جسر العدد 32

Page 1

‫ملف العدد‬

‫قضيّة‬ ‫سورية أسبوعية مستقلة‬

‫‪5‬‬ ‫‪11‬‬

‫من يريد الدولة العلوية؟‬ ‫جامعة دمشق‪ ..‬ثورة األقالم الصامتة‬

‫تصدر عن مؤسسة النهرين للثقافة واالعالم‬

‫الثالثاء ‪ 13‬آب ‪ / 2013‬العدد الثاني والثالثون‪ /‬السنة األولى‬

‫الصورة‪َ ..‬تنقل و َتقتل‪!..‬‬

‫السوريين‬ ‫العيد في عيون ّ‬ ‫الهيئة العامة للدفاع المدني‬ ‫في محافظة درعا‬ ‫‪7‬‬

‫رهاب الحروب عند‬ ‫األطفال السوريين‬

‫‪www.facebook.com/jesrpress‬‬

‫‪4‬‬

‫المهنية اإلعالمية بين السبق‪..‬‬ ‫والمصلحة العامة‬ ‫‪6‬‬

‫‪www.twitter.com/jesr_press‬‬

‫هبزاد حاج محو‬ ‫يرسل الصور لإلعالم‬ ‫"ال أريد َمن خيرج يف املظاهرات‪ ،‬بل أر ُيد َمن ّ‬ ‫يصور و ُ‬ ‫االجتماعي"‪ .‬هكذا َّعب رئيس النظام السوري يف إحدى تصرحياته‪ ،‬عن‬ ‫ختوفه من الصخب الذي حتدثهُ كامريات النشطاء البسيطة‪ ،‬الذين‬ ‫مدى ّ‬ ‫دأبوا على نقل صرخات السوريني‪ ،‬وحمافل ذحبهم اجلماعية إىل العامل‪،‬‬ ‫متَحدِّين يف ذلك التعتيم اإلعالمي الذي رافق آلة البعث القمعية منذ األيام‬ ‫السلطة يف البالد‪.‬‬ ‫لتبوئه ُّ‬ ‫األوىل ّ‬ ‫من هنا‪ ،‬وانطالقاً من إدراك السوريني عموماً حلجم التأثري الذي ختلفه‬ ‫تأملوه‬ ‫الصورة املنقولة ألوجاعهم‪-‬بصرف النظر عن األثر املباشر الذي َّ‬ ‫من جتاوب العامل مع عويل دمائهم املسفوكة‪َّ -‬قربوا الصورة احلقيقية إىل‬ ‫ذهن الشعب السوري أوالً والعريب والعاملي ثانياً‪ ،‬عن مدى إجرام العصابة‬ ‫املتسلطة على رقاهبم لعقود‪ ،‬وكدأب الثورات ‪-‬إن طال أمدها‪ -‬قد تتصدَّع‬ ‫يف إحدى جوانبها وتتحلل يف جوانب أخرى‪ ،‬فتصري فريسة للمرتبِّصني‬ ‫ليمرروا عرب أثري الوجع والفوضى رسائلهم‬ ‫بزالّهتا‪ ،‬واملتصيِّدين يف مياهها‪ّ ،‬‬ ‫البغيضة‪ ،‬بعد أن خلقت الصور السابقة املتكررة نظرة منطية سوداء وحمددة‪،‬‬ ‫عن الظالم الذي بات يسود البالد‪.‬‬ ‫مصوراً أو صورة‬ ‫صارت وسائل اإلعالم تنقل بني الفينة واألخرى مقطعاً َّ‬ ‫نسب زوراً وهبتاناً للحدث السوري الدامي باعتباره‬ ‫فوتوغرافية مفجعة لتُ َ‬ ‫لكل شرور الدنيا‪ ،‬فكانت آخر الفيديوهات اليت تناقلها‬ ‫صار مستوعبَاً ِّ‬ ‫َ‬ ‫"الفيسبوكيون" مقطعاً إلحراق ثالثة أشخاص أحياء قالوا ((إهنا عملية‬ ‫"جلبهة النصرة" حترق فيها أكراداً يف ريف حلب بعد املعارك الطاحنة بينها‬ ‫مؤخراً أن املقطع قدمي ويعود‬ ‫و"وحدات احلماية الشعبية" الكردية))‪ .‬ليتضح َّ‬ ‫إىل ما بعد سنوات احلرب العراقية حيث يقوم متطرفون إسالميون بإحراق‬ ‫ثالثة أشخاص متَّهمني بالشذوذ اجلنسي‪!!.‬‬ ‫لسنا هنا بكل تأكيد‪ ،‬يف وارد الدفاع عن أي طرف أو اهتامه‪ ،‬ولسنا يف‬ ‫وارد التقييم الفكري والعملي ملدى قدرة احلركات الراديكالية على اقرتاف‬ ‫هذا الفعل أو سواه أيضاً‪ ،‬لكن ما تفرضهُ علينا ُحرمة الدم أن نسموا به‬ ‫عن املتاجرة واستخدامه لتأجيج الصراعات وتغذية األحقاد يف بيئة مهيَّأة‬ ‫أصالً للقتل‪ ،‬فبعد أن أُ ِ‬ ‫لص َق ْت أغلب فدائح البشرية بالشعب السوري‪ ،‬بات‬ ‫يتصور سوريـَْي يسريان معاً إال ويف يد األول مسدَّساً‬ ‫الرأي العام العاملي ال َّ‬ ‫ليصوهبا إىل رأس اآلخر‪ ،‬الذي خيفي بدوره سكيناً خلف‬ ‫َّ‬ ‫يتحي الفرصة ِّ‬ ‫ظهره ليذحبه هبا‪..‬‬ ‫عزيزي "الثائر"‪ ،‬تريَّث فيما تقول‪ ...‬فالصورة تنقل‪ ،‬لكنها تقتل أيضاً‪.‬‬ ‫‪jesr.press@gmail.com‬‬


‫أخبار سياسية‬ ‫ترحل السوريين يوميًا‪ ،‬ومناشدات للسماح بدخول النساء‬ ‫مصر ّ‬ ‫واألطفال بال تأشيرات‬ ‫أعربت املنظمة العربية حلقوق اإلنسان عن عميق قلقها‬ ‫إزاء ترحيل عشرين من املواطنني السوريني من مصر خالل‬ ‫يومني متتاليني‪ ،‬بواقع عشرة أشخاص لكل يوم‪ ،‬واعتربت‬ ‫يف ٍ‬ ‫بيان أنه من شأن هذا اإلجراء‪ ،‬الذي ميكن أن يكون‬ ‫اعتيادياً خالل األيام املقبلة‪ ،‬أن يضر على حنو كبري بأوضاع‬ ‫السوريني يف مصر‪.‬‬ ‫وأشارت إىل أنه يف حال اإلصرار على ترحيل هؤالء‬ ‫السوريني إىل خارج مصر من دون ترتيب استقبال بلد‬ ‫ثالث هلم‪ ،‬فستكون عليهم العودة إىل سوريا‪ ،‬ما يهدد‬ ‫سالمة وحرية الكثري منهم‪ ،‬سواء على حنو مباشر من‬ ‫خالل املالحقة واالضطهاد من قبل النظام‪ ،‬أو على حنو‬ ‫غري مباشر من خالل اهلجمات العشوائية للقوات النظامية‬ ‫على املدن واملناطق املأهولة‪ ،‬أو نتيجة انتهاكات بعض‬ ‫اجلماعات املسلحة‪ ،‬ولفتت املنظمة يف وقت سابق إىل‬ ‫خماطر استقطاب بعض السوريني لصاحل أطراف سياسية‬ ‫يف مصر‪ ،‬ودعت السلطات املصرية إىل التوقف عن أية‬ ‫إجراءات ترحيل دون تفاهم مسبق مع مفوضية األمم‬ ‫املتحدة السامية لشؤون الالجئني‪ ،‬وناشدت املنظمة كافة‬ ‫ر وسائل اإلعالم للعمل على درء العديد من املخاط اليت‬ ‫ميكن أن يتعرض هلا السوريون يف مصر يف سياق االحتقان‬ ‫السياسي السائد‪ ،‬وكانت املفوضية السامية لألمم املتحدة‬ ‫عبت عن قلقها إزاء قيام اجليش‬ ‫لشؤون الالجئني قد ّ‬

‫‪2‬‬

‫‪ 13‬آب ‪ / 2013‬العدد الثاتي والثالثون‬

‫سورية تشكل التهديد األكبر لألمن‬ ‫القومي األمريكي‬

‫قال نائب مدير وكالة االستخبارات املركزية األمريكية‬ ‫(سي أي إي) إن الوضع يف سورية بات يشكل التهديد‬ ‫األكرب لألمن القومي األمريكي‪ ،‬ونقلت صحيفة "وول‬ ‫سرتيت جورنال" عن "موريل" قوله يف مقابلة ملناسبة‬ ‫استعداده للتقاعد من منصبه‪ :‬إن اخلطر يكمن يف‬ ‫أن تنهار احلكومة السورية اليت متلك أسلحة كيميائية‬ ‫املصري وقوات األمن باالعتقال واالحتجاز التعسفي‬ ‫ألعداد متزايدة من السوريني‪،‬من بينهم عدد من القصر وغريها من األسلحة املتطورة‪ ،‬وأن تصبح البالد معقالً‬ ‫حيل مكان باكستان‪.‬‬ ‫واألشخاص املسجلني يف املفوضية‪ ،‬وذلك وسط تنامي جديداً لـ"القاعدة" ّ‬

‫مشاعر العداء للسوريني‪ .‬وطلبت املفوضية تسهيل مقابلة‬ ‫‪ 85‬سورياً حمتجزاً‪ ،‬واحلصول على ضمانات بعدم ترحيلهم‬ ‫إىل سوريا‪ ،‬مع التأكيد على ضرورة أن تتاح هلم إجراءات‬ ‫قانونية عادلة يف مصر‪ ،‬كما ناشدت املفوضية احلكومة‬ ‫املصرية للنظر يف إمكانية السماح بدخول النساء واألطفال‬ ‫والشيوخ إىل البالد‪ ،‬من دون شرط احلصول على تأشريات‪.‬‬ ‫وتشري تقديرات احلكومة املصرية إىل وجود حنو ‪ 300‬ألف‬ ‫سوري يف مصر يف الوقت الراهن‪ ،‬بينهم ‪ 80‬ألفاً مسجلون‬ ‫لدى املفوضية حىت‪ 25‬متوز (يوليو) املاضي‪ ،‬بينما حصل‬ ‫حنو ‪ 29‬ألفاً على مواعيد مؤكدة للتسجيل خالل األسابيع‬ ‫القادمة‬

‫في ذكرى األربعينية‪ ..‬والدة أحد ضحايا عامودا‪ :‬ابني فداء كرامة عامودا وشبابها‬ ‫أحيا أهايل عامودا يوم الثالثاء ‪ 2013-8-6‬ذكرى‬ ‫أربعينية ضحايا عامودا واليت فقد فيها ستة أشخاص‬ ‫حياهتم برصاص حزب االحتاد الدميقراطي "‪."PYD‬‬ ‫وجاءت الدعوة من اجمللس احمللي للمجلس الوطين الكردي‬ ‫وتنسيقية عامودا بإشعال الشموع يف الطرقات واملنازل‬ ‫حداداً على أرواحهم‪ ،‬وحضر عدد كبري من األهايل إىل‬ ‫مقربة عامودا‪ ،‬هناك ألقت أم الشهيد سعد سيدا كلمة‬ ‫قالت فيها‪ " :‬ابين سعد هو فداء لكرامة عامودا وفداء‬ ‫شباهبا وهو اآلن قد انضم لقافلة شهداء الثورة السورية"‪.‬‬ ‫وكان الفتاً سيارات األساييش (الشرطة الكردية) اليت‬

‫"سي أي إي"‪:‬‬

‫كانت جتوب املنطقة بشكل كبري‪ ،‬هذا وقد سبق‬ ‫يوم األربعينية انفجار قنبلة صوتية بالقرب من مقر‬ ‫األساييش (خمفر عامودا) فيما وقع انفجار بالقرب‬ ‫من مقر التجنيد ظهر أمس‪ ،‬تاله إطالق نار دون أن‬ ‫نتمكن من الوصول اىل املنطقة بسبب الطوق األمين‬ ‫املفروض عليها‪.‬‬ ‫وأكد موقع خرب ‪ 24‬القريب من ال ـ "‪ "PYD‬مقتل‬ ‫عنصر وإصابة ثالثة آخرين‪ ،‬كما تاله بعدة ساعات‬ ‫انفجار قنبلة صوتية بالقرب من مكان االنفجار األول‬ ‫دون وقوع أي إصابات أو ضحايا‪.‬‬

‫وحبسب "موريل" ‪ ،‬حلّت سورية يف املرتبة األوىل‬ ‫لناحية التهديد لألمن القومي األمريكي‪ ،‬تليها إيران‬ ‫مثّ هتديد "القاعدة" العاملي وكوريا الشمالية واحلرب‬ ‫االلكرتونية‪ ،‬وقال‪ :‬إن سورية "هي على األرجح‬ ‫املوضوع األهم يف العامل اآلن"‪ ،‬معترباً أن البالد تسري‬ ‫باجتاه اهنيار احلكومة املركزية‪ ،‬وأضاف‪ :‬إن أعداد‬ ‫املقاتلني األجانب الذي يتوجهون إىل سورية شهرياً‬ ‫حلمل السالح إىل جانب اجلماعات التابعة لتنظيم‬ ‫"القاعدة" أكرب من العدد الذي كان يذهب إىل‬ ‫العراق للقتال مع "القاعدة" يف ذروة احلرب هناك‪.‬‬ ‫وح ّذر من أن أسلحة احلكومة السورية "ستكون‬ ‫سائبة ومعروضة للبيع" كما حصل يف ليبيا‪ ،‬الفتاً‬ ‫إىل خماطر امتداد العنف إىل لبنان والعراق واألردن‪،‬‬ ‫ويف شأن "القاعدة"‪ ،‬أكد "موريل" أن الواليات‬ ‫املتحدة خ ّفضت "يف شكل كبري هتديد القاعدة‪،‬‬ ‫لكن األخرية "حققت أيضاً انتصاراهتا"‪.‬‬ ‫ورأى أن "انتشار القاعدة انتصار حبد ذاته"‪ ،‬مشرياً‬ ‫إىل انقسام التنظيم الذي يقوده أمين الظواهري إىل‬ ‫جمموعات أكثر استقاللية‪.‬‬ ‫ويغادر "موريل" منصبه يف الـ"سي أي إي" اليت عمل‬ ‫لتحل مكانه نائبة مساعد‬ ‫مر ثالثة عقود‬ ‫فيها على ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرئيس األمريكي "أفريل هاينس"‪.‬‬


‫أخبار اقتصادية‬ ‫مساعدات إغاثية من أكراد تركيا‬ ‫تدخل من معبر الدرباسية!‬

‫"العيد في سوريا"‪ ..‬قافلة مساعدات‬ ‫إنسانية من إنجلترا‬

‫بين صراع االحتكار وفرحة األطفال ‪..‬‬ ‫يقبل العيد على سوريا بتثاقل‬

‫عربت قافلة من املساعدات اإلغاثية مساء األربعاء‬ ‫املاضي ‪ 7‬آب‪ /‬أغسطس املعرب احلدودي الذي يربط‬ ‫مدينة الدرباسية السورية مع مدينة قزلتبة الرتكية‪ ،‬بعد أن‬ ‫كانت ممنوعة من الدخول من قبل احلكومة الرتكية‪ ،‬وبقيت‬ ‫الشاحنات مركونة أمام املعرب من اجلانب الرتكي مدة مثانية‬ ‫أيام‪.‬‬ ‫تألفت القافلة من مخس عشرة شاحنة تضم يف غالبيتها‬ ‫مواد غذائية وألبسة أطفال‪ ،‬اثنتان منها احتوت على أدوية‬ ‫وحليب لألطفال حبسب مصادر خاصة‪ ،‬وعلى إثر منع‬ ‫احلكومة لدخول املساعدات آنذاك إىل املنطقة الكردية يف‬ ‫سوريا‪ ،‬نظم حزب السالم والدميقراطية الكردي يف تركيا‬ ‫وأهايل املنطقة العديد من التظاهرات واالعتصامات للضغط‬ ‫على احلكومة الرتكية بغية فتح املعرب أمام الشاحنات‪.‬‬ ‫السورية تعيش حالة من احلصار‬ ‫يذكر أن مناطق اجلزيرة ّ‬ ‫االقتصادي احملكم من قبل النظام السوري‪ ،‬وسط دعوات‬ ‫عدة من األحزاب السياسية واجلمعيات اإلنسانية لفتح‬ ‫املعابر احلدودية اليت تربط املنطقة بدول اجلوار مثل تركيا‬ ‫والعراق‪.‬‬

‫وصلت إىل تركيا عرب بوابة ‪/‬كايب كولة‪ /‬احلدودية قافلة‬ ‫مساعدات إنسانية تتكون من ‪ 73‬سيارة خرجت من‬ ‫إجنلرتا يف طريقها إىل سوريا حتت شعار‪" :‬العيد يف سوريا"‪.‬‬ ‫وأفاد السيد "حممد شبري" منسق القافلة ''العيد يف سوريا''‬ ‫أهنم وصلوا إىل تركيا بعد رحلة طويلة وشاقة يف قافلة‬ ‫مساعدات إنسانية‪ ،‬يشارك فيها كل من هيئة اإلغاثة‬ ‫اإلنسانية وحقوق اإلنسان واحلريات من تركيا ومنظمة‬ ‫املسلمني املتحدين ومنظمة األطفال يف الدين من إجنلرتا‪.‬‬

‫رغم انتظار األطفال له بفارغ الصرب إال أن ذويهم يتمنون‬ ‫انقضاء شهر رمضان دونه‪ ،‬عيد الفطر حيل على املدن‬ ‫السوريّة ليس ككل األعياد املاضية‪ ،‬وهو يأيت باملزيد من‬ ‫ّ‬ ‫الشهداء واجلرحى واملخطوفني تزامناً‬ ‫اآلالم واألحزان على ّ‬ ‫مع الضغوطات واألزمات االقتصادية اخلانقة‪ ،‬حيث تشهد‬ ‫األسواق ارتفاعاً مذهالً يف األسعار‪ ،‬يعود ذلك ألكثر من‬ ‫سبب لعل أمهه انقطاع طرق التجارة الداخلية‪ ،‬وتضرر‬ ‫معامل األلبسة يف املدن الكبرية كحلب ودمشق وبالتايل‬ ‫اقتصار االسترياد على األسواق اخلارجية كرتكيا والعراق يف‬ ‫احملررة‪ ،‬وبعض الورشات احمللية‪ ،‬وهذا بدوره يزيد من‬ ‫املناطق ّ‬ ‫سعر القطعة‪ ،‬سواء تلك اليت تضاف إليها أسعار الشحن‬ ‫عرب خطوط التّهريب‪ ،‬أم ارتفاع أسعار القطع حملية الصنع‬ ‫بسبب تكاليف املواد األولية‪.‬‬

‫سؤال وجواب‬ ‫السؤال‪ :‬ما العالقة بني الدوالر والذهب ؟؟؟‬ ‫اجلواب‪ :‬مثة عالقة عكسية بني قيمة الدوالر وسعر‬ ‫الذهب‪ ،‬وذلك من حيث كون األصلني سلعتني بديلتني‬ ‫تستعمالن كمخزن للقيمة‪ ،‬عندما تنخفض قيمة الدوالر‬ ‫ويصبح غري مطلوب وغري مرغوب فيه كمستودع للقيمة‪،‬‬ ‫يتجه املتعاملون إىل الذهب كبديل جيد عن الدوالر حلماية‬ ‫ممتلكاهتم‪.‬‬ ‫إن العالقة العكسية املعروفة بني الذهب والدوالر ليست‬ ‫قانوناً مقدساً ختشى األسواق عواقب الكفر به‪ ،‬إذ تفيد‬ ‫املعطيات بأنه ميكن هلذه العالقة اجلدلية والعكسية بني‬ ‫الدوالر والذهب أن تتوقف عن العمل ‪ -‬ولو بشكل‬ ‫مؤقت‪ -‬وبالتحديد يف أوقات األزمات االقتصادية العاملية‬

‫ويف حديث له أثناء دخول القافلة إىل األراضي الرتكية‪ ،‬أفاد‬ ‫السيد "شبري" قائالً‪" :‬يشارك يف القافلة ‪ 160‬متطوعاً‪،‬‬ ‫ومعهم سيارات متنوعة‪ ،‬من سيارات إسعاف ومطافئ‬ ‫وشاحنات نقل حتمل أغذية األطفال واحلليب ولعب‬ ‫األطفال واملالبس واألدوية وهدايا مرسلة من إجنلرتا إىل‬ ‫الشعب الشقيق يف سوريا‪ ،‬وخاصة إىل األطفال السوريني‬ ‫مبناسبة عيد الفطر املبارك‪".‬‬ ‫وأشار السيد "حممد شبري" إىل التأخري اإلجباري يف وصول‬ ‫القافلة لرتكيا بسبب انتظارهم الطويل يف اجلمارك‪ ،‬وتعطل‬ ‫بعض السيارات مضيفاً‪" :‬ستواصل القافلة طريقها يف تركيا‬ ‫عرب مدن إسطنبول وأنقرة وأضنة والرحيانية لتدخل األراضي‬ ‫السورية عرب معرب ‪/‬جلفة غوزو‪ /‬احلدودي بني تركيا وسوريا‪.‬‬

‫بعض العائالت السورية حتاول زرع البسمة على وجوه‬ ‫لكن ألبسة األطفال‬ ‫أطفاله بشراء األلبسة اجلديدة هلم‪ّ ،‬‬ ‫اليت تشهد اإلقبال على عكس ألبسة الرجال اليت يكاد‬ ‫ينعدم عليها اإلقبال‪ ،‬ال تباع القطعة الواحدة منها بأقل‬ ‫من ‪ 1500‬ل‪.‬س‪ ،‬هذه القطعة اليت كانت تباع يف احلالة‬ ‫العادية حبدود ‪ 600‬ل‪.‬س‪ ،‬وذلك بالنسبة لأللبسة اليت‬ ‫تنتجها ورش حملية رغم قلتها‪ ،‬وأصحاب هذه الورش يربرون‬ ‫ارتفاع أسعارهم باالنقطاع املستمر للكهرباء واالعتماد على‬ ‫مولدات الطاقة‪ ،‬يف مناطق مثل احلسكة‪ ،‬إضافة إىل الغالء‬ ‫العام الذي جيتاح البالد‪.‬‬ ‫احلادة وحىت األزمات اليت متر هبا دولة ما واقتصادها من جهة أخرى‪ ..‬غابت الرقابة‪ ،‬مما ساهم بدوره يف الغالء‬ ‫كما يف سوريا‪ ،‬وخصوصاً يف األزمات التضخمية احلادة واالحتكار‪ ،‬فبات من الطبيعي رؤية سعر خمتلف للقطعة‬ ‫(كاألرجنتني) واآلن (سوريا) أو أزمات سياسية أو نفسها من حمل إىل آخر‪ ،‬وهذا يساهم بشكل أكرب يف‬ ‫عسكرية (العراق) و اآلن (سوريا)‪.‬‬ ‫احتكار السوق واستغالل حاجة الناس‪ ..‬غالء األسعار‬ ‫اشتكى منه التجار واملستهلكون على السواء؛ التاجر‬ ‫يشكو من ضعف القوة الشرائية‪ ،‬واملستهلك يعاين من‬ ‫ارتفاع األسعار‪.‬‬ ‫كذلك أضرب معظم السوريني عن شراء حلوى العيد منذ‬ ‫كل هذه‬ ‫اندالع الثورة السورية‪ ،‬فكيف يتناولون احللوى مع ّ‬ ‫املرارة؟! ليس فقط حلوى العيد هي من غابت عن أعني‬ ‫السوريّون مل‬ ‫األطفال‪ ،‬كذلك املالبس اجلديدة‪ ..‬األطفال ّ‬ ‫يعد مهّهم الوحيد هو احلصول على العيدية والسكاكر‪،‬‬ ‫هم دائم ال‬ ‫أمين يبحثون معه عن الطمأنينة‪ٌّ ،‬‬ ‫صار هلم ٌّ‬ ‫هم ّ‬ ‫هم الكبار‪.‬‬ ‫يقل عن ّ‬ ‫‪ 13‬آب ‪ / 2013‬العددالثاني و الثالثون‬

‫‪3‬‬


‫حتقيق‬

‫رهاب الحروب عند األطفال السوريين‬ ‫طفل في ربيعه الثامن أصيب بشلل تام جراء الخوف من الطائرة‪.‬‬ ‫• ٌ‬ ‫• دور األسرة في تخفيف حالة الرهاب عن األطفال‪.‬‬ ‫عالج الجسد‪.‬‬ ‫عالج النفس وق ّد َم‬ ‫• لصعوبة الظروف‪ ،‬أرجأ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫• األطفال الذين سلِموا من اإلصابة لم يسلموا من أعراض الفوبيا‪.‬‬ ‫الطبقة‪ :‬قيس الرقي‬ ‫تصوير‪ :‬أمحد أبو الفاروق‬ ‫اخلوف ظاهرةٌ قدمية جديدة‪ ،‬قضت مضاجع الفالسفة‬ ‫ُ‬ ‫قدمياً وعلماء النفس حديثاً فأشبعوها حبثاً وحتليالً وتفسرياً‪،‬‬ ‫وتشعب بتنوع املشارب‪ ،‬بيد َّأنم جممعون‬ ‫كثـَُر اخلالف ّ‬ ‫اخلوف حالة غريزية جبلت عليها مجيع اخلالئق‪،‬‬ ‫على أ ّن‬ ‫َ‬ ‫ضاريها وعاشبها وناطقها‪ ،‬وهو املعين هنا هبذا املوضوع‪.‬‬ ‫اخلوف شعوراً طبيعياً ما دام يف أطواره الطبيعية‬ ‫يظل‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫واملعقولة‪ ،‬بيد أ ّن تنامي وتائره ينقله إىل حالة مرضية‬ ‫الرهاب ( الفوبيا)‪ ،‬وقد كنا نسمع عن فوبيا‬ ‫تدخل يف طور ّ‬ ‫البحار‪ ،‬فوبيا املناطق املرتفعة‪ ،‬املظلمة‪...‬إخل‪ .‬وبتنا نعايش‬ ‫رهاباً جديداً عند أطفالنا هو رهاب احلرب‪ ،‬يتبدى عند‬ ‫حتليق الطائرات‪ ،‬وحدوث القصف مما حيدث هلعاً ورعباً‬ ‫عند اجلميع عموماً واألطفال خصوصاً‪ ،‬فقد أدركوا بفطرهتم‬ ‫ٍ‬ ‫جبهات‬ ‫الغريرة ّأنا سوف جتلب الويالت حتماً‪ ،‬يرتاكضون‬ ‫شىت‪ ..‬منهم من يلوذ بالبيت ومنهم من يتعلق بأردان أبويه‪،‬‬ ‫اهر حسيّة جليّة كالرغبة يف اخلروج إىل اخلالء‪،‬‬ ‫وتعرتيهم ظو ُ‬ ‫ٍ‬ ‫بصوت مبال ٍغ‬ ‫الرجفان‪ ،‬االضطراب‪ ،‬س ّد األذنني‪ ،‬البكاء‬ ‫ّ‬ ‫فيه‪...‬وهلم جرا‪.‬‬ ‫ات ٍ‬ ‫قد جيد اخلوف معزز ٍ‬ ‫كثرية يف أبعاد الشخصية اإلنسانية‬ ‫فالبعدان اجلسدي والنفسي مؤثران‪ ،‬أما البعد الثالث‬ ‫للشخصية البشرية‪-‬أي البعد االجتماعي‪ -‬فقد يكون‬ ‫أكثرها تأثرياً هنا‪ ،‬والطفل ابن بيئته بامتياز متأثراً أكثر منه‬ ‫خوف والديه فتعاىل شعوره ليخرج من‬ ‫مؤثِّراً‪ ،‬ورمبا‬ ‫استشف َ‬ ‫ّ‬ ‫طوره الطبيعي إىل أطوار االعتالل‪.‬‬ ‫الرهاب قسوةً وتأثرياً يف سوريا‬ ‫من أكثر احلاالت النامجة عن ّ‬ ‫طفل يف ربيعه الثامن أصيب بشلل ٍ‬ ‫هي حالة ٍ‬ ‫تام منذ نيف‬ ‫جراء الرهاب من الطائرة‪ ،‬فـَ​َق َد النّطق واحلركة بل تعداه إىل‬ ‫صعوبة البلع واهلضم‪ ،‬وما يزال يرزح حتت أعباء معضلته يف‬ ‫الرقة (خميم أيب عاصي)‪.‬‬ ‫أحد خميمات الوافدين يف ريف ّ‬ ‫تقول السيدة "أم أمحد" من أهايل مدينة الطبقة‪ :‬طفلي‬ ‫عمره ست سنوات‪ ،‬يصاب باهللع عندما حتلق الطائرة‪،‬‬ ‫غالباً ما يضع إصبعيه يف أذنيه‪ ،‬أو يقضم أظافره‪ ،‬وكثرياً‬ ‫ما يطلب الذهاب لقضاء احلاجة شاكياً من أمل معوي‬ ‫وسرعان ما يزول مبجرد اختفائها‪ ،‬لكنّه يكون أقل خوفاً‬ ‫عندما يكون والده معه‪ ،‬رمبا ألنّه يستطيع كظم خوفه أكثر‬ ‫مين فال يلحظه أمحد‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫‪ 13‬آب ‪ / 2013‬العدد الثاتي والثالثون‬

‫ومن الطبقة أيضاً يضيف السيد "أسعد اإلبراهيم" مبتسماً‪:‬‬ ‫أرش‬ ‫إن ابين "عماد" ذا السنوات الثالث يطلب مين أن ّ‬ ‫مبيداً يف السماء لتموت الطائرة‪ ،‬وأنا أجهل السبب‪..‬‬ ‫(تتماهى الطائرة عنده يف صورة وحش خرايف أو أسطوري و‬ ‫هذا اعتقاد كاتب السطور طبعاً)‪.‬‬ ‫يقول "عبد السيد الصمد اجلاسم" ‪(:‬دبلوم علم نفس)‬ ‫وهو مرشد نفسي وإداري يف املستشفى امليداين يف الطبقة‬ ‫ما موجزه‪ :‬اخلوف حالة غريزية قوالً واحداً‪ ،‬وسبب تناميه‬ ‫هو ارتفاع ح ّدة املثري‪ ،‬والدليل أ ّن االستجابة لوحظت لدى‬ ‫فصوت الطائرات والتفجريات ُي ِدث‬ ‫اإلنسان واحليوان‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫هلعاً عند كليهما‪ ،‬وقد شاهدنا حالة الذعر لدى الكالب‬ ‫– مثالً‪ -‬عند حدوث املثري فتحاول االستجارة باإلنسان‬ ‫وكأهنا تستجديه ليذود عنها‪ ،‬لكن ذلك ال ينفي شرط‬ ‫االكتساب والتأثر بالبيئة اليت تتجلى يف أوىل مراحلها عند‬ ‫الطفل باخللية األوىل (األسرة)‪ ،‬ومن األعراض اليت تتبدى‬ ‫لنا عند تنامي ح ّدة املثري ازدياد حاالت آالم بطن‪ ،‬صداع‪،‬‬ ‫انفصام‪ ،‬عماء مؤقت‪ ،‬وهي حاالت حدثت كثرياً بني‬ ‫عديد من املصابني الذين أُسعفوا إىل املستشفى امليداين‪،‬‬ ‫فكثري من احلاالت كانت سليمة جسدياً وال تشكو من‬ ‫جرح‪ ،‬ل ّكن املصابني كانوا يف حالة مزرية‪ ،‬يدخل بعضهم‬ ‫الصدمة ويفقد اإلحساس بالواقع‪ ،‬وبعضهم ال‬ ‫يف مرحلة ّ‬ ‫يشعر باألمل رغم اإلصابة لفرتة حمدودة‪ ،‬وسرعان ما يعود إىل‬ ‫الواقع فيصعد لديه اإلحساس باألمل ويستأنف قائالً‪ :‬جممل‬ ‫حاالت الفوبيا فجائية سببها املثري املفاجئ (دوي انفجار‪،‬‬ ‫خرق جدار الصوت‪ -‬إصابة مباشرة‪ -‬رؤية املصابني) ومن‬ ‫األعراض اليت تظهر عند حدوث الرهاب‪ :‬التعلق الشديد‬ ‫بالوالدين‪ ،‬البكاء الليلي‪ ،‬احلركات العشوائية‪ ،‬حاالت‬ ‫تشوه‬ ‫النكوص الفكرية‪ ،‬تراجع مقدرة االستيعاب واحلفظ‪ّ ،‬‬ ‫قانون السببيّة)‪.‬‬

‫ويقول الطبيب "عبد احلميد العدهان"‪( :‬أحد أطباء‬ ‫املستشفى امليداين يف الطبقة)‪ :‬إضافة ملا سبق من كالم‬ ‫السيد "عبد الصمد" الحظنا شكاوى من حدوث سلس‬ ‫فالرهاب ُيدث ارختاء املعصرات لدى الطفل‬ ‫بويل‪ّ ،‬‬ ‫بنوعيها (املثانية والشرجية) وقد وردتنا حاالت شكوى‬ ‫من أمل معوي‪ ،‬أرق ليلي‪ ،‬ال ّدخول يف حالة من التوهان‬ ‫والذهول‪ ،‬ترفع حروري‪ ..‬وكل ما سلف ال يُعزى إىل سبب‬ ‫نرد ذلك إالّ إىل واعز واحد هو احلالة‬ ‫عضوي ظاهر‪ ،‬وال ّ‬ ‫ومرد ذلك حدوث حالة خوف شديد‪..‬‬ ‫النفسية احملضة‪ّ ،‬‬ ‫والطفل الذي استخرجنا أزرار ردنه ( ُك ّم قميصه) كان‬ ‫دوي الطائرة‪،‬‬ ‫يرغب بالتخلص من أثر املثري احلاد‪ ،‬وهو ّ‬ ‫حدوث‬ ‫وما يعقبه من انفجار‪ ،‬آمالً أن يدحض ذلك‬ ‫َ‬ ‫األعراض اليت يعرفها وخيشاها‪.‬‬

‫يظل بإمكاننا يف هذه احلالة –وبقراءة متأنية ملعطيات‬ ‫وال ّ‬ ‫الواقع‪ -‬إالّ أن نتوجه إىل األسرة حملاولة اجتناب إظهار‬ ‫اهللع أمام الصغار‪ ،‬وضبط النفس‪ ،‬والعبث مع الطفل‬ ‫إلهلائه‪ ،‬ورفع صوت التلفاز‪ ،‬وإحداث جلبة مرح‪،‬‬ ‫والتظاهر بطمأنينة‪ ،‬لشغله عن اإلحساس املفرط باملؤثر‪،‬‬ ‫وقد باتت جلسات العالج النفسي واجبة لكثري من‬ ‫لكن الواقع حيول دون ذلك بسبب‬ ‫األطفال واليافعني‪ّ ،‬‬ ‫الظروف اليت يدركها القاصي والداين‪ ،‬واملتمثلة مبعاجل‬ ‫اإلصابات اجلسدية يف املقام األول‪ ،‬وإرجاء تطبيب‬ ‫النفس لعدم توفر اإلمكانات لذلك يف الوقت احلايل‪،‬‬ ‫أي من البعدين األول(اجلسدي) والثاين(النفسي)‬ ‫فاعتالل ّ‬ ‫سيفضي مبنعكس سليب على البعد اآلخر‪ ،‬ويبقى األمل‬ ‫زوال تلك املعوقات ليتسىن لألهل إخضاع أطفاهلم هلا يف‬ ‫مستقبل نرجوه قريباً‪.‬‬


‫رأي‬

‫من يريد الدولة العلوية؟‬ ‫عبدالناصر العايد *‬ ‫منذ بداية الثورة السورية بدأ احلديث عن دولة علوية‪،‬‬ ‫ووفق استقصاءاتنا‪ ،‬فإن احلديث بثته خمابرات النظام يف‬ ‫األوساط الشعبية للطائفة العلوية‪ ،‬وخالصته‪ :‬نقاتل وال‬ ‫نسلم احلكم‪ ،‬فإن فشلنا ننكفئ إىل جبالنا ونقيم دولتنا‬ ‫وتدعمنا إيران‪ ،‬وعلى هذا األساس اندفعت جماميع كبرية‬ ‫من أبناء الطائفة تقتل وتذبح‪ ،‬ويف ذهنها أن طريق العودة‬ ‫والنجاة من العقاب مضمون‪ ،‬حيث لن يطاوهلم احلساب‬ ‫يف دولتهم اخلاصة‪.‬‬ ‫لكن إىل أي مدى ميكن أن تقوم تلك الدويلة؟ وأي‬ ‫إرادات ميكن أن تقف وراءها؟ يطلق إنشاء الدويلة العلوية‬ ‫عدة مشاريع مشاهبة يف كامل املنطقة‪ ،‬ويدفع إىل التفكري‬ ‫خبريطة جديدة للشرق األوسط‪ ،‬وال نعتقد أن القوى الدولية‬ ‫مستعدة للشروع برسم هذه اخلريطة‪ ،‬وال لتحمل القلق‬ ‫الناجم عنها‪ ،‬أو تبعات إرسائها وإقرارها‪ ،‬خباصة لناحية‬ ‫النزاعات اليت ميكن أن حتدث على احلدود اجلديدة‪ ،‬وأي‬ ‫مطلع على الوضع الدميوغرايف ملنطقة الساحل السوري مثالً‬ ‫يدرك صعوبة املهمة‪ ،‬ويبدو سيناريو بقاء األمور على ما‬ ‫هي عليه‪ ،‬أقل كلفة بكثري على تلك القوى من السماح‬ ‫بظهور وتبين حتديدات ال ميكن الدفاع عنها فعلياً‪.‬‬ ‫أما على صعيد القوى اإلقليمية‪ ،‬فعلى عكس املتوقع ال‬ ‫وحتمل عبئها‬ ‫نظن أن إيران ترغب بقيام مثل تلك الدولة‪ّ ،‬‬ ‫السياسي والعسكري واالقتصادي‪ ،‬فاسرتاتيجية إيران اليت‬ ‫مساها اخلميين بـ «تصدير الثورة» تقوم على تنشيط اجليوب‬ ‫الشيعية يف اجلوار وربطها به‪ ،‬واستخدامها كأوراق ضغط‬ ‫إقليمية ودولية‪ ،‬تنشر القلق واالضطراب حيثما ومىت أرادت‬ ‫إيران‪ ،‬اليت بدورها تصبح قادرة على التدخل‪ ،‬ومتثيل الشيعة‬ ‫على الساحة الدولية كقطب مستقل‪ ،‬وهي قد تفضل أن‬

‫يكون أنصارها يف سورية جيباً مندجماً شكلياً بالدولة السورية‪،‬‬ ‫ولكنه مستقل اجتماعياً ورمبا إدارياً‪ ،‬على حنو ما هو عليه‬ ‫«حزب اهلل» يف لبنان مثالً‪ ،‬ورمبا حتاول أن تضع صيغة ما‬ ‫حبجة احلماية أو ضمان أمن مشايعيها‪ُ ،‬يكنها من التدخل‬ ‫مستقبالً بشكل قانوين‪ ،‬وبكلفة اقتصادية زهيدة‪ ،‬كما أن‬ ‫إقامة دولة علوية يفتح الباب واسعاً ملناقشة اإليرانيني يف أمر‬ ‫إقامة دولة سنّية لعرب االحواز‪ ،‬وهو ما ال تطيق التفكري‬ ‫به‪ .‬األمر ذاته رمبا ينطبق على اسرائيل‪ ،‬فالفصل بني عناصر‬ ‫الصراع عرب التقسيم ليس حالً مقبوالً كبديل عن النظام‪،‬‬ ‫خباصة أن الكيانات اجلديدة قد تدخل يف لعبة املزايدة يف‬ ‫إظهار العداء إلسرائيل‪ ،‬وهي لعبة خطرة مقلقة‪ ،‬ولذلك من‬ ‫األفضل الستقرارها على املدى الطويل‪ ،‬أن تكون سورية‬ ‫السن ‪ -‬الشيعي‪ ،‬تشرف بنفسها‬ ‫مضماراً مغلقاً للصراع ّ‬ ‫على تغذيته بعوامل الدميومة واالستمرار‪ ،‬تتقرب خالله كل‬ ‫ودها ودعمها سراً وعالنية‪.‬‬ ‫األطراف منها‪ ،‬وتطلب َّ‬ ‫أما تركيا اليت لديها ما يشبه فوبيا االنفصال‪ ،‬فإهنا مستعدة‬ ‫خلوض غمار حرب إقليمية على األراضي السورية‪ ،‬أياً تكن‬ ‫تبعاهتا‪ ،‬ملنع قيام مثل ذلك الكيان‪ ،‬الذي يعين يف ما يعنيه‬ ‫التهديد بقيام دولة كردية وأخرى علوية يف أراضيها‪ .‬واألمر‬ ‫عينه ينطبق على دول اخلليج العريب والعراق ومصر ولبنان‪،‬‬ ‫فحمى التقسيم إن استعرت ستعصف بكل عناصر النظام‬ ‫السياسي يف منطقة الشرق األوسط‪ ،‬اليت تعاين مبجملها من‬ ‫تراكم طبقات التاريخ يف اجلغرافيا‪ ،‬وستسمح بانبثاقات ثقافية‬ ‫ودينية عميقة كان يظن أهنا مخدت منذ مئات السنني‪ .‬أما‬ ‫على الصعيد الداخلي السوري‪ ،‬فإن الطائفة السنّية‪ ،‬وخبالف‬ ‫ما يقوله ممثلوها السياسيون‪ ،‬قد تكون األكثر مصلحة يف‬ ‫انفصال العلويني‪ ،‬وذهاهبم يف دولة مستقلة ‪ ،‬وإذا كان عامة‬

‫السنّة اليوم يريدون بقاء العلويني ألسباب انتقامية تتعلق‬ ‫مبحاكمة هذه الفئة اليت ارتكبت اجلرائم حبقهم‪ ،‬فإنه بعد‬ ‫أن تزول اآلثار النفسية هلذه احلالة‪ ،‬ال بد من أن يظهر‬ ‫بينهم وعي جديد مفاده أن وجود العلويني يف جسدهم‬ ‫أشبه بالداء الذي يتغذى على مواردهم ويتهددهم دائماً‬ ‫بالغدر هبم لصاحل قوى خارجية حتت وطأة مشاعر األقلوية‬ ‫الساحقة‪ .‬لكن اإلرادات السياسية املؤثرة‪ ،‬إضافة إىل بعض‬ ‫النخب ذات املصلحة‪ ،‬لن تسمح ملثل هذه الرؤية بالتبلور‬ ‫والتعبري عن نفسها بشكل فعلي‪ ،‬وسيتم وأدها‪.‬‬ ‫من بني ما يزيد على مليوين علوي يف سورية يتقاضى‬ ‫مليون شخص منهم رواتب من الدولة‪ ،‬منهم ثالمثئة ألف‬ ‫متقاعد‪ ،‬ويكاد ذلك أن يكون مصدر الدخل الوحيد‬ ‫لسكان قرى العلويني الفقرية‪ ،‬ورغم كل ذلك حتلم الفئة‬ ‫الشعبية منهم اليوم بدولتهم املستقلة‪ ،‬لرتكني خماوفها‬ ‫الوجودية من االنتقام‪ ،‬إذاً ليس مثة بيت مل يرسل ضابطاً أو‬ ‫جندياً ليشارك يف جرائم النظام‪ ،‬وكل ذلك موثق وحمفوظ‪،‬‬ ‫وهم يعلمون أنه لن جتدي مع غريزة الثأر املتأصلة‪ ،‬تلك‬ ‫الشعارات الرباقة عن العدالة االنتقالية والسلم االهلي‪،‬‬ ‫لكنهم ال يعلمون أن قيام الدولة حيتاج ماالً وفرياً ال‬ ‫تستطيع مناطقهم أن تقدم عُشره‪ ،‬وال تستطيع إيران ذاهتا‬ ‫أن تقدمه هلم‪ ،‬ولن تقدمه النخب العلوية اليت جنت ثروات‬ ‫مهولة من النظام الذي كانت الطائفة وقوده‪ ،‬فهي ستفضل‬ ‫اهلرب بعيداً من اخلطر‪ ،‬والتمتع مبا كسبت كما فعل رفعت‬ ‫األسد سابقاً‪ ،‬تاركني عامة الطائفة ملستغل جديد لفقرهم‪،‬‬ ‫وألحالمهم اليت ال يعبأ هبا أحد‪.‬‬ ‫*عن صحيفة احلياة اللندنية‬

‫‪ 13‬آب ‪ / 2013‬العددالثاني و الثالثون‬

‫‪5‬‬


‫قضية‬ ‫المهنية اإلعالمية بين السبق‪ ..‬والمصلحة العامة‬

‫ميثاق شرف إعالمي "ديري" يحفظ حقوق الصحفيين‪ ،‬وأرواح المدنيين‬ ‫فادي جابر‬ ‫مضت شهور على اختفاء اإلعالمي "أبو حسني الديري"‬ ‫ومل تتبلور حىت اآلن مالبسات اختفائه بني اهتامات خبطفه‬ ‫من قبل خمالفني له وبني اختفاء قسري أو اختياري‪..‬‬ ‫اختفاء "أبو حسني" مثال على ما يتعرض له صحفيو ‪/‬دير‬ ‫الصراع يف‬ ‫الصحافة‪ ،‬من َ‬ ‫طرف ّ‬ ‫الزور‪ /‬نتيجة ممارستهم ملهنة ّ‬ ‫سوريا‪ ،‬إذ تعرض عشرات اإلعالميني لالستهداف من قبل‬ ‫القوات النظامية‪ ،‬مما أدى إىل استشهاد عدد كبري منهم‪،‬‬ ‫لكن أذى القوات النظامية أقل وقعاً يف اإلعالميني من أذى‬ ‫أخوة اخلندق الواحد‪..‬‬ ‫قبيل هذه احلادثة أضرب معظم إعالميي دير الزور عن نشر‬ ‫أية أخبار مدة ساعتني‪ ،‬استنكاراً النتهاكات يتعرضون هلا‬ ‫على يد القوات احلكومية‪ ،‬ومحلة السالح غري الشرعي يف‬ ‫املدينة وبعض السكان"البسطاء"‪ ،‬وتطور احلراك إلصدار‬ ‫ميثاق عمل إعالمي حلقوق وواجبات اإلعالميني يف‬ ‫احملافظة‪ ،‬توافق عليه معظم االعالميني من املرتبطني بوسائل‬ ‫إعالمية أو مستقلني إضافة للمكتب اإلعالمي يف احملافظة‪،‬‬ ‫واجمللس العسكري واهليئة الشرعية‪.‬‬

‫تهديدات للصحفيين بالقتل‬ ‫اقتحام قنّ ٍ‬ ‫مكتب الناطق الرمسي‬ ‫مضرٍج بالدماء‬ ‫ش ّك َل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫اص ّ‬ ‫صور منطقة شارع‬ ‫باسم ثورة الفرات باحثاً عن‬ ‫صحفي ّ‬ ‫ّ‬ ‫التكايا قبيل قصفه الذي أسفر عن استشهاد طفل‪ ،‬الشرارَة‬ ‫املفجرة لغضب صحفيي دير الزور‪ ،‬ممّا دفعهم إىل إصدار‬ ‫بيان اإلضراب‪ ،‬والطلب من اهليئة الشرعية يف املدينة تأمني‬ ‫احلماية لإلعالميني خاصة بعد تكرار االنتهاكات‪.‬‬ ‫انتهاكات وصلت حد التهديد بالقتل كما حصل مع‬ ‫صحفي من قرية الطيانة يف ريف ‪/‬دير الزور‪ /‬الشرقي بعد‬ ‫تنظيمه مظاهرة ضد سرقة بعض الكتائب للنفط يف ريف‬ ‫‪/‬دير الزور‪ ،/‬ويف حاالت أخرى تعرض أكثر من صحفي‬ ‫للضرب املربح يف عدة مناطق‪ ،‬وإطالق نار‪ ،‬ومنع من‬ ‫التصوير حبجة اخلشية من استهداف املناطق املصورة من‬ ‫قبل القوات النظامية‪.‬‬

‫النقل اإلعالمي والضرر المتوقع‬ ‫متنع املدنيني عن تصوير أماكنهم يربره اإلعالمي "أبو عمار"‬ ‫خبوفهم من قصف القوات النظامية ألماكن التصوير بعد‬ ‫نشره الصور أو الفيديو‪ ،‬مضيفاً أن إشاعات تتناقلها األلسن‬ ‫حول استهداف األماكن املصورة ما جيعل املواطنني مينعون‬ ‫الصحفيني عن التصوير باحلسىن أو بغريها‪.‬‬ ‫اإلعالمي "جابر بكر" العامل يف جمال توثيق االنتهاكات‬ ‫حبق اإلعالميني يرى ‪ -‬ومن خالل جتربته‪ -‬أن الصحفي‬ ‫ووفق املواثيق العاملية يتحمل جزءاً من املسؤولية االجتماعية‬ ‫واألخالقية لعمله وهذه املسؤولية تضعه حتت وصاية العقد‬ ‫االجتماعي األخالقي املفروض برغبة اجملتمع والعرف العام‬

‫‪6‬‬

‫‪ 13‬آب ‪ / 2013‬العدد الثاتي والثالثون‬

‫لإلنسانية‪.‬‬ ‫وعلى ذلك‪ ..‬يؤكد "بكر" أنه وعلى سبيل املثال ال جيوز‬ ‫نشر مواقع مدنية مستهدفة من عدو كما حصل يف الكثري‬ ‫من احلاالت حيث نشر الصحايف الكثري من الصور واملواقع‬ ‫املدنية إضافة ملواقع عسكرية وهذه األخرية ختضع لعمل‬ ‫الصحافة احلربية وهي العمل ضمن احليز املتاح‪ ،‬ويف حال‬ ‫تسبب الصحايف بنتائج مضرة بالفئة اليت قدمت له احلماية‬ ‫قد يتسبب لنفسه ومؤسسته وزمالئه الصحافيني بالضرر‬ ‫الكبري والذي قد يصل حد االستهداف والقتل وهذا ما‬ ‫يتوجب العمل على جتاوزه من خالل املهنية العالية يف‬ ‫العمل‪.‬‬ ‫بكر يشدد على أنه ال جيوز للصحايف احملرتف تصوير‬ ‫وإظهار طرق التهريب اخلاصة بالثوار مثالً أو اجليش‬ ‫النظامي ونشر هذه املعلومات كما فعلت إحدى مراسالت‬ ‫العربية مع اجليش احلر ما تسبب بإغالق هذه الطريق وهو‬ ‫طريق إمداد إنساين وعسكري بذات الوقت‪ ،‬بناءً على‬ ‫ذلك جيب على الصحفي السوري مراعاة وضع املنطقة‪،‬‬ ‫وطرق التعامل والتفكري حلماية نفسه وعدم التسبب باألذى‬ ‫لشخصه ولزمالئه الذين سيأتون بعده‪.‬‬

‫ميثاق الشرف يبدد مخاوف السكان‬

‫ميثاق الشرف الذي وقعه اإلعالميون الديريون جاء يف‬ ‫أهم نقاطه ملبياً ملخاوف السكان‪ ،‬حيث ش ّدد امليثاق‬ ‫العامة يف تصوير املدنيني‬ ‫على اإلعالمي مراعاة املصلحة ّ‬ ‫يعرضهم ألي أذى‪ ،‬مع التأكيد على ح ّقه يف نقل‬ ‫مبا ال ّ‬ ‫الصورة الكاملة لواقع املدينة بسلبياته وإجيابياته دون قيد‬ ‫أو شرط مبا خيدم مصلحة الثورة إذا مل خيالف نص امليثاق‪،‬‬ ‫والسماح جلميع اإلعالميني الذين حيملون اهلوية اإلعالمية‬ ‫بتصوير الشهداء داخل املشايف امليدانية والنقاط الطبية‪ ،‬يف‬ ‫حني حيتاج تصوير اجلرحى‪ ،‬و الكوادر الطبية و معدات‬ ‫املشايف إلذن املسؤول يف املستشفى‪.‬‬ ‫امليثاق منع تصوير مناطق التماس مع اجليش النظامي‪ ،‬إال‬ ‫بعد موافقة القائد امليداين املتواجد يف اجلبهة اليت يتم فيها‬ ‫يتحمل القائد امليداين مسؤولية‬ ‫التصوير وبإشرافه‪ ،‬على أن ّ‬ ‫أي ضرر ينجم عن ذلك‪ ،‬إضافة إىل منع نشر صور‬ ‫ومقرات‬ ‫وفيديوهات عن النقاط احليوية واخلدمية واملعابر ّ‬ ‫الكتائب من اخلارج حىت ال يتم حتديد مكاهنا‪ ،‬ومنع‬ ‫تصوير أي اشتباك ونسبته لكتيبة ليست مشاركة فيه‪.‬‬ ‫ونص امليثاق على مساءلة و حماسبة كل إعالمي‬ ‫لشق الصف‪ ،‬أو يف‬ ‫يستخدم أدواته ومنابره اإلعالميّة ّ‬ ‫خالفاته الشخصية سواء كان ذلك بالقدح أم بالتجريح‬ ‫ضد األشخاص أو اهليئات‪ ،‬عسكرية كانت أم مدنية‪ ،‬ويف‬ ‫التعرض ألي‬ ‫املقابل ال ّ‬ ‫حيق ألي جهة مدنية أو عسكرية ّ‬ ‫أسباب استهداف المدنيين‬ ‫إعالمي حيمل هويّة إعالمية مبنعه من التصوير أو اإلساءة‬ ‫إليه أو مصادرة أدواته اليت حيملها‪ ،‬ويف حال حصول‬ ‫إن الستهداف جتمعات املدنيني يف املناطق احملررة سبب خمالفة تق ّدم شكوى للمكتب اإلعالمي‪.‬‬ ‫آخر وفق الناشطني‪ ،‬وهو ممارسات خاطئة من قبل السكان‬ ‫المال السياسي محرك إعالمي‬ ‫تتلخص يف جلوس العائالت والشباب على أرصفة الشوارع ومن جهته يرى املذيع واإلعالمي "أمحد الزين" أ ّن مشكلة‬ ‫نتيجة امللل واحلر وبأعداد كبرية لتناول الشاي وتدخني املهنية اإلعالمية تكمن يف عدم التنسيق بني االعالميني‬ ‫"األركيلة"‪ ،‬غري آهبني خبطر القصف‪ ،‬وجتمع عربات بيع على األرض‪ ،‬ورغبة عدد كبري منهم يف السبق الصحفي‬ ‫اخلضار والسلع يف الشوارع العامة بدالً من اختاذ احملالت دون التفات إىل اهلدف اإلنساين‪ ،‬متغافلني عما قد يسببه‬ ‫والعبارات التجارية مكاناً أكثر أمناً للبيع‪ ،‬فيما يعزو آخرون سب ُقهم من أضرار ودماء‪ ،‬مضيفاً أن بعض اإلعالميني‬ ‫سبب ازدياد سقوط جرحى وشهداء أطفال يف الشوارع إىل الثوريني مههم الوحيد "الشهرة" والسبق الصحفي أو حفنة‬ ‫الدوالرات مثن مقطع يبيعه‪.‬‬ ‫تركهم من قبل ذويهم يلعبون دون إبقائهم يف مكان آمن‪.‬‬


‫إضاءات‬ ‫الهيئة العامة للدفاع المدني في محافظة درعا‬ ‫مها الرفاعي ‪ -‬درعا‬ ‫إميانناَ بوجود بديل عن النظام ومؤسساته يف مدينة درعا‪،‬‬ ‫للحس العايل بالوطن واملواطنني‪ ،‬والغرية احلقيقية‬ ‫ونتيجةّ‬ ‫ّ‬ ‫هيئات مدنية يف‬ ‫تشكلت‬ ‫الشعب‪..‬‬ ‫و‬ ‫البلد‬ ‫مصلحة‬ ‫على‬ ‫ٌ‬ ‫دور فاعل على األرض‪ ..‬وكانت بديالً كليّاً‬ ‫مدينة درعا هلا ٌ‬ ‫عن وجود بعض مؤسسات النظام وخدماهتا اليت أصبحت‬ ‫مفقودة متاماً يف املناطق احملررة‪ ..‬من هذه اهليئات الفاعلة‬ ‫احملرر "اهليئة العامة لل ّدفاع‬ ‫‪/‬حي طريق الس ّد‪َّ /‬‬ ‫يف مدينة درعا ّ‬ ‫احلي‪ ،‬والتقينا مع مدير اهليئة السيد‬ ‫املدينّ"‪ ..‬قمنا بزيارة ّ‬ ‫"جهاد حماميد" الّذي استعرض لنا تعريفاً بسيطاً للهيئة‪:‬‬ ‫"هيئة الدفاع املدين هي إحدى اهليئات اليت أنتجتها‬‫الثورة‪ ،‬واليت تسعى إىل أن تكون وحدة إدارية متكاملة تقوم‬ ‫باألعمال اخلدمية واإلغاثية واإلعالمية بشكل عادل ونزيه‬ ‫بغض‬ ‫وشفاف‪ ،‬وإيصال هذه اخلدمات إىل مستحقيها ّ‬ ‫النظر عن انتمائهم الطائفي واملنهجي‪ ،‬وبعيداً عن الوالءات‬ ‫السياسية‪"..‬‬

‫ما هي أهداف هذه الهيئة ؟‬

‫جييب السيد "جهاد"‪:‬‬ ‫حي س ّكان‬ ‫"تقوم اهليئة بدايةً مبحاولة نشر الوعي بني ّ‬‫وبث األمل والرغبة باحلياة يف نفوسهم‪ ،‬بعد‬ ‫الس ّد‪ّ ،‬‬ ‫طريق ّ‬ ‫أن قام النّظام اجملرم بتدمري منازهلم وقتل أطفاهلم ونسائهم‬ ‫احلي من أحد أوجاع‬ ‫ورجاهلم‪ ..‬إذ ال خيلو ٌ‬ ‫بيت يف ذلك ّ‬ ‫احلياة‪ ..‬ذلك الذي فقد رجله‪ ،‬وتلك اليت فقدت أخاها‪،‬‬ ‫وذلك البيت الذي فقد جدرانه‪ ،‬فردمت معه مجيع‬ ‫األم اليت تبكي أبناءها‪ ،‬وغريها من املآسي‬ ‫الذكريات‪ ..‬و ّ‬ ‫اليت ال تُع ّد وال ُتصى‪ ..‬من هنا بدأت اهليئة مبحاولة إيصال‬ ‫فكرة عمل اهليئة وكافة خدماهتا إىل املدنيني‪ ..‬من خالل‬ ‫نوزعها عليهم‪ ..‬وهي حتتوي‬ ‫بروشورات (قصاصات ورقية) ّ‬ ‫شرحاً مفصالً عن عمل اهليئة وأهدافها وسبب تواجدها‪"..‬‬ ‫الس ّد‪/‬‬ ‫كان للهيئة من خالل وجودنا يف ‪/‬حي طريق ّ‬ ‫إجيايب واضح‪ ..‬فهنا نرى مثالً‬ ‫والتقائنا ببعض املدنيني ٌ‬ ‫أثر ّ‬ ‫احلي يقومون‬ ‫يف‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫انتشر‬ ‫قد‬ ‫ية‬ ‫ر‬ ‫العم‬ ‫السكان بكافة فئاهتم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عمال النظّافة‪ ..‬فرتاهم‬ ‫من‬ ‫اهليئة‬ ‫ادر‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫أعضاء‬ ‫مبساعدة‬ ‫ّ‬ ‫يتقامسون العمل يداً بيد‪ ،‬ويتقامسون األمل بوجود حياة حرة‬ ‫كرمية حتت غطاء هذه اهليئات وغريها بعد سقوط النظام‪..‬‬

‫احلي‪ ،‬قمنا‬ ‫بعد أن ملسنا تقبل األهايل لتواجد اهليئة يف ّ‬ ‫بتسليط الضوء بشكل أقرب على أهدافها‪ ..‬فعلمنا أن‬ ‫أهم أهداف اهليئة هو تقدمي ال ّدعم بكافة أشكاله إىل‬ ‫من ّ‬ ‫كافة مناطق احملافظة بشكل عادل وشفاف‪ ..‬وحماولة‬ ‫محاية املدنيني جتاه عنف النظام وغريها من الكوارث‪..‬‬ ‫السياسيّة عن الدعم‬ ‫كذلك رفع سلطة املال واألهداف ّ‬ ‫املق ّدم للهيئة‪ ..‬وتوحيد اجلهود اإلغاثية واإلعالمية مع‬ ‫باقي النشطاء اإلغاثيني واالعالميني يف باقي مناطق‬ ‫احملافظة‪ ..‬وبالتايل توحيد هذه اجلهود أيضاً مع العاملني‬ ‫يف هذه اخلدمات يف باقي احملافظات السورية‪ ..‬وذلك‬ ‫صوالً إىل هتيئة بيئة ذات كفاءة ومصداقية تكون حاضرة‬ ‫وجاهزة بعد سقوط النظام‪..‬‬ ‫تضم هيئة الدفاع يف مدينة درعا عدداً من الكوادر‪ ،‬وهم‬ ‫ُّ‬ ‫عبارة عن أشخاص موجودين يف سوريا من املشاركني‬ ‫الثوري منذ اندالع الثورة‪ ،‬جمموعة من الشباب‬ ‫باحلراك‬ ‫ّ‬ ‫احلس باملسؤولية والغرية‬ ‫املثقف الواعي‪ ،‬وال ّذين ميتلكون ّ‬ ‫احلقيقية على الوطن‪ ،‬الذين شعروا باحلاجة إىل تنظيم‬ ‫العمل اإلغاثي واخلدمي والطيب داخل املناطق احملررة‪،‬‬ ‫بعد غياب اخلدمات اليت كان النظام يقدمها سابقاً "أي‬ ‫قبل اندالع الثورة وحترير بعض املناطق يف مدينة درعا‬ ‫وسقوطها يف أيدي الثـّ​ّوار"‪ ،‬ومن مث توسيع هذه اجلهود‬ ‫إىل باقي مناطق احملافظة‪ ،‬وذلك بعد أن تكون اهليئة قد‬ ‫ظن‬ ‫ّأدت دوراً فاعالً على األرض‪ ،‬وكانت عند حسن ّ‬ ‫الشعب هبا وجبهودها‪..‬‬ ‫ّ‬

‫وعند لقائنا بالبعض من كوادر اهليئة لالطالع عن عملها‬ ‫املتخصصة‪،‬‬ ‫احلايل‪ ،‬علمنا باحتواء اهليئة عدداً من املكاتب‬ ‫ّ‬ ‫كاملكتب الطيب‪ ،‬واإلغاثي‪ ،‬واإلعالمي‪ ،‬واملايل‪ ،‬والتنفيذي‪،‬‬ ‫وغريها الكثري‪ ..‬فمن أولويات اهليئة يف الوقت احلايل هو‬ ‫تفعيل اخلدمات اإلغاثية والطبية واخلدمية ‪ -‬كما سبق‬ ‫وذكرنا‪ -‬ومن أعمال اهليئة نذكر‪..‬‬ ‫ إعداد املتطوعني للقيام بأعمال اهليئة‪.‬‬‫ ترحيل القمامة املرتاكمة يف األحياء إىل أماكنها‬‫املخصصة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ تقدمي اإلغاثة للمتضررين من الشعب يف حالة الطوارئ‪.‬‬‫ إعداد وتنفيذ ما يلزم من إجراءات هتدف إىل حتقيق‬‫التعرض للقصف املدفعي وسواها من‬ ‫سالمة املواطنني عند ّ‬ ‫للمتضررين‪.‬‬ ‫ي‬ ‫املاد‬ ‫عم‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫وتقدمي‬ ‫الكوارث‪ ،‬وإزالة آثارها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ​ّ‬ ‫ّ‬ ‫ استخدام وسائل اإلعالم لتحقيق أهداف هيئة الدفاع‬‫املدين‪.‬‬ ‫ إصالح الكهرباء وخطوط املياه اليت تعرضت للقصف‬‫من قبل النظام‪.‬‬ ‫ ختزين خمتلف املواد والتجهيزات الالزمة عند فرض‬‫احلصار‪.‬‬ ‫ مكافحة احلرائق وإطفائها وأعمال اإلنقاذ واإلسعاف‪.‬‬‫ تقدير االحتياجات الدوائية والعالجية بشكل دوري‪،‬‬‫ومتابعة عملية التأمني والتخزين والتوريد‪.‬‬ ‫ تطوير املستشفى امليداين يف مدينة درعا‪ ،‬وذلك من‬‫خالل اإلشراف الدائم عليه‪ ،‬واإلشراف أيضاً على كافة‬ ‫النّقاط الطبية‪ ،‬ومتابعة أعماهلا واحتياجاهتا‪.‬‬ ‫ جتهيز املالجئ وتأمينها بشكل كامل‪.‬‬‫ِ‬ ‫لقصف طري ِان "امليغ" وال ز َال أعضاؤها‬ ‫مقر اهليئة‬ ‫تعر َ‬ ‫ض ّ‬ ‫ّ‬ ‫يؤكدون على بقائهم يف سبيل هدفهم النّبيل‪ ،‬واالستمرار يف‬ ‫فإنا تتعاون يف متويل‬ ‫مساعدة املدنيني‪ ،‬و‪ -‬وفقاً للهيئة‪ّ -‬‬ ‫مصاريفها مع كافة اجلمعيات اإلنسانية‪ ،‬ومع األشخاص‬ ‫أي غايات سياسية مستقبلية داخل الوطن‬ ‫الذين ال ميلكون ّ‬ ‫وخارجه‪.‬‬ ‫تطمح اهليئة العامة للدفاع املدين يف حمافظة درعا إىل دوٍر‬ ‫ٍ‬ ‫فاعل ‪ ،‬متمنّية التّحرير القريب لبقية املناطق‪ ،‬والبدء بنش ِر‬ ‫فروعها يف كافة أحياء املدينة‪ ،‬كما تطمح إىل التواصل مع‬ ‫باقي اهليئات يف املدينة مبا فيها اهليئة الشرعية والقضائية‪،‬‬ ‫حت تكون اهليئة أساساً لبداية عمل مدينّ يف كامل مدينة‬ ‫ّ‬ ‫احملررة ووصوالً إىل كافّة املناطق‬ ‫املناطق‬ ‫من‬ ‫ا‬ ‫بدء‬ ‫درعا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫األخرى بعد حتريرها‪.‬‬ ‫وعند لقائنا بالبعض من كوادر اهليئة لالطالع عن عملها‬ ‫املتخصصة‪،‬‬ ‫احلايل‪ ،‬علمنا باحتواء اهليئة عدداً من املكاتب‬ ‫ّ‬ ‫كاملكتب الطيب‪ ،‬واإلغاثي‪ ،‬واإلعالمي‪ ،‬واملايل‪ ،‬والتنفيذي‪،‬‬ ‫وغريها الكثري‪ ..‬فمن أولويات اهليئة يف الوقت احلايل هو‬ ‫تفعيل اخلدمات اإلغاثية والطبية واخلدمية ‪ -‬كما سبق‬ ‫وذكرنا‪ -‬ومن أعمال اهليئة نذكر‪..‬‬ ‫ إعداد املتطوعني للقيام بأعمال اهليئة‪.‬‬‫ ترحيل القمامة املرتاكمة يف األحياء إىل أماكنها‬‫املخصصة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ 13‬آب ‪ / 2013‬العددالثاني و الثالثون‬

‫‪7‬‬


‫ملف العدد‬

‫تل أبيض في عيدها الثالث بعد التحرير‬

‫أب لشهيدين‪ ،‬يبدأ عيده على قبر ولديه‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫وعيد كأنه ما أتى‪..‬‬ ‫النازحون‪ ،‬معاناة‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫األطفال‪ ،‬األلعاب النارية‪ ..‬ولعبة الحرب عيدهم‪.‬‬ ‫السكان‪ ،‬يفتقدون جيرانهم الكورد‪.‬‬

‫حممود ال ّدرويش – تل أبيض‬

‫العيد الثالث‬ ‫تل أبيض‪ ،‬املدينة َّ‬ ‫احملررة يف ريف الرقة‪ ،‬هذا هو ُ‬ ‫مير على املدينة وهي خارج سيطرة قوات النظام‪،‬‬ ‫الذي ّ‬ ‫لكن‪ ..‬ما بني العيد والعيد تغيـَّر الكثري‪ ..‬فلم يعد جامع‬ ‫الزيارات بني‬ ‫املدينة ميتلئ باملصلني كما هو معهود‪ ،‬ومل تكن ّ‬ ‫األهايل واجلريان واألقارب كثرية كما كانت‪.‬‬ ‫كان جلسر جولة يف مدينة تل أبيض منذ انطالق التّكبريات‬ ‫األوىل وحىت غروب الشمس‪ ،‬التقت جسر بالعديد من‬ ‫ٍ‬ ‫شهداء ونازحني ومواطنني و‪ ...‬أطفال‪.‬‬ ‫أهايل‬ ‫احملامي "سعد الشويش" الرئيس السابق للمجلس احمللي‬ ‫صار يناديه أهايل‬ ‫مبدينة تل أبيض ‪-‬أبو الشهيدين‪ -‬كما َ‬ ‫مدينة تل أبيض‪ ،‬بعد أن ق ّدم ولديه "امساعيل" و"فهد" يف‬ ‫سبيل اهلل والوطن يف حرب الشعب ضد نظام بشار األسد‬ ‫على حد تعبريه‪.‬‬ ‫فقدان لألبناء‬ ‫بدأ "الشويش" اليوم األول من العيد بزيارة قرب ولديه‬ ‫الشهيدين‪" ،‬فهد سعد الشويش" الذي استشهد العام‬ ‫الفائت يف الشهر الثامن قبل حترير املدينة‪ ،‬و"إمساعيل سعد‬ ‫الشويش" االبن البكر للمحامي "سعد" الذي استشهد قبل‬ ‫شهر ونصف‪ ،‬أثناء تص ّديه لرتل قوات النظام‪ ،‬كان متجهاً‬ ‫حنو مدينة الرقة مع قوات اجليش احلر‪..‬‬ ‫الشهيدين يذرفون‬ ‫جلس "الشويش" مع عائلته أمام قربي‬ ‫َ‬ ‫الدموع على فراقهما‪ ،‬يقرؤون القرآن‪ ،‬يدعون اهلل‪ ،‬ويعربون‬ ‫عن اشتياقهم هلما‪.‬‬ ‫يقول "الشويش" جلسر‪ :‬يومنا األول يف عيد الفطر هو‬ ‫يوم عادي‪ ،‬ليس علي فقط بل على كل السوريني‪ ،‬ألنه ال‬ ‫يوجد يف سوريا عيد إال بسقوط بشار األسد وأزالمه‪ ،‬وكل‬ ‫يوم يتساقط الشهداء يف سوريا نتيجة قصف هذا النظام‬ ‫للسوريني‪.‬‬ ‫اجملرم ّ‬ ‫مل يستطع "الشويش" حبس دمعته أثناء حديثه‪ ،‬ويتابع‪:‬‬ ‫ليس هناك اآلن عيد‪ ،‬هناك سوريون يُقتلون‪ ،‬ليس هناك‬ ‫العيد يف‬ ‫املر‪..‬‬ ‫املر‪ ..‬بل ُّ‬ ‫إال التدمريُ و ُّ‬ ‫أمر من ِّ‬ ‫(ويكرر)‪ُ ..‬‬ ‫ّ‬ ‫خالصنا من هذا النظام‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫‪ 13‬آب ‪ / 2013‬العدد الثاتي والثالثون‬

‫رغم األسى الذي يتملك احملامي "سعد الشويش" مل ِ‬ ‫خيف‬ ‫تفاؤله باأليام القادمة حني قال‪ :‬سوريا سيكون هلا يوم مميّز‪،‬‬ ‫عي ٌد من غري بشار األسد وأزالمه‪.‬‬ ‫أطفال‪ ،‬ولعبة احلرب‪..‬‬ ‫أما حال األطفال فلم خيتلف كثرياً بالنسبة هلم‪ ،‬منذ الصباح‬ ‫بدؤوا ألعاهبم يف الشوارع‪ ،‬لكن ألعاهبم يف هذه املرة خمتلفة‪،‬‬ ‫فاحلرب كانت اللعبة الرئيسية هلم‪ ،‬منهم من كان ميثل دور‬ ‫اجليش احلر ومنهم من ميثل دور النظام‪ ،‬أسلحتهم متنوعة‪،‬‬ ‫من الروسيات واملسدسات‪ ،‬ينتشرون يف الشارع ويبدؤون‬ ‫بإطالق النار املزيّف على بعضهم البعض‪ ،‬األلعاب النارية‬ ‫مل تغب عن مشهد العيد يف مدينة تل أبيض وكانت يف‬ ‫متناول األطفال بكل سهولة واستخدموها بكثرة‪ ،‬وأبرز‬ ‫ما استخدموه هي الصواريخ‪ ،‬فهم يطلقوهنا ويصدحون‬ ‫بالتكبريات‪ ..‬حبسب قوهلم هم يقصفون مناطق الشبيحة‪.‬‬

‫يوم العيد كسابق عهده‪ ،‬فهو بعي ٌد عن‬ ‫بالنسبة له ولعائلته ُ‬ ‫أقربائه الذين اعتاد زيارهتم يف مثل هذه املناسبة‪ ،‬إنّه بعي ٌد‬ ‫عن بيته املدمر يف حي صالح الدين الذي كان جيتمع فيه‬ ‫األهل‪.‬‬ ‫يقول "البكري" ‪ :‬إنه ال يغادر املدرسة أبداً‪ ،‬فهو يلزم غرفته‬ ‫وساحة املدرسة‪ ،‬وهو ال يعرف أحداً هنا سوى جريانه يف‬ ‫السكن‪ ،‬مل يستطع "البكري" شراء ثياب جديدة ألوالده‬ ‫قوت عائلته‪،‬‬ ‫يؤمن َ‬ ‫بسبب ضيق احلال وعدم وجود دخل له ّ‬ ‫فهو اآلن يعيش على اإلغاثات اليت تقدمه اجلمعيات اخلريية‬ ‫هلم‪.‬‬ ‫"البكري" مل يفقد األمل بأن يعود إىل منزله ليبنيه من‬ ‫جديد‪ ،‬وتكون أعياده القادمة يف بيته يف حلب‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫أصب أطفايل وزوجيت بتفاؤيل بالعودة إىل منزلنا"‬ ‫"دائماً ّ‬ ‫مل تكن احلال هكذا عند معظم الناس‪ ،‬فمنهم من استغل‬ ‫فرصة العيد ليخرج نفسه وعائلته من حالة القلق والتوتر‪.‬‬

‫النازحون الذين يسكنون املدارس كمراكز إيواء هلم يقول‬ ‫فادي مشرف إحدى املدارس‪ :‬ال يفكر هنا الناس بالعيد‪،‬‬ ‫فهمهم األول هو تأمني معيشتهم أل ّن الظروف هنا قاسية‬ ‫ّ‬ ‫جداً فهم ال ميلكون أعماالً وال ماالً ليشرتوا ألوالدهم ثياباً‬ ‫جديدة أو حىت حلوى العيد‪.‬‬ ‫التقت جسر بـ"حممد بكري" ‪ 45‬عاماً‪ ،‬نزح من مدينة‬ ‫حلب حنو مدينة تل أبيض‪ ،‬لديه أربعة أوالد‪ ،‬مل يكن‬

‫أمحد اخلليل (‪ )35‬عاماً لديه طفالن‪ ..‬التقينا به‪ ،‬وحاورناه‬ ‫عن العيد فكان له الرأي اآليت‪ :‬جيب علينا أن ال نسمح‬ ‫للحزن أن يتغلب علينا‪ ،‬فاألطفال ال ذنب هلم‪ ،‬وسابقاً كنا‬ ‫نقول "العيد للولد"‪ ،‬اشرتيت ألوالدي مالبس جديدة كي‬ ‫خيرجوا هبا ويفرحوا قليالً بيومهم هذا‪ ،‬كما قمنا بزيارة األهل‬ ‫واألقارب واجتمعنا ‪-‬أنا وأخويت‪ -‬عند بيت أهلي‪ ،‬تبادلنا‬ ‫التهاين واألمنيات السارة للعيد القادم‪.‬‬ ‫مدينة تل أبيض معروفة بتنوعها اإلثين والعرقي‪ ،‬حيث‬ ‫يسكن فيها العرب والكورد والرتكمان جنباً إىل جنب‪ ،‬وأثناء‬ ‫عب عن حزنه‬ ‫جولة جسر يف املدينة التقت أحد الس ّكان‪ّ ،‬‬ ‫ألنه هذا العيد يفتقد جريانه الكورد الذين كانوا يبادلونه‬ ‫ويبادهلم التهاين يف األعياد السابقة‪ ،‬فقد نزح العديد منهم‬ ‫مؤخراً‪.‬‬ ‫جراء أحداث العنف ّ‬ ‫ّ‬ ‫احملررة ممزوجاً بطعم الفرح بالنصر‬ ‫يأيت العيد على املناطق ّ‬ ‫وطعم احلزن على فقدان األحبة أو على باقي األهل يف‬ ‫سوريا من الذين ال زالوا يعانون حتت وطأة احلرب الدائرة‪،‬‬ ‫لكن‪ ..‬من املشهود للسوريني أهنم دائمي التفاؤل مبستقبل‬ ‫واعد رغم ما ميرون به من ظروف قاهرة‪.‬‬

‫نزوح وعيد‬

‫يجب أالّ يُخيّ َم الحز ُن‬


‫ملف العدد‬

‫العيد في عيون النشطاء الفيسبوكيين‬

‫جوان فرسو‬ ‫"يارا بدر" الناشطة اإلعالمية وزوجة املعتقل "مازن درويش"‬ ‫مدير املركز السوري لإلعالم وحرية التعبري يف العامل العريب‪،‬‬ ‫كتبت على صفحتها يف الفيسبوك صباح العيد‪:‬‬ ‫" كيف ممكن الواحد يشرح ألمو أنو فاقعة معو لدرجة‬ ‫كرهان مسا العيد واملعيدين وما بدو يفيق؟! تركوه فاطس‬ ‫ومريّح راسو؟!! حىت االستيقاظ إجباري؟ أنا أكره العيد‪...‬‬ ‫وحالياً أكره مجيع األيام‪ ..‬أنا سنفور كرهان‪"..‬‬ ‫ٍ‬ ‫بامتعاض‬ ‫يارا مثل كثريين من النشطاء الفيسبوكيني يشعرون‬ ‫شديد هذا اليوم الذي يفتقدون فيه كل ما حيبونه يف بلدهم‬ ‫الذي غادروه مرغمني ‪..‬‬ ‫نشطاءُ شاءت األقدار أن يقضوا أيام العيد بعيداً عن سوريا‬ ‫(منصور العمري‪ -‬سناء حمسن – هنادي زحلوط – رامي‬ ‫خنلة – ميادة اخلليل – دلشاد عثمان –بسام األمحد‪...‬‬ ‫عما‬ ‫وآخرون كثريون‪ )..‬مل جيدوا يف يوم العيد ما مييّزه ّ‬ ‫سبقه أو حلقه من أيّام‪ ،‬فكانت صفحات موقع التواصل‬ ‫االجتماعي فيسبوك نافذهتم اليت يطلون منها على أخبار‬ ‫أحبّائهم وأقربائهم يف أرجاء اجلمهورية الثائرة‪ ..‬صباح العيد‬ ‫مل يسمعوا سوى أخبار املوت والدمار واالعتقال ككل يوم‪،‬‬ ‫فعب‬ ‫وهو ما شعرهم أن العيد مل جيلب معه أمالً خبالص‪ّ ..‬‬ ‫كل و ٍ‬ ‫احد منهم عن نظرته وأمنياته يف العيد‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫عادت يارا بدر لتكتب‪:‬‬ ‫حريتكم هي عيدنا‪ ...‬مازن درويش‪ ،‬حيىي شرجبي‪ ،‬رامي‬ ‫سليمان‪ ،‬رامي اهلناوي‪ ،‬أسامة اهلبايل‪ ،‬خليل معتوق‪،‬‬ ‫إسالم دباس‪ ،‬مازن شرجبي‪ ،‬يوسف عبدلكي‪ ،‬هاين الزيتاين‬ ‫وحسني غرير‪ ..‬سوسن اهلبايل وحرائر داريا كلون‪ ..‬بانتظار‬ ‫معتقلي سوريا‪ ..‬احلرية لكم‪ ..‬فوالذيون خلف قضبان‬ ‫حديدية‪..‬‬ ‫سياسي كردي كتب يف‬ ‫حمي ال ّدين عيسو وهو ناشط‬ ‫ّ‬ ‫صفحته‪:‬سيذكر التاريخ أن ليلة العيد يف سري كانيه (رأس‬ ‫العني) كانت املدينة تقصف باملدافع والقذائف‪ ،‬كل عام‬ ‫ومدينيت وكل أهايل رأس العني كورداً وعرباً وسريان وأرمن‬ ‫بألف ألف خري‪.‬‬ ‫إيل ‪ :‬لقد‬ ‫الكاتب إبراهيم اليوسف كتب من ديب‪ :‬كتب َّ‬ ‫سقطت نبوءتك أيها الشاعر‪!...‬؟‪ ،‬ها هو عيد رمضان‬ ‫حيل‪ ،‬وتراكم الغبار على حقيبة العودة اليت ضببتها‪،‬‬ ‫الثالث ّ‬ ‫والطرق إىل عناوينك غري سالكة بسبب تراكم اجلثث‬ ‫والقناصة والدم‪ ،‬والنظام يوزع القذائف بدالً عن السكاكر‪،‬‬ ‫وينشر املقابر بدالً عن احلدائق‪ ..‬رددت عليه وأنا أعض‬ ‫على جرح روحي‪ :‬النظام سقط قبل أن ينشف حرب النبوءة‬ ‫األخضر‪ ،‬اآلن وطين رهن احتالالت أخرى‪ ،‬والنظام ليس‬ ‫إال جمرد خادم وهو يف مرحلة ما بعد السقوط‪!........‬‬ ‫الناشطة السورية صباح احلالّق وهي خالة الشهيد الطبيب‬ ‫أيهم غزول (استُشهد حتت التّعذيب) كتبت إىل أختها ّأم‬ ‫الشهيد أيهم‪ :‬أخيت أم البطل أم الشهيد أيهم غزول‪:‬‬

‫ال أدري مل كلما رأيت صورة أيهم أحس بالشمس متأل‬ ‫الكون‪ ..‬وكذلك كلما طالعتين صورة شهيد؟ أتكون‬ ‫أرواحهم حتولت مشوساً تنري دربنا إىل احلرية؟ هل أهنئك‬ ‫بالعيد يف غياب احلبيب بالرغم من مشسه اليت تنري الكون‬ ‫من حولك وحول كل أم وأب وأخت شهيد؟‬ ‫الصحفي مسعود عكو اكتفى مبباركة رمسية على غري عادته‬ ‫ّ‬ ‫يف التهكم‪ ،‬وكتب‪:‬كل عام وشعبنا ووطننا بألف خري‪،‬‬ ‫أعادها اهلل على بلدنا باخلري والسالم واألمان والنصر‬ ‫القريب إن شاء اهلل‪.‬‬ ‫بعد هذه املعايدة اهنالت املعايدات واملباركات على "عكو"‬ ‫ٍ‬ ‫تعليقات على ما نشره‪.‬‬ ‫يف‬ ‫عز الدين فيديو الحتفاالت بالعيد‬ ‫ونشرت اإلعالمية دمية ّ‬ ‫رغم الدمار والقصف والقتل على قناة ‪ BBC‬وكتبت‬ ‫كتعليق على الفيديو املنشور‪:‬‬ ‫ما يف أكرت من األسباب يللي عم تكسر قلوبنا‪ ،‬من عمايلنا‬ ‫أو عمايل الزمن فينا‪ ،‬بس يف سبب واحد عم خيلينا لسا‬ ‫نتنفس لنعيش مشان اليوم يللي عراضتنا ترقص سوريا كلها‬ ‫وجتمعنا من جديد‪ .‬كل عام وأنت خبري يا سوريا‪.‬‬ ‫وتساءلت املمثلة واملعارضة السورية زينة احلالق‪ :‬أليس‬ ‫العمل عبادة؟؟؟؟ ليش ما بيشتغلوا بالعيد التجار؟؟؟ وال‬ ‫الزم منوت من اجلوع؟؟‬ ‫ونقلت الناشطة وئام بدرخان من مدينة محص صورة موجعة‬ ‫ألول يوم من أيام العيد‪:‬‬ ‫عمو القناص‪ ..‬خليين أوصل عباب هالدكانة أجيب لعبة‬ ‫بس‪ ..‬اشتقت أفرح‪..‬واهلل اليوم عيد‪..‬‬ ‫وكتب الناشط والت عوجه من مدينة عامودا عرب اهلاتف‬ ‫احملمول على صفحته يف الفيسبوك‪ :‬لن أحتفل بالعيد لذا‬ ‫أرجو من أصدقائي عدم معايديت‪.‬‬ ‫ويف يوم العيد نقل املعارض السوري وحيد صقر خرباً يفيد‬ ‫بإصابة موكب بشار األسد أثناء توجهه إىل صالة العيد‪،‬‬ ‫بينما نشر الكاتب والصحفي املعارض فايز سارة صورة‬ ‫لرئيس االئتالف السوري املعارض يف صالة عيد الفطر‬

‫داخل األراضي السورية‪.‬‬ ‫وكتب عبد الباسط سيدا رئيس اجمللس الوطين السوري‬ ‫السابق على صفحته يف الفيسبوك‪:‬‬ ‫مشاعر خمتلطة امتلكتين يف هذا الصباح‪ .‬ف ّكرت يف الشهداء‬ ‫والثكاىل واليتامى واألرامل‪ ،‬تابعت يف ذهين مشاهد اجلرحى‬ ‫والنازحني والالجئني الذين التقينا هبم يف داخل الوطن‬ ‫وخارجه؛ ختيلت معاناة األسرى معتمداً على الروايات اليت‬ ‫وصلتنا من جانبهم‪ ،‬فكرت يف عامودا وعذاباهتا وإصرارها‪،‬‬ ‫وشعرت برغبة ملحة يف زيارة قرب الوالد والوالدة‪ ،‬وقبور‬ ‫شهداء السينما‪ ،‬وقبور شهداء اجملزرة‪ .‬ولكن للعيد موضعه‬ ‫اخلاص من االحرتام والتقدير‪ ،‬فهو حبسد حلظة مقدسة يف‬ ‫التطهر وجتاوز مهوم‬ ‫تيار الزمن‪ .‬حلظة مت ّكننا من ّ‬ ‫التمعن و ّ‬ ‫احلياة اليومية اليت ال تنتهي‪ .‬حلظة متنحنا الثقة واألمان‪،‬‬ ‫وتزودنا بتفاؤل حقيقي يؤكد أن االستبداد وأتباعه إىل الزوال‬ ‫بفضل وفعل تصميم شعب عظيم‪ ،‬شعب ستسطّر بطوالت‬ ‫أبنائه وبناته بأحرف من نور يف سجالت الشرف والكرامة‪.‬‬ ‫وكل عام أنتم مجيعاً خبري‪.‬‬ ‫البعض استذكر األب باولو املختطف يف مدينة الرقة السورية‬ ‫ومتىن له العودة يف العيد‪ ،‬والبعض اآلخر من النشطاء تبادل‬ ‫التهاين العاطفية واالجتماعية والسياسية يف العيد‪ ،‬البعض‬ ‫اآلخر جتاهل املناسبة ونشر أموراً أخرى بعيدة عن العيد‪.‬‬ ‫هنّأ كمال اللبواين السوريني بالعيد‪ ،‬وانشغلت الناشطة رزان‬ ‫غزاوي يف العيد بإقامة نشاطات وفعاليات من أجل إدخال‬ ‫البسمة يف قلوب وعيون األطفال السوريني يف املناطق احملررة‪.‬‬ ‫أخرياً وليس آخراً‪ ،‬ال ّدكتور أمحد جاسم احلسني (مدرس‬ ‫شارك آراء النشطاء‬ ‫األدب العريب يف جامعة دمشق) َ‬ ‫الفيسبوكيني بدعابة عن العيد فكتب‪ :‬إذا كان أطفالك‬ ‫يريدون أن يسبحوا‪ ...‬يف طريقة سهلة كتري‪....‬مسبح‬ ‫بالستيكي عـ (الربندة)‪...‬بيحل املشكلة‪....‬وإذا سألوك‬ ‫عن ألعاب العيد ‪...‬فيك تساوي ظهرك زحليطة‪....‬‬ ‫وبيمشي احلال‪...‬اسألوا جمرباً‪!....‬‬

‫‪ 13‬آب ‪ / 2013‬العددالثاني و الثالثون‬

‫‪9‬‬


‫ملف العدد‬

‫مشقيون يفقدون ّ‬ ‫لذة العيد‬ ‫الد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫مؤجلة في ّ‬ ‫ظل انعدام األمان‬ ‫وأحالم‬ ‫أسعا ٌر باهظة‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫أمحد العريب – دمشق‬ ‫املغم ِ‬ ‫س‬ ‫طعم‬ ‫يف‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫خمتلف للفرح ّ‬ ‫آخر للوجود‪ٌ ،‬‬ ‫دمشق لو ٌن ُ‬ ‫بال ّدموع‪ ..‬للبسمة الغارقة بال ّدماء‪ ..‬للطّفولة احملرومة من‬ ‫طفولتها‪ ..‬للرباءة يف شوارع املدينة وأزقّتها‪ ..‬يف دمشق ال‬ ‫عيد يشبهُ دمشق‪ ..‬تبقى هذه املدينةُ‬ ‫شيءَ يشبه العيد‪ ..‬ال َ‬ ‫رغم جراحها املوغلة يف التّاريخ مشساً من اليامسني الذي‬ ‫َ‬ ‫تفوح به أزقتها املزدانة بضحكات األطفال‪ ..‬يف أيام العيد‬ ‫أطفال دمشق يصريون يامسينها‪..‬‬ ‫متتلئ أحياء دمشق وشوارعها باألمل‪ ،‬يف هذا الصيف‬ ‫و‪-‬كالعادة‪ -‬تصدح أصوات األطفال أثناء لعبهم يف‬ ‫التمرَد على اهلموم اليت سكنت‬ ‫األزقة‪ ،‬معلنني بفرحهم ّ‬ ‫كل البيوت‪ ،‬ويسقطون برباءهتم األحزان ليعيشوا يف عاملهم‬ ‫ّ‬ ‫الصغري فقط‪.‬‬ ‫هذه احلال تنطبق فقط على األطفال‪ ،‬ألن البالغني أثقلتهم‬ ‫مهوم املعيشة املتتالية عليهم بدون إنذار أو سبب‪ ،‬وتستقبل‬ ‫ظل الثورة‪ ،‬ويف‬ ‫دمشق هذه األيام َ‬ ‫عيد الفطر الثالث هلا يف ّ‬ ‫كل عام ختتلف حال األعياد وتزداد سوءاً وتقل البهجة‬ ‫واألفراح‪ ،‬ليحل بدالً عنها غصةٌ يف القلب على ٍ‬ ‫شهيد أو‬ ‫ّ‬ ‫معتقل أو ٍ‬ ‫خارجي‪.‬‬ ‫داخلي أو‬ ‫مدمر أو نزوح‬ ‫بيت َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اختصر الدمشقيون الطقوس اليت ترافق األعياد‪ ،‬وصارت‬ ‫املتممات‪ ..‬أسواق‬ ‫توجهاً إىل الضرورات دو َن ِّ‬ ‫هذه املناسبة ّ‬ ‫أي حركة اقتصادية‬ ‫دمشق اكتظت باملواطنني لكن دون ّ‬ ‫أو جتارية تُذكر‪ ،‬وذلك نتيجةً للغالء الفاحش‪ ،‬فاقتصرت‬ ‫املشرتيات على حاجيات األطفال يف أغلب األحيان‪.‬‬ ‫رب أسرة وأب لثالثة أطفال‪ ،‬يتجول يف‬ ‫"ياسر‪.‬هـ" ّ‬ ‫الشهري‬ ‫السعر األنسب لدخله‬ ‫ّ‬ ‫األسواق حماوالً البحث عن ّ‬ ‫وسط الزحام‪ ،‬يف الوقت ذاته حياول أالّ يفسد هبجة العيد‬ ‫على أطفاله‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫((يف املاضي القريب وقبل أحداث الثورة أو يف بدايتها‪،‬‬ ‫كانت مدينة دمشق تراعي التنوع املعيشي فيها‪ ،‬ويوجد‬ ‫فيها أسواق خمتلفة املستويات تليب حاجات اجلميع‪،‬‬ ‫على سبيل املثال "سوق الصاحلية" و"شارع احلمراء"‬ ‫و"باب توما"‪ ،‬أسواق الدرجة األوىل والبضائع املستوردة‬ ‫والعالمات التجارية‪ ،‬اليت عرفت بارتفاع أسعارها‪ ،‬هناك‬ ‫اق متوسطة أو شعبية مثل ‪/‬شارع لوبية‪ /‬وسوق‬ ‫أيضاً أسو ٌ‬ ‫"عاصم" وغريها من األسواق اليت يقصدها الكثري من‬ ‫السكان هذه األيام لتأمني حاجياهتم مبا يتناسب مع‬ ‫دخلهم املادي‪ ،‬لكن احلصار الذي فرضه النظام والقصف‬ ‫أغلق األسواق الشعبية بسبب وقوعها‬ ‫العشوائي املتواصل َ‬ ‫يف املناطق الساخنة‪ ،‬وأجرب مجيع أهايل املدينة على التوجه‬ ‫متتاز‬ ‫إىل األسواق اليت تقع يف املناطق األمانة نوعاً ما‪ ،‬واليت ُ‬ ‫بأسعارها الباهظة‪ ..‬أنا لليوم الثالث على التوايل أمشي يف‬ ‫هذه األسواق دون الوصول إىل أي ٍ‬ ‫شيء بسبب األسعار‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مثالً‪ ..‬سعر بنطال الطفل صاحب العشرة أعوام ما يقارب‬ ‫‪ 2000‬لرية سورية‪ ،‬واحلذاء بنفس القيمة أو أكثر قليالً‪..‬‬ ‫يف املاضي كان يتم جتهيز الطفل حبذاء وكنزة وبنطال بـ‬ ‫‪ 2000‬لرية‪ّ ،‬أما اآلن فالوضع سيّئ جداً بسبب إغالق‬ ‫األسواق الشعبية وجشع التّ ّجار‪ ،‬وقد أصبحت جتهيزات‬ ‫العيد من حلويات وسكاكر العيد من املستحيالت بسبب‬ ‫السمن واجلوز والفستق احلليب‪ ،‬وكافة املواد‬ ‫ارتفاع أسعار ّ‬

‫‪10‬‬

‫‪ 13‬آب ‪ / 2013‬العدد الثاتي والثالثون‬

‫األساسية املستخدمة يف صناعة حلويات العيد))‬ ‫يكمن عيد األطفال يف املشاوير اخلاصة‪ ،‬اليت تبدأ بزيارة‬ ‫ُ‬ ‫األهل يف اليوم األول واجتماع العائلة كاملة‪ ،‬مثّ بعدها‬ ‫يقضي األطفال هنارهم بني املنتزهات واملطاعم ومدن‬ ‫املالهي‪.‬‬ ‫"حممد‪.‬ج" طفل تسعة أعوام‪ ،‬حتدث بفرح كبري وقلة إدراك‬ ‫ّ‬ ‫عن مجال ثيابه اجلديدة اليت اشرتاها له والده‪ ،‬وعن خططه‬ ‫أيام العيد للذهاب إىل حديقة احليوان‪ ،‬ومدينة املالهي‬ ‫َ‬ ‫واللعب مع رفاقه‪ ،‬أسوة باألعياد السابقة‪ ..‬والد الطفل‬ ‫وضح لنا أن هذا العيد خمتلف متاماً عن سابقه‪ ،‬املعايدة‬ ‫اقتصرت على اهلاتف واإلنرتنت‪ ،‬والزيارات ستكون خمتصرة‬ ‫وسريعة‪ ،‬بسبب الوضع العام يف املدينة وخطورة البقاء‬ ‫خارج املنزل ليالً‪ ،‬وغطرسة حواجز النظام اليت تقوم بإرهاب‬ ‫املواطنني وابتزازهم مبناسبة األعياد‪ ..‬حىت يف ساعات النهار‬ ‫لن يتمكن األطفال من اللعب بالقرب من منازهلم‪ ،‬فاألمان‬ ‫حيث‬ ‫معدوم بشكل كبري‪ ،‬وحوادث اخلطف تزداد يومياً‪ُ ،‬‬ ‫مثل السرقة‬ ‫يستغل اجملرمون فرصة األعياد لتنفيذ جر َ‬ ‫ائم َ‬ ‫واخلطف‪.‬‬ ‫السوريون يفقدون ل ّذة العيد‪..‬‬ ‫أسباب كثرية‪ ،‬أمنية‪ ،‬إنسانية‪،‬‬ ‫لفقدان لذة العيد يف سوريا‬ ‫ٌ‬ ‫لعل مجيع السوريني جممعني على أ ّن‬ ‫اقتصادية‪ ،‬واجتماعية‪ ،‬و ّ‬ ‫العيد بال كرامة أو حريّة ال طعم له‪..‬‬ ‫"أم ياسر" سيدة من سكان خميم الريموك‪ ،‬مير عليها العيد‬ ‫املخصصة للنازحني‬ ‫وهي وحيدة يف أحد مدارس دمشق‬ ‫َّ‬ ‫بسبب االشتباكات يف منطقة املخيم‪ ،‬وتبدأ "أم ياسر"‬ ‫كلماهتا بدمعتني جتليان املرارة اليت يف قلبها‪ ،‬بعد أن فقدت‬ ‫ويعم‬ ‫بيتَها الذي كان ميتلئ بأبنائها وأحفادها يف أيام العيد‪ّ ،‬‬ ‫الضجيج فيه من ساعات الصباح األوىل إىل وقت متأخر‬ ‫ُ‬ ‫من اللّيل‪ ،‬لكن احلال تغري هذا العيد‪ ..‬البيت احرتق بسبب‬ ‫القصف‪ ،‬وهم ُه ِّجروا قصريّاً بسبب االشتباكات‪ ،‬وابنها‬ ‫الشاب "حممد" يقاتل مع اجليش احلر يف املخيّم منذ عام‬ ‫تقريباً‪ ،‬أما ابنتها البكر وزوجها وأطفاهلا فهم اآلن يف مصر‪،‬‬ ‫وابنها الثاين مع عائلته يف لبنان‪ ،‬وهي بقيت هنا مع ذكرياهتا‬ ‫اجلميلة‪ ..‬واجلرحية يف آن‪..‬‬ ‫أصوات أحفادها ال تفارقها رغم املسافات اليت تفصلهم‪.‬‬ ‫‪ ..‬متر األيام وتتواىل األعياد‪ ،‬تزداد قلوب الدمشقيني مرارة‪..‬‬ ‫فقدا ُن األحبة واألهل‪ ..‬نزيف الدماء‪ ..‬التهجريُ واالعتقال‪..‬‬ ‫عنوان عيد الفطر هذا العام يف دمشق‪..‬‬

‫السوريين‬ ‫العيد في عيون ّ‬ ‫كل عام وأنتم أحرار‪..‬‬ ‫أنا امسي وسيم‪ ،‬عمري تسع سنني‪ ،‬من حلب‪ ..‬أنا هأل‬ ‫بعامودا‪ ،‬مبدرسة النازحني‪ ..‬بقول‪ :‬اشتأت للعيد حبلب‪،‬‬ ‫وللمراجيح‪ ،‬ولبيت جدي‪ ،‬وكل سنة وإنتو ساملني‪.‬‬ ‫أناااا امسي أبو كاسم‪ ،‬من ريف دمشق‪ ،‬عمري ‪ 58‬سنة‪،‬‬ ‫حماصرين متل مالكون شايفني‪ ،‬العيد‪ ..‬مايف عيد ‪ ..‬مايف‬ ‫عيد حلىت يسقط بشار بإذن الواحد أحد‪ ..‬صابرين ‪ ..‬وكل‬ ‫أهل جوبر وحرستا وعربني وكل هاي املناطق عيدها بسقوط‬ ‫هادا النّظام‪..‬‬ ‫أنا امسي آية‪ ،‬عمري ‪ 8‬سنني‪ ،‬أنا من الشام‪ ..‬اشرتيت‬ ‫تياب العيد‪ ..‬بس ما ركبت املرجوحة النو مايف بالسوق‬ ‫‪ ...‬بابا قال‪ ..‬بس اشرتينا تياب وأكلنا كاتو ‪..‬ووو بس‬ ‫‪ ...‬ال‪ ،‬ما رحنا لعند اجلريان ‪ ..‬العيد اجلاي بابا رح ياخدين‬ ‫عاملرجوحة‪ ..‬باحلديئة!‬ ‫أنا امسي أم حممد ‪..‬أنا من سوريا‪ ..‬أنا أم شهيد‬ ‫‪..............................‬‬ ‫أنا امسي‪ ........‬أنا امسي شهيد‪ ....‬من سوريا ‪ ...‬عمري‬ ‫‪ 200‬ألف سوري‪ ...‬يف ناس ما زاروين هالعيد‪ ..‬ضلّت‬ ‫دور عليهون‪ ..‬قالويل ميكن نزلوا‬ ‫عيوين معلقة فوق عم ّ‬ ‫لعندي ‪ ..‬وصارو متلي عيونون لفوق‪...‬‬ ‫أنا ‪ ..‬مدير التّحرير‪ ..‬أقف عاجزاً أمام مللمة دموع ّأمهات‬ ‫ٍ‬ ‫كل هذه‬ ‫ّ‬ ‫الشهداء لصياغتها كلمات ال تقوى على محل ّ‬

‫اآلالم‪ ،‬قليب يعتصر دماً وأنا أراقب الدموع احملتقنة وراء‬ ‫بعد‪..‬‬ ‫الغصات اخلانقة‪ ..‬اجلراح اليت مل تندمل ُ‬ ‫األحداق‪ّ ..‬‬ ‫كأس‬ ‫أدر‬ ‫‪..‬‬ ‫الساقي‬ ‫أيهذا‬ ‫ماؤها‪..‬‬ ‫جيف‬ ‫القبور اليت مل ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫مائك العذب السلسبيل وارو قبور هؤالء األبرياء الذين‬ ‫َ‬ ‫حلموا باحلرية قبل العيد فنالوها بعيداً عن املالبس اجلديدة‬ ‫وحلوى العيد‪ ..‬بعيداً عن املراجيح واأللعاب النارية‪ ..‬بعيداً‬ ‫عن التّسامح وزيارة األقارب‪ ..‬فاشتاقوا إىل العيد أكثر من‬ ‫أي ٍ‬ ‫وقت مضى‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫أي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مر عليهم؟!‬ ‫عيد َّ‬ ‫السوريني؟‪ ،‬ال بل ّ‬ ‫ّ‬ ‫أي رمضان ّ‬ ‫مر على ّ‬ ‫الصائمني‬ ‫العيد فرحة الصائمني عن العبودية يف سوريا‪ ،‬فرحة ّ‬ ‫اخلنوع‪ ،‬ودومنا إفطار‪ ،‬فرحة من ّقرر رمي عباءة ال ّذ ّل‬ ‫أبداً عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشهيد شهيد الكرامة‪،‬‬ ‫وراءَ ظهره‪ ..‬العيد يف سوريا فرحة ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فل ِ‬ ‫فرحة الطّ ِ‬ ‫الرأي‪ ،‬فرح ُة‬ ‫معتقل‬ ‫املعتقل‬ ‫طفل الرباءة‪ ،‬فرحةُ‬ ‫ّ‬ ‫يطرزن ألوالدهن الغائبني ثياب‬ ‫لن‬ ‫ز‬ ‫ال‬ ‫ايت‬ ‫و‬ ‫الل‬ ‫األمهات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫صيف‬ ‫كغيمة‬ ‫مر‬ ‫العام‬ ‫هذا‬ ‫يا‬ ‫ر‬ ‫سو‬ ‫يف‬ ‫العيد‬ ‫يات‪..‬‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫ال ّذ‬ ‫ّ‬ ‫عابرة‪ ..‬ال طعم له وال لون وال رائحة‪ ..‬إنّه املاء الذي مل يروِ‬ ‫َ‬ ‫حىت اآلن عروق املتعطّشني إىل سوريا جديدة‪..‬‬ ‫كل بقعة ٍ‬ ‫طرزهتا سنوات الثورة‬ ‫أرض سورية حكايا ّ‬ ‫يف ّ‬ ‫متجهماً وكئيباً هذا العام‪ ..‬إنه ليس‬ ‫العيد‬ ‫فحكاها‬ ‫الثالث‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كأي عيد‪ .‬عيد دمشق ليس بأحسن من عيد الرقّة‪ ،‬وال‬ ‫عيد احلسكة خري من عيد حلب‪ ..‬يف كل ٍ‬ ‫مدينة سوريّة لنا‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫صحفيون تابعوا العيد يف عيون السوريني‪...‬‬


‫قضيّة‬

‫جامعة دمشق‪ ..‬ثورة األقالم الصامتة‬ ‫بسمة يوسف ‪ -‬دمشق‬ ‫كثريون من شبهوا طالب جامعة دمشق بالعازفني على‬ ‫منت السفينة الغارقة‪..‬الذين استمروا بعزف مقطوعاهتم رغم‬ ‫بداية غرق السفينة‪ ....‬وكذا طالب اجلامعة‪ ،‬الذين رغم‬ ‫كل الظروف الصعبة‪ ،‬والقصف املتواصل على أطراف‬ ‫دمشق‪ ،‬وريفها‪ ،‬مازالوا يصرون على الدوام‪ ..‬ومتابعة‬ ‫حتصيلهم العلمي‪ ،‬وكلهم أمل ببناء مستقبل مشرق لبلد‬ ‫أهنكته احلرب‪.‬‬

‫الحراك السلمي لطالب جامعة دمشق‬ ‫شكل الطالب اجلامعيون‬ ‫مع انطالقة الثورة السورية‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫جمموعات ناشطة يف مجيع اجلامعات السورية الرمسية‬ ‫واخلاصة عملت على توسيع نطاق الوعي باالنتهاكات‬ ‫اليت ارتكبها النظام يف عموم املدن السورية ‪..‬‬ ‫كما حاولوا توزيع املنشورات والقيام مبظاهرات سريعة داخل‬ ‫طب األسنان يف جامعة دمشق‪،‬‬ ‫احلرم اجلامعي‪ ،‬كمظاهرة ّ‬ ‫ِ‬ ‫لكنّهم تعرضوا لقم ِع ومالحقة ّاتاد الطلبة الذي بات‬ ‫يرتصد الطالب ويقوم مبالحقتهم وتسليمهم ألجهزة األمن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وهو ما يتعارض مع كافة القوانني العاملية اليت حتمي الطالب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املؤسسات التعليميّ ِة حرماً ال يُنتهك ‪...‬‬ ‫اجلامعات و‬ ‫وتعتربُ‬ ‫وبسبب التضييق األمين الشديد على مدينة دمشق‪،‬‬ ‫واالنتشار األمين الكثيف‪ ،‬فيها قام الطالب باخلروج يف‬ ‫مظاهرات نوعية ضد النظام‪ ،‬حيث نظموا مظاهرة أمام فرع‬ ‫األمن اجلنائي‪ ،‬وساحة باب مصلى‪ ..‬خرجوا فيها يقطعون‬ ‫الطرقات‪ ،‬ويفرشون األرض باملناشري الثورية‪ ،‬وأخرى يف‬ ‫قلب العاصمة أمام الربملان‪ ..‬لتأكيد عدم شرعيته‪ ..‬ويف‬ ‫أعرق أسواق دمشق القدمية(سوق مدحت باشا)خرجوا‬ ‫حييّون جتار الشام على مشاركتهم يف إضراب الكرامة‪ ،‬الذي‬ ‫شل احلركة يف العاصمة‪..‬‬ ‫َّ‬ ‫وما بني قلعة دمشق وساحة احلريقة‪ ،‬خرجوا مؤّكدين‬ ‫إصرارهم على حترير بالدهم من ظلم الطاغية‪..‬‬ ‫وعندما قام "اجملرم بشار" بزيارة اجلامعة‪ ،‬بعد حادثة تفجري‬ ‫العمارة‪ ،‬اليت أودت حبياة عشرِة طالب‪ ،‬لرفع الغطاء عن‬ ‫نصب تذكاري للشهداء‪ ،‬قطع طالب جامعة دمشق‬ ‫األحرار الشوارع الرئيسية يف العاصمة(شارع برنية بركن‬ ‫الدين‪ ،‬الربامكة‪ ،‬مشروع دمر والزاهرة)بصور الطاغية‪،‬‬ ‫وصبغوها باللون األمحر للداللة على تلطخ أيدي النظام‬ ‫بدماء الشعب السوري‪ ،‬ليتبع ذلك استنفار شديد من قبل‬

‫قوات األمن اجملرمة‪.‬‬ ‫ورغم اإلجراءات األمنية املشددة‪ ،‬وتركيب كامريات داخل‬ ‫احلمامات ملنع كتابة الشعارات املناوئة للنظام‪ ،‬مع نشر‬ ‫أعداد غري مسبوقة من عناصر األمن داخل الكليات‬ ‫وخارجها‪ ،‬قام جمموعة من الطلبة يف جامعة دمشق بكتابة‬ ‫عبارات يف نفق اآلداب الواقع يف طريق املزة‪ ،‬كما متّ توزيع‬ ‫قصاصات يف كلية الطب البشري كتب عليها "ما يف لألبد‪،‬‬ ‫ما يف لألبد‪ ،‬عاشت سورية ويسقط األسد"‪.‬‬ ‫ورفع التقارير هبم مما يؤدي إىل فصلهم فصالً كامالً من‬ ‫بعض املنشورات‪ ،‬وألصقوا بعضها على‬ ‫ألقى‬ ‫الطالب َ‬ ‫ُ‬ ‫اجلامعة‪ ،‬أو حرماهنم من التقدم اىل االمتحانات النهائية‪ ،‬أو‬ ‫جدران النفق‪ ،‬بينما متّ إطالق قافلة لبالونات احلرية يف املزة‬ ‫اعتقاهلم‪ ،‬واقتيادهم إىل أحد فروع األمن‪..‬‬ ‫باجتاه رئاسة جملس الوزراء‪.‬‬ ‫السنة‬ ‫كما حصل مع طالب اهلندسة (س‪.‬م)‪ ..‬طالب يف ّ‬ ‫األمن من قلب احلرم اجلامعي‪ ،‬واقتادوه‬ ‫اخلامسة‪ ،‬اعتقله ُ‬ ‫اتحاد طلبة سوريا األحرار‬ ‫إىل املبىن الرئيسي الحتاد الطلبة‪ ،‬وعندما علم أهله باعتقال‬ ‫عمل االحتاد منذ تأسيسه على تنظيم املظاهرات الطالبية‪ ،‬ولدهم سارعوا اىل االحتاد الذي أخربهم أنه قد سلمه إىل‬ ‫وتأجيج احلراك الطاليب السلمي داخل اجلامعات وخارجها‪ ،‬فرع األمن العسكري‪ ..‬وإىل اليوم مازال معتقالً ال يعلم أهله‬ ‫والتواصل مع خمتلف اهليئات‪ ،‬واملنظمات الطالبية لتوحيد عنه شيئاً‪ ،‬وهنا جيد أهله أنفسهم يف نعمة ألهنم يعلمون يف‬ ‫اجلهود‪ ،‬وخلق قاعدة طالبية متحدة تنطق بصوت الطالب أي فرع يقبع ابنُهم‪ ،‬مقارنةً مع وض ِع زميله الّذي اقتيد من‬ ‫احلر‪.‬‬ ‫كلية اهلمك (اهلندسة امليكانيكية والكهربائية)إىل جهة غري‬ ‫السوري ّ‬ ‫يُعتربُ ّ‬ ‫أهم مصادر التّوثيق اليومي للحراك معلومة حىت اآلن‪..‬‬ ‫االتاد من ّ‬ ‫أي حترك طاليب‬ ‫صف النظام‪..‬‬ ‫الطاليب‪ ،‬حيث يقوم كادر التوثيق بتسجيل ّ‬ ‫العديد من أساتذة اجلامعات يقفون يف ّ‬ ‫الشهداء‬ ‫أمساء‬ ‫يف اجلامعات السورية‪ ،‬ويعمل على توثيق‬ ‫ِ‬ ‫طالب اهليئات برفع التقارير إليهم‪ ،‬ليباشروا‬ ‫حيث يقوم‬ ‫ُ‬ ‫من الطلبة يومياً‪ ،‬وتوثيق مجيع االنتهاكات اليت يرتكبها‬ ‫ِ‬ ‫عسفيّة حبق الطالب‪....‬‬ ‫النظام حبق الطلبة من ضرب‪ ،‬واعتقال‪ ،‬وفصل إليصاهلا إجراءاتم التّ ّ‬ ‫والعكس موجود‪ ،‬إذ أن هناك العديد منهم من يقف مع‬ ‫إىل اجلهات احلقوقية‪ ،‬ولتكون قاعدة يُستند عليها حملاسبة‬ ‫الثورة‪ ،‬منهم من يبقى صامتاً‪ ،‬ال يفضل الغوص يف هذه‬ ‫كل ذي حق ح ّقه‪.‬‬ ‫املسؤولني‪ ،‬وإعطاء ّ‬ ‫األمور‪ ،‬ومنهم من يساند الطالب‪ ،‬ويساعدهم‪ ،‬ومنهم من‬ ‫هذا االحتاد ُمعرتف به من قبل عدة دول‪ ،‬واحتادات‬ ‫سافر خارجاً‪ ..‬ومنهم من أعلن موقفه صرحياً‪ ،‬كما فعلت‬ ‫طالبية‪ ،‬وله عدة فروع عاملة على األرض يف عموم سوريا‪..‬‬ ‫ومنها فرع رئيسي يف قلب العاصمة‪ ،‬الذي يعد املسؤول عن األستاذة يف قسم العلوم (خولة حيدر) حني دخلت القاعة‬ ‫تنظيم االعتصامات‪ ،‬واملظاهرات الطالبية يف أحناء دمشق وكتبت على اللوح "إن رواية العصابات املسلحة يف سوريا‬ ‫رواية كاذبة‪ ،‬وإن اجليش ورجال األمن هم الذين يقومون‬ ‫كافة‪.‬‬ ‫بعمليات قتل املتظاهرين يف سورية"‪ ،‬مث أعلنت استقالتها من‬ ‫جامعة دمشق احتجاجاً على ذلك وكتبت امسها وتوقيعها‪.‬‬ ‫الهيئات اإلدارية "التشبيحية"‬ ‫وحسب أحد الطالب‪ ،‬فقد ضجت القاعة كاملة بالتّصفيق‬ ‫احلار من قبل الطالب مدة مخس دقائق‪ ،‬ومن مثّ تقدم‬ ‫منذ بداية الثورة قام النظام بتوظيف الطالب املنتسبني ّ‬ ‫لالحتاد الوطين لطلبة سورية ليكونوا شبيحة تعتقل الطالب‪ ،‬شخص من بني الطالب‪ ،‬وأبرز بطاقة أمنية لل ّدكتورة‪،‬‬ ‫وتالحق املتظاهرين بالعصي‪ ،‬واهلراوات‪ ،‬ومن مث تطور هبم وحاول اعتقاهلا‪ ،‬فقام الطالب بإبعاده عن الدكتورة‪،‬‬ ‫احلال إىل القمع بالسالح‪ ،‬فقد أضحى مشهد الطالب‬ ‫عرف مصريُها بعد‬ ‫ومحايتها‪ ،‬وهتريبها خارج القاعة‪ ،‬مل يُ َ‬ ‫الذين يتباهون بالسالح على أبواب الكليات منظراً مألوفاً‪ ..‬ذلك‪ ،‬بينما شوهدت بعدها أعداد كبرية من عناصر األمن‬ ‫يقومون بتفتيش حقائب الطالب عند الدخول‪ ،‬وتفتيش يف حرم اجلامعة وحوهلا‪.‬‬ ‫سيارات األساتذة الداخلة اىل احلرم اجلامعي‪ ..‬ويف بعض‬ ‫قوائم األمساء يف الكليات باتت ناقصة‪ ..‬الفراغات فيها‬ ‫األحيان عند اندالع مظاهرة يف قلب احلرم اجلامعي‪،‬‬ ‫كثرية‪ ..‬فراغ لشهيد‪ ..‬وآخر ملعتقل‪ ..‬وثالث ملفقود أو‬ ‫يقومون بضرب الطالب واعتقاهلم‪ ،‬أو استدعاء الشبيحة‬ ‫التحق بصفوف اجليش‬ ‫وآخر ملن َ‬ ‫ترك جامعتَه و َ‬ ‫إىل قلب احلرم الذي أصبح مرتعاً هلم‪ ،‬وثكنة عسكرية ال مسافر‪ُ ..‬‬ ‫احلر‪...‬‬ ‫جيرؤ أحد على الدخول إليها بدون بطاقة جامعية‪ ،‬كما أ ّن ّ‬ ‫وظيفتهم األساسية هي مالحقة الطالب الناشطني‪،‬‬ ‫‪ 13‬آب ‪ / 2013‬العددالثاني و الثالثون‬

‫‪11‬‬


‫األخرية‬

‫العيد في مخ ّيم دوميز ‪ -‬العراق‬

‫طقوس العيد‪ ،‬لف األطفال خيم الالجئني من أقر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫باء وغرباء‪ ،‬وهم‬ ‫كطقس مق ّد ٍس من‬ ‫ّ‬ ‫يرددون أنشودة العيد باللغة الكردية (صباح اخلري عيدكم مبارك) فيقوم األهايل بتوزيع‬ ‫ّ‬ ‫سكاكر العيد‪ .‬البعض يعطي األطفال العيدية‪ ..‬يف خميّم دوميز ‪/‬دهوك – إقليم كردستان‬ ‫للتنزه‪ ..‬األطفال يصنعون ألعاهبم بأياديهم‬ ‫العراق‪ /‬ليس مثّة ألعاب لألطفال‪ ،‬وال حدائق ّ‬ ‫شيء‬ ‫ة‬ ‫مث‬ ‫دوميز‬ ‫م‬ ‫خمي‬ ‫يف‬ ‫بالستيكية‪..‬‬ ‫ات‬ ‫ّ‬ ‫ات وكر ٌ‬ ‫بات تش ّدها حبال‪ ،‬سيار ٌ‬ ‫الصغرية‪ ،‬عر ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫واح ٌد يبعث على احلياة‪ ،‬هو ابتسامة طفل يف صباح العيد يقف على باب خيمتك‬ ‫ويقول‪ :‬صباح اخلري عيدكم مبارك‪..‬‬

‫رمضان والعيد بال فرح في مخيم الزعتري‬ ‫ميسر" عادة يف األسبوع‬ ‫تشتغل "أم ّ‬ ‫األخري من رمضان بصناعة املعمول‬ ‫مع أفراد عائلتها الكبرية (‪65‬‬ ‫شخصاً) استعداداً للعيد‪ ،‬وذلك‬ ‫عندما كانت يف بلدها سوريا‪،‬‬ ‫لكنهم اليوم تشتتوا‪ ..‬ال حلوى وال‬ ‫أحفاد سيمنحون البهجة للعيد‪ ،‬وال‬ ‫بيت أيضاً‪..‬‬ ‫خميم الزعرتي يف األردن‪ ..‬حيث‬ ‫ميسر" كل الطقوس واألجواء املتعلقة برمضان‪ ،‬ابتداءً‬ ‫تعيش اآلن‪ ،‬تفتقد "أم ّ‬ ‫من اجتماعات العائلة واألقارب‪ ،‬إىل أصغر التفاصيل اليت تصل إىل مذاق عصري‬ ‫الليمون الذي كانت تقطفه من أشجار بستاهنا يف درعا‪.‬‬

‫هنا منبع األمل ‪!..‬‬ ‫بابتسامتها يلوح الصرب رغم البعد عن الوطن و الديار ! ورغم قساوة احملنة و الصحراء‬ ‫ولسان حاهلا يقول ‪(( :‬ال تنسونا حنن الجئي الزعرتي)) ‪..‬‬

‫‪12‬‬

‫‪ 13‬آب ‪ / 2013‬العدد الثاتي والثالثون‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.