪ .‬ت‬ ‫ح� إن بعضهم كان‬ ‫االطالع عىل‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الفنان� عىل‬ ‫يوص‬ ‫ي‬ ‫يطيل رحلته لعدة أشهر تسمح له بأن ي‬ ‫لوحات معينة ليحملها معه عند عودته إىل بالده‪ .‬واستمر‬ ‫هذا النمط من السياحة عىل المنوال نفسه ت‬ ‫ح� أربعينيات‬ ‫ال� شهدت الرحالت المنتظمة أ‬ ‫ش ت‬ ‫الوىل للقطارات‪،‬‬ ‫القرن التاسع ع�‪ ،‬ي‬ ‫عراب السفر السياحي الحديث والمنتظم‪ :‬توماس كوك‪.‬‬ ‫وأيضاً ظهور َّ‬ ‫ف‬ ‫صغ�ة لنحو ‪540‬‬ ‫بدأ توماس كوك عمله ي� عام ‪1841‬م‪ ،‬بتنظيم رحلة ي‬ ‫شخصاً ولمدة يوم واحد داخل بريطانيا‪ .‬وبعد ذلك ش‬ ‫بع� سنوات‪ ،‬كان‬ ‫ف‬ ‫تدب� الرحالت المنتظمة أل ثك� من ‪ 150‬ألف شخص‬ ‫يتباهى بنجاحه ي� ي‬ ‫الكب� ف ي� لندن‪.‬‬ ‫زاروا المعرض ي‬ ‫كان كوك ت‬ ‫يش�ي حزماً من بطاقات السفر عىل القطارات بأسعار مخفضة‪،‬‬ ‫ويبيعها بهامش ربح محدود‪ .‬ويُروى أنه كان يمتلك فندقاً ومطعماً ف ي�‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ال�‬ ‫المب� الذي يضم مكتبه‪ ،‬ولخدمة الفندق والمطعم ابتكر الكوبونات ي‬ ‫للقامة والطعام‪.‬‬ ‫تُباع سلفاً إ‬ ‫السفر‪ ..‬ضرورة تربوية‬


‫‪99 | 98‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫ف ي� عام ‪1872‬م‪ ،‬أسس كوك ش�اكة مع ابنه إلنشاء وكالة سفر باسم‬ ‫«توماس كوك وابنه»‪ .‬وبدأت ش‬ ‫ال�كة ف ي� العقد نفسه بنقل المسافرين‬ ‫وال�يد من بريطانيا إىل مرص‪ .‬وبحلول العقد التال‪ ،‬كانت ش‬ ‫ال�كة قد‬ ‫ب‬ ‫ف ي‬ ‫ف‬ ‫ً‬ ‫و� عام ‪1890‬م‪ ،‬باعت‬ ‫أسست فروعا لها ي� مختلف أرجاء‬ ‫العالم‪ ،‬ي‬ ‫ف‬ ‫‪ 3‪.‬25‬مليون تذكرة سفر‪ .‬وتمكن كوك ي� عام ‪1898‬م‪ ،‬من تنظيم رحلة‬ ‫ن‬ ‫أ ن‬ ‫ين‬ ‫فلسط�‪ ،‬قبل سنة واحدة عىل وفاته‪،‬‬ ‫الثا� إىل‬ ‫لما� ويلهلم ي‬ ‫إال بم�اطور ال ي‬ ‫إم�اطورية من وكاالت السفر وخدماته‪.‬‬ ‫تاركاً لورثته ب‬ ‫ين‬ ‫الحرب�‬ ‫أك�ها كان خالل‬ ‫عرفت صناعة السياحة كبوات متفاوتة المقاييس‪ ،‬ب‬ ‫الزمة االقتصادية أ‬ ‫الع�ين‪ ،‬وآخرها كان إبان أ‬ ‫الخ�ة �ف‬ ‫ين‬ ‫العالميت� ف ي� القرن ش‬ ‫ي ي‬ ‫العام ‪2009‬م‪ .‬ولكنها كانت تتضخم وتنمو باستمرار‪ .‬ففي عام ‪2012‬م‪،‬‬ ‫أعلنت منظمة السياحة العالمية أن عدد السياح ف ي� العالم تخ َّطى للمرة‬ ‫أ‬ ‫الوىل المليار سائح‪ ،‬وبلغ ما أنفقه هؤالء عىل أسفارهم ‪ 1‪.‬03‬تريليون‬ ‫دوالر‪ ،‬وأن ي ن‬ ‫أك� منفق عىل السياحة بمبلغ وصل إىل ‪102‬‬ ‫الص� أصبحت ب‬ ‫أ‬ ‫مليار دوالر متجاوزة بذلك ألمانيا والواليات المتحدة المريكية‪.‬‬ ‫وكانت أهمية السياحة قد تحددت بنص واضح فيما يُعرف باسم «إعالن‬ ‫أساس لحياة‬ ‫مانيال حول السياحة العالمية ‪ ،»1980‬جاء فيه أنها «نشاط‬ ‫ي‬ ‫تأث�اتها ش‬ ‫المبا�ة عىل القطاعات االجتماعية والثقافية‬ ‫الشعوب بسبب ي‬ ‫ت‬ ‫وال�بوية واالقتصادية ضمن المجتمعات‪ ،‬وعىل عالقاتها الدولية ببعضها»‪.‬‬ ‫‪ 7000‬‫‪‬-‬‬ ‫‪ 4000‬ق‪.‬م‪.‬‬

‫الحماالت‬ ‫استخدام‬ ‫الخشبية لنقل َّ أ‬ ‫المتعة‬ ‫خالل السفر‪.‬‬

‫‪ 2000‬‫ ‬‪-‬‬ ‫‪ 1500‬ق‪.‬م‪.‬‬

‫تطور صناعة السفن البحرية عىل‬ ‫الساحل الفينيقي‪ .‬وللنقل النهري‬ ‫ف ي� مرص‪.‬‬

‫أ‬ ‫ف‬ ‫خ�ة‪ ،‬إنما أيضاً‬ ‫وليس حجم هذه الصناعة وحده الذي نما ي� العقود ال ي‬ ‫علومها‪ .‬فتشعب مفهوم السياحة إىل عدة فروع وأنماط‪ ،‬لكل منها مريدوه‬ ‫ومواسمه ووكاالت سفر متخصصة فيه‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� كانت هي أصل السياحة‪ ،‬وال تزال‬ ‫فإضافة إىل‬ ‫السياحة الثقافية ي‬ ‫أ‬ ‫تمثل ي ِّ ز‬ ‫الح� ال بك� منها عالمياً‪ ،‬بات هناك ما يُعرف بالسياحة البيئية أو‬ ‫الطبيعية‪ ،‬حيث الطبيعة بعنارصها الجغرافية والنباتية والحيوانية هي‬ ‫الجاذب أ‬ ‫الول‪ ،‬وسياحة االستجمام‪ ،‬الهادفة إىل إراحة النفس والجسم من‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� توفر‬ ‫عناء العمل ورتابة فالحياة اليومية‪ ،‬وت�كز وجهاتها ي� المنتجعات ي‬ ‫الخدمات المريحة ي� موقع جميل‪ ،‬والسياحة الرياضية لمواكبة النشاطات‬ ‫اللعاب أ‬ ‫الرياضية الك�ى مثل أ‬ ‫الولمبية وبطولة العالم ف ي� كرة القدم‪ ،‬وما‬ ‫ب‬ ‫شابههما من مباريات يتخ َّطى بريقها إالعالمي حدود موقعها‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� تقوم عىل إدارة الموارد‬ ‫ومؤخراً ظهر مفهوم «السياحة المستدامة»‪ ،‬ي‬ ‫تل� االحتياجات االقتصادية والجمالية واالجتماعية مع المحافظة‬ ‫بطريقة ب ِّ ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الثقا�‪ ،‬والبيئة المحلية والتنوع الحيوي وأنظمة العيش والحياة‬ ‫فعىل ال�اث ي‬ ‫ي� البيئة المضيفة‪.‬‬ ‫وثمة أنماط من السياحة ال تخطر عىل البال ولها وكاالتها المتخصصة‬ ‫ت‬ ‫ال� تهدف إىل زيارة مواقع أحداث رهيبة مثل‬ ‫مثل «السياحة الظالمية»‪ ،‬ي‬

‫القرن السابع‬ ‫بعد الميالد‬

‫ين‬ ‫الص� تشق القنال‬ ‫العظيم الذي يربط‬ ‫ين‬ ‫الك�ى‪.‬‬ ‫ب� أنهارها ب‬

‫‪ 3000‬ق‪.‬م‬ ‫استخدام العجالت ف ي�‬ ‫صناعة عربات تجرها‬ ‫الحيوانات‪.‬‬

‫‪ 312‬ق‪.‬م‬

‫ين‬ ‫تدج� الخيول ف ي� بالد‬ ‫ما ي ن‬ ‫ب� النهرين‪ ،‬وشيوع‬ ‫ف‬ ‫جر‬ ‫استخدامها ي� ّ‬ ‫ين‬ ‫عجلت�‪.‬‬ ‫عربات عىل‬ ‫بدء ي ن‬ ‫تدج� الحيوانات‬ ‫(الث�ان أوالً) لنقل‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫المتعة والمسافرين‬ ‫الحماالت‬ ‫وجر َّ‬ ‫ّ‬ ‫الخشبية‪.‬‬

‫‪ 4000‬ق‪.‬م‬

‫‪ 2000‬ق‪.‬م‬

‫القرن الثاني‬ ‫عشر‬

‫الرحالة المسلم‬ ‫َّ‬ ‫أبو عبدهللا محمد‬ ‫دريس يضع أول‬ ‫إ‬ ‫ال ي‬ ‫خريطة كاملة للعالم‬ ‫المعروف آنذاك‪.‬‬

‫‪1325‬م‪:‬‬ ‫ابن بطوطة يغادر المغرب‬ ‫متوجهاً إىل مكة المكرمة ألداء‬ ‫فريضة الحج‪ ،‬ويتابع أسفاره‬ ‫ألربع ش‬ ‫وع�ين سنة تالية‪.‬‬

‫أول طريق روماني مرصوف‬ ‫بالحجارة ما بين روما‬ ‫ومدينة أبيا‪.‬‬

‫الفارس‬ ‫ال بم�اطور‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫داريوس أ‬ ‫الول يشق قناة‬ ‫ف ي� مرص لوصل نهر النيل‬ ‫بالبحر أ‬ ‫الحمر‪ ،‬وعدة‬ ‫ن‬ ‫قنوات ما يب� نهري دجلة‬ ‫والفرات‪ ،‬وطريقاً «ملكياً»‬ ‫بطول ‪ 2000‬ميل ما ي ن‬ ‫ب�‬ ‫سوسة ورسديس‪.‬‬

‫الرومان يشقون طرقاً‬ ‫مرصوفة بالحجارة ف ي�‬ ‫إم�اطوريتهم‪،‬‬ ‫أرجاء ب‬ ‫لتسهيل حركة‬ ‫جيشهم‪ ،‬وبلغ‬ ‫مجموع أطوالها نحو‬ ‫‪ 50‬ألف ميل‪.‬‬

‫‪ 520‬‫‪510 ‬-‬‬ ‫ق‪.‬م‪.‬‬

‫‪ 200‬ق‪.‬م‪- .‬‬ ‫‪ 200‬ب‪.‬م‪:.‬‬

‫تطوير صناعة السفن‬ ‫وتصميم أ‬ ‫ال ش�عة‬ ‫ف� ي ن‬ ‫الص� وحوض‬ ‫ي‬ ‫حد‬ ‫المتوسط عىل ٍّ‬ ‫سواء‪.‬‬

‫ماركو بولو ينطلق من‬ ‫البندقية باتجاه ي ن‬ ‫الص�‪.‬‬ ‫وكان ف ي� السابعة ش‬ ‫ع�ة‬ ‫من عمره‪.‬‬

‫‪1271‬م‫‬ ‫‪1492‬م‬

‫القرن الثاني عشر ‪-‬‬ ‫القرن الخامس عشر‬

‫كريستوف كولومبوس ينطلق‬ ‫أ‬ ‫طلس‬ ‫من إسبانيا ب‬ ‫ويع� ال ي‬ ‫ويصل إىل أمريكا‪.‬‬


‫أساط� مخيفة‪..‬‬ ‫شه�ة‪ ،‬أو‬ ‫ي‬ ‫المعتقالت النازية‪ ،‬أو أماكن وقوع جرائم ي‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫ال� تنظمها أيضا وكاالت متخصصة تحرص‬ ‫و«السياحة الداعمة للفقراء» ي‬ ‫عىل أن يذهب ث‬ ‫أك� من ‪ ‪%‬25‬مما ينفقه السائح إىل جيوب الفقراء ش‬ ‫مبا�ة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫خ�ة» الهادفة إىل زيارة مواقع مهددة بالزوال مثل‬ ‫وسياحة «الفرصة ال ي‬ ‫أ‬ ‫النهار الجليدية‪ ،‬أو بعض الغابات‪ ،‬أو الحيوانات المهددة باالنقراض‪..‬‬ ‫الخ‪ .‬والقاسم ت‬ ‫المش�ك ما ي ن‬ ‫ب� كل أنماط السياحة هذه القديمة منها‬ ‫والجديدة‪ ،‬هو االبتعاد المؤقت عن مكان إالقامة والعمل التقليدي‪..‬‬ ‫و«مجرد االبتعاد تفريج هم»‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ماجد»‪ ..‬وغير الماجد‬ ‫«وصحبة ٍ‬ ‫ال نعرف إىل أي مدى أصاب إالمام الشافعي بإضافة «صحبة الماجد» (أي‬ ‫إالنسان الرفيع المستوى) كتحصيل حاصل ف ي� السفر‪ .‬فالسفر مع آخرين‬ ‫مسألة حساسة‪ ،‬ويرتبط إالقدام عليه بطباع المسافر ومدى حذره من‬ ‫وجوده ف ي� بالد غريبة‪ ،‬وعالقته المسبقة برفاق الرحلة‪.‬‬ ‫والواقع أن للسفر بصحبة أفراد مختارين من محيط المسافر ينطوي عىل‬ ‫بعض الحسنات‪ .‬فقد يتعاون أ‬ ‫الصحاب عىل حل بعض مشكالت السفر‪،‬‬ ‫ويمكن للنقاش حول ما يشاهدونه ف ي� أسفارهم أن يوقد أذهانهم‪ ،‬ويمكن‬ ‫آ‬ ‫ش‬ ‫�ء يرتبط‬ ‫للواحد أن يساعد الخر عىل االكتشاف والمالحظة‪ .‬فكل ي‬ ‫بالتفاهم المسبق عىل الغاية من الرحلة وعىل تخطيط مراحلها الرئيسة‬ ‫القرن‬ ‫السابع عشر‬

‫تطوير العربات‬ ‫المسقوفة ت‬ ‫ال� تجرها‬ ‫الخيول لسفر ي أ‬ ‫الفراد ف ي�‬ ‫أوروبا‪.‬‬

‫تطوير أول‬ ‫سفينة عاملة عىل‬ ‫البخار ف ي� إيرلندا‪.‬‬ ‫ووصولها إىل‬ ‫أمريكا‪.‬‬

‫‪1838‬م‬

‫‪1895‬م‬ ‫‪ 1803‬‫‪‬-‬‬ ‫‪1813‬م‬

‫‪1785‬م‬

‫الرسع هو المسافر وحيداً»‪ .‬أ‬ ‫يقول روديارد كيبلنغ‪« :‬المسافر أ‬ ‫والمر صحيح‪.‬‬ ‫فالقاسم ت‬ ‫المش�ك ي ن‬ ‫ب� كل أشكال السفر مع آخرين أو ضمن مجموعات‪ ،‬هو‬ ‫إبطاء الحركة‪ .‬ألن أي عرقلة أو متاعب تواجه واحداً ستشل الرفيق‪.‬‬ ‫أما الصحبة ت‬ ‫ال� يمكن نسج خيوطها خالل السفر‪ ،‬فيمكنها أن تكون‬ ‫ي‬ ‫«ماجدة» فعال إذا عرف المسافر كيف يختار‪ ،‬وكان منفتحاً عىل آ‬ ‫الخر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فما من أماكن ف ي� العالم يجتمع فيها من التنوع ش‬ ‫الب�ي ما يجتمع ف ي� قاعات‬ ‫تال�انزيت ف ي� المطارت‪ .‬فيها يتجاور العلماء والبسطاء‪ ،‬الساعون إىل لقمة‬ ‫العيش وكبار أ‬ ‫الثرياء‪ ،‬الشبان والعجائز‪ .‬وإن كان من النادر أن تسمح‬ ‫اللقاءات ف� المطارات بنسج عالقات دائمة‪ ،‬فإن صحبة مسافر عىل ت ن‬ ‫م�‬ ‫طائرة ف� يرحلة طويلة تفتح مجاال أوسع لذلك‪ .‬أما المجال أ‬ ‫الوسع عىل‬ ‫ً‬ ‫ي‬ ‫إالطالق فهو خالل إالقامة ف ي� البلد المقصود‪ .‬حيث التعرف إىل أناس‬ ‫أمر حتمي‪ ،‬وتطوير التعارف إىل صحبة جيدة ومفيدة مرتبط ُبحسن‬ ‫جدد ٌ‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫االختيار واهتمامات المسافر‪ .‬وال �ط ي� ذلك يغ� أنه عىل المسافر أن‬ ‫يعي دائماً أن تقاليد هؤالء الغرباء وقيمهم لم تصمم يك تنال إعجابه أو‬ ‫توافق مزاجه‪ ،‬بل لتتوافق مع نمط حياتهم واحتياجاتهم هم‪.‬‬ ‫‪1916‬م‬

‫‪1912‬م‬ ‫‪1903‬م‬ ‫هارل وثالثة إخوة من‬ ‫وليم ي‬ ‫عائلة ديفيدسون يبدأون‬ ‫بصناعة الدراجات النارية‪.‬‬

‫غرق الباخرة تيتانيك ف ي�‬ ‫أ‬ ‫طلس‪ ،‬ومقتل‬ ‫شمال ال ي‬ ‫‪ 1513‬شخصاً ممن كانوا عىل‬ ‫متنها‪.‬‬

‫وليم بوينغ يحلِّق بطائرة‬ ‫بناها بنفسه‪ ،‬ويؤسس مصنعاً‬ ‫للطائرات بعد ذلك بشهر واحد‪.‬‬

‫أول قطار‬ ‫للمسافات‬ ‫الطويلة ف ي� والية‬ ‫كارولينا الجنوبية‬ ‫ف ي� أمريكا‪.‬‬

‫‪1833‬م‬ ‫‪1885‬م‬

‫‪2007‬م‬ ‫أول رحلة تجارية لطائرة‬ ‫«إيرباص آي ‪ »380‬العمالقة‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ال� تتسع لـ ‪ 525‬مسافراً‪.‬‬ ‫ي‬

‫أ‬ ‫الخوان رايت يطوران أول طائرة‪.‬‬

‫‪1903‬م‬ ‫أ ن‬ ‫لما� كارل فريدريك‬ ‫ال ي‬ ‫نز‬ ‫ب� يصنع أول سيارة ذات‬ ‫ت‬ ‫محرك يعمل باالح�اق‬ ‫وتس� عىل أربع‬ ‫الداخل‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫عجالت‪.‬‬

‫‪1949‬م‬ ‫مصانع دي هافيالند تُنتج‬ ‫أول طائرة نفاثة ف ي� العالم‪.‬‬

‫جوشوا سلوكوم ينطلق من‬ ‫بوسطن بحراً ف ي� أول محاولة‬ ‫ناجحة للإبحار منفرداً حول‬ ‫العالم‪ ،‬واستمرت رحلته‬ ‫سنوات ثالث‪.‬‬

‫بدء تطوير القطار‬ ‫العامل عىل البخار‬ ‫ف� ت‬ ‫إنجل�ا‪.‬‬ ‫ي‬

‫نس جوزف‬ ‫الفر ي‬ ‫مونغولفيه يحلِّق ألول‬ ‫مرة بمنطاد يعمل‬ ‫بالهواء الساخن ف ي�‬ ‫باريس‪.‬‬

‫مسبقاً‪ .‬ولذا فإن تقارب أ‬ ‫المزجة يُعد ش�طاً ض�ورياً لنجاح رحلة بصحبة‬ ‫مسافرين آخرين‪.‬‬

‫‪1910‬م‬ ‫أ ن‬ ‫لما� فريناند ي ن‬ ‫زيبل�‬ ‫ال ي‬ ‫الموجه‬ ‫يطور المنطاد‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫«دويتشالند» لنقل‬ ‫المسافرين جواً‪.‬‬

‫افتتاح قناة بنما‬ ‫الواصلة ما ي ن‬ ‫ب�‬ ‫ن أ‬ ‫طلس‬ ‫ي‬ ‫المحيط� ال ي‬ ‫والهادئ‪.‬‬

‫‪1969‬م‬

‫‪1914‬م‬ ‫‪1935‬م‬

‫أ‬ ‫مريك هوارد‬ ‫الصناعي ال ي‬ ‫هيوز يحطِّم رقماً قياسياً‬ ‫ف‬ ‫الط�ان‪ ،‬بلغ ‪352‬‬ ‫ي� رسعة ي‬ ‫ف‬ ‫ميال ً ي� الساعة‪.‬‬

‫وصول أول إنسان إىل سطح‬ ‫القمر عىل ت ن‬ ‫م� المركبة الفضائية‬ ‫الط�ان‬ ‫وبدء‬ ‫«أبولو ‪.»11‬‬ ‫ي‬ ‫التجري� لطائرة «الكونكورد»‬ ‫بي‬ ‫كأول طائرة مدنية أرسع من‬ ‫الصوت‪ ،‬ودخولها الخدمة‬ ‫الفعلية عام ‪1976‬م‪.‬‬

‫‪2012‬م‬ ‫تخطَّى عدد السياح ف ي�‬ ‫العالم المليار مسافر‪.‬‬


‫‪101 | 100‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫السفر في‬ ‫عصر اإلنترنت‬ ‫تقول إحصاءات منظمة السياحة العالمية عن السفر ف ي� يومنا هذا‪ ،‬إنه‬ ‫ف ي� أي لحظة من النهار أو الليل‪ ،‬هناك نحو نصف مليون مسافر عىل‬ ‫م� الطائرات ف� أ‬ ‫تن‬ ‫الجواء‪ .‬فبسبب تطور صناعة الطائرات‪ ،‬وانخفاض‬ ‫ي‬ ‫تكاليف السفر عليها‪ ،‬وعامل الرسعة‪ ،‬ازدادت الهوة ما ي ن‬ ‫ب� السفر جواً‬ ‫والسفر بحراً‪ ،‬بحيث باتت الرحالت البحرية شبه مقترصة عىل رحالت‬ ‫أ‬ ‫كب� من السفر جواً بالميل الواحد‪ .‬أما‬ ‫االستجمام‪ ،‬الغىل تكلفة بشكل ي‬ ‫القطارات وإن بقيت مستخدمة أ‬ ‫للسفار الطويلة كما هو الحال ف ي� أوروبا‬ ‫وشبه القارة الهندية‪ ،‬فإنها تبقى عاجزة عن اللحاق ف ي� نموها‪ ،‬بالنمو الذي‬ ‫الط�ان‪ .‬ت‬ ‫وي�افق هذا التضخم المستمر ف ي� صناعة السفر جواً‬ ‫شهده ي‬ ‫ت‬ ‫كب�ة طرأت عليه خالل جيل واحد من المسافرين‪ ،‬ح� إنه‬ ‫مع تحوالت ي‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫بات يختلف كل االختالف عما كان عليه ح� سبعينيات القرن الع�ين‪.‬‬ ‫وبعض هذه التحوالت جاء ف ي� غاية إاليجابية وبعضها ليس كذلك‪.‬‬ ‫تبدل صورة المسافر‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ح� ثالثة أو أربعة عقود خلت‪ ،‬كان ي� السفر ما يهمس بشكل غامض‬

‫ش‬ ‫ب�ء من النجاح والمكانة االجتماعية‪ ،‬سوا ًء أكان المسافر قاصداً العمل‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� ال يقدر‬ ‫(الذي ال بد أن يكون مهماً يك يستحق العناء)‪ ،‬أو السياحة ي‬ ‫عليها إال الميسورون نسبياً‪ .‬ولذا كان المسافر يحرص عىل صورته خالل‬ ‫السفر‪ ،‬يف�تدي أفضل مالبسه‪ ،‬ويحمل أفضل حقيبة يد ممكنة‪ ..‬أما‬ ‫اليوم فقد أطاح شيوع السفر بموجبات الصورة االجتماعية‪ ،‬ورصنا نجد‬ ‫مسافرين ينتعلون خفاً من البالستيك ويرتدون مالبس رياضية‪ .‬فالمهم‬ ‫«مدعي‬ ‫هو إالحساس بالراحة‪ ،‬أما الصورة االجتماعية فلم تعد تهم إال َّ‬ ‫أ‬ ‫العمل عىل الطائرات نفسها وخدماتها‪.‬‬ ‫الهمية»‪ .‬وانعكس هذا الطابع‬ ‫ي‬ ‫فح� ستينيات القرن ض‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫تقدم عىل‬ ‫ال� َّ‬ ‫الما�‪ ،‬ف كانت أدوات الطعام ي‬ ‫ي‬ ‫الطائرات مطلية بالفضة ت‬ ‫ح� ي� الدرجة السياحية‪ ،‬أما اليوم فصارت من‬ ‫البالستيك‪.‬‬ ‫تبدل صورة المطارات‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ح� ثمانينيات القرن الع�ين‪ ،‬كانت المطارات نقاط جذب سياحية‬ ‫ف‬ ‫بحد ذاتها‪ .‬يقصدها يغ� المسافرين أيضاً لتناول الطعام ي� مطاعمها‬ ‫أ ن‬ ‫م� فيها‬ ‫ومشاهدات إقالع الطائرات وهبوطها‪ ..‬ولم يكن للجانب ال ي‬ ‫كب�ة‪ .‬ت‬ ‫ح� إن المسافر ذا الصورة االجتماعية الحسنة‪ ،‬كان غالباً‬ ‫مهابة ي‬ ‫الط�ان‬ ‫يع� حواجز التفتيش بسهولة فائقة‪ .‬ولكن تعرض أمن ي‬ ‫ما ب‬ ‫ش‬ ‫وتفج�‪ ،‬رفع مستويات‬ ‫والمطارات لع�ات االعتداءات من خطف‬ ‫ي‬ ‫أ ف‬ ‫حد جعلها أشبه بالقالع‪.‬‬ ‫التداب� المنية ي� كافة مطارات العالم إىل ٍّ‬ ‫ي‬ ‫فظهرت أجهزة كشف المعادن‪ ،‬وشاع التدقيق اليدوي‪ ..‬وكان يكفي أن‬ ‫يحاول أحدهم نقل متفجرة ف ي� كعب حذائه ف ي� أمريكا‪ ،‬يك يصبح عىل‬


‫«المسافر الجيد هو من دون‬ ‫خطة ثابتة»‪.‬‬ ‫الوتسو‬ ‫المسافرين أينما كان ف ي� العالم أن يخلعوا أحذيتهم ف ي� المطارات‪ ..‬وهذه‬ ‫ي ت‬ ‫ال� يعرفها ويقر ب�ض ورتها الجميع‪ ،‬أطاحت ف ي� الوقت نفسه‬ ‫التداب� ي‬ ‫ش‬ ‫ب�ء من بهجة الوصول إىل المطار للسفر‪ ،‬وعززت البهجة بالخروج منه‬ ‫ي‬ ‫بعد الوصول‪.‬‬ ‫وتبدل آداب السفر‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫كب�اً‪ .‬فعىل م� طائرة‬ ‫ا‬ ‫ملف‬ ‫فتح‬ ‫صغ�‬ ‫حادث‬ ‫وقع‬ ‫‪2010‬م‪،‬‬ ‫أغسطس‬ ‫ف ي�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫كانت قد ح َّطت لتوها ف ي� مطار نيويورك‪ ،‬اشتبك مضيف جوي مع أحد‬ ‫المسافرين‪ ،‬وراح يكيل له الشتائم ثم فتح باب الطائرة وأنزل منها سلم‬ ‫الطوارئ وهو يعلن استقالته من عمله‪.‬‬ ‫أثار هذا العمل يغ� المتوقع وال المقبول مبدئياً نقاشاً واسعاً‪ .‬ففيما‬ ‫أُخضع الرجل للتحقيق والمحاكمة‪ ،‬اختارته بعض المجالت «رجل‬ ‫ن‬ ‫يعا� منه المضيفون‬ ‫العام»‪ ،‬بفعل تسليطه الضوء عىل ما بات ي‬ ‫جراء تدهور آداب السفر‪.‬‬ ‫الجويون َّ‬ ‫كث�ين عىل الترصف‬ ‫ففقدان فعل السفر لمهابته وأهميته‪ ،‬صار يحمل ي‬ ‫عىل ت ن‬ ‫م� الطائرات وكأنهم ف ي� بيوتهم‪ .‬والمفارقة كما لفت عدد من‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫الجوي� آنذاك‪ ،‬أن أسوأ أشكال الترصف تقع ف ي� مقصورات‬ ‫المضيف�‬ ‫العمال والدرجة أ‬ ‫درجة أ‬ ‫الوىل‪ .‬حيث لم يعد من النادر أن تصل‬ ‫متطلبات المسافر إىل ما يتصادم مع راحة المسافرين بجواره‪ ،‬وال أن‬ ‫ين‬ ‫القدم� إىل دورة المياه‪.‬‬ ‫ترى سيدة تذهب حافية‬ ‫«النترنت»‪ ..‬مضاعفة السرعة واختصار المفاجآت‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫كانت صناعة السفر من أشد القطاعات �اهة ي� استخدام إالن�نت‬

‫ً‬ ‫كثيرا من إجراءات السفر‬ ‫مواقع الحجوزات السياحية اختصرت‬

‫خدمات المطارات‪ ..‬ما الذي تغيَّ ر فيها؟‬

‫نس أنه قبل ظهور إال تن�نت كان الحصول‬ ‫واالستفادة منها‪ .‬ونذكِّر من ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫يوم�‪ ،‬لنه‬ ‫عىل تذكرة سفر وتأكيد الحجز عىل م� رحلة ما يتط َّلب ي‬ ‫ال�كة الناقلة أ‬ ‫كان عىل وكيل السفريات مراجعة مكاتب ش‬ ‫الم للتأكد من‬ ‫إمكانية بيع تذكرة‪.‬‬ ‫فمن حجز المقاعد ش‬ ‫و�اء التذاكر إىل حجز الغرف ف ي� الفنادق مسبقاً إىل‬ ‫تخطيط الرحلة جملة وتفصيال ً والعثور عىل أفضل العروض الممكنة‪،‬‬ ‫يث� اهتمام المسافر‪ ،‬بات متوافراً عىل‬ ‫واالستكشاف المسبق لكل ما قد ي‬ ‫الشبكة‪ .‬وما من مؤسسة عاملة ف� مجال السفر سواء أكانت مطاراً �ف‬ ‫ً‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫إلك� ن‬ ‫أوروبا أم مطعماً ف� إندونيسيا‪ ،‬إال وبات صاحب موقع ت‬ ‫و� يعرض‬ ‫ي‬ ‫خدماته بالتفاصيل ي لكل من قد يهمه أ‬ ‫المر‪ ،‬سوا ًء أكان مقيماً ف ي� جنوب‬ ‫إفريقيا أو شمال كندا‪ ..‬بحيث بات بإمكان من يريد السفر فجأة‪ ،‬أن‬ ‫التداب� الالزمة لها خالل أقل من ساعة‬ ‫يخطط رحلة كاملة ويتخذ كافة‬ ‫ي‬ ‫واحدة‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال تن�نت عظيمة وال شك‪ .‬فهي تسمح للمسافر‬ ‫تقدمها إ‬ ‫ال� ِّ‬ ‫الخدمات ي‬ ‫بمقارنة كل ما هو متوافر من عروض مختلفة لمواعيد السفر وتكلفته‬ ‫واحتساب تكلفة القامة والرحلة بدقة أك� مما كان عليه أ‬ ‫المر ف ي�‬ ‫إ‬ ‫ب‬


‫‪103 | 102‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫ً‬ ‫سينمائيا‬ ‫السفر‪..‬‬ ‫ف ي� العام ‪ ،1970‬أخرج جورج سيتون ِفلم «مطار»‪ ،‬الذي يدور حول كارثة تهدد طائرة إثر‬ ‫الفلم نجاحاً‬ ‫جماه�ياً أينما كان ف ي� العالم‪ ،‬وفاقت مداخيله‬ ‫ي‬ ‫انفجار قنبلة عىل متنها‪ .‬ولقي ِ‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫آنذاك مائة مليون دوالر‪ .‬فأسس بذلك مذهبا فنيا ي� قطاع السينما توالت بعده ع�ات أفالم‬ ‫ت‬ ‫ال� تحصل عىل ت ن‬ ‫م� الطائرات ألسباب مختلفة‪ ،‬وذات مستويات مختلفة‬ ‫المغامرات والكوارث ي‬ ‫فنياً‪ ..‬ولكنها كلها تعتمد عىل استغالل الحذر الفطري عند إالنسان من وسيلة السفر هذه‪،‬‬ ‫والبهار‪.‬‬ ‫لتتمكن بسهولة من تحقيق إالثارة والتشويق إ‬ ‫المر نفسه ينطبق عىل وسائل السفر أ‬ ‫أ‬ ‫الخرى مثل القطارات‪ ،‬والسفن‪ .‬فـ «مغامرة السفينة‬ ‫ت‬ ‫ال� ظهرت عام ‪1969‬م ف� رواية أوالً‪ُ ،‬ص ِّورت مر ي ن‬ ‫ت� للسينما‪ .‬مرة عام ‪1972‬م‪،‬‬ ‫ي‬ ‫بوسايدون» ي‬ ‫ومرة ثانية عام ‪2000‬م‪ .‬إضافة إىل إنتاجها مسلسال ً تلفزيونياً‪ .‬ناهيك عن قصة غرق السفينة‬ ‫ت‬ ‫ال� يعرفها وشاهدها العالم بأرسه سينمائياً‪.‬‬ ‫«تايتانك» ي‬ ‫ففي مجال السينما‪ ،‬ال مجال لعد فئة أ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ال� تتمحور حول السفر‪ .‬وعندما نضيف إليها‬ ‫ّ‬ ‫فالم ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ال� يلعب السفر فيها دورا أساسيا ي� مسار أحداث قصصها‪ ،‬لربما نجد أنفسنا أمام‬ ‫الفالم ي‬ ‫تاريخ كل ما أنتجته السينما تقريباً‪.‬‬ ‫ض‬ ‫الما�‪ .‬ولكن االعتماد عىل إ ت‬ ‫ش‬ ‫ب�ء من‬ ‫الن�نت يجب أن يكون مصحوباً ي‬ ‫ي‬ ‫ال ت‬ ‫لك�ونية التابعة لقطاع‬ ‫الحذر‪ ،‬إذ ال يجب أن يفوتنا أن كل المواقع إ‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫الط�ان هي‬ ‫السفر هي ترويجية بالدرجة الوىل‪ .‬وإن كانت �كات ي‬ ‫أ‬ ‫الدق عىل صعيد مواعيد الرحالت وأسعار التذاكر مثالً‪ ،‬فإن وعودها‬ ‫«المم�ة» عىل ت ن‬ ‫يز‬ ‫م� طائراتها‪ ،‬تبقى أدباً بحاجة إىل إثبات‬ ‫بالرفاهية‬ ‫ث‬ ‫ش‬ ‫تبدل‬ ‫الط�ان العالمية ِّ‬ ‫بالتجربة‪ .‬وأك� من ذلك‪ ،‬فإن معظم �كات ي‬ ‫أسعار التذاكر صعوداً وهبوطاً بشكل مستمر تبعاً لكثافة الحجوزات‬ ‫أ‬ ‫ال تن�نت‬ ‫توف� الحذر من وعود إ‬ ‫المسبقة‪ .‬أما المثل الوضح عن ض�ورة ي‬ ‫ت‬ ‫فيأ� من قطاع آخر‪.‬‬ ‫ي‬ ‫حجز الفنادق «أونالين»‪ :‬كل فنادق العالم‪ ،‬ت‬ ‫ح� ذوات‬ ‫ال ت‬ ‫لك�ونية‬ ‫النجمة الواحدة‪ ،‬باتت توفر بع� مواقعها إ‬ ‫إمكانية حجز غرف للقامة مسبقاً‪ .‬أ‬ ‫المر الذي صار يوفر‬ ‫إ‬ ‫للقامة عند وصوله‬ ‫عىل المسافر عناء التفتيش عن مكان إ‬ ‫أ‬ ‫كب�ة‬ ‫إىل وجهته‪ ،‬المر الذي كان يسبب متاعب ي‬ ‫وكث�‬ ‫للمسافرين خالل تف�ات الذروة السياحية‪ .‬ي‬ ‫من الفنادق بات يعرض حسومات ملحوظة عىل‬ ‫القامة إذا تم حجز الغرفة سلفاً بع� الشبكة‪.‬‬ ‫تكاليف إ‬ ‫ث‬ ‫وأك� من ذلك‪ ،‬فإن بعض الوكاالت السياحية تعرض‬ ‫أسعاراً للغرفة ف ي� الفندق نفسه أقل تكلفة مما يعرضه‬ ‫الفندق ف ي� حال االتصال به ش‬ ‫مبا�ة‪ ،‬والسبب ف ي�‬ ‫ذلك هو أن مثل هذه الوكاالت ت‬ ‫تش�ي باقات من‬ ‫خدمات الفنادق بأسعار مخفضة جداً‪ ،‬ألنها تسدد‬ ‫ثمنها سلفاً سواء أعادت بيعها وشغلتها أم ال‪.‬‬

‫ن‬ ‫الثا� الذي يجب أخذه ي ن‬ ‫بع� االعتبار عند حجز الفنادق‬ ‫الحذر ي‬ ‫ال تن�نت‪ ،‬هو ما إذا كان يفرض الدفع مسبقاً أم ال‪ ،‬ش‬ ‫و�وط‬ ‫ع� إ‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫إلغاء الحجز‪ .‬فبعض العروض يش�ط الدفع المسبق‪ ،‬وال يرد‬ ‫شيئاً ف� حال إلغاء الحجز وبعضه آ‬ ‫الخر يرد المبلغ كامال ً أو جزءاً‬ ‫ي‬ ‫منه‪ ..‬وبنا ًء عىل ذلك‪ ،‬يجب عىل المسافر أن يتأكد سلفاً من أنه‬ ‫ف‬ ‫قدم عىل الحجز المدفوع سلفاً‬ ‫سيسافر ي� الموعد المحدد يك يُ ِ‬ ‫أ‬ ‫ويستفيد من حسومات ملحوظة‪ ،‬وإال فإن المر يتضمن مغامرة‬ ‫غ� مضمونة النتائج‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تنتظر المسافر الذي يحجز غرفة ف ي�‬ ‫أما ب‬ ‫أك� المفاجآت ي‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫و�‪ ،‬فتكون عند مقارنته‬ ‫ع� الموقع إ‬ ‫الفندق ب‬ ‫اللك� ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� شاهدها عىل‬ ‫ال� تُعطى له بالصور ي‬ ‫الغرفة ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫و� هذا المجال ال فرق يب� فندق من‬ ‫الموقع‪ .‬ي‬ ‫فئة خمسة نجوم وفندق من نجمة واحدة‪ .‬فكلها‬ ‫ش‬ ‫تن� عىل مواقعها صور أفضل الغرف‪ ،‬بعد ترتيبها‬ ‫وتجميلها بعناية لهذه الغاية‪ ،‬التقطت بعدسات‬ ‫تجعلها رحبة وواسعة‪ ..‬والحقيقة هي غالباً‬ ‫أقل من ذلك‪.‬‬ ‫ت ف‬ ‫ال تن�نت‪ ،‬ال يزال لذكاء‬ ‫فح� ي� عرص إ‬ ‫أ‬ ‫تدب�ه الدور الول ف ي�‬ ‫وحسن ي‬ ‫المسافر ُ‬ ‫نجاح رحلته من عدمه‪.‬‬


‫من دروس طائرة الكونكورد‪ :‬للسرعة حدود‬ ‫يوم ‪ 21‬يناير ‪1976‬م‪ ،‬ووسط دهشة العالم‪ ،‬أقلعت من باريس طائرة من طراز «كونكورد» باتجاه البحرين‪ ،‬تقل عىل متنها مسافرين‬ ‫أ‬ ‫النجاز التكنولوجي يدفع «بالرسعة» إىل مستويات جديدة‪،‬‬ ‫برسعة تبلغ لول مرة ضعفي رسعة الصوت‪ .‬إنه عرص الرسعة‪ ..‬وها هو هذا إ‬ ‫ستتقدم وتزداد باستمرار‪.‬‬ ‫أجمع العالم آنذاك عىل أنها‬ ‫َّ‬ ‫تعود فكرة تصنيع هذه الطائرة إىل بداية الخمسينيات من القرن ش‬ ‫ط�ان‬ ‫الع�ين‪ ،‬وبدأ العمل عليها منذ عام ‪1955‬م‪ ،‬وقامت بأول ي‬ ‫تجري� عام ‪1969‬م‪ .‬وما ي ن‬ ‫ط�ان‬ ‫ط�ان‪ .‬فقد بدت‬ ‫ب� أول ي‬ ‫تجري� وأول رحلة تجارية‪ ،‬انهالت الطلبات عىل هذه الطائرة من عدة ش�كات ي‬ ‫ب‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫ال� ستحل محل كل الطائرات «البطيئة» أ‬ ‫الكونكورد آنذاك عىل أنها طائرة المستقبل ت‬ ‫الخرى‪ ،‬بسبب قدرتها عىل التحليق برسعة ‪2140‬‬ ‫ي‬ ‫جوية إىل النصف‪ ..‬أ‬ ‫ت‬ ‫يحبذه أي مسافر‪ .‬ولكن‪..‬‬ ‫أن‬ ‫بد‬ ‫ال‬ ‫الذي‬ ‫مر‬ ‫ال‬ ‫كيلوم�اً ف ي� الساعة‪ ،‬واختصار مدة أي رحلة‬ ‫ِّ‬ ‫ف ي� عام ‪2003‬م‪ ،‬أعلن رسمياً عن إخراج طائرة الكونكورد نهائياً من الخدمة‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬فشل ش‬ ‫الم�وع عىل المستوى التجاري جملة‬ ‫وتفصيالً‪.‬‬ ‫لم يكن تقاعد هذه الطائرة بسبب حادث التحطم الوحيد الذي حصل ف ي� باريس عام ‪2000‬م‪ ،‬وال بسبب ارتفاع تكلفة السفر عىل متنها‬ ‫الطلس هناك ما يكفي من أ‬ ‫ضف� أ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫الثرياء القادرين عىل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫(ال� بلغت للرحلة ذهاباً وإياباً يب� لندن ونيويورك ‪ 8992‬جنيهاً إس�لينياً)‪ ،‬فعىل ي‬ ‫دفع هذا المبلغ‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬وعىل الرغم من الدعم الحكومي لهذه الطائرة‪ ،‬ظل ش‬ ‫م�وعها يخرس باستمرار‪ ،‬إىل أن تم إخراجها نهائياً من‬ ‫الط�ان العديدة‬ ‫الخدمة‪ .‬والسبب بكل بساطة‪ ،‬أن إ‬ ‫القبال عىل السفر بها ظل أقل من المتوقع‪ .‬وهذا ما كانت قد تنبهت إليه باكراً ش�كات ي‬ ‫ت‬ ‫ال� أوصت عىل نماذج من هذه الطائرة‪ ،‬وراحت منذ السبعينيات تُلغي طلباتها‪.‬‬ ‫ي‬ ‫الفعل‪ ،‬أو الحاجة الفعلية لالستفادة من هذه الرسعة‪ ،‬إذ‬ ‫فاالنبهار العالمي العام بفكرة السفر برسعة‪ ،‬لم يكن متناسقاً مع االستعداد‬ ‫ي‬ ‫تبقى ف� السفر اعتبارات عديدة يأخذها المسافر بالحسبان ث‬ ‫أك� من اختصار الوقت‪ .‬وثمة قول ال يُنىس للممثل الساخر وودي آلن الذي‬ ‫ي‬ ‫ع َّلق ذات مرة عىل هذا الجانب بقوله‪« :‬بفضل الرسعة‪ ،‬صار بإمكانك أن تسافر إىل أي مكان ف ي� العالم بنصف الوقت الذي تمضيه بانتظار‬ ‫حقائبك عندما تصل إىل هناك»‪.‬‬


‫‪| 104‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫السالمة‪ ..‬وفق وسائل السفر‬ ‫يتغ�‬ ‫«الحمد هلل عىل السالمة» نقول لدى استقبال مسافر‪ .‬فما لم ي‬ ‫السن� ت‬ ‫منذ آالف ي ن‬ ‫وح� اليوم‪ ،‬هو هاجس السالمة خالل السفر‪ ،‬الذي‬ ‫ف‬ ‫والحصاءات‪.‬‬ ‫ال تنفع ي� تبديده كل التطمينات المنطقية إ‬ ‫تقول مصادر ش�كة «بوينغ» لصناعة الطائرات إنه قبل ي ن‬ ‫أربع� سنة‪،‬‬ ‫ط�ان واحد كل ‪ 140‬مليون ميل من التحليق‪ .‬أما‬ ‫كان يقع حادث ي‬ ‫أ‬ ‫اليوم‪ ،‬فقد ارتفع معدل المان إىل حادث واحد كل ‪ 1.4‬مليار ميل من‬ ‫التحليق‪.‬‬ ‫أ‬ ‫مريك آل غور‪« :‬السفر بالطائرة هو وسيلة الطبيعة‬ ‫يقول‬ ‫السياس ال ي‬ ‫ي‬ ‫تعاب�‬ ‫لجعلك تشبه صورتك عىل جواز السفر»‪ ،‬أي خلو الوجه من أي ي‬ ‫حذراً وترقباً‪ .‬والمفارقة هي ف� أن الط�ان ال يزال وسيلة السفر أ‬ ‫ال ثك�‬ ‫ي‬ ‫مهابة ف� نفوس المسافرين‪ ،‬يعلماً بأن الحصاءات تؤكد أنها أ‬ ‫الك�ث‬ ‫إ‬ ‫ي‬

‫عند توضيب الحقيبة‬

‫صدق أو ال‬ ‫أمناً‪ .‬أما أخطر وسائل السفر بعد الدراجات النارية‪ ،‬فهي‪ِّ ،‬‬ ‫تصدق‪ ،‬السفر س�اً عىل أ‬ ‫القدام‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬

‫عن التذكرة‪ ،‬كما أن حمل بطاقة االئتمان ت‬ ‫ال� تم بواسطتها ش�اء‬ ‫ي‬ ‫التذكرة ت‬ ‫الط�ان ف ي� المطار‪.‬‬ ‫إلك�ونياً‪ ،‬ش�ط يفرضه مكتب ش�كة ي‬ ‫إىل ذلك‪ ،‬يُستحسن تصوير كل ما ف ي� جعبة المسافر من وثائق مهمة‬ ‫ال� يضع فيها أ‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫الصول‪،‬‬ ‫و�ورية‪ ،‬ووضع الصور ي� حقيبة يغ� تلك ي‬ ‫تحسباً لضياعها أو فقدانها‪.‬‬ ‫وإن كان المسافر يتناول بعض أ‬ ‫الدوية‪ ،‬فعليه أن يضم إىل هذه‬ ‫ال� يقصدها‪ .‬وبعض أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫الدوية قد‬ ‫الدوية الوصفة الطبية بلغة البالد ي‬ ‫تتطلب تصديقاً رسمياً لوصفتها قبل السفر‪.‬‬

‫قبل السفر بمدة‪ ،‬يستحسن أن يضع المسافر الئحة بالمستلزمات‬ ‫ال�ض ورية للسفر‪ ،‬من دون إغفال أ‬ ‫الشياء ت‬ ‫ال� يعدها بديهية مثل جواز‬ ‫ي‬ ‫السفر والنقود وبطاقة االئتمان وما شابه‪ ..‬فكم من أ‬ ‫السفار أفسدها‬ ‫نسيان ما ال ت‬ ‫يف�ض بأحد أن ينساه‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� يجب أن تحتل رأس أي الئحة‪ ،‬هناك جواز السفر‬ ‫من الشياء ي‬ ‫والتأش�ة إن كانت منفصلة‪ ،‬أو مستلزمات‬ ‫وبطاقة االئتمان المرصفية‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫التأش�ة ف ي� البالد المقصودة ي� بعض الحاالت‪.‬‬ ‫الحصول عىل‬ ‫ي‬ ‫وعىل الرغم من أن ش�اء بطاقات السفر «أونالين» يزعم لنفسه حسنة‬ ‫االستغناء عن حمل تذكرة السفر‪ ،‬يستحسن االحتفاظ بنسخة مطبوعة‬

‫ق‬ ‫ت‬ ‫�ض‬ ‫وبا� المرفقات مثل‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬ي‬ ‫يأ� دور المالبس المالئمة وال ورية‪ ،‬ي‬ ‫ئ‬ ‫وغ� ذلك‪..‬‬ ‫آلة التصوير وشاحنها‬ ‫الكهربا� ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫المر الجديد الذي يجب أخذه بالحسبان هو توضيب كل السوائل ف ي�‬ ‫الحقيبة ت‬ ‫ال� س ُتس َّلم للشحن‪ .‬ألن مطارات عديدة صارت تمنع نقل‬ ‫ي‬ ‫أي شكل من أشكال السوائل ف ي� حقائب اليد‪ ،‬باستثناء ما هو ض�وري‬ ‫لطعام أ‬ ‫الطفال‪.‬‬ ‫إ‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫دليل المعلِّمين لمحتوى القافلة‬

‫هذه الصفحة هي للتفاعل مع قطاع المعلِّمين والمعلِّمات ومساعدتهم على‬ ‫تلخيص أبرز موضوعات القافلة في إصدارها الجديد‪ ،‬وتقريبها إلى مفهوم وأذهان‬ ‫الفئات العمرية المختلفة للطالب والطالبات‪.‬‬

‫الخطوات األساسية‬ ‫قبل وضع حجر‬ ‫األساس‬

‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫واحدا من تحديات العمر‬ ‫يشكل‬ ‫ألن بناء المسكن‬ ‫بالنسبة للفرد‪ ،‬وألن الرضا عن المسكن يرتبط‬ ‫بسلسلة الخطوات التي تسبق الشروع في تنفيذ‬ ‫البناء‪ ..‬عقدت القافلة‪ ،‬يوم ‪ 7‬أغسطس في فندق‬ ‫ً‬ ‫الميريديان بالخبر‪ ،‬ورشة عمل بعنوان «أتبني بيتا‪..‬‬ ‫لحظة من فضلك‪ .‬كيف تقرأ المخطط المعماري‬ ‫الخاص بمنزلك»‪ .‬أدارها المهندس المعماري‬ ‫الدكتور مشاري النعيم‪ ،‬وشاركه في إدارة جلستها‬ ‫األولى المهندس حمد‬ ‫الشقاوي‪ ،‬رئيس مجلس‬ ‫إدارة الهيئة السعودية‬ ‫للمهندسين‪ ،‬بحضور‬ ‫عدد من المهندسين‬ ‫والمستثمرين العقاريين‬ ‫والمهتمين‪.‬‬

‫ورشة عمل‬

‫أتبني بيتاً‪ ..‬لحظة‬ ‫من فضلك‬

‫أتبني بي ً‬ ‫تا‬ ‫‪..‬‬ ‫ل‬ ‫ح‬ ‫ظ‬ ‫ة‬ ‫من‬ ‫فضلك‬

‫تثير ورشة العم‬ ‫من النقاط ا أ ل في هذا العدد‪ ،‬عدداً‬ ‫لسا‬ ‫جيداً قبل الب سية التي يجب دراستها‬ ‫أبرزها اختي دء بتنفيذ المسكن‪ ،‬ومن‬ ‫ار‬ ‫بالذات يم الموقع‪ .‬وهذه النقطة‬ ‫كن‬ ‫مع التالمي ها أن تش ِّكل محور حوار‬ ‫ذ حو‬ ‫لبيوتهم‪ ،‬والأ ل المواقع التي يتمنونها‬ ‫سباب التي تجعلهم‬ ‫يفضلونها على‬ ‫الجيران وما غيرها مثل العالقة مع‬ ‫شابه ذلك‪.‬‬

‫تغطية‪ :‬عبود عطية‬ ‫تصوير‪ :‬زكي غواص‬

‫الملف‪:‬‬

‫السفر‬

‫من نشوء التجارة‬ ‫إلى اإلنترنت‬ ‫للعلم أو‬ ‫للعمل‪ ،‬لالستجمام أو‬ ‫ً‬ ‫لالستكشاف‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أطوعيا كان أم‬ ‫قسريا‪ ،‬فقد‬ ‫شاع السفر في‬ ‫عصرنا أكثر من أي وقت‬ ‫ً‬ ‫مضى‪ ،‬حتى‬ ‫ً‬ ‫بات فعال حاضرا في حياة‬ ‫أي إنسان‪ ،‬مهما‬ ‫ًّ‬ ‫تباطأ أو تقطع أو تسارع‬ ‫تكراره‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من‬ ‫شيوعه والتحوالت الكثيرة‬ ‫التي طرأت عليه‬ ‫َّ‬ ‫وسه‬ ‫لته‪،‬‬ ‫يبقى‬ ‫فعل‬ ‫السفر‬ ‫من أكثر أفعال ا‬ ‫َّ إلنسان مهابة واستثارة‬ ‫للرهبة‪ .‬يتطلب‬ ‫تدابير وترتيبات مسبقة‪،‬‬ ‫ويصحبه الترقب‬ ‫إن لم نقل الحذر‪ ،‬ليبقى‬ ‫ً‬ ‫الحقا في النفس‬ ‫كواحد من أكبر المؤثرات‬ ‫فيها‬ ‫وفي صياغة ذكرياتها‪.‬‬ ‫إنه انتقال اإلنسان‬ ‫من مكان إلى مكان آخر‬ ‫ً‬ ‫بعيد‬ ‫نسبيا عنه‪.‬‬ ‫ولكن‬ ‫هيهات‬ ‫أن‬ ‫تختصر‬ ‫هذه الكلمات‬ ‫ما‬ ‫ينطوي‬ ‫عليه‬ ‫السفر‬ ‫من نتائج‪ .‬فهو‬ ‫رسام خرائط دول العالم‪،‬‬ ‫ومحرِّ‬ ‫ك‬ ‫اقت‬ ‫صادها‬ ‫وث‬ ‫قافاتها‪ ،‬وصانع‬ ‫معارفها…‬ ‫في هذا الملف‪،‬‬ ‫يختصر عبود عطية أبرز‬ ‫ال‬ ‫تحوالت‬ ‫التي‬ ‫طرأت‬ ‫على تاريخ فعل السفر‬ ‫الذي كان مهارة في‬ ‫عصور التجارة القديمة‬ ‫والمستك‬ ‫شفين‪ ،‬وصار أضخم صناعة‬ ‫عالمية‬ ‫دون‬ ‫منافس‪.‬‬ ‫وما بين هذا وذاك‬ ‫ألوان من السفر ُ‬ ‫ُ‬ ‫ال تعد وال تحصى‪ ،‬ولم‬ ‫ً‬ ‫تترك‬ ‫قطاعا من ق‬ ‫طاعات الحياة اإلنسانية‬ ‫إال واقتحمته‪.‬‬

‫السفر‬

‫يفتح ملف الس‬ ‫على مصراع فر باب النقاش والحوار‬ ‫يه أما‬ ‫فوائد السفر‪ ،‬م مواضيع عديدة مثل‪:‬‬ ‫وال‬ ‫وسائل السفر دوافع إليه‪ ،‬والخوف من‬ ‫وم‬ ‫منها‪ ،‬إضافة قاييس السالمة في كل‬ ‫إل‬ ‫لتبدل الغايا ى االستعراض التاريخي‬ ‫تم‬ ‫العصر الحدي ن السفر وما آل إليه في‬ ‫ث‪.‬‬ ‫لوحة غالف الملف رسم‬ ‫مادس برغ‬

‫‪43 | 42‬‬ ‫القافلة‬ ‫سبتمبر ‪ /‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫ماذا لو؟‬

‫تقرير القافلة‬

‫توقفت‬ ‫األرض عن‬ ‫الدوران‬ ‫فجأة؟‬ ‫ُعمير طيبة‬

‫ف‬ ‫ش‬ ‫يم� برسعة‬ ‫تخيل أنك ي� قطار أ ي‬ ‫الرض‪ .‬ستقع‬ ‫وأسقطت كرة ما عىل‬ ‫َ‬ ‫الكرة رأسياً إىل أ‬ ‫السفل‪ ،‬ولن ترجع إىل الوراء كما‬ ‫يتخيل البعض‪ .‬هذا ألن الكرة تتحرك أساساً‬ ‫قد َّ‬ ‫فسيط�‬ ‫برسعة القطار‪ .‬وإذا توقف القطار فجأة‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫مثبت عىل أرضية القطار إىل المام‪،‬‬ ‫كل ما هو ي‬ ‫غ� ّ‬ ‫ف�يائياً بالقصور الذا�ت‬ ‫وهذا بسبب ما يعرف ي ف‬ ‫ي‬ ‫«‪.»Inertia‬‬ ‫المر نفسه سيحدث لكل ما هو عىل كوكب أ‬ ‫أ‬ ‫الرض‬ ‫إذا ما توقف عن الدوران فجأة‪ .‬الغالف الجوي‬ ‫وكل ما ليس له أساس ثابت عىل أ‬ ‫الرض سيستمر‬ ‫الرض برسعة دورانها أ‬ ‫بالدوران حول أ‬ ‫الصلية‬ ‫كب�ة بالنسبة للهواء‬ ‫‪ 1770‬كلم‪/‬ساعة‪ .‬وهذه رسعة ي‬ ‫حيث إنها تزيد عىل رسعة عبور الصوت خالله‪.‬‬ ‫مما سيسبب رياحاً شديدة القوة قد تقتلع معظم‬

‫والشجار عىل الكرة أ‬ ‫المبا� أ‬ ‫ف‬ ‫الرضية‪ .‬والمشكلة‬ ‫أ ي‬ ‫ت‬ ‫ال� ستكوّن‬ ‫ال بك� ستكون مع مياه المحيطات ي‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�اً من‬ ‫أمواج (تسونامي) عظيمة ستغمر ‪27‬‬ ‫اليابسة ف ي� أقل من دقيقة‪.‬‬

‫قص�ة‪ .‬النتيجة هي أن‬ ‫البيضة للحظة رسيعة ي‬ ‫البيضة ستتوقف عن الدوران للحظة‪ ،‬ومن ثم‬ ‫ستكمل دورانها مجدداً‪ .‬يحدث هذا ألن زخم‬ ‫حركة السائل داخل البيضة ستمنعه من التوقف‬ ‫وستدفعه إىل مواصلة الدوران‪ .‬قياساً عىل هذا‬ ‫أ‬ ‫أك� ألن‬ ‫المثال‪ ،‬فستتشكل عىل الرض مشكلة ب‬ ‫أ‬ ‫كب� من باطنها سائل‪.‬‬ ‫الرض –مثل البيضة‪ -‬جزء ي‬ ‫وإذا توقفت هذه أ‬ ‫الرض عن الدوران فإن محتوى‬ ‫اللب والصهارة السائل ف ي� باطنها سيندفع إىل‬ ‫قرسة أ‬ ‫الخارج محطماً سطح ش‬ ‫الرض الصلب‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� قيعان المحيطات‬ ‫سيحدث هذا ب‬ ‫ع� القارات ي‬ ‫كذلك‪ ،‬مخلفاً كوكباً سطحه عبارة عن معادن‬ ‫تغىل‪.‬‬ ‫سائلة ي‬

‫ماذا لو ت‬ ‫وقفت األرض‬ ‫عن الدوران؟‬

‫بالنسبة ش‬ ‫للبرس‪ ،‬نعلم أن حوادث السيارات برسعة‬ ‫‪ 180‬كلم‪/‬ساعة قاتلة وبالتاىل فإن ارتطام أ‬ ‫الجساد‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫البرسية الهشة بكل الموجودات حولها برسعات‬ ‫تصل إىل ‪ 1770‬كلم‪/‬ساعة كما ذكرنا ستكون بشعة‬ ‫بشكل يفوق التصور‪ .‬ول يسعنا أن نتخيل مشهداً‬ ‫مهول ً تتطاير وتتصادم فيه كل الموجودات تحت‬ ‫ف‬ ‫المبا� كذلك‪ ،‬مع‬ ‫السماء‪ ،‬وكل الموجودات داخل‬ ‫ي‬ ‫بعضها البعض بتلك الرسعة الرهيبة‪.‬‬

‫سؤال افتراضي يجي‬ ‫في باب «ماذا ب عنه القسم العلمي‬ ‫لو»‪ .‬ويت َّ‬ ‫ضمن عدة عناصر‬ ‫جيوفيزيائية‪ ،‬مثل‬ ‫للأرض‪ ،‬واستدا حركة الهواء المصاحبة‬ ‫مة‬ ‫النهار والليل‪ ،‬والحقل‬ ‫المغناطيسي وغ‬ ‫العلمية الص ير ذلك من المعطيات‬ ‫الحة للمناقشة‪.‬‬

‫لنتخيل ش‬ ‫أك�‪ ،‬قم عزيزي القارئ بهذه التجربة‪:‬‬ ‫خذ بيضة وأبرمها حول محورها‪ .‬ثم حاول إيقاف‬

‫قضية‬ ‫المياه‬ ‫عرب ً‬ ‫يا‬

‫‪20‬‬

‫‪30‬‬

‫‪40‬‬

‫قضية المياه عرب ً‬ ‫يا‬ ‫يُلقي ه‬

‫ذا الت‬ ‫المياه في قرير الضوء على قضية‬ ‫البلدا‬ ‫التي قد نوا ن العربية‪ ،‬والتحديات‬ ‫الهدر وتلويجهها مستقبال ً‪ ،‬إذا استمر‬ ‫ث‬ ‫بالأرقام الت مصادرها‪ ،‬وهو حافل‬ ‫ي‬ ‫التالمذة ع يُمكن تلخيصها وإطالع‬ ‫ليها‪.‬‬ ‫‪50‬‬


Saudi Aramco website

Qafilah website

Al-Qafilah Bi-Monthly Cultural Magazine A Saudi Aramco Publication September - October 2014 Volume 63 - Issue 5 P. O. Box 1389 Dhahran 31311 Kingdom of Saudi Arabia www.saudiaramco.com


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.