Qafilah mar apr 2015

Page 1

‫مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين ‪ .‬العدد ‪ . 2‬مجلد ‪ . 64‬مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫التقرير‬ ‫اتجاهات القراءة �ف‬ ‫ي‬ ‫المجتمع السعودي‬

‫الورشة‪ :‬كتابة السيناريو‬ ‫ين‬ ‫ع� وعدسة‪ :‬زيارة إىل بيت ابن‬ ‫خلدون‬ ‫لماذا ندفع البقشيش؟‬ ‫الملف‬

‫الذك‬ ‫كوكب الهاتف ي‬


‫مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين‬

‫العدد ‪ . 2‬مجلد ‪64‬‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫النـــــــاشر‬ ‫شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية)‪،‬‬ ‫الظهران‬ ‫رئيس الشركة‪ ،‬كبير إدارييها التنفيذيين‬ ‫خالد بن عبدالعزيز الفالح‬

‫ت‬ ‫للمش� ي ن‬ ‫توزع مجاناً‬ ‫ك�‬ ‫• العنوان‪ :‬أرامكو السعودية‬ ‫ص‪.‬ب ‪ 1389‬الظهران ‪31311‬‬ ‫المملكة العربية السعودية‬

‫المدير التنفيذي لشؤون أرامكو السعودية‬ ‫ناصر بن عبدالرزاق النفيسي‬

‫ال�يد إ ت ن‬ ‫و�‪:‬‬ ‫• ب‬ ‫اللك� ي‬ ‫‪alqafilah@aramco.com.sa‬‬

‫مدير عام دائرة الشؤون العامة‬ ‫عصام زين العابدين توفيق‬

‫• الموقع إ ت ن‬ ‫و�‪:‬‬ ‫اللك� ي‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬ ‫• الهواتف ‪:‬‬ ‫ فريق التحرير‪+966 13 876 0175 :‬‬ ‫ت‬ ‫االش�اكات‪+966 13 876 0477 :‬‬ ‫فاكس‪+966 13 876 0303 :‬‬

‫رئيس التحرير‬ ‫محمد الدميني‬ ‫تصميم وتحرير‬

‫‪www.mohtaraf.com‬‬

‫صورة الغالف‬ ‫الغالف | تقرير «اتجاهات القراءة‬ ‫وأنماطها في المجتمع السعودي» هو‬ ‫تلخيص مك ّثف للدراسة التي تحمل‬ ‫العنوان نفسه‪ ،‬والتي أنجزها مركز الملك‬ ‫عبدالعزيز الثقافي العالمي‪ ،‬الذراع‬ ‫الثقافية ألرامكو السعودية‪ ،‬في مسعى‬ ‫لفهم العالقة بين المواطن السعودي‬ ‫والقراءة‪ ،‬بصفتها دليل تقَدم أ‬ ‫المم‬ ‫َ ُّ‬ ‫القبال‬ ‫ورقيها‪ ،‬واقتراح الحلول التي تع ِّزز إ‬ ‫على القراءة لدى الصغار والكبار‪.‬‬

‫طباعة‬ ‫شركة مطابع التريكي‬ ‫‪www.altraiki.com‬‬ ‫ردمد ‪ISSN 1319-0547‬‬ ‫• جميع المراسالت باسم رئيس التحرير‪.‬‬ ‫يعبر بالضرورة عن رأيها‪.‬‬ ‫• ما ينشر فـي القافلة ال ِّ‬ ‫• ال يجوز إعادة نشر أي من موضوعات أو صور‬ ‫«القافلة» إال بإذن خطي من إدارة التحرير‪.‬‬ ‫• ال تقبل «القافلة» إال أصول الموضوعات التي لم يسبق‬ ‫نشرها‪.‬‬


‫محتوى العدد‬

‫ً‬ ‫معا‬ ‫الرحلة‬ ‫من رئيس التحرير ‬ ‫القراء ‬ ‫مع َّ‬ ‫أكثر من رسالة ‬

‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬

‫المحطة األولى‬ ‫ورشة عمل‪ :‬كتابة السيناريو وخصوصياتها ‪6‬‬ ‫المفضل للتأمل؟ ‪14‬‬ ‫بداية كالم‪ :‬ما هو مكانك‬ ‫َّ‬ ‫‪16‬‬ ‫كتب ‬ ‫‪20‬‬ ‫قول في مقال‪ :‬أن تكتب عن المرأ ة‬ ‫علوم وطاقة‬ ‫علوم‪ :‬الفضة الغَ َر ِوية‪ ..‬العدوة‬ ‫الكبرى للميكروبات ‬ ‫كيف يعمل؟‪ :‬مصباح الفلورسنت ‬ ‫الطائرات بال طيار في أ‬ ‫الفق ‬ ‫العلم خيال‪ :‬ال بد أن نغادر أ‬ ‫الرض‬ ‫يوماً‪ ..‬ولكن! ‬ ‫الثابت «بيتا» ‬ ‫أ‬ ‫منتج‪ :‬المنظار الثالثي البعاد‪ ..‬‬ ‫طاقة‪ :‬االستثمارات البحثية للشركات‬ ‫المتجددة ‬ ‫البترولية في الطاقة‬ ‫ِّ‬ ‫من المختبر ‬ ‫االسم المعياري‪ :‬هيرتز ‬ ‫ماذا لو‪ :‬ماذا لو؟ اقتربت سرعة‬ ‫كرة تنس من سرعة الضوء؟ ‬

‫‪21‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪32‬‬

‫حياتنا اليوم‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يتغير ‬ ‫دور الهل مع الوالد َّ‬ ‫لماذا ندفع البقشيش؟ ‬ ‫المزارع المدعومة من المجتمع ‬ ‫تخصص جديد‪ :‬التكنولوجيا البحرية ‬ ‫عين وعدسة‪ :‬في بيت ابن خلدون ‬ ‫فكرة‪ :‬مياه الوركاء ‬ ‫أدب وفنون‬ ‫أدب‪ :‬القارئ البطل‪ ،‬القارئ صانع الرواية ‬ ‫ريتشارد سيرا وفن ما بعد المنحوتة ‬ ‫فنان ومكان‪ :‬سودير شيفارام والغابة ‬ ‫أقول شعراً‪ :‬فاطمة الشيدي‪:‬‬ ‫أحب القصيدة التي تقولني ‬ ‫ذاكرة القافلة‪ :‬في ربوع المملكة‪ ..‬القصيم ‬ ‫العامة ‬ ‫لغويات‪ :‬البالغة في مجالس ّ‬ ‫فرشاة وإزميل‪ :‬مع عبدهللا الشيخ‬ ‫في محترفه بالظهران ‬ ‫سينما سعودية‪ :‬السلمان يروي سيرة‬ ‫«مخيال» ومسيرته ‬ ‫رأي أدبي‪ :‬التواقيع‪ :‬اللغة الوامضة ‬

‫‪33‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪39‬‬

‫اتجاهات القراءة في المجتمع السعودي ‬

‫‪40‬‬

‫الملف‬

‫‪59‬‬ ‫‪63‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪73‬‬ ‫‪78‬‬ ‫‪80‬‬

‫التقرير‬

‫كوكب الهاتف الذكي ‬

‫‪@QafilahMagazine‬‬

‫‪41‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪58‬‬

‫‪81‬‬

‫‪89‬‬


‫‪3|2‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫القافلة أونالين‬

‫—‪www.qafilah.com‬‬

‫تصفّح القافلة أونالين بح َّلة جديدة وموضوعات‬ ‫موسعة تشمل أ‬ ‫الفالم الوثائقية والمقابالت المسجلة‬ ‫ّ‬ ‫والشعر بالصوت والصورة‪.‬‬

‫ورشة عمل | كتابة السيناريو فن أدبي‬ ‫اللوان أ‬ ‫مستقل عن كافة أ‬ ‫الخرى‪ ،‬الرتباطه‬ ‫الوثيق بصناعة السينما‪ ،‬ولتوجهه إلى‬ ‫قارئ تنفيذي واحد هو المخرج الذي‬ ‫يجعله مرئياً للمشاهدين‪.‬‬ ‫وفي إطار تنمية مهارات كتابة السيناريو‪،‬‬ ‫كانت ورشة العمل هذه التي أقيمت مؤخراً‬ ‫في الدمام‪.‬‬

‫فرشاة وإزميل | عبدهللا الشيخ واحد‬ ‫من ألمع أ‬ ‫السماء وأعرقها على الساحة‬ ‫التشكيلية في المملكة‪ ،‬إذ حضرت أعماله‬ ‫في أكثر من ستين معرضاً على مدى‬ ‫أكثر من ثلث قرن‪ ،‬تنوعت فيها أعماله‪،‬‬ ‫وتبدلت بتبدل حال العالم من حوله‪.‬‬ ‫وإلى محترفه في الظهران كانت لنا هذه‬ ‫الزيارة‪.‬‬

‫ين‬ ‫ع� وعدسة | في تونس العاصمة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وتحديدا في المنطقة المعروفة باسم‬ ‫«نهج تربة الباي»‪ ،‬ال يزال البيت الذي‬ ‫ولد ونشأ فيه ابن خلدون‪ ،‬قائماً‪ ،‬وكذلك‬ ‫الكُ َّتاب القريب منه‪ ،‬حيث كانت بداية‬ ‫عهده بالعلم‪.‬‬

‫طاقة | يقوم عدد من الشركات البترولية‬ ‫حول العالم بدور فاعل في دعم‬ ‫المتجددة‬ ‫تطوير تقنيات جديدة للطاقة‬ ‫ِّ‬ ‫والمساهمة في إنشاء شركات للطاقة‬ ‫لتنويع مصادر الطاقة المتوافرة لديها‪.‬‬ ‫ويمكن أن تستفيد الصناعة البترولية‬ ‫وقطاع الطاقة المتجددة من العمل سوياً‬ ‫خاصة مع سهولة تركيب أجهزة الطاقة‬ ‫الشمسية في أ‬ ‫الماكن التي يصعب إيصال‬ ‫الكهرباء أو نقل الوقود إليها‪.‬‬

‫فنان ومكان | هل عرف مهندس‬ ‫اللكترونيات سودير شيفارام أن نزهاته‬ ‫إ‬ ‫في الغابات المحيطة بمدينة ميسور في‬ ‫والية كارناتاكا الهندية‪ ،‬ستحيد بحياته‬ ‫عن مجراها المرسرم لها‪ ،‬لتحوله إلى‬ ‫المصورين الفوتوغرافيين‬ ‫واحد من ألمع‬ ‫ِّ‬ ‫المتخصصين بالحياة البرية‪ ،‬على مستوى‬ ‫الهند والعالم؟ هذا ما حصل بالفعل‪.‬‬

‫الملف | صار الهاتف الذكي وسيلة‬ ‫لمشاهدة قنوات التلفزيون وقراءة‬ ‫الصحف‪ ،‬وتحديد المواقع‪ ،‬وآلة تصوير‬ ‫تسوق وإدارة الحسابات‬ ‫وتسجيل‪ ،‬ووسيلة ّ‬ ‫المصرفية‪ ،‬وصندوق بريد إلكتروني‪ ،‬كما‬ ‫يمكننا من خالله متابعة الدراسة الجامعية‬ ‫عن بُعد‪ ،‬وطرد البعوض من حولنا إن‬ ‫ك َّنا في الغابة‪ ،‬وغير ذلك الكثير‪ ..‬دون‬ ‫أن ننسى طبعاً التحدث من خالله مع‬ ‫آ‬ ‫الخرين‪.‬‬


‫تحية وبعد‬

‫ش ت‬ ‫ال�‬ ‫هل يقرأ المجتمع السعودي؟ تلك‬ ‫ي‬ ‫الطواب� من الب� ي‬ ‫تحتشد ف ي� معرض الكتاب بالرياض كل عام‪ ،‬وتغرف من صنوف‬ ‫الكتب والمؤلفات‪ ،‬هل تقرأ وتهضم ما تقرأه؟ هل تؤثر تلك‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫و� سلوكهم‬ ‫الدوات المعرفية ي� أفكار الناس صغاراً وكباراً ي‬ ‫ف‬ ‫ووعيهم؟ وهل تشفع لنا ي� الدخول إىل عرص المعرفة؟‪.‬‬ ‫عل أن أش� ابتداء إىل أن الكتاب‪ ،‬ورقياً كان أو رقمياً‪ ،‬هو سلعة‪ ،‬وهو لدى أ‬ ‫المم‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫أي ّ‬ ‫الخرى صناعة ضخمة ومتكاملة لها منتجوها ومص ّنعوها ومستهلكوها‪ ،‬ولم تصبح‬ ‫أ‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫تتعرض لالستهالك‬ ‫سلعة لدينا َّإل ي� العقد ال ي‬ ‫خ�‪ ،‬وهذه السلعة ي‬ ‫كبا� السلع َّ‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫ف ش‬ ‫�ء‬ ‫زاد أم نقص‪ ،‬وأظن أن ي� �ائنا المبالغ فيه للكتب والمطبوعات الخرى ي‬ ‫من الطابع االستهالك الذي غلب عىل حياتنا منذ طفرة السبعينيات ت‬ ‫وح� اليوم‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ولهذا نجد ف� بيوتنا كتباً ودوريات مكدسة منذ عقد ث‬ ‫وأك� دون أن ْتم َسسها يد‪،‬‬ ‫ي‬ ‫وب� غ�ها من أ‬ ‫ب� الكتب ت‬ ‫والفرق ي ن‬ ‫الصناف االستهالكية‬ ‫ال� نراكمها فوق الرفوف ي ن ي‬ ‫ي‬ ‫هو تاريخ الصالحية‪ ،‬فنحن نعتقد أن الكتب هي أدوات مطلقة الصالحية لكن‬ ‫ال� ض‬ ‫ت‬ ‫يم� عليها بضع سنوات قبل أن تُفتح‪ ،‬ينتهي‬ ‫ي‬ ‫الحقيقة هي أن بعض الكتب ي‬ ‫تاريخ صالحيتها وتصبح ف ي� حكم الغائب!‪.‬‬ ‫ب� أيدينا آ‬ ‫الن دراسة مسحية شاملة‪ ،‬هي أدق مرجع عن الحالة القرائية �ف‬ ‫ين‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الثقا� العالمي‪ ،‬وهو من المبادرات‬ ‫السعودية‪ ،‬أنجزها مركز الملك عبدالعزيز‬ ‫ي‬ ‫المعرفية ألرامكو السعودية‪ ،‬وصدرت تحت عنوان‪« :‬القراءة ومجتمع المعرفة‪-‬‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� تقرؤون‬ ‫اتجاهات القراءة وأنماطها ي� المجتمع السعودي»‪ .‬هذه الدراسة ي‬ ‫ملخصها ف ي� تقرير هذا العدد‪ ،‬أُنجزت بروح علمية ومنهجية‪ ،‬وعمل عليها فريق‬ ‫متنوع ف ي� جميع مدن المملكة وقراها‪ ،‬ولم توفر ش�يحة اجتماعية أو مهنية أو فئة‬ ‫ّ‬ ‫عمرية دون أن تطرق أبوابها‪.‬‬ ‫كان الهدف شفافاَ وصادقاً ال دعائياً هو التعرف عىل اتجاهات القراءة وأنماطها‬ ‫ال�ود بالمعرفة لدى المجتمع ع� مختلف أ‬ ‫وبيان مصادر ت ز‬ ‫العمار ش‬ ‫وال�ائح‬ ‫ب‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� تسهم ي� اندماج أفراد المجتمع ي� القراءة‪.‬‬ ‫االجتماعية‪ ،‬وتشخيص العوامل‬ ‫تب� هذه الدراسة‪ ،‬يلم يكن يطمح َّإل إىل قراءة أ‬ ‫الفق المعر�ف‬ ‫والمركز‪ ،‬الذي ن‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ئ‬ ‫لك يضع برامجه ونشاطاته ي� سياق رؤيته‬ ‫والقر يا� شل�ائح المجتمع بكل واقعية ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫الك�ى‪.‬‬ ‫وط� يحتذى ي� عرص التحوالت المعرفية والرقمية ب‬ ‫كنموذج ي‬ ‫أ‬ ‫تست� أحداً من رياض الطفال ت‬ ‫والدراسة المسحية هذه لم ثن‬ ‫وح� المدارس‬ ‫بكل مراحلها والجامعات‪ ،‬وذهبت إىل المكتبات‪ ،‬وإىل المؤسسات الثقافية‪ ،‬وإىل‬ ‫النا�ين أ‬ ‫ين‬ ‫العامل� ف ي� الصحافة الثقافية والمعرفية الورقية والرقمية وإىل ش‬ ‫والفراد‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫الثرائية الحرة ال القراءة المنهجية‬ ‫العامل� ي� الحياة الثقافية‪ ،‬وركزت عىل القراءة إ‬ ‫ف‬ ‫اس ما‪.‬‬ ‫أو المتخصصة ي� حقل علمي أو در ي‬ ‫ين‬ ‫جلية ومنها‪ ،‬ضعف جاهزية الفرد‬ ‫ب� ثنايا الدراسة ظهرت معوقات القراءة ّ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫المعر� للفرد‪ ،‬وضعف المؤسسات التعليمية ي� بناء جيل‬ ‫للقراءة‪ ،‬وتر ّدي البناء‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫أساس� للتقدم الحضاري‪ ،‬وفقر البنية التحتية المعرفية‪،‬‬ ‫يرى أن العلم والقراءة‬ ‫المشجعة عىل القراءة‪ ،‬وهجر‬ ‫وندرة المناسبات الثقافية المحفّزة‪ ،‬وغياب القدوة‬ ‫ِّ‬ ‫المكتبات العامة بالنظر إىل قدم مجموعاتها‪ ،‬وغياب التعاون ي ن‬ ‫ب� المدرسة والبيت‪،‬‬ ‫واستئثار القنوات الفضائية ووسائل التواصل االجتماعي بالوقت‪ ،‬يضاف إىل ذلك أن‬ ‫أك� ميال ً إىل التسلية ت‬ ‫الحالة االقتصادية للناس جعلتهم ث‬ ‫وال�فيه وحالت دون اعتبار‬ ‫ين‬ ‫أن القراءة والمعرفة ي ن‬ ‫للنمو االجتماعي المستدام‪.‬‬ ‫قطب�‬ ‫محرك� ّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تجعل منه مرشداً‬ ‫التقرير مكت ّظ إ‬ ‫بالحصاءات والمعلومات والرقام إىل الدرجة ي‬ ‫للجهات والمؤسسات المسؤولة عن االرتقاء بوعي الناس ومعارفهم ومسالكهم‬ ‫الحياتية‪ ،‬وأظن أن بعض ش‬ ‫ال�ائح المستهدفة ف ي� هذا المسح لم تكن شفَّافة بما‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� خلصت‬ ‫يكفي ي� إجاباتها‪ ،‬وهو ما أثر سلباً عىل مصداقية عدد من النتائج ي‬ ‫إليها هذه الدراسة‪ ،‬ولعل أهم مكافأة يمكن منحها للفريق الذي أنجز الدراسة‬ ‫ف‬ ‫العالمي العام وعقد الحلقات النقاشية حول‬ ‫هو شن�ها ووضعها ي� التداول إ‬ ‫مضامينها‪.‬‬

‫الرحلة معاً‬ ‫ِمن رئيس التحرير‬

‫هل المجتمع‬ ‫السعودي‬ ‫يقرأ؟‬


‫‪5|4‬‬

‫مع القرَّ اء‬

‫تحية وبعد‬

‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫كما هو الحال عند صدور كل عدد‪ ،‬تلقَّت‬ ‫ً‬ ‫اللكتروني عدداً كبيرا من‬ ‫القافلة على موقعها إ‬ ‫الرسائل والتعليقات على المواد المنشورة‪،‬‬ ‫نقتطف منها ع ِّينة محدودة جداً بسبب ضيق‬ ‫المجال‪.‬‬

‫مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين ‪ .‬العدد ‪ . 1‬مجلد ‪ . 63‬يناير ‪ /‬فبراير ‪2014‬‬

‫شباب المقاهي‪ ،‬رحّ ل اليوم‬

‫الورشة‬ ‫نستعد لتعليم‬ ‫جيل مختلف‬

‫| يناير ‪ -‬فبراير ‪2014‬‬

‫ومن أ‬ ‫الحساء كتبت غزوة بندر الحارثي تقول إنها تُعد‬ ‫أ‬ ‫بحثاً عن التعليم في منطقة الحساء في عهد الملك‬ ‫عبدالعزيز ‪-‬يرحمه الله‪ ،-‬وتسأل عن المراجع المتوافرة‬ ‫حول هذا الموضوع‪.‬‬

‫ويسر القافلة أن تلبي طلب الكلية هذا‪ ،‬كما تشكر‬ ‫عميدها على كلماته الرقيقة‪ .‬فالغاية من إصدار‬ ‫يتيسر لها من الزاد المعرفي‬ ‫القافلة هي في وضع ما َّ‬ ‫في متناول كل الساعين إليه أينما كانوا في المملكة‬ ‫والسالمية‪.‬‬ ‫والبالد العربية إ‬

‫‪15 | 14‬‬

‫بداية كالم‬

‫ملف العدد‬

‫العر�‪...‬‬ ‫الإبداع ب ي‬ ‫يجف أم يتجدَّ د‬ ‫ّ‬

‫ومن جدة كتبت منال بالحداد تقول‪ :‬قرأت في العدد‬ ‫أ‬ ‫الخير من القافلة‬ ‫كيف الحال مع‬ ‫مجموعة آراء في وسيلة‬ ‫فيسبوك؟‬ ‫التواصل االجتماعي‬ ‫«فيسبوك»‪ ،‬أود أن‬ ‫أضيف إليها المالحظة‬ ‫التي غابت عن آ‬ ‫الراء‬ ‫المنشورة‪ .‬وهي أن‬ ‫قيمة وسيلة التواصل‬ ‫االجتماعي هذه تكمن‬ ‫في الطريقة التي تُدار بها‪ .‬إذ يمكنها أن تكون أقرب إلى‬ ‫هدر الوقت بالكامل عندما تقتصر على تبادل الصور‬ ‫التي ال تهم إال صاحبها أو ما يشبه ذلك من أ‬ ‫المور‬ ‫الشخصية‪ ،‬في حين أن بإمكانها أن تكون نافذة حقيقية‬ ‫مشرعة على العالم‪ ،‬بعدما باتت وسائل إالعالم‬ ‫العالمية والمراكز العلمية تنشر مواد على قدر كبير‬ ‫من أ‬ ‫الهمية على صفحات فيسبوك‪ ،‬حتى إن بعض‬ ‫المراقبين في أمريكا أعربوا عن توقعاتهم في أن يتمكن‬ ‫«فيسبوك» في مرحلة زمنية قد ال تكون بعيدة من‬ ‫أن يبتلع كافة أشكال التواصل االجتماعي وصوال ً إلى‬ ‫البريد إاللكتروني‪ ،‬وصفقات الدمج والشراء الكبرى التي‬ ‫تحصل بين الشبكات العاملة في هذا المجال تع ِّزز‬ ‫صحة هذا االعتقاد»‪.‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫فقد وردتنا رسالة من محمد ناصر الشهراني رئيس‬ ‫قسم رعاية الموهوبين‬ ‫في بيشة‪ ،‬يقول فيها‪:‬‬ ‫«عندما نتحدث عن‬ ‫والبداع‪،‬‬ ‫الموهبة إ‬ ‫ونصف أي شخص‬ ‫الإ لهام‬ ‫بأنه مبدع أو موهوب‪،‬‬ ‫فإن هذا الوصف‬ ‫مبني على أسس علمية‬ ‫محددة بدقة‪ ،‬أو من‬ ‫خالل ابتكاره لفكرة أو لمنتج ما‪ .‬وعندما نتحدث‬ ‫عن تقدم وطن أو مسيرة نهضة يقوم بأعبائها‬ ‫مبدعون وموهوبون‪ ،‬ال َّبد وأن تحضر في الذهن‬ ‫صورة أرامكو السعودية ودورها التاريخي في رعاية‬ ‫البداع واالبتكار‪ .‬وكلنا أمل‬ ‫هؤالء وتحفيزهم على إ‬ ‫في أن تواصل أرامكو السعودية دورها الكبير هذا‬ ‫تقدم وطننا‪ ،‬الدور الذي نلحظه اليوم‬ ‫في دعم ُّ‬ ‫في دعم برامج الطالب الموهوبين التي نطمح إلى‬ ‫مزيد منها»‪.‬‬

‫أ‬ ‫بالضافة إلى المراجع‬ ‫وللخت غزوة نقول‪ :‬إنه إ‬ ‫المعروفة والدراسات حول تاريخ التعليم في المملكة‪،‬‬ ‫المطبوعة والمتوافرة على المواقع إاللكترونية‪ ،‬يمكنها‬ ‫أن تتصفح أرشيف القافلة الموجود على الموقع‬ ‫إاللكتروني للمجلة‪ ،‬الذي يتضمن عدة مقاالت عن‬ ‫مسيرة التعليم وتاريخه في المنطقة الشرقية‪.‬‬

‫الغراء لما فيها من منفعة لطالبنا‪ ،‬راجين منكم‬ ‫َّ‬ ‫التعاون وحسن االهتمام»‪.‬‬

‫عبدهللا المحسن ‪ /‬شاعر من السعودية‬

‫يمكن� أن أحدِّ د ما إذا كانت سلبيات فيسبوك ث‬ ‫ال ن‬ ‫أك� من إيجابياته‬ ‫ي أ‬ ‫ن‬ ‫ت ن‬ ‫ا� يمكنه الوقوع‬ ‫أو العكس‪ ،‬الن المشارك ي� هذا العالم االف� ي‬ ‫عىل االإيجابيات والسلبيات معاً‪ .‬فقد يكون االإدمان عىل الحضور‬ ‫آ‬ ‫ت ن‬ ‫ا� هو حالة سلبية‬ ‫أو االإطالل عىل االخرين داخل العالم االف� ي‬ ‫بعينها‪ ،‬أالنها تسبب الخروج من الحياة الواقعية‪ .‬لكن ن ي� الوقت عينه‪ ،‬فإن هذا العالم‬ ‫آ‬ ‫ت ن‬ ‫ت‬ ‫ث‬ ‫ال� تفصلنا عنهم‬ ‫ا� يؤمِّ ن مساحة واسعة‬ ‫ي‬ ‫للتعب� عن الرأي والتواصل مع االخرين‪ ،‬نالذين تتال� المسافة ي‬ ‫االف� ي‬ ‫ت‬ ‫ال� يحب‪ ،‬أو إيجاد‬ ‫ليضحوا كأنهم بيننا‪ .‬وفيسبوك يوجد عالماً خاصاً يتحكّم فيه‬ ‫المستخدم ي� إيجاد مساحته ي‬ ‫أ‬ ‫مساحات ت‬ ‫ين‬ ‫مستخدم� آخرين‪ ،‬ما يفتح المجال لتبادل االفكار االإبداعية أو النقدية‪.‬‬ ‫مش�كة مع‬ ‫ن‬ ‫أصاب� الضجر من العالم‬ ‫الشخص‪ ،‬استفدت من تشكيل مساحة إبداعية أعود إليها كلما‬ ‫عىل المستوى‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ت ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫العالم�‪ .‬ي ن‬ ‫ين‬ ‫أوقا� ي ن‬ ‫فح�‬ ‫ب�‬ ‫ا�‪.‬‬ ‫الواقعي‪ ،‬أي الواقع خارج‬ ‫أن� وزّعت ي‬ ‫ويمكن� أن أزعم ي‬ ‫ي‬ ‫عالم فيسبوك االف� ي‬ ‫أضجر من أحدهما أعود إىل آ‬ ‫حوّل� فيسبوك إىل ي ن ت ن‬ ‫االخر‪ ،‬وبهذه الطريقة ن‬ ‫ا� وواقعي ن ي� الوقت عينه‪.‬‬ ‫كائن�‪ :‬اف� ي‬ ‫ي‬

‫ّ‬ ‫حولني إلى كائنين‪:‬‬ ‫واقعي وافتراضي‬

‫دارا العبدهللا ‪ /‬باحث من سوريا‬

‫ن‬ ‫يخص� ككاتب وباحث‪ ،‬أسأل عن سلبيات وإيجابيات‬ ‫فيما‬ ‫ي‬ ‫التاىل‪ :‬هل سيؤثر الفيسبوك عىل أساليب‬ ‫الفيسبوك السؤال ي‬ ‫ت‬ ‫وإجاب� هي‪ :‬بالتأكيد نعم‪ .‬العدد القليل‬ ‫الكتابة الحديثة؟‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الفيسبوك»‬ ‫ال� يجب أن يتكّون منها «الستاتوس‬ ‫ي‬ ‫من الكلمات ي‬ ‫ين‬ ‫والتلغ�‪،‬‬ ‫يمىل عىل الكاتب االختصار والتكثيف والتلميح‬ ‫يك يبقى جاذباً للقرَّاء‪ ،‬ي‬ ‫أد� حديث لم يأخذ حقّه ن ي� الكتابة العربية المعارصة‪ ،‬أال وهو «كتابة الشذرة»‪.‬‬ ‫وهذا هو أساس أسلوب ب ي‬ ‫ن أ‬ ‫أ‬ ‫العر�‪.‬‬ ‫سا� الإحياء هذا النمط من الكتابة ي� االدب ب ي‬ ‫فمن الممكن أن يكون فيسبوك الباعث اال ي‬ ‫هذا من جهة‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬أعتقد أن لفيسبوك سيئة أساسية تبينت ن ي� تعميم القراءة السطحية العامّ ة‬ ‫وال�كيب وكشف أ‬ ‫عىل حساب التحليل ت‬ ‫ث‬ ‫المبا�ة مع الحدث يساعد عىل‬ ‫االعماق المتعددة‪ ،‬وااللتصاق‬ ‫انتشار القراءة أ‬ ‫ث‬ ‫المبا�ة‪ ،‬وهذه مشكلة من مشكالت فيسبوك‪ ،‬وهي أفضل طريقة‬ ‫االيديولوجية المسطحة‪،‬‬ ‫للتشويش عىل الحقيقة‪.‬‬ ‫ومن يم�نات فيسبوك أيضاً كرس احتكار الصحافة لمنابر الرأي‪ ،‬فال محرر وال رقيب وال أخطاء وال ت‬ ‫فل�ة‪ ،‬النص‬ ‫ّ‬ ‫سي�نل اللغة أ‬ ‫مبا�ة من فم الكاتب إىل أذن القارئ‪ ،‬ال رتوش وال إضافات وال تجميل‪ .‬وأعتقد أن هذا ن‬ ‫ث‬ ‫واالفكار‬ ‫ِ‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫والمهمش�‪.‬‬ ‫العادي�‬ ‫التفك� من مستوى المؤسسات والسلطات والهيئات إىل صلب المجتمع والناس‬ ‫وطرائق‬ ‫ي‬ ‫فيسبوك هو صوت التحت والمهمش والضئيل ن ي� مواجهة الفوق والسلطة والمنظم‪.‬‬

‫فيسبوك سيؤثر في‬ ‫أساليب الكتابة‬

‫وجاءنا من محمد حبيب الوافي عميد كلية البافقيه‬ ‫آ‬ ‫«نتشرف‬ ‫السالمية في الهند‪:‬‬ ‫للداب والعلوم إ‬ ‫َّ‬ ‫آ‬ ‫بإحاطتكم علماً أن كلية بافقيه للداب والعلوم‬ ‫السالمية في الهند‪ ،‬هي كلية إسالمية تهدف إلى‬ ‫إ‬ ‫النسانية‬ ‫الجمع بين معارف الوحي والعلوم إ‬ ‫تحت سقف واحد‪ ،‬وإلى تطوير المناهج الدراسية‬ ‫وتوحيدها‪ ،‬وتحتضن حالياً أكثر من مائة وخمسين‬ ‫طالباً‪ .‬ونرجو أن تقبلوا اشتراك كليتنا في مجلة القافلة‬

‫ختاماً‪ ،‬وعلى الرغم من أن المجال في هذه‬ ‫الصفحة ال يتسع لنشر القصائد والشعر‪ ،‬فإننا‬ ‫سنخرج عن المألوف‪ ،‬إكراماً لواحد من أقدم‬ ‫أصدقاء المجلة‪ ،‬وأكثرهم مواظبة على مراسلتنا‬ ‫منذ عقود‪ ،‬وهو أ‬ ‫الستاذ مالك ميخائيل شنودة‬ ‫السكندرية في مصر‪ ،‬الذي يلفت نظرنا إلى‬ ‫من إ‬ ‫صدور كتابه الجديد بعنوان «أمي» في إطار‬ ‫سلسلة «كتاب اليوم» لشهر مارس من العام‬ ‫الجاري‪ .‬وأرفق رسالته بالقصيدة القصيرة التالية‪:‬‬

‫ال تلمني‬

‫عندما يأتي الربيع الطلق يوماً؛‬ ‫يسأل أ‬ ‫الزهار عني‪...‬‬ ‫لن يجدني‪....‬‬ ‫قد كرهت الصبر من طول انتظاري؛‬ ‫ومفتاح التمني؛‬ ‫ضاع مني‪...‬‬ ‫كلما زاد اشتياقي للربيع؛‬ ‫زاد حزني في فؤادي‪...‬‬ ‫واخترقني‪...‬‬ ‫ال تلمني؛ إن تمنيت الخريف‪،‬‬ ‫أو عشقت الحزن دوماً‪...‬‬ ‫ال تلمني‪...‬‬ ‫كيف أقضي العمر أنتظر الربيع؟!‬ ‫من يعيد العمر؛ لو عمري يضيع؟!‬ ‫فإذا جاء الربيع الطلق يوماً؛‬ ‫يسأل أ‬ ‫الزهار عني‪...‬‬ ‫قل له‪ :‬صبري قتلني‪...‬‬


‫تحية وبعد‬

‫تجلدت وتمددت أمامه على السرير المتعرج‬ ‫مستسلماً للعقارب الصماء عديمة الرحمة‪،‬‬ ‫وأنا ألعن في قرارة نفسي من أبقى على بيت‬ ‫الفرزدق هذا حياً إلى يومنا هذا‪ ،‬تباً لك أيتها‬ ‫أ‬ ‫ال َر َضة ِل َم ل َْم تلتهميه وتريحينني من تبعاته‪..‬‬

‫جمشيد الكاشي‬ ‫شهرته أقل من إنجازاته‬ ‫ولد غياث الدين جمشيد بن محمود بن محمد‬ ‫الكاشي في ‪781‬ه – ‪1380‬م في مدينة كاشان‬ ‫بوسط إيران ويلقب بالكاشي أو الكاشاني‬ ‫نسبة إلى «كاشان»‪ .‬كان والده من علماء‬ ‫فانكب بدوره على دراسة‬ ‫الفلك والرياضيات‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫الرياضيات وأدهش علماء عصره بقدرته على‬ ‫االستيعاب وحسن التعبير‪ .‬ودرس مصنفات‬ ‫ثابت بن قرة والكرخي والخيام والطوسي‪.‬‬ ‫فتنوعت‬ ‫و ُعرف بكثرة تنقله لطلب العلم‪ّ ،‬‬ ‫معارفه‪.‬‬ ‫ابتكر الكاشي آالت رصد جديدة حققت المزيد‬ ‫من دقة الرصد‪ ،‬وأظهرت المخطوطات أنه‬ ‫كان من أهم علماء الرياضيات والفلك في‬ ‫زمانه‪ ،‬ويكفيه أنه أول من استخدم الكسور‬ ‫العشرية في العالم‪ ،‬وله الكثير من المؤلفات‬ ‫النسانية على التقدم‪ .‬نذكر‬ ‫التي ساعدت إ‬ ‫منها كتابه الرائع «مفتاح الحساب» و«رسالة‬ ‫المحيطية» و«رسالة في الحساب»‪ ،‬و«رسالة‬ ‫في الهندسة»‪ .‬وله في علم الفلك كتاب «زيج‬ ‫الخقاني»‪ ،‬الذي دقق في جداول النجوم التي‬ ‫ّ‬ ‫وضعها علماء الفلك في مرصد مراغه تحت‬ ‫إشراف الطوسي‪ ،‬وكتاب «في علم الهيئة»‪،‬‬ ‫ورسالة «نزهة الحدائق»‪ ،‬وهي مشتملة على‬ ‫وكيفية العمل‬ ‫كيفية عمل آلة حساب التقاويم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بها‪.‬‬ ‫تمكّن الكاشي من حساب طول َو ِصفات‬ ‫محيط أرخميدس‪ ،‬كوسيط حسابي بين محيط‬ ‫المضلعات المسجلة والمحسوبة بشكل صحيح‬ ‫لمتعدد الزوايا مع الرقم ‪ .228 · 3‬ومما أعطاه‬ ‫أن الرقم أ‬ ‫القرب لـ ‪ 2π‬يقترب من الرقم‬ ‫‪ .6,2831853071795865‬وأن هذه القيمة‬ ‫صحيحة في جميع المؤشرات الـستة عشر‬ ‫آ‬ ‫العشرية‪ ،‬وبذلك كان له فضل في صناعة اللة‬ ‫الحاسبة‪.‬‬

‫ افتح فمك جيداً‪.‬‬‫شرع تماماً مثلما يشرعه نواب‬ ‫‬‫ حاضر؛ هاهو ُم َ‬ ‫أ‬ ‫المة تحت قبة البرلمان‪.‬‬ ‫بلمسة بسيطة من يده‪ ،‬أخذت العقارب‬ ‫المعدنية القاسية‪ ،‬تنبش وتنهش وتدغدغ‬ ‫الضرس وهي تصدر زعيقاً مخيفاً حيناً‪ ،‬وزمجرة‬ ‫عنيفة حيناً آخر‪:‬‬ ‫زززز جججج ززززز جججج زززززز كخخخ‪..‬‬ ‫في علم الفلك وضع البنية التي تمكّن من‬ ‫تحديد خطوط الطول والعرض للنجوم‪،‬‬ ‫وأبعادها عن أ‬ ‫الرض‪.‬‬ ‫توفي جمشيد الكاشي عام‪840‬ه ‪1436 -‬م‪،‬‬ ‫القيم الذي يضعه‬ ‫مخلفاً هذا إ‬ ‫الرث العلمي ّ‬ ‫عن جدارة على قدم المساواة مع كبار العلماء‬ ‫المسلمين‪ ،‬رغم قلة نصيبه من الشهرة‪.‬‬ ‫مصطفى أحمد عبدالقادر البواب‬ ‫دمشيت ‪-‬مصر‬

‫عقارب صماء‬ ‫كم بدوت جباناً هذا الصباح أمام طبيب‬ ‫أ‬ ‫السنان إذ طلبت منه تخديري قبل الشروع‬ ‫في معالجة الضرس المشاكسة المتعنتة‪ ،‬التي‬ ‫حملت لواء العصيان في الليلة السابقة دون‬ ‫سابق إنذار‪ ،‬ولم تأل جهداً لمنع الكرى من‬ ‫مالمسة أجفاني‪.‬‬ ‫ دكتور‪ ،‬أرجوك قليال ً من التخدير قبل حشو‬‫فمي بهذه العقارب السامة‪.‬‬ ‫‪ -‬ههههه‪.‬‬

‫بينما كان الطبيب ينشر وينجر الضرس‬ ‫الملعونة‪ ،‬كنت أنا أخوض حرباً ضروساً‬ ‫مع طرفي الصراع‪ ،‬العقارب آ‬ ‫اللية العنيفة‪،‬‬ ‫والسوسة اللعينة المستميتة في الدفاع عن‬ ‫حماها‪ .‬ومن جهة أخرى أخذت على عاتقي‬ ‫أن أضبط إيقاع جسمي لكبح جماح فرائصي‬ ‫في االصطكاك‪ ،‬بيد أني خسرت الحرب في‬ ‫كلتا الجبهتين‪ ،‬إذ راح كل جسدي يرتج ارتجاج‬ ‫هاتف خلوي وسط صينية‪ .‬ودقات القلب‬ ‫تمزق نياطه دافعة به إلى‬ ‫المتسارعة كادت ِّ‬ ‫الحلق‪.‬‬ ‫ أستاذ‪ ،‬تماسك ‪..‬اهدأ‪..‬‬‫ اممممممممممم‪.‬‬‫ على سالمتك‪.‬‬‫ هللا يسلمك دكتور‪.‬‬‫ حاول أن تكسب الحرب في الجولتين‬‫المقبلتين‪.‬‬ ‫ أقلت جولتين أخريين؟‬‫ نعم!‬‫ اللعنة على التتار الهمجيين!‬‫ الذين أبقوا على بيت الفرزدق حياً‪.‬‬‫أحمد بلقاسم‬

‫أكثر من رسالة‬

‫ هل فيما قلت ما يضحك‪.‬‬‫«خلع‬ ‫ أستاذ‪ ،‬أين أنت من قول الفرزدق‪:‬‬‫ُ‬ ‫عر»‪.‬‬ ‫من ِّ‬ ‫ضرس أَ ُ‬ ‫كتابة ٍ‬ ‫من ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بيت َ‬ ‫هون ْ‬ ‫الش ِ‬


‫‪7|6‬‬

‫ورشة عمل‬

‫كتابة السيناريو‬ ‫وخصوصياتها‬

‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫ِّ‬ ‫مقدم الورشة‬ ‫عن‬ ‫محمد حسن أحمد‪ ،‬سيناريست في السينما‬ ‫والتلفزيون ومستشار فني في عدد من المؤسسات‬ ‫المارات‪،‬‬ ‫الفلم في إ‬ ‫الفنية‪ .‬من مؤسسي صناعة ِ‬ ‫‪17‬فلماً (قصير وطويل)‪ ،‬وقد حصدت‬ ‫في جعبته ِ‬ ‫أعماله ‪ 32‬جائزة حول العالم في مجال السيناريو‬ ‫وأفضل ِفلم‪ .‬عرض أفالمه في مهرجانات دولية‬ ‫مهمة مثل برلين السينمائي‪ ،‬ولوكارنو‪ ،‬وشيكاغو‬ ‫وفي روسيا وبيروت ودبي‪ .‬من أفالمه (تنباك –‬ ‫سبيل – ماي الجنة – بنت مريم – ريح – ظل‬ ‫البحر)‪.‬‬ ‫يقدم عدة ورش في فن كتابة السيناريو بدول‬ ‫ِّ‬ ‫الخليج‪ ،‬وقد أصدر كتاباً سينمائياً بعنوان (الضوء‬ ‫الصامت)‪ ،‬وهو من مؤسسي مجموعة «فراديس»‬ ‫و«فيالسينما»‪.‬‬

‫كتابة السيناريو فن أدبي مستقل عن كافة األلوان‬ ‫األخرى؛ الرتباطه الوثيق بصناعة السينما‪،‬‬ ‫ولتوجهه إلى قارئ تنفيذي واحد هو المخرج‬ ‫ً‬ ‫مرئيا للمشاهدين‪.‬‬ ‫الذي يجعله‬ ‫ومن بين كل األلوان األدبية والكتابية الناشطة‬ ‫من حولنا‪ ،‬قد تكون كتابة السيناريو السينمائي‬ ‫ً‬ ‫تعثرا في طريقه إلى النضج ليبلغ المستوى‬ ‫األكثر‬ ‫الذي بلغته الرواية أو القصة أو غيرهما‪.‬‬ ‫وفي إطار تنمية مهارات كتابة السيناريو‪ ،‬كانت‬ ‫ً‬ ‫مؤخرا في الدمام‪.‬‬ ‫ورشة العمل هذه التي أقيمت‬

‫محاور أ الورشة‪:‬‬

‫اليوم الول‪ - :‬المدخل إىل فن كتابة السيناريو‬ ‫ السيناريو ي ن‬‫ب� الصورة والحكاية‬ ‫ئ‬ ‫ن‬ ‫السينما�‬ ‫الثا�‪ - :‬كيف تكتب ِفلمك‬ ‫ي‬ ‫اليوم ي‬ ‫ من هو السيناريست؟‬‫اليوم الثالث‪ :‬تطوير أ‬ ‫الفكار والسيناريوهات‬


‫مع النمو الواضح في السينما‬ ‫السعودية‪ ،‬وتزايد أعداد المقبلين‬ ‫على العمل في هذا القطاع‬ ‫الفتي‪ ،‬يعمل عدد من المهتمين‬ ‫من المخرجين وك َّتاب السيناريو‬ ‫الفلم في جزئياتها‬ ‫وغيرهم على نشر ثقافة صناعة ِ‬ ‫المختلفة والتخصصات المتعددة التي تتطلبها‬ ‫هذه الصناعة‪ ،‬وذلك من خالل ورش عمل تقام‬ ‫في المملكة ودول الخليج لتطوير المواهب الشابة‬ ‫ومساعدتها على القيام بمهماتها المحددة التي‬ ‫الفلم‬ ‫تتكامل مع مهمات عديدة أخرى في صناعة ِ‬ ‫الجيد‪ .‬وعلى هامش «مهرجان أ‬ ‫الفالم السعودية»‬ ‫في دورته الثانية التي أقيمت في الدمام بين ‪ 20‬و‪24‬‬ ‫الخراج‬ ‫فبراير الماضي‪ُ ،‬عقدت ثالث ورش عمل حول إ‬ ‫والموسيقى التصويرية وكتابة السيناريو‪ .‬وقد توقفت‬ ‫«القافلة» أمام الورشة أ‬ ‫الخيرة؛ نظراً التساع شريحة‬ ‫المهتمين بها‪ ،‬ولكونها تطال أيضاً اهتمامات كل‬ ‫أصحاب المواهب الكتابية‪ ،‬ولو من باب االطالع على‬ ‫هذا الفن فقط‪.‬‬

‫اندفاع وحضور‬ ‫كانت المفاجأة كبيرة في «جمعية الثقافة والفنون في‬ ‫الدمام» أثناء التحضير للمهرجان بعدد المتقدمين‬ ‫للمشاركة في ورش العمل التي تُعقد على هامشه‪،‬‬

‫السيناريو هو‪:‬‬ ‫الفلم‬ ‫• قصة ِ‬ ‫• والحوار‬ ‫• والحبكة‬ ‫• والعقدة والحل المفترض لها‬ ‫• والديكور‬ ‫الفلم‬ ‫• والفضاء الذي يُ َّ‬ ‫صور فيه ِ‬ ‫• خارجياً كان أم داخلياً‬ ‫• ومكان وجود الكاميرا‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫• في العلى أم في السفل‬ ‫• على مستوى الممثل أو بعيدة عنه‬ ‫أو قريبة منه‬ ‫• يجب أن يكون على الورق‬

‫وعلى رأسها ورشة كتابة السيناريو التي يديرها‬ ‫الماراتي محمد حسن أحمد‪ .‬فبينما كان‬ ‫السيناريست إ‬ ‫المتوخى ال يتعدى ‪ 15‬مشاركاً‪ ،‬وصل إلى لجنة‬ ‫العدد‬ ‫ّ‬ ‫المهرجان ما يقارب ‪ 200‬طلب مشاركة‪ .‬ما اضطر‬ ‫الدارة إلى اختيار قاعة كبيرة واختيار ‪ 50‬طلباً من بين‬ ‫إ‬ ‫تتحول الورشة إلى مهرجان‬ ‫الطلبات المتقدمة‪ ،‬كي ال ّ‬ ‫صغير على هامش مهرجان أ‬ ‫الفالم‪ .‬منذ الجلسة‬

‫أ‬ ‫الولى أبدى مدير الورشة محمد أحمد حسن حماسته‬ ‫للتواصل مع هذا العدد من المهتمين المتحمسين‪،‬‬ ‫وأشار إلى أن حماسته ارتفعت وتيرتها بعدما انتقلت‬ ‫إليه حماسة الشباب الذين‪ ،‬ومنذ الجلسة أ‬ ‫الولى‪،‬‬ ‫أبدوا رغبة في التعلّم والمشاركة والمساجلة وتعلّم‬ ‫كل شيء دفعة واحدة‪ ،‬وكأنهم على أهبة الخروج من‬ ‫الجلسة لكتابة سيناريو وتصوير ِفلم‪ ،‬مباشرة‪.‬‬

‫ما هو السيناريو تحديداً؟‬ ‫كانت الصالة التي تُعقد فيها الورشة‪ ،‬مضاءة بشكل‬ ‫جيد‪ ،‬ويمكن التحكّم بإضاءتها حين يُعرض ِفلم على‬ ‫شاشة العرض الصغيرة في نهاية القاعة الموصولة‬ ‫بمكبرات الصوت‪ .‬وفيها لوح للكتابة‪ ،‬وطاوالت‬ ‫مو ّزعة بشكل مستطيل بموازاة جدران الغرفة‪ ،‬مع‬ ‫ممر صغير يمكّن المدرب من الذهاب والمجيء‬ ‫ّ‬ ‫بين المشتركين في سبيل التفاعل معهم‪ .‬بداية‪،‬‬ ‫سأل المدرب ما هو السيناريو؟ كان الجميع يريد‬ ‫أن يجيب‪ ،‬ظناً منهم أنهم بطبيعة الحال يعرفون‬ ‫الفلم‪،‬‬ ‫ما معنى السيناريو‪ .‬قال أحدهم إنه قصة ِ‬ ‫الفلم‬ ‫وأجاب آخر بأنه الحوار الذي يدور في ِ‬ ‫بين الشخصيات‪ ،‬ور َّدت إحداهن متحمسة بأن‬ ‫السيناريو هو القصة والحوار إضافة إلى تحديد دور‬ ‫الفلم‪ .‬لم ير ّد المدرب بعد‪ ،‬فقد‬ ‫الشخصيات في ِ‬ ‫أراد االستماع إلى أكثر الراغبين بإبداء رأيهم‪ ،‬فأجاب‬

‫الحوار الذي‬ ‫أنه‬ ‫يدور ف‬ ‫الفلم ي ن‬ ‫ب�‬ ‫�‬ ‫ي ِ‬ ‫الشخصيات‬

‫ما هو السيناريو‬ ‫تحديداً؟‬

‫هو القصة والحوار‬ ‫تحديد دور‬ ‫إضافة إىل‬ ‫الشخصيات ف‬ ‫الفلم‪.‬‬ ‫�‬ ‫ي ِ‬

‫الفلم‬ ‫إنه قصة ِ‬


‫خطوات مب ّسطة‬

‫‪9|8‬‬

‫لكتابة السيناريو‬

‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫مشهد من ِفلم «سكراب»‪ ،‬سيناريو وإخراج بدر الحمود‬

‫• تحديد عنوان السيناريو‪.‬‬ ‫• عرض الفكرة المحورية‪.‬‬ ‫ريو ‪ Synopsis‬ف� صفحة إىل ثالث صفحات‬ ‫• ملخص السينا‬ ‫ي‬ ‫رض المشكلة‪ ،‬وتعقيد المشكلة‪ ،‬ومحاولة‬ ‫• الحبكة بع� ع‬ ‫لها‬ ‫حل‬ ‫إيجاد صة إىل صور متحركة ِفلمية ف ي� شكل لقطات‬ ‫• تقطيع الق‬ ‫ومشاهد ومقاطع‬ ‫صاد والتوازن والتوقيت ف ي� تقطيع المشاهد‬ ‫• االقت‬ ‫ال� سيجري فيها التصوير حسب‬ ‫أ‬ ‫والمكنة ت‬ ‫• تحديد المناظر‬ ‫ي‬ ‫كنة داخلية أو أمكنة خارجية إما عامة و إما‬ ‫كل مشهد ( أم‬ ‫خاصة)‬ ‫ام�ا حسب نظرة‬ ‫• ضبط زاوية الرؤية أو مكان وجود الك ي‬ ‫رؤية عادية أفقية‪ ،‬أو رؤية علوية‪ ،‬أو رؤية‬ ‫المخرج (‬ ‫سفلية)‬ ‫أ‬ ‫الحداث من خالل‬ ‫ي� الشخصيات ت‬ ‫ال� تنجز‬ ‫• تع ي ن‬ ‫ي‬ ‫مواصفات معينة ومحددة بدقة‬ ‫الصوتية والموسيقية المطلوبة (الصوت‪،‬‬ ‫• ش �ح المؤثرات‬ ‫والضجيج‪ ،‬والصمت‪ ،‬والمؤثرات …)‬ ‫والكسسوارات المطلوبة إلنجاز المشهد‬ ‫تخيل الديكورات إ‬ ‫• ّ‬

‫مشهد من ِفلم «نملة آدم»‪ ،‬سيناريو وإخراج مهنا عبدهللا المهنا‬

‫أحدهم بأنه كل ما سبق وذكرته الزميلة ويضاف إليه‬ ‫تخيل الديكور‪ ،‬فأنا اعتقد أن على كاتب السيناريو أن‬ ‫ّ‬ ‫صور فيه المشهد‪.‬‬ ‫يتخيل الديكور الذي يُ َّ‬ ‫َّ‬

‫العتي�‬ ‫الكب�»‪ ،‬سيناريو وإخراج فيصل‬ ‫مشهد من ِفلم «الزواج ي‬ ‫بي‬

‫الفلم‬ ‫ السيناريو أهم عناصر ِ‬‫ ال ِفلم بال سيناريو‬‫‪ -‬احمل القلم وابدأ الكتابة‬

‫لو جمعنا كل ما أدليتم به القتربنا من تعريف‬ ‫السيناريو من دون أن يكون هذا هو التعريف‬ ‫تدخل كاتب سيناريو شاب وقال إن‬ ‫الصحيح‪ .‬هنا ّ‬ ‫السيناريو‪ ،‬هو القصة والحوار والحبكة والعقدة‬ ‫يصور‬ ‫والحل المفترض لها والديكور والفضاء الذي ّ‬ ‫الفلم خارجياً كان أم داخلياً‪ .‬انفرجت أسارير‬ ‫فيه ِ‬ ‫المشتركين عند هذه النقطة بعدما أثنى المدرب على‬ ‫التعريف أ‬ ‫الخير‪ ،‬لكنه أضاف بأنه يجب أال ننسى‬ ‫يحدد مكان وجود الكاميرا‪،‬‬ ‫أيضاً أن كاتب السيناريو ِّ‬ ‫العلى أم في أ‬ ‫في أ‬ ‫السفل‪ ،‬على مستوى الممثل أو‬ ‫بعيدة عنه أو قريبة وذلك بحسب المشهد والفكرة‬ ‫التي يريد إيصالها من المشهد‪ ...‬وإضافة إلى أن هذا‬ ‫كله يجب أن يكون على الورق‪ .‬فالسيناريست كاتب‬ ‫قبل أي شيء آخر‪.‬‬ ‫لذا‪ ،‬فلنبدأ من الصفر بتعريف السيناريو‪.‬‬ ‫حظي السيناريو باالهتمام مع استقالل السينما كفن‬ ‫له خصوصياته الفنية والجمالية والتقنية على غرار‬ ‫الفنون الجميلة أ‬ ‫الخرى‪ ،‬وسمي حينها بالفن السابع‪.‬‬ ‫بالطبع كان السيناريو يشمل أ‬ ‫الفالم الصامتة‪،‬‬ ‫فالفلم الصامت القديم أو أي ِفلم صامت حديث‬ ‫ِ‬ ‫يحتاج إلى سيناريو‪ ،‬ال ينقص من عناصره سوى‬


‫كلمة سيناريو إيطالية األصل‪ ،‬وتعني العرض‬ ‫الوصفي لكل المناظر واللقطات والمشاهد‬ ‫والحوارات التي ُ‬ ‫الفلم بطريقة‬ ‫سيبنى عليها ِ‬ ‫ّ‬ ‫مفصلة‪ ،‬بالكتابة‬

‫حوار الممثلين‪ ،‬وهذا ما يدلّنا على أن الحوار هو‬ ‫جزء من السيناريو‪ ،‬وهذا ما سنذكره الحقاً‪ .‬ولكن‬ ‫بات السيناريو على قدر كبير من أ‬ ‫الهمية مع السينما‬ ‫الناطقة منذ العام ‪1927‬م‪ .‬وصار كاتب السيناريو‬ ‫محددة‪،‬‬ ‫يسمى بالسيناريست‪ ،‬أي بات صاحب صفة ّ‬ ‫ً‬ ‫بعدما كان كاتب السيناريو قبل ذلك شاعراً أو أديبا أو‬ ‫فناناً يحب الكتابة وغير ذلك‪.‬‬ ‫تساءل أحد المشاركين إذا كان كاتب السيناريو‬ ‫يحدد كل هذه أ‬ ‫المور بتفاصيلها‪ ،‬فما الذي يفعله‬ ‫ِّ‬ ‫المخرج إذاً؟‬ ‫جلبة في القاعة‪ .‬فقد حاول البعض أن يثني على‬ ‫السؤال ويشارك به طارحه‪ ،‬وحاول آخرون أن‬ ‫يجيبوا عنه‪ ،‬فبعضهم قال إن كاتب السيناريو‬ ‫الفلم على الورق بينما المخرج يعيد تمثيله‬ ‫ّ‬ ‫يقدم ِ‬ ‫أمام الكاميرا‪ .‬واقترح البعض آ‬ ‫الخر أن يكون كاتب‬

‫السيناريو هو المخرج‪ ،‬أو ربما المخرج هو كاتب‬ ‫يصور ما يتخيلّه‪،‬‬ ‫السيناريو‪ ،‬فالكاتب هو أحسن من ّ‬ ‫وبالعكس‪.‬‬ ‫الخراج صنو‬ ‫الخراج‪ ،‬بل إ‬ ‫السيناريو صنو إ‬ ‫السيناريو‪ .‬ال يكتمل ِفلم بغياب أحدهما‪ .‬هذا ما‬ ‫الخراج هو تركيب‬ ‫ر ّد به مدير الورشة‪ .‬فإذا كان إ‬ ‫الفلم وتحويل السيناريو إلى مشاهد مرئية‪ ،‬فإن‬ ‫ِ‬ ‫تخيل كيف‬ ‫طريق‬ ‫عن‬ ‫مروية‬ ‫قصة‬ ‫هو‬ ‫السيناريو‬ ‫ّ‬ ‫تراها الكاميرا‪ ،‬أي إن السيناريست يقول للكاميرا ما‬ ‫الذي يجب أن تراه‪ ،‬وتأتي براعة المخرج في جعل‬ ‫المتخيل‬ ‫الكاميرا تقوم بذلك وفي تحقيق التصور‬ ‫ّ‬ ‫وجعله واقعياً‪.‬‬ ‫ال بد من التأكيد هنا أن أفضل أ‬ ‫الفالم هي التي كتبها‬ ‫مخرجوها‪ ،‬وأفضل المخرجين هم الذين يكتبون‬ ‫عد وودي أالن مثاال ً ساطعاً على ذلك‪.‬‬ ‫أفالمهم‪ ،‬ويُ ّ‬

‫إذاً‪ ،‬يبدأ عمل المخرج حين ينتهي عمل‬ ‫السيناريست‪ .‬والسيناريو المبني بطريقة جيدة في‬ ‫التنسيق والتسلسل والتعاقب الزمني والتجديد في‬ ‫المضمون كي يجذب انتباه الجمهور بصرياً وسمعياً‬ ‫ونفسياً‪ ،‬هو السيناريو الذي يؤدي إلى تحقيق ِفلم‬ ‫الفلم من جودة السيناريو‪،‬‬ ‫جيد أيضاً‪ .‬فجودة ِ‬ ‫وليس العكس‪.‬‬ ‫وكاتب السيناريو هو الذي يضع حوارات مكثفة‬ ‫مقتصدة على ألسنة شخصيات محددة بدورها‬ ‫سيكولوجياً وأخالقياً واجتماعياً وسلوكياً‪ ،‬وهو من‬ ‫المكنة التي تقع فيها أ‬ ‫يحدد أ‬ ‫الحداث وأزمنتها‬ ‫ّ‬ ‫وتبيان مناظرها ووضعية الكاميرا منها والديكور‬ ‫والضاءة والمؤثرات الصوتية‬ ‫والكسسوارات إ‬ ‫إ‬ ‫والموسيقية‪.‬‬


‫‪11 | 10‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫مشهد من ِفلم «السبيل»‪ ،‬سيناريو محمد حسن أحمد‪ ،‬الذي ُعرض خالل الورشة‬

‫محدد‬ ‫عىل الشاشة من خالل مثل َّ‬ ‫المدرب محمد أحمد حسن بعرض ِفلم‬ ‫ثم قام‬ ‫ِّ‬ ‫«السبيل» الذي كتب السيناريو له‪ ،‬وأخرجه خالد‬ ‫المحمود وشارك في مهرجان لوكارنو السينمائي‬ ‫عام ‪2010‬م‪ ،‬وحاز جائزة أفضل ِفلم قصير في‬ ‫الوروبية آ‬ ‫للفالم أ‬ ‫مهرجان نيويورك أ‬ ‫والسيوية‪،‬‬ ‫«المهر‬ ‫قبل أن ينال الجائزة الثانية في مسابقة ُ‬ ‫الماراتي» في مهرجان دبي السينمائي الدولي في‬ ‫إ‬ ‫العام نفسه‪.‬‬

‫ هل سيعودان اىل‬‫نز‬ ‫الم�ل بعد وفاة‬ ‫الوالدة؟‬

‫الفلم القصير (مدته ‪ 20‬دقيقة)‬ ‫يروي هذا ِ‬ ‫قصة شابين إماراتيين‪ ،‬يعيشان مع والدتهما‪،‬‬ ‫ناء منعزل في بيداء إماراتية‪ .‬الفتيان‬ ‫في بيت ٍ‬ ‫يعتاشان من بيع الخضراوات للعابرين على‬ ‫تمر في الفيافي الواسعة‪ .‬كل‬ ‫طريق سريعة ُّ‬ ‫ما في حياتهما يبدو رتيباً عادياً مكرراً‪ ،‬بدءاً‬ ‫من الصباح‪ ،‬حيث يقومان بتحضير الخضار‪،‬‬ ‫بانتظار توقف العابرين‪ ،‬ويعودان مسا ًء ليعتنيا‬ ‫بأمهما التي أقعدها المرض‪ .‬وهكذا دواليك‪،‬‬ ‫الفلم‬ ‫حتى يأتي يوم تموت أمهما فيه‪ .‬وينتهي ِ‬ ‫هنا‪ .‬ما رأيكم؟‬

‫ لماذا لم يتكلما‬‫الفلم؟‬ ‫طوال ِ‬

‫ باتا حرين آ‬‫الن بعدما‬ ‫هم‬ ‫أنزال عن كتفيهما ّ‬ ‫البقاء إىل جانب أمهما‬ ‫المريضة‬

‫هذه التعليقات على‬ ‫الفلم‪ ،‬هي جزء من‬ ‫ِ‬ ‫تمارين ورش كتابة‬ ‫السيناريو‪ ،‬التي تنتج في‬ ‫ً‬ ‫نهايتها ِف ً‬ ‫مشتركا‬ ‫لما‬ ‫يكتبه المشاركون في‬ ‫هذه الورش‪ ،‬فتبادل‬ ‫اآلراء واالقتراحات‬ ‫واالفتراضات يؤسس‬ ‫لكتابة ِفلم جماعي‪،‬‬ ‫وهذا ما فعلتموه اآلن‪.‬‬


‫كاتب السيناريو ث‬ ‫أك� من كاتب‬ ‫على كاتب السيناريو بحسب نصائح كل ك َّتاب‬ ‫السيناريو في العالم أن يتمتع بكل هذه الصفات‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫• اللهام والتقاط أ‬ ‫الفكار‪ :‬كاتب السيناريو الجيد‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫هو القادر على أن يعطي معنى للشياء التي يراها‬ ‫في الحياة اليومية‪ ،‬وأن يتابع قصص الناس من‬

‫حوله‪ ،‬يصغي لها جيداً ويحللها‪.‬‬ ‫• قل ما تريد قوله‪ :‬فكّر دائماً في الرسالة التي تريد‬ ‫تقدمها لجمهورك من خالل السيناريو‪ ،‬وتساءل‬ ‫أن ِّ‬ ‫ما أمكنك وتعذَّ ب بينما تتساءل‪ :‬ماذا أريد أن‬ ‫أقول؟ ولماذا؟‬ ‫ لم بتفاصيل شخصياتك‪ :‬الكاتب الجيد هو الذي‬ ‫• ّ‬ ‫ً‬ ‫يعرف كل شيء تقريبا عن شخصياته‪ ،‬يدرسها‬ ‫ويشعر بها ويدرك أفكارها‪ .‬واترك لشخصياتك‬ ‫الفرصة لتقود القصة ال تجعلهم مذعنين‪.‬‬ ‫• اصنع مشكلة‪ :‬إذا كانت الشخصيات تسعى‬

‫للحصول على شيء ولكنها تواجه صعوبة في‬ ‫الحصول فقد حصلت على نواة القصة‪.‬‬ ‫• اجعل عالمك مختلفاً ومتماسكاً وجيداً‪ :‬في‬ ‫السيناريو اجعل العالم مختلفاً يفاجئ القارئ‬ ‫والمشاهد‪.‬‬ ‫• اكتب بالصور ال بالكلمات‪ :‬ابذل جهدك ووفِّر‬ ‫جميع المتطلبات من أجل أن ترى ال أن تخبر‪.‬‬ ‫حكمتك تقول‪ :‬أرني وال تخبرني‪.‬‬ ‫• التمرين‪ :‬روتينك اليومي هو أن تكتب باستمرار‬ ‫وبال توقف‪.‬‬

‫واقعي‪ ..‬غير واقعي‬ ‫إن كاتب السيناريو هو من يتمكن من تحويل أ‬ ‫الفكار إلى صور في تسلسل‬ ‫منطقي وإعداد المعالجة السينمائية الفنية في صورة مرئية‪ .‬وليس من‬ ‫الضروري أن يكون السيناريست هو صاحب الفكرة التي يمكن اقتباسها‬ ‫من قصة أو من مسرحية أو من حادثة واقعية جرت‪ ،‬أو من قصة يكتبها له‬ ‫ليحولها إلى سيناريو‪ .‬فكاتب السيناريو يمكن أن يكون مؤلفاً مبدعاً‪،‬‬ ‫أحدهم ِّ‬ ‫ولكن ذلك ليس شرطاً‪ ،‬فهو تقني تحويل أي حادثة أو قصة إلى صورة مرئية‬ ‫يحولها المخرج إلى صورة مرئية عبر الكاميرا‪.‬‬ ‫كتابة‪ّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫لنأخذ مثاالً‪ :‬زجاج السيارة المامي يمكنه أن يكون مصدر إلهام لكاتب‬ ‫الفلم الذي يريده‪ ،‬وأبطاله هم المارة‬ ‫السيناريو‪ .‬فعبره يمكنه أن يشاهد ِ‬ ‫على الرصيف أو في سياراتهم‪ ،‬أ‬ ‫والبنية المواجهة والباعة المتجولون وكل ما‬ ‫يدب بالحياة في خارج هذا الزجاج‪ .‬هذه فكرة يراها كاتب السيناريو‪ .‬وهي‬ ‫يحولها إلى ِفلم بأن يضيف إليها عنصراً جديداً‪ ،‬قد يكون‬ ‫نفسها يمكنه أن ّ‬ ‫المدرب‪.‬‬ ‫واقعياً أو غريباً‪ .‬فليعطني أحدكم مقاال ً واقعياً‪ ،‬سأل‬ ‫ِّ‬ ‫بينما هو سارح في همومه وأفكاره تمر أمام سيارته أم وطفلها المريض‪.‬‬ ‫هذا مشهد يمكن أن يحدث‪ ،‬قالت فتاة شديدة الحماس‪.‬‬

‫ثم طلب المدرب مشهداً غير واقعي يحدث أمام سيارة صاحبنا‪ .‬فقال‬ ‫بالمارة شارد في أفكاره‪ ،‬يقع هرج‬ ‫أحدهم‪« :‬بينما هو يتأمل الشارع المكتظ ّ‬ ‫ومرج أمامه والناس يركضون في كل اتجاه‪ ،‬وفجأة يخرج صحن طائر من‬ ‫خلف أ‬ ‫البنية ويسقط في الحديقة العامة»‪ .‬ضحك الجميع‪ .‬لكن مدير الورشة‬ ‫أجابهم ضاحكاً مؤكداً أن كاتب السيناريو ليس أديباً وليس بالضرورة أيضاً‬ ‫يحولها إلى سيناريو‪.‬‬ ‫صاحب الفكرة التي ّ‬ ‫أنتما عرضتما فكرتكما‪ .‬آ‬ ‫سنحولها إلى سيناريو‪:‬‬ ‫الن‬ ‫ّ‬ ‫ المكان‪ :‬خارجي‪.‬‬‫ الزمان‪ :‬ليال ً‪.‬‬‫ وصف المكان‪ :‬طريق في وسط مدينة كبيرة‪ ،‬أبنيتها عالية على‬‫الجانبين‪.‬‬ ‫ هناك مجموعة من الناس في المكان وسيارات تسير‪.‬‬‫ الكاميرا في السيارة مع سائقها وهو البطل‪ ،‬وكاميرا في الخارج ترى‬‫السيارة والمكان عموماً‪ ....‬إلخ‪.‬‬


‫‪13 | 12‬‬

‫‪ -‬تحديد مكان التصوير‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد ما يتضمنه المشهد‪ .‬مشهد مكتوب من سيناريو ِفلم مخيال‬

‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫دمج للمشهد الثاني‬ ‫يستخدم كاتب السيناريو‬ ‫مخيلته لكيفية رؤية المشهد‬ ‫وينقلها للمخرج لتنفيذها‪.‬‬

‫عند كتابة السيناريو يتم‬ ‫إزاحة بداية أ‬ ‫السطر التي‬ ‫تحتوي على حوار إلى الداخل‬ ‫عن باقي أ‬ ‫السطر‪.‬‬ ‫كاتب السيناريو هو مخ ّيلة‬ ‫محول‬ ‫الفلم‪ .‬المخرج هو ّ‬ ‫ِ‬ ‫هذا الخيال الى واقع‪.‬‬

‫‪ - 1‬خارجي ‪ /‬المزرعة ‪ -‬الفزاعات ‪ /‬ليلي‬ ‫يحرك الهواء المالبس‬ ‫يفتح المشهد على سعفات النخيل‪ ..‬تنزل الكاميرا ببطء نحو الف َّزاعات التي ِّ‬ ‫الفزاعة أ‬ ‫الكبر كحارس‬ ‫التي عليها‪ ..‬تتحرك الكامير بين الفزاعات نحو النخلة ((الخنيزي)) حيث تقف َّ‬ ‫شخصي لنخلة‪ ..‬تصل الكامير بلقطة سفلية تكشف عن وجهة الفزاعة وسعف النخلة‪.‬‬

‫ تحديد حركة الكاميرا‪.‬‬‫‪ -‬زاوية التقاط المشهد‪.‬‬

‫‪ - 2‬خارجي ‪ /‬المزرعة ‪ -‬الفزاعات ‪ /‬نهاري‬ ‫يتغير المشهد أ‬ ‫الول للمشهد الثاني للنهار‪ ..‬يدخل سلمان لينزع مالبس الفزاعة ويضعها مع بقية‬ ‫والفزاعات وقد نُزعت عنها المالبس‬ ‫المالبس‪ ..‬تتسع اللقطة لتكشف عن المزرعة َّ‬ ‫‪ - 3‬خارجي ‪ /‬العين ‪ /‬نهاري‬ ‫لقطة رأسية على العين‪ ..‬أشعة الشمس تنعكس على الماء المتدفق وسط العين‪ ..‬المالبس تتحرك من‬ ‫أعلى الكادر لتصل لنصف الشاشة ((وسط العين))‪ ..‬تتحرك الكاميرا بالنزول للقطة متوسطة لسلمان‬ ‫وهو يغسل المالبس ويتركها للماء ليجرفها نحو البركة‪ ..‬في البعيد محمد قادم بسيكل نحو سلمان‬ ‫يتوقف عند العشة ويضرب جرس السيكل‪ ..‬سلمان يلتف له محمد يرفع بكيس في يده‪.‬‬ ‫‪ - 4‬داخلي ‪ /‬المزرعة ‪ -‬العشة ‪ /‬ليلي‬ ‫غوري الشاي أ‬ ‫يمل الشاشة‬ ‫سلمان أ‬ ‫يمل الكأس الزجاجي بالشاي‪ ،‬ويضعه بقربة‬ ‫محمد يجلس مقابال ً له يتناوالن الفطور‬ ‫سلمان دون أن يرفع رأسه يخاطب محمد‪:‬‬ ‫ولبس الفزاعات»‬ ‫ ‬ ‫«شيل الثياب من حبال الغسيل ِّ‬ ‫«وشيل الثياب من العين وانشرهم»‬ ‫ ‬ ‫محمد يرفع رأسه فقط وينظر لسلمان‬

‫توجه المخرج نحو المشهد‬ ‫الثاني الذي يلي المشهد أ‬ ‫الول‪.‬‬

‫السيناريو يحدد‪:‬‬ ‫ مكان التصوير‪.‬‬‫ الفضاء‪.‬‬‫ الشخصيات‪.‬‬‫ ما تقوم به الشخصيات في لحظة‬‫حركة الكاميرا بالتفصيل‬

‫‪ - 5‬خارجي ‪ /‬المزرعة – حبل الغسيل ‪ /‬نهاري‬ ‫يمل ربع الشاشة أ‬ ‫ثوب طويل أ‬ ‫اليسر‪ ..‬امتداد الحبل ينتهي بمحمد وهو ينزع المالبس من الحبل‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫محمد ينزع الثوب الخير ليكشف سلمان في الجهة الخرى يجمع الطماطم في سالت‬ ‫سيارة عراوي قادمة نحوهما‬ ‫تتوقف عند سلمان‬

‫هل صرتم تعرفون كيف تكتبون سيناريو؟‬ ‫حين طرحنا هذا السؤال على بعض المشاركين‬ ‫بعد انتهاء الجلسة أ‬ ‫الخيرة‪ .‬أجاب أحدهم بأنه‬ ‫بات يعرف كيفية كتابة السيناريو أكثر بكثير مما‬ ‫كان يعرفه قبل هذه الورشة‪ .‬صديقه الواقف‬ ‫معه‪ ،‬قال‪ :‬كنت أعتقد أنني أعرف ما هو‬

‫سنعيد كتابة سيناريو لفلم‬ ‫ت‬ ‫مش�ك كنا قد كتبناه‬

‫السيناريو‪ ،‬لكن آ‬ ‫الن بات لي صورة أشمل وأوسع‬ ‫الفلم‪.‬‬ ‫ومحددة لدور السيناريو في ِ‬ ‫وأجابت إحدى المشاركات بأنها ال تعرف ما إذا‬ ‫كانت ستكتب سيناريو أم ال‪« ،‬ولكنني استمتعت‬ ‫بهذه الورشة‪ ،‬ومنذ آ‬ ‫الن وصاعداً حين أشاهد‬ ‫ِفلماً سأنتبه للسيناريو فيه‪ ،‬أي لحوار الممثلين‬ ‫صور فيه‬ ‫وللموسيقى المرافقة والمكان الذي يُ َّ‬ ‫المشهد والديكور وكل ذلك‪ ،‬لم يعد يمر ِفلم‬ ‫مرور الكرام كما كان قبل مشاركتي في ورشة‬ ‫كتابة السيناريو»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫واقتربنا من مجموعة من الصدقاء في حلقة‬ ‫دائرية خالل االستراحة لشرب القهوة وكان‬ ‫يدور بينهم نقاش‪ .‬ما هو تعليقكم على هذه‬ ‫الورشة؟ سألناهم‪ .‬أجاب أحدهم بأننا نتناقش‬ ‫في سيناريو كنا قد كتبناه ِلفلم مشترك بيننا‪،‬‬ ‫ونفكر بأن نعيد كتابته على هدي ما تعلمناه‬ ‫خالل أ‬ ‫اليام الثالثة الماضية‪.‬‬

‫آ‬ ‫الن ب ُّت أعرف الفرق ي ن‬ ‫ب�‬ ‫ِ‬ ‫السيناريو والنص والحوار‪!...‬‬


‫من بين أفضل مقاطع سيناريو أفالم عالمية حتى العام ‪2000‬‬ ‫هذا ما انتقاه مخرجون َّ‬ ‫وكتاب سيناريو‪:‬‬ ‫• «أنا رجل تعيس‪ ،‬مملوء أ‬ ‫باللم‪ ،‬وأشعر بالتم ّزق عندما أدرك أنني‬ ‫لست لي»‪( .‬كاري جرانت‪ِ ،‬فلم سيئ السمعة‪ ،‬سيناريو بين هيكت ‪-‬‬ ‫‪1946‬م)‪.‬‬ ‫• «نحن الناس الذين يستحقون الحياة‪ ،‬في هذه الحياة»‪( .‬جين‬ ‫دارويل في ِفلم عناقيد الغضب‪ ،‬إخراج جون فورد‪ ،‬سيناريو نونالي‬ ‫جونسن ‪1940 -‬م)‪.‬‬ ‫• «أمي ‪...‬أخبريني ما هو المغزى بالضبط ؟»‪( .‬أنطوني بيركنز‪،‬‬ ‫ِفلم «سايكو»‪ ،‬إخراج ألفرد هيتشكوك‪ ،‬سيناريو جوزيف ستيفانو‪،‬‬ ‫‪1960‬م)‪.‬‬ ‫أ‬ ‫• «نحن ذاهبون إلى هناك ‪ ...‬ليس فقط لقتل أولئك الوغاد‪ ،‬بل‬ ‫لقلعهم من جذورهم واستخدامهم لتزييت دباباتنا»‪( .‬جورج سي‬ ‫سكوت‪ِ ،‬فلم «باتون»‪ ،‬إخراج فرانكلين شافلر‪ ،‬سيناريو فرانسيس‬ ‫فورد كوبوال وإدموند نورث ‪1970 -‬م)‪.‬‬ ‫• «أنت الفائز ‪...‬أنت الفائز ‪...‬حتى لو خسرت تبقى أنت الفائز»‪( .‬جو‬ ‫بسكي في ِفلم «الثور الهائج»‪ ،‬إخراج مارتن سكورسيزي‪ ،‬سيناريو‬ ‫بول شرايدر ‪1980 -‬م)‪.‬‬ ‫• «يالها من أمسية عظيمة أمضيتها ‪...‬إنها أشبه بمحاكمات نورمبرج»‪.‬‬ ‫(وودي آلن في ِفلم «ح َّنا وأخواتها»‪ ،‬سيناريو واخراج وودي آلن ‪-‬‬ ‫‪1986‬م)‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬

‫• «سامحني يا صاحب الجاللة‪ ،‬فأنا رجل أهوج‪ ،‬أما موسيقاي فليست‬ ‫مثلي»‪( .‬توم هلس في ِفلم «أماديوس موزار»‪ ،‬اخراج ميلوس‬ ‫فورمان‪ ،‬سيناريو بيتر شايفر – ‪1984‬م)‪.‬‬ ‫• «أنا لست سوى إنسان عادي ليس لديه ما يخسر»‪( .‬كيفن سبيسي‬ ‫في فلم «جمال أمريكي»‪ ،‬اخراج سام مينديس‪ ،‬سيناريو آ‬ ‫الن بال‬ ‫ِ‬ ‫ ‪1999‬م)‪.‬‬‫• «إن كوني ال أتذكر أشياء محددة ال يعني أن أفعالي ليست ذات‬ ‫معنى‪ ،‬العالم ال يختفي عندما تغلق عينيك‪ ،‬أليس كذلك؟»‪( .‬غي‬ ‫بيرس في ِفلم «ميمنتو» سيناريو وإخراج كرستوفر نوالن ‪2000 -‬م)‪.‬‬


‫‪15 | 14‬‬

‫بداية كالم‬

‫َّ‬ ‫المفضل‬ ‫ما هو مكانك‬

‫للتأمل؟‬

‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫‪1‬‬

‫ن‬ ‫يك‬ ‫تها� ب‬ ‫ي‬ ‫ال� ي‬

‫فنانة تشكيلية معارصة‬ ‫ن‬ ‫المتغ�ة ت‬ ‫تتبدل بفعل الرياح والهواء‬ ‫تشد� المناظر‬ ‫ال� َّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫وعوامل التعرية‪ ،‬الكثبان الرملية ي� الصحاري وصوت الرياح‬ ‫ن‬ ‫تجعل� أفتح‬ ‫الصف� الساحر‪ .‬كما أن حركة السحب وتشكالتها وتالشيها‬ ‫فيها‪ ،‬ذلك‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫عي� عىل وسعهما وأغوص ي� ثنايا الغيوم‪ ،‬رقصات المواج و«طشيش» صوتها‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫كث�اً‪ ،‬كأنها توجد مع الزمن معزوفات موسيقية‬ ‫المتغ�ة‬ ‫والزبد المتكون عند نهاياتها‪ ..‬هذه المناظر‬ ‫تأرس� ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫التغ�ات‪ ،‬وأشعر معها‬ ‫ال� تصور هذه ي‬ ‫طبيعية تقول ي‬ ‫غ� قصائد مبهمة‪ .‬ولذلك أعشق الفالم ي‬ ‫الكث� وتُ ي‬ ‫باستمرارية الحياة ف ي� يغ� رتابة‪.‬‬ ‫ن ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫يغ� أن ث‬ ‫حيا� اليومية سطح نز‬ ‫وتأ� لتقف عىل ركن‬ ‫م�‬ ‫أك�‬ ‫ال� دائماً تفي بوعدها ي‬ ‫مايشد� ي� ي‬ ‫ي‬ ‫لنا والحمامة ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫نز‬ ‫ش‬ ‫تأ� الحمامة يتكون مشهدي‬ ‫السطح باتجاه ال�ق‪ ..‬ي� سطح م�لنا أشعر يأ� ي� منفى آمن وحميم‪ .‬وعندما ي‬ ‫كث�ة أتأخر عن العودة‪.‬‬ ‫الخاص الذي من خالله أذهب بعيداً‪ ..‬أحياناً أعود وأحياناً ي‬

‫‪2‬‬

‫محمد رضا‬

‫ئ‬ ‫سينما�‬ ‫ناقد‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫واد أو ي� بحر أو نهر‬ ‫يشد� ي‬ ‫كث�اً منظر الماء‪ ..‬الماء الجاري ي� ٍ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫كث�اً‪ .‬إنه‬ ‫أو جدول أو ح� ي� حوض السباحة‪ .‬الماء‬ ‫يسحر� ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م� ساعات وأنا أتأمله‪ .‬أراقب بقعة بعينها وال أزيح برصي عنها‪ ،‬بينما شي�د‬ ‫يستغرق ي‬ ‫أ‬ ‫ن ف‬ ‫البح�ة وأتأمل‬ ‫ذه� ي� البعيد‪ .‬أضع كرسياً أو أجلس عىل الرض عند حافة النهر أو ي‬ ‫الماء وأتساءل‪ :‬يا هل ترى يمن أين أتت تلك القطرة من الماء؟‪ ،‬كيف ولدت؟ هل أتت من السماء مع أ‬ ‫المطار‬ ‫مص� حياتها؟ هل ستتبخر أم ستسافر إىل مصب‬ ‫وسقطت هنا؟ أم أنها خرجت من النبع؟ كم عمرها وما ي‬ ‫آخر ومنه إىل بحر آخر؟ تستمر أ‬ ‫ين‬ ‫أوكسج�؟ أين‬ ‫بداخل‪ :‬هل ستتنفس هذه القطرة سمكة وتحولها إىل‬ ‫السئلة‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ستم� بها الحياة؟‪ ..‬ماذا لو كنت أنا قطرة الماء تلك؟‬ ‫ي‬


‫‪3‬‬

‫عائشة محمد الكاف‬

‫معلِّمة رسم وفنون تشكيلية أ‬ ‫للطفال‬ ‫ف‬ ‫نفس ي� مكان‬ ‫أحب النظر والتأمل ف ي�‬ ‫السماء والغيوم‪ ،‬ما إن أجد ي‬ ‫ح� أرفع رأس إىل أ‬ ‫ن‬ ‫هادئ ت‬ ‫سترسق�‬ ‫العىل‪ .‬فإن وجدت غيوماً فإنها‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫من واقعي لبضعة دقائق‪ ،‬أتأمل أشكالها وحركتها البطيئة ولونها البيض الناصع مع‬ ‫خلفية زرقة السماء‪ ،‬إنها تبدو مثل القطن المنثور عىل صفحة زرقاء‪ .‬أحياناً تكون‬ ‫الغيوم محملة بالمطر ولونها داكن وهذا يث� خيال كث�اً‪ ،‬فأين ستهطل هذه أ‬ ‫المطار؟ هل ستهطل علينا أم �ف‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وتجعل� أنظر إليها وال أزيح عنها برصي‪ ،‬ويدور ف‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫مكان آخر‪ ..‬السماء الزرقاء الصافية أيضاً‬ ‫عقل‬ ‫�‬ ‫تستهوي�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الكث�‪.‬‬ ‫الكث� ي‬ ‫ي‬

‫‪4‬‬

‫الفاس‬ ‫مليكة حمدي‬ ‫ي‬ ‫نز‬

‫سيدة م�ل‬ ‫يسأل� أحد هذا السؤال من قبل‪ ،‬لذلك ن‬ ‫لم أتوقع أن ن‬ ‫أخذ�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف ت‬ ‫يث� فضول ف� ت‬ ‫ال�قب والتأمل‪ ،‬ووجدت‬ ‫عما‬ ‫ذا�‪ ،‬أوال ً للبحث‬ ‫ي‬ ‫السؤال إىل التأمل ي� ي‬ ‫ي ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫تأخذ� ي� رحلة تأمل قد تستغرق‬ ‫أن� مفتونة بالنظر إىل السماء والسحب‪ .‬فهي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫دقائق عديدة‪ .‬ث‬ ‫درجت�ن‬ ‫وأك� ما أحب‪ ،‬منظر السماء عندما تلتقي البحر‪ ،‬حيث ينقسم المنظر أمامي إىل‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫أجد� مأخوذة بالتحديق فيما يضمه الكون‪.‬‬ ‫من اللون الزرق‪ ،‬الفاتح للسماء والغامق إىل البحر‪ .‬هنا ي‬ ‫ت‬ ‫ال� أشاهدها ف ي� أفالم التلفزيون وتتناول موضوع الكون‬ ‫هناك ف ي� البعيد‪ ،‬الكوكب‬ ‫والمجموعات الشمسية ي‬ ‫ف‬ ‫والمجرات والفضاء ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫بي� ي ن‬ ‫نفس‪ :‬سبحان هللا‪،‬‬ ‫و� الوقت نفسه‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الكو� الشاسع‪ .‬ي‬ ‫وب� ي‬ ‫يجعل� ذلك أتمتم ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫أن� أصاب بالخدر والغياب‬ ‫بعقل إىل تخوم‬ ‫سبحان هللا‪ ،‬إنه منظر يذهب‬ ‫ي‬ ‫سحيقة وإىل تأمل عميق لدرجة ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫نفس‬ ‫وذه�‪.‬‬ ‫عن واقعي‪ .‬هذا المر يتكرر معي ي‬ ‫ي‬ ‫كث�ا عندما أكون ي� حالة صفاء ي‬

‫‪5‬‬

‫مبارك تاج الرس‬

‫حارس مدرسة‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫تط� وتحط ي� مكان ما ‪ ،‬ذهابها وتحليقها‬ ‫ال� ي‬ ‫هناك منظران أال أستطيع مقاومتهما ‪ :‬منظر الطيور ي‬ ‫وتط� عشوائياً ف ي� اتجاهات‬ ‫كث�ة ثم فجأة تف ّز ي‬ ‫ثم عودتها‪ .‬والجمل عندما يكون هناك جمع لطيور ي‬ ‫مختلفة وهي تطلق أصواتها ف ي� سعادة أو نداءات أو غناء‪ .‬أجد ف ي� ذلك إثارة وفضوال ً ما بعده فضول‪ .‬لذلك ما أن أجد‬ ‫الطفال‪ ،‬مجموعات أ‬ ‫يجذب� منظر أ‬ ‫وأ�د بخيال معها‪ .‬والمنظر آ‬ ‫ن‬ ‫تجمعاً للطيور ت‬ ‫ح� أتوقف وأراقب ش‬ ‫الطفال‬ ‫الخر الذي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫عندما يلعبون أو لحظة خروجهم من المدرسة‪ ،‬ركضهم وفوضاهم وحركتهم ورصخاتهم‪ ،‬إنهم تماماً مثل الطيور‪،‬‬ ‫أحرار وسعداء ويستجيبون لالنطالق بال أية كوابح أو ش�وط‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫ين‬ ‫حس� عثمان الزين‬

‫مندوب مبيعات بطاقات‬ ‫أحب مراقبة السيارات‪ .‬منذ كنت طفالً‪ ،‬وأنا مأخوذ بمراقبة السيارات‪ ،‬ومنذ‬ ‫سبعة ش‬ ‫ع� عاماً وأنا أسكن ف ي� شقة بالدور التاسع‪ .‬وهذا ما أتاح يل ممارسة‬ ‫هواي� أ‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ال يث�ة ف ي� مراقبة السيارات‪ .‬أقف عىل ال�فة المطلة عىل الشارع الرئيس وأروح أتأمل‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫السيارات الذاهبة والتية‪ .‬أفعل ذلك عدة مرات ي� اليوم‪ ،‬ال سيما عندما يكون هناك ازدحام‬ ‫بسبب مباراة كرة قدم ويعج الشارع بالسيارات‪ .‬فأظل أراقبها من الطابق التاسع‪ ،‬ش‬ ‫وأ�د معها‬ ‫وأنسج قصصاً عن شخصيات السيارات‪ .‬نعم شخصياتها‪ ،‬هكذا أتخيل أن لكل سيارة صفات‬ ‫إنسانية يحددها شكلها ولونها وحجمها وصوت بوقها‪ .‬أراقبها كل يوم تقريباً وأرسح معها وأفكِّر‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ئ‬ ‫و� السيارات تارات وتارات‪.‬‬ ‫ي� ي‬ ‫و� همومي تارة‪ ،‬ي‬ ‫أشيا� تارة‪ ،‬ي‬


‫‪17 | 16‬‬

‫كتب عربية‬

‫الشخصية الروائية‬ ‫تأليف‪ :‬هيثم حسين‬ ‫المارات‬ ‫‬‫للنشر‬ ‫الناشر‪ :‬دار نون‬ ‫إ‬ ‫العربية المتحدة‪2015 ،‬‬

‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫يتطرق المؤلف في هذا الكتاب إلى بعض أسرار الروائيين في ابتكارهم‬ ‫لشخصيات أبطالهم‪ ،‬ورسمهم المالمح المميزة لهم‪ ،‬واقتفائهم آثارهم‬ ‫يظل مرشحاً‬ ‫إن ّكل ما يحيط بالروائي ّ‬ ‫في الروايات وفي الحياة‪ ،‬حيث ّ‬ ‫للنهوض بدور البطولة في إحدى رواياته‪.‬‬ ‫وأن حياته هي مادة‬ ‫ِّ‬ ‫ويوضح أن كل إنسان هو مشروع شخصية روائية‪ّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫خصبة للرواية‪ ،‬يمكن االنطالق منها لكشف بعض اللغاز وتفكيكها‪،‬‬ ‫من خالل سبر أ‬ ‫العماق‪ ،‬وتظهير الصور المخبأة في عتمة الدواخل‪.‬‬ ‫أ‬ ‫الجابة عن عديد من السئلة‪ ،‬من قبيل‪ :‬كيف يبدع الروائي‬ ‫كما يحاول إ‬ ‫شخصياته؟ هل هي محض خيالية أو فيها شيء من عالمه؟ وما هي‬ ‫يحبها أم يكرهها أم يخفي مشاعره؟ وما هي‬ ‫مشاعره تجاهها؟ هل ّ‬ ‫مشاعره تجاه قسوة مصائرها؟‬ ‫مقدمة بعنوان‪« :‬الشخصية الروائية وسلطتها‬ ‫يحتوي الكتاب على ّ‬ ‫النافذة»‪ ،‬ومن أبرز عناوين فصوله‪ :‬بعض أطوار الشخصية الروائية‪،‬‬ ‫الس َير‬ ‫التداخل بين شخصية الروائي وشخصياته الروائية‪ ،‬مقاربات في ِ‬ ‫والمذكرات‪ ،‬مرونة الشخصية وتفاعلها المستمر‪ ،‬التأثير والتأثر في‬ ‫الرواية‪.‬‬

‫مهارات القيادة اإلدارية‬ ‫وأخالقيات األعمال‬ ‫تأليف‪ :‬ناصر زيدان‬ ‫الناشر‪ :‬الدار العربية للعلوم‬ ‫ناشرون ‪2014‬‬

‫تطور العلم الداري تطوراً كبيراً في الحقبة أ‬ ‫الخيرة‪ .‬وارتبط هذا التطور بما‬ ‫إ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عاشته المؤسسات المنتجة في القطاعين العام والخاص من زيادة في حجم‬ ‫مهماتها‪ ،‬واتساع دورها وابتكارات في أساليب عملها‪ .‬إن أهم ما يحتاجه‬ ‫التطور‪ ،‬وابتكار الجديد في أساليب‬ ‫البداع‪ ،‬ومواكبة‬ ‫الداري هو إ‬ ‫العمل إ‬ ‫ّ‬ ‫فإن القيادة هي ركن‬ ‫التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة‪ .‬وعلى هذا‪ّ ،‬‬ ‫أساسي من أركان نجاح أي وحدة إدارية‪ ،‬مهما كان حجمها‪ ،‬كبيراً أم صغيراً‪،‬‬ ‫وسواء أكانت وحدة تابعة للقطاع الحكومي‪ ،‬أم للقطاع الخاص‪ .‬فكالهما‬ ‫يحتاجان إلى أشخاص إداريين‪ ،‬يتمتعون بكفايات قيادية‪ ،‬تستند إلى مهارات‬ ‫ضرورية في مهامهم‪.‬‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫الدارية بمهارة عالية‪ ،‬يترابط عملياً‬ ‫فإن ممارسة العمال إ‬ ‫وفي الوجه الخر‪ّ ،‬‬ ‫وموضوعياً مع أ‬ ‫الخالقيات التي تتناسق مع المهارات التقنية والتنفيذية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫فأخالقيات أ‬ ‫العمال سمات راقية‪ ،‬يُفترض توافرها في الداء الناجح في‬ ‫النتاجية ‪ -‬الصناعية والزراعية والسياحية‪ ،‬وفي التجارة والتسويق‪،‬‬ ‫القطاعات إ‬ ‫وفي أ‬ ‫العمال المالية‪ ،‬وفي الخدمة االجتماعية‪ ،‬وفي ممارسة الوظائف العامة‪،‬‬ ‫وهذه أ‬ ‫الخالقيات ركيزة المواطنة الصالحة‪.‬‬ ‫الداري تتركز على مهارة رسم‬ ‫ولعل أهم هذه المهارات التي يحتاجها القائد إ‬ ‫أ‬ ‫الهداف والتفاوض والتواصل وإدارة فريق العمل والتحفيز وإدارة الوقت‬ ‫وإدارة التغيير ّ‬ ‫وحل المشكالت‪.‬‬

‫الرحيل‪ :‬نظرياته والعوامل‬ ‫المؤثرة فيه‬ ‫تأليف‪ :‬محمد حسن علوان‬ ‫الناشر‪ :‬دار الساقي ‪2014‬‬

‫بعد روايات جعلت من محمد حسن علوان واحد ًا‬ ‫من الروائيين الشباب المؤثرين في المشهد الثقافي‬ ‫السعودي والعربي‪ ،‬مثل «سقف الكفاية» و«صوفياً»‬ ‫و«القندس»‪ ،‬أصدر علوان أول كتاب نظري له في‬ ‫عنوان «الرحيل‪ :‬نظرياته والعوامل المؤثرة فيه»‪.‬‬ ‫يقول الكاتب إن في عالم اليوم أكثر من مائتي‬ ‫مليون مهاجر‪ ،‬لو ق ُِّدر لهم أن يجتمعوا في دولة‬ ‫مستقلة لصارت خامس أكبر دولة في العالم سكاناً‪،‬‬ ‫ولو أضفنا إليهم أولئك الراحلين بشكل مؤقت‪ ،‬فهذا‬

‫يعني أن خمس سكان كوكب أ‬ ‫الرض قيد الرحيل بينما‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫تقبع أ‬ ‫الخماس الربعة الخرى في انتظار فرصتها‪.‬‬ ‫أفواج غفيرة من البشر هم في حركة دائمة ورحيل‬ ‫مستمر‪ ،‬وهو شأن خليق بأن يترك آثاراً هائلة في‬ ‫كل بقعة يرحلون منها ويفدون إليها‪ .‬وهذا ما دفع‬ ‫الكاتب إلى التركيز على ظاهرة الرحيل باعتبارها‬ ‫ظاهرة شديدة التأثير وبحاجة ماسة إلى إجابات‬ ‫عميقة ألسئلة مثل‪ :‬من يرحل؟ وكيف؟ ولماذا؟ وما أثر‬ ‫هذا الرحيل؟‬


‫العمال الكاملة أ‬ ‫صدرت مؤخراً أ‬ ‫للديب اللبناني المهجري جبران خليل‬ ‫يضمان «المؤلفات العربية الكاملة» و«المؤلفات‬ ‫جبران‪ ،‬في مجلدين ّ‬ ‫وتضم‬ ‫وقدم لها الدكتور نديم نعيمة‪،‬‬ ‫إ‬ ‫عربها َّ‬ ‫ُّ‬ ‫النجليزية الكاملة» التي أ َّ‬ ‫الملونة الصلية‪.‬‬ ‫رسومات جبران ّ‬ ‫يضم المجلد أ‬ ‫الول «جبران خليل جبران‪ :‬المؤلفات العربية الكاملة»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الكتب التالية‪ :‬الموسيقى‪ ،‬عرائس المروج‪ ،‬الرواح المتمردة‪ ،‬الجنحة‬ ‫المتكسرة‪ ،‬دمعة وابتسامة‪ ،‬المواكب‪ ،‬العواصف‪ ،‬البدائع والطرائف‪.‬‬ ‫فيضم ترجمات‬ ‫معربة»‪،‬‬ ‫المجلد الثاني‪« :‬المؤلفات إ‬ ‫ّ‬ ‫ّأما ّ‬ ‫النجليزية الكاملة ّ‬ ‫أعدها الدكتور‬ ‫محدثة لمؤلفات جبران خليل جبران إ‬ ‫النجليزية الكاملة ّ‬ ‫َّ‬ ‫نديم نعيمة‪ .‬تضم هذه المؤلفات‪ :‬المجنون‪ ،‬السابق‪ ،‬رمل وزبد‪ ،‬التائه‪،‬‬ ‫أ‬ ‫بالضافة إلى ترجمة جديدة كلياً لكتاب «النبي»‪.‬‬ ‫لعازر وحبيبته‪ ،‬العمى‪ ،‬إ‬ ‫أ‬ ‫كذلك يضم المجلد الثاني الرسوم الصلية الملونة التي أرفقها جبران‬ ‫بهذه المؤلفات منذ الطبعة أ‬ ‫الولى‪ .‬واستغرق جمع هذه الرسوم عامين‬ ‫ونصف العام‪ ،‬وذلك بعد التواصل مع لجنة جبران الوطنية ومتحف‬ ‫«‪ »Telfair‬أ‬ ‫المريكي للحصول عليها‪.‬‬

‫يوثق هذا الكتاب تاريخ وعمارة وفنون أعرق مسجد في مصر في ألف عام‪،‬‬ ‫السالمية في العالم‬ ‫تحول خاللها من مسجد للصالة إلى أحد أبرز الجامعات إ‬ ‫َّ‬ ‫وأشهرها‪.‬‬ ‫السالم امتازت‬ ‫مبان سابقة على إ‬ ‫ويذكر الكتاب ّ‬ ‫أن أعمدة الجامع ُ‬ ‫«جلبت من ٍ‬ ‫وأن بناءه تأثر بتخطيط مسجد عقبة بن نافع بمدينة‬ ‫بتيجانها المزخرفة» ّ‬ ‫القيروان التونسية ومسجد الزيتونة بالعاصمة التونسية‪ ،‬ولكن الجامع أ‬ ‫الزهر‬ ‫ُشيد بأيدي ب َّنائين مصريين ومواد وتقنيات مصرية‪ .‬وتنفيذاً ألمر المعز لدين‬ ‫هللا الفاطمي بدأ القائد جوهر الصقلي تشييد جامع أ‬ ‫الزهر عام ‪ 970‬ميالدية‬ ‫في العام التالي لوضع حجر أ‬ ‫الساس لمدينة القاهرة‪ ،‬واستغرق بناؤه نحو ‪28‬‬ ‫شهراً‪.‬‬ ‫ويقول الكتاب‪ ،‬إن المسجد في البداية لم يحمل اسم «الجامع أ‬ ‫الزهر»‬ ‫ّ‬ ‫النبي محمد ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬السيدة فاطمة‬ ‫ّ‬ ‫وإنما نسب إليه اسم بنت ّ‬ ‫الزهراء ‪-‬رضي هللا عنها‪ -‬التي ينتسب إليها الفاطميون‪ ،‬وحمل بعد ذلك اسم‬ ‫أ‬ ‫«الزهر» تفاؤال ً بما سيكون له من الشأن والمكانة بازدهار العلوم فيه‪.‬‬ ‫وقد قال شيخ أ‬ ‫الزهر في مقدمة هذا الكتاب‪ ،‬الذي هو ثمرة مشروع بحثي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫إن الزهر عبر تاريخه‬ ‫قامت به مكتبة إ‬ ‫السكندرية بالتعاون مع مشيخة الزهر‪ّ ،‬‬ ‫ظل منارة تعليمية وثقافية أسهمت في «تنوير أ‬ ‫ّ‬ ‫المة‪ ...‬واستعصائها على‬ ‫الذوبان والتالشي أمام تقلبات التاريخ واضطراب الحضارات»‪.‬‬

‫من الذاكرة األحسائية‬ ‫تأليف‪ :‬أحمد بن حسن البقشي‬ ‫الناشر‪ :‬الجواد للطباعة والتغليف ‪2014‬‬

‫يتضمن هذا الكتاب مجموعة كبيرة من الفصول التي ال‬ ‫َّ‬ ‫يربط بين عناوينها أي رابط غير أنها تتكامل في رسم صورة‬ ‫أ‬ ‫الحساء بكل ما فيها من زخارف ثقافية وحياتية في العصر‬ ‫الحديث‪ .‬فالكتاب ليس موسوعة بالمعنى التقليدي‬ ‫للكلمة‪ ،‬ولكنه يكاد أن يكون كذلك لمن يريد أن يعرف أكثر‬ ‫عن أ‬ ‫الحساء ومن داخلها‪.‬‬

‫الخنجر الحساوي وعين أم خريسان‪ ،‬وتاريخها من الرق‬ ‫والعبودية إلى مسيرة الشرطة‪ ..‬ومع التوقف طويال ً أمام‬ ‫انتشار أ‬ ‫الحسائيين في مناطق المملكة والدول العربية‪ ،‬ال‬ ‫يخلو الكتاب من صفحات أدبية وثقافية مثل أنشودة من‬ ‫الحرف والمهن‪ ،‬ما‬ ‫التراث المحلي‪ ،‬وال من الحديث عن ِ‬ ‫هو قائم منها‪ ،‬وما انقرض‪.‬‬

‫فما بعد عنوان الفصل أ‬ ‫الول «الحرب العالمية الثانية‬ ‫وصداها في أ‬ ‫الحساء»‪ ،‬تطالعنا مجموعة فصول تتناول‬ ‫البراد مروراً‬ ‫مختلف أوجه الحياة الزراعية‪ ،‬من البقرة إلى َّ‬ ‫بالحمار والبقالة‪ .‬ومعالم المنطقة والحياة اليومية مثل‬

‫وقدم‬ ‫يقع هذا الكتاب في ‪ 300‬صفحة من القطع الكبير‪َّ ،‬‬ ‫الحرفية المهندس‬ ‫له الباحث التراثي وخبير الصناعات ِ‬ ‫عبدهللا الشايب‪.‬‬

‫كتب عربية‬

‫جبران خليل جبران‪...‬‬ ‫األعمال الكاملة في‬ ‫مجلدين‬ ‫الناشر‪ :‬دار نوفل‪2015 ،‬‬

‫الجامع األزهر الشريف‬ ‫(مجلدان)‬ ‫تأليف‪ :‬محمد السيد حمدي‬ ‫وشيماء السايح‬ ‫السكندرية ‪2013‬‬ ‫الناشر‪ :‬مكتبة إ‬


‫استطاع كيفن أشتون‪ ،‬من خالل كونه رائداً في مجال التكنولوجيا‬ ‫في «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» وكأحد مؤسسي ثالث‬ ‫شركات من أنجح الشركات الناشئة‪ ،‬أن يختبر عن كثب تجربة‬ ‫أ‬ ‫نطير الحصان»‬ ‫ابتكار الشياء الجديدة‪ .‬وفي كتاب «كيف ّ‬ ‫يختصر أشتون تجربته على مدى عشرين عاماً ويأخذنا في‬ ‫قدمتها إالنسانية لكشف‬ ‫تمر بأعظم االكتشافات التي ّ‬ ‫رحلة ّ‬ ‫الحقيقة المفاجئة لمن يكتشف وكيف يكون ذلك‪ .‬وفي هذه‬ ‫امتدت من مختبر البلورات حيث ّتم اكتشاف ّأول‬ ‫الرحلة التي ّ‬ ‫أسرار الحمض النووي من قبل إحدى النساء المنسيات‪ ،‬إلى‬ ‫إحدى الغرف الكهرومغناطيسية حيث ّتم ابتكار أهم الطائرات‬ ‫المقاتلة نتيجة شرط بين شخصين‪ ،‬إلى متجر الد َّراجات في‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫«يطيروا‬ ‫والية أوهايو المريكية حيث أانطلق الخوان رايت لكي ّ‬ ‫حصاناً»‪ .‬يتطرق أشتون إلى الفراد غير المعروفين‪ ،‬والخطوات‬

‫التدريجية‪ ،‬والخفاقات المتعددة‪ ،‬أ‬ ‫والعمال العديدة التي عادة‬ ‫إ‬ ‫ّ‬ ‫ال يُعترف بأهميتها وتؤدي إلى تلك االكتشافات المدهشة‪.‬‬ ‫يقول أشتون إن المبدعين هم أ‬ ‫الشخاص الذين يستطيعون‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫معينة‪ ،‬تطبيق التفكير اليومي االعتيادي الممكن ألي‬ ‫بطرق َّ‬ ‫شخص‪ ،‬واتخاذ آالف الخطوات الصغيرة والعمل في دائرة‬ ‫هائلة من المشكالت والحلول‪ .‬كما يستكشف كيف يستطيع‬ ‫المبتكرون مقاومة الصعوبات وكيف يتغلبون عليها‪ .‬ويستطلع‬ ‫أ‬ ‫السباب التي تدفع بمعظم المؤسسات إلى خنق المبدعين‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ويظهر كيفية عمل أكثر المؤسسات المبدعة‪ .‬ومن خالل المثلة‬ ‫المستمدة من الفنون والعلوم إلى عالم أ‬ ‫العمال واالبتكارات‪،‬‬ ‫من موزارت إلى الدمى المتحركة‪ ،‬ومن أرخميدس إلى شركة آبل‪،‬‬ ‫نطير الحصان» هو عبارة عن رحلة َّأخاذة في كيفية‬ ‫كتاب «كيف ّ‬ ‫والدة االكتشافات الجديدة‪.‬‬

‫في كتابه «القفص الزجاجي»‪ ،‬يذهب نيكوالس كار أبعد من‬ ‫العناوين الكبرى لمصانع الروبوتات والسيارات ذاتية القيادة‬ ‫وأجهزة الكمبيوتر التي يمكن وضعها على معصم اليد‬ ‫والدوات الرقمية‪ ،‬ويقوم باستكشاف أ‬ ‫أ‬ ‫الثمان الغالية التي‬ ‫آ‬ ‫إن كان‬ ‫جراء القبول بتحكم البرمجيات اللية بحياتنا‪ْ ،‬‬ ‫ندفعها َّ‬ ‫في مجال العمل أو اللهو‪ ،‬أو عندما تس ِّهل تلك البرمجيات‬ ‫المور أ‬ ‫القفص الزجاجي‪ :‬التشغيل اآللي ونحن حياتنا وتسلب منا كثيراً من أ‬ ‫الساسية‪.‬‬ ‫‪The Glass Cage: Automation and Us‬‬ ‫تشدد‬ ‫فباالعتماد على الدراسات النفسية والعصبية التي ِّ‬ ‫تأليف‪ :‬نيكوالس كار‬ ‫أ‬ ‫على العالقة الوثيقة بين القيام بالعمال اليومية الصعبة‬ ‫الناشر‪( Brilliance Audio :‬سبتمبر ‪)2013‬‬

‫أن اهتمامنا‬ ‫والشعور بالسعادة واالكتفاء‪ ،‬يظهر كار ّ‬ ‫وانشغالنا بشاشات الكمبيوتر يمكن أن يولِّد لدينا الشعور‬ ‫بالغربة وعدم الرضا‪.‬‬ ‫من مصانع النسيج في القرن التاسع عشر إلى قمرات القيادة‬ ‫في الطائرات الحديثة‪ ،‬إلى الخرائط العقيمة ألجهزة تحديد‬ ‫المواقع‪ ،‬يستكشف كتاب «القفص الزجاجي» تأثير التشغيل‬ ‫آ‬ ‫اللي من منظور إنساني عميق‪ ،‬وهو يلقي الضوء على‬ ‫التأثيرات الشخصية واالقتصادية على اعتمادنا المتزايد على‬ ‫أجهزة الكمبيوتر‪.‬‬

‫‪19 | 18‬‬

‫كتب من العالم‬

‫السري‬ ‫ّ‬ ‫كيف نطيِّ ر الحصان‪ :‬التاريخ‬ ‫لإلبداع واالختراع واالكتشاف‬ ‫‪How to Fly a Horse: The Secret History of‬‬ ‫‪Creation, Invention and Discovery‬‬ ‫تأليف‪ :‬كيفن أشتون‬ ‫الناشر‪( Doubleday :‬يناير ‪)2015‬‬

‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫سقوط اللغة في عصر اإلنجليزية‬ ‫‪The Fall of Language in the Age of English‬‬ ‫تأليف‪ :‬ميناي ميزومورا‬ ‫الناشر‪ :‬اليابان ‪ 2008‬ترجم إلى إالنجليزية ونشر‬ ‫من قبل ‪Columbia University Press, 2015‬‬

‫يعرض هذا الكتاب للصراع الذي يتخبط فيه عديد من‬ ‫اللغات العالمية للمحافظة على تألقها وخصائصها الفريدة‬ ‫النجليزية‪.‬‬ ‫في هذا العصر الذي تسيطر عليه اللغة إ‬ ‫وتعترف الكاتبة المولودة في طوكيو التي نشأت وترعرعت‬ ‫في الواليات المتحدة‪ ،‬بأهمية وجود لغة عالمية في السعي‬ ‫تشدد على الطرق‬ ‫وراء المعرفة‪ ،‬ولك ّنها‪ ،‬في الوقت نفسه‪ّ ،‬‬ ‫وتحذّ‬ ‫ر‬ ‫تقدمها اللغات المختلفة‪.‬‬ ‫المتعددة للفهم التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ميزومورا من فقدان التنوع الفريد‪.‬‬ ‫تقدم‬ ‫فطالما لعبت اللغات العالمية دوراً محورياً في ّ‬ ‫جو العولمة الذي‬ ‫المجتمعات إ‬ ‫النسانية‪ .‬ولكن من خالل ّ‬

‫النجليزية‪ ،‬وبسرعة‪،‬‬ ‫النترنت ستصبح اللغة إ‬ ‫فرضته شبكة إ‬ ‫اللغة الرئيسة الوحيدة للإنسانية جمعاء‪ .‬وتؤكد الكاتبة أن‬ ‫التصدي لهذه الموجة الجارفة‪ ،‬وأن‬ ‫هنالك صعوبة كبيرة في‬ ‫ِّ‬ ‫المحافظة على المساواة في أهمية اللغات أمر مستحيل‪،‬‬ ‫وإنما هناك أنواع معينة من المعرفة ال يمكن الحصول عليها‬ ‫ّ‬ ‫إال من خالل الكتابة بلغات معينة‪ .‬وأكثر ما يبرز ذلك من‬ ‫أ‬ ‫النسانية‪.‬‬ ‫خالل الكتابة الدبية التي يمكنها أن تغذي وتغني إ‬ ‫السيما‬ ‫إ‬ ‫ومحبة للغة‪ّ ،‬‬ ‫بالشارة إلى تجربتها الخاصة ككاتبة ّ‬ ‫تقدم ميزومورا دراسة معمقة للظاهرة‬ ‫اللغة اليابانية‪ّ ،‬‬ ‫المتعلقة بالتعبير الفردي والمجتمعي‪.‬‬

‫من أجل تفسير العالم‪ :‬اكتشاف‬ ‫العلوم الحديثة‬ ‫‪To Explain the World: the Discovery of‬‬ ‫‪Modern Science‬‬ ‫تأليف‪ :‬ستيفن وينبرغ‬ ‫الناشر‪( Harper :‬فبراير ‪)2015‬‬

‫يقدم هذا الكتاب دراسة حول تاريخ العلوم ابتدا ًء من‬ ‫ِّ‬ ‫الغريقية إلى العصر الحديث‪ .‬وفي هذا التاريخ‬ ‫الحضارة إ‬ ‫الغني والمؤثر يأخذنا ستيفن وينبرغ‪ ،‬العا ِلم الحائز جائزة‬ ‫نوبل بالفيزياء والذي يُعد من أبرز المفكرين في العالم‪،‬‬ ‫في رحلة عبر القرون من اليونان القديمة إلى بغداد في‬ ‫القرون الوسطى وأوكسفورد‪ ،‬ومن أكاديمية أفالطون إلى‬ ‫السكندرية إلى الجمعية الملكية في لندن‪ .‬ويظهر‬ ‫متحف إ‬ ‫بالضافة‬ ‫أن العلماء في العصور القديمة والوسطى‪ ،‬إ‬ ‫كيف ّ‬ ‫إلى عدم إدراكهم لما نعرفه اليوم عن أسرار الكون‪،‬‬ ‫لم يكونوا على وعي لما يجب عليهم معرفته أو كيفية‬ ‫وإنما‪ ،‬عبر العصور‪ ،‬من خالل‬ ‫فهمه بطريقة صحيحة‪ّ .‬‬

‫الكفاح لتفسير بعض أ‬ ‫المور الغامضة مثل حركة الكواكب‬ ‫وارتفاع أ‬ ‫المواج وانخفاضها‪ ،‬نشأت مبادئ العلوم الحديثة‬ ‫بطريقة تدريجية‪ .‬ومن خالل هذا الكتاب‪ ،‬يستكشف‬ ‫وينبرغ نماذج التضارب والتعاون بين العلوم والمجاالت‬ ‫أ‬ ‫الخرى مثل التكنولوجيا والشعر والرياضيات والفلسفة‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫باختصار‪ ،‬إنه كتاب يلقي الضوء على الطريقة التي نفهم‬ ‫بها الكون الذي نعيش فيه‪.‬‬


‫بين كتابين‬

‫أعمارنا الهاربة‪..‬‬

‫(‪ )1‬لماذا نكبر؟ الفلسفة في المرحلة االنتقالية‪ .‬تأليف‪ :‬سوزان نيمان‬ ‫‪Why Grow up? Philosophy in Transit, by Susan Neiman‬‬ ‫الناشر‪( Penguin :‬سبتمبر ‪)2014‬‬ ‫(‪ )2‬الشباب‪ :‬تاريخ ثقافي للعمر‪ .‬تأليف‪ :‬روبرت بوغ هاريسون‬ ‫‪Juvenescence: A Cultural History of Our Age, by Robert Pogue‬‬ ‫‪Harrison‬‬ ‫الناشر‪( University of Chicago Press :‬نوفمبر ‪)2014‬‬

‫في المجتمعات الحديثة ّكل ما حولنا يشير إلى عشق للصبا والشباب‪ ،‬من‬ ‫عمليات التجميل الرائجة إلى انتشار استخدام المكمالت الغذائية وتشجيع‬ ‫الرياضة إلى شتى أ‬ ‫المور التي تعد بالمحافظة على الشباب الدائم‪ .‬ولكن من‬ ‫يتم إفقار الشباب والنضج معاً‬ ‫خالل هذا التشبث العنيد بالشباب والصبا‪ّ ،‬‬ ‫من معناهما الحقيقي‪.‬‬ ‫بأن التقدم في العمر في عصرنا‬ ‫تقول سوزان نيمان في كتابها «لماذا نكبر؟» ّ‬ ‫الحالي يبدو مشروعاً قاتماً‪ .‬مع التقدم في العمر يطلب من أ‬ ‫الشخاص‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫التخلي عن معظم آمال وأحالم الطفولة‪ ،‬واالستسالم لحياة شاحبة تختلف‬ ‫عن الحياة الممتعة المملوءة بالمغامرات التي نتخيلها في مرحلة الطفولة‪.‬‬ ‫ومن الذي يريد ذلك؟ ليس من المستغرب أن نعيش في ثقافة عدم النضج‬

‫المستشري عندما تبدو الحياة الناضجة مملة لهذه الغاية‪ .‬فهناك ميل سائد‬ ‫في العصر الحديث لوضع الشباب والتقدم في العمر في مواجهة صعبة‬ ‫مع بعضهما بعضاً‪ .‬وهو الميل الذي يؤدي‪ ،‬حسب نيمان‪ ،‬إلى ظهور أبرز‬ ‫يتم‬ ‫التشوهات في عصرنا الحديث‪ .‬ففي المجتمع االستهالكي المعاصر ّ‬ ‫صور‬ ‫الخلط بين البلوغ والقدرة على تجميع الممتلكات الباهظة الثمن‪ ،‬بينما تُ َّ‬ ‫أ‬ ‫«الفكار حول عالم أكثر عدالة وإنسانية كمجرد أحالم طفولية»‪.‬‬ ‫وفي كتاب «الشباب» الذي هو تحليل ثاقب للتاريخ الثقافي لمعنى العمر‪،‬‬ ‫بقوم الكاتب روبرت هاريسون بتحديد التناقض نفسه في النزعة الجماعية‬ ‫لجعل أنفسنا أكثر شباباً إن كان من ناحية المظهر أو السلوك أو طريقة‬ ‫أي أمر آخر من ناحية الرغبات‪ .‬فمن أكثر‬ ‫التفكير أو أسلوب الحياة وأكثر من ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫المور التي تلحق بمجتمعاتنا نوعاً من الهزيمة الذاتية‪ ،‬إعطاء الجيال الشابة‬ ‫نزودهم بها‬ ‫السيادة على ثقافتنا‪ ،‬بينما نحرمهم من الحكمة التي يمكن أن ِّ‬ ‫إن العالم الذي نعيش‬ ‫كأشخاص راشدين نتوق للتشبه بهم‪ .‬يقول هاريسون ّ‬ ‫فيه أصبح غنياً بالعبقرية‪ ،‬من خالل ازدهار االختراعات التكنولوجية العملية‪،‬‬ ‫تعبر عن جدارة بأنّها من أهم العناصر في‬ ‫بينما هو فقير بالحكمة التي ِّ‬ ‫ضمان استمرارية العالم‪.‬‬ ‫التقدم في العمر‪،‬‬ ‫والسؤال الذي يطرح نفسه هنا‪ ،‬كيف يمكن الدفاع عن ّ‬ ‫بينما تصطف جميع قوى الثقافة المعاصرة ضده؟ ما يتشاركه هذان الكتابان‬ ‫أكثر من أي شيء آخر هو االهتمام بالنضج كعالقة داخلية مستمرة بدال ً‬ ‫تقدم لنا‬ ‫من كونها رفضاً لذواتنا الفتية‪ .‬تلجأ نيمان إلى الفلسفة التي ِّ‬ ‫ّ‬ ‫الحل للمساعدة على النضج بطريقة سليمة‪ ،‬وتقول إنّه لطالما كان العمل‬ ‫والترحال‪ ،‬سواء أكان بمعناه الحرفي أو المجازي‪ ،‬خطوة أساسية بالنسبة‬ ‫لكثير من المفكرين مثل كانط وروسو وهيوم وسيمون دو بوفوار‪ ،‬خطوة‬ ‫تجعل من عملية النضج عملية تدريجية‪ ،‬وتجعل االعتراض على الواقع‬ ‫أبعد من أن يكون طفولياً بل يتبع قانون العقل الذي يجعل الواقع مفهوماً‬ ‫ومقبوالً‪.‬‬ ‫أما هاريسون فيقترح حال ً يعتمد على ثقافة يتم فيها إحياء قوى الحكمة‪.‬‬ ‫معين في ّ‬ ‫ظل تاريخ‬ ‫فنحن نكبر بيولوجياً ونفسياً واجتماعياً ضمن إطار ثقافي ّ‬ ‫َّ‬ ‫قد سبقنا وسوف يستمر من بعدنا‪ .‬والتاريخ ال يتكشف حقيقة إل من خالل‬ ‫والتقدم بالعمر أو بين العبقرية والحكمة‪،‬‬ ‫حوار طويل بين مبادئ الشباب‬ ‫ّ‬ ‫البداعية بحكمة‬ ‫وإن المجتمعات المزدهرة هي التي يتم فيها تزويد الثقافة إ‬ ‫ّ‬ ‫الماضي ويجري إحياء التقاليد القديمة من خالل االختراعات الحديثة‪ .‬ويؤكد‬ ‫هاريسون أنّه «في الوقت الذي تفتح فيه العبقرية النافذة على اكتشافات‬ ‫المستقبل‪ ،‬تحمل الحكمة موروثات الماضي وتقوم بتجديدها من خالل‬ ‫تسليمها إلى أ‬ ‫الجيال الجديدة»‪.‬‬

‫كتب من العالم‬

‫عند تالشي الضوء‬ ‫‪In Tijden Van Afnemendlicht‬‬ ‫تأليف‪ :‬يوجين روج‬ ‫الناشر‪( GeusUitgeverij :‬يناير ‪)2012‬‬

‫تسرد رواية «عند تالشي الضوء» التي حازت جائزة الكتاب‬ ‫أ‬ ‫اللماني‪ ،‬قصص أربعة أجيال ألمانية من عائلة واحدة‬ ‫ووقائع تمتد من العام ‪ 1952‬إلى العام ‪2001‬م‪ .‬ومنذ‬ ‫صدورها في ألمانيا‪ ،‬أحدثت الرواية ضجة كبيرة في أ‬ ‫الوساط‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫والعالمية بصفتها ملحمة التاريخ اللماني‬ ‫الدبية والسياسية إ‬ ‫الحديث‪.‬‬ ‫أ‬ ‫تدور أحداثها الساسية فيما كان يُعرف بألمانيا الشرقية‪،‬‬ ‫لتتابع في المكسيك وسيبيريا وذلك مع تشتت أفراد العائلة‬ ‫تحوالت سياسية وجغرافية واقتصادية‬ ‫الذين شهدوا ّ‬ ‫وبدلت كثيراً من‬ ‫واجتماعية‪ ،‬قلبت نظام حياتهم‪ّ ،‬‬ ‫معتقداتهم االجتماعية الفكريّة‪ ،‬التي تم َّثلت في ردود‬ ‫أفعالهم حيال جملة من أ‬ ‫الحداث المتالحقة‪ ،‬كان أقواها‬

‫انهيار جدار برلين وتوحيد ألمانيا من جديد‪.‬‬ ‫تأخذنا الرواية إلى أ‬ ‫المام‪ ،‬ومن ّثم تعود بنا إلى الوراء‪،‬‬ ‫وهي ترسم صورة بانورامية لتاريخ العائلة من عودة أجداد‬ ‫ألكسندر إلى ألمانيا لبناء دولة اشتراكية‪ ،‬إلى السنوات‬ ‫التي أمضاها والده في السجن‪ ،‬إلى رغبة ابنه بترك جميع‬ ‫صراعات الماضي والتطلع إلى المستقبل‪.‬‬ ‫وهي رواية تحمل كثيراً من الحكمة والفكاهة والتعاطف التام‬ ‫مع شخصيات تلك العائلة أ‬ ‫اللمانية التي ستدخل التاريخ‬ ‫وتحفر فيه اسمها مثل عائلة بوينديا للكاتب الالتيني غبريال‬ ‫اليطالي جوزيبي‬ ‫غارسيا ماركيز وعائلة لو غيبار للكاتب إ‬ ‫توماسي دي المبيدوزا‪.‬‬


‫‪21 | 20‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫قول في مقال‬

‫أن تكتب عن‬ ‫المرأة‬ ‫محمد العصيمي‬ ‫أن تكتب عن المرأة ف ي� عالمنا‬ ‫ن‬ ‫يع� أنك‬ ‫بي‬ ‫العر� وأنت رجل ي‬ ‫ين‬ ‫الجنس�‪ :‬رجل‬ ‫الدباب� من‬ ‫دخلت عش‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫يرفض تدخلك ي� شؤون (نسائه) وامرأة‬ ‫ف‬ ‫يخصها‪ .‬أي إنك‬ ‫ترفض تعاطيك ي� شأن ّ‬ ‫ملسوع ف ي� كل الحاالت ومهما كانت ظروف‬ ‫ومالبسات ما تكتب‪ ،‬ت‬ ‫ح� لو كنت تنترص‬ ‫للمرأة إثر قرار رسمي صدر لصالحها‬ ‫ت‬ ‫والحيا� العام‪.‬‬ ‫الشخص‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يقع هذا‪ ،‬من وجهة نظري‪ ،‬ف ي� خانة ثقافة‬ ‫التصنيف الشائعة والراسخة عىل كل نطاق‪،‬‬ ‫إذ طالما ُ‬ ‫طرحت مسائل فكرية وثقافية‬ ‫عىل أساس من ذكورتها وأنوثتها وليس عىل‬ ‫ال� ت‬ ‫ت‬ ‫يف�ض أنها المنطلق‬ ‫أساس إنسانيتها‪ ،‬ي‬ ‫أ‬ ‫صل لكل من يفكر أو يكتب أو يتناول‬ ‫ال ي‬ ‫الشأن العام‪ ،‬سواء كان رجال ً أم امرأة‪.‬‬ ‫ُوجد وال يزال‪ ،‬رغم الممانعة والرفض‬ ‫رجال‬ ‫القاطع أحياناً‪ ،‬أدب وشعر ب ي‬ ‫عر� ي‬ ‫عر� نسوي‪ .‬وهناك دراسات‬ ‫وأدب وشعر ب ف ي‬ ‫وأبحاث مطولة ي� الرواية والقصة‬ ‫والقصيدة والمقالة النسوية العربية‪،‬‬ ‫متغ�اً أو مختلفاً‬ ‫باعتبارها‪ ،‬نتاجاً أو إفرازاً ي‬ ‫بتغ� أو اختالف الجنس‪.‬‬ ‫ي‬ ‫العلة‪ ،‬كما أتصور‪ ،‬تكمن فيما يستبطنه‬ ‫العر� من اعتبار الذكر‪ ،‬صاحب‬ ‫العقل ب ي‬

‫الحضور والحظوة المجتمعية‪ ،‬المصدر‬ ‫الول أ‬ ‫أ‬ ‫للفكار والنصوص والمشاريع‬ ‫التقدمية‪ .‬ي ن‬ ‫وح� تُقبل المرأة ف ي� هذا البالط‬ ‫فإنها تُقبل باعتبارها تابعة أو ثانوية‪.‬‬ ‫والدليل ظاهرة نسبة بعض نصوص‬ ‫ف‬ ‫وغ�هما من‬ ‫النساء‪ ،‬ي� الرواية والشعر ي‬ ‫أ‬ ‫صنوف الدب‪ ،‬إىل مراجع ذكورية ش‬ ‫مبا�ة‪،‬‬ ‫مثل ما قيل من أن سعدي يوسف كتب‬ ‫رواية أحالم مستغانمي ذاكرة الجسد وأن‬ ‫ن‬ ‫قبا� يكتب قصائد سعاد الصباح‪ ،‬ما‬ ‫نزار ي‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫(الباط�) بأن المرأة ال‬ ‫ي� برسوخ االعتقاد‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫تملك القدرة عىل إبداع ما تنسبه لنفسها‪،‬‬ ‫بالشكل الذي ظهرت به تلك الرواية أو تلك‬ ‫النصوص الشعرية‪.‬‬ ‫سعاد الصباح نفسها قالت بغضب ف ي� حديث‬ ‫ف‬ ‫صحا� قبل ش‬ ‫ع� سنوات تقريباً إنها م َّلت من‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫قبا� ش‬ ‫الم�وخة وقالت وقتها‪:‬‬ ‫أسطوانة نزار ي‬ ‫«اسألوا ديوك القبيلة الذين أطلقوا هذه‬ ‫الشائعة وصدقوها‪ ،‬فال صوت يعلو فوق‬ ‫صوت الرجل الذي يخاف من ثقافة المرأة!»‪.‬‬ ‫يصعب فيما يبدو‪ ،‬ت‬ ‫ح� عىل المثقف‬ ‫النسان العادي‪ ،‬أن‬ ‫العر�‪ ،‬فضال ً عن إ‬ ‫بي‬ ‫ينظر إىل نص مكتوب دون أن يعرف‬ ‫جنس الكاتب ليحكم عىل هذا النص‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� ال يمكن‬ ‫وكانت نتيجة هذه الممارسة‪ ،‬ي‬ ‫التقصد أحياناً عىل مستوى‬ ‫تجريدها من‬ ‫ّ‬

‫ما يسمى النخبة‪ ،‬إىل حالة عزل فكرية‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫اجتماعية ي ن‬ ‫الحالت�‪ :‬إرسال‬ ‫الجنس� ف ي�‬ ‫ب�‬ ‫النص من الكاتب واستقباله من الجمهور‪.‬‬ ‫لم يكن هذا الجمهور‪ ،‬وهو يستقبل‬ ‫النص‪ ،‬بحاجة إىل من يوصيه بممارسة‬ ‫ف‬ ‫يز‬ ‫والثقا� عىل أساس الجنس‪،‬‬ ‫التمي� الفكري‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫نص�‬ ‫فهو سلفاً‪ ،‬ي� غالبيته العظمى‪ ،‬ي‬ ‫ين‬ ‫لحالة الفرز ي ن‬ ‫الجنس� عىل كل مستوى‬ ‫ب�‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أك� الشياء إىل أصغرها‪.‬‬ ‫ي� حياتنا‪ ،‬من ب‬ ‫وبالتال ليس من الحصافة أن يالم هذا‬ ‫ي‬ ‫الجمهور‪ ،‬ف ي� قسمه الذكوري‪ ،‬عىل مواقفه‬ ‫السلبية من نص يكتبه رجل عن المرأة‬ ‫المحسوبة حياتياً عىل رجل بعينه ليس‬ ‫لغ�ه حق التحدث عنها أو عن حقوقها‬ ‫ي‬ ‫النسانية من رجل آخر‪ .‬كما ال يمكن أن‬ ‫إ‬ ‫تُالم امرأة تطالب بعدم تدخل الرجل‬ ‫الكاتب ف ي� شؤونها ألنها أيقنت‪ ،‬تبعاً لحالة‬ ‫الفرز الطويلة والضاغطة‪ ،‬أن ما يخصها‬ ‫داخل بحت باعتبارها امرأة ومن‬ ‫شأن‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ث‬ ‫ت‬ ‫المف�ض أن تكتب عنها أن� مثلها لنها‪،‬‬ ‫بحكم الجنس‪ ،‬أ‬ ‫العلم بشؤونها‪.‬‬ ‫ين‬ ‫وما ي ن‬ ‫المطرقت�‪ ،‬مطرقة الرجل والمرأة‬ ‫ب�‬ ‫نفسها‪ ،‬ستظل‪ ،‬باعتبارك من كتاب شؤون‬ ‫غ� عالمك؛ ألن عالم‬ ‫المرأة‪ ،‬محسوباً عىل ي‬ ‫الشخص ف ي� ثقافتنا العربية هو جنسه‬ ‫وليس إنسانيته‪.‬‬


‫د‪ .‬محمد آل محروس‬

‫الفضة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وية‬ ‫ر‬ ‫الغ ِ‬

‫العدوة الكبرى‬ ‫للميكروبات‬

‫علوم‬

‫ً‬ ‫أخبارا حول العالج‬ ‫يتداول بعضهم‬ ‫بالشرب من وعاء ماء يحتوي على‬ ‫«جنيه فضة»؛ حيث أخذ الموضوع‬ ‫مساحة إعالمية!‬ ‫فما هي حقيقة هذا االعتقاد؟‬ ‫وما هو عنصر الفضة وما عالقته‬ ‫بالجانب الصحي؟ وماذا يقول الطب‬ ‫ً‬ ‫قديما؟‬ ‫الحديث بعدما قاله الطب‬


‫‪23 | 22‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫الفضة من العنارص الطبيعية‬ ‫الموجودة بكميات قليلة ف ي�‬ ‫ت‬ ‫ال�بة‪ ،‬وتُ َّع ُد معدناً �ض ورياً‬ ‫لمعظم الكائنات الحية‬ ‫المعقَّدة؛ ومضاداً حيوياً واقياً‬ ‫ُ‬ ‫من الميكروبات؛ أ‬ ‫والمر الذي ال يوجد عليه خالف‬ ‫البتة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫عرف‬ ‫وقبل البدء ي� مناقشة المراجعات‪ُ ،‬‬ ‫حري بنا أن نُ ِّ‬ ‫ن‬ ‫يع�‪« :‬المادة الذائبة‬ ‫فمصطلح «الغَ َر ِوية» الذي ي‬ ‫� مادة أخرى‪ ،‬والمتوزعة ي ن‬ ‫ب� جزيئاتها ‪-‬مجهرياً‪-‬‬ ‫ي‬ ‫م� خالل النقاش يب�‪:‬ن‬ ‫بالتساوي»‪ .‬ويجب أن نُ ي ِّ ز‬ ‫«الفضة» َو«الفضة الغروية» َو ت‬ ‫«ن�ات الفضة» أو أي‬ ‫ش� إىل‬ ‫عبارة تحوي كلمة «فضة»‪ .‬حيث إنها كلها تُ ي‬ ‫مستح�ض من الفضة يختلف ف ي� خصائصه ومزاياه‪.‬‬ ‫الم َت َجا ِنسة» هي من مستح�ض ات‬ ‫و«الفضة الغَ َر ِوية ُ‬ ‫الفضة‪ .‬فعندما يتم تصنيعها بطريقة صحيحة فإنها‬ ‫تصبح يغ� سامة وبدون طعم‪ .‬وتكون حينها صالحة‬ ‫النسان؛ حيث تعمل عىل كامل‬ ‫للتطبيق طبياً عىل إ‬ ‫طيف الميكروبات‪ ،‬وتكون صالحة لالستخدام كمطهر‬ ‫أ‬ ‫وح َّدتها‪ .‬ولهذه‬ ‫يقلل من طول مدة ي‬ ‫كث� من المراض ِ‬ ‫أ‬ ‫الم َت َجا ِنسة»‬ ‫السباب ي‬ ‫وغ�ها‪ ،‬أثبتت «الفضة الغَ َر ِوية ُ‬ ‫المثىل ف ي� عالم الوقاية من‬ ‫أنها أحد االكتشافات ُ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫المراض‪ ،‬وكأحد المواد الطبيعية ي� مجال العناية‬

‫‪107.868‬‬

‫‪1.4‬‬

‫‪47‬‬

‫‪2163‬‬ ‫‪961‬‬

‫‪Ag‬‬

‫‪1‬‬

‫‪[Kr]4d105s‬‬ ‫‪10.5‬‬

‫ف‬ ‫ف‬ ‫و� كل الحضارات‬ ‫استخدامات الفضة ي� العالج معروفة منذ ِ‬ ‫القدم ي‬

‫الصحية (كما ينقل علماء وباحثو هذا التوجه‬ ‫العلمي)‪ .‬فما هو أصل وحقيقة ذلك؟‬

‫الفضة ف ي� الحضارات القديمة‬

‫حينما نُراجع التاريخ‪ ،‬س ُنالحظ أن الفضة قد اس ُتخدمت‬ ‫ت‬ ‫ال� تشكَّلت بع� العصور؛‬ ‫من قبل عديد من الحضارات ي‬ ‫ين‬ ‫اليوناني� القدماء الذين كانوا يزخرفون‬ ‫ونذكر منها‬ ‫أوعية طعامهم ش‬ ‫و�ابهم بالفضة‪ ،‬وكان أطباؤهم‬ ‫لتطه�‬ ‫يستخدمون زهرة الفضة (غبار الفضة الناعمة)‬ ‫ي‬ ‫الجروح؛ وهو أ‬ ‫المر الذي نُ ِق َل عن أبقراط‪ .‬فهل كان هذا‬ ‫من باب تال�ف؟ أم أن له مغزى اعتقادياً آخر؟‬ ‫المقدونيون أيضاً استخدموا أباريق الفضة لنقل‬ ‫المياه‪ .‬وتبعهم بعدها العرب ف ي� عالج بعض‬ ‫أ‬ ‫بالبر‬ ‫المراض‪ .‬كما استخدم الصينيون الوخز إ‬ ‫البر‬ ‫منذ ‪ 7000‬سنة؛ ولكنهم رسعان ما فضلوا إ‬ ‫الفضية‪ .‬وال تزال الفضة تُستخدم ف ي� الطب الهندي‬ ‫أ‬ ‫ش� إىل أن التاريخ قد سجل لبعض‬ ‫(اليورفيدا)‪ .‬ونُ ي‬ ‫شعوب الدول الغربية أنها وضعت عملة فضية �ف‬ ‫ي‬ ‫أوعية الحليب لحفظها (دون بت�يد)؛ وهو ما قد يُربط‬ ‫بموضوع التحقيق‪ ،‬كحقيقة تاريخية نستشهد بها‬ ‫دون تأييد أو معارضة لها‪ ،‬وال يُقصد بها (خالل هذه‬ ‫المرحلة) ال التوجيه‬ ‫الط�‪ ،‬ما‬ ‫السلوك وال إ‬ ‫ي‬ ‫الرشاد ب ي‬ ‫للمعلومات آ‬ ‫التية‬ ‫لم نتحقق من ذلك من خالل بنائنا‬ ‫تفاصيلها الحقاً!‬

‫اكتشاف المضاد الحيوي الشامل‬

‫حينما يتم استخدام الشكل «الفضة الغَ َر ِوية‬ ‫الم َت َجا ِنسة»‪ ،‬فإنها تكون ُمناسبة لعديد من‬ ‫ُ‬ ‫التطبيقات الطبية؛ وتكون يغ� سامة‪ .‬ولقد ثبتت‬ ‫أ‬ ‫بأن‬ ‫المعدية؛ علماً َّ‬ ‫فاعليتها ضد المئات من المراض ُ‬ ‫تأث�ها لم تُفكك بالكامل‪ ،‬إال أن النظرية‬ ‫ميكانيكية ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ال ثك� قبوال ً هو تعطيلها لنزيم عمليات البناء الذي‬ ‫والف�وسية والفطرية‪.‬‬ ‫تستخدمه الكائنات‬ ‫البكت�ية ي‬ ‫ي‬

‫أ‬ ‫بتأث� المواد عىل‬ ‫ش� إىل أنه ال يُكتفى بالخذ ي‬ ‫وبحثياً نُ ي‬ ‫الممرضة‪ ،‬بل يجب أيضاً التأكد من عدم‬ ‫العوامل ُ‬ ‫سميتها للإنسان‪.‬‬ ‫ّ‬

‫بحوث ودراسات أولية‬

‫ذكر العالم ي ن‬ ‫ريفل� ف ي� عام ‪1869‬م أن لجرعات‬ ‫ف‬ ‫و� عام‬ ‫الفضة الضئيلة فَاعلية ضد الميكروبات‪ .‬ي‬ ‫‪1881‬م‪ ،‬كان العا ِلم ب ز‬ ‫يوص بوضع تن�ات‬ ‫بلي�يغ ي‬ ‫أع� ث‬ ‫المخففة ف� ي ن‬ ‫حدي� الوالدة لمنع‬ ‫الفضة ُ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫االلتهابات الميكروبية؛ وكان حينها يُحقق نتائج مبهرة‪،‬‬ ‫حيث ساعد ذلك عىل خفض االلتهابات؛ مما أدى‬ ‫لتعميد التطبيق رسمياً ف ي� أمريكا ومعظم أوروبا‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� عام ‪1893‬م‪ ،‬اكتشف عالم النبات السويرسي‬ ‫ي‬ ‫كارل فون نجال أن ي ز‬ ‫ترك� ‪ %0.0000001‬من «الفضة‬ ‫ي‬ ‫الغَ َر ِوية» قاتل لطحالب المياه العذبة‪.‬‬

‫وية‬ ‫إعادة اكتشاف «الفضة الغَ َر ِ‬ ‫الم َت َجا ِنسة»‬ ‫ُ‬ ‫ف‬

‫بدأت فكرة الرجوع إىل العالج بالفضة ي� الطب‬ ‫الع�ين‪ ،‬ش‬ ‫الحديث ف ي� السبعينيات من القرن ش‬ ‫ف�ارة‬ ‫هذا اللهيب لم تشتعل إال حينما تسلَّم كارل موير‪،‬‬ ‫ف ي� جامعة «سانت لويس» ف ي� واشنطن‪ ،‬دعماً مالياً‬


‫من مزايا «الفضة َ‬ ‫وية ُ‬ ‫الم َت َج ِانسة» أنها ال آثار جانبية‬ ‫الغ َر ِ‬ ‫ً‬ ‫لها‪ ،‬بل ُ‬ ‫خصوصا حينما ُتعطى في الحدود‬ ‫وتعد آمنة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ونظرا لمقدرة الجسم على معالجة‬ ‫المنصوص عليها‪..‬‬ ‫جزيئاتها الصغيرة‪ ،‬فال قلق من تراكمها في الجسم‪ ،‬حيث‬ ‫ُيطرح الفائض منها خالل عمليات اإلخراج‪ ،‬على عكس‬ ‫غيرها من مركبات الفضة‬ ‫لتطوير عالج مناسب لضحايا الحروق؛ وشارك معه‬ ‫(من نفس الجامعة) هاري مارجراف‪ ،‬بالتعاون مع‬ ‫اح�‪ .‬وعمد الفريق ث‬ ‫مجموعة من الجر ي ن‬ ‫البح� إىل‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫إيجاد مط ِّهر ف ََّعال وآمن عند تطبيقه عىل الجسم‬ ‫المتأثر بفعل الحروق‪ .‬وقام مارجراف بمراجعة‬ ‫ُ‬ ‫شملت ‪ 22‬مطهراً‪ ،‬ووجد بأنها لم تكن مناسبة‬ ‫ألسباب ُمتعددة‪ .‬فالزئبق ً‬ ‫مثل‪ -‬مالئم كمطهر‪ ،‬إال َّ‬‫أنه سام‪ .‬و َعلَّق مارجراف عىل ذلك ً‬ ‫قائل‪« :‬نستطيع‬ ‫صغ�ة‬ ‫استخدام المطهرات المعروفة عىل مساحات ي‬ ‫من الجسم فقط»‪ .‬وأضاف‪«:‬إن الميكروبات الممرضة‬ ‫ن‬ ‫كث� من المضادات‬ ‫تب� مقاومة ضد ي‬ ‫تستطيع أن ي‬ ‫والمطهرات الحيوية‪ ،‬مما قد يؤدي إىل نشوء سالالت‬ ‫لكث� من العالجات‪ ،‬وهو أمر ف ي�‬ ‫متطورة ومقاومة ي‬ ‫المط ِّهرات ليست‬ ‫غاية الخطورة»‪ .‬ويُضيف‪« :‬إن هذه ُ‬ ‫ت‬ ‫ال� تشمل‬ ‫ف ََّعالة تماماً ضد ي‬ ‫كث� من الميكروبات‪ ،‬ي‬ ‫�ض‬ ‫السالالت القاتلة لمر الحروق‪ ،‬ال سميا‬ ‫ي‬ ‫كث�اً من ُ‬ ‫�ض‬ ‫«البكت�يا الهوائية‬ ‫المسماة بـ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫المخ ة ُ‬ ‫البكت�يات ُ‬ ‫الكاذبة»‪ ،‬ت‬ ‫المتآكل‬ ‫ال� غالباً ما تظهر عىل الجلد ُ‬ ‫ي‬ ‫خط�ةً»‪.‬‬ ‫أثناء الحروق مطلقةً سموماً ي‬ ‫ومن خالل مراجعة ش‬ ‫الن�ات‪ ،‬وجد مارجراف مصادر‬ ‫«بالمعيقة‬ ‫متعددة عن الفضة‪ .‬حيث ُوصفت فيها‪ُ :‬‬ ‫لتنفس الميكروبات من خالل حرمانها من أنزيماتها‬ ‫االستقالبية فتقتلها»‪ .‬ولقد بقيت هذه النظرية أ‬ ‫ال ثك�‬ ‫ً‬ ‫قبول ف ي� عملية قتل الميكروبات‪.‬‬ ‫ومع كل هذا‪ ،‬فلقد كانت ت‬ ‫الم َركَّزة‬ ‫«ن�ات الفضة» ُ‬ ‫أ‬ ‫لك� حجم‬ ‫حارقة للنسجة ومؤلمة جداً (ربما ب‬ ‫جزيئاتها)‪ .‬وعليه‪ ،‬قام مارجراف بتخفيف ت‬ ‫«ن�ات‬ ‫«البكت�يا الهوائية الكاذبة»‪،‬‬ ‫الفضة» فوجد أنها تقتل‬ ‫ي‬ ‫فينتج عنها التئام الجروح وشفائها؛ بل والحظ أن‬ ‫معظم الميكروبات ش‬ ‫ال�سة المقاومة للمضادات‬ ‫الحيوية تختفي تماماً‪ .‬إال أنه لم ِيغب عن باله بأن‬ ‫ت‬ ‫المثال ف ي� التطبيقات‬ ‫«ن�ات الفضة» لم تكن المركَّب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الطبية؛ حيث كانت‪« :‬تسبب اضطراباً ي� التوازن‬ ‫العام ألمالح الجسم‪ ،‬كما أنها كثيفة وثقيلة عند‬ ‫ش‬ ‫�ء تالمسه»‪ .‬وعىل إثر‬ ‫االستخدام‪ ،‬وتصبغ كل ي‬ ‫هذه النتائج‪ ،‬قام مارجراف بالبحث عن ُمستح�ض‬ ‫آخر من مستح�ض ات الفضة قابلة للطبابة‪ .‬ونظراً‬ ‫لجهوده‪ ،‬ظهرت مئات االستعماالت الطبية للفضة‪.‬‬

‫لقد وجد مارجراف أن المجالت الطبية ‪ -‬المنشورة‬ ‫منذ مطلع عام ‪1900‬م ‪ -‬استعرضت المستح�ض‬ ‫أ‬ ‫الم َت َجا ِنسة»‪،‬‬ ‫الفضل للفضة‪ ،‬وهو «الفضة الغَ َر ِوية ُ‬ ‫والموصوف بأنه محلول الفضة الوحيد الذي ال‬ ‫تي�سب تحت الجلد مهما كانت كميته وعدد مرات‬ ‫تطبيقاته المستخدمة‪.‬‬ ‫ين‬ ‫المشكك�‬ ‫إال أن تلك النتائج لم تحجب هجوم‬ ‫ف ي� صالحية الفضة كمطهر‪ ،‬مصطادين تلك النتائج‬ ‫البحثية ف� مستنقع أ‬ ‫الخطاء‪ .‬إذ إن ما ساعد عىل‬ ‫ي‬ ‫إثارة تلك االنتقادات‪ ،‬هو أن ما كان يُطلق عليه بـ‬ ‫الم َت َجا ِنسة» ف ي� تلك ش‬ ‫الن�ات كانت‬ ‫«الفضة الغَ َر ِوية ُ‬ ‫وم َت َجا ِنسة» بمعناها الحقيقي‪ .‬وما أن‬ ‫يغ� «غروية ُ‬ ‫الم َت َجا ِنسة»‬ ‫تم التعرف عىل أن ما ُسمي بـ «الغَ َر ِوية ُ‬ ‫المختلفة‪ ،‬ت‬ ‫ح�‬ ‫كانت متأثرة بفعل عوامل‬ ‫ي‬ ‫التحض� ُ‬ ‫تمت معالجة أ‬ ‫المر‪ .‬وعىل إثرها ظهرت «الفضة‬ ‫تحض�اً ُمتجانساً‪.‬‬ ‫المح�ض ة‬ ‫ي‬ ‫الغَ َر ِوية» ُ‬ ‫ذكر العا ِلم ثومبسون ف ي� سبعينيات القرن الما�ض ي ‪،‬‬ ‫والمشار له ف ي� كتاب «الكيمياء العضوية الموسعة»‬ ‫ُ‬ ‫أن‪« :‬فعالية الفضة بمقاديرها القليلة‪ ،‬ال تختلف عن‬ ‫أقوى أنواع المطهرات الكيميائية؛ وال تكون مؤذية‬ ‫للإنسان وال للحيوانات الثديية؛ وهذا ما يجعلها‬ ‫مناسبة كمطهر ومضاد»‪.‬‬ ‫وجاء ف ي� تقرير الري فورد ‪ -‬من جامعة كاليفورنيا‬ ‫(لوس أنجلوس)‪ ،‬حول أبحاثه عام ‪1988‬م‪ ،‬ما‬

‫مفاده‪« :‬بحثت ف ي� محاليل الفضة مستخدماً مقاييس‬ ‫الم ْع َت َم َدة؛ ووجدت أنها‬ ‫فحوص المضادات الحيوية ُ‬ ‫الكلينيكية‬ ‫كانت ف ََّعالة ضد عديد من الميكروبات إ‬ ‫الممرضة»‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� شن�ها ف ي� «ساينس‬ ‫أما أبحاث «جم بول» ‪ -‬ي‬ ‫دايجست» عام ‪1978‬م ‪ -‬بعنوان «ميكروباتنا‬ ‫المحاربة والمقتدرة»‪ ،‬فقد جاء فيها‪« :‬أن عنرص‬ ‫الفضة ي ن‬ ‫الثم� يطل عىل الطب الحديث كعالج‬ ‫مدهش؛ فهو يُعد ُمضاداً قاتال ً لما يُعادل نصف‬ ‫أ‬ ‫المراض ت‬ ‫ال� تسببها الميكروبات‪ ،‬بل إنه يقتل‬ ‫ي‬ ‫ما يُعادل ‪ 650‬ساللة مقاومة ش‬ ‫و�سة؛ ف ي� الوقت‬ ‫الذي ال نُالحظ بروز أي سالالت جديدة مقاومة من‬ ‫الميكروبات له؛ وهو يغ� سام للإنسان»‪ .‬ل ََّخص‬ ‫ف‬ ‫المسجلة‪:‬‬ ‫مارجراف كل تلك العبارات ي� عبارته ُ‬ ‫ميكرو� نملكه»‪.‬‬ ‫«الفضة أفضل محارب‬ ‫بي‬

‫وية‬ ‫لماذا «الفضة الغَ َر ِ‬ ‫الم َت َجا ِنسة»؟‬ ‫ُ‬ ‫ف‬

‫باالبتعاد عن العمومية والبدء ي� الحديث عن‬ ‫بع� االعتبار آ‬ ‫المركبات الخاصة (آخذين ي ن‬ ‫الثار‬ ‫الجانبية عىل المدى البعيد والقريب‪ ،‬ال سيما‬ ‫المسجلة‬ ‫حينما نعرف أن أعداد مركبات الفضة ُ‬ ‫عىل قائمة أ‬ ‫الدوية ف ي� القرن التاسع ش‬ ‫ع� قد وصلت‬ ‫إىل ‪ 60‬مركباً)‪ ،‬فإن هذا يستدعي ُمعاودة التأكيد‬ ‫عىل أن محور الحديث هو «الفضة الغَ َر ِوية‬ ‫الم َت َجا ِنسة»‪ ،‬القاتلة للميكروبات عىل اختالفها‬ ‫ُ‬ ‫ك�ات تصل ألجزاء من مليون؛ ت‬ ‫خالل دقائق ت‬ ‫وب� ي ز‬ ‫ال�‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫المعدية عند‬ ‫ُعرفت بصفاتها المضادة للمراض ُ‬ ‫بك�ة عند أ‬ ‫والمستخدمة ث‬ ‫الطباء قبل تطوير‬ ‫إ‬ ‫النسان‪ُ ،‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫المضادات الحيوية‪ ،‬ال سيما ي� الربعينيات من‬ ‫أ‬ ‫اللفية السابقة‪ .‬أما حالياً‪ ،‬فلقد بقيت عند البعض‬ ‫ف‬ ‫تُستخدم كُمطهر‪ ،‬خصوصاً � عيون ث‬ ‫حدي� الوالدة؛‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫واتسعت دائرتها لتضعها عىل قائمة مضادات‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫وغ�ها من استخدامات‬ ‫و�‬ ‫مصا� الماء‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫الحروق‪ ،‬ي‬ ‫ين‬ ‫الباحث� بعد أن‬ ‫ُمشابهة‪ .‬بل إنها بدأت تداعب أفكار‬ ‫البكت�يا للمضادات الحيوية‪.‬‬ ‫زادت مقاومة‬ ‫ي‬

‫تركيبة‬ ‫جزيء‬ ‫الفضة‬ ‫الغروية‬


‫‪25 | 24‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫َّ‬ ‫يتحسس من‬ ‫هناك من‬ ‫الفضة ألسباب غير معروفة‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬يجب أخذ احتماالت‬ ‫التحسس بالحسبان مقابل‬ ‫الفائدة المتوقعة من‬ ‫العالج بالفضة‬ ‫الم َت َجا ِنسة» أنه ال آثار‬ ‫من مزايا «الفضة الغَ َر ِوية ُ‬ ‫ً‬ ‫جانبية لها‪ ،‬بل وتُ َّعد آمنة‪ ،‬خصوصا حينما تُعطى‬ ‫ف ي� الحدود المنصوص عليها‪ .‬ونظراً لمقدرة الجسم‬ ‫الصغ�ة‪ ،‬فال قلق من تراكمها‬ ‫عىل معالجة جزيئاتها‬ ‫ي‬ ‫ف ي� الجسم (حيث يُطرح الفائض منها خالل عمليات‬ ‫الخراج)‪ ،‬عىل عكس يغ�ها من مركبات الفضة؛ وهذا‬ ‫إ‬ ‫ما أكده مركز السيطرة عىل المواد السامة ف ي� وكالة‬ ‫الوقاية البيئية أ‬ ‫المريكية (‪ .)EPA‬ومن هنا نفهم‪ ،‬أن‬ ‫أ‬ ‫المعقَّدة ث‬ ‫(أك� من‬ ‫ما َّ‬ ‫تقدمنا به مفاده أن الحياء ُ‬

‫خلية) ال يبدو أنها تتأثر سلباً بها‪ ،‬عىل عكس وحيدات‬ ‫الخلية‪ .‬أما حينما ترتبط بعنارص أخرى‪ ،‬فإن ذلك‬ ‫تأث�ها ضد الميكروبات‪ ،‬إنما يجعل منها‬ ‫ال يلغي ي‬ ‫كب� (كما هو الحال ف� ت‬ ‫«ن�ات‬ ‫حجم‬ ‫ذوات‬ ‫مركبات‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫ت‬ ‫ال� تصبغ النسجة‬ ‫الفضة») ذات الثار يغ� المرغوبة ي‬ ‫ويش� تقرير الحكومة الكندية الصادر ف ي� عام‬ ‫بلونها‪ .‬ي‬ ‫ن‬ ‫الكندي� لم ينتبهوا لحقيقة‬ ‫‪1986‬م إىل ذلك‪ .‬إال أن‬ ‫ي‬ ‫أن بك� جزيئات مركب الفضة كان هو السبب‪ ،‬ويُدلِّل‬ ‫عىل ذلك قولهم ف ي� التقرير نفسه‪« :‬إن نوعية الفضة‬ ‫ت‬ ‫ال� تصبغ الجلد يغ� معروفة تماماً»‪ .‬ولكن العا ِل ي ن‬ ‫م�‬ ‫ي‬ ‫بيلس�ي قد الحظا بعد ذلك أن الحقنة لم‬ ‫هيل َو ب‬ ‫الصغ�ة ف ي� الحجم‪،‬‬ ‫تكن بسبب «الفضة الغَ َر ِوية»‬ ‫ي‬ ‫كب�ة‪.‬‬ ‫بل بمركب من الفضة جزيئاته ي‬ ‫الم َت َجا ِنسة» هي‬ ‫وللتوضيح‪ ،‬فـ «الفضة الغَ َر ِوية ُ‬ ‫نتاج لعملية كهرومغناطيسية‪ ،‬تُسحب فيها جزيئات‬ ‫أك� من الفضة إىل سائل يحملها‬ ‫مجهرية من قطعة ب‬ ‫الصغ�ة‪ -‬كـ «الغَ َر ِوية‬ ‫كالماء‪ .‬والفضة بجزيئاتها‬ ‫ي‬ ‫كث�ة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫الم َت َجا ِنسة»‪ -‬لها فوائد ي‬ ‫ُ‬ ‫‪ - 1‬أنها تستطيع ت‬ ‫اخ�اق الجسم والتجول فيه بسهولة‬ ‫‪ - 2‬تعمل كما ّدة محفزة‬ ‫‪ - 3‬تثبط أ‬ ‫النزيم الذي تستخدمه كل أنواع‬ ‫أ‬ ‫الميكروبات أحادية الخلية لجل استقالب‬ ‫أ‬ ‫ال ي ن‬ ‫كسج� فيها‬ ‫‪ - 4‬لم يعرف عنها أنها تطور سالالت مقاومة‬ ‫ش‬ ‫ش‬ ‫بال�ء يُذكر‪ ،‬فإن المضادات الحيوية ربما‬ ‫وال�ء ي‬ ‫ي‬ ‫تكون ف ََّعالة فقط ضد مجموعة محددة من أشكال‬ ‫ت‬ ‫الف�وسات!‬ ‫البك�يا والفطريات‪ ،‬لكنها ال تؤثر أبداً عىل ي‬ ‫تقدم عىل «جنيه الفضة الموضوع ف ي�‬ ‫أينطبق ما َّ‬ ‫ترمس الماء»؟‬

‫تغ� لون بشـرته عىل مدار ‪15‬‬ ‫بول كاراسون‪ ،‬الذي ي َّ‬ ‫عاماً ي ن‬ ‫ح� بدأ باستخدام جزيئات الفضة المعلَّقة ف ي�‬ ‫السائل‪ .‬وقيل إنه استخدمه داخلياً وخارجياً عىل وجهه‬ ‫غ� لون ب�ش ته‪.‬‬ ‫لعالج مرض الجلد‪ ،‬مما ي َّ‬

‫الفضة الغروية تدعم خاليا ‪ T‬ف ي� قتالها ضد الكائنات‬ ‫الغريبة ف ي� الدم‬

‫س�ال‪ ،‬مؤسس تكتل الصيادلة‬ ‫لقد كتب لفريد ي‬ ‫ف ي� عام ‪1919‬م‪ ،‬ما فحواه‪« :‬تستمر قوة الفضة‬ ‫بإثبات نفسها بع� العالم ف ي� التطبيقات الحديثة‪،‬‬ ‫ستعمل أ‬ ‫ُ‬ ‫الطباء مركبات الفضة ف ي� مراكز عالج‬ ‫حيث يَ‬ ‫الحروق»‪ .‬وتعتمد معظم الخطوط الجوية عىل‬ ‫الماء المعالج بالفضة؛ وتستخدم «ناسا» نظاماً‬ ‫ُلمعالجة الماء بها ف ي� مركبات الفضاء‪ ،‬كما فعل‬ ‫السوفييت ذلك قبلها؛ بل ت‬ ‫ح� ش‬ ‫ال�كات اليابانية‬ ‫الن�يك المنبعثة �ف‬ ‫تزيل مركبات السيانيد وأكسيد ت‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫و� عام ‪1928‬م‪ ،‬قام‬ ‫الهواء باستخدام الفضة‪ .‬ي‬ ‫كراوس بوضع طالء من الفضة ف ي� أنظمة تنقية المياه‬ ‫الم�لية‪ ،‬لتتواىل تعزيزات استخدامها‪ .‬وهنا نُ ي ن‬ ‫نز‬ ‫ب� أن‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� استعملت ح� عام‬ ‫النقود المريكية الفضية ي‬ ‫‪1964‬م‪ ،‬كانت تحتوي عىل الفضة الخالصة بنسبة‬ ‫‪َ ،%90‬و‪ %9‬نحاس‪َ ،‬و‪ %1‬زنك‪ ،‬وكلها مواد تتمتع‬ ‫بخواص مفيدة إذا استخدمت بالشكل الغروي‪.‬‬ ‫وكان البعض يُنظفها ت‬ ‫ح� تلمع‪ ،‬ويضعها ف ي� خزانات‬

‫ش‬ ‫ال�ب (وهذا للتوثيق‪ ،‬وال ينبغي تطبيقه)‪ .‬وعىل ٍكل‪،‬‬ ‫ض‬ ‫وتأث�اته ‪-‬‬ ‫يبقى السلك‬ ‫الف� ‪ -‬المدروسة مكوناته ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫المادة آ‬ ‫المنة‪ ،‬بل والسهل عند االستخدام‪.‬‬

‫النسان للفضة‬ ‫حساسية إ‬

‫ف ي� عام ‪2001‬م‪ ،‬شن�ت وزارة البيئة ف ي� كولومبيا‬ ‫ال�يطانية تقريراً‪ ،‬ذكرت فيه أن البعض يتحسس‬ ‫ب‬ ‫تأث�ات الفضة السمية‪ ،‬مثل الذين يعانون نقصاً‬ ‫من ي‬ ‫ين‬ ‫فيتام� «إي»‪ ،‬أو نقص ف ي� السيلينيوم‪ ،‬أو من‬ ‫ف ي�‬ ‫تحتوي أغذيتهم عىل نسب عالية من السيلينيوم‪ ،‬أو‬ ‫من يعانون أمراضاً وراثية تؤثر عىل عملية استقالب‬ ‫ين‬ ‫فيتام� «إي»‪ ،‬أو من لديهم تليف‬ ‫السيلينيوم أو‬ ‫كبدي‪ .‬يُضاف إىل ذلك‪ ،‬أن هناك من يتحسس‬ ‫من الفضة ألسباب يغ� معروفة‪ .‬إذن‪ ،‬يجب أخذ‬ ‫احتماالت التحسس بالحسبان مقابل الفائدة‬ ‫المتوقعة من العالج بالفضة‪.‬‬

‫النسان اليومي للفضة‬ ‫احتياج إ‬

‫النسان البالغ من‬ ‫ش� الدراسات إىل أن حاجة إ‬ ‫تُ ي‬ ‫الفضة هي ف ي� حدود ‪ 400‬مليجرام يومياً‪ .‬وقد ربط‬ ‫بعضهم ي ن‬ ‫ب� المناعة القوية للجسم والفضة‪ .‬وعليه‪،‬‬ ‫ف‬ ‫النسان (عىل حد قولهم) ي� حاالت عوز الفضة‬ ‫فإن إ‬ ‫أ‬ ‫يكون عرضة للمراض؛ ولو احتوى الجسم عىل كفايته‬ ‫منها لكان كمن امتلك جهازاً مناعياً إضافياً‪.‬‬

‫خالصة البحث‬

‫المتجانس والصحيح‬ ‫تقدم يتضح أن‬ ‫ي‬ ‫مما َّ‬ ‫التحض� ُ‬ ‫ً‬ ‫محلول يغ� سام‪،‬‬ ‫ل ِـ «الفضة الغَ َر ِوية»‪ ،‬يجعل منها‬ ‫آ‬ ‫كب�‬ ‫وقابلة للتطبيق الدمي؛ بل ومضادة ِلط َْي ٍف ي‬ ‫من الميكروبات‪ ،‬وأثبتت جدارتها كأحد االكتشافات‬ ‫العالجية للوقاية والعناية بالصحة‪ ،‬عىل الرغم من‬ ‫ردود الفعل النقدية تجاه ما اس ُتعمل ف ي� العقود‬ ‫تحض�ها وعدم استقرارها‪ ،‬وقد‬ ‫الماضية بسبب سوء‬ ‫ي‬ ‫بدأت تعود ‪-‬تدريجياً‪ -‬كمضاد ومطهر ف ي� المجاالت‬ ‫أ‬ ‫خ�ة من‬ ‫الطبية‪ ،‬إال أنها تحتاج لبعض المراجعات ال ي‬ ‫أجل تعميدها بصورة نهائية‪.‬‬

‫وأخ�اً‪ ،‬كما يظهر عند التأمل ف ي� مجمل المالحظات‬ ‫ي‬ ‫البحثية والدراسية‪ ،‬فإن فعالية وأمان استخدام‬ ‫الع�ات من أ‬ ‫«الفضة الغَ َر ِوية» ف ي� عالج ش‬ ‫المراض‬ ‫ف‬ ‫الميكروبية المعروفة ما زال محصوراً ي� نظريات‬ ‫ن أ‬ ‫المشار‬ ‫وخيال وتصور العلماء‬ ‫ي‬ ‫والباحث� والطباء ُ‬ ‫ف‬ ‫المختلفة‬ ‫لهم ي� هذا التحقيق‪ ،‬كون تطبيقاته الطبية ُ‬ ‫ئ‬ ‫ونها� رسمياً‬ ‫ُ‬ ‫والمتعددة لم تُعتمد بشكل كامل ي‬ ‫المنظمات الصحية العالمية! ولذلك يبقى‬ ‫من قبل ُ‬ ‫للتشخيص‬ ‫خاضع‬ ‫كعالج‬ ‫استخدامها‬ ‫الط�‪.‬‬ ‫بي‬

‫شاركنا رأيك‬

‫‪www.qafilah.com‬‬


‫كيف يعمل‪...‬‬

‫مصباح‬ ‫الفلورسنت‬ ‫أ‬ ‫المفرغة من الهواء والمطلي سطحها‬ ‫يمكن تقسيم مصباح الفلورسنت إلى جزأين‪ :‬النبوبة الزجاجية َّ‬ ‫الداخلي بالفوسفور‪ ،‬ودارة كهربائية ثانوية اسمها المشغّ ل أو الـ ‪ .Starter‬وتحتوي أ‬ ‫النبوبة على غاز‬ ‫أ‬ ‫يعد موصال ً ناجحاً َّإل إذا‬ ‫خامل عنصر (الراغون)‪ .‬ويوجد على طرفيها قطبان للتوصيل الكهربائي‪ .‬لكن الغاز ال ّ‬ ‫اللكترونات من ذراته (وهذا ما يعرف بالتأيّن)‪ .‬والمسؤول عن هذه العملية هو المشغّ ل‪.‬‬ ‫تم نزع بعض إ‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬

‫الضاءة‪ ،‬يبدأ التيار الكهربائي في‬ ‫عند ضغط مفتاح إ‬ ‫المرور من خالل المشغّ ل لتحفيز الغاز الذي يظل‬ ‫وقتها عازال ً للتيار‪.‬‬

‫ذوي‬ ‫قسم إلى نصفين َ‬ ‫يحتوي المشغّ ل على سلك ُم َّ‬ ‫طرفين متباعدين‪ .‬ويحدث تفريغ كهربائي ينتج عنه‬ ‫بريق ضوئي يعمل على تسخين الطرفين فيتمددان‬ ‫باتجاه بعضهما إلى أن يتالمسا فيمر التيار الكهربي‬ ‫من خاللهما‪.‬‬

‫يستمر مرور التيار في المشغّ ل إلى أن يتأين غاز‬ ‫أ‬ ‫الراغون‪ ،‬ويجد التيار الكهربائي مقاومة أقل في‬ ‫الوسط المتأين فيتوهج أنبوب المصباح بأكمله‪.‬‬ ‫عندها يتوقف مرور التيار في المشغّ ل الذي سيبرد‬ ‫فينكمش طرفا السلك ليتباعدا‪ .‬وينتهي دوره‪ ،‬إلى أن‬ ‫يعاد تشغيل المصباح في المرة المقبلة‪.‬‬


‫‪27 | 26‬‬

‫علوم‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫قد تكون طائرات «درون» التي تطير بال طيار‪،‬‬ ‫أهم اختراع بعد الهاتف الذكي لجهة التأثير‬ ‫ً‬ ‫اسـتنادا إلى تعدد‬ ‫في الحياة المعاصـرة‪،‬‬ ‫استخداماتها رغم حداثة عهدها‪ .‬والمؤسف‬ ‫أن صورة هذه الطائرات ال تزال مرتبطة‬ ‫في الوجدان العام بجانب استخداماتها‬ ‫ً‬ ‫تماما عن‬ ‫الحربية‪ ،‬رغم أن الواقع مختلف‬ ‫ذلك‪ .‬فحضور طائرات «درون» في فضاءات‬ ‫الحياة المدنية هو أكبر من ذلك بكثير‪.‬‬ ‫فكيف ستغيِّ ر هذه الطائرات حياتنا اليومية‪،‬‬ ‫وما مدى خطر انتشارها على سالمة‬ ‫استخدامها وسالمة الطيران المدني‪ .‬أسئلة‬ ‫كثيرة تواجه قصة ال تزال في فصولها‬ ‫األولى‪.‬‬

‫الطائرات بال طيار‬ ‫في األفق‬


‫الثا� للنجاح المحتم‪ ،‬هو تعاظم أ‬ ‫ن‬ ‫الداء‬ ‫العنرص ي‬ ‫ن‬ ‫وصغ�ة‪ ،‬وبطّاريات‬ ‫فعالة‬ ‫ي‬ ‫محركات ّ‬ ‫التق� نفسه‪ّ :‬‬ ‫ي‬ ‫مكونات‬ ‫كهربائية قوية وطويلة العمر‪ ،‬مصنوعة من ّ‬ ‫خفيفة للغاية‪ ،‬ولواقط السلكية منمنمة ودقيقة‪،‬‬ ‫كث� من‬ ‫ومعا ِلجات رقمية رسيعة ال تحتاج إىل ي‬ ‫الطاقة‪ ،‬تماماً مثل ما نجده ف ي� الهواتف الذكية‪.‬‬ ‫طيار‪،‬‬ ‫كم هو عدد الطائرات بال ّ‬ ‫ت‬ ‫ال� باتت اليوم تحلِّق ف ي� أجواء‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫العالم؟ مليون؟ مليونان؟ ع�ة‬ ‫ين‬ ‫مالي�؟ ال أحد يعلم! مع أن‬ ‫المعروف بال شك أن المبيعات‬ ‫تتخطى مئات أ‬ ‫اللوف كل سنة‪ ،‬عىل نحو يبدو أنه‬ ‫ت‬ ‫فالمح�فون والهواة‪ ،‬سواء بسواء‪،‬‬ ‫خرج عن السيطرة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫يجدون ف� أ‬ ‫السواق بسهولة كافة التقنيات والدوات‬ ‫ي‬ ‫الالزمة لتجميع أساطيل من الطائرات بال طيار‪ ،‬ف ي�‬ ‫ح�فَاتهم وورشهم ومرائبهم ت‬ ‫ُم ت‬ ‫وح� بساتينهم‪.‬‬ ‫إنهم آ‬ ‫الن مثل أولئك الذين سبقوا الناس إىل امتالك‬ ‫الهاتف الخلوي‪ ،‬رواد يحركون لدى آ‬ ‫الخرين غريزة‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫الفضول‪ ،‬وربما ابتسامة االستغراب أيضاً‪ .‬فالثورات‬ ‫التقنية ي ن‬ ‫ح� تبدأ‪ ،‬يقابلها معظم الناس بعدم‬ ‫التصديق وربما بالتجاهل‪ ،‬لكنها تكسب الرهان �ف‬ ‫ي‬ ‫التغي� العميق ف ي� المجتمع‪ .‬وطائرات‬ ‫النهاية‪ ،‬وتُحدث‬ ‫ي‬ ‫تنت� النآ‬ ‫«الدرون»‪ ،‬ليست ألعاباً بسيطة‪ ،‬بل إنها ش‬ ‫انتشار النار ف� الهشيم‪ ،‬أ‬ ‫والمور إىل تصاعد يوماً بعد‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫آخر‪ .‬تلك «الروبوتات» الطائرة باتت تحتل الجواء!‬ ‫ففي كل أنحاء الكرة أ‬ ‫الرضية‪ ،‬رصت ترى هذه‬ ‫الصغ�ة تحلِّق‪ ،‬من باب التسلية‪ ،‬أو‬ ‫الطائرات‬ ‫ي‬ ‫ألغراض قياس الريح ومراقبة الطقس‪ ،‬أو ح�ت‬ ‫لتوصيل ت ز‬ ‫البي�ا أو مبيعات ش�كة (أمازون)‪ .‬لقد بلغت‬ ‫تقنيات تطوير هذه النماذج من الطائرات سن الرشد‪،‬‬ ‫ح� إنها صارت آ‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫العادي�‪،‬‬ ‫الن ف ي� متناول الناس‬ ‫من حيث التكلفة‪ .‬وهذا عنرص حاسم ب ئ‬ ‫ين� باكتساح‬ ‫تجاري البد آت‪.‬‬

‫ال شك إذن ف ي� أن طائرات «درون» المدنية سوف‬ ‫ت‬ ‫تنت� برسعة‪ .‬ي ش‬ ‫ش‬ ‫ال� تصدرها‬ ‫وتش� الن�ة السنوية ي‬ ‫طيار‬ ‫المؤسسة الدولية لنظم المركبات بال ّ‬ ‫(‪ )Unmanned Vehicle Systems International‬إىل‬ ‫الجواء آ‬ ‫أن ف� أ‬ ‫الن ما ال يقل عن ‪ 1708‬نماذج مختلفة‬ ‫ي‬ ‫من نماذج الدرونات تحلّق عىل ارتفاعات تت�اوح ي ن‬ ‫ب�‬ ‫ت‬ ‫كيلوم�ات‪ ،‬ألوقات تت�اوح ما‬ ‫البضعة أمتار والبضعة‬ ‫ين‬ ‫ب� بضع دقائق وبضعة أيام‪ .‬وهذه الطائرات تقوم‬ ‫ف‬ ‫تنوعها‪.‬‬ ‫بمهام مدهشة ي� ّ‬

‫عيون عىل العالم لمهام ال حرص لها‬ ‫طيار لمراقبة الحقول‬ ‫تُ‬ ‫َ‬ ‫ستخدم طائرات بال ّ‬ ‫ديسم� ‪2013‬م‪ ،‬ت‬ ‫اش�ت مجموعة‬ ‫الزراعية‪ .‬ففي‬ ‫ب‬ ‫برنار ماغريز الزراعية طائرات «درون»‪ ،‬من أجل‬ ‫مراقبة صحة المزروعات ف ي� حقولها‪ ،‬ف ي� منطقة‬ ‫بوردو الفرنسية‪.‬‬

‫وتراقب بعض الحكومات حدودها بواسطة «الدرون»‪.‬‬ ‫المن أ‬ ‫فمنذ سبتم� ‪2010‬م‪ ،‬تستخدم وزارة أ‬ ‫المريكية‬ ‫ب‬ ‫لتطي� دوريات عىل الحدود مع‬ ‫هذه الوسيلة‪ ،‬ي‬ ‫المكسيك‪ ،‬لضبط عمليات التهريب وتسلل المهاجرين‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� فرنسا‪ ،‬أعلنت ش‬ ‫ال�كة الوطنية للسكة الحديد‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ديسم� ‪2013‬م‪ ،‬عزمها عىل استخدام هذه‬ ‫ف ي�‬ ‫ب‬ ‫الطائرات من أجل مكافحة رسقة كابالتها‪ ،‬وهي ظاهرة‬ ‫تزداد انتشاراً وتصيب ش‬ ‫ال�كة بخسائر متنامية‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫طيار‬ ‫و�‬ ‫تشيل‪ ،‬اش�ت الحكومة طائرات كندية بال ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫من طراز ي ت‬ ‫مزودة بعدسات مراقبة برصية‬ ‫يني�» ّ‬ ‫«س� ي‬

‫في تشيلي‪ ،‬اشترت الحكومة‬ ‫طائرات كندية بال ّ‬ ‫طيار من‬ ‫طراز «سيرينيتي» ّ‬ ‫مزودة‬ ‫بعدسات مراقبة بصرية ودون‬ ‫الحمراء‪ ،‬من أجل اكتشاف‬ ‫الحرائق في الغابات‪ ،‬ووضع‬ ‫خرائط بهذا الشأن من أجل‬ ‫تحسين المكافحة واإلطفاء‪..‬‬ ‫ودون الحمراء‪ ،‬من أجل اكتشاف الحرائق ف ي� الغابات‪،‬‬ ‫ين‬ ‫تحس� المكافحة‬ ‫ووضع خرائط بهذا الشأن من أجل‬ ‫والطفاء‪.‬‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫اخت�ت منظمة «الصندوق‬ ‫و� يونيو ‪2012‬م‪ ،‬ب‬ ‫ي‬ ‫ال�ية» طائرات «درون» من أجل‬ ‫العالمي للحياة ب‬ ‫تعزيز مكافحتها صيد وحيد القرن المحظور‪ ،‬ف ي�‬ ‫ين‬ ‫المحميات الوطنية ف ي� النيبال‪.‬‬ ‫اثنت� من‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫نس‬ ‫اخت� «المركز الفر‬ ‫وقبل ذلك ي� ‪2011‬م‪ ،‬ب‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الط�ان والفضاء» بنجاح‪ ،‬مالحقة سفينة ف ي�‬ ‫لبحاث ي‬ ‫البحر‪ ،‬بطريقة آلية‪ .‬وقد تفيد هذه التجارب جهود‬ ‫مكافحة التهريب البحري والتسلل بع� البحار‪.‬‬ ‫د�‪ ،‬تج ّهزت ف ي� سنة ‪2013‬م بطائرات‬ ‫بل إن ش�طة ب ي‬ ‫ف‬ ‫«درون»‪ ،‬لمراقبة أحداث الشغب ي� المالعب‬ ‫ش‬ ‫ال�ء نفسه ف ي�‬ ‫الرياضية‪ .‬وقررت ب‬ ‫ال�ازيل فعل ف ي‬ ‫مباريات كأس العالم لكرة القدم ي� ‪2014‬م‪.‬‬ ‫ف أ‬ ‫الط�ان والفضاء‬ ‫و� الرصاد الجويّة‪ ،‬تستخدم وكالة ي‬ ‫أي‬ ‫المريكية «ناسا» طائر ي ن‬ ‫ت� «درون» من أجل مالحقة‬ ‫أ‬ ‫عاص�‪ ،‬ف ي� المحيط‬ ‫العواصف االستوائية‪ ،‬ومنشأ ال ي‬ ‫أ‬ ‫طلس‪.‬‬ ‫ال ي‬


‫‪29 | 28‬‬

‫الدرون يسهم ف ي� إطعامنا‬

‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫يمثل المزارعون فئة ذات ثقل اقتصادي‪ ،‬باتت‬ ‫تستخدم الدرونات ث‬ ‫أك� من ذي قبل إلحداث نقلة‬ ‫نوعية ف ي� تخصصها الحيوي‪.‬‬ ‫فهذه الدرونات تمكِّن المز ي ن‬ ‫ارع� من الحصول عىل‬ ‫صور جوية للمحصول الزراعي بتكلفة زهيدة‪ ،‬إما‬ ‫جناح� ي ن‬ ‫ين‬ ‫ثابت�‪ ،‬أو‬ ‫صغ�ة ذات‬ ‫بواسطة طائرات ي‬ ‫ت‬ ‫طوافة «هيليكوب�» ذات مراوح متعددة‪.‬‬ ‫طائرات ّ‬ ‫بطيار يآل‪ ،‬يَستخدم نظام‬ ‫مجهزة‬ ‫ات‬ ‫ر‬ ‫الطائ‬ ‫وهذه‬ ‫ّ‬ ‫مصورة‬ ‫االستشعار العالمي «جي ب ي� إس» وعدسة ّ‬ ‫الل‪ .‬وعىل أ‬ ‫آ‬ ‫الرض‪ ،‬برنامج‬ ‫يتحكّم بها ّ‬ ‫الطيار ي‬ ‫ليكون‬ ‫حاسو�‪« ،‬يخيط» الصور العالية الدقة معاً‪ّ ،‬‬ ‫بي‬ ‫خريطة للحقل الزراعي‪.‬‬ ‫ف ي� حالة المراقبة الجوية التقليدية‪ ،‬تحتاج الطائرة‬ ‫إىل طيار ت‬ ‫مح�ف‪ ،‬أما ف ي� حالة استخدام «الدرون»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فيستطيع صاحب المزرعة قيادة العملية كلها من‬ ‫القالع‪ ،‬ت‬ ‫ح� الهبوط‪ .‬ويتوىل‬ ‫مكتبه‬ ‫الصغ�‪ ،‬بدءاً من إ‬ ‫ي‬ ‫الحاسو� برمجة الرحلة‪ ،‬حسب رغبة المزارع‬ ‫نامج‬ ‫ال�‬ ‫ب‬ ‫بي‬ ‫الموجه‪ .‬ففي هذه الحال يغطي تصوير الحقل كل‬ ‫ِّ‬ ‫الم�مجة‪ ،‬ويلتقط‬ ‫أرجائه بال استثناء‪ ،‬وفقاً للخريطة ب‬ ‫الصور الالزمة لتحليل وضع الحقل المجمل‪.‬‬ ‫وتوفِّر وسيلة استخدام الطائرات بال طيار‪ ،‬صوراً‬ ‫دقيقة جداً للحقول‪ ،‬لم يحصل عىل مثلها المزارعون‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫من قبل‪ .‬فهذه الصور أرخص ي‬ ‫كث�اً من تلك ي‬ ‫يحصل عليها المزارع من أ‬ ‫القمار الصناعية‪ ،‬وهي‬ ‫بكث� من الصور‬ ‫فوق ذلك أدق من يغ�ها‪ .‬وأرخص ي‬ ‫ت‬ ‫ال� يوفرها التصوير الجوي بطائرة عادية‪ .‬فالطيار‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫�ض‬ ‫ت‬ ‫ط�ان‪ .‬أما‬ ‫المح�ف يتقا ‪ 1000‬دوالر ي� كل ساعة ي‬ ‫الطائرة «الدرون»‪ ،‬فثمة نماذج منها ال يزيد سعرها‬ ‫آ‬ ‫الن عىل ‪ 1000‬دوالر‪.‬‬ ‫ال� يحصل عليها المزارع ف� نهاية أ‬ ‫ت‬ ‫المر‪،‬‬ ‫ي‬ ‫أما الصورة ي‬ ‫أ‬ ‫بعد جولة المراقبة الجوية الشهرية أو السبوعية أو‬ ‫اليومية ت‬ ‫ح�‪ ،‬فهي عىل ثالثة أنواع‪ :‬فمشاهدة الزرع‬ ‫من الجو يمكن أن تميط اللثام عن حال الرطوبة �ف‬ ‫ي‬ ‫ال�بة ومشكالت سقاية أ‬ ‫ت‬ ‫الرض‪ .‬كذلك يمكنها أن ي ّ ن‬ ‫تب�‬ ‫أ‬ ‫للمزارع مواضع إصابة الزراعات بالفطر والمراض‬ ‫ت‬ ‫ال� تُرى ي ن‬ ‫فيعدل خطته‬ ‫بالع� المجردة ّ‬ ‫المختلفة ي‬ ‫ن‬ ‫الثا�‪ ،‬فيمكن أن‬ ‫لرش المبيدات‪ .‬أما نوع التصوير ي‬

‫يكون بمختلف أطوال موجة الطيف‪ ،‬مثل التصوير‬ ‫أ‬ ‫بالشعة تحت الحمراء‪ ،‬من أجل تكوين صورة مركّبة‪،‬‬ ‫ت‬ ‫يّ ن‬ ‫ال� أصابها مرض‬ ‫تب� مواقع الزراعة السليمة‪ ،‬وتلك ي‬ ‫ن‬ ‫المجردة‪ .‬وثمة نوع ثالث من‬ ‫بالع�‬ ‫قد ال يكون مرئياً ي‬ ‫ّ‬ ‫الحاسو�‬ ‫فال�نامج‬ ‫التصوير‪ ،‬هو التصوير الدوري‪ ،‬ب‬ ‫بي‬ ‫للتطور الذي يحدث‬ ‫يكون صورة متحركة‬ ‫ّ‬ ‫يستطيع أن ّ‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫ال� تُلتقَط‬ ‫ف ي� الحقل الزراعي‪ ،‬مستعينا بالصور‬ ‫ي‬ ‫أسبوعياً مثالً‪ ،‬فيتنبه المزارع إىل ما يجري ف ي� حقله‪،‬‬ ‫من أسبوع آلخر‪.‬‬ ‫إن فائدة مثل هذه المراقبة لحقول الزراعة الواسعة‪،‬‬ ‫هي إخضاع المحاصيل إلدارة علمية تمتلك كل‬ ‫المعلومات الالزمة للسيطرة عىل الوضع الزراعي‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� ال‬ ‫فلم يعد العرص عرص الزر فاعة أاليدوية‪ ،‬آ ي‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫تستفيد من التقدم الهائل ي� الدوات والليات ي‬ ‫وفّرها العلم‪ ،‬من أجل زيادة المحاصيل وتحسينها‪،‬‬ ‫بعدد أقل من اليد العاملة‪ .‬فقد صارت آالت‬ ‫آ‬ ‫كب�ة‪ ،‬ال تتجاوز‬ ‫البذر ال يل للحبوب تعمل بدقة ي‬ ‫ت‬ ‫الالسلك الكثيفة سيطرة‬ ‫السنتم�ات‪ .‬وتوفر شبكات‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تفتقر‬ ‫تامة عىل رطوبة الرض‪ ،‬لمعرفة الماكن ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تكتفي‪ .‬فإذا أضيف إىل هذه‪،‬‬ ‫إىل الماء‪ ،‬وتلك ي‬ ‫القدرة عىل رؤية كل ما يمكن أن يحدث للمحاصيل‬ ‫ت‬ ‫وال�بة‪ ،‬بمراقبة جوية مستمرة عىل مدار الموسم‪،‬‬ ‫فإن النتيجة ال شك فيها‪.‬‬

‫إن فائدة مثل هذه المراقبة‬ ‫لحقول الزراعة الواسعة‪ ،‬هي‬ ‫إخضاع المحاصيل إلدارة‬ ‫علمية تمتلك كل المعلومات‬ ‫الالزمة للسيطرة على الوضع‬ ‫الزراعي‪..‬‬


‫في بداية العام ‪2014‬م‪،‬‬ ‫اشترى مطار جنيف في سويسرا‪،‬‬ ‫طائرة «درون»‪ ،‬من أجل مراقبة‬ ‫مدارج المطار والتيقن من عدم‬ ‫وجود عوائق عليها‪..‬‬

‫يقدر عدد ش‬ ‫الب� أن يبلغ عام ‪2050‬م‪ ،‬ما ال يقل عن‬ ‫ّ‬ ‫‪ 9,6‬مليار نسمة‪ .‬وهم يحتاجون جميعاً إىل الطعام‪.‬‬ ‫ف‬ ‫النتاج‪ ،‬ف ي� مساحة زراعية‬ ‫وأي تقدم ي� مضمار زيادة إ‬ ‫باتت محدودة‪ ،‬هو تقدم ف ي� االتجاه الصحيح‪،‬‬ ‫لمواجهة مشكلة هائلة‪ ،‬ال يصح غض النظر عنها‪،‬‬ ‫وال بد من التحسب لها بكل وسيلة ممكنة‪.‬‬

‫هندسة وآثار وكرة قدم‬

‫ال يسعنا أن نحرص مجاالت استخدام الدرونات‪،‬‬ ‫سنأ� بمزيد من أ‬ ‫ت‬ ‫المثلة‪ .‬ففي أواخر سنة‬ ‫لكننا ي‬ ‫صور «درون» من صنع ش�كة «دياديس»‬ ‫‪2011‬م‪ّ ،‬‬ ‫‪ 3000‬صورة لجرس ميلو‪ ،‬ف ي� جنوب فرنسا‪ ،‬من أجل‬ ‫مراقبة أي تفسخ أو كرس ف� أ‬ ‫العمدة السبعة‪ .‬وبذلك‬ ‫ي‬ ‫س� بناء الجرس وسالمة‬ ‫أمكن االطمئنان إىل حسن ي‬ ‫بنيته‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� ‪2011‬م أيضاً استخدم جغرافيون من جامعة‬ ‫ي‬ ‫غان البلجيكية‪ ،‬طائرة «درون»‪ ،‬من أجل وضع‬ ‫خريطة ثالثية أ‬ ‫البعاد لحقل حفريات أثرية‪،‬‬ ‫عمرها ي ن‬ ‫ب� ‪ 2300‬و‪ 2800‬سنة‪ ،‬ف ي� مناطق نائية من‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫المش�كة ي ن‬ ‫والص�‬ ‫ب� روسيا‬ ‫ألتاي‪ ،‬عىل الحدود‬ ‫ومنغوليا‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� أواخر العام ‪2013‬م‪ ،‬أعلن عمالق التجارة‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫إ ت‬ ‫مريك «أمازون»‪ ،‬ش‬ ‫م�وعاً لتسليم‬ ‫اللك�ونية ال ي‬ ‫ت‬ ‫البضاعة إىل المش�ين‪ ،‬بواسطة طائرات «درون»‪،‬‬ ‫تستطيع حمل ‪ 2,3‬كيلوغرام‪ ،‬وهو وزن نسبة ‪%86‬‬ ‫من مبيعات ش‬ ‫ال�كة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫تخت� السلطات البلدية ف� ي ن‬ ‫و� ي ن‬ ‫بك� طائرة بال‬ ‫الص�‪ ،‬ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫طيار صممتها ش�كة «أفيك»‪ ،‬تبث ي� الجو مواد تقطّر‬ ‫الغازات الملوثة للهواء‪ ،‬وتجعلها تسقط عىل أ‬ ‫الرض‪.‬‬ ‫ّ‬

‫المخت�ة أن تحمل ‪ 700‬كيلوغرام‬ ‫وتستطيع الطائرة‬ ‫بَ‬ ‫من المواد المعالجة للتلوث‪.‬‬

‫الكهربائية الخازنة لمزيد من الطاقة ف� ي ّ ز‬ ‫ح� أصغر‬ ‫ي‬ ‫وأخف‪.‬‬

‫ف‬ ‫و� بداية العام ‪2014‬م‪ ،‬ت‬ ‫اش�ى مطار جنيف ف ي�‬ ‫ي‬ ‫سويرسا‪ ،‬طائرة «درون»‪ ،‬من أجل مراقبة مدارج‬ ‫المطار والتيقن من عدم وجود عوائق عليها‪.‬‬

‫وخطر التقاء طائرة بال طيار ف ي� الجو‪ ،‬مع طائرة ركاب‬ ‫مدنية‪ ،‬خطر داهم ومتعاظم‪ .‬فمحركات الطائرات‬ ‫لك تتحمل االصطدام بعصفور‬ ‫المدنية مصنوعة ي‬ ‫أو ت‬ ‫كب�‪ ،‬لكنها ليست مصممة لالصطدام‬ ‫ح� طائر ي‬ ‫ن‬ ‫معد�‪.‬‬ ‫بجسم‬ ‫ي‬

‫ولعل مثال المطار السويرسي هو من المثلة النادرة‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫مد� عىل استخدام‬ ‫ال� تُقدم فيها سلطات ي‬ ‫ط�ان ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫«درون»‪ ،‬ي� الوقت الذي تطرح فيه «ثورة الدرون»‪،‬‬ ‫ن‬ ‫المد�‪ ،‬مع‬ ‫معضلة أساسية هي معضلة أمن ي‬ ‫الط�ان أ ي‬ ‫طيار ف ي� الجواء‪،‬‬ ‫تنامي عدد الطائرات‬ ‫ي‬ ‫الصغ�ة بال ّ‬ ‫ومنافستها الطائرات المدنية حاملة الركاب‪.‬‬

‫ين‬ ‫ومط�و «الدرون» ليسوا جميعاً‬ ‫رسمي� يعرفون‬ ‫يّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ال� تحكم إشغال الجواء‪ ،‬واستخدام‬ ‫ي‬ ‫القوان� ي‬ ‫المجاالت الجوية المفتوحة لهم‪ ،‬وتجنب تلك‬ ‫ت‬ ‫ال� تختص فقط بالطائرات المدنية‪.‬‬ ‫المجاالت ي‬

‫ن‬ ‫المد� ومتاعب‬ ‫الط�ان‬ ‫أمن ي‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫حلو‬ ‫ستوجب‬ ‫ً‬ ‫أ‬

‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫فالرقام تتحدث‪ ،‬وهي بالغة‪ :‬عدد الطائرات ي‬ ‫طيار‪ ،‬سيفوق قريباً عدد الطائرات المدنية‬ ‫ي‬ ‫تط� بال ّ‬ ‫أ‬ ‫التجارية‪ .‬فهل العالم مستعد لتنظيم المر من‬ ‫أ‬ ‫والدارية والقانونية؟‬ ‫الناحية المنية إ‬ ‫المتطورة والتكلفة الزهيدة‬ ‫لقد تخطت التقنية‬ ‫ّ‬ ‫آ‬ ‫العتبة‪ ،‬وجعلت الن من «الدرون» أداة‬ ‫«ديموقراطية» ف ي� متناول مزيد من الناس‪ .‬وال يبدو‬ ‫أن أ‬ ‫المور يمكن أن تعود إىل الوراء بعد اليوم‪.‬‬ ‫ت‬ ‫والمح�فون والهواة‪،‬‬ ‫فالمصممون والصناعيون‬ ‫يُقبلون كل يوم عىل صنع مزيد من النماذج‬ ‫والصغ�ة والخفيفة‪ ،‬مستفيدين باستمرار‪،‬‬ ‫البسيطة‬ ‫ي‬ ‫من التقدم الذي يحرزه عدد من القطاعات ال�ت‬ ‫ي‬ ‫تسهم ف ي� رواج الطائرة بال طيار‪ ،‬مثل التقنيات‬ ‫ت‬ ‫ال� تساعد ف ي� نمنمة‬ ‫الرقمية‪ ،‬وتقنيات النانو‪ ،‬ي‬ ‫ين‬ ‫تحس� جدوى البطاريات‬ ‫المحركات‪ ،‬وتقنيات‬

‫طرح عىل القضاء ف ي� عدة بلدان قضايا‬ ‫وقد بدأت تُ َ‬ ‫المسألة الحساسة‪ .‬أ‬ ‫فالجواء لمن؟ وما‬ ‫تتعلق بهذه‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫مص� استعمال الجواء ي� الحياء القريبة من‬ ‫هو ي‬ ‫المطارات‪ ،‬وما هو حكم طائرات «الدرون» ت‬ ‫ال�‬ ‫ي‬ ‫تستطيع أن تحلِّق عالياً ف ي� الجو‪ ،‬إىل االرتفاع الذي‬ ‫يجعلها تنافس الطائرات المدنية التجارية عىل‬ ‫ط�انها؟ بل ما هو حكم طائرة «درون»‬ ‫خطوط ي‬ ‫تسقط لخلل ما‪ ،‬أو لفراغ بطاريتها‪ ،‬فتهوي عىل شب�‬ ‫وتلحق أ‬ ‫الذى بهم‪ ،‬أو ت‬ ‫ح� تقتلهم؟‬ ‫ين‬ ‫إنه السباق ي ن‬ ‫القوان�‬ ‫ومطوري‬ ‫مطوري «الدرون»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ب� ّ‬ ‫ت‬ ‫الدارية‪ ،‬قبل وقوع الحوادث‪ ،‬أو ح� قبل‬ ‫والنظم إ‬ ‫وقوع الكارثة‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪31 | 30‬‬

‫العلم خيال‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫لقد فقست البيضة‪،‬‬ ‫وكبر الطائر في العش‪،‬‬ ‫واستنزف موارده‪ ،‬وازدحم‬ ‫به المكان‪ ،‬ال بد له من‬ ‫المغادرة‪ .‬ريشه بدأ بالنمو‪،‬‬ ‫ً‬ ‫يوما‬ ‫وسيصبح له جناحان‬ ‫ما‪ ،‬وسيغادر‪ .‬مغادرة‬ ‫الطائر للعش ليست مجرد‬ ‫رغبة منه في الطيران‪ ،‬أو‬ ‫ً‬ ‫تباهيا منه بقدرته عليه‪ ،‬أو‬ ‫حتى شعوره بحريته‪ ،‬إنما‬ ‫هي دعوة تأتيه من حاجته‬ ‫ً‬ ‫للبقاء ً‬ ‫أيضا‪ ،‬إنها دعوة‬ ‫حيا‬ ‫للتكاثر ولنقل جيناته‬ ‫إلى الجيل الذي يليه‪ ،‬إنه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يوما ما‪.‬‬ ‫مرغما‬ ‫سيغادر‬ ‫ذلك الطير هو اإلنسان‪،‬‬ ‫والعش هو األرض‪.‬‬

‫د‪ .‬محمد قاسم‬

‫الرض‪ ،‬قد ال تكون الخيار أ‬ ‫أ‬ ‫الوحد ش‬ ‫للب� من حيث‬ ‫ت‬ ‫ال� عليها‪ .‬فالموارد محدودة‪ ،‬ش‬ ‫والب� ف ي� ازدياد‪،‬‬ ‫الموارد ي‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫سيأ� اليوم‬ ‫وعىل سبيل المثال تدل‬ ‫المؤ�ات عىل أنه ي‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫الذي ال يغطي فيه الماء العذب حاجة الب�‪ ،‬وح� إن‬ ‫وجدت أساليب للتحلية‪ ،‬فإنها قد تكفي شل�بهم‪ ،‬ولكنها‬ ‫لن تكفي للري وللكائنات الحية أ‬ ‫الخرى‪ .‬وكذلك بالنسبة للطعام‪ ،‬قد يبدو‬ ‫ف‬ ‫ذه� طورت فيه أساليب إطعام ‪ 7‬مليارات نسمة‪ ،‬ولكن مهما‬ ‫أننا ي� عرص ب‬ ‫ي‬ ‫تعاظمت هذه التقنيات إال أنها لن تستطيع مواكبة أ‬ ‫العداد المتضاعفة‬ ‫أُ ّسياً‪ ،‬فالشخص الواحد يحتاج ألر ٍاض شاسعة بما فيها من نباتات وحيوانات‬ ‫كاف له هو فقط‪.‬‬ ‫الستخراج طعام ٍ‬ ‫الرض ليست الخيار أ‬ ‫أ‬ ‫للب� من حيث المساحة أيضاً‪ ،‬فلو ُجمع كل ش‬ ‫الوحد ش‬ ‫الب�‬ ‫منذ بدء الخليقة –يقدر عددهم بحوال ‪ 108‬مليارات نسمة‪ -‬ووضع كل منهم �ف‬ ‫ُ َّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫رقعة تم� واحد طوال ً وعرضاً‪ ،‬الحتوتهم جميعاً مساحة المملكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫فهذا العدد من ش‬ ‫الب� سيحتاج إىل ‪ 108‬مليارات تم� مربع‪ .‬ومساحة المملكة‬ ‫ت‬ ‫العربية السعودية هي ‪ 2,149‬مليار م� مربع‪ .‬أي إنه ستبقى مساحة ‪ 2041‬مليار‬ ‫تم� مربع ش‬ ‫لب� لم يولدوا بعد!‬ ‫ت‬ ‫النسان للعيش تشتمل عىل أر ٍاض تحتوي عىل‬ ‫ال� يحتاجها إ‬ ‫ولكن المساحات ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� تنتج جميع‬ ‫ال� يتغذى عليها‪ ،‬وكذلك عىل المصانع ي‬ ‫الحيوانات والنباتات ي‬ ‫بالضافة الشتمال تلك المساحات عىل مقار ضخمة مجهزة لتوفر بيئة‬ ‫مستلزماته‪ ،‬إ‬ ‫مناسبة للحياة‪ ،‬فال يمكن للإنسان العيش ف ي� مساحة قدرها تم� مربع واحد‪ ،‬إذن‪،‬‬

‫المساحة هي أيضاً مورد ف ي� حد ذاتها‪ ،‬يتصارع عليها ش‬ ‫الب� ف ي� دور القضاء كحد‬ ‫ن ف‬ ‫و� الحروب ت‬ ‫ح� الموت كحد أقىص‪.‬‬ ‫أد�‪ ،‬ي‬ ‫مرغم�‪ .‬ولكننا نجد عىل الطرف آ‬ ‫ين‬ ‫تلك كلها أسباب تدفع ش‬ ‫الخر من‬ ‫الب� للخروج‬ ‫أ‬ ‫كفة ي ز‬ ‫الم ِل َّحة لالستكشاف أيضاً‪ ،‬أصبحنا ندرك أن‬ ‫م�ان الحركة تل�ك الرض الرغبة ُ‬ ‫النسان عليها‪ ،‬بل قد تكون‬ ‫الكون حاضن لكواكب أخرى قد تكون مناسبة لحياة إ‬ ‫مأهولة حالياً بكائنات أخرى‪.‬‬ ‫كم عدد تلك الكواكب؟ تقول إالحصاءات إن عدد الكواكب القابلة للحياة قد تصل إىل‬ ‫‪ 10‬مليارات كوكب‪ ،‬وهذا العدد هو فقط ف ي� مجرة درب اللبانة‪ ،‬ناهيك عن المليارات‬ ‫أ ف‬ ‫ت‬ ‫ال� تليها‪ ،‬أي لو أننا أعطينا لكل‬ ‫من الكواكب الخرى ي� المجرات المحيطة بها ثم ي‬ ‫إنسان كوكباً واحداً‪ ،‬لتمكنت الكواكب من استيفاء ش‬ ‫الب� فرداً فرداً‪ ،‬ولبقيت لدينا كواكب‬ ‫يغ� مأهولة ومستعدة الستقبال مزيد‪ ،‬وهذا فقط ف ي� مجرتنا مجرة درب اللبانة‪.‬‬ ‫اجمع هذه الحاجة للموارد مع الرغبة ف ي� الخروج‪ ،‬وستجد سهماً ش‬ ‫مؤ�اً إىل الفضاء‬ ‫يعبد بعد‪ .‬ذلك الطريق يحتاج إىل علم هائل للقفز‬ ‫الخارجي‪ ،‬وإىل طريق وعر لم َّ‬ ‫بالنسان إىل ارتفاعات كونية‪ ..‬إىل المجموعة الشمسية‪ ،‬ثم إىل ما هو أبعد من‬ ‫إ‬ ‫بكث�‪.‬‬ ‫ذلك ي‬

‫كيف الوصول إىل هناك؟‬

‫تتضح مشكلة قطع المسافات بعقد مقارنة مع أقرب نجم أ‬ ‫للرض‪ :‬بروكسيما‬ ‫حوال ‪ 4.25‬سنة ضوئية‪ ،‬أو ‪ 40,000‬مليار‬ ‫سنتوري (القنطور)‪ ،‬فهو يبعد عنا ي‬


‫ت‬ ‫ت‬ ‫ذا�‬ ‫كيلوم�‪ ،‬لو أننا قررنا السفر إليه باستخدام أرسع مركبة فضائية بدفع ي‬ ‫ش‬ ‫الستغرقتنا الرحلة مليار ساعة‪ ،‬أو ‪ 114‬ألف عام‪ .‬وإن كنا كساللة ب�ية قد‬ ‫استغرقنا ‪ 5‬آالف عام لنهتدي إىل ابتكار الصاروخ‪ ،‬فإننا سنحتاج إىل ‪ 100‬ألف عام‬ ‫للوصول إىل رسعات توازي نسبة رسعة الصاروخ إىل رسعة ش‬ ‫ويك� المأزق‬ ‫الم�‪ ،‬ب‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫لتسك� ش‬ ‫وبالتال‪،‬‬ ‫الب�‪.‬‬ ‫حينما نعلم أن النجم القنطور قد ال يمتلك كواكب قابلة‬ ‫ي‬ ‫بكث� للوصول إليها‪ ،‬إنها مشكلة حقاً!‬ ‫أك� ي‬ ‫سنحتاج للسفر إىل مسافات ب‬

‫أ ق‬ ‫خال� والتكنولوجي‬ ‫ال ُبعد ال ي‬

‫أضف إىل ذلك مشكلة أخرى‪ ،‬وهي التطور التكنولوجي المتسارع‪ .‬ت‬ ‫فلنف�ض أن‬ ‫العلماء اكتشفوا طريقة للسفر برسعات مناسبة‪ ،‬ثم أطلقوا رواد الفضاء إىل كوكب‬ ‫بعيد‪ ،‬ف‬ ‫بكث� من الدفع السابق‪ ،‬ذلك‬ ‫و� أثناء سفرهم طور العلماء دفعاً أفضل ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫أك�‪ ،‬وستصل إىل‬ ‫يع� إن أطلقوا المركبة الحدث فإنها ستجتاز الوىل برسعة ب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الكواكب البعيدة ي� وقت أقرص‪ ،‬وسيتأخر عنها الفريق الذي أرسل أوالً‪ ،‬فيصبح‬ ‫التساؤل‪ :‬تم� يحق لنا أن نطلق ش‬ ‫الب�؟ وبأي تكنولوجيا؟ وهذه هي مشكلة أخالقية‬ ‫تحتاج لنظر فالسفة أ‬ ‫الخالق‪.‬‬ ‫تتفاقم المشكلة حينما نأخذ ي ن‬ ‫بع� االعتبار الطاقة الهائلة المستهلكة ف ي� دفع‬ ‫ث‬ ‫أك� ثقلت أك�‪ ،‬وذلك لحملها وقوداً‬ ‫الصاروخ‪ ،‬كلما احتاجت المركبة لطاقة ب‬ ‫ث‬ ‫ش‬ ‫أك�‪ .‬أضف إىل ذلك أن أي رحلة ستحمل معها الب� ستكون مكلفة للغاية‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫كب�ة إلبقائه عىل قيد الحياة لف�ات سفر‬ ‫كث�ة‬ ‫إ‬ ‫وتجه�ات ي‬ ‫ي‬ ‫فالنسان يحتاج لموارد ي‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫طويلة‪ ،‬عوضا عن حمايته من الشعة الكونية وحبيبات الغبار‪ ،‬حيث بإمكانها‬ ‫التسبب بأ�ض ار بالغة ف ي� المركبة إن اصطدمت بها‪ ،‬وهذا خالف ما نراه من أفالم‬ ‫ت‬ ‫ال� تتحطم باالنفجارات التوربينية‬ ‫الخيال العلمي من قتال المراكب الفضائية ي‬ ‫الصاروخية‪ ،‬ثم تخرج سالمة‪ ،‬فمراكب «ناسا» تتأثر تأثراً بالغاً بمجرد اصطدامها‬ ‫بذرات بسيطة من الغبار‪.‬‬ ‫الحباطات المتتالية‪ ،‬قد نصل إىل نتيجة أن السفر إىل الكواكب البعيدة‬ ‫بعد رسد إ‬ ‫ين‬ ‫وتسك� ش‬ ‫الب� فيها هو أمر بعيد المنال‪ ،‬أو يطل عىل ش�فة االستحالة‪ .‬عىل‬ ‫الشكاالت لم تُحبط العلماء‪ ،‬فهم يعملون عىل حلها‬ ‫العكس من ذلك‪ ،‬فهذه إ‬ ‫اليوم‪ .‬ولديهم بعض ت‬ ‫االق�احات الجادة لصناعة مراكب تصل رسعاتها إىل ما‬ ‫يقارب رسعة الضوء‪ ،‬بل إن هناك رساً ف ي� نظرية النسبية الخاصة آلينشتاين قد‬ ‫تسمح للمسافر الوصول ف� زمن بسيط إىل الكواكب البعيدة‪ ،‬ت‬ ‫ح� وإن كان الوصول‬ ‫إىل هذا الرس بالنسبة لنا يبعيد أ‬ ‫المد‪.‬‬

‫الثا� ف� أ‬ ‫ن‬ ‫البجدية‬ ‫الرمز بيتا ( ) هو الحرف ي ي‬ ‫جد الحرف‬ ‫إ‬ ‫الغريقية‪ ،‬وهو ‪-‬كما نالحظ‪ّ -‬‬ ‫ال ي ز‬ ‫نجل�ي ‪ ..B‬وجد الصوت «ب» ف ي� لغات‬ ‫إ‬ ‫ً‬ ‫كث�ة‪ .‬بعيدا عن اللغويات‪ ،‬فإن «بيتا»‬ ‫أخرى ي‬ ‫هو رديف للرقم ‪ 2‬كذلك‪ ..‬مثلما هو «ألفا»‬ ‫رديف للرقم ‪ 1‬كما ذكرنا ف ي� العدد الما�ض ي ‪.‬‬ ‫ف‬ ‫َّ‬ ‫ال�مجيات‪ .‬فالنسخة‬ ‫ويتجل ذلك ي� عوالم ب‬ ‫«بيتا» من أي برنامج هي النسخة التجريبية‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� اجتازت قسوة‬ ‫الثانية‪ ،‬وما قبل ال ي‬ ‫خ�ة‪ ،‬ي‬ ‫فسمح لها بأن توزع عىل‬ ‫االختبارات االبتدائية ُ‬ ‫الجمهور ليجربها قبل إطالق النسخة النهائية‪.‬‬ ‫ف ي� مجال المالية واالقتصاد‪ ،‬هناك ما يُعرف بـ‬ ‫«معامل بيتا»‪ ،‬وهو مقياس لحساب المخاطرة‬ ‫ف‬ ‫تغ�‬ ‫عىل عائدات االستثمار مقارنة بالمعتاد ي� ي ّ‬ ‫عائدات السوق‪.‬‬ ‫ف� ي ز‬ ‫الف�ياء هناك (جسيمات بيتا) المنبعثة‬ ‫ي‬ ‫عن المواد المشعة‪ .‬وجسيمات بيتا لها القدرة‬ ‫عىل ت‬ ‫اخ�اق المادة الحية لمدى ي ن‬ ‫مع� بحيث‬ ‫ف‬ ‫تغي�‬ ‫خ�اء الطب إ‬ ‫الشعاعي ي� ي‬ ‫يستخدمها ب‬ ‫ف‬ ‫ترتيب الجزيئات‪ .‬ي� معظم الحاالت يكون لهذا‬ ‫التغ� نتائج خطرة كالرسطان ت‬ ‫وح� الموت‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ولعله من المدهش أن التحكم ي� جرعة هذه‬ ‫الجسيمات تحديداً هو ف� حد ذاته عالج ت‬ ‫مق�ح‬ ‫ي‬ ‫للرسطان! ويبحث العلماء اليوم ف ي� ابتكار خاليا‬ ‫أ‬ ‫ال ت‬ ‫لك�ونية‬ ‫لتوف� الطاقة للجهزة إ‬ ‫بيتا الفولتية ي‬ ‫كالجواالت دون الحاجة إلعادة شحنها مدى‬ ‫ّ‬ ‫الحياة‪.‬‬ ‫متغ�ات أو‬ ‫وكث�اً ما يستخدم بيتا للداللة عىل ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫والحصاء‪ ) ( .‬هو رمز‬ ‫مجاهيل ي� الرياضيات إ‬ ‫ئ‬ ‫الجز�‪ .‬أما ف ي� الذاكرة الشعبية‬ ‫معامل االنحدار‬ ‫ي‬ ‫فيح�ض بيتا عىل ث‬ ‫أك� من صعيد‪ .‬فهو كان اسم‬ ‫الكاري�‬ ‫العصار المدمر الذي �ض ب سواحل‬ ‫إ‬ ‫بي‬ ‫ف� ‪2005‬م‪ ،‬وقبل ذلك ي ن‬ ‫بثالث� عاماً كان الرمز‬ ‫ي‬ ‫ح� اختارته ش�كة ن‬ ‫م�ل ي ن‬ ‫حا�ض اً ف� كل نز‬ ‫(سو�)‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الفديو‬ ‫لتسمية طرازها المعياري من شأ�طة ِ‬ ‫نز‬ ‫الم�لية (بيتا‪-‬ماكس)‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪33 | 32‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫االخ�اع أ‬ ‫بالرغم من أن براءة ت‬ ‫الوىل لهذا‬ ‫المنتج تعود لعام ‪1975‬م‪ ،‬إال أن المنظار‬ ‫الملبوس عىل الرأس (‪Head-Mounted‬‬ ‫‪ )Display‬أو المنظار الغمري (‪ )Immersive Display‬قد‬ ‫شهد إعادة انبعاث خالل السنوات الماضية‪ ،‬والفضل‬ ‫يعود شل�كة غوغل‪ ..‬والستثمارات صناعة أ‬ ‫اللعاب‬ ‫إال ت‬ ‫لك�ونية كذلك‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫المناظ� عىل‬ ‫نوع� من‬ ‫ي‬ ‫نفرق يب� ي‬ ‫وال َّبد هنا من أن ِّ‬ ‫أ‬ ‫القل‪ ،‬كالهما يعتمد عىل التقنيات الملبوسة‪ .‬فنظارات‬ ‫ال� ت‬ ‫ت‬ ‫يف�ض‬ ‫غوغل ي‬ ‫الشه�ة تعتمد عىل إسقاط الصورة‪ ،‬ي‬ ‫الع�ن‬ ‫أن نشاهدها بع� الشاشة التقليدية‪ ،‬عىل كرة ي‬ ‫ش‬ ‫مبا�ة‪ ،‬بحيث تغدو النصوص والصور متكاملة مع‬ ‫المشهد الطبيعي من حولنا‪ .‬ونظارات غوغل ستسمح‬ ‫لك بأن تقابل زيداً أو عمراً من الناس لتظهر لك ‪-‬ولك‬ ‫وحدك‪ -‬مربعات حول هذا الشخص تحدد لك بياناته‬ ‫الشخصية والمهنية ومدخالت حساب فيسبوك الخاص‬ ‫به ومدى ازدحام جدوله اليومي إىل آخر ما سيسمح هو‬ ‫بعرضه للعامة ضمن بيئة تفاعلية متكاملة اسمها ت‬ ‫(إن�نت‬ ‫أ‬ ‫الشياء) يغدو الناس فيها وتغدو بياناتهم عنارص تإن�نتية‬ ‫قابلة للزيارة واالستكشاف‪.‬‬ ‫التقنية الثانية ال تتكامل مع البيئة المحيطة‪ ..‬بل تغمرك‬ ‫بعينيك وكافة حواسك ف ي� بيئة صناعية مستقلة عن‬ ‫الواقع‪ .‬ونظاراتها يغ� زجاجية وال شفافة‪ ،‬بل هي أقرب‬ ‫ت‬ ‫ال� تبتلع وجه مرتديها لتخلق وهماً بالغ الدقة‬ ‫للخوذات ي‬ ‫النظ�‬ ‫إ‬ ‫والقناع‪ .‬وهي ‪-‬كما أسلفنا‪ -‬تشهد انتعاشاً منقطع ي‬ ‫بفضل تسخ�ها ف� تجارة أ‬ ‫اللعاب إال ت‬ ‫لك�ونية‪ ،‬من دون‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫مدها ف� تطبيقات أخرى ث‬ ‫أك� جدية‪.‬‬ ‫أن يوقف ذلك ّ ي‬

‫اف� ضا�‪ ..‬أم ت‬ ‫واقع ت‬ ‫اف�اض‬ ‫ي‬ ‫واقعي؟‬

‫شهد مصطلح «الواقع ت‬ ‫االف�ا�ض ي – ‪»Virtual Reality‬‬ ‫كب�اً إبان التسعينيات‪ .‬وكان ذلك بفضل التطور‬ ‫رواجاً ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫تصغ� الشاشات ي� ذلك الوقت‪.‬‬ ‫الكب� ي� تقنيات ي‬ ‫ي‬ ‫وتعتمد هذه التقنية عىل تصميم شاشات تُلبس أمام‬ ‫الوجه ش‬ ‫تحاك‬ ‫مبا�ة لتعرض رسومات ذات أبعاد ثالثية ي‬ ‫مبا�ة‪ .‬بحيث يسعك وأنت �ف‬ ‫ش‬ ‫الواقع لكنها ال تتصل به‬ ‫ي‬ ‫الرياض أن ش ف‬ ‫ت‬ ‫جان�و‪ ..‬أو ح� عىل‬ ‫تم� ي� شوارع ريو دي ي‬ ‫ي‬

‫منتج‬

‫المنظار الثالثي‬ ‫األبعاد‪..‬‬ ‫َمن يشتري‬ ‫الوهم؟‬

‫ت ن‬ ‫و�‬ ‫سطح القمر‪ .‬وال مانع من تعزيز هذا الوهم إاللك� ي‬ ‫بالصوت والرائحة إال ت‬ ‫لك� ي ن‬ ‫وني� كذلك!‬ ‫ف‬ ‫وبطبيعة الحال‪ ،‬فإن كل ما تم تقديمه ي� هذه الصدد‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫تق� اليوم! فتطبيقات‬ ‫ي� التسعينيات هو محض هراء ي‬ ‫الواقع ت‬ ‫االف�ا�ض ي الحالية تخلق بيئات رقمية وهمية‬ ‫شديدة المقاربة للحقيقة وذات جودة أعىل بأضعاف‬ ‫مضاعفة‪ .‬ويعود الفضل ف ي� ذلك إىل تقدم تقنيات‬ ‫الرسوميات الحاسوبية‪ ،‬وإىل تطور اعتمادنا عىل التقنية‬ ‫الرقمية كذلك‪ .‬ألن خوذات الواقع ت‬ ‫االف�ا�ض ي اليوم‬ ‫باتت مربوطة بشبكة ال تن�نت أ‬ ‫المر الذي لم يكن مؤكداً‬‫إ‬ ‫تماماً قبل عقدين‪ -‬وبهذا فهي متصلة بمخزن ال ئ‬ ‫نها�‬ ‫ي‬ ‫من المعلومات وبيانات حقيقية عن أ‬ ‫الفراد والطقس‬

‫محدثة آنياً وستسهم ف ي�‬ ‫واللهجات وصور ِوفديوهات ّ‬ ‫االف�اضية ث‬ ‫جعل التجربة ت‬ ‫أك� واقعية‪.‬‬ ‫قد يبدو من المزري أن ثمة تقنية معقدة وواعدة تشهد‬ ‫رواجاً ع� سوق أ‬ ‫اللعاب إال ت‬ ‫لك�ونية بالذات‪ .‬لكن هذا‬ ‫ب‬ ‫الرأي سيخالفه مليار ونصف المليار إنسان يمارسون‬ ‫وست�عزع نظرتنا الفوقية ث‬ ‫الفديو إال ت‬ ‫لك�ونية‪ ،‬ت ز‬ ‫أك�‬ ‫ألعاب ِ‬ ‫�ض‬ ‫ت‬ ‫إذا عرفنا أن سوق ألعاب الواقع االف�ا ي وحدها يتوقع‬ ‫لها أن تكرس حاجز المليار دوالر بحلول العام ‪2018‬م‪.‬‬

‫ث‬ ‫أك� من مجرد ألعاب‬

‫والستخدامات الشاشات الملبوسة أبعاد عدة أخرى‪ ،‬ف ي�‬ ‫مجاالت الصناعة‪ ،‬والطب‪ ،‬وعسكرياً بطبيعة الحال‪.‬‬ ‫أ‬ ‫فلن هذه الشاشات هي ف ي� الواقع حواسيب مدمجة‬ ‫يمكن ربطها سلكياً أو السلكياً بأجهزة ومستشعرات أخرى‬ ‫بع� إال تن�نت‪ ،‬يمكننا أن نتخيل كافة أنواع القراءات‬ ‫ت‬ ‫ال� يتم عرضها أمام ناظري مرتدي إحدى‬ ‫الممكنة‪ ،‬ي‬ ‫هذه العدسات وفقاً للحاجة‪.‬‬ ‫ف ي� مجال الطب مثالً‪ ،‬فإن الطبيب قد يمارس جراحته عن‬ ‫بُعد‪ .‬ن‬ ‫بمع� أن الصور ستنتقل له بع� القارات إىل خوذته‬ ‫الخب�ة بواسطة‬ ‫الملبوسة‪ .‬سيتم نقل حركة أصابعه ي‬ ‫مستشعرات بالغة الحساسية (يرتديها كالقفازات حول‬ ‫أصابعه) لتنتقل إشارات هذه الحركة بع� القارات أيضاً‬ ‫إىل أصابع روبوت يآل سيمارس العملية بالنيابة‪.‬‬ ‫وبالنسبة للطبيب أيضاً‪ ،‬فستوفر له خوذة الواقع‬ ‫ت‬ ‫االف�ا�ض ي مشهداً واقعياً للحالة الجراحية بالفعل مدعمة‬ ‫بقراءات جانبية لها عالقة بالعالمات الحيوية (النبض‬ ‫والضغط إلخ) فضال ً عن مراجع تفاعلية ستساعده أك�ث‬ ‫عىل اتخاذ القرار الصحيح‪.‬‬ ‫ين‬ ‫الهندس أو الصناعي‪ ،‬فإن هذه‬ ‫المجال�‬ ‫ف ي�‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� ستسمح‬ ‫الخوذات ستكون كمراقيب أشعة إكس ي‬ ‫ن‬ ‫المبا� أو المركبات الحيوية‬ ‫لمرتديها بمعاينة هياكل ي‬ ‫مايكروسكوبياً‪ -‬مع عرض نتائج التحاليل آنياً عىل الشاشة‬‫الملبوسة نفسها والمربوطة حاسوبياً ب�امج أ‬ ‫الوتوكاد‬ ‫ب‬ ‫كالخب�‬ ‫والماتالب وسواها‪ .‬حينها سيكون المهندس‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫سيستع� بكل هذه القيم المضافة يك يتخذ القرار‬ ‫الذي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الفضل ف ي� الوقت القرص‪.‬‬ ‫بمناظ�‬ ‫أمنياً‪ ،‬فقد بتنا نشاهد بوادر الخوذات المدعمة‬ ‫ي‬ ‫الرؤية الليلية‪ ،‬ومراقيب المتابعة الحرارية ألجساد‬ ‫توف� قراءات تكتيكية للبيئة‬ ‫الخصوم‪ ،‬فضال ً عن ي‬ ‫المحيطة عىل شكل خريطة ثالثية أ‬ ‫البعاد تحذر من‬ ‫مواقع أ‬ ‫المف�ضة ت‬ ‫اللغام والكمائن ت‬ ‫وتق�ح أقرص الطرق‬ ‫لتطويق المنطقة أو الوصول للهدف‪.‬‬ ‫كل هذا التقدم ف ي� عوالم الشاشات الملبوسة موعود‬ ‫بالمزيد من الدعم من ظهور طرق ث‬ ‫أك� فعالية لعرض‬ ‫وتبادل المادة البرصية عىل أسطح ث‬ ‫أك� وضوحاً ومرونة‪..‬‬ ‫ث‬ ‫ث‬ ‫وأك� قابلية للتمدد كذلك طالما يدور كالم أك� عن‬ ‫إمكانية االستعاضة عن الواجهات الزجاجية للسيارات‬ ‫والطائرات بشاشات تفاعلية ذكية قد ال تسمح برؤية‬ ‫البص�ة‬ ‫العالم الخارجي‪ ،‬لكنها ستمنح قائد المركبة ي‬ ‫الالزمة للتقدم بع�ه بأمان‪.‬‬


‫ ‬

‫د‪ .‬عبد اهلل محمد عيتاني‬

‫االستثمارات‬ ‫البحثية‬

‫للشركات البترولية في‬ ‫ِّ‬ ‫المتجددة‬ ‫الطاقة‬

‫طاقة‬

‫يعتقد البعض للوهلة األولى أن هناك‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تعارضا بين توجهات الشركات‬ ‫تناقضا أو‬ ‫البترولية فيما يتعلق بإنتاج الوقود التقليدي‬ ‫من جهة‪ ،‬ودعم االستثمارات البحثية‬ ‫ِّ‬ ‫المتجددة من جهة أخرى‪ .‬غير أنه‬ ‫للطاقة‬ ‫ً‬ ‫وعلى أرض الواقع فإن عددا من الشركات‬ ‫البترولية حول العالم تقوم بدور فاعل بدعم‬ ‫ِّ‬ ‫المتجددة‬ ‫تطوير تقنيات جديدة للطاقة‬ ‫وحتى المساهمة في إنشاء شركات للطاقة‬ ‫لتنويع مصادر الطاقة المتوافرة لديها‪.‬‬ ‫ويمكن أن تستفيد الصناعة البترولية وقطاع‬ ‫ً‬ ‫سويا خاصة‬ ‫الطاقة المتجددة من العمل‬ ‫مع سهولة تركيب أجهزة الطاقة الشمسية‬ ‫في األماكن التي يصعب إيصال الكهرباء أو‬ ‫نقل وقود الديزل إليها‪.‬‬


‫‪35 | 34‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫ال يزال الوقود أ‬ ‫الحفوري من‬ ‫نفط وغاز وفحم يم ِّثل أهم‬ ‫مصادر الطاقة الرئيسة في‬ ‫العالم‪ ،‬حيث يستحوذ على‬ ‫‪ %81‬من إجمالي مصادر الطاقة‬ ‫أ‬ ‫الولية‪ ،‬تليه مصادر الطاقة المتجددة بنسبة‬ ‫‪ %13‬والطاقة النووية بنسبة ‪ ،%5‬وذلك بحسب‬ ‫تقديرات الوكالة الدولية للطاقة للعام ‪2014‬م‪.‬‬ ‫وفي السنوات السابقة‪ ،‬شهد العالم ارتفاعاً غير‬ ‫مسبوق في الطلب على الطاقة بكافة أنواعها لتلبية‬ ‫احتياجات التنمية االقتصادية واالجتماعية المرتبطة‬ ‫بالنمو السكاني والتوسع الصناعي‪ .‬وعلى الرغم مما‬ ‫تشهده السوق العالمية للبترول حالياً من تذبذب‬ ‫في أ‬ ‫السعار نتيجة عدد من العوامل‪ ،‬وفي مقدمتها‬ ‫الركود االقتصادي‪ ،‬فمن المؤكد أن يستمر الوقود‬ ‫أ‬ ‫الحفوري في االضطالع بدور ريادي بين مصادر‬ ‫أ‬ ‫الطاقة الخرى على مدى العقود المقبلة نظراً‬ ‫لتوفر االحتياطات وقدرة الشركات البترولية على‬ ‫تلبية االحتياجات العالمية‪ .‬ويُعد ارتفاع الطلب‬ ‫على الطاقة من التحديات الرئيسة التي يواجهها‬

‫العالم من حيث استدامتها والحد من تأثيراتها‬ ‫البيئية‪ .‬ونظراً لالعتبارات البيئية واالقتصادية‬ ‫وحفظاً لمصادر الطاقة أ‬ ‫الحفورية النفيسة‪ ،‬يتجه‬ ‫العالم إلى تطوير مصادر الطاقة المستدامة‪،‬‬ ‫الشمسية والرياح وغيرها‪ .‬ويسعى كثير من الدول‬ ‫حول العالم إلى خفض استهالك الوقود أ‬ ‫الحفوري‬ ‫وزيادة التنوع في منظومة الطاقة لديها بإضافة‬ ‫مصادر جديدة من الطاقة المتجددة‪ .‬ولذلك تبذل‬ ‫عديد من شركات البترول العالمية والوطنية جهوداً‬ ‫للمحافظة على الطاقة أ‬ ‫الحفورية الناضبة وزيادة‬ ‫كفاءة استخدامها‪ .‬وخالل العقدين الماضيين‪،‬‬ ‫استثمرت هذه الشركات مبالغ ضخمة في البحث‬ ‫والتطوير في مجال تقنيات جديدة لمصادر طاقة‬ ‫بديلة ترفد الوقود أ‬ ‫الحفوري‪ ،‬حتى إن بعض‬ ‫الشركات البترولية دخل في تحالفات إلنشاء شركات‬ ‫للطاقة المتجددة غير الناضبة‪.‬‬

‫االستثمارات البحثية في الطاقة‬ ‫المتجددة‬ ‫ِّ‬ ‫أ‬

‫أشار استطالع أجرته شركة «باتيل» المريكية ونشرته‬

‫بلومب�غ عن الطاقة المتجددة ‪2014 -‬‬ ‫المصدر‪ .1 :‬تقرير‬ ‫ي‬ ‫‪ .2‬تقرير وكالة الطاقة الدولية ‪2014 -‬‬

‫الجدول رقم ‪:1‬‬ ‫االستثمارات العالمية في‬ ‫البحث والتطوير لتقنيات‬ ‫الطاقة المتجددة وحصتها في‬ ‫مزيج الطاقة أ‬ ‫الولية‬

‫النفاق‬ ‫مجلة البحث والتطوير‪ ،‬إلى أن حجم إ‬ ‫العالمي على البحث والتطوير في كافة القطاعات‬ ‫بلغ أكثر من ‪ 1.6‬تريليون دوالر في العام ‪2013‬م‪.‬‬ ‫واستحوذت الواليات المتحدة أ‬ ‫المريكية على ‪%31‬‬ ‫النفاق (‪ 465‬مليار دوالر)‪ .‬ويشير‬ ‫من إجمالي إ‬ ‫إحصاء باتيل إلى أن القطاع الصناعي هو المصدر‬ ‫الرئيس لتمويل وتنفيذ البحوث تليه القطاعات‬ ‫الحكومية والجامعات التي تركِّز على مشاريع بحث‬ ‫أساسية ممولة بمعظمها من مصادر حكومية‪.‬‬ ‫ويشمل قطاع الطاقة في هذا االستطالع الشركات‬ ‫العاملة في مجال تطوير تقنيات إنتاج الكهرباء‬ ‫ونقلها وتخزينها‪ ،‬والوقود المنتج من حقول النفط‬ ‫والغاز التقليدية‪ ،‬والطاقة المتجددة وتوربينات‬ ‫الرياح أو أ‬ ‫اللواح الشمسية‪ ،‬والوقود الحيوي‬ ‫والتقنيات الجديدة الستخالص النفط والغاز‬ ‫الشارة إلى أن االتجاهات البحثية‬ ‫الصخري‪ .‬وتجدر إ‬ ‫لصناعة الطاقة تتأثر بصورة كبيرة بالسياسات‬ ‫الحكومية التي تشمل تقديم الدعم والحوافز‬ ‫والجراءات المتعلقة بتغير المناخ واالعتبارات‬ ‫إ‬ ‫النتاج‬ ‫االستراتيجية االقتصادية‪ .‬وتمثل تكاليف إ‬ ‫والمواد والبحث والتطوير دوراً مهماً في تحديد‬ ‫توجهات صناعة الطاقة ونموها‪ .‬كما نشير إلى أن‬ ‫أ‬ ‫النفاق على البحث بالنسبة‬ ‫كثافة البحاث (معدل إ‬ ‫للمبيعات) في الطاقة المتجددة تفوق ‪ ،%4‬بينما‬ ‫ال تتعدى في الصناعة البترولية ‪ %1‬نظراً لضآلة‬ ‫االبتكارات والتقنيات الجديدة‪.‬‬ ‫وفي المقابل بلغ حجم االستثمارات العالمية‬ ‫في نشاطات البحث والتطوير لتقنيات الطاقة‬ ‫المتجددة بكافة أنواعها ‪ 9.3‬مليار دوالر في‬ ‫‪2013‬م بحسب تقرير بلومبيرغ عن االتجاهات‬ ‫العالمية لالستثمار في الطاقة المتجددة‪ .‬ويشير‬ ‫الجدول رقم ‪ 1‬إلى حجم االستثمارات البحثية‬ ‫على الطاقة المتجددة وحصتها في مزيج الطاقة‬ ‫أ‬ ‫الولية حول العالم‪ .‬فقد استحوذت أبحاث‬ ‫الطاقة الشمسية على نسبة ‪ %50‬من التمويل‪،‬‬ ‫تلتها طاقة الرياح والوقود الحيوي‪ .‬وحالياً تتركز‬ ‫النشاطات البحثية العالمية في هذه المجاالت على‬ ‫خفض تكاليف التقنيات وزيادة كفاءتها في توليد‬ ‫الطاقة الكهربائية‪.‬‬ ‫ومنذ العام ‪2000‬م‪ ،‬أنفقت الشركات البترولية‬ ‫الكبرى حوالي ‪ 71‬مليار دوالر على أبحاث الحد‬ ‫من انبعاثات الكربون وتطوير الطاقة المتجددة‪.‬‬ ‫كما حققت شيفرون المركز أ‬ ‫الول في إنتاج الطاقة‬ ‫أ‬ ‫المتجددة مقارنة بالشركات البترولية الخرى‪.‬‬ ‫وبالنسبة لجهود المملكة العربية السعودية في‬ ‫مجال الطاقة النظيفة‪ ،‬نشير إلى دعم أرامكو‬ ‫السعودية لبحوث التقنيات النظيفة للبترول‬


‫يخفض كثيراً من استهالك الوقود التقليدي من غاز‬ ‫ومشتقات بترولية‪.‬‬

‫ﺧﺰﺍﻥ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﻠﻮﻱ‬

‫ﺧﺰﺍﻥ ﺍﻟﻤﺎﺀ‬ ‫ﺍﻟﺴﻔﻠﻲ‬

‫ﻗﻨﻮﺍﺕ‬ ‫ﺗﻮﺯﻳﻊ‬

‫ﻣﺎﺀ ﻣﻘﻄﺮ‬

‫بما في ذلك فصل وتخزين الكربون وإعادة‬ ‫استخدامه‪ .‬ولقد زادت أرامكو السعودية حجم‬ ‫النفاق على أعمال البحث والتطوير بنسبة خمسة‬ ‫إ‬ ‫أضعاف‪ ،‬كما زاد عدد الباحثين في هذا القطاع‬ ‫بنسبة ثالثة أضعاف‪ .‬وتستعرض الفقرات التالية‬ ‫االتجاهات البحثية لتقنيات الطاقة المتجددة‬ ‫وتطبيقاتها في الصناعة البترولية‪ ،‬واالستثمارات‬ ‫العالمية في توليد الكهرباء بالطاقة المتجددة‪.‬‬

‫الطاقة الشمسية‬

‫تُعد الطاقة الشمسية من أفضل التقنيات المتقدمة‬ ‫الشعاعات‬ ‫للطاقة المتجددة في استغالل إ‬ ‫الشمسية وتحويلها إلى طاقة كهربائية‪ .‬وتتركز‬ ‫أ‬ ‫البحاث التي تلقى دعماً وتحفيزاً متزايداً من‬ ‫الحكومات في تطوير تقنيات إلنتاج الخاليـا‬ ‫بالضافة‬ ‫الضوئية عبر تفاعالت كيميائية وفيزيائية‪ ،‬إ‬ ‫فعالة من عنصر السيليكون النقي‬ ‫إلى إيجاد تركيبة َّ‬ ‫أ‬ ‫أو مركبات من المواد النانوية الخرى من أشباه‬ ‫الموصالت‪.‬‬ ‫النفاق العالمي للبحث‬ ‫وخالل عام ‪2013‬م بلغ إ‬ ‫والتطوير على تقنيات الطاقة الشمسية ‪ 4.7‬مليار‬ ‫دوالر متخطية بذلك كافة التقنيات أ‬ ‫الخرى من‬ ‫النفاق الحكومي‬ ‫الطاقة المتجددة‪ .‬وتضاعف إ‬ ‫الصيني على أبحاث الطاقة الشمسية خالل العقد‬ ‫الماضي ليصل حالياً إلى مليار دوالر متفوقاً على‬ ‫إنفاق االتحاد أ‬ ‫الوروبي والواليات المتحدة‪ .‬وتجدر‬

‫ﻣﺮﺍﻳﺎ ﻋﺎﻛﺴﺔ‬

‫وفي الواليات المتحدة يعمل عدد من شركات‬ ‫الطاقة الشمسية مع الصناعة البترولية فريقاً‬ ‫واحداً‪ ،‬لتوفير أ‬ ‫اللواح الشمسية والخاليا‬ ‫الفولتضوئية المخصصة لتوليد الطاقة في المواقع‬ ‫النائية إلنتاج النفط والغاز‪ ،‬بهدف تقليل تكاليف‬ ‫الوقود‪ ،‬وبالتالي االستغناء عن استخدام مولدات‬ ‫الديزل أو خطوط نقل الكهرباء‪ .‬وقامت شركة‬ ‫«سوالر كاست» بتطوير ألواح شمسية محمولة‬ ‫مع بطاريات قابلة إلعادة الشحن الستخدامها‬ ‫في تخزين الكهرباء من قبل الشركات البترولية‬ ‫في مواقع التنقيب عن الغاز الطبيعي‪ .‬وأضحى‬ ‫استخدام تطبيقات الطاقة الشمسية في مواقع‬ ‫الحفر أكثر شيوعاً باستخدام أنظمة الطاقة‬ ‫الشمسية في مواقع آ‬ ‫البار لضخ الغاز أو لتزويد‬ ‫أ‬ ‫الجهزة ونظم التحكم بالكهرباء وفي تشغيل‬ ‫اللكترونية المثبتة على كل بئر عندما يتم‬ ‫المعدات إ‬ ‫تشغيل آ‬ ‫البار للإنتاج‪.‬‬

‫طاقة الرياح‬

‫البحاث أ‬ ‫الشارة إلى أن معظم أ‬ ‫الساسية في‬ ‫إ‬ ‫الصين ينفذها عديد من الجامعات ومعاهد البحث‬ ‫المتخصصة‪.‬‬ ‫وتتوقع «الجمعية أ‬ ‫الوروبية للصناعة الكهروضوئية‬ ‫النتاجية العالمية‬ ‫الشمسية» أن تتضاعف القدرة إ‬ ‫من الطاقة الشمسية إلى حوالي ‪ 200‬جيجاوات‬ ‫في السنوات الثالث المقبلة‪ ،‬نظراً للنمو الكبير‬ ‫الذي تشهده أ‬ ‫السواق في أوروبا والصين والواليات‬ ‫المتحدة ومنطقة الخليج العربي‪ .‬وشجعت‬ ‫أ‬ ‫الوضاع المميزة للطاقة الشمسية مص ِّنعي‬ ‫المعدات الشمسية وخاصة في الواليات المتحدة‬ ‫النفاق البحثي لتحسين‬ ‫وسويسرا بالحفاظ على إ‬ ‫المنتجات‪ ،‬لتلبية الطلبيات الجديدة من الصين‪.‬‬ ‫وتستثمر الشركات العاملة بالطاقة الشمسية مبالغ‬ ‫طائلة في البحث والتطوير والتطبيق التجاري‬ ‫بهدف خفض التكلفة النهائية للخاليا الشمسية‬ ‫النتاج‪ .‬وخالل‬ ‫وتعزيز كفاءتها وتبسيط طرق إ‬ ‫العام ‪2013‬م‪ ،‬أنفقت شركة المواد التطبيقية‬ ‫أ‬ ‫المريكية ‪ 1.3‬مليار دوالر على البحث والتطوير‬ ‫على الرغم من أن الطاقة الشمسية تشكِّل نسبة‬ ‫النفاق‬ ‫صغيرة من أعمالها‪ .‬ويواصل المص ِّنعون إ‬ ‫على االبتكار للوصول إلى وحدات أفضل وأرخص‪،‬‬ ‫خاصة فيما يتعلق بتطوير رقائق سيليكونية أرق‬ ‫وخاليا ضوئية أكثر كفاءة‪ .‬ويتم حالياً تنفيذ‬ ‫أبحاث لتطوير تقنية مجدية اقتصادياً الستخدام‬ ‫الطاقة الشمسية في تحلية المياه المالحة مما‬

‫النفاق البحثي على تطوير تقنيات لطاقة‬ ‫بلغ إ‬ ‫الرياح ‪ 1.7‬مليار دوالر في ‪2013‬م‪ .‬غير أنه وفقاً‬ ‫لتحليل أجرته وكالة الطاقة الدولية يبقى هذا‬ ‫التمويل متدنياً نظراً لالحتياجات المرتفعة للبحث‬ ‫والتطوير في هذا القطاع‪ .‬وتستثمر الشركات‬ ‫والجهات الحكومية مبالغ ضخمة في أبحاث تقنيات‬ ‫طاقة الرياح لخفض التكاليف وخاصة في الرياح‬ ‫البحرية‪ .‬ولدى شركة «كربون تراست» في المملكة‬ ‫مسرع لطاقة الرياح البحرية‬ ‫المتحدة برنامج ّ‬ ‫بميزانية قدرها ‪ 40‬مليون جنيه إسترليني للبحث‬ ‫وتطوير التقنية‪ .‬وفي كثير من مناطق العالم بما‬ ‫فيها أوروبا‪ ،‬تُعد طاقة الرياح البرية من أهم‬ ‫المصادر المنافسة لتوليد الكهرباء‪.‬‬ ‫ويتم حالياً العمل على تطوير تصاميم مبتكرة‬ ‫للتخلص من استخدام أ‬ ‫الساسات‪ ،‬للحد من التكلفة‬ ‫واستبدالها بالتوربينات العائمة التي تطفو على‬ ‫سطح البحر مثل تقنية منصات إنتاج النفط والغاز‬ ‫الطار تنفذ شركة‬ ‫في الحقول البحرية‪ .‬وفي هذا إ‬ ‫«ستات أويل» النرويجية للزيت والغاز مشروع‬ ‫الرياح لتطوير مفهوم التوربين العائم‪ .‬وحصلت‬ ‫على عقد إلقامة مزرعة تجريبية لطاقة الرياح بقيمة‬ ‫‪ 120‬مليون دوالر قبالة ساحل والية ماين أ‬ ‫المريكية‪.‬‬ ‫وهناك مشاريع بحث أخرى لتصاميم مختلفة‬ ‫لدعم أبراج التوربينات على سطح البحر تهدف إلى‬ ‫خفض التكاليف بتمويل شركات أوروبية مثل شركة‬ ‫السبانية للطاقة وعدد آخر من الشركات‬ ‫«ريبسول» إ‬ ‫الفرنسية والبرتغالية والبريطانية أ‬ ‫والمريكية‪.‬‬


‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫وعلى الرغم من أن الوقود الحيوي المستخدم‬ ‫كمواد إضافية في الجازولين والديزل ال يزال يواجه‬ ‫تحديات للوصول إلى مستويات إنتاجية منافسة‬ ‫اقتصادياً‪ ،‬فإن البعض ال يزال ينظر إلى هذه‬ ‫التقنية باعتبارها مجاال ً إلجراء مزيد من البحث‬ ‫والتطوير‪ .‬وخالل العقدين الماضيين‪ ،‬تركزت‬ ‫أبحاث الوقود الحيوي بصورة رئيسة في الواليات‬ ‫المريكية‪ ،‬حيث السوق أ‬ ‫المتحدة أ‬ ‫الكبر الستهالك‬ ‫اليثانول الحيوي المشتق من‬ ‫وقود النقل‪ ،‬وخاصة إ‬ ‫الذُ رة وقصب السكر والسليولوز العشبي‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى الديزل الحيوي المشتق من الزيوت النباتية‪.‬‬ ‫النفاق العالمي على البحث والتطوير‬ ‫وبلغ حجم إ‬ ‫في هذا القطاع ‪ 1.5‬مليار دوالر في عام ‪2013‬م‪.‬‬ ‫وتلزم الوكالة أ‬ ‫المريكية لحماية البيئة مصافي‬ ‫البترول بمزج الوقود الحيوي في الجازولين والديزل‬ ‫بنسب محددة قبل توزيعه على المستهلكين‪ .‬وفي‬ ‫النتاج العالمي للإيثانول الحيوي‬ ‫عام ‪2014‬م‪ ،‬بلغ إ‬ ‫‪ 24‬مليار جالون أنتجت الواليات المتحدة ‪%55‬‬ ‫منه والبرازيل ‪ .%33‬وبالنسبة للديزل الحيوي بلغ‬ ‫النتاج العالمي ‪ 7‬مليارات جالون‪ ،‬أنتج االتحاد‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫الوروبي ‪ %75‬والواليات المتحدة ‪.%13‬‬ ‫وتتركز أ‬ ‫البحاث الحالية‪ ،‬التي تمولها بعض الشركات‬ ‫النزيمية إلنتاج الجيل‬ ‫البترولية على التفاعالت إ‬ ‫اليثانول الحيوي الذي طال انتظاره‬ ‫الثاني من وقود إ‬ ‫بإجراء تجارب مخبرية لتخمر المواد النباتية غير‬ ‫الصالحة أ‬ ‫للكل مثل حطب الذرة والعشب ورقائق‬ ‫الخشب‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬استخدمت شركة‬ ‫«أبينجوا» وهي أكبر شركة للوقود الحيوي في‬ ‫اليثانول من النفايات‬ ‫إسبانيا عملية جديدة إلنتاج إ‬ ‫البلدية الصلبة في مصنع تجريبي في وسط إسبانيا‪.‬‬ ‫كما تحالفت شركة «بويت» أكبر منتج أمريكي‬ ‫للإيثانول المشتق من أكواز الذرة مع شركة «رويال‬ ‫‪ »DSM‬في مشروع مشترك لبناء مصنع بتكلفة‬ ‫‪ 275‬مليون دوالر في والية أيوا إلنتاج ‪ 25‬مليون‬ ‫اليثانول‪ .‬وافتتحت شركة «بيتا» للطاقة‬ ‫جالون من إ‬ ‫اليثانول من محاصيل‬ ‫المتجددة مصنعاً إلنتاج إ‬ ‫الكتلة الحيوية في إيطاليا‪ .‬وتحتاج عملية التخمر‬ ‫أ‬ ‫النتاج‬ ‫النزيمي لمزيد من البحاث لخفض تكاليف إ‬ ‫إ‬ ‫إلى مستويات تنافسية‪.‬‬ ‫وبدال ً من استخدام المحاصيل الزراعية الغذائية‬ ‫مثل الذرة وفول الصويا‪ ،‬تدعم بعض الشركات‬ ‫البترولية وخاصة «إكسون موبيل» أبحاثاً‬ ‫الستخالص الجيل الثاني من الديزل الحيوي ووقود‬ ‫الطائرات (الكيروسين) من معالجة الطحالب‬ ‫النباتية البحرية بواسطة تفاعالت أسترة المواد‬ ‫الدهنية المستخلصة من هذه الطحالب‪ .‬وتجري‬ ‫آ‬ ‫الن تجارب في عدد من المختبرات حول العالم‬

‫المتجددة ‪2014 -‬‬ ‫بلومب�غ عن الطاقة‬ ‫المصدر‪ .1 :‬تقرير‬ ‫ِّ‬ ‫ي‬

‫‪37 | 36‬‬

‫طاقة الكتلة الحيوية‬

‫الجدول رقم ‪:2‬‬ ‫االستثمارات العالمية‬ ‫المتجددة‬ ‫في الطاقات‬ ‫ِّ‬ ‫في العام ‪2013‬م‬

‫لتحديد النوعية أ‬ ‫المثل من الطحالب الخضراء‬ ‫النتاج‪.‬‬ ‫وتقليل تكاليف إ‬

‫الطاقة الحرارية أ‬ ‫رضية‬ ‫ال‬ ‫أ‬

‫تتوافر الطاقة الحرارية في جوف الرض بصورة‬ ‫مباشرة‪ ،‬وال تحتاج إلى عمليات تحويل مثل‬ ‫الطاقات المتجددة أ‬ ‫الخرى‪ .‬وتتم االستفادة من‬ ‫هذه الحرارة إما عن طريق إنتاج البخار أو المياه‬ ‫الساخنة لتدفئة المباني أو في توليد الكهرباء‪.‬‬ ‫تُعد شركة «شيفرون» أكبر منتج للطاقة الحرارية‬ ‫أ‬ ‫النفاق على‬ ‫الرضية في العالم‪ .‬إذ بلغ إجمالي إ‬ ‫البحث والتطوير ‪ 0.3‬مليار دوالر في العام‬ ‫‪2013‬م‪ .‬وتُستخدم هذه التقنية البسيطة في عدد‬ ‫من الدول التي تتمتع بخاصية ارتفاع درجة الحرارة‬ ‫الجوفية والقريبة من مناطق الزالزل والبراكين‬ ‫وخاصة في الفلبين وكاليفورنيا في الواليات‬ ‫المتحدة وإيسلندا وألمانيا والصين وإندونيسيا‪.‬‬ ‫وتوفر الطاقة أ‬ ‫الرضية مصدراً متجدداً ودائماً‬ ‫لتوليد الكهرباء والحرارة تستفيد منها المنازل‬ ‫والشركات‪ .‬وتعتمد هذه التقنية على المضخات‬ ‫المستهلكة للطاقة في سحب المياه الساخنة من‬ ‫جوف أ‬ ‫الرض‪ ،‬حيث تصل درجات الحرارة إلى أكثر‬ ‫من ‪ 250‬درجة مئوية بحسب الموقع والعمق‪ .‬وفي‬ ‫بعض البلدان تشكِّل المياه الجوفية ينابيع ساخنة‬ ‫وعيوناً حين تصل إلى سطح أ‬ ‫الرض‪ .‬وللتغلب على‬ ‫أي هبوط أو انخفاض في أ‬ ‫الرض نتيجة سحب‬ ‫المياه أو البخار‪ ،‬ينبغي إعادة حقن المياه للحفاظ‬ ‫على ضغط الماء ومستوى البئر تحت أ‬ ‫الرض‪ .‬ويركز‬ ‫الباحثون حالياً على دراسات الحفر لطبقات أعمق‬

‫وأسخن في جوف أ‬ ‫الرض الستخالص مزيد من‬ ‫أ‬ ‫النتاج المتدفقة‬ ‫الحرارة الرضية والحفاظ على آبار إ‬ ‫لسنوات عديدة‪.‬‬

‫المتجددة‬ ‫توليد الكهرباء بالطاقة‬ ‫ِّ‬

‫أدت المخرجات البحثية خالل السنوات الثمان‬ ‫الماضية إلى تراجع كبير في تكلفة توليد الكهرباء‬ ‫في عدد من تقنيات الطاقة المتجددة إلى مستوى‬ ‫مكافئ من تكلفة الوقود أ‬ ‫الحفوري في مناطق‬ ‫مختلفة حول العالم‪ ،‬وذلك حسب التقرير‬ ‫السنوي لعام ‪2014‬م لـ «الوكالة الدولية للطاقة‬ ‫المتجددة» (إيرينا) ومقرها مدينة أبو ظبي‪.‬‬ ‫وأصدرت عديد من الدول قوانين ومعايير تتعلق‬ ‫المتجددة في توليد الكهرباء‬ ‫باستخدام الطاقة‬ ‫ِّ‬ ‫محدد من الكهرباء‬ ‫بحيث يتوجب توليد جزء َّ‬ ‫باستخدام الطاقة المتجددة‪ .‬وزادت حصة الطاقة‬ ‫المتجددة في توليد الكهرباء من ‪ %5‬في ‪2007‬م‬ ‫إلى ‪ %8.5‬في ‪2013‬م‪ .‬وعلى سبيل المثال تسهم‬ ‫الطاقة المتجددة بحوالي ‪ %13‬من إجمالي توليد‬ ‫الكهرباء في الواليات المتحدة‪ ،‬نصف الكمية‬ ‫تزودها الطاقة الهيدرومائية ومعظم النصف‬ ‫آ‬ ‫الخر يأتي من طاقة الرياح وجزء بسيط من الطاقة‬ ‫الشمسية والكتلة الحيوية والحرارة الجوفية‪ .‬ولقد‬ ‫حددت والية كاليفورنيا العام ‪2010‬م لتصل نسبة‬ ‫َّ‬ ‫الطاقة المتجددة في منظومة توليد الكهرباء لديها‬ ‫إلى ‪ .%33‬أما في ألمانيا التي أوقفت عمل مفاعالتها‬ ‫الذرية‪ ،‬فإن حوالي ‪ %30‬من الكهرباء يتم إنتاجها‬ ‫من الطاقة المتجددة (‪ %10‬وقود حيوي والباقي‬ ‫طاقة شمسية ورياح)‪ .‬وكما يشير الجدول رقم‬ ‫‪ 2‬بلغ إجمالي االستثمارات العالمية في الطاقة‬


‫المتجددة ‪ 214‬مليار دوالر في عام ‪ ،2013‬منها‬ ‫‪ %43‬في الدول النامية و‪ %53‬للطاقة المتجددة‪.‬‬ ‫وحصدت تقنيات الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء‬ ‫‪ %90‬من إجمالي االستثمارات أو ما يعادل ‪192‬‬ ‫مليار دوالر‪ ،‬منها ‪ %48‬للطاقة الشمسية و ‪%38‬‬ ‫لطاقة الرياح‪ .‬وبلغت قدرة التوليد بالطاقة‬ ‫المتجددة ‪ 81‬جيجاواط من أصل ‪ 176‬جيجاواط‬ ‫تمت إضافتها في ‪2013‬م حول العالم‪ ،‬أي ما‬ ‫الجمالي‪ .‬وبحسب تقرير بلومبيرغ‬ ‫يعادل ‪ %46‬من إ‬ ‫عن الطاقة المتجددة‪ ،‬ساهمت محطات توليد‬ ‫الكهرباء بالطاقة المتجددة بمنع انبعاث حوالي‬ ‫‪ 1220‬مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون في‬ ‫العام ‪2013‬م‪.‬‬

‫ﻣﻮﻟﺪ‬ ‫ﻛﻬﺮﺑﺎﺀ‬

‫ﻫﻮﺍﺀ‬

‫ﺑﺮﺝ‬ ‫ﺗﺒﺮﻳﺪ‬

‫ﻋﻨﻔﺔ‬

‫ﻣﺎﺀ‬

‫المتجددة في المملكة‬ ‫الطاقة‬ ‫ِّ‬

‫بالنسبة لجهود المملكة في مجال الطاقة‬ ‫المتجددة‪ ،‬نشير إلى كلمة معالي وزير البترول‬ ‫والثروة المعدنية‪ ،‬المهندس علي النعيمي خالل‬ ‫االجتماع الوزاري الخامس للطاقة النظيفة‬ ‫حدد فيها خمسة مجاالت‬ ‫(سيئول‪ )2014 ،‬والتي َّ‬ ‫تتيح للمملكة استخدام تقنيات الطاقة النظيفة‬ ‫للمحافظة على أنواع الوقود أ‬ ‫الحفوري ذات‬ ‫القيمة العالية‪ ،‬وتأتي الطاقة الشمسية وطاقة‬ ‫الرياح كواحدة من هذه المجاالت الخمسة والتي‬ ‫تشمل كذلك كفاءة استهالك الطاقة واستخالص‬ ‫الكربون والتحول إلى استخدام الغاز أ‬ ‫والبحاث‬ ‫والتطوير في مجال الطاقة النظيفة‪ .‬ولقد أنشأت‬ ‫المملكة مدينة الملك عبدهللا للطاقة الذرية‬ ‫والمتجددة للعمل على تنويع منظومة الطاقة‬ ‫ِّ‬ ‫المحلية‪ ،‬ولتشجيع استخدام مصادر طاقة بديلة‬ ‫ومتجددة لتوليد الكهرباء وتحلية المياه المالحة‪.‬‬ ‫ويؤدي هذا التوجه إلى تقليل االعتماد على الوقود‬ ‫أ‬ ‫الحفوري (نفط وغاز) وتقليل االنبعاثات الغازية‬ ‫وتوفير كميات كبيرة من المشتقات البترولية‬ ‫المعدة للتصدير مما يطيل أمدها في المستقبل‪.‬‬

‫ﻣﺪﺧﻞ ﻣﺎﺀ ﺍﻟﺘﻐﺬﻳﺔ‬

‫وبحسب خطة مدينة الملك عبدهللا للطاقة‬ ‫الذرية والمتجددة يتوقع أن تنخفض حصة الوقود‬ ‫أ‬ ‫الحفوري في توليد الكهرباء بالمملكة إلى ‪%45‬‬ ‫بحلول عام ‪2040‬م‪ ،‬بحيث تصل مساهمة الطاقة‬ ‫الشمسية إلى ‪ %31‬والطاقة الذرية ‪ %13‬وطاقة‬ ‫الرياح ‪ %7‬والكتلة الحيوية ‪ %2‬والحرارة أ‬ ‫الرضية‬ ‫‪ .%1‬وفي هذا السياق‪ ،‬نشير إلى الجهود البحثية‬ ‫الكبيرة التي بذلتها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم‬ ‫والتقنية والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة‬ ‫والجهات المتعاونة في نجاح المشروع البحثي‬ ‫لتحلية المياه بالطاقة الشمسية‪ .‬وتم مؤخراً إبرام‬ ‫عقد لتصميم وتنفيذ محطة لتحلية المياه بطاقة‬

‫ً‬ ‫مؤخرا عام ‪2012‬م في جامعة‬ ‫أكبر محطة طاقة حرارية في العالم افتتحت‬ ‫األميرة نورة بالرياض‬

‫ﻣﺨﺮﺝ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴﺎﺧﻦ‬

‫‪ 60‬ألف متر مكعب من المياه المحالة يومياً إضافة‬ ‫إلى بناء محطة الطاقة الشمسية بسعة ‪ 20‬ميغاوات‬ ‫من الطاقة الكهربائية لتزويد محطة التحلية في‬ ‫مدينة الخفجي‪.‬‬

‫مالحظات ختامية‬

‫أشار هذا العرض السريع إلى المساهمة الكبيرة‬ ‫لنشاطات البحث والتطوير في خفض تكاليف‬ ‫تقنيات الطاقة المتجددة التي أصبحت جزءاً من‬ ‫منظومة توليد الكهرباء ووقود النقل في بعض‬ ‫البلدان‪ .‬وانخفضت تكلفة توليد الكهرباء من‬ ‫أ‬ ‫اللواح الشمسية بنحو ‪ %50‬خالل السنوات‬ ‫الشارة إلى‬ ‫السبع الماضية‪ .‬غير أنه ال بد من إ‬ ‫أ‬ ‫المطول ألسعار الوقود الحفوري‬ ‫أن االنخفاض‬ ‫ّ‬ ‫سيكون له بعض التأثير على أداء الطاقة المتجددة‪،‬‬ ‫ويمكن أن يؤدي إلى «تغيير قواعد اللعبة» فيما‬ ‫يتعلق بتمويل الشركات البترولية ألبحاث الطاقة‬ ‫المتجددة على المدى الطويل‪ .‬كما يمكن أن يؤدي‬ ‫هذا االنخفاض إلى تغيير «التوازن» القائم بين‬ ‫مختلف مصادر الطاقة وأن تنأى الشركات البترولية‬ ‫بنفسها بهدف التركيز على عملها أ‬ ‫الساسي في ظل‬ ‫والنتاج‪.‬‬ ‫ارتفاع تكاليف التنقيب إ‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪39 | 38‬‬

‫من المختبر‬

‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫تقنيا‬ ‫متقدمة‬ ‫أحبار‬ ‫ألقالم غير اعتيادية‬ ‫االستخدام‬

‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫مهندس النانو ف ي� «جامعة كاليفورنيا‬ ‫طور فريق من‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫ سان دييغو» جهازاً بسيطاً جديداً‪ ،‬سيفتح الطريق‬‫ف‬ ‫و� أي مكان أن يصنع‬ ‫إىل حقبة يستطيع فيها أياً كان‪ ،‬أ ي‬ ‫جهاز استشعار حسب حاجته؛ الطباء ف ي� عياداتهم‪،‬‬ ‫المر�ض ف ي� بيوتهم‪ ،‬والجنود ف ي� ثكناتهم‪.‬‬ ‫عال‬ ‫يعتمد هذا االكتشاف عىل تطوير ب‬ ‫ح� حيوي ي‬ ‫كث� من المواد الكيميائية‪،‬‬ ‫التقنية بإمكانه التفاعل مع ي‬ ‫بما فيها المادة السكرية الغلوكوز‪ .‬ويتم حشو‬ ‫الح�‪ ،‬الستعماله كجهاز‬ ‫ح� جاف عادي بهذا ب‬ ‫قلم ب‬ ‫استشعار لقياس مستوى السكر ف ي� الدم بمجرد رسمه‬ ‫عىل الجلد‪ ،‬أو ورق أ‬ ‫الشجار لقياس مستوى التلوث‬ ‫ف‬ ‫كث� من االستعماالت كقياس‬ ‫بها‪ .‬كما يمكن تطبيقه ي� ي‬ ‫أ‬ ‫الغازات السامة عىل جدران البنية الخارجية‪ ،‬وتبيان‬ ‫وجود مواد كيميائية صناعية ضارة مثل «الفينول»‪،‬‬ ‫الذي يمكن أن يوجد أيضاً ف ي� مستح�ض ات التجميل‬ ‫ومراهم الشمس‪ ،‬والكشف عن المتفجرات وغاز‬ ‫أ‬ ‫العصاب ف ي� ساحات المعارك‪.‬‬

‫ويقول «جوزيف وانغ» قائد الفريق إن تكنولوجيا القلم‬ ‫ح�ية‬ ‫المعتمدة عىل محفزات حيوية بواسطة أنزيمات ب‬ ‫جديدة‪ ،‬لها استعماالت ال تحىص ف ي� المواقع والميادين‪.‬‬ ‫وإنها ليست م�ض ة للناس والنباتات‪ ،‬وإنها موصلة‬ ‫للكهرباء وتعمل كأقطاب لجهاز االستشعار‪.‬‬ ‫طور حديثاً طريقة لقياس‬ ‫وكان الفريق نفسه قد َّ‬ ‫مستوى السكر ف ي� الدم من خالل جهاز استشعار عىل‬

‫شكل أوشام يغ� م�ض ة عىل الجلد‪.‬‬ ‫أما الخطوة التالية فهي ربط جهاز االستشعار هذا‬ ‫السلكياً إىل أجهزة كشف أخرى للتحقق من كيفية عمل‬ ‫هذا الجهاز ف ي� أوضاع صعبة كالحرارة المرتفعة والتقلب‬ ‫ف ي� مستويات الرطوبة والتعرض ألشعة الشمس‪.‬‬ ‫‪http://www.sciencedaily.com/‬‬ ‫‪releases/2015/03/150302130752.htm‬‬

‫«الشيشة» تثير قلق العالم‬ ‫ارتفعت التحذيرات من مخاطر ي ن‬ ‫تدخ� «الشيشة» إىل‬ ‫مستويات غ� مسبوقة‪ ،‬ويصف الباحثون تفشيها �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫العالم بأنه «وباء حقيقي»‪.‬‬ ‫فعىل هامش المؤتمر الدول السادس ش‬ ‫ع� لمكافحة‬ ‫في‬ ‫ين‬ ‫�‬ ‫أبوظ�‪ ،‬تعاون باحثون‬ ‫التدخ� الذي أ ُعقد مؤخراً ي‬ ‫بي‬ ‫ف‬ ‫ماس‬ ‫من الجامعة المريكية ي� يب�وت مع «مركز ي‬ ‫أبوظ� التابع لجامعة نيويورك‬ ‫للرسطان»‪ ،‬ومعهد ب ي‬ ‫أبوظ�‪ ،‬وجامعة كومنولث فرجينيا عىل إعداد دراسة‬ ‫بي‬ ‫حول ش‬ ‫تف� الشيشة ومخاطرها‪ .‬وقد أظهر المسح‬ ‫ي‬ ‫العالمي الستخدام التبغ ي ن‬ ‫ب� الشباب ‪ GYT‬الذي‬ ‫يغطي الحقبة ‪ 2008-1999‬ويشمل نصف مليون‬ ‫مشارك حول العالم‪ ،‬أن ي ن‬ ‫استقرت‬ ‫تدخ� السجائر قد‬ ‫ّ‬ ‫التدخ�ن‬ ‫نسبته أو تراجعت‪ ،‬ولكن أنواعاً أخرى من‬ ‫ي‬ ‫آخذة ف� االنتشار وأهمها ي ن‬ ‫تدخ� الشيشة‪.‬‬ ‫وتش� ي أ‬ ‫البحاث حول العالم إىل حقائق مقلقة‪ ،‬إذ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫تُظهر دراسة من العام ‪2011‬م ي� لبنان أن ما يقرب‬ ‫من ‪ %35‬من الفتيان والفتيات الذين تت�اوح أعمارهم‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫ال�‬ ‫ب� ‪ 13‬و‪ 15‬عاماً ّ‬ ‫يدخنون بانتظام الشيشة‪ ،‬ي‬ ‫وبالضافة‬ ‫قد تختلف تسمياتها (أرجيلة ونارجيلة)‪ .‬إ‬ ‫إىل ذلك‪ ،‬فإن ما يقارب ‪ %60‬من المر ي ن‬ ‫اهق� من الفئة‬ ‫أ‬ ‫جربوا تدخينها مرة واحدة عىل القل‪،‬‬ ‫فالعمرية ذاتها َّ‬ ‫ي� تلك السنة‪.‬‬ ‫أما ف� أ‬ ‫تدخ� الشيشة ي ن‬ ‫الردن فقد ارتفعت نسبة ي ن‬ ‫ب�‬ ‫ي‬

‫ب� الفتيان و‪ %136‬ي ن‬ ‫اهق� بمقدار ‪ %72‬ي ن‬ ‫المر ي ن‬ ‫ب�‬ ‫ين‬ ‫الفتيات‪ ،‬ما ي ن‬ ‫العام� ‪ 2008‬و‪2011‬م‪ ،‬بحسب‬ ‫ب�‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫دراسة نُ ش�ت ف ي� العام ‪2013‬م ي� المجلة الوروبية‬ ‫للصحة العامة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫تش� البيانات من‬ ‫و� الواليات المتحدة أيضاً‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ين‬ ‫العام� ‪-2011‬‬ ‫الوط� للشباب حول التبغ ي�‬ ‫المسح‬ ‫ي‬ ‫‪2012‬م‪ ،‬الذي شمل ‪ 43,524‬من طالب المدارس‬ ‫الثانوية‪ ،‬أن ي ن‬ ‫تدخ� الشيشة ارتفع بنسبة ‪ ،%32‬فيما‬ ‫ن‬ ‫تدخ� السجائر‪.‬‬ ‫انخفضت نسبة ي‬ ‫وقال ال�وفسور توماس أيسن�غ‪ ،‬أ‬ ‫الستاذ المشارك �ف‬ ‫ب‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫النسانيات والعلوم ومدير‬ ‫دائرة علم النفس ي� كلية إ‬ ‫مركز دراسة المنتجات التبغية ف ي� جامعة فرجينيا‬ ‫كومونولت‪« :‬إن ي ن‬ ‫شع� جداً ف ي� العالم‬ ‫تدخ� الشيشة ب ي‬ ‫العر�‪ .‬وأردنا أن نُصدر الملحق للفت النظر خالل‬ ‫بي‬ ‫«المؤتمر العالمي حول التبغ أو الصحة» إىل أن هذا‬ ‫النوع قد ش‬ ‫خط�‪ ،‬لكن‬ ‫انت� بشكل بتنا نعرف أنه ي‬ ‫الحكومات ال تفعل شيئاً إليقافه»‪.‬‬ ‫وتتناول المقاالت البحثية ف ي� هذه الدراسة مجموعة‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫ال� عادة‬ ‫من المواضيع المتعلقة‬ ‫بتدخ� الشيشة‪ ،‬ي‬ ‫ما تُ ش‬ ‫ّ‬ ‫المحل والمنكّه‪ ،‬المعروف باسم‬ ‫ح� بالتبغ‬ ‫المعسل هو أحد‬ ‫وتش� البحوث إىل أن‬ ‫المعسل‪ .‬ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫تدخ� الشيشة إىل‬ ‫حولت ي‬ ‫ال� ّ‬ ‫أهم فالسباب الرئيسة ي‬ ‫إدمان ي� صفوة الشباب»‪.‬‬

‫أ‬ ‫المقدمة ف� المؤتمر أن ستة ي ن‬ ‫مالي�‬ ‫وكشفت الوراق َّ ي‬ ‫شخص ف ي� العالم سيموتون خالل العام الجاري‬ ‫ين‬ ‫حد بعيد أعداد‬ ‫بسبب‬ ‫التدخ�‪ ،‬وهو رقم يفوق إىل ٍّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫الف�وسية‬ ‫ضحايا الكوارث الطبيعية‪ ،‬وح� الوبئة ي‬ ‫والجرثومية‪.‬‬


‫االسم المعياري‬ ‫أداة تقييم باستطاعتها توقع‬ ‫ِّ‬ ‫المعلم الناجح‬ ‫َم ْن هو‬

‫من المعروف أن تطوير العملية التعليمية ف� الواليات المتحدة أ‬ ‫المريكية يمر‬ ‫ي‬ ‫بمرحلة تقييم حادة‪ ،‬بسبب عدم الرضا عن المخرجات التعليمية المدرسية عموماً‪،‬‬ ‫ف‬ ‫التغ�ات‬ ‫ولتلبية تحديات عديدة يواجهها وضع الطفولة والتعليم ي� خضم ي‬ ‫الكب�ة‪.‬‬ ‫االجتماعية ي‬ ‫ين‬ ‫الباحث� من عدة جامعات أمريكية‪ ،‬واتفقوا عىل أن‬ ‫ولهذه الغاية اجتمع عدد من‬ ‫ك� ت ز ف‬ ‫ت‬ ‫ال� ي ز‬ ‫الصالح والمساءلة‪ ،‬ينبغي أن يكون عىل (كيفية اختيار‬ ‫الم�ايد ي� عملية إ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الناجح�)‪.‬‬ ‫المعلم�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫تحض�اتهم وبداية عملهم‪،‬‬ ‫المعلم� خالل‬ ‫تقدم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫«إننا بحاجة إىل أدوات لتتبع ُّ‬ ‫الفعال‪ .‬ولتحقيق ذلك‪،‬‬ ‫للتأكد من أنهم يطورون فهمهم وممارستهم للتعليم َّ‬ ‫عىل هذه أ‬ ‫الدوات أن تساعدنا عىل توقع سلوكهم ف ي� الصف مستقبالً» تقول فايزة‬ ‫جميل‪ ،‬المحررة الرئيسة للدراسة‪.‬‬ ‫هذه أ‬ ‫الداة هي ِ«فديو تقييم التفاعل والتعلم»‪ .‬ويشمل التقييم عرض مقاطع‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫ال� استخدمت من قبل‬ ‫ِفديو وسؤال‬ ‫المرشح� عن ماهية االس�اتيجيات ي‬ ‫ين‬ ‫المعلم� للوصول إىل جوانب محددة من التعليم والتنمية‪.‬‬ ‫وتضيف جميل‪« :‬أعطينا هذا الفديو إىل ‪ 270‬من معلمي المرحلة االبتدائية �ف‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫وقيمنا‬ ‫أنحاء مختلفة من البالد‪ ،‬وسجلنا تعليمات‬ ‫ي‬ ‫المعلم� الفعلية ي� الصف‪َّ ،‬‬ ‫موحد معروف وهو «نظام‬ ‫نجاح تفاعلهم مع التالمذة باستعمال بروتوكول مراقبة َّ‬ ‫تقييم الفصول الدراسية»‪.‬‬ ‫ين‬ ‫المعلم� ف ي� اكتشاف وتحديد التفاعالت‬ ‫وتنص الورقة المنشورة عىل أن مهارة‬ ‫الفديو توقعت بشكل جيد سلوكياتهم التعليمية‪.‬‬ ‫الناجحة عىل ِ‬ ‫أ‬ ‫الفديو يقيم المهارة بغض‬ ‫ويقول الباحثون إن نتائج الدراسة واعدة؛ نظراً لن ِ‬ ‫ق‬ ‫العر�‪.‬‬ ‫النظر عن العمر أو االنتماء‬ ‫ي‬ ‫‪http://www.sciencedaily.com/releases/2015/03/150302130825.htm‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬

‫هيرتز‬

‫يعرف المستمعون إىل الراديو أن إذاعتهم‬ ‫المفضلة تبث عىل موجة ترددها «كذا‬ ‫َّ‬ ‫ه�تز»‪ .‬كما أن الذي يكون بصدد‬ ‫كيلو ي‬ ‫ش�اء جهاز كمبيوتر جديد‪ ،‬يكون مهتماً‬ ‫ت‬ ‫ال� تقاس بالـ‬ ‫جداً برسعة المعالج ي‬ ‫(ه�تز)‪ ،‬منسوب‬ ‫ه�تز»‪ .‬هذا الـ ي‬ ‫«غيغا ي‬ ‫يا� أ‬ ‫ال ن‬ ‫الف� ئ‬ ‫لما� ن‬ ‫ز‬ ‫هاي�يش رودلف‬ ‫ي‬ ‫إىل ي ي‬ ‫ه�تز (‪1894-1857‬م) الذي غدا اسمه‬ ‫ي‬ ‫معياراً لقياس معدل تردد ‪-‬أو تذبذب‪-‬‬ ‫هاينريش رودلف هيرتز‬ ‫الموجات خالل الثانية الواحدة‪ .‬لكن‬ ‫ه�تز بالضبط؟ ي ز‬ ‫كث� من‬ ‫ف�يائياً‪ ،‬ثمة ي‬ ‫عن أية موجات نتحدث؟ وما أهمية إنجاز ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تحدث بشكل َّتياري‪ ،‬أو ترددي‪ ،‬أو موجي‪ .‬فالضوء يتحرك‬ ‫الظواهر من حولنا ي‬ ‫ث‬ ‫موجياً‪ ،‬وكذلك الصوت‪ .‬وهناك نوع آخر أك� تعقيداً من الموجات هو الموجات‬ ‫الكهرومغناطيسية‪ .‬هذه الموجات تفرس ظواهر كونية عديدة‪ .‬ولها سمات من‬ ‫قبيل قدرتها عىل نقل الطاقة والمعلومة بع� المسافات‪ .‬وهذا الفهم لطبيعة‬ ‫الموجات قادنا البتكار شبكات الكهرباء والراديو والهواتف الجوالة وسواها‪.‬‬ ‫ح� شن�ح الموجة ي ز‬ ‫ين‬ ‫الف�يائية فإننا نعتمد الشكل أدناه‪:‬‬ ‫دورة واحدة للتيار ت‬ ‫االتجاه الموجب ‪+‬‬ ‫الم�دد‬

‫‪0‬‬ ‫الزمن‬ ‫شكل موجة التيار المتذبذب ‪AC‬‬

‫االتجاه السالب ‪-‬‬

‫تبدأ الموجة من النقطة «صفر»‪ ،‬تتصاعد ف� مداها ت‬ ‫ح� تصل إىل أقىص قيمة‬ ‫ي‬ ‫لها فيما يعرف بالقمة‪ ،‬ثم تنحدر ف ي� قيمتها إىل أن تصل إىل القاع قبل أن تصعد‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫و� رحلتها من الصفر إىل الصفر‬ ‫مجدداً ي� طريقها إىل القمة ّ‬ ‫مارة بالنقطة صفر‪ .‬ي‬ ‫تكمل الموجة ما يعرف بـ «الدورة»‪ .‬إذا كانت الموجة تكمل دورة واحدة خالل‬ ‫ه�تز‪.‬‬ ‫ثانية واحدة فإننا سنقول إن معدل ذبذبة (أو تردد) هذه الموجة يساوى ‪ 1‬ي‬ ‫الموجية تكمل مئة دورة خالل الثانية الواحدة فسنقول‬ ‫الشارة‬ ‫أما إذا كانت هذه إ‬ ‫إن ترددها يساوي ‪ 100‬ه�تز‪ ّ .‬أ‬ ‫ولن الساعة ت‬ ‫ال� تنظّم عمل الدارات المنطقية ف ي�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫الل تت�دد بمعدل يبلغ آالف ي ن‬ ‫مالي� المرات ف ي� الثانية الواحدة‪،‬‬ ‫معالج الحاسب ي‬ ‫ه�تز»‪.‬‬ ‫فإننا نقيس رسعة المعالج بالـ «غيغا ي‬ ‫تاريخياً‪ ،‬بدأ استيعاب النظريات الخاصة بالموجات يتبلور منتصف القرن التاسع‬ ‫ع� بفضل علماء أبرزهم ب ن‬ ‫ش‬ ‫يطا� جيمس كالرك ماكسويل‪ ،‬الذي خلّف معادالت‬ ‫ال� ي‬ ‫ين‬ ‫للف� ي ن‬ ‫رياضية مدهشة ف� تفردها مثلت تحدياً ي ز‬ ‫التجريبي� الذين أخذوا عىل‬ ‫يائي�‬ ‫ي ّ‬ ‫مما أثبته ماكسويل عىل الورق أو هدمه‪.‬‬ ‫عواتقهم مهمة التحقق َّ‬ ‫ن‬ ‫عامي ‪ 1886‬و‪1889‬م ف ي� إرسال واستقبال‬ ‫أحد هؤالء كان ي‬ ‫ه�تز أ الذي نجح يب� ّ‬ ‫الموجات الراديوية لول مرة‪ ،‬مثبتاً أن هذه الموجات هي ذات طبيعة‬ ‫بالمكان نقل الكهرباء ي ن‬ ‫ب�‬ ‫له�تز كذلك إثباته أن إ‬ ‫كهرومغناطيسية‪ .‬ويحسب ي‬ ‫ين‬ ‫نقطت� عىل هيئة موجات كهرومغناطيسية‪ ،‬إضافة إىل تطويره لنظريات الطبيعة‬ ‫ن‬ ‫ز‬ ‫يائي� من ابتكار الراديو‬ ‫الف� ي‬ ‫التال من ي‬ ‫الكهرومغناطيسية للضوء‪ ،‬ما مكّن الجيل ي‬ ‫والرادار‪ ،‬ومكّن من تالهم من ابتكار البث التلفازي‪.‬‬ ‫تو� ه�تز قبل أن يتم أ‬ ‫ف‬ ‫ال ي ن‬ ‫غ�ت وجه التاريخ وأسست‬ ‫ي ي‬ ‫ربع�‪ .‬لكن أبحاثه ي َّ‬ ‫ف‬ ‫و� العام ‪1960‬م‪ ،‬تم اعتماد اسمه كوحدة معيارية مساوية‬ ‫لحضارتنا الالسلكية‪ .‬ي‬ ‫لـ (دورة ف ي� الثانية) لقياس مدى تردد كل أشكال الوجود الموجي الذي يحفل به‬ ‫هذا الكون‪.‬‬


‫ماذا لو؟‬

‫‪41 | 40‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫اقتربت سرعة‬ ‫كرة تنس‬ ‫من سرعة‬ ‫الضوء؟‬ ‫ُعمير طيبة‬

‫النظرية النسبية‪ ،‬واحدة من أغرب‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫غ�ت نظرة العقل الب�ي‬ ‫ال� ي َّ‬ ‫النظريات ي‬ ‫للكون‪ .‬ومن نتائجها‪ ،‬بعيداً عن التفاصيل‪ ،‬أن إدراكنا‬ ‫للزمن أ‬ ‫الحسية سيختلف بحسب اختالف‬ ‫والبعاد‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ين‬ ‫الرسعة النسبية ي ن‬ ‫وبمع� آخر‪ ،‬فإن‬ ‫شخص�‪.‬‬ ‫ب�‬ ‫أ‬ ‫الطر المرجعية ت‬ ‫ال� يكون فارق الرسعة بينها قريباً‬ ‫ي‬ ‫من رسعة الضوء‪ ،‬ستتفاوت قياسات الزمن أ‬ ‫والبعاد‬ ‫فيما بينها‪.‬‬ ‫هذا الكالم ليس سهل االستيعاب‪ ،‬وهذه سمة أكيدة‬ ‫للنظرية النسبية نفسها‪ .‬ولكن لنأخذ سيناريو تخيلياً‬ ‫ك نفهم ث‬ ‫أك�‪ .‬فماذا لو تمكن العب تنس‪ ،‬بطريقة‬ ‫ي‬ ‫ما‪ ،‬من إرسال كرة التنس برسعة قريبة من رسعة‬ ‫الضوء؟ لنقل إنها تمثل ‪ %99‬من رسعة الضوء؟‬ ‫تتحرك برسعة بضع مئات‬ ‫جزيئات‬ ‫الهواء المحيط بنا َّ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ستخ�ق هذا الهواء‬ ‫كيلوم�ات ف ي� الساعة‪ .‬الكرة‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫يع�‬ ‫برسعة تسعة مليارات كيلوم� ي� الساعة‪ ..‬مما ي‬ ‫أن جزيئات الهواء لن يمكنها االبتعاد عن طريق‬ ‫الكرة‪ .‬وإفساح المجال لها‪ .‬بالنسبة للكرة فسيبدو‬ ‫ش‬ ‫وغ� متحرك‪ .‬هذا سيؤدي إىل تراكم‬ ‫�ء ثابتاً ي‬ ‫كل ي‬

‫جزيئات الهواء ف ي� مقدمة الكرة‪ .‬وسيؤدي تراكم‬ ‫جزيئات الهواء‪ ،‬بعد بضعة نانو أجزاء من الثانية‪،‬‬ ‫إىل ضغطها إىل أن تندمج ف ي� عملية اندماج نووي‪.‬‬ ‫ومن المعروف أن االندماج النووي ينتج أشعة (غاما)‬ ‫فائقة الطاقة‪.‬‬ ‫التخيل‪ -‬فإن‬ ‫نتيجة لهذا االندماج ‪-‬وفق السيناريو‬ ‫ي‬ ‫مقدمة الكرة ستبدأ بالتآكل لدرجة أنها ستختفي‬ ‫كلياً قبل أن تصل إىل الالعب آ‬ ‫الخر الذي ينتظرها‬ ‫عىل الطرف آ‬ ‫الخر من الملعب‪ .‬صحيح أن االندماج‬ ‫النووي نفسه سيقلل من رسعة الكرة‪ ،‬لكن جزيئات‬ ‫المتكونة ستحيل الهواء حول الكرة إىل (بالزما)‬ ‫(غاما)‬ ‫ّ‬ ‫هالمية‪ .‬وسيظهر هذا التحول عىل شكل فقاعة كروية‬ ‫تك� مع الزمن برسعة الضوء نفسه‪ .‬وستنطلق أجزاء‬ ‫ب‬ ‫كب�ة لدرجة أنها ستولِّد عدة‬ ‫الكرة المتناثرة برسعة ي‬ ‫انفجارات نووية أخرى أصغر‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ولن الكرة ض‬ ‫تم� برسعة قريبة من رسعة الضوء‪ ،‬فإن‬ ‫ي‬ ‫ستقبل الكرة لن يستوعب تحركها أو إرسال المنافس‬ ‫ُم ِ‬ ‫أ‬ ‫لها‪ .‬لن الضوء المنعكس من الالعب المنافس عند‬ ‫ن‬ ‫يع� أنه قبل أن‬ ‫إ‬ ‫الرسال لم يصل لعينيه بعد‪ .‬هذا ي‬

‫مستقبل الكرة أن الكرة قد تحركت تجاهه‪،‬‬ ‫يستوعب‬ ‫ِ‬ ‫فسيكون هو نفسه قد اختفى وتبخر كلياً بفعل‬ ‫االنفجارات النووية الحاصلة‪ .‬وبطبيعة الحال فإن‬ ‫مرسل الكرة سيواجه الحتف نفسه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ف ي� الواقع ‪-‬لو كان ثمة واقع مشابه‪ -‬فإن ملعب‬ ‫سينسف من الوجود ف ي� أقل من ثانية‪ ..‬وكل ما‬ ‫التنس ُ‬ ‫بحوال ميل سيختفي تماماً‬ ‫التنس‬ ‫ملعب‬ ‫هو حول‬ ‫ي‬ ‫من الوجود‪ ،‬وستبقى حفرة وسحابة (عش الغراب)‬ ‫ليشاهدها َم ْن هم ف ي� خارج نطاق الميل‪ .‬وسيضطر‬ ‫هؤالء المشاهدون إىل التعايش مع المخلفات‬ ‫الشعاعية لهذا الحدث المدهش ألجيال مقبلة‪.‬‬ ‫إ‬


‫حياتنا اليوم‬

‫دور األهل‬ ‫مع األوالد‬ ‫يتغيَّ ر‬

‫حتى مطلع القرن التاسع عشر‪ ،‬كان دور‬ ‫ً‬ ‫متشابها أينما كان في العالم‪.‬‬ ‫األهل‬ ‫فالعائلة هي الخلية االجتماعية األساسية‬ ‫الستمرار الحياة‪ .‬ودور األهل هو القلب‬ ‫والعقل والقوة المادية الدافعة للحفاظ‬ ‫القدم‪،‬‬ ‫عليها‪ .‬وكان هذا الدور‪ ،‬المتوارث منذ ِ‬ ‫هو الوحيد في حياة العائلة‪ ،‬إذ لم تكن‬ ‫الدولة الحديثة ُ‬ ‫وبناها المتعددة قد تكونت‬ ‫ً‬ ‫كثيرا منه‪.‬‬ ‫وأخذت‬ ‫وبينما حافظت أكثر العائالت العربية على‬ ‫الدور التقليدي لألهل‪ ،‬باستثناء فئات قليلة‪،‬‬ ‫لم يكن الوضع كذلك في المجتمعات‬ ‫الغربية‪ .‬فقد تعرَّ ض دور األهل هناك إلى‬ ‫موجات عاتية من التغيرات‪ ،‬مما أدى إلى‬ ‫نشوء أوضاع مأساوية لألطفال‪ ،‬رافقتها آراء‬ ‫َّ‬ ‫والكتاب هناك‪.‬‬ ‫مثيرة للعلماء‬


‫‪43 | 42‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫قديماً‪ ،‬كانت الزراعة هي‬ ‫المصدر أ‬ ‫الساسي للعيش‪.‬‬ ‫وكان أفراد العائلة جميعهم‪،‬‬ ‫الرضع‪ ،‬منغمسين في‬ ‫ما عدا َّ‬ ‫هذه أ‬ ‫العمال‪ .‬وكانت العائالت‬ ‫عموماً مستقرة في المكان الواحد دون تبديل أو‬ ‫هجرة‪ .‬وهكذا كان جميع أ‬ ‫القارب يجتمعون في‬ ‫وحدة جغرافية يكتنفها التضامن أ‬ ‫واللفة‪ .‬لكن وطأة‬ ‫الحياة كانت ملقاة على عاتق أ‬ ‫الم أكثر من غيرها‪.‬‬ ‫كان حجم العائلة كبيراً‪ ،‬إذ إن معدل أ‬ ‫الوالد للمرأة‬ ‫الواحدة في الواليات المتحدة أ‬ ‫المريكية مثالً‪ ،‬كان‬ ‫ثمانية‪ ،‬كما تقول الدكتورة سوسان ويت من جامعة‬ ‫أكرون‪ .‬والمعدل العام للعمر قصيراً‪ ،‬لكنه كان‬ ‫أقصر بالنسبة أ‬ ‫للم؛ فأحياناً كثيرة كانت تموت عند‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الوالدة‪ .‬وكان دور البوين في تنشئة الوالد يمتد‬ ‫طوال العمر كله‪.‬‬

‫التغيرات االجتماعية ودور أ‬ ‫الهل‬

‫كان لعصر النهضة‪ ،‬الذي امتد من القرن الرابع‬ ‫عشر إلى السابع عشر‪ ،‬وعصر التنوير الذي تبعه‬ ‫من منتصف القرن السابع عشر إلى أواخر القرن‬ ‫الثامن عشر‪ ،‬والثورة الصناعية التي أعقبتهما‪،‬‬ ‫الثر الكبير على وضع العائلة ودور أ‬ ‫أ‬ ‫الهل‪ .‬جميع‬ ‫تحدت النظام القديم القائم على‬ ‫هذه الحركات َّ‬ ‫القطاع والعبودية وأحدثت تغيرات كبيرة في بنية‬ ‫إ‬ ‫المجتمعات والعائالت‪ ،‬وشكلت تحديات للتقاليد‬ ‫أ‬ ‫والعراف والعادات واالعتقادات التي سادت‬ ‫خالل آالف السنين‪ .‬وظهر ما نعرفه اليوم بالدولة‬ ‫الحديثة والدساتير والقوانين ومفاهيم كالديمقراطية‬ ‫والمواطنة وحقوق الفرد المتميزة عن حقوق‬ ‫الجماعة‪.‬‬ ‫فكان النزوح الكثيف إلى المدن للعمل في المصانع‬ ‫والتوسع في ظاهرة الحياة المدنية‪ ،‬في طليعة‬ ‫المؤثرات على دور أ‬ ‫الهل‪ .‬إذ تركت هذه التحوالت‬ ‫أثراً كبيراً على وضع الوالدين ودورهما‪ .‬فاضطر أ‬ ‫الب‬ ‫إلى أن يعمل بعيداً عن العائلة‪ .‬وكانت تلك الخطوة‬

‫الولى في إضعاف دوره المتعلِّق بتربية أ‬ ‫أ‬ ‫الطفال‪.‬‬ ‫أما أ‬ ‫الم‪ ،‬في تلك المرحلة‪ ،‬فبقيت في المنزل ترعى‬ ‫شؤونه وحيدة‪ ،‬ولم تدخل سوق العمل المدفوع‬ ‫أ‬ ‫الجر بشكل واسع حتى ستينيات القرن العشرين‪.‬‬ ‫وللمفارقة أنه في تلك الفترة‪ ،‬كانت النساء عند‬ ‫الحاجة يعملن لكن في أعمال يدوية وأحياناً قاسية‪،‬‬ ‫مثل العمل في مناجم الفحم‪ .‬وكانت من عالمات‬ ‫النجاح والفخر عند الرجال أن تتمكن أ‬ ‫الم من التفرغ‬ ‫أ‬ ‫الطفال‪ ،‬وأن يتحول دور أ‬ ‫لتربية أ‬ ‫الب الساسي إلى‬ ‫تأمين الموارد االقتصادية‪.‬‬ ‫في تلك الفترة بالذات‪ ،‬برزت حاجة المجتمع الجديد‬ ‫إلى العلوم في مجاالت عديدة‪ ،‬فتوسع إنشاء‬ ‫المدارس والجامعات والمعاهد وازدادت أعداد‬ ‫أ‬ ‫بالضافة إلى‬ ‫الطالب والمتعلمين‪ .‬فخرج الطفال‪ ،‬إ‬ ‫أ‬ ‫الب من المنزل وتقلص وقت العائلة المتجمعة‪.‬‬ ‫في خضم هذه الحقبة المتغيرة‪ ،‬ظهر ما يعرف بـ‬ ‫الجيال»‪ .‬وعبر عن هذه الفجوة أ‬ ‫«الفجوة بين أ‬ ‫الديب‬ ‫َّ‬ ‫الروسي «إيفان تورغينيف» في رواية عنوانها آ‬ ‫«الباء‬ ‫والبنون» في النصف أ‬ ‫الول من القرن التاسع عشر‪:‬‬ ‫صدم أ‬ ‫الب عند استقباله ابنه العائد من الدراسة‬ ‫ُ‬ ‫في أوروبا الغربية بأفكاره الليبرالية‪ .‬كيف ال! ودور‬ ‫أ‬ ‫الب المقدس هو إرشاد أوالده إلى االلتزام بالروح‬ ‫الروسية التقليدية أو «السالفوفيليا»‪ .‬فمع انتشار‬ ‫الفكر الليبرالي في أوروبا وتسربه إلى المثقفين في‬ ‫روسيا‪ ،‬اعتبر أ‬ ‫الهل أن هذا هو خروج عن «الروح‬ ‫الروسية المستقيمة» وأن دورهم في الحفاظ عليها‬ ‫بات مهدداً‪.‬‬ ‫والحال أن التغييرات أ‬ ‫الساسية التي طرأت على دور‬ ‫أ‬ ‫الهل في هذا العصر‪ ،‬هو أنه لم يعد مقتصراً على‬ ‫أ‬ ‫القرارات اليومية التي يأخذها الهل بشأن أوالدهم‪.‬‬ ‫بل أصبح محكوماً بالمؤسسات الجديدة الناشئة في‬ ‫بُنى الدولة الحديثة كالمدرسة والجامعة والمستشفى‬ ‫والعالم وغيرها الكثير‪ .‬كما أن‬ ‫والمخفر والقوانين إ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ُدور الحضانة أخذت كثيرا من دور الم‪.‬‬

‫العائلة العربية‬

‫هذا لم يحدث في المجتمعات العربية‪ .‬فهي‬ ‫مجتمعات غير منتجة بالمعنى الذي شهدناه في‬ ‫البالد الغربية‪ .‬ودون أن نطلق أحكاماً تقييمية؛‬ ‫فالمجتمعات غير المنتجة ال تنتج التغيير‪ .‬إنها‬ ‫مجتمعات مستهلكة‪ ،‬واقتصادها ريعي ال يتطلب‬ ‫التغيرات الكبيرة في كافة بُنى المجتمع‪ ،‬وبالتالي على‬ ‫نطاق العائلة‪ .‬وما يحصل من بعض التغيير يأتي‬ ‫بتأثير من الخارج‪ ،‬كما سنرى من بعض الدراسات‬ ‫في الجامعات العربية‪ .‬والتأثير الخارجي يبقى تأثيراً‬ ‫هامشياً‪ ،‬بالرغم من الصخب الذي يمكن أن يولده‬ ‫من قبل بعض أ‬ ‫الهل‪.‬‬ ‫فنزوح العائالت العربية من الريف إلى المدينة لم‬ ‫يؤ ِّد إلى حياة مدنية جديدة‪ ،‬كما شهدنا هناك‪ .‬بل‬ ‫على العكس‪ ،‬قضى على بعض مظاهر المدنية‬ ‫التاريخية في مدن مثل القاهرة وبيروت ودمشق‪.‬‬

‫نزوح العائالت‬ ‫العربية من الريف إلى‬ ‫المدينة لم ِّ‬ ‫يؤد إلى‬ ‫حياة مدنية جديدة‪..‬‬ ‫بل على العكس‪،‬‬ ‫قضى على بعض‬ ‫مظاهر المدنية‬ ‫التاريخية في مدن‬ ‫مثل القاهرة وبيروت‬ ‫ودمشق‪..‬‬


‫بسبب دخول المرأة‬ ‫سوق العمل والنزوع‬ ‫إلى تحقيق الذات‪،‬‬ ‫ضعفت غريزة‬ ‫التضحية تجاه‬ ‫األطفال‪ .‬وتوسعت‬ ‫ً‬ ‫كثيرا ظاهرة «أسرة‬ ‫الربائب» و«عائلة‬ ‫الربائب» وغيرهما‪..‬‬

‫دور المرأة الرئيس لم يعد رعاية األطفال‪..‬‬

‫وأصبحت هذه نوعاً من تجمع قرى ريفية حافظت‬ ‫البنى االجتماعية‬ ‫على تقاليدها وأعرافها‪،‬‬ ‫خاصة على ُ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الساسية‪ ،‬كالعائلة ودور الهل فيها‪ .‬فالنظام البوي‬ ‫كما يسميه الدكتور هشام شرابي‪ ،‬في كثير من‬ ‫كتاباته‪ ،‬ال يزال هو نفسه سائداً في الكتلة أ‬ ‫الساسية‬ ‫والكبيرة من المجتمعات العربية‪.‬‬

‫وسائل الترفيه تسببت بعزلة أفراد أ‬ ‫السرة الواحدة‬ ‫عن بعضها بعضاً‪ ،‬وضعف مراقبة ومتابعة آ‬ ‫الباء‬ ‫ألبنائهم‪ ،‬وزيادة مساحة الحرية المتاحة أمام‬ ‫قل دور أ‬ ‫أ‬ ‫الم في توجيههم أخالقياً‬ ‫البناء‪ ،‬بينما َّ‬ ‫أ‬ ‫وخف أثر الهل أيضاً في تحسين التحصيل‬ ‫وسلوكياً‪َّ ،‬‬ ‫العلمي»‪.‬‬

‫لقد تعرضت أدوار بعض أ‬ ‫الهل في البلدان العربية‬ ‫للتغيير‪ .‬لكنه اقتصر على بعض الشرائح المتعلمة‬ ‫والمرتبطة بعالقات عمل أو تعليم بمؤسسات غربية‪.‬‬ ‫أما غالبية أ‬ ‫الهل في منطقتنا فلم تتعرض لتغييرات‬ ‫جذرية‪.‬‬

‫وظهر في بحث آخر أجرته أ‬ ‫الستاذة «فتحية‬ ‫أ‬ ‫باحشوان» من جامعة أسيوط عن السرة في اليمن أن‬ ‫هناك بعض التغيرات في أدوار أ‬ ‫الهل نتيجة العيش‬ ‫في المدن‪ .‬لكن هذا التغير ال يمكن مقارنته بتلك‬ ‫التحوالت الحادة في البنية االجتماعية واالقتصادية‬ ‫والقانونية التي حصلت في البلدان الغربية‪.‬‬

‫وأظهرت دراسة ميدانية أجرتها الدكتورة باسمة حالوة‬ ‫من كلية التربية في جامعة دمشق‪ ،‬في أربع مناطق‬ ‫مختلفة من المدينة أن «هذه النتائج تشير إلى أن‬ ‫المستويات التعليمية واالقتصادية‪ ،‬ال تؤثر في أدوار‬ ‫الوالدين في تشكيل شخصية أ‬ ‫البناء االجتماعية‪،‬‬ ‫ألنهم يعيشون ضمن منظومة واحدة من القيم‬ ‫والعادات االجتماعية»‪.‬‬ ‫لكن دراسة قام بها الدكتور محمد ممدوح عوني‬ ‫من جامعة الخليج العربي في البحرين حول تأثير‬ ‫التقنيات الحديثة على دور أ‬ ‫السرة في دول العالم‬ ‫الثالث خلصت إلى أن «انتشار القنوات الفضائية‬ ‫أ‬ ‫اللكترونية وغيرها من‬ ‫والنترنت وأجهزة اللعاب إ‬ ‫إ‬

‫التحول في‬ ‫الموجة الثانية من‬ ‫ُّ‬ ‫دور أ‬ ‫الهل‬

‫بُعيد الحرب العالمية الثانية ازدهر االقتصاد‬ ‫أ‬ ‫المريكي بعد كبوة الثالثينيات‪ ،‬وازداد الطلب‬ ‫كثيراً على الوظائف واالختصاصات‪ .‬فأدى ذلك إلى‬ ‫ازدياد حضور المرأة في سوق العمل‪ .‬فكانت فترة‬ ‫الستينيات وما أعقبها‪ ،‬فترة التغيرات الكبرى على‬ ‫دور أ‬ ‫الهل بعالقتهم بأطفالهم وبالمجتمع‪ .‬ألن‬ ‫استمرار النزوح الكثيف إلى المدن أدى إلى توسع‬ ‫الطبقة المتوسطة وظهور ما بات يعرف بـ «الثقافة‬ ‫النسوية»‪ .‬وازدادت المطالبة «بحقوق المرأة» وحقها‬ ‫في التنازل عن حضانة أطفالها إلى المؤسسات‬

‫والدور التي انتشرت بشكل واسع‪ .‬ولم يعد العمل‬ ‫الشاق هو الدافع في الحياة‪ .‬فقد شعر الشباب أنه‬ ‫أصبحت لديهم خيارات أكثر من تلك التي ألهلهم‪.‬‬ ‫لمعان أوسع وفرص للتعبير‬ ‫بدأوا يشعرون بالحاجة‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫عن ذواتهم‪ .‬وعندما أخذت أدوار الب والم‬ ‫بالتساوي تجاه أ‬ ‫الطفال‪ ،‬بسبب دخول المرأة سوق‬ ‫العمل والنزوع إلى تحقيق الذات‪ ،‬ضعفت غريزة‬ ‫التضحية تجاه أ‬ ‫الطفال‪ .‬وتوسعت كثيراً ظاهرة «أسرة‬ ‫الربائب» و«عائلة الربائب» وغيرهما‪.‬‬ ‫الحصاءات اليوم إلى أن حوالي ‪ %66‬من‬ ‫تشير إ‬ ‫أ‬ ‫المهات اللواتي لديهن أطفال تحت عمر السنة‬ ‫الواحدة يعملن خارج المنزل‪ .‬و‪ %80 - 75‬من اللواتي‬ ‫لديهن أطفال تحت سن السادسة يعملن‪ .‬وهذا يعني‬ ‫أن دور المرأة الرئيس لم يعد رعاية أ‬ ‫الطفال‪.‬‬ ‫ففي إحصاء للدكتورة ويت‪ ،‬التي استشهدنا بها‬ ‫سابقاً‪ ،‬أن ثلثي أ‬ ‫الهل الذين اس ُتطلعت آراؤهم‪ ،‬في‬ ‫فترة سابقة من السبعينيات‪ ،‬رفضوا الفكرة القائلة‬ ‫الهل العيش سوية في سبيل أ‬ ‫إن على أ‬ ‫الطفال إذا‬ ‫آ‬ ‫لم يكونوا سعداء بعضهم بالبعض الخر؛ وإن‬ ‫سعادتهم بالنسبة لهم أهم من سعادة أطفالهم‪،‬‬ ‫إذا خيروا في ذلك‪ .‬فارتفعت نسبة الطالق‪ ،‬آ‬ ‫الن‪ ،‬إلى‬ ‫ُ ِّ‬ ‫أكثر من ‪ %60‬بين المتزوجين‪ .‬هكذا انتقل العبء‬ ‫أ‬ ‫الكبر لدور الوالدين إلى أماكن أخرى غير العائلة‬ ‫النواة‪.‬‬


‫‪45 | 44‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫وتبين من دراسة قادتها كيرا بيرديت من جامعة‬ ‫َّ‬ ‫الهل أ‬ ‫ميتشيغان أن «أكثرية أ‬ ‫والوالد البالغين‬ ‫يمارسون نوعاً من العالقات المتوترة والعدائية‬ ‫بعضهم مع البعض آ‬ ‫الخر» في الواليات المتحدة‬ ‫أ‬ ‫المريكية‪ .‬والالفت في الدراسة أن التوتر مع‬ ‫المراهقات أكبر منه مع المراهقين‪ .‬كما أن التوتر‬ ‫الم هو أكبر من أ‬ ‫مع أ‬ ‫الب‪ .‬وتعتقد بيرديت أن ذلك‬ ‫يعود إلى أن دور أ‬ ‫المهات هو أكثر تدخال ً وحضوراً‬ ‫من آ‬ ‫الباء‪.‬‬ ‫وفوجئت بيرديت بتوصل دراستها إلى أنه كلما تعطَّل‬ ‫دور أ‬ ‫الهل ازداد التوتر مع تقدم الوقت‪ .‬وأن إسداء‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫النصائح‪ ،‬وهو الدور الساسي للهل‪ ،‬كما يعتقدون‪،‬‬ ‫هو العنصر أ‬ ‫الكثر إثارة للتوتر‪.‬‬ ‫واشتدت وطأة أ‬ ‫المر بتعرض العائلة الحقاً‪ ،‬بشكل‬ ‫غير مسبوق‪ ،‬لتأثيرات خارجية قوية‪ .‬مثل التلفزيون‬ ‫ومواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬وغيرها الكثير‪ ،‬التي‬ ‫تُولِّد رغبات وسلوكاً استهالكياً يشكل بديال ً عن االنتماء‬ ‫والهوية‪ .‬كما أنها تمارس توجيهات انضباطية ضمنية‬ ‫ألعراف جديدة‪ ،‬يحكم على أ‬ ‫الفراد وسلوكهم وفقاً‬ ‫ُ‬ ‫لها‪ .‬فأصبح دور أ‬ ‫الهل في هذه الحالة الجديدة‬ ‫مأساوياً‪.‬‬

‫آراء متشائمة‬

‫«الم آ‬ ‫في كتابها أ‬ ‫اللة» تقول جينا كوريا إن تقنيات‬ ‫النجاب العصرية والتخصيب في المختبر وما‬ ‫إ‬ ‫يعرف بأطفال أ‬ ‫النابيب وجميع المعاينات ما قبل‬ ‫ُ‬ ‫الوالدة‪ ،‬بما فيها الهندسة الجينية‪ ،‬تشكل خطراً‬ ‫حقيقياً على المرأة‪ .‬ألن سلبياتها تتعدى إيجابياتها‬ ‫بحيث يتم التحكم بجسمها وجعله شيئاً يتالعب‬ ‫به الطب‪ .‬وهكذا يتم حرمانها من أهم أدوار‬ ‫أ‬ ‫المومة‪.‬‬ ‫أكثر من ذلك‪ ،‬هو ما يتعلق بدور أ‬ ‫الب؛ يقول‬ ‫دايفد بالنكهورن مؤلف كتاب «أمريكا دون أبوة»‪،‬‬ ‫«إن التحدي الداخلي أ‬ ‫الهم التي تواجهه الواليات‬ ‫المريكية هو إعادة تكوين أ‬ ‫المتحدة أ‬ ‫البوة كدور‬ ‫اجتماعي حيوي للرجال‪ .‬ما هو في خطر‪ ،‬هو ما‬ ‫نسميه نجاح التجربة أ‬ ‫المريكية‪ .‬إذا لم نعكس اتجاه‬ ‫أ‬ ‫النجازات مثل‬ ‫فقدان البوة‪ ،‬فإن أية مجموعة من إ‬ ‫النمو االقتصادي أو بناء السجون أو إصالح نظام‬ ‫الرعاية الصحية أو مدارس أفضل‪ ،‬لن تنجح في‬ ‫وقف تدهور رفاه الطفل وانتشار العنف الذكوري‪.‬‬ ‫إذا تسامحنا مع هذا االتجاه‪ ،‬نكون قد قبلنا حتمية‬ ‫استمرار الركود االجتماعي»‪.‬‬

‫ما هو الطفل؟ ما هي الطفولة؟‬

‫نتيجة هذا التردي الكبير في أوضاع العائلة‬ ‫وانعكاسها السلبي على أوضاع أ‬ ‫الطفال‪ ،‬بدأ االهتمام‬

‫الهل وعالقتهم أ‬ ‫الكاديمي والفكري بدور أ‬ ‫أ‬ ‫بالوالد‬ ‫يزداد‪ ،‬وينفصل عن كونه جزءاً من علوم التربية‪،‬‬ ‫ويأخذ منحى مستقال ً ألهميته القصوى‪ .‬وطرحت‬ ‫«م ْن هو الطفل‪ ،‬ما هي‬ ‫أسئلة جديدة حول َ‬ ‫الطفولة؟»‪.‬‬ ‫وتقول الموسوعة الفلسفية لجامعة ستانفورد إنه‬ ‫وعلى الرغم من تعدد المفاهيم حول ماهية مرحلة‬ ‫الطفولة ودور أ‬ ‫الهل‪ ،‬فال تزال حتى يومنا‪ ،‬خاصة في‬ ‫العالم الغربي‪ ،‬تسود المفاهيم التي صاغها وكتب‬ ‫عنها الفيلسوف اليوناني «أرسطوطاليس»‪ ،‬في العقد‬ ‫الرابع قبل الميالد‪ ،‬حول هذا الدور‪.‬‬

‫تقوم نظرية جان بياغيت المعروفة‪ ،‬على أن الطفل‬ ‫قبل سن الحادية عشرة أو الثانية عشرة ال يستطيع‬ ‫«التفكير فيما بعد» أو «ميتا تفكير» (مثل التفكير‬ ‫عن التفكير)‪ .‬وهذا ما يعطي أ‬ ‫الهل والمربين دوراً‬ ‫ومسؤوليات إضافية ويثبت عملياً االعتقاد السائد‬ ‫حول هذا الدور والواجبات‪.‬‬

‫المفاهيم أيضاً تتغير‬

‫وفق هذا المفهوم الشائع شعبياً وأكاديمياً‪ ،‬فإن‬ ‫الطفل هو عينة غير ناضجة لعضو أو كائن حي‬ ‫الهل أ‬ ‫يتطور مع الزمن ليصبح ناضجاً‪ .‬ودور أ‬ ‫الساسي‬ ‫وواجبهم هو في تأمين البيئة الضرورية التي تسمح‬ ‫بتحولهم إلى أعضاء بالغين‪.‬‬

‫لكن‪ ،‬تزايدت في المرحلة الحديثة أ‬ ‫البحاث الجدية‬ ‫المكانات‬ ‫التي تشير إلى أن بياغيت يقلِّل من شأن إ‬ ‫المعرفية عند أ‬ ‫الطفال‪ .‬وبحسب هذه النظريات‬ ‫الجديدة فإن دور أ‬ ‫الهل بعالقتهم بأطفالهم تنحو‪،‬‬ ‫ويجب أن تنحو‪ ،‬إلى التغير‪ .‬يقول الفيلسوف‬ ‫غاريث ماثيوس «إن بياغيت لم يستطع مالحظة‬ ‫السئلة ذات الحيرة الفلسفية عند أ‬ ‫أ‬ ‫الطفال الصغار‬ ‫جداً»‪ .‬ويتوسع في عرض كثير من النماذج الحقيقية‬ ‫الممتعة حول أسئلة طرحها أطفال صغار‪ ،‬ليبرهن أن‬ ‫أسئلتهم ذات أبعاد فلسفية جدية‪ ،‬هذا بعض منها‪:‬‬

‫وأدخل مؤخراً تعديالن على نظرية أرسطو‪ .‬أ‬ ‫الول‬ ‫يقول إن تطور الفرد من مرحلة الطفولة إلى النضج‬ ‫يلخص تاريخ تطور النوع نفسه‪ .‬ويُعد سيغموند‬ ‫فرويد من أصحاب هذه النظرية‪ .‬أما التعديل‬ ‫الثاني فهو أن هذا التطور يتم على عدة مراحل‬ ‫تاريخية من عمر الفرد‪ .‬لقد تبنى هذه النظرية‬ ‫وطورها بشكل أصبحت مهيمنة في النصف الثاني‬ ‫من القرن العشرين جان بياغيت‪ .‬الجدير بالذكر أن‬ ‫هذا المفهوم الثاني قد استند على فلسفة الرواقيين‬ ‫التي كانت سائدة في منطقتنا في العقد الرابع قبل‬ ‫الميالد‪.‬‬

‫‪ - 1‬سأل «تيم» (‪ 6‬سنوات) وهو منشغل أ‬ ‫بالكل‬ ‫«بابا‪ ،‬كيف نتأكد أن كل شيء ليس حلماً؟»‪.‬‬ ‫‪ – 2‬سأل «جوردن» (‪ 5‬سنوات) «إذا ذهبت للنوم‬ ‫في الساعة الثامنة ونهضت في السابعة صباحاً‬ ‫كيف أستطيع أن أتأكد أن لولب الساعة لم‬ ‫يدر أكثر من مرة؟ هل يجب أن أبقى مستيقظاً‬ ‫طوال الليل لمراقبتها؟ إذا شحت بنظري حتى‬ ‫لثوان يمكن لهذا اللولب أن يدور مرتين»‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪« – 3‬جون إدغار» (‪ 4‬سنوات) كان قد رأى طائرة‬ ‫في المطار تقلع وتَصغر كلما توارت عن أ‬ ‫النظار‬ ‫العالي‪ .‬أخذ رحلته ُ أ‬ ‫في أ‬ ‫الولى‪ ،‬وعندما توقفت‬

‫كيف‬ ‫بابا‪ ،‬ن كل‬ ‫تأكد أ‬ ‫ن‬ ‫ليس‬ ‫شيء‬ ‫حلم ًا؟‬


‫الطائرة عن الصعود واستوت في الجو‪ ،‬التفت‬ ‫إلى والده وقد بدا االرتياح على وجهه‪ ،‬لكن‬ ‫الحيرة تشوب صوته‪« ،‬في الواقع ال تصبح‬ ‫الشياء صغيرة هنا في أ‬ ‫أ‬ ‫العالي»‪.‬‬

‫وثابتة ‪ -‬تترك الناس عرضة للفشل‪ .‬إذ يجب التشديد‪،‬‬ ‫أ‬ ‫بالحرى على «عقلية النمو» التي تشجع التركيز على‬ ‫«العملية المتواصلة» أو (البروسيس) الذي ينتج‬ ‫نجاحات كبيرة في المدرسة والحياة»‪ .‬وتتابع أنه على‬ ‫أ‬ ‫الهل والمعلمين أن يمتدحوا المثابرة والتخطيط‬ ‫والجهد وحب التعلم بدال ً من تقديس الموهبة‪.‬‬

‫دخلنا اآلن في مرحلة‬ ‫تغيرات جديدة نتيجة‬ ‫التطور الكبير في‬ ‫عقلية نمو وتطور مقابل عقلية‬ ‫ثابتة‬ ‫التكنولوجيا الذكية‬ ‫ويقترح كثير من علماء التربية المعاصرين‪ ،‬تغيراً‬ ‫بنا ًء على هذه الفلسفة الجديدة‪ ،‬يشدد المختصون‬ ‫على تغيير جذري في دور أ‬ ‫في دور أ‬ ‫الهل بعالقتهم‬ ‫الهل نحو التحفيز بدل التلقين‪ ،‬والشراكة‬ ‫والروبوتات‪ ..‬إن هذه‬ ‫بدل الرشاد‪ ،‬والنظر إلى أ‬ ‫شيقة في‬ ‫مقالة‬ ‫في‬ ‫دويسك‬ ‫كارول‬ ‫تقول‬ ‫بأوالدهم‪.‬‬ ‫الخطاء من وجهة إيجابية‬ ‫إ‬ ‫ِّ‬ ‫الكائنات الذكية‬ ‫عدد خاص من مجلة «ساينتفيك أميركان»‪ ،‬حول‬ ‫على أساس أنها دليل على العمل والجهد واالضطالع‬ ‫يقدس الموهبة (في بالتحديات‪.‬‬ ‫«الدماغ والعقل»‪« ،‬إن مجتمعنا ِّ‬ ‫أ‬ ‫ستقوم‪ ،‬بحلول‬ ‫مسح أجرته الكاتبة تبين أن ‪ %85‬من الهل يعتقدون‬ ‫أن مديح قدرة أطفالهم وذكائهم عندما ينجحون‬ ‫ونتيجة انتشار بعض هذه المفاهيم الجديدة‬ ‫الثالثينيات من هذا‬ ‫ً‬ ‫مهم لتشجيعهم)‪ ،‬وكثير من الناس يفترضون أن‬ ‫وتطبيقها‪ ،‬الحظ كثير من الباحثين أن تغيرا إيجابياً‪،‬‬ ‫اكتساب ذكاء خارق أو قدرة – بالتوازي مع ثقة بهذه‬ ‫الحصاءات‪ ،‬على‬ ‫ولو كان بسيطاً‪ ،‬بدأ يظهر في إ‬ ‫القرن‪ ،‬بمعظم‬ ‫أ‬ ‫القدرة – هي وصفة للنجاح‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬أظهرت‬ ‫تحسن دور الهل بعالقتهم بأطفالهم‪.‬‬ ‫‪ 35‬سنة من أ‬ ‫البحاث العلمية أن التشديد على‬ ‫أ‬ ‫الوظائف‪..‬‬ ‫مستقبل دور الهل‬ ‫الفطنة والموهبة – واعتبار هذه الصفات فطرية‬

‫يُجمع العلماء والفاعلون على صعيد العالم‪ ،‬أننا‬ ‫دخلنا آ‬ ‫الن في مرحلة تغيرات جديدة نتيجة التطور‬ ‫الكبير في التكنولوجيا الذكية والروبوتات‪ .‬وهي‬ ‫تشبه‪ ،‬بل تتخطى التغيرات التي حصلت إبان الثورة‬ ‫الصناعية‪ .‬حيث إن هذه الكائنات الذكية ستقوم‪،‬‬ ‫بحلول الثالثينيات من هذا القرن‪ ،‬بمعظم الوظائف‪.‬‬ ‫ويضيف أ‬ ‫الستاذ جميل مطر عن حوارات دارت في‬ ‫مؤتمر «دافوس» في سويسرا‪ ،‬هذه السنة‪« ،‬دعونا‬ ‫نعلن على أ‬ ‫المل أن العالم على أبواب مرحلة تزداد‬ ‫فيها البطالة إلى حد اختفاء تعدد الوظائف وربما‬ ‫مهن معينة…»‪.‬‬

‫لكن هؤالء العلماء يختلفون حول ماهية هذه‬ ‫التغيرات المقبلة على العائلة ودور أ‬ ‫الهل‪ .‬منهم‬ ‫من يتوقع أن يكون لذلك تغيرات إيجابية‪ .‬فبسبب‬ ‫السعار نتيجة غياب أ‬ ‫االنخفاض الكبير في أ‬ ‫الجور‬ ‫أ‬ ‫(لن الروبوت لن يتقاضى أجراً‪ ،‬وال يحتاج رعاية‬ ‫صحية أو اجتماعية أو ضمان شيخوخة‪ ...‬الخ)‪،‬‬ ‫تزداد قوة الشراء بما يمتلكون وتزداد مساحة الزمن‬ ‫الحر لديهم‪ .‬كما أن الوالدين لن يُجبرا على العمل‬ ‫الشاق لمدة طويلة والبقاء خارج المنزل‪ ،‬ثم‬ ‫والرهاق‪ .‬مما يمكنهما من‬ ‫يعودان مثقلين بالضغط إ‬ ‫تكريس الوقت الكافي أ‬ ‫للطفال والعائلة‪ ،‬في جو من‬ ‫الطمأنينة والراحة النفسية‪ ،‬فيستعيدون دورهم‬ ‫في إعادة اللحمة بين أفرادها‪ .‬عسى أن يكون ذلك‬ ‫صحيحاً‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪47 | 46‬‬

‫حياتنا اليوم‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫زائدا‪ ،‬دون‬ ‫مبلغا‬ ‫ما الذي يجعلنا ندفع‬ ‫أن نحصل مقابل ذلك على أي خدمة‬ ‫ً‬ ‫دوما بالحرج‪،‬‬ ‫إضافية؟ ولماذا نشعر‬ ‫ونتحاشى أن تلتقي عيوننا بعيون من‬ ‫ِّ‬ ‫نقدم له هذا المال؟ هل نسهم بهذا‬ ‫التقليد في النيل من كبرياء شخص‬ ‫آخر وعزة نفسه‪ ،‬وفي مساعدة أصحاب‬ ‫العمل على استغالل العاملين لديهم؟‬ ‫هل نقبل أن ِّ‬ ‫يقدم لنا شخص مهما علت‬ ‫ً‬ ‫مبلغا من المال دون مقابل؟‬ ‫مكانته‬

‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫أسامة إبراهيم‬

‫لماذا ندفع‬ ‫الـبـقشـيـش؟‬ ‫جولة تاريخية وجغرافية‬ ‫وثقافية حول اإلكرامية‬ ‫البقشيش في‬ ‫الماضي والحاضر‬

‫قبل البحث في كهوف التاريخ‬ ‫الكرامية‪ ،‬تجدر‬ ‫عن بدايات إ‬ ‫الشارة إلى أننا ال نتكلم عن‬ ‫إ‬ ‫قضية هامشية‪ ،‬فيكفي أن نعلم أن ما تحصل‬ ‫عليه المطاعم وحدها في الواليات المتحدة‬ ‫أ‬ ‫المريكية من البقشيش يبلغ سنوياً ‪ 21‬مليار‬ ‫دوالر‪ ،‬أي ما يعادل ‪ 78,7‬مليار ريال سعودي‪ ،‬وأن‬ ‫الكرامية تم ِّثل نسبة ال يستهان بها في ميزانيات‬ ‫إ‬ ‫الدول التي تعيش على السياحة‪ .‬لقد كانت‬ ‫الكرامية سبباً في اندالع مظاهرات‪ ،‬ورفع قضايا ال‬ ‫إ‬ ‫والدانة بالسجن‪ ،‬وكانت‬ ‫حصر لها أمام المحاكم‪ ،‬إ‬ ‫موضوعاً لعديد من رسائل الدكتوراة‪ ،‬التي تناولتها‬

‫من الجوانب القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫والهم من كل ذلك أن كثيراً من أنظمة الحكم‬ ‫الرأسمالية والشيوعية‪ ،‬الديمقراطية واالستبدادية‬ ‫حاربت الكرامية‪ .‬ولكن التاريخ يثبت أن كل أ‬ ‫النظمة‬ ‫إ‬ ‫الكرامية على مر العصور‪ ،‬وأنها نجحت‬ ‫تزول‪ ،‬وتبقى إ‬ ‫في التغلغل في جميع أرجاء أ‬ ‫الرض‪ ،‬ولم تقف أمامها‬ ‫حواجز ثقافية أو دينية‪.‬‬ ‫الكرامية‪،‬‬ ‫لم يرد في كتب التاريخ اسم أول من دفع إ‬ ‫وال أسباب قيامه بذلك السلوك الغريب على طباع‬ ‫النسان‪ .‬لكن بعض المراجع تؤكد وجود هذا السلوك‬ ‫إ‬ ‫المبراطورية الرومانية‪ ،‬حيث كان أصحاب‬ ‫في إ‬ ‫الوظائف الرسمية‪ ،‬يحصلون على مبالغ إضافية تقديراً‬ ‫لعملهم‪ ،‬كما كان هناك تقليد متبع في أوروبا في‬


‫والمحاوالت ذهبت سدى‪ .‬ومرت أ‬ ‫اليام وانعكست‬ ‫الوروبيون يتهمون أ‬ ‫الحوال وأصبح أ‬ ‫أ‬ ‫المريكيين بأنهم‬ ‫هم الذين أفسدوا مواطني الدول التي دخلوها‪،‬‬ ‫أ‬ ‫الكراميات بغير حساب‪.‬‬ ‫لنهم يغدقون إ‬

‫العصور الوسطى‪ ،‬وهو أن كل من يأتي ببشارة‬ ‫وأخبار سعيدة‪ ،‬يحصل على إكرامية‪.‬‬ ‫في العصور الوسطى أيضاً كانت هناك حاجة اللتقاء‬ ‫التجار من مختلف الدول والممالك أ‬ ‫الوروبية‪ .‬فكانوا‬ ‫يجتمعون في مكان واحد‪ ،‬وظهرت الحاجة إلى ما‬ ‫يشبه الفنادق‪ ،‬حتى يقيم فيها الغرباء‪ ،‬وفي هذه‬ ‫حد‬ ‫الفنادق البدائية التي تشبه الخانات الشرقية إلى ٍّ‬ ‫ما‪ ،‬كان النزيل الذي يدفع مبلغاً زائداً عن أ‬ ‫الجرة‪،‬‬ ‫ينال مكاناً أكثر راحة من غيره‪.‬‬ ‫الكرامية إلى القرن‬ ‫وفي بريطانيا تعود جذور إ‬ ‫السادس عشر‪ ،‬وانتشرت عادة ال عالقة لها بالفنادق‬ ‫أو المطاعم‪ ،‬بل كانت مرتبطة بالدعوات الخاصة‬ ‫في المنازل‪ .‬فحينما يقوم أحد النبالء بدعوة ضيوفه‬ ‫لتناول الطعام عنده‪ ،‬فإنهم لم يكونوا يغادرون‬ ‫الكراميات للخدم‪ ،‬الذين‬ ‫يقدموا إ‬ ‫بيته‪ ،‬إال بعد أن ِّ‬ ‫كانوا يصطفون في انتظارها بعد الدعوة‪.‬‬ ‫وبعد أن ترسخت هذه العادة‪ ،‬وأصبحت تقليداً‬ ‫متبعاً‪ ،‬بدأ صاحب الدعوة يخفِّض من رواتب‬ ‫الكراميات‬ ‫الخدم‪ ،‬الذين كانوا يحصلون على إ‬ ‫ً‬ ‫بسخاء‪ .‬بل إن بعض النبالء لم يجد حرجا في‬ ‫الكراميات مع الخدم‪ ،‬وفي المقابل‬ ‫اقتسام إ‬ ‫أصبح الضيوف يحسبون ألف حساب لهذه‬ ‫التكاليف الباهظة المرتبطة بقبول الدعوة‪ .‬لذلك‬ ‫جاءت مبادرة من النبالء في عام ‪1760‬م تدعو‬ ‫الكراميات‪ ،‬واستمرت المحاوالت لسنوات‪،‬‬ ‫لوقف إ‬ ‫حتى بدأ هذا التقليد في التراجع‪ ،‬فإذا بالخدم‬ ‫يقومون باضطرابات ومظاهرات في العاصمة‬ ‫البريطانية في عام ‪1764‬م‪ ،‬ويعلنون رفضهم‬ ‫الكراميات‪ ،‬التي اعتادوا عليها‪،‬‬ ‫تماماً للتخلي عن إ‬ ‫ً‬ ‫وأصبحت مصدراً رئيسا لدخلهم‪.‬‬ ‫أما في الواليات المتحدة أ‬ ‫المريكية فكانت‬ ‫الطالق‪ ،‬حتى عام‬ ‫الكرامية غير معروفة على إ‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫‪1840‬م‪ ،‬وفي مصادر أخرى حتى الحرب الهلية‬ ‫في الفترة من ‪ 1861‬حتى ‪1865‬م‪ ،‬ألن المجتمع‬ ‫كان منقسماً بوضوح إلى سادة وعبيد‪ ،‬وكان‬ ‫الكرامية‪،‬‬ ‫االعتقاد سائداً بأن السادة ال يقبلون إ‬ ‫والعبيد ال مبرر لمنحهم شيئاً إضافياً‪ .‬لكن موجة‬ ‫الهجرة من أوروبا بسبب أ‬ ‫الزمة االقتصادية هناك‪،‬‬ ‫أتاحت للمهاجرين أن ينقلوا معهم هذه العادة‬ ‫الراضي أ‬ ‫إلى أ‬ ‫المريكية‪.‬‬ ‫وبعد تحرر العبيد‪ ،‬وجد كثير من السود في المقاهي‬ ‫والمطاعم فرصة ذهبية للعمل الذي ال يتطلب‬ ‫مؤهالت أو خبرات سابقة‪ ،‬وكانوا معتادين على‬ ‫معاملة البيض باعتبارهم طبقة أرقى منهم‪ ،‬وكانوا‬ ‫الكرامية بصدر رحب‪ .‬لكن بعض الطالب‬ ‫يقبلون إ‬

‫شهدت الصين‪ ،‬التي لم تكن‬ ‫تعرف اإلكرامية ً‬ ‫أبدا‪ ،‬إقبال‬ ‫السياح الغربيين ورجال‬ ‫األعمال في فترة االنفتاح‬ ‫النسبي منذ عام ‪1977‬م‪،‬‬ ‫وحملوا معهم عادة اإلكرامية‪،‬‬ ‫فصدرت قوانين تمنع ذلك‪..‬‬ ‫البيض دخلوا هذا المجال أيضاً‪ ،‬وكانوا يحصلون على‬ ‫إكراميات أعلى من زمالئهم السود‪.‬‬ ‫وتناولت وسائل العالم أ‬ ‫المريكية في مطلع القرن‬ ‫إ‬ ‫العشرين هذه الظاهرة بكثير من النقد‪ .‬وحارب‬ ‫بعض الك َّتاب في صحيفة (نيويورك تايمز) في‬ ‫الكرامية‪،‬‬ ‫عام ‪1908‬م‪ ،‬قبول الشباب البيض إ‬ ‫معتبرين أن «الرجل الحر الذي يملك حق االنتخاب‪،‬‬ ‫ال يليق به أن يعمل خادماً»‪.‬‬ ‫وأصدرت واليات أمريكية عديدة في عام ‪1909‬م‬ ‫الكرامية‪ ،‬وفرضت بعضها عقوبة على‬ ‫قوانين تمنع إ‬ ‫من يدفعها ومن يقبلها‪ .‬لكن غالبية الواليات قصرت‬ ‫العقوبة على من يقبلها‪ ،‬ألنهم كانوا غالباً من السود‪،‬‬ ‫وعدم محاسبة من يدفعها‪ ،‬وغالبهم من البيض‪.‬‬ ‫وكانت العقوبة ال تقتصر على الغرامة بل تشمل‬ ‫الحبس أيضاً‪ .‬إال أن الحكم الصادر على نادل في‬ ‫أحد المطاعم بالسجن‪ ،‬بعد قبوله إكرامية بقيمة ‪15‬‬ ‫سنتاً‪ ،‬ثم استئنافه أمام المحكمة العليا التي ألغت‬ ‫العقوبة‪ ،‬وقضت بعدم دستورية هذه القوانين‪،‬‬ ‫أدى إلى إلغاء القوانين في الواليات الواحدة تلو‬ ‫أ‬ ‫الكرامية في‬ ‫الخرى‪ .‬ثم تأسست جمعية محاربة إ‬ ‫عام ‪1916‬م‪ ،‬وأعلن مرشح رئاسي عزمه على إلغاء‬ ‫هذا «السلوك أ‬ ‫العوج»‪ ،‬ولكن كل هذه الجهود‬

‫فقد صدرت تعليمات للجنود أ‬ ‫المريكيين بعد‬ ‫الحرب العالمية الثانية في عام ‪1945‬م‪ ،‬بمنع‬ ‫الكراميات لمواطني الدول التي بقيت فيها‬ ‫تقديم إ‬ ‫أ‬ ‫القوات المريكية‪ .‬فلجأ الجنود إلى حيلة لتفادي‬ ‫هذه التعليمات‪ ،‬وهي تقديم الهدايا العينية‪ ،‬مثل‬ ‫السجائر والشوكوالتة‪ ،‬خاصة وأن البالد التي تعرضت‬ ‫للدمار والهزيمة لم يكن فيها ما يمكن شراؤه بالمال‪.‬‬ ‫فصدرت تعليمات جديدة في عام ‪1946‬م‪ ،‬تمنع‬ ‫الجنود من تقديم الهدايا‪ ،‬لكن اشتراك الجميع في‬ ‫مخالفة التعليمات‪ ،‬حال دون محاسبة أحد‪.‬‬ ‫وفي فرنسا كان بديهياً أن يحصل القضاة على عطايا‬ ‫أ‬ ‫الكرامية في البداية‬ ‫من الطراف المتنازعة‪ ،‬وكانت إ‬ ‫عبارة عن هدايا ِّقيمة من المستعمرات الفرنسية‪،‬‬ ‫وأهمها التوابل‪ ،‬ثم أصبحت مبالغ نقدية‪ .‬ولم يكن‬ ‫الكراميات‪،‬‬ ‫القضاة يجدون أي حرج في تقبل هذه إ‬ ‫التي من المفترض أنها لم تكن تؤثر على أحكامهم‪،‬‬ ‫بل كانوا يعتبرونها تقديراً لجهودهم‪ .‬لكن الثورة‬ ‫الفرنسية فرضت في قانون العقوبات الصادر في‬ ‫عام ‪1810‬م‪ ،‬منع ذلك بصورة صارمة‪ ،‬ورفعت‬ ‫رواتب القضاة وغيرهم من موظفي الدولة‪.‬‬ ‫السكندنافية‪،‬‬ ‫في كل من ألمانيا وإسبانيا واللغات إ‬ ‫الكرامية مرتبطة بالشرب‪ ،‬فيقال في‬ ‫كانت تسمية إ‬ ‫أ‬ ‫اللمانية مثال ً (‪ )Trinkgeld‬أي نقود الشرب‪ .‬فبعد‬ ‫الكرامية‬ ‫أن ينتهي العمل‪ ،‬كان العامل ينفق هذه إ‬ ‫أ‬ ‫يقدم له‬ ‫أو على القل جزءاً منها فعال ً على من ِّ‬ ‫اليطالية كان مصطلح «اليد‬ ‫المشروب‪ .‬وفي اللغة إ‬ ‫الخيرة» مرادفاً للإ كرامية‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫الكرامية أبداً‪،‬‬ ‫وشهدت الصين‪ ،‬التي لم تكن تعرف إ‬ ‫إقبال السياح الغربيين ورجال أ‬ ‫العمال في فترة‬ ‫االنفتاح النسبي منذ عام ‪1977‬م‪ ،‬وحملوا معهم‬ ‫الكرامية‪ ،‬فصدرت قوانين تمنع ذلك‪ .‬ثم‬ ‫عادة إ‬ ‫الكرامية تدريجاً من جديد في الثمانينيات‬ ‫عادت إ‬ ‫والتسعينيات‪ .‬إال أن عودة هونج كونج إلى أحضان‬ ‫الصين‪ ،‬في عام ‪1997‬م‪ ،‬واختالط مواطني هونج‬ ‫كونج الذين عاشوا طويال ً في ظل نظام بريطاني‪،‬‬ ‫الكرامية شيئاً بديهياً‪ ،‬وتفشت هذه الظاهرة‪،‬‬ ‫جعلت إ‬ ‫ولم تعد مقتصرة على السياح الغربيين‪.‬‬ ‫وتكرر هذا أ‬ ‫المر في اليابان وأستراليا وغيرها من‬ ‫الدول التي كانت بعيدة كل البعد عن هذا التقليد‪،‬‬ ‫ولكن يبدو أن انتشار السياحة الغربية في العالم‪،‬‬ ‫نقل معه أنماطاً معيشية وسلوكيات غريبة عن‬


‫‪49 | 48‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫البلدان المضيفة‪ .‬وإذا رفضت هذه الدول االنصياع‬ ‫الحتياجات هؤالء السياح‪ ،‬فإنهم يرفضون الحضور‪،‬‬ ‫أ‬ ‫الكراميات‬ ‫أو على القل ال يأتون بأعداد هائلة‪ ،‬وكأن إ‬ ‫لم تعد مقصورة على العمال فقط‪ ،‬بل تتقبلها‬ ‫الدول‪ ،‬التي تفعل من أجل ذلك ما يريد السائحون‪.‬‬

‫الكرامية والسياحة‬ ‫إ‬

‫وبغض النظر عن البدايات المحدودة للسياحة‬ ‫في أواسط القرن السابع عشر‪ ،‬التي اقتصرت على‬ ‫أ‬ ‫الثرياء‪- ،‬كما ورد في ملف القافلة في عدد سبتمبر‪/‬‬ ‫أكتوبر ‪2014‬م‪ ،-‬فإن القرن التاسع عشر شهد توسعاً‬ ‫في هذا النشاط باستخدام القطارات والسفن‪،‬‬ ‫وأصبحت هناك حاجة لكثير من أ‬ ‫اليادي العاملة‪،‬‬ ‫فوجدت النساء خاصة‪ ،‬والشباب غير المؤهلين‬ ‫فرصتهم في دخول سوق العمل‪ .‬لم يكن أصحاب‬ ‫الفنادق والمطاعم على استعداد لدفع رواتب مجزية‬ ‫الكرامية‬ ‫لكل هذا العدد الهائل من العمال‪ ،‬فكانت إ‬ ‫هي الحل‪ .‬وكان السياح القادمون من دول أخرى‬ ‫الكراميات‪ ،‬إلظهار مكانتهم‬ ‫على استعداد لدفع إ‬ ‫االجتماعية‪ ،‬وحتى يتجنبوا المواقف المحرجة‪ ،‬وال‬ ‫يبدون كمن ال يفهم آداب اللياقة‪.‬‬ ‫اعتاد العمال على الكرامية‪ ،‬ولم يعد أ‬ ‫المر يقتصر‬ ‫إ‬ ‫على النادل في المطعم‪ ،‬والعاملة التي تقوم‬ ‫بترتيب الغرفة‪ ،‬والفتى الذي يحمل الحقائب‪،‬‬ ‫وسائق سيارة أ‬ ‫الجرة‪ ،‬والمرشد السياحي في المدينة‪.‬‬ ‫الكرامية‪ ،‬حتى صاحب‬ ‫بل أصبح الكل ينتظر إ‬ ‫المطعم‪ ،‬الذي اكتشف أن النادل يكسب أكثر‬ ‫منه‪ ،‬وصاحب الفندق أيضاً‪ ،‬وموظف االستقبال‪،‬‬ ‫وبواب الفندق‪ ،‬وشرطي الجوازات‪،‬‬ ‫وعامل المصعد‪َّ ،‬‬ ‫عالوة على جموع المتسولين الذين يحيطون‬ ‫بالفندق وأماكن وجود السياح‪.‬‬ ‫بدأ الصراع في أوروبا بين المؤيدين والمعارضين‬ ‫للإ كرامية‪ ،‬وصدرت قوانين تمنعها في عديد من‬ ‫العواصم‪ ،‬مثل إيطاليا في عام ‪1920‬م‪ ،‬وإسبانيا‬ ‫في عام ‪1928‬م‪ ،‬وقررت فنادق في دول أخرى‬ ‫رفع رواتب الموظفين‪ ،‬وإضافة رسوم خدمة على‬ ‫الكرامية‪ ،‬وفي المقابل بدأت‬ ‫الفاتورة‪ ،‬بهدف إلغاء إ‬ ‫اتحادات لعمال الفنادق والمطاعم تتكون على‬ ‫مستوى الدول‪ ،‬ثم على مستوى أوروبا‪ ،‬تعارض‬ ‫الكراميات‪ .‬وفي عام ‪1921‬م شهدت العاصمة‬ ‫وقف إ‬ ‫أ‬ ‫اللمانية برلين مظاهرات حاشدة لرافضي وقف‬ ‫الكرامية‪ ،‬وأخرى لمؤيديها‪ .‬وظهرت خالفات حادة‬ ‫إ‬ ‫داخل كل معسكر‪ ،‬إذ كان هناك بين العمال من يؤيد‬ ‫الكرامية‪ ،‬وآخرون يرفضون‬ ‫رفع الرواتب‪ ،‬بدال ً من إ‬ ‫الكرامية على الجميع‪ ،‬ويصرون على أن‬ ‫تقسيم إ‬ ‫يحتفظ كل نادل أو نادلة بما يأخذه من الزبون‪،‬‬ ‫وكان بين ضيوف الفنادق وزبائن المطاعم من يؤيد‬ ‫الكرامية وآخر من يعارضها‪.‬‬ ‫إ‬

‫جرب فندق «شفايتسر هوف» السويسري العريق في‬ ‫الكرامية تماماً‪ ،‬ووضع الفتة في‬ ‫مدينة لوزان‪ ،‬منع إ‬ ‫كل غرفة‪ ،‬تحمل عبارة‪« :‬يحصل موظفونا على رواتب‬ ‫الكرامية»‪.‬‬ ‫مجزية‪ ،‬ولذلك فإنه محظور عليهم قبول إ‬ ‫وأضاف رسوم خدمة على أجرة الغرفة‪ .‬فإذا بالنزالء‬ ‫يصرون على دفع الكرامية‪ ،‬باعتبار أن من يدفع آ‬ ‫الن‬ ‫إ‬ ‫فهو غير واقع تحت ضغوط التقاليد‪ ،‬بل يفعلها‬ ‫الكراميات عن ذي قبل‪.‬‬ ‫بنا ًء على رغبته‪ ،‬وزادت إ‬ ‫وكانت تسعة فنادق سويسرية قد قررت في عام‬ ‫الكرامية‪ .‬فاعترض‬ ‫‪1877‬م فصل العامل الذي يقبل إ‬ ‫النزالء بشدة‪ ،‬وقالوا إنه ليس من حق الفندق أن‬ ‫يفرض عليهم سلوكاً ما‪ ،‬وكانوا يجبرون العمال على‬ ‫الكرامية‪ ،‬حتى لو أدى ذلك لفقدان العامل‬ ‫قبول إ‬ ‫لوظيفته‪.‬‬ ‫في المقابل روى أحد أ‬ ‫الثرياء في مطلع القرن‬ ‫العشرين أنه نزل ضيفاً على فندق في موسكو‪،‬‬ ‫وحينما َه َّم بمغادرة الفندق‪ ،‬وجد صاحب الفندق‬ ‫في وداعه‪ ،‬وخلفه عشرين موظفاً وموظفة‪ ،‬كلهم‬ ‫الكرامية‪ ،‬مع أنه لم َير غالبيتهم من‬ ‫ينتظرون إ‬ ‫قبل‪ .‬وحينما أبدى رفضه لهذا االستغالل‪ ،‬بقيت‬ ‫حقائبه في مكانها‪ ،‬ورفض الجميع مساعدته‬ ‫في حملها إلى السيارة التي تنتظره‪.‬‬ ‫وفي أسكتلندا ذهب أحد أ‬ ‫الثرياء لممارسة‬ ‫رياضة الصيد‪ ،‬وحظى بخدمة متميزة من مرافقه‬ ‫أ‬ ‫السكتلندي‪ ،‬فوضع في يده مبلغاً من المال‬ ‫كإكرامية‪ .‬لكن المرافق اعترض على عدم قبوله مثل‬ ‫هذا المبلغ‪ ،‬وطالبه بأضعافه‪ ،‬فرفض الثري ذلك‪،‬‬ ‫أ‬ ‫الكرامية أنها اختيارية‪ ،‬ومنذ‬ ‫معتبراً أن الصل في إ‬ ‫هذه اللحظة لم يجد أي طائر أو حيوان يصطاده‪،‬‬ ‫ألن المرافق عمل على تنبيه الحيوانات والطيور‪ ،‬قبل‬ ‫وصولها إلى أعين الضيف‪.‬‬ ‫وقد انتشرت في أوروبا شائعات عن عمال الفنادق‪،‬‬ ‫الذين إذا لم يحصلوا على إكرامية سخية‪ ،‬فإنهم‬ ‫يضعون عالمة على الحقائب‪ ،‬يعرفها عمال الفنادق‬ ‫في العالم كله‪ ،‬فما يكاد النزالء يصلون إلى أي فندق‬ ‫في أقصى أ‬ ‫الرض‪ ،‬إال واستقبلهم الموظفون بفتور‪،‬‬ ‫وعاملوهم بازدراء‪ ،‬وهم ال يفهمون السر وراء ذلك‪.‬‬

‫كان هناك تقليد متبع‪ ،‬وهو أن يدفع النادل ثمن‬ ‫المشروبات من جيبه الخاص‪ ،‬ثم يحاسب الزبائن‪،‬‬ ‫بالكرامية لنفسه‪ ،‬ولذلك فإن إحدى‬ ‫ويحتفظ إ‬ ‫رسائل الدكتوراة تناولت الوضع القانوني لذلك‪،‬‬ ‫وتوصلت إلى أنه في حالة وفاة النادل قبل تحصيل‬ ‫المبلغ والكرامية‪ ،‬فإن هذه أ‬ ‫الموال تكون من حق‬ ‫إ‬ ‫بالكرامية‪،‬‬ ‫الورثة‪ ،‬وإذا احتفظ صاحب المقهى إ‬ ‫فإنه يجعل نفسه تحت طائلة قوانين االعتداء على‬ ‫الرث‪.‬‬ ‫إ‬

‫الكرامية أ‬ ‫والخالق‬ ‫إ‬

‫الكرامية تصويرها باعتبارها مصدر‬ ‫حاول معارضو إ‬ ‫البالء والشرور‪ ،‬فهي السبب في إفساد النفوس‪،‬‬ ‫بسبب سهولة حصول العاملين في المقاهي‬ ‫والمطاعم على هذه أ‬ ‫الموال‪ ،‬فيسهل عليهم‬ ‫إنفاقها دون طول تفكير‪ ،‬ورغبة في الشعور‬ ‫ببعض عزة النفس‪ ،‬وتبادل أ‬ ‫الدوار مع ضيوف‬ ‫المطاعم والمقاهي والحانات… ونبهوا إلى أن‬ ‫الكرامية تثير الجشع في نفوس العمال‪ ،‬فيرفضون‬ ‫إ‬ ‫الحصول على وقت للراحة‪ ،‬ويبيتون الليالي من‬ ‫أجل جمع أكبر قدر من المال‪ ،‬ولذلك فإن الغالبية‬ ‫العظمى منهم ال تقدر على تأسيس أسرة‪ ،‬وتظل‬ ‫يتقدم السن بالعامل‪ ..‬وما‬ ‫على هذا الحال‪ ،‬حتى َّ‬ ‫الكرامية ليست جزءاً من الراتب‪ ،‬فإنها ال‬ ‫دامت إ‬ ‫تفيده في معاشه‪.‬‬

‫الكرامية والرشوة‬ ‫بين إ‬

‫الكرامية‬ ‫الشارة إلى أن مسألة العالقة بين إ‬ ‫تجدر إ‬ ‫والرشوة مطروحة منذ العصور الوسطى‪ .‬فقد كان‬ ‫لحراس السجن‪ ،‬حتى‬ ‫السجناء ِّ‬ ‫يقدمون هدايا مالية َّ‬ ‫يخفِّفوا من تعذيبهم‪ ،‬وحتى يجعلوا إعدامهم‬ ‫أقل ألماً‪ ،‬وأسرع تنفيذاً‪ ،‬فهل يمكن اعتبار هذه‬ ‫المبالغ إكرامية أم رشوة؟ الغالب أنها رشوة‪ ،‬ألن‬ ‫أ‬ ‫الصل أن يقوم الموظف بعمله على أكمل وجه‪،‬‬ ‫انطالقاً من التزامه أخالق العمل وأنظمته‪ ،‬وأال َّ‬ ‫يفرق في المعاملة بين أ‬ ‫الشخاص‪ ،‬بسبب ما يحصل‬ ‫عليه من مبالغ‪ ،‬مهما كان اسمها‪.‬‬

‫كما انتشرت حكايات عن انتقام نادل المطعم الذي‬ ‫ال يحصل على إكرامية‪ ،‬مثل وضع شيء في الطعام‪،‬‬ ‫أو سكب المياه فوق رأس الضيف‪ ،‬أو فضحه على‬ ‫رؤوس أ‬ ‫الشهاد‪ ،‬والصراخ فيه أمام كل الحاضرين‪،‬‬ ‫أ‬ ‫المر الذي جعل السياح يدفعون بسخاء خوفاً من‬ ‫هذه المواقف‪.‬‬

‫وما زال هذا الخلط أيضاً قائماً حتى عصرنا الحديث‪.‬‬ ‫وتقارير محاربة الفساد حول العالم خير دليل على‬ ‫ذلك‪ ،‬ففي حين يجاهر بعض موظفي الدول بطلب‬ ‫مبالغ مالية‪ ،‬صغيرة كانت أو كبيرة‪ ،‬قبل البدء في‬ ‫أي إجراء‪ ،‬حتى ولو كان من صميم عملهم‪ ،‬فإن‬ ‫موظفين آخرين‪ ،‬ال يجاهرون بذلك بل يعقِّدون‬ ‫أ‬ ‫المور حتى يفهم أغبى الناس‪ ،‬أن الطريق الوحيد‬ ‫«الكرامية»‪ ،‬التي ليست‬ ‫لتسيير المعاملة هو تقديم إ‬ ‫سوى رشوة واضحة وضوح الشمس‪.‬‬

‫وفي ميونيخ التي تقام فيها احتفاالت أكتوبر التي‬ ‫يحضرها ماليين السياح من داخل ألمانيا وخارجها‪،‬‬

‫وفي دول كثيرة تنص القوانين صراحة على أن أي‬ ‫«هدية» لموظف دولة‪ ،‬تزيد قيمتها عن مبلغ ضئيل‬


‫للغاية –يبلغ في ألمانيا مثال ً ‪ 10‬يورو‪ ،-‬تمثل رشوة‬ ‫يعاقب عليها القانون بصرامة‪ ،‬ويكفي أن الرئيس‬ ‫أ‬ ‫اللماني السابق كرستيان فولف فقد منصبه بسبب‬ ‫الكراميات‪،‬‬ ‫اتهامات بحصوله على هذا النوع من إ‬ ‫مثل موافقة شركة الطيران على ترقية تذاكر أسرته من‬ ‫الدرجة السياحية إلى درجة رجال أ‬ ‫العمال‪ ،‬أثناء قيامه‬ ‫برحلة خاصة‪ ،‬أو ألن صديقاً له دعاه على نفقته‬ ‫الخاصة للمشاركة في احتفال في مدينة ميونيخ‪،‬‬ ‫وهي اتهامات بمبالغ محدودة للغاية‪ ،‬ورغم أن‬ ‫تعرض‬ ‫القضاء أثبت براءته منها جميعاً‪ ،‬فإنه كان قد أ َّ‬ ‫للضغوط الشعبية التي اضطرته لالستقالة‪ ،‬لنه لم‬ ‫يعد قدوة حسنة لشعبه‪ ،‬حتى ولو لم يكافئ من‬ ‫الكراميات ‪-‬المزعومة‪ -‬بأي مقابل من‬ ‫قدم له هذه إ‬ ‫َّ‬ ‫أموال الدولة‪.‬‬ ‫وفي حين كانت قوانين بعض الدول أ‬ ‫الوروبية‬ ‫تسمح في الماضي بدفع «إكراميات» للمسؤولين‬ ‫الحكوميين في دول العالم الثالث‪ ،‬للحصول‬ ‫على صفقات ضخمة من الشركات أ‬ ‫الوروبية‪،‬‬ ‫فإن اعتراض المواطنين الغربيين من دافعي‬ ‫الضرائب على ازدواجية المعايير في التعامل مع‬ ‫المبادئ أ‬ ‫الخالقية‪ ،‬اضطرت هذه الدول لتعديل‬ ‫«الكراميات»‬ ‫هذه القوانين‪ ،‬واعتبرت أن هذه إ‬ ‫رشاوى‪ ،‬ال يجوز دفعها‪ ،‬حتى ولو تسبب ذلك في‬ ‫فقدان الصفقات التجارية‪ ،‬التي تضمن الحفاظ‬ ‫على أماكن العمل في مصانعها‪.‬‬ ‫ولعل أهم معلم للرشوة أنها تجعل من يدفعها‬ ‫يحصل على ما ال يستحق‪ ،‬مثل أن يؤدي دفعها‬ ‫لحصوله على صفقة‪ ،‬رغم أن عرضه لم يكن‬ ‫أفضل العروض‪ ،‬أو حتى أن يجري تقديمه على‬ ‫غيره في أمور يومية‪ ،‬مثل الدخول إلى الطبيب‬ ‫قبل من سبقه في الحضور‪ .‬كما أن الرشوة غالباً‬ ‫ما يدفعها الشخص قبل حصوله على الخدمة‪،‬‬ ‫الكرامية التي يحصل عليها الشخص‬ ‫على عكس إ‬ ‫بعد االنتهاء من العمل‪ ،‬ولعل من أسباب الخلط‬ ‫والكرامية أنهما تبدوان كما لو كانتا‬ ‫بين الرشوة إ‬ ‫يقدمهما‪ ،‬أي إنه يفعل‬ ‫نابعتين من الشخص الذي ِّ‬ ‫ذلك طواعية ‪-‬على أ‬ ‫القل ظاهرياً‪.‬‬

‫والكرامية‪،‬‬ ‫ولعل أسهل الطرق للتفريق بين الرشوة إ‬ ‫هي أن حصول أي موظف حكومي على أي هدية‪،‬‬ ‫يقدم إلى عامل ال عالقة له‬ ‫يُعد رشوة‪ .‬وأي مال َّ‬ ‫الطالق‪ ،‬مقابل قيامه بخدمة‬ ‫بالدوائر الحكومية على إ‬ ‫ممتازة تفوق المعتاد‪ ،‬فإنها إكرامية‪ ،‬بشرط أال تكون‬ ‫بنا ًء على طلبه‪ ،‬وأال تجعله مستعداً ألن يتخلى عن‬ ‫يقبل اليد‪ ،‬أو‬ ‫عزة نفسه أو كرامته‪ ،‬مثل أن ينحني أو‬ ‫أي سلوك يحط من قيمته كإنسان‪ ،‬وهو ِّ أ‬ ‫المر الذي‬ ‫ال يجوز أن يشجعه الضيف أو النزيل‪ ،‬بأن يدفع‬ ‫مكافأة على ذلك االنهيار أ‬ ‫الخالقي‪.‬‬

‫الكرامية بعيداً عن المادية‬ ‫إ‬

‫يطالب فريق من مؤيدي إالكرامية بعدم التركيز على‬ ‫يقدم إكرامية إنما يقول‬ ‫البعد المادي‪ .‬ويقولون إن من ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ويقدر عمله‬ ‫لمن يخدمه‪ ،‬إنه يعتبره شخصاً مهماً‪ِّ ،‬‬ ‫ويحترمه‪ ،‬ولذلك يريد أن يكافئه‪ .‬فالمال هنا تعبير‬ ‫معنوي وليس مادياً‪ .‬وليست القضية‪ ،‬يداً عليا ويداً‬ ‫سفلى‪ ،‬بل يد تمتد ليد أخرى‪ ،‬وليس الهدف منها إراقة‬ ‫ماء وجه آ‬ ‫الخر‪ ،‬بل إقامة عالقة مع طرف آخر‪.‬‬ ‫أما فينفريد شبايتكامب أستاذ التاريخ الحديث‬ ‫بجامعة جيسن أ‬ ‫اللمانية‪ ،‬فيشدد على أن ما يحدث‬ ‫الكرامية هو تبادل العطاء‪ ،‬وليس تبادل المكانة‪،‬‬ ‫في إ‬ ‫أي ال ينزل الضيف عن السلوك المقبول‪ ،‬فيطلب‬ ‫من العامل أن يجلس معه على الطاولة‪ ،‬وبالمقابل‬ ‫ال يتجرأ العامل‪ ،‬ويسأل الضيف عما ال يعنيه‪ .‬بل‬ ‫إن العامل ال يحق له من أ‬ ‫الساس أن يطرح أسئلة‪،‬‬ ‫بل يقتصر دوره على الرد على أسئلة الضيف‪ ،‬ثم‬ ‫ينصرف بهدوء‪ ،‬ليترك للضيف المجال ليستمتع‬ ‫بجلسته‪ .‬كما ال يجوز للنادل أن يجلس إلى الطاولة‬ ‫المجاورة للضيف‪ ،‬بعد انتهاء وقت عمله‪ ،‬ألن ذلك‬ ‫يؤدي إلى صعوبة التعامل بينهما مستقبالً‪.‬‬ ‫ويشير بعض الك َّتاب النمساويين إلى أن المقهى في‬ ‫فيينا ليس مكاناً يجتمع فيه زبائن وعمال‪ ،‬بل هو‬ ‫بيت يقضون فيه جميعاً جزءاً كبيراً من حياتهم كل‬ ‫ليلة‪ ،‬يتقاسمون الوقت‪ ،‬ويقوم كل طرف بدوره‪.‬‬ ‫فكأن المقهى مرآة للمجتمع‪ ،‬إذا كان طبقياً ظهرت‬ ‫هذه الطبقية في سلوك الضيوف مع العمال‪ .‬وإذا‬

‫كتاب لستيف دوبالنكا عن البقشيش‬

‫كان المجتمع في حالة صلح مع الذات‪ ،‬ظهر ذلك‬ ‫في التعامل بينهم‪ ،‬وأن سلوك الشخص الذي‬ ‫الكرامية‪ ،‬يكشف كثيراً من رؤيته لنفسه‪،‬‬ ‫يقدم إ‬ ‫ِّ‬ ‫الكرامية ال تصبح‬ ‫وللمجتمع من حوله‪ ،‬وأن إ‬ ‫مشكلة‪ ،‬إال إذا كان المجتمع يعاني من أزمة‪ ،‬مثل‬ ‫خوف أ‬ ‫المريكان البيض من منازعتهم السود على‬ ‫مكانتهم‪ ،‬بعد انتهاء عصر العبودية‪.‬‬ ‫وختاماً‪ :‬من حقنا أن نمارس الرفاهية الفكرية أو‬ ‫الكرامية‪ ،‬وأن نبحث مختلف الجوانب‬ ‫نتفلسف حول إ‬ ‫والحجج‪ ،‬آ‬ ‫والراء المؤيدة والمعارضة‪ ،‬لكن النتيجة‬ ‫الحتمية هي االنصياع في النهاية لهذا التقليد‪.‬‬ ‫ليس بسبب الخوف من سوء سلوك العمال‪ ،‬بل ألن‬ ‫النسان ال يحب أن يكون شاذاً عن المجتمع‪ ،‬وال‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫الكرامية مهما‬ ‫متجاهال ً لعرافه‪ .‬ولذلك‪ ،‬فإنه يجد أن إ‬ ‫كانت تمثل من خسارة مادية‪ ،‬فإن العواقب المترتبة‬ ‫على تجاهل أ‬ ‫العراف أشد خسارة‪ ،‬لذلك تأكد أنك‬ ‫ستظل تستخدم عبارة (الباقي لك!)‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪51 | 50‬‬

‫حياتنا اليوم‬

‫قبل ثالثة عقود من الزمن‪ ،‬بدأت في‬ ‫الدول المتقدمة محاوالت البحث عن‬ ‫سبل ترفع العمل الزراعي إلى مستوى‬ ‫يؤهله إلى التغلب على التحديات التي‬ ‫ً‬ ‫مستقبال‪.‬‬ ‫يواجهها ومخاطر تعاظمها‬ ‫فكانت «المزارع المدعومة من المجتمع»‬ ‫التي ظهرت ً‬ ‫أوال في اليابان وألمانيا‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫وتفشت الحقا في بلدان عديدة‪.‬‬ ‫وسويسرا‪،‬‬ ‫ويبدو أن هذا النمط الزراعي الجديد‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫حلوال لقضايا تتجاوز إلى حد بعيد‬ ‫يتضمن‬ ‫قضية كمية اإلنتاج المقلقة بحد ذاتها‪.‬‬

‫المزارع المدعومة‬ ‫من المجتمع‬

‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫تقول منظمة الزراعة أ‬ ‫والغذية‬ ‫الدولية (الفاو) إن على القطاع‬ ‫الزراعي في العالم أن يضاعف‬ ‫إنتاجه الغذائي في ‪2050‬م‪ ،‬لتلبية‬ ‫احتياجات أعداد السكان المتزايدة‪ .‬ومع محدودية‬ ‫موارد أ‬ ‫المناخية‬ ‫الراضي الزراعية‪ ،‬ومع التغييرات‬ ‫ّ‬ ‫الحاصلة وارتفاع حرارة أ‬ ‫الرض وازدياد تكاليف الزراعات‬ ‫المختلفة‪ ،‬أصبح االستثمار الزراعي يواجه صعوبات‬ ‫أ‬ ‫تحول المزارعون الصغار‪ ،‬الذين‬ ‫كبيرة‪ .‬ولهذه السباب ّ‬ ‫يشكِّلون ثلثي فقراء العالم‪ ،‬إلى أشخاص منهكين‬ ‫بالديون يواجهون تحديات استثمارية كبيرة‪ .‬وهذا‬ ‫ما دفع عديداً منهم إلى ترك أراضيهم الريفية‪ ،‬من‬ ‫أجل البحث عن أعمال أخرى في المدن‪ .‬وبالتالي‪،‬‬ ‫أصبح نصف سكان العالم آ‬ ‫الن يعيشون في المدن‪،‬‬ ‫وبحلول ‪2049‬م من المتوقع أن تزداد هذه النسبة‬ ‫إلى ‪ ،%65‬وهي النسبة التي كانت تمثل سكان أ‬ ‫الرياف‬ ‫في عام ‪1961‬م‪ .‬وبذلك أصبحت الزراعة أكثر بعداً‬ ‫النسان المعاصر وصارت هناك صعوبة في‬ ‫عن حياة إ‬ ‫إمداد الناس بالغذاء الصحي المزروع في ظروف بيئية‬ ‫سليمة‪.‬‬ ‫وبما أن وجودنا معتمد على الزراعة من أجل البقاء‪،‬‬ ‫لجأ عديد من الدول في العالم إلى سياسات‬ ‫مختلفة تساعد على دعم الزراعة‪ ،‬سواء من خالل‬ ‫المنح المادية أو القروض أو المساعدة في تحمل‬ ‫التكاليف الزراعية‪ .‬هذا على صعيد الدول‪ ،‬ولكن على‬ ‫الصعيدين الفردي والمجتمعي ظهرت هناك حركة‬ ‫اجتماعية حديثة أدركت أنه ال يمكن توكيل مهمة‬ ‫النتاج الغذائي إلى المزارعين وحدهم الذين أصبحوا‬ ‫إ‬ ‫يشكِّلون نسبة متضائلة من عدد السكان‪ .‬لذلك أبدى‬ ‫عديد من أ‬ ‫المتقدم‬ ‫الشخاص في بلدان العالم‬ ‫ِّ‬ ‫االستعداد لمشاركة المسؤولية مع المزارعين‪ ،‬ومن هنا‬ ‫نشأت فكرة المزارع المدعومة من المجتمع‪.‬‬ ‫كانت بداية المزارع المدعومة من المجتمع في ألمانيا‬ ‫وسويسرا في ثمانينيات القرن الماضي‪ ،‬متأثرة أ‬ ‫بالفكار‬ ‫التي أطلقها الفيلسوف النمساوي‪ ،‬رودولف شتاينر‪،‬‬ ‫حول الزراعة الحيوية أو العضوية‪ .‬وفي اليابان‬ ‫انطلقت فكرة مزارع الـ «سيكيو» أو المزارع المدعومة‬

‫من المجتمع في عام ‪1965‬م من ِقبل مجموعة من‬ ‫المهات بسبب قلقهن من زيادة أ‬ ‫أ‬ ‫الطعمة الغذائية‬ ‫المستوردة وخسارة أ‬ ‫الراضي الزراعية وحرصهن على‬ ‫سالمة الغذاء‪.‬‬

‫لماذا المزارع المدعومة من المجتمع؟‬

‫تقدمها هذه المزارع للقطاع الزراعي‪،‬‬ ‫أهم مساعدة ِّ‬ ‫تكمن في نقطتين أساسيتين‪ :‬أوالً‪ ،‬هي تعتمد في‬ ‫أ‬ ‫الساس على الزراعة الحيوية أو العضوية‪ ،‬وثانياً‪،‬‬ ‫هي مزارع تشكِّل منظومة كاملة متكاملة مشتركة ما‬ ‫بين المزارعين والمستهلكين‪ ،‬تؤمن مصالح الجهتين‬ ‫في آن واحد‪ .‬ومما ال شك فيه أن المزارع المدعومة‬ ‫من المجتمع التي تعتمد في أ‬ ‫الساس على الزراعة‬ ‫العضوية‪ ،‬تالئم الشروط التي حددتها وزارة الصحة‬ ‫أ‬ ‫المريكية فيما يتعلق بهذه الزراعة لكونها «تحافظ‬ ‫على الموارد الطبيعية وتدعم المجتمع وتتميز بالقدرة‬ ‫على المنافسة التجارية وتضمن منتجات سليمة من‬ ‫الناحية الغذائية»‪.‬‬ ‫ويرتكز مفهوم هذه المزارع‪ ،‬التي عادة ما تكون إلنتاج‬ ‫الخضار والفاكهة والبيض ومنتجات أ‬ ‫اللبان واللحوم‬ ‫وحتى العسل‪ ،‬وقد تتضمن أ‬ ‫الزهار والشتول التي‬ ‫تستخدم كزينة للمنازل‪ ،‬على إيجاد مجموعة من‬ ‫المستهلكين في مجتمع معين على استعداد لتمويل‬ ‫االستثمار الزراعي في مساحة زراعية معينة‪ ،‬لموسم‬ ‫واحد على أ‬ ‫القل‪ ،‬للحصول على منتجات زراعية‬ ‫عالية الجودة‪ .‬وبالتالي فهي‪ ،‬كبنية‪ ،‬تعتمد على ثالث‬ ‫والنتاج‬ ‫ميزات أساسية وهي‪ :‬التشديد على المجتمع إ‬ ‫ِّ‬ ‫المحلي‪ ،‬الحصص واالشتراكات التي تباع في وقت‬

‫ظهرت هناك حركة اجتماعية‬ ‫حديثة أدركت أنه ال يمكن أن‬ ‫توكل مهمة اإلنتاج الغذائي‬ ‫الى المزارعين وحدهم الذين‬ ‫ِّ‬ ‫يشكلون نسبة‬ ‫أصبحوا‬ ‫متضائلة من عدد السكان‪..‬‬


‫النتاج‪ ،‬وتسليم البضائع للمشتركين أسبوعياً‪.‬‬ ‫يسبق إ‬ ‫وعلى الرغم من أن الزراعة المدعومة من المجتمع‬ ‫تطورت مع الزمن وأصبحت هناك اختالفات بين‬ ‫قد ّ‬ ‫أن هذه المميزات الثالث بقيت‬ ‫مزرعة وأخرى إال ّ‬ ‫ثابتة‪.‬‬ ‫وفي تفاصيل طريقة عملها‪ ،‬يتم في البداية اختيار‬ ‫مجموعة من المزارعين للعمل في قطعة أرض معينة‬ ‫قابلة لالستثمار‪ ،‬أو حتى إن أفراد المجتمع أنفسهم‬ ‫يشاركون المزارعين في أعمالهم الزراعية‪ .‬وهكذا‬ ‫تُبنى عالقة وثيقة بين المستهلكين والمنتجين وتتغير‬ ‫هذه العالقة حسب الطريقة التي تتبع في إدارة هذه‬ ‫الدارة‪:‬‬ ‫المزارع‪ .‬وهناك ثالثة أشكال رئيسة من إ‬ ‫‪ - 1‬مزارع بإدارة المنتسبين أو المساهمين‪ ،‬حيث‬ ‫يؤسس السكان المحليون المزرعة ويوظِّفون عدداً‬ ‫من المزارعين لالهتمام بها‪ ،‬فيما توكل للمساهمين‬ ‫أ‬ ‫الدارية‪.‬‬ ‫وحدهم معظم المور إ‬ ‫‪ - 2‬مزارع بإدارة المزارعين وحدهم حيث يؤسس‬ ‫المزارعون المزرعة ومن ثم يبحثون عن‬ ‫المساهمين المحتملين‪.‬‬ ‫‪ - 3‬مزارع بإدارة جمعية تعاونية من المزارعين‬ ‫تؤسس المزرعة من قبل‬ ‫والمستهلكين حيث َّ‬ ‫ً‬ ‫مجموعة من المزارعين والمساهمين معا وتهتم‬ ‫لجنة من بينهم بشؤون إدارتها‪.‬‬

‫مزيد من التعاون االجتماعي وتلبية‬ ‫احتياجات مختلفة‬

‫تُ ِّنمي الزراعة المدعومة من المجتمع في كل أشكالها‬ ‫الحساس بالتعاون والتراصف المجتمعي‪ ،‬حيث‬ ‫إ‬ ‫تستبدل بالنظام الزراعي التقليدي شبكة من العالقات‬ ‫النسانية تتشارك المسؤوليات‪ ،‬وتتقاسم أ‬ ‫العباء‪،‬‬ ‫إ‬ ‫وتتحمل المخاطر معاً‪ .‬وفي كثير من أ‬ ‫الحيان تُنظم‬ ‫رحالت جماعية لزيارة المزارع لتذوق المحاصيل‬ ‫الشخاص من أ‬ ‫والترفيه مما يقرب أ‬ ‫الرض من حيث‬ ‫ُ ِّ‬ ‫أ‬ ‫اطالعهم على الساليب الزراعية المتبعة ودورة‬ ‫الطبيعة‪ ،‬ويولّد ذلك لديهم الشعور بمسؤولية أكبر‬ ‫تجاه أ‬ ‫الرض وتجاه العملية الزراعية بمجملها‪.‬‬ ‫ويسمح هذا النمط من العمل الزراعي للمستهلكين‬ ‫بالشراف عن قرب على نوعية المحاصيل التي‬ ‫إ‬ ‫يستهلكونها‪ ،‬وما إذا كانت عضوية أم ال‪ ،‬وما إذا كانت‬ ‫محسنة جينياً أم ال‪ .‬وإضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن الزراعة‬ ‫َّ‬ ‫المدعومة من المجتمع تمثل نوعاً جديداً من االقتصاد‬ ‫يعبر عن ميل المستهلكين لالعتماد على أ‬ ‫السواق‬ ‫ِّ‬ ‫المحلية‪ .‬يقول نيكول نيزلرود‪ ،‬منسق البرامج في مركز‬ ‫«فولتون» للعيش المستدام‪« :‬ال شك في أن هناك‬ ‫النتاج المحلي‪ ،‬وينطبق هذا الميل‬ ‫ميال ً عاماً لدعم إ‬ ‫على المزارع المدعومة من المجتمع بشكل كبير‪،‬‬ ‫وتوحدهم‬ ‫تقربهم ِّ‬ ‫حيث وجد أفراد المجتمع طرقاً ّ‬ ‫من أجل جعل تلك المزارع أكثر فاعلية»‪ .‬ومن‬

‫الضافية لهذه المزارع‪ ،‬أنها تضمن للمزارعين‬ ‫الفوائد إ‬ ‫مدخوال ً مادياً منتظماً‪ ،‬ال يتأثر بالتغييرات المناخية وال‬ ‫بالمشكالت المختلفة مثل أ‬ ‫المراض والحشرات وغيرها‪.‬‬ ‫ويسمح ذلك للمزارعين بالتركيز على المسائل الزراعية‬ ‫والتخطيط لها بطريقة صحيحة‪ .‬كما أن المزارع‬ ‫المدعومة من المجتمع تساعد المزارعين على تخفيض‬ ‫النفقات‪ ،‬إذ يستطيعون البيع مباشرة إلى المستهلك‬ ‫بالضافة إلى أنهم ليسوا بحاجة إلى تكبد‬ ‫دون وسيط‪ ،‬إ‬ ‫أ‬ ‫نفقات النقل الملحوظة وتخزينها لوقات طويلة‪.‬‬

‫من سلبيات هذه الزراعة‪ :‬قد‬ ‫تحدث ظروف استثنائية غير‬ ‫متوقعة‪ ،‬مثل ظروف مناخية‬ ‫قاسية‪ ،‬أو انتشار مرض يفتك‬ ‫بالمحاصيل‪..‬‬

‫سلبياتها هي بعض ما تواجهه الزراعة‬ ‫التقليدية‬

‫ال يزال مرهوناً بأفكار المشاركين فيها ومشاعرهم‬ ‫وإرادتهم‪ .‬ومما ال شك فيه أنّه ليس هناك أي نقص‬ ‫في المهارات التقنية أو المعرفة المتخصصة المطلوبة‬ ‫إن تأسيسها‬ ‫لدعم مثل هذه المزارع المجتمعية‪ .‬إذ ّ‬ ‫أن‬ ‫أقل تعقيداً من إنشاء أي مؤسسة تجارية‪ .‬كما ّ‬ ‫إنشاء رابطة تعاونية بين المستهلكين والمزارعين من‬ ‫أجل الحصول على االحتياجات الغذائية على مدار‬ ‫السنة ليس أصعب من إدارة أي شركة توزيع عادية‪.‬‬

‫أما من حيث سلبيات هذه الزراعة فقد تحدث ظروف‬ ‫استثنائية غير متوقعة‪ ،‬مثل ظروف مناخية قاسية‪،‬‬ ‫أو انتشار مرض يفتك بالمحاصيل مما يوقع خسائر‬ ‫في المساهمات المالية للمستهلكين‪ .‬ولكن ذلك يبقى‬ ‫وارداً وبشكل أقسى في الزراعة التقليدية‪ .‬كما أنه عند‬ ‫االنتساب في المزارع المدعومة من المجتمع يحصل‬ ‫المشترك على سلة أسبوعية من الخضار والفاكهة‬ ‫والبيض واللحوم وغيرها‪ ،‬بشكل منتظم‪ ،‬وقد ال يجد‬ ‫االستخدامات المالئمة لها في الوقت المناسب‪ ،‬مما‬ ‫يؤدي إلى إهدار البعض منها‪ .‬هذا باالضافة إلى أنه‬ ‫في حاالت السفر والغياب عن المنزل يجب االلتزام‬ ‫باستالم الكميات المخصصة للشخص المنتسب‪.‬‬

‫ولكن على الرغم من هذه السلبيات ازدادت أعداد‬ ‫هذه المزارع في بلدان عديدة من العالم‪ .‬إن كان في‬ ‫أمريكا أو في أوروبا حيث انتقلت أعداد هذه المزارع‬ ‫من بضعة عشرات في ثمانينيات القرن الماضي إلى‬ ‫آ‬ ‫الالف في الوقت الحالي‪ .‬ولكن انتشارها بشكل واسع‬

‫ويبقى العائق الوحيد أمام هذا النوع من الزراعة‬ ‫الحديثة‪ ،‬حيث هناك توازن بين المصلحة الذاتية‬ ‫والمصالح المجتمعية وحيث ال يتم استغالل‬ ‫الموارد الطبيعية والبشرية بطريقة سيئة وحيث‬ ‫الحساس بالروابط االجتماعية حتى في‬ ‫يغلب إ‬ ‫القضايا االقتصادية‪ ،‬في التخلي عن أساليب التفكير‬ ‫والسلوكيات القديمة فيما يتعلق بإنتاج المواد‬ ‫أ‬ ‫الغذائية وتوزيعها واستهالكها‪ .‬والتخلي عن الساليب‬ ‫القديمة ليس أ‬ ‫بالمر السهل‪ ،‬ولكنه ضروري إليجاد‬ ‫أشكال اجتماعية واقتصادية وزراعية جديدة تالئم‬ ‫متطلبات العصر‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪53 | 52‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫تخصص جديد‬

‫التكنولوجيا‬ ‫البحرية‬

‫يهتم المتخصصون بالتكنولوجيا البحرية‬ ‫بتصميم ّكل ما يعمل على سطح البحار‬ ‫أو في عمقها‪ .‬ويعتمد هذا التخصص على‬ ‫مبادئ الرياضيات والعلوم والهندسة ّ‬ ‫لحل‬ ‫ّكل المشكالت التقنية‪ ،‬والبتكار تصاميم‬ ‫تتراوح بين أنظمة التحكم آ‬ ‫اللي الحساسة وبين منصات‬ ‫إنتاج النفط واليخوت الفاخرة عالية السرعة وسفن الدوريات‬ ‫بالضافة إلى السفن التي تُستخدم في أعماق البحار‪،‬‬ ‫البحرية إ‬ ‫سواء أكانت مأهولة أو تعمل بجهاز التحكم عن بُعد‪ .‬ويمكن‬ ‫للطالب المهتمين بهذا التخصص االختيار بين الفروع التالية‪:‬‬ ‫هيدروميكانيكا السفن‪ ،‬وبناء هياكل السفن وإنتاجها‪ ،‬وتصميم‬ ‫المنشآت البحرية‪ ،‬والنظم البحرية المختلفة‪.‬‬ ‫تزدهر التكنولوجيا البحرية في العالم أجمع‪ ،‬ولكن هناك‬ ‫نقص حاد في المهارات من هذا النوع مما أدى إلى وجود‬

‫عديد من الوظائف العالية أ‬ ‫الجر المتوافرة للمتخصصين‬ ‫وتقدم معظم‬ ‫في الصناعة البحرية ذوي الخبرات العالية‪ِّ .‬‬ ‫بالضافة‬ ‫الجامعات التي توفر تخصص التكنولوجيا البحرية‪ ،‬إ‬ ‫إلى المقررات المطلوبة‪ ،‬الوصول إلى سفينة مخصصة‬ ‫أ‬ ‫للبحاث والتجارب البحرية‪ .‬كما تشرك الطالب في ورشات‬ ‫المعدات التي تتطلبها البحوث‬ ‫عمل عديدة‪ ،‬وتوفر كل‬ ‫ّ‬ ‫الهندسية‪ .‬وهناك رابط بين اهتمامات الطالب والتخصصات‬ ‫البحثية للهيئة التعليمية وذلك في مراحل الدراسة المتقدمة‪.‬‬ ‫وفي المراحل الالحقة‪ ،‬أيضاً‪ ،‬تدخل جميع أ‬ ‫البحاث مباشرة‬ ‫في برامج التعليم لضمان أن تكون تلك البرامج شاملة ألحدث‬ ‫القضايا التي تؤثر على الصناعة البحرية‪.‬‬ ‫لمزيد من المعلومات‪:‬‬ ‫‪http://www.ncl.ac.uk/marine/study/undergraduate/‬‬ ‫‪marinetechnology/index.htm‬‬


‫استطالع وتصوير‪:‬‬ ‫حياة الرايس‬

‫في بيت‬

‫ابن خلدون‬

‫عين وعدسة‬

‫ً‬ ‫وتحديدا في‬ ‫في تونس العاصمة‪،‬‬ ‫المنطقة المعروفة باسم «نهج‬ ‫تربة الباي» ال يزال البيت الذي ولد‬ ‫ً‬ ‫قائما‪ ،‬وكذلك‬ ‫ونشأ فيه ابن خلدون‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الك َّتاب القريب منه‪ ،‬حيث كانت بداية‬ ‫عهده بالعلم‪.‬‬

‫منطقة‬ ‫استقرار الجالية‬ ‫األندلسية‬


‫‪55 | 54‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫على الطريق من ضاحية‬ ‫«باردو» إلى ساحة القصبة‬ ‫بالمدينة العتيقة الكتشاف‬ ‫البيت الذي ُولد فيه ابن‬ ‫خلدون يتذكر المرء «طريق‬ ‫الحريم»‪ ،‬ذلك الطريق الذي بناه السلطان‬ ‫أبو زكريا الحفصي أشهر ملوك الحفصيين‬ ‫في القرن السادس عشر الميالدي ما بين‬ ‫قصر حكمه في القصبة وقصر حريمه في‬ ‫باردو‪ ،‬وقيل إنه جعل الطريق كله مغطى‬ ‫لكيال يرى أحد حريمه يمرون بها‪ ...‬ترى‪،‬‬ ‫أسيصدق ذلك صاحب كتاب «العبر وديوان‬ ‫المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم‬ ‫والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان‬ ‫أ‬ ‫الكبر»‪ ،‬أم أنه سيرده إلى المخ ّيلة‬ ‫الشعبية ككثير من أ‬ ‫الخبار التي لم نجد لها‬ ‫أثراً مادياً‪.‬‬

‫الداخل ف ي� البيت (فوق)‪،‬‬ ‫الفناء‬ ‫ي‬ ‫ولوحة تذكارية عند مدخله (أسفل)‬


‫الداخل‬ ‫جانب آخر من الفناء‬ ‫ي‬

‫تسمى ساحة‬ ‫عندما تصل إلى ساحة القصبة التي َّ‬ ‫الحكومة آ‬ ‫الن‪ ،‬والحقيقة أنها كانت دائماً ساحة‬ ‫حكومية منذ أن اتخذها السلطان أبو زكريا الحفصي‬ ‫مقراً لحكمه وبنى بها قصره الشهير الذي أصبح‬ ‫قصر الحكومة الحالية‪ ،‬أي مقر الوزارة أ‬ ‫الولى ومقر‬ ‫رئيس الوزراء‪ ،‬توقف سيارتك أمام مستشفى «عزيزة‬ ‫عثمانة» أ‬ ‫الميرة العثمانية التي أوقفته على معالجة‬ ‫الفقراء والمحتاجين‪ ،‬ألنك ستدخل أزقة ومنعطفات‬ ‫ال تدخلها السيارة‪.‬‬ ‫تعرج على «شارع باب منارة» تريد ساحة «تربة‬ ‫ّ‬ ‫الباي» عبر قوس «باب الجديد» أحد أبواب تونس‬ ‫العتيقة‪ ،‬عندما كانت المدينة تُغلق في الليل‬ ‫عبر ّبواباتها‪ ،‬لتأمين سكانها ضد الغرباء وقطاع‬ ‫الطريق‪.‬‬ ‫إلى هذه المدينة آ‬ ‫المنة في عهد الدولة الحفصية‬ ‫لجأت عائلة ابن خلدون من أ‬ ‫الندلس منتصف القرن‬ ‫أ‬ ‫السابع الهجري مع عديد العائالت الندلسية بعد‬ ‫«حروب االسترداد» من طليطلَة وبلنسية وقرطبة‬ ‫وإشبيلية التي نزحت منها عائلة ابن خلدون‪.‬‬ ‫وقبل أن تصل إلى الدار‪ ،‬وفي النهج الموازي لنهج‬ ‫تربة الباي‪ ،‬تلمح لوحة معلَّقة عند أول الشارع كُتب‬ ‫عليها «نهج أ‬ ‫الندلسيين» كدليل على أن الحي كله‬ ‫كان منطقة استقرار الجالية أ‬ ‫الندلسية التي التجأت‬

‫إلى تونس في العهد الحفصي من سنة ‪ 1248‬إلى‬ ‫‪1574‬م عند مجيء العثمانيين كما يذكر المؤرخون‬ ‫وكما أسلفنا‪.‬‬ ‫من العائالت التي استقرت في هذه المنطقة عائلة‬ ‫ابن أ‬ ‫البّار صاحب كتاب «الحلّة السيراء» وابن‬ ‫عصفور النحوي المعروف وعائلة ابن خلدون‪ ،‬وهي‬ ‫عائالت تمثل أرستقراطية أ‬ ‫الندلس علمياً ومعرفياً‬ ‫يسمون بالموريسكيين‪ ،‬وهم آخر‬ ‫ومادياً‪ .‬صاروا َّ‬ ‫أ‬ ‫الندلسيين الذين طردهم فيليب الثالث‪ ،‬الملك‬ ‫القوطي‪.‬‬

‫في وصف الدار‬

‫تصل «نهج تربة الباي»‪ ،‬تبحث عن الرقم ‪ 33‬الذي‬ ‫به الدار‪ ،‬وتربة الباي هي مدفن كل ملوك الدولة‬ ‫الحسينية وأمرائها وأميراتها وعدد من الوزراء في‬ ‫العهد العثماني من سنة ‪ 1705‬حتى ‪1956‬م تاريخ‬ ‫إعالن االستقالل‪ ،‬بشهادة المؤرخ عثمان الكعاك‪.‬‬ ‫«نهج تربة الباي»! هذا االسم ذو وقع خاص على‬ ‫الذهن‪ ،‬لما يحمله من رموز تاريخية تبتدئ بمقبرة‪،‬‬ ‫وتنتهي بدار خلَّدها التاريخ إكراماً لصاحبها العالمة‬ ‫وسموها وعلو‬ ‫ابن خلدون الذي أعطاها مجدها‬ ‫ّ‬ ‫شأنها بين الديار‪ .‬وتزداد اقتناعاً أنه وحده الفكر‬ ‫أ‬ ‫سمونا‬ ‫والحرف والدب والفن هو الذي يعطينا ّ‬ ‫ويرفعنا درجات فوق باقي البشر‪.‬‬

‫تقف أمام الرقم ‪ 33‬الذي سبق أن صادفناه في‬ ‫الكتب والمراجع التاريخية‪.‬‬ ‫ما زال البيت الذي ُش ّيد في القرن الثامن الهجري‬ ‫(الرابع عشر ميالدي) قائماً‪ ،‬متماسكاً‪ :‬دار عتيقة‬ ‫السالمي‬ ‫تتكون من طابقين‪ .‬تمتاز بطابعها العربي إ‬ ‫أ‬ ‫والندلسي كبقية الديار العتيقة المجاورة لها من‬ ‫ناحية البناء والزخرفة‪ .‬تفتح وجهتها على الشرق‪ ،‬بابها‬ ‫عال ذو دفتين بحلقتين كبيرتين‪.‬‬ ‫الخارجي مستطيل ٍ‬ ‫الندلسي‪ ،‬خالفاً للباب أ‬ ‫مجدد على الطراز أ‬ ‫الصلي‬ ‫ّ‬ ‫الذي كان يتكون من ضلفة واحدة‪ .‬يحيط به إطار‬ ‫يحول بينه وبين الجدران الحجرية‬ ‫رخامي منقوش ُ‬ ‫الخارجية السميكة لحجب الدار عن الفضاء الخارجي‬ ‫ككل الدور العربية‪.‬‬ ‫دخلنا السقيفة أ‬ ‫الولى عبر عتبة رخامية‪ .‬وجدنا على‬ ‫يسارنا باباً فتحناه‪ ،‬فإذا خلفه َدرج طويل مزخرف‬ ‫الجدران يؤدي إلى الطابق العلوي والباب الثاني‬ ‫يحيل إلى سقيفة ثانية ّثم ثالثة‪ .‬قطعنا ثالث‬ ‫سقائف مربعة الشكل رخامية أ‬ ‫الرضية متعرجات‬ ‫متداخالت لنصل إلى وسط الدار‪ .‬والسقائف في‬ ‫البيوت التقليدية يمكن أن تصل إلى سبع سقائف‬ ‫وذلك لعزل الفناء عن النظرات الفضولية والضوضاء‬ ‫الزعاج القادمة من الشارع‪ ...‬وللمباعدة‬ ‫وكل أنواع إ‬ ‫والفصل بين الفضاء العام والفضاء الخاص‪ ،‬خاصة‬ ‫السالمية‪.‬‬ ‫بالنسبة للنساء‪ ،‬على الطريقة العربية إ‬


‫‪57 | 56‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫وككل البيوت العربية التقليدية نكتشف بعد عبور‬ ‫هذا الممر فنا ًء كبيراً يسمى صحن الدار‪ ،‬وهو فضاء‬ ‫مربع مكشوف‪ ،‬حيطانه مكسوة بالخزف المزخرف‬ ‫على شكل لوحات حائطية تفصل بين أبواب الغرف‬ ‫الثماني الخشبية الخضراء وشبابيكها الس ّتة التي تفتح‬ ‫كلها على الداخل أي على الصحن وذلك للتهوية‬ ‫والضاءة‪.‬‬ ‫إ‬ ‫وفي الصحن أروقة تزيّنها أقواس ترفعها أعمدة‬ ‫رخامية تصل الطابق أ‬ ‫الول بالثاني‪ .‬وقد كان الرخام‬ ‫أ‬ ‫البيض المستورد من إيطاليا مهيمناً على مستوى‬ ‫والعمدة والتيجان وأطر أ‬ ‫أرضية الفناء أ‬ ‫البواب‬ ‫والنوافذ‪ .‬وفي الصحن أيضاً «ماجل» لتجميع مياه‬ ‫المطر مزخرف بالرخام أ‬ ‫البيض الناصع مغطى‬ ‫بشجرة مورقة‪.‬‬ ‫وفي الصحن تقام االحتفاالت أ‬ ‫والعراس أيضاً وهو‬ ‫مجال المرأة المفضل وال مجال لها سواه‪ .‬ترى‬ ‫جيرانها من السطوح فقط‪.‬‬ ‫أ‬ ‫تحولت إلى‬ ‫تقف بالصحن تتأمل الغرف الربع (التي ّ‬ ‫أي غرفة صرخ الرضيع‬ ‫مكاتب للموظفين) تُرى في ّ‬ ‫أ‬ ‫عبدالرحمن بن خلدون صرخته الولى؟ من كان‬ ‫يعلم أنها ستدوي في أ‬ ‫الدوي العلمي‬ ‫الفق كل هذا‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫المعرفي وأنه سيصبح المؤسس الول لعلم العمران‬ ‫البشري؟‬ ‫تتكون دار ابن خلدون من طابقين سفلي وعلوي‪،‬‬ ‫مع غرفة في السطح تسمى كشكاً‪ ،‬وتلك لسهرات‬ ‫الصيف حيث الهواء والنسمة حفاظاً على حميمية‬ ‫العائلة‪.‬‬ ‫ما يحزن في هذه الزيارة أن البيت لم يكن مفتوحاً‬ ‫للزوار على الرغم من أنه يُص َّنف معلماً تاريخياً لدى‬ ‫منظمة اليونسكو والمعهد الوطني للتراث‪ .‬ذلك أن‬ ‫المعهد يتخذه مقراً لحفظ أرشيفه ومقراً للخريطة‬ ‫الوطنية للمعالم والمواقع‪.‬‬

‫الكُ ّتاب الذي درس فيه ابن خلدون‬

‫على بعد نحو ‪ 50‬متراً من دار ابن خلدون وفي «نهج‬ ‫تربة الباي» نفسه يوجد الك ّتاب الذي تعلّم فيه ابن‬ ‫خلدون القرآن الكريم‪ ،‬وهو مسجد يوحي شكل بنائه‬ ‫أنه يرجع إلى القرن الخامس الهجري بمقارنته مع‬ ‫السالمي نفسه‬ ‫عديد المباني هناك‪ :‬الطراز العربي إ‬ ‫الذي يستعمل الحجارة المنحوتة‪ ،‬المصقولة خاصة‬ ‫في القباب والحيطان والواجهات‪ ،‬والقباب التي‬ ‫تعتمد على«رقبة» والرقبة هي الواسطة بين القبة‬ ‫والمربع الذي ترتكز عليه ويمثل قاعدتها‪ ،‬وقبة هذا‬ ‫الك َّتاب نصف كروية تعتمد على رقبة مثمنة الشكل‬ ‫السالمي‪.‬‬ ‫حسب البناء العربي إ‬

‫ويحتوي هذا الك َّتاب ‪ /‬المسجد على مدخل هو‬ ‫بيت الصالة ويسمى آ‬ ‫الن «مسيجد القبة» تصغيراً‬ ‫لكلمة مسجد‪ ،‬ومدخله قوس يرتكز على عمودين من‬ ‫الرخام مزخرفين بتاجين‪ .‬والواجهة كلها مصنوعة‬ ‫عد من أقدم‬ ‫من الحجارة المصقولة‪ .‬محرابه يُ ّ‬ ‫المحاريب الموجودة بالبالد التونسية مصنوع من‬ ‫الجص المزخرف ما زالت بعض آثاره باقية‪ .‬وتحيط‬ ‫ّ‬ ‫بهذا الك َّتاب جوامع صغيرة وكتاتيب عديدة والحي‬ ‫كله يحتوي على العديد من الزوايا‪ ،‬وبه دور ممتازة‬ ‫وحمامات عربية وكان يعد من أرقى أ‬ ‫الحياء في‬ ‫ُ‬ ‫المدينة‪.‬‬ ‫إلى هذا الكُ َّتاب كان يأتي عبدالرحمن بن خلدون‬ ‫في طفولته ليدرس في هذا المسجد ‪ .‬وكان أبوه‬ ‫الول‪ .‬أ‬ ‫قبل ذلك هو معلمه أ‬ ‫والكيد أن أسرة ابن‬ ‫خلدون أسرة علم وأدب‪ ،‬شغل أجداده في أ‬ ‫الندلس‬ ‫وتونس مناصب سياسية ودينية مهمة‪ ،‬فقد حفظ‬ ‫القرآن الكريم في طفولته‪ّ .‬ثم تعلم ودرس في‬ ‫جامع الزيتونة المعمور‪ ،‬منارة العلوم بالعالم‬ ‫السالمي آنذاك‪ ،‬القريب من منزله أيضاً بتربة الباي‬ ‫إ‬ ‫بالعاصمة‪ ،‬حيث نشأ وترعرع‪ .‬ودرس اللغة العربية‬ ‫والنحو والصرف والتالوة والفقه‪ ،‬ومن أساتذته الفقيه‬ ‫المام الشهير ابن عرفة‪.‬‬ ‫الزيتوني إ‬ ‫ولما احتل السلطان أبو الحسن المريني أواسط القرن‬ ‫الثالث عشر تونس قادماً من مدينة فاس بالمغرب‪،‬‬ ‫جلب معه نخبة من العلماء‪ ،‬الذين انبهر بهم ابن‬ ‫خلدون وأتم معهم علومه العقلية في المنطق‬ ‫والفلسفة وغير ذلك‪.‬‬ ‫في هذه البيئة العتيقة من مدينة تونس العاصمة‬ ‫شب ابن خلدون وعاش حتى بلغ سن العشرين من‬ ‫َّ‬ ‫شد رحاله إلى مدينة فاس المغربية‬ ‫عمره‪ ،‬حينئذ ّ‬ ‫طلباً للعلم والدراسة‪.‬‬

‫(أعىل) المسجد الذي قصده ابن خلدون للعلم‪..‬‬ ‫(أسفل) الدرج المؤدي إىل الدور العلوي‬


‫عبد الرحمن بن خلدون‬

‫مؤسس علمي االجتماع وفلسفة التاريخ‬

‫قضى أغلب مراحل حياته في تونس والمغرب‬ ‫القصى‪ ،‬وكتب الجزء أ‬ ‫أ‬ ‫الول من المقدمة بقلعة أوالد‬ ‫سالمة بالجزائر‪ ،‬وعمل بالتدريس في جامع الزيتونة‬ ‫بتونس وفي المغرب بجامعة القرويين في فاس الذي‬ ‫أسسته أ‬ ‫الختان الفهري القيروانيتان‪ ،‬وبعدها في‬ ‫أ‬ ‫الجامع الزهر بالقاهرة‪ ،‬مصر والمدرسة الظاهرية‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫وفي آخر حياته تولى القضاء المالكي بمصر بوصفه‬ ‫فقيهاً متميزاً خاصة أنه سليل المدرسة الزيتونية‬ ‫العريقة‪ .‬ورغم أن بيته هذا معروف وموجود إلى‬ ‫آ‬ ‫الن في تونس إال أن موقع قبره في مصر غير‬ ‫معروف‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬

‫على الرغم من أن عبدالرحمن ابن‬ ‫خلدون وضع في التاريخ‪ ،‬في «كتاب‬ ‫عتمد‬ ‫العبر» أهم المصادر التي يُ َ‬ ‫عليها في معرفة دقائق تاريخ العرب والبربر في‬ ‫العصور الوسطى‪ ،‬في المغرب العربي أ‬ ‫والندلس‪،‬‬ ‫إال أن أعظم ما كتبه‪ ،‬ليس في رواية التاريخ‪ ،‬بل‬ ‫ما وضعه في «فلسفة التاريخ»‪ ،‬في مقدمته التي‬ ‫جارها كتاب آخر في تأسيس علم االجتماع‬ ‫لم يُ ِ‬ ‫البشري‪ ،‬وفي إنشاء ما صار يُعرف فيما بعد بعلم‬ ‫«فلسفة التاريخ»‪ .‬والفارق معروف‪ ،‬فالمؤرخ يروي‬ ‫بما توافر له من مصادر ومراجع وتحليل منطقي‪،‬‬ ‫ما حدث في بالد ما‪ ،‬في زمن ما‪ .‬أما فيلسوف‬ ‫فيقدم لنا نظرية تفسير علمي للعوامل‬ ‫التاريخ‪ّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫تحرك التاريخ‪ ،‬وال يكتفي برواية‬ ‫والسباب التي ّ‬ ‫الوقائع‪.‬‬ ‫فسر ابن خلدون في «المقدمة» الخالدة‪،‬‬ ‫لقد ّ‬ ‫وهي مقدمة كتاب العبر‪ ،‬أسباب نهوض الدول‬ ‫واندثارها‪ ،‬و ُعرفت نظريته‪ ،‬بنظريّة «العصبية»‪.‬‬ ‫فالدول تقوم على عصبية معينة‪ ،‬وتتفكك بتفكك‬ ‫وتفسخها وخمولها‪ .‬وفي «المقدمة»‬ ‫هذه العصبية ّ‬ ‫يتحدث ابن خلدون ويؤصل آلرائه في الجغرافيا‬ ‫والعمران والفلك وأحوال البشر وطبائعهم‬ ‫والمؤثرات التي تميز بعضهم عن آ‬ ‫الخر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ومن فالسفة التاريخ الذين جاؤوا بعد ابن خلدون‬ ‫وبنوا على ما أسسه‪ ،‬واشتهروا بنظرياتهم في‬ ‫كل أنحاء العالم‪ ،‬الفيلسوف أ‬ ‫اللماني فريدريش‬ ‫هيغل‪ ،‬صاحب التفسير المثالي للتاريخ‪ ،‬ثم‬ ‫كارل ماركس‪ ،‬صاحب التفسير المادي للتاريخ‪،‬‬ ‫وفي القرن العشرين‪ ،‬الفيلسوف البريطاني أرنولد‬ ‫توينبي‪ ،‬صاحب نظرية التحدي واالستجابة‪ .‬وممن‬ ‫اليطالي‬ ‫يجب أن يُذكروا في هذا المجال‪ ،‬الكاتب إ‬ ‫أ‬ ‫الشهير نيكولو ماكيافيللي‪ ،‬صاحب كتاب «المير»‪،‬‬ ‫الذي حاول فيه أن يعلّم أ‬ ‫المير علم السياسة‪ ،‬في‬ ‫كتاب يذكّر شكال بتبويب «مقدمة ابن خلدون»‪،‬‬ ‫وإن كان ال يقاربها في عمق التحليل والتفسير‪.‬‬ ‫وقد ان ُتقد كتاب ماكيافيللي هذا بشدة في العالم‪،‬‬ ‫بسبب نظريته التي تختصرها العبارة الشهيرة‪:‬‬ ‫الغاية تبرر الوسيلة‪.‬‬ ‫اعتزل ابن خلدون الحياة السياسية بعد تجارب‬ ‫حافلة بالصراع والحزن على وفاة أبويه وكثير من‬ ‫شيوخه إثر وباء الطاعون الذي انتشر في جميع‬ ‫أنحاء العالم سنة ‪749‬هـ (‪1348‬م)‪ ،‬وغرق زوجته‬ ‫وأوالده في سفرهم من تونس إلى مصر بالسفينة‪،‬‬ ‫بعدما استدعاهم لالنضمام إليه في القاهرة‪.‬‬

‫وتفرغ سنوات في مصر‪ ،‬في البحث والتنقيب‬ ‫النسانية معتزال ً الناس في سنوات‬ ‫في العلوم إ‬ ‫عمره أ‬ ‫الخيرة‪ ،‬ليكتب سفره المجيد «المقدمة»‬ ‫مؤسساً لعلمي االجتماع وفلسفة التاريخ‪ ،‬بنا ًء‬ ‫على االستنتاج والتحليل في قصص التاريخ وحياة‬ ‫النسان‪ .‬واستطاع بتلك التجربة القاسية أن يمتلك‬ ‫إ‬ ‫صرامة موضوعية في البحث والتفكير‪ ،‬وعمقاً في‬ ‫التحليل قلّما شهدت البشرية مثيال ً له‪.‬‬ ‫غربيون بارزون في ابن خلدون‪:‬‬ ‫ومما قاله مفكرون ّ‬ ‫• ابتكر ابن خلدون وصاغ فلسفة للتاريخ هي دون‬ ‫شك أعظم ما توصل إليه الفكر البشري في‬ ‫مختلف العصور أ‬ ‫والمم (أرنولد توينبي)‪.‬‬ ‫• إن مؤلَّف ابن خلدون هو أحد أهم المؤلَّفات‬ ‫النساني (جورج مارسيز)‪.‬‬ ‫التي أنجزها الفكر إ‬ ‫• إن مؤلَّف ابن خلدون يمثل ظهور التاريخ كعلم‪،‬‬ ‫يسمى بالمعجزة‬ ‫وهو أروع عنصر فيما يمكن أن ّ‬ ‫العربية (إيف الكوست)‪.‬‬ ‫• إنك تنبئنا بأن ابن خلدون في القرن الرابع عشر‬ ‫كان أول من اكتشف دور العوامل االقتصادية‬ ‫النتاج‪ .‬إن هذا النبأ قد أحدث وقعاً‬ ‫وعالقات إ‬ ‫مثيراً وقد اهتم به صديق الطرفين (المقصود‬ ‫هو فالديمير إيليتش لينين‪ ،‬من رسالة بعث بها‬ ‫مكسيم غوركي إلى المفكر الروسي انوتشين‬ ‫بتاريخ ‪ 21‬سبتمبر ‪.)1912‬‬ ‫• ترى أليس في الشرق آخرون من أمثال هذا‬ ‫الفيلسوف (لينين)‪.‬‬ ‫• فيما يتعلق بدراسة هيكل المجتمعات وتطورها‬ ‫فإن أكثر الوجوه التي تمثل تقدماً هو شخص‬ ‫ابن خلدون العالم والفنان ورجل الحرب والفقيه‬ ‫والفيلسوف الذي يضارع عمالقة النهضة عندنا‬ ‫بعبقريته العالمية منذ القرن الرابع عشر (روجيه‬ ‫غارودي)‪.‬‬ ‫مالحظة‪ :‬صدرت مقدمة ابن خلدون بالعربية في‬ ‫طبعات عديدة‪ ،‬وتُرجمت إلى عديد من اللغات‪.‬‬ ‫لكن طبعاتها العربية ظهرت‪ ،‬وفي معظمها‬ ‫بعض أ‬ ‫الخطاء والنواقص‪ ،‬التي ذكرها المفكر‬ ‫القومي العربي ساطع الحصري‪ ،‬في كتابه المهم‪:‬‬ ‫«دراسات عن مقدمة إبن خلدون»‪ .‬وقد صدرت‬ ‫بعد كتاب الحصري هذا طبعة كتاب العبر‪ ،‬وفي‬ ‫أ‬ ‫دركت فيها‬ ‫جز‬ ‫أيها الول والثاني‪ ،‬المقدمة وقد اس ُت ِ‬ ‫أ‬ ‫كل الخطاء والنواقص‪ ،‬التي أشار إليها الحصري‪.‬‬ ‫وهي طبعة مكتبة المدرسة ودار الكتاب اللبناني‪،‬‬ ‫بيروت‪.1979 ،‬‬


‫‪59 | 58‬‬

‫فكرة‬

‫مياه الوركاء‬

‫ف ي� بعض أنحاء إثيوبيا قد يتطلب الحصول عىل مياه‬ ‫ال�ب رحلة تستغرق ست ساعات عل أ‬ ‫القل‪ .‬ض‬ ‫ش‬ ‫فيم�‬ ‫ي‬ ‫حوال ‪ 40‬مليار‬ ‫الناس ف ي�‬ ‫تلك المنطقة من العالم ي‬ ‫ساعة سنوياً ف ي� محاولة للحصول عىل المياه وتجميعها‪.‬‬ ‫ت‬ ‫وح� عندما يجدونها‪ ،‬قد تكون المياه يغ� آمنة لكونها مجمعة من‬ ‫بالبكت�يا وملوثة بفضالت الحيوانات‪.‬‬ ‫بح�ات وبرك مملوءة‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫استقطبت قضية شح المياه ت‬ ‫ال� تؤثر عىل مليار شخص ف ي� إفريقيا‬ ‫ي‬ ‫وحدها اهتمام عديد من أ‬ ‫الشخاص والمؤسسات والحكومات ف ي�‬ ‫ال� طرحت إىل آ‬ ‫ت‬ ‫الن من تحلية مياه البحار إىل‬ ‫العالم‪ .‬ولكن الحلول ي‬ ‫تحويل مياه الرصف إىل مياه صالحة ش‬ ‫لل�ب تتطلب تقنيات معقدة‬ ‫يصعب تطبيقها ف ي� تلك المناطق النائية من العالم‪.‬‬ ‫ولذلك قام المصمم الصناعي أرتورو فيتوري بتقديم فكرة بسيطة‬ ‫الستخراج المياه الصالحة ش‬ ‫لل�ب‪ ،‬فقد صمم هيكال ً بشكل قبة‬ ‫ال يعتمد عىل القطع المعقدة أو التصاميم الهندسية المتطورة‬ ‫وإنما يرتكز عىل بعض العنارص أ‬ ‫الساسية مثل الشكل ونوعية المواد‬ ‫المستخدمة والطرق ت‬ ‫ال� تعمل من خاللها‪ .‬واستمد فكرة هذا‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ال� تشبه‬ ‫التصميم من شجرة الوركاء المن�ة بشكل واسع ي� إثيوبيا‪ ،‬ي‬ ‫ين‬ ‫المحلي�‬ ‫بشكلها القبة بغصونها الوافرة وتستقطب إليها السكان‬ ‫أ‬ ‫لك يتفيأوا بظلها‪ .‬ومن النظرة الوىل‪ ،‬يبدو هذا‬ ‫الذين يتجمون تحتها ي‬ ‫ال�ج البيضاوي وكأنه عمل ف�ن‬ ‫التصميم الذي يرتفع ‪ 30‬قدماً ويشبه ب‬ ‫ي‬ ‫رائع‪ .‬ولكن أدق تفاصيله‪ ،‬من التقوسات المدروسة بعناية‪ ،‬إىل المواد‬ ‫المستخدمة‪ ،‬هي ذات وظيفة معينة‪.‬‬ ‫يتألف الغطاء الخارجي لهذا ال�ج من سيقان نباتات أ‬ ‫السل المرنة‬ ‫ب‬ ‫ف‬ ‫خفيفة الوزن‪ ،‬منسوجة بطريقة معينة لتثبت ي� وجه الرياح القوية‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫و� وسط هذا التصميم‬ ‫و� الوقت نفسه تسمح للهواء بالدخول‪ .‬ي‬ ‫ي‬

‫ين‬ ‫بروبل�‪ ،‬تشبه‬ ‫البول‬ ‫هناك شبكة سلكية مصنوعة من النايلون أو من ي‬ ‫ن‬ ‫الصي�‪ ،‬تساعد عىل تجميع قطرات الندى‬ ‫كب�اً عىل الطراز‬ ‫مصباحاً ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تلتصق عىل سطحه‪ .‬وعند هبوب الهواء البارد تتكثف القطرات‬ ‫ي‬ ‫الم�اكمة �ف‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ال�ج‪ .‬ومن ثم تتدفق المياه ت‬ ‫وتتدحرج ي� وعاء ي� أسفل ب‬ ‫ي‬ ‫الوعاء ف ي� أنبوب يعمل كصنبور يحمل المياه إىل كل من يحتاجه‪ .‬وقد‬ ‫أثبتت التجارب أنه باستطاعة هذا التصميم الذي أصبح يعرف بـ «مياه‬ ‫الوركاء» أن يوفر ث‬ ‫أك� من ‪ 25‬غالوناً من المياه ف ي� يوم واحد‪.‬‬ ‫وقد تكون من أهم ي ز‬ ‫مم�اته بُعده عن الحلول المستوردة المعقدة‪،‬‬ ‫وبمجرد أن يتع َّلم السكان المحليون طريقة بنائه‪ ،‬يمكنهم تعليمها‬ ‫ونقلها إىل القرى المجاورة أ‬ ‫الخرى‪.‬‬


‫أبطالها قرَّ ًاء‪ ،‬أو لديهم نهم في قراءة‬ ‫ً‬ ‫وأحيانا يشعر القارئ أنه يعيش‬ ‫الكتب‪.‬‬ ‫في ثنايا الرواية‪ ،‬والقراءة من البطل غالباً‬ ‫ما يكون لها وظيفة إما سردية حكائية‬ ‫أو رمزية‪ ،‬وتختلف من رواية إلى أخرى‪.‬‬ ‫وإذا كان من الصعب اإلحاطة بمعظم‬ ‫الروايات أو الحكايات التي ورد القارئ بطالً‬ ‫فيها‪ ،‬فإن بعض الروايات قد تعبّ ر عن‬ ‫مجمل ما نريد قوله‪.‬‬

‫محمد حجيري‬

‫أدب وفنون‬

‫القارئ البطل‪،‬‬ ‫القارئ صانع‬ ‫الرواية‬

‫الكثير من الروايات العالمية والعربية‬ ‫البارزة‪ ،‬اختار أصحابها أو َّ‬ ‫كتابها أن يكون‬


‫‪61 | 60‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫غالف أول رواية حديثة «دون كيشوت» ثل�فانتس‬

‫لديستويفسك‬ ‫غالف رواية «الجريمة العقاب»‬ ‫ي‬

‫تتحدث أول رواية حديثة وهي «دون كيشوت»‬ ‫لثرفانتس‪ ،‬عن رجل عجوز نحيف من أ‬ ‫الشراف‬ ‫السبانيين يعيش مع ابنة أخته وخادمه وكان‬ ‫إ‬ ‫مغرماً بقراءة قصص الفروسية‪ .‬وربما ألنه‬ ‫صدق ما قرأ أصيب بالجنون‪ ،‬فبدأ يتخيل أن ما‬ ‫َّ‬ ‫قرأه موجود حوله وأنه فارس من فرسان ذلك الزمن الذي قد ولَّى‪،‬‬ ‫واختار لنفسه هذا االسم الذي يدل على مكانته العالية في عالم‬ ‫الفرسان أال وهو «دون كيشوت»‪ ،‬وقرر البدء برحلة يقوم خاللها‬ ‫فتعرض في طريقه لسلسلة من‬ ‫بمساعدة الضعفاء ونصرتهم‪َّ ،‬‬ ‫الهزائم حتى وجده قروي في حالة إغماء ونقله إلى قصره‪ ،‬حيث‬ ‫تحرق ابنة أخته كل روايات الفروسية‪ .‬وحين ال يجدها يعتقد أن‬ ‫الساحر سرقها فيرحل ثانية مع قروي جبان اسمه (سانشو بانشا)‬ ‫حيث يهاجم في طريقه طواحين الهواء ألنه يعتقد أنها عمالقة‬ ‫ويتعرض لضربات قوية‪.‬‬

‫وربما جميل‪ .‬كان راسكولنيكوف بطل رواية «الجريمة العقاب»‬ ‫لديستويفسكي‪ ،‬قبل ارتكابه لجريمته‪ ،‬طالباً في كلية الحقوق‪ ،‬حيث‬ ‫قرأ كثيراً من الكتب‪ .‬وكما أنه قبل إقدامه على جريمة القتل والسرقة‬ ‫والنهب نشر مقالة في جريدة «الحديث الدوري»‪ ،‬وكانت رأس‬ ‫الخيط الذي عرف من خالله المحقق بور فيري بتروفتش‪ ،‬حقيقة‬ ‫الجريمة والمجرم‪.‬‬

‫رفانتس أنه اتجه إلى نقد روايات الفروسية بهدف‬ ‫ويرى دارسو أدب ِث ِ‬ ‫أ‬ ‫تقديم خدمة أ‬ ‫للدب والخالق‪ .‬وقد أشار الكاتب نفسه‪ ،‬أكثر من‬ ‫مرة‪ ،‬إلى كراهيته لهذا الفن الذي كان يسخر منه‪ .‬دون كيشوت‬ ‫بحسب الروائي كارلوس فوينتس «هو ضحية مزدوجة لقراءته‪ .‬إذ‬ ‫مرتين‪ّ ،‬أوالً‪ ،‬عندما يَقرأ وثانياً‪ ،‬عندما يُقرأ‪ .‬وقد فشل‬ ‫يفقد صوابه ّ‬ ‫دون كيشوت كقارئ مالحم يريد نقلها إلى الواقع بهوس شديد‪.‬‬ ‫يخص موضوع القراءة‪ ،‬بدأ يقهر الواقع وينقل له جنون‬ ‫ولكن فيما ّ‬ ‫قراءته»‪.‬‬ ‫القارئ البطل دائماً محطة في حياة شخوص بعض الروايات‪،‬‬ ‫لالنتقال إلى عالم مختلف ومتبدل ومغاير وصادم ومربك‬

‫وسعيد مهران بطل رواية «اللص والكالب» لنجيب محفوظ هو لص‬ ‫شبه مثقف‪ ،‬يدخل السجن‪ ،‬وحين يخرج منه تبدأ مأساته فيجد أن‬ ‫زوجته التي طلقته وهو في سجنه قد خانته‪ ،‬وتزوجت من صديق‬ ‫له في عصابته‪ .‬ويجد أن ابنته الصغيرة سناء تنكره إنكار الولد الذي‬ ‫لم ير أباه أبداً‪ ،‬ويخاطب سعيد مهران‪ ،‬رؤوف علوان الذي شجعه‬ ‫في الماضي على السرقة‪« :‬أنا مثقف وتلميذ قديم لك قرأت تالال ً‬ ‫من الكتب‪ ،‬بإرشادك وطالما شهدت لي بالنجابة»‪.‬‬ ‫وفاسيلي بطل «زوربا اليوناني» لنيكوس كازانتزاكيس رجل مثقف‪،‬‬ ‫أمياً‪ ،‬مدرسته الوحيدة هي‬ ‫غارق في الكتب يلتقي مصادفة رجال ً ّ‬ ‫الحياة وتجاربه فيها‪ .‬سرعان ما تنشأ صداقة بين الرجلين ويتعلم‬ ‫فيها المثقف فاسيلي‪ ،‬الذي ورث ماال ً من أبيه‪ ،‬الكثير من زوربا عن‬ ‫الحياة وعن حبها وفن عيشها‪.‬‬

‫الكتاب القاتل وكتاب الحياة‬

‫لعبة الحديث عن الكتب والمخطوطات والقارئ متوافرة بقوة في‬ ‫كثير من الروايات العالمية والعربية‪ ،‬وكلما أتقن الروائي الخداع‬ ‫والكذب‪ ،‬زاد من وقع نصه لدى المتلقي‪ ،‬وتوظيف القارئ كبطل‬ ‫في الروايات هو جزء من منظومة «أعذب الروايات أكذبها»‪،‬‬


‫والقارئ بوصفه بطالً‪ ،‬ربما يكون بديال ً من الحكواتي الذي كان‬ ‫واجهة لسرد الحكايات والفروسيات في زمن مضى‪ ،‬نلمح بقوة‬ ‫كيف أن بعض أبطال روايات كونديرا مثقفون وينتقدون الشعر‬ ‫بقوة‪ .‬خصوصاً جاروميل في رواية «الحياة في مكان آخر»‪ .‬كان‬ ‫كونديرا قادراً في كتاباته على أخذ أبطاله حيثما يشاء ويتصرف‬ ‫حيث يريد أن يقول أفكاره‪ ،‬بمعنى أن أفكاره أقوى من السرد‬ ‫الروائي‪ ،‬وهو بهذا المعنى يستعمل القارئ أو المثقف في الرواية‬ ‫ليدين الثقافة التابعة للنظام الشمولي التوتاليتاري‪ ،‬الشيوعي‬ ‫تحديداً‪.‬‬

‫غالف رواية «اللص‬ ‫والكالب» لنجيب‬ ‫محفوظ‬

‫في رواية «اسم الوردة» يدفعنا أمبرتو إيكو لمتابعة وقائع‬ ‫محاوالت مستمرة للكشف عن سر الجرائم الغامضة المتتالية التي‬ ‫تقع داخل جدران أحد أ‬ ‫الديرة في القرون الوسطى في إيطاليا‪.‬‬ ‫ويتردد الحديث عن كتاب مسموم يقال إن له «قوة ألف عقرب»‪.‬‬ ‫ويموت كل من يلمس صفحاته‪ ،‬ألن السم يتسرب إلى أصابعه‬ ‫التي تقلب هذه الصفحات‪ .‬وهذا الكتاب الغامض المفقود‪ ،‬هو‬ ‫الجزء الثاني من مخطوطة أرسطو عن الشعر‪ ،‬وهو الجزء الذي‬ ‫خصصه للحديث عن الكوميديا والضحك‪ .‬ثمة أسرار غامضة‬ ‫تكتنف اختفاء هذا الكتاب‪ ...‬وأخيراً يكتشف الشرطي وليام أن‬ ‫القاتل هو الراهب بورج‪ ،‬الذي أخفى المخطوط ألكثر من عشرين‬ ‫عاماً‪ ،‬وقعت خاللها كل تلك الجرائم‪ .‬فالراهب هو الذي وضع‬ ‫السم في صفحات الكتاب‪ ،‬حتى يضمن أن كل من يقرأه يكون‬ ‫مصيره الموت‪.‬‬ ‫قراءة الكتاب المسموم طريق إلى الموت في رواية إيكو‪ ،‬أما القارئ‬ ‫في رواية «الحياة الجديدة» للروائي التركي ‪« -‬النوبلي» أورهان‬ ‫باموق‪ ،‬فيجد في القراءة وسيلة لالنبعاث وتغيير الحياة والتجدد‪.‬‬ ‫في مطلع الرواية‪ ،‬يقول الراوي‪« :‬قرأت كتاباً في يوم ما فتغيرت‬

‫غالف رواية «زوربا‬ ‫ن‬ ‫اليونا�» لنيكوس‬ ‫تزي‬ ‫كازان�اكيس‬

‫غالف رواية «اسم الوردة» أل بم�تو إيكو‬


‫‪63 | 62‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫من وظيفتها في الجامعة‪ ،‬وقبل أن تهاجر إلى الواليات المتحدة‪،‬‬ ‫لهن‪ ،‬تخللتها‬ ‫وأسست نفيسي وطالباتها دائرة من الحرية الشخصية ّ‬ ‫قراءة روايات نابوكوف وسكوت فيتزجيرالد وجاين أوستن وهنري‬ ‫جيمس‪.‬‬ ‫ومن الصين على عهد ماو نجد في رواية «بالزاك والخياطة الصينية‬ ‫تغير الحياة‪ .‬تصف الرواية‬ ‫الصغيرة» لداي سيجي‪ ،‬أن الكتب ّ‬ ‫الرحلة التي قام بها عازف الكمنجة مع صديقه ليو إلى الجبل‬ ‫بالقامة فيه من أجل إعادة التأهيل التي كانت‬ ‫الذي حكم عليهم إ‬ ‫تتم لكل أبناء «الطبقة المثقفة»‪ .‬ثمة شاعرة في الرواية مص ّنفة‬ ‫«عدوة للشعب»‪ ،‬تتظاهر بحياكة الصوف بينما «تكتب قصائد‬ ‫في رأسها»‪ .‬وهذا ابنها الملقب طوال أحداث الرواية بصاحب‬ ‫النفية»‪ ،‬أي التي تثبت على أ‬ ‫«النظارة أ‬ ‫النف‪ ،‬من دون أن نعرف‬ ‫َّ‬ ‫اسمه الحقيقي‪ ،‬يخفي حقيبة أ‬ ‫ملى بالروايات الغربية‪ ،‬مصدر حبكة‬ ‫الرواية‪.‬‬

‫غالف رواية «الحياة الجديدة» ألورهان باموق‬

‫حياتي كلها‪ .‬من الصفحات أ‬ ‫الولى شعرت بقوة الكتاب إلى حد‬ ‫اعتقادي بأن جسدي انتزع عن الكرسي والطاولة وابتعد»‪ .‬بطل‬ ‫الرواية شاب جامعي اسمه عثمان في بداية العشرينيات من عمره‪،‬‬ ‫يعيش حياة بسيطة كباقي أقرانه في قرية «طاش قشله» التركية‪،‬‬ ‫فيغير هذا الكتاب مجرى حياته‪.‬‬ ‫يقرأ كتاباً يقع بين يديه مصادفة‪ِّ ،‬‬ ‫ويعاود قراءة الكتاب عشرات المرات ثم إعادة صياغته وكتابته‬ ‫بلغته الخاصة‪ .‬وفي كل مرة كان يقرأ فيها الكتاب كان ضوء قوي‬ ‫ينبثق منه يصعب على الشاب مقاومته‪ .‬يُصاب بعدها البطل ‪/‬‬ ‫القارئ بوحدة وعزلة‪ .‬ولكن ما هو هذا الكتاب؟ ومن هو مؤلفه؟‬ ‫وما هي أ‬ ‫الفكار التي تختبئ في ثناياه؟ كانت جميعها أموراً مجهولة‬ ‫وغامضة‪.‬‬

‫ضد الماللي‬

‫اليرانية المقيمة في أمريكا‪ ،‬آذر نفيسي‪ ،‬كانت مباشرة‬ ‫الروائية إ‬ ‫وواضحة بشكل أكبر في توظيف القراءة لقول أشياء عن الحرية‬ ‫والحياة والثقافة‪ ،‬سواء في كتابها «جمهورية الخيال» أو روايتها‬ ‫«لوليتا في طهران» إذ اختارت أن تكتب سيرة روائية‪ ،‬جوهرها‬ ‫نساء يقرأن الكتب (لوليتا تحديداً) لمواجهة االستبداد والبحث عن‬ ‫الحرية‪ .‬من عنوان روايتها الكليشية و«الكيتشوي» ندرك مآل ما‬ ‫تريده‪ ،‬إذ تروي قصة محاضرات في التمرد امتدت لسنتين‪ ،‬لقنتها‬ ‫نفيسي لمجموعة من النساء ابتدا ًء من عام ‪1995‬م بعد استقالتها‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬

‫البطل القارئ حيلة للسرد «أو» بطل رواية «ليلة التنبؤ» لبول‬ ‫أوستر‪ ،‬ينجو من مرضه بأعجوبة بعد أن شارف على الموت‪ ،‬فيقوم‬ ‫بكتابة رواية انطالقاً من رواية كاتب أمريكي آخر‪ .‬أ‬ ‫ولن بطل روايته‬ ‫قارئ نصوص في دار نشر كبيرة‪ ،‬ترسل له حفيدة كاتبة أمريكية من‬ ‫مطلع القرن العشرين رواية جدتها التي كانت هربت مع عشيقها إلى‬ ‫لندن وكتبت روايتها هناك وهي تحمل عنوان الرواية نفسها «ليلة‬ ‫التنبؤ»‪ .‬وبقيت تلك الرواية معه‪ ،‬وأوصى بأن تكون الرواية لحفيدة‬ ‫الكاتبة‪ .‬هكذا الكتابة في رواية أوستر أشبه بلعبة دمى روسية‪.‬‬ ‫في المقابل‪ ،‬أصدر كارلوس رويث زافون‪ ،‬مواطن ثرفانتس‪،‬‬ ‫روايتين نجد فيهما القراءة هي البطلة‪ ،‬القراءة هي المتاهة‬ ‫المشوق‪ ،‬الروايتان «لعبة المالك»‪ ،‬و«ظل الريح»‬ ‫والجنون والسرد‬ ‫ِّ‬ ‫تتكامالن ببعضهما من مختلف النواحي‪ .‬وبطل «ظل الريح» ابن‬ ‫وراق يبيع الكتب المستعملة والنادرة‪ ،‬يعيش مع أبيه الذي يأخذه‬ ‫يوماً إلى مكتبة كبيرة تدعى «مقبرة الكتب القديمة»‪ .‬وفي المقبرة‬ ‫يتعين على كارلوس رويث زافون أن يختار كتاباً يحتفظ به لنفسه‪.‬‬ ‫يختار دانييل كتاباً بعنوان «ظل الريح» لمؤلف غير معروف يدعى‬ ‫جوليان كاراكس‪ .‬يقرأ دانييل الرواية بشغف‬ ‫وينغمس في صفحاتها وينسى ما حوله‬ ‫إلى أن يفرغ من القراءة‪ .‬وفي رواية «لعبة‬ ‫المالك» نذهب من جديد إلى مقبرة‬ ‫الكتب‪ ،‬دافيد‪ ،‬بطل الرواية الجديدة‪،‬‬ ‫يعيش ويكبر بين الكتب‪ .‬والده شخص‬ ‫جاهل‪ ،‬يعامله بفظاظة وقسوة‪ .‬لقد‬ ‫أرسله إلى صاحب مكتبة كي يعمل لديه‪.‬‬ ‫راح دافيد يقضي ّ‬ ‫جل وقته في المكتبة‬ ‫يتعرف إلى‬ ‫يقرأ القصص والروايات‪َّ .‬‬ ‫أعمال تشارلز ديكنز ويتعلق في شكل‬ ‫خاص برواية «توقعات عظيمة»‪ .‬يصبح‬ ‫مولعاً بديكنز وأعماله‪.‬‬ ‫القارئ بطل الرواية لم ال‪ ،‬ربما ألنه ال‬ ‫قراء‪ ،‬والقارئ صانع الرواية قبل‬ ‫رواية بال َّ‬ ‫الكاتب‪.‬‬

‫غالف رواية «لوليتا ف ي�‬ ‫نفيس‬ ‫طهران» آلذر‬ ‫ي‬


‫سامي جريدي‬

‫ريتشارد سيرا‬

‫وفن ما بعد المنحوتة‬

‫الدول ف ي� كندا‬ ‫منحوتة «مجاالت» ف ي� مطار تورنتو يب�سون‬ ‫ي‬

‫أدب وفنون‬

‫تنطلق فكرة الفنان األمريكي ريتشارد‬ ‫سيرا المولود في سان فرانسيسكو عام‬ ‫‪1938‬م‪ ،‬من ثنائية المادة والمكان‪ ،‬التي‬ ‫ً‬ ‫بصريا في مشاريعه النحتية‬ ‫يمكن قراءتها‬ ‫والتركيبية المتنوعة‪ ،‬واشتغاله على‬ ‫الكتل الصلبة‪ ،‬ولعل من بينها على سبيل‬ ‫التمثيل ال الحصر عمله «منحوتة ‪ »7‬الذي‬ ‫تم تدشينه بالدوحة في قطر عام ‪2011‬م‬ ‫بالقرب من متحف الفن اإلسالمي‪ ،‬وعمله‬ ‫اآلخر «شرق‪-‬غرب‪/‬غرب‪-‬شرق» الذي عرضه‬ ‫في قلب الصحراء بقطر عام ‪2014‬م‪.‬‬


‫‪65 | 64‬‬

‫بخفة الحديد!‬

‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫خاض الفنان تجارب فنية على‬ ‫مستوى الخامات قبل اشتغاله‬ ‫على خام الحديد‪ ،‬إذ سبق له أن‬ ‫استخدم المطاط في منتصف‬ ‫الستينيات‪ ،‬كما اشتغل على خام الرصاص‪ ،‬ليجد‬ ‫نفسه بعد ذلك مع خام الحديد والفوالذ‪.‬‬ ‫واستطاع الفنان سيرا أن يطرح عديداً من الرؤى‬ ‫البصرية المختلفة والجديدة‪ ،‬منذ أن بدأ تجربته‬ ‫البصرية الطويلة في النحت والتشكيل والتركيب‪.‬‬ ‫فأعماله بطبيعتها تطرح أسئلة في الفن المعاصر‬ ‫والتحول في فن المعمار‬ ‫وفنون ما بعد الحداثة‬ ‫ّ‬ ‫الحديث‪ ،‬التي بطبيعتها تعطي دوراً كبيراً للخام‬ ‫الواحدة والموحدة في أغلب أعماله ومشاريعه‬ ‫أ‬ ‫الخيرة وهو االشتغال الجاد على خام الحديد‪.‬‬ ‫وليس اعتماد ريتشارد سيرا على خام الحديد ببعيد‬ ‫عن بحثه الفلسفي حول جدلية الخفة والثقل‪،‬‬ ‫فهو يتمنى أن يجعل من الحديد وزن الخفة‪ ،‬وزن‬

‫الالشيء‪ ،‬الالوزن‪ .‬وهذا التفكير الفيزيائي تولَّد‬ ‫لديه في طفولته حينما أخذه والده يوماً وهو في‬ ‫سن الرابعة إلى حفل تدشين سفينة ضخمة وصفها‬ ‫بأنها بدت كناطحة سحاب‪ .‬وكانت دهشته آنذاك‬ ‫ال توصف حينما رآها وهي تأخذ طريقها في البحر‪.‬‬ ‫ليخرج من ذلك المشهد بحلم كان يتمنى تحقيقه‬ ‫الشياء ذات أ‬ ‫وهو تحويل أ‬ ‫الوزان الثقيلة إلى أشياء‬ ‫خفيفة‪ .‬وهو تفكير فيزيائي وفلسفي معاً‪ ،‬قاد الفنان‬ ‫سيرا إلى تصورات أخرى في مفهوم وتكوينات‬ ‫بالشكال أ‬ ‫الطبيعة وتعقيداتها‪ ،‬وفي وعيه أ‬ ‫والحجام‬ ‫الهندسية والخامات‪ .‬كما اهتم في أعماله بقانون‬ ‫الجاذبية الذي حاول أن يلغيه في بعض أعماله‪،‬‬ ‫وهو قلق بصري ظهر بجانب أفكاره السابقة المتعلقة‬ ‫بالفيزياء والهندسة‪.‬‬ ‫كما تمتاز أعمال سيرا بالضخامة في الحجم والشكل‬ ‫والوزن‪ ،‬وعلى توحيد العالقة بين فن الشكل للشيء‬ ‫الواحد الذي من خالله تتعدد أ‬ ‫الشكال والنماذج‬ ‫َّ‬ ‫والكتل‪ ،‬وبين الشكل المتعدد الذي يمكن إيجاده في‬ ‫جسد بصري واحد‪ ،‬كزاوية أو انحناءة مثالً‪.‬‬ ‫س�ا‬ ‫ريتشارد ي‬ ‫مع منحوتة‬ ‫«تزامن»‬

‫ولقد جعل الفنان من أ‬ ‫الشياء أماكن كبرى ضمن‬ ‫أ‬ ‫حيز صغير‬ ‫أماكن صغرى‪ ،‬فهو يصنع الحجام في ّ‬ ‫ضيق ال يتسع لشيء‪ ،‬مستغال ً بذلك مسافة االرتفاع‬ ‫ّ‬ ‫في الطول‪ ،‬وانعطاف الزوايا في الدوران‪.‬‬ ‫من هنا تكون فلسفة المكان عند الفنان سيرا متعلِّقة‬ ‫بالبناء والبنية معاً‪ ،‬ال في استقاللهما‪ .‬فهو يرى من‬ ‫خاللهما تضافر العناصر في أي مجسم أو منحوتة‪،‬‬ ‫وال يمكن فصلهما عن بعضهما‪ ،‬فالفراغ جزء أساسي‬ ‫في التكوين العضوي للشكل إن لم يكن هو مكمن‬ ‫البطولة عنده‪.‬‬ ‫يقول الفنان‪« :‬أنا ال أبدأ بالرسم وإنما ببناء‬ ‫النماذج»‪ ،‬أ‬ ‫المر الذي يدل على حقيقة ذلك في‬ ‫مقارباته البصرية في الوعي النحتي‪ ،‬فهو يبني شكال ً‬ ‫جاهزاً بزواياه وأبعاده الثالثية ال رسماً على سطح‬ ‫الورقة أو القماش كغيره من الفنانين والمهندسين‪،‬‬ ‫وهو بهذه الفلسفة والطريقة ألغى شكل الخط‬ ‫والرسم رافعاً من قيمة التجسيم والتشكيل الخامي‬ ‫للعنصر‪.‬‬

‫المنحوتة «سبعة» في قطر‬ ‫أ‬

‫ومن آخر العمال التي قام الفنان ريتشارد سيرا‬ ‫بطرحها منحوتة «سبعة» التي تم ِّثل بجانب غيرها‬ ‫من أ‬ ‫العمال ما يمكن تسميته بفن ما بعد المنحوتة‪.‬‬ ‫مكون من سبع شرائح طولية من الفوالذ‬ ‫فهذا العمل ّ‬ ‫وتم‬ ‫الخام غير المزخرف‪ ،‬تزن أكثر من ‪ 385‬طناً‪ّ ،‬‬ ‫تعدينها وصبها في معامل مجهزة بألمانيا‪ ،‬واستغرق‬ ‫المحدد‬ ‫تجهيز العمل وجلبه وتركيبه في موضعه‬ ‫َّ‬ ‫بالدوحة ما يقارب ثالث سنوات‪ ،‬حيث بلغ ارتفاع‬ ‫العمل ‪ 80‬قدماً‪ .‬والمنحوتة بهذا الطول الشاهق تُعد‬ ‫من أطول أ‬ ‫العمال البصرية في قطر‪ ،‬وهي أطول‬ ‫عمل قام به الفنان في تاريخه‪.‬‬ ‫يعبر في فلسفته البصرية عن‬ ‫إن مجسم «سبعة» ِّ‬ ‫االنعتاق من اليابسة‪ .‬فهو يهرب منها إلى السماء‪،‬‬ ‫إلى مكان نزل منه حديد يبحث عن مأواه‪ ،‬هناك‬ ‫بالعلى عبر تراجيدية التكوين أ‬ ‫أ‬ ‫الصلي له‪.‬‬ ‫ويقول الفنان إنه استلهم فكرة المنحوتة «سبعة»‬ ‫من فن المعمار إالسالمي وهندسة المباني إالسالمية‪.‬‬ ‫فقد تتبع صور أشكالها‪ ،‬وقرأ في تاريخها من أ‬ ‫الندلس‬ ‫إلى اليمن‪ ،‬والحظ فجأة أن أعماله متجانسة مع هذا‬ ‫التراث العريق‪ .‬وليست تسمية المنحوتة بهذا االسم‬ ‫«سبعة» إال احتضاناً للطاقة الروحانية التي وجدها في‬ ‫ثقافة المسلمين‪ ،‬وكأنه بذلك يوغل في فلسفة العدد‬ ‫أ‬ ‫والرقام وعمق معانيها ودالالت تأويلها عند العرب‪.‬‬ ‫كما زاوج الفنان سيرا في عمله منحوتة «سبعة» ما‬ ‫بين الفن المعماري وفن النحت‪ ،‬ليصبح عمال ً بسيطاً‬


‫المنحوتة «سبعة» ف ي� قطر‬

‫منحوتة «نقطة ارتكاز» ف ي� ليفربول‬

‫في خامته وتركيبه وشكله‪ ،‬صعباً في فلسفته وتأويله‬ ‫وخطابه‪.‬‬ ‫ويحضر المتلقي في وعي الفنان ريتشارد سيرا‬ ‫واهتمامه‪ ،‬فهو يذكر في حوار معه أن هناك‬ ‫اختالفاً الحظه بين المتلقي ومرتادي المعارض‬ ‫ومحبي الفنون‪ .‬فهم جميعاً يقفون أمام أعماله‬ ‫منحوتة‬ ‫«دوائر»‬

‫ش‬ ‫منحوتة ش‬ ‫ق‪-‬غرب‪/‬غرب‪�-‬ق» ف ي� صحراء قطر‬ ‫«�‬

‫وبعضهم يقوم بإصدار الصوت حيث الصدى‬ ‫ورجوع الصوت مرة وضياعه في الفراغ مرات كثيرة‪،‬‬ ‫وهو بال شك جزء من فكرة العمل‪.‬‬

‫متسائلين عن المقصد‪ ،‬منهم من ال يرى في‬ ‫أعماله فناً‪ ،‬وقلة منهم عكس ذلك‪ .‬وهذا أ‬ ‫المر‬ ‫في حقيقته يم ِّثل مشكلة أزلية بين الفن والفنان‬ ‫والجمهور‪ ،‬وخاصة حينما يكون العمل من فنون‬ ‫ما بعد الحداثة والفن المفاهيمي التي هي من‬ ‫الطبيعي مسكونة بالصدمة للمتلقي من خالل عدة‬ ‫أمور‪ ،‬لعل من بينها مثالً‪ :‬غرابة الشكل‪ ،‬وانعدام‬ ‫الجمالية‪ ،‬وابتعادها عن المباشرة في الطرح الذي‬ ‫يجده المشاهد جاهزاً في بعض مدارس الفن‪،‬‬ ‫وخاصة في الفن الكالسيكي‪.‬‬

‫ومن يقوم بمشاركة العمل المسمى بـ «‪Inside‬‬ ‫‪ »Out‬سيجد نفسه مصاباً بالدوار‪ ،‬ألن العمل يشبه‬ ‫استدارات الدهاليز وفكرة أ‬ ‫الماكن المغلقة التي تثير‬ ‫في َم ْن بداخلها الخوف والغربة والقلق النفسي‬ ‫وسرعة البحث عن مخرج‪ ،‬وهو أمر صعب على‬ ‫المتلقين المصابين برهاب هذه أ‬ ‫الماكن‪.‬‬

‫وباستطاعة المتلقي أن يتفاعل مع أعمال سيرا من‬ ‫خالل الدخول والسير داخل مجسماته ومحاولة‬ ‫والحساس بملمسها الخشن‬ ‫لمسها باليد إ‬ ‫تارة والناعم تارة أخرى على صفائحها‬ ‫الحديدية‪ ،‬ومن حيث وجود النتوءات‬ ‫والفراغات‪ .‬وقد كان للفنان سيرا تجربة‬ ‫من هذا القبيل مع عمله منحوتة «سبعة»‬ ‫ومنحوتة «شرق‪-‬غرب‪/‬غرب‪-‬شرق»‪ ،‬حيث‬ ‫يتفاعل الجمهور مع العمل ال في مشاهدته بصرياً‬ ‫فقط‪ ،‬وإنما محاورته باللمس والحركة بداخله‪،‬‬

‫وظهرت فلسفة مابعد المنحوتة في أعماله‬ ‫أ‬ ‫الخرى التي تقترب في فكرتها من الفن‬ ‫المفاهيمي‪ ،‬منها على سبيل التمثيل ال الحصر‪:‬‬ ‫دعامة الطن الواحد التي عرضها في عام‬ ‫‪1969‬م‪ ،‬وعمله «مجاالت» عام ‪2013‬م الذي‬ ‫هو عبارة عن ألواح متقابلة‪ ،‬وله أعمال أخرى‬ ‫مشابهة في برلين عام ‪2006‬م‪ ،‬وحوائط‬ ‫فوالذية ممتدة عبر مساحات شاسعة في حدائق‬ ‫كبرى بأمستردام‪ ،‬عمل فيها على فكرة االرتفاع‬ ‫واالنخفاض ضمن ما يعرف بفن أ‬ ‫الرض‪.‬‬ ‫ُ‬


‫‪67 | 66‬‬

‫فنان ومكان‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫من التقاط الصورة‬ ‫سودير شيفارام‬ ‫صناعتها‬ ‫إلى‬ ‫والغابة‬

‫سارات كريشنا‬

‫هل عرف مهندس اإللكترونيات سودير‬ ‫ً‬ ‫عاما أن نزهاته في‬ ‫شيفارام قبل عشرين‬ ‫الغابات المحيطة بمدينة ميسور في والية‬ ‫كارناتاكا الهندية‪ ،‬ستحيد بحياته عن مجراها‬ ‫ِّ‬ ‫المصورين‬ ‫المرسرم لها‪ ،‬لتحوله إلى واحد من ألمع‬ ‫الفوتوغرافيين المتخصصين في الحياة البرية‪ ،‬على‬ ‫مستوى الهند والعالم؟ هذا ما حدث بالفعل‪.‬‬

‫كان سودير هاوياً للتصوير عندما كان طالباً جامعياً‪ .‬ولكن الجاذبية التي مارستها‬ ‫عليه نزهاته في غابات ميسور دفعته إلى تحويل هوايته إلى مهنة‪ ،‬والمهنة تحولت‬ ‫المصور المحترف وهو يجوب‬ ‫بدورها إلى هوية ونمط حياة‪ .‬عشرون عاماً قضاها‬ ‫ِّ‬ ‫الغابات والمحميات في بنديبور‪ ،‬كاباني‪ ،‬فاالفاندر‪ ،‬بحرتبور‪ ،‬كانها‪ ،‬ران وكوتش‬

‫سودير مع عدسته عىل الطريق إىل الغابة‬

‫في الهند‪ ،‬وحتى غيرها في شرق إفريقيا‪ .‬ومن هذه الغابات خرجت صوره التي‬ ‫اكتسحت أغلفة المجالت في العالم‪ ،‬بما فيها «ناشيونال جيوغرافيك»‪ ،‬وأتته‬ ‫مصور فوتوغرافي للحياة البرية في الهند عام‬ ‫بجوائز عديدة‪ ،‬من بينها أفضل ِّ‬ ‫وتحول الهاوي إلى أستاذ ينظِّم ورش العمل الميدانية لتوجيه المبتدئين‬ ‫‪2012‬م‪َّ .‬‬ ‫وتحسين أداء المحترفين‪ ،‬كما أصبح سفيراً لشركة «كانون» المص ِّنعة آلالت التصوير‪.‬‬

‫مفاتيح هذا الفن‬

‫يقول سودير إن هناك ثالثة مفاتيح أساسية في فن تصوير الحياة البرية‪ .‬أولها‪:‬‬ ‫المصور موضوعه‪ ،‬أي الحيوان الذي يريد تصويره وموطنه وسلوكه‬ ‫أن يعرف‬ ‫ِّ‬ ‫ونمط حياته اليومية والتغيرات الموسمية التي قد تطرأ عليه وعلى بيئته‪ .‬والمفتاح‬ ‫الثاني هو معرفة أساسيات التصوير الفوتوغرافي‪ ،‬والثالث هو كيفية االستفادة من‬ ‫المعدات المتوافرة إلى أقصى حد‪.‬‬

‫نمر البنغال ت‬ ‫يف�س ن ز‬ ‫خ�يراً برياً‬


‫المصور ف ي� الواقع‬ ‫تعديل الصورة لردها إىل ما شاهده‬ ‫ِّ‬

‫المس�يح بعد ت‬ ‫ت‬ ‫اف�اس غزال ف ي� الصورة الفائزة بالجائزة‬ ‫الفهد‬

‫مرت‬ ‫ويضيف أن تصوير الحياة البرية مفتوح على كل أنواع المفاجآت‪« .‬فقد َّ‬ ‫سنوات عشر قبل أن ألتقط صورة أول نمر… ولهذا‪ ،‬فإن على المرء أن يكون‬ ‫صبوراً جداً‪ .‬كما أن فترة النشاط الكبرى عند معظم الحيوانات في الغابة تكون‬ ‫عند الغروب‪ ،‬أي عندما يصبح ضوء النهار ضعيفاً جداً‪ ،‬أ‬ ‫المر الذي يفرض‬ ‫تحديات كبرى على المستوى التقني اللتقاط الصورة الجميلة»‪.‬‬

‫الشغف ف ي� صناعة الصورة‬

‫يتحدث سودير عن الغابة وكائناتها بشغف واضح‪ .‬والذين يعرفونه عن قرب‬ ‫يجد‪ ،‬بمحاذاة التصوير‪ ،‬في العمل من أجل الحفاظ على الحياة‬ ‫يقولون إنه ُّ‬ ‫أ‬ ‫البرية‪ .‬أ‬ ‫المر الذي يعده السمة الولى التي يجب أن يتحلَّى بها من يخوض غمار‬ ‫هذا الفن‪.‬‬ ‫ويتجلَّى هذا الشغف عندما يغوص المرء عميقاً في تأمل صور هذا الفنان‪.‬‬ ‫فصور نمور البنغال التي يلتقطها‪ ،‬تختلف تماماً عن الصور التذكارية الملتقطة‬ ‫هنا وهناك‪ .‬إنها أشبه بصور شخصية‪ ،‬وكأن هذه النمور جلست أمامه كما‬ ‫النسان أمام رسام‪ .‬إذ إضافة إلى مالمحها ومهابتها ثمة شيء في‬ ‫يجلس إ‬ ‫نظراتها‪ ،‬ثمة تعابير حزينة أو محزنة أو مثيرة للعطف على هذا الحيوان المهدد‬ ‫باالنقراض‪ .‬وكل إنش من صورة البطة التي تسبح على صفحة الماء يوحي‬ ‫المصورين الفوتوغرافيين القالئل‬ ‫بالدعة والسالم‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬إنه واحد من‬ ‫ِّ‬ ‫في العالم الذين ترتقي أعمالهم إلى مستوى يفرض قراءتها كما تُقرأ اللوحة‬ ‫الزيتية‪.‬‬

‫المصور‬ ‫الفهد يتموضع أمام‬ ‫ِّ‬

‫المصور في صوره؟‬ ‫حد يتدخل‬ ‫فإلى أي ٍّ‬ ‫ِّ‬ ‫يجيب سودير أنه‪ ،‬بكل تواضع‪ ،‬انتقل من مرحلة التقاط الصورة إلى مستوى‬ ‫صناعة الصورة الناطقة‪ .‬ويضرب مثال ً على ذلك صورة الفهد التي أتته‬ ‫بالجائزة الهندية الكبرى‪ .‬فيروي أنه شاهد هذا الفهد يفترس غزاال ً حمله‬ ‫عال من الشجرة‪ .‬فعرف أنه سيكون في الجوار يرتاح خالل اليوم‬ ‫إلى غصن ٍ‬ ‫يصور الفهد النائم‬ ‫التالي‪ .‬فعاد في اليوم التالي وأمضى النهار بطوله وهو ِّ‬ ‫أ‬ ‫تعبر عن حدث وحالة وليس مجرد‬ ‫على الغصن‪ ،‬لنه شاء أن ِّ‬ ‫يقدم صورة ِّ‬ ‫مشهد‪ .‬أ‬ ‫ولنه خبير في معالجة الصور وتحسينها كما يبدو من موقعه‬ ‫التعليمي على الشبكة‪ ،‬حيث يعرض صوراً رائعة بجانب أصول أقل مستوى‪،‬‬ ‫يقول سودير‪« :‬لحسن الحظ‪ ،‬هناك برامج كثيرة لمعالجة الصور‪ .‬ومعالجة‬ ‫الصور الملتقطة في الحياة البرية ضرورية في معظم أ‬ ‫الحيان‪ ،‬خاصة بسبب‬ ‫قضية الضوء التي سبق أن أشرت إليها‪ .‬ولكن المعالجة يجب أن تقتصر‬ ‫المصور فعالً‪ ،‬أي جعلها أقرب ما يمكن إلى‬ ‫على رد الصورة إلى ما شاهده‬ ‫ِّ‬ ‫يشوش على الموضوع‬ ‫الحقيقة‪ .‬ومن الممكن أحياناً حذف عنصر ثانوي ِّ‬ ‫ووضوحه‪ .‬ولكن كل ما يتجاوز ذلك‪ ،‬ال يعود معالجة‪ ،‬بل يصبح فناً رقمياً ال‬ ‫عالقة له بتصوير الحياة البرية»‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪69 | 68‬‬

‫ً‬ ‫شعرا‬ ‫أقول‬

‫فاطمة الشيدي‪:‬‬

‫أحب القصيدة التي تقولني‬

‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫ال أعرف ِل َم يحب شاعر قصيدة دون أخرى ويرشحها للظهور‪ ،‬لتكون ظله‬ ‫ف ي� مكان ما‪ ،‬وصوته ف ي� محفل ما‪ ،‬وصورته ف ي� أوراق ما‪ .‬يقول البعض إن‬ ‫القصائد أ‬ ‫ن‬ ‫ولكن� أحب القصيدة‬ ‫وبالتال فنحن نحبها بالتساوي‪،‬‬ ‫كالبناء‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫إل‪ ،‬بعض أبنائنا نحبهم لنهم‬ ‫ال� أستطيع أن‬ ‫ال�‬ ‫تقول�‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أنسبها ي َّ‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫ال�ء‬ ‫أبناؤنا فقط‪،‬‬ ‫وبعضهم نحبهم لنهم يشبهوننا‪ .‬أنا أنانية بعض ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫يشبه�‪ ،‬ي� الروح والفكرة والوعي‪ ،‬أحب المرايا‪ ،‬كأي امرأة‪،‬‬ ‫أحب من‬ ‫ي‬ ‫يطيب ل الحوار معها‪ ،‬والحك عىل لسانها‪ ،‬ت‬ ‫ح� لو عكست بعض‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الرهاق والحزن والتعب‪ .‬المرآة هي صورة طبق‬ ‫وكث�اً من إ‬ ‫التجاعيد‪ ،‬ي‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫�ء كالمرآة يشبهنا‪ ،‬وهذا ما أحبه ف ي� الشعر أيضاً‪.‬‬ ‫الصل منا‪ ،‬ال ي‬ ‫القصيدة هي ن‬ ‫ح� ت ي� العميقة‪ ،‬وجعي‬ ‫وع� المخبوء‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫لسا� المقطوع‪ ،‬ي ي‬ ‫ن ف‬ ‫ن‬ ‫الذي‬ ‫ع� ما يستطيع الشعر أن يصل‬ ‫ينهش� ي� الخفاء‪ ،‬ال أحد يعرف ي‬ ‫ي‬ ‫يسل قارئاً‬ ‫شعر‬ ‫سطحي‪،‬‬ ‫شعر‬ ‫هو‬ ‫الخارج‬ ‫من‬ ‫نكتبه‬ ‫الذي‬ ‫الشعر‬ ‫إليه‪،‬‬ ‫ي‬ ‫نفس ماهر‪،‬‬ ‫سطحياً‪ .‬وأنا أحب الشعر الجارح‪ ،‬ذلك الذي يعمل كطبيب‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫المغناطيس‪،‬‬ ‫يدخل� ف ي� غيبوبة التنويم‬ ‫يصيب� بالدوخة والدوار وهو‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ثم يحفر ي�‬ ‫الوع� عميقاً جداً‪ ،‬ليستخرج مكنونات ذلك الغائب‪ ،‬هناك‬ ‫يي‬ ‫والح�ة من الناس والفكرة ومن كل ش‬ ‫�ء‪.‬‬ ‫والوجع‪،‬‬ ‫الرفض‪،‬‬ ‫سيجد‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫س�ة‬ ‫ي‬

‫ولدت عىل حواف الماء ي ن‬ ‫الجنو�‬ ‫ب� ملح أجاج‪ ،‬وعذب وفرات‪ ،‬ف ي� الضلع‬ ‫بي‬ ‫ش‬ ‫ال� ق ي� من شبه الجزيرة العربية «مجان النحاس‪ ،‬ومزون الماء‪ ،‬و ُعمان‬ ‫ت‬ ‫ليحك تاريخ الماء والحروب‬ ‫النسان»‪ ،‬حيث التاريخ يف�ش‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫أضاب�ه وأوراقه ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫و� الغ� والفقر‪،‬‬ ‫والغزاة وتبدل الحوالف يب� زمن وزمن ي� اليرس والعرس‪ ،‬ي‬ ‫ف‬ ‫و� قرية يعتاش أهلها عىل حصاد النخل‪ ،‬وفيض‬ ‫و� الظلم والعدل‪ .‬ي‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫�ء بأمان وسالم‪،‬‬ ‫البحر‪ ،‬وحنانات الرمل‪ ،‬وحنو إ‬ ‫النسان كالشجر عىل كل أ ي‬ ‫وعىل الرغم من قلة معطيات الحياة‪ ،‬كانت الرصخة الوىل‪ .‬ولتبدأ الخطوات‬ ‫الم� ف� طريق سيقدر له االمتداد ف� الحياة والدرس أ‬ ‫واللم والفرح‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫الواهنة ف ش ي ي‬ ‫أ‬ ‫لتختار ي� بدايات مبكرة طريقة لدرء الشواك‪ ،‬وإقصاء الوجع‪ ،‬وهي الكتابة‪.‬‬ ‫وستبدأ بها عىل مقاعد الدرس أ‬ ‫الوىل‪ ،‬وستمتد ت‬ ‫ح� تستقبل هي وجوه‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫لتقدم لها العلم واللغة والدب‪.‬‬ ‫الجالس� عىل مقاعد الدرس ي� الجامعة‪ِّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫وال تزال تحاول الكتابة‪ ،‬وتحاور اللغة ي� كل مستوياتها الدبية رسداً وشعراً‬ ‫وع� كثافة لغوية تتعدد‬ ‫ونقداً‪ .‬وتطلق للنص العنان ليتشكل كيفما يريد‪ ،‬ب‬ ‫تط� بها عىل‬ ‫وع� أمسيات شعرية ونقدية ي‬ ‫مدلوالتها وأشكالها وأحالمها‪ ،‬ب‬ ‫ن‬ ‫مسقط‪،‬‬ ‫ب�‬ ‫وأخرى‬ ‫أجنحة سماوات جديدة كل فينة‬ ‫وأبوظ�‪ ،‬والمنامة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫وع� نصوص‪ ،‬وكتابات وحوارات ومقاالت‬ ‫وغ�ها‪ ،‬ب‬ ‫وعمان‪ ،‬والجزائر‪ ،‬وسيت‪ ،‬ي‬ ‫َّ‬ ‫ف� غ� مجلة عربية‪ ،‬وملحق ف ف‬ ‫الكب� الذي‬ ‫ثقا� ي� معظم أقطار الوطن ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫يوجعها أبداً من الماء إىل الماء‪.‬‬ ‫النسان‪ ،‬وعن الوجع‪ ،‬وعن الحلم ف ي� غد يكون فيه الكون أجمل‪،‬‬ ‫تكتب عن إ‬ ‫والدم المسفوح أقل‪.‬‬

‫ن‬ ‫ن‬ ‫ين‬ ‫ي�‬ ‫سيعرف� تماماً‪،‬‬ ‫ح� يصل إىل ذلك المستوى من الحفر العميق‬ ‫ِّ‬ ‫سيعر ي‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫من التصنع الذي أضعه ككل ش‬ ‫بحرق�‬ ‫أم�‬ ‫الب� قناعاً عىل وجهي ثم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وشك بينهم‪ ،‬بال جرأة من أحدهم عىل اقتحام أسوار‬ ‫ويأس‬ ‫ووجعي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ح� ي� أمام‬ ‫داخل المظلم‪ .‬وحده الشعر يعرف ذلك‪ ،‬وحده يدرك ي‬ ‫ي‬ ‫الله الذي أحبه‪ ،‬وأسأله الصفح والرحمة ث‬ ‫وح� ت ي� أمام الناس وهم‬ ‫أك�‪ ،‬ي‬ ‫يشهرون أظافرهم حقداً ش‬ ‫و�اً ف ي� وجوه طيبة وضعيفة بال إنسانية ورحمة‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ال� تحرك عالمنا نحو ليل ال نهار له‪ ،‬ووجع ال راحة فيه‪،‬‬ ‫وأمام السياسة ي‬ ‫ف‬ ‫ويس� ي� سباق محموم‬ ‫وأمام هذا العالم الذي أصبح فارغاً من المحبة‬ ‫ي‬ ‫بالمادة ش‬ ‫وال� والقبح‪.‬‬ ‫أ‬ ‫داخل‪ِ ،‬ل َم أكتب؟ وهو‬ ‫تعمق السؤال ف ي�‬ ‫أحب هذه القصيدة لنها ِّ‬ ‫ي‬ ‫ومتجدد‪ ،‬ال أستطيع تجاهله أمام كل الوجع‬ ‫سؤال جارح وطويل وممتد‬ ‫ِّ‬ ‫يك� داخل الروح يوماً بعد يوم‪ ،‬دون أن تستطيع أن تنفثه خارج‬ ‫الذي ب‬ ‫أ‬ ‫متماه ال شكل له وال لون‪ ،‬فقط له طعم ورائحة‬ ‫الكلمات‪ ،‬لنه وجع‬ ‫ٍ‬ ‫تجدها ف ي� لسانك وأنفك‪ ،‬وأمام الخراب المحيط بالعالم‪ ،‬وعجز الكتابة‬ ‫تحك له وجعك الغريب‪ ،‬وحزنك المريب‬ ‫عن أن تكون صديقاً ال يمل‪ ،‬ي‬ ‫ت‬ ‫ال� يظن‪ ،‬أو ضمادة تسعف جراح‬ ‫كل لحظة دون أن يهرب من تفاهتك ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ز‬ ‫ش‬ ‫الطفال‪ ،‬أو سقفاً‬ ‫خ�‪ ،‬أو مدفئة ليتام العالم‬ ‫للمت�دين‪ ،‬أو لقمة ب‬ ‫والجئيه‪.‬‬ ‫فلربما تستطيع الكلمة الواهنة الضعيفة أن تكون دمعة ساخنة تريح‬ ‫الروح وتخفِّف الوجع وتدرأ القليل من الح�ة أ‬ ‫واللم‪ .‬ولعلها تصبح بوحاً‬ ‫ي‬ ‫لقارئ ال يكتب فيجد ف ي� القصيدة وجعاً يقول عنه ما يريد‪ ،‬لعلها تصبح‬ ‫ف‬ ‫يس� إىل حتفه‪،‬‬ ‫لسان الحيارى‪ ،‬وصوت المقهورين ي� هذا العالم الذي ي‬ ‫ف‬ ‫و� مناسبة كهذه كتبت هذه القصيدة يوماً ما‪.‬‬ ‫فلهذا فقط أكتب‪ ،‬ي‬


‫َ‬ ‫ِح ْرفة‬ ‫‪-1‬‬‫أكتب كراقصة باليه عرجاء‬ ‫تتخبط ف ي� الحركة‪ ،‬ولكنها ال تتنازل عن‬ ‫حلمها‬ ‫ف‬ ‫كسلحفاة بحرية تعيش ي� حوض سمك‬ ‫ينظر لها الصغار بغبطة‬ ‫كعازفة بيانو عمياء‬ ‫تتحسس المفاتيح بروحها المبرصة‬ ‫كشحاذ عىل طريق مجهول‬ ‫َّ‬ ‫يدرك أنه لن يتحصل عىل المال‬ ‫ولكنه يلتذ باالنتظار‬ ‫ف‬ ‫كعامل نظافة عجوز يرى ي� الشارع بي َته‬ ‫ف‬ ‫عابر ابناً سيحتضنه يوماً‬ ‫ي‬ ‫و� كل ٍ‬ ‫أكتب الحيا َة بزاوية النقص‬ ‫وبدمعة تت�قرق ف ي� العيون‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫الكمال وهَ ْم‬ ‫ألن‬ ‫والسعاد َة فكرة‬ ‫‪-2‬‬‫ت‬ ‫تأ� الفكرة آخر الليل‬ ‫ي‬ ‫تعض عىل روحي‬ ‫ُّ‬ ‫ساذجة طيبة‬ ‫كما يليق بفكرة مت�ش دة‬ ‫مغ� ِة الوجه‬ ‫متشققة المالبس ب‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫أذ� أنفي أو‬ ‫رأس ي‬ ‫تدخل من ٍ‬ ‫ثقب ما ي� ي‬ ‫ن‬ ‫عي�‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫وت�بع هناك تماماً‬ ‫ف‬ ‫رأس بعنف‬ ‫تعوي ي� ي‬ ‫كذئب وحيد‬ ‫ئ‬ ‫بأشيا�‬ ‫تعبث‬ ‫العميقة هناك‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫تشذب فكرة الشعر‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫صارمة كالبدية والخرافة‬ ‫مفردات‬ ‫تنتشل‬ ‫ٍ‬ ‫والموت‬

‫تلقي بها بعيداً وتضحك‬ ‫ت‬ ‫المتم� ُس خلف الفص‬ ‫الحزن‬ ‫يريـبها‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫عقل‬ ‫اليمن من ي‬ ‫تهزه قليال ً‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ينظر إليها برجاء أن ت�كه ي� حاله‬ ‫تلوك ما يحلو لها من مفردات‬ ‫شماعة أ‬ ‫الزل‬ ‫التيه‬ ‫الصحراء والرساب‬ ‫المنمق‬ ‫أوهام الكالم‬ ‫وتبتلع عىل عجل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫والمحشور ف ي� زاوية‬ ‫شماعة الوهم‬ ‫كث�ة تجدها ترسبت من الكتب‬ ‫خزعبالت ي‬ ‫تضع قدماً عىل قدم وهي تتأمل فكرة‬ ‫العدم‬ ‫ت‬ ‫ست�ن‬ ‫تنظر لروح سيوران وكافكا المتم� ي‬ ‫هناك‬ ‫تنفض الغبا َر عن الكالم‬ ‫وتؤمن بالتفاصيل الجزئية‬ ‫ن‬ ‫اعية الذي‬ ‫يشغل�‪ ،‬وحفا َر‬ ‫ودو َر الر ِ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫القبور‪،‬‬ ‫ال� أركن إليها‬ ‫وخيال المآتة‪ ،‬ي‬ ‫تباركها‬ ‫وتختار لنفسها كلمات جديدة لتصلح‬ ‫هيأتها ف ي� ضوئها‬ ‫كب� كنعش لحبيب‬ ‫وتخرج بصندوق ي‬ ‫أو جثة لجريمة قتل‬ ‫تلقيها ف ي� البحر‬ ‫وأسمع الطشطشة‬ ‫رأس الذي يصبح خفيفاً جداً‬ ‫وأنفض ي‬ ‫وأبدأ ف ي� الكتابة‬ ‫‪-3‬‬‫أكتب تماماً كما يعمل نحات مهووس‬

‫ت‬ ‫قرر أن يحولها‬ ‫يق�ب من جذع شجرة َّ‬ ‫المرأة‬ ‫يبك ف ي� البدء عند أقدامها‬ ‫ي‬ ‫يعتذر لها عن قسوة الفأس ولحظات‬ ‫الموت‬ ‫وأنه سيحرمها من الهواء والماء والغابة‬ ‫والعصاف�‪ ،‬وتحديداً من نقار الخشب‬ ‫ي‬ ‫يقول لها هذا تماماً سيكون دوري منذ‬ ‫اللحظة‬ ‫إزميل‬ ‫مع أنك لن تشعري بدغدغات‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫تضحك� للثمات منقاره‬ ‫كما كنت‬ ‫يخ�ها عن فكرة الخلود والفن‬ ‫ثم ب‬ ‫ف‬ ‫ويعدها بأنه سيتجول بها ي� كل متاحف‬ ‫العالم‬ ‫سيش� إليها بانبهار‬ ‫وأن الجميع‬ ‫ي‬ ‫لكنه يهرب فجأة من يديها‬ ‫ألنه شعر أنها ت‬ ‫س�فسه‪ ،‬لو لم يتوقف‬ ‫عن هذه التفاهات‬ ‫أنا أيضاً هكذا أنهي النص خوفاً من رفس‬ ‫الكلمات‬ ‫أو اتصالها معاً لتشكل حبال ً يلتف حول‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫رقب�‬ ‫ليخنق�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫فأنتم ال تعرفون قوة الكلمات الحقيقية‬ ‫خاصة إذا اتَّحدن‬ ‫ولذلك ليس عفواً أن يقول سيوران‬ ‫«الكلمة خنجر ال يُرى»‬ ‫أن‬ ‫ن� امرأة جبانة تخاف الخنجر والحبل‬ ‫ول ي‬ ‫والرفس‬ ‫قص�ة غالباً‬ ‫أكتب نصوصاً ي‬

‫استمع للقصائد‬ ‫بصوت الشاعرة‬

‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪71 | 70‬‬

‫ذاكرة القافلة‬

‫في ربوع المملكة‪..‬‬

‫القصيم‬

‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫َّ‬ ‫تضمن عدد القافلة‬ ‫لشهر أبريل‪/‬مايو‬ ‫‪1962‬م‪ ،‬استطالعاً‬ ‫ً‬ ‫مصورا حول القصيم‬ ‫بقلم حسن عزت‪ .‬ومن هذا‬ ‫ِّ‬ ‫االستطالع نختار مقتطفات تصور‬ ‫ما كانت عليه المنطقة آنذاك‪..‬‬ ‫بدأنا رحلتنا هذه من الظهران حيث استقلينا سيارة‬ ‫انطلقت بنا إلى الرياض‪ ،‬نقطة انطالقنا في رحلتنا‬ ‫الطويلة‪ .‬ولقد كانت بداية الرحلة جميلة‪ ،‬إذ إن‬ ‫معبد مرصوف ما بين الظهران والرياض‪،‬‬ ‫الطريق َّ‬ ‫وتستطيع السيارة الصغيرة أن تقطعه في حوالي‬ ‫خمس ساعات من السير المتواصل‪.‬‬ ‫وقد مررنا في طريقنا عبر الدهناء‪ ،‬وهي أسياف‬ ‫منفصلة عن النفود الشمالي وواصلة بينه إال َّ في‬ ‫مسافة قصيرة بين النفود الجنوبي الكبير المسمى‬ ‫بالربع الخالي‪.‬‬ ‫وقد وصلنا إلى الرياض في نفس اليوم وقضينا بها‬ ‫ليلتين استأنفنا بعدها السفر إلى القصيم‪ .‬وتحركت‬ ‫بنا السيارة التي كنا قد استأجرناها في الرياض لهذه‬ ‫الرحلة‪ .‬ورأينا في طريقنا ونحن خارجون من الرياض‬ ‫كيف ُش َّق الطريق وسط الصخور الصلبة‪ .‬وكنا نرى‬ ‫على جانبي الطريق الهاويات السحيقة التي يمكن أن‬ ‫تصيب الناظر بالدوار لعمقها‪ .‬وعقب اجتيازنا لها‪،‬‬ ‫مررنا على الطريق المرصوف الذي وصل تعبيده حتى‬ ‫«مرات» التي تبعد مسافة ‪ 170‬كيلومتراً عن الرياض‪.‬‬ ‫وبعد ذلك سارت بنا السيارة في طريق سهل منبسط‬ ‫وحتى إذا ما أصبحنا على مسيرة ساعتين بالسيارة‬ ‫تقريباً من بريدة‪ ،‬أصبح الطريق صخرياً وعراً‪ .‬وعلى‬ ‫مسافة ساعة من بريدة‪ ،‬اضطررنا الجتياز تالل الرمال‬ ‫الكبيرة في صحراء النفود‪)…( .‬‬

‫طالب قسم النجارة في المدرسة الصناعية في بريدة‬

‫وبعد أن اجتازت بنا السيارة كثبان الرمل الكثيفة‪،‬‬ ‫مررنا بقرية الشماسية‪ ،‬وقرية الربيعية ومنهما‬ ‫إلى بريدة التي وصلناها في الساعة العاشرة من‬ ‫الليل‪.‬‬ ‫وفي صبيحة اليوم التالي تشرفنا بزيارة سمو أ‬ ‫المير‬ ‫سعود بن هذلول‪ ،‬أمير القصيم‪ ،‬الذي حدثنا عن‬ ‫بريدة والقرى المحيطة بها وتكرم فكلَّف أحد رجال‬ ‫المارة بمرافقتنا كدليل أثناء تجوالنا في القصيم‪.‬‬ ‫إ‬

‫القصيم‬

‫والقصيم يُحد من الجنوب الشرقي بالوشم‪ ،‬ومن‬ ‫الجنوب الغربي بمنحدرات عتيبة‪ ،‬ومن الغرب‬ ‫شمر والصحراء الشمالية‪.‬‬ ‫والشمال بجبل ّ‬ ‫وقد قال عنها سعادة الشيخ حافظ وهبة في كتابه‬ ‫«جزيرة العرب في القرن العشرين»‪« :‬مزارعها كثيرة‬ ‫جداً حتى إنها كشبه حديقة تحيط بها صحراء‪،‬‬ ‫وتجود في هذه الواحة المزروعات على اختالف‬ ‫أصنافها»‪.‬‬

‫وقد قال عنها محمد بن عبدهللا بن بليهد في كتابه‬ ‫الخبار عما في بالد العرب من آ‬ ‫«صحيح أ‬ ‫الثار»‪:‬‬ ‫«القصيم‪ :‬هو بلد عظيم مشهور بهذا االسم إلى‬ ‫هذا العهد‪ ،‬واقع في القطعة الشمالية من نجد‪،‬‬ ‫عامر كثير القرى والنخيل والمزارع (…)»‪.‬‬ ‫ويستطرد فيقول‪« :‬أما بريدة‪ :‬المدينة المشهورة في‬ ‫وسط القصيم‪ ،‬فالذي اكتشفها الدريبي‪ ،‬من أهل‬ ‫ثرمدا من العناقر‪ ،‬اكتشفها في النصف أ‬ ‫الخير من‬ ‫القرن العاشر تقريباً‪ ،‬وبقايا ذريته هم آل أبي عليان‬ ‫الذين لهم ذكر في تاريخ بريدة»‪.‬‬ ‫العليا‬ ‫وبريدة تقع في الطرف الشمالي من القصيم ُ‬ ‫على الجانب أ‬ ‫اليسر من وادي الرمة‪ ،‬وهي من أكبر‬ ‫المدن النجدية وأحسنها نظاماً ونظافة‪.‬‬

‫المباني‬

‫ومعظم مباني بريدة من اللبن‪ ،‬وتُكسى الجدران‬ ‫هناك بطبقة من الطين المخلوط بالتبن‪ ،‬وذلك‬ ‫لتقويتها ضد مياه أ‬ ‫المطار‪ .‬وبعض البيوت من‬


‫طابقين أو ثالثة طوابق‪ ،‬ويميل البعض إلى تزييت‬ ‫رؤوس بيوتهم بالجير أ‬ ‫البيض (النورة) التي تُكسب‬ ‫البيوت لوناً زاهياً جذاباً‪.‬‬ ‫وتقع مدينة بريدة على مرتفع رملي‪ ،‬وهي صحية‬ ‫جداً وأرضها خصبة‪ ،‬وبساتينها كثيرة‪ ،‬والمياه فيها‬ ‫متوافرة‪ .‬إال أنها ليست خالصة العذوبة‪ .‬ويتراوح‬ ‫معدل عمق آ‬ ‫البار في بريدة ما بين ‪ 20‬و‪ 40‬قدماً‪.‬‬ ‫ويبلغ تعداد سكان بريدة حوالي ‪ 40‬ألف نسمة‬ ‫البل والغنم‬ ‫معظمهم من بني تميم‪ ،‬وهم يربون إ‬ ‫ويصدرون إلى‬ ‫تكون جزءاً من ثروة البالد‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫التي ّ‬ ‫الخارج ما يفيض عن حاجتهم‪ ..‬كما أنهم يُعنون‬ ‫ويصدرونها إلى الشرق والشمال‪.‬‬ ‫بتربية الخيول‬ ‫ِّ‬

‫التعليم‬

‫وقد قمنا بزيارة أ‬ ‫للستاذ الشيخ سليمان الشالش‪،‬‬ ‫مدير التعليم بمنطقة القصيم‪ ،‬فحدثنا عن‬ ‫مجهودات وزارة المعارف في بريدة‪ .‬وقد ذكر لنا‬ ‫أن هناك تسع مدارس ابتدائية في بريدة موزعة‬ ‫على مختلف أحيائها حسب تعداد السكان‪ .‬وبهذه‬ ‫المدارس االبتدائية ‪ 2421‬طالباً‪ .‬كما أن بها مدرسة‬ ‫متوسطة وثانوية يدرس فيها ‪ 98‬طالباً‪ ،‬ومدرسة‬ ‫صناعية بها ‪ 154‬طالباً‪ ،‬ومعهداً للمعلمين به ‪156‬‬ ‫طالباً‪ ،‬ومدرسة زراعية‪ ،‬بها ‪ 91‬طالباً‪.‬‬ ‫وتدرس في المدارس االبتدائية والمتوسطة والثانوية‬ ‫َّ‬ ‫العلوم الدينية‪ ،‬والعلوم الطبيعية‪ ،‬واللغة العربية‪،‬‬ ‫النجليزية‪ ،‬والرياضة بأنواعها‪ ،‬والمواد‬ ‫واللغة إ‬ ‫االجتماعية‪ ،‬كما تدرس اللغة الفرنسية في المرحلة‬ ‫الثانوية فقط‪.‬‬ ‫أما في المدرسة الزراعية فتدرس الكيمياء والطبيعة‬ ‫والعلوم النباتية‪ ،‬ويقوم الطلبة من وقت إلى آخر‬ ‫بزيارة الحقول والبساتين لتلقي دروس عملية في‬ ‫الزراعة‪ .‬وتدرس بجانب هذه المواد العلوم الدينية‪،‬‬ ‫النجليزية‪.‬‬ ‫والرياضيات‪ ،‬واللغة العربية‪ ،‬واللغة إ‬

‫سمو األمير سعود بن هذلول أمير القصيم (آنذاك)‬

‫أما معهد المعلمين فيقوم بتخريج المدرسين‬ ‫والماكن أ‬ ‫للمدارس االبتدائية للقصيم أ‬ ‫الخرى التي‬ ‫تحتاج إليهم‪ .‬وسيوسع هذا المعهد في المستقبل‬ ‫ويزداد عدد طالبه‪.‬‬ ‫وقد قمنا بزيارة للمدرسة الصناعية‪ ،‬وطفنا بجميع‬ ‫أقسامها‪ .‬وتتكون المدرسة من عدة أقسام‪ ،‬منها‬ ‫قسم للنجارة‪ ،‬يقوم طالبه بصنع براويز الصور‬ ‫والحوامل والكراسي المكتبية والمنزلية ومختلف‬ ‫أ‬ ‫الثاثات المنزلية‪ .‬وقسم للبرادة‪ ،‬يقوم طالبه بصنع‬ ‫جميع المواد التي يستخدمونها كالمناشير والمفاتيح‬ ‫والمفكات وثقاالت أ‬ ‫الوراق وغيرها‪ .‬وهم يستفيدون‬ ‫من كل قطعة من الحديد كبيرة كانت أم صغيرة‪ ،‬في‬ ‫الحجام أ‬ ‫الشياء على مختلف أ‬ ‫صنع هذه أ‬ ‫والشكال‪.‬‬ ‫وهناك أيضاً قسم للسمكرة أ‬ ‫والعمال الصحية‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ويقوم طالبه بتصميم وصنع الثاثات المعدنية‪،‬‬ ‫وصنع التوصيالت الصحية للمباني كمواسير المياه‬ ‫وخالفها‪ .‬كما يقومون أيضاً بتصميم خرائط المباني‪.‬‬ ‫وهناك أيضاً قسم لميكانيكا السيارات‪ ،‬ويتبع له‬ ‫قسم للبرادة يقوم طالبه بتشكيل المعادن‪ ،‬وصنع‬ ‫بعض قطع الغيار الصغيرة كالصواميل‪ ،‬وفياش‬ ‫الفرامل‪ ،‬ومفاتيح السيارات بجميع أنواعها‪ .‬والمالحظ‬

‫فني يقوم بعمله على آلة الخراطة في ورشة الراشد في بريدة‬

‫القبال كبير على هذه المدرسة الصناعية‪ ..‬إذ بها‬ ‫أن إ‬ ‫آ‬ ‫الن ‪ 154‬طالباً يتلقون تدريباً في مختلف الصناعات‪.‬‬ ‫وفي بريدة مستشفى كبير مزود بأحدث أ‬ ‫الجهزة‬ ‫الطبية‪ ،‬وبه عيادة خارجية يتردد عليها يومياً ما بين‬ ‫‪ 300‬و‪ 400‬مريض‪.‬‬ ‫الحميد‬ ‫والجدير بالذكر أن السادة إبراهيم الراشد‬ ‫ّ‬ ‫وإخوانه قد أنشأوا مرآباً من أحدث مرائب السيارات‪،‬‬ ‫زودوه بأحدث آ‬ ‫الالت الالزمة لصيانة مختلف أنواع‬ ‫السيارات‪ ،‬ويُعد هذا المرآب بحق من أحدث‬ ‫المرائب في المملكة‪.‬‬ ‫ولقد لفت نظري أثناء إقامتي في بريدة‪ ،‬منظر‬ ‫المستنقعات التي تجمعت عن آ‬ ‫البار التي حفرها‬ ‫أ‬ ‫الهالي هناك في الماضي بطريقة خاطئة‪ ..‬إذ ُحفر‬ ‫آ‬ ‫آ‬ ‫البعض منها باليد والبعض الخر بالالت‪ ،‬إال أن‬ ‫الحفر لم يتم بطريقة فنية صحيحة‪ ،‬مما أدى إلى‬ ‫ارتفاع المياه في تلك آ‬ ‫البار حتى طغت على سطح‬ ‫أ‬ ‫الرض‪ ،‬مكونة مستنقعات تهدد بخطر صحي جسيم‪،‬‬ ‫تهدد المباني المبنية بالطين (اللبن)‪ .‬وإزاء هذا‬ ‫كما ِّ‬ ‫الموقف‪ ،‬قامت وزارة الزراعة الرشيدة بدراسة هذه‬ ‫الحالة وقررت على الثر دفن آ‬ ‫البار الخمس عشرة‪،‬‬ ‫إ‬ ‫وحفر آبار أخرى بدال ً عنها للمزارعين‪ .‬واغتنمت الوزارة‬ ‫الفرصة في نفس الوقت‪ ،‬فقامت بدراسة جميع‬ ‫مياه منطقة القصيم‪ ،‬وقد أوفدت لذلك مهندس‬ ‫الحقل أ‬ ‫الستاذ حامد دردير‪ ،‬والمستر وود الجيولوجي‬ ‫أ‬ ‫المريكي المختص بشؤون المياه‪ .‬ونفس ما حدث في‬ ‫بريدة حدث في قرية عيون الجواء التي تقع على بُعد‬ ‫‪ 35‬كيلومتراً شمال غربي بريدة‪.‬‬ ‫صور‪ :‬خليل‬ ‫أبو النصر‬

‫مستشفى بريدة الحديث ومساكن األطباء والممرضين‬

‫شاهد المزيد‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫عثرت عليها في قاموس المنهل (فرنســي‪ -‬عربي)‪،‬‬ ‫للفظة ا ألُولى المُعَ َّل َم ُة ِبنُجَ ْيمَةٍ ُ‬ ‫مكن رَصْ دُ وزن هذه الكلمة لتوليد المدلوالت التــي نحتاجها في علوم الحيوان‬ ‫َهف‪:‬‬ ‫لمختلفة‪ .‬وقد نَحَ وْتُ على مثَالهَا فيما صغتُ من كلمات مذكورة أدناها ُم ْكت ٌ‬ ‫َرِض‪ :‬صفة‬ ‫فيوالمَغَ ارَات َوتَجاويفهَا‪ .‬مُؤْ ت ٌ‬ ‫البالغةهُوف‬ ‫يعيش في ال ُك‬ ‫صفة للحيوان الذي ُ‬ ‫لحيوان الذي يعيش في الأرض والوَحْ ل‪ ¯.‬مُجْ َتبِلٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في‬ ‫لجبال‪ ¯.‬مُحْ تَرِجٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في الأحْ رَاج والغَ ابَات‪ .‬مُخْ ت َِش ٌب‪ :‬صفة‬ ‫للحيوان الذي يعيش في ال ِّرمَال‪¯.‬‬ ‫مجالس ْرتَمِ لٌ ‪ :‬صفة‬ ‫لحيوان الذي يعيش في الخَ شَ ب‪ُ .‬م‬ ‫ّ‬ ‫ة‬ ‫العام‬ ‫مشْ ت َِجرٌ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في ا ألَشْ جَ ار‪.‬م ُْصطَ ِح ٌر (أصْ ُلهَا م ُْصت َِحر)‪ :‬صفة‬ ‫الصحْ رَاء‪ُ .‬م ْهتَذِ ٌب‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش‬ ‫يعيش فــي َّ‬ ‫لحيوان الذي‬ ‫َي‪ :‬مَوَ ٌه (معناه المَاء)‪ +‬عَذْ ٌب)‪.‬‬ ‫العَ ذْ بَة ( َمنْحُ وتَةٌ من َك ِل َمت ْ‬ ‫فــي المياه‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في ال َمنَاقِ ع والمُسْ ــ َت ْنقَعَ ات‪.‬‬ ‫م ْنتَقِ عٌ ‪:‬‬ ‫المُعَ َّل َم ُة ِبنُجَ ْيمَةٍ عثرتُ عليها في قاموس المنهل (فرنســي‪-‬‬ ‫للفظة ا ألُولى‬ ‫عربي)‪ ،‬يمكن رَصْ دُ وزن هذه الكلمة لتوليد المدلوالت التي نحتاجها في علوم‬ ‫صغت من كلمات مذكورة أدناها‬ ‫ُ‬ ‫لحيوان المختلفة‪ .‬وقد نَحَ وْتُ على مثَالهَا فيما‬ ‫َرِض‪:‬‬ ‫يعيش في ال ُكهُوف والمَغَ ارَات َوتَجاويفهَا‪ .‬مُؤْ ت ٌ‬ ‫َهــف‪ :‬صفة للحيوان الذي ُ‬ ‫م ْكت ٌ‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في الأرض والوَحْ ل‪ ¯.‬مُجْ َتبِلٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي‬ ‫عيش في الجبال‪ ¯.‬مُحْ تَرِجٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش فــي الأحْ رَاج والغَ ابَات‪.‬‬ ‫ل‪ :‬صفة للحيوان‬ ‫ــب‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في الخَ شَ ب‪ُ .‬م ْرتَمِ ٌ‬ ‫مخْ ت َِش ٌ‬ ‫لذي يعيش في ال ِّرمَال‪ ¯.‬مُشْ ت َِجرٌ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في ا ألَشْ جَ ار‪.‬‬ ‫ب‪:‬‬ ‫الصحْ رَاء‪ُ .‬م ْهتَذِ ٌ‬ ‫مصطَ ِح ٌر (أصْ ُلهَا م ُْصت َِحر)‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في َّ‬ ‫ْ‬ ‫َي‪ :‬مَوَ ٌه (معناه‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في المياه العَ ذْ بَة ( َمنْحُ وتَةٌ من َك ِل َمت ْ‬ ‫لمَاء)‪ +‬عَذْ ٌب)‪ُ .‬م ْنتَقِ عٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في ال َمنَاقِ ع والمُسْ ــ َت ْنقَعَ ات‪.‬‬ ‫عثرت عليها في قاموس المنهل (فرنســي‪ -‬عربي)‪،‬‬ ‫للفظة ا ألُولى المُعَ َّل َم ُة ِبنُجَ ْيمَةٍ ُ‬ ‫مكن رَصْ دُ وزن هذه الكلمة لتوليد المدلوالت التــي نحتاجها في علوم الحيوان‬ ‫َهف‪:‬‬ ‫لمختلفة‪ .‬وقد نَحَ وْتُ على مثَالهَا فيما صغتُ من كلمات مذكورة أدناها ُم ْكت ٌ‬ ‫َرِض‪:‬‬ ‫يعيش في ال ُكهُوف والمَغَ ارَات َوتَجاويفهَا‪ .‬مُؤْ ت ٌ‬ ‫صفة للحيوان الذي ُ‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في الأرض والوَحْ ل‪ ¯.‬مُجْ َتبِلٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي‬ ‫عيش في الجبال‪ ¯.‬مُحْ تَرِجٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش فــي الأحْ رَاج والغَ ابَات‪.‬‬ ‫ل‪ :‬صفة للحيوان‬ ‫ــب‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في الخَ شَ ب‪ُ .‬م ْرتَمِ ٌ‬ ‫مخْ ت َِش ٌ‬ ‫لذي يعيش في ال ِّرمَال‪ ¯.‬مُشْ ت َِجرٌ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في ا ألَشْ جَ ار‪.‬‬ ‫ب‪:‬‬ ‫الصحْ رَاء‪ُ .‬م ْهتَذِ ٌ‬ ‫مصطَ ِح ٌر (أصْ ُلهَا م ُْصت َِحر)‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في َّ‬ ‫ْ‬ ‫َي‪ :‬مَوَ ٌه (معناه‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في المياه العَ ذْ بَة ( َمنْحُ وتَةٌ من َك ِل َمت ْ‬ ‫لمَاء)‪ +‬عَذْ ٌب)‪ُ .‬م ْنتَقِ عٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في ال َمنَاقِ ع والمُسْ ــ َت ْنقَعَ ات‪.‬‬ ‫‪73 | 72‬‬

‫لغويات‬

‫عيضه المجنوني‬

‫أ‬ ‫دم مما‬ ‫إن‬ ‫العامة في مجالسهم وحواراتهم ال ْيع ُ‬ ‫المتتبع لقوال ّ‬ ‫ّ‬ ‫وحكَماً كثيرة‪ ،‬لو أراد صياغتها بلسانه‬ ‫يسمعه منهم عبارات بليغة ِ‬ ‫ألعجزه ذلك‪.‬‬

‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫البالغة بمعناها الشامل الكامل َم َلكَةٌ يُؤث ُّر‬ ‫صاحبها في عقول الناس وقلوبهم‪ ،‬من‬ ‫بها‬ ‫ُ‬ ‫طبع‬ ‫الملَكة ّإما ٌ‬ ‫طريق الكتابة أو الكالم‪ ،‬وهذه َ‬ ‫صاحب هذا الطبع‬ ‫موهوب‪ ،‬وغالباً ما يكون‬ ‫ُ‬ ‫ذهن ثابت وعاطفة جياشة قوية وخياال ً‬ ‫ذا ٍ‬ ‫اليقاع‪ ،‬وإما‬ ‫بجمال‬ ‫تحس‬ ‫الجرس وتلذّ بجمال إ‬ ‫خصباً ثريّاً وأُذُناً ّ‬ ‫ْ‬ ‫علم ُمك َت َس ٌب من خالل القراءة وبخاصة في علوم اللغة مع معرفة‬ ‫ٌ‬ ‫بأحوال النفس البشرية وطبائعها وإلمام بما يحيط به من البيئة‬ ‫الطبيعية واالجتماعية‪.‬‬

‫عيت مرة إلى وليمة‪ ،‬وكان بين الحاضرين ٌ‬ ‫رجل اش ُت ِه َر‬ ‫من ذلك أنني ُد ُ‬ ‫محرك سيارة‬ ‫صوت‬ ‫سمع‬ ‫اء‬ ‫ش‬ ‫الع‬ ‫من‬ ‫فرغنا‬ ‫وحين‬ ‫بحديثه الف َِكه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫أخي‪ ،‬فقال من ف َْوره‪ :‬من الذي سرى يُدغْدغ هذه العجوز؟ وال‬ ‫يخفى على أحد ما في القول السابق من بالغة في تشبيه السيارة‬ ‫محركها بالدغدغة‪.‬‬ ‫بالعجوز وصوت ّ‬

‫وال بد للبليغ حتى يستحق هذا الوصف أن يجمع بين أ‬ ‫المرين‪ ،‬إذ‬ ‫ُّ‬ ‫ال يغني أحدهما عن آ‬ ‫الخر‪ ،‬فال الموهبة وحدها تكفي‪ ،‬وال حفظ‬ ‫القواعد البالغية وحدها يمكن أن يجعل صاحبها بليغاً‪.‬‬

‫الس ْير فقال‬ ‫وقد وصف أحد ّ‬ ‫تكثر عليه حوادث ّ‬ ‫العامة طريقاً ُ‬ ‫عنه والبالغة تجري على لسانه‪ :‬الذاهب فيه مفقود‪ ،‬والعائد منه‬ ‫مولود‪.‬‬

‫وش ّراح كُتبها أن‬ ‫يعس ُر على أحد المشتغلين بعلوم البالغة ُ‬ ‫وقد ُ‬ ‫محف ٍَل ّما‪ ،‬بينما نجد الكلمات البليغة‬ ‫يكتب كلمة إللقائها في ْ‬ ‫أ‬ ‫والقوال المؤثّرة تنساب على لسان من ال يعلم نفاسة ما يقوله وال‬ ‫يقيم له و ْزناً‪.‬‬

‫كما يقولون في وصف المتعلّم الذي ال يعمل بما تعلمه‪ :‬فالن يقرأ‬ ‫ُ‬ ‫السيل‬ ‫جمع ُجرف وهو ما أكل‬ ‫والج ُروف ُ‬ ‫الحروف ويقفز الجروف‪ُ ،‬‬ ‫شق الوادي والنهر‪ ،‬وهذا القول قد جمع بين الصورة‬ ‫من أسفل ّ‬ ‫البيانية والفن البديعي‪.‬‬

‫يُحكى عن الشاعر العباسي أبي تمام أنه توقف عند هذا الشطر‬ ‫سن من‬ ‫من قصيدته البائية التي مدح فيها أبا دلف العجلي‪ْ :‬‬ ‫«وأح ُ‬ ‫وظل يُر ّدده حتى وقف ببابه فجأ ًة ٌ‬ ‫الصبا»‪ّ ..‬‬ ‫سائل يقول‪:‬‬ ‫نَ ْو ٍر يُف ِّت ُحه َّ‬ ‫وأتم صدر‬ ‫«من بياض عطاياكم في سواد مطالبنا»‪ .‬ففرح أبو تمام ّ‬ ‫«بياض العطايا في‬ ‫البيت الذي كان يُر ّدده من كالم السائل بقوله‪ُ :‬‬ ‫المطالب»‪.‬‬ ‫َس َو ِاد‬ ‫ِ‬

‫كالحية الرقطاء) لمن‬ ‫ومن التشبيه واالستعارة قولهم‪( :‬فالن ّ‬ ‫ً‬ ‫يسعى لنشر الفتنة‪ ،‬وبعضهم يقول إذا رأى شيئا رديئاً‪( :‬كأنه‬ ‫تسد مشرق‬ ‫حظّي) ويُك ّنون عن كثرة العدد بقولهم‪:‬‬ ‫(فالن مواشيه ّ‬ ‫ٌ‬ ‫الع ْرس وال‬ ‫هم ُ‬ ‫هم إال ّ‬ ‫الشمس)‪ .‬ومن البديع في كالمهم أيضاً‪( :‬ال ّ‬ ‫و(شهر ّ‬ ‫عده ّزل) و(الدرب وإن طال‪،‬‬ ‫الض ْرس)‬ ‫وجع إال وجع ّ‬ ‫هل‪ّ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫والرفيق وإن عال) والجناس في قولهم‪( :‬هذه الشياه ال حليب فيها‬ ‫والجلُوبة‪ :‬ما يُجل َُب للبيع‪.‬‬ ‫وال َجليب) َ‬

‫أ‬ ‫ولد وهو ِبكْ ُرها الذي‬ ‫أن ابن الثير سمع امرأة قد تُوفّي لها ٌ‬ ‫ويُذْ ك َُر ّ‬ ‫هو ُ‬ ‫هم وقع‬ ‫أول أوالدها‪ ،‬فقالت‪ :‬كيف ال أحزن لذهابه وهو ّأو ُل ِد ْر ٍ‬ ‫ً‬ ‫كتب ُه إلى أحد إخوانه يُع ّزيه‬ ‫في الكيس؟ فأخذ المعنى ّ‬ ‫وضم ُنه كتابا َ‬ ‫في وفاة بكْره من أ‬ ‫ُ‬ ‫خرتَ ُه في كيس‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫هم‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ل‬ ‫أو‬ ‫وهو‬ ‫الوالد قائالً‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫اال ّدخار‪ ،‬وأ ْع َد ْدتَ ُه لحوادث الليل والنهار‪.‬‬

‫الخشاب البغدادي وكان إماماً في‬ ‫ور َد من أخبار ابن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومما َ‬ ‫علم العربية وغيره أنه كان كثيراً ما يقف على ِحلَق الق ُّصاص‬ ‫شعبذين‪ ،‬فإذا أتاه طلبة العلم ال يجدونه في أكثر أوقاته َّإل‬ ‫والم ْ‬ ‫ُ‬ ‫فليم على ذلك‪ ،‬وقيل له‪ :‬أنت إمام الناس في العلم‪ ،‬فما‬ ‫هناك‪َ ،‬‬ ‫الذي يبعثك على الوقوف بهذه المواقف الرذيلة؟ فقال‪ :‬لو علمتم‬ ‫الج ّهال فوائد كثيرة‪،‬‬ ‫ما أعلم ما ل ُْم ُتم‪ ،‬ولطالما‬ ‫ُ‬ ‫استفدت من هؤالء ُ‬ ‫أردت أنا وغيري‬ ‫معان غريبة لطيفة‪ ،‬ولو ُ‬ ‫فإنه تجري ضمن هذيانهم ٍ‬ ‫أن نأتي بمثلها لما استطعنا ذلك‪.‬‬

‫ما هذه إال نماذج قليلة‪ ،‬ذكرتُها ُلي ْس َت َد ّل بها على أشباهها ونظائرها‬ ‫كد ُه في‬ ‫العامة‪ ،‬ومن يجعل َّ‬ ‫من سيرورة البالغة أحياناً على ألسنة ّ‬ ‫دونة جماالً‪.‬‬ ‫الم ّ‬ ‫تتبعها سيجد ما يُضاهي النماذج البالغية ُ‬ ‫ّ‬

‫الشارة إليه أنه بإمكان معلّمي مادة البالغة العربية‬ ‫ومما تجدر إ‬ ‫االستفادة من مثل هذه النماذج من الكالم الدارج وربطها بما‬ ‫ليستقر في أذهان‬ ‫دونة في الكتب‪،‬‬ ‫يجدونه من شواهد بالغية ُم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّفات ال صلة لها‬ ‫الطالب أنهم ال يدرسون لغة بعيدة عنهم‪ ،‬أو تكل ٍ‬ ‫بواقعهم‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫فيديل سبيتي‬

‫مع عبداهلل الشيخ‬ ‫في محترفه بالظهران‬

‫فرشاة وإزميل‬

‫عبداهلل الشيخ واحد من ألمع‬ ‫األسماء وأعرقها على الساحة‬ ‫التشكيلية في المملكة‪ ،‬إذ حضرت‬ ‫ً‬ ‫معرضا‬ ‫أعماله في أكثر من ستين‬ ‫على مدى أكثر من ثلث قرن‪ ،‬تنوعت‬ ‫فيها هذه األعمال‪ ،‬وتبدلت بتبدل‬ ‫حال العالم من حوله‪ .‬وإلى محترفه‬ ‫في الظهران كانت لنا هذه الزيارة‪.‬‬


‫‪75 | 74‬‬

‫في الثمانين من عمره‪ ،‬لكنه كان بكامل حماسته‬ ‫وكياسته حين استقبلنا في محترفه في الظهران‪.‬‬

‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫بدا الفنان التشكيلي السعودي عبدهللا الشيخ‬ ‫كما لو أنه في مقتبل رحلته الفنية يستقبل فريقاً صحافياً‪ .‬بدا شاباً‬ ‫في استقبالنا رغم أن التجربة التي عاشها منذ معرضه الفردي أ‬ ‫الول‬ ‫مر بها فنان تشكيلي من الخليج العربي‪،‬‬ ‫في العام ‪1982‬م قلّما ّ‬ ‫تنوعها الفني من حيث المضمون الذي تأثّر بحوادث كثيرة‬ ‫سواء في ّ‬ ‫مرت في حياته العريضة‪ ،‬أو في الشكل وطريقة الرسم والمواد‬ ‫ّ‬ ‫التشكيلية المستخدمة في اللوحات التي بدورها تأثرت بالحوادث‬ ‫نفسها‪ ،‬وهي كلها ‪-‬لو وضعنا ذكريات الطفولة جانباً‪ -‬تدور حول‬ ‫النسانية المختلفة التي اختارها عبدهللا الشيخ موضوعات‬ ‫عذابات إ‬ ‫للوحاته‪ ،‬وركّز عليها‪ ،‬وكأنه أراد‪ ،‬ليس التعبير فقط عن هذه المآسي‬ ‫آ‬ ‫وتحوله إلى آلة في‬ ‫والالم والحروب‪ ،‬وآخرها «تشيء» إ‬ ‫النسان ّ‬ ‫«العصر الرقمي»‪ ،‬بل أراد أيضاً فتح آفاق عبر نظرته المغايرة‬ ‫لمسيرة البشرية بواسطة هذه اللوحات‪.‬‬

‫الضاءة‬ ‫من الحديقة إىل إ‬

‫بشج�اتها‬ ‫بعد الحديقة الغ ّناء باخ�ض ارها نتيجة اعتنائه الدؤوب‬ ‫ي‬ ‫المح�ف الذي يقع ف� ن‬ ‫ت‬ ‫مب� مستقل إىل يسار‬ ‫وأعشابها‪ ،‬انتقلنا إىل‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫الحديقة‪ ،‬فيما نز‬ ‫ممر يجعلك‬ ‫الم�ل‬ ‫العائل إىل يمينها‪ ،‬ف يفصل بينهما ّ‬ ‫ي‬ ‫تشعر بأنك ف ي� معرض «تنسيق» حدائق ي� بلدة استوائية‪.‬‬ ‫ت‬ ‫كب�ة الستقبال الضيوف والزوار ف ي�‬ ‫ف ي�‬ ‫المح�ف صالة ومكتبة ي‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫السفل حيث معدات‬ ‫الطابق العلوي‪ .‬ثم المشغل ي� الطابق‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ئ‬ ‫ش‬ ‫الكهربا� الذي‬ ‫والمنشار‬ ‫ا� التلوين‬ ‫ي‬ ‫الرسم‪ ،‬من اللوان إىل فر ي‬ ‫يقطع به الخشب ليصنع أطر لوحاته‪ ،‬وهناك معدات قلما تجدها‬ ‫ف ت‬ ‫لل الحديد وإعادة تشكيله‪.‬‬ ‫رسام مثل آالت ي‬ ‫ي� مح�ف ّ‬ ‫صغ�ة ي ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫اس‬ ‫ي‬ ‫و� الزاوية لفافات من القمشة يصنع منها اللوحة‪ ،‬وكر ي‬ ‫بارتفاعات مختلفة يستخدمها أثناء الرسم للتخفيف من عبء‬ ‫ت‬ ‫بمك�ات‬ ‫الوقوف الطويل‪ .‬ثم هناك جهاز‬ ‫«الس�يو» الموصول ب‬ ‫للصوت موزعة ف� أ‬ ‫ت‬ ‫ال� ال يعمل‬ ‫الكالسيكية‬ ‫الموسيقى‬ ‫النحاء‪ ،‬تبث‬ ‫ّ ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫عبدهللا الشيخ من دونها‪« ،‬الموسيقى الكالسيكية رديف لللوان أثناء‬ ‫عمل»‪.‬‬ ‫ي‬ ‫الضاءة ف ي� السقف وعىل‬ ‫ويكلّل الديكور‬ ‫الداخل هذا توزيع إ‬ ‫ي‬ ‫الجدران‪ ،‬ي ن‬ ‫الصغ�ة الموجهة أنوارها إىل‬ ‫ب� المصابيح الكهربائية‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ت�ء‬ ‫اللوحات المعلقة عىل الجدران‪ ،‬والمصابيح ي‬ ‫ال� ي‬ ‫الكب�ة ي‬ ‫ت‬ ‫ال� يحتاجها‪ ،‬سواء‬ ‫المكان كلّه‪ ،‬مع قدرة عىل التحكّم بكمية الضوء ي‬ ‫ف ي� لحظات اشتغاله عىل اللوحة أو حاالت تأمله لما صنعته يداه‪ ،‬أو‬ ‫حاالت استقباله لزوار يرغبون برؤية هذه اللوحات‪ ،‬ولكل حالة من‬ ‫هذه الحاالت‪ ،‬إضاءتها الخاصة‪.‬‬ ‫ب� صالون االستقبال ف� أ‬ ‫عىل الدرج الواصل ي ن‬ ‫العىل‪ ،‬والمشغل ف ي�‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫السفل رصف عبدهللا الشيخ شهادات التقدير ت‬ ‫ال� حصل عليها‬ ‫ي‬ ‫والميداليات الكث�ة‪ ،‬وجلّها تخ� عن حصوله عىل المرتبة أ‬ ‫الوىل‪،‬‬ ‫ُ ب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ً‬ ‫سواء ف ي� مشاركاته ي� معارض أو تقديرا لجهود فنية قام بها‪ .‬وهي‬ ‫لك�تها أ‬ ‫تمل الجدار كلّه‪ ،‬ئ ف‬ ‫ث‬ ‫الكب�ة لما‬ ‫وتن� ي� الوقت نفسه عن القيمة ي‬ ‫ِب‬ ‫ف‬ ‫التشكيل الرائد للرسم ي� المملكة وسائر الخليج‬ ‫قدمه هذا الفنان‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫العر� أيضاً‪.‬‬ ‫والعالم‬ ‫العر�‬ ‫بي‬ ‫بي‬


‫ّ‬ ‫«أتصور أن كل خطوة أثناء‬ ‫رسم اللوحة هي تجربة جديدة‬ ‫بحد ذاتها‪ ،‬وهذه التجربة قد‬ ‫ّ‬ ‫تتحول إلى مشكلة‪ ،‬أو لنقل‬ ‫أحجية أثناء الرسم»‬

‫ين‬ ‫ب� الفكرة واالنتماء إىل مدرسة‬

‫بعد جولة داخل المرسم النظيف والمرتّب كما لو أنه صالة عرض‬ ‫ال مشغل‪ ،‬أعادنا عبدهللا الشيخ إىل الصالون ليبادلنا الحديث حول‬ ‫ال� تبديه ث‬ ‫ت‬ ‫أك�‬ ‫تجربته المديدة وأفكاره ومشاريعه ي‬ ‫الكث�ة القادمة ي‬ ‫شباباً من شباب ثك�‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� تأثر بها‪ ،‬فأجاب‬ ‫بدأنا دردشتنا معه بسؤاله عن المدارس الفنية ي‬ ‫بأنه تأثر بعدد من المدارس التشكيلية خالل رحلته‪ ،‬لكنه ال يهتم‬ ‫ف‬ ‫يهم� هو أن تصل فكرة ت‬ ‫ن‬ ‫لوح� إىل‬ ‫ي‬ ‫بتصنيف نفسه ي� مدرسة ما‪« .‬ما ي‬ ‫ال� يراها مناسبة‪ .‬وال أرسم ت‬ ‫ت‬ ‫لوح� وفق خطة‬ ‫المشاهد بالطريقة ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م�‪.‬‬ ‫معينة‪ ،‬بل ّ‬ ‫تمر اللوحة بمراحل مختلفة أحياناً ال تكون متوقعة ي‬ ‫ش‬ ‫ويص� عالمك هو‬ ‫ويتال� المحيط‪،‬‬ ‫فأثناء الرسم تنىس نفسك‬ ‫ي‬ ‫قماشة اللوحة وألوانها‪ ،‬ورويداً رويداً يأخذك هذا العالم إىل أماكن‬ ‫ومساحات مختلفة قد ال تكون منتبهاً لها‪ ،‬رغم أنك ف ي� النهاية حامل‬ ‫الريشة وصانع أ‬ ‫اللوان‪ .‬ولكن الفكرة تمدد نفسها بنفسها‪ ،‬وتتشكل‬ ‫بقوتها الخاصة»‪.‬‬ ‫«أتصور أن كل خطوة أثناء رسم اللوحة هي تجربة‬ ‫ويضيف‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫تتحول إىل مشكلة‪ ،‬أو لنقل‬ ‫جديدة بحد ذاتها‪ ،‬وهذه التجربة قد ّ‬ ‫الرسام بالعمل عىل حل المشكلة أو ّ‬ ‫حل‬ ‫أحجية أثناء الرسم‪ .‬فيبدأ ّ‬ ‫أ‬ ‫الحجية‪ .‬ي ن‬ ‫ّ‬ ‫كب�ة‪ ،‬هي‬ ‫وح� يصل إىل وضع الحل‪ ،‬فإنه يشعر بلذة ي‬ ‫ت‬ ‫ال� يجدها كل فنان ي ن‬ ‫ح� يقتنع بأن عمله الذي يقوم به قد‬ ‫اللذة ي‬ ‫ين‬ ‫والفنان�»‪.‬‬ ‫شأ�ف عىل االنتهاء‪ ،‬وهذا ينطبق عىل كل أنواع الفنون‬ ‫هل ترسم لوحة تطلب منك؟ سألناه‪ .‬فأجاب‪« :‬مررت بمثل هذه‬ ‫ن‬ ‫المواقف‪ .‬لكن هذا النوع من الطلبات يؤثر ف ي َّ� سلباً وأحياناً‬ ‫يحرج�‬ ‫ي‬ ‫أل ن ي� أضطر لتلبية الطلب‪ .‬وأشعر كما لو ن يأ� ف ي� سجن‪ ،‬إذا كان‬ ‫موضوع اللوحة ومساحتها وألوانها محددة‪ ،‬ألنها مشغولة ل ُتعرض‬ ‫مع�‪ .‬ن‬ ‫ف� مكان محدد أو لشخص ي ّ ن‬ ‫ولكن� أخفف من وطأة هذه‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الطلبات بأن أرفض تحديد الموضوع‪ ،‬أو بأن أتالعب ف ي� كيفية رسم‬ ‫ف‬ ‫كث�ة أعتذر عن تلبية الطلب‪ ،‬حيث يمكن‬ ‫و� أحيان ي‬ ‫هذا الموضوع‪ .‬ي‬ ‫االعتذار»‪.‬‬

‫يمكن لكل ناقد نف� أن يستشعر بأن أ‬ ‫الجواء العراقية مؤثرة ف ي� لوحات‬ ‫ي‬ ‫عبدهللا الشيخ‪ ،‬منذ البداية ت‬ ‫ح� النهاية‪ .‬يوافق رأينا هذا ويضيف أن‬ ‫الفضاءات أ‬ ‫الوىل للفنان يحملها معه أينما حل‪ .‬أهم مرحلة هي مرحلة‬ ‫ف‬ ‫ما بعد الدراسة حيث ت ز‬ ‫وتص� جزءاً‬ ‫تخ�ن ي� نفس الفنان صور ال تُمحى‪ ،‬ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ز‬ ‫حال� الشخصية أن ما اخ�نته‬ ‫الف�‪« .‬ولكن ما‬ ‫ي‬ ‫يساعد� ي� ي‬ ‫من تكوينه ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫من صور ت‬ ‫ين‬ ‫والرواش�‬ ‫الزب� ي� البرصة من الزقة الضيقة‬ ‫بلد� العراقية ي‬ ‫ي‬ ‫والحياء القديمة‪ ،‬عدت ورأيته ف� أ‬ ‫أ‬ ‫الحساء السعودية‪ ،‬ف ي� البيوت الطينية‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫والزقة تال�ابية والمرقد الموجود داخل البيت من دون شبابيك‪ ،‬والسوار‬ ‫اخ�نتها ف� ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� ت ز‬ ‫ن‬ ‫يفاع� العراقية مع‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫العالية‪ .‬فالمش� أك يب� المشاهد ي‬ ‫ت‬ ‫كث� جداً»‪.‬‬ ‫ال� عدت إليها‪ ،‬ي‬ ‫مشاهد منطقة الحساء ي‬ ‫كيف تصف عالقتك بأخيك عبد الجبار؟‪« ،‬كنت أحاول تقليده وهو‬ ‫يرسم بقلم الرصاص‪ .‬كان الحصول عىل أ‬ ‫اللوان شبه مستحيل‬ ‫حيث نعيش‪ ،‬فهي نادرة وغالية الثمن‪ .‬فكنا نرسم بأقالم الرصاص‬ ‫أو الفحم عىل الحيطان أو عىل أي مسطح صالح للرسم‪ .‬وبعدها‬ ‫بدأت أزور المكتبات وأنظر ف ي� المكتب إىل التخطيطات وأقلدها‬


‫‪77 | 76‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫وأحاول نسخها‪ .‬فيما بعد انتقلت إىل معاهد بغداد والتقيت أ‬ ‫الستاذ‬ ‫مؤسس المعهد‪ ،‬وهناك بدأنا تعلّم الرسم وفق‬ ‫طارق حسن وكبار‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫أصوله العلمية‪ ،‬وكنت وأقر يا� ي� الدفعة الوىل من الطالب‪ ،‬وكانت‬ ‫تلك سنوات ذهبية لتعليم فنون الرسم»‪.‬‬ ‫كانت الدراسة ف ي� بغداد تف�ة التأسيس‪ ،‬ثم سافر عبدهللا إىل لندن‬ ‫ف ي� بداية الستينيات إلكمال الدراسة‪ .‬و«هناك أصبت بصدمة ثقافية‬ ‫ف‬ ‫و� بداياته‬ ‫وحضارية‪ ،‬فقد خرجت من عالم محدود ومحافظ ي‬ ‫الفنية‪ ،‬إىل عالم منفتح والفنون فيه نز‬ ‫بم�لة حجر أساس‪ .‬وهو منفتح‬ ‫ت‬ ‫ال� تعطي‬ ‫عىل ثقافات مختلفة وفيه ي‬ ‫كث� من المتاحف والمعارض ي‬ ‫ت‬ ‫الناظر فكرة عن كل أنواع الفنون ح� المتناقضة منها‪ .‬كانت تجربة‬ ‫أن‬ ‫ن‬ ‫ن�‬ ‫بالمع� الفكري‪ .‬ف ي� البداية كنت أشعر‬ ‫لندن إيجابية‬ ‫بالندم ل ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫داخل رهيب ح� المرض‪ ،‬حول قرار البقاء ي� لندن‬ ‫كنت ف ي� رصاع‬ ‫ي‬ ‫أو تركها للعودة إىل السعودية‪ .‬هناك سيالزمك الشعور بأنك غريب‬ ‫ال ي ز‬ ‫كب�ة ف ي�‬ ‫عن المجتمع إ‬ ‫نجل�ي‪ ،‬ثم إنك كفنان ستجد صعوبة ي‬ ‫ن‬ ‫الفنان� مثلك وبموهبتك‬ ‫الحضور أو إثبات الذات‪ ،‬إذ يوجد آالف‬ ‫ي‬ ‫ث‬ ‫وأك� يحاولون إثبات أنفسهم وإيجاد مكان ينطلقون منه‪ .‬ثم هناك‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الشوق للمكان الول‪ ،‬وللبيئة الحاضنة وللهل‪ ،‬والشوق لتقديم‬ ‫ش‬ ‫�ء لمجتمعك‪ ،‬فكان قرار العودة»‪.‬‬ ‫ي‬

‫س�ة ذاتية مخترصة وبترصف‬ ‫ي‬

‫ف ّ‬ ‫الزب� ف ي� العراق‬ ‫ولد الفنان عبدهللا عبدالكريم الشيخ ي� مدينة ي‬ ‫‪1936‬م ألب سعودي كان قد انتقل من أ‬ ‫الحساء إىل العراق لدواعي‬ ‫ئ‬ ‫الرزق‪ .‬ض‬ ‫االبتدا�‪ .‬ثم التحق‬ ‫أم� شبابه هناك حيث تلقَّى تعليمه‬ ‫ي‬ ‫بمعهد الفنون الجميلة ببغداد‪ ،‬وحصل عىل شهادة الدبلوم �ف‬ ‫ي‬ ‫عام ‪1959‬م‪ ،‬ودرس عىل يد ف َّنانَ ي ن� عر ي ن‬ ‫الرواد ف ي�‬ ‫اقي� م َّثال جيل َّ‬ ‫كب�اً‬ ‫العراق‪ ،‬هما جواد سليم وفائق حسن‪ .‬وقد ترك االثنان أثراً ي‬ ‫ف ي� تجربته الفنية‪ .‬وأكمل عبدهللا الشيخ تعليمه الجامعي ف ي� الفنون‬

‫ف‬ ‫ت‬ ‫وتخرج ف ي� العام ‪1965‬م‪ ،‬وحصل عىل دبلوم‬ ‫فالتشكيلية ي� إنجل�ا ّ‬ ‫� التصميم والطباعة لمدة ي ن‬ ‫عام�‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫العر�‪،‬‬ ‫فنا� المملكة والخليج ب ي‬ ‫يُعد الفنان عبدهللا الشيخ من أبرز ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫فنا� المملكة مع أخيه الشقيق‬ ‫الثا� من ي‬ ‫كما يُعد من أوائل الجيل ي‬ ‫وغ�هما‪ .‬أقام أول معرض له ف ي� ‪1982‬م وشارك‬ ‫اليح� ي‬ ‫عبدالجبار ي‬ ‫ف� ث‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫ست� معرضا جماعياً‪.‬‬ ‫أك� من ي‬ ‫ي‬ ‫العالمي� ف� ت‬ ‫ن‬ ‫الفنان� العر ي ن‬ ‫ين‬ ‫إنجل�ا‪،‬‬ ‫اقي� ثم‬ ‫بعد تتلمذه عىل أيدي‬ ‫ي ي‬ ‫ت‬ ‫سيعرف بها وتُعرف‬ ‫ال�‬ ‫الخاصة‬ ‫بتجربته‬ ‫ارتقى عبدهللا الشيخ‬ ‫ي ُ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫الف� ي� الرسم والتصوير يتمحور‬ ‫به‪ .‬ففي بداياته كان أجل إنتاجه ي‬ ‫ذكرياته وعواطفه الشخصية‪ .‬ف‬ ‫و�‬ ‫حول لوحات ثنائية البعاد تمثل‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫المرحلة الثانية دخل النحت ف ي� لوحاته فزاوج يب� الرسم التقليدي‬


‫دخل النحت في لوحاته فزاوج‬ ‫بين الرسم التقليدي ذي‬ ‫البعدين والسطح المنحوت‬ ‫ثالثي األبعاد‪ .‬غلب األكليريك‬ ‫ً‬ ‫مشركا فيها‬ ‫على لوحاته‪،‬‬ ‫بعض الخامات كاألسالك‬ ‫والحلقات المعدنية‪..‬‬ ‫أ‬ ‫ذي البعدين والسطح المنحوت ث أ‬ ‫كل�يك عىل‬ ‫ثال� البعاد‪ .‬وغلب ال ي‬ ‫م�كاً فيها بعض الخامات ي أ‬ ‫لوحاته‪ ،‬ش‬ ‫كالسالك والحلقات المعدنية‪.‬‬ ‫قسمنا الحياة التشكيلية لعبدهللا الشيخ إىل مراحل‪ ،‬ألمكننا‬ ‫ولو َّ‬ ‫أ‬ ‫ز‬ ‫ً‬ ‫تم�ت‬ ‫جعلها أربعا عىل ما يُحب‪ .‬ويمكن القول إن المرحلة الوىل ي ّ‬ ‫بالوالء للطابع ش‬ ‫ال� ق ي�‪ ،‬فاستلهم أفكاره من الحياة العربية والشعر‬ ‫السالمية ورسم البيئة البدوية‬ ‫العر� والحكايات الشعبية والعمارة إ‬ ‫أبي‬ ‫والزقة القديمة‪ .‬أما المرحلة الثانية‪ ،‬فدارت حول المواضيع نفسها‬ ‫تم�ت بالتجريد والميل إىل تبسيط أ‬ ‫ولكنها ي ّ ز‬ ‫الشكال مع المحافظة‬ ‫أ‬ ‫ق‬ ‫ئ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫المتقارب� بيئة واجتماعاً‪.‬‬ ‫حسا�‬ ‫عىل رموز‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫المجتمع� العر يا� وال ي‬ ‫ف‬ ‫لكن بعد حرب الخليج الثانية ي� العام ‪1993‬م‪ ،‬فاضت لوحاته‬ ‫بمالمح «سطوة آ‬ ‫اللة القاسية ت‬ ‫وال�وس الحادة والخوذات الحربية‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫المعد� الممزق» عىل ما كتبت‬ ‫والمسدسات فاغرة الفواه والركام‬ ‫ي‬ ‫الناقدة ثريا العريض‪ ،‬ف ي� إحدى مقاالتها من العام ‪1997‬م‪.‬‬ ‫ف� المرحلة الحالية‪ ،‬يمزج الشيخ ي ن‬ ‫ب� مراحله السابقة‪ ،‬ليصنع لغة فنية‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫توصف العالم ن‬ ‫يلف الرض‪.‬‬ ‫التق� الجديد الذي ّ‬ ‫جديدة خاصة به‪ّ ،‬‬ ‫ي‬ ‫اللة محل الجسد ف� إشارة إىل سطوة آ‬ ‫فحلّت آ‬ ‫اللة عىل حياة إالنسان‪.‬‬ ‫ي‬

‫مشاركاته ومعارضه‬

‫مثلت أعمال الفنان عبدهللا الشيخ المملكة ف ي� عدد من المعارض‬ ‫ف‬ ‫وبينال‬ ‫بينال القاهرة‬ ‫ي‬ ‫والبينال العربية والدولية‪ ،‬وشارك ي� ي‬ ‫ي‬ ‫وبينال الشارقة ومهرجان المحبة السوري ومعرض الفن‬ ‫بنغالديش‬ ‫في‬ ‫ن‬ ‫لفنا� دول مجلس‬ ‫العر� إ‬ ‫السالمي ي� أنقره والمعرض الدوري ي‬ ‫بي‬ ‫ف‬ ‫بالضافة إىل معارضه الفردية‬ ‫التعاون الخليجي ي� معظم دوراته‪ ،‬إ‬ ‫الدول‬ ‫والجماعية‪ .‬وتُعرض بعض لوحاته ف ي� مطار الملك خالد‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫و� وزارة الداخلية وأرامكو‬ ‫بالرياض‪ ،‬ومطار الملك فهد بالدمام‪ ،‬ي‬ ‫السعودية وأمانة مجلس التعاون الخليجي‪ ،‬وأماكن أخرى مختلفة‪،‬‬ ‫حيث يحتفى بها كمعرض دائم أمام المارة والعامة‪ .‬كما ت‬ ‫اش�ك ف ي�‬ ‫كث�اً منها نظراً لما ُعرف‬ ‫كب� من لجان التحكيم وترأس ي‬ ‫عضوية عدد ي‬ ‫عنه من قدراته النقدية ونظرته الخاصة لتطور الفنون التشكيلية‬ ‫الخليجية‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪79 | 78‬‬

‫سينما سعودية‬

‫السلمان يروي‬ ‫سيرة «مخيال»‬ ‫ومسيرته‬ ‫خالد ربيع السيد‬

‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫لقي ِفلم «مخيال» لمخرجه‬ ‫محمد السلمان المأخوذ عن‬ ‫رواية زينب الناصر اهتماماً‬ ‫كبيراً من ِقبل جمهور مهرجان‬ ‫أفالم السعودية الذي أقيم في الدمام أوائل مارس‬ ‫بالفزاعة‬ ‫الماضي‪ .‬فهو يحاكي تخيالت طفولية تتعلَّق َّ‬ ‫وعادات وتقاليد اجتماعية مرتبطة بالمخيال‪ ،‬ولكن‬ ‫بتصوير بارع ومناظر جميلة في إحدى المزارع‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الفلم أيضا في‬ ‫وبحوار صامت بين الممثلين‪ .‬كما أن ِ‬ ‫طريقه للمشاركة في مسابقة أ‬ ‫الفالم القصيرة التي‬ ‫تقام على هامش مهرجان «كان» السينمائي العالمي‪.‬‬ ‫«أؤمن بأن السينما شكل فني نستطيع من خالله أن‬ ‫نثبت وجودنا على خارطة العالم البصرية وننقل‬ ‫حكاياتنا ومشاعرنا وثقافتنا وأحالمنا بسالم»‪ .‬هذا ما‬ ‫أجاب به المخرج السعودي الشاب محمد السلمان‬ ‫عن السؤال حول سبب امتهانه إالخراج السينمائي‬ ‫هواية ومهنة‪ِ .‬وفلم «مخيال» الذي أخرجه السلمان‬ ‫سيعرض ضمن مسابقة أفالم الشباب في مهرجان كان‬ ‫ُ‬ ‫السينمائي ما بين ‪ 13‬و‪ 24‬مايو المقبل‪ ،‬بعدما تمت‬ ‫الموافقة عليه من قبل لجنة محكِّمين متخصصين في‬ ‫الفالم الروائية القصيرة أ‬ ‫مجال أ‬ ‫والجنبية‪.‬‬ ‫معبدة أمام المخرج الشاب نحو‬ ‫لم تكن الطريق َّ‬ ‫الخراج‪ ،‬إذ كان عليه كما أغلب أقرانه أن يعمل‬ ‫عالم إ‬ ‫في مجاالت فنية أخرى‪ ،‬وهذه أ‬ ‫المتفرقة‬ ‫عمال‬ ‫ال‬ ‫ِّ‬ ‫بمنزلة درجات السلّم الذي سيصعد عليه المخرج‬ ‫الخراج‪ .‬وعلى المخرج المستقبلي أن‬ ‫نحو كرسي إ‬ ‫يتعلَّم أ‬ ‫المور المتعلِّقة بأدوات التصوير والمونتاج‬ ‫والضاءة والصوت ويعمل عليها كمتدرب مع‬ ‫إ‬ ‫مخرجين آخرين أو في مساعدة أصدقائه من‬ ‫المخرجين‪ ،‬وهكذا يكتسب مهارات ال يتعلمها في‬ ‫الجامعة‪ .‬وهذه مهارات مفيدة للمخرجين الذين‬ ‫يدخلون إلى عالم السينما من أبواب واختصاصات‬ ‫مختلفة قد ال يكون لها أي عالقة باالختصاص‬ ‫السينمائي‪ ،‬وهؤالء كثر في المملكة‪ .‬لذا عمل‬

‫محمد السلمان في التصوير التشكيلي والتصوير‬ ‫الفوتوغرافي وفي تأليف أعمال فنية تشكيلية مختلفة‪.‬‬

‫السلمان يروي بنفسه‬

‫«راودتني فكرة أن أصبح مخرجاً منذ كنت طفالً‪ ،‬حين‬ ‫رافقت والدي إلى عمله منتصف الثمانينيات وعمري‬ ‫ال يتجاوز العاشرة‪ ،‬وكان يعمل آنذاك مشغِّ ال أ‬ ‫للفالم‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫في صالة أرامكو السعودية برأس تنورة‪ .‬سحرتني تلك‬ ‫الدوارة‬ ‫التجربة‪ .‬كان الضوء المنبعث من تلك البكرات ّ‬ ‫وتوسع‬ ‫كشعاع يحملنا إلى عوالم أخرى تصنع المتعة ّ‬ ‫الخيال وتثريه‪.‬‬ ‫أردت أن أصبح صانعاً للضوء منذ تلك اللحظة‪ .‬أردت‬ ‫أن يخرج هذا الضوء ذكريات طفولتي وأراها كأنها‬ ‫مستعادة على الشاشة المضاءة كما يفعل أبي‪ .‬إذ‬ ‫أظن أن أبي هو المخرج‪ .‬فهو يعرف كل شي عن‬ ‫كنت ّ‬ ‫الفلم الذي يعرضه‪ ،‬فقد حفظ الحوارات والمشاهد‬ ‫ِ‬ ‫البطال أ‬ ‫ويعرف أسماء أ‬ ‫والشرار‪ ،‬وماذا سيحدث ومتى‬ ‫الفلم‪ .‬لقد زرع والدي في داخلي شغفه‬ ‫سينتهي ِ‬ ‫بعمله دون أن يقصد‪.‬‬ ‫كانت «الفزاعة» التي توضع في حقول الذرة وقرب‬ ‫أ‬ ‫الشجار لتمنع الطيور من إفساد الفاكهة والحبوب‪،‬‬ ‫في‬ ‫الشخصية الغريبة في طفولتي‪ ،‬إذ كانت تثير َّ‬ ‫خوفاً خفياً رغم علمي بأنها مصطنعة وليست‬ ‫حقيقية‪ .‬إال أن الخوف الذي كان يجب أن تبثه في‬ ‫إلي أيضاً‪ ،‬لمجرد وقوفها الطويل‬ ‫الطيور‪ ،‬كان ينتقل َّ‬ ‫في مواجهة الشمس والهواء وصمت الحقول‪.‬‬ ‫كانت الفزاعة أو «المخيال» أمام ناظري في أوقات‬ ‫كثيرة من النهار‪ ،‬وكانت تدور لها في مخيلتي‬ ‫قصص ومغامرات‪ ،‬وسيصبح هاجس بناء ِفلم‬ ‫عنها مصاحباً لي في شبابي‪ .‬لذا‪ ،‬في مرحلة وعيي‬ ‫والتعرف‬ ‫المراهق رحت أبحث عن قصة «المخيال»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫إلى المزارعين وإلى حياتهم وممارساتهم اليومية‪،‬‬ ‫وحفظت كلماتهم ووسائل التعبير لديهم وقصصهم‬ ‫تعرفت إلى اسم «مخيال»‪ ،‬وهو‬ ‫ومفرداتهم‪ .‬ومنهم ّ‬


‫اسم قديم جداً ال يعرفه إال المزارعون ويطلقونه‬ ‫على الفزاعة‪.‬‬ ‫حين آنت اللحظة‪ ،‬اخترت تطوير رواية الكاتبة زينب‬ ‫الناصر حول فكرة المخيال‪ ،‬ورحت أشغل نفسي في‬ ‫التفكير بكيفية تحويل عالم المخيال ورواية الناصر‬ ‫إلى ِفلم أقرب للفنتازيا والخيال‪ .‬لذا قمنا بتحويل‬ ‫النص إلى سيناريو‪ ،‬فخرجنا بفكرة خيالية لكن‬ ‫دالالتها حقيقية إذ تطرح إشكاليات القداسة واالرتباط‬ ‫بالغيبيات في صورة سينمائية تطرح أ‬ ‫السئلة وال‬ ‫الجابة للمشاهد‪.‬‬ ‫تجيب عنها إذ تُترك إ‬

‫قصة ِفلم «مخيال»‬

‫عائلة الجد أبو سلمان تنتظر المالئكة لتزور مزرعتها‬ ‫كي تعود مثمرة كما كانت‪ .‬فالجد متعلِّق أ‬ ‫بالمل‬ ‫الذي سيهبط عليه من السماء عبر خرافة متوراثة‬ ‫أو متداولة مفادها أن المالئكة تزور مالبس الموتى‬ ‫المؤمنين‪ .‬فعكف الجد على جمعها ونشرها في‬ ‫المزرعة منذ ثالث سنوات وتسعة أشهر‪ ،‬وما زال‬ ‫يبحث عن الثوب الذي سيحمل المالئكة من السماء‪.‬‬ ‫تصبح المالبس التي يجمعها الجد ويجعل منها‬ ‫مخياالت أو فزاعات محور اهتمام الطفل الذي‬ ‫يساعد جده في أعمال الفالحة والزراعة‪ .‬وتنشأ‬ ‫أ‬ ‫عالقة بينه وبين المخيال تكاد تكون إنسانية‪ .‬الم‬ ‫توقفت عن الكالم بعدما تركهما أ‬ ‫الب ليعمل بالبحر‪.‬‬ ‫والمالبس بالنسبة لها نذير عودة الغائب‪ ،‬فربما‬ ‫تترافق عودة الزوج مع عودة أ‬ ‫الرض‪ .‬لهذا كانت هناك‬ ‫الم أ‬ ‫عالقة مشتركة بينهم‪ ،‬أ‬ ‫والب واالبن والجد‪،‬‬ ‫ومجسمات المخيال الموزعة في أ‬ ‫الرض المزروعة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بعد نضج فكرة المخيال في مخيلتي‪ ،‬وتحويل الرواية‬ ‫إلى سيناريو‪ ،‬وتحديد مكان التصوير وفريق الممثلين‪،‬‬ ‫الفلم‪ ،‬بدأنا التصوير‬ ‫والمشاهد التي سيتألف منها ِ‬ ‫مع بداية العام ‪2014‬م بفريق عمل صغير يتألف‬ ‫من أصدقاء ومتطوعين‪ ،‬إذ إن الميزانية التي ُرصدت‬ ‫بالفلم كانت صغيرة جداً وال تكفي للعمل‬ ‫للبدء ِ‬ ‫مع محترفين بأجور عالية‪ .‬فوجدنا أن فكرة تبادل‬ ‫المساعدة ستكون أفضل‪ ،‬وهي عادة موجودة بين‬ ‫المشتغلين في السينما من المبتدئين‪ .‬فكل منهم‬ ‫يقدم يد المساعدة لرفيقه الذي يطلبها‪ .‬وبسبب ضيق‬ ‫ِّ‬ ‫ذات اليد‪ ،‬قمت بنحو ‪ %90‬من العمل‪ ،‬من التصوير‬ ‫إلى رسم إالضاءة وتحديد مكان الصوت وتوجيه‬ ‫الصوت وكذلك إعداد القهوة‪ .‬واستمرت هذه المتعة‬ ‫تقريباً شهراً بأيام متفرقة خالل أ‬ ‫السبوع الواحد‪.‬‬ ‫ثم انتقل العمل إلى مرحلة المونتاج وهي المرحلة‬ ‫أ‬ ‫الصعب‪ ،‬إذ تم االعتماد في التصوير على كاميرا‬ ‫من طراز (‪)BLACK MAGIC POCKET CINEMA‬‬ ‫وهي كاميرا صغيرة وعملية جداً‪ ،‬تقوم بتصوير صور‬

‫خام ‪ RAW‬تتطلب مساحة كبيرة جداً‬ ‫للتخزين‪.‬‬

‫الفلم وتكلفته‬ ‫صناعة ِ‬

‫ساهم جمال المكان في جعل‬ ‫الصورة جميلة دون أي جهد كبير‬ ‫نضيفه إليه‪ .‬وبسبب عدم وجود فريق‬ ‫متخصص‪ ،‬بدأ التوتر يظهر علينا جميعاً‬ ‫كامل متكامل‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫كفريق وخصوصا على المتطوعين‪ .‬إذ كنا نعمل لما‬ ‫يزيد على اثنتي عشرة ساعة يومياً كي نتمكن من تصوير‬ ‫أكبر قدر من المشاهد في اليوم الواحد‪ ،‬خصوصاً‬ ‫َّأن صاحب المزرعة كان قد طلب منا أن نغادر أرضه‬ ‫بأسرع وقت ألسباب عائلية‪ .‬فصار ضيق الوقت وقلة‬ ‫خبرة الفريق وصغره سبباً للعمل المشحون‪ ،‬مرات‬ ‫بتوتر ومرات بشغف كبير إلنهائه على أكمل وجه‪ .‬رغم‬ ‫أنه في النهاية‪ ،‬يمكنني القول إن لقطات كثيرة لم يتم‬ ‫تصويرها وحوارات يجب إعادتها وكانت قائمة طويلة‬ ‫من اللقطات التي يجب أن أعمل عليها وقعت كلها‬ ‫ضحية االستعجال والبدائية في العمل‪.‬‬ ‫وقد أخذنا الوضع الجديد الذي فُرض علينا إلى‬ ‫الفلم ربما كان نافعاً لنا‬ ‫خط جديد في تصوير ِ‬ ‫في النهاية‪ ،‬ومن هنا جاءتنا فكرة الـ «‪VOICE‬‬ ‫‪( »OVER‬أي الصوت المضاف الحقاً على التصوير)‬ ‫واالستغناء عن الحوارات‪ ،‬وتكثيف الصورة الرمزية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ولني اعشق الشتاء والغيم والمطر كنت متابعاً جيداً‬ ‫لحالة الطقس‪ ،‬وكنت أريد ان أضيف مشهد السماء‬ ‫والغيوم فيها‪ ،‬إال أني اكتشفت أن السماء تعاندني‬ ‫وال بد من التنازل عن مشهد الغيم‪.‬‬ ‫الفلم ال تتجاوز الخمسين ألف ريال‪.‬‬ ‫كانت ميزانية ِ‬ ‫ذهبت إلى أمريكا للبحث عن استديو لمونتاج‬ ‫الفلم‪ .‬ولعدم توفر ميزانية كافية لم أجد استديو‬ ‫ِ‬ ‫مناسباً‪ ،‬لذلك عدت إلى العمل على المونتاج بنفسي‬ ‫فاستغرق مني تسعة أشهر‪ ،‬وحصلنا على دعم من‬ ‫«مايلز استديو» بدبي الذي عمل على تصحيح أ‬ ‫اللوان‬ ‫وهندسة الصوت وفق ميزانيتنا‪.‬‬ ‫الفلم‬ ‫وال بد لي من إ‬ ‫الشارة إلى أن معرفتي بصناعة ِ‬ ‫اكتسبتها بالتعلّم والدراسة‪ .‬ولكن ال يمكنني أن أنسى‬ ‫الفلم حين‬ ‫دور برنامج «إثراء» وورشة عمل صناعة ِ‬ ‫أحضرت أرامكو السعودية أهم جامعة على مستوى‬ ‫درس الفن السينمائي ‪ .USC‬وكنت ممتناً‬ ‫العالم تُ ِّ‬ ‫للقائمين على الورشة ألنهم مكننوني من حضورها‪،‬‬ ‫حيث كانت مفيدة جداً في تعليمنا تقنيات جديدة‬ ‫في عالم السينما‪ ،‬تساعد المبتدئين على تصوير‬ ‫أفالمهم‪.‬‬

‫مهرجان أ‬ ‫الفالم القصيرة (كان)‬

‫بعدما القى ِفلم «مخيال» قبوال ً جماهيرياً عالياً في‬

‫مهرجان أفالم السعودية في الدمام‪ ،‬وبعدما وجدنا‬ ‫أن ِفلمنا تمكَّن من جذب عدد كبير من المهتمين‬ ‫والنقاد المعنيين بالسينما السعودية‪ ،‬جاءنا خبر‬ ‫جديد على قدر كبير من أ‬ ‫الهمية أيضاً‪ ،‬وهو أن‬ ‫الفلم سيشارك في ركن أ‬ ‫الفالم القصيرة في مهرجان‬ ‫ِ‬ ‫«كان» العالمي وليس في المسابقة الرسمية‪ .‬وأجد‬ ‫المشاركة خطوة متقدمة جداً لتكون حدثاً سينمائياً‬ ‫بالفلم وترويجه‬ ‫مهماً لنا‪ .‬وهي فرصة للتعريف ِ‬ ‫بشكل خاص‪ ،‬ونشر المعرفة حول السينما السعودية‬ ‫للذين يعتقدون أن ال سينما في بالدنا‪ .‬وقد سبقنا‬ ‫والعالن‬ ‫مخرجون سعوديون كثر إلى بث الدعاية إ‬ ‫عن قدرات السينما السعودية التي جعلت عدداً كبيراً‬ ‫من أفالمها ينافس في المسابقات العالمية ويحصد‬ ‫الجوائز المهمة‪.‬‬

‫شاهد المزيد‬

‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪81 | 80‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫التواقيع‪:‬‬ ‫اللغة‬ ‫الوامضة‬ ‫بقلم‬

‫فوزي المطرفي‬ ‫ين‬ ‫ح� أشار ابن خلدون ألهمية التواقيع ذكر‬ ‫مك الذي نقل عنه قوله‪:‬‬ ‫براعة جعفر ب‬ ‫ال� ي‬ ‫إن قدرتم أن تجعلوا كُتبكم كلها تواقيع‬ ‫فافعلوا‪ .‬وقد قال ف ي� مقدمته‪ :‬كان جعفر‬ ‫يح� يوقّع ف� القصص ي ن‬ ‫ب� يدي الرشيد‪ ،‬فيتنافس البلغاء‬ ‫ابن ي‬ ‫ي‬ ‫ف ي� تحصيلها‪ ،‬للوقوف فيها عىل أساليب البالغة وفنونها‪ .‬وقبل‬ ‫ذلك‪ ،‬استشهد النقاد ف� كث� من أ‬ ‫العمال القرائية عىل اللغة‬ ‫ي ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� قد تكون مختبئة ي� جملة عارضة‪ ،‬وجواب شارد‪،‬‬ ‫الشعرية ي‬ ‫ف‬ ‫ورد مسكت‪ ،‬ووصف عابر‪ ..‬أي ي� الحديث الذي يخترص‬ ‫ن‬ ‫والمع� والخيال‪ ،‬ويشعر المستمع فيه بذات‬ ‫الوزن والقافية‬ ‫ت‬ ‫الشعور الذي ي�كه الشعر من هزة‪ .‬قاسوا ذلك عىل جواب‬ ‫حسان بن ثابت ي ن‬ ‫ح� طلب من ابنه وصف الطائر الذي لسعه‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫يع� الزنبور‪ ،‬فرد حسان‬ ‫فقال‪ :‬كأنه ملتف ي� بُردي ب‬ ‫ح�ة‪ ،‬ي‬ ‫ن‬ ‫ورب الكعبة! وقد علق مؤسس علم‬ ‫اب�‬ ‫الشعر ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫منتشيا‪ :‬قال ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الخ� مفرقاً يب� الذهن‬ ‫البالغة عبدالقاهر‬ ‫الجرجا� عىل هذا ب‬ ‫ي‬ ‫وغ� المستعد له‪.‬‬ ‫المستعد للشعر ي‬ ‫ن‬ ‫والمعا� المكثفة‬ ‫القص�ة‬ ‫فكرة هذه التواقيع أو الجمل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫�ض‬ ‫ت‬ ‫اتسعت بشكل ش‬ ‫م�وط ف ي� لغة توي� كشاهد حا ‪ ،‬فأصبح‬ ‫وبالتال‬ ‫لليجاز عىل أنه �ض ورة‪،‬‬ ‫متعاطي هذه النافذة‪ ،‬ينظر إ‬ ‫ي‬ ‫ازداد الحرص وارتفع الجهد ف ي� تنميق سطر الفت يضمن لذاذة‬ ‫المتاع ومباعث التأمل‪ .‬ومن ي ن‬ ‫كث� من المغردين‪ ،‬كان‬ ‫إ‬ ‫ب� ي‬ ‫ف‬ ‫هناك رسب نابه جميل احتفظ بنغمة خاصة ي� الكتابة‪ ،‬وكأنما‬ ‫ف‬ ‫نزهة بريّة مملوءة بالمواعيد والضحكات‪.‬‬ ‫يصطحب الكلمات ي� ٍ‬ ‫ت‬ ‫ال� أزعم فرادتها وتألق أصحابها‪،‬‬ ‫من شواهد هذه التواقيع ي‬ ‫ما يمكن مطالعته ف ي� قلم يوسف حماد ورشاد حسن وإيڤانوڤنا‬ ‫ن‬ ‫المع� ف ي� حضورهم‬ ‫رومانوڤ عىل سبيل المثال‪ ،‬حيث يتشكل‬ ‫عىل هيئة حديقة وأطفال يتغنون بالمراجيح‪ ،‬وأحياناً عىل هيئة‬

‫عبارة مبتهلة عىل باب حزين لم يطرقه زائر‪ ،‬أو عىل شكل حارة‬ ‫منسية حفظت مالمح الزحام والسعة وضاعت ف ي� التمدن‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نعم‪ ،‬اللغة يمكن أن تنمو‪ ،‬وال �ض ر ي ن‬ ‫ح� نصفها بالكائن‬ ‫وزف�اً متجدداً‪ ،‬منذ‬ ‫الحي‪ ،‬حيث لها قلب يحمل شهيقاً ظاهراً ي‬ ‫كانت فكرة المناغاة إىل حد تعلم الكالم وانطالقه‪ ،‬لكن االمتياز‬ ‫ف ي� هذا النمو الفاتن (والفاتن ش�ط) ال يكون دون دهشة‬ ‫والتماع‪ ،‬عىل شاكلة‪« :‬ال أستطيع أن ت‬ ‫أش�ي رصاصاً بعدد‬ ‫ئ‬ ‫الذخ�ة» أو عىل ازدهار‬ ‫أعدا�‪ ،‬فهناك أعداء يولدون عند بائع‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫مكثف‪« :‬حينما تقرع الجرس‪ ،‬يتذكّر الباب‪ ،‬فأس الحطّاب»‬ ‫أو عىل اتساع وإيجاز‪« :‬شعور الكره عندي بسيط ال يؤذي‪ .‬ال‬ ‫يختلف عن شعور الكره الذي يكنه طفل تجاه حارس المالهي»‬ ‫ال� تصافح نوافذ الضوء أ‬ ‫ت‬ ‫الجد ثك�‪.‬‬ ‫والشواهد ي‬ ‫ال أشك أن هناك اشتغاال ً مشابهاً ف ي� حقل التواقيع الوامضة‪،‬‬ ‫والشادة‪ ،‬بيد ن يأ� ال أريد َّإل‬ ‫الشارة إ‬ ‫كث�ة تستحق إ‬ ‫من أسماء ي‬ ‫التلويح عىل هذا الخط الذي بدأ يتسع متوازياً مع النوافذ‬ ‫الخص أ‬ ‫وتوي� عىل أ‬ ‫التواصلية بشكل عام‪ ،‬ت‬ ‫الشهر‪ .‬وأعلم‬ ‫تماماً أن هذا الحضور لم يقطف السبق‪ ،‬بل جاء مكمال ً للرؤية‬ ‫ت‬ ‫والحساس بالكلمات‪.‬‬ ‫اليجاز إ‬ ‫ال� ترفع من شأن إ‬ ‫ي‬ ‫وال أدري حقيقة عن وجاهة هذه القراءة ف ي� نتاج نوافذ‬ ‫ت‬ ‫ال� تتواتر ف ي� معارض‬ ‫التواصل‪ ،‬ولكن إ‬ ‫الصدارات الحديثة ي‬ ‫أ‬ ‫لغة‬ ‫الكتب‪ ،‬تظهر حضوراً مختلفاً لقالم شابة‪ ،‬تأسست عىل ٍ‬ ‫للتعب� الذي هو نز‬ ‫طيعة‪ ،‬وأخذت طريقاً مختلفاً‬ ‫بم�لة‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫سهلة ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫اليقونة ذات الحواس المنتبهة! اليقونة ذات اللغة الوامضة‬ ‫ت‬ ‫ال� تراهن عىل البقاء‪ ..‬بالجواب الذي يح�ض ف ي� إهاب الشعر‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫واللغة النيقة‪ ،‬وبالتداعي الملتف بأسباب الجمال‪ ،‬وبالكلمات‬ ‫زمن ٌ‬ ‫أهل وكلمات‪..‬‬ ‫العميقة‪ ،‬ولكل ٍ‬


‫تقرير القافلة‬

‫اتجاهات القراءة‬ ‫وأنماطها‬ ‫لدى المجتمع السعودي‬

‫هذا التقرير تلخيص ّ‬ ‫مكثف للدراسة التي تحمل العنوان‬ ‫نفسه‪ ،‬والتي أنجزها مركز الملك عبدالعزيز الثقافي‬ ‫العالمي‪ ،‬الذراع الثقافية ألرامكو السعودية‪ ،‬في مسعى‬ ‫لفهم العالقة بين المواطن السعودي والقراءة‪ ،‬بصفتها‬ ‫دليل َت َق ُّدم األمم ورقيها‪ ،‬واقتراح الحلول التي ِّ‬ ‫تعزز‬ ‫اإلقبال على القراءة لدى الصغار والكبار‪.‬‬


‫‪83 | 82‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫لقد أجرى الباحثون استبانات لم يسبق أن أجري مثلها في عمقها‬ ‫واتساعها في المملكة والخارج‪ ،‬وقرأوها على ضوء مطالعاتهم‬ ‫لمراجع عربية وأجنبية لفهم أنماط القراءة واتجاهاتها وحوافزها‬ ‫ومعوقاتها‪ .‬وتناولت االستبانات استطالع آراء المواطنين‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وكبارا‪ ،‬وآراء الناشرين وأمناء المكتبات العامة والجامعية‬ ‫صغارا‬ ‫والمدرسية والمتخصصة‪ .‬أما المراجع فضمت مجموعة وفيرة‬ ‫من الدراسات األجنبية والعربية‪ .‬كذلك استعانت الدراسة بعدد من‬ ‫ورش العمل في هذا الموضوع‪.‬‬

‫القراءة ومجتمع‬ ‫المعرفة‬

‫إدراكاً لدور القراءة واستهالك‬ ‫المعرفة في تحقيق التنمية‬ ‫المستدامة للمجتمعات؛ تأتي هذه‬ ‫الدراسة التي أسهم في وضعها‬ ‫االستشاري «مجموعة الرواد»‪،‬‬ ‫لمسح اتجاهات القراءة الحرة‪ ،‬وأنماطها‪ ،‬ومعوقاتها‪،‬‬ ‫وطرق استهالك المعرفة لدى أفراد المجتمع السعودي‪.‬‬ ‫وهي ترمي للتعرف على اتجاهات القراءة وأنماطها‬ ‫ووسائل ومصادر التزود بالمعرفة لدى أفراد المجتمع‪،‬‬ ‫وذلك عبر مختلف أعمارهم وفئاتهم االجتماعية‪ ،‬أ‬ ‫والثر‬ ‫المحتمل لجنس الفرد وعمره‪ ،‬ومستواه التعليمي‪،‬‬ ‫والمستوى التعليمي للوالدين‪ ،‬ومستوى دخل أ‬ ‫السرة‬ ‫والمنطقة إالدراية التي يعيش فيها على اختالف‬ ‫اتجاهات وأنماط القراءة أ‬ ‫للفراد‪.‬‬

‫الباء أ‬ ‫وتسلط الدراسة الضوء على دور آ‬ ‫والمهات‬ ‫والمدرسة والمكتبة في تنمية اتجاهات القراءة وأنماطها‬ ‫المعوقات التي تمنع تكوين‬ ‫لدى النشء‪ ،‬وأهم‬ ‫ّ‬ ‫السلوك القرائي والتزود بالمعرفة لدى أفراد المجتمع‪.‬‬ ‫لقد قام فريق الدراسة المكلَّف بتطبيق أ‬ ‫الدوات على‬ ‫فرد تم اختيارهم عشوائياً من ‪ 13‬منطقة‬ ‫‪ٍ 15,000‬‬ ‫إدارية ليمثلوا أفراد المجتمع السعودي‪ ،‬يتوزعون في‬ ‫المدن والمراكز والقرى والهجر‪ ،‬يُضاف إليهم ‪ 1434‬من‬ ‫أمناء المكتبات في ‪ 13‬منطقة إدارية وعدد من الناشرين‬ ‫السعوديين في المناطق إالدارية‪.‬‬ ‫حددت عينات الدراسة حسب أدق المعايير‪ ،‬وشملت‬ ‫أفراد المجتمع السعودي من أ‬ ‫الطفال والكبار‪ ،‬وتميزت‬ ‫باشتمالها على عينات من المستهلكين والمنتجين‪ ،‬إذ‬ ‫تضمنت آراء الناشرين السعوديين والعرب‪ ،‬ومجموعة‬

‫من أمناء المكتبات السعودية‪ .‬استخدمت الدارسة‬ ‫لتحقيق أهدافها عدداً من أ‬ ‫الدوات الكمية والنوعية‬ ‫بما في ذلك االستبانات وورش العمل وحلقات النقاش‬ ‫المعمقة‪.‬‬ ‫المركز والمقابالت‬ ‫َّ‬ ‫نفَّذ الدراسة فريق عمل قوامه ‪ 386‬عضواً على مستوى‬ ‫المملكة توزعوا في ‪ 13‬منطقة إدارية وشمل المسح‬ ‫كل المدن والقرى والهجر؛ وقد انطلق فريق المسح‬ ‫الميداني المكون من أكثر من ‪ 250‬مشرفاً وماسحاً من‬ ‫‪ 41‬مدينة في عموم المناطق‪ ،‬وتم جمع ‪23,000‬‬ ‫استبانة ُحلِّل منها ‪ 16,000‬استبانة‪.‬‬ ‫وإلى جانب المسح الميداني تم تنفيذ عدد من الفعاليات‬ ‫في سبع مدن ما بين ورش العمل العلمية وحلقات‬ ‫النقاش المركز‪ .‬شارك فيها أكثر من ‪ 500‬مشارك من الخبراء‬ ‫والمثقفين والعالميين أ‬ ‫والدباء والمؤلفين وأصحاب دور‬ ‫إ‬ ‫النشر‪ ،‬وأصحاب المبادرات القرائية الشبابية‪ ،‬وأجريت‬ ‫مقابالت معمقة مع عدد من المسؤولين وأصحاب القرار‬ ‫الندية أ‬ ‫في بعض الوزارات‪ ،‬إضافة إلى رؤساء أ‬ ‫الدبية‪.‬‬

‫اتجاهات القراءة‬

‫جاءت نتائج الدراسة الكمية على النحو التالي‪:‬‬ ‫• ‪ %93.7‬من أفراد المجتمع يهتمون بتنمية القراءة‬ ‫الحرة ألطفالهم‪ %63 :‬لديهم اهتمام كبير‪ ،‬و‪%30.7‬‬ ‫اهتمامهم متوسط‪ ،‬و‪ %6.3‬اهتمامهم ضعيف‪.‬‬ ‫كبير‪،‬‬ ‫بشكل ٍ‬ ‫• ‪ %37.9‬من الكبار يهتمون بالقراءة الحرة ٍ‬ ‫و‪ %50.3‬لديهم اهتمام متوسط‪ ،‬و‪ %11.8‬اهتمامهم‬ ‫ضعيف‪ ،‬واهتمام إالناث بالقراءة الحرة أكبر من‬ ‫الذكور نسبياً‪.‬‬ ‫• وافق ‪ %73.8‬من عينة أفراد المجتمع من الكبار على‬ ‫أن انتشار التكنولوجيا زاد معدل قراءتهم‪ ،‬وخالفهم‬


‫الواحد‪ ،‬إذ كلما زاد الدخل زادت نسبة من يقرأون من‬ ‫‪ 22‬كتاباً إلى ‪ 25‬كتاباً‪ ،‬وكلما َّقل الدخل ارتفعت نسبة‬ ‫الذين ال يقرأون أي كتاب‪.‬‬

‫تنمية حافز الميل نحو القراءة‬

‫الم هي أكثر أ‬ ‫أظهرت النتائج أن أ‬ ‫الشخاص تأثيراً في‬ ‫أ‬ ‫تحفيز ميول القراءة لدى الطفال بنسبة ‪ .%67.1‬وجاء‬ ‫الجد‪ /‬الجدة في المنزلة أ‬ ‫الخيرة بنسبة ‪ ،%12.3‬أكثر‬ ‫من له تأثير قوي في تحفيز القراءة لدى الكبار هو‬ ‫الشخص نفسه بنسبة ‪.%67.6‬‬

‫النفاق أعلى القراءة‬ ‫إ‬

‫اهتمام القائمين على رعاية األطفال‬ ‫بتنمية القراءة ألطفالهم‬

‫في ذلك ‪ ،%13.5‬وذكر ‪ %59‬من الكبار أنهم يفضلون‬ ‫مشاهدة التلفاز على القراءة‪ ،‬ووافق ‪ %33.1‬منهم‬ ‫على أن القراءة تعزل الفرد عن محيطه‪ ،‬وعارضهم في‬ ‫هذا ‪ .%44.5‬وبلغ متوسط المدة اليومية للقراءة الحرة‪:‬‬ ‫عند أ‬ ‫الطفال ‪ 56‬دقيقة‪ ،‬وعند الكبار ساعة و‪ 21‬دقيقة‪،‬‬ ‫فيما عدا الوقت المخصص لقراءة القرآن الكريم‪.‬‬

‫أ‬ ‫المهات يقرأن ألطفالهن أكثر من‬ ‫آ‬ ‫باء‬ ‫ال‬ ‫أ‬ ‫آ‬

‫تشير النتائج إلى أن ‪ %83.3‬من الباء والمهات أو‬ ‫القائمين على رعاية الطفل يقرأون ألطفالهم بانتظام‪،‬‬ ‫المهات نسبة ‪ ،%60.3‬آ‬ ‫وشكَّلت أ‬ ‫والباء نسبة ‪،%18.7‬‬ ‫والقائمون على رعاية الطفل ‪.%4.3‬‬

‫قراءة أ القرآن الكريم‬

‫غالبية الطفال في المجتمع السعودي يقرأون القرآن‬ ‫الكريم يومياً؛ إذ أفاد ‪ %60.8‬منهم أنهم يقرأونه‬ ‫بصورة منتظمة‪ ،‬بمتوسط ‪ 47‬دقيقة في اليوم‪ ،‬كما أفاد‬ ‫‪ %40.3‬من الكبار أنهم يقرأون القرآن الكريم يومياً‪،‬‬ ‫‪ %55.8‬تزيد أعمارهم على ‪ 40‬سنة؛ وهم أكثر قراءة‬ ‫للقرآن الكريم كل يوم‪ ،‬وحلت المرحلة العمرية من‬ ‫‪ 13‬إلى أقل ‪ 15‬سنة في المرتبة الثانية بنسبة ‪.%46.4‬‬ ‫والمتقاعدون من أكثر الفئات مداومة على قراءة القرآن‬ ‫الكريم‪ ،‬بنسبة ‪ ،%52.5‬ثم ربات المنازل بنسبة ‪.%46‬‬

‫الهدف من القراءة الحرة‬

‫أهداف القراءة لدى أ‬ ‫الطفال على النحو التالي‪%47.3 :‬‬ ‫إلنجاز مهمة‪ %40.6 ،‬للحصول على معلومة‪ ،‬و‪%15.2‬‬ ‫لشغل أوقات الفراغ‪ ،‬و‪ %4.9‬لشباع ميولهم أ‬ ‫الدبية‪.‬‬ ‫إ‬ ‫أما أهداف القراءة لدى الكبار‪ ،‬فهي‪ %57.8 :‬للحصول‬ ‫على معلومة؛ و‪ %29.2‬لشغل أوقات الفراغ؛ ‪%14.1‬‬ ‫لنجاز مهمة‪ ،‬و‪ %10.9‬للميول أ‬ ‫الدبية‪.‬‬ ‫إ‬ ‫من يقرأ للطفل‬

‫عدد الكتب المقروءة‬

‫ثمة عالقة بين الدخل وعدد الكتب التي تُقرأ في العام‬

‫ريال‬ ‫‪ %51.7‬من الطفال ينفق ذووهم أقل من ‪ٍ 100‬‬ ‫شهرياً في توفير كتب ورقية وإلكترونية ومجالت‬ ‫أطفال‪ .‬و‪ %37‬من الكبار ينفقون شهرياً أقل من ‪100‬‬ ‫ريال‪ ،‬مقابل ‪ %24.8‬معدل إنفاقهم الشهري بين ‪100‬‬ ‫ٍ‬ ‫والنفاق‬ ‫و‪ 300‬ريال‪ ،‬وثمة عالقة بين مستوى الدخل إ‬ ‫الشهري على القراءة‪.‬‬

‫أارتياد المكتبات‬

‫الطفال يرتادون المكتبة العامة‪ %3.9 :‬يومياً؛ و‪%8.2‬‬ ‫مرة في أ‬ ‫السبوع؛ و‪ %13.1‬مرة في الشهر؛ و‪ %12.1‬مرة‬ ‫أ‬ ‫في السنة‪ ،‬ومتوسط المدة التي يستغرقها الطفال في‬ ‫المكتبة العامة ‪ 41‬دقيقة‪ .‬و‪ %61.6‬من الكبار ال يرتادون‬ ‫المكتبات العامة‪ ،‬مقابل ‪ %38.4‬يرتادونها؛ بواقع‬ ‫‪ %4‬يومياً؛ و‪ %7.3‬مرة في أ‬ ‫السبوع؛ و‪ %11.6‬مرة في‬ ‫الشهر؛ و‪ %15.5‬مرة في السنة‪.‬‬

‫زيارة معرض الكتاب‬

‫من نتائج الدراسة أن ‪ %25.8‬من أ‬ ‫الطفال و‪%65‬‬ ‫أ‬ ‫من الكبار زاروا معرض الكتاب خالل العوام الثالثة‬ ‫السابقة‪.‬‬

‫موضوعات القراءة‬

‫أكثر الموضوعات التي يقرؤها أ‬ ‫الطفال المسابقات‬ ‫أ‬ ‫واللغاز بنسبة ‪ %54.7‬وحلت الموضوعات اللغوية‬ ‫أ‬ ‫المبسطة في المرتبة الخيرة بنسبة ‪ ،%14.8‬أما‬ ‫الموضوعات التي تحظى قراءتها باهتمام كبير لدى‬ ‫الكبار فهي‪ :‬القصص والروايات ‪%33.8‬؛ والدينية‬ ‫‪%31.7‬؛ والرياضية ‪%30.2‬؛ أ‬ ‫واللغاز والمسابقات‬ ‫‪ ،%29‬والسياسية ‪%15.3‬؛ والتنمية البشرية ‪%12.7‬؛‬ ‫والموسوعات ودوائر المعارف ‪%12‬؛ والمشاريع‬ ‫الصغيرة ‪%11.9‬؛ والدارة ‪%11.5‬؛ أ‬ ‫والكاديمية ‪%11‬؛‬ ‫إ‬ ‫والجغرافية ‪.%10.3‬‬ ‫أ‬ ‫المفضلة عند الطفال المسابقات بنسبة‬ ‫والموضوعات‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،%57.2‬وجاءت الموضوعات العلمية المبسطة أ‬ ‫القل‬ ‫تفضيال ً لديهم ‪ ،%17.2‬وحلّت الموضوعات الرياضية‬ ‫في المجالت والصحف في المرتبة أ‬ ‫العلى تفضيال ً للكبار‬ ‫أ‬ ‫‪ %35.1‬مقارنة بالموضوعات أ‬ ‫الدبية ‪ %20.7‬وهي القل‬ ‫تفضيالً‪ .‬أما موضوعات القراءة الدينية فمتزايدة لدى‬


‫المكتبات مصدر للمعرفة‬

‫‪85 | 84‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫يستمتعون بالقراءة‬

‫ال يستمتعون بالقراءة‬

‫يحدد رأيهم‬ ‫لم ّ‬

‫مدى استمتاع أفراد المجتمع الكبار بالقراءة الحرّ ة‬

‫الفئة العمرية من ‪ 40‬سنة فأكثر‪ ،‬فيما قراءة موضوعات‬ ‫التقنية تزيد كلما ّقل السن‪ ،‬و‪ %48‬من الشباب يغلب‬ ‫عليهم قراءة القصص والروايات‪ ،‬والرياضة‪.‬‬

‫عوامل الجذب‬

‫للطفال‪ :‬أ‬ ‫أكثر العوامل جذباً أ‬ ‫اللوان والرسوم ‪%66.9‬؛‬ ‫والخراج الفني‬ ‫ثم الموضوع ‪%52.4‬؛ فالعنوان ‪،%46.2‬؛ إ‬ ‫‪%23.6‬؛ وأخيراً المؤلف ‪ .%12.4‬وأكثر ما يجذب الكبار‪:‬‬ ‫الموضوع ‪%76.3‬؛ ثم العنوان ‪%63.2‬؛ أ‬ ‫واللوان والرسوم‬ ‫والخراج الفني ‪.%21.2‬‬ ‫‪ ،%32.4‬فالمؤلف ‪%28.8‬؛ إ‬

‫أنماط القراءة‪ :‬تفضيل القراءة‬ ‫اللكترونية‬ ‫الورقية أعلى إ‬

‫‪ %19.9‬من الطفال‪ ،‬كما أفاد ذووهم‪ ،‬يفضلون القراءة‬ ‫الورقية على إاللكترونية‪ ،‬و‪ %15‬منهم ال يرون أي فرق‬ ‫بين النمطين‪ .‬بينما يفضل ‪ %22.2‬من الكبار القراءة‬ ‫الورقية‪ ،‬و‪ %13.1‬ال يجدون فرقاً بينهما‪.‬‬

‫المفضلة‬ ‫لغة القراءة‬ ‫َّ‬

‫المفضلة‬ ‫وبينت النتائج أن اللغة العربية هي اللغة‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫بدرجة كبيرة للقراءة من وجهة نظر ‪ %80.4‬من الطفال‪،‬‬ ‫ويفضل ‪ %13.1‬منهم الكتب باللغتين (العربية‪/‬‬ ‫ِّ‬ ‫المفضلة عند ‪%83.8‬‬ ‫إالنجليزية)‪ .‬والعربية هي اللغة‬ ‫َّ‬ ‫بالنجليزية؛‬ ‫من الكبار‪ ،‬و‪ %12.9‬يفضلون القراءة إ‬ ‫و‪ %22‬من أصحاب الدخل المرتفع يفضلون القراءة‬ ‫باللغة إالنجليزية أكثر من غيرهم‪.‬‬

‫معوقات القراءة‬

‫عدم وجود مكتبة عامة قريبة ‪%66.4‬؛ وانشغال الطفل‬ ‫باللعب عن القراءة ‪%64.4‬؛ ووجود أعمال تشغل آ‬ ‫الباء‬ ‫عن القراءة أ‬ ‫للطفال ‪ ،%59.7‬وال يطلب المعلمون من‬ ‫الطلبة قراءة إلى جانب المقرر ‪%57.5‬؛ وال تعاون بين‬ ‫البيت والمدرسة ‪%53.9‬؛ ومحتويات المكتبة العامة‬ ‫قليلة وغير مشجعة أ‬ ‫للطفال ‪%50.7‬؛ وارتفاع أسعار‬ ‫الكتب ‪%44.9‬؛ وال يجد الطفل متعة في القراءة‬ ‫‪%40.8‬؛ وعدم وجود مكان مناسب للقراءة ‪%35.5‬؛‬ ‫وأخيراً ضعف وآالم البصر ‪.%15.1‬‬ ‫أما معوقات القراءة لدى الكبار‪ ،‬فتمثلت في وسائل بديلة‬ ‫للقراءة‪ ،‬مثل‪ :‬التلفاز والمجالس ‪%72‬؛ وعدم وجود‬ ‫مكتبة قريبة ‪%70.7‬؛ وعدم توافر الوقت الكافي ‪%65.8‬؛‬ ‫وارتفاع أسعار الكتب ‪%61.2‬؛ ومحتويات المكتبة العامة‬ ‫قليلة أو غير مشجعة ‪%59.3‬؛ وال أجد متعة في القراءة‬ ‫‪%33‬؛ وأخيراً ضعف وآالم البصر ‪.%25.1‬‬

‫المواقع اللكترونية أ‬ ‫الكثر تصفحاً‬ ‫إ‬

‫أكثر المواقع على النترنت تصفحاً‪ ،‬لدى أ‬ ‫الطفال‬ ‫إ‬ ‫مواقع الرسوم المتحركة بنسبة ‪ ،%51.3‬والمواقع‬ ‫العلمية وتقنية المعلومات هي أ‬ ‫القل تفضيال ً لديهم‪.‬‬ ‫أكثر مواقع إالنترنت تصفحاً لدى الكبار‪ :‬مواقع التواصل‬ ‫االجتماعي بنسبة ‪ ،%44.3‬وحلت المواقع أ‬ ‫الدبية في‬ ‫المرتبة أ‬ ‫الخيرة بنسبة ‪ .%19.8‬ربات البيوت يفضلن مواقع‬ ‫تهتم بموضوعات الطبخ؛ والتجميل؛ والموضة‪ ،‬في حين‬ ‫يفضل الطالب تصفح مواقع إالنترنت المهتمة بالرياضة‪.‬‬

‫مصادر المعرفة‬

‫البرز لدى ‪ %80‬من أ‬ ‫السرة هي المصدر أ‬ ‫أ‬ ‫الطفال‪،‬‬ ‫تليها‪ :‬المدرسة‪ ،‬والروضة‪ ،‬والتلفاز‪ ،‬ووسائل إالعالم‪،‬‬ ‫والكتاب‪ ،‬والمسجد‪ ،‬والنترنت‪ ،‬أ‬ ‫واللعاب إاللكترونية‪،‬‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫والصدقاء‪ ،‬والمجالس‪ .‬ويرى الكبار أن الكتاب هو‬ ‫أ‬ ‫مصدر المعرفة الرئيس‪ ،‬تليه‪ :‬وسائل إالعالم‪ ،‬والسرة‪،‬‬ ‫والمواقع إاللكترونية‪ ،‬والمدرسة‪ ،‬والجامعة‪ ،‬والمسجد‪،‬‬ ‫ومواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬والمؤتمرات والمحاضرات‪،‬‬ ‫والعمل‪ ،‬أ‬ ‫والصدقاء‪ ،‬والمجالس واللقاءات العائلية‪،‬‬ ‫والصحف والمجالت‪ ،‬والمنتديات والصالونات الثقافية‪،‬‬ ‫أ‬ ‫واللعاب إاللكترونية‪.‬‬

‫توفر ‪ %81.9‬من المكتبات خدمة إالعارة الخارجية؛‬ ‫بشكل عام غير مشتركة في‬ ‫و‪ %85.8‬من المكتبات ٍ‬ ‫قواعد معلومات رقمية‪ ،‬و‪ %38.9‬منها ال تستخدم‬ ‫نظاماً آلياً متكامال ً للمكتبات‪ ،‬و‪ %81.6‬منها ال تقتني كتباً‬ ‫إلكترونية و‪ %50.8‬منها تعمل دون ميزانية‪.‬‬ ‫تزود كتباً ودوريات‬ ‫وتبين أن ‪ %10.4‬من المكتبات َّ‬ ‫تزود‬ ‫تزود أحياناً‪ ،‬و‪ %44.6‬نادراً ما َّ‬ ‫بانتظام‪ ،‬و‪َّ %45‬‬ ‫تزود‪ .‬ويهتم َّرواد المكتبات بالمصادر المعرفية‬ ‫أو ال َّ‬ ‫الورقية أكثر من المصادر إاللكترونية كما يلي‪ :‬الكتب‪،‬‬ ‫والمجالت والصحف والدوريات‪ ،‬وبعدها أ‬ ‫البحاث‪ ،‬ثم‬ ‫التقارير‪ ،‬فالمطبوعات الحكومية‪ ،‬وأخيراً الملخصات‪.‬‬

‫النشر وإنتاج المعرفة المقروءة‬

‫ما زال النشر الورقي متصدراً النشر إاللكتروني‪ ،‬كما‬ ‫أفاد بذلك ‪ %58.6‬من الناشرين السعوديين‪ ،‬ونسبة من‬ ‫يجمع بينهما ال تتجاوز ‪ ،%37.1‬لكن ‪ %41.4‬منهم يرون‬ ‫َّأن مستقبل النشر سيكون إلكترونياً‪ ،‬مقابل ‪%38.8‬‬ ‫يرون أنه سيتساوى مع النشر الورقي‪ .‬وذكر ‪ %44.8‬من‬ ‫الناشرين أن حجم المبيعات متزايد خالل السنوات‬ ‫الخمس أ‬ ‫الخيرة‪ ،‬وأفاد ‪ %70.7‬أن أكثر الكتب مبيعاً هي‬ ‫الكتب المكتوبة بلغة عربية فصيحة‪.‬‬ ‫كما جاء ترتيب التوجه العام لدى دور النشر بدرجة‬ ‫كبيرة‪ ،‬حسب النسب التالية‪ :‬التأليف ‪ ،%62.1‬ثم‬ ‫التحقيق ‪ ،%30.2‬لتأتي بعدها الترجمة ‪ ،%27.6‬وأخيراً‬ ‫وتصدر انتهاك حقوق الملكية‬ ‫الملخصات ‪.%23.3‬‬ ‫ّ‬ ‫وتصدر ارتفاع أسعار‬ ‫الفكرية قائمة معوقات التأليف‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتصدر غياب برامج دعم‬ ‫الطباعة معوقات النشر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الترجمة معوقات الترجمة‪ ،‬وجاءت الرقابة معوقاً أخيراً‬ ‫للتأليف والترجمة‪ ،‬بينما جاء عدم توافر أ‬ ‫اليدي العاملة‬ ‫معوقاً أخيراً للنشر‪.‬‬

‫التقدم نحو بناء مجتمع‬ ‫مؤشرات ُّ‬ ‫المعرفة السعودي‬

‫اختتم تقرير المعرفة العربي للعام ‪2011 - 2010‬م‬ ‫الذي جاء بعنوان «إعداد أ‬ ‫الجيال الناشئة لمجتمع‬ ‫المعرفة» (برنامج أ‬ ‫المم المتحدة إالنمائي‪2011 ،‬م)‪،‬‬ ‫بتقديم رؤية مقترحة لعداد أ‬ ‫الجيال المقبلة لمجتمع‬ ‫إ‬ ‫المعرفة‪:‬‬ ‫• «توافر الرغبة للتحرك» وفي مقدمتها إالرادة السياسية‬ ‫والمجتمعية‪.‬‬ ‫• «المقدرة على التحرك» من خالل التعرف إلى العوائق‬ ‫والمحددات‪.‬‬ ‫• «كيفية التحرك» التي تغطي أساليب بناء المهارات‪.‬‬ ‫• «كيفية زرع القيمة وتحقيق التمكين»‪.‬‬ ‫فالمملكة في ضوء قوة بنيتها االقتصادية ومجاراتها‬ ‫للتطورات العالمية التقنية والمعلوماتية‪ ،‬تبنت الدخول‬ ‫في معترك االقتصاد المعرفي‪ ،‬فتفوقت في بعض‬ ‫الجوانب وتأخرت في جوانب أخرى‪ .‬لكن هذا لم‬


‫ث‬ ‫أك� من ‪30,000‬‬ ‫مدرسة‬ ‫‪ 4,616,595‬طالباً وطالبة‬ ‫يمنعها من تبني فكرة بناء مجتمع سعودي معرفي بل‬ ‫أضحت استراتيجية وطنية تنتهجها وتعمل وفقها‪ .‬فقد‬ ‫أخذت حركة المكتبات في المجتمع السعودي شكال ً‬ ‫منظماً مع بدايات العقد السابع من القرن الماضي‬ ‫عندما أسست جمعية المكتبات والمعلومات السعودية‬ ‫في العام ‪1971‬م‪ ،‬وتبع ذلك تأسيس جمعية الناشرين‬ ‫السعوديين في العام ‪2003‬م‪.‬‬ ‫كما أخذت المملكة على عاتقها خطوات سريعة‬ ‫وضخمة نحو التغيير الرقمي؛ وكان آخر هذه الخطوات‬ ‫«مشروع المحتوى الرقمي العربي» على إالنترنت‪،‬‬ ‫والمرصد إالحصائي (مأرب)‪ ،‬والتقرير التأسيسي‬ ‫للمحتوى الرقمي العربي‪« :‬الواقع ‪ -‬الدالالت ‪-‬‬ ‫التحديات»‪ ،‬الذي أطلقته «مؤسسة الفكر العربي»‬ ‫بالتعاون مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي‪.‬‬ ‫وتُعد مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية‬ ‫إحدى أهم المؤسسات المعرفية‪ ،‬ولها ستة معاهد‬ ‫بحثية رئيسة متخصصة في مجاالت البترول والموارد‬ ‫الطبيعية وبحوث الطاقة‪ ،‬وبحوث الحاسوب‬ ‫واللكترونيات‪ ،‬والفلك والجيوفيزياء وفي علوم‬ ‫إ‬ ‫والعالم توجد‬ ‫الفضاء‪ .‬وإلى جانب مؤسسات الثقافة إ‬ ‫‪ 700‬دورية في المملكة بينها عشرات الدوريات العلمية‬ ‫(بكري‪2009 ،‬م)‪.‬‬ ‫كذلك يوجد في المملكة أكثر من ‪ 30,000‬مدرسة‪،‬‬ ‫يدرس فيها ‪ 4,616,595‬طالباً وطالبة حسب إحصاءات‬ ‫وزارة التربية والتعليم المنشورة في موقعها الرسمي‬ ‫(‪ )www.moe.gov.sa‬في ‪2014‬م‪ .‬وهناك أكثر من ‪25‬‬ ‫جامعة حكومية إضافة إلى جامعات التعليم العالي‬ ‫أ‬ ‫الهلية‪ ،‬وهذه المؤسسات تضم نحو ‪1,206,700‬‬ ‫طالب وطالبة في إحصاء نشرته وزارة التعليم العالي‬ ‫ٍ‬ ‫على موقعها الرسمي (‪ )www.mohe.gov.sa‬عام‬ ‫‪2014‬م‪.‬‬ ‫ويُؤمل أن يُشكّل مركز الملك عبدالعزيز الثقافي‬ ‫العالمي إحدى الركائز المهمة لمجتمع المعرفة‬ ‫السعودي‪.‬‬

‫القراءة‬

‫تعد القراءة السبيل أ‬ ‫الول لتحصيل العلم والمعرفة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وقد ذهب المعرفيون إلى أبعد من ذلك في أن القراءة‬

‫شكل من أشكال التفكير‪ .‬بل ذهب بعضهم إلى أنها‬ ‫التفكير بحد ذاته (‪ .)Martin, 1999‬وتشير أ‬ ‫الدبيات‬ ‫ّ‬ ‫العلمية إلى أن للقراءة أغراضاً‪ ،‬منها‪ :‬أنها تتيح للقارئ‬ ‫فرصاً لمعرفة إالجابات عن أسئلته واستفساراته‬ ‫ومحاوالت االستكشاف واستخدام الخيال‪ ،‬وتقبل‬ ‫الخبرات الجديدة وتحقيق الثقة بالنفس‪ ،‬وروح‬ ‫وحب االستطالع (شحاتة‪،‬‬ ‫المخاطرة في مواصلة البحث ّ‬ ‫‪.)1992‬‬

‫اءة‬ ‫االتجاهات نحو القر‬ ‫أ‬

‫دور كبير في‬ ‫للمستوى التعليمي واالقتصادي للسرة ٌ‬ ‫الفراد نحو القراءة‪ ،‬فتشجيع أ‬ ‫تنمية اتجاهات أ‬ ‫السرة‬ ‫وتوفيرها مواد القراءة المناسبة يؤديان دوراً كبيراً في‬ ‫عادات أ‬ ‫البناء واتجاهاتهم نحو القراءة‪ .‬وفي المقابل‬ ‫أ‬ ‫وجد أن الطفال الذين يعيشون في أسر ال تهتم‬ ‫بالقراءة يكون توجههم نحو القراءة دون المستوى‬ ‫وأن االتجاه نحو القراءة يكون‬ ‫المطلوب (‪َّ ،)Lin, 2001‬‬ ‫إيجابياً كلما تقدم أ‬ ‫الفراد في المراحل التعليمية (‪2004‬‬ ‫‪.)Sainsbury, & Schagen‬‬ ‫ويلخص ساركو (‪ )Saracho, 2002‬ستة سلوكيات من‬ ‫شأنها تنمية مهارات القراءة لدى الطفل كما يلي‪:‬‬ ‫• قراءة الوالدين أمام أطفالهم لتحفيزهم على القراءة‪.‬‬ ‫• رفع سقف توقعات الوالدين بما يرغبون في أن يحققه‬ ‫أبناؤهم بما يتعلق بالقراءة والكتابة‪.‬‬ ‫تعليمية في المنزل تشتمل على‬ ‫• تقديم خبرات قرائية‬ ‫ّ‬ ‫الخاصة أ‬ ‫بالطفال‪.‬‬ ‫أدوات القراءة والكتابة‬ ‫• قراءة الوالدين بمصاحبة أطفالهم في المنزل‪.‬‬ ‫• تفاعل الوالدين مع أبنائهم بالقراءة بطرق عدة في‬ ‫البيئة المنزلية‪.‬‬ ‫• منح أ‬ ‫الطفال فرصة كسب خبرات القراءة من خالل‬ ‫مراقبة الراشدين وهم يقرأون‪.‬‬ ‫ثم تأتي المدرسة في المرتبة الثانية من ناحية تنمية‬ ‫المعرفة لدى الطفل‪ .‬وتزخر الدراسات بما يؤكد‬ ‫أن جميع ما يحيط بالفرد القارئ من بيئة طبيعية‬ ‫وسياق اجتماعي اقتصادي يؤثر في حجم القراءة‬ ‫واتجاهها‪( .‬مجلة «نحو مجتمع المعرفة» جامعة الملك‬ ‫عبدالعزيز)‪ .‬وفي مقابل تكوين االتجاهات إاليجابية‬

‫ُتعد القراءة السبيل‬ ‫األول لتحصيل العلم‬ ‫والمعرفة‪ ،‬وقد سار‬ ‫المعرفيون إلى أبعد‬ ‫من ذلك في أن القراءة‬ ‫شكل من أشكال التفكير‬ ‫للقراءة؛ ثمة معوقات يمكن تصنيفها على النحو التالي‪:‬‬ ‫• المعوقات الشخصية‪ :‬عدم توافر الوقت الكافي‪،‬‬ ‫التعود‬ ‫واالنشغال بوسائل إالعالم الجديدة‪ ،‬وعدم ّ‬ ‫على القراءة من الصغر‪ ،‬أو عدم توافر الكتب‬ ‫المناسبة‪ ،‬وبُعد المكتبات العامة‪.‬‬ ‫• معوقات مدرسية‪ :‬االنشغال بالدراسة وأداء‬ ‫الواجبات المدرسية‪ ،‬وقلة الوقت المتاح في مكتبة‬ ‫المدرسة‪ ،‬وكثافة المنهج الدراسي‪.‬‬ ‫• معوقات اجتماعية‪ :‬صرف الوقت في العمل على‬ ‫توفير متطلبات الحياة على أ‬ ‫السرة‪ ،‬قضاء الوقت مع‬ ‫الصدقاء‪ ،‬أو مساعدة أ‬ ‫أ‬ ‫السرة في أعمال المنزل‪.‬‬ ‫ويالحظ وجود عالقة وثيقة بين ثالث جهات‪ :‬أ‬ ‫السرة؛‬ ‫والمدرسة؛ ووسائل إالعالم‪.‬‬

‫القراءة من لوح الخشب إلى اللوح‬ ‫اللكتروني‬ ‫إ‬

‫جاءت فكرة الكتاب إاللكتروني من مايكل هارت الذي‬ ‫أنشأ في العام ‪1971‬م مشروع غوتنبرغ‪ ،‬لنشر جميع‬ ‫الكتب ذات الملكية العامة على إالنترنت لتمكين‬ ‫الجميع من الحصول على أمهات الكتب من مختلف‬ ‫العصور مجاناً‪ ،‬وأظهر آخر إحصاء وجود ‪ 42,000‬كتاب‬ ‫إلكتروني على الرابط التالي‪.www.gutenberg.org :‬‬ ‫ورغم ما يبدو عليه النشر إاللكتروني من سهولة‪ ،‬فإن‬ ‫أ‬ ‫المر ال يخلو من عوائق عدة‪ ،‬منها‪ :‬الحاجز التقني‪،‬‬ ‫يضاف إليه عدم الثبات وصعوبة حفظ حقوق النشر‪.‬‬ ‫ومع ذلك للنشر إاللكتروني مميزات‪ ،‬منها‪ :‬إمكانية‬ ‫تجميع الوثيقة بأشكال متعددة‪ :‬صوتية؛ ونصية؛‬ ‫وصورية‪ ،‬وإمكان إالنتاج السريع‪ .‬والمكتبة إاللكترونية‬ ‫تبدو غير مرئية (افتراضية)‪ ،‬أو أصغر حجماً لدرجة‬ ‫يسهل وضعها في الجيب‪ ،‬بصرف النظر عن تعدد‬ ‫محتوياتها‪.‬‬

‫المكتبات العامة‬

‫عدة‪ ،‬أهمها‪ :‬وظيفة ثقافية‬ ‫للمكتبات العامة وظائف ّ‬ ‫ومعرفية‪ ،‬ووظيفة تعليمية‪ ،‬ووظيفة إعالمية‪ .‬أما‬ ‫المكتبات المدرسية فيمكن النظر إليها باعتبارها‬ ‫الحر‬ ‫مؤسسات‬ ‫ّ‬ ‫معرفية مهمة في توفير التدفق ّ‬ ‫للمعلومات‪ ،‬والمحافظة على المعرفة وزيادتها ونشرها‪،‬‬


‫‪87 | 86‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫وتساعد في إنهاء االعتماد على مصدر وحيد هو الكتاب‬ ‫المدرسي إلى مصادر المعرفة الواسعة والمتعددة‪.‬‬ ‫وسيظل الكتاب المصدر الرئيس للقراءة على الرغم‬ ‫من مزاحمة المصادر أ‬ ‫الخرى له‪ .‬وعليه؛ فال يمكن بناء‬ ‫مجتمع المعرفة إال من خالل إيجاد إالنسان القارئ‪.‬‬

‫الدراسات المحلية‬

‫برامج القراءة‪ ..‬تقوية أ‬ ‫الساس‬ ‫والدعائم للمجتمع المعرفي‬ ‫تخطو برامج القراءة والمعرفة في المملكة‬ ‫خطوات مهمة في سبيل تحويل المجتمع‬ ‫السعودي إلى مجتمع معرفي‪ .‬وفيما يلي عرض‬ ‫موجز ألبرز المشاريع والبرامج التي أمكن االطالع‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫‪ .1‬المشروع الثقافي الوطني لتجديد الصلة‬ ‫بالكتاب (مكتبة الملك عبدالعزيز العامة)‬ ‫ومن أهم برامجه ما يلي‪:‬‬ ‫• نادي كتاب الطفل في مكتبة الملك عبدالعزيز‬ ‫للقراء الصغار لتخريج جيل قارئ‬ ‫العامة‪ :‬وهو ٍ‬ ‫ناد َّ‬ ‫متطلع للمعرفة‪ ،‬وإلى تجاوز الصعوبات والعقبات‬ ‫العائلية وغيرها‪ .‬يتولى النادي إرسال كتاب أو أكثر‬ ‫بالبريد العادي‪ ،‬يتناسب مع عمر الطفل في مطلع‬ ‫كل شهر هجري‪ ،‬وفي التقرير السنوي ‪1433‬هـ‬ ‫أن عدد أ‬ ‫الطفال المشتركين في النادي بلغ ‪6,732‬‬ ‫طفالً‪.‬‬ ‫• برنامج القراءة في المطارات‪ :‬يوفّر مجموعة من‬ ‫الكتب بين أيدي المسافرين عبر مطارات المملكة‪،‬‬ ‫وبحسب التقرير السنوي ‪1433‬هـ ‪2012‬م‪ ،‬بلغ‬ ‫عدد المستفيدين في مطار الملك خالد الدولي في‬ ‫الرياض ‪ 357,168‬مستفيداً‪.‬‬ ‫قدمت خدمات القراءة‬ ‫• المكتبة المتنقلة‪ّ :‬‬ ‫واالطالع لما يزيد على ‪ 120,000‬شخص؛ منهم‬ ‫‪ 25,000‬استفادوا من خدمة المكتبة إاللكترونية‬ ‫والنترنت‪ ،‬و‪ 95,000‬مستفيد من قاعات القراءة‬ ‫إ‬ ‫واالطالع (التقرير السنوي للمكتبة ‪1433‬هـ‪-‬‬ ‫‪2012‬م)‪.‬‬ ‫‪ .2‬المكتبات العامة‬ ‫والعالم‪ 84 ،‬مكتبةً عامةً ‪،‬‬ ‫يتبع وزارة الثقافة إ‬ ‫منتشرة في مدن المملكة ومحافظاتها‪ .‬وتقدم عدداً‬

‫من الخدمات المساندة‪ ،‬مثل‪ :‬إالعارة والتصوير‬ ‫والفهرس إاللكتروني وإقامة الندوات وتنفيذ‬ ‫مسابقات تشجيعية؛ واستقبال طلبة المدارس‪.‬‬ ‫‪ .3‬المكتبات الجامعية والمدرسية‬ ‫المكتبات المدرسية (مصادر التعلم) أحد برامج‬ ‫وزارة التربية والتعليم‪ ،‬وترمي إلى دعم تكنولوجيا‬ ‫التعليم في مدارس المملكة‪ ،‬وبدأت في العام‬ ‫‪1998‬م‪ ،‬وتجاوز عددها ‪ 6500‬مصدر تعلم‪.‬‬ ‫أما المكتبات الجامعية‪ ،‬فتوجد لكل جامعة مكتبة‬ ‫مركزية بواقع ‪ 25‬مكتبة مركزية‪ .‬وبحسب قاعدة‬ ‫بيانات مكتبة الملك فهد الوطنية‪ ،‬بلغ عدد هذه‬ ‫المكتبات ‪ 183‬مكتبة‪.‬‬ ‫‪ .4‬المكتبة المتنقلة (أرامكو السعودية)‬ ‫تأتي ضمن المشاركة المجتمعية ألرامكو السعودية‬ ‫في تعزيز المعرفة والقراءة في المجتمع وهي‬ ‫تهدف إلى تشجيع الطلبة على القراءة الحرة‪،‬‬ ‫حب االطالع‪ ،‬وارتياد المكتبات في‬ ‫وتعويدهم ّ‬ ‫السنوات المبكرة من العمر الدراسي‪ ،‬لزيادة‬ ‫تحصيلهم العلمي‪.‬‬ ‫وتنطلق المكتبة من مركزها بمعرض أرامكو‬ ‫السعودية بالظهران إلى المدارس االبتدائية في‬ ‫مدن المملكة وقراها‪.‬‬ ‫‪ .5‬مشروع «عربي‪ »21‬إلعالء قيمة القراءة‬ ‫(مؤسسة الفكر العربي بدعم من أرامكو‬ ‫السعودية)‬ ‫مؤسسة الفكر العربي برعاية مدينة‬ ‫أطلقته‬ ‫مشروع‬ ‫ّ‬ ‫الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وشركة أرامكو‬ ‫السعودية‪ ،‬للتشجيع على القراءة بالعربية‪ ،‬بصفتها‬ ‫وهوية‪.‬‬ ‫وأدب‬ ‫ٍ‬ ‫فكر ٍ‬ ‫ودين ٍ‬ ‫وعلم ٍ‬ ‫لغة ٍ‬

‫كشفت نتائج أحدث دراسة وطنية حول «اتجاهات‬ ‫القراءة الحرة في المملكة العربية السعودية واقعها‬ ‫ومستقبلها»‪ ،‬أجرتها وحدة الدراسات والبحوث في‬ ‫المجلة العربية (‪2012‬م) َّأن ‪ %78‬من أفراد المجتمع‬ ‫السعودي يمارسون القراءة الحرة‪ ،‬بينما ال يمارسها‬ ‫‪ .%21‬وأظهرت نتائج دراسة الشهري؛ ورسالن؛‬ ‫وإبراهيم‪2008( ،‬م) أن التفضيل القرائي أ‬ ‫الول‬ ‫لدى الطالبات في جامعة طيبة هو قراءة الصحف‬ ‫والمجالت‪.‬‬ ‫ومن دراسة الحريشي‪ ،‬والراجح‪2008( ،‬م)‪ ،‬على‬ ‫‪ 833‬طالبة في جامعة أ‬ ‫الميرة نورة بمدينة الرياض‪،‬‬ ‫أظهرت النتائج َّأن المصادر المطبوعة التي تفضلها‬ ‫الطالبات هي المجالت‪ ،‬تليها الصحف‪ ،‬ثم الكتب‬ ‫المطبوعة‪ .‬وأظهر تقرير دراسة «ماذا يقرأ العرب» في‬ ‫مرحلته أ‬ ‫الولى (‪2007‬م)‪ ،‬أن ‪ %94‬من السعوديين‬ ‫يقرأون الكتب‪ ،‬والمجالت‪ ،‬والصحف‪ .‬وعن لغة القراءة‬ ‫المفضلة‪ ،‬أشار ‪ %95‬إلى أن العربية هي المفضلة‪.‬‬ ‫أما متوسط شراء الكتب فبلغ ‪ 3 - 2‬كتب خالل السنة‬ ‫الماضية‪ ،‬و‪ %28‬من السعوديين لم يشتروا أي كتاب‪.‬‬ ‫فيما بلغ متوسط إنفاق الفرد لشراء الكتب ‪ 38 - 20‬رياال ً‬ ‫شهرياً‪.‬‬ ‫وسعت دراسة سالم (‪2004‬م) إلى التعرف إلى‬ ‫اتجاهات طالب المرحلة الثانوية في كل من مصر‬ ‫والسعودية‪ .‬وأما دراسة الربيش (‪2003‬م)‪ ،‬فهدفت إلى‬ ‫التعرف إلى عادات القراءة والعوامل المشجعة عليها‪،‬‬ ‫وأهم المعوقات لدى طلبة المدارس الحكومية في‬ ‫الرياض‪.‬‬ ‫ويمكن ترتيب الموضوعات التي يهتم بها مستخدمو‬ ‫إالنترنت على النحو التالي‪ :‬الموضوعات الدينية‪،‬‬ ‫هي أهم الموضوعات عند المستخدمين‪ ،‬إذ اتضح‬ ‫أنها مهمة جداً لدى ‪ %92.3‬ممن شملهم البحث‪،‬‬ ‫والموضوعات الثقافية‪ ،‬وهي في المرتبة الثانية بنسبة‬ ‫بلغت ‪ .%89.6‬والموضوعات االجتماعية‪ ،‬وهي في‬ ‫المرتبة الثالثة بنسبة ‪ ،%86.4‬والموضوعات الطبية‪ ،‬في‬ ‫المرتبة الخامسة بنسبة ‪ ،%75.7‬والنساء أكثر اهتماماً‬ ‫بها من الذكور‪ ،‬فقد ذكر ‪ %37.7‬منهن أن الموضوعات‬ ‫الطبية مهمة جداً‪ ،‬مقابل ‪ %27‬من الذكور‪.‬‬

‫الدراسات السابقة والمقارنات‬

‫أشار تقرير المعرفة العربي للعام ‪2009‬م (برنامج‬ ‫أ‬ ‫المم المتحدة إالنمائي؛ مؤسسة محمد بن راشد‬ ‫آل مكتوم‪2009 ،‬م)‪ ،‬إلى أنه إذا جرى توزيع مجموع‬ ‫الكتب العربية المنشورة سنوياً على عدد السكان‪،‬‬


‫فسيكون نصيب كل ‪ 19150‬مواطناً عربياً كتاباً واحداً‬ ‫فقط‪ ،‬مقارنة بكتاب واحد لكل ‪ 491‬مواطناً بريطانياً‪،‬‬ ‫ولكل ‪ 713‬مواطناً إسبانياً‪ .‬وكشفت إحصاءات منظمة‬ ‫اليونيسكو (‪2003‬م)‪َّ ،‬أن الطفل العربي ال يقرأ خارج‬ ‫المنهج الدراسي أكثر من ست دقائق‪ ،‬لكنه يمضي وقتاً‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وأن‬ ‫أطول أمام التلفاز من الطفل المريكي والوروبي‪َّ .‬‬ ‫كل ‪ 20‬عربياً يقرأون كتاباً واحداً في السنة‪ ،‬بينما يقرأ‬ ‫كل بريطاني بالمتوسط ‪ 7‬كتب؛ أي ما يعادل ما يقرأه‬ ‫‪ 140‬عربياً‪ .‬ويشير التقرير إلى التراجع في مستويات‬ ‫استهالك الصحف داخل الوطن العربي بين أ‬ ‫العوام‬ ‫‪ 1996‬و‪2003‬م‪ ،‬إذ كان متوسط توزيع الصحف اليومية‬ ‫لكل ألف مواطن عربي ‪ 78‬نسخة العام ‪1996‬م ثم‬ ‫انخفض إلى ‪ 50‬نسخة فقط العام ‪2003‬م‪.‬‬ ‫وأجرت راجح (‪2007‬م) دراسة عن النشر إاللكتروني‪،‬‬ ‫وأثره في بناء وتنمية المكتبات الجامعية السعودية‪.‬‬ ‫وكشفت الدراسة عن وجود اتجاهات إيجابية بين‬ ‫المسؤولين عن مؤسسات النشر إاللكتروني في المملكة‬ ‫نحو فكرة تحويل المجموعات البحثية العربية إلى‬ ‫الشكل إاللكتروني‪.‬‬ ‫تقدم‪ ،‬على المستوى المحلي‪ ،‬يمكن‬ ‫وفي ضوء ما َّ‬ ‫القول َّإن مجمل الدراسات كانت حول القراءة الحرة‬ ‫إاللكترونية‪ ،‬والقراءة الحرة الورقية‪ .‬إضافة إلى‬ ‫تفضيالت القراءة لدى الطلبة في المدارس والجامعات‬ ‫والدافع للقراءة‪ ،‬ومفهوم الذات القارئة‪ ،‬واالتجاه نحو‬ ‫القراءة‪ ،‬والميول القرائية‪ ،‬واتجاهات الطلبة حول فوائد‬ ‫ومميزات ومشكالت القراءة على إالنترنت‪.‬‬

‫تم ُّيز الدراسة الجديدة‬

‫ولعل هذه الدراسة الجديدة تتميز عن الدراسات‬ ‫السابقة المحلية والعربية أ‬ ‫والجنبية‪ ،‬من ناحية تناولها‬ ‫أ‬ ‫للقراءة الحرة من وجهات نظر ثالث‪ ،‬هي‪ :‬الفراد‬ ‫القراء؛ والناشرون بصفتهم منتجين‪ ،‬وأمناء المكتبات‬ ‫َّ‬ ‫بوصفهم بيئات قرائية‪ ،‬إلى جانب تناولها مدى اختالف‬ ‫معدل القراءة ومستوياتها وأنماطها‪ ،‬واالتجاهات نحوها‬ ‫ومعوقاتها‪ ،‬باختالف عدد كبير من المتغيرات‪ ،‬لتشمل‪:‬‬ ‫عمر القارئ‪ ،‬وجنسه‪ ،‬ومستواه التعليمي‪ ،‬ودخله‬ ‫المالي‪ ،‬والمنطقة إالدارية‪ ،‬ومكان إالقامة‪ .‬أما المكتبة‪،‬‬ ‫فتشمل‪ :‬مكانها‪ ،‬ونوعها‪ ،‬والقطاع الذي توجد به‪،‬‬ ‫إضافة إلى المنطقة إالدارية التي توجد فيها المكتبة‪،‬‬ ‫وطبيعة النشر‪ ،‬والمنطقة إالدارية التي توجد فيها دار‬

‫النشر‪ .‬وأخيراً‪ ،‬فإن ما يميز الدراسة الحالية شمولها‬ ‫لعينة كبيرة الحجم لم تشملها أي من الدراسات أو‬ ‫والقليمية‬ ‫الص ُعد المحلية إ‬ ‫المسوح السابقة على جميع ُّ‬ ‫وحتى العالمية‪ ،‬لتأتي ممثلة لجميع فئات المجتمع‬ ‫السعودي ومن جميع المناطق إالدارية إلى جانب أمناء‬ ‫المكتبات والناشرين‪ .‬وهذا من شأنه أن يؤسس لصدقية‬ ‫النتائج ودقتها عند استطالع هذه النتائج واتخاذ‬ ‫القرارات في ضوئها‪.‬‬ ‫إضافة إلى ما سبق‪ ،‬فإنه يمكن الوقوف عند المعطيات‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫ظهور ازدياد ملحوظ لمعدالت ونسب االتجاهات‬ ‫إاليجابية نحو القراءة الحرة في أوساط السعوديين‪،‬‬ ‫كما أشارت إلى ذلك نتائج الدراسة المسحية الشاملة‬ ‫والحديثة التي أجرتها المجلة العربية‪ ،‬وبينت َّأن ‪%78‬‬ ‫من إجمالي المجتمع السعودي يمارسون القراءة الحرة‪،‬‬ ‫وأن القراءة الحرة هي بمنزلة عادة ألكثر من نصف أفراد‬ ‫هذا المجتمع‪.‬‬ ‫ولكن أ‬ ‫المر ما زال بحاجة إلى اهتمام مجتمعي‬ ‫ومؤسسي سواء على مستوى أ‬ ‫السرة أو مؤسسات‬ ‫التعليم العام والعالي وبقية المؤسسات الثقافية‬ ‫والمعرفية والبحثية وإلى العمل الجاد على نشر ثقافة‬ ‫القراءة‪ ،‬واالهتمام بها‪.‬‬

‫اتجاهات القراءة‬

‫فيما يلي أبرز نتائج الدراسة المتعلقة باتجاهات القراءة‪:‬‬ ‫• ‪ %93‬من القائمين على رعاية أ‬ ‫الطفال بسن ‪ 12‬عاماً‬ ‫فأقل‪ ،‬لديهم اهتمام بتنمية القراءة عند أطفالهم‪.‬‬ ‫• ‪ %16.6‬من أ‬ ‫الطفال ال يجدون من يقرأ لهم‪.‬‬ ‫الحرة‪،‬‬ ‫• ‪ %88.2‬من الكبار لديهم اهتمام بالقراءة ّ‬ ‫إالناث أكثر من الذكور‪.‬‬

‫• هناك اتجاه نحو القراءة عند الكبار‪ ،‬مع إقرار نصف‬ ‫من شملهم البحث أنهم يفضلون مشاهدة التلفاز‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫• غالبية أفراد المجتمع السعودي تقرأ القرآن الكريم‬ ‫بانتظام‪ ،‬أ‬ ‫والطفال أكثر قراءة له كل يوم‪.‬‬ ‫• أقل أهداف القراءة في المجتمع السعودي عموماً هي‬ ‫إشباع الميول أ‬ ‫الدبية‪.‬‬ ‫• ما يقارب ‪ %80‬من أ‬ ‫الطفال والكبار يقرأون كتاباً ورقياً‬ ‫وآخر إلكترونياً خالل عام كامل‪ ،‬ما عدا الصحف‬ ‫والنترنت‪.‬‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫يفضلون‬ ‫• يفضل الطفال المسابقات واللغاز‪ ،‬وأقل ما ّ‬ ‫الكتب العلمية واللغوية المبسطة‪.‬‬ ‫• ‪ %83‬من القائمين على رعاية أ‬ ‫الطفال ينفقون في‬ ‫مواد القراءة الخاصة بالطفل ‪ 100‬ريال على أ‬ ‫القل في‬ ‫الشهر‪ ،‬مقابل ‪ %17‬ال ينفقون أي مبالغ‪.‬‬ ‫• غياب ثقافة ارتياد المكتبات العامة من أجل القراءة‬ ‫عموماً‪.‬‬ ‫• ثالثة أرباع أ‬ ‫الطفال من سن ‪ 12‬عاماً فأقل لم يتمكنوا‬ ‫من حضور معرض للكتاب خالل السنوات الثالث‬ ‫الماضية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫• أكثر من يحفّز الطفل على القراءة هي الم‪ ،‬أما الكبار‬ ‫فيحفزهم التأثير الذاتي‪.‬‬ ‫• ‪ %70‬من أ‬ ‫الطفال ينجذبون لقراءة كتاب ما من خالل‬ ‫أ‬ ‫اللوان والرسوم‪.‬‬ ‫• ثالثة أرباع الكبار‪ ،‬يهتمون بمحتوى الكتاب أكثر من‬ ‫غيره من العوامل‪.‬‬

‫أنماط القراءة‬

‫وفيما يلي أبرز نتائج الفصل المتعلقة بأنماط القراءة‬ ‫السعودي‪:‬‬ ‫لدى أفراد المجتمع ّ‬ ‫• ما زال أفراد المجتمع يميلون لتفضيل القراءة الورقية‬

‫الطفل العربي ال يقرأ‬ ‫خارج المنهج الدراسي‬ ‫أكثر من ست دقائق‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وقتا أطول‬ ‫لكنه يمضي‬ ‫أمام التلفاز من الطفل‬ ‫األمريكي واألوروبي‬

‫عدد المواطنين‬ ‫لكل كتاب منشور‬

‫الدول‬ ‫العربية‬ ‫بريطانيا‬ ‫إسبانيا‬


‫‪89 | 88‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫التوجه‬ ‫على القراءة إاللكترونية بفارق طفيف‪ ،‬مع أن ّ‬ ‫نحو القراءة إاللكترونية يبدو في تزايد كما توقع‬ ‫الناشرون‪.‬‬ ‫• يفضل أ‬ ‫الطفال استخدام المواد المرئية في القراءة‬ ‫ويفضل الكبار استخدام الهواتف الذكية‪،‬‬ ‫إاللكترونية‪ّ ،‬‬ ‫حل الحاسب آ‬ ‫أما في المكتبات‪ ،‬فقد ّ‬ ‫اللي في مقدمة‬ ‫الوسائل أ‬ ‫الكثر استخداماً‪.‬‬ ‫ يفضل أفراد المجتمع القراءة بالعربية‪.‬‬ ‫• ّ‬ ‫تفضل القراءة في الحدائق والمتنزهات‪،‬‬ ‫• نسبة قليلة ّ‬ ‫والمنزل أكثر أ‬ ‫الحرة‪.‬‬ ‫اءة‬ ‫ر‬ ‫للق‬ ‫ال‬ ‫تفضي‬ ‫ماكن‬ ‫ال‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ القبال على المكتبات ضعيف‪ ،‬ويزداد نوعاً ما وقت‬ ‫• إ‬ ‫الدوام الرسمي‪.‬‬

‫معوقات القراءة‬

‫• أكثر معوقات القراءة الحرة عند أ‬ ‫الطفال‪ :‬عدم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وجود مكتبة عامة قريبة‪ .‬انشغال الطفل باللعب‪.‬‬ ‫الباء عن القراءة أ‬ ‫العمال تشغل آ‬ ‫أ‬ ‫للطفال‪ .‬ال يطلب‬ ‫المعلمون من الطلبة قراءة إضافية إلى جانب القراءة‬ ‫المقررة‪ .‬ال تعاون بين البيت والمدرسة لتعزيز القراءة‪.‬‬ ‫ارتفاع أسعار الكتب‪ .‬ال يجد الطفل متعة في القراءة‪.‬‬ ‫• وأقل المعوقات لدى أ‬ ‫الطفال‪ ،‬هي‪ :‬عدم وجود‬ ‫ّ‬ ‫مكان مناسب للقراءة‪ .‬ضعف البصر ومشكالته‪.‬‬ ‫المعوقات لدى الكبار‪ ،‬فهي‪ :‬وجود وسائل‬ ‫• أما أهم‬ ‫ّ‬ ‫بديلة (تلفاز؛ ومجالس)‪ .‬عدم وجود مكتبة قريبة‪.‬‬ ‫عدم توافر الوقت الكافي‪ .‬ارتفاع أسعار الكتب‪.‬‬ ‫محتويات المكتبة العامة قليلة أو غير مشجعة‪.‬‬ ‫المعوقات لدى الكبار‪ ،‬هي‪ :‬ال يجد متعة في‬ ‫• وأقل‬ ‫ّ‬ ‫القراءة‪ .‬ضعف البصر ومشكالته‪.‬‬

‫استهالك المعرفة‬

‫فيما يلي أبرز النتائج المتعلقة باستهالك المعرفة‪:‬‬ ‫• تحتل برامج الرسوم المتحركة مرتبة متقدمة في‬ ‫تفضيل أ‬ ‫الطفال‪ ،‬وأقل البرامج مشاهدة هي البرامج‬ ‫التعليمية ثم الدينية‪ .‬ويبدو السبب تقديم هذه‬ ‫جدي ليست فيه مراعاة لجانب‬ ‫البرامج بشكل ّ‬ ‫الطفولة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ يفضل الطفال تصفّح عديد من المواقع إاللكترونية‪،‬‬ ‫• ّ‬ ‫أ‬ ‫والكثر تفضيال ً هي مواقع الرسوم المتحركة‪ ،‬وأقلّها‬ ‫المواقع العلمية‪.‬‬ ‫• القراءة هي وسيلة نصف عينة أ‬ ‫الطفال للحصول على‬ ‫ِّ‬ ‫المعرفة‪.‬‬ ‫• يتضح أن مصادر المعرفة الرئيسة لدى أ‬ ‫الطفال مرتبة‬ ‫تنازلياً‪ ،‬هي‪ :‬أ‬ ‫السرة‪ ،‬والمدرسة‪ ،‬والروضة‪ ،‬والتلفاز‬ ‫والنترنت‪،‬‬ ‫ووسائل إالعالم‪ ،‬والكتاب‪ ،‬والمسجد‪ ،‬إ‬ ‫واللعاب اللكترونية‪ ،‬أ‬ ‫أ‬ ‫والصدقاء والمجالس‪.‬‬ ‫إ‬ ‫• مصادر المعرفة الرئيسة للكبار في المجتمع‬ ‫السعودي‪ ،‬هي‪ :‬الكتاب‪ ،‬ووسائل إالعالم‪ ،‬والمواقع‬ ‫ّ‬ ‫إاللكترونية‪ ،‬والمدرسة‪ ،‬والجامعة‪ ،‬والمسجد‪،‬‬ ‫ومواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬والفعاليات الثقافية‪،‬‬ ‫والعمل‪ ،‬أ‬ ‫والصدقاء‪ ،‬والمجالس واللقاءات العائلية‪،‬‬

‫والديوانيات‪ ،‬والصحف والمجالت‪ ،‬والمنتديات‬ ‫والسرة‪ ،‬أ‬ ‫والصالونات الثقافية‪ ،‬أ‬ ‫واللعاب إاللكترونية‪.‬‬ ‫• أكثر وسيلتين يستغرق فيهما أفراد المجتمع الوقت‪،‬‬ ‫هما‪ :‬إالنترنت‪ ،‬ثم التلفاز‪.‬‬

‫المكتبات‬

‫فيما يلي أبرز نتائج الدراسة المتعلّقة بالمكتبات‪،‬‬ ‫بصفتها مصادر معرفية‪:‬‬ ‫تقدم خدمة إالعارة الخارجية‪.‬‬ ‫• غالبية المكتبات ّ‬ ‫• ‪ %38.9‬منها ال يتوافر فيها نظام آلي متكامل‪.‬‬ ‫خاصة بها‪.‬‬ ‫• غالبية المكتبات توجد لديها إحصاءات ّ‬ ‫• ‪ %85.5‬من المكتبات في المملكة غير مشتركة في‬ ‫قواعد معلومات رقمية‪.‬‬ ‫• ‪ %81.6‬من المكتبات في المملكة ال تقتني كتباً‬ ‫إلكترونية‪.‬‬ ‫• نصف المكتبات السعودية تعمل دون ميزانية‪ ،‬والتي‬ ‫تمتلك ميزانية كافية ‪ %3‬فقط‪.‬‬ ‫• يفيد المسؤولون عن المكتبات العامة بتوافر قسم‬ ‫نسائي في ‪ 19‬مكتبة عامة في المملكة‪.‬‬

‫غالبية أفراد المجتمع السعودي‬ ‫تقر أأ القرآن الكريم بانتظام‪،‬‬ ‫والطفال ث‬ ‫أك� قراءة له ف ي� كل يوم‬

‫حركة النشر‬

‫فيما يلي أبرز النتائج المتعلقة بواقع حركة النشر في‬ ‫المملكة‪:‬‬ ‫السعودية تنتهج النشر‬ ‫• أكثر من نصف دور النشر ّ‬ ‫واللكتروني‪.‬‬ ‫الورقي‪ ،‬وثلثها يجمع بين النشر الورقي إ‬ ‫السعودية نحو التأليف‪ ،‬ثم‬ ‫• تتجه دور النشر ّ‬ ‫التحقيق‪ ،‬فالترجمة‪ ،‬وأخيراً الملخصات‪.‬‬ ‫السعوديون المشاركة في معارض‬ ‫• ّ‬ ‫ يفضل الناشرون ّ‬ ‫الكتب الداخلية بدرجة أكبر من المشاركة في‬ ‫المعارض العربية والدولية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫معوقات‬ ‫• ّ‬ ‫ تصد َر انتهاك حقوق الملكية الفكرية لبرز ّ‬ ‫معوقات الترجمة؛‬ ‫التأليف‪ ،‬بينما جاء في مقدمة ّ‬ ‫معوقات النشر؛‬ ‫غياب برامج دعم الترجمة‪ ،‬أما أبرز ّ‬ ‫فقد تركزت على المواد المستخدمة في الطباعة‪ ،‬مثل‬ ‫والوراق أ‬ ‫غالء سعر الطباعة أ‬ ‫والحبار‪.‬‬

‫السعوديون تقدم النشر إاللكتروني‬ ‫• يتوقع الناشرون ّ‬ ‫على النشر الورقي في المستقبل‪.‬‬

‫التوصيات‬

‫بعد استعراض النتائج‪ ،‬أمكن وضع مجموعة من‬ ‫التوصيات تتعلق بمحاور الدراسة‪:‬‬ ‫• بناء برامج لتوثيق التعاون بين أ‬ ‫السرة والمدرسة في‬ ‫أ‬ ‫ويوصى‬ ‫تعزيز االتجاهات نحو القراءة لدى الطفال‪َ ،‬‬ ‫باستثمار أندية الحي التابعة للمدارس‪.‬‬ ‫• تنسيق الجهد إالعالمي إلنتاج برامج إعالمية تحث على‬ ‫القراءة‪ ،‬وعلى نشر ثقافة ارتياد المكتبات‪ ،‬وحضور‬ ‫الفاعليات المتعلقة بالقراءة‪.‬‬ ‫• وضع برامج توعية أ‬ ‫للمهات حول كيفية تنمية القراءة‬ ‫للطفل‪.‬‬ ‫• دعم الدور المجتمعي للجامعات والكليات‬ ‫أ‬ ‫الحرة‪،‬‬ ‫الكاديمية؛ من أجل تعزيز واقع القراءة ّ‬ ‫ال سيما في العطل وإجازات الصيف وغيرها‪.‬‬ ‫• تشجيع أصحاب المبادرات الشبابية في مجال القراءة‬ ‫الحرة‪ ،‬ووضع إطار مرجعي لهذه المبادرات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫• إتاحة الكتب للعامة في صاالت االنتظار بالمطارات‬ ‫والمستشفيات‪ ،‬والحدائق العامة‪.‬‬ ‫• مراجعة المناهج الدراسية للمراحل المختلفة‪،‬‬ ‫الحرة وكتبها في‬ ‫واالهتمام بإضافة حصص المطالعة ّ‬ ‫مؤسسات التعليم العام‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الخاص‬ ‫• العمل على تطوير المحتوى الرقمي العربي‬ ‫ّ‬ ‫بمرحلة الطفولة في النترنت أ‬ ‫واللعاب إاللكترونية‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫والرسوم المتحركة؛ لكونها المحببة للطفال‪.‬‬ ‫• ضرورة االهتمام بالصالونات الثقافية‪ ،‬وتوزيعها‬ ‫جغرافياً في أنحاء المملكة باعتبارها واحداً من مصادر‬ ‫المعرفة لبعض شرائح المجتمع‪.‬‬ ‫• بناء مرصد معرفي يتولى مراقبة مدى التقدم في‬ ‫مؤشرات القراءة واستهالك المعرفة؛ انطالقاً من الخط‬ ‫القاعدي الذي وفرته الدراسة الحالية‪.‬‬ ‫• زيادة عدد المكتبات العامة‪.‬‬ ‫• فتح قسم خاص للفئة العمرية من ‪ 8‬إلى ‪ 12‬سنة‬ ‫في المكتبات العامة‪ ،‬وتزويده بالتجهيزات وأوعية‬ ‫المعلومات والمواد الثقافية المناسبة‪.‬‬ ‫• فتح قسم نسائي في المكتبات العامة كافة‪.‬‬ ‫• تزويد المكتبات العامة التجهيزات المناسبة والكتب‬ ‫والدوريات واشتراكها في قواعد معلومات رقمية‪.‬‬ ‫• زيادة عدد المكتبات المتنقلة‪ ،‬وتخطيط توزيعها‬ ‫جغرافياً‪.‬‬ ‫• تيسير نشر المحتوى إاللكتروني العربي بشكل عام‪،‬‬ ‫ونشر الكتب العربية إاللكترونية على وجه الخصوص‬ ‫في تطبيقات الهواتف الذكية‪.‬‬ ‫• ضرورة تبني استراتيجية وطنية للنهوض بصناعة‬ ‫معوقات التأليف‬ ‫الكتاب في المملكة‪ ،‬وتذليل ّ‬ ‫والترجمة والنشر‪.‬‬ ‫أ‬ ‫• توحيد الجهد الرامي لتطوير أدب الطفال في المملكة‬ ‫ضمن المعايير العالمية‪.‬‬


‫الملف‪:‬‬

‫كوكب‬ ‫الهاتف‬ ‫الذكي‬

‫َّ‬ ‫الجوال التقليدي‬ ‫ذكي ألنه يتميَّ ز عن سلفه‬ ‫ً‬ ‫ذكيا‪ ،‬بالقدرة على تقديم‬ ‫الذي لم يكن‬ ‫خدمات ال َّ‬ ‫عد لها وال حصر‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ذكي‪ ..‬ألن ذاكرته الذاتية قادرة على أن تخزن‬ ‫ً‬ ‫وأيضا لقدرته على‬ ‫وأن تتوقع وأن تقترح‪،‬‬ ‫االتصال بشبكة اإلنترنت‪ ،‬ليصبح أقرب إلى‬ ‫جهاز كمبيوتر منه إلى هاتف‪.‬‬ ‫ً‬ ‫هو اليوم ذكي‪ ،‬ولكنه يبدو قابال للتطور‬ ‫ً‬ ‫عبقريا فيما‬ ‫ليصبح فائق الذكاء‪ ،‬وربما‬ ‫بعد‪ .‬إذ إنه مع هذا السيل من التطبيقات‬ ‫الجديدة التي تطالعنا كل يوم‪ ،‬صار هذا‬ ‫الجهاز وسيلة لمشاهدة قنوات التلفزيون‬ ‫ً‬ ‫مجانا بأقاصي‬ ‫وقراءة الصحف‪ ،‬واالتصال‬ ‫األرض‪ ،‬وتحديد المواقع‪ ،‬وآلة تصوير‬ ‫ّ‬ ‫تسوق وإدارة الحسابات‬ ‫وتسجيل‪ ،‬ووسيلة‬ ‫المصرفية‪ ،‬وصندوق بريد إلكتروني‪ ،‬كما‬ ‫يمكننا من خالله متابعة الدراسة الجامعية‬ ‫عن ُبعد‪ ،‬وطرد البعوض من حولنا إن َّ‬ ‫كنا‬ ‫في الغابة‪ ،‬وغير ذلك الكثير‪ ..‬دون أن ننسى‬ ‫ً‬ ‫طبعا التحدث من خالله مع اآلخرين‪.‬‬


‫‪91 | 90‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫العالن عن ت‬ ‫ت‬ ‫لف�ة ي ز‬ ‫اخ�اعه‪ ،‬اعتقد البعض‬ ‫وج�ة عند إ‬ ‫ت‬ ‫للمح� ي ن‬ ‫موجه حرصاً‬ ‫ف�‪ .‬فإذا به‬ ‫أنه أمام منتج فاخر َّ‬ ‫اليوم ف ي� جيوب الجميع‪ ،‬يالزمهم كما ولو كان جزءاً‬ ‫الكث� ف ي�‬ ‫ليبدل ي‬ ‫من مالبسهم‪ .‬وما هو أهم من ذلك‪ِّ ،‬‬ ‫مسارات الحياة اليومية وأنماط العالقات االجتماعية‪ .‬ف ي� هذا الملف‬ ‫الصغ� الذي صار الصديق‬ ‫يتفحص فريق «القافلة» هذا الجهاز‬ ‫ي‬ ‫اللصيق بكل منا‪ ،‬ومفتاح العالم المحمول‪.‬‬ ‫الذك‪ ،‬فهناك من استنكف عن متابعة‬ ‫تختلف عالقة الناس بالهاتف ي‬ ‫هذه الموضة أو الحاجة من كبار السن‪ ،‬إذ ما زال يكفيهم أن يكون‬ ‫الهاتف وسيلة إلجراء مكالمة والرد عليها ال ث‬ ‫أك�‪ .‬وهناك من امتلكوا‬

‫ت‬ ‫هواتف ذكية دون أن يستفيدوا من كل ي ِّ ز‬ ‫ال� تقدمها‪ ،‬فما‬ ‫الم�ات ي‬ ‫تطور الهواتف الذكية‬ ‫يحتاجونه منها ليس ي‬ ‫كث�اً‪ .‬وهناك متابعو ّ‬ ‫ف‬ ‫ث‬ ‫طواب�‬ ‫وأك�هم من الفئات العمرية الجديدة‪ ،‬وهؤالء ممن يقفون ي�‬ ‫ي‬ ‫أمام محال بيع الهواتف ما أن يعلن عن نزول نسخة جديدة ث‬ ‫أك�‬ ‫الذك من سلعة‬ ‫تطوراً من سابقتها إىل السوق‪ .‬لذا ّ‬ ‫تحول الهاتف ي‬ ‫تؤمن الرفاهية الكاملة‬ ‫يحتكرها عدد قليل من الناس إىل سلعة متداولة ِّ‬ ‫ت‬ ‫ال� كانت تبدو من الكماليات قبل‬ ‫وعدداً ال يُحىص من الخدمات ي‬ ‫�ض‬ ‫ت‬ ‫ال� لم يعد‬ ‫سنوات معدودة‪ ،‬ولكنها باتت اليوم من ال ورات ي‬ ‫بإمكاننا االستغناء عنها‪ ،‬بعدما ذقنا طعمها‪.‬‬ ‫الجوال التقليدي والذكي‬ ‫بين الهاتف ّ‬ ‫ف‬ ‫يقدم‬ ‫الجوال التقليدي ي� أنه ِّ‬ ‫الذك عن الهاتف ّ‬ ‫يختلف الهاتف ّ‬ ‫الجوال ي‬ ‫عدداً من وظائف الحوسبة المتطورة وقدرات االتصال المتقدمة إىل‬ ‫جانب وظائف الهاتف التقليدية أ‬ ‫الخرى‪ .‬وقد دمج أول الهواتف الذكية‬ ‫ب� قدرات الهاتف التقليدي ومزايا أ‬ ‫ين‬ ‫الجهزة السابقة عليه‪ ،‬مثل المساعد‬ ‫والكام�ا الرقمية‪ ،‬ونظام تحديد‬ ‫الشخص الرقمي ومشغل الوسائط‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫المواقع الجغر ف يا�‪ .‬أما الهواتف الذكية الحالية فهي تدعم مزايا إضافية‬ ‫ث‬ ‫وكام�ات التصوير‬ ‫أك� تقدماً مثل شاشات اللمس المقاومة للخدوش‪ ،‬ي‬ ‫ت‬ ‫ال� بلغت ‪ 41‬ميغابكسل‪.‬‬ ‫المدمجة ذات الدقة العالية يغ� المسبوقة ي‬ ‫ولك يص ّنف ذكياً‪ ،‬عىل الهاتف أن يتمتع ي ز‬ ‫بم�ة تحميل التطبيقات بع�‬ ‫ال ي تن�نت‪ ،‬ومنها تطبيقات أ‬ ‫اللعاب ت‬ ‫كث�اً من‬ ‫إ‬ ‫ال� جذبت منذ البداية ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ال� تطال كل منتج أو معلومة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫المستخدم�‪ ،‬ثم هناك التطبيقات ي‬ ‫نز‬ ‫نظراً لسهولة ت�يل أي تطبيق عىل الهاتف طالما كانت الذاكرة ذات‬ ‫مساحة كافية‪.‬‬


‫أعلن مهندسون أمريكيون أنهم‬ ‫تمكنوا من اختراع جهاز بوسعه‬ ‫تحويل هاتف ذكي إلى مختبر متنقل‬ ‫ُيجري اختبارات الحمض النووي‬ ‫الالسلك‬ ‫ولكونه ذكياً فإن عليه أن يدعم عديداً من قدرات االتصال‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تتيح لمستخدم‬ ‫مثل إمكانية االتصال بشبكة «واي فاي» ي‬ ‫ت‬ ‫الهاتف تصفح إ ت‬ ‫ال� تتيح له التواصل‬ ‫الن�نت‪ ،‬وتقنية «بلوتوث» ي‬ ‫مع هواتف أخرى ومشاركة الملفات معها‪ ،‬وتقنية «االتصال قريب‬ ‫ت‬ ‫ال� تتيح مشاركة الملفات مع هاتف آخر بمجرد التواصل‬ ‫المدى» ي‬ ‫الذك هو إتاحة‬ ‫بينهما‪ .‬لكن أبرز ما يجب آأن يتمتع به الهاتف ي‬ ‫التواصل لمستخدمه مع الخرين‪ ،‬ومشاركة بياناته معهم بع�‬ ‫شبكات التواصل االجتماعي العديدة مثل فيسبوك ت‬ ‫وتوي� ويوتيوب‬ ‫ت‬ ‫ال� ت ز‬ ‫ت�ايد وتتسع‬ ‫وإنستغرام ي‬ ‫وغ�ها من مواقع التواصل االجتماعي ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ن‬ ‫الن�نت ي�ايد يوماً‬ ‫طالما أن انتساب‬ ‫مستخدم� جدد إىل شبكة إ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الكا� لتجربة كل جديد‬ ‫بعد يوم‪ ،‬وجميعهم يتمتعون بالفضول ي‬ ‫تقدمه الشبكة‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫وما ي ِّ ز‬ ‫الجوال التقليدي‪ ،‬قدرته عىل قراءة‬ ‫الذك عن الهاتف ّ‬ ‫يم� الهاتف ي‬ ‫ال ت‬ ‫لك�ونية‪ ،‬خاصة بعدما أصبحت شاشات تلك الهواتف ذات‬ ‫الكتب إ‬ ‫الفديو بدقة عالية‬ ‫قياسات ي‬ ‫كب�ة نسبياً‪ ،‬والقدرة أيضاً عىل تسجيل ِ‬ ‫ز‬ ‫الذك بقدرته عىل‬ ‫واستعراض الصور بطريقة جذَّ أابة‪ .‬كما ي ّ‬ ‫يتم� الهاتف ي‬ ‫مشاركة شاشته مع الشاشات ال بك� مثل أجهزة التلفاز العالية الوضوح‪،‬‬ ‫أو الحواسيب اللوحية‪ ،‬وكذلك القدرة عىل تبادل الملفات بينه ي ن‬ ‫وب�‬ ‫الحواسيب الشخصية‪.‬‬ ‫تتطور الهواتف الذكية يوماً بعد يوم‪ ،‬وتزداد قدراتها وإمكاناتها بشكل‬ ‫مذهل‪ ،‬فأصبحت بعض تلك الهواتف تستخدم البصمة عىل سبيل‬ ‫المثال كنوع من أ‬ ‫المان لفك قفل الهاتف‪ .‬ويستخدم بعضها تقنيات‬ ‫تتبع حركة ي ن‬ ‫الشارة‬ ‫ال تن�نت أو استعراض الصور بمجرد إ‬ ‫الع� لتصفح إ‬ ‫الهوائية باليد‪ .‬بينما كان الهاتف التقليدي يؤدي الهدف الرئيس الذي‬ ‫ُص ّمم ألجله‪ ،‬وهو إجراء المكالمات الهاتفية‪ ،‬وإرسال الرسائل النصية‪،‬‬ ‫مع قدرة محدودة ف ي� مجال التصوير ومشاركة الملفات بع� بلوتوث‪،‬‬ ‫وقد بدأت هذه الفئة من الهواتف باالندثار التدريجي‪ ،‬وخالل سنوات‬ ‫قليلة مقبلة ستصبح من تراث ت‬ ‫اخ�اعات القرن ش‬ ‫الع�ين‪ ،‬كما سيكون‬ ‫حال الهواتف الثابتة‪.‬‬ ‫بم�ات كانت ت‬ ‫وبات الهاتف الذك يتمتع ي ِّ ز‬ ‫ح� زمن قريب مجرد أحالم‬ ‫أو أفكار تتعلق ي أ‬ ‫بالفالم العلمية المستقبلية‪ .‬فعىل سبيل المثال أعلن‬ ‫مهندسون أمريكيون أنهم تمكنوا من ت‬ ‫اخ�اع جهاز بوسعه تحويل‬ ‫مخت� متنقل يُجري اختبارات الحمض النووي‪ ،‬وهو‬ ‫ذك إىل ب‬ ‫هاتف ي‬

‫الذك‪ ،‬ما يسمح بدراسة الشفرة‬ ‫ميكروسكوب يركّب عىل الهاتف ي‬ ‫الوراثية ألي إنسان‪ ،‬مع تبيان جزئيات الحمض النووي‪ .‬وهذه الطريقة‬ ‫كث� من أمراض الرسطان واكتشاف‬ ‫الجديدة تسمح بتشخيص ي‬ ‫أ‬ ‫والعقاق� الطبية‪ .‬وبعد التقاط‬ ‫تأث� الدوية‬ ‫ي‬ ‫يف�وسات صامدة أمام ي‬ ‫صورها الفوتوغرافية يتم إرسالها إىل مركز للبحوث العلمية عن طريق‬ ‫الذك‪ .‬ثم تعود تلك الصور إىل الهاتف عىل شكل رسوم‬ ‫الهاتف ي‬ ‫مفهومة للمستخدم‪.‬‬ ‫الجوال التقليدي إىل‬ ‫ولو أردنا أن نخترص كيفية‬ ‫التحول من الهاتف ّ‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫الذك‪ ،‬يمكننا القول إنه ي� البدء كانت هناك الهواتف‬ ‫الهاتف ّ‬ ‫الجوال ي‬ ‫المحمولة والمساعدات الرقمية الشخصية (‪ .)PDA‬استخدمت الهواتف‬ ‫المحمولة إلجراء المكالمات فقط‪ ،‬ف� ي ن‬ ‫ح� أن أجهزة المساعد الرقمي‬ ‫ي‬ ‫الشخص‪ ،‬مثل «بالم بايلوت»‪ ،‬استخدمت لحفظ المالحظات وكتابة‬ ‫ي‬ ‫الالسلك وإرسال‬ ‫االتصال‬ ‫قدرة‬ ‫اكتسبت‬ ‫ثم‬ ‫والجداول‪،‬‬ ‫النصوص‬ ‫ي‬ ‫ال�يد إ ت ن‬ ‫ح� تمت إضافة ي ز‬ ‫و� واستقباله‪ .‬وهكذا‪ ،‬ي ن‬ ‫م�ة االتصال‬ ‫ب‬ ‫اللك� ي‬ ‫الشخص‪ ...‬ظهر الهاتف‬ ‫الرقمي‬ ‫المساعد‬ ‫أجهزة‬ ‫إىل‬ ‫الخلوي‬ ‫الهاتفي‬ ‫ي‬ ‫الذك‪ ،‬الذي راح يتطور منذ ذلك ي ن‬ ‫الح� بشكل م ّطرد ال أفق لحدوده‬ ‫ي‬ ‫ح� بالنسبة ت‬ ‫بعد‪ ،‬ت‬ ‫لمخ�عيه‪.‬‬


‫‪93 | 92‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫الهاتف التقليدي ومآله‬ ‫ً‬ ‫ف ي� اللغة العربية يقال‪ ،‬سمعت ها ِتفا يَ ْه ِتف إذا كنت تسمع الصوت وال‬ ‫تُ ْب ِص أَحداً‪ .‬وال َه ْت ُف وال ُه َت ُاف ‪-‬بالضم‪ -‬الصوت‪.‬‬ ‫صوتَت‪.‬‬ ‫وهتفت الحمامة‪ :‬أي َّ‬ ‫قال جميل‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫تُ َب ِّ يك عىل ُج ْم ٍل ِل َو ْرقا َء تَ ْه ِت ُف؟‬ ‫فاهةً ‬ ‫أإن َه َتف َْت َو ْرقا ُء ِظل َت َس َ‬ ‫ْ‬ ‫وقال أبو زيد‪َ :‬ه َتف ُْت به‪َ :‬م َد ْح ُته‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫َةٌ‬ ‫وه َتفى‪.‬‬ ‫وه ُت ْوف َ‬ ‫ويقال‪ :‬فُالنَةُ يُ ْه َت ُف بها‪ ،‬أي تُذْ كَر بالجمال‪ .‬وقوس َه ّتاف َ‬ ‫أمية بن ب يأ� عائذ ال ُهذَ يل‪:‬‬ ‫أي ذات صوت تَ ْه ِت ُف َ‬ ‫بالوتَر‪ ،‬قال َّ‬ ‫ف‬ ‫الش َم ِال‬ ‫المـذْ َر َويْ ِن َز ْورا َء ُم ْض َج َع ٍة ي� ِّ‬ ‫عىل َع ْج ِس َه ّتاف َِة ِ‬ ‫الش ْنفَرى يَ ِصف قوسا‪ً:‬‬ ‫وقال َّ‬ ‫َرصائع قد ِن ْي َط ْت عليها ِوم ْح َملُ‬ ‫ْ‬ ‫ون يَ ِزيْ ُنهـا ‬ ‫المل ِس ُ‬ ‫َه ُت ْو ٌف من ُ‬ ‫الم ُت ِ‬ ‫وقال أبو النجم يصف صائداً‪:‬‬ ‫وه َتفى ُم ْع ِط َيةً َط ُروحـاً‬ ‫أنْحى ِشماال ً َه َمزى نَ ُض ْوح اً‬ ‫َ‬ ‫ف ي� اللغة العربية تد ّلل عبارة «هاتف» تماماً عىل معناها‪ ،‬أي سماع‬ ‫الصوت دون رؤية صاحبه‪ .‬ولكن ما هي حكاية انتقال الهاتف من‬ ‫ت‬ ‫المخ�عون بتحويل الهاتف من آلة‬ ‫التحرك‪ .‬كيف فكّر‬ ‫الثبات إىل‬ ‫ّ‬ ‫ئ‬ ‫كهربا�‪ ،‬إىل آلة‬ ‫ملتصقة بالمكتب أو الطاولة وموصولة بالجدار بحبل‬ ‫ي‬ ‫يحملها صاحبها أينما ذهب‪ ،‬تتصل بالهواتف أ‬ ‫الخرى بواسطة موجات‬ ‫السلكية؟‬

‫أول رسالة نصية قصيرة تم إرسالها‬ ‫بين هاتفين ّ‬ ‫جوالين كانت في ديسمبر‬ ‫من العام ‪1992‬م‬ ‫القص�ة ‪SMS‬‬ ‫الجوالة الرسائل النصية‬ ‫ي‬ ‫ساعدت عىل انتشار الهواتف ّ‬ ‫ت‬ ‫ال� ش‬ ‫انت�ت بشكل تجاري ف ي� العام ‪1995‬م‪ ،‬علماً بأن أول رسالة‬ ‫ي‬ ‫جو ي ن‬ ‫ب� ي ن‬ ‫قص�ة تم إرسالها ي ن‬ ‫ديسم� من‬ ‫ال� كانت ف ي�‬ ‫ب‬ ‫نصية ي‬ ‫هاتف� ّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� أنتجتها‬ ‫العام ‪1992‬م‪ .‬ثم ظهرت خدمة ي‬ ‫الكام�ا ي� الهاتف ي‬ ‫نوفم� من العام ‪2000‬م‪ ،‬ثم توالت بعد ذلك‬ ‫ش�كة «شارب» ف ي�‬ ‫ب‬ ‫التحسينات والتطويرات‪ ،‬ت‬ ‫ح� انطلق سباق ش‬ ‫الك�ى ف ي�‬ ‫ال�كات ب‬ ‫المستهلك� ت‬ ‫ين‬ ‫باخ�اعات جديدة تدخل ف ي� إطار‬ ‫التكنولوجيا لمفاجأة‬ ‫الجوال‬ ‫الهاتف‪ .‬فقامت ش�كتا موتوروال وأبل بتطوير هاتفهما ّ‬ ‫ت‬ ‫المش�ك‪ ،‬الذي يتيح إمكانية استخدامه كمشغل للموسيقى ‪،iPod‬‬ ‫بحيث يمكِّن المستخدم من تحميل ما يشاء من الموسيقى من شبكة‬ ‫ال تن�نت وتخزينها ف ي� جهازه‪ .‬كما أدخلت خدمة الهاتف التلفزيون‬ ‫إ‬ ‫ف� العام ‪2005‬م ف� العاصمة الفنلندية‪ .‬ف‬ ‫و� كوريا الجنوبية‬ ‫ي‬ ‫يتم تطوير خدمة يتحميل أ‬ ‫الجوالة‬ ‫الهواتف‬ ‫عىل‬ ‫ئية‬ ‫ر‬ ‫الم‬ ‫فالم‬ ‫ال‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫و� اليابان كان العمل جارياً لتطوير‬ ‫وقراءة عناوين الصحف‪ ،‬ف ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تتيح خدمة دفع‬ ‫ش�يحة «فيليكا» ل ُتدمج ي� الهواتف ّ‬ ‫الجوالة‪ ،‬ي‬

‫ف� العام ‪1972‬م تمكن الباحث مارتن كوبر ف� ش�كة موتوروال من ت‬ ‫اخ�اع‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫جوال‪ ،‬و ُعرف باسم «الهاتف الحذاء»‪ .‬ويُعد هذا الهاتف‪،‬‬ ‫أول هاتف ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ز‬ ‫بك� حجمه وطول‬ ‫ويتم� ب‬ ‫الجوالة ي� العالم‪ ،‬ي‬ ‫ّ‬ ‫الجد الول لكافة الجهزة ّ‬ ‫ف‬ ‫ئ‬ ‫ش‬ ‫و� العام ‪1987‬م طورت �كة‬ ‫ي‬ ‫هوا� إالرسال واالستقبال المثبت عليه‪ .‬ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫و� تلك الثناء كانت‬ ‫نوكيا هاتفها ّ‬ ‫الجوال المعروف باسم ‪ ،Cityman‬ي‬ ‫وتصغ� حجمها‪.‬‬ ‫ش�كة موتوروال تجري تجاربها لتحديث أجهزتها‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الثا� من تسعينيات القرن ش‬ ‫الع�ين نجح عديد من‬ ‫ف ي�‬ ‫النصف ي‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫جوالة خفيفة الوزن وذات كفاءة‬ ‫ال�كات ي� تصنيع أجهزة اتصال ّ‬ ‫اتصال عالية‪ .‬ورافق ذلك تطور شبكات االتصال الخلوية وانتشار‬ ‫ال�كات المتخصصة ف� ي ن‬ ‫عديد من ش‬ ‫تأم� تلك الخدمة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫تطور الهاتف الخليوي خالل السنوات‬

‫مارتن كوبر‬


‫ت‬ ‫المش�يات وحجز تذاكر الطائرات والقطارات والوصول إىل الحساب‬ ‫البنك وتحويل أ‬ ‫الموال بدقة ورسعة عالية حول العالم‪ ،‬وفتح‬ ‫ي‬ ‫نز‬ ‫أبواب الم�ل‪ ،‬وتشغيل السيارة عن بُعد‪.‬‬ ‫التال ألجهزة الكمبيوتر الشخصية‪،‬‬ ‫وتُعد الهواتف الذكية التطور‬ ‫الطبيعي ي‬ ‫أ‬ ‫بل إنها خفَّضت من شعبية تلك الجهزة بعد عقود من الهيمنة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� كان حجمها‬ ‫تقول الرقام ي� صناعة ّ‬ ‫الجوال المريكية‪ ،‬إن السوق ي‬ ‫‪ 3‬ين‬ ‫مالي� دوالر قبل ‪ 25‬عاماً‪ ،‬صار حجمها نحو ‪ 30‬مليار دوالر‪ .‬ويقال‬ ‫ف‬ ‫إن عدد الهواتف الجوالة ي� العالم يتجاوز الملياري جهاز‪ ،‬أي إن ثلث‬ ‫ش‬ ‫نتصور شيئاً ما ف ي�‬ ‫جوال‪ .‬فهل يمكن أن‬ ‫ّ‬ ‫الب�ية يحمل جهاز هاتف ّ‬ ‫تطور إىل هذا الحد بهذه الرسعة؟‬ ‫الكون ّ‬ ‫مستقبل الهواتف الذكية‬ ‫أ‬ ‫قبل الكالم عن المستقبل التكنولوجي الذي تُظهره لنا الفالم العلمية‬ ‫بشكل خيال‪ ،‬ال بد من الوقوف عىل الحا�ض‬ ‫ي‬ ‫التطوري لتقنيات الهواتف الذكية‪ ،‬وهذه‬ ‫كب�اً منها ف ي� تناول‬ ‫التطورات باتت جزءاً ي‬ ‫المستخدم� مثل ت‬ ‫ين‬ ‫االخ�اع الذي كشفت عنه ش�كة‬ ‫يز‬ ‫يز‬ ‫«سيت�ين‬ ‫ساينس�» الفرنسية وهو نوع جديد‬ ‫من أ‬ ‫القمشة يمكنه مراقبة الحال الصحية ودرجة‬ ‫إالرهاق لمرتديها‪ .‬وتقيس أجهزة استشعار دقيقة‬ ‫مغزولة ف ي� نسيج القماش �ض بات القلب وحرارة‬ ‫الجسم ومستويات التنفس‪ ،‬وترسل البيانات‬ ‫ذك‪ .‬وينضم هذا القماش إىل‬ ‫إىل هاتف محمول أ ي‬ ‫ال� كشف النقاب عنها �ف‬ ‫الجهزة ت‬ ‫قطاع واسع من‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫وال� تقيس‬ ‫المؤتمر العالمي للهواتف المحمولة ي‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ال� يقطعها‬ ‫�ء من أنماط‬ ‫النوم إىل السعرات الحرارية والمسافات ي‬ ‫كل ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫س�اً عىل القدام‪ .‬وعرضت ش�كة «بروك� آند جامبل» فرشاة‬ ‫المستخدم ي‬ ‫أسنان موصولة بالهاتف المحمول توجه النصح للمستخدم ليعرف م�ت‬ ‫ين‬ ‫لتحس� طريقة تنظيف أسنانه‪.‬‬ ‫ينتقل من مكان ف ي� الفم آلخر‬ ‫الذك ف ي� منتجاته‪ .‬إذ‬ ‫قطاع السيارات يتط ّلع أيضاً إلدخال صناعة الهاتف ي‬ ‫كشفت ش�كة فورد عن نظام ت‬ ‫صو� سيصبح عالمة ي ز‬ ‫مم�ة لجميع سياراتها‬ ‫ي‬ ‫الجديدة وهو قادر عىل االستجابة ألوامر صوتية عدة منها مثال ً إعطاء‬ ‫السائق بيانات عن قوائم الطعام ف ي� المناطق وإرشادات للوصول إليها‪.‬‬ ‫ف� التكهنات العلمية أ‬ ‫القرب إىل الواقع منها إىل الخيال‪ ،‬ف� ي ن‬ ‫الثالث� سنة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ث‬ ‫الذا�‪ ،‬فما أن تصل إىل‬ ‫المقبلة سيكون هاتفك أك� قدرة عىل الفهم ي‬ ‫غرفة الفندق سيقوم باالتصال مع نظام التكييف والحرارة ويضبط‬ ‫درجتها بحسب تفضيالتك الخاصة‪ .‬وسيكون بمقدورك الوصول ألي جهاز‬ ‫ت ن‬ ‫الم�ل بلمسة إصبع ت‬ ‫و� ف� نز‬ ‫ح� مرصف المياه ف ي� الحمام لتعرف تم�‬ ‫إلك� ي ي‬ ‫كانت آخر مرة تم تنظيفه‪.‬‬

‫سيتحول‬ ‫الذك‪ .‬ففي المستقبل‬ ‫ّ‬ ‫ولن يكون النسيان مشكلة أمع الهاتف أ ي‬ ‫ت‬ ‫تمر بها‪ .‬حيث‬ ‫ال� ف ّ‬ ‫الهاتف إىل مسجل رقمي للحداث والماكن والتجارب ي‬ ‫إنك عندما تدخل إىل قاعة مؤتمرات مثال ً فإن الحساسات ي� الجهاز‬ ‫ستتصل ش‬ ‫مبا�ة مع هواتف الحضور مهما كانت أنواعها مختلفة‪ ،‬وتسجل‬ ‫بالضافة إىل أسماء وظائفهم وصفاتهم‪...‬إلخ‪.‬‬ ‫أسماءهم لديك إ‬ ‫وسيصبح الهاتف عميال ً استخباراتياً خاصاً بك‪ ،‬ت‬ ‫وسي�جم ما تقوله ف ي�‬ ‫ت‬ ‫ال� تتحدثها‪ ،‬وسيكون‬ ‫الوقت نفسه ودون أي ي‬ ‫تأخ� ومهما كانت اللغة ي‬ ‫أ‬ ‫يخ�ك ت‬ ‫ويق�ح عليك ما تفعله كأن تتصل بصديق موجود‬ ‫جاهزاً لن ب‬ ‫وسيحدد الهاتف ما إذا كان لديك متسع من‬ ‫ف ي� منطقة قريبة منك‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫الوقت من خالل جدول مواعيدك المحفوظ سلفاً‪ .‬ومن التقنيات ي‬ ‫ستستخدم قريباً‪ ،‬إمكانية عرض الهواتف لوسائل الوسائط المتعددة‬ ‫الثالثية أ‬ ‫البعاد‪ ،‬وكذلك متصفحات إال تن�نت ستكون متاحة ف ي� التقنية‬ ‫نفسها لتستعرض صفحات ورسوماً ث‬ ‫أك� تفاعلية من ذي قبل‪ ،‬وستبدو‬ ‫التطبيقات والوسائط المعروضة كافة بارزة خارج الشاشات ف ي� التقنية‬

‫‪Cityzen Sciences‬‬

‫فرشاة أسنان موصولة بالهاتف المحمول‬ ‫ت‬ ‫«بروك� آند جامبل»‬ ‫من‬

‫نفسها دون الحاجة إىل ارتداء نظارات خاصة لذلك‪ .‬ولن يقترص أ‬ ‫المر‬ ‫المور تال�فيهية‪ ،‬بل سيحظى عالم أ‬ ‫عىل أ‬ ‫العمال بأهمية خاصة ف ي�‬ ‫عرض الصور البيانية والتقارير بشكل حي والكتابة ستبدو وكأنها عىل‬ ‫عدها البعض خياال ً علمياً وهي‬ ‫أوراق نحملها باليد‪ .‬وهناك تكنولوجيا يَ ّ‬ ‫إتاحة هاتف محمول بدون شاشة ليعتمد بشكل رئيس عىل الصوت‬ ‫الوامر الصوتية وكذلك التعرف إىل أ‬ ‫وإصدار أ‬ ‫الشخاص بالتكنولوجيا‬


‫‪95 | 94‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫تشير التوقعات إلى أن ‪ 90‬في المئة‬ ‫من سكان العالم الذين تتجاوز‬ ‫أعمارهم ست سنوات سيحملون‬ ‫هواتف ذكية بحلول العام ‪2020‬م‬

‫ين‬ ‫لوحة لـ ي ن‬ ‫جولي� بعنوان «آلو»‬ ‫ج�‬ ‫تتحدث عن عدم شعورك بالوحدة‬ ‫بوجود الهاتف الجوال‪..‬‬

‫شخص يقوم بتصفح إال تن�نت وقراءة ووصف‬ ‫الحيوية والعمل كمساعد‬ ‫ي‬ ‫محتويات الصفحات‪ ،‬والدخول إىل مواقع التواصل االجتماعي ووصف‬ ‫المحتويات والتعليقات بأسلوب جذاب‪.‬‬ ‫الذك أشبه ما يكون‬ ‫وبجانب أمان الخدمات المالية سيصبح الهاتف ي‬ ‫ش‬ ‫بمحفظة للنقود لها عديد من االستخدامات المرصفية والدخول المبا�‬ ‫إىل شبكات البنوك وإجراء المعامالت المالية والمضاربة ف ي� البورصة‬ ‫وحركات ش‬ ‫ال�اء والبيع‪ .‬وكذلك سيكون هناك دخول حي عىل مختلف‬ ‫المزادات العالمية واالنتهاء من كل إجراءاتها دون الحاجة للسفر‪.‬‬ ‫وتش� التوقعات إىل أن ‪ 90‬ف ي� المئة من سكان العالم الذين تتجاوز‬ ‫ي‬ ‫أعمارهم ست سنوات سيحملون هواتف ذكية بحلول العام ‪2020‬م‪ ،‬كما‬ ‫اش�اكات الهواتف الذكية إىل ث‬ ‫يُتوقع ارتفاع معدالت ت‬ ‫أك� من ‪ 6.1‬بليون‬ ‫اش�اك خالل ت‬ ‫ت‬ ‫الف�ة المذكورة‪ ،‬وقد ساهم انخفاض تكاليف الهواتف‬ ‫ف‬ ‫المطورة والتغطية ت ز‬ ‫الم�ايدة للشبكات‪ ،‬ي� تحويل‬ ‫الخليوية ومزايا االستخدام‬ ‫ّ‬ ‫تكنولوجيا االتصاالت المتنقلة إىل ظاهرة عالمية ستصبح قريباً متوافرة‬ ‫للغالبية الساحقة من سكان العالم‪ ،‬بغض النظر عن العمر أو المكان‪.‬‬ ‫المسألة الصحية‬ ‫أما المتشائمون فيلجأون إىل الحجج المتع ِّلقة بالصحة الجسدية‬ ‫ين‬ ‫المستخدم� بعدم المبالغة ف ي� استخدام‬ ‫والنفسية يك يُقنعوا‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫وخ�اء الشعة من‬ ‫خ�اء إ‬ ‫اللك�ونيات ب‬ ‫الهواتف الذكية‪ .‬فطالما حذّ ر ب‬ ‫بلدان مختلفة بأن التساهل أو التقليل من المخاطر الناجمة عن‬ ‫الشعاعات الصادرة عن الهواتف المحمولة هو نز‬ ‫بم�لة إخفاء معلومات‬ ‫إ‬ ‫ن‬ ‫تغ�ات‬ ‫عن‬ ‫المستهلك�‪ ،‬بعدما توصلت عدة دراسات إىل اكتشاف ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫بيولوجية تحدثها إشعاعات الهاتف ي� أداء خاليا الجسم‪.‬‬ ‫‪ 60‬درجة‬ ‫‪ 60‬رطال ً‬

‫‪ 45‬درجة‬ ‫‪ 49‬رطال ً‬

‫‪ 30‬درجة‬ ‫‪ 40‬رطال ً‬

‫‪ 15‬درجة‬ ‫‪ 27‬رطال ً‬

‫‪ 0‬درجة‬ ‫‪ 12-10‬رطال ً‬

‫بتبدل زاوية ميالن العنق للنظر إىل الهاتف‬ ‫أثر ثقل الرأس عىل الرقبة‬ ‫المتبدل ُّ‬ ‫ِّ‬

‫"?‪Jean Julien, "ALLO‬‬

‫الجوال‪ ،‬عدم االتصال إذا كانت‬ ‫ومن النصائح لتجنب مضار الهاتف ّ‬ ‫الشبكة ضعيفة‪ ،‬ألن الجوال يعمل بأقىص طاقته للتواصل مع‬ ‫الشبكة‪ ،‬والتكلم بميكرفون الجوال دون وضع الجوال عىل أ‬ ‫الذن‪،‬‬ ‫ووضع السماعات ف� أ‬ ‫الذن عند االتصال فقط‪ ،‬وعدم لصق الجوال‬ ‫ي‬ ‫مسافة الشعاع‪ ،‬وعدم حمل الجوال ف� أ‬ ‫أ‬ ‫الماكن‬ ‫بالذن لتبعد‬ ‫إ‬ ‫أي‬ ‫خ�اء طبيون بإبعاد الجهزة الخلوية‬ ‫الحساسة من الجسم‪ .‬وينصح ب‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الذكية أ‬ ‫والجهزة اللوحية قدر المستطاع عن الرسير؛ لن الضواء‬ ‫ت‬ ‫ال� تصدر منها وتبقى مضاءة فيها بشكل متقطع أو دائم‬ ‫الصغرى أ ي‬ ‫تسبب الرق المزمن؛ لكونها تقلل من إفراز هرمون النوم‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫الشخاص الذين يعانون أ‬ ‫وأظهرت دراسة أن نسبة أ‬ ‫الرق‪ ،‬وال يحصلون‬ ‫كاف من النوم‪ ،‬ارتفعت إىل ‪ 20‬ف ي� المئة ف ي� بريطانيا خالل‬ ‫عىل قسط ٍ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫السنوات الماضية‪ .‬وهذه النسبة ي� زيادة الرق ضخمة ومبعث قلق بالغ‪.‬‬ ‫أما عىل صعيد العالقات االجتماعية فقد ي ّ ن‬ ‫ب� تقرير أصدرته جامعة‬ ‫«فرجينيا تكنولوجي» بأنه ت‬ ‫الفعال‪ ،‬فإن مجرد‬ ‫ح� دون االستخدام ّ‬ ‫ن‬ ‫يع� تخفيض فرص الناس ف ي� إجراء‬ ‫وجود التكنولوجيات المحمولة ي‬ ‫وبالتال‪ ،‬تخفيض طبيعة‪،‬‬ ‫تواصل بعضهم مع بعض وجهاً لوجه‪،‬‬ ‫ي‬ ‫وعمق‪ ،‬ومحتوى االتصاالت ي ن‬ ‫ب� الناس‪ .‬ويمنع الجوال الناس من‬ ‫أ‬ ‫مالحظة تحركات عدسات العيون‪ ،‬ومالمح الوجوه‪ ،‬واتجاهات اليدي‪،‬‬ ‫وتفاصيل التمتمة‪ ،‬والتلعثم‪ ،‬ت‬ ‫وال�دد‪.‬‬


‫َّ‬ ‫المشاءون بهواتفهم الذكية‬ ‫عندما تتوقف السيارات عند تقاطع شيبويا الياباني الذي‬ ‫الدمان الجديدة في هذه المرحلة االنتقالية نحو عصور‬ ‫إ‬ ‫يُعد من أكثر التقاطعات اكتظاظاً في العالم‪ ،‬يمر مئات‬ ‫الدمان إذ يبدو واضحاً في‬ ‫التكنولوجيا المتفوقة‪ ،‬وهذا إ‬ ‫المارة منحني الرؤوس وأنظارهم مركزة على هواتفهم‬ ‫التفصيالت الصغيرة كتأثيره على العالقات االجتماعية‬ ‫الذكية‪ .‬وبات هذا المشهد يثير قلق السلطات اليابانية؛ ألن للمدمن وعلى نفسيته وجسده‪ ،‬إال أنه لم يتبلور في‬ ‫تصرف الجميع على‬ ‫التحليل تبلوراً كامال ً بعد‪ ،‬كمعرفة تأثيره على مجتمعات‬ ‫سالمة المشاة تصبح على المحك إذا ّ‬ ‫هذا النحو‪.‬‬ ‫بعينها‪ ،‬أو على مستقبل الكائن البشري في عالقته بكل ما‬ ‫يحيط به في العالم الواقعي‪ ،‬الذي ربما يندمج مع العالم‬ ‫وال تقتصر هذه المشكلة على بعض المشادات الكالمية‬ ‫االفتراضي‪ ،‬ليشكالن عالماً جديداً من نوعه‪ ،‬هو خليط من‬ ‫الدمان الرقمي أو التقني‪ ،‬أعطاه العلماء‬ ‫بين المتصادمين‪ ،‬بل تشمل حاالت يُنقل فيها الجرحى إلى االثنين معاً‪ .‬وحال إ‬ ‫السعاف في اليابان‪ ،‬نُقل ‪122‬‬ ‫لقباً اصطالحياً غير نهائي‪ ،‬وهو قابل للتغيير مع كل بحوث‬ ‫مستشفيات‪ .‬ووفق رجال إ‬ ‫عامي ‪ 2009‬و‪2013‬م‪ ،‬إثر حوادث ناجمة عن‬ ‫اللكتروني أو الرقمي‪.‬‬ ‫الدمان إ‬ ‫واكتشافات جديدة في عالم إ‬ ‫جريحاً بين َ‬ ‫حاالت كان فيها المشاة يركزون على هواتفهم الذكية‪.‬‬ ‫وهذا المصطلح هو‪ :‬الشره الرقمي‪ .‬فماذا يعني؟‬ ‫متنزه ترفيهي في جنوب غرب الصين أرصفته إلى‬ ‫وقسم ّ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫قسمين‪ ،‬أولهما لحاملي الجهزة المحمولة وثانيهما للذين‬ ‫ال يستخدمونها‪ .‬وتتحمل الفئة أ‬ ‫الولى من المشاة تداعيات‬ ‫أفعالها‪ .‬وتدرس إحدى مدن والية نيويورك مشروع قانون‬ ‫ظم استخدام المشاة أ‬ ‫ين ِّ‬ ‫للجهزة المحمولة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫تحول الهاتف الذكي إلى رفيق‬ ‫هذه بعض المثلة عن ّ‬ ‫مالصق لحامليه في كل لحظات حياتهم‪ ،‬وقد انتشرت في‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫وفديو‬ ‫الونة الخير أنواع من المعارض الفنية‪ ،‬فوتوغراف ِ‬ ‫وتجهيز‪ ،‬تتناول هذه الظاهرة التي انتشرت في العالم‬ ‫أجمع‪ ،‬أي استالب البشر سواء أكانوا أفراداً أم جماعات‬ ‫بشاشة الهاتف الذي يحملونه‪ ،‬حتى يبدو وكأنهم هائمون‬ ‫في عالم آخر قد يكون أكثر واقعية من الفضاء الواقعي‬ ‫الذي توجد فيه أجسامهم‪.‬‬ ‫حين تنتج شركة ما الجيل الجديد من‬ ‫الهواتف الذكية‪ ،‬نرى كثيراً من المهووسين‬ ‫بالتقنيات الجديدة ينتظرون أمام أبواب‬ ‫المتاجر الكبرى في المدن العالمية ريثما‬ ‫تفتح أبوابها‪ ،‬ليتسابقوا للوصول إلى‬ ‫الرفوف والحصول على هاتفهم الجديد‪.‬‬ ‫لم يعد هذا الصراع أو التسابق مصدر‬ ‫استغراب من أحد‪ ،‬بل على العكس‬ ‫صار جزءاً من فولكلور الحصول على‬ ‫التقنيات الجديدة‪ ،‬وهذا ما يسميه بعض‬ ‫بالدمان‪ ،‬من‬ ‫علماء النفس واالجتماع إ‬ ‫دون أن يصلوا إلى تحديد نوعه وآثاره‬ ‫ومضاره تحديداً نهائياً‪ .‬إذ إنه من أنواع‬

‫الجوالة بمجموعة معقَّدة من‬ ‫تسبب انتشار الهواتف ّ‬ ‫المشكالت التي لم يكن يعرفها المجتمع البشري‬ ‫سابقاً‪ ،‬فتم إلغاء الخصوصية الشخصية ونقلت الحياة‬ ‫النترنت‬ ‫الواقعية للفرد إلى العالم االفتراضي لشبكة إ‬ ‫ليستعرضها أمام الجميع‪ ،‬وألغيت عادات اجتماعية‬ ‫كثيرة مثل تبادل الزيارات‪ ،‬واالتصال الدائم بين أ‬ ‫الفراد‬ ‫مما جعلهم أقل قدرة على اتخاذ القرارات المهمة في‬ ‫حياتهم دون تأثيرات جانبية من آ‬ ‫الخرين‪ .‬ومما فاقم‬ ‫الوضع سوءاً إدخال خدمات تكنولوجية وتقنية جديدة‬ ‫الجوالة وفي شبكاتها الخليوية كخدمة ‪GPS‬‬ ‫في الهواتف ّ‬ ‫والبلوتوث‪ ،‬وخدمات البث المرئي‪ ،‬مما أفرز مشكالت‬ ‫اجتماعية معقَّدة‪ ،‬دفعت عديداً من الدول إلى تقييد ومنع‬ ‫استخدام مثل هذه التقنيات الحديثة‪.‬‬

‫عىل استعداد لالنتظار ف� طواب� طويلة آ‬ ‫لليفون ‪6‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬


‫‪97 | 96‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫الخصوصيات في‬ ‫الزمن الرقمي‪!..‬‬ ‫ي�ر أحد معارفك عدم اتصاله بك بانهماكه ف ي� العمل‪ ،‬أو‬ ‫قد ب ِّ‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫يفس تأخره ي� أداء عمل ما لسبب أو لخر‪ .‬ولكن ماذا سيكون‬ ‫قد ِّ‬ ‫موقفك منه عندما ترى عىل جهاز هاتفك أن هذا الشخص كان‬ ‫عىل الئحة أصدقائك الذين «يدردشون» لساعات دون أن يعلم‬ ‫أنك كنت ترى ذلك؟‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫بالمكان عدم الرد عىل‬ ‫ي� زمن الهاتف الر�ض ي التقليدي‪ ،‬كان إ‬ ‫وت�ير ذلك الحقاً بعدم الوجود ف ي� البيت ف ي� ذلك‬ ‫اتصال ما‪ ،‬ب‬ ‫الوقت‪ .‬ولكن عندما يحفظ هاتفك اسم المتصل ووقت االتصال‪،‬‬ ‫وكم مرة حاول أن يتصل بك‪ ،‬يصبح الرد إلزامياً‪.‬‬ ‫الذك عىل الحريات‬ ‫إنها أمثلة بسيطة ِّ‬ ‫وقيمة‪ .‬ولكن أثر الهاتف ي‬ ‫ث‬ ‫الشخصية بات أخطر وأعمق وأك� تعقيداً من ذلك‪.‬‬

‫أ �ض‬ ‫نزل سنوات يل� ِّسخ تقاليد استخدامه‬ ‫لقد تطلب الهاتف الر ي الم� ي‬ ‫ت‬ ‫الذك‪ ،‬فلم تت�ك مجاال ً‬ ‫ال� تطور بها الهاتف ي‬ ‫وآدابها‪ .‬أما الرسعة ي‬ ‫كافياً تل�سيخ قواعد لالتصال وآدابه‪ .‬فنشعر بالحرج من شخص ال‬ ‫تربطنا به أية عالقة خاصة يطلب منا إضافته إىل قائمة أ‬ ‫الصدقاء‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫كث�اً من‬ ‫يديه‬ ‫ب�‬ ‫واضع�‬ ‫عىل فيسبوك‪ ،‬فنفعل مضطرين‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫خصوصياتنا وخصوصيات أصدقائنا أيضاً‪ .‬وإما نجد أنفسنا‬ ‫مضطرين إىل فرض رقابة ذاتية صارمة قبل تحميل أي صورة أو‬ ‫رأي عىل صفحتنا‪.‬‬ ‫هذا عىل المستويات الشخصية‪ ،‬أما عىل المستويات أ‬ ‫الوسع‪،‬‬ ‫فكلنا نعرف أن الخوادم العمالقة ف ي� محركات البحث‪ ،‬ولغايات‬ ‫تسويقية وربما لما هو ث‬ ‫تسجل طبيعة كل بحث‬ ‫أك� منها‪ ،‬باتت ِّ‬ ‫ت‬ ‫ال� تؤكد لنا أننا‬ ‫ال تن�نت لتغرقنا بسيل من إ‬ ‫نجريه عىل إ‬ ‫العالنات ي‬ ‫كنا مراق ي ن‬ ‫َب�‪ ،‬وأن هناك من يعرف طبيعة ما كنا نبحث عنه‪.‬‬

‫ن‬ ‫تد� تكلفة االتصاالت الهاتفية والرسائل النصية‪،‬‬ ‫فإضافة إىل ي‬ ‫جاءت مجانية بعض وسائل االتصال مثل فيسبوك ت‬ ‫وتوي� وواتس‬ ‫آب‪ ،‬ت‬ ‫والفديوية مثل «سكايب»‪،‬‬ ‫وح� مجانية المكالمات الهاتفية ِ‬ ‫لتجرد االتصال الهاتفي من «مهابته» كفعل يتطلب القيام به‬ ‫ِّ‬ ‫وجود م�ر‪ .‬والذين عايشوا الهاتف أ‬ ‫الر�ض ي عندما كان وسيلة‬ ‫ب‬ ‫االتصال الوحيدة‪ ،‬يذكرون أن اتصاال ً هاتفياً كان يُعد مبادرة‬ ‫اجتماعية ذات قيمة تكاد تعادل قيمة الزيارة‪.‬‬

‫بال تن�نت عموماً‪ ،‬ليست‬ ‫قد يقول البعض إنها قضية تتعلق إ‬ ‫ن‬ ‫خاصة بالهاتف الجوال‪ .‬ولكن يفوت هؤالء أن الفرق يب� الكمبيوتر‬ ‫والهاتف هو ف� أن استعمال أ‬ ‫الول يبقى محدود المدة ف ي� الحياة‬ ‫ي‬ ‫اليومية‪ ،‬ومن السهل ضبط استخدامه ش‬ ‫ب�ء من الحذر‪ .‬أما‬ ‫ي‬ ‫الهاتف فهو رفيقنا طوال اليوم‪ .‬وبالتال‪ ،‬فهو بوابة ن‬ ‫ج� الفوائد‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫والسقوط ف ي� المحاذير المفتوحة ‪ 24‬ساعة ف ي� اليوم‪.‬‬

‫السئلة أ‬ ‫الن؟» من أ‬ ‫«أين أنت؟»‪« ،‬ماذا تفعل آ‬ ‫ال ثك� شيوعاً عندما‬ ‫يكون االتصال الهاتفي لمجرد التسلية‪ ،‬ومجانيته حولته َع َرضاً إىل‬ ‫تسلية ممكنة ف ي� أي وقت‪.‬‬

‫الذك‬ ‫يرسع الهاتف الجوال ي‬ ‫فبتسهيل االتصاالت عىل أشكالها‪ِّ ،‬‬ ‫ت‬ ‫ال� يمكنها أن تكون تطويراً رسيعاً‬ ‫نتائج االتصاالت أيضاً‪ ،‬ي‬ ‫للعالقات االجتماعية‪ ،‬كما يمكنها أن تكون تقطيعاً رسيعاً لها‪.‬‬


‫تعدد التطبيقات وأثرها عىل الخصوصيات الفردية‬


‫‪99 | 98‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫وجود التكنولوجيات المحمولة يعني‬ ‫تقليص فرص الناس في التواصل مع‬ ‫ً‬ ‫وجها لوجه‬ ‫بعضهم لبعض‬

‫رسمة لفنان بعنوان‪ :‬التواصل‬ ‫االجتماعي يقتلك‬

‫ف‬ ‫و� بحث حول مدى تعلقنا بهواتفنا الذكية‪ ،‬ومن خالل استعمال‬ ‫ي‬ ‫الباء أ‬ ‫تب� أن أغلبية آ‬ ‫ف‬ ‫كب�‪ ،‬ي َّ ن‬ ‫والمهات الذين‬ ‫كام�ات خفية ي� مطعم ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫يأكلون مع أطفالهم يقضون أوقاتاً أطول يتحدثون ي� هواتفهم‪،‬‬ ‫بالمقارنة مع حديثهم مع أطفالهم‪.‬‬ ‫المواطن الرقمي‪..‬‬ ‫الحصانة والحماية للهاتف الذكي‬ ‫ف‬ ‫بات إدمان إال تن�نت مرضاً ُم ت‬ ‫دول مثل‬ ‫ع�فاً به من ِقبل الطب‬ ‫و� ٍ‬ ‫النفس‪ .‬ي‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫والص�‪ ،‬هناك عيادات متخصصة‬ ‫الواليات المتحدة‪ ،‬وكوريا الجنوبية‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫و� بعض الدول‪ ،‬تستقبل عيادات‬ ‫ي� عالج من يُعانون من هذه المشكلة‪ .‬ي‬ ‫ن‬ ‫المخدرات أصحاب هذا المرض لعالج أعراضه‪.‬‬ ‫دم� ُ‬ ‫إعادة تأهيل ُم ي‬ ‫المتطورة‬ ‫المعلوماتية واالتصاالت‬ ‫لنعد إىل أصل المشكلة‪ .‬توصف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بأنها «الثورة الرابعة» ‪ ،Fourth Revolution‬بعد ثورات اللغة‬ ‫(التواصل بع� التجريد الفكري)‪ ،‬والكتابة (التواصل بالرموز)‪،‬‬ ‫والطباعة (التواصل بع� إعادة إنتاج نصوص المعرفة)‪ .‬وتعيش الثورة‬ ‫والثقافية‬ ‫االجتماعية‬ ‫الشارات‬ ‫الرابعة مرحلة بناء إ‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫التعب�يّة والرموز ف ّ‬ ‫ت‬ ‫ال� تتناسب معها‪ .‬كذلك تسود حال من التأرجح ي� المجتمعات‬ ‫ي‬ ‫لتكنولوجيا المعلومات �ف‬ ‫ب� ت‬ ‫ال� ي ز‬ ‫«المشبوكة»‪ ،‬ي ن‬ ‫ك� عىل الطابع الحاسم‬ ‫ي‬ ‫هيكلية المجتمع‪ ،‬ي ن‬ ‫التقنية‪.‬‬ ‫«حتمية»‬ ‫وب� رفضه‪ ،‬خصوصاً رفض‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التغ�ات أسئلة عن المواطن‪ ،‬بوصفه فرداً وعنرصاً ف ي�‬ ‫تطرح تلك ي ّ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫�ض‬ ‫ت‬ ‫رقمية تجعله عنرصاً ي� مجتمع اف�ا ي ‪.‬‬ ‫المجتمع‪ ،‬ومشاركاً ي� شبكة ّ‬ ‫التشاركية‬ ‫اطية‬ ‫ّ‬ ‫ويوصل ذلك إىل سؤال عن مفهوم جديد‪ :‬الديموقر ّ‬ ‫ال تن�نت‪ ،‬وهي م ّت ِص َلة بالحديث عن «المواطن الرقمي»‬ ‫المستندة إىل إ‬ ‫الرقمية إىل أسلوب‬ ‫ويش� مفهوم المواطنة‬ ‫(‪ .)Digital Citizen‬ي‬ ‫ّ‬ ‫االجتماعية‬ ‫الشبك‪ ،‬يتساوق مع رؤية جديدة للحياة‬ ‫من التعامل‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫الرقمية بأنها حصيلة‬ ‫والحضارية‪ .‬ومن الممكن أيضاً تعريف المواطنة‬ ‫ّ‬ ‫المواطن�»‪ ،‬بالمع�ن‬ ‫ين‬ ‫الرقمية بما يس ّهل «مشاركة‬ ‫ّ‬ ‫تجمع النشاطات ف ّ‬ ‫يش� هذا‬ ‫الواسع للمشاركة‪ ،‬ي� نشاطات المجتمع‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬ي‬ ‫الرقمية تحفّز عىل تعزيز المشاركة‪ ،‬بع�‬ ‫المفهوم إىل فكرة أن الشبكات ف ّ‬ ‫تسهيل الوصول إىل المعلومات‪ .‬ي� ظل هذا االنفتاح عىل التواصل‬ ‫السهل‪ ،‬تظهر أسئلة ف ي� سياق محاولة تحديد أشكال المواطنة‬ ‫ف‬ ‫ال تن�نت ف ي�‬ ‫ال تن�نت ي� المواطنة‪ .‬ما دور إ‬ ‫تأث� إ‬ ‫الرقمية‪ ،‬ترتبط بمدى ي‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫المدنية بالعالم الرقمي؟‬ ‫الديموقراطية؟ هل توجد عالقةف تربط ال�بية ف ّ‬ ‫العربية‬ ‫تأث�ها ي� الرأي العام ي� بلدان كالدول‬ ‫ما هي تلك العالقة؟ ما ي‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫وتحول‬ ‫و� مثال عىل نشوء المواطن الرقمي فعال ً وقانوناً‪ّ ،‬‬ ‫مث أالً؟‪ .‬ي‬ ‫الذك إىل جزء من كينونة الكائن‬ ‫الجهزة الذكية وعىل رأسها الهاتف ي‬

‫‪James Joyce, Social Media is killing you‬‬

‫‪‭Roz Chast, The New Yorker, 27‭ ‬july 2009‬‬

‫أ‬ ‫�ش ف‬ ‫ت‬ ‫ال� ال يُمكن‬ ‫رسم ساخر نُ ي� نيويوركر يعرض مجموعة من السئلة الشخصية ي‬ ‫إلنسان أن يطرحها عىل آلة‬


‫ّ‬ ‫التسوق أو التسويق بواسطة الهاتف الذكي‬ ‫ارتفع خالل السنوات القليلة الماضية حجم العمليات التجارية‬ ‫ت‬ ‫إ ت‬ ‫ال� تكاد تصبح بديال ً شبه كامل‬ ‫اللك�ونية بع� الهواتف الذكية ي‬ ‫ألجهزة الكمبيوتر‪.‬‬ ‫وتقوم بعض ش‬ ‫ال�كات والمؤسسات الحكومية والخاصة بتقديم‬ ‫أ‬ ‫خدماتها بع� تطبيقات مخصصة للهواتف الذكية والجهزة‬ ‫اللوحية نظراً لتعدد جوانب وأوجه هذه التطبيقات‪ .‬فبعض‬ ‫ين‬ ‫العامل� ف ي� مجال التسوق الرقمي يؤمنون بأنهم يمثلون التوجه‬ ‫لل تن�نت‪ ،‬من خالل االنتقال من تقديم الخدمات‬ ‫المستقبل إ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫اللك�ونية والتوجه إىل تطبيقات الهواتف الذكية‬ ‫بع� المواقع إ‬ ‫أ‬ ‫والجهزة اللوحية‪.‬‬ ‫أساسي�‪ ،‬أ‬ ‫ال ت‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫الول هو زيادة‬ ‫تحدي�‬ ‫لك�ونية‬ ‫وواجهت التجارة إ‬ ‫ن‬ ‫التأث� عىل‬ ‫حركة مرور البيانات من وإىل المستهلك‪.‬‬ ‫والثا� هو ي‬ ‫ي‬ ‫«‪� »Business Insider‬ف‬ ‫قرار المستهلك ش‬ ‫بال�اء‪ .‬وكشف موقع‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫تقريره حول التجارة إ ت‬ ‫ال� تتم بع� الجهزة المحمولة‬ ‫اللك�ونية ي‬ ‫أ‬ ‫«‪ ،»Mobile Commerce‬كالهواتف والجهزة اللوحية‪ ،‬أن‬

‫المتسوق� أصبحوا يلجأون هذه أ‬ ‫ين‬ ‫اليام إىل هواتفهم لتسديد‬ ‫أسعار القسائم‪ ،‬أو البحث عن المنتجات‪ ،‬أو دفع مستحقاتهم‬ ‫ت‬ ‫ال تن�نت‪ ،‬كما أصبحوا يستخدمون هواتفهم من‬ ‫إلك�ونياً بع� إ‬ ‫لحظة البحث عن المنتج الذي يرغبون به‪ ،‬إىل لحظة ش‬ ‫ال�اء‪.‬‬ ‫أم�يكا» أن تصل إيرادات ش‬ ‫ال�اء بع� الهواتف‬ ‫ويتوقع «بنك أوف ي‬ ‫الذكية أ‬ ‫ف‬ ‫والجهزة اللوحية إىل ‪ 67.1‬مليار دوالر ي� أوروبا وأمريكا‬ ‫بحلول ‪2015‬م‪ ،‬كما يتوقع زيادة ضخمة ف ي� مجال التجارة‬ ‫ب� أ‬ ‫المحمولة استناداً إىل حجم بيانات المرور ي ن‬ ‫الجهزة اللوحية‬ ‫ال تن�نت‪.‬‬ ‫ومواقع متاجر بيع التجزئة عىل إ‬ ‫ت‬ ‫ال� توفر نسخة لمواقعها‬ ‫وتؤكد الدراسات أن العالمات التجارية ي‬ ‫متوافقة مع متصفحات الجوال تزيد عملية ش�اء منتجاتها‬ ‫أك� من ‪ ،%73‬بحسب مركز «نيسلون» أ‬ ‫بنسبة ث‬ ‫للبحاث‪ .‬ومن‬ ‫ين‬ ‫السعودي� الذي يتصفحون المواقع‬ ‫ناحية أخرى‪ ،‬تبلغ نسبة‬ ‫ث‬ ‫ال ت‬ ‫لك�ونية من خالل هواتفهم الذكية إىل أك� من ‪ %84‬بحسب‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫مركز «‪ »ipsos‬للبحاث‪.‬‬


‫‪101 | 100‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫ت‬ ‫ش‬ ‫ال� تحتاج‬ ‫الب�ي‪ ،‬أو أصبح الهاتف ي‬ ‫الذك جزءاً من خصوصيته ي‬ ‫ئ‬ ‫إىل قرار قضا� لتفتيشها‪ .‬فحرمة الهاتف الذك باتت كحرمة نز‬ ‫الم�ل‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫ً‬ ‫بعدما أصدرت المحكمة العليا المريكية حكما يفرض عىل ال�طة‬ ‫الجوال ألي مشتبه به ف ي� خطوة‬ ‫الحصول عىل إذن قبل تفتيش الهاتف ّ‬ ‫لحماية الحريات المدنية ف ي� عرص الهواتف الذكية‪ .‬ورأت المحكمة‬ ‫أن الهواتف الذكية تستحق الحماية نفسها من «عمليات البحث‬ ‫ت‬ ‫ال� ينص‬ ‫والمصادرة» تماماً كالممتلكات‬ ‫الشخصية مثل المنازل‪ ،‬ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫مريك‪.‬‬ ‫عليها التعديل الرابع ي� الدستور ال ي‬ ‫وكتب كب� القضاة جون روبرتس إىل المحكمة يقول‪ :‬إن مبادئ آ‬ ‫«الباء‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫وتطبق رغم تكنولوجيا‬ ‫ي‬ ‫المؤسس�» للواليات المتحدة ال تزال قائمة َّ‬ ‫ش‬ ‫كب�ة من‬ ‫القرن الحادي والع�ين‪ .‬وقال إن الناس يخ ِّزنون كمية ي‬ ‫آ‬ ‫البيانات الشخصية عىل هواتفهم وإن «كون التكنولوجيا الن تسمح‬ ‫للفرد أن يحمل مثل هذه المعلومات ف ي� يده ال تجعل هذه المعلومات‬ ‫ت‬ ‫ال� دافع عنها المؤسسون»‪ .‬وقالت المحكمة‬ ‫أقل استحقاقاً للحماية ي‬ ‫الضباط أو‬ ‫إن‬ ‫االستثناءات لهذه القاعدة تنطبق فقط «لحماية سالمة َّ‬ ‫أ‬ ‫لحفظ الدلة»‪.‬‬ ‫ين‬ ‫قضيت� إحداهما تتعلق باعتقال ديفيد ر يال‬ ‫وجاء قرار المحكمة بعد‬ ‫ش‬ ‫الطالب ف ي� كاليفورنيا الذي أوقفته ال�طة أثناء قيادته سيارته واتضح‬ ‫أن رخصة القيادة قد انتهى رسيانها‪ .‬ث‬ ‫وع�ت ش‬ ‫ال�طة ف ي� سيارته عىل‬ ‫تش� إىل عصابة‬ ‫الذك وجدت أدلة ي‬ ‫بنادق محشوة‪ .‬وبعد تفتيش هاتفه ي‬ ‫محلية وعملية إطالق نار سابقة‪.‬‬ ‫و� القضية أ‬ ‫ف‬ ‫الخرى قامت ش�طة بوسطن ف ي� عام ‪2007‬م بتفتيش‬ ‫ي‬ ‫هاتف بريما ووري ما قادهم إىل شقة ثع�وا فيها عىل مخدرات وأموال‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تم العثور عليها؛ ألن ذلك تم‬ ‫وأسلحة‪ .‬ورفضت محكمة الدلة ي‬ ‫من خالل خرق الخصوصيات المحمية قانوناً!‬ ‫أ‬ ‫الدب والثقافة في عالم االتصاالت الحديثة‬ ‫ف‬ ‫دنياً‬ ‫االتصال ي� اللغة العربية هو الدعاء‪ ،‬أو دعاء الرجل رهطه ّ‬

‫(قريباً)‪ ،‬واتصل‪ ،‬أي دعا دعوة‪ ،‬ويقال‪ :‬اتصل إذا انتمى‪ .‬بينما تعرف‬ ‫ت‬ ‫المعلوما�‪ ،‬بأنه انتقال المعلومات‬ ‫الدراسات الحديثة االتصال‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫والفكار أو االتجاهات والعواطف من فرد إىل جماعة أو من جماعة إىل‬ ‫ت‬ ‫تتحدد بالرسالة‪ ،‬وكذلك فإن االتصال هو أساس‬ ‫ال� َّ‬ ‫فرد بع� الرموز ي‬ ‫كل التفاعالت االجتماعية‪ .‬فقد كان االتصال يخترص بوظائف مهمة‪،‬‬ ‫المعر�‪ ،‬يتمثل بنقل المعلومات والخ�ات أ‬ ‫ف‬ ‫والفكار إىل‬ ‫أولها الهدف‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫القناعية‪ ،‬تكون حينما يكون‬ ‫الخرين من أجل تنويرهم‪ .‬والوظيفة إ‬ ‫القصد من االتصال إحداث تحوالت ف ي� وجهات نظر المجتمع‪ .‬بينما‬ ‫ترى النظريات الحديثة أن عملية االتصال ترمي إىل تحقيق وظائف‬ ‫يهدد‬ ‫رئيسة‪ ،‬هي‪ :‬مراقبة المحيط من خالل الكشف عن كل ما يمكن أن ِّ‬ ‫ت‬ ‫أو يخل‬ ‫ال� تشكلها‪ ،‬وربط‬ ‫بنظام القيم لمجموعة ما أو العنارص ي‬ ‫أ‬ ‫مجموعة الجزاء المشكلة لجمع ما‪ ،‬إلنتاج استجابة تجاه المحيط‪.‬‬ ‫ثم تنامت الثقافة االتصالية أو علوم االتصال والتواصل لتناسب‬ ‫الشمول أو المجتمع الشامل بع� مفهوم المدينة أو القرية‬ ‫المفهوم‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ال� جاءت ثمرة ل�ايد استعمال‬ ‫العالمية ومن خالل شبكات إ‬ ‫الن�نت ي‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫لتمي�ها‬ ‫الكمبيوتر‬ ‫ال� باتت تسمى بالذكية ي‬ ‫والهواتف المحمولة ي‬ ‫التقليدية‪ .‬أ‬ ‫آ‬ ‫والدب والنتاج ف‬ ‫الثقا� من يب�ن‬ ‫عن قريناتها من الالت‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تأثرت تأثراً واضحاً بهذا التطور‪.‬‬ ‫المجاالت ي‬ ‫ين‬ ‫المؤلف� ودور ش‬ ‫الن� عىل عرض إصداراتهم‬ ‫وأقبل عديد من الكُ َّتاب ‪/‬‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫و� (‪ )e-book‬الذي يشهد‬ ‫بع� الشبكة من خالل تقنية الكتاب إ‬ ‫اللك� ي‬ ‫زيادات مضطردة ف� أعداد الر ي ن‬ ‫اغب� باقتناء الكتب‪ .‬وباتت هذه الكتب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الن�نت‪ ،‬ويمكنه‬ ‫ي� متناول كل من يملك هاتفاً ذكياً موصوال ً بشبكة إ‬ ‫قراءة الكتاب ش‬ ‫مبا�ة بع� هذه الوسيلة أو يمكنه ربطها بطابعة‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫وتحويل الكتاب إىل ورق‪ .‬ويجد البعض ي� المر توسعاً ي� شن� الثقافة‬ ‫أ‬ ‫والدب‪ ،‬بينما يراه البعض سلبياً إذ يُلغي دور دار ش‬ ‫وموزع‬ ‫الن� كطابع ّ‬ ‫للكتاب ودور المكتبة كمتجر يبيع هذه الكتب‪.‬‬ ‫ين‬ ‫القائل� بالعودة إىل المطبوعة الورقية‪،‬‬ ‫لكن وعىل الرغم من ارتفاع صوت‬ ‫ين‬ ‫مندمج� ف ي� عالم االتصاالت الحديثة والتكنولوجيا الرقمية‬ ‫إال أن آخرين‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫باتوا يتساءلون أسئلة مختلفة بعيدا عن المقارنة يب� الورق وشاشة‬ ‫الكمبيوتر‪ ،‬من قبيل‪« ،‬هل يقدر الحاسوب عىل أن يكتب قصيدة غز ّلية؟‬ ‫ت ن‬ ‫و�»‪ ،‬وهو كتاب من تأليف‬ ‫التقنية الرومانسية والشعر إاللك� ي‬ ‫وخب� ألعاب الفديو كارلوس‬ ‫الشاعر والناقد ديونسيو كانياس‪ ،‬ي‬ ‫الم�مج بابلو خرباس‪ .‬وصدر‬ ‫جونثالث تاردون‪ ،‬بالتعاون مع ب‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫أخ�اً عن «المركز القومي المرصي لل�جمة»‪ ،‬ي� نسخة‬ ‫الكتاب ي‬ ‫ف‬ ‫منو� وترجمها عن إالسبانية‪.‬‬ ‫عل ي‬ ‫عربية أنجزها ي‬ ‫جلياً أن مقوالت ذلك الكتاب تضع عىل محك‬ ‫يبدو ّ‬ ‫ت‬ ‫ّ‬ ‫تحرك‬ ‫ال� ِّ‬ ‫التدقيق مسلمات من نوع أن «الكلمات هي ي‬ ‫غالف كتاب «هل يقدر الحاسوب عىل أن يكتب قصيدة‬ ‫غزلية؟ التقنية الرومانسية والشعر إ ت ن‬ ‫و�»‬ ‫ّ‬ ‫اللك� ي‬


‫الهاتف الذكي ّ‬ ‫يحول مستخدمه‬ ‫إلى فوتوغرافي محترف‬ ‫أصبحت الكاميرا عنصراً رئيساً من عناصر الهاتف‬ ‫الذكي وإحدى وسائل الجذب التي تلجأ إليها‬ ‫الشركات المصنعة لزيادة مبيعات أجهزتها‪،‬‬ ‫تزود هواتفها‬ ‫ولذلك فإن أغلب الشركات العالمية ّ‬ ‫الفاخرة بكاميرات متطورة تلتقط الصور بجودة‬ ‫فائقة‪ .‬وعلى الرغم من أن الصور التي تلتقطها‬ ‫كاميرات الهواتف الذكية أصبحت على قدر كبير‬ ‫من الجودة‪ ،‬فإنها من الناحية التقنية البحتة‬ ‫ال تزال أقل تجهيزاً مقارنة بالكاميرات الفوتوغرافية‬ ‫المدمجة والكاميرات متغيرة العدسة‪ .‬لكن مع‬ ‫ذلك فإن المستخدم يتمكن من خالل التطبيقات‬ ‫المختلفة من التقاط صور بجودة عالية بواسطة‬ ‫كاميرات أ‬ ‫الجهزة الذكية‪ .‬وقد ساهمت الهواتف‬ ‫الخيرة بتوثيق أ‬ ‫الذكية في السنوات أ‬ ‫الحداث‬ ‫التاريخية فيما سمي «صحافة المواطن»‪ ،‬أي‬ ‫المشاهد أ‬ ‫والخبار التي يتناقلها المواطنون قبل‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫أن تصل إليها وسائل إ‬ ‫وعلى المستوى الشخصي‪ ،‬أتاحت للناس أن‬ ‫ً‬ ‫يعيدوا معايشة اللحظات المهمة مراراً وتكرارا مع‬ ‫الهل أ‬ ‫أ‬ ‫والصدقاء‪.‬‬ ‫فكيف يمكن استغالل الهاتف الذكي اللتقاط صور‬

‫أجمل وأوضح وأكثر تعبيراً؟‬ ‫• حاول إبقاء الهاتف ساكناً دون أي تحريك أثناء‬ ‫التقاط الصور لتتجنب الضبابية‪.‬‬ ‫• استخدم الفالش لتجميد أ‬ ‫الجسام المتحركة‪.‬‬ ‫حتى لو أبقيت الهاتف ساكناً في يدك‪ ،‬فإن‬ ‫الصورة ستكون ضبابية في حال تصوير‬ ‫أ‬ ‫الجسام المتحركة‪ ،‬لذا ينصح باستخدام‬ ‫الفالش لتجميد الحركة‪ ،‬كما في تصوير‬ ‫أ‬ ‫الطفال‪.‬‬ ‫• تجنب استخدام التقريب الرقمي واقترب جسدياً‬ ‫من الشيء الذي تريد تصويره وتج ّنب استخدام‬ ‫خاصية التقريب (الزوم)‪ ،‬فعلى خالف الكاميرات‬ ‫الرقمية المتخصصة التي تستخدم التقريب‬ ‫البصري‪ ،‬تستخدم معظم الهواتف الذكية‬ ‫خاصية التقريب الرقمي (‪ ،)digital zoom‬وهي‬ ‫خاصية تُفقد الصورة جودتها‪.‬‬ ‫• احترم خصوصيات آ‬ ‫الخرين‪ .‬فمن آداب‬ ‫التصوير احترام خصوصيات آ‬ ‫الخرين ال سيما‬ ‫في أ‬ ‫الماكن الخاصة‪ .‬اسمح لهم بمشاهدة‬ ‫صورهم على الهاتف وأرسلها لهم‪ .‬إذا طلبوا‬ ‫عدم نشرها فاحترم طلبهم‪.‬‬


‫‪103 | 102‬‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫الذكي‬ ‫كوكب الهاتف‬ ‫ّ‬ ‫حين حمل ستيف جوبز في يناير من العام ‪2007‬م‪ ،‬آ‬ ‫اللة التي‬ ‫سيغير كل‬ ‫سماها الهاتف الذكي‪ ،‬وعد الحاضرين بأن ما يحمله‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫شيء‪.‬‬ ‫أ‬ ‫وبالفعل‪ ،‬أصبح الهاتف الذكي السلعة السرع نمواً في االنتشار‬ ‫فتفوق على مبيعات الكمبيوتر الشخصي أربع‬ ‫التجاري العالمي‪ّ .‬‬ ‫مرات‪ .‬واليوم‪ ،‬نحو نصف البالغين في العالم يحملون هاتفاً‬ ‫ذكياً‪ ،‬وفي سنة ‪2020‬م سترتفع النسبة إلى ‪ %80‬من البالغين‪.‬‬ ‫ويمضي أ‬ ‫المريكي العادي أكثر من ساعتين في اليوم وهو ينظر‬ ‫في هاتفه الذكي‪ .‬أما المراهقون البريطانيون فأفادوا أنهم‬ ‫أ‬ ‫اللكترونية‪.‬‬ ‫يفضلونه على التلفزيون والكمبيوتر وألواح اللعاب إ‬ ‫لقد كانت أ‬ ‫الرض كوكب السيارات إلى سنوات قليلة مضت‪،‬‬ ‫يغير‬ ‫وصارت اليوم كوكب الهاتف الذكي‪ .‬فالهاتف‬ ‫الذكي لن ّ‬ ‫أ‬ ‫سيغير دنيا العمال التجارية‬ ‫حياتنا الفردية الشخصية فقط‪ ،‬بل‬ ‫ّ‬ ‫والصناعية والعلوم أيضاً‪ .‬وهذه القدرة على التغيير سببها‬ ‫المتعددة من قراءة ومشاهدة ونقل‬ ‫الحجم الصغير والوظائف‬ ‫ّ‬ ‫أخبار وفديو واتصال آ‬ ‫التطور‬ ‫بالخرين‪ .‬وإذا نظرنا إلى سرعة‬ ‫ّ‬ ‫فإن المشهد مدهش‪ ،‬ذلك أن أصغر هاتف ذكي اليوم‪ ،‬له‬ ‫اللكتروني يفوق ما كان لوكالة ناسا الفضائية‬ ‫قدرة على الخزن إ‬ ‫حين أنزلت إنساناً على القمر‪.‬‬ ‫الهاتف الذكي يعرف من أنت‪ ،‬ومع من تتكلم‪ ،‬وأي مواقع إلكترونية‬ ‫تزور‪ ،‬وحتى أين تذهب‪ .‬وهذا يجعل منه أقدر وسائل االتصال في‬

‫التاريخ‪ ،‬ال بين شخصين فقط‪ ،‬بل بين مجموعات من البشر‪،‬‬ ‫أكانوا عائالت أم شركات أم مجموعات أصدقاء أم أعضاء نواد‪.‬‬ ‫لكن من سيئات الهاتف الذكي ‪-‬فإن لكل تكنولوجيا وجهاً‬ ‫سلبياً أيضاً‪ -‬أنه يسبب آالماً في العنق عند إطالة االنكباب‬ ‫الدمان وصرف الساعات من اليوم‬ ‫على الهاتف‪ ،‬وكذلك إ‬ ‫أ‬ ‫في أمور قد ال تكون مهمة‪ .‬والعيب الكبر هو الخوف على‬ ‫الخصوصية‪ .‬فقد باتت المعلومات الشخصية الخاصة عرضة‬ ‫للتوزيع على الفضوليين‪ .‬وصار في إمكان بعض القراصنة‬ ‫اللكترونيين‪« ،‬التلصص» على الهواتف‪ ،‬بدوافع سياسية‬ ‫إ‬ ‫واقتصادية وغيرها‪ .‬إال أن العلوم االجتماعية يُنتظر أن تستفيد‬ ‫من هذا الوضع‪ ،‬ألن الهاتف الذكي أداة تس ِّهل جمع عناصر‬ ‫الحصاءات من عدد كبير من البشر‪ ،‬لتكوين قاعدة معلومات‬ ‫إ‬ ‫إحصائية وتغذية التحليل العلمي االجتماعي بتوسيع آفاق‬ ‫النظر إلى المجتمع‪ .‬وهناك من يرى أن الهاتف الذكي يزيد‬ ‫الدخل الفردي في االقتصاد‪ ،‬ويعزز عالقة أ‬ ‫الفراد بالنظام‬ ‫المصرفي‪ ،‬ويفتح مجاالت أرحب أ‬ ‫للفكار المبتكرة‪.‬‬ ‫وفي النتيجة‪ ،‬فإن الهاتف الذكي ُوجد ليبقى‪ ،‬وال بد إذن من‬ ‫تطوير الوسائل الكفيلة بتعزيز فوائده‪ ،‬وحصر أضراره في‬ ‫أضيق نطاق‪ .‬لقد غير الهاتف الذكي العالم حتى آ‬ ‫الن في‬ ‫ّ‬ ‫مدى ثماني سنوات‪ ،‬لكن هذه ليست سوى البداية‪.‬‬ ‫عن الـ «إيكونوميست»‪ ،‬عدد فبراير ‪ -‬مارس ‪ 2015‬م‬


‫مشاعرنا»‪ ،‬إذ تطرح السؤال‬ ‫التال‪ :‬هل يمكن للعقل‬ ‫ي‬ ‫أثناء عملية القراءة أن‬ ‫يفصل الكلمات والكتابة عن‬ ‫المتسبب فيها‪ ،‬سواء أكان‬ ‫ّ‬ ‫إنساناً أم آلة؟ ويميل الكتاب‬ ‫إيجا� عن ذلك‬ ‫إلعطاء رد ف ب ي‬ ‫و� سياق ُمتصل‪،‬‬ ‫السؤال‪ .‬ي‬ ‫يطرح المؤلفان سؤاال ً دقيقاً‬ ‫آخر‪ :‬إذا كانت اللغة هي‬ ‫ماكينة أبدعها الكائن ش‬ ‫الب�ي‪،‬‬ ‫فهل يمكن القول بوجود لغة‬ ‫آلية يستخدمها الكائن ش‬ ‫الب�ي‬ ‫للتعب� عن ذاته‪ ،‬وفق ما راود‬ ‫ي‬ ‫السوريالي�ن‬ ‫مخيالت بعض‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫والروحي�؟ إذا كان أ‬ ‫ين‬ ‫المر كذلك‪ ،‬هل يمكن الحديث عن لغة آلية‬ ‫آ‬ ‫طبيعية (إنسانية) لها «صوتان» أحدهما شب�ي والخر يآل؟‪.‬‬ ‫يصلح الشعر الذي أنتجته برامج الكمبيوتر‪ ،‬ليكون تجربة الختبار‬ ‫تلك أ‬ ‫السئلة‪ .‬ويذكّر الكاتبان بأن تلك النصوص يمكن اعتبارها‬ ‫شعراً‬ ‫تجريبياً‪ ،‬بل يريان أنه «شعر آخذ ف ي� االنتشار»‪ ،‬حيث أخذ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫الرقمية‬ ‫خ�ة بفضل الكمبيوتر والتقنيات‬ ‫ينت� خالل العقود ال ي‬ ‫ّ‬ ‫المتطورة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ويذكّر الكاتبان بكتاب «شيطان الشعر ت‬ ‫االف�ا�ض ي ‪ :‬تجارب ف ي� الشعر‬ ‫الكمبيوتري» (صدر ف ي� العام ‪1996‬م)‪ ،‬من تأليف الشاعر شارلز‬ ‫تحدث عن تجارب تتسم بالبساطة‬ ‫ويش�ان إىل أنه ّ‬ ‫أو‪ .‬هارتمان‪ .‬ي‬ ‫الشديدة من منظور عوالم المعلوماتية‪ ،‬لكنها تستطيع أن تساعد‬ ‫ف� إعادة التفك� ف� أ‬ ‫الشياء ت‬ ‫ال� نعرفها تقليدياً عن الشعر واللغة‪ .‬وال‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫لفعاليات‬ ‫الشارة إىل استضافة باريس ي� ربيع العام ‪2007‬م‪،‬‬ ‫بد من إ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫و�»‪ ،‬وأن برشلونة كانت مقر الدورة‬ ‫«المهرجان‬ ‫الدول للشعر إ‬ ‫اللك� ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� انعقدت ي� العام ‪2009‬م‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الثانية من المهرجان نفسه ي‬ ‫الرقمية بع� المستويات‬ ‫وتتداخل عوالم القراءة والكتابة مع الهويّة‬ ‫ّ‬ ‫ين� تداخال ً ي ن‬ ‫كلها‪ ،‬ما ش ئ‬ ‫ب� النص وعوالم الفرد والجماعة‪ .‬وتبدو‬ ‫الرقمية متع ّلقة بمرحلة االنتقال مما يسمى «التصنيف‬ ‫أمور الهويّة‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫وغ�ها‪ ،‬إىل‬ ‫بالنصوص»‪ ،‬بمع� توصيف المعلومات‬ ‫النصية والصور ي‬ ‫ّ‬ ‫تصنيف أ‬ ‫ّ‬ ‫الفراد بع� توصيف المعلومات المتعلقة بهم‪ .‬فظهرت‪ ،‬عىل‬ ‫سبيل المثال‪ ،‬إعالنات شبكية موجهة وفق «بروفايل» أ‬ ‫الفراد‪ ،‬وتتوىل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال� تصل إىل هذا أو ذاك‪ ،‬وفق نوعية‬ ‫ذكية رسم إ‬ ‫برمجيات ّ‬ ‫العالنات ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫وغ�ها‪ .‬وبذا‪ ،‬صار الثر‬ ‫الصدقاء‬ ‫الشبكي�‪ ،‬ومعلومات الـ «بروفايل» ي‬ ‫ي‬ ‫الرقمي للفرد مادة تجارية‪ ،‬بل إن هناك برمجيات ذكية ترصد أ‬ ‫الفراد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫توجهاتهم‬ ‫ف ي� الزمن‬ ‫الفعل عىل مدار الساعة‪ ،‬لتكوين خريطة عن ّ‬ ‫ي‬ ‫وتكويناتهم وسلوكهم‪.‬‬

‫تأثير الهاتف الذكي على‬ ‫الحياة الواقعية‬ ‫متنوعة‪ ،‬تنفق الحكومات‬ ‫استناداً إلى مواقع علمية غربية ّ‬ ‫والشركات والجامعات‪ ،‬قرابة ‪ 1.5‬تريليون دوالر سنوياً‬ ‫على البحوث والتطوير‪ ،‬وهو إنفاق غير مسبوق‪ .‬ولو‬ ‫اليجابية على الواقع‪ ،‬يمكن القول‬ ‫أسقطنا الرغبات إ‬ ‫إن العالم المعاصر يبدو وكأنه يعيش ثورة ابتكارات‬ ‫تخطف العيون وتبهر أ‬ ‫النفاس‪ .‬في المقابل‪ ،‬هناك‬ ‫تشاؤم متصاعد في شأن االبتكار واستمراريته‪ .‬والسحب‬ ‫المتشائمة تتراكم في الغرب‪ ،‬كما كان حال التشاؤم‬ ‫الفكري الذي سببته الثورة الصناعية الكبرى في أوروبا‪،‬‬ ‫النسان» أي تحويله إلى‬ ‫التي أنتجت عبارة «تشيؤ إ‬ ‫«شيء» يشبه آ‬ ‫اللة التي يعمل عليها‪.‬‬ ‫هناك إجابات متشائمة في شأن االبتكار المعاصر من‬ ‫مروحة واسعة من المفكرين‪ ،‬تمتد من أكاديمي أمريكي‬ ‫هو روبرت غوردن‪ ،‬إلى بيتر ثايل المستثمر الذي‬ ‫يقف خلف موقع «فيسبوك»‪ .‬إلى غيرهما من علماء‬ ‫اجتماع ونفس يحاولون الوقوف على نظرة أو نظرية‬ ‫تترجم واقع اندماج البشر داخل عالم االتصاالت‬ ‫والتكنولوجيا الجديدين فائقي التطور‪.‬‬ ‫التسرع في‬ ‫في المقابل‪ ،‬هناك من يعتقد أنه ال يجب‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫النجاز الساسي‬ ‫كتابة تاريخ االبتكار المعاصر‪ .‬إذ يتم ّثل إ‬ ‫للجيل الراهن من المبتكرين في المعلوماتية واالتصاالت‬ ‫الرقمية‪ ،‬التي تشبه في أثرها على المجتمعات العالمية‬ ‫ما أحدثته شبكات الكهرباء‪ .‬فكما جعلت الكهرباء‬ ‫الطاقة متاحة في أ‬ ‫المكنة كلها‪ ،‬كذا الحال بالنسبة‬ ‫ألثر المعلوماتية والشبكات الرقمية‪.‬‬ ‫في صراع التشاؤم والتفاؤل‪ ،‬يستخدم كل طرف كافة‬ ‫الوسائل إلقناع مستخدمي الهاتف بحجته ونظرته‪ ،‬رغم‬ ‫أن منظّري دعم التكنولوجيا ال يحتاجون إلى كثير جهد‬ ‫إلقناع المستخدمين بحاجتهم إلى هذه التكنولوجيا‪،‬‬ ‫فمستخدم الهاتف الذكي بات بطبيعة الحال يالحق‬ ‫كل جديد في هذا المجال‪ ،‬بل وهو يضطر إلى شراء‬ ‫الهاتف الجديد كي يتمكن من البقاء على قيد الحياة‬ ‫التكنولوجية واالستفادة من كل البرامج الجديدة التي‬ ‫تحملها أ‬ ‫الجيال الجديدة من الهواتف والتي تتجدد كل‬ ‫سنة تقريباً‪.‬‬


‫‪| 104‬‬ ‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫مخطط التقادم ‪Planned Obsolescence‬‬ ‫وهو قرار يتخذه مصنعو المنتجات االستهالكية بحيث‬ ‫يجعلون من منتجاتهم عديمة الفائدة أو غير قابلة للتجديد‬ ‫خالل فترة زمنية معروفة‪ .‬والهدف هو دفع المستهلكين إلى‬ ‫شراء المنتج الجديد‪.‬‬

‫السؤال هو‪ :‬أال يمكن لشركة تصميم نظام يعمل على كافة‬ ‫أ‬ ‫الجهزة سواء أكانت حديثة أم قديمة وإيصال التحديث‬ ‫باستمرار لجميع أ‬ ‫الجهزة؟ بلى‪ ،‬هذا ممكن‪ .‬لكنه مستحيل من‬ ‫الن لشراء أ‬ ‫ناحية الربح والخسارة؛ ألنه ال داعي بعد آ‬ ‫الجهزة‬ ‫الجديدة بما أن التحديثات ستصل المستهلك سواء أكان‬ ‫جهازه جديداً أم قديماً‪ .‬وبالتالي فإن الخسائر التي سوف‬ ‫تتكبدها شركات تصنيع الهواتف ستكون كبيرة جداً‪ .‬لذلك‬ ‫ّ‬ ‫تحاول شركات تصنيع الهواتف االدعاء أن إالصدار الجديد‬ ‫يتميز عن إالصدار القديم بإضافة بعض التحديثات غير‬ ‫نظام التشغيل‪ ،‬كوضوح الكاميرا وسرعة المعالجة والذاكرة‬ ‫أ‬ ‫الكبر والشكل الجديد‪ ،‬لكي تعطي المشتري مبرراً للشراء‪.‬‬

‫عندما أصدرت شركة «آبل» آ‬ ‫الي فون الجديد ‪ iPhone5‬كان‬ ‫الهاتف الجديد أطول‪ ،‬وأرق‪ .‬لكن التغيير أ‬ ‫الكثر أهمية‪ ،‬أن‬ ‫البرامج الجديدة التي تستطيع تحميلها على الجهاز الجديد‪،‬‬ ‫الصدارات القديمة‬ ‫ال تسمح لك الشركة بتحميلها على إ‬ ‫كالصدارين الثاني والثالث آ‬ ‫لليفون‪ ،‬وبالتالي تصبح هذه‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫الهواتف كأنها من زمن آخر‪ .‬والمر هذا ينطبق على الشواحن‬ ‫أيضاً‪ ،‬ففي حالة عطب شاحن هاتفك القديم ستجد صعوبة‬ ‫ولكن هناك وجهة نظر مقابلة تدعي أن هذا المخطط يدفع‬ ‫في الحصول على مثيل له وقد أوقفت الشركة تصنيع مثل‬ ‫ً‬ ‫هذه الشواحن‪ .‬فتضطر إلى شراء هاتف جديد فقط بسبب الشركات إلى تطوير منتجاتها دائما‪ ،‬ما أدى إلى التقدم‬ ‫السريع في التكنولوجيا‪.‬‬ ‫عدم توافر الشاحن لهاتفك القديم‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫دليل المعلِّمين لمحتوى القافلة‬

‫هذه الصفحة هي للتفاعل مع قطاع المعلِّمين والمعلِّمات ومساعدتهم على‬ ‫تلخيص أبرز موضوعات القافلة في إصدارها الجديد‪ ،‬وتقريبها إلى مفهوم وأذهان‬ ‫الفئات العمرية المختلفة للطالب والطالبات‪.‬‬

‫‪47 | 46‬‬

‫حياتنا اليوم‬ ‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫‪7|6‬‬

‫ورشة عمل‬

‫كتابة السيناريو‬ ‫وخصوصياتها‬

‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫ِّ‬ ‫مقدم الورشة‬ ‫عن‬ ‫محمد حسن أحمد‪ ،‬سيناريست في السينما‬ ‫والتلفزيون ومستشار فني في عدد من المؤسسات‬ ‫الفنية‪ .‬من مؤسسي صناعة الفِ لم في الإمارات‪،‬‬ ‫في جعبته ‪17‬فِ لماً (قصير وطويل)‪ ،‬وقد حصدت‬ ‫أعماله ‪ 32‬جائزة حول العالم في مجال السيناريو‬ ‫وأفضل فِ لم‪ .‬عرض أفالمه في مهرجانات دولية‬ ‫مهمة مثل برلين السينمائي‪ ،‬ولوكارنو‪ ،‬وشيكاغو‬ ‫وفي روسيا وبيروت ودبي‪ .‬من أفالمه (تنباك –‬ ‫سبيل – ماي الجنة – بنت مريم – ريح – ظل‬ ‫البحر)‪.‬‬ ‫يقدِّ م عدة ورش في فن كتابة السيناريو بدول‬ ‫الخليج‪ ،‬وقد أصدر كتاباً سينمائياً بعنوان (الضوء‬ ‫الصامت)‪ ،‬وهو من مؤسسي مجموعة «فراديس»‬ ‫و«فيالسينما»‪.‬‬

‫أسامة إبراهيم‬

‫لماذا ندفع‬ ‫جالـبـقشـيـش؟‬

‫ولة تاريخية وجغرافية‬ ‫و‬ ‫ثقافية حول اإلكرامية‬

‫كتابة السيناريو فن أدبي مستقل عن كافة األلوان‬ ‫األخرى؛ الرتباطه الوثيق بصناعة السينما‪،‬‬ ‫ولتوجهه إلى قارئ تنفيذي واحد هو المخرج‬ ‫ً‬ ‫مرئيا للمشاهدين‪.‬‬ ‫الذي يجعله‬ ‫ومن بين كل األلوان األدبية والكتابية الناشطة‬ ‫من حولنا‪ ،‬قد تكون كتابة السيناريو السينمائي‬ ‫ً‬ ‫تعثرا في طريقه إلى النضج ليبلغ المستوى‬ ‫األكثر‬ ‫الذي بلغته الرواية أو القصة أو غيرهما‪.‬‬ ‫وفي إطار تنمية مهارات كتابة السيناريو‪ ،‬كانت‬ ‫ً‬ ‫ورشة العمل هذه التي أقيمت مؤخرا في الدمام‪.‬‬

‫البقشيش في‬ ‫الماضي والحاضر‬

‫قبل البحث في كهوف التاريخ‬ ‫عن بدايات االإ كرامية‪ ،‬تجدر‬ ‫االإشارة إلى أننا ال نتكلم عن‬ ‫قضية هامشية‪،‬‬ ‫فيكفي أن نعلم أن ما تحصل‬ ‫عليه‬ ‫االأ المطاعم وحدها في الواليات المتحدة‬ ‫مريكية من‬ ‫البقشيش يبلغ سنوياً ‪ 21‬مليار‬ ‫دوالر‪ ،‬أي ما يعادل‬ ‫‪ 78,7‬مليار ريال سعودي‪ ،‬وأن‬ ‫االإ كر‬ ‫امية‬ ‫تم‬ ‫ث‬ ‫ِّل‬ ‫نسبة‬ ‫ال‬ ‫يستهان‬ ‫بها‬ ‫في ميزانيات‬ ‫الدول التي‬ ‫تعيش على السياحة‪ .‬لقد كانت‬ ‫االإ كرامية سبباً في‬ ‫اندالع مظاهرات‪ ،‬ورفع قضايا ال‬ ‫حصر لها أمام‬ ‫المحاكم‪ ،‬واالإدانة بالسجن‪ ،‬وكانت‬ ‫موضوعاً لعديد من‬ ‫رسائل الدكتوراة‪ ،‬التي تناولتها‬

‫من الجوانب‬ ‫أ‬ ‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬ ‫واالهم من كل‬ ‫ذلك أن كثيراً من أنظمة الحكم‬ ‫الرأسمالية و‬ ‫حاربت الشيوعية‪ ،‬الديمقراطية واالستبدادية‬ ‫االإ كرامية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ولكن التاريخ يثبت أن كل االنظمة‬ ‫تزول‪،‬‬ ‫وتبقى‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫االإ امية‬ ‫على مر أالعصور‪ ،‬وأنها نجحت‬ ‫في التغلغل في جميع‬ ‫أرجاء االرض‪ ،‬ولم تقف أمامها‬ ‫حواجز ثقافية أو دينية‪.‬‬ ‫لم يرد في كتب‬ ‫التاريخ اسم أول من دفع االإ كرامية‪،‬‬ ‫وال أسباب قيامه‬ ‫بذلك السلوك الغريب على طباع‬ ‫االإنسان‪ .‬لكن بعض‬ ‫المراجع تؤكد وجود هذا السلوك‬ ‫في االإمبر‬ ‫اطورية الرومانية‪ ،‬حيث كان أصحاب‬ ‫الوظائف الرسمية‪،‬‬ ‫يحصلون على مبالغ إضافية تقديراً‬ ‫لعملهم‪ ،‬كما كان‬ ‫هناك تقليد متبع في أوروبا في‬

‫لماذا ند‬ ‫موضوع في شأفع البقشيش؟‬

‫محاور الورشة‪:‬‬

‫اليوم أ‬ ‫الول‪ - :‬المدخل إىل فن كتابة السيناريو‬ ‫ السيناريو ي ن‬‫ب� الصورة والحكاية‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫السينما�‬ ‫لمك‬ ‫ف‬ ‫تكتب‬ ‫كيف‬ ‫‬‫‪:‬‬ ‫الثا�‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫اليوم ي‬ ‫ من هو السيناريست؟‬‫اليوم الثالث‪ :‬تطوير أ‬ ‫الفكار والسيناريوهات‬

‫«البقشيش» ن حياتي يومي‪ ،‬يتناول‬ ‫ممارستها ف أو «ا إلكرامية» وطقوس‬ ‫ي مج‬ ‫بينها وبين الر تمعات عديدة‪ ،‬والفرق‬ ‫شوة‪.‬‬

‫ك‬ ‫ي تابة السيناريو‬ ‫ستعرض باب «ورشة‬

‫عمل» خصوصيات‬ ‫فن كتابة سيناريو ا‬ ‫ِلفلم السينمائي‪ ،‬كلون‬ ‫أدبي يختلف عن ا‬ ‫أن يكون منطلق ً لقصة والرواية‪ ،‬ويمكنه‬ ‫وفق موجبا ا للتمارين على الكتابة‬ ‫ته الخاصة‪.‬‬ ‫‪27 | 26‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ما الذي يجعلنا ندفع‬ ‫مبلغا‬ ‫زائدا‪ ،‬دون‬ ‫أن نحصل‬ ‫مقابل ذلك على أي خدمة‬ ‫ً‬ ‫إضافية؟ ولماذا نشعر‬ ‫دوما بالحرج‪،‬‬ ‫ونتحاشى أن‬ ‫تلتقي عيوننا بعيون من‬ ‫ِّ‬ ‫نقدم له هذا‬ ‫المال؟ هل نسهم بهذا‬ ‫التقليد في‬ ‫النيل من كبرياء شخص‬ ‫آخر وعزة نفسه‪،‬‬ ‫وفي مساعدة أصحاب‬ ‫العمل على ا‬ ‫ستغالل العاملين لديهم؟‬ ‫هل نقبل أن ِّ‬ ‫يقدم‬ ‫لنا شخص مهما علت‬ ‫ً‬ ‫مكانته‬ ‫مبلغا‬ ‫من المال دون مقابل؟‬

‫الملف‪:‬‬

‫علوم‬

‫كوكب‬ ‫الهاتف‬ ‫الذكي‬

‫القافلة‬ ‫مارس ‪ /‬أبريل ‪2015‬‬

‫قد تكون طائرات «درون» التي تطير بال طيار‪،‬‬ ‫أهم اختراع بعد الهاتف الذكي لجهة التأثير‬ ‫ً‬ ‫اسـتنادا إلى تعدد‬ ‫في الحياة المعاصـرة‪،‬‬ ‫استخداماتها رغم حداثة عهدها‪ .‬والمؤسف‬ ‫أن صورة هذه الطائرات ال تزال مرتبطة‬ ‫في الوجدان العام بجانب استخداماتها‬ ‫ً‬ ‫تماما عن‬ ‫الحربية‪ ،‬رغم أن الواقع مختلف‬ ‫ذلك‪ .‬فحضور طائرات «درون» في فضاءات‬ ‫الحياة المدنية هو أكبر من ذلك بكثير‪.‬‬ ‫فكيف ستغيِّ ر هذه الطائرات حياتنا اليومية‪،‬‬ ‫وما مدى خطر انتشارها على سالمة‬ ‫استخدامها وسالمة الطيران المدني‪ .‬أسئلة‬ ‫كثيرة تواجه قصة ال تزال في فصولها‬ ‫األولى‪.‬‬

‫الطائرات بال طيار‬ ‫في األفق‬

‫الط‬ ‫هذه ائرات بال ط َّيار‬ ‫الطائرات التي ك ُثر الح‬

‫ديث عنها‬ ‫أ‬ ‫في وسائل ا إلعال‬ ‫وباتت في متن م ووصلت إلى السواق‬ ‫حسناتها اول الكثيرين‪ .‬ما هي‬ ‫ومحاذير استعماالتها؟‬

‫ذكي ألنه‬ ‫يتميَّ ز عن سلفه‬ ‫َّ‬ ‫الجوال التقليدي‬ ‫ً‬ ‫الذي لم يكن‬ ‫ذكيا‪ ،‬با‬ ‫لقدرة على تقديم‬ ‫خدمات ال َّ‬ ‫عد لها وال حصر‪.‬‬ ‫ذكي‪ ..‬ألن ذ‬ ‫اكرته‬ ‫ال‬ ‫ذاتية‬ ‫قادرة على أن ِّ‬ ‫تخزن‬ ‫وأن ت‬ ‫ً‬ ‫توقع وأن تقترح‪،‬‬ ‫وأيضا لقدرته على‬ ‫االتصال‬ ‫بشبكة اإلنترنت‪،‬‬ ‫ليصبح أقرب إلى‬ ‫جهاز ك‬ ‫مبيوتر منه إلى هاتف‪.‬‬ ‫هو‬ ‫اليوم‬ ‫ذكي‪،‬‬ ‫ولكنه‬ ‫ً‬ ‫يبدو قابال للتطور‬ ‫ليصبح‬ ‫ً‬ ‫فائق الذكاء‪ ،‬وربما‬ ‫عبقريا فيما‬ ‫بعد‪ .‬إذ إنه مع هذا ا‬ ‫لسيل من التطبيقات‬ ‫ال‬ ‫جديدة‬ ‫التي‬ ‫ت‬ ‫طالعنا‬ ‫كل يوم‪ ،‬صار هذا‬ ‫الجهاز و‬ ‫سيلة لمشاهدة‬ ‫قنوات التلفزيون‬ ‫و‬ ‫قراءة الصحف‪ ،‬واالت‬ ‫ً‬ ‫صال مجانا بأقاصي‬ ‫األ‬ ‫رض‪،‬‬ ‫وت‬ ‫حديد الم‬ ‫واقع‪ ،‬وآلة تصوير‬ ‫وتسجيل‪ ،‬ووسيلة‬ ‫ّ‬ ‫تسوق‬ ‫وإدارة الحسابات‬ ‫ا‬ ‫لمص‬ ‫رفية‪ ،‬وصندوق‬ ‫بريد إلكتروني‪ ،‬كما‬ ‫يمكننا‬ ‫من خالله متابعة‬ ‫الدراسة الجامعية‬ ‫عن بُ عد‪ ،‬وطرد‬ ‫البعوض من حولنا إن َّ‬ ‫كنا‬ ‫في‬ ‫ال‬ ‫ً غابة‪ ،‬وغير ذلك ال‬ ‫كثير‪ ..‬دون أن ننسى‬ ‫طبعا التحدث من‬ ‫خالله مع اآلخرين‪.‬‬

‫الهاتف الذكي‬

‫بات الكل يعرفه‪.‬‬ ‫ولكن آثاره على الحياة‬ ‫االجتماعية‪ ،‬وقاب‬ ‫التي يستعرض ليته للتطور المتسارع‪،‬‬ ‫ها‬ ‫مادة صالحة ملف هذا العدد تش ِّكل‬ ‫للمناقشة والحوار‪.‬‬


Saudi Aramco website

Qafilah website

Al-Qafilah Bi-Monthly Cultural Magazine A Saudi Aramco Publication March - April 2015 Volume 64 - Issue 2 P. O. Box 1389 Dhahran 31311 Kingdom of Saudi Arabia www.saudiaramco.com


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.