اللعدد الثامن عشر من جسر

Page 1

‫سوريون‬

‫مراهقون ويافعون يندفعون إىل‬ ‫ميادين العمل العسكري ومطالبات بتحييدهم عن الرصاع‬

‫ملف العدد‬

‫حكومة العراق تغلق‬ ‫بوابة البوكامل الحدودية مام يزيد معاناة األهايل‬

‫الثالثاء ‪ 30‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الثامن عرش‪ /‬السنة األوىل‬

‫عائالت علوية تغادر منازلها يف دمشق وريفها نحو الساحل‬ ‫ومناطق تكتل الطائفة‬

‫امرأة‪ :‬ماذا سيفعلون بنا إن سقط النظام؟ كل ما نقرأه عىل تنسيقياتهم تهديد ووعيد‬

‫معرب يس مالكا‪ /‬فش خابور‬ ‫رضائبه تطال األفراد و السلع‬ ‫وال تُراعى فيه‬ ‫معاناةاألهايل‬

‫تل أبيض‬ ‫بال كهرباء حتى تحرير‬ ‫مقر الفرقة ‪17‬‬ ‫يف الرقة‬

‫‪www.fasebook.com/jesrpress‬‬

‫معارك حمص‬ ‫هل بدأ النظام برسم‬ ‫دولته الطائفية؟‬

‫‪www.twitter.com/jesr_press‬‬

‫سورية أسبوعية مستقلة‬

‫تثوير السياسة أم تسييس الثورة‬ ‫عبد الناصر العايد‬ ‫لألسف الشديد فشلت الطبقة السياسية السورية املعارضة‬ ‫حىت اآلن يف مواكبة الثورة اليت نشأت يف ظلها‪ ،‬وكان‬ ‫املأمول أن يبلغ أعضاء تلك الطبقة‪ ،‬بعد ما يزيد على‬ ‫السنتني من االشتباك املكثف مع خمتلف القضايا‬ ‫واألطراف‪ ،‬مرحلة من النضج يف الذهنية واألدوات‪،‬‬ ‫تؤهلها لتويل زمام الثورة السورية‪ ،‬وقيادهتا إىل ّبر األمان‪.‬‬ ‫لقد أغرق السياسيون املعارضون أنفسهم بأخطاء قاتلة‪ ،‬يف‬ ‫هذه املرحلة احلساسة‪ ،‬ويف غمرة لعبة البدائل وقعوا يف فخ‬ ‫االنفصال عن اجلمهور الذي صنع الثورة‪ ،‬وسقط بعضهم‬ ‫يف حبائل الدوائر السياسية اإلقليمية والدولية‪ ،‬أو تورطوا يف‬ ‫الصراع فيما بينهم على النفوذ والربوز‪ ،‬ففقدوا شرعيتهم‪،‬‬ ‫واحرتام السوريني هلم‪ ،‬ووضعوا بذلك كل املرحلة القادمة‬ ‫أمام خطر عدم وجود قيادة سياسية عامة متوافق عليها‪.‬‬ ‫لقد دفع ذلك غالبية السوريني لاللتصاق باحلل الثوري‬ ‫وممـثليه من املقاتلني‪ ،‬فهم أكثر تـشـدداً أخالقياً‪ ،‬وموقفهم‬ ‫أوضح‪ ،‬وأميل إىل استنساخ املوقف الشعيب‪ ،‬الذي ال حيتاج‬ ‫إىل تأويل وحتليل‪ .‬لكن مكمن قوة هذا اخليار قد يكون‬ ‫موضع خطورة أيضاً‪ ،‬فثمة احتمالكبري لظهور تيارات داخل‬ ‫منحى شعبوياً عنيفاً‪ ،‬يعيد إنتاج الشموليات‬ ‫الثورة‪ ،‬تنحو‬ ‫ً‬ ‫الدمياغوجية‪ ،‬اليت حتتكر السلطة‪ ،‬وتقصي اآلخرين‪.‬‬ ‫إن احلرب هي السياسة بوسائل أخرى‪ ،‬هذه قاعدة ال‬ ‫ميكن جتاوزها‪ ،‬وكان ميكن للمعارضة السورية أن تعمل‬ ‫مع الثوار املقاتلني وفقها‪ ،‬خاصة بعد أن تبني أن احلرب‬ ‫ضرورة ال حميض عنها إلسقاط النظام‪ ،‬لكن ذلك مل‬ ‫حيدث حىت اآلن‪ ،‬وهذا ما أجرب قوى الثورة يف الداخل‬ ‫إىل تكوين سياستها‪ ،‬اليت تتسم باملناطقية أحياناً‪،‬‬ ‫والعقائدية اليت ال تصلح للسياسة يف أغلب األحيان‪.‬‬ ‫أمامنا واحلال هذا أحد خيارين إلعادة التوازن إىل‬ ‫جسد الثورة السورية‪ ،‬فإما أن يعود السياسيون إىل‬ ‫دورهم جبديّة‪ ،‬أي تثوير السياسة‪ ،‬وإما مينح هذا الدور‬ ‫للرؤوس السياسية اليت بدأت بالظهور بني جتمعات‬ ‫الثوار يف الداخل‪ ،‬أي تسيس الثورة‪ ،‬واخليار األول‬ ‫عسري كما أرى‪ ،‬والثاين مقامرة حتف هبا املخاطر‪.‬‬

‫‪jesr.press@gmail.com‬‬


‫أخبار‬

‫األخوان املسلمون يعتزمون فتح مكاتب لهم داخل سورية‬ ‫صرح املراقب العام جلماعة األخوان املسلمني يف سورية‬ ‫رياض الشقفة‪ ،‬يف مقابلة له مع صحيفة «فاينانشال‬ ‫تاميز» بأن اجلماعة تعتزم فتح مكاتب هلا داخل سورية‪.‬‬ ‫وقال الشقفة إن «اجلماعة اختذت قراراً يف اآلونة األخرية إلحياء‬ ‫هياكلها التنظيمية داخل سورية‪ ،‬وطلبت من أتباعها البدء‬ ‫بافتتاح مكاتب للجماعة يف املناطق اليت يسيطر عليها الثوار»‪.‬‬ ‫وحول دوافع ذلك‪ ،‬قال الشقفة إن «الوقت للثورة وليس‬ ‫لاليديولوجيا‪ ،‬لكن هناك اآلن العديد من اجلماعات يف‬ ‫الداخل‪ ،‬ما دفعنا إىل إعادة تنظيم أنفسنا والرتويج لنهج أكثر‬ ‫اعتداالً من التفكري اإلسالمي‪ ،‬يف وقت تتزايد فيه أفكار‬

‫التطرف»‪ ،‬وندد الشقفة مبا أمساه «احلملة املدعومة من قوى‬ ‫خارجية ضد اجلماعة»‪ ،‬بعد «اهتامها» مبحاولة السيطرة‬ ‫على املعارضة السورية‪ ،‬موضحاً أن من يهامجوهم ال ميلكون‬ ‫أي نفوذ على األرض‪ ،‬وهم شخصيات إعالمية حتاول من‬ ‫خالل مهامجة األخوان حتقيق تأثري هلا‪ ،‬معترباً أن فوز األخوان‬ ‫املسلمني يف مصر وتونس أثار املخاوف من أخوان سورية‪.‬‬ ‫وكانت مجاعة األخوان املسلمني ش ّكلت كتائب مسلحة‬ ‫داخل سورية‪ ،‬وشاركت يف اجتماع عُقد يف اسطنبول‪ ،‬أيار‬ ‫املاضي‪ ،‬وأصبحت اآلن جزءاً من القيادة العسكرية العليا‬ ‫جلماعات املعارضة املسلحة‪ ،‬وهذه الكتائب بات لديها قيادة‬ ‫خاصة‪ ،‬وأعلنت عن استعدادها لتسليم أسلحتها بعد الثورة‪.‬‬

‫الجمهوريون يضغطون يف الكونغرس لتدخل عسكري يف سورية‬ ‫ضغط عدد من األعضاء اجلمهوريني يف جملس‬ ‫الشيوخ األمريكي‪ ،‬يوم األحد‪ ،‬على الرئيس باراك‬ ‫أوباما للتدخل يف "احلرب األهلية" يف سورية قائلني‬ ‫إن "أمريكا تستطيع مهامجة القواعد اجلوية السورية‬ ‫بالصواريخ‪ ،‬لكنها جيب أال ترسل قوات برية إىل هناك"‪.‬‬ ‫وقال السناتور اجلمهوري لينزي جراهام لقناة (سي يب إس)‬ ‫إن "من شأن حتييد السالح اجلوي الذي يتيح تفوقاً للقوات‬ ‫احلكومية على مقاتلي املعارضة أن حيول جمرى املعركة سريعاً"‪.‬‬ ‫وأضاف جراهام‪ ،‬السناتور عن والية ساوث كاروالينا‪،‬‬ ‫أن "السبيل الوحيد ملنع القوة اجلوية السورية من‬ ‫التحليق هي قصف القواعد اجلوية السورية بصواريخ‬ ‫كروز" معترباً أن األمر يتطلب عمالً دولياً إلهناء‬ ‫الصراع" الفتاً إىل عدم احلاجة إلرسال قوات برية‪.‬‬ ‫وقال أوباما‪ ،‬يوم اجلمعة‪ ،‬إن "استخدام أسلحة‬ ‫كيماوية يف سورية سيغري قواعد اللعبة بالنسبة‬ ‫للواليات املتحدة"‪ ،‬لكنه أوضح أنه لن يتعجل‬

‫بالتدخل على أساس أدلة وصفها بأهنا "ال تزال أولية"‪.‬‬ ‫بدوره‪ ،‬ذكر السناتور جون ماكني‪ ،‬املرشح اجلمهوري‬ ‫يف انتخابات الرئاسة األمريكية عام ‪ ،2008‬أنه‬ ‫"ينبغي على الواليات املتحدة أن تكثف دعمها‬ ‫ملقاتلي املعارضة السورية‪ ،‬حىت إذا تبني أن قوات‬ ‫األسد مل تستخدم غازات سامة يف الصراع"‪.‬‬ ‫وقال ماكني لتلفزيون (إن‪.‬يب‪.‬سي) "ميكننا استخدام‬

‫بطاريات (صواريخ) باتريوت وصواريخ كروز" الفتاً إىل‬ ‫ضرورة جتهيز قوة دولية للذهاب إىل سورية لتأمني خمزونات‬ ‫األسلحة الكيماوية‪ ،‬كي ال تسقط مستودعات تلك‬ ‫األسلحة الكيماوية بأيدي اإلسالميني‪ ،‬على حد قوله‪.‬‬ ‫واعترب مكني يف الوقت نفسه أنه سيكون من اخلطأ دخول قوات‬ ‫برية إىل سورية‪ ،‬ألن هذا سيجعل الشعب يقف ضد أمريكا‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬أعلنت واشنطن األسبوع املاضي أهنا‬ ‫سرتسل وحدة قيادة من اجليش‪ ،‬ميكنها نظرياً قيادة قوات‬ ‫قتالية‪ ،‬إىل األردن يف تعزيز جلهود بدأهتا العام املاضي‬ ‫للتخطيط إلرسال وحدات إىل هناك مع اشتداد األزمة‪.‬‬ ‫وكشف البيت األبيض‪ ،‬يوم اخلميس‪ ،‬عن معلومات‬ ‫للمخابرات األمريكية‪ ،‬ترجح أن سورية استخدمت‬ ‫بالفعل أسلحة كيماوية‪ ،‬وهي خطوة اعتربها سابقاً الرئيس‬ ‫األمريكي باراك أوباما أهنا "قد تؤدي إىل عواقب" مل‬ ‫حيددها‪ ،‬لكن تصرحياته فسرت على نطاق واسع على‬ ‫أهنا تعين ضمناً احتمال القيام بعمل عسكري أمريكي‪.‬‬

‫وفد مرصي عال املستوى إىل ايران لبحث الوضع يف سورية‬ ‫زار اثنان من كبار مساعدي الرئيس املصري‬ ‫حممد مرسي إيران إلجراء حمادثات بشأن مبادرة‬ ‫إسالمية‪ ،‬للوصول إىل حل سلمي يف سورية‪.‬‬ ‫وضم الوفد املصري كل من عصام احلداد مساعد الرئيس‬ ‫املصري للعالقات اخلارجية والتعاون الدويل وحممد‬ ‫رفاعة الطهطاوي رئيس ديوان رئيس اجلمهورية‪ ،‬حيث‬ ‫اجتمعا مع مسؤولني إيرانيني ملتابعة نتائج زيارة الرئيس‬ ‫اإليراين أمحدي جناد ملصر‪ ،‬يف شهر شباط الفائت‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫‪ 30‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الثامن عرش‬

‫وقال بيان أصدرته وزارة اخلارجية اإليرانية إن "اجلانبني‬ ‫اتفقا على ضرورة وضع خطة عمل للتحرك بشأن خطة‬ ‫الرئيس املصري خبصوص األزمة السورية‪ ،‬من خالل‬ ‫حل سياسي مقبول‪ ،‬ميكن أن يساعد يف إهناء العنف‬ ‫ويفضي إىل املصاحلة الوطنية مبشاركة شعب سورية"‪.‬‬ ‫ودعا مرسي العام املاضي إىل تشكيل "جلنة رباعية‬ ‫إسالمية" تضم إيران إىل جانب مصر والسعودية‬ ‫وتركيا لتحاول الوصول إىل حل يف سورية‪.‬‬ ‫الزائران‬ ‫املصريان‬ ‫املسؤوالن‬ ‫واجتمع‬

‫مع أمحدي جناد وشخصيات‬ ‫كبرية مسؤولة عن السياسة‬ ‫اخلارجية اإليرانية‪ ،‬وهم مستشار‬ ‫األمن الوطين سعيد جليلي ووزير‬ ‫اخلارجية علي أكرب صاحلي‬ ‫وعلي أكرب والييت مستشار‬ ‫السياسة اخلارجية للمرشد‬ ‫األعلى آية اهلل علي خامنئي‪.‬‬


‫حمليات‬

‫انفجاران يف دمشق خالل يومني دون أن يتبناهام أحد‬ ‫هز انفجاران العاصمة السورية‪ ،‬دمشق‪ ،‬على مدار‬ ‫يوميني متتالني‪ ،‬األول وقع يف منطقة املزة‪ ،‬يوم االثنني‪،‬‬ ‫مستهدفاً موكب رئيس جملس الوزراء وائل احللقي‪ ،‬الذي‬ ‫مل يصب بأذى‪ ،‬حبسب مصدر رمسي سوري‪ ،‬واآلخر وقع‪،‬‬ ‫يوم الثالثاء‪ ،‬يف منطقة املرجة‪ ،‬قرب مبىن وزارة الداخلية‬ ‫القدمي‪ ،‬رغم أن الطريق إىل البناء مينع دخول السيارات‬ ‫فيه منذ أكثر من عام‪ ،‬وخلّف االنفجاران حوايل عشرين‬ ‫شهيداً وعشرات املصابني‪ ،‬فضالً عن األضرار املادية‪.‬‬

‫وظهر احللقي بعد احلادثة على القنوات احمللية خالل‬ ‫ترؤسه اجتماعاً للجنة االقتصادية‪ ،‬حيث قال‪ ،‬وفقاً لوكالة‬ ‫سانا إن «هذه التفجريات اإلرهابية دليل إفالس وإحباط‬ ‫اجملموعات اإلرهابية‪ ،‬بسبب بطوالت وانتصارات اجليش‬ ‫السوري‪ ،‬باإلضافة إىل إصرار الشعب السوري على تنفيذ‬ ‫الربنامج السياسي حلل األزمة‪ ،‬الذي أطلقه الرئيس بشار‬ ‫األسد‪ ،‬باعتباره املخرج الوحيد واآلمن من أجل إعادة عجلة‬ ‫البناء واإلعمار واالستمرار يف مسرية التنمية الشاملة»‪.‬‬

‫وطالبت وزارة اخلارجية واملغرتبني جملس األمن‪ ،‬باعتماد‬ ‫موقف حازم حول ما أمسته «مكافحة اإلرهاب» عقب‬ ‫التفجريين الذين استهدفا منطقيت املزة واملرجة بدمشق‪.‬‬

‫ووصف وزير املصاحلة الوطنية علي حيدر التفجري بأنه‬ ‫«جولة من جوالت العنف العبثي الذي يستهدف‬ ‫أشخاصاً غري ملوثني»‪ ،‬الفتاً أنه رغم وقوع تفجريات إال‬ ‫أن «اإلجراءات األمنية أثبتت فاعليتها يف بعض األماكن»‪.‬‬

‫وبلغ عدد ضحايا تفجري املرجة ثالثة عشر شهيداً وأكثر‬ ‫من سبعني مصاب‪ ،‬حبسب وكالة سانا لألنباء‪ ،‬فيما تسبب‬ ‫تفجري منطقة املزة‪ ،‬الذي وقع قرب حديقة ابن رشد‪ ،‬بوقوع‬ ‫ستة شهداء وثالثة عشر جرحياً‪ ،‬حبسب وكالة سانا‪ ،‬وعرض‬ ‫التلفزيون السوري صوراً من املكان تضمنت أشالء وجثث وآثار‬ ‫دمار يف مكان االنفجار‪ ،‬مشلت عشرات السيارات احملروقة‪.‬‬ ‫و أعلنت مصادر معارضة‪ ،‬حبسب ما نقلته بعض الوكاالت‪,‬‬ ‫أن االعتداء بالسيارة املفخخة الذي استهدف موكب احللقي‪،‬‬ ‫أدى إىل مقتل حارسه الشخصي‪ ،‬وإصابة ثالثة آخرين‪.‬‬

‫من جانبه‪ ،‬دان األمني العام لألمم املتحدة بان كي مون‬ ‫التفجري الذي استهدف موكب احللقي‪ ،‬حبسب بيان‬ ‫صدر عن األمانة العامة لألمم املتحدة‪ ،‬وذكر البيان أن‬ ‫«كي مون دان دوماً كل األعمال اإلرهابية‪ ،‬فضالً عن أن‬ ‫استهداف املدنيني واألمالك املدنية من قبل أي شخص‬ ‫أمر غري مقبول»‪ .‬وأكد البيان أن بان كي مون ال يزال قلقاً‬ ‫للغاية إزاء التصعيد املستمر للعنف يف سورية‪ ،‬حيث يتعرض‬ ‫املدنيون للقتل واإلصابة واالختطاف واالحتجاز كل يوم‪.‬‬ ‫وشهدت العاصمة سلسة من التفجريات‪ ،‬وإىل اآلن مل‬ ‫تقدم السلطات الرمسية نتائج التحقيق حول مرتكبها‪،‬‬ ‫وتكتفي باهتامات إعالمية ملن تسميهم «العصابات‬ ‫اإلرهابية املسلحة»‪ ،‬وتثار دائماً عالمات استفهام لدى‬ ‫أطراف املعارضة حول هوية منفذ هذه التفجريات‪ ،‬نظراً‬ ‫للتشديد األمين الكبري الذي تشهده العاصمة‪ ،‬حيث تنتشر‬ ‫احلواجز بكثرة‪ ،‬وتقوم بالتدقيق عند النقاط احلساسة‪.‬‬

‫عيل خامنئي‪ :‬حكومة سورية ليست شيعية واملعارضة هناك‬ ‫علامنية معادية لإلسالم‬ ‫استبعد املرشد اإليراين‪ ،‬علي خامنئي‪ ،‬أن يكون ما جيري‬ ‫يف سورية هو حرب بني السنة والشيعة‪ ،‬معترباً أنه حرب‬ ‫بني "أنصار املقاومة ضد إسرائيل وأعدائها"‪ ،‬ووصف‬ ‫املعارضة املوجودة يف سورية بأهنا "علمانية معادية لإلسالم"‪.‬‬ ‫وقال خامنئي‪ ،‬يف كلمة ألقاها‪ ،‬االثنني‪ ،‬أمام مؤمتر "ديين"‬ ‫يف طهران‪ ،‬إن "وسائل اإلعالم التابع واملأجور يصور احلرب‬ ‫سن ـ شيعي‪ ،‬وهو ليس كذلك‪،‬‬ ‫يف سورية على أهنا نزاع ّ‬ ‫إمنا بني أنصار املقاومة ضد الصهيونية ومعارضي هذه‬ ‫املقاومة‪ ،‬فضالً عن أن احلكومة السورية ليست شيعية"‪.‬‬ ‫وتطرق املرشد اإليراين بعد ذلك إىل الوضع يف البحرين‬ ‫قائالً "هذه املوجة اإلعالمية تؤدي دورها بشكل‬

‫آخر يف البحرين الختالق‬ ‫الكذب واخلداع‪ ،‬ففي‬ ‫البحرين توجد أكثرية‬ ‫مظلومة‪ ،‬فهل يصح أن نعترب‬ ‫الصراع شيعياً‪ -‬سنياً ألن‬ ‫هذه األكثرية املظلومة من‬ ‫املتجبة العلمانية تتظاهر بالتسنّن؟"‪.‬‬ ‫الشيعة‪ ،‬واحلكومة‬ ‫ّ‬ ‫وتتهم املعارضة السورية إيران باستمرار بالضلوع بشكل مباشر‬ ‫يف القتال ضد مقاتليها‪ ،‬من خالل فرق مدربة تعود للحرس‬ ‫الثوري اإليراين‪ ،‬فيما تنفي إيران ذلك‪ ،‬وتؤكد دائماً أهنا‬ ‫تدعم "احلل السياسي الذي خيتاره الشعب السوري فقط"‪.‬‬

‫وكالة روسية تؤكد استهداف‬ ‫طائرة روسية يف سورية‬ ‫ومؤسسة الطريان تنفي‬

‫ذكر مصدر روسي مطلع‪ ،‬يوم االثنني‪ ،‬لوكالة «انرت فاكس»‬ ‫الروسية أن طائرة ركاب روسية تعرضت هلجوم يف األجواء‬ ‫السورية بصاروخي «أرض – جو»‪ ،‬لكنها مل تصب‬ ‫بأضرار‪ ،‬فيما نفت املؤسسة العامة للطريان ذلك اخلرب‪.‬‬ ‫وقال املصدر‪ ،‬حبسب الوكالة‪ ،‬إن «الطرف السوري أبلغ‬ ‫اجلهات الروسية أن صاروخني من نوع (أرض – جو)‬ ‫أطلقا إىل الطائرة الروسية وانفجرا بالقرب منها‪ ،‬إال أن طاقم‬ ‫الطائرة متكن من تغيري خط سريها‪ ،‬وإنقاذ حياة الركاب»‪.‬‬ ‫وأشار املصدر إىل أن املعلومات األولية تشري إىل أن‬ ‫الصاروخني أطلقا بشكل متعمد‪ ،‬لكنه ليس معروفاً حىت‬ ‫اآلن ما إذا كان املعتدون يعرفون أن الطائرة روسية»‪ ،‬الفتاً‬ ‫إىل أن «عدد الركاب على منت الطائرة ناهز ‪ ،200‬وغالبيتهم‬ ‫سياح كانوا يف طريق عودهتم من أحد املنتجعات املصرية»‪.‬‬ ‫بدورها‪ ،‬قالت مدير عام مؤسسة الطريان العربية‬ ‫السورية غيداء عبد اللطيف إنه «بعد التدقيق مع كافة‬ ‫األبراج وأقسام احلركة اجلوية يف مجيع مطارات القطر‪،‬‬ ‫تبني أنه ال صحة لألنباء الواردة هبذا اخلصوص‪ ،‬ومل‬ ‫حيصل قطعاً أي استهداف لطائرة روسية أو غريها يف‬ ‫األجواء السورية»‪ ،‬حبسب أحد املواقع االلكرتونية‪.‬‬ ‫تتنب إىل اآلن أية جهة من جهات املعارضة تلك العملية‪،‬‬ ‫ومل ّ‬ ‫رغم أهنا دائماً تنشر مقاطع فيديو على االنرتنت عن العمليات‬ ‫اليت تقوم هبا من استهداف دبابات وإسقاط طائرات‪.‬‬

‫‪ 30‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الثامن عرش‬

‫‪3‬‬


‫سوريون‬

‫مراهقون ويافعون يندفعون إىل ميادين العمل العسكري ومطالبات بتحييدهم عن الرصاع‬ ‫مت كنت شهيدا ً‬ ‫فتى‪ :‬ال أخىش من املوت فإن ّ‬

‫حسين الغجر‪ /‬حلب‬ ‫«يلعن روحك يا حافيييـظ» صرخ بصوت مرتفع‪ ،‬رغم أنه‬ ‫يعاين من مشاكلكثرية يف النطق‪ ،‬مستفزاً هبتافه القنّاص الذي‬ ‫يرابط على بعد عدة أمتار عنه‪ ،‬ليختبئ بعدها خلف جدار‬ ‫حيميه من رصاصات يعاجله هبا القناص‪ ،‬رداً على هتافه‪،‬‬ ‫وجيري الفىت ضاحكاً‪ ،‬فهذه اللعبة باتت مصدر تسليته‪.‬‬ ‫محدو (‪17‬عاماً) من سكان حي كرم اجلبل يف مدينة‬ ‫حلب‪ ،‬الذي طاله الدمار جراء قصف النظام ملعظم‬ ‫أحياء حلب‪ ،‬تطوع للعمل يف حمرس تابع للجيش احلر‬ ‫يف منطقته‪ ،‬منذ شهر تقريباً‪ ،‬وهو يعاين من صعوبة يف‬ ‫النطق والسمع‪ ،‬لذا قام أخوه بالتحدث نيابة عنه لرتمجة‬ ‫ما يقول‪ ،‬فريوي «فشلت عائلتنا عن ثين محدو عن‬ ‫التطوع يف اجليش احلر‪ ،‬فبات خيرج يومياً لقضاء وقته يف‬ ‫احملرس الذي خصص له‪ ،‬رغم املخاطر اليت حتيط به»‪.‬‬ ‫مل يتحدث محدو كثرياً عن نفسه‪ ،‬فكالمه كله دار حول‬ ‫دمر وقتل أبناء‬ ‫إصراره على القتال ضد النظام الذي ّ‬ ‫حيّه‪ ،‬وأنه جيب االستمرار بذلك حىت يتم حتقيق النصر‪.‬‬ ‫من التشرد للقتال‬ ‫«مل أعد أخشى شيئاً» هذا ما قاله عمر (‪16‬عاماً) يف بداية‬ ‫لقاء «جسر» معه‪ ،‬ال يعرف عمر والده إال إال من خالل‬ ‫امسه‪ ،‬فقد تركهم منذ زمن بعيد‪ ،‬وأمضى معظم سنواته بعد تركه‬ ‫للمدرسة‪ ،‬يف شوارع حلب هناراً‪ ،‬لينام يف احلدائق والسيارات‬ ‫ليالً‪ ،‬وباندالع الثورة انتقل للعمل يف صفوف املقاتلني‪.‬‬ ‫مهمة عمر احلراسة‪ ،‬حيمل بندقيته متحسباً من وقوع‬ ‫وجواله ال يكف عن ترديد‬ ‫أي طارئ إلعالم املقاتلني‪ّ ،‬‬ ‫أهازيج الثورة وأناشيدها‪ ،‬رغم أن حديثه مبجمله دارعن‬ ‫دمرت وعن أعداد القتلى‪ ،‬وأنه بات‬ ‫األحياء اليت ّ‬ ‫على يقني أنه ال يوجد مكان آمن على اإلطالق‪.‬‬ ‫مقاتل يحلم بورشة سيّارات‬

‫‪4‬‬

‫‪ 30‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الثامن عرش‬

‫وملهند (‪ 15‬عاماً) وهو أصغر من التقتهم «جسر» حكاية‬ ‫أخرى ومعاناة جديدة‪ ،‬إال أهنا مل تبدأ باحلرب‪ ،‬فمهند مل‬ ‫يكمل دراسته إذ أجربه والده على تركها‪ ،‬والعمل يف ورشة‬ ‫لتصليح السيارات‪ ،‬حممالً إياه عبئ عائلة مكونة من ستة أفراد‪.‬‬

‫أحياء حلب احملررة‪ ،‬لينتقل فيما بعد إىل اجملموعة اليت يعمل‬ ‫يرتدد مهند عن التعريف عن نفسه بأنه مقاتل‬ ‫معها اآلن‪.‬مل ّ‬ ‫وحيب االشتباكات‪ ،‬وال خيشى من املوت حيث أنه سيكون‬ ‫شهيداً‪ ،‬حبسب تعبريه‪ ،‬إال أن لديه أحالم ال تتعلق باألعمال‬ ‫القتالية‪ ،‬فهو يريد أن يصبح مالكاً لورشة تصليح سيارات‬ ‫كبرية‪ ،‬ويعزو حلمه هذا إىل أن تلك املهنة «بتقص ذهب»‪.‬‬

‫قسوة والده يف معاملته كانت تتجلى يف ربطه بسالسل‬ ‫حديدية‪ ،‬عندما يشتكي منه صاحب ورشة السيارات يف‬ ‫عب عن تعبه أو مرضه‪ ،‬فيجربه ظروف صعبة‬ ‫حال ارتكب خطأً ما أو ّ‬ ‫األب على العودة إىل العمل من جديد‪ .‬مل حيتمل مهند‬ ‫ذلك فهرب إىل إحدى النقاط اليت قال إهنا لشرطة أحد والتقت «جسر» أبو عادل وهو مقاتل متواجد مع مهند‪،‬‬ ‫للحديث عن عمل الشبان اليافعني معهم‪ ،‬فيقول «حنن‬ ‫نرفض وبشدة وجود أي فىت دون الثامنة عشر عاماً يف‬ ‫أماكن االشتباك واملناطق اخلطرة‪ ،‬إال أين أمحل املسؤولية‬ ‫املدرسة ملادة اإلرشاد النفسي أ‪ .‬خزامى يف حديثها وألوم اجلمعيات واملنظمات اليت من واجبها أن ترعاهم»‪.‬‬ ‫تقول ّ‬ ‫لـ "جسر" ‪:‬‬ ‫يعرف العلماء وصندوق األمم املتحدة لرعاية الطفولة ويؤكد أبو عادل أن تلك اجملموعات القتالية ال ترغب‬ ‫ّ‬ ‫(اليونيسيف‪ )1 :1997 ،‬األطفال اجملندين (املسلحني) بوجود اليافعني ضمن صفوفها إال أن معظمهم من أسر‬ ‫بأهنم "كل من هو دون الثامنة عشر من العمر‪ ،‬وجزء من مفككة وغري مسؤولة‪ ،‬ومنهم من تعرض لظلم من قبل‬ ‫فريق يقوم بأعمال قتالية منتظمة‪ ،‬سواء كانوا مقاتلني أو أهله فلجأ للقتال‪ ،‬وطالب بوجود مجعيات ومؤسسات‬ ‫طباخني أو مراسلني أو من يرافقون اجملموعات ألي سبب تنحيهم عن القتال وتقوم مبساعدهتم‪ ،‬فهم ما زالوا صغاراً‬ ‫كان‪ ،‬وهو ال يشري إىل الطفل الذي حيمل السالح حصرا "‪ .‬ومن حقهم التعلم والعيش حياة كرمية‪ ،‬وخيتم بالقول «من‬ ‫ً‬ ‫يعاين الراشد يف مثل هذه احلاالت من صراع اإلقدام‪ /‬سوء حظهم أهنم انتموا لعوائل مل هتتم هبم‪ ،‬ومن سوء حظنا‬ ‫اإلحجام املرتافق بالقلق والضغط النفسي الناتج عن هذا مجيعاً بقاء هذا النظام الذي شوه كل شيء يف اجملتمع»‪.‬‬ ‫الصراع بني انتمائه للمجموعة احلاملة للسالح وبني رفضه بيئة غير سليمة‬ ‫إحلاق األذى باآلخرين املقربني‪ ،‬فكيف بالطفل الذي‬ ‫ال يدرك معىن الصواب واخلطأ‪ ،‬وليس لديه القدرة على بدوره اعترب عابد‪ ،‬وهو ناشط إعالمي من حلب‪ ،‬أن تلك‬ ‫حتديد ماهية ما جيري وإصدار احلكم األخالقي الصحيح‪ ،‬الظاهرة نتيجة طبيعية للـ «اجلهل املتجذر يف اجملتمع»‪ ،‬إذ‬ ‫إذ تصبح هذه الضغوط النفسية مضاعفة‪ ،‬وختلق لديه يرى أن األطفال سابقاً كانوا ميارسون الكثري من األعمال‬ ‫تشوهاً فتتشكل هويته الذاتية اليت تتكون يف هذه املرحلة اليت ال تتناسب مع أعمارهم‪ ،‬كتصليح السيارات وبيع‬ ‫احلرجة واخلطرة من مراحل تكون مفهومه عن ذاته‪ ،‬هل البضائع والعمل يف املطاعم وغري ذلك‪ ،‬لذا فمن الطبيعي‬ ‫هو فرد من جمتمعه أم مضاد جملتمعه؟ وتكمن اخلطورة يف ظل وجود هكذا ثقافة أن ينخرط هؤالء يف العمل‬ ‫األكرب يف حال ترسخت لديه مفاهيم القوة املرتبطة املسلح عند انتشاره‪ ،‬وسط غياب للمنشآت التعليمية‬ ‫ّ‬ ‫بالعنف واستخدام السالح‪ ،‬لتصبح جزءاً من هويته واملدارس يف املناطق احملررة‪ ،‬وعدم وجود منظمات تعىن هبم‪،‬‬ ‫ومفهومه عن ذاته املرتبط هبما يف مراحل حياته الالحقة‪ .‬فالطفل جزء من الواقع الذي يعيشه وال ب ّد أن يتأثر به‪.‬‬


‫رأي‬

‫املال يف خدمة الهيكل‬ ‫جعل النظام يفتح أمامها الباب للتمدد والعمل من جديد‪ ،‬قدموا خمتلف أنواع الدعم اللوجيسيت‪ ،‬وقاموا بتجهيز فرق‬ ‫مستفيدة من تراخي النظام معها‪ ،‬وإجراءات االنفتاح الشبيحة واللجان الشعبية مث جيش الدفاع الوطين فيما بعد‪.‬‬ ‫االقتصادي اليت جاءت لكسر حالة الركود االقتصادي‬ ‫اخلانق يف البالد‪ ،‬وبعد إحكام النظام سيطرته على البالد‪ ،‬كان خيار رجال مال النظام باحنيازهم إليه يعين عداءاً‬ ‫وانتهاء موجة االحتجاجات‪ ،‬بدأ يظهر العديد من رجال مباشراً للثائرين عليه‪ ،‬ويتحملون مسؤولية أخالقية وجنائية‬ ‫اجليش واألمن يف حقل النشاط االقتصادي‪ ،‬مستفيدين عن األعمال اليت يقوم هبا األمن والشبيحة من قتل‬ ‫من مركز قوهتم اجلديد يف احلصول على املال واالستثناءات وتدمري وهتجري واغتصاب‪ ،‬وال ميكن إعفاءهم من ذلك‪.‬‬ ‫والرتاخيص والتهريب عرب احلدود مبختلف أشكاله‪ ،‬وأصبح‬ ‫كان لرجال املال واألعمال واألثرياء الداعمني للنظام دوراً‬ ‫رأس املال اخلاص يلعب دوراًكبرياً يضاهي دور الدولة‪ ،‬رغم هاماً على الدوام يف صناعة القرار االقتصادي‪ ،‬بشكل‬ ‫أن القوانني مل تكن تسمح بذلك‪ ،‬وكانت تظهر باستمرار يتناسب مع مصاحلهم اخلاصة‪ ،‬ومصاحل شركائهم يف‬ ‫عقدة االستثمار اخلاص يف بالد تتبىن االقتصاد االشرتاكي‪ ،‬النظام‪ .‬وبرزت أمساء اقتصادية هامة مثل الشالح ومحشو‬ ‫وتفرض عقوبات على مناهضي االشرتاكية‪ ،‬ولو كان ذلك وأنبوبا واألخرس وكزبري ونزار األسعد ووجوه أخرى من‬ ‫بالرأي فقط‪ ،‬وبدأت تظهر أمساء جديدة من األثرياء يف البالد العائلة احلاكمة كرياض شاليش وأخيه ذو اهلمة وأوالد عائلة‬ ‫معظمها من العسكرتاريا واألمن واملستفيدين اجلدد من النظام األسد اآلخرين‪ ،‬ولعل أشهر األمساء كان رامي خملوف الذي‬ ‫استوىل حافظ األسد على السلطة‪ ،‬واستند على القوة والعائالت الربجوازية التقليدية‪ ،‬وانضم إليهم أفراد من عائلة بىن امرباطرية مالية‪ ،‬سيطر من خالهلا على أهم الفعاليات‬ ‫العسكرية واألمنية لتثبيت دعائم السلطة‪ ،‬وبالتوازي مع األسد فيما بعد‪ ،‬وخاصة بعد استالم بشار األسد للسلطة‪ .‬االقتصادية يف البالد أبرزها قطاع االتصاالت اخلليوية‪.‬‬ ‫ذلك ومن أجل إضفاء شرعية شعبية على حكمه‪ ،‬طرح‬ ‫أصبحت مصاحل طبقة األثرياء مرتابطة مع بعضها البعض وعندما اندلعت الثورة كان املتظاهرون ينددون بالفساد‬ ‫األسد نفسه كرئيس من أحد أبناء الشعب العاديني‪ ،‬وكان‬ ‫ومرتبطة عضوياً مع النظام‪ ،‬وال ميكن التمييز بينها بسهولة‪ ،‬املستشري وباألغنياء من شركاء النظام الذين يسيطرون‬ ‫من أول الشعارات اليت مت إطالقها وصف األسد بأنه‬ ‫هلا‬ ‫ويسهل‬ ‫الطبقة‪،‬‬ ‫هذه‬ ‫مصاحل‬ ‫يضمن‬ ‫النظام‬ ‫أن‬ ‫حيث‬ ‫على معظم مقدرات البالد‪ ،‬ومن أجل امتصاص نقمة‬ ‫«ابن الشعب البار» حيث قدم النظام بعض املكاسب‬ ‫أعماهلا واستثماراهتا يف البالد‪ ،‬مقابل دعمها ووقوفها إىل الناس ضد رامي خملوف‪ ،‬اضطر وبشكل غريب للظهور يف‬ ‫للطبقات الفقرية‪ ،‬مثل زيادة مبلغ التعويض العائلي‪ ،‬ومت‬ ‫كانت‬ ‫ألهنا‬ ‫النظام‪،‬‬ ‫ضد‬ ‫تكون‬ ‫أن‬ ‫تستطيع‬ ‫ال‬ ‫وهي‬ ‫جانبه‪،‬‬ ‫مؤمتر صحايف خاص‪ ،‬ليعلن فيه توفقه عن ممارسة األعمال‬ ‫توفري الكثري من فرص العمل يف الشركات واملؤسسات‬ ‫تقوم بنشاطات غري قانونية فيما يغطي النظام عليها‪ ،‬ويستطيع والنشاطات التجارية لغاية الربح‪ ،‬وأنه سيوجه عائداهتا لصاحل‬ ‫والدوائر احلكومية‪ ،‬واستفاد من ذلك أبناء الريف‪ ،‬وخاصة‬ ‫ملثل‬ ‫النظام‬ ‫جلأ‬ ‫وقد‬ ‫لإلفالس‪،‬‬ ‫وحتويلها‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫قانوني‬ ‫حماسبتها‬ ‫ً‬ ‫مشاريع خريية للناس‪ ،‬ويف هذا اعرتاف صريح ومباشر بالدور‬ ‫الريف الساحلي العلوي الذين أصبحوا يسكنون يف مناطق‬ ‫هذه األساليب مع بعض املعارضني‪ ،‬ومنهم رياض سيف‪ .‬االقتصادي السابق املخالف للقانون الذي كان ميارسه‬ ‫سكنية خاصة هبم‪ ،‬تشبه الكانتونات املغلقة‪ ،‬أقيمت‬ ‫ومع ازدياد الفجوة بني األغنياء والفقراء يف البالد‪ ،‬واالرتفاع خملوف واستيالئه على املال العام بشكل غري مشروع‪.‬‬ ‫بشكل رئيسي على أراض زراعية أو أراض تابعة للدولة‬ ‫مؤهلة‬ ‫كانت‬ ‫ية‬ ‫ر‬ ‫السو‬ ‫الثورة‬ ‫فإن‬ ‫الفقر‪،‬‬ ‫نسبة‬ ‫يف‬ ‫املستمر‬ ‫وحتيط باملدن الكبرية‪ ،‬خاصة دمشق ومحص‪ ،‬وظهر هلا تأثري‬ ‫بكل األحوال كشفت الثورة السورية مدى الدورالذي‬ ‫انطلقت‬ ‫الذي‬ ‫بالشكل‬ ‫تنطلق‬ ‫مل‬ ‫لو‬ ‫اجتماعية‬ ‫كثورة‬ ‫لتنطلق‬ ‫كبري وخطرييف مساندة ودعم النظام خالل الثورة السورية‪.‬‬ ‫ميكن أن يلعبه املال يف خدمة االستبداد وحراسة‬ ‫ياء‬ ‫ر‬ ‫األث‬ ‫طبقة‬ ‫وقوف‬ ‫املستغرب‬ ‫غري‬ ‫من‬ ‫درعا‪.‬‬ ‫من‬ ‫فيه‬ ‫هياكل األنظمة القمعية‪ ،‬طاملا أن هذه األموال مل‬ ‫وإذاكانت االشرتاكية من أهم شعارات حزب البعث‪ ،‬وبنيته‬ ‫التقليدية ورجال األعمال اجلدد وأثرياء العائلة إىل جانب يتم استثمارها وكسبها بشكل قانوين بل عرب طرق غري‬ ‫الفكرية وااليديولوجية تقوم عليها بشكل أساسي‪ ،‬إال أهنا‬ ‫ا‬ ‫اقتصادي‬ ‫النظام‬ ‫صمود‬ ‫يف‬ ‫كبري‬ ‫بشكل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫سامه‬ ‫وقد‬ ‫النظام‪،‬‬ ‫ً شرعية باستغالل موارد وإمكانيات الدولة لصاحل فئة‬ ‫بقيت غائبة عن التطبيق الفعلي‪ ،‬وجلأ النظام لتقدمي بعض‬ ‫أمام الضغوط اليت تعرض هلا جراء العقوبات واحنسار النشاط حاكمة صغرية وحفنة من أعواهنا فقط‪ ،‬مما يعزز احلاجة‬ ‫أشكال الدعم للطبقات الفقرية بغية االستمرار يف كسب‬ ‫احلفاظ‬ ‫يف‬ ‫هام‬ ‫دور‬ ‫هلم‬ ‫كان‬ ‫و‬ ‫الثورة‪،‬‬ ‫بفعل‬ ‫االقتصادي‬ ‫مستقبالً لفصل االقتصاد عن السياسة بشكل تام‪.‬‬ ‫والءها‪ ،‬وذلك عرب دعم احملروقات وبعض السلع األساسية‪ .‬باستمرار على سعر صرف اللرية أمام العمالت الصعبة‪ ،‬كما‬ ‫ورغم أن الطبقة الوسطى شهدت بعض االنتعاش‬ ‫بفعل تدفق املساعدات بشكل كبري على البالد بعد‬ ‫حرب تشرين‪ ،‬إال أن ذلك مل يدم طويالً‪ ،‬وبدأ الوضع‬ ‫االقتصادي يف البالد بالرتاجع باستمرار‪ ،‬نتيجة تأثري‬ ‫العزلة السياسية والعقوبات االقتصادية الغربية على النظام‪،‬‬ ‫وتصنيفه كأحد دول حمور الشر الداعمة لإلرهاب‪.‬‬ ‫بدأ دور الربجوازية التقليدية يظهر بقوة من جديد‪ ،‬بعد‬ ‫أحداث الثمانينات‪ ،‬بفعل دعم النظام هلا كوهنا سامهت‬ ‫بشكل كبري يف بقاء النظام‪ ،‬عرب وقوفها إىل جانبه بقوة مما‬

‫‪ 30‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الثامن عرش‬

‫‪5‬‬


‫ملف العدد‬ ‫يسمحون بعبور «التبغ» ويعرقلون مرور الالجئني واملساعدات‬

‫حكومة العراق تغلق بوابة البوكامل الحدودية مام يزيد معاناة األهايل‬ ‫غيث األحمد‬ ‫«أهلنا وإخوتنا على اجلانب املقابل‪ ،‬وال جيدون إلينا‬ ‫سبيالً» قاهلا أبو علي من سكان مدينة البوكمال معرباً‬ ‫عن أسفه لقيام احلكومة العراقية بإغالق بوابة البوكمال‬ ‫الفارين من القصف‪ ،‬وإغالقها‬ ‫احلدودية يف وجه السوريني ّ‬ ‫أيضاً أمام املساعدات القادمة إليهم من أهل العراق‪.‬‬ ‫جتار وخرباء أكدوا لـ «جسر» أن فتح تلك البوابة سيسهم‬ ‫يف وصول املساعدات‪ ،‬وسيخفض أسعار السلع يف‬ ‫دير الزور بشكل الفت‪ ،‬كون التجار باتوا يلجؤون إىل‬ ‫االسترياد من تركيا وغريها مما ضاعف أسعار السلع‪ ،‬يف‬ ‫وقت كان فيه التبادل التجاري بني سورية والعراق يف أوج‬ ‫ازدهاره‪ ،‬عندما كانت تلك البوابة تعمل بشكل طبيعي‪.‬‬ ‫حواجز «كونكريتيه» للفصل‬ ‫ورغم صالت القرىب اليت جتمع أهايل مدينة البوكمال‬ ‫بسكان مدينة القائم وحمافظة األنبار العراقية‪ ،‬فإن احلكومة‬ ‫العراقية متنع أهايل تلك املدن من تقدمي املساعدات‪،‬‬ ‫رغم رغبتهم الشديدة بذلك‪ ،‬حبسب أبو علي‪.‬‬ ‫ويقول أبو علي إن «احلكومة العراقية متنع فتح البوابة كما‬ ‫وضعت حواجز (كونكريتية) ملنع دخول النازحني جراء‬ ‫القصف» معترباً أن إغالقها جرمية كربى حبق حمافظة دير‬ ‫الزور وريفها‪ ،‬ألن تلك املنطقة بأشد احلاجة لفتح الطريق‬ ‫أمام القوافل التجارية لسد النقص احلاصل يف مجيع املواد‬ ‫األولية واملواد الغذائية واألدوية‪ ،‬وخاصة بعد انتشار‬ ‫األمراض املزمنة يف األرياف كاللشمانيا والتهاب الكبد‪.‬‬ ‫ويؤكد أبو علي أنه كانت توجد حركة جتارية نشطة‬ ‫عندما كان املعرب مفتوحاً‪ ،‬حيث كان الفالحون يتبادلون‬ ‫الفائض املوجود لدى الطرفني‪ ،‬وبأسعار رخيصة‪.‬‬ ‫مزايا فتح المعبر‬

‫ويعترب عبد احملسن األمحد وهو أحد جتار مدينة‬ ‫البوكمال أن فتح بوابة البوكمال سيؤدي إىل انتعاش‬ ‫اقتصادي كبري يف دير الزور بأكملها‪ ،‬من خالل التبادل‬ ‫التجاري‪ ،‬وتوجه مجيع التجار إىل االسترياد عن طريق‬ ‫العراق‪ ،‬وذلك بسبب القرب اجلغرايف‪ ،‬وبالتايل يتم‬ ‫توفري أجور كثرية ترتتب على التاجر تضاف إىل قيمة‬ ‫البضاعة‪ ،‬كما أن ذلك سيزيد فرص عمل الشباب‪.‬‬

‫والتقت «جسر» اخلبري االقتصادي نادر العبد اهلل الذي قال‬ ‫إن «املعرب الذي يفصل مدينة القائم العراقية (‪ 340‬كلم‬ ‫غرب بغداد)‪ ،‬عن البوكمال السورية‪ ،‬يعد معرباً حيوياً بالنسبة‬ ‫لسورية‪ ،‬واليت حتتاجه أكثر من العراق‪ ،‬كما يعترب أحد أهم‬ ‫الطرق التجارية يف الشرق األوسط واملوقع احلدودي الرئيسي‬ ‫على طريق بغداد ‪ -‬دمشق السريع‪ ،‬وكانت غرفة التجارة‬ ‫والصناعة بدير الزور طالبت أكثر مرة منذ عام ‪ 2010‬بفتح‬ ‫تلك البوابة أمام حركة نقل البضائع‪ ،‬وكذلك إلجياد حل‬ ‫سريع لنقص مادة املازوت يف حمافظة دير الزور‪ ،‬لكن بعد‬ ‫سيطرة عناصر اجليش احلر على املعرب تبني أن احلكومة العراقية‬ ‫هي من تقوم بإغالق ذلك املعرب احليوي أمام التجار»‪.‬‬

‫حكومة العراق ال تستجيب‬

‫وأشار العبدهلل أن استرياد املواد الغذائية واملستلزمات الطبية‬ ‫واألدوية من تركيا وغريها يزيد من تكاليف شحن املواد‬ ‫وحتميلها وختزينها‪ ،‬مع األخذ بعني االعتبار خطورة الطريق‬ ‫ووجود العصابات املسلحة وقطاع الطرق اليت تكاثرت‬ ‫يف الفرتة األخرية‪ ،‬وانتحلت صفة اجليش احلر‪ ،‬حيث‬ ‫أن إمكانية وصول هذه املواد خيضع حلسابات دقيقة‪،‬‬ ‫وحيتاج حلراسة على الطريق‪ ،‬وهذا كله يضاف للتكلفة‪.‬‬

‫ويؤكد األمحد أنه عندما كانت البوابة مفتوحة ملرور‬ ‫القوافل التجارية‪ ،‬شهدت دير الزور وفرة يف مجيع أنواع‬ ‫املواد الغذائية والصناعية وبأسعار رخيصة وزهيدة‪.‬‬ ‫وكشف الدكتور مؤيد احلمود عضو املكتب اإلعالمي يف‬ ‫اجمللس احمللي ملدينة البوكمال لـ «جسر» عن حماوالت عديدة‬ ‫من قبل اجمللس للتفاوض مع الطرف العراقي إلدخال املعونات‬ ‫الغذائية والطحني واألدوية‪ ،‬ولكن دون جدوى حىت اآلن‪.‬‬ ‫وينقل احلمود عن الضباط العراقيني املتواجدين علن املعرب أن‬ ‫إغالق البوابة يأيت بأمر من احلكومة العراقية‪ ،‬مضيفاً أن البوابة‬ ‫مغلقة منذ زمن طويل أمام مجيع التبادالت التجارية‪ ،‬باستثناء‬ ‫نزوح املدنيني إىل الطرف العراقي أثناء اشتداد القصف على‬ ‫مدينة البوكمال‪ ،‬حيث كان يدخل عرب املعرب كل يوم‬ ‫مئة شخص‪ ،‬وهم من النساء واألطفال والشيوخ فقط‪.‬‬ ‫وأكد احلمود أن احلكومة العراقية أوقفت دخول أكثر من‬ ‫شحنة طحني ومساعدات غذائية كانت قادمة إلغاثة‬ ‫املنكوبني يف مدينة البوكمال منذ سيطرة عناصر اجليش احلر‬ ‫على املدينة‪ ،‬وبنفس الوقت يغض حرس احلدود النظر عن‬ ‫عمليات هتريب شحناتكبرية من التبغ إىل الداخل السوري‪.‬‬ ‫أهمية البوابة‬

‫اقتصاد بديل‬ ‫ولفت العبد اهلل إىل أن فتح البوابة اليوفر وظائف للناس بقدر‬ ‫مايوفر هلم املواد األساسية الالزمة حلياهتم اليومية‪ ،‬وسيكون‬ ‫هناك أعمال مرافقة هلذه التجارة حبدود ضيقة‪ ،‬حيث أن‬ ‫القدرة الشرائية جملموع السكان تبقى يف حدودها الدنيا‬ ‫نتيجة لألوضاع‪،‬مؤكداً أن منطقة البوكمال وريفها هي منطقة‬ ‫زراعية بالدرجة األوىل‪ ،‬وإذا ماقام أهل املنطقة بالزراعة وجين‬ ‫حماصيلهم فهذا حتماً سيؤدي إىل انتعاش اقتصادي نسيب‪،‬‬ ‫خصوصاً إذا مسح هلم بتصدير إنتاجهم عرب احلدود العراقية‪،‬‬ ‫وإذا استمر احلال طويالً على ماهو عليه‪ ،‬فسينشأ اقتصاد‬ ‫حملي بديل يقوم حمل االقتصاد القومي وتنشأ له آلياته اخلاصة‪.‬‬ ‫عن بوابة البوكمال‬

‫تعد بوابة البوكمال احلدودية مع مدينة القائم الشعراقية‪،‬‬ ‫أحد البوابات واملعابر الرئيسة الثالث بني العراق وسورية‪،‬‬ ‫إىل جانب معربي "اليعربية والتنف" حيث تشرتك سورية‬ ‫مع العراق حبدود متتد بطول ‪ 600‬كلم‪ ،‬ويسعى جتار مدينة‬ ‫البوكمال وجملسها احمللي إىل فتح البوابة املغلقة من أكثر من‬ ‫سبع سنوات‪ ،‬وذلك من اجلانب العراقي وليس من اجلانب‬ ‫السوري‪ ،‬حبسب ما كانت تذكره املديرية العامة للجمارك‬ ‫بدمشق‪ ،‬ملا فيه من أمهية اقتصادية كبرية بالنسبة للتجار‪ ،‬و‬ ‫ينعكس بالتايل على احلياة املدنية يف حمافظة دير الزور وريفها‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫‪ 30‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الثامن عرش‬


‫ملف العدد‬ ‫‪ 25‬مليون لرية وارداته اليومية‬

‫معرب يس مالكا‪ /‬فش خابور رضائبه تطال األفراد و السلع وال تُراعى فيه معاناة األهايل‬ ‫فلك كلو‪ /‬الحسكة‬ ‫«كان املأمول من معرب (سي مالكا‪ /‬فش خابور) أن يُستغل‬ ‫ألغراض إنسانية يف ظل التضييق االقتصادي الذي ميارسه‬ ‫النظام حبق السوريني‪ ،‬ولكن لألسف أصبح معرباً جتارياً حبتاً»‬ ‫هبذه الكلمات عرب أبو سيبان‪ ،‬أحد القائمني على إدارة املعرب‪،‬‬ ‫عن أسفه للحال اليت وصل إليها ذلك املعرب‪ ،‬الواقع مشال‬ ‫شرق سورية‪ ،‬بني منطقيت املالكية‪/‬ديريك‪ ،‬وكردستان العراق‪.‬‬ ‫افتتح معرب سي مالكا‪ /‬فش خابور يف شهر شباط املاضي بعد‬ ‫اتفاقات بني اهليئة الكردية العليا يف سورية ورئاسة كردستان‬ ‫العراق‪ ،‬حبسب أبو سيبان‪ ،‬ومنذ ذلك احلني والضرائب‬ ‫تفرض على األفراد وكافة أنواع السلع مبا فيها الطيور‪.‬‬ ‫نصيب األسد للـ «‪»PYD‬‬ ‫حتول املعرب إىل نقطة جتارية تفرض فيها الضرائب على‬ ‫وبعد ّ‬ ‫السلعكافة‪ ،‬ذكر مصدر مطلع لـ «جسر» رفض الكشف عن‬ ‫امسه أنه «تصل واردات معرب سي مالكا‪ /‬فش خابور املالية‬ ‫بعد فرض الضرائب على املواد التجارية ورسوم اخلروج على‬ ‫األفراد من سورية‪ ،‬إىل مخسة وعشرين مليون لرية سورية يومياً»‪.‬‬ ‫وعن جهة صرف هذه املبالغ‪ ،‬يوضح املصدر أنه يتم‬ ‫تقامسها بني جملس «غرب كردستان(‪ »)PYD‬واجمللس‬ ‫الوطين الكردي مناصفة‪ ،‬أي ‪ % 50‬للجنة التخصصية‬ ‫و‪ %25‬للجنة األمنية ومثلها للجنة اخلدمية والطبية‪ ،‬إال‬ ‫أن املصدر يلفت إىل أن التقسيم يُعترب «تقسيماً نظرياً»‪،‬‬ ‫حيث أن حزب الـ «‪ »PYD‬حيصل على نصيب األسد‪.‬‬ ‫واشتكى رئيس اجمللس احمللي يف مدينة املالكية‪/‬‬ ‫ديريك من «حالة الشلل» اليت تعرتي اللجان املش ّكلة‬ ‫القائمة عل املعرب‪ ،‬إذ أنه ال يستطيع كرئيس جملس‬ ‫حملي أن يعني أي فرد يف املعرب نتيجة «استئثار»‬ ‫«‪ »PYD‬مبثل هذه القرارات‪ ،‬وغريها من التفاصيل‪.‬‬

‫مقارنات‬ ‫وأبدى التاجر عمر‪ ،‬من أبناء مدينة عامودا‪ ،‬يف حديثه‬ ‫لـ «جسر»‪ ،‬استياءه من أداء القائمني على إدارة املعرب‬ ‫مشرياً إىل استغالل كبري تقوم به اللجان املشرفة‪ ،‬بفرض‬ ‫الضرائب حىت على الطيور‪ ،‬مقارناً هذا املعرب مبعرب آخر يف‬ ‫مدينة تل أبيض‪ ،‬مشاالً‪ ،‬التابعة حملافظة الرقة‪ ،‬والذي خيضع‬ ‫لسيطرة اجليش احلر فيقول «ال تفرض هناك أية ضرائب‬ ‫أو رسوم على املواد الداخلة إىل سورية عن طريق معرب‬ ‫تل أبيض‪ ،‬وال عراقيل تعرتضنا أثناء الدخول أو اخلروج»‪.‬‬ ‫ويف اتصال هاتفي لـ «جسر» مع أحد إداريي معرب‬ ‫رأس العني‪/‬سري كانيه احملرر ويدعى فايز‪ ،‬أكد أن‬ ‫هناك قرارات واضحة أصدرها اجليش احلر مبنع أخذ‬

‫أية رسوم على املواد أو األفراد‪ ,‬باستثناء السلع اليت‬ ‫ال تراعي شروط السالمة الصحية‪ ،‬أو تلك اليت ال‬ ‫تتفق مع املواثيق والقوانني الدولية كاألسلحة مثالً»‪.‬‬ ‫نقاط عبور «غير شرعية»‬ ‫ويف خطوة وصفها مسؤولون (رفضوا ذكر أمسائهم) أهنا‬ ‫«انتهاك صارخ لالتفاقيات بني اجمللسني الكرديـَّْي»‪،‬‬ ‫جلأ حزب «‪ »PYD‬مؤخراً إىل إغالق معرب سي‬ ‫مالكا‪ /‬فش خابور‪ ،‬يف وجه األفراد‪ ،‬وتفعيل نقاط عبور‬ ‫أخرى غري شرعية خاضعة لسيطرة قواته فقط‪ ،‬منها‬ ‫(شرك‪،‬كرباالت) حيث تفرض هذه القوات‪,‬‬ ‫نقاط ّ‬ ‫مبلغ ألف لرية سورية عن كل فرد يعرب باجتاه العراق‪.‬‬ ‫وكان رئيس حزب االحتاد الدميقراطي (‪ )PYD‬صاحل‬ ‫مسلم قد أوضح يف وقت سابق لوسائل إعالم كردية يف‬ ‫معرض رده عن آلية صرف املبالغ الطائلة اليت جينيها حزبه‬ ‫من هذه املعابر قائالً «هناك آالف املقاتلني يف وحدات‬ ‫احلماية الشعبية (وهي اجلناح العسكري للحزب) حباجة‬ ‫للعتاد والتمويل‪ ،‬باإلضافة للمؤسسات واللجان الشعبية اليت‬ ‫نقوم بدعمها من ورادات املعرب‪ ،‬لتقوم مبهامها على أكمل‬ ‫وجه يف املناطق ذات الغالبية الكردية‪ ،‬مشال شرق سورية»‪.‬‬ ‫يذكر أن العاملني يف املعرب يعملون بشكل تطوعي‪ ،‬فال‬ ‫يتقاضون أية أجور لقاء أتعاهبم‪ ،‬باستثناء مكافأة مالية‬ ‫باتوا حيصلون عليها مؤخراً تبلغ قيمتها مخسة عشر ألف‬ ‫لرية لكل عامل مبن فيهم التابعني حلزب «‪.»PYD‬‬

‫‪ 30‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الثامن عرش‬

‫‪7‬‬


‫عرض حال‬ ‫الذين افرتقوا عن ذويهم‪ ،‬وما عادوا يعرفون عنهم شيئاً‪.‬‬ ‫رغم صعوبة املهمة‪ ،‬وضعف اإلمكانيات‪ ،‬علينا مجيعاً‪،‬‬ ‫سواء كنا ثواراً مسلحني‪ ،‬أو نشطاء سياسيني أو مدنيني أو‬ ‫إعالميني‪ ،‬أن جند احللول املبدعة البسيطة‪ ،‬اليت جتزئ هذا‬ ‫الكم من املهام املطلوبة إىل أعمال صغرية ممكنة التنفيذ‪ ،‬وهي‬ ‫قد تبدأ من مواساة وجمالسة شخص متأذي وإشعاره بأن‬ ‫أمله أملنا‪ ،‬ومتر بتقدمي املساعدة البدنية لشخص عاجز‪ ،‬وقد‬ ‫تنتهي بتقدمي مشاريع صغرية منتجة لألكثر فقراً واحتياجاً‪.‬‬ ‫إن تعظيم بعض املهمات نظرياً وتضخيمها قد حيبط‬ ‫املبادرين‪ ،‬ويف الظروف السورية الراهنة‪ ،‬ليس مبقدور‬ ‫أحد أن ينجز مهمة عامة بشكل كامل‪ ،‬حىت لو امتلك‬ ‫املوارد‪ ،‬وعليه فليس أمامنا من خيار سوى جتزئة املهمات‬ ‫إىل احلدود الدنيا‪ ،‬والعمل على التفاصيل الصغرية‪.‬‬ ‫ليس من اخلطأ أو العبث فيما لو اتفق جمموعة من‬ ‫النشطاء والناشطات للقيام بزيارات دورية لذوي‬ ‫الشهداء‪ ،‬حتت أي مسمى كان‪ ،‬مجعية رعاية‪ ،‬فريق دعم‬ ‫اجتماعي‪ ،‬رمبا لن يدرك قيمة هذا الفعل الصغري ومردوده‬ ‫النفسي على ذوي الشهيد‪ ،‬سوى من فعله ذات يوم‪.‬‬

‫املستضعفون أيها الثّوار!‬

‫ليس من املعيب أن يشرتك جمموعة من الرفاق من أجل تأمني‬ ‫كراسي متحركة للمعاقني الذين يعدون بعشرات اآلالف‪،‬‬ ‫رمبا لن يدركوا قيمة ما يفعلونه‪ ،‬حىت يشاهدوا شاباً معاقاً‬ ‫يذهب إىل احلمام زحفاً على بطنه‪ ،‬لعدم توفر ذلك الكرسي‪.‬‬ ‫أصبحوا‬

‫كما هي العادة دائماً‪ ،‬يدفع املستضعفون الضريبة أو‬ ‫األكرب ألي كارثة‪ ،‬فكياهنم اهلش‪ ،‬وحاهلم الرقيق‪،‬‬ ‫يتداعى للنسمة العابرة‪ ،‬فما بالك بعاصفة عاتية هوجاء‪ ،‬على الثوار أن ال ينسوا اليتامى أبناء إخوهتم الذين قدموا‬ ‫كاليت تعصف باجملتمع السوري منذ سنتني متمثلة أرواحهم فداء للوطن وحريته‪ ،‬فلو أتيح ألي شهيد أن‬ ‫باحلرب الشاملة اليت يشنها النظام وشبيحته على يتكلم اليوم ملا قال سوى‪ :‬أوصيكم بأبنائي‪ .‬بل أن‬ ‫الشعب السوري‪ ،‬حتت شعار «األسد أو حنرق البلد»؟‪ .‬أخالق ومبادىء الثائر احلقيقي‪ ،‬جيب أن متلي عليهم أال‬ ‫يستثنوا من عطفهم ورعايتهم أي يتيم‪ ،‬مبا فيهم األطفال‬ ‫وأحد ميادين العمل الثوري الذي يهمله الثوار اليوم‪ ،‬اليتامى ممن سقط آباؤهم وهم يقاتلون يف صف النظام‪.‬‬ ‫مقدمني عليه أولويات أخرى مثل القتال‪ ،‬هو دعم هؤالء‬ ‫املستضعفني‪ ،‬املنكوبني‪ ،‬املظلومني مرات ومرات‪ ،‬فحيث على الثوار أن ال ينسوا مئات األلوف ممن أصيبوا بإعاقة أثناء‬ ‫انتصر الثوار وأقاموا كياناهتم الثورية‪ ،‬اليت متسك بالنصيب عملهم من أجل الثورة‪ ،‬أو لدى االعتقال والتعذيب‪ ،‬أو‬ ‫األوفر من السلطة واملوارد‪ ،‬تقبع وتتسع فئة من املستضعفني نتيجة القصف والتدمري العشوائي‪ ،‬فهؤالء هم أكثر املتضررين‬ ‫أو الفئات اهلشة‪ ،‬لكننا ال نرى أي اهتمام جدي هبا‪ ،‬ولرمبا نفسياً وجسدياً من الوضع احلايل‪ ،‬ورمبا إىل زمن طويل‪.‬‬ ‫يعتقد البعض أن تلك املهمة ميكن تأجيلها‪ ،‬أو االعتماد على الثوار أن ينظروا مبنتهى العطف واجلدية‪ ،‬إىل حالة‬ ‫على املعونة اخلارجية إلجنازها‪ ،‬لكن احلقيقة أن تلك األمهات اللوايت فقدن أزواجهن أو أبنائهن‪ ،‬وصرن معيالت‬ ‫املهمات ال ميكن تأجيلها‪ ،‬وال يستطيع اخلارج تلبية كل ألطفال وأسر كاملة‪ ،‬يف وقت ال ميتلكن فيه أية خربة‬ ‫تلك االحتياجات‪ ،‬ومن ناحية أخرى ثبت بالدليل القاطع أو مهنة أو مال ميكن أن ينشئن من خالله عمالً ما‪.‬‬ ‫أن تلك املعونة تزينية وليست جذرية‪ ،‬وهي من باب رفع‬ ‫العتب ال أكثر‪ ،‬وثبت أيضا أن ماحك جلدك مثل ظفرك‪ .‬على الثوار أال يغفلوا كبار السن‪ ،‬الذين حتين كواهلهم‬ ‫أعمارهم الكبرية‪ ،‬وأمراض الشيخوخة املزمنة واخلطرية‪،‬‬ ‫إن ثوار األرض‪ ،‬الذين خرجوا على الظلم والقهر‪ ،‬يف ظل ظروف الفقر والفاقة‪ ،‬خاصة ملن فقد أبناءه‪.‬‬ ‫مستضعفي األمس‪ ،‬الذين انتصروا وحرروا مساحات‬ ‫شاسعة من البالد‪ ،‬وامتلكوا فيها السلطة وبعض على الثوار أن ال يتعاموا عن جيش املشردين الذين فقدوا‬ ‫املوارد‪ ،‬البد أن يلتفتوا إىل حال من الزالوا مستضعفني‪ ،‬منازهلم وأعماهلم وما عاد هلم سقف يأويهم‪ ،‬وال عن األطفال‬

‫‪8‬‬

‫‪ 30‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الثامن عرش‬

‫ضعفاء‬

‫خالل‬

‫الثورة‪،‬‬

‫وبسببها‪.‬‬

‫ليس بأمر قليل القيمة فيما لو اشتغل فريق من املقيمني‬ ‫يف اخلارج‪ ،‬وكرسوا أنفسهم جلمع أدوية أمراض الشيخوخة‬ ‫وأرسلوها إىل الداخل‪ ،‬فبعض أولئك املسنني قد ال‬ ‫جيدون من جيلب له الدواء حىت لو توفر لديهم مثنه‪.‬‬ ‫ليس من الرتف أو قلة العقل‪ ،‬لو جيمع القادرون منا‬ ‫كتب األطفال والقصص املصورة ويوزعها على األطفال‬ ‫النازحني واملشردين والقابعني يف عتمات املالجئ واملخابئ‬ ‫حيث تسود أصوات القصف وأخبار القتل واملوت‪،‬‬ ‫لنتذكر طفولتنا‪ ،‬ولنتخيل أي فرح نستطيع أن نصنعه هلم‪.‬‬ ‫وتتواىل قائمة املمكنات‪ ،‬اليت نستطيع عملها ألنفسنا‬ ‫ولوطننا‪ ،‬فيما لو توفرت لدينا القناعة بأن الفعل التارخيي هو‬ ‫تراكم ألعمال صغرية‪ ،‬تقودها روح املبادرة الفردية أساساً‪.‬‬ ‫ليست كل الثورة قتال واشتباكات‪ ،‬ليست كلها مشاريع‬ ‫سياسية كربى‪ ،‬ليست كلها ظهور على شاشات‬ ‫الفضائيات‪ ،‬وليست مجيعها خطط اسرتاتيجية ومؤمترات‬ ‫بعناوين طنانة‪ ،‬وليست كل الثورة اجتماعات مع ممثلي‬ ‫الدول الكربى والصغرى وطلب عوهنا(‪ )...‬الثورة احلقيقية‬ ‫هي اليت تبين أول لبنات الوطن‪ ،‬أي املواطنة‪ ،‬تلك‬ ‫الوشيجة اليت تربطنا ببعضنا البعض‪ ،‬وجتعلنا نشعر بأمل‬ ‫بعضنا البعض‪ ،‬ونسمع أصوات بعضنا البعض‪ ،‬خاصة‬ ‫تلك األصوات اخلافتة‪ ،‬أصوات أنني أهلنا الضعفاء‪.‬‬


‫تقارير‬

‫تل أبيض بال كهرباء حتى تحرير مقر الفرقة ‪ 17‬يف الرقة‬

‫املجلس املحيل‪ :‬إمكان ّياتنا محدودة وال تتعدى القيام بإصالح األعطال‬ ‫محمود الدرويش‪ /‬تل أبيض‬ ‫بعد حترير الرقة وبقاء بعض املراكز خاضعة لسيطرة‬ ‫النظام‪ ،‬كثرت االشتباكات حوهلا يف اآلونة األخرية‪،‬‬ ‫وخاصة مقر الفرقة ‪ 17‬الواقع بقربه خط التوتر العايل‬ ‫الذي يغذي مدينة تل أبيض بالكهرباء‪ ،‬حيث ّأدت‬ ‫األعمال القتالية إىل انقطاع خط التوتر‪ ،‬ومل يعد لدى‬ ‫أحد اجلرأة إلصالحه‪ ،‬ومنذ منتصف آذار الفائت وحىت‬ ‫أواخر نيسان‪ ،‬زادت معدالت انقطاع التيار الكهربائي‬ ‫هناك‪ ،‬حيث مرت أسابيع عاشتها املدينة بال كهرباء‪،‬‬ ‫وإن جاءت فإن ذلك ال يتجاوز مدة الساعتني يومياً‪.‬‬ ‫أبناء املدينة بدؤوا باالعتماد على مولدات الكهرباء‬ ‫إلجناز أعماهلم‪ ،‬يف ظل حمدودية دور اجمللس احمللي الذي‬ ‫اقتصر عمله على إصالح الشبكة الداخلية‪ ،‬وإجياد‬ ‫بعض احللول لضخ املياه بتوفري مولدات كهرباء هلا‪.‬‬ ‫صعوبة الحال‬ ‫«واهلل الكهربا ما عم نشوفا» هكذا بدأ جاسم اجلمعة ( ‪38‬‬ ‫عاماً) حديثه لـ «جسر» عن الصعوبات اليت تواجهه‪ ،‬إذ أنه‬ ‫يعمل خياطاً‪ ،‬وعمله يتوقف على الكهرباء‪ ،‬مما زاد يف معاناته‪.‬‬ ‫يقول اجلمعة «قبل حترير تل أبيض كانت الكهرباء ال تنقطع‬ ‫عنها إال نادراً‪ ،‬ويف حاالت التقنني تقطع لثالث ساعات‬ ‫فقط‪ ،‬أما بعد التحرير‪ ،‬فال نعرف ما الذي حصل»‪.‬‬ ‫مل يتقدم اجلمعة بشكوى إىل اجمللس احمللي فهو‬ ‫يعتقد أنه «هبأليام حمدا بريد عحدا»‪ ،‬وأن موضوع‬ ‫الكهرباء أكرب من قدرة اجمللس احمللي‪ ،‬كوهنا حتتاج‬ ‫إىل جتهيزات ضخمة‪ ،‬وهو غري قادر على توفريها‪.‬‬ ‫وجلأ اجلمعة إىل احلل الذي اتبعه غالبية من حتتاج أعماهلم إىل‬ ‫الكهرباء بشكل متواصل‪ ،‬وهو شراء مولدة‪ ،‬وبلغت قيمة املولدة‬

‫اليت اشرتاها مئيت ألف لرية‪ ،‬وبات يعتمد عليها رغم تكلفة‬ ‫الديزل العالية‪ ،‬إال أنه ال يوجد أمامه خيار آخر‪ ،‬كما يقول‪.‬‬ ‫االنقطاع خلّف أمراضاً‬ ‫وال يقتصر تأثري انقطاع التيار الكهربائي على أمور اإلنارة‬ ‫واألعمال‪ ،‬فاألمر يتعلق بوصول املياه إىل األهايل‪ ،‬حيث أهنا‬ ‫تصلهم عن طريق اآلبار املزودة بغطّاسات تعمل على الكهرباء‪.‬‬ ‫يقول أحد األطباء يف مدينة تل أبيض إنه «بسبب انقطاع‬ ‫الكهرباء‪ ،‬باتت املياه ال تصل لألهايل إال ما ندر‪ ،‬مما اضطرهم‬ ‫إىل استخدام املياه السطحية غري الصحية‪ ،‬حيث يقومون‬ ‫حبفر بئر ال يتجاوز عمقه مرتين داخل املنزل وخترج منه املياه‪،‬‬ ‫مما يتسبب بأمراض جلدية عديدة‪ ،‬وأمراض أخرى كالتهاب‬ ‫الكبد (‪ )A‬الذي ينتقل عن طريق الغذاء واملاء امللوث»‪.‬‬

‫معالجة بعض الشكاوى‬ ‫شكاوى عديدة خبصوص الكهرباء واملاء وصلت إىل‬ ‫اجمللس احمللي‪ ،‬وحول تعامله معها يقول الطحري «يف‬ ‫حال كانت الشكوى تتعلق بالشبكة الداخلية للمدينة‬ ‫أو خطوط التوتر املتوسط‪ ،‬نقوم بتسيري ورشات بالسرعة‬ ‫القصوى إلصالح األعطال‪ ،‬أما عندما تكون األعطال‬ ‫يف خطوط التوتر العايل‪ ،‬فإننا نطلب ورشات بتجهيزات‬ ‫أكرب من احملافظات كالرقة لتصليح العطل‪ ،‬وكانوا يقومون‬ ‫باإلصالحات قبل حترير املدينة‪ ،‬ولكن اآلن خط التوتر‬ ‫العايل مقطوع فوق الفرقة ‪ ،17‬وال أحد يستطيع إصالحه»‪.‬‬

‫المشكلة عند الفرقة ‪17‬‬ ‫والتقت «جسر «رئيس مكتب اخلدمات يف اجمللس احمللي مبدينة‬ ‫تل أبيض ثامر الطحري للحديث حول واقع الكهرباء يف املدينة‪.‬‬ ‫يقول الطحري «قبل حترير مدينة تل أبيض كانت الكهرباء‬ ‫تنقطع عند التقنني لساعتني أو ثالثة‪ ،‬وبعد التحرير بات‬ ‫وضعها أفضل‪ ،‬فلم تعد تنقطع‪ ،‬ولكن اآلن بتحرير الرقة‬ ‫وبوجود عقدة التوتر فوق مقر الفرقة ‪ ،17‬اليت ال تزال‬ ‫حتت سيطرة نظام األسد‪ ،‬بات من الصعب احلصول‬ ‫على الكهرباء من هناك‪ ،‬نظراً لالشتباكات الدائرة بشكل‬ ‫مستمر‪ ،‬وقد شاهدت األسالك متقطعة يف تلك املنطقة»‪.‬‬ ‫وعن مصدر الكهرباء الذي يغذي مدينة تل أبيض حالياً‬ ‫أوضح الطحري أهنا تتغذى من حمطة املربوكات الواقعة يف‬ ‫حمافظة احلسكة اليت تتغذى بدورها من سد تشرين يف مدينة‬ ‫منبج مبحافظة حلب‪ ،‬ولكن الكمية اليت خصصت لتل‬ ‫أبيض يومياً تبلغ ‪ 8‬ميغا واط مما جيعها تصل ملدة ساعتني‬ ‫مقابل مثاين ساعات انقطاع‪ ،‬ويبلغ عدد اخلطوط يف املدينة‬ ‫‪ 11‬خط‪ ،‬ومن الواجب توزيع الكمية الواصلة بالتساوي‪.‬‬ ‫ضعف اإلمكانيات‬ ‫ويقتصر دور اجمللس احمللي مبدينة تل أبيض‪ ،‬حسب الطحري‪،‬‬ ‫على التواصل مع حمطة املربوكات وسد تشرين يف حال‬ ‫يسي ورشات تقوم بإصالح األعطال‬ ‫حدوث عطل‪ ،‬كما ّ‬ ‫داخل املدينة بشكل مستمر‪ ،‬وأشار الطحري إىل ضعف‬ ‫إمكانيات اجمللس يف تأمني املعدات الالزمة إلصالح بعض‬ ‫األعطال عند حدوثها‪ ،‬كـ (احملوالت‪ ،‬كابالت األملنيوم‪،‬‬ ‫القواطع) فجميعها غري متوفرة وباهظة الثمن يف تركيا‪.‬‬

‫حلول جزئية للمياه‬ ‫وقام اجمللس احمللي برتكيب مولدات احتياطية يف‬ ‫بعض مناطق تل أبيض‪ ،‬حلل مشكلة املياه‪ ،‬وسيقوم‬ ‫برتكيب مولدات أخرى يف املناطق املتبقية لتأمني‬ ‫املياه بشكل مستمر‪ ،‬مع تعهد بعض املنظمات‬ ‫الداعمة بتأمني الكلور لتعقيم املياه‪ ،‬حبسب الطحري‪.‬‬ ‫ويف ظل نقص اإلمكانيات والكميات القليلة اليت تصل‬ ‫إىل تل أبيض من الكهرباء‪ ،‬يبقى األمل الوحيد إلعادة‬ ‫حصوهلا عليها بشكل منظم‪ ،‬هو حترير مقر الفرقة‬ ‫‪ 17‬يف الرقة‪ ،‬اليت باتت حترم أهايل املدينة من النور‪.‬‬

‫‪ 30‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الثامن عرش‬

‫‪9‬‬


‫حتقيقات‬

‫عائالت علوية تغادر منازلها يف دمشق وريفها نحو الساحل ومناطق تكتل الطائفة‬ ‫امرأة‪ :‬ماذا سيفعلون بنا إن سقط النظام؟ كل ما نقرأه عىل تنسيقياتهم تهديد ووعيد‬

‫سمر مهنا‬ ‫ترتك العشرات من العائالت العلوية املقيمة يف دمشق وريفها‬ ‫منازهلا لتعيش يف مناطق تكتّل الطائفة كي «تشعر باألمان»‬ ‫منذ أن اندلعت الثورة السورية‪ ،‬فمنها من رحل إىل مناطق‬ ‫السكن العشوائي كاملزة‪ 86‬وعش الورور وغريها‪ ،‬ومنهم‬ ‫من قرر الذهاب أبعد من ذلك إىل الساحل السوري‪ ،‬بعد‬ ‫حدوث العديد من االغتياالت اليت طالت أبناء الطائفة‬ ‫حتت العديد من «التهم» أبرزها «هتمة العواينية»‪ ،‬مما‬ ‫بدأ يثري خماوف لدى بعض املعارضني العلويني من تعزيز‬ ‫فكرة «تقسيم سورية» و «إقامة الدول العلوية» مستقبالً‪.‬‬

‫حال أم بسام يشبه حال أم رائد اليت خرجت من منطقة‬ ‫املعضمية يف ريف دمشق إىل قرية قريبة من مدينة جبلة‪،‬‬ ‫فتقول «سكنت بينهم ‪ 20‬عاماً وكنا أكثر من أهل» يف‬ ‫إشارة إىل الطائفة السنية‪ ،‬وتضيف «يف يوم من أيام الصيف‬ ‫عندما بدأ اجليش احلر يتشكل يف منطقتنا‪ ،‬فوجئنا بضرب‬ ‫وقرع متواصل على باب منزلنا‪ ،‬وعندما فتحت الباب رأيت‬ ‫فوهات البواريد فبدأت بالصراخ‪ ،‬قالوا يل (يا أم بسام‪،‬‬ ‫نعرفكم منذ أعوام وهذه املرة نكتفي بإنذاركم بسبب‬ ‫ابنك بسام لكن يف املرة القادمة سرتون شيئاً آخر)»‪.‬‬

‫أسباب المغادرة‬

‫«اهتم» عناصر اجليش احلر ابن أم رائد بأنه «عوايين»‬ ‫ويتعامل مع جيش النظام‪ ،‬إال أهنا تؤكد أنه ال يوجد صلة‬ ‫تربطهم به‪ ،‬هذا األمر دفعها إىل ترك منزهلا والعيش يف منطقة‬ ‫يتجمع فيها أبناء الطائفة العلوية‪ ،‬وتشري إىل أهنا يف كل مرة‬ ‫تزور منزهلا لالطمئنان عليه تلقى معاملة طيبة من جرياهنا‪.‬‬

‫رنا ( ‪ 24‬عاماً) انتقلت مع عائلتها اليتكانت تقطن يف جديدة‬ ‫عرطوز بريف دمشق إىل منطقة مزة ‪ 86‬بدمشق‪ ،‬رغم حالتهم‬ ‫املادية املتواضعة‪ ،‬واليت ال تسمح هلم بدفع اإلجيار إال بصعوبة‪.‬‬ ‫تقول رنا «(رحنا خبطية غرينا)‪ ،‬فبعد اجملزرة اليت ارتكبها‬ ‫النظام يف جديدة واليت راح ضحيتها حنو ‪ 50‬شاباً‪،‬‬ ‫أصبح السكن فيها بالنسبة للعائالت العلوية أمراً‬ ‫خطراً مثلما هو يف مناطق أخرى يف دمشق وريفها»‪.‬‬ ‫إال أن ذلك مل يكن السبب الوحيد لتغيري مقر‬ ‫إقامتهم‪ ،‬فتشري رنا إىل انتشار ظاهرة القتل اإلفرادي‬ ‫ألبناء طائفتهم بشكل الفت ما أثار خماوفهم‪.‬‬

‫منهم من ينتظر‬ ‫وتنتظر سامية (‪ 30‬عاماً) اليت تسكن يف مساكن‬ ‫برزة حلول فصل الصيف لتسافر مع والدهتا اليت تعمل‬ ‫كمدرسة إىل الالذقية‪ ،‬وسامية تعيش يف دمشق منذ والدهتا‬ ‫ّ‬ ‫وتبدي حزهنا من قرار املغادرة قائلة «أحب الشام جداً‪،‬‬ ‫وال أريد الذهاب لكننا نعيش بتوتر‪ ،‬حننا هنا كالغرباء»‪.‬‬ ‫وتضيف «يف كل مرة أقرأ على تنسيقية منطقتنا الشتائم‬ ‫على العلويني‪ ،‬وبأهنم لن يرتكوا أحداً منّا‪ ،‬أشعر بالرعب‬ ‫وال أستطيع النوم‪ ،‬وخاصة أنه ال يوجد لدي أخ شاب»‪.‬‬

‫وهذه األمر أكدته أم فراس‪ ،‬اليت تقطن منطقة جديدة‬ ‫عرطوز أيضاً‪ ،‬فتقول «شهدت مقتل اثنني مما يسموهنم‬ ‫العواينية بأم عيين من قبل اجليش احلر‪ ،‬أحدهم من الطائفة‬ ‫العلوية‪ ،‬وذلك خالل الصيف أي قبل دخول اجليش‬ ‫النظامي بأشهر‪ ،‬وكل فرتة أمسع عن مقتل ضابط أو‬ ‫عوايين علوي يف املنطقة‪ ،‬وهذا ما دفعين إىل السفر حملافظة‬ ‫الالذقية كوهنا أكثر أماناً‪ ،‬أخشى أن يصل الدور لعائليت»‪.‬‬

‫وهذا حال مساح (‪25‬عاماً) أيضاً اليت تبني أهنا تفكر‬ ‫بالرحيل مع عائلتها إىل الساحل بسبب خوفها‪ ،‬فتتساءل‬ ‫«يف حال سقط النظام ماذا سيفعلون بنا؟ حننا لسنا‬ ‫مؤيدين لكن الصاحل يذهب مع الطاحل يف هذه األيام»‪.‬‬

‫خطف وتهديد‬

‫ارتفاع اإليجارات‬

‫أم بسام اليت تقطن يف منطقة عش الورور تبني أهنا قررت‬ ‫الرحيل إىل حمافظة طرطوس بعد خطف ابنها البكر مازن‪،‬‬ ‫زوجته بشهرين خطفوه»‪ ،‬وتتابع «ابين‬ ‫فتقول «بعد أن ّ‬ ‫كان يعمل سائق تكسي أوقفوه وأخذوه لكنهم مل يقتلوه‪،‬‬ ‫وعندما تكلموا معنا قالوا إهنم سيطلقون سراحه ألنه بريء‪،‬‬ ‫ويف كل مرة نتفق على موعد يتم تأجيله‪ ،‬وآخر مرة قالوا‬ ‫لنا أنه معهم يف دوما‪ ،‬وحنن على هذا الوضع منذ أشهر»‪.‬‬

‫صاحب أحد مكاتب العقارات يف منطقة الـ‪ ،86‬يقول‬ ‫إن «أسعار اإلجيارات يف املنطقة ارتفعت إىل ‪ 20‬ألف‬ ‫وأكثر من ذلك‪ ،‬بسبب توافد أعداد كبرية إىل املنطقة»‪،‬‬ ‫مشرياً إىل أن أغلب املنازل تؤجر مفروشة لعائالت علوية‬ ‫تركت منازهلا يف القابون وبرزة وجديدة عرطوز وغريها‪،‬‬ ‫إال أنه ما زال هناك عائالت سنية تسكن املنطقة أيضاً‪.‬‬

‫تؤكد أم بسام أنه مبجرد عودة ابنها إليها ستسافر إىل طرطوس‬ ‫حيث أهنا لن تشعر بالتهديد هناك‪ ،‬إذ أهنا «ستكون بني أهلها»‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫‪ 30‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الثامن عرش‬

‫وحال هذه املناطق تشبه حاالت اإلجيارات يف‬ ‫طرطوس‪ ،‬حيث يبني علي‪ ،‬الذي يقيم مع زوجته‬ ‫وابنه منذ شهرين يف احملافظة بعد أن ترك منزله يف‬

‫صحنايا‪ ،‬أن أسعار اإلجيارات فيها أصبحت مرتفعة‪،‬‬ ‫بسبب عودة العلويني ملناطقهم‪ ،‬وأغلبهم من الضباط‬ ‫باإلضافة إىل النازحني القادمني من احملافظات األخرى‪.‬‬ ‫ضباط يبيعون برخص‬ ‫عائالت علوية تركت منازهلا فارغة منتظرة احلسم‪ ،‬لكن هناك‬ ‫من باعها برخص ليشرتي منزالً يف الساحل‪ ،‬وهذا هي حال‬ ‫عائلة وفاء اليت تقول «بعنا منزلنا يف جديدة عرطوز بثالثة‬ ‫ماليني فقط‪ ،‬وهو نصف املبلغ الذي يستحقه املنزل»‪.‬‬ ‫وتضيف وفاء «لقد كنا على عجل بعد اغتيال‬ ‫العديد من أصدقاء أيب يف املنطقة على يد اجليش‬ ‫احلر‪ ،‬فلم نكن نريد سوى النجاة والسفر»‪.‬‬ ‫مخاوف‬ ‫مل تشعر ندى (‪ 27‬عاماً) واليت تقيم يف منطقة املزة‬ ‫باالرتياح لفكرة سفر العلويني إىل الساحل‪ ،‬واعتربت‬ ‫أن ذلك ليس بأمر جيد بالنسبة ملستقبل سورية‪ ،‬وتؤكد‬ ‫أهنا كانت مع الثورة منذ بدايتها‪ ،‬لكنها تربر خوف‬ ‫البعض وسفرهم بسبب «الضغط» الذي يعيشونه‪.‬‬ ‫تقول ندى «إذا فكر اجلميع بالعودة ستصبح فكرة‬ ‫التقسيم أسهل‪ ،‬وهذا ما يريده النظام والعديد من‬ ‫األطراف اخلارجية‪ ،‬وال جيب أن نقبل بذلك‪ ،‬إال أن‬ ‫الوضع أصبح خطرياً واالنتقامات ال تقاس بالعقل»‬ ‫تصمت لتضيف «أخشى من اندالع حرب أهلية»‪.‬‬ ‫أما لينا ال تزال تصر مع عائلتها على عدم مغادرة‬ ‫منطقة إقامتهم‪ ،‬فبحسبها هم العائلة العلوية الوحيدة‬ ‫املتبقية يف إحدى مناطق ريف دمشق‪ ،‬تقول «لو مل‬ ‫لتم االنتقام‬ ‫نثبت للمعارضة يف منطقتنا أننا معارضون‪ّ ،‬‬ ‫مناّ منذ زمن بعيد‪ ،‬وحنن اآلن نعيش كما يعيش باقي‬ ‫سكان املنطقة على وقع االشتباكات اليت حتدث من‬ ‫حني آلخر (‪ )...‬ننتظر حتسن األحوال ونأمل ذلك»‪.‬‬


‫إضاءات‬

‫معارك القصري‬

‫هل بدأ النظام برسم دولته الطائفية؟‬

‫أنور عمران‬ ‫يفجر املنطقة‪ ،‬وأن احلريق‬ ‫صرح األسد بأنه سوف ّ‬ ‫لطاملا ّ‬ ‫سوف ميتد إىل دول اجلوار‪ .‬وتبدو معركة القصري اليوم‬ ‫منعطفاً خطرياً يف تاريخ الثورة السورية‪ ،‬فألول مرة ومنذ‬ ‫بدء الثورة يدعو الشيخان اللبنانيان‪ :‬أمحد األسري وسامل‬ ‫رداً على مشاركة حزب اهلل‬ ‫الرفاعي إىل اجلهاد يف سورية‪ّ ،‬‬ ‫يف املعارك‪ .‬والالفت أن هذه الدعوة القت قبوالً لدى بعض‬ ‫الشباب اللبنانيني املتعاطفني مع الثورة السورية‪ ،‬وبذلك‬ ‫تكون داللة هذه التطورات األخرية أن لبنان الذي يدعي‬ ‫االلتزام بسياسة النأي بالنفس‪ ،‬أصبح متورطاً بشماله‬ ‫وجنوبه مبا جيري يف سورية‪ ،‬وأن احلريق سوف ميتد إىل تركيبته‬ ‫الطائفية اهلشة‪ ،‬واليت ال حتتاج إال إىل عود ثقاب واحد‪.‬‬ ‫حياول النظام السوري يف سعيه إلقامة الدويلة الطائفية‪ ،‬أن‬ ‫ط إمداد من جنوب لبنان إىل الساحل السوري‪،‬‬ ‫يفتح خ ّ‬ ‫ولذلك قامت ميليشيا حزب اهلل بالتوغل يف سهل البقاع‬ ‫اللبناين خالل األشهر املاضية‪ ،‬حىت أطبقت السيطرة على‬ ‫احلدود السورية مشال شرق لبنان‪ .‬لكن خط اإلمداد هذا‪،‬‬ ‫مير من‬ ‫ولكي يصل إىل جبال الالذقية‪ ،‬ال بد له من أن ّ‬ ‫ريف محص الغريب‪ ،‬حيث تقف مدينة القصري عائقاً يف‬ ‫وجه املخطط‪ ،‬وعليه فقد أرسلت قوات النظام اآلالف‬ ‫من عناصر اجليش والشبيحة‪ ،‬مدعومني بالطريان احلريب‪،‬‬ ‫كما أرسل حزب اهلل أيضاً اآلالف من مقاتليه‪ .‬لكن ال‬ ‫جيش السوري احلر أحبط حىت اآلن معظم‬ ‫حماوالت االقتحام‪ ،‬وكبّد احلليفني خسائر فادحة‪،‬‬ ‫وماتزال املعارك يف القصري تدور حىت اللحظة يف‬ ‫حماولة من الطرفني للسيطرة على القرى احلدودية‪.‬‬ ‫وبعد أكثر من أسبوع من احلملة اليت تتعرض هلا مدينة‬ ‫القصري‪ ،‬كان التصعيد األعنف يوم ‪ 2013/4/25‬حيث‬ ‫أسفرت عن سقوط‬ ‫استهدفت املدينة بسبع غارات جوية‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫عدد كبري من الشهداء‪ ،‬كان بينهم الشاعر حممد وليد‬ ‫املصري (رئيس فرع احتاد الكتاب العرب يف محص)‪ ،‬الذي‬ ‫كان يعيش يف مسقط رأسه القصري رافضاً اخلروج منها‪،‬‬ ‫وآخر ما كتبه الشاعر على صفحته يف موقع «فيسبوك» ‪:‬‬ ‫بالدي ِ‬ ‫آه يا أمي وصويت‬ ‫فقالت‪ :‬يا حبييب‬ ‫أغيثيين ‪ْ ،‬‬ ‫صدوق‬ ‫حلييب يا «ضنا عُمري» ٌ‬

‫البوح مقطوعُ التنادي‬ ‫عجوز ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫اجلهاد‬ ‫ألق‬ ‫مترْد واستع ْد َ‬ ‫ّ‬

‫فأثلج روح أمك يف الب ِ‬ ‫عاد‬ ‫ْ َ َ ُ‬

‫تتعرض منذ مطلع آذار لتصعيد‬ ‫أما محص احملاصرة فهي ّ‬ ‫عسكري هائل‪ ،‬إذ حياول النظام بآلته العسكرية ومجوعه‬ ‫أن حيسم هناك‪ ،‬وذلك على جبهتني‪ :‬اجلبهة الشرقية من‬

‫كرم مششم وصوالً إىل اخلالدية‪ ،‬واجلبهة الغربية من مركز‬ ‫املدينة باجتاه حي باب هود‪ ،‬وبعد أكثر من أربعني يوماً‬ ‫من حماوالت االقتحام‪ ،‬جنح النظام يف السيطرة بالكامل‬ ‫على حي كرم مششم‪ ،‬ووصلت قواته إىل احلديقة اليت تقع‬ ‫خلف جامع النور‪ ،‬أما يف باب هود‪ ،‬فقد جنح يف السيطرة‬ ‫على كتلة سكنية من جهة شارع اخلندق‪ ،‬كل ذلك مت‬ ‫خالل أربعني يوماً‪ ،‬وبعد استخدام كثيف لكافة صنوف‬ ‫األسلحة الثقيلة‪ ،‬من مدفعية وطريان ومدرعات‪ ،‬وأيضاً‬ ‫براميل الـ يت إن يت‪ ،‬واليت صار يستهدف هبا األبنية فتنهار‬ ‫بالكامل‪ ،‬بينما فشل يف اهلجوم على اخلالدية من جهة‬ ‫شارع القاهرة‪ ،‬وتق ّدر الكلفة البشرية اليت تكبّدها النظام‬ ‫يف سبيل ما حققه الشهر املاضي‪ ،‬مبئات القتلى واجلرحى‪،‬‬ ‫وبأعداد أكرب من األسرى الذين وقعوا يف قبضة اجليش احلر‪.‬‬ ‫من جانب آخر‪ ،‬انطلقت مجاعات الثوار الستكمال حترير‬ ‫حي القرابيص‪ ،‬ومتت العملية بنجاح‪ ،‬تالها تق ّدم هائل‬ ‫للثوار على جبهة حي القصور‪ ،‬حيث متّ اسرتداد قسم‬ ‫منه‪ ،‬أما مديرية املصابغ على شارع امليماس‪ ،‬واليت كانت‬ ‫يف وقت سابق مركزاً لقوات النظام‪ ،‬أصبحت اليوم حتت‬ ‫نريان اجليش احلر‪ ،‬بعد أن استوىل على كل األبراج املطلة‬ ‫عليها‪ ،‬وبسبب خوف النظام من استيالئهم عليها بالكامل‬ ‫واغتنام األسلحة املوجودة فيها‪ ،‬قام بقصفها بالطريان‪.‬‬

‫وحي الوعر الذي يقع يف اجلهة الشمالية الغربية ملدينة‬ ‫املهجرة‬ ‫محص‪ ،‬والذي أصبح‪ ،‬منذ عام‪ ،‬مالذاً للعائالت ّ‬ ‫من أحياء محص القدمية واخلالدية وجورة الشياح والقصور‬ ‫والقرابيص‪ ،‬فاكتظ بآالف العائالت‪ ،‬وبات يضم اآلن اليوم‬ ‫حوايل ‪ 500‬ألف نسمة‪ ،‬معظمهم من الشيوخ والنساء‬ ‫واألطفال‪ ،‬ويتعرض منذ حوايل الشهر إىل قصف مدفعي‬ ‫متقطّع بقذائف اهلاون اليت تنطلق من الكلية احلربية‪ ،‬ويبدو‬ ‫أن الغاية من هذا القصف‪ ،‬هو هتجري ما تبقى من سكان‬ ‫محص‪ ،‬إلخالئها بشكل كامل‪ ،‬وباملقابل الثوار يف محص‬ ‫يردون على جيش النظام بإطالق قذائف هاون‬ ‫القدمية‪ّ ،‬‬ ‫مماثلة على األحياء احلاضنة للشبيحة‪ ،‬وهكذا تتوازى قوى‬ ‫الردع‪ ،‬فيتوقف النظام عن قصف الوعر‪ ،‬ويذكر أن حي‬ ‫الوعر يضم اآلن ما تبقى من سكان محص‪ ،‬بعضهم‬ ‫يقطنون يف البيوت واآلخرون يف املدارس‪ ،‬ويعانون مجيعاً‬ ‫وشح املوارد‪ ،‬باإلضافة إىل املدامهات‬ ‫من غالء األسعار ّ‬ ‫واالعتقاالت املستمرة‪ ،‬واليت يشرف عليها فرع أمن‬ ‫املتخصص مبنطقة الوعر‪.‬‬ ‫الدولة يف محص‪ ،‬وهو الفرع‬ ‫ّ‬ ‫أما الريف الشمايل وباألخص الرسنت وتلبيسة‬ ‫والغنطو فهو يتعرض لقصف شبه يومي‪ ،‬وكذلك‬ ‫حال منطقة احلولة يف الريف الشمايل الغريب‪.‬‬

‫‪ 30‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الثامن عرش‬

‫‪11‬‬


‫األخرية‬

‫مل تشفع له سلميته يف مواجهة‬ ‫نظام القتل‬ ‫الشهيد معن العودات‬ ‫لقب جبيفارا حوران‪ ،‬نظراً لتوجهاته الفكرية اليسارية‪،‬‬ ‫واندفاعه الثوري غري احملدود‪ ،‬فقد كان أحد أهم قادة‬ ‫املظاهرات وحمركوها يف حوران‪ ،‬من أسرة ذات تاريخ‬ ‫سياسي طويل‪ ،‬فوالده معارض سجن وعذب على زمن‬ ‫حافظ األسد‪ ،‬وتويف بسبب حصار درعا على زمن‬ ‫وريثه بشار‪ ،‬وشقيقه أيضاً املعارض املعروف هيثم مناع‪.‬‬ ‫الشهيد معن العودات‪( ،‬مواليد درعا ‪ ،)1959‬مهندس‬ ‫معماري‪ ،‬أو مندس حوراين كما حيب أن يسمي نفسه‪،‬‬ ‫اعتقل إبان الثورة عدة مرات‪ ،‬وما أن خيرج من املعتقل‬ ‫حىت يسارع إىل االخنراط يف املظاهرات‪ ،‬ومواكب‬ ‫تشييع الشهداء‪ ،‬حىت وضعت رصاصة قناص غادر‪،‬‬ ‫من جيش النظام‪ ،‬حدا حلياته يف ‪ 2011/8/8‬أثناء‬ ‫تشييع الشهيد حممد األكراد يف منطقة درعا البلد‪.‬‬ ‫يعترب الشهيد معن العودات أحد أهم رموز النضال‬ ‫املدين السلمي يف حوران‪ ،‬وأحد أركان احلراك يف‬ ‫مرحلته السلمية قبل أن جترب مهجية النظام وإمعانه‬ ‫يف قتل املطالبني باحلرية‪ ،‬مبا فيهم دعاة السلمية‪،‬‬ ‫للتحول إىل العمل العسكري الثوري بشكل كامل‪.‬‬

‫هل وصل النظام إىل الخيار االنتحاري؟‬ ‫رند بيطار‬ ‫أمام كامريات الصحفيني والناشطني‪ ،‬هتاطلت‬ ‫عبوات الغازات السامة على سراقب يوم‬ ‫‪ ،2013/4/29‬خملفة العديد من الضحايا بني‬ ‫شهيد ومصاب نقل بعضهم إىل تركيا خلطورة حالته‪.‬‬ ‫ما الذي يريده النظام من وراء ذلك؟‪ ،‬هل يريد أن‬ ‫يوجه رسالة هتديده إىل اجملتمع الدويل بأنه قد يلجأ‬ ‫إىل هذا اخليار االنتحاري‪ ،‬ويهدم املعبد على نفسه‬ ‫وعلى اآلخرين؟ فمن بديهيات األمور أن استخدامه‬ ‫هلذه األسلحة سوف يؤدي لتدخل عسكري دويل‪،‬‬ ‫ليس ألن ذلك خط أمحر رمسته أمريكا والغرب‪،‬‬ ‫بل ألن الرأي العام العاملي لن يبقى حيادياً‪ ،‬فيما لو‬ ‫ظهرت صور الضحايا مثلما ظهرت يف حلبجة العراق‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن استخدامه لتلك األسلحة حىت اآلن‬ ‫هو استخدام تكتيكي حمدود‪ ،‬إال أن هذا االستخدام‬ ‫قد يؤدي إىل رفع سقف املسموح به دولياً شيئاً فشيئاً‪،‬‬ ‫وال جيب السكوت عنه‪ .‬لكن أيضا من الواجب أن‬ ‫ال يستسلم الثوار هلذا التهديد‪ ،‬وكأنه قدر ال مفر من‬ ‫الرضوخ له‪ ،‬وعليهم أن يعلموا أن السالح الكيميائي‬ ‫ميكن جتنبه‪ ،‬فيما لو اختذوا بعض االحتياطات املناسبة‪،‬‬

‫‪12‬‬

‫‪ 30‬نيسان ‪ / 2013‬العدد الثامن عرش‬

‫وحىت يف حال اإلصابة به‪ ،‬ميكن أن يعاجلوا آثاره‪.‬‬ ‫يعترب‬ ‫مبواد‬ ‫الرداء‬ ‫حقنة‬

‫القناع الواقي من الغازات الذي ميكن تصنيعه‬ ‫بسيطة أهم أدوات الوقاية‪ ،‬يتلوه يف األمهية‬ ‫البالستيكي‪ ،‬أما يف حال اإلصابة فإن‬ ‫اتروبني أو ديازبام‪ ،‬قد تكون كافية للعالج‪.‬‬

‫هذا طبعا غري عدم البقاء يف مناطق حمصورة‪ ،‬ومغادرة‬ ‫املنطقة امللوثة إىل مكان مرتفع أو منطقة مفتوحة‪.‬‬ ‫وال ننسى أيضاً أن توثيق أي جرمية من هذا النوع‪ ،‬هو‬ ‫عمل بالغ األمهية‪ ،‬فالنظام يعمل اليوم على نطاقات‬ ‫حمدودة‪ ،‬ليستكشف رد فعل اجملتمع الدويل‪ ،‬فإن مل تصل‬ ‫إليه الصورة واألدلة املقنعة‪ ،‬فإنه لن يتواىن عن استخدامه‬ ‫بشكل كثيف كما استخدم كل أنواع األسلحة‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.