العدد الخامس عشر من جريدة جسر

Page 1

‫خارطة موقف‬

‫األخوان املسلمون وحزب الشعب‬ ‫قطبا الخارطة السياسة السورية املستقبلية‬

‫تقارير‬

‫طالب جامعة الفرات‬ ‫يتقدمون لالمتحان يف مدراس تحت ظالل بنادق النظام‬

‫الثالثاء ‪ 9‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الخامس عرش‪ /‬السنة األوىل‬

‫سورية أسبوعية مستقلة‬

‫بني من يعتربها «حرب وجود» ومن يعدها «حرباً بال أمل»‬

‫شبان علويون يلتحقون بجيش النظام وآخرون يهربون منه‬

‫جرحى الثورة يحلمون‬ ‫باملتربع "املنقذ"‬ ‫ليعيدهم إىل الحياة‬

‫يف عيد اآلكيتو اآلشوريون‬ ‫يتطلعون بأمل إىل مزيد‬ ‫من "العيش املشرتك"‬

‫‪www.fasebook.com/jesrpress‬‬

‫عني عىل العامل‬ ‫األطباء السوريون وسط‬ ‫نريان الحرب‬

‫‪www.twitter.com/jesr_press‬‬

‫نهضة سورية قراركم الشخيص‬ ‫عبدالنارص العايد‬ ‫قبل بضع سنوات‪ ،‬زار وفد رسمي سوري دولة كوريا‬ ‫الجنوبية لالستفادة من تجربتها النهضوية املميزة‪ ،‬ومام‬ ‫عاد به الوفد‪ ،‬شهادة ألحد املوفدين قال فيها إنه رأى‬ ‫مدير تنفيذي إلحدى الرشكات يعمل يف يوم العطلة‪،‬‬ ‫فسأله عن سبب ذلك‪ ،‬وكان رد الرجل السبعيني أنه‬ ‫نادرا ً ما غاب يوماً كامالً عن عمله عىل مدى عقود‪ ،‬ألنه‬ ‫عندما كان يف السادسة عرش من العمر"قرر" أن يجعل‬ ‫من كوريا دولة صناعية كربى‪ ،‬وهو يعمل من أجل تنفيذ‬ ‫قراره بكل ما أويت من قوة‪ ،‬خاصة بعد أن تحقق جزء‬ ‫من حلمه‪.‬‬ ‫كان هذا الكالم الذي نرشته إحدى الصحف السورية‬ ‫آنذاك‪ ،‬يدعو للكآبة واإلحباط والحزن‪ ،‬فبالدنا تحت‬ ‫حكم الديكتاتورية كانت بلد الطاغية ومزرعته‬ ‫ومرشوعه السلطوي العائيل‪ ،‬وليس لنا حتى أن نحلم‬ ‫بأن "نقرر" ناهيك عن التنفيذ‪ ،‬أو التباهي مبا أنجزنا‪.‬‬ ‫تغري كل يشء اآلن‪ ،‬سورية مفتوحة عىل مرصاعيها لكل‬ ‫أبنائها‪ ،‬بإمكانياتها ومقدراتها وكنوزها وثروتها‪ ،‬ونحن‬ ‫أشبه بشعب اكتشف قارة جديدة‪ ،‬يستطيع أن ينهبها‬ ‫ويدمر خرياتها‪ ،‬وبإمكانه أيضاً أن يجعلها وطناً‪.‬‬ ‫القرار الوطني اليوم هو قرار شخيص‪ ،‬ونحتاج يف هذه‬ ‫املرحلة التي يعاد فيها بناء مفهوم الوطن‪ ،‬ومؤسسات‬ ‫الدولة‪ ،‬إىل أكرب عدد ممن يحملون العقلية العملية‬ ‫الواضحة لرجل النهضة الكوري‪ ،‬حيث يتقاطع الشخيص‬ ‫والفردي والعائيل‪ ،‬مع الوطني واإلنساين‪ ،‬عىل نحو‬ ‫إيجايب‪ ،‬يقود إىل نتائج عملية وحقيقية‪ ،‬بال ضجيج أو‬ ‫بهرجة أو ادعاء‪ ،‬عىل أن ال ننىس‪ ،‬شعار الطاغية االبن‪،‬‬ ‫وقوله حني ورث السلطة "سأجعل الجنسية السورية‪،‬‬ ‫أمنية لكل إنسان يف العامل"‪.‬‬ ‫نهضة سورية "قرار" وليس "شعار"‪ ،‬ميكن لكل واحد‬ ‫منا أن يتخذه بصمت‪ ،‬ويعمل ألجله‪ ،‬وكام نجح حلم‬ ‫الحرية‪ ،‬الذي كان حتى انطالق الثورة‪ ،‬حلامً بعيد املنال‪،‬‬ ‫سينجح مرشوع النهضة بكل تأكيد‪.‬‬ ‫‪jesr.press@gmail.com‬‬


‫خارطة موقف‬ ‫األخوان املسلمون وحزب الشعب‬ ‫قطبا الخارطة السياسة السورية املستقبلية‬ ‫ال تزال اخلالفات يف أوساط املعارضة السورية تعرب عن‬ ‫نفسها بصور متعددة ومعقدة‪ ،‬كان آخرها املوقف الرافض‬ ‫لتشكيل احلكومة املؤقتة الذي أعلنه حزب الشعب‬ ‫الدميقراطي السوري‪ ،‬الذي يرأس جورج صربا‪ ،‬ممثله يف‬ ‫اجمللس الوطين السوري‪ ،‬ذلك اجمللس اآلن‪ ،‬وال يزال رياض‬ ‫الرتك‪ ،‬زعيمه التارخيي‪ ،‬يعمل يف الداخل السوري مع الثوار‬ ‫متخفياً‪ ،‬رغم جتاوزه سن الثمانني‪.‬‬ ‫ففي «بيان إىل الرأي العام» أصدر يف ‪2013/4/5‬‬ ‫قالت األمانة املركزية حلزب الشعب إن «مهمة هذه‬ ‫القيادة جيب أنه تكون حصر العمليات العسكرية بيد‬ ‫القادة العسكرين احملرتفني املنضمني إىل الثورة‪ ،‬وربط‬ ‫نشاط الفصائل امليداين بتكتيك واسرتاتيجية تلك‬ ‫القيادة‪ ،‬والثورة حباجة إىل الرتكيز على املواقع العسكرية‬ ‫واألمنية للنظام‪ ،‬وجتنب املناطق اآلهلة بالسكان عند‬ ‫ممارسة نشاطها العسكري‪ ،‬والتص ّدي للظواهر السلبية‪،‬‬ ‫إن اعرتت سلوك الثوار»‪.‬‬ ‫وهي مهمة ختتلف من حيث املبدأ عن مهمة احلكومة‬ ‫املؤقتة‪ ،‬اليت قيل عند تأسيسها أهنا ستكون حكومة‬ ‫خدمات وإدارة يقوم عليها خمتصون‪ .‬لكن بيان احلزب‬ ‫يرى فيها شيئاً أكثر خطورة‪ ،‬فهي «ستكون أقرب إىل‬ ‫حكومة منفى‪ ،‬سوف تتجاذهبا ضغوط العديد من الدول‬ ‫ذات املصاحل املتناقضة‪ ،‬األمر الذي سيضعف أداءها‬ ‫السياسي وعالقاهتا مع الداخل‪ ،‬كما أن املناطق احملررة‪،‬‬ ‫اليت احنسر عنها النظام‪ ،‬مازالت غري آمنة‪ ،‬من الصعب‬ ‫على تلك احلكومة أن يكون هلا دور مفيد فيها‪ .‬إن قيام‬ ‫أية حكومة ال حتظى بدعم الداخل‪ ،‬ال شرعية وال معىن‬ ‫هلا‪ ،‬فاإلصرار عليها ميكن أن يصبح عامل تقسيم داخل‬ ‫صفوف الثورة»‪ .‬وبدالً من ذلك دعا البيان املعارضة اليت‬ ‫يف «املهجر» إىل فهم دورها الذي حدده بأنه «يشبه‬ ‫بشكل أو بآخر عمل وزارة خارجية‪ ،‬تسعى لتوفري الدعم‬ ‫السياسي واإلغاثي والعسكري‪ّ ،‬أما يف املسائل احلساسة‬ ‫فيتطلب األمر الرجوع إىل فعاليات الثورة الستشارهتا‪،‬‬ ‫خصوصاً فيما يتعلق مبشاريع التسوية املطروحة»‪.‬‬ ‫يأيت موقف حزب الشعب بعد يوم من اجتماع اجمللس‬ ‫الوطين مع غسان هيتو‪ ،‬لغرض البحث يف عدد ومهام‬ ‫الوزارات‪ ،‬كما أكد جلسر االستاذ جورج صربا رئيس‬ ‫اجمللس‪ ،‬مشرياً إىل أن عملية تشكيل احلكومة ماضية‬ ‫خبطوات مدروسة‪.‬‬ ‫إذاً كيف ميكن فهم هذا التناقض وااللتباس يف مواقف‬ ‫املعارضة السورية‪ ،‬اخلارجية والداخلية؟ وإىل أي مدى‬ ‫ساهم انقسامها أو اضطراهبا يف تأخر انتصار الثورة‬

‫‪2‬‬

‫‪ 9‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الخامس عرش‬

‫السورية حىت اليوم؟‬ ‫احلقيقة أننا ال نستطيع أن نتحدث عن معارضة سياسية‬ ‫يف ظل ثورة‪ ،‬فالعمل السياسي جبانبه «التحزيب» مرفوض‬ ‫وفق املنطق الداخلي لثورة يقدم هبا أشخاص أرواحهم فداء‬ ‫قضية وطنية جامعة‪ ،‬إضافة إىل صعوبة عمل «السياسة»‬ ‫كفعالية ذهنية‪ ،‬يف أجواء يسودها التوتر االنفعايل األقصى‬ ‫ويقودها‪.‬‬ ‫لكن الرغبة يف «تسيس» األمور‪ ،‬ورمبا احلنني إىل العمل‬ ‫السياسي‪ ،‬ال يفتأ يقود بعض أطراف املعارضة السورية‬ ‫ويوجه عملها‪ ،‬على حنو خفي‪ ،‬يرقى إىل كونه خمطط أو‬ ‫مؤامرة سياسية‪ ،‬تنصب فكرهتا األساسية على كيفية اخلروج‬ ‫من الثورة الوطنية‪ ،‬بأكرب مكسب حزيب‪.‬‬ ‫واملثالني البارزين على ذلك مها حزبا الشعب «احلزب‬ ‫الشيوعي السوري ‪ -‬املكتب السياسي» وحزب األخوان‬ ‫املسلمني‪ ،‬الفصيلني السياسيني األقدم يف املعارضة‪ ،‬وذوي‬ ‫التاريخ احلافل‪ ،‬والدامي يف معارضة النظام‪ ،‬من موقعني‬ ‫ايديولوجيني متناقضني‪.‬‬ ‫يعتمد حزب األخوان على عالقاته ودعم اخلارج الذي‬ ‫نفي إليه لعقود طويلة‪ ،‬يف احلصول على مواقع مفرتضة‬ ‫على األرض‪ ،‬خاصة يف األوساط املدينية السنية‪ ،‬حتت‬ ‫شعار اإلسالم هو احلل‪ ،‬فيما يسعى حزب الشعب‬ ‫إىل استقطاب مثقفي األرياف واألقليات‪ ،‬حتت شعار‬ ‫العلمانية‪.‬‬

‫إرهاصات هذه القطبية ال نلمحها فقط يف ختالف‬ ‫موقفي احلزبني من احلكومة املؤقتة اليت يقال أهنا صنيعة‬ ‫األخوان من رئيسها إىل من ستضمهم كأعضاء حكومة‬ ‫إىل مصادر دعمها وصوالً إىل برنامج عملها‪ ،‬بل أن‬ ‫تلك اإلرهاصات تبدو وإن بشكل متداخل ومعقد‬ ‫من خالل الصراع بني االئتالف واجمللس الوطين‪ ،‬ومن‬ ‫خالل شخوص من يقودون ويرأسون هذين الكيانني‪،‬‬ ‫فاالئتالف يرأسه معاذ اخلطيب‪ ،‬الشخصية اليت متثل‬ ‫بامتياز الفئة احملافظة يف اجملتمع السوري‪ ،‬وحيوز إعجاهبا‬ ‫إىل درجة «الكارزميَّة»‪ ،‬ناهيك عن أن مهندس االئتالف‬ ‫هو رياض سيف التاجر املديين احملافظ اجتماعياً‪ ،‬فيما‬ ‫يرأس اجمللس الوطين جورج صربا املسيحي وقبله عبد‬ ‫الباسط سيدا الكردي‪ ،‬وقبله برهان غليون الليربايل‪،‬‬ ‫ويعج بالشخصيات األقلوية واليسارية والليربالية‪ ،‬ووجود‬ ‫تكون هذا‬ ‫األخوان املسلمني فيه يعود إىل ظروف ّ‬ ‫اجمللس‪ ،‬حيث كان اجلسد السوري الوحيد وحضروا فيه‬ ‫كممثل للقطب احملافظ‪ ،‬وسوف يقود التطور الالحق‬ ‫على مايبدو إىل «ختليص» هوية كل من الكيانني بشكل‬ ‫أوضح‪.‬‬ ‫ما املوقف اآلن؟‬ ‫ليس لكال القطبني السياسيني السوريني وجود فاعل‬ ‫على األرض اآلن‪ ،‬وتكاد تكون دفة الساسة املمنوعة‬ ‫يف سورية منذ عقود‪ ،‬فالتة وال سيطرة جدية عليها من‬ ‫أي طرف‪ ،‬وما نراه من انفجارات حتمل الصبغة الدينية‬ ‫والطائفية هنا وهناك سيتم السيطرة عليها يوماً‪ ،‬أو‬ ‫تضمحل عندما سيهمل شأهنا‪ ،‬وتقطع عنها املوارد املالية‬ ‫حتديداً‪ ،‬وكال قطيب الصراع السياسي احملتمل يدركان‬ ‫تلك احلقائق أو حيسان هبا‪ ،‬ويعمالن بوعي‪ ،‬كما يفعل‬ ‫األخوان املسلمون وحزب الشعب‪ ،‬أو بال خطة كما‬ ‫يعمل الكثريون‪ ،‬على ضوء ذلك‪.‬‬

‫بتموضعهما الفكري واالجتماعي‪ ،‬يرسم كل من األخوان‬ ‫وحزب الشعب‪ ،‬الرتسيمة األولية للحياة السياسية السورية‬ ‫احملتملة بعد سقوط النظام ومخود نريان الثورة‪ ،‬واملشهد‬ ‫خيتصر جبناحني‪ :‬حمافظ تنضوي حتته القوى االجتماعية‬ ‫املدينية السنية وغري السنية وبعض النخب الريفية‪ ،‬يقودها‬ ‫كارتل جتاري وصناعي‪ ،‬وجناح دميقراطي يساري يستحوذ‬ ‫لكن هذه املعادلة تستعجل اليوم إذ تستثين النظام‬ ‫على الريف األقلوي‪ ،‬وجزء من الريف اإلسالمي السين‪،‬‬ ‫والقوى املسلحة على األرض من حساباهتا‪ ،‬وتعترب أن‬ ‫تقوده خنبة ثقافية حداثوية‪.‬‬ ‫هاتني القوتني العنيفتني ستفنيان بعضهما البعض يف‬ ‫إرهاصات هذه القطبية ال نلمحها فقط يف ختالف موقفي النهاية‪ ،‬إن طريقة التفكري هذه بال أي حس وطين أو‬ ‫أخالقي‪ ،‬ومها شرط أساس لعمل رجل السياسة مهما‬ ‫منذ عقود‪ ،‬فالتة وال سيطرة جدية عليها من أي طرف‪،‬‬ ‫غاىل يف براغماتيته‪ ،‬كما أن ميدان السياسة الذي حتلم‬ ‫وما نراه من انفجارات حتمل الصبغة الدينية والطائفية‬ ‫هنا وهناك سيتم السيطرة عليها يوماً‪ ،‬أو تضمحل عندما كافة اطراف املعارضة بولوجه يف أقرب فرصة‪ ،‬سيبقى‬ ‫مغلقاً طاملا تأخر حسم الصراع الداخلي مع النظام‪،‬‬ ‫سيهمل شأهنا‪ ،‬وتقطع عنها املوارد املالية حتديداً‪ ،‬وكال‬ ‫وإهناء مظاهر العنف يف اجملتمع السوري‪ ،‬وعليها يف كل‬ ‫قطيب الصراع السياسي احملتمل يدركان تلك احلقائق أو‬ ‫حيسان هبا‪ ،‬ويعمالن بوعي‪ ،‬كما يفعل األخوان املسلمون األحوال‪ ،‬أن جتعل من ذلك هدفاً أوالً هلا‪ ،‬وأن ال تنظر‬ ‫إىل حلظة احلسم تلك باعتبارها هناية التاريخ السياسي يف‬ ‫وحزب الشعب‪ ،‬أو بال خطة كما يعمل الكثريون‪ ،‬على‬ ‫سورية‪ ،‬بل بدايته احلقيقية‪.‬‬ ‫ضوء ذلك‪.‬‬


‫اقتصاد‬ ‫«مليونا عاطل عن العمل يف سورية وزيادة املوظفني العاملني يف القطاع العام بنسبة ‪»%50‬‬

‫الدردري‪ :‬خمسة ماليني سوري تحت خط الفقر و‪ 700‬ألف منزل مهدم‬ ‫قال نائب رئيس الوزراء السابق للشؤون االقتصادية‪،‬‬ ‫عبد اهلل الدردري إن «ما يقارب اخلمسة ماليني مواطن‬ ‫سوري باتوا حتت خط الفقر جراء األحداث اليت‬ ‫تشهدها سورية‪ ،‬فضالً عن مليوين عاطل عن العمل‪،‬‬ ‫و‪ 700‬ألف منزل مهدم»‪.‬‬ ‫وأوضح الدردري‪ ،‬يف تصريح لصحيفة «ديلي ستار»‬ ‫اللبنانية‪ ،‬أ ّن اخلمسة ماليني سوري الذين أصبحوا‬

‫ألف عامل ألف عامل‪ ،‬إضافة إىل عدد مماثل تقريباً‪،‬‬ ‫فقدوا أعماهلم بسبب خروج املنشآت اليت يعملون فيها‬ ‫من اخلدمة‪.‬‬ ‫وتضاعف عدد العاطلني عن العمل يف سورية‪ ،‬حبسب‬ ‫تصريح الدردري‪ ،‬أربع مرات حيث أنه كان‪ ،‬قبل اندالع‬ ‫الثورة‪ ،‬يبلغ نصف مليون عاطل عن العمل‪.‬‬ ‫وقال الدردري يف وقت سابق إنه «إذا استمرت األزمة‬ ‫حىت عام ‪ ،2015‬فستصل نسبة البطالة إىل ‪ ٪58‬مما‬ ‫يعين أنه لن يكون هناك فرص عمل للشباب»‪.‬‬ ‫وأشار الدردري إىل أ ّن عدد املنازل املهدمة يف سورية بلغ‬ ‫حنو ‪ 400‬ألف منزل مهدم بالكامل‪ ،‬و‪ 300‬ألف منزل‬ ‫مهدم بشكل جزئي‪.‬‬

‫حتت خط الفقر مت تصنيفهم اعتماداً على أساس عدم‬ ‫حصول هذه النسبة من املواطنني السوريني على معدل‬ ‫دوالرين يومياً لضمان حاجاهتم األساسية من الغذاء‪،‬‬ ‫دون إشارة إىل مصدر معلوماته‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬أكد رئيس احتاد عمال دمشق مجال‬ ‫القادري أن «األزمة» اليت متر هبا البالد حالياً‪ ،‬أدت‬ ‫إىل زيادة عدد العاملني يف القطاع العام مبعدل ‪، %05‬‬ ‫حبسب تصرحياته ملواقع الكرتونية‪.‬‬ ‫وعزا القادري ذلك إىل توجه الكثري من العاملني يف‬ ‫القطاع اخلاص إىل العام بعد أن مت تسرحيهم‪ ،‬بسبب‬ ‫إغالق آالف املنشآت الصناعية والتجارية يف سورية‬ ‫خالل العامني املاضيني‪.‬‬ ‫وقدر القادري عدد املسرحني من القطاع اخلاص مبئة‬

‫عشرة آالف موظف يف القطاع العام قضوا وفقاً ألرقام‬ ‫رمسية* خالل عام ‪ 2012‬ويتوزعونكاآليت‪:‬‬ ‫ حمافظة دمشق ‪.3100‬‬‫ حمافظة محص ‪.2120‬‬‫ حمافظة إدلب ‪.1290‬‬‫ حمافظة درعا ‪. 730‬‬‫ حمافظة محاة ‪. 700‬‬‫ حمافظة ريف دمشق ‪.670‬‬‫ حمافظة حلب ‪.440‬‬‫‪ -‬حمافظة الالذقية ‪.410‬‬

‫وذكر الدردري يف تصرحيات سابقة أن األذى الذي ترتب‬ ‫على العنف الدائر سيكلف سورية مثانني مليار دوالر‪ ،‬يف‬ ‫حال توقف العنف اآلن‪ ،‬من أجل إعادة إعمارها‪ ،‬واصفاً ‪ -‬حمافظة السويداء ‪.70‬‬ ‫الرقم بـ «الصادم»‪ ،‬معترباً أنه فاتورة يستحيل تسديدها من‬ ‫ حمافظة طرطوس ‪..70‬‬‫قبل حكومة ستصبح قريباً عاجزة عن دفع رواتب موظفي‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫‪ -‬حمافظة الرقة ‪.60‬‬

‫‪ -‬حمافظة دير الزور ‪.150‬‬

‫يذكر أن الدردري‪ ،‬شغل منصب نائب رئيس الوزراء‬ ‫للشؤون االقتصادية ملدة ست سنوات يف حكومة‬ ‫ناجي عطري‪ ،‬وهو اآلن يعمل يف اللجنة االقتصادية‬ ‫واالجتماعية لغرب آسيا (اإلسكوا) التابعة لألمم املتحدة‪،‬‬ ‫ويرتأس فريقاً يرسم خطة ملا بعد النزاع‪ ،‬يف وقت حيمله‬ ‫اقتصاديون‪ ،‬مسؤولية تدهور االقتصاد السوري منذ أن‬ ‫توىل مهمة تنفيذ مقررات املؤمتر القطري حلزب البعث‬ ‫يف عام ‪ ،2005‬اليت أفضت إىل اعتماد اقتصاد السوق‬ ‫االجتماعي‪.‬‬

‫ حمافظة القنيطرة ‪.50‬‬‫*حسب إحصاءات أصدرها االحتاد العام لنقابات العمال‪،‬‬ ‫دون أن يذكروا إن كان هؤالء مدنيني أم عسكريني‬

‫أرضار مدارس ريف دمشق تتجاوز املليار لرية وفق ترصيحات رسمية‬ ‫كشف مدير تربية ريف دمشق خالد رحيمة أن قيمة‬ ‫‪227‬مدرسة ألعمال سرقة وختريب بقيمة ‪ 503‬مليون‬ ‫األضرار النامجة عن األحداث اليت تشهدها سورية يف‬ ‫لرية و ‪ 989‬ألف لرية"‪.‬‬ ‫املدارس واملمتلكات التابعة لـمديرية تربية ريف دمشق‪ ،‬وتابع رحيمة "تكلفة ختريب وسرقة الوسائل التعليمية يف‬ ‫بلغت ملياراً و‪197‬مليوناً و‪ 425‬ألف لرية‪.‬‬ ‫‪ 241‬مدرسة تصل إىل حنو ‪ 72‬مليون و‪ 336‬ألف لرية‪،‬‬ ‫وقال رحيمة يف تصريح جلريدة "الثورة" الرمسية إن‬ ‫كما متت سرقة مخس سيارات قيمتها التقديرية تصل إىل‬ ‫تدمرت بشكل كلي ثالثة ماليني لرية‪ ،‬فضالً عن السيارات اليت تعرضت للت‬ ‫"األضرار طالت مخسة عشر مدرسة ّ‬ ‫يف الريف‪ ،‬وتقدر تلك األضرار بـ ‪ 375‬مليون لرية‪ ،‬كما خريب"‪.‬‏‬ ‫تعرضت ‪ 122‬مدرسة لتدمري جزئي‪ ،‬وحتتاج إىل ‪ 183‬وأشار رحيمة إىل أنه مت تشكيل جلان متخصصة لتحديد‬ ‫مليون لرية إلعادة تأهيلها‪ ،‬فضالً عن تعرض‬ ‫مراكز االمتحانات وتوزيع املراقبني وتنظيم‬

‫العمل وحتضري التجهيزات اخلاصة باالمتحانات‪ ،‬الفتاً‬ ‫لسري‬ ‫إىل أنه مت اختاذ كافة اإلجراءات االحتياطية‬ ‫العملية االمتحانية‪.‬‬ ‫يذكر أنه نتيجة الدمار الذي طال املدارس‪ ،‬مت نقل عدد‬ ‫كبري من الكادر التدريسي إىل املدارس املتواجدة يف‬ ‫مناطق تعترب آمنة نسبياً‪ ،‬كما تراجعت أعداد امللتحقني‬ ‫باملدارس من الطالب‪ ،‬دون وجود إحصاءات رمسية‬ ‫توضح نسبة الدوام‪.‬‬ ‫‪ 9‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الخامس عرش‬

‫‪3‬‬


‫سوريون‬ ‫املجلس واالئتالف الوطني ال يقدمان الدعم لهم إال فيام ندر‬

‫جرحى الثورة يحلمون باملتربع «املنقذ» ليعيدهم إىل الحياة‬ ‫غيث األحمد‬ ‫ما زال الرقيب أول املنشق زيد اهلاليل يقبع يف أحد‬ ‫مشايف تركيا بانتظار اخلمسة عشر ألف لرية تركية‪ ،‬حىت‬ ‫يتمكن من السري جمدداً والعودة إىل الوطن‪ ،‬بعد إصابته‬ ‫يف محص‪.‬‬ ‫تغص مشايف تركيا واملشايف امليدانية وتلك املوجودة على‬ ‫احلدود بآالف اجلرحى من مدنيني ومقاتلني‪ ،‬ولكل‬ ‫حكايته مع رحلة البحث عن متربع‪ ،‬إذ أهنم مبجرد‬ ‫إصابتهم‪ ،‬يصبح هدفهم على الفور إجياد «املنقذ»‬ ‫الذي سيتكفل هبم ويعيدهم للحياة من جديد‪ .‬نقص‬ ‫اإلمكانات واملعدات حال مشايف سورية امليدانية‪ ،‬األمر‬ ‫يصعب مهمة معاجلة املصابني‪ ،‬خاصة أن النظام‬ ‫الذي ّ‬ ‫يعترب تلك املشايف «وكراً لإلرهابيني» وجيب استهدافها‬ ‫أينما وجدت‪.‬‬

‫الرقيب أول المنشق زيد الهاللي‬ ‫بانتظار متبرع‬

‫مساعدات أكرب يل يف ظل نقص اإلمكانات‪.‬‬ ‫يف تركيا توجب على اهلاليل إجراء عملني جراحيني يف‬ ‫أحد املشايف اخلاصة‪ ،‬فقام متربع بدفع تكاليف عملية‪،‬‬ ‫وتكفل أحد أقارب اهلاليل بدفع تكاليف األخرى اليت‬ ‫بلغت عشرة آالف وسبعمئة لرية تركية‪ ،‬إال أهنا مل تنجح‪،‬‬ ‫فتحتم عليه إعادة إجرائها من جديد ليتم تبديل املفصل‬ ‫األمين العلوي لعنق الفخذ الذي هتشم بفعل الطلق‬ ‫الناري‪ ،‬وحل املشاكل اليت جنمت عن العملية السابقة‪،‬‬ ‫مما سيكلفه مخسة عشر ألف لرية‪.‬‬ ‫مل يفلح اهلاليل ورفاقه بتأمني املبلغ رغم احملاوالت احلثيثة‬ ‫من قبل النشطاء بإقناع أعضاء اجمللس الوطين بتحمل‬ ‫التكاليف‪.‬‬

‫املرضى الكوييت بالتكفل بدفع تكاليف العالج‪ ،‬وذلك‬ ‫بعد بقائه ملدة ثالثة أشهر دون أن حيصل املبلغ املطلوب‬ ‫للقيام بالعملية‪ ،‬مما أثر على صحته وحالته النفسية‪،‬‬ ‫وتسبب له باختالطات أخرى نتج عنها مشاكل نفسية‬ ‫واضطرابات صحية‪.‬‬

‫أما مصعب بعاج (‪30‬عام‪ ،‬عامل) من دير الزور أصيب‬ ‫بطلق ناري يف الرأس من قبل أحد القناصة حبي اجلبيلة‪،‬‬ ‫مما سبب هتشيم عظام اجلمجمة وإصابة الفص احلركي‬ ‫من املخ‪ ،‬فنقل إىل مشفى النور يف دير الزور حيث أجرى‬ ‫األطباء عمالً جراحياً له‪ ،‬بأخذ شرحية حلمية من فخذه‬ ‫لتغليف الدماغ‪ ،‬وتكفل أقرباؤه بدفع التكاليف اليت بلغت‬ ‫ستمئة ألف لرية سورية‪ ،‬ومن مث مت نقله إىل مدينة الرحيانية‬ ‫الرتكية ملتابعة عالجه الفيزيائي الطويل‪ ،‬وكذلك إجراء‬ ‫عدة عمليات أساسية أخرى أمهها الشبكية الدماغية‬ ‫لتأخذ حمل عظام اجلمجمة اليت هتشمت‪ ،‬باإلضافة إىل‬ ‫تركيب أجهزة دقيقة داخل الدماغ لتحريك األعصاب‪.‬‬

‫مراكز استشفاء مجانية‬

‫اثنا عشر ألف يورو فقط!‬

‫جمموع تكلفة العمليات اليت يتوجب على مصعب‬ ‫إجراؤها تصل إىل اثين عشر ألف يورو‪ ،‬ونظراً ألنه ال‬ ‫ميلك هذا املبلغ فإنه ينتظر منذ ستة أشهر أن يقوم أحد‬ ‫املتربعني أو أطراف املعارضة التكفل بإحدى العمليات‬ ‫املستعجلة‪ ،‬رغم أن مصروفه بدار االستشفاء يف أورفا‬ ‫الرتكية يصل إىل مخسمئة لرية تركية‪ ،‬التزم شقيقه بدفعها‬ ‫شهرياً‪.‬‬

‫الرقيب األول املنشق زيد اهلاليل من كتيبة اهلندسة مبدينة‬ ‫محص (وهو من موحسن بريف دير الزور) أصيب بسبع‬ ‫طلقات نارية‪ ،‬أثناء االشتباك مع قوات النظام يف حي‬ ‫اخلالدية‪.‬‬

‫وجد ضالته بعد معاناة‬

‫يقول اهلاليل لـ «جسر»‪ :‬تلقيت العالج بدايةً يف إحدى‬ ‫املشايف امليدانية حبي اخلالدية جماناً‪ ،‬حيث خضعت‬ ‫لعملني جراحيني‪ ،‬األول إسعايف بتوصيل األمعاء‬ ‫املتقطعة‪ ،‬وإزالة الطلق الناري املوجود يف الصدر وتضميد‬ ‫جراحي‪ ،‬فدخلت يف غيبوبة ملدة مثانية أيام‪ ،‬أما العمل‬ ‫اجلراحي الثاين هو «كلستمي» إلعادة اإلخراج من‬ ‫املكان الطبيعي بعد أن كنت أخرج من بطين‪ ،‬ونقلت‬ ‫بعدها إىل تركيا لتلقي العالج بعجز األطباء عن تقدمي‬

‫املصاب غطفان (‪26‬عام) من حي اجلبيلة بدير الزور‬ ‫وهو مقاتل يف اجليش احلر‪ ،‬يقيم حالياً يف أحد دور‬ ‫االستشفاء‪ ،‬وكان قد أصيب جراء القصف املتواصل على‬ ‫دير الزور يف العني اليسرى‪ ،‬مما سبب له فقدان البصر‬ ‫الناتج عن دخول شظية يف جوف العني‪ ،‬واحتاج لعمل‬ ‫جراحي لتجريف عينه واستئصال بقايا الشظايا املستقرة‬ ‫داخل جوف العني وتركيب عني زجاجية‪ ،‬بتكلفة مخسة‬ ‫آالف وثالمثئة دوالر‪ ،‬فقامت مجعية صندوق رعاية‬

‫‪4‬‬

‫‪ 9‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الخامس عرش‬

‫والتقت «جسر» الطبيب «أ‪.‬أ» أحد الكوادر العاملة‬ ‫يف مركز دير الزور لالستشفاء يف أورفا‪ ،‬الذي أكد‬ ‫أن املشايف امليدانية داخل مدينة دير الزور حمدودة‬ ‫اإلمكانيات‪ ،‬وذلك بسبب نقص األجهزة واملعدات‬ ‫الطبية الالزمة‪ ،‬لذا يتم نقل اإلصابات اخلطرية إىل تركيا‬ ‫إلدخاهلا يف إحدى املشايف احلكومية اليت تقدم العالج‬ ‫الكامل‪ ،‬ومن ضمنها العمليات اجلراحية والعناية املركزة‪،‬‬ ‫ومن مث حتويلها إىل دار االستشفاء اليت أنشأهتا مجعيات‬ ‫خريية ملتابعة عالج املرضى‪ ،‬موضحاً أن دار االستشفاء‬ ‫واملشايف احلكومية تقدم خدماهتا جماناً جلميع املصابني‬ ‫القادمني من سورية‪ ،‬باإلضافة إىل أن دار االستشفاء‬ ‫تقدم للمصاب املنامة والطعام جماناً‪.‬‬ ‫المشكلة في الحاالت المستعصية‬ ‫واعترب الطبيب «أ‪.‬أ» أن املشكلة تكمن يف احلاالت‬ ‫املستعصية واإلصابات اخلطرية اليت تتطلب عالج على‬ ‫مستوى أعلى‪ ،‬حيث يتم حتويلها إىل مشاف أخرى‬ ‫خاصة يف اسطنبول‪ ،‬والعالج فيها على نفقة املصاب‪،‬‬ ‫وغالباً ما تقوم اجلمعيات اخلريية املهتمة بالقضية السورية‬ ‫مبعاجلة هؤالء‪.‬‬ ‫وكشف الطبيب أن كالً من اجمللس واالئتالف الوطين ال‬ ‫يقدمان دعماً للمصابني السوريني إال فيماندر‪ ،‬منوهاً‬ ‫إىل أن دار االستشفاء تقوم باالتصال ببعض املمولني‬ ‫اخلريين الذين يتكفلون بعالج بعض اإلصابات‪ ،‬رغم‬ ‫عدم وجود صالت تربطهم باملعارضة‪ ،‬ويدفعون مبالغ‬ ‫كبرية تصل إىل اثين عشر ألف يورو يف بعض األحيان‪.‬‬


‫رأي‬ ‫جيش النظام من «حامة الديار» إىل تخريبها‬ ‫السلم االجتماعي والتمتع حبياة أفضل‪.‬‬ ‫مرحلة ما بعد االستقالل‪:‬‬ ‫يف هذه املرحلة تزايدت أعداد امللتحقني بالكلية العسكرية‪،‬‬ ‫وخاصة من أبناء الطوائف‪ ،‬وقد سيطر هؤالء على احلياة‬ ‫السياسية السورية بعد عام ‪ 1949‬حيث بدأت سلسلة‬ ‫طويلة من االنقالبات غريت احلياة السياسية السورية‪ ،‬من‬ ‫النهج الدميقراطي عام ‪ 1954‬إىل الديكتاتورية املطلقة مع‬ ‫انقالب حافظ األسد عام ‪ ،1970‬وتسلم ابنه السلطة‬ ‫بعده عام ‪.2000‬‬

‫احللقة الثالثة‬ ‫استنفذ اجليش العريب السوري بعقيدته القتالية البعثية‬ ‫إمكانيات ومقدرات البالد بشكل شبه كامل‪ ،‬منذ فجر‬ ‫االستقالل حبجة حترير فلسطني واألراضي العربية احملتلة‪،‬‬ ‫وبعد ذلك بذريعة مقاومة وممانعة املشروع األمريكي‬ ‫الصهيوين يف املنطقة ‪.‬‬ ‫ال صوت يعلو فوق صوت املعركة‪ ،‬نعم‪ ،‬ولكن تبني أهنا‬ ‫املعركة ضد الشعب‪ ،‬وليس العدو الذي بقي ينعم باهلدوء‬ ‫على مدى عقود برعاية جيش املقاومة‪ ،‬قبلت الناس‬ ‫باقتطاع لقمة عيشها من أجل توفريها لدعم اجليش الذي‬ ‫مارس أبشع األدوار يف قتل وهتجري البشر وتدمري البالد‬ ‫بشكل فظيع‪ ،‬ومل ينحاز للشعب ضد الطاغية‪ ،‬كونه‬ ‫باألساس جيش مبين ومركب بشكل طائفي للحفاظ‬ ‫على حكم العائلة والعصابة املتحالفة معها‪.‬‬

‫وقد مت تشكيل جلنة عسكرية بعثية سرية عام ‪ 1959‬أثناء‬ ‫الوحدة من قبل ضباط منقولني إىل مصر حيث ضمت يف‬ ‫البداية ثالثة ضباط علويني وامساعيليني‪ ،‬وعندما توسعت‬ ‫أصبح تشكيلها كالتايل‪ ،‬مخسة علويني هم حممد عمران‬ ‫وصالح جديد وحافظ األسد وعثمان كنعان وسليمان‬ ‫حداد‪ ،‬وامساعيليني مها عبد الكرمي اجلندي وأمحد املري‪،‬‬ ‫ودرزيني مها سليم حاطوم ومحد عبيد‪ ،‬وستة من السنة هم‬ ‫موسى الزعيب ومصطفى احلاج علي وأمحد سويداين وأمني‬ ‫احلافظ وحسني ملحم وحممد رباح الطويل‪ ،‬ولعبت هذه‬ ‫اللجنة دوراً رئيسياً يف ترسيخ الطائفية يف اجليش لصاحل‬ ‫األقليات‪ ،‬حيث مت بعد انقالب ‪ 1963‬استبدال الضباط‬ ‫املسرحني بضباط علويني‪ ،‬ولعب الضباط العلويون دوراً‬ ‫كبرياً يف السيطرة على القوات العسكرية من خالل كون‬ ‫صالح جديد رئيساً لألركان‪ ،‬وحافظ األسد قائداً للقوات‬ ‫اجلوية‪ ،‬ومحد عمران قائداً للواء سبعني املدرع األهم يف‬ ‫اجليش كله‪.‬‬

‫نشبت صراعات دامية بني أعضاء اللجنة العسكرية‪ ،‬ومتت‬ ‫عملية إبعاد الضباط الكبار يف حركات انقالبية لصاحل‬ ‫الضباط العلويني‪ ،‬وكان املستفيد األكرب حافظ األسد‬ ‫ميكن حتديد عدة مراحل مر هبا اجليش السوري‬ ‫الذي حصر معركته يف النهاية مع أكرب ضابطني علويني‪،‬‬ ‫ومها حممد عمران وصالح جديد‪ ،‬وأزاحهما ليستطيع‬ ‫مرحلة االحتالل الفرنسي‪:‬‬ ‫االنفراد باحلكم منذ العام ‪ 1970‬عرب انقالبه الذي مساه‬ ‫احلركة التصحيحية‪ ،‬وبدأت تظهر منذ ذلك الوقت أمساء‬ ‫حيث شجع الفرنسيون جتنيد فصائل خاصة من األقليات‬ ‫الضباط العلويني األقوياء يف اجليش فقط دون غريهم‪،‬‬ ‫من العلويني والدروز واالمساعيليني واألكراد والشراكسة‬ ‫مثل شفيق فياض وابراهيم صايف‪ ،‬والعليني‪ ،‬علي دوبا‬ ‫واملسيحيني الذين شكلوا ما عرف باسم «القوات اخلاصة‬ ‫وعلي حيدر وعلي أصالن‪ ،‬ومت تأسيس الوحدات اخلاصة‬ ‫للشرق األدىن» واليت تطورت لتصبح فيما بعد القوات‬ ‫بقيادة علي حيدر وسرايا الدفاع بقيادة رفعت األسد‬ ‫املسلحة اللبنانية‪ -‬السورية‪ ،‬وقد شجعت العائالت العربية‬ ‫وسرايا الصراع بقيادة عدنان األسد‪ ،‬وكانت هذه القوات‬ ‫السنية صاحبة األراضي والنشاط التجاري بشكل غري‬ ‫طائفية بامتياز وشاركت يف جمازر النظام يف محاة وتدمر‪،‬‬ ‫مباشر تواجد األقليات القوي يف اجليش‪ ،‬عرب رفضها إرسال‬ ‫ولكن بعد صراع األخوين حافظ ورفعت‪ ،‬مت حلها وإنشاء‬ ‫أبنائها للتدريب العسكري‪ ،‬حىت ولو كضباط‪ ،‬واحتقرت‬ ‫احلرس اجلمهوري والفرقة الرابعة‪ ،‬وتسلم القيادة باسل‬ ‫مهنة اجليش واعتربهتا مهنة الكساىل والفاشلني يف دراستهم‪،‬‬ ‫األسد وبعد رحيله‪ ،‬تسلمها بشار األسد‪ ،‬ولكنه عندما‬ ‫ومكاناً للمغمورين اجتماعياً‪ ،‬كما أن العامل االجتماعي‬ ‫أصبح رئيساً أوكل القيادة ألخيه ماهر‪ ،‬وبالتايل فهذه‬ ‫واالقتصادي ساهم يف دخول األقليات املتح ّدرين من مناطق‬ ‫القوات اليت هي استمرار لسرايا الدفاع وهنجها‪ ،‬أصبحت‬ ‫ريفية فقرية يف صفوف اجليش‪ ،‬واعتربوا ذلك فرصة لتسلق‬

‫خط الدفاع األول عن النظام واستمراره يف السيطرة على‬ ‫البالد‪ ،‬وهي قوات جمهزة بشكل ممتاز وأغلب عناصرها‬ ‫وضباطنها علويون‪ ،‬وقد لعبت دوراً سيئاً منذ بداية الثورة‬ ‫السورية حيث مارست أبشع أنواع القتل والتدمري املمنهج‪،‬‬ ‫أما باقي القطع العسكرية‪ ،‬فيسيطر عليها ضباط علويون‬ ‫وتأمتر بأوامرهم‪ ،‬ولذلك مل نشهد حاالت انشقاق مجاعي‬ ‫كامل لقطعة عسكرية بأكملها‪ ،‬صحيح أن قيادة اجليش‬ ‫ليست مستقلة يف قرارها‪ ،‬وهي تلتزم متاماً مبا ميلى عليها‬ ‫من دائرة صنع القرار الضيقة يف البالد‪ ،‬والعائدة لعصابة‬ ‫النظام‪ ،‬ولكن ذلك ال يعفي أياً من قياداهتا أو عناصرها‬ ‫من املسؤولية يف توجيه السالح ضد أبناء الشعب‪ ،‬وممارسة‬ ‫القتل والتدمري املمنهج‪ ،‬رمبا تكون املهمة األوىل واألصعب‬ ‫بعد سقوط النظام إنشاء جيش وطين حقيقي يكون جيشاً‬ ‫لكل السوريني دون استثناء أو متييز‪ ،‬ويكون هدفه الدفاع‬ ‫عن أمن واستقرار البالد بعيداً عن أي تدخل يف احلياة‬ ‫السياسية‪ ،‬ومع أن هذا األمل بات صعباً وحيتاج جلهود‬ ‫وإمكانيات ضخمة ووقتاً رمبا ليس قصرياً‪ ،‬إال أنه هو‬ ‫الضامن الوحيد لعودة األمن واألمان إىل البالد واحلفاظ‬ ‫على وحدهتا واستقالهلا‪.‬‬

‫خرج السوريون بداية الثورة يف مجعة أمسوها "محاة الديار"‬ ‫عل هؤالء ينحازون إىل شعبهم‬ ‫ّ‬

‫‪ 9‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الخامس عرش ‪5‬‬


‫تقارير‬ ‫بتدمري النظام لكلّياتهم‬

‫طلب جامعة الفرات يتق ّدمون لالمتحان يف مدراس تحت ظالل بنادق النظام‬ ‫ّ‬ ‫زهري كرم الربيع‪ /‬دير الزور‬ ‫خالل عامني من عمر الثورة‪ ،‬تعرضت كليات جامعة‬ ‫الفرات يف دير الزور لقصف عنيف دمر معظمها‪ ،‬وباتت‬ ‫بعدها اجلامعة الوحيدة يف سورية غري املؤهلة إلكمال‬ ‫العملية التعليمية‪.‬‬ ‫أما طالهبا فعانوا من اعتقاالت على مدار العام الدراسي‪،‬‬ ‫واستهدفت تظاهراهتم بالرصاص احلي‪ ،‬واستشهد الكثري‬ ‫منهم إما يف التظاهرات السلميّة أو يف املعارك مع النظام‬ ‫بعد أن التحقوا باجليش احلر‪ ،‬وبدأ بعضهم رحلة البحث‬ ‫يف جامعات احملافظات األخرى عن مقاعد هلم يف ظل‬ ‫ظروفهم املادية الصعبة‪.‬‬ ‫وبتحرير مدينة الرقة عاد طالب دير الزور الذين نزحوا‬ ‫منها إليها من جديد‪ ،‬فقرر النظام إجراء امتحانات‬ ‫جامعة الفرات يف أربعة مدارس واقعة يف حي القصور‬ ‫على مدار ثالث فرتات‪ ،‬ابتداءً من السادس والعشرين‬ ‫من شهر شباط وما تزال االمتحانات مستمرة حىت اآلن‪.‬‬ ‫«مل يكن اختاذ القرار باملشاركة يف تلك االمتحانات‬ ‫فمجرد كونك قد هتفت‬ ‫سهالً على طالب دير الزور‪ّ ،‬‬ ‫مرة للحرية جيعلك األمر عرضة لالعتقال‪ ،‬فكيف وأنت‬ ‫ّ‬ ‫يف منطقة حمتلّة بالكامل من قبل النظام؟» يقول ذلك‬ ‫«ك‪.‬أ» أحد طلبة كلية اهلندسة البرتوكيميائية‪ ،‬الذي اختذ‬ ‫قراره باملشاركة يف تلك االمتحانات قبل يوم واحد من‬ ‫بدئها يف حي القصور‪ ،‬إذ أن ما دفعه لذلك‪ ،‬اعتقاده‬ ‫أن الثورة قد تستمر طويالً‪ ،‬وبالتايل فإنه ليس مستعداً‬ ‫خلسارة عام دراسي آخر‪ ،‬كما يقول‪.‬‬ ‫ببدء االمتحانات متركز عناصر األمن والشبيحة على‬

‫أبواب املدارس‪ ،‬لتفتيش الطلبة‪ ،‬مستعدين لقمع‬ ‫أي تظاهرة مفاجئة من قبل طالب كانوا سباقني يف‬ ‫االخنراط بالثورة يف جامعتهم‪.‬‬ ‫ويف هذا الصدد‪ ،‬يقول «ع‪.‬أ» طالب يف كلية اهلندسة‬ ‫الزراعية «فوجئنا يف أول أيام االمتحان بزرع عناصر‬ ‫اجليش على كافة جوانب املدارس‪ ،‬حيث متركزت أربعة‬ ‫حواجز‪ ,‬وقال لنا العساكر ّأنا لصد تفجري سيّارة‬ ‫حمتمل على باب إحدى املدارس»‪.‬‬ ‫فيما تقول «ن‪.‬أ» طالبة من كلية احلقوق «يف كل‬ ‫يوم قبل االمتحان بدقائق‪ ،‬وعندما حناول الدخول‬ ‫إىل املدارس يفتّشنا العساكر‪ ،‬وكأنّنا ندخل إىل سجن‬ ‫عسكري‪ ،‬وغالباً ما يقومون مبشاكسة الطالب‬ ‫ومعاكستهم‪ ،‬خاصة إن كانت الداخلة إىل االمتحان‬ ‫أنثى»‪.‬‬ ‫ومل تفوت قوات النظام الفرصة‬ ‫عليها للبحث عن مطلوبني بني‬ ‫صفوف الطلبة إال أن حماولتهم‬ ‫فشلت فلم تسجل أي حالة‬ ‫اعتقال‪ ،‬فيقول «ز‪.‬ف» أحد‬ ‫طالب كلية اهلندسة البرتوكيميائية‬ ‫«قبل يومني من امتحان مادة‬ ‫اللغة االنكليزية‪ ،‬فوجئنا بأربع‬ ‫سيارات (بيك آب) تابعة‬ ‫لألمن تقتحم املدرسة‪ ،‬ودخل‬ ‫رجال األمن إلحدى القاعات‬ ‫حيث حبثوا يف سجالت الطلبة‬ ‫عن أمساء معيّنة كانت حبوزهتم‬

‫‪6‬‬

‫‪ 9‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الخامس عرش‬

‫العتقاهلا‪ ،‬ولكن يبدو أهنم مل جيدوها»‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق بنظام املراقبة‪ ،‬فقد شهدت االمتحانات‬ ‫حبجة أ ّن الطلبة مل يستطيعوا الدراسة يف ظل‬ ‫تسيّباً كبرياً‪ّ ،‬‬ ‫الظروف اليت متر ّهبا البالد‪ ،‬وكون الطلبة مل يداوموا خالل‬ ‫العام الدراسي‪ ،‬بسبب استهداف قوات النظام ملعظم‬ ‫كليّات املدينة وتدمريها أو حتويلها لثكنات عسكرية‪.‬‬ ‫فتقول «ه‪.‬ع» طالبة يف كلية اهلندسة البرتوكيميائية‬ ‫«غالباً ما يدخل الطالب إىل االمتحان دون دراسة‪,‬‬ ‫حيث أ ّن معظم املراقبني جعلوا من قاعة االمتحان‪ ،‬مزادًا‬ ‫علنياً للعالمات أو سوق خضار»‪.‬‬ ‫ّأما طلبة الداخل‪ ،‬املرابطني على اجلبهات‪ ،‬فقد ّقرروا‬ ‫مقاطعة االمتحانات‪ ،‬ورفضوا كل أشكال «التطبيع مع‬ ‫النظام»‪ ،‬حسب وجهة نظرهم‪.‬‬ ‫ويعترب «س‪.‬أ» أحد مقاتلي كتيبة احلمزة أن تقدمي‬ ‫امتحانات اجلامعة خيانة لدماء شهداء جامعة الفرات‪،‬‬ ‫وخيانة أيضاً لشبان اجليش احلر الذي هم طالب أيضاً‪،‬‬ ‫ويرابطون على اجلبهات من أجل حترير املدينة‪ ،‬ويرى‬ ‫«س‪.‬أ» أن املشاركة يف تلك العملية االمتحانية رغم‬ ‫الظروف احلالية تعبري عن استمرارية النظام ‪.‬‬ ‫فيما يأمل شباب احتاد طلبة سورية «فرع دير الزور»‬ ‫املش ّكل حديثاً حفظ حقوق الشباب احملاصرين أو‬ ‫املصابني أو املوجودين يف صفوف اجليش احلر‪ ،‬ويعزمون‬ ‫على مطالبة احلكومة اجلديدة والرئيس اآليت بعد األسد‪،‬‬ ‫بإعطاء فرصة جديدة للطلبة الذين مل يستطيعوا تقدمي‬ ‫االمتحانات‪ ،‬كي خيوضوا غمارها من جديد‪.‬‬


‫درعا‬ ‫بعد أن أرسل النظام مخابراته بهيئة عامل نظافة يف درعا‬

‫ترحيل القاممة أصبحت من املهن الخطرة وعاملها مستهدفون من كافة األطراف‬ ‫محمد العمر‪ /‬درعا‬ ‫لتجميع القمامة وحرقها يتوجب على العامل يف درعا‬ ‫املرور بثالثة قناصني ورمبا أكثر‪ ،‬فإن سلم منهم قد ال‬ ‫يسلم من عملية اعتقال أو ال يسلم من األهايل (خاصة‬ ‫بعد أن أرسل النظام بعض عناصر خمابراته متنكرين هبيئة‬ ‫عمال نظافة) سواء جرى ذلك يف املناطق احملررة أو غري‬ ‫احملررة‪.‬‬ ‫وهبذا باتت احملافظة تشهد تراجعاً كبرية من ناحية‬ ‫االهتمام مبستوى النظافة‪ ،‬يف كافة األحياء دون استثناء‬ ‫فحوادث اعتقال وقنص طالت عمال النظافة جعلتهم‬ ‫يرتاجعون عن القيام مبهامهم‪.‬‬

‫محررة‬ ‫مع صعوبة وصول عمال البلدية إىل األحياء اخلارجة‬ ‫كلياً عن سيطرة النظام (درعا البلد والسد)‪ ،‬فإهنا باتت‬ ‫تعاين من تكدس كميات كبرية من القمامة‪ ،‬حيث‬ ‫عمد األهايل إىل جتميع قمامتهم يف منطقة معينة‪ ،‬إال‬ ‫أن غياب آليات مجعها ونقلها إىل مكب موحد ومن‬ ‫مث إحراقها أو وضعها يف حفرة كبرية وردمها‪ ،‬حال دون‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫واشتكى السكان من هذه الظاهرة‪ ،‬فيقول أبو حممد‬ ‫وهو أحد قاطين حي السد إن «الدولة مل ترسل أية آلية‬ ‫أو عامل نظافة إىل احلي منذ أكثر من عام‪ ،‬فضالً عن‬ ‫صعوبة وصول العمال والسيارات إىل تلك املنطقة ملا‬ ‫تعانيه من قصف ودمار‪ ،‬واستهداف من قبل القناص‬ ‫املتمركز على سطح املشفى الوطين»‪.‬‬ ‫ويف حديث مع الطبيب عزيز وهو أحد املسؤولني يف‬ ‫املشفى امليداين حبي السد ذكر أهنم طالبوا منظمة أطباء‬

‫بال حدود وبعض املنظمات‬ ‫املعنية بتوفري مبيدات‬ ‫حشرية وآلية (كجرار‬ ‫زراعي مثالً مع خزان‬ ‫يركب يف اخللف) من أجل‬ ‫احلد من انتشار البعوض‬ ‫والذباب وبعض احلشرات‪،‬‬ ‫مشرياً إىل أن تكاثر‬ ‫البعوض جاء نتيجة تراكم‬ ‫القمامة وقرهبا من املنازل‪،‬‬ ‫وانتشر بشكل كبري‪ ،‬وأدى‬ ‫لوجود الكثري من حاالت‬ ‫القرص عند األطفال‪ ،‬اليت‬ ‫تطورت الحقاً إىل قروح‬ ‫وتقيحات لقلة األدوية‬ ‫الالزمة أيضاً لعالجها‪،‬‬ ‫ورغم ذلك مل تسجل أي‬ ‫حالة إصابة مبرض الليشمانيا إىل اآلن‪.‬‬

‫حديثه لـ «جسر» أن البلدية طالبت حمافظ درعا بشكل‬ ‫متكرر بضرورة إجياد آلية معينة للعمل على حل مشكلة‬ ‫أنصاف حلول‬ ‫النظافة‪ ،‬ولكن ال استجابة‪ ،‬وقد قامت قوات النظام أكثر‬ ‫من مرة باستهداف السيارات املخصصة جلمع القمامة‪،‬‬ ‫عمدت هيئة اإلغاثة املوحدة يف املدينة إىل توظيف جمموعة‬ ‫حيث استشهد أحد املوظفني وهو «مجال أبو عون»‬ ‫من الشبان كعمال نظافة ومسؤول عنهم (مراقب دوام)‬ ‫قنصاً‪ ،‬أثناء قيادته لسيارة البلدية‪.‬‬ ‫من أجل القيام بدور البلدية املغيب متاماً عن تلك املناطق‪،‬‬ ‫حبسب «ر‪.‬أ» أحد مسؤوليها‪ ،‬لتجميع القمامة وترحيلها هذا األمر شكل خماوف لدى عمال النظافة‪ ،‬فضالً عن‬ ‫إىل مكب «النخلة»‪ ،‬كما قام أحد املواطنني بالتربع بـ‬ ‫عمليات االعتقال اجلماعية اليت ال تستثين أحداً حىت‬ ‫«تركس» من أجل العمل على تسهيل مجع الفضالت‪.‬‬ ‫عمال النظافة‪ ،‬وصعوبة وصول بعض املوظفني من قراهم‬ ‫إىل املدينة‪ ،‬كل تلك العوامل جعلت القمامة تتكدس يف‬ ‫إال أن الصعوبات ما زالت تعرتض طريقهم بسبب ما‬ ‫احملافظة بكاملها‪ ،‬حبسب املهندس‪.‬‬ ‫تعانيه املنطقة من قصف بني احلني واآلخر‪ ،‬إضافة إىل أن‬ ‫الشارع املمتد من بداية طريق السد حىت بناء املهندسني‬ ‫المبيدات في المستودعات‬ ‫والطريق الواصل إىل الفرن االحتياطي مستهدف من أحد‬ ‫القناصني‪ ،‬وكذلك الشارع املمتد من أمام بناء املهندسني ولفت املهندس «أ‪.‬أ» إىل أن بلدية درعا مل تقم برش‬ ‫املبيدات منذ صيف العام املنصرم بسبب الظروف األمنية‪،‬‬ ‫إىل اجلامع القدمي يغطيه قناص مدرسة القنيطرة‪.‬‬ ‫مع العلم أهنا متوفرة يف املستودعات لكن صعوبة العمل‬ ‫ودعا «ر‪.‬أ» إىل حترك اهليئات املدنية التابعة لألمم املتحدة حتول دون ذلك‪.‬‬ ‫وغريها من أجل توفري آلية للعمل املنظم للحد من تلك‬ ‫رغم تلك الظروف جبولة عامة ميكن مالحظة أن املناطق‬ ‫الظاهرة‪ ،‬وما ستخلفه من أمراض وأوبئة‪ ،‬خصوصاً أن‬ ‫اليت تقع حتت سيطرة اجليش احلر أكثر ترتيباً ونظافة مقارنة‬ ‫املنطقة بدأت تشهد عودة لألهايل الذين هجروا بيوهتم‬ ‫مع األحياء اليت يسيطر عليها النظام كالقصور والكاشف‬ ‫بعد إعالن اجليش احلر سيطرته عليها‪.‬‬ ‫واملطار والسحاري‪ ،‬دون أن يعين ذلك إغفال نداءات‬ ‫تنتظر التحرير‬ ‫األطباء واألهايل إلجياد حلول جذرية لتلك املشكلة مع‬ ‫ويف األحياء اليت يسيطر عليها النظام لوحظ أيضاً تكدس اقرتاب فصل الصيف‪ ،‬مما ميكن أن يسهم يف تفشي‬ ‫القمامة‪ ،‬فيؤكد أحد املهندسني املشرفني يف بلدية درعا يف األمراض واألوبئة‪.‬‬

‫‪ 9‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الخامس عرش ‪7‬‬


‫إضاءات‬

‫يف عيد اآلكيتو‬

‫األشوريون يتطلعون بأمل‬ ‫إىل مزيد من «العيش‬ ‫املشرتك»‬ ‫بهزاد حاج حمو‬ ‫اآلكيتو وتعين احلياة‪ ،‬وهو رأس السنة البابلية‪ ،‬وتُلفظ‬ ‫أيضاً‪ ،‬عند بعض الساميني ِ‬ ‫«حجتو» يف اللغة األكادية‬ ‫والعربية‪ ،‬ومن املالحظ أهنا قريبة من لفظة «حج»‪ ،‬واليت‬ ‫تعين االحتفال أو احلفلة يف اآلرامية السريانية‪.‬‬ ‫مؤرخون‪،‬‬ ‫ويعود تاريخ االحتفال هبذا العيد‪ ،‬كما يقول ِّ‬ ‫إىل الفرتة الواقعة بني األلف الرابع واأللف اخلامس قبل‬ ‫امليالد مع بداية األعمال الزراعية يف نيسان‪ ،‬وكانت‬ ‫تستمر االحتفاالت اثين عشر يوماً‪ ،‬ميثِّل كل يوم شهرًا‬ ‫من أشهر السنة‪ ،‬إال أهنا اُختصرت مع مرور الزمن إىل‬ ‫يوم واحد‪ ،‬كما يؤِّكد الناشط املدين اآلشوري السوري‬ ‫غاندي‪ ،‬الذي يقول «مل تكن الحتفاالت آكيتو قبل‬ ‫اندالع الثورة السورية أي بُعد وطين‪ ،‬بل كان يقتصر‬ ‫شكل االحتفال على رحلة صغرية يقوم هبا أبناء القومية‬ ‫اآلشورية يف الطبيعة دون أية طقوس‪ ،‬وكان نظام األسد‬ ‫يسعى إىل إفراغ العيد من مضمونه القومي‪ ،‬كدأبه‬ ‫يف إقصاء وهتميش أية ثقافة أو صوت سوى صوته‬ ‫املشوه»‪.‬‬ ‫القوموي َّ‬ ‫وتعترب احتفاالت آكيتو مقدسة‪ُ ،‬ينع فيها مثالً‪ ،‬تأنيب‬ ‫األطفال ومعاقبة العبيد أو القيام باألعمال اليومية أو‬ ‫عيديْن رئيسيَني‪،‬‬ ‫دعوة احملاكم‪ .‬واآلكيتو كان واحداً من َ‬ ‫يُدعى اآلخر بـ «زاكموك»‪ ،‬وكان ُيتفل هبذا األخري يف‬ ‫اخلامس عشر من أيلول كل عام‪ ،‬وهو يوم االحتفال‬ ‫حبصاد الشعري واالعتدال اخلريفي املتزامن مع موسم‬ ‫قطف التمور يف بالد ما بني النهرين‪ ،‬ويرمز لقدسية‬ ‫شجرة النخيل وأيضاً لتجدد وخصب األرض‪ .‬إال أنه‬ ‫ويف مطلع األلف الثاين قبل امليالد أي زمن الساللة‬

‫العمورية البابلية األوىل (اليت ينتمي إليها امللك واملشرع‬ ‫محورايب)‪ ،‬مت إلغاء االحتفال بعيد زاكموك‪ ،‬واإلبقاء على‬ ‫اآلكيتو فقط ليتعرض هو بدوره الحقاً للتهميش واملنع‬ ‫أحياناً من قبل بعض «احلكومات اإلسالموية» حبجة‬ ‫وثنيَّته‪ ،‬كما يقول الكاتب البابلي العراقي طلعت ميشو‪.‬‬

‫ويدعو إىل تشجيع هكذا مبادرات ووضعها ضمن اخلط‬ ‫الوطين‪ ،‬وتفعيل دور اجملتمع املدين مبا خيدم الثورة السورية‬ ‫على طريق احلرية و الكرامة والعدالة لكل السوريني‪.‬‬

‫وعن كيفية انتقال هذا العيد من أرض بابل إىل إقليم‬ ‫يوضح الكاتب اآلثاري «هاري‬ ‫الشمال اآلشوري‪ِّ ،‬‬ ‫ساكز» يف كتابه «قوة آشور» أن طقس االحتفال‬ ‫باآلكيتو عند اآلشوريني يعود إىل حوايل‪ 0021‬قبل‬ ‫امليالد‪ ،‬وذلك بعد أن قام امللك اآلشوري «تيكولتينينورتا»‬ ‫بغزو بابل‪ ،‬وبالتايل نقل هذا العيد ضمن أعياد وطقوس‬ ‫أخرى إىل بالد آشور‪ ،‬ويشبِّه الكاتب ساكز‪ ،‬غزو مدينة‬ ‫بابل يف العامل القدمي‪ ،‬بغزو الفاتيكان أو القدس أو مكة‬ ‫يف وقتنا هذا‪.‬‬

‫وعن حال‬ ‫اآلشوريني يف‬ ‫هذا العيد‪ ،‬الذي‬ ‫يأيت فيما الثورة‬ ‫السورية التزال يف‬ ‫أوج اشتعاهلا قال‬ ‫الشاعر اآلشوري «معروف عازار» جلسر‪ :‬التواجد‬ ‫املسيحي يف اجلزيرة‪ ،‬تواجد تارخيي فهم من بقايا‬ ‫اآلراميني وقبيليت تغلب وبكر‪ ،‬نزحوا من سفوح‬ ‫جبل طوروس مع األرمن إثر مذابح العام ‪1915‬‬ ‫مث تالهم يف احلضور اآلشورييون الذين نزحوا من‬ ‫العراق عام ‪ ،1936‬وهذا الوجود التارخيي أكسبهم‬ ‫مسة العيش املشرتك مع باقي مكونات املنطقة‪.‬‬

‫«من نيروز إلى آكيتو عيش مشترك لربيع دائم»‬ ‫حتت هذا االسم قام نشطاء أكراد وآشوريني سوريني يف‬ ‫منطقة القامشلي‪ ،‬حبملة يصفها الناشط املدين «زوراب‬ ‫قادو» أهنا «حماولة لرأب الصدع بني أطياف الشعب‬ ‫السوري اليت أحدثها النظام‪ ,‬وتعريف اجملتمع بأعياد‬ ‫واحتفاالت مكوناته من خالل دعوات متبادلة حلضور‬ ‫هذه املناسبات»‪.‬‬ ‫أما رئيس املنظمة اآلثورية الدميقراطية «كربيئيل كوريه»‬ ‫فكان قد أكد يف كلمة ألقاها أمام حشد من احملتفلني‬ ‫بعيد اآلكيتو يف مدينة القامشلي على التزام الشعب‬ ‫اآلثوري وكافة املكونات الثورية خبط وهنج الثورة السورية يف‬ ‫حتقيق احلرية والعدالة للسوريني مجيعاً‪ .‬واعترب الناشط املدين‬ ‫غاندي «األعياد الوطنية‪-‬الكردية‪ ،‬اآلشورية‪ ،‬والعربية»‬ ‫فرصة اللتقاء ومتازج الثقافات السورية حتت مظلة الثورة‪.‬‬ ‫واجلدير بالذكر أن االحتفال هلذا العام شهد حضوراً‬ ‫مكثَّفاً من القيادات والشخصيات الكردية اليت كانت‬ ‫قد استقبلت خالل أعياد نريوز ممثلني عن الطوائف‬ ‫والقوميات األخرى يف املنطقة‪ .‬ويعترب الناشط «زوراب»‬ ‫هذه اخلطوة جديرة بالتبين من قبل اجملالس احمللية والوطنية‪،‬‬

‫‪8‬‬

‫‪ 9‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الخامس عرش‬

‫واهلجرة املسيحية من اجلزيرة إىل الداخل واخلارج‬ ‫قدمية‪ ،‬وال حتسب على االضطهاد‪ ،‬فحقوقهم‬ ‫الدينية واللغوية مصانة أكثر من غريهم‪ ،‬إمنا‬ ‫ترتبط بالبحث عن حياة أفضل‪ ،‬غري أن النظام‬ ‫االستبدادي ومنذ الثمانينات كان قد خلخل وحدة‬ ‫النسيج االجتماعي لعموم الوطن باللعب على‬ ‫املشاعر الدينية والطائفية‪.‬‬ ‫واآلن‪ ،‬وبعد أن بات النظام عاجزاً عن محاية‬ ‫األقليات‪ ،‬ومع حاالت اخلطف والقتل والنهب‬ ‫اليت طالت املسيحيني بالدرجة األوىل‪ ،‬ومع غياب‬ ‫األمان‪ ،‬وسوء األوضاع املعيشية‪ ،‬وتوفر فرص‬ ‫اهلجرة‪ ،‬ابتدأت مرحلة جديدة من اهلجرة‪ ،‬ويعلل‬ ‫ذلك قلة اهلجرة من القامشلي كمنطقة أمان‬ ‫وتزايدها يف احلسكة ورأس العني واملالكية كمناطق‬ ‫ساخنة‪ ،‬علماً أن هناك هجرة كردية ويزيدية تفوق‬ ‫هجرة املسيحيني‪.‬‬


‫حتقيقات‬ ‫بني من يعتربها «حرب وجود» ومن يعدها «حرباً بال أمل»‬

‫شبان علويون يلتحقون بجيش النظام وآخرون يهربون منه‬

‫شاب يتطوع يف اللجان الشعبية «انتقاماً» ملقتل أخيه العسكري وأب يخ ّون أوالده لرفضهم االلتحاق بالجيش‬ ‫سمر مهنا‪ /‬سارة منصور‬

‫«بدي أخدم الفرتة اجلايّي مطلوب احتياطي»‪ ،‬هذه‬ ‫كلمات الشاب عماد (‪ 30‬عام)‪ ،‬بالكاد صوته يسمع‬ ‫بسبب صوت األغنية املرتفعة اليت كان يضعها يف‬ ‫التكسي الذي يعمل عليه مساءً يف مدينة جبلة‪ ،‬يضيف‬ ‫«ب ّقالنا كم يوم حىت نلتحق»‪ ،‬وصوت األغنية يطغى‬ ‫على صوته «زمرة دمي ‪ O‬بشار»‪.‬‬ ‫حال عماد مشاهبة حلال آالف الشبان من الطائفة‬ ‫العلوية الذين توزع معظمهم بني اخلدمة اإللزامية والتطوع‬ ‫واالحتياطي‪ ،‬ومع تقدم اجليش احلر يف العديد من‬ ‫احملافظات وزيادة أعداد القتلى يف صفوفهم‪ ،‬حبسب‬ ‫ناشطني‪ ،‬زاد الطلب على سحبهم‪ ،‬مما أدى إل اختالف‬ ‫ردات الفعل‪ ،‬فبعضهم اندفع حبماس للمشاركة يف‬ ‫«معركة الوجود»‪ ،‬وامتنع أهايل البعض عن إرسال أبنائهم‬ ‫خلدمة العلم‪ ،‬ومنهم من غادر البالد خوفاً من أن يتم‬ ‫أخذه بشكل قسري‪.‬‬ ‫«خدمة الوطن واجب»‬ ‫عماد متزوج ولديه ولدان يف املرحلة االبتدائية‪ ،‬مل يكن‬ ‫يتكلم كثرياً وهو يقود سيارته‪ ،‬حىت عند حمادثته عن حالة‬ ‫الغالء اليت تسود البالد وصعوبة املعيشة‪ ،‬فإنه كان يلوذ‬ ‫بالصمت‪ ،‬تاركاً أغنيته تقول ما تريد‪.‬‬ ‫ومل يشتك فراس (من قرية يف الالذقية)‪ ،‬مدرس مادة‬ ‫القومية‪ ،‬أيضاً من كونه مطلوب لالحتياط إذ أنه يعترب‬ ‫هذا «خدمة للوطن» حبسب تعبريه‪ ،‬وهو «أمر طبيعي»‬ ‫إذ أن لديه أخان يف اجليش‪ ،‬أحدمها خيدم يف داريا بريف‬ ‫دمشق‪ ،‬وال يبد قلقاً على أمه األرملة فقد بقي لديهم أخ‬ ‫ما زال جبانبها‪ ،‬إضافة لفتاتني إحدامها موظفة يف الدولة‪.‬‬ ‫أما مراد (‪26‬عام) من إحدى قرى طرطوس‪ ،‬فكان ينتظر‬ ‫حبيبته اليت تسكن يف منطقة «مزة ‪ »86‬بدمشق لتودعه‬ ‫وتراه قبل التحاقه باجليش‪ ،‬وبسؤاله عن سبب التحاقه‬ ‫باالحتياط أجاب بربود «ليش يعين؟ ألين انطلبت‪ ،‬ما‬ ‫أحالين وماروح» مؤكداً أن السلفيني يريدون قتلهم مجيعاً‬ ‫يف إشارة إىل أبناء الطائفة العلوية‪.‬‬ ‫يخون أوالده‬ ‫أب ّ‬ ‫وسام من قرية يف حمافظة الالذقية التحق باجليش منذ‬ ‫عدة أشهر بعد أن طلب لالحتياطي‪ ،‬وهو اآلن خيدم يف‬ ‫حلب‪ ،‬تقول شقيقته وعد «أخي خيدم اآلن يف منطقة‬ ‫هادئة ال تشهد اشتباكات مع اجليش احلر‪ ،‬لكننا يف‬ ‫حالة خوف دائمة عليه»‪ ،‬تصمت قليالً لتتابع «عندما‬ ‫يأيت لزيارتنا لن امسح له بالرحيل جمدداً»‪.‬‬

‫وسام ليس الوحيد من إخوة وعد الذي طلب لالحتياط‪،‬‬ ‫فقد مت طلب ثالثة إخوة آخرين لكنهم رفضوا االلتحاق‪،‬‬ ‫وبسؤال وعد عن السبب تقول إن «العساكر الذين‬ ‫يعودون إىل قريتنا يتكلمون عن فساد الضباط‪ ،‬وعن‬ ‫موت العساكر جماناً يف معركة مل يعد يبدو فيها النصر‬ ‫واضحاً»‪ ،‬وتعلق «رغم ذلك ما زال والدي ينظر إىل‬ ‫إخويت على أهنم خونة لرفضهم االلتحاق باجليش»‪.‬‬ ‫وأشارت وعد إىل أن عدد من شباب منطقتهم الذين‬ ‫طلبوا لالحتياط هربوا إىل لبنان جتنباً لسحبهم بشكل‬ ‫قسري‪.‬‬ ‫تطوع انتقاماً‬ ‫ختتلف حالة أمين (‪19‬عام) عن حال من سبقوه‪ ،‬فقد‬ ‫قرر التطوع يف اللجان الشعبية مبدينة جبلة‪« ،‬انتقاماً»‬ ‫ملقتل أخيه العسكري الذي قتل يف دير بعلبة حبمص‪.‬‬ ‫وما تزال والدة أمين يف حال صدمة وذهول وحزن رغم‬ ‫أن ابنها قتل منذ عام فتقول «حبييب مجال استشهد العام‬ ‫املاضي يف محص لقد حرق قليب‪ ،‬حاولت أنا وأبوه أن‬ ‫مننع أمين من االلتحاق باللجان الشعبية‪ ،‬فلم يبق لدينا‬ ‫شاب سواه‪ ،‬إال أنه أصر على التطوع‪ ،‬رغم أنه حصل‬ ‫على وظيفة نتيجة استشهاد أخيه إال أنه خالف كالمنا‬ ‫وانضم لتنظيم اللجان»‪.‬‬ ‫«ال نقاتل ألجل بشار»‬ ‫أما وائل (‪28‬عام) فقد تطوع يف األمن منذ عام مؤكداً‬ ‫أن املعركة باتت «معركة وجود»‪ ،‬مع من مساهم «أعداء‬ ‫الوطن»‪.‬‬ ‫ورفض وائل كل ما يقال عن أن العلويني يقاتلون من‬ ‫أجل بشار فيقول «معركتنا تتعلق بوجودنا حنن‪ ،‬يا قاتل‬ ‫يا مقتول‪ ،‬مل يبق إال هذا اخليار»‪ ،‬يصمت ليضيف‬ ‫«حددت املكان الذي أريد أن تعلق فيه صوريت بعد‬ ‫استشهادي لوالديت»‪.‬‬ ‫بداية االنتفاض‬ ‫مقابل هذه احلاالت‪ ،‬هناك العديد من أبناء الطائفة‬ ‫العلوية باتوا يرتاجعون عن مواقفهم املؤيدة للنظام نتيجة‬ ‫«جين منها شئ»‪.‬‬ ‫اخلسارات اليت قدموها‪ ،‬ومل ُ‬ ‫تروي «ن‪.‬م» مرتمجة من طرطوس حال إحدى قرى‬ ‫الساحل بعد أن قام أهايل جسر الشغور يف إدلب عام‬ ‫‪ 2011‬مبحاصرة املراكز األمنية واهلجوم عليها مما أدى‬ ‫إىل سقوط العشرات من أبناء الساحل‪ ،‬فتقول «بعد‬

‫تلك احلادثة بدأ التحول‪ ،‬حيث ألقى أهايل الضحايا‬ ‫باللوم على احلكومة اليت قصرت يف محاية أبنائهم‪ ،‬إال‬ ‫أهنم اكتفوا باللوم ومل يلجؤوا لالنتفاض بسبب سيطرة‬ ‫الشبيحة املطلقة على امتداد الساحل السوري‪ ،‬مل يتم‬ ‫تسليم كافة اجلثث‪ ،‬منع األهايل من فتح النعوش‪،‬‬ ‫حصلت أخطاء يف توزيع اجلثث فلم يتعرف األهايل على‬ ‫جثث أبنائهم بسهولة‪ ،‬كل هذا الشحن أثار حفيظة‬ ‫األهايل‪ ،‬وقاموا بالتمرد واهلتاف مطالبني بالثأر ألبنائهم‪،‬‬ ‫مما اضطر تدخل كبار رجال الدين ممن هلم وزن وكلمة يف‬ ‫املنطقة الساحلية»‪.‬‬ ‫رامي مخلوف يجنّد‬ ‫ويف منطقة وادي العيون التابعة إدارياً حملافظة محاة‪،‬‬ ‫والواقعة ضمن سلسلة جبال الساحل‪ ،‬جاء أحد ممثلي‬ ‫رامي خملوف ليقدم واجب العزاء لبعض أهايل القتلى من‬ ‫«اجليش الوطين»‪ ،‬إال أن أهايل البلدة طردوه‪.‬‬ ‫وعن حقيقة ما جرى يقول «ت‪.‬ع» طالب جامعي من‬ ‫حمافظة طرطوس «يف أواخر شهر حزيران العام املاضي قام‬ ‫شبيحة رامي خملوف بإقناع قرابة األربعني شاباً من منطقة‬ ‫وادي العيون بالذهاب إىل حلب للقيام مبساعدة اجليش‬ ‫النظامي واألمن‪ ،‬وذلك من خالل تسجيلهم ضمن ما‬ ‫مسي باجليش الوطين (تنظيم للشبيحة) ويف الطريق إىل‬ ‫حلب‪ ،‬وحتديداً عند منطقة دارة عزة وقع الشباب يف‬ ‫كمني نصبه هلم اجليش احلر»‪.‬‬ ‫تتمة التحقيق يف الصفحة احلادية عشر‬

‫‪ 9‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الخامس عرش ‪9‬‬


‫عني على العامل‬ ‫األطباء السوريون وسط نريان الحرب‬ ‫سانتياغو نصار‬ ‫يف تقري ٍر نُشر يف الثالث والعشرين من آذار املاضي‪،‬‬ ‫سلّطت صحيفة نيويورك تاميز األمريكية الضوء على‬ ‫الدموي املستمر منذ‬ ‫معاناة األطباء السوريني يف املشهد‬ ‫ّ‬ ‫أكثر من عامني‪ .‬يرصد هذا التقرير الذي كتبه «نيل ماك‬ ‫فاركوهار» و«هالة درويب»‪ ،‬من غازي عينتاب يف تركيا‪،‬‬ ‫معاناة األطباء السوريني داخل وخارج البالد من االعتقال‬ ‫واالختطاف والعمل حتت القصف اليومي للنظام‪ ،‬وصوالً‬ ‫الطيب‬ ‫إىل التصفية اجلسدية هلم‪ ،‬ولكل العاملني يف اجملال ّ‬ ‫واملشايف امليدانية‪.‬‬ ‫ويقول التقرير‪ :‬بعد ستة أشهر من اعتقال املخابرات‬ ‫السورية للدكتور حممد نور مكتيب من عيادته حبلب‪،‬‬ ‫اجلامعي أهله‬ ‫استدعى موظفو املشرحة يف املشفى‬ ‫ّ‬ ‫ظن إخوته بأن هناك خطأً‬ ‫ليستلموا جثته‪ ،‬للوهلة األوىل ّ‬ ‫عاما) يف‬ ‫ما‪ .‬يف آخر مرة رأوا فيها الدكتور مكتيب (‪ً 47‬‬ ‫أيار ‪ ،2102‬كان وزن الطبيب حبدود مئة كغ‪ .‬أما الرجل‬ ‫امليت مغطّى باجلروح والتقيّحات‪ ،‬يكاد ال يصل وزنه‬ ‫إىل مخسني كغ‪« .‬كيس من العظام مغطّى باجللد»‪ ،‬كما‬ ‫متفحصة وجدوا‬ ‫وصفه أخوه األصغر وضاح‪ ،‬ولكن بنظرٍة ّ‬ ‫امسه مكتوبًا على لوحة امسية معلقة بإصبع قدمه‪.‬‬

‫الطائفية‪ ،‬واستهداف املشايف‬ ‫والعيادات‪ ،‬وصوالً إىل إجبار‬ ‫األطباء واملمرضات من قبل النظام‬ ‫على تسجيل مقاتلي املعارضة‬ ‫الذين متّ إعدامهم على أهنم جمرد‬ ‫مرضى ميتني‪.‬‬ ‫ويقول الدكتور حممد وجيه مجعة‬ ‫إن نصف املشايف الكربى يف‬ ‫حلب (واليت كانت اثين عشر‬ ‫مشفى) قد مت إغالقها‪ .‬وال يزيد‬ ‫عدد األطباء العاملني يف املناطق‬ ‫اخلطرة عن مخسة وثالثني طبيبًا‪.‬‬ ‫الكلي لألطباء يف حلب‬ ‫ويؤكد أطباء آخرون أن العدد ّ‬ ‫ال يتجاوز مئة من أصل مئيت طبيب على األقل كانوا‬ ‫يف املدينة‪.‬‬

‫وخيتتم بقوله «ما كان يساعدين على احتمال التعذيب‬ ‫والبقاء على قيد احلياة هو ترديدي ملقط ٍع من أغنية‬ ‫(األطالل) ألم كلثوم‪ ،‬تقول فيه‪« :‬أعطين حريّيت‪ ،‬أطلق‬ ‫يدي»‪.‬‬ ‫ّ‬

‫أهم مدينة سورية يف‬ ‫يف مدينة حلب‪ ،‬اليت كانت تع ّد ّ‬ ‫ٍ‬ ‫جهز نفسه لهذا*!‬ ‫صناعة األدوية‪ ،‬ال ميكنك تأمني األدوية إال بصعوبة‬ ‫لم يكن أحد قد ّ‬ ‫بالغة‪ ،‬ويف حال توفّرها يتوجب عليك دفع ما يعادل‬ ‫ثالثني دوالر لزجاجة أنسولني‪ ،‬وذلك بعد توقف اإلنتاج يف لقاء مع «لويك جايغر» من منظمة «أطباء بال‬ ‫حدود» بعد شهرين قضامها يف سورية‪ ،‬يف مشفى (من‬ ‫يف مجيع معامل األدوية‪.‬‬ ‫بشعا‪ ،‬ولكنه معتاد بالنسبة لألطباء وباقي‬ ‫مصريا ً‬ ‫كان ً‬ ‫أصل ثالث مستشفيات تديرها منظمة «أطباء بال‬ ‫الكادر الطيب حني يشك النظام بأهنم يساعدون الثوار‬ ‫ث عن الوضع املأساوي الذي‬ ‫وحبسب مركز توثيق االنتهاكات‪ ،‬املوجود يف دمشق‪،‬‬ ‫حدود» يف سورية)‪ ،‬حت ّد َ‬ ‫اجلرحى‪ .‬وخالل العامني املاضيني‪ ،‬قُتل أكثر من مئة‬ ‫يعيشه السوريون‪ ،‬خباصة يف اجلانب الصحي‪.‬‬ ‫الطيب هم مئة وعشرون طبيبًا‪،‬‬ ‫الكادر‬ ‫من‬ ‫فالضحايا‬ ‫طبيب واختفى املئات يف سجون النظام‪ ،‬حبسب‬ ‫ّ‬ ‫مساعدا يف الكادر الطيب‪ ،‬ومخسون‬ ‫ال‬ ‫عام‬ ‫وستون‬ ‫مخسة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تصرحيات بعض األطباء ومصادر املعارضة‪« ،‬فاحلكومة‬ ‫ممرضة‪ ،‬فيما مت اعتقال ‪ 964‬طبيبا‪ .‬وقد كان استهداف يقول «تقوم منظمتنا بالعمليات اجلراحية بشكل خاص‪،‬‬ ‫تعترب معاجلة اجلرحى مبثابة محل للسالح» كما يقول‬ ‫ً‬ ‫يومي‪ ،‬ويف حال‬ ‫هؤالء الضحايا إما بالتصفية اجلسدية‪ ،‬أو من قبل‬ ‫حيث نعاجل حالة حرجة واحدة مبعدل ّ‬ ‫الصيديل وضاح مكتيب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫سقوط قذيفة يرتفع العدد إىل ثالثني‪ ،‬وحينما تكون هناك‬ ‫القناصني‪ ،‬أو خالل قصف املشايف امليدانية من قبل‬ ‫معركة كبرية يصل العدد إىل مثانني‪ .‬ولكن مع تزايد هرب‬ ‫ويف املدن اليت تعيش حربًا يوميةً مثل حلب‪ ،‬يعاين الريف النظام‪.‬‬ ‫األهايل من املناطق الساخنة‪ ،‬وجدنا أن العمليات اجلراحية‬ ‫حادا يف أعداد األطباء واملعدات الطبية‪ ،‬إذ أن‬ ‫نقصا ً‬ ‫ً‬ ‫ليست كافية حبد ذاهتا‪ ،‬لذا قمنا بإنشاء مركز صحي قرب‬ ‫وخيتم كاتبا التقرير كالمهما بسرد قصة الطبيب حسن‬ ‫احلمالت الشرسة للنظام يف القصف اليومي تسبّبت‬ ‫عاما) من بلدة كفرنبل‪ ،‬اليت تقع على الطريق احلدود الرتكية الستقبال حاالت األمراض املزمنة‪ ،‬خاصة‬ ‫هبرب معظم األطباء‪ ،‬وبسبب هذا النقص‪ ،‬ميكنك‬ ‫جلق (‪ً 39‬‬ ‫جدا‪ ،‬وحبكم أن الناس‬ ‫ا‬ ‫قاسي‬ ‫كان‬ ‫الذي‬ ‫املاضي‬ ‫الشتاء‬ ‫يف‬ ‫الرئيسية اليت تصل حلب بدمشق‪ ،‬والذي متّ اعتقاله يف‬ ‫ً ً‬ ‫كل من ميلك خربة جراحية بسيطة ‪-‬من‬ ‫مالحظة أن ّ‬ ‫تشرين الثاين ‪ ،2011‬بعد مدامهة ملنزله من قبل عناصر هترب دون أن جتلب أي شيء معها‪ ،‬قمنا بتوزيع بطانيات‬ ‫أطباء األسنان‪ ،‬طالب الطب‪ ،‬املمرضات‪ ،‬بل وحىت‬ ‫كخطوة أوىل للمساعدة‪ ،‬وشيئًا فشيئًا قمنا بزيادة أنشطتنا‬ ‫أمن يف كفرنبل‪.‬‬ ‫امليكانيكيون واخلبّازون‪ -‬يقوم اآلن بإجراء العمليات‬ ‫ال سيما يف املناطق اليت تشهد معارك يومية»‪.‬‬ ‫اجلراحية البسيطة‪ ،‬وهناك عدد كبري من املتطوعني اآلن‬ ‫وبالرغم من أنه كان يعاجل جروح هؤالء العناصر أثناء‬ ‫قادر على إخراج رصاصة من القدم أو الذراع‪ ،‬ولكن‬ ‫ٍ‬ ‫بشكل‬ ‫وخيتم حديثه بالقول إن «املدنيني مستهدفون‬ ‫مباريات كرة القدم قبل الثورة‪ ،‬إال أهنم اعتقلوه بتهمة‬ ‫ليس من األماكن اخلطرة كالعنق أو الصدر‪.‬‬ ‫تنظيم مظاهرات ومعاجلة اجلرحى من الثوار‪ .‬وقد متّ نقله دائم‪ ،‬وهم املتضرر األكرب من هذه احلرب اليومية‪ ،‬هم‬ ‫ليسوا معتادين على النزاعات أو احلروب‪ ،‬ولذا فهم ال‬ ‫إىل دمشق‪ ،‬حيث تسبّب التعذيب الدائم جبعله ميشي‬ ‫يف تقرير جمللس حقوق اإلنسان يف األمم املتحدة يف‬ ‫يعرفون آليات البقاء يف الظروف الصعبة‪ ،‬مل يكن أح ٌد قد‬ ‫اعتيادي إال‬ ‫وهو منح ٍن‪ ،‬ومل يستطع أن ميشي بشكل‬ ‫طرف النزاع باستهداف الكوادر الطبية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫آذار‪ ،‬متّ اهتام َ‬ ‫جهز نفسه هلذا!»‪.‬‬ ‫حيث يقول التقريرْ إن «الكوادر الطبية واملشايف مستهدفة بعد مرور شهر على إطالق سراحه‪ ،‬حيث كان يُعلق‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ب بنزيف دائم يف معصميه‪ .‬ويقول إنه‬ ‫طرف النزاع يعتربها أهدافًا عسكرية»‪ .‬وقد بالسقف مما تسب‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫عمدا‪ ،‬كما أن َْ‬ ‫*عن موقع منظمة «أطباء بال حدود» على االنرتنت‪.‬‬ ‫عاد إىل كفرنبل بعد خروج اجليش منها‪ ،‬ولكن معظم‬ ‫املكون من عشر صفحات عدة انتهاكات‬ ‫ير‬ ‫ر‬ ‫التق‬ ‫ضم‬ ‫منّ قبل النظام ّوالثوار‪ ،‬ابتداء برفض العالج على اخللفية األطباء غادروا املنطقة الشمالية من سورية‪.‬‬ ‫ً‬

‫‪10‬‬

‫‪ 9‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الخامس عرش‬


‫منوع‬ ‫طفل مبرص وحيد‬ ‫يف عامل أعمى‬ ‫محمد كناص‬ ‫األب الكفيف أجنب مثانية أبناء‪ ،‬مجيعهم محلوا مرياثه‪ ،‬فال‬ ‫نور يف أعينهم‪ ،‬باستثناء حممد‪ ،‬االبن اخلامس‪ ،‬فقد ولد‬ ‫مبصراً كأمه‪ ،‬ليحمل مرياثها الثقيل بعد أن مزق جسدها‬ ‫برميل متفجر‪ ،‬وهو رعاية هذه العائلة اليت رماها القدر‬ ‫بأقسى سهمني يف جعبته‪ :‬الفقر‪ ،‬وانعدام البصر‪.‬‬ ‫حممد ابن العاشرة‪ ،‬نزح إىل مدينة الرحيانية الرتكية‪ ،‬مع ما‬ ‫تبقى من أسرته من ريف إدلب‪ ،‬بعد أن ه ّدت براميل‬ ‫الطاغية املتفجرة بيتهم يف أيلول املاضي‪.‬‬ ‫يهيم حممد منذ الصباح الباكر على وجهه يف شوارع‬ ‫املدينة الغريبة‪ ،‬تربق عيناه برباءة الطفولة‪ ،‬لكن بريق عينيه‬ ‫من نوع خاص‪ ،‬بريق محله مسؤولية مجع كفاف أخوته‬ ‫ووالده‪.‬‬ ‫ال تأبه أرصفة املدينة ألمل قدميه يف حذائه املهرتئ‪ ،‬لكنه‬

‫شبان علويون يلتحقون بجيش النظام وآخرون يهربون منه‬ ‫تتمة التحقيق املنشور يف الصفحة التاسعة‬ ‫ويتابع «يف اليوم التايل عادت قرابة العشرة جثث يف‬ ‫حني مت إخفاء باقي اجلثث لتخفيف احتقان األهايل‪،‬‬ ‫ويف العزاء الذي أقيم للضحايا والذي حضرته بنفسي‪،‬‬ ‫جاء شخص وعرف عن نفسه بأنه مندوب عن رامي‬ ‫خملوف وممثل له بتقدمي العزاء‪ ،‬فقام أهايل الضحايا‬ ‫باالحتجاج على وجوده‪ ،‬وطردوه من القرية»‪.‬‬ ‫يرفضون استالم التبليغات‬ ‫يف طرطوس اليوم تصل آالف التبليغات بشكل شهري‬ ‫إىل شعبة التجنيد‪ ،‬هذا ما أكده لـ «جسر» الشاب‬ ‫«ت‪.‬ع» نقالً عن أحد املسؤولني يف شعبة جتنيد‬ ‫بطرطوس‪ ،‬وباملقابل فإن معظم الشباب يرفضون استالم‬ ‫هذه التبليغات‪ ،‬ويصل حد الرفض أحياناً إىل التهجم‬ ‫على الشرطة‪ ،‬مما يضطر إىل تدخل املخاتري أو الشرطة‬ ‫العسكرية يف بعض األحيان‪.‬‬ ‫وحصلت «جسر» على تصريح من مصدر عسكري‬ ‫رفض الكشف عن امسه‪ ،‬أكد فيه أن هناك حوايل‬ ‫سبعة آالف شاب رفضوا االلتحاق باخلدمة االحتياطية‬ ‫يف طرطوس‪.‬‬ ‫«أين حرب الوطن؟»‬ ‫ويؤكد الشاب «م‪.‬ع» من قرية ضهر مطر بريف‬ ‫طرطوس أن أهل قريته يرفضون االلتحاق باجليش‪،‬‬ ‫وخاصة بعد تسليم أحد أهايل القرية جثة ابنهم ورميها‬

‫قائلني أنه ليس بشهيد‪ ،‬وبعد البحث والسؤال تبني‬ ‫أن الشاب قد تويف جراء رفضه التعاون مع مهربني‪،‬‬ ‫فقام رفاقه بقتله‪ ،‬وتال ذلك استشهاد أخيه بعد‬ ‫قرابة أسبوع‪ ،‬وما زال لديه أخ آخر خيدم يف اجليش‬ ‫النظامي‪.‬‬ ‫يقول «ع‪.‬ع»‪ :‬أثناء مروري يف حاريت لشراء حاجيات‬ ‫للمنزل جاءت دورية تابعة للشرطة العسكرية لسحب‬ ‫أحد شباب احلي املطلوب لالحتياط‪ ،‬حاول الشاب‬ ‫اهلرب وتدخلت والدته وقامت بالصراخ يف وجه رجال‬ ‫الشرطة‪ ،‬إال أن عدد الشرطة الكبري فاق شجاعتها‪،‬‬ ‫أخذوا الشاب وعاد بعد قرابة الشهرين ألهله وهو‬ ‫مصاب‪ ،‬وحىت اآلن ما يزال مضطراً لالستمرار يف‬ ‫اخلدمة يف اجليش السوري‪ ،‬بالرغم من عدم قناعته‬ ‫جبدوى االنضمام إىل صفوف هذا اجليش أو احلرب‬ ‫اليت خيوضها‪.‬‬ ‫ويف قرية محني الطرطوسية‪ ،‬جاءت قوة كبرية إىل‬ ‫القرية لسحب الشباب املطلوبني لالحتياط وخلدمة‬ ‫العلم‪ ،‬حبسب «ن‪.‬ق» من السكان‪ ،‬فقام أهايل‬ ‫القرية مبواجهة األمن بضراوة‪ ،‬مما اضطر قوات األمن‬ ‫لالنسحاب من بعد تلقيهم أوامر بعدم االصطدام مع‬ ‫أهايل القرية‪ ،‬وما زاد إصرارهم على موقفهم‪ ،‬عودة‬ ‫أحد شباب القرية مقتوالً بعد أن مت سحبه لالحتياط‬ ‫قبل مخسة عشر يوماً‪ ،‬أثناء تواجده يف حي الرمل‪،‬‬ ‫ويقول ن‪.‬ق‪ :‬ردد أهله مجلة الزال صداها يف أذين‬ ‫حني قالوا «أكرت شي قاهرنا إنو ما استشهد باجلوالن‪،‬‬ ‫وين حرب الوطن يلي قنعونا فيها»‪.‬‬

‫عمل لفنان ضرير‬

‫ميشي هبمة‪ ،‬ثروته نظر عينيه‪ ،‬اللتني تغنيانه عن استجداء‬

‫اآلخرين‪ ،‬يبيع الكعك والدخان يف ساحات املدينة‬ ‫وشوارعها‪ ،‬يصدح بصوته الطفويل "كعك‪ ...‬كعك‪،"...‬‬ ‫وتعود إليه صرخته غالباً‪ ،‬فلغته غري مفهومة‪.‬‬ ‫يذكر جيداً كيف خطف املوت والدته فيقول "جاءت‬ ‫الطائرة فوق منزلنا‪ ،‬وفجأة مسعنا صوتاً قوياً ومل نعد نرى‬ ‫بعدها شيئاً من كثرة الغبار‪ ،‬فخرجت بعد برهة تائهاً ال‬ ‫أعرف حينها كيف وصلت لساحة املنزل اخلارجية‪ ،‬وجدت‬ ‫أمي على األرض والدم خيرج من أنفها ورأسها‪ ،‬ناديت‬ ‫والدي ليأيت ويساعدها لكنه مل يستطع بسبب العمى يف‬ ‫عينيه‪ ،‬فطلبت مساعدة اجلريان‪ ،‬جاء أحد الشباب من‬ ‫احلي‪ ،‬ومل أعرف بعدها ملاذا ترك والديت ومل يساعدها‪ ،‬وراح‬ ‫يهدئ والدي الذي بدأ بالبكاء"‪.‬‬ ‫يأيت املساء على حممد يف ساحة البلدية مبدينة الرحيانية‪،‬‬ ‫فيلملم غطاء سلته على ما تبقى لديه من بضاعة‪ ،‬ويعود‬ ‫أدراجه إىل املنزل‪ ،‬ليضع يف فم أخوته ما تعب به جناحاه‬ ‫الطريان‪ ،‬تاركاً لنفسه بقايا تعب يتلّحفه‪ ،‬وينام بعمق ال‬ ‫يتخلله سوى خماوفه الطفولية الكبرية‪ ،‬على مصري سفينة‬ ‫البؤساء التائهة اليت يقودها‪ ،‬يف حبر الكبار واألقوياء‪،‬‬ ‫العاصف املدهلم‪.‬‬

‫‪ 9‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الخامس عرش ‪11‬‬


‫األخرية‬ ‫استشهد عىل قمة «ظهر الجبل»‬

‫خلدون زين الدين رحل كام‬ ‫ترحل الصقور‬ ‫قبل أن تنهي الثورة عامها األول أعلن املالزم أول‬ ‫خلدون سامي زين الدين انشقاقه عن إدارة اإلشارة‬ ‫اللواء ‪ /240/‬التابع جليش النظام‪ ،‬وقال يف مقطع‬ ‫الفيديو الوحيد املنشور له «أعلن انشقاقي عن اجليش‬ ‫األسدي‪ ،‬الذي طغى وجترب وأجرم»‪.‬‬ ‫انضم كما معظم املنشقني األوائل‪ ،‬إىل لواء الضباط‬ ‫األحرار الذي أسسه املقدم حسني هرموش‪ ،‬وقاتل يف‬ ‫مناطق عدة على جممل األرض السورية‪ ،‬لكنه شكل‬ ‫أخرياً كتيبة «سلطان باشا األطرش» التابعة للمجلس‬ ‫العسكري يف السويداء‪ ،‬و يف‪ ،2013/1/11‬تقدم مع‬ ‫كتيبته من درعا إىل مسقط راسه‪ ،‬وهي قرية تدعى ظهر‬ ‫اجلبل يف السويداء‪ ،‬ليبدأ من هناك العمليات العسكرية‬ ‫األهم يف تلك احملافظة‪.‬‬

‫بني سوق النخاسة وميدان القتل هذا خياري يا عرب‬ ‫رند بيطار‬

‫لكن النظام الذي طاملا حرص على إظهار سكان اجلبل‬ ‫األشم‪ ،‬أرض الثورات والكرامة‪ ،‬على أنه راض بسلوكه‬ ‫حنو الشعب السوري ومؤيد له‪ ،‬عرب بعض الشبيحة‬ ‫واملرتزقة‪ ،‬حشد كل ما يستطيع من قواته‪ ،‬ليحاصر صقر‬ ‫السويداء يف معقله العايل‪ ،‬ويهامجه بالطائرات املقاتلة‪.‬‬ ‫صمد خلدون إثر اهلجوم لثالثة أيام متتالية‪ ،‬ليستشهد‬ ‫يف ‪2013/1/13‬كما جاء يف بيان اجمللس العسكري‬ ‫للسويداء «جاءت تعزيزات من عصابات األسد إىل‬ ‫مكان تواجد أبطالنا إىل الشرق من سد الروم‪ ،‬ودارت‬ ‫معارك عنيفة امتدت لثالثة أيام كان أشدها املعركة‬ ‫اليت دارت بالقرب من تل املسيح الواقع إىل الشرق من‬ ‫قرية سليم‪ ،‬وقد كبدنا عصابات األسد خسائر فادحة‬ ‫كانت حصيلتها ‪ 221‬قتيالً على األقل وأكثر من ‪150‬‬ ‫جرحياً‪ .‬وقد ارتقى لنا ‪ 16‬شهيداً من بينهم املالزم أول‬ ‫البطل خلدون سامي زين الدين»‪.‬‬ ‫ونعاه شقيقه املالزم أول املنشق فضل زين الدين‪،‬‬ ‫وأقيمت الصالة على روحه يف لبنان‪ ،‬بعد أن منع النظام‬ ‫وشبيحته ذويه من الصالة عليه وتشييعه‪ ،‬وانضمت‬ ‫الحقاً زوجة الشهيد «املالزم أول أميرة بحصاص»‬ ‫من قرية سايل يف السويداء أيضاً‪ ،‬إىل اجليش احلر‪ ،‬معلنة‬ ‫مواصلة مشوار خلدون ورسالته اليت قدم حياته مثناً هلا‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫‪ 9‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الخامس عرش‬

‫لكثرة االنفجارات‪ ،‬أخبارها‪ ،‬أصبحت شيئاً معتاداً‬ ‫ملن يعيش هنا‪ ،‬داخل سورية‪ ،‬بل تدعو إىل امللل‪ ،‬وهو‬ ‫ما دفعين إىل تقصي أحوال السوريني الذين هربوا إىل‬ ‫اجلوار العريب من اجلحيم احمللي‪ ،‬و حبثت عن أخبارهم‬ ‫يف الصحف العربية والدولية‪ ،‬عرب االنرتنت‪.‬‬ ‫يف العراق قرأت وفقاً لوكالة األنباء األملانية‪ ،‬قالت «أم‬ ‫خدجية»‪ ،‬وهي متسولة معروفة تقضى معظم وقتها يف‬ ‫التسول بالشارع الرئيسي ملنطقة النيب يونس يف اجلهة‬ ‫اليسرى ملدينة املوصل الشمالية يف العراق‪ :‬املتسوالت‬ ‫هن السبب الرئيسي يف قطع‬ ‫السوريات املهاجرات ّ‬ ‫أرزاقنا يف الشوارع واألزقة باملوصل كوهنن مجيالت‪،‬‬ ‫وحيققن يومياً مبالغ طائلة ما انعكس سلباً‪ ،‬وأثر على‬ ‫إيراداتنا»‪.‬‬ ‫كان اخلرب صادماً حىت أين غادرت بالد الرافدين كلياً‪،‬‬ ‫وتوجهت وكلي أمل‪ ،‬إىل أرض الكنانة‪ ،‬األخ العريب‬ ‫األكرب‪ ،‬وأم الدنيا‪ ،‬لكي أكتشف أهنم أقاموا للسوريات‬ ‫خصيصاً‪ ،‬سوق خناسة ال يليق مبصر وال بسورية‪.‬‬ ‫لقد افتتحت يف مصر مكاتب ومجعيات لتزويج املصريني‬ ‫بسوريات‪ ،‬مبهر خبس ال يتجاوز األلف جنيه‪ ،‬للـ«سرت»‬ ‫عليهن‪.‬‬ ‫تروى سهام (‪19‬عام) معاناهتا يف مصر بعد أن أجربها‬ ‫أهلها على الزواج بشخص يكربها بنحو ‪55‬عاماً‪،‬‬ ‫مربرين ذلك بأن «تكاليف احلياة يف مصر مرتفعة‪ ،‬وإن‬ ‫تزوجت سيخف مصروف العائلة»‪.‬‬ ‫فتقول الصبية السورية «مت الزواج عن طريق مجعية‬ ‫قام والدي بتسجيل امسي فيها‪ ،‬وهي خمتصة بتأمني‬ ‫أشخاص مصريني يريدون الزواج بسوريات يف مصر»‪.‬‬

‫وتتحدث سهام عن معاناهتا مع زوجها‪ ،‬فهو متزوج‬ ‫ولديه أربعة أوالد‪ ،‬ويعاملها بطريقة غري إنسانية‪ ،‬فهو‬ ‫على حد تعبري سهام يقول هلا «أنا تزوجتك صدقة‬ ‫وحسنة»‪.‬‬ ‫بدوره‪ ،‬قال عمر (‪27‬عام)‪ :‬أتيت مع عائليت املكونة‬ ‫من مخسة أفراد لإلقامة يف مصر‪ ،‬ألتفاجأ أكثر من‬ ‫مرة بإيقايف يف الطريق من قبل شبان‪ ،‬وكذلك رجال‬ ‫متقدمني يف العمر بعد أن يعرفوا أننا من سورية‪،‬‬ ‫ويسألونا إن كنا نريد تزويج أخوايت من شبان مصريني‪.‬‬ ‫ولكن هناك من يؤيد الفكرة‪ ،‬حيث تقول أم سالم‬ ‫«أتيت مع زوجي وأوالدي الستة‪ ،‬والمنلك الكثري من‬ ‫املال‪ ،‬وزوجي ال يعمل‪ ،‬لذلك جلأت إىل مجعية تزويج‬ ‫السوريات ألزوج بنايت األربعة واليت ترتاوح أعمارهن بني‬ ‫(‪16‬و‪23‬عام)»‪ ،‬وتضيف «صحيح يلي تزوجهم كبار‬ ‫بالسن‪ ،‬بس احلمد اهلل سرتت عليهم‪ ،‬وخلصت من‬ ‫مصروفهم»‪.‬‬ ‫حبثت وتقصيت أكثر عن موقف شعب مصر من هذه‬ ‫الظاهرة‪ ،‬مل أجد متصدياً واحداً هلا‪ ،‬باستثناء كلمات‬ ‫خجولة ال ترقى إىل مستوى املأساة وال تقدم أي حل‪،‬‬ ‫فـ «اجمللس القومي للمرأة» يف مصر قال إن «اثين عشر‬ ‫ألف حالة زواج متت خالل عام واحد بني الجئات‬ ‫سوريات ومصريني»‪ ،‬معترباً «أن تلك الزجيات متثل‬ ‫حاالت اجتار بالبشر»‪.‬‬ ‫توقفت عن البحث‪ ،‬صار صوت انفجارات قذائف‬ ‫اهلاون ليس مألوفاً وحسب‪ ،‬بل مدعاة للطمأنينة‪،‬‬ ‫احلمداهلل أين يف سورية‪ ،‬فأنا كفتاة ال أرى ماهو أبشع‬ ‫علي يف سوق خناسة صريح أو مقنع‪،‬‬ ‫من أن ينادى ّ‬ ‫فهدف احلرية والكرامة‪ ،‬يف بلدي يستحق أن نضحي‬ ‫ألجله‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.