العدد السادس عشر من جسر

Page 1

‫خارطة موقف‬

‫من ميسك‬ ‫بالسلطة يف سورية؟‬

‫مقابلة‬

‫قائد إحدى الكتائب لـ «جرس»‪ :‬هكذا «رسقنا» النفط‬ ‫وأنا مستعد للمحاسبة‬

‫الثالثاء ‪ 16‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السادس عرش‪ /‬السنة األوىل‬

‫سورية أسبوعية مستقلة‬

‫تحت أعني الثوار‬ ‫ثروة سورية النفطية يبددها النظام واللصوص‬

‫الحجة «مريم الخليفة»‬ ‫تطهو للمقاتلني‬ ‫والجرحى يف الرقة عىل‬ ‫الحطب‬

‫ملوقفها املتضامن مع‬ ‫الريف الدمشقي‬ ‫النظام يتفنن‬ ‫بعقاب العاصمة‬

‫‪www.fasebook.com/jesrpress‬‬

‫كيف تخطط ملرشوع‬ ‫ناجح؟‬ ‫جمعية إغاثية طبية منوذجاً‬

‫‪www.twitter.com/jesr_press‬‬

‫املعارضة‪ ..‬االنفصال عن الواقع‬

‫عبد النارص العايد‬ ‫يوماً بعد يوم تتباعد الشقة بني املعارضة السياسية السورية‪،‬‬ ‫والشعب السوري الثائر‪ ،‬ومن سلوكها وترصفاتها تبدو‬ ‫منفصلة عن الواقع‪ ،‬عىل النحو الذي كان عليه النظام يف بداية‬ ‫الثورة‪ ،‬ونقول مع بداية الثورة‪ ،‬ألن النظام بعد اشتباكه مع‬ ‫املجتمع السوري لسنتني بات خبريا ً وقريباً من الواقع مبا ال‬ ‫يقاس مع املعارضة السياسية التي أصبحت يف واد آخر متاماً‪.‬‬ ‫وبينام يعج الداخل السوري‪ ،‬وخاصة املحرر‪ ،‬مباال يحىص من‬ ‫املشاكل التي تحتاج إىل دراسة وترصف ما‪ ،‬يبحث الساسة‬ ‫يف الكواليس عن مصالحهم الحزبية والشخصية بال كلل‪،‬‬ ‫ويف العلن يعقدون اجتامعات ال تنتهي لتشكيل التشكيالت‪،‬‬ ‫وهيكلة الهياكل‪ ،‬أما مثقفو املعارضة‪ ،‬أو مدعوها‪ ،‬فيقيمون‬ ‫املؤمترات يف أفخم يف الفنادق ليخرجوا منها بحصيلة من‬ ‫العالقات العامة‪ ،‬تضاف إىل رصيدهم‪ ،‬وال يشء سوى ذلك‪.‬‬ ‫يقام اآلن يف استنبول مؤمتر واسع للـ «العدالة االنتقالية»‬ ‫ويتلوه مؤمتر أكرث سعة للـ «السلم االهيل»‪ ،‬وسبقهام العديد من‬ ‫املؤمترات وورشات العمل وما إليها‪ ،‬دون أدىن نتيجة ملموسة‪.‬‬ ‫لن نردد الكالم الشائع القائل إن منكويب الداخل‬ ‫أوىل باملبالغ التي ترصف‪ ،‬مع أن الكالم محق وغاية‬ ‫يف الوجاهة‪ ،‬فإقامة كل واحد من املدعوين تكلف‬ ‫يف الليلة الواحدة ماال يقل عن ثالمثائة دوالر أمرييك‪،‬‬ ‫وهي تكفي إلقامة أود عائلة ملدة شهر عىل األقل‪.‬‬ ‫ما سنتكلم عنه هو مفارقة العناوين املطروحة للمشاكل‬ ‫واالحتياجات التي يطرحها الواقع‪ ،‬هناك ما ال يحىص‬ ‫من القضايا السورية التي يجدر بالباحثني واملثقفني‬ ‫أن يبحثوها ويضعوها يف إطارها الصحيح‪ ،‬ويقدمون‬ ‫عنها دراسات تفصيلية للساسة والرأي العام السوري‪.‬‬ ‫ماذا عن نفط املناطق املحررة املرسوق واملهدور؟ ماذا‬ ‫عن احتياجات السكان؟ وأين الدراسات التفصيلية‬ ‫ألزمة التعليم والخدمات؟ ماذا عن العبث الذي طال‬ ‫كافة مرافق الدولة ومؤسساتها بغياب وجود سلطة‬ ‫مركزية‪ ،‬وكيف السبيل إىل استعادة دورها ووظيفتها؟‬ ‫إن األموال التي تنفق يف هذه املؤمترات‪ ،‬هي جزء مام قدم‬ ‫للشعب السوري‪ ،‬بسبب ما يعانيه من قتل ودمار‪ ،‬وليس من‬ ‫العدل‪ ،‬وال من املسؤولية‪ ،‬أن ينفق يف بحث قضايا أقل ما يقال‬ ‫فيها إنها ثانوية‪ ،‬ولن تعرتضنا إال عىل املديني املتوسط والطويل‪.‬‬ ‫عىل املعارضة السورية أن تعرف أن النظام مبا استفاده من‬ ‫دروس االشتباك مع الواقع اليومي للسوريني‪ ،‬بدأ يعمل عىل‬ ‫استعادة ثقة بعض املجتمعات به‪ ،‬تحديد ا ً الواقعة تحت‬ ‫سيطرته‪ ،‬وخاصة لدى املقارنة بجحيم الحياة يف املناطق‬ ‫املحررة التي يفتك بها الفقر واملرض والجهل واستبداد بعض‬ ‫حملة السالح من راكبي موجة الثورة‪ ،‬وإن سمعة املعارضني‬ ‫وسريتهم ليست أفضل من سرية أزالم النظام إال فيام ندر‪،‬‬ ‫وإذا كان يحلو للبعض أن يقول إنه يتحدى أن يجرؤ أحد من‬ ‫مسؤويل النظام عىل زيارة املناطق املحررة‪ ،‬فإنني أؤكد أن ما‬ ‫من مسؤول يف املعارضة قادر عىل زيارة تلك املناطق أيضاً‪.‬‬

‫‪jesr.press@gmail.com‬‬


‫حمليات‬

‫وزارة الكهرباء تسعى لـ «تحقيق العدل» بني املشرتكني بقطع الكهرباء عن املتخلّفني‬ ‫قال وزير الكهرباء‪ ،‬عماد مخيس‪ ،‬إن «احلملة اليت‬ ‫أطلقتها الوزارة لتطبيق نظام االستثمار القاضي بقطع‬ ‫التيار الكهربائي عن مجيع املشرتكني املتخلّفني عن تسديد‬ ‫الذمم املالية املرتتبة عليهم‪ ،‬تأيت ضمن خطة الوزارة‬ ‫لتحقيق العدالة بني مجيع مشرتكي الطاقة الكهربائية‪،‬‬ ‫وبذل اجلهود ملالحقة املتخلّفني عن تسديد الفواتري»‪،‬‬ ‫وذلك بعد انتهاء العمل بالقانون ‪ /26/‬لعام ‪.2012‬‬ ‫وأشار مخيس إىل أن عدد املشرتكني بالطاقة يصل إىل‬ ‫حنو ‪ 5.3‬مليون نسمة يتوزعون على خمتلف املناطق مما‬ ‫يؤدي إىل مواجهة بعض الصعوبات يف حتصيل الفواتري‪،‬‬ ‫حمذراً يف وقت السابق مجيع املشرتكني يف املناطق‬ ‫اليت متتنع عن دفع الفواتري بقطع الكهرباء عنهم‪.‬‬

‫وكان الرئيس بشار األسد أصدر يف هناية العام املاضي‬ ‫قانوناً أعفى مبوجبه املدينني بذمم مالية نامجة عن‬ ‫استجرار الكهرباء من كامل الفوائد والغرامات إذا بادروا‬ ‫إىل التسديد لغاية يوم ‪ 31‬من شهر آذار عام ‪.2013‬‬ ‫واعترب وزير الكهرباء أن تأمني التغذية الكهربائية وضمان‬ ‫استمراريتها «اهلاجس األهم» للوزارة اليت تعمل على‬ ‫وضع برنامج متكامل من أجل اختاذ اإلجراءات الالزمة‬ ‫ملعاجلة «التخريب»‪ .‬وعاين قطاع الكهرباء من أزمة حادة‬ ‫خالل شهر الشتاء املاضي متثلت بقطع التيار أليام‬ ‫وأسابيع عن بعض املناطق‪ ،‬إال أن الوضع حالياً أصبح‬ ‫أكثر تنظيماً العتدال حرارة اجلو‪ ،‬وعدم استخدام‬ ‫الكهرباء يف التدفئة‪ ،‬حيث أن الوزارة تلجأ للتقنني شتاءً‪.‬‬

‫هيئة الروابط العلمية واإلسالمية تدعو جبهة النرصة إىل الرتاجع عن مبايعتها للظواهري‬ ‫حثت هيئة الروابط العلمية واهليئات اإلسالمية السورية ستفتح الباب أمام تدخالت أجنبية يف البالد‬ ‫املعارضة جبهة النصرة على الرتاجع عن مبايعتها لزعيم وستجلب معارك إىل سورية هي بغىن عنها‪.‬‬ ‫تنظيم القاعدة أمين الظواهري‪ ،‬معتربة أن تلك املبايعة وذكرت اهليئة يف بيان هلا‪ ،‬نشر على موقع "هيئة الشام‬ ‫اإلسالمية" إن "إعالن تبعية جبهة النصرة للقاعدة تنظيمياً‪،‬‬ ‫جر‬ ‫وإعالن البيعة للظواهري‪ ،‬فيه حماذير شرعية‪ ،‬وخماطر من ِّ‬ ‫البالد والعباد إىل معارك هم يف غىن عنها‪ ،‬فضالً عن إضفاءِ‬ ‫الشرعية على حرب النظام للجماعات املتطرفة كما يزعم"‪.‬‬ ‫وكان زعيم جبهة النصرة أبو حممد اجلوالين قال يف تسجل صويت‬ ‫بثته مواقع الكرتونية إن "اجلبهة تبايع زعيم تنظيم القاعدة أمين‬ ‫الظواهري‪ ،‬وهدفها يتمثل بإقامة دولة إسالمية يف سورية"‪.‬‬

‫وبذلك تنصل مما أعلنه زعيم تنظيم القاعدة يف العراق أبو بكر‬ ‫البغدادي الذي ذكر أن جبهة النصرة امتداد للقاعدة يف العراق‪.‬‬ ‫ودعت اهليئة يف بياهنا إىل أن تتخذ القرارات بالتشاور مع‬ ‫العلماء واملقاتلني على األرض‪ ،‬كونه "الضامن لتجنيب البالد‬ ‫والعباد مآسي ونكبات ال يعلم مداها إال اهلل"‪ ،‬حبسب اهليئة‪.‬‬ ‫بدوره قال االئتالف الوطين السوري إنه "ينظر مبنتهى‬ ‫الريبة إىل ما نسب إىل جبهة النصرة وعالقتها بتنظيم‬ ‫القاعدة‪ ،‬معترباً أن الرسائل والبيانات اليت صدرت يف‬ ‫اآلونة األخرية حتمل تصورات وأفكار ال تتوافق مع‬ ‫احلقائق التارخيية واالجتماعية والفكرية للشعب السوري"‪.‬‬

‫‪ 250‬مليون لرية قيمة تعويضات الدفعة الثانية للـ «املترضرين من األعامل اإلرهابية»‬ ‫ستصرف خالل األيام القادمة تعويضات الدفعة الثانية للـ‬ ‫"املتضررين من األحداث اإلرهابية" حبسب حمافظة دمشق‪،‬‬ ‫ويقدر عددهم بألف وأربعمئة متضرر‪ ،‬وتبلغ قيمة تلك‬ ‫التعويضات ‪ 250‬مليون ل‪.‬س يف خمتلف مناطق دمشق ‪.‬‬ ‫وبينت احملافظة أهنا رفعت لوزارة اإلدارة احمللية قائمة بـ‪216‬‬ ‫سيارة مدمرة وحمروقة عائدة للمتضررين‪ ،‬تعد خاضعة‬ ‫لالستبدال وال ميكن إجراء أي إصالح عليها‪ ،‬وذلك‬ ‫عمالً بكتاب وزارة اإلدارة احمللية رقم ‪ ،1238‬املتضمن‬ ‫رفع قوائم باملتضررين وجداول تفصيلية تتضمن بيانات‬ ‫بالسيارات املدمرة بشكل كامل‪ ،‬للنظر فيها وإقرار ما‬ ‫يلزم بشأهنا‪ ،‬مع اإلشارة إىل أنه جيرى العمل أيضاً من‬ ‫قبل احملافظة على وضع تقديرات خاصة‬

‫‪2‬‬

‫‪ 16‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السادس عرش‬

‫بسيارات األشخاص املتضررة والقابلة لإلصالح‪.‬‬ ‫وسيتم حتويل املبلغ من حساب وزارة اإلدارة احمللية‬ ‫إىل حساب حمافظة دمشق لدى املصرف املركزي‬ ‫ليوزع للمتضررين‪ ،‬مبوجب شيك مصدق أصوالً‬ ‫يُصرف بشكل شخصي أو وفق توكيل نظامي‪.‬‬ ‫خالل أيام قليلة جداول املرحلة‬ ‫وترفع‬ ‫الثالثة للمتضررين وعددهم ‪ 1627‬مببلغ‬ ‫يقارب املرحلة الثانية سيصرف بعد حنو شهر‪.‬‬ ‫قيمة تعويضات املراحل الثالث حبوايل‬ ‫وتقدر‬ ‫‪ 550‬مليون ل‪.‬س‪ ،‬بعد أن صرف خالل املرحلة‬ ‫األوىل ‪ 40‬مليون ل‪.‬س على حنو ‪ 500‬متضرر‪.‬‬


‫خارطة موقف‬

‫من ميسك بالسلطة يف سورية؟‬ ‫فجأة حتولت سورية من بلد يقبض عليه النظام بيد من حديد‪،‬‬ ‫قوامها األساسي سلطة أمنية طائفية‪ ،‬إىل بلد تتنازعه عشرات‬ ‫األطراف‪ ،‬ولكل منها خلفيتها ومرجعيتها‪ ،‬وال يشكل النظام‬ ‫سوى فصيل من الفصائل املتصارعة هناك‪ ،‬قد يكون األقوى‬ ‫حىت اآلن لكنه مل يعد الوحيد‪ ،‬ال اآلن وال يف املستقبل‪.‬‬ ‫بعد عامني من الثورة الشعبية الشاملة‪ ،‬تساقطت عن النظام‬ ‫معظم قشوره اليت كانت تبديه أكرب حجماً وقوةً‪ ،‬فمن‬ ‫أكذوبة املمانعة واملقاومة‪ ،‬حيث وجه إىل شعبه األسلحة‬ ‫اليت مل يوجهها يوماً إىل من يدعي مقاومته‪ ،‬إىل أسطورة قوة‬ ‫أجهزته األمنية اليت أغرقها يف شرب ماء بضعة أطفال من درعا‪،‬‬ ‫إىل قوته العسكرية اليت هتاوت حتت ضربات ثوار ال ميلكون‬ ‫سوىكميات حمدودة من األسلحة الفردية‪ ،‬متكنوا من خالهلا‬ ‫اغتنام أسلحته الثقيلة اليت ظهر جلياً أن ضباطه وجنوده ال‬ ‫حيسنون استخدامها‪ ،‬وانتهاء خبديعة محاية األقليات‪ ،‬اليت‬ ‫باتت على وعي بأنه حيمي نفسه هبا وال حيميها إطالقاً‪.‬‬ ‫لكن املوضوعية والدقة تقتضي منا االعرتاف‪ ،‬أن النظام‬ ‫الذي ترك إليران وروسيا مهمة إدارة أزمته الدولية‪ ،‬وانصرف‬ ‫كلياً حملاولة وأد الثورة والقضاء عليها‪ ،‬قد تعلم الكثري من‬ ‫صراعه مع الشعب السوري‪ ،‬ولو أن الزمن عاد به سنتني‬ ‫لتصرف بطريقة خمتلفة‪ ،‬لكن مبا أن التاريخ ال يعود إىل‬ ‫الوراء‪ ،‬فهو سيمضي يف الطريق الذي اختطه لنفسه حىت‬ ‫النهاية‪ ،‬لكننا نستطيع أن نتوقع أن يصنع لنفسه خامتة أقل‬ ‫مأساوية مما كان متوقعاً له‪ ،‬بفضل جتربته ووعيه املتأخر‪،‬‬ ‫إال أن مسار األحداث النهائي لن يتأثر كثرياً بذلك‪.‬‬ ‫يف الداخل السوري أيضاً هناك سلطة ملا يدعى باجليش احلر‪،‬‬ ‫وهذا ليس تنظيماً مركزياً موحداً‪ ،‬بل جمموعة كبرية جداً من‬ ‫الكتائب واأللوية‪ ،‬يقودها عسكريون منشقون وثوار مدنيون‪،‬‬ ‫تتميز هذه القوات بتبين اخلط الوطين الذي يدعو إىل إقامة‬ ‫دولة دميقراطية‪ ،‬وبعالقات وطيدة مع املعارضة السياسية يف‬ ‫اخلارج‪ ،‬وبعض القوى اإلقليمية والدولية‪ ،‬واجلميع ينظر إليه‬ ‫بوصفه القوة الضامنة للمرحلة االنتقالية بعد سقوط النظام‪.‬‬ ‫لكن مشاكل بنيوية وأخرى خارجية هتدد هذه الفرضية‬ ‫اليوم‪ ،‬فكتائب اجليش احلر هي حىت اآلن أشبه بامليلشيات‪،‬‬ ‫فالرتاتبية العسكرية اليت هي صلب االنضباط العسكري‬ ‫مفقودة متاماً‪ ،‬وقد جند ضابطاً برتبة عالية خيضع لسلطة‬ ‫ضابط شاب أحدث منه بكثري ألسباب عديدة‪ ،‬أو أن‬ ‫كليهما خيضعان إلمرة مدين بال أي حظ من التعليم‬ ‫عموماً‪ .‬أيضاً ما تزال تلك التشكيالت عاجزة عن إجياد‬

‫صيغة لقيادة مشرتكة أو موحدة هلا‪ ،‬وهي تعمل من تلقاء‬ ‫نفسها وال سلطة ألحد عليها إال نظرياً‪ ،‬من قبل هيئة‬ ‫األركان أو القيادة املشرتكة‪ ،‬فتلك القيادات ال متلك بيدها‬ ‫كافة مقدرات تلك الكتائب‪ ،‬وبالتايل ال متلك األمر والنهي‬ ‫عليها‪ ،‬والسبب األساسي يف ذلك هو امتداد اليد اإلقليمية‬ ‫والدولية إىل معظم تلك التشكيالت من حتت الطاولة‪ ،‬خللق‬ ‫قوة موالية هلا داخل البالد‪ ،‬وهو ما جيعل توجهات ووالءات‬ ‫تلك الكتائب متوزعة ومتخالفة تبعاً جلهة التمويل والدعم‪.‬‬ ‫يف الداخل السوري أيضاً هناك حضور قوي للقوى‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬وهي تنقسم إىل قسمني‪ :‬األول عقائدي‬ ‫يريد السيطرة على األرض والسكان إلقامة إمارة أو دولة‬ ‫إسالمية بالقوة‪ ،‬دون النظر إىل أي اعتبارات سياسية‪،‬‬ ‫وعلى رأسها جبهة النصرة وتنظيم جديد يدعى حركة‬ ‫طالبان اإلسالمية‪ ،‬وأخرى تسعى إىل استمالة السكان‬ ‫مع االحتفاظ بالقوة العسكرية‪ ،‬متهيداً خلوض غمار احلياة‬ ‫السياسية الحقاً‪ ،‬مثل أحرار الشام وجبهة األصالة والتنمية‪.‬‬ ‫ويبدو أن النجاح سيحالف هذا النوع من التشكيالت‬ ‫املقبولة سياسياً‪ ،‬خاصة بالنظر إىل ما تقوم به على أرض‬ ‫الواقع من تنظيم لصفوفها من ناحية‪ ،‬ومن دقة يف سلوكها مع‬ ‫السكان املدنيني‪ ،‬الذين حتاول قدر اإلمكان عدم إشعارهم‬ ‫بسلطتها املباشرة‪ .‬بينما يكتنف الغموض‪ ،‬ورمبا املأساوية‪،‬‬ ‫مصري القوى الساعية إىل فرض الدولة اإلسالمية‪ ،‬نظراً إىل‬ ‫حجم العداء الذي تكنه هلا القوى الدولية‪ ،‬وإىل صعوبة فرض‬ ‫أجندهتا يف اجملتمع السوري املتعدد منذ األزل‪ ،‬ثقافياً ودينياً‪.‬‬ ‫يف الداخل السوري أيضا مثة الكثري من القوى‬ ‫اليت تشكلت وهي تعرف ماال تريده‪ ،‬وهو‬ ‫بقاء النظام‪ ،‬لكنها ال تعرف ما تريد بالضبط‪.‬‬ ‫بعض هذه الكتائب التحق جبهات تعرف ما تريد‪،‬‬ ‫كاجليش احلر والقوى اإلسالمية بصنفيها‪ ،‬وبعضها ارتبط‬ ‫بقوى خارجية متوله وتدعمه‪ ،‬وبعضها راح يتمركز حول‬ ‫والء أو انتماء حملي‪ ،‬ديين أو قومي أو عشائري‪ ،‬مثل‬ ‫كتائب القوات الكردية أو الكتائب الرتكمانية والدرزية‬ ‫أو تلك املنبثقة من بعض القبائل العربية‪ ،‬عشائري‬ ‫على وجه اخلصوص‪ ،‬ليبدو يف النهاية مبثابة املمثل أو‬ ‫النائب عن املناطق أو اجلماعات أو املكونات احمللية‪.‬‬ ‫ويف سورية اليوم‪ ،‬طبقة تطفو فوق كافة هذه القوى‪ ،‬ال‬ ‫ميكن قياس قوهتا أو سلطتها على األرض‪ ،‬ألهنا نوع من‬ ‫القوة الناعمة أو اخلفية‪ ،‬اليت متارس سلطتها دون ضجيج‬

‫أو رغبة يف الظهور‪ ،‬وهي على عدة أنواع وصور‪ ،‬أحدها‬ ‫سلطة جتار احلرب الذين يتحكمون بسوق السالح يف‬ ‫سورية‪ ،‬وثانيها سلطة اإلعالميني الذين يصوغون «احلقيقة»‬ ‫السورية ويقدموهنا للرأي العام‪ ،‬وثالثها سلطة أمنية‬ ‫استخباراتية‪ ،‬تابعة من ناحية ما جلهة استخباراتية دولية أو‬ ‫إقليمية‪ ،‬لكن لديها استقاللية الوكيل يف الداخل السوري‪،‬‬ ‫ومجيع هذه القوى اخلفية تؤثر بشدة على القوى املنظورة‪،‬‬ ‫ابتداءً من النظام وانتهاءً بامليلشيات القبلية الصغرية‪.‬‬ ‫ما الموقف اآلن؟‬ ‫إن عملية «مللمة» كل هذه الفوضى السورية ليست‬ ‫مستحيلة‪ ،‬لكنها ستحتاج إىل زمن قد ميتد لعقد من‬ ‫الزمن‪ ،‬وحىت يف حال زالت مجيعها لصاحل سلطة وطنية‬ ‫جامعة‪ ،‬فإن كل واحدة منها سترتك ندبة يف مستقبل‬ ‫سورية ال ميكن إخفاؤها‪ ،‬وخشبة النجاة من هذا الطوفان‬ ‫السلطوي يف سورية تتمثل ببساطة بالتمسك بشعار الثورة‬ ‫األول‪ ،‬الذي مهما تصاعدت وترية األحداث فال بد أن‬ ‫تعود لتستقر عنده‪ ،‬إن شعار «اهلل سوريا حرية وبس»‬ ‫الذي يعين يف اجملاز السياسي احرتام اإلسالم كمعتقد‬ ‫روحي ألغلبية السوريني‪ ،‬مع النزعة الوطنية اليت ال مراء‬ ‫فيها‪ ،‬مع الرغبة احلازمة بالتحول إىل نظام سياسي أكثر‬ ‫دميقراطيةً واحرتاماً لكرامة اإلنسان‪ ،‬هو الوصفة الناجعة‬ ‫ملداواة اجلرح الذي أحدثه خيار املواجهة الدامية‪ ،‬الذي‬ ‫جر النظام خمتلف مكونات الشعب السوري إىل غماره‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪ 16‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السادس عرش ‪3‬‬


‫سوريون‬ ‫لـ «جهادها يف سبيل الله» طعم مختلف‬

‫الحجة «مريم الخليفة» تطهو للمقاتلني والجرحى يف الرقة عىل الحطب‬ ‫محمود الدرويش‬ ‫يف مطبخها املتواضع الذي ال حيوي حىت جرة غاز‬ ‫كانت تعد الطعام‪ ،‬على موقد وحطب وباستخدام‬ ‫بعض األدوات القدمية‪ ،‬خترج بني احلني واآلخر إىل‬ ‫بستان جماور فيه خضروات جللب مستلزمات «الطبخة»‪،‬‬ ‫وعند علمها أن هناك «إعالم» يود مقابلتها‪ ،‬نظرت‬ ‫بثبات لتقول «أنا ال أخاف إال من اهلل وحده»‪.‬‬ ‫احلجة‬ ‫احلجة‬ ‫حاهلا‪،‬‬ ‫اجليش‬

‫مرمي اخلليفة (‪60‬عام) أو كما حتب أن ينادوها‬ ‫خليفة‪ ،‬بإمكانياهتا الفردية املتواضعة وفقر‬ ‫أخذت على عاتقها مهمة إعداد طعام مقاتلي‬ ‫احلر واجلرحى يف املشفى امليداين بالطبقة‪.‬‬

‫تطوعت احلجة خليفة يف هذا العمل عندما شاهدت‬ ‫شاباً عشرينياً مقتوالً قرب فرع األمن اجلوي يف مدينة‬ ‫الطبقة‪ ،‬فلفته بعباءهتا‪ ،‬ونادت بعض املقاتلني لدفنه‪،‬‬ ‫وعند ذلك شعرت أنه من واجبها أال تبقى مكتوفة‬ ‫اليدين‪ ،‬وجيب أن تقدم شيئاً لدعم الثورة‪ ،‬حبسب تعبريها‪.‬‬ ‫يقول املتطوع يف املشفى امليداين أسعد ابراهيم «باشرت‬ ‫احلجة بالعمل بشكل فردي وعلى نفقتها اخلاصة‪،‬‬ ‫فبدأت بالطهي للمشفى امليداين»‪ ،‬ويضيف «عندما‬ ‫بدأت احلجة جبلب الطعام لنا اعرتضنا على عملها‬ ‫كوهنا فقرية احلال‪ ،‬ولكنها أصرت على ذلك‪ ،‬فبتنا‬ ‫نرسل هلا املعونات اليت كنّا نتلقاها لتقوم بتحضريها»‪.‬‬ ‫احلجة خليفة ليست وحدها من تطوع يف العمل (بعد‬ ‫حصوهلا على موافقة زوجها)‪ ،‬فثالثة من أبنائها يعملون‬ ‫أيضاً بشكل طوعي يف املشفى امليداين الوحيد بالطبقة‪،‬‬

‫وتوصيهم دائماً بالقول «ال متدوا أيديكم على أموال‬ ‫الثورة مهما كلف الثمن‪ ،‬فعملنا كله يف سبيل اهلل»‪.‬‬

‫وحيمدون‪ ،‬وباتت اآلن تتعامل مع فرق من اهلالل األمحر‬ ‫وبعض الكتائب الذين يزودوهنا باملواد الالزمة‪ .‬تتحدث‬ ‫احلجة خليفة عن األيام العصيبة اليت متر هبا الطبقة حيث‬ ‫تقوم قوات النظام بقصف املدينة بالطريان احلريب وباملدفعية‬ ‫املتمركزة يف مطار الطبقة العسكري فتقول «يف كل صالة‬ ‫يل أدعو اهلل تعاىل أن ينصر مقاتلي اجليش احلر على قوات‬ ‫النظام‪ ،‬اليت ظلمتنا كثرياً‪ ،‬وقتلت الكثري من أبنائنا»‪.‬‬

‫ورغم أن عملها قد القى قبوالً من قبل املقاتلني إال أهنا‬ ‫تصر دائماً على أن تقوم جبولة على املراكز اليت تطهو هلا‬ ‫كل فرتة‪ ،‬لتسأل عن جودة الطعام‪ ،‬قائلة «يا والدي خاف‬ ‫أكلي ما عما يعجبكم» فتطمئن عندما تسمعهم يشكرون‬

‫رغم مجيع الصعاب اليت تتعرض هلا املدينة إال أن احلجة‬ ‫خليفة مستمرة بعملها التطوعي‪ ،‬ومل تغادر منزهلا‪ ،‬فهي تعترب‬ ‫هذا العمل «نوع من أنواع اجلهاد يف سبيل اهلل وخدمة هلذا‬ ‫الوطن»‪ ،‬وتعرب عن أملها ويقينها بأن النصر قادم ال حمالة‪.‬‬

‫تقوم احلجة بالطبخ على سخانة كهرباء (عند توفرها)‪،‬‬ ‫وتستعني باحلطب يف بعض األحيان نظراً لعدم توفر‬ ‫مادة الغاز‪ ،‬كما متلك بستاناً صغرياً تزرع فيه بعض‬ ‫اخلضروات والنباتات لتستخدمها عند الطهي‪.‬‬

‫بإمكانيات بسيطة ومام توفره لها الطبيعة تقوم الحجة خليفة بطهي الطعام ملقاتيل الجيش الحر واملصابني يف املشفى امليداين بالطبقة‬

‫‪4‬‬

‫‪ 16‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السادس عرش‬


‫رأي‬

‫الجبهة الوطنية التقدمية‪ :‬بقايا أحزاب يف خدمة البعث‬ ‫ومل يصدر قانون أحزاب إال بعد اندالع الثورة السورية‬ ‫يف الوقت الذي مل يعد أحد ينتظر صدوره‪ ،‬بانتظار‬ ‫سقوط النظام وإقامة نظام دميقراطي حقيقي يف البالد ‪.‬‬ ‫تشكلت اجلبهة الوطنية عند تأسيسها عام ‪1972‬من حزب‬ ‫البعث وأربعة أحزاب أخرى هي احلزب الشيوعي السوري‬ ‫وحركة االشرتاكيني العرب واالحتاد االشرتاكي العريب واحلزب‬ ‫الوحدوي االشرتاكي‪ .‬احلزب الشيوعي له إيديولوجيا‬ ‫ماركسية بعيدة عن االيديولوجيا القومية االشرتاكية لألحزاب‬ ‫األخرى‪ ،‬ومتثل حركة االشرتاكيني العرب جزءاً من حزب‬ ‫البعث قبل الوحدة‪ ،‬واحلزبان اآلخران من بقايا الناصرية‬ ‫يف البالد‪ ،‬ودخلت هذه األحزاب يف صراعات داخلية‬ ‫زادت من ضعفها وتشرذمها‪ ،‬بسبب تدخل قيادة اجلبهة‬ ‫وأجهزة األمن يف نشاطاهتا‪ ،‬وبدأت موجة من االنشقاقات‬ ‫يف صفوفها‪ ،‬مما أدى لتحول كل حزب إىل حزبني‪ ،‬وحتت‬ ‫ذريعة وجود ممثل لكل حزب يف القيادة املركزية للجبهة‬ ‫مت االعرتاف بوجود أحزاب اجلبهة وانشقاقاهتا‪ ،‬مما زاد يف‬ ‫ضعف هذه األحزاب وتبعيتها لقيادة اجلبهة وأجهزة األمن‬ ‫اليت أعطتها شرعيتها‪ ،‬ومع ذلك استمر النظام يف استغالل‬ ‫هذه األحزاب الكثرية لالدعاء بوجود حياة حزبية وسياسية‬ ‫يف البالد‪ ،‬ورمبا يكون ذلك من أسوأ األدوار اليت لعبتها اجلبهة‬ ‫بشكل غري مباشر‪ ،‬حيث شكلت غطاءاً شرعياً الستفراد‬ ‫حزب البعث حبكم البالد‪ ،‬ولكن مع استمرار تراجع دورها‬ ‫وهزالته داخلياً وخارجياً‪ ،‬ولعجزها عن العمل السياسي‬ ‫الفعلي‪ ،‬وبسبب أجواء االنفتاح بعد سقوط األنظمة‬ ‫الشمولية‪ ،‬قام بشار األسد بإجراءات شكلية لتفعيل عمل‬ ‫أحزاب اجلبهة‪ ،‬وأصبح يعقد مؤمتراً سنوياً لقيادات اجلبهة ال‬ ‫يتمخض عنه شيء‪ ،‬ومت تعديل ميثاق اجلبهة عام ‪2006‬‬ ‫ليسمح بإصدار صحف خاصة ألحزاب اجلبهة‪ ،‬كما مسح‬ ‫هلا مبمارسة النشاط احلزيب يف صفوف الطلبة ألول مرة‪،‬‬ ‫ومت توسيع اجلبهة لتضم احلزب السوري القومي االجتماعي‬ ‫مع أن مبادئ احلزب حتمل تناقضاً مع ميثاق اجلبهة من‬ ‫ناحية األهداف القومية‪ ،‬ولكن كل هذه اإلجراءات مل‬ ‫تنفع بشيء لتفعيل عمل األحزاب‪ ،‬بعد أن فقدت كل‬ ‫رصيد شعيب بسبب ارهتاهنا حلزب البعث‪ ،‬وتنفيذها ملا‬ ‫يطلب منها‪ ،‬وتربير أي سياسة اقتصادية أو اجتماعية‬ ‫يريد البعث فرضها وتطبيقها يف البالد‪ ،‬وشكلت تبعية‬ ‫األحزاب اجلبهوية للبعث عالمة فارقة ومست هبا‪ ،‬ومل تنفعها‬ ‫بعض املواقف لتبييض صورهتا امللطخة يف أذهان الناس‪.‬‬

‫مل تكد البالد تنال استقالهلا عن فرنسا‪ ،‬وتبدأ مبمارسة‬ ‫الدميقراطية والسيادة حىت تعرضت النتكاسة كبرية عرب‬ ‫سلسلة من االنقالبات املتتالية‪ ،‬بدأت مع انقالب حسين‬ ‫الزعيم ‪ ،1949‬وانتهت مع زوال حكم الشيشكلي عام‬ ‫‪ ،1954‬لتبدأ أفضل حقبة دميقراطية مرت هبا البالد‪ ،‬حيث‬ ‫جرت فيها انتخابات نيابية نزيهة وشفافة تتوافق مع أرقى‬ ‫املعايري احلديثة‪ ،‬وانتهت هذه املرحلة بإعالن الوحدة مع مصر‬ ‫عام ‪ ،1958‬حيث منع النشاط احلزيب خالهلا وتعطلت‬ ‫احلياة السياسية‪ ،‬ورغم االنفصال عام ‪ 1961‬إال أن احلياة‬ ‫السياسية بقيت راكدة‪ ،‬وجاء انقالب آذار ‪ 1963‬ليقضي‬ ‫على أي أمل بإعادة إنعاش احلياة الدميقراطية يف البالد‪،‬‬ ‫وبالعكس فقد جاء احلكم البعثي منذ ذلك الوقت ليجعل‬ ‫البالد تعيش عقوداً من التصحر السياسي القاتل‪ ،‬والذي مل‬ ‫تتخلص من نتائجه بسهولة‪ ،‬فظهر تأثري ذلك خالل حراك‬ ‫الثورة السورية‪ ،‬بعدم إفراز قيادات سياسية منظمة‪ ،‬األمر‬ ‫الذي جعل من الصعب متثيل الثورة السورية‪ ،‬والتعبري عن‬ ‫مطالبها بالشكل األفضل من خالل الناشطني الشباب‪،‬‬ ‫وجعل املعارضة السياسية يف اخلارج تعيش حالة من‬ ‫االختالف والتخبط املستمر دون توحيد صفوفها ورؤيتها ‪.‬‬ ‫عمد حافظ األسد إلحكام سيطرته على البالد‪ ،‬عرب‬ ‫إجياد نوع من االستقرار الشكلي املسنود بقبضة أمنية‬ ‫حديدية‪ ،‬ومن ضمن ذلك سعى إلجياد إطار سياسي‬ ‫جديد يضم األحزاب السياسية يف البالد‪ ،‬حتت مسمى‬ ‫اجلبهة الوطنية التقدمية‪ ،‬وبقيادة حزب البعث الذي أصبح‬ ‫احلزب القائد يف الدولة واجملتمع‪ ،‬ويقود جبهة وطنية تقدمية‬ ‫وفق نص دستور البالد‪ .‬وأصبح النشاط احلزيب املتاح مع إطاللة الربيع العريب‪ ،‬اجتمعت القيادة املركزية للجبهة‬ ‫قانونياً عرب أحزاب اجلبهة فقط‪ ،‬ورغم أن املؤمتر القطري حبضور فاروق الشرع حيث شرح للحضور بأن رياح التغيري‬ ‫العاشر حلزب البعث عام ‪ 2005‬أوصى بإصدار قانون والربيع العريب قادمة بال شك وال ميكن جتاهلها‪ ،‬ولكن مع‬ ‫لألحزاب السياسية إال أن ذلك بقي حرباً على ورق‪ ،‬اندالع الثورة السورية رفض النظام التعاطي مع مطالب‬

‫الشارع الثائر‪ ،‬وشاركت أحزاب اجلبهة عرب صحفها‬ ‫ومواقفها يف الرتويج والتربير كالعادة ألي شيء يقوم به‬ ‫النظام‪ ،‬ولو كان قتل الشعب‪ ،‬فبعد شهر من انطالق‬ ‫اقرتحت على غسان عثمان أمني عام حزب العهد‬ ‫الثورة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫كنت عضواً يف املكتب السياسي للحزب‪ ،‬إطالق‬ ‫الوطين‪ ،‬و ُ‬ ‫املبادرة الوطنية للحوار‪ ،‬وعندما سأل القيادة قالوا له إن‬ ‫كل شيء سينتهي يف ‪ 15‬أيار ‪ 2011‬ألنه متت السيطرة‬ ‫على ‪ % 85‬من بؤر التوتر‪ ،‬وملا طلبت منه إصدار بيان‬ ‫استنكار ملا يقوم به األمن‪ ،‬رفض ذلك‪ ،‬وأصدر بياناً‬ ‫قدمت‬ ‫يتحدث عن أعمال شغب وإرهاب‪ ،‬وعندما‬ ‫ُ‬ ‫استقاليت من احلزب متت املماطلة فيها‪ ،‬ومساوميت عليها‬ ‫وهتديدي هبا‪ ،‬وحتت إصراري مت إصدار قرار بفصلي من‬ ‫احلزب بسبب مواقفي السياسية‪ ،‬ومت إبالغ ذلك للجهات‬

‫الرمسية بعدم مسؤولية احلزب عن سلوكي السياسي‪ ،‬وأصبح‬ ‫واضحاً ارهتان قيادات اجلبهة والتزامها بسلوك النظام القمعي‬ ‫القاتل جتاه الشعب‪ ،‬ويظهر ذلك من خالل الصحف‬ ‫اجلبهوية وبيانات األحزاب‪ ،‬وتتحمل القيادات اجلبهوية‬ ‫مسؤولية معنوية وأخالقية عن سلوك النظام‪ ،‬وإذا كانت‬ ‫أحزاب اجلبهة أصالً غري فاعلة أو مؤثرة‪ ،‬فقد ازداد ذلك أكثر‬ ‫مع مغادرة الكثري من كوادرها القليلة أصالً وانضمامها إىل‬ ‫صفوف الثورة‪ ،‬ومل يبق يف صفوفها سوى املنتفعني أو الباحثني‬ ‫عن منفعة رخيصة ستكون تكلفتها غالية عليهم بال شك‪.‬‬

‫‪ 16‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السادس عرش ‪5‬‬


‫مقابلة‬

‫قائد إحدى الكتائب يف دير الزور لـ «جرس»‪ :‬هكذا «رسقنا» النفط وأنا مستعد للمحاسبة‬ ‫بعض «كتائب النفط» بلغت عائداتها أكرث من مليار لرية ج ّراء بيع النفط‬ ‫خاص‪ /‬جسر‬ ‫تقوم الكثري من الكتائب «املنتسبة» إىل اجليش‬ ‫احلر يف دير الزور‪ ،‬باستخراج النفط وبيعه‪ ،‬لكن‬ ‫غموضاً متعمداً‪ ،‬وتشدداً أمنياً كبرياً‪ ،‬جعل من‬ ‫مهمة معرفة تفاصيل املوضوع أمراً صعباً للغاية‪.‬‬ ‫«أبو خالد»‪ ،‬وهو قائد كتيبة صغرية يف اجليش احلر‪( ،‬من‬ ‫أوائل معتقلي الثورة‪ ،‬ودام اعتقاله ستة أشهر)‪ ،‬وافق على‬ ‫نشر ما لديه من معلومات‪ ،‬فهو ممن قاموا باستخراج النفط‬ ‫وبيعه‪ ،‬ولديه معلومات من زمالء له يف اجليش احلر عن جممل‬ ‫عمليات االستخراج واالجتار بالنفط يف عموم منطقة دير الزور‪.‬‬ ‫ما الذي حدث ليحرف مساركم عن القتال ضد‬ ‫النظام؟‬ ‫قامت كتيبتنا املؤلفة من مخسة وأربعني ثائراً باقتحام كتيبة‬ ‫تابعة للنظام بعد حصار دام مثانية عشر يوماً‪ ،‬وكلفتنا‬ ‫تلك العملية حنو سبعة ماليني لرية سورية مثناً للذخائر‪،‬‬ ‫أكثر من نصفها ديون لتجار السالح‪ ،‬الذين وعدناهم‬ ‫بتسليمهم جزء من الغنائم بعد اقتحام الكتيبة‪ ،‬وعند‬ ‫اقتحامنا الكتيبة استشهد أحد الثوار‪ ،‬فقمنا مجيعاً بنقله إىل‬ ‫ذويه‪ ،‬واملشاركة يف تشييعه‪ ،‬وعندما عدنا إىل الكتيبة اليت‬ ‫حررناها‪ ،‬وجدنا أن جنود كتائب أخرى كانت تقاتل يف‬ ‫اجلوار قد هنبت كل ما استولينا عليه من أسلحة وذخائر‪.‬‬ ‫هل هذا ما دفعكم لسرقة النفط وتسديد ديونكم؟‬ ‫نعم‪ ،‬فقد طلبنا وساطة بعض الكتائب الستعادة جزء‬ ‫من الذخائر‪ ،‬ومل تنجح تلك الوساطة إال باستعادة جزء‬ ‫منها‪ ،‬ويف تلك األثناء مسعنا أن خطاً للنفط‪ ،‬مير يف‬ ‫البادية احملاذية ملنطقة عملنا‪ ،‬مازال يضخ النفط للنظام‪،‬‬ ‫وأن كتائب أخرى حتمي اخلط وحمطة لرفع الضغط‬ ‫وإصالح األعطال‪ ،‬مبقابل مادي حتصل عليه من النظام‪.‬‬ ‫عندما مسعت اخلرب «دمي غلى»‪ ،‬حنن نقدم‬ ‫الشهداء ونتحمل الديون‪ ،‬بينما يقوم إخوتنا‬ ‫بتغذية من نقاتل بالنفط مقابل أجور خبسة‪.‬‬ ‫ما الذي فعلتموه حين ذلك؟‬ ‫توجهت مع أفراد الكتيبة وحفرنا حيث مير خط النفط‪،‬‬ ‫فوجدنا أنبوباً معدنياً بقطر برميل كبري‪ ،‬أطلقنا عليه طلقة‬ ‫رشاش‪ ،‬فخرج النفط منه بارتفاع سبعة أمتار‪ ،‬األمر الذي‬ ‫أكد لنا أن النفط يضخ فيه بالفعل‪ ،‬وبدأنا بتفخيخه لنسفه‪،‬‬

‫‪6‬‬

‫‪ 16‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السادس عرش‬

‫لكن منظر الربكة اليت تكونت من ثقب األنبوب بسرعة‬ ‫كبرية‪ ،‬أدى إىل ظهور آراء جديدة بني الثوار‪ ،‬فمنهم من‬ ‫قال إن تفجري األنبوب وإشتعال ما حيويه من نفط مضغوط‬ ‫سيؤدي إىل كارثة بيئية يف املنطقة‪ ،‬ومنهم من وجد أن حرق‬ ‫كل تلك الكمية أمر خاطئ‪ ،‬وبدأ اجلميع بتفكري حبل‪،‬‬ ‫واستقر الرأي على أن نكتفي بثقب األنبوب وبيع ما خيرج‬ ‫منه‪ ،‬وسداد ما علينا من ديون‪ ،‬فاملعلومات اليت لدينا تؤكد أن‬ ‫النظام يوقف الضخ فوراً يف اخلط الذي تتم سرقة النفط منه‪،‬‬ ‫لكن هذا األمر كان يقتضي أن نواجه األلوية والكتائب اليت‬ ‫حترس األنبوب‪ ،‬واتفقنا على مواجهتهم أي تكن العواقب‪.‬‬ ‫هل بالفعل اصطدمتم مع تلك األلوية؟‬ ‫ال جمرد هتديدات‪ ،‬فقد جاءنا على الفور جمموعة يقودها‬ ‫أحد كبار جمرمي املنطقة‪ ،‬وهو غري منتم إىل اجليش‬ ‫ويتكن باسم أحد أبطال مسلسالت اجلرمية‬ ‫احلر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الرتكية‪ ،‬فهددنا‪ ،‬لكننا واجهنا هتديده بتهديد‪ ،‬مث عرض‬ ‫علينا مبلغ عشرة ماليني لرية سورية شهرياً‪ ،‬مقابل أن‬ ‫نشاركهم يف محاية األنبوب لكننا رفضنا العرض‪ ،‬فغادر‬ ‫املكان وهو يتوعد‪ .‬مسعنا بعد فرتة أن تلك الكتائب اليت‬ ‫حتمي األنبوب اجتمعت للهجوم علينا‪ ،‬ولكن العتبارات‬ ‫عشائرية مت التخلي عن الفكرة‪ ،‬وانسحبت تلك األلوية من‬ ‫محاية األنبوب سراً‪ ،‬خوفاً من احلساب واملعاقبة الحقاً‪.‬‬ ‫لمن كنتم تبيعون النفط المسروق؟ وما الثمن؟‬ ‫إىل أبناء املنطقة‪ ،‬فمعظمهم ميتلكون ّفرازات بدائية لتكرير‬ ‫النفط‪ ،‬ويقومون ببيعه بعد ذلك ألصحاب اآلليات‬

‫واملشاريع الزراعية‪ ،‬وكنا نبيعهم الربميل خبمسمئة لرية سورية‪.‬‬ ‫ماذا فعلتم باألموال التي حصلتم عليها؟‬ ‫بعنا نفط بقيمة سبعة ماليني لرية سورية ومائة ألف‪ ،‬قبل أن‬ ‫يتوقف الضخ وجيف األنبوب‪ ،‬وقد منحنا كل فرد من أفراد‬ ‫الكتيبة ألفي لرية سورية‪ ،‬أما بقية املبلغ فقد سددنا به الديون‬ ‫املرتتبة علينا‪ ،‬وقمنا بشراء ذخرية وأسلحة جديدة مبا تبقى‪.‬‬ ‫هل لديكم معلومات حول كتائب ما زالت تحمي‬ ‫خطوط نقل النفط لضمانة وصوله للنظام؟‬ ‫لدينا معلومات مؤكدة‪ ،‬أن بعض األلوية والكتائب اليت صار‬ ‫امسها اآلن «كتائب النفط»‪ ،‬قد بلغت عائداهتا من البيع أكثر‬ ‫من مليار لرية سورية‪ ،‬وهي تشرتي جبزء من هذا املبلغ سالح‬ ‫لتحمي نفسها به يف حال حاول أحد ما حماسبتها‪ ،‬لكن‬ ‫كل شيء حول هذا املوضوع موثق‪ ،‬وسيأيت يوم احلساب‪.‬‬ ‫هل لديك ما تقوله لتلك الكتائب؟‬ ‫أقول هذه سرقة‪ ،‬أنا اعرتف باخلطأ الذي ارتكبته‪ ،‬ومستعد‬ ‫للمحاسبة ولدخول السجن يف سورية احلرة‪ ،‬فعندما كنت‬ ‫أعاين يف الزنازين مل أكن أفكر سوى مبحاربة النظام وإسقاطه‪،‬‬ ‫ونفط العامل كله ال يعادل إهانة واحدة تعرضت هلا‪ ،‬أو‬ ‫عذاب ليلة يف أقبية التعذيب‪ ،‬وأعتقد أن كل من يقوم هبذا‬ ‫العمل يسرق مال الشعب السوري‪ ،‬ويسرق مستقبله‪ ،‬وخيون‬ ‫دم الشهداء واملعذبني‪ ،‬وال بد أن يأيت يوم حملاسبة اجلميع‪.‬‬


‫حتقيقات‬

‫النظام واألحزاب الكردية واللصوص يتقاسمون نفط الحسكة والجيش الحر يحاول منعهم‬ ‫بَسـار زيدو‬ ‫يتناقل السوريون فيما بينهم عبارة شهرية عن رئيس جملس‬ ‫الشعب‪ ،‬يف معرض رده على أحد أعضاء اجمللس بعد أن‬ ‫استفسر األخري عن جهة صرف الكميات الكبرية من نفط‪،‬‬ ‫فأجابه َ رئيس اجمللس «ال تقلقوا فالنفط يف ٍ‬ ‫أيد أمينة»‪.‬‬ ‫وباندالع الثورة ما زال هذا السؤال مطروح‪ ،‬ومل يتم‬ ‫احلصول على إجابة دقيقة عنه‪ ،‬فمعلومات ترتدد عن‬ ‫قيام كتائب حبماية خطوط النفط لضمان وصوله للنظام‬ ‫مقابل املال وأخرى تتحدث عن هتريب النفط وبيعه‬ ‫من قبل من استغل الثورة‪ ،‬حىت أن االئتالف الوطين‬ ‫وأصحاب القرار مل يقدموا معلومات دقيقة تعكس‬ ‫واقع هذا القطاع‪ ،‬ومل يطرحوا خططاً آللية إدارته بعد‪.‬‬ ‫التحرير فتح السجالت‬ ‫أعلن عضو االئتالف الوطين السوري مصطفى نواف العلي‪،‬‬ ‫أن ‪ %90‬من آبار النفط والغاز هي حتت أيدي الثوار‪ ،‬مشرياً‬ ‫إىل أنكامل اآلبار يف حمافظة الرقة حتت سيطرة قوى املعارضة‪.‬‬ ‫وحتدث القائد امليداين أبو أمحد لـ «جسر» عن األولويات‬ ‫اليت تعمل ألجلها الكتائب التابعة للجيش احلر يف احلسكة‬ ‫قائالً إن «قطع هذا الشريان االقتصادي الضخم‪ ،‬املتمثّل‬ ‫بإنتاج حقول حمافظة احلسكة من النفط‪ ،‬عن النظام هو من‬ ‫أهم األهداف اليت نسعى إىل حتقيقها‪ ،‬املهمة صعبة بكل‬ ‫تأكيد خاصة إذا أخذنا بعني االعتبار اخلطوات االنتقامية‬ ‫اليت قد يلجأ إليها النظام مثل إيقاف رواتب املوظفني‪،‬‬ ‫شل أو حىت‬ ‫إال أن قطع إمداد آلة القتل األسدية وبالتايل ِّ‬ ‫إبطاء حتركها وتنقلها بني املدن السورية‪ ،‬يعترب األهم بالنسبة‬ ‫إلينا من قطع راتب‪ ،‬أو فصل موظف يف الوقت احلايل»‪.‬‬ ‫وكانت كتائب تابعة للجيش احلر‪ ،‬مل تتمكن «جسر» من‬ ‫مؤخراً إىل إعطاب‬ ‫حتديد هويتها على وجه الدقة‪ ،‬قد جلأت َّ‬ ‫اخلطوط الضخمة اليت حتمل النفط من اآلبار التابعة ملديرية‬ ‫حقول احلسكة‪ ،‬إىل مصفايت بانياس ومحص‪ ،‬وذلك عن‬ ‫طريق إغالق الصمامات يف منطقة تل محيس‪ ،‬واليت تسيطر‬ ‫عليها تلك الكتائب‪ ،‬وطمرها بكميات هائلة من الرتاب‪،‬‬ ‫كي متنع عمليات النهب اليت تتعرض هلا هذه اخلطوط أيضاً‪.‬‬ ‫تكرير بدائي‬ ‫كما انتشرت بني األهايل ظاهرة وصفها خرباء‬ ‫بـ«اخلطرية»‪ ،‬وتتمثل بعملية تكرير بدائية يلجأ إليها األهايل‬ ‫الذين يعيشون بالقرب من حميط مرور اخلطوط الناقلة للنفط‬ ‫يف الشمال والشمال الشرقي من البالد‪ ،‬حيث صمموا‬ ‫«فرازات نفط» وهي وعاء معدين كبري مثل الربميل‪،‬‬ ‫مايدعى ّ‬

‫يوضع فيه النفط اخلام‪ ،‬ويتم تسخينه بواسطة إحراق النفط‬ ‫أيضاً‪ ،‬ليتم نتيجة ذلك انفصال مكونات النفط‪ ،‬إىل‬ ‫املشتقات األولية من نفط وبنزين وغريه‪ ،‬لكن درجة نقاء هذه‬ ‫املشتقات منخفضة جداً‪ ،‬وفيها تراكيز عالية من الرصاص‬ ‫السام‪ ،‬إضافة إىل االشعاعات العالية‪ ،‬وكل ذلك يشكل‬ ‫سبباً للعديد من األمراض اخلطرية كالتيفوئيد والسرطان‪.‬‬ ‫وكان عضو االئتالف الوطين مصطفى العلي أكد‬ ‫أنه متت دعوة قيادة االئتالف إلدارة قطاع النفط‬ ‫بالشكل الصحيح لالستفادة منه بالشكل األمثل‪،‬‬ ‫الفتاً إىل أن األمر ممكن حالياً إذا اختذ قرار بشأنه‪.‬‬

‫وكان حزب االحتاد الدميقراطي (‪ )PYD‬الذي أدرج‬ ‫العملية السابقة يف إطار محلة حترير شاملة يقوم هبا يف‬ ‫املناطق الكردية لـ «محاية ممتلكات املواطنني ومنشآهتم»‪،‬‬ ‫مؤخراً إىل جلب مصفاة صغرية إىل منطقة‬ ‫كان قد جلأ َّ‬ ‫رميالن النفطية‪ ،‬يف خطوة يصفها املهندس عمر بـ «غري‬ ‫الصائبة» مبدياً امتعاضه من تصرف احلزب كسلطة يف‬ ‫هذه املنطقة قائالً «هذه اخلطة ال جتدي نفعاً مقارنة‬ ‫باخلسائر وكمية اهلدر اليت تصيب االنتاج جراء هذا‬

‫حزب الـ «‪ »PYD‬يتأهب لالنقضاض على نفط‬ ‫الشمال‬ ‫وكشف لـ «جسر» أحد أعضاء اجمللس الوطين الكردي‪،‬‬ ‫طلب عدم ذكر امسه‪ ،‬أنه ال توجد قرارات على مستوى اهليئة‬ ‫التنفيذية للمجلس أو حىت اهليئة الكردية العليا‪ ،‬بإيقاف‬ ‫استخراج النفط أو إيقاف عملية الضخ إىل مصايف النظام‪.‬‬ ‫ووجه مهندس احلفر والناشط السياسي هفال عيسى‬ ‫َّ‬ ‫انتقادات الذعة إىل اجمللسني الكرديـَْي داعياً إيّامها إىل‬ ‫التحرك السريع بإصدار قرار رمسي يوقف تدفَّق النفط إىل‬ ‫النظام من املنطقة الشمالية اخلاضعة لسيطرة القوات الكردية‪،‬‬ ‫والذي يستخدمه يف متويل محالته العسكرية ضد الشعب‪.‬‬

‫التكرير اخلاطئ والبدائي»‪ .‬وعن الطريقة املثلى الستثمار‬ ‫النفط املستخرج من حقول احلسكة يقول ُاملهندس عمر‬ ‫«باعتقادي أفضل ما نستطيع القيام به حالياً‪ ،‬هو محاية‬ ‫اآلبار املنتجة من التخريب والسطو‪ ،‬وضخ البرتول إىل‬ ‫دول اجلوار مقابل نسبة جيدة من األرباح للمنطقة»‪.‬‬

‫وكان الناطق الرمسي باسم اهليئة الكردية العليا أمحد سليمان قد‬ ‫صرح مسبقاً لوسائل اإلعالم بأن «مجيع اآلبار متوقفة اآلن»‪.‬‬ ‫َّ‬

‫وذكرت مصادر مدنية قريبة من احلزب أن‬ ‫ْ‬ ‫«‪ »PYD‬يقوم اآلن بتشغيل مصفاة واحدة من‬ ‫أصل أربعة اشرتاها من إيران مطلع العام اجلاري‪.‬‬

‫األمر الذي يؤكده املهندس عمر (العامل يف حقل‬ ‫رميالن) بقوله إن «كان مثة بئر يعمل اآلن‪ ،‬فهو‬ ‫فقط إلنتاج الغاز املنزيل ال غري»‪ ،‬مشرياً يف الوقت‬ ‫ذاته أن التوقف اضطراري‪ ،‬وسيستأنف الحقاً‪.‬‬ ‫وبالتوازي مع خطة النظام بتسليم أغلب املدن والبلدات‬ ‫الواقعة يف مشال شرق سورية إىل قوات «‪،»PYD‬‬ ‫واستكماالً إلسرتاتيجيته الرامية إىل قطع الطريق أمام اجليش‬ ‫احلر لدخول هذه املناطق فقد تنازل للقوات الكردية املذكورة‬ ‫عن عملية حراسة اآلبار النفطية يف حميط املدن املسلَّمة (مدن‬ ‫ذات غالبية كردية)‪ ،‬مبوجب عقود حراسة بالرتاضي بني‬ ‫ممثلني عن حزب «‪ »PYD‬من جهة ووزارة النفط واملديرية‬ ‫العامة حلقول احلسكة وبإشراف فرع األمن العسكري يف‬ ‫احملافظة من جهة ثانية‪ ،‬وذلك وفقاً لوثائق ومراسالت‬ ‫سرية بني اجلهتني متكنت «جسر» من احلصول على نسخ‬ ‫منها وستقوم بنشرها على صفحتها يف «فيس بوك»‪.‬‬

‫فين احلفر يف حقول رميالن‬ ‫وعن قدرة هذه املصفاة يقول ُّ‬ ‫وائل َكلو إن «طاقة اإلنتاج ترتاوح بني أربعني ومخسني‬ ‫مرت مكعب من مادة املازوت أي ما يعادل ‪ 25‬ألف‬ ‫لرت يومياً‪ ،‬ويقوم احلزب ببيع اإلنتاج إىل شركة سادكوب‬ ‫احلكومية املسؤولة عن عملية توزيع احملروقات يف احملافظة»‪.‬‬ ‫واجلدير بالذكر أن املناطق احمليطة باآلبار النفطية‪ ،‬ونتيجة‬ ‫تعرض األهايل مباشرة للغازات السامة املنبعثة منه‪ ،‬حتصل‬ ‫مبوجب اتفاقات وأعراف دولية على حصة كبرية من‬ ‫األرباح بسبب حتملها ألخطار االستخراج‪،‬كما يقول الفين‬ ‫والناشط املدين نضال قجو يف حديثه لـ «جسر»‪:‬كانت‬ ‫احلكومة تتعمد إحلاق األذى مبمتلكات األهايل عند‬ ‫االستكشاف واحلفر‪ ،‬حىت الشركات العاملة مل تكن‬ ‫تراعي أصول احلفر‪ ،‬فاإلمهال واالستهتار بأرواح وممتلكات‬ ‫الناس كان عنوان عملها‪ ،‬األمر الذي جعل من هذه‬ ‫النعمة‪ ،‬نقمة على الدوام بكل معىن الكلمة على املنطقة‪.‬‬ ‫‪ 16‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السادس عرش ‪7‬‬


‫تقارير‬ ‫بسبب موقفها املؤيد للثورة واملتضامن مع ريفها الثائر‬

‫النظام يتفنن بعقاب العاصمة‬ ‫أحمد العربي‪ /‬دمشق‬

‫يوجد الكثري من العوائل اليت تقدم الدعم للثورة‪.‬‬

‫بعد أن اتسعت رقعة املناطق احملررة يف ريف دمشق‪،‬‬ ‫وعجز النظام عن استعادة أي منها‪ ،‬حتول جل اهتمامه‬ ‫إىل دمشق العاصمة حماوالً منع وقوعها بأيدي الثوار‬ ‫بشىت السبل وإبعاد سكاهنا قدر اإلمكان عن االخنراط‬ ‫بالثورة‪ ،‬فأعلنها منطقة عسكرية‪ ،‬تعج باحلواجز واملظاهر‬ ‫املسلحة‪ ،‬منهكاً أهلها حبصار اقتصادي خانق حيث‬ ‫تضاعفت أسعار املواد الغذائية‪ ،‬وسط شح يف احملروقات‪.‬‬

‫يقول «م‪.‬املهايين» وهو من أبناء حي امليدان إن «أهايل‬ ‫احلي احتضنوا النازحني‪ ،‬فال خيلو منزل من عائلتني نازحتني‬ ‫أو أكثر‪ ،‬وهناك ورش تعمل على الطبخ للمشايف امليدانية‬ ‫واجليش احلر‪ ،‬وحتضري األدوية واملساعدة يف اإلسعافات إن‬ ‫لزم األمر»‪ ،‬ويضيف أن «النظام يعرف متاماً أن أهايل مدينة‬ ‫دمشق لن يؤيدوه‪ ،‬وهو يسعى منذ عدة عقود إىل تغري الصيغة‬ ‫االجتماعية ملدينة دمشق‪ ،‬فأحضر اآلالف من مؤيديه‪ ،‬ومت‬ ‫توزيعهم يف مناطق حساسة بدمشق مثل عش الورور‪ ،‬حي‬ ‫العرين‪ ،‬شارع نسرين‪ ،‬مزة ‪ ،86‬حارة اجلورة يف امليدان‪ ،‬كي‬ ‫يدعموه يف مثل هذه اللحظة‪ ،‬ويظهروا للعامل أن دمشق‬ ‫مؤيدة للنظام‪ ،‬لكن ما حيدث يف كل مكان يثبت أن دمشق‬ ‫مل تكن مؤيدة له يف يوم من األيام‪ ،‬وها هو اآلن يعمد إىل‬ ‫أسلوب العقاب اجلماعي لرتهيب سكان العاصمة وريفها»‪.‬‬

‫وسجلت أكثر من حالة اعتقال ألبناء هذه املدينة بناء على اهلوية‪،‬‬ ‫فضالً عن إعدام ميداين للشبان الصغار الذين ينحدرون منها‪.‬‬

‫ومن أشكال العقاب أيضاً داخل دمشق‪ ،‬زيادة عدد‬ ‫احلواجز املنتشرة يف قلب املدينة وقد مت إحصاء أكثر من‬ ‫مئة وسبعني حاجز للنظام يف مدينة دمشق وريفها القريب‪،‬‬ ‫وتسبب هذه احلواجز ازدحاماً مرورياً خانقاً وقد تضطر‬ ‫السيارات إىل االنتظار أكثر من ثالث ساعات (عند حاجز‬ ‫هنر عيشة على سبيل املثال)‪ ،‬وكثرياً ما تقوم هذه احلواجز‬ ‫باعتقاالت تعسفية وغري مربرة للمارة‪،‬كما حيصل يف احلواجز‬ ‫القريبة من خميم الريموك أو عند مداخل برزة والقابون‪.‬‬

‫مناطق محررة‬

‫أوىل املناطق احملررة وأكثرها حساسية هي داريا‪ ،‬القريبة‬ ‫من مواقع هامة يف املزة وجبل قاسيون‪ ،‬وقد عجزت‬ ‫قوات النظام عن اقتحامها أو إعادهتا إىل سيطرهتا بعد‬ ‫مخسة أشهر من احملاوالت املتكررة واليومية‪ ،‬وسط قصف‬ ‫يومي بالرامجات واملدفعية الثقيلة والطائرات املقاتلة‪ .‬حواجز وازدحام‬

‫كما تشهد جبهة جوبر من وقت آلخر تقدماً‬ ‫للثوار حنو ساحة العباسيني‪ ،‬مما جعلها أيضاً‬ ‫عرضة للقصف املتواصل والعنيف ملنع تقدم الثوار‪.‬‬

‫الوضع ذاته على جبهة هنر عيشة وخميمات الفلسطينيني‬ ‫والتضامن‪ ،‬حيث تقدم الثوار حىت بلغوا مشارف‬ ‫حي امليدان الذي يبعد عن منطقة الربامكة يف غالء الغذاء‬ ‫وسط العاصمة ‪ 2‬كم فقط‪ ،‬فتشهد تلك املناطق‬ ‫قصفا عشوائياً باألسلحة الثقيلة بشكل يومي‪ .‬أسواق دمشق تشهد أيضاً نوعاً آخر من العقاب‬ ‫يتمثل بشح املواد املعيشية األساسية وارتفاع اسعارها‪،‬‬ ‫الثوار يتريثون‬ ‫اليت ختتلف بني يوم وآخر فتقول «سلوى» (ربة منزل)‬ ‫أحد املقاتلني يف منطقة جوبر (وهو من سكان حرستا) قال إن «األسعار تقفز بني يوم وآخر‪ ،‬فقد زاد سعر أحد‬ ‫لـ «جسر»‪ :‬حنن نتقدم خبطى مدروسة وتنسيق كامل مع أنواع األرز اليت أشرتيها مخسني لرية خالل أسبوع‪،‬‬ ‫كافة احملاور اليت تعمل على إهناك النظام‪ ،‬وحماولة حصار وهذا ما دفع غالبية معاريف إىل شراء كميات كبرية من‬ ‫املناطق بالتدريج واالقرتاب من مركز العاصمة‪ ،‬وجتنب املواد الغذائية وختزينها حتسباً ألي طارئ»‪ ،‬ويف الشهر‬ ‫الدخول يف معركة سريعة ومباشرة‪ ،‬ألننا نعلم أن النظام األخري فقط ارتفعت أسعار املواد الغذائية بنسبة ‪.%40‬‬ ‫لن يرتدد يف تدمري املدينة وحرقها‪ ،‬وأن التكلفة البشرية وأسبابه‬ ‫يف مدينة دمشق قد تصل إىل عشرات اآلالف يف حال‬ ‫اختار اجليش احلر خيار املعركة املفتوحة بكافة احملاور‪ .‬يوضح «ع‪.‬ع» وهو أحد جتار سوق اهلال أن سبب ارتفاع‬ ‫أسعار اخلضروات هو هبوط اللرية أمام الدوالر‪ ،‬وفقدان‬ ‫تكاتف أهالي دمشق‬ ‫احملروقات لوسائل النقل‪ ،‬إضافة إىل احلصار الذي تتعرض‬ ‫أما أهايل املدينة فال يزال النظام يفرض قبضته له دمشق‪ ،‬حيث أن أغلب الطرقات الدولية يتم إغالقها من‬ ‫األمنية عليهم‪ ،‬ويسعى بشىت الوسائل إلهلائهم وقت آلخر‪ ،‬وبالنسبة للخضار فكانت تصل إىل املدينة عن‬ ‫عن الثورة بفرض حصار اقتصادي‪ ،‬ورغم ذلك طريق محاه أو درعا‪ ،‬وبسبب الظروف احلالية مل يعد يوجد‬

‫‪8‬‬

‫‪ 16‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السادس عرش‬

‫مصدر سوى األردن‪ ،‬اليت تقدم البضائع بأسعار مرتفعة‪.‬‬ ‫وشرح باألرقام االرتفاعات اليت حصلت يف األسعار‬ ‫مؤخراً فمثال البندورة كانت يف الشهر السابق تباع‬ ‫خبمسني لرية للكيلو الواحد أما سعرها احلايل مثانون لرية‬ ‫وما فوق‪ ،‬واخليار أيضاً ارتفع سعره من مخسني لرية إىل‬ ‫تسعني لرية‪ ،‬وختضع مجيع أنواع اخلضار واملواد األساسية‬ ‫لنسبة الزيادة نفسها‪ ،‬والنظام يصدر وعوداً شبه يومية‬ ‫عن طريق املدراء والوزراء لتخفيف معاناة املواطنني من‬ ‫هذه الناحية دون أي شيء ملموس على أرض الواقع‪.‬‬ ‫وحال المحروقات ذاته‬ ‫كما أن العقاب طال املواد النفطية واحملروقات‪ ،‬وقد حدث‬ ‫نقص كبري يف هذه املواد خالل الشهرين األخريين‪ ،‬فيضطر‬ ‫املواطن للوقوف ثالث ساعات على أحد حمطات الوقود‪،‬‬ ‫علماً أن مدينة دمشق فيها الكثري من احملطات اليت تليب‬ ‫حاجة مجيع املواطنني‪ ،‬لكن معظمها مت إغالقه‪ ،‬واحملطات‬ ‫اليت تعمل هي مخس أو ست حمطات يف احملافظة فقط ‪.‬‬ ‫تهجير وتفجيرات‬ ‫لقد أجرب تعامل النظام مع مناطق الريف الثائر بالعنف‬ ‫الدامي‪ ،‬أهايل هذه املناطق على النزوح إىل داخل‬ ‫دمشق فبات يسكنها ما يقارب ستة ماليني نسمة‪،‬‬ ‫يتجمعون اآلن يف مساحة ضيقة‪ ،‬وقد ازداد توترهم بعد‬ ‫أن طلب قائد لواء شهداء دوما امللقب أبو علي خبية‬ ‫منهم إخالء املدينة من أجل العمليات العسكرية‪.‬‬ ‫ومل يكتف النظام بذلك‪ ،‬فدائماً تشهد العاصمة تفجريات‬ ‫ضخمة ويتم تبادل االهتامات بني املعارضة والنظام‬ ‫حول منفذها‪ ،‬إال أهنا يف النهاية تصب يف خانة إرعاب‬ ‫املدنيني وحرف مسارهم عن اهلدف األساسي من الثورة‬ ‫وهو احلرية‪ ،‬لتصبح غايتهم (وقد جنحت هذه السياسة يف‬ ‫بعض املناطق) عودة األمن واألمان كما يف العهد السابق‪.‬‬


‫الساحل‬

‫الساحل السوري‬ ‫الرفض داخل جغرافيا التأييد‬ ‫جود حسون‬ ‫ال خيتلف اثنان يف سورية وخارجها على أن الساحل‬ ‫السوري هو اخلزان البشري األول الذي ميد النظام بعناصره‬ ‫املسلحة النظامية وميليشيات الشبيحة‪ ،‬وحىت مبؤيديه‬ ‫والوجوه املدافعة عنه والقادرة حىت اآلن على اخلروج‬ ‫يف مسرية هتتف خبلود رأس النظام‪ ،‬إال أن هذه الصورة‬ ‫احلقيقية للغاية ال تلغى هنائياً تلك التكتالت املعارضة‬ ‫والتجمعات الشبابية الثورية املتكونة بسرية كبرية ضمن‬ ‫اجلغرافية األكثر خطورة واألكثر والءً وارتباطاً عقيدياً مع‬ ‫النظام‪ ،‬ذلك رغم طغيان النظام الكبري الذي مورس ضد‬ ‫مناطق الساحل السوري‪ ،‬والذي استطاع به قمع مظاهر‬ ‫الثورة يف الالذقية وجبلة وبانياس وغريها من مدن الساحل‪،‬‬ ‫عن طريق االعتقال والقتل والرتهيب والتهديد باإلبادة من‬ ‫قبل احمليط اجلغرايف املؤيد‪ ،‬لتبقى الظاهرة الثورية الوحيدة‬ ‫الواضحة للعيان‪ ،‬هي متركز اجليش احلر يف جبل األكراد‬ ‫وجبل الرتكمان وسلمى وقدرته على مواجهة النظام من هذا‬ ‫الريف الذي يصعب على اجليش السوري السيطرة عليه‪.‬‬ ‫وبعيداً عن التشكيالت املسلحة للمعارضة يف ريف الالذقية‬ ‫ميكننا رصد تلك التنسيقيّات التابعة للجان التنسيق احمللية‪،‬‬ ‫واليت تقوم بعملها بالتنظيم مع التنسيقيات األخرى‪ ،‬وتتعرض‬ ‫التنسيقيات الساحلية حملاولة طمس وتشويه من قبل النظام‬ ‫وعناصر أمنه العاملة على األرض منها وااللكرتونية‪ ،‬خاصة‬ ‫جتاه تنسيقية بانياس وتنسيقية أحرار طرطوس وتنسيقية‬ ‫القدموس وتنسيقية محيدية طرطوس‪ ،‬وصوالً إىل ريف محاه‬ ‫حيث التنسيقية األكثر نشاطاً وهي تنسيقية مصياف‪.‬‬ ‫وتضم تلك التنسيقيات جمموعة كبرية من املعارضني‬ ‫العاملني على األرض سراً يف عدة جماالت بدءاً من‬ ‫إغاثة النازحني ووصوالً إىل التنسيق مع اجليش احلر‪،‬‬ ‫ومتكنت تلك التنسيقيات يف الفرتة السابقة من حتقيق‬ ‫نتائج مهمة على األرض‪ ،‬أوهلا جتميع الشباب الساحلي‬ ‫املعارض‪ ،‬ضمن أطر عمل ميداين‪ ،‬ورفد خمتلف‬ ‫التنسيقيات يف القطر بكوادر قادرة على العمل يف خمتلف‬

‫اجملاالت من اجملال الطيب واإلعالمي حىت اجملال املسلح‪.‬‬ ‫ومن الالفت للنظر عمل خمتلف لتلك التنسيقيات واهليئات‬ ‫الثورية بأمساء مزيفة وألقاب حركية بشكل خيتلف عن‬ ‫تنسيقيات الداخل واملنطقة الشرقية واجلنوبية والشمالية‪ ،‬على‬ ‫اعتبار أهنا تنسيقيات مالحقة بشكل مباشر حيث تسجل‬ ‫عمليات اعتقال يومية يف مدن الساحل هبدف الكشف عن‬ ‫تلك «اخلاليا اخلائنة» وفق توصيف فروع األمن هلا‪ ،‬فمع‬ ‫هناية شهر آذار املاضي أقدمت فروع األمن يف مدينة الالذقية‬ ‫على اعتقال عدد من النشاطني املدنيني والذين ما زالوا قيد‬ ‫االعتقال حىت اآلن منهم «رفيق حممد سعيد رجب‪ ،‬مجال‬ ‫حممد سعيد رجب‪ ،‬مصطفى عبد اهلل خدجية‪ ،‬عبد الكرمي‬ ‫خدجية‪ ،‬بسام حليمة‪ ،‬أمحد شيخ مخيس وغريهم» ومن‬ ‫مدينة بانياس سجل يف الثالث من نيسان احلايل اعتقال‬ ‫كل من «حممد حيىي الصباغ‪ ،‬حممد يوسف‪ ،‬هيثم الصباغ»‪.‬‬ ‫وال تكاد ختلو أيدي احلواجز يف الساحل السوري من ورقة‬ ‫أمساء مطلوبني جديدة كل يوم‪ ،‬فمنذ حوايل سنة وحىت اآلن‬ ‫يتم جتديد ورقة حاجز رأس النبع يف بانياس يومياً لتضاف إليها‬ ‫أمساء مطلوبني جدد وحتذف منها أمساء معتقلني‪ ،‬ويف الثاين‬ ‫من نيسان احلايل مت اعتقال الشاب حسن عبد القادر جلول‬ ‫على هذا احلاجز‪ ،‬بينما أضيفت يف اليوم التايل أمساء جمموعة‬ ‫من أقاربه على ورقة مطلويب احلاجز‪ ،‬ومن اجلدير بالذكر أن‬ ‫الفرعني املسؤولني عن عمليات االعتقال واملالحقة مها فرع‬ ‫أمن الدولة يف حمافظة طرطوس بقيادة العميد حممد زييت‬ ‫وفرع املخابرات العسكرية بقيادة العميد عبد الكرمي عباس‪.‬‬

‫وتواجه تيارات العمل املعارض يف الساحل السوري بعيداً‬ ‫عن مالحقة مؤسسات النظام األمنية‪ ،‬خطر البيئة احمليطة‬ ‫واللجان الشعبية واألفراد العاديني‪ ،‬وهم األكثر قدرة على‬ ‫اخرتاق تلك التشكيالت املعارضة بالعالقات الشخصية‬ ‫وغريها‪ ،‬مبا أهنم ال حيملون صفة أمنية رمسية وإمنا بدواعي ما‬ ‫يسمونه «العمل الوطين»‪ ،‬وكانت أغلب حاالت االعتقال‬ ‫واالقتحام اليت متارس يف مدن الساحل‪ ،‬تتم عن طريق‬ ‫بالغات وادعاءات من أفراد مدنيني‪ ،‬وهنا نذكر حادثة‬ ‫اعتقال نوار قاسم يف مدينة طرطوس حيث تعرض للضرب‬ ‫وإطالق النار على يد أفراد مدنيني‪ ،‬مث مت اعتقاله مرتني‪.‬‬ ‫تقوم التنسيقيات يف حالة التشديد أو احلواجز أو االعتقاالت‬ ‫أو تسيري الدوريات بنقل املعلومات وحتذير األهايل والشباب‪،‬‬ ‫وخاصة ممن هم متخلفون أو فارون من جيش النظام‪.‬‬ ‫وتقوم التنسيقيات بعقد اجتماعات دورية فيما بينها‪،‬‬ ‫وتقسيم العمل بني أفرادها يف خمتلف اجملاالت‪ ،‬إضافة‬ ‫إىل تسهيل القيام بأي عملية يريد اجليش السوري‬ ‫احلر إجنازها‪ ،‬ورصد كل ما هو جديد يف الشارع‬ ‫احمللي‪ ،‬حبسب «خالد ساحلي» من تنسيقية بانياس‪.‬‬ ‫وعن طبيعة عمل تنسيقيتهم يقول ساحلي «نقوم بالتنسيق‬ ‫مع خمتلف اللجان والتنسيقيات احمليطة بنا ومع اهليئة‬ ‫العامة‪ ،‬هبدف حتديث أساليب العمل‪ ،‬وتسهيل التنقل بني‬ ‫املدن‪ ،‬ومحاية شبابنا من طغيان حواجز األمن والشبيحة‪،‬‬ ‫إضافة إىل تأمني اهلروب اآلمن جملندينا من جيش األسد»‪.‬‬

‫‪ 16‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السادس عرش ‪9‬‬


‫إضاءات‬ ‫األهداف هي ذات جدوى ومعىن وتستحق هذا العناء‬ ‫والعمل‪ ،‬وهذا ما يسمى بدراسة جدوى املشروع‪.‬‬ ‫ حمدودة بإطار زمين‪ ،‬جيب حتديد إطار زمين لتنفيذ‬‫أية خطة‪ ،‬إذ أنه ال يوجد مشروع دون إطار زمين‪.‬‬ ‫فعلى سبيل املثال لنفرتض أننا نريد التخطيط إلشادة مجعية‬ ‫إغاثية طبية‪ ،‬ونود وضع دراسة وخطط هلا‪ ،‬البداية تكون من‬ ‫خالل طرح مجلة من األسئلة‪ ،‬على سبيل املثال ال احلصر‪:‬‬ ‫— هل اهلدف منها مساعدة احملتاجني أم تشغيل‬ ‫طاقم من املوظفني واألطباء الباحثني عن عمل؟‬ ‫— هل اهلدف منها تقدمي خدمات جمانية للمجتمع أم‬ ‫بيع اخلدمات بسعر التكلفة للمحتاجني (أدوية‪ ،‬خدمات‬ ‫طبية‪ ،‬وغريها)؟‬

‫كيف تخطط ملرشوع ناجح؟ جمعية إغاثية طبية منوذجاً‬ ‫غياث بالل‪ /‬مجموعة "نهضة" إلدارة المشاريع االستراتيجية‬

‫ختطيط وتنفيذ مشاريع ناجحة حيتاج إىل خربة وجتربة‪ ،‬وحيتاج‬ ‫قبل ذلك إىل دراية وبعض املعرفة يف علوم اإلدارة ووضع‬ ‫االسرتاتيجيات‪ ،‬وقد ال يتقن بالضرورة كل إنسان هذا الفن‪.‬‬ ‫سأحاول فيما يلي إعطاء حملة سريعة عن األساسيات‬ ‫اليت جيب أن يراعيها أي شخص يسعى للتخطيط‬ ‫ملشروع ناجح‪ ،‬وآمل أن جيد القارئ فيها الفائدة والعون‪،‬‬ ‫مع العلم أن املوضوع أوسع بكثري من أن خيتصر يف‬ ‫مقال‪ ،‬ويعتمد أساساً على التجربة‪ ،‬وعلى دراسة‬ ‫احلالة وحيثياهتا اليت ختتلف دائماً باختالف املشروع‪.‬‬

‫— هل اهلدف منها تغطية اخلدمات الطبية يف‬ ‫منطقة ما بالكامل أم مساندة مشايف موجودة؟ وما‬ ‫عدد املرضى الذين سيعاجلهم املستوصف يف اليوم؟‬ ‫— هل هناك هدف سياسي وراء العمل‬ ‫اإلغاثي‪ ،‬أم أنه جمرد عمل خريي وخدمة‬ ‫للمجتمع بسبب وجود عجز يف هذا اجملال؟‬

‫األهداف واخلطط التنفيذية حيث ينطلق من املبادئ التالية‪:‬‬ ‫التحديد‪ ،‬إمكانية القياس‪ ،‬إمكانية التحقيق‪ ،‬الواقعية‪ — ،‬هل هناك هدف رحبي وراء عمل اجلمعية‪ ،‬أم أهنا ال رحبية؟‬ ‫التحديد ضمن إطار زمين‪ ،‬أي أن األهداف اليت سأضعها‬ ‫ملشروعي جيب أن تكون حمددة بوضوح ودقة‪ ،‬وقابلة — أين ننوي إنشاء هذه اجلمعية؟ هل هناك إمكانية‬ ‫للقياس‪ ،‬وقابلة للتحقيق‪ ،‬وواقعية‪ ،‬وحمددة بإطار زمين‪ .‬لبنائها يف املنطقة املرغوبة أم أنه ال ميكن إيصال مواد‬ ‫البناء للمنطقة املستهدفة؟ يف حال مت بناؤها‪ .‬وهل‬ ‫سنتناول هذه املبادئ اخلمسة بشيء من التفصيل‪:‬‬ ‫ميكن تزويدها باملعدات واألطباء‪ ،‬أم أن املنطقة ال يتوفر‬ ‫فيها أطباء‪ ،‬وحماصرة ال ميكن إيصال معدات طبية هلا؟‬ ‫ األهداف جيب أن تكون حمددة بوضوح ودقة‪،‬‬‫وهذا يكون عن طريق طرح األسئلة اخلمسة اليت — هل هناك مجعيات أخرى تقدم نفس‬ ‫تبدأ بالكلمات‪ :‬ماذا‪ ،‬كيف‪ ،‬من‪ ،‬أين‪ ،‬كيف‪ .‬اخلدمات يف املدينة املزمع العمل فيها؟‬

‫أي ماذا أريد أن أجنز بالضبط؟ كيف سأقوم بإجناز ذلك؟ — هل األنسب حتويل اجلرحى لقرية أو مدينة جماورة لديها‬ ‫ماذا يعني التخطيط لمشروع؟‬ ‫من سيكون له أثر يف العمل الواجب القيام به؟ أين مجعية طبية أم أننا فعالً حنتاج افتتاح مستوصف يف هذه املدينة؟‬ ‫سيكون ذلك العمل؟ ما املتطلبات اليت أحتاجها للقيام‬ ‫التخطيط ملشروع هو حتويل أفكار حمددة إىل بالعمل؟‪ ،‬وما العوائق اليت من املمكن أن تقف يف طريقي؟ — هل األنسب أن نفتتح عيادة أم مستوصف أم مشفى؟‬ ‫برنامج عمل من خالل خطة تنفيذية‪ ،‬وإسناده إىل‬ ‫أشخاص مؤهلني ينفذونه وفق خمطط زمين واضح‪ - .‬األهداف جيب أن تكون قابلة للقياس‪ ،‬وميكن — مىت يتوجب على اجلمعية املباشرة بالعمل؟ يف حال‬ ‫التأكد من مدى حتقيقها‪ ،‬أي أنه من الضروري وجود تأخرت‪ ،‬هل سيتم افتتاح مجعيات أخرى من أشخاص آخرين؟‬ ‫أما مقياس جناح أي مشروع فيكون من خالل حماكمة معايري لقياس مدى التقدم يف العمل وحتقيق األهداف‪،‬‬ ‫النتائج يف هناية الفرتة الزمنية املقررة له مع األهداف ويوجد معايري للتأكد من الوصول للهدف املنشود‪ — .‬من هي اجلهات املمولة هلذا العمل؟ وهل‬ ‫ميكن التواصل معها واحلصول على متويل منها؟‬ ‫املرسومة للمشروع يف بدايته‪ .‬كما أن كل مشروع‬ ‫مير بثالثة مراحل‪ :‬الوالدة (التخطيط)‪ ،‬التنفيذ‪ - ،‬قابلة للتحقيق‪ ،‬أي أنه ميكن حتقيق هذه األهداف‬ ‫مث االهناء‪ ،‬وتسليم املخرجات أو إعالن النتائج‪ .‬من خالل إسرتاتيجية تنفيذية سليمة‪ ،‬وذلك يكون من — من هو الفريق الذي سيقوم بالعمل يف اجلمعية؟ هل‬ ‫خالل توصيف املراحل واألعمال الالزمة للوصول إىل لدي القدرات والشبكة الالزمة للوصول للكفاءات الالزمة؟‬ ‫كيف يمكن تحويل األفكار إلى خطة تنفيذية؟‬ ‫األهداف املنشودة‪ ،‬وإسناد هذه األعمال إىل أشخاص — كم طبيب وممرضة أحتاج لعالج عشرة مرضى يومياً؟‬ ‫جيب االنطالق من الغرض الذي وضع ألجله املشروع حمددين يتمتعون مبهارات تؤهلهم للقيام هبذا العمل‪.‬‬ ‫لإلجابة على األسئلة أعاله حنتاج أوال معلومات‬ ‫وصياغته بأهداف واضحة و جلية‪ ،‬كما ميكن االعتماد ‪ -‬واقعية ضمن األدوات املتاحة‪ ،‬مبعىن آخر أن هذه‬ ‫ص‪9‬‬ ‫على مبدأ «مسارت» الذي وضعه «جورج دوران» لصياغة‬

‫‪10‬‬

‫‪ 16‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السادس عرش‬


‫شهداؤنا‬

‫محمد «حاف» باريش‬ ‫بطل رساقب الذي ال يتنىس‬ ‫ولد حممد يف سراقب عام ‪1988‬يف أسرة تسمي مجيع‬ ‫أبنائها بأمساء مركبة تبدأ مبحمد‪ ،‬حممد سعد‪ ،‬حممد‬ ‫مقداد‪ ،‬أما حممد فلم يكن له اسم مضاف‪ ،‬فصاروا‬ ‫ينادونه مبحمد «حاف»‪ ،‬مث أصبح امسه حاف فقط‪.‬‬ ‫كان طالباً يف معهد إدارة األعمال عندما تفجرت الثورة‪ ،‬ويف‬ ‫اليوم نفسه الذي خرجت فيه مظاهرات درعا خرج حاف هاتفاً‬ ‫يف شوارع البلدة الشمالية العريقة «ما يف خوف ما يف خوف»‪.‬‬ ‫أصبح حممد حاف بني ليلة وضحاها قائدا‬ ‫للمظاهرات‪ ،‬يلتف حوله أبناء البلدة‪ ،‬خاصة الشبيحة باختطاف وإهانة املتظاهرين‪ ،‬كان حممد حاف أول‬ ‫األطفال‪ ،‬الذين وجدوا فيه أمثولة مذهلة‪ .‬من أطلق النار على شبيح داس على رأس أحد املتظاهرين‪.‬‬

‫عندما حاولت أرتال من اجليش اقتحام سراقب مرة‬ ‫أخرى‪ ،‬تصدى لرتل من الدبابات عند مدخل سراقب‬ ‫الشرقي‪ ،‬بعد أن وقع خطأً يف مرمى نريان دبابة مع‬ ‫أربعة من رفاقه‪ ،‬فقرر أن يغطي عليهم ريثما يهربون‪،‬‬ ‫فنجح يف إشغال الدبابة إىل أن هرب اآلخرون‪،‬‬ ‫لكنه استشهد بعد ذلك ظهر يوم ‪.2012/4/1‬‬

‫ورحل إىل شكل بعد ذلك كتيبة «القعقاع»‪ ،‬وشارك يف كافة املعارك‬ ‫اعتقل من حمل ذويه يف ‪ّ ،2011/5/1‬‬ ‫فرع فلسطني ليطلق سراحه بعد عشرين يوماً‪ ،‬ليعود اليت دارت حول سراقب‪ ،‬ووقف حبزم بوجه عصابات‬ ‫إىل قيادة املظاهرات‪ ،‬فقاد مظاهرة عقب سقوط أول اللصوص اليت بدأت بالظهور مستغلة حالة الفوضى‪.‬‬ ‫شهيد يف سراقب‪ ،‬حرق فيها مبىن حزب البعث هناك‪.‬‬ ‫قاوم مع عدد قليل من املقاتلني جيش النظام عندما اقتحم أصبحت صورته أيقونة للثورة يف عموم املنطقة‪،‬‬ ‫اعرتض سلمياً رتالً من الدبابات كان متوجها إىل جسر سراقب أول مرة يف ‪ ،2012/3/27‬مرتكباً جمزرة راح ضحيتها وتسمت كتيبته‪ ،‬اليت ال تزال تواصل العمل‬ ‫الشغور عرب الطريق الدويل يف ‪ ،2011/9/8‬وعندما بدأ ‪ 42‬شهيداً بينهم شقيقه وابين أخته وعدد من أفراد كتيبته‪ .‬لتحرير سورية‪ ،‬باسم كتيبة «حممد حاف»‪.‬‬ ‫تتمة املوضوع ص ‪8‬‬

‫موثوقة وصحيحة‪ ،‬بعد اإلجابة عنها ونقاشها مع‬ ‫أشخاص خمتصني وأصحاب خربة‪ ،‬ميكن لنا الوصول‬ ‫إلجابات نصوغها يف خطة مشروع كما يلي‪:‬‬ ‫الهدف‪ :‬مجعية إغاثية طبية غري رحبية وال تتبع‬ ‫ألي جهة سياسية‪ ،‬تقوم بتقدمي خدماهتا يف مدينة‬ ‫مورك بريف محاة‪ ،‬ولديها القدرة على معاجلة ثالمثئة‬ ‫مريض يف األسبوع‪ ،‬وتتسع لسبعني سرير‪( .‬هدف‬ ‫واضح وحمدد وقابل للقياس وقابل للتحقيق)‪.‬‬ ‫المتطلبات واالحتياجات نتيجة المعلومات والبحث‬ ‫الذي تم إجراؤه‪:‬‬ ‫• بناء مساحته تسعمئة مرت مربع يف قلب مدينة مورك على‬ ‫أن يكون الوصول له من خالل شارعني ممكن على األقل‪.‬‬

‫الخطة التنفيذية‪ :‬تقوم اخلطة التنفيذية بإسناد مهام حمددة بشكل واقعي‪ ،‬واالستعانة بأصحاب اخلربة من أجل جتنب‬ ‫احلصول‬ ‫ألشخاص حمددين خالل إطار زمين معني‪،‬كأن نقول‪ :‬املفاجآت السلبية‪ ،‬وجيب بعد ذلك التفكري بطرق‬ ‫ه‬ ‫على التمويل املناسب لتغطية هذه التكاليف‪ ،‬وذلك يكون‬ ‫مهمة ‪ :1‬البحث عن املكان املناسب لتشييد اجلمعية عادة من خالل البحث عن أصحاب املصلحة يف هذا املشروع‪.‬‬ ‫الطبية‪ ،‬مسؤولية زيد‪ ،‬وجيب إجناز هذه املهمة خالل‬ ‫ثالثني يوم‪ ،‬وتعترب املهمة منجزة يف حال كان املكان جيب يف كل مشروع مراعاة عدم تضارب املصاحل كي ترتفع‬ ‫الذي مت إجياده حيقق املتطلبات كما هي موصوفة فرصه يف النجاح‪ ،‬فعلى سبيل املثال وجود مستوصف خاص‬ ‫يف قائمة املتطلبات‪ ،‬ونال موافقة مدير املشروع‪ .‬يف املدينة يف مثالنا السابق‪ ،‬يعمل لقاء أجر سيتضرر بشكل‬ ‫كبري من مشروعنا‪ ،‬وسيسعى نتيجة لذلك إىل إفشال املشروع‬ ‫مهمة ‪ :2‬البحث عن الكفاءات الضرورية لعمل بكافة الوسائل‪ ،‬إذا كان أصحاب املصلحة هلم حصة يف‬ ‫املشفى والتعاقد معها‪ ،‬مسؤولية فالن وجيب إجناز ذلك املستوصف‪ ،‬فال ميكن لنا التعويل على متويلهم أو على‬ ‫هذه املهمة خالل تسعني يوم‪ ،‬وتعترب املهمة منجزة يف استمرار دعمهم‪ ،‬ويف حال كان أحد شركائي من املالكني‬ ‫حال كان األشخاص الذين مت التعاقد معهم لديهم ملستوصف يف القرية الكبرية‪ ،‬فسيعترب مشروعي هذا منافساً‬ ‫الكفاءات املوصوفة يف قائمة املتطلبات واالحتياجات‪ ،‬له‪ .‬أحد أهم أسباب النجاح هو استكشاف أسباب‬ ‫ونالت موافقة مدير املشروع‪ .‬مهمة ‪ :3‬وهكذا‪ .‬تضارب املصاحل يف وقت مبكر‪ ،‬ومعاجلتها بشكل سليم‪.‬‬

‫• طاقم من مثانية أطباء واثنني وعشرين ممرضة ميكن االستعانة جبدول «راسي» لتوزيع املسؤوليات‬ ‫وحماسب ومدير وبواب وسائقني وأربعة مستخدمني‪ ،»RACI« .‬وميكن قراءة املزيد عنه يف صفحات اإلنرتنت‪.‬‬ ‫• سيارتا إسعاف جمهزتان‬ ‫• األجهزة الطبية التالية‪ ،........ :‬وميكن أن تطول القائمة‪.‬‬

‫الجدول الزمني‪ :‬جيب وضع خمطط زمين لكل املهام‬ ‫الواجب تنفيذها ومراعاة عدم تضارب اخلطوات التنفيذية‪.‬‬ ‫الميزانية‪ :‬جيب دراسة تكاليف اخلطوات التنفيذية للمشروع‬

‫لعل يف هذه العجالة عون ومدخل لكل من يرغب بإدارة‬ ‫مشاريع ناجحة‪ ،‬مع العلم أن املوضوع واسع جداً‪ ،‬وهناك‬ ‫جملدات وكتب كثرية تتكلم حول علم إدارة املشاريع‬ ‫والتخطيط هلا‪ .‬كما أنه ال بد من اإلشارة إىل أن أي مشروع‬ ‫ناجح يكون عادة نتيجة للعديد من التجارب الفاشلة اليت‬ ‫سبقته‪ ،‬حيث أن أوىل التجارب غالباً ما تكون غري ناجحة‪.‬‬

‫‪ 16‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السادس عرش ‪11‬‬


‫األخرية‬

‫بعد أن غادرت «التأييد» إىل «الحياد»‬

‫جرمانا‪ ..‬هل تثور؟‬

‫زين عبود‬ ‫جرمانا‪ ،‬تلك البلدة التابعة لريف دمشق‪ ،‬والوحيدة اليت‬ ‫ما تزال عصية على رياح الثورة‪ ،‬رغم أن كل البلدات‬ ‫اجملاورة هلا (بيت سحم‪ ،‬عقربا‪ ،‬املليحة) شهدت أحداثاً‬ ‫دامية وال زالت‪ ،‬إال أن جرمانا أصرت البقاء على‬ ‫موقفها الذي اختذته منذ اندالع الثورة «حنن مع النظام»‬ ‫وإن خفت املظاهر االحتفالية املرافقة هلذا التأييد‪.‬‬ ‫سكان جرمانا املدنيني يعتربون أنفسهم «ال حول وال‬ ‫قوة هلم» وأن «العصابات» ستستهدفهم إن مل يكن‬ ‫اليوم فغداً‪ ،‬لذا مت جتنيد شبان كثر من عائالت جرمانا يف‬ ‫تنظيم «اللجان الشعبية» وتسليحهم حلمايتها من «العدو‬ ‫املنتظر»‪ ،‬كان هذا يف بداية الثورة أما اآلن فقد اخنفضت‬ ‫أصوات األهايل كثرياً وغابت احتفاالهتم وتغنيهم بالقائد‪،‬‬ ‫ليحل حملها ترقب وصمت مطبق بانتظار القادم‪ ،‬أما شبان‬ ‫اللجان فازدادوا حدة وقناعة بنظرية «التآمر» عليهم‪.‬‬ ‫باتت جرمانا اليوم امللجأ األول لنازحي األرياف اجملاورة‪،‬‬ ‫من أراد أن ينزح إليها عليه إما أن ينزح بصمت أو‬ ‫أن يعلن بصوت عال رفضه للـ «اإلرهابيني الذي‬ ‫يستهدفون اجلميع»‪ ،‬وبسبب اإلقبال الكبري على‬ ‫االستئجار قام قسم كبري من األهايل بتأجري منازهلم سقطت منذ يومني ثالثة قذائف هاون على مركز انطالق‬ ‫لنازحني‪ ،‬والسفر إىل السويداء كوهنا تعترب أكثر أماناً‪« .‬البوملان» إىل السويداء‪ ،‬فاستشهد أربعة مواطنني وجرح‬ ‫أكثر من عشرين‪ ،‬مل يتأثر املارة كثرياً باحلدث رغم أن‬ ‫خالل األشهر األخرية شهدت جرمانا وما تزال أحداثاًكان أصوات سيارات اإلسعاف متأل املكان‪ ،‬ردود أفعاهلم مل‬ ‫املدنيون البسطاء ضحيتها‪ ،‬ومتثلت بالتساقط اليومي لقذائف تكن مبستوى احلادثة‪ ،‬الكل تابع مسريه وحديثه‪ ،‬ومن‬ ‫اهلاون على املدينة الذي خيلف قتلى وجرحى بالعشرات‪ .‬كان يضحك استمر بذلك‪ ،‬لقد أصبح األمر واقعاً يومياً‪،‬‬

‫وكما يرددون «بدنا نعيش شو منوت باحلياة يعين؟»‪.‬‬ ‫عندما تقع القذائف تستنفر ميلشيات الشبيحة (اللجان‬ ‫الشعبية) اليت تنتشر يف كافة حارات جرمانا‪ ،‬بشكل‬ ‫استعراضي للعضالت والسالح‪ ،‬رغم أن تلك العضالت‬ ‫واألسلحة مل متنع السيارة املفخخة اليت دخلت حارة األرمن‬ ‫وانفجرت‪ ،‬فاستشهد أكثر من عشرة مواطنني‪ ،‬ومل تقف بوجه‬ ‫السيارتني اللتني انفجرتا يف ساحة الرئيس‪ ،‬حيث سقط حينها‬ ‫أكثر من مخسني شهيد‪ ،‬فالسيناريو عندما يكون مرسوماً‬ ‫وجاهزاً لن يقف بطريقه بعض «شبيحة اللجان الشعبية»‪.‬‬ ‫رغم أن أهايل جرمانا يصفون موقفهم اآلن بـ «احليادي»‬ ‫بعد أن كان يف السابق مؤيداً بشدة‪ ،‬إال أهنا أصبحت‬ ‫يف مرمى النريان‪ ،‬فاشتباكات اجليش احلر واجليش النظامي‬ ‫أسفرت عن سقوط العديد من القذائف اجملهولة املصدر‪،‬‬ ‫فضالً عن تفجريات مل تتضح هوية منفذها‪ ،‬ومع ذلك تصر‬ ‫جرمانا على أن تدفن قتالها وتداوي جرحاها بصمت‪.‬‬ ‫ال ميكن إنكار وجود أصوات معارضة داخل جرمانا‪،‬‬ ‫يتجسد نشاطها بالعمل اإلغاثي بتقدمي املساعدة‬ ‫والدعم للنازحني‪ ،‬إال أهنا ال تتعدى إطار ذاك النشاط‬ ‫اإلنساين‪ ،‬ويتهكم شبان معارضون عند سؤاهلم فيما إذا‬ ‫كانت جرمانا ستثور قائلني «يا ريت‪ ،‬بس بعد شو؟»‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫‪ 16‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السادس عرش‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.