1
2
اﻟﻤﻌﺰّﻳـﺔ اﻹﻟﻬﻴّـﺔ زﻳﺎرات ﻗﺼﻴﺮة ﻟﻠﻌﺬراء اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ اﻟﻘﺪاﺳﺔ ﺗﺄﻟﻴﻒ أﺣﺪ اﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ اﻟﺮﺳﻮﻟﻴّﻴﻦ ﻧﻘﻠﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴّﺔ اﻷب أﻧﻄﻮﻧﻴﻮس ﺷﺒﻠﻲ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲّ )ﻧﻘّﺢ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻷب إدﻣﻮن ﺧﺸّﺎن ر.ل.م(
www.jounoudmariam.com www.facebook.com/jounoudmariam ﺗﻌﻨﻰ ﺑﻄﺒﻌﻪ وﻧﺸﺮﻩ ﺟﻤﻌﻴّﺔ "ﺟﻨﻮد ﻣﺮﻳﻢ" ﻋﻠﻢ وﺧﺒﺮ /١٦٧أد ﻳﻮزّع ﻣﺠﺎﻧﺎً
3
ﻣﻘﺪّﻣﺔ ﻣﺎ وﻗﻌﺖ ﻋﻴﻨﻲ ﻋﻠﻰ هﺬا اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻨﻔﻴﺲ وﺟﺎﻟﺖ ﻓﻴﻪ ﺟﻮﻟﺔً ﺣﺘّﻰ راﻗﻨﻲ ﻣﺎ ﺿﻢﱠ ﺑﻴﻦ دﻓّﺘﻴﻪ ﻣﻦ رﻗّﺔ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﺮوﺣﻴّﺔ ودﻗّﺔ اﻻﺑﺘﻬﺎﻻت اﻟﺨﺸﻮﻋﻴّﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﺜﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﻮس ﻣﺸﺎﻋﺮ ت اﻟﻌﺰم ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲّ اﻟﺘﻘﻮى واﻟﻌﺒﺎدة .ﻓﻌﻘﺪ ُ إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴّﺔ ﺑﻤﻨﺘﻬﻰ اﻟﻀﺒﻂ واﻷﺣﻜﺎم رﻏﺒﺔً ﻓﻲ ازدﻳﺎد اﻧﺘﺸﺎر ﻋﺒﺎدة ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ﻣﻠﻜﺔ اﻟﻤﺤﺒّﺔ واﻟﺴﻼم. ع ﻣﻦ ﻋﻮاﻃﻒ اﻹﺟﻼل واﻹآﺮام ﻪ اﻟﻤﺆﻟّﻒ اﻟﻮَر ُ وﻗﺪ أودﻋ ُ ﻟﺴﻠﻄﺎﻧﺔ اﻟﺴﻤﺎء واﻷرض ﻣﺎ دلّ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ اﻧﻄﻮى ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻠﺒﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﻐﻒ ﺑﺤﺒّﻬﺎ اﻟﺬي ﺗﺄﺟّﺠﺖ ﻧﻴﺮاﻧُﻪ ﻓﻴﻪ ﺗﺄﺟّﺠًﺎ واﺿﻄﺮّﻣﺖ اﺿﻄﺮاﻣًﺎ. ﻓﻔﻲ هﺬﻩ اﻟﺰﻳﺎرات اﻟﺸﻬﺮﻳّﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة أرادت ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء أن ﺗﻨﺎﺟﻲ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻤﺘﻌﺒّﺪة ﺑﺄرقّ ﻋﻮاﻃﻒ اﻟﺤﺐّ واﻟﺤﻨﺎن اﻷﻣﻮﻣﻲّ ﻟﺘﺴﺘﺪرﺟﻬﺎ إﻟﻰ إآﺮاﻣﻬﺎ ،وﺗﺴﺘﻬﻮﻳﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺤﺒّﺘﻬﺎ، واﻹﻟﺘﺠﺎء إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ آﻞّ ﺣﻴﻦ ﺑﺪون ﺧﻮفٍ ووﺟَﻞ .وﻻﺳﻴّﻤﺎ ﻋﻨﺪ وﻗﻮﻋﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﺮاك اﻟﺘﺠﺎرب ،واﻧﻐﻤﺎﺳﻬﺎ ﻓﻲ ﻟﺠّﺔ اﻷﺣﺰان واﻟﻤﺼﺎﺋﺐ ،وﺣﺮﻣﺎﻧﻬﺎ آﻞﱠ ﻋﺰاءٍ وﺳﻠﻮانٍ ﺑﺸﺮيّ .ﻟﺬﻟﻚ ﺑﺼﻮاب دُﻋﻴﺖ" :ﻣﻌﺰﻳّﺔ اﻟﺤﺰاﻧﻰ" و"اﻟﻤﻌﺰﻳّﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ" ﻷﻧّﻬﺎ ﺗﺒﺪّد ﻋﻦ ﻧﻔﻮس أوﻻدهﺎ ﺿﺒﺎب اﻟﻬﻤﻮم واﻟﺸﺠﻮن ،وﺗﻤﺰّق أﻓﺌﺪﺗﻬﻢ وﻗﻮع اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﺘﻲ ﺗﺰﺟﱡﻬﻢ ﻓﻲ وهﺪة اﻟﻴﺄس واﻟﻘﻨﻮط ،وﺗُﻤﻄﺮهﺎ ﻧﺪاءَ اﻟﺘﺴﻠﻴﺎت واﻟﺘﻌﺰﻳﺎت ،وﺗُﻀﻲء وﺣﺸﺘﻬﺎ ﺑﺄﻧﻮار اﻷﻓﺮاح واﻟﻤﺴﺮّات ،وﺗﻘﻮدهﺎ ﺑﺬراﻋﻬﺎ اﻟﻘﺪﻳﺮة ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ هﺬﻩ اﻟﺤﻴﺎة إﻟﻰ ﻣﺠﺪ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺨﺎﻟﺪ. أﻟﻴﺴﺖ هﻲ اﻟﻤﻨﺎدﻳﺔ أﺑﻨﺎءهﺎ ﺑﻤﺜﻞ هﺬا اﻟﻜﻼم اﻟﻌﺬب: "ﺗﻌﺎﻟﻮا ﺑﻨﻲّ ،ﺗﻌﺎﻟﻮا آﻠّﻜﻢ إﻟﻲّ ،ﺁﻩ ﻟﻮ آﻨﺘﻢ ﺗﻌﻠﻤﻮن آﻢ أُﺣﺒﱡﻜﻢ... ﺐ أنّ أُﻣًّﺎ ﺖ أﻧﺎ أﻣﱠﻜﻢ! أﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻷم أن ﺗﻨﺴﻰ ﺑﻨﻴﻬﺎ؟ وهَ ْ أﻟﺴ ُ ﻧﺴﻴﺖ أوﻻدهﺎ ﻓﺄﻧﺎ ﻻ أﻧﺴﺎآﻢ أﺑﺪًا."...
4
ﻓﺠﺪﻳﺮٌ ﺑﺎﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﻴﻦ أن ﻳﻜﺮّﻣﻮا ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء "ﺑﺎب اﻟﺴﻤﺎء"" ،وﻣﻦ آﺎن ﻟﻠﻌﺬراء ﻋﺒﺪًا ﻟﻦ ﻳُﺪرآﻪ اﻟﻬﻼك أﺑﺪًا". وﻳﻬﺮﻋﻮا إﻟﻰ اﻟﻠﺠﻮء اﻟﻰ آﻨَﻔﻬﺎ واﻻﺳﺘﻈﻼل ﺑﺤﻤﺎﻳﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﺆﺳﻬﻢ وﺷﻘﺎﺋﻬﻢ وﻋﻴﺸﻬﻢ ﻓﻲ وادي اﻵﻻم واﻟﺪﻣﻮع ﻓﻴﺠﺪوا ﻓﻲ ﻋﻄﻔﻬﺎ وﺣﺒﱢﻬﺎ اﻷﻣﻮﻣﻲ أﻣﻨﻊ ﻣﻌﻘﻞٍ ﻳﺪرُأ ﻋﻨﻬﻢ ﺷُﺮور اﻟﻤﺨﺎﻃﺮ وﺑﻼﻳﺎ اﻟﻤﻌﺎﺛﺮ. وﺣﺮّيﱞ ﺑﺎﻟﺸﺒﱠﺎن واﻟﺸﺎﺑّﺎت واﻟﺮهﺒﺎن واﻟﺮاهﺒﺎت وﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﺘﻘﻴّﺔ أن ﻳﻘﺘﻨﻮا هﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،وﻳﻤﻌﻨﻮا اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻴﻌﻪ ﻓﻴﺠﻨﻮا ﻣﻨﻪ اﻟﻐﺬاء اﻟﺮوﺣﻲّ ﻟﻨﻔﻮﺳﻬﻢ ،وﻳﺤﻤﻠﻬﻢ ﻋﻠﻰ أن ﻳﺴﺘﺴﻠﻤﻮا ﻟﻠﺴﻴّﺪة اﻟﻌﺬراء "ﻣﻠﺠﺈ اﻟﺨﻄﺄة" اﺳﺘﺴﻼم اﺑﻦٍ ﻷﻣّﻪ. ﺪﻣًﺎ ﻟﻬﺎ ﻊ هﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻘ ّ وإﻧّﻨﻲ ﺗﺤﺖ آﻨﻔﻬﺎ اﻟﺒﺘﻮﻟﻲّ أﺿ ُ ﺟﻤﻴﻊ أﺗﻌﺎﺑﻲ وﻃﺎﻟﺒًﺎ ﻣﻨﻬﺎ أن ﺗﺠﻌﻠ ُ ﻪ ﺳﻬﻤًﺎ ﻧﺎﻓﺬًا ﻳﺨﺘﺮق اﻟﻘﻠﻮب وﻳُﻠﻬﺒُﻬﺎ ﺑﺤﺐّ اﷲ وﺣﺒّﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻟﺘﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻤﺠّﺪهﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء. اﻷب أﻧﻄﻮﻧﻴﻮس ﺷﺒﻠﻲ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲّ
٢ﺗﻤّﻮز ﺳﻨﺔ ١٩٦٢
5
ﻣﺮﻳﻢ ﺗﺪﻋﻮ ﺑﻨﻴﻬﺎ ُأﻣﱠﻜﻢ؟ أﻧﺎ ﺖ ﺗﻌﺎﻟﻮا ﺑﻨﻲّ ،ﺗﻌﺎﻟﻮا آﻠّﻜﻢ إﻟﻲّ .أﻟﺴ ُ ﺐ أن أﻣﺎً ﻧﺴﻴﺖ أوﻻدهﺎ أﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻷمﱡ أن ﺗﻨﺴﻰ أﺑﻨﺎءهﺎ؟ وهَ ْ ﻓﺄﻧﺎ ﻻ أﻧﺴﺎآﻢ أﺑﺪًا. ﻟﻮ أﻣﻜﻦ أن ﺗُﺠﻤﻊ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ واﺣﺪ ﻣﺤﺒّﺔ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻣّﻬﺎت ﻣﺎﺿﻴًﺎ وﺣﺎﺿﺮًا وﻣﺴﺘﻘﺒﻼً ﺣﺘّﻰ اﻧﻘﻀﺎء اﻟﺪهﺮ ،ﻟـﻤَﺎ ﺿﺎهﺖ ﻗﻂّ ﻣﺤﺒّﺘﻲ ﻟﻸﺧﻴﺮة ﺑﻴﻨﻜﻢ. ﺁﻩ! ﻟﻮ آﻨﺘﻢ ﺗﻌﻠﻤﻮن آﻢ أُﺣﺒّﻜﻢ! ..ﻟﻜﺎن ﻗﻠﺒﻜﻢ اﻟﻀﻌﻴﻒ ﻳﺬوب ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺠﻤﻴﻞ واﻟﻤﺤﺒّﺔ. إﻧّﻲ أُﺣﺒّﻜﻢ ،وأﺣﺒّﻜﻢ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ،ﻓﺘﻌﺎﻟﻮا آﻠّﻜﻢ إﻟﻲّ! ﺗﻌﺎﻟﻮا ،أﻧﺘﻢ أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﺜﻘﱠﻠﻮن ﺑﺎﻷﺗﻌﺎب .ﻓﺈنّ ﻟﻲ ﻋﻄﻔًﺎ ﺧﺎﺻًّﺎ ﺖ آﺜﻴﺮًا ﻋﻠﻰ اﻷرض!.. ﻋﻠﻰ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺄﻟّﻤﻮن .ﻷﻧّﻲ ﺗﺄﻟّﻤ ُ إﻧّﻜﻢ ﺗﺜﻘﻮن ﺑﺄﻣّﻜﻢ اﻷرﺿﻴّﺔ ،وهﺬا ﻋﺪل .ﻓﻠﻮ آﺎﻧﺖ ﺳﻌﺎدﺗﻜﻢ ﺗﺘﻌﻠّﻖ ﺑﻬﺎ ،ﻟﻄﺒﺘﻢ ﻧﻔﺴًﺎ وﻗﺮرﺗﻢ ﻋﻴﻨًﺎ. ﻓﻠﻤﺎذا ﻻ ﺗﺜﻘﻮن ﺑﺄﻣّﻜﻢ اﻟﺴﻤﺎوﻳّﺔ؟ أهﻲ أﻗﻞﱡ ﻋﻄﻔًﺎ أو ﺣﻨﺎﻧًﺎ ﻣﻨﻬﺎ؟ ﻓﻤﺎ ﻗﻠﺘﻪ ﻟﻠﻄﻮﺑﺎوﻳّﺔ ﻣﺮﻏﺮﻳﺖ ﻣﺮﻳﻢ أﻗﻮﻟﻪ ﻟﻜﻞﱟ ﻣﻨﻜﻢ" :ﻻ ﺗﺨﻒ ﺷﻴﺌًﺎ ﺑُﻨﻲﱠ ﻓﺄﻧﺎ أﻣّﻚ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﻌﻄﻮف وﺳﺘﻜﻮن داﺋﻤًﺎ اﺑﻨﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲّ اﻟﻤﺤﺒﻮب .ﻓﻼ ﺗﺨﻒ إذًا ﺷﻴﺌًﺎ!". اﺣﻔﺮوا ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ،ﻳﺎ ﺑﻨﻲﱠ ،آﻠﻤﺎت اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﻘﺪّس اﻟﺘﻲ أوﺣﺎهﺎ اﷲ إﻟﻰ آﻨﻴﺴﺘﻪ ﻓﻮﺿﻌﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺘﻲﱠ: "ﻓﺎﻵن ،اﺻﻐﻮا إﻟﻲّ ﻳﺎ ﺑﻨﻲّ :اﻟﻄﻮﺑﻰ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﺤﻔﻈﻮن ﻃﺮﻗﻲ! اﺻﻐﻮا إﻟﻰ ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻲ وآﻮﻧﻮا ﺣﻜﻤﺎء ،وﻻ ﺗﻬﻤﻠﻮهﺎ أﺑﺪًا. "ﻃﻮﺑﻰ ﻟﻠﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﻳﺼﻐﻲ إﻟﻲّ ،وﻳﺴﻬﺮ آﻞّ ﻳﻮم ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺑﻲ ،وﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﻣﺪﺧﻞ ﺑﻴﺘﻲ! "ﻣﻦ ﻳﺠﺪﻧﻲ ،ﻳﺠﺪ اﻟﺤﻴﺎة ،وﻳﺴﺘﻘﻲ اﻟﺨﻼص ﻣﻦ اﻟﺮبّ".
6
زﻳﺎرات ﻗﺼﻴﺮة ﻟﻠﻌﺬراء اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ اﻟﻘﺪاﺳﺔ
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻷوّل
اﻟﺴﻼم اﻟﻤﻼﺋﻜﻲّ! اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،آﻴﻒ أﺟﺮؤ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻧﻮّ ﻣﻨﻚِ؟ أﻧﺖ اﻟﻨﻘﺎوة ،واﻟﻘﺪاﺳﺔ ،واﻟﻜﻤﺎل ،واﻟﻌﻈﻤﺔ ،وأﻧﺎ اﻟﻔﻘﺮ واﻟﻤﺴﻜﻨﺔ! اﺳﻤﺤﻲ ﻟﻲ ﺑﺄن أﺗّﺤﺪ ﻣﻊ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻼﺋﻜﺔ اﻟﺴﻤﺎء وﻗﺪّﻳﺴﻴﻬﺎ ،ﻷﺳﻠﱢﻢ ﻋﻠﻴﻚِ ﻗﺎﺋﻠﺔً: م ﻋﻠﻴﻚ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻳﺎ ﻣﻤﺘﻠﺌﺔ ﻧﻌﻤﺔً ،اﻟﺮبّ ﻣﻌﻚِ، اﻟﺴﻼ ُ ﻣﺒﺎرآﺔٌ أﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﺎء ،وﻣﺒﺎركٌ هﻮ ،ﺛﻤﺮة ﺑﻄﻨﻚ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ. واﺳﻤﺤﻲ ﻟﻲ ﺑﺄن أهﺘﻒ ،ﻣﻊ آﻞّ ﻣﺴﻴﺤﻴﻲّ اﻷرض: ﻳﺎ ﻗﺪّﻳﺴﺔ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻳﺎ واﻟﺪة اﷲ ،ﺻﻠّﻲ ﻷﺟﻠﻨﺎ ،ﻧﺤﻦ اﻟﺨﻄﺄة، اﻵن وﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻮﺗﻨﺎ .ﺁﻣﻴﻦ. ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إﻧّﻨﻲ ﻻ أردﱡ أﺑﺪًا اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺗﻲ إﻟﻲّ ﺑﻬﺬﻩ اﻟﺘﺤﻴّﺔ. م ﻋﻠﻴﻚ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! أذآﺮ اﻟﺸﺮف وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳُﻘﺎل ﻟﻲ :اﻟﺴﻼ ُ اﻟﺬي ﺷﺮّﻓﻨﻲ اﷲ ﺑﻪ ﺣﻴﻦ أرﺳﻞ إﻟﻲّ ﺳﻼم اﻟﻤﺤﺒّﺔ وﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻣﻼآﻪ. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳُﻀﺎف :ﻳﺎ ﻣﻤﺘﻠﺌﺔ ﻧﻌﻤﺔً ،أذآﺮ اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ اﻟﻐﺰﻳﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎزل اﷲ ﻓﻤﻸﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻷﺗﺄهّﺐ ﻓﺄآﻮن أﻣًّﺎ ﻻﺑﻨﻪ اﻟﻮﺣﻴﺪ. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳُﻘﺎل أﻳﻀًﺎ :اﻟﺮبّ ﻣﻌﻚ ،أذآﺮ اﻷﻋﺠﻮﺑﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ أذهﻠﺖ آﻞّ اﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ أراد اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻷزﻟﻲّ أن ﻳﺘﻼﺷﻰ ﻓﻲﱠ ،وﻳﻮﻟﺪ ﻣﻨّﻲ ﻓﻲ اﻟﺰﻣﺎن ،آﻤﺎ اﺗﱠﻠﺪ ﻣﻦ أﺑﻴﻪ ﻣﻨﺬ اﻷزل .وﻣﻦ ﺛﻢّ ،ﻓﻬﻮ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﺑﻨﻲ اﻟﻮﺣﻴﺪ ،آﻤﺎ أﻧّﻪ اﻻﺑﻦ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻷﺑﻴﻪ اﻹﻟﻬﻲّ.
7
وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳُﺮدف أﻳﻀًﺎ :ﻣﺒﺎرآﺔٌ أﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﺎء ،أﺗﻤﺜﱠﻞ آ ّ ﻞ اﻟﺘﻄﻮﻳﺒﺎت ،واﻟﻤﺪاﺋﺢ اﻟﺘﻲ وُﺟﻬﺖ إﻟﻲّ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء وﻋﻠﻰ اﻷرض ﻟﻜﻮﻧﻲ أﻣًّﺎ ﷲ. وﻋﻨﺪ هﺬﻩ اﻟﻜﻠﻤﺎت :ﻣﺒﺎركٌ هﻮ ﺛﻤﺮة ﺑﻄﻨﻚ ﻳﺴﻮع، ﻳﺠﺪّدون ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ اﻟﻔﺮح اﻟﺬي أﺷﻌﺮ ﺑﻪ ﻟﻜﻮﻧﻲ ﻣﺘّﺤﺪة اﺗﺤﺎدًا ﻗﻮﻳًّﺎ ﺑﺎﺑﻦ اﷲ ،وﻳﺬآّﺮوﻧﻲ أﻧّﻲ أﻣّﻪ ﺣﻘﻴﻘﺔ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ وهﻮ اﺑﻨﻲ. وأنّ ﻟﻲ وﺣﺪي اﻟﺤﻖّ ﺑﺎﻣﺘﻼآﻪ أآﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺨﻼﺋﻖ آﻠّﻬﺎ ﺟﻤﻌﺎء. وﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ )ﻳﺎ ﻗﺪّﻳﺴﺔ ﻣﺮﻳﻢ (...اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟّﻬﻬﺎ إﻟﻲّ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻋﻠﻰ أﻟﺴﻨﺔ آﻞّ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ،أﻋﺮف أﻧّﻲ ﻣﻠﺘﺰﻣﺔ ﺑﺎﻟﺘﺤﻨّﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻄﺄة اﻟﻤﺴﺎآﻴﻦ ،وﺑﻤﺤﺒّﺘﻬﻢ واﻟﺼﻼة ﻷﺟﻠﻬﻢ. ت أن ﻷﻧّﻬﻢ آﺎﻧﻮا ﺳﺒﺒًﺎ ﻟﺴﻌﺎدﺗﻲ ،وﻟﻮﻻ ﺧﻼﺻﻬﻢ ،ﻟَﻤﺎ ﻗﺪر ُ أآﻮن أﻣًّﺎ ﻟﻠﻤﺨﻠّﺺ. ﻓﺄﺗﻠﻲ إذًا اﻟﺴﻼم اﻟﻤﻼﺋﻜﻲّ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ،ﻷﻧّﻪ ﻻ ﺷﻲء ﻣﺜﻠﻪ ﻳﻘﺪر أن ﻳﻔﺮّح ﻗﻠﺒﻲ ﻓﺮﺣًﺎ ﻋﻈﻴﻤًﺎ. م اﻟﻨﻔﺲ :ﻓﻮاﻟﺤﺎﻟﺔ هﺬﻩ ،إﻧّﻨﻲ ﻟﻦ أﻧﻔﻚّ ﻋﻦ ﺗﻜﺮار :اﻟﺴﻼ ُ ﻋﻠﻴﻚ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! م ﻋﻠﻴﻚ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻠﻄﻴﻔﺔ ،أمﱠ اﷲ. اﻟﺴﻼ ُ ﻢ ﻋﻠﻴﻚ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،وأﺿﺮع ﻟﺘﻘﺒﻠﻴﻨﻲ اﺑﻨﺔً ﻟﻚِ، إﻧّﻲ أُﺳﻠﱢ ُ ﻷﻧّﻲ ﻻ أرﻳﺪ أﻣًّﺎ ﺳﻮاك .ﻓﺄرﺟﻮكِ إذًا ،ﻳﺎ أﻣّﻲ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ،اﻟﺠﻮّادة، واﻟﻤﺤﺒﻮﺑﺔ واﻟﻜﺜﻴﺮة اﻟﻤﺤﺒّﺔ ،أن ﺗﺘﻨﺎزﻟﻲ إﻟﻰ ﺗﻌﺰﻳﺘﻲ ﻓﻲ أﺣﺰاﻧﻲ وﺷﺪاﺋﺪي روﺣﻴّﺔ آﺎﻧﺖ أو ﺟﺴﺪﻳّﺔ. ﺗﺬآّﺮي ،أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ اﻟﻠﻄﺎﻓﺔ ،إﻧّﻚ أﻣّﻲ ،وإﻧّﻨﻲ اﺑﻨﺘﻚِ ،إﻧّﻚ آﻠﻴّﺔ اﻟﻘﺪاﺳﺔ وإﻧّﻲ ﺧﻠﻴﻘﺔً ﺣﻘﻴﺮة ،دﻧﻴﺌﺔ وﺿﻌﻴﻔﺔ غ إﻟﻴﻚ ،ﻳﺎ أﻣّﻲ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ،ﻟﺘﺪﺑّﺮﻳﻨﻲ وﺗﺤﺎﻣﻲ ﻋﻨّﻲ ﻓﻲ ﻓﺄﺿﺮ ُ ﺟﻤﻴﻊ ﻃُﺮﻗﻲ وأﻋﻤﺎﻟﻲ. ﻻ ﺗﻘﻮﻟﻲ ﻟﻲ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،إﻧّﻚ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻌﻴﻦ ،ﻓﺈنّ اﺑﻨﻚِ اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻗﺪ أﻋﻄﺎكِ ﻗﺪرةً آﺎﻣﻠﺔً ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء وﻋﻠﻰ اﻷرض.
8
ﻻ ﺗﻘﻮﻟﻲ ﻟﻲ إﻧّﻚ ﻻ ﺗﻠﺘﺰﻣﻴﻦ ﺑﺬﻟﻚ :ﻷﻧّﻚ أمّ اﻟﺠﻨﺲ اﻟﺒﺸﺮيّ اﻟﻀﻌﻴﻒ ،وﻋﻠﻰ اﻟﺨﺼﻮص أﻣّﻲ أﻧﺎ. وإذا ﻟﻢ ﺗﻘﺪري أن ﺗﺮﺷﺪﻳﻨﻲ ﻓﻲ ﻃﺮﻗﻲ وﺗﺤﺎﻣﻲ ﻋﻨّﻲ ﻓﺈﻧّﻲ أﻋﺬرك ﻗﺎﺋﻠﺔ" :إﻧّﻬﺎ ﻻ رﻳﺐ أﻣّﻲ وﺗﻌﺰّﻳﻨﻲ آﺎﺑﻨﺘﻬﺎ إﻻّ أﻧّﻬﺎ، واأﺳﻔﻲ ﺗﻨﻘﺼﻬﺎ اﻟﻘﺪرة". وﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻜﻮﻧﻲ أﻣّﻲ ،ﻟﺼﺒﺮ ُ ت ﻗﺎﺋﻠﺔ" :إﻧّﻬﺎ آﺜﻴﺮة اﻟﻐﻨﻰ وﺷﺪﻳﺪة اﻟﻘﺪرة ،وﻟﻜﻨّﻬﺎ ،وا أﺳﻔﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺄﻣّﻲ ،وﻻ ﺗﺤﺒّﻨﻲ!" وﻟﻜﻦ ،أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﻮدﻳﻌﺔ ،أﻧﺖ أﻣّﻲ ،وأﻧﺖ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ اﻟﻘﺪرة ،ﻓﻜﻴﻒ إذًا أﺳﺘﻄﻴﻊ أن أﻋﺬرك إذا آﻨﺖِ ﻻ ﺗﻤﺪّﻳﻦ إﻟﻲّ ﻳﺪ اﻟﻤﻌﻮﻧﺔ. أﻗﺮّي ﻳﺎ أﻣّﻲ ،أّﻧﻚِ ﻣﻠﺘﺰﻣﺔٌ ﺑﺎﺳﺘﺠﺎﺑﺔ آﻞّ أﺳﺌﻠﺘﻲ. م ﻋﻠﻴﻚِ ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! آﻮﻧﻲ ﻣﻤﺠّﺪة ﻋﻠﻰ اﻷرض وﻓﻲ اﻟﺴﻼ ُ اﻟﺴﻤﺎء. وﻷﺟﻞ ﺷﺮف وﻣﺠﺪ اﺑﻨﻚِ ﻳﺴﻮع ،اﻗﺒﻠﻴﻨﻲ اﺑﻨﺔً ﻟﻚِ ،دون أن ﺗﻨﻈﺮي إﻟﻰ ﺗﻌﺎﺳﺘﻲ وﺧﻄﺎﻳﺎي. ﺣﻠّﻲ ﻧﻔﺴﻲ وﺟﺴﺪي ﻣﻦ آﻞّ ﻗﻴﻮد اﻟﺸﺮّ ،وهﺒﻴﻨﻲ آﻞّ ﻓﻀﺎﺋﻠﻚ ،وﻻﺳﻴّﻤﺎ ﻓﻀﻴﻠﺔ اﻟﺘﻮاﺿﻊ. أهﺪي إﻟﻲّ آﻞّ اﻟﻤﻮاهﺐ ،واﻟﺨﻴﺮات ،واﻟ ﱢﻨﻌَﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺬﱡ اﻟﺜﺎﻟﻮث اﻷﻗﺪس ،اﻵب ،واﻻﺑﻦ واﻟﺮوح اﻟﻘﺪس .ﺁﻣﻴﻦ. ﻣﺮﻳﻢ :ﺗﻌﺎﻟﻲ إﻟﻲّ ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ آﻞّ ﻳﻮم ﻷآﻠّﻤﻚ وﻗﺘًﺎ ﻣﺎ .وﻻ ﺗﻔﺎرﻗﻴﻨﻲ دون أن ﺗﺄﺧﺬي ﺑﻌﺾ ﻣﻘﺎﺻﺪ ﺣﻤﻴﺪة .وأيّ ﻗﺼﺪٍ أﺧﺬت اﻟﻴﻮم؟ ﻗﺪّﻣﻴﻪ ﻟﻲ .ﻓﺈﻧّﻪ زهﺮةٌ ﻣﻦ روﺿﺔ ﻧﻔﺴﻚ ﺗﻘﻮل ﻟﻲ داﺋﻤًﺎ: "اﻓﺘﻜﺮي ﻓﻲّ ﻓﺄﻓﺘﻜﺮ ﻓﻴﻚِ!"
9
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺤﺒﻞ ﺑﻼ دﻧﺲ
اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻳﺎ ﻣﻦ ﺣُﺒﻞ ﺑﻬﺎ ﺑﻼ دﻧﺲ ،ﺻﻠّﻲ ﻷﺟﻠﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﺨﻄﺄة اﻟﻤﻠﺘﺠﺌﻴﻦ إﻟﻴﻚ! ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،أﻧﺎ اﻟﺘﻲ ﺣُﺒﻞ ﺑﻬﺎ ﺑﻼ دﻧﺲ. ﻓﺈنّ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﻣﺎ وُﺟﺪت ﻓﻲّ ﻗﻂ ،واﻟﺤﺒﻞ ﺑﻲ آﺎن ﻃﺎهﺮًا، وﺑﺪون ﻋﻴﺐ ،آﻞّ أﻳّﺎم ﺣﻴﺎﺗﻲ .وهﻜﺬا ﺷﺎء اﷲ ،أن أآﻮن أهﻼً ﻟﻠﺸﺮف اﻟﺬي أﻋﺪّﻧﻲ ﻟﻪ. اﺑﻦ اﷲ هﻮ اﻟﻘﺪاﺳﺔ ﻋﻴﻨﻬﺎ ،ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺘﺠﺴّﺪ ﻓﻲ ﺟﺴﺪٍ ﺗﻠﻄّﺦ ﺑﺎﻟﺨﻄﻴﺌﺔ؟ وآﻞّ ﺟﻮهﺮ ﺟﺴﺪﻩ ﻣﺄﺧﻮذٌ ﻣﻦ ﺟﺴﺪي ،وﺟﻤﻠﺔ اﻟﻘﻮل ،إﻧّﻪ ﻟﻮ آﺎن ﻟﻲ ﺟﺴﺪٌ ،ﺗﺪﻧّﺲ وﻟﻮ ﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﺗﺤﺖ ﺳﻠﻄﺔ اﻟﺸﻴﻄﺎن. دﻗﻴﻘﺔ ﺑﺎﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ،ﻟﻮُﺟﺪ ﺟﺴ ُ ﺖ ﻣﺰﻣﻌﺔ وهﺬا ﻻ ﻳﻄﺎﺑﻖ ﻗﺪاﺳﺘﻪ ،وأﻟﻮهﻴّﺘﻪ ،وﻣﻦ ﺣﻴﺚ أﻧّﻲ آﻨ ُ أن أآﻮن أﻣﱠﻪ ،ﻓﻘﺪ ﺑﺮّرﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ اﻷﺻﻠﻴّﺔ ،وﻷﺟﻞ هﺬا، ﺔ اﷲ اﻟﻘﺪاﺳﺔ ﻓﻤﻨﺬ أوّل دﻗﻴﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺒﻞ ﺑﻲ ،أﻋﻄﺎﻧﻲ آﻠﻤ ُ ﻧﺼﻴﺒﻲ ،وﻣﻊ هﺬﻩ اﻟﺒﺮارة اﻷﺻﻠﻴّﺔ آﻞﱠ اﻟﻨﱢﻌﻢ اﻟﻤﺘﻌﻠّﻘﺔ ﺑﻬﺎ. ﺖ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ،ﻧﻌﻤًﺎ وﻓﻴﺮة ،هﻲ أﻋﺠﻮﺑﺔٌ ﻻ ﺗﺠﺪﻳﻦ وﻗﺒﻠ ُ ﺑﻴﻦ اﻟﺨﻼﺋﻖ أﻋﺠﻮﺑﺔ ﻣﺜﻠﻬﺎ. اﻟﻨﻔﺲ :إنّ ﻓﺮح ﻗﻠﺒﻲ آﺜﻴﺮ ،أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﻄﺎهﺮة ،ﻋﻨﺪﻣﺎ أرى اﻟﺒﺮارة ﻣﺘﺄﻟّﻘﺔ ﻓﻮق ﺟﺒﻴﻨﻚ! إﻧّﻲ أﺷﻜ ُﺮ وﺳﺄﺷﻜ ُﺮ ﺧﺎﻟﻘﻨﺎ ﻷﻧّﻪ ﺻﺎﻧﻚِ ﺻﻮﻧًﺎ ﺗﺎﻣًّﺎ ﻣﻦ ﻟﻄﺨﺔ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ اﻷﺻﻠﻴّﺔ. ﺁﻩ! اﺳﻤﺤﻲ ﻟﻲ ﺑﺄن أﻣﺪﺣﻚ آﻤﺎ ﻣﺪﺣﻚِ اﷲ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺎﺋﻼً: "آﻠّﻚ ﺟﻤﻴﻠﺔ ،وﻻ ﻋﻴﺐ ﻓﻴﻚ" .ﻧﻌﻢ ،أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ اﻟﻄﺎهﺮة اﻟﻨﺎﺻﻌﺔ اﻟﺒﻴﺎض ،آ ﱡﻠﻚِ ﺟﻤﻴﻠﺔ وﻗﺪ آﻨﺖِ داﺋﻤًﺎ ﺣﺒﻴﺒﺔ اﷲ ،آﻤﺎ ﻗﺎل ﻟﻚ أﻳﻀًﺎ" :آﻢ أﻧّﻚ ﺟﻤﻴﻠﺔٌ ،ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﺘﻲ ،آﻢ إﻧّﻚ ﺟﻤﻴﻠﺔ!"
10
أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻮدﻳﻌﺔ ،واﻟﻜﻠﻴّﺔ اﻟﻤﺤﺒّﺔ ،ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء اﻟﺒﺮﻳﺌﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﻧﺲ ،أﻧﺖ اﻟﺘﻲ ﺟﺬﺑﺖِ ﺑﺠﻤﺎﻟﻚِ ﻧﻈﺮ إﻟﻬﻚ ،ﻻ ﺗﺄﻧﻔﻲ ﻣﻦ أن ﺗُﻠﻘﻲ أﻋﻴﻦ رأﻓﺘﻚ ﻋﻠﻰ ﺟﺮاﺣﺎﺗﻲ اﻟﻤﻨﺘﻨّﺔ .أُﻧﻈﺮﻳﻨﻲ ،وﺗﺮأﻓﻲ ﻋﻠﻲّ ،اﺷﻔﻴﻨﻲ .ﻳﺎ ﻣﻐﻨﻄﻴﺲ اﻟﻘﻠﻮب ،اﺟﺬﺑﻲ أﻳﻀًﺎ ﻗﻠﺒﻲ اﻟﻤﺴﻜﻴﻦ. أﻧﺖِ اﻟﺘﻲ ،ﻣﻨﺬ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ وﺟﻮدك ،ﻇﻬﺮت ﻓﺎﺋﻘﺔ ﺑﺎﻟﻄﻬﺎرة واﻟﺠﻤﺎل أﻣﺎم اﷲ ،ﺗﺮأﻓﻲ ﻋﻠ ﱠ ﻲ! أﻧﺎ اﻟﺘﻲ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺖ ﻣﺮّات ﺑﻌﺪ اﻟﻌﻤﺎد ﺑﻜﻞّ ﻧﻮعٍ ﻣﻦ ت ﺑﺎﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ،ﺑﻞ ﺗﺪﻧّﺴ ُ وُﻟﺪ ُ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ! ﻓﺈنّ اﷲ اﻟﺬي اﺧﺘﺎركِ اﺑﻨﺔً ﻟﻪ ،وأﻣًّﺎ وﻋﺮوﺳًﺎ وﺣﻔﻈﻚ ﺑﺮﻳﺌﺔ ﻣﻦ آﻞّ ﺧﻄﻴﺌﺔٍ ووﺿﻌﻚ ﺑﻤﺤﺒّﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻮق ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺨﻼﺋﻖ ،ﻓﺄﻳّﺔ ﻧﻌﻤﺔ ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺒﺴﻬﺎ هﺬا اﻹﻟﻪ ﻋﻨﻚ؟ ﻓﺘﻨﺎزﻟﻲ ،ﺑﺤﻖّ ﺗﺬآﺎر اﻟﺤﺒﻞ ﺑﻚ ﺑﻼ دﻧﺲ ،واﺳﺘﻤﻴﺤﻲ ﻟﻲ ﻏﻔﺮان آﻞّ ﺧﻄﺎﻳﺎي اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ،وﻃﻬﺎرةً راهﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ. ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،أﻧﺖ آﻠﻴّﺔ اﻟﻄﻬﺎرة واﻟﻨﻘﺎوة وﻻ ﻋﻴﺐ ﻓﻴﻚِ. ﻟﻘﺪ ﺻﺮتِ ﺑﺎب اﻟﺴﻤﺎء اﻟﻤﻔﺘﻮح ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮاﻋﻴﻪ .أﻳّﺘﻬﺎ اﻷمّ اﻟﺴﻌﻴﺪة ،اﻟﺘﻲ أﺣﺒّﻬﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ. إﻗﺒﻠﻲ اﻟﻤﺪاﺋﺢ اﻟﺘﻘﻮﻳّﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻮﺟّﻬﻬﺎ إﻟﻴﻚ. واﺟﻌﻠﻴﻨﺎ ﻧﻈﻞﱡ ﻃﺎهﺮﻳﻦ ،ﺑﻨﻔﺴﻨﺎ وﺟﺴﺪﻧﺎ. هﺬا ﻣﺎ ﻧُﻠﺢﱡ ﺑﻄﻠﺒﻪ ﻣﻨﻚ ،ﺑﺄﻟﺴﻨﺘﻨﺎ وﻗﻠﻮﺑﻨﺎ. وﺑﺤﻖّ ﺻﻠﻮاﺗﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺮوق داﺋﻤًﺎ اﺑﻨﻚ ،اﺳﺘﻤﺪّي ﻟﻨﺎ اﻟﻨﻌﻤﺔ ﻟﻸﺑﺪﻳّﺔ .أﻳّﺘﻬﺎ اﻷم اﻟﻤﻤﺘﻠﺌﺔ ﺟﻮدةً ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ﻣﻠﻜﺘﻨﺎ! اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻤﺮّت وﺣﺪهﺎ ﺑﺪون ﻋﻴﺐٍ.
11
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ وﻻدة ﻣﺮﻳﻢ
اﻟﻨﻔﺲ :إﻧّﻚ ﻟﺒﺜﺖِ ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺒﻞ ﺑﻚ ﺑﻼ دﻧﺲ، ﻣﻚِ آﻤﺎ اﻟﺘﺰم اﺑﻨﻚ أن ﻳﻠﺒﺚ ﻣﺤﺘﺠﺒﺔً وﻣﺨﺘﺒﺌﺔ ﻓﻲ أﺣﺸﺎء أ ّ ﺑﻌﺪﺋﺬٍ ﻣﺨﺘﻔﻴًﺎ ﻣﺨﺘﺒﺌًﺎ ﻓﻲ أﺣﺸﺎﺋﻚ. ﻓﻔﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،آﺎﻧﺖ ﻧﻔﺴﻚ اﻟﻤﺤﻼّة ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺗﺘّﺤﺪ ﺑﺎﷲ ﺷﻴﺌًﺎ ﻓﺸﻴﺌًﺎ ،وﻗﺪ آﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺠﻬﻠﻚ وأﻧﺖ ﻻ ﺗﻌﺮﻓﻴﻨﻪ ﺣﺘّﻰ ﻓﻲ وﻗﺖ وﻻدﺗﻚ وﻓﻲ آﻞّ أﻳّﺎم ﺣﻴﺎﺗﻚ ،وآﻨﺖِ ﻻ ﺗﻮﺟّﻬﻴﻦ ﻧﻈﺮك إﻻّ إﻟﻰ اﷲ. ﻗﺪ ﺟَﻬﻠﺖ اﻷرض وﻻدﺗﻚ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺴﻤﺎ ُء ﻋﺮﻓﺖ ﺑﻬﺎ. وﻣﺬ ذاك اﻟﻮﻗﺖ ،اﺳﺘﻄﺎع اﷲ أن ﻳﻨﻈﺮ ﺑﺴﺮور ﺧﻠﻴﻘﺔ ﻣﻸهﺎ ﻋﺪﻻً وﻗﺪاﺳﺔً. إﻧّﻪ ﻣﺎ آﺎن ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ،واﻟﻤﻘﺘﺪرﻳﻦ وﻣﻠﻮك اﻷرض، ﺑﻞ اﺳﺘﻘﺮّت ﻋﻴﻨﻪ ﻋﻠﻴﻚ ،أﻳّﺘﻬﺎ اﻻﺑﻨﺔ اﻟﻤﺘﻮاﺿﻌﺔ ،اﻟﺘﻲ آﺎن ﻳﺤﺒّﻬﺎ آﺎﺑﻨﺔٍ ﻟﻪ ،وﻋﺮوسٍ ،وأمﱟ ،وهﻴﻜﻞ ﻣﺰﻣﻊ أن ﻳﺴﻜﻦ ﻓﻴﻪ. وآﺎن ﻳﺴﻬﺮ ﻋﻠﻴﻚ ﻣﻦ ﺣﻀﻦ أﺑﺪﻳّﺘﻪ ،وﻳﺴﺪّد ﺧﻄﻮاﺗﻚ، آﺘﻠﻚ اﻟﺘﻲ أراد أن ﻳُﺸﺮآﻬﺎ ﻓﻲ أذهﻞ اﻷﺳﺮار ،اﻟﺘﻲ آﺎن ﻣﺰﻣﻌًﺎ أن ﻳُﺘﻤّﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺰﻣﺎن. ﻣﺮﻳﻢ :ﻧﻌﻢ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إنّ اﷲ آﺎن ﻳﺰﻳﺪ اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ آﻞّ ﻳﻮم ،وﻳﻨﻤّﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻋﻤﺮًا ،وﻓﻀﻴﻠﺔً ،واﺳﺘﺤﻘﺎﻗًﺎ. ﻳﺎ ﻣﻦ ﺗُﺤﺒّﻮن اﻟﺮبّ ،ﺗﻌﺎﻟﻮا آﻠّﻜﻢ ﻓﺎﻓﺮﺣﻮا ﻣﻌﻲ ،ﻷﻧّﻲ ﻣﻨﺬ ﺖ ﺑﺄن أروق أﻋﻴﻦ اﻟﻌﺎﻟﻲ. ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ ﺗﺸﺮﱠﻓ ُ ﺔ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ واﻟﺴﻤﺎوﻳّﺔ أﻧﺖ اﻟﻤﺰﻣﻌﺔ أن اﻟﻨﻔﺲ :أﻳّﺘﻬﺎ اﻻﺑﻨ ُ ﺗﻜﻮﻧﻲ أﻣًّﺎ ﻟﻤﺨﻠّﺼﻲ واﻟﻮﺳﻴﻄﺔ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ﻟﻠﺨﻄﺄة ،ﺗﺮأﻓﻲ ﻋﻠﻲّ!
12
ﻣﺎذا أﻋﻤﻞ ﻷآﺮّﻣﻚ؟ إﻧّﻲ ﺳﺄﺗﺒﻊ اﻟﻤﺸﻮرة اﻟﺘﻲ أﻋﻄﺎﻧﻴﻬﺎ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺳﺎﻟﺲ. ﻗﺎل" :أﻧﺎ أدﻋﻮكِ ﻟﺘﻔﺮﺷﻲ ﺳﺮﻳﺮ اﻟﻌﺬراء اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ اﻟﻘﺪاﺳﺔ، ﺑﺰهﻮرٍ ﻏﺪت رﻣﺰًا ﻟﻼهﺘﻤﺎم ﺑﺎﻗﺘﻔﺎء ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﺎ ،واﻻﺟﺘﻬﺎد ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺘﻬﺎ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ ،وهﻲ زﻧﺎﺑﻖ اﻟﻄﻬﺎرة ،وورود اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺤﺎرّة ،وﺑﻨﻔﺴﺞ اﻟﺘﻮاﺿﻊ واﻟﺴﺬاﺟﺔ اﻟﻤﻨﺸﻮدة. "ﻳﺎ إﻟﻬﻲ ،ﻣﺘﻰ ﻳُﻮﻟﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ؟ أﻣّﺎ أﻧﺎ ،ﻓﺄراﻧﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺘﺤﻖّ أﺑﺪًا ،أن ﻳُﻮﻟﺪ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ .ﻓﺎﻓﺘﻜﺮي أﻧﺖِ ﻣﺜﻠﻲ ،واﻋﻠﻤﻲ ﻪ وُﻟﺪ ﻓﻲ ﻣﺬود... أن اﺑﻨ ُ ﻓﻠﻨﺘﺸﺠّﻊ إذًا ،وﻟﻨﻌﺪﱠ ﻣﺴﻜﻨًﺎ ﻟﻬﺬﻩ اﻻﺑﻨﺔ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ :ﻓﺈﻧّﻬﺎ ﻻ ﺗﺤﺐّ ﺳﻮى اﻷﻣﻜﻨﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺘﻮاﺿﻊ ،واﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ،واﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﻤﺘّﺴﻌﺔ."... ﻣﺮﻳﻢ :ﺑﻴﻦ اﻟﺰهﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﺰﻳّﻦ ﺑﻬﺎ ﺳﺮﻳﺮي ،ﺛﻼث أُﻓﻀّﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻮاهﺎ :وردة اﻟﻤﺤﺒّﺔ ،وﺑﻨﻔﺴﺠﺔ اﻟﺘﻮاﺿﻊ ،وزﻧﺒﻘﺔ اﻟﻄﻬﺎرة. أﺗﺮﻳﺪﻳﻦ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،أن ﺗﺠﺬﺑﻲ ﻣﻠﻚ اﻟﺴﻤﺎء إﻟﻴﻚ؟ ﻓﻠﻴﻜﻦ ﻗﻠﺒﻚ داﺋﻤًﺎ ﻣﻌﻄّﺮًا ﺑﺮواﺋﺢ هﺬﻩ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ اﻟﺜﻼث. اﻟﻨﻔﺲ :إنّ ﻋﻨﻚ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻗﺎل اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس" :ﻣَﻦ هﻲ هﺬﻩ اﻟﺼﺎﻋﺪة ،ﻣﺸﺮﻗﺔً آﺎﻟﺼﺒﺢ ،ﺟﻤﻴﻠﺔً آﺎﻟﻘﻤﺮ ،ﻣﺨﺘﺎرةً آﺎﻟﺸﻤﺲ؟" ﻓﻘﺪ ﻇﻬﺮتِ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ،أﻳّﻬﺎ اﻟﺼﺒﺢ اﻟﺒﻬﻲّ ،ﻟﺘﺒﺸّﺮي ﺑﻀﻴﺎء ﻗﺪاﺳﺘﻚ ﺑﻤﺠﻲء ﺷﻤﺲ اﻟﻌﺪل .ﻓﺎﻟﻴﻮم اﻟﺬي ﺗﻸﻷت ﺑﻪ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻳﺴﺘﺤﻖّ أن ﻳُﺪﻋﻰ ﻳﻮم اﻟﺨﻼص ،وﻳﻮم اﻟﻨّﻌﻤﺔ. أﻧﺖ ﺟﻤﻴﻠﺔٌ آﺎﻟﻘﻤﺮ :وﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻻ آﻮآﺐٌ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﺸﻤﺲ آﺎﻟﻘﻤﺮ ،وﻻ ﺧﻠﻴﻘﺔٌ ﺗُﺸﺒﻪ اﷲ آﻤﺎ ﺗﺸﺒﻬﻴﻨﻪ أﻧﺖ ،ﻓﺈنّ اﻟﻘﻤﺮ ﻳُﻨﻴﺮ ﻪ ﻣﻦ ﻧﻮر اﻟﺸﻤﺲ ،وأﻧﺖِ ﺗﻨﻴﺮﻳﻦ ﻇﻼﻣﻨﺎ ﺑﻠﻤﻌﺎن اﻟﻠﻴﻞ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺘﺒﺴ ُ ﻓﻀﺎﺋﻠﻚ .ﻟﻜﻦ ﺟﻤﺎﻟﻚِ ﻳﻔﻮق ﺟﻤﺎل اﻟﻘَﻤﺮ ،إذ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻚ ﻋﻴﺐٌ وﻻ ﻇﻼل. ﻓﺄﻧﺖِ إذًا ﻣﺨﺘﺎرةٌ آﺎﻟﺸﻤﺲ ،إﻧّﻲ أﻓﻬﻢ ﺑﻬﺬﻩ اﻟﺸﻤﺲ، اﻟﺸﻤﺲ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻘﺖ ﺷﻤﺴﻨﺎ .إنّ ﻳﺴﻮع ﻳﺘﺄﻟّﻖ ﺑﻴﻦ آﻞّ اﻟﺮﺟﺎل، وأﻧﺖِ ﺗﺘﻸﻟﺌﻴﻦ ﺑﻴﻦ آﻞّ اﻟﻨﺴﺎء.
13
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺮاﺑﻊ
اﺳﻢ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻨﻔﺲ :ﻣﺮﻳﻢ! ﻣﺮﻳﻢ! أﻟﻢ ﻳﺨﺮج هﺬا اﻻﺳﻢ ﻣﻦ اﻷﻟﻮهﻴّﺔ؟ ﻓﺎﷲ ﻗﺪ أﺷﺮآﻪ ﺑﻌﻈﻤﺔ ﻋﻈﻤﻰ وﻗﺪرة ﺟﻠّﻰ ،وﻧﺤﻦ ﻧﺠﺪ ﻓﻴﻪ ﻟﺬّة آﺒﺮى ،ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ،وﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﻤﺎﺗﻨﺎ. إنّ اﺳﻤﻚ هﻮ ﺣﻠﻮٌ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة. وأﻧﺎ أﺻﻐﻲ إﻟﻰ ﺷﻬﺎدة اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻧﻄﻮﻧﻴﻮس اﻟﺒﺎدوي اﻟﻘﺎﺋﻞ" :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! إنّ اﺳﻤﻚ ﻷﻟﺬﱡ ﻟﻠﺸﻔﺎﻩ ﻣﻦ ﻗﻄﺮ اﻟﺸﻬﺪ، ب ﻟﻸذن ﻣﻦ ﻏﻨﺎءٍ ﺷﺠﻲّ ،وأﻓﺮح ﻟﻠﻘﻠﺐ اﻷآﺜﺮ ﻧﻘﺎوةً". وأﻃﺮ ُ وإﻟﻰ ﺷﻬﺎدة اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻧﺴﻠﻤﻮس" :ﻣﺮﻳﻢ! اﺳﻢٌ ﻳﻬﺮق ﺑﻠﺴﻤًﺎ ﻋﻠﻰ أﺗﻌﺎﺑﻨﺎ وأﺣﺰاﻧﻨﺎ ،وﻳُﺴﻌﺪ ﻣﻦ ﻳﻠﻔﻈُﻪ ،وﻳُﺤﺐﱡ اﻟﻄﻬﺎرة واﻟﺘﻮﺑﺔ ،أﻳّﻬﺎ اﻻﺳﻢ اﻟﻜﺜﻴﺮ اﻟﻌﺬوﺑﺔ ،آﻦ داﺋﻤًﺎ ﻋﻮﻧﻲ، ورﺟﺎﺋﻲ ،وﺗﻌﺰﻳﺘﻲ ،وﻧﻌﻴﻤﻲ!" وإﻟﻰ ﺗﻮﻣﺎ اﻟﻜﻤﺒﻴﺴﻲ اﻟﻘﺎﺋﻞ" :إذا أردتَ أن ﺗﺬوق ﻗﻠﻴﻼً ﻣﻦ اﻟﻔﺮح وﺳﻂ ﺷﺪاﺋﺪ هﺬﻩ اﻟﺤﻴﺎة ،اذهﺐ إﻟﻰ ﻣﺮﻳﻢ ،اﻃﻠﺐ ﻣﻌﻮﻧﺔ ﻣﺮﻳﻢ ،وآﺮّم ﻣﺮﻳﻢ ،واﺳﺄل إﺳﻌﺎف ﻣﺮﻳﻢ ،وﻣﻊ ﻣﺮﻳﻢ ﻗﺪّس أﻓﺮاﺣﻚ ،وﻣﻊ ﻣﺮﻳﻢ اﺑﻚِ ،وﻣﻊ ﻣﺮﻳﻢ ﺳ ْﺮ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ هﺬﻩ اﻟﺤﻴﺎة ،وﻣﻊ ﻣﺮﻳﻢ ﻓﺘّﺶ ﻋﻦ ﻳﺴﻮع ،وأﺧﻴﺮًا ﻻ ﺗﺸﺘﻪِ إﻻّ أن ﺗﺤﻴﺎ وﺗﻤﻮت ﻣﻊ ﻳﺴﻮع وﻣﺮﻳﻢ. وهﻜﺬا ﺗﻔﻮز ﺑﺴﻌﺎدة اﻟﺘﻘﺪﱡم ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺮبّ ،ﻷنّ ﻣﺮﻳﻢ ﻳﻠﺬﱡهﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔً أن ﺗﺼﻠّﻲ ﻷﺟﻠﻚ ،وﻻ ﺷﻚّ أنّ اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻳﺴﺘﺠﻴﺐ ﺻﻠﻮات أﻣّﻪ". إنّ ﺣﻼوة اﺳﻤﻚ ﺗﺘﺠﻠّﻰ ﺑﻨﻮع ﺧﺎص وﻗﺖ اﻟﻤﻮت. وآﻞّ ﺧﺪّاﻣﻚ اﻷﻣﻨﺎء ﻗﺪ ﺟﺮّﺑﻮا هﺬا اﻻﻣﺘﺤﺎن اﻟﺴﻌﻴﺪ .وهﺬا ﻣﺎ ﺟﻌﻞ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺑﻮﻧﺎوﻧﺘﻮرا ﻳﻘﻮل" :ﺳﻌﻴﺪٌ ﻣَﻦ ﻳﺤﺐّ اﺳﻤﻚ اﻟﻔﺎﺋﻖ اﻟﻠﺬّة ،ﻳﺎ أمﱠ اﷲ! آﻢ أنّ هﺬا اﻻﺳﻢ هﻮ ﻣﺠﻴﺪٌ وﻣﺬهﻞ، ﻷنّ آﻞﱠ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﻐﻴﺚ ﺑﻪ ﻓﻲ وﻗﺖ اﻟﻤﻮت ﻳﻬﺰُأ ﺑﻜﻞّ ﻗﻮات اﻟﺠﺤﻴﻢ"! وﻗﺪ أﺿﺎف ﺗﻮﻣﺎ اﻟﻜﻤﺒﻴﺴﻲ" :ﻣﺎ أوﺟﺰ هﺬﻩ اﻟﺼﻼة
14
اﻟﺘﻲ هﻲ" :ﻳﺴﻮع وﻣﺮﻳﻢ"! ﻣﺎ أﻗﺪﺳﻬﺎ! وﻣﺎ أﺳﻬﻞ ﺣﻔﻈﻬﺎ! وأﻟﺬّهﺎ ﻟﻠﺘﺄﻣّﻞ ،وأﻗﺪرهﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻌﺎف!". ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ردّدي ﻏﺎﻟﺒﺎً اﺳﻢَ أﻣّﻚ ،ﺗﺠﺪي ﻓﺮﺣًﺎ وﺳﻼﻣًﺎ. اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،اﻟﻌﺬراء اﻟﻜﻠﻴّﺔ اﻟﻄﻬﺎرة! ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،اﻷم اﻟﻜﻠﻴّﺔ اﻟﺤﻼوة ،اﺟﻌﻠﻲ ﻣﻦ اﻵن وﺻﺎﻋﺪًا ،أن ﻳﻜﻮن اﺳﻤﻚِ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺘﻲّ آﻞّ أﻳّﺎم ﺣﻴﺎﺗﻲ ،وﻓﻲ آﻞّ ﻣﺮّة أدﻋﻮك ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻻ ﺗﺘﺄﺧّﺮي ﻋﻦ إﺳﻌﺎﻓﻲ. ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﺘﻲ ﺗﺰﺣﻒ ﻋﻠﻲّ ،وﻓﻲ آﻞّ اﻟﻤﺤﻦ ﺪ أن أدﻋﻮك وﻻ أﻧﻘﻄﻊ دﻗﻴﻘﺔً ﻋﻦ اﻟﺼﺮاخ: اﻟﻮاﺟﺐ أن أﺟﺘﺎزهﺎ ،أرﻳ ُ ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! ﻣﺎ أﻋﻈﻢ ﺷﻌﻮري ﺑﻬﺬﻩ اﻟﺘﻌﺰﻳﺔ ،واﻟﻠﺬّة ،واﻟﺜﻘﺔ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻟﻔﻆ اﺳﻤﻚ أو ﻳﻨﺘﺼﺐ ﻓﻲ ﻣﺨﻴّﻠﺘﻲ ذآﺮك! وأيّ ﺷﻜﺮ ﻻ أﻟﺘﺰم ﺗﺄدﻳﺘﻪ ﻟﻠﺴﻴّﺪ إﻟﻬﻲ ﻷﻧّﻪ ﺣﺒًّﺎ ﻟﺴﻌﺎدﺗﻲ ،أﻋﻄﺎكِ اﺳﻤًﺎ آﻠّﻲ اﻟﻠﺬّة، واﻟﻤﺤﺒّﺔ واﻟﻘﺪرة! ﻟﻜﻦ ،ﻻ ﻳﻜﻔﻴﻨﻲ ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻟﻔﻆ اﺳﻤﻚِ وإﻋﺎدﺗﻪ ،ﺑﻞ أرﻳﺪ أن أﻟﻔﻈﻪ ﺑﻤﺤﺒّﺔ ،وأن ﺗﻮﻟّﺪ ﻓﻲّ اﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻓﻜﺮ ﻧﺪاﺋﻲ إﻳّﺎك ﻓﻲ آﻞّ دﻗﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻲ. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺤﻀﺮﻧﻲ ﺳﺎﻋﺔ اﻟﻤﻮت ،وأﻟﻔﻆ ﺁﺧﺮ ﺗﻨﻬّﺪة ،ﻟﺪى ﻣﺒﺎرﺣﺘﻲ هﺬﻩ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،ﻓﺎﻣﻨﺤﻴﻨﻲ ﻋﻨﺪﺋﺬٍ ،ﺑﺎﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺗﻚ ،هﺬﻩ اﻟﻨﻌﻤﺔ وهﻲ أن ﻳُﻔﺘﺢ ﻓﻤﻲ ﻵﺧﺮ ﻣﺮّة ﻟﻴﻠﻔﻆ" :ﻳﺎ ﻳﺴﻮع ،وﻣﺮﻳﻢ! إﻧّﻲ أهﺒﻜﻤﺎ ﻗﻠﺒﻲ ،وﻧﻔﺴﻲ ،وﺣﻴﺎﺗﻲ!" وﻷﺟﻞ ﺗﻜﺮﻳﻢ اﺳﻤﻚ ،ﺗﻌﺎﻟﻲ أﻧﺖِ ﺑﻨﻔﺴﻚ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻟﻤﻼﻗﺎة هﺬﻩ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻤﺴﻜﻴﻨﺔ وﻗﺖ ﺧﺮوﺟﻬﺎ ﻣﻦ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ،واﺣﺘﻀﻴﻨﻬﺎ ﺑﻴﻦ ذراﻋﻴﻚ. وﻓﻮق ذﻟﻚ ،إﻧّﻲ أﻗﻮل ﻟﻚ ﻣﻊ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺑﻮﻧﺎوﻧﺘﻮرا :ﻻ ﺗﺄﻧﻔﻲ ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻣﻦ أن ﺗﻤﻨﺤﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﻤﺨﻴﻔﺔ ﺗﻌﺰﻳﺔ ﺳﻠﱠﻢ ﻧﻔﺴﻲ وﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻟﺘﺼﻌﺪ إﻟﻰ ﺣﻀﻮرك اﻟﻌﺬب .وآﻮﻧﻲ ﺑﺬاﺗﻚ ُ اﻟﺴﻤﺎء ،واﺳﺘﻤﺪّي ﻟﻬﺎ ﻧﻌﻤﺔ اﻟﻐﻔﺮان واﻟﻨﻌﻴﻢ اﻷﺑﺪيّ.
15
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺨﺎﻣﺲ
ﺣﻴﺎة ﻣﺮﻳﻢ ﻓﻲ اﻟﻬﻴﻜﻞ اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،إنّ ﺣﻴﺎﺗﻚ ،ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ﻗﺎﻋﺪةً ﻟﺤﻴﺎﺗﻲ .ﻗﻮﻟﻲ ﻟﻲ ،إذا ﺷﺌﺖ ،آﻴﻒ آﺎﻧﺖ ﺳﻨﻮ ﻃﻔﻮﻟﻴﺘﻚ. ﻣﺮﻳﻢ :ﻟﻘﺪ دﻋﺎﻧﻲ اﷲ ﻣﻨﺬ ﻧﻌﻮﻣﺔ أﻇﻔﺎري إﻟﻰ هﻴﻜﻠﻪ ﻷﺧﺼّﺺ ﻟﻪ ذاﺗﻲ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ. إنّ اﷲ ارﺗﻀﻰ ﺑﺘﻘﺪﻣﺘﻲ ﻟﻴﻌﺪّﻧﻲ إﻟﻰ أن ﻳﻬﺒﻨﻲ ذاﺗﻪ. ﻓﺄﻋﻄﺎﻧﻲ هﻴﻜﻠﻪ ﻷﺧﻠﻮ ﻓﻴﻪ ،ﺣﺘّﻰ أﻋﻄﻴﻪ أﺣﺸﺎﺋﻲ اﻟﻌﺬرﻳّﺔ هﻴﻜﻼً ﻟﻪ ،ﺣﻴﺚ أراد أن ﻳﺴﻜﻦ ﺑﺎﻟﺠﺴﺪ... ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﻓﻜّﺮي ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻷﻣﻮر اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ،ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻼهﻮت ﺑﻲ اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ .ﻓﺈنّ ﻧﻔﺴﻚ ﺳﺘﺘﻮارى ﻓﻴﻪ آﻔﻲ ﻟﺠّﺔ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻌﻤﻘﻬﺎ ،وﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻠﺠّﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻔﻀﻲ ﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻬﻼك ،ﺗﺬوّق ﻟﺬّة ﻳﻘﺼﺮ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﻮﺻﻒ. ﺖ ت ﺑﻘﺮب اﷲ ،ﻓﺴﻜﻦ اﷲ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻨﻲ .وﺿﻌ ُ ﻗﺪ اﻧﻔﺮد ُ ذاﺗﻲ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﺎﻳﺔ اﻟﺮبّ ،ﻓﺴﻬﺮ اﻟﺮبّ ﻋﻠﻲ ،وﺑﺴﻂ آﻞﱠ ﻗﺪرﺗﻪ وﻗﻮّﺗﻪ وآﻞﱠ ﻗﺪاﺳﺘﻪ ﻟﻴﺤﻮط ﻧﻔﺴﻲ ،وﻳﻨﻴﺮ ﻋﻘﻠﻲ ،وﻳُﻀﺮم ﻗﻠﺒﻲ. ﻟﻘﺪ أﺷﺮآﻨﻲ ﺑﻨﻮرﻩ ،وأﺷﻌﻠﻲ ﺑﺤﺮارﺗﻪ ،وآﻠّﻤﻨﻲ ﺑﻜﺘﺎﺑﻪ اﻟﻜﺮﻳﻢ ،وﺑﻨﻌﻤﺘﻪ ،وﺑﻤﻨﺎﺟﺎﺗﻪ ﻟﻘﻠﺒﻲ. وآﺎﻧﺖ ﻋﻨﺎﻳﺘﻪ ﺑﻲ ﻋﻈﻴﻤﺔ ،وأﻋﻤﺎﻟﻪ ﻓﻲّ ﻋﺠﻴﺒﺔ ،إﻟﻰ ﺣﺪّ ﺖ أﻧﺎ اﻟﺤﻴّﺔ ،ﺑﻞ اﷲ هﻮ اﻟﺤﻲّ ﻓﻲّ. ﺧﻴّﻞ إﻟﻲّ أﻧّﻲ ﻟﺴ ُ أﻧّﻪ ُ ﺖ ﻣَﻈﻬﺮًا ﻟﻔﻌﻞ اﷲ ،وﻟﻜﻨّﻪ ﻣَﻈﻬﺮٌ ﺳﺮّي ،أي أﻧّﻪ ﻟﻢ ﻓﻜﻨ ُ ﻳﻜﻦ إﻻّ ﺑﻴﻦ اﷲ وﺑﻴﻨﻲ. ﻓﺎﻷرض ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻌﺮﻓﻨﻲ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻬﺎ أن ﺗﻌﺮﻓﻨﻲ ،ﻷﻧّﻬﺎ آﺎﻧﺖ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔً ﻋﻦ اﷲ.
16
ﻟﻘﺪ ﺳﺘﺮﻧﻲ اﷲ ﺑﺴﺘﺮ اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ واﻟﺘﻮاﺿﻊ ،واﻟﻀﻌﺔ .ﻏﻴﺮ أﻧّﻪ ﺟﻌﻠﻨﻲ ﺗﺤﺖ ﻧﻈﺮﻩ ،وﻓﻲ ﻳﺪﻩ ،وﻋﻘﻠﻪ ،وﻧﻌﻤﺘﻪ. اﻟﻨﻔﺲ :إﻧّﻬﻢ ﻟﺴﻌﺪاء ﻣﻦ اﺗّﺒﻌﻮا ﻣﺜﻠﻚ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! ﻣﻨﺬ ﺣﺪاﺛﺘﻬﻢ ،اﻟﻤﻴﻞ اﻟﺬي وﺿﻌﻪ اﷲ ﻓﻲ أﻧﻔﺴﻬﻢ ،ﻓﺨﺼّﺼﻮا ذواﺗﻬﻢ ﻟﻠﻤﺴﻴﺢ وﻣﺎ رﻏﺒﻮا إﻻّ ﻓﻲ اﻻﺗﺤﺎد ﺑﻪ! ﻓﺈﻧّﻬﻢ ﻳﺼﺒﺤﻮن أﺑﻨﺎءَكِ اﻟﻤﺤﺒﻮﺑﻴﻦ وﻋﺮاﺋﺲ اﺑﻨﻚ اﻟﻤﺨﺘﺎرﻳﻦ ﺑﻞ ﻓﻮق ذﻟﻚ ،أﻣّﻬﺎت ﻟﻠﻤﺴﻴﺢ ﻧﻈﻴﺮك .ﻓﻴﺠﺪ ﻓﻴﻬﻢ راﺣﺘﻪ ﻻ ﺗﺴﻌﺔ أﺷﻬﺮٍ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ آﻞّ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ،وﻓﻲ اﻷﺑﺪﻳّﺔ ﻳﺮﺗﺎﺣﻮن ﻓﻴﻪ. وهﻮ ﻳُﻌﺪّ ﻟﻬﻢ آﻤﺎ أﻋﺪﱠ ﻟﻚ ،ﻧﻌﻤًﺎ ﺧﺎﺻّﺔ ﻋﻠﻰ اﻷرض وﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء. ﻣﺮﻳﻢ :ﺳﻠّﻤﻲ ذاﺗﻚ ﷲ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴّﺔ ،ﻷﻧّﻪ ﻻ ﻳﺤﺐّ اﻟﺘﻨﺼﻴﻒ واﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ،ﻓﻤﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﻄﻪ اﻟﻜﻞﱠ ﻟﻢ ﻳﻌﻄﻪ ﺷﻴﺌًﺎ. ﺖ أﻻّ أﺗّﺨﺬ أﺑًﺎ ﺳﻮى ﻓﻤﻨﺬ ﺗﺮآﻨﻲ واﻟﺪاي ﻓﻲ اﻟﻬﻴﻜﻞ ،ﻋﺰﻣ ُ ﺖ أﺣﻴﺎﻧًﺎ أﺗﺴﺎءل ﻋﻤّﺎ أﻗﺪر أن أُرﺿﻲ ﺑﻪ اﷲ. اﷲ ،وآﻨ ُ ﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻲ أن أﺣﻔﻆ ﺑﻴﻦ ﺟﻤﻴﻊ وﺻﺎﻳﺎ اﷲ، وﻗﺪ ﺁﻟﻴ ُ هﺬﻩ اﻟﻮﺻﻴّﺔ ﺧﺼﻮﺻًﺎ" :أﺣﺐّ اﻟﺮبّ إﻟﻬﻚ". ﺖ أرﻏﺐ آﺜﻴﺮًا أن أﺣﻴﺎ ﻓﻲ زﻣﺎن ﻣﺠﻲء اﻟﻤﺴﻴﺢ، وآﻨ ُ ﻷﺧﺪم اﻟﻌﺬراء اﻟﺴﻌﻴﺪة اﻟﻤﺴﺘﺤﻘّﺔ أن ﺗﻜﻮن أﻣًّﺎ ﻟﻪ. اﻟﻨﻔﺲ :وﻟﻜﻦ ،ﻳﺎ ﺳﻴّﺪﺗﻲ ،أﻟﻢ ﺗﻜﻮﻧﻲ ﻣﻤﺘﻠﺌﺔً ﻧﻌﻤﺔً وﻓﻀﻴﻠﺔً؟ ﺐ ﻧﻔﺴﻲ اﻷﺣﻘﺮ ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إﻋﻠﻤﻲ أﻧّﻲ آﻨﺖ أﺣﺴ ُ ﻓﻲ اﻟﺨﻼﺋﻖ واﻷﻗﻞّ ﺟﺪارةً ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺈﺣﺴﺎﻧﺎت اﷲ :وﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﺖ ﻗﻂ ﻋﻦ ﻃﻠﺐ اﻟﻨﻌﻤﺔ واﻟﻔﻀﺎﺋﻞ. آﻔﻔ ُ
17
ﺖ أودﱡ ،أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء ﻣﺮﻳﻢ ،أن أﻗﺪّم ﻟﻚ اﻟﻨﻔﺲ :آﻢ آﻨ ُ ﺳﻨﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ اﻷوﻟﻰ ﻷﺧﺼّﺼﻬﺎ ﺑﺘﻤﺎﻣﻬﺎ ﻟﺨﺪﻣﺘﻚ وﻟﻤﺤﺒّﺔ إﻟﻬﻚ! وأﺳﻔﺎﻩ! آﻢ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن ذهﺐ ﺿﻴﺎﻋًﺎ! اﻻﺑﺘﺪا ُء اﻟﻤﺘﺄﺧّﺮ ﺧﻴﺮٌ ﻣﻦ ﻻ ﺷﻲء .إذًا ،هﺎ إﻧّﻲ أﺳﻠّﻤﻚ ذاﺗﻲ ﺑﺘﻤﺎﻣﻬﺎ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ .وﺑﺎﻻﺗﺤﺎد ﻣﻌﻚ ،أآﻔﺮ ﺑﻜﻞّ ﺺ ﻟﻚ اﻟﺨﻼﺋﻖ وأﻧﺪﻓﻊ ﺑﺠﻤﻠﺘﻲ إﻟﻰ ﻣﺤﺒّﺔ ﺧﺎﻟﻘﻲ .إﻧّﻲ أﺧﺼّ ُ ﻋﻘﻠﻲ ﻟﻴﻔﻜّﺮ ﺑﺪون اﻧﻘﻄﺎع ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺤﻘّﻴﻨﻬﺎ، وﻟﺴﺎﻧﻲ ﻟﻴﻤﺪﺣﻚ ،وﻗﻠﺒﻲ ﻟﻴﺤﺒّﻚ .أﺗﻮﺳّﻞ إﻟﻴﻚ أن ﺗﻘﺒﻠﻲ ﺗﻘﺪﻣﺘﻲ هﺬﻩ ،ﻣﺴﺘﺤﻠﻔًﺎ إﻳّﺎك ﺑﺎﻟﻨﻌﻴﻢ اﻟﺬي ذﻗﺘﻪ وﻗﺖ ﺗﻘﺪﻣﺘﻚ ﻧﻔﺴﻚ ﻟﻠﺮبّ ﻓﻲ اﻟﻬﻴﻜﻞ .هﻠﻤّﻲ ﺑﺼﻠﻮاﺗﻚ اﻟﻤﺴﺘﺠﺎﺑﺔ واﺳﻌﻔﻲ ﺿﻌﻔﻲ ،واﺳﺘﻤﺪّي ﻟﻲ ﻣﻦ ﻳﺴﻮع اﻟﻨﻌﻤﺔ ﻷﻇﻞّ أﻣﻴﻨﺔ ﻧﺤﻮك ﺣﺘّﻰ اﻟﻤﻤﺎت.
18
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎدس اﻟﺒﺸﺎرة
اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،آﻢ أﻧﺖ ﺳﻌﻴﺪةٌ! ﻓﺈﻧّﻚ أدهﺸﺖِ ﺑﻨﻮع ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺻﻮف ﻗﻠﺐ اﻟﻘﺪﻳﺮ! ﻓﺼﺎر اﺑﻦ اﷲ اﺑﻨًﺎ ﻟﻚِ! أﻧﺖ ﻣﺒﺎرآﺔٌ ﺑﻴﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﺴﺎء... ﻣﺮﻳﻢ :إنّ ﺗﺠﺴّﺪ اﻟﻜﻠﻤﺔ هﻮ أﻋﻈﻢ ﻣﻈﺎهﺮ ﻋﻈﻤﺔ اﷲ اﻟﺨﺎرﺟﻴّﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء واﻷرض .ﻓﻘﺪ هﻴّﺄ اﷲ ﻣﻨﺬ اﻷزل هﺬا اﻟﻌﻤﻞ. وﻟـﻤّﺎ ﺣﺎن اﻟﻮﻗﺖ ،ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺰﻣﺎن ،أُرﺳﻞ اﻟﻤﻼك ﺟﺒﺮاﺋﻴﻞ ،أﺣﺪ اﻟﺴﺒﻌﺔ اﻟﺴﺎﺟﺪﻳﻦ ﻟﻪ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻬﺪ إﻟﻴﻬﻢ ﺑﺈﻧﻔﺎذ أواﻣﺮﻩ. آﻨﺖ أُﺻﻠّﻲ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺘﻲ اﻟﺼﻐﻴﺮة ،وﻳﺪاي ﺑﺸﻜﻞ ﺻﻠﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺻﺪري ،وﻋﻴﻨﺎي ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء. ﻓﻈﻬﺮ ﻟﻲ اﻟﻤﻼك ،وﺳﺠﺪ أﻣﺎﻣﻲ ﻗﺎﺋﻼً" :اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻴﻚ ﻳﺎ ﻣﻤﺘﻠﺌﺔ ﻧﻌﻤﺔ ،اﻟﺮبّ ﻣﻌﻚ .ﻣﺒﺎرآﺔ أﻧﺖ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺴﺎء". ﺖ ﻣﺎ ﺖ ﻣﻦ هﺬا اﻟﻜﻼم اﻟﺬي ﺳﻤﻌﺘﻪ .وﺗﺴﺎءﻟ ُ ﻓﺎﺿﻄﺮﺑ ُ ﻋﺴﺎ ُﻩ ﻳﻜﻮن هﺬا اﻟﺴﻼم. وﻋﻨﺪﺋﺬٍ ﻗﺎل اﻟﻤﻼك" :ﻻ ﺗﺨﺎﻓﻲ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻓﺈﻧّﻚ وﺟﺪتِ ﻧﻌﻤﺔً ﻋﻨﺪ اﷲ .هﺎ إﻧّﻚ ﺗﺤﺒﻠﻴﻦ وﺗﻠﺪﻳﻦ اﺑﻨًﺎ وﺗﺪﻋﻴﻨﻪ ﻳﺴﻮع. وﺳﻴﻜﻮن ﻋﻈﻴﻤًﺎ ،واﺑﻦ اﻟﻌﻠﻲّ ﻳُﺪﻋﻰ .وﻳﻌﻄﻴﻪ اﻟﺮبﱡ آﺮﺳﻲّ داود أﺑﻴﻪ ،وﻳﻤﻠﻚ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ ،وﻟﻴﺲ ﻟﻤﻠﻜﻪ اﻧﻘﻀﺎء". ﻓﺄﺟﺒﺘﻪ" :آﻴﻒ ﻳﻜﻮن هﺬا ،وأﻧﺎ ﻻ أﻋﺮف رﺟﻼً؟" ﻓﻘﺎل اﻟﻤﻼك :إنّ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ﻳﺤﻞﱡ ﻋﻠﻴﻚ ،وﻗﻮّة اﻟﻌﻠﻲّ ﺗُﻈﻠﱢﻠﻚ ،واﻟﻤﻮﻟﻮد ﻣﻨﻚِ ﻗﺪّوس واﺑﻦ اﷲ ﻳُﺪﻋﻰ .وهﺎ إنّ ﻧﺴﻴﺒﺘﻚ أﻟﻴﺼﺎﺑﺎت ﺣُﺒﻠﻰ ﺑﺎﺑﻦٍ ﻓﻲ ﺷﻴﺨﻮﺧﺘﻬﺎ وهﺬا هﻮ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﺴﺎدس ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺘﻲ دُﻋﻴﺖ ﻋﺎﻗﺮًا ،إذ ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪ اﷲ أﻣﺮٌ ﻋﺴﻴﺮ".
19
ﻓﻬﺘﻔﺖُ ،وﻋﻴﻨﺎي ﻧﺤﻮ اﻟﺴﻤﺎء" :هﺎءﻧﺬا أﻣَﺔٌ ﻟﻠﺮبّ ﻓﻠﻴﻜﻦ ﻟﻲ آﻘﻮﻟﻚ". وﻋﻨﺪﺋﺬٍ ﺗﻢﱠ ﺗﺠﺴﱡﺪ اﻟﻜﻠﻤﺔ ،وﺣﻞﱠ اﺑﻦ اﷲ ﻓﻲّ ﺑﺎﻟﺠﺴﺪ، ﻓﺴﺠﺪت اﻟﺴﻤﺎء ﻟﺴﺮّ اﻟﺘﻨﺎزل هﺬا ،واﻟﺮﺣﻤﺔ وﻣﺤﺒّﺔ اﷲ ﻟﻠﺒﺸﺮ.
اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! آﻢ ﻣﻦ اﻷﺳﺮار ﻓﻲ هﺬا اﻟﺴﺮّ اﻟﻔﺎﺋﻖ اﻟﻮﺻﻒ! ﻓﻘﺪ آﻨﺖ ﺗﺼﻠّﻴﻦ ،وﺗﻄﻠﺒﻴﻦ ﻧﺠﺎة اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﺗﺘﻨﻬّﺪﻳﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﺠﻲء اﻟﻤﺴﻴﺢ ،ﻓﺄﺗﻰ اﷲ إﻟﻴﻚ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻣﻼآﻪ. ﺖ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻤﺸﻬﺪ اﻟﻤﺬهﻞ :اﻟﻤﻼك ﺳﺎﺟﺪ إﻧّﻲ ﺗﺄﻣّﻠ ُ أﻣﺎﻣﻚ ،وأﻧﺖ ﺳﺎﺟﺪةٌ أﻣﺎم اﷲ .اﻟﻤﻼك ﺁتٍ ﺑﺎﺳﻢ اﷲ وﻋﻴﻨﺎك ﻻ ﺗﻨﻈﺮان إﻟﻴﻪ ،ﺑﻞ إﻟﻰ اﷲ .اﻟﻤﻼك ﻳﺴﻠّﻢ ﻋﻠﻴﻚ وﻳﺪﻋﻮك ﻣﻤﺘﻠﺌﺔ ﻧﻌﻤﺔ ،هﻴﻜﻞ اﷲ ،اﻣﺮأةً ﻣﺒﺎرآﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺴﺎء .وأﻧﺖ ﻻ ﺗﺄﺧﺬﻳﻦ ﻟﻘﺒًﺎ إﻻّ ﻟﻘﺐ ﺧﺎدﻣﺔ اﷲ. إنّ اﻷرض ،واﻟﺴﻤﺎء ،واﷲ ،وﻋﺪﻟﻪ ورأﻓﺘﻪ آﺎﻧﻮا ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ ﺣﺠﺮﺗﻚ. ﻟﻘﺪ اﺿﻄﺮّﺑﺖِ ﻣﻦ آﻼم اﻟﻤﻼك ،وآﺎﻧﺖ ﺣﺮبٌ ﺑﻴﻦ ﺗﻮاﺿﻌﻚ واﻟﺒﺸﺎرة اﻟﺴﻤﺎوﻳّﺔ .اﷲ ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻲ ارﺗﻔﺎﻋﻚ ،وأﻧﺖ ﻻ ﺗﻔﻜّﺮﻳﻦ إﻻّ ﺑﺎﻟﺘﻮاﺿﻊ أﻣﺎم اﷲ ،وﺗﻮاﺿﻌﻚ هﺬا ﻣﻨﻌﻚ ﻋﻦ اﻟﻜﻼم. وﻗﺪ أﺻﺒﺢ ﺗﻮاﺿﻌﻚ ﻗﻮّﺗﻚ ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! وﺑﻪ ﻧﻠﺖ اﻟﻨﻌﻤﺔ ،ووﺟﺪتِ ﻳﺴﻮع ﺳﻴﺤﻞﱡ ﻻهﻮﺗُﻪ ﻓﻲ ﻧﺎﺳﻮﺗﻚ ،وﻧﺎﺳﻮﺗﻚِ ﻳُﺴﺪل ﻧﻘﺎﺑًﺎ ت أﻣًّﺎ ،أﻣًّﺎ ﷲ. ﻋﻠﻰ ﻻهﻮﺗﻪ .آﻨﺖ ﻋﺬراء ﻓﺼﺮ ُ هﺬا هﻮ اﻟﺸﺮف اﻟﺬي ﺑﺸّﺮك ﺑﻪ اﻟﻤﻼك ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،وهﺬا اﻟﺸﺮف ﻗﺪ أذهﻞ اﻟﺴﻤﺎء واﻷرض وأذهﻠﻚ أﻧﺖ أﻳﻀًﺎ. ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻳﺎ ﻋﺬراء ،ﻳﺎ أمﱞ ،إﻧّﻲ أﺗﺬآّﺮ آﻼم اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺑﺮﻧﺮدوس اﻟﺠﻤﻴﻞ .ﻓﻘﺪ ﻗﺎل هﺬا اﻟﻘﺪّﻳﺲ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻓﻲ آﻼﻣﻪ ﺖ ﺑﻪ ﺑﺘﻮاﺿﻌﻬﺎ". ﺖ اﷲ ﺑﺒﺘﻮﻟﻴّﺘﻬﺎ ،وﺣﺒﻠ ْ ﻋﻨﻚ" :ﻟﻘﺪ أُﻋﺠﺒ ْ إﺟﻌﻠﻴﻨﻲ ﻳﺎ أﻣّﻲ ،أآﻮن داﺋﻤًﺎ ﻋﻔﻴﻔﺔً وﻣﺘﻮاﺿﻌﺔً!
20
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎﺑﻊ
ﺣﻴﺎة ﻳﺴﻮع ﻓﻲ أﺣﺸﺎء ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻨﻔﺲ :ﻣﺎ آﺎن أﺳﻌﺪك ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،وأﻧﺖِ ﺗﺤﻤﻠﻴﻦ ﻳﺴﻮع ﻓﻲ أﺣﺸﺎﺋﻚ! ﻣﺮﻳﻢ :ﻧﻌﻢ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إنّ ﺳﻌﺎدﺗﻲ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺪرآﻬﺎ وﺻﻒٌ. ﻓﻘﺪ آﺎن اﺑﻦ اﷲ ﺣﺎﻻًّ وﻋﺎﺋﺸًﺎ ﻓﻲّ ،وآﺎن ﻳُﺸﻌﺮﻧﻲ ﺑﺤﻀﻮرﻩ، وﻳﻤﺠّﺪ اﷲ أﺑﺎﻩ ،وﻳُﻘﺪّس ُأﻣّﻪ. وآﺎن ﻳﻘﻮل ﺑﺪون اﻧﻘﻄﺎع ﻷﺑﻴﻪ" :ﻳﺎ أﺑﺘﺎﻩ ،إﻧّﻚ ﻟﻢ ﺗﺮضَ ﺑﺬﺑﺎﺋﺢ اﻟﺒﺸﺮ وﻣﺤﺮﻗﺎﺗﻬﻢ ،ﻟﻜﻦ أﻋﻄﻴﺘﻨﻲ ﺟﺴﺪًا ،ﻓﻬﺎءﻧﺬا ﺁتٍ ﻷﺻﻨﻊ إرادﺗﻚ ﻳﺎ اﷲ". وﻓﻲ ﺣﻀﻮرﻩ ،آﺎن ﻳُﻨﺠﺰ ﻋﻤﻞ اﻟﺘﻘﺪﻳﺲ اﻟﺬي آﺎن ﻳُﺘﻢّ ﻓﻲ أﻣّﻪ. ﺖ أرى إﻻّ وآﺎن ﻳﺰداد اﺗﺤﺎدًا ﺑﻲ ،وأزدا ُد ﺑﻪ اﺗﺤﺎدًا .ﻓﻤﺎ آﻨ ُ ﻳﺴﻮع ،وﻻ أﺷﺘﺎق إﻻّ إﻟﻰ ﻳﺴﻮع ،وﻻ أرﻏﺐ إﻻّ ﻓﻲ ﻳﺴﻮع: ﻓﻜﺎن ﺣﻴﺎﺗﻲ وﺣﺮآﺘﻲ ،وﺛﺮوﺗﻲ ،وآﻞﱠ ﺷﻲءٍ ﻟﻲ. ﺗﺄﻣّﻠﻲ ﻣﺮارًا ﻳﺴﻮع ﺣﻴًّﺎ ﻓﻲﱠ – ﻓﺈنّ هﺬﻩ ﻋﺒﺎدة ﺗﺴﺮّ ﻗﻠﺒﻲ ﺟﺪًّا – ﺗﺮي اﺑﻦ اﷲ واﺑﻨﻲ ﻣﺮﺗﺎﺣًﺎ ﻓﻲ أﺣﺸﺎء أﺑﻴﻪ وأﺣﺸﺎﺋﻲ، ﻧﺎﻇﺮًا إﻟﻰ اﷲ اﻵب ﻟﻴﺤﺒّﻪ آﺄبٍ ﻟﻪ ،وإﻟﻲّ ﻟﻴﺤﺒّﻨﻲ آﺄمّ ﻟﻪ ،ﺻﺎﺋﺮًا ﻣﻊ أﺑﻴﻪ واﺣﺪًا ،وﻣﻌﻲ أﻳﻀًﺎ واﺣﺪًا. ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،أﻣﺎ ﺗﺮﻳﻦ ﻣﺎ ﻳُﺸﺒﻪ ذﻟﻚ اﻟﺘﻨﺎول اﻟﻤﻘﺪّس؟ ﻳﺴﻮع ﻳﺄﺗﻲ ﻟﻴﺴﺘﺮﻳﺢ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻚ .ﻓﻴﻤﺠّﺪ أﺑﺎﻩ وﻳﻘﺪّﺳﻚ. وهﻮ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺘّﺤﺪ ﺑﻚِ ،وأن ﺗﺘﺤﺪي ﺑﻪ أآﺜﺮ ﻓﺄآﺜﺮ .ﻓﺄﻋﻄﻴﻪ ذاﺗﻚ آﻠّﻬﺎ وآﻞﱠ ﻣﺎ ﺗﻤﻠﻜﻴﻦ .ﻓﻴﺼﺒﺢ آﻠّﻪ ﻟﻚِ ،وﺗﺼﺒﺤﻴﻦ آﻠّﻚ ﻟﻪ. إﻧّﻲ أُﻏﺎدركِ ﻋﻠﻰ هﺬﻩ اﻷﻓﻜﺎر ﺗﺎرآﺔً إﻳّﺎهﺎ ﻟﻚ ،ﻓﺎﺣﻔﻈﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻚ آﻤﺤﺮّكٍ ﺛﻤﻴﻦ ﻳﺠﻌﻠﻚ ﺗﺸﺘﻬﻴﻦ ﺑﺤﺮارة أن ﻳﺴﻜﻦ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻓﻴﻚِ وﻳﺤﻴﺎ ﻣﻌﻚ ،وﻳﺬﻳﻘﻚ ﻟﺬّة ﺣﻀﻮرﻩ وﻣﺤﺒّﺘﻪ.
21
اﻟﻨﻔﺲ :أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ اﻟﻘﺪاﺳﺔ ﻣﺮﻳﻢ ،اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺤﻘّﺖ أن ﺗﺤﻤﻞ ﻓﻲ أﺣﺸﺎﺋﻬﺎ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي اﻗﺘﺒﻠﻪ ﺑﺎﻟﺘﻨﺎول اﻟﻤﻘﺪّس ،اﻗﺒﻠﻲ ﻗﻠﺒﻲ ،وﻧﻔﺴﻲ وﻋﻘﻠﻲ ،وإرادﺗﻲ، وﺻﺤّﺘﻲ ،وﺣﻴﺎﺗﻲ :ﻓﺈﻧّﻲ أﻗﺪّم ﻟﻚ ذاﺗﻲ آﻠّﻬﺎ ،ﻟﺘﻬﺒﻴﻨﻲ ﺑﺠﻤﻠﺘﻲ ﻟﻴﺴﻮع. ﻓﺈﻧّﻲ ﻻ أرﻳﺪ أن أﻓﺘﻜﺮ إﻻّ ﺑﺄﻓﻜﺎر ﻳﺴﻮع ،وﻻ أﺣﺐّ إﻻّ ﻣﺎ ﻳﺤﺒّﻪ ﻳﺴﻮع ،وﻻ أﺑﻐﺾ إﻻّ ﻣﺎ ﻳﺒﻐﻀﻪ ،وﻻ أرﻳﺪ إرادة إﻻّ إرادﺗﻪ. وﻟﻜﻦ آﻢ ﺗﺪوم هﺬﻩ اﻟﺮﻏﺎﺋﺐ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ؟ أﺳﻌﻔﻴﻨﻲ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻷﺣﻔﻆ ﻳﺴﻮع ﻓﻲّ ،أﺳﻌﻔﻴﻨﻲ ﻷﺣﺒّﻪ. أﺳﻌﻔﻴﻨﻲ آﻲ أﺟﻌﻞ ﺣﻀﻮرﻩ ﺣﺴﻴًّﺎ ﻓﻲ آﻼﻣﻲ وأﻋﻤﺎﻟﻲ .ﻓﻠﺘﻜﻦ آﻞّ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻣﻌﻄّﺮة ﺑﻮداﻋﺔ ﻳﺴﻮع وﺗﻮاﺿﻌﻪ، وﺣﺸﻤﺘﻪ ،وﻃﺎﻋﺘﻪ. أﺳﻌﻔﻴﻨﻲ ﻷﺟﻌﻞ اﻟﻨﺎس ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺤﻀﻮر ﻳﺴﻮع ﻓﻲّ. ﺣﺘّﻰ إذا ﻧﻈﺮوﻧﻲ ﺳﻌﻴﺪةً وﺻﺎﻟﺤﺔً ﻳﻌﺮﻓﻮن أنّ ﻳﺴﻮع ﻣﻌﻲ، ﻳﺤﻴﺎ ﻓﻲّ وﻳﺸﺮآﻨﻲ ﺑﺤﻴﺎﺗﻪ. "ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،أأﻗﻮل ﻟﻚ ﻣﻊ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻣﻴﺘﻮد ) (Méthodeﻗﺪ ﺣﻮﻳﺖ ﻓﻲ ذاﺗﻚ ﻣﻦ ﻻ ﺣﺪﱠ ﻻﺗﺴﺎﻋﻪ .وﻗﺪ ﻏﺬوتِ ﻣﻘﻴﺖ اﻟﺨﻼﺋﻖ .ﻗﺪ ﺗﻨﺎزل ﻓﺎﺣﺘﺎج إﻟﻴﻚ ﻣﻦ ﻳﻤﻸ اﻟﺴﻤﺎء واﻷرض وﻳﺪﺑّﺮ آﻞﱠ ﺷﻲء ﺑﻤﻄﻠﻖ إرادﺗﻪ ،ﻓﺈﻧّﻚ أﻋﻄﻴﺘﻪِ ﻟﺒﺎﺳًﺎ ﻟﺤﻤﻴًّﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ! "ﻓﺎﻓﺮﺣﻲ إذن ،ﻳﺎ أمّ اﷲ وأﻣَﺘﻪ اﻟﻮﺿﻴﻌﺔ! "ﻣﺎ أﻋﻈﻢ اﻟﻔﺮح اﻟﺬي ﻻ ﺣﺪّ ﻟﻪ! إنّ ﻣﻦ ﻳﻌﻄﻲ اﻟﺨﻼﺋﻖ آﻞﱠ ﺷﻲء ﻟﻬﺎ ﻓﻬﻮ ﻣﺪﻳﻮنٌ ﻟﻚِ .ﻧﺤﻦ آﻠّﻨﺎ ﻣﺪﻳﻮﻧﻮن ﷲ ،وﻟﻜﻦ اﷲ ﻣﺪﻳﻮن ﻟﻚ .إنّ ﺟﻮدﺗﻚ ﻳﺎ أمﱠ اﷲ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ وﻣﺤﺒّﺘﻚ ﺗﻔﻮﻗﺎن ﺗﻔﻮّﻗًﺎ ﻋﻈﻴﻤًﺎ ﺟﻮدة ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ وﻣﺤﺒّﺘﻬﻢ .وﻓﻮق ذﻟﻚ إﻧّﻚ أآﺜﺮ ﻪ! ﻣﻨﻬﻢ داﻟّﺔ ﻋﻨﺪ اﷲ ،ﻷﻧّﻚ ُأﻣﱠ ُ "ﻓﻨﺤﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻧﺬﻳﻊ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻣﺪاﺋﺤﻚ ،وﻧﻌﺮف ﻋﻈﻤﺔ ﻞ إﻟﻴﻚِ أن ﺗﻔﺘﻜﺮي ﻓﻴﻨﺎ وﻓﻲ ﻣﺼﺎﺋﺒﻨﺎ". ﺟﻮدﺗﻚ ،ﻧﺒﺘﻬ ُ
22
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻣﻦ
ﻣﺮﻳﻢ واﻷوﺧﺎرﺳﺘﻴﺎ اﻟﻨﻔﺲ :أُرﻳﺪُ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،أن أﻣﺘﻠﻚ ﻳﺴﻮع وأُرﺿﻴﻪ .ﻓﻤﺎذا ﻳﻨﺒﻐﻲ أن أﺻﻨﻊ؟ ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،آﻞّ ﻣﺮّة ﺗﺬهﺒﻴﻦ إﻟﻰ ﻳﺴﻮع ﻓﻲ اﻷﻓﺨﺎرﺳﺘﻴّﺎ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ،أﻧﻌﺸﻲ إﻳﻤﺎﻧﻚ ،ورﺟﺎءك ،وﻣﺤﺒّﺘﻚ. ﻓﻬﻮ ﻳﺴﻮع ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي ﺗﺠﺴّﺪ ﻓﻲ أﺣﺸﺎﺋﻲ ،وﺿﺤﻰ ﺑﺬاﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻠﻴﺐ ،واﻟﻤﺎﻟﻚ اﻵن ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء .أﺗﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﻬﺬا؟ اﻟﻨﻔﺲ :ﻧﻌﻢ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،إﻧّﻲ أؤﻣﻦ وأﺳﺠﺪ. ﺖ اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﺠﺴﺪ اﻟﺬي ﻳﻘﺪّﻣﻪ ﻟﻚ ﻣﺮﻳﻢ :أﻧﺎ اﻟﺘﻲ أﻋﻄﻴ ُ ﻗﻮﺗًﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺑﺎن اﻟﻤﻘﺪّس :ﻓﺈنّ أﺣﺸﺎﺋﻲ آﺎﻧﺖ ﺣﻘّﺘﻪ اﻷوﻟﻰ. ﻓﺄﻧﺎ ،ﺑﻨﻮعٍ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻮع اﻷﻓﺨﺎرﺳﺘﻴّﺎ واﻟ ﱢﻨﻌَﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺮي ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺄﺧﺬﻳﻦ ﻣﻦ هﺬا اﻟﻠﺤﻢ اﻟـﻤّﺘّﺨﺬ ﻣﻦ ﻟﺤﻤﻲ ﻓﺈﻧّﻚ ﺗﺒﺮﻣﻴﻦ ﻣﻌﻲ ﻋﻬﺪًا ﺳﺎﻣﻴًﺎ. اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ أﻣّﻲ ،إﻧّﻲ أرى ﻓﻲ آﻞّ ﻣﻜﺎن ﺧﻴﻮﻃًﺎ ذهﺒﻴّﺔ ﺗﺰﻳّﻦ ﻟﺤﻤﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ ،وهﺬﻩ اﻟﺨﻴﻮط اﻟﺬهﺒﻴّﺔ ﺗﺤﺘﺒﻚ وﺗُﻨﺘﺞ اﺳﻢ ﻳﺴﻮع اﻟﻌﺬب .وﻟﻜﻦ ﻣَﻦ اﻟﺴﺒﺐ ،أﻟﺴﺖِ أﻧﺖ؟ إﻧّﻲ ﻣﺎ ﺗﻨﺎوﻟﺖ إﻻّ ﻣﻦ ﻳﺪك ،أﻳّﺘﻬﺎ اﻷمﱡ اﻟﺤﻨﻮن! ﻓﻘُﺪس اﻷﻗﺪاس ،واﻟﻜﺄس ،واﻟﻤﺒﺨﺮة ،آﻠّﻪ هﻲ ﻋﻤﻠﻚ .ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻤﺬﺑﺢ ﻳﺴﻮد ﻳﺴﻮع ،واﻟﺤﻴﺎة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎوﻟﻬﺎ ﻣﻦ أﺣﺸﺎﺋﻚ ،واﻟﺪم اﻟﺬي أﺧﺬ ُﻩ ﻣﻦ ﻋﺮوﻗﻚ .وأﻧﺖِ هﻨﺎك ﺣﺎﺿﺮةٌ داﺋﻤًﺎ ،آﻤﺎ آﻨﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻠﺠﻠﺔ ﻣﺘﻤّﻤﺔً ﻟﻴﻞ ﻧﻬﺎر آﻬﻨﻮﺗﻚ اﻷﻣﻮﻣﻲّ. إﻧّﻲ أﺣﻴّﻴﻚَ أﻳّﻬﺎ اﻟﺠﺴﺪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲّ ،اﻟﺬي وُﻟﺪ ﻣﻦ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء وﺗﺄﻟّﻢ ﺣﻘﻴﻘﺔً وﺿﺤّﻰ ﺑﺬاﺗﻪ ﻷﺟﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻠﻴﺐ ،وﻃُﻌﻦ ﺟﻨﺒﻪ ﺑﺎﻟﺤﺮﺑﺔ ﻓﺠﺮى ﻣﻨ ُ ﻪ دمٌ وﻣﺎء .إﺟﻌﻠﻨﺎ ﻧﺘﻨﺎوﻟﻚ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻮﺗﻨﺎ أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﻤﻤﺘﻠﺊ وداﻋﺔً! أﻳّﻬﺎ ﺢ اﻟﻤﻤﺘﻠﺊ ﺟﻮدةً! أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﺴﻴﺢ اﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﺗﺮأف ﻋﻠﻴﻨﺎ. اﻟﻤﺴﻴ ُ
23
ﻣﺮﻳﻢ :أوﺳﻌﻲ ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﻗﻠﺒﻚ ﺑﺎﻟﺜﻘﺔ! ﻟﻮ آﻨﺖِ ﺗﻌﻠﻤﻴﻦ آﻢ هﻮ ﺻﺎﻟﺢ ﻳﺴﻮع! أﺻﻐﻲ ﻟﻪ" :ﺗﻌﺎﻟﻮا إﻟﻲّ أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﺘﺄﻟّﻤﻮن، ﺗﻌﺎﻟﻮا ،ﻓﺄﻋﺰّﻳﻜﻢ وأرﻳﺤﻜﻢ .إﺣﻤﻠﻮا ﻧﻴﺮي ﻋﻠﻴﻜﻢ ،وﺗﻌﻠّﻤﻮا ﻣﻨّﻲ ﻓﺈﻧّﻨﻲ ودﻳﻊ وﻣﺘﻮاﺿﻊ اﻟﻘﻠﺐ ،ﻓﺘﺠﺪوا راﺣﺔً ﻟﻨﻔﻮﺳﻜﻢ ،ﻷنّ ﻧﻴﺮي ﻟﻴّﻦ وﺣﻤﻠﻲ ﺧﻔﻴﻒ". إﻧّﻤﺎ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،أﺣﺒّﻲ ﻳﺴﻮع ﺑﻨﻮع ﺧﺎص! ﻓﺈﻧّﻪ ﻳﺘﻼﺷﻰ ﺑﺎﻟﻤﺤﺒّﺔ ،وﻳﻌﻄﻲ ذاﺗﻪ ﺑﺎﻟﻤﺤﺒّﺔ ،وهﻮ اﻟﻤﺤﺒّﺔ! وإذا ﻣﺎ ﺗﻼﺷﻰ وأﻋﻄﺎك ذاﺗﻪ ،ﻓﺬﻟﻚ ﻟﻜﻲ ﺗﺤﺒّﻴﻨﻪ .وهﻮ ﻳﻘﻮل ﻟﻚ" :أﻋﻄﻴﻨﻲ ﻗﻠﺒﻚ .ﺁﻩ! أﻋﻄﻴﻨﻲ ﻗﻠﺒﻚ! ﻓﺄﻧﺎ آﻠّﻲ ﻟﻚِ ،وأﻧﺖِ آ ﱡﻠﻚِ ﻟﻲ!".. اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻳﺴﻮع ،إﻧّﻲ ﺁﺗﻴﺔ إﻟﻴﻚ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻣﺮﻳﻢ ،وأﻣﺪﺣﻚ ﺑﻤﺮﻳﻢ ،وأﺣﺒّﻚ ﺑﻤﺮﻳﻢ ،وأﺻﻠّﻲ ﻟﻚ ﺑﻤﺮﻳﻢ ،وأﺑﺎرآﻚ ﺑﻤﺮﻳﻢ ،إﻧّﻲ أﻗﺪّم ﻟﻚَ ﻣﺮﻳﻢ ،وأذآّﺮك ﺑﻬﺬﻩ اﻟﺘﻘﺪﻣﺔ ﺑﻜﻞّ ﻣﺎ ﺻﻨﻌﺖَ ﻷﺟﻞ أﻣّﻚ ،وﺑﻜﻞّ ﻣﺎ ﺻﻨﻌﺘﻪ أﻣّﻚ ﻷﺟﻠﻚ .وﺑﻤﺮﻳﻢ أهﺒﻚ ذاﺗﻲ ﺑﺘﻤﺎﻣﻬﺎ. ﻣﺮﻳﻢ :أﺗﺮﻳﺪﻳﻦ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،أن ﺗﻈﻬﺮي ﻟﻴﺴﻮع أﻧّﻚ ﻟﻪ؟ ﻓﻔﻲ آﻞّ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻨﻬﺎر ،وﻓﻲ آﻞّ اﻟﺤﻮادث اﻟﺼﻐﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻸ هﺬﻩ اﻟﺴﺎﻋﺎت ،إﺳﺄﻟﻲ ﻧﻔﺴﻚ" :ﺑﻤﺎذا آﺎن ﻳﻔﺘﻜﺮ ﻳﺴﻮع، وﻣﺎذا آﺎن ﻳﻘﻮل وﻳﺼﻨﻊ ﻟﻮ وُﺟﺪ ﻣﻜﺎﻧﻲ"؟ ﻓﺈذا ﺳﻌﺖ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺬاﺗﻴّﺔ ،واﻟﻌﺠﺮﻓﺔ واﻟﻜﺒﺮﻳﺎء ،أن ﺗﺮﻓﻊ ﻋﻘﻠﻚ ﻓﻮق اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻓﺎﺳﺘﺸﻴﺮي ﻳﺴﻮع ،ﻳﺠﺒﻚ" :ﺗﻌﻠّﻤﻲ ﻣﻨّﻲ ﻓﺈﻧّﻲ ودﻳﻊ وﻣﺘﻮاﺿﻊ اﻟﻘﻠﺐ". وإذا أراد اﻟﺸﻴﻄﺎن أن ﻳُﺪﺧِﻞ إﻟﻴﻚِ أﻓﻜﺎر اﻟﺤﺴﺪ ،واﻟﺒﻐﻀﺔ، وأﺧﺬ اﻟﺜﺄر ،أﺟﻴﺒﻴﻪ" :إنّ ﻳﺴﻮع ﻗﺪ أﺣﺐﱠ آﻞّ اﻟﺒﺸﺮ ،ﺣﺘّﻰ أﻧّﻪ ﺻﻠّﻰ ﻷﺟﻞ أﻋﺪاﺋﻪ .ﻓﻴﺠﺐ أن ﺗُﺸﺒﻪ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ". وإذا اﺟﺘﺬﺑﺘﻚ اﻟﺸﻬﻮات اﻟﺤﺴﻴّﺔ ،ودﻓﻌﺘﻚ أﻣﻴﺎل اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻔﺎﺳﺪة إﻟﻰ اﻟﺸﺮّ ،أُﻧﻈﺮي إﻟﻰ ﻳﺴﻮع وﻗﻮﻟﻲ ﻟﻪ" :ﻳﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﺤﻠﻮ ،هﻞ ﻓﺘّﺸﺖَ ﻋﻦ ﻟﺬّات اﻷرض؟ أأَرﻳﺪ أن أﺗﻜﻠّﻞ ﺑﺎﻟﺰهﻮر
24
ورأﺳﻚ ﻣﺜﻘﻞٌ ﺑﺈآﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺷﻮك؟ أأﻃﻠﺐ اﻟﺘﻨﻌّﻤﺎت وﺣﻴﺎﺗﻚ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺳﻮى أﺗﻌﺎب وﺁﻻم"؟ ﻓﻬﻜﺬا ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﻳﺤﻴﺎ ﻳﺴﻮع ﻓﻴﻚ وأﻧﺖِ ﻓﻴﻪ وﻷﺟﻠﻪ. وﺗﻜﻮﻧﻴﻦ ﻣﺜﻠﻪ ﻣﺘﻮاﺿﻌﺔً ﻓﻲ ﻋﻮاﻃﻔﻚ ،ودﻳﻌﺔً ﻓﻲ آﻼﻣﻚ، ﻋﻔﻴﻔﺔً ﻓﻲ أﻓﻜﺎرك ،ﻃﺎﺋﻌﺔ ﻓﻲ ﺳﻠﻮآﻚ. اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ أﻣّﻲ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ،إﻧّﻲ أﺧﺼّﺺ ﻟﻚ هﺬا اﻟﺠﺴﺪ اﻟﺬي اﻗﺘﺒﻞ ﻣﺮارًا ﻳﺴﻮع ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺑﺎن ،وهﺬﻩ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﻲ آﻠّﻤﺘﻪ ،وهﺬا اﻟﻘﻠﺐ اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳُﺤﺒّﻪ. إﺟﻌﻠﻴﻪ ﻳﻘﺒﻞ آﻞﱠ ﻣﺎ ﻗﻠﺘﻪ ﻟﻪ ،وﻗﻮﻟﻲ ﻟﻪ آﻞّ ﻣﺎ ﻟﻢ أﻋﺮف أن أﻗﻮﻟﻪ ،وأﺣﺒّﻴﻪ واﻗﺘﺒﻠﻴﻪ ﻋﻨّﻲ ،وﺻﻠّﻲ ﻟﻪ ﻷﺟﻞ اﺑﻨﺘﻚ. ﺿﻌﻴﻨﻲ واﺣﻔﻈﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻚ ،ﺣﺘّﻰ أﺷﻌﺮ أﻧّﻲ آﺈﺑﻦ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ أﻣّﻪ .ﻻ ﺗﻄﺮدﻳﻨﻲ أﺑﺪًا ،ﺣﺘّﻰ وﻟﻮ آﻨﺖ ﻣﺬﻧﺒﺔ .ﻧﺒّﻬﻴﻨﻲ آﺄمّ، وﺣﺎﻣﻲ ﻋﻨّﻲ ،و اﻗﺘﺼﻲ ﻣﻨﻲ وﻋﻠّﻤﻴﻨﻲ وأﻗﻴﺘﻲ ﺑﻤﺎ ﻳﻔﻮق اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻧﻔﺴﻲ وﻗﻠﺒﻲ اﻟﻤﺘﻀﻮّرﻳﻦ ﺟﻮﻋًﺎ ،ﻋِﺪﻳﻨﻲ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎء، وأﻋﺪﻳﻬﺎ ﻟﻲ. ﺗﺼﺮّﻓﻲ ﺑﺨﻴﺮاﺗﻲ وأﻓﺮاﺣﻲ اﻷرﺿﻴّﺔ آﻴﻔﻤﺎ ﺷﺌﺖ .إﻧّﻤﺎ ،ﻳﺎ أﻣّﻲ اﻟﻤﺤﺒﻮﺑﺔ ،أﻃﻠﺒﻲ ﻟﻲ ﻧﻌﻤﺔ اﻷﻣﺎﻧﺔ اﻟﺮاهﻨﺔ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ اﺑﻨﻚِ اﻹﻟﻬﻲّ .ﺁﻣﻴﻦ.
25
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﺳﻊ
ﻣﺮﻳﻢ أمّ اﷲ اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،إﻧّﻲ أﺣﺒّﻚ ،ﻷﻧّﻚ أمﱡ ﻣﺨﻠّﺼﻲ وإﻟﻬﻲ. ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،أﻧﺖِ أمﱡ ﻳﺴﻮع ،وﺑﻬﺬا وﺣﺪﻩ أﻧﺖِ أرﻓﻊ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺪ ﻟﻚِ ﻗﻂ ،ﻷﻧّﻚ ﻟﺴﺖِ إﻟﻬًﺎ ،ﻟﻜﻦ أؤدّي ﻟﻚ اﻟﺨﻼﺋﻖ .إﻧّﻲ ﻻ أﺳﺠ ُ آﻞّ اﻟﺘﻌﻈﻴﻤﺎت واﻟﻮاﺟﺒﺎت اﻟﻤﻤﻜﻦ أن ﺗﻘﺒﻠﻬﺎ ﺧﻠﻴﻘﺔ وﻏﻴﺮ اﻟﻤﺘﻮﺟّﺒﺔ ﷲ. ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،إﻧّﻚ ﻋﺠﻴﺒﺔ ﻣﺬهﻠﺔ ﻟﻸرض واﻟﺴﻤﺎء! ﻣﺮﻳﻢ ُأمﱡ اﷲ اﻟﻤﺤﺪودة ﺗﻠﺪ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺤﺪود وﺗﻠﺒﺚ ﻣﺤﺪودةً ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ هﺬﻩ ﺪ ﻟﻚِ ﻗﻂ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻮﻻدة .اﻣﺮأة ﻣﺎﺋﺘﺔ ﺗﻠﺪ اﻷزﻟﻲّ! إﻧّﻲ ﻻ أﺳﺠ ُ ﺪ ﻓﻴﻚ ﻟﻤﻦ ﺣﺒﻠﺖِ ﺑﻪ ،ووﻟﺪِﺗﻪ، أؤدّي ﻟﻚ اﺣﺘﺮاﻣﻲ ،وأﺳﺠ ُ ووﺿﻌﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻣﺎت ﻷﺟﻞ ﺧﻼص اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺘّﺤﺪًا ﻣﻊ اﻵب اﻷزﻟﻲّ اﻟﺬي هﻮ أﺑﻮ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻤﺘﺠﺴّﺪ ﻓﻴﻚ! ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻳﺎ أمﱠ ﻳﺴﻮع ،إﻧّﻲ أُﺣّﺒﻚِ ،وأﺑﺎرآﻚ ،وأﻣﺪﺣﻚ ، وأهﺒﻚ ذاﺗﻲ. ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! ﻻ أدري آﻴﻒ اﺣﺘﻔﻞ ﺑﻤﺪاﺋﺤﻚ ،ﻷﻧّﻚ اﺳﺘﺤﻘﻘﺖِ أن ﺗﺤﻤﻠﻲ ﻓﻲ أﺣﺸﺎﺋﻚ اﻟﻄﺎهﺮة ﻣَﻦ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺴﻤﺎء أن ﺗﺤﻮﻳﻪ. ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إنّ اﷲ ﻗﺪ ﺑﺴﻂ ﻓﻲّ ﻗﻮّة ذراﻋﻪ ، وﺗﻬﻠّﻠﺖ روﺣﻲ ﺑﺎﷲ ﻣﺨﻠّﺼﻲ. إﻧّﻤﺎ رﺣﻤﺘﻪ ﺗﻤﺘﺪّ ﻣﻦ ﺟﻴﻞ إﻟﻰ ﺟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﺎﺋﻔﻴﻪ. ﻓﺈذا أردت ،ﻓﺄﻧﺖ ﻗﺎدرةٌ أن ﺗﻌﻘﺪي ﻣﻊ ﻳﺴﻮع أوﺛﻖ اﻟﻌﻬﻮد. ﺑﻴﻨﻤﺎ آﺎن اﺑﻨﻲ ﻳﻮﻣًﺎ ﻳﻜﻠّﻢ اﻟﺠﻤﻊ ﻗﺎﻃﻌﺘﻪ اﻣﺮأةٌ ﻗﺎﺋﻠﺔ : "ﻃﻮﺑﻰ ﻟﻠﺒﻄﻦ اﻟﺬي ﺣﻤﻠﻚ ،وﻟﻠﺜﺪﻳﻴﻦ اﻟﻠﺬﻳﻦ أرﺿﻌﺎك!" .أﻣﺎ ﻳﺴﻮع ﻓﺄﺟﺎﺑﻬﺎ" :ﺑﻞ ﺑﺎﻟﺤﺮيّ اﻟﻄﻮﺑﻰ ﻟﻤﻦ ﻳﺴﻤﻊ آﻼم اﷲ وﻳﻌﻤﻞ ﺑﻪ"! أرأﻳﺖ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﻓﺈذا ﺷﺌﺖِ ﻓﺄﻧﺖِ ﻗﺎدرةٌ ﻋﻠﻰ اﻣﺘﻼك اﻟﺴﻌﺎدة.
26
ﺖ ﻣﺮّةً أﺧﺮى ،أﻓﺘّﺶ ﻋﻨﻪ ﻷﺧﺎﻃﺒﻪ .وﻣﻌﻲ أوﻻد وﻓﻴﻤﺎ آﻨ ُ ﻋﻤّﻪ .ﻗﺎل ﻟﻪ واﺣﺪ " :إنّ أﻣّﻚ وأﺧﻮﺗﻚ ﻳﻄﻠﺒﻮﻧﻚ ﺧﺎرﺟًﺎ" .ﻓﻤﺎذا أﺟﺎب ﻳﺴﻮع؟ ﻗﺎل " :ﻣﻦ هﻲ أﻣّﻲ وﻣﻦ هﻢ أﺧﻮﺗﻲ؟" .ﺛﻢّ ﺑﺴﻂ ﻳﺪﻩ ﻧﺤﻮ ﺗﻼﻣﻴﺬﻩ وﻧﻈﺮ إﻟﻰ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ وﻗﺎل" :هﺎآﻢ أﻣّﻲ وإﺧﻮﺗﻲ ! ﻓﺈنّ ﻣﻦ ﻳﻌﻤﻞ إرادة أﺑﻲ اﻟﺬي ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ،ﻓﺬاك هﻮ أﺧﻲ ،وأﺧﺘﻲ ،وأﻣّﻲ". ﻓﺴﺘﻜﻮﻧﻴﻦ اذا اﻣﺎ ﻟﻴﺴﻮع ،ﻋﺰﻳﺰة آﺎﻻم ،وﺗﺠﻠﺴﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻋﺮش اﻟﻤﺠﺪ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻪ ،اذا اﺟﺘﺪت ﻓﻲ اﻻرض ان ﺗﺘﻤﻤﻲ ارادة اﷲ . اﻟﻨﻔﺲ :اﻳﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﺒﺮﻳﺌﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﻧﺲ واﻟﺴﺎﻣﻴﺔ اﻟﻘﺪاﺳﺔ ، اﻳﺘﻬﺎ اﻟﺨﻠﻴﻘﺔ اﻻوﺿﻊ واﻻرﻓﻊ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻴﻊ اﻣﺎم اﷲ ،اﻧﻚ آﻨﺖ ﺻﻐﻴﺮة ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻲ ﻧﻔﺴﻚ ،ﻟﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ آﻨﺖ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻲ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺎزل ﻓﺎﺧﺘﺎرك أﻣًﺎ ﻟﻪ ! ﻓﻜﻢ اﺷﻜﺮ اﻟﻪ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻻﻧﻪ رﻓﻌﻚ ﻓﻮق اﻟﺠﻤﻴﻊ ! ﻓﺒﺤﻖ اﻟﺸﺮف اﻟﺬي ﺟﻌﻠﻪ ﻟﻚ اﻟﺮب اذ اﺷﺮآﻚ ﺑﻘﺪرﺗﻪ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺘﻨﺎهﻴﺔ اﻧﻲ اﺑﺘﻬﻞ اﻟﻴﻚ ﻟﺘﺸﺮآﻴﻨﻲ ﺑﻤﺠﺪك .إهﺘﻤﻲ ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﺑﺄن ﺗﺴﺘﻤﺪي ﻟﻲ اﻟﺨﻴﺮ اﻟﺬي ﻷﺟﻠﻪ ﺗﻨﺎزل اﺑﻨﻚ ﻓﺼﺎر إﻧﺴﺎﻧﺎً ﻓﻲ أﺣﺸﺎﺋﻚ اﻟﻄﺎهﺮة. ﻓﻠﻮ ﻟﻢ ﺗﻜﻮﻧﻲ أمَ اﷲ إﻻ ﻟﺬاﺗﻚ ،ﻟﺮﺑﻤﺎ ﻗﻴﻞ إن ﺧﻼﺻﻨﺎ وهﻼآﻨﺎ ﺳﻴّﺎن ﻋﻨﺪك . وﻟﻜﻦ اﷲ ﺗﻮﺷَﺢ ﺑﻠﺤﻤﻚ اﻟﺒﺘﻮﻟﻲ ﻷﺟﻞ ﺧﻼﺻﻚ ﺣﻘﺎَ ،وﺧﻼﺻﻨﺎ اﻳﻀﺎً. ﻓﻤﺎذا ﺗﻔﻴﺪك آﻞ ﻗﺪرﺗﻚ ،وآﻞ ﻣﺠﺪك اذا ﻟﻢ ﺗﺸﺮآﻴﻨﺎ ﺑﺴﻌﺎدﺗﻚ ؟ ﻓﺎﺳﻌﻴﻔﻴﻨﺎ وداﻓﻌﻲ ﻋﻨﺎ ﻷﻧﻚ ﺗﻌﻠﻤﻴﻦ ﺷﺪَة اﺣﺘﻴﺎﺟﻨﺎ اﻟﻰ إﺳﻌﺎﻓﻚ ! ﺗﺤﺖ ذﻳﻞ ﺣﻤﺎﻳﺘﻚ ﻧﻠﺘﺠﻰء ﻳﺎ واﻟﺪة اﷲ اﻟﻘﺪﻳﺴﺔ ! ﻓﻼ ﺗﺮﻓﻀﻲ ﺻﻠﻮاﺗﻨﺎ ﻋﻨﺪ اﺣﺘﻴﺎﺟﻨﺎ اﻟﻴﻚ ،ﻟﻜﻦ ﻧﺠﻴﻨﺎ ﻣﻦ آﻞ ﺧﻄﺮ اﻵن وداﺋﻤﺎ ،أﻳﺘﻬﺎ اﻟﺒﺘﻮل اﻟﻤﺠﻴﺪة واﻟﻤﺒﺎرآﺔ .ﺁﻣﻴﻦ
27
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﻌﺎﺷﺮ ﻋﻈﻤﺔ ﻣﺮﻳﻢ
اﻟﻨﻔﺲ :ﺣﺘّﻰ ﺗُﻔﻬﻢ ﻋﻈﻤﺘﻚ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻻ ﺑﺪﱠ ﻣﻦ ﻓﻬﻢ ﻋﻈﻤﺔ اﷲ ﻧﻔﺴﻪ. ﻓﺎﻟﻘﺪّﻳﺴﻮن ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن آﻴﻒ ﻳﺤﺘﻔﻠﻮن ﺑﻤﺠﺪك. ﻗﺎﻟﻮا ،إنّ اﷲ ﺑﺼﻴﺮورﺗﻪ إﺑﻨًﺎ ﻟﻤﺮﻳﻢ ،رﻓﻌﻬﺎ ﻓﻮق ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ واﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ ،ﺑﻞ ﻓﻮق آﻞّ ﺳﻜﺎن اﻟﺴﻤﺎء ،ﻣﺎ ﻋﺪا اﷲ وﺣﺪﻩ اﻟﺬي ﻳﻌﻠﻮ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﺪون ﻗﻴﺎس. ﻗﺎل ﻟﻚِ اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻧﺴﻠﻤﻮس" :ﻳﺎ ﺳﻠﻄﺎﻧﺘﻲ ،ﻣﺎ ﻣﻦ أﺣﺪٍ ﻊ ﻣﻨﻚِ أوأﺣﻂﱡ :أﻣّﺎ ﻳﻀﺎهﻴﻚ ،ﻷنّ آﻞّ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﻮن هﻮ إﻣّﺎ أرﻓ ُ اﻷرﻓﻊ ﻓﻬﻮ اﷲ ،وﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ اﻟﺨﻼﺋﻖ هﻮ أﺣﻂﱡ ﻣﻨﻚ". إنّ ﺳﻤﻮّ ﻣﻨـﺰﻟﺘﻚ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻻ ﻳﻔﻬﻤﻬﺎ ﻏﻴﺮ اﷲ. ﺪ اﻷمّ ﻓﻲ أوﻻدهﺎ؟ إﻧّﻲ أﻓﺮ ُ ح ﻣﻌﻚِ .أﻻ ﻳﺘﺄﻟّﻖ ﻣﺠ ُ وأﻓﺮح ﻣﻊ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻤﻨﺘﺼﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺠّﻠﻚِ آﻤﻠﻜﺔٍ ﻟﻬﺎ. وأﻓﺮح ﻣﻊ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻤﺤﺎرﺑﺔ اﻟﺘﻲ أﻋﻄﺘﻚ ﻣﻜﺎﻧًﺎ واﺳﻌًﺎ ﻓﻲ ﻗﺎﻧﻮن إﻳﻤﺎﻧﻬﺎ وﻋﺒﺎدﺗﻬﺎ. إﻧّﻲ ﺳﻌﻴﺪةٌ ﻓﻲ هﺘﺎﻓﻲ ﻣﻊ آﻞّ ﻣﺴﻴﺤﻲّ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ: "أؤﻣﻦ ﺑﺴﻴّﺪﻧﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ،اﺑﻦ اﷲ اﻟﻮﺣﻴﺪ ،اﻵب اﻟﻜﻠﻲّ اﻟﻘﺪرة ،اﻟﺬي ﺣُﺒﻞ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ،ووُﻟﺪ ﻣﻦ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء" .إﻧّﻲ أؤﻣﻦ ﺑﺎﷲ اﻟﻤﻮﻟﻮد ﻣﻦ اﷲ اﻵب واﻟﻤﺘﺄﻧّﺲ ﻣﻦ ﻣﺮﻳﻢ ،اﺑﻦ اﻟﻌﻠﻲ اﻟﻮﺣﻴﺪ واﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲّ .ﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ رواﺑﻂ، ﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﻼﻗﺎت ﻓﺎﺋﻘﺔ اﻟﻮﺻﻒ! ﻳﺎ ﻟﻠﻨﺴﺎﺑﺔ اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺨﻠﻴﻘﺔ واﻟﺨﺎﻟﻖ! وﻳﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ارﺗﻔﺎع ﺗﺘﻮارى ﺗﺠﺎهﻪ آﻞّ ﻋﻈﻤﺔ اﻷﺑﺮار واﻟﻤﻼﺋﻜﺔ! إﻟﻪ ﺑﺜﻼﺛﺔ أﻗﺎﻧﻴﻢ ،إﻟﻪ ﻳﺘﺄﻧّﺲ ،وﻣﺮﻳﻢ أﻣّﻪ!... ﻓﻲ هﺬا ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ آﻞّ ﻗﺎﻧﻮن اﻹﻳﻤﺎن .هﺬا ﻣﺎ ﻋﻠّﻤﻪ اﻟﺮﺳﻞ ،وﻣﺎ أوﺿﺤﻮﻩ ﺑﺒﺸﺎرﺗﻬﻢ اﻹﻟﻬﻴّﺔ! إﻻّ أﻧّﻨﺎ ﻟﺴﻨﺎ ﺑﻬﺬا ﻧﻤﺪﺣﻚ ﻓﻘﻂ، وﻧﺒﺠّﻠﻚ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! ﺑﻞ إﻧّﻨﺎ ﻧﺮﻓﻌﻚ ﻓﻮق آﻞّ ﻣﺠﺪٍ وﻣﺪﻳﺢ .ﻓﺈنّ آﻞﱠ
28
اﻟﻤﺪاﺋﺢ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺮﻓﻌﻬﺎ إﻟﻴﻚ اﻟﺴﻤﺎء واﻷرض ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﺣﻴﺚ أﺟﻠﺴﻚ اﷲ. ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إنّ اﷲ هﻮ اﻟﺬي ﺻﻨﻊ آﻞّ ﻣﺎ ﺻﻨﻊ ﺑﻘﺪرﺗﻪ وﻣﺤﺒّﺘﻪ .ﻓﺴﺄرﺗّﻞ ﻣﺪّة اﻷﺑﺪﻳّﺔ أﻧﺸﻮدة ﻋﺮﻓﺎن اﻟﺠﻤﻴﻞ هﺬﻩ: "ﺗﻌﻈّﻢ ﻧﻔﺴﻲ ﻟﻠﺮبّ!."... ﺪ أن أﻋﻈّﻤﻪ ﻣﻌﻚ ،ﻳﺎ أﻣّﻲ! ﻷﻧّﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻟﻨﻔﺲ :إﻧّﻲ أرﻳ ُ أﻋﻄﻴﺘِﻨﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ،أﻋﻄﻴﺘِﻨﺎ ﻣﻌﻪ آﻞّ ﺷﻲء .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺒﻠﺖِ ﺑﻪ ،ووﻟﺪﺗﻪ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ،ﻗﺪ ﺣﺒﻠﺖِ ﺑﺎﻟﻨﻌﻤﺔ ،ووﻟﺪت اﻟﺮأﻓﺔ، وأﻓﻀﺖِ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﺳﻴﻮل اﻟﺒﺮآﺎت اﻹﻟﻬﻴّﺔ. آﻞّ ﺷﻲءٍ ﻳﺄﺗﻴﻨﺎ ﻣﻨﻚ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻷنّ آﻞّ ﺷﻲءٍ ﻳﺄﺗﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ!.. ﻓﺎﻟﺪم اﻟﺜﻤﻴﻦ اﻟﺬي ﺟﺮى ﻋﻠﻰ ﻋﻮد اﻟﺼﻠﻴﺐ ﺗﻜﻔﻴﺮًا ﻋﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ ،واﻟﺬي ﻧﺸﺮﺑﻪ أﻳﻀًﺎ آﻞّ ﻳﻮم ،آﺸﺮاب اﻟﺨﻠﻮد ،ﻗﺪ أﺧﺬ ﻣﺒﺪأﻩ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻚ وأﺣﺸﺎﺋﻚ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! وهﺬا اﻟﺠﺴﺪ اﻟﻤﺴﺠﻮد ﻟﻪ ،اﻟﻤﻤﺰّق ،واﻟﻤﻀﺤّﻰ ﻷﺟﻠﻨﺎ ﻓﻮق اﻟﺠﻠﺠﻠﺔ واﻟﺬي ﺻﺎر ﻓﻲ اﻷﻓﺨﺎرﺳﺘﻴّﺎ ﺧﺒﺰ أﻧﻔﺴﻨﺎ اﻟﺤﻲّ، وﻣﺒﺪأ ﻗﻴﺎﻣﺔ أﺟﺴﺎدﻧﺎ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴّﺔ ،هﻮ ﻗﺴﻢٌ ﻣﻦ ﺟﺴﺪك ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! ﻟﻴﺖ ﻣﻌﺮﻓﺘﻨﺎ اﻟﺠﻤﻴﻞ ﺗﺬﻳﻊ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ هﺬﻩ اﻷﻋﺠﻮﺑﺔ" :ﻣﺮﻳﻢ هﻲ أمّ اﷲ ،واﷲ ﻳﻬﺒﻨﺎ آﻞّ ﺷﻲء ﺑﻮاﺳﻄﺘﻬﺎ!" ﻣﺮﻳﻢ :آﻴﻒ اﺳﺘﺤﻘﻘﺖُ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،هﺬا اﻟﺸﺮف اﻟﺴﺎﻣﻲ أي أن أرى ﻧﻔﺴﻲ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔً إﻟﻰ درﺟﺔ أمّ اﷲ؟ ذﻟﻚ ﻷﻧّﻲ ﺖ ﺷﻴﺌًﺎ ﺑﺬاﺗﻲ وﻟﻴﺲ ﻟﻲ ﺷﻲءٌ :إذن ت أﻧّﻲ ﻟﺴ ُ ﺖ وﺗﺄآّﺪ ُ ﻋﺮﻓ ُ ﻗﺪ اﺗﻀﻌﺖ. ﻟﻘﺪ ﻧﻈﺮ اﻟﻘﺪﻳﺮ إﻟﻰ ﺗﻮاﺿﻊ أَﻣﺘﻪ ،وﻟﻬﺬا ﺻﻨﻊ ﺑﻲ اﻟﻌﻈﺎﺋﻢ. ﻓﺎﻟﺘﻮاﺿﻊ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،اﻟﺘﻮاﺿﻊ ،اﻟﺘﻮاﺿﻊ!
29
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ ﻣﺮﻳﻢ أﻣّﻨﺎ
اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! ﻟﻘﺪ ﻗﻴﻞ ﻟﻲ ﻣﻨﺬ ﻧﻌﻮﻣﺔ أﻇﻔﺎري أﻧّﻚ أﻣّﻲ .وهﺬا اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻜﻠّﻲّ اﻟﻌﺬوﺑﺔ" :أمّ اﷲ هﻲ أﻣّﻲ!" .هﻮ ،آﻤﺎ ﺗﻌﻠﻤﻴﻦ ،ﺗﻌﺰﻳﺘﻲ وﺳﻌﺎدﺗﻲ .وإﻧّﻲ ﻻ أﻣﻞﱡ ﻣﻦ اﻟﻘﻮل" :ﻣﺮﻳﻢ، هﻲ أﻣّﻲ!". ﻣﺮﻳﻢ :أﻧﺎ ُأمﱡ آﻞّ اﻟﺒﺸﺮ ،وأﻧﺎ أﻣﱡﻚ .أﻧﺎ أمﱡ اﻟﻤﺤﺒّﺔ. إنّ أوّل اﻣﺮأةٍ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﻳﺪ اﷲ دُﻋﻴﺖ أمّ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﺸﺮ. إﻧّﻤﺎ ﻗﺪ وﻟﺪﺗﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻮت .وأوّل اﻣﺮأةٍ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻴﻘﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ أﺗﺖ ﺪ آﻞﱠ اﻟﺒﺸﺮ ﺑﻨﺘﻴﺠﺔ ﺗﻌﺎآﺲ اﻷوﻟﻰ :هﺬﻩ اﻟﻤﺮأة هﻲ أﻧﺎ .إﻧّﻲ أﻟ ُ ﻟﻠﺤﻴﺎة .اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻘﺪّﻣﻮﻧﻲ آﺎﻟﺬﻳﻦ أﺗﻮا ﺑﻌﺪي. ﻓﻘﻮّﺗﻲ اﻟﻤﻮﻟّﺪة ﺗﻤﺘﺪّ ،ﺑﺤﻴﺚ أﻗﺪر أن أﻗﻮل وآﻼﻣﻲ ﺣﻖﱡ هﻮ أنّ ﻣﺎ ﻣﻦ أﺣﺪ ﻳﻨﺎل اﻟﺤﻴﺎة إﻻّ ﻣﻨّﻲ .وإذا آﺎﻧﺖ اﻟﻤﺮأة اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻴﻘﺔ اﻷوﻟﻰ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻴﺎة ﺑﻌﺪ أن ﻓﻘﺪﺗﻬﺎ ،ﻓﻤﻨّﻲ ﺖ أُﻣًّﺎ ﻟﻠﻤﺮأة اﻷوﻟﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ وأﻧﺎ ُأمﱡ ﻗﺪ اﻗﺘﺒﻠﺘﻬﺎ .وهﻜﺬا ،آﻨ ُ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺣﻴﺎء .وﻳﻤﻜﻨﻨﻲ أن أُﻟﻘﻲ ﺑﻨﻈﺮي ﻋﻠﻰ آﻞّ اﻟﺨﻼﺋﻖ اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ،واﻟﺤﺎﺿﺮة ،واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﺔ ،ﻗﺎﺋﻠﺔً ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ :إﻧّﻲ وﻟﺪﺗﻜﻢ. ﺖ أمّ ذاك اﻟﺬي ﺑﻪ آﻮّن آﻞﱡ ﺷﻲء؟ أﻓﻠﺴ ُ ﺑﻴﺪَ أﻧّﻲ ،ﺧﺎﺻّﺔُ ،أمﱡ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﺸﺮ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﻨﻔﺲ ،وﻓﻲ هﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻳﻠﺬﱡ ﻟﻲ ﻟﻘﺐ أمّ اﻟﺒﺸﺮ. أﻧﺎ أمّ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﻌﺬﺑﺔ. ت ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺨﻠّﺺ ،ﻳﻨﺒﻮع ﺳﻼﻟﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ وأﺻﻠﻬﺎ أﻧﺎ وﻟﺪ ُ وﻣﺒﺪأهﺎ .ﻓﺄﻧﺎ إذًا ﻳﻨﺒﻮع وﻻدة اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ وأﺻﻠﻬﺎ وﻣﺒﺪأُهﺎ .ﻓﺄﻧﺎ ﺑﻌﺪ اﷲ ،ودون اﷲ ،وﻣﻊ اﷲ ،ﻋﻠّﺔٌ ﻓﺎﻋﻠﺔٌ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﻮﻻدة ،ﻷﻧّﻲ ت اﻟﺨﺎﻟﻖ .ﻓﺄﻧﺎ ُأمﱡ ﻳﺴﻮع ،وﻳﺴﻮع اﺑﻦ اﷲ اﻵب اﻟﺬي وﻟﺪ ُﻩ وﻟﺪ ُ
30
ﻓﻲ ﺣﻀﻨﻪ ﻣﻨﺬ اﻷزل ،هﻮ أﻳﻀًﺎ اﺑﻨﻲ ،ﻷﻧّﻲ وﻟﺪﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺰﻣﻦ ﻣﻦ أﺣﺸﺎﺋﻲ. ﻓﻴﺴﻮع ﻧﻔﺴﻪ ،اﻟﺬي هﻮ اﺑﻦ اﷲ واﺑﻨﻲ ،وﺑﺼﻔﺘﻪ اﺑﻦ اﷲ واﺑﻨﻲ ،ﻗﺪ ﺟﺪّد ﺧﻠﻖ اﻟﺒﺸﺮ وﻟﻢ ﻳﺨﻠﻘﻬﻢ آﺈﺑﻦ اﷲ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ آﺈﺑﻨﻲ أﻳﻀًﺎ .ﻓﺒﻤﺎ أﻧّﻪ اﺑﻦ اﷲ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﻠﺪ اﻟﺒﺸﺮ ﺑﺎﻵﻻم. ﻪ ﺟﺴﺪًا ﺗﻤﻜّﻦ ﺑﺎﺗﺤﺎدﻩ ﺑﺎﻟﻼهﻮت أن ﻳﻠﺪ ﺑﺎﻟﻼهﻮت آﻞّ ﻓﺄﻋﻄﻴﺘ ُ اﻟﺒﺸﺮ .واﻟﺤﺎل ،إﻧّﻚ ﺗﻌﻠﻤﻴﻦ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إنّ اﻟﺒﺸﺮ اﻟﻤﻮﻟﻮدﻳﻦ هﻢ أﺑﻨﺎء اﷲ اﻵب ،ﻷﻧّﻬﻢ إﺧﻮ ُة اﻟﻤﺴﻴﺢ ،واﻟﻤﺴﻴﺢ هﻮ اﺑﻨﻪ. ﺖ إذًا أﻳﻀًﺎ أُﻣًّﺎ ﻹﺧﻮة اﻟﻤﺴﻴﺢ ،إذ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻳﻌﺮﻓﻨﻲ أﻣًّﺎ ﻟﻪ. أﻟﺴ ُ ﻧﻌﻢ ،إﻧّﻲ أمّ آﻞّ اﻟﺒﺸﺮ :وﻟﻘﺪ أﻋﻄﻴﺘﻬﻢ اﻟﺤﻴﺎة ،ﺑﺈﻋﻄﺎﺋﻲ إﻳّﺎهﻢ ﻣﺒﺪأ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺬي اﻧﺘﺸﻠﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﻮت. ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺗﻄﻮّﺑﻨﻲ ،ﺑﻤﺎ أﻧّﻲ أمّ اﻟﻤﺴﻴﺢ وأﻧﺎ أﻃﻮّب ﻧﻔﺴﻲ ،ﻷﻧّﻲ ُأمﱡ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﺸﺮ. أﻧﺎ ُأﻣﱡﻚ ،وأﻣّﻚ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴّﺔ ،ﻓﻴﺠﺐ أن ﺗﺸﺎﺑﻬﻴﻨﻲ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ: ﻗﺪ أﻋﻄﻴﺘﻚ ﻣﺜﺎﻻً ﻟﺘﻘﺘﺪي ﺑﻲ ﺑﺄﻓﻜﺎرك ،وأﻗﻮاﻟﻚ ،وأﻓﻌﺎﻟﻚ: ﻓﺒﺄﻓﻜﺎرك ،ﻟﻜﻴﻼ ﺗﻔﺘﻜﺮي إﻻّ ﺑﺎﷲ ،وﻻ ﺗﺮﺗﺎﺣﻲ إﻻّ ﺑﻪ ،ﻷﻧّﻚ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻮﻻدة .وﺑﺄﻗﻮاﻟﻚ ،ﺣﺘّﻰ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻣﺪاﺋﺢ إﻻّ ﷲ .وﺑﺄﻓﻌﺎﻟﻚ ،ﺣﺘّﻰ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺧﺎﺿﻌﺔ إﻻّ ﻹرادة اﷲ. إنّ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺎﻓﻈﻮن ﻋﻠﻰ هﺬﻩ اﻟﻤﺸﺎﺑﻬﺔ أﻋﺮّﻓﻬﻢ أﺑﻨﺎءً ﻟﻲ. وأﻣّﺎ اﻟﺒﺎﻗﻮن ،ﻓﺎﺑﻨﻲ ﻳُﺒﻌﺪهﻢ ﻋﻨﻪ ،وﻻ ﻳﺮون أﺑﺪًا وﺟﻪ أﻣّﻬﻢ. ﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻟﻚ اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،أُﻣﻲ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ،هﻞ ﻣﻤﻜ ُ اﺑﻨﺔٌ أﻗﻞّ ﺷﺒﻬًﺎ ﺑﻚ ﻣﻨﻲ؟ أﻧﺖِ آﻠﻴّﺔ اﻟﻜﻤﺎل ،وأﻧﺎ ﻣﺜﻘّﻠﺔ ﺑﺎﻟﺬﻧﻮب .أﻧﺖ ﻣﻀﻄﺮّﻣﺔ آﻞﱠ اﻻﺿﻄﺮام ﺑﺎﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ،وأﻧﺎ ﻣﺘﻌﻠّﻘﺔ آﻞّ اﻟﺘﻌﻠّﻖ ﺑﺎﻟﺨﻼﺋﻖ .أﻧﺖ ﻏﻨﻴّﺔ ﺑﻜﻨﻮز اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ ،وأﻧﺎ ﻓﻘﻴﺮة ﺑﺎﻟﻔﻀﺎﺋﻞ! ..أوّاﻩ آﻢ إﻧّﻲ ﻏﻴﺮ ﺟﺪﻳﺮة ﺑﻤﺜﻞ هﺬﻩ اﻷمّ!
31
إﻧّﻲ أرﺟﻮكِ أﻻّ ﺗﻤﻨﻌﻴﻨﻲ ﻋﻦ أن أدﻋﻮكِ أﻣّﻲ .ﻓﺈنّ هﺬا اﻻﺳﻢ ﻳﻌﺰّﻳﻨﻲ ،وﻳﻀﺎﻋﻒ ﺣﻨﻮّي وﺛﻘﺘﻲ ،وﻳﺬآّﺮﻧﻲ ﺑﻮﺟﻮب ﻣﺤﺒّﺘﻚ. ﻓﺎﻗﺒﻠﻲ إذًا أن أدﻋﻮكِ أﻣّﻲ. هﻞ ﻷمﱟ أن ﺗﻨﺴﻰ اﺑﻨﻬﺎ؟ وهﻞ ﻟﻬﺎ أن ﺗﻨﺴﻰ ﺛﻤﺮة أﺣﺸﺎﺋﻬﺎ؟ وهﺐ أﻧّﻬﺎ ﻧﺴﻴﺘﻪ ،ﻓﺄﻧﺖِ ﻻ ﺗﻨﺴﻴﻨﻨﺎ أﺑﺪًا. أﻳّﺔ أمّ ﺗﺤﺐﱡ ﺑﻨﻴﻬﺎ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﺤﺒﻴﻨﻨﺎ أﻧﺖ ،وﺗﻬﺘﻢّ ﺑﺴﻌﺎدﺗﻬﻢ ﻣﻘﺪار اهﺘﻤﺎﻣﻚ ﺑﻤﺼﺎﻟﺤﻨﺎ.
32
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ
ﻗﻠﺐ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻨﻔﺲ :ﻣﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻔﻬﻢ ﺣﻨﻮ ﻗﻠﺒﻚ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! ﻣﺮﻳﻢ :ﻟﻘﺪ أﻋﻄﺎﻧﻲ اﷲ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،أﻗﺪس ﻗﻠﺐ ،وأﺣﺐّ ﻗﻠﺐ ﺑﻌﺪ ﻗﻠﺐ ﻳﺴﻮع. ب ﻗﻠﺐ أمّ ﻻﺑﻨﻪ ،وإﻧّﻲ أﺣﺒّﻪ ﻣﺤﺒّﺔ ﺗﻔﻮق ﻣﺤﺒّﺔ أﻋﻄﺎﻧﻲ اﻵ ُ آﻞّ اﻟﻤﻼﺋﻚ واﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ ﻣﻌًﺎ. ع ﻗﻠﺐَ أمّ ﻟﻠﺒﺸﺮ ،وﻣﺤﺒّﺔ آﻞّ اﻷﻣّﻬﺎت ﻻ أﻋﻄﺎﻧﻲ ﻳﺴﻮ ُ ﺗﻮازي ﻗﻂّ ﻣﺤﺒّﺘﻲ ﻵﺧﺮ أﺑﻨﺎﺋﻲ. إﻧﻲّ أﺣﺐّ اﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ وﻧﻈﺮي ﻻ ﻳﻔﺎرﻗﻬﻢ دﻗﻴﻘﺔً :وأﻃﻠﺐ ﻟﻬﻢ داﺋﻤًﺎ ﻧﻌﻤﺔ ﻳﺴﻮع ،وأﻋﺰّﻳﻬﻢ ﻓﻲ أﺣﺰاﻧﻬﻢ ،وأﻧﺠّﻴﻬﻢ ﻣﻦ أﻟﻒ ﺗﺠﺮﺑﺔ ،وأﻗﺘﺎدهﻢ ﺑﻴﺪي ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻀﻴّﻖ اﻟﻤﺆدّي إﻟﻰ اﻟﺤﻴﺎة ،وأﻣﻬّﺪ ﻟﻬﻢ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺘﻮﺑﺔ واﻟﺠﻠﺠﻠﺔ اﻟﻀَﻨﻚ ،ﻓﺄﻧﺎ أﻣّﻬﻢ. إﻧّﻲ أﺣﺐﱡ اﻟﺨﻄﺄة .وﻟﻴﺲ ﻣﻦ أﺣﺪٍ ﺑﻴﻨﻬﻢ ،وان ﻗﺎﺳﻴًﺎ ﻗﻠﺒﻪ إﻻّ وهﻮ اﺑﻦٌ أﺳﻬ ُﺮ ﻋﻠﻴﻪ ،وأﺻﻠّﻲ ﻷﺟﻠﻪ .ﺁﻩ! ﻟﻮ ﺷﺎؤوا اﻻهﺘﺪاء! وا أﺳﻔﺎﻩ! إنّ اﻷرض ﻣﻐﻄّﺎةٌ ﺑﺎﻟﺨﻄﺄة اﻟﻤﺤﺘﺎﺟﻴﻦ إﻟﻰ ﻣﻌﻮﻧﺘﻲ! ﻳﻜﺘﻨﻔﻬﻢ اﻟﺸﻘﺎء ،وﻓﻲ آﻞّ ﻟﺤﻈﺔ ،ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻟﺴﻘﻮط ﻓﻲ وهﺪة اﻟﺠﺤﻴﻢ ﺳﻘﻮﻃًﺎ أﺑﺪﻳًّﺎ!.. ﺖ ﻷﺟﻠﻬﻢ! وآﻢ ذرﻓﺖ ﻋﻴﻨﻲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،آﻢ اﺣﺘﻤﻠ ُ دﻣﻮﻋًﺎ! ...أﻟﻴﺴﻮا أﺑﻨﺎﺋﻲ؟ ..ﻓﺈذا آﻨﺖِ ﺗﺤﺒّﻴﻨﻨﻲ ،ﻓﺎﺷﻔﻘﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻄﺄة! اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻗﻠﺐ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻣﻮﺿﻮع ﻣﺮﺿﺎة اﻟﺜﺎﻟﻮث اﻷﻗﺪس اﻟﻤﺴﺠﻮد ﻟﻪ ،واﻟﻤﺴﺘﺤﻖ إآﺮام اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ واﻟﺒﺸﺮ .ﻳﺎ ﻗﻠﺒًﺎ ﻳﺤﺒّﻚ ﻳﺴﻮع ،ﻷﻧّﻚ ﺻﻮرﺗﻪ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ،اﺟﻌﻠﻨﻲ أﺣﺒّﻚ. ﺐ إﻟﻴﻚَ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻳﺎ ﻗﻠﺐ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﺒﺮيء ﻣﻦ اﻟﺪﻧﺲ ،إﻧّﻲ أﻃﻠ ُ اﻷﺑﺮار ،ﻓﻬﻢ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن أﺣﻴﺎﻧًﺎ ،ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺤﻴﺎة ،إﻟﻰ راﺣﺔٍ،
33
وﻣﻠﺠﺄٍ ،وﻋﻀﺪٍ .ﻓﻠﻴﻨﻌﺸﻬﻢ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻗﻠﺒﻚِ اﻟﻜﻠﻲّ اﻟﺮأﻓﺔ، وذآﺮك اﻟﻜﻠّﻲّ اﻟﺤﻼوة ،وﻟﺘﻌﺰّﻳﻬﻢ اﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻚِ اﻟﻮاﻟﺪﻳّﺔ .إﻧّﻬﺎ ﻟﺴﻌﻴﺪةٌ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺪ هﺬا اﻟﻤﻠﺠﺄ! ﻓﻼ ﺿﺠﺮ ،وﻻ ﻣﺮارة ،وﻻ ﺊ إﻟﻰ ﻗﻠﺒﻚِ ﻗﺎﺋﻼً: ﺧﻮف ﻳﺤﻮل دون راﺣﺔ ﻣﻦ ﻳﻠﺘﺠ ُ "ﻳﺎ أﻣّﻲ ،إنّ راﺣﺘﻲ ﻓﻴﻚ! اﺳﺘﻤﺪّي ﻟﻲ اﻟﺴﻼﻣﺔ وﻗﺖ اﻟﺰواﺑﻊ .ﻇﻠّﻠﻴﻨﻲ ﺑﺠﻨﺎﺣﻴﻚِ واﺣﻔﻈﻴﻨﻲ". ﻳﺎ ﻗﻠﺐ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﺒﺮيء ﻣﻦ اﻟﺪﻧﺲ ،ﺗﺮأف ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻄﺄة. ﻓﺈﻧّﻬﻢ إﺧﻮﺗﻲ وﺑﻨﻮك .أﻧﺖِ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،اﻟﻮﺳﻴﻄﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺴﻤﺎء واﻷرض ،وإﻧّﻲ أراك ﻣﻬﺘﻤّﺔ ﻓﻲ أن ﺗُﺼﻌﺪي اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺳﻔﻞ، ﻞ .إنّ ﻣﻬﻤّﺘﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﺴﺎﻋﺪة وﺗﺤﺪري اﻟﻤﺮاﺣﻢ ﻣﻦ ﻋ ُ اﻟﺘﻌﺴﺎء .ﻓﺄﻧﺖ وزﻳﺮة اﻟﻌﻠﻲّ ﻓﻲ دار اﻟﺤﻨﻮ .ﻻ ﺗﻘﻀﻴﻦ ،وﻻ ﺗﺤﻄّﻤﻴﻦ ،ﺑﻞ ﺗﻨﻌﺸﻴﻦ وﺗُﻌﺰّﻳﻦ آﻞّ ﻣﻦ ﻳُﻘﺪﱢم ﻟﻚِ ،وﺗُﻌﻴﺪﻳﻨﻪ إﻟﻰ اﷲ .إنّ ﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻷﻣّﻬﺎت ﺣﺪًّا ،وأﻣّﺎ ﻣﺤﺒّﺘﻚ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﺣﺪّ .ﻓﻴﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﺧﻠّﺼﻲ اﻟﺨﻄﺄة اﻟﻤﺴﺎآﻴﻦ! ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﺗﻌﻈﱢﻢ ﻧﻔﺴﻲ اﻟﺮبّ ،وإﻟﻴﻪ ﻳﻌﻮد آﻞّ إآﺮامٍ وﺗﻤﺠﻴﺪ .ﻓﻬﻮ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ ﻓﻲّ اﻟﻌﻈﺎﺋﻢ ،واﺳﻤُﻪ ﻗﺪّوس .وهﻮ اﻟﺬي ﺷﺎء أن أآﻮن ﻟﻚِ أﻣًّﺎ وأن ﺗﻜﻮﻧﻲ ﻟﻲ اﺑﻨﺔً. اﻟﻨﻔﺲ :اﻟﺸﻜﺮ ﻟﻚ ،ﻳﺎ ﻳﺴﻮع ،ﻷﻧّﻚ ﺟﻌﻠﺖَ ﻗﻠﺐ ﻣﺮﻳﻢ ﺷﺒﻴﻬًﺎ ﺑﻘﻠﺒﻚ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﺪ ﻗﻠﺒﻚ اﻟﻤﺴﺠﻮد ﻟﻪ ﻗﻠﺐٌ ﻓﻲ اﻷرض ﺟﻮّادٌ ورؤوف ﻣﺜﻞ ﻗﻠﺐ ﻣﺮﻳﻢ! ﻓﺎﻹآﺮام ،واﻟﻤﺪﻳﺢ ،واﻟﻤﺠﺪ ،واﻟﺤﺐّ ﻟﻘﻠﺐ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء، أﻣّﻨﺎ اﻟﻤﺠﻴﺪة ،اﻟﺒﺮيء ﻣﻦ اﻟﺪﻧﺲ! أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ اﻟﻘﺪاﺳﺔ ،أمﱡ ﺳﻴّﺪي ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﺠﻮد ﻟﻪ ،اﻟﺒﺮﻳﺌﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﻧﺲ ،إﻧّﻲ أﺳﺠﺪ أﻣﺎم ﻋﺮش ﻣﺠﺪك ﻷﺿﺤّﻲ ﺑﺬاﺗﻲ وأآﺮّﺳﻬﺎ ﻣﻊ آﻞّ ﻣﺎ أﻣﻠﻜﻪ ﻟﻘﻠﺒﻚ اﻟﻮاﻟﺪيّ .وإﻧّﻲ أﻋﺘﺮف ﺑﺬﻟﻚ ﺟﻬﺎرًا أﻣﺎم اﻟﺴﻤﺎء واﻷرض :أرﻳﺪ أن أآﻮن ﺧﺎﺻّﺘﻚ ...ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة ،وﻓﻲ اﻟﻤﻤﺎت ،وﻓﻲ اﻷﺑﺪﻳّﺔ.
34
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ
ﻣﺮﻳﻢ ﻣﺤﺎﻣﻴﺘﻨﺎ اﻟﻨﻔﺲ :أﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﻄﺎع ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،أن ﺗﺤﺒّﻴﻨﻲ؟ ﻓﻘﺪ ﺖ ﺧﻄﺎﻳﺎ آﺜﻴﺮة! اﻗﺘﺮﻓ ُ ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ أﻧﺎ ﻣﺤﺎﻣﻴﺘﻚ. ﺔ ﺧﻄﺎﻳﺎك إﻟﻰ أن ﺗُﺮﺗﺎﺑﻲ ﻓﻲ ﺟﻮدﺗﻲ، وإذا اﺗّﺼﻠﺖ ﺟﺴﺎﻣ ُ ﻓﺎﻋﻠﻤﻲ أﻧّﻪ ﻣﺎ ﻣﻦ ﻟﻘﺐٍ ،ﺑﻌﺪ ﻟﻘﺐ أمّ اﷲ ،أُﺳﺮّ ﺑﻪ ﺳﺮورًا أﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﻟﻘﺐ ﻣﺤﺎﻣﻴﺔ اﻟﺨﻄﺄة. ﺔ اﻟﻘﺪرة ﻋﻨﺪ إنّ اﺑﻨﻲ هﻮ آﻠّﻲّ اﻟﻘﺪرة ﻋﻨﺪ أﺑﻴﻪ ،وأﻧﺎ آﻠﻴّ ُ اﺑﻨﻲ ،وﻻ أﻧﻔﻚﱡ أﺑﺎﺣﺚ هﺬا وذاك ﻓﻲ أﻣﺮ ﺧﻼﺻِﻚ اﻟﺨﻄﻴﺮ. ع وﻻ رﻳﺐ ،أﻧّﻪ ﻟﻴﺲ إﻻّ وﺳﻴﻂٌ ﺑﻴﻦ اﷲ واﻟﺒﺸﺮ :وهﻮ ﻳﺴﻮ ُ اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﻘﻮّة اﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺗﻪ اﻟﺸﺨﺼﻴّﺔ ،أن ﻳﻠﺘﻤﺲ ﻟﻚِ اﻟﻤﻐﻔﺮة واﻟﻨﻌﻤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ. وﻟﻜﻦ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ هﻮ إﻟﻪ ،واﻟﻌﻈﻤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ اﻟﻤﺴﺘﻘﺮّة ﻓﻴﻪ ،ﺗُﻠﻘﻲ اﻟﺮﻋﺐ ﻓﻲ ﻗﻠﻮب اﻟﺒﺸﺮ .ﻓﻠﺰم إذًا أن ﻳﻜﻮن ﻟﻚ ﻣﺤﺎﻣﻴﺔٌ أﺧﺮى ﺗﻠﺠﺌﻴﻦ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺄﻗﻞّ ﺧﻮفٍ وﺑﺄآﺜﺮ ﺛﻘﺔٍ .وأﻧﺎ هﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺤﺎﻣﻴﺔ. اﺳﻤﻌﻲ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟُﻪ ﻟﻚ ﺧﺎدﻣﻲ اﻷﻣﻴﻦ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺑﺮﻧﺮدوس: ﻪ "إﻧّﻬﺎ ﻹهﺎﻧﺔٌ آﺒﺮى ﻳﻮﺟّﻬﻬﺎ إﻟﻰ ﺟﻮدة ﻣﺮﻳﻢ ﻣَﻦ ﻳﻤﻨﻌ ُ اﻟﺨﻮف ﻋﻦ أن ﻳﻨﻄﺮح ﻋﻠﻰ أﻗﺪام هﺬﻩ اﻟﻤﺤﺎﻣﻴﺔ اﻟﻤﻤﺘﻠﺌﺔ رأﻓ ً ﺔ! ﻟﻤﺎذا ﻳﺨﺎف ﺷﻘﺎؤﻧﺎ أن ﻳﻠﺘﺠﺊ إﻟﻰ ﻣﺮﻳﻢ؟ وهﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻣﻦ اﻟﻘﺴﺎوة واﻹرهﺎب ،ﺑﻞ هﻲ ذات اﻟﺒﺸﺎﺷﺔ، واﻟﺠﻮدة ،واﻟﻮداﻋﺔ .ﺧﺬ اﻹﻧﺠﻴﻞ وﺗﺼﻔّﺤﻪ ﺻﻔﺤﺔً ﺻﻔﺤﺔً ﻓﺈذا وﺟﺪت ﻋﺒﺎرةً واﺣﺪة ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺮﻳﻢ أﻧّﻬﺎ ﻗﻠﻴﻠﺔ اﻟﻌﻄﻒ ﻋﻠﻰ أﺣﺪٍ ،ﻓﺎﺧﺶَ ﺣﻴﻨﺌﺬٍ اﻻﻟﺘﺠﺎء إﻟﻴﻬﺎ". أﻣّﺎ هﺬﻩ اﻟﻌﺒﺎرة ،ﻓﺈﻧّﻚ ﻟﻦ ﺗﺠﺪﻳﻬﺎ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﻓﺎﺳﺮﻋﻲ إذًا إﻟﻲّ ﻣﻦ آﻞّ ﻗﻠﺒﻚِ ﺗﺠﺪي اﻟﺨﻼص.
35
اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ أمﱠ رﺑّﻲ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ واﻟﻤﻤﺠّﺪة ،إﻧّﻨﻲ أﻟﺘﺠﺊ إﻟﻴﻚ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻌﻴﺴﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺘﻨﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺧﻄﺎﻳﺎي .إنّ ﺛﻘﺘﻲ ﻻ ﺣﺪﱠ ﻟﻬﺎ وإذا ﻃﺮدﺗﻨﻲ أﻧﺖِ ،ﻻ ﺗﻨﺴﻲ ،أﻧّﻚ ﻣﻠﺘﺰﻣﺔٌ ﻧﻮﻋًﺎ إﻏﺎﺛﺘﻲ. أﻧﺖِ هﻲ اﻟﺘﻲ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻣﺎ ﻋﺮﻓﺖ اﻟﺮﻓﺾ ﻗﻂ. أﻧﺖِ ﻣﺎ ﻣﻨﻌﺖِ رﺣﻤﺘﻚ ﻋﻦ أﺣﺪٍ ،وﻻ ﻃﺮد ﺣﻨﺎﻧﻚ ﻣَﻦ اﺳﺘﻐﺎث ﺑﻚ. أﻋَﺒﺜًﺎ ﺗﺪﻋﻮك اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻣﺤﺎﻣﻴﺘﻬﺎ وﻣﻠﺠﺄ اﻟﺘﻌﺴﺎء! ﻣﻌﺎذ اﷲ ،ﻳﺎ أﻣّﻲ ،إنّ آﺜﺮة ﺧﻄﺎﻳﺎي ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻘﻒ ﺑﻮﺟﻪ اﻟﺮﺣﻤﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ اﺗﺼﻔﺖِ ﺑﻬﺎ ،وﺟﻌﻠﺘﻚ ﻣﺤﺎﻣﻴﺔً ووﺳﻴﻄﺔ اﻟﺴﻼم ﺑﻴﻦ اﷲ واﻟﺒﺸﺮ! أﻟﺴﺖِ أﻧﺖِ ،ﺑﻌﺪ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ،رﺟﺎءﻧﺎ اﻟﻮﺣﻴﺪ وﻣﻠﺠﺄ اﻟﺘﻌﺴﺎء اﻟﺤﺼﻴﻦ؟ ﻓﺴﺒﺐ آﻞّ ﻣﺎ ﻓﻴﻚِ ﻣﻦ ﻧﻌﻤﺔٍ ،وﻣﻦ ﻣﺠﺪٍ ،ﺣﺘّﻰ ﻟﻮ ﺟﺎز ﻟﻨﺎ أن ﻧﻘﻮل ،إنّ ﺳﺒﺐ ﺻﻴﺮورﺗﻚ أﻣًّﺎ ﷲ ،هﻢ اﻟﺨﻄﺄة ،ﻷنّ آﻠﻤﺔ وآﻴﻒ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﷲ ﺷﺎء أن ﻳﻮﻟﺪ ﻣﻨﻚ ﻷﺟﻞ ﺣﺒّﻪ ﻟﻬﻢ. أﻣّﻨﺎ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ،أن ﺗﻔﻜّﺮ ﻓﻲ أن ﺗﺮﻓﺾ رأﻓﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﺎﻃﺊ واﺣﺪ ﻳﻀﺮع إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻌﺪ أن أﻋﻄﺖ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻨﺒﻮع اﻟﺮﺣﻤﺔ؟ إذن ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﺑﻤﺎ أنّ وﻇﻴﻔﺘﻚ أن ﺗﻮﻃّﺪي اﻟﺴﻼم ﺑﻴﻦ اﷲ واﻟﻨﺎس ،ﻓﺎرﺣﻤﻴﻨﻲ ﺑﺤﻖّ اﻟﺮأﻓﺔ اﻟﻤﺨﺘﺼّﺔ ﺑﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻮق ﺗﺼ ّﻮرًا ﻻ ﺣﺪﱠ ﻟﻪ ،ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺂﺛﻤﻲ وزﻻﺗﻲ.
36
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﺸﺮ ﻣﺮﻳﻢ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺮﺣﻤﺔ
م م ﻋﻠﻴﻚ ،ﻳﺎ أﺷﺮف اﻟﻤﻠﻜﺎت! اﻟﺴﻼ ُ اﻟﻨﻔﺲ :اﻟﺴﻼ ُ م ﻋﻠﻴﻚِ ،ﻳﺎ زﻧﺒﻘﺔ اﻟﻌﺬارى! ﻋﻠﻴﻚ ،ﻳﺎ وردة اﻟﺸﻬﺪاء اﻟﺒﻜﺮ! اﻟﺴﻼ ُ ﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﺑﻦ اﷲ، ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﻓﻲ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺒﻠ ُ ﺖ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﻟﺠﺎن ﻣﻠﻚ اﻟﻌﺎﻟﻢ .ﻓﺈن آﺎن اﺑﻨﻲ ﻣَﻠﻜًﺎ ،ﻓﻜﻴﻒ ﻗﺒﻀ ُ ﻻ أآﻮن أﻧﺎ ﻣﻠﻜﺔ؟ ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳُﺨﻴﻔﻨّﻚ هﺬا اﻟﻠﻘﺐ .آﻼ! ﻻ ﺗﺠﺰﻋﻲ ﻣﻦ ﺷﻲء، ت وداﻋﺔ وﺣﻨﻮًّا ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻄﺄة ﻓﻜﻠّﻤﺎ ازدادت رﺗﺒﺘﻲ ارﺗﻔﺎﻋًﺎ ،ازدد ُ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻳﺪون اﻻهﺘﺪاء. إنّ ﻣﻠﻮك اﻷرض ﺑﻤﺎ ﻳُﻈﻬﺮون ﻣﻦ اﻟﻌﻈﻤﺔ ﻳﺠﻌﻠﻮن اﻟﺪﻧﻮﱠ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺨﻴﻔًﺎ .ﻋﻠﻰ أﻧّﻪ أيّ ﺧﻮفٍ ﻳﻜﻮن ﻹﻧﺴﺎن ﺣﻘﻴﺮ ﺑﺎﻣﺘﺜﺎﻟﻪ أﻣﺎم ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺮﺣﻤﺔ ،وﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻣﻨﻈﺮهﺎ ﺷﻲءٌ ﻣﻦ اﻟﺸﺪّة أو اﻹرهﺎب .ﺑﻞ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﺗﺘﻸﻷ ﺑﻜﻞّ ﻣﻨﺎﻇﺮ اﻟﺮأﻓﺔ واﻟﻌﺬوﺑﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﺠﻤﻴﻊ؟ ﻓﻌﻨّﻲ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﺗﻨﺒّﺄ اﻟﻤﻠﻚ داود إذ ﻗﺎل ﻓﻲ ﻣﺰاﻣﻴﺮﻩ" :ﻗﺪ ﻣﺴﺤﻚِ اﻟﺮبّ ﺑﺰﻳﺖ اﻟﻔﺮح" .ﻣﺴﺤﺔً ﻣﻘﺪّﺳﺔ ﻗﺒﻠﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﻳﺪﻳﻪ، ﺗﻌﺰﻳﺔً ﻷﺑﻨﺎء ﺁدم اﻟﺘﻌﺴﺎء ،ﻟﻴﺴﺘﻄﻴﻌﻮا أن ﻳﺒﺘﻬﺠﻮا إذ ﻳﻔﻜّﺮون ،أنّ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ،ﻣﻠﻜﺔً ﺷﻔﻴﻘﺔً رؤوﻓًﺎ ﺗﺴﻬﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ وﺗﻈﻠّﻠﻬﻢ ﺑﺤﻤﺎﻳﺘﻬﺎ. اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،أﻧﺖ ﻣﻠﻜﺔٌ ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻠﻚ اﺑﻨﻚ .إﻧّﻲ أُﺣﻴّﻴﻚ، ﻳﺎ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ! وأﺗﻘﺪّم إﻟﻴﻚ آﻤﺴﺘﻌﻄﻴﺔ أﻣﺎم أﻋﻈﻢ اﻟﺴﻴّﺪات. ﻓﻤﻦ أﻋﻠﻰ ﻣﻨﺒﺮ اﻟﻤﺠﺪ هﺬا ﺣﻴﺚ أﻧﺖِ ﺟﺎﻟﺴﺔٌ ،ﻻ ﺗﺄﻧﻔﻲ ﺑﺄن ﺗﺘﻨﺎزﻟﻲ ﻓﺘﻨﻈﺮي ﻧﻔﺴًﺎ ﺧﺎﻃﺌﺔ .آﻴﻒ ﺗﺴﺘﻄﻴﻌﻴﻦ أن ﺗﻨﻜﺮي ﻋﻠﻲّ اﻟﻌﻮن ،وأﻧﺖ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺮﺣﻤﺔ؟ وﻣﻦ ﺗﺠﺪر ﺑﻪ اﻟﺮﺣﻤﺔ ،ﻏﻴﺮ اﻷﺷﻘﻴﺎء؟
37
ﺔ اﻟﺴﻤﺎء واﻷرض ،إذًا ﻣﻠﻜﺘﻲ .ﻏﻴﺮ أﻧّﻲ أرﻳﺪ أن أﻧﺖِ ﻣﻠﻜ ُ أآﺮّس ﻧﻔﺴﻲ ﺗﻜﺮﻳﺴًﺎ ﺧﺎﺻًّﺎ ﻟﺨﺪﻣﺘﻚ .ﻓﻴﺒﺠّﻠﻚ ﻋﻘﻠﻲ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ، آﻤﺎ ﺗﺴﺘﺄهﻠﻴﻦ ،وﻟﻴﺤّﺒﻚِ ﻗﻠﺒﻲ ،آﻤﺎ ﻳﺤﻖّ ﻟﻚ ،وﻟﺘﻠﺘﻬﺐ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﻨﺎر ﻣﺤﺒّﺘﻚ ،ﻷنّ ﺑﻬﺬا ﻓﺎﺋﺪﺗﻬﺎ اﻷﺑﺪﻳّﺔ ،وﻟﻴﺨﺪﻣﻚ ﺟﺴﺪي آﻤﺎ هﻮ واﺟﺐٌ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻟﺘﻔﻦَ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺘﻚ ،ﻷﺳﺘﻄﻴﻊ ﺑﺠﻤﻠﺘﻲ أن أﻧﺸﺪ ﻣﺠﺪك إﻟﻰ اﻷﺑﺪ. ﻓﺎﻓﻌﻠﻲ ﺑﻲ ،ﻳﺎ ﻣﻠﻜﺘﻲ ،آﻤﺎ ﺗﺸﺎﺋﻴﻦ .ﺳﺪّدي ﺧﻄﻮاﺗﻲ، ﻓﺈﻧّﻲ ﻣﺴﺘﺴﻠﻤﺔٌ ﻟﻚِ ﺑﻜﻠّﻴﺘﻲ ،وﻻ ﺗﺪﻋﻴﻨﻲ أن أﺳﺘﺮﺳﻞ ﻟﻬﻮى ت ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺼﻴﺎن ﻋﻠﻴﻚ :ﻓﺈنّ ﻧﻔﺴﻲ .اﻗﺘﺼّﻲ ﻣﻨّﻲ إذًا ﺗﺠﺮأ ُ اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﻳﺪكِ ﻋﺬﺑﺔٌ ﻟﺪيّ. ﻻ ،ﻻ أرﻳﺪ أن أآﻮن ﻟﻨﻔﺴﻲ ،ﺑﻞ ﻟﻚِ ،ﻳﺎ ﻣﻠﻜﺘﻲ اﻟﻮدﻳﻌﺔ ،وإذ ذاك ﻳﻌﻨﻴﻚ أن ﺗﺨﻠّﺼﻴﻨﻲ. ﻪ ﻟﻠﻘﺪّﻳﺴﺔ ﺑﺮﻳﺠﻴﺘﺎ أﻗﻮﻟﻪ ﻟﻚ: ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إنّ ﻣﺎ ﻗﻠﺘ ُ ب ح اﻷﺑﺮار واﻟﺒﺎ ُ ﺔ اﻟﺴﻤﺎء وُأمﱡ اﻟﺮﺣﻤﺔ .أﻧﺎ ﻓﺮ ُ "أﻧﺎ هﻲ ﻣﻠﻜ ُ اﻟﻤﻔﺘﻮح ﻟﻠﺨﻄﺄة ﻟﻴﺼﻠﻮا إﻟﻰ اﷲ وﻣﻬﻤﺎ ﺗﻌﺎﻇﻤﺖ ﻟﻌﻨﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺴﺒﺐ ﺧﻄﺎﻳﺎﻩ ،ﻻ ﻳﻔﻘﺪ ﺣﺼّﺘﻪ ﻣﻦ رﺣﻤﺘﻲ ،ﻷنّ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ أﺣﺪٍ ﻏﻴﺮ ﻣﺪﻳﻦٍ ﻟﻲ ،أﻗﻠّﻪ ﺑﺘﺨﻔﻴﻔﻲ ﺗﺠﺎرب إﺑﻠﻴﺲ ﻋﻨﻪ. وﻣﺎ داﻣﺖ اﻟﻠﻌﻨﺔ ﻟﻢ ﺗﺒﻠﻎ ﺣﺪّهﺎ اﻷﻗﺼﻰ ،أي ﻣﺎ دام اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻢ ﻳﻘﻊ ﺗﺤﺖ اﻟﻠﻌﻨﺔ اﻟﻘﺎﺿﻴﺔ اﻟﻤﺒﺮﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺪﱡهﺎ اﷲ ﻟﻠﻬﺎﻟﻜﻴﻦ، ﻓﺈﻟﻰ ذاك اﻟﻮﻗﺖ ﻻ ﻳﺮذل اﷲ إﻧﺴﺎﻧًﺎ إﻟﻰ ﺣﺪﱟ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﻮدة إﻟﻴﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ واﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻌﻤﺔ واﻟﺮﺣﻤﺔ ،ﺑﺸﺮط أن ﻳﺪﻋﻮﻧﻲ إﻟﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻪ". م اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻴﻚ ،أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻤﻠﻜﺔ ،أمّ اﻟﺮﺣﻤﺔ واﻟﺮأﻓﺔ ،اﻟﺴﻼ ُ ﻋﻠﻴﻚ ﻳﺎ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ،وﻟﺬّﺗﻨﺎ ورﺟﺎءﻧﺎ! إﻟﻴﻚ ﻧﺼﺮخُ ،ﻧﺤﻦ اﻟﻤﻨﻔﻴّﻴﻦ أوﻻد ﺣﻮّاء اﻟﺘﻌﺴﺎء ،وﻧﺘﻨﻬّﺪ ﻧﺤﻮك ﻧﺎﺋﺤﻴﻦ ﺑﺎآﻴﻦ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻮادي وادي اﻟﺪﻣﻮع. ﺁﻩ ،ﻓﺒﺤﻘّﻚ ،ﻳﺎ ﻣﺤﺎﻣﻴﺘﻨﺎ ،اﻧﻌﻄﻔﻲ ﺑﻨﻈﺮكِ اﻟﺮؤوف ﻧﺤﻮﻧﺎ ،وﺑﻌﺪ هﺬا اﻟﻤﻨﻔﻰ أرﻳﻨﺎ ﻳﺴﻮع ﺛﻤﺮة ﺑﻄﻨﻚ اﻟﻤﺒﺎرآﺔ. ﻳﺎ ﺷﻔﻴﻘﺔ ،ﻳﺎ رؤوف ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﺒﺘﻮل ،اﻟﺤﻠﻮة اﻟﻠﺬﻳﺬة!
38
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ ﻣﺮﻳﻢ ﻋﻨﺪ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻮﺗﻨﺎ
اﻟﻨﻔﺲ :إﻧّﻬﺎ ﻟﺮﺑﻤﺎ ﻗﺮﻳﺒﺔٌ ﺳﺎﻋﺔ إﻧﻔﺼﺎل ﻧﻔﺴﻲ ﻋﻦ ﺟﺴﺪي. وﻟﻴﺲ اﻟﻤﻮت ﻳﺮﻋﺪ ﻓﺮاﺋﺼﻲ ،ﺑﻞ اﻟﺪﻳﻨﻮﻧﺔ. ﻓﻤﺬ ﻳﺨﺮج ﺁﺧﺮ ﻧَﻔﺲٍ ﻳﻨﺘﺼﺐ اﻟﻤﻨﺒﺮ ،وﻳﻈﻬﺮ اﻟﺪﻳّﺎن، وﺗﻨﻜﺸﻒ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺑﺘﻤﺎﻣﻬﺎ .وﺳﺄُﺟﺒ ُﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﺄدﻳﺔ اﻟﺤﺴﺎب ﻋﻦ آﻞّ ﺷﻲء ﺣﺘّﻰ ﻋﻦ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﺒﻄّﺎﻟﺔ .ﻓﺎﻟﺒﺎر ﻧﻔﺴﻪ ﻻ ﻳﺘﺠﺮّأ ل أﻧﺎ اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ وﻣﺎ ﻋﻠﻰ أن ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻌﻈﻴﻢ .ﻓﻤﺎذا أﻗﻮ ُ ﺗﻜﻮن ﺣﺎﻟﺘﻲ ،وإﻟﻰ أﻳﻦ أذهﺐ؟ ﻣﺮﻳﻢ :إﻋﻠﻤﻲ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إﻧّﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻷﺧﻴﺮة ،ﻻ ﺧﺪَﻣﺘﻲ اﻷﻣﻨﺎء. أﻓﺎرق َ ع إﻟﻴﻬﻢ ،أﻧﺎ ﻣﻠﻜﺘﻬﻢ ووﻗﺖ ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻋﻠﻰ ﺷﻔﻴﺮ اﻟﻤﻮت أُﺳﺮ ُ وأﻣّﻬﻢ اﻟﺸﻔﻴﻘﺔ ﻷﻗﻮّﻳﻬﻢ وأﻋﺰّﻳﻬﻢ. أﻧﺎ اﻟﺘﻲ أﺣﻀﺮ ﻓﺄﻗﺘﺒﻠﻚِ ﻋﻠﻰ ﻋﺘﺒﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ .ﻓﻠﻤﺎذا ﺗﺨﺎﻓﻴﻦ؟ ﺖ أﻧﺎ ﻣﻌﻚِ ﻓﻤﻦ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻚِ؟ وإذا آﻨ ُ إﻧّﻚ ﺗﻘﻮﻟﻴﻦ ﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎر ﻣﺮّات آﺜﻴﺮة" :ﻳﺎ ﻗﺪّﻳﺴﺔ ﻣﺮﻳﻢ، ﻳﺎ واﻟﺪة اﷲ ،ﺻﻠّﻲ ﻷﺟﻠﻨﺎ ،ﻧﺤﻦ اﻟﺨﻄﺄة ،اﻵن وﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻮﺗﻨﺎ" .ﻓﻜﻴﻒ ﻻ ﺗُﺴﺘﺠﺎب ﺻﻼةٌ آﻬﺬﻩ؟ اﻟﻨﻔﺲُ :أﻣّﺎﻩُ ،إﻧّﻲ أﻋﻠﻢ :ﻻ ﻳﺤﺰن ﻣﺤﺒّﻮكِ ﻣﻦ اﻟﻤﻮت. ﻓﻘﺪ هﺘﻒ ﺑﻲ أﺣﺪ ﺧﺪّاﻣﻚ اﻷﻣﻨﺎء ﻋﻨﺪ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻮﺗﻪ ﻗﺎﺋﻼً" :ﻣﺎ ﺖ أﻋﻠﻢ أنّ ﻟﻠﻤﻮت ﻋﺬوﺑﺔً آﻬﺬﻩ" .وإﺣﺪى ﺑﻨﺎﺗﻚ آﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮل آﻨ ُ ﺖ أﻣﻮتُ ،ﺑﻞ أﻧﺎ ذاهﺒﺔٌ إﻟﻰ ﺿﺎﺣﻜﺔُ" :أﻣّﻲ ،ﻻ ﺗﺒﻜﻲ ،ﻓﻠﺴ ُ اﻟﺴﻤﺎء" .وأﺧﺮى آﺎﻧﺖ ﺗﺮدّد اﺳﻤﻚ ﺑﺜﻘﺔ ﺑﻨﻮﻳّﺔ :ﻻ أﺧﺎف أن ﻻ أذهﺐ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ،ﻓﺈنّ أﻣّﻲ هﻨﺎك .وهﻲ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺳﻌﻴﺪة ﺑﺪوﻧﻲ!".
39
ﺁﻩ! ﺣﺒّﺬا أن أﺷﻌﺮ ﺑﻤﺜﻞ هﺬﻩ اﻟﻌﻮاﻃﻒ اﻟﺮﻗﻴﻘﺔ! وﻟﻜﻦ آﻴﻒ ﻳﻜﻮن ﻣﻮﺗﻲ ،أﻧﺎ اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ اﻟﻤﺴﻜﻴﻨﺔ؟ ﻓﻴﺎ ﻣﻌﺰّﻳﺔ اﻟﺤﺰاﻧﻰ ﻋﺰّي ﻧﻔﺴًﺎ ﺗﻠﺠﺄ إﻟﻴﻚ ﻓﻲ ﺷﺪّﺗﻬﺎ .ﻓﺈنّ ﻧﺨﺲ ﺿﻤﻴﺮي اﻟﻤﺜﻘﱠﻞ ﺖ آﻤﺎ ﻳﺠﺐ ﺖ ﺗﺒ ُ ﺑﺎﻟﺨﻄﺎﻳﺎ ﻳﻤﺰّق أﺣﺸﺎﺋﻲ .إﻧﻲ أﺟﻬﻞ إذا آﻨ ُ ﻞ أﻋﻤﺎﻟﻲ ﺗﺒﻴّﻦ ﻟﻲ ﻣﻠﻄّﺨﺔ وﻏﻴﺮ آﺎﻣﻠﺔ، ﻋﻠﻲّ ،ﻷنّ آ ّ واﻟﺸﻴﻄﺎن ﺣﺎﺿﺮٌ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻣﻮﺗﻲ ﻟﻴﺸﻜﻮﻧﻲ ،واﻟﻌﺪل اﻹﻟﻬﻲّ اﻟﺬي ﻃﺎﻟﻤﺎ أهﻨﺘﻪ ﻳﻄﺎﻟﺒﻨﻲ أﻳﻀًﺎ ﺑﺎﻟﻜﻔّﺎرة. أﻣّﺎﻩ ،آﻴﻒ ﺗﻜﻮن ﺣﺎﻟﺘﻲ؟ إذا ﻟﻢ ﺗﺄﺗﻲ ﻟﻤﻌﻮﻧﺘﻲ ﻓﺈﻧّﻲ هﺎﻟﻜﺔٌ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ .ﺁﻩ! ﺗﻜﻠّﻤﻲ ،ﻗﻮﻟﻲ ،أﺗﺮﻳﺪﻳﻦ ﺧﻼﺻﻲ؟ أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﺮﺣﻮﻣﺔ ،ﻋﺰّﻳﻨﻲ واﻟﺘﻤﺴﻲ ﻟﻲ ﺗﻮﺑﺔً ﺣﻘﻴﻘﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺎﻳﺎي ،وﻗﻮّةً ﺗﻬﺪﻳﻨﻲ إﻟﻰ اﷲ ﻓﺄآﻮن ﻟﻪ ﻣﻄﻴﻌﺔً آﻞّ أﻳّﺎم ﺣﻴﺎﺗﻲ .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺪهﻤﻨﻲ ﺣﺸﺮﺟﺔ اﻟﻤﻮت اﻟﻤﺮّ ،ﻓﻼ ﺗﺘﺮآﻴﻨﻲ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ رﺟﺎﺋﻲ ،ﺑﻞ اﺣﻀﺮي أآﺜﺮ ﻣﻦ آﻞّ وﻗﺖ، وﻗﻮﻳّﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﺄس ﺣﻴﺚ ﺗﻄﺮﺣﻨﻲ ﺧﻄﺎﻳﺎي اﻟﺘﻲ ﺳﻴﻀﻌﻬﺎ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻧﺼﺐ ﻋﻴﻨﻲ. ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﺳﺎﻣﺤﻴﻨﻲ ﻋﻠﻰ هﺬﻩ اﻟﺠﺮأة ،ﺗﻌﺎﻟﻲ ﺑﻨﻔﺴﻚ وﻋﺰّﻳﻨﻲ ﺑﺤﻀﻮرك .ﺗﻠﻚ ﻧﻌﻤﺔٌ ﺟُﺪتِ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ آﺜﻴﺮﻳﻦ ،وأﻧﺎ أﻃﻠﺒﻬﺎ أﻳﻀًﺎ .إنّ ﺟﺮأﺗﻲ ﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ،وﻟﻜﻦّ ﺟﻮدﺗﻚ أﻋﻈﻢ. آﻮﻧﻲ إذن ﻣﻤﺠّﺪة ﻣﺪى اﻷﺑﺪﻳّﺔ ،ﻷﻧّﻚ ﺧﻠّﺼﺖِ ﻣﻦ اﻟﺠﺤﻴﻢ ﻧﻔﺴًﺎ هﺎﻟﻜﺔً وﺻﻌﺪتِ ﺑﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﻤﻠﻜﺘﻚ ،ﺣﻴﺚ أﺗﺮﺟّﻰ أﻧﺎ أﻳﻀًﺎ، أن أﺗﻤﺘّﻊ ﺑﺤﻆّ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪ ﻗﺪﻣﻴﻚ ﻷﺷﻜﺮكِ ،وأﺑﺎرآﻚِ وأﺣﺒّﻚ ﻣﺪى اﻷﺑﺪﻳّﺔ. ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻳﺎ أمّ اﻟﻨﻌﻤﺔ ،واﻟﺸﻔﻘﺔ ،ﻣﻦ اﻟﻌﺪو اﺣﻤﻴﻨﻲ ،وﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻮﺗﻲ اﻗﺒﻠﻴﻨﻲ .ﺁﻣﻴﻦ.
40
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎدس ﻋﺸﺮ ﻣﺮﻳﻢ ﺳﻴّﺪة اﻟﻤﻄﻬﺮ
اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻟﻲ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻲ؟ ﻣﻦ ﻳﺴﻠّﻴﻨﻲ ﺖ إﻟﻰ اﻟﻤﻄﻬﺮ؟ إذا ذهﺒ ُ ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إﻧّﻲ أﺳﻮ ُد آﻤﻠﻜﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻄﻬﺮ .ﻣﺎ أﺳﻌﺪ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺮّﻣﻨﻲ! ﻓﻠﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺗﺮاﻓﻘﻬﺎ ﺣﻤﺎﻳﺘﻲ ﻣﺪّة ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرض ،ﺑﻞ إﻟﻰ ﻣﺎ وراء اﻟﻘﺒﺮ ،ﺣﺘّﻰ إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﺴﺠﻦ ﺣﻴﺚ ﻳُﻤﺤﱢﺼﻬﺎ اﻟﻌﺪل اﻹﻟﻬﻲّ. ﺑﻤﻘﺪار ﻣﺎ ﺗﺴﺘﺤﻖّ اﻟﺸﻔﻘﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺴﻌﻒ ذاﺗﻬﺎ ﺑﻤﻘﺪار ذﻟﻚ أزداد ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻄﻔًﺎ وﺑﻬﺎ ﻋﻨﺎﻳﺔً. إﻧّﻲ أمّ آﻞّ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﺬّب ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،ﻷنّ آﻞّ اﻟﻌﺬاﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎﺳﻴﻬﺎ ﻓﻴﻪ ﻟﺘﺮﺿﻲ اﻟﻌﺪل اﻹﻟﻬﻲّ ﺗﺨﻔّﻔﻬﺎ ﺷﻔﺎﻋﺘﻲ آﻞّ ﺳﺎﻋﺔ. ﻓﻜﻤﺎ أنّ اﻟﻤﺮﻳﺾ اﻟﺒﺎﺋﺲ ،اﻟﻤﺜﻘﱠﻞ ﺑﺎﻷﺣﺰان ،واﻟـﻤُﻬﻤَﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻳﺮ اﻷوﺟﺎع ﻳﺸﻌ ُﺮ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻧﺘﻌﺎش ﻟﺪى ﺳﻤﺎﻋِﻪ آﻠﻤﺔ ﺗﻌﺰﻳﺔٍ ،هﻜﺬا ﺗﺘﻌﺰّى اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻟﺪى ﺳﻤﺎﻋﻬﺎ إﺳﻤﻲ. إﻧّﻲ أﻗﺪّم ﷲ ﺻﻠﻮاﺗﻲ ﻋﻨﻬﺎ .وهﻲ آﺎﻟﻨﺪى ﻳﻨـﺰل ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻬﻴﺐ وﻳﺨﻤﺪ ﺣﺮارﺗﻪ. ﻗﻠﻴﻞٌ هﻮ أن أﺧﻔّﻒ ﻋﻦ أوﻻدي ،ﺑﻞ إﻧّﻲ أآﺴ ُﺮ أﻳﻀًﺎ ﻂ إﻟﻰ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،ﺗﺤﻴﻂ ﺑﻲ أﺟﻮاق ﺖ أهﺒ ُ ﻗﻴﻮدهﻢ .آﻢ ﻣﺮّة آﻨ ُ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ،ﻷﻧﻘﺬَ ﻣﻨﻪ اﻟﻤﻜﺮّﻣﻴﻦ ﻟﻲ! ﻟﻤﺎذا ﻻ ﺗﻌﻠّﻘﻴﻦ ﺁﻣﺎﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﺔ آﻬﺬﻩ ،ﺑﺸﺮط أن ﺗﻜﺮّﻣﻴﻨﻲ إآﺮاﻣًﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴًّﺎ؟ وﻓﻮق ذﻟﻚ ،إذا آﺮّﻣﺘﻨﻲ إآﺮاﻣﺎً ﺧﺎﺻًّﺎ، ﻟﻤﺎذ ﻻ ﺗﺘﺮﺟّﻴﻦ أن ﺗﺬهﺒﻲ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻚ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ﺗﻮًّا ،ﺑﺪون أن ﺗﻤﺮّي ﻓﻲ اﻟﻨﻴﺮان اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ؟
41
وأﺧﻴﺮًا إذا آﺎن ﻟﻚ رﻏﺒﺔٌ ﻓﻲ أن ﺗﻌﺰّي اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ، أﺑﺬﻟﻲ اﻟﺠﻬﺪ ﻓﻲ أن ﺗﻄﻠﺒﻲ ﺷﻔﺎﻋﺘﻲ ﻷﺟﻠﻬﺎ ،وﻻﺳﻴّﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﻼوﺗﻚ ﻷﺟﻠﻬﺎ اﻟﻤﺴﺒﺤﺔ اﻟﻮردﻳّﺔ. اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،إﻧّﻲ أﻋﻠﻢ أنّ اﺑﻨﻚِ اﻹﻟﻬﻲّ ﻳُﻠﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻢ أﻧّﻬﻢ اﻟﻤﻜﺮﻣﻴﻦ ﻟﻚِ ﻧﻈﺮة ﺣﻨﺎن وﺣﺐّ ﺧﺼﻮﺻﻲّ .وأﻋﻠ ُ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﻳﺘﻮﻗّﻌﻮا آﻞّ اﻟﻨﱢﻌﻢ ﻣﻦ ﺣﻤﺎﻳﺘﻚ ،وﻻﺳﻴّﻤﺎ ﻣﻐﻔﺮة ﺧﻄﺎﻳﺎهﻢ ،واﻟﺜﺒﺎت ﻓﻲ اﻟﺒﺮّ ،وﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻚ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻮت ،وأﺧﻴﺮًا اﻟﻨﺠﺎة ﻣﻦ ﻋﺬاﺑﺎت اﻟﻤﻄﻬﺮ ،أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞّ ،ﺗﻘﺼﻴﺮ اﻟﻤﺪّة ﻓﻴﻬﺎ. ﻓﺄﻧﺎ أﻳﻀًﺎ أﺗﻮﻗّﻊ آﻞﱠ هﺬﻩ اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ ،ﻣﻦ ﺟﻮدﺗﻚ ،ﻷﻧّﻲ أﺣﺒﱡﻚ ﻣﻦ آﻞّ ﻗﻠﺒﻲ ،وأﺣﺒّﻚ ﺑﻌﺪ اﷲ ،ﻓﻮق آﻞّ ﺷﻲء. ن اﻟﻤﻄﻬﺮ، ﻟﺘﻜﻦ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﻄﻬّﺮهﺎ ﻧﻴﺮا ُ ﻣﻮﺿﻮع ﺷﻔﻘﺘﻚِ! أﻧﺖ ﻳﻨﺒﻮعٌ داﺋﻢٌ ﻣﺘﻔﺠّﺮٌ ﻟﻤﺤﻮ اﻟﻬﻔﻮات ،أﻧﺖ ﻣُﺼﻠﺤﺔ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺛﻤﺔ وﻻ ﺗﻨﺒﺬﻳﻦ ﻣﻨﻬﻢ أﺣﺪًا :ﻓﺎﺑﺴﻄﻲ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻳﺪِك ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻮات اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺎﺳﻮن ﻣﺮّ اﻟﻌﺬاﺑﺎت! أﻳّﺘﻬﺎ اﻷمّ اﻟﺤﻨﻮن ،إﻟﻴﻚ ﻳﺘﻮق اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﻬﻤﻠﻮن ،وﻳﺮﻏﺒﻮن رﻏﺒﺔ ﺷﺪﻳﺪةً ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﻢ ﻟﻴﻨﻈﺮوك ،وﻳﺘﻠﺬّذوا ﻓﻲ اﻷﻓﺮاح اﻷﺑﺪﻳّﺔ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! أﻧﺖ ﻣﻔﺘﺎح داود اﻟﺬي ﻳﻔﺘﺢ اﻟﺴﻤﺎء ،أﺷﻔﻘﻲ ﻣﻦ ﻣﺴﻜﻦ ﺳﻌﺎدﺗﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺴﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻔﺘﺮﺳﻬﻢ اﻟﻌﺬاﺑﺎت اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ: أﻧﻘﺬﻳﻬﻢ ﻣﻦ أﺳﺮهﻢ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! ل اﻷﺑﺮار ،ودﺳﺘﻮ ُر اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ،وﺧﻼصٌ أآﻴﺪٌ ﻷوﻟﺌﻚ أﻧﺖِ ﻣﺜﺎ ُ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﺟﻮﻧﻚ .إﺑﺘﻬﻠﻲ ﺑﺤﺮارة ،وﺻﻠّﻲ إﻟﻰ اﺑﻨﻚِ ﻷﺟﻞ اﻷﻣﻮات، ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! ﻞ إﻟﻴﻚ ﻋﻨﻬﻢ ﺑﺎﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺗﻚ، أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﻤﺒﺎرآﺔ ،ﻧﺒﺘﻬ ُ هَﺒﻲ اﻷﻣﻮات اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴّﺔ ،واﺳﺄﻟﻲ ﻟﻬﻢ ﺗﺮك دﻳﻮﻧﻬﻢ، وآﻮﻧﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺻﻠﻬﻢ إﻟﻰ اﻟﺮاﺣﺔ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ!
42
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﺸﺮ
ﻣﺮﻳﻢ ﻣﺮﻋﺒﺔ اﻟﺠﺤﻴﻢ اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ أﻣّﻲ! إﻧّﻲ أﺧﺎف ...ﻣﺎ أﻗﻮى اﻟﺸﻴﻄﺎن ،وﻣﺎ أﺷﺪّ ﺿﻌﻔﻲ! ﺔ ﺔ اﻟﻤﺠﺪ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ،ﻣﻠﻜ ُ ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إﻧّﻲ ﻣﻠﻜ ُ ﺔ اﻻﻧﺘﺼﺎر ﻓﻲ اﻟﺠﺤﻴﻢ. اﻟﺮﺣﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻷرض ،ﻣﻠﻜ ُ ت ﻋﻠﻰ اﻷرواح اﻟﻤﺘﻤﺮّدة ،وهﺬا ﺖ اﻟﺠﺤﻴﻢ واﻧﺘﺼﺮ ُ ﻗﺪ ﻏﻠﺒ ُ اﻻﻧﺘﺼﺎر واﻟﻈﻔﺮ ﻗﺪ أﻧﺬر ﺑﻪ اﷲ ﻣﻨﺬ اﺑﺘﺪاء اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل ﻟﻠﺤﻴّﺔ" :إﻧّﻲ أﺟﻌﻞ ﻋﺪاوةً ﺷﺪﻳﺪةً ﺑﻴﻨﻚ وﺑﻴﻦ اﻟﻤﺮأة .وهﻲ ﺳﺘﺴﺤﻖ رأﺳﻚ". إنّ اﻟﻤﺘﺼﻠﱢﻒ ﻟﻮﺳﻴﻔﻮرس رأى ﻧﻔﺴﻪ ،وﻳﺎ ﻟﻠﺨﺠﻞ اﻟﻌﻈﻴﻢ، ﻣﺪوﺳًﺎ ﺑﺎﻷرﺟﻞ وﻗﺪ ﻋﺮّﺗﻪ اﻣﺮأة ﻣﻦ ﺳﻼﺣﻪ .وﺟﻨﺪﻟﻪ ﺗﻮاﺿﻌﻲ وﺣﻄّﻤﺘﻪ اﻟﻄﻬﺎرة اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ اﻟﻮﺻﻒ اﻟﺘﻲ ﺟﻤّﻞ اﷲ ﺑﻬﺎ ﻧﻔﺴﻲ: ﻓﺄﺿﺤﻰ ﻣﺮﻏﻤًﺎ ﻷن ﻳﺨﻀﻊ ﻷواﻣﺮي. ع ﻣﻨﻪ ،ﺑﺪون ﻓﺒﺼﻠﻮاﺗﻲ ،وﺑﺎﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺗﻲ ،وﺑﺄﻣﺜﻠﺘﻲ ،اﻧﺘـﺰ ُ اﻧﻘﻄﺎع ،اﻷﻧﻔﺲ وأردﱡهﺎ إﻟﻰ اﺑﻨﻲ اﻹﻟﻬﻲّ آﻤﺴﻠﻮﺑﺎتٍ ﺛﻤﻴﻨﺔ اﻏﺘﺼﺒﺘﻬﺎ اﻷﻋﺪاء. ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إذا ﻣﺎ هﺠﻢ ﻋﻠﻴﻚ اﻟﺜﻼّب ،أﺳﺮﻋﻲ إﻟﻲّ، وﺣﺪّﻗﻲ ﺑﻨﺎﻇﺮﻳﻚ ﺑﻲ ،وﺗﺸﺠّﻌﻲ ،ﻷنّ ﻣﻦ ﻳﺮاﻧﻲ ،أﻧﺎ ﻣﺤﺎﻣﻴﺘﻚ، ﻒ ﻳﺮى ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴِﻪ اﻟﻈﻔﺮ .أﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻋﻨّﻲ أﻧﻲ أُﺧﻴ ُ اﻷﺑﺎﻟﺲ آﺠﻴﺶ ﻣُﻬﻴّﺄ ﻟﻠﺤﺮب؟ ﺖ رﺟﺎﺋﻲ ﻋﻠﻴﻚ. اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ أمﱠ اﷲ ،ﻟﻦ أﺳﻘﻂ ،إذا أﻟﻘﻴ ُ ت ﺣﻤﺎﻳﺘﻚ ﻓﺒﻘﻮّة ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻚ أﺗﻌﻘّﺐ أﻋﺪاﺋﻲ .وإذا اﺗّﺨﺬ ُ وﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻚ اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ اﻟﻘﺪرة آﺪرعٍ ﻟﻲ ،ﻓﺈﻧّﻲ وﻻ رﻳﺐ ،أﻓﻮز ﺑﺎﻟﻈﻔﺮ .إﻧّﻨﻲ ﻻ أﺳﺘﻄﻴﻊ أن أﻧﺴﻰ أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﻤﺒﺎرآﺔ ،ﻣﺎ أوﺣﻴﺘﻪ إﻟﻰ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﺑﺮﻳﺠﻴﺘﺎ" :إنّ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻨﺤﻬﺎ اﷲ ﻟﻠﻌﺬراء اﻟﻤﺠﻴﺪة ﻋﻠﻰ آﻞّ اﻟﺠﺤﻴﻢ ،ﻋﻈﻴﻤﺔٌ ﺟﺪًّا ﺣﺘّﻰ أنّ اﻷﺑﺎﻟﺴﺔ وإن ﻋﻈﻢ ﺗﺠﻤﱡﻌﻬﻢ ،ﻻ ﻗﻮّة ﻟﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﻴﺪهﺎ
43
اﻟﻤﺜﺎﺑﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻻﻟﺘﺠﺎء إﻟﻴﻬﺎ .وﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،إنّ أدﻧﻰ إﺷﺎرة ﻣﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﺗﻜﻔﻲ ﻷن ﺗﻬﺰم اﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ﻣﺮﺗﻌﺸﻴﻦ ﻓﺮَﻗًﺎ .ﻷﻧّﻬﻢ ﻳﻔﻀّﻠﻮن أن ﻳﺤﺘﻤﻠﻮا آﻞﱠ ﻧﻮعٍ ﻣﻦ اﻟﻌﺬاﺑﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻋﻠﻰ أن ﻳﺨﻀﻌﻮا ﻟﺴﻠﻄﺘﻬﺎ" .ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،إنّ رﺟﺎﺋﻲ ﻓﻴﻚِ ﻳﺠﻌﻠﻨﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻐﻠﻮﺑﺔ. ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إنّ اﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ﻻ ﻳﺨﺎﻓﻮن ﻣﻦ ﺷﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ إﺳﻤﻲ وﺣﺪﻩ ﻳُﺬﻋﺮهﻢ. ﺁﻩ ﻟﻮ آﺎن اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﻮن ﻳﺴﺘﻐﻴﺜﻮن ﺑﺎﺳﻤﻲ ﺑﺜﻘﺔ ﻟﺪى ﺗﺠﺎرﺑﻬﻢ ،ﻟﻤﺎ آﺎﻧﻮا ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻳﺴﻘﻄﻮن أﺑﺪًا. إنّ اﻟﺨﻄﺄة اﻷآﺜﺮ ﺗﻮﻏّﻼً ﻓﻲ اﻟﺸﺮّ ،واﺑﺘﻌﺎدًا ﻋﻦ اﷲ، واﺳﺘﻌﺒﺎدًا ﻟﻠﺸﻴﻄﺎن ،ﻻ ﻳﻜﺎدون ﻳﺼﺮﺧﻮن :ﻣﺮﻳﻢ! ﻣﺮﻳﻢ! ﺑﻌﺰم ﺻﺎدق ﻋﻠﻰ اﻻرﺗﺪاد ﻋﻦ إﺛﻤﻬﻢ ،ﺣﺘّﻰ ﻳﻬﺮب أﻋﺪاؤهﻢ ﻣﺬﻋﻮرﻳﻦ ﻣﻦ هﺬا اﻻﺳﻢ اﻟﻜﻠّﻲ اﻟﻘﺪرة. وﻟﻜﻦ ،إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﻌﺰم ﺻﺎدﻗًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﻠﱡﺺ ﻣﻦ ﻗﻴﻮد اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﻣﻘﺮوﻧًﺎ ﺑﻨﺪاﻣﺔٍ ﺣﻘﻴﻘﻴّﺔ ،ﻳُﻌﻴﺪ اﻟﺸﻴﻄﺎن آﺮّة اﻟﻨـﺰال ،وﻻ ﻳﻌﺘّﻢ أن ﻳﺴﺘﻌﺒﺪهﻢ ﺛﺎﻧﻴﺔ. ﺖ ﻧﻔﺴﻲ ،ﺑﺈﺛﻤﻲ، اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻣﻠﺠﺈي! آﻢ ﻣﺮّة رأﻳ ُ أﺳﻴﺮة اﻟﺠﺤﻴﻢ! ﻓﻜﺴﺮتِ أﻏﻼﻟﻲ واﻧﺘـﺰﻋﺘﻨﻲ ﻣﻦ أﻳﺪي أﻋﺪاﺋﻲ اﻟﻤﺘﻌﺠﺮﻓﻴﻦ .ﻟﻜﻨّﻲ أﺧﺎف ﻣﻦ اﻟﺴﻘﻮط ﺛﺎﻧﻴﺔ ،ﻷﻧّﻲ أﻋﻠﻢ أنّ ﻏﻀﺒﻬﻢ ﻻ ﻳﺰال ﺛﺎﺋﺮًا ﻋﻠﻲّ ،وﻳﻌﻠّﻠﻮن ذواﺗﻬﻢ ﺑﺠﺬﺑﻲ إﻟﻰ ﻟﺠّﺘﻬﻢ. أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ،آﻮﻧﻲ درﻋﻲ وﻣﺤﺎﻣﻴﺘﻲ! ﻓﺈﻧّﻲ ﺑﻤﺴﺎﻋﺪﺗﻚ أﺗﺤﻘّﻖ اﻟﻈﻔﺮ .ﻟﻜﻦ اﺟﻌﻠﻴﻨﻲ ﻻ أﻧﺴﻰ أﺑﺪًا أن أﺳﺘﻨﺠﺪكِ إﺑّﺎن اﻟﺤﺮب ،وﻻﺳﻴّﻤﺎ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺤﺮب اﻷﺧﻴﺮة اﻷﺷﺪ هﻮﻻً ﻣﻦ آﻞّ اﻟﺤﺮوب اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻌﺪّ اﻟﺸﻴﻄﺎن أن ﻳﺆﺟّﺠﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻮﺗﻲ .ﺿﻌﻲ ،ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،اﺳﻤﻚ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺘﻲّ وﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ ،ﺣﺘّﻰ أﻣﻮت ﻗﺎﺋﻠﺔ" :ﻳﺎ ﻳﺴﻮع! ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ!" وأراﻧﻲ أﻣﺎم ﻗﺪﻣﻴﻚ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء .ﺁﻣﻴﻦ.
44
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ ﻣﺮﻳﻢ ﻣﻮزّﻋﺔ اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ
اﻟﻨﻔﺲ :أُﺣﻴّﻴﻚ ﻳﺎ زﻧﺒﻘﺔ ﺑﻴﻀﺎء ﻟﻠﺜﺎﻟﻮث اﻷﻗﺪس اﻟﻤﻤﺠﱠﺪ ﺑﺴﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﺪوام! أُﺣﻴّﻴﻚ ﻳﺎ وردة اﻟﻔﺮدوس اﻟﺴﺎﻃﻌﺔ! ﻳﺎ ﻣﻦ أراد ﻣﻠﻚ اﻟﺴﻤﺎوات أن ﻳﻮﻟﺪ ﻣﻨﻬﺎ وﻳﻐﺘﺬي ﺑﺤﻠﻴﺒﻬﺎ ،أروي ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ ﻣﻦ ﻓﻴﻀﺎن اﻟﻨﻌﻤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ! ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إنّ ﻳﺴﻮع ﻳﻨﺒﻮع اﻟﻨﱢﻌﻢ اﻟﻔﻴّﺎض اﻟﻤﻌﻄﻰ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ .ﻟﻜﻦّ هﺬا اﻟﻴﻨﺒﻮع ﻻ ﻳﺠﺮي ﺗﻮًّا إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺑﻞ إﻧّﻪ ﻳﻤﺮّ ﻓﻲّ .وأﻧﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺨﻠﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ اﺧﺘﺎرهﺎ اﷲ اﻻﺑﻦ ،ﺑﺎﺗﻔﺎق ﻣﻊ اﷲ اﻵب ،واﷲ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ،ﻟﻴﻨﺸﺮ آﻞﱠ ﺧﻴﺮات اﻟﺴﻤﺎء ﻋﻠﻰ اﻷرض. ﻧﻌﻢ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،آﻞﱡ ﺷﻲءٍ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﻳﺴﻮع ﻟﺴﻌﺎدة اﻟﺒﺸﺮ وﺗﻘﺪﻳﺴﻬﻢ ،ﻟﻜﻦ آﻞّ ﺷﻲء ﻳﻤﺮّ ﺑﻲ .إنّ ﻳﺴﻮع ﻻ ﻳﻤﻨﺢ إﻻّ ﻣﺎ أﻧﺎ أﻣﻨﺤﻪ .ﺣﺘّﻰ اﻧﻘﻀﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻻ ﻳﺒﺎرك وﻳﺨﻠّﺺ اﻟﺒﺸﺮ إﻻّ ﺑﻮاﺳﻄﺘﻲ. آﻤﺎ أنّ رﺿﻰ ﻳﺴﻮع آﺎن ﺿﺮورﻳًّﺎ ﻟﻴﺘﺄﻧّﺲ وﻳﺼﻴﺮ ﻣﺨﻠّﺼًﺎ، آﺬﻟﻚ ﻻ ﺑﺪّ ﻣﻦ رﺿﺎي ﻟﺠﻌﻞ اﻟﺒﺸﺮ أﺑﻨﺎءَ ﷲ وأﺧﻮةً ﻟﻠﻤﺨﻠّﺺ. ت رﺿﺎي ﻓﻲ اﻟﻨﺎﺻﺮة ،وﻋﻠﻰ اﻟﺠﻠﺠﻠﺔ .وهﺬا اﻟﺮﺿﻰ ﻗﺪ أﻇﻬﺮ ُ ﻳﺪوم أﻳﻀًﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء .أُﻃﻠﺒﻲ اﻟﻨﻌﻤﺔ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﻟﻜﻦ اﻃﻠﺒﻴﻬﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺘﻲ. م ﻋﻠﻴﻚ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻳﺎ ﻣﻤﺘﻠﺌﺔ ﻧﻌﻤﺔً! اﻟﺮ ﱡ ب اﻟﻨﻔﺲ :اﻟﺴﻼ ُ م ﻋﻠﻴﻚِ ،ﻳﺎ هﻴﻜﻞ ﻣﺠﺪ اﷲ ،وﻣﺴﻜﻦ ﻣﻠﻚ اﻟﺴﻤﺎء ﻣﻌﻚ .اﻟﺴﻼ ُ ﻞ! إﻧّﻚ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﺒﺎرآﺔٌ ،ﻷﻧّﻚ وُﺟﺪت وﺣﺪك اﻟﻤﻘﺪّس .أﺟَ ْ ﺑﻴﻦ آﻞّ اﻟﻨﺴﺎء ،ﺟﺪﻳﺮةً ﺑﺄن ﺗﺼﻴﺮي أﻣًّﺎ ﻟﺨﺎﻟﻘﻚ .وﻟﺬا آﻞّ اﻷﺟﻴﺎل ﺗﻄﻮّﺑﻚ.
45
ﺣﻘًّﺎ ،ﻣﺎ ﻣﻦ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ ﻳُﻨﻜﺮ ﻋﻠﻴﻚِ هﺬا اﻟﻤﺪﻳﺢ ،ﻷ ّ ن ﺟﻤﻴﻊ ﻋﺒﻴﺪك ﻳﺤﺼﻠﻮن ﺑﻮاﺳﻄﺘﻚ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎة اﻟﻨﻌﻤﺔ واﻟﻤﺠﺪ اﻷﺑﺪيّ .ﻧﻌﻢ ،آﻤﺎ أنّ اﻷﺑﺮار ﻳﺠﺪون اﻟﺜﺒﺎت ﻋﻨﺪ ﻗﺪﻣﻴﻚ ،ﺛﻢّ اﻟﺤﻴﺎة اﻷﺑﺪﻳّﺔ ،آﺬﻟﻚ اﻟﺨﻄﺄة ﻳﺠﺪون هﻨﺎك ﻣﻐﻔﺮة ﺧﻄﺎﻳﺎهﻢ. ﺳﻼمٌ إذًا ،ﻳﺎ أمّ اﷲ وﻳﺎ أﻣّﻲ ،أﻧﺖ اﻟﺴﻤﺎء ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻴﻢ اﷲ، ش اﻟﺬي ﻣﻦ ﻓﻮﻗﻪِ ﻳﻮزّع اﻟﺮبﱡ آﻞّ ﻧﻌﻤﺔ ،وﻧﻮر اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ واﻟﻌﺮ ُ اﻟﻤﺠﺎهﺪة .ﻻ ﺗﻜﻔّﻲ ﻋﻦ أن ﺗﺼﻠّﻲ ﻟﻴﺴﻮع ﻷﺟﻠﻨﺎ ،ﻟﻴﻌﻄﻴﻨﺎ اﻟﻨﻌﻤﺔ واﻟﺮﺣﻤﺔ ﻓﻲ ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻨﻮﻧﺔ ،وﻳَﻀﻤﻦ ﻟﻨﺎ اﻟﻤﺠﺪ اﻟﺪاﺋﻢ واﻟﺴﻌﺎدة اﻟﺘﻲ وﻋﺪ ﺑﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺒّﻮن اﻟﺮبّ ﻋﻠﻰ اﻷرض. ﻧﻌﻢ ،ﻣﻨﻚِ وﺣﺪكِ ﻳﺎ أﻣّﻲ ،أرﺟﻮ وأﺗﻮﻗّﻊ ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﻣﻲ، اﻟﺨﻴﺮَ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي أرﻏﺐ ﻓﻴﻪ ،أي اﻻﺗﺤﺎد ﻣﻊ ﻳﺴﻮع ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺤﻴﺎة وﻓﻲ اﻷﺑﺪﻳّﺔ. ﻧﻌﻢ ﻣﻨﻚِ وﺣﺪكِ ،ﻷنّ ﻣﺨﻠّﺼﻲ اﻹﻟﻬﻲّ اﺧﺘﺎرك وﺣﺪك ﻟﺘﻬﺒﻴﻨﻲ آﻞﱠ ﻣﻮاهﺒﻪ وﺗﻮﺻﻠﻴﻨﻲ ﺑﺄﻣﻦٍ إﻟﻴﻪ. أﺟَﻞ! أﻧﺖ ﻳﺎ أﻣّﻲ ،ﺑﻌﺪ أن ﻋﻠّﻤﺘِﻨﻲ أن أﺗﻮﺟّﻊ ﻟﻤﺎ أﺻﺎب اﺑﻨﻚِ اﻹﻟﻬﻲّ ﻣﻦ اﻹهﺎﻧﺎت واﻷوﺟﺎع ﺳﺘﺪﺧﻠﻴﻨﻲ إﻟﻰ ﻣﺠﺪﻩ وأﻓﺮاﺣﻪ ﻷﻣﺪﺣﻪ وأﺑﺎرآﻪ ﺑﻘﺮﺑﻚ وﻣﻌﻚِ إﻟﻰ دهﺮ اﻟﺪاهﺮﻳﻦ. ﺁﻣﻴﻦ.
46
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ
ﻣﺮﻳﻢ ﻋﺬراء اﻟﻌﺬارى اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إﻧّﻲ ﻋﺬراء اﻟﻌﺬارى اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ .أﺗﻌﺘﻘﺪﻳﻦ ﺑﺬﻟﻚ؟ اﻟﻨﻔﺲ :ﻧﻌﻢ ،أﻋﺘﻘﺪ. ﻣﺮﻳﻢ :أﺗﻔﻬﻤﻴﻦ آﻴﻒ إﻧّﻲ ﻋﺬراء اﻟﻌﺬارى اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ؟ أﺗﻌﺮﻓﻴﻦ ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ؟ اﻟﻨﻔﺲ :آﻼ ،ﻳﺎ أﻣّﻲ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ. ﻣﺮﻳﻢ :أﺗﺮﻳﺪﻳﻦ أن أﺷﺮح ﻟﻚ ذﻟﻚ؟ اﻟﻨﻔﺲ :ﺁﻩ! ﻧﻌﻢ ،إﻧّﻲ ﺳﺄﺻﻐﻲ إﻟﻴﻚِ ﻣﻊ اﻟﺸﻜﺮ. ﻣﺮﻳﻢ :اﻓﺮﺿﻲ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،أنّ ﻣﻠﻜًﺎ أﺑًﺎ ﻟﻌﺪّة ﺑﻨﻴﻦ ،ﻳﻌﻄﻴﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﻣﻤﻠﻜﺔً ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻳﻈﻞﱡ ﻣﺤﺎﻓﻈًﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻤﻠﻜﺘﻪ وﻣﺴﻠّﻄًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻠﻮك أوﻻدﻩ .أيّ ﻟﻘﺐٍ ﺗﻌﻄﻴﻨﻪ؟ أﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺴﻤّﻴﻪ ﻣﻠﻜًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻠﻮك اﻟﺬﻳﻦ ﻣﻠّﻜﻬﻢ؟ اﻟﻨﻔﺲ :ﻧﻌﻢ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ. ﻣﺮﻳﻢ :اﻓﺮﺿﻲ أﻳﻀًﺎ أﻧّﻪ ﻗﺪﻳﺮٌ ﺟﺪًّا ﺣﺘّﻰ أنّ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻠﻮك اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺪﻳﻨﻮن ﻟﻪ ﺑﺤﻜﻢ اﻟﻔﺘﺢ ،وﻳﺨﻀﻌﻮن ﻷواﻣﺮﻩ ،وﻟﻜﻨّﻪ ﻳﺘﺮك ﻟﻬﻢ ﺣﺒﻞ اﻟﺤﺮﻳّﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺎرب ﺑﺸﺮط أن ﻳﺪﻓﻌﻮا ﻟﻪ اﻟﺠﺰﻳﺔ ،أﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻌﻴﻦ أن ﺗﺴﻤّﻴﻪ ﻣﻠﻚ اﻟﻤﻠﻮك؟ اﻟﻨﻔﺲ :ﻧﻌﻢ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ. ﻣﺮﻳﻢ :هﻜﺬا أﻧﺎ أﻳﻀًﺎ ﻋﺬرا ُء اﻟﻌﺬارى اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ،ﻷﻧّﻲ أﻋﻄﻴﺘﻬﻦّ اﻟﻮﺟﻮد وﻓُﻘﺘﻬﻦّ اﺳﺘﺤﻘﺎﻗًﺎ وﻋﻈﻤﺔً. ﺖ اﻟﺒﺘﻮﻟﻴّﺔ إﻧّﻲ أمﱡ آﻞّ اﻟﻌﺬارى ،ﻷﻧّﻲ أوّل ﻣﻦ ﺣﻔﻈ ُ ﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﷲ ﻋﺬراء ،ﺑﻼ أﻣﺮٍ وﻻ ﻣﺸﻮرة ،وﻻ ﻗﺪوة. وآﺮّﺳ ُ ﺖ ﻋﻨﻬﺎ هﺬا اﻟﻌﺎر ،وﺑﻤﺜَﻠﻲ ﻓﺎﻟﺒﺘﻮﻟﻴّﺔ آﺎﻧﺖ ﻗﺒﻠﻲ ﻋﺎرًا ﻓﺮﻓﻌ ُ اﺟﺘﺬﺑﺖ ﻋﺪدًا ﻻ ﻳُﺤﺼﻰ ﻣﻦ اﻟﻌﺬارى إﻟﻰ اﻋﺘﻨﺎﻗﻬﺎ .ﻓﻤَﺜﻠﻲ إذًا
47
هﻮ اﻟﺬي وﻟﺪهﻦّ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﺤﻴﺎة .ﻓﻴﻤﻜﻨﻨﻲ إذًا أن أﻋﺘﺒﺮ ﻧﻔﺴﻲ آﺄمﱟ ﻟﻬﻦّ وأﺳﻤّﻲ ذاﺗﻲ ﻋﺬراء اﻟﻌﺬارى. ﻟﻘﺪ ﻓﻘﺖ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻌﺬارى اﺳﺘﺤﻘﺎﻗًﺎ وﻋﻈﻤﺔ .وﻓﻘﺘﻬﻦّ ﺟﻤﻴﻌﻬﻦّ ﺑﻨﻘﺎوﺗﻲ. ﺖ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺖ ﻗﻂّ ﺑﻮﺻﻤﺔ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ وﻻ ارﺗﻜﺒ ُ ﻓﻤﺎ وُﺻﻤ ُ ﺖ ﺷﺎﺋﺒﺔً ﺗﻤﺲّ اﻟﻜﻤﺎل .وﻓﻘﺘﻬﻦّ آﻠّﻬﺎ أﻗﻞّ هﻔﻮة ،وﻻ اﻗﺘﺮﻓ ُ ﺑﺨﺼﺐ ﺑﺘﻮﻟﻴّﺘﻲ ،ﻷﻧّﻲ آﻨﺖ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺬارى ﻣﺜﻤﺮةً ،وﺛﻤﺮﺗﻲ ﻣﺎ ت وأﻧﺎ ﻋﺬراء ،وﺛﻤﺮة أﺣﺸﺎﺋﻲ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺴّﺖ ﺑﻜﺎرﺗﻲ .وَﻟﺪ ُ إﻧﺴﺎﻧًﺎ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ إﻧﺴﺎﻧًﺎ إﻟﻬًﺎ. هﺬا ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﺳﺒﺐ ﺗﺴﻤﻴﺘﻲ ﻋﺬراء اﻟﻌﺬارى اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ. اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻳﺎ ﻋﺬراء اﻟﻌﺬارى ،إنّ ﺧﻮﻓﻲ ﻣﻦ ﺿﻌﻔﻲ ﻞ أﻟﻴﻚ ﺑﺜﻘﺔ ،ﻃﻬﺎرة وﻣﻦ اﻷﺧﻄﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﻲ ﻳﺠﻌﻠﻨﻲ أآِ ُ ﻋﻘﻠﻲ ،وﻗﻠﺒﻲ وﺟﺴﺪي. ﻳﺎ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻤﻌﻈّﻤﺔ ،ﻻ ﺗﺴﻤﺤﻲ ﺑﺄن أﺧﺴﺮ ﻃﻬﺎرﺗﻲ .أﺑﻌﺪي ﻋﻨّﻲ آﻞّ اﻟﺸﻬﻮات اﻟﻠﺤﻤﻴّﺔ ،واﻷﻓﻜﺎر اﻟﺮدﻳﺌﺔ، واﻟﻌﻮاﻃﻒ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺮﺗّﺒﺔ. إﻧّﻲ أﺳﺘﻮدع ﻗﻠﺒﻲ ﻣﺤﺒّﺘﻚ ،ﻳﺎ أﻣّﻲ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻓﻄﻬﺮﻳﻪ، ﺖ هﻨﺎ واﺟﻌﻠﻴﻪ أهﻼً ﻷنّ ﻳُﻘﺪّم ﻻﺑﻨﻚ اﻟﻤﺤﺒﻮب ،ﺣﺘّﻰ إذا اﻗﺘﺪﻳ ُ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﺑﺄﺟﻤﻞ ﻓﻀﺎﺋﻠﻚ ،أﺗﻤﺘّﻊ ﻣﻌﻚِ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء .إﻟﻰ اﻷﺑﺪ ،ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة اﻟﻤﻌﺪّة ﻟﺬوي اﻟﻘﻠﻮب اﻟﻄﺎهﺮة. ﻣﺮﻳﻢ :إﻗﺘﻔﻲ ﻣَﺜﻠﻲ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،واﺛﺒﺘﻲ داﺋﻤًﺎ ﻧﻘﻴّﺔ ﻓﻲ ﺟﺴﺪك ،وﻗﻠﺒﻚِ وﻋﻘﻠﻚ .ﻓﺈﻧّﻲ ﺳﺄﺟﻌﻠﻚ ﻓﻲ ﻣﺼﺎف اﻷﻧﻔﺲ اﻷﻋﺰّ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺐ اﺑﻨﻲ ﻳﺴﻮع وﻗﻠﺒﻲ .وﻟﻜﻦ أﺗﻌﺪﻳﻨﻨﻲ ﺑﺄّﻧﻚِ ﺗﺤﻔﻈﻴﻦ اﻟﻄﻬﺎرة داﺋﻤًﺎ؟ اﻟﻨﻔﺲ :ﺑﻨﻌﻤﺔ اﷲ وﺑﻤﺴﺎﻋﺪﺗﻚ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،أﻋﺪكِ.
48
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ
ﻣﺮﻳﻢ ﻣﺜﺎل اﻟﺘﻮاﺿﻊ اﻟﻨﻔﺲ :أﻣّﺎﻩ! إﻧّﻲ أﺷﻌﺮ ﺑﺄﻧّﻲ ﻣﺠﺒﻮﻟﺔٌ ﺑﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺬات واﻟﻜﺒﺮﻳﺎء .ﻋﻠّﻤﻴﻨﻲ أن أآﻮن ﻣﺜﻞ ﻳﺴﻮع وﻣﺜﻠﻚ ،ودﻳﻌﺔً وﻣﺘﻮاﺿﻌﺔ اﻟﻘﻠﺐ. ﻣﺮﻳﻢ :ﺗﻌﻠﻤﻴﻦ ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،آﻢ هﻮ ﺳﺎمٍ ﻣﻘﺎﻣﻲ ،ﻷﻧّﻲ ﻒ إﻟﻰ ﻟﻘﺐ ﻋﺬراء ﻟﻘﺐ أمّ اﷲ. أﺿﻴ ُ إنّ هﺬﻩ اﻟﻤﻮاهﺐ ﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺟﺪًّا ﻟﻢ أﺳﺘﺤﻘّﻬﺎ .ﺑﻞ ﻗﺒﻠﺘُﻬﺎ ﺖ أﺷﻌ ُﺮ ﺑﺎﻟﻌﻈﺎﺋﻢ اﻟﺘﻲ هﺒﺔً ﻣﺠّﺎﻧﻴّﺔ ﻣﻦ ﺟﻮدة اﷲ .وﻓﻴﻤﺎ آﻨ ُ ﺖ أﺣﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ذآﺮى وﻓﻜﺮ ﻋﺪﻣﻲ .وهﺬا أﻓﺎﺿﻬﺎ اﷲ ﻋﻠﻲّ ،آﻨ ُ اﻟﻔﻜﺮ آﺎن ﻳﻮﻟﻴﻨﻲ ﻗﻮّةً ﻋﻠﻰ أن أُﺗﻤّﻢ آﻞّ ﻣﺎ آﺎن ﻳﺘﻘﺎﺿﺎﻩ اﷲ ﻣﻨّﻲ .وهﺬﻩ اﻟﻘﻮّة آﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ. ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إذا ﺷﺌﺖِ أن ﺗﻜﻮﻧﻲ ﻟﻲ ﺳﺒﺐ ﺳﺮور ،اﻗﺘﺪي ﺑﺘﻮاﺿﻌﻲ. آﺎن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺪ وهﺒﻨﻲ ﻧﻌﻤًﺎ ﺛﻤﻴﻨﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻮهﺒﺔ ﺣﻔﻆ ﺑﺘﻮﻟﻴّﺘﻲ ﺑﺄﻋﺠﻮﺑﺔ ﺳﺎﻣﻴﺔ ﺑﺼﻴﺮورﺗﻲ أﻣًّﺎ ﷲ .إﻻّ أنّ هﺬﻩ اﻟﻤﻨﺤﺔ اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﻟﻢ ﺗﺒﻬﺮ ﻧﻈﺮي وﻟﻢ ﺗﺪﻓﻌﻨﻲ إﻟﻰ اﻟﻤﺠﺪ اﻟﺒﺎﻃﻞ .ﺑﻞ ﺖ أﺗﺬآّﺮ أنّ آﻞّ ﻣﺎ ﻓﻲّ هﻮ ﻣﻦ اﷲ ،وﻣﺎ ازداد اآﺜﺎرًا ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ،آﻨ ُ ت ﻟﻪ ﺧﻀﻮﻋًﺎ وﺷﻜﺮًا. ﻣﻦ ﻧﻌﻤِﻪ ﻋﻠﻲّ ازدد ُ ﻟﻘﺪ ﻧﻠﺖِ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ﻧﻌﻤًﺎ ﺛﻤﻴﻨﺔ وآﺜﻴﺮة ،ﻓﻼ ﺗﻔﺘﺨﺮي ﺑﻬﺎ ،ﺑﻞ اﻋﺘﺮﻓﻲ أﻧّﻚ ﻗﺒﻠﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻮدة اﷲ ،واﻧﺴﺒﻴﻬﺎ إﻟﻴﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﺣﺪﻩ ﻪ ﻓﻴﻚ ،ﺑﺪون أن ﻳﻜﻮن ﻟﻚِ ﻓﺈﻧّﻪ ﻗﺎدر أن ﻳﻨـﺰع ﻣﻨﻚ آﻞﱠ ﻣﺎ وﺿﻌ ُ ﺣﻖّ ﺑﺄن ﺗﺘﺸﻜّﻲ ﻣﻨﻪ أو ﺗﻨﺴﺒﻲ إﻟﻴﻪ ﻋﺪم اﻟﻌﺪل .ﺑﻞ ﻋﺪم اﻟﻌﺪل هﻮ أن ﺗﻨﺴﺒﻲ إﻟﻰ ﻧﻔﺴﻚ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺨﺘﺺّ إﻻّ ﺑﻪ وﺣﺪﻩ.
49
ﺖ أﻧّﻲ ﻻ أﺳﺘﻄﻴﻊ أن أآﻮن اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻟﻘﺪ ﻓﻬﻤ ُ اﺑﻨﺘﻚ إذا ﻟﻢ أآﻦ ﻣﺘّﻀﻌﺔً .وا أﺳﻔﺎﻩ؟ أﻟﻢ ﺗﺮي ،أنّ ﺁﺛﺎﻣﻲ ﻟﻢ ﺗﺠﻌﻠﻨﻲ ﻓﻘﻂ ﻧﺎآﺮةً ﻟﺠﻤﻴﻞ اﷲ ﺑﻞ ﻣﻨﻐﻤﺴﺔً ﺑﺤﻤﺄة اﻟﻜﺒﺮﻳﺎء؟ إﻧّﻚ ﻻ ﺗﺪﻋﻴﻦ إﻟﻴﻚ اﻟﻤﺘﻮاﺿﻌﻴﻦ ﻓﻘﺪ ﻗﻠﺖ" :ﻣﻦ آﺎن ﺻﻐﻴﺮًا ﻓﻠﻴﺄتِ إﻟﻲّ" .وأﻧﺖ ﺗﻜﺮهﻴﻦ اﻟﻤﺘﻜﺒّﺮﻳﻦ ﻷﻧّﻬﻢ :ﻳﺤﻤﻠﻮن ﻃﺎﺑﻊ اﻟﺸﻴﻄﺎن. ﻳﺎ أﻣّﻲ ،هﻠﻤّﻲ إﻟﻰ ﻣﻌﻮﻧﺘﻲ! ع إﻟﻰ ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إﻧّﻲ أﻋﺮف أﺑﻨﺎﺋﻲ وأﺣﺒّﻬﻢ ،وأُﺳﺮ ُ ﺐ ﺑﻨﻮع ﺧﺎص أوﻟﺌﻚ ﻧﺪاء آﻞّ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﻐﻴﺚ ﺑﻲ .ﻏﻴﺮ أﻧّﻲ أﺣ ّ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺘﺪون ﺑﺎﺗﻀﺎﻋﻲ! هﻠﻤّﻲ إذًا ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،واﺧﺘﺒﺌﻲ ﺗﺤﺖ رداﺋﻲ ،اﻟﺬي ﻟﻴﺲ هﻮ ﺳﻮى اﺗﻀﺎﻋﻲ .وآﻤﺎ أنّ اﻟﺮداء ﻻ ﻳُﺪﻓﺊ إذا ﻟﻢ ﻳُﻠﺒﺲ ،ﻓﻬﻜﺬا ﻟﺘﺴﺘﻔﻴﺪي ﻣﻦ اﺗﻀﺎﻋﻲ ،اﻟﺒﺴﻴﻪ ﻻ ﺑﺎﻷﻓﻜﺎر ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﺑﺎﻷﻋﻤﺎل أﻳﻀًﺎ .واﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ،ﺗﺸﺒّﻬﻲ ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ﺑﺎﺗﻀﺎﻋﻲ. اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻗﺪ رﻓﻌﻚ اﷲ ﻓﻮق ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ واﻟﺴﻌﺪاء ،ﻣﻜﺎﻓﺄة ﻋﻠﻰ اﺗﻀﺎﻋﻚ اﻟﻌﻤﻴﻖ .إنّ اﻟﺴﻤﺎء واﻷرض واﻟﺠﺤﻴﻢ ﺗﺨﻀﻊ ﻷواﻣﺮك ﻃﻮﻋًﺎ أو آﺮهًﺎ :ﺗﻠﻚ هﻲ إرادة ذاك اﻟﺬي ﻳﺮﻓﻊ اﻟﻤﺘّﻀﻌﻴﻦ وﻳﺬلﱡ اﻟﻤﺘﻜﺒّﺮﻳﻦ. ﻪ اﷲ ﻟـﻤّﺎ رأى ﻟﻮﺳﻴﻔﻮرس اﻟﻤﻮاهﺐ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻨﺤ ُ ﻊ آﺮﺳﻲّ ﻓﻮق اﻟﻜﻮاآﺐ ،وأآﻮن إﻳّﺎهﺎ هﺘﻒ ﺑﻜﺒﺮﻳﺎﺋﻪ" :ﺳﺄرﻓ ُ ﺷﺒﻴﻬًﺎ ﺑﺎﻟﻌﻠﻲّ" .ﻓﻄُﺮح إﻟﻰ ﻋﻤﻖ اﻟﺠﺤﻴﻢ. ﻳﺎ ﻣﻠﻜﺘﻲ ،ﻣﺎ أﻋﻈﻢ ﻣﺎ أرى ﻓﻴﻚ ﻣﻦ اﻻﺗﻀﺎع ،اﻟﻤﻘﺮون ﺑﻨﻘﺎوة ﻋﻈﻴﻤﺔ ،وﻃﻬﺎرةٍ آﺎﻣﻠﺔ ،وﻧِﻌﻢِ ﻓﺎﺋﻀﺔ! آﻴﻒ اﺳﺘﻄﻌﺖِ أن ﺗﺠﻤﻌﻲ ﺑﻴﻦ ﻣﺰاﻳﺎ ﺳﺎﻣﻴﺔ واﺣﺘﻘﺎرٍ ﻣﺘﻨﺎﻩٍ ﻟﺬاﺗﻚ؟ آﻴﻒ اﻻﺗﻀﺎع، اﺗﻀﺎعٌ هﺬا ﺣﺪﱡﻩُ ،إﺳﺘﻄﺎع أن ﻳﺘﺄﺻّﻞ ﻓﻴﻚ ،وﻋﻴﻨﻚ ﺗﺸﺎهﺪ اﻟﺮبّ ﻳﺴﻤﻮ ﺑﻚِ إﻟﻰ أوج اﻟﺸﺮف واﻟﻤﺠﺪ؟
50
ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! ﻳﺎ أﻣّﻲ! أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻤﻠﻜﺔ! ﻟﻘﺪ اﺗّﻀﻌﺖِ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ آﺎن ﻣﻤﻜﻨًﺎ ﻟﺨﻠﻴﻘﺔ أن ﺗﺘّﻀﻊ ،واﷲ ﻗﺪ رﻓﻊ ﻗﺪركِ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺧﻠﻴﻘﺔ أن ﺗﺮﺗﻔﻊ. اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻴﻚِ ،ﻳﺎ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺴﻤﺎء ،اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻴﻚِ ،ﻳﺎ ﻣﻠﻜﺔ ب اﻟﻤﻘﺪّس اﻟﺬي اﻧﺒﻌﺚ ﻞ اﻟﻤﻘﺪّس ،واﻟﺒﺎ ُ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ،أﻳّﻬﺎ اﻷﺻ ُ ﻣﻨﻪ ﻧﻮر اﻟﻌﺎﻟﻢ. إﻓﺮﺣﻲ أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﻤﺠﻴﺪة ،اﻟﻔﺎﺋﻖ ﺟﻤﺎﻟُﻬﺎ ﺟﻤﺎلِ اﻟﺒﺸﺮ م ﻋﻠﻴﻚِ ،ﺻﻠّﻲ ﻷﺟﻠﻨﺎ إﻟﻰ ﻳﺴﻮع واﻟﺴﺎﻟﺒﺔ اﻟﻌﻘﻮل! اﻟﺴﻼ ُ اﻟﻤﺴﻴﺢ. إﺟﻌﻠﻴﻨﻲ أهﻼً ﻷن أﻣﺪﺣﻚِ أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ. هﺒﻴﻨﻲ اﻟﻘﻮّة ﻷﻧﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ أﻋﺪاﺋﻚ.
51
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﻣﺜﺎل اﻟﻤﺤﺒّﺔ
اﻟﻨﻔﺲ :إنّ ﺳﻌﺎدة اﻻﺑﻨﺔ ﺗﻘﻮم ﺑﺄن ﺗﺴﺮﱠ ﻗﻠﺐ أﻣّﻬﺎ .ﻓﻜﻢ ﻳﻠﺬّ ﻟﻲ أن أﻓﺮّح ﻗﻠﺒﻚِ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ. ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،أﺗﺮﻳﺪﻳﻦ أن أرﺿﻰ ﻋﻨﻚ؟ ﻓﺎﻗﺘﺪي ﺑﻤﺤﺒّﺘﻲ. ﺖ أﺑﺬل إنّ ﻣﺤﺒّﺘﻲ ﷲ آﺎﻧﺖ ﺗﻨﻤﻮ آﻞّ ﻳﻮم ﻣﺪّة ﺣﻴﺎﺗﻲ ،وآﻨ ُ اﻟﺠﻬﺪ ﻹﺿﺎﻋﻔﻬﺎ آﻞّ ﺁنٍ. ﺖ وﻣﺤﺒّﺘﻲ ﻟﻠﺒﺸﺮ آﺎﻧﺖ ﻋﻈﻴﻤﺔً ﺟﺪًّا ،ﺣﺘّﻰ إﻧّﻲ ﺿﺤّﻴ ُ ﺑﺄﺣﺐّ ﺷﻲء ﻋﻨﺪي ،أي اﺑﻨﻲ ﻳﺴﻮع ﺣﺒًّﺎ ﻟﻬﻢ. ازدادي ﻓﻲ ﻣﺤﺒّﺔ اﷲ ،وأﺣﺒّﻲ ﻗﺮﻳﺒﻚِ آﻨﻔﺴﻚِ ،واﺑﺬﻟﻲ آﻞﱠ ﻣﺎ ﻓﻲ وﺳﻌﻚِ ﻟﺘﺴﺮّي اﷲ واﻟﻘﺮﻳﺐ. ﻓﺈذا اﻗﺘﺪﻳﺖِ ﺑﻲ هﻜﺬا ،ﻓﺈﻧّﻲ أهﺒﻚِ ﺣﻤﺎﻳﺘﻲ وﻣﺤﺒّﺘﻲ. اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﻤﺤﺒّﺔ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،أأﺧﺎﻃﺒﻚ ﻣﻊ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ دي ﺳﺎﻟﺲ ،أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﺨﻠﻴﻘﺔ اﻟﻤﺴﺘﺤﻘّﺔ اﻟﺤﺐّ واﻟﻤﺤﺒﻮﺑﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،واﻟﻔﺎﺋﻘﺔ اﻟﺤﺐّ ،ﻳﺎ أﻣّﻲ ،ﻟﻘﺪ آﻨﺖِ ﻣﺸﺘﻌﻠﺔً ﺑﻨﺎر ﻣﺤﺒّﺔ اﷲ داﺋﻤًﺎ .ﺁﻩ! ﺗﻨﺎزﻟﻲ وأرﺳﻠﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﺮارةً إﻟﻰ ﻗﻠﺒﻲ! ﻟﻘﺪ اﺑﺘﻬﻠﺖِ إﻟﻰ اﺑﻨﻚِ ﻗﺪﻳﻤًﺎ ﻷﺟﻞ ذﻳﻨﻚ اﻟﻌﺮوﺳﻴﻦ اﻟﻠﺬﻳﻦ آﺎن ﻳﻨﻘﺼﻬﻤﺎ اﻟﺨﻤﺮ ،ﻗﺎﺋﻠﺔً ﻟﻪ" :ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪهﻢ ﺧﻤﺮ" .أﻻ ﺗﺒﺘﻬﻠﻴﻦ إﻟﻴﻪ ﻷﺟﻠﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻨﻘﺼﻨﺎ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﻓﻲ وﻗﺖٍ ﻧﺤﻦ ﺑﺄﺷﺪّ اﻻﻟﺰام ﺑﻤﺤﺒّﺔ اﷲ؟ ﻗﻮﻟﻲ إذن" :ﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﻣﺤﺒّﺔ" .واﺳﺘﺤﺼﻠﻲ ﻟﻨﺎ هﺬﻩ اﻟﻤﺤﺒّﺔ ،وﻻ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﻧﻌﻤﺔً ﻏﻴﺮهﺎ. ﻳﺎ أﻣّﻲ ،ﺑﺤﻖّ آﻞّ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺒّﻴﻦ ﺑﻬﺎ ﻳﺴﻮع، اﺳﺘﺠﻴﺒﻴﻨﺎ وﺻﻠّﻲ ﻷﺟﻠﻨﺎ!
52
ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إذا آﻨﺖ ﺗﺤﺒّﻴﻦ اﷲ ،ﻓﺈﻧّﻚ ﺗﺤﺒّﻴﻦ آﻞﱠ ﻣﺎ ﻳُﺤﺒّﻪ اﷲ .وإذا آﻨﺖِ ﺗﺤﺒّﻴﻨﻨﻲ ،ﺗُﺤﺒّﻴﻦ آﻞّ ﻣﺎ هﻮ ﻋﺰﻳﺰ ﻋﻠﻲّ. ﺖ اﺑﻨﻲ واﻟﺤﺎل ،إﻧّﻲ أﺣﺐﱡ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﺸﺮ ،وﻷﺟﻠﻬﻢ ﺳﻠّﻤ ُ ﻣﻚِ اﻟﻮﺣﻴﺪ ،إذا أﺣﺒّﻲ ﻗﺮﻳﺒﻚ أﻳًّﺎ آﺎن ،وآﻮﻧﻲ ﺷﻔﻴﻘﺔً آﻤﺎ أنّ أ ّ هﻲ ﺷﻔﻴﻘﺔ. ﻳﺠﺐ أن ﻧﻌﻤﻞ آﻞّ ﺷﻲء ﺣﺒًّﺎ ﻟﻠﻘﺮﻳﺐ ،ﻣﺎ ﻋﺪا هﻼآﻨﺎ. ﻟﻤﺎذا ﻻ ﺗﺤﺘﻤﻠﻴﻦ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺘﻤﻠﻬﻢ اﷲ ،واﺿﻌﺔً ﺗﺠﺎﻩ ﻋﻴﻨﻴﻚ ،ﻣَﺜَﻞ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻣﺼﻠّﻴًﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻠﻴﺒﻪ ﻋﻦ أﻋﺪاﺋﻪ؟ ﻓﻤﻦ ﻻ ﻳﺤﺐﱡ هﺬا اﻟﻌﺪو اﻟﻌﺰﻳﺰ ،اﻟﺬي ﺻﻠّﻰ ﻷﺟﻠﻪ اﻟﻤﺴﻴﺢ وﻣﺎت ﻷﺟﻠﻪ؟ ﺁﻩ! ﻻ ﺗﻜﻮﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻠﻮاﺗﻲ ﻳﻤﺎﺛﻠﻦ اﻟﺰﻧﺎﺑﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﻘّﻞ ﻣﻦ زهﺮة إﻟﻰ زهﺮة ،ﻟﻴﺲ ﻟﺘﺠﻨﻲ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻌﺴﻞ آﺎﻟﻨﺤﻞ، ﺴﻢﱠ ﻓﻴﻨﻈﺮن ﻓﻲ ﻣﻦ ﻳﻌﻴﺶ ﻣﻌﻬﻦ ،ﻻ إﻟﻰ ﺑﻞ ﻟِﺘﺴﺘﻘﻄﺮ اﻟ ُ اﻟﻤﺰاﻳﺎ اﻟﺤﺴﻨﺔ واﻟﻔﻀﺎﺋﻞ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ،ﺑﻞ إﻟﻰ اﻟﻬﻔﻮات واﻟﻨﻘﺎﺋﺺ. أُﻧﻈﺮي اﻟﻘﺮﻳﺐ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﻳﺴﻮع وﻓﻲ ﺻﺪرﻩ اﻟﻤﻘﺪّس .ﻓﻤﻦ ﻻ ﻳُﺤﺒﱡﻪ هﻨﺎك ،وﻻ ﻳﺤﺘﻤﻞ هﻔﻮاﺗﻪ؟ ﻓﻬﻮ هﻨﺎك ﻣﺤﺒﻮبٌ وﻋﺰﻳﺰٌ ﺣﺘّﻰ أنّ ﻳﺴﻮع ﻳﻤﻮت ﺣﺒًّﺎ ﻟﻪ. اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،إﻧّﻚ ﺗﻔﻮﻗﻴﻦ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺑﺎﻟﻄﻬﺎرة واﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ ﺑﺎﻟﻤﺤﺒّﺔ. ﻳﺎ أمّ اﻟﻤﺤﺒّﺔ ،ﺑﻤﺎ أﻧّﻚ ﻣﻤﺘﻠﺌﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﻌﺎﻟﻢ آﻠّﻪ، ﻓﻼ ﺗﻬﻤﻠﻲ اﻹﻋﺘﻨﺎء ﺑﻤﺼﺎﺋﺒﻲ ،ﻓﻬﻲ أﻣﺎم ﻋﻴﻨﻴﻚ. أوﺻﻲ ﺑﻲ إذا هﺬا اﻹﻟﻪ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻀﻦﱡ ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺸﻲء، واﻃﻠﺒﻲ ﻟﻲ هﺬﻩ اﻟﻨﻌﻤﺔ ،وهﻲ أن أﺳﺘﻄﻴﻊ اﻻﻗﺘﺪاء ﺑﻤﺤﺒّﺘﻚ ﷲ وﻟﻠﻘﺮﻳﺐ .ﺁﻣﻴﻦ.
53
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﺑﺎب اﻟﺴﻤﺎء
اﻟﻨﻔﺲ :إنّ ﺣﻴﺎة هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺳﺘﻜﻮن ﺷﺎﻗّﺔ ﻋﻠﻲّ داﺋﻤًﺎ، ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻣﺎ أﺑﻌﺪﻧﻲ ﻋﻨﻚ! ﻣَﻦ ﻳُﻨﻘﺬﻧﻲ ﻣﻦ هﺬا اﻟﺠﺴﺪ ﺐ ﻓﺄراكِ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء؟ اﻟﻤﺎﺋﺖ؟ ﻣﺘﻰ أذه ُ ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إﻧّﻲ اﻧﺎ ﺑﺎب اﻟﺴﻤﺎء. إنّ هﺬا اﻟﻠﻘﺐ ﻻ ﻳُﻔﺼﻞ وﻟﻦ ﻳُﻔﺼﻞ ﻋﻦ ﻟﻘﺐ أمّ اﻟﻨﺎس أﺟﻤﻌﻴﻦ. ﻣﺎ اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺎب ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔٍ أو ﻣﻨـﺰل؟ أﻟﻴﺲ ﻟﻴﺪﺧﻞ ﻓﻴﻪ ،أو ﻟﻴﺨﺮج ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻌﻮد ﺑﺎﻟﻨﻔﻊ ﻋﻠﻰ هﺬا اﻟﻤﻨـﺰل أو ﻋﻠﻰ هﺬﻩ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ؟ ﻓﺄﻧﺎ واﻟﺤﺎﻟﺔ هﺬﻩ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﺎب اﻟﺴﻤﺎء ،ﻷنّ آﻞﱠ اﻟﻨﻌﻢ اﻟﺘﻲ اﻧﺤﺪرت ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻗﺪ ﻣﺮّت ﺑﻲ ،وﻟﻢ ﺗُﻤﻨﺢ ﻧﻌﻤﺔ ﺑﺪوﻧﻲ. ب اﻟﺴﻤﺎء :ﻷنّ آﻞّ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪ دﺧﻠﻮهﺎ ﻣﺎ أﻧﺎ ﺑﺎ ُ اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا أن ﻳﺪﺧﻠﻮهﺎ إﻻّ ﺑﻲ. ﺪ اﻟﺒﺎب ﻓﻲ وﺟﻪ آﻞّ ﻣﻦ هﻮ ب اﻟﺴﻤﺎء :ﻷﻧّﻲ أوﺻ ُ أﻧﺎ ﺑﺎ ُ دﻧﺲٌ وﻣﻠﻄّﺦٌ. أﻧﺎ ﺑﺎب اﻟﺴﻤﺎء :ﻷنّ ﻣﻨّﻲ ﺧﺮﺟﺖ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺔ ﻣﺘﺴﺮﺑﻠﺔ ﺑﺎﻟﺠﺴﺪ اﻟﺬي أوﻟﻴﺘُﻬﺎ إﻳّﺎﻩ ﻟﺘﻈﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ. أﻧﺎ ﺑﺎب اﻟﺴﻤﺎء :ﻷنّ هﺬﻩ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻗﺪ دﺧﻠﺖ ﺑﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﺣﺎﻓﻈﺔً اﻟﺠﺴﺪ اﻟﺬي أﺧﺬﺗُﻪ ﻣﻨﻲ. ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إﻧّﻚ ﺑﻮاﺳﻄﺘﻲ ﺗﺤﺼﻠﻴﻦ ﻋﻠﻰ آﻞّ هﺬﻩ اﻟﻨﱢﻌﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻨﺤﻚ إﻳّﺎهﺎ اﺑﻨﻲ ﻳﺴﻮع .اﺛﺒﺘﻲ داﺋﻤًﺎ ﻣﺘّﺤﺪة ﺑﻲ ،ﻷﻧّﻚ ﺑﻮاﺳﻄﺘﻲ ،ﺗﺪﺧﻠﻴﻦ اﻟﺴﻤﺎء ﻓﺘﺸﻜﺮﻳﻦ ﻳﺴﻮع ﻋﻠﻰ اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ اﻟﺘﻲ ﺟﺎد ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻴﻚِ ﻋﻠﻰ اﻷرض.
54
اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﻔﺮدوس ،اﻟﺠﺎﻟﺴﺔ ﻓﻮق أﺟﻮاق اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ واﻷآﺜﺮ ﻗﺮﺑًﺎ ﻣﻦ اﷲ ،إﻧّﻲ أﺣﻴّﻴﻚ ﻣﻦ وادي اﻟﺪﻣﻮع ﻞ إﻟﻴﻚ ﻟﺘﺮﻣﻘﻴﻨﻲ ﺑﻨﻈﺮك هﺬا ،أﻧﺎ اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ اﻟﻤﺴﻜﻴﻨﺔ ،وأﺑﺘﻬ ُ اﻟﺮؤوف ،اﻟﺬي ﻳﺴﻜﺐ اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ ﺣﻴﺜﻤﺎ ﻳﻨﻌﻄﻒ. ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،أُﻧﻈﺮي! إنّ ﻧﻔﺴﻲ وُﺟﺪت وﺳﺘﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺧﻄﺮ اﻟﻬﻼك ق إﻟﻰ ﻊ آﻞّ رﺟﺎﺋﻲ .أﺣﺒّﻚ ،وأﺗﻮ ُ وﺧﺴﺮان اﻟﺴﻤﺎء واﷲ! ﻓﻔﻴﻚ أﺿ ُ اﻟﺘﻤﺘّﻊ ﺑﺮؤﻳﺘﻚ ﻋﺎﺟﻼً وﻣﺪﺣﻚ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ. ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻣﺘﻰ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺬي ﻓﻴﻪ ﺗﻨﻈ ُﺮ ﻋﻴﻨﺎي ﻓﻲ أمّ إﻟﻬﻲ ،وأﻣﱡﻲ اﻟﺘﻲ ﺑﺬﻟﺖ اﻟﺠﻬﺪ ﻷﺟﻞ ﺧﻼﺻﻲ؟ ﻣﺘﻰ أﻗﺒّﻞ اﻟﻴﺪ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﺸﻠﺘﻨﻲ ﻣﺮارًا ﻣﻦ اﻟﺠﺤﻴﻢ ،وﻣﻨﺤﺘﻨﻲ ﻧﻌﻤًﺎ ﻏﺰﻳﺮة ،أﻧﺎ اﻟﺘﻲ ﺖ ﺑﺂﺛﺎﻣﻲ ﺑﻐﺾ اﻟﻌﺎﻟﻢ واﺣﺘﻘﺎرﻩ؟ اﺳﺘﺤﻘﻘ ُ ﻳﺎ ﻣﻠﻜﺘﻲ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ،إﻧّﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻗﺪ أﻧﻜﺮت ﺟﻤﻴﻠﻚ، ﺖ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ،ﻓﻼ أﻓﻌﻞ .ﻓﻬﻨﺎك ،ﺳﺄﺣﺒّﻚ ﻣﻦ آﻞّ ﻟﻜﻦ ،إذا ذهﺒ ُ ﻗﻠﺒﻲ ،ﻓﻲ آﻞّ دﻗﻴﻘﺔ وﻣﺪى اﻷﺑﺪﻳّﺔ .هﻨﺎك ،ﻻ أﻧﻔﻚّ ﻋﻦ أن أﺑﺎرآﻚ وأﺷﻜﺮك ﻷﻋﻮّض ﻋﻦ آﻔﺮي ﺑﺎﻟﺠﻤﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ. إﻧّﻲ أﺷﻜﺮ اﷲ ﻓﻮق آﻞّ ﺷﻲء ،ﻷﻧّﻪ أﻟﻬﻤﻨﻲ ﺛﻘﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺑﺪم ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ وﺑﺤﻨﺎﻧﻚ ،ﻷنّ ﺑﻚِ ﻳﺘﻌﻠّﻖ ﺧﻼﺻﻲ وإﻧﻘﺎذي ﻣﻦ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ،وإﻋﻄﺎﺋﻲ اﻟﻨﻮر واﻟﻘﻮّة ﻷﺗﻤّﻢ اﻹرادة اﻹﻟﻬﻴّﺔ ،وﻗﻴﺎدﺗﻲ إﻟﻰ ﻣﻴﻨﺎء اﻟﺨﻼص. ﻞ واﺣﺪٍ ﻣﻨﻬﻢ ،ﻓﺄﻣﻠﻲ هﺬا ﻣﺎ ﺗﺮﺟّﺎﻩ ﻣﻨﻚ ﻋﺒﻴﺪك ،وﻟﻢ ﻳﺨﺐ أﻣ ُ ﺑﻚ إذًا ﻟﻦ ﻳﺨﻴﺐ. ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،إﻧّﻲ ﻻ أرﻳﺪ ﺷﻴﺌًﺎ ،ﺳﻮى أن ﺗﺨﻠّﺼﻴﻨﻲ .اﺑﺘﻬﻠﻲ إﻟﻰ اﺑﻨﻚ ،آﻤﺎ إﻧّﻲ أﺗﻮﺳّﻞ إﻟﻴﻪ أﻳﻀًﺎ ﺑﺎﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت ﺁﻻﻣﻪ ،أن ﻳﺤﻔﻆ هﺬﻩ اﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲّ وﻳﻀﺎﻋﻔﻬﺎ ،وإذ ذاك ﻳﺼﺒﺢ ﺧﻼﺻﻲ ﺑﻤﺄﻣﻦ. ﻳﺎ أمّ اﻟﻔﺎدي اﻟﻤﺠﻴﺪة ،ﻳﺎ ﺑﺎب اﻟﺴﻤﺎء اﻟﻤﻔﺘﻮح داﺋﻤًﺎ ،ﻳﺎ ﻧﺠﻤﺔ اﻟﺒﺤﺮ ،هﻠﻤّﻲ إﻟﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪة ﺷﻌﺐٍ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻨﻬﺾ ﻣﻦ ﺳﻘﻄﺘﻪ. أﻧﺖِ اﻟﺘﻲ ،وﻟﺪتِ ﺧﺎﻟﻘﻚ ﺑﺄﻋﺠﻮﺑﺔ ﺗُﺬهﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،وﻟﻢ ﺗﺰاﻟﻲ ﻋﺬراء .أﻧﺖِ اﻟﺘﻲ ﺳﻤﻌﺖِ ﺗﺤﻴّﺔً ﻣﺠﻴﺪةً ﻣﻦ اﻟﻤﻼك ﺟﺒﺮاﺋﻴﻞ ،إﺷﻔﻘﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻄﺄة.
55
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﻧﺠﻤﺔ اﻟﺒﺤﺮ
اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﺧﻠّﺼﻴﻨﻲ ،ﻷﻧّﻲ أوﺷﻜﺖ أن أهﻠﻚ. ﻓﻮق ﺑﺤﺮ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺠّﺎج ،ﻳﺘﻬﺪّدﻧﻲ اﻟﻬﻼك داﺋﻤًﺎ. وآﻢ ﻣﻦ ﻣﺮّة آﺎدت ﺳﻔﻴﻨﺘﻲ اﻟﻮاهﻴﺔ أن ﺗﻐﺮق؟ وﻟﻮ ﻟﻢ ﺖ ﻓﻲ ﻋﻤﻖ ﻳﻠﻖِ اﷲ إﻟﻲّ ﺑﺨﺸﺒﺔ اﻟﺨﻼص ﻓﻲ ﺳﺮّ اﻟﺘﻮﺑﺔ ،ﻟﻜﻨ ُ اﻟﻠﺠﺔ. ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،أﺻﺮخ إﻟﻴﻚ إﻟﻲّ ،إﻟﻲّ! أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء ﻣﺮﻳﻢ! ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إنّ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺗﺪﻋﻮﻧﻲ ﻧﺠﻤﺔ اﻟﺒﺤﺮ ،وأﻧﺎ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ آﺬﻟﻚ. ﻓﻜﻤﺎ أنّ اﻟﻤﻼّﺣﻴﻦ ،ﺣﻴﻦ هﺒﻮب اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ﻳﻘﺘﺎدون ﺳﻔُﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺿﻮء اﻟﻨﺠﻤﺔ ﻟﻴﺼﻠﻮا إﻟﻰ اﻟﻤﻴﻨﺎء ،هﻜﺬا اﻟﺒﺸﺮ ﻳﺼﻠﻮن ﺑﻮاﺳﻄﺘﻲ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻋﻮاﺻﻒ هﺬﻩ اﻟﺤﻴﺎة. ﺛﻘﻲ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،واﻃﺒﻌﻲ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﺎت ﻗﻠﺒﻚِ آﻼم ﺧﺎدﻣﻲ اﻷﻣﻴﻦ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺑﺮﻧﺮدوس: "ﻳﺎ ﻣﻦ ﺗﺸﻌُﺮ أنّ اﻟﻌﻮاﺻﻒ ﺗﻀﺎﻳﻘﻚ ﻓﻲ وﺳﻂ ﺻﺨﻮر هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ،إذا أردتَ أن ﺗَﺴْﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﻐﺮق ،ﻓﻼ ﺗﺤﻮّل ﻧﺎﻇﺮﻳﻚ ﻋﻦ ﻧﺠﻤﺔ اﻟﺒﺤﺮ .وإذا ﻋﺼﻔﺖ أﻋﺎﺻﻴ ُﺮ اﻟﺘﺠﺎرب ،ووﻗﻔﺖ ﺑﻮﺟﻬﻚ ﻬﺪًا إﻟﻰ ﻣﺮﻳﻢ. اﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت آﺎﻟﺼﺨﻮر ،ﻓﻨﻈﺮةً إﻟﻰ اﻟﻨﺠﻤﺔ ،وﺗﻨ ﱡ "وإذا ﺣﺎوﻟﺖ أﻣﻮاج اﻟﻜﺒﺮﻳﺎء ،واﻟﻄﻤﻊ ،واﻟﻨﻤﻴﻤﺔ ،واﻟﺤﺴﺪ أن ﺗﻐﺮّق ﻧﻔﺴﻚ ،ﻓﻠﻔﺘﺔً إﻟﻰ اﻟﻨﺠﻤﺔ ،وﺻﻼةً إﻟﻰ ﻣﺮﻳﻢ. ﺢ اﻟﻐﻀﺐ ،واﻟﺠﺸﻊ ،وﻣﺤﺒّﺔ "وإذا زﻋﺰع زورﻗﻚ اﻟﻀﻌﻴﻒ ،رﻳ ُ اﻟﻠﺬّات ،ﻓﻔﺘّﺶ ﺑﺎﻟﺤﺎﻇﻚ ﻋﻦ ﻣﺮﻳﻢ. "وإذا أوﺷﻚ هﻮل ﺧﻄﺎﻳﺎك ،وﻗﻠﻖ ﺿﻤﻴﺮك ،واﻟﺨﻮف ﻣﻦ دﻳﻨﻮﻧﺔ اﷲ ،أن ﻳﺰﺟّﻚ ﻓﻲ ﻟﺠّﺔ اﻟﻴﺄس ،ﻓﻌﻠّﻖ ﻗﻠﺒﻚ ﺑﻤﺮﻳﻢ. ع "وﻓﻲ أﺧﻄﺎرك ،وارﺗﻴﺎﺑﻚ ،وأﺣﺰاﻧﻚ ،اﻓﺘﻜﺮ ﻓﻲ ﻣﺮﻳﻢ ،واد ُ ﻣﺮﻳﻢ.
56
"ﻓﻠﻴﻜﻦ اﺳﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻚ ،وﻋﻠﻰ ﺷﻔﺘﻴﻚ ،وﻟﻜﻲ ﺗﺴﻌﻔﻚ ﺑﺼﻠﻮاﺗﻬﺎ ،ﻻ ﻳﻐﺮب ﻋﻦ ﻋﻴﻨﻴﻚ ﻣﺜﺎل ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﺎ. "وإذا ﺗﺒﻌﺘﻬﺎ ،ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺘﻴﻪ ،وﻟﻦ ﺗﻔﻘﺪ اﻟﺮﺟﺎء ،ﻣﺎ دﻣﺖَ ﺗﺒﺘﻬﻞ إﻟﻴﻬﺎ .وﻃﺎﻟﻤﺎ ﺗﻔﺘﻜﺮ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻓﺄﻧﺖ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖٍ أﻣﻴﻨﺔ، وﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺴﻘﻂ ﻣﺎ داﻣﺖ هﻲ ﺗﺴﻨﺪك .وﻻ ﺧﻮف ﻋﻠﻴﻚ ﻣﻦ ﺷﻲءٍ ﻣﺎ داﻣﺖ هﻲ ﺗﺤﻤﻴﻚ .وإذا ﺑﺎرآﺖ ﺳﻔﺮك ﺗﺒﻠﻎ اﻟﻤﻴﻨﺎء ﺑﻼ ﻋﻨﺎءٍ". اﻟﻨﻔﺲ :ﺳﻼمٌ ،ﻳﺎ ﻧﺠﻤﺔ اﻟﺒﺤﺮ ،ﻳﺎ ُأمﱠ اﷲ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ اﻟﺪاﺋﻤﺔ ب اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺴﻌﻴﺪ! ﺑﺘﻮﻟﻴّﺘﻬﺎ ،أﻧﺖِ ﺑﺎ ُ أﻧﺖِ اﻟﺘﻲ ﺣﻴّﺎكِ اﻟﻤﻼك ﺟﺒﺮاﺋﻴﻞ ،ﺣﻘّﻘﻲ ﻟﻨﺎ اﻟﺴﻼم، ﺑﺼﻴﺮورﺗﻚ ﺣﻮّاء اﻟﺠﺪﻳﺪة. آﺴّﺮي أﻏﻼل اﻷﺛﻤﺔ .هﺒﻲ اﻟﻌﻤﻴﺎن اﻟﻀﻴﺎءَ .إﺟﻠﻲ ﻋﻨّﺎ ﻣﺼﺎﺋﺒﻨﺎ ،واﻟﺘﻤﺴﻲ ﻟﻨﺎ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺨﻴﺮات. أﻇﻬﺮي ﻧﻔﺴﻚ ُأﻣﱠﻨﺎ ،واﺟﻌﻠﻲ ﺻﻠﻮاﺗﻨﺎ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔً ﻟﺪى ذاك اﻟﺬي أراد أن ﻳﻜﻮن اﺑﻨﻚِ ﻷﺟﻠﻨﺎ. أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬرا ُء اﻟﺘﻲ ﻻ ﻣﺜﻴﻞ ﻟﻬﺎ ،اﻷآﺜﺮ وداﻋﺔً ﻣﻦ اﻟﻌﺬارى، اﻟﺘﻤﺴﻲ ﻟﻨﺎ ﻏﻔﺮان ذﻧﻮﺑﻨﺎ ،واﻟﻮداﻋﺔ واﻟﻄﻬﺎرة. هﺒﻴﻨﺎ ﺣﻴﺎةً ﻧﻘﻴّﺔ ،وﻃﺮﻳﻘًﺎ أﻣﻴﻨﺔ ،ﻟﻨﺘﻤﺘّﻊ ﺑﺮؤﻳﺔ ﻳﺴﻮع إﻟﻰ اﻷﺑﺪ. اﻟﻤﺠﺪ ﷲ اﻵب ،واﻟﻤﺠﺪ ﻟﻠﻤﺴﻴﺢ اﻟﺴﺎﻣﻲ اﻟﻘﺪرة ،وﻟﻠﺮوح اﻟﻘﺪس ،واﻟﻤﺠﺪ ﻟﻠﺜﺎﻟﻮث اﻹﻟﻬﻲّ .ﺁﻣﻴﻦ.
57
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺮاﺑﻊ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﺧﻼص اﻟﻤﺮﺿﻰ
ﻞ إﻟﻴﻚِ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻲ: اﻟﻨﻔﺲ :إﻧّﻲ أﺗﻴﺖُ ،ﻳﺎ أﻣّﻲ ،أﺑﺘﻬ ُ ﺖ ﻣﺒﺘﻬﻠﺔً أﻳﻀًﺎ ﻋﻦ أﻧﺎس ﻋﺪﻳﺪﻳﻦ ﻓﻨﺠّﻴﻨﻲ ﻣﻦ آﻞّ ﺷﺮّ .وﺟﺌ ُ ﻣﻦ أﺣﺒﺎﺋﻲ ﻳﺘﺄﻟّﻤﻮن .ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﺧﻠّﺼﻴﻨﺎ! ﻣﺮﻳﻢ :إﻧّﻲ ﺧﻼص اﻟﻤﺮﺿﻰ. ﻳﻮﺟﺪ ﻧﻮﻋﺎن ﻣﻦ اﻷﻣﺮاض :ﻣﺮض اﻟﺠﺴﺪ وﻣﺮض اﻟﻨﻔﺲ. وإﻧّﻲ أﺷﻔﻲ آﻠﻴﻬﻤﺎ. وإنّ هﺬﻳﻦ اﻟﻨﻮﻋﻴﻦ ﻣﺒﺪأُهﻤﺎ ﺧﻄﻴﺌﺔ اﻹﻧﺴﺎن .ﻓﺎﻟﺨﻄﻴﺌﺔ آﺎﻧﺖ ﺳﺒﺒًﺎ ﻟﻜﻞّ اﻷﻣﺮاض اﻟﺠﺴﺪﻳّﺔ أو اﻷدﺑﻴّﺔ .وهﻲ اﻟﺘﻲ أﺧﻀﻌﺖ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﺤﻜﻢ اﻟﻤﻮت وﻷﻣﺮاض ﻣﺘﻨﻮّﻋﺔ ﺗﻌﺬّب ﺟﺴﺪﻩ ﻣﺪّة اﻟﺤﻴﺎة :وﻗﺪ ﻣﺎﻟﺖ ﻟﺴﻮء اﻟﺤﻆّ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ إﻟﻰ اﻟﺸﺮّ ،وهﺬا اﻟﻤﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﺸﺮّ ﻳﺴﻤّﻰ ﻣﺮض اﻟﻨﻔﺲ. ﺧﻞٍ ﻓﻲ ﺖ ﺧﻄﻴﺌﺔً ﻗﻂّ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ دَ ْ إﻧّﻲ ﻣﺎ ارﺗﻜﺒ ُ ت ذاك اﻟﺬي ﻳُﺪﻋﻰ ﻗﺪّوﺳًﺎ ،ﻓﻘﺪ ﻗﻠﺒﻲ .ﺑﻞ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ،إﻧّﻲ وﻟﺪ ُ أﺗﻰ إﻟﻲّ ،واﺗّﺨﺬ ﻣﻦ أﺣﺸﺎﺋﻲ ﺟﺴﺪًا ،وهﺬﻩ اﻟﺴﻜﻨﻰ ﻗﺪ أوﻟﺘﻨﻲ ﻧﻌﻤًﺎ ﻻ ﻳﺤﺼﺮهﺎ ﻋﺪّ .آﻨﻌﻤﺔ اﻟﺸﻔﺎء ﻣﻤّﺎ ورث اﻹﻧﺴﺎن ت ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻣﺨﻠّﺼﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﻴﻮل اﻟﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻟﻠﻘﺪاﺳﺔ .ﻟﻘﺪ وﻟﺪ ُ ﺖ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻄﺔ اﻟﺸﻔﺎء ﻣﻦ اﻟﺬي اﺷﺘﺮاﻩ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ،وﺣﺎﻓﻈ ُ ﻋﻮاﻗﺐ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ. إﻧّﻲ أﺷﻔﻲ أﻣﺮاض اﻟﺠﺴﺪ .أﻟﻘﻲ ﺑﻨﺎﻇﺮﻳﻚِ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﺗﺮي آﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺮﺿﻰ ﻣﻨﺬ ﺗﺴﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﺟﻴﻼً ﺑﻌﺪ أن ﻳﺌﺴﻮا ﻣﻦ ﻧﺠﺎة ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻧﺎﻟﻮا اﻟﻌﺎﻓﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﺠﺎﺋﻬﻢ إﻟﻲّ. ﻻ ﻳﻤﻀﻲ ﻳﻮمٌ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ ﻓﻴﻪ ﻋﻄﻔﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺸﺮ اﻟﻤﻌﺠﺰات ﻓﻲ أﺟﺴﺎدهﻢ ،ﻟﻜﻦ أُﺣﺐﱡ ﺧﺎﺻّﺔ أن أﻇﻬﺮ ﻣﻘﺪرﺗﻲ ﻓﻲ أﻧﻔﺴﻬﻢ.
58
ﻣﺎ أآﺜﺮ اﻟﺸﺒّﺎن واﻟﺸﺎﺑّﺎت ،واﻟﺮﺟﺎل واﻟﺸﻴﻮخ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﻌﺮون ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﺑﻤﺮض اﻟﻨﻔﺲ وﺑﻤﻴﻞ ﻳﺪﻓﻌﻬﻢ إﻟﻰ ﻖ اﻟﻤﻴﻞَ اﻟﻤﻨﺤﺮف اﻟﺸﺮّ! إﻧّﻬﻢ ﻳﺴﺄﻟﻮن ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻲ ﻓﺄﺳﺤ ُ ﻞ ﺑﻬﻢ ﻧﺤﻮ اﻟﺨﻴﺮ. ﻓﻴﻬﻢ وأﻣﻴ ُ ﻓﻌﻨﺪﺋﺬٍ ﻳﺘﺮآﻮن اﻷرض وﻳﺮﻓﻌﻮن أﺑﺼﺎرهﻢ ﻧﺤﻮ اﻟﺴﻤﺎء. وﻳﻨﺒﺬون اﻟﺸﻴﻄﺎن وﻳﺴﻤﻌﻮن ﻟﻠﻤﺴﻴﺢ ،وﻳُﺼﻤﱡﻮن أُذﻧُﻬﻢ دون اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻳُﺼﻐﻮن إﻟﻰ ﺻﻮﺗﻲ :وﻳﺴﻠﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﺨﻴﺮ. ﺗﻌﺎﻟﻮا إﻟﻲّ ،أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﺮﺿﻰ آﻠّﻜﻢ ،ﻓﺄﺷﻔﻴﻜﻢ. ﻞ إﻟﻴﻚ ﺷﻔﺎء اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﺷﻔﺎء اﻟﻤﺮﺿﻰ ،إﻧّﻲ أآ ُ ﻧﻔﺴﻲ وﺟﺴﺪي. إﻧّﻲ أﺳﺄﻟﻚِ ﻗﺒﻞ آﻞّ ﺷﻲءٍ ﻋﺎﻓﻴﺔ ﻧﻔﺴﻲ .واﻟﻤﻮت أﺣﺐﱡ إﻟﻲّ ﻣﻦ اﻗﺘﺮاف اﻻﺛﻢ. وأﻣّﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺷﻔﺎء اﻟﺠﺴﺪ ،ﻓﺈﻧّﻚ ﺗﻌﻠﻤﻴﻦ أآﺜﺮ ﻣﻨﻲ ﻣﺎ ﻳﻮاﻓﻘﻨﻲ .اﺟﻌﻠﻴﻨﻲ أﻃﺎﺑﻖ ﻓﻲ آﻞّ ﺷﻲء إرادﺗﻲ ﻣﻊ إرادة اﷲ. إﻧّﻲ أﺳﺘﻌﻴﺮُ ،ﻷﻣﺪﺣﻚ ،ﻋﻮاﻃﻒ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺑﺮﻧﺮدوس: "ﻋﻈﻴﻤﺔٌ هﻲ اﻟﻤﺪاﺋﺢ اﻟﺘﻲ ﻗﻴﻠﺖ ﻓﻴﻚ ،ﻳﺄ ُأمّ اﷲ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ! ..ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ ﻟﺴﺎنٍ ،وﻻ آﻼم ،ﻋﻨﺪ أي ﺷﻌﺐِ ﻳﻌﻴﺶ ﺗﺤﺖ اﻟﺸﻤﺲ ،ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻜﺮّم ﻋﻈﻤﺔ ﻗﻮّﺗﻚ. "أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﺘﻘﻴّﺔ ،واﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ،ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ اﻟﻠﻄﺎﻓﺔ ،إنّ اﻟﺘﻠﻔّﻆ ﺑﺎﺳﻤﻚِ ﻳُﻀﺮم اﻟﻘﻠﺐ ﺣﺒًّﺎ ،وﻻ ﻳﺤﻮم اﻟﻔﻜﺮ ﺣﻮﻟﻚ ﺑﺪون أن ﻳﺸﻌﺮ اﻟﻘﻠﺐ اﻟﺬي ﻳُﺤﺒﱡﻚ ﺑﺘﻀﺎﻋﻒ اﻟﺤﻨﺎن ،وﻻ ﻳﻤﺮﱡ ذآﺮك ﻓﻲ ذاآﺮﺗﻨﺎ ﺑﺪون أن ﻳﻤﻸﻧﺎ ﻣﻦ ذاك اﻟﻔﺮح اﻟﻤﻘﺪّس اﻟﺬي أﻋﻄﺎكِ إﻳّﺎﻩ اﷲ. "واﻵن ﻳﺎ ﻣﻠﻜﺘﻨﺎ ،ﻧﺼﺮخ إﻟﻴﻚ ﻣﻦ آﻞّ ﻗﻮى ﻧﻔﺴﻨﺎ :ﺳﺎﻋﺪي ﺿﻌﻔﻨﺎ! إرﻓﻌﻲ ﺷﻘﺎءﻧﺎ. "أﻧﻈﺮي هﺬا اﻟﺮداء اﻟﺬي ﻳُﺠﻠﺒﺒﻨﺎ :هﻮ رداء ﺣﻮّاء أﻣّﻨﺎ ،ﻗﺪ ﺖ آﺎﻟﺜﻮب ﻋﺎر ُﻩ ﺟﺴﺪ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ، أورﺛﺘﻨﺎ إﻳّﺎﻩ ﻟﺸﻘﺎﺋﻨﺎ ،وأﻟﺒﺴ ْ واﻓﺮﺧﺖ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺬار ﺷﺮﱟ ﻣﻀﺎﻋﻒ ،ووﺿﻌﺖ اﻟﻈﻠﻢ ﻓﻲ
59
ﻪ ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ ،واﻟﻔﺴﺎد ﻓﻲ أﺟﺴﺎدﻧﺎ ،واﻟﻤﻮت ﻓﻲ آﻞّ ﻣﻜﺎن! ﻳﺎ ﻟ ُ ﻣﻦ إرث ﻣﺸﺆوم ،وﻣﻦ ﻣﺮضٍ ﻋﻀﺎل ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ! "ﻣﻦ ﻳﻨﻘﺬﻧﺎ إذًا ﻣﻦ ﻓﺴﺎد هﺬا اﻟﺮداء؟ هﻲ ﻧﻌﻤﺔ ﻣﺨﻠّﺼﻨﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ اﺑﻨﻚ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! ذاك اﻟﺬي ﺟﻌﻞ ذاﺗﻪ ﻣﺮﻳﻀًﺎ ﻟﻴﺸﻔﻲ ﻋﺎهﺎﺗﻨﺎ ،وﺿﺤّﻰ ﺑﺤﻴﺎﺗﻪ اﻟﻄﺎهﺮة ،ﻓﺪاءً ﻋﻨّﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﺨﻄﺄة ،ﻟﻴُﻤﻴﺖ ﻣﻮﺗﻨﺎ. "أﻧﺖ أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﻄﻮﺑﺎوﻳّﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺎﻃﺒﻴﻦ ﻗﻠﺐ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ .أﻧﺖ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺎﻧﻘﻚ هﺬا اﻻﺑﻦ اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻣﻌﺎﻧﻘﺔ ﺳﺮﻳّﺔ وﺗﺮﺗﺎﺣﻴﻦ ﺑﻴﻦ ذراﻋﻴﻪ ،وﺗﺘﻨﻌّﻤﻴﻦ ﺗﻨ ّﻌﻤًﺎ آﺎﻣﻼً ﺑﻤﺤﺎدﺛﺘﻪ اﻟﻠﻄﻴﻔﺔ! "ﺗﻜﻠّﻤﻲ ،ﻓﺈن اﺑﻨﻚ ﻳﺼﻐﻲ ،وﻳﺴﺘﺠﻴﺐ آﻞّ أﺳﺌﻠﺘﻚ. اﺳﺘﻐﻴﺜﻲ ﺑﺎﺳﻤﻪ اﻟﻤﻘﺪّس ﻋﻨّﺎ ،ﺣﺘّﻰ ﻧﺸﻔﻰ ﻣﻦ ﺑﺮص اﻟﻨﻔﺲ واﻟﺠﺴﺪ اﻟﻘﺪﻳﻢ .وﻟﻴﺘﺠﺪّد ﺑﺼﻠﻮاﺗﻚ ﻣﺜﻞ اﻟﻨﺴﺮ ﺷﺒﺎﺑﻨﺎ، وﻟﻴﻤﺘﺰج ﺻﻮﺗﻨﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﺑﺄﺻﻮات إﺧﻮاﻧﻨﺎ اﻟﺠُﺪد ﻓﻲ هﺬﻩ اﻷﻣﻜﻨﺔ ﺣﻴﺚ آﻞﱡ ﺷﻲءٍ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻓﻨﺮﺗّﻞ ﻋﻠﻰ ﺻﻨﻮج اﻟﺘﻬﻠﻴﻞ ﻟﺤﻨًﺎ ﺟﺪﻳﺪًا، ﻟﺤﻦ اﻟﻔﺮح اﻷﺑﺪيّ! "ﻓﻠ ُﻴﺰَح اﻟﺴﺘﺎر ﻋﻦ أﻋﻴﻨﻨﺎ ،ﻓﻨﻨﻈﺮ ﻣﺠﺪ ﺳﻴّﺪﻧﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ وﻧﻐﺮق ﻓﻲ ﺑﺤﺮ ﻧﻮرﻩ اﻹﻟﻬﻲّ اﻟﻮاﺳﻊ ،ﺣﺘّﻰ إذا ﺟﻤﻌﺘﻨﺎ رُﺑﻂ اﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺑﺮوح ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ إﻟﻬﻨﺎ ﻧﺼﺒﺢ وإﻳّﺎﻩ واﺣﺪًا. "ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،أﻃﻠﺒﻲ ﻟﻨﺎ هﺬﻩ اﻟﻨﻌﻤﺔ ﺑﺘﻮﺳّﻼﺗﻚِ إﻟﻰ ﻳﺴﻮع ﻪ اﻟﻤﺪﻳﺢ واﻟﻤﺠﺪ ،واﻟﺸﻜﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻣﺨﻠّﺼﻨﺎ ،اﻟﺬي ﻳﻠﻴﻖ ﻟ ُ أﺑﺪ اﻵﺑﺪﻳﻦ!".
60
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﻣﻠﺠﺄ اﻟﺨﻄﺄة
اﻟﻨﻔﺲ :إﻧّﻲ ﺑﺎﻟﻜﺪّ أﺟﺮؤ أن أوﺟّﻪ إﻟﻴﻚِ اﻟﻜﻼم ﻋﻨﺪﻣﺎ أرى ﺣﺎﻟﺘﻲ اﻟﺘﻌﺴﺔ ،ﻳﺎ أمﱠ اﷲ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ! إﻧّﻚ ﺗﻌﺮﻓﻴﻦ ﻋﺪد ﺁﺛﺎﻣﻲ وﺛﻘﻠﻬﺎ .ﻓﺄﻧﺎ أﺳﺘﺤﻖﱡ ﺟﻬﻨّﻢ. ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،أﻧﺎ ﻣﻠﺠﺄ اﻟﺨﻄﺄة. إنّ اﻟﺒﺸﺮ ﻗﺪ ﺷﺎدوا اﻟﻤﺪن ﻗﺪﻳﻤًﺎ ﺣﻴﺚ آﺎن ﻳﺄوي اﻷﺛﻤﺔ ﻓﻴﺼﺒﺤﻮن ﻓﻲ ﻣﻨﻌﺔٍ ﻟﺪى دﺧﻮﻟﻬﻢ إﻟﻴﻬﺎ .ﻓﺄﻧﺎ أﻳﻀًﺎ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻠﺠﺈٍ. وﺟﻤﻴﻊ اﻟﺨﻄﺄة ،ﺣﺘّﻰ اﻷآﺜﺮ إﺛﻤًﺎ ،ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ أن ﻳﺄﺗﻮا إﻟﻲّ ﻓﻼ أﻧﺒﺬ أﺣﺪًا .وإﻧّﻲ ﺁذن إﻟﻰ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻟﻴﺴﻜﻨﻮا ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺘﻲ هﻲ أﻧﺎ. ﻓﻬﻨﺎك ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﻻ ﺗﻄﺎﻟﻬﻢ ﻳﺪ اﻟﺒﺸﺮ وﻻ ﻳﺪ اﷲ .هﻨﺎك، ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﻳﺘﻌﺮّوا ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻣﻦ ﻋﻴﻮﺑﻬﻢ وﺁﺛﺎﻣﻬﻢ ،وﻣﻦ آﻞّ ﺷﻲء دﻧﺲٍ ﻓﻴﻬﻢ. واﷲ ،اﻟﺬي ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻮت اﻟﺨﻄﺄة ﺑﻞ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ،ﻳُﺒﻘﻲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻷﻧّﻬﻢ ﺗﺤﺖ ﺣﻤﺎﻳﺘﻲ .وﻋﺪﻟُﻪ ﻻ ﻳﻀﺮﺑﻬﻢ ،ﺑﻞ ﻳﻌﺎﻣﻠﻬﻢ ﺑﺸﻔﻘﺔ. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮاهﻢ راﺟﻌﻴﻦ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺈﺧﻼص ،ﻳﺠﺪّد ﺣﺒّﻪ ﻟﻬﻢ آﺄﺑﻨﺎﺋﻪ ،وﻳﻔﻌﻤﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺒﺮآﺎت. ﺁﻩ! ﺗﻌﺎﻟﻮا إﻟﻲّ آﻠّﻜﻢ أﻳّﻬﺎ اﻟﺨﻄﺄة ،ﻓﺄﺧﻠّﺼﻜﻢ. وﻟﻜﻦ ﺗﻌﺴًﺎ ﻟﺬاك اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻠﺘﺠﺊ إﻟﻲّ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺪﻧﻴﺎ أﻧﺎ اﻟﻜﻠﻴّﺔ اﻟﻌﻄﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،واﻟﻜﻠﻴّﺔ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﺮاع إﻟﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﺨﻄﺄة ،وﻳﺘﺒﺎﻃﺄ ﻋﻦ اﻻﺑﺘﻬﺎل إﻟﻲّ ﻓﻴﺨﺴﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﺧﺴﺮاﻧًﺎ ﻻ ﻳُﻌﻮّض.
61
اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،إﻧّﻚ ﺗﺤﻘّﻘﻴﻦ اﻟﺸﻔﻘﺔ ﻟﻠﺒﺆﺳﺎء ،ﻓﺘﻬﺒﻴﻦ اﻟﻨﻌﻤﺔ ﻟﻨﺎآﺮي اﻟﺠﻤﻴﻞ ،واﻟﻐﻔﺮان ﻟﻠﺨﻄﺄة .ﻓﻌﻨﺪﺋﺬٍ اﻷﻧﻔﺲ ﺖ اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﺎﻟﻌﻈﺎﺋﻢ ،واﻟﻘﻠﻮب اﻟﻤﺄﺳﻮرة ﻟﻠﺨﻼﺋﻖ ﺗﻔﻠِ ُ ﻣﺤﻠّﻘﺔً ﻧﺤﻮ اﻟﺴﻤﺎء ،واﻟﻤﺎﺋﺘﻮن ﻳﺠﺪّدون ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ،واﻟﻤﺴﺎﻓﺮون ﻳُﻠﻘﻮن اﻟﺘﺤﻴّﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻃﻦ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ. ﻟﻤﺎذا إذًا أﺧﺎف؟ ﻻ ،ﻻ ،إﻧّﻲ ﻟﻦ أﺧﺴﺮ ﺧﻼﺻﻲ اﻷﺑﺪيّ، ﻪ ﺑﻴﺪ ﻳﺴﻮع ﻣﺨﻠّﺼﻲ وﺑﻴﺪ ﻣﺮﻳﻢ ﻷنّ اﻟﺤﻜﻢ اﻷﺧﻴﺮ هﻮ آﻠﱡ ُ ﻣﻠﺠﺈي اﻷﻣﻴﻦ. ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻣﺎ أﺣﺴﻦ ،أن ﻳﻌﻴﺶ اﻹﻧﺴﺎن ﺗﺤﺖ ﺣﻤﺎﻳﺔ أمﱟ ﻓﺎﺋﻘﺔ اﻟﻤﺤﺒّﺔ واﻟﻘﺪرة! ﻷﻧّﻪ ﻣﻦ ﻳﺠﺮؤ ﻋﻠﻰ أن ﻳﻨﺘـﺰع ﻣﻦ ﺣﻀﻨﻬﺎ أﺑﻨﺎءهﺎ اﻟﻼﺟﺌﻴﻦ إﻟﻴﻬﺎ؟ ﻣﺮﻳﻢ :ﻧﻌﻢ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،آﻤﺎ أنّ اﻷمّ ﻟﺪى رؤﻳﺘﻬﺎ اﺑﻨﻬﺎ ﻣﻌ ّﺮﺿًﺎ ﻟﺴﻴﻒ اﻟﻌﺪوّ ،ﺗﺒﺬل آﻞّ ﺷﻲءٍ ﻟﺘﻨﺠّﻴﻪ ﻣﻦ هﺬا اﻟﺨﻄﺮ، ﻊ داﺋﻤًﺎ ﻣﻊ آﻞّ اﻟﺨﻄﺄة اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻐﻴﺜﻮن ﻊ وﺳﺄﺻﻨ ُ هﻜﺬا أﺻﻨ ُ ﺑﺮﺣﻤﺘﻲ .أﺟﻞ! ﻣﻊ ﺟﻤﻴﻊ أﺑﻨﺎﺋﻲ ،وإن آﺎﻧﻮا ﻣﻦ أآﺒﺮ اﻟﺨﻄﺄة، ﻋﻠﻰ ﺷﺮط أن ﻳﺄﺗﻮا إﻟﻲّ. اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ أﻣّﻲ ،إﻧّﻲ ﺁﺗﻴﺔٌ إﻟﻴﻚ ،أﻧﺎ اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ اﻟﻤﺴﻜﻴﻨﺔ ﻗﺎﺋﻠﺔً ﻟﻚِ ﻣﻊ اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻓﺮام: "ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،أمّ إﻟﻬﻲ ،أﻧﺖِ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺴﻤﺎء واﻷرض ،رﺟﺎ ُء اﻟﺤﺰاﻧﻰ .أﻧﺖ اﻟﻤﺤﺎﻃﺔ ﺑﺈآﻠﻴﻞ ﻧﻮر أﻟﻤﻊ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺲ .أﻧﺖِ اﻟﻤﻜﻠّﻠﺔ ﺑﺸﺮفٍ ﻳﺴﻤﻮ ﺷﺮف اﻟﺸﺎروﺑﻴﻢ ،وﻗﺪاﺳﺔ ﺗﻔﻮق ﻗﺪاﺳﺔ اﻟﺴﺎراﻓﻴﻢ.اﻧﺖ اﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺔ ﻓﻮق ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺨﻼﺋﻖ اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ .ﻟﻘﺪ آﻨﺖِ رﺟﺎءَ أﺑﺎﺋﻨﺎ اﻟﻮﺣﻴﺪ ،وﻓﺮح اﻷﻧﺒﻴﺎء ،وﻋﺰاء اﻟﺮﺳﻞ ،وﻣﺠﺪ اﻟﺸﻬﺪاء ،وﺷﺮف ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ. "أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء ،اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ إﻟﻰ اﻟﺒﺸﺮ اﻟﻀﻴﺎء واﻟﺘﻌﺰﻳﺔ! أﻧﺖِ اﻷآﺜﺮ آﻤﺎﻻً ،واﻷﻗﺪس ﺧﻠﻴﻘﺔً ،وﺑﻤﻦ أﺳﺘﻄﻴﻊ أن أﺷﺒّﻬﻚ؟
62
أﻧﺖِ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺒﺨﺮة اﻟﺬهﺒﻴّﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻮح ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺮواﺋﺢ اﻟﺬآﻴّﺔ اﻟﻌَﺮف .أﻧﺖِ اﻟﻤﺼﺒﺎح اﻟﺬي ﻳﻀﻲ ُء ﻟﻴﻼً وﻧﻬﺎرًا ﺑﻴﺖ اﻟﻤﻘﺪس. أﻧﺖِ اﻟﺠﺮّة اﻟﺘﻲ آﺎﻧﺖ ﺗﺤﺘﻮي ﻣَﻦﱠ اﻟﺴﻤﺎء ،واﻟﻠﻮح اﻟﺬي آُﺘﺒﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﺮﻳﻌﺔ اﷲ .أﻧﺖِ ﺗﺎﺑﻮت اﻟﻌﻬﺪ اﻟﻤﻘﺪّس .أﻧﺖِ اﻟﻌﻠﻴّﻘﺔ ﻞ ﻳﺴﱠﻰ اﻟﺬي اﻟﻤﺘّﻘﺪة اﻟﺘﻲ آﺎﻧﺖ ﺗﺸﺘﻌﻞ وﻻ ﺗﺤﺘﺮق .أﻧﺖِ أﺻ ُ ﻳﺤﻤﻞ أﺟﻤﻞ اﻟﺰهﻮر ،وهﺬﻩ اﻟﺰهﺮة هﻲ اﺑﻨﻚ! وهﺬا اﻻﺑﻦ هﻮ إﻟﻪٌ وإﻧﺴﺎنٌ ﻣﻌًﺎ ،وأﻧﺖ أﻣّﻪ! "ﺑﻚِ ،أﻳّﺘﻬﺎ اﻷمﱡ اﻟﻌﺬراء ،ﻗﺪ ﺗﺼﺎﻟﺤﻨﺎ ﻣﻊ اﷲ .أﻧﺖِ ﻣﺤﺎﻣﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﺨﻄﺄة ورﺟﺎء اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻴﺎﺋﺴﺔ .أﻧﺖِ اﻟﻤﻴﻨﺎ ُء اﻷﻣﻴﻦ اﻟﻤﻨﺠّﻲ ﻣﻦ اﻟﻐﺮق .أﻧﺖِ ﺗﻌﺰﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻣﺄوى اﻟﻴﺘﺎﻣﻰ ،وﻓﺪا ُء ﻢ اﻟﺴﻘﻤﺎء ،وﺧﻼ ُ ص اﻟﺠﻤﻴﻊ. اﻷﺳﺮى ،وﻋﺰا ُء اﻟﻤﺮﺿﻰ ،وﺑﻠﺴ ُ ﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺳﻨﺪَﻩ. ﻓﻴﻚِ ﻳﺠﺪ اﻟﻤﺘﻮﺣّﺪ راﺣﺘﻪ ،ورﺟ ُ "ﺗﺤﺖ ذﻳﻞ ﺣﻤﺎﻳﺘﻚ ﻧﻠﺘﺠﺊ ﻳﺎ أمّ اﷲ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ! ﻓﺎﺳﺘﺮﻳﻨﺎ ﺑﺴﺘﺮ رأﻓﺘﻚ ،واﺷﻔﻘﻲ ﻋﻠﻴﻨﺎ .ﻧﻌﻢ ،إﻧّﻨﺎ ﻧﺒﺘﻬﻞ إﻟﻴﻚ ﺑﻌﻴﻦ ﺳﺎﺑﺤﺔ ﺑﺎﻟﺪﻣﻮع ،أن ﺗﻄﻠﺒﻲ ﻟﻨﺎ ﺑﺸﻔﺎﻋﺘﻚ اﻟﻤﺴﺘﺠﺎﺑﺔ ،ﻣﻦ اﺑﻨﻚ اﻹﻟﻬﻲّ ﻣﺨﻠّﺼﻨﺎ اﻟﺤﻠﻴﻢ ،أﻻ ﻳﻨﺒﺬﻧﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ ،وﻻ ﻳﺤﻜﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ آﺄﺷﺠﺎر ﻋﻘﻴﻤﺔ .ﺁﻣﻴﻦ.
63
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎدس واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﻣﻌﺰّﻳﺔ اﻟﺤﺰاﻧﻰ
اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! إﻧّﻲ ﻻ أﻗﺪر أن أﺗﻤﻠّﺺ ﻣﻦ اﻟﻌﺬاب .ﻷ ّ ن اﻟﺤﺰن واﻟﺼﻠﻴﺐ ﻳﺮاﻓﻘﺎﻧﻲ أﻧّﻰ ﺗﻮﺟّﻬﺖ .أﻧﺎ اﺑﻨﺔ ﺣﻮّاء اﻟﺘﻌﻴﺴﺔ أﻧﺘﺤﺐ ﻓﻲ وادي اﻟﺪﻣﻮع .هﺬا هﻮ إرث أﺑﻮﻳﻨﺎ اﻷوّﻟﻴﻦ اﻟﻤﺤﺰن. إنّ ﺣﻮّاء ﻗﺪ أﻋﻄﺘﻨﺎ ﺛﻤﺮة اﻟﻤﻮت .أﻣّﺎ أﻧﺖِ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻓﺄﻋﻄﻴﺘِﻨﺎ اﻟﺘﻌﺰﻳﺔ واﻟﺤﻴﺎة. ﻣﺮﻳﻢ :ﺑﺤﻖﱟ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،أُدﻋﻰ ﻣﻌﺰﻳّﺔ اﻟﺤﺰاﻧﻰ. إنّ أﺣﺰاﻧًﺎ آﺜﻴﺮة ﺗﺤﺎرب ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻗﻠﺐ اﻟﺒﺸﺮ وﺗﻨﺘـﺰع ﻣﻨﻪ آﻞّ ﻗﻮّﺗﻪ .ﻓﺎﻟﻄﻮﺑﻰ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﺤﻮّﻟﻮن ﻧﻈﺮهﻢ إﻟﻲّ ،إﻧّﻬﻢ ﻳُﻌﺰّون. ﻣَﻦ ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﺗﺴﻠﻴﺔ ﺣﺰﻳﻦ ،ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﻗﺪ ذاق ﻣﺮارة اﻟﺤﺰن ،ﻷﻧّﻪ ﻋﻨﺪﺋﺬٍ ﻳﺸﻔﻖ ﻋﻠﻰ أﻟﻤﻪ ،وﻷنّ اﻟﺸﻔﻘﺔ هﻲ ﻣﻔﺘﺎح اﻟﺘﻌﺰﻳﺔ .وﻳﺠﺐ أﻳﻀًﺎ أن ﻳﺠﺪ ﻓﻲ ﻧﻔﺴِﻪ ﻣﻮﺿﻮﻋًﺎ أو آﻠﻤﺔ ﺟﺪﻳﺮة ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺑﺄن ﺗﺴﻠﱢﻲ اﻟﻘﻠﺐ اﻟﺤﺰﻳﻦ ﺑﻞ ﺗﻼﺷﻲ ﻣﻨﻪ اﻟﺤﺰن ﻧﻔﺴﻪ ﺗﻤﺎﻣًﺎ. واﻟﺤﺎل ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،أنّ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺣﺰان آﺎﻧﺖ ﺑﻲ ،ﻣﺎ ﻋﺪا ﺣﺰن اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ،وﻟﻜﻦ وإن ﻳﻜﻦ هﺬا اﻟﺤﺰن ﻣﺎ دﺧﻞ ﻧﻔﺴﻲ ،ﻓﺈنّ ﺧﻄﻴﺌﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ آﺎﻧﺖ ﺣﺰﻧًﺎ ﻟﻲ ،ﻷﻧّﻬﺎ أهﺎﻧﺖ اﷲ وأﻣﺎﺗﺖ اﺑﻨﻲ. ﺖ ﺖ أﻣﻠﻜﻪ ،ورأﻳ ُ ت اﻟﻘﻠﻴﻞ اﻟﺬي آﻨ ُ ﺖ ﻣﻦ وﻃﻨﻲ ،وﻓﻘﺪ ُ ﻟﻘﺪ ﻧُﻔﻴ ُ ت ﺑﺠﻤﻴﻊ اﺑﻨﻲ ﻣﺎﺋﺘًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻠﻴﺐ .وﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﺷﻌﺮ ُ اﻷﺣﺰان اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻗﻠﺐٌ أن ﻳﺴﺒﺮ ﻏﻮرهﺎ أو ﻳﺤﺘﻤﻠﻬﺎ .إذًا أﺳﺘﻄﻴﻊ أن أﻋﺰّي اﻷﺣﺒّﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻬﺪّدهﻢ ﺧﻄﺮ اﻟﻤﻮت ،واﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺄﺛّﺮهﻢ اﻻﺿﻄﻬﺎد ،واﻟﺬﻳﻦ ﻳﺨﻔﻮن ﺣﺰﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻬﻢ .وﺟﻤﻠﺔ اﻟﻘﻮل إﻧّﻲ أﻋﺰّي ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﺰاﻧﻰ. وإﻧّﻲ أﻋﺮف أن أُﺑﻌﺪ اﻟﺤﺰن ﺑﺤﻤﻠﻲ اﻟﺤﺰاﻧﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻟﻺرادة اﻹﻟﻬﻴّﺔ ،وﺑﺈﻧﺎرﺗﻲ ﻋﻘﻠﻬﻢ وإﻓﻬﺎﻣﻲ إﻳّﺎهﻢ أنّ
64
ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺷﻴﺎء ﺗﻌﺒﺮ وﺗﺰول ،وأنّ اﻟﺘﺠﺎرب ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻮﺿﻮﻋًﺎ ﻟﻠﺤﺰن ،ﺑﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋًﺎ ﻟﻠﻤﺠﺪ واﻟﺴﻌﺎدة. ﺛﻢّ ،إنّ آﻠﻤﺘﻲ ﺳﺘﻜﻮن آﻠﻴّﺔ اﻟﺘﻌﺰﻳﺔ ،آﻠﻤﺔ أمﱟ ،ﻣُﺤﺒّﺔ ﻻ ﻳﻤﺎﺛﻠﻬﺎ ﺷﻲء ،ﺗﻘﺪر أن ﺗُﺰﻳﻞ اﻟﺘﻌﺐ واﻷﻟﻢ .وﺳﺘﻜﻮن آﺒﻠﺴﻢٍ ﺷﺎفٍ ،وذات ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻓﻌّﺎل ﻓﻲ اﻟﺤﺎل ﻻ ﺗﺸﻔﻲ اﻟﺠﺮح ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﺗﻘﻮّي ذاك اﻟﺬي ﻳﺘﺄﻟّﻢ. إﻧّﻲ ﺳﺄﻋﻄﻴﻪ آﻠﻤﺘﻲ ،واﺑﻨﻲ ﻳﻨﺒﻮع آﻞّ ﻓﺮحٍ وﻣﺒﺪأَ آﻞّ ﻣﺠﺪٍ ﻋﻠﻰ اﻷرض وﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء. ﺁﻩ! ﺗﻌﺎﻟﻮا إﻟﻲّ آﻠّﻜﻢ أﻳّﻬﺎ اﻟﺤﺰاﻧﻰ ،ﻓﺄﻋﺰّﻳﻜﻢ. اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻣﻌﺰﻳّﺔ اﻟﺤﺰاﻧﻰ ،إﻧّﻲ أﺳﺘﻌﻴﺮ ﺗﻨﻬّﺪات ﻗﻠﺐٍ ﻣﺒﺘﻠﻰً ﺑﺎﻷﺣﺰان ﻷﺑﺴﻂ ﻟﻚ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻲ. "أﻧﺖ أوﻟﻰ اﻟﺨﻼﺋﻖ ،اﻷوﻓﺮ ﻧﻘﺎءً وﻋﺬوﺑﺔً وﺣﺒًّﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺪر ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن أن ﻳﺼﺎدﻓﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ اﻟﺤﺰن .إنّ ﻗﻠﺒﻚ ﻏﻨﻲﱞ ،ﺑﺪون ﻗﻴﺎس ،ﺑﻘﻮّﺗﻴﻦ ﺗﺠﻌﻼن اﻟﻨﻔﺲ ﺷﻔﻴﻘﺔً هﻤﺎ :اﻟﻤﺤﺒّﺔ واﻟﻨﻘﺎوة. وهﺬا اﻟﻘﻠﺐ اﻟﺬي ﻻ ﻣﺜﻴﻞ ﻟﻪ ،هﻮ ﻓﻲ آﻞّ ﻣﻜﺎن .ﻓﻤﺎ ﻣﻦ أرضٍ وإن ﻏﺮﻳﺒﺔً ،وﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﻔًﻰ وإن ﺳﺤﻴﻘًﺎ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺼﺎدﻓﻚِ ﻓﻴﻬﻤﺎ آﻴﺴﻮع ﻓﻲ ﻣﻨﻌﻄﻒ ﻃﺮﻳﻖ اﻷﺣﺰان. "أﻧﺖ ﺁﺧﺮ ﻣﺮأىً ﻟﺠﻨﺪيّ ﺷﺎبّ ﻳﻤﻮت ﻣﺘﺤﺴّﺮًا ﻋﻠﻰ أﻣّﻪ، أﻧﺖ ﺁﺧﺮ ﻣﺮأىً ﻟﻠﻤﺮﺳﻞ اﻟﺘﺎﺋﻪ اﻟﺬي ﻳﺴﻘﻂ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺐ واﻟﺠﻮع ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ اﻟﺒﺸﺮ ،ﺷﺎﻋﺮًا ﺑﻌﺎﻃﻔﺔ أمﱟ ﺗﻄﻮّق رأﺳﻪ اﻟﻤﺎﺋﺖ، وﻳﻠﻔﻆ روﺣﻪ ﻓﻲ ﺣﻀﻨﻚ. "ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! إنّ ﺁﻻﻣًﺎ ﺗﻨﺘﻈﺮﻧﺎ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻻ ﻳﻌﺮف أﺣﺪٌ آﻢ ﻳﻜﻮن ﻣﻘﻴﺎس ﻣﺼﺎﺋﺒﻪ .ﻟﺮﺑﻤﺎ ﻧﻮﺟﺪ ﻳﻮﻣًﺎ وﺣﺪﻧﺎ ﺑﻌﻴﺪﻳﻦ ﻋﻦ ذوﻳﻨﺎ ،ﻣُﺴﻠّﻤﻴﻦ إﻟﻰ ﻋﻨﺎﻳﺔ رﺟﻞ ﻻ ﻳﻜﺘﺮث ﻟﻨﺎ وﻣﻀﻄﺮّﻳﻦ إﻟﻰ اﺑﺘﻴﺎع اﻟﺘﻌﺰﻳﺔ .هﻠﻤّﻲ ﻋﻨﺪﺋﺬٍ ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻳﺎ أﻣّﻲ! أﺳﺮﻋﻲ إﻟﻰ ﺷﻜﻮاﻧﺎ ،ﺿﻌﻲ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺎهﻨﺎ ذاك اﻻﺳﻢ اﻟﺬي دﻋﻮﻧﺎ ُﻩ ﻣﺮارًا
65
ﻣﻦ ﺣﻴﻦ أﺑﺼﺮت ﻋﻴﻮﻧﻨﺎ اﻟﻨﻮر ،هﺬا اﻻﺳﻢ اﻟﺬي ﻳﺴﻜﱢﻦ ،وﻳﻤﻬّﺪ، وﻳﻄﻬّﺮ آﻞّ ﻣﻦ ﻳﺴﻤﻌﻪ. "ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،أﻧﺖ اﻟﺘﻲ وُﺟﺪت أهﻼً ﻷن ﺗﻌﺰّي وﺗﺸﺪّدي اﻹﻧﺴﺎن – اﻹﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺠﻠﺠﻠﺔ ،أُﻧﻈﺮي ﺿﻌﻒ اﻟﺒﺸﺮ. أُﻧﻈﺮي ﺿﻌﻔﻨﺎ ،وأﻟﻘﻲ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻧﻈﺮة أمﱟ ﺗُﺨﻔّﻒ ﺛﻘﻞ آﻞّ ﺻﻠﻴﺐ. "ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻻ ﺗﻨﺴﻲ وأﻧﺖ ﻓﻲ أﻳّﺎم ﻣﺠﺪك ،اﻟﺤﺰاﻧﻰ ﻋﻠﻰ اﻷرض .إﻋﻄﻔﻲ ﺑﻨﻈﺮك اﻟﺮؤوف ﻋﻠﻰ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻜﺘﻨﻔﻬﻢ اﻟﻌﺬاﺑﺎت ،وﻳﺼﺎرﻋﻮن اﻟﻤﺼﺎﻋﺐ ،وﻻ ﻳﻨﻔﻜّﻮن ﻋﻦ أن ﻳﺘﺠﺮّﻋﻮا آﺄس ﻣﺮارة هﺬﻩ اﻟﺤﻴﺎة. "إﺷﻔﻘﻲ ﻋﻠﻰ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ أﺣﺐّ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀًﺎ ،ﺛﻢّ ﻓُﺼﻠﻮا. "إﺷﻔﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻜﺴﺮي اﻟﻘﻠﺐ! "إﺷﻔﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﺿﻌﻒ إﻳﻤﺎﻧﻨﺎ! "إﺷﻔﻘﻲ ﻋﻠﻰ أﺣﺒّﺎﺋﻨﺎ! "إﺷﻔﻘﻲ ﻋﻠﻰ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﻜﻮن ،واﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﻠﱡﻮن ،واﻟﺬﻳﻦ ﻳﺨﺎﻓﻮن... "أﻋﻄﻲ اﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﺴﻼم واﻟﺮﺟﺎء .ﺁﻣﻴﻦ".
66
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎﺑﻊ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻠﺠﻠﺔ
ﺖ ﺻﺮاخ ﺖ ﺻﻮﺗﻚِ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﺳﻤﻌ ُ اﻟﻨﻔﺲ :ﻗﺪ ﺳﻤﻌ ُ ﻗﻠﺒﻚ" :ﺗﺄﻣّﻠﻮا ﻳﺎ ﻋﺎﺑﺮي ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺤﻴﺎة ،هﻞ رأﻳﺘﻢ وﺟﻌًﺎ آﻮﺟﻌﻲ" ﻳﺎ أﻣّﻲ ،إﻧّﻲ ﺁﺗﻴﺔٌ إﻟﻴﻚ. ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،اﻧﺘﻘﻠﻲ ﺑﺄﻓﻜﺎرك إﻟﻰ ﻗﻤّﺔ اﻟﺠﻠﺠﻠﺔ ،ﺗﺮي هﻨﺎك ﻳﺴﻮع ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻠﻴﺐ ،وﺗﺮﻳﻨﻲ واﻗﻔﺔً ﺗﺤﺘﻪ .إﻧّﻲ أرﻳﺪ أن أُﻓﻬﻤﻚ آﻞّ ﻣﺎ اﺣﺘﻤﻠﻪ ﻗﻠﺒﻲ اﻟﻮاﻟﺪيّ ﻣﻦ اﻟﻌﺬاب. ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﻗﺪ ﺗﺤﻘّﻖ آﻼم ﺳﻤﻌﺎن اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺖ اﺑﻨﻲ أﻧﺬرﻧﻲ ﺑﺄنّ ﺳﻴﻒ اﻷﺣﺰان ﺳﻴﺠﻮز ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ .رأﻳ ُ ﻪ ﻳُﺠﻠﺪ ،وﻳُﻜﻠّﻞ ﻳُﺴﻠّﻤﻪ أﺣﺪ ﺗﻼﻣﻴﺬﻩ ،وﻳﻘﺘﺎدﻩ ﺟﻨﻮدٌ ﺑﺮاﺑﺮة .ﻧﻈﺮﺗ ُ ﻤﺮًا ﺖ أراﻩ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻣﺴ ّ ﺑﺎﻟﺸﻮك ،وﻳُﻌﺮّى ﻣﻦ ﺛﻴﺎﺑﻪ .آﻨ ُ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻠﻴﺐ ،ﻣﻌّﻠﻘًﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺴﻤﺎء واﻷرض... ﺁﻩ! إﻧّﻚ ﻻ ﺗﻔﻬﻤﻴﻦ أﺑﺪًا ﻋﻈﻢ أﺣﺰاﻧﻲ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ، ﺖ أﺣﺘﻤﻞ آﻞّ ﻣﺎ آﺎن ﻳﺤﺘﻤﻠﻪ ﻣﻦ دﻗﻴﻘﺔ ﺁﻻم اﺑﻨﻲ :ﻓﻘﺪ آﻨ ُ ﺖ اﻟﺠﻨﺪ ،وﻣﻦ ﻗﻀﺎﺗﻪ ،وﻣﻦ ﺟﻼّدﻳﻪ .وﺟﻤﻠﺔ اﻟﻘﻮل أﻧّﻲ ﺻُﻠﺒ ُ ﻣﻌﻪ .ﻧﻌﻢ ،إنّ ﻧﻔﺴﻲ وﻓﻤﻲ آﺎﻧﺎ ﻳﺼﺮﺧﺎن إﻟﻰ اﷲ ﺑﺼﻮت ﻋﺎلٍ: "ﻳﺎ إﻟﻬﻲ ،إذا آﺎن ﻳُﺴﺘﻄﺎع ،ﻓﻠﺘﻌﺒﺮ ﻋﻨّﻲ هﺬﻩ اﻟﻜﺄس!" .ﻟﻜﻦ، ﺖ ﺑﻤﺎ أﻧّﻲ آﻨﺖ أﻋﻠﻢ أنّ ﺑﻤﻮت اﺑﻨﻲ ﺳﻴﺨﻠﺺ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،اﺳﺘﺄﻧﻔ ُ آﻼﻣﻲ" :ﻓﻠﺘﻜﻦ إرادﺗﻚ ﻳﺎ إﻟﻬﻲ ﻻ إرادﺗﻲ!". ﺖ ﺳﻴﻒ ﻋﺪل اﷲ ﻳﺨﺮق ﻣﺎ آﺎن أﺷﺪﱠ ﺣﺰﻧﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ رأﻳ ُ ﻗﻠﺐ اﺑﻨﻲ وﻗﻠﺒﻲ أﻳﻀًﺎ! ﻓﻬﻞ ﻣﻦ وﺟﻊٍ ﻣﺜﻞ هﺬا اﻟﻮﺟﻊ؟ إنّ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﺸﺘﺮاة ﺑﺜﻤﻦ دم اﺑﻨﻲ ﻗﺪ آﻠّﻔﺘﻨﻲ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﺛﻤﻨًﺎ ﻏﺎﻟﻴًﺎ! آﻢ ﺟﻌﻠﻨﻲ هﺬا اﻻﻓﺘﺪاء أﺣﺘﻤﻞ! إﻧّﻪ ﻣﺎ أﻋﺪﻣﻨﻲ اﻟﺤﻴﺎة ،ﻟﻜﻨّﻪ آﻠّﻒ ﺣﻴﺎة اﺑﻨﻲ .وﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ، آﺎﻧﺖ اﻟﺤﻴﺎة أﺷﺪﱠ وﻃﺄةً ﻋﻠﻲّ ﻣﻦ اﻟﻤﻮت.
67
إنّ اﷲ ﻟﻢ ﻳُﺮد ﻣﻮﺗﻲ ،ﺑﻞ أراد ﻣﻮت اﺑﻨﻲ ﻻ ﻏﻴﺮ .وﻗﺪ ﺖ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺧﺎﺿﻌﺔً ﻹرادﺗﻪ ﻪ ﻣﺎﺋﺘًﺎ ﻓﺎﺣﺘﻤﻠﺖُ ،وﺣﻔﻈ ُ ﺷﺎهﺪ ُﺗ ُ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ. اﻟﻨﻔﺲ :أﻳّﺘﻬﺎ اﻷم اﻟﻤﻤﺘﻠﺌﺔ ﺣﺒًّﺎ ،اﺟﻌﻠﻴﻨﻲ أﺷﻌﺮ ﺑﺸﺪّة ﺣﺰﻧﻚ ،وأﻣﺰج دﻣﻮﻋﻲ ﺑﺪﻣﻮﻋﻚ. ﻓﻠﻴﻜﻦ ﻗﻠﺒﻲ ﺟﺬوة ﻧﺎر ﻷﺣﺐﱠ ﻳﺴﻮع وأﺳﺘﺤﻖّ رﺿﺎﻩ. ﻞ إﻟﻴﻚ ﻟﺘﻄﺒﻌﻲ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﺎت أﻳّﺘﻬﺎ اﻷمﱡ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ،أﺑﺘﻬ ُ ﻗﻠﺒﻲ ﺟﺮاﺣﺎت ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺼﻠﻮب. ﻪ ﻓﻘﺎﺳﻰ ﺁﻻﻣًﺎ ﻣﺒﺮّﺣﺔ. أﺷﺮآﻴﻨﻲ ﺑﺂﻻم اﺑﻨﻚ ،اﻟﺬي ﺟﺮﺣ ُﺘ ُ إﺟﻌﻠﻴﻨﻲ أﺑﻜﻲ ﻣﻌﻚ ﻃﻴﻠﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺑﻜﺎءَ اﻟﺤﺐّ ،وأﺣﺰن ﻷوﺟﺎع إﺑﻨﻚ اﻟﻤﺼﻠﻮب. أرﻳﺪ ﻣﻦ اﻵن ﻓﺼﺎﻋﺪًا أن أُﻗﻴﻢ ﻣﻌﻚِ ﺗﺤﺖ اﻟﺼﻠﻴﺐ، وأُﺷﺎﻃﺮك أﺣﺰاﻧِﻚ. أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء ،ﻣﺠﺪ اﻟﻌﺬارى ،ﻻ ﺗﺮﻓﻀﻲ رﻏﺎﺋﺒﻲ .إﺟﻌﻠﻴﻨﻲ أﺑﻜﻲ ﻣﻌﻚ! أﻋﻄﻴﻨﻲ أن أﺣﻤﻞ ﺻﻠﻴﺐ ﻳﺴﻮع ،وأﻗﺎﺳﻤﻪ ﺁﻻﻣﻪ ،وأﻻّ أﻧﺴﻰ أﺑﺪًا ﺟﺮاﺣﺎﺗﻪ. إﺟﻌﻠﻴﻨﻲ ُأﺟﺮَح ﺑﺠﺮاﺣﺎﺗﻪ ،وأﺳﻜﺮ ﺑﺨﻤﺮة ﺻﻠﻴﺒﻪ ،ﺑﺎﻟﺪم اﻟﺬي هﺮﻗﻪ ﻋﻠﻴﻪ. ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إﻧّﻚ ﺳﺘﺘﻌﺬّﺑﻴﻦ آﺜﻴﺮًا ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻚ، وﺳﺘﺼﺎدﻓﻴﻦ ﺿﻴﻘﺎت آﺜﻴﺮة ﺗُﺜﻘﻞ آﺎهﻠﻚ .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﻔَﺪ ﻗﻮّﺗﻚ وﺷﺠﺎﻋﺘﻚ ،هﻠﻤّﻲ إﻟﻰ ﻗﻠﺒﻲ ﻓﻴﻨﻘﺬك ﻣﻨﻬﺎ وﻳﻌﻀﺪك .هﻠﻤّﻲ إﻟﻰ ﻗﻠﺒﻲ ﻓﻴﺆﺗﻴﻚ اﻟﺼﺒﺮ واﻟﺨﻀﻮع ،وﻳﻌﺰّﻳﻚ وﻳﺸﻔﻲ آﻞّ ﺟﺮاﺣﺎﺗﻚ وﻳﺠﻌﻠﻚ ﺗﺰدادﻳﻦ ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ اﺳﺘﺤﻘﺎﻗًﺎ أﻣﺎم اﺑﻨﻲ.
68
إنّ اﻟﻌﺬاب هﻮ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺨﻼص ،اﻟﻤﺆدّﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﻮﻃﻦ، ﺔ اﻻرﺗﺒﺎط ﺑﺎﺑﻨﻲ، واﻟﺤﺮب اﻟﻀﺎﻣﻨﺔ اﻹآﻠﻴﻞ .واﻟﺼﻠﻴﺐ ،هﻮ ﻋﻼﻣ ُ وراﻳﺔ اﻟﺠﻨﻮد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺄﺗﻤﺮون ﺑﺄواﻣﺮﻩ. اﻟﻨﻔﺲ :ﺣﺘّﻰ ﻻ أآﻮن ﻓﺮﻳﺴﺔ اﻟﻨﺎر اﻷﺑﺪﻳّﺔ ،أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﻤﻘﺘﺪرة ،ﺣﺎﻣﻲ ﻋﻨّﻲ ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻨﻮﻧﺔ. ﻟﻴﻜﻦ ﺻﻠﻴﺐ ﻳﺴﻮع هﻮ اﻟﻤﺪاﻓﻊ ﻋﻨّﻲ ،وﻣﻮﺗﻪ ﺣﺼﻨﻲ، وﻧﻌﻤﺘﻪ ﺳﻼﺣﻲ. وﻋﻨﺪﻣﺎ أﺿﻄﺮﱡ أن أﺗﺮك ﺟﺴﺪي ،ﻣﺘّﻌﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﻤﺠﺪ اﻟﻔﺮدوس .ﺁﻣﻴﻦ.
69
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻣﻦ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﻣﺜﺎل اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ
اﻟﻨﻔﺲ :إﻧّﻲ أﻋﻠﻢ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،إنّ اﻟﺤﻴﺎة ﺣﺮبٌ داﺋﻤﺔ .ﻳﺠﺐ أن أُﺣﺎرب .ﻳﺠﺐ أن أﻇﻔﺮ .إنّ اﻹآﻠﻴﻞ ﻻ ﻳُﻌﻄﻰ إﻻّ ﻟﻠﻤﺠﺎهﺪ اﻟﺸﺠﺎع .أﻧﺎ ﺟﺒﺎﻧﺔ ﺟﺪًّا! وﺿﻌﻴﻔﺔ ﺟﺪًّا! ﻣﺮﻳﻢ :إذا أردتِ أن ﺗﺮﺿﻴﻨﻲ ،اﻗﺘﺪي ﺑﺸﺠﺎﻋﺘﻲ. إنّ ﻣِﺤَﻨﻲ ﻗﺪ ﺳﺎوت ﻋﻈﻤﺔ اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ اﷲ ﻓﻲّ. آﺎن ﻗﺪ ﺟﻌﻠﻨﻲ أمّ اﻹﻟﻪ اﺑﻨﻪ ،ووهﺒﻨﻲ ﺣﻨﺎن أمﱟ ﻋﻠﻴﻪ .آﺎن اﺑﻨﻲ ﻣﺤﻮر ﻋﻈﻤﺘﻲ ،وﻧﻘﻄﺔ ﺛﺮوﺗﻲ ،وآﻞﱠ ﺷﻲء ﻟﻲ. ﺖ ﺑﺄﻧّﻲ ﺳﺄﻓﻘﺪﻩ واﻟﺤﺎل ،إﻧّﻪ ﻣﻨﺬ اﺑﺘﺪاء ﺣﻴﺎة ﻳﺴﻮع ،ﻋﻠﻤ ُ ﻳﻮﻣًﺎ ﻣﺎ ،وأﻧّﻪ ﺳﻴُﺴﻠّﻢ إﻟﻰ ﻳﺪ أﻋﺪاﺋﻪ وﻳُﺼﻠﺐ آﻤﺠﺮم ،وأﻧّﻪ ﻳﻤﻮت ﻣﺎ ﺑﻴﻦ أﺷﻨﻊ اﻟﻌﺬاﺑﺎت. ﺖ إنّ ذآﺮى ﺁﻻم اﺑﻨﻲ آﺎﻧﺖ داﺋﻤًﺎ ﻧﺼﺐ ﻋﻴﻨﻲّ .آﻠّﻤﺎ ﻗﺒّﻠ ُ ت إﻟﻰ ﺟﺒﻬﺘﻪ ،ﻓﻜّﺮت ﺑﺄﻧّﻪ ﺳ ُﻴﻜﻠّﻞ ذات ﻳﻮم ﺑﺎﻟﺸﻮك .وآﻠّﻤﺎ ﻧﻈﺮ ُ ﺖ ﺖ اﻟﻤﺴﺎﻣﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺜﻘﺒﻬﺎ .وﻋﻨﺪﻣﺎ آﻨ ُ ﻳﺪﻳﻪ ورﺟﻠﻴﻪ ،رأﻳ ُ ﺖ ﺖ أﻓﺘﻜ ُﺮ ﺑﺤﺮﺑﺔ اﻟﺠﻨﺪي اﻟﺮوﻣﺎﻧﻲ .آﻨ ُ أﺷﻌ ُﺮ ﺑﻨﺒﻀﺎت ﻗﻠﺒﻪ ،آﻨ ُ أراﻩ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻠﻴﺐ ﻓﺮﻳﺴﺔ اﻵﻻم اﻟﺤﺎدّة ،ﻳُﺴﻘﻰ ﺧﻼًّ وﻣُﺮًّا، ﻢ ﻳﻬﺎن ،وﻳﻌﺬّب ،وﻳﻬﺰُأ اﻟﺸﻌﺐ ﺑﻪ ،وﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻳُﺴﻠﱢ ُ ﻪ ﺑﻴﻦ ﻳﺪي اﷲ أﺑﻴﻪ. ﻧﻔﺴ ُ إنّ ﻗﻠﺒﻲ اﻟﻮاﻟﺪيّ آﺎن ﻳُﻄﻌﻦ داﺋﻤًﺎ ﺑﺴﻴﻒ اﻷوﺟﺎع ،ﻟﺪى ﺖ أﺻﺒّﺮ ﻧﻔﺴﻲ. ﺗﻔﻜّﺮﻩ ﻓﻲ ﺁﻻم اﺑﻨﻲ ﻳﺴﻮع :وﻣﻊ ذﻟﻚ ،آﻨ ُ ﺖ ﻷﻧّﻲ آﻨﺖ أﻋﻠﻢ أنّ ﺗﻠﻚ هﻲ إرادة اﷲ ،وإرادة اﺑﻨﻲ .وآﻨ ُ ﺚ راﺳﺨﺔً ،ﻣﻤﺘﻠﺌﺔً ﺷﺠﺎﻋﺔ أﺿﻢﱡ إرادﺗﻲ إﻟﻰ إرادﺗﻬﻤﺎ وأﻣﻜ ُ ﻓﻲ اﺳﺘﺸﻬﺎد ﻣﺤﺒّﺘﻲ اﻟﻮاﻟﺪﻳّﺔ اﻟﺪاﺋﻢ. ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ﻣﻬﻤﺎ آﺎﻧﺖ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻴﻄﻠﺒﻬﺎ اﷲ ﻣﻨﻚ، ﻣﻬﻤﺎ آﺎﻧﺖ ﺷﺎﻗّﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺴﺪك ،وﻗﻠﺒﻚِ وﻋﻘﻠﻚ ،ﻓﺎﻗﺒﻠﻴﻬﺎ
70
ﺑﺸﺠﺎﻋﺔ ،ﻋﺎﻟﻤﺔً ﺑﺄﻧّﻪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻚِ أآﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ وأﻧّﻚ ﻣﻬﻤﺎ أﻋﻄﻴﺘﻪ ﺗﻜﻮﻧﻲ ﻣﻘﺼّﺮة. اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ أﻣّﻲ اﻟﺤﻨﻮن ،إﻧّﻲ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻷﻋﻤﻞ وأﺣﺘﻤﻞ .إﻧّﻲ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻷﻗﺎوم أﻋﺪاﺋﻲ. آﻴﻒ أﺳﺘﻄﻴﻊ أن أﺣﺘﻤﻞ أﺷﻐﺎل هﺬﻩ اﻟﺤﻴﺎة وأﺗﻌﺎﺑﻬﺎ ،إن آﻨﺖ وﺣﻴﺪةً وﻻ ﻣﻌﻴﻦ ﻟﻲ؟ آﻴﻒ أﺳﺘﻄﻴﻊ أن أﻗﺎوم ﺷﻬﻮات اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻤﻔﺴﻮدة ،وهﺠﻤﺎت اﻟﺸﻴﻄﺎن ،وإﻏﺮءات اﻟﻌﺎﻟﻢ؟ ﻳﺎ أﻣّﻲ ،أﺳﻨﺪﻳﻨﻲ .وﺑﻠﺴﺎن اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺑﻮﻧﺎوﻧﺘﻮرا أهﺘﻒ ﻧﺤﻮك" :أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻮدﻳﻌﺔ! ﺑﺤﻖّ ﺳﻴﻒ اﻷﺣﺰان اﻟﺬي اﺧﺘﺮق ﻧﻔﺴﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻈﺮتِ اﺑﻨﻚ اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻣﻌّﻠﻘًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻠﻴﺐ ،وﻣﻌﺮًّى ،وﻣﺴﻤّﺮًا ﻋﻠﻰ ﺧﺸﺒﺔ اﻟﻌﺎر ،وﻣﺜﺨﻨًﺎ ﺑﺎﻟﺠﺮاح وﻣﺮﺿﺮﺿًﺎ ،ﺗﻨﺎزﻟﻲ واﻟﺘﻤﺴﻲ ﻟﻨﺎ أن ﻳُﺨﺮق ﻗﻠﺒﻨﺎ ﺑﺴﻴﻒ اﻻﻧﺴﺤﺎق وﻳُﺠﺮح ﺑﺴﻬﺎم اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻻﻟﻬﻴﺔ. "أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ! ﺑﺤﻖّ اﻟﻌﺬاﺑﺎت ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻮﺻﻮﻓﺔ اﻟﺘﻲ اﺣﺘﻤﻠﺘِﻬﺎ ﺑﺪون ﺗﺬﻣّﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ آﻨﺖِ واﻗﻔﺔً ﺑﻘﺮب اﻟﺼﻠﻴﺐ، وﺳﻤﻌﺖِ اﺑﻨﻚِ ﻳﻮﺻﻲ ﻓﻴﻚ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻳﻮﺣﻨّﺎ ،وﻳﺼﺮخ ﺻﺮﺧﺔً ﻋﻈﻴﻤﺔً ،وﻳﺴﻠّﻢ روﺣﻪ ﺑﻴﺪ اﷲ أﺑﻴﻪ ،ﺳﺎﻋﺪﻳﻨﺎ إﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﻧﻔﺲ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ. "ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﻮى ﻟﺴﺎﻧﻨﺎ ﻋﻠﻰ أن ﻳﺪﻋﻮك ،وﺗﻐﻤﺾ أﻋﻴﻨﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﻮر ،وﺗُﺴﺪﱡ ﺁذاﻧﻨﺎ ﻋﻦ آﻞّ ﺿﺠﻴﺞ اﻟﻌﺎﻟﻢ .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻔﺎرﻗﻨﺎ آﻞﱡ ﻗﻮاﻧﺎ ،اذآﺮي ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ اﻟﺤﻨﻮّ ،اﻟﺼﻠﻮات اﻟﺘﻲ ﻧﻘﺪّﻣﻬﺎ اﻟﻴﻮم أﻣﺎﻣﻚ وﻧﻮﺟّﻬﻬﺎ إﻟﻰ ﺟﻮدﺗﻚ .أﺳﻌﻔﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺮهﻴﺒﺔ ،وﺗﻨﺎزﻟﻲ ﻓﻘﺪّﻣﻲ ﻧﻔﺴﻨﺎ إﻟﻰ اﺑﻨﻚ اﻹﻟﻬﻲّ ،ﺣﺘّﻰ ﻳﻌﻔﻴﻬﺎ ﺑﺎﺑﺘﻬﺎﻻﺗﻚ ﻣﻦ آﻞّ ﻋﺬاب وﻳُﺪﺧﻠﻬﺎ إﻟﻰ راﺣﺔ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﺴﻤﺎويّ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮق إﻟﻴﻬﺎ. "أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ اﻟﻨﻘﺎوة! ﺑﺤﻖّ ﺗﻨﻬّﺪاﺗﻚ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ آﺎﻧﺖ ﺗﺘﺼﺎﻋﺪ ﻣﻦ ﺻﺪرك اﻟﻄﺎﻓﺢ ﺑﺎﻟﻤﺮارة ،ﻟـﻤّﺎ اﺣﺘﻀﻨﺖِ ﺑﻴﻦ
71
ذراﻋﻴﻚ اﺑﻨﻚِ اﻟﻤﺤﺒﻮب اﻟـﻤُﻨـﺰل ﻋﻦ اﻟﺼﻠﻴﺐ ،وآﻨﺖِ ﺗﺘﺄﻣّﻠﻴﻦ ت ﺟﻤﺎﻟﻪ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،وﻓﻲ ﺟﺴﺪﻩ ﻓﻲ وﺟﻬﻪ اﻟﺬي ﺑﺪّل اﻟﻤﻮ ُ ﻞ إﻟﻴﻚ أن ﺗﺠﻌﻠﻴﻨﺎ ﻧﺒﻜﻲ اﻟﻤﺴﺠﻮد ﻟﻪ اﻟﻤﺜﺨﻦ ﺟﺮاﺣًﺎ ،أﺑﺘﻬ ُ ﺁﺛﺎﻣﻨﺎ ،وأن ﺗُﺸﻔﻲ اﻟﺘﻮﺑﺔ ﺟﺮاح ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ ،ﺣﺘّﻰ إذا ﻣﺎ ﺟﻌﻞ اﻟﻤﻮت ﺟﺴﺪﻧﺎ ﻣﻮﺿﻮع رﻋﺐٍ ﻟﻜﻞّ اﻟﺒﺸﺮ ،اﺳﺘﺤﻘّﺖ ﻧﻔﺴﻨﺎ اﻟﻤﺘﻸﻟﺌﺔ ﺑﺎﻟﺠﻤﺎل واﻟﺒﻬﺎء ،أن ﺗﻨﺎل ﺑﻔﻴﺾ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ،ﻗﺒﻠﺔ ﻳﺴﻮع اﻟﺤﻠﻮ إﺑﻨﻚ ورﺑّﻨﺎ .ﺁﻣﻴﻦ".
72
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء
اﻟﻨﻔﺲ :ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺑﻼﻳﺎ هﺬﻩ اﻟﺤﻴﺎة وﻣﺼﺎﺋﺒﻬﺎ ،إنّ ﻓﻜﺮي وﻧﻈﺮي ﻳﻠﺘﻔﺘﺎن ﻏﺎﻟﺒًﺎ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء. وﻟﻜﻲ أﻣﺪﺣﻚ ﻋﻦ ﺟﺪارة ،ﻳﺎ أﻣّﻲ ،أودﱡ أن أﺗﺄﻣّﻞ ﻓﻲ ﻣﺠﺪك .أودﱡ أن أﺑﺘﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﻌﻮاﻃﻒ اﻷرﺿﻴّﺔ ،وأﺟﻮل ﻣﺎ ﺑﻴﻦ أﺟﻮاق اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ واﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ اﻟﻜﺜﻴﺮي اﻟﻌﺪد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻐﻤﺮهﻢ اﷲ ﺑﻔﻴﺾ أﻧﻮارﻩ .أودﱡ أن أﺟﻠﺲ ﺑﻴﻦ أرواح اﻟﺴﻌﺪاء .إنّ أﺷﻴﺎء آﺜﻴﺮة ﺗﻔﻮق ﺿﻌﻔﻲ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ،أرﻳﺪ أن أﺣﺎول ﺑﺮهﺔً اﻟﺼﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء. ﻣَﻦ هﻲ هﺬﻩ اﻟﺠﺎﻟﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺮشٍ رﻓﻴﻊ ،وﻗﺪ آﻠّﻠﻬﺎ اﷲ ﺑﺎﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ آﻮآﺒًﺎ؟ -هﻲ ﻣﺮﻳﻢ! ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء ،ﻳﺎ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺴﻤﺎء ،ﻗﻮﻟﻲ ﻟﻲ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﻮم ﻣﺠﺪ وﻓﺮح ﺗﺬآﺎراﺗِﻚ؟ ﺖ آﺜﻴﺮًا .وﻟﻮ آﺎن اﻟﺘﺄﺳّﻒ ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﻗﺪ ﺗﻌﺬّﺑ ُ ﺖ أآﺜﺮ. ﺖ ﻟﻜﻮﻧﻲ ﻣﺎ ﺗﻌﺬّﺑ ُ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن ﻟﺘﺄﺳّﻔ ُ إﻧّﻲ أُﻟﻘﻲ ﻧﻈﺮةً ﻋﻠﻰ اﺑﻨﻲ ﻓﺄرى ﻧﺎﺳﻮﺗﻪ اﻟﻤﻘﺪّس، وأﺗﺄﻣّﻞ ﻓﻲ ﺟﺮاﺣﺎﺗﻪ اﻟﻤﺘﺄﻟّﻘﺔ ﺑﺎﻟﻤﺠﺪ ،ﻓﺄﺻﺮخ ﻋﻨﺪﺋﺬٍ: "هﺎ هﻮ ﻣﻔﺘﺘﺢ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،اﻟﻤﻨﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺤﻴﻢ! إنّ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻗﺪ ﺗﺄﻟّﻢ ،وﺻُﻠﺐ! أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻮن ،اهﺘﺰّوا ﻃﺮﺑًﺎ .أﻳّﻬﺎ اﻟﺮﺳﻞ واﻟﺸﻬﺪاء ،رﺗّﻠﻮا أﻧﺸﻮدة ﻇﻔﺮﻩ! ﻗﺪ ﺗﺄﻟّﻢ ﻳﺴﻮع .هﺬﻩ هﻲ ذآﺮى اﻟﺴﻤﺎء وﻓﺮﺣﻬﺎ وﻣﺠﺪهﺎ". ﺖ ﻟﻤﺠﺪ اﷲ ،وﻟﺨﻼص اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺑﺎﺷﺘﺮاآﻲ ﻟﻘﺪ اﺣﺘﻤﻠ ُ ﺑﻌﺬاﺑﺎت اﻟﻤﺨﻠّﺺ وﺑﻨـﺰاﻋﻪ وأﺣﺰاﻧﻪ .وﻟﻬﺬا أﻧﺎ ﻣﺴﺮورةٌ ﻷﻧّﻲ اﻧﺘﺼﺮت ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻲ .إنّ ﺁﻻم هﺬﻩ اﻷرض ،وهﺬﻩ اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ، وهﺬا اﻟﺼﻠﻴﺐ هﻲ ﺳﺒﺐ ﻣﺠﺪي وﺳﻌﺎدﺗﻲ.
73
ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺸﺘﻐﻠﻲ وﺗﺘﺄﻟّﻤﻲ ﻻ ﺗﺘﺬﻣّﺮي .أﺣﺒّﻲ ،ﺗﺄﻟّﻤﻲ! ﻓﺈنّ اﺑﻨﻲ ﻗﺪ ﻧﻬﺞ ﻟﻚِ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻤﺠﺪ. ﻧﻌﻢ ،إنّ اﻟﺴﻤﺎء هﻲ ﻣﺴﻜﻦ اﻟﺮاﺣﺔ واﻟﺴﻌﺎدة ،وأﻧﺖِ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺸﻜّﻴﻦ ﻧﺎﻓﺮةً ﻣﻦ هﺬﻩ اﻟﻤﺘﺎﻋﺐ اﻟﺼﻐﻴﺮة وهﺬﻩ اﻟﺘﺠﺎرب، أﻻ ﺗﺮﻳﺪﻳﻦ إذًا أن ﺗﺘﺬآّﺮي اﻷﺣﺰان ،وﻋﻬﻮد اﻟﻤﺤﺒّﺔ واﻟﻌﺬاﺑﺎت! ﻣﺎ أﺷﺪّ ﻋﻤﺎكِ! وﻣﺎ أﺷﺪّ ﺟﻨﻮﻧِﻚ! إنّ ﺑﺎﻟﺼﻠﻴﺐ اﻟﻨﻮر .وﺑﺎﻟﺘﺄﻟّﻢ اﻟﺴﻌﺎدة. اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ ﻣﻠﻜﺘﻲ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ،وﻣﻌﻠّﻤﺘﻲ اﻟﻤﺤﺒﻮﺑﺔ ،وُأﻣّﻲ اﻟﻜﻠﻴّﺔ اﻟﻤﺤﺒّﺔ واﻟﺼﻼح! إﻧّﻲ أﺿﻊ ﻓﻴﻚِ آﻞﱠ ﺛﻘﺘﻲ. أﻣﻤﻜﻦٌ ،أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﺴﻌﻴﺪة ،أن ﺗﻨﺴﻴﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﺨﻄﺄة اﻟﻤﺴﺎآﻴﻦ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮﻳﻦ ﻧﻔﺴﻚ ﻣﺘﺴﺎﻣﻴﺔً ﻋﻈﻤﺔً وﻣﺠﺪًا ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء؟ وﻗّﺎﻧﺎ اﷲ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ هﺬا اﻟﻔﻜﺮ ،ﻷنّ ﻧﺴﻴﺎن ﺷﻘﺎءٍ ﻋﻈﻴﻢ آﺸﻘﺎﺋﻨﺎ ﻻ ﻳﻮاﻓﻖ ﻋﻈﻤﺔ ﺷﻔﻘﺘﻚ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ! ت اﺗﺤﺎدًا وﺛﻴﻖ اﻟﻌﺮى ﻣﻊ اﺑﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﺮﻳﻢ :ﻟﻘﺪ اﺗﺤﺪ ُ اﻟﻤﺠﺪ ،وﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن أﺗﺮك هﺬا اﻻﻧﻌﻄﺎف اﻟﻄﺒﻴﻌﻲّ ﻓﻲّ .إﻧّﻲ أﻧﺸ ُﺮ ﺷﻔﻘﺘﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﺣﺘّﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻄﺄة اﻷآﺜﺮ آﻔﺮًا. وآﺎﻟﺸﻤﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺴﻂ أﺷﻌّﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺟﺮام اﻟﺴﻤﺎوﻳّﺔ واﻷرﺿﻴّﺔ ،ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻣﻔﺎﻋﻴﻞ ﺟﻮدﺗﻲ ﻋﻠﻰ آﻞّ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺘﻬﻠﻮن إﻟﻲّ ﻓﺄﺷﺮآﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﻓﻲ ﻣﺮاﺣﻢ اﷲ. إﻧّﻲ أﺟﻌﻞ ﻧﻔﺴﻲ آﻼًّ ﻟﻠﻜﻞّ .وأﻓﺘﺢ ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﻨﺎس أﺣﺸﺎء ﺷﻔﻘﺘﻲ ،ﻓﻴﺠﺪ آﻞﱡ واﺣﺪٍ هﻨﺎك ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﻪ :اﻟﻌﺒﺪُ ،اﻟﻔﺪﻳﺔ. واﻟﻤﺮﻳﺾ ،اﻟﻌﺎﻓﻴﺔ .واﻟﺤﺰﻳﻦ ،اﻟﺘﻌﺰﻳﺔ ،واﻟﺨﺎﻃﺊ ،اﻟﻤﻐﻔﺮة. أرﻏﺐ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ اﻟﺨﻴﺮ ﻧﺤﻮ اﻟﺠﻤﻴﻊ إﻟﻰ ﺣﺪﱟ أﻏﺘﺎظ ﻓﻴﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻣﻤّﻦ ﻳﻬﻴﻨﻨﻲ ،ﺑﻞ ﻣﻤّﻦ ﻻ ﻳﻄﻠﺐ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻨّﻲ.
74
اﻟﻨﻔﺲ :أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ،اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺨﻼﺋﻖ ،ﺗﻨﺎزﻟﻲ واﻋﻄﻔﻲ ﺑﻨﻈﺮكِ اﻟﻮاﻟﺪيّ ﻋﻠﻲّ .وﻻ ﺗُﺸﻬﺪي ﻋﻠﻲّ ﺁﺛﺎﻣﻲ ،ﻷﻧّﻲ ﺳﺄﺷﻬﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺷﻔﻘﺘﻚ .ﻻ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳُﻘﺎل إنّ ﺁﺛﺎﻣﻲ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺘﻐﻠّﺐ ﻋﻠﻰ هﺬﻩ اﻟﺸﻔﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻸت اﻷرض آﻠّﻬﺎ ،وهﻲ أآﺜﺮ اﻗﺘﺪارًا ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻐﻔﺮة ﻣﻦ ﻗﺪرة ﺁﺛﺎﻣﻲ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﺣﻲ ﻓﻲ ﺟﻬﻨّﻢ. ﻟﻘﺪ أﺳﻌﺪ اﻟﺤﻆﱡ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﺑﺮﻳﺠﻴﺘﺎ أن ﺗﺴﻤﻊ ﻳﺴﻮع ﻳﻘﻮل ﻟﻚ" :ﻳﺎ أﻣّﻲ اﻟﻤﺤﺒﻮﺑﺔ ،ﺑﻤﺎ إﻧّﻲ آﻠّﻲ اﻻﻗﺘﺪار ﻟﻘﺪ ﻣﻨﺤﺘﻚ اﻟﺴﻠﻄﺔ ،ﻟﺘﻌﻄﻲ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪﻳﻦ ،اﻟﻨﻌﻤﺔَ واﻟﻤﻐﻔﺮة ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺨﻄﺄة اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺘﻬﻠﻮن إﻟﻴﻚ ،وﻳﻄﻠﺒﻮن ﻣﻦ ﺟﻮدﺗﻚِ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮﻧﻬﺎ". ﻳﺎ أﻣّﻲ ،إنّ ﺟﻮدﺗﻚ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺄﻗﻞّ ﻋﻈﻤﺔ ﻣﻦ ﻣﻘﺪرﺗﻚ. هﻠﻤّﻲ إذًا إﻟﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻲ .إﻧّﻲ أرﻣﻲ ﺑﻨﻔﺴﻲ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻚ: ﻓﺨﻠّﺼﻴﻬﺎ! ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﻋﻴﺸﻲ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻣﻔﻜّﺮة ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء، وﻓﻲ ﻳﺴﻮع ،وﻓﻲﱠ.
75
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺜﻼﺛﻴﻦ
ﻣﺮﻳﻢ رﺟﺎؤﻧﺎ اﻟﻌﺬب اﻟﻨﻔﺲ :إﻧّﻲ ﻓﻘﻴﺮة ،وﺿﻌﻴﻔﺔٌ ،وﺑﺎﺋﺴﺔ .ﻏﻴﺮ أنّ اﻟﺜﻘﺔ ﺗﻨﻌﺸﻨﻲ .ﻓﻔﻴﻚ أﺛﻖ ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،وﻟﻦ ﻳﺨﻴﺐ ﻟﻲ رﺟﺎء. ﻣﺮﻳﻢ :أﻧﺎ أمّ اﻟﺮﺟﺎء اﻟﻤﻘﺪّس. إﻧّﻲ ﺳﻌﻴﺪة ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﺑﺘﺬآﺎراﺗﻲ ،وﺑﺮﻏﺎﺋﺒﻲ أﻳﻀًﺎ. إﻧّﻲ أرﻳﺪ ﻣﺎ أﻧﺎ ﺣﺎﺻﻠﺔٌ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻣﺎ ﻻ ﻳﻨﻘﺼﻨﻲ أﺑﺪًا :إﻧّﻲ أرﻳﺪ ﻣﺠﺪ اﷲ .أأﺳﺘﻄﻴﻊ أن أرﻳﺪ ﺷﻴﺌًﺎ ﺁﺧﺮ؟ ﺑﻠﻰ أرﻳﺪ أﻳﻀًﺎ ﺳﻌﺎدﺗﻚ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ .إﻧّﻲ أﻋﺮﻓﻚ ،وأُﺣﺒّﻚ، وأدﻋﻮك ﺑﺎﺳﻤﻚ .أﺗﻌﺘﻘﺪﻳﻦ إﻧّﻲ ﻻ أرﻳﺪ أن ﻳﻤﻠﻚ اﷲ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺒ ِ ﻚ وأﻧﺎ وإﻳّﺎﻩ ﻣﺘّﺤﺪان اﺗﺤﺎدًا ﺛﺎﺑﺘًﺎ؟ ﺁﻩ! إﻧّﻚ إذا ﻣﺎ ﺧﺴﺮﺗﻨﻲ ﻳﻮﻣًﺎ واﺣﺪًا ﻓﻼ أﺧﺴﺮ أﻧﺎ ﺷﻴﺌًﺎ، ﻟﻜﻦ أﻧﺖِ ﺗﺨﺴﺮﻳﻦ اﻟﺴﻌﺎدة واﻟﻤﺠﺪ ،وإآﻠﻴﻠﻚ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء... ﻞ ﻷﺟﻠﻚ. ﻓﺄﺻﻠّﻲ ،وأﺑﺘﻬ ُ إﻧّﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ،اﻟﻜﻠﻴّﺔ اﻟﻘﺪرة اﻟﻤﺘﻀﺮّﻋﺔ .إﻧّﻲ أَﺣﻂﱡ ﻣﻦ اﺑﻨﻲ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳُﻘﺎس ،وﻻ أﻃﺎﻟﺐ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎدة واﻹآﺮام اﻟﻤﺨﺘﺼّﻴﻦ ﺑﻪ وﺣﺪﻩ ،وﻟﻜﻦ ﺑﻤﺎ أﻧّﻪ ﻳﺤﺒّﻚ آﻤﺎ أُﺣﺒّﻚ أﻧﺎ ،أﺳﺄﻟﻪ ﻷﺟﻠﻚ ﻓﺮح اﻟﻔﺮدوس وﻣﺠﺪﻩ. هﺬﻩ هﻲ رﻏﺎﺋﺒﻲ ،إﻧّﻬﺎ ﻗﺪ اﺑﺘﺪأت ﻋﻠﻰ اﻷرض واﺳﺘﻨﻔﺪت ﻗﻮّﺗﻲ ﺣﺘّﻰ اﻧﺘﻬﺖ إﻟﻰ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ .ﻓﻠﻤﺎذا ﻻ أﻋﻀﺪهﺎ؟ ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﺑﻘﻠﻴﻞٍ ﻣﻦ اﻹرادة واﻟﺤﺰم ،وﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺔ ،ﺗﻜﻮﻧﻴﻦ ﻳﻮﻣًﺎ ﻣﺎ ﻣﻌﻲ! إﻧّﻲ أﺳﺘﻄﻴﻊ وأرﻳﺪ أن أﺧﻠّﺼﻚ ،ﻟﻜﻦ ﻳﻠﺰم أن ﺗﺮﻳﺪي ﺧﻼﺻﻚ ﻣﻌﻲ.
76
اﻟﻨﻔﺲ :أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﺴﻌﻴﺪة ،إﻧّﻲ أﺧﺎﻃﺒﻚ ﻣﻊ اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻧﺴﻠﻤﻮس" :إذا آﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ أن ﻳﺨﻠﺺ ذاك اﻟﺬي ﻳُﻬﻤﻠﻚ ،ﻓﻤﺴﺘﺤﻴﻞ أﻳﻀًﺎ أن ﻳﻬﻠﻚ ذاك اﻟﺬي ﻳﻨﺤﺎز إﻟﻴﻚ وﻳﻜﺘﻨﻔﻪ رﺿﺎكِ". ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،أﻧﺖِ رﺟﺎﺋﻲ .اﻗﺒﻠﻲ اﺑﺘﻬﺎل ﻧﻔﺲٍ ﺧﺎﻃﺌﺔ ﺗُﻜﺮّﻣﻚ وﺗﺤﺒّﻚ. ﻓﻤﻨﻚ ﻧﻠ ُ ﺖ اﻟﺤﻴﺎة .أﻧﺖِ رﺟﺎء وﻋﺮﺑﻮن ﺧﻼﺻﻲ اﻷآﻴﺪ. ﻞ إﻟﻴﻚ إذًا أن ﺗﻄﺮﺣﻲ ﻋﻨّﻲ ﺛﻘﻞ ﺁﺛﺎﻣﻲ .ﺑﺪّدي اﻟﻈﻼم أﺑﺘﻬ ُ ﻋﻦ ﻋﻘﻠﻲ ،واﻧﺰﻋﻲ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻲ اﻟﻌﻮاﻃﻒ اﻷرﺿﻴّﺔ ،وأﺑﻌﺪي ﻋﻨّﻲ ﺗﺠﺎرب اﻷﻋﺪاء .ﻗﻮّي إرادﺗﻲ ﻷﻧﻈّﻢ ﺣﻴﺎﺗﻲ وأﺑﻠﻎ ﺑﻮاﺳﻄﺘﻚ اﻟﺴﻌﺎدة اﻷﺑﺪﻳّﺔ. أﻳّﺘﻬﺎ اﻷمّ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ اﻟﺠﻮدة! أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﺘﻲ ﻻ ﻧﺪﱠ ﻟﻬﺎ، واﻟﺘﻲ ﻳﺤﺒّﻬﺎ وﻳﻜﺮّﻣﻬﺎ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،أﻳّﺘﻬﺎ اﻷمّ اﻟﺸﺮﻳﻔﺔ! أمّ اﻟﺠﻤﻴﻊ واﻷﻓﺮاد اﻟﺘﻲ ﺗﺰن ﺣﻨﺎﻧﻬﺎ ﻟﻜﻞّ ﻗﻠﺐٍ ﺑﺤﺴﺐ ﺣﺒّﻪ! ﺁﻩ! أﺟﺮي ﺳﻴﻞ اﻟﻨﻌﻤﺔ إﻟﻲّ ،وأﻣﻄﺮي ﻧﺪى اﻟﺮﺣﻤﺔ ﻋﻠﻲّ .اﻓﺘﺤﻲ ﻳﻨﺒﻮع اﻟﺮأﻓﺔ ،واﺟﺘﺬﺑﻴﻨﻲ إﻟﻴﻚ! ﻣﺮﻳﻢ :أﻣﺎ ﺳﻤﻌﺖ هﺬﻩ اﻟﻜﻠﻤﺔ" :إنّ اﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﻻ ﻳﻬﻠﻚ أﺑﺪًا؟". اﻟﻨﻔﺲ :ﻧﻌﻢ ،ﻳﺎ أﻣّﻲ ،ﺳﻤﻌﺘُﻬﺎ ،وهﻲ ﺑﻠﺴﻢٌ ﻟﻘﻠﺒﻲ اﻟﺒﺎﺋﺲ .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ أﺗﺄﻣّﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻻ أﺗﻤﺎﻟﻚ ﻋﻦ أن أﺻﺮخ ﻣﻊ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺑﺮﻧﺮدس: "ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻟﺘﺼﻤﺖ اﻷﻟﺴﻦ ﻋﻦ اﻟﺘﺤﺪّث ﺑﺤﻨﻮّك إذا اﺳﺘﻄﺎع إﻧﺴﺎنٌ أن ﻳﺘﺬآّﺮ أﻧّﻪ دﻋﺎك ﻓﻲ ﺷﺪاﺋﺪﻩ ورﺟﻊ ﺧﺎﺋﺒًﺎ! "إﻧّﻨﺎ ﻧﻔﺮح ﺑﻜﻞّ ﻓﻀﺎﺋﻠﻚ .ﻟﻜﻦّ ﻣﺤﺒّﺘﻚ أﻋﺰّ ﺷﻲء ﻋﻠﻰ أﺑﻨﺎﺋﻚ .إﻧّﻨﺎ ﻧﺸﻴﺪ ﺑﻤﺪﻳﺢ ﺑﺘﻮﻟﻴّﺘﻚ ،وﻧﺬﻳﻊ ﻋﺮف ﺗﻮاﺿﻌﻚ .ﻟﻜﻦّ ﻓﻲ ﻣﺤﺒّﺘﻚ ﺷﻴﺌًﺎ أآﺜﺮ ﺗﻌﺰﻳﺔ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﺘﺄﻟّﻤﻮن ،ﻓﻨﺬآﺮهﺎ ﺑﺤﺐّ
77
أﻋﻈﻢ ،وﻧﺘﺒﻬﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺄوﻓﺮ ﺛﻘﺔ .ﻓﻬﻲ اﻟﺘﻲ ﻧﺎﻟﺖ ﺗﺠﺪﻳﺪ اﻟﻌﺎﻟﻢ، وﺧﻼص اﻟﺒﺸﺮ. "ﻣﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ إذًا أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻤﺮأة اﻟﻤﺒﺎرآﺔ أن ﻳﺴﺒﺮ ﺳﻌﺔ هﺬﻩ اﻟﻤﺤﺒّﺔ واﻣﺘﺪادهﺎ ،وﺳﻤﻮّهﺎ ،وﻋﻤﻘﻬﺎ؟ اﺗّﺴﺎﻋﻬﺎ :إذ ﺗﺴﻌﻒ آﻞّ ﻣﻦ ﻳﺪﻋﻮهﺎ .اﻣﺘﺪادهﺎ :إذ ﺗﻤﻸ اﻷرض .ﺳﻤﻮّهﺎ: ﺣﻴﺚ ﺗﺼﻌﺪ إﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺮبّ .ﻋﻤﻘﻬﺎ :ﺑﻤﺎ أﻧّﻬﺎ ﺗﻨـﺰل إﻟﻰ اﻟﺮاﻗﺪﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﻈﻼم وﺗُﻌﻴﺪهﻢ إﻟﻰ اﻟﻨﻮر. "ﻓﻤﺤﺒّﺘﻚ أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﺴﻌﻴﺪة ،اﻟﺴﻤﺎ ُء ﺗﻤﺘﻠﺊ واﻟﺠﺤﻴﻢ ﺗﻔﺮغ ،وأﺧﺮﺑﺔ أورﺷﻠﻴﻢ ﺗﺮﻣّﻢ ،واﻟﺤﻴﺎة ﺗﻌﻮد إﻟﻰ اﻷﻣﻮات اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻮﻗّﻌﻮﻧﻬﺎ".
78
زﻳﺎرة اﻟﻴﻮم اﻟﺤﺎدي واﻟﺜﻼﺛﻴﻦ ﻣﺮﻳﻢ أمّ اﻟﺜﺒﺎت
ﺖ آﻞّ ﻳﻮمٍ ،ﻓﻲ ﺧﻼل هﺬا اﻟﺸﻬﺮ، اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ أﻣّﻲ ،أﺗﻴ ُ ﺖ آﻼﻣﻚ ،وﺗﻨﺎوﻟﺖ أرﻳﺢ ﻧﻔﺴﻲ دﻗﻴﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﻴﻚ .ﻓﺠﻨﻴ ُ ﺖ داﺋﻤًﺎ أﻏﺎدرك وأﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪّم .ﺑﺤﻘّﻚ! إﺋﺬﻧﻲ ﻟﻲ ﺗﻌﺰﻳﺎﺗﻚ .وآﻨ ُ ﺑﺄن أرﺟﻊ إﻟﻴﻚ. ﻣﺮﻳﻢ :ﻧﻌﻢ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ارﺟﻌﻲ .إنّ اﻻﺑﻨﺔ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ﺳﻌﻴﺪةً ﺑﺎﻹﻗﺎﻣﺔ ﻗﺮب أﻣّﻬﺎ .ﻓﺴﺘﺠﺪﻳﻦ داﺋﻤًﺎ ﺑﻘﺮﺑﻲ ﻧﻮرًا وﻗﻮّة وﺳﻠﻮى. اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ أﻣّﻲ ،إنّ ﻣﺎ ﻳﺠﺬﺑﻨﻲ إﻟﻴﻚ ﺧﺎﺻّﺔ هﻮ ﺣﺒّﻲ. ﻧﻌﻢ أُﺣﺒّﻚ! وﻳﺨﻴّﻞ إﻟﻲّ إﻧّﻲ أﺣﺒّﻚ ﻣﻦ آﻞّ ﻗﻠﺒﻲ ،وأودﱡ أن أﺟﻌﻞ آﻞّ اﻟﻘﻠﻮب ﺗُﺤﺒّﻚ. ﻟﻜﻦ أﻧﺎ ﻋﺎﻟﻤﺔ ﺑﺨﻔّﺘﻲ وﺿﻌﻔﻲ ،وﻗﻠﻘﻲ .ﻓﻤﺎ اﻟﻌﻤﻞ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﺣﺘّﻰ أﺛﺒﺖ ﻓﻲ ﺣﺒّﻚ؟ ﻣﺮﻳﻢ :أﺣﺒّﻴﻨﻲ :هﺬا هﻮ آﻞّ اﻟﺴﺮّ. إنّ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻓﻴﻠﺒّﻮس ﻧﻴّﺮي آﺎن ﻳﻘﻮل ﻟﺘﻼﻣﻴﺬﻩ" :ﻳﺎ ﺑﻨﻲّ، إذا أردﺗﻢ أن ﺗﺜﺒﺘﻮا ﻓﻜﺮّﻣﻮا ﻣﺮﻳﻢ". واﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻳﻮﺣﻨّﺎ ﺑﻴﺮآﻤﻨﺲ Berchmansآﺎن ﻳﻬﺘﻒ: "إنّ ﻣﻦ ﻳُﺤﺐّ ﻣﺮﻳﻢ ﻳﻔﻮز ﺑﺎﻟﺜﺒﺎت". إﻧّﻲ أﺣﺐّ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺒّﻮﻧﻨﻲ ،وﻻ أﺳﻤﺢ ﺑﻀﻼﻟﻬﻢ .إنّ ﻓﻲّ آﻞّ رﺟﺎء اﻟﺤﻴﺎة وآﻞّ ﻓﻀﻴﻠﺔ. ﻓﺒﻲ ﺗﺬهﺒﻴﻦ إﻟﻰ ﻳﺴﻮع ،وﺗﻜﻮﻧﻴﻦ ﻟﻪ وﻳﻜﻮن ﻟﻚِ. إنّ اﻟﻄﻮﺑﺎوﻳّﺔ ﻣﺮﻏﺮﻳﺖ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻳﻮم ﻧﺬرت ﻧﺬرهﺎ ،رﺳﻤﺖ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﺧﻄّﺔ ﻟﻠﻘﺪاﺳﺔ ﻟﻦ ﺗﺤﻴﺪ ﻋﻨﻬﺎ ﻳﻮﻣًﺎ واﺣﺪًا .وﺧﺘﻤﺘﻬﺎ
79
ﺑﺸﻌﺎر آﺘﺒﺘﻪ وأﻣﻀﺘﻪ وهﻮ" :آﻞﱡ ﺷﻲء ﻣﻦ اﷲ ،وﻻ ﺷﻲء ﻣﻨّﻲ .آﻞﱡ ﺷﻲء ﷲ ،وﻻ ﺷﻲء ﻟﻲ .آﻞﱡ ﺷﻲء ﻷﺟﻞ اﷲ ،وﻻ ﺷﻲء ﻷﺟﻠﻲ" .ﻓﻠﻴﻜﻦ هﺬا اﻟﺸﻌﺎر ﺷﻌﺎرك. اﻟﻨﻔﺲ :ﻋﻔﻮًا ،ﻳﺎ أﻣّﺎﻩ ،آﻠّﻤﻲ أﻳﻀًﺎ اﺑﻨﺘﻚ .ﻗﻮﻟﻲ ،ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪﻳﻦ أن أﻋﻤﻞ ﻷرﺑﺢ ﻗﻠﺒﻚ ،وأﺿﻤﻦ ﺳﻌﺎدﺗﻲ؟ ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إﻧّﻲ أآﻠّﻤﻚِ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ أمﱟ .ﻓﺎﺻﻐﻲ إﻟﻲّ ﺑﺎﻧﻘﻴﺎد اﺑﻨﺔ: إنّ ﻟﻲ وﺻﻴّﺘﻴﻦ ﻟﻚِ. اﻷوﻟﻰ ،أن ﺗﻜﻮﻧﻲ داﺋﻤًﺎ ﺧﺎﺿﻌﺔً ﺑﺼﺪق ﻹرادة اﺑﻨﻲ. إﻓﻌﻠﻲ آﻞّ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻟﻚ ،وﺗﺄآّﺪي أنّ إﺗﻤﺎم إرادﺗﻪ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ ﻓﺎﺋﺪﺗﻚ ،وإﻟﻰ ﻣﺠﺪ اﷲ. أﺻﻐﻲ إﻟﻰ آﻠﻤﺘﻪ ﺑﺎﻧﺘﺒﺎﻩ ،اﺣﻔﻈﻴﻬﺎ ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻚ آﻤﺎ ﺖ أﺣﻔﻈﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻷرض .ﻻ ﺗُﻀﻴﻌﻲ ﻣﻨﻬﺎ آﻠﻤﺔ. آﻨ ُ إنّ آﻠﻤﺘﻪ ﺗﻜﻮن ﻟﻚِ دﻟﻴﻼً وﻧﻮرًا .وﻓﻲ اﺗّﺒﺎﻋﻚ هﺬا اﻟﺪﻟﻴﻞ واﻟﻨﻮر، ﻻ ﺗﻀﻠّﻴﻦ اﻟﻄﺮﻳﻖ أﺑﺪًا. اﻗﺘﻔﻲ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺬي أﻋﻄﺎكِ إﻳّﺎﻩ اﺑﻨﻲ ﻟـﻤّﺎ آﺎن ﻋﻠﻰ اﻷرض .أُﻧﻈﺮي أيّ ﻓﺮقٍ ﺟﺴﻴﻢ ﺑﻴﻨﻚ وﺑﻴﻨﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ آﻤﺎل أﻓﻜﺎرك ،وﻋﻮاﻃﻔﻚ ،وأﻓﻌﺎﻟﻚ .اﺟﻬﺪي ﻧﻔﺴﻚ ﺑﺄن ﺗﻘﺘﺮﺑﻲ ﻣﻨﻪ ﻗﺪر ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﻚ ،وأن ﺗﻘﺘﺪي ﺑﻪ ،وﺗﻨﺴﺨﻲ ﻋﻨﻪ ،وﺗﺴﺘﺤﻴﻠﻲ إﻟﻴﻪ .إﻧّﻚ ﻟﻦ ﺗﺒﻠﻐﻲ آﻤﺎﻟﻪ ،ﻷﻧّﻪ إﻟﻪ ،وأﻧﺖ ﺧﻠﻴﻘﺔٌ ،ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺮﺗﻔﻌﻲ إﻟﻰ أﺳﻤﻰ ﻣﻘﺎم ﻳﺄذن ﻟﻚِ ﺑﻪ. أﻣّﺎ وﺻﻴّﺘﻲ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ إﻟﻴﻚ ﻓﻬﻲ أن ﺗﺬآﺮي داﺋﻤًﺎ ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ، إﻧّﻲ أﻣّﻚ ،وأنّ ﻟﻚِ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ ﺣﺒًّﺎ واﻟﺪﻳًّﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴًّﺎ. ﺛﻘﻲ ﺑﻲ آﻞّ اﻟﺜﻘﺔ .اهﺮﻋﻲ إﻟﻲّ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺎﺗﻚ، وﺿﺮورﻳّﺎﺗﻚ ،ﻓﻲ أﺗﻌﺎﺑﻚ وأﺣﺰاﻧﻚ ،وﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺤﻨﻚ .ﺗﻌﺎﻟﻲ إﻟﻲّ ﻓﺄﺳﺮع إﻟﻴﻚ.
80
ﺗﻌﻠﻤﻴﻦ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،أﻧّﻲ ﻻ أدع اﻟﻨﺎس ﻳﻨﺘﻈﺮوﻧﻨﻲ ﻃﻮﻳﻼً، ن آﻠﻤﺔ واﺣﺪة ﺻﺎدرة ﻣﻦ وأﻧّﻲ ﻻ أﻃﻠﺐ ﺻﻠﻮات ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﻓﺈ ّ اﻟﻘﻠﺐ ﺗﻜﻔﻴﻨﻲ. ﺗﻌﺎﻟﻲ إﻟﻲّ آﺎﺑﻨﺔ ،ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ وﺳﺬاﺟﺔ وﺛﻘﺔ ،واﻋﺘﺒﺮﻳﻨﻲ ﻣﻚِ ،ﻓﺄﺣﺒّﻚ آﺎﺑﻨﺘﻲ. آﺄﻣّﻚ ،ﻓﺄﻋﺎﻣﻠﻚ آﺎﺑﻨﺘﻲ .أﺣﺒّﻴﻨﻲ آﺄ ّ ﻻ ﺗﺪْﻋﻴﻨﻲ ﻣﻦ اﻵن ﻓﺼﺎﻋﺪًا إﻻّ أﻣّﻚ ﻓﻼ أدﻋﻮك إﻻّ اﺑﻨﺘﻲ. أﻋﻄﻴﻨﻲ آﻞّ ﻣﺎ ﺗﻤﻠﻜﻴﻦ ،ﻓﺄﻋﻄﻴﻚ ﺟﻤﻴﻊ آﻨﻮزي اﻟﺴﻤﺎوﻳّﺔ. اﺧﻀﻌﻲ ﻻﺑﻨﻲ ،وﺛﻘﻲ ﻓﻲّ ،ﻓﺘﺴﻴﺮي ﺑﺄﻣﻦٍ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻜﻤﺎل. ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،إﻧّﻲ أﺣﺒّﻚ وأﺑﺎرآﻚ ،ﻓﺎذهﺒﻲ ﺑﺴﻼم.
81
اﻹﺷﺘﺮاك ﺑﺎﻟﻘﺪّاس ﺑﺎﻻﺗﺤﺎد ﻣﻊ ﻣﺮﻳﻢ ﻣﺮﻳﻢ :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،أﺗﻌﻠﻤﻴﻦ ﻣﺎ هﻮ اﻟﻘﺪّاس؟ وﻣﺎ هﻮ ﻗﺪر ُﻩ ﻓﻲ ﻋﻴﻦ اﷲ؟ ﺲ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤّﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻠﺠﻠﺔ ،ﻣﻊ اﻟﻘﺪّاس ،هﻮ ﻧﻔ ُ هﺬا اﻟﻔﺮق ﻓﻘﻂ ،وهﻮ أنّ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ذُﺑﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻠﺠﻠﺔ ذﺑﻴﺤﺔً دﻣﻮﻳّﺔ ،وﻋﻠﻰ اﻟﻤﺬﺑﺢ ﻳُﺬﺑﺢ ذﺑﻴﺤﺔ ﻏﻴﺮ دﻣﻮﻳّﺔ .ﻟﻜﻦّ ﻪ ﺑﺘﻤﺎﻣﻪ ،إﻟﻪ ﺣﻘﻴﻘﻲّ اﻟﻀﺤﻴّﺔ هﻲ ذاﺗﻬﺎ :ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ آﻠّ ُ وإﻧﺴﺎنٌ ﺣﻘﻴﻘﻲّ. ﻳﻨﺘﺞ :إنّ ﻗﺪّاﺳًﺎ ،ﺑﻞ ﻗﺪّاﺳًﺎ واﺣﺪًا هﻮ أآﺜﺮ ﻗﺒﻮﻻً ﻟﺪى اﷲ ﻣﻦ ﺳﺠﻮد ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ واﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ وآﻞّ أرواح اﻟﺴﻌﺪاء ﻣﻌًﺎ :ﻷنّ ﺛﻤﻨﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪود. ﻓﻠﻚِ إذًا هﻨﺎك أﺳﻤﻰ واﺳﻄﺔ ﻟﺘﻔﻲ اﷲ دﻳﻮﻧﻚ اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﺒﺎهﻈﺔ: اﻷوّل :ﻟﺘﻤﺪﺣﻲ وﺗﻜﺮّﻣﻲ ﻋﻈﻤﺘﻪ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺤﺪودة اﻟﺠﺪﻳﺮة ﺑﻤﺤﺒّﺔ وﻣﺪاﺋﺢ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪودة. اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻟﺘﻔﻲ ﻋﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎ آﺜﻴﺮة ارﺗﻜﺒﺘﻬﺎ. اﻟﺜﺎﻟﺚ :ﻟﺘﺸﻜﺮﻳﻪ ﻋﻠﻰ اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ اﻟﻌﺪّ اﻟﺘﻲ ﻣﻸكِ ﻣﻨﻬﺎ. اﻟﺮاﺑﻊ :ﻟﺘﺴﺄﻟﻴﻪ اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎﺟﻴﻨﻬﺎ. اﻟﻨﻔﺲ :ﻳﺎ أﻣّﻲ اﻟﺤﻨﻮن ،ﻣﺎذا ﻳﺠﺐ أن أﻋﻤﻞ ﻷﺟﻨﻲ ﺛﻤﺮة ﻣﻦ ﺣﻀﻮري اﻟﻘﺪّاس؟ ﻣﺮﻳﻢ :ﻣﺎ آﻨﺖِ ﺗﻌﻤﻠﻴﻦ ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﻟﻮ آﻨﺖِ ﻣﻌﻲ ﺗﺤﺖ اﻟﺼﻠﻴﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻠﺠﻠﺔ ،ﻟـﻤّﺎ آﺎن اﺑﻨﻲ اﻹﻟﻬﻲّ ﻳﻀﺤّﻲ ﺑﻨﻔﺴﻪ
82
إﻟﻰ اﷲ؟ ﻓﺒﺄﻳّﺔ ﻋﻮاﻃﻒ ،وﺑﺄﻳّﺔ ﻋﺒﺎدة ﻗﻠﺒﻴّﺔ آﻨﺖِ ﺗﺤﻀﺮﻳﻦ ذﺑﻴﺤﺔ آﻬﺬﻩ؟ أﻧﻌﺸﻲ إﻳﻤﺎﻧﻚ .ﻓﺈنّ ﻣﺎ ﺻُﻨﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻠﺠﻠﺔ ﻳﺘﺠﺪّد ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺬﺑﺢ. هﻠﻤّﻲ ،ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ،ﻟﻨﺤﻀﺮ ﻣﻌًﺎ هﺬﻩ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ. إﺑﺘﺪاء اﻟﻘﺪّاس ﺣﻴﻦ ﻳﻘﻒ اﻟﻜﺎهﻦ ﻋﻨﺪ درﺟﺔ اﻟﻤﺬﺑﺢ وﻳﺮﺳﻢ إﺷﺎرة اﻟﺼﻠﻴﺐ ...إﺟﻤﻌﻲ ﺷﻮارد أﻓﻜﺎركِ ﻟﺘﺸﺎرآﻴﻨﻲ ﻓﻲ اﺳﺘﻌﺪاداﺗﻲ .ﻧﺤﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻠﺠﻠﺔ ﺗﺤﺖ ﺻﻠﻴﺐ ﻳﺴﻮع!.. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻠﻮ اﻟﻜﺎهﻦ ﻓﻌﻞ اﻟﺘﻘﺪﻣﺔ ،إﻓﺘﻜﺮي ﻓﻲ أﺣﺰان اﺑﻨﻲ ،وأﺣﺰاﻧﻲ ...اﻟﺘﻲ ﺳﺒﱠﺒﺘﻬﺎ ﺧﻄﺎﻳﺎكِ .واﺿﻌﻲ ﻧﻔﺴﻚ، واﻃﻠﺒﻲ اﻟﻐﻔﺮان... وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺒﺎﺷﺮ اﻟﻜﺎهﻦ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ ...أﻗﺴﻤﻲ اﻟﻘﺪّاس إﻟﻰ أرﺑﻌﺔ أﻗﺴﺎم ،ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻤﻂ اﻟﺘﺎﻟﻲ:
83
اﻟﻘﺴﻢ اﻷوّل ﻣﻦ ﺗﺒﺨﻴﺮ اﻟﻤﺎﺋﺪة اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ إﻟﻰ اﻹﻧﺠﻴﻞ ﻟﻨﻤﺪح وﻧﻜﺮّم ﻋﻈﻤﺔ اﷲ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺘﻨﺎهﻴﺔ. إﺗﻀﻌﻲ ﻣﻊ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ وﺗﻌﻤّﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﺄﻣّﻞ ﺑﻌﺪﻣﻚ... واﻋﺘﺮﻓﻲ ﺑﺼﺪق أﻧّﻚ ﻟﺴﺖِ ﺑﺸﻲء أﻣﺎم ﻋﻈﻤﺔ اﷲ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺘﻨﺎهﻴﺔ .وﻗﻮﻟﻲ ﻟﻪ وأﻧﺖِ ﻣﺘّﻀﻌﺔٌ ﻧﻔﺴًﺎ وﺟﺴﺪًا: ﺪ ﻟﻚ وأﻋﺮﻓﻚ رﺑّﻲ وﺳﻴّﺪ ﺣﻴﺎﺗﻲ ،وأﻗﺮّ ﻳﺎ إﻟﻬﻲ! إﻧّﻲ أﺳﺠ ُ ﺑﺄﻧّﻲ أﻧﺎ وآﻞّ ﻣﺎ ﻟﻲ هﻮ ﻣﻦ ﺟﻮدﺗﻚ .ﻟﻜﻦ ﺑﻤﺎ أنّ ﻋﻈﻤﺘﻚ ﺖ اﻟﻤﻠﻮآﻴّﺔ ﺗﺴﺘﺤﻖّ ﻣﺠﺪًا وﻣﺪاﺋﺢ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎهﻴﺔ ،وإﻧّﻲ ﻟﺴ ُ ﺳﻮى ﺧﻠﻴﻘﺔ ﺿﻌﻴﻔﺔ ﻋﺎﺟﺰة ﻋﻦ أن أﻓﻲ هﺬا اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺒﺎهﻆ، أُﻗﺪّم ﻟﻚ أﻓﻌﺎل اﻟﺘﻮاﺿﻊ واﻟﻤﺪاﺋﺢ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪّﻣﻬﺎ ﻟﻚ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻧﻔﺴُﻪ ﻋﻠﻰ هﺬا اﻟﻤﺬﺑﺢ. إنّ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ أرﻳﺪ أن أﻓﻌﻠﻪ أﻧﺎ .إﻧّﻲ أﺗّﻀﻊ ﺪ ﻟﻚ ﺑﺎﺗﻀﺎع وأﺗﺼﺎﻏﺮ ﻣﻌﻪ أﻣﺎم ﻋﻈﻤﺘﻚ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ .وأﺳﺠ ُ ﻣﺨﻠّﺼﻲ ﻧﻔﺴﻪ .إﻧّﻲ أﻓﺮح وأﻏﺒّﻂ ﻧﻔﺴﻲ ﻷنّ ﻳﺴﻮع إﻟﻬﻲ ﻳﺆدّي ﻟﻚ ﻋﻨّﻲ إآﺮاﻣًﺎ وﻣﺪﻳﺤًﺎ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ. وﻟﻜﻲ ﻳﻜﻮن هﺬا اﻟﻮاﺟﺐ اﻷوّل أوﻓﺮ وأآﻤﻞ أﻗﺪّﻣﻪ ﻟﻚ ﻣﻊ ﻣﺮﻳﻢ ،وﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻣﺮﻳﻢ. واﺻﻠﻲ إﺑﺮاز أﻓﻌﺎل آﺜﻴﺮة ﻣﺜﻞ هﺬﻩ ﺑﺪون أن ﺗﺘﻌﺒﻲ ﺑﻤﺮاﺟﻌﺔ اﻟﻌﺒﺎرات اﻟﻤﺸﺎر إﻟﻴﻬﺎ آﻠﻤﺔ ﻓﻜﻠﻤﺔ .إﺳﺘﻌﻤﻠﻲ اﻻﺑﺘﻬﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻠﻴﻬﺎ ﻋﻠﻴﻚ ﺗﻘﻮاكِ .وﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﺘﺸﺮّب ﻧﻔﺴﻚ ﻣﻦ ﻋﻮاﻃﻔﻲ أُﻟﻬﻤﻚ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﺗﻀﺎع أآﻤﻞ وﻣﻼﺷﺎة ذات أﻋﻤﻖ...
84
اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻹﻧﺠﻴﻞ إﻟﻰ رﻓﻊ اﻷﺳﺮار ﻓﻠﻨﻜﻔّﺮ ﷲ ﻋﻦ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮة اﻟﺘﻲ اﻗﺘﺮﻓﺘﻬﺎ أﻟﻘﻲ ﻧﻈﺮة ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺎﻳﺎك واﻧﻈﺮي اﻟﺪَﻳﻦ اﻟﺒﺎهﻆ اﻟﺬي وﺿﻌﺘِﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻚ. ﻓﺈنّ ﺧﻄﻴﺌﺔ واﺣﺪة ﻣﻤﻴﺘﺔ ﺗﺘﺮﺟّﺢ ﻓﻲ ﻣﻴﺰان اﻟﻌﺪل اﻹﻟﻬﻲّ أآﺜﺮ ﻣﻦ آﻞّ أﻋﻤﺎل اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ .إنّ ﻻ ﺷﻲء ﻳﺴﻜّﻦ ﻏﻀﺐ اﷲ ﺳﻮى دم اﺑﻨﻲ اﻟﻤﻬﺮاق ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻠﺠﻠﺔ. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻘﺪّم اﻟﻜﺎهﻦ ﻋﻨﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺬﺑﺢ اﻟﻤﻘﺪّس هﺬا اﻟﺪم ﺖ ﻷﺟﻠﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻠﺠﻠﺔ واﻣﺰﺟﻲ اﻟﺜﻤﻴﻦ ﺗﺬآّﺮي آﻢ اﺣﺘﻤﻠ ُ ﻳﺎ دﻣﻮﻋﻚ ﺑﺪﻣﻮﻋﻲ وﻗﻮﻟﻲ ﺑﻘﻠﺐ ﻣﻨﺴﺤﻖ وﻣﺘّﻀﻊ :هﻮذا إﻟﻬﻲّ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺨﺎﺋﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺼﺘﻚ ﻣﺮّات آﺜﻴﺮة .وا أﺳﻔﺎﻩ! إﻧّﻲ وأﻧﺎ ﻏﺎرﻗﺔ ﻓﻲ ﺑﺤﺮ اﻟﺤﺰن ،أآﺮ ُﻩ ﺧﻄﺎﻳﺎي اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗُﺤﺼﻰ آﺮهًﺎ ،وأﻣﻘﺘُﻬﺎ ﻣﻦ آﻞّ ﻗﻠﺒﻲ ﻣﻘﺘًﺎ .أُﻗﺪّم ﻟﻚ ﺗﻌﻮﻳﻀًﺎ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﻜﻔّﺎرة ﻋﻴﻨﻬﺎ اﻟﺘﻲ رﻓﻌﻬﺎ إﻟﻴﻚ ﻳﺴﻮع ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺬﺑﺢ .أُﻗﺪّم ﻟﻚ ﻣﻊ دﻣﻮع ﻣﺮﻳﻢ ،آﻞّ اﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت ﻳﺴﻮع ودﻣﻪ .أُﻗﺪّم ﻟﻚ ﻳﺴﻮع ﻧﻔﺴﻪ، اﻹﻟﻪ واﻹﻧﺴﺎن ﻣﻌًﺎ ،اﻟﺬي ﺑﺼﻔﺔ آﻮﻧﻪ ﺿﺤﻴّﺔ ﺗﻨﺎزل وﺟﺪّد ذﺑﻴﺤﺘﻪ ﻷﺟﻞ ﻣﻨﻔﻌﺘﻲ. وﺑﻤﺎ أنّ ﻣﺨﻠّﺼﻲ ﺟﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ هﺬا اﻟﻤﺬﺑﺢ ،وﺳﻴﻄًﺎ ﻟﻲ وﻣﺤﺎﻣﻴًﺎ ﻋﻨّﻲ ،وهﻮ ﺑﺎﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت دﻣﻪ اﻟﺜﻤﻴﻦ ﻳﺴﺄﻟﻚ اﻟﻨﻌﻤﺔ ﻟﻲ ،إﻧّﻲ أﺿﻢّ ﺻﻮﺗﻲ إﻟﻰ ﺻﻮت هﺬا اﻟﺪم اﻟﻤﺴﺠﻮد ﻟﻪ ،ﻣﻠﺘﻤﺴًﺎ ﻏﻔﺮان اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮة اﻟﺘﻲ ارﺗﻜﺒﺘُﻬﺎ. إنّ دم ﻳﺴﻮع ﻳﺼﺮخ إﻟﻴﻚ :اﻟﺸﻔﻘﺔ .وﻗﻠﺒﻲ اﻟﻤﻤﺰّق ﻣﻦ اﻟﺤﺰن ﻳﺼﺮخ إﻟﻴﻚ ﺑﺪورﻩ .أوّاﻩ! ﻳﺎ إﻟﻪ ﻧﻔﺴﻲ ،إذا آﻨﺖَ ﻻ ﺗﺮﺛﻲ ﻟﺪﻣﻮﻋﻲ ،ﻓﺎرثِ ﻟﻨﺤﻴﺐ ﻣﺨﻠّﺼﻲ وﺻﻠﻮات ﻣﺮﻳﻢ.
85
إذا آﺎن اﻟﻤﺴﻴﺢ وهﻮ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻠﻴﺐ ،إﺳﺘﻤﺎح اﻟﻤﻐﻔﺮة ﻟﻜﻞّ اﻟﺠﻨﺲ اﻟﺒﺸﺮي ،ﻓﻠﻤﺎذا ﻻ ﻳﺴﺘﻤﻴﺤﻬﺎ ﻟﻲ ﻋﻠﻰ هﺬا اﻟﻤﺬﺑﺢ؟ ﻧﻌﻢ ،إﻧّﻲ واﺛﻖ ﺑﻘﻮّة هﺬا اﻟﺪم اﻟﺜﻤﻴﻦ وﺣﺒًّﺎ ﻟﻤﺮﻳﻢ ،إﻧّﻚ ﺳﺘﻐﻔﺮ ﻟﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺁﺛﺎﻣﻲ ،وأﻧﺎ ﻻ أﻧﻔﻚّ أﺑﻜﻴﻬﺎ ﺣﺘّﻰ ﺁﺧﺮ ﻧﺴﻤﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻲ. آﺮّري أﻓﻌﺎل اﻟﻨﺪاﻣﺔ هﺬﻩ اﻟﺤﺎرة واﻟﻘﻠﺒﻴّﺔ .وأﻧﺎ أﻗﺪّﻣﻬﺎ ﺑﺬاﺗﻲ إﻟﻰ اﺑﻨﻲ اﻹﻟﻬﻲ .وآﻮﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺔ أﻧّﻚ ﺗﻔﻴﻦ هﻜﺬا آﻞّ دﻳﻮﻧﻚ ﷲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺛﻘﻠﺖِ ﺑﻬﺎ ﻋﺎﺗﻘﻚ ﺑﺨﻄﺎﻳﺎك.
86
اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ
ﻣﻦ رﻓﻊ اﻷﺳﺮار إﻟﻰ اﻟﺘﻨﺎول ﻓﻠﻨﺸﻜﺮ اﷲ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﻣﻸكِ ﻣﻨﻬﺎ راﺟﻌﻲ ﻓﻲ ذهﻨﻚ اﻟﺨﻴﺮات اﻟﺮوﺣﻴّﺔ واﻟﺰﻣﻨﻴّﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻠﺘﻬﺎ ﺣﺘّﻰ هﺬا اﻟﻴﻮم .ﻣﺎ أﻏﺰرهﺎ! ...ﻗﺪّﻣﻲ ﻟﻠﺮبّ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺒﺎدﻟﺔ ﺿﺤﻴّﺔ ﺑﺜﻤﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪود أي ﺟﺴﺪ ودم ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﺜﻤﻴﻦ. وادﻋﻲ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ واﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ ﻟﻴﺸﻜﺮوا اﷲ ﻋﻨﻚ واذآﺮي أﻧّﻲ ﻣﻌﻚِ هﻨﺎك وﻗﻮﻟﻲ ﺑﻔﺮح: هﺎ أﻧﺎ ﻳﺎ إﻟﻪ ﻗﻠﺒﻲ ،ﻣﺜﻘّﻠﺔ ﺑﺪﻳﻦٍ ﺑﺎهﻆ ،دﻳﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺠﻤﻴﻞ ،ﻋﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺨﻴﺮات اﻟﻌﻤﻮﻣﻴّﺔ واﻟﺨﺼﻮﺻﻴّﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻨﺤﺘﻨﻲ وﺗﺮﻏﺐ ﻓﻲ أن ﺗﻤﻨﺤﻨﻲ إﻳّﺎهﺎ دﻧﻴﺎ وﺁﺧﺮة .إﻧّﻲ أﺟﺎهﺮ ﺑﺄنّ ﻣﺮاﺣﻤﻚ ﻧﺤﻮي آﺎﻧﺖ وﻟﻢ ﺗﺰل ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪودة .وﻣﻊ ذﻟﻚ ،أﻧﺎ ﻣﺴﺘﻌﺪّة أن أَﻓﻴﻚ ﺣﺘّﻰ ﺁﺧﺮ ﻓﻠﺲ .وإﻳﻔﺎءً ﻋﻦ آﻞّ ﻣﺎ ﻟﻚ ﻋﻠﻲّ، أُﻗﺪّم ﻟﻚ ﺑﻴﺪَي اﻟﻜﺎهﻦ اﻟﺪم اﻹﻟﻬﻲّ ،واﻟﺠﺴﺪ اﻟﻤﺴﺠﻮد ﻟﻪ، واﻟﻀﺤﻴﺔ اﻟﻨﻘﻴّﺔ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺬﺑﺢ .وأﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻳﻘﻴﻦ ﺑﺄنّ هﺬﻩ اﻟﺘﻘﺪﻣﺔ ،ﺗﻜﻔﻲ ﻷن ﺗﻌﻮّض ﻋﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻬﺒﺎت اﻟﺘﻲ وهﺒﺘﻨﻴﻬﺎ .ﻷﻧّﻬﺎ ذات ﺛﻤﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪود ﺗﺴﺎوي وﺣﺪهﺎ آﻞّ ﻣﺎ ﻪ ﺣﺘّﻰ اﻵن وآﻞﱠ ﻣﺎ ﺳﺄﻧﺎﻟﻪ ﻣﻨﻚَ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ. ﻧﻠﺘ ُ ﻳﺎ ﻣﻼﺋﻜﺔ اﻟﺮبّ ،أﻳّﻬﺎ اﻟﻄﻮﺑﺎوﻳّﻮن ﻗﺎﻃﻨﻮ اﻟﺴﻤﺎء وأﻧﺖ ﺧﺎﺻّﺔ ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،أﻣّﻲ اﻟﺤﻨﻮن ،ﺳﺎﻋﺪوﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﺮ إﻟﻬﻲ ،وﻗﺪّﻣﻮا ﻟﻪ ﺷﻜﺮًا ﻋﻠﻰ آﻞّ اﻟﺨﻴﺮات ﻟﻴﺲ هﺬا اﻟﻘﺪّاس ﻓﻘﻂ اﻟﺬي أﺳﻌﺪﻧﻲ اﻟﺤﻆّ ﺑﺄن أﺷﺘﺮك ﻓﻴﻪ ،وﻟﻜﻦ آﻞّ اﻟﻘﺪادﻳﺲ اﻟﺘﻲ ﻳُﺤﺘﻔﻞ ﺑﻬﺎ اﻟﻴﻮم ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ أﺟﻤﻊ ،ﺣﺘّﻰ ﺑﺬﻟﻚ أﻓﻲ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻣﺤﺒّﺘﻪ اﻟﻌﻄﻮﻓﺔ ﻋﻦ آﻞّ اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ اﻟﺘﻲ وهﺒﻨﻲ إﻳّﺎهﺎ ،واﻟﻤﺰﻣﻊ ﻋﻠﻰ أن ﻳﻬﺒﺎ ﻟﻲ اﻵن وإﻟﻰ اﻷﺑﺪ .ﺁﻣﻴﻦ. ﺑﺄﻳّﺔ ﻟﺬّة وﺳﺮور ﻳﻘﺒﻞ هﺬا اﻹﻟﻪ اﻟﺠﻮّاد ﺑﺮهﺎن ﺷﻜﺮ ﺑﻨﻮي آﻬﺬا! وآﻢ ﺗﺮوق ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻪ هﺬﻩ اﻟﺘﻘﺪﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻤﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺜﻤﻦ اﻟﻐﻴﺮ اﻟﻤﺤﺪود ﺗﻔﻮق ﻋﻨﺪﻩ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﺳﺮﻩ.
87
اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺮاﺑﻊ
ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺎول إﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻘﺪّاس ﻓﻠﻨﻄﻠﺐ اﻟﻨﱢﻌﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎﺟﻴﻨﻬﺎ ﺗﺼﻮّري أﻧّﻲ أﻧﺎ أﻋﻄﻴﻚ ﺑﻴﺪيّ اﻟﻜﺎهﻦ ﻳﺴﻮع اﻟﺬي وُﻟﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺬﺑﺢ وﻻدة ﺟﺪﻳﺪة. وإذا ﻟﻢ ﻳﺴﻌﺪك اﻟﺤﻆّ ﺑﺄن ﺗﺘﻨﺎوﻟﻴﻪ ﺗﻨﺎوﻻً ﺳﺮﻳًّﺎ ﻓﻼ ﺗﺘﺄﺧّﺮي ﻋﻦ أن ﺗﺘﻨﺎوﻟﻴﻪ ﺗﻨﺎوﻻً روﺣﻴًّﺎ. وﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﺘّﺤﺪ ﻳﺴﻮع ﺑﻚ ﻓﻬﻮ اﻟﺬي ﻳﺼﻠّﻲ وﻳﺒﺘﻬﻞ ﻷﺟﻠﻚ .ﺗﺸﺠّﻌﻲ واﺳﺄﻟﻴﻪ ﻧِﻌﻤًﺎ آﺜﻴﺮة وأوﺳﻌﻲ ﻗﻠﺒﻚ :ﻻ ﺗﻘﺘﺼﺮي ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺐ ِﻧﻌَﻢ ﻻ أهﻤّﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻟﻜﻦ أُﻃﻠﺒﻲ ﻧﻌﻤًﺎ ﻣﻨﺘﻘﺎة ﻷنّ اﻟﺘﻘﺪﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪّﻣﺘِﻬﺎ ﷲ هﻲ ذات ﺛﻤﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪود. ﻗﻮﻟﻲ ﺑﺎﺗّﻀﺎع ﻋﻤﻴﻖ: ﻳﺎ إﻟﻪ ﻧﻔﺴﻲ! أﻋﺮف أﻧّﻲ ﻏﻴﺮ ﺟﺪﻳﺮة ﺑﺈﺣﺴﺎﻧﺎﺗﻚ .أُﻗﺮﱡ ﺑﺬﻟﻚ ﺑﺼﺪق :آﻼ ،إﻧّﻲ ﻻ أﺳﺘﺤﻖّ ﺑﻨﻮع ﻣﻦ اﻷﻧﻮاع أن ﺗﺴﺘﺠﻴﺒﻨﻲ، ﺑﺴﺒﺐ آﺜﺮة ﺁﺛﺎﻣﻲ وﺟﺴﺎﻣﺘﻬﺎ .ﻟﻜﻦ أﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺮﻓﺾ اﻟﺼﻼة اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪّﻣﻬﺎ ﻟﻚ ﻋﻨّﻲ اﺑﻨﻚ اﻟﻤﺴﺠﻮد ﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺬﺑﺢ، م ﻟﻚ ﻷﺟﻠﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ودﻣﻪ اﻟﺜﻤﻴﻦ؟ ﺪُ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘ ّ ﻳﺎ إﻟﻪ اﻟﺤﺐّ ،إﻗﺒﻞ اﺑﺘﻬﺎﻻت ذاك اﻟﺬي ﻳﺪاﻓﻊ ﻋﻨّﻲ أﻣﺎم ﻋﻈﻤﺘﻚ .وﺑﺎﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺗﻪ إﻣﻨﺤﻨﻲ آﻞّ اﻟﻨﱢﻌﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻢ أﻧّﻬﺎ ﺿﺮورﻳّﺔ ﻟﻲ ﻷﺗﻢﱠ ﻋﻤﻞ ﺧﻼﺻﻲ اﻟﻤﻬﻢّ.
ﻓﺎﻵن ،أآﺜﺮ ﻣﻦ آﻞّ ﺁن ،أﺗﺠﺮّأ وأﻃﻠﺐ اﻟﺼﻔﺢ ﻋﻦ ﺁﺛﺎﻣﻲ،
وﻧﻌﻤﺔ اﻟﺜﺒﺎت اﻷﺧﻴﺮ .وﺑﺎﻷآﺜﺮ ،إﺳﺘﻨﺎدًا ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻠﻮات اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪّﻣﻬﺎ ﻟﻚ ﻳﺴﻮع ،إﻧّﻲ أﺳﺄﻟﻚ ﻷﺟﻠﻲ ﻳﺎ إﻟﻬﻲ ،آﻞّ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺑﺪرﺟﺔ ﺳﺎﻣﻴﺔ ،واﻟﻤﺴﺎﻋﺪات اﻟﻔﻌّﺎﻟﺔ ﺣﺘّﻰ أُﺿﺤﻲ ﻗﺪّﻳﺴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴّﺔ. أﺳﺄﻟﻚَ أﻳﻀًﺎ ارﺗﺪاد اﻟﻜﻔﺮة واﻟﺨﻄﺄة ،وﻻﺳﻴّﻤﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺘّﻮن إﻟﻲّ ﺑﺤﺒﻞ ﻗﺮاﺑﺔ .أﺳﺄﻟﻚَ أن ﺗﻌﻄﻲ ﺟﻤﻴﻊ أﺣﺒّﺎﺋﻲ روح ﺗﻘﻮّى
88
ﻋﻈﻴﻤﺔ .ﻗﺪّﺳﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ،ﺣﺘّﻰ ﻳﺼﻴﺮ ﺑﻴﺘﻨﺎ ﻓﺮدوس ﻧﻌﻴﻢ ﻟﻚَ، وﻣﺪرﺳﺔ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻟﻨﺎ .ﺁﻣﻴﻦ. أُﻃﻠﺒﻲ ﺑﺪون ﺧﻮف .أُﻃﻠﺒﻲ ﻟﻚِ وﻟﺬوﻳﻚ وﻟﻜﻞّ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ. أُﻃﻠﺒﻲ ﺧﺎﺻّﺔ ﺑﺜﻘﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ وﺗﺄآّﺪي أنّ ﺻﻠﻮاﺗﻚ اﻟﻤﻘﺘﺮﻧﺔ ﺑﺼﻠﻮات ﻳﺴﻮع وﺻﻠﻮاﺗﻲ ﻳﻘﺒﻠﻬﺎ اﷲ ﺣﺘﻤًﺎ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﺘﻬﻲ اﻟﻘﺪّاس ﻗﻮﻟﻲ ﻓﻌﻞ اﻟﺸﻜﺮ ...ﺛﻢّ اﺧﺮﺟﻲ ﻣﻦ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ وﻗﻠﺒﻚ ﻣﺘﺄّﺛﺮٌ آﺄﻧّﻚ ﻧﺎزﻟﺔٌ ﻋﻦ اﻟﺠﻠﺠﻠﺔ. إنّ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﻣﻮﻧﻴﻜﺎ آﺎﻧﺖ ﻗﺒﻞ ﻋﻮدﺗﻬﺎ إﻟﻰ أﺷﻐﺎﻟﻬﺎ ﺗﺘﺮك ﻗﻠﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺬﺑﺢ ...ﻓﺎﻓﻌﻠﻲ أﻧﺖ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ واﺗﺮآﻲ ﻗﻠﺒﻚ ﺳﺎﺟﺪًا .وﻓﻲ ﺧﻼل اﻟﻨﻬﺎر ﺗﺬآّﺮي أﻧّﻪ هﻨﺎك ﺑﻘﺮب ﻳﺴﻮع. ﺖ اﻟﻨﻔﺲ :آﻮﻧﻲ ﻣﺒﺎرآﺔ ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ أﻣّﻲ اﻟﺤﻨﻮن! ﺁﻩ! ﻟﻮ آﻨ ُ ﺖ اﺷﺘﺮآﺖ ﺑﻬﺬا اﻟﻨﻮع ﻓﻲ آﻞّ اﻟﻘﺪادﻳﺲ ﺣﺘّﻰ اﻵن ،ﻟﻜﻨ ُ ﺖ ﻋﻠﻰ آﻨﻮز ﻣﻦ اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ ﻻ ﺗُﺤﺼﻰ. ﺣﺼﻠ ُ إﻧّﻲ أرﻳﺪ ﻣﻦ اﻵن ﻓﺼﺎﻋﺪًا ،أن أﺷﺘﺮك ﻓﻲ ذﺑﻴﺤﺔ اﻟﻘﺪّاس ﺖ ﺗﺤﺖ ﻣﺘّﺤﺪةً ﻣﻌﻚ .أرﻳﺪ أن أُﻗﻴﻢ ﻣﻌﻚ ﺑﻘﺮب اﻟﻤﺬﺑﺢ آﻤﺎ ﻟﻮ آﻨ ُ اﻟﺼﻠﻴﺐ .أرﻳﺪ أن أﺗﺼﺮّف وﻗﺖ اﻟﻘﺪّاس آﻤﺎ ﻟﻮ آﻨﺖ ﺣﺎﺿﺮةً ﺑﻨﻔﺴﻲ اﻟﺘﻘﺪﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺻﺎرت ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻠﺠﻠﺔ. ﻓﺴﺎﻋﺪﻳﻨﻲ ،وﺑﺎرآﻴﻨﻲ!
89
أﻓﻜﺎر ﻣﻌﺰﻳّﺔ ﻣﻮﺟّﻬﺔ إﻟﻰ ﺟﻤﻴﻊ أﺑﻨﺎء ﻣﺮﻳﻢ ﻣﺄﺧﻮذة ﻣﻦ آﺘﺎﺑﺎت اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ .١ﻣﺮﻳﻢ ﺗﻘﺪر وﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﺨﻠّﺼﻨﺎ: إنّ ﻣﺮﻳﻢ ﻻ ﺗﻨﻘﺼﻬﺎ اﻟﻘﻮّة أو اﻟﻘﺪرة ﻟﺘﺨﻠﱢﺼﻨﺎ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﺮﻧﺮدس(
.٢ﻣﺮﻳﻢ هﻲ أمّ اﷲ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﻲء أﻋﺠﺐ ﻣﻦ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺨﻠﻴﻘﺔ أﻣًّﺎ ﷲ! إنّ اﷲ إﻧّﻪ ﻳﻘﺪر أن ﻳﺨﻠﻖ ﻻ ﻳﻘﺪر أن ﻳﺼﻨﻊ ﺷﻴﺌًﺎ أﻋﻈﻢ ﻣﻦ هﺬا. ﻋﺎﻟﻤًﺎ أآﺒﺮ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ هﺬا ،وﺳﻤﺎءً أﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺳﻤﺎﺋﻨﺎ هﺬﻩ .أﻣّﺎ أن ﻳﺨﻠﻖ أﻣًّﺎ أﻋﻈﻢ ﻣﻦ أمّ اﷲ ﻓﻬﺬا ﺿﺮب ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺎل!.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻮﻧﺎوﻧﺘﻮرا(
.٣إنّ ﻣﺮﻳﻢ ﺑﺄﻣﻮﻣﺘﻬﺎ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﺗﺼﺒﺢ ﻓﻮق ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺨﻼﺋﻖ إنّ ﻣﺮﻳﻢ أﺣﻂّ ﻣﻦ اﷲ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳُﻘﺪﱠر ،ﻟﻜﻨّﻬﺎ أﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺨﻼﺋﻖ ﺑﻤﺎ ﻻ ﺣﺪّ ﻟﻪ .ﻓﻜﻤﺎ أﻧّﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﻤﻜﻦ أن ﻧﺠﺪ وﻟﺪًا أﺷﺮف ﻣﻦ ﻳﺴﻮع ،هﻜﺬا ﻏﻴﺮ ﻣﻤﻜﻦ أن ﻧﺠﺪ أﻣًّﺎ أﺷﺮف ﻣﻦ ﻣﺮﻳﻢ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ أﻟﻔﻮﻧﺲ ﻟﻴﻜﻮري(
.٤ﻣﺮﻳﻢ هﻲ أﻋﻠﻰ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﻋﺪا اﷲ وﺣﺪﻩ هﻞ ﻳﻘﺪر اﷲ أن ﻳﺰﻳﺪ ﻓﻲ ﺟﻤﺎل ﺧﻼﺋﻘﻪ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ؟ ﻧﻌﻢ ،ﻣﺎ ﺧﻼ ﺛﻼﺛﺔ :اﻟﻤﺴﻴﺢ ،ﻷﻧّﻪ إﻟﻪ .اﻟﺴﻤﺎء ،ﻷﻧّﻨﺎ هﻨﺎك ﻧﺘﻤﺘّﻊ ﺑﺎﷲ .اﻟﻌﺬراء اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ،ﻷﻧّﻬﺎ أمﱡ اﷲ .ﺗﻠﻚ اﻟﺮﺗﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻮّﻟﻬﺎ ﺷﺮﻓًﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ اﻟﻼﻧﻬﺎﻳﺔ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺗﻮﻣﺎ اﻷآﻮﻳﻨﻲ(
90
.٥اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﺣﺪﻩ ﻳﻘﺪر أن ﻳﻔﻬﻢ رﺗﺒﺔ ﻣﺮﻳﻢ إنّ وﺟﻮد اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻧﻮاع :ﺑﺬاﺗﻪ ،وﻗﺪرﺗﻪ ،وﺣﻀﻮرﻩ ،ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻳﻮﺟﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻮعٍ راﺑﻊٍ وﺧﺼﻮﺻﻲّ ،ﻷﻧّﻪ وإﻳّﺎهﺎ واﺣﺪ .هﻨﺎ ﻓﻠﺘﺼﻤﺖ آﻞﱡ ﺧﻠﻴﻘﺔ وﻟﺘﺮﺗﺠﻒ ،وﻻ ﻳﺠﺴﺮنّ أﺣﺪٌ ﻋﻠﻰ أن ﻳﺮﻓﻊ أﻟﺤﺎﻇﻪ ﻟﻴﺮى ﻣﻘﺪار هﺬﻩ اﻟﻌﻈﻤﺔ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ! إنّ اﷲ ﻳﺴﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﺘﻮل ﺣﺘّﻰ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﻌﻬﺎ ﻃﺒﻴﻌﺔ واﺣﺪة. )اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻄﺮس داﻣﻴﺎﻧﻮس( .٦إنّ ﺣﻨﻮّ ﻣﺮﻳﻢ ﻳﻮازي ﻗﺪاﺳﺘﻬﺎ ﺑﻘﺪر ارﺗﻔﺎع رﺗﺒﺔ ﻣﺮﻳﻢ وﻗﺪاﺳﺘﻬﺎ ،ﺑﻘﺪر ذﻟﻚ هﻲ ﺷﻔﻴﻘﺔ وﻋﻄﻮف ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻄﺄة اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﺘﻮﺑﻮا وﻳﻄﻠﺒﻮا ﺷﻔﺎﻋﺘﻬﺎ. )اﻟﻘﺪﻳﺲ ﻏﺮﻳﻐﻮرﻳﻮس اﻟﺴﺎﺑﻊ( .٧إنّ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أراد أن ﻳﻜﻮن ﻣﺪﻳﻮﻧًﺎ ﻟﻤﺮﻳﻢ إﻓﺮﺣﻲ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،إﻓﺮﺣﻲ! إنّ ﺳﻌﺎدﺗﻚ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻷنّ اﺑﻦ اﷲ اﻟﻮاهﺐ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺨﻴﺮات ﺑﺪون ﺑﺪل ﻗﺪ أﺿﺤﻰ ﻣﺪﻳﻨًﺎ ﻟﻚِ. وﻧﺤﻦ آﻠّﻨﺎ أﻳًّﺎ آﻨّﺎ ،ﻻ ﻧﻤﻠﻚ ﺷﻴﺌًﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﷲ .وﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻧﺤﻦ ﻣﺪﻳﻮﻧﻮن ﻟﻪ ،ﻟﻜﻦّ اﷲ أراد أن ﻳﻜﻮن ﻣﺪﻳﻮﻧًﺎ ﻟﻚِ إذ اﻗﺘﺒﻞ ﻣﻨﻚِ ﺟﺴﺪًا ﺻﺎر ﺑﻪ إﻧﺴﺎﻧًﺎ. )اﻟﻘﺪﻳﺲ ﻣﻴﺘﻮد( .٨ﻣﺮﻳﻢ ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﷲ ﺳﻠﻄﺔ أ ّ م ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،إنّ ﻟﻚِ ﺳﻠﻄﺔ أمّ ﻋﻠﻰ اﷲ ﻧﻔﺴﻪ ،وﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ، ﻣﻬﻤﺎ آﺎﻧﺖ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ ﻋﻈﻴﻤﺔً ﻓﺈﻧّﻚ ﺗﺴﺘﻤﺪّﻳﻦ ﻟﻨﺎ اﻟﻐﻔﺮان وﻧﻌﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ،وﻃﻠﺒﻚ ﻻ ﻳﺬهﺐ ﻋﺒﺜًﺎ ،ﻷنّ اﷲ اﺗّﺨﺬك أُﻣًّﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴّﺔ ﻟﻪ ﺑﺮﻳﺌﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﻧﺲ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺮﻓﺾ أﺳﺌﻠﺘﻚ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺟﺮﻣﺎﻧﺲ(
91
.٩ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ أن ﻻ ﺗُﺴﺘﺠﺎب ﻣﺮﻳﻢ ب ﺑﻘﺪرة ﺻﻠﻮات اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ ﻋﻨﺪ اﷲ ،ﻟﻜﻦ آﻢ إﻧّﻨﺎ ﻻ ﻧﺮﺗﺎ ُ هﻲ أﻗﺪر ﻣﻨﻬﺎ ﺻﻠﻮات ﻣﺮﻳﻢ؟ إنّ ﺻﻠﻮات اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ هﻲ ﺻﻠﻮات ﻋﺒﻴﺪٍ ،وأﻣّﺎ ﺻﻠﻮات ﻣﺮﻳﻢ ﻓﻬﻲ ﺻﻠﻮات أمﱟ .إنّ اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻧﻄﻮﻧﻴﻨﺲ آﺎن ﻳﻘﻮل" :إنّ ﺻﻠﻮات ﻣﺮﻳﻢ ﻟﻬﺎ ﻗﻮّة اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺐ ﻳﺴﻮع اﺑﻨﻬﺎ .وﻳﺴﺘﺤﻴﻞ أنّ أمﱠ اﷲ ﻻ ﺗُﺴﺘﺠﺎب.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ أﻟﻔﻮﻧﺲ ﻟﻴﻜﻮري(
.١٠ﻣﻦ ﻳﺼﻠّﻲ ﺑﺪون ﻣﺮﻳﻢ ﻳﺤﺎول اﻟﻄﻴﺮان ﺑﺪون أﺟﻨﺤﺔ ﻊ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،إنّ ﻣﺎ ﻳﻘﺪر أن ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺟﻤﻴ ُ ﺑﺼﻠﻮاﺗﻬﻢ اﻟﻤﻘﺘﺮﻧﺔ ﺑﺼﻠﻮاﺗﻚ ﺗﻘﺪرﻳﻦ أن ﺗﺤﺼﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺼﻼﺗﻚ وﺣﺪهﺎ دون اﻓﺘﻘﺎر إﻟﻴﻬﻢ .ﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎذا ﺗﺘﻤﺘّﻌﻴﻦ ﺑﻬﺬا اﻟﻨﻔﻮذ وﺣﺪك؟ ﻷﻧّﻚ أﻧﺖ وﺣﺪكِ أمﱡ ﻓﺎدﻳﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ،وﺣﺪكِ ﻋﺮوس اﻟﺮبّ وﻣﻠﻜﺔ اﻟﺴﻤﺎء واﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﺳﺮﻩ .ﻓﺈن ﻟﻢ ﺗﺒﺘﻬﻠﻲ ﻋﻨّﺎ إﻟﻰ اﷲ، ﻓﻤﺎ ﻣﻦ ﻗﺪّﻳﺲ ﻳﺼﻠّﻲ ﻷﺟﻠﻨﺎ أو ﻳُﺴﻌﻔﻨﺎ .وﻟﻜﻦ ﻣﺘﻰ أردت أن ﺗﻌﻤﻠﻲ ﺷﻴﺌًﺎ ﻷﺟﻠﻨﺎ وإن ﻗﻠﻴﻼً ،ﻓﻜﻞﱡ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ ﻳﺘﺴﺎﺑﻘﻮن إﻟﻰ اﻟﺸﻔﺎﻋﺔ ﺑﻨﺎ ﻟﺪى اﷲ وﻳﺘﺮاآﻀﻮن ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺗﻨﺎ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ أﻧﺴﻠﻤﺲ( .١١إنّ ﻗﺪرة ﻣﺮﻳﻢ ﺗﻔﻮق ﻗﺪرة اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ آﺎﻓّﺔ وﺟﻮدﺗﻬﺎ ﺗﺴﺎوي ﻗﺪرﺗﻬﺎ إنّ اﻣﺘﻴﺎز ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻋﻨﺪ اﺑﻨﻬﺎ ،هﻮ أﻧّﻬﺎ آﻠﻴّﺔ اﻟﻘﺪرة ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻨﺎل ﺑﺼﻠﻮاﺗﻬﺎ آﻞﱠ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ. ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻳﻨﻔﻌﻨﺎ هﺬا اﻟﻨﻔﻮذ اﻟﻌﻈﻴﻢ إذا آﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﻔﺘﻜﺮ ﺑﺨﻴﺮﻧﺎ؟ ﻻ .ﻻ ﻳﺠﺐ أن ﻧﺮﺗﺎب ﺑﻬﺬا ،ﺑﻞ ﺑﺎﻷﺣﺮى ﻓﻠﻨﻨـﺰع اﻟﺨﻮف
92
ﻣﻦ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ وﻧﺜﺎﺑﺮ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﺮ اﷲ وأﻣّﻪ .ﻓﻜﻤﺎ أنّ ﻣﺮﻳﻢ ﺗﻔﻮق ﺑﻨﻔﻮذهﺎ ﻋﻨﺪ اﷲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ ،هﻜﺬا ﺗﺸﻔﻊ ﺑﻨﺎ ﺑﺤﺐﱟ ﺟﺰﻳﻞ ،وﺗﻌﺘﻨﻲ ﺑﻜﻞّ ﻣﺎ ﻳﻔﻴﺪﻧﺎ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻮﻧﺎوﻧﺘﻮرا(
.١٢ﻣﺮﻳﻢ هﻲ ﻣﻠﻜﺔ إذا آﺎن اﻟﻤﻮﻟﻮد ﻣﻦ اﻟﻌﺬراء هﻮ ﻣﻠﻚ ،ﻓﺎﻷمّ اﻟﺘﻲ وﻟﺪﺗﻪ هﻲ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻠﻜﺔ وﺳﻠﻄﺎﻧﺔ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ أﺛﺎﻧﺎﺳﻴﻮس( .١٣ﻣﺮﻳﻢ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﺧﻼﺋﻖ ﺗﺨﺪم اﻟﺜﺎﻟﻮث اﻷﻗﺪس ،ﺑﻘﺪر ذﻟﻚ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻦ ﻳﺨﺪم أﻳﻀًﺎ اﻟﻌﺬراء اﻟﻤﺠﻴﺪة .أﺟﻞ إنّ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺨﻼﺋﻖ، اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ واﻟﺒﺸﺮ ،وآﻞّ ﻣﺎ هﻮ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء وﻋﻠﻰ اﻷرض ﺗﺨﻀﻊ ﷲ ،ﻓﻬﻲ إذًا ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻠﺒﺘﻮل اﻟﻤﺠﻴﺪة.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﺮﻧﺮدﻳﻨﺲ اﻟﺴﻴّﺎﻧﻲ(
.١٤ﻣﺮﻳﻢ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺮﺣﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺣﺒﻠﺖ اﻟﻌﺬراء اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﺑﺎﺑﻦ اﷲ ووﻟﺪﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﻒ ﻣﻠﻚ اﷲ :إنّ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ هﻮ ﻣﻠﻚ اﻟﻌﺪل ،ﻓﺄﺿﺤﺖ هﻲ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺮﺣﻤﺔ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺗﻮﻣﺎ اﻷآﻮﻳﻨﻲ(
93
.١٥ﻣﺮﻳﻢ ﻋﻴﻦ اﻟﺠﻮدة ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺗﺄﻣّﻞ ﺑﻚِ ﻳﺎ ﺳﻴّﺪﺗﻲ ،ﻻ أﻟﻤﺢ ﻓﻴﻚِ ﻏﻴﺮ اﻟﺤﻨﺎن ،ﻷنّ ﻪ رﺣﻤﺔً ﺑﺎﻟﺘﻌﺴﺎء ،وﻗﺪ اﺳﺘﻮدﻋﻚ ﻣﻬﻤّﺔ رﺣﻤﺘﻪ. اﷲ اﺧﺘﺎرك أﻣﱠ ُ وﻣﻦ ﺣﻴﺚ أﻧّﻚ ﻻ ﺗﻨﻔﻜّﻴﻦ ﻋﻦ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺘﻌﺴﺎء ﻓﺄرى اﻟﺮﺣﻤﺔ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﻚِ وﻳﺨﻴّﻞ إﻟﻲّ أنّ ﻻ هﻢّ ﻟﻚِ إﻻّ ﻓﻲ اﻟﺮأﻓﺔ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻮﻧﺎوﻧﺘﻮرا(
.١٦إنّ اﷲ ﻗﺪ أﻋﻄﺎﻧﺎ ﻣﺮﻳﻢ ﻣﺤﺎﻣﻴﺔ ﻋﻨّﺎ ﻳﺎ ﻟﺠﻮدة اﷲ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ واﻟﻤﺬهﻠﺔ! أﻧﺖِ أﻣﱡﻪ وﺳﻠﻄﺎﻧﺔ اﻟﺴﻤﺎء .وﻗﺪ ﺗﻨﺎزل وﻧَﺼّﺒﻚ ﻣﺤﺎﻣﻴﺔً ﻋﻨّﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﺨﻄﺄة اﻷﺷﻘﻴﺎء، ﻟﻜﻲ ﺑﺸﻔﺎﻋﺘﻚِ اﻟﻘﺪﻳﺮة ﺗﺴﺘﻤﺪّي ﻟﻨﺎ اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ ﻋﻠﻰ ﻗﺪر ﻣﺎ ﺗﺸﺎﺋﻴﻦ. ﻪ ﺑﺎﻟﺬات ﻳﺎ ﻟﺮﺣﻤﺔ اﷲ اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ! ﻟﻘﺪ أﻗﺎم ﻟﻨﺎ ﻣﺤﺎﻣﻴﺔً أﻣّ ُ واﻟﻤﻮزّﻋﺔ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ﻟﻠ ﱢﻨﻌَﻢ ،ﺣﺘّﻰ أنّ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺬي ﺳﻴﺒﺮزﻩ ﻳﻮﻣًﺎ ﻣﺎ ﺑﺸﺄﻧﻨﺎ ﻻ ﻳُﻠﻘﻲ ﺑﻨﻔﻮﺳﻨﺎ ﻓﻲ وهﺪة اﻟﻴﺄس.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻮﻧﺎوﻧﺘﻮرا(
.١٧ﻣﺮﻳﻢ ﻣﺤﺎﻣﻴﺔ اﻟﺠﻨﺲ اﻟﺒﺸﺮي إنّ ﻣﻦ ﻳﺨﺎف أن ﻳﻨﻄﺮح ﻋﻠﻰ أﻗﺪام ﻣﺮﻳﻢ ﻳﻬﻴﻨﻬﺎ إهﺎﻧﺔ ﻋﻈﻤﻰ .ﻓﺘّﺶ ﻓﻲ اﻷﻧﺎﺟﻴﻞ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ .إﻗﺮأ ﺑﺘﻤﻌّﻦ آﻞﱠ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻟﻨﺎ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻮن ،ﻓﺈذا وﺟﺪتَ آﻠﻤﺔ واﺣﺪة ،أو ﺣﺎدﺛًﺎ واﺣﺪًا ﻳﺸﺘﻢﱡ ﻣﻨﻬﻤﺎ اﻟﻘﺴﺎوة أو ﺷﻲء ﻣﻦ اﻟﺸﺪّة ،ﻓﻠﻚ أن ﺗﺨﺎف. وﻟﻜﻦ ﺣﺎﺷﺎ أن ﺗﺠﺪ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ ذﻟﻚ .إذن اﻣﺴﺢ دﻣﻮﻋﻚ ﻳﺎ أﻳّﻬﺎ اﻟـﻤُﻤﺘَﺤﻦ ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﺑﺔ .ﺗﺸﺠّﻊ أﻳّﻬﺎ اﻟﺨﺎﺋﻒ اﻟﻀﻌﻴﻒ ،ﻓﺈنّ ﺔ اﻟﻌﺬراء اﻟﻘﺪﻳﺮة اﻟﺘﻲ هﻲ أمﱡ دﻳّﺎﻧﻚ وإﻟﻬﻚ هﻲ أﻳﻀًﺎ ﻣﺤﺎﻣﻴ ُ اﻟﺠﻨﺲ اﻟﺒﺸﺮي. )اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﺮﻧﺮدس(
94
.١٨ﻣﺮﻳﻢ هﻲ ﺧﺎزﻧﺔ آﻞّ اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﺑﻤﺎ أنّ اﻷﻟﻮهﻴّﺔ ﺑﻜﻤﺎﻟﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﻨﺎزﻟﺖ واﻧﺤﺼﺮت ﻓﻲ ﺣﺸﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻓﺄﻧﺎ ﻻ أﺧﺎف أن أؤآّﺪ أنّ اﻟﻌﺬراء اﻟﻄﻮﺑﺎوﻳّﺔ ﻗﺪ ﺣﺼﻠﺖ ﻣﻦ ذاك اﻟﻮﻗﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﻖﱟ ﺑ ِﻨﻌَﻢ اﷲ ،ﻷنّ ﻣﻦ اﻟﺤﺸﺎ اﻟﻄﺎهﺮ اﻟﺬي ﺑﺰغ ﻣﻨﻪ اﻟﻤﺘﺄﻧّﺲ ،ﻗﺪ ﺗﻔﺠّﺮت آﻞّ اﻟﺒﺮآﺎت اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﺗﻔﺠﱡﺮ اﻷﻧﻬﺎر ﻣﻦ اﻟﻤﺤﻴﻂ. )اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻮﻧﺎوﻧﺘﻮرا( .١٩آﻞّ ﺷﻲء ﻳﻤﺮﱡ ﺑﻴﻦ ﻳﺪي ﻣﺮﻳﻢ ﻟﻘﺪ وُهﺒﺖ ﻣﺮﻳﻢ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﺣﺘّﻰ ﺑﻮاﺳﻄﺘﻬﺎ ﺗﺠﺮي إﻟﻰ اﻟﺒﺸﺮ ﺟﺮﻳًﺎ ﻣﺘّﺼﻼً ﻧِﻌﻢ اﷲ وﻣﻮاهﺒﻪ اﻟﺴﻤﺎوﻳّﺔ آﻤﺎ ﻳﺠﺮي اﻟﻤﺎء ﻓﻲ اﻟﻘﻨﺎة. ﻓﺄﻓﻬﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺑﺄيّ ﺣﺐﱟ وإآﺮام ﻳﺮﻳﺪ اﷲ ﺗﻤﺠﻴﺪًا ﻟﻤﻠﻜﺘﻨﺎ اﻟﻤﻌﻈّﻤﺔ أن ﻧﻬﺮع داﺋﻤًﺎ إﻟﻴﻬﺎ وﻧﻠﺘﺠﺊ إﻟﻰ ﺣﻤﺎﻳﺘﻬﺎ .ﻓﺈﻧّﻪ وﺿﻊ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻬﺎ ﻣﻞء اﻟﺨﻴﺮات ﺑﺄﺳﺮهﺎ وذﻟﻚ ﺣﺘّﻰ ﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﻓﻴﻨﺎ رﺟﺎءٌ وﻧﻌﻤﺔٌ وﻧﻔﻮذٌ ﺧﻼﺻﻲّ إﻻّ وﻧﻠﺘﺰم ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ ﻋﻨﻪ ﻟﻤﺮﻳﻢ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﺮﻧﺮدس(
.٢٠ﻣﺮﻳﻢ هﻲ ﻣﻮزّﻋﺔ ﻣﻮاهﺐ اﷲ آﻞﱡ اﻟﻤﻮاهﺐ اﻟﺴﻤﺎوﻳّﺔ ،وآﻞّ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ،وآﻞﱡ اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ ﺗﻮزّع ﺑﻴﺪَي ﻣﺮﻳﻢ ،وهﻲ ﺗُﺸﺮك ﻓﻴﻬﺎ ﻣَﻦ ﺗﺮﻳﺪ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ ،وﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﺮﻳﺪ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﺮﻧﺮدﻳﻨﺲ اﻟﺴﻴّﺎﻧﻲ(
.٢١آﻞّ ﺷﻲء ﻳﺄﺗﻴﻨﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻣﺮﻳﻢ ﻓﻠﻨﻜﺮّم ﻣﺮﻳﻢ ﻣﻦ آﻞّ ﻗﻠﺒﻨﺎ .هﺬﻩ هﻲ إرادة اﷲ :ﻷنّ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ ﻳﺄﺗﻴﻨﺎ إﻻّ ﺑﻴﺪَي ﻣﺮﻳﻢ .ﻓﻠﻨﻄﻠﺐ اﻟﻨﻌﻤﺔ ،وﻟﻨﻄﻠﺒﻬﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻣﺮﻳﻢ.
95
إّﻧﻚَ وإن ﺗﻜﻦ ﻏﻴﺮ ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﻨﻌﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻄﻠﺒﻬﺎ ﻣﻦ اﷲ ،ﻓﺈذا ﻃﻠﺒﺘﻬﺎ ﻟﻚَ ﻣﺮﻳﻢ ﺗُﻌﻄﺎهﺎ .ﻓﺈذا آﻨﺖَ ﺗﺮﻳﺪ أﻻّ ﻳﺮﻓﺾ اﷲ ﻃﻠﺒﻚ، ﻗﺪّم ﻟﻪ آﻞّ ﺷﻲء ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻣﺮﻳﻢ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﺮﻧﺮدس(
.٢٢ﻣﻦ وﺟﺪ ﻣﺮﻳﻢ وﺟﺪ آﻞّ اﻟﺨﻴﺮات أﻧﺖِ ،أﻧﺖِ وﺣﺪك ﻳﺎ ﺳﻠﻄﺎﻧﺘﻲ ،ﻗﺪ ﺟﻌﻠﻚ اﷲ آﻨـﺰي ﻋﻠﻰ اﻷرض ،ودﻟﻴﻠﻲ ﻓﻲ ﺳﻔﺮي ،وﻗﻮّةً ﻟﻀﻌﻔﻲ ،وﻏﻨًﻰ ﻟﻔﻘﺮي، وﺷﻔﺎءً ﻟﺠﺮوﺣﻲ ،وﺗﻌﺰﻳﺔً ﻷﺣﺰاﻧﻲ ،وﻧﻬﺎﻳﺔً ﻷﺳﺮي ،ورﺟﺎءً ﻟﺨﻼﺻﻲ .ﻓﺎﺳﺘﺠﻴﺒﻲ ﺻﻠﻮاﺗﻲ ،وارﺛﻲ ﻟﺪﻣﻮﻋﻲ .أﺗﻮﺳّﻞ إﻟﻴﻚ ﻦ هﻲ ﻣﻠﻜﺘﻲ وﻣﻠﺠﺄي ،وﺣﻴﺎﺗﻲ وإﺳﻌﺎﻓﻲ ،ورﺟﺎﺋﻲ ﻳﺎ ﻣَ ْ وﻗﻮّﺗﻲ! )اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺟﺮﻣﺎﻧﺲ( .٢٣ﻣﺮﻳﻢ هﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ إﻟﻰ ﻳﺴﻮع ﺑﻚِ ﻧﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻻﺑﻦ ﻳﺎ ﺧﺎزﻧﺔ اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ وأمّ اﻟﺨﻼص! ﺣﺘّﻰ ﻳﻘﺒﻞ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﺎس ﺑﻮاﺳﻄﺘﻚ آﻤﺎ أﻋﻄﺎهﻢ ذاﺗﻪ ﺑﻮاﺳﻄﺘﻚ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﺮﻧﺮدس(
.٢٤ﻣﺮﻳﻢ ﻟﻦ ﺗﺨﻴﺐ ﻃﻠﺐ أﺣﺪ ﻢ ﺑﺄن ﻳﺼﻤﺖ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻦ رﺣﻤﺘﻚ ،وﺑﺄن ﻻ ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،أُﺳﻠﱢ ُ ﺗﺬﻳﻊ ﺛﻨﺎءهﺎ اﻷﻟﺴﻦ ،إذا وُﺟﺪ إﻧﺴﺎنٌ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻘﺪر أن ﻳﻘﻮل إﻧّﻪ دﻋﺎكِ ﻓﻲ إﺑّﺎن اﻟﺸﺪّة وﺻﻤﻤﺖِ دوﻧﻪ أُذﻧﻴﻚ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﺮﻧﺮدس(
.٢٥ﻣﺮﻳﻢ ﺗﻨﺠّﻴﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺨﺎﻃﺮ ﺖ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﻳﺨﺒﺮون أﻧّﻬﻢ ﻋﻨﺪ ت وﺳﻤﻌ ُ ﻧﻈﺮ ُ وﻗﻮﻋﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻬﺎﻟﻚ اﻟﺼﻌﺒﺔ ﻧﺠﻮا ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺘﻠﻔّﻈﻬﻢ ﺑﺎﺳﻢ ﻣﺮﻳﻢ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ أﻧﺴﻠﻤﺲ(
96
.٢٦اﺳﻢ ﻣﺮﻳﻢ ﻳُﺮﻋﺪ ﻓﺮاﺋﺺ اﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ آﻤﺎ ﻳﺬوب اﻟﺸﻤﻊ أﻣﺎم اﻟﻨﺎر ،هﻜﺬا ﻳُﻔﺮغ ﺳﻼح اﻟﺸﻴﻄﺎن ﺗﺠﺎﻩ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﺘﻲ ﺗﺬآﺮ ﻏﺎﻟﺒًﺎ اﺳﻢ ﻣﺮﻳﻢ ،وﺗﺪﻋﻮهﺎ ﺑﺨﺸﻮع، وﺗﺠﺘﻬﺪ ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺪاء ﺑﻔﻀﺎﺋﻠﻬﺎ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻮﻧﺎوﻧﺘﻮرا(
.٢٧إﻧّﻨﺎ ﻧﻨﺘﺼﺮ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻣﺮﻳﻢ أﻧﻈﺮ آﻴﻒ ﻧﻨﺘﺼﺮ داﺋﻤًﺎ وﺳﻨﻨﺘﺼﺮ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻋﺮاآﻨﺎ ﻣﻊ اﻟﺠﺤﻴﻢ ،وذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺘﺠﺎﺋﻨﺎ إﻟﻰ ﻣﺮﻳﻢ أمّ اﷲ وأﻣّﻨﺎ ﻗﺎﺋﻠﻴﻦ وﻣﺮدّدﻳﻦ ﺑﺪون اﻧﻘﻄﺎع" :ﺗﺤﺖ ذﻳﻞ ﺣﻤﺎﻳﺘﻚ أﻟﺘﺠﺊ ﻳﺎ واﻟﺪة اﷲ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ". )اﻟﻘﺪﻳﺲ أﻟﻔﻮﻧﺲ ﻟﻴﻜﻮري( .٢٨إﻧّﻨﺎ ﻧﻔﻮز ﺑﻤﻐﻔﺮة ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻣﺮﻳﻢ ﻢ ﻳﻘﻴﻨًﺎ أﻧّﻪ ﻻ إنّ اﷲ وﻟﻮ آﺎن أﺑﺮز ﻋﻠﻲّ ﺣﻜﻢ اﻟﻬﻼك ،أﻋﻠ ُ ﻳﺮﻓﺾ ﻣﻦ ﻳﺤﺒّﻪ وﻳﻔﺘّﺶ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ آﻞّ ﻗﻠﺒﻪ .إذًا أﻃﻮّﻗﻪ ﺑﻴﻦ ذراﻋﻲّ ﺣﺒّﻲ وﻻ أﻓﻠﺘﻪ إن ﻟﻢ ﻳﺒﺎرآﻨﻲ .وإذا اﺑﺘﻌﺪ ﻋﻨّﻲ ﻳﻠﺘﺰم أن ﻳﺄﺧﺬﻧﻲ ﻣﻌﻪ. أﻣّﺎ إذا أراد اﻟﻔﺎدي أن ﻳﻄﺮدﻧﻲ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﻗﺪﻣﻴﻪ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺘﻴﻦ ،إذ ذاك أﻃﺮح ﺑﻨﻔﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﺪَﻣﻲ ﻣﺮﻳﻢ أﻣّﻪ ،وﻻ أﻧﻬﺾ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺴﺘﻤﻴﺢ ﻟﻲ اﻟﻐﻔﺮان .ﻷنّ أمّ اﻟﺮﺣﻤﺔ اﻟﻌﻄﻮف ﻣﺎ ﻋﺮﻓﺖ وﻻ ﺗﻌﺮف أن ﺗﺤﺒﺲ ﺷﻔﻘﺘﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﻤﺴﺎآﻴﻦ وﻻ ﺗﻄﺮد اﻟﺘﻌﺴﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻄﻠﺒﻮن ﺷﻔﺎﻋﺘﻬﺎ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻮﻧﺎوﻧﺘﻮرا(
97
.٢٩ﻻ ﻳﻘﺪر أﺣﺪٌ أن ﻳﺨﻠﺺ إﻻّ ﺑﻤﺮﻳﻢ ﻪ ﻣﺮﺿﻌﺘﻪُ ،هﻜﺬا ﻣﻦ آﻤﺎ أنّ اﻟﻮﻟﺪ ﻳﻤﻮت إذا أهﻤﻠﺘ ُ ﻪ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻣﺮﻳﻢ .إذن اﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ أن ﻳﺨﻠﺺ أﺣﺪٌ إذا ارﺗﻔﻌﺖ ﻋﻨ ُ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺸﺘﻌﻞ ﻗﻠﺒﻚ ﺑﻤﺤﺒّﺔ ﻣﺮﻳﻢ .ﻓﺎﺣﻔﻆ ﻓﻴﻪ ﺣﺮارة ﻋﺒﺎدﺗﻬﺎ، وﻻ ﺗﺪﻋﻬﺎ ﺗﻨﻄﻔﺊ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻈﻔﺮ ﺑﺒﺮآﺘﻬﺎ اﻟﻮاﻟﺪﻳّﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻮﻧﺎوﻧﺘﻮرا(
.٣٠ﻣﺮﻳﻢ رﺟﺎء اﻟﻴﺎﺋﺴﻴﻦ أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﺴﻴّﺪة اﻟﻤﻌﻈّﻤﺔ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﻄﺮح اﻟﺨﺎﻃﺊ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﻴﻚ ﻻ ﺗﺸﻤﺌﺰّي ﻣﻨﻪ ،ﻣﻬﻤﺎ آﺎن ﻣﻠﻄّﺨًﺎ ﺑﺎﻟﻤﺂﺛﻢ وﻗﺒﻴﺤًﺎ. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻄﻠﺐ ﺷﻔﺎﻋﺘﻚ ،ﻻ ﺗﺄﻧﻔﻲ ﻣﻦ أن ﺗﺒﺴﻄﻲ ﻟﻪ آﻒّ اﻟﺸﻔﻘﺔ ﻟﺘﻨﺸﻠﻴﻪ ﻣﻦ وهﺎد اﻟﻴﺄس ...إذًا ﻓﻤﻦ ﻻ ﻳﺜﻖ ﺑﻚِ؟ إﻧّﻲ ل ﺑﺪون ﺗﺮدّد ،ﻟﻮ آﻨّﺎ ﻧﺴﺮع داﺋﻤًﺎ إﻟﻴﻚِ ﻟﻜﻨﺖِ ﺗﺴﺘﺠﻴﺒﻴﻦ أﻗﻮ ُ داﺋﻤًﺎ رﻏﺎﺋﺒﻨﺎ .ﻓﻠﻴﺜﻖ إذًا ﺑﻚ آﻞّ ﻣﻦ ﻳﺪاﺧﻠﻪ اﻟﻴﺄس.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﺮﻧﺮدس(
.٣١ﻣﻦ آﺎن ﻟﻠﻌﺬراء ﻋﺒﺪًا ﻟﻦ ﻳﺪرآﻪ اﻟﻬﻼك أﺑﺪًا آﻤﺎ أﻧّﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ أن ﻳﺨﻠﺺ أﺣﺪٌ ﺑﺪون ﻋﺒﺎدة ﻣﺮﻳﻢ وﺣﻤﺎﻳﺘﻬﺎ ،هﻜﺬا ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ أن ﻳﻬﻠﻚ أﺣﺪٌ إذا ﺳﻠّﻢ ذاﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﻄﻮﺑﺎوﻳّﺔ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء وﻧﻈﺮت إﻟﻴﻪ ﻧﻈﺮة ﺣﺐّ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ أﻧﺴﻠﻤﺲ(
.٣٢ﻣﺮﻳﻢ هﻲ أﻣّﻨﺎ إنّ ﻣﺮﻳﻢ ﺑﻘﺒﻮﻟﻬﺎ ﺗﺠﺴّﺪ اﺑﻦ اﷲ ،ﻃﻠﺒﺖ ﺑﺤﺮارة ﻋﻈﻤﻰ ﺧﻼص اﻟﺒﺸﺮ وﻓﺎزت ﺑﻪ .وﺑﻬﺬا اﻟﺮﺿﻰ ﺗﻔﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﻓﺪاء اﻟﺠﻨﺲ اﻟﺒﺸﺮيّ ،ﺣﺘّﻰ أﻧّﻬﺎ ﺣﻤﻠﺘﻨﺎ ﻓﻲ أﺣﺸﺎﺋﻬﺎ وﺻﺎرت أﻣّﻨﺎ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻴﺮﻧﺮدﻳﻨﻮس اﻟﺴﻴّﺎﻧﻲ(
98
.٣٣ﻣﺮﻳﻢ أمّ اﻟﺤﺐّ اﻟﻌﺬب ﻗﺎﻟﺖ ﻣﺮﻳﻢ :أﻧﺎ أمﱡ اﻟﺤﺐ اﻟﻌﺬب ،ﻧﻌﻢ ،أﻳّﺘﻬﺎ اﻷمّ ،إﻧّﻚ ﺗﺤﺒّﻴﻨﻨﺎ وﺗﻬﺒﻴﻨﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺮات ﻣﺎ ﻻ ﺗﻘﺪر ﻋﻠﻴﻪ أمّ ﺑﺸﺮﻳّﺔ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻮﻧﺎوﻧﺘﻮرا(
.٣٤ﺣﺐّ أﻣّﻨﺎ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻟﻘﺪ أﺣﺒّﺘﻨﺎ ﻣﺮﻳﻢ ﻣﺤﺒّﺔ ﻟﻢ ﺗُﺤﺒّﻨﺎ ﺧﻠﻴﻘﺔ ﻣﺜﻠﻬﺎ :أﺣﺒّﺘﻨﺎ إﻟﻰ ﺣﺪّ أﻧّﻬﺎ أﻋﻄﺘﻨﺎ اﺑﻨﻬﺎ اﻟﻮﺣﻴﺪ وﻗﺪّﻣﺘﻪ ﻋﻨّﺎ ،ذاك اﻻﺑﻦ اﻟﺬي آﺎﻧﺖ ﺗﺤﺒّﻪ أآﺜﺮ ﻣﻦ ذاﺗﻬﺎ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻮﻧﺎوﻧﺘﻮرا(
.٣٥ﺣﺐّ ﻣﺮﻳﻢ ﻳﻔﻮق ﺣﺐّ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻣّﻬﺎت ﻣﻌًﺎ ﻟﻮ ﺟُﻤﻊ ﺣﺐﱡ آﻞّ اﻷﻣّﻬﺎت ﻷوﻻدهﻦّ ،واﻟﻌﺮاﺋﺲ ﻷزواﺟﻬﻦّ، واﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ واﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻟﺨﺪّاﻣﻬﻢ ،ﻟﻤﺎ ﺳﺎوى ﺣﺐّ ﻣﺮﻳﻢ ﻟﻨﻔﺲ واﺣﺪة. )اﻟﻘﺪﻳﺲ أﻟﻔﻮﻧﺲ ﻟﻴﻜﻮري( .٣٦ﻣﺮﻳﻢ ﺗﺤﺐّ ﻣﻦ ﻳﺤﺒّﻬﺎ ﻗﺎﻟﺖ ﻣﺮﻳﻢ :اﻧﺎ أﺣﺐﱡ ﻣﻦ ﻳﺤﺒّﻨﻲ ،ﻟﻜﻦ وإن أﺣﺒّﺖ ﺳﻠﻄﺎﻧﺘﻨﺎ اﻟﻌﺰﻳﺰة ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﺸﺮ آﺄﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ،ﻓﻤﻊ ذﻟﻚ ﺗﻌﺮف أن ﺗﻤﻴّﺰ ﺟّﻴﺪًا ﺑﻨﻮع ﺧﺎصّ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺬﺧﺮون ﻟﻬﺎ أرقّ ﻋﻮاﻃﻔﻬﻢ. ﻓﻄﻮﺑﻰ إذًا ﻟﻤﻦ ﻳﺤﺐّ ﻣﺮﻳﻢ هﻜﺬا. )اﻟﻘﺪﻳﺲ
أﻟﻔﻮﻧﺲ ﻟﻴﻜﻮري(
.٣٧ﻣﺮﻳﻢ ﺗﺤﺐﱡ أن ﺗﻌﺰّﻳﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌًﺎ إنّ ﻣﺮﻳﻢ ﺗﺴﺮع إﻟﻰ إﻏﺎﺛﺘﻨﺎ أآﺜﺮ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ. ورﻏﺒﺘﻬﺎ ﺷﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﻋﺰاﺋﻨﺎ آﻠّﻨﺎ ،ﻓﺤﺎﻟﻤﺎ ﺗﺴﻤﻊ اﻟﺘﻤﺎﺳﻨﺎ ﺗﺴﺮع إﻟﻰ إﺟﺎﺑﺘﻨﺎ وﺗﻤﺪّ إﻟﻴﻨﺎ ﻳﺪ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ أﻟﻔﻮﻧﺲ ﻟﻴﻜﻮري(
99
.٣٩ﻣﺮﻳﻢ أمّ اﻟﺨﻄﺄة اﻟﻤﺴﺎآﻴﻦ ﺑﻤﺎ أنّ ﻣﺮﻳﻢ هﻲ أمﱡ اﻟﺨﻄﺄة اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻮون اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﺘﻮﺑﺔ ،ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺤﺒﺲ أﺣﺸﺎء ﺣﻨﻮّهﺎ ﻋﻨﻬﻢ ،ﺑﻞ آﺄﻧّﻲ ﺑﻬﺎ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻤﺼﺎﺋﺐ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ اﻟﺘﻌﺴﺎء آﺄﻧّﻬﺎ ﻣﺼﺎﺋﺒﻬﺎ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ أﻟﻔﻮﻧﺲ ﻟﻴﻜﻮري(
.٤٠رأﻓﺔ ﻣﺮﻳﻢ ﺑﺎﻟﺨﻄﺄة اﻷآﺜﺮ ﺷﻘﺎ ًء ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،إنّ اﻟﺨﺎﻃﺊ اﻟﺬي أﺿﺤﻰ ﻳﻤﻘﺘﻪ اﻟﻌﺎﻟﻢ آﻠّﻪ ﺗﺮﺣّﺒﻴﻦ ﺑﻪ ﺗﺮﺣﻴﺒًﺎ واﻟﺪﻳًّﺎ ،وﻻ ﺗﺪﻋﻴﻨﻪ ﻳﻐﺎدركِ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺼﻠﺤﻴﻪ، ﻣﻬﻤﺎ آﺎن ﺷﻘﻴًّﺎ ،ﻣﻊ دﻳّﺎﻧﻪ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻮﻧﺎوﻧﺘﻮرا(
.٤١اﻟﺜﻘﺔ ﺑﻤﺮﻳﻢ أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﺜﻘﺔ اﻟﺴﻌﻴﺪة! أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﻠﺠﺄ اﻷﻣﻴﻦ! أمّ اﷲ وأﻣّﻲ! آﻢ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ﺛﻘﺘﻨﺎ ﺑﺨﻼﺻﻨﺎ أآﻴﺪة وهﻮ ﻓﻲ ﻳﺪ أخٍ هﺬا ﺣﺒﱡﻪ ،وأمّ هﺬا ﻋﻄﻔﻬﺎ! )اﻟﻘﺪﻳﺲ أﻧﺴﻠﻤﺲ( .٤٢ﻣﻦ وﺟﺪ ﻣﺮﻳﻢ وﺟﺪ اﻟﺤﻴﺎة ﻣﻦ وﺟﺪﻧﻲ ،ﻓﻘﺪ وﺟﺪ اﻟﺤﻴﺎة ،وﻳﻌﻄﻴﻪ اﻟﺮبّ اﻟﺨﻼص اﻷﺑﺪيّ. اﺳﻤﻌﻮا ،ﻳﺎ ﻣﻦ ﺗﻄﻤﺤﻮن ﺑﺄﺑﺼﺎرآﻢ إﻟﻰ ﻣﻠﻜﻮت اﷲ :آﺮّﻣﻮا ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ﺗﺠﺪوا اﻟﺤﻴﺎة واﻟﺨﻼص اﻷﺑﺪيّ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻮﻧﺎوﻧﺘﻮرا(
100
.٤٣اﻟﺴﻤﺎء ﻣﻊ ﻣﺮﻳﻢ هﻲ ﻣﻀﻤﻮﻧﺔ آﻤﺎ أﻧّﻪ ﻻ ﺧﻼص ﻷوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ أﺷﺎﺣﺖ ﻣﺮﻳﻢ ﻋﻨﻬﻢ ﺑﻮﺟﻬﻬﺎ ،آﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺨﻠﺺ وﻳﺘﻤﺘّﻊ ﻳﻮﻣًﺎ ﻣﺎ ﺑﻤﺠﺪ اﻟﺴﻤﺎء إﻻّ ﻣَﻦ اﺳﺘﻤﺎل ﻧﻈﺮهﺎ واﺳﺘﺤﻖّ ﺣﻤﺎﻳﺘﻬﺎ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ أﻧﻄﻮﻧﻴﻮس(
.٤٤ﻟﻨﺤﺐّ ﻣﺮﻳﻢ! ﺖ ﻣﺮﻳﻢ، أرﻳﺪ أن أﺣﺐّ ﻣﺮﻳﻢ! أُرﻳﺪ أن أﺣﺐّ ﻣﺮﻳﻢ! ...إن أﺣﺒﺒ ُ ﻓﺜﺒﺎﺗﻲ أآﻴﺪٌ ،وﻳﻤﻨﺤﻨﻲ اﷲ آﻞّ ﻣﺎ أرﻳﺪ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﻳﻮﺣﻨّﺎ ﺑﻴﺮآﻤﻨﺲ(
.٤٥ﺳﻌﻴﺪٌ ﻣﻦ ﻳﺤﺐّ ﻣﺮﻳﻢ! أﺟﻞ ،إﻧّﻬﻢ ﻟﺴﻌﺪاء أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﺣﻔﻈﻮا ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻬﻢ ﺣ ّ ﺐ ﻣﺮﻳﻢ وﺧﺪﻣﻮهﺎ ﺑﺈﺧﻼص.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻮﻧﺎوﻧﺘﻮرا(
.٤٦ﻟﻨﺒﺸّﺮ ﺑﻤﺮﻳﻢ إنّ اﻟﺘﺒﺸﻴﺮ ﺑﻤﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء واﻟﺜﻘﺔ ﺑﺸﻔﺎﻋﺘﻬﺎ ﺷﺮﻃﺎن ﻳﺘﻌﻠّﻖ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺧﻼص ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﺎس.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ أﻟﻔﻮﻧﺲ ﻟﻴﻜﻮري(
.٤٧ﻟﻨﻤﺪح ﻣﺮﻳﻢ! ﻟﻮ ﺗﺤﻮّﻟﺖ أﻋﻀﺎء ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﺎس إﻟﻰ أﻟﺴﻨﺔٍ ﺗﻤﺪح ﻣﺮﻳﻢ، ﺖ ﺣﺘّﻰ ﺗﻔﻲ ﻣﺮﻳﻢَ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﺤﻖّ ﻣﻦ اﻟﻤﺪﻳﺢ. ﻟَـﻤﺎ َآﻔَ ْ
)اﻟﻘﺪﻳﺲ أﻏﻮﺳﻄﻴﻨﺲ(
101
.٤٨اﻟﻄﻮﺑﻰ ﻟﻤﺎدﺣﻲ ﻣﺮﻳﻢ! ن اﻟﺨﻴﺮات اﻟﻤﻮﻋﻮد ﺑﻬﺎ ﻳﺎ ﻧﻔﺴﻲ ﺳﺮّي واﻓﺮﺣﻲ ﺑﻤﺮﻳﻢ ،ﻷ ّ ﻟﻤﻦ ﻳﻤﺪﺣﻮﻧﻬﺎ آﺜﻴﺮة ﺟﺪًّا.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻮﻧﺎوﻧﺘﻮرا(
.٤٩ﻳﺴﻮع وﻣﺮﻳﻢ! ﻳﺎ ﻳﺴﻮع وﻣﺮﻳﻢ ،أن أﺣﺐّ ﻋﻮاﻃﻔﻲ هﻲ أن أﺗﺄﻟّﻢ ﻷﺟﻠﻜﻤﺎ، وﻷﺟﻠﻜﻤﺎ أﻣﻮت ،وأآﻮن ﺑﺠﻤﻠﺘﻲ ﻟﻜﻤﺎ ،وأن ﻻ أﺧﺺّ ذاﺗﻲ أﺑﺪًا.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ أﻟﻔﻮﻧﺲ ﻟﻴﻜﻮري(
.٥٠اﻟﻮداع ﻟﻠﻘﺎرئ اﻟﻮرع أﺳﺘﻮدﻋﻚ اﷲ! وإﻟﻰ اﻟﻠﻘﺎء اﻟﺴﻌﻴﺪ ﻳﻮﻣًﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻋﻨﺪ ﻗﺪَﻣﻲ ﻣﺮﻳﻢ أﻣّﻨﺎ واﺑﻨﻬﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺤﺒﻮﺑَﻴﻦ ﺟﺪًّا ،ﻟﻨﻤﺪﺣﻬﻤﺎ، وﻧﺸﻜﺮهﻤﺎ ،وﻧﺤﺒّﻬﻤﺎ ﻣﻌًﺎ وﺟﻬًﺎ ﻟﻮﺟﻪ ﻣﺪى اﻷﺑﺪﻳّﺔ .ﺁﻣﻴﻦ.
)اﻟﻘﺪﻳﺲ أﻟﻔﻮﻧﺲ ﻟﻴﻜﻮري(
102