1
2
ﺷﻬﺮ
ﻣﻊ أﺻﺪﻗﺎﺋﻨﺎ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ اﻟﺘﻌﺮّف إﻟﻴﻬﻢ -اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﺻﻬﻢﻧﻘﻠﻪ إﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴّﺔ ﻗﺒﻼن اﻟﻤﺼﺮي
أذِن ﺑﻄﺒﻊ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴّﺔ ﺳﻴﺎدة اﻟﻤﻄﺮان ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ اﻟﺒﻴﺴﺮي www.jounoudmariam.com www.saintamaria.com www.facebook.com/jounoud.mariam www.facebook.com/groups/jounoudmariam www.facebook.com/groups/kalbmariam ﺗﻌﻨﻰ ﺑﻄﺒﻌﻪ وﻧﺸﺮﻩ ﺟﻤﻌﻴّﺔ "ﺟﻨﻮد ﻣﺮﻳﻢ" ﻋﻠﻢ وﺧﺒﺮ /١٦٧أد
ﻳﻮزّع ﻣﺠﺎﻧﺎً
3
ﺷﻬﺮ ﻣﻊ أﺻﺪﻗﺎﺋﻨﺎ اﻷرواح اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻗﺮاءات وﺻﻠﻮات ﺧﻼل ﺷﻬﺮ ،ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺒﺪء ﺑﻬﺎ: أوّل ﺷﻬﺮ ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،اﻟﺸﻬﺮ اﻟﻤﻜﺮّس ﻟﻬﻢ. ٢٥ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺣﺘّﻰ اﻟﻴﻮم اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ اﻷﻧﻔﺲاﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ :اﻟﻤﻴﻼد اﻟﻤﺠﻴﺪ. ﻣﻨﺬ ﺣﺼﻮﻟﻚ ﻋﻠﻰ هﺬا اﻟﻜﺘﺎب. ﻋﻨﺪ وﻓﺎة ﻋﺰﻳﺰ ﻋﻠﻴﻚ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺪﻧﻮّ اﻷﺟﻞ.اﻷب ﺑﺮﻟﻴﻮ )(Abbé Berlioux ﻣﻠﺤﻖ اﻟﻨﺸﺮة اﻟﺸﻬﺮﻳّﺔ "اﻟﻨﺠﻢ" )(L’étoile ﻣﺪﻳﺮ هﺬا اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎص :ﺑﻴﺎر ﺳﻮران ﻳﻤﻜﻦ ﻃﻠﺒﻪ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻦ: » « Etoile Notre Dame ٣٦, Résidence d’Anjou Boite Postale ٤٣٤ ٥٣١٠٤ Moyenne Cédex Ass. Déclarée Loi ١٩٠١ n° ١٧١٧ Tél : ٠٢ ٤٣ ٠٤ ١٤ ٨٠ – Fax : ٠٢ ٤٣ ٠٤ ٤٤ ٧٥
ﻣﻼﺣﻈﺔ :هﺬﻩ اﻟﻘﺮاءات واﻟﺼﻠﻮات ﻣﻮاﻓﻘﺔ ﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴّﺔ وﻧﺼﻮص اﻟﻤﺠﻤﻊ اﻟﻔﺎﺗﻴﻜﺎﻧﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ.
4
ﻟﻤﺎذا هﺬا اﻟﻤﻠﻒّ ﺣﻮل اﻷرواح اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ؟ ﺑﺪأ آﻞّ ﺷﻲء ﺑﻮﻓﺎة ﻣﺄﺳﻮﻳّﺔ .أمّ ،ﺷﺎﺑّﺔ ،ﻷرﺑﻌﺔ أوﻻد ،ﻗﻀﺖ ﺑﺤﺎدث ﺳﻴّﺎرة... ﺑﻜﺖ أﺧﺘﻬﺎ ﻏﻴﺎﺑﻬﺎ ﺑﺤﺴﺮة .وآﺈﻧﺴﺎﻧﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ اﻹﻳﻤﺎن ،آﺎﻧﺖ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻔﺮاغ اﻟﺬي ﺗﺮآﺘﻪ أﺧﺘﻬﺎ وراءهﺎ دﻓﻌﻬﺎ ذﻟﻚ إﻟﻰ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺮوح ذاﻟﻤﺘﻮﻓﺎة!... ﻧﻌﻢ ،أﻳﻦ هﻲ روﺣﻬﺎ؟ هﻞ هﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﻨّﺔ؟ إﻧّﻪ ﻟﻤﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﺗﺨﻴّﻞ ذﻟﻚ... ﻓﻲ اﻟﺠﺤﻴﻢ؟ ﻻ! ﻓﻠﻘﺪ آﺎﻧﺖ آﺮﻳﻤﺔ اﻷﺧﻼق... ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ إذًا؟ وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ أﺣﺪ ﻳﺘﻜﻠّﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻄﻬﺮ! هﻞ هﻮ ﻣﻮﺟﻮد ﺣﻘًّﺎ؟ وإذا آﺎن ﻣﻮﺟﻮدًا ،ﻣﺎذا ﻳﺤﺪث ﻓﻴﻪ؟ وهﻜﺬا ،ﻣﻦ اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ إﻟﻰ اﻟﻤﻜﺘﺒﺎت ،وﻣﻦ أﺑﺤﺎث إﻟﻰ أﺑﺤﺎث، اﻧﺘﻬﺖ إﻟﻰ اآﺘﺸﺎف آﺘﻴّﺐ ﻋﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،ﻓﻲ ﺗﺨﺘﻴّﺔ )(grenier ﻣﻨـﺰل أﺣﺪ اﻷﺻﺪﻗﺎء. وﺿﻊ هﺬا اﻟﻜﺘﻴّﺐ اﻷب ﺑﺮﻟﻴﻮ ) .(Berliouxوهﻮ ﻣﺆرّخ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ .١٨٨٠ﻟﻢ ﻳﻔﺘﺢ أﺣﺪٌ هﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ﻓﺼﻔﺤﺎﺗﻪ ﻣﺎزاﻟﺖ ﻣﺘﻼﺻﻘﺔ !...وﻟﻜﻦ رﻏﻢ ِﻗﺪَﻣﻪ ،أﻋﺠﺒﺖ ﺑﻪ ﻗﺎرﺋﺘﻪ وﺗﻤﻨّﺖ إﻋﺎدة ﻃﺒﻌﻪ ﻓﻲ أﺣﺪ دور اﻟﻨﺸﺮ .ﻓﻜﺎن اﻟﺠﻮاب "ﻏﻴﺮ ﻣﻤﻜﻦ! اﻟﻤﻄﻬﺮ؟ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﺒﺎع ﺣﺎﻟﻴًّﺎ!" وﻳﻨﺘﻬﻲ اﻟﺠﻮاب ﻋﻠﻰ اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺧﻔﻴﻔﺔ. ﻟﻢ ﻳﻌﺪ هﻨﺎك ﻏﻴﺮ ﺟﻤﻌﻴّﺔ "ﻧﺠﻤﺔ اﻟﺴﻴّﺪة اﻟﻌﺬراء" (Etoile ) Notre-Dameاﻟﺘﻲ ،ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﺘﻨﺎول ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻓﻲ
5
ﻧﺸﺮاﺗﻬﺎ .ﻟﻘﺪ ﻗﺒﻠﺖ ﺑﺪون ﺗﺮدّد ﺑﻌﺪﻣﺎ أﻋﺎدت اﻻﻋﺘﺒﺎر إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻌﺎﺑﻴﺮ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ،ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺁﻟﺔ آﺎﺗﺒﺔ وﺁﻟﺔ أوﻓﺴﺖ ﺻﻐﻴﺮة ،وﺑﺪأ اﻟﻌﻤﻞ !...آﺎن اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺜﻤﺮًا. ﻟﻘﺪ وزّﻋﺖ ﺳﺒﻌﻮن أﻟﻒ ﻧﺴﺨﺔ ،وﺻﻮﻻً إﻟﻰ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ،ﻣﻦ اﻟﻜﺘﻴّﺐ وهﻲ ﺗﻄﻮّرﻩ آﻞّ ﻣﺮّة. هﻜﺬا! اﺑﺪأوا ﺑﻘﺮاءة هﺬا اﻟﻜﺘﻴّﺐ وﺑﺎﻟﺼﻼة ﻣﻨﺬ ﺣﺼﻮﻟﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻲ ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ أو ﻓﻲ آﻞّ ﺷﻬﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﺔ ،ﻓﺎﻷرواح اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﺗﺘﻌﺬّب وﺗﻨﺎدي ﺑﻼ اﻧﻘﻄﺎع... هﺬﻩ اﻟﻘﺮاءات واﻟﺼﻠﻮات ﺗﺪﺧﻠﻜﻢ ﻓﻲ ﺳﺮّ هﺬﻩ اﻷرواح اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﻣﻨّﺎ آﻞّ دﻋﻢ .وﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺳﺘﻌﻴﺪ ﻟﻨﺎ اﻟﻨﻌﻢ ،اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣّﻨﺎهﺎ ﻟﻬﺎ ﺑﺼﻠﻮاﺗﻨﺎ ،ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ ﻣﺌﺎت اﻟﻤﺮّات. آﻞّ ﻳﻮم ،ﺗﺄﻣّﻠﻮا وﺻﻠّﻮا ﻣﻊ هﺬﻩ اﻟﻘﺮاءات .آﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﻜﻢ إﺿﺎﻓﺔ ﺻﻠﻮات ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ .ﺗﺠﺪون هﺬﻩ اﻟﺼﻠﻮات ﻓﻲ ﺁﺧﺮ هﺬا اﻟﻤﻠﻒ. "ﺗﺬوّﻗﻮا واﻧﻈﺮوا آﻢ هﻮ ﻟﺬﻳﺬ اﻟﺮبّ!"
6
اﻷرواح اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻟﻤﺎذا اﻟﻘﺮاءات واﻟﺼﻠﻮات ﺧﻼل ﺷﻬﺮ؟ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻋﺰاء اﻟﻤﻮﺗﻰ وإﻓﺎدة اﻷﺣﻴﺎء ،وﺿﻌﻨﺎ هﺬا اﻟﻜﺘﻴّﺐ، وآﻞّ ﻣﻨّﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺴﻴﺤﻲّ ﻳﻌﻠﻢ أنّ ﺻﻼة اﻷﺣﻴﺎء ﻣﻔﻴﺪة ﻟﻸﻣﻮات ﻏﻴﺮ أﻧّﻨﺎ ﻗﺪ ﻧﺠﻬﻞ أنّ اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻣﻮات هﻲ ﻣﻔﻴﺪة أﻳﻀًﺎ ﻟﻸﺣﻴﺎء. ﻧﻌﻢ ،إنّ ﻣﻘﺪرة اﻷرواح اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ وﻋُﺮﻓﺎﻧﻬﺎ ﻟﻠﺠﻤﻴﻞ، ﻗﻠﻴﻼً ﻣﺎ هﻲ ﻣﻌﺮوﻓﺔ وﻣﻘﺪّرة؛ وﻗﻠﻴﻼً ﻣﺎ ﻳﺴﻌﻰ اﻷﺣﻴﺎء إﻟﻰ ﻣﻼﻗﺎﺗﻬﺎ؛ ﻋﻠﻤًﺎ أنّ رﺻﻴﺪهﺎ آﺒﻴﺮ ﺟﺪًّا .وﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻻﺧﺘﺒﺎر اﻟﻴﻮﻣﻲّ ﺷﺎهﺪًا ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ،ﻟﻜﺎن اﻹﻳﻤﺎن ﺑﻬﺎ ﺿﻌﻴﻔًﺎ ﺟﺪًّا.
ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،هﺬﻩ اﻷرواح اﻟﻤﺒﺎرآﺔ ،ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻢ ﺟﺪﻳﺪة ،ﻷﻧّﻬﺎ ﺧﺮﺟﺖ ﻋﻦ ﻣﺴﺎر اﻟﺤﻴﺎة ،ﻏﻴﺮ أنّ ﻟﻬﺎ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻮﻳﻞ هﺬﻩ اﻟﻨﻌﻢ إﻟﻰ ﺻﺎﻟﺤﻨﺎ. ﻓﻬﻲ ﻟﻦ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻟﻬﺎ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺼﻠﻮات اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪّﻣﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻠﻨﺎ واﻵﻻم اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﺗﻠﻤﺲ ﺑﺤﺮارة ﻗﻠﺐ اﷲ. وإذا آﺎﻧﺖ هﺬﻩ اﻷرواح ﻣﻔﻴﺪة ﻟﻨﺎ ،وهﻲ ﻓﻲ ﻋﺰﻟﺘﻬﺎ ،ﻓﻜﻴﻒ اﻟﺤﺎل إذًا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء؟! ﻋﻨﺪهﺎ ﻳﻜﻮن ﻋﺮﻓﺎﻧﻬﺎ ﻟﻠﺠﻤﻴﻞ ﻻ ﻳﻘﺪّر ﺗﺠﺎﻩ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺪهﺎ ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎء. ﻟﻘﺪ ﻋﻠّﻢ ﻣﻌﻈﻢ ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ ،ﺑﻤﻦ ﻓﻴﻬﻢ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻮن "ﻟﻴﻐﻮري" و"ﺑﻼّرﻣﺎن" و"ﺳﻮارﻳﺰ" ،أﻧّﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﻄﺎع ﺷﺮﻋًﺎ وأآﺜﺮ إﻓﺎدة ﻃﻠﺐ ﻋﻮن اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻟﻠﺤﺼﻮل ،ﻣﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،ﻋﻠﻰ اﻟﻨﱢﻌﻢ واﻟﻜﺮاﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﻧﺤﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻴﻬﺎ إن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺮوﺣﻲّ أو ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺠﺴﺪيّ.
7
آﺎﻧﺖ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﺗﻴﺮﻳﺰ ﻣﻌﺘﺎدةً ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮل إنّ آﻞّ ﻣﺎ ﺗﻄﻠﺒﻪ ﻣﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ،آﺎﻧﺖ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ. وآﺎﻧﺖ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ آﺎﺗﺮﻳﻦ دي ﺑﻮﻟﻮن ﺗﻘﻮل" :ﻋﻨﺪﻣﺎ أرﻳﺪ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﺔ أآﻴﺪة ،أﻟﺠﺄ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻓﻊ ﺻﻼﺗﻲ إﻟﻰ اﷲ ،وآﻨﺖ أﺣﺼﻞ داﺋﻤًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻌﻤﺔ اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ". وﻗﺪ أآّﺪت أﻧّﻬﺎ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺮاﻣﺎت ﺑﻮاﺳﻄﺘﻬﻢ، وأآﺜﺮ ﻣﻤّﺎ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ. ﺑﻌﺾ اﻟﻜﺮاﻣﺎت اﻟﺰﻣﻨﻴّﺔ ﺧﺼّﺼﺖ ﺑﻬﺎ هﺬﻩ اﻟﻨﻔﻮس آﺎﻟﺸﻔﺎء ﻣﻦ ﻣﺮض ﻋُﻀﺎل أو اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻄﺮ ﺟﺴﺪي أو ذهﻨﻲ أو روﺣﻲ، وﻧﺠﺎح اﻟﺰواج وإﻗﺎﻣﺔ اﻟﺘﻔﺎهﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ،أو إﻳﺠﺎد ﻋﻤﻞ... ﻓﺎﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،ﺑﻤﻌﺮﻓﺘﻪ أهﻤﻴّﺔ هﺬﻩ اﻷﻣﻮر اﻟﺜﺎﻧﻮﻳّﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺸﺮ، ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺼﺮّف اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﺘﺄﻟّﻤﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ دﻓﻊ اﻷﺣﻴﺎء إﻟﻰ اﻟﺼﻼة ﺑﻜﺜﺎﻓﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺘﻬﻢ وﺧﻼﺻﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ. ﻓﺎﻟﺼﻼة اﻟﻤﺘﺒﺎدﻟﺔ ﺑﻴﻦ اﻷﻣﻮات واﻷﺣﻴﺎء ،ﺗﻌﻮد ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﻤﻨﻔﻌﺔ آﺒﻴﺮة. إﻧّﻬﺎ ﻟﻨﻌﻤﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻣﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﺳﺮّ ﻋﻈﻴﻢ ﺑﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ! ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻧﻘﻮم ﺑﻤﺆاﺳﺎﺗﻬﻢ وﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﻢ ﻟﻠﺘﺤﺮّر ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺼﻼة ،ﻳﻘﺪّﻣﻮن هﻢ إﻟﻰ اﷲ ،ﻣﻦ أﺟﻠﻨﺎ ،آﻞّ آﺮاﻣﺘﻬﻢ اﻟﻤﻜﺘﺴﺒﺔ ﻋﻠﻰ اﻷرض ،واﻟﺘﻲ ﺗﺤﺼﻞ ﻟﻨﺎ ﺑﻨﻌﻢ روﺣﻴّﺔ وﺟﺴﺪﻳّﺔ.
إنّ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺴﻨﺎت واﻟﻤﺆاﺳﺎة ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻤﺎرس اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ ﺗﺠﺎﻩ أﻋﻀﺎء اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻤﺘﺄﻟّﻤﺔ! ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ،اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ ،واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﺻﻬﺎ ،هﻲ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﻨﺸﺮة. ﻟﻨﺒﺪأ ،ﺑﺰﻳﺎرة أﺻﺪﻗﺎﺋﻨﺎ اﻟﻤﻨﺴﻴّﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،آﻞّ ﻳﻮم ،ﻟﻨﺤﻤﻞ ﻟﻬﻢ اﻟﻤﺆاﺳﺎة وﻧﺴﺮّع ﻓﻲ ﺧﻼﺻﻬﻢ.
8
ﺷﻬﺮ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻟﻨﺼﻞﱢ :ﻳﺎ ربّ إﻗﺒﻞ ﺻﻠﻮاﺗﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﻧﻘﺪّﻣﻬﺎ إﻟﻴﻚ آﻞّ ﻳﻮم ﺧﻼل هﺬا اﻟﺸﻬﺮ ،ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺔ أﺧﻮﺗﻨﺎ اﻟﻤﻮﺗﻰ .ﻟﺘﻨﻌﺸﻬﻢ ﺑﺮوﺣﻚ وﻧﻮرك وﺳﻼﻣﻚ. إﺳﻤﻊ ﻳﺎ ربّ ﺻﻠﻮات اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪّﻣﻬﺎ إﻟﻴﻚ ﻣﻦ أﺟﻠﻨﺎ ،ﻓﻨﺤﺼﻞ ﺑﺸﻔﺎﻋﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﻚ ﻣﻦ اﻵن ﻓﺼﺎﻋﺪًا.
اﻟﻴﻮم اﻷوّل .١أﺳﺒﺎب ﺗﻘﺪﻳﺲ هﺬا اﻟﺸﻬﺮ ﺗﻌﻮد ﻓﻜﺮة "ﺷﻬﺮ اﻟﻤﻮﺗﻰ" إﻟﻰ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻟﺸﻌﺐ إﺳﺮاﺋﻴﻞ .هﺬا اﻟﺸﻌﺐ ،اﻟﺬي آﺎن ﻳﺴﺘﺤﻮذ ﻋﻠﻰ روح اﷲ ﻓﻲ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،ﻟﻢ ﻳﻜﺘﻒِ ﺑﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ آﺘﺐ اﻟﻮﺣﻲ ﻟﺪﻳﻪ ،ﻣﻦ ﻓﻜﺮة ﻣﻘﺪّﺳﺔ ،وهﻲ اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻣﻮات .ﻟﻜﻨّﻪ أراد ﺗﺨﺼﻴﺺ ﻓﺘﺮة زﻣﻨﻴّﺔ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﺼﻼة .ﻓﻜﺎن أن ﻗﺮّر ﻓﺘﺮة اﻟﺤﺰن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻴﺖ ﺷﻬﺮًا آﺎﻣﻼً ﻣﻦ اﻟﺪﻣﻮع .وهﻜﺬا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻣﺎت ﻳﻌﻘﻮب ﺑﻜﺎﻩ أﺑﻨﺎؤﻩ وأﻗﺎﻣﻮا اﻟﺼﻠﻮات ﺧﻼل ﺛﻼﺛﻴﻦ ﻳﻮﻣًﺎ... هﻜﺬا ﻣﺎرس اﻟﻤﺆﻣﻨﻮن اﻟﺼﻼة ﺷﻬﺮًا آﺎﻣﻼً ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺔ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .وﺑﻤﺎ أنّ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﻗﺪ ﺣﺪّدت اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﻮﻣًﺎ ﻟﺘﺬآّﺮ اﻷﻣﻮات .ﻓﻘﺪ آﺎن ﺣﺴﻨًﺎ اﻋﺘﺒﺎر هﺬا اﻟﺸﻬﺮ ﻣﻨﺎﺳﺒًﺎ ﻟﻠﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ. ﻣﻤّﺎ ﺣﺪا ﺑﺎﻟﺒﺎﺑﻮات اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ إﻟﻰ إﻋﻼن هﺬا اﻟﺸﻬﺮ ،ﺷﻬﺮ ﻏﻨﻰ روﺣﻲّ ،ﺗُﻘﺎم ﻓﻴﻪ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻨًﺎ ،ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﻤﺆﻣﻨﺔ، ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻄﻮاﺋﻒ واﻟﺮﻋﺎﻳﺎ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ.
9
ﺳﻼمٌ ﻓﺠ ُﺮ هﺬا اﻟﺸﻬﺮ ،اﻟﺬي ﻳﺠﻴﺐ ﺑﻤﺤﺒّﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺗﺴﺎؤﻻت ﻗﻠﺒﻚ .إﻧّﻪ ﻳﻌﻴﺪ إﻟﻴﻚ أﺟﻤﻞ اﻟﺬآﺮﻳﺎت اﻟﻌﺎﺋﻠﻴّﺔ واﻟﻮﻋﻮد اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﻄﻌﺘﻬﺎ ،وﻟﺤﻈﺎت اﻟﻮداع اﻟﻤﺆﺛّﺮة .إﻧّﻪ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﻄﻔﻚ ﺗﺠﺎﻩ اﻷﺧﻮة واﻷﺻﺪﻗﺎء اﻟﻤﻌﺬّﺑﻴﻦ واﻟﺒﺆﺳﺎء. إنّ آﺮاﻣﺔ هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ ،وﺁﻻﻣﻬﺎ اﻟﻤﺒﺮّﺣﺔ ،وﻋﺠﺰهﺎ ﻋﻦ ﻧﺠﺪة ﻧﻔﺴﻬﺎ ،وﻣﺠﺪ اﷲ ،وﻣﺼﻠﺤﺘﻚ اﻟﺸﺨﺼﻴّﺔ ،آﻞّ هﺬا ﻳﺪﻓﻌﻚ إﻟﻰ زﻳﺎرﺗﻬﺎ وﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﺎ آﻞّ ﻳﻮم ﻣﻦ هﺬا اﻟﺸﻬﺮ. إﻧّﻪ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎز ،ﺷﻬﺮ اﻟﻤﺤﺒّﺔ وﻋﺮﻓﺎن اﻟﺠﻤﻴﻞ ،ﺷﻬﺮ اﻷﺣﻴﺎء واﻷﻣﻮات ،ﺷﻬﺮ اﻟﺘﺤﺮّر ﻣﻦ ﻋﺒﻮدﻳّﺔ اﻟﻤﻮت. ﻣﺘﺄﺛّﺮة ﺑﻬﺬﻩ اﻷﺳﺒﺎب ،ﺻﺮﺧﺖ إﺣﺪى اﻟﻘﺪّﻳﺴﺎت ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻔ ِﺮغِ اﻟﻤﻄﻬﺮ". هﺬا اﻟﺸﻬﺮ ،ﺷﻬﺮ ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ" :ﻟِ ُﻨ ْ ﻢ ﺑﻮاﺟﺒﻚ ﻓﻲ ﻣﺆاﺳﺎة اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ، ﻣﻦ آﻞّ ﻗﻠﺒﻚُ ،ﻗ ْ ﺧﻼل هﺬا اﻟﺸﻬﺮ اﻟﻤﻜﺮّس ﻟﻬﻢ. .٢ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺣﺴﻨﺔ ﻟﺘﻘﺪﻳﺲ هﺬا اﻟﺸﻬﺮ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﺴﻦ ﺗﻘﺪﻳﺲ هﺬا اﻟﺸﻬﺮ ﻋﻠﻴﻚ اﻋﺘﻤﺎد اﻷﻣﻮر اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ ﺗﺎﻣّﺔ: ﻋﻨﺪ ﺻﺒﺎح آﻞّ ﻳﻮم ،ﻗﺪّم أﻋﻤﺎﻟﻚ وﺁﻻﻣﻚ ،ﻟﻤﺠﺪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﻧﻔﻮس أهﻠﻚ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﻴﻦ. ﺣﺪّد ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻌﻴّﻨﺔ ﺧﻼل اﻟﻨﻬﺎر ﻟﻘﺮاءة "ﺷﻬﺮ اﻷﻧﻔﺲاﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ" .هﺬﻩ اﻟﻘﺮاءة ﺗﻨﻴﺮ ذهﻨﻚ وﺗﺮﻗّﻖ ﻗﻠﺒﻚ ﻓﻼ ﺗُﻠﻐﻴﻬﺎ أﺑﺪًا. ﻞ ﻢ ﻣﻦ وﻗﺖ إﻟﻰ ﺁﺧﺮ ،ﺑﺰﻳﺎرة ﻣﺪاﻓﻦ اﻷهﻞ واﻷﺣﺒّﺎء ،واﺗ ُ ُﻗ ْﺻﻼﺗﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺘﻬﻢ. -ﺣﺪّد ﻳﻮﻣًﺎ ﻓﻲ اﻷﺳﺒﻮع ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ذﺑﻴﺤﺔ اﻟﻘﺪّاس ﻋﻦ اﻷﻧﻔﺲ
10
اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ وﻳﻜﻮن هﺬا اﻟﻴﻮم ﻣﺨﺼّﺼًﺎ ﻟﻬﻢ. ﺧﻼل اﻟﺸﻬﺮ ﻗﺪّم ذﺑﻴﺤﺔ اﻟﻘﺪّاس ،ﻣﻦ وﻗﺖ إﻟﻰ ﺁﺧﺮ ،ﻋﻦاﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ واﻋﺘﺮف وﺗﻨﺎول ﺟﺴﺪ اﻟﺮبّ ﺑﺈﻳﻤﺎن ﻋﻤﻴﻖ. إذا ﻗﻤﺖ ﺑﻬﺬﻩ اﻷﻣﻮر ،ﺗﻜﻮن ﻗﺪ رﻓﻌﺖ ،ﺑﺼﻠﻮاﺗﻚ ،ﻋﺪدًا آﺒﻴﺮًا ﻣﻦ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ اﻟﻤﺘﺄﻟّﻤﺔ واﻟﺒﺎآﻴﺔ ،ﻓﻲ اﻟﻨﺎر اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻵﻻم ،ﻟﻴﺸﺎرآﻮا ﻓﻲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻤﻨﺘﺼﺮة ،ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ هﺬا اﻟﺸﻬﺮ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮي .ﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺎدّة ﻓﻌّﺎﻟﺔ ﻟﻠﻤﺆاﺳﺎة! ﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﺰّان آﺒﻴﺮ ﻟﻸﻣﻞ! آﺎن اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺑﺮﻧﺎر ﻳﻘﻮل" :هﻴّﺎ! هﺒّﻮا إﻟﻰ ﻧﺠﺪة ﻧﻔﻮس اﻟﻤﻮﺗﻰ! أدﻋﻮا ﻟﻬﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺰّة اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﺑﻤﺸﺎرآﺘﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ! أﻃﻠﺒﻮا اﻟﺮﺣﻤﺔ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻋﺘﺮاﻓﺎﺗﻜﻢ وداﻓﻌﻮا ﻋﻨﻬﻢ ﺑﺼﻠﻮاﺗﻜﻢ". ﻣﺜﺎل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ إﻟﻴﻚ آﻴﻒ أنّ إﺣﺪى اﻟﻤﺆﻣﻨﺎت ﺗﺨﺒﺮ ﺷﻔﺎءهﺎ اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲّ اﻟﺬي ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺸﻔﺎﻋﺔ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ،ﺧﻼل ﺷﻬﺮ ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﺘﻘﻮل :آﻨﺖ ،وﻟﺴﻨﻮات ﻋﺪّة ،ﻣﺼﺎﺑﺔ ﺑﻤﺮض ﻋُﻀﺎل، ﺣﻮّل ﺟﺴﺪي إﻟﻰ هﻴﻜﻞ ﻋﻈﻤﻲ ،وﺣﻴﺎﺗﻲ إﻟﻰ ﺷﻬﻴﺪة، وﻗﺎدﻧﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﺒﺮ .ﻟﻘﺪ ﻋﺎﻳﻨﻨﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻷﻃﺒﺎء اﻻﺧﺘﺼﺎﺻﻴّﻴﻦ؛ واﻟﺪّواء اﻟﺬي آﺎﻧﻮا ﻳﺼﻔﻮﻧﻪ ﻟﻲ ﻻ ﻳﻠﺒﺚ أن ﻳﻔﻘﺪ ﻣﻔﻌﻮﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮة ﻗﺼﻴﺮة ،ﻓﺄﻋﻮد أآﺜﺮ ﺿﻌﻔًﺎ واﻧﻬﻴﺎرًا .أﻣﺎم هﺬا اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻤﺮﻳﺮ، ت إﻟﻰ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ، ﺖ ﻋﻦ اﻟﺪّواء واﻟﻄﺒﺎﺑﺔ وﻟﺠﺄ ُ ﺗﺨﻠّﻴ ُ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻲ ﺟّﻴﺪًا ﺳﺮّ اﻷﻟﻢ .آﺎن ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ أﺑﻮاب ﺷﻬﺮ ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺮّرت ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺼﻼة ﺧﻼﻟﻪ ﺑﻜﻞّ إﻳﻤﺎن ﻋﻤﻴﻖ! آﻨّﺎ ﻧﺠﺘﻤﻊ ،أهﻠﻲ وأﺻﺤﺎﺑﻲ اﻟﻤﺘﺤﻤّﺴﻴﻦ ﻟﻲ ،ﻟﻠﺼﻼة ﺑﻜﻞّ ﺣﺮارة.
11
آﻞّ ﻟﻴﻠﺔ ﻧﻠﺘﻘﻲ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺘﻲ ،ﻋﻨﺪ أﻗﺪام ﺗﻤﺜﺎل اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻳﻮﺳﻒ ،وﻧﻄﻠﺐ ﺑﺈﻳﻤﺎن أﻣﺮﻳﻦ :ﺧﻼص اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻣﻦ ﺁﻻﻣﻬﻢ وﺷﻔﺎﺋﻲ. ﻋﻨﺪ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷﺳﺒﻮع اﻷوّل ﺷﻌﺮت ﺑﺘﺤﺴّﻦ ﻣﻠﺤﻮظ .وﻋﻨﺪ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺸﻬﺮ ﻳﻮم آﻨﺖ أﺷﺎرك ﻓﻲ ذﺑﻴﺤﺔ اﻟﻘﺪّاس اﻧﺘﺎﺑﻨﻲ ﺷﻌﻮر ﻋﻈﻴﻢ ﻣﻦ اﻟﻔﺮح واﻟﺴﻌﺎدة وﻋﺮﻓﺎن ﺑﺎﻟﺠﻤﻴﻞ .ﺷﻔﺎﺋﻲ آﺎن ﺗﺎﻣًّﺎ .ﻻ أﺛﺮ ﻟﻠﻤﺮض ﻓﻲ ﺟﺴﺪي .ذﻟﻚ اﻟﻤﺮض اﻟﺬي ﻧﺎل ﻣﻨّﻰ ﻃﻮﻳﻼً وﺣﻴﺚ ﺣﻜﻢ اﻷﻃﺒﺎء ﺑﻌﺪم إﻣﻜﺎﻧﻴّﺔ ﻋﻼﺟﻪ .ﻟﻘﺪ ﺗﻔﺎﺟﺄ هﺆﻻء ﺑﺸﻔﺎﺋﻲ اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ ...ﻟﺘﻌُﺪ اﻟﻨﻌﻢ آﻠّﻬﺎ إﻟﻰ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ اﻟﺘﻲ ﺣﻤﺘﻨﻲ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻇﺎهﺮة ﻟﻠﻌﻴﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻮت". وﻧﺤﻦ ...ﻟﻨﺎ آﺮاﻣﺎت ﻋﺪﻳﺪة إذا ﺻﻠّﻴﻨﺎ ،ﺧﻼل ﺷﻬﺮ ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺔ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ! ﺗﺸﺠّﻌﻮا وأﻗﺪﻣﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة ﺑﻜﻞّ ﺛﻘﺔ! ﻟﻨﺼﻞﱠ :أﻳّﻬﺎ اﻟﺮبّ اﻟﻤﺤﺐّ ،اﻟﺮؤوف ،إﻗﺒﻞ ﺻﻠﻮاﺗﻨﺎ اﻟﺤﺎرّة اﻟﺘﻲ ﻧﺮﻓﻌﻬﺎ إﻟﻴﻚ ﺧﻼل ﺷﻬﺮ اﻟﺒﺮآﺎت هﺬا ،اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺼّﺺ ﻟﻬﺎ آﻞّ اﻷﻳّﺎم واﻟﺴﺎﻋﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺔ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ وﺧﻼﺻﻬﺎ. هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﺟﻴﻚ آﻤﺎ ﺗﻨﺎﺟﻴﻨﺎ ﻣﻦ أﻋﻤﺎق ﻇﻠﻤﺎﺗﻬﺎ. ع أﺑﻨﺎءك وأﺧﻮﺗﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺮاﺣﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ ،وﻟﻴﻐﻤﺮْهﻢ ﻳﺎ ربّ ،أد ُ ﻧﻮرُك اﻷﺑﺪي ﻓﻴﺮﻗﺪوا ﺑﺴﻼم. ﺛﻢ أﺗﻠﻮ آﻞّ ﻳﻮم :ﻋﺸﺮة أﺑﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﺴﺒﺤﺔ – اﻟﻄﻠﺒﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ )ص – (٨٠اﻟﻨﺆﻣﻦ -اﻟﺴﻼم ﻟﺴﻠﻄﺎﻧﺔ اﻟﺴﻤﺎء واﻷرض )ص – (٨٥اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ -ﺻﻼة ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎق ) ص .(٨٤
12
اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﺎ هﻮ اﻟﻤﻄﻬﺮ؟ وﻟﻤﺎذا اﻟﻤﻄﻬﺮ؟ .١ﻣﺎ هﻮ اﻟﻤﻄﻬﺮ؟ ﻳﻌﻠّﻤﻨﺎ اﻹﻳﻤﺎن أنّ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،آﻤﺎ ﻳﺪلّ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻔﻈﻪ ،هﻮ ﻣﻜﺎن ﻟﻸﻟﻢ واﻟﻘﺼﺎص ،ﺣﻴﺚ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﺗﻄﻬّﺮ اﻷﻧﻔﺲ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻣﺴﺘﻌﺪّة ﻟﺪﺧﻮل اﻟﺠﻨّﺔ .هﻮ ﻟﻴﺲ اﻟﺠﻨّﺔ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻄﺆهﺎ اﻟﻤﺪﻧّﺴﻮن .هﻮ ﻟﻴﺲ اﻟﺠﺤﻴﻢ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻣﺠﺎل ﻟﻠﻐﻔﺮان .إﻧّﻪ ﻣﻜﺎن وﺳﻄﻲّ ﺑﻴﻦ اﻟﺴﻤﺎء ﺣﻴﺚ اﻟﻔﺮح اﻷﺑﺪيّ ،واﻟﺠﺤﻴﻢ ﺣﻴﺚ اﻷﻟﻢ اﻷﺑﺪيّ .ﻓﻬﻮ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ اﻟﺠﺤﻴﻢ ﺑﺂﻻﻣﻪ اﻟﻤﺒﺮّﺣﺔ ،وﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ﺑﺘﻘﺪﻳﺲ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﺘﺄﻟّﻤﺔ .إﻧّﻪ ﻧﺎر ﺁآﻠﺔ ،ﻣﻠﺘﻬﻤﺔ ،إﻧّﻤﺎ ﻣﻄﻬّﺮة .إﻧّﻪ "وادي اﻟﺪﻣﻮع" وﻟﻜﻨّﻪ ﻟﻴﺲ وادي اﻟﺪﻣﻮع اﻷﺑﺪﻳّﺔ اﻟﺘﻲ ذآﺮهﺎ اﻹﻧﺠﻴﻞ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻋﻤﻞ اﻟﺘﻄﻬّﺮ ﻳﻨﺎدي اﷲ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻧﺖ اﻟﻌﺬاب ،ﻟﺘﺸﺎرآﻪ اﻟﺴﻌﺎدة اﻷﺑﺪﻳّﺔ. اﻟﻤﻄﻬﺮ ،إذًا ،ﻋﺬابٌ ﻣﺮﺣﻠﻲّ ،ﻳﻨﺘﻔﻲ وﺟﻮدﻩ ﻋﻨﺪ اﻟﺪﻳﻨﻮﻧﺔ اﻷﺧﻴﺮة. هﻜﺬا هﻮ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻌﺬّب وﻳﺌﻦّ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ أﻧﻬﺖ ﻣﺴﻴﺮﺗﻬﺎ )ﺣﺠّﻬﺎ( ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ إذ إنّ اﻟﺪﺧﻮل ﻣﺒﺎﺷﺮة إﻟﻰ اﻟﺠﻨّﺔ هﻮ اﻣﺘﻴﺎز ﻟﻌﺪد ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ. ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻟﻤﻄﻬﺮ ،ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈﺎت ،أهﻠﻨﺎ وأﺣﺒّﺎؤﻧﺎ وأﺻﺪﻗﺎؤﻧﺎ وﻟﻦ ﻳﻜﻮن اﻟﻴﻮم اﻟﺬي ﺳﻨﺪﺧﻞ ﻓﻴﻪ ﺑﺒﻌﻴﺪ! ﻣﻦ ﻣﻨّﺎ ﻳﺘﺠﺮّأ ﻋﻠﻰ اﻻدّﻋﺎء ﺑﺄﻧّﻪ ﺳﻴﻜﻮن ﻃﺎهﺮًا ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ، ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻮﺗﻪ ،ﻓﻴﺘﺤﺎﺷﻰ اﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻋﻦ ذﻧﻮﺑﻪ؟
13
إﻧّﻪ ﻟَﻬﺎمٌ ﺟﺪًّا ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺣﺎﻟﺔ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ ﻟﻨﺘﻤﻜّﻦ ﻣﻦ ﺗﻔﻬّﻢ ﺁﻻﻣﻬﻢ وﻟﻨﺤﺼﻞ ،ﺑﺪورﻧﺎ ،ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺆاﺳﺎة. .٢ﻟﻤﺎذا اﻟﻤﻄﻬﺮ؟ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﻒ ﻧﻔﺲ ﻓﻲ ﺣﻀﺮة اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ،اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻷﻋﻈﻢ ،ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ آﻞّ دﻧﺲ ،ﻳﻔﺘﺢ ﻟﻬﺎ أﺑﻮاب اﻟﺴﻤﺎء وﻳﻜﻠّﻠﻬﺎ ﺑﺈآﻠﻴﻞ اﻟﻤﺠﺪ اﻟﺬي وﻋﺪ ﺑﻪ اﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ. وﻟﻜﻦ إذا آﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻔﺲ ﻳﺸﻮﺑﻬﺎ آﺪ ُر اﻟﺪﻧﺲ وﻟﻮ ﻗﻠﻴﻼً، ﻣﺎذا ﻳﺤﻞّ ﺑﻬﺎ؟ إﻟﻰ أﻳﻦ ﺗﺬهﺐ؟ ﻣﺎذا ﺳﻴﺤﺼﻞ ﻟﻌﺪد آﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻤﺎﺛﻠﺔ؟ ﻓﻬﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻃﺎهﺮة ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺪﺧﻮﻟﻬﺎ اﻟﺴﻤﺎء! وﻟﻴﺴﺖ دﻧﺴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺪر اﻟﻼزم ﻟﺪﺧﻮل ﺟﻬﻨّﻢ! هﻞ ﺗﺤﺮم ﻣﻦ ﻣﻼﻗﺎة وﺟﻪ اﻟﺮبّ؟ ﺗﺒﺎرك اﺳﻢ اﻟﺮبّ اﻟﺬي أوﺟﺪ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻋﺪﻟﻪ ورﺣﻤﺘﻪ ،ﻓﻮﺿﻊ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﺑﻴﻦ اﻟﺴﻤﺎء واﻟﺠﺤﻴﻢ ﺟﻬًﺎ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﺘﺎﺋﻬﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗُﻄﻬﱠﺮ ﻣﻦ آﻞّ دﻧﺲ ﻣﻤﺮًّا ﻣﻮ ّ آﺎﻟﺬّهﺐ ﻓﻲ ﺁﺗﻮﻧﻪ .هﻨﺎك ﻳﻤﺤﻰ اﻟﺼﺪأ وﺗﺨﺘﻔﻲ ﺁﺛﺎر اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ. وﻟﻘﺪ أﺷﺎر ﺗﺎرﺗﻮﻟﻴﺎن ) (Tertullienإﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺬاﺑﺎت اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ ﺑﺄﻧّﻬﺎ ﻋﺬاﺑﺎت اﻟﺮﺣﻤﺔ. ﻟﻠﻤﻄﻬﺮ إذًا ،ﺳﺒﺒﻪ اﻟﻮاﺟﺐ .إﻧّﻪ ﺿﺮوري ﻹﺗﻤﺎم اﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﺬﻧﻮب اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺘﺴﻦﱠ ﻟﻨﺎ إﺗﻤﺎﻣﻪ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،وذﻟﻚ ﻹرﺿﺎء اﻟﻌﺪل اﻹﻟﻬﻲّ وﻧﻴﻞ ﻣﺠﺪ ﻋﻈﻴﻢ .إﻧّﻪ ﺗﺪﺧّﻞ ﻟﺒﺮآﺔ اﻟﻤﺨﻠّﺺ. وهﺬا ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﺑﺎﻟﺴﺮّ اﻟﺜﺎﻣﻦ ،ﺳﺮّ اﻟﻨﺎر ،وهﻮ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺘﻤﻜّﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻬﺎرة اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل أﺳﺮار اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ. اﻟﻤﺠﺪ ﻟﻠﺮﺣﻤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﻠّﺼﺖ ﺑﺎﻟﻤﻄﻬﺮ أﺣﺒﺎءﻧﺎ ،ﻓﺄﺗﺎﺣﺖ ﻟﻬﻢ اﻟﺴﱡﺒﻞ ﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﺁﻻﻣﻬﻢ وﻓﺘﺢ أﺑﻮاب اﻟﺴﻤﺎء أﻣﺎﻣﻬﻢ.
14
ﻣﺜﺎل أﻧﻬﻰ أﺣﺪ اﻟﻜﻬﻨﺔ ﺗﺒﺸﻴﺮﻩ ﻋﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ أﻣﺎم ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﻘﻮﻟﻪ :ﺗﻠﻘّﻴﺖ ﻣﺆﺧّﺮًا ﺧﺒﺮ وﻓﺎة واﻟﺪي وأﻧﺎ ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻨﻪ .ﺁﻟﻤﻨﻲ اﻟﺨﺒﺮ ﺣﺘّﻰ ﺷﻌﺮت ﺑﻜﺴﺮ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ .ﻟﻢ أﺗﻤﻜّﻦ ﻣﻦ ﺗﻘﺒﻴﻠﻪ ﻟﻠﻤﺮّة اﻷﺧﻴﺮة وﻟﻢ أﺳﺘﻄﻊ إﻏﻤﺎض ﻋﻴﻨﻴﻪ ﺑﻴﺪي اﻟﺘﻲ آﺎن ﻳﻘﺒّﻠﻬﺎ ﺑﻜﻞّ ﺣﺐّ وﺣﺮارة ﻋﻨﺪ ﻣﺴﺤﻬﺎ ﺑﺰﻳﺖ اﻟﻜﻬﻨﻮت .ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷﻟﻢ اﻟﺬي ﻳﺜﻘﻠﻨﻲ واﻟﺤﺰن اﻟﺬي أﺣﺴّﻪ اﻟﻤﺆاﺳﺎة اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ أﺷﻌﺮ ﺑﻬﺎ ،ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺻﻠﻮاﺗﻜﻢ ﻷﻧّﻜﻢ أﺣﺒﺒﺘﻤﻮﻧﻲ وأآﺮﻣﺘﻤﻮﻧﻲ .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮاﻓﻘﻨﻲ هﺬﻩ اﻟﻔﻜﺮة وأﻧﺎ أﻗﺪّم اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﻟﺮاﺣﺔ ﻧﻔﺲ واﻟﺪي ﻳﺘﺮاءى ﻟﻲ أﻧّﻨﻲ ﻟﻢ أﻓﻘﺪﻩ .ﻓﺄﻧﺎ أﺣﺲّ ﺑﺎﻟﺼﻼة ﺗﺨﻔّﻒ ﻋﻨﻪ اﻵﻻم وﺗﺤﺮّرﻩ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ وﺗﻔﺘﺢ ﻟﻪ ﺑﺎب اﻟﺴﻤﺎء ،ﺣﻴﺚ أﻋﻄﺎﻧﻲ ﻣﻮﻋﺪًا ﻓﻲ ﺑﻴﺖ اﷲ .إﻧّﻬﺎ ﻓﻜﺮة ﻣﻘﺪّﺳﺔ وﺳﻼم أن ﻧﺼﻠّﻲ ﻟﻸﻣﻮات .ﻳﺎ ﺳﻼم إنّ اﻟﻤﻄﻬﺮ هﻮ، ﺣﻘًّﺎ ،اﺧﺘﺮاع ﻣﺤﺒّﺔ اﷲ!" ﻟﻨﺼﻞﱢ :ﻳﺎ ربّ ،أﺣﺘﺮم ﻗﺮاراﺗﻚ اﻷﺑﺪﻳّﺔ ،وأﻋﺘﺮف ﺑﺄنّ اﻟﻤﻄﻬﺮ اﻟﻤﻮﻓّﻖ ﺑﻴﻦ ﻋﺪاﻟﺘﻚ ورﺣﻤﺘﻚ هﻮ ﻣﻦ ﺻﻨﻊ ﻣﺤﺒّﺘﻚ. إﻋﻤﻞ ﻳﺎ ربّ ،أن أﺗﺨﻠّﺺ ﺑﻮاﺳﻄﺔ آﻔّﺎرﺗﻲ ﻣﻦ هﺬا اﻟﻤﻜﺎن، ﻣﺴﻜﻦ اﻵﻻم واﻟﺤﺮﻣﺎن ،وﻟﺘﻨﻞ ﺻﻼﺗﻲ ﺑﻌﻄﻔﻚ اﻷﺑﻮيّ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻤﻨﻔﻰ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎدﻳﻚ ﺑﺤﺮارة. ﻳﺎ ﻳﺴﻮع ،آُﻦ اﻟﺴّﻨﺪ ﻟﻬﻢ! ﻧﺎدِ أﺑﻨﺎءك وأﺧﻮﺗﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺮاﺣﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ؛ واﻟﻨﻮر اﻷﺑﺪيّ ﻳﺸﻊﱡ ﻋﻠﻴﻬﻢ! ﻟﻴﺮﻗﺪوا ﺑﺴﻼم.
15
اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ آﻠﻤﺔ اﷲ وﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ .١آﻠﻤﺔ اﷲ إنّ اﻹﻳﻤﺎن ﺑﻮﺟﻮد اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻟﻴﺲ أﻣﺮًا ذاﺗﻴًّﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺆﻣﻦ ،ﻳﻘﺒﻠﻪ أو ﻳﺮﻓﻀﻪ ﺳﺎﻋﺔ ﻳﺸﺎء ،إﻧّﻤﺎ هﻮ ﻋﻘﻴﺪة إﻳﻤﺎﻧﻴّﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴّﺔ واﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﺗﻌﻠﻴﻤﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﻃﺎﺋﻠﺔ اﻟﺤﺮم اﻟﻜﻨﺴﻲّ ).(Anathème أن ﻧﺼﻠّﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ هﻲ ﻓﻜﺮة ﻣﻘﺪّﺳﺔ ﻟﺴﻼم هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ ﺑﺤﺴﺐ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،ﺑﻬﺪف ﺗﻄﻬﻴﺮهﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ. ﻟﻘﺪ اﻋﺘﻨﻖ اﻟﻴﻬﻮد هﺬﻩ اﻟﻔﻜﺮة وﻃﺒّﻘﻮهﺎ ﻓﻲ ﻃﻘﻮﺳﻬﻢ ﺑﺄن أﻗﺎﻣﻮا ﻟﻬﺎ ﺻﻼة ﺧﺎﺻّﺔ ﻗﺮب اﻟﺒﻴﺖ ،وﻗﺒﻞ اﻟﻄﻌﺎم ،ﻳﻘﺪّم هﺬﻩ اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻼص ﻧﻔﻮس اﻟﻤﻮﺗﻰ. وآﺎن اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ،ﻧﻔﺴﻪ ،ﻳﻌﻠّﻢ" :اﺻﻄﻠﺢ ﻣﻊ ﺧﺼﻤﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻮﺟّﺐ ﻋﻠﻴﻚ ﺗﺠﺎهﻪ ،ﻃﺎﻟﻤﺎ أﻧﺖ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ .ﻷﻧّﻪ ﺳﻴﻀﻌﻚ ،ﻋﻨﺪ ﻣﻮﺗﻚ ،ﺑﻴﻦ ﻳﺪي اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻌﺎدل اﻟﺬي ﻳﺴﻠّﻤﻚ إﻟﻰ ﺳﺠّﺎﻧﻪ ،راﻣﻴًﺎ إﻳّﺎك ﻓﻲ ﺳﺠﻦ ﻻ ﺗﺨﺮج ﻣﻨﻪ ،ﺣﺘّﻰ ﺗﻜﻔّﺮ ﻋﻦ ﺁﺧﺮ ﻓﻠﺲ ﻋﻠﻴﻚ" – .وآﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻏﺴﻄﻴﻦ :هﺬا اﻟﺨﺼﻢ هﻮ اﷲ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﺪوّ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﺑﻼ هﻮادة .واﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻌﺎدل هﻮ اﻟﻤﺴﻴﺢ ،آﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺐ ،ﻗﺎﺿﻲ اﻷﺣﻴﺎء واﻷﻣﻮات .وأﺧﻴﺮًا هﺬا اﻟﺴﺠﻦ اﻟﻘﺎﺳﻲ هﻮ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺨﺮوج ﻣﻨﻪ إﻻّ ﺑﻌﺪ إرﺿﺎء اﻟﻌﺪل اﻹﻟﻬﻲّ وﺟﻠﻮّ آﻞّ اﻟﻈﻠﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﻨﺎ.
16
ﻟﻢ ﻳﻜﺘﻒِ اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﺑﺤﻔﺮ ذآﺮى اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ، إﻧّﻤﺎ أﻋﻄﺎﻧﺎ اﻟﻤﺜﺎل ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺰل إﻟﻰ ﻟﺠﺞ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،ﻳﻮم ﻣﻮﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻠﻴﺐ ،وأﻋﺎد ﻣﻌﻪ ﺑﻔﺮح اﻟﺴﻤﺎء اﻟﻌﻈﻴﻢ ،اﻟﺘﻲ ﻓﺘﺤﺖ أﺑﻮاﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ ،اﻷرواح اﻟﻤﻨﺘﻈﺮة ﺑﺄﻣﻞ ،ﻣﻨﺬ ﺳﻘﻮط ﺁدم وإﻏﻼق أﺑﻮاب اﻟﺠﻨّﺔ. ﻳﺎ ربّ ،إﻧّﻲ أؤﻣﻦ ﺑﺎﻟﻤﻄﻬﺮ وأﻗﺪّس ﻋﺪاﻟﺔ أﺣﻜﺎﻣﻚ ﻣﻬﻤﺎ آﺎﻧﺖ ﻗﺎﺳﻴﺔ.
.٢ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻟﻘﺪ ﺟﺎءت ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺠﻤﻊ "ﺗﺮاﻧﺖ" ،واﺿﺤﺔ ﺣﻴﺚ اﻋﺘﺒﺮت" :ﻣﺤﺮومٌ آﻞّ ﻣﻦ ﻳﺆآّﺪ ،ﺑﻌﺪ ﺣﺼﻮﻟﻪ ﻧﻌﻤﺔ اﻟﻐﻔﺮان ،أن آﻞّ ﺧﺎﻃﺊ ﻳﻨﺎل ﻏﻔﺮان اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ وﻳﻌﻔﻰ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺎص اﻷﺑﺪي ،وﻻ ﻳﻌﻮد ﻋﻠﻴﻪ َد ْﻳﻦٌ زﻣﻨﻲّ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ أو ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵﺧﺮ ،أي ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،ﻗﺒﻞ أن ﻳُﻔﺘﺢ ﻣﻠﻜﻮت اﻟﺴﻤﺎوات ...آﻞّ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻌﻘﻴﺪة ﻳﻮﻧﺎﻧﻴّﻴﻦ وﻻﺗﻴﻦ ،آﻞّ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ واﻟﺤﺪﻳﺜﺔ أﻋﻠﻨﺖ اﻹﻳﻤﺎن ﺑﻬﺬﻩ اﻟﻌﻘﻴﺪة. اﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ هﺬا اﻹﻳﻤﺎن ،ﺗﻘﻮم اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،آﺄمّ ﺣﻨﻮن رﺣﻮم، ﺑﺎﻟﺼﻼة ﻳﻮﻣﻴًّﺎ ﺧﻼل اﻟﻘﺪّاس ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺔ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ. آﻤﺎ ﺗﻄﻠﺐ إﻟﻰ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺻﻠﻮاﺗﻬﻢ ،وﺗﻀﺤﻴﺎﺗﻬﻢ ،وﺁﻻﻣﻬﻢ وﻗﺪادﻳﺴﻬﻢ إﻟﻰ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻼص إﺧﻮاﻧﻬﻢ اﻷﻣﻮات، آﻤﺎ ﺗﺪﻋﻮ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ ﺟﻤﻌﺎء إﻟﻰ إﻗﺎﻣﺔ ذآﺮى اﻷﻣﻮات اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻼﺻﻬﻢ. ﻟﻨﺎ اﻟﻌﺰاء ﺑﻤﻌﺮﻓﺘﻨﺎ أنّ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻨﺎ ،ﺳﺘﺼﻠّﻲ ﻣﻦ أﺟﻠﻨﺎ .ﺳﺘﺪﻋﻮ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ إﻟﻰ اﻟﺼﻼة ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻼﺻﻨﺎ .وهﻲ ﻟﻦ ﺗﻜﻒّ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﺣﺘّﻰ ﺗﺪﺧﻠﻨﺎ ﺟﺴﺪ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻤﻨﺘﺼﺮة .إنّ آﻨﻴﺴﺘﻨﺎ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴّﺔ هﻲ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ أمّ ﻃﻴّﺒﺔ ﺗﻘﺪّر ﺿﻌﻒ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ.
17
ﻣﺜﺎل ﻳﻬﻮذا اﻟﻤﻜﺎﺑﻲ ،هﺬا اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻤﻔﻌﻢ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎن ،واﻟﺬي أوآﻞ اﷲ إﻟﻴﻪ ،اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﺷﻌﺐ إﺳﺮاﺋﻴﻞ وﺷﺮﻳﻌﺘﻪ ،ﻋﻦ أورﺷﻠﻴﻢ وﻣﻌﺒﺪهﺎ ،ﺣﻘّﻖ اﻧﺘﺼﺎرًا آﺒﻴﺮًا ﻋﻠﻰ أﻋﺪاء اﷲ ووﻃﻨﻪ .وآﺎن أوّل ﻋﻤﻞ ﻟﻪ ،ﺣﻴﻨﻬﺎ ،أن ﻟﻮى رآﺒﺘﻪ ﺗﻤﺠﻴﺪًا ﻟﺮبّ اﻟﺠﻨﻮد .وﻋﻨﺪﻣﺎ وﻗﻒ ،ﺷﺎهﺪ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ﺟﺜﺚ رﻓﺎﻗﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﻼح ﻣﺪﻓﻮﻧﺔ ﺑﺎﻧﺘﺼﺎرهﺎ. ﺧﺎﻟﺞ ﻳﻬﻮذا اﺣﺘﺮامٌ ﻋﻤﻴﻖ ﻟﺠﺜﺚ هﺆﻻء اﻷﺑﻄﺎل ،ﻓﺠﻤﻌﻬﻢ ﻜﺮًا ﺑﺄرواح ﺷﻬﺪاء اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ودﻓﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﺮ ﺁﺑﺎﺋﻬﻢ .وﻣﻔ ّ واﻟﻮﻃﻦ .ﺟﻤﻊ إﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ أﻟﻒ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻀّﺔ وأرﺳﻠﻬﺎ إﻟﻰ أورﺷﻠﻴﻢ ﻃﻠﺒًﺎ ﻟﻐﻔﺮان ﺧﻄﺎﻳﺎهﻢ .وذﻟﻚ ﻻﻋﺘﻘﺎدﻩ ﺑﺤﻜﻤﺔ وإﻳﻤﺎن، ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻣﻌﺘﺒﺮًا أنّ اﻟﺬﻳﻦ ﻣﺎﺗﻮا ﻓﻲ اﻹﻳﻤﺎن ﻟﻬﻢ أﺟﺮٌ آﺒﻴﺮ. هﺬا ﻣﺎ ﺣﺪث ﻣﻨﺬ أآﺜﺮ ﻣﻦ أﻟﻔﻲ ﺳﻨﺔ ﻣﺆ ّآﺪًا آﻞّ اﻷﻣﻮر اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ واﻟﻤﺆﺛّﺮة .ﻟﻘﺪ ردّد روح اﷲ ،ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن اﻟﻤﺆرّخ اﻟﻘﺪّﻳﺲ" :إﻧّﻬﺎ ﻟﻔﻜﺮة ﻣﻘﺪّﺳﺔ وﻣﻔﻴﺪة اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ ﺑﻬﺪف ﺧﻼﺻﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ". ﻟﻨﺼﻞﱢ :ﻳﺎ ربّ ،آﺎﺑﻦٍ ﻣﻄﻴﻊ ﻓﻲ آﻨﻴﺴﺘﻚ ،أؤﻣﻦ إﻳﻤﺎﻧًﺎ ﺻﺎرﻣًﺎ ﺑﻮﺟﻮد اﻟﻤﻄﻬﺮ .أؤﻣﻦ ﺑﻪ ﻷﻧّﻚ أﻧﺖ أﻋﻠﻨﺖ ﻋﻨﻪ ﺑﻮاﺳﻄﺔ روﺣﻚ اﻟﻘﺪّوس .وﻷنّ ﻗﺪّﻳﺴﻴﻚ وﻋﻠﻤﺎءك ﻳﻌﻠﻤﻮن ذﻟﻚ .ز ْد إﻳﻤﺎﻧﻲ ﻟﺘﻌﻈﻢ ﻣﺤﺒّﺘﻲ ﺗﺠﺎﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻷﺳﻴﺮة ،ﻳﺎ ﻳﺴﻮع آﻦ ﻟﻬﻢ ع أﻳّﻬﺎ اﻟﺴﻴّﺪ أﺑﻨﺎءك وأﺧﻮﺗﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺮاﺣﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ، اﻟﻌﻮن ،واد ُ وﻟﻴﻨﺮهﻢ اﻟﻨﻮر اﻷﺑﺪيّ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺨﺒﻮ! ﻟﺘﺴﺘﺮح أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺴﻼم!
18
اﻟﻴﻮم اﻟﺮاﺑﻊ ﺷﻬﺎدة ﻋﻘﻠﻨﺎ ،ﺷﻬﺎدة ﻗﻠﺒﻨﺎ .١ﺷﻬﺎدة ﻋﻘﻠﻨﺎ آﻤﺎ اﻹﻳﻤﺎن ،ﻳﻌﻠﻦ اﻟﻌﻘﻞ أﻳﻀًﺎ وﺟﻮد اﻟﻤﻄﻬﺮ .ﺻﻮﺗﻪ ﻳﺨﺎﻃﺒﻨﺎ آﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ واﻟﻜﺘﺐ .ﻓﻴﻘﻮل ﻟﻨﺎ ﺑﻤﺎ أنّ اﷲ هﻮ اﻟﻘﺪاﺳﺔ ﻋﻴﻨﻬﺎ ،ﻓﻼ دﻧﺲ ﻳﺪﺧﻞ ﻣﻠﻜﻮﺗﻪ .ﻓﻬﻨﺎك ﺗﻨﺎﻗﺾ أﺑﺪيّ ﻻ ﻳﻘﻬﺮ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﺮّ واﻟﺨﻴﺮ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎز ﻣﻬﻤﺎ آﺎن هﺬا اﻟﺸﺮّ ﻗﻠﻴﻼً .وإنّ ﻧﻔﺴًﺎ ،ﻳﺸﻮﺑﻬﺎ دﻧﺲ ﺧﻔﻴﻒ ،ﻣﺤﺮوﻣﺔ ﻣﻦ اﻻﺗّﺤﺎد ﺑﻪ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺼﺒﺢ ﻃﺎهﺮة .وذﻟﻚ ﻣﻨﻌًﺎ ﻟﺪﺧﻮل اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ،وﻟﻮ ﻣﺮّة واﺣﺪة ،إﻟﻰ اﻟﺠﻨّﺔ .ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﻪ ﺻﺮخ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻨﺒﻲّ" :ﻳﺎ ربّ ،ﻣﻦ ﻳﺴﻜﻦ ﺑﻴﺘﻚ وﻳﺮﺗﺎح ﻓﻮق ﺟﺒﻠﻚ اﻟﻤﻘﺪّس؟ إﻧّﻪ ﻣﻦ هﻮ ﺑﻼ ﺧﻄﻴﺌﺔ وﻳﻤﻠﻚ ﺗﻤﺎم اﻟﻌﺪل!". اﻟﻌﻘﻞ ﻳﻘﻮل ﻟﻨﺎ أﻳﻀًﺎ .ﺑﻤﺎ أنّ اﷲ هﻮ ﻋﺪل ﻻﻧﻬﺎﺋﻲّ ،ﻳﻔﺮض إﺻﻼﺣًﺎ ،آﻤﺎ أﻧّﻪ ﻟﻦ ﻳﺪع ﻧﻔﺴًﺎ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺗﻄﻬﻴﺮ ﻣﻬﻤﺎ ﺻﻐﺮت ﺧﻄﻴﺌﺘﻬﺎ ،ﻓﺈﻧّﻪ ﻟﻦ ﻳﺘﺮك أيّ ﻋﻤﻞ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺟﺰاء ﺣﺴﻦ. ﻓﻜﻞّ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺼﻠﺢ ﺧﻄﺄﻩ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻳﺼﻠﺤﻪ ﺣﺘﻤًﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵﺧﺮ .إنّ اﻹرﺿﺎءات اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻨّﻌﻨﺎ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﻟﻠﻌﺪل اﻹﻟﻬﻲّ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ .ﺳﻴﻘﻮم اﻟﻌﺪل اﻹﻟﻬﻲّ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﺳﺘﺮﺟﺎﻋﻬﺎ .وﻟﻜﻦ أﻳﻦ ﺳﻴﺴﺘﺮﺟﻌﻬﺎ؟ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﺣﺘﻤًﺎ. ﻟﻨﺒﺮهﻦ ﻋﻦ إﻳﻤﺎﻧﻨﺎ ﺑﻌﻘﻴﺪة اﻟﻤﻄﻬﺮ ،ﺑﻤﺤﺒّﺔ ﺗﺠﺎﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ اﻟﻘﺴﺎوة ،ﺑﺄن ﻧﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﺻﻐﺮت ل ﺑﻌﺪﻟﻪ أآﺜﺮ واﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻘﻮدﻧﺎ إﻟﻴﻪ .ﻓﻠﻴﺘﻘﺪّم اﻟﻌﺎد ُ واﻟﻤﻘﺪّس ﺑﺰﻳﺎدة ﻗﺪاﺳﺘﻪ.
19
.٢ﺷﻬﺎدة ﻗﻠﺒﻨﺎ "ﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﻘﻴﺪة آﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴّﺔ إﻻّ وﻟﻬﺎ ﺟﺬور ﻓﻲ أﻋﻤﺎق اﻟﻘﻠﺐ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ" .ﻳﻘﻮل اﻟﺴﻴّﺪ دي ﻣﺎﺳﺘﺮ* .ﻟﺬﻟﻚ ،ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﻴﻞ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻻﻋﺘﻨﺎق ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﻤﻌﻠﻨﺔ ،وﻣﻨﻬﺎ اﻟﻤﻄﻬﺮ .ﺣﺘّﻰ اﻟﻤﻠﺤﺪﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﻘﺘﻮن آﻞّ إﻳﻤﺎن وﺷﻌﻮر دﻳﻨﻲّ ،ﻳﻌﺘﺮﻓﻮن ﺑﺼﺪق ،أﻧّﻬﻢ ﻳﺘﻔﻮّهﻮن ﺑﺼﻠﻮات ﺳﺮًّا ﺗﺨﺮج ﻣﻦ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ رﻏﻤًﺎ ﻋﻨﻬﻢ ،أﻣﺎم اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺮّض ﻟﻬﺎ أﺣﺒّﺎؤهﻢ .ذﻟﻚ ﺑﺮهﺎن أآﻴﺪ ﻋﻦ وﺟﻮد ﺷﻌﻮر ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻹﻧﺴﺎن ﻃﺒﻊ ﺑﺈﺻﺒﻊ اﷲ .وهﺬا ﻣﺎ ﻧﺠﺪﻩ ﻓﻲ آﻞّ اﻟﺒﻠﺪان وﻋﻨﺪ آﻞّ اﻟﺸﻌﻮب .هﻞ هﻨﺎك ﺷﻲء أﻟﺬّ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ اﻹﻳﻤﺎن واﻟﺘﻘﻮى اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﺼﻼﻧﻨﺎ ﺑﺬآﺮ اﻟﻤﻮﺗﻰ وﺁﻻﻣﻬﻢ؟ ﻧﻌﻢ ﻧﺤﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳّﺔ إﻟﻰ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﻮﺟﻮد ﻣﻜﺎن ﺧﺎرج ﺣﺪود اﻟﺰﻣﻦ ،ﺣﻴﺚ ﻧﻜﻔّﺮ ﻋﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ؛ ﻟﻴﺲ هﻮ اﻟﺠﺤﻴﻢ ،ﺑﻞ هﻮ اﻟﻄﺮﻳﻖ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء .ﻧﺤﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻹﻳﻤﺎن ،وﻳﺠﺐ أن ﻧﺆﻣﻦ أن أهﻠﻨﺎ وأﺻﺪﻗﺎءﻧﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﻓﻲ هﺬا اﻷﺳﺮ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﺮاﺣﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺻﻠﻮاﺗﻨﺎ وأﻋﻤﺎل اﻟﺨﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﻧﻘﻮم ﺑﻬﺎ .آﻤﺎ أﻧّﻬﻢ ﻳﺮوﻧﻨﺎ وﻳﺴﻤﻌﻮﻧﻨﺎ آﻤﺎ ﻧﺤﻦ ،ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺄﻧّﻨﺎ ﻧﺤﻦ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﺳﻨﺸﻌﺮ ﻳﻮﻣًﺎ ﺑﺎﻟﺮاﺣﺔ .إﻧّﻬﺎ ﻟﻔﻜﺮة ﺟﻤﻴﻠﺔ وﻣﻌﺰﻳّﺔ!
* دي ﻣﺎﺳﺘﺮ هﻮ ﺟﻮزﻳﻒ ،آﻮﻧﺖ دي ﻣﺎﺳﺘﺮ ،ﻓﻴﻠﺴﻮف ﻓﺮﻧﺴﻲّ ) .(١٨٢١ – ١٧٥٣ﻟﻪ آﺘﺎب ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺳﺎن ﺑﻄﺮﺳﺒﻮرغ .١٨٢١ﻧﺎهﺾ اﻟﺜﻮرة اﻟﻔﺮﻧﺴﻴّﺔ وآﺎن داﻋﻤًﺎ ﻟﻠﻤﻠﻜﻴّﺔ وﻟﻠﺒﺎﺑﺎ .وﻗﻒ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻹﻳﻤﺎن واﻟﺤﺪس ﺿﺪّ اﻟﻌﻘﻞ) ...اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ(.
20
ﻣﺜﺎل أﺣﺪ اﻟﺸﺒّﺎن اﻟﻠﻮﺛﺮﻳّﻴﻦ* ﻣﻦ ﺟﺰﻳﺮة إﻳﻜﻮﺳﻴﺎ ،أﺻﻴﺐ ﺑﺤﺰن ﻋﻤﻴﻖ وﻗﻠﻖ ﻣﺨﻴﻒ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﻘﺪ أﺧﺎﻩ اﻟﻮﺣﻴﺪ ،ﻓﺠﺄة ،ﺧﻼل اﺣﺘﻔﺎل ﺷﻌﺒﻲ ،ﺑﺴﺒﺐ دﺧﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﻏﻴﺒﻮﺑﺔ ﻗﺎﺗﻠﺔ .وﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻏﺪا ﻓﺮﻳﺴﺔ ﻟﻘﻠﻖ ﻋﻤﻴﻖ ﻻ ﻳﻬﺪأ .ﻓﻜﺎن ﻳﻔﻜّﺮ داﺋﻤًﺎ ﺑﻬﺬا اﻻﻧﺘﻘﺎل اﻟﻤﻔﺎﺟﺊ ﻣﻦ أﺟﻮاء اﻟﻌﻴﺪ إﻟﻰ ﻋﺪاﻟﺔ اﷲ اﻟﺤﺎﺳﻤﺔ. آﺎن ﻳﺨﺸﻰ أﻻّ ﻳﻜﻮن أﺧﻮﻩ ﻃﺎهﺮًا ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻴﺪﺧﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮة إﻟﻰ ﻣﻠﻜﻮت اﻟﺴﻤﺎوات .ﻓﻌﻘﻴﺪﺗﻪ اﻟﺒﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺘﻴّﺔ ﻻ ﺗﻌﻠّﻤﻪ أنّ هﻨﺎك ﻣﻜﺎﻧًﺎ وﺳﻴﻄًﺎ ﺑﻴﻦ ﻋﺘﺒﺔ اﻟﺴﻤﺎء واﻟﺠﺤﻴﻢ. وﻟﻜﻲ ﻳﺮوّح ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻧﺼﺤﻪ أﺣﺪهﻢ ﺑﺎﻟﺴﻔﺮ .ﻓﺄﺗﻰ إﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺣﻴﺚ اﻟﺘﻘﻰ آﺎهﻨًﺎ آﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴًّﺎ ﻓﺄﺧﺒﺮﻩ ﺑﺤﺎﻟﻪ .ﻋﻨﺪهﺎ أﺟﺎﺑﻪ رﺟﻞ اﷲ" :ﻳﺎ ﺻﺪﻳﻘﻲ ،ﻣﻦ اﻟﻀﺮوري أن ﻳﻜﻔّﺮ آﻞّ واﺣﺪٍ ﻣﻨّﺎ ﻋﻦ ذﻧﻮﺑﻪ ،ﺣﺘّﻰ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵﺧﺮ .وﻋﻘﻴﺪﺗﻨﺎ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴّﺔ ﺗﻌﻠّﻤﻨﺎ أنّ ﺑﻴﻦ اﻟﺴﻤﺎء واﻟﺠﺤﻴﻢ ﻣﻜﺎﻧًﺎ وﺳﻴﻄًﺎ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻄﻬّﺮ اﻟﻨﻔﻮس ﻣﻦ دﻧﺴﻬﺎ ،وﺣﻴﺚ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻧﺠﺪﺗﻬﻢ ﺑﺼﻠﻮاﺗﻨﺎ" .ﻗَﺒِﻞ اﻟﺸﺎب اﻟﻠﻮﺛﺮي ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴّﺔ اﻟﺘﻲ دﻋﺘﻪ إﻟﻰ اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ أﺧﻴﻪ ﻟﻴﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء اﻷﺑﺪﻳّﺔ .ﺣﻘًّﺎ إذا اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺎﻟﻤﻄﻬﺮ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻠﻘﻠﺐ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ! ﻟﻨﺼﻞﱢ :ﻳﺎ ربّ ﻟﺘﻜﻦ ﺻﻠﻮاﺗﻲ وﺗﻀﺤﻴﺎﺗﻲ وﺁﻻﻣﻲ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﻣﺤﺒّﺘﻚ ﻓﺘﺴﺮّع ﻓﻲ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﻧﻔﻮس ﻣﻮﺗﺎﻧﺎ اﻷﺣﺒّﺎء .ﻟﻴﺘﺒﺎرك اﺳﻤﻚ ع إﻟﻴﻚ إﺧﻮﺗﻨﺎ اﻟﺮاﻗﺪﻳﻦ ﻓﻲ أﻳّﻬﺎ اﻟﺮبّ ﻳﺴﻮع ﺑﺤﻨﺎﻧﻚ وﻋﻄﻔﻚ أد ُ هﺬا اﻟﻤﻜﺎن اﻷﺑﺪي! ﻟﺘﺴﺘﺮح أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺴﻼم.
*
ﻣﻦ أﺗﺒﺎع ﻣﺎرﺗﻦ ﻟﻮﺛﺮ ﻣﺆﺳّﺲ اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﺒﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺘﻴّﺔ ،وُﻟﺪ ﻓﻲ أﻟﻤﺎﻧﻴﺎ ) (١٥٤٦ – ١٤٨٣اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ.
21
اﻟﻴﻮم اﻟﺨﺎﻣﺲ ﺁﻻم اﻟﻤﻄﻬﺮ :ﻧﺎر ﺣﻘﻴﻘﻴّﺔ وﻧﺎر ﻣﻄﻬّﺮة .١ﻧﺎر ﺣﻘﻴﻘﻴّﺔ ﺗﻌﻠّﻤﻨﺎ اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﻜﻨﺴﻴّﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ أنّ اﻷرواح اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻻ ﺗﺪﺧﻞ اﻟﺴﻤﺎء ﻗﺒﻞ أن ﺗﻄﻬﺮ آﻠﻴًّﺎ ﻣﻦ دﻧﺴﻬﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻨﺎر. ﻓﻬﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻧﺎر ﺟﻬﻨّﻢ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻨﻄﻔﺊ أﺑﺪًا ،ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﺆآّﺪ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،وﻟﻜﻨّﻚ ﺳﺘﺸﻌﺮ ﺑﺤﺮارﺗﻬﺎ اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻮﺻﻒ ،ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ. آﺎن اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺗﻮﻣﺎ واﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻏﺴﻄﻴﻦ ﻳﺴﻤﻴّﺎﻧﻬﺎ :آﻔﺎّرة اﻟﻨﺎر. هﺬﻩ اﻟﻜﻠﻤﺔ وﺣﺪهﺎ ﺗﺸﻌﺮك ﺑﺎﻟﺨﻮف واﻟﻘﺸﻌﺮﻳﺮة .أﻧﺖ ﺑﻜﻠﻴّﺘﻚ ﻓﻲ اﻟﻨﺎر .ﻧﺎر ﻣﺘﺄﺟّﺠﺔ ﺗﺪﺧﻞ إﻟﻰ أﻋﻤﺎق ذاﺗﻚ ،ﻳﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺗﻜﻔﻴﺮ ﻗﺎسٍ .اﻟﻨﺎر اﻟﻤﺎدﻳّﺔ ﺗﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺴﺪ ﻓﻘﻂ وﺗﺄﺛﻴﺮهﺎ ﻣﺨﻴﻒ! ﻣﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺣﻤﻞ ﺟﻤﺮة ﺑﻴﺪﻩ دﻗﻴﻘﺔ واﺣﺪة؟! أﻣّﺎ ﻧﺎر اﻟﻤﻄﻬﺮ ﺗﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﺲ ذاﺗﻬﺎ .ﺗﻬﺎﺟﻢ اﻟﺬآﺎء واﻟﺬاآﺮة واﻟﻤﺸﺎﻋﺮ. ﺗﺪﺧﻞ إﻟﻰ آﻞّ ﻣﻜﻮّﻧﺎت اﻟﻨﻔﺲ .أﻣﺎم هﺬﻩ اﻟﻜﻔّﺎرة اﻟﺘﻲ ﻧﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺗﺨﻴّﻠﻬﺎ واﻟﺘﻲ اﺳﺘﺤﻘﻘﻨﺎهﺎ ﺑﺄﺧﻄﺎﺋﻨﺎ اﻟﻴﻮﻣﻴّﺔ ﻓﻠﻨﺴﺄل أﻧﻔﺴﻨﺎ :ﻣﻦ ﻣﻨّﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺴﻜﻦ ﻓﻲ ﻟﻬﻴﺐ هﺬﻩ اﻟﻨﺎر اﻟﻤﻔﺘﺮﺳﺔ؟ ﻳﺎ ربّ إﺣﻤﻨﺎ ﻣﻦ ﻧﺎر اﻟﻤﻄﻬﺮ. ﺲ ﻋﺪاﻟﺔ اﷲ ﻳﺸﻌﻠﻬﺎ وﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻴﻬﺎ .هﺬﻩ اﻟﻨﺎر ﻻ ﺗﻌﻤﻞ َﻧﻔَ ُ آﻌﻨﺼﺮ ﺑﻞ آﺄداة ﻟﻠﻘﺪرة اﻹﻟﻬﻴّﺔ؛ ﻓﻬﻲ ﺗﻄﻬﺮ اﻷﻧﻔﺲ وﻻ ﺗﺪﻣّﺮهﺎ .ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻴﻦ ﻧﺎر هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻟﻨﺎر اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ. ﻓﺎﻷوﻟﻰ هﻲ ﻧﻌﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺪرة اﻹﻟﻬﻴّﺔ أﻣّﺎ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺻﻨﻊ ﻋﺪاﻟﺘﻪ.
22
ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺗﻮﻣﺎ" :ﻻ! إنّ اﻷﻓﺮان اﻷﺷﺪّ ﺣﺮارة واﻟﻨﻴﺮان اﻷآﺜﺮ ﺣﺮﻳﻘًﺎ اﻟﺘﻲ ﻗﻴﺪ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺸﻬﺪاء ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮى ﻃﻴﻒ ﺧﻔﻴﻒ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ أﻟﺴﻨﺔ اﻟﻠﻬﺐ اﻟﻤﻔﺘﺮﺳﺔ ﻟﻠﻨﺎر اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ. وﻳﻀﻴﻒ أﺣﺪ اﻟﺒﺎﺑﻮات اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ" :هﺬﻩ اﻟﻨﺎر) ،ﻧﺎر اﻟﻤﻄﻬﺮ( هﻲ ﻣﺴﺎوﻳﺔ ﻟﻨﺎر ﺟﻬﻨّﻢ ،إﻻّ أﻧّﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ أﺑﺪﻳّﺔ .إنّ ﻋﺬاﺑﺎت هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻬﻤﺎ ﻋﻈﻤﺖ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻘﺎرﻧﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﺬاﺑﺎت اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ. أﻟﻴﺲ ﻓﺎﻗﺪ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﻓﻘﻂ ،ﻻ ﻳﺴﻤﻊ ﺻﺮاخ هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ؟ هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ أﻋﻤﺎق ﺳﺠﻨﻬﺎ ﺣﻴﺚ ﺗﺤﺘﺮق ﻟﻴﻞ ﻧﻬﺎر ،ﺗﺮﺟﻮ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻨﺎ .آﻴﻒ ﺗﻔﺴّﺮون هﺬﻩ اﻟﻘﺴﺎوة إذا آﻨﺘﻢ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻬﻢ واﻟﻌﺎﻟﻢ أهﻤﻠﻜﻢ ﻣﻦ ﻣﺤﺒّﺘﻪ إﻻ ﻗﻠﻴﻼً؟ ﻓﻜّﺮوا ﺑﺠﺪﻳّﺔ ﻓﻲ هﺬا اﻷﻣﺮ وﺧﺬوا اﻟﻘﺮارات اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺑﺸﺄﻧﻪ". أﻣﺜﻠﺔ )ﻋﻦ اﻟﻨﺎر اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ( اﻟﻤﺤﺘﺮم "ﺳﺘﺎﻧﻴﺴﻼس آﻮﺳﺘﻜﺎ" ،آﺎهﻦ ﻳﺴﻮﻋﻲ ﺑﻮﻟﻮﻧﻲ، ﺷﺎهﺪ ﻇﻬﻮر إﺣﺪى اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ،ﻣﻐﻠّﻔﺔ ﺑﺎﻟﻠﻬﺐ وﺗﻄﻠﻖ ﺻﺮاﺧًﺎ ﻣﺨﻴﻔًﺎ .ﻓﺴﺄﻟﻬﺎ إذا آﺎﻧﺖ هﺬﻩ اﻟﻨﺎر ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﺎﻟﺘﻲ ﻋﻠﻰ اﻷرض .ﺟﺎوﺑﺘﻪ اﻟﻨﻔﺲ" :إنّ ﻧﺎر اﻷرض ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮى ﻧﺴﻤﺔ ﻧﺎﻋﻤﺔ وﺧﻔﻴﻔﺔ ،ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻨﺎر اﻟﻤﻄﻬﺮ" .اﺳﺘﺼﻌﺐ اﻟﻜﺎهﻦ اﻟﻄﻴّﺐ ﺗﺼﺪﻳﻖ هﺬا اﻟﻜﻼم ﻓﻄﻠﺐ إﻟﻰ اﻟﻨﻔﺲ ﻟﻮ أﻧّﻪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺤﺮارﺗﻬﺎ ،ﻓﺠﺎوﺑﺘﻪ اﻟﻨﻔﺲ "ﺁﻩ! إنّ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺤﻲّ ﻏﻴﺮ ﻗﺎدر ﻣﺪّ ﻳﺪك ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻤّﻞ ﺣﺮارﺗﻬﺎ وﻟﻮ ﻗﻠﻴﻼً! وﻟﻜﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻗﻨﺎﻋﺘﻚُ ، ﺪ ﻳﺪﻩ ﻧﺤﻮ ﻧﺤﻮي وﺳﻴﻜﻮن ﻟﻚ ﻓﻜﺮة ﻋﻦ ذﻟﻚ" .ﺳﺘﺎﻧﻴﺴﻼس ،ﻣ ّ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺳﻜﺒﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﻦ ﻋﺮﻗﻬﺎ .آﺎن أﻟﻤﻪ ﻋﻈﻴﻤًﺎ ﺣﻴﺚ ﺻﺮخ اﻟﻤﺤﺘﺮم ﺳﺘﺎﻧﻴﺴﻼس ﺻﺮﺧﺔ ﻣﺪوﻳّﺔ ووﻗﻊ أرﺿًﺎ
23
ﻓﺎﻗﺪ اﻟﻮﻋﻲ ،آﻤﻦ أﺗﺘﻪ اﻟﻤﻨﻴﺔ .أﺳﺮع اﻟﻜﻬﻨﺔ إﻟﻴﻪ وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎد إﻟﻰ رﺷﺪﻩ أﻋﻠﻤﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﺣﺪث ﻣﻌﻪ. ﺧﺎف اﻟﻜﻬﻨﺔ ﺧﻮﻓًﺎ ﻋﻈﻴﻤًﺎ وﻗﺮّروا ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ آﻔّﺎراﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻷرض واﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ ﻣﻠﺬّات اﻟﺪﻧﻴﺎ .آﻤﺎ ﻗﺮّروا ﻧﺸﺮ اﻟﺨﺒﺮ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻟﻜﻲ ﻳﻌﻤﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﺧﻼﺻﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻨﺎر اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ اﻟﻤﺨﻴﻔﺔ! ﻋﺎش اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺳﺘﺎﻧﻴﺴﻼس آﻮﺳﺘﻜﺎ ،ﺳﻨﺔ واﺣﺪة ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺎدﺛﺔ ،وآﺎن ﻓﺮﻳﺴﺔ ﻵﻻم ﻣﺒﺮّﺣﺔ ﻣﻦ ﺟﺮﺣﻪ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺨﺘﻢ أﺑﺪًا. اﻷب ﻓﺮدﻳﻨﺎﻧﺪ دي آﺎﺳﺘﻴﻞ ﻳﺨﺒﺮ ﻣﺎ ﺣﺪث ذات ﻳﻮم ﻓﻲ دﻳﺮ ﺳﺎن دوﻣﻴﻨﻴﻚ ﻓﻲ ﺑﻠﺪة زاﻣﻮرا ﻓﻲ أﺳﺒﺎﻧﻴﺎ. ...ﻓﻲ هﺬا اﻟﺪﻳﺮ آﺎن ﻳﻌﻴﺶ آﺎهﻦ ﻣﻦ رهﺒﻨﺔ اﻟﺪوﻣﻴﻨﻴﻜﺎن ﺗﻘﻲّ ورع .أﻗﺎم ﺻﺪاﻗﺔ ﻣﻊ آﺎهﻦ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻜﻬﻨﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺴﻜﺎن ﻟﻴﺲ أﻗﻞّ إﻳﻤﺎﻧًﺎ وورﻋًﺎ ﻣﻨﻪ .آﺎﻧﺎ ﻳﺘﺤﺎدﺛﺎن ﻓﻲ أﻣﻮر اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵﺧﺮ ﻓﺘﻮاﻋﺪا أﻻّ ﻳﻨﺴﻰ أﺣﺪهﻤﺎ اﻵﺧﺮ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻮت ...ﺗﻮﻓّﻲ اﻟﻜﺎهﻦ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺴﻜﺎﻧﻲ أوّﻻً .ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ ﺑﻔﺘﺮة وﺟﻴﺰة ﻇﻬﺮ ﻟﻠﻜﺎهﻦ اﻟﺪوﻣﻴﻨﻴﻜﺎﻧﻲ ،ﺣﻴّﺎﻩ ﺑﺤﺮارة وأﺧﺒﺮﻩ أنّ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻟﻢ ﻟﺘﺄدﻳﺘﻪ ﻷنّ ﺑﻌﺾ اﻟﺼﻐﺎﺋﺮ اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻔّﺮ ﻋﻨﻬﺎ آﻔﺎﻳﺔ .وﻣﻦ أﺟﻞ دﻓﻊ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﺻﻪ أﻇﻬﺮ ﻟﻪ أ ْﻟﺴِﻨﺔ اﻟﻠﻬﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﻬﻤﻪ ﻗﺎﺋﻼً" :ﻻ ﺷﻲء ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻌﻄﻴﻚ ﻓﻜﺮة ﻋﻦ ﺣﺮارة هﺬﻩ اﻟﻨﺎر ،أﺗﺮﻳﺪ ﺑﺮهﺎﻧًﺎ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ؟" ووﺿﻊ ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﻃﺎوﻟﺔ ﻓﻐﺎرت إﻟﻰ أﻋﻤﺎﻗﻬﺎ آﺄﻧّﻬﺎ هﺒﺎء.
24
هﺬﻩ اﻟﻄﺎوﻟﺔ ﻣﺎزاﻟﺖ ﺷﺎهﺪًا ﻋﻠﻰ ﻧﺎر اﻟﻤﻄﻬﺮ ،وهﻲ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ ﻓﻲ ﺑﻠﺪة زاﻣﻮرا ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﻟﻴﻮن ﻓﻲ أﺳﺒﺎﻧﻴﺎ. ﻓﻠﻨﺴﺘﻤﻊ إﻟﻰ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ آﺎﺗﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺟﻨﻮى ﺗﺨﺒﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﻳﻮﻣﻴّﺎﺗﻬﺎ" :ﻣﻦ هﺬا اﻟﺤﺐّ اﻹﻟﻬﻲّ رأﻳﺖ إﺷﻌﺎﻋﺎت وﻟﻬﺒًﺎ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻧﺤﻮ اﻟﻨﻔﺲ .إﻧّﻬﺎ ﺣﺎرﻗﺔ وﺧﺎرﻗﺔ ﺑﻘﻮّة آﺄﻧّﻬﺎ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻟﻴﺲ اﻟﺠﺴﺪ إﻟﻰ هﺒﺎء وﺣﺴﺐ ﺑﻞ اﻟﻨﻔﺲ أﻳﻀًﺎ ،إذا آﺎن ﻣﻤﻜﻨًﺎ. هﺬﻩ اﻹﺷﻌﺎﻋﺎت ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻄﺮﻳﻘﺘﻴﻦ :اﻷوﻟﻰ ﺗﻄﻬّﺮ واﻷﺧﺮى ﺗﺪﻣّﺮ".
هﺬا هﻮ ﻣﻔﻌﻮل اﻟﻨﺎر ﺑﺎﻷﺷﻴﺎء اﻟﻤﺎدﻳّﺔ .أﻣّﺎ اﻟﺮوح ﻓﺘُﺪﻣّﺮ ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ وﻟﻴﺲ ﻓﻲ اﺗّﺤﺎدهﺎ ﻣﻊ اﷲ .وآﻠّﻤﺎ زاد ﺗﻄﻬّﺮهﺎ آﻠّﻤﺎ ُدﻣّﺮت ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ اﻟﺪﻧﺴﺔ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻃﺎهﺮة ﺑﻜﺎﻣﻠﺔ وﻣﺘّﺤﺪة ﺑﺎﷲ .آﺎﻟﺬهﺐ اﻟﻨﻘﻲّ ،اﻟﺨﺎﻟﻲ ﻣﻦ اﻟﺸﻮاﺋﺐ ،ﻻ ﺗﺪﻣّﺮﻩ اﻟﻨﺎر .إذ إﻧّﻬﺎ ﻗﺪ اﺑﺘﻠﻌﺖ ﺷﻮاﺋﺒﻪ ﻓﻘﻂ .هﻜﺬا ﺗﻌﻤﻞ ﻧﺎر اﷲ ﺑﺎﻟﺮّوح اﻟﺪﻧﺴﺔ .ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ اﷲ ﻓﻲ اﻟﻨﺎر ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﺮﻳﺮهﺎ ﻣﻦ دﻧﺴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ .ﻓﺘﺼﺒﺢ ﻧﻘﻴّﺔ آﺎﻟﺬهﺐ اﻟﺨﺎﻟﺺ ،وآﻞّ ﻧﻔﺲ ﺑﺪرﺟﺔ .وﻋﻨﺪ ﺗﻄﻬّﺮهﺎ ﺗﺘّﺤﺪ ﺑﺎﷲ ﻓﺘﻜﻮن ﺟﺰءًا ﻣﻦ ذاﺗﻪ اﻟﻘﺪّوﺳﺔ .ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ ﺗﺘﺨﻠّﺺ اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ اﻷﻟﻢ وﺗﺤﻴﺎ ﺣﻴﺎة أﺑﺪﻳّﺔ ﻓﻲ ﻧﺎر اﻟﺤﺐّ اﻹﻟﻬﻲّ. ﻟﻨﺼﻞﱢ :ﻳﺎ إﻟﻬﻲ! آﻢ هﻲ ﻣﺨﻴﻔﺔ ﻧﺎرك اﻹﻟﻬﻴّﺔ اﻟﻤﻄﻬّﺮة، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺮاءى ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﺸﻬﻮات واﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪة، ﺖ ﺑﻪ ﻣﻦ أﺟﻠﻚ! ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻘﻠﻴﻞ اﻟﺬي ﻗﻤ ُ إرﺣﻤﻨﻲ ﻳﺎ ربّ ،وارﺣﻢ ﻧﻔﻮس أﺧﻮﺗﻨﺎ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺒﻘﻮﻧﺎ إﻟﻰ اﻷﺑﺪﻳّﺔ واﻟﺬﻳﻦ هﻢ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻮت ﻋﺪﻟﻚ. ﻳﺎ ﻳﺴﻮع آﻦ ﻟﻬﻢ اﻟﻌﻮن واﺟﻌﻠﻬﻢ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻚ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻮت ﻣﺠﺪك .ﻟﺘﺴﺘﺮح أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺴﻼم.
25
اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎدس ﻗﺼﺎص اﻟﺤﺮﻣﺎن :اﻟﺤﺮﻣﺎن ﻣﻦ اﷲ ،اﻟﺤﺮﻣﺎن ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء .١اﻟﺤﺮﻣﺎن ﻣﻦ اﷲ )اﻟﻐﺮﺑﺔ( ﻟﻴﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮ أو ﻧﺎرﻩ هﻤﺎ اﻟﻘﺼﺎص اﻟﺮﺋﻴﺴﻲّ .هﻨﺎك ﻗﺼﺎص أﻋﻈﻢ ﺑﻜﺜﻴﺮ هﻮ ﻗﺼﺎص اﻟﺪﻧﺲ آﻤﺎ ﻳﺴﻤّﻴﻪ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻼهﻮت. ﻧﺤﻦ ،ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻻ ﻧﻘﺪّر ﻗﺼﺎص اﻟﺤﺮﻣﺎن ﻣﻦ اﷲ ﺣﻖّ ﻗﺪرﻩ .ﻷﻧّﻨﺎ ﻻ ﻧﺮاﻩ ﻣﺒﺎﺷﺮة ،ﻓﻼ ﻧﺤﺒّﻪ ﻣﻦ آﻞّ ﻗﻠﺒﻨﺎ وﻻ ﻧﻔﻜّﺮ ﺑﻪ داﺋﻤًﺎ .أﻣّﺎ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻓﻘﺪ ﺷﺎهﺪﺗﻪ ﻳﻮم دﻳﻨﻮﻧﺘﻬﻢ ،رأت أﻋﻴﻨﻬﻢ ﻣﺸﻬﺪًا ﻋﻈﻴﻤًﺎ ﻻ ﻳﻮﺻﻒ ،آﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻣﺒﺮواز. ﻟﻘﺪ آﺸﻒ اﷲ ذاﺗﻪ ﺑﻜﺎﻣﻞ ﻣﺠﺪﻩ ،وﻃﺒﻊ ﺻﻮرﺗﻪ اﻟﺒﻬﻴّﺔ ﻓﻲ أرواﺣﻬﻢ ﺑﺤﻴﻮﻳّﺔ ﻗﻮﻳّﺔ .وذﺧّﺮهﻢ ﺑﺒﺮﻳﻖ ﻣﻠﻜﻮﺗﻪ اﻟﻼﻣﺘﻨﺎهﻲ؛ ﻓﻐﺪوا ﺑﺸﻮقٍ داﺋﻢٍ إﻟﻴﻪ ،ﻳﺤﺒّﻮﻧﻪ ﺣﺒًّﺎ ﻧﻘﻴًّﺎ ﻻ آﺪر ﻓﻴﻪ وﻻ ﺷﺎﺋﺒﺔ. هﺬا اﻟﺤﺐّ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺮﺗﻮي ،هﺬا اﻟﺤﺮﻣﺎن ،هﺬا اﻟﺠﻮع وهﺬا اﻟﻈﻤﺄ إﻟﻰ اﷲ ،ﻳﺴﺤﻘﻬﻢ وﻳﻌﺬّﺑﻬﻢ ﻋﺬاﺑًﺎ أﻟﻴﻤًﺎ .ﻳﻤﻮﺗﻮن ﻣﻦ ﻏﻴﺮ أن ﻳﻤﻮﺗﻮا وﻳﺪﻣّﺮون ﻣﻦ ﻏﻴﺮ أن ﻳﺪﻣّﺮوا .ﻟﻘﺪ ﺳﻤّﺖ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ هﺬﻩ اﻟﺤﺎل ،وﺑﻜﻞّ وﻋﻲ ،اﻟﻤﻮت :ﻓﻘﺎل" :ﻳﺎ ربّ، ﺧﻠّﺼﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﻮت". وﻹﻋﻄﺎء ﻓﻜﺮة ﻋﻦ هﺬا اﻟﻌﺬاب ،ﺗﺨﻴّﻞ رﺟﻼً ﻳﻤﻮت ﺧﻨﻘًﺎ ﺑﺎﻧﺤﺴﺎر اﻟﻬﻮاء ﻋﻨﻪ .ﻓﺈﻧّﻪ ﻳﺠﻬﺪ وﻳﻤﻴﺪ ﺑﻼ هﻮادة ﺳﻌﻴًﺎ ﻟﻠﺘﻨﻔّﺲ ،ﺻﺪرﻩ ﻳﺮﺗﻔﻊ وﻳﻨﺘﻔﺦ ﻳﺸﻬﻖ وﻻ ﻳﺸﻬﻖ! إﻧّﻪ ﺻﺮاع ﺑﻴﻦ اﻟﺤﻴﺎة واﻟﻤﻮت .ﻣﺎ ﺣﻔﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻬﻮاء ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ؟
26
ﻣﺎ اﻟﻤﻮت آﻞّ ﻟﺤﻈﺔ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺤﺮﻣﺎن ﻣﻦ اﷲ اﻟﺬي هﻮ ﺗﻨﻔّﺲ اﻷرواح؟ ﻳﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺟﻮع ﺣﻲّ داﺋﻢ! ﻳﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻧﺰاع أﻟﻴﻢ ﻻ ﻳﻨﺘﻬﻲ! ﻳﺎ ربّ ﺧﻠّﺼﻬﻢ ﻣﻦ هﺬا اﻟﻤﻮت اﻟﻤﺘﻮاﺻﻞ .أﻇﻬﺮ ﻟﻬﻢ وﺟﻬﻚ اﻟﺒﻬﻲّ .أﻳّﻬﺎ اﻵب اﻟﺴﻤﺎوي أرﺟﻊ إﻟﻴﻚ أﺑﻨﺎءك اﻟﻤﻨﻔﻴّﻴﻦ. .٢اﻟﺤﺮﻣﺎن ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ﻻ ﺗﺤﺮم اﻟﻨﻔﺲ ،ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،ﻣﻦ ﻣﻮﻃﻨﻬﺎ اﻷرﺿﻲ ﺑﺎﻟﺰﻣﻦ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻣﻦ ﻣﻮﻃﻨﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ واﻷﺑﺪيّ ،أيّ اﻟﺴﻤﺎء .ﻟﻘﺪ ﺷﺎهﺪت ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ هﺬا اﻟﻮﻃﻦ اﻟﺴﻌﻴﺪ ،اﻟﺬي ،ﺣﺎﻟﻤﺎ ﺗﺘﺮك وادي اﻟﺪﻣﻮع ،ﺳﺘﻘﻒ أﻣﺎم اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﺬي هﻮ ﻓﺮح وﺳﻌﺎدة اﻟﻤﺨﺘﺎرﻳﻦ. ﻟﻘﺪ ﺷﻌﺮت ﺑﻤﻮﻃﻨﻬﺎ اﻷﺑﺪيّ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲّ ﻳﻮمَ ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻤﻄﻬﺮ .ﻟﻘﺪ ﺗﺬآّﺮت دﻋﻮة اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ إﻟﻰ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻄﺎهﺮة ﺣﻴﺚ ﻗﺎل" :ﺗﻌﺎﻟﻮا ،ﻳﺎ ﻣﺒﺎرآﻲ أﺑﻲ واﻣﻠﻜﻮا ﻣﻠﻜﻮت اﻟﺴﻤﺎوات اﻟﺬي ﺣﻀّﺮ ﻟﻜﻢ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪء" .ﻟﻘﺪ ﻋﺎﻳﻨﺖ اﻟﻨﻔﺲ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ،ﺟﻤﺎﻻت هﺬا اﻟﻮﻃﻦ آﻠّﻬﺎ .ﻟﻜﻨّﻬﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻻﻧﻄﻼق إﻟﻰ هﺬا اﻟﻮﻃﻦ اﻟﺬي ﺗﺮﻏﺒﻪ ﺑﺸﻐﻒ ﻋﻈﻴﻢ .ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻻﻧﺘﻈﺎر أﻳّﺎﻣًﺎ وﺳﻨﻮات وﻗﺮوﻧًﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻐﻮص ﻓﻲ ﺷﻼل ﻟﺬّاﺗﻪ .ﻳﺎ إﻟﻬﻲ ﻣﺎ أﺻﻌﺐ هﺬا اﻟﻤﻨﻔﻰ وﻣﺎ أﻗﺴﻰ اﻻﻧﺘﻈﺎر ﻓﻴﻪ. ﺑﻴﺪ أنّ ﺁﻻم هﺬﻩ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻤﺘﺄﻟّﻤﺔ ﻣﺆﺛّﺮة ﺟﺪًّا ﻓﺘﺮاهﺎ ﺗﻘﻮل :أﻧﺎ اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ اﻟﻤﻨﻔﻴّﺔ ،ﻣﺘﻰ أرى ﻣﻮﻃﻨﻲ وﻋﺎﺋﻠﺘﻲ اﻟﺘﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء؟ أﻧﺎ اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ اﻟﻴﺘﻴﻤﺔ ،ﻣﺘﻰ أﺗّﺤﺪ ﺑﺄهﻠﻲ وأﺧﻮﺗﻲ وأﺧﻮاﺗﻲ اﻟﺬﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺪ ﻓﻴﻤﺪّون ﻟﻲ أﻳﺪﻳﻬﻢ؟ ﻣﺘﻰ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻲ أن أﺗّﺤﺪ ﺑﺎﻟﻤﺴﻴﺢ ،ﻋﺮوﺳﻲ اﻟﺴﻤﺎوي؟ أﻳّﺘﻬﺎ اﻷﺑﻮاب اﻷﺑﺪﻳّﺔ اﻧﻔﺘﺤﻲ! اﻧﻔﺘﺤﻲ!".
27
ﻋﻨﺪهﺎ ﻳﺠﺎوﺑﻬﺎ ﺻﻮت ﺳﻤﺎويّ ﻗﺎﺋﻼً :ﻟﻢ ﻳﺤﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﺑﻌﺪ! ﻻﺣﻘًﺎ ﻻﺣﻘًﺎ! أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ ،أﻧﺖ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺢ هﺬﻩ اﻷﺑﻮاب! ﻻ ﺗﻌﻠﻤﻴﻦ أنّ اﻟﺼﻼة واﻟﺤﺴﻨﺔ هﻤﺎ اﻟﻤﻔﺎﺗﻴﺢ اﻟﺬهﺒﻴّﺔ ﻷﺑﻮاب اﻟﺴﻤﺎء؟ ﺻﻠّﻮا واﻋﻄﻮا ﻓﺘﺼﻌﺪَ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﻨﻔﻴّﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،إﻟﻰ ﺣﻴﺚ اﻟﺴﻌﺎدة ،وﺗﻨﺸﺪ رﺣﻤﺔ اﷲ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ. ﻣﺜﺎل ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻔﻲ ﺑﻨﻮ إﺳﺮاﺋﻴﻞ إﻟﻰ ﺑﺎﺑﻞ ،ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ أرﺿﻬﻢ ،ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﺮوا ﻏﻴﺮ ﺿﻔﺎف اﻟﻔﺮات ،آﺎﻧﻮا ﻳﺠﻠﺴﻮن ﺣﺰاﻧﻰ ﻓﻲ أرض اﻟﻐﺮﺑﺔ وﻳﺒﻜﻮن ذآﺮى أورﺷﻠﻴﻢ اﻟﻔﻘﻴﺪة. ﻟﻘﺪ ﻓﻘﺪوا ﺗﻌﺎﺑﻴﺮ اﻟﻔﺮح وأﻧﺎﺷﻴﺪ اﻟﺤﺒﻮر .ﻗﻴﺜﺎراﺗﻬﻢ ﻋﻠّﻘﺖ ﺧﺮﺳﺎء ﻋﻠﻰ أﺷﺠﺎر اﻟﺼﻔﺼﺎف اﻟﻨﺎﺑﺘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻀﻔﺎف. "ﻟﻤﺎذا ﺗﺒﻜﻮن ﻳﺎ أوﻻد إﺳﺮاﺋﻴﻞ" ﻳﺴﺄﻟﻬﻢ اﻟﺒﺎﺑﻠﻴّﻮن. إﻧّﻨﺎ ﻧﺘﺬآّﺮ أرض ﺻﻬﻴﻮن ،وﻃﻨﻨﺎ! ﻧﺘﺬآّﺮ وﻧﻨﺪم". ﻏﻨّﻮا ﻳﺎ أﺑﻨﺎء ﺻﻬﻴﻮن اﻟﻤﻨﻔﻴّﻴﻦ ﻓﺘﻬﺪأوا ﻣﻦ ﺁﻻﻣﻜﻢ وﺗﺘﻠﻬّﻮاﻋﻦ ﺣﺰﻧﻜﻢ .ﻏﻨّﻮا ﺑﻌﺾ اﻷﻧﺎﺷﻴﺪ اﻟﻮﻃﻨﻴّﺔ! ﻏﻨّﻮا أﻏﻨﻴﺔ اﻟﻮﻃﻦ! ﻏﻨّﻮا!" " هﻞ ﻟﻠﻤﻨﻔﻲ ﻗﺪرة اﻟﻐﻨﺎء ﻟﻠﻮﻃﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻀﻔﺎف اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ؟ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ أرﺿﻪ ﻓﻬﻮ ﻳﺘﺬآّﺮ وﻳﻨﺪم وﻳﺘﻨﻬّﺪ وﻳﻨﺘﺤﺐ وﻳﻨﺘﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﺪﻣﻮع أﻣﻞ اﻟﻌﻮدة .إﻳﻪ أورﺷﻠﻴﻢ! ﻓﻠﺘﻠﺘﺼﻖ أﻟﺴﻨﺘﻨﺎ ﺑﺤﻠﻘﻨﺎ إذا ﻧﺴﻴﻨﺎك ﻳﻮﻣًﺎ!.
28
أﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﺄرواح أﺧﻮﺗﻨﺎ أﺳﻴﺮة اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﺬي ﻳﻨﺎدوﻧﻪ ﺑﺤﺒُﻬﻢ .ﻓﻬﻢ ﻋﻠﻰ أﻃﺮاف اﻷﻋﻤﺎق اﻟﻼﻣﺘﻨﺎهﻴﺔ، ﺣﻴﺚ آﻔّﺎرﺗﻬﻢ ﺗﻘﻮدهﻢ إﻟﻰ ﻣﻨﻔﻰ اﻷﻟﻢ .ﻳﻘﻔﻮن وﻳﻨﺪﻣﻮن ﺁﻻف اﻟﻤﺮّات أآﺜﺮ ﻣﻦ أهﻞ اﻷرض .هﻨﺎك ﺣﻴﺚ هﻢ ﻓﻲ هﻴﺎم اﻟﻮﻃﻦ اﻟﺴﻤﺎوي ﻳﻨﺘﺤﺒﻮن ﻓﻘﺪاﻧﻪ .ﻏﻴﺮ أنّ دﻣﻮﻋﻬﻢ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ دﻣﻮﻋﻨﺎ اﺧﺘﻼف اﻟﺴﻤﺎء ﻋﻦ اﻷرض واﺧﺘﻼف اﻟﺰﻣﻦ ﻋﻦ اﻷﺑﺪﻳّﺔ. آﺎﻹﻧﺴﺎن اﻟﺴﻠﻴﻢ ﻳﻤﻠﻚ ﻏﺮﻳﺰة اﻷآﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺠﻮع ،ﻓﺈذا اﻣﺘﻨﻊ ﻋﻦ اﻷآﻞ ﻳﺘﻌﺎﻇﻢ ﺟﻮﻋﻪ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﻷنّ ﻏﺮﻳﺰﺗﻪ ﻻ ﺗﻨﻘﺺ. ﻟﻨﻔﺮض أنّ هﻨﺎك ﺧﺒﺰًا واﺣﺪًا ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ إﺷﺒﺎع ﺟﻮع آﻞّ ﻣﺨﻠﻮق .ﻳﺒﻘﻰ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ أﻟﻢ ﻻ ﻳﺸﻔﻰ ﻣﻨﻪ وﺟﻮع ﻳﺘﺰاﻳﺪ وهﻮ ﻳﺤﺎول اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻴﻪ .وﻟﻨﻔﺮض أنّ ﻣﺸﺎهﺪة هﺬا اﻟﺨﺒﺰ ﻓﻘﻂ آﺎﻓﻴﺔ ﻹﺷﺒﺎع ﺟﻮﻋﻪ ،ﻓﺈنّ ﻏﺮﻳﺰﺗﻪ ﺳﺘﺪﻓﻌﻪ إﻟﻰ رﻏﺒﺔ ﻣﺸﺎهﺪﺗﻪ ﻹرﺿﺎء ،وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺄآّﺪ أﻧّﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻤﻮح ﻟﻪ أن ﻳﺸﺎهﺪﻩ ،ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ ﻓﻘﻂ ،ﺳﻴﺸﻌﺮ آﺄﻧّﻪ ﻓﻲ ﺟﻬﻨّﻢ .ﺳﻴﻜﻮن ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ ﻣﻠﻌﻮﻧًﺎ وﻣﺤﺮوﻣًﺎ ﻣﻦ آﻞّ أﻣﻞ ﻓﻲ ﻣﺸﺎهﺪة وﺟﻪ اﷲ، اﻟﺨﺒﺰ اﻟﺤﻲّ ،اﻟﻤﺨﻠّﺺ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲّ. أﻣّﺎ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻓﻠﻬﺎ رﺟﺎء ﺗﺄﻣّﻞ اﻟﺨﺒﺰ اﻟﺤﻲّ واﻻرﺗﻮاء ﻣﻨﻪ .ﺑﻴﺪ أﻧّﻬﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﺗﻌﺎﻧﻲ اﻟﺠﻮع واﻷﻟﻢ ﻃﻮﻳﻼً ﻓﻼ ﺗﺸﺒﻊ ﻣﻦ اﻟﺨﺒﺰ اﻟﺤﻲّ ،ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ،ﺣﺒّﻨﺎ وإﻟﻬﻨﺎ اﻟﻤﺨﻠّﺺ. ﻟﻨﺼﻞﱢ :أﻳّﻬﺎ اﻟﺮبّ اﻟﺮﺣﻮم ،اﻟﻘﺪّوس واﻟﻌﺎدل ،إﻗﺒﻞ ﺑﺮﺣﻤﺘﻚ ﺣﺐّ هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ .ﻻ ﺗﺘﺨﻞﱠ ﻋﻦ رﻏﺒﺘﻬﻢ اﻟﺤﺎرّة ﻓﻴﻚ ُ وﻻ ﺗﻨﺒﺬهﻢ .إﻓﺘﺢ ،ﻳﺎ ربّ ،ﻗﻠﺒﻚ اﻟﻘﺪّوس ﻟﻬﻢ واﺳﻤﺢ ﻟﻬﻢ ع أﺑﻨﺎءك وأﺧﻮﺗﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺴﻌﺎدة اﻟﻐﻮص ﻓﻴﻚ .ﻳﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﺤﺒﻴﺐ أد ُ اﻷﺑﺪﻳّﺔ واﻟﻨﻮر اﻟﺬي ﻻ ﻳﻨﻄﻔﺊ ﻳﻨﻴﺮهﻢ! ﻓﻠﻴﺮﻗﺪوا ﺑﺴﻼم!
29
اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﻘﺎب اﻟﻨﺪم :ﺗﺤﺎﺷﻲ اﻟﺸﺮّ وﻣﻤﺎرﺳﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﺨﻴﺮ .١ﺗﺤﺎﺷﻲ اﻟﺸ ّ ﺮ إنّ اﻵﻻم اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻠّﻤﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ وﺣﺪهﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺬّب اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .ﻓﻬﻨﺎك ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺤﺰن اﻟﻌﻤﻴﻖ ،واﻟﻨّﺪم اﻟﻤﺮّ وﺗﺄﻧﻴﺐ اﻟﻀﻤﻴﺮ ،اﻟﺘﻲ هﻲ أﻟﻒ ﻣﺮّة أﻗﺴﻰ ﻣﻦ ﺁﻻم اﻟﻨﺎر اﻟﻤﺎدﻳّﺔ اﻟﺤﺎرﻗﺔ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻄﻬّﺮة. "ﻓﻲ ﺟﻬﻨّﻢ ،ﻳﻘﻮل اﻹﻧﺠﻴﻞ ،ﺣﻴﺚ اﻟﻤﻠﻌﻮﻧﻮن ﻻ ﺗﻤﻮت اﻟﺪﻳﺪان اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺂآﻠﻬﻢ أﺑﺪًا" .أﻣّﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻓﻬﻲ ﻻ ﺷﻚّ ﻣﺎﺋﺘﺔ ﻳﻮﻣًﺎ. وﻟﻜﻦ ﻃﺎﻟﻤﺎ هﻲ ﺣﻴّﺔ ﻓﺈﻧّﻬﺎ ﺗﻌﺾّ ﺑﺤﻘﺪ وﻗﺴﺎوة وﺗﻤﺰّق ﺑﻀﺮاوة اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ اﻟﻤﻌﺪﻣﻴﻦ .إﻧّﻬﺎ ﺟﻼّدهﻢ اﻟﺪاﺋﻢ .إذ ﺻﺮاع اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻊ اﻟﻨﺪم رهﻴﺐ ﺟﺪًّا! ﻣﻦ أﻋﻤﺎق ﻣﻮﻃﻦ ﺁﻻﻣﻬﺎ ،ﺗﻨﻈﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻔﺲ اﻷﺳﻴﺮة ﺑﺤﺴﺮة وأﻟﻢ إﻟﻰ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻋﻠﻰ ﺿﻮء اﻟﻠﻬﻴﺐ اﻟﺬي ﻳﻐﻠّﻔﻬﺎ ﺗﺸﺎهﺪ ﺑﻮﺿﻮح آﻞّ اﻟﺸﺮﱢ اﻟﺬي اﻗﺘﺮﻓﺘﻪ واﻟﺘﻲ آﺎن ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺗﺤﺎﺷﻴﻬﺎ ﺑﻨﻌﻤﺔ اﷲ ﻏﻴﺮ أﻧّﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻌﺘﺮف ﺑﻬﺎ. ﺳﺘﻜﺘﺸﻒ ﺁﻻف اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻼﺣﻈﻬﺎ ﻣﻌﺘﺒﺮة إﻳّﺎهﺎ أﻋﻤﺎﻻً ﻟﻴﺴﺖ ذات أهﻤﻴّﺔ ،ﻓﻠِﻢَ ﺳﺘﻌﺘﺮف ﺑﻬﺎ وﻟﻢ ﺗﻔﺤﺺ ﺿﻤﻴﺮهﺎ ﻷﺟﻠﻬﺎ .ﻋﻨﺪ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﺄﻧّﻬﺎ ﺧﺎﻃﺌﺔ وﻣﺬﻧﺒﺔ ﺑﺄﻋﻤﺎل ﻟﻢ ﺗﻜﻔّﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﺐّ واﻟﻌﺪل ،ﺗﺘﺄﻟّﻢ ﺑﻌﻤﻖ وﺗﺼﺮخ ﺻﺮﺧﺔ وﺟﻊ ﻋﻈﻴﻢ" :ﻳﺎ إﻟﻬﻲ ،إﻧّﻚ ﻋﺎدل وأﺣﻜﺎﻣﻚ ﻣﻨﺼﻔﺔ .أﻧﺎ اﻟﺬي ﺻﻨﻌﺖ أﻟﻤﻲ ﻟﻮ أﻧّﻨﻲ أﺳﺘﻄﻴﻊ إﻋﺎدة ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﺪﻣﺘﻚ ﻳﺎ ربّ ،ﻓﺄﺣﻤﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ" .إﻧّﻪ ﻟﻨﺪم ﻋﻘﻴﻢ ﻻ ﺟﺪوى ﻣﻨﻪ؛ ﺟﺎء ﻣﺘﺄﺧّﺮًا ﺟﺪًّا.
30
أﻳّﻬﺎ اﻷﺧﻮة ﻟﻨﺜﻘّﻒ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎن وﻟﻨﺘﺤﺎﺷﻰ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ وﻧﻜﻔّﺮ ﻋﻦ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻜﻲ ﻧﺘﺤﺎﺷﻰ اﻟﻄﻌﻦ اﻷﻟﻴﻢ واﻟﺪﻳﺪان اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺂآﻠﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ. ﻳﺎ ربّ إﻋﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ،أﺣﺮﻗﻬﺎ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻟﺘﻨﺠّﻨﺎ ﻣﻦ ﻋﺬاﺑﺎت اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵﺧﺮ. .٢ﻋﻤﻞ اﻟﺨﻴﺮ اﻟﺬي ﻳﺠﺐ أن أﻣﺎرﺳﻪ إنّ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ أﻟﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻤﻨﻔﻴّﺔ رؤﻳﺘﻬﺎ ﻟﻜﻞّ اﻟﺨﻴﺮ اﻟﺬي آﺎن ﻣﻤﻜﻨًﺎ أن ﺗﻘﻮم ﺑﻪ وﻟﻢ ﺗﻔﻌﻞ ،رؤﻳﺘﻬﺎ ﻟﻜﻞّ اﻟﻨﻌﻢ اﻟﺘﻲ وهﺒﻬﺎ إﻳّﺎهﺎ اﷲ وﻟﻢ ﺗﺤﺴﻦ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ .ﻣﺎذا ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻘﺪّم اﷲ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻼﺻﻬﺎ؟ ﻟﻘﺪ ﻏﺬّاهﺎ ﺑﺄﺳﺮارﻩ وﻗﻮّاهﺎ ﻻ .هﺬﻩ اﻟﻨﻔﺲ آﺎن ﻻ ﺑﺪّ ﻟﻬﺎ ﺑﻨﻌﻤﺘﻪ وﺷﺠّﻌﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ ﻣﺜﺎ ً ﻣﻦ أن ﺗﺴﺮع اﻟﺨﻄﻰ ﻋﻠﻰ درب اﷲ ،درب اﻟﻘﺪاﺳﺔ ﻟﺘﺼﻞ إﻟﻰ أﻋﻠﻰ درﺟﺎت اﻟﻜﻤﺎل .وﻟﻜﻦ رﻏﻢ آﻞّ ذﻟﻚ ،آﺎﻧﺖ ﺗﺘﻮﻗّﻒ ﺗﺎرة وﺗﺴﻴﺮ ﺑﺒﻂء ﺗﺎرة أﺧﺮى .ﻟﻴﺘﻬﺎ آﺎﻧﺖ آﺮﻳﻤﺔ ﻓﻤﺎرﺳﺖ آﻔﺎرةً هﻬﻨﺎ أو ﺑﻌﺾ اﻹﻣﺎﺗﺎت .ﻟﻴﺘﻬﺎ ﻗﺒﻠﺖ ﺑﺘﻮاﺿﻊ ﻋﺬاﺑﺎت هﺬﻩ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻜﺎﻧﺖ ﻧﻔّﺬت ﻣﻄﻬﺮهﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرض وﻧﻌﻤﺖ ﺑﺎﻟﻘﺪاﺳﺔ ،وﻟﻜﻨّﻬﺎ اﻵن ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﺗﻘﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺧﻄﺎﻳﺎهﺎ ،ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺟﺰاء ﺣﺴﻦ ،ﺁﻻﻣًﺎ أآﺒﺮ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻘﺎس .ﻟﻘﺪ اﺳﺘﺒﺪﻟﺖ ﺗﺎج اﻟﻤﺠﺪ اﻟﺴﻤﺎوي ﺑﺘﺎج ﻟﻬﻴﺐ اﻟﻤﻄﻬﺮ اﻟﺬي ﻳﻌﺬّﺑﻬﺎ ﺑﻼ هﻮادة .ﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ذآﺮى ﻗﺎﺳﻴﺔ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﻨﻔﺲ! أﻳﺘّﻬﺎ اﻟﻨﻔﻮس ،أﻟﻢ ﻧﻘﻢ ﻧﺤﻦ ﺑﺎﻟﺸﻲء اﻟﺤﺴﻦ ﻗﻠﻴﻼً؟ أﻟﻢ ﻧﺼﻞّ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻼص ﻣﻮﺗﺎﻧﺎ؟ ﻓﻠﻨﻘﺮّر اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺠﺪﱟ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﻤﺴﺎﻋﺪة اﷲ وﻧﺠﺪة أﻣّﻨﺎ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء.
31
ﻣﺜﺎل "ﺟﺮﺳﻮن"* ﻣﺴﺘﺸﺎر ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺎرﻳﺲ ،اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺘﻘﻮاﻩ ،آﺘﺐ ﻓﻲ أﺣﺪ أﻋﻤﺎﻟﻪ أنّ أﻣًّﺎ ﺑﺎﺋﺴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،ﻗﺪ ﻧﺴﻴﻬﺎ اﺑﻨﻬﺎ ﻓﻄﻠﺒﺖ ﻣﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أن ﻳﺄذن ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻈﻬﻮر ﻟﻪ ﻟﺘﺨﺒﺮﻩ ﻋﻦ ﺁﻻﻣﻬﺎ وﺗﺴﺘﺠﺪي ﺻﻠﻮاﺗﻪ ﻓﻘﺎﻟﺖ" :ﻳﺎ اﺑﻨﻲ اﻟﺤﺒﻴﺐ ﻓﻜّﺮ ﺑﻮاﻟﺪﺗﻚ اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ واﻋﺘﺒﺮ ﻣﻦ ﺁﻻﻣﻲ اﻟﻤﺒﺮّﺣﺔ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﺘﻨﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺪاﻟﺔ اﷲ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻋﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎي ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻷرض .وأﺛﻘﻞ اﻵﻻم هﻮ اﻟﻨﺪم اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻟﻌﺪم ﻣﺤﺒّﺘﻲ اﷲ ﺑﻤﺎ هﻮ أهﻞ ﻟﻪ .ﻟﻘﺪ رﻓﻀﺖ هﺬا اﻹﻟﻪ اﻟﻌﻈﻴﻢ ،اﻟﻘﺪّوس اﻟﻌﺎدل ،اﻟﻤﻨﻴﺮ ،اﻷب اﻟﺮﺣﻮم واﻟﻤﺤﺴﻦ اﻟﻜﺮﻳﻢ .هﺬﻩ اﻷﻓﻜﺎر ﺗﻘﺘﻠﻨﻲ وﺗﺴﺤﻘﻨﻲ ﻓﻲ آﻞّ ﻟﺤﻈﺔ .هﺬﻩ اﻟﺪﻳﺪان ﺗﺘﺂآﻠﻨﻲ آﺨﻨﺠﺮ ﻳﻨﻐﺮس ﻓﻲّ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ أن ﻳﻘﺘﻠﻨﻲ .إﻧّﻬﺎ ﺗﻌﺬّﺑﻨﻲ ﻟﻴﻞ ﻧﻬﺎر وﺗﻨﻀﺢ ﻣﻨّﻲ دﻣﻮﻋًﺎ ﻣﻦ اﻟﺪم .ﻓﺄﻧﺎ أﻃﺮق ﺻﺪري ﺑﻼ هﻮادة ﻗﺎﺋﻠﺔ :ﻳﺎ ربّ أﻧﺖ ﻋﺎدل وﻣﻨﺼﻒ .ﻓﺄﻧﺎ أﺗﺄﻟّﻢ ﺑﺴﺒﺐ ﺧﻄﻴﺌﺘﻲ ،ﺧﻄﻴﺌﺘﻲ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ! ﻳﺎ ﺑﻨﻲّ ،إذا ﻣﺎ زﻟﺖ ﺗﺤﺒّﻨﻲ ،إرأف ﺑﻲ واﻧﺰع هﺬا اﻟﺨﻨﺠﺮ ﻣﻦ ﺻﺪري ،ﺣﺮّرﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﺪان اﻵآﻠﺔ .اﻓﺘﺢ ﻟﻲ ﺑﺎب اﻟﺴﻤﺎء .أﻃﻠﺐ ﻣﻨﻚ اﺑﻨﻲ اﻟﺤﺒﻴﺐ أن ﺗﺨﺪم اﷲ أﻓﻀﻞ ﻣﻤّﺎ ﺧﺪﻣﺘﻪ أﻧﺎ .وأن ﺗﻤﻮت و اﻟﻨﺪم اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺎﻳﺎك ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻚ. ﻟﻘﺪ ﺻﻠّﻰ اﻟﻮﻟﺪ آﺜﻴﺮًا ﻣﻦ أﺟﻞ أﻣّﻪ وﺑﺈﻳﻤﺎن ﻋﻤﻴﻖ وﻧﺪم آﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺎﻳﺎﻩ وﻣﺎت هﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ اﻟﻨﻌﻤﺔ. ﻟﻨﺼﻞﱢ :ﻳﺎ ربّ أﻋﻄﻨﺎ اﻟﻨﻌﻤﺔ ﻟﻨﻜﻮن ﻗﺪّﻳﺴﻴﻦ آﺎﻣﻠﻴﻦ آﻤﺎ ﺗﺮﻏﺐ أن ﻧﻜﻮن .إرﺣﻢ ﻳﺎ ربّ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ اﻟﻤﻨﺴﻴّﺔ واﻟﺘﻲ ﻳﻨﻬﺸﻬﺎ أﻟﻢ اﻟﻨﺪاﻣﺔ ﺑﻼ هﻮادة .ﺧﻔّﻒ ﻋﻨﻬﻢ ﻳﺎ ربّ هﺬا اﻟﻨﺪم واﻏﻔﺮ ﺧﻄﺎﻳﺎهﻢ ،ﻓﺴﻴﻒ اﻟﻨﺪم اﻟﻘﺎﻃﻊ ﻻ ﻳﻄﺎق .ﻳﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﺤﺒﻴﺐ! آﻦ ع أوﻻدك وأﺧﻮﺗﻨﺎ إﻟﻰ ﻣﺠﺪك! وﻟﻴﺴﺘﺮﻳﺤﻮا ﺑﺴﻼم! ﻋﻮﻧًﺎ ﻟﻬﻢ! أد ُ * ﺟﺮﺳﻮن ﻣﺴﺘﺸﺎر ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺎرﻳﺲ ) ،(١٤٢٩ – ١٣٦٣وﻻهﻮﺗﻲ آﺒﻴﺮ ﺣﺎول وﺿﻊ ﺣﺪّ ﻟﻼﻧﻘﺴﺎم اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻼهﻮﺗﻴّﺔ )اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ(.
32
اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻣﺪّة ﻋﻘﺎب اﻟﻤﻄﻬﺮ وأﺳﺒﺎﺑﻬﺎ .١ﻣﺎ هﻲ ﻣﺪّة ﻋﻘﺎب اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻻ ﺗﺤﺪّد اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻓﺘﺮة ﺁﻻم اﻟﻤﻄﻬﺮ ،وﻟﻜﻨّﻬﺎ ﺗﻌﺘﻘﺪ أﻧّﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﻄﻮل دهﻮرًا ،ﺑﺤﺴﺐ ﺷﻌﻮر اﻟﺒﺎﺑﻮات اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ .ﻟﺬا ﺗﻘﻮم اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ اﻟﻘﺪادﻳﺲ ﻓﻲ ذآﺮى اﻟﻤﻮﺗﻰ آﻤﺎ ﺗﺨﺼّﺺ ﺷﻬﺮًا آﺎﻣﻼً آﻞّ ﺳﻨﺔ ،ﻟﻠﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺔ أﻧﻔﺲ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﻴﻦ. آﺎن اﻟﻜﺎردﻳﻨﺎل ﺑﻼّرﻣﺎن* ﻳﻘﻮل أنّ ﺑﻌﺾ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﺗﺒﻘﻰ ﺑﺎﻟﻤﻄﻬﺮ إﻟﻰ ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻨﻮﻧﺔ اﻷﺧﻴﺮة إذا ﻟﻢ ﺗﺴﻊَ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ إﻟﻰ ﻧﺠﺪﺗﻬﻢ وذﻟﻚ اﺳﺘﻨﺎدًا إﻟﻰ اﻋﺘﺮاﻓﺎت إﻳﻤﺎﻧﻴّﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ .ﻳﺎ أﺳﻔﺎﻩ! هﻨﺎك أﻧﻔﺲ ﺗﺌﻦّ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮات ﻃﻮﻳﻠﺔ. ﻣﻦ ﻳﺠﺮؤ أن ﻳﺤﺪّد زﻣﻦ اﻟﻌﺬاﺑﺎت اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻋﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ ،ﻟﻜﻲ ﺗﻌﻮد ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ ﺑﺮّاﻗﺔ ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﺪأ ﺟﻤﻴﻠﺔ آﻨﻔﻮس اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ؟ ذﻟﻚ ﻳﺴﺮّ أﺣﻜﺎم اﷲ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺳﺒﺮ أﻏﻮارﻩ! إنّ ﻃﻮل اﻻﻧﺘﻈﺎر ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺣﺪّة اﻵﻻم .إﻧّﻪ ﻟﻌﺬاب رهﻴﺐ ذﻟﻚ اﻻﻧﺘﻈﺎر اﻟﻼﻣﺘﻨﺎهﻲ ﻳﻀﺎف إﻟﻰ آﺜﺎﻓﺔ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ ﻣﻤّﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻠﺤﻈﺎت ﺗﺒﺪو ﺷﻬﻮرًا واﻷﺷﻬﺮ دهﻮرًا. ﻳﺎ ربّ اﺧﺘﺼﺮ ﺁﻻم أﺻﺪﻗﺎﺋﻨﺎ واﺟﻌﻞ زﻣﻨَﻬﺎ ﻗﺼﻴﺮًا ﻓﻲ ﻣﻄﻬﺮهﺎ.
*
اﻟﻜﺎردﻳﻨﺎل روﺑﻴﺮ ﺑﻼّرﻣﺎن أﺣﺪ ﻗﺪّﻳﺴﻲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ )اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ(.
33
.٢ﻣﺎ هﻲ أﺳﺒﺎﺑﻬﺎ؟ ﻻ ﻧﺴﺘﻐﺮﺑﻦﱠ اﻟﻤﺪّة اﻟﺮهﻴﺒﺔ ﻟﻜﻔّﺎرة اﻟﻤﻄﻬﺮ .إﺣﺪى راهﺒﺎت اﻟﺰﻳﺎرة اﻟﻘﺪّﻳﺴﺎت اﻷﺧﺖ ﻣﺎري دﻧﻴﺰ ،واﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﺒﺮهﺎ ﻣﺆرّﺧﻲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ وهﺒﻬﻢ اﷲ ﻧﻌﻤﻪ اﻟﺨﺎرﻗﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ، ﺗﻘﻮل هﺬﻩ اﻷﺧﺖ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ" :إنّ أﺳﺒﺎﺑًﺎ ﻋﺪﻳﺪة ﺗﺠﻌﻞ ﻣﺪّة ﺁﻻم اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻨﻬﺎ: اﻟﻄﻬﺎرة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴّﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻨﻌﻢ ﺑﻬﺎ اﻟﻨﻔﺲ ﻟﺘﺘّﺤﺪﺑﺎﷲ. آﺜﺮة ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ اﻟﻌﺮﺿﻴّﺔ. اﻟﻨﺪم اﻟﺘﺎﻓﻪ اﻟﺬي ﻧﻘﻮم ﺑﻪ واﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻜﻔّﺎرة اﻟﺘﻲﻧﻤﺎرﺳﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ اﻟﺘﻲ اﻋﺘﺮﻓﻨﺎ ﺑﻬﺎ. اﻟﻌﺠﺰ اﻟﻤﻄﻠﻖ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ. اﻟﻨﺴﻴﺎن اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻟﻸﻣﻮات ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻷﺣﻴﺎء.هﺬﻩ اﻟﺘﺄﻣّﻼت ،وﻟﻸﺳﻒ ،هﻲ ﺟﺪّﻳﺔ وأﺳﺎﺳﻬﺎ ﻋﻤﻴﻖ. ﻟﺬﻟﻚ ،ﻻ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻜﻮن ﻣﻠﺤﺎﺣﻴﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻘﺪﻳﺲ ﻣﻮﺗﺎﻧﺎ .ﻗﺪ ﻧﻈﻦّ أﻧّﻬﻢ أﺻﺒﺤﻮا ﻓﻲ اﻟﺠﻨّﺔ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺴﻼم واﻟﻘﺪاﺳﺔ ﻣﻤّﺎ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﻜﻒّ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﻷﺟﻠﻬﻢ .أﻧﻈﺮوا آﻴﻒ ﻳﻔﻜّﺮ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻮن وﻳﻌﻤﻠﻮن .آﺎﻧﺖ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ،آﻠّﻬﺎ ،ﺻﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺒﻘﻮهﻢ إﻟﻰ دﻧﻴﺎ اﻟﺤﻖّ .ﻓﻠﻨﻌﻤﻞ ﻣﺜﻠﻬﻢ. ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺘﺤﻤّﻞ اﺣﺘﺮاق إﺻﺒﻊ واﺣﺪ ﻣﻦ أﺻﺎﺑﻌﻨﺎ ﺑﻨﺎر هﺬﻩ اﻟﺪﻧﻴﺎ إﻻّ وﺻﺮﺧﻨﺎ ﺻﺮاﺧًﺎ هﺎﺋﻼً .ﻓﻜﻴﻒ ﻧﻌﺬّب ﻧﻔﻮﺳًﺎ أﺣﺒﺒﻨﺎهﺎ ،ﻏﺎرﻗﺔ ﻓﻲ ﻧﺎر اﻟﻤﻄﻬﺮ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻟﺴﻨﻮات ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ ﺟﺮّاء إهﻤﺎﻟﻨﺎ ﻟﻬﺎ؟ أﻟﻴﺴﺖ هﺬﻩ ﻗﺴﺎوة آﺒﻴﺮة ﻣﻨّﺎ؟ أﻳّﺘﻬﺎ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ أﺣﺒﺒﻨﺎهﺎ ﻟﻦ ﻧﻨﺴﺎكِ أﺑﺪًا. ﻳﺎ ﻳﺴﻮع وﻣﺮﻳﻢ وﻳﻮﺳﻒ ﺳﺎﻋﺪوﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة!
34
أﻣﺜﻠﺔ (١أﺣﺪ اﻷﺳﺮى ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮات ﻓﻲ ﺳﺠﻨﻪ ﻗﺪ ﺗﻌﺐ ﻣﻦ اﻷﻟﻢ، ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ إﺣﺪى اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻘﺎدرات ،ﺁﻧﺬاك ،ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻄﻴﻢ ﻗﻀﺒﺎن اﻟﺴﺠﻦ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﻣﻊ أﺻﺤﺎب اﻟﺸﺄن واﻟﺴﻠﻄﺔ .ﻓﻜﺎن أن ﻗﺎل ﻟﻬﺎ ﺑﺼﻮت ﺑﺎﺋﺲ ﻳﻤﺰّﻗﻪ اﻷﻟﻢ" :ﺳﻴّﺪﺗﻲ ،ﻓﻲ اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﺁذار هﺬا ،ﺳﻨﺔ ،١٧٦٠ﺳﻴﻜﻮن ﻗﺪ ﻣﺮّ ﻋﻠﻰ ﻋﺬاﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻦ ﻣﺌﺔ أﻟﻒ ﺳﺎﻋﺔ وﻳﺒﻘﻰ ﻋﻠﻲّ ﻣﺌﺘﺎ أﻟﻒ ﺳﺎﻋﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻌﺬاب .ﺁﻩ ،ﻳﺎ ﺳﻴّﺪﺗﻲ ﻟﻮ ﺗﺮأﻓﻲ ﺑﻤﻌﺬّب ﻃﺎل ﻋﺬاﺑﻪ آﺄﻧّﻪ اﻷﺑﺪ. هﻞ ﻗﻠﺐ هﺬﻩ اﻟﺴﻴّﺪة ﻗﺎسٍ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻴﺼﻤﺪ أﻣﺎم ﻋﺬاب هﺬا اﻟﺮﺟﻞ؟ ﻟﺴﺖ أدري وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ آﻼم أﺑﻠﻎ ﻣﻤّﺎ وﺻﻒ ﺑﻪ ﺣﺎﻟﺘﻪ :ﻋﺸﺖ ﻣﺌﺔ أﻟﻒ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺬاب وﻳﺒﻘﻰ ﻋﻠﻲّ أن أﻋﻴﺶ ﻣﺌﺘﻲ أﻟﻒ ﺳﺎﻋﺔ أﺧﺮى ﻓﻲ اﻟﻌﺬاب! ﻟﻘﺪ ﺣﺴﺒﻬﻢ إذًا! (٢ﻓﻲ أﺣﺪ اﻷدﻳﺮة ﻋﺎش آﺎهﻨﺎن عEرﻓﺎ ﺑﻘﺪاﺳﺘﻬﻤﺎ وﺑﺼﻼوﺗﻬﻤﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .ﻟﻘﺪ اﺗّﻔﻘﺎ ﻋﻠﻰ أن إذا ﺗﻮﻓّﻲ أﺣﺪهﻢ ﻳﻘﺪّم اﻵﺧﺮ ذﺑﻴﺤﺔ اﻟﻘﺪّاس ﻋﻠﻰ ﻧﻴّﺔ اﻟﻤﻮﺗﻰ. ﺣﺪث أن ﺗﻮﻓّﻲ أﺣﺪهﻤﺎ ﻓﻘﺎم اﻵﺧﺮ وﺑﺤﺴﺐ اﺗّﻔﺎﻗﻬﻤﺎ، ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ذﺑﻴﺤﺔ اﻟﻘﺪّاس ﻓﻲ ﺻﺒﻴﺤﺔ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ .ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻘﺪّاس وﻋﻨﺪﻣﺎ آﺎن ﻳﻌﻄﻲ اﻟﺒﺮآﺔ ﻟﻠﻤﺼﻠّﻴﻦ ﻇﻬﺮ أﻣﺎﻣﻪ اﻷب اﻟﻤﺘﻮﻓّﻲ ﻳﺸﻊّ ﺳﻌﺎدة وﻣﺠﺪًا وﻟﻜﻦ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﺤﻮّﻟﺖ ﻣﻼﻣﺤﻪ إﻟﻰ اﻟﻘﺴﺎوة ﻟﻴﻘﻮل ﻟﺼﺪﻳﻘﻪ" :أي إﻳﻤﺎﻧﻚ ﻳﺎ أﺧﻲ؟ ﻣﺎذا ﻓﻌﻠﺖ ﺑﻮﻋﺪك؟ إﻧّﻚ ﻻ ﺗﺴﺘﺤﻖّ ﻋﻈﻴﻢ رﺣﻤﺔ ﻣﻦ اﷲ ﻟﻤﺎذا ﺗﺮآﺘﻨﻲ أآﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ أن ﺗﻘﺪّم ذﺑﻴﺤﺔ اﻟﻘﺪّاس؟
35
"ﻟﻘﺪ ﻓﺎﺟﺄﺗﻨﻲ! ﺻﺮخ اﻟﺮاهﺐ .ﺟﺴﺪك ﻟﻢ ﻳﺪﻓﻦ ﺑﻌﺪ! ﻣﻨﺬ ﺳﺎﻋﺔ ﺗﺮآﺘﻨﺎ! وﻣﻨﺬ ﻟﺤﻈﺎت أﻧﻬﻴﺖ اﻟﻘﺪّاس اﻟﻮﻋﺪ"... ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ ﺗﻨﻬّﺪت روح اﻟﻤﻴﺖ ﺗﻨﻬﻴﺪة أﻟﻴﻤﺔ وﻗﺎﻟﺖ :ﺁﻩ آﻢ هﻲ ﻣﺨﻴﻔﺔ ﺁﻻم اﻟﻤﻄﻬﺮ .ﺳﺄﻃﻴﺮ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء وأﺳﺄل اﷲ أن ﻳﻌﻴﺪ إﻟﻴﻚ ﻣﺎ ﻗﺪّﻣﺘﻪ ﻣﻦ أﺟﻠﻲ ﻷنّ هﺬا اﻟﻘﺪّاس آﺎن ﺿﺮورﻳًّﺎ ﻟﻜﻲ أهﺠﺮ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻓﻲ أﻗﺼﺮ وﻗﺖ ﻣﻤﻜﻦ". إنّ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ اﻟﻤﺒﺎرآﺔ ﺗﻘﻴﺲ زﻣﻦ ﺁﻻﻣﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﺴﺎﻋﺔ واﻟﻴﻮم وإﻧّﻤﺎ ﺑﺎﻟﺴﻨﻮات واﻟﻘﺮون اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو ﻟﻬﺎ أﺑﺪﻳّﺔ. ﻳﺎ ربّ ﻏﻔﺮاﻧًﺎ ورﺣﻤﺔ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺑﺸﻔﺎﻋﺔ ﺟﺮاﺣﺎﺗﻚ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ أن ﺗﺨﻠّﺺ أرواح ﻣﻮﺗﺎﻧﺎ. ﻟﻨﺼﻞﱢ :ﻳﺎ إﻟﻬﻲ! أﻗﻊ ﺳﺎﺟﺪًا ﻋﻨﺪ ﻗﺪﻣﻴﻚ ﻣﻦ اﻟﺨﻮف إذا ﻣﺎ ﻓﻜّﺮت ﺑﺂﻻم اﻟﻤﻄﻬﺮ اﻟﻤﺒﺮّﺣﺔ ،اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻷﻣﺪ واﻟﻜﺜﻴﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻤّﻠﻬﺎ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .ﻣﻠﻴﺌًﺎ ﺑﺎﻟﻌﻄﻒ ﻧﺤﻮ هﺆﻻء اﻟﻤﺴﺎﺟﻴﻦ اﻟﻤﻌﺪﻣﻴﻦ ﺁﺗﻲ إﻟﻴﻚ راﺟﻴًﺎ ﺑﺎﺳﻢ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ أن ﺗﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﻢ ﺑﻌﻴﻦ اﻟﺮﺣﻤﺔ وﺗﻀﻊ ﺣﺪًّا ﻵﻻﻣﻬﻢ. ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ﻣﻌﺰّﻳﺔ اﻟﻤﻌﺬّﺑﻴﻦ آﻮﻧﻲ ﻋﻮﻧًﺎ ﻟﻬﻢ! ﺧﻠّﺼﻲ أﺑﻨﺎءك ﻣﻦ اﻷﺳﺮ وﻟﻴﺴﺘﺮﻳﺤﻮا ﺑﺴﻼم ﻗﺮﺑﻚ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء.
36
اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻣﺄﺳﺎة ﺁﻻﻣﻬﻢ وﻋﺠﺰ ﺻﻠﻮاﺗﻬﻢ .١ﻋﺠﺰ ﺁﻻﻣﻬﻢ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻮت ﺗﻔﻘﺪ اﻟﻨﻔﺲ ﺟﺰاءهﺎ ﻷﻧّﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺣﺮّة اﻻﺧﺘﻴﺎر ﺑﻴﻦ اﻟﺨﻴﺮ واﻟﺸﺮّ .ﻓﻤﺜﻞ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻴﻠﺔ اﻟﺬي ﺗﻜﻠّﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻓﻲ اﻹﻧﺠﻴﻞ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻘﻮى أﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء وﺣﻴﺚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺌﻨّﻮن ﻓﻴﻪ ﻳﺸﺒﻪ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ اﻟﻤﺰارع اﻟﺬي ﻣﻨﻌﻪ ربّ اﻟﺒﻴﺖ ﻣﻦ زرع ﺣﻘﻠﻪ .ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎﻟﻤﻮﺗﻰ اﻷﺣﺒّﺎء ﻋﺎﺟﺰون ﻋﻦ ﻣﺴﺎﻋﺪة أﻧﻔﺴﻬﻢ .ﻓﺨﻀﻮﻋﻬﻢ اﻟﻜﻠّﻲ وﺣﺒّﻬﻢ ﷲ وﻋﻈﻤﺔ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﻢ ﻟﻦ ﻳﻘﺼّﺮوا ﻗﻴﺪ أﻧﻤﻠﺔ ﻣﻦ زﻣﻦ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ. إنّ أﺻﻐﺮ ﺁﻻم اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻟﻮ ﺗﺤﻤّﻠﻮهﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻷآﺴﺒﺘﻬﻢ ﻣﺠﺪ اﻟﺴﻤﺎء .أﻣّﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻓﺈنّ هﺬﻩ اﻵﻻم ﻋﻘﻴﻤﺔ ﻻ ﺟﺪوى ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ وﻻ ﺟﺪوى ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ،إﻧّﻬﺎ ﺑﻜﻞّ ﺑﺴﺎﻃﺔ ﺗﺴﺪﻳﺪ َد ْﻳﻦٍ. وأﺳﻔﺎﻩ أن ﺗﺘﺄﻟّﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﻟﻘﺮون ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺟﺪوى .إنّ هﺬﻩ اﻟﻔﻜﺮة وﺣﺪهﺎ ﻟﻤﺤﺒﻄﺔ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﻨﻔﺲ وﺗﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻄﺎق! ﻓﻬﻲ ﻣﻨّﺎ ﻧﺤﻦ اﻷﺣﻴﺎء ﺗﻨﺘﻈﺮ اﻟﻌﻮن ﺑﺎﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ ﻧﺠﺪﺗﻬﺎ وﺧﻼﺻﻬﺎ. ﻧﻌﻢ ﻧﺤﻦ اﻷﺣﻴﺎء ،وﺣﺪﻧﺎ ﻣﻮرد اﻷﻣﻮات .ﻧﺤﻦ وﺣﺪﻧﺎ ﻗﻮّﺗﻬﻢ اﻟﺘﺤﺮّرﻳّﺔ .اﻟﺴﻤﺎء ﺗﻌﺰّﻳﻬﻢ وﻧﺤﻦ ،ﻧﺤﻦ ﻧﺪاوﻳﻬﻢ .اﻟﺴﻤﺎء ﺗﺸﺠّﻌﻬﻢ وﻧﺤﻦ ،ﻧﺤﻦ ﻧﺤﺮّرهﻢ .اﻟﻘﺪّﻳﺴﻮن ﻳﻔﺘﺤﻮن ﻟﻬﻢ أذرﻋﻬﻢ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻬﻢ وﻧﺤﻦ ،ﻧﺤﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻧﺪﺧﻠﻬﻢ إﻟﻰ دار اﻟﺴﻌﺎدة .هﺬﻩ هﻲ ﻣﻘﺪرﺗﻨﺎ وهﺬا هﻮ واﺟﺒﻨﺎ .ﻓﻬﻞ ﻧﻔﻜّﺮ ﺑﺬﻟﻚ؟
37
.٢ﻋﺠﺰ ﺻﻠﻮاﺗﻬﻢ آﻤﺎ أنّ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻋﺎﺟﺰة ﻋﻦ ﺧﻼﺻﻬﺎ ﺑﺂﻻﻣﻬﺎ ﻓﻬﻲ أﻳﻀًﺎ ﻋﺎﺟﺰة ﻋﻦ ذﻟﻚ ﺑﺼﻠﻮاﺗﻬﺎ .ﻋﺒﺜًﺎ ﺗﺼﺮخ ﻣﻦ أﻋﻤﺎق ﺁﻻﻣﻬﺎ اﻟﻤﺤﺮﻗﺔ ،ﷲ .ﻋﺒﺜًﺎ ﺗﺴﺘﺠﺪي ﻋﺪاﻟﺘﻪ وﺗﻨﺎدي ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ داود: "إﻟﻬﻲ ،إﻟﻬﻲ ﻟﻤﺎذا ﺗﺮآﺘﻨﻲ .أﻧﺎدﻳﻚ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎر ﻓﻼ ﺗﺴﻤﻌﻨﻲ. أﺋﻦّ ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ وﻻ ﻣﻦ ﻣﺠﻴﺐ .ﺗﺬآّﺮ ﻳﺎ ربّ رﺣﻤﺘﻚ! إﻗﻄﻊ اﻷوﺻﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻄﻨﻲ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻨﻚ! ﺣﺮّرﻧﻲ ﻣﻦ ﻃﻮل ﺁﻻﻣﻲ. اﻟﺮﺣﻤﺔ ﻳﺎ ربّ ،اﻟﺮﺣﻤﺔ. ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻳﻨﺘﻔﻲ زﻣﻦ اﻟﺮﺣﻤﺔ ﻟﻴﺴﻮد زﻣﻦ اﻟﻌﺪاﻟﺔ. اﻻﺳﺘﺠﺪاءات ﷲ ﻻ ﺟﺪوى ﻟﻬﺎ .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻢّ ﺗﺴﺪﻳﺪ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻷﻟﻢ، ﺗﻨﺘﻘﻞ اﻟﻨﻔﺲ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء. أﻣّﺎ إذا آﺎﻧﺖ ﺻﻠﻮات اﻷﻣﻮات ﻻ ﻣﺮدود ﻟﻬﺎ ﻓﺈنّ ﺻﻠﻮاﺗﻨﺎ ،ﻧﺤﻦ اﻷﺣﻴﺎء ﻟﻬﺎ ﻗﻮّة ﻣﺤﺒّﺒﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﷲ .آﻠّﻤﺎ ﺻﻌﺪت ﺻﻠﻮاﺗﻨﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﺴﻤﺎء ،اﻧﻬﻤﺮت ﺷﻼﻻت اﻟﺮﺣﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻧِﻌﻤًﺎ وﻏﻔﺮاﻧًﺎ وﺣﺮﻳّﺔ وﻣﺠﺪًا. ﺑﺎﻟﺼﻼة وﺣﺪهﺎ ﻧﺎﻟﺖ ﻣﺮﺗﺎ وﻣﺮﻳﻢ ﻗﻴﺎﻣﺔ ﻟﻴﻌﺎزر .وﺑﺎﻟﺼﻼة وﺣﺪهﺎ ﻧﻨﺎل ﻧﺤﻦ ﺣﺮﻳّﺔ ﻣﻮﺗﺎﻧﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ .ﻟﻨﺼﻞّ ﻣﻦ أﻋﻤﺎق ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ وﺑﻼ اﻧﻘﻄﺎع ﻓﻨﻘﻮل داﺋﻤًﺎ :ﻳﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻄﻴّﺐ اﻟﺮﺣﻮم أﻋﻄﻬﻢ اﻟﺮاﺣﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ .ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ أمّ اﻟﻤﻌﺬّﺑﻴﻦ وﻣﻌﺰﻳّﺘﻬﻢ هﻠﻤّﻲ إﻟﻰ ﻧﺠﺪﺗﻬﻢ! ﻳﺎ ﻗﺪّﻳﺴﻮ اﻟﺠﻨّﺔ ﺗﺪﺧّﻠﻮا ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻮﺗﺎﻧﺎ!
38
ﻣﺜﺎل ﻋﻨﺪﻣﺎ آﺎن ﻳﺴﻮع ﻳﻌﺒﺮ اﻟﻴﻬﻮدﻳّﺔ ،اﻟﺘﻘﻰ رﺟﻼً آﺴﻴﺤًﺎ ،ﻳﻨﺘﻈﺮ ﺑﺤﺰن وﺻﺒﺮ ﻗﺮب ﺑﺮآﺔ أورﺷﻠﻴﻢ ﺣﻴﺚ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﻳّﺎم ،ﻳﻬﺒﻂ ﻣﻼك اﻟﺮبّ وﻳﺤﺮّك اﻟﻤﻴﺎﻩ وأوّل ﻣﺮﻳﺾ ﻳﻐﺘﺴﻞ ﺑﻬﺎ ﻳﺒﺮأ ﻣﻦ ﻣﺮﺿﻪ .وآﺎن هﺬا اﻟﻜﺴﻴﺢ ،ﺣﺴﺐ اﻹﻧﺠﻴﻞ ،ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ وﻻ ﻳﻘﺪر ﻋﻠﻰ اﻻﻏﺘﺴﺎل ﻓﻲ ﻣﻴﺎﻩ اﻟﺒﺮآﺔ .ﺗﻘﺪّم ﻣﻨﻪ ﻳﺴﻮع ﻣﺘﺄﺛّﺮًا ﺑﺤﺎﻟﺘﻪ وهﻮ اﻟﻤﺨﻠّﺺ اﻟﺮؤوف .وﻗﺎل ﻟﻪ :ﻟﻤﺎذا ﻻ ﺗﺬهﺐ وﺗﻐﺘﺴﻞ ﻓﻲ ﻣﻴﺎﻩ اﻟﺒﺮآﺔ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ" .ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ اﻟﻜﺴﻴﺢ" :ﻳﺎ ﺳﻴّﺪ إنّ ﺟﻤﻴﻊ أﻃﺮاﻓﻲ ﻋﺎﺟﺰة ﻋﻦ اﻟﺤﺮآﺔ وﻟﻴﺲ ﻟﺪيّ أﺣﺪٌ ﻳﺮﻣﻴﻨﻲ أ ّوﻻً ﻓﻲ اﻟﺒﺮآﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ .إنّ ﺷﻔﺎﺋﻲ اﻟﺬي أرﻏﺒﻪ ﻣﻦ أﻋﻤﺎق ﻗﻠﺒﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﻤﺸﻴﺌﺘﻲ .ﻓﺄﻧﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺻﺪﻳﻖ آﺮﻳﻢ وﻣﺤﺐّ ﻳﻤﺪّ ﻟﻲ ﻳﺪ اﻟﻌﻮن". ﻳﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ آﺴﻴﺢ ﺑﺎﺋﺲ! هﻜﺬا هﻮ ﺣﺰﻳﻦ ﻗﺪ ُر اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ،ﺗﻜﺎد ﺗﺒﻘﻰ ﺑﻼ ﺣﺮاك ﻓﻲ ﻟﻬﻴﺐ اﻟﻤﻄﻬﺮ .ﻏﻴﺮ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺪة ﻧﻔﺴﻬﺎ .ﻏﻴﺮ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ رﻣﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﺮآﺔ دم ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﺜﻤﻴﻦ اﻟﺬي ﺧﻠّﺺ اﻟﻌﺎﻟﻢ.
آﻮﻧﻮا اﻟﺼﺪﻳﻖ اﻟﻤﺤﺐّ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ واﻟﻤﻼك اﻟﻤﺨﻠّﺺ ﻟﻜﺴﻴﺤﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ اﻟﺒﺎﺋﺴﻴﻦ. ﻟﻨﺼﻞﱢ :أﺳﺄﻟﻚ ﻳﺎ ربّ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻠﻔّﻬﺎ ﻟﻴﻞ رهﻴﺐ ﻓﻲ ﻇﻠﻤﺎﺗﻪ اﻟﺤﺎﻟﻜﺔ .إﻧّﻬﺎ ﻋﺎﺟﺰة وﻣﺴﺘﺴﻠﻤﺔ ﻟﻌﺪاﻟﺘﻚ .إﺳﻤﺢ ﻟﻲ ﻳﺎ ربّ أن أآﻮن وﺳﻴﻄًﺎ ﻟﻬﺎ ﻟﺪى ﻋﺪاﻟﺘﻚ. أﺳﺄﻟﻚ ﻳﺎ رﺣﻮم أن ﺗﺨﺘﺼﺮ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﻔﺎهﻢ! ﻳﺎ ﻳﺴﻮع ،آﻦ ﻋﻮﻧًﺎ ﻟﻬﻢ ،أدع إﻟﻴﻚ أﺣﺒّﺎءك وأﺧﻮﺗﻨﺎ! ﻟﻴﺮﻗﺪوا ﺑﺴﻼم!
39
اﻟﻴﻮم اﻟﻌﺎﺷﺮ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﻤﻤﻴﺘﺔ واﻟﻌﺮﺿﻴّﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮدّي إﻟﻰ اﻟﻤﻄﻬﺮ .١ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﻤﻤﻴﺘﺔ ﺗﻘﻮد اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ اﻟﻤﻤﻴﺘﺔ ،ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ،إﻟﻰ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،إﻧّﻬﺎ ﺗﻘﺬف اﻟﻨﻔﺲ إﻟﻰ ﺟﻬﻨّﻢ .ﻓﺎﻟﻨﻔﻮس اﻟﺘﻲ أﻋﻤﺘﻬﺎ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ، وﺳﻜﻨﺘﻬﺎ ﺗﻐﻮص ﻓﻲ اﻟﻈﻠﻤﺎت. ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﺘﺤﻤّﻞ ﻧﻮر اﷲ اﻟﺬي ﻳﺘﺮاءى ﻟﻬﺎ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﻤﻤﺎت .وﻟﻜﻦ إذا ﻧﺪم اﻟﺨﺎﻃﺊ واﻋﺘﺮف ﺑﺨﻄﻴﺌﺘﻪ ﻳﻐﻔﺮ ﻟﻪ اﷲ ﺑﻨﻌﻤﺔ ﺳﺮّ اﻟﻐﻔﺮان .ﻣﺎذا ﻳﺤﺪث ﻋﻨﺪﺋﺬٍ؟ ﻳﻐﻔﺮ اﷲ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ وﻳﺠﺪّد ﺻﺪاﻗﺘﻪ ﻣﻊ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ .وﻟﻜﻦ ﻳﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺎﻃﺊ اﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﺴّﻮء اﻟﺬي ارﺗﻜﺒﻪ ﺗﺠﺎﻩ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ؛ إﻣّﺎ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻤﻤﺎرﺳﺔ اﻹﻣﺎﺗﺎت واﻟﺼﻼة وإﻗﺎﻣﺔ اﻟﻘﺪّاس أو ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵﺧﺮ ﺣﻴﺚ اﻟﻌﺬاﺑﺎت اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ. ﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮات ﻣﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻷﺧﻄﺎء ﻳﻨﺘﻈﺮ اﻟﻨﻔﺲَ ﻣﻄﻬﺮٌ ﻣﺨﻴﻒٌ وﻃﻮﻳﻞ اﻷﻣﺪ. إﻧّﻪ دَﻳﻦٌ ﻋﻈﻴﻢ ذاك اﻟﺬي ﻳﺠﺐ ﺗﺴﺪﻳﺪﻩ ﻟﻌﺪاﻟﺔ اﷲ .ﺣﻘًّﺎ إنّ ﺳﺮّ اﻟﻐﻔﺮان ﻳﺨﻔّﻒ ﻣﻦ دَﻳﻨﻨﺎ وﻟﻜﻦ ﻗﻠﻴﻼً! ﻷنّ آﻔّﺎرﺗﻨﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺑﺤﺮارة آﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺑﺔ. ﺣﻘًّﺎ أنّ اﻹﻣﺎﺗﺎت وأﻋﻤﺎل اﻟﺨﻴﺮ ﺗﺤﻤﻴﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﻴﻦ ﻳﻤﺎرﺳﻮن اﻹﻣﺎﺗﺎت ﺑﺤﻖّ وﻳﺼﻮﻣﻮن آﻤﺎ ﻳﺠﺐ! واﻷآﺜﺮ ﺧﻄﻴﺌﺔ هﻢ اﻷﻗﻞّ ﺗﻜﻔﻴﺮًا ﻋﻦ ذﻧﻮﺑﻬﻢ. وأﺧﻴﺮًا آﻢ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺘﻮب ﺗﻮﺑﺔ ﺣﻘّﺔ ﻟﻴﻔﻮز ﺑﺎﻟ ﱢﻨﻌَﻢ!؟ ﻗﻠﻴﻠﻮن هﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺤﺎﺷﻮن اﻟﻐﻮص ﻓﻲ أﻋﻤﺎق هﺬﻩ اﻟﺤﻔﺮة اﻟﻤﺨﻴﻔﺔ! هﻨﺎك اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ واﻟﻘﻠﻴﻞ اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺑﺔ!
40
إذا آﺎﻧﺖ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻣﻮﺳﻮﻣﺔ ﺑﺎﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺣﺎﻓﺰ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺨﻼﺻﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺮﻏﺒﺎت اﻟﻤﺆذﻳﺔ .آﻤﺎ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺪﻓﻌﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻷآﺜﺮ ذﻧﻮﺑًﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ. ﻳﺎ ربّ أدﺧﻞ ﻓﻲ روﺣﻲ رهﺒﺔً ﻗﺪﺳﻴّﺔ آﻠّﻤﺎ ﻓﻜّﺮت ﺑﺄﺣﻜﺎﻣﻚ اﻟﻘﺎهﺮة. .٢ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﻌﺮﺿﻴّﺔ هﻞ ﺗﻜﻔّﺮون ﻋﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎآﻢ؟ أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﻮن أﺑﺮﻳﺎء آﻨﺘﻢ أو ﺣﺎﻓﻈﺘﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﻬﺎرة ﻣﻌﻤﻮدﻳّﺘﻜﻢ ﻣﺜﻞ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻟﻮﻳﺲ! آﻢ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﻌﺮﺿﻴّﺔ ﻻ ﺗﻌﺘﺒﺮوﻧﻬﺎ َد ْﻳﻨًﺎ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺗﺠﺎﻩ اﷲ؟ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ هﺬﻩ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ آﺜﻴﺮة ﺟﺪًّا ،وﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺣﻴﺎﺗﻜﻢ ﻧﺴﻴﺞ رداء ﻣﻨﻬﺎ .آﻢ إنّ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻤﺒﺘﺬﻟﺔ واﻟﻌﺒﺎرات اﻟﺴﺨﻴﻔﺔ واﻷﺣﻜﺎم اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴّﺔ واﻟﻠّﻬﻮ واﻷﻗﻮال اﻟﻤﺆذﻳﺔ؟ آﻢ ﻣﻦ اﻷﺑﺎﻃﻴﻞ واﻟﻮﻗﺖ اﻟﻀﺎﺋﻊ ﺳُﺪىً ﺗﻀﻌﻜﻢ ﺑﺨﺼﻮﻣﺔ ﻣﻊ اﷲ وأﻧﺘﻢ ﺗﻘﻮﻟﻮن أﻧّﻬﺎ ﺧﻄﺎﻳﺎ ﺻﻐﻴﺮة ،وﻟﻴﺴﺖ ﺑﺬي ﺑﺎل؟ آﻢ ﻣﻦ هﺬﻩ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ ﺗﻘﺎرب اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﻜﺒﻴﺮة وأﻧﺘﻢ ﺑﻬﺎ ﻣﺬﻧﺒﻮن؟ أﺗﻜﻔّﺮون ﻋﻨﻬﺎ؟ أﻣّﺎ إذا آﺎﻧﺖ ﺣﻴﺎﺗﻜﻢ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﺪﱠﻳﻦ وﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻹرﺿﺎءات ﷲ ﻓﺈﻧّﻜﻢ ﺣﺘﻤًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆدّي ﻣﺒﺎﺷﺮة إﻟﻰ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،ﻣﻜﺎن آﻔّﺎرﺗﻜﻢ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻄﻮل أﻳّﺎﻣًﺎ وأﺷﻬﺮًا وﺳﻨﻴﻨًﺎ، ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻄﻬﺮآﻢ ﻃﻮﻳﻼً وﻗﺎﺳﻴًﺎ! ﻓﻜّﺮوا ،أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﻮن ﺑﺠﺪﱟ وﻗﻮﻟﻮا" :ﻋﻠﻲّ أن أﺳﺪّد دﻳﻨﻲ ﷲ .ﻳﺠﺐ أن أﺳﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي أﺑﻘﺘﻪ ﻟﻲ رﺣﻤﺘﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ إرﺿﺎء ﻋﺪاﻟﺘﻪ .ﻳﺠﺐ أن أدﻓﻊ اﻟﺪﱠﻳﻦ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ اﻟﻜﺮم واﻟﺤﺐّ .أﻳّﺘﻬﺎ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﺳﺎﻋﺪﻳﻨﻲ .أﻃﻠﺒﻲ أن ﺗﻘﺒﻞ روﺣﻲ اﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻋﻦ ذﻧﻮﺑﻬﺎ ،ﻓﺎﻃﻠﺐ ﻣﻦ أﺟﻠﻚ اﻟﺮاﺣﺔ واﻟﻌﺰاء".
41
ﻣﺜﺎل ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ١٨٤٨ﻋﺎﺷﺖ ﻓﻲ ﻟﻨﺪن ،اﻣﺮأة أرﻣﻠﺔ ﻋﻤﺮهﺎ ٢٩ ﺳﻨﺔ ،ﻓﺎﺣﺸﺔ اﻟﺜﺮاء وﺗﻌﻴﺶ ﺣﻴﺎة ﻣﺮﻓّﻬﺔ .ﻣﻦ ﺑﻴﻦ أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺎﺷﺮوﻧﻬﺎ أﺣﺪ اﻟﻠﻮردات اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺤﻴﺎﺗﻪ اﻟﻤﺴﺘﻬﺘﺮة. ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ،وﻗﺪ اﻧﺘﺼﻒ اﻟﻠﻴﻞ ،آﺎﻧﺖ اﻟﺴﻴّﺪة ﺗﻘﺮأ ﻗﺼّﺔ ﺑﻬﺪف اﻟﻨﻌﺎس .ﻣﺎ آﺎدت ﺗﻄﻔﺊ اﻟﻨﻮر ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺘﻬﺎ ﺣﺘّﻰ ﻇﻬﺮ ﻟﻬﺎ ﻧﻮر ﻏﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﺒﺎب واﻧﺘﺸﺮ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺘﻬﺎ. ﺧﺎﻓﺖ اﻟﻤﺮأة وﺗﻔﺎﺟﺄت ﻋﻨﺪﻣﺎ رأت اﻟﺒﺎب ﻳﻨﻔﺘﺢ ﺑﻬﺪوء وﻳﻈﻬﺮ أﻣﺎﻣﻬﺎ اﻟﻠﻮرد اﻟﺸﺎب ﺷﺮﻳﻚ اﺳﺘﻬﺘﺎرهﺎ .وﻗﺒﻞ أن ﺗﺘﻔﻮّﻩ ﺑﻜﻠﻤﺔ آﺎن ﺟﺎﻟﺴًﺎ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ ﻣﻤﺴﻜًﺎ ﺑﻴﺪهﺎ ﻗﺎﺋﻼً" :إﻋﺮﻓﻲ أنّ هﻨﺎك ﺟﻬﻨّﻢ ﺣﻴﺚ ﻧﺤﺘﺮق"... ﺑﺴﺒﺐ اﻷﻟﻢ اﻟﻌﻈﻴﻢ اﻟﺬي أﺣﺴّﺖ ﺑﻪ ،ﻓﻲ ﻳﺪهﺎ ،ﻏﺎﺑﺖ ﻋﻦ اﻟﻮﻋﻲ .ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻳﻘﺎرب اﻟﻨﺼﻒ ﺳﺎﻋﺔ اﺳﺘﻌﺎدت وﻋﻴﻬﺎ ﻓﻨﺎدت ﺧﺎدﻣﺘﻬﺎ .دﺧﻠﺖ اﻟﺨﺎدﻣﺔ اﻟﻐﺮﻓﺔ ﻓﺎﺷﺘﻤّﺖ راﺋﺤﺔ ﺣﺮﻳﻖ ﻗﻮﻳّﺔ وﻻﺣﻈﺖ أنّ ﻳﺪ ﺳﻴّﺪﺗﻬﺎ اﺣﺘﺮﻗﺖ ﺣﺘّﻰ آﺎن اﻟﻌﻈﻢ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻨﻬﺎ. وهﺬا اﻟﺤﺮق ﻳﻮﺿﺢ أﺛﺮ ﻳﺪ رﺟﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ .وﻗﺪ ﻻﺣﻈﺖ أﻳﻀًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺠﺎد ،ﻣﻦ اﻟﺒﺎب إﻟﻰ اﻟﻔﺮاش ،ﺁﺛﺎر ﺣﺮوق ﺗﺸﺒﻪ اﻷﻗﺪام! وﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻋﺮﻓﺖ اﻟﺴﻴّﺪة أنّ اﻟﻠﻮرد اﻟﺸﺎب ﻗﺪ أﺳﻠﻢ اﻟﺮّوح ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻴﻠﺔ. ﻟﻨﺼﻞﱢ :ﻳﺎ ربّ! آﻢ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ ﺳﻤﺤﺖ ﻟﻨﻔﺴﻲ ،ﻣﻌﺘﺒﺮًا أﻧّﻬﺎ ﻏﻴﺮ ذي ﻗﻴﻤﺔ ،وﺑﻼ ﻧﺪم .ﺁﻩ ،ﻟﻮ ﻓﻜّﺮت ﺑﻴﻮم اﻟﺤﺴﺎب أﻣﺎم ﻋﺪاﻟﺘﻚ وآﻨﺖ أآﺜﺮ ﻳﻘﻈﺔ .إﻗﺒﻞ ﻳﺎ ربّ أﺧﻮﺗﻲ ﻓﻲ آﻨﻴﺴﺘﻚ اﻟﻤﻨﺘﺼﺮة .وﻟﻴﺮﻗﺪوا ﺑﺴﻼم!
42
اﻟﻴﻮم اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ ﻗﺪاﺳﺔ أرواح اﻟﻤﻄﻬﺮ :ﺗﺤﺐّ اﷲ وﻣﺤﺒﻮﺑﺔ ﻣﻦ اﷲ .١إﻧّﻬﺎ ﺗﺤﺐّ اﷲ ﺗﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ آﺎﺗﺮﻳﻦ دي ﺟﻴﻦ )" :*(Catherine de Gêneإنّ آﻞّ ﻧﻔﺲ ﻣﻨﺬ دﺧﻮﻟﻬﺎ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،ﺗﺮﺗﻔﻊ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﻤﺎل واﻻﺗّﺤﺎد ﺑﺎﷲ وﻗﺪ ﺗﺼﻠﺢ ﻣﺜﺎﻻً ﻟﻜﺒﺎر اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ" .ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ، هﻨﺎك ﻋﺪد هﺎﺋﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﻮﻋﻮدة ﺑﺎﻟﻤﺠﺪ ،اﻟﺘﻲ اﻧﺘﺼﺮت ﻋﻠﻰ ﺁﻻﻣﻬﺎ وﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻋﻠﻰ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﻴﺎة ﺑﻄﻮﻟﻴّﺔ أﻣﻀﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ وﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻤﻨﻔﻰ ﻣﺤﻤّﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﱢﻌﻢ. إﻧّﻬﺎ ﺗﻠﻤﻊ آﻨﺠﻮم ﻓﻲ ﻗﺒّﺔ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺼﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﺎل ﺗﺨﻠّﻰ ﺛﻮﺑﻬﺎ ﻋﻦ أﺻﻐﺮ اﻟﺸﻮاﺋﺐ اﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﺘﻬﺎ ﻣﻌﻬﺎ ﻣﻦ اﻷرض .إﻧّﻬﺎ أرواح ﺟﻤﻴﻠﺔ ،ﻣﻘﺪّﺳﺔ ،ﻣﺎﺋﺘﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ آﻞّ دﻧﺲ ،واﻟﻨﻔﺲ اﻷﻗﻞّ ﻗﻴﻤﺔ ﺑﻴﻨﻬﺎ أﻏﻠﻰ ﻣﻦ آﻞّ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺎدي ﺑﻌﻴﻦ اﷲ .إﻧّﻬﺎ ﺗﺤﺐّ اﷲ اﻟﻘﺪّوس ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ .هﺬا اﻟﺤﺐّ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﺤﺐّ ﺁﻻﻣﻬﺎ وﻋﺪاﻟﺔ اﷲ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺠﺰهﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ .إﻧّﻪ ﺗﻔﻀّﻞ اﻟﺒﻘﺎء ﻓﻲ اﻟﻨﺎر اﻟﻤﻄﻬّﺮة ﻋﻠﻰ أن ﺗﺪﺧﻞ اﻟﺴﻤﺎء واﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺪﻧﺲ ﻳﻠﻄّﺦ ﺛﻮﺑﻬﺎ .إﻧّﻬﺎ ﺗﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺷﻜﺮ اﷲ اﻟﺬي أﺣﺴﻦ إﻟﻴﻬﺎ ﻓﺄوﺟﺪ ﻟﻬﺎ ﻣﻜﺎﻧًﺎ ﺗﺘﻄﻬّﺮ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎهﺎ ،وﺗﻔﻮز هﻲ ﺑﺎﻟﺒﺮﻳﻖ واﻟﺠﻤﺎل اﻟﺬي ﻳﻨﺎﺳﺐ زواﺟﻬﺎ ﺑﺎﷲ )أيّ اﻻﺗﺤﺎد ﺑﻪ – اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ( .وهﻢ أﻋﻈﻢ ﻣﻦ أﻳّﻮب ﻓﻲ ﺁﻻﻣﻬﻢ، ﻳﺮدّدون" :ﻟﻴﺘﺒﺎرك اﺳﻢ اﻟﺮبّ". ﻓﻠﻨﺮأف ﺑﻬﺬﻩ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ .إﻧّﻬﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ آﺒﻴﺮة إﻟﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻨﺎ. ﻳﻮﻣًﺎ ﻣﺎ ﺗﺘﻐﻴّﺮ اﻷدوار ﻓﺘﺼﺒﺢ هﺬﻩ اﻟﻨﻔﻮس ﺣﺎﻣﻴﺘﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء، وﺳﻴﻄﺘﻨﺎ ﻟﺪى اﷲ! وهﻜﺬا ﺗﻌﻴﺪ إﻟﻴﻨﺎ ﻣﺎ ﻗﺪّﻣﻨﺎﻩ ﻟﻬﺎ ﻳﻮم ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﺎ. *
ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺟﻨﻮى ﻓﻲ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ.
43
.٢إﻧّﻬﺎ ﻣﺤﺒﻮﺑﺔ ﻣﻦ اﷲ ﻳﻘﻮل أﺣﺪ اﻷدﺑﺎء" :إذا آﺎن اﷲ ﻳﺤﺒّﻨﺎ ﻧﺤﻦ ،اﻟﺨﻄﺄة اﻟﻔﻘﺮاء ﻏﻴﺮ اﻟﻜﺎﻣﻠﻴﻦ واﻟﻤﻌﺪَﻣﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻔﻀﻴﻠﺔ واﻟﻨﻌﻤﺔ؛ ﻓﻜﻴﻒ ﺑﺎﻟﺤﺮيّ ﻣﺤﺒّﺘﻪ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ .ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﺘﻲ ﻏﺪت ﻣﻠﻜﻪ وﺣﺪﻩ واﻟﺘﻲ ﻳﺮى ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺮﻳﻖ ﺟﻤﺎل اﻟﺬﻳﻦ اﺧﺘﺎرهﻢ. إﻧّﻪ ﻳﺤﺒّﻬﺎ ﺑﻼ ﻧﻬﺎﻳﺔ .إﻧّﻬﺎ زوﺟﺎﺗﻪ )اﻟﺘﻲ ﻳﺘّﺤﺪ ﺑﻬﺎ( ،أﺑﻨﺎؤﻩ اﻷﺣﺒّﺎء ،ورﺛﺔ ﻣﺠﺪﻩ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺠّﺪوﻧﻪ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء .إﻧّﻬﺎ اﻟﺤﺠﺎرة اﻟﺘﻲ ﻟﺒﻨﺎء أورﺷﻠﻴﻢ اﻟﺴﻤﺎوﻳّﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺻﻘﻠﻬﺎ اﻟﺒﻨّﺎء اﻟﺴﻤﺎوي وﺟﻌﻠﻬﺎ ﺑﺮّاﻗﺔ ﻗﺒﻞ إدﺧﺎﻟﻬﺎ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﻤﻘﺮّر ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء إﻟﻰ اﻷﺑﺪ .إﻧّﻪ ﻳﺤﺒّﻬﺎ ﺑﺮﻓﻖ وﻳﺘﺄﻣّﻠﻬﺎ ﺑﺤﺐّ .ﻓﻬﻮ ﻳﺮﻏﺐ، ﺑﺤﺮارة ،اﻻﺗﺤﺎد ﺑﻬﺎ .إنّ ﻗﻠﺒﻪ اﻷﺑﻮيّ ﻳﺘﺄﻟّﻢ ﻟﺮؤﻳﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﻔﺎهﺎ )اﻟﻤﻄﻬﺮ( وﻟﻜﻦ ﻋﺪاﻟﺘﻪ وﻃﻴﺒﺘﻪ ﻳﻤﺴﻜﺎﻧﻬﺎ ﻓﻲ أﺳﺮهﺎ إﻟﻰ ﺣﻴﻦ ﺗﺴﺪﻳﺪ دﻳﻨﻬﺎ آﺎﻣﻼً. آﻢ ﺳﻴﻜﻮن ﻓﺮح اﻵب اﻟﺮﺣﻮم واﻟﻌﻄﻮف ﻋﻈﻴﻤًﺎ إذا وﺟﺪ ﺻﺪﻳﻘًﺎ وﺳﻴﻄًﺎ ﻳﻘﻒ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻘﺎب واﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﻓﻴﺠﺮّد اﻟﻌﻘﺎب ﻣﻦ ﻗﺴﺎوﺗﻪ وﻳﺼﺎﻟﺢ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ ﻣﻊ اﷲ! ﻷﻟﻒ ﺳﺒﺐ وﺳﺒﺐ ﻳﺠﺐ أن ﻧﺤﺐّ هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﺒﺎرآﺔ ﻓﻨﻄﻠﺐ ﻟﻬﺎ اﻟﺮﺣﻤﺔ اﻟﻮاﺳﻌﺔ .إﻧّﻬﺎ ﺟﺪﻳﺔ ﺑﻌﻄﻔﻨﺎ! ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﺪّم ﺣﺴﻨﺔ إﻟﻰ ﻓﻘﻴﺮ ﻻ ﻧﻌﺮف إن آﺎن ﻳﺴﺘﺤﻘّﻬﺎ أو أﻧّﻪ ﺧﺎﻃﺊ أو ﻧﺎآﺮ ﻟﻠﺠﻤﻴﻞ .أﻣّﺎ ﻋﻤﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ هﺬﻩ اﻷرض ﻓﻴﻘﺎس ﺑﺎﻷﺧﻄﺎء .اﻷرض اﻟﺘﻲ ﻧﻘﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ أﻣﻴﻨﺔ ﺟﺪًّا ﻷﻋﻤﺎﻟﻨﺎ :ﻓﻜﻞّ ﺑﺬرة ﻧﺰرﻋﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺤﺼﺪ اﻟﺴﻤﺎء ﻣﻨﻬﺎ ﺛﻤﺮة ﻓﺘﻌﻮد ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﺎﻟﺒﺮآﺔ.
44
ﻣﺜﺎل اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﺟﻴﺮﺗﺮود ،وهﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﺘﻘﺎل روﺣﻲّ ،رأت روح إﺣﺪى اﻟﺮاهﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﺖ ﺣﻴﺎة اﻟﻔﻀﻴﻠﺔ واﻟﺘﻘﻮى ،واﻗﻔﺔ ﻓﻲ ﺣﻀﺮة ﺳﻴّﺪﻧﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ .آﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻼﻣﺎت اﻟﻤﺤﺒّﺔ وﻟﻜﻨّﻬﺎ ﻻ ﺗﺠﺮؤ ﻋﻠﻰ رﻓﻊ ﻧﻈﺮهﺎ إﻟﻰ وﺟﻪ اﻟﻤﺨﻠّﺺ اﻟﺒﻬﻲّ .ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻋﻴﻨﺎهﺎ ﻣﻨﺨﻔﻀﺘﻴﻦ ﻓﻲ وﺿﻌﻴّﺔ ﻣﻦ ارﺗﻜﺐ ﺟﺮﻳﻤﺔ .آﺎﻧﺖ ﺗﺼﺮّﻓﺎﺗﻬﺎ ﺗﻮﺣﻲ ﺑﺄﻧّﻬﺎ ﺗﺮﻏﺐ ﺑﺎﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﻤﻌﻠّﻢ اﻹﻟﻬﻲّ. ﺗﻔﺎﺟﺄت اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﺟﻴﺮﺗﺮود ﻣﻦ ﺗﺼﺮّﻓﺎﺗﻬﺎ اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﻣﻤّﺎ أﺛﺎر دهﺸﺘﻬﺎ ورﻏﺒﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺴﺒﺐ .ﻓﻘﺎﻟﺖ :ﻳﺎ ربّ اﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻟﻤﺎذا ﻻ ﺗﺴﺘﻘﺒﻞ هﺬﻩ اﻟﺮوح ﺑﻘﺮﺑﻚ؟ ﻋﻨﺪ هﺬﻩ اﻟﻜﻠﻤﺎت رأت اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻓﺎﺗﺤًﺎ ﻳﺪﻳﻪ ﺑﺤﺐّ وآﺄﻧّﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺠﺬب هﺬﻩ اﻟﻨﻔﺲ إﻟﻴﻪ؛ وﻟﻜﻦ هﺬﻩ اﻷﺧﻴﺮة اﺑﺘﻌﺪت ﺑﺨﺠﻞ .ﻓﺰادت دهﺸﺔ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﺟﻴﺮﺗﺮود ،ﻓﺴﺄﻟﺖ روح اﻟﺮاهﺒﺔ ﻟﻤﺎذا ﺗﺮﻓﺾ ﺣﻀﻦ هﺬا اﻟﺰوج اﻟﺤﻨﻮن .ﻓﺄﺟﺎﺑﺖ اﻟﺮوح :ﻷﻧّﻨﻲ ﻟﻢ أﻃﻬّﺮ آﻔﺎﻳﺔ ﻣﻦ دﻧﺲ ﺧﻄﺎﻳﺎي .وإذا اﷲ وهﺒﻨﻲ دﺧﻮل اﻟﺴﻤﺎء ﻣﺮّة ،وأﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ أﻧﺎ ﻓﻴﻬﺎ ،أﺷﻌﺮ أﻧّﻨﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﺆهّﻠﺔ ذﻟﻚ ،ﻣﻬﻤﺎ ﻇﻬﺮت ﺑﺮّاﻗﺔ أﻣﺎم ﻋﻴﻨﻴﻪ .ﻓﺄﻧﺎ أﻋﺮف ،وﺑﻬﺬﻩ اﻟﺤﺎﻟﺔ ،أﻧّﻨﻲ ﻟﻦ أآﻮن اﻟﺰوﺟﺔ اﻟﻤﺆهّﻠﺔ ﻟﻤﺨﻠّﺼﻲ". هﻜﺬا هﻲ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﺗﻄﻴﻞ زﻣﻦ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﺎ ﺑﻄﻴﺒﺔ ﻗﻠﺐ وﺧﻀﻮع آﺎﻣﻞ .ﻟﻘﺪ ﺗﻐﻴّﺮت ﻓﻲ اﷲ ﺗﻐﻴّﺮًا ﻋﻈﻴﻤًﺎ ﺣﺘّﻰ ﺑﺎﺗﺖ ﻻ ﺗﻨﻘﺺ ﻣﻦ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﺎ اﻟﻨﺬر اﻟﻘﻠﻴﻞ ،ﻟﻜﻲ ﺗﺼﺒﺢ ﺑﺮّاﻗﺔ آﺎﻣﻠﺔ
45
اﻟﻄﻬﺎرة .إﻧّﻬﺎ ﺗﻘﺒﻠﻬﺎ ﺑﻔﺮح ﻋﻈﻴﻢ آﻠّﻤﺎ اﻗﺘﺮﺑﺖ ﻣﻦ ﻧﻬﺎﻳﺔ آﻔّﺎرﺗﻬﺎ .إﻧّﻬﺎ أﻧﻔﺲ ﺟﺪﻳﺮة ﺑﺤﺒّﻨﺎ واﺣﺘﺮاﻣﻨﺎ ورﺣﻤﺘﻨﺎ. ﻟﻨﺼﻞﱢ :ﻳﺎ ربّ ،ﻳﺎ ﻏﺎﻓﺮ ﺧﻄﺎﻳﺎ اﻟﺨﻄﺄة ،ﻳﺎ راﻏﺐ اﻟﺴﻼم ﻟﻜ ّ ﻞ اﻟﺒﺸﺮ؛ أﻧﻈﺮ ﺑﻌﻴﻦ رأﻓﺘﻚ إﻟﻰ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .إﻧّﻬﺎ زوﺟﺎﺗﻚ اﻟﻤﺘّﺤﺪة ﺑﻚ ،إﻧﻬﻢ أﺑﻨﺎؤك اﻟﻤﺨﺘﺎرون .ﻟﻘﺪ أﺣﺒّﺘﻚ ﺣﺒًّﺎ ﻋﻈﻴﻤًﺎ وﺧﺪﻣﺘﻚ ﺑﺸﺠﺎﻋﺔ آﺒﻴﺮة. ع أﻇﻬﺮ ﻟﻬﻢ وﺟﻬﻚ اﻟﻘﺪّوس .ﻳﺎ ﻳﺴﻮع آﻦ ﻋﻮﻧًﺎ ﻟﻬﻢ! أد ُ أﺑﻨﺎءك وأﺧﻮﺗﻨﺎ إﻟﻰ ﻣﻠﻜﻮﺗﻚ واﻟﻨﻮر اﻟﺬي ﻻ ﻳﻨﻄﻔﺊ ،ﻳﻨﻴﺮهﻢ! ﻟﻴﺮﻗﺪوا ﺑﺴﻼم!
46
اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ ﺗﺠﻤﻌﻨﺎ ﻓﻲ رواﺑﻂ اﻟﻤﺤﺒّﺔ واﻷﺧﻮّة .١إﻧّﻬﺎ ﻣﺘّﺤﺪة ﻣﻌﻨﺎ ﺑﺮواﺑﻂ اﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺗﺬآّﺮوا أﻧّﻨﺎ ﻣﺘّﺤﺪون ﻣﻊ هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﺑﺴﻼﺳﻞ روﺣﻴّﺔ إﻟﻬﻴّﺔ .ﻣﺜﻠﻨﺎ ،ﺧﻠﻘﻬﻢ اﷲ ﻋﻠﻰ ﺻﻮرﺗﻪ واﻓﺘﺪاهﻢ ﺑﺪم ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ .أﻋﺎد وﻻدﺗﻬﻢ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﻌﻤﻮدﻳّﺔ .وﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻮل أﻧّﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ،أﺑﻨﺎء ﺣﺸﺎ واﺣﺪ ،وهﻮ ﺣﺸﺎ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ .ﻧﺤﻦ أﺑﻨﺎء أمّ واﺣﺪة .ﻣﺜﻠﻨﺎ وإﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻨﺎ ﺟﻠﺴﻮا ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺪة اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ وﻧﺎﻟﻮا ﻧﻌﻤﺔ اﻟﺤﻴﺎة اﻷﺑﺪﻳّﺔ .ﻟﻘﺪ ﺣﻤﻠﺖ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵﺧﺮ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻲ اﻟﺮﺟﺎء ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي ﻳﺨﻔّﻒ ﻣﻦ ﻣﺮارة ﺳﻌﻴﻨﺎ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺪﻧﻴﺎ. أﻋﻀﺎء ﺟﺴﺪ واﺣﺪ ،ورﺛﺔ ﻣﻠﻜﻮت واﺣﺪ هﻢ رﻓﺎﻗﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻷﺑﺪﻳّﺔ .أﻣّﺎ ﻣﺎ ﻳﻔﺮّﻗﻨﺎ ﻋﻦ هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ هﻲ أﻧّﻬﺎ ﺑﺎﺋﺴﺔ ،ﻣﻘﻴّﺪة ،أﺳﻴﺮة ،ﻣﻌﺬّﺑﺔ وﻋﺎﺟﺰة ﻋﻦ ﻧﺠﺪة ﻧﻔﺴﻬﺎ وهﻲ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﻣﻨّﺎ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة واﻟﻌﺰاء وﻧﺤﻦ واﺟﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﺎ. أﻟﻴﺴﺖ ﺣﻘﻮﻗًﺎ ﻣﺒﺮوﻣﺔ ﺗﺠﺎﻩ ﻋﻄﻔﻨﺎ وﺣﺒّﻨﺎ ﻟﻬﻢ؟ إذا آﺎن أﺑﻨﺎء ﻋﺎﺋﻠﺔ واﺣﺪة ﻳﺤﺒّﻮن ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀًﺎ أﻻ ﻳﺼﺒﺢ أﻟﻢ أﺣﺪهﻢ أﻟﻤًﺎ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ؟ هﻜﺬا ﻳﺠﺐ أن ﻳﺤﻴﺎ أﺑﻨﺎء اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻮاﺣﺪة .أﻳﻦ ﻣﺤﺒّﺘﻨﺎ إذا رﻓﻀﻨﺎ هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ اﻟﻐﺎرﻗﺔ ﻓﻲ ﺁﻻﻣﻬﺎ! هﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ أن ﻧﺘﻨﻜّﺮ ﻟﻬﻢ ﺑﺼﻔﺘﻨﺎ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ واﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪًا؟ ﻟﻨﺤﺒﱠﻬﻢ آﻤﺎ أﺣﺒّﻨﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ .ﺑﻬﺬﻩ اﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻓﻘﻂ ﻧﻄﻴّﺐ ﺟﺮاﺣﺎﺗﻬﻢ وﻧﺤﺮّرهﻢ. ﻗﺒﻞ وﻓﺎﺗﻪ ﺑﻘﻠﻴﻞ ،آﺘﺐ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻳﻮﺣﻨّﺎ اﻟﺮﺳﻮل" :ﻳﺎ أﺑﻨﺎﺋﻲ اﻟﺼﻐﺎر أﺣﺒّﻮا ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺑﺎﻟﻜﻼم ﺑﻞ ﺑﺎﻷﻓﻌﺎل اﻟﺤﻘﻴﻘﻴّﺔ"...
47
.٢إﻧّﻬﺎ ﻣﺘّﺤﺪة ﻣﻌﻨﺎ ﺑﺮواﺑﻂ اﻷﺧﻮّة ﺑﻴﻦ هﺬﻩ اﻷﺻﻮات اﻟﻤﻨﺎﺟﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﺠﺪ أﻧﺖ ﺻﻮت أخ أو أﺧﺖ، ﺻﻮت اﺑﻦ ﺣﺒﻴﺐ أو زوج أو زوﺟﺔ ﺣﺒﻴﺒﺔ ﺟﻤﻌﻬﻢ اﻟﺤﺐّ وﻓﺮّﻗﻬﻢ اﻟﻤﻮت .ﻗﺪ ﺗﺴﻤﻊ ﻧﺪاء أب أو أمّ ﺗﺠﺮي دﻣﺎؤهﻢ ﻓﻲ ﻋﺮوﻗﻚ. ﻣﺎذا ﻳﻘﻮل ﻟﻚ ﺻﻮت اﻟﺪم وﻧﺪاء اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ؟ "ﺗﻌﺎلَ إﻟﻰ ﻧﺠﺪﺗﻲ، أدﻋﻮك ﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ،ﻻ أﺣﺪ ﻟﻲ ﻏﻴﺮك وﻻ ﺗﺄﺗﻲ .ﺗﻌﺎلَ ﺣﺎﻣﻼً ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻚ ﻗﻠﺒﻚ وﺻﻠﻮاﺗﻚ وأﻋﻤﺎﻟﻚ اﻟﺤﺴﻨﺔ واﻧﺪﻓﺎﻋﻚ .ﺗﻌﺎل ﺧﻠّﺼﻨﻲ ﻣﻦ ﻧﺎر هﺬﻩ اﻷﻋﻤﺎق اﻟﻤﺤﺮﻗﺔ .ﺗﻌﺎلَ واﻋﻄﻨﻲ اﻟﺴﻤﺎء واﷲ واﻷﺑﺪﻳّﺔ .ﺗﻌﺎل!". آﻴﻒ ﻧﺼﻤﺪ أﻣﺎم هﺬا اﻟﺼﺮاخ اﻟﻤﻔﻌﻢ ﺑﺎﻟﺤﺰن ،وهﺬا اﻟﻨﺪاء اﻟﻤﻠﺤﺎح؟ هﻞ ﻧﻌﻠﻢ ﻧﺤﻦ أنّ ﺑﺘﺠﺎهﻠﻨﺎ ﻟﻬﻢ ﻧﻜﻮن ﻗﺪ أﻃﻠﻨﺎ ﻣﺪّة ﻣﻄﻬﺮ ﻣﻦ أﺣﺒّﻨﺎ ﺑﺈﺧﻼص؟ ﻣﺜﺎل ﺳﻨﺔ ١٨٦٤ﺗﺤﻮّل أﺣﺪ اﻟﻔﻨّﺎﻧﻴﻦ اﻟﻴﻬﻮد إﻟﻰ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ ﺧﻼل اﺣﺘﻔﺎل ﺑﺎﻹﻓﺨﺎرﺳﺘﻴّﺎ .ﺗﻘﺒّﻞ ﺳﺮّ اﻟﻤﻌﻤﻮدﻳّﺔ ﺛﻢ اﻟﺘﺤﻖ ﺑﺮهﺒﻨﺔ ﻣﺘﻘﺸّﻔﺔ ﺟﺪًّا .آﻞّ ﻳﻮم آﺎن ﻳﻤﻀﻲ اﻟﺴﺎﻋﺎت اﻟﻄﻮال ﻓﻲ ﻋﺒﺎدة اﻟﻘﺮﺑﺎن اﻟﻤﻘﺪّس وﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ أن ﻳﻠﻬﻢ واﻟﺪﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺒّﻬﺎ ﺣﺒًّﺎ ﺑﻨﻮﻳًّﺎ آﺒﻴﺮًا ،اﻟﺘﺤﻮّل إﻟﻰ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ. أﺳﻠﻤﺖ واﻟﺪﺗﻪ اﻟﺮوح ﻣﻦ ﻏﻴﺮ أن ﻳﺤﺼﻞ هﻮ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺒﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ .ﻏﺮق هﺬا اﻟﻜﺎهﻦ ﻓﻲ ﻋﺬاب ﻣﺮّ ،ﻓﺬهﺐ ورآﻊ أﻣﺎم اﻟﻘﺮﺑﺎن اﻟﻤﻘﺪّس ﻳﻌﺎﺗﺐ اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻓﻴﻘﻮل" :ﻳﺎ ربّ، إﻧّﻪ ﺣﻖﱞ أن أﻗﺪّم ﻟﻚ آﻞّ ﺷﻲء .ﻓﺄﻧﺎ ﻟﻢ أرﻓﺾ ﻟﻚ ﺷﺒﺎﺑﻲ وﺁﻣﺎﻟﻲ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻘﺪّﻣﺖ ﻟﻚ ذاﺗﻲ وأﻓﺮاﺣﻲ اﻟﻌﺎﺋﻠﻴّﺔ،
48
ﺖ ﻗﺪّﻣﺖ ﻟﻘﺪ ﺿﺤّﻴﺖ ﺑﻜﻞ ﻣﻠﺬّات اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺎدﻳﺘﻨﻲ ،وﻟﻜﻨ ُ ﻟﻚ دﻣﻲ ،ﻟﻜﻦ ﻳﺎ ربّ ،أﻳّﻬﺎ اﻟﺤﺐّ اﻷﺑﺪيّ ،آﻨﺖ ﻗﺪ وﻋﺪﺗﻨﻲ ﺖ ﻟﻚ ،هﺎ أﻧﺖ ﺗﺮﻓﺾ ﻟﻲ روح ﺑﺎﻟﻨﱢﻌﻢ أﺿﻌﺎف أﺿﻌﺎف ﻣﺎ ﻗﺪّﻣ ُ واﻟﺪﺗﻲ!!! ﻳﺎ إﻟﻬﻲ إﻧّﻲ أﻧﺴﺤﻖ ﻓﻲ هﺬا اﻷﻟﻢ ،وهﺬﻩ اﻟﺜﺮﺛﺮة ﺳﺘﺨﺮج ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺷﻔﺘﻲّ". ﻏﻤﺮت اﻟﺪﻣﻮع ﻗﻠﺒﻪ اﻟﺒﺎﺋﺲ وﻓﺠﺄة ﻃﺮق ﺻﻮت ﻋﺠﻴﺐ أذﻧﻴﻪ ﻗﺎﺋﻼً" :ﻳﺎ ﻗﻠﻴﻞ اﻹﻳﻤﺎن ،أﻣّﻚ ﻗﺪ ﺧﻠّﺼﺖ .إﻋﺮَف أنّ اﻟﺼﻼة ﻟﻬﺎ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻋﻨﺪي ﻓﺎﺳﺘﻘﺒﻠﺖ آﻞّ ﺻﻠﻮاﺗﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ أﻣّﻚ وﺣﺴﺒﺘﻬﺎ ﻟﻬﺎ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻤﺎﺗﻬﺎ .ﻓﻈﻬﺮت ﻟﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺳﻠﻤﺖ روﺣﻬﺎ ﻓﺮأﺗﻨﻲ وﺻﺮﺧﺖ" :ﻳﺎ رﺑّﻲ وإﻟﻬﻲ!" ﺗﺸﺠّﻊ ﻓﺄﻣّﻚ ﻗﺪ ﺧﻠّﺼﺖ ﻣﻦ اﻟﻌﺬاب وﻃﻠﺒﺎﺗﻚ اﻟﺤﺎرّة ﺗﺤﺮّر روﺣﻬﺎ ،ﻗﺮﻳﺒًﺎ ،ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ". اﻷب هﻴﺮﻣﺎن ﻋﻠﻢ ﻓﻲ ﻇﻬﻮر ﺛﺎنٍ أنّ واﻟﺪﺗﻪ آﺎﻧﺖ ﺗﺼﻌﺪ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء. ﻟﻨﺼﻞﱢ آﺜﻴﺮًا ﻣﻦ أﺟﻞ أهﻠﻨﺎ اﻷﻣﻮات.
ﻟﻨﺼﻞﱢ :رﺣﻤﺔً ﻳﺎ ربّ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺘﻬﺎ ﻣﻌﻲ ﺑﺮواﺑﻂ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﻨﺎﻋﻤﺔ واﻟﺸﺪﻳﺪة واﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ ﺣﺒّﻲ ﻟﻬﺎ ﻓﺮﺿًﺎ واﺟﺒًﺎ، أﺟﻞ إرﺣﻢ أﻧﻔﺲ أهﻠﻨﺎ وﻣﺤﺒّﻴﻨﺎ وأﺻﺪﻗﺎﺋﻨﺎ .ﻳﺎ ربّ إﻗﺒﻞ ﺻﻠﻮاﺗﻲ ودﻣﻮﻋﻲ اﻟﺘﻲ أﻗﺪّﻣﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ. ﻳﺎ ﻳﺴﻮع آﻦ ﻟﻬﻢ ﻋﻮﻧًﺎ! ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ آﻮﻧﻲ ﻟﻬﻢ ﻋﻮﻧًﺎ .أدﻋﻮا أﺑﻨﺎءك وأﺧﻮﺗﻨﺎ إﻟﻰ ﻣﺜﻮى اﻟﺮاﺣﺔ واﻟﻨﻮر واﻟﺴﻼم.
49
اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ ﻣﻬﺠﻮرون ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﻬﻢ ،ﻣﻬﺠﻮرون ﻣﻦ أهﻠﻬﻢ .١اﻟﻤﻬﻤﻠﺔ ﻣﻦ أﺻﺪﻗﺎﺋﻬﺎ ﻟﻨﻔﻜّﺮ أنّ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻧﻔﻮﺳًﺎ ﻣﻬﻤﻠﺔ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻬﺘﻢّ ﺑﻬﺎ أﺣﺪ ﻓﺘﺘﺄﻟّﻢ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻋﺰاء .ﻃﺒﻌًﺎ ،اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻻ ﺗﻨﺴﻰ أﺑﻨﺎءهﺎ هﺆﻻء. وأﻧﻔﺴﻬﻢ ﻟﻬﺎ اﻟﺤﻖّ ﻓﻲ اﻟﺼﻠﻮات اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻴﻤﻬﺎ هﺬﻩ اﻷمّ اﻟﺤﻨﻮﻧﺔ وﺗﻘﺪّﻣﻬﺎ إﻟﻰ اﷲ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ .وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻋﺪا هﺬﻩ اﻟﺼﻠﻮات اﻟﺠﻤﺎﻋﻴّﺔ ﻻ ﺗﺤﺼﻞ هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ ﻋﻠﻰ أيّ دﻋﻢ ﺧﺎص ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎء .إﻧّﻬﺎ ﻣﻬﻤﻠﺔ ﻣﻦ أﺻﺪﻗﺎﺋﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ أﻗﺴﻤﻮا ﻋﻠﻰ ﺣﺒّﻬﺎ أﺑﺪًا .وﻟﻜﻦ ﺑﻤﺎ أنّ هﺬا اﻟﺤﻨﺎن هﻮ ﺣﻨﺎن ﺑﺸﺮيّ ﻣﺤﺾ وأﻧﺎﻧﻲ ﻓﻬﻮ ﻳﺨﺘﻔﻲ ﻣﻊ ﺁﺧﺮ ﺻﻮت ﻟﺠﺮس اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ. إنّ هﺬا اﻹهﻤﺎل ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺘﻮﻗّﻊ ،هﻮ ﺳﺒﺐ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻇﻢ ﺁﻻم هﺆﻻء اﻷﺳﺮى اﻟﺒﺎﺋﺴﻴﻦ .ﻓﻬﻢ ﻳﻠﻮﻣﻮن اﻷﺣﻴﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﻧﺴَﻮا واﺟﺒﺎت اﻟﺼﺪاﻗﺔ ﻓﻴﻨﺎدوﻧﻬﻢ ﻗﺎﺋﻠﻴﻦ" :إرﺣﻤﻮﻧﺎ ﻳﺎ ﻣﻦ آﻨﺘﻢ أﺻﺪﻗﺎءﻧﺎ .ﻟﻘﺪ أﻋﻄﻴﻨﺎآﻢ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻋﻄﻔﻨﺎ واﻧﺪﻓﺎﻋﻨﺎ ﻳﺎ ﻣﻦ أﺣﺒﺒﻨﺎآﻢ ﺑﺤﻨﺎن .ﻟﻘﺪ وﻋﺪﺗﻤﻮﻧﺎ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺘﻨﺎ اﻷﺧﻴﺮة ،ﻟﺤﻈﺔ اﻟﻮداع أن ﻻ ﺗﻨﺴﻮﻧﺎ أﺑﺪًا! وهﺎآُﻢ ﺗﺨﻠﻔﻮن اﻟﻮﻋﺪ :ﻻ ﺻﻼة ﺗﺘﻠﻮﻧﻬﺎ ،أو ﺣﺴﻨﺔ ﺗﻘﺪّﻣﻮﻧﻬﺎ أو دﻣﻌﺔ ﺗﺬرﻓﻮﻧﻬﺎ أو ﺗﻨﻬﻴﺪة ﺗﻄﻠﻘﻮﻧﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻠﻨﺎ .ذﻟﻚ ﻷﻧّﻨﺎ ﺑﻌﻴﺪون ﻋﻦ ﻋﻴﻮﻧﻜﻢ ﻓﺄﺧﺮﺟﺘﻤﻮﻧﺎ ﻣﻦ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ". ﻳﻘﻮل ﺑﻮﺳّﻮﻳﻪ ) :*(Bossuetﻳﺎ ﻟﺘﻘﻠّﺐ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ! ﻓﺈﻧّﻬﺎ ﺗﺬهﺐ ﻣﻊ اﻟﺴﻨﻴﻦ واﻟﻤﺼﺎﻟﺢ". *
ﺑﻮﺳﻮﻳﻪ ) (١٧٠٤ – ١٦٢٧ﻣﻦ آﺒﺎر اﻷدﺑﺎء واﻟﻤﻔﻜّﺮﻳﻦ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴّﻴﻦ ،رﺟﻞ دﻳﻦ أﺻﺒﺢ ﻣﻄﺮاﻧًﺎ ﺳﻨﺔ .١٦٦٩ﺟﺎﺑﻪ اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ اﻟﺒﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺘﻴّﺔ
ﻣﺪاﻓﻌًﺎ ﻋﻦ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻟﻮﻳﺲ اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﺸﺮ اﻟﺪﻳﻨﻴّﺔ ﻟﻪ :آﺘﺎﺑﺎت دﻳﻨﻴّﺔ وﺗﺎرﻳﺨﻴّﺔ وﺣﻮارات ﻋﺪﻳﺪة ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻨﻪ أﺣﺪ آﺒﺎر أدﺑﺎء ﻋﺼﺮﻩ )اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ(.
50
هﺬﻩ اﻟﻤﺂﺧﺬ ﺗﻄﺎل آﻞّ واﺣﺪ ﻣﻨّﺎ .أﺗﻔﻜّﺮون ﺑﺄﺻﺪﻗﺎء ﻃﻔﻮﻟﺘﻜﻢ وﺷﺒﺎﺑﻜﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﺧﻄﻔﻬﻢ اﻟﻤﻮت؟ هﺆﻻء اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻷﻋﺰّاء ،آﺜﻴﺮًا ﻣﺎ ﻧﻨﺴﺎهﻢ ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻮا دوﺳﺎل رﻏﻢ أﻧّﻬﻢ أﺣﺒّﻮﻧﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ!.. ﻞ. ﻬﻤَ ْ ﻞ ُﻳ ْ ﻬﻤِ ْ ﻟﻨﺨﺸﻰ ﻧﺤﻦ اﻹهﻤﺎل أﻳﻀًﺎ ﻷﻧّﻪ آُﺘﺐ ﻣﻦ ُﻳ ْ .٢اﻟﻤﻬﻤﻠﺔ ﻣﻦ أهﻠﻬﺎ هﺆﻻء اﻟﻤﻮﺗﻰ ﻣﺜﻠﻤﺎ أهﻤﻠﻬﻢ أﺻﺪﻗﺎؤهﻢ آﺬﻟﻚ أهﻤﻠﻬﻢ أهﻠﻬﻢ إﻣّﺎ ﻷﻧّﻬﻢ رﺣﻠﻮا ﻋﻦ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ أو ﻷنّ أهﻠﻬﻢ ﺗﻨﻜّﺮوا ﻟﻜﻞّ ﺷﻌﻮر ﺑﺎﻟﻤﺤﺒّﺔ وﻋﺮﻓﺎن اﻟﺠﻤﻴﻞ ﻧﺤﻮهﻢ .اﻷب ،اﻷم ،اﻷﺧﻮة واﻷﺧﻮات أو ورﺛﺘﻬﻢ ﺗﺨّﻠﻮا ﻋﻨﻬﻢ .ﺣﻴﺜﻤﺎ ﺗﻄﻠّﻌﻮا ﻻ ﻳﺼﺎدﻓﻮن ﻏﻴﺮ اﻟﻨﺴﻴﺎن واﻹهﻤﺎل .ﻻ آﻠﻤﺔ واﺣﺪ ﺗﺬآّﺮ ﺑﻬﻢ أو ﺗﻠﻔﻆ أﺳﻤﺎؤهﻢ .ﻻ زﻳﺎرة إﻟﻰ ﻣﺪاﻓﻨﻬﻢ وﻻ ﺻﻼة .ﻳﺨﻴّﻢ اﻟﻨﺴﻴﺎن ﻋﻠﻰ ﺁﻻﻣﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ وﻻ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻷﺣﺒّﺎء ﻳﻌﺰّﻳﻬﻢ .اﻟﻨﺴﻴﺎن ﻳﻌﻤّﻬﻢ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ. ﻳﺎ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ ،ﻳﺎ ﻟﻄﻮل ﻋﺬاﺑﻬﺎ وﻣﻜﻮﺛﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ اﻟﺮهﻴﺐ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺠﺪون ﻣﻦ ﻳﺴﺎﻋﺪهﻢ .ﻳﺎ ﻟﻘﺴﺎوة ﻣﻨﻔﺎهﻢ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﻢ! هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ ﺗﻨﺎدي ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ..." :أﻗﺮﺑﺎﺋﻲ اﺑﺘﻌﺪوا ﻋﻨّﻲ وأهﻠﻲ رﻣﻮﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﻴﺎن .أﺑﻲ وأﻣﻲ ﺗﺨﻠّﻴﺎ ﻋﻨﻲ ﻓﻐﺪوت آﺈﻧﺎءٍ ﻣﻜﺴﻮر ُوﺿِﻊ ﺟﺎﻧﺒًﺎ وﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﻔﻜّﺮ ﺑﻪ أﺣﺪ". آﻤﺎ اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﺗﺨﻞّ ﻋﻨﻪ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﻲ ﺑﺴﺘﺎن اﻟﺰﻳﺘﻮن، ﺗﻘﻮل هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ" :ﺳﺄﻟﺖ ﻣﻦ ﻳﻌﺰّﻳﻨﻲ ﻓﻠﻢ أﺟﺪ أﺣﺪًا". ﺻﻠّﻮا داﺋﻤًﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﻨﺴﻴّﻴﻦ وأﻗﻴﻤﻮا اﻟﻘﺪّاس ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ آﻞّ أﺳﺒﻮع .آﻮﻧﻮا ﻟﻬﻢ اﻷب واﻷم واﻷخ واﻷﺧﺖ واﻟﺼﺪﻳﻖ. هﻞ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ أﻋﻈﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻳﻌﺒّﺮ ﻋﻦ ﻣﺤﺒّﺘﻚ؟ ﺳﻴﺼﻠّﻮن ﻣﻦ أﺟﻠﻚ ﻳﻮمَ ﻳﻨﺴﺎك أهﻠﻚ وورﺛﺘﻚ وﻳﺘﺮآﻮﻧﻚ ﻟﻠﻨﺴﻴﺎن.
51
ﻣﺜﺎل ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﺮﻋﺎﻳﺎ اﻟﺮﻳﻔﻴّﺔ وﻗﻌﺖ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺑﺸﻌﺔ آﻤﺪت اﻟﻘﻠﻮب .ﻣﻔﺎدهﺎ أنّ ﺷﺎﺑًّﺎ أﻋﻤﺖ اﻟﻐﺮاﺋﺰ ﺑﺼﻴﺮﺗﻪ ﻓﺤﻮّﻟﺘﻪ إﻟﻰ وﺣﺶ ﻗﺎﺳﻲ اﻟﻘﻠﺐ ،ﺗﺂﻣﺮ ﻣﻊ ﻣﺠﺮم ﺁﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻞ واﻟﺪﺗﻪ ﻓﺤﻤﻼهﺎ ورﻣﻴﺎهﺎ ﻓﻲ ﺑﺮآﺔ ﻣﺎء ﻣﻮﺣﻠﺔ .آﺎﻧﺖ اﻷم اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ ﺗﺘﺨﺒّﻂ ﻓﻲ اﻟﻤﻴﺎﻩ اﻵﺳﻨﺔ ﻣﺎدّة ﻳﺪهﺎ إﻟﻰ ﺟﻼّدﻳﻬﺎ .اﻟﻐﺮﻳﺐ آﺎن ﻳﺪﻓﻌﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺎء ﺑﻴﺪﻩ اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ آﻠّﻤﺎ ﺣﺎوﻟﺖ اﻟﺘﻤﺴّﻚ ﺑﺎﻟﻀﻔﺔ. ﻟﻜﻦ اﺑﻨﻬﺎ ،رﻏﻢ ﺗﺼﺮّﻓﻪ اﻟﻤﺠﺮم ،ﻋﻨﺪﻣﺎ رأى أﻣّﻪ ﺗﻤﺪّ ﻳﺪﻳﻬﺎ اﻟﻠﺘﻴﻦ ﺣﻀﻨﺘﻪ ﻏﻠﺒﺘﻪ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ﻓﺘﺨﻠّﻰ ﻋﻦ وﺣﺸﻴّﺘﻪ وﻣﺪّ إﻟﻴﻬﺎ ﻳﺪﻩ واﻧﺘﺸﻠﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻐﺮق ﻟﻜﻦ ﺷﺮﻳﻜﻪ دﻓﻌﻬﺎ وأﻏﺮﻗﻬﺎ ﺣﺘّﻰ اﻟﻤﻮت. اﻟﻤﻄﻬﺮ هﻮ آﺒﺮآﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺮﺋﻴّﺔ ،ﻳﻤﺪّ إﻟﻴﻨﺎ أهﻠﻨﺎ وأﺻﺪﻗﺎؤﻧﺎ أﻳﺪﻳﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻧﻨﺘﺸﻠﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻐﺮق .ﺣﻴﺚ ﻧﻜﻮن ﻗﺪ ﺳﺎهﻤﻨﺎ ﻓﻲ إﻏﺮاﻗﻬﻢ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺬاب اﻟﻤﺨﻴﻒ .ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻧﻠﻬﺚ وراء ﻣﻠﺬّاﺗﻨﺎ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ هﻢ ﻳﺘﺄﻟّﻤﻮن وﻳﻨﺎدوﻧﻨﺎ ﻓﻲ أﻋﻤﺎق ﻣﻄﻬﺮهﻢ .أﻻ ﻧﻘﻮم ﺑﻨﺠﺪﺗﻬﻢ؟ أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ! ﺳﻨﻜﻮن ﻋﺎﺋﻠﺘﻚ ،أﺻﺪﻗﺎؤك، وﻣﺨﻠّﺼﻴﻚ وﻳﻮﻣًﺎ ﻣﺎ ﺳﺘﺴﺮﻋﻴﻦ أﻧﺖِ إﻟﻰ ﻧﺠﺪﺗﻨﺎ. ﻟﻨﺼﻞﱢ :ﻳﺎ ﻳﺴﻮع! ﻳﺎ ﻣﻦ ﺗﺨﻞّ ﻋﻨﻪ ﺗﻼﻣﻴﺬﻩ واﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﺑﺴﺘﺎن اﻟﺰﻳﺘﻮن ،إرﺣﻢ ﻧﻔﻮس اﻟﻤﻄﻬﺮ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ وﺧﺼﻮﺻًﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺤﺮوﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة واﻟﻌﺰاء ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻷﺣﻴﺎء .آﻦ ﻋﺰاءهﻢ وﻣﺤﺮّرهﻢ. ع أﺑﻨﺎءك اﻟﻤﻨﺴﻴّﻴﻦ إﻟﻰ ﻋﺎﺋﻠﺘﻬﻢ اﻟﺴﻤﺎوﻳّﺔ .ﻟﻴﺮﻗﺪوا ﻳﺎ ﻳﺴﻮع أد ُ ﺑﺴﻼم!
52
اﻟﻴﻮم اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﺸﺮ ﻧﺤﻦ ﻗﺎدرون ﻋﻠﻰ ﻣﺆاﺳﺎﺗﻬﻢ وواﺟﺒﻨﺎ ﻣﺆاﺳﺎﺗﻬﻢ .١ﻧﺤﻦ ﻗﺎدرون ﻋﻠﻰ ﻣﺆاﺳﺎﺗﻬﻢ ﻟﻘﺪ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻊ ﺗﺮاﻧﺖ ..." :ﻧﺆﻣﻦ أنّ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﺗﺠﺪ ﻋﺰاءهﺎ ﻓﻲ وﺣﺪة اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﺎﻟﻜﻨﻴﺴﺔ وأﻋﻤﺎﻟﻬﻢ اﻟﺨﻴّﺮة "...آﻤﺎ أنّ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻓﻲ وﺣﺪﺗﻬﺎ اﻟﺮاﺋﻌﺔ ﺗﻀﻢّ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻓﻲ آﻞّ زﻣﺎن وآﻞّ ﻣﻜﺎن .إنّ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻌﻬﻢ ﺗﻌﻤّﻢ ﺧﻴﺮاﺗﻬﻢ اﻟﺮوﺣﻴّﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻴﻊ أﺣﻴﺎءً وأﻣﻮاﺗًﺎ اﻟﺮاﻗﺪﻳﻦ ﺑﺴﻼم ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ! ﻷنّ اﻟﻤﺤﺒّﺔ آﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺑﻮﻟﺲ اﻟﺮﺳﻮل ،ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ آﻤﺎ ﻳﻨﺘﻬﻲ اﻹﻳﻤﺎن واﻟﺮﺟﺎء ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻤﺎت ،ﺑﻞ ﺗﺤﻴﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻮت وﻻ ﺗﻔﻨﻰ أﺑﺪًا" .وهﻜﺬا ﻓﺎﻟﻤﺆﻣﻨﻮن ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻬﻢ ﻳﺒﻘﻮن ﻣﺘّﺼﻠﻴﻦ ﺑﺎﻟﻜﻨﻴﺴﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ .ﻓﻬﻢ أﺧﻮﺗﻨﺎ وأﺻﺪﻗﺎؤﻧﺎ وأﻗﺮﺑﺎؤﻧﺎ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ .ﻣﺜﻞ ﻣﻼﺋﻜﺔ اﻟﺴﻤﺎء واﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ اﻟﻤﺨﺘﺎرﻳﻦ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻧﺤﻦ أن ﻧﺤﺮّر اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻣﻦ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﺎ .ﺑﻞ أآﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ واﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺪّﻣﻮن اﻟﺼﻠﻮات ﻓﻘﻂ .ﻧﺤﻦ ﻧﻘﻮم ﺑﺬﻟﻚ ،ﺑﻜﻞّ ﻋﻤﻞ ﺣﺐّ وﻧﻮاﻳﺎ ﺻﺎﻟﺤﺔ وﺻﻠﻮات وﺣﺴﻨﺎت ﻧﻘﺪّﻣﻬﺎ .ﻳﻘﻮل اﻷب ﻓﺎﺑﺮ" :اﷲ أﻋﻄﺎﻧﺎ اﻟﻘﺪرة ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ َﻗﺪَر هﺬﻩ اﻟﻨﻔﻮس ﺣﻴﺚ أﻧّﻪ ﻳﺒﺪو ﻣﺮﺗﺒﻄًﺎ ﺑﺎﻷرض أآﺜﺮ ﻣﻤّﺎ هﻮ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎء .ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻔﻮس هﻲ ﻋﻘﻴﺪة اﻟﻌﺰاء ﻓﻲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ! ذﻟﻚ هﻮ ﻣﺎ ﺗﻮﻓّﺮﻩ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﻤﺆﻣﻨﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ". إﻧّﻪ ﻟﻔﺮح ﻋﻈﻴﻢ وﺳﻌﺎدة آﺒﻴﺮة ﺗﻐﻤﺮآﻢ ﻳﺎ ﻣﻦ ﺗﺒﻜﻮن أﺑًﺎ أو أﻣًّﺎ أو زوﺟًﺎ أو وﻟﺪًا .ﻋﺰّوا أﻧﻔﺴﻜﻢ ﻷﻧّﻜﻢ ﻣﺎزﻟﺘﻢ ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﺄآﻴﺪ ﺣﺒّﻜﻢ ﻟﻬﻢ واﻧﺪﻓﺎﻋﻜﻢ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ .أﻧﺘﻢ ﻗﺎدرون أن ﺗﻜﻮﻧﻮا ﻣﻼك ﺧﻼﺻﻬﻢ. هﺒّﻮا إذًا وﺗﻌﺎﻟﻮا ﺣﻄّﻤﻮا ﻗﻴﻮدهﻢ وادﻓﻌﻮا َدﻳْﻨﻬﻢ ﻟﺘﺘﻤﻜّﻦ هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺤﺒﻴﺒﺔ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ ﺣﻀﻦ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻤﻨﺘﺼﺮة.
53
.٢واﺟﺒﻨﺎ ﻣﺆاﺳﺎﺗﻬﻢ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻧﺤﻦ ﻗﺎدرون ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺪة هﺬﻩ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ وﺣﺴﺐ ﺑﻞ ﻣﻦ واﺟﺒﻨﺎ ﻧﺠﺪﺗﻬﻢ آﻤﺎ هﻮ واﺟﺒﻨﺎ ﺗﺠﺎﻩ اﷲ .ﻓﺎﷲ اﻵب اﻟﻄّﻴﺐ واﻟﺤﻨﻮن ﻳﺤﺐّ هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ آﻌﺮوﺳﺎت ﻟﻪ. وﻳﺮﻏﺐ ﺑﺤﺮارة ﻓﺘﺢ أﺑﻮاب اﻟﺴﻤﺎء ﻟﻬﺎ ﻟﻜﻦ ﻋﺪاﻟﺘﻪ ﺗﻘﻒ ﻋﺎﺋﻘًﺎ أﻣﺎﻣﻬﺎ .ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎﷲ ﻳﺘﻮﺟّﻪ إﻟﻴﻨﺎ ﻃﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﺎ .ﻟﻘﺪ وﻓّﺮ ﻟﻨﺎ اﻟﺴﺒﻞ ﻟﺬﻟﻚ وﻧﻈﺮ إﻟﻰ أﻋﻤﺎﻟﻨﺎ ﺗﺠﺎﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻷآﺜﺮ ذﻧﺒًﺎ وﻋﺬاﺑًﺎ ﻋﻠﻰ أﻧّﻬﺎ ﺣﺪث ﻗﺎﺋﻢ ﺑﺬاﺗﻪ. هﺬا واﺟﺒﻨﺎ ﺗﺠﺎﻩ هﺆﻻء اﻟﻤﻨﻔﻴّﻴﻦ .ﺑﻌﺾ هﺬﻩ اﻟﻨﻔﻮس أو ﻋﺪد آﺒﻴﺮ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻳﺘﺄﻟّﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﺟﺮّاء ﺧﻄﻴﺌﺘﻨﺎ اﻟﻤﺘﻤﺜّﻠﺔ ﺑﺈهﻤﺎﻟﻨﺎ وإرﺷﺎداﺗﻨﺎ اﻟﺴﻴّﺌﺔ وﻓﻀﺎﺋﺤﻨﺎ" .أﻧﺎ ﺑﺮيء ﻣﻦ دﻣﻮع اﻟﺪم اﻟﻤﻨﻬﻤﺮة ﻣﻦ هﺬﻩ اﻟﺮوح اﻟﻄﻴّﺒﺔ!". أﺧﻴﺮًا هﺬا واﺟﺒﻨﺎ ﺗﺠﺎﻩ أﻧﻔﺴﻨﺎ .ﻻ ﻧﻨﺴﻴﻦﱠ ﻳﻮﻣًﺎ ﻗﺮﻳﺒًﺎ ﻧﻜﻮن ﻧﺤﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻘﺪّﻣﻬﺎ اﻟﻴﻮم إﻟﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ. ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻣﺒﺮواز" :آﻞّ ﻣﺎ ﺗﻮﺣﻴﻪ ﻟﻨﺎ اﻟﺘﻘﻮى ﻣﻦ أﻋﻤﺎل ﺗﺠﺎﻩ أﻣﻮاﺗﻨﺎ ﻳﺘﺤﻮّل إﻟﻰ ﻧِﻌَﻢ ﻧﺤﺼﺪهﺎ ﻓﻲ ﻣﻤﺎﺗﻨﺎ أﺿﻌﺎف أﺿﻌﺎف أﻋﻤﺎﻟﻨﺎ". إﻓﺤﺺ ﺿﻤﻴﺮك .هﻞ ﻓﻬﻤﺖ ﺟّﻴﺪًا وﻣﺎرﺳﺖ ﺑﺤﻖّ واﺟﺒﻚ هﺬا وﺻﻮﻻً إﻟﻰ هﺬا اﻟﻴﻮم؟ أﺗﻔﻜّﺮ داﺋﻤًﺎ ﻓﻲ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ؟ إﺣﻤﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﺤﺒّﺘﻚ اﻟﺘﻲ ﻃﻠﺒﻬﺎ اﷲ ﻣﻨﻚ ﻓﺒﺎرآﻬﺎ. هﺬﻩ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺘﺢ ﺑﺎب اﻟﺴﻤﺎء ﻟﻤﻦ ﻳﻤﺎرﺳﻬﺎ آﻤﺎ ﻟﻤﻦ ﺗﺘﻮﺟّﻪ إﻟﻴﻪ .هﺬﻩ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮّن ﺟﻮاز ﺳﻔﺮﻩ اﻟﻤﺴﻴﺤﻲّ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵﺧﺮ.
54
ﻣﺜﺎل آﺎﺗﺮﻳﻦ دي آﻮرﺗﻮن ﻓﺘﺎة ﺻﻐﻴﺮة ﻣﻦ ﻋﺎﺋﻠﺔ أرﺳﺘﻘﺮاﻃﻴّﺔ ،ﺗﻘﻴّﺔ آﺎﻟﻤﻼك .ﻓﻘﺪت واﻟﺪهﺎ وهﻲ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮهﺎ .ﻇﻬﺮ ﻟﻬﺎ ﻳﻮﻣًﺎ وﻟﻬﻴﺐ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻳُﻐﻠّﻔﻪ .ﻓﺨﺎﻃﺒﻬﺎ ﻗﺎﺋﻼً" :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ﺳﺄﺑﻘﻰ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻠﻬﻴﺐ إﻟﻰ ﺣﻴﻦ ﺗﻜﻔّﺮﻳﻦ ﻋﻨّﻲ" .آﺎن ﻗﻠﺐ آﺎﺗﺮﻳﻦ ﻣﻔﻌﻢ ﺑﺎﻟﺸﻔﻘﺔ ﺗﺠﺎﻩ واﻟﺪهﺎ .ﻓﻘﺎﻣﺖ ﻣﻨﺘﺼﺮة ﺑﺸﺠﺎﻋﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﻌﻔﻬﺎ وﺻﻐﺮ ﺳﻨّﻬﺎ وﻗﺪّﻣﺖ إﻣﺎﺗﺎت ﻗﺎﺳﻴﺔ وﻣﺬهﻠﺔ ﺣﺘّﻰ ﺿﺮب اﻟﻤﺜﻞ ﺑﻜﻔّﺎرﺗﻬﺎ. وﺳﺮﻳﻌًﺎ ،دﻓﻌﺖ دﻣﻮﻋﻬﺎ وﺻﻠﻮاﺗﻬﺎ وإﻣﺎﺗﺎﺗﻬﺎ دَﻳْﻦ واﻟﺪهﺎ ﺗﺠﺎﻩ اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﺪدًا ﻇﻬﺮ ﻟﻬﺎ واﻟﺪهﺎ ﺑﻜﻞّ ﺑﻬﺎء اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ وﻗﺎل ﻟﻬﺎ" :ﻟﻘﺪ اﻹﻟﻬﻴّﺔ .ﻣﺠ ّ ﻗﺒﻞ اﷲ أﻓﻌﺎل اﻟﺤﺐّ اﻟﺘﻲ ﻗﻤﺖ ﺑﻬﺎ ،وﺻﻠﻮاﺗﻚ اﻟﺘﻲ ﻗﺪّﻣﺘﻬﺎ ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ؛ ﺳﺄﻧﻌﻢ ﺑﺎﻟﻤﺠﺪ .ﺗﺎﺑﻌﻲ ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ آﻔّﺎرﺗﻚ آﻞّ ﺣﻴﺎﺗﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ .هﺬﻩ هﻲ اﻹرادة اﻹﻟﻬﻴّﺔ" .هﺬﻩ اﻟﻌﺬراء اﻟﺒﻄﻠﺔ، ﺑﻘﻴﺖ وﻓﻴّﺔ آﻞّ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﻤﻬﻤّﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ .ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﺼﻠّﻲ وﺗﻤﺎرس اﻟﻘﺴﺎوة اﻟﻤﺨﻴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻋﺰاء اﻟﻤﻮﺗﻰ .وإذا ﺣﺎوﻟﺖ ﺻﺪﻳﻘﺎﺗﻬﺎ اﻟﺘﻘﻴّﺎت اﻟﻄﻠﺐ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﺎ آﺎﻧﺖ ﺗﺠﻴﺒﻬ ّ ﻦ ﻗﺎﺋﻠﺔ" :ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮون ﻣﺎ رأﻳﺖ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ وﺟﻬﻨّﻢ ﻓﻠﻴﺲ آﺜﻴﺮًا ﻣﺎ أﻗﻮم ﺑﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻼص اﻷﻧﻔﺲ ﻣﻦ اﻷوّل وﺣﻤﺎﻳﺘﻬﺎ ﻣﻦ اﻵﺧﺮ .ﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺠﻮز أن أﺗﺨﺎذل اﻵن ﻓﺄﻧﺎ ﻗﺪّﻣﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﺿﺤﻴّﺔ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ". ﻧﺤﻦ أﻳﻀًﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ واﺟﺐ وﻣﻬﻤّﺔ ﻧﺠﺪة اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ اﻓﺘﺪاهﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻓﻼ ﻧﻨﺴﻰ ذﻟﻚ أﺑﺪًا. ﻟﻨﺼﻞﱢ :ﻟﻴﺘﺒﺎرك اﺳﻤﻚ ﻳﺎ ربّ ﻷﻧّﻚ ﺟﻌﻠﺘﻨﻲ أﻣﻴﻨًﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺰاء هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ أﺣﺒﺒﺘﻬﺎ واﻟﺘﻲ هﻲ ﺑﺤﺎﺟﺔ آﺒﻴﺮة إﻟﻰ رﺣﻤﺘﻲ وﺷﻔﻘﺘﻲ .آﻢ هﻮ ﺟﻤﻴﻞ أن أﻣﺴﺢ دﻣﻮﻋﻬﺎ واﻓﺘﺢ ﻟﻬﺎ أﺑﻮاب اﻟﺴﻤﺎء! ذآّﺮﻧﻲ ﻳﺎ ربّ داﺋﻤًﺎ ﺑﻮاﺟﺒﻲ هﺬا وﺳﺎﻋﺪﻧﻲ ﻋﻠﻰ إﺗﻤﺎﻣﻪ. ع أﺑﻨﺎءك وأﺧﻮﺗﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺴﻌﺎدة ﻳﺎ ﻳﺴﻮع آﻦ ﻋﻮﻧًﺎ ﻷﻣﻮاﺗﻨﺎ اﻷﻋﺰّاء .أد ُ اﻷﺑﺪﻳّﺔ واﻟﻨﻮر اﻟﺬي ﻻ ﻳﻨﻄﻔﺊ ﻳﺸﻊّ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻟﻴﺮﻗﺪوا ﺑﺴﻼم.
55
اﻟﻴﻮم اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ ﻧﺴﻴﺎن اﻟﻤﻮﺗﻰ :إﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﻼﻣﺒﺎﻻة وﻧﻜﺮان اﻟﺠﻤﻴﻞ .١إﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﻼﻣﺒﺎﻻة ﻣﺜﻞ ﻟﻌﺎزر اﻟﻔﻘﻴﺮ اﻟﻤﻐﻄّﻰ ﺑﺎﻟﻘﺮوح واﻟﺜﻴﺎب اﻟﺒﺎﻟﻴﺔ آﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻹﻧﺠﻴﻞ :ﺣﻴﺚ ﻳﺮﻗﺪ هﺬا اﻟﻔﻘﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻋﺘﺒﺔ ذاك اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻐﻨﻲ اﻟﻤﺘﺨﻢ وﻳﺴﺄﻟﻪ أن ﻳﻌﻄﻴﻪ ﻓﺘﺎت ﻣﺎﺋﺪﺗﻪ ﻓﻴﺮﻓﺾ ﻟﻪ ذﻟﻚ ﺑﻼ رﺣﻤﺔ. ﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻻﻣﺒﺎﻻة! ﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺴﺎوة! هﻞ ﻣﻦ ﻋﺠﺐ أن ﻳﺴﻘﻂ هﺬا اﻟﻐﻨﻲ اﻟﻘﺎﺳﻲ اﻟﻘﻠﺐ ،ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ ،إﻟﻰ ﺟﻬﻨّﻢ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻟﻌﺎزر ﻳﻨﻌﻢ ﻓﻲ ﺣﻀﻦ إﺑﺮاهﻴﻢ؟ إنّ ذآﺮى ﻣﻮﺗﺎﻧﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﺣﺎﺿﺮة ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ وﻗﻠﻮﺑﻨﺎ .ﻣﻨﺎزﻟﻨﺎ وأﺳﻤﺎؤﻧﺎ ،وﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﻧﻨﻌﻢ ﺑﻬﺎ ،آﻠّﻬﺎ ﺗﺬآّﺮﻧﺎ ﺑﻮﺟﻮهﻬﻢ. رﻏﻢ ذﻟﻚ ﻓﻬﻢ ﺻﺎﻣﺘﻮن وﻗﺒﻮرهﻢ ﺧﺮﺳﺎء. أﻣّﺎ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،اﻷم اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ،ﻓﺘﻘﻮل ﻟﻨﺎ داﺋﻤًﺎ ..." :إرﺣﻤﻮا ﻣﻮﺗﺎآﻢ .أرﻣﻮا ﻟﻬﻢ ﻗﻠﻴﻼً ﻣﻦ ﻓﺘﺎت ﻣﻮاﺋﺪآﻢ ﻓﺘﺨﻔّﻔﻮا ﻣﻦ ﺟﻮﻋﻜﻢ وﺑﻌﺾ ﻗﻄﺮات ﻣﺎﺋﻜﻢ ﻓﺘﺮووا ﻇﻤﺄهﻢ. أﻳّﻬﺎ اﻟﺨﺎدم اﻟﻠّﻌﻴﻦ أﻟﻴﺲَ واﺟﺒﻚ أن ﺗﺨﺪم أﺧﺎك؟" ﻟﻘﺪ أﻣﻀﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ أﺟﻠﻚ وهﺎ أﻧﺖ اﻵن ﺗﺤﺮﻣﻪ اﻟﻘﻠﻴﻞ اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻣﻴﺮاﺛﻪ. إذا آﻨّﺎ ،ﻧﺤﻦ ،ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ اﻟﻐﻨﻲّ اﻟﻘﺎﺳﻲ اﻟﻘﻠﺐ ،ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﻟﻴﻦ ﺑﺄﻧﻴﻦ أﺧﻮﺗﻨﺎ اﻟﻤﺘﺄﻟّﻤﻴﻦ هﻜﺬا ﻳﻜﻮن اﷲ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎلٍ ﺑﺄﻧﻴﻨﻨﺎ ﻧﺤﻦ. ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ آﻴﻒ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﺴﺘﻘﺒﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﻀﻨﻪ؟
56
.٢إﻧّﻪ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻜﺮان اﻟﺠﻤﻴﻞ أﺣﺪ ﺟﻨﻮد ﻓﺮﻋﻮن ﺧﺎن أﻣﺎﻧﺔ ﺳﻴّﺪﻩ ﻓﺮُﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻦ ﺣﻴﺚ آﺎن ﻳﻮﺳﻒ اﻟﺤﺴﻦ أﺳﻴﺮ .ﻗﺎﻣﺖ ﻋﻼﻗﺔ ودّ وﺻﺪاﻗﺔ ﺣﻤﻴﻤﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ .إذ آﺎن ﻳﻮﺳﻒ ﻣﺤﺒًّﺎ وودﻳﻌًﺎ ،ﻳﺨﻔّﻒ ﻣﻦ أﺣﺰان ﺻﺪﻳﻘﻪ وﻳﻔﺴّﺮ ﻟﻪ أﺣﻼﻣﻪ ،أآﺪّ ﻟﻪ ﻋﻮدﺗﻪ إﻟﻰ ﺧﺪﻣﺔ ﺳﻴّﺪﻩ .وإذ ﺣﺼﻞ ذﻟﻚ ﺑﻨﻌﻤﺔ اﻟﺮبّ ﻃﻠﺐ ﻳﻮﺳﻒ إﻟﻰ ﺻﺪﻳﻘﻪ أن ﻳﺬآﺮﻩ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻓﺮﻋﻮن .وأﺳﻔﺎﻩ ،هﺬا اﻟﺨﺎدم اﻟﺠﺤﻮد أﺳﻜﺮﺗﻪ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﻤﺘﺮﻓﺔ ﻓﻨﺴﻲ ﻣﻦ أﺣﺴﻦ إﻟﻴﻪ ﻓﻲ أﺳﺮﻩ .وهﻜﺬا اﺳﺘﻤﺮّ ﻳﻮﺳﻒ ﺳﻨﺘﻴﻦ ﻣﻨﺴﻴًّﺎ ﻣﻦ ﺻﺪﻳﻘﻪ". أﻟﻴﺲ هﺬا اﻟﻨﺴﻴﺎن اﻟﻘﺎﺳﻲ ﻳﺪﻓﻊ إﻟﻰ اﻟﺜﻮرة ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ؟ آﻴﻒ ﻳﻤﻜﻨﻜﻢ أﻧﺘﻢ ،أن ﺗﻨﺴﻮا أهﻠﻜﻢ اﻟﻤﺤﺴﻨﻴﻦ إﻟﻴﻜﻢ؟ هﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ أﻋﻄﻮآﻢ اﻟﺤﻴﺎة واﻟﺜﺮوات وﺑﻔﻀﻠﻬﻢ ﻧﺠﺤﺘﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة! ﻟﻘﺪ ﺑﻜﻴﺘﻢ ﺳﺎﻋﺔ وداﻋﻬﻢ ﻟﻜﻦ اﻟﺰﻣﻦ آﺎن آﻔﻴﻼً ﺑﺘﺠﻔﻴﻒ دﻣﻮﻋﻜﻢ ﻓﺘﺮآﺘﻤﻮﻧﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻨﺴﻴﺎن .ﻟﻘﺪ ﻓﻘﺪﺗﻢ ﺗﺠﺎهﻬﻢ آﻞّ إﺣﺴﺎس ﺑﺎﻟﻨﺪم واﻟﺤﻨﺎن وﻋﺮﻓﺎن اﻟﺠﻤﻴﻞ .أﻧﺘﻢ ﻣﺜﻞ ﺧﺎدم ﻓﺮﻋﻮن ،ﺗﻨﻬﻤﻮن اﻟﺨﻴﺮات اﻟﺘﻲ أورﺛﻮآﻢ وﻗﺪ ﺻﻨﻌﻮهﺎ ﺑﻌﺮق ﺟﺒﺎهﻬﻢ .ﻟﻘﺪ ﺗﺮآﺘﻤﻮهﻢ ﻳﺌﻨّﻮن ،ﻣﺜﻞ ﻳﻮﺳﻒ ،ﻓﻲ ﺳﺠﻨﻬﻢ اﻟﻤﻄﻬﺮي .أﻳﻦ إذًا إﻳﻤﺎﻧﻜﻢ وﺿﻤﻴﺮآﻢ وﻗﻠﻮﺑﻜﻢ وذاآﺮﺗﻜﻢ؟ ﻳﺎ ربّ ،ﻳﺎ ربّ أﺻﻠﺢ ﻣﺎ ﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﻧﺴﻴﺎن واﻋﻂِ أﺧﻮﺗﻨﺎ اﻟﻤﺘﺄﻟّﻤﻴﻦ اﻟﻤﺘﺮوآﻴﻦ اﻟﻤﺠﺪ واﻟﺮاﺣﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ.
57
ﻣﺜﺎل آﺎﻏﺎﻧﻮس اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﺒﺮﺑﺮي اﻧﺘﺼﺮ ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﻤﻌﺎرك ﻋﻠﻰ ﺟﻴﻮش اﻷﻣﺒﺮاﻃﻮر اﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻲ ﻣﻮرﻳﺲ* وأﺳﺮ ﻋﺪدًا آﺒﻴﺮًا ﻣﻦ ﺟﻴﻮﺷﻪ ،ﻃﻠﺐ اﻟﻤﻨﺘﺼﺮ ﻓﺪﻳﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﺒﺮاﻃﻮر ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺗﺤﺮﻳﺮ أﺳﺮﻩ ،ﻓﺮﻓﺾ ﻣﻮرﻳﺲ ﻋﺮﺿﻪ. ﻓﻌﺎد وﻃﻠﺐ ﻓﺪﻳﺔ أﻗﻞّ ﻓﺠﺎﺑﻬﻪ اﻷﻣﺒﺮاﻃﻮر ﺑﺎﻟﺮﻓﺾ ﺛﺎﻧﻴﺔ .ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ أﻋﻤﻞ آﺎﻏﺎﻧﻮس اﻟﺴﻴﻒ ﺑﺮﻗﺎب اﻷﺳﺮى اﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻴّﻴﻦ ،ﻣﻦ ﺷﺪّة ﻏﻀﺒﻪ .ﻣﺮّت أﻳّﺎم ﻗﻼﺋﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺰرة ،ﺷﺎهﺪ ﺑﻌﺪهﺎ ﻣﻮرﻳﺲ رؤﻳﺎ ﻣﺨﻴﻔﺔ :آﺎﻧﺖ ﺟﻤﻮع ﻣﻦ اﻟﻌﺒﻴﺪ ﻣﻘﻴّﺪة ﺑﺎﻟﺴﻼﺳﻞ اﻟﺜﻘﻴﻠﺔ ،ﺗﺌﻦّ وﺗﺼﺮخ ﺑﺎﻟﺜﺄر ﻣﻨﻪ ﺑﺄﺻﻮات ﻣﺮﻋﺒﺔ. وإذا ﺑﺎﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻌﺎدل ﻳﻘﻮل ﻟﻪ ﺑﻐﻀﺐ" :أﺗﺮﻏﺐ اﻟﻘﺼﺎص ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ أم ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵﺧﺮ؟" ﻓﺄﺟﺎب ﻣﻮرﻳﺲ ﺑﺤﺴﺮة آﺒﻴﺮة" :ﺁﻩ! ﻳﺎ ربّ ،أﻓﻀّﻞ ﻋﻘﺎب هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ" .إذًا وﺑﺴﺒﺐ ﻗﺴﺎوﺗﻚ ﺗﺠﺎﻩ ﺟﻨﻮدك اﻟﺒﺎﺋﺴﻴﻦ اﻟﺬي ﻟﻢ ﺗﻔﺘﺪﻳﻬﻢ ﺑﻤﺎل زهﻴﺪ ﻳﻮم آﻨﺖ ﻗﺎدرًا ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ،ﺳﻴﺨﻠﻌﻚ أﺣﺪهﻢ ﻋﻦ ﻋﺮﺷﻚ وﺳﺘﺴﻘﻂ ﻋﻈﻤﺘﻚ وﺣﻴﺎﺗﻚ وﺗﺘﺒﻌﻚ ﻋﺎﺋﻠﺘﻚ إﻟﻰ هﺬا اﻟﻐﻮر اﻟﺴﺤﻴﻖ! أﻳّﺎم ﻗﻼﺋﻞ ﻣﻀﺖ ﻋﻠﻰ هﺬﻩ اﻟﺮؤﻳﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺛﺎر ﺟﻴﺶ ﻣﻮرﻳﺲ ﻋﻠﻴﻪ وﻧﺼّﺐ ﻣﻜﺎﻧﻪ اﻟﻘﺎﺋﺪ ﻓﻮآﺎس .ﺣﺎول ﻣﻮرﻳﺲ اﻟﻔﺮار ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻗﺎرب ،ﻏﻴﺮ أنّ أﻧﺼﺎر ﻓﻮآﺲ أﻟﻘﻮا اﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻪ وﻗﻴّﺪوﻩ ﺑﺎﻟﺴﻼﺳﻞ ،وآﺄبّ ﺑﺎﺋﺲ ﺷﺎهﺪ ﻣﻘﺘﻞ أﺑﻨﺎﺋﻪ اﻟﺨﻤﺴﺔ وﻣﺎت ﺷﺮّ ﻣﻴﺘﺔ ﻓﺎﻗﺪًا ﺷﺮﻓﻪ. أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﺴﻴﺤﻲّ ﺗﻤﻌّﻦ ﺑﻬﺬا اﻟﻨﺺّ ﺟّﻴﺪًا ﻓﺄﻣﻮاﺗﻚ ﻟﻴﺴﻮا ﺟﻨﻮدًا ﺑﺎﺋﺴﻴﻦ إﻧّﻤﺎ هﻢ أﺧﻮﺗﻚ وأهﻠﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺌﻨّﻮن ﻓﻲ أﺳﺮ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ .ﻓﺎﷲ اﻟﺮﺣﻮم ﻳﺴﺄﻟﻚ ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻼﺻﻬﻢ ،اﻟﺼﻼة واﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ واﻟﺤﺴﻨﺔ .هﻞ أﻧﺖ ﻗﺎﺳﻲ اﻟﻘﻠﺐ وﻻﻣﺒﺎﻟﻲ ﻟﺘﺮﻓﺾ هﺬا اﻟﻄﻠﺐ؟ ﻟﻨﺼﻞﱢ :ﻳﺎ ربّ ،آﻴﻒ أﻧﺴﻰ ﻣﻦ ارﺗﺒﻂ ﺑﻬﻢ ﺑﺮواﺑﻂ اﻟﺤﺐّ واﻟﺤﻨﺎن واﻟﻘﺮﺑﻰ؟ آﻴﻒ أﺗﺨﻠّﻰ ﻋﻦ أﺣﺒّﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﻢ اﻟﻤﺮﻳﺮة؟ هﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻣﻨﺤﻨﻮﻧﻲ اﻟﺤﺐّ واﻟﺤﻨﺎن واﻟﺠﻬﺪ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﻬﻢ اﻟﺤﺴﻨﺔ ﺗﺠﺎهﻲ. ﺳﺄﺻﻠّﻲ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ آﻞّ أﻳّﺎم ﺣﻴﺎﺗﻲ وﺣﺘّﻰ ﻣﻤﺎﺗﻲ. ﻳﺎ ﻳﺴﻮع ،آﻦ ﻋﻮﻧًﺎ ﻟﻬﻢ ،وادع أﺑﻨﺎءك وأﺧﻮﺗﻨﺎ إﻟﻰ ﻣﻠﻜﻮﺗﻚ! ﻓﻠﻴﺮﻗﺪوا ﺑﺴﻼم إﻟﻰ اﻷﺑﺪ! *
ﻣﻮرﻳﺲ )٦٠٢- ٥٣٠م( أﻣﺒﺮاﻃﻮر ﺑﻴﺰﻧﻄﻴﺎ ﺣﺎرب اﻟﻌﺮب واﻟﺸﻌﻮب اﻟﺴﻼﻓﻴّﺔ.
58
اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎدس ﻋﺸﺮ اﻻهﺘﻤﺎم ﺑﺎﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻳﻤﺠّﺪ اﷲ وﻳﻔﺮح ﻗﺪّﻳﺴﻴﻪ .١هﺬا اﻹهﺘﻤﺎم ﻳﻤﺠّﺪ اﷲ إنّ ﺗﻤﺠﻴﺪ اﷲ هﻮ اﻟﺴﺒﺐ اﻷﺷﺮف اﻟﺬي ﻳﺪﻓﻌﻨﺎ ،ﺑﻜﻞّ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ ،إﻟﻰ اﻹﺳﺮاع ﻓﻲ ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .ﻟﻴﺲ آﺨﻼص اﻟﻤﻮﺗﻰ ﻳﻤﺠّﺪ اﻟﻌﻠﻲ وﻳﺒﺎرك اﺳﻤﻪ وﻳﺮﻳﺢ ﻗﻠﺒﻪ وﻳﺸﺎرك ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﺸﻴﺌﺘﻪ اﻟﻘﺪّوﺳﺔ. ﻓﻠﻴﻜﻦ ﻣﻔﻬﻮﻣًﺎ ﻟﺪﻳﻨﺎ أﻧّﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻔﺘﺢ أﺑﻮاب اﻟﺴﻤﺎء ﻟﻠﻤﻮﺗﻰ، ﻧﻘﺪّم ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﺻﻮاﺗًﺎ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﺘﻤﺠﻴﺪﻩ ،وﻗﻠﻮﺑًﺎ ﻟﺘﺤﺒّﻪ وﺗﺒﺎرآﻪ، وﻧﻔﻮٍﺳًﺎ ﻗﺮاﺑﻴﻨًﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺘﺒﺔ ﻋﺮﺷﻪ اﻷزﻟﻲّ ،ﺑﻜﻞّ ﻣﺤﺒّﺔ ﺻﺎﻓﻴﺔ ،آﺎﻣﻠﺔ، وﻋﻈﻴﻤﺔ ،ﻣﺤﺒّﺔ ﻟﻢ ُﻳ ْﻌﻂَ ﻟﻨﺎ ﻓﻬﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﻔﺎﻧﺎ .ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻏﺴﻄﻴﻦ" :ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﻲء أﺣﺐّ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺐ اﻟﺮبّ ﻣﻦ ﺧﻼص أﻧﻔﺲ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ" .وﻳﻀﻴﻒ "ﺑﻮرداﻟﻮ"*" :إنّ ﺧﻼص اﻟﻤﻮﺗﻰ دﻋﻮة أﺟﻤﻞ وأﻋﻈﻢ وأآﺜﺮ ﻧﻌﻤًﺎ ﻣﻦ دﻋﻮة اﻟﺨﻄﺄة واﻟﻤﻠﺤﺪﻳﻦ واﻟﻮﺛﻨﻴّﻴﻦ إﻟﻰ اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ". هﻠﻤّﻮا إذًا ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺠﺪ اﷲ إرﺿﺎءً ﻟﻌﺪاﻟﺘﻪ اﻹﻟﻬﻴّﺔ .هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ ﺗﻘﻮم ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﻘﻢ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺣﺴﻨﺔ .إﻧّﻬﺎ أﺻﻮات ﻣﻼﺋﻜﻴّﺔ ﺗﺮﻧّﻢ ﻧﺸﻴﺪ اﻟﻮﻃﻦ )اﻟﺤﻘﻴﻘﻲّ( ﻣﻦ أﺟﻠﻨﺎ؛ هﺬا اﻟﻨﺸﻴﺪ اﻟﺬي ﻻ ﻧﻘﻮى ﻋﻠﻰ إﻧﺸﺎدﻩ ﻓﻲ أرض ﻏﺮﺑﺘﻨﺎ هﺬﻩ. ﺑﺄﻧﺎﺷﻴﺪ اﻧﺘﺼﺎرهﻢ ﻧﻤﺠّﺪ اﷲ اﻟﻜﺎﻣﻞ اﻟﻤﺠﺪ واﻟﻤﻠﻜﻮت .واﷲ اﻟﺬي وﻋﺪ ﺑﺎﻟﺠﺰاء ﺧﻴﺮًا آﻞّ ﻣﻦ ﻗﺪّم آﺄس ﻣﺎء ﺑﺎردة ﻟﻬﺆﻻء اﻟﻌﻄﺎﺷﻰ ﻳﻐﻤﺮ ﺑﻨﻌﻤﻪ اﻟﻮاﺳﻌﺔ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻷرواح اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ إﻟﻴّﻪ؛ هﺬﻩ اﻷرواح اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺒّﻬﺎ ﺣﺒًّﺎ ﻋﻈﻴﻤًﺎ. * ﻟﻮﻳﺲ ﺑﻮرداﻟﻮ ) (١٧٠٤ – ١٦٣٢ﻣﺒﺸّﺮ ﻓﻲ ﺟﻤﻌﻴّﺔ "رﻓﻘﺔ اﻟﻤﺴﻴﺢ" وﺿﻊ ﺻﻠﻮات ﻋﺪﻳﺪة آﺎﻧﺖ ﺗُﻘﺮأ ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﺼﻮم ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ١٦٧٠إﻟﻰ ﺳﻨﺔ ) ١٦٩٣اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ(.
59
.٢إﻧﻬﺎ ﺗﻔﺮح ﻗﺪّﻳﺴﻴﻪ ﻟﻨﺘﺬآّﺮ أﻧّﻨﺎ ﻻ ﻧﻤﺠّﺪ اﷲ وﺣﺪﻩ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﻼص اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﺣﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻧﻔﺮح أهﻞ اﻟﺴﻤﺎء ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ .ﻓﺪﺧﻮل أﺣﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎرﻳﻦ إﻟﻰ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﺴﻤﺎويّ هﻮ ﻋﻴﺪ ﻟﺴﻜّﺎن اﻟﺴﻤﺎء .آﻞّ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ﺑﻔﺮح أﺧﻮيّ ﻋﻈﻴﻢ. ﻣﺮﻳﻢ ،أمّ اﻟﺮﺣﻤﺔ وﻣﻌﺰﻳّﺔ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻤﺘﺄﻟّﻤﺔ ،ﺗﻐﻤﺮهﺎ اﻟﺴﻌﺎدة وﺗﺸﺎرك ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻓﻲ وﺿﻊ إآﻠﻴﻞ اﻟﻤﺠﺪ واﻟﺤﻴﺎة اﻷﺑﺪﻳّﺔ ﻋﻠﻰ رأﺳﻪ ،هﺬا اﻹآﻠﻴﻞ اﻟﻤﺨﺼّﺺ ﻟﻠﻤﻨﺘﺼﺮﻳﻦ ﻓﻘﻂ .ﻣﻼآﻪ اﻟﺤﺎرس واﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺷﻔﻴﻌﻪ ﻳﺮﺣّﺒﺎن ﺑﻪ ﺑﻔﺮح ﻻ ﻣﺜﻴﻞ ﻟﻪ وﻳﻬﻨّﺌﺎﻧﻪ ﺑﺤﺮﻳّﺘﻪ وﺳﻌﺎدﺗﻪ .أهﻞ اﻟﻤﻠﻜﻮت آﻠّﻬﻢ ،آﻤﺎ ﻳﻔﺮﺣﻮن ﺑﻌﻮدة اﻟﺨﻄﺄة ،وﻳﻔﺮﺣﻮن أآﺜﺮ ﺑﺮؤﻳﺔ اﻟﻤﺨﺘﺎرﻳﻦ وﻗﺪ زاد ﻋﺪدهﻢ .ﻓﻴﻨﺸﺪون ﻣﺠﺪ اﻟﺤﻤﻞ اﻹﻟﻬﻲّ اﻟﺬي ﺑﻨﻌﻤﺘﻪ اﻟﻤﻨﺘﺼﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻀﻌﻒ اﻟﺒﺸﺮي ،رﻓﻊ أﺑﻨﺎء ﺁدم ﻓﻮق ﻋﺮوش اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﺴﺎﻗﻄﻴﻦ. ﻟﻨﺘﻌﻠّﻖ ﺑﻬﺬﻩ اﻟﻤﻬﻤّﺔ اﻟﻤﺤﺒّﺒﺔ إﻟﻰ اﷲ وﺟﻤﻴﻊ أﺣﺒّﺎﺋﻪ. ﻟﻨﺴﺘﻤﻊ ،ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ إﻟﻰ أﻧﻴﻦ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ وﺣﺴﺐ ،ﺑﻞ إﻟﻰ اﻟﺪﻋﻮات اﻟﻤﻠﺤّﺔ ﻣﻦ اﻟﺮبّ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ وأﻣّﻪ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء وﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺄﻟﻮﻧﻨﺎ رﺟﺎء اﻟﺘﺪﺧّﻞ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ ﻓﻲ دار اﻟﺴﻌﺎدة ،هﺆﻻء اﻷﺧﻮة اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻮﺣﻮن ﻓﻲ ﺪ هﺆﻻء اﻷﻳﺘﺎم إﻟﻰ أﺑﻴﻬﻢ اﻟﺴﻤﺎوي ،هﺆﻻء اﻟﻤﻄﻬﺮ .ﻟ ُﻨ ِﻌ ْ اﻟﻤﻨﻔﻴّﻴﻦ إﻟﻰ وﻃﻨﻬﻢ اﻷﺑﺪيّ؛ ﻷﻧّﻨﺎ ،ﻳﻮﻣًﺎ ﻣﺎ ﺳﻨﻠﺘﻘﻲ ﺑﻬﻢ وﻧﻘﺎﺳﻤﻬﻢ ﺳﻌﺎدﺗﻬﻢ.
60
ﻣﺜﺎل ﻳُﺤﻜﻰ ﻓﻲ آﺘﺎب اﻟﻨﺒﻲ "داﻧﻴﺎل" أنّ "دارﻳﻮس" ﻣﻠﻚ اﻟﻔﺮس ﻗﺪ وﺿﻊ ﻗﺎﻧﻮﻧًﺎ ﻳﻌﺎﻗﺐ اﻟﻤﻐﺘﺼﺐَ ﺑﺄن ﻳُﺮﻣﻰ هﺬا اﻷﺧﻴﺮ ﻓﻲ ﺣﻔﺮة اﻷﺳﻮد ﻓﺘﻔﺘﺮﺳﻪ .رﻓﺾ اﻟﻨﺒﻲ "داﻧﻴﺎل" هﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻓﺎﺗّﻬﻢ ﺑﺎﻏﺘﺼﺎب اﻹرادة اﻟﻤﻠﻜﻴّﺔ ،ﻋﺮف اﻟﻤﻠﻚ اﻟﺸﻜﻮى اﻟﺘﻲ رﻓﻌﺖ ﺿﺪّ "داﻧﻴﺎل" وآﺎن ﻳﺤﺐّ داﻧﻴﺎل وﻳﺤﺘﺮﻣﻪ .وﻟﻜﻲ ﻻ ﻳﺨﺮق اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺬي وﺿﻌﻪ ،ﻗَﺒِﻞَ ﻋﻠﻰ ﻣﻀﺾٍ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ داﻧﻴﺎل ﺑﺄن ﻳُﺮﻣﻰ ﻓﻲ ﺣﻔﺮة اﻷﺳﻮد .وﻟﻜﻦ ،وﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻨﺒﻲ ﺳﺎﺋﺮ إﻟﻰ ﺣﺘﻔﻪ ﻗﺎل ﻟﻪ اﻟﻤﻠﻚ: "داﻧﻴﺎل ،ﻳﺎ ﺧﺎدم اﷲ ،إذهﺐ ﺑﻬﺪوء ،ﻓﻤﺎ ﻻ أﻗﺪر ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ آﺴﺮ ﻋﺪاﻟﺘﻲ ،ﻓﺄﻧﺎ أؤﻣﻦ أنّ اﻹﻟﻪ اﻟﺬي ﺗﻌﺒﺪﻩ ﺳﻴﺨﻠّﺼﻚ ﺑﺮﺣﻤﺘﻪ". ﺣﻘًّﺎ ﻗﺎم اﷲ ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ "داﻧﻴﺎل" إذ ﺣﻮّل اﻷﺳﻮد ﻣﻦ ﺟﻼّدﻳﻦ ﻣﻔﺘﺮﺳﻴﻦ ﻟﻠﻨﺒﻲ إﻟﻰ ﺣﻤﺎة ﻟﻪ .وﻣﻦ ﺛﻢّ أرﺳﻞ إﻟﻴﻪ اﻟﻄﻌﺎم ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻣﻼآﻪ .ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎدﺛﺔ ﺻﻮرة ﻟﻤﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .ﻓﺎﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﺪﻧّﺴﺔ ﺑﺎﻟﺨﻄﺎﻳﺎ واﻟﻤﺪﻳﻮﻧﺔ ﻟﻌﺪاﻟﺘﻪ ،ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻮﺗﻪ اﻟﺴﻤﺎوي .ﻓﻬﻮ ﻳﺮﺳﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﺳﺠﻦ آﻔّﺎرﺗﻬﺎ ﻗﺎﺋﻼً :إذهﺒﻲ ﺑﺜﻘﺔ ،ﻷﻧّﻨﺎ ﻣﺎ ﻻ أﻗﻮم ﺑﻪ ﻷﺟﻠﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺪاﻟﺘﻲ ،ﺗﻘﻮم ﺑﻪ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ .هﺆﻻء هﻢ وزراء رﺣﻤﺘﻲ وﻣﺤﺮّري اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻓﻲ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﺎ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺣﺮّر ﻣﻮﺳﻰ ﺷﻌﺐ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻣﻦ ﻃﻐﻴﺎن ﻓﺮﻋﻮن ﻣﺼﺮ .أﻧﺘﻢ أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﻮن ،ﻣﻌﺰّوا اﻟﻤﻌﺬّﺑﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ وﺣﺮّروهﻢ ﻣﻦ ﺁﻻﻣﻬﻢ .ﻋﻠﻴﻜﻢ أﻧﺘﻢ أن ﺗﺆﻣﻨّﻮا ﻏﺬاءهﻢ اﻟﺮوﺣﻲ اﻟﺬي ﻳﻨﺘﻈﺮوﻧﻪ ﺑﻔﺎرغ اﻟﺼﺒﺮ" .ﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻬﻤّﺔ ﺷﺮﻳﻔﺔ وﻣﻘﺪّﺳﺔ.
61
ﻟﻨﺼﻞﱢ :أﻳّﻬﺎ اﻟﺮبّ اﻟﻤﺤﺐّ واﻟﺮﺣﻮم ،أﻃﻠﺐ ﻣﻨﻚ راﺟﻴًﺎ أن ﻤﻤًﺎ إﻳّﺎهﺎ ﺗﻨﺴﻰ أﺣﻜﺎم ﻋﺪاﻟﺘﻚ وﺗﻌﻤﻞ ﺑﺄﺣﻜﺎم رﺣﻤﺘﻚ ،ﻣﻌ ّ ﻋﻠﻰ هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺒّﻬﺎ آﺜﻴﺮًا .اﻓﺘﺢ ﻟﻬﻢ ﺣﻀﻨﻚ اﻷﺑﻮيّ واﺳﻤﺢ ﻟﻬﻢ أن ﻳﻤﺠّﺪوك ﺑﺄﻓﻌﺎل اﻟﻨﻌﻤﺔ وأﻧﺎﺷﻴﺪﻩ اﻷﺑﺪﻳّﺔ .ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻄﺎهﺮة ،ﻳﺎ ﻗﺪّﻳﺴﻴﻦ وﻗﺪّﻳﺴﺎت اﻟﺴﻤﺎء ﺗﺪﺧّﻠﻮا ﻣﻦ ﻇﻬِﺮ ﻟﻬﻢ وﺟﻬﻚ ﻓﻲ أﺟﻠﻬﻢ .أﻳّﻬﺎ اﻟﺮبّ ﻳﺴﻮع آﻦ ﻋﻮﻧًﺎ ﻟﻬﻢ! أ ْ أورﺷﻠﻴﻢ اﻟﺴﻤﺎوﻳّﺔ .ﻓﻠﻴﺮﻗﺪوا ﺑﺴﻼم!
62
اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﺸﺮ اﷲ ﻳﺤﺐّ أن ﻧﺆاﺳﻲ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ وﻳﺮﻏﺐ ﺑﺬﻟﻚ .١ﺣﺐّ اﷲ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻧﺆﻣﻦ أنّ اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻳﺤﺐّ ﺣﺒًّﺎ ﻻﻣﺘﻨﺎهﻴًّﺎ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻣﺜﻠّﻤﺎ أﺣﺐّ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ اﻓﺘﺪاهﺎ ﺑﺪﻣﻪ اﻟﻄﺎهﺮ .آﻞّ ﻧﻔﺲ ﺗﻘﻮل" :ﻟﻘﺪ أﺣﺒّﻨﻲ وﻗﺪّم ذاﺗﻪ ﻣﻦ أﺟﻠﻲ" .وﻟﻮ آﺎن هﻨﺎك ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ودرﺟﺎت ﻓﻲ اﻟﻼﻣﺘﻨﺎهﻲ ﻓﺎﷲ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺤﺐّ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ أآﺜﺮ ﻣﻨّﺎ .ﻓﻬﻲ وﻗﺪ اﻟﺘﺰﻣﺖ ﺑﻨﻌﻤﺘﻪ أﺻﺒﺤﺖ ﻏﻴﺮ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻄﺄ ،وﻻ ﺗﺮﻓﻀﻪ أﺑﺪًا ﻓﺘﺒﺎرآﻪ وﺗﺤﺒّﻪ ﺑﺤﻨﺎن إﻟﻰ اﻷﺑﺪ .ﻻ ﻳﺴﺎورَنّ اﻟﺸﻚّ أﺣﺪًا ﺑﺄنّ ﻋﻴﻨﻲّ اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﺮﺣﻮم وﻗﻠﺒﻪ ﻣﺘﻌﻠّﻘﺔ ﺑﻬﺆﻻء اﻟﺸﻬﺪاء اﻟﻘﺎﺋﻤﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵﺧﺮ ،ﺑﻐﺾّ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻧﺴﻴﺎﻧﻬﻢ وإهﻤﺎﻟﻬﻢ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻘﻮل أنّ اﻟﺮبّ ﻳﺴﻮع ﻳﺘﺄﻟّﻢ ﻵﻻﻣﻬﻢ .ﻓﻬﻮ ﻣﺮوّض ﻟﻬﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ اﻓﺘﺪاهﺎ ﺑﺘﻀﺤﻴﺎﺗﻪ آﺄب وزوج وﻗﺎﺋﺪ ﻓﻲ أﻋﻀﺎء ﺟﺴﺪﻩ اﻟﺴﺮّي. ﺁﻻﻣﻬﻢ ﺗﺬآّﺮﻩ ﺑﺂﻻﻣﻪ وﺣﺒّﻬﻢ ﻟﻪ ﻳﺪﻋﻮﻩ إﻟﻰ ﺣﺒّﻬﻢ .ﻳﻤﻮت ﺪدًا ﻟﻮ اﺳﺘﻄﺎع ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻔﺘﺢ ﻟﻬﻢ أﺑﻮاب اﻟﺠﻨّﺔ .وﻟﻜﻦ ﻣﺠ ّ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻗﻮّة ﺣﺒّﻪ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن هﻨﺎك آﻞّ ﺣﻜﻤﺔ اﷲ ورﺣﻤﺘﻪ اﷲ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻘﺒﻞ أيّ دﻧﺲ. ﻓﻠﻴﻜﻦ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﻗﻠﺐ ﻳﺴﻮع اﻟﻄﺎهﺮ .ﻟﻨﺤﺐّ ﻣﺜﻠﻪ أﺧﻮﺗﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ .ﻟﻨﺤﺒّﻬﻢ ﺑﺤﻨﺎن ﻣﻦ أﺟﻞ ﻗﺪاﺳﺘﻬﻢ وﻃﻮل زﻣﻦ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﻢ .ﻟﻨﺤﺒّﻬﻢ ﺑﺄﻧﻔﺴﻨﺎ ،ﺣﺒًّﺎ ﺑﺎﷲ ،ﻓﻨﺸﺎرآﻬﻢ ﺁﻻﻣﻬﻢ وﻧﻤﺪّ ﻟﻬﻢ ﻳﺪًا ﻟﻨﺠﺪﺗﻬﻢ.
63
.٢رﻏﺒﺔ ﺳﻴّﺪﻧﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﻜﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﻋﺰاﺋﻨﺎ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﺗﻘﻒ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﻋﺎﺋﻘًﺎ أﻣﺎم اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻓﻲ ﺧﻼص اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻳﺤﺜّﻨﺎ ،ﻣﻦ ﺑﻴﺖ اﻟﻘﺮﺑﺎن ،ﺣﻴﺚ ﺣﺒّﻪ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻳﺄﺳﺮﻩ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ ﻓﺘﻨـﺰل ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺮدًا وﺳﻼﻣًﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﻃﻦ آﻔّﺎرﺗﻬﻢ. ﻗﺎل اﻟﺮبّ ﻳﺴﻮع ﻳﻮﻣًﺎ ﻟﻠﻘﺪّﻳﺴﺔ ﺟﻴﺮﺗﺮود" :آﻠّﻤﺎ ﺣﺮّرﺗﻢ أﺳﻴﺮة ،أﻓﺮح آﺄﻧّﻜﻢ ﺗﺤﺮّروﻧﻲ ﻣﻦ أﺳﺮي ،وأﻧﺎ أﺟﻴﺪ ﺟﺰاءآﻢ م ﻗﺮﺑﺎﻧًﺎ ﻳﺤﺚّ اﻟﻜﺎهﻦ واﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺧﻴﺮًا" .ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺬﺑﺢ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﺪﱠ ُ ﻋﻠﻰ ذآﺮ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ .ﻓﻬﻮ ﻳﺠﻤﻊ ِﻧﻌَﻤﻪ وِﻧﻌَﻢ أﻣّﻪ اﻹﻟﻬﻴّﺔ واﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ ﻓﻲ آﻨـﺰٍ واﺣﺪ وﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ أن ﻳﻐﺮﻓﻮا ﻣﻨﻪ ﻣﻞءَ أﻳﺪﻳﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ رﺣﻤﺔ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﻻ ﺗﺴﺎوم ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺑﻴﺖ اﻟﻘﺮﺑﺎن ﻳﻨﺎﺷﺪآﻢ ﻗﺎﺋﻼً" :أﻋﻴﺪوا إﻟﻲّ أﺑﻨﺎﺋﻲ .أﻧﺠﺪوهﻢ ،ﺑﺼﻠﻮاﺗﻜﻢ ﺑﺎﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ،وﺑﺎﻟﻐﻔﺮان. ﻗﺮّﺑﻮا اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺬي أﺳﺘﻄﻴﻊ أن أﺗﻮّﺟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻤﺠﺪ ،ﺧﻼﻟﻪ ،ﻓﺄﻓﻴﺾ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻧﻌﻤﻲ". ب ﻳﺴﻮع ﻳﺮدّد ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ إﺛﺎرة ﻣﺤﺒّﺘﻨﺎ ﻻ ﻳﻨﻔﻚّ اﻟﺮ ّ ﻷﺗﺒﺎﻋﻪ ﻋﻠﻰ اﻷرض" :آﻞّ ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﻮن ﻣﻦ أﺟﻞ أﺧﻮﺗﻲ ،هﺆﻻء اﻟﺼﻐﺎر ،ﻷﺟﻠﻲ ﺗﻔﻌﻠﻮﻧﻪ" .ﺳﻴﻜﺎﻓﺌﻨﺎ ﻳﻮﻣًﺎ آﻤﺎ ﻟﻮ أﻧّﻨﺎ ﺣﺮّرﻧﺎ هﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ اﻵﻻم. أﻳّﻬﺎ اﻷﺣﺒّﺎء إﻧّﻪ ﻟﺴﺒﺐ ﻋﻈﻴﻢ ﻳﻤﻸﻧﺎ اﻧﺪﻓﺎﻋًﺎ ﻗﻮﻳًّﺎ ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﻬﺬﻩ اﻟﻤﻬﻤّﺔ اﻟﺸﺮﻳﻔﺔ واﻟﺴﻬﻠﺔ واﻟﺘﻨﻔﻴﺬ .ﻳﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻓﺮح ﻋﻈﻴﻢ ﻳﻐﻤﺮﻧﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺮﺿﻲ اﻟﺮﻏﺒﺎت اﻟﺤﺎرّة ﻟﻘﻠﺐ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﻘﺪّس.
64
ﺗﻜﻠّﻢ اﻟﻤﺨﻠّﺺ ﻳﻮﻣًﺎ إﻟﻰ اﻟﻄﻮﺑﺎوﻳّﺔ "ﻣﺎري ﻻﺗﺎﺳﺖ" ﻗﺎﺋﻼً: "ﻟﻦ ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻤﺎ هﻮ أﺣﺐّ إﻟﻰ اﷲ ﻣﻦ أن ﺗﺴﺮﻋﻲ إﻟﻰ ﻧﺠﺪة اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ". ﻣﻦ ﺑﻴﻦ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ هﻨﺎك أﻧﻔﺲ اﻟﻜﻬﻨﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻨﺎﻟﻮن ﻧﻌﻤﺔ اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ .وﻧﺤﻦ ﻧﻌﻠﻢ أنّ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺤﺴﻨﺔ واﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺮوﺣﻴّﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪّﻣﻮهﺎ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ آﺎﻧﺖ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ .ﻟﻘﺪ ﺑﺎرآﻮا ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻣﻨﺬ اﻟﻮﻻدة ﺣﺘّﻰ اﻟﻤﻤﺎت .ﻟﻘﺪ ﻗﺪّﻣﻮا ﻟﻨﺎ اﻟﻨﱢﻌﻢ واﻟﻌﺰاء واﻟﺪﻋﻢ واﻹرﺷﺎد .ﻟﻘﺪ ﻗﺎل اﻟﺮبّ ﻳﺴﻮع ﻟﻠﻄﻮﺑﺎوﻳّﺔ "ﻣﺎري ﻻﺗﺎﺳﺖ"" :ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ ﺻﻠّﻲ آﺜﻴﺮًا ﻷﺟﻞ آﻬﻨﺘﻲ .ﻓﻬﻢ ﻻ ﻳﺤﺼﻠﻮن إﻻّ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻠﻴﻞ .ﻳﻨﺴﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻮن أنّ ﻣﻦ واﺟﺒﻬﻢ اﻟﺼﻼة ﻷﺟﻠﻬﻢ. ﻓﺎﻟﻜﻬﻨﺔ هﻢ ﺁﺑﺎء اﻟﺴﻼم اﻟﺬي أﻋﻄﻴﻪ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ". آﻠّﻤﺎ ﻋﻈﻢ ﺷﺄن اﻹﻧﺴﺎن ،آﺒﺮت ﻣﺴﺆوﻟﻴّﺘﻪ وﻋﻈﻤﺖ دﻳﻨﻮﻧﺘﻪ .ﻟﺬﻟﻚ هﻨﺎك ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻜﻬﻨﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺮّون ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ. ﻟﻨﺼﻞﱢ ،إذن ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻼﺻﻬﻢ ﻓﻴﻨﺘﻘﻠﻮا إﻟﻰ اﷲ وﻳﺸﻔﻌﻮا ﺑﻨﺎ ﻋﻨﺪﻩ! ﻣﺜﺎل ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺔ إﻟﻰ إﺣﺪى ﺳﻴّﺪات اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،آﺘﺐ اﻷب "ﻻآﻮردﻳﺮ"* ﻗﺼّﺔ أﺣﺪ اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ اﻟﺒﻮﻟﻮﻧﻴّﻴﻦ اﻟﺬي ﺗﻮﻓّﺎﻩ اﷲ وﺣﻜﻤﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺪاﻟﺔ اﻟﻌﻠﻲّ اﻧﺘﻘﺎﻟﻪ إﻟﻰ اﻟﻤﻄﻬﺮ. ﺑﻜﺘْﻪ زوﺟﺘﻪ اﻟﺘﻘﻴّﺔ ،وﺻﻠّﺖ ﺑﺤﺮارة ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻜﻮن ﻓﻲ ﺟﻨّﺎت اﻟﻨﻌﻴﻢ ،ﻏﻴﺮ أﻧّﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻘﺘﻨﻊ ﺑﺄنّ ﺻﻠﻮاﺗﻬﺎ ﻓﻌّﺎﻟﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ *
هﻨﺮي ﻻآﻮردﻳﺮ ،آﺎهﻦ ﻓﺮﻧﺴﻲ ) ،(١٨٦١ – ١٨٠٢آﺎن ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎﺗﻪ ﺻﺪﻳﻘًﺎ ﻟﻠﻤﻔﻜّﺮ اﻟﻤﺴﻴﺤﻲّ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ
"ﻻﻣﻮﻧﻴﻪ" وآﺎﺗﺐ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺬي أﺳّﺴﻬﺎ هﺬا اﻷﺧﻴﺮ .ﺧﻀﻊ ﻟﻘﺮار اﻟﺒﺎﺑﺎ اﻟﺬي ﺣﺮّم ﻻﻣﻮﻧﻴﻪ وﺟﺮﻳﺪﺗﻪ، أﺳّﺲ رهﺒﻨﺔ اﻟﺪوﻣﻴﻨﻴﻜﺎن ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ واﺳﺘﻤﺮّ ﻣﺒﺸّﺮًا وﻣﻌﻠّﻤًﺎ ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻦ إﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ.
65
ﻟﻬﺬﻩ اﻟﻤﻬﻤّﺔ؛ ﻓﻘﺮّرت أن ﺗﻘﺪّم اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ إﻟﻰ ﻗﻠﺐ ﻳﺴﻮع اﻷﻗﺪس ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻼص ﻧﻔﺲ زوﺟﻬﺎ .وﻟﻜﻨّﻬﺎ آﺎﻧﺖ ﻓﻘﻴﺮة ،ﻻ ﺗﻤﻠﻚ اﻟﺒﺪل اﻟﻤﺎدي ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ،ﻓﻠﺠﺄت إﻟﻰ أﺣﺪ اﻷﺛﺮﻳﺎء وآﺎن ﻓﻴﻠﺴﻮﻓًﺎ ﻋﻘﻼﻧﻴًّﺎ ﻓﻌﺮﺿﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺎﺟﺘﻬﺎ ،أﺷﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ هﺬا اﻟﺜﺮي وأﻋﻄﺎهﺎ ﻣﺮادهﺎ. ﻗﺪّﻣﺖ اﻷرﻣﻠﺔ ﻋﻨﺪﺋﺬٍ اﻟﻘﺪّاس ﻋﻦ ﻧﻔﺲ زوﺟﻬﺎ اﻟﺤﺒﻴﺐ وﺻﻠّﺖ ﺑﺤﺮارة آﺒﻴﺮة ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻼﺻﻪ .ﺑﻌﺪ أﻳّﺎم ﻗﻠﻴﻠﺔ ،ﺳﻤﺢ اﷲ ﻟﻨﻔﺲ اﻟﻤﺰارع أن ﺗﻘﺎﺑﻞ اﻟﻤﺤﺴﻦ اﻟﺜﺮي ﻗﺎﺋﻠﺔ" :أﺷﻜﺮك ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ أﻋﻄﻴﺘﻬﺎ إﻟﻰ زوﺟﺘﻲ ﻟﻜﻲ ﺗﻘﺪّم اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ .هﺬﻩ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ ﺧﻠّﺼﺘﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،وﻋﺮﻓﺎﻧًﺎ ﻟﺠﻤﻴﻞ )ﻣﺤﺒّﺘﻚ( ﺣﺴﻨﺘﻚ ،ﺟﺌ ُ ﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺮبّ أُﻋﻠﻤﻚ أنّ ﻣﻮﺗﻚ ﻗﺮﻳﺐ وﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺘﺼﺎﻟﺢ ﻣﻌﻪ". ﺗﺤﻮّل هﺬا اﻟﺜﺮي اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ إﻟﻰ اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺎﷲ وﻣﺎت ﻣﺴﻴﺤﻴًّﺎ ﻣﺆﻣﻨًﺎ ،ﺑﻜﻞّ أﺣﺎﺳﻴﺲ اﻹﻳﻤﺎن اﻟﻤﺴﻴﺤﻲّ :اﻟﺤﺐّ اﻟﻜﺒﻴﺮ واﻟﻌﺮﻓﺎن ﺑﺎﻟﺠﻤﻴﻞ ﻟﻘﻠﺐ ﻳﺴﻮع اﻷﻗﺪس. ﻟﻨﺼﻞﱢ :أﻳّﻬﺎ اﻟﺮبّ ﻳﺴﻮع ،اﻟﻜﻠّﻲ اﻟﺮﺣﻤﺔ واﻟﻄﻴﺒﺔ .ﻳﺎ ﻣﻦ أﺣﺒﺒﺖَ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻘﻮّﻣﺘﻪ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎن وﻣﺠّﺪﺗﻪ ﺑﺎﻟﻨﻌﻤﺔ ،أﺳﺄﻟﻚ ﺑﺠﺮح ﺟﻨﺒﻚ اﻟﻄﺎهﺮ اﻟﺬي ﺷﻘّﻪ اﻟﺮّﻣﺢ وأﻧﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻠﻴﺐ ،ﺧﻠّﺺ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﻧﺎر اﻟﻤﻄﻬﺮ واﺟﻌﻠﻬﻢ ﻣﺴﺘﺤﻘّﻴﻦ ﻣﺠﺪ ع أﺑﻨﺎءك وأﺧﻮﺗﻨﺎ إﻟﻰ ﻗﺪّﻳﺴﻴﻚ .ﻳﺎ ﻳﺴﻮع آﻦ ﻋﻮﻧًﺎ ﻟﻬﻢ واد ُ اﻟﺤﻴﺎة اﻷﺑﺪﻳّﺔ .ﻓﻠﻴﺴﺘﺮﻳﺤﻮا ﺑﺴﻼم!
66
اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ اﻟﻌﺬراء ﺗﺆاﺳﻲ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ وﺗﺤﺮّرهﺎ .١ﻣﺮﻳﻢ ﺗﻌﺰّي اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻻ ﺗﻜﺘﻔﻲ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ﺑﺘﺸﺠﻴﻊ أﺑﻨﺎءهﺎ اﻷﺣﻴﺎء وﺗﻌﺰﻳﺘﻬﻢ وﻟﻜﻨّﻬﺎ، هﻲ ﻣﻌﺰﻳّﺔ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ أﺳﺮﺗﻬﻢ ﻋﺪاﻟﺔ اﷲ وﺣﺒّﻪ ﻓﻲ ﻣﻨﻔﻰ آﻔّﺎرﺗﻬﻢ .أيّ أمّ ﺗﻨﻈﺮ وﻟﺪهﺎ ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﺁﺗﻮن وﻻ ﺗﺴﺮع ﻣﻠﻬﻔﺔ إﻟﻰ ﻧﺠﺪﺗﻪ؟ وهﻞ ﺗﺒﻘﻰ أﻣّﻨﺎ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ،أﻋﻈﻢ اﻷﻣّﻬﺎت ﻣﺤﺒّﺔ ﻷﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ،ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﻟﻴﺔ أﻣﺎم ﻋﺬاﺑﺎت أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﺎر اﻟﻤﻄﻬﺮ ،ﻧﺎر اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ؟ ﻃﺒﻌًﺎ ﻻ! وأﻟﻒ ﻻ! ﻓﻬﻲ اﻟﻤﻸة ﺑﺎﻟﺸﻔﻘﺔ واﻟﺤﺐّ ،ﻻ ﺗﻨﻔﻚّ ﺗﻌﺎﻟﺞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .ﻓﻤﺎ ﻣﻦ ﺁﻻم ﻓﻲ هﺬا اﻟﺴﺠﻦ اﻟﻤﻈﻠﻢ إﻻّ وﺗﺨﻔّﻔﻬﺎ ،ﻓﺘﺴﻜﺐ اﻟﻤﺎء اﻟﺴﻤﺎوي ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺎر اﻟﻤﻄﻬّﺮة ﻟﺘﺨﻤﺪهﺎ .ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻓﻨﺴﺎن ﻓﻴﺮﻳﻪ" :آﻢ هﻲ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ،آﻢ هﻲ ﻣﺤﺒّﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﺴﺠﻮﻧﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﺌﻦّ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،ﻓﻬﻲ ﺗﻨﺠﺪهﻢ آﻞّ ﻟﺤﻈﺔ ﺑﺘﺪﺧّﻠﻬﺎ وﺗﻌﺎﻟﺠﻬﻢ ﻣﻦ ﺁﻻﻣﻬﻢ". ﺗﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ﻟﻠﻘﺪّﻳﺴﺔ ﺑﺮﻳﺠﻴﺖ" :أﻧﺎ أمّ آﻞّ اﻟﺬﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ أﺧﻔّﻒ ﻋﻨﻬﻢ ﺁﻻﻣﻬﻢ آﻠّﻬﺎ ﺑﺼﻠﻮاﺗﻲ اﻟﺤﺎرّة". ﻃﻮﺑﻰ ﻷﺑﻨﺎء ﻣﺮﻳﻢ .ﻓﺤﻤﺎﻳﺘﻬﺎ ﻻ ﺗﺮاﻓﻘﻬﻢ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ وﺣﺴﺐ ﺑﻞ ﺗﺴﻌﻰ إﻟﻰ ﻋﺰاﺋﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺂﺳﻴﻬﻢ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﻈﻮرة وﻏﻴﺮ اﻟﻤﻠﻤﻮﺳﺔ واﻟﺘﻲ هﻲ ﻣﺂﺳﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵﺧﺮ .ﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻓﻜﺮة ﻣﺮﻳﺤﺔ وﻣﻌﺰّﻳﺔ! آﻢ هﻮ ﻟﺬﻟﻚ رﺟﺎء ﺣﻀﻮر ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ اﻟﻜﻠﻴّﺔ اﻟﻄﻮﺑﻰ ،ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻮﺗﻨﺎ .آﻢ هﻲ ﻣﻌﺰّﻳﺔ ﻣﻌﺮﻓﺘﻨﺎ ﺑﺰﻳﺎرﺗﻬﺎ ﻟﻨﺎ ﻋﻨﺪ ﺳﻘﻮﻃﻨﺎ ﻓﻲ أﻋﻤﺎق اﻟﻤﻄﻬﺮ! ﻳﺎ ﻟﻘﺪرة هﺬا اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺸﺮﻳﻒ أن ﻧﺤﺒّﻬﺎ ﺑﺼﻔﺎء ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ .ﻳﺎ ﻗﺪّﻳﺴﺔ ﻣﺮﻳﻢ ،أمّ اﻟﺮﺣﻤﺔ واﻟﺮأﻓﺔ وﻣﻌﺰّﻳﺔ اﻟﻤﻌﺬّﺑﻴﻦ إﺣﻤﻴﻨﺎ وﺧﻠّﺼﻴﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ.
67
.٢ﻣﺮﻳﻢ ﺗﺤﺮّر اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻻ ﺗﻜﺘﻔﻲ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ﺑﺰﻳﺎرة اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ وﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ ،ﻟﻜﻨّﻬﺎ ﺗﺘﺪﺧّﻞ ﻋﻨﺪ اﺑﻨﻬﺎ ﻳﺴﻮع ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﺮﻳﺮهﺎ، وﻣﻦ أﺟﻞ اﻹﺳﺮاع ﻓﻲ إﻧﻬﺎء ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﺎ ﺗﻮﺣﻲ ﻟﻨﺎ ،ﻧﺤﻦ اﻷﺣﻴﺎء، ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﻢ ﻟﻠﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﺁﻻﻣﻬﻢ ،وﺗﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﺑﻨﻬﺎ اﻹﻟﻬﻲّ ﻗﺒﻮﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺴﻜﻦ ﺳﻼﻣﻪُ .آﻞﱡ ﻣﺎ ﺗﻄﻠﺒﻪ اﻟﻌﺬراء ﻣﺮﻳﻢ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ .أﻳﻀًﺎ وأﻳﻀًﺎ آﻢ ﻣﻦ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻨﺴﻴّﺔ ،ﺗﺌﻦّ ﻟﺪهﻮر ﺧﻠﺖ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻤﻜﺎن ،ﺣﻴﺚ اﻵﻻم واﻟﻌﺬاﺑﺎت ﺗﻔﻮق اﻟﻮﺻﻒ ،ﻟﻮﻻ اﻟﺘﺪﺧّﻞ اﻟﺴﺮﻳﻊ ﻟﻤﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء اﻷمّ اﻟﺤﻨﻮن ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻘﺮﻳﺐ ﺳﺎﻋﺔ ﺧﻼﺻﻬﻢ! أﻳﻀًﺎ وأﻳﻀًﺎ آﻢ ﻣﻦ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﺨﻠّﺼﺔ ﺗﺼﻌﺪ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ﻋﻠﻰ أﺟﻨﺤﺔ ﺣﺒّﻬﺎ اﻟﻌﻈﻴﻢ وﺧﺼﻮﺻًﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻤﺎرس اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻃﻘﻮس ﺗﻜﺮﻳﻤﻬﺎ اﻟﻤﺆﺛّﺮة. ﻳﺆآّﺪ ﺟﺮﺳﻮن أنّ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺻﻌﺪت اﻟﺴﻤﺎء ﻗﺪ ﺣﺮّرت أﻋﺪادًا آﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ. اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻟﻮﻳﺲ – ﻣﺎري دي ﻣﺎﻧﻔﻮر ﻳﺆآّﺪ أنّ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻋَﻢّ اﻟﺴﻤﺎء ﻓﺮحٌ ﻋﻈﻴﻢ! آﻤﺎ أﻧّﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﻮى اﻻﻋﺘﻘﺎد أنّ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﻣﺮﻳﻢ ﺗﺰور ﻣﻜﺎن اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ أﻳّﺎم اﻟﺴﺒﺖ وﻓﻲ اﻷﻳّﺎم اﻟﻤﺨﺼّﺼﺔ ﻷﻋﻴﺎدهﺎ ،ﻓﺘﺮﻓﻊ ﻣﻌﻬﺎ ﻋﺪدًا آﺒﻴﺮًا ﻣﻦ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻌﻤﺔ .وهﻜﺬا ﺗﻜﻮن اﻟﻌﺬراء ﺳﻌﻴﺪة ﺟﺪًّا ﻻﺳﺘﻌﺎدﺗﻬﺎ أﺑﻨﺎءهﺎ ﻓﻴﺸﺎرآﻮا ﺑﺴﻌﺎدة اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ اﻟﺴﻤﺎوﻳّﺔ.
68
ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻋﺪد ﻻ ﻳﺤﺼﻰ ﻣﻦ اﻟﻄﻮﺑﺎوﻳّﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﻳﻨﻮن ﺑﺨﻼﺻﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ إﻟﻰ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﻜﻠﻴّﺔ اﻻﺣﺘﺮام. أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﻮن ،ﺻﻠّﻮا ﺑﺤﺮارة وآﻞّ ﻳﻮم ﻟﻤﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻮﺗﺎآﻢ اﻷﺣﻴﺎء .أﻃﻠﺒﻮا ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻌﺰاء .ﻗﺪّﻣﻮا ﻟﻬﺎ اﻹﻣﺎﺗﺎت واﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ ،زوروا اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻤﻄﻮّﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﻤﻬﺎ. أﻋﻠﻨﺖ أمّ اﷲ ﻟﻠﻘﺪّﻳﺴﺔ ﺑﺮﻳﺠﻴﺖ" :أﻧﺎ أمّ آﻞّ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ وآﻞّ اﻵﻻم اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺤﻘّﻮهﺎ أﺧﻔّﻔﻬﺎ ﻋﻨﻬﻢ آﻞّ ﺳﺎﻋﺔ ﺑﺘﺪﺧّﻠﻲ ﻟﺪى اﷲ". اﻟﻤﺆﻣﻨﻮن ﺑﻤﺮﻳﻢ ﻟﻴﺴﻮا ﺗﻌﺴﺎء أو ﻣﻬﻤﻠﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ .إنّ اﻟﻌﺬراء ﻣﺮﻳﻢ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺪﺗﻬﻢ ،وﻟﻜﻦ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻧﺤﻦ أن ﻧﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ذﻟﻚ ﺑﺼﻼﺗﻨﺎ ﺳﺒﺤﺔ اﻟﻮردﻳّﺔ. ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻟﻔﻮﻧﺲ دي ﻟﻴﻐﻮري" :إذا رﻏﺒﻨﺎ ﺣﻘًّﺎ ،ﺑﺨﻼص اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﻠﺠﻮء إﻟﻰ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ﺑﺘﻼوﺗﻨﺎ اﻟﺴﺒﺤﺔ أو اﻟﻮردﻳّﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻮاﺳﻄﺘﻬﺎ ﻳﺨﻠّﺼﻮن". أﻳّﺘﻬﺎ اﻷمّ اﻟﺤﻨﻮن ،أﺷﻔﻘﻲ ﻋﻠﻰ أﺧﻮﺗﻲ اﻟﻤﻌﺬّﺑﻴﻦ ،أﻣّﻨﻲ ﻟﻬﻢ اﻟﺮاﺣﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ! ﺗﺬآّﺮي داﺋﻤًﺎ أﻧّﻬﻢ أﺑﻨﺎؤك وأﻧﺖ أمّ ﻟﻬﻢ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ!
69
ﻣﺜﺎل اﻋﺘﻨﺖ إﺣﺪى اﻟﺮاهﺒﺎت اﻟﻘﺪّﻳﺴﺎت ﺑﻔﺘﺎة ﺑﺎﺋﺴﺔ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ روﺣﻴّﺔ وﺟﺴﺪﻳّﺔ ﻳُﺮﺛﻰ ﻟﻬﺎ .ﻋﺎﺷﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺎة ﺣﻴﺎة ﻣﺴﺘﻬﺘﺮة وﻣﻠﻴﺌﺔ اﻟﻔﻀﺎﺋﺢ إﻟﻰ أن أﺻﻴﺒﺖ ﺑﻤﺮض ﺧﺒﻴﺚ ،ﺟﻌﻞ ﻣﻨﻈﺮهﺎ ﻣﺨﺠﻼً ﻓﻴﻨﻔﺮ ﻣﻨﻬﺎ آﻞّ ﻣﻦ ﻳﺮاهﺎ .وﺧﻮﻓًﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺪوى ﻗﺎم ﺟﻴﺮاﻧﻬﺎ ﺑﺤﻤﻠﻬﺎ إﻟﻰ آﻮخ ﺑﺎﺋﺲ ﻣﻨﻌﺰل ﻟﺘﺴﻜﻦ ﻓﻴﻪ .آﺎﻧﺖ ﻃﺒﺎع هﺬﻩ اﻟﻔﺘﺎة ﺷﺮﺳﺔ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺠﺮؤ أﺣﺪ اﻟﺘﻘﺮّب ﻣﻨﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﺮاهﺒﺔ اﻟﺘﻲ آﺎﻧﺖ ﻣﻼآًﺎ هﺎﺑﻄًﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ﻳﺴﺎﻋﺪهﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻤّﻞ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﺎ .ﺑﻴﺪ أنّ آﻞّ ﻣﺴﺎﻋﺪة ﻣﻦ اﻟﺮاهﺒﺔ آﺎﻧﺖ ﺗﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﺸﺘﺎﺋﻢ .وﻋﻨﺪﻣﺎ آﺎﻧﺖ اﻟﺮاهﺒﺔ ﺗﺤﺪّﺛﻬﺎ ﻋﻦ اﷲ ﻓﻠﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺠﺎوﺑﻬﺎ ﺑﻐﻴﺮ اﻟﺴﺒﺎب. ﺗﻌﺮّﺿﺖ اﻟﻔﺘﺎة اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ ،ﻳﻮﻣًﺎ ،إﻟﻰ أزﻣﺔ ﻣﺨﻴﻔﺔ وﻗﻀﺖ ﻓﺠﺄة. ﻗﺒﻞ أن ﺗﻘﻒ ﻓﻲ ﺣﻀﺮة اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﺗﺬآّﺮت رﺣﻤﺎت ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء اﻟﺘﻲ آﺎﻧﺖ ﺗﺴﺄﻟﻬﺎ إﻳّﺎهﺎ ﻓﻲ ﺷﺒﺎﺑﻬﺎ ﻓﺨﺎﻃﺒﺘﻬﺎ ﻗﺎﺋﻠﺔ: "أﻧﺖ ﻳﺎ ﻣﻦ ﻻ ﺗﻨﺒﺬﻳﻦ أﺣﺪًا ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺒﺬهﻢ اﻵﺧﺮون ،أﻳّﺘﻬﺎ اﻷم اﻟﺤﻨﻮﻧﺔ ﺳﺎﻋﺪﻳﻨﻲ" .وﻗﺪ ﺟﺎءت ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء إﻟﻰ ﻧﺠﺪﺗﻬﺎ ﻳﻮم ﻻ ﻣﻨﺠﺪٍ وﻻ ﻣﻌﻴﻦ ﻏﻴﺮ اﷲ ،ﻓﺄوﺣﺖ ﻟﻬﺎ ﺑﺄﻓﻌﺎل اﻟﻨﺪاﻣﺔ، ﻓﺠﻨّﺒﺘﻬﺎ ﻧﺎر ﺟﻬﻨّﻢ. ﺪدًا ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻓﻜﺎن ﻓﻲ اﻟﻐﺪ ،وﺟﺪ اﻷهﺎﻟﻲ ﺟَﺴﺪهﺎ ﻣﻤ ّ آﻞّ واﺣﺪ ﻳﻘﻮل أنّ روﺣﻬﺎ ﻗﺪ ذهﺒﺖ إﻟﻰ اﻟﺠﺤﻴﻢ ،ﺣﺘّﻰ أنّ اﻟﺮاهﺒﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺣﺎوﻟﺖ أن ﺗﻤﺤﻴﻬﺎ ﻣﻦ ذاآﺮﺗﻬﺎ. ﻓﻲ أﺣﺪ اﻷﻳﺎم وﺑﺈذن ﻣﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻇﻬﺮت روح اﻟﻔﺘﺎة ﻟﻠﺮّاهﺒﺔ ،وآﺎﻧﺖ هﺬﻩ اﻷﺧﻴﺮة ﺗﻌﺘﺒﺮهﺎ ﻣﻠﻌﻮﻧﺔ ﻓﻲ ﺟﻬﻨّﻢ، ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻬﺎ" :أﻧﺖ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻠّﻴﻦ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ أﻧﺴﻴﺘﻨﻲ؟" "ﻣﺎذا" ﺻﺮﺧﺖ اﻟﺮاهﺒﺔ ،أﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ؟
70
اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ أﺧﺒﺮت اﻟﺮاهﺒﺔ ﺑﺎﻟﻨﻌﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺳﺎﻋﺔ ﻧﺰاﻋﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء وﻃﻠﺒﺖ إﻟﻴﻬﺎ أن ﺗﺼﻠّﻲ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ ﻷم اﷲ ﻋﺴﺎهﺎ ﺗﺨﻠّﺼﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺟﻨّﺒﺘﻬﺎ ﻋﺬاب ﺟﻬﻨّﻢ .وهﻜﺬا ﻗﺪّﻣﺖ اﻟﺮاهﺒﺔ اﻟﺼﻠﻮات ﻟﻤﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ﺑﺤﺮارة وﻓﻲ ﻇﻬﻮر ﺛﺎنٍ ﻋﻠﻤﺖ أنّ ﻃﻠﺒﻬﺎ ﻗﺪ ﺣﻘّﻖ وﻗﺪ ﻓﺘﺤﺖ اﻷم اﻟﺤﻨﻮن ﺑﺎب اﻟﺴﻤﺎء ﻟﻬﺬﻩ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻤﻌﺎﻗﺒﺔ .ﺷﻜﺮًا ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ﻟﻤﺤﺒّﺘﻚ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ. ﻟﻨﺼﻞﱢ :اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻴﻚ ﻳﺎ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺮﺣﻤﺔ ،وﻣﻠﻜﺔ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ وﺳﻼﻣﻨﺎ ورﺟﺎﺋﻨﺎ ،ﻟﻴﺲ ﻓﻲ وادي اﻟﺪﻣﻮع هﺬا وإﻧّﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن آﻔّﺎرﺗﻨﺎ ﻧﻘﻮل اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻴﻚ! ﻧﺼﺮخ ﻟﻚ ﻳﺎ ﻣﻌﺰّﻳﺔ اﻟﺤﺰاﻧﻰ ،ﻧﺘﻨﻬّﺪ وﻧﺌﻦّ ﻣﻦ أﺟﻞ أﺧﻮﺗﻨﺎ اﻟﻤﻌﺬّﺑﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ أن ﺗﻨﻈﺮي إﻟﻴﻬﻢ ﺑﻌﻴﻦ رﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺣﺎﻣﻴﺘﻨﺎ! واﺳﻤﺤﻲ ﻟﻬﻢ أن ﻳﻨﻈﺮوا وﺟﻪ ﻳﺴﻮع اﻟﺒﻬﻲّ ،ﺛﻤﺮة أﺣﺸﺎﺋﻚ اﻟﻄﺎهﺮ .هﺬا ﻣﺎ ﻧﻄﻠﺒﻪ داﺋﻤًﺎ ﻟﻬﻢ .ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻤﻠﻜﺔ اﻟﺘﻘﻴّﺔ اﻟﺤﻨﻮﻧﺔ.
71
اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ اﷲ ﻳﺤﺐّ أن ﻧﺆاﺳﻲ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ وﻳﺮﻏﺐ ﺑﺬﻟﻚ .١ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻳﺴﻮد ﺑﻴﻦ اﻟﺘﻴﻮﻟﻮﺟﻴّﻴﻦ رأي أنّ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﺗﺘﺪﺧّﻞ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﻤﺤﺴﻨﻴﻦ إﻟﻴﻬﺎ ،ﺣﻴﺚ أنّ ﺻﻠﻮاﺗﻬﺎ ﻻ ﺗﻔﻴﺪهﺎ ﺑﺸﻲء أﻣﺎم اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻄﻠﺐ إﻧﻬﺎء ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﺎ .ﻏﻴﺮ أنّ ﺻﻠﻮاﺗﻬﺎ وﻃﻠﺒﺎﺗﻬﺎ ﺗﺠﺎﻩ اﻟﻤﺤﺴﻨﻴﻦ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎء ﻓﻬﻲ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﻋﻨﺪ اﷲ .ﻓﻬﻲ ﺗﺪﺧﻞ ﻗﻠﺒﻪ ﻷﻧّﻬﺎ ﻧﻘﻴّﺔ ﻻ ﻳﺸﻮﺑﻬﺎ ﺧﻄﺄ آﺎﻟﺘﻲ ﻧﺘﻠﻮهﺎ ﻧﺤﻦ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻓﺘﻜﻮن ﻏﻴﺮ ﻣﺜﻤﺮة. اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻃﻴّﺒﺔ ،ﻃﺎهﺮة وﻣﻘﺪّﺳﺔ وﻣﺤﺒﻮﺑﺔ ﻣﻦ اﷲ. ﻓﻬﻲ ﻣﺘﺤّﺪة ﺑﻪ .ﺗﺼﻠّﻲ ﺑﺎﻧﺴﺠﺎم وﺣﺮارة وإﻳﻤﺎن ﻋﻤﻴﻖ .ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺆﻣﻦ ﺑﻤﻜﺎﻧﺘﻬﺎ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻟﺪى اﷲ ﺗﺠﺎﻩ اﻷﺣﻴﺎء وإن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ هﻨﺎك اﺧﺘﺒﺎر ﻳﻮﻣﻲ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ. ﻟﻨﺎ رﺑﺢ آﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺗﺒﺎدﻟﻨﺎ اﻟﺼﻼة ،ﺑﺈﻳﻤﺎن ﺻﺎدق ،ﻣﻊ أﺧﻮﺗﻨﺎ اﻷﻣﻮات .ﻓﺘﻠﻚ ﺁداة ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻨﻴﻞ ﻧﻌﻢ اﷲ وﻃﻠﺒﺎﺗﻨﺎ وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ واﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎﻷﻋﻤﺎل اﻟﺤﺴﻨﺔ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ. ﻟﻨﺼﻞﱢ آﺜﻴﺮًا وﺑﺤﺮارة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ اﻟﻤﺒﺎرآﺔ واﻟﺤﺎﻓﻈﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻞ .ﻣﻦ أﺟﻠﻨﺎ ﻳﻘﺪّﻣﻮن ﷲ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻮق اﻟﻮﺻﻒ .ﻓﻠﻨﺼﻞﱢ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ ﻷنّ ذﻟﻚ ﻋﻤﻞ ﺣﺴﻦ ﻓﻲ ﻋﻴﻦ اﷲ ﻣﻘﺪّس آﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ.
72
.٢ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺴﻤﺎء هﻲ اﻟﻤﻜﺎن اﻷﻋﻈﻢ ﻟﻠﻌﺮﻓﺎن ﺑﺎﻟﺠﻤﻴﻞ ،إذ اﻧﺘﻘﻠﺖ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺻﻠﻮاﺗﻨﺎ وأﻋﻤﺎل اﻟﻤﺤﺒّﺔ واﻟﺤﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪّﻣﻨﺎهﺎ إﻟﻰ اﷲ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ .ﻧﺤﻦ ﻣﺮﺗﺒﻄﻮن ﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ ﺑﺮاﺑﻂ ﻋﺮﻓﺎن اﻟﺠﻤﻴﻞ .أﺗﻨﺴﺎﻧﺎ ﻳﻮمَ ﺟﻌﻠﻨﺎ ،ﺑﻌﻮن اﷲ، اﻟﻜﻨﻮز اﻷﺑﺪﻳّﺔ ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ .ﻓﺎرﺗﺪت ﺛﻮب اﻟﻤﺠﺪ واﻟﺤﻴﺎة اﻷﺑﺪﻳّﺔ؟ أﺗﻨﺴﺎﻧﺎ ﻳﻮم ﺟﻌﻠﻨﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻜﺎﻧًﺎ ،ﺑﻌﻮن اﷲ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺪة اﻟﺤﻤﻞ، ﻟﺘﻨﻌﻢ ﺑﺨﺒﺰ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺗﺎﻗﺖ إﻟﻴﻪ؟ ﻃﺒﻌًﺎ ﻻ! ﻟﻦ ﺗﻨﺴﺎﻧﺎ أﺑﺪًا! ﺳﻨﻜﻮن ﻣﺤﻮر اهﺘﻤﺎﻣﻬﺎ وﺗﺤﺮﺳﻨﺎ آﺒﺎﻗﻲ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺣﺮّاﺳﻨﺎ .إﻧّﻬﻢ ﻳﻨﻈﺮون إﻟﻰ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ ﺑﻌﻴﻮن اﻟﻤﺤﺒّﺔ وﻳﻄﻠﺒﻮن إﻟﻰ اﷲ ،ﺑﻼ ﻣﻠﻞ ،أن ﻳﺠﻨّﺒﻨﺎ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ وﻳﺒﻌﺪ ﻋﻨّﺎ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ واﻷﺧﻄﺎر .ﻓﻬﻢ ﻳﻮﺣّﺪون ﻃﻠﺒﺎﺗﻨﺎ ﻣﻊ ﻃﻠﺒﺎﺗﻬﻢ ﻟﺘﺆﺛّﺮ ﺗﺄﺛﻴﺮًا ﻗﻮﻳًّﺎ وﻣﻘﺪّﺳًﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﷲ .ﻳﺎ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﻼج ﻵﻻﻣﻨﺎ! ﻳﺎ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻋﺪﻳﻦ ﺛﻤﻴﻨﻴﻦ ﻟﻨﺎ! ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻧﺰاﻋﻨﺎ ﻳﻌﺰّوﻧﻨﺎ وﻳﺪﻋﻤﻮﻧﻨﺎ ﻋﻨﺪ اﷲ! ﻳﺎ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﺤﺎﻣﻴﻦ ﻗﺪﻳﺮﻳﻦ ﻳﻮمَ ﻧﻠﺘﻘﻲ ﻣﻊ اﷲ! وﻓﻲ ﻣﻄﻬﺮﻧﺎ ﺳﻴﺄﺗﻮن ﺑﺪورهﻢ ﻟﺰﻳﺎرﺗﻨﺎ ﻓﻴﻌﺰّوﻧﺎ ﻟﻜﻲ ﻧﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻬﻢ ﻓﻲ ﺑﻬﺎء اﻟﻘﺪاﺳﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ. ﻳﺎ ربّ آﻢ ﻣﻦ اﻟﻜﺮاﻣﺎت واﻟﻌﺰاء ﺗﻬﺒﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻘﻮى اﻟﺘﻲ ﻧﻤﺎرﺳﻬﺎ ﻷﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ! ﻃﻮﺑﻰ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﺼﻠّﻮن ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻣﻮات .ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻣﺒﺮواز" :آﻞّ ﻣﺎ ﻧﻌﻄﻴﻬﻢ إﻳّﺎﻩ ﺑﺎﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻳُﻌﺎد إﻟﻴﻨﺎ ِﻧ َﻌﻤًﺎ .وﻓﻲ ﻣﻤﺎﺗﻨﺎ ﻧﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﱢﻌﻢ أﺿﻌﺎﻓًﺎ".
73
ﻣﺜﺎل ﺪ اﻷﺷﺨﺎص اﻷﺗﻘﻴﺎء اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ آﺘﺐ اﻟﺴﻄﻮر اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺣ ُ ﺗﺒﺮهﻦ ﻋﻦ ﻓﻌﺎﻟﻴّﺔ ﺻﻠﻮات اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ. "آﻨﺖ أرﻏﺐ ﻓﻲ اﺳﺘﻌﺎدة ﺻﺤّﺘﻲ اﻟﻤﻨﻬﺎرة ،ﻓﺘﻮﺟّﻬﺖ ﺑﺎﻟﻄﻠﺐ إﻟﻰ اﻟﻌﺬراء ﺳﻴّﺪة ﻟﻮرد ،إﻟﻰ اﻟﻄﻔﻞ ﻳﺴﻮع ،إﻟﻰ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻳﻮﺳﻒ. ﻓﻠﻢ ﻳﺴﺘﺠﺐ ﻃﻠﺒﻲ ،ﻣﻦ ﺛﻢّ ﻃﻠﺒﺖ إﻟﻰ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ أن ﺗﺼﻠّﻲ ﻣﻦ أﺟﻠﻲ ﻓﺎﺳﺘﺠﺎب اﷲ إﻟﻰ ﻃﻠﺒﻲ. آﻨﺖ ﻗﺪ اﺳﺘﻤﻬﻠﺘﻬﻢ ﺣﺘّﻰ ﻋﻴﺪ اﻟﻤﻴﻼد واﻋﺪًا إﻳّﺎهﻢ ﺑﺎﻟﺼﻠﻮات واﻟﻘﺪادﻳﺲ ،إذا ﻣﺎ ﺗﻤﻜّﻨﺖ ﻣﻦ إﺗﻤﺎم واﺟﺒﺎﺗﻲ اﻟﺪﻳﻨﻴّﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة .ﻣﺒﺎرآﺔ هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻌﺰﻳﺰة اﻟﺘﻲ ﺣﻤﺘﻨﻲ وﻣﺸﻜﻮرة أﻳﻀًﺎ. ﻟﻘﺪ ﺑﺮﺋﺖ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻣﻦ ﻣﺮﺿﻲ .ﻓﺎﺳﺘﻌﺠﻠﺖ إﻳﻔﺎء وﻋﺪي ﻟﻬﻢ .أﻧﻈﺮوا آﻢ هﻲ ﻋﻈﻴﻤﺔ رﻏﺒﺔ اﷲ ﻓﻲ ﺗﺤﺮﻳﺮ هﺆﻻء اﻷﺳﺮى ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ. ﻟﻘﺪ ﺻﻨﻊ ﻋﻠﻰ أﻳﺪﻳﻬﻢ اﻟﻜﺮاﻣﺎت ﻟﻜﻲ ﻧﻠﺠﺄ إﻟﻴﻬﻢ ﻓﻨﺼﻠّﻲ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ ،أﻧﺎ ﻣﻘﺘﻨﻊ اﻗﺘﻨﺎﻋًﺎ آﺎﻣﻼً ﺑﻬﺬﻩ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ .وأؤآّﺪ أنّ آﻞّ اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ اﻟﺘﻲ وهﺒﻨﻲ إﻳّﺎهﺎ اﷲ أدﻳﻦ ﺑﻬﺎ ﻟﻠﺼﻠﻮات اﻟﺘﻲ ﻗﺪّﻣﺘﻬﺎ إﻟﻰ هﺆﻻء اﻷﺻﺪﻗﺎء اﻟﻄﻴّﺒﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،ﻣﻌﻬﻢ ﻻ أﻓﻘﺪ اﻷﻣﻞ إﻧّﻤﺎ ﻟﻲ آﻞّ اﻟﺮﺟﺎء". ﺗﺬﺧّﺮوا ﺑﻬﺬا اﻟﻤﺜﺎل واﻗﺘﻨﻌﻮا أﻧّﻜﻢ ﺗﺤﺼﻠﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺘﻐﺎآﻢ ﺑﻮاﺳﻄﺔ أﺧﻮﺗﻜﻢ اﻷﻣﻮات. ﻟﻨﺼﻞﱢ :أﻳّﺘﻬﺎ اﻷرواح اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ .أﺳﺄل ﺳﻴّﺪﻧﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﺬي ﻣﺎت ﻣﻦ أﺟﻠﻜﻢ ،أن ﻳﺸﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﺁﻻﻣﻜﻢ .ﻟﻴﻜﻦ دﻣﻪ اﻟﻄﺎهﺮ ﺑﺮدًا ﻋﻠﻴﻜﻢ وﺳﻂ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻜﻢ .وأﺳﺄﻟﻜﻢ أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﻮن اﻷﺣﺒﺎء أن ﺗﻜﻮﻧﻮا ﻋﻮﻧًﺎ ﻷﻧّﻜﻢ ﺗﺤﻴﻮن ﻓﻲ اﻟﻨﻌﻤﺔ .أﻃﻠﺒﻮا ﻣﻨﻪ اﻟﻨﱢﻌﻢ اﻟﺮوﺣﻴّﺔ واﻟﺠﺴﺪﻳّﺔ ﻣﻦ أﺟﻠﻲ واﻟﺘﻲ أﻧﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻴﻬﺎ واﻃﻠﺒﻮا إﻟﻰ اﷲ أن ﻳﻤﻴﺘﻨﻲ ﻣﻴﺘﺔ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻓﺄآﻮن إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء.
74
اﻟﻴﻮم اﻟﻌﺸﺮون اﻟﺼﻼة أداة ﺳﻬﻠﺔ وﻓﻌّﺎﻟﺔ ﻟﻤﺆاﺳﺎة اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .١أداة ﺳﻬﻠﺔ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻓﻲ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺸﺮﻳﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻮﻧﺎ إﻟﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ،ﻧﻨﺘﻘﻞ اﻵن إﻟﻰ ﺑﺤﺚ ﻓﻲ اﻷدوات اﻟﻔﻌّﺎﻟﺔ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺗﻬﻢ. أوﻟﻰ هﺬﻩ اﻷدوات هﻲ اﻟﺼﻼة .ﻓﺎﻟﺼﻼة ﺑﻤﺘﻨﺎول اﻟﺠﻤﻴﻊ؛ اﻟﻔﻘﺮاء واﻷﻏﻨﻴﺎء ،اﻟﻀﻌﻔﺎء واﻷﻗﻮﻳﺎء ،اﻟﺼﻐﺎر واﻟﻌﺠﺰة .ﻻ أﺣﺪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻷﻋﺬار ﻟﻌﺪم اﻟﺼﻼة .أﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺼﻮم؟ أﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻘﺪّم اﻟﺤﺴﻨﺎت؟ ﺻﻞﱢ إذن ﻣﻦ أﺟﻞ أﺧﻮﺗﻚ اﻟﻤﻮﺗﻰ ،ﺻﻞﱢ ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎح وﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎء وﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ .ﻣﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ،إذن ،اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺬﻟﻚ؟ ﻓﺎﻟﺼﻼة ﻓﻌﻞ ﻣﺤﺒّﺔ ﻳﻔﺘﺪي اﻵﻻم. ﻣﻦ ﻻ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻘﻠﺒﻪ ﺑﺼﺮﺧﺔ اﻻﺳﺘﻌﻄﺎف اﻟﺼﺎدرة ﻋﻦ ﻣﺂﺳﻲ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻣﺜﻴﻞ ﻟﻬﺎ؟ ﻣﻦ ﻣﻨّﺎ ﻻ ﻳﺮﺟﻮ اﷲ وهﻮ ﻳﺒﻜﻲ أﺣﺪ أﻗﺮﺑﺎﺋﻪ؟ ﻣﻦ ﻣﻨّﺎ ﻳﺸﺎهﺪ ﻗﺪّﻳﺴًﺎ أو ﺻﺪﻳﻘًﺎ أو ﻗﺮﻳﺒًﺎ ﻳﺘﺄﻟّﻢ وﻻ ﻳﻘﺪّم اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺘﻪ وﺳﻌﺎدﺗﻪ؟ ﻟﻨﺼﻞﱢ إذن ﻣﻦ أﺟﻞ أﺧﻮﺗﻨﺎ اﻟﻤﺘﺄﻟّﻤﻴﻦ! أﻟﻴﺲ اﻷﻣﺮ ﺳﻬﻼً وﺣﺴﺐ ﺑﻞ ﻣﻌﺰّ وﺟﻤﻴﻞ! ﻟﻄﻴﻒ ﺟﺪًّا أن ﻧﺘﻜﻠّﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻧﺤﺐّ وﻧﻬﺘﻢّ ﺑﻬﻢ! ﻟﻨﻌﺘﻤﺪ اﻟﺼﻼة آﻞّ ﻳﻮم ﻣﻦ أﺟﻞ أهﻠﻨﺎ اﻟﻤﻮﺗﻰ .ﻟﻨﻘﺪّم ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ ﺁﻻﻣﻨﺎ اﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﻟﻬﻮﻧﺎ وﺟﻔﺎف ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﺧﻼل ﺻﻼﺗﻨﺎ. ردّدوا داﺋﻤًﺎ هﺬﻩ اﻟﻄﻠﺒﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة" :ﻳﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﺤﻨﻮن ،آﻦ ﻋﻮﻧًﺎ ﻟﻬﻢ! أﻋﻄﻬﻢ ﻳﺎ ربّ اﻟﺮاﺣﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ! وﻟﻴﺮﻗﺪوا ﺑﺴﻼم".
75
.٢أداة ﻓﻌّﺎﻟﺔ ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻏﺴﻄﻴﻦ" :اﻟﺼﻼة هﻲ اﻟﻤﻔﺘﺎح اﻟﺬهﺒﻲّ اﻟﺬي ﺗﻔﺘﺢ ﺑﻪ أﺑﻮاب اﻟﺴﻤﺎء" .إﻧّﻬﺎ أﻗﺪر ﻣﻦ آﻞّ أداة .ﺗﺨﺮج ﻣﻦ ﻗﻠﺐ اﻟﻤﺼﻠّﻲ ،ﺗﺮﻓﻊ ﻋﻠﻰ أﺟﻨﺤﺔ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ،ﺗﺼﻌﺪ إﻟﻰ ﻋﺮش اﷲ، ﺗﺬهﺐ ﻣﺒﺎﺷﺮة إﻟﻰ ﻗﻠﺒﻪ ،ﺗﻼﻣﺴﻪ ،ﺗﺤﻨّﻨﻪ ،ﺗُﺴﻜِﺖ ﻋﺪاﻟﺘﻪ ﻟﺘﻄﻠﻖ اﻟﻌﻨﺎن ﻟﺤﺒّﻪ ،راﺿﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ،اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﺗﺴﺘﺴﻠﻢ ﻓﺘﻐﺪو رﺣﻮﻣﺔ ﻏﺎﻓﺮة .ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ ﻋﺮش اﷲ ،ﻣﺮﺗﺪﻳﺔ ﺛﻮب اﻟﻐﻔﺮان، إﻟﻰ أﻋﻤﺎق اﻟﻤﻄﻬﺮ .هﻨﺎك ﺗﺤﻨﻮ ﻋﻠﻰ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ اﻟﻤﻨﺘﻈﺮة ﺳﺎﻋﺔ ﺗﺤﺮّرهﺎ .ﺗﻄﻔﺊ اﻟﻨﺎر اﻟﻤﻄﻬّﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻮﻳﻬﻢ وﺗﺤﻄّﻢ ﻗﻴﻮد أﺳﺮهﻢ ﻓﺘﻌﻴﺪهﻢ إﻟﻰ اﻟﺤﺮﻳّﺔ واﻟﺴﻌﺎدة .اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ ﻻ ﺗﻌﺮف اﻟﻌﻮاﺋﻖ واﻟﻤﺴﺎﻓﺎت واﻟﺰﻣﻦ :اﻟﺴﻤﺎء ﺗﻔﺘﺢ أﻣﺎﻣﻬﺎ واﻷﻋﻤﺎق ﺗﻐﻠﻖ وراءهﺎ ،ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ آﻞّ ﺷﻲء وﺗﻔﻮز ﺑﻜﻞّ ﺷﻲء .وﻳﺆآّﺪ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺗﻮﻣﺎ أنّ اﷲ ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ ﺑﺤﺮارة أآﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﺣﻴﺎء .وﻟﻘﺪ آﺸﻒ اﻟﺮبّ اﻟﻤﺨﻠّﺺ ذﻟﻚ ﻟﻠﻘﺪّﻳﺴﺔ ﺟﻴﺮﺗﺮود إذ ﻗﺎل" :إنّ رﺣﻤﺘﻲ ﺗﻘﺒﻞ آﻞّ ﺧﻄﻮة ،أو ﻗﺸّﺔ ﺻﻐﻴﺮة ُﻟﻤّﺖ ﻋﻦ اﻷرض ،آﻞّ آﻠﻤﺔ وﺳﻼم، آﻞّ ﺻﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺨﻄﺄة واﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮاء ﺷﺮط أن ﺗﻘﺪّم إﻟﻲّ ﺑﻨﻴّﺔ ﺻﺎﻟﺤﺔ". ﻟﻨﻘﺪّم آﻞّ ﻳﻮمٍ أﻓﻌﺎل اﻟﻤﺤﺒّﺔ ﷲ .هﺬﻩ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺪاﺧﻠﻴّﺔ ﻟﻬﺎ ﻗﻴﻤﺔ ﻻ ﺗﻘﺪّر ،آﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ آﺘﺎب اﻷب ﻓﺎﺑﺮ "آﻞّ ﺷﻲء ﻷﺟﻞ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ!" .آﻞّ ﻓﻌﻞ ﺣﺐّ ﻳﻨﺎل اﻟﺤﻴﺎة اﻷﺑﺪﻳّﺔ .إﻧّﻪ ﻟﻤﻦ اﻟﺴﻬﻞ اﻟﻘﻮل :رﺑّﻲ وأﺑﻲ ،أﺣﺒّﻚ ...أرﻳﺪ أن أﺣﺒّﻚ .هﻜﺬا أﻓﻌﺎل ﺣﺐّ ﺗﺆﻣّﻦ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة واﻟﻌﺰاء ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﺘﺄﻟّﻤﺔ ﺑﺸﺘّﻰ اﻟﺴﺒﻞ. ﺑﺬا ﻧﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ِﻧﻌَﻢ ﻻ ﺗُﺤﺼﻰ وإﻟﻰ اﻷﺑﺪ .ﻓﻴﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺲ
76
أﻏﺴﻄﻴﻦ" :ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ أﺗﻘﻰ وأﻗﺪس ﻣﻦ اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ". ﻟﻘـﺪ ﺧﺼّﺼﺖ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻣﺰﻣﻮر "ﻣﻦ أﺟـﻞ اﻷﻋﻤـﺎق" (De ) Profundisﺻﻼة ﺧﺎﺻّﺔ ﺑﺎﻟﻤﻮﺗﻰ وﺗﺪﻋﻮﻧﺎ إﻟﻰ ﺗﻼوﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻴّﺘﻬﻢ .آﻠﻤﺎت هﺬا اﻟﻤﺰﻣﻮر ﺗﻌﺒّﺮ أﺟﻤﻞ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺁﻻم ﺗﻠﻚ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ وﺗﻈﻬﺮ ﺑﺄﺳﻠﻮب ﺣﻲّ وﻣﺆﺛّﺮ ﺧﻀﻮﻋﻬﻢ ﻟﻠﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ وﺣﺒّﻬﻢ ﻟﻬﺎ ورﺟﺎءهﻢ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ أﻋﻤﺎق اﻟﻤﻄﻬﺮ اﻟﻤﺤﺮق. ﻓﻠﻨﺼﻞﱢ هﺬا اﻟﻤﺰﻣﻮر آﻠّﻤﺎ أﻧﻬﻴﻨﺎ ﺻﻼﺗﻨﺎ اﻟﻤﻌﺘﺎدة.
77
أﻣﺜﻠﺔ (١وهﻲ ﻋﻠﻰ ﻓﺮاش اﻟﻤﻮت ،ﻧﺎدت اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﻣﻮﻧﻴﻚ اﺑﻨﻬﺎ أﻏﺴﻄﻴﻦ* ﻗﺎﺋﻠﺔ" :ﻳﺎ ﺑﻨﻲ هﺎ أﻧﺎ أﻣﻮت ﻣﺒﺮورة .ﻟﻘﺪ وهﺒﻨﻲ اﷲ آﻞّ ﻣﺎ رﻏﺒﺖ ﺑﻪ ﺧﻼل ﺣﻴﺎﺗﻲ .ﻧﻌﻢ أﻣﻮت ﻣﺴﺮورة! ﻳﺎ أﻏﺴﻄﻴﻦ اﻟﻌﺰﻳﺰ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺳﻠﻢ اﻟﺮوح ﻻ ﺗﻨﺲَ ﺑﺼﻠﻮاﺗﻚ وﻻ ﺧﻼل اﻟﻘﺪّاس ﻣﻦ آﺎﻧﺖ أﻣّﻚ ﻣﺮّﺗﻴﻦ .ﺗﺬآّﺮ داﺋﻤًﺎ روح ﻣﻮﻧﻴﻚ". ﺑﻜﻰ أﻏﺴﻄﻴﻦ أﻣّﻪ وهﻲ ﺗﻨﻔﺲ رﻣﻘﻬﺎ اﻷﺧﻴﺮ ﺑﻔﺮح ﺑﻴﻦ ﻳﺪَي اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ .وأﻣﻀﻰ أﻏﺴﻄﻴﻦ ﺑﻌﺪ وﻓﺎة واﻟﺪﺗﻪ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة وﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ روح واﻟﺪﺗﻪ اﻟﺘﻲ أﺣﺒّﺘﻪ ﺣﺒًّﺎ آﺒﻴﺮًا وﻗﺪ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ أﺻﺪﻗﺎﺋﻪ اﻟﻜﻬﻨﺔ وآﻞّ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺮأوا آﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات واﻟﻘﺮون اﻟﻼﺣﻘﺔ أن ﻳﺬآﺮوا واﻟﺪﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﻋَﻞﱠ هﺬﻩ اﻟﻄﻠﺒﺎت ﺗﻔﺘﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﺎب اﻟﺴﻤﺎء. (٢ﻣﻦ اﻟﺸﻬﺎدات اﻟﻤﻌﺒّﺮة ﻋﻦ ﻣﻘﺪرة اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ﺧﻼص أﻧﻔﺲ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺷﻬﺎدة اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ "ﺑﻴﺮﺑﺎﺗﻮ" ) (Perpétueﻓﻲ أﻋﻤﺎل اﻟﺸﻬﺪاء اﻷﺑﺮار .ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺸﻬﺪت ﻓﻲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻟﻠﻤﺴﻴﺢ .ﺑﻴﻨﻤﺎ آﺎﻧﺖ ﺗﻌﺎﻧﻲ "ﺑﻴﺮﺑﺎﺗﻮ" اﻟﺴﺠﻦ ﺷﺎهﺪت رؤﻳﺎ :ﻟﻘﺪ رأت أﺧﺎهﺎ دﻳﻨﻮآﺮات اﻟﺬي ﻗﻀﻰ وهﻮ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ ﻳﺨﺮج ﻣﻦ ﻣﻜﺎن ﻣﻈﻠﻢ وﻳﻘﺘﺮب ﻣﻦ ﺑﺌﺮ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﻤﺎء ﺣﺘّﻰ أﻃﺮاﻓﻬﺎ .أﻃﺮاف اﻟﺒﺌﺮ آﺎﻧﺖ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ،أﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻗﺎﻣﺔ دﻳﻨﻮآﺮات ،ﻓﻼ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺮوي ﻇﻤﺄﻩ .اﻟﺘﻔﺖ دﻳﻨﻮآﺮات إﻟﻰ أﺧﺘﻪ ورﻣﻘﻬﺎ ﺑﻨﻈﺮات ﺣﺰﻳﻨﺔ. ﻓﻬﻤﺖ "ﺑﻴﺮﺑﺎﺗﻮ" أنّ أﺧﺎهﺎ ﻳﺘﺄﻟّﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻄﺎﻳﺎﻩ اﻟﺘﻲ اﻗﺘﺮﻓﻬﺎ
*
هﻮ اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻏﺴﻄﻴﻦ.
78
ﻋﻠﻰ اﻷرض .ﻓﻘﺪّﻣﺖ ﺁﻻﻣﻬﺎ وﺻﻠﻮاﺗﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻧﻔﺲ أﺧﻴﻬﺎ اﻟﻤﺘﺄﻟّﻤﺔ. ﺑﻌﺪ ﻣﺪّة ﻗﺼﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ،أﻧﻌﻢ اﷲ ﻋﻠﻰ "ﺑﻴﺮﺑﺎﺗﻮ" ﺑﺮؤﻳﺎ ﺛﺎﻧﻴﺔ .ﻟﻘﺪ ﺷﺎهﺪت دﻳﻨﻮآﺮات ﻣﺴﺮورًا ﻳﻐﻤﺮﻩ اﻟﻔﺮح وﻳﺸﺮب ﺑﺸﻐﻒ ﻣﻦ اﻟﺒﺌﺮ اﻹﻟﻬﻲّ ﺣﻴﺚ أنّ أﻃﺮاف اﻟﺒﺌﺮ أﺻﺒﺤﺖ ﺑﻤﺘﻨﺎول ﻳﺪﻳﻪ .وﻗﺪ اﺧﺘﻔﺖ اﻟﻈﻠﻤﺎت ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ وﺑﺪا ﻣﺤﺎﻃًﺎ ﺑﻨﻮر ﻋﻈﻴﻢ. ﻟﻘﺪ ﺗﺤﺮّر ﻣﻦ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻪ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺗﻀﺤﻴﺎت أﺧﺘﻪ "ﺑﻴﺮﺑﺎﺗﻮ" وﺻﻠﻮاﺗﻬﺎ .إﻧّﻪ ﻳﻨﻌﻢ ﺑﺴﻌﺎدة اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺘﻲ رُﻣﺰ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺎرﺗﻮاﺋﻪ ﻣﻦ اﻟﺒﺌﺮ اﻟﺴﻤﺎوﻳّﺔ .هﺬﻩ اﻟﺮؤﻳﺎ ﺗﻌﺒّﺮ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺣﻴﻦ ﺗﻄﻠﺐ إﻟﻰ اﷲ أن ﻳﻤﻨﺢ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ "ﻣﻜﺎن اﻟﺮاﺣﺔ واﻟﻨﻮر واﻟﺴﻼم". ﻋﻠﻰ ﻣﺜﺎل اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻏﺴﻄﻴﻦ ﻟﻨﺼﻞّ داﺋﻤًﺎ وﺑﻼ ﻣﻠﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ أهﻠﻨﺎ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ،وإذا ﻣﺎﺗﺖ أﻣّﻨﺎ ﻻ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻨﺴﺎهﺎ وإن آﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻓﺼﻠﻮاﺗﻨﺎ ﺗﻜﻮن ﻋﻮﻧًﺎ ﻟﻬﺎ ﻋﻨﺪ اﷲ ﺣﻴﻦ ﺗﺴﻌﻰ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻦ أﺟﻠﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻷﺣﻴﺎء. ﻟﻨﺼﻞﱢ :أﻳّﻬﺎ اﻟﺮبّ ﻳﺴﻮع ﻳﺎ ﻣﻦ ﻗﻠﺖ" :اﻃﻠﺒﻮا ﺗﻨﺎﻟﻮا ،ﻓﺘّﺸﻮا ﺗﺠﺪوا واﻗﺮﻋﻮا ﻳُﻔﺘﺢ ﻟﻜﻢ" ،أﻃﻠﺐ ﻣﻨﻚ ﺑﻜﻞّ رﺟﺎء وﺑﺸﻔﺎﻋﺔ ﺟﺮوﺣﺎﺗﻚ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ورﺣﻤﺘﻚ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ أن ﺗﺮأف ﺑﻬﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺌﻦّ ﻓﻲ ﻣﻄﻬﺮهﺎ .إﻗﺒﻞ أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﺨﻠّﺺ اﻟﺮﺣﻮم اﻟﻤﺘﻮاﺿﻊ اﻟﻘﻠﺐ ،ﺻﻠﻮاﺗﻲ واﺳﺘﻤﻊ إﻟﻰ أﻧﻴﻨﻲ واﻓﺘﺢ ﻷهﻠﻲ وأﺻﺪﻗﺎﺋﻲ اﻟﺒﺎﺋﺴﻴﻦ أﺑﻮاب اﻟﺴﻤﺎء .ﻓﻠﻴﻨﺮهﻢ ﻧﻮرك اﻷﺑﺪيّ وﻟﻴﺮﻗﺪوا ﻓﻲ راﺣﺔ وﺳﻼم إﻟﻰ اﻷﺑﺪ!
79
اﻟﻴﻮم اﻟﻮاﺣﺪ واﻟﻌﺸﺮون اﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺑﺎﻟﺠﺴﺪ واﻟﺮوح ﺗﻌﺰّي اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .١اﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺑﺎﻟﺠﺴﺪ اﻟﻤﺤﺒّﺔ هﻲ ﻣﻦ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ اﻷﺳﺎﺳﻴّﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪّﻣﻬﺎ ﻟﻨﺎ اﻹﻧﺠﻴﻞ .ﻓﻬﻲ ،ﺑﺤﺴﺐ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺗﻮﻣﺎ ،ﺗﻤﻠﻚ ﻗﺪرة ﻹرﺿﺎء اﷲ أﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة أو أﻧّﻬﺎ ﺗﻀﺎﻋﻒ ﻓﻌﺎﻟﻴّﺔ اﻟﺼﻼة وﺗﺆﻣّﻦ اﻟﻨﺠﺎح. آﺎن ﻣﻼك اﻟﺮبّ ﻳﻘﻮل ﻟﻄﻮﺑﻴّﺎ" :اﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺗﻨﺠّﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﻮت ،ﺗﻐﻔﺮ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ وﺗﻨﺘﺸﻞ اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻤﺎت ﺗﻘﺪّﻣﻬﺎ إﻟﻰ اﷲ وﺗﻌﻄﻴﻬﺎ اﻟﺤﻴﺎة اﻷﺑﺪﻳّﺔ". ﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ أداة ﻓﻌّﺎﻟﺔ ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﺘﺄﻟّﻤﺔ! ﻓﺈذا ﻣﺎرﺳﻨﺎ ﻓﻌﻞ اﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻴّﺔ هﺆﻻء اﻟﺒﺎﺋﺴﻴﻦ ﺗﺼﻌﺪ ﻣﻨﺎﺟﺎﺗﻬﻢ ﻧﺤﻮ اﷲ وﺗﻨﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ آﻞّ ﺷﻲء إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻪ .إﻧّﻬﺎ ﻗﻄﺮات اﻟﻨﺪى اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺒﻂ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻓﺘﺨﻔّﻒ ﻣﻦ ﻟﻬﺒﻪ .ﻣﻦ ﻳﻌﻄﻲ ﻗﻄﻌﺔ ﺧﺒﺰ إﻟﻰ ﻓﻘﻴﺮ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻳﻌﻄﻲ ﻷﺣﺪ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﺤﺮّرة ﻣﻜﺎﻧًﺎ أﺑﺪﻳًّﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺪة اﻟﻤﺨﻠّﺺ .ﻟﺘﻌﻢّ اﻟﺮﺣﻤﺔ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ وﻣﻦ ﻟﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻓﻠﻴﻌﻂِ اﻟﻜﺜﻴﺮ وﻣﻦ ﻟﻪ اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻓﻠﻴﻌﻂِ اﻟﻘﻠﻴﻞ إﻧّﻤﺎ ﺑﻘﻠﺐ ﻣﺤﺐّ. ﻳﻘﻮل آﺎﺗﺐ اﻟﻤﺰاﻣﻴﺮ" :ﻃﻮﺑﻰ ﻟﻤﻦ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺂﻻم اﻟﻔﻘﺮاء واﻟﻤﻬﻤّﺸﻴﻦ ﻓﺎﷲ ﻳﺤﺮّرﻩ ﻳﻮمَ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ وﻳﻜﻮن ﺣﺎﺿﺮًا ﺳﺎﻋﺔ ﻧﺰاﻋﻪ اﻷﺧﻴﺮ وﻳﺠﺎزﻳﻪ ﺧﻴﺮًا إﻟﻰ اﻷﺑﺪ". إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ إذن! ﺷﺠّﻌﻮا ﻣﻌﺬّﺑﻲ اﻷرض واﻣﺴﺤﻮا دﻣﻊ اﻟﺤﺰاﻧﻰ. ﺿﻌﻮا ﻓﻠﺲ اﻷرﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﻳﺪ اﻟﻔﻘﻴﺮ ﻓﻴﺘﺤﺮّر أﺳﺮى اﻟﻤﻄﻬﺮ.
80
.٢اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺮوﺣﻴّﺔ ﻓﺈذا آﻨّﺎ ﻻ ﻧﻤﻠﻚ اﻷﻣﻮال ﻟﻨﻘﺪّﻣﻬﺎ ،ﺗﺒﻘﻰ ﻟﻨﺎ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺮوﺣﻴّﺔ ﻧﻘﺪّﻣﻬﺎ إﻟﻰ اﷲ ﻟﻌﺰاء اﻟﻤﺘﺄﻟّﻤﻴﻦ .ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺗﻮﻣﺎ" :إﻧّﻬﺎ ﺗﻔﻮق اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺠﺴﺪﻳّﺔ ،آﻤﺎ ﺗﻔﻮق اﻟﺮوح اﻟﺠﺴﺪ" .ﻓﺎﻟﻤﺂﺳﻲ اﻟﺮوﺣﻴّﺔ هﻲ أآﺜﺮ ﻋﺪدًا وﺑﺸﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺂﺳﻲ اﻟﺠﺴﺪﻳّﺔ .وهﺎ هﻲ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺎﻧﺘﺸﺎر اﻟﻜﺮاﻣﺎت ﻋﻠﻰ أﺧﻮﺗﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺼﻮﻟﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻤﺤﺒّﺘﻨﺎ اﻟﺮوﺣﻴّﺔ ﺗﺠﺎهﻬﻢ. ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ إذن ﻧﻌﺘﻨﻲ ﺑﺎﻟﻤﺮﺿﻰ! ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ ﻧﺴﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ هﻢ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ اﻟﻨـﺰاع اﻷﺧﻴﺮ! ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ ﻧﺤﻤﻲ اﻟﻴﺘﺎﻣﻰ! ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ ﻧﻌﺰّي اﻷراﻣﻞ! ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ ﻧﺠﻔّﻒ دﻣﻮع اﻟﺤﺰاﻧﻰ! وهﻜﺬا ﺗﺨﻔّﻒ ﻣﺤﺒّﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﺁﻻم هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي هﻮ ﻣﻄﻬﺮ اﻟﺤﻴﺎة اﻷﺧﺮى! ﻣﺎذا ﻳﻤﻨﻌﻨﺎ ﻋﻦ ﻋﺰاء هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻌﺰﻳﺰة وﺗﺤﺮﻳﺮهﺎ؟ ﻣﺎ هﻮ ﻋﺬرﻧﺎ إذا ﻧﺴﻴﻨﺎهﻢ وﻧﺤﻦ ﻗﺎدرون ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﻢ؟ وﻣﻦ ﻳﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻳﻮﻣًﺎ إذا ﺗﺨﻠّﻴﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﻋﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ؟ ﻣﺜﺎل ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻮﻟﻮﻧﻴﺎ اﻹﻳﻄﺎﻟﻴّﺔ ،آﺎن ﻷرﻣﻠﺔ وﻟﺪ اﻋﺘﺎد اﻟﻠﻌﺐ ﻣﻊ أﺗﺮاﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣّﺔ .ﻓﻲ أﺣﺪ اﻷﻳّﺎم ﺟﺎء ﺷﺎب ﻏﺮﻳﺐ ﻳﻌﻜّﺮ ﺻﻔﻮهﻢ ﻓﺎرﺿًﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺄﺳﻠﻮب ﻣﺸﻴﻦ .ﺻﺮخ اﺑﻦ اﻷرﻣﻠﺔ ﺑﻮﺟﻬﻪ ﻃﺎﻟﺒًﺎ ﻣﻨﻪ اﻟﻜﻒّ ﻋﻦ إزﻋﺎﺟﻪ .أﻣّﺎ اﻟﺸﺎب اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻓﺎﺳﺘﻞّ ﺳﻴﻔﻪ ﻏﺎﺿﺒًﺎ وﻃﻌﻦ ﺑﻪ اﻟﺼﺒﻲّ ﻓﻤﺎت .ﻓﺮّ اﻟﺸﺎب وﻗﺪ ﺗﻤﻠّﻜﻪ اﻟﺨﻮف ﻣﻦ ﻓﻌﻠﺘﻪ اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ وﺳﻴﻔﻪ ﺑﻴﺪﻩ ﻳﻘﻄّﺮ دﻣًﺎ ﺑﺮﻳﺌًﺎ. ﻟﺠﺄ اﻟﻤﺠﺮم إﻟﻰ أﺣﺪ اﻟﺒﻴﻮت ﻟﻴﺨﺘﺒﺊ وآﺎن ﺑﻴﺖ اﻟﻀﺤﻴّﺔ .ﻋﻨﺪﻣﺎ رأت اﻷم اﻷرﻣﻠﺔ اﻟﺸﺎب وﺑﻴﺪﻩ اﻟﺴﻴﻒ اﻟﻤﺪﻣّﻲ ﺗﻤﻨّﻌﺖ ﻋﻦ
81
ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎب ﻟﻪ .أﻟﺢّ اﻟﺸﺎب ﺑﺎﺳﻢ اﷲ أن ﺗﻤﻨﺤﻪ ﻣﻠﺠﺄً هﺮﺑًﺎ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﺸﺮﻃﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻼﺣﻘﻮﻧﻪ .ﻓﺘﺤﺖ اﻷرﻣﻠﺔ اﻟﺒﺎب وﺧﺒّﺄت اﻟﻤﺠﺮم واﻋﺪة إﻳّﺎﻩ ﻋﺪم ﺗﺴﻠﻴﻤﻪ إﻟﻰ اﻟﺸﺮﻃﺔ. ﺗﺒﻌﻪ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﺸﺮﻃﺔ إﻟﻰ ﻣﻨـﺰل اﻷرﻣﻠﺔ وﻟﻜﻨّﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻌﺜﺮوا ﻋﻠﻴﻪ، وﻋﻨﺪ ﺧﺮوﺟﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﻨـﺰل ﻗﺎﻟﻮا ﻟﻠﺴﻴّﺪة أﺗﺪرﻳﻦ أنّ هﺬا اﻟﺸﺎب هﻮ ﻗﺎﺗﻞ اﺑﻨﻚ .ﻋﻨﺪ ﺳﻤﺎﻋﻬﺎ هﺬا اﻟﻜﻼم وﻗﻌﺖ اﻷرﻣﻠﺔ ﻣﻐﻤﻴًّﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ. وﻋﻨﺪﻣﺎ اﺳﺘﻌﺎدت وﻋﻴﻬﺎ ﻇﻦّ اﻟﺠﻤﻴﻊ أﻧّﻬﺎ ﻟﻦ ﺗﺨﺮج ﺳﺎﻟﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﺪﻣﺔ .وﻟﻜﻦ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ آﺎﻧﺖ ﻋﻮﻧًﺎ ﻟﻬﺎ ﻓﺎﺳﺘﻌﺎدت ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ وﻗﺮّرت اﻟﻌﻔﻮ ﻋﻦ اﻟﻘﺎﺗﻞ وﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻪ ﺑﻤﺤﺒّﺔ .ذهﺒﺖ اﻷمّ اﻟﻤﻔﺠﻮﻋﺔ إﻟﻰ ﻣﺨﺒﺄ اﻟﻘﺎﺗﻞ وأﻋﻄﺘﻪ ﻣﺎﻻً وأرﺷﺪﺗﻪ إﻟﻰ ﻣﺨﺮج ﺳﺮّي ﺣﻴﺚ ﻳﻨﺘﻈﺮﻩ ﺣﺼﺎن ﻣﺴﺮّج ﺟﺎهﺰ ﻟﻼﻧﻄﻼق .ﺛﻢّ ﻟﺠﺄت اﻷرﻣﻠﺔ اﻟﺤﺰﻳﻨﺔ إﻟﻰ اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ ﻧﻔﺲ اﺑﻨﻬﺎ .وﻣﺎ آﺎدت ﺗﺠﺜﻮ ﻋﻠﻰ رآﺒﺘﻴﻬﺎ راﻓﻌﺔ ﻳﺪﻳﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺼﻠﻮب ﺗﺮﺟﻮﻩ أن ﻳﺸﻔﻖ ﻋﻠﻰ اﺑﻨﻬﺎ ﺣﺘّﻰ ﺑﺪا ﻟﻬﺎ وﺟﻪ ﻣﺴﺮور ﻳﺸﻊّ آﺎﻟﺸﻤﺲ ،وﻗﺎل ﻟﻬﺎ" :أﻣّﻲ اﻟﺤﺒﻴﺒﺔ ،ﻻ ﺗﺒﻜﻲ! ﻻ ﺗﺄﺳﻔﻲ ﻋﻠﻲّ ﺑﻞ ارﻏﺒﻲ ﺑﻘﺪري .إنّ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺒّﺮت ﺑﻬﺎ ﺗﺠﺎﻩ ﻗﺎﺗﻠﻲ اﻧﺘﺸﻠﺘﻨﻲ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ! إنّ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﻗﺪ ﺣﻜﻤﺖ ﻋﻠﻲّ ﺳﻨﻮات ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ ﺁﻻﻻم ﻟﻜﻦ ﻋﻔﻮك أﻧﻬﻰ ﺑﻠﺤﻈﺔ آﻞّ آﻔّﺎرﺗﻲ! وأﻧﺎ اﻵن إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﷲ اﻟﻌﻠﻲّ ﺣﻴﺚ ﺳﺄﺑﻘﻰ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ!" واﺧﺘﻔﻰ وﺟﻪ اﻻﺑﻦ ﺗﺎرآًﺎ أﻣّﻪ ﻳﻐﻤﺮهﺎ اﻟﻔﺮح رﻏﻢ ﺣﺰﻧﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ. ﻟﻨﺼﻞﱢ :أﺛﻖ ﺑﻜﻼﻣﻚ أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﺴﻴﺢ .ﺳﺄرى وﺟﻬﻚ اﻟﺒﻬﻲّ ﻓﻲ وﺟﻪ آﻞّ ﻓﻘﻴﺮ ﻳﺴﺘﻌﻄﻲ اﻟﺸﻔﻘﺔ .أﻗﻮم ﺑﻔﻌﻞ اﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻟﻜﻞّ ﻃﺎﻟﺐ آﻤﺎ ﻟﻮ أﻧّﻲ أﻗﻮم ﺑﻪ ﻷﺟﻠﻚ .وﻟﻦ ﺗﻘﻒ ﻣﺤﺒّﺘﻲ ﻋﻨﺪ ﺣﺪود اﻷﺣﻴﺎء ﺑﻞ ﺗﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ اﻷﻣﻮات .وﻟﻴﻜﻦ ﻣﺎ أﻗﻮم ﺑﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻔﻘﺮاء ﻋﻠﻰ هﺬﻩ اﻷرض ﺧﺪﻣﺔ ﻟﻔﻘﺮاء اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻳﺴﺘﻌﻄﻒ رﺣﻤﺘﻚ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ .ﻳﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻄﻴّﺐ اﻟﻘﻠﺐ أﻋﻄِﻬﻢ اﻟﺮاﺣﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ!
82
اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﻌﺸﺮون اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﺗﻌﺰّي اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .١اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻟﺴﺮﻳّﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﻘﺪّم ﻟﻠﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﺑﺴﻌﺎدة ،ﻧﺘّﺤﺪ ﺑﺎﻟﻤﺴﻴﺢ اﺗّﺤﺎدًا ﺣﻤﻴﻤًﺎ ﻓﻨﻘﻮل ﻣﻊ اﻟﺮﺳﻮل" :ﻻ! أﻟﻴﺲ أﻧﺎ ﻣﻦ ﻳﺤﻴﺎ ،ﺑﻞ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻳﺤﻴﺎ ﺑﻲ" .ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ ﻳﺼﺒﺢ ﺟﺴﺪﻧﺎ ﺟﺴﺪﻩ وﻗﻠﺒﻪ ﻳﻼﻣﺲ ﻗﻠﺒﻨﺎ ودﻣﻪ ﻳﺴﻴﻞ ﻓﻲ ﻋﺮوﻗﻨﺎ وأﻟﻮهﻴّﺘﻪ ﺗﺴﻜﻨﻨﺎ .ﻓﻬﻮ ﻳﻨﻈﺮ ﺑﺄﻋﻴﻨﻨﺎ وﻳﺮﻗّﻖ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ .ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﺘﻬﻴﻬﺎ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ،ﻧﻜﻠّﻢ اﷲ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ آﻼم ﻟﻨﻘﻮل ﻟﻪ ،ﺑﺜﻘﺔ أآﺒﺮ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ آﺎﻧﺖ ﻟﻠﻤﻼك اﻟﻨﺒﻲ" :ﻳﺎ ربّ ﻳﺎ ﺣﺎﻣﻲ اﻟﻤﻌﺬّﺑﻴﻦ ،أﻧﻈﺮ إﻟﻲّ ﺗﺮَ وﺟﻪ اﺑﻨﻚ اﻟﺤﺒﻴﺐ ،ﻟﻴﺲ أﻧﺎ ﻣﻦ ﻳﺘﻜﻠّﻢ وﻳﺼﻠّﻲ ﺑﻞ ﻳﺴﻮع اﺑﻨﻚ .هﻮ ﻣﻦ ﻳﻄﻠﺐ ﺧﻼص واﻟﺪيّ ،وﺧﻼص اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻬﻤﻠﺔ اﻟﺒﺎﺋﺴﺔُ ،آﻠّﻲ ﺛﻘﺔ أﻳّﻬﺎ اﻵب اﻟﺮﺣﻮم أن ﺗﻘﺒﻞ هﺬﻩ اﻟﻄﻠﺒﺎت ﻷنّ ﻟﻮﺟﻪ اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ وﺻﻠﻮاﺗﻪ ،ودﻣﻮﻋﻪ ،ودﻣﻪ، ﺻﻮت ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﺻﺮاﻣﺔ ﻋﺪاﻟﺘﻚ وﻧﻴﻞ ﻋﻔﻮك!" ﻟﻨﺘﻨﺎول ﺟﺴﺪ ودم ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﻤﻘﺪّس ﻣﻦ أﺟﻞ هﺆﻻء اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺤﺒﻴﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺮﻣﺖ ﻣﻦ ﻓﺮح اﻟﻤﺸﺎرآﺔ ﻓﻲ وﻟﻴﻤﺔ اﻹﻓﺨﺎرﺳﺘﻴّﺎ .ﻓﻬﻲ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﻣﻨّﺎ ﺑﺤﺮارة أن ﻧﻤﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻧﺪى دم اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﺬي ﻳﺮوي ﻏﻠﻴﻠﻬﺎ وﻳﺤﺮّرهﺎ .ﻗﺮﻳﺒًﺎ ﺗﺒﺪأ ﻟﺪﻳﻬﻢ اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﺸﺎهﺪون ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء وﺟﻪ اﻟﻤﺨﻠّﺺ ﺧﺒﺰ اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻴﻌﺒﺪوﻧﻪ وﻳﺒﺎرآﻮﻧﻪ وﻳﻤﺠّﺪوﻧﻪ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ.
83
.٢اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻟﺮوﺣﻴّﺔ إذا ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻟﺴﺮﻳّﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﺧﻼل اﻟﻘﺪّاس ،أيّ أﻧّﻚ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻗﺎدرًا ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻘﺒﺎل ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻚ ﻓﺈﻧّﻚ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻟﺮوﺣﻴّﺔ. ﺗﻘﻮم اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻟﺮوﺣﻴّﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﺒﺔ اﻟﺤﺎرّة ﻓﻲ اﻻﺗّﺤﺎد ﺑﺎﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﻤﺨﻠّﺺ واﺳﺘﻘﺒﺎل روﺣﻪ وﻧﻌﻤﻪ .إﻧّﻬﺎ ﻓﻌﻞ ﻣﻘﺪّس ﻟﻸﺣﻴﺎء آﻤﺎ ﻟﻸﻣﻮات .ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺲ "ﻟﻴﻐﻮري" أﻧّﻬﺎ ﺗﻌﻄﻲ ﺛﻤﺎرًا آﺜﻴﺮة إذا ﻣﺎ ﻗﻤﻨﺎ ﺑﻬﺎ ﺑﺈﻳﻤﺎن ﻋﻤﻴﻖ أآﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻟﺴﺮﻳّﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ إذا ﻗﻤﻨﺎ ﺑﻬﺎ ﺑﻔﺘﻮر .آﻤﺎ ﻣﻦ ﻣﻴّﺰاﺗﻬﺎ أﻧّﻨﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻘﻮم ﺑﻬﺎ آﻞّ ﻳﻮم وﻓﻲ آﻞّ ﻟﺤﻈﺔ ،ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ أو ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎر ،ﻓﻲ ﺪﺳًﺎ .إﻧّﻬﺎ أداة ﺑﺴﻴﻄﺔ ،ﺳﻬﻠﺔ آﻞّ ﻣﻜﺎن ﻋﺎﻣًّﺎ آﺎن أم ﻣﻘ ّ وﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻻﻋﺘﻨﺎء ﺑﺄﺣﺒّﺎﺋﻨﺎ اﻟﻤﻮﺗﻰ. ﻟﻨﻘﻢ ﺑﻬﺬﻩ اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻟﺮوﺣﻴّﺔ آﻠّﻤﺎ زرﻧﺎ اﻟﻘﺮﺑﺎن اﻟﻤﻘﺪّس وﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺗﻼوة اﻟﺼﻼة اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ" :ﻳﺎ ﻳﺴﻮع! أؤﻣﻦ أﻧّﻚ ﺣﺎﺿﺮ هﻨﺎ! أﺣﺒّﻚ ﻣﻦ آﻞّ ﻗﻠﺒﻲ وأرﻏﺐ ﺑﻚ! أﺗّﺤﺪ ﺑﻚ ﺑﻘﻠﺒﻲ وروﺣﻲ ﻣﻨﺘﻈﺮًا اﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻚ ﺣﻘﻴﻘﺔ .ﺑﺎرآﻨﻲ وﺑﺎرك اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ع أﺑﻨﺎءك وأﺧﻮﺗﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺮاﺣﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ اﻟﻤﺘﺄﻟّﻤﺔ .ﻳﺎ ربّ أد ُ وﻟﻴﻐﻤﺮهﻢ ﻧﻮرك اﻷﺑﺪي ﻓﻴﺸﻊّ ﻋﻠﻴﻬﻢ! ﻣﺜﺎل ﻟﻮﻳﺲ دو ﺑﻮا ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺸﻬﻮر ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺮوﺣﻴّﺔ وﻣﺸﻬﻮدٌ ﻟﻪ ﺑﺤﻜﻤﺘﻪ ﺗﺨﺒﺮﻧﺎ أنّ أﺣﺪ اﻷﺗﻘﻴﺎء اﻟﻤﺘﻌﺒّﺪﻳﻦ ﷲ زارﺗﻪ ﻳﻮﻣًﺎ ﻧﻔﺲ ﻣﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻣﻈﻬﺮة ﻟﻪ ﻣﺎ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺁﻻم وﻋﺬاﺑﺎت .ﻋﻘﺎﺑﻬﺎ آﺎن ﻋﻈﻴﻤًﺎ ﻷﻧّﻬﺎ ﺗﻘﺒّﻠﺖ ﺳﺮّ اﻹﻓﺨﺎرﺳﺘﻴّﺎ ﺑﺈهﻤﺎل وﻓﺘﻮر ﻣﻠﺤﻮظ. ﻟﺬﻟﻚ ﺣﻮّﻟﺘﻬﺎ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ إﻟﻰ ﻧﺎر ﻣﻠﺘﻬﻤﺔ ﺗُﺴﺤَﻖ ﺑﻬﺎ .ﻗﺎﻟﺖ
84
اﻟﻨﻔﺲ ﻟﺬاك اﻟﺘﻘﻲ" :أﻃﻠﺐ ﻣﻨﻚ ،ﻳﺎ ﻣﻦ آﻨﺖ ﺻﺪﻳﻘﻲ اﻟﺤﻤﻴﻢ واﻟﻮﻓﻲّ واﻟﺬي ﻳﺠﺐ أن ﺗﺒﻘﻰ آﺬﻟﻚ أن ﺗﻘﺒﻞ اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﻣﺮّة واﺣﺪة ﻷﺟﻠﻲ ،ﺑﻜﻞّ ﺣﺮارة اﻹﻳﻤﺎن واﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﺪﻳﻚ وأﻧﺎ أﺛﻖ أنّ هﺬﻩ اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ آﺎﻓﻴﺔ ﻟﺨﻼﺻﻲ وهﻲ ﺗﻌﺎدل ﻓﺘﻮري اﻟﻤﺬﻧﺐ آﻠّﻪ ﺗﺠﺎﻩ اﻹﻓﺨﺎرﺳﺘﻴّﺎ". ﻟﻢ ﻳﺘﻮانَ اﻟﺼﺪﻳﻖ اﻟﺘﻘﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﺸﺎرآﺔ ﺑﺎﻟﻘﺪّاس وﺗﻨﺎول ﺟﺴﺪ اﻟﺮبّ ودﻣﻪ ﺑﺈﻳﻤﺎن ﻋﻤﻴﻖ وﺣﺎرّ ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺔ ﻧﻔﺲ ﺻﺪﻳﻘﻪ. وﺑﻌﺪ ﻓﻌﻞ اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ ،ﻇﻬﺮت ﻟﻪ ﻧﻔﺲ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺛﺎﻧﻴﺔ ،وآﺎﻧﺖ ﻓﺮﺣﺔ وﻣﻤﻨﻮﻧﺔ ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻪ :ﻟﻴﺒﺎرآﻚ اﻟﺮبّ ﻳﺎ أﻋﺰّ اﻷﺻﺪﻗﺎء ،ﻣﻨﺎوﻟﺘﻚ ﺣﺮّرﺗﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ وﺳﺄواﺟﻪ وﺟﻪ رﺑّﻲ اﻟﺒﻬﻲّ". ﻟﻨﺘﺬآّﺮ إﺷﺎرة اﻟﻘﺪّﻳﺲ "ﺑﻮﻧﺎﻓﺎﻧﺘﻮرا"* إذ ﻳﻘﻮل" :ﻟﺘﺪﻓﻌﻚ اﻟﻤﺤﺒّﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ ﻷنّ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﻲء أآﺜﺮ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺮاﺣﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ ﻟﻠﻤﻮﺗﻰ". ﻟﻨﺼﻞﱢ :ﻳﺎ ربّ ،ﻳﺎ ﻣﻦ ﺗﺄﺳﺮ ﺑﻌﺪاﻟﺘﻚ ﻧﻔﻮس أﻗﺮﺑﺎﺋﻲ ،وﺗﺮﻏﺐ آﺜﻴﺮًا ﻓﻲ أن ﻳﺄآﻠﻮا ﻣﻦ ﺧﺒﺰ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ،آﻢ أﺗﻤﻨّﻰ أن أﻓﺘﺢ ﻟﻬﻢ أﺑﻮاب اﻟﺠﻨّﺔ ،ﻟﻴﺘﺒﺎرك اﺳﻤﻚ أﻳّﻬﺎ اﻵب اﻟﺮّﺣﻮم .أﻋﺪك أن ﺗﻜﻮن ﻣﻨﺎوﻟﺘﻲ داﺋﻤﺔ وﺑﺤﺮارة ﻣﻦ أﺟﻞ هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ .وﺗﺮى ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻲ وﺟﻪ اﺑﻨﻚ وﺗﺴﻤﻊ ﺻﻮﺗﻪ ﺑﺼﻮﺗﻲ ﻳﺼﻞ إﻟﻴﻚ ﻓﺄﻧﺎل ﻣﻨﻚ اﻟﻨﱢﻌﻢ اﻟﺘﻲ ﻃﻠﺒﺘﻬﺎ .ﻳﺎ ﻳﺴﻮع آﻦ ﻋﻮﻧًﺎ ﻟﻤﻮﺗﺎﻧﺎ اﻷﺣﺒّﺎء .وﻟﻴﺮﻗﺪوا ﺑﺴﻼم.
* ﺑﻮﻧﺎﻓﺎﻧﺘﻮر ) (١٢٧٤ – ١٢٢١) (Bonaventureﻣﻔﻜّﺮ دﻳﻨﻲ إﻳﻄﺎﻟﻲ .ﺗﺮأس رهﺒﻨﺔ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺳﻨﺔ ،١٢٥٦ﺳﻴﻢ آﺎردﻳﻨﺎﻻً ﺳﻨﺔ .١٢٧٣ﻟﻪ آﺘﺎﺑﺎت دﻳﻨﻴّﺔ وﻓﻠﺴﻔﻴّﺔ ﻋﺪﻳﺪة ﺧﻮّﻟﺘﻪ درﺟﺔ دآﺘﻮراﻩ ﺳﺎروﻓﻴﻢ .ﺗﻌﻴّﺪﻩ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻓﻲ ١٤ﺗﻤّﻮز ﻣﻦ آﻞّ ﻋﺎم.
85
اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﻌﺸﺮون ذﺑﻴﺤﺔ اﻟﻘﺪّاس ﺗﺴﺎﻋﺪ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .١ﺗﻘﺪﻣﺔ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻣﻦ آﻞّ اﻷدوات اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻠّﻤﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺔ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﺗﺒﻘﻰ ﺗﻘﺪﻣﺔ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ اﻷداة اﻷآﺜﺮ ﻓﻌﺎﻟﻴّﺔ. وهﻮ ﻣﺜﺎل ﻣﻌﺰﱟ ﻹﻳﻤﺎﻧﻨﺎ وﺳﺒﺐ ذﻟﻚ أنّ ﻓﻌﺎﻟﻴّﺔ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﺗﻘﺪّم ﺑﺸﺨﺺ ﺳﻴّﺪﻧﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ وﺑﺎﺳﻤﻪ .ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺬﺑﺢ آﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻠﺠﻠﺔ اﻟﺘّﻀﺤﻴﺔ ﻋﻴﻨﻬﺎ واﻟﻔﺎﻋﻠﻴّﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ .ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺬﺑﺢ ﻳﺴﻮع ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺑﺎن ﻳﻘﺪّم ذاﺗﻪ ﺑﻤﺎ هﻲ وﻣﺎﻟﻬﺎ إﻟﻰ اﻵب اﻟﻘﺪّوس .إﻧّﻪ ﻳﻘﺪّم ﻟﻶب آﺎﻣﻞ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﺠﺎهﺪة وآﺎﻣﻞ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻤﺘﺄﻟّﻤﺔ. إﻧّﻪ ﻟﻔﺮح ﻋﻈﻴﻢ ،ﻓﻲ ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺪّﻣﻮع ،ﻳﻐﻤﺮ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﻀﻨﻬﺎ ﻳﺴﻮع وﻳﻘﺪّﻣﻬﺎ إﻟﻰ اﻵب اﻟﻘﺪّوس! وﻳﻘﺒﻞ اﻵب ﺗﻀﺤﻴﺔ اﻻﺑﻦ! ﻓﻬﻮ ﻳﺘﻌﺮّف إﻟﻰ ﺳﻤﺎت اﺑﻨﻪ اﻟﺤﺒﻴﺐ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﻤﺠﻴﺪة ،آﻴﻒ ﻻ ﺗﺘﺤﺮّر ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻣﻦ أﺳﺮهﺎ؟ ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻓﻬﻢ آﻨﻪ أﺳﺮار اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ،إﻧّﻤﺎ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻣﺘﺄآّﺪﻳﻦ ﻣﻨﻪ أنّ هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺮاﺣﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ .ﻏﻴﺮ أنّ أﺣﺪ ﺣﻜﻤﺎء اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ ﻳﺆآّﺪ أنّ ﻋﺪدًا آﺒﻴﺮًا ﻣﻦ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻳﻐﺎدر اﻟﻤﻄﻬﺮ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ﺑﻌﺪ آﻞّ ذﺑﻴﺤﺔ إﻟﻬﻴّﺔ. ﻓﻲ روﻣﺎ ،داﺧﻞ أﺣﺪ اﻷدﻳﺮة رﺳﻢ ﻳﻈﻬﺮ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺑﺮﻧﺎر ﻳﻘﺪّم اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ وأﻧﻔﺲ ﻣﻄﻬﺮﻳّﺔ ﺗﺘﺤﺮّر ﻣﻦ أﺳﺮهﺎ وﺗﺼﻌﺪ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ﺧﻼل اﻟﻘﺪّاس.
86
ﻟﻤﺎذا ﻻ ﻧﻔﻜّﺮ إﻻّ ﻗﻠﻴﻼً ﺑﻬﺬﻩ اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ اﻟﻤﻤﻴّﺰة؟ ﻓﻔﻲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻌﺎﺋﻼت اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ ﻳﻘﺪّم اﻟﻘﺪّاس ﻋﻦ أﻧﻔﺲ اﻟﻤﻮﺗﻰ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻣﻦ أو اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻣﻦ اﻟﻮﻓﺎة ،آﻤﺎ ﺗُﻘﺎم اﻟﺬآﺮى اﻟﺴﻨﻮﻳّﺔ ﻟﻬﻢ .هﻞ ﻧﻔﻜّﺮ ﺑﺬﻟﻚ؟ .٢ﻧﻘﺪّﻣﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻤﺴﻴﺢ إذا آﺎﻧﺖ إﻣﻜﺎﻧﻴّﺎﺗﻚ اﻟﻤﺎدﻳّﺔ ﻻ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻚ ،ﻋﺎدة ،ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ،ﻻ ﺗﻨﺲَ أﻧّﻚ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻣﺘﻚ ﺑﻨﻔﺴﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺸﺎرآﺘﻚ اﻟﻔّﻌﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻘﺪّاس ،ﻓﺘﺘّﺤﺪ ﺻﻠﻮاﺗﻚ ﻣﻊ ﺻﻠﻮات اﻟﻜﺎهﻦ وﺻﻼة اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻗﺮب اﻟﻤﺬﺑﺢ ﻣﺸﺎرآًﺎ ﻓﻲ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﺗﻨﺎل آﻞّ اﻟﻨﱢﻌﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﻤﻞ اﻟﻄﺎهﺮ ،وﺗﻘﺪّﻣﻬﺎ إﻟﻰ أﺣﺒّﺎﺋﻚ ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﻘﻮم ﻣﺮﻳﻢ وﻳﻮﺳﻒ ﺑﺘﺴﺪﻳﺪ ﺧﻄﻰ اﻟﻄﻔﻞ اﻹﻟﻬﻲّ وأﻓﻌﺎﻟﻪ ،ﺗﻤﺎرس أﻧﺖ "ﺳﻠﻄﺔ" ﻋﻠﻰ ﻳﺴﻮع ﻓﻲ ﺳﺮّ اﻹﻓﺨﺎرﺳﺘﻴّﺎ ﺣﻴﺚ ﻳﺠﻌﻠﻚ ﺳّﻴﺪًا ﻓﻲ ﺗﻮزﻳﻊ ﻧﻌﻤﻪ .ﺑﺬﻟﻚ ﺗﻨﺸﺮ دﻣﻪ اﻹﻟﻬﻲّ ﻋﻠﻰ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﺒﺎرآﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،آﻤﺎ أﻧّﻚ ﺗﻘﺪّم ﻟﻬﻢ ﺛﻤﺎر اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ وﻣﺎ ﻳﻌﻮد ﻟﻚ ﻣﻦ ﺣﻖّ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘﺪادﻳﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪّم ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ .ذﻟﻚ هﻮ آﻨـﺰ ﻋﻈﻴﻢ ﻻ ﻧﻌﻄﻴﻪ ﺣﻖّ ﻗﺪرﻩ. آﻨـﺰ ﺗﻔﺪي ﺑﻮاﺳﻄﺘﻪ أهﻠﻚ وأﺻﺪﻗﺎءك وﺗﻔﺘﺢ ﻟﻬﻢ ﺑﺎب اﻟﺴﻤﺎء. ذﻧﺒﻨﺎ آﺒﻴﺮ إذا ﻣﺎ أهﻤﻠﻨﺎ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎهﻢ ﺑﻮﺿﻊ ﺣﺪّ ﻵﻻم أﻧﻔﺲ أﺣﺒّﺎﺋﻨﺎ اﻟﻤﻄﺎﻟﺒﻴﻦ ﺑﻨِﻌﻢ اﻟﻤﺨﻠّﺺ أن ﻧﻔﻜّﺮ ﺑﻬﻢ ﺧﻼل اﻟﻘﺪّاس ﻓﻲ ﺻﻼة ذآﺮى اﻟﻤﻮﺗﻰ. ﻣﺜﺎل أﺣﺪ اﻟﻜﻬﻨﺔ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ ﻣﺒﺸّﺮًا ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ "ﺁرس" ﻳﺨﺒﺮ أﺑﻨﺎء اﻟﺮﻋﻴّﺔ اﻟﻘﺼّﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻗﺎﺋﻼً" :ﻳﺎ أﺑﻨﺎﺋﻲ ،أﺣﺪ اﻟﻜﻬﻨﺔ اﻷﺗﻘﻴﺎء ﻓﻘﺪ
87
ﺻﺪﻳﻘًﺎ ﻟﻪ أﺣﺒّﻪ آﺜﻴﺮًا؛ ﻓﻜﺎن ﻳﺼﻠّﻲ داﺋﻤًﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺔ ﻧﻔﺴﻪ. ﻓﻲ أﺣﺪ اﻷﻳّﺎم أوﺣﻰ ﻟﻪ اﷲ ﺑﺄنّ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻳﺘﺄﻟّﻢ آﺜﻴﺮًا ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ .ﻓﻤﺎ آﺎن ﻣﻦ اﻟﻜﺎهﻦ اﻟﻘﺪّﻳﺲ إﻻّ أن ﻳﻘﺪّم اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﻋﻦ ﻧﻔﺲ ﺻﺪﻳﻘﻪ .وﺧﻼل ﺗﻘﺪﻳﺲ اﻟﻘﺮﺑﺎن ﺧﺎﻃﺐ اﻟﻜﺎهﻦ اﻵب اﻟﻘﺪّوس ﻗﺎﺋﻼً" :أﻳّﻬﺎ اﻵب اﻟﻘﺪّوس اﻷزﻟﻲ ﻟﻨﻘﻢ ﺑﺎﻟﻤﺒﺎدﻟﺔ .أﻧﺖ ﺗﺄﺳﺮ ﻧﻔﺲ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ وأﻧﺎ أﺣﻤﻞ ﺑﻴﻦ ﻳﺪي ﺟﺴﺪ اﺑﻨﻚ اﻟﺤﺒﻴﺐ .أﻳّﻬﺎ اﻵب اﻟﺮﺣﻮم أﻃﻠﻖ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻣﻦ أﺳﺮّﻩ ﻓﺄﻗﺪّم ﻟﻚ اﺑﻨﻚ ﺑﻜﻞّ ِﻧﻌَﻢ ﻣﻮﺗﻪ وﺁﻻﻣﻪ" .ﻗﺒﻞ اﻟﺮبّ ﻃﻠﺐ اﻟﻜﺎهﻦ وﻋﻨﺪﻣﺎ رﻓﻊ اﻟﻘﺮﺑﺎن ﺗﺮاءت ﻟﻪ روح ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺗﻠﻤﻊ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺪ ﺻﺎﻋﺪة إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء .ﻟﻘﺪ ﻗﺒﻞ اﷲ اﻟﻤﺒﺎرآﺔ. وأآﻤﻞ آﺎهﻦ رﻋﻴّﺔ "ﺁرس" ﻗﺎﺋﻼً :ﻳﺎ أﺑﻨﺎﺋﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﺧﻼص ﻧﻔﺲ ﻋﺰﻳﺰة ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻟﻨﻘﻢ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻧﻔﺴﻪ .ﻟﻨﻘﺪّم إﻟﻰ اﻵب اﻟﻘﺪّوس ،ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ،اﺑﻨﻪ اﻟﺤﺒﻴﺐ ﺑﻜﻞّ ِﻧﻌَﻢ ﻣﻮﺗﻪ وﺁﻻﻣﻪ ،ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺮﻓﺾ ﻟﻨﺎ ﺷﻴﺌًﺎ" .ﻓﻠﻨﺘﺒﻊ ،ﻧﺤﻦ إرﺷﺎد آﺎهﻦ "ﺁرس" اﻟﻘﺪّﻳﺲ". ﻣﺜﺎل ﺁﺧﺮ :ﻗﺪادﻳﺲ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ ﻓﻘﺪت اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ إﻟﻴﺰاﺑﻴﺖ ،ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎل اﺑﻨﺘﻬﺎ آﻮﻧﺴﺘﺎﻧﺲ ﻣﻠﻜﺔ ﻗﺸﺘﺎﻟﺔ ،وﺑﻴﻨﻤﺎ هﻲ ذاهﺒﺔ إﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳﺎﻧﺘﺎرﻳﻢ ﻣﺮّت ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ إﺣﺪى اﻟﻐﺎﺑﺎت .ﻓﺠﺄة ﺧﺮج ﻣﻦ اﻟﻐﺎﺑﺔ ﻧﺎﺳﻚ وﻟﺤﻖ ﺑﻘﺎﻓﻠﺘﻬﺎ ﻳﺼﺮخ" :أرﻳﺪ أن أآﻠّﻢ اﻟﻤﻠﻜﺔ" .دﻓﻌﻪ اﻟﺤﺮّاس ﻓﻲ ﺑﺎدئ اﻷﻣﺮ إﻟﻰ اﻟﻮراء ﻏﻴﺮ أنّ اﻟﻤﻠﻜﺔ ﻋﻨﺪ ﺳﻤﺎﻋﻬﺎ ﺻﺮاﺧﻪ ﻃﻠﺒﺖ إﻟﻴﻬﻢ أن ﻳﺄﺗﻮهﺎ ﺑﻪ .ﻗﺎل اﻟﻨﺎﺳﻚ ﻟﻠﻤﻠﻜﺔ أنّ اﺑﻨﺘﻬﺎ آﻮﻧﺴﺘﺎﻧﺲ ﻗﺪ ﻇﻬﺮت ﻟﻪ ﻣﺮارًا وهﻮ ﻳﺼﻠّﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﺴﻜﻪ ﻃﺎﻟﺒﺔ
88
إﻟﻴﻪ أن ﻳﺨﺒﺮ واﻟﺪﺗﻬﺎ أﻧّﻬﺎ ﺗﺘﻌﺬّب ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ وﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ أﻣّﻬﺎ أن ﺗﻘﺪّم اﻟﻘﺪّاس ﻟﺮاﺣﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﺪّة ﺳﻨﺔ آﺎﻣﻠﺔ... ﺑﻌﺪ هﺬا اﻟﻜﻼم ﻋﺎد اﻟﻨﺎﺳﻚ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ أﺗﻰ وﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﺮاﻩ أﺣﺪ. هﺰأ ﺑﻜﻼﻣﻪ آﻞّ ﻣﻦ ﺳﻤﻌﻪ ﻣﻦ ﺣﺎﺷﻴﺔ اﻟﻤﻠﻜﺔ واﺗّﻬﻤﻮﻩ ﺑﺎﻟﻬﻠﻮﺳﺔ واﻟﺠﻨﻮن وﺑﺄﻧّﻪ ﺣﺸﺮيّ. رأت اﻟﻤﻠﻜﺔ أنّ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ اﻟﻨﺎﺳﻚ أﻣﺮٌ ﺣﻜﻴﻢ وﻗﺪ ردّدت ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ "ﻋﻠﻰ آﻞّ ﺣﺎل ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻘﺪادﻳﺲ ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺔ ﻧﻔﺲ اﻧﺒﺘﻬﺎ هﻮ ﻣﻦ ﺻﻠﺐ اﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﻤﺴﻴﺤﻲ" .ﻋﻨﺪﺋﺬٍ آﻠّﻔﺖ اﻟﻤﻠﻜﺔ اﻷب ﻓﺮدﻳﻨﺎﻧﺪ ﻣﺎﻧﺪز اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺘﻘﻮاﻩ ،ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺛﻼﺛﻤﺎﻳﺔ وﺧﻤﺴﺔ وﺳﺘّﻴﻦ ﻗﺪّاﺳًﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺔ ﻧﻔﺲ اﺑﻨﺘﻬﺎ آﻮﻧﺴﺘﺎﻧﺲ. اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ إﻟﻴﺰاﺑﻴﺖ ﺻﻠّﺖ ﻣﻦ أﺟﻞ اﺑﻨﺘﻬﺎ ﻏﻴﺮ أﻧّﻬﺎ ﻧﺴﻴﺖ ﻣﺎ أﻋﻄﺘﻪ إﻟﻰ اﻟﻜﺎهﻦ اﻟﺘﻘﻲّ ﻣﻦ ﺣﺴﻨﺎت ﻟﻠﻘﺪادﻳﺲ ...وﻓﻲ أﺣﺪ اﻷﻳّﺎم ﻇﻬﺮت آﻮﻧﺴﺘﺎﻧﺲ ﻷﻣّﻬﺎ ﻣﺮﺗﺪﻳﺔ اﻷﺑﻴﺾ وﺗﺸﻊ ﻧﻮرًا ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻬﺎ" :اﻵن أﻃﻴﺮ ﻧﺤﻮ اﻟﻘﺪاﺳﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ". ﻓﻲ اﻟﻐﺪّ ذهﺒﺖ إﻟﻴﺰاﺑﻴﺖ إﻟﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻟﺘﺸﻜﺮ اﷲ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﺘﻪ ﻓﻲ ﺗﺤﺮﻳﺮ اﺑﻨﺘﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ .ﻓﺎﺳﺘﻘﺒﻠﻬﺎ اﻷب ﻣﺎﻧﺪر ﻗﺎﺋﻼً ﻟﻬﺎ" :أﻣﺲ أﻧﻬﻴﺖ اﻟﻘﺪادﻳﺲ اﻟﺘﻲ ﻃﻠﺒﺘﻬﺎ ﻣﻨﻲ "...وآﺎن ذﻟﻚ ﺳﺎﻋﺔ ﻇﻬﻮر آﻮﻧﺴﺘﺎﻧﺲ اﻟﻤﺤﺮّرة ﻷﻣّﻬﺎ ...ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ ﺗﺬآّﺮت إﻟﻴﺰاﺑﻴﺖ اﻟﻨﺎﺳﻚ! ﻟﻨﺼﻞﱢ :ﻳﺎ ربّ ،رﻏﻢ ذﻧﻮب اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮاهﺎ ﺑﻌﻴﻦ ﻋﺪاﻟﺘﻚ ،إرأف ﺑﻬﻢ ﺑﺮﺣﻤﺘﻚ واﻏﻔﺮ ﻟﻬﻢ آﻠّﻤﺎ اﺳﺘﺒﻴﺢ دم اﺑﻨﻚ اﻟﻄﺎهﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺬﺑﺢ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻼﺻﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺪﻧﺲ .إﺳﻤﻊ ﺻﻮت هﺬا اﻟﺪمّ اﻟﻄﺎهﺮ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺼﺮخ ﺛﺄرًا ﺑﻞ رﺣﻤﺔ ورأﻓﺔ. ﻳﺎ ﻳﺴﻮع! أﻳّﻬﺎ اﻟﺤﻤﻞ اﻟﻄﺎهﺮ ،ﻳﺎ ﻏﺎﻓﺮ ﺧﻄﺎﻳﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ آﻦ ﻋﻮﻧًﺎ ﻷﺧﻮﺗﻲ اﻟﻤﻮﺗﻰ .ﻓﺘﺤﺮّرهﻢ وﻳﺮﻗﺪون ﺑﺴﻼم إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻚ.
89
اﻟﻴﻮم اﻟﺮاﺑﻊ واﻟﻌﺸﺮون اﻟﻌﺬاب اﻟﻤﻘﺪّم ﻳﻌﺰّي اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .١اﻷﻟﻢ اﻟﻄﻮﻋﻲ ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻳﻮﺣﻨّﺎ ﻓﻢ اﻟﺬهﺐ" :ﻟﻨﻌﺎﻟﺞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﺑﻜﻞّ ﻣﺎ ﻳﺆﻟﻤﻨﺎ ،ﻷنّ اﷲ ﻳﺤﺴﺐ ﻟﻸﻣﻮات ِﻧﻌَﻢ اﻷﺣﻴﺎء" .اﻷﻟﻢ هﻮ ﻣﺮﺿﺎة اﷲ اﻟﻜﺒﺮى اﻟﺘﻲ ﻳﻄﻠﺒﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻋﺪاﻟﺘﻪ .ﻧﺤﻦ ﻧﺘﺄﻟّﻢ إذن ﻟﻜﻲ ﺗﺨﻔّﻒ ﺁﻻﻣﻬﻢ. ﺁﻩ! ﻟﻮ آﺎن ﻟﺪﻳﻨﺎ إﻳﻤﺎن أآﺜﺮ ﺣﺮارة وﻣﺤﺒّﺔ آﺒﻴﺮة ﻟﻔﺮﺿﻨﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺴﻨﺎ إﻣﺎﺗﺎت آﺜﻴﺮة ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺔ أهﻠﻨﺎ وأﺻﺪﻗﺎﺋﻨﺎ اﻟﻤﻮﺗﻰ وﺗﺤﺮﻳﺮهﻢ ﻣﻦ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﻢ اﻷﻟﻴﻤﺔ! ﻓﺎﻟﺘﻜﻔﻴﺮ واﻟﺼّﻮم واﻹﻣﺎﺗﺎت هﻲ ﺗﻤﺎرﻳﻨﻨﺎ اﻟﺮوﺣﻴّﺔ اﻟﻴﻮﻣﻴّﺔ ﻓﻠﻴﻜﻦ ﻟﺪﻳﻨﺎ اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺘﻀﺤﻴﺎت اﻟﺼﻐﻴﺮة آﺎﻟﺘﺨﻠّﻲ ﻋﻦ ﻟﺬّة أو ﻗﺮاءة ﺳﻴّﺌﺔ أو ﻋﻼﻗﺔ ﺧﻄﺮة أو اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﻌﺎدة ذات ذﻧﺐ أو اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ اﻟﺮﻓﺎﻩ اﻟﺒﺎﻃﻞ .ﻳﻘﻮل اﻷب ﻓﻴﻠﻴﻜﺲ" :إﺧﺘﺮ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻠﺬة اﻟﻤﺤﺒّﺒﺔ إﻟﻴﻚ! إﺧﺘﺮهﺎ ﻣﻦ أﻋﻤﺎق ﻗﻠﺒﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺤﺒّﻬﻢ ،ﺿﺢﱢ ﺑﺬاﺗﻚ ﻓﺘﻜﻮن هﺬﻩ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ اﻟﺬاﺗﻴّﺔ رﺣﻤﺔ ﻟﻠﻌﺬاب اﻷﺑﻮيّ". هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻜﺮّﻣﺔ ﺗﺮﺗﻔﻊ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ﻋﻠﻰ أﺟﻨﺤﺔ ﺗﻀﺤﻴﺎﺗﻨﺎ وﺁﻻﻣﻨﺎ .ﺗﻨﻄﻠﻖ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ﻣﻨﺘﺼﺮة ﺷﺎآﺮة ﻟﻨﺎ آﺮﻣﻨﺎ وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺄﺗﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﺪ اﷲ ﺗﻌﻴﺪ إﻟﻴﻨﺎ ﺑﻐﺰارة آﻞّ اﻟﺤﺴﻨﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﺪّﻣﻨﺎهﺎ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ .ﻳﺎ ﻟﻠﻌﺰاء اﻟﻌﻈﻴﻢ واﻟﺮﺟﺎء اﻟﻜﺒﻴﺮ! أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﺼﻠﻮب إﺟﻌﻠﻨﺎ ﻧﻔﻬﻢ ﻗﻴﻤﺔ اﻹﻟﻢ!
90
.٢اﻷﻟﻢ ﻏﻴﺮ اﻟﻄﻮﻋﻲ )اﻟﻘﺴﺮي( إذا آﺎن اﻷﻟﻢ اﻟﻄﻮﻋﻲ ﻳﺮﺑﻚ ﺷﺠﺎﻋﺘﻨﺎ .ﻓﺎﻟﻌﻨﺎﻳﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﻓﺮﺿﺖ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺁﻻﻣًﺎ أﺣﺴﻦ ﺟﺰاءً ﻣﻦ أﺟﻠﻨﺎ وﻣﻦ أﺟﻞ أﻣﻮاﺗﻨﺎ، ﻷﻧّﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ اﺧﺘﻴﺎرﻧﺎ .إﻧّﻬﺎ ﺁﻻم وﻋﺬاﺑﺎت اﻟﺮوح واﻟﻘﻠﺐ واﻟﺠﺴﺪ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺘﻔﺎداهﺎ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ .ﻧﺤﻦ ﻧﻌﻠﻢ أﻧّﻬﺎ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ آﻞّ ﻣﻜﺎن ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻣﻢ وﻣﻬﻤﺎ آﺎﻧﺖ اﻟﺸﺮوط .ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﺻﺮاع ﻳﻮﻣﻲّ وﺷﻬﺎدة ﻣﺮﻳﺮة وﻣﺆﻟﻤﺔ .هﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﺬﻣّﺮ؟ ﻃﺒﻌًﺎ ﻻ! إنّ ﺁﻻﻣﻨﺎ آﻠّﻬﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﺤﻮّل إﻟﻰ ﺳﻼم ﻣﻦ أﺟﻠﻨﺎ وﻣﻦ أﺟﻞ اﻵﺧﺮﻳﻦ؛ ﻃﺎﻟﻤﺎ هﻲ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ أﻗﺴﻰ اﻵﻻم اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .ﻧﻌﻢ! ﺑﻮاﺳﻄﺔ هﺬا اﻟﺼﻠﻴﺐ اﻟﺬي رﻣﺘﻪ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﻋﻠﻰ أآﺘﺎﻓﻨﺎ ،ﺑﻮاﺳﻄﺔ هﺬﻩ اﻟﺸﻮآﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻣﻲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ،واﻟﺪﻣﻌﺔ واﻟﻨﻬﺪة وﻓﻌﻞ اﻟﺨﻀﻮع ،ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﻤﺂﺳﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ اﻟﻜﺒﺮى وﻧﺠﻔّﻒ دﻣﻮع أهﻠﻨﺎ اﻷﺣﻴﺎء. ﻟﻨﺘﺸﺠّﻊ إذن! ﻟﻨﺘﺤﻤّﻞ اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﺮد ﻓﺘﻨﻌﺶ اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺮق ﻓﻲ ﻧﺎر ﻏﻀﺐ اﷲ .ﻟﻨﺘﺤﻤّﻞ اﻟﻘﻴﻆ ﻗﻠﻴﻼً ﻓﻨﺤﻮّل ﺣﺮارة اﻟﻨﺎر اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ إﻟﻰ ﻧﺪى ﻣُﺮﻃّﺐ .ﻟﻨﺘﺤﻤّﻞ اﻹزﻋﺎج ﻗﻠﻴﻼً ﻓﻨﻨﺘﺸﻞ اﻷﻧﻔﺲ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎق اﻟﻤﻈﻠﻤﺔ .ﻟﻨﺘﺤﻤّﻞ اﻟﺘﻌﺐ واﻹﺟﻬﺎد ﻓﻨﺤﻤﻠﻬﻢ ﺑﺬﻟﻚ إﻟﻰ ﻋﺮوش اﻟﻤﺠﺪ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء :ﻟﻨﺎ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻦ اﻷﻟﻢ ،وﻟﻬﻢ اﻟﺴﻌﺎدة اﻷﺑﺪﻳّﺔ! ﻣﺜﺎل ﻳﺨﺒﺮﻧﺎ اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻧﻄﻮﻧﺎن* أنّ رﺟﻼً ﻣﺮﻳﻀًﺎ ،آﺎن ﻓﺮﻳﺴﺔ ﻵﻻم ﻣﺒﺮﺣﺔ ﻗﺪ ﻃﻠﺐ إﻟﻰ اﷲ ﺑﺎآﻴًﺎ أن ﻳﻨﺠّﻴﻪ ﻣﻦ ﺁﻻﻣﻪ ،ﻓﻈﻬﺮ ﻟﻪ ﻣﻼك *
اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻧﻄﻮﻧﺎن :أﺳﻘﻒ ﻓﻠﻮراﻧﺲ ) (١٤٥٩ – ١٣٨٩ﻣﻦ آﺒﺎر اﻟﻤﻔﻜّﺮﻳﻦ اﻟﺪﻳﻨﻴّﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ ﺗﻌﻴّﺪﻩ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻓﻲ ١٠أﻳّﺎر )اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ(.
91
اﻟﺮبّ ﻗﺎﺋﻼً" :اﻟﺮبّ أرﺳﻠﻨﻲ إﻟﻴﻚ ﻟﻜﻲ أﺳﺄﻟﻚ أن ﺗﺨﺘﺎر ﺑﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﺁﻻﻣﻚ ﻋﻠﻰ اﻷرض أو ﻳﻮﻣًﺎ واﺣﺪًا ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ". ﻟﻢ ﻳﺘﺮدّد اﻟﻤﺮﻳﺾ ﻗﺎﺋﻼً ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ :ﻳﻮﻣًﺎ واﺣﺪًا ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ واﻧﺘﻬﻲ ﻣﻦ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻲ .هﻜﺬا أﺳﻠﻢ اﻟﺮوح واﻧﺘﻘﻠﺖ إﻟﻰ أﻋﻤﺎق آﻔّﺎرﺗﻪ .ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ ﺟﺎءﻩ ﻣﻼك اﻟﺮبّ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻟﻴﻌﺰّﻳﻪ .ﻓﻠﻤّﺎ رﺁﻩ ذﻟﻚ اﻟﺒﺎﺋﺲ ﺻﺮخ ﺻﺮﺧﺔ آﺎدت ﺗﻤﺰّق اﻷﻋﻤﺎق اﻟﻤﻈﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﺷﺪّة اﻷﻟﻢ وﻗﺎل" :أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﻼك اﻟﻔﺎﺗﻦ ،ﻟﻘﺪ ﻏﺸﺸﺘﻨﻲ ،ﻟﻘﺪ أآّﺪت ﻟﻲ أنّ ﺑﻘﺎﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻳﻜﻮن ﻟﻴﻮم واﺣﺪ وهﺎ أﻧﺎ ﻗﺪ ﻣﺮّ ﻋﻠﻲّ ﻋﺸﺮون ﺳﻨﺔ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻌﺬاﺑﺎت اﻟﻤﺨﻴﻔﺔ هﺎ هﻨﺎ!" ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ اﻟﻤﻼك: "ﻻ ﺗﻐﺶّ ﻧﻔﺴﻚ ،ﻟﻢ ﻳﻤﺮّ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺗﻚ ﺳﻮى دﻗﺎﺋﻖ ﻗﻠﻴﻠﺔ وﺟﺜﻤﺎﻧﻚ ﻟﻢ ﻳﺒﺮد ﻋﻠﻰ ﻓﺮاش اﻟﻤﻮت" .ﻋﻨﺪ ﺳﻤﺎع اﻟﺒﺎﺋﺲ آﻼم اﻟﻤﻼك ﻃﻠﺐ إﻟﻴﻪ ﻗﺎﺋﻼً :أﻃﻠﺐ ﻣﻦ اﷲ أن أﻋﻮد إﻟﻰ اﻷرض ﻓﺄﺗﻌﺬّب هﻨﺎك ﺳﻨﺔ آﺎﻣﻠﺔ أو إﻟﻰ ﻣﺎ ﺷﺎء اﷲ" .اﺳﺘﺠﻴﺐ ﻃﻠﺐ اﻟﻤﻴﺖ ﻓﻌﺎد إﻟﻰ اﻟﺤﻴﺎة اﻷرﺿﻴّﺔ .وآﺎن هﺬا اﻟﻤﺮﻳﺾ ﻳﺤﺚّ آﻞّ ﻣﻦ ﻳﺮاﻩ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻮل ﻋﺬاﺑﺎت هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻘﻠﺐ ﻃﻴّﺐ .ﻋﻠﻰ أن ﻳﺘﺤﻤّﻞ ﻋﺬاﺑﺎت اﻟﻤﻄﻬﺮ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻄﺎق .وهﻮ آﺎن ﻳﺮدّد داﺋﻤًﺎ" :اﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ اﻵﻻم هﻮ اﻟﻤﻔﺘﺎح اﻟﺬهﺒﻲّ ﻟﻠﺠﻨّﺔ! ﻓﻠﻨﺴﺘﻔﺪ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻨﺎ" .ﺗﻮﻓّﻲ هﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻣﺮّ ﻋﻠﻰ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻪ هﺎ هﻨﺎ ﺳﻨﺔ آﺎﻣﻠﺔ آﻤﺎ ﻗﻴﻞ ﻟﻪ . ﻟﻨﺼﻞﱢ :ﻟﻴﺘﺒﺎرك اﺳﻢ اﻟﺮبّ ﻳﺎ ﻣﻦ رﻏﺒﺖ أن ﺗﻜﻮن ﻋﺬاﺑﺎﺗﻲ وﺁﻻﻣﻲ اﻟﺪاﺋﻤﺔ واﻟﺘﻲ ﺑﺬّرت ﺑﻬﺎ ﺣﻴﺎﺗﻲ ،ﻧﺒﻊ اﻟﻨﱢﻌﻢ اﻟﻐﺰﻳﺮة وﺳﺒﻴﻼً ﻹرﺿﺎء ﻋﺪاﻟﺘﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ اﻟﺤﺒﻴﺒﺔ .ﻣﻦ اﻵن وﺻﺎﻋﺪًا ﻟﻦ أﺗﺄﻓّﻒ ﻣﻦ ﺻﻠﺒﺎﻧﻲ وﺳﺄﺗﺤﻤّﻠﻬﺎ ﺑﺠﻠﺪ وﻃﺎﻋﺔ ﺳﺎﺋﻼً إﻳّﺎك أن ﺗﻨﻈﺮ إﻟﻲّ وإﻟﻰ أهﻠﻲ اﻷﻣﻮات ﺑﻌﻴﻦ اﻟﺮﺣﻤﺔ. ع إﻟﻴﻚ أﺑﻨﺎءك وأﺧﻮﺗﻨﺎ ﻟﻴﺮﻗﺪوا ﻳﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﺤﺒﻴﺐ ،آﻦ ﻋﻮﻧًﺎ ﻟﻬﻢ واد ُ ﺑﺴﻼم!
92
اﻟﻴﻮم اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﻌﺸﺮون درب اﻟﺼﻠﻴﺐ ﻳﻌﺰّي اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .١هﻮ درب اﻟﺴﻤﺎء ﻟﻸﺣﻴﺎء هﺬا اﻟﻔﺮض اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻓﻲ اﻟﺬآﺮى اﻟﺘﻲ ﻳﺜﻴﺮهﺎ ،اﻟﺜﻤﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻨﱢﻌﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪّﻣﻬﺎ هﻮ اﻷداة اﻷآﺜﺮ ﻓﻌﺎﻟﻴّﺔ ﻟﻼﻧﺘﺼﺎر ﻋﻠﻰ ﺁﻻﻣﻨﺎ ،واﻟﻄﺮﻳﻖ اﻵﻣﻦ ﻟﻠﻮﺻﻮل ﺑﺴﺮﻋﺔ إﻟﻰ ﻗﻤّﺔ اﻟﻜﻤﺎل .ﻓﻔﻲ آﻞّ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﺮاﺣﻞ درب اﻟﺼﻠﻴﺐ ﻧﻔﻬﻢ ﺑﻌﻤﻖ ﺳﺒﺐ ﺁﻻم اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ .ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺨﺸﻰ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﻓﻨﺒﺘﻌﺪ ﻋﻨﻬﺎ ﻟﻜﻲ ﻻ ﻧﺠﺪّد ﺁﻻم اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ،ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺳﺤﻖ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﺑﻤﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻜﻔّﺎرات ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻤﺎﺛﻞ ﺑﺎﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ .ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻻﻧﺪﻓﺎع ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺔ اﻷﻧﻔﺲ ،ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺣﺐّ اﻟﺘﻮاﺿﻊ واﻟﻄﻬﺎرة وﻏﻔﺮان اﻹهﺎﻧﺎت واﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺠﺎرب وﻧﻜﺮان اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺎدي. ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺲ "ﺑﻮﻧﺎﻓﺎﻧﺘﻮرا"" :إذا أردت أن ﺗﻨﻤﻮ ﻓﻲ اﻹﻳﻤﺎن أﺟﺬب إﻟﻴﻚ اﻟﻨﱢﻌﻢ ﻓﻮق اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ وﻟﺘﻜﻦ ﻣﻤﺎﺛﻼً ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻟﻠﻤﻼﺋﻜﺔ وﻟﻜﻦ ﻻﺑﻦ اﷲ .ﻣﺎرس هﺬا اﻟﺘﻤﺮﻳﻦ اﻟﺮوﺣﻲ :درب اﻟﺼﻠﻴﺐ، ﻓﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺪرب اﻟﻤﻠﻜﻲ اﻟﺬي ﻳﻘﻮدك إﻟﻰ اﻟﺠﻨّﺔ". ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻧﻬﺞ أآﻴﺪ ،ﻟﻠﺘﻘﺪّم ﻓﻲ اﻟﻔﻀﻴﻠﺔ وﻣﺸﺎﺑﻬﺔ اﻟﻤﺜﺎل اﻹﻟﻬﻲّ ،آﺪرب اﻟﺼﻠﻴﺐ ﻗﻢ ﺑﺪرب اﻟﺼﻠﻴﺐ آﻤﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ اﻟﺴﻴّﺪة اﻟﻌﺬراء واﻟﺘﻼﻣﻴﺬ اﻷواﺋﻞ واﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ :ﻓﺘﺸﻌﺮ ﺑﻨﻔﺴﻚ ﻣﺴﻴﺤﻴًّﺎ ﺪﻣًﺎ ،أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء وﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﻤﻘﺪّس. ﻣﺘﻘ ّ
93
.٢هﻮ درب اﻟﺴﻤﺎء ﻟﻸﻣﻮات أﻳﻀًﺎ درب اﻟﺼﻠﻴﺐ هﻮ ﻓﻌﻞ ﺳﻼم ﻣﻦ أﺟﻞ أﻣﻮاﺗﻨﺎ اﻷﺣﺒّﺎء. ﻋﻠﻰ ﺧﻄﻰ اﻟﻤﺴﻴﺢ إﻟﻰ اﻟﺠﻠﺠﻠﺔ ﻧﻘﻄﻒ آﻞّ ﻗﻄﺮة ﻣﻦ دﻣﻪ اﻟﺜﻤﻴﻦ ،آﻞّ ﻧﻌﻤﺔ ﻣﻦ ﺷﻬﺎدﺗﻪ اﻷﻟﻴﻤﺔ وﻧﻘﺪّﻣﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﺳﺪاد دَﻳﻦٍ ﻋﻦ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻓﺘﻜﻮن ﻟﻬﻢ ﺗﻨﻬّﺪات ﻓﺮح وﺳﺮور وﻋﺰاء وﺷﻔﺎء .إنّ درب اﻟﺼﻠﻴﺐ هﻲ ﻟﺮاﺣﺔ اﻟﻤﻮﺗﻰ ﻟﻤﺎ ﻧﻘﺪّﻣﻪ ﻣﻦ اﻟﻐﻔﺮاﻧﺎت اﻟﺜﻤﻴﻨﺔ ﻟﻠﺨﻄﺎﻳﺎ .وهﻲ آﺜﻴﺮة ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺤﺼﻰ آﻤﺎ ﻳﻌﻠﻤﻨﺎ ﻗﺪاﺳﺔ اﻟﺒﺎﺑﺎ "ﺑﻨﻮا" اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﺸﺮ* وﻣﻦ اﺟﻞ أن ﻧﻜﺴﺒﻬﺎ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻜﻮن ﻓﻲ ﺣﺎل اﻟﻨﻌﻤﺔ آﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺪرب اﻟﺼﻠﻴﺐ ﻣﺮارًا ﻋﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﻮاﺣﺪ. إذا آﻨﺘﻢ ﺗﺮﻏﺒﻮن ﻓﻲ ﺷﻔﺎء اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ وﺗﺤﺮﻳﺮهﺎ ﻗﺪّﻣﻮا هﺬا اﻟﻔﺮض ﺑﻜﻞّ ﺗﻘﻮى ﻟﻠﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ .ﺳﺘﺠﺪون ﻋﻠﻰ هﺬﻩ اﻟﺪرب ،درب اﻷﻟﻢ وﻣﻮت اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ،اﻟﻌﺰاء ﻟﻘﻠﻮﺑﻜﻢ ﻣﺘﻰ ﺧﺴﺮﺗﻢ أﻧﺎﺳًﺎ أﻋﺰّاء ،واﻟﻄﺮﻳﻖ إﻟﻰ ﻓﺘﺢ أﺑﻮاب اﻟﺴﻤﺎء ﻟﻬﻢ. ﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ آﻨـﺰ! درب اﻟﺼﻠﻴﺐ! هﻲ آﻨـﺰ ﻟﻜﻢ وﻷﻣﻮاﺗﻜﻢ .ﺧﺬوا اﻟﻘﺮار ﺑﺈﻗﺎﻣﺘﻬﺎ آﻞّ أﺳﺒﻮع ،ﻳﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ،ﻳﻮم ذآﺮاهﺎ ﻓﻴُﺴﺘﺠﺎب ﻟﻨﺎ. ﻣﺜﺎل ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﺮﻋﺎﻳﺎ اﻟﺼﻐﻴﺮة ،آﺎﻧﺖ ﺑﻌﺜﺔ ﺗﺒﺸﻴﺮﻳّﺔ ﺗﻘﻮم ﺑﺈرﺷﺎد اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﻘﺮﻳﺔ وآﺎن هﺆﻻء ﻳﺄﺗﻮن ﻟﻼﺳﺘﻤﺎع إﻟﻰ آﻠﻤﺔ اﷲ واﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻏﻔﺮاﻧﻪ .ﺛﻼﺛﺔ رﺟﺎل ﻓﻘﻂ ،ﻣﻦ اﻟﻘﺮﻳﺔ ،رﻓﻀﻮا ﺑﻌﻨﺎد اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﺘﺒﺸﻴﺮ وﻗﺪ أﻗﺴﻤﻮا أﻻّ ﻳﻀﻌﻮا أرﺟﻠﻬﻢ ﻓﻲ *
ﻋﻴّﻦ ﺑﺎﺑﺎ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﻴّﺔ ﻣﻦ ١٧٤٠إﻟﻰ .١٧٥٨ ﺑﻨﻮا اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﺸﺮ وُﻟﺪ ﻓﻲ ﺑﻮﻟﻮﻧﻴﺎ – إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ )ُ .(١٧٥٨ – ١٦٧٥
94
اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ وأﻻّ ﻳﻌﺘﺮﻓﻮا أﺑﺪًا إﻟﻰ اﻟﻜﺎهﻦ .زوﺟﺔ أﺣﺪهﻢ ﺟﺎءت ﺗﺨﺒﺮ أﺣﺪ اﻟﻤﺒﺸّﺮﻳﻦ ﺑﺬﻟﻚ؛ ﻓﺴﺄﻟﻬﺎ رﺟﻞ اﷲ هﺬا" :أﻟﺪﻳﻚ أوﻻدًا؟ أﺟﺎﺑﺖ :ﻧﻌﻢ ،إﺛﻨﺎن ﺻﻐﻴﺮان .ﻓﻘﺎل ﻟﻬﺎ :ﺟﻴﺌﻲ ﺑﻬﻤﺎ إﻟﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ وأﻗﻴﻤﻮا ﻣﻌًﺎ ﺑﻜﻞّ ﺗﻘﻮى ،درب اﻟﺼﻠﻴﺐ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻨﺴﻴّﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ .واﻃﻠﺒﻮا ﻣﻦ هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻠﻮن ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺎﺋﻬﺎ أن ﻳﺮدّوا زوﺟﻚ إﻟﻰ اﻹﻳﻤﺎن .وأﻧﺎ ﻣﺘﻴﻘّﻦ أﻧّﻚ ﺳﺘﺤﺼﻠﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺘﻐﺎك .ﻟﻘﺪ ﻋﻠّﻤﺘﻨﻲ اﻟﺨﺒﺮة أنّ درب اﻟﺼﻠﻴﺐ هﻲ اﻟﺴﺒﻴﻞ اﻷآﺜﺮ ﻓﻌﺎﻟﻴّﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻼص اﻟﻤﻮﺗﻰ واﻟﺤﺼﻮل ﺑﻮاﺳﻄﺘﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻴﻪ". آﻞّ ﻳﻮم ،ﻋﻨﺪ اﻟﻈﻬﺮ ،آﺎﻧﺖ اﻷم ووﻟﺪﻳﻬﺎ ﻳﺮآﻌﻮن أﻣﺎم ﺑﻴﺖ اﻟﻘﺮﺑﺎن وﻳﻘﻴﻤﻮن درب اﻟﺼﻠﻴﺐ .وآﺎن اﻟﻮﻟﺪان ﻋﻨﺪ آﻞّ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻳﻘﻮﻻن ﻣﻦ أﻋﻤﺎق ﻗﻠﺒﻴﻬﻤﺎ" :ﻳﺎ ﻳﺴﻮع ،أﻋﻂِ اﻟﺮاﺣﺔ ﻟﻸﻣﻮات واردد واﻟﺪﻧﺎ إﻟﻰ اﻹﻳﻤﺎن" .ﻋﻨﺪ اﻧﺘﻬﺎء اﻟﻤﻬﻤّﺔ اﻟﺘﺒﺸﻴﺮﻳّﺔ ،رآﻊ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺨﺎﻃﺊ ﻋﻨﺪ أﻗﺪام اﻟﻜﺎهﻦ وﺗﻘﺒّﻞ ﺳﺮّ اﻟﺘﻮﺑﺔ وﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎح ﺗﻘﺒّﻞ ﺑﻔﺮح ﻋﻈﻴﻢ ﺳﺮّ اﻹﻓﺨﺎرﺳﺘﻴّﺎ ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ زوﺟﺘﻪ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺪة ﻣﺨﻠّﺼﻨﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ. ﺑﻌﺪ اﻟﻘﺪّاس ﺿﻢّ اﻟﺘﺎﺋﺐ وﻟﺪﻳﻪ إﻟﻰ ﺻﺪرﻩ وﺑﺎرآﻬﻤﺎ. ﺁﻩ دربَ اﻟﺼﻠﻴﺐ! أﻧﺖ ﻣﻔﻴﺪة ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ وﺗﺤﺪﻳﺪًا ﻟﻠﺨﻄﺄة وﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ. ﻟﻨﺼﻞﱢ :ﻳﺎ ﻗﺪّﻳﺴﺔ ﻣﺮﻳﻢ ،أمّ اﻟﻌﺬاﺑﺎت ،ﻳﺎ ﻣﻦ ﺗﺘﺄﻣّﻠﻴﻦ داﺋﻤًﺎ ﻓﻲ ﺳ ّﺮ ﻋﺬاﺑﺎت اﺑﻨﻚ اﻹﻟﻬﻲ ﻳﺎ أوّل ﻣﻦ ﺳﺎر إﻟﻰ اﻷﻣﺎآﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﻠﻘّﻰ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻪ ،ﻋﻠّﻤﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﺄﻣّﻞ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺪرب ،درب ﺁﻻم اﺑﻨﻚ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ،وأن ﻧﻤﺎرﺳﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺳﻼﻣﻨﺎ وﺳﻼم أﻣﻮاﺗﻨﺎ، ﺳﺎﻋﺪﻳﻨﺎ أن ﻧﺠﺪ اﻟﻨﱢﻌﻢ ﻟﺘﻮﺑﺔ اﻟﺨﻄﺄة واﻟﺜﺒﺎت ﻟﻸﺗﻘﻴﺎء واﻟﻌﺰاء ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .ﻳﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻮدﻳﻊ أﻋﻂِ هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﺒﺎرآﺔ اﻟﺮاﺣﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ! ﺁﻣﻴﻦ.
95
اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎدس واﻟﻌﺸﺮون اﻟﺮأﻓﺔ ﺗﻌﺰّي اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .١آﻢ هﻲ ﺛﻤﻴﻨﺔ إنّ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ ﻋﻈﻴﻤﺔ وآﺜﻴﺮة وإﺻﻼﺣﺎﺗﻨﺎ ﺿﺌﻴﻠﺔ ،ﻣﻤّﺎ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻋﺎﺟﺰﻳﻦ ﻋﻦ دﻓﻊ دﻳﻮﻧﻨﺎ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺰﻣﻨﻲ ،ﻟﻐﻔﺮاﻧﻬﺎ وإذا ﻟﻢ ﺗﺮأف اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺑﻀﻌﻔﻨﺎ ﻓﺘﻔﺘﺢ ﻟﻨﺎ آﻨـﺰ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﻟﻐﻔﺮان. آﻨـﺰ ﻋﻈﻴﻢ ﻻ ﻳﻨﻀﺐ ﻣﻦ اﻟﻌﻄﺎﻳﺎ ﻳﻘﺪّﻣﻬﺎ ﻟﻨﺎ ﺳﻴّﺪﻧﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ واﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ﻣﻊ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ ﻗﺪاﺳﺔ اﻟﺒﺎﺑﺎ ﻣﺆﺗﻤﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﺘﺎﺣﻪ. ﺑﻌﺪ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ واﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﻟﻴﺲ أﺣﺐّ وأﻏﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﻮب اﻷﺣﻴﺎء آﻤﺎ اﻷﻣﻮات ﻣﻦ هﺬا اﻟﺠﻬﺪ اﻷﺧﻴﺮ ﻟﻠﺮﺣﻤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺔ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ. ﺑﺎﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﻟﻐﻔﺮان ،وهﻤﺎ ﺑﻤﺘﻨﺎول اﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻧﻤﻠﻚ ﺳﺒﻴﻞ إرﺿﺎء اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ،ﻓﻨﻔﺘﺪي اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻌﺰﻳﺰة ﻋﻠﻴﻨﺎ ،واﻟﺘﻲ ﺗﻜﻔّﺮ ﺑﺎﻟﻨّﺎر ﻋﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎهﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﺪﻧﻴﺎ. إنّ اﻟﻐﻔﺮاﻧﺎت اﻟﻌﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪّﻣﻬﺎ ﻟﻨﺎ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺑﺴﺨﺎء ﺗﻨﻬﻤﺮ ﻣﻄﺮًا ﻣﻨﻌﺸًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺬﻳﻦ ﺟﻔّﺖ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ،وﻋﺰاءً ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎآﻴﻦ، وﺳﻌﺎدة ﻣﻘﺪّﺳﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺮى اﻟﻤﻄﻬﺮ. ﻳﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ اﺧﺘﺮاع أﺑﻮي ﻋﺠﻴﺐ! ﻳﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ آﻨـﺰ! هﻠﻤّﻮا ﻧﺮﺑﺢ هﺬﻩ اﻟﺜﺮوات اﻟﺮوﺣﻴّﺔ ،اﻷﺛﻤﻦ ﻣﻦ اﻟﺬهﺐ واﻷوﻓﺮ ﻣﻨﻪ ،واﻟﻤﻀﺎﻋﻔﺔ أﺑﺪًا .ﻓﻠﻨﺮﺑﺢ ﻣﻨﻬﺎ آﺜﻴﺮًا وداﺋﻤًﺎ .إﻧّﻬﺎ ﻓﻜﺮة ﻣﺸﺠّﻌﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ أهﻠﻨﺎ اﻷﺣﺒّﺎء! ﻣﻦ أﺟﻞ اﻵﺧﺮﻳﻦ! ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻨﺴﻴّﺔ! ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ! اﻟﻌﺰاء واﻟﻤﺴﺎﻋﺪة أن ﻧﺤﺐّ وﻧﺒﻜﻲ!
96
.٢آﻴﻒ ﻧﺮﺑﺤﻬﺎ؟ ﺛﻼﺛﺔ ﺷﺮوط واﺟﺒﺔ ﻟﻠﻔﻮز ﺑﺎﻟﻐﻔﺮان. أ ّوﻻً :ﻳﺠﺐ أن ﻧﻜﻮن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻨﻌﻤﺔ .ﻓﺎﷲ ﻳﺮﻳﺪ وﻗﺒﻞ أن ﻧﻨﺠﺪ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،أن ﻧﻐﻠﻖ أﺑﻮاب اﻟﺠﺤﻴﻢ ﺗﺤﺖ أﻗﺪاﻣﻨﺎ .ﻓﻜﻞّ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﻗﻤﻨﺎ ﺑﻬﺎ وﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﺣﺎل اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ اﻟﻤﻤﻴﺘﺔ هﻲ أﻋﻤﺎل ﻣﺎﺋﺘﺔ وﻻ ﻧﻔﻊ ﻣﻨﻬﺎ. ﺛﺎﻧﻴًﺎ :أن ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻨﺎ اﻟﻨﻴّﺔ اﻟﺼﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﻔﻮز ﺑﺎﻟﻐﻔﺮان ،ﻓﻨﺠﺪّد آ ّ ﻞ ﻳﻮم ﻣﻊ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺎح رﻏﺒﺘﻨﺎ اﻟﺼﺎدﻗﺔ ﻟﻠﻔﻮز ﺑﺎﻟﻐﻔﺮان اﻟﻤﺮﺗﺒﻂ ﺑﻤﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺘﻘﻮى ﺧﻼل اﻟﻨﻬﺎر. ﺛﺎﻟﺜًﺎ :اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎﻷﻋﻤﺎل اﻟﻤﺪوّﻧﺔ آﺎﻣﻠﺔ وهﻲ ﺳﻬﻠﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻣﺨﺘﺼﺮة اﻟﻮﻗﺖ وﺑﻤﺘﻨﺎول ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ .هﺬﻩ اﻷﻋﻤﺎل هﻲ: ﺻﻼة ﻗﺼﻴﺮة ،ﺗﻘﺪﻣﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ،إﻣﺎﺗﺔ ،واﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ. ﻲ ﻣﻦ أن رأﻓﺔ ،أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﻮن ،ﻻ ﺗﻬﻤﻠﻮا هﺬا اﻟﻜﻨـﺰ اﻟﺮوﺣ ّ ﺗﻘﺪّﻣﻮﻩ إﻟﻰ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ .هﻞ ﻣﻦ ﻋﺬر ﻟﻼﻣﺒﺎﻻﺗﻜﻢ وآﻞّ هﺬﻩ اﻟﻐﻔﺮاﻧﺎت ﺗﻌﻮد إﻟﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﺮاﺣﺔ وهﻲ ﺑﻤﺘﻨﺎول أﻳﺪﻳﻜﻢ؟ أﻧﺘﻢ وﺣﺪآﻢ اﻟﻤﻌﻨﻴّﻮن ﺑﻤﺴﺎﻋﺪة أﺧﻮﺗﻜﻢ اﻟﻤﻌﺬّﺑﻴﻦ وﻻ آﻠﻔﺔ ﻋﻠﻴﻜﻢ .آﻞّ ﻏﻔﺮان وإن آﺎن ﺟﺰﺋﻴًّﺎ ،ﻳﺨﺘﺼﺮ زﻣﻦ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﻢ .ﻓﺈن آﻨﺘﻢ آﺮﻣﺎء ﻟﻠﻔﻮز ﺑﻐﻔﺮان آﺎﻣﻞ ﻓﺎﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪّﻣﻮن إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻐﻔﺮان ﻗﺪ ﺗﺘﺤﺮّر ﻣﻦ دَﻳﻨﻬﺎ واﻟﺴﻤﺎء ﺗﻔﺘﺢ ﻟﻬﺎ ﻓﺘﺮﺗﻔﻊ ﺑﺮّاﻗﺔ ﻋﻨﺪ اﷲ ﻓﺘﺬآﺮ ،ﻟﺪﻳﻪ إﺣﺴﺎﻧﻜﻢ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ .ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻟﻮﻳﺲ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ وﺻﻴّﺘﻪ وﺑﻄﻠﺒﻪ اﻷﺧﻴﺮ" :ﻳﺎ ﺑﻨﻲ ﺗﺬآّﺮ أن ﺗﻔﻮز ﺑﻐﻔﺮاﻧﺎت اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ". ]ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻔﻮز وﺑﺎﻟﺸﺮوط اﻟﻤﺪوّﻧﺔ ،ﺑﻐﻔﺮان آﺎﻣﻞ ،ﻋﻨﺪ زﻳﺎرﺗﻨﺎ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﺎآﻦ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ،وذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻬﺒﻬﺎ اﻟﺤﺒﺮ اﻷﻋﻈﻢ[.
97
ﻣﺜﺎل أﺣﺪ اﻟﻤﺒﺸّﺮﻳﻦ اﻟﻤﻨﺘﻤﻴﻦ إﻟﻰ ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻮا وهﻮ * ﻳﺒﺸّﺮ ﻋﻦ اﻟﻤﺤﺒّﺔ ،وهﺐ ﻣﺴﺘﻤﻌﻴﻪ ﻋﺸﺮة أﻳّﺎم ﻣﻦ اﻟﻐﻔﺮان ﺑﺤﺴﺐ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻨﺤﻪ إﻳّﺎهﺎ اﻟﺤﺒﺮ اﻷﻋﻈﻢ! إﺣﺪى ﺳﻴّﺪات اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺴﺎﺑﻘﺎت واﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﺒﻖَ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺮآﺰهﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺳﻮى اﻟﺨﻮف ﻣﻦ آﺸﻒ ﺑﺆﺳﻬﺎ اﻟﺤﺎﻟﻲ، ﺟﺎءت ﺗﻌﺮض إﻟﻰ اﻟﻤﺒﺸّﺮ أﻣﺮهﺎ ﺳﺮًّا .ﻓﺄﺟﺎﺑﻬﺎ ﺑﻤﺎ أﺟﺎب اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺑﻄﺮس ﻳﻮﻣًﺎ أﻋﺮج أورﺷﻠﻴﻢ ﻗﺎﺋﻼً" :ﻻ ﻓﻀّﺔ وﻻ ذهﺐ ﻟﺪيّ ﻓﺴﺄﻋﻄﻴﻚ ﻣﻤّﺎ أﻣﻠﻚ .أﺟﺪّد ﻟﻚ اﻟﺘﺄآﻴﺪ أﻧّﻚ رﺑﺤﺖ ﻋﺸﺮة أﻳّﺎم ﻣﻦ اﻟﻐﻔﺮان ﺑﺤﻀﻮرك ﺗﺒﺸﻴﺮي هﺬا اﻟﺼﺒﺎح .إذهﺒﻲ إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﻤﺼﺮﻓﻲ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻬﺘﻢّ إﻟﻰ اﻵن ﺑﺎﻟﻜﻨـﺰ اﻟﺮوﺣﻲ وﻗﺪّﻣﻲ ﻟﻪ أﻳّﺎم اﻟﻐﻔﺮان هﺬﻩ ﺑﻤﻘﺎﺑﻞ اﻟﺤﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻌﻄﻴﻚ إﻳّﺎهﺎ ﻓﺘﺨﺘﺼﺮ اﻵﻣﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻈﺮﻩ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،وأﻧﺎ ﻣﺆﻣﻦ أﻧّﻪ ﺳﻴﺴﺎﻋﺪك. ذهﺒﺖ اﻟﻤﺮأة اﻟﻤﺴﻜﻴﻨﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺼﺮﻓﻲّ ﺑﻜﻞّ ﺑﺴﺎﻃﺔ وإﻳﻤﺎن ﻋﺎرﺿﺔ ﻋﻠﻴﻪ أﻣﺮهﺎ .اﺳﺘﻘﺒﻠﻬﺎ اﻟﻤﺼﺮﻓﻲّ ﺑﻤﺤﺒّﺔ وﺳﺄﻟﻬﺎ هﺎزﺋًﺎ: "آﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺎل ﺗﻈﻨّﻨﻴﻦ أﻧّﻚ ﺳﺘﺤﺼﻠﻴﻦ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻋﺸﺮة أﻳّﺎم ﻣﻦ اﻟﻐﻔﺮان" .ﻓﺄﺟﺎﺑﺘﻪ :ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﺰن ﻓﻲ ﻣﻴﺰاﻧﻚ"! ﻓﻘﺎل ﻟﻬﺎ" :هﺬا ﻣﻴﺰان أآﺘﺒﻲ ﻋﻠﻰ ورﻗﺔ أﻳّﺎﻣﻚ اﻟﻌﺸﺮة وﺿﻌﻴﻬﺎ ﻓﻲ إﺣﺪى دﻓّﺘﻴﻪ ،وأﻧﺎ أﺿﻊ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﺎل ﻓﻲ اﻟﺪﻓّﺔ اﻷﺧﺮى "...ﻣﺨﺎﻟﻔًﺎ ﻟﻠﻌﻘﻞ! اﻟﺪﻓّﺔ اﻷوﻟﻰ ﻻ ﺗﺮﺗﻔﻊ ،ﻻ ﺑﻞ رﻓﻌﺖ اﻟﺪﻓّﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮي * ﻣﻨﺬ اﻟﻤﺠﻤﻊ اﻷﺧﻴﺮ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ اﻟﻐﻔﺮان ﻣﺮﺗﺒﻄًﺎ ﺑﻌﺪد ﻣﻦ اﻷﻳّﺎم أو اﻷﺷﻬﺮ أو اﻟﺴﻨﻮات ،ﺑﻞ أﺻﺒﺢ إﻣّﺎ ﺟﺰﺋﻴًّﺎ أو آﺎﻣﻼً.
98
ﻗﻄﻌﺔ اﻟﻤﺎل .ﻣﺘﻌﺠّﺒًﺎ أﺿﺎف اﻟﻤﺼﺮﻓﻲّ ﻗﻄﻌﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ وﺛﺎﻟﺜﺔ وﻟﻢ ﻳﺘﻐﻴّﺮ ﺷﻲء .وﺿﻊ ﺧﻤﺲ ﻗﻄﻊ ،ﻋﺸﺮ ،ﺛﻼﺛﻴﻦ ،ﻣﺌﺔ ،ﺣﺘّﻰ أﺗﻢّ ﺣﺎﺟﺔ اﻟﻤﺮأة اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ،ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ اﺳﺘﻮت دﻓّﺘﺎ اﻟﻤﻴﺰان .آﺎن هﺬا اﻟﺤﺪث درﺳًﺎ ﻻ ﻳﻘﺪّر ﺑﺜﻤﻦ ﻟﻠﺼﻴﺮﻓﻲ .ﻟﻘﺪ ﻋﺮف ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻔﻮاﺋﺪ اﻟﺴﻤﺎوﻳّﺔ. ﻟﻜﻦ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ ﺗﻘﺪّر ﻓﻀﻞ هﺬﻩ اﻟﻔﻮاﺋﺪ .إﻧّﻬﺎ ﺗﻌﻄﻲ ﻣﺎل اﻷرض وذهﺒﻬﺎ آﻠّﻪ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻐﻔﺮان .وﻋﻠﻴﻨﺎ، ﻧﺤﻦ ،أن ﻧﺆﻣّﻦ ﻟﻬﻢ ﻣﺎ أﻣﻜﻦ ﻣﻨﻪ! ﻟﻨﺼﻞﱢ :ﻳﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﺤﺒﻴﺐ! أﻧﺖ ﺗﻌﺮف ﻓﺎﻗﺘﻲ ﺣﻖّ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ. وﻣﻦ ﻓﻴﺾ رﺣﻤﺘﻚ وهﺒﺘﻨﻲ ﻣﻦ آﻨـﺰ ﻋﻄﺎءاﺗﻚ اﻟﺴﺒﻴﻞ إﻟﻰ ﺳﺪّ ﺣﺎﺟﺘﻲ .ﻓﻬﺎ أﻧﺎ ﺁﺗﻲ آﻞّ ﻳﻮم ﻷﻏﺮف ﻣﻦ هﺬا اﻟﻜﻨـﺰ اﻟﻤﺸﺮّع داﺋﻤًﺎ ،اﻟﻐﻔﺮاﻧﺎت اﻟﺜﻤﻴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻓﻲ دﻳﻦ إﺧﻮﺗﻲ اﻟﻤﻮﺗﻰ. ﻳﺎ ﻳﺴﻮع ،آﻦ ﻋﻮﻧًﺎ ﻟﻬﻢ ﻟﻴﺮﻗﺪوا ﺑﺴﻼم!
99
اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎﺑﻊ واﻟﻌﺸﺮون ﻓﻌﻞ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺒﻄﻮﻟﻲ ﻳﻌﺰّي اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .١ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ إنّ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺒﻄﻮﻟﻲ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺨﻠّﻲ ﺑﻴﻦ ﻳﺪَي ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ،وﻟﺼﺎﻟﺢ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ،ﻋﻦ آﻞّ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺤﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻘﻮم ﺑﻬﺎ أو ﻳﻘﻮم ﻏﻴﺮﻧﺎ ﺑﻬﺎ ﻷﺟﻠﻨﺎ ﻗﺒﻞ وﻓﺎﺗﻨﺎ أو ﺑﻌﺪهﺎ. إنّ اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺑﻴﻮس اﻟﺘﺎﺳﻊ* أﺻﺪر ﻗﺎﻧﻮﻧًﺎ آﻨﺴﻴًّﺎ ﻓﻲ ٢٠ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﺴﻨﺔ .١٨٥٤أوﺻﻰ ﺑﻪ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺒﻄﻮﻟﻲ هﺬا وﻗﺮﻧﻪ ﺑﻐﻔﺮاﻧﺎت ﺧﺎﺻّﺔ ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ .آﻞّ هﺬﻩ اﻟﻐﻔﺮاﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻜﺴﺒﻬﺎ اﻟﻤﺆﻣﻨﻮن ﺗﻜﻮن ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﺬآﺮ اﻟﻨﻴّﺔ ﻷﺟﻠﻬﻢ. ﻟﻘﺪ أﺳﻤﻰ اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺑﻴﻮس اﻟﺘﺎﺳﻊ هﺬا اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺒﻄﻮﻟﻲ ﻓﻌﻞ اﻟﻌﺰاء اﻷآﺒﺮ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .ﺑﻮاﺳﻄﺔ هﺬا اﻟﻔﻌﻞ ﺗﻜﻮن آﻞّ أﻋﻤﺎﻟﻨﺎ اﻟﺤﺴﻨﺔ وﺁﻻﻣﻨﺎ وأوﺟﺎﻋﻨﺎ اﻟﺨﺎﺻّﺔ آﻨﻬﺮ هﺎدر ﻣﻦ اﻟﻨﻌﻢ ﻻ ﻳﺠﻒّ ﻷﺟﻞ ﻋﺰاء اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ. ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻮل أنّ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺒﻄﻮﻟﻲ ،وﺑﻜﻞّ وﻋﻲ وإﻳﻤﺎن، هﻮ ﻋﻤﻞ اﻟﺮﺣﻤﺔ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎز وﻓﻌﻞ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻷآﺜﺮ ﻋﺰاءً. ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻔﻘﺪ ﺷﻴﺌًﺎ إذا ﺗﺨﻠّﻴﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻟﻤﺠﺪ اﷲ .إنّ ﺳﻴّﺪﻧﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﻧﻘﻮم ﺑﻬﺎ ﻷﺟﻞ * ﺑﻴﻮس اﻟﺘﺎﺳﻊ ﺑﺎﺑﺎ روﻣﺎ ،هﻮ ﺟﻴﻮﻓﺎﻧﻲ ﻓﻴﺮﻳﺘﻲ ) (١٨٧٨ – ١٧٩٢وُﻟﺪ ﻓﻲ روﻣﺎ وهﻮ اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﺨﻤﺴﻮن ﺑﻌﺪ اﻟﻤﺌﺘﻴﻦ ﻋﻠﻰ آﺮﺳﻲ اﻟﺒﺎﺑﻮﻳّﺔ ،أﻋﻠﻦ ﻋﻘﻴﺪة اﻟﺤﺒﻞ ﺑﻼ دﻧﺲ ﻓﻲ ٨آﺎﻧﻮن اﻷوّل ﻟﻌﺎم ١٨٥٤وﻋﻘﻴﺪة اﻟﻌﺼﻤﺔ اﻟﺒﺎﺑﻮﻳّﺔ ﻓﻲ ١٨ﺗﻤّﻮز .١٨٧٠
100
اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻋﻠﻰ أﻧّﻬﺎ أﻋﻤﺎل ﻣﻮﺟّﻬﺔ إﻟﻴﻪ .آﻤﺎ ﻟﻮ ﺣﺮّرﻧﺎﻩ ﻣﻦ ﺳﺠﻦ اﻟﻨﺎر ﻣﺜﻠﻤﺎ ذآﺮ ﻟﻠﻘﺪّﻳﺴﺔ ﺟﻴﺮﺗﺮود .وهﻮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷمّ اﷲ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ﺷﺮف آﺒﻴﺮ وﻓﺮح ﻋﻈﻴﻢ ،ﻷﻧّﻨﺎ ﻧﻀﻊ ﺑﻴﻦ أﻳﺪﻳﻬﺎ آﻞّ أﻋﻤﺎﻟﻨﺎ ﻟﺘﺘﻤﻜّﻦ ﻣﻦ ﺗﺤﺮﻳﺮ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ اﻟﻤﻌﺬّﺑﻴﻦ. ﻣﻼﺣﻈﺔ :ﻗﺪ ﻳﺴﻤّﻰ هﺬا اﻟﻔﻌﻞ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻓﻌﻞ ﻧﺬر ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ هﻮ آﺬﻟﻚ .ﻓﻨﺤﻦ ﻟﺴﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺗﺤﺪﻳﺪﻩ أﻳﻀًﺎ .إنّ ﻓﻌﻞ اﻹرادة واﻟﺘﻘﺪﻣﺔ اﻟﻘﻠﺒﻴّﺔ آﺎﻓﻴﺎن ﻟﻠﺤﺼﻮل ﺣﻘًّﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﻔﺮاﻧﺎت واﻟ ﱢﻨﻌَﻢ .ﻋﻠﻤًﺎ أنّ ﻓﻌﻞ اﻹرادة هﺬا ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻘﺪﻳﻤﻪ ﺑﺤﺴﺐ رﻏﺒﺔ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﻪ.
101
.٢ﺗﻘﺪﻳﻤﺎت ﻓﻌﻞ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺒﻄﻮﻟﻲ إنّ هﺬا اﻟﻔﻌﻞ ﻣﻬﻢّ ﺟﺪًّا ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ .آﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪات ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ داﺋﻤًﺎ وﻓﻲ آﻞّ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻬﺎر ﻣﻦ آﻞّ أﻋﻤﺎﻟﻨﺎ اﻟﻤﺮﺿﻴّﺔ وﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺮض ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺧﻼل ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ وﻓﻲ ﻣﻤﺎﺗﻨﺎ ،وﺻﻮﻻً إﻟﻰ اﻷﺑﺪﻳّﺔ؟ إﻧّﻬﺎ ﻗﻄﺮات اﻟﻨﺪى اﻟﻨﺎﻋﻤﺔ ،ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﻘﻄﻌﺔ ،ﻣﻦ اﻟﻐﻔﺮاﻧﺎت واﻟﺮﺣﻤﺎت ﺗﻬﺒﻂ آﺸﻼﻻت ﻋﻠﻰ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﺤﺮﻗﺔ ﻓﻲ ﻣﻄﻬﺮهﺎ .إﻧّﻬﺎ ﺗﺨﻔّﻒ ﺁﻻﻣﻬﻢ وﺗﻌﺰّﻳﻬﻢ .هﺬﻩ اﻟﻌﻄﻴّﺔ اﻟﺒﻄﻮﻟﻴّﺔ ﻟﻴﺴﺖ أﻗﻞّ ﻧﻔﻌًﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻷﺣﻴﺎء .ﻟﻴﺲ اﷲ اﻟﻤﺤﺐّ واﻟﻄﻴّﺐ ﻣﻌﻴﺪًا إﻟﻴﻨﺎ أﻋﻤﺎﻟﻨﺎ اﻟﺤﺴﻨﺔ أﺿﻌﺎف ﻣﺎ ﻧﻘﺪّﻣﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ أﺑﻨﺎﺋﻪ اﻟﻤﺘﺄﻟّﻤﻴﻦ؟ ﻳﻘﻮل ﺗﻌﺎﻟﻰ :أﻋﻄﻮا ُﺗ ْﻌﻄَﻮْن ،ﻓﺘﻨﺎﻟﻮن ﺟﺰاءً ﺣﺴﻨًﺎ ،ﻋﻈﻴﻤًﺎ وﻏﺰﻳﺮًا. أﻻ ﺗﻨﺠﺪﻧﺎ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻨﺎ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻬﺎ آﻨﻮزﻧﺎ اﻟﺮوﺣﻴّﺔ آﻠّﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻋﺰاء أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ؟ هﺬا اﻟﺘﺨﻠّﻲ اﻟﺒﻨﻮي أﻻ ﻳﻌﻄﻴﻨﺎ اﻟﺤﻖّ ﻓﻲ رﺣﻤﺎﺗﻬﺎ اﻟﻮاﺳﻌﺔ؟ أﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ اﻻﺗّﻜﺎل ﻋﻠﻰ ﻋﺮﻓﺎن اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﺑﺎﻟﺠﻤﻴﻞ اﻟﺬي ﻗﻤﻨﺎ ﺑﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺘﻬﺎ؟ إﻧّﻨﺎ ﻧﺆﻣﻦ أنّ ﻣﻦ ﻳﻘﻮم ﺑﻨﺬر ﻓﻌﻞ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺒﻄﻮﻟﻲ ﻻ ﻳﺨﺎف ﺳﺒُﻞ اﻟﻨﺠﺎة ﻣﻨﻪ أو ﻻ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻃﻮﻳﻼً ﻓﻴﻪ. اﻟﻤﻄﻬﺮ .ﻓﺎﷲ ﻳﺤﻀّﺮ ﻟﻪ ُ ﻓﺄﻧﺎ أﻧﺼﺤﻜﻢ اﻵن ﺑﺄن ﺗﻨﺬورا ﻓﻌﻞ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺒﻄﻮﻟﻲ .ﻓﻬﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻈﻤﺎء ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻘﺪاﺳﺔ ﻗﺪ اﻟﺘﺰﻣﻮا ﺑﻪ ﻓﺘﻤﺜّﻠﻮا ﺑﻬﻢ! إﺗﺒﻌﻮا إرﺷﺎدات اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺑﻴﻮس اﻟﺘﺎﺳﻊ اﻟﺬي ﻳﻘﻮم داﺋﻤًﺎ ﺑﻔﻌﻞ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺒﻄﻮﻟﻲ ﻓﻴﻐﻨﻴﻪ ﺑﺎﻟﻐﻔﺮاﻧﺎت.
102
ﻣﺜﺎل ﻧﻘﺮأ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﺟﻴﺮﺗﺮود ،أﻧّﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﻧﻌﻮﻣﺔ أﻇﺎﻓﺮهﺎ ﺗﻌﻠّﻤﺖ أن ﺗﻘﺪّم أﻋﻤﺎﻟﻬﺎ اﻟﺤﺴﻨﺔ وﺻﻠﻮاﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻴّﺔ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﺑﺄن ﻧﺬرت ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﻔﻌﻞ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺒﻄﻮﻟﻲ .ﻟﻘﺪ أﺣﺐّ اﷲ ذﻟﻚ! ﻓﻜﺎن ﻳﻔﺮح ﺑﺄن ُﻳ ْﻌ ِﻠﻤَﻬﺎ ﺑﺎﻷﻧﻔﺲ اﻷآﺜﺮ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻠﺼﻼة .وهﺬﻩ اﻷﺧﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺮّرت ﻣﻦ ﻋﺬاﺑﺎت اﻟﻤﻄﻬﺮ وأﺗﺖ ﻣﺠﺪ اﷲ ،آﺎﻧﺖ ﺗﺸﻜﺮهﺎ آﺜﻴﺮًا وَﺗﻌِﺪهﺎ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎء. هﻜﺬا أﻣﻀﺖ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﺟﻴﺮﺗﺮود ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ،ﻓﻲ ﻣﻤﺎرﺳﺔ هﺬا اﻟﻨﺬر ،وﺑﻜﻞّ ﺛﻘﺔ آﺎﻧﺖ ﺗﺮى اﻟﻤﻮت ﻳﻘﺘﺮب ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻬﺪوء وإذا ﺗﺮاءى ﻟﻬﺎ اﻟﻌﺪو اﻟﺠﻬﻨّﻤﻲ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻟﻤﺮﻋﺒﺔ ﻳﺨﺒﺮهﺎ أﻧّﻬﺎ ﻓﻘﺪت آﻞّ ﻧﻌﻤﺔ ﻟﻤﺮﺿﺎة اﷲ وآﻞّ ﻓﺎﺋﺪة ﻣﻦ أﻋﻤﺎﻟﻬﺎ اﻟﺤﺴﻨﺔ وأﻧّﻬﺎ ﺳﺎﻗﻄﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻷﺟﻞ ﻣﺪﻳﺪ ﺗُﻜﻔّﺮ ﺑﻪ ﻋﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎهﺎ. ﻋﻨﺪ هﺬا اﻟﻌﺬاب اﻟﺮوﺣﻲّ أُﺻﻴﺒﺖ ﺑﺎﻹﺣﺒﺎط؛ وﻟﻜﻦ ﻋﺮوﺳﻬﺎ اﻟﺴﻤﺎويّ ،ﺳﻴّﺪﻧﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ آﺎن إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ ﻳﻌﺰّﻳﻬﺎ ﻗﺎﺋﻼً" :ﻻ ﺗﺨﺎﻓﻲ ﺷﻴﺌًﺎ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﺘﻲ! ﻷنّ ﻣﺤﺒّﺘﻚ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻟﻠﻤﻮﺗﻰ زادﺗﻚ ﻧ َﻌﻤًﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﺘﻜﻔّﺮي ﻋﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎك اﻟﺼﻐﻴﺮة وﺣﺴﺐ ﺑﻞ ﻟﺘﺮﻓﻌﻚ إﻟﻰ درﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺪ واﻟﻘﺪاﺳﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ .ﻓﻬﻜﺬا رﺣﻤﺘﻲ ﺗﻌﺘﺮف ﺑﺠﻤﻴﻞ اﻧﺪﻓﺎﻋﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ .ﺳﺘﺄﺗﻴﻦ اﻟﺠﻨّﺔ ﻗﺮﻳﺒًﺎ ﻟﺘﻨﺎﻟﻲ أﺿﻌﺎف أﺿﻌﻒ ﻣﺎ ﻗﺪّﻣﺘﻪ ﻷﺟﻠﻬﻢ" .آﻢ هﻲ ﻣﺸﺠّﻌﺔ ﻟﻨﺎ أﻗﻮال ﺳﻴّﺪﻧﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ! ﻟﻨﺼﻞﱢ :أﺳﺄﻟﻚ ﻳﺎ ربّ أن ﺗﻘﺒﻞ ﻣﻨّﻲ هﺬا اﻟﻨﺬر وﺗﺜﺒﺘﻨﻲ ﻓﻴﻪ ﻟﻤﺠﺪك وﻟﺴﻼم ﻧﻔﺴﻲ .آﻤﺎ أﻗﺪّﻣﻪ ﻹﻳﻔﺎء دﻳﻮن اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ آﻠّﻬﺎ واﻟﺘﻲ ﺗﺮﻏﺐ أﻣّﻨﺎ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ﺧﻼﺻﻬﺎ .آﻤﺎ ﻳﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﺬري هﺬا ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﺨﺘﺎرﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻤﺠﺎهﺪة ﻋﻠﻰ اﻷرض واﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻤﺘﺄﻟّﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ .ﻟﺬﻟﻚ آﻦ ﻳﺎ ربّ ﻋﻮﻧًﺎ ﻟﻠﻤﺘﺄﻟّﻤﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ .وﻟﻴﺮﻗﺪوا ﺑﺴﻼم!
103
اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻣﻦ واﻟﻌﺸﺮون آﻴﻒ ﻧﺘﺤﺎﺷﻰ اﻟﻤﻄﻬﺮ؟ .١أن ﻧﻔﻜّﺮ داﺋﻤًﺎ ﺑﺎﻟﻤﻄﻬﺮ أنّ ﻓﻜﺮة اﻟﻤﻄﻬﺮ ﺗﺆدّي ﺑﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺎﻟﻤﻮت واﻟﺪﻳﻨﻮﻧﺔ، وهﻲ إذن ﺗﻮﺣﻲ إﻟﻴﻨﺎ ﺑﺎﻟﺴﻠﻮك اﻟﺤﺴﻦ .ﻳﻘﻮل اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس: "ﺗﺄﻣّﻠﻮا ﻓﻲ أﻳّﺎﻣﻜﻢ اﻷﺧﻴﺮة وﻧﻬﺎﻳﺎﺗﻜﻢ ﻓﻼ ﺗَﺨْﻄﺄون". إﻧّﻬﺎ ﺗﻌﻄﻴﻨﺎ ﻗﻮّة ﻓﺘﻮﺣﻲ ﻟﻨﺎ ﺑﺘﺤﻤّﻞ اﻟﻌﺬاب وﺗﻘﺪﻳﻢ اﻹﻣﺎﺗﺎت. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺸﺎهﺪ ﺗﻠﻚ اﻵﻻم اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻮﺻﻒ وذﻟﻚ اﻟﻘﻠﻖ اﻟﺮهﻴﺐ واﻟﺘﻲ ﺗﺪوم دهﻮرًا؛ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺸﺎهﺪ هﺬا اﻟﻜﻢّ اﻟﻬﺎﺋﻞ ﻣﻦ اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺌﻦّ ﻃﻠﺒًﺎ ﻟﻠﺮﺣﻤﺔ؛ ﺗﻌﻮد اﻟﻨﻔﺲ إﻟﻰ ذاﺗﻬﺎ وﺗﺼﺮخ" :ﻻ ُﺑﺪّ ﻟﻲ ﻣﻦ اﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻋﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎي واﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ رﺣﻤﺔ اﷲ ﻓﻲ أﻳّﺎﻣﻲ اﻟﺒﺎﻗﻴﺔ .ﺳﺄﻓﺘﺪي ﺧﻄﺎﻳﺎي ﺑﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﺐّ واﻹﺣﺴﺎن .أرﻳﺪ ﺑﺄيّ ﺛﻤﻦ اﻟﻨﺠﺎة ﻣﻦ ﻋﺬاب اﻟﻤﻄﻬﺮ. ﺳﺄﻧﺠﺢ ﺑﻨﻌﻤﺔ اﻟﻌﻠﻲّ وﺑﺈرادﺗﻲ اﻟﻄﻴّﺒﺔ!". وإذا وﺿﻌﻨﺎ ،ﻧﻌﻤﺔ اﷲ ،هﺬﻩ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻣﺎم أﻋﻴﻨﻨﺎ ﻻ ﺷﻚّ أﻧّﻨﺎ ﺳﻨﺘﻘﺪّس وﻧﺼﺒﺢ ﺑﻨﻌﻤﺔ اﷲ ﻗﺪّﻳﺴﻴﻦ آﺒﺎرًا .إنّ ﻓﻜﺮة اﻟﻤﻄﻬﺮ اﻟﺪاﺋﻤﺔ ﺗﻐﻔﺮ ﻟﻨﺎ ﻋﺪدًا آﺒﻴﺮًا ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﺼﻐﻴﺮة وﺗﺪﻋﻮﻧﺎ إﻟﻰ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ اﻟﺮﻓﻴﻌﺔ ﺣﺘّﻰ إذا واﻓﺘﻨﺎ اﻟﻤﻨﻴّﺔ ﻧﻜﻮن ﻣﻜﺮّﻣﻴﻦ ﺑﺎﻟﻌﻄﺎﻳﺎ ﻓﻨﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ ﻣﺴﺎآﻨﻨﺎ اﻷﺑﺪﻳّﺔ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺮور ﺑﺎﻟﻤﻄﻬﺮ.
104
.٢أن ﻧﺼﻠّﻲ داﺋﻤًﺎ ﻷﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻳﺆآّﺪ ﺁﺑﺎء اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ وﻋﻠﻤﺎؤهﺎ أنّ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻬﺘﻤّﻮن ﺑﺎﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﺑﻜﻞّ ﺣﺐّ وﺣﺮارة ﻻ ﻳﺪﺧﻠﻮن اﻟﻤﻄﻬﺮ أو ﻳﻜﻮن ﻣﺮورهﻢ ﻋﺎﺑﺮًا .ﻓﻬﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮن أنّ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺨﻄﺊ ﻟﻠﻮﻋﺪ اﻹﻟﻬﻲّ هﻲ ﺧﻼص اﻷﻧﻔﺲ .ﻷنّ اﷲ وﻋﺪﻧﺎ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ اﻟﺬي ﻧﻘﺪّﻣﻪ ﻧﺤﻦ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ. ﻃﻮﺑﻰ ﻟﻠﺮاﺣﻤﻴﻦ ﻷﻧّﻬﻢ ﻳﻨﺎﻟﻮن اﻟﺮﺣﻤﺔ .ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺄﻣﻞ ﺑﻐﻴﺮ ﻋﺮﻓﺎن ﺟﻤﻴﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﻋﻤﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﺻﻬﺎ .ﻓﻬﻞ هﻲ أﻗﻞّ إﺣﺴﺎﺳًﺎ وﻣﺤﺒّﺔ ﻣﻨّﺎ؟ ﻋﻨﺪ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻮﺗﻨﺎ ودﻳﻨﻮﻧﺘﻨﺎ ﺳﻴﺴﺮﻋﻮن ﻟﺤﻤﺎﻳﺘﻨﺎ ﻓﻴﺸﻬﺪون ﻷﺟﻠﻨﺎ وﺗﻤﻴﻞ آﻔّﺔ اﻟﻤﻴﺰان ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺮﺣﻤﺔ .ﺳﻴﻔﺴﺪون أﻓﺨﺎخ اﻟﺮوح اﻟﺠﻬﻨّﻤﻴّﺔ ﻓﻨﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ أﻋﻈﻢ اﻟﻨﱢﻌﻢ ،ﻧﻌﻤﺔ اﻟﻤﻮت ﺑﺎﻟﻘﺪاﺳﺔ .ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻏﺴﻄﻴﻦ" :ﻻ أذآﺮ أﻧّﻨﻲ ﻗﺮأت ﻳﻮﻣًﺎ أنّ اﻟﺬي ﻳﺼﻠّﻲ ﻣﻦ آﻞّ ﻗﻠﺒﻪ ﻷﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ ،ﻗﺪ ﻣﺎت ﻣﻴﺘﺔ ﺳﻴّﺌﺔ أو ﻣﺮﻳﺒﺔ". إنّ هﺬا ﻟﺴﺒﻴﻞ أآﻴﺪ ﻟﻜﻲ ﻧﻨﺠﻮ ﻣﻦ ﻋﺬاﺑﺎت اﻟﻤﻄﻬﺮ! ﻓﻠﻨﺘﺒﻊ إرﺷﺎد اﻹﻧﺠﻴﻞ" :ﻟﻨﺠﻌﻞ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ أﺻﺪﻗﺎء ﻓﻴﺄﺗﻮا ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻮﺗﻨﺎ ﻟﻌﺰاﺋﻨﺎ وﻳﺪﺧﻠﻮن ﻓﻲ ﻣﻨﺎزل اﻟﻘﺮﺑﺎن اﻷﺑﺪﻳّﺔ". إنّ إﺧﻮﺗﻨﺎ اﻟﻤﻮﺗﻰ هﻢ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻌﻮز ،ﻟﻜﻦّ اﻟﻘﻠﻴﻞ اﻟﺬي ﻧﻘﺪّﻣﻪ ﻟﻬﻢ ،ﻳﺴﺎﻋﺪهﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ،ﻋﻨﺪﺋﺬٍ ﻳﻔﺘﺤﻮن ﻟﻨﺎ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ أﺑﻮاﺑﻬﺎ .ﻓﻠﻨﺤﺮّرهﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ وهﻢ ﻳﻤﻨﻌﻮﻧﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻘﻮط ﻓﻴﻪ .ﻟﻘﺪ ﻋُﺮف ﻋﻦ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ آﺎﺗﺮﻳﻦ دي آﻮرﺗﻮن ﻋﻨﺪ ﻣﻤﺎﺗﻬﺎ أنّ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ آﻠّﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺳﺎهﻤﺖ ﻓﻲ ﺧﻼﺻﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ آﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻘﺒﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ زهﻮٍ واﻧﺘﺼﺎر.
105
ﻣﺜﺎل ﻳُﺤﻜﻰ أنّ أﺣﺪ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬي أﻣﻀﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺻﺪﻳﻘًﺎ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ وﻳﻌﻤﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺘﻬﺎ أﺣﺎط ﺑﻪ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﺳﺎﻋﺔ ﻧﺰاﻋﻪ ،ﻟﻜﻲ ﻻ ﻳﻔﻠﺖ ﻣﻨﻪ .آﺎن اﻟﺠﺤﻴﻢ آﻠّﻪ ﻣﺘﻀﺎﻣﻨًﺎ ﺣﻮﻟﻪ ﺑﺄﻓﻮاج ﺟﻬﻨّﻤﻴّﺔ .وآﺎن هﺬا اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻤﻨﺎزع ﻳﺠﻬﺪ ﻟﻠﺨﻼص ﻣﻦ هﺬا اﻟﺠﺤﻴﻢ ﺣﻴﻦ ﺗﺮاءت ﻟﻪ ﺟﻤﻮع ﺗﺪﺧﻞ ﻏﺮﻓﺘﻪ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺮف ﻣﻨﻬﺎ أﺣﺪًا .آﺎﻧﺖ ﺳﻤﺎﺗﻬﻢ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺟﺪًّا ،ﻓﺎﻗﺘﺮﺑﻮا ﻣﻦ ﻓﺮاﺷﻪ ﺣﺘّﻰ ﻓﺮّ إﺑﻠﻴﺲ ﻣﻬﺰوﻣًﺎ وﺑﺎدروا إﻟﻰ ﺗﺸﺠﻴﻌﻪ وﺗﻌﺰﻳﺘﻪ ﻋﺰاءً ﺳﻤﺎوﻳًّﺎ .ﺗﻨﻬّﺪ اﻟﻤﻨﺎزع ﻣﻦ أﻋﻤﺎﻗﻪ ﻓﺮﺣًﺎ وﺻﺮخ" :ﻣﻦ أﻧﺘﻢ؟ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ أﻧﺘﻢ ،ﻳﺎ ﻣﻦ ﺗﺤﺴﻨﻮن إﻟﻲّ هﺬا اﻹﺣﺴﺎن؟" ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ اﻟﺰوّار اﻟﻤﺤﺴﻨﻮن" :ﻧﺤﻦ ﺳﻜّﺎن اﻟﺴﻤﺎء ،ﺑﻤﺴﺎﻋﺪﺗﻚ ﻧﻠﻨﺎ اﻟﻘﺪاﺳﺔ وﻧﺤﻦ اﻵن ﺑﺪورﻧﺎ وﻋﺮﻓﺎﻧًﺎ ﻣﻨّﺎ ﻟﺠﻤﻴﻠﻚ ﺳﻨﺴﺎﻋﺪك ﻋﻠﻰ اﺟﺘﻴﺎز ﻋﺘﺒﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ ﻓﻨﻨﺸﻠﻚ ﻣﻦ وادي اﻟﺪﻣﻮع واﻟﻘﻠﻖ ﻟﻨﺪﺧﻞ أﻓﺮاح اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ" .ﻋﻨﺪ ﺳﻤﺎﻋﻪ هﺬﻩ اﻟﻌﺒﺎرات ارﺗﺴﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺘﻴﻪ اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ أﻧﺎرت وﺟﻬﻪ ﺛﻢّ أﻏﻤﺾ ﻋﻴﻨﻴﻪ ورﻗﺪ ﺑﺴﻼم اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ .روﺣﻪ اﻟﺒﻴﻀﺎء اﻟﻄﺎهﺮة آﺤﻤﺎﻣﺔ واﻗﻔﺔ ﺑﺤﻀﺮة ﻣﻠﻚ اﻟﻤﻠﻮك ﻣﺤﺎﻃﺔ ﺑﺤﻤﺎﺗﻬﺎ وﻣﺤﺎﻣﻴﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺎهﻤﺖ ﻓﻲ ﺪ ﻓﺪﺧﻠﺖ ﻣﻨﺘﺼﺮة ﺑﻴﻦ ﺗﺼﻔﻴﻖ اﻷﻧﻔﺲ ﺧﻼﺻﻬﻢ ،ﺣﻖّ ﻟﻬﺎ اﻟﻤﺠ ُ اﻟﻤﺤﺮّرة ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ وﺗﺒﺎرﻳﻜﻬﺎ. ﻓﻠﺘﻜﻦ ﻟﻨﺎ هﺬﻩ اﻟﺴﻌﺎدة ذات ﻳﻮم. ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻧﻘﺪّم أﻳﻀًﺎ :زﻳﺎرة إﻟﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ، ﺣﺠًﺎ إﻟﻰ ﻣﻜﺎن ﻣﻘﺪّس ،اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤﻴﺎﻩ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ،اﻟﺬﺑﺎﺋﺢ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ،اﻟﺘﺴﺎﻋﻴﺎت ،اﻟﺼﻠﻮات ،اﻟﺘﻀﺤﻴﺎت ،أﻓﻌﺎل اﻟﻤﺤﺒّﺔ، اﻹهﺎﻧﺎت اﻟﺬاﺗﻴّﺔ ،اﻟﺼﻮم ...اﻟﺦ.
106
إنّ اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤﻴﺎﻩ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﻳﻔﺮح اﻟﻤﺨﻠّﺺ .آﻠّﻤﺎ ﺑﺎرك اﻟﻜﺎهﻦ اﻟﻤﺎء ﻓﻬﻮ ﻳﻤﺜّﻞ آﻨﻴﺴﺔ اﻟﻤﺨﻠّﺺ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺼﻠﻮات داﺋﻤًﺎ ﺑﻔﺮح ﻻ ﺗﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺴﺘﻔﻴﺪﻳﻦ ﻣﻦ هﺬﻩ اﻟﺼﻠﻮات .ﺗﻘﻮل ﻟﻨﺎ "ﻣﺎرﻳﺎ ﺳﻴﻤﺎ" :ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺄﺧﺬون اﻟﻤﺎء اﻟﻤﻘﺪّس إرﻣﻮا ﻗﻠﻴﻼً ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ وأدّوا إﺷﺎرة اﻟﺼﻠﻴﺐ". ﻟﻨﺼﻞّ :ﻳﺎ ربّ ﻻ ﺗﺒﻌﺪ ﻋﻨّﻲ ﻓﻜﺮة اﻟﻤﻄﻬﺮ ﺑﺈﺣﺴﺎس ﺧﺎﻃﺊ. إﺣﻔﺮهﺎ ﻋﻤﻴﻘًﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ أداة ﻓﻌّﺎﻟﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻼﺻﻲ ﻣﻨﻪ وﻟﻜﻲ أﺳﺎﻋﺪ اﻟﻤﻘﻴﻤﻴﻦ ﻓﻴﻪ .ﺳﺎﻋﺪﻧﻲ ﻳﺎ ربّ ﻷﺿﻊ ﺣﺪًّا ﻟﻤﻨﻔﺎهﻢ وﻷﻓﺘﺢ ﻟﻬﻢ ﺑﺎب اﻟﺴﻤﺎء .ﺁﻣﻴﻦ.
107
اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﺸﺮون اﻟﻈﻬﻮرات .١هﻞ ﻳﺴﻤﺢ اﷲ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻷرض؟ أﺣﺪ أﺻﺪﻗﺎء اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻏﺴﻄﻴﻦ ،ﻣﻄﺮان أوزال ،ﻳﺴﺄﻟﻪ ﻳﻮﻣًﺎ: "ﻣﺎذا ﺗﻈﻦّ ﻓﻲ ﻇﻬﻮرات ﺑﻌﺾ اﻷﺷﺨﺎص ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻬﻢ ،ﻳﺠﻴﺌﻮن وﻳﺮوﺣﻮن ﻓﻲ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ آﺴﺎﺑﻖ ﻋﻬﺪهﻢ؟ ﻣﺎذا ﺗﻈﻦّ أﻳﻀًﺎ ﺣﻴﺚ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺪاﻓﻦ ﻳﺴﻤﻊ ﺿﺠﻴﺠًﺎ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﺘﺄﺧّﺮة ﻣﻦ اﻟﻠﻴﻞ"؟ ﻓﺄﺟﺎب اﻟﻤﻌﻠّﻢ اﻟﻜﺒﻴﺮ" :أﻋﺘﻘﺪ أنّ هﺬﻩ اﻟﻈﻬﻮرات ﻣﺘﻜﺮّرة وﻃﺒﻴﻌﻴّﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﻣﻮات .وإذا آﺎن ذﻟﻚ ﻣﺘﻌّﻠﻘًﺎ ﺑﻬﻢ ﻓﻼ ﺷﻚّ ﺳﺄرى واﻟﺪﺗﻲ اﻟﺘﻘﻴّﺔ ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻲ داﺋﻤًﺎ .ﻷﻧّﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻔﺎرﻗﻨﻲ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ أﺑﺪًا .ﻟﻘﺪ آﺎﻧﺖ ﺗﺘﺒﻌﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﺮّ آﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ وﺻﻮﻻً إﻟﻰ اﻟﻤﺪن اﻟﺒﻌﻴﺪة .ﻟﻜﻨّﻲ ﻣﻘﺘﻨﻊ أنّ اﻟﻘﺪرة اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻬﻢ أو ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻈﻬﻮر ﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﺎ وواﺟﺒﻨﺎ أن ﻧﺤﺘﺮم ذﻟﻚ". ﻟﻤﺎذا ﻻ ﻳﺴﻤﺢ اﷲ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﺮاﺟﻴﺔ اﻟﻌﺰﻳﺰة ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﺎﻟﻈﻬﻮر؟ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﺘﺄﻟّﻢ ﻓﺘﺨﺒﺮﻧﺎ ﺑﺤﺎﻟﻬﺎ وﺑﻌﺬاﺑﺎﺗﻬﺎ وﺗﻄﻠﺐ ﻣﻨّﺎ اﻟﺮﺣﻤﺔ؟ ﺣﻘﻴﻘﺔ إنّ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﻘﺪّس وﺣﻴﺎة اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ ،ﺗﺨﺒﺮﻧﺎ ﻗﺼﺼﻬﺎ ﺑﻈﻬﻮرات ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ ﻓﻲ آﻞّ زﻣﻦ وﻓﻲ آﻞّ ﻣﻜﺎن وأﻣﺎم اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﻬﻮد". ﻻ ﺷﻚّ ﻳﺠﺐ اﻻﻧﺘﺒﺎﻩ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺴﺬّج اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻨّﻮن أﻧّﻬﻢ ﻳﺸﺎهﺪون داﺋﻤًﺎ ﻋﻮدة اﻷﻣﻮات وﻳﻌﺘﺒﺮون رؤﻳﺔ ﺑﻌﺾ اﻷﺷﺒﺎح واﻗﻌﻴّﺔ ﺟﺮّاء ﻣﺨﻴّﻠﺔ ﻣﻨﻔﻠﺘﺔ أو ﺁﻻم أو ذآﺮﻳﺎت.
108
ﻟﻜﻦ اﺣﺬر أن ﺗﻨﻜﺮ إﻣﻜﺎﻧﻴّﺔ اﻟﻈﻬﻮرات إذ إنّ اﻟﻌﻘﻞ ﻳﻘﻮل أنّ اﷲ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ أﻣﺮهﺎ .وﻗﺪ أﻇﻬﺮ اﻻﺧﺘﺒﺎر أنّ اﷲ ﺳﻤﺢ ﺑﺬﻟﻚ أآﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮّة .إﻧّﻬﺎ ﻧﺎدرة وﻟﻜﻨّﻬﺎ ﻣﻤﻜﻨﺔ. .٢ﻟﻤﺎذا ﻳﺴﻤﺢ اﷲ ﺑﺎﻟﻈﻬﻮرات ﻳﻌﻠﻤﻨﺎ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﻘﺪّس )اﻟﺘﻮراة( أنّ ﺻﻤﻮﺋﻴﻞ ﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ ﻟﺸﺎوول ﻳﺆﻧّﺒﻪ ﺗﺄﻧﻴﺒًﺎ ﻗﺎﺳﻴًﺎ .أﻧﺎ ﻻ أﺧﺸﻰ اﻟﻘﻮل ﺑﺼﻮت ﻣﺮﺗﻔﻊ أنّ ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﻤﻨﻄﻘﻴّﺔ اﻟﻘﻮﻳّﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﺒﺮهﺎ اﷲ ﺣﻘًّﺎ ﻟﻸﻣﻮات هﻲ ﻧﻜﺮان اﻟﺠﻤﻴﻞ ﻣﻦ ﻗِﺒﻞ اﻷﺣﻴﺎء ﻟﻬﻢ .ﻷﻧّﻬﻢ ﻧَﺴﻮهﻢ وﺷﻐﻠﻮا ﻋﻨﻬﻢ ﺑﺠﻤﻊ اﻟﺜﺮوات اﻟﺘﻲ ﺗﺮآﻮهﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرض .ﻟﻘﺪ أهﻤﻠﻮهﻢ ﻓﻲ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﻢ وﺗﺨﻠّﻮا ﻋﻦ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﺧﻼﺻﻬﻢ ﻣﻦ ﻧﺎر اﻟﻤﻄﻬﺮ .ﻟﺬﻟﻚ ﺗﻈﻬﺮ هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ ﻟﻸﺣﻴﺎء ﺑﺤﺎل ﺗﺜﻴﺮ ﺷﻔﻘﺘﻬﻢ ،وﺟﻮهﻬﻢ ﺣﺰﻳﻨﺔ ،أﻟﺴﻨﺔ اﻟﻠﻬﺐ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﻬﻢ .ﻳﻄﻠﻘﻮن ﺗﻨﻬّﺪات ﻋﻤﻴﻘﺔ وﺻﺮاﺧًﺎ وأﻧﻴﻨًﺎ ﻣﺆﻟﻤًﺎ وﻳﺆﻧّﺒﻮن اﻷﺣﻴﺎء .أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻳﻌﺒّﺮون ﻋﻦ وﺟﻮدهﻢ ﺑﻀﺠﻴﺞ ﻗﻮيّ وﺑﺈرﺷﺎدات ﻏﻴﺮ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ .إﻧّﻬﺎ إﺷﺎرات ﻣﺎدﻳّﺔ ﺗﺜﻴﺮ ﻓﻴﻨﺎ اﻟﻌﺠﺐ وﺗﻮﻗﻆ ﻓﻴﻨﺎ ذآﺮاهﻢ ﻟﻠﺼﻼة ﺑﺤﺮارة ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻼﺻﻬﻢ. ﻣﺜﺎل أﺣﺪ اﻟﺸﺒّﺎن ،ﻣﻦ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻣﺴﻴﺤﻴّﺔ ،ﻣﺆﻣﻨﺔ وﺣﺮﻳﺺ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻘﻮى ،إﻻّ أﻧّﻪ أهﻤﻞ اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ ﻣﺪّﻋﻴًﺎ ﺿﺮورة اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻔﻌﻞ اﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﺁﺧﺮ أآﺜﺮ ﺟﺪوى .وآﺎن ﻳﺴﻌﻰ إﻟﻰ إﻗﻨﺎع اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان "ﻓﻌﻞ اﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﺠﺐّ" .وآﺎن ﻳﻘﻮل" :ﻟﻤﺎذا اﻻهﺘﻤﺎم ﺑﺎﻷﻣﻮات؟ ﻓﻬﻢ أﻣّﻨﻮا ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﻬﻢ ،ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن رﻓﺾ اﷲ وﻻ ﻓﻘﺪاﻧﻪ" .آﻤﺎ أﻧّﻪ أﻧﻜﺮ اﻟﻈﻬﻮرات واﻋﺘﺒﺮهﺎ أﻣﺮًا ﺳﺨﻴﻔًﺎ.
109
ﻣﻦ أﺟﻞ إﻋﺎدﺗﻪ إﻟﻰ ﺻﻮاﺑﻪ ،ﺳﻤﺢ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ ،اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ ﺳﺠﻨﻬﺎ واﻟﻈﻬﻮر ﻟﻠﺸﺎب اﻟﺬي أﺳﺎء إﻟﻴﻬﻢ ،ﺑﺤﺎﻻت ﻣﺮﻋﺒﺔ .آﺎﻧﺖ ﺗﻄﻮّﻗﻪ ﻓﻲ آﻞّ ﻣﻜﺎن وﻓﻲ آﻞّ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﺻﺮاﺧًﺎ ﻣﺨﻴﻔًﺎ .ﻣﻸت ﻋﻴﻨﻴﻪ ﺑﺎﻷﺷﺒﺎح اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ. ﺟﻤّﺪت روﺣﻪ ﻣﻦ اﻟﺮﻋﺐ وﻟﻢ ﺗﺘﺮآﻪ ﻳﺮﺗﺎح ﻻ ﻟﻴﻼً وﻻ ﻧﻬﺎرًا. ﻟﻘﺪ آﺎن هﺬا اﻷﺳﻠﻮب ﻓﻌّﺎﻻً .ﻟﻘﺪ ﻏﻴّﺮ هﺬا اﻟﺸﺎب ﺗﺼﺮّﻓﺎﺗﻪ وأﻗﻮاﻟﻪ وﺗﺮك اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺎدّي واﻟﺘﺤﻖ ﺑﺮهﺒﻨﺔ اﻟﻘﺪّﻳﺲ دوﻣﻴﻨﻴﻚ وأﺻﺒﺢ آﺎهﻨًﺎ .وﺿﻊ هﺬا اﻟﻜﺎهﻦ ﻧﻈﺎﻣًﺎ ﻣﻘﻨﻌًﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ، أﻋﻄﻰ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻷﻣﻮات وآﺎن ﻳﺴﻤّﻰ :ﻣﺤﺎﻣﻲ اﻷﻣﻮات .وهﻜﺬا آﺎن ﺣﻘًّﺎ .ﻟﻘﺪ آﺎﻧﺖ ﺁراؤﻩ ﻗﻮﻳّﺔ وﻣﻘﻨﻌﺔ وآﺜﻴﺮة وﻣﺆآّﺪة ﻋﻠﻰ أنّ اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻣﻮات هﻲ ﻣﻦ أﻋﻈﻢ أﻓﻌﺎل اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻘﻮم ﺑﻬﺎ ﺗﺠﺎﻩ اﻟﻘﺮﻳﺐ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻟﻘﺪ ﺗﻮﻓّﻲ هﺬا اﻟﻜﺎهﻦ ﻓﻲ راﺋﺤﺔ اﻟﻘﺪاﺳﺔ وﺻﻌﺪت روﺣﻪ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﻠﻚ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺬي ﺳﺎهﻢ ﻓﻲ ﺧﻼﺻﻬﺎ وﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﺎ .ﻓﻠﻴﻜﻦ ﻓﻌﻞ اﻟﻤﺤﺒّﺔ هﺬا ﻣﺜﺎﻻً ﻟﻨﺎ. ﻟﻨﺼﻞﱢ :ﻳﺎ ربّ! أﻧﺖ ﻗﺎدر وﻣﺤﺐّ ﻟﺘﺮﺳﻞ إﻟﻴﻨﺎ رﺳﻼً ﻓﺎﺋﻘﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻓﺘﺬآّﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻤﺘﺄﻟّﻤﺔ وﺑﺤﺎﺟﺎﺗﻬﻢ. أﻧﺖ ﺗﺮﻏﺐ أن ﻧﺄﺗﻲ إﻟﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﻢ. ع أﺑﻨﺎءك إﻟﻰ اﻟﺮاﺣﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ .وﻧﻮرك ﻳﺎ ربّ ،آﻦ ﻋﻮﻧًﺎ ﻟﻬﻢ واد ُ اﻷزﻟﻲّ ﻳﻐﻤﺮهﻢ! وﻟﻴﺮﻗﺪوا ﺑﺴﻼم! ﺁﻣﻴﻦ.
110
اﻟﻴﻮم اﻟﺜﻼﺛﻮن هﻞ ﻳﺠﺐ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻹرادة اﻷﺧﻴﺮة ﻟﻸﻣﻮات؟ .١ﻳﺠﺐ ﺗﻨﻔﻴﺬهﺎ ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ إنّ اﻟﺮﻏﺒﺎت اﻷﺧﻴﺮة ﻟﻠﻤﻮﺗﻰ ﻣﻘﺪّﺳﺔ وﻧﺤﻦ ﻣﺠﺒﺮون ﻋﻠﻰ اﺣﺘﺮاﻣﻬﺎ! ﻟﻘﺪ ﻃﻠﺐ ﻣﺠﻤﻊ ﺗﺮاﻧﺖ إﻟﻰ اﻵﺑﺎء اﻷﺳﺎﻗﻔﺔ اﻟﺴﻬﺮ ﺑﺎﻧﺘﺒﺎﻩ ﻋﻠﻰ إﺗﻤﺎم اﻟﺮﻏﺒﺎت اﻟﺘﻘﻴّﺔ ﻟﻠﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ. ﻟﻘﺪ ﺣﺮّﻣﺖ ﻣﺠﺎﻣﻊ أﺧﺮى اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ ﻟﻜﻞّ ﻣﻦ ﻳﺘّﺨﺬ ﻟﻪ ﻧﻌﻢ اﻷﻣﻮات وﻻ ﻳﻬﺘﻢّ ﺑﺈﺗﻤﺎم رﻏﺒﺎﺗﻬﻢ اﻷﺧﻴﺮة. هﻨﺎك ﻗﻮاﻧﻴﻦ آﻨﺴﻴّﺔ ﺻﺎرﻣﺔ ﺗﻔﻬﻤﻨﺎ آﻢ هﻮ ﻋﻈﻴﻢ ذﻧﺒﻨﺎ إذا ﺣﺮﻣﻨﺎ اﻷﻣﻮات ﻣﻦ اﻟﻨﱢﻌﻢ اﻟﺘﻲ رﻏﺒﺖ ﺑﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻤﺎﺗﻬﺎ. ﺑﺌﺲ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻨﻌّﻤﻮن ﻣﻦ ﻏﺬاء اﻷﻣﻮات وﻳﺤﺮﻣﻮﻧﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺮّاﺣﺔ واﻟﻌﺰاء ﻓﻬﻢ ﺟﻼّدون وﻣﺴﺆوﻟﻮن ﻋﻦ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﻢ. ﻟﻴﻌﻠﻢ هﺆﻻء أنّ اﷲ ﻟﻦ ﻳﺴﺎﻣﺤﻬﻢ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ .وﺳﻴﺄﺗﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺬي ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻪ اﻟﺤﺴﺎب ﻋﺴﻴﺮًا ﻟﻘﻠّﺔ ﻋﺪاﻟﺘﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻨﻬﺎ .ﺳﻴﻌﺎﻗﺒﻮن ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﻘﺎﺑًﺎ زﻣﻨﻴًّﺎ وﻓﻲ اﻵﺧﺮة ﻋﻘﺎﺑًﺎ أﻟﻴﻤًﺎ ﻳﻄﻮل إﻟﻰ ﻣﺎ ﺷﺎء اﷲ! أﻳﺘﻬﺎ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ ﻓﻜّﺮي .أﻟﻢ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻚ أهﻠﻚ وأﺻﺪﻗﺎؤك واﻟﻤﺤﺴﻨﻮن إﻟﻴﻚ ﻃﻠﺒًﺎ ﺗﻘﻴًّﺎ؟ أﻟﻢ ﻳﻄﻠﺒﻮا ﻣﻨﻚ ﺟﻬﺎرًا أو ﺑﻮﺻﻴّﺔ ﺻﻠﻮات وﻗﺪادﻳﺲ؟ أﻟﻢ ﻳﺴﺄﻟﻮن ﺑﺪﻣﻮﻋﻬﻢ أن ﺗﺬآﺮهﻢ داﺋﻤًﺎ ﻓﻲ ﺣﻀﺮة اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ؟ هﻞ ﻗﺪّرت اﻟﺜﻘﺔ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻮهﺎ ﻓﻴﻚ؟ هﻞ أرﺿﻴﺖ ﺿﻤﻴﺮك ﻓﻲ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻜﻞّ اﻟﻮاﺟﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﻃﻠﺒﻮهﺎ ﻣﻨﻚ؟ إذا أﺗﻤﻤﺖ ذﻟﻚ أﺳﺮع إﻟﻰ إﻳﻔﺎء اﻟﻌﺪاﻟﺔ دﻳﻨﻬﺎ اﻟﻤﻘﺪّس!
111
.٢ﻳﺠﺐ ﺗﻨﻔﻴﺬهﺎ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻻ ﻳﺠﺐ إﺗﻤﺎم رﻏﺒﺎت اﻟﻤﻮﺗﻰ ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ وﺣﺴﺐ ﺑﻞ ﻳﺠﺐ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺬﻟﻚ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻟﻜﻲ ﻻ ﻧﺤﺮﻣﻬﻢ اﻟﺮاﺣﺔ واﻟﻌﺰاء ،وﻳﻜﻮن ذﻟﻚ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ اﻟﻘﺪادﻳﺲ ﻋﻠﻰ ﻧﻴّﺘﻬﻢ ،وﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺤﺴﻨﺎت ﻟﻠﻤﺤﺘﺎﺟﻴﻦ وﺟﻌﻠﻬﻢ ﻳﺼﻠّﻮن ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﺤﺴﻨﻴﻦ إﻟﻴﻬﻢ. آﻞّ ﻳﻮم ﺗﺄﺧﻴﺮ ﺧﻄﺄ ﻧﺤﻦ ﻣﺴﺆوﻟﻮن ﻋﻨﻪ. إذا ﻓﻬﻤﻨﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻜﻔّﺎرات اﻟﻤﺨﻴﻔﺔ ﻟﻠﻤﻄﻬﺮ ﻻ ﺷﻚّ ﺳﻨﺴﺮع إﻟﻰ إﺗﻤﺎم رﻏﺒﺎﺗﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﺁﻻﻣﻬﻢ ،ﺑﺪل ﺗﺄﺟﻴﻠﻬﺎ. ﺳﻨﺠﻬﺪ ﺣﺎﻣﻠﻴﻦ ﻣﺴﺎﻋﺪات ﺳﺮﻳﻌﺔ وﻓﻌّﺎﻟﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺠﺪﻳﺮة ﺑﻌﻄﻔﻨﺎ ﺣﻴﺚ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﺰﻳﺰ ﻋﻠﻴﻨﺎ .آﻢ ﻣﻦ اﻟﻮرﺛﺔ اﻟﻔﺎﻗﺪي اﻟﻀﻤﻴﺮ ،ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻟﻮم أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺴﺒﺐ إهﻤﺎﻟﻬﻢ واﺟﺒﺎﺗﻬﻢ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﺗﺠﺎﻩ إﺧﻮﺗﻬﻢ اﻟﻤﻮﺗﻰ. ﺗﺜﻘّﻔﻮا ﻓﻲ ذﻟﻚ وﻻ ﺗﻜﻠّﻔﻮا ﻏﻴﺮ ذي ﺛﻘﺔ ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ رﻏﺒﺎﺗﻜﻢ اﻷﺧﻴﺮة .ﺿﻌﻮا ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪون ﺗﻘﺪﻳﻤﻪ ﻣﻦ أﻣﻮال ﻷﻋﻤﺎل اﻟﺨﻴﺮ أو ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻘﺪادﻳﺲ ﺑﻴﻦ أﻳﺎدي ﺣﺮﻳﺼﺔ وﻣﺆﻣﻨﺔ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻼﺻﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﻣﻤﺎﺗﻜﻢ .إﻧّﻪ اﻟﺴﺒﻴﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻜﻲ ﺗﺘﺄآّﺪوا ﻣﻦ ﺗﻨﻔﻴﺬ رﻏﺒﺎﺗﻜﻢ اﻷﺧﻴﺮة ،إﻻّ إذا آﻨﺘﻢ ﺗﻨﺘﻤﻮن إﻟﻰ إﺣﺪى اﻟﻌﺎﺋﻼت اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ اﻟﻤﺆﻣﻨﺔ واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﺣﺘﺮام ذآﺮى ﻣﻮﺗﺎهﺎ. ﻣﺜﺎل هﺬا اﻟﻤﺜﺎل ﻳﺬآّﺮ إﻟﻰ أيّ ﻣﺪى ﻳﻌﺎﻗﺐ ﻣﻦ ﻳﻬﻤﻞ ﺗﻨﻔﻴﺬ إرادة اﻟﻤﻮﺗﻰ إذا ﻣﺎ آﻠّﻒ ﺑﻬﺎ .ﺟﺎء ﻓﻲ آﺘﺎب "أﻋﻤﺎل ﺷﺎرﻟﻤﺎن"* أنّ أﺣﺪ ﻗﻮّادﻩ اﻟﺸﺠﻌﺎن واﻟﺬاﺋﻊ اﻟﺼﻴﺖ وﻗﺪ وﺻﻞ إﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ * ﺷﺎرﻟﻤﺎن :هﻮ ﺷﺎرل اﻷوّل اﻟﻜﺒﻴﺮ )٨١٤ – ٧٤٢م( ﻣﻠﻚ اﻟﻔﺮﻧﻚ وأﻣﺒﺮاﻃﻮر اﻟﻐﺮب ﻣﻨﺬ ) ٨٠٠إﻟﻰ (٨١٤ أدﺧﻞ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ إﻟﻰ اﻟﺒﻠﺪان واﻟﺸﻌﻮب اﻷوروﺑﻴّﺔ اﻟﺘﻲ اﻓﺘﺘﺤﻬﺎ .ﻳﻌﺰى إﻟﻴﻪ ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﻤﺪارس .ﺗﻌﻴّﺪﻩ اﻟﻤﺪارس ﻓﻲ ٢٨آﺎﻧﻮن اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ آﻞّ ﻋﺎم.
112
ﺧﺪﻣﺘﻪ ﻟﻸﻣﺒﺮاﻃﻮر .ﻧﺎدى أﺣﺪ أﻗﺮﺑﺎﺋﻪ اﻟﺬي اﻋﺘﺎد ﺧﺪﻣﺘﻪ وﻗﺎل ﻟﻪ" :ﻟﻘﺪ أﻣﻀﻴﺖَ ﺳﺘّﻮن ﺳﻨﺔ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﻣﻠﻜﻲ وﻟﻢ أﺣﺼﻞ ﺧﻼﻟﻬﺎ إﻻّ ﻋﻠﻰ أﺟﺮي .ﻟﻢ ﻳﺒﻖَ ﻟﺪيّ وأﻧﺎ اﻵن ﻋﻠﻰ ﻓﺮاش اﻟﻤﻮت ،ﻏﻴﺮ ﺣﺼﺎﻧﻲ اﻷﻣﻴﻦ اﻟﺬي ﺧﺪﻣﻨﻲ ﻃﻮﻳﻼً .ﺑﻌﻪ ﺑﻌﺪﻣﺎ أﺳﻠﻢ اﻟﺮوح واﻋﻂِ ﺛﻤﻨﻪ ﻟﻠﻔﻘﺮاء ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺔ ﻧﻔﺴﻲ" .ﻓﻮﻋﺪﻩ اﻟﻘﺮﻳﺐ ﺑﺬﻟﻚ .ﺑﻌﺪ وﻓﺎة اﻟﻘﺎﺋﺪ ،أﻋﺠﺐ ﻗﺮﻳﺒﻪ ﺑﺎﻟﺤﺼﺎن ﻟﻤﺰاﻳﺎﻩ ﻓﺎﺣﺘﻔﻆ ﺑﻪ وﻟﻢ ﻳﻌﻂِ اﻟﺤﺴﻨﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﻘﺮاء .ﻟﻢ ﻳﻤﺮّ ﻋﻠﻰ وﻓﺎة اﻟﻘﺎﺋﺪ ﺳﺘّﺔ أﺷﻬﺮ ﺣﺘّﻰ ﻇﻬﺮ ﻟﻘﺮﻳﺒﻪ ﻳﺆﻧّﺒﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﺎﻧﻴﺘﻪ وﺧﻔﺮﻩ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﺬي ﻗﻄﻌﻪ ﻟﻪ ﻗﺎﺋﻼً :أﻳّﻬﺎ اﻟﺒﺎﺋﺲ! ﻟﻢ ﺗﻠﺘﺰم أﺑﺪًا ﺑﺘﻌﻬّﺪك. ﺖ ﻧﺠﻮت ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻮ إﻧّﻚ ﺳﺒﺐ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤّﻠﺘﻬﺎ آﻠّﻬﺎ وﻟﻜﻨ ُ أﻧّﻚ أﻋﻄﻴﺖَ ﺣﺴﻨﺘﻲ إﻟﻰ اﻟﻔﻘﺮاء .إﻋﺮَف إذن أنّ ﺗﺼﺮّﻓﻚ ﺳﻴﻌﺎﻗﺐ ﺑﻤﻮﺗﻚ ﻣﻴﺘﺔ ﺳﺮﻳﻌﺔ وﻣﻔﺎﺟﺌﺔ .ﻋﻘﺎب ﻗﺎسٍ ﻳﻨﺘﻈﺮك. ﺳﺘﺘﺤﻤّﻞ ﻋﺬاﺑﺎت أﺧﻄﺎﺋﻚ وﺁﻻﻣﻲ اﻟﺘﻲ آﺎن ﻋﻠﻲّ أن أﻗﺎﺳﻴﻬﺎ إرﺿﺎءً ﻟﻠﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ". أﺣﺒﻂ اﻟﻤﺬﻧﺐ ﺑﻬﺬا اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ اﻟﻤﺨﻴﻒ وﻣﻦ أﺟﻞ إراﺣﺔ ﺿﻤﻴﺮﻩ أﺳﺮع إﻟﻰ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻹرادة اﻷﺧﻴﺮة ﻟﻠﻤﻴﺖ ،وﻋﻤﻞ ﺟﺎهﺪًا ﻟﻴﻨﺠﻮ ﻣﻦ ﺞ ﻣﻦ ﻣﻴﺘﺘﻪ اﻟﺠﺴﺪﻳّﺔ ﺑﻌﺪﻣﺎ أﺗﻢّ اﻟﻐﻀﺐ اﻟﻌﻈﻴﻢ .ﻟﻜﻨّﻪ ﻟﻢ ﻳﻨ ُ رﻏﺒﺎت اﻟﻤﻴﺖ. إنّ اﷲ ﻳﻤﻘﺖ ﻧﻜﺮان اﻟﺠﻤﻴﻞ واﻟﻼﻋﺪاﻟﺔ ﺗﺠﺎﻩ اﻟﻤﻮﺗﻰ ﻓﺘﺜﻴﺮان ﻏﻀﺒﻪ اﻟﻤﻘﺪّس ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵﺧﺮ. ﻓﻠﻨﺴﺮع إﻟﻰ إﺻﻼح أﺧﻄﺎﺋﻨﺎ ﺗﺠﺎﻩ اﻟﻤﻮﺗﻰ إذا آﻨّﺎ ﻗﺪ ارﺗﻜﺒﻨﺎ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺗﺠﺎهﻬﻢ. ﻟﻨﺼﻞﱢ :ﻳﺎ ربّ ،ﻻ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻲ ﺑﺈهﻤﺎل واﺟﺒﺎﺗﻲ ﺗﺠﺎﻩ اﻷﻣﻮات. إنّ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ آﻤﺎ رﻏﺒﺎﺗﻬﻢ ﻣﻘﺪّﺳﺔ أﻳﻀًﺎ .ﺳﺄﺗﻤّﻢ
113
واﺟﺒﺎﺗﻲ اﻟﺘﻲ ﻃﻠﺒﻮهﺎ ﻣﻨّﻲ آﻠّﻬﺎ ﻓﺄرﺿﻴﻬﻢ .وأﻧﻌﻢ ،ﻣﻦ اﻵن ﻓﺼﺎﻋﺪًا ،آﻞّ ﻣﺎ أهﻤﻠﺘﻪ ﺗﺠﺎهﻬﻢ ﺑﺤﻤﺎﺳﻲ وﺻﻠﻮاﺗﻲ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ. ﻓﺄﺟﻌﻞ ﺳﺎﻋﺔ ﺧﻼﺻﻬﻢ ﻗﺮﻳﺒﺔ. ﻳﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﺮﺣﻮم وﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،آﻮﻧﺎ ﻋﻮﻧًﺎ ﻟﻬﻢ وﻟﻴﺮﻗﺪوا ﻓﻲ ﺳﻼم اﻟﺴﻤﺎء .ﺁﻣﻴﻦ.
إرﺷﺎدات ﻋﻤﻠﻴّﺔ ﻟﻸب ﺑﺮﻟﻴﻮ ﻣﺆﻟّﻒ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎﺋﻚ ﻣﻦ ﻗﺮاءات هﺬا اﻟﺸﻬﺮ وﺻﻠﻮاﺗﻪ ،واﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺁﺧﺮ ﻏﻴﺮ ﺷﻬﺮ ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،إﺳﻤﺢ ﻟﻲ أن أﻗﺪّم ﻟﻚ ﺑﻌﺾ اﻹرﺷﺎدات ﻣﻦ ﺻﺪﻳﻖ وأخ وآﺎهﻦ: أ .إذا آﺎﻧﺖ أﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮ أآﺜﺮ ﻣﻦ آﺮﻳﻤﺔ ﻷﺟﻠﻚ ،هﻞ أﻧﺖ ﻣﺘﺄآّﺪ أنّ اﻷﺣﻴﺎء ﻟﻦ ﻳﻨﺴﻮك ﺳﺮﻳﻌًﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻤﺎﺗﻚ؟ ب .ﻻ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺷﻴﺨﻮﺧﺘﻚ ﻟﻜﻲ ﺗﺪوّن وﺻﻴّﺘﻚ اﻷﺧﻴﺮة. ج .ادّﺧﺮ ﻗﻠﻴﻼً ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻜﻨﺴﻴّﺔ اﻟﻤﺘﺨﺼّﺼﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ذآﺮى اﻷﻣﻮات ،آﺎﻟﻘﺪادﻳﺲ واﻟﺼﻠﻮات. .١اﺗّﻜﻞ آﺜﻴﺮًا ﻋﻠﻰ ﻋﺮﻓﺎن اﻷﻣﻮات ﻟﻠﺠﻤﻴﻞ اﻟﺬي ﺗﻔﻌﻠﻪ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ ﻷﻧّﻬﻢ ﺣﻘًّﺎ ﻻ ﻳﻨﺴﻮﻧﻚ واﺗّﻜﻞ ﻗﻠﻴﻼً ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻴﺎء وﺧﺼﻮﺻًﺎ إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا أوﻻدك ،آﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻮا دي ﺳﺎل. ﻗﺪ ﻳﻘﻴﻢ ﻟﻚ ورﺛﺘﻚ ﺟﻨﺎزة ﻋﻈﻴﻤﺔ وﻳﻘﺪّﻣﻮن ﻟﻚ ﻣﺪﻓﻨًﺎ ﺣﻴﺚ ﻟﻠﺒﺎﻃﻞ ﻣﺠﺎل أوﺳﻊ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﻮى اﻟﺒﻨﻮﻳّﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴّﺔ ،ﻟﻜﻨّﻬﻢ ﻳﺪّﺧﺮون ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻣﺎﻻً أآﺜﺮ ﻣﻤّﺎ ﺑﺬّروﻩ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻘﺒﺮة.
114
وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ورﺛﺘﻚ أﺷﺪّ إﻟﺤﺎﺣًﺎ ﻟﻠﺨﺼﺎم ﻋﻠﻰ ورﺛﺘﻚ وأن ﻳﻨﻔّﺬوا ﺑﻔﺮح ﻋﻈﻴﻢ وﺻﻴّﺘﻚ اﻷﺧﻴﺮة ﻓﻴﻨﺘﺸﻠﻮك ﻣﻦ ﻧﺎر اﻟﻤﻄﻬﺮ. أﻻ ﺗﻌﻠﻢ أنّ اﻹﻧﺴﺎن ﺳﺮﻳﻌًﺎ ﻣﺎ ﻳﻨﺴﻰ ﻣﻦ ﻳﺼﺒﺢ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ ﻧﻈﺮﻩ ﻓﺘﻀﻤﺤﻞّ ﻟﺪﻳﻪ ذآﺮاﻩ؟ آﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ :ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻦ اﻟﻌﻴﻦ ،ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻦ اﻟﻘﻠﺐ. أﻻ ﺗﻌﻠﻢ أنّ ﻧﺴﻴﺎن اﻟﻤﻮﺗﻰ ﻳﻜﺎد ﻳﻜﻮن ﻋﺎﻣًّﺎ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻻ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻠّﻒ ﺑﻪ إﻻّ ﻧﻔﺴﻚ؟ اﺳﺘﻔﺪ إذن ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ اﻟﺨﻼﺻﻲ اﻟﺬي ﻳﻘﺪّﻣﻪ ﻟﻚ ﻣﺆﻟّﻒ آﺘﺎب اﻟﺘﻤﺎﺛﻞ* إذ ﻳﻘﻮل" :ﻻ ﺗﺘّﻜﻞ ﻋﻠﻰ أﺻﺪﻗﺎﺋﻚ أو أﻗﺮﺑﺎﺋﻚ ﻷﻧّﻬﻢ ﺳﺮﻳﻌًﺎ ﻣﺎ ﻳﻨﺴﻮن ،ﻷنّ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﺸﻐﻠﻬﻢ ﻋﻨﻚ ﻣﻦ أﻋﻤﺎل ﻳﺪﻳﺮوﻧﻬﺎ .إذا ﻟﻢ ﺗﻬﺘﻢّ ﺑﻨﻔﺴﻚ اﻵن؛ ﻣﻦ ﺳﻴﻬﺘﻢّ ﺑﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻐﻴﺐ ﻋﻦ هﺬﻩ اﻟﺪﻧﻴﺎ؟ .٢إذا آﺎن ﻋﻠﻴﻚ اﻻهﺘﻤﺎم ﺑﺄﻣﻼآﻚ اﻟﺰﻣﻨﻴّﺔ ،ﻓﺎآﺘﺐ وﺻﻴّﺘﻚ ﺑﺎآﺮًا وﻻ ﺗﺆﺟّﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﺳﺎﻋﺘﻚ اﻷﺧﻴﺮة؛ إذ ﻗﺪ ﺗﻔﺎﺟﺄ ﺑﻤﻴﺘﺔ ﺳﺮﻳﻌﺔ أو ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺘﻈﺮة .إنّ اﻟﺨﺒﺮة ﺗﺆآّﺪ هﺬﻩ اﻟﻮﺻﻴّﺔ إذ ﺗﻔﻴﺪ أنّ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ ﻏﺎدروا هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ أن ﻳﻤﻜّﻨﻬﻢ اﻟﻮﻗﺖ ﻣﻦ وﺿﻊ وﺻﻴّﺘﻬﻢ وﻣﻦ أن ﻳﺘﻤﻜﻨّﻮا ﻣﻦ ﺗﻮزﻳﻊ أﻣﻼآﻬﻢ ﻟﻠﺠﻬﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ. ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻏﺴﻄﻴﻦ" :أرﺟﻮك ،ﻗﺒﻞ أن ﺗﺼﺒﺢ ﻣﻜّﺒﻼً ﺑﺎﻟﻤﺮض ،اهﺘﻢّ ﺑﻮﺻﻴّﺘﻚ ،ﻧﻈّﻢ أﻋﻤﺎل ﻣﻨـﺰﻟﻚ ﻷﻧّﻚ إذا اﻧﺘﻈﺮت إﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺘﻚ ،ﺳﺘﺠﺒﺮ ﻋﻠﻰ ذاك ﺑﺎﻟﺘﻬﺪﻳﺪ أو ﺑﺎﻟﺘﺮﻏﻴﺐ وذﻟﻚ ﻣﻤّﺎ ﻻ ﺗﺮﻏﺐ ﺑﻪ". * اﻟﺘﻤﺎﺛﻞ ﺑﻴﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ آﺘﺎب ﻓﻲ اﻟﺘﻘﻮى وﺿﻌﻪ اﻟﺮاهﺐ ﺗﻮﻣﺎس آﺎﻣﺒﺲ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ ﺑﺎﻟﻼﺗﻴﻨﻴّﺔ )اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ( .ﺗﻮﻣﺎس ﻣﻜﺒﺲ ) (١٤٧١ – ١٣٧٩أﻟﻤﺎﻧﻲ وُﻟﺪ ﻓﻲ آﻤﺒﻦ )رﻳﻨﺎﻧﻴﺎ( )اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ.
115
.٣ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ أن ﺗﺘﺮك ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ أﻣﻮاﻟﻚ ﻟﻠﻔﻘﺮاء وﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﺪﻳﻨﻴّﺔ .ﻋﻠﻴﻚ أن ﻻ ﺗﻨﺴﻰ ﺗﺤﻀﻴﺮ اﻟﻤﻜﺎﺳﺐ اﻟﺮوﺣﻴّﺔ واﻟﺘﺄآّﺪ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ اﻟﺬآﺮى اﻟﺴﻨﻮﻳّﺔ ﻟﻮﻓﺎﺗﻚ ووﻓﺎة أهﻠﻚ .ﻓﻤﻦ ﻳﺴﻌﻰ إﻟﻰ اﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ ﻣﻜﺎن ﺑﻌﻴﺪ ﻳﺤﻀّﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﺬﻟﻚ .أﻓﻼ ﺗﺄﺧﺬ ﻣﻌﻚ ﻳﺎ ﻣﻦ ﺗﺴﻌﻰ إﻟﻰ اﻷﺑﺪﻳّﺔ ﺑﻌﺾ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺨﻴّﺮة ﻟﻴﻜﻮن ﻣﻠﻚ اﻟﻤﻠﻮك ﻋﻮﻧًﺎ ﻟﻚ وﻳﻔﺘﺢ ﻟﻚ ﺑﺎب اﻟﺴﻤﺎء؟ ﻓﻠﺘﺤﻮّل اﻷﻣﻮال اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺒﺬرهﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﺎهﺎت واﻟﺨﻄﺎﻳﺎ ،إﻟﻰ ﺻﺪﻳﻖ ﻟﺮوﺣﻚ ﻳﻮم ﺗﻜﻮن ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻴﻬﺎ .هﺬا ﻟﻴﺲ إرﺷﺎد آﺎهﻦ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ إرﺷﺎد اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻧﻔﺴﻪ ﻻﺳﻤﻪ اﻟﻤﺠﺪ واﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﺣﻴﺚ اﻟﻌﺬاب وﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﺣﻴﺚ ﺗﻠﺘﻘﻲ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻓﺘﺘﺠﺪّد ﻓﻲ اﻟﺴﻌﺎدة اﻷﺑﺪﻳّﺔ. ﻣﺜﺎل آﺎن ﻷﺣﺪهﻢ ﺛﻼﺛﺔ أﺻﺪﻗﺎء ،إﺛﻨﺎن ﻣﻨﻬﻤﺎ أﺣﺒّﻬﻤﺎ ﺣﺒًّﺎ ﻋﻈﻴﻤًﺎ. هﺬا اﻟﺮﺟﻞ اﺗّﻬﻢ ﻓﻲ ﻳﻮمٍ ﻣﻦ اﻷﻳّﺎم ﺑﺠﺮﻳﻤﺔ آﺒﻴﺮة وهﻮ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺮاء .ﻓﺴﺄل أﺻﺪﻗﺎءﻩ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻜﻢ ﻳﺄﺗﻲ ﻟﻴﺸﻬﺪ ﻟﺒﺮاءﺗﻲ أﻣﺎم اﻟﻘﻀﺎء؟ اﻋﺘﺬر اﻷوّل ﻣﺘﺴﺘّﺮًا ﺑﺄﺷﻐﺎﻟﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮة ،أﻣّﺎ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﺮاﻓﻘﻪ ﺣﺘّﻰ ﺑﺎب اﻟﻤﺤﻜﻤﺔ وﺗﻮﻗّﻒ .ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺮؤ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﺧﻮل وﻋﺎد إﻟﻰ ﻣﻨـﺰﻟﻪ ﺧﻮﻓًﺎ ﻣﻦ ﻏﻀﺐ اﻟﻘﺎﺿﻲ .أﻣّﺎ اﻟﺜﺎﻟﺚ هﻮ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻬﺘﻢّ اﻟﻤﺘّﻬﻢ ﻷﻣﺮﻩ آﺜﻴﺮًا ،دﺧﻞ وأﻋﻄﻰ ﺷﻬﺎدة ﻓﻲ أﺧﻼق اﻟﻤﺘّﻬﻢ اﻟﺤﻤﻴﺪة وﺳﻠﻮآﻪ وﺑﺮاءﺗﻪ ﻣﻦ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ،ﺑﻜﻞّ ﺟﺪارة .أﻗﻨﻌﺖ ﻣﺮاﻓﻌﺘﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﺤﻜﻢ ﺑﺒﺮاءة اﻟﻤﺘّﻬﻢ وأﻋﺎد ﻟﻪ اﻋﺘﺒﺎرﻩ وﺣﺮﻳّﺘﻪ ﻣﻊ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻌﻄﻞ واﻟﻀﺮر ﺟﺮّاء اﻟﺘّﻬﻤﺔ. ﻓﻲ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻟﻺﻧﺴﺎن ﺛﻼﺛﺔ أﺻﺪﻗﺎء ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮﻩ اﷲ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻤﺎﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﻤﺤﺎآﻤﺔ:
116
اﻟﻤﺎل ،ﺻﺪﻳﻘﻪ اﻟﻤﻔﻀّﻞ ،ﻻ ﻳﺬهﺐ ﻣﻌﻪ وﻳﺘﺨﻠّﻰ ﻋﻨﻪ ﻓﻼﻳﻔﻴﺪﻩ ﺷﻴﺌًﺎ. اﻷهﻞ واﻷﻗﺮﺑﺎء ،ﻳﺮاﻓﻘﻮﻧﻪ إﻟﻰ اﻟﻤﻘﺒﺮة ،ﻳﺮﻣﻮن ﻋﻠﻰ ﺗﺮاﺑﻪﻗﻠﻴﻼً ﻣﻦ اﻟﻤﺎء اﻟﻤﻘﺪّس ﻟﻠﻮداع اﻷﺧﻴﺮ وﻳﻌﻮدون ﺑﻬﺪوء إﻟﻰ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ؟ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺤﺴﻨﺔ ،وهﻲ اﻟﺼﺪﻳﻖ اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻬﺘﻢّ ﺑﻪآﺜﻴﺮًا ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻷرﺟﺢ .هﻮ آﻞّ اﻟﺨﻴﺮ اﻟﺬي أﺗﻤّﻪ ﺑﺎﺳﻢ اﷲ وﻟﻤﺤﺒّﺘﻪ .ﻓﻘﻂ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﺤﺴﻨﺔ ﺗﺒﻘﻰ وﻓﻴّﺔ ﻟﻪ ﻓﺘﺮاﻓﻘﻪ إﻟﻰ أﻣﺎم اﻟﺴﻴّﺪ اﻹﻟﻬﻲّ ،ﺗﺴﺒﻘﻪ ،ﺗﺘﻜﻠّﻢ ﻟﺼﺎﻟﺤﻪ وﺗﺤﺼﻞ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﻔﺮان واﻟﺮﺣﻤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ. أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﻮن ،ﻓﻲ وﺻﺎﻳﺎآﻢ اﻷﺧﻴﺮة ﻻ ﺗﺘﺮدّدوا ﻓﻲ ﺻﺮف ﺑﻌﺾ اﻟﺨﻴﺮات ﻣﻦ أﺟﻞ أﻋﻤﺎل روﺣﻴّﺔ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ﻓﻴﻜﻮن ﻟﻜﻢ أﺻﺪﻗﺎء ﻣﻨﺪﻓﻌﻴﻦ ﻣﻦ أﺟﻠﻜﻢ ﻳﻔﺘﺤﻮن ﻟﻜﻢ أﺑﻮاب اﻟﺴﻤﺎء.
117
ﺑﻌﺾ اﻻﻋﺘﺮاﻓﺎت ﺣﻮل اﻟﻤﻄﻬﺮ
ﻣﻨﺘﺨﺒﺎت ﻣﻦ آﺘﺎب "اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ"ﻣﻨﺸﻮرات )(Résiac ﻗﺒﻞ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﺠﻨّﺔ ،ﺗﻘﻀﻲ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﺨﺘﺎرة ﻣﺎ ﺑﻴﻦﺛﻼﺛﻴﻦ وأرﺑﻌﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ. ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻮت ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺗﺪان آﻞّ ﻧﻔﺲ دﻳﻨﻮﻧﺘﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻّﺔ .ﻓﻔﻲﻟﺤﻈﺔ واﺣﺪة ﺗﻤﺮّ أﻣﺎﻣﻬﺎ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﺎ .إﻻّ إذا آﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﻌﺪّة وﻣﺎﺗﺖ ﺑﺼﺪاﻗﺔ ﻣﻊ اﷲ ﻓﺈﻧّﻬﺎ ﺗﺨﻠّﺺ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ...ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻗﺒﻮل ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺠﻼﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ إﻻّ إذا آﺎﻧﺖ ﻃﺎهﺮة أو ﻣﻄﻬّﺮة ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ. ﻋﻨﺪ اﻟﺪﻳﻨﻮﻧﺔ اﻟﺨﺎﺻّﺔ ،ﻻ ﻳﺸﺎهﺪ اﻟﺒﻌﺾ إﻻّ اﻟﻘﺪّﻳﺲﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ واﻟﻤﻼك اﻟﺤﺎرس ،ﻓﻬﻤﺎ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ﺟﻤﻴﻞ ﺟﺪًّا ...ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ ﻳﺘﺤﻮّل اﻻﻧﺘﻈﺎر ﺑﻔﺎرغ اﻟﺼﺒﺮ ﻟﻤﺸﺎهﺪة وﺟﻪ اﷲ ﻓﻲ ﺟﻨّﺘﻪ إﻟﻰ اﺳﺘﺸﻬﺎد ﺣﻘﻴﻘﻲّ. إﻧّﻪ ﻣﺆآّﺪ أنّ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻠﻬﺎاﻹﻧﺴﺎﻧﻲّ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺤﺘﺮق أﺟﺰاء اﻟﺠﺴﺪ اﻟﺒﺸﺮيّ اﻟﻤﻠﻮّﺛﺔ ﺑﺎﻟﺨﻄﺎﻳﺎ ﻓﻲ ﻟﺠﺞ اﻟﻨّﺎر اﻟﻤﻄّﻬﺮة. آﻠّﻤﺎ ﺗﻄﻬّﺮت أﺟﺴﺎد اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ درﺟﺔإﻟﻰ أﺧﺮى أﻗﻞّ ﻋﺬاﺑًﺎ ،وأﻟﻤًﺎ.
118
ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﺛﻼث ﻃﺒﻘﺎت وداﺧﻞ آﻞّ ﻃﺒﻘﺔ ﻋﺪد آﺒﻴﺮ ﻣﻦاﻟﺪرﺟﺎت. اﻟﻤﻄﻬﺮ اﻟﺴﻔﻠﻲ أو اﻟﻤﻄﻬﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮ ،ﻗﺮﻳﺐ ﺟﺪًّا ﻣﻦ ﺟﻬﻨّﻢ. اﻟﻔﺮق ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ وﺟﻬﻨّﻢ ،أنّ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻻ ﺗﺜﻮرﺿﺪّ اﷲ وﺗﻔﻘﺪ اﻷﻣﻞ وﻻ ﺗﺘﻤﻨّﻰ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﺎ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ ...ﻓﻬﻲ ﺗﺤﻤﺪ اﷲ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﺻﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﻨّﻢ رﻏﻢ ﺧﻄﺎﻳﺎهﺎ ،وﺗﺼﻠّﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ أﻗﺮﺑﺎﺋﻬﺎ ﻟﻜﻲ ﻳﺘﻮﺑﻮا. ﺧﻼل اﻟﻮﺟﻮد اﻟﻌﺎﺑﺮ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮ ،ﻻ ﺗﺴﺘﻔﻴﺪ،وهﻲ اﻟﻤﺨﺘﺎرة ،ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪات اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪّﻣﻬﺎ ﻟﻬﺎ أﻗﺮﺑﺎؤهﺎ وأﺻﺪﻗﺎؤهﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرض إﻻّ ﻓﻲ ﻳﻮم ذآﺮى اﻟﻤﻮﺗﻰ... ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ اﻟﻌﺎدي ،ﺗﺴﺘﻔﻴﺪ اﻟﻨﻔﺲاﻟﻤﻄﻬّﺮة ﻣﻦ آﻞّ اﻹﻧﻌﺎﺷﺎت اﻟﻤﻘﺪّﻣﺔ ﻣﻦ أهﻞ اﻷرض ﺷﺮط أن ﺗﻜﻮن هﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻗﺪّﻣﺖ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ اﻷرﺿﻴّﺔ أﻋﻤﺎل اﻟﻤﺤﺒّﺔ واﻟﺤﺴﻨﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ. إنّ اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﺗﻔﺮض ذاﺗﻬﺎ ﻓﻲ هﺬا اﻷﻣﺮ.
119
ﻣﺨﺘﺎرات ﻣﻦ "آﺮّاس اﻟﻤﻄﻬﺮ"
ﻣﻨﺸﻮرات "ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺳﻴّﺪة اﻟﻤﻴﺘﺔ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ" ﻓﻲ ﺑﻠﺪة ﺗﺎﻧﺸﺒﺮي )أورن – ﻓﺮﻧﺴﺎ( ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺗﻌﻠﻴﻤﺎت وإرﺷﺎدات ﻣﻦ إﺣﺪى اﻟﺮاهﺒﺎت ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ إﻟﻰ أمّ اﻟﻤﺘﺒﺪﺋﺎت ﻋﻠﻰ اﻷرض .ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺮوج ﺳﺮﻳﻌًﺎ ﻣﻦ هﺬا اﻟﻤﻄﻬﺮ اﻟﺮهﻴﺐ. "ﺁﻩ آﻢ أرﻏﺐ ﻓﻲ اﻟﺬهﺎب إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء! إﻧّﻨﺎ ﻧﺴﺘﺸﻬﺪ ﻓﻲ ﺁﻻﻣﻨﺎ ﻣﻨﺬ ﻋﺮﻓﻨﺎ اﷲ!" "ﻻ! ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺮى اﷲ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ! ﺑﻞ ﺳﻴﻜﻮن ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء". "ﻧﻌﻢ ،ﻧﺮى أﺣﻴﺎﻧًﺎ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻳﻮﺳﻒ وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﻘﺪر ﻣﺸﺎهﺪﺗﻨﺎ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء"!... "ﻧﻌﻢ ،أﺣﺐّ اﷲ ﺣﺒًّﺎ ﻋﻈﻴﻤًﺎ ،وآﻠّﻤﺎ ﺗﻄﻬّﺮت اﻟﻨﻔﺲ ﻏﺪت ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء وﺣﺒّﻪ )اﷲ( ﻳﻨﻤﻮ."... ﻦ إﻟﻴﻨﺎ ...ﻓﻬﻲ ﺗﻨﻌﺸﻨﺎ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﻨﻌﺶ آﻮب "ﺻﻼة ﺻﻐﻴﺮة ﺗُﺤﺴِ ُ ﻣﺎء ﺑﺎرد ﻳُﻌﻄﻰ إﻟﻰ ﻇﻤﺂن"... "إذا رﻏﺒﺖ ﺑﺈرﺿﺎء اﷲ ،ﻻ ﺗﻘﻮﻣﻲ ﺑﺄيّ ﻋﻤﻞ ﻧﻬﺎر اﻷﺣﺪ! ﺑﻞ ﺻﻠّﻲ إﻟﻰ اﷲ ﻣﺎ اﺳﺘﻄﻌﺖِ ذﻟﻚ ...هﺬا آﻞّ ﺷﻲء". "ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺗﺤﺮّر ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﺳﺄﻋﻴﺪ إﻟﻴﻚ أﺿﻌﺎف ﻣﺎ ﻗﺪّﻣﺘﻪ ﻟﻲ. ﻓﺄﻧﺎ أﺻﻠّﻲ آﺜﻴﺮًا ﻣﻦ أﺟﻠﻚ". "إﻧّﻨﺎ ﻧﺸﺎهﺪ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ﺑﺠﺴﺪهﺎ .ﻓﻬﻲ ﺗﺄﺗﻲ إﻟﻰ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻓﻲ أﻋﻴﺎدهﺎ وﺗﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ﺑﺮﻓﻘﺔ أﻧﻔﺲ آﺜﻴﺮة .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﻌﻨﺎ ﻻ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺎﻷﻟﻢ"... "اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻧﺴَﻮا اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ،ﺳﻴُﻨﺴﻮن هﻢ ﺑﺪورهﻢ وهﺬا ﻋﺪل .وﻟﻜﻦّ إذا أوﺣﻴﻨﺎ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ
120
اﻟﻤﻮﺗﻰ أو أوﺿﺤﻨﺎ ﻟﻬﻢ ﻣﺎ هﻮ اﻟﻤﻄﻬﺮ ،ﻻ ﺷﻚّ أﻧّﻬﻢ ﺳﻴﺘﺼﺮّﻓﻮن ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ."... "هﻨﺎك أﻧﻔﺲ ﻻ ﺗﻘﻴﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﺑﻜﻞّ ﻣﺎ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻰ، ﻓﺄﻧﺎ ﻣﺜﻼً أراﻓﻘﻚ ﻃﻮال اﻟﻨﻬﺎر وﺣﻴﺚ ﺗﺬهﺒﻴﻦ .وﻟﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎء ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﺎﻣﻴﻦ أﺗﺄﻟّﻢ أآﺜﺮ ﻷﻧّﻨﻲ أآﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ". "ﺗﻘﺪﻳﺮًا ﻻﻧﺪﻓﺎﻋﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺴﺮّ اﻟﻤﻘﺪّس وﻻﺣﺘﺮاﻣﻬﻢ اﻷﻣﺎآﻦ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﺑﻌﺾ اﻷﻧﻔﺲ ﺗﻘﻀﻲ زﻣﻦ ﻣﻄﻬﺮهﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺬاﺑﺢ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ". "ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻮت ﺗﻀﻴﻊ اﻟﻨﻔﺲ ﻓﻲ اﷲ ،ﻓﻬﻲ ﺗﺮى ﺑﻮﺿﻮح وﺑﻠﻤﺢ اﻟﺒﺼﺮ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ آﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻷرض وﻣﻦ ﺛﻢّ ﺗﻨﺎل ﺟﺰاؤهﺎ."... "اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ )اﻟﻤﻼك( ﻳﻜﻮن ﺣﺎﺿﺮًا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻐﺎدر اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺠﺴﺪ .إﻧّﻪ ﻣﻨﻔّﺬ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ...ﻟﻘﺪ ﺷﺎهﺪت أﻳﻀًﺎ ﻣﻼآﻲ اﻟﺤﺎرس". "ﻓﻲ ذآﺮى اﻟﻤﻮﺗﻰ )اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ( اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻧﻔﺲ ﺗﻐﺎدر اﻟﻤﻄﻬﺮ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء .ﻓﻲ هﺬا اﻟﻴﻮم ﻓﻘﻂ ﺗﻨﺎل ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﺣﺼّﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻠﻮات اﻟﻌﺎﻣّﺔ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻤﺠﺎهﺪة ...وﺣﺘّﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮ ...وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ اﻟﻤﻴﻼد ﻳﺼﻌﺪ اﻟﻌﺪد اﻷآﺒﺮ ﻣﻦ اﻷﻧﻔﺲ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء". "إﻧّﻬﺎ أﻋﻴﺎد ﻣﺘﻼﺣﻘﺔ ﻣﻦ دون اﻧﻘﻄﺎع وﺳﻌﺎدة ﻣﺘﺠﺪّدة داﺋﻤًﺎ آﻤﺎ ﻟﻢ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﻤﺜﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ". "آﻠّﻤﺎ أﺣﺒّﺖ اﻟﻨﻔﺲ اﷲ ﻋﻠﻰ اﻷرض ،آﻠّﻤﺎ ﺗﻮﺻّﻠﺖ إﻟﻰ ﻗﻤّﺔ اﻟﻜﻤﺎل ﻓﺄﺣﺒّﺘﻪ أآﺜﺮ وﻓﻬﻤﺘﻪ أﻋﻤﻖ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء". "ﻳﺴﻮع هﻮ اﻟﻔﺮح اﻟﺤﻘﻴﻘﻲّ ﻋﻠﻰ اﻷرض واﻟﻔﺮح اﻷﺑﺪيّ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء!"
121
ﻻ ﺟﺪوى اﻟﺪﻣﻮع ﻳﺨﺒﺮﻧﺎ ﺗﻮﻣﺎس دي آﺎﺗﻤﺒﺮي أنّ اﻣﺮأة ﻋﺠﻮزًا ﻓﻘﺪت اﺑﻨﻬﺎ اﻟﺘﻲ اﻋﺘﻤﺪت ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻪ ﻓﻲ ﺷﻴﺨﻮﺧﺘﻬﺎ :ﻓﺒﻜﺘﻪ ﻟﻴﻼً وﻧﻬﺎرًا ﻣﻌﺮّﺿﺔ ﻧﻈﺮهﺎ ﻟﻠﻌﻤﻰ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻮاﺳﻴﻬﺎ ﺷﻲء. ﺣﺎول ﺗﻮﻣﺎس دي آﺎﺗﻤﺒﺮي ﻣﺆاﺳﺎﺗﻬﺎ وإرﺷﺎدهﺎ ﻓﻠﻢ ﻳﻔﻠﺢ إﻟﻰ أن ﻗﺮّر ﻣﻊ اﻟﺠﻴﺮان أن ﻳﻨﺬروا ﺻﻼة ﺗﺴﺎﻋﻴﺔ ﻳﻄﻠﺒﻮن ﻣﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﺎ .اﺳﺘﺠﺎب اﷲ ﻃﻠﺒﻬﻢ ﺣﻴﺚ أنّ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮأة اﻟﻌﺠﻮز رأت ﺣﻠﻤًﺎ ﺟﻤﻴﻼً .ﻟﻘﺪ ﺷﺎهﺪت ﻋﺪدًا ﻣﻦ اﻟﺸﺒّﺎن ذوي ﻣﻈﻬﺮ ﺟﻤﻴﻞ ﻳﺴﻴﺮون ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺎ .وﺑﻤﺎ أﻧّﻬﺎ آﺎﻧﺖ ﺗﺠﻬﺪ ﻟﻤﻼﻗﺎة اﺑﻨﻬﺎ ﺗﺮاءى ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺆﺧّﺮﺗﻬﻢ ﺟﺮّاء ﺛﻴﺎﺑﻪ اﻟﻤﺜﻘﻠﺔ ﺑﺎﻟﻤﻴﺎﻩ .ارﺗﺒﻜﺖ اﻷمّ ﻋﻨﺪ ﻣﺮﺁﻩ وﺻﺮﺧﺖ" :ﻟﻤﺎذا ﻳﺎ ﺑﻨﻲ ﺗﺴﻴﺮ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ هﺬﻩ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﺒﺮّاﻗﺔ؟" .ﻓﺄﺟﺎﺑﻬﺎ اﺑﻨﻬﺎ" :ﺁﻩ ﻳﺎ أﻣّﺎﻩ هﺎ أﻧﺎ ﻣﺘﺄﺧّﺮ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻲ ﺑﺴﺒﺐ دﻣﻮﻋﻚ اﻟﻌﻘﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻠّﻠﺖ ﺛﻴﺎﺑﻲ ﻓﺄﺛﻘﻠﺘﻬﺎ .آﻔّﻲ ﻋﻦ اﻟﺒﻜﺎء رﺣﻤﺎك! ﻓﺒﻜﺎؤك ﻻ ﺟﺪوى ﻣﻨﻪ! ﻓﺈذا أردت أن أﺳﺮع ﻋﻠﻰ درب اﻟﺴﻤﺎء هﺬﻩ ،ﺻﻠّﻲ آﺜﻴﺮًا وﻗﺪّﻣﻲ اﻟﺤﺴﻨﺎت ﻣﻦ أﺟﻠﻲ .هﻜﺬا ﻓﻘﻂ ﺗﺤﺮّرﻳﻨﻨﻲ ﻣﻦ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﺣﻴﺚ اﻷﻧﻴﻦ وﺗﺪﺧﻠﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﺴﻌﺎدة اﻷﺑﺪﻳّﺔ". ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ اﻧﺘﻬﺖ اﻟﺮؤﻳﺎ وآﻔّﺖ اﻷم ،ﻣﺴﺮﻋﺔ ،ﻋﻦ اﻟﺒﻜﺎء وﻗﺮّرت أن ﺗﻘﻮم ﺑﻤﺎ ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ ﻣﻦ ﻣﻤﺎرﺳﺎت ﻹﺧﺮاج اﺑﻨﻬﺎ اﻟﺤﺒﻴﺐ ﻣﻦ ﻣﺴﻜﻦ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻪ".
122
ﻗﺪّﻣﻮا اﻟﻘﺪادﻳﺲ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ آﻮﻟﻮﻧﻴﺎ ،اﺟﺘﻤﻊ اﺛﻨﺎن ﻣﻦ اﻟﻜﻬﻨﺔ اﻟﺪوﻣﻴﻨﻴﻜﺎن اﻷﺗﻘﻴﺎء ،واﻟﻤﻨﺪﻓﻌﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﻷﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ واﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .واﺗّﻔﻘﺎ ﻋﻠﻰ أن ﻳﻘﺪّم ﻣﻦ ﻳﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ اﻟﺤﻴﺎة ﺑﻌﺪ اﻵﺧﺮ ،ﻗﺪّاﺳﻴﻦ آﻞّ أﺳﺒﻮع ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺔ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﻴﺖ وذﻟﻚ ﻃﻮال ﺳﻨﺔ آﺎﻣﻠﺔ. ﻋﺮف أﺣﺪُهﻤﺎ وهﻮ اﻟﻄﻮﺑﺎوي "ﺳﻮزو" أنّ ﺻﺪﻳﻘﻪ اﻧﺘﻘﻞ إﻟﻰ رﺣﻤﺔ اﷲ .ﻓﺄﺳﺮع إﻟﻰ اﻟﺼﻼة ﻣﻦ أﺟﻠﻪ ﺑﻜﺜﺮة وﻣﺎرس اﻟﺘﻘﺸّﻒ واﻹﻣﺎﺗﺎت ﻟﻜﻨّﻪ ﻧﺴﻲ ﻣﺎ ﺗﻮاﻋﺪ ﺑﻪ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻖ ،ﻣﻦ ﻗﺪادﻳﺲ ﻳﻘﺪّﻣﻬﺎ. ﻓﻲ ﺻﺒﺎح أﺣﺪ اﻷﻳّﺎم ﺑﻴﻨﻤﺎ آﺎن ﺳﻮزو ﻳﺼﻠّﻲ ﻓﻲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻇﻬﺮ ﻟﻪ ﺻﺪﻳﻘﻪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻳﻠﻮﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﻠّﺔ وﻓﺎﺋﻪ .ﺣﺎول ﺳﻮزو اﻻﻋﺘﺬار ﻟﻪ ﻣﺬآّﺮًا إﻳّﺎﻩ ﺑﺎﻟﺼﻠﻮات اﻟﻜﺜﻴﺮة واﻷﻋﻤﺎل اﻟﺤﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ آﺎن ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻠﻪ .وﻟﻜﻦ اﻟﻤﻴﺖ ﺻﺮخ ﻗﺎﺋﻼً" :ﻻ! ﻻ! ﻻ! آﻞّ ذﻟﻚ ﻻ ﻳﻮازي اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﻹﻃﻔﺎء اﻟﻠﻬﻴﺐ اﻟﺬي ﻳﺤﺮﻗﻨﻲ!" واﺧﺘﻔﻰ ﻓﺠﺄة. ﻓﺘﺄﺛّﺮ ﺑﻬﺬا اﻟﺤﺪث وﻗﺮّر ﺳﻮزو إﺻﻼح هﺬا اﻟﻨﺴﻴﺎن ﺳﺮﻳﻌًﺎ. وﻃﻠﺐ إﻟﻰ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﻬﻨﺔ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻪ ﻋﻠﻰ إراﺣﺔ ﺻﺪﻳﻖ اﻟﻤﻴﺖ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺪادﻳﺲ ﻣﻦ أﺟﻠﻪ. ﺑﻌﺪ أﻳّﺎم ﻗﺪّﻣﺖ ﻓﻴﻬﺎ هﺬﻩ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ،ﻇﻬﺮ اﻟﻤﻴﺖ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻟﺴﻮزو ﻣﺤﺎﻃًﺎ ﺑﻨﻮر ﻋﻈﻴﻢ ،وروﺣﻪ ﻳﻀﻲء ﺳﻌﺎدة ،وﻗﺎل ﻟﻪ" :أﺷﻜﺮك ﻳﺎ ﺻﺪﻳﻘﻲ اﻷﻣﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺮﻳّﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪّﻣﺘﻬﺎ ﻟﻲ وذﻟﻚ ﺑﺸﻔﺎﻋﺔ اﻟﻘﺪادﻳﺲ اﻟﺘﻲ ﻗﺪّﻣﺖ ﻣﻦ أﺟﻠﻲ .ﻟﻘﺪ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ وهﺎ أﻧﺎ أﺻﻌﺪ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ﺣﻴﺚ أﺷﺎهﺪ اﷲ وﺟﻬًﺎ ﻟﻮﺟﻪ ،اﷲ اﻟﺬي ﻋﺒﺪﻧﺎﻩ ﻣﻌًﺎ ﻣﺪّة ﻃﻮﻳﻠﺔ" .ﺛﻢّ اﺧﺘﻔﻰ.
123
ﺑﺴﺒﺐ هﺬا اﻟﺤﺪث ،آﺎن اﻟﻄﻮﺑﺎوي ﺳﻮزو ،وﺣﺘّﻰ ﻣﻤﺎﺗﻪ، ﻳﻘﺪّم اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺪّاس ﺑﺤﺮارة ﻣﺘﺠﺪّدة ،ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ. ﻟﻨﻘﻢ ﺑﺎﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ داﺋﻤًﺎ! ﻟﻨﻘﺪّم إﻟﻰ اﷲ اﻵب دم اﺑﻨﻪ اﻟﻄﺎهﺮ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ. آﺎن ﻳﻮﺣﻨّﺎ ﻓﻢ اﻟﺬهﺐ ﻳﺼﻒ ﻣﻤﺎرﺳﺔ هﺬﻩ اﻟﺘﻘﻴّﺔ ﻓﻴﻘﻮل: "ﺿﻌﻮا ﻓﻲ ﻣﻨﺎزﻟﻜﻢ ﻋﻠﺒﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﺣﻴﺚ آﻞّ واﺣﺪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻘﺪّم ﺣﺴﻨﺔ اﻟﻤﻮﺗﻰ وﻗﺪّﻣﻮا هﺬﻩ اﻟﻌﻄﺎﻳﺎ ﻟﺘﻼوة اﻟﻘﺪّاس ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻮﺗﺎآﻢ"...
124
ﻃﻠﺒﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ إرﺣﻤﻨﺎ إرﺣﻤﻨﺎ إرﺣﻤﻨﺎ أﻧﺼﺖ إﻟﻴﻨﺎ إﺳﺘﺠﺐ ﻟﻨﺎ إرﺣﻢ اﻟﻤﻮﺗﻰ إرﺣﻢ اﻟﻤﻮﺗﻰ إرﺣﻢ اﻟﻤﻮﺗﻰ إرﺣﻢ اﻟﻤﻮﺗﻰ
ﻳﺎ ر ّ ب ﻳﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻳﺎ ربّ ﻳﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻳﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ أﻳّﻬﺎ اﻵب اﻟﺴﻤﺎوي اﷲ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ أﻳّﻬﺎ اﻻﺑﻦ ﻓﺎدي اﻟﻌﺎﻟﻢ ،اﷲ، اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ أﻳّﻬﺎ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ،اﷲ، اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ أﻳّﻬﺎ اﻟﺜﺎﻟﻮث اﻟﻘﺪّوس ،اﷲ، ﺻﻠّﻲ ﻷﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻳﺎ أمّ اﷲ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﻣﺮﻳﻢ، ﻞ ﻷﺟﻠﻬﻢ ﺻ ﱢ أﻳّﻬﺎ اﻟﻤﻼك ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ﻳﺎ ﻣﻼآﻲ اﻟﺤﺎرس وﻣﻼك اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺻﻠّﻮا ﻷﺟﻠﻬﻢ ﺻﻠّﻮا ﻷﺟﻠﻬﻢ ﻳﺎ ﺟﻮﻗﺔ اﻷرواح اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﺻﻠّﻮا ﻷﺟﻠﻬﻢ ﻳﺎ ﻣﺎر ﻳﻮﺳﻒ وﻣﺎر ﻳﻮﺣﻨّﺎ اﻟﻤﻌﻤﺪان ﺻﻠّﻮا ﻷﺟﻠﻬﻢ أﻧﺘﻢ أﻳّﻬﺎ اﻟﺒﻄﺎرآﺔ واﻷﻧﺒﻴﺎء اﻟﻤﺮﺳﻠﻮن ﺻﻠّﻮا ﻷﺟﻠﻬﻢ ﻳﺎ ﻣﺎر ﺑﻄﺮس وﻣﺎر ﺑﻮﻟﺲ ﺻﻠّﻮا ﻷﺟﻠﻬﻢ ﻳﺎ رﺳﻞ اﻟﻤﺴﻴﺢ وآﺘﺒﺔ اﻷﻧﺎﺟﻴﻞ ﺻﻠّﻮا ﻷﺟﻠﻬﻢ أﻳّﻬﺎ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺎن اﺳﻄﻔﺎن وﻟﻮران ﺻﻠّﻮا ﻷﺟﻠﻬﻢ أﻳّﻬﺎ اﻟﺸﻬﺪاء اﻟﻘﺪّﻳﺴﻮن ﻳﺎ ﻗﺪّﻳﺲ ﻏﺮﻳﻐﻮرﻳﻮس وﻳﺎ ﻗﺪّﻳﺲ أﻏﺴﻄﻴﻦ ﺻﻠّﻮا ﻷﺟﻠﻬﻢ ﺻﻠّﻮا ﻷﺟﻠﻬﻢ ﻳﺎ ﺁﺑﺎء اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻘﺪّﻳﺴﻮن أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﺣﻨّﺔ واﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻤﺠﺪﻟﻴّﺔ ﺻﻠّﻮا ﻷﺟﻠﻬﻢ ﻳﺎ ﻗﺪّﻳﺴﺔ آﺎﺗﺮﻳﻦ وﻗﺪّﻳﺴﺔ أورﺳﻮﻻ ورﻓﺎﻗﻬﺎ ﺻﻠّﻮا ﻷﺟﻠﻬﻢ
125
ﺻﻠّﻮا ﻷﺟﻠﻬﻢ ﺻﻠّﻮا ﻷﺟﻠﻬﻢ
أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬارى واﻷراﻣﻞ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺎت ﻳﺎ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻦ ﻗﺪّﺳﻬﻢ اﷲ آﻦ ﻋﻮﻧًﺎ ﻟﻬﻢ ﻳﺎ ربّ إﻏﻔﺮ ﻟﻬﻢ ﻳﺎ ربّ ﻳﺎ ربّ آﻦ ﻋﻮﻧًﺎ ﻟﻬﻢ واﺳﺘﺠﺐ ﻟﻨﺎ إرﺣﻢ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﺎﺳﻢ اﺳﻤﻚ اﻟﺤﺒﻴﺐ ﻳﺎ ﻳﺴﻮع إرﺣﻢ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﺮﺣﻤﺘﻚ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ إرﺣﻢ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﺂﻻﻣﻚ اﻟﻤﺮّة وﺟﺮوﺣﺎﺗﻚ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ إرﺣﻢ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﺪﻣﻚ اﻟﺜﻤﻴﻦ وﺑﻤﻮﺗﻚ اﻟﻔﺎدي ﻧﺤﻦ اﻟﺨﻄﺄة اﻟﻤﺴﺎآﻴﻦ اﺳﺘﺠﺐ ﻟﻨﺎ ﻳﺎ ربّ إﻗﺒﻞ ﻋﻄﺎء رﺣﻤﺘﻚ ﻟﻠﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ إﻗﺒﻞ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ ﻟﻴﻦ ﻗﺴﺎوة ﻋﺪاﻟﺘﻚ إﻋﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻚ ﺟﺰاء ﺧﻄﺎﻳﺎهﻢ إﻗﺒﻠﻬﻢ ﻓﻲ دار اﻟﺴﻼم واﻟﺮاﺣﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ إﻗﺒﻞ ودﻳﻌﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻴﺮاﺛﻚ اﻷﺑﻮيّ إﺳﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﺑﻤﺸﺎهﺪة ﺟﻤﺎﻟﻚ اﻹﻟﻬﻲّ أروهﻢ ﻳﺎ ربّ ﻣﻦ ﻋﻈﻴﻢ ﻣﺤﺒّﺘﻚ إﻗﺒﻞ إﺗﻤﺎم رﻏﺒﺘﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺮاﺣﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ أﻋﻄﻬﻢ اﻟﺮاﺣﺔ ﻳﺎ ربّ وﺧﺼﻮﺻًﺎ أﻧﻔﺲ أهﻠﻨﺎ وأﺻﺪﻗﺎﺋﻨﺎ واﻟﻤﺤﺴﻨﻴﻦ إﻟﻴﻨﺎ ﺐ رﺣﻤﺘﻚ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﻨﺴﻴّﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺼﻠّﻲ أﺣﺪ ﻷﺟﻠﻬﺎ هَ ْ ﻓﻠﺘﻜﻦ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ واﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﻏﺬاءً ﻣﻔﻴﺪًا ﻟﻬﻢ ﻳﺎ ﺣﻤﻞ اﷲ اﻟﺤﺎﻣﻞ ﺧﻄﺎﻳﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺎ ﺣﻤﻞ اﷲ اﻟﺤﺎﻣﻞ ﺧﻄﺎﻳﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺎ ﺣﻤﻞ اﷲ اﻟﺤﺎﻣﻞ ﺧﻄﺎﻳﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ
إﻏﻔﺮ ﻟﻬﻢ إﺳﺘﺠﺐ ﻟﻬﻢ أﻋﻄﻬﻢ اﻟﺮاﺣﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ
126
ﻟﻨﺼﻞﱢ ﻣﻦ أﺟﻞ أﺻﺪﻗﺎﺋﻨﺎ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻗﺎل آﺎهﻦ "ﺁرس" اﻟﻘﺪّﻳﺲ ذات ﻳﻮم "ﻟﻮ آﻨّﺎ ﻧﻌﺮف ﺟّﻴﺪًا ﻗﺪرة اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻨﻌَﻢ ﻟﻨﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺗﺪﺧّﻠﻬﺎ ﻟﺪى اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺎ آﻨّﺎ ﻟﻨﻨﺴﺎهﺎ أﺑﺪًا! ﻟﻨﺼﻞﱢ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ ﻟﻜﻲ ﺗﺼﻠّﻲ هﻲ أﻳﻀًﺎ ﻣﻦ أﺟﻠﻨﺎ". ﻗﺎل اﻟﻘﺪّﻳﺲ أﻏﺴﻄﻴﻦ" :أﺻﻠّﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ ،ﺣﺘّﻰ إذا وﺻﻠﻮا إﻟﻰ اﻟﻤﺠﺪ اﻷﺑﺪيّ ،ﻳﺼﻠّﻮن ﻣﻦ أﺟﻠﻲ". ﻗﺎل اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺗﻮﻣّﺎ اﻷآﻮﻳﻨﻲ" :إنّ اﻷﻓﺮان اﻷﺷﺪّ ﺣﺮارة واﻟﻨﻴﺮان اﻷآﺜﺮ ﺣﺮﻗًﺎ اﻟﺘﻲ ﻳُﺴﺎق إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺸﻬﺪاء ،ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮى ﻃﻴﻒ ﺧﻔﻴﻒ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻵﻻم اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺘﺤﻤّﻠﻬﺎ اﻷﻧﻔﺲ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻟﻜﻲ ﺗﺼﺒﺢ ﻃﺎهﺮة".
127
اﻟﺘﺄﻣّﻼت اﻟﺨﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ • إذا رﻏﺒﺖ ﻓﻲ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ،أﺗﻞُ، ﻟﺴﻨﺔ آﺎﻣﻠﺔ ،اﻟﺘﺄﻣّﻼت اﻟﺨﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ وﻣﻦ ﺛﻢّ اﻷﺑﺎﻧﺎ واﻟﺴﻼم اﻟﺴﺒﻊ ،ﻟﻤﺪّة اﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة ﺳﻨﺔ. آﺎﻧﺖ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﺑﺮﺟﻴﺖ ،اﻟﻤﻮﻟﻮدة ،ﺳﻨﺔ ،١٣٠٣ﺗﺮﻏﺐ ﺑﺸﺪّة ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻋﺪد اﻟﻠﻜﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﻧﺎﻟﻬﺎ ﺳﻴّﺪﻧﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ﺧﻼل ﺁﻻﻣﻪ .ﻓﻈﻬﺮ ﻟﻬﺎ ،ﻓﻲ أﺣﺪ اﻷﻳّﺎم ،ﺧﺎرج أﺳﻮار آﺎﺗﺪراﺋﻴّﺔ اﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺑﻮﻟﺲ وﻗﺎل ﻟﻬﺎ" :ﻟﻘﺪ ﻧﻠﺖ ٥٤٨٠ﻟﻜﻤﺔ .ﻓﺈذا أردت ﺗﻜﺮﻳﻤﻬﺎ ﺑﻜﻞّ اﺣﺘﺮام ،أﺗﻠﻲ ﺧﻤﺲ ﻋﺸﺮة ﻣﺮّة "اﻷﺑﺎﻧﺎ" وﺧﻤﺲ ﻋﺸﺮة ﻣﺮّة "اﻟﺴﻼم" واﻟﺘﺄﻣّﻼت اﻟﺨﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ اﻟﺘﻲ ﻋﻠّﻤﺘﻚ إﻳّﺎهﺎ ،ﺧﻼل ﺳﻨﺔ آﺎﻣﻠﺔ .وﻋﻨﺪ اﻧﺘﻬﺎء اﻟﺴﻨﺔ ﺗﻜﻮﻧﻲ ﻗﺪ ﺷﻔﻴﺖ آﻞّ ﺟﺮحٍ ﻣﻦ ﺟﺮوﺣﻲ". ﻣﻦ ﻳﺘﻠﻮ ﺗﺄﻣّﻼﺗﻲ ﻳﺨﻠّﺺ ١٥ﻧﻔﺴًﺎ ﻣﻦ أهﻠﻪ. ١٥ﺗﻘﻴًّﺎ ﻣﻦ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﻳﺜﺒﺘﻮن وﻳﺤﻔﻈﻮن ﻓﻲ اﻟﻨﻌﻤﺔ و١٥ﺧﺎﻃﺌًﺎ ﻳﺘﻮﺑﻮن. ﻣﻦ ﻳﺘﻠﻮ ﺗﺄﻣّﻼﺗﻲ ﻳﻨﺎل درﺟﺎت اﻟﻜﻤﺎل اﻷوﻟﻰ ،وﻗﺒﻞ ﻣﻮﺗﻪﺑﺨﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﻳﻮﻣًﺎ ﻳﻨﺪم ﻧﺪاﻣﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺎﻳﺎﻩ ﻓﻴﻌﺮﻓﻬﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺗﺎﻣّﺔ. ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺗﻪ ﺁﺗﻲ ﺑﺼﺤﺒﺔ أﻣّﻲ اﻟﺤﺒﻴﺒﺔ ،ﻓﺎﺳﺘﻠﻢ روﺣﻪ وأﻧﺘﻘﻞﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻔﺮح اﻷﺑﺪيّ .ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ أﻗﺪّم ﻟﻪ ﺟﺮﻋﺔ ﻳﺸﺮﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﺒﻊ أﻟﻮهﻴّﺘﻲ ،هﺬا ﻣﺎ ﻻ أﻗﺪّﻣﻪ أﺑﺪًا ﻟﻤﻦ ﻻ ﻳﺘﻠﻮ ﺗﺄﻣّﻼﺗﻲ. -ﻣﻦ ﻳﺘﻠﻮ ﺗﺄﻣّﻼﺗﻲ ﻳﻨﺘﺴﺐ إﻟﻰ ﺟﻮﻗﺔ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ.
128
ﻗﺪّر اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺑﻴﻮس اﻟﺘﺎﺳﻊ هﺬﻩ اﻟﺘﺄﻣّﻼت ﺣﻖّ ﻗﺪرهﺎ ﻓﻲ ٣١ أﻳّﺎر ﻣﻦ ﻋﺎم ١٨٦٢وأﻣﺮ ﺑﻨﺸﺮهﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺻﺎﻟﺢ اﻷﻧﻔﺲ واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺨﺎﻟﺼﺔ. هﺬﻩ اﻟﺘﺄﻣّﻼت ،درب اﻟﺼﻠﻴﺐ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ،ﻳﺠﺐ أن ﺗُﺘﻠﻰ آﻞّ ﻳﻮم ﻃﻮال ﺳﻨﺔ آﺎﻣﻠﺔ. ﺛﻢّ ﻳُﻌﻠﻦ اﻟﻤﺨﻠّﺺ ﻟﻠﻘﺪّﻳﺴﺔ ﺑﺮﻳﺠﻴﺖ اﻷﺑﺎﻧﺎ واﻟﺴﻼم اﻟﺴﺒﻊ ﻟﺘﻜﺮﻳﻢ ﺟﺮوﺣﺎﺗﻪ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ودﻣﻪ اﻟﺜﻤﻴﻦ.
"إﻋﺮﻓﻲ ،أﻧّﻲ أهﺐ ﻣﻦ ﻳﺘﻠﻮهﺎ آﻞّ ﻳﻮم ﺧﻼل اﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﺔ ،أو ﺣﺘّﻰ ﻳﻮم ﻣﻤﺎﺗﻪ إذا آﺎن ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ،اﻟ ﱢﻨﻌَﻢ اﻟﺨﻤﺲ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: .١ﻻ ﻳﺬهﺐ إﻟﻰ اﻟﻤﻄﻬﺮ .٢أﻋﺪّﻩ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻬﺪاء آﻤﻦ ﺳﻜﺐ دﻣﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻹﻳﻤﺎن. .٣أﺣﻔﻆ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻨﻌﻤﺔ ﻧﻔﻮس ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺋﻪ )أو أهﻠﻪ( ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪ. .٤ﺗﻨﺠﻮ ﻣﻦ ﺟﻬﻨّﻢ أﻧﻔﺲ أهﻠﻪ ﻷرﺑﻌﺔ أﺟﻴﺎل. .٥ﺳﻴﻌﺮف ﺗﺎرﻳﺦ وﻓﺎﺗﻪ ﻗﺒﻞ ﺣﺼﻮﻟﻬﺎ ﺑﺸﻬﺮ واﺣﺪ. اﻟﺒﺎﺑﺎ إﺗﻮﺳﺎن اﻟﻌﺎﺷﺮ ﺛﺒّﺖ هﺬا اﻹﻋﻼن وأﺿﺎف ﻟﻜﻞّ ﻣﻦ ﻳﻔﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﻳﺤﺮّر ﻧﻔﺴًﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻬﺮ ﻳﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ. آﻢ ﻣﻦ اﻟﻨﱢﻌﻢ ﻳﻐﺪﻗﻬﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ إذا ﻣﻨﺤﻨﺎﻩ ﻋﺸﺮ دﻗﺎﺋﻖ ﻣﻦ وﻗﺘﻨﺎ آﻞّ ﻳﻮم ﻟﺘﻜﺮﻳﻢ ﺟﺮوﺣﺎﺗﻪ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ.
129
ﺻﻼة ﻷﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ أﻳّﻬﺎ اﻟﺮبّ ﻳﺴﻮع ،إرأف ﺑﺘﻠﻚ اﻷﻧﻔﺲ اﻷﺳﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ .ﻳﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﺖ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻼﺻﻬﺎ ،أن ﺗﺄﺧﺬ ﻟﻨﻔﺴﻚ ﻃﺒﻴﻌﺘﻨﺎ اﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ وﺗﻌﺎﻧﻲ اﻟﻤﻮت اﻷﻟﻴﻢ .إرﺣﻢ زﻓﺮاﺗﻬﻢ اﻟﻤﺤﺮﻗﺔ ﻟﻤﺸﺎهﺪﺗﻚ. إرﺣﻢ دﻣﻮع ﻧﺪﻣﻬﻢ اﻟﻌﻈﻴﻢ ،وﺑﻔﻀﻴﻠﺔ ﺁﻻﻣﻚ إﻏﻔﺮ ﻟﻬﻢ ﺁﻻﻣﻬﻢ اﻟﺘﻲ اﻟﺘﺼﻘﺖ ﺑﻬﻢ ﺑﺴﺒﺐ ﺧﻄﺎﻳﺎهﻢ. ﻳﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻄﻴّﺐ اﻟﻘﻠﺐ إﻏﺴﻞ ﺑﺪﻣﻚ اﻟﻄﺎهﺮ هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺤﺒﻴﺒﺔ ﻓﻴﺨﺘﺼﺮ زﻣﻦ آﻔّﺎرﺗﻬﻢ ﻓﺘﺘﻤﻜّﻦ ﻗﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻜﻦ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻚ ﻓﻲ اﻟﺴﻌﺎدة اﻷﺑﺪﻳّﺔ .ﺁﻣﻴﻦ. • ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎق أﺿﻊ رﺟﺎﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﺮبّ ﻳﺴﻮع .وأﻧﺎ أﺛﻖ ﺑﻜﻠﻤﺘﻪ .ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎق أﻧﺎﺷﺪك ﻳﺎ ربّ .ﻳﺎ ربّ أﻧﺼﺖ إﻟﻰ ﻧﺪاﺋﻲّ! ﻓﻠﺘﻜﻦ أذﻧﻚ ﺻﺎﻏﻴﺔ إﻟﻰ ﺻﻼﺗﻲ .إذا ﻧﻈﺮت إﻟﻰ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ ﻳﺎ ربّ .ﻳﺎ ربّ ﻣﻦ ﻳﺼﻤﺪ أﻣﺎﻣﻚ؟ وﻟﻜﻦ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻚ اﻟﺮﺣﻤﺔ ﺗﻘﻮم .أﺧﺎﻓﻚ ﻳﺎ ربّ وأﻧﺖ رﺟﺎﺋﻲ .ﻧﻔﺴﻲ ﺗﻨﺘﻈﺮ اﻟﺮبّ وأﻧﺎ أﺛﻖ ﺑﻜﻠﻤﺘﻪ .ﻧﻔﺴﻲ ﺗﻨﺘﻈﺮ اﻟﺮبّ ﺑﺜﻘﺔ آﻤﺎ ﻳﻨﺘﻈﺮ اﻟﺴﺎهﺮ اﻟﻔﺠﺮ .ﺑﻤﺎ أنّ اﻟﻨﻌﻤﺔ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺮبّ وﻏﺰارة اﻟﻔﺪاء ،هﻮ اﻟﺬي ﻳﻔﺪي إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻣﻦ آﻞّ ﺧﻄﺎﻳﺎﻩ. اﻟﻤﺠﺪ ﻟﻶب واﻻﺑﻦ واﻟﺮوح اﻟﻘﺪس إﻟﻪ واﺣﺪ ﺁﻣﻴﻦ. • ﻗﺎﻧﻮن اﻹﻳﻤﺎن ﻧﺆﻣﻦ ﺑﺈﻟﻪ واﺣﺪ ،ﺁب ﺿﺎﺑﻂ اﻟﻜﻞّ ،ﺧﺎﻟﻖ اﻟﺴﻤﺎء واﻷرض ،آﻞّ ﻣﺎ ﻳُﺮى وﻣﺎ ﻻ ﻳُﺮى .وﺑﺮبﱟ واﺣﺪ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ،اﺑﻦ اﷲ اﻟﻮﺣﻴﺪ ،اﻟﻤﻮﻟﻮد ﻣﻦ اﻵب ﻗﺒﻞ آﻞّ اﻟﺪهﻮر ،إﻟﻪ ﻣﻦ إﻟﻪ ،ﻧﻮر ﻣﻦ ﻧﻮر ،إﻟﻪ ﺣﻖّ ﻣﻦ إﻟﻪ ﺣﻖّ ،ﻣﻮﻟﻮد ﻏﻴﺮ ﻣﺨﻠﻮق ،ﻣﺴﺎ ٍو ﻟﻶب ﻓﻲ اﻟﺠﻮهﺮ ،اﻟﺬي ﺑﻪ آﺎن آﻞّ ﺷﻲء .اﻟﺬي ﻣﻦ أﺟﻠﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﺒﺸﺮ،
130
وﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻼﺻﻨﺎ ﻧﺰل ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ،وﺗﺠﺴّﺪ ﻣﻦ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس، وﻣﻦ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ،وﺻﺎر إﻧﺴﺎﻧًﺎ .وﺻُﻠﺐ ﻋﻨّﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪ ﺑﻴﻼﻃﺲ اﻟﺒﻨﻄﻲ ،ﺗﺄﻟّﻢ وﻣﺎت وﻗُﺒﺮ وﻗﺎم ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ ،آﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺐ .وﺻﻌﺪ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ،وﺟﻠﺲ ﻋﻦ ﻳﻤﻴﻦ اﷲ اﻵب، وأﻳﻀًﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻤﺠﺪ ﻋﻈﻴﻢ ﻟﻴﺪﻳﻦ اﻷﺣﻴﺎء واﻷﻣﻮات ،اﻟﺬي ﻻ ﻓﻨﺎء ﻟﻤﻠﻜﻪ .وﻧﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ،اﻟﺮبّ اﻟﻤﺤﻴﻲ ،اﻟﻤﻨﺒﺜﻖ ﻣﻦ اﻵب واﻻﺑﻦ ،اﻟﺬي هﻮ ﻣﻊ اﻵب واﻻﺑﻦ ﻳُﺴﺠﺪ ﻟﻪ وﻳُﻤﺠّﺪ ،اﻟﻨﺎﻃﻖ ﺑﺎﻷﻧﺒﻴﺎء واﻟﺮﺳﻞ .وﺑﻜﻨﻴﺴﺔ واﺣﺪة ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ،ﻣﻘﺪّﺳﺔ ،رﺳﻮﻟﻴّﺔ. وﻧﻌﺘﺮف ﺑﻤﻌﻤﻮدﻳّﺔ واﺣﺪة ،ﻟﻤﻐﻔﺮة اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ ،وﻧﺘﺮﺟّﻰ ﻗﻴﺎﻣﺔ اﻟﻤﻮﺗﻰ واﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ اﻟﺪهﺮ اﻵﺗﻲ .ﺁﻣﻴﻦ.
• اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻴﻚ أﻳّﺘﻬﺎ اﻟﻤﻠﻜﺔ اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻴﻚ ،أﻳﺘﻬﺎ اﻟﻤﻠﻜﺔ أم اﻟﺮﺣﻤﺔ واﻟﺮأﻓﺔ، اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻴﻚ ﻳﺎ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ وﻟﺬّﺗﻨﺎ ورﺟﺎﻧﺎ، إﻟﻴﻚِ ﻧﺼﺮخ ﻧﺤﻦ اﻟﻤﻨﻔﻴّﻴﻦ أوﻻد ﺣﻮاء، وﻧﺘﻨﻬّﺪ ﻧﺤﻮك ﻧﺎﺋﺤﻴﻦ وﺑﺎآﻴﻦ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻮادي وادي اﻟﺪﻣﻮع، ﻓﺄﺻﻐﻲ إﻟﻴﻨﺎ ﻳﺎ ﺷﻔﻴﻌﺘﻨﺎ، واﻧﻌﻄﻔﻲ ﺑﻨﻈﺮك اﻟﺮؤوف ﻧﺤﻮﻧﺎ، وأرﻳﻨﺎ ﺑﻌﺪ هﺬا اﻟﻤﻨﻔﻰ ﻳﺴﻮع ﺛﻤﺮة ﺑﻄﻨﻚ اﻟﻤﺒﺎرآﺔ، ﻳﺎ ﺷﻔﻮﻗﺔ ،ﻳﺎ رؤوﻓﺔ ،ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﺒﺘﻮل اﻟﺤﻠﻮة اﻟﻠﺬﻳﺬة. ﺁﻣﻴﻦ.
ﻟﺬآﺮى اﻟﻤﻮﺗﻰ ﻓﻠﺘﺮﻗﺪ أﻧﻔﺲ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﺮﺣﻤﺔ اﷲ .ﺁﻣﻴﻦ.
131
ﺻﻠﻮات اﻟﻐﻔﺮان ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺻﻠﻮات اﻟﻐﻔﺮان هﻲ أﺳﻠﻮب ﻓﻌّﺎل ﻟﻤﺴﺎﻋﺪة اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .ﻟﻘﺪ أآّﺪ ﺑﺎﺑﺎوات اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ داﺋﻤًﺎ هﺬﻩ اﻟﻨﻘﻄﺔ ﺣﻴﺚ أنّ اﻟﻌﻘﻴﺪة واﺳﺘﺨﺪام اﻟﻐﻔﺮان ﺗﻘﻮم ﻓﻲ أﺳﺎس اﻟﺘﺒﺸﻴﺮ اﻟﺪﻳﻨﻲّ. إنّ ﻋﻘﻴﺪة اﻟﻐﻔﺮان ﺗﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﻗﺪرة اﻟﻤﻔﺎﺗﻴﺢ اﻟﺮوﺣﻴّﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺤﻮزة اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ وﻋﻠﻰ ﻗﺪرة اﻹﺻﻼح اﻟﺘﻲ وهﺒﻬﺎ ﻟﻨﺎ اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ وﻋﻠﻰ وﺣﺪة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ. ﻋﻘﻴﺪة اﻟﻐﻔﺮان ﺗﻌﻨﻲ ﻣﺤﻮَ اﻵﻻم اﻟﺰﻣﻨﻴّﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺒّﺒﺘﻬﺎ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﻤﻐﻔﻮرة .اﷲ ﻏﻔﺮ ﻟﻨﺎ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ وﻟﻜﻦ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﺤﻮ اﻷﻟﻢ اﻟﺬي ﺳﺒّﺒﻨﺎﻩ ﻟﻪ ﻟﻜﻲ ﻧﺴﺘﻌﻴﺪ اﻟﻨﻮر اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻓﻨﻄﺮد ﻋﻨّﺎ اﻟﻈﻠﻤﺎت اﻟﻤﺘﺮاآﻤﺔ. إنّ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ اﻟﻤﻨﻀﻮﻳﻦ ﺗﺤﺖ ﻟﻮاء اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،ﻳﻨﺎﻟﻮن اﻟﻐﻔﺮان اﻟﺠﺰﺋﻲ أو اﻟﻜﺎﻣﻞ ﺑﺤﺴﺐ اﻟﺸﺮوط اﻟﻤﻌﺘﻤﺪة ،وذﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﻟﺠﻮﺋﻬﻢ إﻟﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ وﻟﻲّ أﻣﺮ اﻟﻐﻔﺮان ،ﺣﻴﺚ ﺗﻤﻠﻚ ،ﺑﻨﻌﻤﺔ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ،ﺳﻠﻄﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻨﱢﻌﻢ واﻟﺘﻲ ﻳﻬﺒﻬﺎ اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ وﺳﻠﻄﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ. اﻟﻐﻔﺮان هﻮ ﺟﺰء ﻣﻦ أﻓﻌﺎل اﻟﺮﺣﻤﺔ اﻟﺮوﺣﻴّﺔ .ﻧﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﻔﺮان وﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﺣﺎل اﻟﻨﻌﻤﺔ ﻓﻘﻂ ،وﻗﺪ ﻗﺮّرﻧﺎ إﺗﻤﺎم اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺮوﺣﻴّﺔ اﻟﻤﻘﺮّرة .ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻧﻬﺎﺋﻴًّﺎ ﻋﻦ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ واﻟﺘﻌﻠّﻖ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ آﻞّ ﻗﻠﺒﻨﺎ وأن ﻧﺜﻖ ﺛﻘﺔ ﻻﻣﺘﻨﺎهﻴﺔ ﺑﺮﺣﻤﺘﻪ.
132
هﻞ ﻓﻜّﺮﻧﺎ ﻳﻮﻣًﺎ أنّ ﻣﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻴﻨﺎ ﻟﻴﺲ أﺻﺪﻗﺎؤﻧﺎ اﻷﻣﻮات وﻣﻌﺎرﻓﻨﺎ ،ﺑﻞ أﻳﻀًﺎ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﺷﺎرآﻨﺎهﻢ أﻓﻌﺎل اﻟﺸﺮّ وهﻢ ﻳﻌﺎﻗﺒﻮن ﺟﺰﺋﻴًّﺎ ﺑﺴﺒﺒﻨﺎ؟ ﻟﻨﺘﻠﻮا داﺋﻤًﺎ اﻟﺼﻠﻮات واﻟﺘﺄﻣّﻼت اﻟﻘﺼﻴﺮة اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻣﻊ اﻟﻮﻗﺖ ،ﺗﺼﺒﺢ هﺬﻩ اﻟﺼﻠﻮات آﻨـﺰﻧﺎ اﻟﺮوﺣﻲّ ﻓﻨﺘﻠﻮهﺎ ﻏﻴﺒًﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت. هﻜﺬا ﻧﺘﻌّﻠﻢ اﻟﻌﻴﺶ ﺑﺤﻀﻮر اﷲ وﻣﻊ ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ. اﷲ اﻟﺮﺣﻮم ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻨّﺎ أن ﻧﺜﻤّﺮ هﺬﻩ اﻟﺤﻴﺎة وﺳﻨﻌﻤﻞ ﺑﺤﺴﺐ رﻏﺒﺘﻪ وﻧﻮاﻳﺎﻩ ،ﻓﻨﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ آﻨﻮز اﻟﻨﻌﻢ اﻟﻜﻨﺴﻴّﺔ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﺖ ﺑﻜﺮمٍ ﺗﺤﺖ ﺗﺼﺮّﻓﻨﺎ .إنّ أﻓﻌﺎل اﻟﺮﺣﻤﺔ هﺬﻩ ﺗﻌﻮد ﻋﻠﻴﻨﺎ وﻋﻠﻰ اﻷﻣﻮات وﻋﻠﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺑﺎﻟﻤﻨﻔﻌﺔ آﻠّﻬﺎ. ﻟﻜﻞّ ﺻﻼة ﺻﻐﻴﺮة ،ﻣﻤّﺎ ﻳﻠﻲ ،ﻏﻔﺮان ﻣﺤﺪّد. ﻣﻨﺬ ﻧﺸﺮ ،اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﺮﺳﻮﻟﻲ" ،ﻋﻘﻴﺪة اﻟﻐﻔﺮان" ودﺧﻮﻟﻬﺎ ﻗﻴﺪ اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻓﻲ أوّل آﺎﻧﻮن اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻋﺎم .١٩٦٧أﺻﺒﺢ اﻟﻐﻔﺮان إﻣّﺎ ﺟﺰﺋﻴًّﺎ أو آﻠﻴًّﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ أﻧّﻪ ﻳﻤﺤﻮ اﻟﻘﺼﺎص اﻟﺰﻣﻨﻲ اﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ ،ﺟﺰﺋﻴًّﺎ أو آﻠﻴًّﺎ .وﻗﺪ أﻟﻐﻰ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻋﺪد أﻳّﺎم اﻟﻐﻔﺮان. وذﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺠﻨّﺐ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ اﻟﻮﻗﻮع ﻓﻲ ﺧﻄﺄ اﻟﻜﻤﻴّﺔ ﺑﺪل ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻨﻮﻋﻴّﺔ .إنّ ﺻﺮﺧﺔ ﺻﺎدﻗﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﺐ هﻲ أآﺜﺮ ﻗﻴﻤﺔ ﻋﻨﺪ اﷲ ﻣﻦ ﺻﻼة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺗﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﺸﻔﺎﻩ.
133
ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺄﻣّﻼت اﻟﻘﺼﻴﺮة ﻳﺎ رﺑّﻲ وإﻟﻬﻲ ،ﻳﺎ ﻗﻠﺐ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﺤﻨﻮن آﻮﻧﻮا ﻟﻲ رﺣﻤﺔوﺳﻼﻣًﺎ. اﻟﻤﺠﺪ ﻟﻶب واﻻﺑﻦ واﻟﺮوح اﻟﻘﺪس .ﻓﻠﻴﺘﻤﺠّﺪ اﻟﺜﺎﻟﻮث اﻷﻗﺪس.ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﺤﺒﻞ ﺑﻼ دﻧﺲ ،ﺻﻠّﻲ ﻷﺟﻠﻨﺎ ،ﻧﺤﻦ اﻟﻤﻠﺘﺠﺌﻴﻦ إﻟﻴﻚ.ﻳﺎ ﻳﺴﻮع وﻣﺮﻳﻢ ﺑﺎرآﻮﻧﺎ ،ﻳﺎ ﻳﺴﻮع وﻣﺮﻳﻢ وﻣﺎر ﻳﻮﺳﻒ هﺎ أﻧﺎأﻗﺪّم ﻟﻜﻢ ﻗﻠﺒﻲ وروﺣﻲ. ﻳﺎ ﻳﺴﻮع وﻣﺮﻳﻢ وﻣﺎر ﻳﻮﺳﻒ آﻮﻧﻮا ﺣﺎﺿﺮﻳﻦ ﺳﺎﻋﺔ ﻧﺰاﻋﻲاﻷﺧﻴﺮ. ﻳﺎ ﻳﺴﻮع وﻣﺮﻳﻢ وﻣﺎر ﻳﻮﺳﻒ ﺳﺎﻋﺪوﻧﻲ ﻟﻜﻲ أﺣﻴﺎ وأﻣﻮتﺑﺴﻼم ﻣﻌﻜﻢ. ﻳﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﺮﺣﻮم أﻋﻄﻬﻢ اﻟﺮاﺣﺔ اﻷﺑﺪﻳّﺔ.ﻟﻴﻤﺠّﺪ وﻳﻌﺒﺪ ﺳﺮّ اﻟﻘﺮﺑﺎن اﻟﻤﻘﺪّس.ﺻﻼة ﻟﻤﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ،ﻓﻠﺘﻜﻦ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﺘﺄﻟّﻤﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻗﺴﺎوة اﻟﻌﺬاب ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ واﻟﻤﻄﻬّﺮة ﺑﺎﻟﻨﺎر اﻟﻤﺆﺟّﺠﺔ ،هﺪف ﻋﻄﻔﻚ ورﺣﻤﺘﻚ. ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ،ﻧﺒﻊ اﻟﻐﻔﺮان وﻣﻌﺰﻳّﺔ اﻟﺨﻄﺄة ﻣﺪّي ﻳﺪك ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﻄﻠﺒﻮﻧﻚ وﻳﺼﻠّﻮن ﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻬﺮ. ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء ،ﺗﺪﺧّﻠﻲ ﻟﺪى اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴّﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻮﺗﺎﻧﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺘﻈﺮون ﺑﺼﺒﺮ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﺬاﺑﺎﺗﻬﻢ ،ﻟﻜﻲ ﻳﺮوا وﺟﻬﻚ وﻳﺘﺬوّﻗﻮا اﻷﻓﺮاح اﻷﺑﺪﻳّﺔ.
134
ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ،ﻣﺜﺎل اﻟﻄﻬﺎرة وراﻋﻴﺔ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ وﺳﻼم اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﺪون ﺑﻚ اﻟﺮﺟﺎء ،أﻋﻄﻨﺎ ﻟﻨﺼﻠّﻲ ﺑﺤﺮارة وإﻳﻤﺎن ﻓﻨﻠﻤﺲ ﻗﻠﺐ اﺑﻨﻚ اﻹﻟﻬﻲّ ﻣﻦ أﺟﻞ أﻣﻮاﺗﻨﺎ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ! ﻳﺎ ﻣﺮﻳﻢ ﺑﻨﻌﻤﻚ اﻟﻜﺜﻴﺮة أﻋﻄﻲ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴّﺔ .واﻃﻠﺒﻲ ﻷﺟﻠﻬﻢ اﻟﺮﺣﻤﺔ وآﻮﻧﻲ ﻟﻬﻢ اﻟﺪرب اﻟﺬي ﻳﻘﻮدهﻢ إﻟﻰ اﻟﺤﻴﺎة اﻷﺑﺪﻳّﺔ .ﺁﻣﻴﻦ.
اﻟﺴﻼم ﻟﻠﻘﺮﺑﺎن اﻟﻤﻘﺪّس أﻳّﻬﺎ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻼﺻﻨﺎ ،ﺑﺈﻧﺴﺎﻧﻴّﺘﻚ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ وأﻟﻮهﻴّﺘﻚ اﻟﺤﻘّﺔ .ﻳﺎ ﻧﺒﻊ اﻟﺨﻼص اﻷوّل ،إرﺣﻢ ﻣﻮﺗﺎﻧﺎ. ﻳﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺤﺐّ .ﻣﻦ اﻓﺘﺪاﻧﺎ ﻓﺎﻏﺴﻠﻨﺎ ﻣﻦ أدراﻧﻨﺎ واﻏﻔﺮ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ وارﺣﻢ ﻣﻮﺗﺎﻧﺎ. ﻳﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺤﺐّ ،ﻳﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺻﻠﻮاﺗﻨﺎ ورﺟﺎء اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ واﻟﻤﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻄﻠﺒﺎﺗﻨﺎ ،إرﺣﻢ ﻣﻮﺗﺎﻧﺎ. ﻳﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺤﺐّ ،ﻧﺴﺄﻟﻚ أن ﺗﻌﻄﻲ اﻟﺮاﺣﺔ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻣﺎﺗﻮا ﺑﻨﻌﻤﺘﻚ وﻟﻴﻐﻤﺮهﻢ ﻧﻮرك اﻷﺑﺪيّ ﻓﻴﻨﻴﺮ ﻟﻬﻢ درب اﻟﺴﻤﺎء .ﺁﻣﻴﻦ.
• ﻧﺪاء ﻟﻠﺮوح اﻟﻘﺪس ) ٣ﻣﺮّات( ﺗﻌﺎل أﻳّﻬﺎ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ،ﺗﻌﺎل ﺑﻘﺪرة ﻗﻠﺐ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء اﻟﺘﻲ ﺣُﺒﻞ ﺑﻬﺎ ﺑﻼ دﻧﺲ ،ﻋﺮوﺳﺘﻚ اﻟﺤﺒﻴﺒﺔ.
135
اﻟﺼﻼة اﻟﺮﺑّﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﺑﺤﺴﺐ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﻣﺎﺗﻴﻠﺪ )(٩٦٨ – ٨٩٠ هﺬﻩ اﻟﺼﻼة ﻋﻠّﻤﻬﺎ اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻟﻠﻘﺪّﻳﺴﺔ ﻣﺎﺗﻴﻠﺪ ﺧﻼل أﺣﺪ ﻇﻬﻮراﺗﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ راﺣﺔ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ .وآﻠّﻤﺎ ﺗﻠﺖ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﻣﺎﺗﻴﻠﺪ هﺬﻩ اﻟﺼﻼة آﺎﻧﺖ ﺗﺸﺎهﺪ أﺳﺮاﺑًﺎ ﻣﻦ اﻷﻧﻔﺲ ﺗﺼﻌﺪ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء. أﺑﺎﻧﺎ اﻟﺬي ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎواتأرﺟﻮك أﻳّﻬﺎ اﻵب اﻟﺴﻤﺎوي أن ﺗﻐﻔﺮ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻷﻧّﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺤﺒّﻮك ﺣﺒًّﺎ ﺧﺎﻟﺼًﺎ ،وﻟﻢ ﻳﻜﺮّﻣﻮك ،آﻤﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻚ اﻟﺘﻜﺮﻳﻢ ،ﻳﺎ ﻣﻦ ﺗﺒﻨﻴّﺘﻬﻢ أوﻻدًا ﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﻌﻤﺔ اﻟﺨﺎﻟﺼﺔ .أﻣّﺎ هﻢ ﻓﻨﻘﻴﺾ ذﻟﻚ، وﺑﺴﺒﺐ ﺧﻄﺎﻳﺎهﻢ ﻃﺮدوك ﻣﻦ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺣﻴﺚ آﻨﺖ ﺗﺮﻏﺐ ﺳﻜﻨﺎهﺎ. ﻣﻦ أﺟﻞ إﺻﻼح أﺧﻄﺎﺋﻬﻢ ،أﻗﺪّم ﻟﻚ آﻞّ اﻟﺤﺐّ واﻻﺣﺘﺮام اﻟﺬي ﻗﺪّﻣﻬﺎ ﻟﻚ اﺑﻨﻚ اﻟﻤﺘﺠﺴّﺪ ﺧﻼل ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻷرض؛ آﻤﺎ أﻗﺪّم آﻞّ أﻓﻌﺎل اﻟﺘﻜﻔﻴﺮ واﻟﻘﺼﺎص اﻟﺬي أﺗﻤّﻬﺎ واﻟﺘﻲ ﺑﻮاﺳﻄﺘﻬﺎ آﻔّﺮ ﻋﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻣﺤﺎهﺎ .ﺁﻣﻴﻦ.
ﻟﻴﺘﻘﺪّس اﺳﻤﻚأرﺟﻮك ،أﻳّﻬﺎ اﻵب اﻟﻄﻴّﺐ ،أن ﺗﻐﻔﺮ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ،ﻷﻧّﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﺮّم اﺳﻤﻚ اﻟﻘﺪّوس ﻋﻠﻰ اﻟﺪوام ﺑﻞ ﺗﻠﻔّﻈﻮا ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎرات ﺣﺘّﻰ ﻏﺪوا ﻏﻴﺮ ﺟﺪﻳﺮﻳﻦ ﺑﺤﻤﻞ اﺳﻢ ﻣﺴﻴﺤﻲ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﻤﻠﻰء ﺑﺎﻟﺨﻄﺎﻳﺎ.
136
ﻣﻦ أﺟﻞ إﺻﻼح أﺧﻄﺎﺋﻬﻢ أﻗﺪّم ﻟﻚ آﻞّ اﻟﺘﻜﺮﻳﻢ اﻟﺬي ﻗﺪّﻣﻪ اﺑﻨﻚ اﻟﺤﺒﻴﺐ ﻷﺟﻞ اﺳﻤﻚ اﻟﻘﺪّوس ﺑﻜﻠﻤﺎﺗﻪ وأﻋﻤﺎﻟﻪ ﻃﻮال ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻷرض .ﺁﻣﻴﻦ. ﻟﻴﺄتِ ﻣﻠﻜﻮﺗﻚأرﺟﻮك أﻳّﻬﺎ اﻵب اﻟﻄﻴّﺐ ،أن ﺗﻐﻔﺮ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ،ﻷﻧّﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺴﻌﻮا إﻟﻰ ﻣﻠﻜﻮﺗﻚ وﻟﻢ ﻳﺮﻏﺒﻮا ﺑﻪ ﺑﺤﺮارة وﺟﻬﺪ ،هﺬا اﻟﻤﻠﻜﻮت اﻟﻤﻜﺎن اﻟﻮﺣﻴﺪ ﺣﻴﺚ ﺗﻌﻢّ اﻟﺮاﺣﺔ واﻟﺴﻼم اﻷﺑﺪيّ. ﻣﻦ أﺟﻞ إﺻﻼح إهﻤﺎﻟﻬﻢ ﻟﻌﻤﻞ اﻟﺨﻴﺮ ،أﻗﺪّم ﻟﻚ اﻟﺮﻏﺒﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ واﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻻﺑﻨﻚ اﻹﻟﻬﻲّ ﻓﻲ أن ﻳﺘﺤﻮّل هﺆﻻء إﻟﻰ ورﺛﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴّﻴﻦ ﻟﻤﻠﻜﻮﺗﻚ اﻟﺴﻤﺎوي .ﺁﻣﻴﻦ. ﻟﺘﻜﻦ ﻣﺸﻴﺌﺘﻚ آﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء آﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻷرضأرﺟﻮك أﻳّﻬﺎ اﻵب اﻟﻄﻴّﺐ ،أن ﺗﻐﻔﺮ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻷﻧّﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻀﻌﻮا إرادﺗﻬﻢ ﺗﺤﺖ إرادﺗﻚ وﻟﻢ ﻳﻌﻤﻠﻮا ﻣﺸﻴﺌﺘﻚ ﻓﻲ آﻞّ أﻣﺮ ﺑﻞ ﻋﺎﺷﻮا وﺗﺼﺮّﻓﻮا ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺸﻴﺌﺘﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻّﺔ. ﻣﻦ أﺟﻞ إﺻﻼح ﺗﻤﺮّدهﻢ أﻗﺪّم ﻟﻚ اﻟﺘﻨﺎﻏﻢ اﻟﻜﺎﻣﻞ ،ﻟﻘﻠﺐ اﺑﻨﻚ اﻹﻟﻬﻲّ اﻟﻤﻠﻲء ﺑﺎﻟﺤﺐّ ،ﻣﻊ إرادﺗﻚ اﻟﻘﺪّوﺳﺔ واﻟﺨﻀﻮع اﻟﻌﻤﻴﻖ اﻟﺬي ﻋﺒّﺮ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل إﻃﺎﻋﺘﻪ ﻟﻚ ﺣﺘّﻰ ﻣﻮﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻠﻴﺐ. ﺁﻣﻴﻦ. أﻋﻄﻨﺎ ﺧﺒﺰﻧﺎ آﻔﺎف ﻳﻮﻣﻨﺎأرﺟﻮك أﻳّﻬﺎ اﻵب اﻟﻄﻴّﺐ إﻏﻔﺮ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ﻷﻧّﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺘﻘﺒّﻠﻮا ﺳﺮّ اﻹﻓﺨﺎرﺳﺘﻴّﺎ ﺑﺮﻏﺒﺔ آﺎﻣﻠﺔ ،وآﺜﻴﺮًا ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﺳﺘﻘﺒﺎل ﺣﻤﻴﻢ أو ﺣﺐّ وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺟﺪارة وأﺣﻴﺎﻧًﺎ أﺧﺮى أهﻤﻠﻮﻩ وﻟﻢ ﻳﺘﻘﺒّﻠﻮﻩ.
137
ﻣﻦ أﺟﻞ إﺻﻼح آﻞّ هﺬﻩ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ارﺗﻜﺒﻮهﺎ ،أﻗﺪّم ﻟﻚ اﻟﻘﺪاﺳﺔ اﻟﻤﻔﻌﻤﺔ واﻻﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻟﺴﻴّﺪﻧﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ اﺑﻨﻚ اﻹﻟﻬﻲّ آﻤﺎ أﻗﺪّم ﻟﻚ اﻟﺤﺐّ اﻟﺤﺎرّ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﺬي ﻗﺪّم ﻟﻨﺎ ﺑﻪ هﺬﻩ اﻟﻨﻌﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻣﺜﻴﻞ ﻟﻬﺎ .ﺁﻣﻴﻦ. -إﻏﻔﺮ ﻟﻨﺎ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ آﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻧﻐﻔﺮ ﻟﻤﻦ أﺧﻄﺄ وأﺳﺎء إﻟﻴﻨﺎ
أرﺟﻮك أﻳّﻬﺎ اﻵب اﻟﺴﻤﺎوي أن ﺗﻐﻔﺮ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ آ ّ ﻞ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﻬﺎ واﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴّﺔ اﻟﺴﺒﻌﺔ اﻟﺘﻲ ارﺗﻜﺒﻮهﺎ آﻤﺎ اﻏﻔﺮ ﻟﻬﻢ ﻋﺪم ﻣﺤﺒّﺘﻬﻢ وﻏﻔﺮاﻧﻬﻢ ﻷﻋﺪاﺋﻬﻢ. ﻣﻦ أﺟﻞ إﺻﻼح آﻞّ هﺬﻩ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ ،أﻗﺪّم ﻟﻚ اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻔﻌﻤﺔ ﺑﺎﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪّﻣﻬﺎ إﻟﻴﻚ اﺑﻨﻚ اﻹﻟﻬﻲّ ﻣﻦ أﺟﻞ أﻋﺪاﺋﻪ وهﻮ ﻋﻠﻰ ﺧﺸﺒﺔ اﻟﺼﻠﻴﺐ .ﺁﻣﻴﻦ. وﻻ ﺗﺪﺧﻠﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔأرﺟﻮك أﻳّﻬﺎ اﻵب اﻟﻄﻴّﺐ إﻏﻔﺮ ﻟﻸﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ،ﻷﻧّﻬﻢ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺻﻤﺪوا أﻣﺎم اﻟﺘﺠﺎرب واﻟﺸﻬﻮات وﻟﻜﻨّﻬﻢ ﺗﺒﻌﻮا اﻟﻌﺪوّ ﺑﻤﻞء ﺧﺎﻃﺮهﻢ ﻓﺘﺮآﻮا أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻹﻏﺮاءات اﻟﺠﺴﺪ. ﻣﻦ أﺟﻞ إﺻﻼح هﺬﻩ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﻤﺘﻌﺪّدة اﻷﺷﻜﺎل ،أﻗﺪّم ﻟﻚ اﻟﻨﺼﺮ اﻟﻤﺠﻴﺪ ﻟﺴﻴّﺪﻧﺎ ﻳﺴﻮع اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻋﻠﻰ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ .آﻤﺎ أﻗﺪّم ﻟﻚ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ وﻋﻤﻠﻪ وﺁﻻﻣﻪ وﻋﺬاﺑﺎﺗﻪ وﻣﻮﺗﻪ اﻟﻘﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻠﻴﺐ .ﺁﻣﻴﻦ. وﻟﻜﻦ ﻧﺠّﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻳﺮوﻣﻦ آﻞّ ﻗﺼﺎص ﺑﺸﻔﺎﻋﺔ ِﻧﻌَﻢ اﺑﻨﻚ اﻟﺤﺒﻴﺐ ،وﺳِﺮ ﺑﻨﺎ وﺑﺎﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ إﻟﻰ ﻣﻠﻜﻮﺗﻚ ،اﻟﺬي ﻳﺘﻤﺎهﺎ ﻣﻌﻚ ،ﺣﻴﺚ اﻟﻤﺠﺪ اﻷﺑﺪي .ﺁﻣﻴﻦ.
138
ﺻﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ ﻧﻌﻤﺔ اﻟﻤﻴﺘﺔ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻳﺎ ﻗﻠﺐ ﻳﺴﻮع اﻷﻗﺪس ،هﺒﻨﻲ اﻟﻨﻌﻤﺔ ﻷﺣﻴﺎ داﺋﻤًﺎ ﺣﺴﺐ ﻣﺸﻴﺌﺘﻚ .ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻔﺮح ،اﻟﺤﻠﻮة ،واﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ، آﻤﺎ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﺸﺪّة واﻟﺼﻌﺎب ،ﻷآﻮن ﻣﺴﺘﻌﺪًّا ﻻﺳﺘﻘﺒﺎل ﺳﺎﻋﺘﻲ اﻷﺧﻴﺮة. هﺒﻨﻲ اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻷﻋﻄﻲ آﻞّ ﺷﻲء ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﺒّﻚ ،ﺣﺘّﻰ وإن آﺎﻧﺖ ﺣﻴﺎﺗﻲ .ﻳﺎ ﻳﺴﻮع ،ﺑﺤﻖّ ﺁﻻﻣﻚ ،إﻋﻤﻞ أن ﺗﻜﻮن ﺣﺎﺿﺮًا ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻮﺗﻲ ،ﻓﺘﺠﺒﺮﻧﻲ ﺳﺎهﺮًا آﺎﻟﺨﺎدم اﻷﻣﻴﻦ ،ﻧﺎدﻣًﺎ ﻧﺪاﻣﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴّﺔ؛ ﻣﻌﺘﺮﻓًﺎ اﻋﺘﺮاﻓًﺎ ﺻﺎدﻗًﺎ ،وﻗﺎﺑﻼً اﻷﺳﺮار اﻷﺧﻴﺮة... ﻳﺎ ربّ! ﻻ ﺗﺘﺮآﻨﻲ ﻓﻲ ﺻﺮاﻋﻲ اﻷﺧﻴﺮ ﻋﻠﻰ هﺬﻩ اﻷرض، ﺣﻴﺚ ﻋﻠﻲّ ﻣﺠﺎﺑﻬﺔ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﺑﻘﻮّة .وﻟﺘﻜﻦ أﻣّﻚ اﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﻣﺮﻳﻢ واﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻣﺨﺎﺋﻴﻞ ،وﻣﻼﺋﻜﺘﻚ ﺣﺎﺿﺮﻳﻦ ﻣﻌﻲ ،ﻳﺤﻤﻮﻧﻨﻲ ﻣﻦ آﻞّ اﻟﺘﺠﺎرب ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ هﺠﺮي هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ .ﻓﻬﻢ ﻳﻄﻤﺌﻨﻮﻧﻨﻲ وﻳﻌﻄﻮﻧﻨﻲ اﻟﻘﻮّة ﻟﺘﺤﻤّﻞ ﺁﻻﻣﻲ. هﺒﻨﻲ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈﺔ ،إﻳﻤﺎﻧًﺎ ﺣﻴًّﺎ ،وﺛﻘﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ،وﺣﺒًّﺎ ﺣﺎرًّا وﺻﺒﺮًا ﺟﻤﻴﻼً .إﻋﻤﻞ أن أﺿﻊ ﻧﻔﺴﻲ ،ﺑﻜﻞّ وﻋﻲ ،ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻚ، وأن أﻏﻔﻮ ﻓﻲ ﺳﻼﻣﻚ اﻟﻤﻘﺪّس. أذآﺮﻧﻲ ،ﻳﺎ ربّ ،ﺑﻤﺤﺒّﺘﻚ اﻟﻼﻣﺘﻨﺎهﻴﺔ وﺑﻌﻈﻴﻢ رﺣﻤﺘﻚ .ﺁﻣﻴﻦ.
139
ﻓﻬﺮس ﻟﻤﺎذا هﺬا اﻟﻤﻠﻒّ ﺣﻮل اﻷرواح اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ؟٤................................................... ﻟﻤﺎذا اﻟﻘﺮاءات واﻟﺼﻠﻮات ﺧﻼل ﺷﻬﺮ؟٦........................................................ اﻟﻴﻮم اﻷوّل :أﺳﺒﺎب ﺗﻘﺪﻳﺲ هﺬا اﻟﺸﻬﺮ٦ ..................................................... اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻣﺎ هﻮ اﻟﻤﻄﻬﺮ؟ وﻟﻤﺎذا اﻟﻤﻄﻬﺮ؟١٢........................................... اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ :آﻠﻤﺔ اﷲ وﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ١٥................................................... اﻟﻴﻮم اﻟﺮاﺑﻊ :ﺷﻬﺎدة ﻋﻘﻠﻨﺎ ،ﺷﻬﺎدة ﻗﻠﺒﻨﺎ١٨................................................... اﻟﻴﻮم اﻟﺨﺎﻣﺲ :ﺁﻻم اﻟﻤﻄﻬﺮ :ﻧﺎر ﺣﻘﻴﻘﻴّﺔ وﻧﺎر ﻣﻄﻬّﺮة٢١................................. اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎدس :ﻗﺼﺎص اﻟﺤﺮﻣﺎن :اﻟﺤﺮﻣﺎن ﻣﻦ اﷲ ،اﻟﺤﺮﻣﺎن ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء٢٥..... اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎﺑﻊ :ﻋﻘﺎب اﻟﻨﺪم :ﺗﺤﺎﺷﻲ اﻟﺸﺮّ وﻣﻤﺎرﺳﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﺨﻴﺮ٢٩ ............... اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻣﻦ :ﻣﺪّة ﻋﻘﺎب اﻟﻤﻄﻬﺮ وأﺳﺒﺎﺑﻬﺎ٣٢................................................ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﺳﻊ :ﻣﺄﺳﺎة ﺁﻻﻣﻬﻢ وﻋﺠﺰ ﺻﻠﻮاﺗﻬﻢ٣٦............................................. اﻟﻴﻮم اﻟﻌﺎﺷﺮ :اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﻤﻤﻴﺘﺔ واﻟﻌﺮﺿﻴّﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮدّي إﻟﻰ اﻟﻤﻄﻬﺮ............
٣٩
اﻟﻴﻮم اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ :ﻗﺪاﺳﺔ أرواح اﻟﻤﻄﻬﺮ :ﺗﺤﺐّ اﷲ وﻣﺤﺒﻮﺑﺔ ﻣﻦ اﷲ٤٢......... اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ :ﺗﺠﻤﻌﻨﺎ ﻓﻲ رواﺑﻂ اﻟﻤﺤﺒّﺔ واﻷﺧﻮّة٤٦............................... اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ :ﻣﻬﺠﻮرون ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﻬﻢ ،ﻣﻬﺠﻮرون ﻣﻦ أهﻠﻬﻢ ٤٩............. اﻟﻴﻮم اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﺸﺮ :ﻧﺤﻦ ﻗﺎدرون ﻋﻠﻰ ﻣﺆاﺳﺎﺗﻬﻢ وواﺟﺒﻨﺎ ﻣﺆاﺳﺎﺗﻬﻢ٥٢............. اﻟﻴﻮم اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ :ﻧﺴﻴﺎن اﻟﻤﻮﺗﻰ :إﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﻼﻣﺒﺎﻻة وﻧﻜﺮان اﻟﺠﻤﻴﻞ ٥٥ اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎدس ﻋﺸﺮ :اﻻهﺘﻤﺎم ﺑﺎﻷﻧﻔﺲ ﻳﻤﺠّﺪ اﷲ وﻳﻔﺮح ﻗﺪّﻳﺴﻴﻪ٥٨.............. اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﺸﺮ :اﷲ ﻳﺤﺐّ أن ﻧﺆاﺳﻲ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ وﻳﺮﻏﺐ ﺑﺬﻟﻚ٦٢ .. اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ :اﻟﻌﺬراء ﺗﺆاﺳﻲ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ وﺗﺤﺮّرهﺎ ٦٦................ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ :اﷲ ﻳﺤﺐّ أن ﻧﺆاﺳﻲ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ وﻳﺮﻏﺐ ﺑﺬﻟﻚ٧١ .. اﻟﻴﻮم اﻟﻌﺸﺮون :اﻟﺼﻼة أداة ﺳﻬﻠﺔ وﻓﻌّﺎﻟﺔ ﻟﻤﺆاﺳﺎة اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ٧٤........ اﻟﻴﻮم اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﺸﺮون :اﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺑﺎﻟﺠﺴﺪ واﻟﺮوح ﺗﻌﺰّي اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ٧٩...
140
اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﻌﺸﺮون :اﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ اﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ﺗﻌﺰّي اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ٨٢ ..... اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﻌﺸﺮون :ذﺑﻴﺤﺔ اﻟﻘﺪّاس ﺗﺴﺎﻋﺪ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ٨٥.......... اﻟﻴﻮم اﻟﺮاﺑﻊ واﻟﻌﺸﺮون :اﻟﻌﺬاب اﻟﻤﻘﺪّم ﻳﻌﺰّي اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ٨٩ ........... اﻟﻴﻮم اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﻌﺸﺮون :درب اﻟﺼﻠﻴﺐ ﻳﻌﺰّي اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ٩٢............ اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎدس واﻟﻌﺸﺮون:اﻟﺮأﻓﺔ ﺗﻌﺰّي اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ٩٥...................... اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎﺑﻊ واﻟﻌﺸﺮون :ﻓﻌﻞ اﻟﻤﺤﺒّﺔ اﻟﺒﻄﻮﻟﻲ ﻳﻌﺰّي اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ ٩٩ اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻣﻦ واﻟﻌﺸﺮون :آﻴﻒ ﻧﺘﺤﺎﺷﻰ اﻟﻤﻄﻬﺮ؟١٠٣.................................. اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﺸﺮون :اﻟﻈﻬﻮرات ١٠٧................................................... اﻟﻴﻮم اﻟﺜﻼﺛﻮن :هﻞ ﻳﺠﺐ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻹرادة اﻷﺧﻴﺮة ﻟﻸﻣﻮات؟ ١١٠........................ إرﺷﺎدات ﻋﻤﻠﻴّﺔ ﻟﻸب ﺑﺮﻟﻴﻮ ﻣﺆﻟّﻒ اﻟﻜﺘﺎب١١٣.............................................. ﺑﻌﺾ اﻻﻋﺘﺮاﻓﺎت ﺣﻮل اﻟﻤﻄﻬﺮ١١٧............................................................ ﻣﺨﺘﺎرات ﻣﻦ "آﺮّاس اﻟﻤﻄﻬﺮ"١١٩............................................................ ﻃﻠﺒﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ١٢٤....................................................... اﻟﺘﺄﻣّﻼت اﻟﺨﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ١٢٧..................................................................... ﺻﻼة ﻷﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ١٢٩............................................................. ﺻﻠﻮات اﻟﻐﻔﺮان ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ١٣١........................................... ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺄﻣّﻼت اﻟﻘﺼﻴﺮة١٣٣..................................................................... ﺻﻼة ﻟﻤﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬراء١٣٣........................................................................... اﻟﺴﻼم ﻟﻠﻘﺮﺑﺎن اﻟﻤﻘﺪّس١٣٤................................................................... اﻟﺼﻼة اﻟﺮﺑّﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﻤﻄﻬﺮﻳّﺔ١٣٥............................................. ﺻﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ ﻧﻌﻤﺔ اﻟﻤﻴﺘﺔ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ١٣٨.................................................... ﻓﻬﺮس١٣٩............................................................................................
141
142