1
2
ﺷــــﻬــــﺎدة ﻣـﻦ اﻟﺠــــﺤــﻴــــــــﻢ
www.jounoudmariam.com www.saintamaria.com www.facebook.com/jounoud.mariam www.facebook.com/groups/jounoudmariam www.facebook.com/groups/kalbmariam
"ﺗﻌﻨﻰ ﺑﻄﺒﻌﻪ وﻧﺸﺮﻩ ﺟﻤﻌﻴّﺔ "ﺟﻨﻮد ﻣﺮﻳﻢ أد/١٦٧ ﻋﻠﻢ وﺧﺒﺮ
ًﻳﻮزّع ﻣﺠﺎﻧﺎ
3
ﻣﻘﺪّﻣﺔ إﻧّﻨﺎ ﻧﺄﻣﻞ ﻟﻬﺬا اﻟﻜﺘﻴّﺐ اﻟﺬي ﻳﻌﺮض ﺣﺪﺛﺎً ﻓﺮﻳﺪاً وهﺎﻣﺎً ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ، واﻓﻘﺖ اﻟﻨﻴﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ روﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺘّﻪ وﺿﺮورة ﻧَﺸﺮﻩ ،ان ﻳﻜﻮن ﺣﺎﻓﺰاً ﻟﺘﻮﻋﻴﺔ اﻟﻀﻤﺎﺋﺮ واﻟﻌﻮدة اﻟﻰ ﺳﻠﻮك "اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻀﻴّﻖ اﻟﻤﺆدّي اﻟﻰ اﻟﺨﻼص ،وﺗﺮك اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻮاﺳﻊ واﻟﺮﺣﺐ اﻟﻤﺆدي اﻟﻰ اﻟﻬﻼك") .ﻣﺘﻰ(١٣/٧: وإذ ﻧﻤﻨﺢ ﺑﺮآﺘﻨﺎ ﻟﻜﺎﻓّﺔ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﻴﻄّﻠﻌﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﻀﻤﻮﻧﻪ ،ﻧﺆآّﺪ ﺻﺤﺔ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ وأﻣﺎﻧﺘﻬﺎ.
ﻻ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﻃﺒﻌﻪ أﻟﻤﻄﺮان ﺟﻮرج رﻳﺎﺷﻲ رﺋﻴﺲ أﺳﺎﻗﻔﺔ ﻃﺮاﺑﻠﺲ وﺳﺎﺋﺮ اﻟﺸﻤﺎل ﻟﻠﺮوم اﻟﻤﻠﻜﻴﻴّﻦ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ.
ﻃﺮاﺑﻠﺲ ﻓﻲ ١٣أﻳﺎر ٢٠١٠
4
ﺗﻮﻃﺌﺔ:
ﻟﻘﺪ وﺻﻒ اﻟﻘﺪﻳﺲ "ﺑﺎدري ﺑﻴﻮ" )اﻟﻤﻠّﻘﺐ ﺑـ" أﻋﺠﻮﺑﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ"( هﺬا اﻟﺰﻣﻦ ﻋﻠﻰ أﻧّﻪ " زﻣﻦ اﻟﻈﻼم اﻟﻤﻄﺒﻖ"؛ ﻓﺈنّ رؤﻳﺔ وﺗﻘﻴﻴﻢ وﺗﻤﻴﻴﺰ آﺎﻓﺔ اﻟﺸﺆون ،ﺧﺎﺻﺔ اﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ،ﺑﺪﻗﺔ، ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﺑﺎﻷﻣﺮ اﻟﺴﻬﻞ ﻟﻠﻌﺪﻳﺪﻳﻦ ،وﻻ ﺑﻤﺘﻨﺎول ﻳﺪ اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ،ﻟﺬا ﺗﺄﺗﻲ اﻟﺴﻤﺎء ،ﺑﻔﻌﻞ رﺣﻤﺔ ﻋﻈﻴﻢ ،ﻟﺘﻤﻨﺢ اﻷرض وﺳﻜﺎﻧﻬﺎ أﻧﻮارا ً ﺳﺎﻃﻌﺔ ،ﻋﻠّﻬﺎ ﺗﻤﺰّق آﺜﺎﻓﺔ اﻟﻈﻠﻤﺔ اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﻌﻘﻮﻟﻨﺎ ،وأﻓﻜﺎرﻧﺎ، وﺿﻤﺎﺋﺮﻧﺎ ،وﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ،وﺗﻌﻴﺪﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺮخ ﺿﺮورة اﻟﺘﻮﺑﺔ. وﻣﻦ أهﻢّ هﺬﻩ اﻷﻧﻮار ،ﺑﺤﺴﺐ رأﻳﻨﺎ اﻟﻤﺘﻮاﺿﻊ ،هﻮ هﺬا اﻟﺤﺪث اﻟﺬي ﺳﻤﺤﺖ ﺑﻪ اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻷزﻟﻴّﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺮوﻳﻪ اﻟﺼﻔﺤﺎت اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ .ﻓﺈنّ أﺣﺪ اﻟﻤﻔﺎهﻴﻢ اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ اﻟﻤﺴﺎهﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﺴﺒﻴﺐ اﻟﻈﻠﻤﺔ هﻲ اﻟﻨﻈﺮة إﻟﻰ " رﺣﻤﺔ اﷲ" وآﺄﻧّﻬﺎ ﺳﺘﻄﺎل اﻟﺠﻤﻴﻊ ،أﺧﻴﺎرا ً آﺎﻧﻮا أم أﺷﺮار ،ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺟﻬﻨّﻢ أﺳﻄﻮرة، أو " ﺧﺒﺮﻳّﺔ" ﻟﻸﻃﻔﺎل اﻟﺼﻐﺎر ،ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن " اﻟﻌﺎﻗﻞ" أﺧﺬهﺎ ﺑﻤﻮﻗﻒ اﻟﺠﺪّ. وﻣﺎ ﺳﺎهﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ هﻮ ﺗﻔﺎﺳﻴﺮ وﺗﺼﺎرﻳﺢ ﺷﺨﺼﻴّﺔ وﺧﺎﻃﺌﺔ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻼهﻮﺗﻴﻴﻦ وﻣﻔﺴﺮّي اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﻘﺪّس ﻟﺒﻌﺾ ﺗﻌﺎﺑﻴﺮ آـ " رﺣﻤﺔ اﻟﺮب ﺗﺪوم إﻟﻰ اﻷﺑﺪ" و " ﻳﺸﺮق ﺷﻤﺴﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﺧﻴﺎر واﻷﺷﺮار" و "رﺣﻤﺔ اﷲ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ" وﻏﻴﺮهﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﻼم اﻹﻟﻬﻲ اﻟﻤﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﻘﺪّس ،ﻏﺎﻓﻠﻴﻦ ﻣﻘﺎﻃﻊ أﺧﺮى آـ"رﺣﻤﺔ اﷲ ﻟﻠﺘﺎﺋﺒﻴﻦ "،ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﻌﻮدون إﻟﻴﻪ ﺑﻜﻞ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ " "،ﺗﻮﺑﻮا ،ﻓﻘﺪ اﻗﺘﺮب ﻣﻠﻜﻮت اﻟﺴﻤﺎوات " "،إنّ ﻟﻢ ﺗﺘﻮﺑﻮا ،ﺗﻬﻠﻜﻮا ﺑﺄﺟﻤﻌﻜﻢ"، ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﻓﺼﻞ اﻷﺧﻴﺎر ﻋﻦ اﻟﻴﻤﻴﻦ ،واﻷﺷﺮار ﻋﻦ اﻟﻴﺴﺎر... ﻓﺈنّ ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﺼﺤﻴﺢ هﻮ أن رﺣﻤﺔ اﷲ ﻻﻣﺘﻨﺎهﻴﺔ وﺗﻄﺎل اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﺎ داﻣﻮا ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﻋﻠﻰ هﺬﻩ اﻷرض اﻟﻔﺎﻧﻴﺔ، وادي اﻟﺪﻣﻮع ،ﻓﻲ ﻣﺴﻴﺮﺗﻬﻢ ﻧﺤﻮ اﻟﻮﻃﻦ اﻷﺑﺪي اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ،
5
ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء .ﻓﺮﺣﻤﺔ اﷲ ﺗﻤﻨﺤﻬﻢ اﻟﻔﺮص ،واﻟﻤﻌﻮﻧﺔ ،واﻟﺼﺒﺮ، واﻟﻌﻮن ...ﺣﺘﻰ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻷﺧﻴﺮة ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ،وﺣﺘﻰ أﺛﻨﺎء ﻧﺰاﻋﻬﻢ ،ﻟﻜﻴﻤﺎ ﻳﺘﻮﺑﻮا ﻓﻴﺨﻠﺼﻮا .أﻣّﺎ اﻟﻤﺼﺮّﻳﻦ ﻋﻠﻰ رﻓﺾ اﷲ، وﻋﺪم إرادة اﻹﻧﺼﻴﺎع ﻟﻮﺻﺎﻳﺎﻩ ،واﻟﻌﻴﺶ ﻓﻲ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ،ﻓﺈنّ ﻣﺎ ﺳﻮف ﻧﻘﺮأﻩ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺼﻔﺤﺎت اﻟﻤﺮﻋﺒﺔ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ، اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ واﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﻣﻀﻤﻮﻧﻬﺎ ،ﻟﻬﻮ ﺧﻴﺮ ﻣﺜﺒﺖ ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ وﺁﺑﺎءهﺎ ،وﻗﺪﻳﺴﻴﻬﺎ. ﻓﻠﻨﻮرد ،ﻣﺜﺎﻻ ً ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ،ﻣﺎ آﺘﺒﻪ ﻓﻲ هﺬا اﻟﺸﺄن اﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ اﻷﺳﻴﺰي ،ﻗﺪﻳﺲ اﻟﺴﻼم واﻷﺧﻮة اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ وﺣﺐ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ،اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺨﻒِ ﻋﻦ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ وهﻮل ﻣﺎ ﻳﻨﺘﻈﺮﻧﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻮت ،ﻗﺎﺋﻼ ً: ﻊ اﻟّﺬﻳﻦَ ،واﻟﻠّﻮاﺗﻲ ،ﻻ ﻳﺤﻴﻮن اﻟﺘّﻮﺑﺔ ،وﻻ "أﻣﱠﺎ ﺟﻤﻴ ُ ودﻣﻪ، اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻳﺴﻮع رﺑّﻨﺎ ﺟﺴﺪَ ﻳﺘﻨﺎوﻟﻮن وﻳﺴﺘﺴﻠﻤﻮن ﻟﻠﺮّذاﺋﻞ واﻟﺨﻄﺎﻳﺎ ،وﻳﺴﻴﺮون ﻓﻲ إﺛﺮِ اﻟﺸّﻬﻮة اﻟﻔﺎﺳﺪة ،ورﻏﺒﺎتِ ﺟﺴﺪهﻢ اﻟﺸّﺮﻳﺮة؛ وﻻ ﻳﺘﻘﻴّﺪون ﺑﻤﺎ وﻋﺪوا ﺑﻪ اﻟﺮّبﱠ ،وﻳﺨﺪﻣﻮن ،ﺟﺴﺪﻳّﺎً ،اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﺑﺎﻟﺮّﻏﺒﺎت اﻟﺠﺴﺪﻳّﺔ ،وﻣﺸﺎﻏﻞ اﻟﺪّﻧﻴﺎ ،وهﻤﻮم هﺬﻩ اﻟﺤﻴﺎة ،ﻓﻬُﻢ أﺳﺮى ﻹﺑﻠﻴﺲ ،إذ إﻧّﻬﻢ أﺑﻨﺎؤﻩ ،وﻳﻌﻤﻠﻮن أﻋﻤﺎﻟﻪ ،وهﻢ ﻋﻤﻴﺎن ،ﻷﻧّﻬﻢ ﻻ ﻳﺮون اﻟﻨﻮر اﻟﺤﻖّ ،رﺑّﻨﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ .وﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺣﻜﻤﺔ روﺣﻴّﺔ ،ﻷن ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﻢ اﺑﻦ اﷲ ،ﺣﻜﻤﺔ اﻵب اﻟﺤﻘﻴﻘﻴّﺔ .ﻓﻴﻬﻢ ﻗﻴﻞ " :ﻟﻘﺪ ﺖ ﺣﻜﻤﺘﻬﻢ" ،وﻗﻴﻞَ أﻳﻀﺎ ً " :ﻣﻠﻌﻮﻧﻮن هﻢ اﻟﺬﻳﻦ اﺑﺘُﻠﻌَ ُ ﻳﺒﺘﻌﺪون ﻋﻦ وﺻﺎﻳﺎك" .إﻧّﻬﻢ ﻳﺮَون اﻟﺸﺮّ ،وﻳُﻘﺮّون ﺑﻪ، وﻳَﻌﻠَﻤﻮﻧﻪ ،وﻳﻔﻌﻠﻮﻧﻪ؛ وهﻢ ذاﺗُﻬﻢ ﻳﺨﺴﺮون ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ، ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ. اﻧﻈﺮوا ،أﻳﻬﺎ اﻟﻌﻤﻴﺎن ،اﻟﻤﺨﺪوﻋﻮن ﺑﺄﻋﺪاﺋﻜﻢ ،اﻟﺠﺴﺪ، واﻟﻌﺎﻟﻢ ،وإﺑﻠﻴﺲ؛ ﻓﺈﻧّﻪ ﻟﻌﺬبٌ ﻟﻠﺠﺴﺪ ارﺗﻜﺎب اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ، ﻣﺮﱞ هﻮ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺨﺪﻣﺔ اﷲ ...وأﻳﻨﻤﺎ ،وآﻠّﻤﺎ ﻣﺎت إﻧﺴﺎن، وُ
6
ﺑﺄيّ ﺷﻜﻞٍ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل ،وهﻮ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ اﻟﻤﻤﻴﺘﺔ ،ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺗﻮﺑﺔٍ وﻻ ﺗﻜﻔﻴﺮ ،إن هﻮ آﺎن ﻗﺎدراً ﻋﻠﻰ ﺲ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﺟﺴﺪﻩ، اﻟﺘّﻜﻔﻴﺮ ،وﻟﻢ ﻳُﻜﻔّﺮ ،ﻓﻴﺨﻄﻒ إﺑﻠﻴ ُ ﺑﻜﺜﻴﺮٍ ﻣﻦ اﻟﻀﻴﻖ واﻟﺸّﺪة ،ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺪى هﻮﻟﻬﻤﺎ ﺳﻮى ﻣﻦ ﻳُﻜﺎﺑﺪهﻤﺎ...وﻳﻠﺘﻬﻢ اﻟﺪّود اﻟﺠﺴﺪ، وﻳﻔﻘﺪون ،هﻜﺬا ،اﻟﺠﺴﺪ واﻟﻨّﻔﺲ ،ﻓﻲ هﺬا اﻟﺪّهﺮ اﻟﻘﺼﻴﺮ اﻷﻣﺪ ،وﻳﺬهﺒﻮن إﻟﻰ ﺟﻬﻨّﻢ ،ﺣﻴﺚ ﻳُﻌﺬﱠﺑﻮن إﻟﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ". ﻋﻞّ اﷲ ،ﻣﻦ ﺧﻼل هﺬا اﻟﺤﺪث اﻟﻮاﻗﻌﻲ ،اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ،اﻟﺬي ﻧﺎل آﺎﻓﺔ اﻷذوﻧﺎت اﻟﻜﻨﺴﻴﺔ ﻟﻨﺸﺮﻩ )وﻗﺪ وﺿﻊ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ إﺳﻤﻴﻦ رﻣﺰﻳﻴﻦ ﻟﻠﻔﺘﺎة اﻟﺘﻲ هﻠﻜﺖ ﻓﻲ ﺟﻬﻨّﻢ " ﺁﻧﻴﺖ" وﻟﺼﺪﻳﻘﺘﻬﺎ " آﻼرا" ،ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﻮر أﻗﺎرﺑﻬﻤﺎ وﺑﺤﺴﺐ اﻷﺻﻮل اﻟﻤﺘّﺒﻌﺔ( ،ﻳﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺒﺪﻳﻞ ﺳﻴﺮة ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ،واﻹﻟﺘﺠﺎء إﻟﻰ رﺣﻤﺔ اﷲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺳﺮّ اﻟﺘﻮﺑﺔ ﺑﺼﺪق ،وﺣﻔﻆ وﺻﺎﻳﺎ اﷲ وﻋﻴﺶ اﻷﺳﺮار ﺑﺎﺣﺘﺮام وﺧﺸﻮع وإﻳﻤﺎن ،ﻣﻠﺘﺠﺌﻴﻦ إﻟﻰ واﻟﺪة اﻹﻟﻪ وأﻣﻨﺎ اﻟﻌﺬراء ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﻘﺪاﺳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻜﺮّس ﻟﻘﻠﺒﻬﺎ اﻟﻄﺎهﺮ وﺻﻼة وردﻳﺘﻬﺎ ،وإﻟﻰ اﻟﻘﺪﻳﺲ ﻳﻮﺳﻒ ﺧﻄﻴﺒﻬﺎ وﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ واﻟﻘﺪﻳﺴﻴﻦ ،ﻃﺎﻟﺒﻴﻦ ﺷﻔﺎﻋﺘﻬﻢ ،ذاآﺮﻳﻦ ﺑﺄنّ أﻗﻮاﻻً ﻋﺪﻳﺪةً ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ آـ " ﻟﻢ ﺗﺠﺎهﺪوا ﺑﻌﺪ ﺣﺘّﻰ اﻟﺪمّ ﻓﻲ وﺟﻪ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ" )ﻋﺒﺮاﻧﻴﻴﻦ (...و " اﻟﺒﺎرّ ﺑﺎﻟﻜﺎد ﻳﺨﻠﺺ" ﻟﻴﺴﻮا ﺳﻮى ﺻﺪىً ﻟﻘﻮل اﻟﺮبّ ﻳﺴﻮع ﻧﻔﺴﻪ " ﺿﻴﻖ وآﺮب هﻮ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻤﺆدي إﻟﻰ اﻟﺨﻼص ،وﻗﻠﻴﻠﻮن ﻳﺠﺪوﻧﻪ ،وواﺳﻊ ورﺣﺐ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻤﺆدي إﻟﻰ اﻟﻬﻼك ،وآﺜﻴﺮون ﻳﺴﻠﻜﻮﻧﻪ)".ﻣﺘﻰ(١٣/٧: ﺟﻤﻌﻴّﺔ "ﺟﻨﻮد ﻣﺮﻳﻢ"
7
ﺁﻧﻴﺖ وآﻼرا )ﺷﻬﺎدة ﻣﻦ اﻟﺠﺤﻴﻢ( إنّ اﻟﺤﺪث اﻟﻤﻌﺮوض هﻨﺎ هﻮ ذات أهﻤﻴّﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ اﻟﻌﺎدة .اﻟﻨﺴﺨﺔ اﻷﺻﻠﻴّﺔ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻷﻟﻤﺎﻧﻴّﺔ، وﻗﺪ ﺗﻤّﺖ ﺗﺮﺟﻤﺘﻬﺎ وﻧﺸﺮهﺎ ﻓﻲ ﻟﻐﺎت أﺧﺮى. أﻋﻄﺖ اﻟﻨﻴﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣّﺔ ﻓﻲ روﻣﺎ اﻹذن ﻓﻲ ﻃﺒﻌﻬﺎ وﻧﺸﺮهﺎ. و" اﻟﻼﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﻃﺒﻌﻪ" Urbeﻳﻀﻤﻦ ﺻﺤّﺔ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﻷﻟﻤﺎﻧﻴّﺔ ،آﻤﺎ ﺟﺪﻳّﺔ هﺬا اﻟﺤﺪث اﻟﻤﺮﻳﻊ. إﻧّﻬﺎ ﺻﻔﺤﺎت ﺳﺮﻳﻌﺔ وﻣﺮﻋﺒﺔ ،ﺗﺨﺒﺮ ﻋﻦ ﻧﻤﻂ ﺣﻴﺎة ،ﻳﻌﻴﺸﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮون ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ .إنّ رﺣﻤﺔ اﷲ ،ﺑﺴﻤﺎﺣﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺪوث ﻣﺎ ﻧﺮوﻳﻪ ،ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ،ﺗﺮﻓﻊ اﻟﺴﺘﺎر ﻋﻦ اﻟﺴﺮّ اﻷآﺜﺮ هﻮﻻً ورﻋﺒﺎً واﻟﺬي ﻳﻨﺘﻈﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ. هﻞ ﺳﺘﻌﺮف اﻟﻨﻔﻮس آﻴﻒ ﺗﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ؟ آﻼرا وﺁﻧﻴﺖ هﻤﺎ ﺷﺎﺑّﺘﺎن ﻳﺎﻓﻌﺘﺎن آﺎﻧﺘﺎ ﺗﻌﻤﻼن ﺳﻮﻳّﺎً ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﺸﺮآﺎت اﻟﺘﺠﺎرﻳّﺔ *** ﻓﻲ أﻟﻤﺎﻧﻴﺎ .ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺮﺑﻄﻬﻤﺎ ﺻﺪاﻗﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﺟﺪّاً ،ﺑﻞ اﺣﺘﺮام وﺗﻘﺪﻳﺮ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲّ ﺳﻠﻴﻢ وﺑﺴﻴﻂ .آﺎﻧﺘﺎ ﺗﻌﻤﻼن ﻳﻮﻣﻴّﺎً اﻟﻮاﺣﺪة إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻷﺧﺮى ،ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ إﻻ أن ﺗﺘﺠﺎذﺑﺎ أﻃﺮاف اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻦ ﺣﻴﻦ إﻟﻰ ﺁﺧﺮ .آﺎﻧﺖ آﻼرا ﺗﻌﻠﻦ ﺟﻬﺎراً ﺗﺪﻳّﻨﻬﺎ وآﺎﻧﺖ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻮاﺟﺐ ﺗﺜﻘﻴﻒ ﺁﻧﻴﺖ وﺗﻮﻋﻴﺘﻬﺎ ،ﻟﻜﻮن هﺬﻩ اﻷﺧﻴﺮة ﺗﻈﻬﺮ اﻟﺴﻄﺤﻴّﺔ واﻟﻼﻣﺒﺎﻻة ﻧﺤﻮ اﻟﺪﻳﻦ. أﻣﻀﻴﺘﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ ﺳﻮﻳّﺎً ،ﺛﻢ ﺗﺰوّﺟﺖ ﺁﻧﻴﺖ واﺑﺘﻌﺪت ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺮآﺔ .وﻓﻲ ﺧﺮﻳﻒ ﺳﻨﺔ ،١٩٣٧ﺑﻴﻨﻤﺎ آﺎﻧﺖ آﻼرا ﺗﻤﻀﻲ
8
ﻓﺮﺻﺘﻬﺎ اﻟﺴﻨﻮﻳّﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﻔﺎف ﺑﺤﻴﺮة "ﻏﺎرذا" ،ﻗﺮاﺑﺔ ﻣﻨﺘﺼﻒ أﻳﻠﻮل ،أرﺳﻠﺖ إﻟﻴﻬﺎ أﻣّﻬﺎ رﺳﺎﻟﺔ ﺗﻘﻮل ﻓﻴﻬﺎ" :ﻟﻘﺪ ﻣﺎﺗﺖ ﺁﻧﻴﺖ... ذهﺒﺖ ﺿﺤﻴّﺔ ﺣﺎدث ﺳﻴﺮ ،ودﻓﻨﻮهﺎ اﻷﻣﺲ ﻓﻲ "واﻟﺪﻓﺮﻳﺪهﻮف". أرﻋﺐ هﺬا اﻟﺨﺒﺮ اﻟﺼﺒﻴّﺔ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ،ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﺗﺪري أنّ ﺻﺪﻳﻘﺘﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺘﺪﻳّﻨﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ .هﻞ آﺎﻧﺖ ﺣﺎﺿﺮة ﻟﻠﻤﺜﻮل أﻣﺎم اﷲ…؟ آﻴﻒ آﺎﻧﺖ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻳﺎ ﺗﺮى وﻗﺪ ﻣﺎﺗﺖ ﻓﺠﺄة ﻋﻠﻰ هﺬا اﻟﻨﺤﻮ ...؟ ﻓﺸﺎرآﺖ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺪاس اﻹﻟﻬﻲّ ،وﺗﻘﺪّﻣﺖ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻴّﺘﻬﺎ وﻟﺮاﺣﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻣﺼﻠّﻴﺔ ﺑﺤﺮارة .وﻓﻲ اﻟﻠﻴﻠﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ،وﺗﻤﺎﻣﺎً ﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮ دﻗﺎﺋﻖ ﻣﻦ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻠﻴﻞ ،ﺣﺼﻠﺖ هﺬﻩ اﻟﺮؤﻳﺎ...
آﻼرا ،ﻟﻘﺪ هﻠﻜﺖ! " آﻼرا ،ﻻ ﺗﺼﻠّﻲ ﻣﻦ أﺟﻠﻲ! ﻟﻘﺪ هﻠﻜﺖ .وإن آﻨﺖ أﻋﻠﻤﻚ ﺑﻬﺬا اﻷﻣﺮ وأﺧﺒﺮك ﻣﻄﻮّﻻً ﻋﻨﻪ ،ﻓﻼ ﺗﻌﺘﻘﺪي ﺑﺄنّ ذﻟﻚ ﻳﺘﻢّ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺻﺪاﻗﺘﻨﺎ .ﻓﻨﺤﻦ هﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﻌﺪ ﻧﻜﻦّ اﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻷﺣﺪ .ﺑﻞ أﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﻟﻜﻮﻧﻲ ﻣﻠﺰﻣﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ .أﻓﻌﻞ ذﻟﻚ آـ"ﺟﺰء ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺪرة اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻳﺪ داﺋﻤﺎً اﻟﺸﺮّ وﺗﺼﻨﻊ اﻟﺨﻴﺮ" . ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،أﺗﻤﻨّﻰ ﻟﻮ أراك أﻧﺖ أﻳﻀﺎً ﺗﻨﺘﻬﻴﻦ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺘﻲ هﺬﻩ ،ﺣﻴﺚ أﻟﻘﻴﺖ ﻣﺮﺳﺎﺗﻲ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ. ﻻ ﺗﺘﻀﺎﻳﻘﻲ ﺑﺴﺒﺐ ﻧﻴّﺘﻲ هﺬﻩ .هﻨﺎ ﻧﻔﻜّﺮ آﻠّﻨﺎ ﻋﻠﻰ هﺬا اﻟﻨﺤﻮ. ﻓﺈنّ إرادﺗﻨﺎ ﺗﺠﻤّﺪت ﻓﻲ اﻟﺸﺮّ آﺎﻟﺼّﻮان -ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺪﻋﻮﻧﻪ أﻧﺘﻢ
9
"ﺷﺮّاً" .-وﺣﺘّﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﻮم ﻧﺤﻦ ﺑﺸﻲء ﻣﺎ "ﺻﺎﻟﺢ" ،آﻤﺎ أﻓﻌﻞ أﻧﺎ اﻵن ﻓﺎﺗﺤﺔ ﻋﻴﻨﻴﻚ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺟﻬﻨّﻢ ،ﻓﻬﺬا ﻻ ﻳﺘﻢّ ﺑﻨﻴّﺔ ﺻﺎﻟﺤﺔ. أﻻ ﺗﺰاﻟﻴﻦ ﺗﺬآﺮﻳﻦ آﻴﻒ ﺗﻌﺮّﻓﻨﺎ ،ﻣﻨﺬ أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات ،ﻓﻲ ***؟ آﺎن ﻋﻤﺮك ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺛﻼث وﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ،وآﻨﺖ ﺗﻌﻤﻠﻴﻦ هﻨﺎك ﻗﺒﻞ ﺳﺘّﺔ أﺷﻬﺮ ﻣﻦ وﺻﻮﻟﻲ. ﻟﻘﺪ ﺧﻠّﺼﺘﻨﻲ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺂزق ،وآﻤﺎ ﻣﻊ ﻣﺒﺘﺪﺋﺔ ﺟﺪﻳﺪة، أﻋﻄﻴﺘﻨﻲ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎت ﺻﺎﻟﺤﺔ .ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ "ﺻﺎﻟﺢ"؟ آﻨﺖ أﻣﺪح ،ﺁﻧﺬاك" ،ﺣﺒّﻚ ﻟﻠﻘﺮﻳﺐ" .ﻳﺎ ﻟﻠﺴّﺨﺎﻓﺔ! إنّ ﻣﻌﻮﻧﺘﻚ آﺎﻧﺖ ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﺣﺐّ اﻟﻜﻼم ﻓﻘﻂ ،آﻤﺎ آﻨﺖ أﺣﺴﺐ ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤﻴﻦ .ﻧﺤﻦ هﻨﺎ ﻻ ﻧﻌﺮف ﺷﻴﺌﺎً ﺻﺎﻟﺤﺎً ،ﻟﺪى أيّ آﺎن.
ﻳﺎ ﻟﻴﺘﻨﻲ ﻟﻢ ﺁتِ إﻟﻰ اﻟﻮﺟﻮد زﻣﻦ ﺻﺒﺎﻳﺎ ،ﺗﻌﺮﻓﻴﻨﻪ .ﻟﻜﻨّﻨﻲ ﺳﺄﻣﻸ هﻨﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺮاغ. ﻓﺤﺴﺐ ﻣﺨﻄّﻂ أهﻠﻲ ،ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻠﻲّ ﺣﺘّﻰ أن أﺗﻮاﺟﺪ .ﺣﺼﻠﺖ ﻟﻬﻤﺎ ﻣﺼﻴﺒﺔ ،ﻓﻘﺪ آﺎﻧﺖ أﺧﺘﺎي ﻓﻲ ﺳﻦّ اﻟـ ١٤ و اﻟـ ١٥ﻋﺎﻣﺎً ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻇﻬﺮت ﻟﻠﻨﻮر. ﻳﺎ ﻟﻴﺘﻨﻲ ﻟﻢ ﺁتِ ﻟﻠﻮﺟﻮد أﺑﺪاً! ﻟﻮ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻲ اﻵن أن أﺗﻼﺷﻰ وأهﺮب ﻣﻦ آﻞّ هﺬا اﻟﻌﺬاب! ﻣﺎ ﻣﻦ ﻟﺬّة ﺗﻌﺎدل ﻓﺮح إﻣﻜﺎن اﻟﺘﺨﻠّﻲ ﻋﻦ وﺟﻮدي ،آﻤﺎ ﻳﻀﻴﻊ ﻟﺒﺎس ﻣﻦ رﻣﺎد ﻓﻲ اﻟﻌﺪم. ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻲّ أن أﺗﻮاﺟﺪ .ﻳﺠﺐ أن أﺗﻮاﺟﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺬي ﺻﻨﻌﺘﻪ أﻧﺎ ﺑﻨﻔﺴﻲ :وﺟﻮد ﻓﺎﺷﻞ.
10
ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﺘﻘﻞ أﺑﻲ وأﻣﻲ ،وهﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﺎﻓﻌﺎن ،ﻣﻦ اﻟﺮﻳﻒ إﻟﻰ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ،آﺎﻧﺎ ﻓﻘﺪا آﻠﻴﻬﻤﺎ أﻳّﺔ ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،وآﺎن هﺬا أﻓﻀﻞ. ﺗﺼﺎدﻗﺎ ﻣﻊ أﻧﺎس ﻏﻴﺮ ﻣﺮﺗﺒﻄﻴﻦ ﺑﺎﻟﻜﻨﻴﺴﺔ. ﺗﻌﺎرﻓﺎ ﻓﻲ ﻟﻘﺎء رﻗﺺ ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﻨﺼﻒ ﺳﻨﺔ ،آﺎﻧﺎ ﻣﺮﻏﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺰواج )آﺎﻧﺖ أﻣّﻬﺎ ﺣﺎﻣﻼً ﻣﺴﺒﻘﺎً(. ﻓﻲ ﺣﻔﻞ اﻟﺰواج ،ﺑﻘﻴﺖ آﻤﻴّﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻴﺎﻩ اﻟﻤﺼﻼّة ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﺎﻟﻘﺔ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ،ﺑﺤﻴﺚ أنّ أﻣّﻲ آﺎﻧﺖ ﺗﺬهﺐ إﻟﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﻀﻮر ﻗﺪاس اﻷﺣﺪ ﻣﺮّﺗﻴﻦ أو ﺛﻼث ﻣﺮّات ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ .ﻟﻢ ﺗﻌﻠّﻤﻨﻲ ﻳﻮﻣﺎً أن أﺻﻠّﻲ ﺣﻘﺎً .آﺎﻧﺖ ﺗﺘﻔﺎﻧﻰ ﻓﻲ اﻻهﺘﻤﺎم ﻓﻲ ﺷﺆون اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴّﺔ ،رﻏﻢ أن وﺿﻌﻨﺎ ﻲ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺳﻴّﺌﺎً. اﻻﺟﺘﻤﺎﻋ ّ
آﺮﻩ ﻣَﻦ ﻓﻲ ﺟﻬﻨّﻢ ﷲ واﻟﺒﺸﺮ آﻠﻤﺎت ﻣﺜﻞ" :اﻟﻘﺪّاس"" ،اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺪﻳﻨﻲّ"" ،اﻟﺼّﻼة"، "اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ" ،أﺗﻠﻔّﻆ ﺑﻬﺎ ﺑﺎﺷﻤﺌﺰاز داﺧﻠﻲّ ﻻ ﻣﺜﻴﻞ ﻟﻪ .أﺷﻤﺌﺰّ ﻣﻦ آﻞّ ﺷﻲء ،آﻤﺎ أﻧّﻨﻲ ،أﺑﻐﺾ آﻞّ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺬهﺒﻮن إﻟﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،وﻓﻲ اﻹﺟﻤﺎل ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﺸﺮ وآﻞّ اﻷﺷﻴﺎء. ﻓﻜﻞّ ﺷﻲء ،ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻳﺴﺒّﺐ ﻟﻨﺎ اﻟﻌﻨﺎء .آﻞّ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺣﺼﻠﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﻤﻮت ،وآﻞّ ذآﺮى ﻷﻣﻮر ﻋﺸﻨﺎهﺎ وﻋﺮﻓﻨﺎهﺎ ،هﻲ آﻨﺎر ﻣﺤﺮﻗﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻨﺎ .آﻞّ اﻟﺬآﺮﻳﺎت ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻨﺎ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺬي ﻓﻴﻬﺎ ،آﺎن " ﻧﻌﻤﺔ " ،وﻗﺪ اﺣﺘﻘﺮﻧﺎﻩ ﻧﺤﻦ .آﻢ ﻳﺴﺒّﺐ ذﻟﻚ ﻟﻨﺎ ﻋﺬاﺑﺎً! ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺄآﻞ ،ﻻ ﻧﻨﺎم ،ﻻ ﻧﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﺪام ،ﻣﺴﺠﻮﻧﻴﻦ روﺣﻴّﺎً ،ﻧﻨﻈﺮ آﺎﻟﻤﺪووﺧﻴﻦ " ﺑﺼﺮاخ وﺻﺮﻳﻒ أﺳﻨﺎن" إﻟﻰ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ اﻟﺘﻲ ذهﺒﺖ هﺪراً ،آﺎرهﻴﻦ وﻣﺘﺄﻟّﻤﻴﻦ!
11
أﺗﺴﻤﻌﻴﻦ؟ إﻧّﻨﺎ هﻨﺎ ﻧﺸﺮب اﻟﻜﺮاهﻴّﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﻤﺎء ،ﺣﺘّﻰ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﻮاﺣﺪ ﺗﺠﺎﻩ اﻵﺧﺮ .وﻧﺤﻦ ﻧﻜﺮﻩ اﷲ ﻓﻮق آﻞّ ﺷﻲء .أرﻳﺪ أن أﺟﻌﻞ ذﻟﻚ ﻣﻔﻬﻮﻣﺎً ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻚ .ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻮﺑﺎوﻳّﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء أن ﻳﺤﺒّﻮﻩ ،ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺮوﻧﻪ ﻣﻦ دون ﺣﺠﺎب ،ﻓﻲ ﺑﻬﺎﺋﻪ اﻟﻤﺬهﻞ .وذﻟﻚ ﻳﺠﻌﻠﻬﻢ ﻃﻮﺑﺎوﻳّﻴﻦ ،ﻟﺪرﺟﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ وﺻﻔﻬﺎ. ﻧﺤﻦ ﻧﻌﺮف ذﻟﻚ ،وهﺬﻩ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺗﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺴﺘﺸﻴﻂ ﻏﻴﻈﺎً. إنّ اﻟﺒﺸﺮ ﻋﻠﻰ اﻷرض ،اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺮﻓﻮن اﷲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺨﻠﻖ وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻮﺣﻲ ،ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﻳﺤﺒّﻮﻩ ،ﻟﻜﻨّﻬﻢ ﻟﻴﺴﻮا ﻣﻠﺰﻣﻴﻦ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ .إنّ اﻟﻤﺆﻣﻦ -أﻗﻮل ذﻟﻚ ﺻﺎرﻓﺔ أﺳﻨﺎﻧﻲ- اﻟﺬي ﻳﺘﺄﻣّﻞ ،وهﻮ ﻳﺘﺤﻀّﺮ ﻟﻠﻤﻮت ،اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﻤﺼﻠﻮب ،وذراﻋﻴﻪ اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺘﻴﻦ ،ﺳﻴﺘﻮﺻّﻞ إﻟﻰ أن ﻳﺤﺒّﻪ. أﻣّﺎ ذاك اﻟﺬي ﻳﻘﺘﺮب ﻣﻨﻪ اﷲ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ اﻹﻋﺼﺎر ،آﻤﻌﺎﻗﺐ، آﻤﻦ ﻳﺜﺄر ﺑﺤﻖّ وﻋﺪل ﻷﻧّﻪ ُرﻓِﺾَ ﻳﻮﻣﺎً وﻧﺒﺬ ﻣﻦ هﺬا اﻷﺧﻴﺮ ،آﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻣﻌﻨﺎ ،ﻓﻼ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺳﻮى أن ﻳﻜﺮهﻪ ،ﺑﻜﻞّ ﻗﻮّة إرادﺗﻪ اﻟﺸﺮّﻳﺮة إﻟﻰ اﻷﺑﺪ ،ﺑﻘﻮّة اﻟﻘﺒﻮل اﻻﺧﺘﻴﺎريّ اﻟﺤﺮّ ﺑﻜﺎﺋﻨﺎت اﻧﻔﺼﻠﺖ ﻋﻦ اﷲ .إﻧّﻪ ﺗﺼﻤﻴﻢٌ .ﻟﻔﻈﻨﺎ روﺣﻨﺎ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻮﺗﻨﺎ وﻧﺤﻦ ﻣﻌﺘﻨﻘﻴﻨﻪ ،وﻻ ﻧﺘﺮاﺟﻊ ﻋﻨﻪ ﺣﺘّﻰ اﻵن ،وﻟﻦ ﻧﻤﻠﻚ أﺑﺪاً اﻹرادة ﻟﻠﻌﺪول ﻋﻨﻪ. أﻓﻬﻤﺖ اﻵن ﻟﻤﺎذا ﺗﺪوم ﺟﻬﻨّﻢ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ؟ ﻷنّ ﻋﻨﺎدﻧﺎ ﻟﻦ ﻳﻨﻔﺼﻞ ﺑﺘﺎﺗﺎً وأﺑﺪاً ﻋﻨّﺎ.
رﺣﻤﺔ اﷲ ﻣﻠﺰﻣﺔ ﺑﺬﻟﻚ ،أﺿﻴﻒ أنّ اﷲ هﻮ رﺣﻮم ﺣﺘﻰ ﻧﺤﻮﻧﺎ ﻧﺤﻦ .وأﻗﻮل ذﻟﻚ "ﻣﻠﺰﻣﺔ " .ﻷﻧّﻨﻲ ﺣﺘّﻰ وﻟﻮ أﻗﻮل هﺬﻩ اﻷﻣﻮر ﺑﺈرادﺗﻲ ،ﻟﻴﺲ ﻣﺴﻤﻮﺣﺎً ﻟﻲ أن أآﺬب ،آﻤﺎ آﻨﺖ ﻷرﻏﺐ ﻓﻌﻠﻪ
12
ﺑﻄﻴﺒﺔ ﺧﺎﻃﺮ .ﻓﺄﻣﻮر ﻋﺪّة أؤآّﺪهﺎ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ إرادﺗﻲ ،ﻓﺤﺘّﻰ اﻟﻜﻼم اﻟﺒﺰيء اﻟﺬي أرﻏﺐ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻮّﻩ ﺑﻪ ،ﻋﻠﻲّ أن أﺧﻨﻘﻪ وأﺣﺒﺴﻪ. آﺎن اﷲ رﺣﻮﻣﺎً ﺗﺠﺎهﻨﺎ ،ﺣﻴﺚ أﻧّﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﺢ ﻹرادﺗﻨﺎ اﻟﺸﺮّﻳﺮة أن ﺗﺄﺧﺬ ﻣﺪاهﺎ أآﺜﺮ ﻋﻠﻰ اﻷرض ،آﻤﺎ آﻨّﺎ ﻣﺴﺘﻌﺪّﻳﻦ .آﺎن ذﻟﻚ ﻟﻴﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﻦ ﻋﺬاﺑﻨﺎ ،ﻓﻬﻮ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﻧﻤﻮت ﻗﺒﻞ اﻷوان ،آﻤﺎ هﻲ اﻟﺤﺎل ﻣﻌﻲ ،أو ﺟﻌﻞ ﻇﺮوﻓﺎً أﺧﺮى ﺗﺘﺪﺧّﻞ وﺗﺨﻔّﻒ ﻣﻦ وﻃﺄة اﻷﻣﻮر. واﻵن ﻳﻈﻬﺮ ﻧﻔﺴﻪ رﺣﻮﻣﺎً ﻣﻌﻨﺎ أﻳﻀﺎً ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﺪم إﻟﺰاﻣﻪ إﻳّﺎﻧﺎ ﺑﺎﻹﻗﺘﺮاب ﻣﻨﻪ أآﺜﺮ ﻣﻤّﺎ ﻧﺤﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻤﻮﻗﻊ اﻟﺠﻬ ّﻨﻤﻲ اﻟﺒﻌﻴﺪ .ﻓﺬﻟﻚ ﻳﺨﻔّﻒ اﻟﻌﺬاب ،ﺣﻴﺚ أنّ آﻞّ ﺧﻄﻮة ﺗﻘﺮّﺑﻨﻲ أآﺜﺮ ﻣﻦ اﷲ آﺎﻧﺖ ﺳﺘﺴﺒّﺐ ﻋﻘﺎﺑﺎً أﺳﻮأ وأآﺜﺮ أﻟﻤﺎً ﻣﻤّﺎ ﺳﺘﺴﺒّﺒﻪ ﻟﻚ ﺧﻄﻮة ﺗﻘﺮّﺑﻚ ﻣﻦ ﺁﺗﻮن ﻧﺎر ﻣﺴﺘﻌﺮة.
اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ارﺗﻌﺒﺖ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺧﺒﺮﺗﻚ ،ذات ﻳﻮم ،ﺑﻴﻨﻤﺎ آﻨّﺎ ﻧﻤﺸﻲ ﺳﻮﻳّﺎً ،أ ّ ن أﺑﻲ ﻗﺎل ﻟﻲ ﻗﺒﻞ أﻳﺎم ﻣﻦ ﻣﻨﺎوﻟﺘﻲ اﻷوﻟﻰ " :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ﺣﻨّﺔ، ﺣﺎوﻟﻲ أن ﺗﺤﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺛﻮب ﺟﻤﻴﻞ ﻟﻠﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ،أﻣّﺎ آﻞّ ﻣﺎ ﺗﺒّﻘﻰ ﻓﻬﻮ ﻣﺴﺮﺣﻴّﺔ ".
13
ﺑﺴﺒﺐ ردّة ﻓﻌﻠﻚ اﻟﻤﺮﺗﻌﺒﺔ ،ﺗﻮﺻّﻠﺖ ﺣﺘّﻰ إﻟﻰ أن أﺧﺠﻞ .أﻣّﺎ اﻵن ﻓﺄﺳﺨﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ .اﻷﻣﺮ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﻤﻌﻘﻮل ﻓﻲ ﺗﻠﻚ "اﻟﻤﺴﺮﺣﻴّﺔ " هﻮ أﻧّﻪ آﺎن ﻳﺘﻢّ ﻗﺒﻮﻟﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﺳﻦّ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮة .آﻨﺖ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻣﺄﺧﻮذة ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺘﺴﻠﻴﺔ واﻟﺘﺮﻓﻴﻪ ،ﺣﻴﺚ أﻧّﻨﻲ ،وﻣﻦ دون وﺟﻊ ﺿﻤﻴﺮ ،آﻨﺖ أﺿﻊ ﺟﺎﻧﺒﺎً اﻷﻣﻮر اﻟﺪﻳﻨﻴّﺔ وﻟﻢ أﻋﻂِ أهﻤﻴّﺔ آﺒﻴﺮة ﻟﻠﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻷوﻟﻰ. أﻣّﺎ ذهﺎب اﻷﻃﻔﺎل اﻟﻴﻮم إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﺳﻦّ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ،ﻓﻴﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺴﺘﺸﻴﻂ ﻏﻴﻈﺎً .ﻧﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﻨﺎ ﻟﺠﻌﻞ اﻟﻨﺎس ﻳﻌﺘﻘﺪون أنّ اﻷﻃﻔﺎل ﻻ ﻳﻤﻠﻜﻮن اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻜﺎﻓﻲ ﻟﻤﺎ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻪ .ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻨﺎ ،أن ﻳﺮﺗﻜﺒﻮا ﺑﻌﺾ اﻷﺧﻄﺎء اﻟﻤﻤﻴﺘﺔ. ﺣﻴﻨﺌﺬ ،ﻻ ﺗﻌﻮد ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺮﺑﺎﻧﺔ اﻟﺒﻴﻀﺎء اﻟﺼﻐﻴﺮة ﺗﺴﺒّﺐ ﻟﻬﻢ ﺿﺮراً آﺒﻴﺮاً ،آﻤﺎ ﻳﻜﻮن اﻷﻣﺮ ﺣﻴﻦ ﻻ ﻳﺰال اﻹﻳﻤﺎن واﻟﺮﺟﺎء واﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ -ﺗﻔﻮﻩ! هﺬا اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﻧﻨﺎﻟﻪ أﺛﻨﺎء اﻟﻤﻌﻤﻮدﻳّﺔ .أﻻ ﺗﺰاﻟﻴﻦ ﺗﺬآﺮﻳﻦ آﻴﻒ أﻧﻨﻲ ﺑﺪأت أداﻓﻊ ﻋﻦ هﺬﻩ اﻵراء وأﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻻرض؟
14
ﻣﻮت أﺑﻴﻬﺎ ﻟﻘﺪ ﺗﻄﺮّﻗﺖ ﻗﻠﻴﻼً إﻟﻰ أﺑﻲ .آﺎن ﻣﺮاراً ﻓﻲ ﺻﺪام ﻣﻊ أﻣّﻲ، وآﻨﺖ ﻧﺎدراً ﻣﺎ أﻟﻤّﺢ ﻟﻚ ﺑﺬﻟﻚ ،إذ آﻨﺖ أﺧﺠﻞ ﻣﻨﻪ .اﻟﺨﺠﻞ ﻣﻦ اﻟﺸﺮّ ﺷﻲء ﺳﺨﻴﻒ! آﻞّ ﺷﻲء ﺳﻴّﺎن ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻨﺎ هﻨﺎ. ﻟﻢ ﻳﻜﻦ واﻟﺪاي ﻳﻨﺎﻣﺎن ﺳﻮﻳّﺎً ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ واﺣﺪة ،ﺑﻞ آﻨﺖ أﻧﺎم أﻧﺎ ﻣﻊ أﻣﻲ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ آﺎن أﺑﻲ ﻳﻨﺎم ﻓﻲ اﻟﻐﺮﻓﺔ اﻟﻤﺠﺎورة ،ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﺒﻴﺖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺸﺎء وﺑﺤﺮﻳّﺔ .آﺎن ﻳﺸﺮب آﺜﻴﺮاً ،وﻳﺒﺬّر ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ رأﺳﻤﺎﻟﻨﺎ ﺷﻴﺌﺎً ﻓﺸﻴﺌﺎً .آﺎﻧﺖ أﺧﺘﺎي ﻣﻮﻇّﻔﺘﻴﻦ ،وآﺎﻧﺘﺎ ﻣﺤﺘﺎﺟﺘﻴﻦ ،ﺑﺤﺴﺐ ﻗﻮﻟﻬﻤﺎ ،إﻟﻰ اﻟﻤﺎل اﻟﺬي ﺗﻜﺴﺒﺎﻧﻪ ،ﻓﺒﺪأت أﻣّﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻟﺘﻜﺴﺐ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺎل. وﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻷﺧﻴﺮة ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،آﺎن أﺑﻲ ﻳﻀﺮب أﻣّﻲ ﻣﺮاراً، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺮﻳﺪ إﻋﻄﺎءﻩ ﺷﻴﺌﺎً .أﻣّﺎ ﺗﺠﺎهﻲ ،ﻓﻜﺎن ﻣﺤﺒّﺎً داﺋﻤﺎً .وﻓﻲ أﺣﺪ اﻷﻳّﺎم -وﻗﺪ أﺧﺒﺮﺗﻚ ﺑﺬﻟﻚ ،وأﻧﺖ ﺣﻴﻨﺬاك ﺗﺸﻜّﻴﺖ ﻣﻦ ﻧﺰواﺗﻲ )وﻣﺎ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺸﻜﻚِ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻲ؟( -ﻓﻘﺪ اﺿﻄﺮّ ﻓﻲ أﺣﺪ اﻷﻳﺎم أن ُﻳﻌﻴﺪ ،ﻣﺮّﺗﻴﻦ ،اﻻﺳﻜﺮﺑﻴﻨﺔ اﻟﺘﻲ اﺷﺘﺮاهﺎ ﻟﻲ ،ﻷنّ ﺷﻜﻠﻬﺎ وآﻌﺒﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮﺿﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻲّ. ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ أﺻﻴﺐ ﻓﻴﻬﺎ أﺑﻲ ﺑﺠﻠﻄﺔ ﻣﻤﻴﺘﺔ ،ﺣﺪث أﻣﺮ ﻟﻢ أﺳﺘﻄﻊ ﻳﻮﻣﺎً أن أﺧﺒﺮك ﺑﻪ ،ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ أن ﺗﻔﺴّﺮﻳﻪ ﺗﻔﺴﻴﺮاً ﻻ ﻳﺮوق ﻟﻲ .ﻟﻜﻦ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻌﺮﻓﻴﻪ اﻵن .إﻧّﻪ ﻣﻬﻢّ ﻟﻠﺴﺒﺐ اﻟﺘﺎﻟﻲ: ﻟﻠﻤﺮّة اﻷوﻟﻰ وﻗﺘﻬﺎ ،اﻧﺘﺎﺑﺘﻨﻲ اﻟﺮوح اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ اﻟﺘﻲ أﺣﻴﺎ ﺑﺮﻓﻘﺘﻬﺎ اﻟﻴﻮم.
15
آﻨﺖ أﻧﺎم ﻓﻲ اﻟﻐﺮﻓﺔ ﻣﻊ أﻣﻲ ،وآﺎن ﺗﻨﻔّﺴﻬﺎ اﻟﻤﻨﺘﻈﻢ ﻋﻼﻣﺔ ﻟﻨﻮﻣﻬﺎ اﻟﻌﻤﻴﻖ .ﻓﺠﺄة ﺳﻤﻌﺖ أﺣﺪاً ﻳﻨﺎدﻳﻨﻲ ﺑﺎﺳﻤﻲ ،ﺻﻮﺗﺎً ﻻ أﻋﺮﻓﻪ ،ﻳﻘﻮل ﻟﻲ" :ﻣﺎذا ﻳﺤﺪث إن ﻣﺎت أﺑﻮك"؟ ﻟﻢ أﻋُﺪ أﺣﺐّ أﺑﻲ ﺣﻴﻨﻬﺎ ،ﻟﻜﻮﻧﻪ آﺎن ﻳﻌﺎﻣﻞ أﻣّﻲ ﺑﻬﻜﺬا ﻗﺴﺎوة ،آﻤﺎ ﻟﻢ أﻋﺪ أﺣﺐّ ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤﻴﻦ أﺣﺪاً ،ﻟﻜﻨّﻨﻲ آﻨﺖ ﻣﺘﻌﻠّﻘﺔ ﻓﻘﻂ ﺑﺒﻀﻌﺔ أﺷﺨﺎص آﺎﻧﻮا ﺻﺎﻟﺤﻴﻦ ﺗﺠﺎهﻲ .أﻣّﺎ اﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻣﻦ دون رﺟﺎء ﻧﻴﻞ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ أرﺿﻴّﺎً ،ﻓﺘﺤﻴﺎ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﺣﺎل اﻟﻨﻌﻤﺔ .ﻟﻜﻨّﻨﻲ ﻟﻢ أآﻦ آﺬﻟﻚ. ﻓﺄﺟﺒﺖ ﻋﻦ ذﻟﻚ اﻟﺴﺆال اﻟﻐﺎﻣﺾ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﻣﻦ دون أن أﺷﻐﻞ ﺑﺎﻟﻲ ﺣﻮل ﻣﺼﺪرﻩ" :ﻟﻜﻨّﻪ ﻟﻦ ﻳﻤﻮت اﻵن"!. ﺑﻌﺪ وﻗﻔﺔ وﺟﻴﺰة ،دوّى ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ اﻟﺴﺆال ﻋﻴﻨﻪ ،ﻣﺴﻤﻮﻋًﺎ ﺑﻮﺿﻮح" .ﻟﻜّﻨﻪ ﻟﻦ ﻳﻤﻮت اﻵن" هﻮ ﻣﺎ ﺧﺮج ﻣﻦ ﻓﻤﻲ ﻣﺮّة أﺧﺮى، ﺑﻐﻼﻇﺔ. ﺖ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ" :ﻣﺎذا ﺳﻴﺤﺪث ﻟﻮ ﻣﺎت وﻟﻠﻤﺮّة اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ،ﺳﺌﻠ ُ أﺑﻮك"؟ ﻓﺒﺎدر إﻟﻰ ذهﻨﻲ آﻴﻒ آﺎن أﺑﻲ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﺮاراً إﻟﻰ اﻟﺒﻴﺖ ﺷﺒﻪ ﺳﻜﺮان ،ﻓﻴﻌﺎﻣﻞ أﻣّﻲ ﺑﻌﻨﻒ ،وآﻴﻒ وﺿﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺖ ﺑﺎﻧﺰﻋﺎج " :ذﻟﻚ ﺧﻴﺮ ﻟﻪ"! ﻣﺬﻟّﺔ أﻣﺎم اﻟﻨﺎس .ﻟﺬا ﺻﺮﺧ ُ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺻﻤﺖ آﻞّ ﺷﻲء. وﻓﻲ ﺻﺒﺎح اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ أرادت أﻣﻲ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﻏﺮﻓﺔ أﺑﻲ ،وﺟﺪت اﻟﺒﺎب ﻣﻘﻔﻼً ﺑﺎﻟﻤﻔﺘﺎح .ﺣﻮاﻟﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻨﻬﺎر ،ﺗﻢّ ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎب ﺑﺎﻟﻘﻮّة ،ﻓﻮﺟﺪ أﺑﻲ ،وهﻮ ﻧﺼﻒ ﻋﺮﻳﺎن ،ﻣﻠﻘﻰ ﻋﻠﻰ
16
اﻟﻔﺮاش ﺟﺜّﺔ هﺎﻣﺪة .ﻓﻠﺪى ذهﺎﺑﻪ ﻟﺸﺮاء اﻟﺒﻴﺮا ،ﻻ ﺑﺪّ أﻧّﻪ ﺗﻌﺮّض ﻟﺤﺎدث ﻣﺎ ،ﻓﻬﻮ آﺎن ﻣﺮﻳﻀﺎً ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻲء ﻣﻨﺬ وﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ(*). )*( إﺿﺎﻓﺔ :هﻞ رﺑﻂ اﷲ ﺧﻼص اﻷب ﺑﻔﻌﻞ ﺻﺎﻟﺢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﺑﻨﺘﻪ ،ﻟﻜﻮﻧﻪ آﺎن داﺋﻤﺎً ﻣﺤﺒّﺎً ﻣﻌﻬﺎ؟ ﻓﻜﻢ آﺒﻴﺮة ﻣﺴﺆوﻟﻴّﺔ آﻞّ ﻣﻨّﺎ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺪع ﻓﺮص ﺻﻨﻊ اﻟﺨﻴﺮ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺗﺬهﺐ ﺳﺪى!
أهﻤﻴّﺔ اﻟﺼﻼة ﻣﺎرﺗﺎ آـ ...وأﻧﺖ ،دﻓﻌﺘﻤﺎ ﺑﻲ إﻟﻰ اﻻﻧﺘﺴﺎب إﻟﻰ "ﺟﻤﻌﻴّﺔ اﻟﺸﺒﻴﺒﺔ" .ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻟﻢ ُأﺧﻒِ ﻳﻮﻣﺎً ،أﻧّﻨﻲ آﻨﺖ أﺟﺪ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎت ﻣﺮﺷﺪاﺗﻚ ،ﺗﺘﻤﺎﺷﻰ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﺎ ﻣﻊ اﻟﻤﻮﺿﺔ .أﻣّﺎ رﻋﻮﻳّﺎً ﻓﺎﻷﻟﻌﺎب آﺎﻧﺖ ﻣﺴﻠﻴّﺔ ،وأﺧﺬت ﻓﻮراً دوراً ﻗﻴﺎدﻳّﺎً ﻓﻴﻬﺎ ،ﻓﻜﻤﺎ ﺗﻌﻠﻤﻴﻦ ،آﺎن ذﻟﻚ ﻳﻨﺎﺳﺒﻨﻲ ﺟﺪّاً .اﻟﺮﺣﻼت أﻳﻀﺎً آﺎﻧﺖ ﺗﻌﺠﺒﻨﻲ، ﺣﺘّﻰ أﻧّﻨﻲ ﺳﻤﺤﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺮات ﻟﻨﻔﺴﻲ ﺑﺎﻻﻋﺘﺮاف واﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ .ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪيّ ﺷﻲء أﻋﺘﺮف ﺑﻪ .ﻟﻢ أآﻦ أﻋﺘﺒﺮاﻷﻓﻜﺎر واﻷﺣﺎدﻳﺚ ذات أهﻤﻴّﺔ .أﻣّﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﻓﻌﺎل اﻷآﺜﺮ ﺷﻨﺎﻋﺔ ،ﻓﻠﻢ أآﻦ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻓﺎﺳﺪة ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﻬﺎ. أﻧّﺒﺘﻨﻲ ﻣﺮّة ﺑﻘﻮﻟﻚ" :ﻳﺎ ﺣﻨّﺔ ،إذا ﻟﻦ ﺗﺼﻠّﻲ ،ﺳﺘﺬهﺒﻴﻦ إﻟﻰ اﻟﻬﻼك"! آﻨﺖ ﻓﻌﻼً أﺻﻠّﻲ ﻗﻠﻴﻼً وﻟﻜﻦّ ﻣﻦ دون رﻏﺒﺔ. ﻟﻸﺳﻒ ،آﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﻖّ أﻧﺬاك ،ﻓﻜﻞّ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺘﺮﻗﻮن ﻓﻲ اﻟﺠﺤﻴﻢ ،ﻟﻢ ﻳُﺼﻠّﻮا ،أو ﻟﻢ ﻳﺼﻠّﻮا ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ. ﻓﺎﻟﺼﻼة هﻲ اﻟﺨﻄﻮة اﻷوﻟﻰ ﻧﺤﻮ اﷲ ،وﺗﺒﻘﻰ اﻟﺨﻄﻮة اﻟﺤﺎﺳﻤﺔ ،ﺧﺼﻮﺻﺎً اﻟﺼﻼة ﻟﻤﻦ آﺎﻧﺖ أمّ اﻟﻤﺴﻴﺢ،
17
واﻟﺘﻲ ﻻ ﻧﻠﻔﻆ اﺳﻤﻬﺎ هﻨﺎ .ﻓﺎﻟﺘﻌﺒّﺪ ﻟﻬﺎ ﻳﻨﺘﺰع ﻣﻦ أﻳﺪي اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻧﻔﻮﺳﺎً ﻻ ﺗُﺤﺼﻰ ،آﺎﻧﺖ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﺗﻤﻜّﻨﻪ ﻣﻦ إﻣﺴﺎآﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ. أﺗﺎﺑﻊ اﻟﺘﻜﻠّﻢ وأﻧﺎ أﺳﺘﺸﻴﻂ ﻏﻴﻈﺎً ،ﻓﻘﻂ ﻷﻧّﻨﻲ ﻣﻠﺰﻣﺔ ﺑﺬﻟﻚ .اﻟﺼﻼة هﻲ أﺳﻬﻞ ﻋﻤﻞ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻪ ﻋﻠﻰ اﻷرض .وﺑﻬﺬا اﻷﻣﺮ اﻟﺴﻬﻞ ﺟﺪّاً ،رﺑﻂ اﷲ ﺧﻼص آﻞّ اﻣﺮىء ...ﻓﻬﻮ ﻳﻤﻨﺢ ﺷﻴﺌﺎً ﻓﺸﻴﺌﺎً أﻧﻮاراً آﺜﻴﺮة ،ﻟﻤﻦ ﻳﻮاﻇﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة ،وﻳﻘﻮّﻳﻪ ﺑﺤﻴﺚ أﻧّﻪ ،ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ، ﺣﺘّﻰ وﻟﻮ آﺎن أآﺜﺮ اﻟﺨﻄﺄة ﺗﺼﻠّﺒﺎً ،ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻌﻮد وﻳﻘﻒ ﺑﺜﺒﺎت ،ﺣﺘﻰ وﻟﻮ آﺎن ﻏﺎرﻗﺎً ﻓﻲ اﻟﻮﺣﻞ ﺣﺘّﻰ ﻋﻨﻘﻪ. ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻲ ،ﻟﻢ أﻋﺪ أﺻﻠّﻲ ﻓﺮوﺿﺎً أو واﺟﺒﺎت ،وهﻜﺬا ﺣﺮﻣﺖ ذاﺗﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﻌﻢ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ دوﻧﻬﺎ ،ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أﺣﺪ ﺗﺨﻠﻴﺺ ﻧﻔﺴﻪ.
ﺧﻄﻮرة ﺗﺄﺟﻴﻞ اﻟﺘﻮﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻷﺧﻴﺮة وﺣﻤﺎﻗﺘﻪ هﻨﺎ ،ﻻ ﻧﻌﻮد ﻧﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ أﻳّﺔ ﻧﻌﻤﺔ ،ﺑﻞ ﺣﺘّﻰ وﻟﻮ ﻓﺮض ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻧﻴﻠﻬﺎ ،ﻟﺮﻓﻀﻨﺎهﺎ ﺑﻠﺆم. آﻞّ "ﺗﻘﻠّﺒﺎت" اﻟﺤﻴﺎة اﻷرﺿﻴّﺔ )أيّ إﻣﻜﺎن ﺗﺒﺪﻳﻞ اﻟﻘﺮارات( اﻧﺘﻬﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻷﺧﺮى.
18
ﻟﺪﻳﻜﻢ ،ﻋﻠﻰ اﻷرض ،ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻹﻧﺴﺎن أن ﻳﺮﺗﻔﻊ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻨﻌﻤﺔ ،وﻣﻦ اﻟﻨﻌﻤﺔ إﻟﻰ اﻟﺴﻘﻮط ﻓﻲ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ،ﻣﺮاراً ﻋﻦ ﺿﻌﻒ ،وأﺣﻴﺎﻧﺎً ﻋﻦ ﺧﺒﺚ. ﻣﻊ اﻟﻤﻮت ،ﺗﻨﺘﻬﻲ هﺬﻩ اﻟﺘﻘﻠّﺒﺎت ،ﻷنّ ﺟﺬورهﺎ ﻣﺘﻮاﺟﺪة ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺪم اﺳﺘﻘﺮار اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ اﻷرض .ﻓﻨﺤﻦ اﻵن ﺑﻠﻐﻨﺎ ﺣﺎﻟﺘﻨﺎ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴّﺔ واﺳﺘﻘ ّﺮﻳﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ. ﺗﺼﺒﺢ اﻟﺘﻘﻠّﺒﺎت ﻧﺎدرة ﻣﻊ اﻟﺘﻘﺪّم ﻓﻲ اﻟﺴﻦّ .ﻣﻦ اﻟﺼﺤﻴﺢ ،أ ّ ن ﺑﻤﻘﺪور اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﷲ أواﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻨﻪ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻮت، ﻟﻜﻦ ﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﺈنّ اﻟﺬي ﺗﻌﻮّد ﻋﻠﻰ أﻣﺮ ﻣﺎ ﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ ﻳﺮى ﻧﻔﺴﻪ، ﺣﺘّﻰ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻮت ،ﻣﻘﺎداً ﺑﺎﻟﻌﺎدة اﻟﺘﻲ آﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ أﺛﻨﺎء ﺣﻴﺎﺗﻪ. ﻓﺎﻟﻌﺎدة ﺗﺼﺒﺢ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ،أﺻﺎﻟﺤﺔ آﺎﻧﺖ أم ﻻ ،وهﻲ ﺗﺠﺮّﻩ ﻣﻌﻬﺎ. هﺬا ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻟﻲ أﻳﻀﺎً ،إذ آﻨﺖ أﻋﻴﺶ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮات ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ اﷲ .وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺎدﺗﻨﻲ اﻟﻨﻌﻤﺔ ﻧﺪاءهﺎ اﻷﺧﻴﺮ، ﺻﻤّﻤﺖ أﻻّ أﺧﺘﺎر اﷲ. ﻟﻴﺲ آﻮﻧﻲ آﻨﺖ أﺳﻘﻂ ﻏﺎﻟﺒﺎً ﻓﻲ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ،ﻣﺎ ﺣﺘّﻢ ﻋﻠﻲّ اﻟﻬﻼك ،إﻧّﻤﺎ آﻮﻧﻲ ﻟﻢ أﺷﺄ اﻟﻨﻬﻮض .آﻢ ﻣﻦ ﻣﺮّة، ﻧﺼﺤﺘﻨﻲ ﺑﺎﻟﺬهﺎب إﻟﻰ اﻻﺳﺘﻤﺎع ﻟﻠﻮﻋﻆ وﻟﻘﺮاءة آﺘﺐ ﺗﻘﻮﻳّﺔ ،ﻓﻜﺎن ﺟﻮاﺑﻲ اﻟﻤﻌﺘﺎد " :ﻟﻴﺲ ﻟﺪيّ اﻟﻮﻗﺖ" .وهﺬا ﻣﺎ آﺎن ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺿﻴﺎﻋﻲ اﻟﺪاﺧﻠﻲّ. ﺛﻢّ ،ﻋﻠﻲّ أن أﻻﺣﻆ اﻷﻣﺮ اﻟﺘﺎﻟﻲ :ﺑﻤﺎ أنّ وﺿﻌﻲ آﺎن ﺑﻠﻎ ﺣﺪًّا ﻣﺘﻘﺪّﻣﺎً ﻣﻦ اﻟﻀﻴﺎع ،ﻗﺒﻞ ﺧﺮوﺟﻲ ﺑﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ "ﺟﻤﻌﻴّﺔ اﻟﺸﺒﻴﺒﺔ " ،آﺎن ﻣﻦ اﻟﺸﺎقّ ﺟﺪّاً ﻋﻠﻲّ ﺗﺒﺪﻳﻞ ﺧﻂّ ﺳﻴﺮﺗﻲ .ﺻﺤﻴﺢ أﻧّﻨﻲ
19
آﻨﺖ أﺷﻌﺮ ﺑﻌﺪم اﻷﻣﺎن واﻟﺘﻌﺎﺳﺔ ،ﻟﻜﻦ آﺎن هﻨﺎك ﺟﺪار ﻳﻘﻒ ﺑﻴﻨﻲ وﺑﻴﻦ اﻟﺘﻮﺑﺔ.
وﺟﻮد اﻟﺸﻴﻄﺎن وﺗﺄﺛﻴﺮﻩ ﻻ أﻋﺘﻘﺪ أﻧّﻚ آﻨﺖ ﺗﺸﻌﺮﻳﻦ ﺑﺪﻗّﺔ ﺣﺎﻟﺘﻲ .آﻨﺖ ﺗﺘﺼﻮّرﻳﻦ أن اﻷﻣﻮر ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﻠﺖ ﻟﻲ ﻓﻲ أﺣﺪ اﻷﻳﺎم " :ﻗﻮﻣﻲ ﺑﺎﻋﺘﺮاف ﺟﻴّﺪ ﻳﺎ ﺣﻨّﺔ ،وآﻞّ ﺷﻲء ﺳﻴﻜﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮام". رﻏﻢ أﻧّﻨﻲ آﻨﺖ أﺷﻌﺮ ﺑﺄن اﻷﻣﺮ ﺻﺤﻴﺢ ﺣﺴﺐ ﻗﻮﻟﻚ ،ﻓﺈ ّ ن اﻟﻌﺎﻟﻢ ،اﻟﺸﻴﻄﺎن واﻟﺠﺴﺪ ﺑﺎﺗﻮا ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻳﻤﺴﻜﻮﻧﻨﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﺣﺎزم ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﻗﺒﻀﺘﻬﻢ .ﻟﻢ أآﻦ أؤﻣﻦ أﺑﺪاً ﺑﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﺸﻴﻄﺎن .أﻣّﺎ اﻵن ،ﻓﺄﺷﻬﺪ أﻧّﻪ ﻳﺆﺛّﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﻗﻮّي ﺟﺪّاً ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻮاﺟﺪون ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ آﻨﺖ أﺗﻮاﺟﺪ أﻧﺎ ﻓﻴﻬﺎ أﻧﺬاك. آﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎن ﺻﻠﻮات آﺜﻴﺮة ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ وﻣﻨّﻲ، ﻣﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺈﻣﺎﺗﺎت وﻋﺬاﺑﺎت ،اﻧﺘﺰاﻋﻲ ﻣﻨﻪ .وﺣﺘّﻰ ذﻟﻚ، آﺎن ﺳﻴﺘﻢّ ﺷﻴﺌﺎً ﻓﺸﻴﺌﺎً ﻓﻘﻂ .إن آﺎن اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻳﻤﺘﻠﻚ اﻟﻘﻼﺋﻞ ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج ،ﻓﺈنّ ﻋﺪد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ داﺧﻠﻴّﺎً ،ﻻ ُﻳﺤﺼﻰ .ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺸﻴﻄﺎن أن ﻳﺨﻄﻒ ﺣﺮﻳّﺔ اﻹرادة ﻟﻤﻦ هﻢ ﺗﺤﺖ ﺗﺄﺛﻴﺮﻩ .ﻟﻜﻦّ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﺑﺘﻌﺎدهﻢ وﺟﺤﻮدهﻢ اﻟﺘﺪرﻳﺠﻲّ ،وﻟﻮ اﻟﺒﻄﻲء ،ﻋﻦ اﷲ ،ﻳﺴﻤﺢ ﻟـ" اﻟﺸﻴﻄﺎن" ،آﻌﻘﺎب ،أن ﻳﻌﺸﻌﺶ ﻓﻴﻬﻢ. إﻧّﻨﻲ أآﺮﻩ اﻟﺸﻴﻄﺎن أﻳﻀﺎً ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻳُﻌﺠﺒﻨﻲ ،ﻷﻧّﻪ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ إهﻼآﻜﻢ أﻧﺘﻢ أﻳﻀﺎً .إﻧّﻬﻢ ﻣﻼﻳﻴﻦ ،هﻮ وﻋﻤﻼؤﻩ ،اﻷرواح اﻟﺘﻲ ﺳﻘﻄﺖ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺑﺪء اﻟﺰﻣﻦ ،ﻳﻄﻮﻓﻮن اﻷرض ﻣﺜﻞ أﺳﺮاب اﻟﺬﺑﺎب ،وأﻧﺘﻢ ﻻ ﺗﻼﺣﻈﻮن ذﻟﻚ ﺑﺘﺎﺗﺎً.
20
ﻻ ﻳﻌﻮد ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﺴﺎﻗﻄﻮن أن ﻧﺠﺮّﺑﻜﻢ ،ﻓﻬﺬﻩ وﻇﻴﻔﺔ اﻷرواح اﻟﺴﺎﻗﻄﺔ .ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،آﻞّ ﻣﺮّة ﻳﺘﻤﻜّﻨﻮن ﻣﻦ اﺳﺘﺪراج أﻧﻔﺲ ﺑﺸﺮﻳّﺔ إﻟﻰ ﺟﻬﻨّﻢ ،ﻓﺬﻟﻚ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﺬاﺑﻬﻢ أآﺜﺮ .ﻟﻜﻦ ﻣﺎ اﻟﺬي ﻟﻴﺲ ﻣﺴﺘﻌﺪّا ً اﻟﺤﻘﺪ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻪ؟
آﻴﻒ ﺗﺨﻨﻖ روح اﻟﻌﺎﻟﻢ وﺣﺐّ اﻟﻤﻠﺬّات ﻧﻌﻤﺔ اﷲ ﻓﻴﻨﺎ؟ رﻏﻢ أﻧّﻨﻲ آﻨﺖ أﺳﻴﺮ ﻓﻲ دروب ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ اﷲ ،ﻓﺎﷲ آﺎن ﻳﺘﺒﻌﻨﻲ. آﻨﺖ أهﻲء اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻠﻨﻌﻤﺔ ﺑﺄﻓﻌﺎل رﺣﻤﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴّﺔ ،آﻨﺖ أﻗﻮم ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﻦ إﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﺑﻤﻮﺟﺐ ﻣﻴﻞ ﻓﻲ ﻃﺒﻌﻲ. ﻓﻜﺎن اﷲ ﻳﺠﺘﺬﺑﻨﻲ ﺣﻴﻨﺎً إﻟﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،وآﻨﺖ أﺷﻌﺮ ﺁﻧﺬاك ﺑﺎﻟﺤﻨﻴﻦ .وﻋﻨﺪﻣﺎ آﻨﺖ أهﺘﻢّ ﺑﺄﻣﻲ اﻟﻤﺮﻳﻀﺔ ،رﻏﻢ ﻋﻤﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺘﺐ ﻧﻬﺎراً ،وآﻨﺖ ﻋﻨﺪهﺎ أﺿﺤّﻲ ﺑﺬاﺗﻲ ﺣﻘّﺎً ،آﺎﻧﺖ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮات اﷲ ﺗﻌﻤﻞ ﻓﻲّ ﺑﻘﻮّة. ذات ﻣﺮّة ،ﻓﻲ آﻨﻴﺴﺔ اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺣﻴﺚ اﻗﺘﺪﺗﻨﻲ ﺧﻼل اﺳﺘﺮاﺣﺔ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻨﻬﺎر ،ﺷﻌﺮت ﺑﺸﻲء ﻣﺎ ﻳﺼﻴﺒﻨﻲ ،ﺑﺤﻴﺚ آﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﻗﺎب ﻗﻮﺳﻴﻦ ﻣﻦ ﺗﻮﺑﺘﻲ ،ﻓﺒﻜﻴﺖ! ﻟﻜﻦّ أﻓﺮاح اﻟﻌﺎﻟﻢ آﺎﻧﺖ ﺗﻌﻮد وﺗﻤﺮّ آﺎﻟﻨﻬﺮ اﻟﺠﺎرف ﻓﻮق اﻟﻨﻌﻤﺔ ،وآﺎﻧﺖ ﺣﺒّﺔ اﻟﻘﻤﺢ ﺗﻔﻄﺲ وﺳﻂ اﻷﺷﻮاك .وﻣﻊ اﻟﺘﺼﺮﻳﺢ أنّ اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ هﻲ ﺑﺤﺴﺐ ذوق آﻞّ ﻓﺮد ورأﻳﻪ ،آﻤﺎ آﺎﻧﻮا
21
ﻳﺮدّدون داﺋﻤﺎً ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺘﺐ ،أﻏﻠﻘﺖ اﻟﺒﺎب ﻓﻲ وﺟﻪ ﻧﺪاء اﻟﻨﻌﻤﺔ، آﻤﺎ اﻟﻨﺪاءات اﻷﺧﺮى آﻠّﻬﺎ. ﻗﻤﺖ ﺑﺘﺄﻧﻴﺒﻲ إﺣﺪى اﻟﻤﺮّات ،ﻷﻧّﻨﻲ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ إﺣﻨﺎء اﻟﺮآﺒﺔ ﺣﺘّﻰ اﻷرض ،ﻗﻤﺖ ﺑﺎﻟﻜﺎد ﺑﺎﻧﺤﻨﺎء ﻣﻠﺘﻮي ،ﻃﺎوﻳﺔ رآﺒﺘﻲ ﻗﻠﻴﻼً، واﻋﺘﺒﺮت ذﻟﻚ آﺴﻼً .ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺒﺪو ﻋﻠﻴﻚ ﻇﻞّ اﻟﺸﻚ ﻓﻲ آﻮﻧﻲ ﻟﻢ أﻋﺪ أؤﻣﻦ ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤﻴﻦ ﺑﺤﻀﻮر اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻓﻲ ﺳﺮّ اﻟﻘﺮﺑﺎن. اﻵن أؤﻣﻦ ،ﻟﻜﻦ ﻓﻘﻂ ﺑﺸﻜﻞ ﻃﺒﻴﻌﻲّ ،آﻤﺎ ﻧﻌﺘﻘﺪ ﺑﻮﺟﻮد ﻋﺎﺻﻔﺔ ﻟﻜﻮﻧﻨﺎ ﻧﻼﺣﻆ وﻗﺎﺋﻌﻬﺎ وﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ.
ﻣﺤﺎوﻻت إﺳﻜﺎت اﻟﻀﻤﻴﺮ ﺣﻴﻨﺌﺬ ،آﻨﺖ ﻗﺪ اﺧﺘﺮﻋﺖ دﻳﺎﻧﺔ ﻋﻠﻰ ذوﻗﻲ ،ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﺳﺒﻨﻲ .آﻨﺖ أداﻓﻊ ﻋﻦ اﻟﺮأي اﻟﺬي آﺎن ﺳﺎﺋﺪاً ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺘﺐ ﻋﻨﺪﻧﺎ ،أنّ اﻟﻨﻔﺲ ﺗﻌﻮد ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻮت وﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ آﺎﺋﻦ ﺁﺧﺮ، وﺗﺘﺎﺑﻊ هﻜﺬا ﺗﺠﻮاﻟﻬﺎ ﻣﻦ دون ﻧﻬﺎﻳﺔ .وﺑﺬﻟﻚ ،آﻨﺖ أدع ﺟﺎﻧﺒﺎً اﻟﺴﺆال اﻟﻤﺰﻋﺞ" :ﻣﺎذا هﻨﺎﻟﻚ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻮت"؟ ﻓﻼ ﻳﻌﻮد ﻳﺰﻋﺠﻨﻲ. ﻓﻠﻤﺎذا ﻟﻢ ﺗﻌﻮدي ﺗﺬآﺮﻳﻨﻲ ﻣﺜﻞ اﻟﻐﻨﻲّ وﻟﻌﺎزر اﻟﻔﻘﻴﺮ؟ ﺣﻴﺚ اﻟﻤﺴﻴﺢ ،ﻣﺨﺒﺮهﺎ ،ﻳﺮﺳﻞ ﻓﻮراً ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻮت أﺣﺪهﻢ إﻟﻰ ﺟﻬﻨّﻢ واﻵﺧﺮ إﻟﻰ اﻟﻔﺮدوس؟ ﻟﻜﻦ ،ﻣﺎذا آﻨﺖ ﺳﺘﻨﺎﻟﻴﻦ؟ ﻻ ﺷﻲء أآﺜﺮ ﻣﻤّﺎ ﻧﻠﺘﻪ ﻓﻲ أﺣﺎدﻳﺜﻚ اﻟﺘﺎﻓﻬﺔ اﻷﺧﺮى! ﻓﺨﻠﻘﺖ ﺑﻨﻔﺴﻲ ﺷﻴﺌﺎً ﻓﺸﻴﺌﺎً إﻟﻬﺎً ،ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻷدﻋﻮﻩ إﻟﻬﺎً ،ﺑﻌﻴﺪاً ﻣﻨّﻲ ﻟﺪرﺟﺔ ﻻ ُﻧﻀﻄﺮّ إﻟﻰ إﻗﺎﻣﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻌﻪ ،ﻣﺒﻬﻤﺎً ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻧﻀﻄﺮّ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺎﺟﺔ ،إﻟﻰ ﺗﺒﺪﻳﻞ
22
دﻳﺎﻧﺘﻨﺎ ...ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻬﺬا اﻹﻟﻪ أيّ ﻓﺮدوس ﻳﻘﺪﻣّﻪ ﻟﻲ ،وﻻ أﻳّﺔ ﺟﻬﻨّﻢ ﻳﻌﺎﻗﺒﻨﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ .آﻨﺖ أدﻋﻪ ﺑﺴﻼم ،وهﺬا ﻣﺎ آﺎﻧﺖ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺒﺎدﺗﻲ ﻟﻪ. ﺳﻬﻞ اﻹﻳﻤﺎن ﺑﻤﺎ ﻳﻄﻴﺐ ﻟﻨﺎ .ﻋﻠﻰ ﻣﺮّ اﻟﺴﻨﻮات ،ﺟﻌﻠﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻘﺘﻨﻌﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ﺑﺪﻳﺎﻧﺘﻲ هﺬﻩ ،وﺑﻬﺬﻩ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ آﻨﺖ أﺳﺘﻄﻴﻊ اﻟﻌﻴﺶ.
ﻗﻴﻤﺔ اﻷﻟﻢ اﻟﺨﻼﺻﻴّﺔ آﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎن ﺷﻴﺊ واﺣﺪ ﻓﻘﻂ آﺴﺮ ﻋﻨﺎدي وﺻﻼﺑﺘﻲ: أﻟﻢ ﻃﻮﻳﻞ وﻋﻤﻴﻖ .ﻟﻜﻦّ هﺬا اﻷﻟﻢ ﻟﻢ أﺷﻌﺮ ﺑﻪ! أﺗﻔﻬﻤﻴﻦ اﻵن ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮل اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﻘﺪّس" :إنّ اﷲ ﻳﻌﺎﻗﺐ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺒّﻬﻢ"؟ اﻟﺘﻌﻠّﻘﺎت وﻣﺤﺒّﺔ اﻟﺠﻨﺲ اﻵﺧﺮ اﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ :ﻣﺎآﺲ ﻓﻲ ﻳﻮم أﺣﺪ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﺗﻤﻮز ،ﻧﻈّﻤﺖ "ﺟﻤﻌﻴّﺔ اﻟﺸﺒﻴﺒﺔ" رﺣﻠﺔ إﻟﻰ *** .آﺎن اﻻﻧﻀﻤﺎم إﻟﻰ اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻳﻄﻴﺐ ﻟﻲ ،ﻟﻜﻦّ اﻷﺣﺎدﻳﺚ اﻟﺘﻘﻮﻳّﺔ اﻟﺘﺎﻓﻬﺔ ،وﻣﺎ ﻳﺸﺒﻬﻬﺎ ،ﺟﻌﻠﺘﻨﻲ أﻋﺪل ﻋﻦ اﻷﻣﺮ. إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ ،آﺎن هﻨﺎﻟﻚ ﺷﺨﺺ ﻳﺨﺘﻠﻒ آﺜﻴﺮُاً ﻋﻦ ﺷﺨﺺ ﻋﺬراء*** )اﻟﺘﻲ آﺎﻧﻮا ذاهﺒﻴﻦ ﻟﺰﻳﺎرﺗﻬﺎ( اﺣﺘﻞّ ﻣﺬاﺑﺢ ﻗﻠﺒﻲ ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮة .إﻧّﻪ "ﻣﺎآﺲ ن" اﻟﺠﺬّاب ...اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺘﺠﺮ اﻟﻤﻼﺻﻖ ﻟﻨﺎ .آﻨﺎ ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮة ﺗﺒﺎدﻟﻨﺎ اﻟﻤﺰاح ﺑﻀﻌﺔ ﻣﺮّات.
23
وآﺎن دﻋﺎﻧﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻨﺰهﺔ ﻓﻲ اﻷﺣﺪ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي ﺗﻘﺎم ﻓﻴﻪ اﻟﺮﺣﻠﺔ .ﻓﺎﻟﻔﺘﺎة اﻟﺘﻲ آﺎن ﻳﺨﺮج ﻣﻌﻬﺎ آﺎﻧﺖ ﻣﺮﻳﻀﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ. آﺎن ﻓﻬﻢ ﺟﻴّﺪاً أﻧّﻪ ﻳﻌﺠﺒﻨﻲ .ﻟﻢ أآﻦ أﻓﻜّﺮ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﺎﻟﺰواج ﻣﻨﻪ .آﺎن ﻣﻴﺴﻮراً ،ﻟﻜﻨّﻪ آﺎن ﻳﺘﺼﺮّف ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﺒﺎﻗﺔ ﻣﻊ اﻟﻔﺘﻴﺎت آﺎﻓّﺔ .وﺣﻴﻨﻬﺎ ،آﻨﺖ أﺑﻐﻲ رﺟﻼً ﻳﻜﻮن ﻣﻠﻜﺎً ﻟﻲ وﺣﺪي. إن آﺎن ﻋﻠﻲّ أن أآﻮن زوﺟﺔ ،ﻓﻴﺠﺐ أن أآﻮن اﻟﻮﺣﻴﺪة .آﻨﺖ أﻣﻠﻚ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪء ﺷﻌﻮراً ﻃﺒﻴﻌﻴّﺎً ﺑﺎﻻﺣﺘﺮام وﻋﺰّة اﻟﻨﻔﺲ. وآﺎن ﻣﺎآﺲ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺰهﺔ ﻟﺒﻖ اﻟﺘﺼﺮّف وآﺜﻴﺮ اﻟﻠﻄﻒ. وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻟﻢ ﺗﻜﻦ أﺣﺎدﻳﺜﻨﺎ رهﺒﺎﻧﻴّﺔ ،آﻤﺎ ﺗﻔﻌﻠﻦ أﻧﺘﻦّ! ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ وﻓﻲ اﻟﻤﻜﺘﺐ ،ﻋﺎﺗﺒﺘﻨﻲ ﻷﻧّﻨﻲ ﻟﻢ ﺁتِ ﻣﻌﻜﻦّ إﻟﻰ *** .ﻓﺸﺮﺣﺖ ﻟﻚ ﻋﻦ ﺗﺴﻠﻴﺘﻲ ذاﻟﻚ اﻷﺣﺪ.
24
أهﻤﻴّﺔ اﻟﻘﺪاس اﻹﻟﻬّﻲ ﻳﻮم اﻷﺣﺪ آﺎن أوّل ﺳﺆال ﻟﻚ" :هﻞ ذهﺒﺖ إﻟﻰ اﻟﻘﺪّاس؟ ﻓﺄﺟﺒﺘﻚ" :ﻳﺎ ﻟﻠﻬﺒﻼء اﻟﻤﺴﻜﻴﻨﺔ! آﻴﻒ آﺎن ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻲ ذﻟﻚ واﻟﻨﺰهﺔ ﺑﺪأت ﻋﻨﺪ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ﺻﺒﺎﺣﺎً؟! وأﻧﺖ ﺗﻌﻠﻤﻴﻦ آﻴﻒ أﺿﻔﺖ أﻳﻀﺎً ،وأﻧﺎ ﻣﻀﻄﺮﺑﺔ" :إن اﷲ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﻋﻘﻠﻴّﺔ ﻣﺤﺪودة آﻌﻘﻠﻴّﺔ آﻬﻨﺘﻜﻢ اﻟﺘﺎﻓﻬﻴﻦ"! ﺮ ﺑﺄنّ اﷲ ،رﻏﻢ ﺻﻼﺣﻪ أﻣّﺎ اﻵن ﻓﻌﻠﻲّ أن أﻗ ّ اﻟﻼﻣﺘﻨﺎهﻲ ،ﻳﺰن اﻷﻣﻮر ﺑﺪﻗّﺔ ﺗﻔﻮق دﻗّﺔ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻜﻬﻨﺔ ﺳﻮﻳّﺎً. ﺣﺐّ اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻷﻓﻜﺎر اﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴّﺔ ﺑﻌﺪ هﺬﻩ اﻟﺮﺣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻊ ﻣﺎآﺲ ،أﺗﻴﺖ ﻣﺮّة واﺣﺪة ﻓﻘﻂ إﻟﻰ اﻟﺠﻤﻌﻴّﺔ ،ﻓﻲ ﻋﻴﺪ اﻟﻤﻴﻼد ،ﻟﻼﺣﺘﻔﺎل ﺑﺎﻟﻌﻴﺪ .آﺎن ﺷﻲء ﻣﺎ ﻳﻐﺮﻳﻨﻲ إﻟﻰ اﻟﻌﻮدة ،ﻟﻜﻦ داﺧﻠﻴّﺎً ،آﻨﺖ اﺑﺘﻌﺪت ﻋﻨﻜﻦّ، وآﺎﻧﺖ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واﻟﺮﻗﺺ واﻟﻨﺰهﺎت ﺗﺘﺘﺎﻟﻰ ﺗﺒﺎﻋﺎً .ﺣﺪﺛﺖ ﺑﻴﻦ ﻣﺎآﺲ وﺑﻴﻨﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺨﻼﻓﺎت واﻟﻤﺸﺎدّات ،ﻟﻜﻨّﻨﻲ آﻨﺖ أﻋﺮف داﺋﻤﺎً آﻴﻒ أﻋﻠّﻘﻪ ﺑﻲ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ. آﻢ آﻨﺖ أﻧﺰﻋﺞ ﻣﻦ ﺣﺒﻴﺒﺘﻪ اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ،ﻓﻮر ﺧﺮوﺟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ،ﺗﺼﺮّﻓﺖ آﺎﻟﻤﻬﻮوﺳﺔ ،وآﺎن ذﻟﻚ ﻟﺼﺎﻟﺤﻲ ﺣﻘّﺎً، ﻷنّ هﺪوﺋﻲ اﻟﻨﺒﻴﻞ أﺛّﺮ ﺗﺄﺛﻴﺮاً ﻗﻮﻳّﺎً ﻓﻲ ﻣﺎآﺲ ،اﻟﺬي ﺗﻮﺻّﻞ إﻟﻰ أﺧﺬ اﻟﻘﺮار ﺑﺎﻧﺘﻘﺎﺋﻲ أﻧﺎ آﺎﻟﻤﻔﻀّﻠﺔ ﻟﺪﻳﻪ. آﻨﺖ ﻋﺮﻓﺖ آﻴﻒ أﺟﻌﻠﻪ ﻳﻜﺮهﻬﺎ ،ﻣﺘﻜﻠّﻤﺔ ﺑﺒﺮودة إﻳﺠﺎﺑﻴّﺔ ﺧﺎرﺟﻴّﺎً ،ﻧﺎﻓﺜﺔ اﻟﺴﻢّ داﺧﻠﻴّﺎً .إنّ هﺬﻩ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ واﻟﺘﺼﺮّﻓﺎت ﺗﻬﻲّء ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻣﻤﺘﺎز اﻟﻄﺮﻳﻖ إﻟﻰ ﺟﻬﻨّﻢ.
25
إﻧّﻬﺎ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴّﺎت ﺷﻴﻄﺎﻧﻴّﺔ ﺑﻜﻞّ ﻣﺎ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻰ. ﻟﻤﺎذا أﺧﺒﺮك ﺑﻬﺬﻩ اﻷﻣﻮر؟ ﻟﻜﻲ أﻋﻠﻤﻚ آﻴﻒ اﻧﻔﺼﻠﺖ آﻠﻴّﺎً ﻋﻦ اﷲ.
ﺗﺄﻟﻴﻪ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﻧﺤﺐّ ﻳﺆدّي إﻟﻰ اﻟﺠﺤﻮد ﺗﺠﺎﻩ اﷲ ﻣﻊ ذﻟﻚ ﻟﻢ أآﻦ ﻗﺪ وﺻﻠﺖ ،ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻲ ﻣﻊ ﻣﺎآﺲ ،إﻟﻰ اﻻﺳﺘﺴﻼم آﻠﻴّﺎً ،ﻷﻧّﻨﻲ آﻨﺖ أﻋﻠﻢ أنّ ﻣﻘﺎﻣﻲ ﺳﻴُﻀﺤﻲ أﻗﻞّ أهﻤﻴّﺔ أﻣﺎم ﻋﻴﻨﻴﻪ ،ﻟﻮ ﺳﻤﺤﺖ ﻟﻪ ﺑﻜﻞّ ﺷﻲء ،ﻗﺒﻞ أواﻧﻪ .ﻟﺬا ﻋﺮﻓﺖ آﻴﻒ أﻣﺘﻨﻊ وأﺿﺒﻂ ﻧﻔﺴﻲ. ﺖ ﻣﺴﺘﻌﺪّة ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﻜﻞّ ﺷﻲء ﻓﻲ آ ّ ﻞ ﻟﻜﻦ ،ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻖ ،آﻨ ُ ﻣﺮّة آﻨﺖ أﻋﺘﺒﺮ ذﻟﻚ ﺿﺮورﻳّﺎَ .آﺎن ﻳﺘﻮﺟّﺐ ﻋﻠﻲّ أن أﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎآﺲ ،وآﻨﺖ أﻋﺘﺒﺮأن ﻻ ﺷﻲء ﺑﺎهﻆ اﻟﺜﻤﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﻠﻮغ ﺗﻠﻚ اﻟﻐﺎﻳﺔ .آﻤﺎ أﻧّﻨﺎ ﺑﺪأﻧﺎ ﻧﺤﺐّ ﺑﻌﻀﻨﺎ اﻟﺒﻌﺾ ﺷﻴﺌﺎً ﻓﺸﻴﺌﺎً ،ﻷنّ آﻞّ ﻣﻨﺎ آﺎن ﻳﻤﺘﻠﻚ ﻣﺰاﻳﺎ آﺜﻴﺮة ،ﺗﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﻘﺪّر اﻟﻮاﺣﺪ اﻵﺧﺮ .آﻨﺖ ﺷﺎﻃﺮة ،ﻗﺪﻳﺮة ،ﻋﺬﺑﺔ اﻟﺮﻓﻘﺔ ،ﻓﺄﻣﺴﻜﺖ ﺑﻤﺎآﺲ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﻴﻦ، وﺗﻤﻜّﻨﺖ ،أﻗﻠّﻪ ﻓﻲ اﻷﺷﻬﺮ اﻷﺧﻴﺮة ﻗﺒﻞ اﻟﺰواج ،أن أﺿﺤﻲ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ وأن أﻣﺘﻠﻜﻪ. وﻋﻠﻰ هﺬا ،ﻗﺎم ﺟﺤﻮدي ﺗﺠﺎﻩ اﷲ ،ﻓﻘﺪ رﻓﻌﺖ ﺧﻠﻴﻘﺔ إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﺻﻨﻢ ﻋﺒﺎدة .ﻓﻤﺎ ﻣﻦ أﻣﺮ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺆدّي إﻟﻰ هﺬﻩ اﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻄﺎل آﺎﻣﻞ اﻹﻧﺴﺎن ،أآﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮع ﻓﻲ ﻏﺮام ﺷﺨﺺ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺲ اﻵﺧﺮ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺒﻘﻰ هﺬا اﻟﺤﺐّ ﻣﻘﺘﺼﺮاً ﻋﻠﻰ اﻹﺷﺒﺎﻋﺎت اﻷرﺿﻴّﺔ .ﻓﻬﺬا ﻣﺎ ﻳﺸﻜّﻞ اﻟﺠﺎذب ،اﻟﻤﺤﺮّض واﻟﺴﻢّ .ﻓـ"اﻟﻌﺒﺎدة" اﻟﺘﻲ اﻋﺘﻨﻘﺘﻬﺎ ﻧﺤﻮ ﺷﺨﺺ ﻣﺎآﺲ أﺿﺤﺖ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻲّ دﻳﺎﻧﺔ ﻣﻌﺎﺷﺔ.
26
اﻟﺠﺤﻮد ﺗﺠﺎﻩ اﷲ ﻳﺆدّي إﻟﻰ اﻟﺘﻬﺠّﻢ ﻋﻠﻴﻪ واﻟﺜﻮرة ﻋﻠﻰ آﻨﻴﺴﺘﻪ آﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﺗﺘﺰاﻣﻦ ﻣﻊ ﺗﻬﺠّﻤﻲ اﻟﺸﺮس ،ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺘﺐ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﺜﺮون اﻟﺘﺮدّد إﻟﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ، واﻟﻜﻬﻨﺔ واﻟﻐﻔﺮاﻧﺎت ،وﺗﺮداد ﺻﻼة اﻟﻮردﻳّﺔ وﺗﻔﺎهﺎت ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ. أﻣّﺎ أﻧﺖ ﻓﺤﺎوﻟﺖ ،ﺑﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎد واﻟﺜﺒﺎت ،أن ﺗﺪاﻓﻌﻲ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﻮر ،وذﻟﻚ ﻇﺎهﺮﻳّﺎَ .ﻣﻦ دون أن ﺗﺸﻜّﻲ أﻧّﻪ ،ﻓﻲ ﻋﻤﻖ أﻋﻤﺎﻗﻲ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠّﻖ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﻬﺬﻩ اﻷﻣﻮر ،ﺑﻞ آﻨﺖ ﻓﻲ اﻷﺣﺮى ،أﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﺳﻨﺪ ﻳﺮﻳﺢ ﺿﻤﻴﺮي -آﻨﺖ ﻻ أزال ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻬﻜﺬا ﺳﻨﺪ -ﻟﻜﻲ أﺑﺮّر ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ أﻳﻀﺎً ﺟﺤﻮدي هﺬا. أﻣّﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻖ أﻋﻤﺎﻗﻲ ،ﻓﻜﻨﺖ أﺛﻮر ﻓﻲ وﺟﻪ اﷲ .ﻟﻢ ﺗﻜﻮﻧﻲ ﺗﺪرآﻴﻦ ذﻟﻚ ،ﻟﻢ ﺗﻔﻬﻤﻴﻪ ،آﻨﺖ ﻻ ﺗﺰاﻟﻴﻦ ﺗﻌﺘﺒﺮﻳﻨﻨﻲ آﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴّﺔ. ﻻ ﺑﻞ آﻨﺖ أرﻳﺪ أن أدﻋﻰ آﺬﻟﻚ ،آﻨﺖ ﻻ أزال أدﻓﻊ اﻟﻀﺮاﺋﺐ اﻟﻜﻨﺴﻴّﺔ ،آﻨﻮع ﻣﻦ "ﺑﻮﻟﻴﺼﺔ ﺗﺄﻣﻴﻦ" ،وآﻨﺖ أﻋﺘﻘﺪ أﻧّﻪ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺿﺮر ﻓﻲ ذﻟﻚ. رﺑّﻤﺎ آﺎﻧﺖ أﺟﻮﺑﺘﻚ أﺣﻴﺎﻧﺎً ﺗﺼﻴﺐ ﻓﻲ اﻟﺼﻤﻴﻢ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺆّﺛﺮ ﻓﻲّ آﺜﻴﺮاً ،ﻷﻧّﻪ آﺎن ﻳﺠﺐ أﻻّ ﻳﻜﻮن ﻣﻌﻚ ﺣﻖ. وﺑﺴﺒﺐ هﺬﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻬﺸّﺔ ﺑﻴﻨﻨﺎ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أﻟﻢ اﻓﺘﺮاﻗﻨﺎ اﻟﻮاﺣﺪة ﻋﻦ اﻷﺧﺮى ذات ﺷﺄن آﺒﻴﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻲّ ،وذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻓﺘﺮﻗﻨﺎ ﺑﺴﺒﺐ زواﺟﻲ.
27
هﺘﻚ اﻷﻗﺪاس وﻣﺎ ﻳﺴﺒّﺒﻪ ﻣﻦ ﻣﻮت ﻟﻠﻀﻤﻴﺮ ﻗﺒﻞ اﻟﺰواج ،ﺗﻘﺪّﻣﺖ ﻣﻦ ﺳﺮّي اﻻﻋﺘﺮاف واﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ ﻣﺮّة أﺧﺮى، ﻷﻧّﻪ آﺎن ﻣﻔﺮوض اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺬﻟﻚ .آﻨﺖ وزوﺟﻲ ﻧﻤﻠﻚ وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺣﻮل هﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ،ﻟﻤﺎذا ﻻ ﻳﺘﻮﺟّﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺗﺘﻤﻴﻢ هﺬﻩ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺸﻜﻠﻴّﺔ؟ ﻓﺄﺗﻤﻤﻨﺎهﺎ آﺈﺗﻤﺎﻣﻨﺎ آﻞّ اﻷﻣﻮر اﻟﺸﻜﻠﻴّﺔ اﻷﺧﺮى. أﻧﺘﻢ ﺗﺴﻤّﻮن هﻜﺬا ﻣﻨﺎوﻟﺔ ،ﻣﻨﺎوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻻﺳﺘﺤﻘﺎق. ﻓﺎﻋﻠﻤﻲ أﻧّﻪ ،ﺑﻌﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ "ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻻﺳﺘﺤﻘﺎق"، أﺿﺤﻰ ﺿﻤﻴﺮي أآﺜﺮ ارﺗﻴﺎﺣﺎً )وﺗﺤﺪﻳﺪاً ،ﻣﺎت ﺻﻮﺗﻪ أآﺜﺮ( .وآﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ،ﺁﺧﺮ ﻣﻨﺎوﻟﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ.
ﺣﺐّ اﻟﻌﺎﻟﻢ ورﻏﺪ اﻟﻌﻴﺶ أﻣّﺎ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ اﻟﺰوﺟﻴّﺔ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﻹﺟﻤﺎل ،ﻣﺘﻨﺎﻏﻤﺔ إﻟﻰ ﺣ ّ ﺪ آﺒﻴﺮ .آﻨّﺎ ﻧﺘﺸﺎﻃﺮ وﺟﻬﺎت اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻷﻣﻮر ،ﺣﺘّﻰ ﻓﻲ اﻷﻣﺮ اﻟﺘﺎﻟﻲ :ﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﻠﻘﻲ ﻋﻠﻰ أآﺘﺎﻓﻨﺎ اﻟﺤﻤﻞ اﻟﺜﻘﻴﻞ ،ﺣﻤﻞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ أوﻻد .ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻖ ،آﺎن زوﺟﻲ ﻟﻴﺮﻏﺐ ﻓﻲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ وﻟﺪ واﺣﺪ ،ﻻ أآﺜﺮ ﺑﺎﻟﺘﺄآﻴﺪ ،ﻟﻜﻨّﻨﻲ ﻋﺮﻓﺖ ﻣﻊ اﻟﻮﻗﺖ أن أﺑﺪّل رأﻳﻪ ﻓﻲ هﺬا اﻟﺸﺄن. اﻟﻠﺒﺎس ،اﻷﺛﺎث اﻟﻔﺎﺧﺮ ،اﻟﻠﻘﺎءات ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎهﻲ واﻟﻤﻄﺎﻋﻢ، اﻟﺮﺣﻼت ،اﻷﺳﻔﺎرﻓﻲ اﻟﺴﻴّﺎرات وﻏﻴﺮهﺎ ،آﺎﻧﺖ أآﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﻬﻤّﻨﻲ. آﺎﻧﺖ ﺳﻨﺔ ﻟﺬّة ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻋﺸﺘﻬﺎ ﺑﻌﺪ زواﺟﻲ وﻗﺒﻞ ﻣﻮﺗﻲ اﻟﻤﻔﺎﺟﻰء .آﻨّﺎ ﻧﺬهﺐ ﻓﻲ ﻧﺰهﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴّﺎرة آﻞّ ﻳﻮم أﺣﺪ ،أو
28
ﻧﻘﻮم ﺑﺰﻳﺎرات ﻷهﻞ زوﺟﻲ وﻋﺎﺋﻠﺘﻪ .أﻣّﺎ أﻣﻲ ﻓﻜﻨﺖ أﺧﺠﻞ ﺑﻬﺎ ﺣﻴﻨﻬﺎ .وآﺎن أهﻠﻪ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﺣﻴﺎة ﺳﻄﺤﻴّﺔ ،ﻣﺜﻠﻨﺎ ﺗﻤﺎﻣﺎً. أﻣّﺎ داﺧﻠﻴّﺎً ،ﻓﻤﻦ اﻟﻤﺆآّﺪ أﻧّﻨﻲ ﻟﻢ أﺷﻌﺮ أﺑﺪاً ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة، رﻏﻢ أﻧّﻨﻲ آﻨﺖ أﺿﺤﻚ آﺜﻴﺮاً ﺧﺎرﺟﻴّﺎً .آﺎن هﻨﺎﻟﻚ ﺷﻲء ﻣﺎ داﺋﻤﺎً ﻓﻲ داﺧﻠﻲ ،ﻳﺼﻌﺐ ﺗﺤﺪﻳﺪﻩ ،ﻳﻌﺬّﺑﻨﻲ وﻳﺘﺂآﻠﻨﻲ .آﻨﺖ أرﻏﺐ أن ﻳﻨﺘﻬﻲ ذﻟﻚ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻮت ،اﻟﺬي آﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺘﺮض أن ﻳﻜﻮن ﺑﻌﻴﺪاً ﺟﺪّاً. إنّ اﻷﻣﺮ هﻮ ﺣﻘّﺎً آﻤﺎ ﺳﻤﻌﺖ ﻳﻮﻣﺎً ،وأﻧﺎ ﻃﻔﻠﺔ ،ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﻮﻋﻈﺎت ،وهﻮ أنّ اﷲ ﻳﻜﺎﻓﻰء آﻞّ ﻋﻤﻞ ﺧﻴﺮ ﻳﻘﻮم ﺑﻪ اﻹﻧﺴﺎن، وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻜﺎﻓﺄﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻷﺧﺮى ،ﻳﻘﻮم ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻷرض. ﻓﺤﺼﻠﺖ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺘﻈﺮ ﻋﻠﻰ إرث ﻣﻦ إﺣﺪى ﻋﻤّﺎﺗﻲ. وﻧﺠﺢ زوﺟﻲ ﻓﻲ رﻓﻊ راﺗﺒﻪ اﻟﺸﻬﺮيّ إﻟﻰ ﻣﺒﻠﻎ ﺟﻴّﺪ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ، ﻓﺘﻤﻜّﻨﺖ ﺑﺬﻟﻚ أن أﻓﺮش ﺑﻴﺘﻨﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺬّاب ﺟﺪّاً.
اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ اﷲ أآﺜﺮ وﺧﻨﻖ ﺻﻮت اﻟﻀﻤﻴﺮ أآﺜﺮ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﺗﻮﺻﻞ أﺿﻮاءهﺎ ﺳﻮى ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ،ﺑﺎهﺘﺔ ،ﺿﻌﻴﻔﺔ وﻏﻴﺮ أآﻴﺪة. ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻘﺎهﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ واﻟﻔﻨﺎدق اﻟﺘﻲ آﻨّﺎ ﻧﺘﺮدّد إﻟﻴﻬﺎ ،أﺛﻨﺎء أﺳﻔﺎرﻧﺎ ،ﺗﺤﻤﻠﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﺄآﻴﺪ ﻧﺤﻮ اﷲ .ﻓﻜﻞّ اﻟﺬﻳﻦ آﺎﻧﻮا ﻳﺘﺮدّدون إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﺎآﻦ آﺎﻧﻮا ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻣﺜﻠﻨﺎ ،ﺣﻴﺎة ﺳﻄﺤﻴّﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج إﻟﻰ اﻟﺪاﺧﻞ ،ﻻ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﺨﺎرج.
29
وإن آﻨّﺎ ،ﺧﻼل أﺳﻔﺎر اﻟﻌﻄﻠﺔ ،ﻧﺰور آﻨﻴﺴﺔً ﻣﺎ ،آﻨّﺎ ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺘﺮﻓﻴﻪ ﻋﻦ ذواﺗﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﺄﻣّﻞ ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴّﺔ ﻓﻴﻬﺎ .أﻣّﺎ اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﺪﻳﻨﻲّ اﻟﺬي آﺎﻧﺖ ﺗﻌﻄﻴﻪ ،وﺧﺼﻮﺻﺎً آﻨﺎﺋﺲ اﻟﻘﺮون اﻟﻮﺳﻄﻰ، ﻓﻜﻨﺖ أﻋﺮف آﻴﻒ أﺟﻌﻠﻪ ﻋﺪﻳﻢ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻧﺘﻘﺎداﺗﻲ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ :راهﺐ ذات ﻣﻨﻈﺮ ﻏﺮﻳﺐ ،ﻟﺒﺎس ﻏﻴﺮ ﻧﻈﻴﻒ ،ﻳﻜﺜﺮ اﻟﻜﻼم ﻋﻠﻴﻨﺎ ،اﻟﺮهﺒﺎن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻳﺪون اﻟﻈﻬﻮر ﻣﻈﻬﺮ اﻟﺘﻘﻮى، ﻳﺒﻴﻌﻮن اﻟﻤﺸﺮوﺑﺎت اﻟﺮوﺣﻴّﺔ ،اﻟﺘﻬﺎﻓﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮاﺳﻴﻢ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ ﺳﻮى ﻗﻀﻴّﺔ ﻣﻜﺴﺐ ﻣﺎﻟﻲّ...
ﺣﻘﻴﻘﺔ وﺟﻮد ﺟﻬﻨّﻢ وﻧﺎرهﺎ وﻋﺬاﺑﻬﺎ ﻋﺮﻓﺖ ﺑﺬﻟﻚ آﻴﻒ أﻃﺮد داﺋﻤﺎً اﻟﻨﻌﻤﺔ آﻠّﻤﺎ أﺗﺖ ﺗﻘﺮع ﺑﺎﺑﻲ، وآﻨﺖ أﻓﺴﺢ اﻟﻤﺠﺎل ﻟﻄﺒﻌﻲ اﻟﺴﻲء ﻓﻲ اﻟﺘﻬﺠّﻢ، ﺧﺼﻮﺻﺎً ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﻌﺎﺋﺪة إﻟﻰ اﻟﻘﺮون اﻟﻮﺳﻄﻰ اﻟﻤﺼﻮﱢرة ﻟﺠﻬﻨّﻢ ،ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﺮ أو ﻣﻮاﻗﻊ أﺧﺮى، ﺣﻴﺚ ﻧﺮى اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻳﺸﻮي اﻟﻨﻔﻮس ﻋﻠﻰ ﻓﺤﻢ ﻣﺴﺘﻌﺮ وﻧﻴﺮان ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺠﺮّ إﻟﻴﻪ رﻓﺎﻗﻪ ذوو اﻷذﻧﺎب اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻧﻔﻮﺳﺎً ﺟﺪﻳﺪة أﺧﺮى. آﻼرا! أﻗﻮل ﻟﻚ اﻵن أﻧّﻪ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻨﺎ رﺑﻤﺎ أن ﻧﺨﻄﻰء ﻓﻲ رﺳﻢ ﺟﻬﻨّﻢ ووﺻﻔﻬﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أﺑﺪاً أن ﻧﺒﺎﻟﻎ ،ﻓﻤﻬﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ،إﻧّﻪ أﻗﻞّ ﻣﻦ هﻮل اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ. آﻨﺖ أﺳﺨﺮ داﺋﻤﺎً وﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﺧﺎصّ ﻣﻦ ﻧﺎر ﺟﻬﻨّﻢ .أﻧﺖ ﺗﻌﻠﻤﻴﻦ آﻴﻒ أﻧّﻪ ،ﺧﻼل أﺣﺪ أﺣﺎدﻳﺜﻨﺎ ﺣﻮل هﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع،
30
وﺿﻌﺖ ﻟﻚ ذات ﻳﻮم آﺒﺮﻳﺘﺔ ﺗﺤﺖ أﻧﻔﻚ ،وﻗﻠﺖ ﻟﻚ ﺑﺴﺨﺮﻳﺔ": أﻟﺠﻬﻨّﻢ هﺬﻩ اﻟﺮاﺋﺤﺔ"؟ .ﻓﺄﻃﻔﺄت اﻟﺸﻌﻠﺔ ﻓﻮراً. أﻣّﺎ هﻨﺎ ﻓﻼ أﺣﺪ ﻳُﻄﻔﺌﻬﺎ. واﻵن أﻗﻮل ﻟﻚ ﺑﻨﻔﺴﻲ" :إنّ اﻟﻨﺎر اﻟﻤﺬآﻮرة ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﻘﺪّس ﻻ ﺗﻌﻨﻲ ﻋﺬاب اﻟﻀﻤﻴﺮ .اﻟﻨﺎر هﻲ ﻧﺎر! ﻓﻌﻠﻴﻜﻢ أن ﺗﻔﻬﻤﻮا ﺣﺮﻓﻴّﺎً ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ هﻮ" :إذهﺒﻮا ﻋﻨّﻲ أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﻼﻋﻴﻦ إﻟﻰ اﻟﻨﺎر اﻟﻤﺆﺑّﺪة"! ﻧﻌﻢ ،ﺣﺮﻓﻴّﺎً. " آﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺮوح أن ﺗﺘﺄذّى ﻣﻦ ﻧﺎر ﻣﺎدّﻳﺔ"؟ ﺳﻮف ﺗﺴﺄﻟﻴﻦ.اﻟﺠﻮاب هﻮ" :آﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻨﻔﺴﻚ أن ﺗﺘﺄﻟّﻢ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻀﻌﻴﻦ إﺻﺒﻌﻚ ﻓﻮق ﻟﻬﻴﺐ اﻟﻨﺎر؟ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻟﻴﺴﺖ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻌﻞ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﻴﺎ ﻟﻠﻌﺬاب اﻟﺬي ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻪ اﻟﺸﺨﺺ ﺑﻜﻠّﻴﺘﻪ! ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻧﺤﻦ هﻨﺎ "ﻣﺘﺮاﺑﻄﻮن" روﺣﻴّﺎً ﺑﺎﻟﻨﻴﺮان، ﺑﺤﺴﺐ ﻃﺒﻴﻌﺘﻨﺎ وﻗﺪراﺗﻨﺎ .إنّ ﻧﻔﺴﻨﺎ ﻣﺤﺮوﻣﺔ ﻣﻦ ﺣﺮﻳّﺔ ﻋﻤﻠﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲّ ،ﻓﻼ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻔﻜّﺮ ﺑﻤﺎ ﻧﺮﻳﺪﻩ وﻻ آﻤﺎ ﻧﺮﻳﺪ .ﻻ ﺗﺘﻌﺠّﺒﻲ ﻣﻦ آﻼﻣﻲ هﺬا ،ﻓﺈنّ ﺣﺎﻟﺘﻨﺎ ،اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﻓﻬﻤﻬﺎ ،ﺗﺤﺮﻗﻨﻲ ﻣﻦ دون أن ﺗﺴﺘﻬﻠﻜﻨﻲ آﺎﻟﻌﻠّﻴﻘﺔ اﻟﻤﺸﺘﻌﻠﺔ ﻣﻦ دون أن ﺗﺤﺘﺮق.
31
هﻮل ﻋﺬاب ﻓﻘﺪان اﷲ ﻳﻘﻮم ﻋﺬاﺑﻨﺎ اﻷآﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺘﻨﺎ اﻷآﻴﺪة أﻧّﻨﺎ ﻟﻦ ﻧﻌﻮد وﻧﺮى اﷲ أﺑﺪاً .آﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻬﺬا اﻷﻣﺮ أن ﻳﻌﺬّب ﻟﻬﺬﻩ اﻟﺪرﺟﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺒﻘﻰ اﻟﻤﺮء ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻻﻣﺒﺎلٍ إﻟﻰ درﺟﺔ آﺒﻴﺮة؟ ﻓﻄﺎﻟﻤﺎ اﻟﺴﻜّﻴﻦ ﻗﺎﺑﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎوﻟﺔ ،ﺗﺒﻘﻴﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﻟﻴﺔ .ﻧﺮى آﻢ أﻧّﻬﺎ ﻣﺴﻨﻮﻧﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻣﻦ دون وﺿﻌﻬﺎ ﻗﻴﺪ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ .أﻣّﺎ إن أدﺧﻠﺖ اﻟﺴﻜّﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻠﺤﻢ ،ﺗﺒﺪأﻳﻦ ﺑﺎﻟﺼﺮاخ ﻣﻦ ﺟﺮّاء اﻷﻟﻢ .ﻧﺤﻦ اﻵن ﻧﺸﻌﺮ ﺑﻔﻘﺪان اﷲ، أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،آﻨّﺎ ﻧﻔﻜﺮ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻓﻘﻂ. ﻻ ﺗﺘﺄﻟّﻢ اﻟﻨﻔﻮس آﻠّﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ .ﻓﺒﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﺨﻄﻰء اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺘﻮاﺗﺮ ووﻋﻲ وﺷﺮّ وﺧﺒﺚ ،ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﺷﻌﻮرﻩ وﺗﺄﻟّﻤﻪ ﻟﻔﻘﺪان اﷲ أﺻﻌﺐ ،وﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺮﺳﻞ ﻓﻲ اﻟﺸﺮّ واﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﺨﺘﻨﻖ ﺟﺮّاء ذﻟﻚ. ﻓﺎﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴّﻮن اﻟﻬﺎﻟﻜﻮن ﻓﻲ ﺟﻬﻨّﻢ ﻳﺘﺄﻟّﻤﻮن أآﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻬﺎﻟﻜﻴﻦ ﻣﻦ دﻳﺎﻧﺎت أﺧﺮى ،ﻷﻧّﻬﻢ آﺎﻧﻮا ﻗﺪ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮ ،وداﺳﻮا اﻟﻨﻌﻢ واﻷﻧﻮار ﺑﺸﻜﻞ أآﺒﺮ. وﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺑﺎﻷآﺜﺮ ،ﻳﺘﺄﻟّﻢ ﺑﻀﺮاوة أآﺒﺮ ﻣﻤّﻦ آﺎن ﻟﻪ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﻗﻞّ، واﻟﺬي ﺧﻄﻰء ﻋﻦ ﺧﺒﺚ ﻳﺘﺤﻤّﻞ ﻋﺬاﺑﺎً أآﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﺬي ﺧﻄﻰء ﻋﻦ ﺿﻌﻒ .وﻻ أﺣﺪ أﺑﺪاً ﻳﺘﺄﻟّﻢ أآﺜﺮ ﻣﻤّﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖّ .ﺁﻩ ،ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ هﺬا ﺻﺤﻴﺤﺎً ،ﻟﻜﺎن ﻟﺪي ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺳﺒﺐ ﻟﻠﺤﻘﺪ!
32
ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻮﻋﻲ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻮت ﻟﻘﺪ ﻗﻠﺖ ﻟﻲ ﻳﻮﻣﺎً أنّ ﻣﺎ ﻣﻦ أﺣﺪ ﻳﺬهﺐ إﻟﻰ ﺟﻬﻨّﻢ ،ﻣﻦ دون أن ﻳﻌﺮف ذﻟﻚ ،وأنّ هﺬا اﻷﻣﺮ آﺸﻒ ﻹﺣﺪى اﻟﻘﺪّﻳﺴﺎت. ﻓﻀﺤﻜﺖ ﻟﺴﻤﺎﻋﻲ ذﻟﻚ ،ﻟﻜﻨّﻨﻲ اﺳﺘﺒﻘﻴﺖ ﻓﻲ ﺟﻌﺒﺘﻲ هﺬا اﻟﺘﺼﺮﻳﺢ" :هﻜﺬا ،ﻓﻲ ﺣﺎل اﻟﻀﺮورة ،ﺳﻴﺒﻘﻰ ﻟﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﺖ أﻗﻮل ذﻟﻚ ﺑﻴﻨﻲ وﺑﻴﻦ ذاﺗﻲ. اﻟﻜﺎﻓﻲ ﻷﻏﻴّﺮ ﻃﺮﻳﻘﻲ" ،آﻨ ُ إنّ هﺬا اﻟﻘﻮل ﺻﺤﻴﺢ ،وﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ وﻗﺒﻞ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ اﻟﺪراﻣﺎﺗﻴﻜﻴّﺔ ،ﻟﻢ أﻋﺮف ﺟﻬﻨّﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ هﻲ ﻋﻠﻴﻪ .ﻣﺎ ﻣﻦ إﻧﺴﺎن ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ .ﻟﻜﻦ آﺎن ﻟﺪيّ وﻋﻲ آﺎﻣﻞ ﺣﻮﻟﻬﺎ" :إن ﺗﻮﻓّﻴﺖ ،ﺳﺘﺬهﺒﻴﻦ إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺒﺎﺷﺮة، آﺴﻬﻢ ﻣﻮﺟّﻪ ﺿﺪّ اﷲ ،وﺳﺘﺘﺤﻤّﻠﻴﻦ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ". ﻟﻜﻦّ ذﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺠﻌﻠﻨﻲ أﺑﺪّل ﻣﺴﻴﺮﺗﻲ ،ﻷن "اﻟﻌﺎدة" آﺎﻧﺖ ﺖ ﻣﺪﻓﻮﻋﺔ ﻣﻦ ذاك اﻟﺘﻄﺎﺑﻖ ،ﺑﺤﻴﺚ أن ﺗﺠﺮّﻧﻲ ﺑﺘﻴّﺎرهﺎ .آﻨ ُ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﺸﻴﺦ ،ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﺘﺎﺑﻊ اﻟﺘﺼﺮّف ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺬي اﻋﺘﺎد ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﻲ اﻻﺗّﺠﺎﻩ ﻋﻴﻨﻪ.
ﻣﻮت ﺁﻧﻴﺖ ﺟﺎء ﻣﻮﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ :ﻣﻨﺬ أﺳﺒﻮع -أﺗﻜﻠّﻢ هﻨﺎ وﻓﻘًﺎ ﻟﻤﻘﻴﺎﺳﻜﻢ أﻧﺘﻢ ،ﻷﻧّﻪ وﺑﻤﻘﻴﺎس اﻷﻟﻢ ،ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻲ أن أﻗﻮل ﺣﻘﺎً ،أﻧّﻨﻲ أﺣﺘﺮق ﻓﻲ ﺟﻬﻨّﻢ ﻣﻨﺬ ﻋﺸﺮة ﺳﻨﻮات -ﻗﻤﺖ ﻣﻊ زوﺟﻲ ﺑﺮﺣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴّﺎرة ﻳﻮم اﻷﺣﺪ ،وآﺎﻧﺖ رﺣﻠﺘﻲ اﻷﺧﻴﺮة.
33
آﺎن اﻟﻨﻬﺎر ﻣﺸﺮﻗﺎً وﺟﻤﻴﻼً ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،وآﻨﺖ أﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة أآﺜﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،آﻤﺎ آﺎن اﻧﺘﺎﺑﻨﻲ ﺷﻌﻮر ﻏﺮﻳﺐ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة ،ﺳﺮى ﻓﻲّ ﻃﻮال اﻟﻨﻬﺎر. ﻟﻜﻦ ،ﻓﺠﺄة وأﺛﻨﺎء اﻟﻌﻮدة ،أﻋﻤﻲ زوﺟﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺳﻴّﺎرة آﺎﻧﺖ ﺁﺗﻴﺔ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺟﻨﻮﻧﻴّﺔ ،ﻓﻔﻘﺪ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴّﺎرة. "ﻳﺴﻊ") ، *(Jessesآﺎﻧﺖ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻷﺧﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﻓﻤﻲ ،آﻤﺎ رﻋﺸﺔ ،ﻻ آﺼﻼة ،ﺑﻞ آﺼﺮﺧﺔ. *)ﺗﺤﻮﻳﺮ ﻣﺸﻮّﻩ ﻟﻜﻠﻤﺔ ﻳﺴﻮع ،ﻣﺴﺘﻌﻤﻞ ﺑﺘﻮاﺗﺮ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻷﻟﻤﺎﻧﻴّﺔ(. ﺷﻌﺮت ﺑﺄﻟﻢ رهﻴﺐ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻓﻲ آﻞّ ﺟﺴﻤﻲ -ﻟﻜﻨّﻪ ﻟﻌﺐ أوﻻد إذا ﻣﺎ ﻗﻮرن ﺑﺄﻟﻤﻲ اﻟﺤﺎﺿﺮ -ﺛﻢ ﻏﺒﺖ ﻋﻦ اﻟﻮﻋﻲ.
اﻟﻔﺮﺻﺔ اﻷﺧﻴﺮة وﻗﺘﻠﻬﺎ ﻏﺮﻳﺐ! ﻓﻘﺪ أﺗﺎﻧﻲ ذاك اﻟﺼﺒﺎح ،وﺑﺸﻜﻞ ﻻ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻟﻪ، هﺬا اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ " :ﻻ ﻳﺰال ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ اﻟﺬهﺎب ﻣﺮّة ﺑﻌﺪ إﻟﻰ اﻟﻘﺪّاس" .وآﺎن ﺻﺪاﻩ داﺧﻠﻴّﺎً ﻣﺜﻞ ﺗﻮﺳّﻞ. ﻟﻜﻦّ ﺟﻮاﺑﻲ اﻟﻮاﺿﺢ واﻟﻌﺎزم "ﻻ" ﻗﻄﻊ آﻞّ ﺣﺒﺎل اﻷﻓﻜﺎر" .ﻳﺠﺐ أن ﻧﻨﺘﻬﻲ ﻣﺮّة أﺧﻴﺮة ﻣﻦ هﺬﻩ اﻷﻣﻮر، وأﻧﺎ ﻣﺴﺘﻌﺪّة ﻟﺘﺤﻤّﻞ آﻞّ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ"! وأﻧﺎ اﻵن أﺗﺤﻤّﻠﻬﺎ ﺣﻘّﺎً. أﻣّﺎ ﻣﺎ ﺣﺪث ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻲ ،ﻓﻼ ﺷﻚّ ﺗﻌﻠﻤﻴﻦ ﺑﻪ اﻵن .ﻣﺼﻴﺮ زوﺟﻲ ،ﻣﺼﻴﺮ واﻟﺪﺗﻲ ،ﻣﺎ ﺣﺪث ﻟﺠﺜﻤﺎﻧﻲ وﻣﺮاﺳﻴﻢ ﺟﻨﺎزﺗﻲ،
34
آﻠّﻬﺎ واﺿﺤﺔ ﻟﻲ ﺑﺘﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴّﺔ ﻧﻤﻠﻜﻬﺎ ﻧﺤﻦ هﻨﺎ.
ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻮت أﻣّﺎ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻷرض ،ﻓﻼ ﻧﻌﺮﻓﻪ ﺳﻮى ﺑﺸﻜﻞ ﺿﺒﺎﺑﻲّ ﻏﻴﺮ واﺿﺢ .أﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﺨﺼّﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺐ ،ﻓﻨﻌﺮﻓﻪ .ﻟﺬا أرى أﻳﻀﺎً أﻳﻦ أﻧﺖ ﻣﻘﻴﻤﺔ. أﻧﺎ ﺑﻨﻔﺴﻲ اﺳﺘﻴﻘﻈﺖ ﻓﺠﺄة ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻤﺔ ،ﻟﺤﻈﺔ اﻧﻔﺼﺎل روﺣﻲ ﻋﻦ ﺟﺴﺪي .ورأﻳﺖ ذاﺗﻲ وآﺄﻧّﻲ ﻣﺤﺎﻃﺔ ﺑﻨﻮر ﻳﻌﻤﻲ اﻟﺒﺼﺮ .آﺎن ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﻮﻗﻊ ﻋﻴﻨﻪ ﺣﻴﺚ آﺎن ﺟﺴﺪي ﻣﻠﻘﻰ. ﺣﺪث آﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺮح ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻄﻔﻰء ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻋﺔ ﻓﺠﺄة اﻷﻧﻮار، ﺗﻔﺘﺢ اﻟﺴﺘﺎﺋﺮ ﺑﻀﺠّﺔ ،وﻳﺒﺪأ ﻣﺸﻬﺪ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺘﻈﺮ ،ﺑﺄﻧﻮار ﻣﺮﻋﺒﺔ: ﻣﺸﻬﺪ ﺣﻴﺎﺗﻲ. ﻓﻈﻬﺮت ﻧﻔﺴﻲ أﻣﺎم ذاﺗﻲ آﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺮﺁة .رأﻳﺖ آﻞ اﻟﻨﻌﻢ اﻟﺘﻲ دﺳﺘﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺻﺒﺎي وﺣﺘّﻰ آﻠﻤﺔ "ﻻ" اﻷﺧﻴﺮة ،أﻣﺎم اﷲ. ﻓﺸﻌﺮت وآﺄﻧّﻨﻲ ﻗﺎﺗﻠﺔ ،ﻳﺆﺗﻰ إﻟﻴﻬﺎ ،ﺧﻼل اﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ،ﺑﺠﺜّﺔ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻗﺘﻠﺘﻪ -أن أﺗﻮب؟ أﺑﺪاً! أن أﺧﺠﻞ؟ أﺑﺪاً!- وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻲ اﻟﺼﻤﻮد أﻣﺎم ﻋﻴﻨﻲ اﻟﺮب، اﻟﺬي رذﻟﺘﻪ .وﻟﻢ ﻳﻜﻦ أﻣﺎﻣﻲ ﺳﻮى أﻣﺮ واﺣﺪ :اﻟﻬﺮب .ﻓﻜﻤﺎ هﺮب ﻗﺎﻳﻴﻦ ﻣﻦ أﻣﺎم ﺟﺴﺪ هﺎﺑﻴﻞ ،هﻜﺬا دﻓﻌﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﻌﻴﺪاً ﻋﻦ ذاك اﻟﻤﻨﻈﺮ اﻟﻤﺮﻋﺐ.
35
هﺬﻩ آﺎﻧﺖ دﻳﻨﻮﻧﺘﻲ اﻟﺨﺎﺻّﺔ :ﻟﻘﺪ ﻗﺎل اﻟﺪﻳّﺎن اﻟﻼﻣﻨﻈﻮر: "إﺑﻌﺪي ﻋﻨﻲ"! ﺣﻴﻨﻬﺎ ،ﺳﻘﻄﺖ ﻧﻔﺴﻲ ،آﻈﻞّ ﻣﺼﻔﺮّ اﻟﻠﻮن، آﺒﺮﻳﺘﻲّ ،إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﻌﺬاب اﻷﺑﺪيّ. اﺳﺘﻨﺘﺎج آﻼرا ﺻﺒﺎﺣﺎً ،ﻋﻨﺪ ﻗﺮع ﺟﺮس اﻟﺘﺒﺸﻴﺮ اﻟﻤﻼﺋﻜﻲّ ،وأﻧﺎ ﻻ أزال أرﺗﺠﻒ ﺑﻌﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻴﻠﺔ اﻟﻤﺮﻋﺒﺔ ،ﻗﻤﺖ ورآﻀﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺪرج إﻟﻰ اﻟﻜﺎﺑﻴﻼّ. آﺎن ﻗﻠﺒﻲ ﻳﻘﺮع ﻣﺆﺛّﺮاًَ ﺣﺘّﻰ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻔّﺴﻲ .ﻓﺎﻟﻀﻴﻮف اﻟﻘﻼﺋﻞ ،اﻟﺮاآﻌﻴﻦ ﻗﺮﺑﻲ ،أﺧﺬوا ﻳﻨﻈﺮون إﻟﻲّ ،ﻟﻜﻨّﻬﻢ اﻋﺘﻘﺪوا رﺑﻤﺎ أﻧّﻨﻲ ﻣﻀﻄﺮﺑﺔ ﻋﻠﻰ هﺬا اﻟﻨﺤﻮ ﺑﺴﺒﺐ ﻧﺰوﻟﻲ اﻟﺴﺮﻳﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺪرج .ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ إﺣﺪى اﻟﺴﻴّﺪات اﻟﻄﻴّﺒﺎت ﻣﻦ ﺑﻮداﺑﺴﺖ ،وهﻲ ﺗﺮاﻗﺒﻨﻲ":ﻳﺎ ﺳﻴّﺪﺗﻲ ،ﻳﺤﺐّ اﻟﺮبّ أن ﻧﺨﺪﻣﻪ ﺑﻬﺪوء ،ﻻ ﺑﺘﺴﺮّع"! ن ﺷﻴﺌﺎً ﺁﺧﺮ ﺟﻌﻠﻨﻲ ﻋﻠﻰ هﺬا اﻟﻨﺤﻮ ﻟﻜﻨّﻬﺎ ﺷﻌﺮت ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أ ّ وﻻ ﻳﺰال ﻳﺠﻌﻠﻨﻲ ﻣﻀﻄﺮﺑﺔ. ﻲ آﻠﻤﺎت أﺧﺮى ﺻﺤﻴّﺔ، وﺑﻴﻨﻤﺎ آﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻴّﺪة ﺗﻮﺟّﻪ إﻟ ّ آﻨﺖ أﻓﻜّﺮ" :اﷲ وﺣﺪﻩ ﻳﻜﻔﻴﻨﻲ"! "ﻧﻌﻢ ،هﻮ وﺣﺪﻩ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻔﻴﻨﻲ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺤﻴﺎة وﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻷﺧﺮى .أرﻳﺪ أن أﺗﻤﻜّﻦ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺘّﻊ ﺑﻪ ﻳﻮﻣﺎً ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺮدوس ،ﻣﻬﻤﺎ آﻠّﻔﻨﻲ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﻀﺤﻴﺎت ﻋﻠﻰ اﻷرض. ﻻ أرﻳﺪ أن أذهﺐ إﻟﻰ ﺟﻬﻨّﻢ...
36