العدد الثالث عشر من جسر

Page 1

‫ابتداء من العدد‬ ‫الثالث عشر أصبحت ‪12‬‬ ‫صفحة لكل سورية‪ ،‬وباملزيد‬ ‫من املهنية واالحرتافية‬

‫سورية أسبوعية مستقلة‬

‫الثالثاء ‪ 26‬آذار ‪ / 2013‬العدد الثالث عشر‪ /‬السنة األوىل‬

‫معاذ اخلطيب يتسلم مقعد سورية يف القمة العربية‬

‫احلكومة االنتقالية الصعود إىل حبل املشنقة‬ ‫مثل كل السوريني‪ ،‬فقدت الثقة املسبقة بكل ما تنتجه املعارضة‬ ‫السياسية من تشكيالت وهيئات وأجهزة‪ ،‬فجميعها مرجتلة‪ ،‬وضعيفة‪،‬‬ ‫وحمل اختالف‪ ،‬وبؤرة للخالف‪ ،‬لكن حينما يتعلق األمر بـ «حكومة»‬ ‫فإنين أنظر إىل األمر من زاوية أخرى‪ ،‬فاحلكومة جمموعة موظفني‪،‬‬ ‫نستطيع أن حناسبهم وفق عقد العمل املربم معهم‪ ،‬اآلن‪ ،‬أو الحقاً‪،‬‬ ‫وهلذا ال بأس من تذكري من تصدى لرئاسة هذه احلكومة‪ ،‬واملكلف‬ ‫بتشكيلها‪ ،‬ببعض البنود العامة‪ ،‬لعقده مع اجملتمع السوري‪.‬‬ ‫لن خنوض يف الطريقة اليت جلب فيها السيد غسان هيتو لرئاسة‬ ‫احلكومة‪ ،‬فنحن مللنا من حتليل األمور سياسياً‪ ،‬ومعارضتنا مثل نظامنا‪،‬‬ ‫ليس لديها عقل سياسي لنحاكمه‪ ،‬ولن خنوض يف التكهنات حول‬ ‫األجندة واإلمالءات غري الوطنية اليت يقال أنه يتأبطها‪ ،‬مع أننا مل‬ ‫نعد ننزه أحداً يف املعارضة عن مثل ذلك‪ ،‬ولن نفكر بنظرية املؤامرة‬ ‫اإلخوانية على مستقبل سورية‪ ،‬فسورية الثورة أقوى من أن يتسلط عليها‬ ‫حزب بعد حزب البعث‪ .‬وإمنا سنتعامل مع السيد غسان هيتو بوصفه‬ ‫موظف لدينا حنن السوريون‪ ،‬سيأكل ويشرب وينفق ويكنز من أموال‬ ‫شعبنا‪ ،‬كي ال نقول من دم وحلم أطفاله‪ ،‬وعليه أن يصغي ملا نريد‪.‬‬ ‫كموظف يا رئيس احلكومة‪ ،‬أنت مطالب بأن تقدم لنا أفضل‬ ‫اخلدمات‪ ،‬على يد أفضل التقنيني وأصحاب االختصاص املشهود هلم‬ ‫من السوريني‪ ،‬وعليك أن ختتارهم على هذا األساس‪ ،‬ال على أساس‬ ‫«اخلدمة مقابل اخلدمة» فتوزر من انتخبوك‪ ،‬أو ممثليهم‪ ،‬من ال خربة‬ ‫وال ذمة هلم‪ ،‬وإن رضخت لضغوطهم‪ ،‬فإنك تصعد أوىل درجات‬ ‫اخليانة‪.‬‬

‫تقارير‬

‫صراع بني جملسني حمليني يف الرقة‬

‫‪3‬‬

‫حتقيقات‬

‫قذائف النظام حترق ثلث خمزونه من القطن يف احلسكة‬ ‫وهي تطارد «املسلحني» وخسائر تقدر مبلياري لرية‬

‫‪9‬‬

‫شهداؤنا‬

‫ذكرى استشهاد أول طبيب يف الثورة «علي احملاميد»‬

‫‪12‬‬

‫‪5‬‬ ‫سلسة حلقات تنشرها "جسر"‬ ‫للدكتور عماد غليون حول من‬ ‫وكيف يصنع القرار وينفذه يف سورية‬ ‫بالشواهد قبل وأثناء الثورة‬

‫‪4‬‬ ‫من حلب احلاج خلف املصطفى أب‬ ‫لثالثة شهداء وستة مقاتلني يف اجليش‬ ‫احلر طموحة إقامة اخلالفة الراشدة يف‬ ‫بالد الشام‬

‫‪www.fasebook.com/jesrpress‬‬

‫‪10‬‬ ‫محص تأويالت احلصار‬ ‫ما الذي تغري يف حياة السكان يف‬ ‫عاصمة الثورة السورية؟‬

‫‪www.twitter.com/jesr_press‬‬

‫كموظف يا رئيس احلكومة‪ ،‬عليك أن تنزل إىل الداخل السوري‪،‬‬ ‫وحتدد تفكريك واهتمامك مبشاكله الواقعية‪ ،‬وال تفكر باخلارج إال‬ ‫كمصدر متويل أو حل هلذه املعضلة أو تلك‪ ،‬أما إن جلست يف فندق‬ ‫وثري‪ ،‬ورحت تفكر برضا تلك الدولة‪ ،‬وإعجاب ذاك السفري‪ ،‬فإنك‬ ‫ترتقي درجة اخليانة الثانية‪.‬‬ ‫كموظف يا رئيس احلكومة‪ ،‬اهلدف األول الذي جيب أن تسعى إليه‪،‬‬ ‫هو حشد اجلهد العسكري‪ ،‬وتوحيد فاعليته إلسقاط النظام بأقصى‬ ‫سرعة‪ ،‬من خالل تفريغ ودعم اجليش احلر وتنظيمه ليقوم بذلك‪ ،‬أما‬ ‫إن استمرأت حال مدير األزمة‪ ،‬الذي ال يريد هلا أن تنقضي كي ال‬ ‫يفقد عمله‪ ،‬فإنك ترتقي إىل الدرجة الثالثة من درجات اخليانة‪.‬‬ ‫كموظف يا رئيس احلكومة‪ ،‬عليك أال تسمح بانتهاك السيادة أو‬ ‫املصلحة السورية بأية وسيلة كانت‪ ،‬واحلديث الذي يدور عن أنك‬ ‫منحت وعوداً لبعض اجلهات اخلارجية بعقود استثمارية كربى يف إعادة‬ ‫اإلعمار والنفط‪ ،‬مقابل دعم انتخابك‪ ،‬إن صح‪ ،‬فإنك تصعد منه إىل‬ ‫درجة اخليانة الرابعة‪.‬‬ ‫كموظف يا رئيس احلكومة‪ ،‬فإنك جيب أن تكون منفتحاً على كافة‬ ‫أطياف الشعب السوري وطبقاته وفئاته‪ ،‬وأي احنياز لقوة أو فصيل أو‬ ‫فئة‪ ،‬كفيل بصعودك درجة اخليانة اخلامسة‪.‬‬ ‫كموظف يا رئيس احلكومة‪ ،‬أنت مسؤول عن كامل األرض السورية‪،‬‬ ‫أنت مسؤول عن وحدة هذه األرض‪ ،‬وتفريطك أو قبولك بأي صيغة‬ ‫للتقسيم‪ ،‬ضمناً أو صراحة‪ ،‬هو درجة اخليانة السابعة‪.‬‬ ‫لن أحتدث عن املزيد من الدرجات اليت ميكن ألي موظف أن‬ ‫يصعدها‪ ،‬ليصل إىل حبل املشنقة‪ ،‬لكنين أذكرك بأنك تستطيع أيضاً‬ ‫أن تصعد الدرجات اليت تقابلها‪ ،‬لتبلغ سدة اجملد والسؤدد‪ ،‬ولديك‬ ‫كافة الوسائل والصالحيات لفعل ذلك‪ ،‬فأنت اليوم‪ ،‬أول رئيس‬ ‫حكومة لسورية الحرة‪.‬‬

‫‪jesr.press@gmail.com‬‬


‫سياسة‬ ‫رغم ما أحدثته استقالته من اضطراب‬

‫اخلطيب يتسلم مقعد سورية يف القمة العربية‬ ‫تواجه قوى املعارضة السورية مأزقاً صعباً يف قطر‪ ،‬حيث‬ ‫القمة العربية‪ ،‬املقررة يومي الثالثاء واألربعاء هناك‪،‬‬ ‫وطفت مشاكلها العديدة على السطح بشكل واضح‪،‬‬ ‫عندما واجهت أول استحقاق سياسي عريب حقيقي‪،‬‬ ‫وهو شغل مقعد سورية يف اجلامعة العربية‪ ،‬وفق قرار‬ ‫سابق جمللس وزراء اخلارجية العرب‪.‬‬ ‫فقد دبت الفوضى واخلالفات بني صفوف املعارضة‪،‬‬ ‫على إثر انتخاب غسان هيتو رئيساً للحكومة‪ ،‬وهددت‬ ‫عدة شخصيات يف االئتالف باالنسحاب منه‪ ،‬فيما‬ ‫مجد البعض مشاركتهم‪ ،‬مث عادوا عنها‪ ،‬فيما يبدو‬ ‫أنه صراع صفقات ومكاسب سياسية داخل منظومة‬ ‫املعارضة‪.‬‬ ‫وكان آخر مظاهر عدم االستقرار يف بنية املعارضة‬ ‫السياسية‪ ،‬وتشتتها‪ ،‬هو إعالن معاذ اخلطيب‪ ،‬رئيس‬ ‫االئتالف الوطين لقوى الثورة واملعارضة‪ ،‬عن االستقالة‬ ‫بشكل فجائي‪ ،‬بينما اجلميع يرتقب مشاركته يف القمة‬ ‫العربية‪ ،‬كممثل للمعارضة املوحدة‪ ،‬كما يفرتض‪.‬‬ ‫وقد ألقت استقالة اخلطيب الكثري من الشكوك‬ ‫حول قدرة املعارضة السورية على تويل زمام‬ ‫السلطة يف البالد‪ ،‬فيما إذا رحل األسد‪ ،‬وطرحت‬ ‫ضبابية األسباب اليت ساقها‪ ،‬تساؤالت عدة‬ ‫حول التوجهات الشخصية للخطيب‪ ،‬الذي يدور‬ ‫كالم كثري حول رغبته يف احلوار مع النظام‪.‬‬ ‫ويعتقد العدد من املراقبني‪ ،‬أن خطوة خلطيب‪ ،‬اليت‬

‫قال أهنا تأيت استنكارا للصمت العاملي عن مأساة الشعب‬ ‫السوري‪ ،‬سيعطي ذريعة أكرب إلحجام تلك القوى عن‬ ‫تقدمي الدعم ملعارضة السورية‪ ،‬خاصة على صعيد الدعم‬ ‫العسكري‪.‬‬ ‫و قد أعربت وسائل إعالم النظام‪ ،‬و ممثليه اإلعالميني‪،‬‬ ‫عن ابتهاجها مبا يدور يف صفوف املعارضة‪ ،‬وأبدت حفاوة‬ ‫خاصة بتصريح ملعاذ اخلطيب دعا فيه املقاتلني األجانب‬ ‫إىل االنسحاب من األراضي السورية‪ ،‬والتوقف عن سفك‬ ‫الدم السوري‪ ،‬وطلب من «دول» أن تسحب مجاعاهتا‪،‬‬ ‫وأن ترتك السوريني ليحلوا مشاكلهم بأنفسهم‪.‬‬ ‫وقد رفض االئتالف الوطين يف بيان له استقالة اخلطيبب‬ ‫ودعاه إىل إعادة النظر فيها‪ ،‬كما دعاه إىل ذلك وزير‬ ‫خارجية قطر‪ .‬فيما أعلن اخلطيب أنه سيشارك يف القمة‬ ‫العربية‪ ،‬ليلقي كلمة سورية‪ ،‬وقد وصل إىل قطر مساء‬ ‫االثنني‪ ،‬واستقبل حبفاوة بالغة من اجلانب القطري‪ ،‬الذي‬ ‫يسعى كما يبدو إىل مللمة خالفات املعارضة السورية كي‬ ‫التؤدي إىل فشل القمة املنعقدة فوق اراضيها‪.‬‬ ‫وصباح يوم الثالثاء تسلم اخلطيب مقعد سورية يف القمة‬ ‫العربية‪ ،‬وألقى كلمة الوفد السوري‪ ،‬اليت طالب فيها مبزيد‬ ‫من الدعم للشعب السوري‪ ،‬وطالب دول العامل بالتوقف‬ ‫عن تغليب الصراعات على املصاحل والنفوذ يف سورية‪،‬‬ ‫والنظر إىل مأساة شعبه اليت يزيد عمرها على سنتني‪.‬‬ ‫*وعلى صعيد احلكومة املؤقتة‪ ،‬أكد غسان هيتو الرئيس‬ ‫املنتخب للحكومة‪ ،‬أثناء زيارة مفاجئة اىل حلب‪ ،‬أنه‬

‫العقيد رياض االسعد يفقد ساقه اليمىن يف حماولة اغتيال‬ ‫تعرض العقيد رياض األسعد‪ ،‬مؤسس اجليش السوري‬ ‫احلر‪ ،‬ليلة ‪ 2013/3/24‬حملاولة اغتيال عرب وضع‬ ‫عبوة الصقة أسفل سيارته‪ ،‬عندما كان يف جولة مبدينة‬ ‫امليادين شرق دير الزور‪ ،‬أدت اىل برت ساقه اليمىن‪.‬‬ ‫وقال أحد ضباط القيادة املشرتكة لـ «جسر» إن‬ ‫«األسعد توجه اىل املنطقة الشرقية برفقة شخص من‬ ‫أبناء املنطقة‪ ،‬دون مراعاة القواعد األمنية»‪ ،‬وأضاف‬ ‫الضابط‪ ،‬وهو برتبة مقدم‪ ،‬إن « كافة املناطق احملررة‪،‬‬ ‫مبا فيها املنطقة احملاذية لرتكيا تشهد نشاطاً ملحوظاً‬ ‫ملخابرات وعمالء النظام السوري‪ ،‬ومل يتم اإلعالن‬

‫‪2‬‬

‫‪ 26‬أذار ‪ / 2013‬العدد الثالث عرش‬

‫عن الكثري من اخلروقات‪ ،‬ومنها حماولة سابقة الغتيال‬ ‫املقدم مهند الطالع قائد اجمللس الثوري العسكري يف‬ ‫دير الزور بعبوة الصقة أيضاً‪ ،‬أدت اىل استشهاد عقيد‬ ‫كان برفقته‪ ،‬وبرت قدم وذراع ضابط برتبة رائد كانوا معه‬ ‫يف السيارة ذاهتا‪ ،‬بينما مل يصب الطالع»‪.‬‬ ‫وقالت هيئة األركان يف بيان هلا حول املوضوع إن‬ ‫األسعد «تعرض إىل برت يف ساقه‪ ،‬وهو يتلقى العالج‬ ‫اآلن خارج األراضي السورية»‪ ،‬ووصفت حالته‬ ‫الصحية بـ «املستقرة»‪ ،‬متهمة النظام السوري مبحاولة‬ ‫اغتيال األسعد‪.‬‬

‫ماض يف تأليف احلكومة‪ ،‬وجاء يف بيان على صفحة‬ ‫احلكومة املؤقتة على موقع التواصل االجتماعي «فيس‬ ‫بوك» أن غسان هيتو قد بني خالل لقاءاته يف الداخل‪،‬‬ ‫أن اجملتمع الدويل كان مياالً لعدم تشكيل حكومة مؤقتة‪،‬‬ ‫ولكن عدداً من الدول عربوا عن تأييدهم بعد جناح‬ ‫انتخاب رئيس للحكومة‪ ،‬ووعدوا بدعم كبري‪ ،‬مضيفاً أن‬ ‫قرار انتخابه كان قراراً سيادياً سورياً ومشرفاً‪.‬‬ ‫وشدد هيتو على أن حكومته ستكون حكومة كفاءات‬ ‫يتم اختيار أعضائها من الداخل بعيداً عن احملاصصات‬ ‫السياسية‪ ،‬وبشكل يتعاطى مباشرة مع املواطنني ويسعى‬ ‫لتلبية اجلوانب اخلدمية واإلدارية‪ .‬منوهاً إىل الطابع املصغر‬ ‫للحكومة اليت لن يزيد عدد وزرائها عن تسعة‪.‬‬ ‫وأوضح رئيس الوزراء املكلف أن رؤيته تقوم على إحراز‬ ‫جناحات كثرية ولو كانت صغرية‪ ،‬وحتفيز السوريني‬ ‫مجيعاً على املشاركة الفاعلة يف تدوير عجلة االقتصاد‪،‬‬ ‫واالعتماد على املوارد احمللية كالنفط واحملاصيل واملعامل‪،‬‬ ‫مع ابتكار حلول خالقة لن تعجز العقل السوري املبدع‪،‬‬ ‫وأكد هيتو أن مصري نظام األسد لن يكون سوى الزوال‪،‬‬ ‫وأن تضحيات السوريني ستتكلل بالنجاح‪ ،‬وتتحقق‬ ‫بفضلها أهداف الثورة يف احلرية والكرامة والعدالة‪.‬‬ ‫وبينما عرضت صور لزيارة هيتو مع قائد أكرب األلوية‬ ‫املقاتلة يف حلب «لواء التوحيد»‪ ،‬أعلن الناطق باسم‬ ‫اجليش السوري احلر‪ ،‬عدم اعرتاف قيادة اجليش بانتخاب‬ ‫هيتو‪ ،‬داعياً إىل انتخاب رئيس حكومة توافقي‪.‬‬


‫تقارير‬ ‫يف الرقة‬

‫جملسان حمليان بتوجهات خمتلفة حياوالن االحتاد بأصوات عالية‬ ‫تقرير محمود الدرويش‪ /‬الرقة‬

‫حترير الرقة منذ أسابيع ال يبدو أنه حقق ما يطمح له أهلها‪،‬‬ ‫فبعد سقوط مجيع األفرع األمنية على أيدي كتائب اجليش‬ ‫احلر والكتائب اإلسالمية كجبهة النصرة وأحرار الشام‪ ،‬ظهر‬ ‫صراع من نوع جديد هو صراع اجملالس احمللية‪ ،‬حيث برز يف‬ ‫املدينة جملسان‪.‬‬ ‫األول برئاسة سعد الشويش الذي كان رئيساً جمللس مدينة‬ ‫تل أبيض يف الرقة‪ ،‬وترشح لرئاسة جملس احملافظة بعد أن‬ ‫دعا ناشطون إىل انتخاب جملس حملي لكامل احملافظة‪،‬‬ ‫يشمل مجيع اجملالس املشكلة قبل ‪ ،2013/2/15‬فنجح‬ ‫برئاسة اجمللس سعد فهد الشويش‪ ،‬وتشكل مكتب تنفيذي‬ ‫من ‪ 11‬عضو‪.‬‬ ‫ولكن قبل ذلك‪ ،‬كان اجمللس اآلخر متشكالً برئاسة‬ ‫عبداهلل الخليل‪ ،‬حيث أعلن عنه يف مدينة أورفا الرتكية‬ ‫بتاريخ ‪ ،2013/12/6‬وأحدث بيان تشكيل اجمللس‬ ‫ضجة كبرية على صفحات التواصل االجتماعي‪ ،‬حيث‬ ‫مت استنكار طريقة تشكيله دون الرجوع إىل الناشطني‬ ‫امليدانيني‪ ،‬وضبابيته‪ ،‬حيث أن ‪ %90‬من أعضائه يعملون‬ ‫يف السر‪.‬‬ ‫األهايل حياديون‬ ‫التقت جسر بعدد من املواطنني يف مدينة الرقة وسألتهم‬ ‫عن آرائهم حول اجمللسني‪ ،‬فكانت اإلجابات موحدة‬ ‫بشكل تقرييب بإهنم مل يروا شيئاً ملموساً على األرض من‬ ‫كال اجمللسني‪ ،‬إال أهنم أشادوا بدور كتائب اجليش احلر يف‬ ‫الرقة وخاصة لواء أمناء الرقة الذي اعتربوه يتوىل أمور املدينة‬ ‫(تسيري شؤون األفران وأعمال النظافة)‪ ،‬أما يف تل أبيض‪،‬‬ ‫فاجمللس املشكل يقوم بتقدمي خدماته بالتعاون مع عناصر‬ ‫اجليش احلر منذ أشهر على األرض‪.‬‬ ‫وبالتوجه إىل املنسق العام للواء أمناء الرقة التابعة حلركة‬ ‫أحرار الشام لسؤاله عن حقيقة اجلهة اليت تسري أمور املدينة‬ ‫اكتفى بالقول «مجيعنا نتشارك يف تأمني اخلدمات للمدينة‬ ‫واملواطنني»‪.‬‬ ‫خالفات حول املكاتب‬ ‫رغم ما أشيع عن وجود خالفات حادة بني رئيسي‬ ‫اجمللسني‪ ،‬إال أن عبد اهلل اخلليل رئيس اجمللس املشكل يف‬ ‫أورفا نفى ذلك لـ «جسر» خالل اجتماع عقد يف الرقة‬ ‫هذا األسبوع للمباحثات فقال إنه «ال يوجد خالفات كبرية‬ ‫مع اجمللس األخر ‪ ،‬وقد مت دمج اجمللسني‪ ،‬ومازالت توجد‬ ‫بعض املشاكل البسيطة والشكلية‪ ،‬وتتجسد فقط يف توزيع‬ ‫املكاتب»‪.‬‬ ‫وعن طبيعة تلك اخلالفات مع جملس مدينة تل أبيض‪،‬‬ ‫أوضح خليل أهنها بسبب عدم حصول جملس تل أبيض‬ ‫على حصة من املعونة السابقة اليت وصلت من االئتالف‬

‫الوطين‪ ،‬حيث أن مدينة تل أبيض تغاث من مجعيات‬ ‫تركية‪ ،‬فتم استبعادها من املعونة‪ ،‬وهذا ما سبب‬ ‫حساسية‪ ،‬الفتاً إىل أهنم سيتفقون مع جملس مدينة تل‬ ‫أبيض وسيكونون راضيني متاماً‪ ،‬على حد تعبريه‪.‬‬

‫جملس واحد‪.‬‬ ‫وأشار احلمود إىل دورهم يف تقدمي خدمات مبدينة الرقة‬ ‫كتأمني الطحني لألفران‪ ،‬وبيع اخلبز بسعر الربطة املعرتف‬ ‫به «‪15‬لرية»‪ ،‬الفتاً إىل أهنم مل يتلقوا دعماً مالياً من‬ ‫أية جهة‪ ،‬وما حصلوا عليه من معونات مت توزيعها على‬ ‫املواطنني بشكل موثق ووفق جداول‪.‬‬

‫أما بالنسبة للخدمات اليت يقدمها جملسهم للمواطنني‪،‬‬ ‫أجاب اخلليل «يقوم اجمللس بإدارة األفران والنظافة‬ ‫بالدرجة األوىل‪ ،‬رغم أننا ال منلك إمكانيات دولة‪ ،‬ولكن‬ ‫وعن عالقة اجمللس بكتائب اجليش احلر قال احلمود‬ ‫نعمل ضمن اإلمكانيات املتاحة»‪.‬‬ ‫«حنن مع اجليش الوطين الذي سيكون جيش سورية‬ ‫وأوضح اخلليل أنه سيكون هناك دور مهم وفاعل لألكراد احلرة وحتت رايتها‪ ،‬ليس لنا عالقات مع جبهة النصرة أو‬ ‫حركة أحرار الشام اإلسالمية‪ ،‬وعالقتنا جيدة مع جبهة‬ ‫ضمن العمل املدين الذي يقوم به اجمللس‪.‬‬ ‫الوحدة والتحرير اإلسالمية كوهنم يؤمنون باملشروع املدين‬ ‫وعن تعاون جملسهم مع اجليش احلر‪ ،‬أشار اخلليل إىل‬ ‫والوطين»‪.‬‬ ‫عالقات جيدة جتمعه معهم‪ ،‬وخاصة الكتائب اإلسالمية‬ ‫احتدام النقاش‬ ‫املتواجدة كحركة أحرار الشام اإلسالمية‪ ،‬حيث أهنم‬ ‫يلبون طلبات كثرية تطلب منهم‪ ،‬وعلى سبيل املثال‪،‬‬ ‫خالل اللقاء الذي عقد لبحث فكرة الدمج‪ ،‬األسبوع‬ ‫أعادوا سيارات الربيد عندما طلبت منهم‪.‬‬ ‫الفائت‪ ،‬حبضور عضو االئتالف الوطين لقوى املعارضة‬ ‫مصطفى النواف ومدير وحدة اجملالس احمللية يف االئتالف‬ ‫هيئة رئاسية وليس اتفاق‬ ‫عبد اهلادي الطباع‪ ،‬جرت مناقشات حادة‪ ،‬حيث كانت‬ ‫بدوره‪ ،‬اعترب نائب رئيس اجمللس احمللي حملافظة الرقة الذي األصوات عالية جداً‪ ،‬وبدأ البعض حيملون املتواجدين‬ ‫انتخب يف تل أبيض (نائب سعد الشويش) عبد احلكيم املسؤولية يف حال فشل تشكيل جملس موحد للمحافظة‪،‬‬ ‫احلمود أن ما مت إجنازه ال يعين التوحيد‪ ،‬إمنا مت تشكيل وبالتايل فشل العمل املدين فيها‪.‬‬ ‫هيئة رئاسية مكونة من ثالثة أشخاص كي ال يستفرد‬ ‫شخص واحد بالقرار‪ ،‬ومت تشكيل جلنة مشرتكة من كال وبرز بني األصوات العالية‪ ،‬الدكتور حممد عبد العزيز أحد‬ ‫اجمللسني لتسوية اخلالفات العالقة‪ ،‬ولن يتم االندماج يف أعضاء اجمللس احمللي املنتخب يف تل أبيض حيث قال‬ ‫«من ال يريد العمل فليجلس يف بيته‪ ،‬ولن نسمح ألربعة‬ ‫حال مل حتل هذه اخلالفات والتباينات‪.‬‬ ‫أو مخسة أشخاص أن يتحكموا ويسريوا شؤون املدينة‬ ‫واعترب احلمود سبب اخلالف يعود إىل أن الطرف اآلخر وحدهم‪ ،‬إن بقيتم على هذه احلال‪ ،‬ستأخذون البلد إىل‬ ‫ينظر إىل مشروع اجمللس احمللي كمشروع سياسي‪ ،‬يف‬ ‫أمر ال حيمد عقباه»‬ ‫حني أنه خدمي فقط‪ ،‬الفتاً إىل أن الطرف اآلخر يتبع‬ ‫للهيئة الشرعية‪ ،‬كما أنه يعترب أن بعض مكونات الشعب ويف ختام اللقاء‪ ،‬قرر البعض هتدئة الوضع‪ ،‬وعقد‬ ‫السوري هي مكونات كافرة‪ ،‬غري مقبولة هنائياً يف سورية اجتماعات أخرى الحقاً من أجل الوصول إىل صيغة‬ ‫اجلديدة‪ ،‬وأكد احلمود أهنم يؤيدون فكرة االندماج يف توافقية لدمج اجمللسني‪.‬‬ ‫جملس واحد‪ ،‬ومت تبادل بعض األمساء لبعض املكاتب‪،‬‬ ‫ولكن مل يصدر قرار هنائي خبصوص االندماج حتت‬

‫‪ 26‬أذار ‪ / 2013‬العدد الثالث عرش‬

‫‪3‬‬


‫سوريون‬ ‫احلاج «خلف املصطفى» والد ثالثة شهداء وستة مقاتلني يف اجليش احلر‬ ‫طموحه ‪ :‬إقامة اخلالفة الراشدة وحتكيم شرع اهلل يف األرض‬ ‫فواز الشالل‪ /‬حلب‬ ‫مل متنعه سنواته السبعون من أن يكون ضمن صفوف‬ ‫ثوار سورية‪ ،‬يقود مظاهرات‪ ،‬ويشارك يف رفع معنويات‬ ‫الثوار‪ ،‬حىت لو مل يشارك يف العمل املسلح‪.‬‬ ‫املدرس خلف املصطفى‪ ،‬من مدينة جرابلس‪ ،‬تقاعد عام‬ ‫‪ ،2004‬ويعترب نفسه واحداً من ماليني الناس الذين‬ ‫كانوا يسمعون ويرون ما جرى يف تونس وليبيا ومصر‬ ‫لينتقل إىل سورية‪ ،‬فتأملوا كما تأمل غريهم ملشاهد القتل‬ ‫الوحشي‪ ،‬وكان يرى أن «األمة‪ ،‬خاصة األمة اإلسالمية‬ ‫تعيش حياة ختتلف عن كل األمم يف العامل‪ ،‬ألن من‬ ‫حيكمها ظلمة ودكتاتوريون‪ ،‬وهذا ما دفع أبناء سورية‬ ‫للقيام بثورهتم»‪.‬‬ ‫أوالد احلاج خلف معظمهم درسوا وخترجوا من كلية‬ ‫الشريعة أو مازالوا طالباً فيها‪ ،‬تسعة منهم التحقوا‬ ‫بصفوف اجليش احلر‪ ،‬واثنان يقومان مبساعدة احلاج‬ ‫خلف على إعالة عوائلهم‪ ،‬خاصة بعد استشهاد ثالثة‬ ‫من أبنائه‪.‬‬ ‫يشارك احلاج خلف أبناءه يف عمليات قتالية‬ ‫لـ «يساندهم ويشحذ مهمهم»‪ ،‬وعن تلك املشاركات‬ ‫يقول «عندما هب الثوار يف جرابلس لنصرة أهلنا‪،‬‬ ‫جاءتنا كتائب النظام من اجلزيرة ومن الغندورة‪ ،‬والتقينا‬ ‫هبم يف قرية غرب جرابلس‪ ،‬امسها احلجلية‪ ،‬فاجأتنا سرية‬ ‫املهام اخلاصة اليت كان لديها ما يكفي من األسلحة‬ ‫لتدمري املنطقة كلها‪ ،‬وكان عددنا ال يتجاوز العشرين‬ ‫ثائراً‪ ،‬فوقفنا أمام هذه السرية‪ ،‬قتلنا من قتلنا‪ ،‬وأسرنا من‬ ‫أسرنا‪ ،‬وغنمنا عتاداً كثرياً‪ ،‬وهبذه الغنائم متكنا يف اليوم‬ ‫التايل من حترير منبج واخلفسة‪ ،‬مث انتقل الشباب اجملاهد‬ ‫إىل أطراف مدينة حلب‪ ،‬وبدأ احلراك يف حلب حيث‬ ‫شاركنا يف معارك صالح الدين وميسلون وحترير مطار‬ ‫اجلراح ومدرسة الشرطة»‪.‬‬ ‫وكحال ثورة سورية‪ ،‬بدأ احلاج وأبنائه بالتظاهر سليماً‪،‬‬ ‫حيث كان ابنه الشيخ أمحد يقود املظاهرات السلمية‬ ‫بـ «الكلمة الواعية» كما يقول‪.‬‬ ‫ويتحدث احلاج عن حماولة األمن العسكري‪ ،‬يف بدايات‬ ‫الثورة‪ ،‬استهداف عائلته بأكملها كوهنا كانت من أبرز‬ ‫العوائل اليت تقود احلراك فيقول «يف إحدى اجلمع أوقفنا‬

‫‪4‬‬

‫‪ 26‬أذار ‪ / 2013‬العدد الثالث عرش‬

‫املظاهرات إذ كنا على علم بأن األمن سيستهدفنا‪،‬‬ ‫وكان مخسة من أبنائي يشاركون يف الصالة‪ ،‬فهجم‬ ‫عناصر األمن عليهم وبدؤوا بضرهبم‪ ،‬استطاع أربعة منهم‬ ‫التخلص من رجال األمن‪ ،‬إال أن ابراهيم استشهد يف‬ ‫‪ 2012/2/17‬حني أطلقوا الرصاص عليه‪ ،‬كما طعن‬ ‫علي وعبدهلل وعثمان‪ ،‬واستشهد الحقاً ابين ياسر حني‬ ‫طُلب من جمموعته يف اجليش احلر أن تؤازر يف حي‬ ‫صالح الدين يف حلب‪ ،‬أما عبدهلل فاستشهد حبلب يف‬ ‫ميسلون‪ ،‬واحلمدهلل متكنا من جلب جثامينهم وشيعناهم‬ ‫يف جرابلس‪ ،‬كما مل يشيع أي شهيد»‪.‬‬ ‫مل يغري احلاج خلف موقفه‪ ،‬رغم استشهاد ابنه الثالث‪،‬‬ ‫واملخاطر اليت يتعرض هلا من تبقى‪ ،‬إذ أنه عاهد اهلل‬ ‫والرسول على نصرة دين اإلسالم‪ ،‬ويؤكد ذلك بقوله‬ ‫«تلقيت نبأ استشهاد أبنائي كمؤمن حبكمة اهلل‪ ،‬واحلمد‬ ‫له‪ ،‬ولن نبخل مبهجنا لنصرة دين حممد ابن عبدهلل»‪.‬‬

‫ومسكنه‪ ،‬والتقيت بالقليل جداً أتونا من تركيا ومصر‬ ‫واملغرب‪ ،‬لكن كان العدد بسيط وال يعين على اإلطالق‬ ‫أن الشعب السوري جيلس يف بيته والغرباء هم من‬ ‫يقاتلون بالنيابة عنه»‪.‬‬ ‫بغياب املعارك يقضي احلاج خلف أوقاته مع األهل‬ ‫واألصدقاء‪ ،‬ويعيش بشكل طبيعي‪ ،‬ويعترب أنه ال فرق‬ ‫بني حياته سابقاً وحياته اآلن إال الشعور بالكرامة اليت‬ ‫سلبت منهم‪ ،‬ويقوم اعتماداً على راتبه وزراعته وبالتعاون‬ ‫مع ابنيه حممد وعلي الذين يعمالن يف التجارة بإعالة‬ ‫العائلة‪.‬‬

‫عند حترير جرابلس قام بعض عناصر األمن باالستسالم‪،‬‬ ‫ومنهم من مت إيصاله إىل منزل احلاج خلف‪ ،‬الذي أكد‬ ‫أهنم مل يتعرضوا هلم بسوء‪ ،‬فمن كان بريئاً مت إيصاله إىل‬ ‫أهله‪ ،‬وحىت من كان متورطاً بعمليات قتل‪ ،‬مت تسليمه إىل‬ ‫احملكمة الشرعية يف مارع‪.‬‬

‫مل جيد احلاج خلف رسالة يوجهها للنظام إذ يصفه‬ ‫بـ «الصهيوين‪ ،‬ومن خيدم الصهاينة جيب التخلص منه»‪،‬‬ ‫إال أنه أراد أن يقول للعامل يف الداخل واخلارج إنه «كما‬ ‫قال نبينا صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬هذه األمة ال يصلح هلا‬ ‫إال اإلسالم‪ ،‬ومل تصلح إال باإلسالم‪ ،‬وأقول لشبابنا يف‬ ‫العامل اإلسالمي‪ ،‬مىت درستم أنه كانت لألمة شوكة إال‬ ‫يف احلكم اإلسالمي؟ األمة مل يكن هلا شأن إال عندما‬ ‫كانت تأمتر هبذا الدين‪ ،‬وحنن كما يقول عمر رضي اهلل‬ ‫عنه‪ ،‬أعزنا اهلل باإلسالم‪ ،‬فمهما ابتغينا العزة بغريه أذلنا‬ ‫اهلل»‪.‬‬

‫ومل ينف احلاج خلف وجود مقاتلني قدموا من بالد‬ ‫أخرى‪ ،‬إال أنه يؤكد أن عددهم قليل جداً‪ ،‬فيقول «أبناء‬ ‫منطقيت هم من شاركوا يف العمل الثوري بالتعاون مع‬ ‫أهلنا يف اعزاز وتل رفعت ومنبج والباب واخلفسة والرقة‬

‫وطموح احلاج خلف بعد سقوط النظام‪ ،‬هو «ما يطمح‬ ‫له الدين احلنيف‪ ،‬إقامة اخلالفة الراشدة وحتكيم شرع‬ ‫اهلل على األرض» مؤكداً أنه بـ «مهة اجملاهدين ستتحقق‬ ‫اخلالفة الراشدة يف بالد الشام»‪.‬‬


‫رأي‬ ‫قبل الثورة وأثناءها‬

‫من وكيف يصنع القرار وينفذه يف سورية‬ ‫السيطرة على الناس وإخضاعهم‪ ،‬وتنتشر فروعها‬ ‫وأقسامها يف كافة أحناء األراضي السورية‪ ،‬وتضم آالف‬ ‫املوظفني والعاملني واجملندين‪ ،‬وأضعاف ذلك من املخربين‬ ‫واملندوبني واملتعاونني‪ ،‬الذين يقدمون ما بات يعرف‬ ‫بـ «التقرير»‪ ،‬وهو السالح األبرز الذي استخدمته‬ ‫األجهزة األمنية لزرع اخلوف واالنقسام والريبة بني أفراد‬ ‫اجملتمع السوري‪.‬‬

‫سلسلة*يكتبها عضو مجلس الشعب المنشق عماد غليون‬

‫متارس األجهزة األمنية دورها بقسوة وتعسف شديدين‪،‬‬ ‫وليس هناك من سلطة تستطيع حماسبتها أو فرض الرقابة‬ ‫عليها‪ .‬وقد مارست هذه املؤسسة أسوأ األدوار يف تاريخ‬ ‫سورية املعاصر‪ ،‬خاصة خالل الثورة‪ ،‬من خالل فرض‬ ‫احلل األمين‪.‬‬ ‫اجليش العريب السوري‬

‫احللقة األوىل‬ ‫كانت مؤسسة اجليش قوية بشكل كبري يف عهد األسد‬ ‫يلف غموض شديد طبيعة وتركيبة النظام السوري برمته‪ ،‬األب‪ ،‬لكن دورها تراجع تدرجيياً يف عهد االبن‪ ،‬خاصة‬ ‫وطريقة وآليات عمله‪ ،‬وعلى وجه اخلصوص آليات اختاذ بعد إقصائه لضباط احلرس القدمي‪ ،‬خوفاً من أن يشكلوا‬ ‫وصناعة القرار يف البالد‪ ،‬وقد شكل ذلك عقدة ولغزا مل هتديداً لسلطته‪ .‬مع ذلك استمرت هذه املؤسسة بلعب‬ ‫ً‬ ‫دور أساسي يف بقاء النظام‪ ،‬ويظهر ذلك من خالل‬ ‫يستطع الكثري من الباحثني أن يفكوا أسراره وخباياه‪.‬‬ ‫تصديها للحل العسكري‪ ،‬وحماولة القضاء على الثورة‬ ‫على الرغم من وجود بنية مؤسساتية متكاملة تعتمد على عسكرياً‪ ،‬من خالل ارتباطها الوثيق‪ ،‬وخضوعها ألجهزة‬ ‫األمن‪.‬‬ ‫أسس دستورية وقانونية ومتارس عملها بشكل طبيعي‬ ‫ظاهرياً‪ ،‬إال أنه ال أحد يستطيع تأكيد من هي اجلهة‬ ‫استخدم اجليش السوري كافة أسلحته ضد الشعب‬ ‫اليت تقوم بتوجيه هذه املؤسسات‪ ،‬وإجبارها على اختاذ‬ ‫إجراءات معينة‪ ،‬وخاصة القرارات املصريية واحلامسة‪ ،‬اليت الثائر‪ ،‬ومارس القتل والتدمري العشوائي للمدن والبلدات‬ ‫الثائرة‪.‬‬ ‫تتحكم يف مصري ومستقبل البالد‪.‬‬ ‫رجال األعمال اجلدد‬ ‫متارس املؤسسات الرمسية عملها بصورة منطية وشكلية‬

‫على أمت وجه‪ ،‬وتقوم هي باختاذ القرارات ظاهرياً‪ ،‬لكن‬ ‫أفرزت التغيريات االقتصادية واالجتماعية الواسعة يف‬ ‫القرار يف احلقيقة يصنع مبكان آخر‪.‬‬ ‫البالد طبقة من كبار رجال األعمال اجلدد املتنفذين يف‬ ‫أجهزة الدولة‪ ،‬على شكل حتالف بني املال والسلطة‪،‬‬ ‫وهناك دوائر ومستويات عدة الختاذ القرار وتنفيذه‪،‬‬ ‫وصوال إىل الدائرة اليت تقوم بتسيري األمور فعليا يف البالد‪ ،‬ومعظمهم من ضباط األمن واجليش السابقني واحلاليني‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ورجال يف احلكومة أو الربملان أو احلزب‪ ،‬واستغلوا‬ ‫وسوف نتحدث عن كل منها بشكل تفصيلي الحقاً‪،‬‬ ‫عالقاهتم مع أقرباء بشار األسد ليقوموا بالتحكم بشكل‬ ‫بعد استعراضها على حنو سريع هنا‪.‬‬ ‫رئيسي بالقرارات االقتصادية يف البالد‪ ،‬خاصة قطاعات‬ ‫االستثمار واألعمال‪.‬‬ ‫حزب البعث العريب االشرتاكي‬

‫ينص دستور البالد قبل أن جيري تعديله بعيد انطالق‬ ‫الثورة‪ ،‬على أن حزب البعث هو «القائد يف الدولة‬ ‫واجملتمع» ويقود جبهة وطنية تقدمية‪ ،‬وهو األمر الذي‬ ‫مسح لقيادات احلزب مبمارسة نفوذها وتسلطها على كافة‬ ‫مفاصل ومؤسسات الدولة‪ ،‬ومنح أعضاء احلزب ميزات‬ ‫تفضيلية على باقي املواطنني‪ ،‬ووصلت سلطة احلزب‬ ‫إىل التدخل يف تعيني الوزراء‪ ،‬وأعضاء جملس الشعب‬ ‫واملدراء والقضاة وسواهم من العاملني يف أجهزة الدولة‪.‬‬ ‫األجهزة األمنية‬ ‫تلعب األجهزة األمنية الدور األساسي واحلاسم يف‬

‫وظفت هذه الطبقة إمكانياهتا املالية خلدمة ودعم النظام‬ ‫يف وجه الشعب الثائر‪ ،‬وسامهت يف صموده‪ ،‬ومنع اهنياره‬ ‫اقتصادياً‪.‬‬ ‫جملس الشعب‬ ‫جملس الشعب هو نتاج انتخابات مزورة وشكلية‪ ،‬يتم‬ ‫تعيني أعضائه من قبل دوائر القرار األخرى‪ ،‬ال دور فعلي‬ ‫له يف اختاذ القرارات‪ ،‬لكن يعطى هذا الدور بشكل‬ ‫صوري لتمرير بعض القوانني واملراسيم‪ ،‬ويعترب قانون‬ ‫اإلرهاب الذي أقره اجمللس احلايل‪ ،‬أبرز األمثلة على هذا‬

‫الدور‪ ،‬وكان قد اختذ يف الثمانينيات قرار شبيه به‪ ،‬هو‬ ‫القرار ‪ 49‬ذائع الصيت‪.‬‬ ‫احلكومة واإلدارات الرمسية‬ ‫وزارتا الداخلية والدفاع والدوائر املختصة فيهما‪،‬‬ ‫منخرطتان بشكل مباشر يف النشاط العسكري القمعي‬ ‫للنظام‪ ،‬وتتحمالن املسؤولية الناجتة عن ذلك‪ ،‬أما‬ ‫الوزارات واإلدارات احلكومية األخرى‪ ،‬فعلى الرغم من‬ ‫أهنا تقوم مبهام خدمية للمواطنني‪ ،‬إال أهنا تستخدم‬ ‫صالحياهتا تلك يف حرمان املناطق املعارضة من‬ ‫اخلدمات األساسية‪ ،‬وتقدميها للمناطق املوالية‪ ،‬وذلك‬ ‫ألسباب سياسية حبتة‪.‬‬ ‫ويتحمل الفريق احلكومي واإلداري املسؤولية عن تنفيذ‬ ‫القرارات اليت ليس هلا صفة شرعية أو قانونية‪.‬‬ ‫أين يصنع القرار حالياً؟‬ ‫أثناء الثورة السورية مل تتضح كيفية وآلية اختاذ القرار يف‬ ‫البالد‪ ،‬وال من يقوم بالتحكم بذلك‪ ،‬والدفع بالبالد حنو‬ ‫حافة اهلاوية‪.‬‬ ‫ظهرت جمموعة مسيت خبلية األزمة تتألف من كبار‬ ‫الشخصيات العسكرية واألمنية واحلزبية‪ ،‬وكما يبدو كان‬ ‫هلا إمكانيات وصالحيات واسعة يف اختاذ القرارات اهلامة‬ ‫ضمن حمددات رئيسية‪ ،‬توضع من قبل دائرة احلكم‬ ‫احلقيقي يف البالد‪.‬‬ ‫تتألف أصغر دائرة قرار يف البالد واملسؤولة بشكل‬ ‫كامل عن اختاذ كافة القرارات يف البالد‪ ،‬من بشار‬ ‫وماهر األسد وأفراد عائليت خملوف وشاليش وبعض كبار‬ ‫رجال األمن واجليش‪ ،‬وبعضهم أعيد للخدمة يف القصر‬ ‫اجلمهوري بصفة مستشار‪ ،‬وكذلك مستشارين خمتصني‬ ‫من إيران وحزب اهلل‪ ،‬وهناك دور مهم جمللس الطائفة‬ ‫يف توجيه دفة القرار من خالل التأثري على بشار األسد‬ ‫نفسه‪ ،‬وكذلك هناك دور مهم لكبار رجاالت الطائفة‬ ‫وممثلي عشائرها‪.‬‬ ‫قانوناً تتم حماسبة أي مسؤول عن املهام والصالحيات‬ ‫املوكلة إليه‪ ،‬والقرارات اليت تتخذ بناء على موقفه الرمسي‪،‬‬ ‫وال ميكن إعفاء أي مسؤول عن النتائج املرتتبة على‬ ‫وجوده يف موقع معني‪ .‬وعلى ذلك فإن بشار األسد‬ ‫مبوجب املهام والصالحيات املمنوحة له دستورياً كرئيس‬ ‫وقائد عام للجيش والقوات املسلحة‪ ،‬هو املسؤول األول‬ ‫عن االنتهاكات واجلرائم يف البالد‪ ،‬وكل مسؤول آخر‬ ‫يقع حتت طائلة القانون حسب مسؤوليته يف نطاق‬ ‫عمله‪.‬‬ ‫*في الحلقات القادمة سنتناول دور كل دائرة من هذه الدوائر‬ ‫باألسماء والوقائع واألمثلة‪.‬‬

‫‪ 26‬أذار ‪ / 2013‬العدد الثالث عرش‬

‫‪5‬‬


‫وجهة نظر‬

‫اجلزيرة السورية‬ ‫بني مطرقة «القاعدة» وسندان «الكردستاين»‬

‫أيمن األحمد‬ ‫مع صمود اهلدنة بني اجلماعات املتقاتلة يف مدينة رأس‬ ‫العني باحلسكة‪ ،‬واليت وضعت حداً لألحداث الدامية يف‬ ‫هذه املنطقة شديدة احلساسية والتعقيد‪.‬‬ ‫برزت أحداث وتداعيات يف منطقة اجلزيرة السورية‪ ،‬واليت‬ ‫تشكل حمافظة احلسكة املساحة األكرب منها متثلت هذه‬ ‫األحداث بسيطرة جبهة النصرة «املتشددة» واملرتبطة‬ ‫بالقاعدة على حقول اجلبسة النفطية جنوب مدينة‬ ‫احلسكة‪ ،‬وسيطرة قوات حزب العمال الكردستاين على‬ ‫حقول الرميالن االسرتاتيجية مشال شرق احلسكة‪.‬‬ ‫حدثان نوعيان كانا من أبرز تداعيات الصدام يف رأس‬ ‫العني لناحية سيطرة اجلماعتني على مواقع إسرتاتيجية‬ ‫هبذه األمهية ولناحية ‪،‬لرمبا‪ ،‬اتفاق غري معلن على تقاسم‬ ‫جغرافية النفوذ يف أغىن املناطق السورية بعيداً عن التصادم‬ ‫فيما بينهما‪.‬‬ ‫فحقل رميالن يضم ‪ 1250‬بئر‪ ،‬ويبلغ إنتاجه ‪164‬‬ ‫ألف برميل يومياً أي حوايل ‪ %42‬من إنتاج القطر‬ ‫للنفط‪ ،‬أما حقل اجلبسة فيضم ‪ 1287‬بئر نفطي وغازي‬ ‫تنتج ما يقارب‪ 29000‬برميل يومياً‪.‬‬ ‫لذلك فإن وضع اليد من قبل اجملموعتني على أكرب‬ ‫حقول النفط يف سورية‪ ،‬سيوفر هلما متويالً ضخماً مل حتلم‬ ‫به أي مجاعة متشددة يف العامل‪.‬‬ ‫لكن األمر مل يكن عبثياً أو جرى مبحض الصدفة‪ ،‬ومل‬ ‫يكن التصادم يف رأس العني بني اجملوعتني إال سبباً من‬ ‫عدة أسباب كان يف مقدمتها التهميش االقتصادي‪،‬‬ ‫وغياب التنمية والقمع الذي مارسته السلطة احلاكمة‪.‬‬ ‫تلك السيطرة السريعة على منطقة إسرتاتيجية هامة‪ ،‬مل‬ ‫يكن هلا أن تكون لوال التفريغ الذي جرى للحسكة من‬ ‫أي مشروع سياسي أو تنموي أو ثقايف وطين خالل‬ ‫العقود املاضية‪ ،‬مما جعل منها ضحية اختيار صعب يف‬ ‫حلظة تارخيية مأزومة للجزيرة السورية مابني التشدد الديين‬ ‫الذي متثله القاعدة «النصرة» والتشدد القومي الذي ميثله‬ ‫«الكردستاين»‪ .‬لذلك يبدو أن ارتباكاً ما قد حصل‬ ‫يف خيارات اجلزيرة السورية بطريقة تعبريها عن هويتها‬

‫‪6‬‬

‫‪ 26‬أذار ‪ / 2013‬العدد الثالث عرش‬

‫السورية‪.‬‬ ‫وبالرغم من موقع احلسكة االسرتاتيجي كوهنا حتاذي‬ ‫دولتني مها العراق وتركيا‪ ،‬شديدتا التأثري يف الشأن‬ ‫السوري‪ ،‬إضافة إىل كوهنا أوىل احملافظات دعماً للخزينة‬ ‫العامة‪ ،‬وهي ثالث أكرب احملافظات من حيث املساحة‪،‬‬ ‫مل مينح كل ذلك «البقرة احللوب»‪ ،‬هكذا تسمى بسبب‬ ‫غناها الزراعي والنفطي‪ ،‬أي ميزة لدى العسكر املتعاقبني‬ ‫على إدارة شؤوهنا أو حلبها‪ ،‬بل عانت أكثر من غريها‬ ‫هتميشاً وفقراً‪ ،‬وظلت بقرة حلوب حىت نزف ضرعها قبل‬ ‫أن ينزف أي جزء آخر من الوطن‪ ،‬فصارت صيداً سهالً‬ ‫لسكاكني التشدد الديين والقومي‪.‬‬ ‫فاملناطق الشمالية الغنية بالنفط والزراعة واحملاذية للحدود‬ ‫الرتكية واليت تسكنها غالبية أكراد احلسكة‪ ،‬عانت من‬ ‫قمع سياسي بدأ منذ عام ‪ 1958‬مع وصول مجال عبد‬ ‫الناصر إىل حكم سورية‪ ،‬وما تال تلك الفرتة من حرمان‬ ‫األكراد من حقوقهم السياسية والثقافية‪ ،‬وبروز مشكلة‬ ‫عدميي اجلنسية‪ ،‬ما شكل منصة لربط املنطقة مبشاريع‬ ‫خارج الوطن‪ ،‬وأدى إىل انقسام يف تركيبة اجملتمع األمر‬ ‫الذي خلق فرصة لغىن الضباط القادمني من املناطق‬ ‫الداخلية‪.‬‬ ‫أما املنطقة اجلنوبية والغنية بالنفط والبطالة واحملاذية‬ ‫للحدود العراقية واملمتدة من مدينة احلسكة وصوالً إىل‬ ‫دير الزور‪ ،‬فقد تعرضت للتهميش على املستوى التنموي‬ ‫والسياسي‪ ،‬وبسب قرهبا من احلدود العراقية وطبيعتها‬ ‫العشائرية كانت التهم جاهزة ألهل املنطقة من قبل‬ ‫النظام‪ ،‬بأهنم «صداميون» متعاطفون مع النظام العراقي‬ ‫السابق‪ ،‬لذلك حرمت املنطقة من أي مشاريع تنموية‬ ‫حقيقية حىت مشاريع النفط مل يستفد منها أهل املنطقة‪،‬‬ ‫ألن السلطة كانت تستجلب موظفيها وعماهلا من‬ ‫املناطق الداخلية يف سورية‪ ،‬وميكن اختصار واقع املنطقة‬ ‫مبشهد متكرر يف كل الريف اجلنويب مشهد مئات آبار‬ ‫النفط بني قرى معدومة من أي مقومات إنسانية‪.‬‬

‫ومل تنتهي مشكلة املنطقة اجلنوبية بسقوط النظام العراقي‪،‬‬ ‫بل بدأت مشكلة خطرية يف العقد األخري هددت هويتها‬ ‫املذهبية‪ ،‬فقد زادت نسبة التشيع فيها مقابل املال ما‬ ‫طرح الكثري من األسئلة عن اهلدف من تغيري اهلوية‬ ‫املذهبية يف منطقة مرتبكة أصالً دينياً وعرقياً وطائفياً‪،‬‬ ‫لتنتشر يف السر بفعل القمع أالمين مقولة «التجويع من‬ ‫أجل التشييع»‪.‬‬ ‫لكن انقالباً درامياً ومضاداً جرى يف الفرتة القليلة املاضية‬ ‫مل يكن يف احلسبان‪ ،‬فبدالً من التشيع وتغيري هوية‬ ‫املنطقة اجلنوبية مذهبياً‪ ،‬والذي كان يظن أن املنطقة‬ ‫صبغت به‪ ،‬حصل استقطاب حاد حنو مجاعة النصرة‬ ‫املتشددة‪ ،‬وبدالً من حترك األحزاب الكردية السورية‬ ‫التقليدية أو تنظيمات الشباب الكرد‪ ،‬خطف حزب‬ ‫العمال الكردستاين االنفصايل املتشدد املنطقة الشمالية‬ ‫بكل ثرواهتا وأمهيتها اإلسرتاتيجية وبسط نفوذاً سياسياً‬ ‫وعسكرياً واضحاً عليها‪.‬‬ ‫لرتتب صورة اجلزيرة السورية على الشكل التايل‪ :‬من‬ ‫الشمال مت إزالة العلم السوري ورفع علم حزب العمال‬ ‫الكردستاين‪ ،‬دون املساس بصورة األسد األب أو االبن‬ ‫مع إضافة صورة جديدة وكبرية ال متت لتاريخ وال‬ ‫حلاضر وال لنضال السوريني هي صورة «عبد اهلل‬ ‫أوجالن»‪ .‬باملقابل مت نزع صورة األسد األب واالبن يف‬ ‫جنوب احلسكة‪ ،‬وقتل كل من ينتمي إىل طائفته‪ ،‬ورفع‬ ‫علم ال ميثل حلم السوريني بالتغري والدميقراطية مكان‬ ‫العلم السوري‪ ،‬وإقامة سجن حل حمل مسجد شيعي‪.‬‬ ‫السوريون يف اجلزيرة «من عرب وأكراد وأشوريني وسريان‬ ‫وتركمان ويزيديني وشركس وكلدان وشيشان وأرمن»‬ ‫تعايشوا بسالم منذ مئات السنني‪ ،‬ومل حتصل بينهم أية‬ ‫مصادمات عرقية أو دينية حادة‪.‬‬ ‫إن استدعاء املقدس «املقموع» الديين أو القومي‪ ،‬قد‬ ‫يفهم بسبب االضطهاد القومي الطويل‪ ،‬واملساس باهلوية‬ ‫الدينية‪ ،‬لكن تبدو اخلطورة األكرب يف أن كال املرجعيتني‬ ‫الدينية والقومية خارج حدود الوطن السوري‪.‬‬


‫إضاءات‬ ‫لكن من زاوية وطنية إنسانية‪ ،‬هو الشاعر بدر شاكر‬ ‫السياب الذي يقول يف قصيدته «وحي النريوز» ويدعوا‬ ‫وحيرض فيها األكراد على الوقوف جنباً إىل جنب مع‬ ‫أخوهتم العرب ضد االستعمار‪:‬‬

‫الساعد‬ ‫يا شعب«كاوا» سل احلدَّاد كيف هوى صر ٌح على َّ‬ ‫ينهار‬ ‫املفتول ُ‬ ‫«كاوا»كيعرب‪ ،‬مظلوم ُّ‬ ‫َّأر‬ ‫ميد يداً إىل أخيه فما أن يهدر الث ُ‬ ‫يفرقها بالدَّس أشر ُار‬ ‫السوط‬ ‫سالت دماؤمها يف ُّ‬ ‫فامتزجت فلن ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫َّار‬ ‫الد‬ ‫ها‬ ‫ل‬ ‫حمت‬ ‫من‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫حىت‬ ‫روح‬ ‫من‬ ‫العيد‬ ‫يف‬ ‫ما‬ ‫العيد‬ ‫فرحة‬ ‫يا‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫األسدين‬ ‫نوروز أكراد سوريا يف عهد َ‬ ‫ُ‬ ‫توجهت مسرية نظمها‬ ‫‪1986‬‬ ‫العام‬ ‫من‬ ‫آذار‬ ‫‪21‬‬ ‫يوم‬ ‫يف‬ ‫ْ‬ ‫عشرات الشبان األكراد باجتاه القصر اجلمهوري يف دمشق‪،‬‬ ‫احتجاجاً على منع األمن ٍ‬ ‫حينئذ‬ ‫ففتحت قوات‬ ‫احتفاالت نوروز‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫األسد األب النار على املتظاهرين‬ ‫سقط خالهلا بعض اجلرحى‪،‬‬ ‫وشهيداً يعتربه األكراد يف سورية‬ ‫مبثابة «كاوا» آخر‪ ،‬وهو الشهيد‬ ‫سليمان آدي‪ ،‬وعلى إثر هذه‬ ‫احلادثة أصدر الرئيس حافظ األسد مرسوماً يقضي بتعطيل‬

‫عيد النوروز تاريخ وحاضر‬

‫بهزاد حاج حمو‬

‫أصل الكلمة‬ ‫نريوز‪ ،‬واألصل نوروز‪ ،‬كلمة مركبة باللغة الكردية من‬ ‫«نو‪ :‬جديد‪ ،‬و روز‪ :‬يوم‪ ،‬أي اليوم اجلديد»‪ ،‬وهذا ما‬ ‫يؤكده املؤرخ املسعودي يف كتابه «التَّنبيه واإلشراف»‪،‬‬ ‫ويقابل معىن كلمة نوروز كلمة نيسان العربية‪ ،‬واليت هلا‬ ‫مقابل يف اللغة الفارسية القدمية (البهلويَّة) حيث تعين‬ ‫«ين‪ :‬جديد‪ ،‬وأسان‪ :‬اليوم»‪ ،‬وبالتايل يصبح املعىن‬ ‫أيضاً‪ ،‬اليوم اجلديد‪.‬‬ ‫نريوز عيد الربيع‪ ،‬وأول السنة الشمسية لدى الشعوب‬ ‫الفارسية‪ ،‬يبدأ يف ‪ 21‬آذار كما يقول الدكتور حممد‬ ‫التوجني‪ ،‬أستاذ اللغة الفارسية يف جامعة حلب‪.‬‬ ‫نوروز يف امليثولوجية‬ ‫قيلت يف نوروز لدى‬ ‫تعدَّدت وتنوعت األساطري اليت ْ‬ ‫الشعراء واملؤرخني القدماء‪ ،‬فيُحكى َّ‬ ‫أن «مجشيد» أحد‬ ‫ملوك إيران القدماء تنقَّل على سري ٍر مرصع باجلواهر يف‬ ‫وسخر اهلل له اجلن حتت إمرته‪ ،‬فطافوا‬ ‫أطراف األرض‪َّ ،‬‬ ‫به يف أول يوم من السنة‪ ،‬وقت حلول الشمس يف برج‬ ‫فسر امللك سروراً عظيماً‪ ،‬وانتشى بأقداح اخلمر‬ ‫احلمل‪َّ ،‬‬ ‫اإلهلي‪ ،‬ليعرف ذلك اليوم بالنوروز‪ ،‬أي اليوم اجلديد‪،‬‬ ‫وليبقى عرفاً مقدساً لدى شعوب فارس‪.‬‬

‫الدوائر الرمسية يوم ‪ 21‬آذار حبجة عيد األم‪.‬‬ ‫«كاوا»‪ ،‬فانتصر على امللك َّ‬ ‫وجز عنقه‪ ،‬مث أشعل ناراً‬ ‫على القلعة ليعلم أهل املدينة بانتصاره‪ ،‬فأصبحت النار‬ ‫رمزاً للنصر واخلالص من العبودية‪.‬‬ ‫نوروز يف األدب العريب‬ ‫الكثري من الشعراء العرب تغنوا بالنوروز وخاصة يف العهد‬ ‫العباسي‪ ،‬على اعتبار الدولة العباسية قامت‪ ،‬كما يذكر‬ ‫التاريخ‪ ،‬على أكتاف األعاجم‪ ،‬لذا شهد هذا العهد‬ ‫متازجاً وتداخالً بني مجيع شعوب املنطقة‪ ،‬فتغىن شعراء‬ ‫الرضي‪,‬‬ ‫عباسيون ُكثر بالنوروز منهم البحرتي‪َّ ،‬‬ ‫الشريف َّ‬ ‫ابن الرومي‪ ،‬أبو متام‪ ،‬أبو نواس‪ ،‬واملتنيب الذي يقول‬ ‫مادحاً ابن العميد‪:‬‬ ‫ناده‬ ‫ز‬ ‫اد‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫بالذي‬ ‫رت‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫اده‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫أنت‬ ‫َ​َ ْ‬ ‫جاء نوروزنا و َ‬ ‫ُ‬ ‫طراً يف بالد أعرابه وأكرادهُ أما‬ ‫خلق اهلل أفصح الناس ّ‬ ‫يف األدب العريب احلديث‪ ،‬فأشهر من تطرق املناسبة‪،‬‬

‫ويف ‪ 20‬آذار عام ‪ 2008‬وبينما كان الشبان الكرد يف‬ ‫مدينة القامشلي حييون الطقوس االعتيادية ملسائية نوروز من‬ ‫إشعال الشموع وإيقاد النريان‪ ،‬فاجأهتم قوات األمن ودون‬ ‫املتفجر‪ ،‬خلَّفت عشرات‬ ‫سابق إنذار بوابل من الرصاص ِّ‬ ‫اجلرحى وثالثة شهداء‪ ,‬لتُعرف احلادثة فيما بعد مبجزرة‬ ‫نوروز‪.‬‬ ‫نوروز «ثورة يف ثورة»‬ ‫ميران على الشعب السوري واملوت احتفاهلم األوحد‬ ‫عامان َّ‬ ‫وألن اجلرح واحد واالبتسامة واحدة‪ ،‬والوطن واحد‪ ،‬يكتسي‬ ‫«نوروز الثوار األكراد السوريني» منذ عامني‪ ,‬رداءاً أسوداً‪،‬‬ ‫كما زهور اجلزيرة وحقوهلا‪ ،‬لكن النريان ال تزال مشتعلة‬ ‫والنصر آت‪.‬‬

‫من احتفاالت عيد نوروز يف القامشلي هذا العام‬

‫أما األسطورة األكثر تداوالً‪ ،‬باعتبارها ترمز إىل روح الثورة‬ ‫على الظلم والطغيان‪ ،‬وسعي الشعوب دوماً إىل االنعتاق‬ ‫(ضحاك‬ ‫واحلرية فهي‪« ،‬كان هناك َملك ظامل يُدعى َّ‬ ‫ظهرت على كتفيه غدَّتان‪ ،‬حيركهما إذا‬ ‫أو أجدهاك)‬ ‫ْ‬ ‫شاء كأفعيني‪ ,‬تتغذيان على حلم البشر‪ ،‬ويُقال يف‬ ‫مواضع أخرى أدمغة األطفال‪ ،‬واستمر الناس مر َغمني‬ ‫َّاد يُدعى‬ ‫بتقدمي األضحية له‪ ،‬إىل أن ظهر من بينهم حد ٌ‬

‫‪ 26‬أذار ‪ / 2013‬العدد الثالث عرش‬

‫‪7‬‬


‫ثقافة‬ ‫صدور نتائج "جائزة دمشق للفكر واإلبداع" يف دورهتا األوىل‬ ‫أعلنت «جائزة دمشق للفكر واإلبداع» عن نتائج‬ ‫دورهتا األوىل‪ ،‬حيث فاز كل من الكاتب الفلسطيين‬ ‫سالمة كيلة عن كتابه «مصائر الشمولية‪ :‬سورية يف‬ ‫صريورة الثورة» (فرع الكتاب الفكري)‪ ،‬والكاتب‬ ‫السوري راتب شعبو عن كتابه «روزنامة املسجون‪:‬‬ ‫سرية سورية» (فرع أدب اليوميات)‪ ،‬والكاتب السوري‬ ‫ات من القصة الكردية‬ ‫جان دوست عن كتابه «خمتار ٌ‬ ‫القصرية‪ ،‬املراجعة والتقدمي‪ :‬مروان علي» (فرع الكتاب‬ ‫الشرقي املرتجم)‪.‬وستوزع اجلوائز يف حفلة خاصة‬ ‫ّ‬ ‫بإحدى املخيمات السورية يف وقت الحق‪ ،‬وتصدر‬ ‫كتب الفائزين قريبًا‪ ،‬وتقام هلم جولة على احلدود‬ ‫السورية‪ ،‬يتواصلون فيها مع أبناء شعبهم ويقدمون‬ ‫نسخاً من كتبهم ويوقعوهنا هلم‪،‬وسيعود ريع الكتب‬ ‫الفائزة ألطفال املخيمات السورية‪.‬‬

‫«بناةاملستقبل»‪ ،‬مبشاركة شخصيات وجهات سورية أخرى‬ ‫مستقلة من اجملتمع املدين‪ .‬أما فروع اجلائزة اليت متنح سنوياً‬ ‫لكتاب ومبدعني سوريني وعرب‪ ،‬فهي‪ :‬الدراسات واألحباث‬ ‫الفكرية والعلمية واألدبية والتارخيية‪ ،‬أَدب اليوميات والسرية‬ ‫الذاتية‪ ،‬الرواية‪ ،‬الشعر‪ ،‬حتقيق خمطوطات الرتاثني األديب‬ ‫والعلمي‪ ،‬والرتمجة‪.‬‬ ‫ويف سنتها األوىل‪ ،‬اقتصرت اجلائزة على ثالثة فروع‪ :‬الفكر‪،‬‬ ‫اليوميات‪ ،‬والرتمجة‪ .‬باب قبول الطلبات للجائزة ما زال‬ ‫مفتوحاً يف دورهتا التالية‪ ،‬على أَ ْن يرسل النص يف نسخة‬ ‫ورقية واحدة (ملن يستطيع) مرفقة بنسخة إلكرتونية على‬ ‫عنوان اجمللة يف لندن‪ ،‬وسيغلق باب قبول الطلبات مطلع‬ ‫أيلول‪ ،‬من كل عام‪ ،‬وقيمة اجلائزة ‪ 3000‬دوالر‪.‬‬

‫يذكر أن هذه اجلائزة سنوية‪ ،‬متنحها جملة «دمشق»‬ ‫الشهرية األدبية‪ ،‬اليت أُسست سنة ‪ ،2011‬وصدر‬ ‫عددها األول يف آذار ‪ 2012‬برعاية من تيار‬

‫إصدار جديد للشاعر‬ ‫فرج بريقدار‬

‫مؤخرا كتاب "اخلروج من‬ ‫صدر ً‬ ‫الكهف‪ :‬يوميات السجن‬ ‫واحلرية" للشاعر فرج بريقدار عن‬ ‫كل من املؤسسة العربية للدراسات‬ ‫ٍّ‬ ‫والنشر‪" ،‬ارتياد اآلفاق‪ :‬املركز‬ ‫العريب لألدب اجلغرايف‪ ،‬ودار‬ ‫السويدي للدراسات والنشر‪ .‬وكان‬ ‫هذا الكتاب قد فاز جبائزة "ابن‬ ‫بطوطة لألدب اجلغرايف ‪/2012‬‬ ‫‪."2013‬‬

‫وأصدر بريقدار يف وقت سابق‪،‬كتاباً بعنوان "خيانات‬ ‫اللغة والصمت‪ :‬تغريبيت يف سجون املخابرات السورية"‪،‬‬ ‫ركز فيها على جتربة االعتقال الطويلة اليت قضاها يف‬ ‫سجون النظام‪ ،‬قبل أن يهاجر إىل عدة دول‪ ،‬ويستقر‬ ‫أخريا يف السويد‪.‬‬ ‫ً‬

‫ينابيع أخرى أم املستنقع ذاته‬ ‫يوسف خليل‬

‫قبل ٍ‬ ‫عام تقريبًا‪ ،‬مع دخول الثورة عامها الثاين‪ ،‬تنبّه‬ ‫اجلميع إىل ضرورة رفد احلراك امليداين والسياسي‬ ‫ٍ‬ ‫بسند ثقايف يكون‪ ،‬يف الوقت ذاته‪ ،‬ناط ًقا باسم‬ ‫ثورة احلرية والكرامة اليت انطلقت يف آذار ‪،2011‬‬ ‫ومنتقدا لألخطاء اليت تشوهبا من خالل املقاالت‬ ‫ً‬ ‫واليوميات الفكرية واإلبداعية اليت كان مسؤوالً عنها‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بشكل أساسي‪ ،‬السياسيون ذاهتم الذين عرفتهم‬ ‫املعارضة كمفكرين قبل الثورة‪.‬‬ ‫ومع ازدياد رقعة االحتجاجات وظهور أصوات‬ ‫تصب هنايةً يف ذات‬ ‫جديدة خمتلفة (وإن كانت ّ‬ ‫البوتقة الثورية)‪ ،‬برزت احلاجة إىل إنشاء صحف‬ ‫تضم مجيع هذه األصوات على‬ ‫ّ‬ ‫وجتمعات وجمالت ّ‬ ‫وتؤسس لثقافة جديدة بعد ما يقارب‬ ‫اختالفها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫نصف قرن من احلكم العسكري‪ ،‬وثقافة الصوت‬ ‫األوحد‪.‬‬ ‫كان تأسيس رابطة الكتّاب السوريني (إىل جانب‬ ‫جتمعات أخرى خاصة بالصحفيني والفنانني‬ ‫ّ‬ ‫التشكيليني) أوىل مثرات النهر اجلديد للثقافة السورية‪،‬‬ ‫وقد حاول املؤسسون أن تكون الرابطة بديالً عن‬ ‫احتاد الكتّاب العرب سيء الصيت‪ ،‬ال باملعىن‬ ‫التنظيمي فحسب‪ ،‬بل وكذلك باملعىن اإلبداعي‬ ‫والثقايف‪ ،‬ولكن ظهور خالفات بني األعضاء‬ ‫أنفسهم‪ ،‬أو بني "املكتب التنفيذي" واألعضاء‪،‬‬

‫‪8‬‬

‫‪ 26‬أذار ‪ / 2013‬العدد الثالث عرش‬

‫السيما بعد االنتخابات األوىل‪ ،‬أعاد إىل األذهان‬ ‫املشاكل املعتادة يف احتاد الكتّاب األساسي‪ ،‬سواءً من‬ ‫جهة احملسوبيات أو اخلالفات الشخصية‪ .‬ومع انتخاب‬ ‫ئيسا للرابطة‪ ،‬اخنفضت حدة‬ ‫صادق جالل العظم ر ً‬ ‫جامعا" ميكن أن ساهم يف‬ ‫اخلالفات باعتباره "صوتًا ً‬ ‫هوة التباينات بني األعضاء‪ .‬ولكن‪ ،‬مل تدم‬ ‫تقليص ّ‬ ‫"اهلدنة املؤقتة" إذ ظهرت مشاكل جديدة منها ما يتعلق‬ ‫بعضوية احتاد الكتّاب العرب القدمي‪ ،‬ومدى تضارهبا مع‬ ‫العضوية اجلدية يف الرابطة‪ ،‬ومنها ما كان جوهريًا يتعلق‬ ‫بإشاعات ٍ‬ ‫متويل مشبوهة من رجل أعمال حمسوب على‬ ‫رامي خملوف‪ ،‬كما ادعت مقاالت وبيانات لبعض‬ ‫أعضاء الرابطة الذين مجدوا أو ألغوا عضويتهم يف‬ ‫الرابطة‪ ،‬مما أدى إىل خفوت "زوبعة" الرابطة تدرجييًا‪،‬‬ ‫وصوالً إىل ما يشبه "السبات" حاليًا‪.‬‬ ‫بعيدا عن التجمعات‪ ،‬كان احلراك الثقايف من الشباب‬ ‫ً‬ ‫خصوصا أكثر أمهية‪ ،‬خباصة مع ظهور صحف ونشرات‬ ‫ً‬ ‫كان هؤالء الشباب هم الفاعلني فيها كتابةً وإشرافًا‪،‬‬ ‫لتظهر أمساء جديدة معظمها مل يكن معروفًا من قبل‪،‬‬ ‫بفعل التعتيم البعثي على الثقافة والصحافة قبل الثورة‪،‬‬ ‫وتعتيم بعض الصحفيني واملثقفني "الكبار" أثناء الثورة‪،‬‬ ‫لتبدو هذه الصحف‪ ،‬مع استمرارها املنتظم يف الصدور‪،‬‬ ‫أقرب للمزاج والذائقة العامة عند عموم الشعب‪ ،‬ال‬ ‫وقراء هذه الصحف‬ ‫سيما وأن معظم شرحية متابعي ّ‬

‫أساسا‪.‬‬ ‫هم من الشباب ً‬ ‫واجلميل باألمر هو أن هذه الصحف مل تطرح نفسها‬ ‫بديالً عن الرابطة أو عن أمساء بذاهتا‪ ،‬بل سعت منذ‬ ‫افدا آخر‬ ‫مغايرا" يف الثورة‪ ،‬ور ً‬ ‫بدايتها ألن تكون "صوتًا ً‬ ‫لنهر الصحافة والثقافة اجلديدة أثناء وما بعد الثورة‪،‬‬ ‫بعيدا عن مجود "الكبار" الذين بقوا حمافظني على نربة‬ ‫ً‬ ‫واحدة مل تتغري‪ ،‬رغم التغريات الضخمة على األرض‪.‬‬ ‫وكانت آخر مثرا ت هذه الشجرة الثقافية اجلديدة‪،‬‬ ‫جملة شهرية "فكرية أدبية" (حبسب ما ق ّدمت نفسها)‪،‬‬ ‫دخلت بقوة إىل جمال الفكر والثقافة ال سيما‬ ‫مع اعتمادها على باقة متنوعة من األمساء خمتلفة‬ ‫التوجهات واألعمار يف عددها األول الذي صدر‬ ‫ّ‬ ‫يف الذكرى الثانية للثورة‪ ،‬وتأسيسها جلائزٍة سنوية يف‬ ‫حقول إبداعية متنوعة‪ ،‬متّ إعالن نتائج دورهتا األوىل‬ ‫منذ فرتة وجيزة‪.‬‬ ‫وبكل األحوال‪ ،‬مل تظهر الصورة النهائية بعد ملا ميكن‬ ‫تسميته بـ "الثقافة السورية اجلديدة"‪ ،‬إذ أن املشاريع ال‬ ‫تزال يف بدايتها‪ ،‬عدا عن تعثّر بعضها لدواع متعددة‬ ‫أمهها األمراض البعثية اليت سيطرت على الساحة أكثر‬ ‫عاما من التهميش واإلقصاء‪ .‬ولكن‪ ،‬يف‬ ‫من أربعني ً‬ ‫هناية األمر‪ ،‬تبدو هذه الثمار (يف نسختها الشبابية)‬ ‫هي األكثر قدرةً على احلركة والتطور كيال تصبح‬ ‫مستنقعا آخر من تلك اليت اعتدنا عليها طوال أربعني‬ ‫ً‬ ‫عاما‪ ،‬وتسللت بعض أعراضها إىل الثورة السورية‪.‬‬ ‫ً‬


‫حتقيقات‬ ‫قذائف النظام حترق ثلث خمزونه من القطن يف احلسكة وهي تطارد «املسلحني»‬ ‫مصدر مطلع‪ :‬اخلسائر جتاوزت ملياري لرية ومل يتم التحقيق رمسياً يف األمر‬

‫بهزاد حاج حمو‪ /‬الحسكة‬

‫هز انفجار عنيف حميط‬ ‫«الثالث من آذار ‪ 2013‬ليالً‪َّ ،‬‬ ‫احملرس ألتفقد األمر‪ ،‬وإذ‬ ‫احمللج‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فهرعت مسرعاً من َ‬ ‫حبريق هائل يلتهم (ستوكات) القطن يف الباحة»‪ ،‬هكذا‬ ‫حراس حملج احلسكة أن يصف لـ‬ ‫حياول أبو حممد أحد َّ‬ ‫«جسر» مدى تفاجئه باحلادثة‪ .‬مث يضيف «وبينما كنت‬ ‫مذهوالً أمام مشهد النريان‪ ,‬اليت بدأت تشتد وتستعر‬ ‫أكثر فأكثر بفعل الرياح الغربية‪ ،‬تتاىل صوتان آخران يف‬ ‫كت حينها أهنا قذائف مدفعية أو ما شابه‪,‬‬ ‫احمليط‪ ,‬أدر ُ‬ ‫علقت»‪.‬‬ ‫علقت‪،‬‬ ‫أردد‪:‬‬ ‫أنا‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫اكض‬ ‫ر‬ ‫كت املكان‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫فرت ُ‬ ‫ترك أبو حممد خلفه تلك الليلة مئة وسبعني ألف طن من‬ ‫القطن‪( ،‬مئة الف طن منها هو حمصول العام احلايل)‪،‬‬ ‫لتلتهمه النريان‪ ،‬وليكون عرضة لقذائف أخرى قد تسقط‬ ‫أيضاً‪ ،‬بسبب سياسة «عشوائية» انتهجها النظام يف‬ ‫مطاردته لـ «املسلحني»‪ .‬سياسة خلفت أيضاً يف ذلك‬ ‫احلريق خسارة قدرها مطلعون مبلياري لرية سورية‪ ،‬وسط‬ ‫صمت رمسي‪« ،‬خلص تلك احلادثة وأسباهبا بورقة ليضعها‬ ‫يف أدراجه»‪.‬‬ ‫املدفعية تطارد اللصوص‬ ‫رداً على سؤال «جسر» عن األسباب احلقيقية اليت أدت‬ ‫إىل احلريق‪ ،‬يقول «ماهر»‪ ،‬وهو موظّف دائم يف احمللج‬ ‫إن «مرآب مديرية اجلمارك‪ ،‬املالصق للمحلج‪ ،‬حيوي‬ ‫املصادرة‪ ،‬وبالتايل يشكل هذا‬ ‫مئات السيارات واآلليات‬ ‫َ‬ ‫املرآب صيداً مثيناً وهدفاً لغارات عدة يشنها ملثَّمون‬ ‫مسلَّحون هبدف االستيالء عليها‪ ،‬وبسبب تكرار هذه‬ ‫احلادثة‪ ،‬وكوننا نستغل املساحات الفارغة من باحة‬ ‫املرآب لتخزين كمية فائضة عن قدرة استيعاب خمازن‬ ‫احمللج من القطن اخلام‪ ،‬جلأنا أكثر من مرة إىل إعالم‬ ‫اجلهات املسؤولة ملعاجلة هذا املوقف‪ ،‬لكن مل تبدر منهم‬ ‫أية إشارة يف هذا السياق»‪.‬‬ ‫ويضيف «تلك الليلة بالذات‪ ،‬اقتحمت املرآب جمموعة‬ ‫كبرية بعض الشيء‪ ،‬كما ذكر أحد زمالئي‪ ،‬فقصفت‬ ‫املدفعية املتمركزة يف جبل كوكب (‪ 20‬كم شرق املدينة)‬ ‫سقطت إحداها على املخزون أدت‬ ‫املوقع‪ ,‬بعدة قذائف‬ ‫ْ‬ ‫إىل إحراقه‪ ،‬وهذا متاماً ما حدث»‪.‬‬

‫جبنوده خوفاً من االنشقاق أو القنص‪ ،‬كما أنه دليل على‬ ‫استهتار النظام بأرواح املدنيني و ممتلكاهتم‪ ،‬حيث باتت‬ ‫يف اآلونة األخرية‪ ،‬قذائف املدفعية تسقط على أحياء‬ ‫املدينة بشكل كثيف لتحصد أينما وقعت أرواح األبرياء‬ ‫وختلف الدمار‪ ،‬حبسب الناشط‪ ،‬كما حدث قبل أيام‬ ‫حني سقطت إحدى هذه القذائف على منزل يف «حي‬ ‫املفيت» يضم عائلة يتيمة‪ ،‬فاستشهدت سيدة ستينية بعد‬ ‫أن بُرتت ساقها‪ ،‬وحفيدها الذي كان يبلغ من العمر‬ ‫يومني فقط‪ ،‬ومل يتمكن األهايل من مللمة أشالئه‪.‬‬ ‫فاتورة خسائر «قاسية»‬ ‫حلظة نشوب احلريق يف احمللج كانت الكمية املخزنة فيه‬ ‫مئة وسبعني ألف طن‪ ،‬فاحرتق منها مخسون ألف طن‪،‬‬ ‫حبسب «س‪.‬غ»‪ ،‬وهو مصدر مطلع‪ ،‬مقدراً اخلسائر‬ ‫مبلياري لرية سورية‪.‬‬

‫وأشار «س‪.‬غ» إىل أن مرآب اجلمارك املالصق‪ ،‬يتعرض‬ ‫لسرقات متكررة‪ ،‬إذ حيتوي على أربعة آالف آلية‬ ‫مصادرة‪ ،‬تضم سيارات ودراجات نارية‪ ،‬بقي منها اليوم‬ ‫َ‬ ‫مؤشر على ضعف‬ ‫أقل من عشر آليَّات فقط‪.‬‬ ‫أما رئيس جلنة املتابعة الزراعية يف اجمللس الوطين الكردي‬ ‫«استمر احلريق يومني كاملني دون أن تتمكن سيارات‬ ‫َّ‬ ‫اإلطفاء التابعة ملالك احمللج من إطفائه‪ ,‬كما ومل يتمكن فيصل احلسني‪ ،‬فأكد لـ «جسر» أن اخلسائر احلقيقية‬ ‫تقدَّر حبوايل أربعة مليارات سورية‪ ،‬إال أنه قلل من األثر‬ ‫فوج إطفاء احلسكة من ذلك أيضاً»‪ ،‬حبسب ما أكده‬ ‫املباشر على املزارع كونه استلم قيمة فواتريه كاملة‪،‬‬ ‫«آراس»‪ ،‬وهو شاهد على احلادثة‪.‬‬ ‫ويعترب الناشط اإلعالمي «آدم»‪ ،‬وهو من أبناء احلسكة‪ ،‬واملخزون أصبح ملكاً للدولة والقطاع العام‪.‬‬ ‫اللجوء إىل القصف العشوائي الستهداف جمموعة‬ ‫مسلحني مؤشر يعكس درجة ضعف النظام وعدم ثقته‬

‫كتاب رمسي «خجول»‬ ‫رد فعل إدارة احمللج على تلك احلادثة‪ ،‬اقتصر على إرسال‬ ‫كتاب «روتيين» إىل املؤسسة العامة حللج وتسويق‬ ‫األقطان‪ ،‬ذكر فيه احلادثة واألرقام الرمسية للخسائر دون‬ ‫التطرق لسبب احلريق‪ ،‬وقامت املؤسسة فيما بعد برفعه إىل‬ ‫وزارة الصناعة بالطريقة ذاهتا‪ ،‬وفقاً ملا أكده «س‪.‬غ»‪.‬‬ ‫واجلدير بالذكر أن املدفعية املتمركزة يف جبل كوكب‪ ،‬وهو‬ ‫جبل بركاين تقوم بقصف حميط مدينة احلسكة واملناطق‬ ‫اليت تدور فيها اشتباكات بني اجليش احلر وقوات النظام‪,‬‬ ‫أو تلك اليت قام األول بتحريرها كمنطقة الشدادة وناحية‬ ‫تل براك مشاالً‪ ،‬حيث املوقع االسرتاتيجي اهلام بني احلسكة‬ ‫والقامشلي‬

‫عن حملج احلسكة‬ ‫ميتد حملج احلسكة على مساحة مخسة هكتارات يف‬ ‫منطقة «املشريفة» مشال غرب املدينة‪ ،‬حتيط به جمموعة‬ ‫من املؤسسات احلكومية‪ ،‬أمهها مديرية اجلمارك ومؤسسة‬ ‫للهاتف اآليل‪ ،‬وفيه عدة أقسام منها التخزين واحللج‪.‬‬ ‫خيضع القطن اخلام لعملية صناعية تدعى باحللج‪ ،‬حيث‬ ‫تُقدَّر الطاقة اإلنتاجية له بثمانني ألف طن سنوياً‪.‬‬ ‫اخنفضت يف العام املاضي إىل أقل من عشرة أالف طن‬ ‫فقط‪ ،‬أي ما يقارب ‪ 90‬يف املائة اخنفاضاً‪ ,‬نتيجة افتقاد‬ ‫موارد الطاقة (الكهرباء واملازوت)‪ .‬يقوم احمللج بتشغيل‬ ‫حنو أربعمئة موظَّف مومسي مبوجب عقود سنوية‪ ،‬أما‬ ‫موظفيه الدائمني فعددهم مئة موظف‪.‬‬

‫‪ 26‬أذار ‪ / 2013‬العدد الثالث عرش‬

‫‪9‬‬


‫محص‬ ‫محص تأويالت احلصار‬ ‫أنور عمران‬ ‫ال شيء يُقلق احملاصرين يف محص‪ ،‬ال األوابد اليت تأكلها غريزة البقاء هي ما دفعهم إىل اجرتاح وسائل وابتداع‬ ‫النريان‪ ،‬وال األرواح اليت تصادف هناياهتا عند كل ناصية‪ ،‬تقنيات ال ميكن أن يستمر العيش بدوهنا‪ ،‬وفجأة حتول‬ ‫فحكاية الرغيف هي األش ّد إيالماً‪ ،‬ولكي تبقى اليد على عناصر اجليش احلر إىل حرفيني خارقني‪ ،‬بإمكاهنم أن‬ ‫الزناد‪ ،‬يقول احملاصرون‪ ،‬حنن حنتاج إىل أبسط مقومات‬ ‫يكتشفوا النار من جديد‪ ،‬وأن يهرسوا القمح والذرة‬ ‫البقاء ‪.‬‬ ‫حبجارة الشوارع‪ ،‬ليصنعوا بعض األرغفة اليت تسد رمقهم‬ ‫ورمق من هم يف محايتهم من نساء وأطفال و عجزة‪،‬‬ ‫متتد محص احملاصرة من القصور واخلالدية وهي اجلبهة‬ ‫وكل م ٍرت من الرتاب النادر يف أحياء املدن حتول إىل ٍ‬ ‫حقل‬ ‫اجلنوب‪،‬‬ ‫الشمالية‪ ،‬حىت باب هود وباب الرتكمان يف‬ ‫زراعي ينتج اخلضروات الضرورية‪ ،‬وماء السماء صار‬ ‫ومن باب تدمر شرقاً وباب الدريب يف اجلنوب الشرقي‬ ‫ُيمع يف أو ٍان أعدها الثوار هلذا الغرض‪ ،‬وبعد كل هذا‬ ‫حىت جورة الشياح و القرابيص يف الغرب‪ ،‬ليكون عدد‬ ‫«رغيف مع‬ ‫العناء ينصرفون إىل الفتاهتم ليخطوا عليها‬ ‫ٌ‬ ‫األحياء احملاصرة واليت تقع حتت سيطرة اجليش احلر حوايل الكرامة خير من قصور الدنيا مع الذل»‪ ،‬ولكن حىت‬ ‫أربعة عشر حياً‪ ،‬تتوزع على مركز املدينة و املدينة القدمية‪ ،‬هذا الرغيف يأىب أن يكون طيّعاً‪ .‬ويبقى هلم فقط ما‬ ‫وبالطبع هي األحياء اليت تعاين من حصار خانق عمره‬ ‫هتبه السماء والطبيعة يف ترمجة حرفية لشعار أطلقوه منذ‬ ‫انطالق الثورة «ياهلل‪ ،‬ما لنا غيرك ياهلل»‪.‬‬

‫عام كامل‪ ،‬وكذلك تتعرض‪ ،‬منذ عام‪ ،‬للقذائف املدفعية‬ ‫والصواريخ ومحوالت الطريان‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫الكل‪ ،‬وحىت أشد املؤيدين للثورة‪ ،‬مينعون وصول األسلحة‬ ‫النوعية إىل محص‪ ،‬ال أحد يريد للثوار أن يتمكنوا من‬ ‫االستيالء على النقاط اليت ختضع لسيطرة األسد‪،‬‬ ‫وحجتهم أن أغلب املتواجدين يف هذه املراكز هم من‬ ‫أبناء محص املوالني‪ ،‬واالنتصار احلاسم للثوار يعين احلرب‬ ‫األهلية‪ ،‬هي حسابات السياسية‪ ،‬لكن نقص العتاد يعين‬ ‫هنا املوت احملتم‪ ،‬ويبقى السؤال الذي ُي ّي احملاصرين‪،‬‬ ‫ما الفرق بني أن متوت يف حرب أهلية أو حتت صاروخ‬ ‫وطين؟‪.‬‬

‫اجلرحى يف محص احملاصرة‪ ،‬ختاط جراحهم بال خمدر وال‬ ‫مسكن‪ ،‬واألطباء القليلون ينتظرون دورهم لكي يصريوا‬ ‫غداً جرحى‪ ،‬وكثريون هم من ميوتون هنا بإصابة‪ ،‬كان من‬ ‫املمكن أن تشفيها حقنة واحدة خارج محص احملاصرة‪،‬‬ ‫ال ميكن ألهل اخلالدية احملاصرين أن ينسوا قصة «أبو‬ ‫واملستشفيات امليدانية مكان بارد ٍ‬ ‫وخال من األدوية‬ ‫حسن» الذي حاول أن يتسلل باجتاه الشمال‪ ،‬خارج‬ ‫املنطقة احملاصرة‪ ،‬لكي يعود إىل احملاصرين ببعض القوت‪ ،‬واألجهزة‪ .‬هم ببساطة يعيشون ألن احلكاية تفرتض أن‬ ‫يعيشوا‪.‬‬ ‫ودعوه كما يليق بالشهداء‪ ،‬اخرتقته طلقة قناصة على‬ ‫مسافة أمتار من حدود احلصار‪ ،‬لكنه عاد زاحفاً‬ ‫حصار محص هو هاجس اجلميع‪ ،‬كثريون هم الذين‬ ‫وهو حيمل عاهة أبدية‪ ،‬وخيلّف ندبة يف قلب املدينة‪،‬‬ ‫كثريون غريه حاولوا و فشلوا‪ ،‬وآخرون من خارج املناطق تنطحوا حلل هذه املعضلة‪ ،‬عقدت االجتماعات‪،‬‬ ‫احملاصرة‪ ،‬جاؤوا ليفكوا حصار إخوهتم‪ ،‬لكنهم مل حيصدوا ونوقشت وجهات النظر‪ ،‬وسيأيت الكثري‪،‬ومحص هي‬ ‫ومهي يفصلها عن احلياة احلقيقية‪،‬‬ ‫سور ٌّ‬ ‫محص ‪ٌ ،‬‬ ‫سوى الشهادة‪.‬‬ ‫مكان للموت واجلوع والربد‪ ،‬وموضوعٌ مميـٌّز للجداالت‬ ‫ال مكان للحيوانات األليفة يف املدن‪ ،‬لكن الوضع تغري والشاشات‪.‬‬ ‫اآلن يف محص‪ ،‬فالدجاج هو النزيل املدلل والذي يعطيه‬ ‫اجلميع‪ ،‬ما عدا الطائرات‪ ،‬كل ضمانات العيش على أن تزوج منذ أيام أحد عناصر اجليش احلر من حبيبته احملاصرة‬ ‫يستمر يف البيض‪ ،‬بعض احليوانات األكرب حجما تعيش مثله‪ ،‬مل يكن العرس مفرحاً كما يليق هبكذا مناسبات‪،‬‬ ‫ً‬ ‫برفاهية كاملة‪ ،‬والبشر هنا يعيدون أجبديات التدجني من لكنه كان كذلك بالنسبة للعاش َقني احملاصرين‪ ،‬وكان‬ ‫جديد‪ ،‬ببساطة ميكن أن تفهم وأنت يف محص اليوم كل موجعاً لنا حنن الذين نشاهد موهتم يف األفالم الوثائقية‪،‬‬ ‫الدوافع اليت حضت بعض الشعوب على تقديس أنواع وكأن هذا الزواج مل يكن إال صرخة تعلن أن احلب يف زمن‬ ‫معينة من احليوانات‪ ،‬واليت جعلتهم حيرمون قتلها‪ ،‬وكما احلرب هو القمح السحري الذي حنتاجه لنبقى‪.‬‬ ‫بداية اخللق‪ ،‬احليوان هنا شريك يف امللكيات ويف إعمار ‪.‬‬ ‫األرض‪.‬‬

‫املؤن موجودةٌ سلفاً يف املنازل‪ ،‬وهذا ما اعتاده أهل‬ ‫عادت النساء هنا إىل صحبة اخليط واإلبرة‪ ،‬ال شيء‬ ‫محص‪ ،‬ولكن عام كامل من احلصار يكفي الستنزاف‬ ‫ميكن أن نسميه بالثياب البالية‪ ،‬فمصممات األزياء‬ ‫كل شئ‪ ،‬واملدنيون الذين يتجاوز عددهم األلف‪ ،‬وبينهم اآلن يعدلن الشكل واملقاس‪ ،‬ويبتدعن تصاميم رمبا‬ ‫النساء واألطفال واملسنون‪ ،‬يضيفون عبئاً إىل أعباء اجليش سيندم العامل املتمدن يوماً ويعتمدها‪ ،‬ولرمبا يطلق عليها‬ ‫احلر‪ ،‬فهم يلجؤون إىل األقبية أثناء القصف‪ ،‬هذه األقبية تسمية من قبيل «روح الشجرة»‪ ،‬ليعرتف بأن بداية‬ ‫غري صاحلة للعيش بسبب رطوبتها وسوء هتويتها‪ ،‬ومع‬ ‫اخللق اجلديد كانت من محص احملاصرة‪ ،‬و «الكشتبان»‬ ‫ذلك فقد يضطرون إىل قضاء أيام كاملة فيها‪ ،‬كما أهنم اآلن صنو األنوثة يف محص‪ ،‬الكل‪ ،‬ومع التوقف النادر‬ ‫حباجة إىل املأكل وامللبس واملاء‪ ،‬وكل شئ شحيح حىت‬ ‫للقصف‪ ،‬يتذكر املطربة اللبنانية هدى حداد وهي تغين‬ ‫اهلواء أحياناً‪ ،‬يف تلك اجلغرافية الصغرية اليت ختلى عنها‬ ‫« لينا يا لينا إبرة وخيط عريينا»‪ ،‬هذه هي احلقيقة املرة‪،‬‬ ‫العامل أمجع أو تناساها يف أحسن الظن‪.‬‬ ‫كل ما حتتاجه نساء محص احملاصرة اآلن‪ ،‬إبرة وخيط‬ ‫فقط‪ ،‬وال واحدة منهن تتذكر ماركات العطور واملاكياج‪،‬‬ ‫‪ 26‬أذار ‪ / 2013‬العدد الثالث عرش‬

‫فاألولوية للرتاب‪.‬‬


‫الساحل‬ ‫وسط حصار أمين خانق‬

‫مدن الساحل السوري تنشط ضمن إمكانياهتا‬ ‫سارة منصور‬

‫رغم غياب مناطق الساحل السوري عن وسائل اإلعالم‪،‬‬ ‫إال أن نشاطها الثوري حاضر‪ ،‬وقد يأخذ طابعاً سرياً نوعاً‬ ‫ما‪ ،‬حبسب ناشطني‪ ،‬نظراً النتشار الشبيحة فيها بشكل‬ ‫ملفت‪ ،‬ونظراً لكون املنطقة تضم خليطاً من الطوائف‪،‬‬ ‫ومنها من يؤيد النظام‪.‬‬ ‫ولعل حراك بانياس الشهري يف بداية الثورة خري دليل‬ ‫على أن تلك املناطق تتوق للحرية كما غريها‪ ،‬إال أن‬ ‫حماوالت خنق نشاطها‪ ،‬والتضييق عليها (نظراً حلساسية‬ ‫موقعها) تنجح أحياناً‪ ،‬ولكن ما تلبث أن تفشل إثر إصرار‬ ‫الناشطني على العمل‪ ،‬ولو سراً‪.‬‬ ‫بانياس‬ ‫املدرسة «أ‪.‬م» اليت تعمل يف إحدى مدارس طرطوس‬ ‫ّ‬ ‫الثانوية كانت شاهدة على اقتحام اجليش السوري‬ ‫لبانياس‪ ،‬منذ عامني‪ ،‬إذ أهنا كانت يف زيارة ألقارهبا‬ ‫هناك‪ ،‬فتقول «عندما كنت يف بانياس كانت املظاهرات‬ ‫جتوب الساحات‪ ،‬هرب رجال األمن من املنطقة وتركوها‬ ‫لسكاهنا‪ ،‬نصبوا حواجزهم على مداخل املدينة وعلى‬ ‫الطرق العامة‪ ،‬ويف صبيحة ذلك اليوم استفقنا على خرب‬ ‫إطالق نار على حافلة تابعة للجيش السوري على طريق‬ ‫طرطوس‪ -‬الالذقية‪ ،‬بالقرب من جسر بانياس‪ ،‬مل يكن‬ ‫لدينا الوقت للتفكري فيما حصل‪ ،‬ما هي إال ساعات حىت‬ ‫حاصر اجليش املدينة ومت إطالق نداءات لتسليمها‪ ،‬ومل‬ ‫نفهم من يسلمها‪ ،‬فالناس هناك كان سالحهم الوحيد‬ ‫حناجرهم»‪.‬‬ ‫جرى إطالق نار كثيف‪ ،‬حبسب امل ّدرسة‪ ،‬فسمحوا لألهايل‬ ‫بسحب اجلثث دون متكينهم من إسعاف املصابني‪،‬‬ ‫وانتهت املعركة مبئات اجلرحي يف مشفى طرطوس الوطين‪،‬‬ ‫وقامت قوات النظام باختطاف ما أمكنها اختطافه‪،‬‬ ‫فسارع األهايل لدفن موتاهم‪ ،‬ودخل الشبيحة املدينة‪،‬‬ ‫وقاموا بانتهاك حرماهتا‪.‬‬

‫هبذه احلادثة تعترب املدرسة «أ‪.‬م» أن شعلة الثورة انطفأت‬ ‫يف بانياس‪ ،‬بعد اعتقال مئات الشبان‪ ،‬ومل يكتف النظام‬ ‫بذلك‪ ،‬بل تركها «فريسة» لشبيحته‪ ،‬وحىت اللحظة بانياس‬ ‫حماصرة بالشبيحة وال جمال للتحرك فيها حبجة أن كل‬ ‫سكاهنا هم عمالء لعبد احلليم خدام‪ ،‬وأنه عمل على‬

‫تسليحهم خالل السنوات اليت قضاها خارج البالد‪ ،‬بعد‬ ‫وصول بشار األسد للحكم‪.‬‬ ‫الالذقية‬ ‫ثورة بانياس أعقبها عصيان الالذقية‪ ،‬حيث اعتصم‬ ‫الشباب يف الساحات ويف املساجد‪ ،‬فيقول الناشط‬ ‫«أ‪.‬ع»‪« ،‬اعتصمنا يف الساحة اجملاورة جلامع الرمحن يف‬ ‫حي الطابيات‪ ،‬حاصرنا النظام بإحكام حينها‪ ،‬ويف النهاية‬ ‫فاوضنا على فك االعتصام مقابل احلفاظ على أرواحنا»‪.‬‬ ‫تال تلك احلادثة انتشار كثيف لألمن والشبيحة‪ ،‬وباتت‬ ‫املدينة عرضة هلجماهتم من وقت آلخر‪ .‬وعند سؤاله عن‬ ‫الوضع حالياً‪ ،‬أجاب «أ‪.‬ع»‪« ،‬حىت هذه اللحظة مل ختمد‬ ‫ثورتنا رغم انتشار الشبيحة وسيطرهتم على األرض‪ ،‬إذ مل‬ ‫يدخل اجليش‪ ،‬وحىت تدخل األمن مل يكن عنيفاً‪ .‬ما يقلقنا‬ ‫اليوم هو سطوة الشبيحة»‪.‬‬ ‫طرطوس‬ ‫وتبقى مدينة طرطوس‪ ،‬كما يصفها أحد أبنائها «و‪.‬ع»‬ ‫وهو طالب جامعي‪ ،‬بأهنا «مدينة تغرد خارج السرب»‪،‬‬ ‫إذ أهنا ترقب تطور األحداث حبذر‪ ،‬وقام النظام حبركة‬ ‫استباقية‪ ،‬فاعتقل كل من كان معارضاً له فيها سابقاً‪ ،‬حماوالً‬ ‫وأد ثورة مل تولد بعد‪ ،‬فولد اجلنني مشوها‪ ،‬جنني لبس عباءة‬ ‫الطائفية رغماً عنه‪ .‬هي مواجهة بني (العريض والساحة)*‬ ‫أو هكذا كان ظاهرها»‪.‬‬ ‫اقتصر احلراك يف طرطوس على مظاهرات بسيطة هنا وهناك‬ ‫وقمعها الشبيحة‪ ،‬مما اضطر قوات األمن للتدخل أحياناً‬ ‫لفض النزاع بني الشبيحة واملتظاهرين‪ ،‬حبسب الطالب‬ ‫«و‪.‬ع»‪ ،‬وانتشر املخربون أو من يسمون بالعواينية‪ ،‬كما‬ ‫انتشر التسلح بني املوالني للنظام‪ ،‬حيث قامت شعب‬ ‫احلزب بتوزيع السالح على من يوايل النظام‪.‬‬ ‫وهي معلومة تؤكدها «ن‪.‬م»‪ ،‬اليت تقطن يف املدينة بقوهلا‬ ‫«شاهدت بأم العني جارنا حيمل الكالشينكوف‪ ،‬دون‬ ‫خوف‪ ،‬وعلمت أنه استلمها من شعبة احلزب املالصقة‬ ‫للمنزل‪ ،‬كونه عنصر أمن سابق»‪.‬‬ ‫وتروي «ن‪،‬م» إحدى احلوادث اليت جرت يف منطقتها‪،‬‬ ‫وجعلت تلك احلادثة األهايل حيتارون فيما إذا كانت تلك‬ ‫اللجان الشعبية هل هي حقاً حلمايتهم أم ال‪ ،‬فتقول «ال‬ ‫أنسى ذلك اليوم عندما ارتفعت األصوات يف احلارة طالبة‬ ‫من إحدى السيارات التوقف بعد مطاردة طويلة‪ ،‬مت إيقاف‬ ‫السيارة‪ ،‬وقامت اللجان الشعبية يف احلي بإلقاء القبض‬ ‫على سائق السيارة‪ ،‬قاموا بتفتيشها‪ ،‬ليتبني احتوائها على‬

‫كمية من األسلحة‪ ،‬فقامت ما تسمى باللجان الشعبية‬ ‫بسحب الرجل والسيارة‪ ،‬وحىت الساعة ال نعرف حقيقة‬ ‫ما حدث‪ ،‬هل هو فعالً مسلح وستقوم اللجان الشعبية‬ ‫بتسلميه لألمن‪ ،‬أم أهنا جمرد متثيلية إلرهابنا وإشعارنا‬ ‫باخلطر‪ ،‬وبأهنم من سيعمل على محايتنا من املسلحني؟»‪.‬‬ ‫نشاط مدين يف طرطوس‬ ‫وتنشط يف طرطوس جمموعات مدنية تعمل بشكل سري‬ ‫لتقدمي شيء للثورة السورية‪ ،‬مثل تأمني مأوى للمطلوبني‪،‬‬ ‫وتقدمي العون لالجئني‪ ،‬وتوزيع املناشري وطالء اجلدران‪،‬‬ ‫لكن هذه األعمال على بساطتها قوبلت بالقمع العنيف‬ ‫من الشبيحة واألمن‪ ،‬وشنت محالت اعتقال واسعة‪،‬‬ ‫طالت معظم النشطاء حىت من نشط منهم عرب مواقع‬ ‫التواصل اإلجتماعي‪ ،‬ويف الوقت عينه مت هتميش كل‬ ‫هذه األعمال من قبل وسائل اإلعالم املعارضة للنظام‬ ‫يف سورية‪.‬‬ ‫تقول «ل‪.‬ع» طالبة يف جامعة تشرين يف الالذقية‪ ،‬تقيم‬ ‫يف طرطوس «مل استطع أن أستمر يف زياريت للمدارس‬ ‫اليت آوت الالجئني‪ ،‬لقد اعتقلت قوات األمن أصدقائي‪،‬‬ ‫وقد أكون ضحيتهم التالية‪ ،‬إذا استمريت باالقرتاب من‬ ‫األماكن احملظورة»‪.‬‬ ‫لكنها تعتقد أن الثورة مازالت خبري يف الساحل‪ ،‬بوجود‬ ‫تنظيمات مدنية تعمل سراً ضد النظام‪ ،‬ووجود حركة‬ ‫اجتماعية مناهضة له‪ ،‬حىت يف أكثر األماكن مواالة‪،‬‬ ‫ومتثلت يف رفض بعض األهايل إرسال أبنائهم خلدمة‬ ‫العلم‪ ،‬معتربة ذلك مؤشراً على أن لعبة النظام على أوتار‬ ‫االنقسام الطائفي يف الساحل السوري‪ ،‬لن يكتب هلا‬ ‫النجاح‪.‬‬ ‫وحتفظت «ل‪.‬ع» عن احلديث بتفصيل عن التجمعات‬ ‫املدنية املوجودة يف طرطوس‪ ،‬واكتفت بالقول «هناك‬ ‫جتمعات خمتلطة دينياً وقومياً تنشط على األرض يف‬ ‫اخلفاء‪ ،‬مثل حنل الساحل‪ ،‬طرطوس العامرية‪ ،‬أحرار‬ ‫طرطوس‪ ،‬جتمع مدين حر‪ ،‬نبض وغريها‪ ،‬وتعمل إلغاثة‬ ‫الالجئني‪ ،‬وإخفاء املطلوبني‪ ،‬وتأمني األدوية واألغذية‬ ‫للمناطق احملاصرة‪ ،‬واحلفاظ على السلم األهلي‪ ،‬وتوزيع‬ ‫املناشري‪ ،‬وكتابة شعارات الثورة واحلرية على اجلدران‪،‬‬ ‫لتذكري اجلميع‪ ،‬بأن جذوة الثورة يف الساحل السوري‬ ‫ال تزال متقدة‪ ،‬وإن كان حتت غطاء أمين كثيف‪ ،‬وبعيداً‬ ‫عن أضواء اإلعالم الذي يتحاشاها عن قصد أو غري‬ ‫قصد»‪.‬‬ ‫* العريض شارع يف طرطوس تقطنه غالبية علوية‪ ،‬والساحة شارع‬ ‫آخر تقطنه غالبية سنية‪.‬‬

‫‪ 26‬أذار ‪ / 2013‬العدد الثالث عرش ‪11‬‬


‫األخرية‬ ‫مقابلة مع مدير مدرسة‬ ‫بقلم الطفلة سجى‬ ‫سجى عبد الواحد وهم‪ ،‬طفلة يف الصف السادس‪،‬‬ ‫نازحة من قرية اجلانودية‪ ،‬تعيش يف قرية الزهراء بدركوش‪،‬‬ ‫وتذهب إىل مدرستها‪ ،‬إال أن عدم توفر كتب يف تلك‬ ‫املدرسة‪ ،‬دفعها للتساؤل‪ ،‬فوضعت أسئلة لـ «مدير‬ ‫املدرسة» حول هواجسها‪ ،‬لكنها مل تنتظر إجاباته‪ ،‬فقد‬ ‫أجابت بالنيابة عنه‪ ،‬عن تساؤالهتا بنفسها‪.‬‬ ‫وأرسلت لنا صورة‪ ،‬تطل فيها بوجهها الربئ‪ ،‬لتلك‬ ‫املقابلة كي ننشرها‪ ،‬حنن هنا ال نقوم بالنشر فقط من‬ ‫باب طرافة الفكرة‪ ،‬أو لتشجيع سجى وأمثاهلا فقط‪،‬‬ ‫بل لعمق احلكاية‪ ،‬وإحيائها الشديد‪ .‬أطفال سورية‪،‬‬ ‫يتساءلون عن مصريهم‪ ،‬وال ينتظرون اإلجابات من‬ ‫أحد‪..‬‬

‫يف الذكرى الثانية الستشهاد أول طبيب يف ثورة سورية‬

‫استشهاد شقيقه اآلخر ومصري جمهول يواجه شقيقه املعتقلني‬ ‫نص المقابلة‬ ‫ يسرنا اآلن أن نلتقي مدير املدرسة‬‫أهال وسهال تفضل‬‫_ نود بداية أن نطمئن عن مدرستكم وأحواهلا‬ ‫ومستلزماهتا إلمتام املرحلة التعليمية بشكل جيد‪،‬‬ ‫فاألوضاع يف سورية هذه السنة ختتلف عن السنوات‬ ‫السابقة‪ ،‬كيف تستطيعون تأمني كل ما يلزم؟‬ ‫ يوجد لدينا مساعدات من أشخاص يؤمنون لنا‬‫احلاجات الالزمة‪.‬‬ ‫ هل يوجد عندكم كتب؟‬‫ نعم واحلمد اهلل‪ ،‬لكن بعض الكتب ليست متوفرة حنن‬‫ننتظر الوقت املناسب للحصول عليها‪.‬‬ ‫هل يوجد عندكم يف هذه احلال معلمني؟‬‫ املعلمون من خارج البلدة ال يستطيعون الوصول‬‫للمدرسة لصعوبة املواصالت‪ ،‬فيقوم ناشطون من البلدة‪،‬‬ ‫ومن استطاعوا الوصول إلينا بالقيام هبذه املهمة‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫‪ 26‬أذار ‪ / 2013‬العدد الثالث عرش‬

‫يف الثالث والعشرين من شهر آذار ‪ 2011‬نال أول‬ ‫طبيب يف سورية شرف الشهادة بدرعا يف ثورة الكرامة‪،‬‬ ‫وهو الطبيب علي ٍ‬ ‫غصاب احملاميد (‪ ،1972‬متزوج‬ ‫ولديه مخسة أطفال)‪ ،‬وجاء استشهاده بسبب وفاءه‬ ‫لشرف املهنة بعد أن قامت قوات النظام بالتعاون مع‬ ‫بعض العمالء يف مديرية الصحة بدرعا‪ ،‬مبنع األطباء‬ ‫والكوادر الطبية من اسعاف املصابني ‪.‬‬ ‫لىب الطبيب علي نداء الواجب اإلنساين‪ ،‬فهب لنجدة‬ ‫إخوانه اجلرحى و املصابني عند اقتحام النظام للجامع‬ ‫العمري فجر ذلك اليوم‪ ،‬ويف طريق عودته داخل سيارة‬ ‫اإلسعاف تعرض إلطالق نار‪ ،‬فاستشهد على الفور‬ ‫بعد إصابته بأربع رصاصات‪.‬‬ ‫خالل هذين العامني الذين مرا على استشهاد علي‬ ‫استشهد شقيقه اآلخر وهو زايد احملاميد ( ‪،1983‬‬ ‫متزوج ولديه طفلني)‪ ،‬وهو خريج معهد صناعي‪ ،‬وكان‬ ‫يعمل يف «سوبر ماركت»‪ ،‬وباندالع الثورة نشط يف‬ ‫اجملال اإلغاثي‪ ،‬والطيب بعد اتباعه دورة طبية إلسعاف‬ ‫اجلرحى‪ .‬يف الفرتة األخرية التحق بالثوار‪ ،‬واقتصر عمله‬ ‫على مداواة املصابني‪ ،‬فاستشهد أثناء إسعافه لرجل‬ ‫مسن حيث مت استهدافهم خالل القصف‪.‬‬ ‫أما الطبيب حممد احملاميد (‪ ،1969‬متزوج ولديه ستة‬ ‫أطفال)‪ ،‬فقد دامهت منزله منذ ستة أشهر جمموعة‬ ‫أمنية‪ ،‬واقتاده إىل جهة جمهولة وال يزال مصريه جمهو ًال‬ ‫إىل اآلن‪ ،‬وعلمت عائلته أنه موجود يف سجن صيدنايا‪،‬‬

‫ولكنهم مل يتمكنوا من التأكد من ذلك‪.‬‬ ‫ويف ‪ 2013/3/17‬قامت قوات تابعة لألمن العسكري‬ ‫باعتقال جنيب احملاميد وهو الشقيق األكرب يف العائلة‬ ‫(‪ ،1965‬مدرس يف املعهد الصناعي)‪ ،‬ومل ترد إىل اآلن‬ ‫معلومات عنه‪.‬‬ ‫سياسة االنتقام من أفراد العائلة ليست جبديدة على‬ ‫النظام السوري‪ ،‬بعد أن قام بإعدام أطفال ورجال‬ ‫ونساء فقط جملرد وجود صلة قرىب تربطهم مبناهضني له‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.