العدد السابع والعشرون من جسر

Page 1

‫رأي‬

‫سوريون‬

‫‪3‬‬

‫عن اإلسالم السياسي والديموقراطية في بلداننا‬

‫الطالب وقود الثورة أحالم مؤجلة إلى ما بعد االنتصار‬

‫‪9‬‬ ‫تصدر عن مؤسسة النهرين للثقافة واالعالم‬

‫سورية أسبوعية مستقلة‬

‫الثالثاء ‪ 9‬تموز ‪ / 2013‬العدد السابع والعشرون‪ /‬السنة األولى‬

‫في االزدواجية التي ما تزال تستوطن في عقولنا!!‬

‫عبد الناصر العايد‬

‫النظام وأعوانه هم المتهم األول‬

‫اغتياالت لقادة في الجيش الحر بمدينة الميادين‬

‫مصافي النفط الصغيرة‬

‫الفنان حسام السعدي‪:‬‬

‫الشكل الجديد لتكرير النفط‬

‫الثورة أعادتني إلى الرسم‬

‫‪5‬‬

‫‪www.facebook.com/jesrpress‬‬

‫كيف تبني فريق عمل ناجح؟‬

‫‪7‬‬

‫‪www.twitter.com/jesr_press‬‬

‫‪11‬‬

‫مفجع وصادم موقف نسبة كبرية من حاملي لواء احلرية والدميقراطية من‬ ‫الثوار السوريني مما جرى يف مصر‪ ،‬فقد أيدوا إطاحة اجليش بالرئيس‬ ‫الذي انتخب وفق تصويت اعرتفت كافة منظمات مراقبة الشفافية‬ ‫االنتخابية يف العامل بنزاهته وصحته‪ ،‬وهو مؤشر خطري على هشاشة‬ ‫فكرة الدميقراطية لدى هؤالء وسطحية نزعتهم إىل احلرية‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يثري الشكوك واملخاوف حول أدائهم املستقبلي‪ ،‬يف بلد نطمح إىل‬ ‫أن يبىن على أسس متينة حترتم حرية اإلنسان وكرامته‪ ،‬وتتخذ من‬ ‫حقوقه األساسية دليالً صلباً هلا‪ ،‬وتعمل وتتحرك وفق اآلليات واملبادئ‬ ‫الدميقراطية املعروفة واملتعارف عليها عاملياً‪.‬‬ ‫لقد انطلق بعض من هلّل من السوريني لالنقالب العسكري يف مصر من‬ ‫واقعة حقيقية‪ ،‬وهي سوء إدارة مرسي‪ ،‬وحماولته احتكار السلطة وحصرها‬ ‫يف حزبه‪ ،‬فيما القاعدة املعروفة للحكم الرشيد تقول أن على من يُنتخب‬ ‫حتزبه فوراً‪ ،‬وإال فإن الفشل سيكون حليفه‪،‬‬ ‫رئيساً للبالد أن يتخلى عن ّ‬ ‫وهو خطأ يقع يف كافة الدميقراطيات الناشئة‪ .‬وكان جيدر بالساسة‬ ‫املصريني وخنبهم أن يعملوا لتقومي املسار واملضي يف التجربة الدميقراطية‪،‬‬ ‫على ما فيها من عيوب‪ ،‬بالوسائل الدميقراطية مثل االحتجاج والتظاهر‬ ‫والعصيان املدين‪ ،‬حىت إنضاجها‪ ،‬فقد أثبتت جتارب الدول اليت سبقت‬ ‫عاملنا العريب يف االنتقال الدميقراطي أن مشاكل الدميقراطية حتل باملزيد‬ ‫من الدميقراطية‪ ،‬وليس بانقالب عسكري!!‬ ‫وينطلق بعض آخر من السورين يف تأييدهم لالنقالب العسكري يف‬ ‫مصر من ختوفاهتم املتعلقة باالجتاه الديين للحكم القائم هناك‪ ،‬ومن‬ ‫إمكانية تغيريه للدستور ليلتهم حقوق األقليات الدينية والفئات اهلشة‬ ‫مثل املرأة واملثقفني وغريهم‪ ،‬وهو ختوف يف مكانه‪ ،‬لكن هل يكون الرد‬ ‫عليه باعتقال رئيس اجلمهورية وتغييبه‪ ،‬واعتقال قادة وأفراد من هذا‬ ‫احلزب جملرد الشك بالنوايا‪ ،‬وإغالق وسائل اعالمهم‪ ،‬وهل حيملنا جمرد‬ ‫التخوف من احتمال أن يقصينا اآلخر إىل إعدامه سياسياً واعالمياً‬ ‫وحقوقياً؟! أال تقول القاعدة الدميقراطية الذهبية "إنين قد أختلف معك‬ ‫يف الرأي‪ ،‬لكنين أدفع حيايت مثناً حلقك يف قول رأيك والتعبري عنه"!!‬ ‫إن اهتمامنا هبذه القضية "املصرية" اآلن‪ ،‬فيما جممل األرض السورية‬ ‫تقصف بشىت أنواع السالح املدمر‪ ،‬ليس ترفاً وال انفصاالً عن الواقع‪ ،‬فما‬ ‫نعانيه اليوم يف بالدنا من قتل وتدمري‪ ،‬هو يف أحد أوجهه‪ ،‬مثن الصمت‬ ‫على جتاوزات يف التفكري والسلوك‪ ،‬تغاضينا عنها يوماً باعتبارها أشياء‬ ‫عدمية األمهية‪ ،‬كما حدث من ال مباالتنا يوم مت تغيري دستور بالدنا يف‬ ‫مطلع هذا القرن‪ ،‬وتنصيب جمرم اليوم رئيساً علينا‪ ،‬وبوسعنا اآلن أن ننظر‬ ‫إىل هذا اخلراب العميم بيقني تام أنه كان نتيجة هتاوننا آنذاك‪.‬‬ ‫إن متسكنا املبدئي بقناعاتنا ووضوحنا وانسجامنا معها وإخالصنا هلا‪،‬‬ ‫مهما كلفتنا من مثن‪ ،‬ومنذ اآلن‪ ،‬هو الضمانة الوحيدة لبلوغ ثورتنا‬ ‫غايتها‪ ،‬وتساهلنا أو مهادنتنا للعقلية االزدواجية‪ ،‬اليت تلوي عنق احلقيقة‪،‬‬ ‫وتدير الظهر للمبادئ اليت ت ّدعي اعتناقها‪ ،‬عند أول مفرتق‪ ،‬سيجعل من‬ ‫ثورتنا جمرد قفزة يف اهلواء‪.‬‬ ‫‪jesr.press@gmail.com‬‬


‫أخبار اقتصادية‬ ‫إعداد‪ :‬سامي إبراهيم‬

‫ارتفاع أسعار األدوية بنسبة ‪%25‬‬

‫أصدرت وزارة الصحة قراراً برفع أسعار األدوية بنسبة ‪ %25‬لألدوية‪ ،‬اليت‬ ‫يزيد سعرها على‪ 100‬لرية‪ ،‬يف حني مت رفع سعر األدوية اليت ال يتجاوز‬ ‫سعرها الـ‪ 100‬حبدود ‪ .%50‬كما نشر موقع نقابة صيادلة ريف دمشق‬ ‫الئحة باألسعار اجلديدة لألدوية اليت أصدرهتا الوزارة‪.‬‬ ‫وكان وزير الصحة سعد النايف قد أعلن مؤخراً أن قراراً سيصدر خالل‬ ‫فرتة قريبة جداً برفع أسعار األدوية "حلماية األمن الدوائي‪ ،‬واحلفاظ‬ ‫على معامل األدوية وجتنب إغالقها نتيجة ارتفاع أسعار املواد األولية‬ ‫ومستلزمات صناعتها"‪.‬‬ ‫كما قال النايف‪ ،‬يف شهر آذار املاضي‪" :‬إن معامل األدوية الوطنية‪،‬‬ ‫تغطي ما بني ‪ 60‬و‪ %70‬من احتياجات السوق احمللية من الدواء‪،‬‬ ‫مرتاجعة بذلك من ‪ ،%93‬مؤكداً بأنه مت توفري كل االحتياجات من‬ ‫معظم األدوية النوعية غري املنتجة حملياً للعام احلايل‪ ،‬وهي قيد الشحن‬ ‫حالياً"‪.‬‬ ‫وكانت تقارير إعالمية أوضحت يف وقت سابق‪ ،‬أن نسبة نقص بعض‬

‫مستويات قياسية للدوالر والذهب‬ ‫سجل سعر صرف الدوالر يف السوقني السوداء‬ ‫والنظامية يوم االربعاء مستوى قياسياً جديداً‪,‬‬ ‫حيث سجل أكثر من ‪ 220‬لرية يف السوق‬ ‫السوداء وجتاوز حاجز ‪ 103‬رمسياً‪ ,‬كما سجل‬ ‫الذهب أعلى مستوى له على االطالق ليسجل‬ ‫غرام ‪ 21‬حنو ‪ 7600‬لرية‪.‬‬ ‫وأفاد متعاملون يف السوق السوداء أن سعر صرف‬ ‫الدوالر "جتاوز ‪ 220‬للمبيع و‪ 215‬لرية للشراء"‪،‬‬ ‫فيما أشاروا إىل أن "حركة بيع وشراء الدوالر متوقفة‬ ‫تقريباً عن التداول"‪.‬‬ ‫وكان أديب ميالة‪ ،‬حاكم مصرف سوريا املركزي‪،‬‬ ‫قد أعلن مؤخراً أن إعادة سعر الدوالر إىل ‪100‬‬ ‫لرية‪ ،‬هو أمر غري ممكن حالياً ‪ ،‬فيما قال النائب‬ ‫االقتصادي قدري مجيل األسبوع املاضي إن سعر‬ ‫صرف الدوالر سيعود اىل ‪ 100‬لرية تدرجيياً‪ ،‬كما‬ ‫أوضحت مصادر يف املصرف املركزي مؤخراً‪ ،‬أن‬ ‫سعر الصرف سيحقق اخنفاضاً‪ ،‬الفتة اىل أن السعر‬ ‫السوق السوداء "ومهي"‪.‬‬ ‫وفيما خيص الذهب‪ ،‬حددت اجلمعية احلرفية‬ ‫للصاغة وصنع اجملوهرات واألحجار الثمينة يف‬

‫‪2‬‬

‫‪ 9‬تموز ‪ / 2013‬العدد السابع والعشرون‬

‫مرسوم يقضي بتشديد العقوبات‬

‫أصناف الدواء يف الصيدليات بلغت ‪ % 40‬وهذه النسبة يف تزايد‪ ,‬المفروضة على مزاولة مهنة الصرافة‬ ‫بسبب غياب حل مناسب إلعادة تشغيل معامل تصنيع الدواء‪ ,‬يف‬ ‫وقت حدد فيه نقيب صيادلة سوريا طريقتني حلل أزمة األدوية أوهلا أصدر الرئيس بشار األسد‪ ,‬يوم اخلميس‪ ,‬قانون ًا‬ ‫رفع سعر الدواء ليتناسب مع سعر القطع لتتمكن الشركات الدوائية يقضي بتعديل بعض مواد القانون رقم ‪ 29‬لعام‬ ‫من تأمني املواد األولية للصناعة الدوائية أو تأمني سعر قطع مناسب ‪ 2012‬املتعلقة بالعقوبات املفروضة على كل من‬ ‫من القطع األجنيب للصناعة الدوائية حتدد بسعر نظامي من املصرف يزاول مهنة الصرافة دون ترخيص‪ ،‬حيث شدد‬ ‫املركزي‪.‬‬ ‫العقوبات‪ ،‬وحوهلا لتغدو عقوبة جنائية بدال من‬ ‫ومت إغالق معظم معامل األدوية اليت تقع يف األرياف سواء يف حلب‬ ‫أو محص أو دمشق‪ ,‬نظراً لألوضاع األمنية‪ ,‬ما خلق حالة من نقص‬ ‫األدوية‪ ,‬حبسب بعض الصيدليات‪ ,‬حيث بات املواطن‪ ,‬أمام نقص‬ ‫بعض أصناف األدوية‪ ,‬يتجه لتأمني أدويته من اخلارج وخاصة من لبنان‬ ‫واألردن أو من السوق غري النظامية وهو ما يعرف باألدوية "املهربة"‬ ‫رغم أسعارها املرتفعة واليت ال تالئم دخول املواطنني‪.‬‬

‫عقوبة جنحية‪.‬‬

‫ونصت املادة ‪ 1‬من القانون رقم ‪ 18‬على أن تعدل‬ ‫الفقرة أ من املادة ‪ 1‬من القانون رقم ‪ 29‬لعام‬ ‫‪ ،2012‬حيث يعاقب كل من خيالف أحكام الفقرة‬ ‫أ من املادة ‪ 7‬من هذا القانون ويزاول مهنة الصرافة‬ ‫دون ترخيص باالعتقال املؤقت ملدة ال تقل عن ‪3‬‬ ‫سنوات وال تزيد على ‪ 10‬سنوات ومصادرة املبالغ‬ ‫املضبوطة نقداً وأي مبالغ مدونة يف القيود الورقية أو‬ ‫اإللكرتونية واإلسناد واألوراق اليت حتمل قيمة مالية‬ ‫وبغرامة مقدارها ثالثة أمثال املبالغ املصادرة على أال‬ ‫تقل عن مخسة ماليني لرية سورية‪.‬‬

‫أما املادة ‪ 2‬فتتضمن تعديل الفقرة رقم ب من املادة‬ ‫رقم ‪ 1‬من القانون رقم ‪ 29‬لعام ‪ , 2012‬حيث‬ ‫يعاقب كل من خيالف أحكام الفقرة ب من هذا‬ ‫القانون بالغرامة من ‪ 300‬ألف لرية سورية إىل مليون‬ ‫ومخسمئة ألف لرية سورية‪ ,‬كما يعاقب كل من‬ ‫دمشق سعر غرام الذهب عيار ‪ 21‬قرياطا يف خيالف أحكام الفقرة د من املادة ‪ 7‬من هذا القانون‬ ‫السوق احمللية بـ‪ ،7600‬يف حني حددت سعر بالغرامة من مليون ومخسمئة ألف لرية سورية إىل ‪5‬‬ ‫الغرام عيار ‪ 18‬بـ‪ 6514‬لرية‪ ,‬ليصل بذلك اىل ماليني لرية سورية‪.‬‬ ‫أعلى مستوى له على االطالق‪.‬‬ ‫كما حددت اجلمعية سعر اللرية الرشادية وجاء هذا املرسوم بناء على إقرار جملس الشعب‪،‬‬ ‫بـ‪ 55200‬لرية واإلنكليزية عيار ‪ 21‬بـ‪ 61800‬األحد املاضي‪ ،‬مشروع قانون يتضمن تعديل املادة‬ ‫لرية وعيار ‪ 22‬بـ‪ 64700‬لرية‪.‬‬ ‫‪ 1‬من القانون رقم ‪ 29‬لعام ‪ 2012‬الناظم ملهنة‬ ‫وسجل سعر غرام الذهب يوم الثالثاء ‪ 7500‬الصرافة‪ ،‬حيث شدد العقوبات‪ ،‬وحوهلا لتغدو عقوبة‬ ‫لرية‪ ،‬مرتفعاً ‪ 200‬لرية عن يوم االثنني‪ ،‬متأثراً جنائية بدالً من عقوبة جنحية‪.‬‬ ‫بارتفاع أسعار صرف الدوالر‪ ،‬كما أن أسعاره‬ ‫عاملياً عاودت الصعود بعد أن اخنفضت بنحو ‪ 20‬وكان حاكم مصرف سورية املركزي أديب ميالة‬ ‫باملئة منذ بداية العام‪.‬‬ ‫اعترب‪ ،‬يوم الثالثاء‪ ،‬أن مشروع تعديل قانون الصرافة‬ ‫"أتى ضمن جهود احلفاظ على استقرار سعر صرف‬ ‫اللرية"‪.‬‬

‫وأصدر جملس النقد والتسليف قراراً‪ ،‬يف أيار‬ ‫املاضي‪ ،‬أقر مبوجبه "تشكيل ضابطة عدلية‬ ‫تسمى الضابطة العدلية لضبط خمالفات الصرافة‬ ‫وهتريب العمالت"‪.‬‬


‫رأي‬ ‫عن اإلسالم السياسي والديموقراطية في بلداننا‬ ‫عبد الناصر العايد‬ ‫نشر هذا املقال يف صحيفة احلياة اللندنية يوم ‪2011 - 12 - 17‬‬ ‫صعد اإلسالميون إىل سدَّات احلكم اليت سقط عنها‬ ‫الطغاة العرب‪ ،‬فتعالت أصوات الالدينيني‪ ،‬من علمانيني‬ ‫وليرباليني ويساريني‪ ،‬حمذرة من الغول اإلسالمي الذي‬ ‫ولدته الدميوقراطية‪ ،‬ليبتلعهم بالقضاء على حريتهم‬ ‫حتديداً‪ .‬لكن نظرة منصفة وموضوعية للواقع تقول إن‬ ‫صعود اإلسالميني ال يعدو كونه حمطة يف مسار تطور‬ ‫جتربة شعوبنا السياسية واالجتماعية‪ ،‬ولن حيمل يف طياته‬ ‫السلطة املديدة لإلسالميني كما يتمىن هؤالء أو خيشى‬ ‫خصومهم‪ ،‬ألن ذلك يقتضي شروطاً ذاتية وموضوعية‬ ‫يستحيل على اإلسالميني حشدها‪.‬‬ ‫كان مرور مدحلة السلطة القمعية يف اجملتمعات العربية‬ ‫على البىن السياسية واالجتماعية املدنية احلديثة اليت‬ ‫حيتمل أن تنازعها السلطة ساحقاً؛ فيما جنت البىن‬ ‫التقليدية أو املرتبطة بالتجربة التارخيية والثقافة العامة‬ ‫للشعوب‪ ،‬الحتمائها بالضمري الشعيب‪ ،‬ووجود مركز‬ ‫ثقلها يف الريف بعيداً عن املدن حيث بؤر القمع األشد‪.‬‬ ‫فن التسويات املمكنة‪ ،‬عن جادة الدين املطلقة‪ .‬وتالياً‪،‬‬ ‫ال بد أن حتتشد الصورة النقية للجبهة الدينية بتدرجات‬ ‫وبسقوط األنظمة وجدت تلك التشكيالت طريقها‬ ‫لونية تصل إىل حد التناقض بني الديين املتعايل‪،‬‬ ‫إىل السلطة سالكاً وخالياً إال من بعض القوى احلداثية‬ ‫والرباغمايت الدنيوي‪.‬‬ ‫الكسيحة‪ ،‬واليت بالكاد تستطيع مواكبتها حىت هناية‬ ‫الشوط‪.‬‬ ‫أما السبب املوضوعي فيتمثل يف بديهية أن من يعمل‬ ‫أبرز األساليب اليت اتبعتها األنظمة إللغاء دور احلركات يف السياسة ويصبح يف مركز السلطة ال مناص له من‬ ‫احلداثية واحلد من فاعليتها كان عزهلا عن اجملتمع‪ ،‬التواصل مع اآلخرين ومع اخلصوم ومع العام ككل؛ ومبا‬ ‫حبرماهنا من إمكانية العمل والتفاعل العريضة النطاق أن الظرف الكوين اليوم مل يعد يسمح بأن يكون التواصل‬ ‫من نشاطات عامة وإعالم وغريه‪ .‬وعزل اجملتمع ذاته عن مع العامل حالالً على النخب حراماً على الشعب‪ ،‬فإن‬ ‫العامل وعن القوى اليت تطمح بالوصول إليه‪ ،‬وإدخاله اجلمهور سيتواصل بدوره ويتأثر بالكثري من النزعات‬ ‫يف حالة مخول وانكفاء اكتئايب على الذات‪ ،‬ال تنفتح الالدينية الشمولية‪ ،‬وعلى رأسها النزعة التجزيئية التوفيقية‬ ‫حلقته املفرغة إال على العوامل اهلوامية اخليالية املرتبطة اليت يدفعها تيار العوملة إىل كل مكان من العامل يف سعيه‬ ‫بعقله الباطن‪ ،‬أي بالدين‪.‬‬ ‫إىل خلط وتوحيد أمناط االستهالك والعيش والسلوك‬ ‫وقد وجد اإلسالميون أنفسهم أمام حالة مثالية لنشر والتفكري على مستوى الكوكب‪ .‬وبالتايل‪ ،‬ستحدث‬ ‫وإقامة دعاواهم يف أعلى سقف هلا‪ :‬الدولة الدينية‪ .‬أيضاً خروقات واسعة لنقاء القاعدة االجتماعية‬ ‫فعنصر النقاء هو العنصر األساسي التايل إلقامة الدولة للمشروع اإلسالمي‪ .‬وسيتضافر كال هذين املستجدين‬ ‫أو اجملتمع الديين بعد توفر األيدولوجيا‪ .‬ومن دون جمتمع ليقوضا جزءاًكبرياً من املنصة السياسية العالية اليت انطلق‬ ‫مأزوم يتماهى أفراده يف رؤية دينية واحدة ال ميكن أن منها اإلسالميون بُعيد سقوط الديكتاتوريات‪ ،‬وحيطَّها‬ ‫يزدهر هدف دنيوي خالصي مشتق من تلك الرؤية‪ .‬شيئاً فشيئاً لتعود إىل حجمها الواقعي‪ ،‬مقتصرة على‬ ‫املؤمنني احلقيقيني‪ ،‬وهم ال يزيدون كثرياً عن املؤمنني‬ ‫لكن هل مبقدور اإلسالميني أن حيافظوا على هذا مبعتقدات أخرى‪.‬‬ ‫العنصر يف املرحلة املقبلة‪ ،‬مرحلة التحضري إلقامة الدولة‬ ‫الدينية أو ما يشبهها؟ نعتقد أن ذلك غري ممكن لسببني‪ ،‬هذه الرتسيمة املبسطة قد تطرأ عليها بعض التعديالت‬ ‫ذايت وموضوعي‪ ،‬يتعلقان بالنقاء‪.‬‬ ‫هنا وهناك تبعاً للنموذج الذي سيتم تطبيقه‪ .‬لكنها يف‬ ‫فاحلركات اإلسالمية قبيل سقوط الديكتاتوريات مل تكن العموم لن خترج عن السياق املوصوف‪ ،‬ألن تلك النماذج‬ ‫سياسية باملعىن الكامل‪ ،‬وإن متكن بعضها من إقامة تنوس بني املشروع السياسي الذي خيرج به اإلسالميون‬ ‫سلطة رمزية موازية يف بعض حيزاته ومنعزالته‪ ،‬لكنها الذين كانوا معاً يف السجون أو املنعزالت االختيارية أو‬ ‫مل تدخل يف منازعات السلطة الفعلية ومكاسبها اليت اإلجبارية‪ ،‬ومشروع اإلسالميني الذين عاشوا يف الغرب‪،‬‬ ‫تؤدي‪ ،‬يف ما تؤدي‪ ،‬إىل تفرق املتحدين عقائدياً‪ ،‬ويف أو تعايشوا مع ثقافة خمتلفة بطريقة أو بأخرى‪ .‬فمن‬ ‫احلالة الدينية من السهل مهامجة الذين يتولون السلطة احملتمل أن تستخدم بعض احلركات السلطة املخولة هلا‬ ‫منهم وإحباط عملهم باستمرار من قبل زمالئهم يف باالقرتاع إلدامة حالة العزل‪ ،‬ومحاية النقاء حبجب اجملتمع‬ ‫العقيدة الذين مل حيظوا بتلك السلطة‪ .‬ويف هذا العصر عن املؤثرات اخلارجية‪.‬‬ ‫من السهل أيضاً التعبري عن ذلك‪ ،‬ويستطيع رجل يؤدي‬ ‫فروضه الدينية أن يدين حزباً أو تياراً إسالمياً كامالً يف وعلى رغم استحالة ذلك يف عصر املواصالت‬ ‫السلطة يف ما لو تصيد أخطاءه وانزياحاته عن الصراط واالتصاالت الفائقة‪ ،‬إال أن مثَّة من قد يفكر به معتقداً‬ ‫القومي وفق الرؤية الدينية‪ ،‬وما أكثر ما تنزاح السياسة‪ ،‬أن حظَّه يف النجاح سيكون أفضل من حظ القاعدة‬

‫وطالبان‪ ،‬أو ماليل إيران‪ .‬وحيتمل أيضاً أن حتاول بعض‬ ‫احلركات أن حتقق يف مرحلة حكمها جناحات على‬ ‫صعد تنمية اجملتمع والفرد لزيادة شعبيتها‪ ،‬وهو خيار‬ ‫نعتقد أنه النموذج القائد ملعظم اإلسالميني اليوم‪ ،‬لكنه‬ ‫النموذج الذي يعود ليقوض األساس العايل الذي وفرته‬ ‫هلا األنظمة القمعية يف ما مضى‪.‬‬ ‫فالنماء والبحبوحة لن يقودا إال إىل مزيد من التخفف‬ ‫من الطابع الديين للمجتمعات‪ ،‬ملصلحة مشاغل وسعادة‬ ‫دنيوية‪ ،‬وسينتهي األمر باحلركات واألحزاب اإلسالمية‬ ‫تلك إىل تفضيل العلمانية والتمسك هبا لتحافظ على‬ ‫مجهورها‪ ،‬على النحو الذي فعله أردوغان‪ ،‬أمثولة هذا‬ ‫النوع من اإلسالميني‪.‬‬ ‫ومتسك كثري من الساسة اإلسالميني بالعلمانية‪،‬‬ ‫أو بصيغتها األقل استفزازاً‪ :‬املدنية‪ ،‬جيب أال يدهش‬ ‫خصومهم‪ .‬فمدنية الدولة دستوراً ستكون املشجب‬ ‫الوحيد الذي يستطيع اإلسالميون الواصلون إىل احلكم‬ ‫أن يعلقوا عليه فشلهم يف حتقيق الوعود املقطوعة‬ ‫جلمهورهم بإقامة الدولة الدينية‪ ،‬املستحيلة واقعياً‪.‬‬ ‫منيل إىل تشبيه احليوية السياسية الناشئة اليوم يف جمتمعاتنا‬ ‫العربية بالتفاعل الكيميائي‪ .‬ومن أجل أن حنصل على‬ ‫نواتج مستقرة له ينبغي أن نسمح للعناصر بالتفاعل حىت‬ ‫النضوب‪ .‬هلذا نرى أن من األجدى للقوى واحلركات‬ ‫الدميوقراطية بتالوينها كافة‪ ،‬أن تدفع حنو استمرار دوران‬ ‫العجلة الدميوقراطية‪ ،‬على قاعدة أن مشاكل الدميوقراطية‬ ‫حتل بالدميوقراطية‪ .‬وأن تكرس نفسها للعمل هبدوء وجلد‬ ‫لكسر عزلتها والوصول والتواصل‪ ،‬واستقطاب مكونات‬ ‫من خمتلف فئات اجملتمع‪ ،‬باالستفادة القصوى من‬ ‫سندهم املكني‪ :‬احلداثة‪ .‬وعدم إضاعة الوقت واجلهد يف‬ ‫الشكوى‪ ،‬أو الدعوة إىل وقف التجربة الدميوقراطية‪ ،‬وهو‬ ‫ما يناقض شعارات الدميوقراطيني ومطالباهتم التارخيية‪،‬‬ ‫وتصب مستقبالً يف مصلحة خصومهم الدينيني‪.‬‬

‫بل أسوأ من ذلك‪ :‬قد جتعل الدميوقراطيني يقعون يف‬ ‫الفشل املتوقع لإلسالميني يف إقامة اجملتمع الذي‬ ‫ينشدون‪ ،‬وبدالً عنهم‪ ،‬ولكن بصيغة مقلوبة‪.‬‬ ‫‪ 9‬تموز ‪ / 2013‬العدد السابع والعشرون‬

‫‪3‬‬


‫حتقيق‬ ‫النظام وأعوانه هم المتهم األول‬ ‫اغتياالت لقادة في الجيش الحر بمدينة الميادين‬ ‫خاص "جسر" – الميادين‬ ‫سبع عمليات اغتيال في مدينة الميادين‬ ‫المستهدف فيها‬ ‫بمحافظة دير الزور‪ ،‬كان ُ‬ ‫قادة في الجيش الحر‪ .‬كان رقم هذه العمليات‬ ‫وتكرارها سبباً في تسليط الضوء عليها من خالل‬ ‫هذا التقرير الخاص والحصري لجريدة "جسر"‪.‬‬ ‫التقت "جسر" بعدد من القادة واملواطنني يف املدينة‬ ‫لفهم ما حيدث‪ .‬وقد كان اللقاء األول مع "أبو‬ ‫محزة" (أحد قادة جبهة "األصالة والتنمية" يف‬ ‫املنطقة الشرقية)‪ ،‬وهو كان أحد املستهدفني يف هذه‬ ‫العمليات‪ .‬وقال لـ "جسر"‪" :‬أوالً وقبل كل شيء‪،‬‬ ‫إن كل من اخنرط يف هذه الثورة هو مشروع للشهادة‬ ‫‪ ،‬وال حيصل إال بقدر اهلل عز وجل‪ ،‬شاء من شاء‬ ‫وأىب من أىب‪ ،‬فاملوت واحد سواء كان باالغتيال أم‬ ‫بساحات القتال‪ .‬وطاملا أننا خرجنا بصدق لدين‬ ‫اهلل عز وجل‪ ،‬ومن أجل هذا الوطن فمرحباً به‬ ‫‪,‬وهذا النظام معروف بغدره وخيانته"‪.‬‬ ‫ويتابع أبو محزة حديثه عن حماولة اغتياله‪" :‬حدث‬ ‫ذلك عندما كنت خارجاً ألمور عسكرية باجتاه‬ ‫مدينة العشارة (مع العلم أنه قد وصلين هتديد قبل‬ ‫فرتة من أذناب النظام ومضمونه أننا لن ننساك‬ ‫وسوف نقوم باغتيالك وقتلك)‪ .‬أثناء خروجي‬ ‫من امليادين أتت سيارة مسرعة‪ ،‬وعندما أصبحت‬ ‫السيارة أمامنا متاماً‪ ،‬نزل بلور السيارة ومت رشقنا‬ ‫بالرصاص من بندقية روسية‪ .‬كانت كلها إصابات‬ ‫حمققة‪ ،‬ولكن قدر اهلل وما شاء فعل‪ ،‬حيث أصبت‬ ‫إصابة خفيفة يف الكتف"‪.‬‬

‫يف حدوث مثل هذه العمليات هو تقصري املقاتلني‬ ‫الذين ينشغلون بالقتال ويغفلون عن األمور األمنية‪.‬‬ ‫ولكنه يؤكد بأن هذا التقصري قد مت تاليف معظمه‪،‬‬ ‫وبأن كثرياً من "أذناب النظام قد مت تطبيق القصاص‬ ‫العادل هبم"‪ ،‬على حد تعبريه‪.‬‬ ‫وكذلك التقت "جسر" مع أبو احلارث‪ ،‬القائد‬ ‫امليداين لـ "جيش القعقاع"‪ ،‬والذي توىل مهمة‬ ‫التحقيق يف اغتيال قائد فرقة القعقاع (الشهيد‬ ‫علي مطر "أبو صدام")‪ ،‬حيث حتدث عن بعض‬ ‫التفاصيل‪" :‬كان الشهيد علي مطر ضحية لكمني‬ ‫حمكم‪ ،‬حيث كان يقود سيارة من نوع بيك‬ ‫آب‪ .‬وأثناء دخوله إىل مدينة امليادين‪ ،‬يف بداية‬ ‫األوتوسرتاد‪ ،‬صادفته سيارة‪ ،‬ومت إطالق عدة‬ ‫عيارات نارية عليه‪ ،‬أدت إلصابته إصابات خطرية‪،‬‬ ‫من بينها رصاصة اخرتقت صدره باجتاه القلب‬ ‫وأدت الستشهاده"‪.‬‬

‫ورداً على سؤال "جسر" خبصوص املستفيد من‬ ‫هذه العملية وهوية من يقف وراءها‪ ،‬أكد أبو محزة‬ ‫بأن النظام هو من يقف وراء هذه االغتياالت بال‬ ‫شك‪ ،‬هو وأعوانه من أصحاب النفوس الضعيفة‪.‬‬ ‫ويضيف بأن هذا مثبت "بدليل أن خرب مقتلي‬ ‫عرض على فضائيات النظام خالل أقل من مخس‬ ‫دقائق من احلادثة‪ ،‬وهذا يدل على أن النظام يعلم ويشري أبو احلارث إىل أن "النظام هو من يقف وراء‬ ‫سخر عصابة ممن ي ّدعون‬ ‫مسبقاً بأن األمر سيتم عن طريق أذنابه وأتباعه"‪ .‬عملية االغتيال‪ ،‬حيث ّ‬ ‫انتماءهم إىل اجليش احلر‪ ،‬قامت مبراقبته فرتة طويلة‪،‬‬ ‫واختتم أبو محزة كالمه بتعداد ‪ 7‬حماوالت اغتيال‪ ،‬ورصدت كل حتركاته‪ ،‬حيث كان أبو صدام يرتدد‬ ‫جنحت منها ‪ 3‬فقط هي‪ -1( :‬اغتيال العقيد زياد‪ ،‬بشكل دائم إىل مدينة امليادين من دون مرافقة‪،‬‬ ‫مسؤول التنظيم يف اجمللس العسكري الثوري بدير فاستغلوا ذلك حىت متكنوا من ارتكاب جرميتهم‪.‬‬ ‫الزور ‪ -2‬اغتيال القائد علي مطر (أبو صدام)‪ ،‬قائد وغاية النظام من ذلك هي إرباك الثوار وإشعارهم‬ ‫فرقة "القعقاع" ‪ -3‬اغتيال مأمون اجلاسم امللقب بأن النظام ما زال بقوته وجربوته‪ ،‬لكن مثل هذه‬ ‫بـ "شحوار"‪ ،‬قائد لواء "أحفاد الرسول")‪ ،‬وأبو االدعاءات متوقعة ومل تنل من عزميتنا"‪ ،‬على حد‬ ‫سيف (قائد "لواء األمة")‪ ،‬والعملية اليت استهدفته تعبريه‪.‬‬ ‫شخصياً (أبو محزة)‪ .‬ويؤكد أبو محة بأن الغاية من‬ ‫هذه االغتياالت إحداث قلقلة بني صفوف الثوار‪ ،‬ويضيف بأن هناك "فجوة أمنية كبرية‪ ،‬وخصوصاً‬ ‫ولكن هذا األمر بعيد عنهم ألن "واجب اجلهاد ال بعد حترير ريف دير الزور‪ .‬وقد استغل النظام أيضاً‬ ‫يقف عند شخصية واحدة‪ ،‬بل تزداد اهلمة مع كل تعاطف األهايل مع النازحني‪ ،‬وهذا األمر يعترب‬ ‫عملية اغتيال"‪ ،‬على حد تعبري أبو محزة الذي يشري فرصة ذهبية له ليتغلغل بني األهايل والثوار باإلضافة‬ ‫إىل أن هناك احتماالً لتسلل بعض أعوان النظام مع اىل أن خليط الناس يف امليادين يسهل ارتكاب‬ ‫الالجئني إىل املدن احملررة‪ ،‬وبأن السبب الرئيسي عمليات االغتيال‪ ،‬فالنظام ال يستطيع تنفيذ مثل‬

‫‪4‬‬

‫‪ 9‬تموز ‪ / 2013‬العدد السابع والعشرون‬

‫هذه اجلرائم يف القورية مثالً‪ ,‬ألن أبناءها كلهم‬ ‫من عشرية واحدة‪ ,‬أما يف امليادين فهناك خليط‬ ‫يشبه خليط املدينة‪ ،‬مبعىن أن "ال أحد يتدخل يف‬ ‫شؤون اآلخر"‪ ،‬ما أدى إىل عرقلة عملية التحقيق‬ ‫يف االغتياالت"‪.‬‬ ‫وعند سؤاله عن الدوافع األساسية هلذه العمليات‪،‬‬ ‫يشري أبو احلارث إىل أن "الدوافع بالدرجة األوىل‬ ‫هي األموال الكثرية‪ .‬فقد زخ النظام أكثر من ‪70‬‬ ‫مليون لرية الغتيال أبو صدام‪ .‬ومن املعروف أننا‬ ‫منر بأزمة اقتصادية فاستطاعوا بذلك أن يسخروا‬ ‫ضعاف النفوس"‪.‬‬ ‫وقد أكد معظم من التقتهم "جسر" من مواطين‬ ‫مدينة امليادين بأن هناك حالة استياء كبرية بسبب‬ ‫هذه االغتياالت‪ ،‬خاصة وأن بعض االهتامات قد‬ ‫عادت للظهور خبصوص تواطؤ بعض أهايل امليادين‬ ‫مع النظام‪ .‬ويؤكد الكثريون بأن هذا هو هدف‬ ‫النظام ليبث التفرقة بني أبناء املدينة الواحدة‪،‬‬ ‫ولكن العقالء من كافة مناطق الريف حياولون حل‬ ‫هذه املشاكل‪ ،‬والتوعية هلذه األمور‪ .‬وكذلك كان‬ ‫هناك اهتامات لبعض الفصائل املسلحة بالتواطؤ‬ ‫مع النظام‪ ،‬وعدم قدرهتم على محاية األهايل‬ ‫والشخصيات املهمة والبارزة من العسكريني‬ ‫والسياسيني بشكل جيد وكاف‪ ،‬ما يؤدي إىل‬ ‫انتشار مثل هذه العمليات‪ ،‬وتكرار حدوثها‪.‬‬ ‫يذكر بأن اجمللس العسكري كان قد أدان عملية‬ ‫اغتيال مأمون اجلاسم "شحوار"‪ ،‬قائد "لواء أحفاد‬ ‫الرسول"‪ ،‬ومحّل النظام املسؤولية الكاملة عن هذه‬ ‫العملية‪ .‬كما أصدر اجمللس‪ ،‬مع "لواء أحفاد‬ ‫توعدوا فيه النظام بالرد القاسي‬ ‫الرسول"‪ ،‬بياناً ّ‬ ‫على هذه العملية اليت استهدفت أحد أهم القادة‬ ‫العسكريني يف املعارضة املسلحة مبدينة امليادين‪.‬‬


‫حتقيق‬ ‫مصافي النفط الصغيرة‬

‫الشكل الجديد لتكرير النفط‬ ‫محمود الدرويش – الرقة‬ ‫دائماً ما كان النفط يف سوريا هو الفاكهة احملرمة على‬ ‫الشعب السوري‪ ،‬إذ ال يعرف أحد أين تذهب عائداته‪ ،‬بل‬ ‫هي ال تدخل يف املوازنة العامة للدولة‪ .‬ونتذكر ما قاله األسد‬ ‫األب يف إحدى مقوالته املشهورة‪ ،‬رداً على أحد األسئلة اليت‬ ‫أثريت حول النفط‪" :‬إنه ٍ‬ ‫بأيد أمينة"‪ .‬ولكن تلك األيدي‬ ‫تغريت اآلن‪ ،‬وأصبحت تنتمي إىل جهة أخرى حمسوبة على‬ ‫قوى املعارضة‪ ،‬وبدأت تستثمره بشكل واضح من خالل‬ ‫بيعه يف السوق احمللية‪ .‬ولقد عرف التجار واملستثمرون‬ ‫كيفية استثماره‪ ،‬بشكل جيد‪ ،‬من خالل جلب مصايف‬ ‫نفط لتكرير النفط اخلام من تركيا‪ ،‬ونصبها يف املناطق احملررة‪.‬‬ ‫تفرز هذه املصايف النفط إىل مازوت وبنزين‪ ،‬ولكن ليس‬ ‫بنفس جودة احملروقات املستخدمة سابقاً؛ فهي تكون بدرجة‬ ‫أقل من احملروقات اليت تأيت عن طريق النظام‪.‬‬

‫تكلفة باهظة‬

‫(م‪.‬ع) أحد مالكي تلك املصايف يف حمافظة الرقة يقول‬ ‫لـ "جسر"‪" :‬جلبنا هذه املصايف من تركيا‪ ،‬وكانت تكلفة‬ ‫املصفاة (‪ )120‬ألف دوالر تقريباً‪ ،‬ولكن هذه ليست‬ ‫الكلفة الكاملة‪ .‬فهناك ملحقات كثرية هلا مثل (اخلزانات‪-‬‬ ‫مولدات الكهرباء وغريها) لتصل التكلفة إىل حدود (‪)150‬‬ ‫ألف دوالر‪.‬‬ ‫وعن قدرهتا اإلنتاجية‪ ،‬يقول (م‪.‬ع)‪" :‬إن قدرة املصفاة‬ ‫اإلنتاجية هي تكرير (‪ )500‬برميل نفط خام‪ ،‬يتحول بعدها‬ ‫إىل مازوت وبنزين‪ .‬ونقوم بتأمني النفط اخلام من اآلبار‬ ‫احملررة‪ ،‬حيث يرتاوح سعر الربميل بني (‪ )2500‬و(‪)7000‬‬ ‫لرية سورية‪ .‬مث نعمد إىل نقله من اآلبار إىل أماكن تواجد‬ ‫املصفاة عن طريق صهاريج نقل النفط‪ ،‬واليت تكون عادة‬ ‫جمهزة بعناصر مسلحة حلمايتها"‪.‬‬ ‫ويضيف (م‪.‬ع)‪" :‬هناك أنواع عديدة لتلك املصايف حبسب‬ ‫قدرة إنتاجها‪ ،‬فهناك مصايف ال تستطيع تكرير أكثر من‬ ‫(‪ )100‬برميل يف اليوم‪ ،‬بينما هناك مصايف أكرب تكرر‬ ‫(‪ )1000‬برميل باليوم‪.‬‬ ‫ويؤكد أحد سائقي الصهاريج لـ "جسر" بأنه‪ ،‬وعلى الرغم‬ ‫من توفر النفط اخلام‪ ،‬يضطرون أحياناً للذهاب إىل دير الزور‬ ‫جللب النفط‪ .‬ويضيف‪" :‬نبقى يف معظم األحيان أكثر من‬ ‫ثالثة أيام حىت يصل دورنا للتعبئة‪ ،‬بسبب كثرة الصهاريج‬ ‫اليت تصطف أحياناً وراء بعضها ملسافة متتد إىل (‪ )14‬كم‪.‬‬

‫خبراء أجانب وفرص عمل‬

‫حتتاج مصفاة النفط إىل خرباء لتجهيز "طبخة النفط"‪،‬‬ ‫كما وصفها أحد العمال‪ .‬فهي حباجة إىل متابعة بشكل‬ ‫احلراقات‪ ،‬وصوالً إىل‬ ‫متواصل‪ ،‬بدءاً من إحراق النفط داخل ّ‬ ‫خروج مشتقات النفط من بنزين ومازوت‪.‬‬ ‫ويقول (م‪.‬ع)‪ ،‬يف معرض حديثه عن اخلرباء الذين يعملون‬ ‫داخل املصفاة‪" :‬اشرتيت املصفاة بصفة شريك مع مستثمر‬ ‫تركي‪ .‬ومن واجبات املستثمر الرتكي أن يقوم بتأمني اخلرباء‬ ‫من تركيا‪ .‬وعادة ما يكون هؤالء اخلرباء قد اكتسبوا اخلربة‬ ‫من عملهم سابقاً يف العراق‪ ،‬وهم حيملون اجلنسية الرتكية"‪.‬‬ ‫تؤمن كل مصفاة فرص عمل من حراسة إىل عمال عاديني‬ ‫وفنيني ومشرفني‪ .‬ويرتاوح عدد العاملني بني (‪ )10‬إىل (‪)15‬‬ ‫موظفاً يتقاضون أجوراً ترتاوح بني (‪ )30‬ألفاً و(‪ )50‬ألف‬ ‫لرية سورية‪ .‬أما اخلرباء األتراك فيتلقون أجورهم بالدوالر‪،‬‬ ‫واليت تكون عادة باهظة‪ .‬إذ إن أقل خبري يتقاضى (‪)3000‬‬ ‫دوالر أمريكي شهرياً‪ ،‬حبسب (م‪.‬ع)‪ ،‬الذي خيتم حديثه‬ ‫بالقول‪ " :‬ال يُباع إنتاج املصفاة يف السوق احمللية (حمافظة‬ ‫الرقة) فقط‪ ،‬بل ميتد إىل كافة املناطق احملررة‪ ،‬وذلك عن طريق‬ ‫جتار يأتون إىل املصفاة لتعبئة املازوت والبنزين‪ ،‬ويكونون‬ ‫عادة من حلب واحلسكة‪.‬‬

‫حمافظة الرقة‪ ،‬والذي رفض الكشف عن امسه‪ .‬وقد أوضح‬ ‫املخلص اجلمركي بأن عدد املصايف اليت عربت من معرب‬ ‫تل أبيض احلدودي مبحافظة الرقة لوحده‪ ،‬وصل إىل (‪)55‬‬ ‫مصفاة‪ ،‬حبسب سجالت اجلمرك الرتكي‪.‬‬ ‫وعن آلية عبورهم إىل األراضي السورية‪ ،‬يقول املخلص‬ ‫اجلمركي‪" :‬إن اجلانب الرتكي يأخذ قيمة ضريبية لعبور‬ ‫املصايف إىل سوريا‪ ،‬واليت ال أعرف قيمتها بالضبط‪ ،‬ولكنها‬ ‫كبرية نوعاً ما‪ ،‬ويتم دفعها بالدوالر‪ .‬أما على اجلانب‬ ‫السوري‪ ،‬فجميع املعابر تقع حتت سيطرة اجليش السوري‬ ‫احلر‪ ،‬وهم ال يأخذون ضريبة رمسية‪ ،‬بل مبالغ متفرقة‪ ،‬ال‬ ‫تتجاوز (‪ )1500‬دوالر‪.‬‬

‫تأمين االحتياجات‬

‫يقول أحد الباعة اجلوالني للمحروقات بأن مصايف النفط‪،‬‬ ‫اليت انتشرت يف مدينة تل أبيض مبحافظة الرقة‪ ،‬كانت سبباً‬ ‫يف تأمني عمل جديد هلم‪ .‬كما ان املدينة مل تنقطع من‬ ‫احملروقات على اإلطالق‪ ،‬عدا عن كوهنا رخيصة‪ ،‬مقارنةً‬ ‫بأسعار احملروقات اليت تأيت عن طريق النظام‪ ،‬واليت جيلبها‬ ‫جتار السوق السوداء‪ .‬فسعر ليرت البنزين املصفى (‪ )75‬لرية‬ ‫سورية‪ ،‬وسعر ليرت املازوت املصفى (‪ )75‬لرية كذلك‪.‬‬ ‫تبقى جتربة املصايف الصغرية حديثة الوالدة يف سوريا‪ ،‬حيث‬ ‫يتقاضى الموظفون رواتب تتراوح بين ‪ 30‬ألفاً و‪ 50‬كان النظام كان حمتكراً للنفط لعقود طويلة‪ .‬ولكن ال يعرف‬ ‫ألف ليرة‪ ،‬بينما يتقاضى الخبير األجنبي ما يقارب أحد مصري هذه املصايف‪ ،‬اليت تؤمن كثرياً من احتياجات‬ ‫حترر قطاع‬ ‫متوسط قدرة المصفاة ‪ 500‬برميل يومياً‪ ،‬ويتراوح ‪ 3000‬دوالر‬ ‫املناطق احملررة‪ ،‬بعد سقوط النظام‪ .‬ورمبا يكون ُّ‬ ‫النفط من يد النظام‪ ،‬قد ساهم يف فتح صفحة جديدة هلذا‬ ‫سعر البرميل بين ‪ 2500‬و‪ 7000‬ليرة‬ ‫القطاع‪ ،‬تتمثل بدخول القطاع اخلاص‪ ،‬بالرتافق مع القطاع‬ ‫آلية عبور النفط‬ ‫كما تواصلت "جسر" مع أحد املخلصني اجلمركيني يف العام‪ ،‬يف السيطرة على النفط وصناعته‪.‬‬

‫‪ 9‬تموز ‪ / 2013‬العدد السابع والعشرون‬

‫‪5‬‬


‫إضاءات‬ ‫حي عكرمة الجديدة‬ ‫نقطة اتصال عابرة للطوائف‬ ‫محمد سليمان ‪ -‬حمص‬ ‫يقع حي عكرمة اجلديدة جنويب مدينة محص بالقرب من‬ ‫جامعة البعث‪ ،‬اليت حتده غرباً وحي باب السباع الذي‬ ‫حيده من الشمال‪ .‬ويعترب احلي أحد األحياء املتوسطة‪،‬‬ ‫إذ ينتمي أغلب سكانه إىل الطبقة املتوسطة اقتصادياً‪.‬‬ ‫كما يعد من األحياء ذات الطابع الطائفي املختلط‪،‬‬ ‫وصورة مصغر ملدينة محص‪ ،‬اليت تعد بدورها صورة مصغرة‬ ‫عن التنوع الطائفي السوري الكبري‪ ،‬وصورة مجيلة للعيش‬ ‫املشرتك رغم األزمات واألوضاع األمنية املرتدية‪.‬‬ ‫المشاركة في االحتجاجات‬ ‫شهد احلي‪ ،‬يف بداية األحداث األمنية املرتافقة مع بداية‬ ‫االحتجاجات واملظاهرات اليت عاشتها املدينة‪ ،‬ما شهدته‬ ‫بقية األحياء يف محص‪ ،‬حيث مت خطف العديد من أبنائه‪،‬‬ ‫واغتيل العديد منهم‪ ،‬أمثال املهندس أوس عبد الكرمي‪،‬‬ ‫والشبان الثالثة الناشطني فيما يعرف بـ "حركة عشاق‬ ‫سوريا" املوالية للنظام‪ ،‬وهم ( حممد عبد العزيز عبد اهلل‬ ‫– متام حممد حممود – حممد فهد عرب) الذين اختطفوا‬ ‫أثناء تنقلهم يف املدينة‪ ،‬ووجدت جثثهم الحقاً مشوهة‪،‬‬ ‫وآثار التعذيب واضحة عليها‪ .‬عندها ثارت ثائرة أهايل‬ ‫احلي باعتبارها احلادثة األوىل على خلفية طائفية‪ ،‬فكانت‬ ‫صدمة كبرية أدت إىل هياج كبري يف أوساط الناس‪،‬‬ ‫واستياء عارم‪ ،‬وبدأ استغالل هذه احلادثة بشكل طائفي‬ ‫واللعب على أعصاب الناس حىت قامت جمموعة من‬ ‫األناس الغاضبني باهلجوم على احملالت التجارية يف شارع‬ ‫احلضارة‪ ،‬وتكسري وحتطيم واجهات العديد من احملالت‪،‬‬ ‫والقيام بنهبها على مرأى من أعني عناصر األمن اليت‬ ‫انتشرت على طول الشارع‪ ،‬مدججة بالسالح وبعتادها‬ ‫حترك ساكناً‪ ،‬ومل حتاول حىت أن هتدئ‬ ‫الكامل‪ ،‬دون أن ّ‬ ‫مجوع الناس الغاضبة ومنعهم من اإلتيان هبذه األفعال‪.‬‬ ‫ولقد شارك العديد من أبناء احلي يف بداية االحتجاجات‬ ‫واملظاهرات يف مدينة محص‪ ،‬اليت كانت بدايةً ضد احملافظ‬ ‫السابق غسان عبد العال‪ ،‬وتطالب بعزله عن منصبه‬ ‫وحماسبته بسبب سوء إدارته للمدينة‪ .‬كما شارك بعض‬ ‫أبناء احلي يف اعتصام محص الشهري (اعتصام الساعة)‪،‬‬ ‫بتاريخ ‪ ،2011/4/18‬والذي كان أحد املنعطفات‬ ‫الكبرية يف احتجاجات مدينة محص‪.‬‬ ‫االنقسامات السياسية في الحي‬ ‫يتميز أبناء احلي بدرجة وعي سياسية كبرية‪ .‬إذ ينقسم‬ ‫شبابه تقريباً بني مؤيد ومعارض ووسطي‪ ،‬إضافة إىل وجود‬ ‫العديد من الناشطني من خمتلف التوجهات السياسية‪،‬‬ ‫ونسبة حتزب ال بأس هبا‪.‬‬ ‫وكان العديد من شباب احلي يشاركون أبناء حي اخلالدية‬ ‫مثالً يف التظاهرات اليت كان يشهدها احلي قبل حتول‬ ‫احلراك إىل الشكل املسلح ‪.‬وكان أغلب هؤالء الشباب‬

‫‪6‬‬

‫‪ 9‬تموز ‪ / 2013‬العدد السابع والعشرون‬

‫والشابات منظمني يف املنظمات املدنية اليت نشأت مرتافقة‬ ‫ببداية الثورة‪ ،‬مثل "جتمع نبض للشباب املدين السوري"‪.‬‬ ‫لكن محالت االعتقال اليت شهدهتا محص‪ ،‬مبختلف‬ ‫أحيائها‪ ،‬وضغط الشبيحة والتهديدات بالقتل‪ ،‬واألحداث‬ ‫األمنية الصعبة‪ ،‬اليت مرت هبا املدينة‪ ،‬دفعت أغلب هؤالء‬ ‫الناشطني إىل الرضوخ هلذه الضغوط والتوقف عن العمل‬ ‫والنشاط امليداين‪ ،‬أو إىل ترك املدينة واالنتقال إىل املدن‬ ‫األخرى‪ ،‬حيث يتوفر هلم هامش أكرب من احلرية‪ ،‬بل‬ ‫وحىت اخلروج من سوريا إىل البلدان اجملاورة كرتكيا ومصر‪.‬‬ ‫وقد أدت الضغوط السالفة الذكر‪ ،‬من التهديدات‬ ‫والضغوط االجتماعية املباشرة وغري املباشرة‪ ،‬النامجة عن‬ ‫تطور األحداث األمنية‪ ،‬وحوادث اخلطف واالغتياالت‬ ‫على خلفية طائفية‪ ،‬وتغليب العسكرة على احلراك‬ ‫السلمي‪ ،‬إىل حتجيم نشاط الفئة املعارضة من سكان احلي‬ ‫على حساب زيادة النشاط يف الطرف املقابل بنسبة كبرية‪،‬‬ ‫ما أدى‪ ،‬يف هناية املطاف‪ ،‬إىل تغليب اللون املؤيد عليه‪.‬‬ ‫حاضنة اجتماعية‬ ‫مل يشهد احلي حركة نزوح تذكر‪ ،‬بل جمرد انتقال بعض‬ ‫العائالت للسكن خارج مدينة محص‪ ،‬وبيع أو تأجري‬ ‫شققها السكنية‪ .‬كما مل يتوافد إىل احلي نازحون بأعداد‬ ‫كبرية‪ ،‬إذ بقي حي الوعر وحي مساكن االدخار‪ ،‬يف‬ ‫املرتبة األوىل يف استقبال النازحني‪ ،‬حيث يضم احليان‬ ‫مئات األلوف من النازحني من مدينة محص وخمتلف املدن‬ ‫السورية‪ ،‬ولكنه شهد مؤخراً قدوم عدد من العائالت من‬ ‫األحياء اجملاورة‪ .‬ويوجد يف حي عكرمة اجلديدة بعض‬ ‫العائالت احللبية ومن ريف دمشق وادلب‪ ،‬اليت تعترب من‬ ‫العائالت امليسورة مادياً‪ ،‬حيث استأجرت شققاً واستقرت‬ ‫فيها مؤقتاً‪ .‬ويعد احلي من أكثر األحياء نشاطاً يف تأجري‬ ‫الطالب اجلامعيني من خملف املناطق واملدن السورية‪،‬‬ ‫بأسعار معتدلة نسبياً‪ ،‬بسبب موقعه املميز القريب من‬

‫اجلامعة‪.‬‬ ‫ولقد شهد احلي العديد من األحداث األمنية حيث‬ ‫يعايش‪ ،‬من وقت إىل آخر‪ ،‬سقوط قذائف اهلاون‬ ‫والصواريخ‪ ،‬اليت تضيف العديد من الشهداء واجلرحى يف‬ ‫صفوف املدنيني‪ ،‬وتتسبّب يف وقوع العديد من اخلسائر‬ ‫املدنية‪ ،‬حيث شهد مؤخراً انفجار سيارة مفخخة بالقرب‬ ‫من مسبح صحارى‪.‬‬ ‫تواجد قليل للشبيحة‬ ‫يضم احلي املركز الرئيسي لـ "محلة عشاق سوريا" ذات‬ ‫الطابع املوايل‪ ،‬اليت أطلقت محلة "ديف ابن بلدك"‪ ،‬ضمن‬ ‫احلمالت والنشاطات اليت تصبغ دائماً بلوهنا السياسي‪.‬‬ ‫وكذلك مستشفى الزعيم‪ ،‬الذي يعد أحد املستشفيات‬ ‫املسؤولة عن عالج جرحى اجليش النظامي وجرحى‬ ‫"جيش الدفاع الوطين"‪ .‬وال يضم احلي أي مركز من مراكز‬ ‫"جيش الدفاع الوطين"‪ ،‬ويتواجد فيه على أقل نسبة من‬ ‫الشبيحة‪ ،‬ومن املنتسبني إىل "جيش الدفاع الوطين"‪ ،‬من‬ ‫بني األحياء اخلاضعة لسيطرة النظام يف محص‪.‬‬ ‫ويعترب حي عكرمة اجلديدة نقطة االتصال األكرب واألكثر‬ ‫متانة‪ ،‬حىت اآلن‪ ،‬بني أهايل مدينة محص مبختلف‬ ‫طوائفهم‪ ،‬رغم الشرخ الطائفي الذي حدث يف املدينة‪،‬‬ ‫والذي ال ميكن إنكاره‪ .‬إذ ما زال حمافظاً على تنوعه‬ ‫الطائفي‪ ،‬ويستقبل الناس من خمتلف املشارب الطائفية‬ ‫والدينية بدون أي حوادث احتكاك تذكر‪.‬‬ ‫كما شهد احلي يف بداية التدهور األمين وأثناءه‬ ‫اجتماعات بني وجهاء األحياء ومثقفيها‪ ،‬حملاولة رأب أي‬ ‫صدع كان من احملتمل أن حيدث‪ ،‬وعلى أمل اجياد أرضية‬ ‫مشرتكة سياسية‪ ،‬وحماربة حماوالت التفرقة املختلفة‪ .‬وال‬ ‫يزال حىت اآلن شعلة أمل مضيئة يف النفق املظلم الذي‬ ‫نسري فيه على أمل أن يبقى كذلك‪ ،‬رغم شالالت الدماء‬ ‫واألحداث املؤسفة اليت تشهدها املدينة‪.‬‬


‫ثقافة‬ ‫الفنان حسام السعدي‪ :‬الثورة أعادتني إلى الرسم والسويداء ليست بعيدة عن الحراك الشعبي‬ ‫خلدون الجبل ‪ -‬السويداء‬ ‫اختذ من ريشته سالحاً خاض به معرتك الثورة السورية‬ ‫اليت أعادته إىل الرسم بعد توقف دام ‪ 20‬عاماً‪ .‬الشارع‬ ‫الثائر يشكل امللهم احلقيقي واحملرك األساسي لريشته منذ‬ ‫أول صرخة "حرية" صدحت من حناجر الثوار‪ .‬حسام‬ ‫السعدي يروي قصته مع الكاريكاتري والثورة يف حديث‬ ‫خاص لــ"جسر"‪.‬‬ ‫ماذا يعني لك الكاريكاتير؟‬‫* الكاريكاتري تعبري فين يتناول قضية معينة بأسلوب‬ ‫ساخر يكسر رتابة الواقعية‪ ،‬وحيرك احلياة من شكلها‬ ‫الساكن ويتمرد عليها‪ ,‬ويعكس ما يف جعبة احلياة من‬ ‫فرح وحزن غضب وهدوء وانفجار وركود بالغوص يف‬ ‫أعماقها‪ ,‬وعدم االكتفاء مبظهرها اخلارجي فقط‪.‬‬ ‫هل يمكن للكاريكاتير‪ ،‬أياً كانت قوة فكرته‪،‬‬‫وحرفية تنفيذه‪ ،‬أن ينافس الصورة التي تنقل مفارقات‬ ‫ما يجري على األرض؟‬ ‫* بالتأكيد‪ .‬فالكاريكاتري قادر على جتسيد الواقع بلوحة‬ ‫واحدة فقط‪ .‬باملقابل حتتاج الكامريا إىل صور متعددة‬ ‫إليصال الفكرة املرادة‪ .‬كما أن الكاريكاتري أكثر تأثرياً‬ ‫بتسليطه الضوء على اخلفايا والكواليس اليت ال تستطيع‬ ‫الصورة التقاطها بعدستها‪ ,‬إذ أنين مثالً أستطيع رسم‬ ‫احلدث ومن يقف خلفه والوسط احمليط به برمسة واحدة‪،‬‬ ‫أما عدسة الكامريا تتمكن من نقل احلدث فقط‪ ،‬وحتتاج‬ ‫إلثباته إىل سلسلة صور أخرى‪ ،‬أو إرفاق الصورة مبادة‬ ‫مكتوبة إليصال اهلدف منها‪.‬‬ ‫ماذا دور فنان الكاريكاتير وسط كل هذه المجازر‬‫واآلالم؟‬ ‫* الكاريكاتري فن مجاهريي يولد من رحم اجملتمع‬ ‫والوسط احمليط بنا‪ ،‬وهو مرتبط بصالت وثيقة بالناس‪،‬‬ ‫وما يتعرضون له من قتل وتشريد ومعانة وهتجري وجوع‬ ‫وانتهاك حلقوق اإلنسان‪ ,‬لذلك فإن مهمتنا االصطفاف‬ ‫إىل جانب الناس‪ ،‬وعكس كل اآلالم واآلمال املنشودة‪،‬‬ ‫ونقد آلة البطش واالستهزاء منها‪ ,‬وتصوير القاتل وضرب‬ ‫رواياته بعرض احلائط‪ ،‬عدا عن نقد صمت العامل أمجع‬ ‫إزاء ما حيدث يف وطننا الغايل‪.‬‬ ‫ما موقفك مما يجري على الساحة السورية‪،‬‬‫وتأثيرات ذلك على فنك؟‬

‫* الثورة السورية أعادتين إىل الرسم بعد توقف دام قرابة‬ ‫العشرين عاماً‪ .‬ختونين ريشيت وتشل يدي عن الرسم‪،‬‬ ‫معظم األحيان‪ ،‬أمام جمزرة من جمازر النظام‪ ,‬لكن‬ ‫صرخة جديدة من صرخات األبطال تعيد لريشيت الروح‬ ‫من جديد‪ ،‬فأعود إىل خطوطي البسيطة حماوالً‪ ،‬قدر‬ ‫املستطاع‪ ،‬إيصال الصرخة للعامل أمجع‪ ،‬طاحماً إىل دب‬ ‫الروح يف الصامتني عن حقوق شعبنا‪ ،‬وعن اجملازر البشعة‬ ‫اليت ترتكب حبق أطفالنا ونسائنا وتاريخ وطننا‪.‬‬ ‫ما سبب توجه ريشتك لنقد نظام األسد في معظم‬‫رسماتك؟‬ ‫* رسالة الكاريكاتري ليست اإلشادة والتعظيم‪ ،‬وإمنا نقد‬ ‫الديكتاتورية والبريوقراطية ومناهضة الظلم‪ .‬شخصياً‪،‬‬ ‫أمحّل األسد املسؤولية التامة ملا حيدث يف سوريا من جمازر‬ ‫مروعة حبق الشعب‪ ،‬لذلك هو يشكل املادة الرئيسة‬ ‫لريشيت‪ ،‬حماوالً تعريته من كل أنواع اإلنسانية‪ ،‬رغم أن‬ ‫صورته الساقطة بدت واضحة ليس فقط ألبناء وطننا‬ ‫بل للعامل أمجع‪.‬‬ ‫كيف يلهم الشارع حسام السعدي؟‬‫شفت الشارع الثائر‪ ،‬رغم‬ ‫*ما زالت االبتسامة ترتسم على َ ْ‬ ‫تعرضه آللة قمع ممنهجة وتسلطية‪ ،‬ساخراً يف الوقت عينه‬ ‫من نظام األسد ليقينه التام من النصر واقرتابه من هدفه‬ ‫املنشود يف رؤية سوريا حرة حمررة من قيود الظلم والتسلط‬ ‫اجلامثة فوق صدره ألكثر من ‪ 40‬عاماً‪ .‬وبالتايل‪ ،‬لقد‬ ‫استطاع إغنائي بالكثري من األفكار اجلاهزة‪ ،‬خاصة مع‬ ‫اعتماده على أسلوب الكوميديا والسخرية بشعاراته منذ‬ ‫اليوم األول لثورة الكرامة واحلرية‪.‬‬ ‫تعتمد على الكلمات في رسومك‪ .‬أال يعتبر هذا‬‫دليل ضعف في إيصال الفكرة المرادة؟‬ ‫* بالطبع ال‪ .‬فبعض الرسومات حتتاج إىل الكلمة إليصال‬ ‫الفكرة املرادة إىل أكرب عدد مكن من شرائح اجملتمع‪،‬‬ ‫وأعتربها مكمالً رئيسياً للمادة‪ .‬وللكاريكاتري أكثر من‬ ‫مدرسة ك ـ "األوروبية الشرقية" اليت تعتمد على الرسم‬ ‫فقط‪ ،‬حيث تقدم الرسوم الفكرة من خالل اهتمام‬ ‫بالغ بتفصيالت الرسم ذاته حيث ال وجود لتعليق‪ .‬أما‬ ‫املدرسة "األوروبية الغربية" فتعترب الرسم ختطيطاً بسيطاً‪،‬‬ ‫وال بد فيها من وجود تعليق على شكل نكتة أو حوار‬ ‫ضاحك‪ ،‬ومن خالله عالقة احلوار بالتشكيل الرمسي‬ ‫تظهر املفارقة والفكرة املراد توصيلها‪ .‬يف حني متتاز‬ ‫"املدرسة األمريكية" باجلمع بني املدرستني السابقتني‪،‬‬ ‫حيث إن اهتمامها منصب على إعطاء الرسم مضامني‬ ‫ودالالت تتضح أكثر باحلوار‪.‬‬ ‫كيف تنظر من زاويتك كفنان إلى السلطة وكيف‬‫تتخيل بشار األسد؟‬ ‫ ال أراها أكثر من عصابة متسلطة متحكمة بالبالد‬‫والعباد‪ ،‬قامت يف املاضي بسرقة الفرد واجملتمع وإفسادمها‪.‬‬ ‫واآلن تقتلهما معاً من أجل شخص فاقد للشرعية‬ ‫واإلنسانية يف آن واحد‪ .‬أما بالنسبة لقائد العصابة‬

‫احلاكمة‪ ،‬فأتعجب كيف استطاع هذا الكائن حكم‬ ‫الشعب السوري املبدع العظيم ألكثر من ‪ 11‬عاماً‪.‬‬ ‫ما أهم كاريكاتير رسمته خالل الثورة السورية وهل‬‫هناك جمهور وسط قعقعة السالح لتلقي الفن؟‬ ‫* أهم كاريكاتري بالنسبة يل خريطة سوريا على شكل‬ ‫قطع من "بازل"‪ ،‬ويظهر جلياً أهنا لن تكتمل إال مبشاركة‬ ‫كل الطوائف واملكونات السورية‪ .‬أما اجلمهور فهو‬ ‫موجود يف كل مكان‪ ،‬كالفن املوجود جبميع أشكاله ويف‬ ‫كل زمان ومكان‪.‬‬ ‫ما رأيك بمشاركة السويداء في الثورة وكيف تتمناها‬‫أن تكون؟‬ ‫* منذ اندالع ثورة الكرامة‪ ،‬والسويداء ليست بعيدة عن‬ ‫احلراك الشعيب‪ ،‬جبهود مثقفني حياولون أن يعيدوا جملتمعهم‬ ‫األهلي دوره الوطين‪ .‬حماوالهتم كانت والزالت تصطدم‬ ‫بأجهزة النظام القمعية‪ ،‬فالنظام يعلم متام العلم أن‬ ‫انفجار السويداء بوجهه يعين سقوط كل التخوفات عند‬ ‫باقي األقليات‪ ،‬وسقوط روايته املتبعة بسلفية احلراك و‬ ‫تطرفه‪ ,‬وكذلك أمهية موقع السويداء يف اجلنوب السوري‪،‬‬ ‫الذي بات جزء منه حتت سيطرة الثوار كمحافظة درعا‪.‬‬ ‫كما جتدر اإلشارة إىل معاناة جبل العرب من ضخامة‬ ‫اهلجرة الداخلية واخلارجية للجيل الشاب‪ ،‬فمعظم شباب‬ ‫السويداء يف دول االغرتاب‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬تواجد شباب‬ ‫السويداء يف كل حمافظة وشاركوا بالثورة بكافة أشكاهلا‬ ‫السلمية واإلغاثية والثقافية والسياسية والعسكرية‪ .‬ومن‬ ‫اجلدير بالذكر أن هناك أكثر من ‪ 12‬ألف شاب من‬ ‫السويداء رفضوا اخلدمة وامتنعوا عن االلتحاق بقطعهم‬ ‫العسكرية لقتال إخواهنم يف الوطن معلنني براءهتم من‬ ‫مستنقع الدم السوري‪.‬‬ ‫ما رؤيتك لمستقبل سوريا؟‬‫* أرى سوريا املستقبل لوحة فنية متكاملة املعامل تزينها‬ ‫األلوان املشرقة‪ ،‬وأرى الشعب السوري‪ ،‬مبختلف‬ ‫انتماءاته‪ ،‬يتعاضد إلعادة إعمارها وإزالة الدمار عن‬ ‫تراهبا‪ .‬أراها تتجه من اجملهول إىل املعلوم ومن ماض أسود‬ ‫إىل مستقبل مشرق واعد يعيد للشعب حقوقه املغتصبة‬ ‫واملسلوبة ألكثر من ‪ 40‬عاماً‪.‬‬ ‫‪ 9‬تموز ‪ / 2013‬العدد السابع والعشرون‬

‫‪7‬‬


‫تقرير‬ ‫جسر الشغور المدينة األسيرة‬ ‫جورج‪ .‬ك‪ .‬ميالة – إدلب‬ ‫يف عاملنا هذا الكثري من املدن املغمورة ال تظهر يف خرائط‬ ‫اجلغرافيا إال مصادفةً‪ ،‬وال تسرق لنفسها رقماً أو تارخياً‬ ‫يف احلسابات العاملية ال ألن علمها أو موقعها أو دراما‬ ‫احلياة فيها ال تستحق ذلك‪ ،‬بل ألهنا‪ ،‬لو أخذنا جسر‬ ‫الشغور مثاالً‪ ،‬مدينة اعتادت التواضع يف كل شيء إىل‬ ‫أن تأيت تلك اللحظات التارخيية اليت تسجل فيها املدينة‬ ‫موقفاً وحدثاً لتصبح حمط أنظار العامل بأسره‪ ،‬كما فعلت‬ ‫جسر الشغور‪.‬‬ ‫يف الذكرى السنوية الثانية ألحداث االقتحام والتهجري اليت‬ ‫بدأت يف مدينة جسر الشغور يف مطلع الثورة‪ ،‬توجهت‬ ‫"جسر" إىل املدينة لنستطلع حاهلا‪ .‬تستقبلنا املدينة يف‬ ‫جهتها الشرقية بأربعة حواجز تفصلهم أمتار معدودة‪ ،‬وأربع‬ ‫عمليات تفتيش على امتداد اجلسر الذي يعلو هنر العاصي الريف إىل املدينة‪ .‬ما أدى إىل شل حركة السوق وتعطيل‬ ‫ويعرب بنا أول املدينة‪.‬‬ ‫التجارة‪ ،‬اليت يعتمد عليها أكثر من نصف سكان املدينة‪،‬‬ ‫فاخنفض املدخول املايل وزاد الفقر بشدة"‪.‬‬ ‫األهالي أسرى داخل المدينة‬ ‫تسأل "جسر" أحد الزبائن يف السوق عن مصدر دخله‬ ‫يقول السائق حيان‪ ،‬الذي يعمل على طريق حلب – الذي يعيل به عائلته فيقول ‪" :‬أنا أستاذ مدرسة‪ .‬أعيش‬ ‫الالذقية لـ "جسر"‪" :‬بدأت قوات النظام املستوطنة داخل وعائليت على راتب شهري أحصل عليه بشق األنفس ويبلغ‬ ‫املدينة‪ ،‬بعد أن خسرت الكثري من القرى يف ريف جسر ‪ 18‬ألف لرية‪ .‬كنت أحصل عليه عن طريق الصراف‬ ‫الشغور‪ ،‬وضاق هبا اخلناق يف املدينة‪ ،‬مبنع مجيع أهايل اآليل‪ ،‬إال أن الصراف توقف عن العمل منذ سنتني‪،‬‬ ‫املدينة من مغادرهتا‪ .‬ال يُسمح اليوم ألي شخص من جسر‬ ‫وعلي‪ ،‬يف أول كل شهر‪ ،‬أن أجد طريقة للحصول عليه‬ ‫ّ‬ ‫الشغور باستثناء طالب اجلامعة‪ ،‬أن يسافر ألي بقعة من حمافظات أخرى‪ .‬أحيانا أرسل بطاقة الصراف ألحد‬ ‫خارج املدينة أيا كان السبب‪ .‬ولقد قمت يف األسبوع أقاريب يف مدينة أخرى‪ ،‬إن مل يسمح يل احلاجز بالسفر‪.‬‬ ‫مدرسي املدينة من التأخر يف صرف الرواتب‪،‬‬ ‫الفائت بعملييت هتريب عرب احلقول ملريضني حباجة لغسيل يعاين معظم ّ‬ ‫للكلية بعد أن منعهم احلاجز من السفر ‪".‬‬ ‫وقد تأخر صرفه ذات مرة أكثر من شهرين‪ .‬مع كل هذا‪،‬‬ ‫وعند سؤالنا له عن األسباب اليت تدفع النظام ألسر االهايل نعترب هنا من احملظوظني نسبياً ألننا منلك وارداً شهرياً ثابتاً‪".‬‬ ‫ويفسر‬ ‫يف املدينة يقول‪" :‬أهايل جسر الشغور أكثر من يعرف ال ميكن ألي غريب إال أن يالحظ خلو الشوارع‪ّ .‬‬ ‫وحشية جنود األسد‪ ،‬فقد شهدت هذه املدينة أحداث األستاذ خالد‪ ،‬أحد أهايل املدينة‪ ،‬لـ "جسر" ذلك بالقول‪:‬‬ ‫الثمانينات اليت راح ضحيتها املئات من شباب املدينة ‪،‬ومل "ال مأمن لشاب هنا‪ .‬فمن جنا من االعتقال واخلطف‬ ‫يسمع هبم أحد‪ .‬وعندما دخل اجليش املدينة ألول مرة منذ والقتل‪ ،‬ومن مل يلتحق باجليش احلر‪ ،‬أبعده أهله إىل مكان‬ ‫سنتني‪ ،‬وجد املدينة خالية من السكان الذين فروا خوفاً من آمن خوفاً عليه من االعتقال‪".‬‬ ‫إجرام النظام‪ ،‬ما أصاب قوات النظام باهليسترييا واحلقد‪،‬‬ ‫فلم جيدوا ألنفسهم سلطة إال على احلجر‪ .‬وظل اجليش المعتقلون بين التصفية ومحاكم اإلرهاب‬ ‫لفرتة طويلة حيرس العتم واحليطان يف املدينة‪ .‬أعتقد بأهنم يقول أبو حازم‪ ،‬والد أحد املعتقلني‪" :‬ال أبالغ إن قلت‬ ‫خيافون اليوم بأن ختلو املدينة ممن بقي من البشر فيها إن إنه ال ختلو عائلة من معتقل أو مفقود‪ .‬أكرب مأساة‬ ‫هم فتحوا الطريق للنزوح"‪.‬‬ ‫وقعت على املدينة‪ ،‬ما تعرض له شباهبا من االعتقاالت‬ ‫والتعذيب‪ .‬عدد كبري من الشباب الذين اعتقلوا يف البداية‬ ‫حياة راكدة وشوارع خالية‬ ‫مفقود‪ ،‬مل جيد هلم أهلهم أي أثر أو خرب يف فروع األمن‬ ‫يسود يف منتصف هنار صيفي يف سوق وسط املدينة حالة والسجون‪ ،‬حىت بعد مرور سنتني كاملتني‪ .‬معظم معتقلي‬ ‫ويا َكمون بتهم‬ ‫من الركود‪ .‬حركة الناس وأعدادهم‪ ،‬وعمليات البيع والشراء جسر الشغور ُي َّولون إىل احملاكم العسكرية ُ‬ ‫حمدودة‪ .‬تسأل "جسر" العم ماجد‪ ،‬أحد التجار‪ ،‬عن حال اإلرهاب‪ .‬وقد متت تصفية عدد منهم يف السجون‪ .‬وهناك‬ ‫السوق هذه االيام‪ ،‬فيقول‪" :‬لو أتيت يف السنوات السابقة احتمال ضعيف جداً أن يفرج عمن بقي معتقالً"‪.‬‬ ‫إىل هذا السوق لوجدته يعج بالناس والبائعني‪ .‬يعتمد وارد وتقول هيام‪ ،‬ابنة أحد املعتقلني‪ ،‬لـ "جسر"‪" :‬اعتُقل والدي‬ ‫املدينة املايل‪ ،‬بشكل أساسي‪ ،‬على أهايل القرى واملنتجات من املنزل إثر عملية دهم مشلت احلي كله منذ سنة‪ ،‬وهو‬ ‫الريفية‪ .‬أما اآلن اخنفضت منتجات الريف الزراعية واحليوانية املعيل الوحيد للعائلة‪ .‬مت حتويله منذ مخسة أشهر إىل سجن‬ ‫إىل أقل من النصف‪ ،‬بسبب املعارك وعمليات القصف محص‪ ،‬وقمنا بزيارته مرة واحدة‪ .‬إال أننا ال منلك املال‬ ‫والتدمري الذي تعرضت له‪ .‬متنع احلواجز أيضاً دخول أهايل الكايف اآلن لزيارته يف املعتقل‪ ،‬وال حىت أجرة الطريق"‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫‪ 9‬تموز ‪ / 2013‬العدد السابع والعشرون‬

‫األهالي دروع بشرية‬

‫يسكن املدينة اآلن أقل من ‪ %50‬من سكاهنا‪ ,‬وهاجر‬ ‫النصف اآلخر‪ ،‬الذي يسكن معظمه يف املخيمات‬ ‫الرتكية‪ .‬وهم أول من فتح باب النزوح السوري إىل الدول‬ ‫اجملاورة‪ .‬يشعر األهايل هنا مبدى حقد النظام على مجيع‬ ‫الذين نزحوا‪ ،‬حيث يقوم النظام باالستيالء أو حرق‬ ‫أو تدمري كل ممتلكات العائالت النازحة‪ .‬تقول أم أمحد‪:‬‬ ‫"تعود ثالثة منازل‪ ،‬يف البناء الذي أسكن فيه‪ ،‬ألقارب من‬ ‫عائلة واحدة‪ .‬بدايةً‪ ،‬اعتقل أحد أبنائها بتهمة التظاهر‪،‬‬ ‫وتبعها اعتقال جلميع شباب العائلة‪ ,‬ما دفع جرياين إىل‬ ‫النزوح خوفاً على من تب ّقى من العائلة‪ .‬وعندما علم اجليش‬ ‫النظامي بنزوحهم‪ ،‬استوىل اجملندون على بيوهتم الثالثة‪،‬‬ ‫وجعلوها مسكناً هلم"‪.‬‬ ‫ويضيف األستاذ خالد ‪" :‬بدأت هذه الظاهرة بعد قيام‬ ‫اجليش احلر باستهداف الثكنات‪ ،‬ومراكز جتمع القوات‬ ‫النظامية وحواجزه بالقذائف‪ .‬يردد اجلنود لألهايل القول‪:‬‬ ‫ "إن متنا عليكم أن متوتوا معنا" ‪ -‬واهلدف من هذا‪،‬‬‫محاية أنفسهم من نريان اجليش احلر باستخدام املدنيني‬ ‫دروعاً بشرية"‪.‬‬

‫سنتان على قطع االتصاالت‬

‫ال أثر لشبكات االتصاالت يف املدينة‪ ،‬فقد مرت سنتان‬ ‫كاملتان على قطع االتصاالت الالسلكية واإلنرتنت عن‬ ‫املدينة‪ .‬وتقول نسرين عن ذلك‪" :‬تأيت الشبكة أحياناً يومني‬ ‫يف أول الشهر‪ ،‬لتطالبنا "سرييتل" بدفع الفواتري‪ ،‬وتعاود‬ ‫قطع االتصال بعدها‪ .‬مضت ‪ 9‬اشهر على قطع خطوط‬ ‫االتصال األرضي عن خارج املدينة‪ ،‬وميكننا االتصال داخل‬ ‫املدينة فقط‪ .‬ومن يضطر التصال خارجي‪ ،‬يذهب إىل‬ ‫حقول يف أطراف املدينة للحصول على تغطية من املدن‬ ‫اجملاورة‪ ،‬وحيصل على اتصال بصعوبة"‪.‬‬ ‫تنهي املدينة يومها عند التاسعة مساء ومن خيرج بعد ذلك‬ ‫هو من املغامرين‪ .‬وميكننا القول عن الساعات األخرية من‬ ‫النهار بأهنا اهلدوء الذي يسبق العاصفة‪ ،‬فجميع من يسكن‬ ‫هنا يتوقع األسوأ دائماً‪.‬‬


‫سوريون‬ ‫الطالب وقود الثورة‬ ‫أحالم مؤجلة إلى ما بعد االنتصار‬ ‫سارة الحوراني – درعا‬ ‫لعب احلضور الطاليب يف حمافظة درعا دوراً مهماً يف احلراك‬ ‫الثوري خالل العامني املنصرمني من عمر الثورة‪ ،‬حيث‬ ‫وقع على عاتقه مسؤوليات كبرية من خالل قيادة وتنظيم‬ ‫احلراك‪ ،‬ونقل الصورة احلضارية للثورة‪ .‬ونتيجة لذلك مت‬ ‫استهداف هذه الفئة من قبل قوات األمن بشكل ممنهج‪.‬‬

‫الشهداء وقود يأبى النفاد‬

‫حلم مؤجل حتى الحرية‬

‫يواصل(مؤمن) حديثه‪" :‬كان رفاقي املعتقلني سنداً لنا‪.‬‬ ‫منهم من انقطعت أخباره‪ ،‬وكثرياً ما تَ ِردنا معلومات عن‬ ‫تصفيتهم يف املعتقالت‪ .‬وهناك من خرج من الفروع األمنية‬ ‫فاقداً لعقله من شدة التعذيب‪ ،‬وكانوا من املتفوقني دراسياً‬ ‫واملميزين أخالقياً والفاعلني يف النشاط الثوري‪ ،‬لذلك‬ ‫ُدفعت إىل السالح وتأجيل دراسيت اجلامعية‪ ،‬للدفاع عن‬ ‫كل التضحيات اليت قدمها الشعب السوري‪ .‬وأنا اليوم‬ ‫مرابط على إحدى اجلبهات يف درعا‪ ،‬ولكن حلمي‬ ‫الدراسي مل ميت‪ ،‬بل أجلته إىل ما بعد االنتصار‪ ،‬ومل مشل‬ ‫الرفاق‪ ،‬وخاصة املعتقلني منهم‪ .‬نعم حنن اآلن مقاتلون‬ ‫ولكننا مل ولن ننسى بأ ّن التعليم سينهض بالوطن من الركام‬ ‫ومن محام الدم‪ ،‬وسنلقي السالح يوماً ما عند انبالج فجر‬ ‫احلرية‪ ،‬ونعود إىل مقاعدنا الدراسية"‪.‬‬

‫كان الشهيد أمحد املساملة مثاالً ساطعاً عن الناشطني‬ ‫البارزين الذين متت تصفيتهم وهو طالب جامعي شارك يف‬ ‫احلراك الثوري منذ بدايته يف ساحة اجلامع العمري بدرعا‪،‬‬ ‫ومن مث نقل نشاطه الثوري إىل جامعة الريموك اخلاصة اليت‬ ‫كان يدرس فيها‪ ،‬وعمل على تنظيم املظاهرات وتوثيق‬ ‫احلراك ونقل الصورة احلقيقية للثورة‪ ،‬ومن مث مسؤوالً عن‬ ‫احلراك الثوري لـ "احتاد طلبة سوريا األحرار" بدرعا‪ .‬ونتيجة‬ ‫وتعرض للتعذيب يف حماولة‬ ‫لذلك اعتقل الشهيد مرتني ّ‬ ‫لوقف نشاطه‪ ،‬لكنه استمر يف نضاله بعد إطالق سراحه‪،‬‬ ‫ليغدو مطارداً من قبل العناصر األمنية حيث عاش حياته مواصلة التعليم نضال معرفي أيضاً‬ ‫هناك فئة أصرت على استكمال دراستها ‪ ،‬معتربة ذلك‬ ‫متخفياً من منزل إىل آخر حىت حلظة استشهاده‪.‬‬ ‫نوعاً من النضال املعريف‪ ،‬على الرغم من الصعوبات الكبرية‬ ‫طرق متعددة للنضال‬ ‫اليت تقف عائقاً أمامها‪.‬‬ ‫مضاعفة‪،‬‬ ‫أمثان‬ ‫دفع‬ ‫على‬ ‫الناشطني‬ ‫أُجرب الكثري من الطالب‬ ‫حممد املساملة أحد أفراد هذه الفئة‪ .‬فقد شارك يف احلراك‬ ‫فمنهم من ترك جامعته مرغماً‪ ،‬ومنهم من ال يزال يقبع يف الثوري منذ بدايته يف املرحلة الثانوية‪ ،‬وتعرض للتهديد من‬ ‫املعتقالت‪ ،‬وهناك من أصيب جبراح بليغة‪ ،‬وآخرون ُدفعوا قبل إدارة املدرسة‪ ،‬واالعتداء عليه مع رفاقه بالضرب من‬ ‫إىل محل السالح واالنضواء حتت لواء اجليش احلر‪.‬‬ ‫قبل العناصر األمنية بدرعا‪ ،‬ومتكن من دخول اجلامعة بعد‬ ‫من‬ ‫ال‬ ‫بد‬ ‫"فُرض علينا السالح‪ ،‬ومل نكن نرغب أن حنمله ً جناحه يف الثانوية حيث أصبح نضاله أكثر تنظيماً وفاعلية‪.‬‬ ‫الكتاب‪ .‬تناثرت كتيب مع جدران منزيل بعد استهدافه وعن ذلك يقول املساملة‪" :‬التحقت باجلامعة فرع درعا‪،‬‬ ‫بصاروخ‪ ،‬لتصبح عائليت‪ ،‬بني ليلة وضحاها‪ ،‬يف عداد وتابعت مشاركيت يف احلراك الثوري إلمياين املطلق بعدالة‬ ‫املشردين"‪.‬‬ ‫ثورتنا‪ ،‬ودور الفئة املتعلمة يف القيادة والتنظيم واملرونة يف‬ ‫عن‬ ‫‪.‬ن)‬ ‫(مؤمن‬ ‫الطالب‬ ‫حتدث‬ ‫ملة‪،‬‬ ‫ؤ‬ ‫امل‬ ‫الكلمات‬ ‫هبذه‬ ‫العمل‪ ،‬حيث انتسبت إىل "احتاد الطلبة األحرار ‪ -‬فرع‬ ‫اخنراطه يف صفوف الثوار‪ ،‬وهو طالب يف السنة الرابعة درعا"‪ ،‬وكان الشهيد أمحد املساملة سبباً قوياً يف انتسايب‬ ‫بكلية اهلندسة‪ .‬ويتابع كالمه‪" :‬بدأت مشاركيت يف لالحتاد‪ ،‬لتمتعه بأخالق عالية ونشاط كبري يف احلراك‪،‬‬ ‫التظاهرات واالعتصامات يف ساحة العمري‪ ،‬حيث كان ما جعله مثاالً وقدوة لنا‪ .‬بدأت عملي كناشط على‬ ‫سقوط الشهداء وتشيعهم املهيب حافزاً ملواصلة طريق اإلنرتنت‪ ،‬من خالل مجع املعلومات عن النشاط الطاليب‬ ‫ُ‬ ‫احلرية‪ ،‬الذي انتقل الحقاً إىل مدرجات اجلامعة‪ ،‬وشاركت يف كل سورية‪ ،‬وتوثيق الشهداء واملعتقلني واجلرحى‪ ،‬إىل‬ ‫فيه مع زمالئي من خالل املظاهرات واالعتصامات‪ ،‬ورفع جانب تنظيم املظاهرات واالعتصامات ومحالت اإلغاثة‬ ‫علم الثورة‪ ،‬ومجع املساعدات املالية للمحتاجني"‪.‬‬ ‫للمنكوبني‪ ،‬إضافة إىل كتابة املقاالت ونشرها يف جملة‬ ‫االحتاد‪.‬‬

‫منظمات طالبية ثورية بديلة‬

‫حتول "احتاد الطلبة يف سوريا"‪ ،‬التابع للنظام‪ ،‬إىل أداة أمنية‬ ‫ّ‬ ‫تقوم حبمالت شرسة على الطلبة الثائرين واألنشطة الثورية‪،‬‬ ‫األمر الذي أظهر حقيقة املنظمة وتعريتها متاماً‪ ،‬وابتعادها‬ ‫عن الدور املنوط هبا يف رعاية ومحاية مصاحل أبنائها‪ ،‬ما دفع‬ ‫الفاعلني يف احلراك الطاليب إىل إجياد منظمات بديلة أكثر‬ ‫مصداقية والتصاقاً هبموم وأوجاع الطالب‪ ،‬وكان "احتاد‬

‫طلبة سوريا األحرار "أحد تلك التنظيمات الفاعلة‪.‬‬ ‫وتقول الناشطة مسر احلوراين‪ ،‬رئيسة املكتب اإلعالمي‬ ‫الحتاد طلبة سوريا األحرار بدرعا‪ ،‬لـ "جسر"‪ " :‬تأسس‬ ‫االحتاد عرب جمموعة سرية من الناشطني‪ٍ ،‬‬ ‫وعدد من املنشقني‬ ‫عن احتاد الطلبة التابع للنظام يف العام ‪ ،2011‬ومن مث‬ ‫مت االتصال جبميع الناشطني الطلبة يف كل احملافظات‬ ‫واجلامعات‪ ،‬لتنظيم صفوفهم واالنضمام إىل التشكيل‬ ‫اجلديد‪ ،‬لتنظيم احلراك امليداين وتوثيق الشهداء واملعتقلني‬ ‫من الطلبة ومتابعة شؤوهنم‪ .‬ومت تشكيل جمموعات حتت‬ ‫مظلة االحتاد خارج الوطن ملتابعة أوضاع الطالب‪ ،‬وإيصال‬ ‫صوت الطلبة يف الثورة إىل طلبة وجامعات العامل"‪.‬‬ ‫وتضيف احلوراين‪" :‬قمنا بالعديد من األنشطة داخل‬ ‫الوطن وخارجه‪ ،‬كحمالت توعية باحلراك الثوري‪ ،‬وتوزيع‬ ‫الربوشورات وامللصقات‪ ،‬ومحالت إغاثة للمتضررين‪،‬‬ ‫وتوثيق النشاط اليومي الطاليب‪ .‬إذ يعترب االحتاد مصدراً‬ ‫صص لتوثيق كل ما يتعلق‬ ‫ذا مصداقية‪ ،‬من خالل كادر ُخ ّ‬ ‫باحلراك الطاليب والشهداء واملعتقلني واالعتداءات على‬ ‫الطلبة املتظاهرين‪ ،‬لتكوين قاعدة بيانات ذات مصداقية‪،‬‬ ‫إليصاهلا إىل املنظمات احلقوقية ملعاقبة املسؤولني الحقاً‪.‬‬

‫‪ 50‬شهيداً ومئات المعتقلين‬

‫وأضافت احلوراين‪" :‬إ ّن استشعار العصابة األسدية خبطورة‬ ‫هذه الفئة‪ ،‬دفعها إىل مالحقة الناشطني واعتقاهلم بشكل‬ ‫تعسفي يف احلرم اجلامعي ويف كل مكان‪ ،‬وتعذيبهم ‪،‬‬ ‫وتنفيذ اإلعدامات امليدانية بالكثري منهم ‪ .‬إذ وصل عدد‬ ‫الشهداء من أبناء درعا‪ ،‬حسب إحصائية أجراها االحتاد‪،‬‬ ‫إىل مخسني طالباً وطالبة‪ ،‬واملئات من املعتقلني‪ ،‬وأكثر من‬ ‫‪ 1500‬تركوا دراستهم نتيجة لتلك األسباب‪.‬‬

‫تجاهل التنظيمات والمجالس الثورية لمشاكل الطالب‬

‫واختتمت احلوراين كالمها باإلشارة إىل غياب االهتمام‬ ‫مبشاكل الطلبة املتضررين سواء يف بلدان اللجوء‪ ،‬أو داخل‬ ‫الوطن من النازحني واجلرحى واملعتقلني‪ ،‬من قبل اهليئات‬ ‫واجملالس الثورية‪ ،‬حيث متّ تقدميها إىل االئتالف ومن قبلها‬ ‫للمجلس الوطين‪ ،‬واآلن متّ التوجه إىل منظمات العمل‬ ‫املدين و هيئاته اليت يُعلن عنها كل يوم‪" ،‬دون أن جند أية‬ ‫استجابة إىل اليوم"‪ ،‬حبسب احلوراين‪.‬‬ ‫‪ 9‬تموز ‪ / 2013‬العدد السابع والعشرون‬

‫‪9‬‬


‫كوميديا‬ ‫نبيل يوسف‬

‫الجمهورية العربية السورية للقرى المجاورة‬ ‫"جتمع أهايل مدينة تلكلخ والقرى اجملاورة هلا يف‬ ‫ساحة املدينة احتفاالً بعودة األمن واالستقرار إىل‬ ‫املدينة وختليصها من اجملموعات اإلرهابية املسلحة"‪.‬‬ ‫اخلطأ اللغوي الذي ارتكبه حمرر سانا هو إقحام‬ ‫"تلكلخ" يف اخلرب على اعتبار أن مجوع املواطنني‬ ‫الغفرية هي من سكان القرى اجملاورة‪ ،‬وهو ما حصل‬ ‫بالفعل على اعتبار أن القرى الـ "‪ "45‬قرية هي‬ ‫بطبيعة احلال من حاصر املدينة وبالتايل من احتفل‪،‬‬ ‫كما أن اجملموعات اإلرهابية املسلحة أيضاً أُقحمت‬ ‫لغوياً يف اخلرب‪ ،‬على اعتبار أن املدينة مت اقتحامها‬ ‫دون مقاومة تذكر من جمموعة مسلحة "جيش حر‬ ‫أو سواه" باستثناء العشرات من شبان املدينة ذاهتا‪.‬‬ ‫إال أن اخلرب األهم هو أن حمافظة محص ستقيم‬ ‫منطقة صناعية مبدينة تلكلخ مبساحة تقدر بـ ‪81‬‬ ‫هكتاراً‪ ،‬لتوفري فرص عمل ألبنائها‪ .‬وهنا أيضاً يكرر‬ ‫احملرر اخلطأ نفسه "ألبناء القرى اجملاورة‪ ."..‬القرى‬ ‫اجملاورة‪ ..‬ال داعي ملزيد من التوضيح"‪.‬‬ ‫ويأيت يف اخلرب ‪" ..‬من جهته أوضح أكرم قليشة‪،‬‬

‫رئيس جملس مدينة تلكلخ‪ ،‬بأن ورشات الصيانة‬ ‫بدأت عملها إلعادة مجيع اخلدمات إىل املدينة‬ ‫"القرى اجملاورة" ‪...‬‬ ‫مشرياً إىل عودة بعض األهايل إىل املدينة بعد أن‬ ‫أعاد اجليش العريب السوري األمان إليها "القرى‬ ‫اجملاورة"‪...‬‬ ‫واستمع احملافظ إىل مطالب أهايل املدينة "القرى‬ ‫اجملاورة"‪...‬‬ ‫وأوضح احملافظ أنه سيتم العمل إلعادة تأهيل‬ ‫املشفى‪ ،‬ليتمكن من تقدمي كامل خدماته الصحية‬ ‫والطبية للمواطنني "يف القرى اجملاورة"‪...‬‬ ‫ويستكمل اجليش العريب السوري عملياته العسكرية‬ ‫يف جممل اجلغرافية الوطنية حلماية "القرى اجملاورة"‬ ‫حبيث يصبح بإمكان "القرى اجملاورة" دخول املدن‬ ‫الرئيسية وحتويلها إىل قرى جماورة‪ ..‬ضمن خطة‬ ‫متكاملة لتوطني القرى اجملاورة يف اجلمهورية العربية‬ ‫السورية للقرى اجملاورة‪.‬‬

‫حديث الثورة "يعاد يوميًا بنفس التوقيت"‬ ‫دمي سوري ‪ :‬يا زملة يف تفجري بباب توما‪.‬‬ ‫حنن الثورة‪ :‬باهلل إميتا‬ ‫دمي سوري‪ :‬من شي ربع ساعة رفيقي كان مارق من‬ ‫هنيك‬ ‫حنن الثورة‪ :‬ويف ضحايا‬ ‫دمي سوري‪ :‬بالعشرات‬ ‫حنن الثورة‪ :‬خيو النظام مايف حكي‬ ‫دمي سوري‪ :‬رفيقي عم يقول انو واحد انتحاري فجر‬ ‫حالو‬ ‫حنن الثورة‪ :‬خيو هاملتطرفني نزعوا الثورة بصراحة‬ ‫دمي السوري‪ :‬يا رجل ورفيقي عم يقلي انو كل الضحايا‬ ‫مسيحيني‬ ‫حنن الثورة‪ :‬جبهة نصرة واضحة‬ ‫دمي سوري‪ :‬خيو شو هاد ‪ ...‬مو هيك كان بدنا‬ ‫حنن الثورة‪ :‬نزعوها لو ضلو متل أول كان من زمان‬ ‫انتصرنا‬ ‫دمي سوري‪ :‬بس كمان مني بيقدر يتحمل كل هالقصف‬ ‫حنن الثورة‪ :‬ليكنا أنا وانت ما محلنا سالح‬ ‫دمي سوري‪ :‬انا قررت روح بنفسي على الرقة وشوف‬ ‫بالفعل اإلسالميني نازعني كلشي‪.‬‬ ‫حنن الثورة‪ :‬شو بدك هبالروحة‬ ‫دمي سورية‪ :‬كلو عم ينزل عوولو صور بالرقة وبالدير‬ ‫خيو بدنا نتفرج‬ ‫حنن الثورة‪ :‬ما بدك هالفرجة‪ ..‬رفيقيت راحت تعمل فيلم‬

‫‪10‬‬

‫‪ 9‬تموز ‪ / 2013‬العدد السابع والعشرون‬

‫عن املعاناة هنيك رجعت كرهانة حاهلا من الشوب‬ ‫دمي سوري‪ :‬رفيقتك نعنوعة‬ ‫حنن الثورة‪ :‬أنو نعنوعة يا زملة‪ 12 ..‬مظاهرة بامليدان‬ ‫واعتقال يومني وست كفوف عحاجز جوبر‬ ‫دمي سوري‪ :‬هيي هيك بتحكي بقص إيدي إذا شافت‬ ‫مظاهرة غري عاجلزيرة مباشر‬ ‫حنن الثورة‪ :‬عأساس انت اللي قضيت وقتك بربزة‬ ‫دمي سوري‪ :‬نزول عربزة وسآل عين تلت جوامع طلعو‬ ‫على هتافايت وأنا أول مني قال اجليش والشعب إيد وحدة‬ ‫حنن الثورة‪ :‬إي مبال وانت اللي رفعت علم الثورة فوق‬ ‫الساعة حبماه‬ ‫دمي سوري‪ :‬ما بدها طول لسان‪ ..‬يوم اللي قلتلك تعال‬ ‫نطلع عربزة قلتلي انك مواعد رفيقتك بباب توما‪.‬‬ ‫حنن الثورة‪ :‬مزبوط كنا عم جنهز العتصام سلمي باحلجاز‪.‬‬ ‫دمي سوري‪ :‬وما صار االعتصام‬

‫حنن الثورة‪ :‬كان األمن حماصر الساحة كان يف مندسني‬ ‫وصلو خرب للجوية‬ ‫بيناتنا ّ‬ ‫دمي سوري‪ :‬خيو هأل كنت حاطط عالعربية وقال‬ ‫ضحايا باب توما شي ‪ 4‬من املدنيني‬ ‫حنن الثورة‪ :‬يا زملة وين ماكان معقولة بس باب توما ‪..‬‬ ‫باب توما يا رجل‬ ‫دمي سوري‪ ..‬سقاهلل "بيت اليامسني" و"موليا" و"بيت‬ ‫جدي"‬ ‫حنن الثورة‪ :‬لعما يا زملة انقطعت الكهربا‪ ..‬بريب بريوت‬ ‫أضرب من الشام‬ ‫دمي سوري‪ :‬قلنالك تعال على تركيا‬ ‫حنن الثورة‪ :‬ليش الوضع عندكون أنظم ليكا بلشت‬ ‫املظاهرات‬ ‫دمي سوري‪ :‬يا زملة انت غيب‪ ..‬تركيا بلد دميقراطي ما‬ ‫بصري فيها ثورة متل عنا‬


‫قضية‬ ‫كيف تبني فريق عمل ناجح؟‬

‫فرق العمل الجماعية في الثورة السورية (‪ 1‬من ‪)2‬‬ ‫غياث بالل‬ ‫المدير التنفيذي في مجموعة نهضة إلدارة المشاريع االستراتيجية‬

‫نتابع الحديث‪ ،‬في هذا العدد‪ ،‬عن ديناميكيات تكوين الفريق‪ ،‬أو مجموعة العمل للصالح العام‪ ،‬والمصاعب والعقبات‬ ‫التي تعتريها وآليات تجاوزها‪.‬‬

‫‪.3‬مرحلة القواعد والتنظيم‪:‬‬ ‫بعد الوصول إىل تفامهات وتوافقات يف املرحلة السابقة جيب‬ ‫السعي إىل توثيقها واعتمادها كمرجعية يف االختالفات‪ .‬وقد‬ ‫ال تكون هذه التفامهات مكتوبة بالضرورة‪ ,‬إذ يكفي أن‬ ‫تكون حمرتمة لدى مجيع األعضاء‪ .‬ولكن يبقى من األفضل‬ ‫تدوين هذه االتفاقات على شكل نظام داخلي وهيكلية‬ ‫تنظيمية‪ ،‬مما ينظم عمل الفريق ويعطيه املرونة الكافية للتطور‬ ‫دون العودة إىل مرحلة العصف واالختالف‪ .‬إذ أن فريق‬ ‫العمل يبقى يف الفرتة األوىل يف هذه املرحلة مرشحاً للعودة‬ ‫إىل املربع األول‪ ،‬مامل يتم االلتزام والتمسك باالتفاقات‬ ‫السابقة‪ .‬يف هذه املرحلة يبدأ الفريق بتوليد مشاعر "حنن"‬ ‫بدل مشاعر "أنا" و يبدأ العمل كفريق‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪..‬‬ ‫‪.‬‬

‫وميكن ملراقب خارجي إدراك ذلك من خالل مايلي‪:‬‬ ‫رضا عام عن توزيع األدوار والصالحيات‪ ،‬وبالتايل وجود‬ ‫نسبة قليلة من االعرتاضات والنقد لألشخاص واألعمال‪.‬‬ ‫وضوح يف املسؤوليات والصالحيات؛ حيث ميكن‬ ‫التوجه مباشرة لشخص معني مبا خيص موضوعاً معيناً‪.‬‬ ‫وجود آليات حماسبة ومستوى شفافية حمدد‪.‬‬ ‫مالحظة التزام األعضاء بأداء عملهم‪.‬‬ ‫ميكن توقع سلوك كل عضو؛ حيث تولّدت معرفةٌ كافيةٌ‬ ‫كل منهم‪.‬‬ ‫بقدرات وسلوكيات ٍّ‬ ‫وال بد من استثمار اهلدوء والتفاهم يف هذه املرحلة من أجل‬ ‫الدخول يف العمل احلقيقي الفاعل الذي سيضع اجملموعة‬ ‫ككل موضع االختبار‪ .‬وكذلك‪ ،‬جيب متابعة التزام ومتسك‬ ‫األعضاء بالقواعد املتفق عليها يف هذه املرحلة وإال فإن خطر‬ ‫االنتكاس للمرحلة السابقة ال يزال موجوداً‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫ميكن توجيه النصائح التالية لقادة اجملموعة أو لألعضاء‬ ‫املؤسسني‪:‬‬ ‫يف هذه املرحلة جيب أن يكون للقائد دور داعم؛ حيث‬ ‫عليه أن يسعى لتقدمي املساعدة لكل عضو من أجل إجناز‬ ‫مهمته بنجاح‪.‬‬ ‫على املدير أن يكون قدوة يف التمسك بقواعد العمل‬ ‫وااللتزام هبا واحرتامها‪ ،‬وإال فإنه سيفقد مكانته كمدير‪.‬‬ ‫التمتع باحليادية ومتثيل مصاحل باقي األعضاء يف أي‬ ‫حديث مع أحد أعضاء الفريق‪.‬‬ ‫السعي لتحقيق املصاحل والغايات الشخصية لألعضاء‬ ‫طاملا أهنا ال تتعارض مع املشروع املشرتك‪ ،‬وتطمينهم أن‬ ‫مصاحلهم مفهومة وحمفوظة‪.‬‬ ‫ويف حال استمرار فرتة التفاهم واهلدوء‪ ،‬وبداية االنتقال‬

‫للعمل الفعلي يف تنفيذ املشروع‪ ،‬فإن الفريق سيكون قد‬ ‫انتقل إىل املرحلة األخرية من بناءه‪ :‬وهي مرحلة اإلجناز‪.‬‬ ‫‪ .4‬مرحلة اإلنجاز و الفعالية‪:‬‬ ‫بعد التفاهم على اهلدف العام واخلطة العامة‪ ،‬وبعد اطمئنان‬ ‫كل عضو على ضمان حتقيق غاياته ومصاحله ومراعاة‬ ‫احتياجاته‪ ،‬يبدأ العمل احلقيقي املنتج باملشروع‪ .‬وميكن‬ ‫مالحظة ذلك من خالل مايلي‪:‬‬ ‫تكون أحاديث الفريق‪ ،‬مبجملها‪ ،‬حول تفاصيل العمل‬ ‫واخلربات املكتسبة‪ ،‬وتكاد ختلو من الغيبة واحلديث الناقد‬ ‫ألعضاء الفريق أو طريقة العمل‪.‬‬ ‫ميكن مالحظة مراكمة اخلربات واملعارف نتيجة العمل‪،‬‬ ‫وظهور كفاءات خمتصة يف كل جانب من جوانب العمل؛‬ ‫حيث أصبح كل عضو من أعضاء الفريق يعرف متاماً كيفية‬ ‫قيامه مبهامه املوكلة إليه‪.‬‬ ‫ميكن التقاط محاس األعضاء واهنماكهم يف أداء‬ ‫مهامهم‪ ،‬كما ميكن ملس شعورهم بالرضا جتاه ذلك‪.‬‬ ‫درجة ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عالية من االنسجام والتسامح بني‬ ‫مالحظة‬ ‫األعضاء‪ ،‬واتفاق عام باآلراء وباخلط العام‪.‬‬ ‫وجود مستوى ٍ‬ ‫عال من التفاهم والقدرة على التواصل‪.‬‬

‫شخصياهتم‪ .‬وهو تطور تأيت به التجربة‪ ،‬حيث أن العالقة‬ ‫بني التجربة وأفرادها هي عالقة منو متبادل؛ فالتجربة تنمو‬ ‫بأفرادها والعكس صحيح‪ .‬و نتيجة هلذا التطور قد تصبح‬ ‫بعض األدوار غري مالئمة لبعض األفراد‪ .‬ففالن مثالً‬ ‫كان دوره دائماً هو اهلتاف يف املظاهرات واآلن يرى يف‬ ‫نفسه الكفاءة والقدرة على تنظيم املظاهرات‪ .‬وآخر كان‬ ‫دوره فقط رفع األخبار إىل القنوات اإلعالمية‪ ،‬ويرغب‬ ‫اليوم بالظهور على الشاشات كمتحدث إعالمي‪ ،‬وآخر‬ ‫كان عضو أمانة عامة ويرغب أن يكون اليوم يف املكتب‬ ‫التنفيذي‪ .‬قد يؤدي مثل هذا التطور الذي يشعل الطموح‬ ‫للتغيري لدى اإلنسان‪ ،‬يف كثري من األحيان‪ ،‬إىل تضارب‬ ‫املصاحل نتيجة لتعارض األدوار‪ .‬إذ يكون كل عضو‪ ،‬يف‬ ‫هذه املرحلة من العمل‪ ،‬قد أخذ مكانه‪ .‬وبالتايل‪ ،‬فإن أي‬ ‫تبديل يف األدوار سيؤدي إىل تعارض و تضارب يستوجب‬ ‫احلل‪ ،‬وإال فإنه سيؤدي إىل التنافس اهل ّدام‪ .‬وعاد ًة ما يتم‬ ‫توضيح مثل هذه النقاط يف املرحلة السابقة (مرحلة القواعد‬ ‫والتنظيم)‪ .‬ويف حال مل يتم ذلك‪ ،‬جيب على مدير الفريق‬ ‫السعي املستمر الستكشاف تطورات الفريق وإعادة ضبط‬ ‫إن استمرار الفريق يف مرحلة اإلجناز و الفعالية مرهون دوماً حالة الفريق للتجاوب مع هذه التطورات‪ ،‬وإال سيعود الفريق‬ ‫باستمرار شعور أعضاء الفريق بأهنم يؤدون عمالً مهماً جيب إىل مرحلة العصف واالختالف‪ ،‬أو قد خيسر بعض أعضائه‬ ‫أداؤه‪ .‬وكذلك هو مرهو ٌن بشعورهم بالرضا والقناعة بالدور بعد أن حت ّق َق االنسجام فيما بينهم و مترسوا يف أداء مهامهم‪.‬‬ ‫الذي يؤدونه‪ .‬إذ إن شعور أي من أعضاء الفريق بالغنب‬ ‫أو بعدم ضمان مصاحله ميكن أن يعود بالفريق إىل املرحلة هناك مرحلة خامسة‪ :‬وهي مرحلة االنفضاض أو حل الفريق‬ ‫بعد أن يكون قد أجنز مهامه‪ .‬حيث ينتهي أي مشروع‬ ‫الثانية من العمل‪.‬‬ ‫ناجح باحتفالية وداعية ينفض بعدها أعضاء الفريق‪ .‬ولكن‬ ‫أعمال للصاحل العام‪ ،‬قد تتخذ يف‬ ‫األعمال والكيانات الثورية ٌ‬ ‫وميكن تقدمي النصائح التالية إىل مدير الفريق‪:‬‬ ‫ال حيتاج الفريق يف هذه املرحلة إىل إرشادات تفصيلية املستقبل أشكاالً خمتلفةً‪ ،‬كمنظمات جمتمع مدين أو أحزاب‬ ‫وتوجيهات‪ ,‬حيث يكفي إعطاء الوظائف واملهام‪ ،‬وترك أو هيئات سياسية‪ .‬وبالتايل لن يكون هناك فض للفريق‬ ‫احلرية ألعضاء الفريق للقيام هبا بالشكل الذي يناسبهم‪ .‬بالضرورة‪.‬‬ ‫جيب تقدمي شكر وإطراء ألعضاء الفريق األكثر إجنازاً‬ ‫لألسف‪ ،‬فإن الغالبية العظمى من فرق العمل اجلماعي يف‬ ‫بني الفرتة واألخرى‪.‬‬ ‫تتضمن الثورة السورية‪ ،‬اليت عايشتُها وراقبتُها‪ ،‬مل تغادر املرحلتني‬ ‫ال‬ ‫مخول‬ ‫ات‬ ‫رت‬ ‫ف‬ ‫وجود‬ ‫عدم‬ ‫إىل‬ ‫جيب السعي‬ ‫ّ‬ ‫عمالً كافياً‪ ،‬حيث ستعود اخلالفات إىل الظهور يف هذه األوىل والثانية ومل يصلوا للمراحل التالية‪ .‬إذ أن فقدان اخلربة‬ ‫يف العمل اجلماعي‪ ،‬وضعف قدرات التواصل ومهارات‬ ‫الفرتات‪.‬‬ ‫عدم الركون إىل االستقرار؛ إذ يكون اإلنسان يف تطور التفاوض والتفاهم أدى إىل انفراط عقد معظم فرق العمل‬ ‫مستمر‪ ،‬حيث جيب متابعة تطور أعضاء الفريق‪ ،‬وبالتايل قبل أن تنجز املشروع الذي اجتمعت ألجله‪ .‬ولكن اجملتمع‬ ‫تطور احتياجاهتم وطموحاهتم والسعي الستيعاهبا وحتقيقها‪ ،‬السوري مير يف جتربة استثنائية م ّكنت العديد من الناشطني‬ ‫والعاملني يف احلقل العام من اكتساب مهارات جديدة‪،‬‬ ‫ما مل تتعارض مع املشروع‪.‬‬ ‫والتعلم من أجل خوض جتربة جديدة متتلك فرصاً أكرب‬ ‫ويتطور أداء أعضاء الفريق خالل العمل‪ ،‬وكذلك تتطور للنجاح‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫‪ 9‬تموز ‪ / 2013‬العدد السابع والعشرون‬

‫‪11‬‬


‫األخرية‬

‫أبو الخير ‪ ...‬مساعد األمس إسكافي اليوم‪!.....‬‬ ‫عبيدة العمر – إدلب‬

‫يف لقاء خاص مع "جسر"‪ ،‬حتدث املساعد أول املنشق "أبو‬ ‫اخلري" عن عمله وحياته‪ .‬لدى وصول "جسر" إىل مكان عمله‬ ‫يف ريف ادلب اجلنويب ببلدة بسقال‪ ،‬رأينا جتمعاً من الناس أمام‬ ‫الدكان‪ ،‬فانتظرنا فرتة قصرية بعدها غادر الناس ومهمنا بالدخول‬ ‫إىل الدكان‪.‬‬ ‫مل يشأ أبو اخلري التحدث لوسائل اإلعالم‪ ،‬ولكن بعد نقاش طويل‬ ‫أقنعناه باحلديث مع "جسر" حصرياً‪.‬‬ ‫أبو اخلري مساعد أول منشق عن إدارة املرور العامة‪ .‬أمضى أربعة‬ ‫وعشرين عاماً من اخلدمة يف مؤسسات الدولة كالقصر العديل‬ ‫بدمشق وإدارة املرور حبرستا والزبداين ومعرة النعمان‪ .‬يبلغ من‬ ‫العمر ‪ 41‬عاماً‪ ،‬وهو أب لستة أطفال أكربهم يبلغ من العمر‬ ‫مخسة عشر عاماً وأصغرهم أربعة أعوام ‪.‬‬ ‫ولقد بدأ حديثه بتاريخ انشقاقه منذ سنة وثالث شهور‪ ،‬حيث‬ ‫قال‪" :‬انشققت عن إدارة املرور يف حرستا ومل أستطع أن أُحضر‬ ‫معي أي شيء من أمالكي سوى راتب شهر واحد ومقداره اثنان‬ ‫وعشرون ألف لرية سورية‪ ،‬وذلك ألن املخابرات اجلوية كانت‬

‫‪12‬‬

‫‪ 9‬تموز ‪ / 2013‬العدد السابع والعشرون‬

‫متارس حصاراً خانقاً على املوظفني‪ ،‬وإن أحسوا برغبة شخص‬ ‫باالنشقاق سيقتلونه فوراً"‪.‬‬ ‫أما عن سبب انشقاقه عن النظام‪ ،‬فيجيب أبو اخلري‪" :‬أعمال‬ ‫القتل اليت رأيتها بريف دمشق واليت شاهدهتا يف كل مناطق سورية‬ ‫على وسائل اإلعالم‪ .‬انشققت وبقي يل عام واحد كي أحصل‬ ‫على التقاعد والبدل النقدي عن اخلدمة‪ ،‬ولكين تركت كل شيء‬ ‫خلفي وانضممت اىل الثورة"‪.‬‬ ‫أثناء النقاش يدخل طفل صغري حيمل حذاء حباجة اىل صيانة‬ ‫فينهض أبو اخلري ويقوم بإصالح احلذاء‪ ،‬ويتقاضى مبلغ ‪ 25‬لرية‬ ‫سورية‪ ،‬مث يتابع حديثه عن سبب اختيار العمل كإسكايف‪" :‬أنا‬ ‫أول اسكايف يف البلدة‪ .‬وكذلك ألنين أستطيع العمل بدون كهرباء‬ ‫أحياناً‪ .‬والسبب األهم هو أن أحصل على قويت وقوت عائليت وأن‬ ‫ال أحتاج إىل أي شخص آخر"‪.‬‬ ‫كيف دفعت مثن اآلالت؟‬‫جييب املساعد أول مبتسماً‪" :‬اآلالت ليست يل‪ ،‬بل استأجرهتا مع‬ ‫الدكان مببلغ مخسة آالف لرية سورية شهرياً"‪.‬‬

‫أكثر ما لفت انتباهنا هو شدة احلر داخل الدكان‪ ،‬حيث كانت‬ ‫مطرقة أبو اخلري التكل وال متل من ضرب املسامري داخل األحذية‪.‬‬ ‫املكان ضيق جدا واآلالت قدمية وحباجة جلهد كبري للعمل عليها‬ ‫ولكنه مل يهدأ أبداً عن العمل‪.‬‬ ‫وعن عالقته باجليش احلر قال لنا حرفياً ‪" :‬واهلل العظيم إين خبجل‬ ‫من الشباب اللي بريوحوا عاجلبهة‪ ،‬بس شو بدي ساوي‪ ..‬ما‬ ‫حبسن روح واترك عائليت متوت من اجلوع"‪.‬‬ ‫قبل أن نغادر املكان دخل شقيق أبو اخلري (وهو منشق كذلك)‪،‬‬ ‫فسألناه عن رأيه بعمل أبو اخلري كإسكايف‪ ،‬فأجاب‪" :‬واهلل عيب‬ ‫مساعد أول يشتغل اسكايف‪ ،‬بس احلياة أجربته‪ .‬اهلل يوفقه"‪.‬‬ ‫بدا واضحاً من خالل كالم الناس اجملاورين لدكان أبو اخلري فرحهم‬ ‫لوجود أول إسكايف بالبلدة‪ ،‬ولقلة تكلفة إعادة صيانة األحذية‪،‬‬ ‫حيث حتدثوا عن كون أجره هو األرخص من حيث التسعرية يف‬ ‫كل املناطق اجملاورة‪.‬‬ ‫انتهينا من عملنا وغادرنا املكان ولكن منظر حبات العرق على‬ ‫جبني املساعد أول أبو اخلري مل يغادر خيالنا‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.