العدد السابع عشر من جسر

Page 1

‫خارطة موقف‬ ‫أخبار‬

‫دعم عسكري‬ ‫إلرغام النظام عىل التفاوض فقط‬ ‫تكليف جورج صربا‬ ‫برئاسة االئتالف الوطني لقوى الثورة واملعارضة‬

‫الثالثاء ‪ 23‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السابع عرش‪ /‬السنة األوىل‬

‫تسعة أشهر من القتال يف حلب‬ ‫حسم «معركة الفرقان» ومعاناة االهايل ينتظر تذليل املعوقات‬

‫‪jesr press‬‬ ‫أحمد وخالد يبيعان‬ ‫املالبس يف دير الزور‬ ‫ويفضالن التجارة عىل‬ ‫املدرسة‬

‫جدران الرقة تخلع‬ ‫عن نفسها «شعارات‬ ‫متجيد األسد» لـ «تتنفس‬ ‫حرية»‬

‫‪www.fasebook.com/jesrpress‬‬

‫تعهدات مبتابعة القنوات‬ ‫الرسمية واتهامات‬ ‫بالعمل املسلح يقابلها‬ ‫نشطاء بعمل إغايث‪-‬‬ ‫إعالمي‬

‫‪www.twitter.com/jesr_press‬‬

‫سورية أسبوعية مستقلة‬

‫نفشل ألننا نكره بعضنا‬ ‫عبد النارص العايد‬ ‫حني قالت «أنتم ال تحبون بعضكم» مل تقصد أن‬ ‫تتكلم بصيغة عاطفية‪ ،‬فهي باحثة رصينة وتحمل‬ ‫درجة الدكتوراه يف العلوم السياسية‪ ،‬ومن أكرث‬ ‫داعمي ومؤيدي الثورة السورية‪ ،‬رغم أنها ليست‬ ‫عربية‪ ،‬لكنها أرادت أن تتجنب بهذه العبارة‬ ‫الكثيفة‪ ،‬الكثري من الرشح والتحليالت املعقدة‪،‬‬ ‫التي قد تأخذ حديثها بعيدا ً عن مقصده املبارش‬ ‫وامللح‪ .‬مل تفلح تربيرايت يف كوننا حديثي تجربة‬ ‫بالعمل السيايس‪ ،‬قالت «أنتم ال عمل لكم سوى‬ ‫هذا منذ سنتني‪ ،‬أمل تتعلموا بعد؟»‪ ،‬ومل تفلح حجتي‬ ‫يف كون املعارضة من منابت شتى ومن الطبيعي أن‬ ‫تختلف‪ ،‬فقد ردت بحزم «أنتم أمام قضية مصريية‬ ‫ولحظات تاريخية‪ ،‬ال مكان فيها لهذا الهراء"‪ ،‬عندما‬ ‫عجزت عن التربير لجأت إىل إنكار وجهة نظرها‬ ‫كاملة‪ ،‬ذكرتني عند إذن بأحاديث ووقائع كثرية‬ ‫جدا ً شملت معظم أصدقائها السوريني‪ ،‬وأثبتت يل‬ ‫كيف أنهم رجال ونساء ال يتحدثون عن بعضهم إال‬ ‫سلباً‪ ،‬وكنت أنا نفيس شاهدا ً عىل بعضها‪ ،‬وكنت‬ ‫صاحب بعضها اآلخر‪« ،‬منذ متى مل تلتقوا بو ًّد أنتم‬ ‫املتواجدون هنا يف استنبول مثالً ؟» مل أجد إجابة‬ ‫نصف مقنعة‪ ،‬فحني نبحث أنا وأي سوري معارض‬ ‫عن مكان نلتقي فيه‪ ،‬ننطق كالنا بعبارة "بدنا‬ ‫مكان ما فيه سوريني"‪" ،‬كيف ستنترصون وأنتم ال‬ ‫تحبون بعضكم البعض؟" قالتها بلوم وحزن يخترص‬ ‫خيبتها فينا‪ ،‬نحن الذين راهنت وتراهن علينا بأننا‬ ‫سنصنع وطناً آخر‪ ،‬وبحزن راحت تستذكر كم‬ ‫«يحبون» بعضهم من دمشق إىل طهران إىل موسكو‬ ‫نعم‪ ..‬يجب أن نعرتف بخجل‪ ،‬نحن نكره‬ ‫بعضنا‪ ،‬ونعمل ضد بعضنا‪ ،‬ونحط من شأن‬ ‫بعضنا‪ ،‬ونحبط مساعي بعضنا‪ ،‬ومادمنا عىل هذا‬ ‫النهج فلن ننترص أبدا ً‪ ،‬حتى لو سقط النظام‬ ‫‪jesr.press@gmail.com‬‬


‫أخبار‬

‫اجتامع شبه مغلق‬ ‫ملجموعة أصدقاء سورية يركز عىل الشؤون العسكرية‬ ‫عقدت جمموعة أصدقاء سورية مؤمتراً وصف بـ «املفاجئ» يف‬ ‫استنبول يوم السبت الفائت‪ ،‬ضم إحدى عشرة دولة‪ ،‬وكان‬ ‫على رأس احلضور‪ ،‬جون كريي‪ ،‬وزير اخلارجية االمريكية‪.‬‬ ‫كان املؤمتر شبه مغلق‪ ،‬ومل حيضره من جانب املعارضة‬ ‫سوى رئيس االئتالف أمحد معاذ اخلطيب‪ ،‬ورئيس‬ ‫احلكومة السورية املؤقتة املكلف غسان هيتو ونواب رئيس‬ ‫االئتالف جورج صربا ورياض سيف وسهري األتاسي واألمني‬ ‫العام لالئتالف مصطفى الصباغ واللواء سليم إدريس‪.‬‬ ‫مل يتسرب الكثري عما دار داخله أو نتائجه‪ ،‬لكن وزير‬ ‫اخلارجية األمريكي جون كريي قال إن «الواليات املتحدة‬ ‫ستزيد مساعداهتا غري القتالية لقوات املعارضة يف سورية‬ ‫إىل الضعفني لتصل إىل ‪ 250‬مليون دوالر‪ ،‬وأن جهات‬ ‫الدعم األجنبية وافقت على حتويل كل املساعدات‬ ‫مستقبالً من خالل القيادة العسكرية العليا للمعارضة»‪.‬‬ ‫وأضاف أن «الداعمني األجانب لقوات املعارضة ملتزمون األسلحة الكيماوية ورفض «كل أشكال اإلرهاب»‬ ‫مبواصلة دعمها وأنه البد وأن تكون هناك بيانات أخرى وبعدم ذهاب األسلحة اليت حيصل عليها إىل جهة خطأ‪.‬‬ ‫بشأن شكل الدعم الذي قد يعلن عنه يف األيام املقبلة‪ ،‬مامل‬ ‫تسع القوات احلكومية للتوصل إىل حل سلمي لالزمة»‪ .‬وكان االئتالف قد حدد يف إعالن له‪ ،‬رؤيته لسورية ما‬ ‫بعد بشار األسد‪ ،‬وقال يف البيان الذي صدر بعد اجتماع‬ ‫وستقدم الواليات املتحدة‪ ،‬حبسب كريي‪ ،‬مساعدات «أصدقاء سوريا» مع املؤيدين الغربيني والعرب إنه «لن‬ ‫غري قتالية إضافية تبلغ قيمتها ‪ 123‬مليون دوالر يسمح حبصول عمليات انتقامية ضد أي جمموعة يف سورية»‪.‬‬ ‫لقوات املعارضة‪ ،‬ليصل جممل مثل هذا النوع‬ ‫من املساعدة األمريكية إىل ‪ 250‬مليون دوالر‪ .‬وتأيت هذه الزيادة األمريكية يف املساعدات غري الفتاكة‬ ‫بعد إعالن كريي يف روما أواخر شباط الفائت أن واشنطن‬ ‫وحث كريي جهات الدعم اخلارجي األخرى ستغري سياستها لتزويد مقاتلي املعارضة بإمدادات طبية‬ ‫على تقدمي تعهدات مبساعدات مماثلة هبدف ومواد غذائية بشكل مباشر‪ ،‬وهو خيار سبق أن رفضته‪.‬‬ ‫وصول جممل املعونة الدولية إىل مليار دوالر‪.‬‬ ‫وعقب االجتماع ذاته‪ ،‬قال وزير اخلارجية الربيطاين‬ ‫وكان مسؤول أمريكي آخر أعلن‪ ،‬يوم اجلمعة‪ ،‬أن وليام هيغ يوم األحد إن «االحتاد األورويب سيناقش‬ ‫املساعدات غري الفتاكة األمريكية اجلديدة قد تشمل دروعاً خالل األسابيع املقبلة مسألة ختفيف حظر السالح‬ ‫واقية للبدن وأجهزة للرؤية الليلية‪ ،‬ومل يتطرق إىل تصرحيات الذي مينع توريد أسلحة ملقاتلي املعارضة السورية»‪.‬‬ ‫سابقة ملسؤولني أمريكيني آخرين كانوا قد أشاروا إىل أن‬ ‫املعدات قد تتضمن عربات مدرعة ومعدات اتصال متطورة‪ .‬لكن وزير اخلارجية األملاين جيدو فسرتفيله الذي يعترب‬ ‫بلده من أبرز معارضي تسليح املعارضة السورية يف االحتاد‬ ‫ويف التفاصيل‪ ،‬أوضح كريي أن الواليات املتحدة ستعمل األوريب قال إنه «يتعني على املعارضة السورية أن تنأى‬ ‫مع املعارضة السورية لتحديد حجم األموال اليت ستنفق بنفسها عن القوى اإلرهابية واملتطرفة» مضيفاً أن «أملانيا‬ ‫مبيناً أن واشنطن ستقدم أيضاً مساعدات غذائية إضافية متشككة بشأن تزويد مقاتلي املعارضة بالسالح»‪.‬‬ ‫بقيمة ‪ 25‬مليون دوالر تقريباً‪ ،‬الفتاً إىل أن الداعمني‬ ‫األجانب ملتزمون مجيعاً بأن تذهب املساعدات واملعونات وسبق االجتماع الرمسي لقاء بني كريي واخلطيب الذي أبلغه‬ ‫من كل الدول عرب القيادة العسكرية العليا ملقاتلي املعارضة‪ .‬األخري «ضرورة تعزيز الدعم املقدم إىل الشعب السوري‬ ‫وسبل متكينه من الدفاع عن نفسه‪ ،‬وإهناء معاناته باإلسراع‬ ‫وأشاد كريي بالبيان الذي أصدره االئتالف الوطين السوري يف إسقاط النظام»‪ ،‬حبسب بيان صدر عن االئتالف‪.‬‬ ‫املعارض بعد لقائه به‪ ،‬والذي تعهد فيه بعدم استخدام‬

‫‪2‬‬

‫‪ 23‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السابع عرش‬

‫تكليف جورج صربا برئاسة‬ ‫االئتالف الوطني لقوى‬ ‫الثورة واملعارضة‬

‫أعلن االئتالف الوطين لقوى الثورة واملعارضة رمسياً‬ ‫تكليف جورج صربا الذي يشغل أيضاً منصب‬ ‫رئيس اجمللس الوطين السوري‪ ،‬مبهام رئاسة االئتالف‬ ‫الوطين لقوى الثورة واملعارضة‪ ،‬بعد قبول استقالة‬ ‫أمحد معاذ اخلطيب اليت تقدم هبا الشهر املاضي‪.‬‬ ‫وكان اخلطيب أكد للمرة الثانية خالل شهر استقالته‬ ‫من منصبه‪ ،‬رداً ما وصفه بـ «تقاعس اجملتمع الدويل‬ ‫إزاء الصراع املستمر يف سورية منذ أكثر من عامني»‪.‬‬ ‫ومن املقرر أن جترى االنتخابات املقبلة الختيار رئيس‬ ‫لالئتالف لوالية تستمر ستة أشهر يف ‪ 10‬و‪ 11‬من أيار املقبل‪.‬‬


‫خارطة موقف‬

‫دعم عسكري إلرغام النظام عىل التفاوض فقط‬ ‫أصداء مؤمتر أصدقاء سورية الذي عقد مؤخراً يف استنبول‪،‬‬ ‫وما تسرب منه‪ ،‬تؤكد املعلومات‪ ،‬اليت يتم تداوهلا على‬ ‫نطاق ضيق‪ ،‬أنه بعد إعالن جبهة النصرة عن ارتباطها‬ ‫بالقاعدة‪ ،‬قد تبلور موقف شبه كامل من القضية السورية‬ ‫بني خمتلف األطراف الداعمة للثوار‪ ،‬تتلخص يف دعم جزء‬ ‫من الثوار املسلحني‪ ،‬ممن يوصفون باالعتدال‪ ،‬وخاصة منهم‬ ‫العسكريني املنشقني‪ ،‬لتقوية مواقعهم على األرض‪ ،‬وسحب‬ ‫البساط من حتت الفصائل اجلهادية السلفية من جهة‪،‬‬ ‫ولتحقيق تقدم ملموس يرغم النظام على اجللوس إىل طاولة‬ ‫املفاوضات‪ ،‬وهو ما عجزت عن إحرازه كافة احملاوالت‬ ‫السابقة‪ ،‬وما يبدو أن روسيا نفسها عاجزة عن إقناع النظام به‪.‬‬ ‫يقود هذا التيار منذ مدة جون كريي وزير خارجية‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية ومسؤول كبري يف وزارة اخلارجية‬ ‫السعودية‪ ،‬اليت بدأت متيل إىل هذا الرأي رغم نربهتا‬ ‫العالية خبصوص تسليح الثوار‪ ،‬خاصة بعد فشل احملاوالت‬ ‫القطرية لالستئثار بقرار املعارضة السورية‪ ،‬والذي متثل‬ ‫يف اآلونة األخرية بانتخاب هيتو كرئيس للوزراء‪ ،‬بالضد‬ ‫من رغبة السعودية اليت كانت تفضل أسعد مصطفى‪.‬‬ ‫لقد كان احلاضر األبرز يف الوفد السوري الذي حضر‬ ‫اجتماع أصدقاء سورية اللواء سليم ادريس رئيس هيئة‬ ‫أركان اجليش احلر‪ ،‬والذي قيل أنه مت استدعاؤه أكثر من‬ ‫مرة إىل االجتماع املغلق لوفود الدول اإلحدى عشر اليت‬ ‫حضرت املؤمتر‪ ،‬للتشاور معه يف بعض النواحي التقنية‪.‬‬ ‫يقول مطلعون إن «اخلطة العسكرية اليت بدأ تنفيذ أجزاء‬ ‫منها‪ ،‬تقوم على حشد عناصر مدربة باجتاه دمشق من‬ ‫عدة حماور‪ ،‬من مشال البالد وجنوهبا‪ ،‬حىت تصل إىل‬ ‫مشارف دمشق‪ ،‬تبدأ بعدها عملية الضغط السياسي‬ ‫على النظام حتت التهديد باجتياح هذا القوات للعاصمة‪،‬‬ ‫وإسقاط النظام عسكرياً فيما لو أصر على تعنته‪.‬‬ ‫أما يف حال رضوخه للمفاوضات يف أي مرحلة من املراحل‬ ‫فإن العملية السياسية املقرتحة‪ ،‬وهي اليت مت التوافق عليها‬ ‫بني الواليات املتحدة األمريكية وروسيا يف (جنيف‪،)2‬‬ ‫فجوهرها هو املادة التاسعة‪ ،‬البند األول‪ ،‬الذي يقول بقيام‬ ‫حكومة انتقالية بني املعارضة والنظام‪ ،‬يتم اختيار أعضائها‬ ‫برتاضي الطرفني‪ ،‬ومتتلك صالحيات تنفيذية كاملة للعبور‬ ‫بالبالد إىل مرحلة نقل السلطة‪ ،‬وإجراء انتخابات عامة‪.‬‬ ‫أما فيما خيص تنحي رأس النظام ودائرته الضيقة فإن‬ ‫الروس يقولون إن من حق املعارضة وفق البند املذكور‬

‫رفض اشرتاكهم يف احلكومة املقرتحة‪ ،‬أما املصري‬ ‫النهائي لبشار األسد وفريقه‪ ،‬فإن روسيا تصر أن‬ ‫يكون جزء من صيغة احلل الذي ستخرج به احلكومة‬ ‫االنتقالية جململ الوضع يف سورية‪ ،‬وليس قبل ذلك»‪.‬‬

‫قوهتما‪ ،‬ومل ترتدد روسيا يف اإلعالن عن توجه إحدى‬ ‫سفنها احلربية إىل ميناء طرطوس‪ ،‬فيما تتواىل األنباء‬ ‫عن دفع املزيد من مقاتلي حزب اهلل اللبناين إىل داخل‬ ‫سورية‪ ،‬مع إمداد إيراين بالسالح واخلرباء ورمبا اجلنود‪.‬‬

‫تربر روسيا موقفها املتصلب هذا‪ ،‬باخلوف من حدوث جمازر‬ ‫انتقامية واسعة حبق العلويني يف حال سقوط النظام عسكرياً‪،‬‬ ‫وتربر الواليات املتحدة هذا موقفها خبشيتها من ذهاب‬ ‫سورية إىل فوضى شاملة‪ ،‬وحتوهلا إىل بؤرة لتصدير اإلرهاب‬ ‫الديين‪ ،‬فيما لو جنحت الفصائل اجلهادية بإسقاط النظام‪.‬‬

‫أما النظام فهو حياول أن يستبق هذه اخلطة بالقيام‬ ‫بضربات استباقية واسعة يف اجلنوب ويف الشمال‪،‬‬ ‫حيث احملورين األساسيني الذين سيتم العمل عليهما‪،‬‬ ‫مع إمهال نسيب حملور الشرق أو إشغاله بصراعات‬ ‫داخلية قدر اإلمكان‪ ،‬من خالل اخلروقات األمنية‪.‬‬

‫ومع أن مصاحل هاتني الدولتني تقبعان بقوة وراء‬ ‫هذا املخطط‪ ،‬إال أن بعض املطلعني يقولون إن من‬ ‫أملى هذه اخلطة مها بالدرجة األوىل إيران وإسرائيل‪.‬‬

‫لكن املفاجآت أيضاً واردة والقضية مفتوحة على‬ ‫كافة االحتماالت‪ ،‬فال أحد يستطيع التكهن برد فعل‬ ‫الفصائل اجلهادية اإلسالمية على حماوالت حتييدها‪ ،‬وال‬ ‫أحد يستطيع أيضاً التكهن مبا ميكن أن يسفر عنه موسم‬ ‫االنتخابات يف إيران الذي حيل الشهر القادم‪ ،‬فاالحتمال‬ ‫قائم من الناحية النظرية حلدوث اضطراب يشبه االضطراب‬ ‫الذي أعقب انتخابات الرئاسية يف عام ‪ ،2006‬ورمبا‬ ‫تفرز االنتخابات حبد ذاهتا قيادة وتوجهات جديدة‪.‬‬

‫ال تريد إيران أن ختسر واسطة عقد مشروعها التوسعي‬ ‫يف املنطقة‪ ،‬وهو النظام السوري‪ ،‬وال تريد إسرائيل‬ ‫قلقاً على جبهتها الشمالية اليت ضمنها نظام األسد‬ ‫عقوداً‪ ،‬ولكن مبا أن كليهما غري قادرتني على حتقيق‬ ‫ذلك‪ ،‬فإن إجياد صيغة هشة جتمع جزءاً من النظام‪،‬‬ ‫مع املعارضة غري اجلهادية‪ ،‬تليب بعض تطلعاهتما‪.‬‬

‫ال ختفى هذه اخلطة على أجهزة استخبارات النظامني‬ ‫الروسي واإليراين‪ ،‬الذين اختارا على ما يبدو الوقوف‬ ‫إىل جانب النظام يف هذا االختبار الصعب بكل‬

‫يف هذه األثناء ستصبح املعارضة السياسية السورية‬ ‫يف اخلارج يف أسوأ حاالهتا‪ ،‬إذ سينتقل زمام األمور من‬ ‫يدها إىل يد العسكر يف الداخل‪ ،‬الذين يصبحون‬ ‫شيئاً فشيئاً حمط اهتمام معظم األطراف‪ ،‬ويبدو أن‬ ‫مشاريعها احلالية ومساعيها كافة ستصاب بفتور واضح‪،‬‬ ‫إىل حني االنتهاء من العملية العسكرية‪ ،‬أما احلكومة‬ ‫املؤقتة فيبدو أهنا انتهت عملياً‪ ،‬وبانتظار نعيها رمسياً‪.‬‬

‫‪ 23‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السابع عرش‬

‫‪3‬‬


‫سوريون‬ ‫من طالبي علم إىل معيلني لعائلة‬

‫خالد وأحمد يبيعان املالبس يف دير الزور ويفضالن التجارة عىل املدرسة‬ ‫غيث األحمد‬ ‫مل تعد األحياء املدمرة يف دير الزور ليست ذات فائدة‪،‬‬ ‫فأمحد وخالد استطاعا من اخلردة املوجودة فيها صناعة «عربة‬ ‫املالبس» اليت باتت تشكل مورد الرزق الوحيد لعائلتهما‪،‬‬ ‫بعد إصابة والدمها بقذيفة وتوليهما مهمة إعالة العائلة‪.‬‬ ‫يستيقظ أمحد (‪ 15‬عام) وخالد (‪13‬عام) يف ساعات‬ ‫الصباح األوىل عندما يبدأ الناس باخلروج من منازهلم‬ ‫لشراء مستلزماهتم‪ ،‬متوجهني إىل مكان عملهما يف أحد‬ ‫شوارع دير الزور اليت يسيطر عليها عناصر اجليش احلر‪.‬‬ ‫كان ذلك املكان سوقاً جتارياً حيوياً يف املدينة إال‬ ‫أنه اآلن ال حيوي أكثر من مخسة حمالت لبيع املواد‬ ‫الغذائية والباقي مغلق حيث غادره أصحابه‪ ،‬فاختذ‬ ‫خالد وأمحد إحدى الزوايا مقراً لعربتهما معلقني البضائع‬ ‫عليها‪ ،‬وعلى بعض األشرطة املوجودة يف الشارع‪.‬‬ ‫انقطع أمحد عن مدرسته يف الشهر اخلامس من عام‬ ‫‪ 2012‬مع انتهاء العام الدراسي املنصرم‪ ،‬بسبب القصف‬ ‫املتواصل على أحياء مدينة دير الزور حيث دمرت‬ ‫مدرسته‪ ،‬كما أن أباه خسر عمله يف أحد املطاعم‪،‬‬ ‫ومن مث أصابته إحدى القذائف‪ ،‬فبات غري قادر على‬ ‫العمل‪ ،‬فانتقلت مهمة إعالة األسرة إىل خالد وأمحد‪.‬‬ ‫وأشار أمحد أن املناطق احملررة ال يوجد فيها حمالت لبيع‬ ‫األلبسة اجلاهزة‪ ،‬ومع حلول شتاء العام املاضي ونظراً لعدم‬

‫زبائن أمام‬ ‫عربة خالد وأحمد‬

‫‪4‬‬

‫‪ 23‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السابع عرش‬

‫وجود حمالت لأللبسة اجلاهزة يف املناطق احملررة مل يستطع كما باقي السلع األخرى‪ ،‬إضافة إىل أن الكثري من الناس‬ ‫األهايل شراء لباس يقيهم من الربد‪ ،‬ولذلك قرر أمحد يفضلون الشراء من بضائعنا على اخلروج إىل مدن أخرى‪،‬‬ ‫وخالد يف بداية املوسم اجلديد السفر إىل احلسكة وجلب وبذلك يوفرون على أنفسهم مشقة السفر وخطورة الطريق»‪.‬‬ ‫بضاعة بسيطة من األلبسة الرجالية اجلاهزة كـ «القبعات‬ ‫والبنطلونات والكنزات» باإلضافة إىل «بيجامات» مل يعد أمحد وخالد يكرتثان بالقصف إذ أنه سيطاهلما أينما‬ ‫الرياضة برأس مال ال يتجاوز الـ ‪ 25‬ألف لرية سورية‪ .‬وجدا‪ ،‬حبسب قوهلما‪ ،‬كما أهنما مضطران للعمل من أجل‬ ‫العيش‪ ،‬ودون ذلك فإن «العائلة ستموت من اجلوع»‪.‬‬ ‫وتشهد «بسطة» خالد وأمحد إقباالً من قبل السكان والسبب‬ ‫كما يقول خالد «ألن بضاعتنا رخيصة وليست باهظة الثمن ويعترب خالد أن صغر سنه ال يقف عائقاً أمام تعلم املصلحة‬ ‫ومجيع أسرارها وخفاياها اليت مل يسبق له العمل هبا أو بأي عمل‬ ‫أخر‪ ،‬ويؤكد األخوان أهنما يودان إكمال عملهما وتطويره‬ ‫وال يرغبان بالعودة إىل مقاعد الدراسة إلكمال حتصيلهما‬ ‫العلمي‪ ،‬حيث أن «التجارة هي املستقبل األفضل»‪.‬‬ ‫بدوره‪ ،‬ومن خالل مشاهداته‪ ،‬يرى الناشط سائد‪ ،‬أحد‬ ‫أبناء دير الزور‪ ،‬أن النظام سرق الطفولة من مجيع أطفال‬ ‫املدينة بعد قصف املدارس واألحياء واحلدائق‪ ،‬فلم يعد‬ ‫هناك مرافق عامة تتيح هلم التسلية أو مؤسسات تعليمية‬ ‫تنمي معارفهم ومهاراهتم‪ ،‬فحملوا على عاتقهم أعباء احلياة‬ ‫الصعبة بسن صغرية‪ ،‬جعلت تصرفاهتم كالرجال‪ ،‬موضحاً‬ ‫أن أطفال دير الزور منهم من يعمل ليطعم أهله‪ ،‬ومنهم‬ ‫من يبحث عن تأمني أساسيات احلياة حني فقداهنا بسبب‬ ‫القصف كاملاء واخلبز‪ ،‬والبعض يساعد اجليش احلر يف نقل‬ ‫العتاد والذخرية‪ ،‬ومنهم من محل السالح واخنرط ضمن‬ ‫صفوفه‪ ،‬وبذلك فإن جيالً كامالً مت قتل طفولته وحرم من‬ ‫حقه يف التعليم‪ ،‬مما جيعل املهام امللقاة على عاتق املسؤولني‬ ‫يف املستقبل كبرية وصعبة‪ ،‬وحتتاج جلهود جبارة من أجل‬ ‫إعادة تأهيل هذا اجليل إن أريد النهوض بسورية من جديد‪.‬‬


‫رأي‬

‫«املخابرات أساس الحكم»‬ ‫شكلت احملاوالت االنقالبية الفاشلة فرصة حلافظ الرشاوي اليت يتلقوهنا‪ ،‬وهذا ما فتح الطريق لبعضهم‬ ‫األسد‪ ،‬لكسب مزيد من الوالءات لصاحله‪ ،‬ولتشكيل لالنضمام إىل دائرة صنع وتنفيذ القرار الضيقة يف البالد‪.‬‬ ‫فرق عسكرية خاصة حلمايته واحلفاظ على النظام‪،‬‬ ‫من سرايا الدفاع بقيادة رفعت األسد وحىت احلرس املكون البشري الرئيسي واملؤثر يف أجهزة األمن هم من‬ ‫اجلمهوري والفرقة الرابعة حتت قيادة ماهر األسد‪ .‬الطائفة العلوية‪ ،‬ويعترب الكثري من أبناء الطائفة أنفسهم‬ ‫أعواناً للنظام يف أماكن تواجدهم‪ ،‬ويقومون بإخبار‬ ‫بالتوازي مع سيطرته على اجليش وحتويله لصاحله‪ ،‬جلأ األسد السلطات عن أي شبهة ضد النظام‪ ،‬وإذا أضيف إىل ذلك‬ ‫لعامل جديد مل يكن ظاهراً أو معموالً به يف البالد هبذا كتبة التقارير املأجورون واملتعاملون اآلخرون واملندوبون‬ ‫الشكل سابقاً‪ ،‬وهو اللجوء لسطوة أجهزة األمن وهيمنتها ألجهزة األمن‪ ،‬فيظهر أن ألجهزة األمن عيناً وأذناً يف‬ ‫على مقدرات الدولة وإخضاع املواطنني حتت سيطرهتا‪ .‬كل مكان‪ ،‬مبا يف ذلك غرف النوم كما أصبح يقال‪.‬‬ ‫أجهزة األمن جبد ذاهتا مل تكن شيئاً غريباً أو غري مألوف‬ ‫يف حياة السوريني‪ ،‬واملكتب الثاين وعبد احلميد السراج‬ ‫موجود باستمرار يف األدبيات السياسية على سبيل املثال‪،‬‬ ‫ولكن الغريب هو األسلوب الذي مت اعتماده يف إدارة أجهزة‬ ‫األمن‪ ،‬ومدى توسعها وتعدد أجهزهتا ومساحة انتشارها‪.‬‬

‫من الشائع أن يقال‪« :‬العدل أساس امللك»‪،‬‬ ‫لكن النظام السوري أوجد استثناءاً خاصاً به‬ ‫عندما شاع القول إ ّن «املخابرات أساس احلكم»‪.‬‬ ‫حافظت أجهزة املخابرات بالتعاون مع وسائل السيطرة‬ ‫األخرى على صمت الناس‪ ،‬وضمنت قبوهلا ورضاها‬ ‫ولو القسري حبكم عائلة األسد ملدة جتاوزت األربعة‬ ‫عقود‪ ،‬رغم أن ذلك مت باحلديد والنار‪ ،‬وليس عرب‬ ‫حكم رشيد يضمن مصاحل الناس وحقوقهم وحرياهتم‪.‬‬ ‫باتت سورية حتت حكم آل األسد تعرف جبمهورية‬ ‫اخلوف‪ ،‬وأصبح النظام مدرسة لألنظمة األخرى‬ ‫يف أساليب القمع واالستبداد اليت تنتج صمتاً أشبه‬ ‫بصمت القبور‪ ،‬ويطلق النظام عليه استقراراً سياسياً‪.‬‬ ‫بعد االستقالل ظهر اجليش السوري كالعب أساسي يف‬ ‫الساحة السياسية السورية‪ ،‬وبدأ ذلك مع انقالب حسين‬ ‫الزعيم عام ‪ ،1949‬وتكررت االنقالبات وحالة عدم االستقرار‬ ‫السياسي منذ ذلك الوقت‪ ،‬ومل تشهد البالد حالة دميقراطية‬ ‫برملانية حقيقية سوى يف الفرتة بني عامي ‪1954‬و‪1958‬‬ ‫ليأيت انقالب آذار ‪ 1963‬فقضى على كل أمل بعودة احلياة‬ ‫السياسية للبالد‪ ،‬مع إعالن قانون الطوارئ‪ ،‬وأصبحت‬ ‫البالد حتت السيطرة العسكرية الكاملة منذ ذلك الوقت‪.‬‬ ‫حدثت صراعات وتصفيات بني أعضاء اللجنة العسكرية‬ ‫السرية ومعظمهم من الطائفة العلوية‪ ،‬وانتهت أخرياً‬ ‫لصاحل حافظ األسد على حساب حممد عمران وصالح‬ ‫جديد‪ ،‬وتكرس ذلك يف انقالب تشرين الثاين عام‬ ‫‪ 1970‬الذي متت تسميته بـ «احلركة التصحيحية»‪.‬‬ ‫فور استالم حافظ األسد ملقاليد احلكم عمد إىل تغيري مفاتيح‬ ‫اللعبة السياسية يف البالد‪ ،‬وكان أول ما قام به إجراء عملية‬ ‫تصفية وتطهري يف صفوف الضباط املشكوك بوالئهم وتبعيتهم‬ ‫له‪ ،‬واستفاد من جتربته الواسعة ضمن اللجنة العسكرية‪،‬‬ ‫وعملية االنقالبات املتكررة يف البالد‪ ،‬فعمد إىل حتويل اجليش‬ ‫إىل تابع له‪ ،‬وغري عقيدته العسكرية على هذا األساس‪.‬‬

‫أعطيت أجهزة األمن صالحيات فوق صالحيات‬ ‫اجليش‪ ،‬وذلك عرب تعيني ضباط أمن يف القطع‬ ‫العسكرية يراقبون عمل القيادات العسكرية‪ ،‬ويتدخلون‬ ‫يف شؤوهنا بغض النظر عن الرتب العسكرية‪.‬‬

‫وأصبح جمال تدخل أجهزة األمن يف حياة اجملتمع املدين مباشراً‬ ‫تزايدت أعداد العاملني رمسياً بأجهزة األمن‪ ،‬ووصلت ومزعجاً بدرجة كبرية‪ ،‬وقد أدى لتعطيل فعاليات اجملتمع‬ ‫حلدود أربعة وستني ألف عامل‪ ،‬ناهيك عن جيش كبري املدين ونشاطاته من مجعيات ومؤسسات ونقابات‪ ،‬وكانت‬ ‫من املتطوعني املخربين واملندوبني واملتعاملني وكتبة التقارير‪ .‬األجهزة األمنية هي من يقرر أمساء الناجحني يف االنتخابات‬ ‫املزورة وعدد األصوات اليت ستعطى لكل منهم سلفاً‪.‬‬ ‫أصبح ألجهزة األمن عيون وأذان يف كل مكان‪ ،‬وباتت‬ ‫تشكل مصدر هتديد حقيقي حلياة الناس‪ ،‬واستطاعت ال خيضع عمل أجهزة األمن وال موازناهتا لرقابة السلطات‬ ‫أن حتصي على الناس أنفاسهم‪ ،‬ومتنعهم من انتقاد األخرى‪ ،‬وبالعكس من ذلك فهي تتدخل بتفاصيل أعمال‬ ‫النظام حىت يف غرف نومهم‪ ،‬بعد أن زرعت هذه السلطات األخرى من قضائية وتشريعية وتنفيذية‪ ،‬مما‬ ‫األجهزة حالة عدم الثقة بني أقرب الناس لبعضهم‪ .‬جعل عمل السلطات يف البالد ال يتم دون موافقة ومباركة‬ ‫أجهزة األمن‪ ،‬فتحول عملها إىل صورة منطية شكلية‪.‬‬ ‫أصبحت األجهزة األمنية وفروعها وعناصرها منتشرة على‬ ‫مساحة البالد‪ ،‬وباتت تتدخل يفكل شيء متعلق حبياة الناس‪ ،‬ال حياسب عناصر األمن عن اجلرائم واألفعال اليت يرتكبوهنا‬ ‫وكل شيء مربوط مبوافقتها من عقد الزواج إىل عقد العمل إىل خالل عملهم‪ ،‬وال يسمح بتحويلهم إىل القضاء إال مبوافقة‬ ‫املوافقة على افتتاح صالون للحالقة وباقي تفاصيل احلياة‪ .‬قادهتم‪ ،‬ولذلك مل يتم حماسبة املتهمني بتعذيب أطفال درعا‪،‬‬ ‫وكان ذلك السبب الرئيسي النطالق شرارة الثورة من درعا‪.‬‬ ‫ورغم كثرة عدد أجهزة األمن وفروعها وشعبها من خمابرات‬ ‫جوية وعسكرية وأمن دولة وأمن سياسي‪ ،‬إال أن عملها وقد اعتمد عناصر األمن على ذلك‪ ،‬وقاموا بارتكاب أفظع‬ ‫ونشاطها كان متداخالً‪ ،‬ومل تكن ملتزمة بالنطاق احملدد اجلرائم من قتل واعتقال وتعذيب واغتصاب واختطاف وسرقة‬ ‫لعملها‪ ،‬فكنت ترى املخابرات اجلوية من أكثر وأقوى وهنب ورشوة وإثارة للفتنة بني الناس‪ ،‬واستمروا يف دعمهم‬ ‫الفروع نشاطاً‪ ،‬يف كثري من اجملاالت املتعلقة حبياة املواطنني‪ ،‬للنظام‪ ،‬ومل حتدث سوى انشقاقات حمدودة يف صفوفهم‪.‬‬ ‫وكما يبدو فقد كان يتم تسليم ملفات خاصة وحمددة لفروع‬ ‫األمن من قبل اإلدارات األمنية‪ ،‬ويبدو أن النظام كان يستغل ال ميكن القول بسقوط النظام بكافة مرتكزاته وأركانه دون‬ ‫التشابك بني أعمال اجلهات األمنية حبيث يرتك هلا مراقبة إسقاط النظام األمين برمته‪ ،‬وال ميكن التفكري بإعادة هيكلة‬ ‫بعضها البعض‪ ،‬واحلذر من القيام بأي تصرف ضد النظام‪ .‬لألجهزة األمنية مع بقائها على حاهلا‪ ،‬فهذه األجهزة متغلغلة‬ ‫يف عمق النسيج االجتماعي السوري‪ ،‬وهي قادرة فيما لو‬ ‫ازدادت صالحيات أجهزة األمن مع مرور الوقت وباتت بقيت على إحداث اضطرابات مستمرة يف البالد‪ ،‬وجيب أن‬ ‫تستطيع التدخل يف كل شاردة وواردة من أعمال خمتلف خيضع قادهتا وضباطها وعناصرها اجملرمون للمحاكمة العادلة‪.‬‬ ‫السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية مما شل قدرة‬ ‫هذه السلطات على العمل احلقيقي‪ ،‬وحتول عملها لشكل بكل األحوال فإن أجهزة األمن اليت كانت العامل‬ ‫منطي ال أكثر‪ ،‬وأصبحت هي املسؤولة بصورة مباشرة عن الرئيسي يف تدعيم وتثبيت حكم آل األسد هي نفسها‬ ‫اختيار املسؤولني‪ ،‬وأصحاب املناصب يف الدولة‪ ،‬وميكن كانت السبب بإشعال الثورة‪ ،‬بسبب أخطاء وممارسات‬ ‫أن يكون تقرير أحد مساعدي األمن حامساً يف هذا اجملال‪ .‬قامت هبا ضد املواطنني األبرياء‪ ،‬واآلن مجهورية اخلوف‬ ‫سقطت إىل غري رجعة مع اقرتاب سقوط النظام‪ ،‬ولن‬ ‫ومن خالل صالحياهتم يف إعطاء موافقات أمنية على نقبل سوى بأجهزة أمن وطنية بامتياز تكون حلماية‬ ‫االستثمارات ازداد نفوذ ضباط األمن ورؤساء األجهزة الوطن واملواطن وليس لنهب الوطن وإرهاب املواطن‪.‬‬ ‫بشكل خاص‪ ،‬وأصبح لديهم رأمسال كبري جراء‬

‫‪ 23‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السابع عرش‬

‫‪5‬‬


‫حتقيقات‬ ‫تسعة أشهر من القتال يف حلب‬

‫حسم «معركة الفرقان» ومعاناة األهايل ينتظر تذليل املعوقات‬ ‫حسين الغجر‪ /‬حلب‬ ‫تسعة أشهر مضت على معركة الفرقان يف حلب ومل ير‬ ‫نصرها النور بعد‪ .‬بعض القائمني هبا رفضوا كل ما يقال‬ ‫عن عدم حتقيقهم لنتائج هامة‪ ،‬معتربين أن ما جيري اآلن‬ ‫حرب استنزاف إىل أن حيني موعد احلصول على الدعم‬ ‫بالسالح الالزم‪ ،‬يف وقت وجد ناشطون وسكان أن‬ ‫حرب االستنزاف تلك باتت ترهق الناس الذين يريدون‬ ‫احلسم بأسرع وقت‪ ،‬واخلالص من الظروف املعيشية‬ ‫القاسية اليت يفرضها عليهم الصراع من تعرضهم للقصف‬ ‫املستمر إىل فقدان الكثري من املواد الغذائية والطبية‪.‬‬ ‫منذ أن بدأت معركة الفرقان يف منتصف عام ‪ ،2012‬ميكن‬ ‫ملن يراقب ويعيش يف حلب أن يالحظ تزايد عدد األلوية‬ ‫املقاتلة واليت أصبح عددها يفوق العشرة ألوية‪ ،‬وكل لواء‬ ‫يضم قرابة األربعة آالف مقاتل‪ ،‬فضالً عن تطور نوعي يف‬ ‫نوع السالح الذي بات ميلكه اجليش احلر مقارنة مبا امتلكه‬ ‫يف بداية املعركة‪ ،‬إضافة إىل فرض نوع من شبه احلظر اجلوي‬ ‫على املناطق احملررة اليت باتت تعيق قوات النظام من التقدم‪.‬‬ ‫استنزاف وتكتيك‬ ‫لواء التوحيد‬ ‫اليت دخلت‬ ‫عبد القادر‬ ‫«جسر» من‬

‫يعترب واحداً من أبرز الفصائل العسكرية‬ ‫مدينة حلب‪ ،‬وكان من أهم قياداته‬ ‫الصاحل وهو القائد امليداين‪ ،‬ومتكنت‬ ‫لقاء أبو عبد الرمحن وهو أحد القادة فيه‪.‬‬

‫اعترب أبو عبد الرمحن أن كل من يدعي أن الثوار ال‬ ‫حيرزون تقدماً يف حلب ال يعرف ما يقوم به اجليش‬ ‫احلر فيوضح «حنن نقوم مبعركة استنزاف جنحنا فيها‬ ‫حىت اآلن‪ ،‬فحني بدأت معركة الفرقان كنا نقاتل جنوداً‬ ‫يؤدون اخلدمة اإللزامية‪ ،‬وهذا ما جعل سرعتنا يف التحرير‬ ‫جتري بشكل جيد‪ ،‬ولكن النظام يف مرحلة الحقة‬ ‫عندما شعر خبطر املقاتلني الذين دخلوا حلب‪ ،‬استعان‬ ‫بأعداد كبرية من الشبيحة ومقاتلني من حزب اهلل وإيران‬ ‫والعراق‪ ،‬فيهم ضباط ذوي خربة ومهارة عالية جداً»‪.‬‬ ‫ويتابع «وكذلك حني استباح جيش النظام مدينة حلب‬ ‫ووضعها حتت نار طائراته ومدافعه الثقيلة بدأنا بالعمل‬ ‫على مراكز النظام العسكرية‪ ،‬رغم أننا مل حنصل على أي‬ ‫دعم بالسالح وهو ما كان سيؤثر على سرعة التحرير‪،‬‬ ‫وبالتايل يقلل من الدمار واملوت‪ ،‬فانتقلنا إىل حترير عدد‬ ‫من كتائب الدفاع اجلوي شرق حلب‪ ،‬وحماصرة كل‬ ‫املطارات العسكرية‪ ،‬وآخر ما قمنا به هو حترير مدرسة‬ ‫املشاة اليت كان النظام يعتمد عليها بشكل كبري‪ ،‬وكذلك‬ ‫حنن نقطع خطوط اإلمداد اآلن‪ ،‬وعلينا أن نسأل لكل‬ ‫من يقول أننا مل حنقق شئ‪ ،‬ماذا اسرتد النظام من املناطق‬

‫‪6‬‬

‫‪ 23‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السابع عرش‬

‫اليت حررناها؟ ال شيء‪ ،‬حنن حنتاج إىل دعم بالسالح‬ ‫كالصواريخ احلرارية ومضادات الدروع لنستطيع تدمري‬ ‫وإهناء القوة اجلوية أو اعرتاض صواريخ السكود اليت‬ ‫نقصف هبا‪ ،‬فاعتمادنا الرئيسي على ما نغنمه‪ ،‬ويف بعض‬ ‫األحيان نعتمد على شراء السالح من السوق السوداء»‪.‬‬ ‫«التوحيد والسكان واحد»‬ ‫ومل يكتف لواء التوحيد بأداء مهامه العسكرية‪ ،‬فقد‬ ‫بدأ بوضع قواعد وخطط إلقامة مؤسسات تدعمه‬ ‫من الناحية االقتصادية فيقول أبو عبد الرمحن « قمنا‬ ‫بتأسيس مؤسسة التوحيد للكهرباء وبعض اجلمعيات‬ ‫اخلريية واالجتماعية‪ ،‬ونتواصل باستمرار مع جتمعات‬ ‫اجملتمع املدين‪ ،‬وحناول التنسيق مع اجلميع قدر اإلمكان»‪.‬‬ ‫ومل يرق احلديث ألبو عبد الرمحن عن القاعدة الشعبية‪،‬‬ ‫وفيما إذا كانت ال تزال تؤيد اجليش احلر يف املناطق احملررة؟‬ ‫فيقول «حنن لسنا غرباء حىت نتكلم يف القاعدة الشعبية‬ ‫ونسبتها وهل ما زالت تقف إىل صفنا‪ ،‬فنحن أبناء املناطق‬ ‫احملررة حررنا أرضنا بأنفسنا‪ ،‬وعندما قمنا بثورتنا لتحرير‬ ‫سورية كان هدفنا محاية اإلنسان املدين بغض النظر عن‬ ‫انتمائه وفكره‪ ،‬وحنن ندرك أن الظروف اخلدمية صعبة هنا‬ ‫ألن النظام دمر معظم البنية التحتية من أفران وخزانات‬ ‫املياه وحموالت الكهرباء‪ ،‬ولكن حبمداهلل قمنا بدعم كل‬ ‫جتمع أو جملس حي يعمل على إصالح هذه البنية‪ ،‬وجنحنا‬ ‫بشكل كبري‪ ،‬ففي املناطق احملررة يتوفر اخلبز أكثر من‬ ‫املناطق اخلاضعة للنظام‪ ،‬فضالً عن توفر املراكز الصحية»‪.‬‬

‫من حي الصاخور‬

‫عن معركة الفرقان‬ ‫قام النظام بتقطيع أوصال حلب‪ ،‬وعزز من وجود احلواجز‬ ‫داخلها وعلى مداخلها‪ ،‬وبينما كان جيمع قواته إلعادة‬ ‫اقتحام الريف الشمايل للمدينة‪ ،‬حدث ما مل يكن‬ ‫حبسبانه‪ ،‬عندما أعلن اجليش احلر معركة احلسم‪ ،‬ومسيت‬ ‫مبعركة الفرقان‪ ،‬وذلك يف صباح يوم السبت ‪2012/2/21‬‬ ‫حيث دخلت بعض الكتائب مدينة حلب‪ ،‬وق ّدر أعداد‬ ‫أفرادها باملئات‪ ،‬الذين متكنوا خالل ما يقارب اخلمسة‬ ‫عشر يوماً من فرض سيطرهتم على ‪ %50‬من مدينة حلب‪.‬‬

‫«النظام يدير المعركة»‬ ‫أما سامر وهو ناشط من حلب كان له وجهة نظر مغايرة‪،‬‬ ‫إذ يعتقد أن النظام يتقن إدارة املعركة يف حلب‪ ،‬ويستغل‬ ‫نقاط الضعف لدى اجليش احلر فيقول «لقد استطاع النظام‬ ‫أن يطيل أمد املعركة‪ ،‬وهو من قدم الكثري من املناطق‬ ‫للجيش احلر دون عناء يذكر ألن تلك املناطق ال تعين له‬ ‫شئ‪ ،‬فمعظمها مناطق شعبية وفقرية‪ ،‬وغالبيتها ال حتوي‬ ‫مؤسسات ومراكز هتم النظام يف هذه املرحلة فلم يتمسك‬ ‫هبا‪ ،‬وبنفس الوقت عزز من دفاعاته يف املناطق احلساسة‬ ‫من املدينة من فروع أمن ومؤسسات‪ ،‬وأخطر ما فعله‬ ‫النظام‪ ،‬هو عدم املقاومة يف املنطقة الصناعية وانسحابه‬ ‫منها‪ ،‬وقصفه هلا بعد ذلك موجهاً رسالة‪ ،‬لكل املناطق‬ ‫اليت كانت حتت سيطرته‪ ،‬أنه لن يسامح أو يرتك منطقة‬ ‫يدخلها اجليش احلر اآلن إال ويدمرها‪ ،‬وقوة الرسالة تأيت‬ ‫من خالل ضربه للمنطقة الصناعية اليت كانت لفرتة طويلة‬ ‫مصدر التمويل الرئيسي يف حلب للشبيحة‪ ,‬وال خنفي قلة‬ ‫خربة اجليش احلر‪ ،‬فضالً عن طول مدة املعركة األمر الذي‬ ‫قلل من مهة املقاتلني‪ ،‬وإذا استمرت األمور على هذا النحو‬ ‫برأيي فإن معركة احلسم حتتاج إىل سنة أخرى ورمبا أكثر»‪.‬‬ ‫عوامل أخرى تؤخر الحسم‬ ‫بدوره‪ ،‬يرى جهاد وهو عضو مبجلس أحد أحياء حلب‬ ‫أن تأخري النصر ليس بسبب قوة النظام وإمنا لعدم وجود‬ ‫رغبة دولية بإهناء ما جيري يف سورية فيقول «لقد استبشرنا‬ ‫خرياً يف بداية معركة التحرير‪ ،‬ولكن ما حدث كان غري ما‬ ‫كنا نتصور لقد تأخر النصر وهو ما زاد يف معاناة الناس‪،‬‬ ‫وباعتقادي أن أهم أسباب تأخر النصر وحسم املعركة‪،‬‬ ‫هو عدم وجود رغبة دولية بإهناء ما جيري يف سورية‪،‬‬ ‫فالنظام ضرب مناطقنا بالسكود والعامل مل حيرك ساكناً»‪.‬‬ ‫وأشار جهاد إىل عوامل أخرى تؤخر احلسم‪ ،‬ومنها فساد‬ ‫عناصر من اجليش احلر الذي أصبح يضم يف صفوفه الكثري‬ ‫من املتسلقني‪ ،‬والذين أعجبهم ما هم عليه من سلطة يتمتعون‬ ‫هبا‪ ،‬إضافةً إىل عدم قدرته حىت اآلن على تنظيم صفوفه بشكل‬ ‫يكون نواة جليش حقيقي‪ ،‬فمعظم اجملموعات ال تنسق فيما‬ ‫بينها‪ ،‬فضالً عن أن باب التطوع مفتوح لكل من أراد‪ ،‬وهذا‬ ‫ما تسبب يف خروقات أمنية وتسريب معلومات للنظام‪.‬‬ ‫ومحّل جهاد مسؤولية ذلك لكل الضباط املنشقني الذين تركوا‬ ‫إدارة األمور لرجال تطوعوا لـ «رد النظام عن ظلمه»‪ ،‬ومهما‬ ‫بلغت قوهتم‪ ،‬فهم ال ميلكون اخلربة العسكرية املطلوبة‪ ،‬مطالباً‬ ‫إياهم أخذ أماكنهم احلقيقية على اجلبهات وبني املقاتلني‪.‬‬


‫تقارير‬ ‫بعد التحرير‬

‫جدران شوارع الرقة تخلع عن نفسها «شعارات متجيد األسد» لـ «تتنفس حرية»‬ ‫حممود الدرويش‪ /‬الرقة‬ ‫بأدوات الرسم البسيطة والطالء العادي‪ ،‬قرر شبان‬ ‫«رقّاويون» تغيري لون احلياة يف مدينتهم احملررة‪،‬‬ ‫فجدراهنا مل تصطبغ لعقود إال بلون واحد‪ ،‬هو متجيد‬ ‫«القائد»‪ ،‬وآن األوان‪ ،‬حبسبهم‪ ،‬ليأيت دور التغين‬ ‫بالوطن‪ ،‬سورية‪ ،‬وتزيني اجلدران بعبارات الثورة‪.‬‬ ‫«شوارعنا تتنفس حرية» اسم أطلقه «جتمع شباب الرقة احلر»‬ ‫على محلتهم اجلديدة لتزيني الشوارع والرسم على اجلداران‬ ‫بعد التحرير‪ ،‬لـ «تتناسب مع املرحلة اجلديدة اليت تعيشها‬ ‫املدينة» ‪ ،‬حبسب الدكتور أمحد العلي أحد مؤسسي التجمع‪.‬‬ ‫أطلقت احلملة يف عدة شوارع‪ ،‬حيث مت رسم جمموعة‬ ‫من الرسوم يف شارع احملافظة وشارع الكنيسة‪ ،‬وقام‬ ‫شبان التجمع أيضاً برسم علم الثورة على أعمدة اإلنارة‪.‬‬ ‫دون دعم مادي وبإمكاناهتم الفردية وبعض‬ ‫التربعات متكنوا من متويل احلملة‪ ،‬فاستخدموا‬ ‫الطالء العادي وأدوات بسيطة كالريشة والفرشاة‪.‬‬ ‫ومل يتوقف احلراك هنا‪ ،‬فبالتزامن مع تلك احلملة أطلقت‬ ‫«تنسيقية شباب الرقة» محلة أخرى بعنوان «علم الثورة ميثلين»‬ ‫لرسم علم الثورة على اجلدران وكتابة عبارات تتغىن باحلرية‪.‬‬ ‫يقول معاذ اهلويدي‪ ،‬عضو يف التنسيقية‪ ،‬إن «هذه احلملة‬ ‫كانت مطروحة قبل التحرير‪ ،‬ولكن واجهتنا صعوبات‬ ‫كبرية جتسدت بوجود األمن وميليشيات اجليش الوطين‪،‬‬

‫فأطلقناها بعد التحرير‪ ،‬كون جدران املدينة تشوهت كثرياً‪،‬‬ ‫وأصبح مظهرها ال يقدم منوذجاً مجيالً للمدينة احملررة‪،‬‬ ‫فجاءت هذه احلملة لكي يزين علم الثورة جدران املدينة»‪.‬‬ ‫ويتابع اهلويدي «لقد اخرتنا عبارات تعرب عن احلرية‬ ‫مكتوبة على علم الثورة إلضفاء روح الثورة على اجلدران‬ ‫اليت تعطي انطباعاً جيداً لكل من يزورنا‪ ،‬وهناك عبارات‬ ‫تعكس غىن مكونات الشعب السوري وتعدد ثقافاته»‪.‬‬ ‫ويشارك يف احلملة جمموعة من الفنانني من أبناء‬ ‫املدينة‪ ،‬وتعتمد على التربعات اليت مجعت‪،‬‬ ‫وعلى التعاون أيضاً مع جلان التنسيق احمللية‪.‬‬ ‫ويؤكد الدكتور أمحد العلي أن محلة «شوارعنا تتنفس حرية»‬ ‫ليست الوحيدة اليت أطلقت‪ ،‬فسبقتها محلة توعية مرورية‬ ‫حيث وزعت مناشري على السائقني وعناصر اجليش احلر‬ ‫للتقيد بقواعد السالمة‪ ،‬وأطلقت محلة بالتعاون مع اهلالل‬ ‫األمحر لتدريب مسعفني من شباب التجمع حىت يكونوا‬ ‫جاهزين يف حال لزم األمر‪ ،‬حيث أن مدينة الرقة تعاين اآلن‬ ‫من نقص املسعفني‪ ،‬ورغم وجود جملس حملي ملدينة الرقة إال‬ ‫أنه مازال شباهنا يقومون بتنظيف شوارعهم‪ ،‬بشكل طوعي‪.‬‬ ‫مشاريع خدميةكثرية ورغبة يف النهوض باملدينة ميكن أن يلمسها‬ ‫كل من يقابل التجمعات الشبابية يف الرقة‪ ،‬الذين اعتربوا أن‬ ‫تلك الورش وخاليا النحل اليت تعمل‪ ،‬ال تقوم إال بواجبها‬ ‫مبحبة جتاه املدينة اليت آن األوان أن يقدموا هلا وتقدم هلم‪.‬‬

‫‪ 23‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السابع عرش‬

‫‪7‬‬


‫معتقلونا‬ ‫من ذاكرة املعتقلني‬

‫تعهدات مبتابعة القنوات الرسمية واتهامات بالعمل املسلح يقابلها نشطاء بعمل إغايث‪ -‬إعالمي‬ ‫سارة منصور‬ ‫«ال يوجد مواطن معارض يف الساحل السوري إال وتعرض‬ ‫لتبليغ واحد على األقل من أحد األفرع األمنية» هكذا بدأ‬ ‫الشاب بشار (شاب جامعي‪ ،‬من ريف طرطوس) حديثه‬ ‫قبل أن يباشر بسرد ما جرى معه عند استدعائه ألحد األفرع‬ ‫األمنية‪ ،‬بسبب ما كان يكتبه على موقع «فيس بوك»‪.‬‬ ‫قصة بشار بدأت يف املراحل األوىل من عمر‬ ‫الثورة‪ ،‬عندما تلقى تبليغاً من قبل أحد عناصر‬ ‫األمن يف منزله‪ ،‬ح ّدد فيه وقت وتاريخ املراجعة‪.‬‬ ‫يقول بشار «جاء اليوم املوعود‪ ،‬خرجت من املنزل متوجهاً حنو‬ ‫العريب هو جمرد مؤامرة لتنفيذ خمطط الشرق األوسط اجلديد‬ ‫فرع األمن السياسي‪ ،‬ما أطول املسافة اليت قطعتها‪ ،‬وصلت‬ ‫وضرب املقاومة يف لبنان وإضعاف القيادة السورية املمانعة‬ ‫يف الوقت الذي حددوه‪ ،‬لكن ذلك مل يشفع يل‪ ،‬حيث مت‬ ‫املقاومة للكيان الصهيوين»‪ ،‬متمنني له عدم زيارهتم جمدداً‪.‬‬ ‫إيقايف أمام الباب‪ ،‬بعد أخذ هوييت‪ ،‬ملدة تزيد على الساعتني‬ ‫حتت املطر‪ ،‬كانت نظرات احلراس أقسى من الربد واملطر‪ ،‬تلك الزيارة رمبا جعلت بشار خيفف من نشاطه‬ ‫بعدها أدخلوين إىل غرفة فيها طاوالت وأجهزة كمبيوتر‪ ،‬على موقع «فيس بوك» إال أهنا مل متنعه من‬ ‫تركت وحيداً يف تلك الغرفة ملدة تزيد على الساعة‪ ،‬وبني العمل بشكل سري مع رفاقه على األرض‪.‬‬ ‫الفينة واألخرى كان يتم فتح الباب يرمقين من يفتحه بنظرة‬ ‫خميفة وخيرج دون التفوه حبرف‪ ،‬حىت جاء دور احملقق الذي أما علي (من السلمية‪ ،‬طالب يف املرحلة الثانوية) فلم يتلق‬ ‫سألين إن كنت بشار‪ ،‬فأجبته بنعم‪ ،‬محل بني يديه قرابة املئة أي تبليغ‪ ،‬إمنا وقع يف كمني نصبه له أحد أصدقاءه الذي‬ ‫ورقة وبدأ بالتقليب‪ ،‬بصوته األجش وابتسامته اخلبيثة نظر يعمل كسائق تكسي‪ ،‬حيث استقل علي وصديقه السيارة‪،‬‬ ‫إيل سائالً أنت كتبت يف اليوم الفالين نكتة على صفحتك فقام السائق بتغيري الطريق املقرر التوجه إليه‪ ،‬ذاهباً حنو‬ ‫على أحد مواقع التواصل االجتماعي تسخر هبا ممن خيرجون أحد حواجز اللجان الشعبية‪ ،‬مسلماً علي وصديقه لتلك‬ ‫يف املسريات لتأييد السيد الرئيس؟‪ ،‬أجبته نعم كانت جمرد اللجان‪ ،‬وكان ذلك يف الشهر العاشر من عام ‪.2012‬‬ ‫دعابة‪ ،‬السؤال الثاين‪ :‬لقد كتبت أيضاً معايدة ملعارضي‬ ‫السيد الرئيس على صفحتك يف العيد املاضي‪ ،‬أجبته‪ :‬مل وعن حلظة تسليمهم للحاجز‪ ،‬يقول علي «قام أفراد‬ ‫تكن معايدة للمعارضني كانت معايدة للشعب السوري‪ ،‬مل احلاجز بتكبيلنا وتغطية عيوننا‪ ،‬مث ضربونا ووضعونا‬ ‫تعجبه إجابيت‪ ،‬السؤال الثالث‪ :‬لقد كتبت سابقاً بأنه لو يف (طبون) السيارة اخللفي يف مساحة ضيقة جداً‪،‬‬ ‫تسن لك احلديث على أية وسيلة إعالم غري سورية ستقول وبعد قرابة الساعتني مت وضعنا يف مزرعة على األغلب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الكثري عن النظام‪ ،‬مل استطع اإلنكار حينها فقد كنت وضربونا مرة أخرى وهددونا باإلعدام امليداين‪ ،‬بعدها‬ ‫حتت جمهرهم طوال األيام السابقة‪ ،‬وبعد حمادثة طويلة خرج متت إعادتنا إىل (طبون) السيارة‪ ،‬وتوجهت حنو الطريق‬ ‫احملقق باستنتاجه العظيم‪ :‬إذا أنت تريد إسقاط النظام»‪ .‬العام مسرعة‪ ،‬وكلما أوقفنا حاجز كان عناصره يفتحون‬ ‫ً‬ ‫(الطبون)‪ ،‬ويباشرون بضربنا مث تعاود السيارة مسريها»‪.‬‬ ‫بعد أخذ ورد بني بشار واحملقق طلب منه أن يسجل‬ ‫كل ما يرمي إليه مما يكتبه على موقع التواصل ويتابع «وصلنا إىل بناء كبري غالباً كان خارج املدينة‪،‬‬ ‫االجتماعي‪ ،‬وتوقيعه على ورقة تعهد بشكل إجباري‪ .‬مكثنا فيه ثالثة أيام دون نوم أو طعام‪ ،‬كنا مكبلني إىل‬ ‫اخللف‪ ،‬نسمع أصوات التعذيب على مدار الساعة‪،‬‬ ‫أسرة‪ ،‬لكن مل نتمكن من الصعود إليها‬ ‫يتابع بشار «كان من ألطف شروط التعهد متابعة القنوات وتضم الغرفة ّ‬ ‫السورية‪ ،‬باإلضافة إىل شرط آخر أزعجين وهو التبليغ عن ألن أيدينا كانت مكبلة‪ ،‬ويف الغرفة أيضاً يوجد‬ ‫أي شئ مثري للريبة‪ ،‬هنا أجبت احملقق (روحنا كلنا فدا سورية مرحاض ومن الصعب استخدامه لنفس السبب‪،‬‬ ‫وإذا شفنا شي ابن حرام بدو يأذيها أكيد رح نوقف ضدو) متكنا من فتح صنبور املياه بواسطة أنوفنا فشربنا املاء»‪.‬‬ ‫طبعاً مل يرضى عن هذا اجلواب واكتفى باالمتعاض»‪.‬‬ ‫بدأ التحقيق مع علي وصديقه وكما كل روايات‬ ‫غادر بشار مقر الفرع بعد أن حدثوه مطوالً عن أن «الربيع املعتقلني مت سؤاهلم عن األموال اليت قبضوها من أجل‬

‫‪8‬‬

‫‪ 23‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السابع عرش‬

‫اخلروج يف التظاهرات‪ ،‬وبعد إنكار علي لذلك‪ ،‬ويف‬ ‫اليوم التايل سألوه هذه املرة عن العبوات الناسفة وعن‬ ‫معارفه املنضمني إىل اجليش احلر‪ ،‬وهنا‪ ،‬أنكر أيضاً‬ ‫فقام أربعة عناصر باهلجوم عليه وضربه باألكبال‪.‬‬ ‫يقول علي «سحبوين بعد ذلك من الغرفة‪ ،‬حيث شدين‬ ‫أحد العناصر من شعري وأمرين باجلري‪ ،‬وما إن جريت‬ ‫حىت اصطدمت جبدار ففقدت الوعي مرة أخرى‪،‬‬ ‫ألستيقظ على صراخ صديقي الذي كان حتت التعذيب»‪.‬‬ ‫مل ينته مسلسل التعذيب اليومي إال عندما مت إخبار علي‬ ‫وصديقه أنه سيفرج عنهم بعد تدخل أشخاص مهمني يف‬ ‫القضية‪ ،‬إال أنه فرحتهم مل تكتمل‪ ،‬فقد مت وضعهم مرة أخر‬ ‫يف «طبون» السيارة ذاهتا ونقلوا إىل مقر آخر‪ ،‬علموا فيما بعد‬ ‫أنه فرع لألمن اجلوي‪ ،‬وضعوهم يف غرفة مع ما يقارب األربعني‬ ‫معتقالً يف حني أهنا ال تتسع ألكثر من عشرين شخص‪.‬‬ ‫شهر كامل أمضاه علي وصديقه يف املكان اجلديد مل يتم‬ ‫التحقيق معهم على اإلطالق إال أن ذلك مل يعفيهم من‬ ‫برنامج التعذيب اليومي فيقول علي «كان وقع دعابتهم‬ ‫علينا رهيباً بعدما أخربونا أنه سيخلى سبيلنا‪ ،‬تعرضنا يف املقر‬ ‫اجلديد لكافة أشكال التعذيب‪ ،‬ولقبوين يف تلك الفرتة مبراسل‬ ‫اجلزيرة وأحياناً أورينت ويف أغلب األحيان يب يب سي حسب‬ ‫رغبة السجان‪ ،‬وعندما خرجت علمت أن قنوات النظام‬ ‫بثت خرب إلقاء القبض علينا كوننا مراسلي قناة أورينت»‪.‬‬ ‫خالل إقامة علي وصديقه يف املعتقل تويف أمامهم العديد من‬ ‫املساجني حتت التعذيب‪ ،‬وقبل خروجهما بيومني مت التحقيق‬ ‫معهما‪ ،‬لينقال بعد ذلك إىل السجن املركزي وخيلى سبيلهما‪.‬‬ ‫سبب اعتقال علي كان نشاطه اإلعالمي‪ ،‬إال أنه كان‬ ‫قد اختذ قراره قبيل االعتقال‪ ،‬فلم يؤثر فيه التعذيب‬ ‫وجيعله يرتاجع عن قراره بفضح ممارسات النظام‪ ،‬فهو‬ ‫اآلن ما يزال ميارس دوره الذي اختاره على أكمل وجه‪.‬‬


‫اقتصاد‬

‫املرصف املركزي‬ ‫يطالب وزارات الدولة بتسديد قروضها‬ ‫طالب حاكم مصرف سورية املركزي‪ ،‬أديب ميالة‪،‬‬ ‫احلكومة السورية باإليعاز إىل كل من وزارة االقتصاد واملالية‬ ‫والتجارة الداخلية ومحاية املستهلك‪ ،‬من أجل تسديد ما‬ ‫هو مستحق عليها من قروض جتاه املصرف العقاري‪.‬‬

‫وذكر ميالة‪ ،‬حبسب ما نقلت عنه صحيفة «تشرين»‬ ‫الرمسية‪ ،‬إنه «من املهم الوقوف جدياً على األسباب‬ ‫احلقيقية واجلدوى االقتصادية اليت مت على أساسها استجرار‬ ‫هذه القروض‪ ،‬واليت بلغت حنو تسعة مليارات وستمئة‬ ‫مليون لرية ملصلحة املؤسسة العامة االستهالكية‪ ،‬و‪5.2‬‬ ‫مليار لرية سورية للمؤسسة العامة للخزن والتسويق»‪.‬‬

‫ولفت ميالة إىل أن كالً من املؤسستني املذكورتني عمدتا‬ ‫إىل الطلب من املركزي متديد فرتة استحقاق القروض‬ ‫املمنوحة لدى اقرتاب موعد تسديدها‪ ،‬مشرياً إىل أن‬ ‫مربرات املؤسستني لعدم سداد القرض غري مقنعة‪،‬‬ ‫وليس من اختصاص املصرف املركزي إجياد احللول هلا‪.‬‬ ‫وجاء يف الكتاب الذي أرسله ميالة للحكومة «البد‬ ‫من التدقيق والوقوف جدياً على اجلدوى االقتصادية اليت‬ ‫مت على أساسها طلب القرض‪ ،‬خاصة بعد أن تبني أن‬ ‫قرض مستجر للمؤسسة العامة للخزن والتسويق والذي‬ ‫تبلغ قيمته ‪ 5.2‬مليار لرية سورية‪ ،‬مل يستخدم كما كان‬ ‫مقرراً لشراء مواد متوينية‪ ،‬األمر الذي يتطلب ضرورة حتميل‬ ‫اجلهات املقرتضة لفوائد هذه القروض مع التدقيق على عدم‬ ‫استخدامها للقرض يف أوقاته احملددة وجبداول زمنية لتحقيق‬ ‫املنفعة االقتصادية من استجرار مثل هذه القروض»‪ .‬ويعاين‬ ‫االقتصاد السوري منذ بداية الثورة السورية من تدهور كبري‪،‬‬ ‫حيث فقدت اللرية أكثر من نصف قيمتها‪ ،‬وترتب على ذلك‬ ‫ارتفاع هائل يف أسعار مجيع السلع بغض النظر عن نوعها‪.‬‬

‫‪ 11.5‬مليار لرية خسائر قطاع السياحة يف ريف دمشق وحلب‬ ‫واحرتاق ‪ 5815‬هكتار من غابات سورية منذ عامني‬ ‫قالت وزيرة السياحة هالة الناصر إن «قطاع السياحة‬ ‫هو أكثر القطاعات االقتصادية تضرراً يف البالد‪،‬‬ ‫فبلغ إمجايل خسارة قطاع السياحة يف ريف دمشق‬ ‫وحلب ‪ 5.11‬مليار لرية سورية‪ ،‬الفتة إىل أن ال ميكن‬ ‫حتديد حجم اخلسائر يف بعض املناطق الساخنة»‪.‬‬ ‫وذكر موقع «روسيا اليوم» اإللكرتوين‪ ،‬نقالً عن الناصر‪ ،‬أنه‬ ‫«مت تدمري أكثر من مئة منشأة ريف دمشق‪ ,‬جراء أعمال العنف‬ ‫اليت تشهدها سورية بني اجليش السوري ومقاتلي املعارضة»‪.‬‬ ‫وأضافت الناصر أن «احلكومة السورية عملت على‬ ‫ختفيف خسائر املستثمرين يف قطاع السياحة عرب جدولة‬ ‫القروض وختفيض الرسوم والضرائب بنسبة ‪،%50‬‬ ‫ويف بعض احلاالت إلغاء تلك الضرائب بالكامل»‪.‬‬ ‫وكانت وزارة السياحية أعلنت منذ شهرين أن أعداد السياح‬ ‫اخنفضت من ‪ 3.8‬مليون عام ‪ ،2011‬إىل ‪ 0.6‬مليون‬ ‫خالل عام ‪ ،2012‬حيث قدر االخنفاض بـ ‪ %84‬عن‬ ‫العام املاضي‪ ,‬واخنفضت املداخيل السياحية املسامهة‬

‫الحكومةالسوريةتستورد‬ ‫‪ 500‬طن من الفروج املجمد‬ ‫من إيران عن طريق املقايضة‬

‫وافقت احلكومة السورية ممثلة برئيس وزرائها وائل‬ ‫احللقي على استرياد ‪ 500‬طن من الفروج اجملمد‬ ‫عن طريق املقايضة مع إيران‪ ،‬وكلفت املؤسسة العامة‬ ‫للدواجن بإنزال الكميات املستوردة إىل األسواق احمللية‪.‬‬ ‫وجاء ذلك بناء على طلب وزارة الزراعة واإلصالح‬ ‫الزراعي‪ ،‬حبسب ما ذكرت صحيفة «الثورة» الرمسية‪،‬‬ ‫دون اإلشارة إىل املقابل الذي ستقدمه سورية إىل إيران‪.‬‬ ‫واعترب مدير عام مؤسسة الدواجن‪ ،‬سراج خضر‪ ،‬أن املوافقة‬ ‫على استرياد الفروج اجملمد بطريقة املقايضة هي خطوة حكومية‬ ‫باجتاه دعم وتأمني مادة الفروج يف األسواق احمللية‪ ،‬وخلق‬ ‫حالة من التوازن بني العرض والطلب‪ ،‬وخفض املؤشر السعري‬ ‫للمادة‪ ،‬وجعلها يف متناول أكرب شرحية ممكنة من املواطنني‪.‬‬ ‫وشهدت أسعار البيض والفروج ارتفاعاً كبرياً‪ ،‬فوصل‬ ‫سعر صحن البيض إىل ‪ 350‬لرية‪ ،‬وسعر كيلو الفروج‬ ‫‪ 400‬لرية‪ ،‬وتتأرجح تلك األرقام بشكل مستمر‪.‬‬ ‫وكانت احلكومة أبرمت يف بداية العام احلايل اتفاقيات عديدة‬ ‫مع إيران يف جمال الكهرباء والصحة والغذاء وغري ذلك‪،‬‬ ‫ضمن إطار سياسة احلكومة اجلديدة «النفط مقابل الغذاء»‪.‬‬

‫يف الدخل القومي من حيث اإلقامة والطعام والتسوق‬ ‫والنقل‪ ،‬من ‪ 297‬مليار لرية عام ‪ ،2010‬إىل ‪107‬‬ ‫مليارات عام ‪ ،2011‬وإىل ‪ 17‬مليار عام ‪.2012‬‬ ‫ومن جانب آخر‪ ،‬قال مدير احلراج يف وزارة الزراعة مجال‬ ‫عكاش إن ‪ 5815‬هكتاراً من الغابات مت إحراقه بسبب‬ ‫األحداث اليت تشهدها سورية‪ ،،‬فضالً عن ‪ 1.5‬مليون‬ ‫غرسة تعرضت للتلف يف حلب و‪ 15‬ألف شـجرة صنوبر‪.‬‬ ‫وتقدر القيم املباشرة للحراج يف سورية‪ ،‬واليت تنتج عن‬ ‫قيم خشب الوقود والفحم واخلشب املنزيل والنباتات‬ ‫الطبية والعطرية والكستناء بـ ‪ 5.7‬ماليني يورو سنوياً‪.‬‬ ‫فيما تقدر القيم غري املباشرة واليت تنتج عن قيم مساقط‬ ‫املياه ومكافحة التصحر من اجنراف الرتبة واحملافظة على‬ ‫التنوع احليوي واحتجاز الكربون حوايل ‪ 45‬مليون يورو‪.‬‬ ‫ويتبادل كالً من النظام واملعارضة اهتامات‬ ‫حول املتسبب الرئيسي يف إشعال تلك احلرائق‬ ‫دون أن تظهر أدلة تبني املسبب الرئيسي هلا‪.‬‬

‫‪ 23‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السابع عرش‬

‫‪9‬‬


‫إضاءات‬ ‫بتقدمي اخلدمات الضرورية والرعاية بينما تعزو احلكومة‬ ‫األردنية السبب إىل تقصري الدول املاحنة يف تسديد‬ ‫التزاماهتا‪ ،‬مشرية إىل حتذير املتحدثة باسم منظمة األمم‬ ‫املتحدة للطفولة اليونيسيف «مرييسكي مري كادو» اليت‬ ‫قالت إنه «من دون متويل عاجل لن نتمكن من مواصلة‬ ‫تقدمي الدعم لالجئني يف األردن‪ ،‬إن اجملتمع الدويل‬ ‫واملاحنني كانوا أسخياء للغاية مع اليونيسف يف األردن‪،‬‬ ‫ولكن هذا العام مل يوفر املاحنون سوى ‪ %19‬فقط أي‬ ‫حوايل ‪ 12‬مليون دوالر من إمجايل ‪ 57‬مليون دوالر‬ ‫طلبتها املنظمة يف ندائها اخلاص باألردن»‪.‬‬ ‫األردن ال يحتمل‬

‫مخيم الزعرتي‬

‫وحبسب تصرحيات وزير الصحة األردين عبد اهلل وريكات‪،‬‬ ‫فإن زيادة عدد الالجئني من شأنه إثقال كاهل اململكة‪،‬‬ ‫وذلك لوصول عدد الالجئني إىل نصف مليون الجئ‪ ،‬عدا‬ ‫عن أن فحوصاً خمربية أجريت يف خميم الزعرتي كشفت‬ ‫عن سبع إصابات بنقص املناعة املكتسب (اإليدز)‪ ،‬و‪43‬‬ ‫إصابة مبرض السل النشط و ‪ 39‬إصابة مبرض الكبد الوبائي‪،‬‬ ‫وما يزيد عن ‪ 75‬حالة من اإلصابة بالفشل الكلوي‪،‬‬ ‫املخيم‪ ،‬الذين جتاوز عددهم املئة واألربعني ألف سوري‪ ،‬فضالً عن ستني آخرين يعانون من الثالسيميا إضافة إىل‬ ‫وهو ما يقارب تعداد سكان مدينة درعا قبل بدء الثورة‪ .‬اشتباه وزارة الصحة حباالت عديدة من شلل األطفال‪.‬‬

‫البديل األكرث قسوة عن املوت أو االعتقال‬ ‫محمد العمر‪ /‬درعا‬

‫«مكان مل تستطع اجلّمال أن تعيش فيه سابقاً» هكذا‬ ‫يصف السكان األردنيون منطقة الزعرتي اليت اختارهتا‬ ‫احلكومة األردنية لتكون خميماً لالجئني السوريني‪ ،‬والذي يقع‬ ‫يف منطقة صحراوية مشال األردن‪ ،‬يكثر فيها الغبار وترتفع‬ ‫درجات احلرارة كثرياً‪ ،‬ويكفي القادم إليه بضعة ساعات‬ ‫ليأخذ مالمح الكائنات الصحراوية‪ ،‬ولوهنا الغباري األشعث‪.‬‬ ‫أفضل من الموت‬ ‫يقول موظف يف األمم املتحدة يشرف على خميم‬ ‫الزعرتي «حياة الناس هنا يف املخيم أفضل من املنازل‬ ‫اليت اضطروا لرتكها»‪ ،‬ورمبا قصد املوظف أن يقول‬ ‫إن العيش هنا أفضل من املوت يف بيوهتم‪ ،‬إذ تفيد‬ ‫كل الشهادات الواردة من داخل املخيم بأنه يفتقر إىل‬ ‫أبسط مقومات احلياة‪ ،‬ويدفع سكانه املال للهروب منه‪.‬‬ ‫يروي املهندس بسام الرفاعي لـ «جسر» أنه «يف صباح‬ ‫السابع من آذار املاضي شاءت األقدار أن أكون على البوابة‬ ‫الرئيسية ملخيم الزعرتي‪ ،‬شاهدت بعض الصبية وهم يقومون‬ ‫بتهريب الناس من جحيم املخيم بشكل إفرادي مقابل بضع‬ ‫دنانري‪ ،‬كان أكربهم ال يتجاوز الرابعة عشر من عمره‪ ،‬وهو‬ ‫يتجادل مع أحد زبائنه بصوت عال‪ ،‬مستخدماً ألفاظاً بذيئة‬ ‫وقاسية تناسب قساوة املكان الذي اضطروا للعيش فيه‪ ،‬وهم‬ ‫يلجؤون إىل التسول عندما ال يكون لديهم أعمال مأجورة»‪.‬‬ ‫ومع أن املهندس بسام ال خيفي دهشته من ضخامة املنشآت‬ ‫املقامة يف املخيم من مدارس ومالعب لألطفال ومستشفيات‬ ‫وخزانات باإلضافة إىل حمطة أو حمطتني لتنقية املياه وأعمدة‬ ‫اإلنارة على جانيب الطريق املعبد الذي يقسم املخيم إىل‬ ‫شطرين‪ ،‬إال أنه ال يعترب ذلك كافياً بالنسبة لعدد سكان‬

‫‪10‬‬

‫‪ 23‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السابع عرش‬

‫معاناة بمعاناة‬

‫هجرة معاكسة ‬ ‫رامي احلسني وهو ناشط سوري نازح من مدينة درعا‬ ‫يقول إن «املخيم حيوي حوايل ‪ 140‬ألف سوري‪ ،‬لكن‬ ‫السوريني خيتارون كل يوم مغادرة املكان والعودة يف رحلة‬ ‫حمفوفة باملخاطر‪ ،‬ويفضلون العودة إىل منطقة احلرب يف‬ ‫سورية على البقاء‪ ،‬حيث أصبح خميم الالجئني ميداناً‬ ‫ملعارك بني السوريني ومضيفيهم األردنيني‪ ،‬وهو ما شهدت‬ ‫عليه بعض التظاهرات داخل املخيم اتسمت بالعنف»‪.‬‬

‫ويقول الدكتور خلدون األسود الذي زار املخيم يف شهر‬ ‫آب عام ‪ 2102‬إن «املخيم كان أشبه باملعتقل حىت أننا‬ ‫اضطررنا لتهريب املساعدات العينية إىل داخله»‪ .‬ويضيف‬ ‫«يضم املخيم أعداداًكبرية من النساء واألطفال يفتقرون إىل‬ ‫األغطية ودورات املياه‪ ،‬ويقف الالجئون بالدور لدخوهلا‪،‬‬ ‫والطرق غري معبدة ممايفاقم مشكلة الغبار وحيول املارين‬ ‫إىل أشباح تكسوها الرمال‪ ،‬ويف ظل كل هذه الظروف‬ ‫الصعبة مل يكن هناك سوى مشفى وحيد‪ ،‬وهو املشفى وتربر احلكومة األردنية ذلك‪ ،‬كما يقول رامي بأن «أنصار‬ ‫امليداين املقدم من اململكة املغربية‪ ،‬إن أكثر ما يؤمل هو النظام يتسللون إىل املخيم بغية إثارة املشاكل‪ ،‬وقد قبض‬ ‫أن الالجئني كانوا يعاملون بقسوة من قبل قوات األمن على أحدهم أقدم على حرق عدة خيم نتج عنها وفيات»‪.‬‬ ‫األردين‪ ،‬وهم الذين فروا من قسوة النظام ووحشيته»‪.‬‬ ‫ويشري رامي إىل إحصائية خاصة مبنظمة اليونيسف‬ ‫تقصير المانحين‬ ‫تفيد بأن أعداداً من الالجئني تقدر بـألف‬ ‫الالجئون السوريون يشريون إىل تقصري احلكومة األردنية‬ ‫ومخسمئة شخص يعودون يومياً إىل سورية‪.‬‬


‫عني على العامل‬

‫هل سيغري األكراد‬ ‫السوريون مسار «الحرب‬ ‫األهلية» يف سورية؟*‬

‫كرم زهير الربيع‬ ‫يوم السبت مشينا عرب املزارع اخلضراء اليت تفصل منطقة‬ ‫الشيخ مقصود‪ ،‬هذا احلي ذو الغالبية الكردية‪ ،‬عن باقي‬ ‫األجزاء اليت يسيطر عليها الثوار يف مدينة حلب‪ ،‬وجبانيبكان‬ ‫الثوار حيملون أسلحتهم والذخرية‪ ،‬أما املدنيّون القادمون يف‬ ‫اجلانب الثاين من االوتوسرتاد‪ ،‬فقد كانوا عائالت بأكملها‬ ‫حيملون على ظهورهم قليالً ممّا تب ّقى يف منازهلم‪ ،‬ويركضون‬ ‫عندما يصلون إىل املناطق املفتوحة خوفاً من القنّاصة‪.‬‬ ‫وقالت يل امرأة عجوز «لقد ح ّذرنا النظام قائالً بأنه لدينا‬ ‫عرفت‬ ‫فقط ‪ 24‬ساعة ملغادرة احلي» هذه العجوز اليت ّ‬ ‫نفسها باسم «أم رياض»‪ ،‬أخربتنا حينما كنّا خمتبئني‬ ‫«إنم يف طريقهم لقصف احلي» ‪ .‬حتدثت يف بداية األسبوع مع قادة الكتائب املعارضة‪ ،‬قالوا‬ ‫خلف جدار حجريّن‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫بالقوة»‪.‬‬ ‫مقصود‪،‬‬ ‫الشيخ‬ ‫منطقة‬ ‫ألخذ‬ ‫ون‬ ‫د‬ ‫«مستع‬ ‫م‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫قمة التلّة القريبة من املسجد الرئيسي يف املنطقة‪،‬‬ ‫على ّ‬ ‫املتمردين دخلت يف صداقات و تعاون‪ ،‬ومهما كانت الدوافع‪ ،‬يكون السؤال احلاسم اآلن‪ ،‬والذي‬ ‫الثوار ّ‬ ‫جمموعات من ّ‬ ‫مع مقاتلني أكراد من وحدات الدفاع الشعيب‪ ،‬اجلناح املسلح مل يكن املقاتلون األكراد مستعدين لإلجابة عليه خالل‬ ‫التحول الذي حدث يف‬ ‫ألكرب جتمعكردي وهو حزب االحتاد الدميقراطي (‪ . )PYD‬األيام القليلة املاضية‪ ،‬هل ميثّل ّ‬ ‫تغياً يف‬ ‫تعاطي الـيب كي كي يف منطقة الشيخ مقصود ّ‬ ‫قبل يوم اجلمعة‪ ،‬كانت هذه املنطقة ختضع لسيطرة مقاتلني حتالفات األكراد؟ إذا كانت اإلجابة بنعم‪ ،‬فإ ّن ذلك‬ ‫تطوراً كبرياً يف مسار «احلرب» يف سورية‪.‬‬ ‫أكراد لكنّها كثرياً ما كانت موطئ قدم مليليشات األسد ميكن أن ميثّل ّ‬ ‫أمر له بالغ األثر‬ ‫وعناصر استخباراته‪ ،‬ويف يوم اجلمعة حدث ٌ‬ ‫على مسار «احلرب األهلية يف سورية»‪ ،‬حيث غي األكراد التب ّدل يف حلب حدث بعد أسبوع فقط من إعالن القائد‬ ‫ّ‬ ‫ك ّفة الصراع‪ ،‬وقاموا مبساعدة الثوار على اجتياح منطقة الشيخ الكردي عبداهلل أوجالن من سجنه يف اسطنبول‪ ،‬إيقاف‬ ‫ّ‬ ‫مقصود االسرتاتيجية اليت تقع على تلّة مرتفعة وسط املدينة ‪ .‬إطالق النار بني حزب العمال الكردستاين واحلكومة‬ ‫الرتكيّة‪ ،‬ويعتقد بشكل كبري أن اإلعالن األخري واهلدنة‬ ‫قالت يل ساوشكا أمحد املقاتلة يف صفوف الوحدات ستكون مرحلة أوىل يف صفقة بني أوجالن ورئيس الوزراء‬ ‫الشعبية الكردية «لقد ّاتذنا قرارنا مبساعدة الثوار ليلة الرتكي رجب طيب أردوغانن‪ ،‬واليت من شأهنا أن تضع‬ ‫التمرد الكردي املستمر منذ فرتة طويلة يف تركيّا‪.‬‬ ‫اخلميس» حيث شرحت أنّه قد متّت نقاشات بني ح ّداً ينهي ّ‬ ‫اجملموعات لع ّدة أسابيع‪ ،‬بعد أن توتّرت العالقة مع‬ ‫شن حربه ضد احلكومة الرتكيّة‪،‬‬ ‫قد‬ ‫ا‬ ‫سابق‬ ‫كان‬ ‫أوجالن‬ ‫ً‬ ‫نظام األسد إىل الدرجة اليت جعلته يقصف احلي‪ ،‬ويقوم‬ ‫ّ‬ ‫بالغارات اجلوية الليلية يف بعض األحيان‪ ،‬ويبدو أن ي ّد واليت بدأت عام ‪ ،1984‬من داخل سورية‪ ،‬ويف تلك الفرتة‬ ‫ّ‬ ‫األكراد كانت قد لويت بالقوة من قبل الثوار‪ ،‬حيث استخدمت احلكومة السورية أوجالن ومقاتليه كوسيلة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ضغط على تركيّا‪ ،‬وخاصة‬ ‫يف النزاعات حول املياه‪ ،‬ويف‬ ‫عام ‪ ،1998‬ونتيجة للتقارب‬ ‫السوري الرتكي‪ ،‬أرغمت‬ ‫احلكومة السورية أوجالن على‬ ‫الرحيل‪ ،‬حيث اختطف يف‬ ‫هناية املطاف يف كينيا على‬ ‫يد عمالء املخابرات الرتكيّة‪،‬‬ ‫ومت تقدميه إىل احملاكمة يف‬ ‫تركيا‪ ،‬وما يزال يقضي هناك‬ ‫حكماً بالسجن مدى احلياة‪.‬‬

‫وقد سعى النظام السوري إىل إعادة تنشيط التهديد الكردي‬ ‫على تركيا يف عام ‪ ،2011‬يف الوقت الذي سعت فيه‬ ‫للثوار الذين يسعون لإلطاحة‬ ‫تركيا إىل تقدمي دعمها ّ‬ ‫للثوار مبا فيهم صاحل مسلم‪،‬‬ ‫آمنة‬ ‫باألسد‪ ،‬وق ّدمت مالذات‬ ‫ّ‬ ‫وهو الرئيس املنفي حلزب االحتاد الدميقراطي الكردي‪،‬‬ ‫والفرع احمللي حلزب أوجالن‪ ،‬حزب العمال الكردستاين‪.‬‬ ‫كما سببت األحداث انسحاب القوات النظامية من‬ ‫املناطق الكردية يف الشمال والشمال الشرقي من سورية‪،‬‬ ‫وقريباً من احلدود الرتكية‪ ،‬يف لعبة من النظام السوري جلعل‬ ‫األكراد حيكمون أنفسهم بأنفسهم‪ ،‬مقابل أن يبقوا على‬ ‫احلياد يف الثورة السوريّة‪ ،‬ويف الصراع الدائر بني األسد والثوار‬ ‫السوريني‪ ،‬وكان النظام األسدي فيما يبدو يأمل أن وجود‬ ‫اجملموعات اإلسالمية‪ ،‬كاليت كانت يف تركيا «أوجالن يف‬ ‫التسعينات» سوف يثين تركيا وحيد من دعمها املتزايد للثوار‬ ‫تبي أن مبادرة‬ ‫املتمردين‪ ،‬ولكن يف األسبوع املاضي فقط ّ‬ ‫املقدمة أخرياً ألوجالن‪ ،‬قد بدأت فعالً تؤيت مثارها يف‬ ‫أردوغان ّ‬ ‫الصراع‪ ،‬وعلى الرغم من أن الكتائب واجملموعات الكردية يف‬ ‫سورية‪ ،‬ليست قوية جداً عسكرياً‪ ،‬إال أن تعاوهنم واخنراطهم‬ ‫حيرر أيدي احلكومة الرتكيّة‪ ،‬ويسمح هلا‬ ‫يف الثورة سوف ّ‬ ‫بزيادة دعمها للثوار يف سورية دون اخلوف من أ ّن األسد‬ ‫رداً على ذلك‪.‬‬ ‫سوف يقوم بزرع اخلاليا الكردية يف تركيّا‪ّ ،‬‬ ‫يبقى لنا أن نعرف أن تعاون األكراد اجلديد مع الثوار يف‬ ‫حلب‪ ،‬ما هو إال جزء من مشروع كبري يهدف إىل إعادة‬ ‫هتور النظام‬ ‫انتشار حزب االحتاد الدميقراطي‪ ،‬ولكن إذا ّ‬ ‫بقواته العسكرية املتبقيّة باجتاه‬ ‫خالل األسابيع القادمة‪ ،‬ودفع ّ‬ ‫املناطق الكردية مثل احلسكة يف الشمال الغنيّة بالنفط‪ ،‬بالتايل‬ ‫فإن سقوط الشيخ مقصود يوم اجلمعة‪ ،‬سوف يكون نقطة‬ ‫حتول دراماتيكية كبرية يف مسار «احلرب األهلية» السورية‪.‬‬ ‫*مقال مرتجم عن صحيفة نيويورك تاميز األمريكية نشر بتاريخ ‪2013/4/1‬‬

‫‪ 23‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السابع عرش‬

‫‪11‬‬


‫األخرية‬

‫ابراهيم القاشوش‬ ‫الزال يغني‪ :‬يالله ارحل يابشار‬ ‫بعد ما يقارب العامني على ذحبه‪ ،‬ال تزال نواعري محاة تئن بصمت‬ ‫مرددة أغاين ابراهيم القاشوش‪ ،‬مغين الثورة وأبرز منشديها‪.‬‬ ‫ولد ابراهيم قاشوش يف مدينة محاة عام ‪ ،1977‬ونشط‬ ‫يف املظاهرات اليت خرجت هناك منذ انطالق الثورة‪،‬‬ ‫وساهم بزيادة عددها وتصعيد خطاهبا‪ ،‬من خالل أغانيه‬ ‫اليت يكتبها بنفسه‪ ،‬وبلغت ذروة نشاطه عندما أطلق يف‬ ‫مجعة «ارحل» بتاريخ ‪ 1‬متوز ‪ 2011‬أغنيته الشهرية‬ ‫«ياهلل ارحل» وسط أضخم مظاهرة شهدهتا الثورة‪ ،‬حيث‬ ‫جتاوز عدد املتظاهرين يف ساحة العاصي نصف مليون‬ ‫شخص‪ ،‬وهي املظاهرة اليت هزت اركان النظام‪ ،‬ودفعتهم‬ ‫إىل اختاذ قرار احلسم العسكري الدموي بشكل هنائي‪.‬‬ ‫استطاع الشبيحة وقوات أمن النظام أن يلقوا القبض‬ ‫على ابراهيم القاشوش‪ ،‬يف ‪ 3‬متوز ‪ ،2011‬ليفرغوا‬ ‫حقدهم على حنجرته بقطعها بالسكني‪ ،‬وإلقاء‬ ‫جثته يف هنر العاصي‪ ،‬يف حماولة لوأد هذا الصوت‬ ‫الشعيب الذي استطاع أن يتمثل الثورة بشكل فين‪.‬‬ ‫لكن حادثة اغتياله جعلت من مغين محاة مغن لكل‬

‫تفاءلوا بالجيش الحر تجدوه‬ ‫ويدعى أيهم‪ ،‬وهو شرطي بسيط متزوج ولديه أطفال صغار‪،‬‬ ‫زين عبود‬ ‫يف قرية سورية تضم أقلية (كما بات يتم توصيف باقي اختطف العام املاضي من قبل عناصر اجليش احلر يف املناطق‬ ‫مكونات الشعب السوري عدا الطائفة السنية) ولد مهران‪ ،‬اجملاورة لقريته‪ ،‬حبجة أنه ما زال يعمل كشرطي لدى النظام‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كرب مهران ليخالفكل ما حاول والده تربيته عليه من أخالق ثالثة أشهر غاهبا أيهم عن منزله‪ ،‬دون ورود أية أخبار عنه‪،‬‬ ‫فاضلة‪ ،‬فأول من سرق يف مراهقتهكان والده العجوز‪ ،‬وعندما تاركاً األمل والرتقب لزوجته وأطفاله‪ ،‬إىل أن عاد أيهم إليهم بعد‬ ‫تزوجت قريبته‪ ،‬هدية مهران هلا كانت سرقة مصوغتها‪ .‬قيام اجليش احلر مبحاكمته‪ ،‬ليتبني أنه مل يرتكب جرم أو ذنب‪.‬‬

‫الثورة السورية‪ ،‬ليصبح واحداً من رموزها وجنومها‬ ‫اليت ال تغيب‪ ،‬ولتصبح أناشيده مبثابة نشيد الثورة‪،‬‬ ‫وليتلقب كل منشدي الثورة بامسه‪ ،‬وصار هناك‬ ‫مئات «القواشيش» الذين يتمثلون ويتشبهون به‪.‬‬ ‫لقد أحكم النظام والشبيحة حصارهم وقبضتهم على‬ ‫مدينة محاة‪ ،‬وقمعت بعنف رهيب صوت هذه املدينة‬ ‫األكثر تضرراً من هذا النظام عرب تارخيه اإلجرامي الطويل‪،‬‬ ‫لكن صوت ابنها ابراهيم القاشوش‪ ،‬ال يزال يرتدد يف كافة‬ ‫أرجاء سورية‪ ،‬صادحاً باملطلب الذي قدم السوريون من‬ ‫أجله عشرات األلوف من الشهداء «ياهلل ارحل يا بشار»‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫‪ 23‬نيسان ‪ / 2013‬العدد السابع عرش‬

‫دارت األيام واندلعت الثورة يف سورية‪ ،‬وبالبحث عن‬ ‫مهران وجدناه متطوعاً يف اللجان الشعبية (تنظيم‬ ‫الشبيحة) يف إحدى مناطق ريف دمشق‪ ،‬ال ميكن‬ ‫احلكم ماذا فعل مهران خالل العامني املاضيني‪ ،‬إذ ال‬ ‫دليل بأيدينا‪ ،‬ولكن تارخيه ميكن أن يوحى بفعائله‪.‬‬ ‫منذ أسبوع بث أحد األلوية التابعة للجيش احلر مقطعاً‬ ‫يظهر فيه مهران يدىل باعرتافاته‪ ،‬عما كان يفعله مع‬ ‫رفاقه يف املناطق الثائرة‪ ،‬وتال ذلك املقطع عرض لبعض‬ ‫املقاطع املوجودة على جواله تظهر عمليات الشبيحة‬ ‫عند حرقهم إلحدى املنازل‪ ،‬وانتهى املقطع بقول املقاتل‬ ‫«سوف حنيله للهيئة الشرعية لينال اجلزاء الذي يستحق»‪.‬‬ ‫ذكرتين هذه احلادثة بقصة شاب آخر من نفس قرية مهران‪،‬‬

‫قد يكون اجليش احلر ارتكب خطأً بقيامه باختطاف‬ ‫الرجل دون إبالغ أحد من ذويه أنه سيحاكم أو أنه‬ ‫موجود لدى اللواء كذا‪ ،‬وسبب أملاً لعائلته‪ ،‬إال أنه مبقارنة‬ ‫قصيت مهران وأيهم‪ ،‬جند نوعاً من العدالة املسروقة يف‬ ‫حلظة حرب‪ ،‬عدالة يطمح هلا كافة السوريني‪ ،‬ومثل‬ ‫تلك احلوادث تبعث على التفاؤل بوجود أشخاص‬ ‫حيرصون على أن تأخذ العدالة جمراها بشكل جاد‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.